نظام العلاقات الاجتماعیة العامة فی مدرسة أهل البیت (ع) (3) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

نظام العلاقات الاجتماعیة العامة فی مدرسة أهل البیت (ع) (3) - نسخه متنی

السید محمد باقر الحکیم

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

دراسات

نظام العلاقات الاجتماعية العامة في
مدرسة اهل البيت (ع)

* السيد محمد باقر الحكيم

تناول القسم السابق من هذه الدراسة
البناء الفوقي لابعاد نظرية العلاقات
الاجتماعية في مدرسة أهل البيت(عليهم السلام)،
ومبادئ تقوية البناء الاجتماعي، وبيان موقع
الاخوة والمساواة كبعد ثالث في نظرية
العلاقات الاجتماعية العامة، ومستويات هذه
العلاقات وبُعد المعاملة الخاصة فيها، ثم
تناول البناء الفوقي للقواعد والاسس في نظرية
العلاقات الاجتماعية.

وفيما يلي القسم الثالث من هذه
الدراسة:

( التحرير )

هـ ـ الكبر والتيه والاختيال


ومن جملة هذه الانفعالات والمشاعر
النفسية المحرمة هو الشعور بالكِبر
والخيلاء، والتعامل مع الناس على أساس من هذا
الشعور.

ففي الحديث الصحيح عن أحد الباقرين(عليهما
السلام) قال: «لا يدخل الجنة من كان في قلبه
مثقال حبة من خردل من الكِبر»(1).

كما ورد أن أول ما عصي الله به الكِبر،
وهي معصية إبليس حين أبى واستكبر وكان من
الكافرين(2).

وقد جاء في تعريف الكِبر هو «أن تغمص
الناس وتسفه الحق»، وفي بعض الروايات
المعتبرة أن هذا النوع من الكِبر هو من أعظم
أنواعه.

فعن عبد الاعلى بن أعين قال: «قال أبو
عبد الله(عليه السلام): قال رسول(صلى الله عليه
وآله وسلم): إن أعظم الكِبر غمص الخلق وسفه
الحق. قال: قلت: وما غمص الخلق وسفه الحق؟ قال:
يجهل الحق ويطعن على أهله، فمن فعل ذلك فقد
نازع الله عزوجل رداءه»(3).

وفي حديث آخر عن محمد بن عمر بن يزيد،
عن أبيه قال: «قلت لابي عبد الله(عليه السلام):
إنني آكل الطعام الطيب، وأشم الرائحة الطيبة،
وأركب الدابة الفارهة، ويتبعني الغلام، فترى
في هذا شيئاً من التجبر فلا أفعله؟ فأطرق أبو
عبد الله(عليه السلام)ثم قال: إنما الجبار
الملعون من غمص الناس وجهل الحق. قال عمر: فقلت:
أما الحق فلا أجهله، والغمص لا أدري ما هو. قال:
من حقّر الناس وتجبّر عليهم فذلك الجبار»(4).

وقد فسر أهل البيت(عليهم السلام) سبب
التجبر والتيه والتكبر ـ كما ورد في الحديث
عنهم ـ أنه الشعور بالنقص والاحساس بالذلة في
النفس.

فعن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «ما
من أحد يتيه إلا لذلة يجدها في نفسه»(5).

وعنه(عليه السلام)في حديث آخر قال: «ما
من رجل تكبر أو تجبر إلا لذلة يجدها في نفسه»(6).

ومن مصاديق الكِبر ـ كما ورد في
الروايات ـ العناد، ورفض احترام الاخرين.

فقد ورد في حديث معتبر عن الحسين بن
أبي العلا، عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال: «سمعته
يقول: الكِبر قد يكون في شرار الناس من كل جنس،
والكِبر رداء الله، فمن نازع الله رداءه لم
يزده إلا سفالاً. إن رسول الله(صلى الله عليه
وآله وسلم) مرّ في بعض طرق المدينة وسوداء
تلقط السرقين، فقيل لها: تنحي عن طريق رسول
الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، فقالت: إن
الطريق لمعرض، فهمّ بها بعض القوم أن
يتناولها، فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله
وسلم): دعوها فإنها جبارة»(7).

و ـ الطمع والكسل والسفه


كما أن هناك مجموعة من الاحاسيس
والمشاعر والعواطف الاجتماعية الاخرى
المبغوضة للشارع المقدس، لما فيها من آثار
ونتائج سلبية وضارة في حركة الانسان الذاتية
والاجتماعية، إذ يصبح فيها الانسان أسيراً
لغيره، أو مضيعاً لحقوق الاخرين، أو منفصلاً
ومعزولاً عنهم وعن مجتمعهم.

ومن هذه الاحاسيس ذات التأثير السلوكي
السيء هو الطمع.

فقد ورد في الحديث عن أبي جعفر(عليه
السلام) أنه قال: «بئس العبد عبد يكون له طمع
يقوده، وبئس العبد عبد له رغبة تذلّه»(8).

وقال الامام علي بن الحسين(عليه
السلام): «رأيت الخير كله قد اجتمع في قطع
الطمع عما في أيدي الناس»(9).

ومن هذه المشاعر الكسل الذي يؤدي عادة
إلى ضياع الحقوق في الدنيا والاخرة.

فقد ورد في وصية النبي(صلى الله عليه
وآله وسلم) لعلي(عليه السلام): «وإن كسلت لم
تؤدّ حقاً»(10).

وجاء في حديث للنبي(صلى الله عليه وآله
وسلم) أنه قال: «لانه إذا كسل فقد ضيع الحقوق»(11).

يمنعانك حظك من الدنيا والاخرة»(12)
.

ومن هذه المشاعر أيضاً السفه والجهل،
وهما أن توجد في الانسان حالة نفسية وروحية
تجعله يتجاوز الحدود والاداب الاجتماعية في
الكلام والحديث مع الناس عامة، ويبادر الى
القول والفعل من دون رويّة وتعقل، وهذه الصفة
من أبرز مصاديق سوء الخلق.

فقد ورد عن الامام الصادق(عليه السلام)
قوله: «إن السفه خلق لئيم، يستطيل على من هو
دونه، ويخضع لمن هو فوقه»(13).

وقال(عليه السلام): «لا تسفهوا، فإنّ
أئمتكم ليسوا بسفهاء»(14).

وعنه(عليه السلام) بطريق معتبر: «إن
أبغض خلق الله عبد اتقى الناس لسانه»(15).

وقال(عليه السلام): «من كافأ السفيه
بالسفه، فقد رضي بما أتى إليه، حيث احتذى
مثاله»(16).

3 ـ ضبط العواطف والمعاشرة

وفي مجال المعاشرة والعلاقات
الاجتماعية نجد نماذج ومفردات تفصيلية،
يقدمها الشارع المقدس وأهل البيت(عليهم
السلام)، تعبّر عن هذه القاعدة المهمة في
النظرية الاسلامية في العلاقات الاجتماعية:

أ ـ حسن الصحبة


فأولى هذه المفردات هو حسن الصحبة،
وتحمل الرفقاء والاصحاب وغيرهم، ممن يبتلى
الانسان عادة بإيجاد العلاقات الاجتماعية
العامة معهم.

عن أبي الربيع الشامي قال: «دخلت على
أبي عبد الله(عليه السلام) والبيت غاص بأهله،
فيه الخراساني والشامي ومن أهل الافاق، فلم
أجد موضعاً أقعد فيه، فجلس أبو عبد الله(عليه
السلام) وكان متكئاً ثم قال: يا شيعة آل محمد،
اعلموا أنه ليس منا من لم يملك نفسه عند غضبه،
ومن لم يحسن صحبة من صحبه، ومخالقة من خالقه،
ومرافقة من رافقه، ومجاورة من جاوره، وممالحة
من مالحه» الحديث(17).

وعن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «ما
يُعبأ بمن سلك هذا الطريق إذا لم يكن فيه ثلاث
خصال: ورع يحجزه عن معاصي الله، وحلم يملك به
غضبه، وحسن الصحبة لمن صحبه»(18).

وفي هذا المجال يذكر أهل البيت(عليهم
السلام) بعض المفردات التي تعبر عن حسن الصحبة
هذه، مثل ما ورد عن الامام الصادق(عليه السلام)
في كتاب المحاسن بطريق معتبر: «ليس من المروءة
أن يحدّث الرجل بما يلقى في السفر من خير أو شر»(19).

ومثل تفقد أحوال رفيق السفر بعد
الافتراق; فعن المفضل بن عمر قال: «دخلت على
أبي عبد الله(عليه السلام) فقال لي: من صحبك؟
فقلت له: رجل من إخواني. قال: فما فعل؟ قلت: منذ
دخلت لم أعرف مكانه. فقال لي: أما علمت أن من
صحب مؤمناً أربعين خطوة سأله الله عنه يوم
القيامة؟»(20).

وكذلك سؤال ذي الجليس جليسه عن اسمه
وكنيته ونسبه وحاله، وكراهة ترك ذلك، ولكن
بدون فضول وإحراج، ولعل في هذا الحديث الشريف
الذي يرويه علي بن الحسين(عليهما السلام) عن
جده رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ما
يلقي الضوء على بعض المصاديق والامثلة.

فقد روى(عليه السلام) عن رسول الله(صلى
الله عليه وآله وسلم) أنه قال يوماً لجلسائه: «تدرون
ما العجز؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. فقال:
العجز ثلاثة: أن يبدر أحدكم بطعام يصنعه
لصاحبه فيخلفه ولا يأتيه، والثانية أن يصحب
الرجل منكم الرجل أو يجالسه يحب أن يعلم من هو
ومن أين هو، فيفارقه قبل أن يعلم ذلك،
والثالثة أمر النساء يدنو أحدكم من أهله
فيقضي حاجته وهي لم تقض حاجتها. فقال عبد الله
بن عمرو بن العاص: فكيف ذلك يا رسول الله؟ قال:
يتحرش ويمكث حتى يأتي ذلك منهما جميعاً»(21).

وقد عُبّر عن هذه الافعال الثلاثة بـ «الجفاء»
في حديث آخر يرويه الامام الباقر(عليه السلام)
عن جده رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قال:
«ثلاثة من الجفاء: أن يصحب الرجل الرجل فلا
يسأله عن اسمه وكنيته، وأن يدعى الرجل إلى
طعام فلا يجيب، أو يجيب فلا يأكل، ومواقعة
الرجل أهله قبل الملاعبة»(22).

كما جاء في حديث آخر يرويه الصادق(عليه
السلام) عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)
أن السؤال عن الاسم والهوية الشخصية من الحق
الواجب وصدق الاخاء: «إذا أحب أحدكم أخاه
المسلم، فليسأله عن اسمه واسم أبيه واسم
قبيلته وعشيرته، فإن من حقه الواجب وصدق
الاخاء أن يسأله عن ذلك، وإلا فإنها معرفة حمق»(23).

ب ـ الضحك والمزاح


ومن هذه المفردات أن الانسان قد يصادف
في حياته الاجتماعية ما يثير عنده الاحساس
بالضحك، سواء كان ذلك عن طريق المزاح أم
المشاهد المثيرة، وهنا لا بد له من ضبط هذا
الانفعال، سواء بحسب الشكل والصورة، بحيث
يحسن به أن لا يصل إلى حد القهقهة وارتفاع
الصوت، فقد روي عن الامام الصادق بطريق معتبر
أنه قال: «القهقهة من الشيطان»(24).

وفي حديث آخر قال(عليه السلام): «ضحك
المؤمن تبسم»(25).

وعن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «إذا
قهقهت فقل حين تفرغ: اللهم لا تمقتني»(26).

أو ضبط هذا الانفعال من ناحية السبب،
فقد ورد عن الامام الصادق(عليه السلام)أنه قال:
«إن من الجهل الضحك من غير عجب»(27).

بل دعا أئمة أهل البيت(عليهم السلام)
إلى قلة الضحك والمزاح، لما لهما من آثار
اجتماعية سيئة، بالاضافة إلى آثاره الذاتية
السيئة.

ففي حديث معتبر عن الامام الصادق(عليه
السلام) قال: «إياكم والمزاح فإنه يذهب بماء
الوجه» وقال أيضاً: «كثرة الضحك تميت القلب»
وقال: «كثرة الضحك تميث الدين كما يميث الماء
الملح»(28).

وعن أمير المؤمنين(عليه السلام) أنه
قال: «إياك والمزاح فإنه يجر السخيمة ويورث
الضغينة وهو السبّ الاصغر»(29).

وعن الصادق(عليه السلام): «لا تمازح
فيُجترأ عليك»(30).

ج ـ الحشمة والاسترسال في الثقة


ومن هذه المفردات الالتزام بالحشمة في
الصداقة والمعاشرة، وعدم الانسياق مع عواطف
الحب والمودة في التصرف، وكذلك عدم الاسترسال
في الثقة أو الحب والبغض، حيث إنها لا بد أن
تخضع للمنطق والصفات الخاصة في الصديق
المعاشر، وهذا لا ينافي بطبيعة الحال حسن
الظن والانفتاح.

فقد ورد في الحديث المعتبر عن أبي
الحسن موسى الكاظم(عليه السلام) أنه قال: «لا
تذهب الحشمة بينك وبين أخيك; أبق منها فإن
ذهابها ذهاب الحياء»(31).

كما روي عن ابن عباس، والامام الرضا(عليه
السلام) أنهما قالا في تفسير قوله تعالى: (وتأتون
في ناديكم المنكر) أنهم كانوا يتضارطون في
مجالسهم من غير حشمة ولا حياء(32).

كما روي عن الامام الصادق(عليه السلام)
في موضوع الاسترسال في الثقة أنه قال: «لا تثق
بأخيك كلّ الثقة، فإنّ صرعة الاسترسال لن
تُقال»(33).

وعن أمير المؤمنين(عليه السلام) أنه
قال: «أحبب حبيبك هوناً ما فعسى أن يكون بغيضك
يوماً ما، وأبغض بغيضك هوناً ما فعسى أن يكون
حبيبك يوماً ما»(34).

وقد مرّ علينا سابقاً الحدود والخصائص
المطلوبة في الصديق والصاحب التي تعتبر
مقاييس في الثقة والاعتماد(35).

د ـ كراهة المراء والخصومة


ومن هذه المفردات عدم الانسياق مع
الشعور بالانتصار للنفس في الاحاديث
والمناقشات، بحيث يتطور ذلك إلى المراء
والخصومة، فقد نهى الشارع المقدس عن ذلك.

ففي الحديث المعتبر عن أبي عبد الله
الصادق(عليه السلام) قال: «قال أمير المؤمنين(عليه
السلام): إياكم والمراء والخصومة، فإنهما
يمرضان القلوب على الاخوان، وينبت عليهما
النفاق»(36).

هـ ـ حفظ اللسان والسكوت إلا عن الخير


ومن هذه المفردات أيضاً عدم الانسياق
مع الرغبة في الحديث والكلام، ولزوم السيطرة
على ما يصدر عن لسان الانسان، والمراقبة
الدقيقة له، فقد ورد التحذير الكثير من
الشارع المقدس في هذا المجال، إدراكاً منه
لوجود هذا الشعور في داخل الانسان، والاضرار
البالغة التي يمكن أن تترتب على هفوات اللسان
وأخطائه، خصوصاً في مجال العلاقات
الاجتماعية. وقد ذهبت الحكمة المنقولة عن
لقمان الحكيم في هذا الباب مذهب المثل، فقد
روى أبو عبد الله(عليه السلام)قال: «قال لقمان
لابنه: يا بنيّ، إن كنت زعمت أن الكلام من فضة
فإن السكوت من ذهب»(37).

وفي الحديث المعتبر عن أبي الحسن
الرضا(عليه السلام) أنه قال: «من علامات الفقه
العلم والحلم والصمت; إن الصمت باب من أبواب
الحكمة، إن الصمت يكسب المحبة، إنه دليل على
كل خير»(38).

وعن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «قال
رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) لرجل أتاه:
ألا أدلك على أمر يدخلك الله به الجنة؟ قال:
بلى يا رسول الله، قال: أنل مما أنالك الله.
قال: فإن كنت أحوج ممن أنيله، قال: فانصر
المظلوم. قال: فإن كنت أضعف ممن انصره. قال:
فاصنع للاخرق، يعني أشر عليه. قال: فإن كنت
أخرق ممن اصنع له. قال: فأصمت لسانك إلا من خير.
أما يسرّك أن يكون فيك خصلة من هذه الخصال
تجرك إلى الجنة؟»(39).

وعن أبي عبد الله(عليه السلام) أنه قال:
«كلام في حق خير من سكوت على باطل»(40).

وعن علي بن الحسين(عليهما السلام) قال:
«القول الحسن يثري المال، وينمي الرزق، وينسئ
في الاجل، ويحبب إلى الاهل، ويدخل الجنة»(41).

وعن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) في
وصيته لابي ذر أنه قال: «يا أبا ذر، الذاكر في
الغافلين كالمقاتل في الفارّين في سبيل الله.
يا أبا ذر، الجليس الصالح خير من الوحدة،
والوحدة خير من جليس السوء، وإملاء الخير خير
من السكوت، والسكوت خير من إملاء الشر. يا أبا
ذر، اترك فضول الكلام، وحسبك من الكلام ما
تبلغ به حاجتك. يا أبا ذر، كفى بالمرء كذباً أن
يحدّث بكل ما سمع. يا أبا ذر، إنه ما من شيء أحق
بطول السجن من اللسان. يا أبا ذر، إن الله عند
لسان كل قائل، فليتّق الله امرؤ وليعلم ما
يقول»(42).

وعن أبي عبد الله(عليه السلام) أنه قال
لرجل وقد كلّمه بكلام كثير: «أيها الرجل،
تحتقر الكلام وتستصغره; إن الله لم يبعث رسله
حيث بعثها ومعها فضة ولا ذهب، ولكن بعثها
بالكلام، وإنما عرّف الله نفسه إلى خلقه
بالكلام، والدلالات عليه والاعلام»(43).

و ـ كظم الغيض والصبر على الحسد


ومن هذه المفردات السيطرة على المشاعر
عند إثارة غيظ الانسان، وحبه للدفاع عن النفس
والانتقام، خصوصاً إذا كان الانسان محقاً أو
مظلوماً، حيث يصبح من الضروري أن يحكّم عقله
وحكمته وإرادته في السيطرة على هذا الشعور
القوي، والانفعال الجارف.

فقد ورد بطريق معتبر عن الامام الصادق(عليه
السلام) أنه قال: «نعم الجرعة الغيظ لمن صبر
عليها، فإن عظيم الاجر لمن عظيم البلاء، وما
أحب الله قوماً إلاّ ابتلاهم»(44).

وكذلك ورد بطريق معتبر عن الامام
الصادق(عليه السلام) أنه قال: «كان علي بن
الحسين(عليهما السلام) يقول: ما أحب أن لي بذلّ
نفسي حمر النعم، وما تجرعت جرعة أحب إلي من
جرعة لا أكافئ بها صاحبها»(45).

وقد وصف الله سبحانه عباده الصالحين
بهذه الصفة في قوله: (والكاظمين الغيظ
والعافين عن الناس).

وفي وصية النبي(صلى الله عليه وآله
وسلم) لعلي(عليه السلام) أنه قال: «يا علي،
أوصيك بوصية فاحفظها، فلا تزال بخير ما حفظت
وصيتي، يا علي، من كظم غيظاً وهو يقدر على
إمضائه أعقبه أمناً وإيماناً يجد طعمه...»(46).

ومن هذا الباب الصبر على الحُسّاد
ونحوهم من أعداء النعم، الذين يثيرون في
الانسان بتصرفاتهم مختلف الانفعالات
والمشاعر; لذا كان هذا النوع من البلاء من أشد
المحن الاجتماعية التي نُدب المؤمن إلى الصبر
عليها.

روي بطريق معتبرة عن الصادق(عليه
السلام) أنه قال: «اصبر على أعداء النعم، فإنك
لن تكافئ من عصى الله فيك بأفضل من أن تطيع
الله فيه»(47).

وكذا بطريق معتبرة عنه(عليه السلام)
قال: «قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم):
إن الله أخذ ميثاق المؤمن على بلايا أربع،
أشدها عليه مؤمن يقول بقوله يحسده، أو منافق
يقفو أثره، أو شيطان يغويه، أو كافر يرى
جهاده، فما بقاء المؤمن بعد هذا؟»(48)

ثالثاً: العدل والانصاف

لقد ذكرنا في توضيح هذا الاساس أنهما
ينطلقان من فكرة وجوب العدل وحرمة الظلم، وأن
أوضح مصاديق العدل في العلاقات الاجتماعية هو
إنصاف الانسان الناس من نفسه.

كما أن حرمة الظلم لا تختص بممارسته
شخصياً، بل لابد للانسان أن يكون موقفه بوجه
الظلم شمولياً وواسعاً، ويمكن أن نلاحظ هذه
الشمولية في الامور التالية:

أ ـ رد المظالم


إذا ارتكب الانسان ظلماً في حق أحد من
الناس، فأخذ منه ماله، أو اغتصب منه حقاً من
حقوقه ثم تاب من ذلك وارتدع، فلا بد له أن يرد
للمظلوم مظلمته، وهو ما يسمى بـ «ردّ المظالم».

عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «الظلم
ثلاثة: ظلم يغفره الله، وظلم لا يغفره الله،
وظلم لا يدعه الله، فأما الظلم الذي لا يغفره
فالشرك، وأما الظلم الذي يغفره فظلم الرجل
نفسه فيما بينه وبين الله، وأما الظلم الذي لا
يدعه فالمداينة بين العباد»(49).

وعن وهب بن عبد ربه، وعبيد الله
الطويل، عن شيخ من النخع قال: «قلت لابي جعفر(عليه
السلام): إني لم أزل والياً منذ زمن الحجاج إلى
يومي هذا، فهل لي من توبة؟ قال: فسكت، ثم أعدت
عليه فقال: لا حتى تؤدي إلى كل ذي حق حقه»(50).

وعن أبي بصير قال: «سمعت أبا عبد الله(عليه
السلام) يقول: من أكل من مال أخيه ظلماً ولم
يردّه إليه، أكل جذوة من النار يوم القيامة»(51).

ب ـ الهداية بعد الضلال


وكذلك إذا ارتكب الانسان ظلماً
معنوياً في حق أحد، فأضلّه عن الحق وساقه إلى
الباطل، ثم تاب عن ذلك، فيجب عليه أن يسعى إلى
هدايته وإرشاده إلى الحق، وإرجاعه إلى طريق
الصواب.

عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «كان
رجل في الزمن الاول طلب الدنيا من حلال فلم
يقدر عليها، وطلبها من حرام فلم يقدر عليها،
فأتاه الشيطان فقال له: ألا أدلك على شيء تكثر
به دنياك، وتكثر به تبعك؟ فقال: بلى. قال:
تبتدع ديناً وتدعو الناس إليه، ففعل فاستجاب
له الناس وأطاعوه، فأصاب من الدنيا، ثم إنه
فكر فقال: ما صنعت؟! ابتدعت ديناً ودعوت الناس
إليه; ما أرى لي من توبة إلا أن آتي من دعوته
إليه فأرده عنه، فجعل يأتي أصحابه الذين
أجابوه فيقول: إن الذي دعوتكم إليه باطل،
وإنما ابتدعته، فجعلوا يقولون: كذبت، هو
الحق، ولكنك شككت في دينك فرجعت عنه، فلما رأى
ذلك عمد إلى سلسلة فوتد لها وتداً ثم جعلها في
عنقه، قال: لا أحلها حتى يتوب الله عزوجل
عليّ، فأوحى الله عزوجل إلى نبي من الانبياء:
قل لفلان: وعزتي لو دعوتني حتى تتقطع أوصالك
ما استجبت لك حتى تردّ من مات على ما دعوته
إليه فيرجع عنه»(52).

ج ـ معونة الظالم


وكما يحرم على الانسان أن يباشر الظلم
بنفسه، يحرم عليه أن يعين الظالم على ظلمه، أو
يكون بحسب الفهم الاجتماعي للعلاقات من أعوان
الظالمين.

عن عبد الله بن سنان قال: «سمعت أبا عبد
الله(عليه السلام) يقول: من أعان ظالماً على
مظلوم لم يزل الله عليه ساخطاً حتى ينزع من
معونته»(53).

وعن أمير المؤمنين(عليه السلام) قال: «للظالم
من الرجال ثلاث علامات: يظلم من فوقه
بالمعصية، ومن دونه بالغلبة، ويظاهر القوم
الظلمة»(54).

وعن علي بن الحسين(عليهما السلام) في
حديث قال: «إياكم وصحبة العاصين ومعونة
الظالمين»(55).

وعن جعفر بن محمد عن آبائه(عليهم
السلام) قال: «قال رسول الله(صلى الله عليه
وآله وسلم): إذا كان يوم القيامة نادى مناد:
أين أعوان الظلمة، ومن لاق لهم دواة، أو ربط
كيساً، أو مدّ له مدّة قلم؟ فاحشروهم معهم»(56).

د ـ الرضا بالظلم والسكوت عنه


وكما يحرم على الانسان أن يباشر الظلم
يحرم عليه الرضا والقبول به والسكوت عنه.

عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «العامل
بالظلم والمعين له والراضي به شركاء ثلاثتهم»(57).

وعنه(عليه السلام): «من عذر ظالماً
بظلمه سلّط الله عليه من يظلمه، فإن دعا لم
يستجب له، ولم يأجره الله على ظلامته»(58).

وعنه(عليه السلام) في حديث له: «ومن أحب
بقاء الظالمين فقد أحب أن يعصى الله»(59).

مصاديق لانصاف الناس من النفس

وفي مجال إنصاف الناس من النفس نلاحظ
أن أهل البيت(عليهم السلام) يرشدوننا إلى
مجموعة من المصاديق، بالاضافة إلى ما أشرنا
إليه من (حب المؤمن لاخيه ما يحبه لنفسه):

أ ـ رد المعروف


فمن ذلك أن يقابل المعروف الذي يصله من
الناس بمثله أو أفضل منه، كما قال الله سبحانه
وتعالى في محكم كتابه الكريم: (هل جزاءُ
الاحسانِ إلا الاحسانُ)(60).

وهذا نظير رد السلام بمثله أو بأفضل
منه (وإذا حُيّيتم بتحية فحيّوا بأحسن منها أو
رُدّوها)(61).

وقد ورد في الحديث الشريف تأكيد رد
المعروف.

عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «كان
أمير المؤمنين(عليه السلام) يقول: من صنع بمثل
ما صُنع إليه فإنما كافأه، ومن أضعفه كان
شكوراً، ومن شكر كان كريماً، ومن علم أن ما
صنع إنما صنع إلى نفسه لم يستبطئ الناس في
شكرهم، ولم يستزدهم في مودتهم، ولا تلتمس من
غيرك شكر ما أتيت إلى نفسك، ووقيت به عرضك،
واعلم أن الطالب إليك الحاجة لم يكرم وجهه عن
وجهك فأكرم وجهك عن ردّه»(62).

وعن علي بن سالم قال: «سمعت أبا عبد
الله(عليه السلام) يقول: «آية في كتاب مسجلة.
قلت: وما هي؟ قال: (هل جزاءُ الاحسانِ إلاّ
الاحسانُ) جرت في المؤمن والكافر، والبَرّ
والفاجر; من صنع إليه معروف فعليه أن يكافئ
به، وليست المكافأة أن يصنع كما صنع به، بل
يرى مع فعله لذاك أن له الفضل المبتدأ»(63).

وعن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «لعن
الله قاطعي سبيل المعروف! قيل: وما قاطعوا
سبيل المعروف؟ قال: الرجل يصنع إليه المعروف
فيكفره، فيمتنع صاحبه من أن يصنع ذلك إلى غيره»(64).

وعنه(عليه السلام) قال: «قال رسول الله(صلى
الله عليه وآله وسلم): من أتى إليه معروف
فليكافئ به، فإن عجز فليُثن عليه، فإن لم يفعل
فقد كفر النعمة»(65).

ب ـ ردّ الحقوق


ومنه أن يعرف حق أخيه كما يعرف أخوه
حقه، فإن الحقوق بين المؤمنين متبادلة، كما
نجد ذلك في النصوص التي وردت في حق المؤمن،
ومنها النص الذي ورد عن الامام الصادق(عليه
السلام) من قوله: «أما يستحيي الرجل منكم أن
يعرف جاره حقه، ولا يعرف حق جاره»(66).

ج ـ الاشتغال بعيبه عن عيوب الناس


ومنه أن يشتغل بعيوبه وإصلاحها عن
عيوب الناس، فقد ورد في الحديث عن أبي جعفر
الباقر(عليه السلام) قال: «قال رسول الله(صلى
الله عليه وآله وسلم): ثلاث خصال من كن فيه أو
واحدة منهنّ كان في ظل عرش الله يوم لا ظل إلا
ظله: رجل أعطى الناس من نفسه ما هو سائلهم،
ورجل لم يقدّم رجلاً ولم يؤخر رجلاً حتى يعلم
أن ذلك لله رضاً، ورجل لم يعب أخاه المسلم
بعيب حتى ينفي ذلك العيب عن نفسه، فإنه لا
ينفي منها عيباً إلاّ بدا له عيب، وكفى بالمرء
شغلاً بنفسه عن الناس»(67).

وعنه(عليه السلام) قال: «كفى بالمرء
عيباً أن يتعرف من عيوب الناس ما يعمى عليه من
أمر نفسه، أو يعيب على الناس أمراً هو فيه لا
يستطيع التحول عنه إلى غيره، أو يؤذي جليسه
بما لا يعنيه»(68).

د ـ القول الحسن في الناس


ومنه أن يقول في الناس أحسن ما يحب أن
يقال فيه، من الظن الحسن وحمل أقواله وأفعاله
على أحسن الوجوه، ومدحه والثناء عليه.

فعن أبي جعفر(عليه السلام) في قول الله
عزوجل: (وقولوا للناس حُسناً) قال: «قولوا
للناس أحسن ما تحبون أن يقال فيكم»(69).

مصاديق للظلم والعدوان

وفي مجال ظلم الناس والعدوان عليهم
حدد الشارع المقدس، كما ورد في حديث أهل البيت(عليهم
السلام)، مصاديق عديدة، وذلك من خلال الفهم
الانساني الواسع لموضوع العدل والظلم، بحيث
أعطى للمسلم حرمه وصيانه تستلزمان معاملة
خاصة في العلاقات الاجتماعية، وتمنعان من
سلوكيات وأعمال كثيرة، نشير إلى بعض مصاديقها
المهمة:

أ ـ قتل المسلم وايذاؤه


فمن ذلك قتل المسلم، أو إيذاؤه، أو
إخافته حتى لو كان ذلك بكلمة أو نظرة، وكذلك
الاعانة على هذه الاعمال. وإليك مجموعة من
نماذج الروايات والاحاديث المعتبرة التي تدل
على هذا المضمون.

عن هشام بن سالم قال: سمعت أبا عبد الله(عليه
السلام) يقول: «قال الله عزوجل: ليأذن بحرب
منّي من آذى عبدي المؤمن، وليأمن غضبي من أكرم
عبدي المؤمن»(70).

وعن حماد بن عثمان عن أبي عبد الله(عليه
السلام) أو عمن ذكره عنه قال: «يجيء يوم
القيامة رجل إلى رجل حتى يلطخه بدمه، والناس
في الحساب، فيقول: يا عبد الله، مالي ولك؟
فيقول: أعنت عليّ يوم كذا وكذا فقُتلت»(71).

وعن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «إن
العبد يحشر يوم القيامة وما أدمى دماً، فيدفع
إليه شبه المحجمة أو فوق ذلك، فيقال له: هذا
سهمك من دم فلان، فيقول: يا رب، إنك تعلم أنك
قبضتني وما سفكت دماً، قال: بلى، وما سمعت من
فلان بن فلان كذا وكذا فرويتها عنه فنقلت حتى
صار إلى فلان فقتله عليها، فهذا سهمك من دمه»(72).

وعن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «قال
رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): من نظر
إلى مؤمن نظرة ليخيفه بها أخافه الله عزوجل
يوم لا ظلّ إلا ظلّه»(73).

ب ـ إهانة المسلم


ومنه إهانة المؤمن أو خذلانه بأي درجة
كانت، فعن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «لمّا
أُسري بالنبي(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: يا
رب ما حال المؤمن عندك؟ قال: يا محمد، من أهان
لي ولياً فقد بارزني بالمحاربة، وأنا أسرع
شيء إلى نصرة أوليائي»(74).

وعن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «ما
من مؤمن يخذل أخاه وهو يقدر على نصرته إلا
خذله الله في الدنيا والاخرة»(75).

ج ـ إذلال المؤمن


ومنه إذلال المؤمن، أو احتقاره، أو
الاستخفاف به، فعن معلّى بن خنيس، عن أبي عبد
الله(عليه السلام) قال: «سمعته يقول: قال الله
عزوجل: ليأذن بحرب مني من أذل عبدي المؤمن،
وليأمن غضبي من أكرم عبدي المؤمن»(76).

وعنه(عليه السلام) قال: «قال رسول الله:
لقد أسرى ربي بي فأوحى إليّ من وراء الحجاب ما
أوحى، وشافهني أن قال لي: يا محمد، من أذل لي
ولياً فقد أرصد لي بالمحاربة، ومن حاربني
حاربته. قلت: يا رب، ومن وليك هذا؟ فقد علمت أن
من حاربك حاربته، فقال: ذاك من أخذت ميثاقه لك
ولوصيك ولذريتكما بالولاية»(77).

وعن أبي هارون، عن أبي عبد الله(عليه
السلام) قال: «قال لنفر عنده وأنا حاضر: مالكم
تستخفون بنا؟! قال: فقام إليه رجل من خراسان
فقال: معاذ لوجه الله أن نستخف بك أو بشيء من
أمرك، فقال: بلى، إنك أحد من استخف بي، فقال:
معاذ لوجه الله أن أستخف بك، فقال له: ويحك!
ألم تسمع فلاناً ونحن بقرب الجحفة وهو يقول لك:
احملني قدر ميل فقد والله عييت؟ والله ما رفعت
به رأساً; لقد استخففت به، ومن استخف بمؤمن
فبنا استخف، وضيّع حرمة الله عزوجل»(78).

د ـ تعيير المؤمن


ومنه تعيير المؤمن بارتكاب الذنب أو
عمل السوء، وتأنيبه عليه، وهذا غير نهيه عن
المنكر أو نصيحته بقصد ردعه عن الذنوب.

فقد ورد في الحديث المعتبر عن الامام
الصادق(عليه السلام) أنه قال: «من عيَّر
مؤمناً بذنب لم يمت حتى يركبه»(79).

وعنه(عليه السلام): «من لقي أخاه بما
يؤنّبه أنّبه الله في الدنيا والاخرة»(80).

هـ ـ إحصاء عثرات المؤمن


ومنه إحصاء عثرات المؤمنين بقصد
الاساءة إليهم، واستغلالها لهتك حرمتهم،
وهدم مروّتهم.

عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «أبعد
ما يكون العبد من الله أن يكون الرجل يؤاخي
الرجل وهو يحفظ زلاته فيعيّره بها يوماً ما»(81).

وعن اسحاق بن عمار قال: «سمعت أبا عبد
الله(عليه السلام) يقول: قال رسول الله(صلى
الله عليه وآله وسلم): يا معشر من أسلم بلسانه
ولم يخلص الايمان إلى قلبه، لا تذمّوا
المسلمين ولا تتبّعوا عوراتهم، فإنه من تتبّع
عوراتهم تتبّع الله عورته، ومن تتبّع الله
عورته يفضحه ولو في بيته»(82).

و ـ سبّه والطعن فيه


ومنه سبّ المؤمن أو لعنه أو الطعن
عليه، فقد ورد في الحديث المعتبر عن أبي الحسن
موسى(عليه السلام) في رجلين يتسابان قال: «البادي
منهما أظلم، ووزره ووزر صاحبه عليه ما لم
يعتذر إلى المظلوم»(83).

وعن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «إن
رجلاً من تميم أتى النبي(صلى الله عليه وآله
وسلم) فقال: أوصني، فكان فيما أوصاه أن قال: لا
تسبوا الناس فتكسبوا العداوة لهم»(84).

وعن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «قال
رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): إن الله
عزوجل خلق المؤمن من عظمة جلاله وقدرته، فمن
طعن عليه أو ردّ عليه قوله فقد ردّ على الله»(85).

وعنه(عليه السلام) قال: «إنّ اللعنة
إذا خرجت من صاحبها ترددت بينه وبين الذي
يلعن، فان وجدت مساغاً وإلا رجعت إلى صاحبها،
وكان أحق بها، فاحذروا أن تلعنوا مؤمناً فيحل
بكم»(86).

ز ـ اغتيابه


ومنه ذكر المؤمن في غيبته بسوء يكرهه،
وكشف عيوبه المستورة، وهو ما يعبر عنه بـ (الغيبة)
التي صرّح القرآن الكريم بتحريمها، ووصفها
بأكل لحم الميت (ولا يغتَبْ بعضُكم بعضاً
أيُحبُّ أحدُكم أنْ يأكلَ لحمَ أخيهِ مَيْتاً
فكرِهتموه)(87).

عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «من
قال في مؤمن ما رأته عيناه وسمعته أذناه فهو
من الذين قال الله عزوجل: (إنّ الّذينَ
يُحبّونَ أنْ تشيعَ الفاحشةُ في الّذين آمنوا
لهم عذابٌ أليمٌ)»(88).

وعن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) في
وصيته لابي ذر: «يا أبا ذرّ، إياك والغيبة،
فإن الغيبة أشد من الزنى. قلت: ولم ذاك يا رسول
الله؟ قال: لانّ الرجل يزني فيتوب إلى الله
فيتوب الله عليه، والغيبة لا تغفر حتى يغفرها
صاحبها. يا أبا ذرّ، سِباب المسلم فسوق،
وقتاله كفر، وأكل لحمه من معاصي الله، وحرمة
ماله كحرمة دمه. قلت: يا رسول الله، وما
الغيبة؟ قال: ذكرك أخاك بما يكره. قلت: يا رسول
الله، فإن كان فيه الذي يذكر به، قال: اعلم أنك
إذا ذكرته بما هو فيه فقد اغتبته، وإذا ذكرته
بما ليس فيه فقد بهتّه»(89).

وعن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «من
عامل الناس فلم يظلمهم، وحدّثهم فلم
يكذِبْهم، ووعدهم فلم يُخلفهم كان ممن حرمت
غيبته، وكملت مروّته، وظهر عدله، ووجبت
أخوّته»(90).

وقد استثنى الفقهاء من حرمة الغيبة
غيبة الفاسق المتجاهر بفسقه، فعن الصادق(عليه
السلام) قال: «إذا جاهر الفاسق بفسقه فلا حرمة
له ولا غيبة»(91).

وعن أبي الحسن(عليه السلام) قال: «من
ذكر رجلاً من خلفه بما هو فيه مما عرفه الناس
لم يغتبه، ومن ذكره من خلفه بما هو فيه مما لا
يعرفه الناس اغتابه، ومن ذكره بما ليس فيه فقد
بهته»(92).

ح ـ البهتان


ولا شك أن بهتان المؤمن أعظم ظلماً من
الغيبة، فقد ورد في الحديث المعتبر عن الامام
الصادق(عليه السلام): «من بهت مؤمناً أو مؤمنة
بما ليس فيه بعثه الله في طينة خبال حتى يخرج
مما قال. قلت: وما طينة خبال؟ قال: صديد يخرج من
فروج المومسات»(93).

ط ـ النميمة


ومن ذلك النميمة وإفساد العلاقات بين
المؤمنين والتفريق بينهم، فقد ورد في الحديث
الصحيح عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «قال
رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): ألا
أنبئكم بشراركم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال:
المشّاؤون بالنميمة، المفرّقون بين الاحبة،
الباغون للبَراء المعايب»(94).

وعن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) في
وصيته لابي ذرّ قال: «يا أبا ذرّ، لا يدخل
الجنة القتّات. قلت: يا رسول الله، ما القتات؟
قال: النمّام. يا أبا ذرّ، صاحب النميمة لا
يستريح من عذاب الله في الاخرة. يا أبا ذرّ، من
كان ذا وجهين ولسانين في الدنيا فهو ذو وجهين
في النار. يا أبا ذرّ، المجالس بالامانة،
وإفشاؤك سرّ أخيك خيانة، فاجتنب ذلك واجتنب
مجلس العثرة»(95).

ي ـ التهمة


ومنه اتهام المؤمن، أو إظهار سوء الظن
به.

عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «إذا
اتهم المؤمن أخاه انماث الايمان في قلبه كما
ينماث الملح في الماء»(96).

وعنه(عليه السلام) قال: «قال أمير
المؤمنين(عليه السلام) في كلام له: ضع أمر أخيك
على أحسنه حتى يأتيك ما يغلبك منه، ولا تظنّن
بكلمة خرجت من أخيك سوءاً وأنت تجد لها في
الخير محملاً»(97).

نماذج راقية من العدل في العلاقات

لقد بالغ الشارع المقدس في التأكيد
عملياً على العدل في العلاقات الاجتماعية
والمعاشرة، تعبيراً عن رسوخ هذه القاعدة
المهمة في إرساء البناء الفوقي لها.

ويمكن أن نذكر بهذا الصدد بعض
المصاديق التي لها دلالتها الخاصة في هذا
المجال:

أ ـ التناجي


نهى الشارع المقدس عن التناجي بين
شخصين، وهو الخفت والاسرار في الحديث، فيما
إذا كان هناك شخص ثالث معهما، وقد عاب القرآن
الكريم هذا العمل على بعض المسلمين عندما
نهاهم عنه ثم عادوا إليه (ألمْ ترَ إلى
الّذينَ نُهوا عن النجوى ثمَّ يعودونَ لما
نُهوا عنه ويتناجَونَ بالاثمِ والعُدوانِ
ومعصية الرسول)(98).

وقد ورد في الحديث الصحيح عن الامام
الصادق(عليه السلام): «إذا كان القوم ثلاثة
فلا يتناجى(99)
منهم اثنان دون صاحبهما، فإن في ذلك ما يحزنه
ويؤذيه»(100).

ب ـ تقسيم اللحظات


يحسن بالانسان إذا تحدّث إلى جماعة من
الناس أو جلس إليهم أن يقسم لحظاته بينهم
بالسوية، فقد ورد في الحديث المعتبر عن
الامام الصادق(عليه السلام)قال: «كان رسول
الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يقسم لحظاته
بين أصحابه، فينظر إلى ذا وينظر إلى ذا
بالسوية. قال: ولم يبسط رسول الله(صلى الله
عليه وآله وسلم) رجليه بين أصحابه قط، وإن كان
ليصافحه الرجل فما يترك رسول الله(صلى الله
عليه وآله وسلم) يده من يده حتى يكون هو
التارك، فلما فطنوا لذلك كان الرجل إذا صافحه
قال بيده فنزعها من يده»(101).

ج ـ الاعتراض في الحديث


ينبغي عدم اعتراض المتحدث المسلم في
حديثه، وقطعه أثناء التحدث، فقد روى الكليني
بطريق معروف عن أبي عبد الله الصادق(عليه
السلام) أنه قال: «قال رسول الله(صلى الله عليه
وآله وسلم): من عرض لاخيه المسلم المتكلم في
حديثه فكأنما خدش وجهه»(102).

رابعاً: حسن الخلق والتودّد الى الناس

عرفنا في استعراض الاسس والقواعد أن
حسن الخلق والتودد إلى الناس يمثلان الاساس
لمنهج الانفتاح من ناحية، وللمضمون الاخلاقي
للعلاقات، وهو الحب، من ناحية أخرى، بل
يتكامل هذا الحب ليصبح إيماناً وديناً وعقيدة
إذا كان في الله، كما هو مطلوب.

وقد أشرنا إلى بعض النصوص ذات العلاقة
بتوضيح وتأكيد هذه القاعدة والاساس في
العلاقات الاجتماعية.

ويمكن أن نجد هذه الحقيقة أيضاً في
معالم أخرى عامة في العلاقات الاجتماعية تؤكد
مضمون هذه القاعدة، مثل ما سبقت الاشارة إليه
في منهج الانفتاح من أن الانقباض من الناس
مكسبة لعداوتهم، وكذلك ما ورد من النهي عن
المراء والخصومة، أو التحذير من شحناء الرجال
وعداوتهم.

المؤمن هيّن ليّن

بالاضافة إلى ذلك نجد الشارع المقدس
يؤكد هذا الاتجاه من الحث على أن يكون المؤمن
في مجمل علاقاته بالاخرين هيناً ليناً.

فقد ورد في الحديث المعتبر عن أبي عبد
الله الصادق(عليه السلام) قال: «قال رسول الله(صلى
الله عليه وآله وسلم): ألا أُخبركم بمن تحرم
عليه النار غداً؟ قالوا: بلى يا رسول الله،
قال: الهين القريب، اللين السهل»(103).

ويؤيد ذلك أحاديث أخرى، مثل ما روي في
الحديث: «المؤمنون هينون لينون، كالجمل الالف
إن قيد انقاد، وإن أُنيخ على صخرة استناخ»(104).

وكذلك ما ورد من التأكيد على أن يتصف
المؤمن بطلاقة الوجه، وحسن البشر، فقد ورد في
الحديث: «صنائع المعروف وحسن البشر يكسبان
المحبة، ويدخلان الجنة، والبخل وعبوس الوجه
يبعدان من الله، ويدخلان النار»(105).

وعن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «أتى
رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) رجل فقال:
يا رسول الله، أوصني، فكان فيما أوصاه أن قال:
الق أخاك بوجه منبسط»(106).

وعن الحسن بن الحسين قال: سمعت أبا عبد
الله(عليه السلام) يقول: «قال رسول الله(صلى
الله عليه وآله وسلم): يا بني عبد المطلب، إنكم
لن تسعوا الناس بأموالكم، فالقوهم بطلاقة
الوجه، وحسن البشر»(107).

خطوات ومراتب التودد والمداراة

وإذا تجاوزنا التوجه العام الذي وضعه
الاسلام نحو حسن الخلق والمداراة والتودد،
نأتي لنشير إلى مجموعة الخطوات العامة التي
وضعها التشريع الاسلامي لتجسيد حسن الخلق هذا
والمداراة، وذلك بالاضافة إلى ما سوف نشير
إليه في القاعدة الاتية، وهي الاحسان واليد
العليا; فإن ذلك يمثل أعلى مستوىً لحسن الخلق
والمداراة والتودد.

الزيارة واللقاء

فقد ورد في بُعد تقوية البناء
الاجتماعي أهمية التزاور في تحقيق المضمون
العاطفي للعلاقة، وهو الحب; حيث إن الحث على
الزيارة يحقق موضوع اللقاء بين المؤمنين،
ويوجد الفرصة لحسن الخلق والمداراة، كما ورد
أيضاً عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) في
وصيته لعلي(عليه السلام) تأكيد أهمية الزيارة
«سِرْ أربعة أميال زُرْ أخاً في الله»(108).

كما سبق عن شعيب العقرقوفي أنه روى في
حديثه عن الامام الصادق قوله: «تزاوروا
وتلاقوا»(109).

وعن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «التواصل
بين الاخوان في الحضر التزاور»(110).

وكذلك ورد عنه(عليه السلام) أن من حقوق
المسلم على أخيه المسلم أنه «إذا شهِد فزُرْه»(111).

كما ورد عنه(عليه السلام) أيضاً أنه
قال: «لا تملّ من زيارة إخوانك; فإن المؤمن إذا
لقي أخاه فقال له: مرحباً، كتب له مرحباً إلى
يوم القيامة، فإذا صافحه أنزل الله فيما بين
إبهامهما مئة رحمة، تسعة وتسعون منها
لاشدّهما حبّاً؟ لصاحبه، ثم أقبل الله عليهما
بوجهه فكان على أشدهما حبّاً لصاحبه أشدَّ
إقبالاً، فإذا تعانقا غمرتهما الرحمة»(112).

وقد وضع أهل البيت(عليهم السلام) هدفاً
عاماً أمام هذه الزيارات واللقاءات
والمداراة، وهو إيجاد مرتبة عالية من الحب
والود والارتباط الروحي والنفسي، بحيث يعبّر
عنه الامام علي(عليه السلام) في نهج البلاغة
بهذا التعبير «خالطوا الناس مخالطة إن متّم
معها بكوا عليكم، وإن عشتم حنّوا إليكم»(113).

وباعتبار أن الزيارة والمخالطة لهما
ذلك الشأن الخاص في العلاقات الاجتماعية،
وذلك الدور في حسن الخلق والمداراة، نجد
الشارع المقدس قد اهتم بوضع الاصول والقواعد
والضوابط الجميلة لتحقيق أفضل النتائج من هذه
الزيارات، وكان ذلك ضمن الخطوات التالية:

الخطوة الاولى: اللقاء بالبشر
والسلام

يمثل اللقاء الخطوة الاولى في
العلاقات، ولذا كان شكل اللقاء وكيفيته هما
الخطوة الاولى في التودد، وقد حث الاسلام في
هذا المجال على عدة أمور، تأتي في مقدمتها
الامور الثلاثة التالية:

الابتداء بالسلام


الاول: الابتداء بالسلام في اللقاء
والمبادرة إليه أيضاً، فقد ورد في الحديث
المعتبر عن أبي عبد الله الصادق(عليه السلام)
قال: «البادي بالسلام أولى بالله ورسوله»(114).

كما ورد في حديث آخر معتبر عن علي بن
الحسين(عليهما السلام): «أن من أخلاق المؤمن
ابتداؤه المؤمنين بالسلام عليهم»(115).

كما ورد عن رسول الله(صلى الله عليه
وآله وسلم) بطريق معتبر أنه قال: «ابدأوا
بالسلام قبل الكلام، فمن بدأ بالكلام قبل
السلام فلا تجيبوه»(116).

وقد منح الاسلام السلام شأناً خاصاً،
وجعله شعاراً للمسلمين، ووضع له آداباً
وقواعد كثيرة مفصلة ليأخذ موقعه من تعامل
المسلمين بعضهم مع بعض; وقد ذكر صاحب الوسائل
أكثر من عشرين باباً لبيان تفاصيل هذه الاداب
والواجبات يحسن مراجعتها(117).

وقد أشرنا إلى بعض التفاصيل في طيّات
أحاديثنا السابقة، ولعلنا نوفّق للاشارة إلى
بعضها الاخر في موضوع نظام الشعائر والعبادات.

اللقاء بالبشر


الثاني: لقاء المسلمين بالبشر، فقد
ورد في حديث النوفلي عن السكوني عن أبي عبد
الله(عليه السلام) قال: «قال رسول الله(صلى
الله عليه وآله وسلم): ثلاث يصفين ود المرء
لاخيه المسلم: يلقاه بالبشر إذا لقيه، ويوسع
له في المجلس إذا جلس إليه، ويدعوه بأحب
الاسماء إليه»(118).

ويأتي في هذا المجال موضوع استحباب
التبسم في وجه المؤمن، فعن أبي جعفر(عليه
السلام) قال: «تبسم المؤمن في وجه أخيه حسنة،
وصرفه القذى عنه حسنة; وما عُبد الله بمثل
إدخال السرور على المؤمن»(119).

طيب الكلام


الثالث: إطابة الكلام في الحديث عند
اللقاء، حيث ورد التأكيد على إفشاء السلام
وإطابة الكلام.

روي عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «إن
الله عزوجل يحب إفشاء السلام»(120).

وعن أبي عبد الله(عليه السلام) في حديث
قال: «كان علي(عليه السلام) يقول: لا تَغضبوا
ولا تُغضبوا. أفشوا السلام، وأطيبوا الكلام،
وصلّوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة
بسلام، ثم تلا عليهم قوله عزّوجل: (السلام
المؤمن المهيمن)»(121).

الخطوة الثانية: المصافحة والمعانقة
والتقبيل والاخبار بالحب

وتُعدّ طريقة التعامل في اللقاء
الخطوة الثانية، التي يمكن من خلالها أن
يتجسد حسن الخلق والمداراة والتودد; وهنا نجد
الشارع المقدس يؤكد عدة أمور ويحث عليها
ويستحسنها، ليكون اللقاء وسيلة للتودد
والمداراة، ومعبراً عن حسن الخلق.

المصافحة


الاول: المصافحة للمؤمن عند لقائه،
حيث يعتبر ذلك شكلاً من أشكال التعبير عن الود
والحب والولاء، فقد روي بطريق معتبر عن أبي
جعفر(عليه السلام) أنه قال: «إن المؤمنَينِ
إذا التقيا فتصافحا أقبل الله عليهما بوجهه،
وتساقطت عنهما الذنوب كما يتساقط الورق من
الشجر»(122).

وعن أبي عبد الله الصادق(عليه السلام)
قال: «تصافحوا فإنها تذهب بالسخيمة»(123).

وفي رواية أخرى معتبرة عن أبي جعفر
الباقر(عليه السلام) قال: «إن المؤمنين إذا
التقيا وتصافحا أدخل الله يده بين ايديهما
فتصافح أشدهما حباً لصاحبه»(124).

كما ورد في ذلك: «مصافحة المؤمن أفضل
من مصافحة الملائكة»، وأن الله تعالى أكرم
الملائكة بالمصافحة، وأنه «إذا التقيتم
فتلاقوا بالتسليم والتصافح، وإذا تفرقتم
فتفرقوا بالاستغفار»، و «أنتم في تصافحكم في
مثل أجور المجاهدين»(125).

وقد وردت النصوص في بعض آداب ورسوم هذه
المصافحة أيضاً، الامر الذي يؤكّد شأنيتها
ويجعلها شعاراً آخر من شُعْر الاسلام(126).

المعانقة والتقبيل


الثاني: معانقة المؤمن وتقبيله عند
لقائه تأكيداً للحب والود، وتعبيراً عن حسن
الخلق; فقد ورد في الحديث عن أبي جعفر الباقر،
وأبي عبد الله الصادق(عليهما السلام)أنهما
قالا: «أيما مؤمن خرج إلى أخيه يزوره عارفاً
بحقه كتب الله له بكل خطوة حسنة، ومحيت عنه
سيئة، ورفعت له درجة، فإذا طرق الباب فتحت له
أبواب السماء، فإذا التقيا وتصافحا وتعانقا
أقبل الله عليهما بوجهه، ثم باهى بهما
الملائكة فيقول: انظروا إلى عبديَّ تزاورا
وتحابّا فيَّ; حقّ عليّ ألاّ أعذّبهما بالنار
بعد ذلك الموقف...»(127).

وكذلك ورد في الحديث الصحيح عن أبي عبد
الله(عليه السلام) قال: «إن المؤمنَينِ إذا
اعتنقا غمرتهما الرحمة، فإذا التزما لا
يريدان بذلك إلا وجه الله، ولا يريدان غرضاً
من أغراض الدنيا قيل لهما: مغفور لكما
فاستأنفا، فإذا أقبلا على المساءلة قالت
الملائكة بعضها لبعض: تنحّوا عنهما، فإن لهما
سرّاً وقد ستره الله عليهما...»(128).

وقد ورد عن رسول الله(صلى الله عليه
وآله وسلم) في قصة لقائه(صلى الله عليه وآله
وسلم) بابن عمه جعفر بن أبي طالب(عليه السلام)
«إن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) لما
جاء جعفر بن أبي طالب من الحبشة قام إليه
واستقبله اثنتي عشرة خطوة، وعانقه وقبل ما
بين عينيه، وبكى وقال: لا أدري بأيهما أنا أشد
سروراً، بقدومك يا جعفر أم بفتح الله على يد
أخيك خيبر؟! وبكى فرحاً برؤيته»(129).

كما روي بسند صحيح عن أبي عبد الله(عليه
السلام) قال: «إن من تمام التحية للمقيم
المصافحة، وتمام التسليم على المسافر
المعانقة»(130).

الاخبار بالحب


الثالث: إخبار المؤمن أخاه المؤمن
بحبه ومودته، إذ إن الكشف عن هذه العاطفة،
والتعبير عنها تارة يتم من خلال العمل،
كالمصافحة والمعانقة والتقبيل كما مرّ،
وأخرى يكون عن طريق الكلام وإخباره بهذه
المودة، وقد ورد في هذا المعنى بطريق معتبر عن
أبي عبد الله(عليه السلام) أنه قال: «إذا أحببت
رجلاً فأخبره بذلك، فإنه أثبت للمودة بينكما»،
وفي رواية أخرى «فإنه أبقى للمودة وخير في
الالفة»، وفي ثالثة «إذا احببت أحداً من
إخوانك فأعلمه ذلك; فإن إبراهيم(عليه السلام)
قال: (ربِّ أرني كيف تُحيي الموتى قال أولم
تُؤمنْ قال بلى ولكنْ ليطمئنَّ قلبي)»(131).

الخطوة الثالثة: آداب المجلس
والمحادثة

وطريقة التعامل في المجلس والمحادثة
تعتبر الخطوة الثالثة في حسن الخلق
والمداراة، ومن هنا نجد التشريع الاسلامي قد
أولى هذا الموضوع اهتماماً خاصاً يمكن أن
نلاحظه في الامور التالية:

الاول: آداب الجلوس وطريقة التعامل في
المجالس والاجتماعات، حيث يأتي في طليعة هذه
الاداب التفسح والتوسعة في المجالس، وكذلك
الانتشار والنشوز والقيام منها عند انتهاء
وقت الاجتماع والجلوس العادي، حيث نص القرآن
الكريم على ذلك: (يا أيُّها الّذينَ آمنوا إذا
قيل لكم تَفسَّحوا في المجالسِ فافسَحوا
يفسَح اللهُ لكم وإذا قيل انشُزوا فانشُزوا
يرفع اللهُ الّذينَ آمنوا منكم والذين أوتوا
العلم درجات)(132).

وقد ورد عن الامام الصادق(عليه السلام)
أن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «ينبغي
للجلساء في الصيف أن يكون بين كل اثنين مقدار
عظم الذراع لئلاّ يشق بعضهم على بعض»(133).

كما ورد عنه في تفسير قوله تعالى: (إنّا
نراكَ من المحسِنينَ) قال: «كان يوسع المجلس،
ويستقرض للمحتاج، ويعين الضعيف»(134).

وبالاضافة إلى ذلك نجد التأكيد من
الشارع المقدس لمجموعة من الاداب في هذا
المجال، فراجع كتاب الوسائل.

الاستقبال والتوديع


أ ـ استقبال وتوديع الانسان الذي يقصد
المجلس، فقد روي عن أبي عبد الله(عليه السلام)بطريق
مشهور أنه قال: «قال رسول الله(صلى الله عليه
وآله وسلم): من حق الداخل على أهل البيت أن
يمشوا معه هنيئة إذا دخل وإذا خرج»(135).

صاحب المنزل أمير


ب ـ الجلوس حيث يأمر صاحب البيت، لانّ
صاحب البيت هو أعرف بالمواضع المناسبة للجلوس
فيه، سواء فيما يتعلق بإكرام الضيف، أو ما
يتعلق بصاحب المنزل من شؤون; فقد روي عن رسول
الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قوله: «إذا دخل
أحدكم على أخيه المسلم في بيته فهو أمير عليه
حتى يخرج»(136).

وعن جعفر بن محمد عن أبيه(عليهما
السلام) قال: «إذا دخل أحدكم على أخيه في رحله
فليقعد حيث يأمره صاحب الرحل، فإن صاحب الرحل
أعرف بعورة بيته من الداخل عليه»(137).

هيئة الجلوس


ج ـ كيفية الجلوس، فقد روى السيد عبد
العظيم الحسني أنه: «كان النبي(صلى الله عليه
وآله وسلم)يجلس ثلاثاً: القرفصاء، وهو أن يقيم
ساقيه ويستقبلهما بيديه، ويشد يد في ذراعه،
وكان يجثو على ركبتيه، وكان يثني رجلاً واحدة
ويبسط عليها الاخرى، ولم يُرَ(صلى الله عليه
وآله وسلم) متربّعاً قط»(138).

وقد ورد في جلسة التربع بعض الروايات
عن أهل البيت(عليهم السلام) تدل على صحتها اذا
كانت للاستراحة المؤقتة، حيث جاء التعبير
عنها في حديث عن علي ابن الحسين(عليهما السلام)
أنه قال: «إنما جلست هذه الجلسة للملالة»(139).

ومن الواضح أن هذه الهيئات الثلاثة
إنما كانت تمثل منتهى الادب من ناحية،
والاقتصاد في المكان من ناحية أخرى، بما
يتلاءم مع الاوضاع الاجتماعية والحيوية لذلك
العصر.

التواضع في الجلوس


د ـ التواضع في الجلوس، وهو أن يجلس
الانسان في أدنى مجلس إليه إذا دخل، فقد ورد
عن أبي عبد الله(عليه السلام) بطريق معتبر قال:
«من رضي بدون الشرف من المجلس لم يزل الله
وملائكته يصلون عليه حتى يقوم»(140).

وهذا هو المروي أيضاً في أخلاق رسول
الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، حيث روي عن
الصادق(عليه السلام)قوله: «كان رسول الله(صلى
الله عليه وآله وسلم) إذا دخل منزلاً قعد في
أدنى المجلس إليه حين يدخل»(141).

ويأتي في هذا الباب استحباب أن يستقبل
الجالس القبلة في جلوسه، وعدم استقبال الشمس
فيه، لما يترتب على ذلك من آثار معنوية ومادية(142).

الثاني: تسميت العاطس، وهو أن يقال
للرجل حين يعطس: يرحمك الله، فيقول له: «يهديكم
الله ويصلح بالكم» أو غير ذلك من الادعية، مثل:
«يغفر الله لكم ويرحمكم» أو «يغفر الله لنا
ولك» فإن هذا الادب في الاجتماع مما أكده أهل
البيت(عليهم السلام) تأسياً برسول الله(صلى
الله عليه وآله وسلم).

فقد روي عن الامام الصادق(عليه السلام)
قوله: «للمسلم على أخيه المسلم من الحق أن
يسلم عليه إذا لقيه، ويعوده إذا مرض، وينصح له
إذا غاب، ويسمته إذا عطس، يقول: الحمد لله رب
العالمين لا شريك له، ويقول: يرحمك الله،
فيجيب يقول له: يهديكم الله ويصلح بالكم،
ويجيبه إذا دعاه، ويشيعه إذا مات»(143).

كما روي عنه(عليه السلام) أيضاً قال: «قال
رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): إذا عطس
الرجل فسمتوه ولو كان من وراء جزيرة»(144).

وفي هذا الباب توجد مجموعة من الاداب
والتعاليم، مثل أن يقول العاطس: الحمد لله،
واستحباب الصلاة على محمد وآله بعد ذلك،
وتكرار التسميت عند تكرر العطاس ثلاثاً،
وجواز تسميت الذمي، وغير ذلك من الشؤون(145).

الثالث: المحادثة، والاداب
والالتزامات التي يحسن أن تتحكم فيها، وقد
سبق أن أشرنا إلى عدة أبعاد في هذا المجال،
مثل: لزوم حفظ السر والامانة فيها، لان «المجالس
بالامانة»، وليس لاحد أن يحدّث بحديث يكتمه
صاحبه إلا بإذنه، إلا أن يكون ثقة أو ذِكراً
له بخير وغير ذلك من الاستثناءات(146).

وكذلك مثل كراهة أن يتناجى اثنان مع
وجود صاحب لهما ثالث.

ومثل كراهة اعتراض حديث المسلم وقطعه،
لان «من عرض لاخيه المسلم المتكلم في حديثه
فكأنما خدش وجهه» كما يقول رسول الله(صلى الله
عليه وآله وسلم)(147).

الرابع: المزاح والضحك، وقد سبق
الحديث في ضبط الانفعالات عن أن القهقهة من
الضحك شيء مذموم; حيث جاء وصفها في الحديث
المعتبر أنها من الشيطان، وكذلك دعوة الائمة(عليهم
السلام) إلى قلة المزاح، إذ إنه يذهب بماء
الوجه، ويجر السخيمة، ويورث الضغينة.

ولكن المزاح والضحك المحدودين بدون
إكثار ولا فحش شيء محبوب للشارع، وهو يعبّر عن
نوع من التودد والتحبب، ومن ثم الانسجام مع
الوضع الروحي والنفسي للحادثة والمجلس في
حدود الاداب الاجتماعية العامة.

ورد عن معمر بن خلاد بطريق معتبر قال: «سألت
أبا الحسن(عليه السلام) فقلت: جعلت فداك،
الرجل يكون مع القوم فيجري بينهم كلام يمزحون
ويضحكون، فقال: لا بأس ما لم يكن، فظننت أنه
عنى الفحش، ثم قال: إن رسول الله(صلى الله عليه
وآله وسلم) كان يأتيه الاعرابي فيهدي إليه
الهدية ثم يقول مكانه: أعطنا ثمن هديتنا،
فيضحك رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)،
وكان إذا اغتم يقول: ما فعل الاعرابي؟ ليته
أتانا!»(148).

كما روي عن أبي عبد الله الصادق(عليه
السلام) أنه قال: «إن الله يحب المداعب في
الجماعة بلا رفث»(149).

وعن يونس الشيباني قال: «قال أبو عبد
الله(عليه السلام): كيف مداعبة بعضكم بعضاً؟
قلت: قليل، قال: فلا تفعلوا، فإنّ المداعبة من
حسن الخلق، وإنك لتدخل بها السرور على أخيك،
ولقد كان رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)
يداعب الرجل يريد أن يسرَّه»(150).

وعن الفضل بن أبي قرة عن أبي عبد الله(عليه
السلام) قال: «ما من مؤمن إلا وفيه دعابة. قلت:
وما الدعابة؟ قال: المزاح»(151).

الخامس: قبول الاحسان والكرامة عند
تقديمهما، فإن هذا القبول من ألوان التودد
والتحبب وحسن الخلق، وقد ورد في أحاديث عديدة
الحث على قبول الكرامة، وأنه لا يردها إلا
حمار; وهي مثل التوسعة في المجلس والوسادة
تقدم له، والطيب كذلك، أو أي شيء آخر يقدم
للانسان من أجل تكريمه في الاجتماعات
واللقاءات.

روى عبد الله بن جعفر في قرب الاسناد
بطريق معتبر عن الصادق عن أبيه عن علي(عليهم
السلام) قال: «قال رسول الله(صلى الله عليه
وآله وسلم): إذا عُرض على أحدكم الكرامة فلا
يردّها، فإنما يردّ الكرامة الحمار»(152).

وسئل الرضا(عليه السلام) عن معنى
الكرامة فقال: «ذلك في الطيب يعرض عليه
والتوسعة في المجالس من أباهما كان كما قال»(153).

وأضيف في بعض الروايات الوسادة وكل ما
يكرم به الرجل(154).

الخطوة الرابعة: الاحترام والتبجيل

لا شك أن جميع موارد الاحسان والمعروف
تُعدّ مصاديق لحسن الخلق والتودد والتحبب
للناس، كما عرفنا ذلك في القاعدة الخامسة،
وسوف نتبين بعض التفاصيل والتوضيحات لذلك
عندما نتناول البناء الفوقي للقاعدة الخامسة
أيضاً.

والاحترام والتوقير يدخلان في باب
المعروف والاحسان، وكل منهما أحد مصاديقه،
ولكن لما كان لهذا الموضوع ارتباط بموضوع
اللقاءات والاجتماعات، كان من المناسب أن
نذكره في هذا الباب (التودد والتحبب)، لانه
جاء مختصاً بهذا الموضوع.

وقد أولى الشارع المقدس هذا الموضوع
اهتماماً خاصاً أيضاً من خلال مجموعة من
التشريعات والاداب والرسوم نشير إلى بعضها:

التعظيم والتوقير


أ ـ تعظيم الاصحاب وتوقيرهم، فقد ورد
عن الامام الصادق(عليه السلام) أنه قال: «كان
أبو جعفر(عليه السلام) يقول: عظموا أصحابكم
ووقروهم، ولايتهجّم بعضكم على بعض...».

وقد تقدم في المعاملة الخاصة الاشارة
إلى توقير ذوي الشيبة والكبراء من الناس
وإجلالهم، وأنه إجلال لله تعالى.

إكرام المسلم ولاسيما الشريف


ب ـ إكرام الشرفاء والكرام من القوم،
بل عموم الوافدين من الاشخاص الذين يأتون إلى
الاجتماعات، وقد عرفنا جانباً من ذلك في
موضوع كراهة ردّ الكرامة، ويشير إلى ذلك
أيضاً ما فعله رسول الله(صلى الله عليه وآله
وسلم) بعدي بن حاتم من توقيره له، فقد روى أمير
المؤمنين(عليه السلام) قال: «لما قدم عدي بن
حاتم إلى النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)أدخله
النبي بيته، ولم يكن في البيت غير خصفة ووسادة
أُدم، فطرحها رسول الله(صلى الله عليه وآله
وسلم) لعدي بن حاتم»(155).

وعن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «قال
رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): من أكرم
أخاه المؤمن بكلمة يلطفه بها، وفرّج عنه
كربته لم يزل في ظل الله الممدود عليه من
الرحمة ما كان في ذلك»(156).

وعن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)
قال: «إذا أتاكم شريف قوم فأكرموه»(157).

وعن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «قال
رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): إذا أتاكم
كريم قوم فأكرموه»(158).

وقد فُسّر الشريف في الرواية بصاحب
المال، والحسب بالافعال الحسنة، والكرم
بالتقوى(159).

بل إن هذا الحكم هو أعم وأشمل، فقد ورد
في حديث معتبر عن الامام الصادق(عليه السلام)
قال: «من أتاه أخوه المسلم فأكرمه فإنّما أكرم
الله عزوجل»(160).

النداء بأحب الاسماء


ج ـ ذكر الانسان بأحب الاسماء إليه،
وكذلك ذكره بكنيته إذا كان حاضراً، فإن في ذلك
توقيراً له، وتودداً إليه.

روى الكليني بطريق معتبر عن أبي الحسن(عليه
السلام) قال: «إذا كان الرجل حاضراً فكنّه،
وإذا كان غائباً فسمّه».

ولعل هذا الفرق باعتبار أن الاسم
يعرّف الانسان تعريفاً أقوى، وعندما يكون
غائباً يكون أحوج إلى هذا التعريف، بخلاف ما
اذا كان حاضراً فإن في حضوره تعريفاً له.

وقد سبق عن الامام الصادق(عليه السلام)
أنه قال: «قال رسول الله(صلى الله عليه وآله
وسلم): ثلاث يصفين ودّ المرء لاخيه المسلم:
يلقاه بالبشر إذا لقيه، ويوسع له في المجلس
إذا جلس إليه، ويدعوه بأحب الاسماء إليه».

وروي أن رسول الله(صلى الله عليه وآله
وسلم) كان يدعو أصحابه بكناهم إكراماً لهم،
واستمالة لقلوبهم، ويكني من ليس له كنية،
فكان يدعى بما كناه به.

وكان أيضاً يكني النساء اللاتي لهن
أولاد واللاتي لم يلدن، يبتدئ لهن الكنى،
وكان يكني الصبيان فيستلين قلوبهم.

فقد روي أن عمر قال لصهيب: «ما لك تكنى
وليس لك ولد؟ قال: كناني النبي(صلى الله عليه
وآله وسلم) بأبي يحيى».

وروى أبو بكرة قال: «تدلّيت ببكرة في
الطائف فقال لي النبي(صلى الله عليه وآله وسلم):
فأنت أبو بكرة».



(1)
وسائل الشيعة 11: 306، ب 60، ح1.

(2)
يراجع وسائل الشيعة 11: 308، ب 61، ح2.

(3)
وسائل الشيعة 11: 306، ب 60، ح3.

(4)
وسائل الشيعة 11: 307، ب 60، ح5.

(5)
وسائل الشيعة 11: 303، ب 59، ح2.

(6)
وسائل الشيعة 11: 303، ب 59، ح3.

(7)
وسائل الشيعة 11: 303، ب 59، ح4.

(8)
وسائل الشيعة 11: 321، ب 67، ح2.

(9)
وسائل الشيعة 11: 321، ب 67، ح3.

(10)
وسائل الشيعة 11: 320، ب 66، ح2.

(11)
وسائل الشيعة 11: 320، ب 66، ح3.

(12)
وسائل الشيعة 11: 320، ب66، ح4.

(13)
الكافي 2: 322، ح1.

(14)
الكافي 2: 322، ح2.

(15)
الكافي 2: 322، ح4.

(16)
الكافي 2: 322، ح3.

(17)
وسائل الشيعة 8 : 402، ح3.

(18)
وسائل الشيعة 8 : 402، ح4.

(19)
المحاسن 2: 103، ووسائل الشيعة 8 : 403، ح6.

(20)
وسائل الشيعة 8 : 403، ح8 .

(21)
وسائل الشيعة 8 : 500، ح1.

(22)
وسائل الشيعة 8 : 501، ح4.

(23)
وسائل الشيعة 8 : 501، ح3.

(24)
وسائل الشيعة 8 : 479، ح1.

(25)
وسائل الشيعة 8 : 479، ح3.

(26)
وسائل الشيعة 8 : 479، ح2.

(27)
وسائل الشيعة 8 : 479، ب 82 ، ح1.

(28)
وسائل الشيعة 8 : 480 ـ 481، ح1، 2.

(29)
وسائل الشيعة 8 : 482، ح9.

(30)
وسائل الشيعة 8 : 482، ح11.

(31)
وسائل الشيعة 8 : 501، ح2.

(32)
وسائل الشيعة 8 : 503، ح8 ، عن مجمع البيان.

(33)
وسائل الشيعة 8 : 501، ح1.

(34)
وسائل الشيعة 8 : 502، ح7.

(35)
راجع وسائل الشيعة 8 : 502، ح3.

(36)
وسائل الشيعة 8 : 567، ب 135، ح1، وينظر كذلك
الحديث الثاني.

(37)
وسائل الشيعة 8 : 528، ح5.

(38)
وسائل الشيعة 8 : 527، ح1.

(39)
وسائل الشيعة 8 : 527، ح4.

(40)
وسائل الشيعة 8 : 529، ح10.

(41)
وسائل الشيعة 8 : 530، ح16.

(42)
وسائل الشيعة 8 : 531، ح1.

(43)
وسائل الشيعة 8 : 533، ح5. راجع الابواب 117 و 118 و
119 و 120 من ج8 من أبواب أحكام العشرة، فإن فيها
عشرات الروايات في هذا الباب.

(44)
وسائل الشيعة 8 : 523، ح1.

(45)
وسائل الشيعة 8 : 523، ح2.

(46)
وسائل الشيعة 8 : 524، ح11.

(47)
وسائل الشيعة 8 : 526، ح1.

(48)
وسائل الشيعة 8 : 526، ح2.

(49)
وسائل الشيعة 11: 342، ح1.

(50)
وسائل الشيعة 11: 342، ح3.

(51)
وسائل الشيعة 11: 342، ح4.

(52)
وسائل الشيعة 11: 343، ح1.

(53)
وسائل الشيعة 11: 345، ح5.

(54)
نهج البلاغة، الحكمة: 350.

(55)
وسائل الشيعة 12: 128، ح1.

(56)
وسائل الشيعة 12: 130، ح11. وفي هذا الباب أحاديث
كثيرة بهذا المضمون سبقت الاشارة إلى بعضها.

(57)
وسائل الشيعة 11: 345، ح1.

(58)
وسائل الشيعة 11: 345، ح2.

(59)
وسائل الشيعة 12: 134، ح5.

(60)
الرحمن: 60.

(61)
النساء: 86 .

(62)
وسائل الشيعة 11: 536، ح1.

(63)
وسائل الشيعة 11: 537، ح3.

(64)
وسائل الشيعة 11: 539، ح1.

(65)
وسائل الشيعة 11: 539، ح2.

(66)
وسائل الشيعة 8 : 399، ح4.

(67)
وسائل الشيعة 8 : 228، ح1.

(68)
وسائل الشيعة 8 : 229، ح3.

(69)
وسائل الشيعة 11: 563، ب21، ح3.

(70)
وسائل الشيعة 8 : 587، ح1.

(71)
وسائل الشيعة 8 : 615، ح1.

(72)
وسائل الشيعة 8 : 615، ح3.

(73)
وسائل الشيعة 8 : 614، ح1.

(74)
وسائل الشيعة 8 : 588، ح1.

(75)
وسائل الشيعة 8 : 589، ح9.

(76)
وسائل الشيعة 8 : 590، ح1.

(77)
وسائل الشيعة 8 : 590، ح2.

(78)
وسائل الشيعة 8 : 592، ح1.

(79)
وسائل الشيعة 8 : 596، ح1.

(80)
وسائل الشيعة 8 : 596، ح4.

(81)
وسائل الشيعة 8 : 594، ح1.

(82)
وسائل الشيعة 8 : 594، ح3.

(83)
وسائل الشيعة 8 : 610، ح1.

(84)
وسائل الشيعة 8 : 610، ح2.

(85)
وسائل الشيعة 8 : 612، ح5.

(86)
وسائل الشيعة 8 : 613، ب160، ح1.

(87)
الحجرات: 12.

(88)
وسائل الشيعة 8 : 598، ح6، الاية 19: النور.

(89)
وسائل الشيعة 8 : 598، ح9.

(90)
وسائل الشيعة 8 : 597، ح2.

(91)
وسائل الشيعة 8 : 604، ح4.

(92)
وسائل الشيعة 8 : 604، ح3.

(93)
وسائل الشيعة 8 : 603، ح1.

(94)
وسائل الشيعة 8 : 616، ح1.

(95)
وسائل الشيعة 8 : 617، ح4.

(96)
وسائل الشيعة 8 : 613، ب161، ح1.

(97)
وسائل الشيعة 8: 614، ح3.

(98)
المجادلة: 8 .

(99)
هكذا ورد في المصادر، وقد تكون «لا» نافية،
فتكون الجملة خبرية متضمنة معنى النهي.

(100)
وسائل الشيعة 8 : 472، ب72، ح1.

(101)
وسائل الشيعة 8 : 499، ح1.

(102)
وسائل الشيعة 8 : 472، ب73.

(103)
وسائل الشيعة 8 : 510، ب106، ح1.

(104)
الكافي 2: 234، ح14.

(105)
الكافي 2: 103، ح5.

(106)
وسائل الشيعة 8 : 512، ح2.

(107)
وسائل الشيعة 8 : 512، ح4.

(108)
وسائل الشيعة 8 : 248، ح3.

(109)
وسائل الشيعة 8 : 552، ح1.

(110)
وسائل الشيعة 8 : 494، ح2.

(111)
وسائل الشيعة 8 : 545، ح8 .

(112)
وسائل الشيعة 8 : 564، ح3.

(113)
نهج البلاغة، الحكمة 10.

(114)
وسائل الشيعة 8 : 435، ح1.

(115)
راجع الوسائل 8 : 436، ح2.

(116)
وسائل الشيعة 8 : 436، ح4.

(117)
راجع الوسائل 8 : 435 ـ 454، و 456 ـ 458، وغيرها.

(118)
وسائل الشيعة 8 : 434، ب 30، ح2.

(119)
وسائل الشيعة 8 : 483، ح2.

(120)
وسائل الشيعة 8 : 438، ح1.

(121)
وسائل الشيعة 8 : 438، ب 34، ح3.

(122)
وسائل الشيعة 8 : 554، ح2.

(123)
وسائل الشيعة 8 : 554، ح5 .

(124)
وسائل الشيعة 8 : 554، ح6.

(125)
وسائل الشيعة 8 : 554، ب126 من أبواب أحكام
العشرة.

(126)
راجع أيضاً المصدر السابق، ب 127.

(127)
وسائل الشيعة 8 : 563، ح1.

(128)
وسائل الشيعة 8 : 563، ح2.

(129)
وسائل الشيعة 8 : 559، ح1، مع هامشه.

(130)
وسائل الشيعة 8 : 449، ب44، ح1.

(131)
راجع الوسائل 8 : 434، ب31، ح1 و2 و3.

(132)
المجادلة: 11.

(133)
وسائل الشيعة 8 : 405، ب4، ح2.

(134)
وسائل الشيعة 8 : 405، ب4، ح1.

(135)
وسائل الشيعة 8 : 471، ب70.

(136)
المصدر السابق.

(137)
وسائل الشيعة 8 : 476، ب78.

(138)
وسائل الشيعة 8 : 472، ب74، ح1.

(139)
وسائل الشيعة 8 : 473، ح2.

(140)
وسائل الشيعة 8 : 474، ح1.

(141)
وسائل الشيعة 8 : 474، ح2.

(142)
راجع الوسائل 8 : 475، ب76 و 77.

(143)
وسائل الشيعة 8 : 459، ح1.

(144)
وسائل الشيعة 8 : 459، ح2، وفي الباب روايات
أخرى نافعة في المقام.

(145)
راجع الوسائل ج8 ، أباب احكام العشرة، ب57 ـ 66.

(146)
راجع الوسائل 8 : 471، ب71.

(147)
راجع الوسائل 8 : 472، ب82 و 73.

(148)
وسائل الشيعة 8 : 477، ب80 ، ح1.

(149)
وسائل الشيعة 8 : 478، ح5.

(150)
وسائل الشيعة 8 : 478، ح4.

(151)
وسائل الشيعة 8 : 477، ح3.

(152)
وسائل الشيعة 8 : 47، ح7.

(153)
وسائل الشيعة 8 : 470، ح5.

(154)
راجع الحديثين 3 و 4 من الباب السابق.

(155)
وسائل الشيعة 8 : 468، ح4.

(156)
وسائل الشيعة 11: 591، ب31، ح2.

(157)
وسائل الشيعة 8 : 468، ح1.

(158)
وسائل الشيعة 8 : 469، ح2.

(159)
راجع الوسائل 8 : 468، ب68، ح1.

(160)
وسائل الشيعة 11: 590، ح1.

/ 1