( 16 ) سورة النحل مائة و ثمان و عشرون آية ( 128 ) مكية
إلا و إن عاقبتم إلى آخرها و قيل أربعون من أولها مكية و الباقي مدنية .
سورة النحل
بِسمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَستَعْجِلُوهُسبْحَنَهُ وَ تَعَلى عَمَّا يُشرِكُونَ(1) يُنزِّلُ الْمَلَئكَةَ بِالرُّوح مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَن يَشاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُوا أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاتَّقُونِ(2) خَلَقَ السمَوَتِ وَ الأَرْض بِالْحَقِّتَعَلى عَمَّا يُشرِكُونَ(3) خَلَقَ الانسنَ مِن نُّطفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ(4) وَ الأَنْعَمَ خَلَقَهَالَكمْ فِيهَا دِفءٌ وَ مَنَفِعُ وَ مِنْهَا تَأْكلُونَ(5) وَ لَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَ حِينَ تَسرَحُونَ(6) وَ تحْمِلُ أَثْقَالَكمْ إِلى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُوا بَلِغِيهِ إِلا بِشِقِّ الأَنفُسِإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ(7) وَ الخَْيْلَ وَ الْبِغَالَ وَ الْحَمِيرَ لِترْكبُوهَا وَ زِينَةًوَ يخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ(8) وَ عَلى اللَّهِ قَصدُ السبِيلِ وَ مِنْهَا جَائرٌوَ لَوْ شاءَ لهََدَامْ أَجْمَعِينَ(9) هُوَ الَّذِى أَنزَلَ مِنَ السمَاءِ مَاءًلَّكم مِّنْهُ شرَابٌ وَ مِنْهُ شجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ(10) يُنبِت لَكم بِهِ الزَّرْعَ وَ الزَّيْتُونَ وَ النَّخِيلَ وَ الأَعْنَب وَ مِن كلِّ الثَّمَرَتِإِنَّ فى ذَلِك لاَيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكرُونَ(11)« بسم الله الرحمن الرحيم أتى أمر الله» الموعود به و هو يوم القيامة و عبر بالماضي لتحققه « فلا تستعجلوه» قبل وقته « سبحانه و تعالى عما يشركون» تنزه عن إشراكهم به « ينزل الملائكة بالروح» بالوحي أو القرآن فإنه حياة القلوب « من أمره» بإرادته « على ما يشاء من عباده» أن يخصه بالرسالة « أن أنذروا» خوفوا الكفرة بالعقاب و أعلموهم « أنه لا إله إلا أنا فاتقون» خافوا مخالفتي « خلق السموات و الأرض بالحق» بمقتضى الحكمة « تعالى عما يشركون» به من خلقه « خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم» منطيق يجادل عن نفسه « مبين» لحجته « و الأنعام» الإبل و البقر و الغنم « خلقها لكم» لانتفاعكم « فيها دفء» ما يستدفأ به من البرد من لباس و نحوه « و منافع» من نسل و در و ركوب « و منها تأكلون» ما يؤكل منها كاللحوم و الألبان و قدم الظرف للفاصلة « و لكم فيها جمال» زينة « حين تريحون» تردونها إلى مراحها بالعشي « و حين تسرحون» ترسلونها إلى مرعاها بالغداة « و تحمل أثقالكم» أحمالكم « إلى بلد لم تكونوا بالغيه» بأنفسكم فضلا عن أثقالكم « إلا بشق الأنفس إن ربكم لرءوف رحيم» بكم حيث أنعم بها « و الخيل و البغال و الحمير لتركبوها و زينة» و لتتزينوا بها زينة « و يخلق ما لا تعلمون» من أنواع الحيوانات و غيرها أو مما أعد في الجنة أو النار « و على الله قصد السبيل» بيان الطريق المستقيم المفضي إلى الحق « و منها جائر» و من السبل ما هو مائل عن القصد « و لو شاء» مشيئة حتم « لهداكم أجمعين» أو لهداكم إلى الجنة تفضلا « هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب» ما تشربونه « و منه شجر» ينبت بسببه « فيه تسيمون» ترعون أنعامكم « ينبت لكم به الزرع و الزيتون و النخيل و الأعناب و من كل الثمرات إن في ذلك» المذكور « لآية» على وحدانيته و قدرته « لقوم يتفكرون» في صنعه المحكم العجيبتفسير شبر ص :268وَ سخَّرَ لَكمُ الَّيْلَ وَ النَّهَارَ وَ الشمْس وَ الْقَمَرَوَ النُّجُومُ مُسخَّرَت بِأَمْرِهِإِنَّ فى ذَلِك لاَيَتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ(12) وَ مَا ذَرَأَ لَكمْ فى الأَرْضِ مخْتَلِفاً أَلْوَنُهُإِنَّ فى ذَلِك لاَيَةً لِّقَوْمٍ يَذَّكرُونَ(13) وَ هُوَ الَّذِى سخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكلُوا مِنْهُ لَحْماً طرِيًّا وَ تَستَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسونَهَا وَ تَرَى الْفُلْك مَوَاخِرَ فِيهِ وَ لِتَبْتَغُوا مِن فَضلِهِ وَ لَعَلَّكمْ تَشكُرُونَ(14) وَ أَلْقَى فى الأَرْضِ رَوَسىَ أَن تَمِيدَ بِكمْ وَ أَنهَراً وَ سبُلاً لَّعَلَّكمْ تهْتَدُونَ(15) وَ عَلَمَتٍوَ بِالنَّجْمِ هُمْ يهْتَدُونَ(16) أَ فَمَن يخْلُقُ كَمَن لا يخْلُقُأَ فَلا تَذَكرُونَ(17) وَ إِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تحْصوهَاإِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ(18) وَ اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَ مَا تُعْلِنُونَ(19) وَ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لا يخْلُقُونَ شيْئاً وَ هُمْ يخْلَقُونَ(20) أَمْوَتٌ غَيرُ أَحْيَاءٍوَ مَا يَشعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ(21) إِلَهُكمْ إِلَهٌ وَحِدٌفَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالاَخِرَةِ قُلُوبهُم مُّنكِرَةٌ وَ هُم مُّستَكْبرُونَ(22) لا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَ مَا يُعْلِنُونَإِنَّهُ لا يحِب الْمُستَكْبرِينَ(23) وَ إِذَا قِيلَ لهَُم مَّا ذَا أَنزَلَ رَبُّكمْقَالُوا أَسطِيرُ الأَوَّلِينَ(24) لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَمَةِوَ مِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيرِ عِلْمٍأَلا ساءَ مَا يَزِرُونَ(25)« و سخر لكم الليل و النهار و الشمس و القمر و النجوم مسخرات بأمره» حال من جميعها أي أعدها لمنافعكم حال كونها مسخرة لحكمه و قرىء برفع الشمس و ما بعدها مبتدأ و خبره مسخرات « إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون» يتدبرون « و ما ذرأ» و سخر « لكم» ما خلق « في الأرض» من حيوان و نبات و معدن « مختلفا ألوانه» مع اتحاده جنسا أو نوعا أو صنفا « إن في ذلك لآية لقوم يذكرون» إن ذلك إنما يصدر من قادر حكيم « و هو الذي سخر البحر» هيأه لانتفاعكم به ركوبا و أكلا أو لبسا « لتأكلوا منه لحما طريا» هو السمك « و تستخرجوا منه حلية تلبسونها» هي اللؤلؤ و المرجان « و ترى الفلك» السفن « مواخر فيه» جواري تمخر الماء أي تشقه بصدرها « و لتبتغوا» تطلبوا « من فضله» تعالى بركوبه للتجارة « و لعلكم تشكرون» الله « و ألقى في الأرض رواسي» جبالا ثوابت « أن تميد بكم» كراهة أن تضطرب « و» جعل فيها « أنهارا و سبلا» طرقا « لعلكم تهتدون» لمقاصدكم أو إلى توحيده تعالى « و علامات» تستدلون بها على الطرق من جبل و نحوه نهارا « و بالنجم» أي الجنس أو الثريا أو الفرقدان أو الجدي أو بنات نعش « هم» أي السائرة الدال عليهم ذكر السبيل « يهتدون» إلى الطرق و روي بالجدي يهتدى إلى القبلة ، و عن الصادق (عليهالسلام) نحن العلامات و النجم رسول الله « أ فمن يخلق» هذه الأشياء و هو الله « كمن لا يخلق» شيئا و هو الأصنام « أ فلا تذكرون» ذلك فتوحدوا الله « و إن تعدوا نعمة الله لا تحصوها» لا تحصروا عددها فضلا عن شكرها « إن الله لغفور» لتقصيركم في شكرها « رحيم» حيث لم يقطعها بتقصيركم « و الله يعلم ما تسرون و ما تعلنون» من نية و عمل و فيه توبيخ و وعيد على إشراكهم بعالم السر و العلن جمادات لا يشعرون « و الذين يدعون» تعبدونهم « من دون الله لا يخلقون شيئا و هم يخلقون» هم « أموات غير أحياء» تأكيد « و ما يشعرون» أي الأصنام « أيان يبعثون» وقت بعثهم و بعث عبدتهم فكيف يعبدون و إنما يعبد الخالق الحي العالم بالغيب « إلهكم» المستحق للعبادة « إله واحد» لا إله معه « فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة» للوحدانية « و هم مستكبرون» عن قبول الحق « لا جرم» حقا « أن الله يعلم ما يسرون و ما يعلنون» فيجازيهم به « إنه لا يحب المستكبرين» عن التوحيد أو كل متكبر « و إذا قيل لهم» لمقيمي طرق مكة لصد الناس و القائل الوافدون عليهم أو المسلمون « ما ذا» أي شيء « أنزل ربكم» و ما الذي أنزله « قالوا أساطير الأولين» أي المنزل في زعمكم أكاذيب الأولين « ليحملوا» أي كانت عاقبة أمرهم حين قالوا ذلك إضلالا للناس أن حملوا « أوزارهم» ذنوبهم « كاملة يوم القيامة» لا تخفف من عقابهم شيء « و من» و بعضتفسير شبر ص :269لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَمَةِوَ مِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيرِ عِلْمٍأَلا ساءَ مَا يَزِرُونَ(25) قَدْ مَكرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتى اللَّهُ بُنْيَنَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيهِمُ السقْف مِن فَوْقِهِمْ وَ أَتَاهُمُ الْعَذَاب مِنْ حَيْث لا يَشعُرُونَ(26) ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَمَةِ يخْزِيهِمْ وَ يَقُولُ أَيْنَ شرَكاءِى الَّذِينَ كُنتُمْ تُشقُّونَ فِيهِمْقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْى الْيَوْمَ وَ السوءَ عَلى الْكفِرِينَ(27) الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَئكَةُ ظالِمِى أَنفُسِهِمْفَأَلْقَوُا السلَمَ مَا كنَّا نَعْمَلُ مِن سوءِبَلى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمُ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ(28) فَادْخُلُوا أَبْوَب جَهَنَّمَ خَلِدِينَ فِيهَافَلَبِئْس مَثْوَى الْمُتَكَبرِينَ(29) وَ قِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَا ذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْقَالُوا خَيراًلِّلَّذِينَ أَحْسنُوا فى هَذِهِ الدُّنْيَا حَسنَةٌوَ لَدَارُ الاَخِرَةِ خَيرٌوَ لَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ(30) جَنَّت عَدْنٍ يَدْخُلُونهَا تجْرِى مِن تحْتهَا الأَنْهَرُلهَُمْ فِيهَا مَا يَشاءُونَكَذَلِك يجْزِى اللَّهُ الْمُتَّقِينَ(31) الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَئكَةُ طيِّبِينَيَقُولُونَ سلَمٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ(32) هَلْ يَنظرُونَ إِلا أَن تَأْتِيَهُمُ الْمَلَئكةُ أَوْ يَأْتىَ أَمْرُ رَبِّككَذَلِك فَعَلَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْوَ مَا ظلَمَهُمُ اللَّهُ وَ لَكِن كانُوا أَنفُسهُمْ يَظلِمُونَ(33) فَأَصابَهُمْ سيِّئَات مَا عَمِلُوا وَ حَاقَ بِهِم مَّا كانُوا بِهِ يَستهْزِءُونَ(34)« أوزار الذين يضلونهم» شاركوهم في إثم ضلالهم لأنهم دعوهم إليه فاتبعوهم « بغير علم» أي جاهلين كونهم ضلالا و لا عذر لهم بجهلهم إذ كان عليهم الفحص ليميزوا المهتدي من الضال « ألا ساء ما يزرون» بئس شيء يحملونه حملهم هذا « و قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله» أي أمره « بنيانهم من القواعد» الأساس « فخر عليهم السقف من فوقهم» أي و كانوا تحته « و أتاهم العذاب من حيث لا يشعرون» لا يحتسبون « ثم يوم القيامة يخزيهم» يفضحهم أو يدخلهم النار « و يقول» توبيخا لهم « أين شركائي» بزعمكم « الذين كنتم تشاقون» تعادون المؤمنين « فيهم قال الذين أوتوا العلم» الأنبياء و العلماء و الملائكة « إن الخزي اليوم و السوء» الذل و العذاب « على الكافرين» يقولونه شماتة بهم « الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم» بكفرهم « فألقوا السلم» استسلموا عند الموت قائلين « ما كنا نعمل من سوء» كفر فتكذبهم الملائكة « بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون» فيجازيكم « فادخلوا أبواب جهنم» على حسب منازلكم في دركاتها « خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبرين» هي « و قيل للذين اتقوا» هم المؤمنون « ما ذا أنزل ربكم قالوا» أنزل « خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة» كرامة معجلة « و لدار الآخرة» أي ثوابهم في الآخرة « خير» منها و هو وعد للذين اتقوا أو من قولهم تفسير الخير « و لنعم دار المتقين» هي « جنات عدن» إقامة خبر محذوف أو المخصوص بالمدح أو مبتدأ خبره « يدخلونها تجري من تحتها الأنهار لهم فيها ما يشاءون» النكتة في تقديم فيها الدلالة على أن الإنسان لا يجد كل ما يريده إلا فيها « كذلك» الجزاء « يجزي الله المتقين الذين تتوفاهم الملائكة طيبين» طاهرين من الشرك أو طيبة وفاتهم لا صعوبة فيها « يقولون» لهم عند الموت « سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون هل ينظرون» ما ينتظر الكفار « إلا أن تأتيهم الملائكة» لتوفيهم « أو يأتي أمر ربك» القيامة أو العذاب المعجل « كذلك» كما فعل هؤلاء « فعل الذين من قبلهم» كذبوا رسلهم قد مروا « و ما ظلمهم الله» بتدميرهم « و لكن أنفسهم يظلمون» بسوء عملهم « فأصابهم سيئات ما عملوا» جزاؤهاتفسير شبر ص :270فَأَصابَهُمْ سيِّئَات مَا عَمِلُوا وَ حَاقَ بِهِم مَّا كانُوا بِهِ يَستهْزِءُونَ(34) وَ قَالَ الَّذِينَ أَشرَكُوا لَوْ شاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شىْءٍ نحْنُ وَ لا ءَابَاؤُنَا وَ لا حَرَّمْنَا مِن دُونِهِ مِن شىْءٍكَذَلِك فَعَلَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْفَهَلْ عَلى الرُّسلِ إِلا الْبَلَغُ الْمُبِينُ(35) وَ لَقَدْ بَعَثْنَا فى كلِّ أُمَّةٍ رَّسولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَ اجْتَنِبُوا الطغُوتفَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ وَ مِنْهُم مَّنْ حَقَّت عَلَيْهِ الضلَلَةُفَسِيرُوا فى الأَرْضِ فَانْظرُوا كَيْف كانَ عَقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ(36) إِن تحْرِص عَلى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يهْدِى مَن يُضِلُّوَ مَا لَهُم مِّن نَّصِرِينَ(37) وَ أَقْسمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَنِهِمْلا يَبْعَث اللَّهُ مَن يَمُوتبَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَ لَكِنَّ أَكثرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ(38) لِيُبَينَ لَهُمُ الَّذِى يخْتَلِفُونَ فِيهِ وَ لِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنهُمْ كانُوا كذِبِينَ(39) إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشىْءٍ إِذَا أَرَدْنَهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ(40) وَ الَّذِينَ هَاجَرُوا فى اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا ظلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فى الدُّنْيَا حَسنَةًوَ لأَجْرُ الاَخِرَةِ أَكْبرُلَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ(41) الَّذِينَ صبرُوا وَ عَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكلُونَ(42) وَ مَا أَرْسلْنَا مِن قَبْلِك إِلا رِجَالاً نُّوحِى إِلَيهِمْفَسئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ(43) بِالْبَيِّنَتِ وَ الزُّبُرِوَ أَنزَلْنَا إِلَيْك الذِّكرَ لِتُبَينَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيهِمْ وَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ(44)« و حاق بهم ما كانوا به يستهزءون» من العذاب أو جزاء استهزائهم « و قال للذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء نحن و لا آباؤنا و لا حرمنا من دونه من شيء» كأنهم كانوا جبرية أو أشعرية « كذلك فعل الذين من قبلهم» فنسبوا إليه مشيئة ما فعلوه من شرك و نحوه كما مر في الأنعام « فهل على الرسل إلا البلاغ المبين» للحق و تنزيه الله عن الظلم « و لقد بعثنا في كل أمة رسولا» كما بعثنا في هؤلاء « أن» أي بأن أو أي « اعبدوا الله و اجتنبوا الطاغوت» أي عبادته « فمنهم من هدى الله» لطف به لأنه من أهله فآمن أو هداه إلى الجنة بإيمانه أو حكم بإيمانه « و منهم من حقت عليه الضلالة» أي ثبت عليه الخذلان لعلمه بتصميمه على الضلال أو حكم بضلاله أو أضله عن الجنة أو وجب عليه العذاب « فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين» للرسل و الحجج « إن تحرص على هداهم» أي إيمانهم « فإن الله لا يهدي من يضل» لا يلطف بمن يخذل أو لا يهتدي من يخذله « و ما لهم من ناصرين» يمنعونهم من العذاب « و أقسموا بالله جهد أيمانهم» مجتهدين فيها « لا يبعث الله من يموت بلى» يبعثهم وعد ذلك « وعدا عليه» إنجازه حقه « حقا و لكن أكثر الناس لا يعلمون» صحة البعث لجهلهم وجه الحكمة فيه أو لتوهمهم امتناعه « ليبين لهم» الحق « الذي يختلفون فيه» فيميز المحق من المبطل بالثواب و العقاب « و ليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين» في نفيهم البعث « إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون» فالبعث و الحشر لا يتوقف إلا على أمره « و الذين هاجروا في الله» في سبيله « من بعد ما ظلموا» بالأذى « لنبوئنهم» لننزلنهم « في الدنيا حسنة» مباءة حسنة و هي المدينة « و لأجر الآخرة» ثوابها « أكبر» مما نعطيهم في الدنيا « لو كانوا يعلمون» أي الكفار ما للمهاجرين من خير الدارين لوافقوهم أو المهاجرون ما أعد لهم لزاد اجتهادهم « الذين صبروا» على الأذى و الهجرة « و على ربهم» لا غيره « يتوكلون» فيكفيهم أمورهم « و ما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي» بالنون و الياء « إليهم» لا ملائكة رد لإنكارهم كون الرسول بشرا بأن هذا هو السنة مستمرة على مقتضى الحكمة « فسئلوا أهل الذكر» أهل العلم من كانوا أو أهل الكتاب أو أهل القرآن ، و عنهم (عليهمالسلام) نحن أهل الذكر « إن كنتم لا تعلمون» ذلك فيعلمونكم « بالبينات» متعلق بمقدر أي أرسلناهم بالمعجزات « و الزبر» الكتب « و أنزلنا إليك الذكر» القرآنتفسير شبر ص :271بِالْبَيِّنَتِ وَ الزُّبُرِوَ أَنزَلْنَا إِلَيْك الذِّكرَ لِتُبَينَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيهِمْ وَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ(44) أَ فَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السيِّئَاتِ أَن يخْسِف اللَّهُ بهِمُ الأَرْض أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَاب مِنْ حَيْث لا يَشعُرُونَ(45) أَوْ يَأْخُذَهُمْ فى تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ(46) أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ(47) أَ وَ لَمْ يَرَوْا إِلى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِن شىْءٍ يَتَفَيَّؤُا ظِلَلُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَ الشمَائلِ سجَّداً لِّلَّهِ وَ هُمْ دَخِرُونَ(48) وَ للَّهِ يَسجُدُ مَا فى السمَوَتِ وَ مَا فى الأَرْضِ مِن دَابَّةٍ وَ الْمَلَئكَةُ وَ هُمْ لا يَستَكْبرُونَ(49) يخَافُونَ رَبهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَ يَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (50) وَ قَالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلَهَينِ اثْنَينِإِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَحِدٌفَإِيَّى فَارْهَبُونِ(51) وَ لَهُ مَا فى السمَوَتِ وَ الأَرْضِ وَ لَهُ الدِّينُ وَاصِباًأَ فَغَيرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ(52) وَ مَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِثُمَّ إِذَا مَسكُمُ الضرُّ فَإِلَيْهِ تجْئَرُونَ(53) ثُمَّ إِذَا كَشف الضرَّ عَنكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنكم بِرَبهِمْ يُشرِكُونَ(54) لِيَكْفُرُوا بِمَا ءَاتَيْنَهُمْفَتَمَتَّعُوافَسوْف تَعْلَمُونَ(55) وَ يجْعَلُونَ لِمَا لا يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِّمَّا رَزَقْنَهُمْتَاللَّهِ لَتُسئَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَفْترُونَ(56) وَ يجْعَلُونَ للَّهِ الْبَنَتِ سبْحَنَهُوَ لَهُم مَّا يَشتهُونَ(57) وَ إِذَا بُشرَ أَحَدُهُم بِالأُنثى ظلَّ وَجْهُهُ مُسوَدًّا وَ هُوَ كَظِيمٌ(58)« لتبين للناس ما نزل إليهم» فيه من الشريعة و الأحكام « و لعلهم يتفكرون» فيه فيعلمون ما هو الحق « أ فأمن الذين مكروا السيئات» أي المكرات السيئات بالرسول من إرادة حبسه أو قتله أو إخراجه « أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون» من جهة لا يتوقعونه كقوم لوط أو قد وقع يوم بدر « أو يأخذهم في تقلبهم» في أسفارهم أو بالليل و النهار « فما هم بمعجزين» بفائتين الله « أو يأخذهم على تخوف» و هم يتخوفون بأن أهلك غيرهم فتوقعوا البلاء أو على تنقص شيئا فشيئا حتى يفنوا « فإن ربكم لرءوف رحيم» حيث لم يعجل النقمة « أ و لم يروا» و قرىء بالتاء « إلى ما خلق الله من شيء» له ظل كشجر و جبل « يتفيؤا ظلاله» يتميل و الفيء و الظل بعد الزوال و أصله الرجوع « عن اليمين و الشمائل» جمع شمال أي عن جانبي ذوات الظلال و إفراد اليمين و جمع الشمائل لعله للفظ ما و معناه كافر إذ الضمير في ظلاله و جمعه في « سجدا لله» حال من الظلال أي منقادة لأمره في تقلبها و كذا « و هم داخرون» صاغرون لما فيهم من التسخير و دلائل التدبير و جمع بالواو لأن الدخور للعقلاء « و لله يسجد ما في السموات و ما في الأرض» ينقاد لأمره و إرادته « من دابة» بيان لما فيهما على أن في السماء خلقا يدبون و الملائكة ، من عطف الخاص على العام للتفخيم أو بيان لما في الأرض « و الملائكة» تعيين لما في السموات تفخيما و ما لتغليب ما لا يعقل لكثرته « و هم» أي الملائكة « لا يستكبرون» عن عبادته « يخافون ربهم من فوقهم» أي غالبا عليهم بالقهر « و يفعلون ما يؤمرون» به « و قال الله لا تتخذوا إلهين اثنين» تأكيد يؤذن بمنافاة الاثنينية للإلهية « إنما هو إله واحد» أكد تنبيها على لزوم الوحدة للإلهية « فإياي فارهبون» فخافوني لا غيري التفات من الغيبة إلى التكلم للمبالغة في الترهيب « و له ما في السموات و الأرض» ملكا و خلقا « و له الدين واصبا» حال عاملها له أي له الطاعة دائمة أو الجزاء دائما أي الثواب و العقاب « أ فغير الله تتقون» تخشون و لا يقدر على النفع و الضر غيره « و ما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر» كمرض و فقر « فإليه تجأرون » تضجون بالاستغاثة و الدعاء لا إلى غيره « ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشركون ليكفروا بما ءاتيناهم» من النعمة كأنهم قصدوا بالشرك كفرانها « فتمتعوا» بما أنتم فيه أمر تهديد « فسوف تعلمون» سوء عاقبتكم « و يجعلون لما» للأصنام التي « لا يعلمون» أنها لا تضر و لا تنفع « نصيبا مما رزقناهم» من الحرث و الأنعام « تالله لتسئلن» توبيخا و فيه التفات من الغيبة « عما كنتم تفترون» بدعوى إلهيتها و التقرب إليها « و يجعلون لله البنات» بقولهم الملائكة بنات الله « سبحانه» تنزيها له عن قولهم « و لهم ما يشتهون» أي البنون « و إذا بشر أحدهم بالأنثى» بولادتها « ظل» صار « وجهه مسودا»
تفسير شبر ص :272
وَ إِذَا بُشرَ أَحَدُهُم بِالأُنثى ظلَّ وَجْهُهُ مُسوَدًّا وَ هُوَ كَظِيمٌ(58) يَتَوَرَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سوءِ مَا بُشرَ بِهِأَ يُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ أَمْ يَدُسهُ فى الترَابِأَلا ساءَ مَا يحْكُمُونَ(59) لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالاَخِرَةِ مَثَلُ السوْءِوَ للَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلىوَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ(60) وَ لَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاس بِظلْمِهِم مَّا تَرَك عَلَيهَا مِن دَابَّةٍ وَ لَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُّسمًّىفَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَستَئْخِرُونَ ساعَةًوَ لا يَستَقْدِمُونَ(61) وَ يجْعَلُونَ للَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَ تَصِف أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِب أَنَّ لَهُمُ الحُْسنىلا جَرَمَ أَنَّ لهَُمُ النَّارَ وَ أَنهُم مُّفْرَطونَ(62) تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسلْنَا إِلى أُمَمٍ مِّن قَبْلِك فَزَيَّنَ لهَُمُ الشيْطنُ أَعْمَلَهُمْ فَهُوَ وَلِيهُمُ الْيَوْمَ وَ لهَُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(63) وَ مَا أَنزَلْنَا عَلَيْك الْكِتَب إِلا لِتُبَينَ لهَُمُ الَّذِى اخْتَلَفُوا فِيهِوَ هُدًى وَ رَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ(64) وَ اللَّهُ أَنزَلَ مِنَ السمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْض بَعْدَ مَوْتهَاإِنَّ فى ذَلِك لاَيَةً لِّقَوْمٍ يَسمَعُونَ(65) وَ إِنَّ لَكمْ فى الأَنْعَمِ لَعِبرَةًنُّسقِيكم مِّمَّا فى بُطونِهِ مِن بَينِ فَرْثٍ وَ دَمٍ لَّبَناً خَالِصاً سائغاً لِّلشرِبِينَ(66) وَ مِن ثَمَرَتِ النَّخِيلِ وَ الأَعْنَبِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سكراً وَ رِزْقاً حَسناًإِنَّ فى ذَلِك لاَيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ(67) وَ أَوْحَى رَبُّك إِلى النَّحْلِ أَنِ اتخِذِى مِنَ الجِْبَالِ بُيُوتاً وَ مِنَ الشجَرِ وَ مِمَّا يَعْرِشونَ(68)متغيرا من الغم « و هو كظيم» ممتلىء غيظا فكيف تجعلون البنات له تعالى « يتوارى من القوم» يختفي من قومه مخافة العار « من سوء ما بشر به» عنده مفكرا ما ذا يصنع به « أ يمسكه على هون» أ يتركه على هوان و ذل « أم يدسه» يخفيه بدفنه « في التراب» حيا و هو الوأد و ذكر الضمير للفظ ما « ألا ساء» بئس « ما يحكمون» حكمهم هذا حيث جعلوا ما هذا محله عندهم لربهم المتنزه عن الأولاد « للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء» الصفة السوء و هي الحاجة إلى الأولاد « و لله المثل الأعلى» كالتفرد و الغنى و الجود « و هو العزيز الحكيم و لو يؤاخذ الله الناس بظلمهم» بعصيانهم « ما ترك عليها» على الأرض بقرينة الناس و الدابة « من دابة» تدب عليها فيهلك الظلمة عقوبة لهم و غيرهم بشؤمهم أو أهلك الآباء بظلمهم لبطل نسلهم و لهلكت الدواب المخلوقة لهم أو من دابة ظالمة « و لكن يؤخرهم إلى أجل مسمى» هو منتهى أعمارهم أو القيامة ليتوالدوا « فإذا جاء أجلهم لا يستئخرون» عنه « ساعة و لا يستقدمون» عليه فيؤاخذون حينئذ « و يجعلون لله ما يكرهون» لأنفسهم من البنات و الشركاء في الرئاسة و إهانة الرسل و رديء المال « و تصف ألسنتهم الكذب» مع ذلك و هو زعمهم « أن لهم الحسنى» عند الله أي الجنة إن صح البعث « لا جرم» حقا « أن لهم النار» لا الحسنى « و أنهم مفرطون» مقدمون إلى النار « تالله لقد أرسلنا» رسلا « إلى أمم من قبلك فزين لهم الشيطان أعمالهم» القبيحة فأصروا عليها « فهو وليهم اليوم» متولي أمورهم في الدنيا أو ناصرهم في القيامة « و لهم عذاب أليم» في القيامة « و ما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم» للناس « الذي اختلفوا فيه» من التوحيد و العدل و الأحكام و البعث « و هدى و رحمة لقوم يؤمنون و الله أنزل من السماء ماء فأحيا به الأرض» بالنبات « بعد موتها» يبسها « إن في ذلك لآية» دالة على التوحيد و البعث « لقوم يسمعون» سماع اعتبار « و إن لكم في الأنعام لعبرة» لاعتبارا « نسقيكم مما في بطونه» أي الأنعام فإن لفظه مفرد و معناه جمع كالرهط « من» ابتدائية تتعلق بنسقيكم « بين فرث و دم لبنا خالصا» لا يشوبه لون و لا رائحة و لا طعم من الفرث و الدم « سائغا للشاربين» سهل الجواز في حلوقهم « و من ثمرات النخيل و الأعناب» خبر محذوف أي ثمر صفته « تتخذون منه سكرا» مصدر سمي به الخمر و فيه إشعار بتحريمها بوصف قسيمها بالحسن « و رزقا حسنا» كالتمر و الزبيب و الدبس و الخل فلا تكون هي حسنة فليست بحلال فالآية جامعة بين العتاب و المنة ، و قيل السكر الأشربة الحلال و الرزق الحسن المأكول اللذيذ « إن في ذلك لآية لقوم يعقلون و أوحى ربك إلى النحل» ألهمهاتفسير شبر ص :273وَ أَوْحَى رَبُّك إِلى النَّحْلِ أَنِ اتخِذِى مِنَ الجِْبَالِ بُيُوتاً وَ مِنَ الشجَرِ وَ مِمَّا يَعْرِشونَ(68) ثمَّ كلِى مِن كلِّ الثَّمَرَتِ فَاسلُكِى سبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاًيخْرُجُ مِن بُطونِهَا شرَابٌ مخْتَلِفٌ أَلْوَنُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِإِنَّ فى ذَلِك لاَيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ(69) وَ اللَّهُ خَلَقَكمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْوَ مِنكم مَّن يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَىْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شيْئاًإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ(70) وَ اللَّهُ فَضلَ بَعْضكمْ عَلى بَعْضٍ فى الرِّزْقِفَمَا الَّذِينَ فُضلُوا بِرَادِّى رِزْقِهِمْ عَلى مَا مَلَكت أَيْمَنهُمْ فَهُمْ فِيهِ سوَاءٌأَ فَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يجْحَدُونَ(71) وَ اللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكمْ أَزْوَجاً وَ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَجِكم بَنِينَ وَ حَفَدَةً وَ رَزَقَكُم مِّنَ الطيِّبَتِأَ فَبِالْبَطِلِ يُؤْمِنُونَ وَ بِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ(72) وَ يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لا يَمْلِك لَهُمْ رِزْقاً مِّنَ السمَوَتِ وَ الأَرْضِ شيْئاً وَ لا يَستَطِيعُونَ(73) فَلا تَضرِبُوا للَّهِ الأَمْثَالَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَ أَنتُمْ لا تَعْلَمُونَ(74) ضرَب اللَّهُ مَثَلاً عَبْداً مَّمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شىْءٍ وَ مَن رَّزَقْنَهُ مِنَّا رِزْقاً حَسناً فَهُوَ يُنفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَ جَهْراًهَلْ يَستَوُنَالحَْمْدُ للَّهِبَلْ أَكثرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ(75) وَ ضرَب اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلَينِ أَحَدُهُمَا أَبْكمُ لا يَقْدِرُ عَلى شىْءٍ وَ هُوَ كلٌّ عَلى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لا يَأْتِ بخَيْرٍهَلْ يَستَوِى هُوَ وَ مَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِوَ هُوَ عَلى صِرَاطٍ مُّستَقِيمٍ(76)« أن اتخذي من الجبال بيوتا» يأوين إليها للتعسيل « و من الشجر و مما يعرشون» يرفعون من سقف و كرم و البعضية لأنها لا تبني بكل جبل و شجر و ما يعرش بل فيما يوافقها من ذلك « ثم كلي من كل الثمرات» التي تشتهيها « فاسلكي سبل ربك» طرقه التي ألهمك في عمل العسل أو اسلكي ما أكلت في مسالك ربك التي تحيله فيها بقدرته عسلا « ذللا» جمع ذلول أي مذللة حال من السبل أو من فاعل اسلكي أي منقادة لما أمرت به « يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه» أصفر و أحمر و أبيض و أسود « فيه شفاء للناس » منفردا و مع غيره و قيل التنكير للتبعيض و قيل للتعظيم « إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون» في صنعه تعالى « و الله خلقكم» أوجدكم « ثم يتوفاكم» كلا بأجله « و منكم من يرد إلى أرذل العمر» أردأه أي الهرم و الخرف « لكي لا يعلم بعد علم شيئا» ليصير كالطفل في النسيان « إن الله عليم» بتدبير خلقه « قدير» على ما يشاء من تصريفهم « و الله فضل بعضكم على بعض في الرزق» فأغنى بعضا و أفقر بعضا « فما الذين فضلوا» من الموالي « برادي رزقهم على ما ملكت أيمانهم» بجاعلي ما رزقناهم رزقا لمماليكهم أي لم يرزقوهم و إنما ينفقون عليهم رزقهم الذي جعله الله عندهم « فهم فيه» فالموالي و المماليك في الرزق « سواء» في أنه من الله تعالى أو معناه فما هم بجاعلي ما رزقناهم شركة بينهم و بين مماليكهم حتى يتساووا فيه و لم يرضوا بذلك و هم يشركون عبيدي معي في الإلهية « أ فبنعمة الله يجحدون» حيث يشركون به غيره و قرىء بالتاء « و الله جعل لكم من أنفسكم أزواجا» من جنسكم لتسكنوا إليها « و جعل لكم من أزواجكم بنين و حفدة» أولاد أولاد أو أعوانا أو أختانا على البنات أو ربائب و الحفد الإسراع في العمل « و رزقكم من الطيبات» المستلذات أي بعضها إذ كلها إنما تكون في الجنة « أ فبالباطل» الأصنام و تحريم الحلال « يؤمنون و بنعمة الله» التي عددها « هم يكفرون» حيث أشركوا به غيره « و يعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السموات و الأرض شيئا» من مطر و نبات « و لا يستطيعون» لا يقدرون على شيء و هم الأصنام « فلا تضربوا لله الأمثال» لا تجعلوا له أشباها في الإلهية « إن الله يعلم و أنتم لا تعلمون» ذلك « ضرب الله مثلا» لنفسه و ما يشرك به « عبدا مملوكا لا يقدر على شيء» عاجز عن التصرف و هذا مثل الأصنام « و من» نكرة موصوفة أي و حرا « رزقناه منا رزقا حسنا» مالا وافرا « فهو ينفق منه سرا و جهرا» أي يتصرف فيه كيف شاء و هو مثله تعالى « هل» لا « يستون الحمد لله» لا يستحقه سواه « بل أكثرهم لا يعلمون» اختصاص الحمد به « و ضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم» ولد أخرس « لا يقدر على شيء » من نطق و تدبير لأنه لا يفهم و لا يفهم « و هو كل على مولاه» ثقل على ولي أمرهتفسير شبر ص :274وَ ضرَب اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلَينِ أَحَدُهُمَا أَبْكمُ لا يَقْدِرُ عَلى شىْءٍ وَ هُوَ كلٌّ عَلى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لا يَأْتِ بخَيْرٍهَلْ يَستَوِى هُوَ وَ مَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِوَ هُوَ عَلى صِرَاطٍ مُّستَقِيمٍ(76) وَ للَّهِ غَيْب السمَوَتِ وَ الأَرْضِوَ مَا أَمْرُ الساعَةِ إِلا كلَمْح الْبَصرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبإِنَّ اللَّهَ عَلى كلِّ شىْءٍ قَدِيرٌ(77) وَ اللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطونِ أُمَّهَتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شيْئاً وَ جَعَلَ لَكُمُ السمْعَ وَ الأَبْصرَ وَ الأَفْئِدَةَلَعَلَّكُمْ تَشكُرُونَ(78) أَ لَمْ يَرَوْا إِلى الطيْرِ مُسخَّرَتٍ فى جَوِّ السمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلا اللَّهُإِنَّ فى ذَلِك لاَيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ(79) وَ اللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكمْ سكَناً وَ جَعَلَ لَكم مِّن جُلُودِ الأَنْعَمِ بُيُوتاً تَستَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظعْنِكُمْ وَ يَوْمَ إِقَامَتِكمْوَ مِنْ أَصوَافِهَا وَ أَوْبَارِهَا وَ أَشعَارِهَا أَثَثاً وَ مَتَعاً إِلى حِينٍ(80) وَ اللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِلَلاً وَ جَعَلَ لَكم مِّنَ الْجِبَالِ أَكنَناً وَ جَعَلَ لَكُمْ سرَبِيلَ تَقِيكمُ الْحَرَّ وَ سرَبِيلَ تَقِيكم بَأْسكمْكَذَلِك يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكمْ لَعَلَّكُمْ تُسلِمُونَ(81) فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْك الْبَلَغُ الْمُبِينُ(82) يَعْرِفُونَ نِعْمَت اللَّهِ ثُمَّ يُنكرُونهَا وَ أَكثرُهُمُ الْكَفِرُونَ(83) وَ يَوْمَ نَبْعَث مِن كلِّ أُمَّةٍ شهِيداً ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كفَرُوا وَ لا هُمْ يُستَعْتَبُونَ(84) وَ إِذَا رَءَا الَّذِينَ ظلَمُوا الْعَذَاب فَلا يخَفَّف عَنهُمْ وَ لا هُمْ يُنظرُونَ(85)« أينما يوجهه» يرسله في حاجة « لا يأت بخير» بنجح « هل يستوي هو و من يأمر بالعدل» من هو فصيح فهم نافع للناس يحثهم على العدل « و هو على صراط مستقيم» و هو مثل له تعالى و للأصنام أو للمؤمن و الكافر « و لله غيب السموات و الأرض» يختص به علم ما غاب عن الخلق فيهما « و ما أمر الساعة» أمر إقامتها في قدرته « إلا كلمح البصر» كرد الطرف « أو هو أقرب» منه في السرعة و السهولة و أو للتخيير أو بمعنى بل « إن الله على كل شيء قدير» و منه إقامة الساعة و إحياء الخلق « و الله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا» جملة حالية « و جعل لكم السمع و الأبصار و الأفئدة لعلكم تشكرون» لكي تشكروا على ذلك « أ لم يروا» بالياء و تاء الخطاب « إلى الطير مسخرات» مذللات للطيران بأجنحتها « في جو السماء» الهواء البعيد من الأرض « ما يمسكهن» عن السقوط « إلا الله» بقدرته « إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون» و من جملة الآيات خلقها بحيث يمكنها الطيران فيه و إلهامها بسط الجناح و قبضه و إمساكها « و الله جعل لكم من بيوتكم سكنا» موضعا تسكنون فيه مما يتخذ من الحجر و المدر « و جعل لكم من جلود الأنعام بيوتا» القباب من الأدم أو ما يعم المتخذة من الشعر و الصوف و الوبر فإنها من جلودها لنباتها عليها « تستخفونها» للحمل و النقل « يوم ظعنكم» بوقت رحلتكم « و يوم إقامتكم» في مكان تنزلون فيه لا يثقل عليكم ضربها « و من أصوافها» أي الضأن « و أوبارها» أي الإبل « و أشعارها» أي المعز « أثاثا» فراشا و أكسية « و متاعا» تمتعون به « إلى حين» تبلى فيه أو إلى موتكم « و الله جعل لكم مما خلق» من الشجر و الأبنية و غيرها « ظلالا» تقيكم حر الشمس جمع ظل « و جعل لكم من الجبال أكنانا» كالكهوف و الغيران جمع كن « و جعل لكم سرابيل» قمصانا من النبات و غيره « تقيكم الحر» أي و البرد و خص بالذكر الأهم « و سرابيل» دروعا و جواشن « تقيكم بأسكم» حربكم أي الطعن و الضرب « كذلك» كما أنعم عليكم بهذه النعم « يتم نعمته عليكم» في الدنيا بتدبير أموركم « لعلكم تسلمون» تتفكرون في نعمه فتوحدونه و تطيعونه « فإن تولوا» أعرضوا عن الإيمان فلا لوم عليك « فإنما عليك البلاغ المبين» و قد بلغت « يعرفون نعمة الله» يعترفون بأنها من عنده « ثم ينكرونها» بإشراكهم أو عرفوا نبوة محمد ثم أنكروها عنادا « و أكثرهم الكافرون» المنكرون عنادا و ذكر الأكثر لأنه يستعمل في الكل أو أن بعضهم لم يقم عليه الحجة كالمجنون و غير البالغ « و يوم» و اذكر أو خوفهم يوم « نبعث من كل أمة شهيدا» هو نبيها أو إمام زمانها يشهد لها أو عليها يوم القيامة « ثم لا يؤذن للذين كفروا» في الاعتذار « و لا هم يستعتبون» لا يطلب منهم العتبى أي الرجوع إلى رضا الله « و إذا رءا الذين ظلموا» أشركوا « العذاب» النار « فلا يخفف عنهم»
تفسير شبر ص :275
وَ إِذَا رَءَا الَّذِينَ ظلَمُوا الْعَذَاب فَلا يخَفَّف عَنهُمْ وَ لا هُمْ يُنظرُونَ(85) وَ إِذَا رَءَا الَّذِينَ أَشرَكُوا شرَكاءَهُمْ قَالُوا رَبَّنَا هَؤُلاءِ شرَكاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوا مِن دُونِكفَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكذِبُونَ(86) وَ أَلْقَوْا إِلى اللَّهِ يَوْمَئذٍ السلَمَوَ ضلَّ عَنْهُم مَّا كانُوا يَفْترُونَ(87) الَّذِينَ كَفَرُوا وَ صدُّوا عَن سبِيلِ اللَّهِ زِدْنَهُمْ عَذَاباً فَوْقَ العَذَابِ بِمَا كانُوا يُفْسِدُونَ(88) وَ يَوْمَ نَبْعَث فى كلِّ أُمَّةٍ شهِيداً عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْوَ جِئْنَا بِك شهِيداً عَلى هَؤُلاءِوَ نَزَّلْنَا عَلَيْك الْكِتَب تِبْيَناً لِّكلِّ شىْءٍ وَ هُدًى وَ رَحْمَةً وَ بُشرَى لِلْمُسلِمِينَ(89) إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الاحْسنِ وَ إِيتَاى ذِى الْقُرْبى وَ يَنْهَى عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنكرِ وَ الْبَغْىِيَعِظكُمْ لَعَلَّكمْ تَذَكَّرُونَ(90) وَ أَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَهَدتُّمْ وَ لا تَنقُضوا الأَيْمَنَ بَعْدَ تَوْكيدِهَا وَ قَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكمْ كَفِيلاًإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ(91) وَ لا تَكُونُوا كالَّتى نَقَضت غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمَنَكمْ دَخَلا بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِىَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍإِنَّمَا يَبْلُوكمُ اللَّهُ بِهِوَ لَيُبَيِّننَّ لَكمْ يَوْمَ الْقِيَمَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تخْتَلِفُونَ(92) وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكمْ أُمَّةً وَحِدَةً وَ لَكِن يُضِلُّ مَن يَشاءُ وَ يَهْدِى مَن يَشاءُوَ لَتُسئَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ(93)العذاب « و لا هم ينظرون» يمهلون « و إذا رءا الذين أشركوا شركاءهم» الأصنام و الشياطين « قالوا ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعوا» نعبدهم « من دونك» فحملهم بعض عذابنا « فألقوا إليهم القول» أي أنطقهم الله فقالوا لهم « إنكم لكاذبون» في قولكم إننا شركاء الله و إنكم عبدتمونا و إنما عبدتم أهواءكم « و ألقوا» أي المشركون « إلى الله يومئذ السلم» أي استسلموا لحكمه « و ضل» بطل « عنهم ما كانوا يفترون» أن آلهتهم تشفع لهم « الذين كفروا و صدوا» الناس « عن سبيل الله» دينه « زدناهم عذابا» لصدهم « فوق العذاب» لكفرهم « بما كانوا يفسدون» بإفسادهم بالصد « و يوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم» هو نبيهم أو إمام زمانهم « و جئنا بك» يا محمد « شهيدا على هؤلاء» أي أمتك شهيدا قال الصادق (عليهالسلام) نزلت في أمة محمد (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) خاصة في كل قرن منهم إمام منا شاهد عليهم و محمد شاهد علينا « و نزلنا عليك الكتاب» القرآن « تبيانا» بيانا « لكل شيء» من أمور الدين تفصيلا أو إجمالا محالا إلى الحجة المقرون به « و هدى و رحمة و بشرى للمسلمين إن الله يأمر بالعدل» التوحيد و الإنصاف بين الخلق « و الإحسان» أداء الفرائض أو التفضل على الناس أو ما يعم كل خير « و إيتاء ذي القربى» إعطاء الأقارب أو قرابة النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) « و ينهى عن الفحشاء» ما قبح من الفعل و القول أو الزنا « و المنكر» ما أنكره الشرع « و البغي» الظلم و الكبر « يعظكم» بالأمر بالخير و النهي عن الشر « لعلكم تذكرون» أي تتعظون عن ابن مسعود هذه أجمع آية في القرآن للخير و الشر « و أوفوا بعهد الله» و هو كل ما يجب الوفاء به و قيل البيعة للرسول « إذا عاهدتم و لا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها» توثيقها باسم الله تعالى « و قد جعلتم الله عليكم كفيلا» شهيدا بالوفاء « إن الله يعلم ما تفعلون» من نقض و وفاء « و لا تكونوا كالتي نقضت غزلها» ما غزلته « من بعد قوة» إحكام له و فتل « أنكاثا» حال أو مفعول ثان لنقضت جمع نكث و هو ما ينكث فتله و معناه تشبيه الناقض بمن فعلت ذلك أو بريطة بنت عمرو القرشية و كانت خرفاء هذا شأنها « تتخذون أيمانكم دخلا» غدرا و مكرا و هو ما يدخل في الشيء للفساد « بينكم أن» أي لأن « تكون أمة هي أربى من أمة» جماعة هي أكثر من جماعة كانوا إذا رأوا في أعادي حلفائهم شوكة نقضوا عهدهم و خالفوا أعاديهم فنهوا عنه « إنما يبلوكم الله به» يختبركم بالأمر بالوفاء أو بكونهم أربى لينظر أ تفون لله مع قلة المؤمنين أم تغدرون لكثرة قريش « و ليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون» بإثابة المحق و تعذيب المبطل « و لو شاء الله» مشيئة إلجاء « لجعلكم أمة واحدة» مهتدين « و لكن يضل من يشاء» يخذله بسوء اختياره « و يهدي من يشاء»تفسير شبر ص :276وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكمْ أُمَّةً وَحِدَةً وَ لَكِن يُضِلُّ مَن يَشاءُ وَ يَهْدِى مَن يَشاءُوَ لَتُسئَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ(93) وَ لا تَتَّخِذُوا أَيْمَنَكُمْ دَخَلا بَيْنَكمْ فَتزِلَّ قَدَمُ بَعْدَ ثُبُوتهَا وَ تَذُوقُوا السوءَ بِمَا صدَدتُّمْ عَن سبِيلِ اللَّهِوَ لَكمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ(94) وَ لا تَشترُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاًإِنَّمَا عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيرٌ لَّكمْ إِن كنتُمْ تَعْلَمُونَ(95) مَا عِندَكمْ يَنفَدُوَ مَا عِندَ اللَّهِ بَاقٍوَ لَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صبرُوا أَجْرَهُم بِأَحْسنِ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ(96) مَنْ عَمِلَ صلِحاً مِّن ذَكرٍ أَوْ أُنثى وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَوةً طيِّبَةًوَ لَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسنِ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ(97) فَإِذَا قَرَأْت الْقُرْءَانَ فَاستَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشيْطنِ الرَّجِيمِ(98) إِنَّهُ لَيْس لَهُ سلْطنٌ عَلى الَّذِينَ ءَامَنُوا وَ عَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكلُونَ(99) إِنَّمَا سلْطنُهُ عَلى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَ الَّذِينَ هُم بِهِ مُشرِكُونَ(100) وَ إِذَا بَدَّلْنَا ءَايَةً مَّكانَ ءَايَةٍوَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنت مُفْترِبَلْ أَكْثرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ(101) قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّك بِالحَْقِّ لِيُثَبِّت الَّذِينَ ءَامَنُوا وَ هُدًى وَ بُشرَى لِلْمُسلِمِينَ(102) وَ لَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشرٌلِّسانُ الَّذِى يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِىٌّ وَ هَذَا لِسانٌ عَرَبىٌّ مُّبِينٌ(103) إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِئَايَتِ اللَّهِ لا يهْدِيهِمُ اللَّهُ وَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(104)بلطفه لأنه من أهله « و لتسألن» تبكيتا « عما كنتم تعملون» فتجازون به « و لا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم» كرر تأكيدا « فتزل قدم» أي أقدامكم عن طريق الحق « بعد ثبوتها» عليه و هو مثل لمن وقع في بلاء بعد عافية « و تذوقوا السوء» العذاب في الدنيا « بما صددتم عن سبيل الله» أي بصدكم عن الوفاء أو بصدكم غيركم عنه لأنه يقتدي بسنتكم « و لكم عذاب عظيم» في الآخرة قال الصادق (عليهالسلام) هذه الآيات في ولاية علي و ما كان من قول النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) سلموا عليه بإمرة المؤمنين « و لا تشتروا بعهد الله ثمنا قليلا» تستبدلوا به عرضا يسيرا من الدنيا تنقضوه لأجله « إنما عند الله» من الثواب على الوفاء بالعهد « هو خير لكم» من عرض الدنيا « إن كنتم تعلمون» ذلك فأوفوا « ما عندكم» من الدنيا « ينفد» يفنى « و ما عند الله» من الثواب « باق» لا ينقطع « و لنجزين» بالياء و النون « الذين صبروا» على مشاق التكذيب « أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون» من الطاعة « من عمل صالحا من ذكر أو أنثى و هو مؤمن فلنحيينه حيوة طيبة و لنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون فإذا قرأت القرءان» أي أردت قراءته « فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم إنه ليس له سلطان» تسلط « على الذين ءامنوا و على ربهم يتوكلون» فإنهم لا يطيعونه « إنما سلطانه على الذين يتولونه» يطيعونه « و الذين هم به» بسببه أو بالله « مشركون و إذا بدلنا آية مكان آية» بالنسخ لمصالح العباد « و الله أعلم بما ينزل» بمصالحه بحسب الأوقات « قالوا» أي الكفار « إنما أنت مفتر» على الله تأمر بشيء ثم تنهى عنه « بل أكثرهم لا يعلمون» فوائد النسخ « قل نزله روح القدس» جبرئيل « من ربك» متلبسا « بالحق ليثبت الذين ءامنوا» به على إيمانهم « و هدى و بشرى للمسلمين و لقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه» القرآن « بشر» هو عائش غلام حويطب بن عبد العزى قد أسلم و كان صاحب كتب و قيل بلعام كان قينا بمكة روميا نصرانيا و قيل سلمان الفارسي « لسان» لغة « الذي يلحدون إليه» يميلون قولهم عن الاستقامة إليه « أعجمي» غير بين « و هذا» القرآن « لسان عربي مبين» ذو فصاحة و بيان فكيف يعلمه أعجمي « إن الذين لا يؤمنون بآيات الله» أي بأنها من عنده « لا يهديهم الله» إلى الجنة و لا يثيبهم « و لهم عذاب أليم»
تفسير شبر ص :277
إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِئَايَتِ اللَّهِ لا يهْدِيهِمُ اللَّهُ وَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(104) إِنَّمَا يَفْترِى الْكَذِب الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِئَايَتِ اللَّهِوَ أُولَئك هُمُ الْكذِبُونَ(105) مَن كفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إِيمَنِهِ إِلا مَنْ أُكرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطمَئنُّ بِالايمَنِ وَ لَكِن مَّن شرَحَ بِالْكُفْرِ صدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضبٌ مِّنَ اللَّهِ وَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ(106) ذَلِك بِأَنَّهُمُ استَحَبُّوا الْحَيَوةَ الدُّنْيَا عَلى الاَخِرَةِ وَ أَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِى الْقَوْمَ الْكفِرِينَ(107) أُولَئك الَّذِينَ طبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَ سمْعِهِمْ وَ أَبْصرِهِمْوَ أُولَئك هُمُ الْغَفِلُونَ(108) لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فى الاَخِرَةِ هُمُ الْخَسِرُونَ(109) ثُمَّ إِنَّ رَبَّك لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِن بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَهَدُوا وَ صبرُوا إِنَّ رَبَّك مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ(110) يَوْمَ تَأْتى كلُّ نَفْسٍ تجَدِلُ عَن نَّفْسِهَا وَ تُوَفى كلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَت وَ هُمْ لا يُظلَمُونَ(111) وَ ضرَب اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَت ءَامِنَةً مُّطمَئنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كلِّ مَكانٍ فَكفَرَت بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَقَهَا اللَّهُ لِبَاس الْجُوع وَ الْخَوْفِ بِمَا كانُوا يَصنَعُونَ(112) وَ لَقَدْ جَاءَهُمْ رَسولٌ مِّنهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَاب وَ هُمْ ظلِمُونَ(113) فَكلُوا مِمَّا رَزَقَكمُ اللَّهُ حَلَلاً طيِّباً وَ اشكرُوا نِعْمَت اللَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ(114)بكفرهم بالقرآن « إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله» فإنهم لا يخشون عقابا .« و أولئك هم الكاذبون» في قولهم إنما أنت مفتر أو الكاملون في الكذب لا أنت « من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره» على كلمة الكفر فقالها « و قلبه مطمئن بالإيمان» ثابت عليه « و لكن من شرح بالكفر صدرا» فتحه أي طابت نفسه به « فعليهم غضب من الله و لهم عذاب عظيم» أكره قريش جماعة على الإرتداد منهم عمار و أبواه فقتلوا أبويه و أعطاهم عمار بلسانه ما أرادوا مكرها فقال قوم كفر عمار فقال النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) كلا إنه مليء إيمانا من قرنه إلى قدمه و اختلط الإيمان بلحمه و دمه فأتاه عمار يبكي فمسح عينيه و قال إن عادوا لك فعد لهم فنزلت « ذلك» الوعيد لهم « بأنهم استحبوا الحياة الدنيا» آثروها « على الآخرة و أن» و بسبب أن « الله لا يهدي القوم الكافرين» يخذلهم بكفرهم « أولئك الذين طبع الله على قلوبهم و سمعهم و أبصارهم» أسند إليه تعالى الطبع مجازا عن منعهم اللطف حين أبوا قبول الحق و أعرضوا عنه « و أولئك هم الغافلون» عما يراد بهم « لا جرم» حقا « أنهم في الآخرة هم الخاسرون ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا» عذبوا كعمار بالنصرة و ثم لتباعد هؤلاء من أولئك و قرىء بالمعلوم أي فتنوا غيرهم ثم أسلموا و هاجروا « ثم جاهدوا و صبروا» على المشاق « إن ربك من بعدها» بعد الفتنة « لغفور» لهم « رحيم» بهم « يوم تأتي كل نفس تجادل» تحاج « عن نفسها» ذاتها لا يهمها غيرها « و توفى كل نفس ما عملت» أي جزاءه « و هم لا يظلمون» في ذلك « و ضرب الله مثلا قرية» بدل أي أهلها قيل هي مكة و قيل غيرها « كانت آمنة» من المخاوف « مطمئنة» قارة بأهلها « يأتيها رزقها رغدا» واسعا « من كل مكان» ناحية « فكفرت بأنعم الله» جمع نعمة « فأذاقها الله لباس الجوع و الخوف» استعير الذوق لإدراك أثر الشدة و اللباس لما غشيهم منها و أوقع الإذاقة عليه نظرا إلى المستعار له و هو الإدراك أي عرفها الله على أثر لباس الجوع و الخوف « بما كانوا يصنعون» بصنعهم « و لقد جاءهم» أي أهل مكة « رسول منهم» محمد (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) « فكذبوه فأخذهم العذاب» الجوع بالقحط و الخوف من الغارات أو ما نالهم ببدر « و هم ظالمون فكلوا مما رزقكم الله» من الغنائم و غيرها « حلالا طيبا» لذيذا « و اشكروا نعمة الله إن كنتم إياه تعبدون إنما حرم عليكم الميتة و الدم و لحم الخنزير و ما أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ و لا عاد فإن الله غفور رحيم»تفسير شبر ص :278فَكلُوا مِمَّا رَزَقَكمُ اللَّهُ حَلَلاً طيِّباً وَ اشكرُوا نِعْمَت اللَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ(114) إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكمُ الْمَيْتَةَ وَ الدَّمَ وَ لَحْمَ الْخِنزِيرِ وَ مَا أُهِلَّ لِغَيرِ اللَّهِ بِهِفَمَنِ اضطرَّ غَيرَ بَاغٍ وَ لا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(115) وَ لا تَقُولُوا لِمَا تَصِف أَلْسِنَتُكمُ الْكَذِب هَذَا حَلَلٌ وَ هَذَا حَرَامٌ لِّتَفْترُوا عَلى اللَّهِ الْكَذِبإِنَّ الَّذِينَ يَفْترُونَ عَلى اللَّهِ الْكَذِب لا يُفْلِحُونَ(116) مَتَعٌ قَلِيلٌ وَ لهَُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(117) وَ عَلى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا مَا قَصصنَا عَلَيْك مِن قَبْلُوَ مَا ظلَمْنَهُمْ وَ لَكِن كانُوا أَنفُسهُمْ يَظلِمُونَ(118) ثُمَّ إِنَّ رَبَّك لِلَّذِينَ عَمِلُوا السوءَ بجَهَلَةٍ ثمَّ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِك وَ أَصلَحُوا إِنَّ رَبَّك مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ(119) إِنَّ إِبْرَهِيمَ كانَ أُمَّةً قَانِتاً لِّلَّهِ حَنِيفاً وَ لَمْ يَك مِنَ الْمُشرِكِينَ(120) شاكراً لأَنْعُمِهِاجْتَبَاهُ وَ هَدَاهُ إِلى صِرَطٍ مُّستَقِيمٍ(121) وَ ءَاتَيْنَهُ فى الدُّنْيَا حَسنَةًوَ إِنَّهُ فى الاَخِرَةِ لَمِنَ الصلِحِينَ(122) ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْك أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَهِيمَ حَنِيفاًوَ مَا كانَ مِنَ الْمُشرِكينَ(123) إِنَّمَا جُعِلَ السبْت عَلى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِوَ إِنَّ رَبَّك لَيَحْكمُ بَيْنهُمْ يَوْمَ الْقِيَمَةِ فِيمَا كانُوا فِيهِ يخْتَلِفُونَ(124) ادْعُ إِلى سبِيلِ رَبِّك بِالحِْكْمَةِ وَ الْمَوْعِظةِ الحَْسنَةِوَ جَدِلْهُم بِالَّتى هِىَ أَحْسنُإِنَّ رَبَّك هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضلَّ عَن سبِيلِهِوَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ(125)فسر في البقرة و الحصر إضافي بالنسبة إلى ما حرموه على أنفسهم « و لا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال و هذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون» لا ينالون خيرا « متاع قليل» أي لهم أو متاعهم متاع زائل « و لهم عذاب أليم» في الآخرة « و على الذين هادوا» اليهود « حرمنا ما قصصنا عليك من قبل» في الأنعام و على الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر « و ما ظلمناهم» بالتحريم « و لكن كانوا أنفسهم يظلمون» بمعاصيهم الموجبة لذلك « ثم إن ربك للذين عملوا السوء» المعاصي « بجهالة» أي جاهلين بالله و بعقابه « ثم تابوا من بعد ذلك و أصلحوا» عملهم « إن ربك من بعدها» أي التوبة « لغفور» لهم « رحيم» بهم « إن إبراهيم كان أمة» و ذلك أنه كان على دين لم يكن عليه أحد غيره أو مؤتما به في الخير « قانتا لله» مطيعا له « حنيفا» مائلا إلى الدين القيم « و لم يك من المشركين» قط « شاكرا لأنعمه» جمع قلة أي قليلها فضلا عن كثيرها « اجتباه» اصطفاه « و هداه إلى صراط مستقيم» التوحيد « و ءاتيناه» التفات « في الدنيا حسنة» الرسالة و الخلة و الثناء الحسن عند سائر أهل الأديان « و إنه في الآخرة لمن الصالحين» أهل الجنة « ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا» في الدعاء إلى التوحيد « و ما كان من المشركين» كرر ردا على قريش و أهل الكتاب في زعمهم أنهم على دينه « إنما جعل السبت» فرض تعظيمه « على الذين اختلفوا فيه» على نبيهم و هم اليهود إذ أمروا بتعظيم الجمعة فأبوا إلى السبت فالزموه و شدد عليهم فيه أو إنما جعل وبال السبت أي المسخ على الذين اختلفوا فيه فحرموا الصيد فيه ثم أحلوه بما احتالوا له « و إن ربك ليحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون» بإثابة المطيع و تعذيب العاصي « ادع» الثقلين « إلى سبيل ربك» دينه « بالحكمة» بالحجج الكاشفة عنه « و الموعظة الحسنة» الأقوال المقبولة المقنعة في الترغيب و الترهيب « و جادلهم بالتي هي أحسن» طرق المناظرة كالرفق و اللين في النصح « إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله و هو أعلم بالمهتدين» فهو مجازيهم .تفسير شبر ص :279وَ إِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِوَ لَئن صبرْتمْ لَهُوَ خَيرٌ لِّلصبرِينَ(126) وَ اصبرْ وَ مَا صبرُك إِلا بِاللَّهِوَ لا تحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَ لا تَك فى ضيْقٍ مِّمَّا يَمْكرُونَ(127) إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّ الَّذِينَ هُم محْسِنُونَ(128)« و إن عاقبتم» أي أردتم عقوبة جان قصاصا « فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به» من دون زيادة « و لئن صبرتم» عن المؤاخذة « لهو» الصبر « خير للصابرين» من العقوبة « و اصبر» أيها النبي « و ما صبرك إلا بالله» بتوفيقه « و لا تحزن عليهم» على المشركين حرصا على إيمانهم أو على قتلى أحد « و لا تك في ضيق مما يمكرون» في ضيق صدر من مكرهم « إن الله مع الذين اتقوا» معاصيه « و الذين هم محسنون» .