مفاصل الرئیسیة لقضیة الامامة من خلال حدیث الامام الصادق (ع) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مفاصل الرئیسیة لقضیة الامامة من خلال حدیث الامام الصادق (ع) - نسخه متنی

عزالدین سلیم

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

دراسات

المفاصل الرئيسية لقضية الامامة من
خلال حديث الامام الصادق (ع)

عز الدين سليم
( العراق )

مقدمة:

نتناول في هذا البحث المتواضع قضية
الامامة الشرعية بعدالنبي(صلى الله عليه وآله)
وطريقة الامام جعفر بن محمد الصادق(عليه
السلام) في تناولها وعرضه لها.

لقد مثّل مفهوم الامامة عند عامة أهل
البيت(عليهم السلام) قضية مركزية في حركة
الاسلام التاريخة، وليس لدى الامام الصادق(عليه
السلام) فحسب، إلاّ أن الامام الصادق(عليه
السلام) كان من اكثر ائمة أهل البيت(عليهم
السلام) اثارة وبلورة لهذه القضية بحكم
الظروف الموضوعية التي عاشها، والتي مكنته من
أن يطرح كثيراً من مفاهيم الاسلام الحنيف
علانية بعد أن حاربتها السياسات الزمنية قبل
عصره وفي عهده.

على أن الامام الصادق(عليه السلام) كان
قد واصل مسيرة أبيه الامام محمد بن علي في نشر
المعرفة بعد أن بقر ذلك الامام العظيم بطون
العلم بقراً(*) وأخرج غوامضه، وافاض حقائق
العلم النبوي على دنيا الانسان.([1])

وسيكون هذا البحث المتواضع حول
الامامة الشرعية بعد النبي(صلى الله عليه
وآله)، في ضوء ما قدمه امام المسلمين جعفر بن
محمد الصادق(عليه السلام) من احاديث وافكار
طفحت بها كتب المسلمين، ودوّنها المولعون
بحفظ احاديث أهل البيت(عليهم السلام)، وسيسير
بحثنا هذا متدرجاً حسب العناوين التالية([2]):

1 ـ مهمة الامام(عليه السلام):

من خلال استقراء سريع لاحاديث ائمة
أهل البيت(عليهم السلام) حول حيثيات الامامة
وشروطها وآفاقها العظيمة، نجد الامام أبا عبد
الله جعفر بن محمد الصادق(عليه السلام)يسلط
اضواء كاشفة على حقيقة المهام الكبرى التي
ينهض بها الامام الحق في دنيا المسلمين، مع ما
يتمتع به من صفات رفيعة تؤهله للنهوض بهذه
الاعباء الثقيلة.

فمن خطبة للامام الصادق(عليه السلام)
يصف فيها ائمة الحق من آل محمد(صلى الله عليه
وآله)، ويبسط القول في مسؤولياتهم الرسالية
السامية نقتطف الفقرات الاتية:

«ائمة من الله يهدون بالحق وبه يعدلون.
حجج الله ودعاته ورعاته على خلقه. يدين بهديهم
العباد وتستهل بنورهم البلاد وينمو ببركتهم
التلاد(*)([3]).
جعلهم الله حياة للانام ومصابيح للظلام
ومفاتيح للكلام ودعائم للاسلام. جرت بذلك
فيهم مقادير الله على محتومها. فالامام هو
المنتجب المرتضى والهادي المنتجى والقائم
المرتجى. اصطفاه الله بذلك واصطنعه على عينه
في الذر حين ذرأه، وفي البرية حين برأه ظلاً
قبل خلق نسمة عن يمين عرشه، محبواً بالحكمة في
علم الغيب عنده. اختاره بعلمه وانتجبه لطهره.
بقية من آدم(عليه السلام) وخيرة من ذرية نوح(عليه
السلام) ومصطفى من آل ابراهيم(عليه السلام)وسلالة
من اسماعيل وصفوة من عترة محمد(صلى الله عليه
وآله). لم يزل مرعيّاً بعين الله يحفظه ويكلؤه
بستره، مطروداً عنه حبائل ابليس وجنوده،
مدفوعاً عنه وقوب الغواسق ونفوث كل فاسق،
مصروفاً عنه قوارف السوء(*)([4]
مبرأً من العاهات محجوباً عن الافات معصوماً
من الزلات مصوناً عن الفواحش كلها، معروفاً
بالحلم والبر في يفاعه(*)([5])منسوباً
إلى العفاف والعلم والفضل عند انتهائه،
مسنداً اليه امر والده صامتاً على المنطق في
حياته، فإذا انقضت مدة والده إلى أن انتهت به
مقادير الله إلى مشيئته وجاءت الارادة من
الله فيه إلى محبته وبلغ منتهى مدة والده،
فمضى وصار أمر الله اليه من بعده وقلده دينه
وجعله الحجة على عباده وقيمه في بلاده، وايده
بروحه وآتاه علمه وأنبأه فصل بيانه واستودعه
سره وانتدبه لعظيم أمره، وانبأه فضل بيان
علمه ونصبه علماً لخلقه وجعله حجة على أهل
عالمه وضياء لاهل دينه والقيم على عباده رضي
الله به اماماً لهم. استودعه سره واستحفظه
علمه واستخبأه حكمته(*)([6])واسترعاه
لدينه(*)([7])وانتدبه
لعظيم أمره واحيا به مناهج سبيله

وفرائضه وحدوده، فقام بالعدل عند تحير أهل
الجهل»([8]).


2 ـ لم لا يكتفي المسلمون بإمامة
القرآن والسنة؟:

إن هذا السؤال قديم جديد، فقد طرحه بعض
من المسلمين في الماضي ويطرحه بعض المسلمين
في الحاضر.

ففي المهام العظيمة التي تطرح عادة
للامام(عليه السلام) يأتي هذا السؤال: لم لا
نكتفي بالقرآن الكريم وسنة المعصوم(عليه
السلام) اماماً هادياً للعباد بعد غيبة رسول
الله(صلى الله عليه وآله)؟

وهذا السؤال القديم الجديد قد أجاب
الامام جعفر بن محمد(عليه السلام) عنه اجابة
تعد غرة على جبين الزمان.

فالقرآن الكريم بسبب تركيبة كلامه
واساليبه الخاصة في العرض للافكار والاحكام
والقضايا، تستطيع الخطوط الفكرية والسياسية
المختلفة أن تستدل به على صحة توجهاتها
وارتباطها بالحق ; إذ يستطيع المجبرة أن
يستعينوا ببعض الايات لتبرير الكثير من
افكارهم ومتبنياتهم، كقوله تعالى (والله
خلقكم وما تعملون) الذي استفادوا من ظاهره في
تبرير عقيدتهم في الجبر.

كما أن بمقدور المجسمة أن يدعموا
نزوعهم لتجسيم الله عزّ وجلّ بآيات يستفاد من
ظاهرها ذلك، كقوله تعالى: (يد الله فوق ايديهم)
و(وجاء ربك والملك صفاً صفاً).

كما يستطيع المعتزلة أن يبرروا نظرية
الارادة المطلقة التي يعتقدونها بالنسبة
لعموم البشر من خلال قوله تعالى: (فمن شاء
فليؤمن ومن شاء فليكفر).

وهكذا بالنسبة لبقية المذاهب
والمشارب والاتجاهات. والامر بالنسبة للسنة
الشريفة اعقد لاسيما بعد شيوع ظاهرة الوضع
والتزوير التي طالت المتن والسند معاً، حتى
اختُلق لرسول الله(صلى الله عليه وآله) صحابة
لا اصل لوجودهم في شجرة البشرية([9]).

ومن اجل ذلك كان وجود القيّم الحي على
القرآن الكريم ضرورة لابدّ لحياة هذا الدين
السماوي الخاتم. واليك ما ورد عن الامام
الصادق جعفر بن محمد(عليه السلام) عن هذا
الموضوع.

عن يونس بن يعقوب قال كنت عند أبي عبد
الله(عليه السلام) فورد عليه رجل من أهل
الشام، فقال: إني رجل صاحب كلام وفقه وفرائض
وقد جئت لمناظرة اصحابك، فقال أبو عبدالله(عليه
السلام) (والحديث طويل نأخذ منه موضع الحاجة ):
كلم هذا الغلام (يعني هشام بن الحكم وكان اصغر
اصحاب الامام سناً)، فقال هشام ابن الحكم
للشامي: يا هذا أربك انظر لخلقه أم خلقه
لانفسهم؟ فقال الشامي: بل ربي انظر لخلقه، قال:
ففعل بنظره لهم ماذا؟ قال: اقام لهم حجة
ودليلاً كي لا يتشتتوا أو يختلفوا، يتألّفهم
ويقيم أودهم ويخبرهم بفرض ربهم. قال: فمن هو؟
قال: رسول الله(صلى الله عليه وآله). قال هشام:
فبعد رسول الله(صلى الله عليه وآله)؟ قال:
الكتاب والسنة. قال هشام: فهل نفعنا اليوم
الكتاب والسنة في رفع الاختلاف عنا؟ قال
الشامي: نعم. قال: فلم اختلفنا أنا وأنت وصرت
الينا من الشام في مخالفتنا اياك؟ قال: فسكت
الشامي، فقال أبو عبد الله(عليه السلام)
للشامي: ما لك لا تتكلم؟ قال الشامي: إن قلت: لم
نختلف كذبت، وإن قلت: إن الكتاب والسنة يرفعان
عنا الاختلاف أبطلت لانهما يحتملان الوجوه،
وإن قلت: قد اختلفنا وكل واحد منا يدعي الحق
فلم ينفعنا اذن الكتاب والسنة، إلاّ أن لي
عليه هذه الحجة، فقال أبو عبد الله(عليه
السلام): سله تجده مليّاً، فقال الشامي: يا
هذا، من انظر للخلق أربهم أو أنفسهم؟ فقال
هشام: ربهم انظر لهم منهم لانفسهم، فقال
الشامي: فهل اقام لهم من يجمع لهم كلمتهم
ويقيم أودهم ويخبرهم بحقهم من باطلهم ؟ قال
هشام: في وقت رسول الله(صلى الله عليه وآله)أو
الساعة ؟ قال الشامي: في وقت رسول الله رسول
الله، والساعة من؟ فقال هشام: هذا القاعد الذي
تُشدّ اليه الرحال ويخبرنا باخبار السماء
والارض وراثة عن أب عن جد. قال الشامي: فكيف لي
أن اعلم ذلك؟ قال هشام: سله عما بدا لك. قال
الشامي: قطعت عذري فعلي السؤال، فقال أبو عبد
الله(عليه السلام): يا شامي، أخبرك كيف كان
سفرك وكيف كان طريقك؟ كان كذا كذا، فاقبل
الشامي يقول: صدقت. أسلمت لله الساعة، فقال
أبو عبد الله(عليه السلام): بل آمنت بالله
الساعة. إن الاسلام قبل الايمان وعليه
يتوارثون ويتناكحون، والايمان عليه يثابون،
فقال الشامي: صدقت فأنا الساعة اشهد أن لا إله
إلاّ الله وأن محمداً رسول الله(صلى الله عليه
وآله)وأنك وصي الاوصياء([10]).

3 ـ من مات وليس له امام هدى مات على
ضلال:

من مبادئ هذا الدين التي يتبناها
المسلمون جميعاً أنه لابد للمسلم من امام
يقتدي به ويسلك دربه ويستنير بهداه. ولدى
المسلمين احاديث رووها بطرقهم عن النبي(صلى
الله عليه وآله) في هذا الشأن. والمسلمون وإن
اختلفوا في المصاديق أي فيمن يكون اماماً
ويستحق هذا الموقع الحساس في دنيا المسلمين،
إلاّ أنهم متفقون على وجود هذا المبدأ من
الناحية النظرية على الاقل.

وهذه الحقيقة الاعتقادية يرسخها ائمة
أهل البيت(عليهم السلام) في اذهان المسلمين;
لانها جزء من الحق الذي يحرصون على ارساء
دعائمه وقواعده في عقول المسلمين وافكارهم.

وقد حرص الامام الصادق(عليه السلام)
على ترسيخ هذه اللبنة في البناء العام
لاطروحة الامامة الشرعية في اذهان المسلمين.

فعن الفضيل بن يسار قال: «ابتدأنا أبو
عبدالله(عليه السلام) يوماً وقال: قال رسول
الله(صلى الله عليه وآله): من مات وليس له امام
فميتته ميتة جاهلية، فقلت: قال ذلك رسول الله(صلى
الله عليه وآله)؟ فقال: أي والله قد قال. قلت:
فكل من مات وليس له امام فميتته ميتة جاهلية؟
قال: نعم»([11]).

عن ابن ابي يعفور قال: «سألت أبا عبد
الله(عليه السلام) عن قول رسول الله(صلى الله
عليه وآله)من مات وليس له امام فميتته ميتة
جاهلية. قال: فقلت: ميتة كفر؟ قال: ميتة ضلال.
قلت: فمن مات اليوم وليس له امام فميتته ميتة
جاهلية؟ فقال: نعم»([12]).

4 ـ الامامة عهد رباني إلى الخلق:

ومن دعائم الامامة الشرعية أن تكون
عهداً ربانياً يتلقاه العباد تبليغاً عن رسول
الله(صلى الله عليه وآله) كما يبلغ العباد
بسائر الاحكام الرئيسية التي يصدع بها النبي
المرسل(صلى الله عليه وآله) ويدعو قومه اليها،
وكما كشف كثير من احاديث الرسول(صلى الله عليه
وآله)وآثاره عن تلك الحقيقة رأى الامام أبو
عبد الله الصادق(عليه السلام) لزاماً عليه أن
يدل الناس على ذلك، وهذه بعض اقواله بهذا
الشأن:

عن عمرو بن الاشعث قال: «سمعت أبا عبد
الله(عليه السلام) يقول: اترون الموصي منا
يوصي إلى من يريد ؟ لا والله ولكن عهد من الله
ورسوله(صلى الله عليه وآله) لرجل فرجل حتى
ينتهي الامر إلى صاحبه»([13]).

وعن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله(عليه
السلام) قال: «إن الامامة عهد من الله عزّ وجلّ
معهود لرجال مسمَّين. ليس للامام أن يزويها عن
الذي يكون من بعده»([14]).

5 ـ الائمة صنفان:

وكما أن الرسول الحق يصده مدع للرسالة
والنبوة، وهو من الامتحانات التي تعرض لها
العباد منذ بدايات عصر النبوة كذاك الحال
بالنسبة للامامة، فمع ظهور امام للحق لابد أن
يظهر امام للباطل يدعو الناس إلى باطله
ويتلبس بلباس الحق ليوهم العباد ويصدهم عن
الله عزّ وجلّ.

وقد ازدحم تاريخ الرسالات ـ ولا سيما
تاريخ المسلمين منذ بداية عصره ـ بأئمة
الضلال، ومن اجل ذلك نص القرآن الكريم على هذه
الحقيقة واشار إلى أن الائمة صنفان: صنف يهدي
إلى الحق وصنف يدعو إلى النار (وجعلناهم أئمةً
يهدون بأمرنا)([15]
(وجعلناهم أئمةً يدعون إلى النار)([16]).

وهكذا اهتم ائمة أهل البيت(عليهم
السلام) بتثقيف الامة وفتح قلوب ابنائها لهذه
الحقيقة ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن
بينة، ولكي لا يضل الناس في ضجيج الادعاء
المستطيل من ائمة السوء وقادة الضلال.

ولهذا رسخ أبو عبد الله الصادق(عليه
السلام) ابعاد هذا المفهوم مرشداً ومحذراً
بقوله: «إن الائمة في كتاب الله عزّ وجلّ
امامان، قال الله تبارك وتعالى: (وجعلناهم
أئمةً يهدون بأمرنا) لا بأمر الناس يقدمون امر
الله قبل امرهم وحكم الله قبل حكمهم. قال (وجعلناهم
أئمةً يدعون إلى النار) يقدمون امرهم قبل امر
الله وحكمهم قبل حكم الله ويأخذون بأهوائهم
خلاف ما في كتاب الله عزّ وجلّ)([17]).

وعن أبي جعفر الامام محمد بن علي
الباقر(عليه السلام) قال: «لما نزلت هذه الاية
(يوم ندعو كلَّ أُناس بإمامهم)([18])
قال المسلمون: يا رسول الله الست امام الناس
كلهم اجمعين ؟ قال: فقال رسول الله(صلى الله
عليه وآله): أنا رسول الله إلى الناس اجمعين
ولكن سيكون من بعدي ائمة على الناس من الله من
أهل بيتي، يقومون في الناس فيُكذَّبون
ويظلمهم ائمة الكفر والضلال واشياعهم. فمن
والاهم واتبعهم وصدقهم فهو مني ومعي
وسيلقاني، ألا ومن ظلمهم وكذبهم فليس مني ولا
معي وأنا منه بريء)([19]).

6 ـ اذن بم يثبت امام الحق؟

وإذا كان الاهتداء إلى الامامة
الشرعية من الامور التي يحيط بها الكثير من
العقبات والاشواك كما لاحظنا، فما سبيل
الاسلام الحنيف إلى الارشاد إلى ائمة الهدى
يا ترى؟

لقد اطنب المتخصصون بعلم العقيدة من
اتباع مدرسة أهل البيت(عليهم السلام) في توضيح
هذه المسألة ودراستها، حتى ألّف المحدث
الاكبر الحر العاملي كتاباً ضخماً اسماه «اثبات
الهداة بالنصوص والمعجزات»، وافرد الكثير من
العلماء والعارفين فصولاً هامة في مؤلفاتهم
للحديث حول كيفية اثبات الامام الحق والادلة
على معرفته، ويذكرون لذلك امرين اساسيين هما
الوصية أو النص، والمعجز. كما يذكرون اموراً
اخرى هامة. وقد اهتم ائمة أهل البيت(عليهم
السلام) في تبيان هذا الامر وتسليط الضوء عليه.
وكان الامام أبو عبدالله الصادق(عليه السلام)
قد اعطى اولوية لهذا الموضوع في كثير من
احاديثه:

عن عبد الاعلى قال: «قلت لابي عبد الله(عليه
السلام): المتوثب على هذا الامر المدعي له ما
الحجة عليه ؟ قال: يسأل عن الحلال والحرام(*)([20]).
قال: ثم اقبل عليَّ فقال: ثلاثة من الحجة لم
تجتمع في احد إلاّ كان صاحب هذا الامر: أن يكون
اولى الناس بمن كان قبله ويكون عنده السلاح
ويكون صاحب الوصية الظاهرة التي إذا قدمت
المدينة سألت عنها العامة والصبيان: إلى من
اوصى فلان؟ فيقولون: إلى فلان ابن فلان»([21]).

7 ـ الائمة شهداء الله على خلقه:

ومن خواص الائمة من آل محمد(صلى الله
عليه وآله)، أنهم شهداء الله تعالى على خلقه،
وحججه في ارضه وعلى عباده. وقد وردت حول هذه
الحقيقة طائفة من الاحاديث من أهل البيت(عليهم
السلام) كالوارد عن امير المؤمنين علي(عليه
السلام) والامام محمد الباقر(عليه السلام)
والامام موسى الكاظم(عليه السلام). وقد تحدث
الامام الصادق(عليه السلام) غير مرة حول هذا
المفهوم.

قال(عليه السلام) في قول الله عزّ وجلّ:
(فكيف إذا جئنا من كل امة بشهيد وجئنا بك على
هؤلاء شهيداً) قال: «نزلت في امة محمد(صلى الله
عليه وآله) خاصة في كل قرن منهم امام منا شاهد
عليهم ومحمد(صلى الله عليه وآله) شاهد علينا»([22]).

وعن بريد العجلي قال: «سألت أبا عبد
الله(عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (وكذلك
جعلناكم أمةً وسطاً لتكونوا شهداء على الناس)
قال: نحن الامة الوسطى ونحن شهداء الله على
خلقه وحججه في أرضه. قلت: قول الله عزوجل: (ملة
أبيكم ابراهيم) قال: إيّانا عنى خاصة (هو
سمّاكم المسلمين من قبل) في الكتب التي مضت (وفي
هذا) القرآن (ليكون الرسول عليكم شهيداً)
فرسول الله(صلى الله عليه وآله) الشهيد علينا
بما بلغنا عن الله عزوجلّ، ونحن الشهداء على
الناس فمن صدق صدقناه يوم القيامة، ومن كذب
كذبناه يوم القيامة»([23]).

8 ـ ائمة أهل البيت هم الهداة إلى الله
عزّ وجلّ:

ومن الخصائص الذاتية لائمة أهل البيت(عليهم
السلام) أنهم الهداة إلى الله تعالى بعد رسول
الله(صلى الله عليه وآله)، فهم حبل الله
المتين وصراطه المستقيم، ومثلهم في هذه الامة
كسفينة نوح(عليه السلام) من ركبها نجا ومن
تخلف عنها غرق وهوى، وهم الصراط المستقيم
المتصل بالله عزّ وجلّ بعد النبي(صلى الله
عليه وآله) وهم كهف الانام وهم الملاذ وهم
الموئل.

وإذا تتبعنا القرآن الكريم وسنة
المعصوم(عليه السلام) لوجدنا من النصوص ما لا
يحصى كثرة تؤكد عوامل كونهم الهداة إلى الله
تعالى دون سواهم، إذ هم المطهرون من الرجس وهم
نفس النبي(صلى الله عليه وآله)، وهم قرباه(صلى
الله عليه وآله) واصله وعترته، وهم الراسخون
في العلم، وهم الصادقون الذين دعا الله تعالى
عباده للكون معهم، وهم ترجمان الوحي وباب
مدينة علم الله، وهم صنو القرآن الكريم (بنص
حديث الثقلين).

إن هذه الحقائق الناصعة التي اختص بها
آل محمد(صلى الله عليه وآله) هي التي دعت
الرسالة الاسلامية أن تمنحهم صفة الهداة إلى
الله تعالى دون سواهم. وقد عبرت السنة الحق عن
ذلك صريحاً ودلت الناس اليه، فقد روى أبو بصير
عن أبي عبد الله الصادق(عليه السلام): أنه قال:
«قلت لابي عبد الله(عليه السلام)(عليهم السلام)
(إنّما أنت منذر ولكل قوم هاد)فقال: رسول الله(صلى
الله عليه وآله) المنذر وعلي الهادي. يا أبا
محمد، هل من هاد اليوم؟ قالت: بلى جعلت فداك.
ما زال منكم هاد بعد هاد حتى دفعت اليك، فقال:
رحمك الله يا أبا محمد. لو كانت إذا نزلت آية
على رجل ثم مات ذلك الرجل ماتت الاية مات
الكتاب، ولكنه حي يجري فيمن بقي كما جرى فيمن
مضى»([24]).


9 ـ الائمة هم خلفاء الله في ارضه
وولاة امره في عباده:

والائمة من آل البيت(عليهم السلام) هم
خلفاء الله في أرضه بعد النبي المصطفى(صلى
الله عليه وآله)، والانبياء والاوصياء
السابقين الذين عناهم الله عزّ وجلّ بقوله: (إنّي
جاعل في الارض خليفة) فخليفة الله تعالى في
ارضه وعباده من يحمل مؤهلات الخلافة بحق لكي
يكون حاملاً لوظيفة (خليفة الله) في الارض،
وفي اقامة حدود الله واجراء شرعه في عباده.

ولقد خاطب الله عزّ وجلّ رسوله
ابراهيم(عليه السلام) بقوله: (إنّي جاعلك
للناس اماماً قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي
الظالمين).

فإمام العباد الذي يحمل صفة الخلافة
لله عزّ وجلّ من ابرز صفاته أن لا يكون ظالماً
لنفسه ولا للاخرين، وإذا كان ظلم الاخرين
يعني الاعتداء على حقوقهم أو التقليل من
شأنهم أو غير ذلك، فإن من اوضح مصاديق ظلم
العبد لنفسه الشرك بالله (إنّ الشرك لظلم عظيم)
وعدم تهذيبها بقيم السماء، وخضوعها للهوى
والشيطان وما إلى ذلك.

ومن اجل ذلك لابد لامام العباد وخليفة
الله تعالى فيهم أن يكون منزهاً من الاثام
طاهراً من الرجس معصوماً عن الهوى والشيطان (إنّما
يريد اللهُ ليذهبَ عنكم الرجسَ أهلَ البيت
ويطهّرَكم تطهيراً).

ولقد كان الائمة من آل البيت(عليهم
السلام) المصداق الحي لخلافة الله تعالى بعد
النبي الخاتم(صلى الله عليه وآله)، لمؤهلات
اشرنا لبعضها وسنعرض بعضا منها فيما يأتي من
حديث.

ومن اجل ذلك اعلن الائمة(عليهم السلام)
هذه الحقيقة جهاراً حتى قال أبو عبدالله
الصادق(عليه السلام): «نحن ولاة امر الله
وخزنة علم الله وعيبة وحي الله»([25])
وقال حفيده الامام علي بن موسى الرضا(عليه
السلام): «الائمة خلفاء الله عزّ وجلّ في ارضه»([26]).

10 ـ الائمة هم الصادقون:

في كتاب الله تعالى آية تدعو المؤمنين
أن يكونوا مع الصادقين، ويقفوا تحت رايتهم،
ويتمسكوا بخطهم، ويقتفوا آثارهم. فمن هؤلاء
الصادقون الذين يدعى المؤمنون للكون معهم ؟

نقل السيوطي في دره المنثور في تفسير
قوله تعالى: (يا أيّها الذين آمنوا اتّقوا
الله وكونوا مع الصادقين)([27])
عن ابن مردويه عن ابن عباس: «أي كونوا مع علي
بن أبي طالب» ونقل مثله عن ابن عساكر عن محمد
بن علي الباقر(عليه السلام). وذكر اخطب خوارزم
المحدث موفق بن احمد الحنفي بسنده عن ابن عباس
قال: «الصادقون محمد وأهل بيته» وقد اورد صاحب
ينابيع المودة الشيخ سليمان الحنفي القندوزي
مثل ذلك عن أبي نعيم عن الصادق(عليه السلام)،
وفيها وفي مناقب موفق بن احمد الحنفي عن الرضا
والباقر(عليهما السلام) قالا: «الصادقون هم
الائمة من أهل البيت(عليهم السلام)» وفي
الكافي عن الامام الباقر(عليه السلام) في قوله:
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع
الصادقين) قال: «إيّانا عنى»([28]).

وعن أبي عبد الله الصادق(عليه السلام)
قال: «قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): من
أراد أن يحيا حياتي ويموت ميتتي ويدخل جنة عدن
التي غرسها الله ربي بيده، فليتولّ علي بن أبي
طالب(عليه السلام) وليتولّ وليه وليعادِ عدوه
وليسلّم للاوصياء من بعده ; فإنهم عترتي من
لحمي ودمي اعطاهم الله فهمي وعلمي. إلى الله
أشكو امر أمتي المنكرين لفضلهم القاطعين فيهم
صلتي. وايم الله ليقتلُنَّ ابني(*)([29]).
لا أنالهم الله شفاعتي»([30]).

وتدل الاية الكريمة ـ فيما تدل ـ على
عصمة الائمة من آل البيت(عليهم السلام); لان
الصدق المقصود هنا هو الصدق في الاقوال
والافعال لكونه مطلقاً، ولو كان غير ذلك لما
جازفت الاية الكريمة بفرض اتباعهم على سائر
المؤمنين في كل عصر وجيل. وتمثل الاية دعوة
صريحة دالّة على وجوب اتباع المسلمين هؤلاء
الصادقين، والاندماج بخطهم، والكون معهم دون
غيرهم.

هذه بعض الحيثيات الهامة التي تعامل
من خلالها حديث الامام أبي عبد الله الصادق(عليه
السلام) لايضاح قضية الامامة الشرعية بعد
النبي(صلى الله عليه وآله).



(*)
لقب رسول الله(صلى الله عليه وآله)حفيده محمد
بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب(عليهم
السلام)بالباقر لكونه يستخرج غوامض
الرسالة، ويفيض حقائقها على الناس.

([2])
كان الامام الصادق(عليه السلام)اكثر ائمة
أهل البيت(عليهم السلام)حديثاً عن الامامة
بعد النبي(صلى الله عليه وآله) ضرورة وخصائص
واهدافاً ومهمات. يراجع لذلك اصول الكافي
للشيخ الكليني، وكمال الدين وتمام النعمة
للشيخ الصدوق، وبصائر الدرجات لابن فروخ
الصفار، وعلم اليقين للفيض الكاشاني،
وينابيع المودة للشيخ الحنفي القندوزي
وغيرها.

(*)
في بعض النسخ (يدين بهم العباد)، وتستهل:
تتنور، والتلاد: المال القديم.

(*)
الوقوب: دخول الظلام، والغاسق: الليل
المظلم، والنفوث: كالنفخ، وقرف فلانا بكذا
أي عابه به، أو اتهمه به، ومنه القِرفة وهي
التهمة.

(*)
يفاعه: اوائل سنه.

(*)
استخبأه: اودع عنده وامره بكتمانه.

(*)
استرعاه: أي اعتنى بشأنه، وفي بعض النسخ (واستدعاه).

([8])
اصول الكافي لثقة الاسلام الكليني الرازي 1:
158، ط. طهران.

([9])
راجع خمسون ومائة صحابي مختلق للباحث المحقق
السيد مرتضى العسكري.

([10])
اصول الكافي لثقة الاسلام الكليني الرازي 1:
131.

([11])
المصدر السابق: 308.

([12])
المصدر السابق: 308.

([13])
المصدر السابق: 219.

([14])
المصدر السابق: 219.

([15])
السجدة: 21.

([16])
القصص: 41.

([17])
اصول الكافي 1: 168.

([18])
الاسراء: 73.

([19])
اصول الكافي 1: 168.

(*)
انما كان السؤال عن الحلال والحرام حجة على
المدعى المتكلف إذا عجز عن الجواب أو كان
السائل عالما بالمسألة لا مطلقا ولهذا اضرب(عليه
السلام) عن ذلك وجعل الحجة امرا آخر وقد وقع
التصريح بعدم حجيته في حديث آخر.

([21])
اصول الكافي 1: 224، والسلاح في النص يعني سلاح
النبي(صلى الله عليه وآله).

([22])
المصدر السابق: 146.

([23])
المصدر السابق: 147.

([24])
المصدر السابق: 148. روى هذا المضمون كثير من
المحدّثين عن النبي(صلى الله عليه وآله)، كما
في مناقب علي بن أبي طالب(عليه السلام)
للمحدث ابن المغازلي الشافعي.

([25])
أصول الكافي 1: 148.

([26])
المصدر السابق: 149.

([27])
التوبة: 120.

([28])
اصول الكافي 1: 162.

(*)
يعني الحسين(عليه السلام)، وقد يقرأ بصيغة
التثنية اشارة إلى الحسن والحسين(عليهما
السلام) معاً.

([30])
اصول الكافي 1: 163.

/ 1