( 38 ) سورة ص ست أو ثمان و ثمانون آية ( 86 - 88 ) مكية
بِسمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ صوَ الْقُرْءَانِ ذِى الذِّكْرِ(1) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فى عِزَّةٍ وَ شِقَاقٍ(2) كمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ فَنَادَوا وَّ لات حِينَ مَنَاصٍ(3) وَ عجِبُوا أَن جَاءَهُم مُّنذِرٌ مِّنهُمْوَ قَالَ الْكَفِرُونَ هَذَا سحِرٌ كَذَّابٌ(4) أَ جَعَلَ الاَلهَِةَ إِلَهاً وَحِداًإِنَّ هَذَا لَشىْءٌ عجَابٌ(5) وَ انطلَقَ الْمَلأُ مِنهُمْ أَنِ امْشوا وَ اصبرُوا عَلى ءَالِهَتِكمْإِنَّ هَذَا لَشىْءٌ يُرَادُ(6) مَا سمِعْنَا بهَذَا فى الْمِلَّةِ الاَخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلا اخْتِلَقٌ(7) أَ ءُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِن بَيْنِنَابَلْ هُمْ فى شكٍ مِّن ذِكْرِىبَل لَّمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ(8) أَمْ عِندَهُمْ خَزَائنُ رَحْمَةِ رَبِّك الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ(9)« بسم الله الرحمن الرحيم ص» روي أنه عين ينبع من تحت العرش يقال لها ماء الحياة و روي أنه اسم من أسماء الله أقسم به و قيل صدق محمد (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) « و القرآن ذي الذكر» الشرف أو العظة و جواب القسم محذوف أي إنه لمعجز أو إن محمدا لصادق « بل الذين كفروا في عزة» حمية و تكبر عن الحق « و شقاق» خلاف و عداوة للرسول « و كم» أي كثير « أهلكنا من قبلهم من قرن» تهديد لهم « فنادوا و لات حين مناص» أي ليس الحين حين مفر « و عجبوا أن جاءهم منذر منهم» من جنسهم « و قال الكافرون» وضع موضع و قالوا تسجيلا « هذا ساحر» في إظهار الخوارق « كذاب» على الله « أ جعل الآلهة إلها واحدا» بحصره الألوهية في واحد « إن هذا لشيء عجاب» مفرط في العجب « و انطلق الملأ» الأشراف « منهم» يقول بعضهم لبعض : « أن امشوا و اصبروا على ءالهتكم» على عبادتها « إن هذا» الأمر « لشيء» من نوب الدهر « يراد» بنا فلا يدفع « ما سمعنا بهذا» الذي يقوله « في الملة الآخرة» ملة عيسى فإن آباءنا النصارى تثلث أو الذي أدركنا عليه آباءنا أو ما سمعنا بالتوحيد « إن هذا إلا اختلاق» كذب اختلقه « أ أنزل عليه الذكر» القرآن « من بيننا» و ليس بأعظم منا رئاسة و شرفا « بل هم في شك من ذكري» من القرآن لتركهم النظر « بل لما يذوقوا عذاب» أي لو ذاقوه لزال شكهم و صدقوا و لم ينفعهم حينئذ « أم» بل « عندهم خزائن رحمة ربك»تفسير شبر ص :428أَمْ عِندَهُمْ خَزَائنُ رَحْمَةِ رَبِّك الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ(9) أَمْ لَهُم مُّلْك السمَوَتِ وَ الأَرْضِ وَ مَا بَيْنهُمَافَلْيرْتَقُوا فى الأَسبَبِ(10) جُندٌ مَّا هُنَالِك مَهْزُومٌ مِّنَ الأَحْزَابِ(11) كَذَّبَت قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَ عَادٌ وَ فِرْعَوْنُ ذُو الأَوْتَادِ(12) وَ ثَمُودُ وَ قَوْمُ لُوطٍ وَ أَصحَب لْئَيْكَةِأُولَئك الأَحْزَاب(13) إِن كلٌّ إِلا كذَّب الرُّسلَ فَحَقَّ عِقَابِ(14) وَ مَا يَنظرُ هَؤُلاءِ إِلا صيْحَةً وَحِدَةً مَّا لَهَا مِن فَوَاقٍ(15) وَ قَالُوا رَبَّنَا عجِّل لَّنَا قِطنَا قَبْلَ يَوْمِ الحِْسابِ(16) اصبرْ عَلى مَا يَقُولُونَ وَ اذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الأَيْدِإِنَّهُ أَوَّابٌ(17) إِنَّا سخَّرْنَا الجِْبَالَ مَعَهُ يُسبِّحْنَ بِالْعَشىِّ وَ الاشرَاقِ(18) وَ الطيرَ محْشورَةًكلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ(19) وَ شدَدْنَا مُلْكَهُ وَ ءَاتَيْنَهُ الْحِكْمَةَ وَ فَصلَ الخِْطابِ(20) × وَ هَلْ أَتَاك نَبَؤُا الْخَصمِ إِذْ تَسوَّرُوا الْمِحْرَاب(21) إِذْ دَخَلُوا عَلى دَاوُدَ فَفَزِعَ مِنهُمْقَالُوا لا تَخَفخَصمَانِ بَغَى بَعْضنَا عَلى بَعْضٍ فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَ لا تُشطِط وَ اهْدِنَا إِلى سوَاءِ الصرَطِ(22) إِنَّ هَذَا أَخِى لَهُ تِسعٌ وَ تِسعُونَ نَعْجَةً وَ لىَ نَعْجَةٌ وَحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَ عَزَّنى فى الخِْطابِ(23) قَالَ لَقَدْ ظلَمَك بِسؤَالِ نَعْجَتِك إِلى نِعَاجِهِوَ إِنَّ كَثِيراً مِّنَ الخُْلَطاءِ لَيَبْغِى بَعْضهُمْ عَلى بَعْضٍ إِلا الَّذِينَ ءَامَنُوا وَ عَمِلُوا الصلِحَتِ وَ قَلِيلٌ مَّا هُمْوَ ظنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّهُ فَاستَغْفَرَ رَبَّهُ وَ خَرَّ رَاكِعاً وَ أَنَاب (24)التي من جملتها النبوة « العزيز» الغالب « الوهاب» ما يشاء لمن يشاء فيخصون بها من شاءوا « أم لهم ملك السموات و الأرض و ما بينهما فليرتقوا» أي إن زعموا ذلك فليصعدوا « في الأسباب» في المعارج الموصلة إلى السماء فيأتوا بالوحي إلى من اختاروا « جند ما» هم جند حقير فما مزيدة للتحقير « هنالك» يوم بدر أو الخندق أو الفتح « مهزوم» عما قريب « من الأحزاب» من جملة الكفار المتحزبين على الرسل و أنت غالبهم فلا تبال « كذبت قبلهم قوم نوح و عاد و فرعون ذو الأوتاد» ذوي الجموع الكثيرة المقوية لملكه كما يقوي الوتد الشيء أو ذو الملك الثابت و قيل كان نبذ أربعة أوتاد لمن يعذبه و يشد إليها يديه و رجليه « و ثمود و قوم لوط و أصحاب الأيكة» الغيضة و هم قوم شعيب « أولئك الأحزاب» المتحزبون على الرسل « إن كل» منهم « إلا كذب الرسل فحق عقاب» فوجب لذلك عقابي لهم « و ما ينظر هؤلاء» أي قومك أو الأحزاب المذكورون « إلا صيحة» نفخة « واحدة ما لها من فواق» توقف مقدار فواق و هو ما بين الحلبتين أو رجوع لأن الواحدة تكفي أمرهم « و قالوا» مستهزئين « ربنا عجل لنا قطنا» قسطنا من العذاب الموعود أو الجنة « قبل يوم الحساب» فقال تعالى « اصبر على ما يقولون و اذكر عبدنا داود» فقد ابتلي أيضا « ذا الأيد» القوة في العبادة يقوم نصف الليل و يصوم يوما و يفطر يوما « إنه أواب» رجاع إلى مرضاة الله « إنا سخرنا الجبال معه يسبحن» بتسبيحه « بالعشي و الإشراق» الرواح و الصباح « و الطير محشورة» مجموعة عليه تسبح معه « كل» من الجبال و الطير « له أواب» رجاع إلى طاعته و التسبيح معه « و شددنا ملكه» قويناه بإلهيته و الجنود كان يحرس محرابه كل ليلة ثلاثون ألف رجل « و ءاتيناه الحكمة» النبوة و الإصابة في الأمور « و فصل الخطاب» الكلام البين الدال على المقصود بلا التباس أو القضاء بالبينة و اليمين أو قيل أما بعد و هو أول من تكلم بها « و هل أتاك نبؤا الخصم» أ لم يأتك و قد أتاك الآن فتنبه له « إذ تسوروا المحراب» صعدوا سور الغرفة « إذ دخلوا على داود ففزع منهم» لدخولهم عليه في يوم احتجابه بلا إذن من غير الباب « قالوا لا تخف خصمان» نحن فريقان متخاصمان « بغى» تعدى « بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق و لا تشطط» تجر في الحكم « و اهدنا إلى سواء الصراط» وسطه أي العدل « إن هذا أخي» في الدين أو الخلطة « له تسع و تسعون نعجة و لي نعجة واحدة» و هو تمثيل أي له نساء كثير و لي امرأة واحدة « فقال أكفلنيها» و عسر اجعلني كافلها أي ملكنيها « و عزني في الخطاب» غلبني في الحجاج « قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه و إن كثيرا من الخلطاء» الشركاء « ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين ءامنوا و عملوا الصالحات و قليل ما هم»تفسير شبر ص :429قَالَ لَقَدْ ظلَمَك بِسؤَالِ نَعْجَتِك إِلى نِعَاجِهِوَ إِنَّ كَثِيراً مِّنَ الخُْلَطاءِ لَيَبْغِى بَعْضهُمْ عَلى بَعْضٍ إِلا الَّذِينَ ءَامَنُوا وَ عَمِلُوا الصلِحَتِ وَ قَلِيلٌ مَّا هُمْوَ ظنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّهُ فَاستَغْفَرَ رَبَّهُ وَ خَرَّ رَاكِعاً وَ أَنَاب (24) فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكوَ إِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَ حُسنَ مَئَابٍ(25) يَدَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَك خَلِيفَةً فى الأَرْضِ فَاحْكُم بَينَ النَّاسِ بِالحَْقِّ وَ لا تَتَّبِع الْهَوَى فَيُضِلَّك عَن سبِيلِ اللَّهِإِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شدِيدُ بِمَا نَسوا يَوْمَ الحِْسابِ(26) وَ مَا خَلَقْنَا السمَاءَ وَ الأَرْض وَ مَا بَيْنهُمَا بَطِلاًذَلِك ظنُّ الَّذِينَ كَفَرُوافَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ(27) أَمْ نجْعَلُ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَ عَمِلُوا الصلِحَتِ كالْمُفْسِدِينَ فى الأَرْضِ أَمْ نجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كالْفُجَّارِ(28) كِتَبٌ أَنزَلْنَهُ إِلَيْك مُبَرَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا ءَايَتِهِ وَ لِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الأَلْبَبِ(29) وَ وَهَبْنَا لِدَاوُدَ سلَيْمَنَنِعْمَ الْعَبْدُإِنَّهُ أَوَّابٌ(30) إِذْ عُرِض عَلَيْهِ بِالْعَشىِّ الصفِنَت الجِْيَادُ(31) فَقَالَ إِنى أَحْبَبْت حُب الخَْيرِ عَن ذِكْرِ رَبى حَتى تَوَارَت بِالحِْجَابِ(32) رُدُّوهَا عَلىَّفَطفِقَ مَسحَا بِالسوقِ وَ الأَعْنَاقِ(33) وَ لَقَدْ فَتَنَّا سلَيْمَنَ وَ أَلْقَيْنَا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسداً ثمَّ أَنَاب(34) قَالَ رَب اغْفِرْ لى وَ هَب لى مُلْكاً لا يَنبَغِى لأَحَدٍ مِّن بَعْدِىإِنَّك أَنت الْوَهَّاب(35) فَسخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تجْرِى بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْث أَصاب(36) وَ الشيَطِينَ كلَّ بَنَّاءٍ وَ غَوَّاصٍ(37)ما زائدة لتأكيد القلة « و ظن داود أنما فتناه» اختبرناه بتلك الحكومة « فاستغفر ربه و خر راكعا» ساجدا « و أناب» ناب « فغفرنا له ذلك و إن له عندنا لزلفى» لقربة قبل ذلك و بعده « و حسن مآب» في الجنة روي كانت خطيئته في رسم الحكم من المسارعة إلى قوله لقد ظلمك قبل أن يسأل البينة من المدعي و يقول للمدعى عليه : ما تقول « يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض» في إقامة الدين و تدبير أمر الناس « فاحكم بين الناس بالحق و لا تتبع الهوى» تهيج له أو من باب إياك أعني « فيضلك عن سبيل الله» و هو طريق الحق « إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب» بسبب نسيانهم إياه و هو ضلالهم عن السبيل « و ما خلقنا السماء و الأرض و ما بينهما باطلا» لا لغرض أو عبثا « ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار» أقيم الظاهر مقام المضمر للتصريح بكفرهم و إشارة إلى العلة « أم» بل « نجعل الذين آمنوا و عملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض» استفهام إنكار للتسوية بين الفريقين لتأكيد نفي خلقها باطلا و كذا « أم نجعل المتقين كالفجار» كرر الإنكار باعتبار وصفين آخرين يمتنع من الحكيم التسوية بينهما « كتاب» هذا كتاب « أنزلناه إليك مبارك ليدبروا ءاياته» ليتأملوها « و ليذكر أولوا الألباب» و ليتعظ ذوو العقول فيؤمنوا « و وهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب» رجاع إلى الله في مرضاته « إذ عرض عليه بالعشي» بعد الظهر « الصافنات» الصافن من الخيل القائم على ثلاث و طرف الحافر الرابعة « الجياد» جمع جواد و هو السريع في الجري « فقال إني أحببت» أردت « حب الخير» أي الخيل سماها خيرا لأنه معقود بنواصيها كما في الخبر « عن ذكر ربي» عن أمري إياي بحبها و ارتباطها أو عن الصلاة « حتى توارت» أي الشمس بدلالة العشي عليها « بالحجاب » بحجاب الأفق أي غربت أو حتى غابت الخيل عن بصره حين أجريت « ردوها» أي الشمس « علي» أيها الملائكة الموكلون بها فردت فصلى كما ردت ليوشع و علي (عليهماالسلام) « فطفق مسحا بالسوق و الأعناق» جعل يمسح سوقها و أعناقها بيده حبابها و قيل مسحها بالسيف أي ذبحها و تصدق بلحمها و قيل وسم سوقها و أعناقها فجعلها في سبيل الله « و لقد فتنا سليمان» امتحناه « و ألقينا على كرسيه جسدا» عن النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) أن سليمان قال لأطوفن الليلة على سبعين امرأة تلد كل واحدة فارسا يجاهد في سبيل الله و لم يقل إن شاء الله فطاف عليهن فلم تحمل إلا واحدة بشق رجل و لو قال إن شاء الله لجاهدوا فرسانا « ثم أناب» رجع منقطعا إلى الله « قال» انقطاعا أو لخلاف الأولى « رب اغفر لي و هب لي ملكا لا ينبغي» لا يكون « لأحد من بعدي» أي غيري و روي لا ينبغي لأحد من بعدي أن يقول إنه مأخوذ بالغلبة و الجور « إنك أنت الوهاب فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء» لينة أي في وقت و عاصفة في آخر أو مطيعة « حيث أصاب» أراد « و الشياطين» عطف على الريح « كل بناء» أبنية « و غواص» في البحر يستخرج اللؤلؤتفسير شبر ص :430وَ ءَاخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فى الأَصفَادِ(38) هَذَا عَطاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِك بِغَيرِ حِسابٍ(39) وَ إِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَ حُسنَ مَئَابٍ(40) وَ اذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوب إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنى مَسنىَ الشيْطنُ بِنُصبٍ وَ عَذَابٍ(41) ارْكُض بِرِجْلِكهَذَا مُغْتَسلُ بَارِدٌ وَ شرَابٌ(42) وَ وَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَ ذِكْرَى لأُولى الأَلْبَبِ(43) وَ خُذْ بِيَدِك ضِغْثاً فَاضرِب بِّهِ وَ لا تحْنَثإِنَّا وَجَدْنَهُ صابِراًنِّعْمَ الْعَبْدُإِنَّهُ أَوَّابٌ(44) وَ اذْكُرْ عِبَدَنَا إِبْرَهِيمَ وَ إِسحَقَ وَ يَعْقُوب أُولى الأَيْدِى وَ الأَبْصرِ(45) إِنَّا أَخْلَصنَهُمْ بخَالِصةٍ ذِكرَى الدَّارِ(46) وَ إِنهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصطفَينَ الأَخْيَارِ(47) وَ اذْكُرْ إِسمَعِيلَ وَ الْيَسعَ وَ ذَا الْكِفْلِوَ كلٌّ مِّنَ الأَخْيَارِ(48) هَذَا ذِكْرٌوَ إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسنَ مَئَابٍ(49) جَنَّتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لهَُّمُ الأَبْوَب(50) مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَكِهَةٍ كثِيرَةٍ وَ شرَابٍ(51) × وَ عِندَهُمْ قَصِرَت الطرْفِ أَتْرَابٌ(52) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الحِْسابِ(53) إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ(54) هَذَاوَ إِنَّ لِلطغِينَ لَشرَّ مَئَابٍ(55) جَهَنَّمَ يَصلَوْنهَا فَبِئْس المِْهَادُ(56) هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَ غَساقٌ(57) وَ ءَاخَرُ مِن شكلِهِ أَزْوَجٌ(58)« و آخرين مقرنين» بعضهم على بعض « في الأصفاد» جمع صفد و هو القيد و الوثاق « هذا عطاؤنا» أي قلنا له هذا الذي أعطيناك من الملك و التسليط « فامنن أو أمسك» أعط من شئت و امنع من شئت « بغير حساب» و لا حرج عليك « و إن له عندنا لزلفى و حسن مآب » في الجنة مع ما له من الملك في الدنيا « و اذكر عبدنا أيوب» من ولد عيص بن إسحق و زوجه ليا بنت يعقوب أو رحمة بنت إفرائيم بن يوسف « إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصب» بتعب « و عذاب» ألم « اركض» أي قيل له اضرب « برجلك» الأرض فضربها فنبعت عين فقيل « هذا مغتسل» ما تغتسل به « بارد و شراب» تشرب منه فاغتسل و اشرب فبرأ ظاهره و باطنه « و وهبنا له أهله و مثلهم معهم» بأن ولد له ضعف ما هلك أو أحياهم ولد له مثلهم « رحمة منا و ذكرى» عظة « لأولي الألباب» ليصبروا كما صبر « و خذ بيدك ضغثا» حزمة من حشيش و نحوه « فاضرب به» زوجتك ضربة واحدة و كان قد حلف أن يضربها مائة جلدة لإبطائها عليه أو لقول أنكره « و لا تحنث» بترك ضربها حلل الله يمينه بذلك « إنا وجدناه صابرا» على البلاء « نعم العبد» أيوب « إنه أواب» إلى الله بالانقطاع إليه « و اذكر عبادنا إبراهيم و إسحق و يعقوب أولي الأيدي» القوة في الطاعة « و الأبصار» البصيرة في الدين أو أولو العلم و العمل لأن أكثر الأعمال باليد و أقوى مبادىء المعرفة البصر « إنا أخلصناهم بخالصة» جعلناهم خالصين لنا بسبب خصلة خالصة لا شوب فيها هي « ذكرى الدار» تذكرهم للدار الحقيقية و هي الآخرة و العمل لها « و إنهم عندنا لمن المصطفين» المختارين « الأخيار و اذكر إسمعيل و اليسع و ذا الكفل» عن الباقر (عليهالسلام) أنه نبي مرسل سمي به لتكفله بصيام نهاره و قيام ليله و القول بالحق فوفى به « و كل» أي كلهم « من الأخيار هذا» المذكور من أحوالهم « ذكر» شرف لهم أو نوع من الذكر « و إن للمتقين لحسن مآب» مرجع في الآخرة « جنات عدن مفتحة لهم الأبواب» لا يقفون حتى تفتح « متكئين فيها يدعون فيها بفاكهة كثيرة و شراب» أي يتحكمون في ثمارها و شرابها فإذا قالوا لشيء منها أقبل حصل عندهم « و عندهم قاصرات الطرف» على أزواجهن « أتراب» جمع ترب و هو اللدة أي لدات أو قرينات لهم في السن « هذا» المذكور « ما توعدون ليوم الحساب» لأجله « إن هذا لرزقنا ما له من نفاد» انقطاع « هذا» أي الأمر هذا أو خذ هذا أو هذا للمؤمنين « و إن للطاغين لشر مآب جهنم يصلونها» يدخلونها « فبئس المهاد» الفراش الممهد هي « هذا» أي العذاب هذا أو مفعول فعل يفسره « فليذوقوه» أو مبتدأ خبره « حميم» ماء شديد الحرارة « و غساق» ما يغسق أي يسيل من صديد أهل النار « و آخر» و مذوق آخر « من شكله» من مثل الحميم و الغساق في الشدة « أزواج» أنواعتفسير شبر ص :431هَذَا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْلا مَرْحَبَا بهِمْإِنهُمْ صالُوا النَّارِ(59) قَالُوا بَلْ أَنتُمْ لا مَرْحَبَا بِكمْأَنتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَافَبِئْس الْقَرَارُ(60) قَالُوا رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَاباً ضِعْفاً فى النَّارِ(61) وَ قَالُوا مَا لَنَا لا نَرَى رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُم مِّنَ الأَشرَارِ(62) أَتخَذْنَهُمْ سِخْرِياًّ أَمْ زَاغَت عَنهُمُ الأَبْصرُ(63) إِنَّ ذَلِك لحََقٌّ تخَاصمُ أَهْلِ النَّارِ(64) قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنذِرٌوَ مَا مِنْ إِلَهٍ إِلا اللَّهُ الْوَحِدُ الْقَهَّارُ(65) رَب السمَوَتِ وَ الأَرْضِ وَ مَا بَيْنهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّرُ(66) قُلْ هُوَ نَبَؤٌا عَظِيمٌ(67) أَنتُمْ عَنْهُ مُعْرِضونَ(68) مَا كانَ لىَ مِنْ عِلْمِ بِالْمَلا الأَعْلى إِذْ يخْتَصِمُونَ(69) إِن يُوحَى إِلىَّ إِلا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ(70) إِذْ قَالَ رَبُّك لِلْمَلَئكَةِ إِنى خَلِقُ بَشراً مِّن طِينٍ(71) فَإِذَا سوَّيْتُهُ وَ نَفَخْت فِيهِ مِن رُّوحِى فَقَعُوا لَهُ سجِدِينَ(72) فَسجَدَ الْمَلَئكَةُ كلُّهُمْ أَجْمَعُونَ(73) إِلا إِبْلِيس استَكْبرَ وَ كانَ مِنَ الْكَفِرِينَ(74) قَالَ يَإِبْلِيس مَا مَنَعَك أَن تَسجُدَ لِمَا خَلَقْت بِيَدَىأَستَكْبرْت أَمْ كُنت مِنَ الْعَالِينَ(75) قَالَ أَنَا خَيرٌ مِّنْهُخَلَقْتَنى مِن نَّارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِن طِينٍ(76) قَالَ فَاخْرُجْ مِنهَا فَإِنَّك رَجِيمٌ(77) وَ إِنَّ عَلَيْك لَعْنَتى إِلى يَوْمِ الدِّينِ(78) قَالَ رَب فَأَنظِرْنى إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ(79)« هذا فوج» جمع « مقتحم» داخل بشدة « معكم» النار فيقول القادة « لا مرحبا بهم إنهم صالوا النار » داخلوها مثلنا « قالوا» أي الأتباع « بل أنتم لا مرحبا بكم أنتم» أحق بما قلتم أنتم « قدمتموه» أي العذاب « لنا» بحملكم إيانا على العمل الذي هذا جزاؤه « فبئس القرار» المقر لنا و لكم جهنم « قالوا» أيضا « ربنا من قدم لنا هذا فزده عذابا ضعفا في النار» مضاعفا بأن تزيد على عذابه فيصير ضعفين « و قالوا» أي أهل النار « ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار» يعنون المؤمنين أو فقراءهم الذين يسترذلونهم و عن الصادق (عليهالسلام) يعنونكم معشر الشيعة لا يرون و الله واحدا منكم في النار « أتخذناهم سخريا» استفهام إنكار على أنفسهم « أم زاغت عنهم الأبصار» فلم نرهم « إن ذلك» المحكي عنهم « لحق» واجب الوقوع و هو « تخاصم أهل النار» بعضهم لبعض « قل إنما أنا منذر» مخوف بالعذاب « و ما من إله إلا الله الواحد القهار» لكل شيء « رب السموات و الأرض و ما بينهما العزيز» الغالب على أمره « الغفار» لذنوب من يشاء « قل هو» ما أنبئتم به من التوحيد و النبوة و البعث أو القرآن « نبأ عظيم أنتم عنه معرضون» لا تنظرون في حججه « ما كان لي من علم بالملأ الأعلى» أي الملائكة « إذ يختصمون» يتقاولون فإنبائي بتقاولهم لا يكون إلا عن وحي و شبه بالتخاصم لأنه سؤال و جواب و إذ ظرف ل علم « إن يوحى إلي إلا أنما أنا نذير مبين إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين فإذا سويته» عدلته « و نفخت فيه من روحي فقعوا له» تكرمة « ساجدين» لله « فسجد الملائكة كلهم أجمعون» تأكيدان « إلا إبليس استكبر و كان من الكافرين» فسر في البقرة « قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي» بنفسي بلا توسط سبب و التنبيه تشعر بمزيد العناية بخلقه « أستكبرت» طلبت الكبر من غير استحقاق « أم كنت من العالين» المستحقين للتفوق « قال أنا خير منه خلقتني من نار و خلقته من طين» فسر في الأعراف « قال فاخرج منها فإنك رجيم و إن عليك لعنتي إلى يوم الدين قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم»تفسير شبر ص :432قَالَ رَب فَأَنظِرْنى إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ(79) قَالَ فَإِنَّك مِنَ الْمُنظرِينَ(80) إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ(81) قَالَ فَبِعِزَّتِك لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ(82) إِلا عِبَادَك مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ(83) قَالَ فَالحَْقُّ وَ الحَْقَّ أَقُولُ(84) لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنك وَ مِمَّن تَبِعَك مِنهُمْ أَجْمَعِينَ(85) قُلْ مَا أَسئَلُكمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَ مَا أَنَا مِنَ المُْتَكلِّفِينَ(86) إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرٌ لِّلْعَلَمِينَ(87) وَ لَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينِ(88)فسر في الحجر « قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين» الذين أخلصتهم لطاعتك أو أخلصوا دينهم لك « قال فالحق» أي أحق الحق « و الحق» مفعول « أقول» أو الأول بنزع حرف القسم و يراد به اسم الله و قرىء بالرفع مبتدأ أي الحق قسمي أو خبر أي أنا الحق و جواب القسم « لأملأن جهنم منك» من جنسك و هم الشياطين « و ممن تبعك منهم» من الناس « أجمعين» تأكيد للجنسين « قل ما أسألكم عليه من أجر» على تبليغ الوحي و القرآن « و ما أنا من المتكلفين» المنتحلين لما لا حجة عليه من النبوة و القرآن « إن هو إلا ذكر» عظة « للعالمين» للثقلين « و لتعلمن نبأه» خبر صدقه « بعد حين» بعد الموت أو يوم القيامة .