بِسمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَ الذَّرِيَتِ ذَرْواً(1) فَالحَْمِلَتِ وِقْراً(2) فَالجَْرِيَتِ يُسراً(3) فَالْمُقَسمَتِ أَمْراً(4) إِنمَا تُوعَدُونَ لَصادِقٌ(5) وَ إِنَّ الدِّينَ لَوَقِعٌ(6)« بسم الله الرحمن الرحيم و الذاريات ذروا» الرياح تذرو التراب و غيره « فالحاملات وقرا» ثقلا السحاب الحاملة للمطر « فالجاريات» السفن الجارية في البحر « يسرا» مصدر وقع حالا أي ميسرة أو صفة مصدر محذوف أي جريا ذا يسر « فالمقسمات أمرا» الملائكة المقسمة للأمطار و الأرزاق و غيرها و قيل الأربعة للرياح فإنها تذرو التراب و تحمل السحاب و تجري من المهاب و تقسم الأمطار بتصريف السحاب « إنما توعدون» من البعث و غيره « لصادق» لا خلف له « و إن الدين» الجزاءتفسير شبر ص :487وَ السمَاءِ ذَاتِ الحُْبُكِ(7) إِنَّكمْ لَفِى قَوْلٍ مخْتَلِفٍ(8) يُؤْفَك عَنْهُ مَنْ أُفِك(9) قُتِلَ الخَْرَّصونَ(10) الَّذِينَ هُمْ فى غَمْرَةٍ ساهُونَ(11) يَسئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ(12) يَوْمَ هُمْ عَلى النَّارِ يُفْتَنُونَ(13) ذُوقُوا فِتْنَتَكمْ هَذَا الَّذِى كُنتُم بِهِ تَستَعْجِلُونَ(14) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فى جَنَّتٍ وَ عُيُونٍ(15) ءَاخِذِينَ مَا ءَاتَاهُمْ رَبهُمْإِنهُمْ كانُوا قَبْلَ ذَلِك محْسِنِينَ(16) كانُوا قَلِيلاً مِّنَ الَّيْلِ مَا يهْجَعُونَ(17) وَ بِالأَسحَارِ هُمْ يَستَغْفِرُونَ(18) وَ فى أَمْوَلِهِمْ حَقٌّ لِّلسائلِ وَ المَْحْرُومِ(19) وَ فى الأَرْضِ ءَايَتٌ لِّلْمُوقِنِينَ(20) وَ فى أَنفُسِكمْأَ فَلا تُبْصِرُونَ(21) وَ فى السمَاءِ رِزْقُكمْ وَ مَا تُوعَدُونَ(22) فَوَ رَب السمَاءِ وَ الأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ(23) هَلْ أَتَاك حَدِيث ضيْفِ إِبْرَهِيمَ الْمُكْرَمِينَ(24) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سلَماًقَالَ سلَمٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ(25) فَرَاغَ إِلى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سمِينٍ(26) فَقَرَّبَهُ إِلَيهِمْ قَالَ أَ لا تَأْكلُونَ(27) فَأَوْجَس مِنهُمْ خِيفَةًقَالُوا لا تخَفوَ بَشرُوهُ بِغُلَمٍ عَلِيمٍ(28) فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فى صرَّةٍ فَصكَّت وَجْهَهَا وَ قَالَت عجُوزٌ عَقِيمٌ(29) قَالُوا كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِإِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ(30) × قَالَ فَمَا خَطبُكمْ أَيهَا الْمُرْسلُونَ(31) قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلى قَوْمٍ مجْرِمِينَ(32)« لواقع و السماء ذات الحبك» ذات الطرق أو النجوم المزينة لها جمع حبيك أو حباك « إنكم لفي قول مختلف» في الرسول و القرآن إذ قلتم ساحر شاعر مجنون « يؤفك عنه من أفك» يصرف عن الرسول أو القرآن أي عن الإيمان به من صرف عن الخير « قتل الخراصون» لعن الكذابون « الذين هم في غمرة» جهل يغمرهم « ساهون» عما يجب عليهم « يسئلون» استهزاء « أيان يوم الدين» وقت الجزاء « يوم هم على النار يفتنون» يعذبون « ذوقوا فتنتكم» عذابكم « هذا» العذاب « الذي كنتم به تستعجلون» في الدنيا تكذيبا « إن المتقين في جنات و عيون ءاخذين ما ءاتاهم ربهم» من الثواب « إنهم كانوا قبل ذلك محسنين» أي استحقوا ذلك بإحسانهم في الدنيا « كانوا قليلا من الليل ما يهجعون» ينامون في قليل من الليل أو نوما قليلا « و بالأسحار هم يستغفرون» مع ذلك كأنهم باتوا في معصيته « و في أموالهم حق» معلوم ألزموا به أنفسهم « للسائل و المحروم» الذي يحسب غنيا فيحرم الصدقة لتعففه « و في الأرض ءايات» دلائل من بسطها و سكونها أو اختلاف بقاعها و ما فيها من المواليد و غيرها « للموقنين» خصهم لأنهم المنتفعون بذلك « و في أنفسكم» آيات أيضا إذ في الإنسان ما في العالم الأكبر مع ما خص به من الأمور العجيبة و التصرفات الغريبة « أ فلا تبصرون» ذلك معتبرين به « و في السماء رزقكم» تقديره أو سببه و هو المطر « و ما توعدون» من الثواب و العقاب فإنه مكتوب فيها أو في الجنة فإنها في السماء « فورب السماء و الأرض إنه» أي ما ذكر من أمر الآيات و الرزق و الوعد « لحق مثل ما أنكم تنطقون» مثل نطقكم عندكم في حقية صدوره عنكم « هل أتاك حديث ضيف إبراهيم» جبرائيل و ميكائيل و إسرافيل و كروبيل « المكرمين» عند الله « إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما» سلمنا سلاما « قال سلام» عليكم « قوم منكرون» أي أنتم أو هؤلاء قوم لا نعرفهم « فراغ» ذهب « إلى أهله فجاء بعجل سمين» مشوي لقوله في هود حنيذ « فقربه إليهم قال أ لا تأكلون» الهمزة للعرض أو الإنكار « فأوجس» أضمر « منهم خيفة» لإعراضهم عن طعامه « قالوا لا تخف» إنا رسل الله « و بشروه بغلام عليم» و هو إسحق « فأقبلت امرأته» سارة « في صرة» في صيحة حال أي أقبلت صائحة « فصكت وجهها» لطمته تعجبا « و قالت» أنا « عجوز» بنت تسع و تسعين « عقيم» عاقر فكيف ألد « قالوا كذلك» كما قلنا في البشارة « قال ربك إنه هو الحكيم» في صنعه « العليم» بخلقه « قال فما خطبكم» شأنكم « أيها المرسلون قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين» أي قوم لوطتفسير شبر ص :488لِنرْسِلَ عَلَيهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ(33) مُّسوَّمَةً عِندَ رَبِّك لِلْمُسرِفِينَ(34) فَأَخْرَجْنَا مَن كانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ(35) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسلِمِينَ(36) وَ تَرَكْنَا فِيهَا ءَايَةً لِّلَّذِينَ يخَافُونَ الْعَذَاب الأَلِيمَ(37) وَ فى مُوسى إِذْ أَرْسلْنَهُ إِلى فِرْعَوْنَ بِسلْطنٍ مُّبِينٍ(38) فَتَوَلى بِرُكْنِهِ وَ قَالَ سحِرٌ أَوْ مجْنُونٌ(39) فَأَخَذْنَهُ وَ جُنُودَهُ فَنَبَذْنَهُمْ فى الْيَمِّ وَ هُوَ مُلِيمٌ(40) وَ فى عَادٍ إِذْ أَرْسلْنَا عَلَيهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ(41) مَا تَذَرُ مِن شىْءٍ أَتَت عَلَيْهِ إِلا جَعَلَتْهُ كالرَّمِيمِ(42) وَ فى ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لهَُمْ تَمَتَّعُوا حَتى حِينٍ(43) فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصعِقَةُ وَ هُمْ يَنظرُونَ(44) فَمَا استَطعُوا مِن قِيَامٍ وَ مَا كانُوا مُنتَصِرِينَ(45) وَ قَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُإِنهُمْ كانُوا قَوْماً فَسِقِينَ(46) وَ السمَاءَ بَنَيْنَهَا بِأَيْيدٍ وَ إِنَّا لَمُوسِعُونَ(47) وَ الأَرْض فَرَشنَهَا فَنِعْمَ الْمَهِدُونَ(48) وَ مِن كلِّ شىْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَينِ لَعَلَّكمْ تَذَكَّرُونَ(49) فَفِرُّوا إِلى اللَّهِإِنى لَكم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ(50) وَ لا تجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهاً ءَاخَرَإِنى لَكم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ(51) كَذَلِك مَا أَتى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسولٍ إِلا قَالُوا ساحِرٌ أَوْ مجْنُونٌ(52) أَ تَوَاصوْا بِهِبَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ(53) فَتَوَلَّ عَنهُمْ فَمَا أَنت بِمَلُومٍ(54)« لنرسل عليهم حجارة من طين» متحجر و هو السجيل « مسومة» معلمة للعذاب أو باسم من يرمى بها « عند ربك» في قدرته « للمسرفين» المتعدين حدود الله « فأخرجنا من كان فيها» في قرى قوم لوط « من المؤمنين» ليسلموا من العذاب « فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين» لوط و ابنتاه « و تركنا فيها آية» علامة هي الحجارة أو غيرها « للذين يخافون العذاب الأليم» فيعتبرون فيها « و في موسى» عطف على و في الأرض « إذ أرسلناه إلى فرعون بسلطان مبين» برهان بين « فتولى بركنه» أي أعرض بجانبه أو مع جنوده الذين هم كالركن له لتقويته بهم « و قال» هو « ساحر أو مجنون» جهلا أو تلبيسا « فأخذناه و جنوده فنبذناهم في اليم» فطرحناهم في البحر « و هو مليم» آت بما يلام عليه من الكفر و العتو « و في عاد» أيضا « إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم» هي ريح لا خير فيها « ما تذر من شيء أتت» مرت « عليه إلا جعلته كالرميم» كالبالي المتفتت « و في ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين» يفسره آية تمتعوا في دياركم ثلاثة أيام « فعتوا عن أمر ربهم فأخذتهم الصاعقة» الهلاك بعد السلامة « و هم ينظرون» يعاينونها نهارا « فما استطاعوا من قيام» أي جثموا فلم ينهضوا « و ما كانوا منتصرين» ممتنعين منها « و قوم نوح من قبل إنهم كانوا قوما فاسقين» خارجين عن القصد بكفرهم « و السماء بنيناها بأيد» بقوة « و إنا لموسعون» لقادرون « و الأرض فرشناها» مهدناها و بسطناها « فنعم الماهدون» نحن « و من كل شيء خلقنا زوجين» صنفين كالذكر و الأنثى و السماء و الأرض و الشمس و القمر و غيرها « لعلكم تذكرون» تتذكرون فتعلمون أن خالق الأزواج فرد أحد لا يشبهه شيء « ففروا إلى الله» التجئوا إليه من عقابه بالإيمان و الطاعة « إني لكم منه نذير مبين و لا تجعلوا مع الله إلها ءاخر إني لكم منه نذير مبين» كرر تأكيدا « كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون» فيه تسلية له (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) « أ تواصوا به» بهذا القول استفهام بمعنى النفي « بل هم قوم طاغون» أي لم يجمعهم عليه التواطؤ لتباعد أزمنتهم بل جمعهم طغيانهم « فتول» فأعرض « عنهم فما أنت بملوم»تفسير شبر ص :489فَتَوَلَّ عَنهُمْ فَمَا أَنت بِمَلُومٍ(54) وَ ذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ(55) وَ مَا خَلَقْت الجِْنَّ وَ الانس إِلا لِيَعْبُدُونِ(56) مَا أُرِيدُ مِنهُم مِّن رِّزْقٍ وَ مَا أُرِيدُ أَن يُطعِمُونِ(57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ(58) فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظلَمُوا ذَنُوباً مِّثْلَ ذَنُوبِ أَصحَبهِمْ فَلا يَستَعْجِلُونِ(59) فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كفَرُوا مِن يَوْمِهِمُ الَّذِى يُوعَدُونَ(60)على إعراضك بعد بذل الجهد في تبليغهم « و ذكر» عظ مع ذلك « فإن الذكرى تنفع المؤمنين و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون» صريح في أن أفعاله تعالى معللة بالأغراض و المصالح « و ما أريد منهم من رزق و ما أريد أن يطعمون» أي ما أريد أن أربح عليهم بل ليربحوا علي « إن الله هو الرزاق» لخلقه الغني عنهم « ذو القوة المتين» الشديد « فإن للذين ظلموا» أنفسهم بالكفر و المعاصي « ذنوبا» نصيبا من العذاب « مثل ذنوب أصحابهم» مثل نصيب نظائرهم المهلكين ، أخذ من مقاسمة الماء بالذنوب و هو الدلو العظيمة « فلا يستعجلون» بالعذاب فإنهم لا يفوتون « فويل للذين كفروا من يومهم الذي يوعدون» و هو يوم القيامة .