استطـلاع
اتباع اهل البيت(عليهم السلام) في
الباكستان( 2 )
« اسرار محنتهم ومستقبلهم المشرق »
* السيد افتخار حسين النقوي( باكسـتان ) تحليل لحقيقة الصراع الذي يقوده حرسالصحابة وكيف تدخلت يد الغيب في الكشف عن بعض
الادلة في هذا الخصوص :عرفت ساحة شبه القارة الهندية منذ
القدم الخلافات الطائفية حتى شكلت فيها حركة (البراءة
من الصحابة) الشيعية ، وفي قبالها حركة (البراءة
من اهل البيت) ـ والعياذ باللّه ـ وكان ذلك في
حدود سنة 1936 م .وقد عمل المستعمر الانجليزي عن تأجيج
مثل هذه الصراعات وادامتها .وبعد قيام دولة الباكستان ثم انتصار
الثورة الاسلامية المباركة على يد عالم
اسلامي شيعي في ايران ، جاء الاستعمار بهذه
الامور والاضطرابات الطائفية إلى الباكستان
خوفاً من قيام دولة اسلامية اخرى في
الباكستان ; لمعرفتهم أن الساحة في الباكستان
ساحة اسلامية بل ساحة محبة لاهل البيت(عليهم
السلام) ، ويمكن أن تتفاهم وتتعايش مع اتباع
اهل البيت(عليهم السلام) من المسلمين الشيعة .وقد قام علماء المسلمين الشيعة وبعون
من اللّه تعالى بعملهم في جميع المجالات
العلمية والسياسية والقانونية لتفادي الفتنة
الطائفية التي لا يستفيد منها إلاّ المستعمر
الاجنبي .وفي هذا الصدد شكّل علماء المسلمين
بما فيهم علماء الشيعة جمعية الوحدة القومية
، وهي جمعية تضم حوالي خمسة عشر حزباً ، ومن
بينها الجماعة الاسلامية للمودودي وجمعية
باكستان للبريلية بجناحيها جناح نوراني
وجناح نيازي وجمعية علماء الاسلام
الديوبندية بجناحيها جناح سميع الحق وجناح
فضل الرحمن ، واربع احزاب لاهل الحديث وثلاثة
احزاب للمسلمين الشيعة هي الحركة الجعفرية
وحرس محمد(صلى الله عليه وآله) وحزب اللّه
لمرتضى بويا وحزب العلماء التابع للحركة
الاسلامية وحرس الصحابة والسواد الاعظم
لاسفند يار خان ومنهاج القرآن
لطاهر القادري وغير ذلك .وقد نجحوا من خلال هذه الجمعية التي لم
يشكل مثلها منذ حوالي 200 عام ، ثم من خلال
الاتفاق على قيادة موحدة وعلى قرارات مشتركة
، في لمّ وحدة الصف حتى صلى المسلم الشيعي خلف
اهل الحديث واهل الحديث خلف الديوبندية وهما
خلف البريلية وكلهم وراء السيد ساجد علي
النقوي وهكذا ، وما كانوا من قبل يجوّزون صلاة
احدهم وراء الاخر .وقد خرج اول من خرج من هذه الجماعة حرس
الصحابة ، ثم تبعه جناح فضل الرحمن ثم حرس
محمد(صلى الله عليه وآله) ، وقد كان هذا باشارة
وايحاء من دولة بينظير بوتو ، ورغم أن الحكومة
في بداية الامر ايدت حركة التوحّد هذه خافت
بعد ذلك على نفسها من تجمع هذه الاحزاب
الثلاثة الحليفة لها مع أنها بقيت على الظاهر
تؤيد الوحدة ، كما انشأت من بعض العملاء لها
حركة أخرى باسم جمعية الوحدة الاسلامية بدلاً
من الوحدة القومية لتظهر للشعب أن الحكومة
تريد وحدة صف المسلمين ، إلاّ إن الواقع أنه
كانت وراء هذه المؤامرة يد اميركية خبيثة لان
الوحدة كانت ضربة قوية لها .والذي نرغب ذكره هنا أنه قبل تشكيل حرس
الصحابة كان عندهم السواد الاعظم الذي كان
يرأسه سليم خان ، حيث اجرت معه اذاعة بي بي سي
ـ BBC مقابلة صحفية في عام 1982 م ، اعلن فيها أن
المسلمين الشيعة كفرة ، ولكنه عندما حضر
جلسات جمعية الوحدة القومية التقى ـ وهو في
غاية الارتباك ـ بالسيد ساجد علي النقوي ،
فطلب منه أن يبادر لحفظ وحدة جسد الامة
الاسلامية متراجعاً عن موقفه السابق فكان أن
تراجع ، وهكذا كان سميع الحق الذي يظهر العداء
للمسلمين الشيعة ، فقد دعاه سماحة السيد ساجد
علي النقوي فاعترف بأن العمل على وحدة الامة
ضروري وأن حرس الصحابة مشتبهون .ولكن الذي حدث هو أن اول الخارجين من
الجمعية الوحدوية كان هو حرس الصحابة كما
ذكرنا .لقد ثبت بما تم القيام به من اعمال
وخصوصا في الجمعية الوحدوية القومية ، أن
المسلمين الشيعة يعملون من اجل الوحدة
الاسلامية ويحترمون الجميع ويحافظون على
المصالح العامة . وقد تم التوضيح لمن اعترض
على ذلك من الاخوة الاخرين لاجل هذه الجهة او
تلك ، أن مصلحة الاسلام العليا اقتضت ذلك ، اذ
وقّع العلماء المسلمون الشيعة من جملة ما
وقّعوا عليه أن احترام وتعظيم اهل البيت(عليهم
السلام) والمهدي والصحابة الكرام والخلفاء
الراشدين وازواج النبي(صلى الله عليه وآله) من
الايمان ، وأن من يكفر بهم يخرج من الاسلام ،
والاهانة والانتقاص لهم مذموم . ورغم أن هذا
التوضيح كان سبباً لغضب عوام المسلمين الشيعة
رأينا المصلحة الاسلامية فيه ، وقد كنا على
يقين من أن حرس الصحابة وحلفاءهم سيخالفون .وهكذا تبين للجميع صحة موقف العلماء
المسلمين الشيعة ، في حين استمرّ حرس الصحابة
في قتالهم للمسلمين الشيعة ، فأُحرجوا امام
الجميع وقيل لهم : لقد وقّع رؤساء المسلمين
الشيعة على ماتريدون فلماذا تقاتلونهم ؟ إن
ما تتوقعونه من أن يصبح المسلمون الشيعة من
ابناء العامة امر محال ، كما أن العكس صحيح
تماماً . وقد اعترضوا بأن المسلمين الشيعة
يعملون بالتقية وأن توقيعهم هذا تقية ،
وقد كان هذا امراً مضحكاً للعلماء الذين
حضروا الاجتماع .كما أن حرس الصحابة أُحرجوا ايضاً
امام اتباعهم ، إذ قالوا لهم : كيف تكفّرون
المسلمين الشيعة ثم يصلي علماؤكم الكبار من
الديوبندية والبريلية واهل الحديث خلف
رئيسهم السيد ساجد علي النقوي ؟ وعلى اثر ذلك
ترك الكثير منهم حرس الصحابة .في احدى الجلسات لجمعية الوحدة
القومية اعتراض على رئيس حرس الصحابة بشأن
مخالفة عالمهم الكبير ضياء القاسمي لقرارات
الجمعية فقال : «إننا في الماضي قلنا لشبابنا
إن المسلمين الشيعة كذا وكذا وبعد هذه
القرارات واجهنا هجمات شديدة من شبابنا ، حتى
قالوا بأننا اخذنا من المسلمين الشيعة
الاموال الطائلة ، ولذا كان على ضياء القاسمي
للحفاظ على مكانتنا بين الشباب أن يذكر بعض
هذه المطالب التي نشرت في الجريدة الخاصة لنا
تحت عنوان الخلافة الراشدة ، التي كانت
مخالفة لقرارات جمعية الوحدة القومية ، وفي
نفس الوقت اعترف واعتذر وقال نحن نسعى لتهدئة
الوضع وإقناع اتباعنا» .بعد كلامه هذا علق عليه امير الجماعة
الاسلامية قاضي حسين احمد قائلاً : «نشكر
اللّه تعالى أن رئيس حرس الصحابة اعترف
واعتذر واعتبر هذا نجاحاً كبيراً لنا» . كان
هذا في عام 1995 م .وعلى كل حال لم يترك اعداء الاسلام في
الباكستان هذه الجمعية وشأنها . وقد حرص
العلماء المسلمين على الالتزام بجميع
المقررات الرسمية والعلمائية ولكن حرس
الصحابة ، لم يلتزموا بأي منها ، وكانوا
يخالفونها بعد برهة قصيرة من التوقيع عليها .
اميركا وجمعية الوحدة القومية
نظرت اميركا لقيام جمعية الوحدة نظرةريبة وخوف منذ اول الامر ; وذلك لان هذه
الجمعية قامت في بلد مجاور للجمهورية
الاسلامية الايرانية ومن خلالها يمكن أن
يستتب الامن في الباكستان ، وهي لا تريد
للجمهورية الاسلامية الايرانية أن تتمتع
بجوارات هادئة وآمنة ، بل تريد أن تحفها بكل
ما يمكن أن يكون مصدر قلق وعدم اطمئنان لها .
وعلى هذا الاساس اججت نار الحرب في افغانستان
وجعلت الوضع الامني غير مستقر في الخليج
الفارسي والعراق المظلوم ، وعملت على عدم
استقرار الباكستان ايضاً . هذا من جهة ومن جهة
اخرى ورد في البند الاول من بنود الاتفاق لهذه
الجمعية أن كل قتال بين المسلمين سببه اميركا
ولا يصب إلاّ في مصالح اميركا ، ثم جاء في شق
ثان لهذا البند أن الجمعية لا تعطي أي فرصة
للدولة للاعتراف باسرائيل بعد أن لمست بعض
الاشارات التي تدل على أن اميركا تسعى لان
تعترف الباكستان باسرائيل . وبناء على هذا
حاولت اميركا أن تشق وحدة صف هذه الجمعية
وتعرقل نشاطاتها فاتصلت بحرس الصحابة ،
ولكننا ـ كما قلنا سابقاً ـ لم يتم لنا الحصول
على الدليل القاطع على هذا إلاّ بعد أن تدخلت
يد الغيب في ذلك ، كما سنبين هذا .وعلى كل حال بدأ القتال متزامناً مع
خروج حرس الصحابة من جمعية الوحدة القومية ،
حيث قتل المسلمين الابرياء بطريقة جماعية هنا
وهناك وبصورة متدرجة ومنظمة ووفق برنامج
مدروس ، وقد ذكرنا جانباً من هذه الاعمال فيما
سبق ، الامر الذي اثار عندنا الشكوك القوية
حول وجود يد اجنبية متمرسة في هذا الامر تدير
هذه الاعمال من خلال عملائها في الداخل .ويؤسف أن كان موقف الدولة من هذه
الاحكام ضعيفاً جداً في زمن دولة بينظير بوتو
عام 1994 ـ 1995 م ، حتى إن اثنين من حرس الصحابة
تولّيا الوزارة في ولاية البنجاب إبان حكومة
بوتو التي كان حرس الصحابة يشتمها ، أي بوتو ،
لانها مسلمة .واريد أن اشير هنا إلى أن المسلمين
الشيعة خسروا الكثير بدعمهم لحزب الشعب
برئاسة ذو الفقار علي بوتو ثم ابنته بينظير
بوتو ; ولذا اعلن السيد ساجد علي النقوي رئيس
حركة الفقه الجعفري أننا سوف لن نعطي الرأي
بعد الان لحزب الشعب ، بل سوف نؤيد حزب
الجماعة المسلمة ، وهكذا ترك معظم المسلمين
الشيعة حزب الشعب بناءً على حكم السيد ساجد
علي النقوي وايدوا حزب الجماعة المسلمة ،
الحزب الحاكم الفعلي الان .استمرت الاحوال على ما هي عليه حتى
مجيء الحكومة الفعلية ، وكان هاجس وجود يد
اجنبية وراء احداث العنف والاضطرابات
لايغادر تفكير المخلصين في الباكستان ، ثم
حدث أن تعرض المركز الثقافي الاسلامي
الايراني في مُلتان إلى عملية عدوانية ، راح
ضحيتها مسؤول المركز الاخ رحيمي شهيداً ومعه
بعض الاخوة المسلمين الايرانيين ، مع ستة من
المسلمين الباكستانيين خمسة منهم من
المسلمين السنة .وحينها تولى الاخ اشرف مارت رئيس
الشرطة في محافظة مُلتان آنذاك مسؤولية
التحقيق في هذه القضية ، وكان هذا الاخ
موصوفاً بالشجاعة والقوة ومعروفاً بحبه
للاسلام والوطن .وقد عثر هذا الرئيس اثناء التحقيق على
وكر اختفاء القتلة الذين فروا تاركين وراءهم
كل الوثائق التي لم يستطيعوا حملها معهم ،
وكان من بينها جوازات للسفر وبطاقات خضراء
اميركية وغير ذلك .وقد اعلن بعد ذلك في الجرائد
الباكستانية الرسمية أنه تم العثور على خمسة
وثمانين جوازاً باكستانياً مختوماً بتأشيرة
المرور الاميركية ، إذ هُيئت هذه الجوازات
للمجرمين بحيث يهربون بها إلى افريقيا
الجنوبية أو اميركا أو أي بلد آخر بمجرد
قيامهم باعمال القتل والاغتيال والعدوان .وكذلك تم الاعلان عن وجود اربع عشرة
بطاقة خضراء اميركية معدة لعدد من الذين يراد
لهم أن يلجأوا إلى اميركا .كما تم العثور على ثلاثة بطاقات
تجارية صالحة لاخذ المال من ثلاثة بنوك
اميركية مهمة ومعروفة ، وكانت هذه البطاقات
مفتوحة بحيث يستطيع حاملها سحب أي مبلغ كان .كما تم العثور على دفتر حاو على اسماء
وارقام لهواتف خاصة بالسفارة الاميركية ، مع
رسم الوسيط الخاص بين حرس الصحابة والسفارة
ووسائل الاثباتات الاخرى وإلى الان هناك بعض
الوثائق لم تنشر بعد .وحينما تيقن الشعب كله أن اميركا وراء
هذه الاعمال الاجرامية كلها ، ازدادت ثقة
الشعب بنا وحمايتهم لعلماء المسلمين ، وتبين
للجميع مدى مظلومية المسلمين الشيعة بل
مظلومية الشعب المسلم في الباكستان ومدى
خيانة الحكومات أو ضعفهم .لم يترك المجرمون الحادث يمر بل
اتصلوا برئيس الشرطة اشرف مارت وهددوه بالقتل
إن نشر أي معلومات عن الحادث ، ولكنه رفض
التهديد ونشر ما يريد من المعلومات
والمستندات ، ثم انتقل إلى كجرانوالا لانه من
بيت عريق هناك ويحتل اقاربه مناصب مهمة في
الدولة ، كما كان هو زوجاً لاخت وزير الداخلية
آنذاك .ولكن كل هذه التدابير لم تنفع واستطاع
المجرمون اغتياله في كجرانوالا في الشهر
السادس من عام 1997 م ، وبعد قتله ذهب مجموعة من
علماء ورؤساء المسلمين الشيعة إلى وزير
الداخلية لتعزيته بالمصاب وسألوه عن القاتل ،
فأجاب : «لماذا تسألون عن القاتل ، اما قرأتم
الجرائد ؟ ـ وكان يشير بذلك إلى أن القاتل هو
اميركا ـ فكيف استطيع اخذ القاتل وكيف
أعاقبه ؟» ، وأكد هذا الامر مدى الضعف والعجز
الذي تعيشه الحكومة تجاه مثل هذه الحوادث
المؤسفة .اعتقلت الحكومة بعد هذا الحادث المدعو
اعظم طارق مسؤول الجناح العسكري في حرس
الصحابة ، ويسمى بالجنرال مع أنه ليس إلاّ
مجرماً قاتلاً ، إذ كان ليلة الحادث في
كجرانوالا وإلى الان هو في السجن . كما اعتقلت
اعداداً كبيرة من حرس الصحابة حيث استجوبتهم
وحصلت منهم على اعترافات مهمة موثقة
بالمستندات والادلة .إلاّ إن حرس الصحابة اعلنوا براءتهم
من هذه الاعمال واتهموا بها حركة اخرى منشقة
عنهم اسمها لشكر جهنكوي وقالوا : إن هذه
الحركة هي حركة مشابهة لحركة جيش محمد(صلى
الله عليه وآله) التي انشقت عن الحركة
الجعفرية .وهذه الحركة الجديدة اعلن عن تشكيلها
بعض الشباب المتحمسون الذين يدعون أن حرس
الصحابة انحرفت عن اهدافها ، وأن مهمة
الانتقام من المسلمين الشيعة وقتلهم سوف
يقومون هم بها بدلاً من حرس الصحابة .غير أن احد مسؤولي لشكر جهنكوي اعترف
في المحكمة العليا بأن أتباع لشكر جهنكوي هم
الكتلة الضاغطة لحرس الصحابة ، وأنهم منهم
وليسوا منشقين عنهم ويعملون بتوجيهاتهم وتحت
اشرافهم .ولم يدّع مسؤولو جيش محمد(صلى الله
عليه وآله) التبعية للحركة الجعفرية ، بل
قالوا إنهم تكتل مستقل آخر فيه المسلم الشيعي
والسني . وحقيقة الامر هكذا ، فقد جاؤوا إلى
المحكمة العليا ومعهم علماء من السنة ، كما
ادعوا بأنهم شكلوا تكتلهم هذا قبل حرس
الصحابة ، وأن هدفهم المعلن هو الوقوف بوجه
اميركا والانتقام منها . ومن الجدير بالذكر أن
أكثر اعضاء قيادة حرس محمد(صلى الله عليه وآله)
في السجن ايضاً .ومن المهم الاشارة إلى أن حرس الصحابة
سعوا بشدة للجلوس وحدهم مع علماء المسلمين
الشيعة والحركة الجعفرية ، إلاّ انهم رفضوا
ذلك دائماً وقالوا : نحن نجلس ونجتمع مع علماء
الاسلام من جميع الفرق الموجودة في الباكستان
بما فيهم حرس الصحابة ، وهكذا اضطروا أن
يجتمعوا ويتباحثوا معنا بحضور سائر علماء اهل
السنة . بهذا العمل نفينا ادعاءهم بأنهم ممثلو
جميع اهل السنة ، حتى قلنا لهم إنكم لا تمثلون
الديوبندية فضلاً عن اهل الحديث والبريلية
والجماعة الاسلامية وإنكم عملتم كل اعمالكم
بتوجيه من الاجانب المتخصصين في امور التفرقة
بين المسلمين .وهكذا أُفشلت جميع مؤامراتهم بتأييد
من اللّه سبحانه وتعالى وبرعاية امامنا ولي
العصر المهدي (عج) .
الاتفاقات التي اتخذت بشأن منع الكتب
المثيرة للمشاكل
رغم كل ماحدث ورغم كثرة الادلة التياقيمت على أن سبب الصراعات والقتال هو تشكيل
حرس الصحابة ، أصر حرس الصحابة على أن سبب هذه
الصراعات هو نشر الكتب المثيرة التي تحتوي
على شتم واهانة الصحابة وزوجات النبي(صلى
الله عليه وآله) .وطلب حرس الصحابة التفاوض مع الحركة
الجعفرية لحل هذه المسألة ; إلاّ إن الحركة
رفضت ذلك وقالت : إن هذه المسألة مسألة تهمّ كل
المسلمين في الباكستان ، ولابد من حضور كل
الفرق الديوبندية والبريلية واهل الحديث
والمسلمين الشيعة ممثلة بالعلماء ; باعتبارهم
علماء للطوائف المتفاوضة لا بصفتهم اعضاءً في
التكتلات والاحزاب السياسة . وهذا ما حصل
فعلاً .وفعلاً تم الاتفاق على ذلك في الشهر
الخامس من عام 1997 م ، إذ شكلت لجنة لاربع فرق
مؤلفة من اثني عشر عالماً ، ثلاثة علماء لكل
فرقة ، وانضم لهذه اللجنة وزير امور الدين
ومسؤول الامن العام ومسؤول المخابرات السرية
في ولاية البنجاب .وقد كانت اولى المقررات هي :1 ـ أن يكون اتخاذ القرارات بالاجماع
لا بكثرة الاصوات .2 ـ أن تحدد السنة التي يبدأ فيها فحص
الكتب ، بحيث يشمل كل كتاب طبع خلالها وما
بعدها فيخضع للمراقبة والفحص ، وكل كتاب طبع
قبلها لا يشمله هذا الامر ، وقد اتخذ هذا
القرار لكي يكون عمل اللجنة اكثر عملياً من
ناحية ومحدوداً بالباكستان التي للجنة حق
التصرف فيها من ناحية اخرى ، إذ ليس من حق
اللجنة المحدودة بالباكستان فقط ، أن تجري
البحث على الكتب العائدة لكل المسلمين منذ
مئات السنين مثلاً ، كصحيحي البخاري ومسلم
واصول الكافي والبحار وما إلى ذلك ; إذ لو
أُريد تنفيذ مثل هذا العمل الكبير فلابد أن
يقوم به من لهم صلاحية ذلك من علماء العالم
الاسلامي من مختلف البلاد الاسلامية .وفعلاً حددنا سنة الطبع من تأريخ
تشكيل الحركة الجعفرية عام 1979م ، لا من تاريخ
تشكيل حرس الصحابة عام 1985م ، مع أن العلماء
المسلمين الشيعة قالوا لهم إن كل كتاب نشر
للمسلمين الشيعة إنما كان في الحقيقة جواباً
للمطالب التي نشرت من قبل الاخرين ، وذلك
دفاعاً عن مذهبهم بمبادرات فردية في الغالب ،
وإن المجرم الحقيقي هو الذي شرع وبدأ بالهجوم
واثارة التهم والشبهات ، مع العلم أن الكتب
الشيعية هي أقل بكثير مما نشره غيرهم .وقد جاء علماء المسلمين الشيعة بفهرس
يحتوي على 150 كتاباً اسلامياً سنياً ، وجاؤوا
هم بفهرس لثلاثين كتاباً من كتب المسلمين
الشيعة التي طبعت أجوبة لعدة كتب سنية طبعت
بعد 1979م ، وتم الاتفاق أن تخضع كل هذه الكتب
للرقابة والفحص ثم تجاز أو تمنع بعد ذلك .3 ـ تحديد ضابطة اخلاقية يلتزم بها كل
علماء المسلمين الباكستانيين ; باعتبارهم
الشريحة الاهم التي لها دور متميز في تشكيل
وحفظ دولة الباكستان وفي نجاح أي عمل للوحدة
بين الفرق الاسلامية .وهذه الضابطة الاخلاقية تضمنت سبعة
بنود هي :أ ـ اتفاق علماء الاسلام على عدم جواز
ايذاء أي مسلم ، كما يتفقون على وجوب احترام
الخلفاء الراشدين والصحابة الكرام واهل
البيت الاطهار(عليهم السلام) ، وعلى اجتناب أي
قول أو عمل مباشرة او بالواسطة يكون سبباً
لاهانتهم أو الانتقاص لهم .وقد اعترض البعض على لفظة (احترام)
وطلب تبديلها بلفظة (حب)، ولكننا اجبنا بأننا
نحترم الخلفاء الراشدين باعتبارهم خلفاء
للمسلمين ، وإلاّ فإننا نعتقد أن الخلفاء
الحق هم اثنا عشر خليفة يبدأون بعلي بن ابي
طالب(عليه السلام)ويختمون بالمهدي(عليه
السلام) ، وأن الحب مختص باهل بيت النبي(صلى
الله عليه وآله) .واخيراً تم الاتفاق على الصياغة
الاولى بلفظة (الاحترام) .ب ـ الاتفاق على مبدأ (مسلككم لا
تتركوا ومسلك الاخرين لاتبحثوا عنه بحثاً من
اجل الجدال) .جـ ـ أن الخلاف العقائدي امر موجود في
جميع الفرق بلا استثناء ، وعلى علماء الدين أن
يراعوا في مواعظهم الروية والاعتدال لتجنب
قيام الخلافات والنزاعات الطائفية العمياء .د ـ أن الاسلام الحنيف دعا إلى الموعظة
والحكمة الطيبة الحسنة حتى في الحوار مع غير
المسلمين ، فعلى علماء الاسلام من باب اولى
رعاية هذا الامر فيما بينهم ، كما أن عليهم أن
يربّوا الامة على الوحدة ويبتعدوا عن الكلمة
أو الفتوى المثيرة لفرقة الامة الاسلامية
الواحدة .هـ ـ أن لكل فرقة الحق في احياء
الشعائر الدينية الخاصة بها ضمن دائرة
القانون ، كإحياء مناسبات ومواليد النبي
والائمة(عليهم السلام) وولادة الخلفاء
الراشدين على طريقتهم وامثال ذلك . وقد كان
احد مطاليب حرس الصحابة ألا يخرج المسلمون
الشيعة في ايام مصيبة الامام الحسين(عليه
السلام) من الحسينيات إلى الشوارع ، لكنهم
اضطروا بعد ذلك إلى التوقيع على أن للمسلمين
الشيعة الحق في احياء مراسيمهم على طريقتهم ،
كما أن للبريلية حق اخراج المسيرات بمناسبة
ميلاد النبي(صلى الله عليه وآله) لان
الديوبندية واهل الحديث لا يجوزونه .و ـ وجوب التعاون من قبل العلماء وغير
العلماء مع الدوائر الامنية المختصة فيما يخص
هذه الامور .ز ـ أن تكون هناك اتصالات ومشاورات مع
مسؤولي حفظ الامن الداخلي ورؤسائهم في
البلدان والمحافظات والالوية والاقضية ، وأن
يحترز ويجتنب كل عمل يؤدي إلى الاخلال بالامن
.4 ـ اتفاق علماء الفرق الاسلامية كافة
وتوقيعهم على ضابطة تحتوي على ستة بنود تكون
المرجع في منع الكتاب الخاضع للرقابة او
اجازته ، فكل كتاب يخلّ بمقررات هذه البنود (الاصول)
يمنع . وهذه البنود هي :أـ يمثل التوحيد اصل الاصول للعقائد
الاسلامية ، وهو العقيدة الاهم في قبال عالم
الكفر والطاغوت وهو منبع الايمان والقوة لنا .
والشرك في ذات اللّه وصفاته ظلم عظيم .ب ـ الايمان برسالة خاتم النبيين محمد(صلى
الله عليه وآله) وحبه وطاعته والحفاظ على
حرمته وحرمة الرسالة الخاتمة واجب ديني . وهذا
الايمان سبب لبقائنا الاجتماعي واساس
لاستحكامنا الوطني والقومي.وكل اهانة بالواسطة أو بدونها للرسالة
الخاتمة أو للنبي(صلى الله عليه وآله) ، صراحة
أو كناية غير جائزة شرعاً ، ومرتكبها كافر
مرتد يجب قتله .جـ ـ أن القرآن الكريم هو المعجزة
الخالدة للرسول(صلى الله عليه وآله) وأنه كتاب
سماوي نازل للبشر إلى يوم القيامة ، وهو اساس
قيام الامة والدين ، وأن هذا الكتاب الكريم من
سورة الفاتحة إلى سورة الناس لم تمسه يد
التحريف لا بالزيادة ولا بالنقصان كما قال
تعالى : (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)
وكل مخالفة لهذه الامور تكون سبباً للخروج من
الاسلام .د ـ احترام جميع صحابة الرسول(صلى الله
عليه وآله) وبالخصوص الخلفاء الراشدين وامهات
المؤمنين ، وتعظيمهم وتكريمهم واجب على الامة
المسلمة . وكل عمل او قول يؤدي إلى اهانتهم
والتنقيص من شأنهم غير جائز شرعاً .هـ - مودة اهل البيت الكرام والائمة
الاطهار اساس الايمان ، وحبهم جزء لاينفك عن
حب الرسول(صلى الله عليه وآله) ، واحترامهم
بأنهم ذوات مقدسة واجب ، وكل من يبغض ويعاند
اهل البيت(عليهم السلام) خارج عن الاسلام
ومحروم من الايمان ، وكل قول او فعل مباشرة او
بالواسطة يكون سبباً للنيل منهم واهانتهم
ضلال صريح .و ـ وجوب احترام كل المحدثين
المجتهدين والائمة والاولياء الصالحين الذين
وصل الاسلام بواسطة سعيهم إلينا، واهانتهم
غير جائزة .وبعد أن قررت بنود هاتين الضابطتين
وقع على الضابطة الاخلاقية اكثر من 160 عالماً
من الفرق الاسلامية وكبار الشخصيات من جميع
بلدان ولاية البنجاب قبيل محرم عام 1418 هـ ،
كما وقع على ضابطة منع الكتب 12 عالماً ممن
قبلوا مسؤولية ذلك .وقد وقع عليها من اهل الحديث العالم
الكبير يوسف انور من فيصل آباد وعبد الرشيد من
لاهور وحافظ صلاح الدين يوسف .ومن علماء البريلوية احمد علي من
لاهور ، وعبد التواب صديقي والدكتور سرفراز
النعيمي .ومن علماء الديوبندية علي شير حيدري ،
واحمد لدهيانوي ، وعبد الرؤوف ملك .ومن علماء الشيعة كرامت علي عمراني ،
والسيد افتخار حسين النقوي ، وحافظ كاظم رضا
النقوي .وقد عقدت لجنة الكتب لحد الان حوالي
ستة اجتماعات ، حيث جئنا نحن بفهرس يحتوي على
(150) كتاباً اسلامياً سنيّاً وجاؤوا هم بفهرس
لثلاثين كتاباً اسلامياً شيعياً ، على أن
تخضع هذه الكتب للفحص والرقابة ثم تجاز أو
تمنع كما اشرنا لذلك سابقاً .وقد منع لحد الان فعلاً عشرون كتاباً
من كتب المسلمين الشيعة واثنان واربعون
كتاباً من كتبهم .وقد اقترح حرس الصحابة ايقاف هذه
العملية في الجلسة الاخيرة والانتقال إلى طرق
اخرى لحلها ، وقالوا : إنه بمجرد منع هذه الكتب
لا يتوقف القتال ، وكانوا يأملون بذلك
تضليل الشعب والعوام وإيهامهم أنهم يريدون
الامن والخير لهم ، إلاّ إن اللجنة اصرت على
إنهاء هذه العملية ، وقالت لهم : إنكم دائماً
ترددون أن السبب الرئيس لكل المشاكل هو الكتب
الحاوية على المسائل المثيرة للخلاف .والشيء الغريب أن اللجنة جاءت لهم
ببعض الكتب التي تمجد يزيد ابن معاوية وتسب
وتشتم ـ والعياذ باللّه ـ اهل البيت(عليهم
السلام) والامام علي ابن ابي طالب(عليه السلام)
، فاستغربوا من ذلك وتعجبوا اشد العجب
واعلنوا براءتهم منها ، مما اوحى إلينا بأن
هناك جهة اخرى خفية تقوم بطبع مثل هذه الكتب
دون علم الاخرين .ولابد هنا من الاشارة إلى أنه حتى
تاريخ تشكيل هذه اللجنة كانت قرارات المنع
تصدر بحق الكتب الاسلامية الشيعية فقط ; لان
غيرهم كانوا يراجعون مراكز القرار في الدولة
في السابق ويبينوا لهم أن الكتاب الفلاني فيه
شتم وسب للصحابة ولزوجات النبي(صلى الله عليه
وآله) مثلاً فيمنع . أما الان فيمنع الكتاب
الاسلامي الحاوي على مثل هذه الامور سنياً
كان أو شيعياً .
الخاتمة
لقد نجح علماء المسلمين الشيعة فيلملمة صفوف المسلمين من الشيعة وغيرهم
والوقوف بوجه الهجمات التي قادها اعداؤنا
واعداء الاسلام ضدنا من الداخل والخارج .ويعيش الملايين الثلاثون من المسلمين
الشيعة وضعا جيدا يتطور بالتدريج رغم المشاكل
الاقتصادية والامنية التي يعانون منها بل
اعتبروا هذه المشاكل اموراً ممحصة لهم تشتد
كلما قرب عصر ظهور الامام المنتظر (عج) . ولا
يمكن لحرس الصحابة بآلافه المعدودة ولا لغيره
أن يهدد وجودهم وكيانهم او يرعبهم ، بل ان
عدوهم هو الذي يخشى على وجوده وكيانه لكونه
على الباطل .والذي يتبادر لذهن المسلمين الشيعة في
انحاء العالم ان المسلمين الشيعة في
الباكستان يعيشون ازمة على مستوى وجودهم
وأنهم على درجة من الضعف يخضعون من خلالها لكل
الضغوطات امر مبالغ فيه غير صحيح .كما انهم والحمد للّه استطاعوا ان
يثبتوا للامة ان المسلمين الشيعة دعاة للوحدة
الاسلامية ومستعدون على طول الخط ان يتنازلوا
عن مصالحهم الذاتية لصالح عزة الامة ووحدتها
بشرط ان لا تتعرض اصول عقائدهم ووجودهم
ككيان مستقل للخطر وهذا درس اخذوه من الائمة
المعصومين(عليهم السلام) ومن الامام الخميني(قدس
سره) ومن القائد السيد علي الخامنئي حفظه
اللّه تعالى .وان اعداء المسلمين من حرس الصحابة أو
غيرهم هم دعاة التفرقة الطائفية ومثيروا
الفتن ومهددوا سلامة وامن الدولة والامة
للخطر .ولابد هنا أن نشير إلى ملاحظة مهمة وهي
: اننا حينما نقول حرس الصحابة لا نعني (الحركة
الوهابية) فان الوهابية موجودة عندنا وتتمثل
باهل الحديث ولها لجنة جهادية ايضاً ، ولكنها
غير مشغولة بحربنا وقتالنا ـ وان اختلفنا
معهم واختلفوا معنا في العقائد والافكار ـ بل
طلبوا من العديد من العلماء والزعماء
المسلمين الشيعة حضور مؤتمرهم الجهادي
العالمي الاخير والتحدث إلى مجاهديهم .وما يُنشر بعض الاحيان في الصحف من
اشارات توهم بحدوث صراع بين المسلمين الشيعة
وبينهم لا اصل له .والشيء المهم الاخير الذي لابد من
الاشارة إليه هو نجاح علماء المسلمين الشيعة
وغيرهم في تعبئة الامة ضد اميركا ، فبعد أن
كانوا وحدهم يرددون شعار (الموت لاميركا) ردده
معهم في يوم القدس العالمي الاخير الاخوة في
جبهة الوحدة القومية ، ففي لاهور خرجت
التظاهرات يتقدمها القاضي احمد وفي كراجي
بزعامة الشاه احمد النوراني وفي راولبندي
بزعامة العلامة ساجد علي النقوي وهكذا .وفي الختام نعلن عن استعداد علماء
المسلمين في الباكستان قبول أي حل يطرح من قبل
علماء الاسلام في انحاء العالم لوقف فتنة
الحرب التي اججها حرس الصحابة واعوانه
اثباتاً من هؤلاء العلماء لحسن نواياهم في
خدمة الدين والامة الاسلامية .