نظام العلاقات الاجتماعیة العامة فی مدرسة أهل البیت (ع) (2) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

نظام العلاقات الاجتماعیة العامة فی مدرسة أهل البیت (ع) (2) - نسخه متنی

السید محمد باقر الحکیم

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

دراسات

* السيد محمد باقر الحكيم

المبحث الثالث : البناء الفوقي
للعلاقات

القسم الاول : البناء وأبعاد النظرية :

نقصد بالبناء الفوقي لنظام العلاقات
الاجتماعية تفاصيل نظام المعاشرة أو العشرة
الذي تناولته كتب الحديث، وهو مجموعة الاحكام
الواجبة، أو الاداب والسنن الاسلامية
المستحبة التي تناولت تفاصيل وأشكال
المعاشرة، وشخصت الصيغة الصحيحة أو المثلى
للعلاقات الاجتماعية بين الناس.

وسوف نتناول هذا الموضوع من النظرية
بشيء من الايجاز، وتقديم التصور العام عن
علاقة هذه التفاصيل من النظام بالجانبين
السابقين من النظرية: جانب أبعاد النظرية،
وجانب القواعد والاسس، ليصبح الترابط واضحاً
بين قواعد النظرية وأبعادها، والبناء الفوقي
المتمثل بهذه التفاصيل من ناحية أخرى، ونترك
التفصيل في عرض المفردات وتوضيحها إلى كتابنا
الخاص ببحث النظرية الاسلامية في العلاقات
الاجتماعية([1]).

وينقسم هذا البحث إلى قسمين:

الاول: البناء الفوقي المرتبط بأبعاد
النظرية، والذي يؤكد هذه الابعاد ويوضحها.

الثاني: البناء الفوقي المرتبط
بالقواعد والاسس السابقة.

وسوف نتناول تفاصيل هذا البناء حسب
التسلسل السابق لعرض الابعاد والقواعد.

القسم الاول: البناء الفوقي لابعاد
النظرية

أولاً: الانفتاح

أ ـ مؤشرات إضافية للانفتاح

فعلى مستوى بعد الانفتاح في العلاقات
الاجتماعية، نجد مؤشرات إضافية أخرى تؤكد هذا
البعد في تفاصيل النظام.

منها: التأكيد على أهمية إفشاء السلام
بين الناس، حيث يكون السلام عادة مفتاح
العلاقة العامة مع الناس.

فقد روى الكليني بسند معتبر عن أبي
جعفر(عليه السلام) قال: «إن الله عزّوجلّ يحب
إفشاء السلام»([2]).

وعن أبي عبد الله(عليه السلام) أنه قال:
«من التواضع أن تسلم على من لقيت»([3]).

وجاء في وصية النبي(صلى الله عليه وآله
وسلم) لعلي(عليه السلام): «يا علي، ثلاث كفارات:
إفشاء السلام، وإطعام الطعام، والصلاة
بالليل والناس نيام»([4]).

ومنها: التأكيد على أن من صفات الانسان
المؤمن أن يكون إنساناً يألف الناس ويألفونه،
ولا يتحقق ذلك بطبيعة الحال إلا من خلال
المعاشرة الواسعة والطويلة.

فعن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «قال
رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) : أفضلكم
أحسنكم أخلاقاً، الموطأون أكنافاً، الذين
يألفون ويؤلفون، وتوطأ رحالهم»([5]).

ومنها: ما ورد من حرمة الهجرة والقطيعة
بين المسلمين، حيث إن هذا الحكم الشرعي يصب في
نفس هذا الاتجاه من الانفتاح في المعاشرة،
فإن هذه الحرمة عندما تأتي بهذا الشكل
القاطع، وحتى في فرض أن يكون أحد الطرفين
مظلوماً، نفهم من ذلك منهج الاسلام في ضرورة
بقاء الباب مفتوحاً في العلاقات.

فعن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «لا
خير في المهاجرة»([6]).

وعن القاسم بن الربيع قال: في وصية
المفضل سمعت أبا عبد الله(عليه السلام) يقول: «لا
يفترق رجلان على الهجران إلا استوجب أحدهما
البراءة واللعنة، وربما استحق ذلك كلاهما»
فقال له معتّب: جعلت فداك، هذا الظالم فما بال
المظلوم؟ قال: «لانه لا يدعو أخاه إلى صلته،
ولا يتغامس له من كلامه. سمعت أبي(عليه السلام)
يقول: إذا تنازع اثنان فعازّ أحدهما الاخر
فليرجع المظلوم إلى صاحبه حتى يقول لصاحبه: أي
أخي أنا الظالم، حتى يقطع الهجران بينه وبين
صاحبه، فإن الله تبارك وتعالى حكم عدل يأخذ
للمظلوم من الظالم»([7]).

وعنه(عليه السلام) قال: «قال أبي: قال
رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): إيّما
مسلمين تهاجرا فمكثا ثلاثاً لا يصطلحان إلا
كانا خارجين من الاسلام، ولم يكن بينهما
ولاية، فأيهما سبق إلى كلام أخيه كان السابق
إلى الجنة يوم الحساب»([8]).

وعن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «ما من
مؤمنين اهتجرا فوق ثلاث إلا وبرئتُ منهما في
الثالثة» قيل: هذا حال الظالم فما بال
المظلوم؟ فقال: «ما بال المظلوم لا يصير إلى
الظالم فيقول: أنا الظالم، حتى يصطلحا»([9]).

ومنها: ما ورد في وجوب قبول العذر من
الاخرين عندما يقعون في خطأ مع الانسان،
فيعتذرون منه، فإن ذلك يؤكد أهمية بقاء
العلاقات واستمرارها، وسد كل أبواب القطيعة،
ومحو أسبابها وآثارها، كما سوف يأتي توضيحه
في موضوع الاحسان واليد العليا.

ب ـ الاستثناءات :

إلى جانب هذه المؤشرات الاضافية التي
تؤكد موضوع الانفتاح في العلاقات، نجد
النظرية الاسلامية تضع مجموعة من
الاستثناءات في هذا الانفتاح، الامر الذي
يكمل الصورة في هذا البعد في النظرية من جانب،
ويؤكد موضوع الانفتاح أيضاً من جانب آخر، لان
الاستثناء كما أنه يدل على خروج المستثنى من
حكم المستثنى منه، كذلك يؤكد شمول الحكم
للمصاديق الباقية تحت المستثنى منه كما هو
واضح.

وقد أشرنا في سياق الحديث عن البعد
الرابع للنظرية إلى بعض الاستثناءات على
مستوى العلاقة العامة، وهنا نشير إلى مجمل
هذه الاستثناءات التي يمكن تلخيصها في الخطوط
الاربعة التالية:

اجتناب مواضع التهمة:

الاول: المصاديق من العلاقات التي
تثير الالتباس والاتهام والشكوك حول طرف
العلاقة، الامر الذي يؤدي إلى الاضرار
بالانسان الذي يريد أن يوجد العلاقة
الاجتماعية في نظر الناس وتشويه صورته ومن
مفرداتها:

أ ـ علاقات التهمة في السلوك، كبعض
العلاقات مع النساء التي تثير تهمة العلاقات
غير المشروعة، بل حتى مع الاولاد أو الرجال،
أو العلاقة مع الاغنياء والمترفين، وهذه
التهمة قد يحققها أصل العلاقة أو شكلها
وصورتها. وقد ورد النهي عن هذا النوع من
العلاقات.

فعن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «قال
أمير المؤمنين(عليه السلام): من عرض نفسه
للتهمة فلا يلومن من أساء به الظن، ومن كتم
سره كانت الخيرة في يده»([10]).

وعن الفجيع العقيلي أن أمير المؤمنين(عليه
السلام) قال في وصيته لولده الحسن(عليه السلام):
«وإياك ومواطن التهمة، والمجلس المظنون به
السوء، فإن قرين السوء يغرّ جليسه»([11])

وروي عن أبي الحسن(عليه السلام) أنه
قال: «قال أبو عبد الله(عليه السلام): اتقوا
مواقف الريب، ولا يقفنّ أحدكم مع أمه في
الطريق، فإنه ليس كل أحد يعرفها»([12]).

ب ـ علاقات التهمة في الانحراف
العقائدي أو الفكري أو السياسي، كصحبة أهل
البدع والضلال، أو الجلوس إليهم، أو الدرس
لديهم والاخذ منهم، حيث ورد النهي أيضاً عن
هذا النوع من العلاقات.

فعن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «لا
تصحبوا أهل البدع، ولا تجالسوهم فتكونوا عند
الناس كواحد منهم. وقال رسول الله(صلى الله
عليه وآله وسلم) : المرء على دين خليله وقرينه»([13]).

الابتعاد عن قرناء السوء

الثاني: الافراد الفاسدون في سلوكهم
ممن يعبّر عنهم بـ «قرناء السوء»، حيث تلحق
بالانسان نفسه الاضرار من خلال مصاحبتهم،
ويتأثر بهم، لان الانسان يتأثر بطبيعة الحال
بقرينه وينفعل به.

فقد روي عن أمير المؤمنين(عليه السلام)
أن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «انظروا
من تحادثون، فإنه ليس من أحد ينزل به الموت
إلاّ مثّل له أصحابه إلى الله، فإن كانوا
خياراً فخياراً، وإن كانوا شراراً فشراراً،
وليس أحد يموت إلا تمثلت له عند موته»([14]).

وعن أبي الحسن(عليه السلام) قال: «قال
عيسى(عليه السلام): إن صاحب الشر يعدي، وقرين
السوء يردي، فانظر من تقارن»([15]).

نعم، إذا كانت العلاقة لغرض صالح،
كهدايتهم وإرشادهم، أو لوجود مصلحة دينية أو
دنيوية مشروعة خاصة فلا مانع من ذلك.

وقرناء السوء الذين وردت عناوينهم
واسماؤهم في الروايات هم:

أ ـ من كانوا من المنحرفين سلوكياً
وأخلاقياً عن جادة الشرع، مثل الفاجر والكذاب
وقاطع الرحم والبخيل والجبان والاحمق.

روي عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال:
«كان أمير المؤمنين إذا صعد المنبر قال: ينبغي
للمسلم أن يتجنب مؤاخاة ثلاثة: الماجن
الفاجر، والاحمق، والكذاب. فأما الماجن
الفاجر فيزيّن لك فعله، ويحب أن تكون مثله،
ولا يعينك على أمر دينك، ومعادك، ومقاربته
جفاء وقسوة، ومدخله ومخرجه عار عليك. وأما
الاحمق فإنه لا يشير عليك بخير، ولا يرجى لصرف
السوء عنك ولو أجهد نفسه، وربما أراد منفعتك
فضرك، فموته خير من حياته، وسكوته خير من
نطقه، وبعده خير من قربه. وأما الكذاب فإنه لا
يهنئك معه عيش. ينقل حديثك وينقل إليك الحديث.
كلما أفنى أحدوثة مطّها بأخرى مثلها، حتى إنه
يحدث بالصدق فما يصدَّق، ويفرق بين الناس
بالعداوة فينبت السخائم في الصدور. فاتقوا
الله وانظروا لانفسكم»([16]).

وروى الكليني عن أبي عبد الله(عليه
السلام) أنه قال: «قال أمير المؤمنين: لا ينبغي
للمرء المسلم أن يؤاخي الفاجر، فإنه يزيّن له
فعله، ويحب أن يكون مثله، ولا يعينه على أمر
دنياه ولا أمر معاده، ومدخله اليه ومخرجه من
عنده شين عليه»([17]).

وعنه(عليه السلام) عن آبائه(عليهم
السلام)، قال: «قال رسول الله(صلى الله عليه
وآله وسلم): ثلاثة مجالستهم تميت القلب:
الجلوس مع الانذال، والحديث مع النساء،
والجلوس مع الاغنياء»([18]).

ب ـ من كانوا من الجهال والادنياء
اجتماعياً، أو المتخلفين عقلياً وثقافياً
كالمجانين والحمقى والسفلة والانذال
والاراذل والاعراب وأولاد الزنى من الناس.

فعن عمار بن موسى قال: قال أبو عبد الله(عليه
السلام): «يا عمار، إن كنت تحب أن تستتب لك
النعمة، وتكمل لك المروءة، وتصلح لك المعيشة
فلا تشارك العبيد والسفلة في أمرك، فإنهم إن
ائتمنتهم خانوك، وإن حدثوك كذبوك، وإن نكبت
خذلوك، وإن وعدوك أخلفوك» قال: وسمعت أبا عبد
الله(عليه السلام) يقول: «حب الابرار للابرار
ثواب للابرار، وحب الفجار للابرار فضيلة
للابرار، وبغض الفجار للابرار زين للابرار،
وبغض الابرار للفجار خزي على الفجار»([19]).

وروي عن عمار الساباطي أن ابا عبد الله(عليه
السلام) قال: «يا عمار، إن كنت تحب أن تستتب لك
النعمة، وتكمل لك المودة، وتصلح لك المعيشة
فلا تستشر العبيد والسفلة في أمرك، فإنك إن
ائتمنتهم خانوك، وإن حدّثوك كذبوك، وإن نكبت
خذلوك، وإن وعدوك موعداً لم يصدقوك»([20]).

وقال رسول الله(صلى الله عليه وآله
وسلم): «خمسة يجتنبون على كل حال: المجذوم
والابرص والمجنون وولد الزنى والاعرابي»([21]).

الثالث: أصحاب الحرف والمهن المحرمة،
أو المحترفون للاعمال الفاسدة، والمستهزئون
بالاحكام الشرعية والاداب الاسلامية العامة،
مثل العناوين المذكورة في الروايات التالية:

عن جعفر بن محمد عن آبائه(عليهم السلام)
قال: «ستة لا يسلّم عليهم: اليهودي والنصراني،
والرجل على غائطه، وعلى موائد الخمر، وعلى
الشاعر الذي يقذف المحصنات، وعلى المتفكهين
بسب الامهات»([22]).

وعن الاصبغ بن نباتة عن علي(عليه
السلام) في حديث قال: «ستة لا ينبغي أن يسلم
عليهم: اليهود والنصارى، وأصحاب النرد
والشطرنج، وأصحاب الخمر والبربط والطنبور،
والمتفكهون بسب الامهات، والشعراء»([23]).

ومن الواضح أن المقصود بالشاعر هو من
يقذف المحصنات، أو يتجاوز الحدود الشرعية،
كما أشار القرآن الكريم إلى ذلك (والشعراء
يتّبعهم الغاوون * ألم تر أنهم في كل واد
يهيمون * وأنهم يقولون ما لا يفعلون * إلا
الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله
كثيراً وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم
الذين ظلموا ايَّ منقلَب ينقلبون)([24]).

الرابع: ذوو الامراض المعدية والعاهات
السارية، كما لاحظنا ذلك في بعض الروايات
السابقة، ومنها أيضاً ما روي عن الصادق(عليه
السلام) عن آبائه(عليهم السلام)في حديث
المناهي قال: «وكره أن يكلم الرجل مجذوماً إلا
أن يكون بينه وبينه قدر ذراع». وقال(عليه
السلام): «فرّ من المجذوم فرارك من الاسد»([25]).

ثانياً: تقوية البناء الاجتماعي

مبادئ أخرى لتقوية البناء الاجتماعي

وأما على مستوى البعد الاخر، وهو
تقوية البناء الاجتماعي، فيمكن أن نلاحظ
مبادئ وأساليب أخرى، بالاضافة إلى ما سبق، حث
عليها الاسلام وأهل البيت(عليهم السلام) بشكل
خاص:

الاول: منهج عقد الاجتماعات المنظمة
لتدارس أمور الدين والدنيا، باعتبار أن ذلك
من أفضل الاساليب التي تحكم بناء الجماعة
الصالحة، ولعل هذا المنهج من أفضل الاساليب
التي اختص بها أهل البيت(عليهم السلام)، وحثوا
عليها بشكل خاص.

وقد أكدوا أن هذه الاجتماعات لها آثار
متعددة دينية وروحية وأخلاقية، وسبب للقربى
من الله تعالى، كما أنها تمثل إحياءً لامرهم،
وراحة للنفس، وغفراناً للذنب، وأنهم يحبونها
ويتمنون المشاركة فيها.

عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «تزاوروا
فإن في زيارتكم إحياءً لقلوبكم، وذكراً
لاحاديثنا، وأحاديثنا تعطف بعضكم على بعض،
فإن أخذتم بها رشدتم ونجوتم، وإن تركتموها
ضللتم وهلكتم، فخذوا بها وأنا بنجاتكم زعيم»([26]).

وعن ميسر عن أبي جعفر(عليه السلام) قال:
قال لي: «أتخلون وتتحدثون وتقولون ما شئتم؟»
فقلت: إنا لنخلو ونتحدث ونقول ماشئنا. فقال : «أما
والله لوددت أني معكم في بعض تلك المواطن،
وأما والله إني لاحب ريحكم وأرواحكم، وإنكم
على دين الله ودين ملائكته، فأعينوا بورع
واجتهاد»([27]).

وعن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «ما
اجتمع ثلاثة من المؤمنين فصاعداً إلا حضر من
الملائكة مثلهم، فإن دعوا بخير أمّنوا، وإن
استعاذوا من شر دعوا الله ليصرفه عنهم، وإن
سألوا حاجة شفعوا إلى الله وسألوه قضاءها»([28]).

وعن معتب مولى أبي عبد الله(عليه
السلام) قال: سمعته يقول لداود بن سرحان: «يا
داود، أبلغ مواليّ عني السلام، وإني أقول: رحم
الله عبداً اجتمع مع آخر فتذاكرا أمرنا، فإن
ثالثهما ملك يستغفر لهما، وما اجتمع اثنان
على ذكرنا إلاّ باهى الله تعالى بهما
الملائكة، فإذا اجتمعتم فاشتغلوا بالذكر،
فإن في اجتماعكم ومذاكرتكم إحياءنا، وخير
الناس بعدنا من ذاكر بأمرنا ودعا إلى ذكرنا»([29]).

وعن خيثمة عن أبي عبد الله(عليه السلام)
قال: «أبلغ موالينا السلام، وأوصهم بتقوى
الله العظيم أن يعود غنيهم على فقيرهم،
وقويهم على ضعيفهم، وأن يشهد حيهم جنازة
ميتهم، وأن يتلاقوا في بيوتهم، فإن في لقاء
بعضهم بعضاً حياة لامرنا» ثم قال: «رحم الله
عبداً أحيا أمرنا»([30]).

وعن شعيب العقرقوفي قال: سمعت أبا عبد
الله(عليه السلام) يقول لاصحابه: «اتقوا الله
وكونوا إخوة بررة متحابين في الله، متواصلين
متراحمين. تزاوروا وتلاقوا وتذاكروا أمرنا
وأحيوه»([31]).

النصيحة للمسلمين:

الثاني: الامر بالنصيحة بمعنى الاخلاص
في التعامل مع المسلمين، والنصح لهم في أداء
الاعمال، وتقديم النصيحة لهم والحث على
قبولها والرضا بها، بل الشكر عليها إذا كان
فيها تشخيص لعيوب الانسان.

ولا شك أن هذا المبدأ من أهم المبادئ
التي تقوي العلاقات بين الافراد، وتصنع لها
القاعدة القوية القائمة على أساس الاحساس
بالمسؤولية والثقة والتفاهم للوصول إلى
الحقيقة.

ومن الضروري أن يتم ذلك وفق قواعد
الحكمة والموعظة الحسنة.

وقد جاءت النصوص في هذا المجال عديدة،
وفي أبواب متفرقة. نشير إلى بعضها.

عن أبي عبد الله(عليه السلام): «يجب
للمؤمن على المؤمن أن يناصحه»([32]).

وقال(عليه السلام): «يجب للمؤمن على
المؤمن النصيحة له في المشهد والمغيب»([33]).

وقال رسول الله(صلى الله عليه وآله
وسلم): «الدين نصيحة» قيل: لمن يا رسول الله؟
قال : «لله ولرسوله ولائمة الدين ولجماعة
المسلمين»([34]).

وعن أبي العديس قال: «قال ابو جعفر(عليه
السلام): يا صالح اتبع من يبكيك وهو لك ناصح،
ولا تتبع من يضحكك وهو لك غاش، وستردون على
الله جميعاً فتعلمون»([35]).

وعن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «أحب
إخواني إليّ من أهدى إليّ عيوبي»([36]).

وقال(عليه السلام): «لا يستغني المؤمن
عن خصلة وبه الحاجة إلى ثلاث خصال: توفيق من
الله عزّوجلّ، وواعظ من نفسه، وقبول من ينصحه»([37]).

التراحم والتعاطف والتزاور:

الثالث: الامر بالتراحم والتعاطف
والتزاور والالفة، فإن المضمون العاطفي
والروحي للعلاقة من أهم عناصر تقويتها
وإرسائها على أساس محكم، كما أشرنا إلى ذلك.
وتجسيد هذه العواطف والمشاعر عملياً إنما
يكون من خلال هذا اللون من السلوك.

وقد وصف القرآن الكريم الجماعة
الصالحة من أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله
وسلم) بأنهم (رحماء بينهم) وأنهم (أذلة على
المؤمنين) وأن (المؤمنون والمؤمنات بعضهم
أولياء بعض). وقد أشرنا إلى هذا المبدأ في
مواضع سابقة.

وقد عقد في الوسائل باباً لهذا المبدأ
نذكر بعض نصوصه.

فعن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «يحق
على المسلمين الاجتهاد في التواصل، والتعاون
على التعاطف، والمواساة لاهل الحاجة، وتعاطف
بعضهم على بعض حتى تكونوا كما أمركم الله
عزّوجلّ رحماء بينهم متراحمين، مغتمين لما
غاب عنهم من أمرهم على ما مضى عليه معشر
الانصار على عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله
وسلم)»([38]).

وعن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «رحم
الله امرأً ألّف بين وليين لنا. يا معشر
المؤمنين تألّفوا وتعاطفوا»([39]).

إصلاح ذات البين:

الرابع: الحث على إصلاح ذات البين،
بحيث يكون ذلك أفضل من عامة الصلاة والصيام،
حيث وردت النصوص العديدة التي تؤكد على فضل
هذا العمل وأهميته، بماله من آثار في توطيد
وتقوية العلاقة الاجتماعية العامة بين
الناس، وإزالة العوائق والمشكلات.

وقد عقد الفقهاء كتاباً للصلح جاءت
فيه الاحاديث والتشريعات التفصيلية.

فقد ورد عن الامام أمير المؤمنين
والامام الصادق(عليهما السلام) في حديث معتبر
أنهما قالا: «لان أصلح بين اثنين أحب إلي من أن
أتصدق بدينارين»([40]).

وعنه(عليه السلام): «صدقة يحبها الله
إصلاح بين الناس إذا تفاسدوا، وتقارب بينهم
إذا تباعدوا»([41]).

كما ورد عن أمير المؤمنين(عليه السلام)
في وصيته لولديه الحسن والحسين عندما ضربه
ابن ملجم: «فإني سمعت جدكما رسول الله(صلى
الله عليه وآله وسلم) يقول: صلاح ذات البين
أفضل من عامة الصلاة والصيام»([42]).

وعن أبي حنيفة سائق الحاج قال: «مر بنا
المفضل وأنا وختني نتشاجر في ميراث، فوقف
علينا ساعة ثم قال: تعالوا إلى المنزل،
فأتيناه فأصلح بيننا بأربعمئة درهم، فدفعها
إلينا من عنده، حتى إذا استوثق كل واحد منا من
صاحبه قال: أما إنها ليست من مالي، ولكن أبو
عبد الله(عليه السلام) أمرني إذا تنازع رجلان
من أصحابنا في شيء أن أصلح بينهما»([43]).

بل إن الشارع المقدس اتخذ إجراءً
مهماً في هذا المجال، وهو الاذن بالكذب في
مقام الاصلاح، وعدم جواز الصدق في مقام
الافساد بين المؤمنين.

وبالرغم من أن الكذب من أعظم الحرمات،
ولكنه مع هذا يصبح جائزاً في حدود شرعية ذكرها
الفقهاء في مقام الاصلاح لذات البين، وحل
الخلافات والنزاعات.

فعن جعفر بن محمد عن آبائه(عليهم
السلام)، عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم): «ثلاثة
يحسن فيهن الكذب: المكيدة في الحرب، وعدتك
زوجتك، والاصلاح بين الناس، وثلاثة يقبح فيهن
الصدق: النميمة، وإخبارك الرجل عن أهله بما
يكرهه، وتكذيبك الرجل عن الخبر...»([44]).

وعن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «الكلام
ثلاثة: صدق، وكذب، وإصلاح بين الناس» قال: قيل
له: جعلت فداك، ما الاصلاح بين الناس؟ قال: «تسمع
من الرجل كلاماً يبلغه فتخبث نفسه فتقول: سمعت
من فلان قال فيك من الخير كذا وكذا خلاف ما
سمعته منه»([45]).

الجيران وتقوية البناء الاجتماعي:

الخامس: الاهتمام بالجيران وحسن
الجوار بدرجة عالية كما ذكرنا في بعد
المعاملة الخاصة، فإن هذا المبدأ يمثل عملاً
له أهمية خاصة في إحكام البنية الاجتماعية،
حيث يمثل الجيران العلاقة الطبيعية الاخرى
المهمة، إلى جانب العلاقة النسبية الاهم.
وكلما كان التعاون بين الجماعة الساكنين في
منطقة واحدة حسناً وجيداً أمكن تحقيق المزيد
من الرفاه والاستقرار والامن للمجتمع بشكل
عام.

ويأتي في هذا المجال كل التفاصيل التي
أشار إليها الشارع المقدس في موضوع الجيران،
كما سوف تأتي الاشارة إليها في موضوع
المعاملة الخاصة.

الاجراءات الوقائية:

السادس: اتخاذ مجموعة من الاجراءات
العملية أو الوقائية لاحكام العلاقات. منها:

أ ـ اجتناب شحناء الناس وعداوتهم
وملاحاتهم ومشارّتهم والتباغض معهم.

فعن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «قال
رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): ما كاد
جبرئيل يأتيني إلا قال: يا محمد اتق شحناء
الرجال وعداوتهم»([46]).

وعنه(عليه السلام) قال: «قال رسول الله(صلى
الله عليه وآله وسلم): ما أتاني جبرئيل قط إلا
وعظني، فآخر قوله لي: إياك ومشارّة الناس،
فإنها تكشف العورة وتذهب بالعز»([47]).

وروى أيضاً(عليه السلام) عن رسول الله(صلى
الله عليه وآله وسلم) أنه قال في حديث: «ألا إن
في التباغض الحالقة. لا أعني حالقة الشعر،
ولكن حالقة الدين»([48]).

ب ـ وجوب رد السلام، وكذلك وجوب الرد
على الكتاب والرسالة، والحث على التكاتب
بديلاً عن التزاور واللقاء.

فعن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «رد
جواب الكتاب واجب كوجوب رد السلام، والبادي
بالسلام أولى بالله وبرسوله»([49]).

وعنه(عليه السلام): «التواصل بين
الاخوان في الحضر التزاور، وفي السفر التكاتب»([50]).

ج ـ الحث على الوفاء بالوعد ولو بعد
سنة، مع أنه أمر غير واجب.

عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «قال
رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): من كان
يؤمن بالله واليوم الاخر فليف إذا وعد»([51]).

د ـ وضع شروط للصديق الذي يحسن
بالانسان أن يضع ثقته فيه.

روي عن الامام الصادق(عليه السلام)
قوله: «الصداقة محدودة، فمن لم تكن فيه تلك
الحدود فلا تنسبه إلى كمال الصداقة، ومن لم
يكن فيه شيء من تلك الحدود فلا تنسبه إلى
الصداقة. أولها أن تكون سريرته وعلانيته لك
واحدة، والثانية أن يرى زينك زينه، وشينك
شينه، والثالثة لا يغيره عنك مال ولا ولاية،
والرابعة أن لا يمنعك شيئاً مما تصل إليه
مقدرته، والخامسة لا يسلمك عند النكبات»([52]).

هـ ـ ما سوف نشير إليه في ضبط
الانفعالات من استحباب المحافظة على التوازن
في العلاقة، بحيث لا تذهب الحشمة والاحترام
فتسوء العلاقات نتيجة لذلك.

أو التحذير من المبالغة في الثقة،
لئلا يصاب الطرفان بالاحباط. وغير ذلك من
المفردات التي نراها منتشرة في أحكام العشرة
ذات العلاقة بهذه الاجراءات التي سوف نشير
إلى بعضها الاخر في محلّه إن شاء الله.

المشورة حدودها ونتائجها

وفي ختام الحديث عن موضوع تقوية
البناء الاجتماعي يحسن بنا أن نتحدث قليلاً
عن الاستشارة وأحكامها وحدودها وآثارها
المترتبة عليها، باعتبارها أحد الاسس المهمة
لتقوية البناء الاجتماعي، كما أشرنا إلى ذلك
سابقاً.

كما أنها أحد الافاق المهمة في
العلاقات الاجتماعية.

أهمية الشورى

لقد أعطى الاسلام وأهل البيت(عليهم
السلام) أهمية خاصة للشورى، بحيث يمكن أن نقول:
إن نظرية الحكم على مستوى التنفيذ في رأي أهل
البيت(عليهم السلام) تقوم على أساس الشورى([53]
ولكن على مستوى العلاقات الاجتماعية العامة
نجد أهل البيت(عليهم السلام) يؤكدون على أهمية
الاستشارة.

فقد روى البرقي في المحاسن عن أبي عبد
الله(عليه السلام) أنه قال: «قال رسول الله(صلى
الله عليه وآله وسلم): مشاورة العاقل الناصح
رشد ويمن، وتوفيق من الله. فإذا أشار عليك
الناصح العاقل فإياك والخلاف، فإن في ذلك
العطب»([54]).

وفي رواية أخرى للبرقي عن أبي جعفر
الباقر(عليه السلام) قال: «في التوراة أربعة
أسطر: من لا يستشر يندم، والفقر الموت الاكبر،
وكما تدين تدان، ومن ملك استأثر»([55]).

وعن أمير المؤمنين(عليه السلام): «الاستشارة
عين الهداية»([56]).

ومن أجل معرفة أهمية الشورى يمكن أن
نلاحظ الابعاد التالية في المشورة التي أشار
إليها أهل البيت(عليهم السلام):

القوة والاسناد

الاول: أن الشورى تمثل أفضل ظهير وسند
للانسان في عمله ومسيرته، وبذلك تكون الشورى
قوة حقيقية في العلاقات الاجتماعية.

فقد ورد عن الامام الصادق(عليه السلام)
أن فيما أوصى به رسول الله(صلى الله عليه وآله
وسلم)علياً(عليه السلام)قوله: «لا مظاهرة أوثق
من المشاورة، ولا عقل كالتدبير»([57]).

كما ورد في نهج البلاغة تأكيد هذا
المعنى، حيث قال أمير المؤمنين(عليه السلام):
«لا غنى كالعقل، ولا فقر كالجهل، ولا ميراث
كالادب، ولا ظهير كالمشاورة»([58]).

التصميم والحزم

الثاني: أن الشورى تمثل الحزم في
العمل، ذلك أن المستشير سوف يشعر ـ بطبيعة
الحال ـ بالاطمئنان والركون إلى الموقف الذي
يتخذه، والعمل الذي يلتزم به بعد الاستشارة.

وقد ورد عن الامام الصادق عن أبيه محمد
بن علي الباقر(عليهم السلام) أنه قال: «قيل
لرسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): ما
الحزم؟ قال: مشاورة ذوي الرأي واتباعهم»([59]).

الطريق الافضل لمعرفة الواقع

الثالث: أن الشورى تمثل أفضل الوسائل
والطرق للوصول إلى الصواب والواقع، حيث يتوسل
الانسان إلى الواقع برأي أهل الخبرة والتجربة
بعيداً عن العواطف والميول والرغبات، التي قد
تستولي على الانسان فتجعله يلتزم رأياً أو
موقفاً أو عملاً معيناً.

وقد جاء التأكيد في حديث أهل البيت(عليهم
السلام) على هذه الخصوصية، حيث روي في نهج
البلاغة عن أمير المؤمنين أنه قال: «من استبد
برأيه هلك، ومن شاور الرجال شاركها في عقولها»([60]).

وقد سبق قوله(عليه السلام): «الاستشارة
عين الهداية».

وقد روى البرقي عن الامام الصادق(عليه
السلام) قوله: «استشر العاقل من الرجال الورع،
فإنه لا يأمر إلا بخير، وإياك والخلاف فإن
مخالفة الورع العاقل مفسدة في الدين والدنيا»([61]).

وقد علم الامام أمير المؤمنين(عليه
السلام) ولده محمد بن الحنفية كيفية
الاستفادة من آراء العقلاء ومشاورتهم من أجل
الوصول إلى الحق والصواب، فقد ورد في وصيته(عليه
السلام) له: «اضمم آراء الرجال بعضها إلى بعض،
ثم اختر أقربها من الصواب، وأبعدها من
الارتياب» إلى أن قال: «قد خاطر بنفسه من
استغنى برأيه، ومن استقبل وجوه الاراء عرف
مواقع الخطأ»([62]).

صفات المستشارين

وبهذا الصدد يحسن بنا أن نعرف منذ
البداية صفات الاشخاص الذين نستشيرهم ونأخذ
بآرائهم، وهي على الاجمال كما وردت في روايات
أهل البيت(عليهم السلام) الامور التالية:

1 ـ التدين والورع والتقوى وخشية الله.

2 ـ الاخلاص في النصح بحيث يكون موقفه
من المستشير موقف الاخ الصديق.

3 ـ العقل والخبرة.

4 ـ الكتمان والمحافظة على الاسرار.

5 ـ الاعتدال في الاخلاق الشخصية، بحيث
لا يكون إنساناً متصفاً بما يوجب الخلل في
شخصية الانسان، كالبخل والجبن والحرص.

6 ـ الاستقامة في الوضع الاجتماعي، فلا
يصح استشارة السفلة أو العبيد.

7 ـ الاعتدال في الوضع النفسي
والعاطفي، فلا يستشار أصحاب العواطف
والاهواء([63]).

ونشير هنا إلى مجموعة من النصوص التي
يمكن استفادة هذه الخصائص منها، بالاضافة إلى
النصوص السابقة:

أ ـ عن أبي عبد الله(عليه السلام) في
كلام له: «استشيروا في أمركم الذين يخشون ربهم»([64]).

ب ـ وعن علي(عليه السلام) في كلام له: «شاور
في حديثك الذين يخافون الله»([65]).

ج ـ قال أبو عبد الله(عليه السلام): «ما
يمنع أحدكم إذا ورد عليه مالا قبل له به أن
يستشير رجلاً عاقلاً له دين وورع» ثم قال أبو
عبد الله(عليه السلام): «أما إنه إذا فعل ذلك
لم يخذله الله، بل يرفعه الله، ورماه بخير
الامور وأقربها إلى الله»([66]).

د ـ عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «إن
المشورة لا تكون إلا بحدودها، فمن عرفها
بحدودها وإلا كانت مضرتها على المستشير أكثر
من منفعتها له.

فأولها أن يكون الذي يشاوره عاقلاً.

والثانية أن يكون حراً متديناً.

والثالثة أن يكون صديقاً مؤاخياً.

والرابعة أن تطلعه على سرك فيكون علمه
به كعلمك بنفسك، ثم يستر ذلك ويكتمه.

فإنه إذا كان عاقلاً انتفعت بمشورته،
وإذا كان حراً متديناً جهد نفسه في النصيحة
لك، وإذا كان صديقاً مؤاخياً كتم سرك إذا
أطلعته على سرك، وإذا أطلعته على سرك فكان
علمه به كعلمك تمت المشورة وكملت النصيحة»([67]).

هـ ـ عن أبي الحسن الرضا(عليه السلام)
عن آبائه عن علي(عليه السلام) قال: «قال رسول
الله(صلى الله عليه وآله وسلم): يا علي لا
تشاورن جباناً فإنه يضيّق عليك المخرج، ولا
تشاورن بخيلاً فإنه يقصّر بك عن غايتك، ولا
تشاورن حريصاً فإنه يزيّن لك شرها. واعلم أن
الجبن والبخل والحرص غريزة يجمعها سوء الظن»([68]).

و ـ قال أبو عبد الله(عليه السلام)
لعمار الساباطي: «يا عمار، إن كنت تحب أن
تستتب لك النعمة، وتكمل لك المروءة، وتصلح لك
المعيشة فلا تستشر العبيد والسفلة في أمرك،
فإنك ان ائتمنتهم خانوك، وإن حدثوك كذبوك،
وإن نكبت خذلوك، وإن وعدوك بوعد لم يصدقوك»([69]).

ز ـ عن جعفر بن محمد الصادق(عليه
السلام) عن آبائه(عليهم السلام) في وصية النبي(صلى
الله عليه وآله وسلم)لعليّ(عليه السلام) قال: «يا
علي ليس على النساء جمعة» إلى أن قال : «ولا
تولّى القضاء، ولا تستشار. يا علي، سوء الخلق
شؤم، وطاعة المرأة ندامة. يا علي إن كان الشؤم
في شيء ففي لسان المرأة»([70]).

وفي رواية أخرى معتبرة السند عن أبي
عبد الله(عليه السلام) قال: «ذكر رسول الله(صلى
الله عليه وآله وسلم)النساء فقال: اعصوهن في
المعروف قبل أن يأمرنكم بالمنكر، وتعوذوا
بالله من شرارهن وكونوا من خيارهن على حذر»([71]).

واجبات المستشار

وفي بعد آخر لهذا الحديث لابد أن نعرف
أن المستشار يجب عليه النصيحة في ا لمشورة،
وبذل الجهد في الدلالة على الصواب والواقع.

فقد ورد في الحديث أن «المستشار مؤتمن»([72]
كما ورد في حديث آخر عن أبي عبد الله(عليه
السلام) أنه قال: «من استشار أخاه فلم ينصحه
محض الرأي سلبه الله رأيه»([73]).

وبالاضافة إلى محض النصح والاخلاص في
المشورة يجب على المستشار كتمان سرّ المستشير
فإن مقتضى مفاد «المستشار مؤتمن» هو كتمان
السر، كما هو محض الاخلاص أيضاً، فإن مقتضى
الامانة ذلك كله.

كما أنه يفهم ذلك من الحديث السابق
الذي جاء فيه «والرابعة أن تطلعه على سرك،
فيكون علمه به كعلمك بنفسك، ثم يستر ذلك
ويكتمه».

وبهذا القدر يتضح أن موضوع الاستشارة
من أهم المبادئ التي أكدها أهل البيت(عليهم
السلام) في موضوع العلاقات الاجتماعية، وفي
البناء الاجتماعي بشكل عام.

ثالثاً: الاخوة والمساواة

وأما على مستوى البعد الثالث، وهو أن
محتوى العلاقة الاجتماعية هو (الاخوة
والمساواة) فيمكن أن نجد معالم هذا البعد في
مختلف تفاصيل نظام العلاقات الاجتماعية التي
تناولت الابعاد المختلفة للعلاقات، أو الاسس
والقواعد لهذه العلاقات، كما يظهر ذلك واضحاً
من خلال استعراضنا للابعاد السابقة، وتفاصيل
المؤشرات النظمية لها، مثل موضوع إفشاء
السلام، وتحريم هجران المؤمن، والانفتاح
الواسع في العلاقات، الذي يؤشر كله على أن
البعد المنظور في محتوى العلاقة هو المساواة
والاخوة.

وكذلك في موضوع تقوية البناء
الاجتماعي، مثل الاجتماع واللقاء والتزاور
أو التراحم والتعاطف، أو رد جواب الكتاب، أو
غير ذلك من التفاصيل.

ونجد ذلك أيضاً في القواعد والاسس
العامة، خصوصاً في قاعدة الالتزام
بالواجبات، والتودد والمجاملة.

حيث نلاحظ في القاعدة الاولى موضوع
العلاقة العامة الشرعية المتساوية بين
المسلمين، كأداء الامانة، وإقامة الشهادة،
والحقوق العامة الاجتماعية، كحضور الجنائز،
وعيادة المرضى.

وكذلك الحقوق المادية للانسان
المسلم، مثل حرمة دمه وماله، فلا يصح قتله،
ولا أخذ ماله، ولا التجاوز على عرضه وأهله،
وحتى دخول داره والنظر فيها بدون إذنه.

وكذلك الحقوق المعنوية للانسان
المسلم، مثل المحافظة على عرضه وكرامته، وعدم
جواز تحقيره وإهانته، أو إذلاله، أو غيبته،
أو كشف سره، أو تعييره.

بل لا يصح ظلمه ولا خذلانه، أو إظمار
السوء له، أو تهمته، أو إخافته، أو الطعن
عليه، أو سبه ولعنه، أو إحصاء عثراته وتتبعها.
كما سوف يأتي تفصيل ذلك.

كما نلاحظ ذلك أيضاً في القاعدة
الرابعة بشكل واضح في مجمل المناهج والاساليب
التي وضعها الله سبحانه وتعالى، وأكدها أهل
البيت(عليهم السلام)، مثل إفشاء السلام،
والابتداء به، وإطابة الكلام، والتعظيم
والتوقير للاخرين، واللقاء بالبشر والتبسم،
والمصافحة والمعانقة والتقبيل، إلى غير ذلك
مما تأتي الاشارة إليه في مواضعه.

ولعل أحد المؤشرات الواضحة في هذا
البعد هو ما ورد في باب السلام من وجوب رد
السلام على الجميع تحقيقاً لهذه المساواة،
وكذلك وجوب رد جواب الرسالة والكتاب.

فعن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «رد
جواب الكتاب واجب كوجوب رد السلام، والبادي
بالسلام أولى بالله وبرسوله»([74]).

وكذلك حرمة التسليم على الفقير المسلم
بمستوىً مختلف عن التسليم على الغني المسلم.

فعن الامام الرضا(عليه السلام) قال: «من
لقي فقيراً مسلماً فسلم عليه خلاف سلامه على
الغني لقي الله عزّوجلّ يوم القيامة وهو عليه
غضبان»([75]).

وكذلك إهانة المؤمن الفقير لفقره.

فعن الصادق عن آبائه(عليهم السلام) عن
رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) في حديث
المناهي قال: «ومن استخف بفقير مسلم فقد استخف
بحق الله، والله يستخف به يوم القيامة إلا أن
يتوب»([76]).

وعنه(عليه السلام) قال: «من استذل
مؤمناً واحتقره لقلة ذات يده ولفقره، شهره
الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق»([77]).

وعن الرضا(عليه السلام) عن آبائه(عليهم
السلام) عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)
أنه قال: «خمس لا أدعهنّ حتى الممات: الاكل على
الحضيض مع العبيد، وركوبي الحمار مؤكفاً،
وحلبي العنز بيدي، ولبس الصوف، والتسليم على
الصبيان»([78]).

ويؤكد هذه الحقيقة تأكيداً واضحاً ما
ذكرناه في بيان هذا البعد من التكافؤ بين
المؤمنين في موضوع الزواج.

رابعاً: مستويات العلاقة

وأما على مستوى البعد الرابع وهو
مستويات العلاقة، فقد قلنا إن النظرية
الاسلامية بالرغم من إيمانها بالمساواة في
محتوى العلاقة، ولكن لاسباب موضوعية أو
اجتماعية افترضت أن هذه العلاقة لها عدة
مستويات، لحظناها ثلاثة:

أ ـ علاقة المجاملة العامة.

ب ـ علاقة الصحبة العامة (المكاشرة).

ج ـ علاقة الصحبة الخاصة ( الثقة).

علاقة المجاملة العامة

أما علاقة المجاملة والمعاشرة العامة
فيمكن أن نجد تفاصيل نظمها وأحكامها في مجمل
ما ذكرناه في بعد الانفتاح في المعاشرة،
وكذلك في مجمل ما يذكر في قاعدة التودد
والمجاملة وحسن المعاشرة، وكذلك قاعدة ضبط
العواطف والانفعالات، وقاعدة الاحسان واليد
العليا، وغيرها مما يأتي بيان تفاصيله في
القواعد المذكورة.

فإن هذه التفاصيل وإن كانت مرتبطة
ارتباطاً مباشراً بهذه القواعد والاسس
والابعاد التي أشرنا إليها سابقاً، ولكنها
تعبر في نفس الوقت عن هذا الاصل او الخط العام
في العلاقات الاجتماعية المتمثل بضرورة وجود
علاقة المجاملة مع جميع أفراد المجتمع بشكل
عام، إلا في الاستثناءات التي تمت الاشارة
إليها سابقاً.

علاقة الصحبة العامة (المكاشرة)

ويبدو من الاحاديث السابقة التي
ذكرناها في بحث مستويات العلاقة، أن علاقة
الصحبة العامة هي عبارة عن علاقة متطورة
نسبياً لعلاقة المجاملة، فتنتهي بها إلى حالة
الصحبة والرفاقة في الحياة، إما من خلال
العمل المعاشي، أو من خلال السفر، أو السكن
والجوار، أو الزمالة في الدرس أو التعليم أو
المهنة أو غير ذلك من الاسباب الطبيعية، حيث
يحسن بالانسان في مثل هذه العلاقة أن يقف عند
حدودها الطبيعية التي يكتسب فيها الانسان
المنافع الحيوية والمادية في حركته، كما ورد
في الحديث «فإنك تصيب منهم لذتك، فلا تقطعن
ذلك منهم، ولا تطلبن ما وراء ذلك من ضميرهم»([79]).

والمطلوب فيها المبادلة في هذه
المنافع واللذة «وابذل لهم ما بذلوا لك من
طلاقة الوجه وحلاوة اللسان»([80]).

ويمكن أن نجد تفاصيل التشريعات ذات
العلاقة بهذا المستوى من العلاقة (صحبة
المكاشرة) في مثل الاحكام ذات العلاقة بصحبة
السفر وآدابه مع رفيق السفر، كما في الابواب 30
ـ 34 من أبواب آداب السفر إلى الحج وغيره([81]).

وكذلك في مثل بعض الاحكام ذات العلاقة
بالمعاملة مع العمال والمستأجرين، أو بعض
الاحكام ذات العلاقة بآداب التعليم والتعلّم
مما يرتبط بموضوع الرفاقة أو الصداقة.

أو بعض الاحكام ذات العلاقة بآداب
المجلس أو الخطاب والحديث، مثل التوسعة في
المجلس أو القيام له واحترامه، أو مخاطبته
بالكنية ودعوته بأحب الاسماء إليه.

فعن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «قال
رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): ثلاث
يصفين ود المرء لاخيه المسلم: يلقاه بالبشر
إذا لقيه، ويوسع له في المجلس إذا جلس إليه،
ويدعوه بأحب الاسماء إليه»([82]).

وعنه(عليه السلام) عن رسول الله(صلى
الله عليه وآله وسلم) أنه قال: «إذا أحب أحدكم
أخاه المسلم فليسأله عن اسمه واسم أبيه واسم
قبيلته وعشيرته، فإن من حقه الواجب وصدق
الاخاء أن يسأله عن ذلك، وإلاّ فإنها معرفة
حمق»([83]).

أو الاحكام ذات العلاقة بالتناجي في
المجلس.

فعن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «إذا
كان القوم ثلاثة فلا يتناجَ منهم اثنان دون
صاحبهما، فإن في ذلك ما يحزنه ويؤذيه»([84]).

وكذلك نجد مثل هذه التفاصيل على مستوى
الاستثناء في هذه العلاقة، عندما ينصح الشارع
المقدس بعدم مرافقة الفاجر والاحمق والكذاب،
أو مشاركة العبيد والسفلة والفجار، أو مرافقة
قاطع الرحم، أو مجالسة الانذال والمترفين
والنساء، كما أشرنا إلى ذلك في بحث استثناءات
الانفتاح.

وكذلك تقدمت الاشارة إلى بعض هذه
المعالم وغيرها في بعد تقوية البناء
الاجتماعي، حيث إن بعض النصائح في هذا البعد
ترتبط بهذا المستوى من العلاقة كما هو واضح.

علاقة الصحبة الخاصة (الثقة)

وأما المستوى الاعلى للعلاقة فهو
علاقة الثقة التي تمثل مستوى علاقة الاخوة
الحقيقية، وتترتب عليها الحقوق والواجبات
الخاصة بهذا المستوى.

ونجد معالم النظم والتشريعات ذات
الصلة بهذا المستوى من العلاقة في بعض
التشريعات التي تتحدث عن شروط الصديق والاخ
الذي يجب أن يختاره الانسان، مثل العقل
والتقوى، والامانة وحفظ الاسرار، والنصرة
وعدم الخذلان، والاستعداد للمواساة والكرم،
والصدق في المعاملة، والمحافظة على أداء
الواجبات، وخصوصاً الصلوات، والاخلاص في
المؤاخاة، وأن تكون هذه المؤاخاة في الله
سبحانه وتعالى. وقد مرت الاشارة إلى بعض
الاحاديث التي تتحدث عن بعض هذه الصفات في بعد
مستويات العلاقة، وكذلك في البعد الاول، وهو
الانفتاح عندما تحدثنا عن الاستثناءات.

ويمكن ملاحظة بعض النصوص الاخرى.

عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «قال
أمير المؤمنين(عليه السلام): لا عليك أن تصحب
ذا العقل وإن لم تحمد كرمه، ولكن انتفع بعقله،
واحترس من سيئ أخلاقه، ولا تدعن صحبة الكريم
وإن لم تنتفع بعقله، ولكن انتفع بكرمه بعقلك،
وافرر كل الفرار من اللئيم الاحمق»([85]).

وقال أبو عبد الله(عليه السلام): «عليك
بالتلاد، وإياك كل محدث لا عهد له ولا أمانة
ولا ذمة ولا ميثاق»([86]).

وسوف نجد في بعد المعاملة الخاصة مع
المؤمنين ما يؤكد هذا المستوى من العلاقة.

كما أن من جملة هذه التشريعات المهمة
في هذا المستوى من العلاقة موضوع عقد
الاجتماعات واللقاءات التي يتم بها تداول
شؤون المسلمين، وإحياء أمر الدين، والقضايا
الخاصة بالجماعة الصالحة فكرياً وعقائدياً
واجتماعياً وسياسياً، كما عرفنا ذلك في
الابعاد السابقة.

خامساً: المعاملة الخاصة

في هذا البعد نجد تفاصيل كثيرة مذكورة
في أبواب ومواضع عديدة من الفقه والشريعة
يمكن التعرف عليها في محلها المناسب، ولكن
نشير هنا إلى بعض النماذج التي وردت في أبواب
وآداب العشرة، بالاضافة إلى ما سبق الاشارة
إليه، أو ما يمكن أن نجده في القواعد والاسس
للعلاقات الاجتماعية، وهي محدودة نسبياً
ولكنها مفيدة في توضيح التصور النظري تجاه
هذا الموضوع:

آل الرسول وذريته

أ ـ فموضوع الصلاة على رسول الله وآله
في جميع المواطن والحالات ـ كما سوف نشير إليه
في نظام الشعائر والعبادات ـ يعبر عن هذه
المعاملة الخاصة، حتى لنجد أن تقديم الصلاة
على النبي وآله على الدعاء يكون سبباً في
استجابة هذا الدعاء، حيث لا يرد الله سبحانه
وتعالى دعاء الصلاة، وهو بكرمه سوف يقرر
استجابة الدعاء الاخر بها في عدم الرد، كما
ورد ذلك عن علي(عليه السلام) في قوله: «إذا
كانت لك إلى الله سبحانه حاجة فابدأ بمسألة
الصلاة على رسوله(صلى الله عليه وآله وسلم) ثم
سل حاجتك، فإن الله أكرم من أن يسأل حاجتين
فيقضي إحداهما ويمنع الاخرى»([87]).

كما أن تحميد الله تعالى عند العطاس
يحسن أن يقترن بالصلاة على رسول الله وآله، بل
في جميع الاحوال حتى الاحوال الخاصة، تعبيراً
عن الاهتمام بهذه المعاملة الخاصة.

عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه قال:
عطس رجل عند أبي جعفر(عليه السلام)فقال: الحمد
لله، فلم يسمّته أبو جعفر(عليه السلام) وقال: «نقصنا
حقنا» وقال: «إذا عطس أحدكم فليقل: الحمد لله
رب العالمين وصلى الله على محمد وأهل بيته»
قال: فقال الرجل، فسمّته ابو جعفر(عليه السلام)([88]).

وفي كتاب الامام الرضا(عليه السلام)
إلى المأمون قال: «الصلاة على النبي(صلى الله
عليه وآله وسلم)واجبة في كل موطن، وعند العطاس
والذبائح وغير ذلك»([89]).

وبالاضافة إلى ذلك وردت أحاديث عديدة
من طريق أهل البيت(عليه السلام) عن رسول الله(صلى
الله عليه وآله وسلم) في التأكيد على المعاملة
الخاصة لذرية الرسول من العلويين والسادات.

عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «قال
رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): من صنع
إلى أحد من أهل بيتي يداً كافأته به يوم
القيامة»([90]).

وعنه(عليه السلام) قال: «إذا كان يوم
القيامة نادى مناد: أيها الخلائق، أنصتوا فإن
محمداً(صلى الله عليه وآله وسلم)يكلمكم،
فتنصت الخلائق، فيقوم النبي(صلى الله عليه
وآله وسلم) فيقول: يا معشر الخلائق، من كانت له
عندي يد أو منة أو معروف فليقم حتى أكافئه،
فيقولون: بآبائنا وأمهاتنا، وأي يد أو أي منة
وأي معروف لنا؟ بل اليد والمنة والمعروف لله
ولرسوله على جميع الخلائق، فيقول لهم: بلى، من
آوى أحداً من أهل بيتي، أو برّهم، أو كساهم من
عري، أو أشبع جائعهم فليقم حتى أكافئه، فيقوم
أناس قد فعلوا ذلك فيأتي النداء من عند الله
تعالى: يا محمد يا حبيبي، قد جعلت مكافأتهم
إليك، فأسكنهم من الجنة حيث شئت. قال: فيسكنهم
في الوسيلة، حيث لا يحجبون عن محمد وأهل بيته(عليهم
السلام)»([91]).

وعن الرضا(عليه السلام) عن أبيه عن
آبائه(عليهم السلام) قال: «قال رسول الله(صلى
الله عليه وآله وسلم): أربعة أنا لهم شفيع يوم
القيامة: المكرم لذريتي من بعدي، والقاضي لهم
حوائجهم، والساعي لهم في أمورهم عندما اضطروا
إليه، والمحب لهم بقلبه ولسانه»([92]).

وعن الباقر عن أبيه عن جده(عليهم
السلام) قال: «قال رسول الله(صلى الله عليه
وآله وسلم): من أراد التوسل إلي، وأن يكون له
عندي يد اشفع له بها يوم القيامة فليصل على
أهل بيتي ويدخل السرور عليهم»([93]).

وعن الباقر(عليه السلام) قال: «إذا كان
يوم القيامة جمع الله الاولين والاخرين،
فينادي مناد: من كانت له عند رسول الله(صلى
الله عليه وآله وسلم) يد فليقم، فيقوم عنق من
الناس فيقول: ما كانت أياديكم عند رسول الله(صلى
الله عليه وآله وسلم)؟ فيقولون: كنا نصل أهل
بيته من بعده، فيقال لهم: اذهبوا فطوفوا في
الناس، فمن كانت له عندكم يد فخذوا بيده
فأدخلوه الجنة»([94]).

الشيوخ

ب ـ واحترام ذوي الشيبة والشيوخ من
الناس تعبيراً عن المعاملة تجاه هذا النوع من
الناس من الضعفاء.

عن عبد الله بن سنان قال: قال لي ابو
عبد الله(عليه السلام): «إن من إجلال الله
عزّوجلّ إجلال الشيخ الكبير»([95]).

وعنه(عليه السلام) قال: «ليس منا من لم
يوقّر كبيرنا ويرحم صغيرنا»([96]).

حامل القرآن

ج ـ واحترام حامل القرآن باعتباره
نموذجاً للعالم بالدين والشريعة، ومبلغاً
للرسالة، وتالياً لايات الله تعالى.

فعن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «قال
رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): إن أهل
القرآن في أعلى درجة من الادميين ماخلا
النبيين والمرسلين، فلا تستضعفوا أهل القرآن
حقوقهم، فإن لهم من الله العزيز الجبار
لمكاناً»([97]).

المؤمن

د ـ وكذلك المعاملة الخاصة مع المؤمن([98]
من إدخال السرور عليه. فقد ورد ذلك في
الاحاديث المعتبرة، مثل ما رواه الكليني عن
أبي حمزة الثمالي قال: سمعت ابا جعفر(عليه
السلام) يقول: «قال رسول الله(صلى الله عليه
وآله وسلم): من سرّ مؤمناً فقد سرّني، ومن
سرّني فقد سرّ الله»([99]).

وعن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «من
أحب الاعمال إلى الله عزّوجلّ إدخال السرور
على المؤمن: إشباع جوعته، أو تنفيس كربته، أو
قضاء دينه»([100]).

أو قضاء حاجة المؤمن، كما ورد عن أبي
عبد الله(عليه السلام) أنه قال في حديث: «ومن
قضى لاخيه المؤمن حاجة قضى الله له يوم
القيامة مئة ألف حاجة، من ذلك أولها الجنة،
ومن ذلك أن يدخل قرابته ومعارفه وإخوانه
الجنة بعد أن لا يكونوا نُصّاباً»([101]).

وعن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «إن
المؤمن لترد عليه الحاجة لاخيه فلا تكون عنده
يهتم بها قلبه، فيدخله الله بهمه الجنة»([102]).

أو تفريج كربته وإغاثة لهفته، فعن زيد
الشحام قال: سمعت أبا عبد الله(عليه السلام)يقول:
«من أغاث أخاه المؤمن اللهفان عند جهده فنفس
كربته، وأعانه على نجاح حاجته، كتب الله
عزّوجلّ له بذلك ثنتين وسبعين رحمة من الله،
يعجل له منها واحدة يصلح بها أمر معيشته،
ويدخر له إحدى وسبعين رحمة لافزاع يوم
القيامة وأهواله»([103]).

أو غير ذلك من أنحاء المعاملة من
التعاون معه أو نصرته أو نصيحته.

الجيران

هـ ـ وكذلك المعاملة الخاصة للجيران،
التي تقدم الحديث عنها، والتي تذكر تفاصيل
كثيرة حولها في أحكام العشرة. ونشير هنا إلى
بعض التفاصيل ضمن نصوص كما وعدنا.

1 ـ عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «قال
رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): حسن
الجوار يعمر الديار، وينسئ في الاعمار»([104]).

وعن أبي مسعود قال: قال لي أبو عبد الله(عليه
السلام): «حسن الجوار زيادة في الاعمار،
وعمارة الديار»([105]).

وعن أبي ربيع الشامي عن أبي عبد الله(عليه
السلام) قال: قال والبيت غاص بأهله: «اعلموا
أنه ليس منا من لم يحسن مجاورة من جاوره»([106]).

2 ـ عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «حد
الجوار أربعون داراً من كل جانب، من بين يديه،
ومن خلفه، وعن يمينه، وعن شماله»([107]).

3 ـ عن عمر بن عكرمة عن أبي عبد الله(عليه
السلام) في حديث: « أن رسول الله(صلى الله عليه
وآله وسلم)أتاه رجل من الانصار فقال: إني
اشتريت داراً من بني فلان، وإن اقرب جيراني
مني جواراً من لا أرجو خيره ولا آمن شره. قال:
فأمر رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)
علياً وسلمان وابا ذر، ونسيت آخر واظنه
المقداد أن ينادوا في المسجد بأعلى اصواتهم
بأنه لا إيمان لمن لم يأمن جاره بوائقه،
فنادوا بها ثلاثاً، ثم أومأ بيده إلى كل
أربعين داراً من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه
وعن شماله»([108]).

4 ـ عن الحسن بن عبد الله عن عبد صالح
قال: «ليس حسن الجوار كف الاذى، ولكن حسن
الجوار صبرك على الاذى»([109]).

وعن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «ما
أفلت المؤمن من واحدة من ثلاث، ولربما اجتمعت
الثلاث عليه: إما بعض من يكون معه في الدار
يغلق عليه بابه يؤذيه، أو جار يؤذيه، أو من في
طريقه إلى حوائجه يؤذيه. ولو أن مؤمناً على
قُلّة جبل لبعث الله عزّوجلّ عليه شيطاناً
يؤذيه، ويجعل له من إيمانه أُنساً لا يستوحش
معه إلى أحد»([110]).

5 ـ عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «من
القواصم التي تقصم الظهر جار السوء، إن رأى
حسنة أخفاها، وإن رأى سيئة أفشاها»([111]).

القسم الثاني: البناء الفوقي للقواعد
والاسس

وأما البناء الفوقي للقواعد والاسس
فيمكن أن نلخصه بالنقاط التالية أيضاً:

أولاً: الالتزامات والواجبات

النقطة الاولى: البناء الفوقي
للالتزامات والواجبات الشرعية والعرفية،
ويمكن أن نلاحظه ـ كما ذكرنا ـ سابقاً في مثل
الوفاء بالعهود والمواثيق، وأداء الامانة،
وحضور الجنائز وصلوات الجماعة، والاجتماعات
العامة، وفي عيادة المرضى، ورد السلام، وجواب
الكتاب وغير ذلك.

وبالاضافة إلى ذلك نجد الالتزامات
والواجبات العامة التي أشرنا إليها في بعد
تقوية البناء الاجتماعي، مثل مبدأ وجوب
التناصر بين المسلمين، ووجوب الاهتمام
بأمورهم، ووجوب التعاون بينهم، ووجوب
النصيحة لهم، ووجوب الامر بالمعروف والنهي عن
المنكر، وحسن الجوار، والتشاور بينهم، إلى
غير ذلك من الواجبات والمسؤوليات العامة.

الالتزام على مستوى الواجبات

وإلى جانب كل ذلك نجد بعض الحقوق
والواجبات والمحرمات والالتزامات الشرعية
والعرفية في مفردات كثيرة، نشير إلى بعضها في
الاتي:

1 ـ يجب على الانسان أن يحتفظ بأسرار
أخيه المسلم في العلاقات الاجتماعية، عندما
يسمع منه حديثاً في مجلس، أو يأتمنه عليه. فقد
ورد أن «المجالس بالامانة»، ولكن هناك
استثناءات خاصة لهذه الحالة.

عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «قال
رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): المجالس
بالامانة»([112]).

وعن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «المجالس
بالامانة، وليس لاحد أن يحدث بحديث يكتمه
صاحبه إلا بإذنه، إلا أن يكون ثقة أو ذكراً له
بخير»([113]).

وقال رسول الله(صلى الله عليه وآله
وسلم): «المجالس بالامانة إلاّ ثلاثة مجالس:
مجلس سفك فيه دم حرام، أو مجلس استحل فيه فرج
حرام، أو مجلس يستحل فيه مال حرام بغير حقه»([114]).

2 ـ حث الشارع المقدس على الوفاء
بالوعود إلى جانب وجوب الوفاء بالعهود
والعقود، حيث يرتقي بالوعد إلى درجة العهد.

عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «قال
رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): من كان
يؤمن بالله واليوم الاخر فليف إذا وعد»([115]).

وعن هشام بن سالم قال: سمعت أبا عبد
الله(عليه السلام) يقول: «عدة المؤمن أخاه نذر
لا كفارة له، فمن أخلف فبخلف الله بدأ، ولمقته
تعرض، وذلك قوله: (يا أيها الذين آمنوا لم
تقولون مالا تفعلون * كبر مقتاً عند الله أن
تقولوا مالا تفعلون)»([116]).

3 ـ وجوب الصدق في الحديث وفي التعامل
مع الاخرين.

فعن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «كونوا
دعاة للناس بالخير بغير ألسنتكم، ليروا منكم
الاجتهاد والصدق والورع»([117]).

وعن زيد بن علي عن آبائه قال: قال رسول
الله(صلى الله عليه وآله وسلم): «إن أقربكم مني
غداً وأوجبكم عليّ شفاعة أصدقكم للحديث،
وآداكم للامانة، وأحسنكم خلقاً، واقربكم من
الناس»([118]).

4 ـ وجود مجموعة من الواجبات
والالتزامات الحقوقية بين المؤمنين، تحدثنا
عن بعضها في بُعد المعاملة الخاصة بين
المؤمنين، بالاضافة إلى حقوق أخرى أشرنا
إليها في مناسبات متعددة، ونشير هنا إلى
نموذج من الروايات يتناول جانباً من هذا
الموضوع.

عن المعلّى بن خنيس، عن أبي عبد الله(عليه
السلام) قال: قلت له: ما حق المسلم على المسلم؟
قال: «له سبع حقوق واجبات، مامنهن حق إلاّ وهو
عليه واجب إن ضيع منه شيئاً خرج من ولاية الله
وطاعته، ولم يكن لله فيه نصيب». قلت له: جعلت
فداك، وما هي؟ قال: «يا معلى، إني عليك شفيق
أخاف أن تضيع ولا تحفظ، وتعلم ولا تعمل». قلت:
لا قوة إلاّ بالله. قال: «أيسر حق منها أن تحب
له ما تحب لنفسك، وتكره له ما تكره لنفسك.
والحق الثاني أن تجتنب سخطه، وتتّبع مرضاته،
وتطيع أمره. والحق الثالث أن تعينه بنفسك
ومالك ولسانك ويدك ورجلك. والحق الرابع أن
تكون عينه ودليله ومرآته. والحق الخامس أن لا
تشبع ويجوع، ولا تروى ويظمأ، ولا تلبس ويعرى.
والحق السادس أن يكون لك خادم وليس لاخيك
خادم، فواجب أن تبعث خادمك فتغسل ثيابه،
وتصنع طعامه، وتمهد فراشه. والحق السابع أن
تبرّ قسمه، وتجيب دعوته، وتعود مريضه، وتشهد
جنازته، وإذا علمت أن له حاجة تبادره إلى
قضائها، ولا تلجئه إلى أن يسألكها، ولكن
تبادره مبادرة، فإذا فعلت ذلك وصلت ولايتك
بولايته، وولايته بولايتك»([119]).

الالتزام على مستوى المحرمات

وعلى مستوى المحرمات والممنوعات في
هذا المجال نجد مفردات كثيرة أقرها الشارع
المقدس لتجسيد هذا النوع من الالتزامات.

1 ـ عدم جواز دخول بيوت الناس بغير
إذنهم، بل حتى وجوب إشعارهم عند الدخول، لان
للمسلم حرمة في دمه وماله وعرضه وشؤونه
الخاصة.

عن عبد الرحمان بن أبي عبد الله قال:
سألت أبا عبد الله(عليه السلام) عن قول الله
عزوجلّ: (لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى
تستأنسوا وتسلموا على أهلها) قال: «الاستيناس
وقع النعل والتسليم»([120]).

كما ينبغي للمسلم أن يجلس من الدار حيث
أمره صاحبها.

فعن جعفر بن محمد عن أبيه(عليهما
السلام) قال: «إذا دخل أحدكم على أخيه في رحله
فليقعد حيث يأمره صاحب الرحل، فإن صاحب الرحل
أعرف بعورة بيته من الداخل عليه»([121]).

2 ـ تحريم المكر والحسد والغش والخيانة.

فعن علي بن موسى الرضا، عن أبيه عن
آبائه(عليهم السلام) قال: «قال رسول الله(صلى
الله عليه وآله وسلم): من كان مسلماً فلا يمكر
ولا يخدع، فإني سمعت جبرئيل يقول: إن المكر
والخديعة في النار، ثم قال: ليس منا من غش
مسلماً، وليس منا من خان مسلماً، ثم قال(صلى
الله عليه وآله وسلم) إن جبرئيل الروح الامين
نزل عليّ من عند رب العالمين فقال: يا محمد
عليك بحسن الخلق، فإن سوء الخلق ذهب بخير
الدنيا والاخرة، ألا وإن أشبهكم بي أحسنكم
خلقاً»([122]).

وروي عن الامام علي(عليه السلام) أنه
قال: «لولا أن المكر والخديعة في النار لكنت
أمكر الناس»([123]).

3 ـ تحريم الكذب بكل أشكاله ودرجاته في
مختلف المجالات، وخصوصاً في العلاقات مع
الناس باستثناء بعض الموارد كالاصلاح بين
الناس كما ذكرنا سابقاً.

عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «إن الله
عزّوجلّ جعل للشر أقفالاً، وجعل مفاتيح تلك
الاقفال الشراب، والكذب شر من الشراب»([124]).

وروي عن أمير المؤمنين(عليه السلام)
أنه قال: «ينبغي للرجل المسلم أن يجتنب مؤاخاة
الكذاب، فإنه يكذب حتى يجيء بالصدق فلا يصدق»([125]).

وعن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «كان
علي بن الحسين(عليهما السلام) يقول لولده:
اتقوا الكذب الصغير منه والكبير في كل جد
وهزل، فإن الرجل إذا كذب في الصغير اجترأ على
الكبير. أما علمتم أن رسول الله(صلى الله عليه
وآله وسلم) قال: ما يزال العبد يصدق حتى يكتبه
الله صدّيقاً، وما يزال العبد يكذب حتى يكتبه
الله كذاباً»([126]).

وعن علي أمير المؤمنين(عليه السلام)
قال: «لا يصلح من الكذب جد ولا هزل، ولا أن يعد
أحدكم صبيه ثم لا يفي له. إن الكذب يهدي إلى
الفجور، والفجور يهدي إلى النار، وما يزال
أحدكم يكذب حتى يقال: كذب وفجر، وما يزال
أحدكم يكذب حتى لا يبقى موضع إبرة

صدق([127]
فيسمى عند الله كذاباً»([128]).

4 ـ النهي عن أن يكون الانسان في
علاقاته الاجتماعية ذا وجهين ولسانين.

فعن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «من
لقي المسلمين بوجهين ولسانين جاء يوم القيامة
وله لسانان من نار»([129]).

وعن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «بئس
العبد عبد يكون ذا وجهين وذا لسانين، يطري
أخاه شاهداً، ويأكله غائباً. إن أعطي حسده،
وإن ابتلي خذله»([130]).

5 ـ حرمة قطع ولاء المؤمن، أو التعبير
عن عداوته، أو إضمار السوء له.

فقد ورد بطرق متعددة عن الامام الصادق(عليه
السلام) أنه قال: «إذا قال الرجل لاخيه المؤمن:
أف، خرج من ولايته، وإذا قال: أنت عدوي كفر
أحدهما، ولا يقبل الله من مؤمن عملاً وهو مضمر
على أخيه المؤمن سوءاً»([131]).

6 ـ النهي عن سوء الظن بالمؤمن أو
اتهامه.

فعن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «إذا
اتهم المؤمن أخاه انماث الايمان في قلبه كما
ينماث الملح في الماء»([132]).

وعن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «قال
أمير المؤمنين(عليه السلام) في كلام له: ضع أمر
أخيك على أحسنه حتى يأتيك ما يغلبك منه، ولا
تظنن بكلمة خرجت من أخيك سوءاً وأنت تجد لها
في الخير محملاً»([133]).

ثانياً: ضبط العواطف والانفعالات

إن تفصيل خطوط البناء الفوقي لموضوع
ضبط العواطف والانفعالات، يمكن أن نجده
واسعاً في موضوع جهاد النفس كما أشرنا، كما
نجده في موضوع أحكام المعاشرة أيضاً.

1 ـ ضبط العواطف والصفات الحميدة

فنجد الشارع المقدس عندما يتحدث عن
الصفات الحميدة للانسان، أو الصفات التي لابد
أن يتصف بها ليكون مؤمناً، نراه يؤكد على
الصفات ذات العلاقة بهذا الجانب.

فعن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «ينبغي
للمؤمن أن يكون فيه ثماني خصال: وقوراً عند
الهزاهز، صبوراً عند البلاء، شكوراً عند
الرخاء، قانعاً بما رزقه الله، لا يظلم
الاعداء، ولا يتحامل للاصدقاء، بدنه منه في
تعب، والناس منه في راحة. إن العلم خليل
المؤمن، والحلم وزيره، والعقل أمير جنوده،
والرفق أخوه، والبر والده»([134]).

وعن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)
قال: «ثلاث خصال من كن فيه استكمل خصال
الايمان: إذا رضي لم يدخله رضاه في باطل، وإذا
غضب لم يخرجه الغضب من الحق، وإن قدر لم يتعاط
ما ليس له»([135]).

وعن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «قال
النبي(صلى الله عليه وآله وسلم): ألا أخبركم
بأشبهكم بي؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال:
أحسنكم خلقاً، وألينكم كنفاً، وأبركم
بقرابته، وأشدكم حباً لاخوانه في دينه،
واصبركم على الحق، وأكظمكم للغيظ، وأحسنكم
عفواً، وأشدكم من نفسه إنصافاً في الرضا
والغضب»([136]).

أ ـ الصبر على الطاعة والصبر عن
المعصية(

[137])

ومن هنا نجد أن الصبر على الطاعة لله،
والصبر عن معصيته تعالى يأتيان في مقدمة
الاعمال الصالحة.

ففي الحديث الصحيح عن أبي عبد الله
الصادق(عليه السلام)أنه قال: «إذا كان يوم
القيامة يقوم عنق من الناس فيأتون باب الجنة
فيقال: من أنتم؟ فيقولون: نحن أهل الصبر،
فيقال لهم: على ما(*) صبرتم؟ فيقولون: كنا نصبر
على طاعة الله، ونصبر عن معاصي الله، فيقول
الله عزّوجلّ: صدقوا. أدخلوهم الجنة. وهو قول
الله عزّوجلّ: (إنّما يُوفّى الصابرون أجرهم
بغير حساب)»([138]).

ب ـ العفة

كما نجد في هذا المجال بعض الصفات التي
تكون أفضل العبادات، مثل عفة البطن والفرج
والعين.

فعن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «ما
عبادة أفضل عند الله من عفة بطن وفرج»([139]).

وعنه(عليه السلام): «كل عين باكية يوم
القيامة غير ثلاث: عين سهرت في سبيل الله،
وعين فاضت من خشية الله، وعين غضت عن محارم
الله»([140]).

ج ـ الحلم

وكذلك نجد صفة الحلم التي هي أن يعفو
الانسان ويغض النظر عن الاخرين عند الغضب مع
القدرة على إمضائه، حيث لا يكون الرجل عابداً
إلاّ إذا كان حليماً، وهو أفضل ناصر للانسان
في حركته الاجتماعية، وعلاقاته مع الناس.

فعن محمد بن عبد الله قال: سمعت الرضا(عليه
السلام) يقول: «لا يكون الرجل عابداً حتى يكون
حليماً، وإن الرجل كان إذا تعبّد في بني
اسرائيل لم يُعدّ عابداً حتى يصمت قبل ذلك عشر
سنين»([141]).

وعن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «كان
علي بن الحسين(عليهما السلام) يقول: إنه
ليعجبني الرجل أن يدركه حلمه عند غضبه»([142]).

وقال أبو عبد الله الصادق(عليه السلام):
«قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): ما
أعز الله بجهل قط، ولا أذل بحلم قط»([143]).

د ـ الرفق

وكذلك صفة الرفق، وهو التعامل باللين
في مقابل العنف والشدة، حيث يكون له دور مهم
في مختلف أبعاد حياة الانسان.

فعن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «قال
رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): الرفق
يمن، والخرق شؤم»([144]).

وعن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «قال
رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): إن الرفق
لم يوضع على شيء إلاّ زانه، ولا نُزع من شيء
إلاّ شانه»([145]).

وعن هشام بن أحمر، عن أبي الحسن(عليه
السلام) قال: قال لي وجرى بيني وبين رجل من
القوم كلام فقال لي: «ارفق بهم، فإن كفر أحدهم
في غضبه، ولا خير فيمن كان كفره في غضبه»([146]).

هـ ـ التواضع

وكذلك التواضع الذي هو طريق الارتفاع
والصعود إلى الدرجات العالية.

فعن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله(عليه
السلام) قال: سمعته يقول: «إن في السماء ملكين
موكلين بالعباد، فمن تواضع لله رفعاه، ومن
تكبر وضعاه»([147]).

والتواضع كما ورد في الروايات هو «أن
تعطي الناس ما تحب أن تُعطاه»، وهو أيضاً «درجات،
منها أن يعرف المرء قدر نفسه فينزلها منزلتها
بقلب سليم، لا يحب أن يأتي إلى أحد إلاّ مثل ما
يؤتى إليه. إن رأى سيئة درأها بالحسنة. كاظم
الغيظ، عاف عن الناس والله يحب المحسنين»،
وهو أيضاً «أن يرضى بالمجلس دون المجلس، وأن
يسلّم على من يلقى، وأن يترك المراء وإن كان
محقاً، ولا تحب أن تحمد على التقوى»([148]).

عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «أرسل
النجاشي إلى جعفر بن أبي طالب وأصحابه،
فدخلوا عليه وهو في بيت له جالس على التراب،
وعليه خُلقان الثياب. قال: فقال جعفر(عليه
السلام): فأشفقنا منه حين رأيناه على تلك
الحال، فلما رأى ما بنا وتغير وجوهنا قال:
الحمد لله الذي نصر محمداً وأقر عينه. ألا
أبشركم؟ فقلت: بلى أيها الملك، فقال: إنه
جاءني الساعة من نحو أرضكم عين من عيوني هناك،
فأخبرني أن الله عزّوجلّ قد نصر نبيه محمداً(صلى
الله عليه وآله وسلم) وأهلك عدوه، وأسر فلان
وفلان وفلان. التقوا بواد يقال له بدر، كثير
الاراك، لكأني أنظر إليه حيث كنت أرعى لسيدي
هناك، وهو رجل من بني ضمرة. فقال له جعفر: ايها
الملك، فما لي اراك جالساً على التراب، وعليك
هذه الخلقان؟ فقال له: يا جعفر، إنا نجد فيما
انزل الله على عيسى(عليه السلام) أن من حق الله
على عباده أن يحدثوا له تواضعاً عندما يحدث
لهم من نعمة، فلما أحدث الله عزوجل لي نعمه
بمحمد(صلى الله عليه وآله وسلم)أحدثت لله هذا
التواضع، فلما بلغ النبي(صلى الله عليه وآله
وسلم) قال لاصحابه: إن الصدقة تزيد صاحبها
كثرة، فتصدقوا يرحمكم الله، وإن التواضع يزيد
صاحبه رفعة فتواضعوا يرفعكم الله، وإن العفو
يزيد صاحبه عزاً فاعفوا يعزكم الله»([149]).

وعن معاوية بن وهب قال: سمعت أبا عبد
الله(عليه السلام) يقول: «اطلبوا العلم
وتزينوا معه بالحلم والوقار، وتواضعوا لمن
تعلمونه العلم، وتواضعوا لمن طلبتم منه
العلم، ولا تكونوا علماء جبارين فيذهب باطلكم
بحقكم»([150]).

وعن محمد بن سنان رفعه قال: «قال عيسى
بن مريم(عليه السلام) للحواريين: لي إليكم
حاجة اقضوها لي، فقالوا: قضيت حاجتك يا روح
الله، فقام فغسل أقدامهم، فقالوا: كنا أحق
بهذا منك، فقال: إن أحق الناس بالخدمة العالم.
إنما تواضعت هكذا لكيما تتواضعوا بعدي في
الناس كتواضعي لكم، ثم قال عيسى(عليه السلام):
بالتواضع تعمر الحكمة لا بالتكبر، وكذلك في
السهل ينبت الزرع لا في الجبل»([151]).

وعن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «أفطر
رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) عشية خميس
في مسجد قبا، فقال: هل من شراب؟ فأتاه أوس بن
خولى الانصاري بعسّ مخيض بعسل، فلما وضعه على
فيه نحّاه ثم قال: شرابان يكتفى من احدهما
بصاحبه. لا أشربه ولا أحرّمه، ولكن اتواضع
لله، فإنه من تواضع لله رفعه الله، ومن تكبر
خفضه الله، ومن اقتصد في معيشته رزقه الله،
ومن بذّر حرمه الله، ومن أكثر ذكر الموت أحبه
الله»([152]).

و ـ النية الحسنة والسريرة الصالحة

وكذلك إصلاح النية والسريرة في
التعامل مع الاخرين، حيث يضع الله أمام عينه
ويقيم العلاقة على أساس هذه الصلة.

عن أمير المؤمنين(عليه السلام) قال: «من
أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه
وبين الناس، ومن أصلح أمر آخرته أصلح الله له
أمر دنياه، ومن كان له من نفسه واعظ كان عليه
من الله حافظ»([153]).

2 ـ ضبط العواطف والصفات الذميمة

وفي جانب آخر في هذا المجال نجد مجموعة
من الاتجاهات والانفعالات النفسية والعاطفية
المرتبطة بالعلاقات الاجتماعية، يحرمها
الشارع المقدس، ويحذر منها أشد التحذير بسبب
ما يمكن أن تحدثه من تأثير سلبي على مسيرة
الانسان التكاملية الاجتماعية.

أ ـ حب الرئاسة

فمثلاً حب الرئاسة والامارة لما كان
يمثل اتجاهاً نفسياً يعبر عن الهوى والشهوات
في عواطف الانسان وأحاسيسه، حذر أهل البيت(عليه
السلام) منه، خصوصاً مع ملاحظة الواقع الفاسد
الذي كان يعيشه الرؤساء في المجتمع الاسلامي
آنذاك.

وأصبحت الرئاسة في نظر بعض الفقهاء
أمراً محرماً، مع عدم الوثوق بالعدل، واحتمال
الانسياق مع آثارها الخطيرة في الظلم أو
الكِبر.

عن معمر بن خلاد، عن أبي الحسن(عليه
السلام) أنه ذكر رجلاً فقال: إنه يحب الرئاسة،
فقال: «ما ذئبان ضاريان في غنم قد تفرق رعاؤها
بأضر في دين المسلم من الرئاسة»([154]).

وعن عبد الله بن مسكان قال: سمعت ابا
عبد الله(عليه السلام) يقول: «إياكم وهؤلاء
الرؤساء الذين يترأسون، فوالله ما خفقت
النعال خلف الرجل إلاّ هلك وأهلك»([155]).

وعن الصادق(عليه السلام) عن آبائه(عليهم
السلام) عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) في
حديث المناهي قال: «ألا ومن تولى عرافة قوم
أتى يوم القيامة ويداه مغلولتان إلى عنقه،
فإن قام فيهم بأمر الله أطلقه الله، وإن كان
ظالماً هوى به في نار جهنم وبئس المصير»([156]).

ب ـ الغضب

كما حذر الشارع المقدس وأهل البيت(عليهم
السلام) من الغضب وآثاره في العلاقات
الاجتماعية وفي التكامل الذاتي، وبينوا بعض
طرق العلاج لهذه الحالة النفسية والانفعال
الخطير في حياة الانسان مع الاخرين.

فإن «الغضب يفسد الايمان كما يفسد
الخل العسل» و «الغضب مفتاح كل شر» و «إنما
المؤمن الذي إذا غضب لم يخرجه غضبه من حق» و «من
كف غضبه عن الناس كف الله تبارك وتعالى عنه
عذاب يوم القيامة» و «فأيما رجل غضب على قوم
وهو قائم فليجلس من فوره ذلك، فإنه يذهب عنه
رجز الشيطان، وأيما رجل غضب على ذي رحم فليدنُ
منه فليمسه، فإن الرحم إذا مست سكنت»([157]).

ومن الطرائف في هذا المجال ما رواه
الكليني عن معلى بن خنيس عن ابي عبد الله(عليه
السلام) قال: «قال رجل للنبي(صلى الله عليه
وآله وسلم) يا رسول الله، علمني. قال: اذهب ولا
تغضب، فقال الرجل: قد اكتفيت بذاك، فمضى إلى
أهله فإذا بين قومه حرب قد قاموا صفوفاً،
ولبسوا السلاح، فلما رأى ذلك لبس سلاحه ثم قام
معهم، ثم ذكر قول رسول الله(صلى الله عليه
وآله وسلم): لا تغضب، فرمى السلاح ثم جاء يمشي
إلى القوم الذين هم عدوّ قومه فقال: يا هؤلاء،
ما كانت لكم من جراحة أو قتل أو ضرب ليس فيه
أثر فعليّ في مالي انا أوفيكموه، فقال القوم:
فما كان فهو لكم. نحن أولى بذلك منكم. قال:
فاصطلح القوم وذهب الغضب»([158]).

ج ـ الحسد

كما حذر الشارع المقدس من الحسد، وهو
أن يتصرف الانسان مع الناس في المجتمع من موقع
الرغبة في زوال النعم التي أنعم الله تعالى
بها عليهم، أو تحولها منهم إليه.

فعن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «إن
الحسد يأكل الايمان كما تأكل النار الحطب»([159]).

وعنه(عليه السلام) قال: «قال رسول الله(صلى
الله عليه وآله وسلم): قال الله عزّوجلّ لموسى
بن عمران(عليه السلام): يابن عمران، لا تحسدنّ
الناس على ما آتيتهم من فضلي، ولا تمدنّ عينيك
إلى ذلك، ولا تتبعه نفسك، فإن الحاسد ساخط
لنعمي، صاد لقسمي الذي قسمت بين عبادي، ومن يك
كذلك فلست منه وليس مني»([160]).

كما أن الحسد غير الغبطة التي يشعر
الانسان فيها بالسرور والانس لما تفضل الله
به على بعض خلقه.

فعن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «إن
المؤمن يغبط ولا يحسد، والمنافق يحسد ولا
يغبط»([161]).

د ـ الحمية والعصبية

كما نهى الشارع في العلاقات
الاجتماعية عن التأثر بالعصبية، والانسياق
مع مشاعرها وعواطفها.

والعصبية التي يؤثم عليها صاحبها ـ
كما ورد في تفسيرها عن علي بن الحسين(عليهما
السلام) ـ هي: «أن يرى الرجل شرار قومه خيراً
من خيار قوم آخرين، وليس من العصبية أن يحب
الرجل قومه ولكن من العصبية أن يعين قومه على
الظلم»([162]).

ويبدو من هذا الحديث، ومن مفهوم
العصبية نفسها أن العصبية هي التعصب والتحزب
والولاء في العمل لغير الحق([163]).

وهي تدخل في أحد أبعادها في موضوع
العدل والانصاف، الذي سوف يأتي الحديث عنه،
ولكنها في الوقت نفسه تدخل في موضوع العواطف
والمشاعر التي يحتاج الانسان إلى ضبطها
والسيطرة عليها.

وقد وردت أحاديث عديدة في تحريمها، مثل
الحديث الصحيح الذي رواه الامام الصادق(عليه
السلام) عن جده رسول الله(صلى الله عليه وآله
وسلم) أنه قال: «من تعصب أو تعصب له فقد خلع ربق
الايمان من عنقه»([164]).




([1])
اعتمدنا أساسياً ما ذكره الحر العاملي في
كتابه الجامع تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل
مسائل الشريعة، كتاب الحج، أبواب أحكام
العشرة، الجزء الثامن، مضافاً إلى بعض
الموارد من كتاب الجهاد، أبواب جهاد النفس،
وكتاب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر،
الجزء الحادي عشر.

([2])
وسائل الشيعة 8 : 438، أبواب أحكام العشرة، ب34،
ح1.

([3])
وسائل الشيعة 8 : 438، أبواب أحكام العشرة، ب34،
ح4.

([4])
وسائل الشيعة 8 : 439، أبواب أحكام العشرة، ب34،
ح5.

([5])
وسائل الشيعة 8 : 510، أبواب أحكام العشرة، ب105،
ح1.

([6])
وسائل الشيعة 8 : 584، أبواب أحكام العشرة، ب144،
ح2.

([7])
وسائل الشيعة 8 : 584، أبواب أحكام العشرة، ب 144،
ح3.

([8])
وسائل الشيعة 8 : 585، أبواب أحكام العشرة، ب144،
ح5.

([9])
وسائل الشيعة 8 : 586، أبواب أحكام العشرة، ب 144،
ح10.

([10])
وسائل الشيعة 8 : 422، أبواب أحكام العشرة، ب 19،
ح1.

([11])
وسائل الشيعة 8 : 422، أبواب أحكام العشرة ، ب 19،
ح4.

([12])
وسائل الشيعة 8 : 423، أبواب أحكام العشرة، ب 19،
ح5.

([13])
وسائل الشيعة 8 : 430 ، أبواب أحكام العشرة ، ب 27،
ح1.

([14])
وسائل الشيعة 8 : 411 ، أبواب أحكام العشرة ، ب 11،
ح1.

([15])
وسائل الشيعة 8 : 412، أبواب أحكام العشرة ، ب11،
ح2.

([16])
وسائل الشيعة 8 : 416، أبواب أحكام العشرة، ب15،
ح1.

([17])
وسائل الشيعة 8 : 417، أبواب أحكام العشرة، ب15،
ح2.


([18])
وسائل الشيعة 8 : 421، أبواب أحكام العشرة، ب 18،
ح1.

([19])
وسائل الشيعة 8 : 418، أبواب أحكام العشرة، ب 16،
ح1.

([20])
وسائل الشيعة 8 : 418، أبواب أحكام العشرة، ب 16،
ح3.

([21])
وسائل الشيعة 8 : 431، أبواب أحكام العشرة ، ب 28،
ح4.

([22])
وسائل الشيعة 8 : 432، أبواب أحكام العشرة، ب28،
ح5.

([23])
وسائل الشيعة 8 : 432، أبواب أحكام العشرة ، ب28،
ح6.

([24])
الشعراء : 224 ـ 227.

([25])
وسائل الشيعة 8 : 431، أبواب أحكام العشرة، ب28،
ح2.

([26])
وسائل الشيعة 11: 567، أبواب فعل المعروف، ب23، ح3.

([27])
وسائل الشيعة 11: 567، أبواب فعل المعروف، ب23، ح5.

([28])
وسائل الشيعة 11: 568، أبواب فعل المعروف، ب23، ح7.

([29])
وسائل الشيعة 11: 568، أبواب فعل المعروف، ب23، ح10.

([30])
وسائل الشيعة 8 : 410، أبواب أحكام العشرة، ب10،
ح6.

([31])
وسائل الشيعة 8 : 410، أبواب أحكام العشرة، ب10،
ح8 .

([32])
وسائل الشيعة 11: 594، أبواب فعل المعروف، ب35، ح1.

([33])
وسائل الشيعة 11: 594، أبواب فعل المعروف، ب35، ح2.

([34])
وسائل الشيعة 11: 594، أبواب فعل المعروف، ب35، ح7.


([35])
وسائل الشيعة 8 : 413، أبواب أحكام العشرة، ب12،
ح1.

([36])
وسائل الشيعة 8 : 413، أبواب أحكام العشرة، ب12،
ح2.

([37])
وسائل الشيعة 8 : 413، أبواب أحكام العشرة، ب12،
ح3، وفي المحاسن «وقبول ممن ينصحه».

([38])
وسائل الشيعة 8 : 552، أبواب أحكام العشرة، ب124،
ح2.

([39])
وسائل الشيعة 8 : 552، أبواب أحكام العشرة، ب124،
ح5.

([40])
وسائل الشيعة 13: 162، ب1، ح1 و 163، ح6.

([41])
وسائل الشيعة 13: 162، ب1، ح2.

([42])
نهج البلاغة، القسم الثاني، الرقم 47.

([43])
وسائل الشيعة 13: 162، ب1، ح4.

([44])
وسائل الشيعة 8 : 578، ب141، ح2.

([45])
وسائل الشيعة 8 : 579، ب141، ح6.

([46])
وسائل الشيعة 8 : 569، ب136، ح1.

([47])
وسائل الشيعة 8 : 569، ب136، ح6.

([48])
وسائل الشيعة 8 : 579، ب 141، ح7.

([49])
وسائل الشيعة 8 : 437، ب 33، ح1.

([50])
وسائل الشيعة 8 : 494، ب93، ح2.

([51])
وسائل الشيعة 8 : 515، ب109، ح2.


([52])
وسائل الشيعة 8 : 502، ب102، ح3.

([53])
راجع الحكم الاسلامي بين النظرية والتطبيق
113 ـ 136.

([54])
المحاسن 2: 438.

([55])
المحاسن 2: 436.

([56])
نهج البلاغة، القسم الثالث، الرقم 211.

([57])
المحاسن 2: 435.

([58])
نهج البلاغة، القسم الثالث، الرقم 54.

([59])
المحاسن 2: 435.

([60])
نهج البلاغة، القسم الثالث، الرقم 161.

([61])
المحاسن 2: 437.

([62])
وسائل الشيعة 8 : 429، ب 25، ح2.

([63])
لعل السبب في النهي عن استشارة النساء في
الروايات هو هذه الخصوصية والصفة،
باعتبارها ظاهرة عامة في النساء، وخصوصاً في
ذلك العصر. وكذلك موضوع العبيد باعتبار أن
الوسط الاجتماعي والتربية العامة للعبيد
يجعلانهم عناصر غير مؤهلة لهذا العمل. ولذا
نجد في رواية أخرى في المحاسن تذكر أن الامام
الكاظم uكان ربما شاور الاسود من سودانه،
فقيل له في ذلك فقال: «... ربما فتح على لسانه».
راجع المحاسن 2: 437.

([64])
المحاسن 2 : 436.

([65])
المصدر نفسه.

([66])
المحاسن 2 : 438، ح26.

([67])
المصدر السابق.

([68])
وسائل الشيعة 8 : 429، ب26، ح1. وقد ورد هذا
المضمون أيضاً في نهج البلاغة، في عهد
الامام uلمالك الاشتر، باختلاف في اللفظ.


([69])
وسائل الشيعة 8 : 429، ب26، ح2.

([70])
وسائل الشيعة 8 : 429، ب25، ح1.

([71])
وسائل الشيعة 14: 128، ب94، ح1. وقد أشرنا إلى أنه
لا يبعد أن تكون هذه الاحاديث عن المرأة وعن
الاوساط الاجتماعية باعتبار طبيعة الظروف
والاخلاق العامة التي كانت عليها النساء في
ذلك العصر، أو باعتبار الجانب العاطفي الذي
يتغلب على المرأة بشكل عام.

([72])
المحاسن 2: 436.

([73])
المحاسن 2: 438.

([74])
وسائل الشيعة 8 : 437، ب33، ح1.

([75])
وسائل الشيعة 8 : 442، ب36، ح1.

([76])
وسائل الشيعة 8 : 588، ب146، ح4.

([77])
وسائل الشيعة 8 : 591، ب147، ح4.

([78])
وسائل الشيعة 8 : 441، ب35، ح1.

([79])
وسائل الشيعة 8 : 404، ب3، ح1.

([80])
الحديث نفسه.

([81])
راجع الوسائل 8 : 299 ـ 304.

([82])
وسائل الشيعة 8 : 434، ب30، ح2.

([83])
وسائل الشيعة 8 : 501، ب101، ح3.

([84])
وسائل الشيعة 8 : 472، ب72، ح1.

([85])
وسائل الشيعة 8 : 409، ب8 ، ح1.


([86])
وسائل الشيعة 8 : 412، ب11، ح3.

([87])
نهج البلاغة، القسم الثاني، الرقم 361. وقد
روي ذلك بسند معتبر عن الامام الصادقu. راجع
جامع أحاديث الشيعة 15: 239، ح13.

([88])
وسائل الشيعة 8 : 464، ب63، ح1.

([89])
وسائل الشيعة 8 : 465، ب64، ح2.

([90])
وسائل الشيعة 11 : 556، ب17، ح1.

([91])
وسائل الشيعة 11: 556، ب17، ح3.

([92])
وسائل الشيعة 11 : 557، ب17، ح6.

([93])
وسائل الشيعة 11: 558، ب17، ح7.

([94])
وسائل الشيعة 11: 558، ب17، ح9.

([95])
وسائل الشيعة 8 : 466، ب67، ح1.

([96])
وسائل الشيعة 8 : 467، ب67، ح3.

([97])
وسائل الشيعة 4: 830، ب4، ح1.

([98])
هناك مجموعة من الابواب، وعدد كبير من
الاحاديث، في الوسائل وغيرها، يحسن
مراجعتها والاطلاع عليها. يراجع مثلاً ج11 من
ص569 ـ 601 حيث يتضح من خلالها المعاملة الخاصة
للمؤمن، التي تعبر في الوقت نفسه عن المستوى
العالي للعلاقة الاجتماعية مع هذا الوسط
المتميز.

([99])
الكافي 2: 188.

([100])
وسائل الشيعة 11: 570، ب24، ح6.

([101])
وسائل الشيعة 11 : 576، ب25، ح1.

([102])
وسائل الشيعة 11: 576، ب25، ح3.


([103])
وسائل الشيعة 11: 586، ب29، ح1.

([104])
وسائل الشيعة 8 : 489، ب87، ح1.

([105])
وسائل الشيعة 8 : 489، ب87، ح3.

([106])
وسائل الشيعة 8 : 489، ب87، ح5.

([107])
وسائل الشيعة 8 : 491، ب90، ح1.

([108])
وسائل الشيعة 8 : 487، ب86، ح1.

([109])
وسائل الشيعة 8 : 484، ب85، ح2.

([110])
وسائل الشيعة 8 : 484، ب85، ح3.

([111])
وسائل الشيعة 8 : 491، ب89، ح1.

([112])
وسائل الشيعة 8 : 471، ب71، ح1.

([113])
وسائل الشيعة 8 : 471، ب71، ح3.

([114])
وسائل الشيعة 8 : 471، ب71، ح4.

([115])
وسائل الشيعة 8 : 515، ب109، ح2.

([116])
وسائل الشيعة 8 : 515، ب109، ح2.

([117])
وسائل الشيعة 8 : 513، ب108، ح1.

([118])
وسائل الشيعة 8 : 514، ب108، ح8 .

([119])
وسائل الشيعة 8 : 544، ب122، ح7.


([120])
وسائل الشيعة 8 : 454، ب50، ح1.

([121])
وسائل الشيعة 8 : 476، ب78، ح1.

([122])
وسائل الشيعة 8 : 570، ب137، ح1.

([123])
وسائل الشيعة 8 : 571، ب137، ح4.

([124])
وسائل الشيعة 8 : 572، ب138، ح3.

([125])
وسائل الشيعة 8 : 573، ب138، ح6.

([126])
وسائل الشيعة 8 : 576، ب140، ح1.

([127])
وفي أمالي الصدوق 342: «حتى لا يبقى في قلبه
موضع إبرة صدق».


([128]) وسائل الشيعة 8 : 577، ب140، ح3.

([129])
وسائل الشيعة 8 : 581 ، ب143، ح1.

([130])
وسائل الشيعة 8 : 582، ب143، ح2.

([131])
وسائل الشيعة 8 : 611، ب159، ح2.

([132])
وسائل الشيعة 8 : 613، ب161، ح1.

([133])
وسائل الشيعة 8 : 613، ب161، ح3.

([134])
وسائل الشيعة 11 : 143، ب4 ،ح9.

([135])
وسائل الشيعة 11 : 148، ب4 ، ح20.


([136])
وسائل الشيعة 11 : 148، ب4 ،ح28.

(*)
هكذا وردت في المصدر، والصواب «علامَ» لوجوب
حذف ألف «ما» الاستفهامية عند وقوعها بعد
حرف جر.

([138])
وسائل الشيعة 11: 186، ب19، ح1، وفي هذا الباب
أحاديث عديدة في هذا المعنى من المستحسن
الاطلاع عليها.

([139])
وسائل الشيعة 11 : 197، ب22، ح1.

([140])
وسائل الشيعة 11 : 200، ب23، ح1.

([141])
وسائل الشيعة 11 : 210، ب26، ح1.

([142])
وسائل الشيعة 11 : 210، ب26، ح2.

([143])
وسائل الشيعة 11 : 211، ب26، ح7.

([144])
وسائل الشيعة 11: 213، ب27، ح1.

([145])
وسائل الشيعة 11 : 214، ب27، ح9.

([146])
وسائل الشيعة 11 : 214، ب27، ح12.

([147])
وسائل الشيعة 11 : 215، ب28، ح1.

([148])
تجد هذه النصوص وغيرها في الجزء 11 من وسائل
الشيعة، أبواب جهاد النفس، الباب 28 (استحباب
التواضع).

([149])
الكافي 2 : 121، ح1.

([150])
وسائل الشيعة 11 : 219، ب30، ح1.

([151])
وسائل الشيعة 11 : 219، ب30، ح2.

([152])
وسائل الشيعة 11 : 219، ب31، ح1.


([153])
نهج البلاغة، القسم الثاني، الرقم 89 .

([154])
وسائل الشيعة 11 : 279، ب50، ح1.

([155])
وسائل الشيعة 11 : 279، ب50، ح4.

([156])
وسائل الشيعة 11 : 282، ب50، ح14.

([157])
يراجع الوسائل 11 : 286، 287، ب53، ح1، 2، 3، 4، 6 .

([158])
الكافي 2 : 304، ح11.

([159])
الكافي 2 : 306، ح2.

([160])
الكافي 2 : 307، ح6 .

([161])
وسائل الشيعة 11 : 293، ب55، ح7 .

([162])
الكافي 2 : 308، ح7 .

([163])
يؤيد ذلك ما ذكره الكليني في الكافي 2 : 308 ، ح5
عن علي بن الحسين uأنه قال: «لم يدخل الجنة
حمية غير حمية حمزة بن عبد المطلب، وذلك حين
أسلم غضباً للنبي(صلى الله عليه وآله وسلم)
في حديث السلا الذي ألقي على النبي(صلى الله
عليه وآله وسلم)».

يراجع حديث السلا في الكافي 1 :
449، باب مولد النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)،
ح30.

([164])
الكافي 2 : 308، ح2.

/ 1