( 9 ) سورة التوبة مائة و تسع و عشرون آية ( 129 ) مدنية
و قيل إلا آيتين آخرها لم تصدر بالبسملة ) روي عن علي (عليهالسلام) أن البسملة أمان و هي نزلت لرفع الأمن بالسيف و روي أنها آخر سورة نزلت .بَرَاءَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَ رَسولِهِ إِلى الَّذِينَ عَهَدتم مِّنَ الْمُشرِكِينَ(1) فَسِيحُوا فى الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشهُرٍ وَ اعْلَمُوا أَنَّكمْ غَيرُ مُعْجِزِى اللَّهِوَ أَنَّ اللَّهَ مخْزِى الْكَفِرِينَ(2) وَ أَذَنٌ مِّنَ اللَّهِ وَ رَسولِهِ إِلى النَّاسِ يَوْمَ الحَْجّ الأَكبرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِىءٌ مِّنَ الْمُشرِكِينَوَ رَسولُهُفَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيرٌ لَّكمْوَ إِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيرُ مُعْجِزِى اللَّهِوَ بَشرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ(3) إِلا الَّذِينَ عَهَدتُّم مِّنَ الْمُشرِكِينَ ثمَّ لَمْ يَنقُصوكُمْ شيْئاً وَ لَمْ يُظهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتهِمْإِنَّ اللَّهَ يحِب الْمُتَّقِينَ(4) فَإِذَا انسلَخَ الأَشهُرُ الحُْرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشرِكِينَ حَيْث وَجَدتُّمُوهُمْ وَ خُذُوهُمْ وَ احْصرُوهُمْ وَ اقْعُدُوا لَهُمْ كلَّ مَرْصدٍفَإِن تَابُوا وَ أَقَامُوا الصلَوةَ وَ ءَاتَوُا الزَّكوةَ فَخَلُّوا سبِيلَهُمْإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(5) وَ إِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشرِكِينَ استَجَارَك فَأَجِرْهُ حَتى يَسمَعَ كلَمَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُذَلِك بِأَنهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ(6) كيْف يَكُونُ لِلْمُشرِكينَ عَهْدٌ عِندَ اللَّهِ وَ عِندَ رَسولِهِ إِلا الَّذِينَ عَهَدتُّمْ عِندَ الْمَسجِدِ الحَْرَامِفَمَا استَقَمُوا لَكُمْ فَاستَقِيمُوا لهَُمْإِنَّ اللَّهَ يحِب الْمُتَّقِينَ(7)( أعوذ بالله من النار و من شر الكفار العزة لله و لجميع المؤمنين ) « براءة» واصلة « من الله و رسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين» الناكثين أي خروج من عهودهم « فسيحوا» أيها المشركون أي سيروا « في الأرض أربعة أشهر» أجلهم الله من يوم النهر إلى تمام أربعة أشهر حتى يرجعوا إلى مأمنهم ثم يقتلون حيث وجدوا « و اعلموا أنكم غير معجزي الله» لا تفوتونه و إن أمهلكم « و أن الله مخزي الكافرين» مذلهم في الدارين « و أذان» إيذان إعلام « من الله و رسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر» سمي الأكبر لأنها كانت سنة تحج فيها المسلمون و المشركون و لم يحج المشركون بعد تلك السنة « أن» بأن « الله بريء من المشركين و رسوله» عطف على المستكن في برىء و قرىء بالنصب عطفا على اسم أن أو بواو المعية « فإن تبتم» من الشرك « فهو» فتوبتكم « خير لكم و إن توليتم» عن الإيمان « فاعلموا أنكم غير معجزي الله» غير فائتيه في الدنيا « و بشر الذين كفروا بعذاب أليم» في الآخرة « إلا الذين عاهدتم من المشركين» استثناء من المشركين أو استدراك أي و لكن من عاهدتم منهم « ثم لم ينقصوكم شيئا» من شروط العهد « و لم يظاهروا» يعاونوا « عليكم أحدا» من عدوكم « فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم» إلى انقضاء مدتهم التي عاهدتم عليها « إن الله يحب المتقين» بإتمام العهد « فإذا انسلخ» انقضى « الأشهر الحرم» التي هي مدة الأمان للناكثين « فاقتلوا المشركين» الناكثين « حيث وجدتموهم» في حل و حرم « و خذوهم» و أسروهم « و احصروهم» امنعوهم دخول مكة أو من الخروج إن تحصنوا « و اقعدوا لهم كل مرصد» طريق يسلكونه « فإن تابوا» من الشرك « و أقاموا الصلاة و ءاتوا الزكاة» أي التزموا فعلهما و قبلوه « فخلوا سبيلهم» دعوهم و لا تعرضوا لهم « إن الله غفور رحيم و إن أحد من المشركين» المأمور بقتلهم رفع بما يفسره « استجارك» استأمنك « فأجره» آمنه « حتى يسمع كلام الله» و يتدبره « ثم أبلغه مأمنه» موضع أمنه أي وطنه إن لم يؤمن « ذلك» الأمن « بأنهم قوم لا يعلمون» الإيمان فآمنهم حتى يستمعوا فيعلموا « كيف» إنكار أي لا « يكون للمشركين عهد عند الله و عند رسوله» يفون به لهما مع إضمارهم الغدر « إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام»تفسير شبر ص :200كيْف يَكُونُ لِلْمُشرِكينَ عَهْدٌ عِندَ اللَّهِ وَ عِندَ رَسولِهِ إِلا الَّذِينَ عَهَدتُّمْ عِندَ الْمَسجِدِ الحَْرَامِ فَمَا استَقَمُوا لَكُمْ فَاستَقِيمُوا لهَُمْإِنَّ اللَّهَ يحِب الْمُتَّقِينَ(7) كيْف وَ إِن يَظهَرُوا عَلَيْكمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلاًّ وَ لا ذِمَّةًيُرْضونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَ تَأْبى قُلُوبُهُمْ وَ أَكثرُهُمْ فَسِقُونَ(8) اشترَوْا بِئَايَتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَصدُّوا عَن سبِيلِهِإِنهُمْ ساءَ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ(9) لا يَرْقُبُونَ فى مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَ لا ذِمَّةًوَ أُولَئك هُمُ الْمُعْتَدُونَ(10) فَإِن تَابُوا وَ أَقَامُوا الصلَوةَ وَ ءَاتَوُا الزَّكوةَ فَإِخْوَنُكُمْ فى الدِّينِوَ نُفَصلُ الاَيَتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ(11) وَ إِن نَّكَثُوا أَيْمَنَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طعَنُوا فى دِينِكمْ فَقَتِلُوا أَئمَّةَ الْكفْرِإِنَّهُمْ لا أَيْمَنَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ(12) أَ لا تُقَتِلُونَ قَوْماً نَّكثُوا أَيْمَنَهُمْ وَ هَمُّوا بِإِخْرَاج الرَّسولِ وَ هُم بَدَءُوكمْ أَوَّلَ مَرَّةٍأَ تخْشوْنَهُمْفَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تخْشوْهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ(13) قَتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكمْ وَ يخْزِهِمْ وَ يَنصرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَ يَشفِ صدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ(14) وَ يُذْهِب غَيْظ قُلُوبِهِمْوَ يَتُوب اللَّهُ عَلى مَن يَشاءُوَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ(15) أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُترَكُوا وَ لَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَهَدُوا مِنكُمْ وَ لَمْ يَتَّخِذُوا مِن دُونِ اللَّهِ وَ لا رَسولِهِ وَ لا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةًوَ اللَّهُ خَبِيرُ بِمَا تَعْمَلُونَ(16)هم المستثنون قبل « فما استقاموا لكم» على العهد « فاستقيموا لهم» على الوفاء به « إن الله يحب المتقين» فسر « كيف» يكون لهم عهد و حذف للعلم به كرر إنكار وفائهم بالعهد أو بقاء حكمه مع ما بينهم العلة « و إن يظهروا» بكم يظفروا « عليكم» و الواو للحال « لا يرقبوا» لا يرعوا « فيكم إلا» قرابة أو حلفا « و لا ذمة» عهدا أي لا يبقون عليكم بجهدهم « يرضونكم بأفواههم» يظهرون لكم الموالاة بكلامهم « و تأبى قلوبهم» إلا العداوة و الغدر « و أكثرهم فاسقون» متمردون لا وفاء لهم « اشتروا بآيات الله» القرآن أي استبدلوا باتباعه « ثمنا قليلا» عرضا يسيرا من اتباع الشهوات « فصدوا» الناس أو أعرضوا « عن سبيله» دينه « إنهم ساء ما كانوا يعملون لا يرقبون في مؤمن إلا و لا ذمة» لا تكرار إذ الأول عام « و» هذا يخص المشترين « أولئك هم المعتدون» في الطغيان « فإن تابوا و أقاموا الصلاة و ءاتوا الزكاة فإخوانكم» فهم إخوانكم « في الدين» كسائر المؤمنين « و نفصل الآيات» نبينها « لقوم يعلمون» يتأملونها « و إن نكثوا أيمانهم» مواثيقهم « من بعد عهدهم» عقدهم « و طعنوا في دينكم» عابوه « فقاتلوا أئمة الكفر» وضعوا موضع المضمر لصيرورتهم بذلك « إنهم لا أيمان لهم» أي لا يحفظون أيمانهم و قرىء بالكسر كما عن الباقر (عليهالسلام) أي الإيمان أو لا إسلام « لعلهم ينتهون أ لا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم» التي عقدوها معكم « و هموا بإخراج الرسول» من مكة حين تشاوروا في أمره في دار الندوة « و هم بدءوكم» بالمعاداة أو المقاتلة « أول مرة أ تخشونهم فالله أحق أن تخشوه» في أمره « إن كنتم مؤمنين» فإن المؤمن لا يخشى إلا الله « قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم و يخزهم» يذلهم بالأسر و القهر « و ينصركم عليهم و يشف صدور قوم مؤمنين و يذهب غيظ قلوبهم» حنقها لما فعل بهم و قد وفى بما وعدهم ففيه إعجاز « و يتوب الله على من يشاء» ممن يتوب مخلصا منهم « و الله عليم» بمن يتوب « حكيم» في أحكامه « أم» بل « حسبتم» إنكار خطاب للمؤمنين حين كره بعضهم القتال و قيل للمنافقين « أن تتركوا و لما يعلم الله الذين جاهدوا» و لم يظهر المجاهدون « منكم» بإخلاص من غيرهم و أريد بنفي العلم نفي المعلوم مبالغة فإنه مهما كان شيء علمه الله « و لم يتخذوا من دون الله و لا رسوله و لا المؤمنين وليجة» بطانة يناجونهم « و الله خبير بما تعملون ما كان»تفسير شبر ص :201مَا كانَ لِلْمُشرِكِينَ أَن يَعْمُرُوا مَسجِدَ اللَّهِ شهِدِينَ عَلى أَنفُسِهِم بِالْكُفْرِأُولَئك حَبِطت أَعْمَلُهُمْ وَ فى النَّارِ هُمْ خَلِدُونَ(17) إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسجِدَ اللَّهِ مَنْ ءَامَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الاَخِرِ وَ أَقَامَ الصلَوةَ وَ ءَاتى الزَّكوةَ وَ لَمْ يخْش إِلا اللَّهَفَعَسى أُولَئك أَن يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ(18) × أَ جَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الحَْاجّ وَ عِمَارَةَ الْمَسجِدِ الحَْرَامِ كَمَنْ ءَامَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الاَخِرِ وَ جَهَدَ فى سبِيلِ اللَّهِلا يَستَوُنَ عِندَ اللَّهِوَ اللَّهُ لا يهْدِى الْقَوْمَ الظلِمِينَ(19) الَّذِينَ ءَامَنُوا وَ هَاجَرُوا وَ جَهَدُوا فى سبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَلهِِمْ وَ أَنفُسِهِمْ أَعْظمُ دَرَجَةً عِندَ اللَّهِوَ أُولَئك هُمُ الْفَائزُونَ(20) يُبَشرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَ رِضوَنٍ وَ جَنَّتٍ لهَُّمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ(21) خَلِدِينَ فِيهَا أَبَداًإِنَّ اللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ(22) يَأَيهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لا تَتَّخِذُوا ءَابَاءَكُمْ وَ إِخْوَنَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ استَحَبُّوا الْكفْرَ عَلى الايمَنِوَ مَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُولَئك هُمُ الظلِمُونَ(23) قُلْ إِن كانَ ءَابَاؤُكُمْ وَ أَبْنَاؤُكمْ وَ إِخْوَنُكُمْ وَ أَزْوَجُكمْ وَ عَشِيرَتُكمْ وَ أَمْوَلٌ اقْترَفْتُمُوهَا وَ تجَرَةٌ تخْشوْنَ كَسادَهَا وَ مَسكِنُ تَرْضوْنَهَا أَحَب إِلَيْكم مِّنَ اللَّهِ وَ رَسولِهِ وَ جِهَادٍ فى سبِيلِهِ فَترَبَّصوا حَتى يَأْتىَ اللَّهُ بِأَمْرِهِوَ اللَّهُ لا يهْدِى الْقَوْمَ الْفَسِقِينَ(24)ما صح « للمشركين أن يعمروا مساجد الله» شيئا منها أو المسجد الحرام و جمع لأنه قبلة المساجد فكأنه الجميع « شاهدين» حال من الواو « على أنفسهم بالكفر» أي يدل قولهم و فعلهم على كفرهم « أولئك حبطت» بطلت « أعمالهم» التي هي من جنس الطاعة لفقد شرطها « و في النار هم خالدون إنما يعمر مساجد الله من ءامن بالله و اليوم الآخر و أقام الصلاة و ءاتى الزكاة» لا يعمرها إلا من جمع فيه هذه الخصال و عمارتها رمها و كنسها و فرشها و الإسراج فيها و زيارتها و شغلها بالعبادة و الذكر « و لم يخش» في أمر الدين « إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين» إلى طريق الجنة أي هم منهم لأن عسى من الله واجب و فيها ردع للمؤمنين أن يغتروا بحالهم « أ جعلتم سقاية الحاج و عمارة المسجد الحرام» أي أهل السقاية و العمارة « كمن ءامن بالله و اليوم الآخر و جاهد في سبيل الله» كإيمان من آمن نزلت حين افتخر العباس و شيبة بالسقاية و الحجابة و علي و حمزة و جعفر بالإيمان و الجهاد في سبيل الله « لا يستون عند الله و الله لا يهدي القوم الظالمين» الكافرين بل يتركهم و ما اختاروا من الضلال و هو بيان لعدم استوائهم « الذين ءامنوا و هاجروا و جاهدوا في سبيل الله بأموالهم و أنفسهم أعظم درجة عند الله» أعلى رتبة و أكثر فضلا من غيرهم « و أولئك هم الفائزون» الظافرون بالبغية « يبشرهم» بالتشديد و التخفيف « ربهم برحمة منه و رضوان و جنات لهم فيها نعيم مقيم» دائم « خالدين فيها أبدا» زمانا لا نهاية له « إن الله عنده أجر عظيم يا أيها الذين ءامنوا لا تتخذوا ءاباءكم و إخوانكم أولياء» يصدونكم عن الدين قيل لما أمر الناس بالهجرة فمنهم من تعلق به أبواه و أهله و ولده فترك الهجرة لأجلهم فنزلت « إن استحبوا الكفر» اختاروه « على الإيمان و من يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون» بوضع التولي في غير محله « قل إن كان ءاباؤكم و أبناؤكم و أزواجكم و عشيرتكم» أقرباؤكم و قرىء عشيراتكم « و أموال اقترفتموها» اكتسبتموها « و تجارة تخشون كسادها» عدم نفاقها « و مساكن ترضونها أحب إليكم من الله و رسوله و جهاد في سبيله» فأثرتموه على الهجرة و الجهاد « فتربصوا» فانتظروا « حتى يأتي الله بأمره» بعقوبته أو بحكمه تهديد لهم « و الله لا يهدي القوم الفاسقين»تفسير شبر ص :202قُلْ إِن كانَ ءَابَاؤُكُمْ وَ أَبْنَاؤُكمْ وَ إِخْوَنُكُمْ وَ أَزْوَجُكمْ وَ عَشِيرَتُكمْ وَ أَمْوَلٌ اقْترَفْتُمُوهَا وَ تجَرَةٌ تخْشوْنَ كَسادَهَا وَ مَسكِنُ تَرْضوْنَهَا أَحَب إِلَيْكم مِّنَ اللَّهِ وَ رَسولِهِ وَ جِهَادٍ فى سبِيلِهِ فَترَبَّصوا حَتى يَأْتىَ اللَّهُ بِأَمْرِهِوَ اللَّهُ لا يهْدِى الْقَوْمَ الْفَسِقِينَ(24) لَقَدْ نَصرَكمُ اللَّهُ فى مَوَاطِنَ كثِيرَةٍوَ يَوْمَ حُنَينٍإِذْ أَعْجَبَتْكمْ كَثرَتُكمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكمْ شيْئاً وَ ضاقَت عَلَيْكمُ الأَرْض بِمَا رَحُبَت ثمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ(25) ثمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سكِينَتَهُ عَلى رَسولِهِ وَ عَلى الْمُؤْمِنِينَ وَ أَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَ عَذَّب الَّذِينَ كَفَرُواوَ ذَلِك جَزَاءُ الْكَفِرِينَ(26) ثُمَّ يَتُوب اللَّهُ مِن بَعْدِ ذَلِك عَلى مَن يَشاءُوَ اللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(27) يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِنَّمَا الْمُشرِكُونَ نجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَاوَ إِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسوْف يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضلِهِ إِن شاءَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكيمٌ(28) قَتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الاَخِرِ وَ لا يحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَ رَسولُهُ وَ لا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكتَب حَتى يُعْطوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَ هُمْ صغِرُونَ(29) وَ قَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَ قَالَتِ النَّصرَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِذَلِك قَوْلُهُم بِأَفْوَهِهِمْيُضهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كفَرُوا مِن قَبْلُقَتَلَهُمُ اللَّهُأَنى يُؤْفَكونَ(30) اتخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَ رُهْبَنَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللَّهِ وَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَ مَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَحِداًلا إِلَهَ إِلا هُوَسبْحَنَهُ عَمَّا يُشرِكونَ(31) يُرِيدُونَ أَن يُطفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَهِهِمْ وَ يَأْبى اللَّهُ إِلا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَ لَوْ كرِهَ الْكَفِرُونَ(32)إلى ثوابه « لقد نصركم الله في مواطن كثيرة» عنهم (عليهمالسلام) أنها ثمانون « و يوم حنين» واد بين مكة و الطائف « إذ أعجبتكم كثرتكم» حتى قال أبو بكر و غيره لن نغلب اليوم من قلة و كانوا اثنى عشر ألفا و العدو أربعة آلاف « فلم تغن» تدفع « عنكم» كثرتكم « شيئا» من السوء « و ضاقت عليكم الأرض بما رحبت» برحبها أي مع سعتها فلم تطمئنوا إلى موضع تفرون إليه لشدة خوفكم « ثم وليتم» العدو ظهوركم « مدبرين» منهزمين « ثم أنزل الله» بعد الهزيمة « سكينته» طمأنينته و رحمته « على رسوله و على المؤمنين» حين رجعوا أو الثابتين منهم « و أنزل جنودا لم تروها» من الملائكة و التقى الجمعان « و عذب الذين كفروا» بالقتل و الأسر « و ذلك» التعذيب « جزاء الكافرين» في الدنيا « ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء» ممن يتوب منهم مخلصا « و الله غفور رحيم يا أيها الذين ءامنوا إنما المشركون نجس» قذر مصدر نجس و لذا لم يجمع و قيل أريد نجاستهم عينا و قيل حكما لشركهم فإنه بمنزلة النجس أو لأنهم لا يتطهرون « فلا يقربوا المسجد الحرام» النهي عن القرب مبالغة أو للمنع من دخول الحرم « بعد عامهم هذا» عام براءة تسع « و إن خفتم عيلة» فقرا بانقطاع متاجرهم منكم « فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء إن الله عليم» بالصالح « حكيم» في التدبير « قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله و اليوم الآخر» إيمانا صحيحا فإيمانهم كلا إيمان « و لا يحرمون ما حرم الله و رسوله و لا يدينون دين الحق» الثابت الناسخ لغيره « من» بيانية « الذين أوتوا الكتاب» اليهود و النصارى و ألحقوا بهم المجوس ، و روي أن لهم نبيا قتلوه و كتابا حرفوه « حتى يعطوا الجزية» ما ضرب عليهم من المال « عن يد» حال من الجزية أي نقدا مسلمة عن يد إلى يد أو من الواو أي منقادين مسلمين بأيديهم لا بنائب أو عن قهر عليهم أي مقهورين « و هم صاغرون» أذلاء « و قالت اليهود» أي بعض أسلافهم أو من بالمدينة « عزير ابن الله و قالت النصارى» أي بعضهم « المسيح ابن الله» إنكار لحصول ولد بلا أب « ذلك قولهم بأفواههم» لا حجة لهم عليه « يضاهئون» يضاهي قولهم « قول الذين كفروا من قبل» من قبلهم أي أسلافهم أو المشركون القائلون الملائكة بنات الله « قاتلهم الله» أهلكهم أو لعنهم « أنى يؤفكون» كيف يصرفون عن الحق مع قيام الحجة « اتخذوا أحبارهم» علماء اليهود « و رهبانهم» عباد النصارى « أربابا من دون الله» حيث اتبعوهم في تحليل ما حرم و تحريم ما أحل « و المسيح ابن مريم» إذ جعلوه ابنه و عبدوه « و ما أمروا» في كتابهم « إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه» تنزيها له « عما يشركون» عن إشراكهم به « يريدون أن يطفئوا نور الله» يبطلوا برهانه و دينه و القرآن .تفسير شبر ص :203يُرِيدُونَ أَن يُطفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَهِهِمْ وَ يَأْبى اللَّهُ إِلا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَ لَوْ كرِهَ الْكَفِرُونَ(32) هُوَ الَّذِى أَرْسلَ رَسولَهُ بِالْهُدَى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظهِرَهُ عَلى الدِّينِ كلِّهِ وَ لَوْ كرِهَ الْمُشرِكُونَ(33) × يَأَيهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِنَّ كثِيراً مِّنَ الأَحْبَارِ وَ الرُّهْبَانِ لَيَأْكلُونَ أَمْوَلَ النَّاسِ بِالْبَطِلِ وَ يَصدُّونَ عَن سبِيلِ اللَّهِوَ الَّذِينَ يَكْنزُونَ الذَّهَب وَ الْفِضةَ وَ لا يُنفِقُونهَا فى سبِيلِ اللَّهِ فَبَشرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ(34) يَوْمَ يحْمَى عَلَيْهَا فى نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَ جُنُوبهُمْ وَ ظهُورُهُمْهَذَا مَا كنزْتُمْ لأَنفُسِكمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنزُونَ(35) إِنَّ عِدَّةَ الشهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشرَ شهْراً فى كتَبِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السمَوَتِ وَ الأَرْض مِنهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌذَلِك الدِّينُ الْقَيِّمُفَلا تَظلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسكمْوَ قَتِلُوا الْمُشرِكينَ كافَّةً كمَا يُقَتِلُونَكُمْ كافَّةًوَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ(36) إِنَّمَا النَّسىءُ زِيَادَةٌ فى الْكفْرِيُضلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يحِلُّونَهُ عَاماً وَ يحَرِّمُونَهُ عَاماً لِّيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُزُيِّنَ لَهُمْ سوءُ أَعْمَلِهِمْوَ اللَّهُ لا يَهْدِى الْقَوْمَ الْكفِرِينَ(37) يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا مَا لَكمْ إِذَا قِيلَ لَكمُ انفِرُوا فى سبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلى الأَرْضِأَ رَضِيتُم بِالْحَيَوةِ الدُّنْيَا مِنَ الاَخِرَةِفَمَا مَتَعُ الْحَيَوةِ الدُّنْيَا فى الاَخِرَةِ إِلا قَلِيلٌ(38)« بأفواههم» بتكذيبهم « و يأبى الله إلا أن يتم نوره» بإظهار حججه و إعزاز دينه « و لو كره الكافرون» إتمامه « هو الذي أرسل رسوله» محمدا « بالهدى و دين الحق ليظهره على الدين كله» على جميع الأديان بالحجة و الغلبة فينسخها أو على أهلها فيقهرهم ، و عن الباقر (عليهالسلام) أن ذلك يكون عند خروج المهدي من آل محمد « و لو كره المشركون» ذلك « يا أيها الذين ءامنوا إن كثيرا من الأحبار و الرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل» كالرشاء في الحكم و سمي الأخذ أكلا لأن معظمه له « و يصدون عن سبيل الله» دينه « و الذين يكنزون الذهب و الفضة» من المسلمين و غيرهم « و لا ينفقونها في سبيل الله» لا يؤدون زكاتها قال (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) ما أدى زكاته فليس بكنز « فبشرهم بعذاب أليم» مؤلم « يوم يحمى» يوقد « عليها في نار جهنم» حتى تصير نارا « فتكوى بها جباههم و جنوبهم و ظهورهم» لأنها أصول الجهات الأربع من مقاديم البدن و مؤخره و جنبه فيستوعبه الكي « هذا ما كنزتم» بتقدير القول « لأنفسكم» لنفعها صار ضررا لها « فذوقوا ما كنتم تكنزون» أي وباله « إن عدة الشهور» المعتبرة للسنة « عند الله اثنا عشر شهرا» ثابتة « في كتاب الله» اللوح أو حكمه « يوم خلق السموات و الأرض منها أربعة حرم» ذو القعدة و ذو الحجة و المحرم و رجب « ذلك» أي تحريمها « الدين القيم» القويم دين إبراهيم و منه ورثه العرب « فلا تظلموا فيهن أنفسكم» بالمعاصي فإن الوزر فيهن أعظم ، قيل نسخ تحريم القتال فيها لأن غزاة حنين و الطائف في شوال و ذي القعدة و قيل الضمير لكل الشهور « و قاتلوا المشركين كافة» جميعا مصدر وقع حالا « كما يقاتلونكم كافة و اعلموا أن الله مع المتقين» بالنصر و الحفظ « إنما النسيء» مصدر نسأه أخره أي تأخير حرمة شهر إلى آخر كانوا إذا أهل المحرم و هم في حرب أحلوه و حرموا مكانه صفرا و عن الصادق (عليهالسلام) تخفيف الياء بلا همز « زيادة في الكفر» إذ تحليل ما حرم الله و تحريم ما أحل كفر « يضل به الذين كفروا و يحلونه» أي الشهر المنسي « عاما و يحرمونه» يتركونه على حرمته « عاما ليواطئوا» ليوافقوا بتحليل أشهر و تحريم آخر بدله « عدة ما حرم الله» أي الأربعة الحرم « فيحلوا ما حرم الله» إذ لم يراعوا وقت العدة « زين لهم سوء أعمالهم» قبيحها فحسبوه حسنا و المزين الشيطان « و الله لا يهدي القوم الكافرين» لا يلطف بهم بل يتركهم و ما اختاروا من الضلال « يا أيها الذين ءامنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم» تثاقلتم « إلى الأرض» و المقام فيها حين أمروا بغزاة تبوك في وقت عسر و حر مع بعد شقه فشق عليهم « أ رضيتم بالحياة الدنيا» و دعتها بدلا « من الآخرة» و نعيمهاتفسير شبر ص :204يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا مَا لَكمْ إِذَا قِيلَ لَكمُ انفِرُوا فى سبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلى الأَرْضِأَ رَضِيتُم بِالْحَيَوةِ الدُّنْيَا مِنَ الاَخِرَةِفَمَا مَتَعُ الْحَيَوةِ الدُّنْيَا فى الاَخِرَةِ إِلا قَلِيلٌ(38) إِلا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكمْ عَذَاباً أَلِيماً وَ يَستَبْدِلْ قَوْماً غَيرَكمْ وَ لا تَضرُّوهُ شيْئاًوَ اللَّهُ عَلى كلِّ شىْءٍ قَدِيرٌ(39) إِلا تَنصرُوهُ فَقَدْ نَصرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كفَرُوا ثَانىَ اثْنَينِ إِذْ هُمَا فى الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصحِبِهِ لا تحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَافَأَنزَلَ اللَّهُ سكينَتَهُ عَلَيْهِ وَ أَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَ جَعَلَ كلِمَةَ الَّذِينَ كفَرُوا السفْلىوَ كلِمَةُ اللَّهِ هِىَ الْعُلْيَاوَ اللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ(40) انفِرُوا خِفَافاً وَ ثِقَالاً وَ جَهِدُوا بِأَمْوَلِكمْ وَ أَنفُسِكُمْ فى سبِيلِ اللَّهِذَلِكُمْ خَيرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ(41) لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً وَ سفَراً قَاصِداً لاتَّبَعُوك وَ لَكِن بَعُدَت عَلَيهِمُ الشقَّةُوَ سيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ استَطعْنَا لخََرَجْنَا مَعَكُمْ يهْلِكُونَ أَنفُسهُمْ وَ اللَّهُ يَعْلَمُ إِنهُمْ لَكَذِبُونَ(42) عَفَا اللَّهُ عَنك لِمَ أَذِنت لَهُمْ حَتى يَتَبَينَ لَك الَّذِينَ صدَقُوا وَ تَعْلَمَ الْكَذِبِينَ(43) لا يَستَئْذِنُك الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الاَخِرِ أَن يُجَهِدُوا بِأَمْوَلِهِمْ وَ أَنفُسِهِمْوَ اللَّهُ عَلِيمُ بِالْمُتَّقِينَ(44) إِنَّمَا يَستَئْذِنُك الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الاَخِرِ وَ ارْتَابَت قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فى رَيْبِهِمْ يَترَدَّدُونَ(45) × وَ لَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَ لَكِن كرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطهُمْ وَ قِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَعِدِينَ(46)« فما متاع الحياة الدنيا» أي فوائدها « في الآخرة» في جنب متاع الآخرة « إلا قليل» حقير « إلا تنفروا» إلى ما دعيتم إليه « يعذبكم عذابا أليما» في الدنيا و الآخرة « و يستبدل» بكم « قوما غيركم» مطيعين كأهل اليمن أو أبناء فارس « و لا تضروه» أي الله « شيئا» بترك نصرة دينه « و الله على كل شيء قدير» و منه نصر دينه و رسوله ببلدكم و بلا مدد « إلا تنصروه» أي الرسول « فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا» ألجئوه إلى الخروج من مكة لما هموا بنفيه أو حبسه أو قتله « ثاني اثنين» حال أي معه واحد لا غير « إذ هما في الغار» نقب في ثور و هو جبل بقرب مكة « إذ» بدل ثان « يقول لصاحبه» و لا مدح فيه إذ قد يصحب المؤمن الكافر كما قال له صاحبه و هو يحاوره « لا تحزن» فإنه خاف على نفسه و قبض و اضطرب حتى كاد أن يدل عليهما فنهاه عن ذلك « إن الله معنا» عالم بنا ما يكون من نجوى ثلاثة إلا و هو رابعهم - إلى قوله - إلا هو معهم أي عالم بهم « فأنزل الله سكينته» طمأنينته « عليه» على الرسول و في إفراده (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) بها هاهنا مع اشتراك المؤمنين معه حيث ذكرت ما لا يخفى و جعل الهاء لصاحبه ينفيه كونها للرسول قبل و بعد « و أيده بجنود لم تروها» بالملائكة في الغار و في حروبه « و جعل» بنصره لرسوله « كلمة الذين كفروا السفلى» أي الشرك أو دعوته « و كلمة الله هي العليا» أي التوحيد أو دعوة الإسلام « و الله عزيز» في أمره « حكيم» في صنعه « انفروا خفافا و ثقالا» نشاطا و غير نشاط أو ركبانا و مشاتا أو أغنياء و فقراء أو صحاحا و مرضى و نسخ بآية ليس على الأعمى و ليس على الضعفاء « و جاهدوا بأموالكم و أنفسكم في سبيل الله» بما أمكن منهما « ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون» و الخير علمتم أنه خير « لو كان» ما دعوا إليه « عرضا قريبا» غنيمة سهلة المأخذ « و سفرا قاصدا» وسطا « لاتبعوك» طمعا في المال « و لكن بعدت عليهم الشقة» المسافة التي يشق قطعها « و سيحلفون بالله» قائلين اعتذارا « لو استطعنا» الخروج « لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم» بالحلف الكاذب حال من الواو « و الله يعلم إنهم لكاذبون» في حلفهم « عفا الله عنك» كان (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) أذن لجماعة في التخلف عنه و كان الأولى ترك الإذن فعوتب عليه « لم أذنت لهم» في التخلف « حتى يتبين لك الذين صدقوا» في عذرهم « و تعلم الكاذبين» فيه « لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله و اليوم الآخر» بإخلاص في « أن يجاهدوا بأموالهم و أنفسهم» أو بالتخلف عن أن يجاهدوا « و الله عليم بالمتقين» ما ينافي الإخلاص « إنما يستأذنك» في التخلف « الذين لا يؤمنون بالله و اليوم الآخر و ارتابت قلوبهم» شكت « فهم في ريبهم يترددون» يتحيرون « و لو أرادوا الخروج» معك « لأعدوا له عدة»تفسير شبر ص :205وَ لَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَ لَكِن كرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطهُمْ وَ قِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَعِدِينَ(46) لَوْ خَرَجُوا فِيكم مَّا زَادُوكُمْ إِلا خَبَالاً وَ لأَوْضعُوا خِلَلَكُمْ يَبْغُونَكمُ الْفِتْنَةَ وَ فِيكمْ سمَّعُونَ لهَُمْوَ اللَّهُ عَلِيمُ بِالظلِمِينَ(47) لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ وَ قَلَّبُوا لَك الأُمُورَ حَتى جَاءَ الْحَقُّ وَ ظهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَ هُمْ كرِهُونَ(48) وَ مِنْهُم مَّن يَقُولُ ائْذَن لى وَ لا تَفْتِنىأَلا فى الْفِتْنَةِ سقَطواوَ إِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطةُ بِالْكفِرِينَ(49) إِن تُصِبْك حَسنَةٌ تَسؤْهُمْوَ إِن تُصِبْك مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِن قَبْلُ وَ يَتَوَلَّوا وَّ هُمْ فَرِحُونَ(50) قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلا مَا كتَب اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَاوَ عَلى اللَّهِ فَلْيَتَوَكلِ الْمُؤْمِنُونَ(51) قُلْ هَلْ تَربَّصونَ بِنَا إِلا إِحْدَى الْحُسنَيَينِوَ نحْنُ نَترَبَّص بِكُمْ أَن يُصِيبَكمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَافَترَبَّصوا إِنَّا مَعَكم مُّترَبِّصونَ(52) قُلْ أَنفِقُوا طوْعاً أَوْ كَرْهاً لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْإِنَّكُمْ كنتُمْ قَوْماً فَسِقِينَ(53) وَ مَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنهُمْ نَفَقَتُهُمْ إِلا أَنَّهُمْ كفَرُوا بِاللَّهِ وَ بِرَسولِهِ وَ لا يَأْتُونَ الصلَوةَ إِلا وَ هُمْ كسالى وَ لا يُنفِقُونَ إِلا وَ هُمْ كَرِهُونَ(54) فَلا تُعْجِبْك أَمْوَلُهُمْ وَ لا أَوْلَدُهُمْإِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبهُم بهَا فى الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَ تَزْهَقَ أَنفُسهُمْ وَ هُمْ كَفِرُونَ(55)أهبة من سلاح و زاد « و لكن كره الله انبعاثهم» خروجهم لعلمه بما يكون فيه الفساد « فثبطهم» فكسلهم عنه لذلك « و قيل اقعدوا مع القاعدين» المرضى و النساء و الصبيان أي ألقى الله في قلوبهم ذلك « لو خرجوا فيكم ما زادوكم» شيئا « إلا خبالا» فسادا أو شرا « و لأوضعوا خلالكم» أسرعوا بإبلهم في الدخول بينكم بالنميمة و التخذيل من وضعت الناقة أي أسرعت « يبغونكم» حال يطلبون لكم « الفتنة» بتخويفكم « و فيكم سماعون لهم» أي قابلون لقولهم أو عيون ينقلون حديثكم إليهم « و الله عليم بالظالمين» و ما أضمروا لكم « لقد ابتغوا الفتنة» توهين أمرك و تخذيل أصحابك « من قبل» أي يوم أحد « و قلبوا لك الأمور» إجالة الرأي في كيدك و إبطال أمرك « حتى جاء الحق» نصر الله « و ظهر أمر الله» علا دينه « و هم كارهون» ذلك « و منهم من يقول ائذن لي» في التخلف قاله جد بن قيس « و لا تفتني» توقعني في الفتنة أي الإثم بمخالفتك بأن لا تأذن لي أو الفتنة ببنات الروم قال إني مولع بالنساء و أخاف أن أفتتن ببنات الأصفر « ألا في الفتنة سقطوا» بتخلفهم و حذرهم « و إن جهنم لمحيطة بالكافرين» لا خلاص لهم « إن تصبك حسنة» فتح و غنيمة « تسؤهم» لحسدهم « و إن تصبك مصيبة» نكبة « يقولوا قد أخذنا أمرنا» حذرنا بتخلفنا « من قبل» قبل المصيبة « و يتولوا» عنك و عن ناديهم « و هم فرحون» بما أصابك « قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا» في اللوح من رخاء أو شدة أو في القرآن من نصر أو شهادة « هو مولانا» متولي أمرنا و ناصرنا « و على الله فليتوكل المؤمنون» لا على غيره « قل هل تربصون» بحذف إحدى التاءين أي تنتظرون « بنا إلا إحدى» العاقبتين « الحسنيين» النصر أو الشهادة تثنية حسني مؤنثة أحسن « و نحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده» من السماء فيهلككم « أو بأيدينا» بأن يأمرنا بقتلكم « فتربصوا» عاقبتنا « إنا معكم متربصون» عاقبتكم « قل أنفقوا طوعا أو كرها» معناه الخبر أي « لن يتقبل منكم» ما أنفقتم طوعا أو كرها « إنكم كنتم قوما فاسقين» علة ما سبق « و ما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله و برسوله» فاعل « و لا يأتون الصلوة إلا و هم كسالى» متثاقلون « و لا ينفقون إلا و هم كارهون» إذ لا يرجون نفعا و لا يخشون بتركهما ضرا « فلا تعجبك أموالهم و لا أولادهم» لأنها استدراج لهم « و إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا» بمشقة جمعها و حفظها و المصائب فيها « و تزهق أنفسهم»تفسير شبر ص :206فَلا تُعْجِبْك أَمْوَلُهُمْ وَ لا أَوْلَدُهُمْإِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبهُم بهَا فى الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَ تَزْهَقَ أَنفُسهُمْ وَ هُمْ كَفِرُونَ(55) وَ يحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنهُمْ لَمِنكمْ وَ مَا هُم مِّنكمْ وَ لَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ(56) لَوْ يجِدُونَ مَلْجَئاً أَوْ مَغَرَتٍ أَوْ مُدَّخَلاً لَّوَلَّوْا إِلَيْهِ وَ هُمْ يجْمَحُونَ(57) وَ مِنهُم مَّن يَلْمِزُك فى الصدَقَتِ فَإِنْ أُعْطوا مِنهَا رَضوا وَ إِن لَّمْ يُعْطوْا مِنهَا إِذَا هُمْ يَسخَطونَ(58) وَ لَوْ أَنَّهُمْ رَضوا مَا ءَاتَاهُمُ اللَّهُ وَ رَسولُهُ وَ قَالُوا حَسبُنَا اللَّهُ سيُؤْتِينَا اللَّهُ مِن فَضلِهِ وَ رَسولُهُ إِنَّا إِلى اللَّهِ رَغِبُونَ(59) × إِنَّمَا الصدَقَت لِلْفُقَرَاءِ وَ الْمَسكِينِ وَ الْعَمِلِينَ عَلَيهَا وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبهُمْ وَ فى الرِّقَابِ وَ الْغَرِمِينَ وَ فى سبِيلِ اللَّهِ وَ ابْنِ السبِيلِفَرِيضةً مِّنَ اللَّهِوَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكيمٌ(60) وَ مِنهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبىَّ وَ يَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌقُلْ أُذُنُ خَيرٍ لَّكمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ يُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ رَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ ءَامَنُوا مِنكمْوَ الَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسولَ اللَّهِ لهَُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(61) يحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيرْضوكمْ وَ اللَّهُ وَ رَسولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضوهُ إِن كانُوا مُؤْمِنِينَ(62) أَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَن يحَادِدِ اللَّهَ وَ رَسولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَلِداً فِيهَاذَلِك الْخِزْى الْعَظِيمُ(63) يحْذَرُ الْمُنَفِقُونَ أَن تُنزَّلَ عَلَيْهِمْ سورَةٌ تُنَبِّئُهُم بِمَا فى قُلُوبهِمْقُلِ استهْزِءُوا إِنَّ اللَّهَ مخْرِجٌ مَّا تحْذَرُونَ(64)تخرج « و هم كافرون و يحلفون بالله إنهم لمنكم» أي مؤمنون « و ما هم منكم» لكفرهم باطنا « و لكنهم قوم يفرقون» يخافون القتل و الأسر فيظهرون الإيمان « لو يجدون ملجأ» حرزا يلجئون إليه « أو مغارات» غيرانا « أو مدخلا» سربا يدخلونه « لولوا» عنكم « إليه و هم يجمحون» يسرعون لا يردهم شيء كالفرس الجموح « و منهم من يلمزك» يعيبك « في الصدقات» في قسمتها « فإن أعطوا منها رضوا و إن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون» قال الصادق (عليهالسلام) أهل هذه الآية أكثر من ثلثي الناس « و لو أنهم رضوا ما ءاتاهم الله و رسوله» من الصدقة أو الغنيمة « و قالوا حسبنا الله» كافينا « سيؤتينا الله من فضله» صدقة أو غنيمة أخرى « و رسوله» فيوفر حظنا « إنا إلى الله راغبون» أن يغنينا ، و جواب لو مقدر أي لكان خيرا لهم « إنما الصدقات للفقراء و المساكين» أي الزكاة للمذكورين لا غير و اللام لبيان المصرف فلا يجب البسط على الأصناف كما عليه الأصحاب و أكثر الجمهور و قيل للملك فيجب البسط عليهم و الفقير و المسكين العاجزان عن قوت السنة لهما و لواجبي نفقتهما « و العاملين عليها» السعاة في جمعها « و المؤلفة قلوبهم» من الكفار ليسلموا أو ليذبوا عن المسلمين أو قوم أسلموا يعطون لتقوى نياتهم و ليرغب نظائرهم في الإسلام « و في الرقاب» في فكها بإعانة المكاتبين و ابتياع المماليك و عتقهم إذا كانوا في شدة أو عدم المستحق ، و قيل مطلقا و عدل عن اللام إلى في إيذانا بأن الصرف في الجهة لا إلى الرقاب « و الغارمين» المديونين في غير معصية أو تابوا و ليس لهم وفاء أو في إصلاح ذات البين و لو أغنياء « و في سبيل الله» الجهاد و جميع سبل الخير و المصالح « و ابن السبيل» المنقطع في السفر و لو غنيا في بلده « فريضة من الله» أي فرضها لهم فريضة « و الله عليم» بخلقه « حكيم» في تدبيره « و منهم الذين يؤذون النبي» باغتيابه و نم حديثه « و يقولون» لمن ينهاهم منهم عن ذلك لئلا يبلغه « هو أذن» يسمع كل قول و يقبله فإذا قلنا له لم نقل صدقنا ، سمي بالجارحة مبالغة كالعين للربيئة أو من أذن أذنا استمع « قل أذن خير» مستمع خير « لكم» لا مستمع شر « يؤمن بالله» يصدق به لدلائله « و يؤمن للمؤمنين» يصدقهم لخلوصهم و اللام زائدة للفرق بين إيمان الإذعان و غيره « و» هو « رحمة للذين ءامنوا منكم» ظاهرا إذ يقنع ذلك و لا يكشف سركم « و الذين يؤذون رسول الله» في نفسه أو في أهل بيته لقوله (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) يا علي سلمك سلمي و حربك حربي و قوله (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني « لهم عذاب أليم يحلفون بالله لكم» أيها المؤمنون أنهم لم يقولوا ما بلغكم عنهم « ليرضوكم و الله و رسوله أحق أن يرضوه» بالطاعة و أفرد الضمير لتلازم الرضاءين أو يقدر الآخر « إن كانوا مؤمنين» حقا « أ لم يعلموا أنه» الشأن « من يحادد» يشاقق « الله و رسوله فإن له نار جهنم خالدا فيها ذلك الخزي العظيم يحذر المنافقون» يخافون خبر أو أمر « أن تنزل عليهم»تفسير شبر ص :207يحْذَرُ الْمُنَفِقُونَ أَن تُنزَّلَ عَلَيْهِمْ سورَةٌ تُنَبِّئُهُم بِمَا فى قُلُوبهِمْقُلِ استهْزِءُوا إِنَّ اللَّهَ مخْرِجٌ مَّا تحْذَرُونَ(64) وَ لَئن سأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كنَّا نخُوض وَ نَلْعَبقُلْ أَ بِاللَّهِ وَ ءَايَتِهِ وَ رَسولِهِ كُنتُمْ تَستهْزِءُونَ(65) لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتم بَعْدَ إِيمَنِكمْإِن نَّعْف عَن طائفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّب طائفَةَ بِأَنهُمْ كانُوا مجْرِمِينَ(66) اَلْمُنَفِقُونَ وَ الْمُنَفِقَت بَعْضهُم مِّن بَعْضٍيَأْمُرُونَ بِالْمُنكرِ وَ يَنهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَ يَقْبِضونَ أَيْدِيهُمْنَسوا اللَّهَ فَنَسِيهُمْإِنَّ الْمُنَفِقِينَ هُمُ الْفَسِقُونَ(67) وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَفِقِينَ وَ الْمُنَفِقَتِ وَ الْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَلِدِينَ فِيهَاهِىَ حَسبُهُمْوَ لَعَنَهُمُ اللَّهُوَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ(68) كالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ كانُوا أَشدَّ مِنكُمْ قُوَّةً وَ أَكْثَرَ أَمْوَلاً وَ أَوْلَداً فَاستَمْتَعُوا بخَلَقِهِمْ فَاستَمْتَعْتُم بِخَلَقِكمْ كمَا استَمْتَعَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُم بخَلَقِهِمْ وَ خُضتُمْ كالَّذِى خَاضواأُولَئك حَبِطت أَعْمَلُهُمْ فى الدُّنْيَا وَ الاَخِرَةِوَ أُولَئك هُمُ الْخَسِرُونَ(69) أَ لَمْ يَأْتهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَ عَادٍ وَ ثَمُودَ وَ قَوْمِ إِبْرَهِيمَ وَ أَصحَبِ مَدْيَنَ وَ الْمُؤْتَفِكتِأَتَتْهُمْ رُسلُهُم بِالبَيِّنَتِفَمَا كانَ اللَّهُ لِيَظلِمَهُمْ وَ لَكِن كانُوا أَنفُسهُمْ يَظلِمُونَ(70) وَ الْمُؤْمِنُونَ وَ الْمُؤْمِنَت بَعْضهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَ يُقِيمُونَ الصلَوةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكَوةَ وَ يُطِيعُونَ اللَّهَ وَ رَسولَهُأُولَئك سيرْحَمُهُمُ اللَّهُإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ(71)على المؤمنين « سورة تنبئهم بما في قلوبهم» من الشرك فتفضحهم و قيل أظهروا الحذر فيما بينهم استهزاء « قل استهزءوا» تهديد « إن الله مخرج» مظهر « ما تحذرون» إظهاره من نفاقكم « و لئن سألتهم» عن استهزائهم بك و بالقرآن « ليقولن إنما كنا نخوض» في أمرنا لا في أمرك « و نلعب» نمزح « قل أ بالله و ءاياته و رسوله كنتم تستهزءون لا تعتذروا» بالأكاذيب « قد كفرتم بعد إيمانكم» إظهاركم الإيمان « إن نعف عن طائفة منكم» لتوبتهم و إخلاصهم « نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين» مصرين على نفاقهم « المنافقون و المنافقات بعضهم من بعض» في الدين أي النفاق « يأمرون بالمنكر» بالشرك و بالمعصية « و ينهون عن المعروف» الإيمان و الطاعة « و يقبضون أيديهم» عن الإنفاق في الخير « نسوا الله فنسيهم» تركوا طاعته فتركهم من لطفه « إن المنافقين هم الفاسقون» المتمردون في الكفر « وعد الله المنافقين و المنافقات و الكفار نار جهنم خالدين فيها» حال مقدرة « هي حسبهم» عقوبة « و لعنهم الله» أبعدهم من رحمته « و لهم عذاب مقيم» دائم « كالذين» أي أنتم أيها المنافقون مثل الذين « من قبلكم» و فيه التفات « و كانوا أشد منكم قوة» بطشا و منعة « و أكثر أموالا و أولادا فاستمتعوا بخلاقهم» بنصيبهم من شهوات الدنيا الفانية و آثروها على نعم الآخرة الباقية « فاستمتعتم» أنتم « بخلاقكم» و آثرتم الحقير الفاني على الجليل الباقي « كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم و خضتم» في الباطل « كالذي » كالذين « خاضوا» أو كخوضهم « أولئك حبطت أعمالهم» فلا يثابون عليها « في الدنيا و الآخرة و أولئك هم الخاسرون» للدارين « أ لم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح» أهلكوا بالغرق « و عاد» و قوم هود بالريح « و ثمود» و قوم صالح بالرجفة « و قوم إبراهيم » بسلب النعم و نمرود ببعوض « و أصحاب مدين» قوم شعيب بعذاب يوم الظلمة « و المؤتفكات» قرى قوم لوط ائتكفت بهم أي انقلبت « أتتهم رسلهم بالبينات» بالمعجزات الواضحة فكذبوهم فأهلكوا « فما كان الله ليظلمهم» بإهلاكهم « و لكن كانوا أنفسهم يظلمون» إذ عرضوها للهلاك بكفرهم « و المؤمنون و المؤمنات بعضهم أولياء بعض» ذكروا في مقابلة أضدادهم المنافقينتفسير شبر ص :208وَ الْمُؤْمِنُونَ وَ الْمُؤْمِنَت بَعْضهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَ يُقِيمُونَ الصلَوةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكَوةَ وَ يُطِيعُونَ اللَّهَ وَ رَسولَهُأُولَئك سيرْحَمُهُمُ اللَّهُإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ(71) وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنَتِ جَنَّتٍ تجْرِى مِن تحْتِهَا الأَنْهَرُ خَلِدِينَ فِيهَا وَ مَسكِنَ طيِّبَةً فى جَنَّتِ عَدْنٍوَ رِضوَنٌ مِّنَ اللَّهِ أَكبرُذَلِك هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ(72) يَأَيهَا النَّبىُّ جَهِدِ الْكفَّارَ وَ الْمُنَفِقِينَ وَ اغْلُظ عَلَيهِمْوَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُوَ بِئْس الْمَصِيرُ(73) يحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَ لَقَدْ قَالُوا كلِمَةَ الْكُفْرِ وَ كفَرُوا بَعْدَ إِسلَمِهِمْ وَ هَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُواوَ مَا نَقَمُوا إِلا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَ رَسولُهُ مِن فَضلِهِفَإِن يَتُوبُوا يَك خَيراً لهَُّمْوَ إِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبهُمُ اللَّهُ عَذَاباً أَلِيماً فى الدُّنْيَا وَ الاَخِرَةِوَ مَا لهَُمْ فى الأَرْضِ مِن وَلىٍّ وَ لا نَصِيرٍ(74) × وَ مِنهُم مَّنْ عَهَدَ اللَّهَ لَئنْ ءَاتَانَا مِن فَضلِهِ لَنَصدَّقَنَّ وَ لَنَكُونَنَّ مِنَ الصلِحِينَ(75) فَلَمَّا ءَاتَاهُم مِّن فَضلِهِ بخِلُوا بِهِ وَ تَوَلَّوا وَّ هُم مُّعْرِضونَ(76) فَأَعْقَبهُمْ نِفَاقاً فى قُلُوبهِمْ إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَ بِمَا كانُوا يَكْذِبُونَ(77) أَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَ نَجْوَاهُمْ وَ أَنَّ اللَّهَ عَلَّمُ الْغُيُوبِ(78) الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فى الصدَقَتِ وَ الَّذِينَ لا يجِدُونَ إِلا جُهْدَهُمْ فَيَسخَرُونَ مِنهُمْسخِرَ اللَّهُ مِنهُمْ وَ لهَُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(79)« يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و يقيمون الصلوة و يؤتون الزكوة و يطيعون الله و رسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز» لا يمنع عما يريد « حكيم» يضع كل شيء موضعه « وعد الله المؤمنين و المؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها و مساكن طيبة» يطيب فيها العيش قصور من لؤلؤ و زبرجد « في جنات عدن» إقامة و خلدا و اسم إحدى الجنان عن النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) عدن دار الله التي لم ترها عين و لم تخطر على قلب بشر لا يسكنها غير ثلاثة النبيين و الصديقين و الشهداء « و رضوان من الله أكبر ذلك» المذكور « هو الفوز العظيم يا أيها النبي جاهد الكفار» بالسيف « و المنافقين» بالوعظ و الحجة « و أغلظ عليهم» بالقول و الفعل « و مأواهم جهنم و بئس المصير» المرجع هي « يحلفون بالله ما قالوا» شيئا يسوؤك « و قد قالوا كلمة الكفر و كفروا بعد إسلامهم» أظهروا الكفر بعد إظهار كلمة الإسلام « و هموا بما لم ينالوا» من قبل النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) ليلة العقبة في عوده من تبوك و هم اثنا عشر فأخبره الله بذلك فأمر حذيفة فضرب وجوه رواحلهم فردوا أو إخراجه من المدينة « و ما نقموا» ما أنكروا « إلا أن أغناهم الله و رسوله من فضله» بالغنائم بعد فقرهم و حاجتهم أي لم يصبهم منه إلا هذا و ليس مما ينقم « فإن يتوبوا» عن النفاق و يخلصوا « يك» أي التوب « خيرا لهم و إن يتولوا» عن الخير « يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا» بالقتل « و الآخرة» بالنار « و ما لهم في الأرض من ولي» يمنعه منهم « و لا نصير» يدفعه عنهم « و منهم من عاهد الله لئن ءاتانا من فضله لنصدقن و لنكونن من الصالحين فلما ءاتاهم من فضله بخلوا به» منعوا حق الله منه « و تولوا» عن إعطائه « و هم معرضون» عن الدين هو ثعلبة بن خاطب كان محتاجا فعاهد الله فلما آتاه بخل به « فأعقبهم» أورثهم البخل « نفاقا» متمكنا « في قلوبهم إلى يوم يلقونه» يوم البعث « بما أخلفوا الله ما وعدوه و بما كانوا يكذبون» بسبب إخلافهم الوعد و كذبهم « أ لم يعلموا» أي المنافقون « أن الله يعلم سرهم» ما يضمرون في أنفسهم « و نجواهم» ما يتناجون به بينهم « و أن الله علام الغيوب» بما غاب عن خلقه « الذين» بدل من الضمير في سرهم أو ذم مرفوع أو منصوب « يلمزون المطوعين» يعيبون المتطوعين « من المؤمنين في الصدقات و الذين لا يجدون إلا جهدهم»تفسير شبر ص :209الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فى الصدَقَتِ وَ الَّذِينَ لا يجِدُونَ إِلا جُهْدَهُمْ فَيَسخَرُونَ مِنهُمْسخِرَ اللَّهُ مِنهُمْ وَ لهَُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(79) استَغْفِرْ لهَُمْ أَوْ لا تَستَغْفِرْ لهَُمْ إِن تَستَغْفِرْ لهَُمْ سبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لهَُمْذَلِك بِأَنهُمْ كفَرُوا بِاللَّهِ وَ رَسولِهِوَ اللَّهُ لا يهْدِى الْقَوْمَ الْفَسِقِينَ(80) فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَف رَسولِ اللَّهِ وَ كَرِهُوا أَن يجَهِدُوا بِأَمْوَلهِِمْ وَ أَنفُسِهِمْ فى سبِيلِ اللَّهِ وَ قَالُوا لا تَنفِرُوا فى الحَْرِّقُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشدُّ حَرًّالَّوْ كانُوا يَفْقَهُونَ(81) فَلْيَضحَكُوا قَلِيلاً وَ لْيَبْكُوا كَثِيراً جَزَاءَ بِمَا كانُوا يَكْسِبُونَ(82) فَإِن رَّجَعَك اللَّهُ إِلى طائفَةٍ مِّنهُمْ فَاستَئْذَنُوك لِلْخُرُوج فَقُل لَّن تخْرُجُوا مَعِىَ أَبَداً وَ لَن تُقَتِلُوا مَعِىَ عَدُواًّإِنَّكمْ رَضِيتُم بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الخَْلِفِينَ(83) وَ لا تُصلِّ عَلى أَحَدٍ مِّنهُم مَّات أَبَداً وَ لا تَقُمْ عَلى قَبرِهِإِنهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَ رَسولِهِ وَ مَاتُوا وَ هُمْ فَسِقُونَ(84) وَ لا تُعْجِبْك أَمْوَلهُُمْ وَ أَوْلَدُهُمْإِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُعَذِّبهُم بهَا فى الدُّنْيَا وَ تَزْهَقَ أَنفُسهُمْ وَ هُمْ كفِرُونَ(85) وَ إِذَا أُنزِلَت سورَةٌ أَنْ ءَامِنُوا بِاللَّهِ وَ جَهِدُوا مَعَ رَسولِهِ استَئْذَنَك أُولُوا الطوْلِ مِنْهُمْ وَ قَالُوا ذَرْنَا نَكُن مَّعَ الْقَعِدِينَ(86) رَضوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَ طبِعَ عَلى قُلُوبهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ(87)طاقتهم فيتصدقون به قيل لما نزلت آية الصدقة أتى رجل النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) بمائة وسق تمر فقالوا إنما أعطى رياء و أتاه آخر بصاع تمر فقالوا : إن الله غني عن صاعه « فيسخرون منهم» فيستهزءون بهم « سخر الله منهم» جازاهم على سخريتهم « و لهم عذاب أليم استغفر لهم أو لا تستغفر لهم» أي الأمران سواء في عدم نفعهم « إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم» قيل أريد بالسبعين المبالغة في الكثرة و عنه (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) لو أعلم أني لو زدت على السبعين غفرت لزدت « ذلك بأنهم كفروا بالله و رسوله و الله لا يهدي القوم الفاسقين» لا يلطف بهم لإصرارهم على كفرهم « فرح المخلفون» عن تبوك « بمقعدهم خلاف رسول الله» بقعودهم خلفه أي بعده « و كرهوا أن يجاهدوا بأموالهم و أنفسهم في سبيل الله» إيثارا للراحة على طاعة الله « و قالوا» للمؤمنين تثبيطا أو بعضهم لبعض « لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا» و قد آثرتموها بهذه المخالفة « لو كانوا يفقهون» ما اختاروها « فليضحكوا قليلا» في الدنيا « و ليبكوا كثيرا» في النار أو في الآخرة إخبار عن حالهم بصيغة الأمر ليؤذن بتحتمه « جزاء بما كانوا يكسبون فإن رجعك الله» ردك في تبوك « إلى طائفة منهم» ممن تخلف بالمدينة « فاستأذنوك للخروج» معك إلى غزوة أخرى « فقل لن تخرجوا معي أبدا و لن تقاتلوا معي عدوا» إخبار في معنى النهي معلل بقوله « إنكم رضيتم بالقعود أول مرة» أي في غزوة تبوك « فاقعدوا مع الخالفين» المتخلفين لعذر كالنساء و الصبيان أو المخالفين « و لا تصل على أحد منهم مات أبدا» قيل ذهب (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) ليصلي على ابن أبي حين مات فنزلت و قيل صلى عليه فنزلت « و لا تقم على قبره» لدفن أو دعاء « إنهم كفروا بالله و رسوله و ماتوا و هم فاسقون» علة للنهي « و لا تعجبك أموالهم و أولادهم إنما يريد الله أن يعذبهم» الله « بها في الدنيا و تزهق أنفسهم و هم كافرون» فسرت و كررت تأكيدا أو في فريق آخر « و إذا أنزلت سورة أن» أي بأن « ءامنوا بالله و جاهدوا مع رسوله استأذنك أولوا الطول» ذو السعة « منهم و قالوا ذرنا نكن مع القاعدين» المتخلفين لعذر « رضوا بأن يكونوا مع الخوالف» النساء جمع خالفة أي متخلفة أو السفلةتفسير شبر ص :210رَضوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَ طبِعَ عَلى قُلُوبهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ(87) لَكِنِ الرَّسولُ وَ الَّذِينَ ءَامَنُوا مَعَهُ جَهَدُوا بِأَمْوَلهِِمْ وَ أَنفُسِهِمْوَ أُولَئك لهَُمُ الْخَيرَتوَ أُولَئك هُمُ الْمُفْلِحُونَ(88) أَعَدَّ اللَّهُ لهَُمْ جَنَّتٍ تجْرِى مِن تحْتهَا الأَنْهَرُ خَلِدِينَ فِيهَاذَلِك الْفَوْزُ الْعَظِيمُ(89) وَ جَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لهَُمْ وَ قَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَ رَسولَهُسيُصِيب الَّذِينَ كفَرُوا مِنهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(90) لَّيْس عَلى الضعَفَاءِ وَ لا عَلى الْمَرْضى وَ لا عَلى الَّذِينَ لا يجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصحُوا للَّهِ وَ رَسولِهِمَا عَلى الْمُحْسِنِينَ مِن سبِيلٍوَ اللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(91) وَ لا عَلى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْك لِتَحْمِلَهُمْ قُلْت لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَّ أَعْيُنُهُمْ تَفِيض مِنَ الدَّمْع حَزَناً أَلا يجِدُوا مَا يُنفِقُونَ(92) × إِنَّمَا السبِيلُ عَلى الَّذِينَ يَستَئْذِنُونَك وَ هُمْ أَغْنِيَاءُرَضوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَ طبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبهِمْ فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ(93) يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيهِمْقُل لا تَعْتَذِرُوا لَن نُّؤْمِنَ لَكمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكمْوَ سيرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسولُهُ ثمَّ تُرَدُّونَ إِلى عَلِمِ الْغَيْبِ وَ الشهَدَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ(94) سيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكمْ إِذَا انقَلَبْتُمْ إِلَيهِمْ لِتُعْرِضوا عَنهُمْفَأَعْرِضوا عَنهُمْإِنهُمْ رِجْسٌوَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءَ بِمَا كانُوا يَكْسِبُونَ(95)« و طبع على قلوبهم فهم لا يفقهون» ما هو خير لهم « لكن الرسول و الذين ءامنوا معه جاهدوا بأموالهم و أنفسهم و أولئك لهم الخيرات» حسنات الدارين الغنائم و الثواب أو الحور « و أولئك هم المفلحون أعد الله لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم» لدوامه بالإجلال و الإكرام « و جاء المعذرون من الأعراب» المقصرون من عذر أي قصر معتذرا لا عذر له أو المعتذرون أدغمت التاء في الذال و نقلت فتحتها إلى العين قيل هم من لهم عذر و هم نفر من بني غفار « ليؤذن لهم» في القعود لعذر باطل أو حق « و قعد» لا لعذر أو لعذر باطل « الذين كذبوا الله و رسوله» بادعاء الإيمان أو بعذرهم « سيصيب الذين كفروا منهم عذاب أليم» القتل و النار « ليس على الضعفاء» كالشيوخ « و لا على المرضى» كالزمنى « و لا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج» إثم في التخلف « إذا نصحوا لله و رسوله» في حال قعودهم بالطاعة و ما فيه صلاح الدين « ما على المحسنين» بذلك أو الأعم منه « من سبيل» طريق بالعقوبة أو حجة « و الله غفور» لهم « رحيم» بهم « و لا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم» على مركب للغزو معك و قيل على الخفاف و البغال و هم سبعة من الأنصار أو من قبائل شتى « قلت لا أجد ما أحملكم عليه» حال بتقدير قد « تولوا» انصرفوا جواب إذا « و أعينهم تفيض» تسيل « من الدمع» نصب محلا تمييزا و من بيانية « حزنا» مفعول له أو حال أو مصدر « ألا» لئلا « يجدوا ما ينفقون» في الجهاد « إنما السبيل» بالعقوبة « على الذين يستأذنوك و هم أغنياء» بالمال « رضوا بأن يكونوا مع الخوالف و طبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون» مر تفسيره « يعتذرون إليكم» في التخلف « إذا رجعتم إليهم» .من تبوك « قل لا تعتذروا» بالكذب « لن نؤمن لكم» لن نصدقكم إذ « قد نبأنا الله» أعلمنا « من أخباركم» بعضها و هو ما أضمرتم من النفاق « و سيرى الله عملكم و رسوله» هل تتوبون أو تصرون على كفركم « ثم تردون إلى عالم الغيب و الشهادة» أي إلى الله « فينبئكم بما كنتم تعملون» بالجزاء عليه « سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم» رجعتم من تبوك أنهم تخلفوا لعذر « لتعرضوا عنهم» فلا توبخوهمتفسير شبر ص :211سيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكمْ إِذَا انقَلَبْتُمْ إِلَيهِمْ لِتُعْرِضوا عَنهُمْفَأَعْرِضوا عَنهُمْإِنهُمْ رِجْسٌوَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءَ بِمَا كانُوا يَكْسِبُونَ(95) يحْلِفُونَ لَكمْ لِترْضوْا عَنهُمْفَإِن تَرْضوْا عَنهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَرْضى عَنِ الْقَوْمِ الْفَسِقِينَ(96) الأَعْرَاب أَشدُّ كفْراً وَ نِفَاقاً وَ أَجْدَرُ أَلا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلى رَسولِهِوَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ(97) وَ مِنَ الأَعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَماً وَ يَترَبَّص بِكمُ الدَّوَائرَعَلَيْهِمْ دَائرَةُ السوْءِوَ اللَّهُ سمِيعٌ عَلِيمٌ(98) وَ مِنَ الأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الاَخِرِ وَ يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَتٍ عِندَ اللَّهِ وَ صلَوَتِ الرَّسولِأَلا إِنهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْسيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فى رَحْمَتِهِإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(99) وَ السبِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَجِرِينَ وَ الأَنصارِ وَ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسنٍ رَّضىَ اللَّهُ عَنهُمْ وَ رَضوا عَنْهُ وَ أَعَدَّ لهَُمْ جَنَّتٍ تَجْرِى تحْتَهَا الأَنْهَرُ خَلِدِينَ فِيهَا أَبَداًذَلِك الْفَوْزُ الْعَظِيمُ(100) وَ مِمَّنْ حَوْلَكم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَفِقُونَوَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِمَرَدُوا عَلى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْنحْنُ نَعْلَمُهُمْسنُعَذِّبهُم مَّرَّتَينِ ثمَّ يُرَدُّونَ إِلى عَذَابٍ عَظِيمٍ(101) وَ ءَاخَرُونَ اعْترَفُوا بِذُنُوبهِمْ خَلَطوا عَمَلاً صلِحاً وَ ءَاخَرَ سيِّئاً عَسى اللَّهُ أَن يَتُوب عَلَيهِمْإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(102) خُذْ مِنْ أَمْوَلهِِمْ صدَقَةً تُطهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِم بهَا وَ صلِّ عَلَيْهِمْإِنَّ صلَوتَك سكَنٌ لهَُّمْوَ اللَّهُ سمِيعٌ عَلِيمٌ(103)« فأعرضوا عنهم إنهم رجس» قذر خبيث الباطن لا ينفع فيهم التوبيخ « و مأواهم جهنم جزاء» مصدر أو علة « بما كانوا يكسبون يحلفون لكم لترضوا عنهم» بالحلف « فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين» أي رضاكم لا ينفعهم مع سخط الله و المراد النهي عن الرضا عنهم « الأعراب» أهل البدو « أشد كفرا و نفاقا» من أهل المدن لغلظ طباعهم و بعدهم عن سماع القرآن و مخالطة العلماء « و أجدر أن» و أحق بأن « لا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله» من الفرائض و السنن « و الله عليم» بأحوال خلقه « حكيم» في حكمه فيهم « و من الأعراب من يتخذ» يعد « ما ينفق» في سبيل الله « مغرما» غرما و خسرانا إذ لا يرجو ثوابا بل ينفقه خوفا و رياء و هم أسد و غطفان « و يتربص» ينتظر « بكم الدوائر» صروف الزمان و انقلابه عليكم ليخلصوا منكم « عليهم دائرة» منقلبة « السوء» بالفتح الرد إنه مصدر و بالضم المكروه أي ينقلب عليهم البلاء و الضرر لا عليكم « و الله سميع» لمقالهم « عليم» بحالهم « و من الأعراب من يؤمن بالله و اليوم الآخر» قيل هم جهينة و مزينة « و يتخذ ما ينفق قربات» سبب تقرب « عند الله و صلوات الرسول» و سبب دعائه له إذ من السنة الدعاء للمصدقين و لو بلفظ الصلاة و معها على غيره الأمنة لأنها منصبه فله التفضل به على غيره « ألا إنها» أي نفقتهم « قربة لهم» عند الله « سيدخلهم الله في رحمته» جنته « إن الله غفور» لمن أطاعه « رحيم» به « و السابقون الأولون من المهاجرين» أهل بدر أو من صلوا القبلتين أو من أسلموا قبل الهجرة « و الأنصار» أهل بيعة العقبة الأولى « الذين اتبعوهم بإحسان» في العقائد و الأعمال إلى يوم القيامة « رضي الله عنهم» بطاعتهم « و رضوا عنه» بثوابه « و أعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم و ممن حولكم» حول مدينتكم « من الأعراب منافقون» غفار و أسلم و غيرهم « و من أهل المدينة» منافقون أيضا « مردوا» مرنوا و نبتوا « على النفاق لا تعلمهم» بأعيانهم « نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين» بالفضيحة أو القتل و عذاب القبر « ثم يردون إلى عذاب عظيم» النار « و آخرون» مبتدأ صفته « اعترفوا بذنوبهم» بتخلفهم و خبره « خلطوا عملا صالحا» اعترافهم بالذنب أو غيره « و ءاخر سيئا» تخلفهم أو غيره « عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور» لمن تاب « رحيم» به « خذ من أموالهم صدقة» هي الزكاة المفروضةتفسير شبر ص :212خُذْ مِنْ أَمْوَلهِِمْ صدَقَةً تُطهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِم بهَا وَ صلِّ عَلَيْهِمْإِنَّ صلَوتَك سكَنٌ لهَُّمْوَ اللَّهُ سمِيعٌ عَلِيمٌ(103) أَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَ يَأْخُذُ الصدَقَتِ وَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّاب الرَّحِيمُ(104) وَ قُلِ اعْمَلُوا فَسيرَى اللَّهُ عَمَلَكمْ وَ رَسولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَوَ سترَدُّونَ إِلى عَلِمِ الْغَيْبِ وَ الشهَدَةِ فَيُنَبِّئُكم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ(105) وَ ءَاخَرُونَ مُرْجَوْنَ لأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبهُمْ وَ إِمَّا يَتُوب عَلَيهِمْوَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ(106) وَ الَّذِينَ اتخَذُوا مَسجِداً ضِرَاراً وَ كفْراً وَ تَفْرِيقَا بَينَ الْمُؤْمِنِينَ وَ إِرْصاداً لِّمَنْ حَارَب اللَّهَ وَ رَسولَهُ مِن قَبْلُوَ لَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلا الْحُسنىوَ اللَّهُ يَشهَدُ إِنهُمْ لَكَذِبُونَ(107) لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداًلَّمَسجِدٌ أُسس عَلى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِفِيهِ رِجَالٌ يحِبُّونَ أَن يَتَطهَّرُواوَ اللَّهُ يحِب الْمُطهِّرِينَ(108) أَ فَمَنْ أَسس بُنْيَنَهُ عَلى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَ رِضوَنٍ خَيرٌ أَم مَّنْ أَسس بُنْيَنَهُ عَلى شفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانهَارَ بِهِ فى نَارِ جَهَنَّمَوَ اللَّهُ لا يهْدِى الْقَوْمَ الظلِمِينَ(109) لا يَزَالُ بُنْيَنُهُمُ الَّذِى بَنَوْا رِيبَةً فى قُلُوبِهِمْ إِلا أَن تَقَطعَ قُلُوبُهُمْوَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ(110) × إِنَّ اللَّهَ اشترَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسهُمْ وَ أَمْوَلهَُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَيُقَتِلُونَ فى سبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَ يُقْتَلُونَوَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فى التَّوْرَاةِ وَ الانجِيلِ وَ الْقُرْءَانِوَ مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِفَاستَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِى بَايَعْتُم بِهِوَ ذَلِك هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ(111)« تطهرهم» الصدقة أو أنت « و تزكيهم بها» تنمي حسناتهم « و صل عليهم» ترحم عليهم بالدعاء لهم « إن صلوتك سكن» طمأنينة « لهم و الله سميع» لدعائك « عليم» بخلقه « أ لم يعلموا» تقرير و حث على التوبة و الصدقة « أن الله هو يقبل التوبة عن عباده» ضمن معنى التجاوز فعدي بعن « و يأخذ الصدقات» يقبلها « و أن الله هو التواب» يقبل توبة التائبين « الرحيم» بهم « و قل اعملوا» ما شئتم « فسيرى الله عملكم» من خير و شر و لا يخفى عليه « و رسوله و المؤمنون» أئمة الهدى فروي أن أعمال الأمة تعرض عليهم و في قراءتهم و المأمونون « و ستردون» بالبعث « إلى عالم الغيب و الشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون» بالمجازاة عليه « و ءاخرون» من المتخلفين « مرجون» بالهمزة و بدونها أي مؤخرون و موقوفون « لأمر الله» فيهم « إما يعذبهم و إما يتوب عليهم» و الترديد باعتبار عدم علم العباد بحالهم « و الله عليم» بحالهم « حكيم» فيما فعل بهم « و الذين اتخذوا مسجدا ضرارا» مضارة لأهل مسجد قبا إذ بنوه و سألوا النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) أن يأتيهم فأتاهم و صلى فيهم فحسدهم منافقو بني غنم و بنوا مسجدا و سألوه (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) أن يصلي فيه و كان متجهزا إلى تبوك فقال أنا على جناح سفر و لو قدمنا صلينا فيه إن شاء الله فلما رجع نزلت « و كفرا» و تقوية لما يضمرونه من الكفر « و تفريقا بين المؤمنين» الذين كانوا يجتمعون للصلاة في مسجد قبا « و إرصادا» ترقبا « لمن حارب الله و رسوله من قبل» قبل بنائه « و ليحلفن إن أردنا» ببنائه « إلا» الخصلة « الحسنى» من الصلاة و التوسعة على الضعفاء « و الله يشهد إنهم لكاذبون» في حلفهم « لا تقم فيه أبدا» فبعث (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) نفرا أحرقوه و هدموه و صار محلا للجيف « لمسجد أسس» بني أصله « على التقوى من أول يوم» بني حين قدمت دار الهجرة و هي مسجد قبا و قيل مسجده (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) « أحق أن تقوم» أولى بأن تصلي « فيه رجال يحبون أن يتطهروا» بالماء عن الغائط و البول أو من الذنوب و هم الأنصار « و الله يحب المطهرين» أصله بتاء أدغمت في الطاء قيل لما نزلت أتاهم (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) مسجد قبا فقال ما ذا تفعلون في طهركم فإن الله تعالى قد أحسن الثناء عليكم فقالوا نغسل أثر الغائط بالماء و في رواية نتبع الغائط بالأحجار ثم نتبع الأحجار بالماء فتلا « رجال» إلخ « أ فمن أسس بنيانه على تقوى من الله و رضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا» غير « جرف» جانب و هو ما يجرفه السيل أي يقلع أصله « هار» مستداع إلى السقوط « فانهار به» فسقط « في نار جهنم و الله لا يهدي القوم الظالمين» بل يتركهم و ما اختاروا « لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة» شكا « في قلوبهم» لازديادهم نفاقا ببنائه و هدمه « إلا أن تقطع قلوبهم» تنقطع بأن يموتوا « و الله عليم» بضمائرهم « حكيم» في حكمه فيهم « إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم و أموالهم» أي جازاهم على بذلها « بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون»تفسير شبر ص :213إِنَّ اللَّهَ اشترَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسهُمْ وَ أَمْوَلهَُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَيُقَتِلُونَ فى سبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَ يُقْتَلُونَوَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فى التَّوْرَاةِ وَ الانجِيلِ وَ الْقُرْءَانِوَ مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِفَاستَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِى بَايَعْتُم بِهِوَ ذَلِك هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ(111) التَّئبُونَ الْعَبِدُونَ الحَْمِدُونَ السئحُونَ الرَّكعُونَ السجِدُونَ الاَمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّاهُونَ عَنِ الْمُنكرِ وَ الحَْفِظونَ لحُِدُودِ اللَّهِوَ بَشرِ الْمُؤْمِنِينَ(112) مَا كانَ لِلنَّبىِّ وَ الَّذِينَ ءَامَنُوا أَن يَستَغْفِرُوا لِلْمُشرِكينَ وَ لَوْ كانُوا أُولى قُرْبى مِن بَعْدِ مَا تَبَينَ لهَُمْ أَنهُمْ أَصحَب الجَْحِيمِ(113) وَ مَا كانَ استِغْفَارُ إِبْرَهِيمَ لأَبِيهِ إِلا عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَينَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِّلَّهِ تَبرَّأَ مِنْهُإِنَّ إِبْرَهِيمَ لأَوَّهٌ حَلِيمٌ(114) وَ مَا كانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمَا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتى يُبَينَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَإِنَّ اللَّهَ بِكلِّ شىْءٍ عَلِيمٌ(115) إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْك السمَوَتِ وَ الأَرْضِيُحْىِ وَ يُمِيتوَ مَا لَكم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلىٍّ وَ لا نَصِيرٍ(116) لَّقَد تَّاب اللَّهُ عَلى النَّبىِّ وَ الْمُهَجِرِينَ وَ الأَنصارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فى ساعَةِ الْعُسرَةِ مِن بَعْدِ مَا كادَ يَزِيغُ قُلُوب فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَاب عَلَيْهِمْإِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ(117) وَ عَلى الثَّلَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتى إِذَا ضاقَت عَلَيهِمُ الأَرْض بِمَا رَحُبَت وَ ضاقَت عَلَيْهِمْ أَنفُسهُمْ وَ ظنُّوا أَن لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلا إِلَيْهِ ثُمَّ تَاب عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواإِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّاب الرَّحِيمُ(118)بالبناء للفاعل « و يقتلون» بالبناء للمفعول و قرىء بالعكس « وعدا عليه حقا» مصدران حذف فعلهما « في التوراة و الإنجيل و القرءان و من أوفى بعهده من الله» أي لا أحد أوفى منه « فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به» التفات « و ذلك هو الفوز العظيم التائبون» خبر محذوف للمدح أو مبتدأ خبره ما بعده أي التائبون عن الكفر الجامعون لهذه الصفات « العابدون» لله مخلصين له الدين « الحامدون» له على السراء و الضراء « السائحون» الصائمون فعنه (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) سياحة أمتي الصوم « الراكعون الساجدون» أي المصلون « الآمرون بالمعروف و الناهون عن المنكر» خصا بالعطف تنبيها على أنها خصلة واحدة و في « و الحافظون لحدود الله» بامتثال أوامره و نواهيه على أنه مجمل ما فصل « و بشر المؤمنين» وضع موضع بشرهم إشعار بأن إيمانهم دعاهم إلى ذلك و حذف المبشر به تعظيما « ما كان للنبي و الذين ءامنوا أن يستغفروا للمشركين و لو كانوا أولي قربى» ذوي قرابة « من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم» بأن ماتوا على الشرك « و ما كان استغفار إبراهيم لأبيه» أي عمه أو جده لأمه آزر « إلا عن موعدة وعدها إياه» وعده أن يسلم فاستغفر له أو قال لأبيه إن لم تعبد الأصنام أستغفر لك « فلما تبين له أنه عدو لله» بالوحي أنه لن يؤمن أو بموته مشركا « تبرأ منه» و لم يستغفر له « إن إبراهيم لأواه» كثير الدعاء و البكاء أو رحيم بعباد الله « حليم» صبور على الأذى « و ما كان الله ليضل قوما» يحكم بضلالهم « بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون» حتى يعرفهم ما يرضيه و ما يسخطه « إن الله بكل شيء عليم» فيعلم حالهم « إن الله له ملك السموات و الأرض يحيي و يميت و ما لكم من دون الله من ولي» حافظ « و لا نصير» دافع « لقد تاب الله على النبي و المهاجرين و الأنصار» افتتح به لأنه سبب توبتهم و في قراءتهم (عليهمالسلام) لقد تاب الله بالنبي على المهاجرين و الأنصار « الذين اتبعوه في ساعة» في وقت « العسرة» في الخروج إلى غزوة تبوك مع قلة الظهر و الماء و الزاد و شدة الحر « من بعد ما كاد» أي الشأن أو القوم « يزيغ» بالياء و التاء « قلوب فريق منهم» إلى الانصراف عنه لشدة ما هم فيه « ثم تاب عليهم» بثباتهم « إنه رءوف رحيم» قدم الأبلغ إذ الرأفة شدة الرحمة للفاصلة « و على الثلاثة» و تاب على الثلاثة مرار بن الربيع ، و هلال بن أمية ، و كعب بن مالك « الذين خلفوا» عن الغزو ، و في قراءتهم خالفوا « حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت» برحبها لهجر الناس لهم و هو مثل لحيرتهمتفسير شبر ص :214وَ عَلى الثَّلَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتى إِذَا ضاقَت عَلَيهِمُ الأَرْض بِمَا رَحُبَت وَ ضاقَت عَلَيْهِمْ أَنفُسهُمْ وَ ظنُّوا أَن لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلا إِلَيْهِ ثُمَّ تَاب عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواإِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّاب الرَّحِيمُ(118) يَأَيهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصدِقِينَ(119) مَا كانَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَ مَنْ حَوْلهَُم مِّنَ الأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُوا عَن رَّسولِ اللَّهِ وَ لا يَرْغَبُوا بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِذَلِك بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظمَأٌ وَ لا نَصبٌ وَ لا مخْمَصةٌ فى سبِيلِ اللَّهِ وَ لا يَطئُونَ مَوْطِئاً يَغِيظ الْكفَّارَ وَ لا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلا كُتِب لَهُم بِهِ عَمَلٌ صلِحٌإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ(120) وَ لا يُنفِقُونَ نَفَقَةً صغِيرَةً وَ لا كبِيرَةً وَ لا يَقْطعُونَ وَادِياً إِلا كتِب لهَُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسنَ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ(121) × وَ مَا كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كافَّةًفَلَوْ لا نَفَرَ مِن كلِّ فِرْقَةٍ مِّنهُمْ طائفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فى الدِّينِ وَ لِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيهِمْ لَعَلَّهُمْ يحْذَرُونَ(122) يَأَيهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا قَتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكفَّارِ وَ لْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظةًوَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ(123) وَ إِذَا مَا أُنزِلَت سورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَناًفَأَمَّا الَّذِينَ ءَامَنُوا فَزَادَتهُمْ إِيمَناً وَ هُمْ يَستَبْشِرُونَ(124) وَ أَمَّا الَّذِينَ فى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتهُمْ رِجْساً إِلى رِجْسِهِمْ وَ مَاتُوا وَ هُمْ كفِرُونَ(125)« و ضاقت عليهم أنفسهم» غار وحشة « و ظنوا» أيقنوا « أن» المخففة « لا ملجأ من الله» من عقابه « إلا إليه ثم تاب عليهم» وفقهم للتوبة « ليتوبوا» أو قبل توبتهم ليثبتوا على التوبة « إن الله هو التواب» كثير التوبة « الرحيم» بعباده « يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله» في معاصيه « و كونوا مع الصادقين» في الإيمان و القول و العمل ، و عن ابن عباس مع علي و أصحابه ، و عنهم (عليهمالسلام) مع آل محمد « ما كان لأهل المدينة و من حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله» إذا غزا ، نفي معناه النهي « و لا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه» بأن يطلبوا لها الدعة و هو يكابد المشاق « ذلك» النهي عن التخلف « بأنهم» بسبب أنهم « لا يصيبهم ظمأ» عطش « و لا نصب» تعب « و لا مخمصة» جوع « في سبيل الله و لا يطئون موطئا بغيظ الكفار و لا ينالون من عدو نيلا» قتلا أو قهرا « إلا كتب لهم به عمل صالح» يستحقون عليه الثواب « إن الله لا يضيع أجر المحسنين» أي أجرهم ، و فيه حث على الجهاد و أعمال الخير « و لا ينفقون» في سبيل الله « نفقة صغيرة» قليلة « و لا كبيرة» كثيرة « و لا يقطعون واديا» بسيرهم « إلا كتب» أثبت ذلك « لهم ليجزيهم الله» به « أحسن ما كانوا يعملون» جزاء أحسنه « و ما كان المؤمنون لينفروا كافة» ما ساغ لهم أن ينفروا جميعا عن بلدانهم لغزو أو طلب علم « فلو لا» فهلا « نفر من كل فرقة» قبيلة « منهم طائفة» جماعة و بقيت جماعة أخرى « ليتفقهوا في الدين و لينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون» ما ينذرونه أمرهم الله أن ينفروا إلى رسوله و يختلفوا إليه فيتعلموا ثم يرجعوا إلى قومهم فيعلمونهم ، و قيل بل أمر طائفة أن ينفروا للغزو و يقيم طائفة مع النبي للتفقه و إنذار النافرة و تعليمها بعد رجوعهم « يا أيها الذين ءامنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار» أي الأقرب منهم فالأقرب دارا و نسبا « و ليجدوا فيكم غلظة» شدة أي اغلظوا عليهم « و اعلموا أن الله مع المتقين» بعونه و نصره « و إذا ما أنزلت سورة فمنهم» فمن المنافقين « من يقول» لباقيهم استهزاء « أيكم زادته هذه» السورة « إيمانا» تصديقا « فأما الذين ءامنوا فزادتهم إيمانا» بانضمام تصديقهم بها إلى إيمانهم « و هم يستبشرون» فرحا بها « و أما الذين في قلوبهم مرض» شك « فزادتهم رجسا»تفسير شبر ص :215وَ أَمَّا الَّذِينَ فى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتهُمْ رِجْساً إِلى رِجْسِهِمْ وَ مَاتُوا وَ هُمْ كفِرُونَ(125) أَ وَ لا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فى كلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَينِ ثمَّ لا يَتُوبُونَ وَ لا هُمْ يَذَّكرُونَ(126) وَ إِذَا مَا أُنزِلَت سورَةٌ نَّظرَ بَعْضهُمْ إِلى بَعْضٍ هَلْ يَرَام مِّنْ أَحَدٍ ثُمَّ انصرَفُواصرَف اللَّهُ قُلُوبهُم بِأَنهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ(127) لَقَدْ جَاءَكمْ رَسولٌ مِّنْ أَنفُسِكمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ(128) فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسبىَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَعَلَيْهِ تَوَكلْتوَ هُوَ رَب الْعَرْشِ الْعَظِيمِ(129)« إلى رجسهم» كفرا بها ضموه إلى كفرهم « و ماتوا و هم كافرون» رسخوا في الكفر حتى ماتوا عليه « أ و لا يرون» أي المنافقون و قرىء بالتاء « أنهم يفتنون» أي يبتلون « في كل عام مرة أو مرتين» بالتشديد أو الغزو مع النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) فيعاينوا آيات نصره « ثم لا يتوبون» من نفاقهم « و لا هم يذكرون» يتعظون « و إذا ما أنزلت سورة» فيها ذكرهم « نظر بعضهم إلى بعض» تغامزا يريدون الهرب يقولون إشارة « هل يراكم من أحد» إن قمتم فإن لم يرهم أحد قاموا « ثم انصرفوا» عن المجلس خوف الفضيحة « صرف الله قلوبهم» عن رحمته خيرا و دعاء « بأنهم قوم لا يفقهون» بسبب عدم تدبرهم « لقد جاءكم رسول من أنفسكم» عربي من ولد إسماعيل و قرىء بفتح الفاء أي أشرفكم « عزيز» شديد « عليه ما عنتم» عنتكم أي مشقتكم « حريص عليكم» أن تؤمنوا « بالمؤمنين رءوف رحيم فإن تولوا» عن الإيمان بك « فقل حسبي الله» كافي « لا إله إلا هو عليه توكلت» به وثقت ، لا بغيره « و هو رب العرش» الملك « العظيم» أو الجسم الأعظم المحيط قيل هاتان الآيتان آخر ما نزل .