من آفاق القيادة الاسلامية - من آفاق القیادة الاسلامیة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

من آفاق القیادة الاسلامیة - نسخه متنی

السید علی الحسینی الخامنئی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

من آفاق القيادة الاسلامية

نصوص من الخطاب الذي ألقاه ولي أمر
المسلمين آية اللّه العظمى السيد علي
الخامنئي «مد ظلّه» ، بمناسبة الذكرى السنوية
السابعة لرحيل الامام الخميني(قدس سره) ، وذلك
في شهر المحرم الحرام سنة 1417 هـ .

الاستقامة على خط الامام الحسين(عليه
السلام)

في حركة الامام الخميني(قدس سره)

ثمّة نمطان من النصر : نصر يلمسه
الانسان بنفسه ; ومن مصاديقه إقامة الحكومة
، والقضاء على اعداء الثورة ، وهذا ماشاهده
الامام الخميني(رضي الله عنه) بأم عينيه ،
ونصر آخر يتّسم بالثبات والديمومة ـ وهو
اكثر اهمية من النوع الاول ـ أي أن ينتصر الخط
والفكر والمنهج ، وهذا هو النصر الذي ناله
الانبياء ـ في نهاية الامر ـ مع ما تحمّلوه في
حياتهم من مرارة وعذاب .

وهذا النصر عبارة عن غلبة فكر وعقيدة
ومنهج إنسان عملاق ومفكّر ، وهذا النصر ناله
الامام أيضاً ، وإنّ دوام ذكراه وتجدد انعقاد
الاجتماعات لاحيائها في كل عام وبهذه الدرجة
من الحماس ، يصبّان في إطار هذا المعنى .

اودّ هنا عرض موضوع بشأن نهضة إمامنا
الكبير ، باعتبار أنه كان حامل درس لنا ،
وأدعو ذوي الفكر والرأي السياسي واصحاب النظر
في المسائل الكبرى أن يدرسوا هذا الموضوع
ويشبعوه تحليلاً .

انتم على وعي أن لحركة الامام(رضي الله
عنه) اوجه تشابه كثيرة بالنهضة الحسينية ،
وتقارب أن تكون صورة مستقاة منها . ومع أنّ
الحركة الاصلية ـ أي حركة الامام
الحسين(عليه السلام) ـ انتهت باستشهاد جميع
رجالها ، فيما آلت هذه إلى انتصار الامام ، لا
يعد هذا فارقاً جوهرياً ; لان للحركتين
مضموناً واحداً ، وكلتاهما محكومتان بسياق
واحد . ولكن أدى تفاوت المقتضيات إلى أن يؤول
مصير تلك إلى استشهاد الامام الحسين(عليه
السلام) ، بينما ختمت هذه باستلام امامنا
لزمام الحكم . وهذا على العموم أمر جلي وواضح .

ومن جملة اوجه التشابة البارزة في
كلتا الحركتين هو جانب الاستقامة ، وهذه
الكلمة لا ينبغي المرور على مغزاها مرور
الكرام ; لانها على نصيب كبير من الاهمية ، إذ
كانت تعني بالنسبة للامام الحسين(عليه السلام)
العزم على عدم الانصياع ليزيد وحكمه الجائر .
ومن هنا انطلقت بوادر التصدي وعدم الاستسلام
لحكومة فاسدة حرفت نهج الدين بالكامل . بهذه
النيّة سار الامام من المدينة ، لكنه حينما
لمس بمكة وجود الناصر قرن مسيرته تلك بالعزم
على الثورة ، وإلاّ فالجوهر الاصلي لمقوفه
المعارض هو الوقوف بوجه حكومة لا يجوز قبولها
أو تحملها وفقاً للموازين الحسينية .

فالامام الحسين(عليه السلام) وقف أول
الامر بوجه هذه الحكومة ، في وقت لم تكن
المشاكل قد برزت بعد ، ثم إنه صار يواجه
المشاكل واحدة تلو أخرى ، فكانت مسألة
الاضطرار للخروج من مكة ، ثم اندلاع المعركة
في كربلاء وما تلاها من الضغوط التي تعرّض لها
في تلك الواقعة .

إن أحد الامور المهمة التي تعترض سبيل
المرء في المواقف الكبرى هو العذر الشرعي ،
فالفروض أو التكاليف توجب على الانسان أن
يؤدّيها ، ولكن حينما يستلزم مثل هذا العمل
وقوع إشكال كبير ـ كأن يقتل فيه على سبيل
المثال أشخاص كثيرون ـ هنا يشعر المرء أنه لم
يعد مكلّفاً .

أنتم على معرفة بالاعذار الشرعية التي
برزت متلاحقة للامام الحسين(عليه السلام) ،
وكانت كفيلة بصرف أي إنسان سطحي الرؤية عن هذا
السبيل ; فهو قد واجه أولاً نكول أهل الكوفة ،
ومقتل مسلم بن عقيل ، وهنا كان بإمكان الامام
الحسين(عليه السلام) القول بأنّ العذر بات
شرعياً وقد سقط التكليف ، فأنا كنت عازماً على
عدم البيعة ، ولكن تبيّن لي أنّ موقفاً كهذا
لا يمكن الاستمرار عليه في مثل هذه الاوضاع
والظروف ، والناس لا طاقة لهم على التحمّل ،
إذن فالتكليف ساقط وأنا أبايع مكرها .

المرحلة الثانية هي واقعة كربلاء
بذاتها ، حيث كان بميسور الامام الحسين(عليه
السلام) عند مواجهة ذلك الموقف أن يتصرف على
شاكلة الانسان الذي يتصرف في المواقف الكبرى
بمثل هذا المنطق ، ويقول : إنّ هؤلاء النسوة
والصبية لا قِبَلَ لهم بتحمل هذه الصحراء
المحرقة ، وعلى هذا فالتكليف مرفوع ، فيميل
نحو الخنوع ، ويقل بما لم يكن قبِله حتى ذلك
الحين ، أو حتى بعد اندلاع القتال في
اليوم العاشر واستشهاد ثلة من أصحابه ، فهناك
تفاقمت عليه المشاكل ، وبات بإمكانه التذرع
بأنَّ القتال لم يعد ممكناً ، ولا بالمقدور
الاستمرار ، ولا محيص من التراجع .

أو حينما تكشّف للامام الحسين(عليه
السلام) بأنه سيستشهد ، ومن بعد استشهاده
ستبقى حُرَم اللّه وحُرَم النبي(صلى الله
عليه وآله) وأمير المؤمنين(عليهم السلام) بيد
الرجال الاجانب ، وهنا يعرض له موضوع الشرف
والعرض ، وكان له ـ باعتباره
إنساناً ذا غيرة ـ القول بارتفاع التكليف ;
لانه إذا واصل هذا الطريق وقُتل فإنَّ النساء
من آل الرسول وبنات أمير المؤمنين وأطهر نساء
الاسلام ، سيقعن سبايا بيد الاعداء من
الرجال الذين لا أصل لهم ولا فصل ، ولا يفقهون
شيئاً من معاني الشرف والغيرة ، إذن بالتكليف
مرفوع .

هذا الموقف من واقعة كربلاء ينبغي
النظر إليه انطلاقاً من هذه الرؤية ، وهو أنّ
الامام الحسين(عليه السلام) لو أراد النظر إلى
بعض الحوادث الشديدة الالم والمرارة ، كحادثة
استشهاد علي الاصغر ، وسبي النساء ، وعطش
الصبية ، ومقتل الشبان ، وغيرها من الحوادث
الاُخرى المروّعة في كربلاء ، بمنظار
المتشرّع العادي ، ويتغاضى عن عظمة دوره
ورسالته ، كان بمستطاعه التراجع عند أية خطوة
يشاء ، ثم يقول أن لا تكليف عليه ، ولا مناص
الان من مبايعة يزيد ، وأنّ « الضرورات تبيح
المحظورات » .

إلاّ أنه(عليه السلام) لم يتصرف على
هذه الشاكلة . هذه هي استقامة الامام الحسين(عليه
السلام) ، وهذا هو معنى الاستقامة .

الاستقامة لا تعني ـ في أية حال ـ
تحمّل المشاكل ; لانّ تحمّل المشاكل بالنسبة
للانسان الفذ أيسر من تحمل الامور التي تبدو
في المقاييس الشرعية والعرفية والعقلية
الساذجة خلافاً للمصلحة ، لانّ تحمّلها أصعب
من تحمّل المشاكل العصيبة .

قد يقال للمرء تارة : لا تسلك هذا
الطريق لانك ربّما تتعرض للتعذيب . فالانسان
القوي يقول : إني سالك هذا الطريق ولا ضير في
تعرّضي للتعذيب . أو قد يقال لاخر : لا
تسلك هذا المسلك فقد تقتل ، إلاّ أننا نرى
الانسان الفذ يقول : إنّي سالكه ولا أبالي
بالقتل .

ولكن تارة أخرى قد لا يقتصر الحديث على
مجرد القتل والتعذيب والحرمان ، بل يقال : لا
تذهب هذا المذهب ، فقد يُقتل على إثر موقفك
هذا عدد من الناس . وهنا يُعرض على بساط البحث
موضوع أرواح الاخرين . فيقال له : لا تَسرِ ،
فمن المحتمل أن يواجه الكثير من النساء
والرجال والاطفال مصاعب جمّة ، وعنتاً كبيراً
من جرّاء مسيرك هذا .

وهنا ترتعد فرائص من يهمه القتل ، أما
الذي لا ترتعد فرائصه ، فهو أولاً في أعلى
درجة من البصيرة ، وعلى بيّنة من ضخامة العمل
الذي يؤدّيه . وثانياً : له من قوة النفس ما لا
يتسرب معها إليه الوهن . وهاتان الميزتان
تجلّتا عند الامام الحسين في كربلاء ، لذلك
كانت واقعة كربلاء كشمس سطعت في دياجي
التاريخ ، وهي ما انفكت ساطعة وستبقى كذلك أبد الدهر .

وإمامنا الكبير حذا أولاً في هذه
الخاصية حذو الامام الحسين(عليه السلام)
تماماً ; لذلك نجح في إيصال الثورة إلى شاطئ
النصر ، وكان ثانياً سبباً في ضمان ديمومتها
من بعده .

إنّ لانتصار فكر الامام(رضي الله عنه)
ونهجه انعكاساً أوسع على مستوى العالم ،
ويتمثّل في توجّه الشعوب إلى الاسلام وإلى خط
الامام(رضي الله عنه) ، وهذه الانتصارات إنّما
هي ثمرة الاستقامة .

في أحد الايام قالوا للامام : إنّك إذا
واصلت هذه النهضة فسيغلقون الحوزة العلمية في
قم . وهنا لم يقتصر الحديث على القتل لكي يقول
الامام : لا أبالي بالقتل ، فالكثيرون على
استعداد للتضحية بأنفسهم ، ولكن حينما يقال
لاحد إنّ عملك هذا قد ينتهي بإغلاق حوزة قم ،
ترتعد فرائص الجميع ، لكن الامام لم ترتعد
فرائصه ولم ينثنِ عن مساره بل واصله .

ثم إنّهم قالوا له في يوم آخر : إنّك
إذا واصلت هذا الطريق فإنّهم سيثيرون ضدك
كبار العلماء والمراجع ، ومعنى هذا إيجاد
الاختلاف في العالم الاسلامي .

في مثل هذا الموقف ترتعد فرائص
الكثيرين ، إلاّ الامام فلم ترتعد فرائصه
واستمر في مسيرته حتّى لحظة انتصار الثورة .

قيل للامام مرّات ومرّات : إنّك تحث
الشعب الايراني على الوقوف بوجه النظام
البهلوي ، فمن المسؤول عن هذه الدماء التي
تُراق ؟ .

وفي عامي 1342 و 1343 (1963 ـ 1964) عرض عليَّ
أحد العلماء الكبار هذا الموضوع قائلاً :
عندما قام الامام بحركته تلك في الخامس عشر من
خرداد وقُتل فيها الكثيرون ـ وكانوا من خيرة
شبابنا ـ فمن هو المسؤول عن ذلك ؟ هكذا كان نمط
التفكير حينذاك . ولا ريب أنّ هذا التفكير
يؤدي إلى إيجاد الضغوط التي قد تصرف أي شخص عن
هذا الطريق وعن مواصلة التحرك ، إلاّ أنّ
الامام استقام ، وفي أمثال تلك المواقف كان
يلاحظ سمو روحه وعظمة بصيرته .

هذا فيما يتعلق بفترة مقاومة النظام
الشاهنشاهي . أمّا الذي يُعتبر بمثابة الدرس
بالنسبة لنا فهو ما يتعلق بالفترة التالية
لذلك ، إذ يجب على الجميع الالتفات إلى هذه
النقطة . وكما ذكرت ينبغي للعلماء والمفكرين
والمحللين السياسيين ، ومن لديهم القدرة على
التحليل ، أن يدرسوا هذه النقطة لانها مهمة
حقّاً .

كانت المواجهة حتّى ذلك اليوم مع
النظام الشاهنشاهي ، ومن بعد إقامة النظام
الاسلامي وايجاد الجمهورية الاسلامية اتسع
نطاق المواجهة وتبدلت صيغتها . أمّا اتساع
نطاقها فقد ابتدأ منذ أن كشف الاعداء
العالميون عن وقوفهم بوجه نظام الجمهورية
الاسلامية . ولكن من هم الاعداء العالميون ؟
إنه الاستكبار العالمي الذي يشمل جميع القوى
المتغطرسة والمتجبّرة في العالم ، وجميع
الوجوه الوقحة المتسلطة على الشعوب . ولكن
لماذا بدأوا يواجهون الجمهورية الاسلامية ؟
والجواب على هذا التساؤل مطوّل ، وقد عرض عدّة
مرّات ، وخلاصته أنهم رأوا الخطر محدقاً
بمصالحهم وتوجّهاتهم التوسعية ، وأنّ الوجود
المعنوي والفكري للجمهورية الاسلامية في
البلدان الاسلامية يهدد هيمنتهم على تلك
البلدان ، وما شابه ذلك من الاسباب .

وعلى كل حال ، فقد بدأوا بمواجهة عنيفة
، ولو أنّ إنساناً ضعيفاً كان بدلاً من الامام(قدس
سره) في أية خطوة من خطوات تلك المواجهة ،
لبادر إلى ايقاف تلك الحركة انطلاقاً من وجود
العذر والمانع ، ولقال : لا يمكن مواجهة
الاستكبار وهو على هذه الدرجة من القوة
والمقدرة ، وإنه لا مفر لنا من التراجع مكرهين
. إلاّ أنّ الامام لم يتراجع .

ولاجل بيان أهمية هذه القضية لابد من
الاشارة إلى مسألة مهمة وهي:

الهجوم السياسي الشامل ضد ايران ،
فجميع الاجهزة الاعلامية هاجمتنا في فترات
متلاحقة ، وفي بعض الاحيان تؤدي الهجمات
السياسية على البلدان إلى شلّها وإرهاقها ،
وهي غالباً ما تكون مؤثرة . واليوم حيث هيمن
الاعلام الاذاعي والتلفازي على العالم بأسره
، بات أمراً تخشاه الدول إلى حد بعيد لما
يتركه من تأثير على شعوبها .

وبدأ الاعداء مثل هذا الهجوم ضد نظام
الجمهورية الاسلامية من كل جهة ، لكن الامام
لم يَقُل : مادام الجميع قد تظافروا ضدنا
فعلينا بالتراجع . لم يقل : إنّنا قادرون على
مواجهة أميركا فقط ، ولا يمكن لنا مواجهة
أميركا وروسيا معاً ، وذلك لانّ العالم كان
منقسماً إلى قطبين ، قد تحالفا وتظافرا علينا
، لكن الامام استقام ولم يتراجع عن كلامه
وشعاره ونهجه ، ولم يتفوّه بكلمة واحدة ممّا
أراده الاعداء .

هذه هي الاستقامة الحسينية ، وهي
بمقاييس العصر شبيهة بمواقف الامام الحسين(عليه
السلام) .

وحينما اندلعت الحرب المفروضة كان
الوضع على هذه الشاكلة أيضاً ، فالشعب الذي
ورث كل ذلك الدمار من العهد البائد ، وكان
بحاجة إلى العمل والاعمار ، تعرض فجأة لهجوم
العدو ، وتعطّل ما كان لديه من منشآت ومشاريع
كالسكك الحديدية والمصافي وصادرات النفط
ومصانع الحديد . ولا شكّ أنّ كل من يواجه
مثل هذا الوضع لا يملك إلاّ أن يستسلم أمامه ،
لا سيّما وأنّ الطرف المقابل لم يكن
النظام العراقي فحسب ، بل كان ـ كما يعلم
الجميع ـ النظام العراقي يدعمه الاتحاد
السوفياتي وفرنسا وحلف الناتو والخبراء
الاميركيين وغيرهم . ولو أنّ الامام(قدس سره)
كان ضعيفاً آنذاك لقال : لقد رفع عنا التكليف ،
أو لقال : هؤلاء يريدون ألاّ نطبق أحكام
الاسلام ، نعم لا نطبقها ، ويريدون ألاّ نعادي
إسرائيل ، فلا نعاديها لان الضغوط قويّة.

لكن الامام لم يقل شيئاً من هذا القبيل
، بل أصر على موقفه . وحتّى قرار وقف إطلاق
النار الذي وافق عليه لم يكن الدافع وراءه
يكمن في تلك الضغوط ، بل وافق عليه بسبب
المشاكل الاقتصادية التي عرضها المسؤولون
الاقتصاديون في البلاد آنذاك ، وبيّنوا له
أنّ الدولة غير قادرة على الاستمرار بالحرب
بكل هذه التكاليف ، فاضطر الامام للموافقة
على قرار وقف الحرب .

إذن فقبول القرار لم يكن مردّه هجوم
العدو ، أو تهديد اميركا التي كان من المحتمل
أن تتدخل في الحرب ، فاميركا كانت تتدخل في
الحرب حتّى من قبل هذا ، ولو أنّ العالم تدخل
باجمعه في الحرب ، لم يكن الامام (رضوان اللّه
عليه) لينثني بتلك السهولة ، فالقضية كانت
تتعلق بالوضع الداخلي .

لم يحصل خلال الحياة الشريفة للامام
التي امتدت عشر سنوات من بعد انتصار الثورة ،
أن تردد لحظة واحدة بسبب ضخامة تهديد العدو ـ
في أي بُعد من الابعاد ـ أي إنه كان يتمتع بنفس
تلك الروح الحسينية .

فالحرب تقترن عادة بالخسائر ، وكانت
حياة الانسان عزيزة على الامام ، فهو
يبكي أحياناً على الانسان الذي يعاني ويتألم
، وأحياناً تترقرق الدموع في عينيه ، وهذا ما
شاهدناه مرّات ومرّات ، فقد كان إنساناً
رحيماً وعطوفاً ، وكان قلبه طافحاً
بالانسانية والمحبة ، ولكن هذا القلب الطافح
بالمحبة لم يرتعش يوماً أمام التهديد ، ولم
يزلّ ولم يتراجع ولم يتنازل .

وطوال مدة العشر سنوات تلك أدرك أعداء
الثورة بأجمعهم ولمسوا بالتجربة أنّ الامام
لا يمكن إرعابه . إنها لنعمة كبرى أن يشعر
العدو بأنَّ هذا الرجل لا يمكن إزاحته من
الساحة بالخوف والتهديد . وقد أدرك الجميع من
خلال الشخصية الالمعية التي كان يتحلّى بها
الامام أنه رجل لا يمكن إخراجه من الساحة ،
ولا يمكن تهديده بالضغوط ، والتهديد العملي
أيضاً لا يجدي نفعاً في ثنيه عن منهجه ;
لذلك اضطروا لمجاراته .

إنّ ما يمكن استنتاجه مما اسلفنا ـ
وهذا الاستنتاج طبعاً قابل للتعميم وللتأمل ـ
هو أولاً : أنّ من جملة الخطوط البارزة ـ بل هو
الخط المميز لثورة عاشوراء ـ هو استقامة
الامام الحسين(عليه السلام) . وثانياً : هو أنّ
إمامنا الكبير (رضوان اللّه عليه) اتخذ
الاستقامة الحسينية منهجاً له في نهضته وفي
نمط حياته ، ولذلك استطاع ضمان استمرارية
الجمهورية الاسلامية ، وصد العدو عن أسلوب
الضغط والتهديد ; لانه بيّن للعدو أن الضغط
والتهديد والهجوم لا تجدي نفعاً ، وأنه ليس
بالرجل الذي تثنيه مثل هذه الافعال .

من جانب آخر لننظر كيف تأثرت شعوب
العالم المختلفة ، وبخاصة الشعوب الاسلامية ،
برسالة الامام . وقد أدرك الاستكبار أنه إذا
شاء الابقاء على صمت الشعوب ، وصرفها عن
الطريق الصحيح ، فليس أمامه سوى أن يقوم بعمل
يجعلها ترى أنّ ايران الاسلامية تراجعت عن
نهجها ، لكي يوقع الجميع في اليأس ويثنيهم عن
عزمهم . وقد أدرك الاستكبار هذه الحقيقة ،
وكرّس كل جهوده من أجلها .

اليوم يضغطون على الجمهورية
الاسلامية من جميع الجهات ; لاجل إبداء اللين
إزاء موضوع إسرائيل ، والتنازل عن رفع
الشعارات الاسلامية ، وعدم التحدث بهذا القدر
عن الاسلام والقرآن ـ وهما القاسم المشترك
بين الشعوب الاسلامية ـ .

فإذا أردنا مواصلة طريق العزة والتقدم
والتنمية والبناء والرفاه ، وبلوغ النتيجة
المرجوة ـ كما حصل خلال هذه السنوات بحمد
اللّه من تقدم ونشاط في القطاعات المختلفة ،
بفضل السواعد المقتدرة ، وببركة الخدمة التي
تؤدّيها الجمهورية الاسلامية ـ فالسبيل إلى
ذلك أنما يتم بالاستقامة والصمود في وجه
الاعداء والاستكبار .

لقد حقق الشعب المسلم في ايران خلال
هذه السنوات إنجازات كبرى ، وعليه أن يحافظ
على هذا الانجازات . فأبناء الشعب ـ وبخاصة
مسؤولو الجمهورية الاسلامية ـ ملزمون من خلال
دورهم العقلاني وتصرفهم السليم أن يحولوا دون
ضياع انجازات الشعب ـ لا سمح اللّه ـ ، سواء
الانجازات التي حققتها له الثورة مباشرة ،
كالحكومة والدولة ورئيس الجمهورية والنواب
وما شابه ذلك ، أو ما يتعلق منها بالثورة
ولكنه صار للشعب بشكل غير مباشر ، كحركة
البناء التي نشهدها ، والتي يتجسد فيها كل عمل
الثورة ومهارتها ، والتي تنجزها العناصر
الثورية في الحكومة وفي القطاعات الاخرى .
وهذا ما ينبغي لابناء الشعب والمسؤولين
صيانته بأسلوب عقلاني وسليم .

إنّ السبيل الوحيد الذي يتيح لشعب
ايران المسلم والمسؤولين صيانة هذه
الانجازات ، وتقديم المزيد من العطاء ، يكمن
في مواصلة النهج الذي اختطه الامام بمسيرته ،
وهو نهج الاستقامة والصمود بوجه مطامع
الاعداء ، وبوجه الهراء والهذر الذي
تتفوه به حفنة أفراد من خلف الحدود ، وتفصح
فيه عن مطامعها بهذا الشعب .

ولكن ما هو خط الامام ونهجه الذي يتكرر
ذكره ؟ إذا قلنا إنّ خط الامام هو الاسلام
والثورة ، فهذا الموضوع يعتبر طرحاً عاماً ،
فمن الواضح أنّ خط الامام هو خط الثورة
والاسلام ، وما من شخص لديه اعتراض على
الاسلام والثورة ، فخط الامام يمكن تلخيصه
بكلمة واحدة ، وهي (الاستقامة) ، فالشيء
القادر على تحقيق تطلعات هذا الرجل الفذ ـ
الذي يعد أباً لهذه الثورة وبانياً لايران
الاسلامية ـ هو الاستقامة التي أبداها بسلوكه
، ولم يتنازل أمام الاعداء ولم يَرهبهم ، ولم
يتزعزع أمام التهديدات . وليس بوسع أحد اتهام
الامام بأنَّ ما فعله كان خلافاً للتدبير
السليم ، أبداً ; فلو أنَّ جميع
عقلاء العالم دقّقوا وحلّلوا لادركوا أنّ
السبيل الصحيح هو السبيل الذي
سلكه ذلك الرجل ، وهو السبيل المؤدي إلى
أهدافه ، وكل من له هذا الهدف
فطريقه هو نفس الطريق الذي سار عليه هذا الشخص
العظيم .

كلامي في الذكرى الاليمة لرحيل الامام
، هو أنه يجب على الشعب المسلم في ايران بأسره
، وجميع المسؤولين والقطاعات المختلفة ،
اتخاذ صمود الامام بوجه طموحات الاعداء قدوة
لهم . وإذا شاءت الشعوب الاخرى بلوغ مرحلة
مرموقة فطريقها هو ذلك الطريق ، وإذا أريد
لقضية فلسطين أن تحل ، فطريق الحل يكمن في هذه
الاستقامة وفي هذا الصمود ، وإذا أريد
للقضايا المختلفة الناتجة عن التدخل
الاستكباري في منطقتنا أن تحل ، فطريقها هو
هذه الاستقامة .

اليوم تقف حكومة الجمهورية الاسلامية
، ونوّاب الشعب ، والسلطة القضائية ، والقوات
المسلحة وجميع أبناء الشعب ، كزبر الحديد
بوجه أطماع العدو ، ولايهتزون قيد اُنملة
أمام تهديداتهم ، وهذا هو طريق العزة
والسلامة .

إنّ الاميركيين يطمحون إلى تحقيق
أهدافهم بالتهديد ، إلاّ أنّ هذا لا يتسنّى
لهم حتّى عن طريق التدخل .

فالشعب الايراني لا يسعه التغاضي عن
حق الشعب الفلسطيني . يقولون لنا تغاضوا عن حق
شعب فلسطين المسلم وأقرّوا المساومة
المفروضة عليه ، ولكن من الواضح أننا لا يسعنا
ذلك ، ونرفض هذا الموقف بشدّة ، ونعتبر كل من
ينهج هذا النهج خائناً .

اعلموا أنّ رسالة الامام ورسالة هذا
الشعب العظيم الثوري قد اجتاحت العالم ـ بحمد
اللّه ـ ، وأنّ اسم الامام وذكراه في العالم
لن يندثرا . من الطبيعي أنّ إعلام الاعداء
يحاول أن يصور رسالة الثورة وكأنها أضحت
شيئاً قديماً في العالم ، وهذا الادعاء كاذب
ومجاف للواقع ; لانّ هذه الثورة العظيمة
لشعبنا ، والمسيرة الظافرة لشخصية قائده
الفذة ، مشهودتان اليوم في أقصى نقاط العالم ،
حتّى في بعض الارجاء التي لا ذكر فيها للاسلام
. وهذا الطريق هو طريق عزة بلادنا ، ورفاه
وانتصار وسعادة شعبنا الذي سيواصل بحول اللّه
هذا الطريق بكل قوّة ، وهو نفس الطريق الذي
ستنتهجه الاجيال القادمة بعونه تعالى .

/ 1