تفسير شبر سوره مؤمنون - تفسير شبر نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تفسير شبر - نسخه متنی

السید عبدالله العلوی الحسینی المشتهر بالشبر

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

تفسير شبر سوره مؤمنون

( 23 ) سورة المؤمنون مائة و تسع عشرة آية ( 119 ) مكية

بِسمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ‏(1) الَّذِينَ هُمْ فى صلاتهِمْ خَشِعُونَ‏(2) وَ الَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضونَ‏(3) وَ الَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَوةِ فَعِلُونَ‏(4) وَ الَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَفِظونَ‏(5)

« بسم الله الرحمن الرحيم قد أفلح المؤمنون» فازوا بما طلبوا و قد للتحقيق و إثبات الموقع و تقريب الماضي من الحال « الذين هم في صلاتهم خاشعون» متذللون لله « و الذين هم عن اللغو» الساقط عن قول و فعل « معرضون» لا يلتفتون إليه و لا يقاربونه فضلا عن فعله « و الذين هم للزكاة فاعلون» مدحهم باستكمال الطاعات البدنية من الخشوع في الصلاة و تجنب ما يجب شرعا أو عرفا تجنبه و المالية من فعل الزكاة

تفسير شبر ص :331

وَ الَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَفِظونَ‏(5) إِلا عَلى أَزْوَجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَت أَيْمَنهُمْ فَإِنهُمْ غَيرُ مَلُومِينَ‏(6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِك فَأُولَئك هُمُ الْعَادُونَ‏(7) وَ الَّذِينَ هُمْ لأَمَنَتِهِمْ وَ عَهْدِهِمْ رَعُونَ‏(8) وَ الَّذِينَ هُمْ عَلى صلَوَتهِمْ يحَافِظونَ‏(9) أُولَئك هُمُ الْوَرِثُونَ‏(10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْس هُمْ فِيهَا خَلِدُونَ‏(11) وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الانسنَ مِن سلَلَةٍ مِّن طِينٍ‏(12) ثمَّ جَعَلْنَهُ نُطفَةً فى قَرَارٍ مَّكِينٍ‏(13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضغَةَ عِظماً فَكَسوْنَا الْعِظمَ لحَْماً ثُمَّ أَنشأْنَهُ خَلْقاً ءَاخَرَفَتَبَارَك اللَّهُ أَحْسنُ الخَْلِقِينَ‏(14) ثمَّ إِنَّكم بَعْدَ ذَلِك لَمَيِّتُونَ‏(15) ثُمَّ إِنَّكمْ يَوْمَ الْقِيَمَةِ تُبْعَثُونَ‏(16) وَ لَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكمْ سبْعَ طرَائقَ وَ مَا كُنَّا عَنِ الخَْلْقِ غَفِلِينَ‏(17) وَ أَنزَلْنَا مِنَ السمَاءِ مَاءَ بِقَدَرٍ فَأَسكَنَّهُ فى الأَرْضِوَ إِنَّا عَلى ذَهَابِ بِهِ لَقَدِرُونَ‏(18) فَأَنشأْنَا لَكم بِهِ جَنَّتٍ مِّن نخِيلٍ وَ أَعْنَبٍ لَّكمْ فِيهَا فَوَكِهُ كَثِيرَةٌ وَ مِنهَا تَأْكلُونَ‏(19) وَ شجَرَةً تخْرُجُ مِن طورِ سيْنَاءَ تَنبُت بِالدُّهْنِ وَ صِبْغٍ لِّلاَكلِينَ‏(20) وَ إِنَّ لَكمْ فى الأَنْعَمِ لَعِبرَةًنُّسقِيكم مِّمَّا فى بُطونهَا وَ لَكمْ فِيهَا مَنَفِعُ كَثِيرَةٌ وَ مِنهَا تَأْكلُونَ‏(21) وَ عَلَيهَا وَ عَلى الْفُلْكِ تحْمَلُونَ‏(22)

« و الذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم» زوجاتهم أو سرياتهم « فإنهم غير ملومين» إلا على إتيانهن « فمن ابتغى وراء ذلك» المحدود « فأولئك هم العادون» المتجاوزون ما حد لهم « و الذين هم لأماناتهم و عهدهم» لما ائتمنوا عليه و عاهدوا من جهة الله أو الناس « راعون» حافظون « و الذين هم على صلاتهم يحافظون» بأدائها في أوقاتها و حدودها و لفظ المضارع لتجددها و تكررها و المحافظة أعم من الخشوع فلا تكرار و لفضلها وقع الافتتاح و الختم بها « أولئك هم الوارثون» دون غيرهم « الذين يرثون الفردوس» بأعمالهم « هم فيها خالدون و لقد خلقنا الإنسان من سلالة» صفوة سلت من الكدر « من طين» و هو آدم أو الجنس لأنهم خلقوا من نطف استلت موادها من طين « ثم جعلناه» الإنسان يعني جوهره أو السلالة على تأويل الماء « نطفة» منيا « في قرار» مستقر هو الرحم « مكين» وصف المحل بصيغة الحال مبالغة « ثم خلقنا» صيرنا « النطفة علقة» دما جامدا « فخلقنا العلقة مضغة» قطعة لحم « فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام» جمعت لاختلافها شكلا و صلابة و وحدت في قراءة « لحما» أثبتناه عليها « ثم أنشأناه خلقا ءاخر» بنفخ الروح فيه و ثم في الموضعين لتراخي الرتبة « فتبارك الله أحسن الخالقين» المقدرين « ثم إنكم بعد ذلك» المذكور من قيام الخلق « لميتون» عند آجالكم « ثم إنكم يوم القيامة تبعثون» للحساب و الجزاء « و لقد خلقنا فوقكم سبع طرائق» سموات جمع طريقة لأنها طرق الملائكة و الكواكب فيها مسيرها أو لأنها طوارق بعضها على بعض أي طبق « و ما كنا عن الخلق» أي كل المخلوقات « غافلين» تاركين تدبيرها « و أنزلنا من السماء ماء بقدر» بمقدار يوافق المصلحة أو بتقدير يعم نفعه و يؤمن ضره « فأسكناه» أثبتناه « في الأرض» مددا للينابيع و الآثار « و إنا على ذهاب به» إذهابه « لقادرون» و لو فعلنا الذهب لهلك كل حيوان و نبات « فأنشأنا لكم به» بالماء « جنات من نخيل و أعناب لكم فيها» في الجنات « فواكه كثيرة» تتفكهون بها « و منها» من الجنات أي ثمارها و زرعها « تأكلون» تطعمون أو تتعيشون أو الضمير للنخيل و الأعناب أي لكم من ثمرها أنواع من الفواكه و طعام تأكلون « و شجرة» عطف على جنات « تخرج من طور» جبل « سيناء» بقعة أضيف إليها أو هما علم مركب له « تنبت بالدهن» الباء للمصاحبة أي متلبسة بالدهن أو المتعدية و على قراءته رباعيا أي ينبت زيتونها متلبسا بالدهن « و صبغ للآكلين» عطف على الدهن أي إدام يصبغ فيه الخبز أي يغمس فيه للائتدام « و إن لكم في الأنعام لعبرة» اعتبارا « نسقيكم مما في بطونها» من اللبن « و لكم فيها منافع كثيرة» في أصوافها و أوبارها و غير ذلك « و منها» و من لحومها « تأكلون و عليها» على الإبل سفن البر و لذا ناسب قوله

تفسير شبر ص :332

وَ عَلَيهَا وَ عَلى الْفُلْكِ تحْمَلُونَ‏(22) وَ لَقَدْ أَرْسلْنَا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَقَالَ يَقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكم مِّنْ إِلَهٍ غَيرُهُأَ فَلا تَتَّقُونَ‏(23) فَقَالَ الْمَلَؤُا الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلا بَشرٌ مِّثْلُكمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضلَ عَلَيْكمْ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لأَنزَلَ مَلَئكَةً مَّا سمِعْنَا بهَذَا فى ءَابَائنَا الأَوَّلِينَ‏(24) إِنْ هُوَ إِلا رَجُلُ بِهِ جِنَّةٌ فَترَبَّصوا بِهِ حَتى حِينٍ‏(25) قَالَ رَب انصرْنى بِمَا كذَّبُونِ‏(26) فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصنَع الْفُلْك بِأَعْيُنِنَا وَ وَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَ فَارَ التَّنُّورُفَاسلُك فِيهَا مِن كلّ‏ٍ زَوْجَينِ اثْنَينِ وَ أَهْلَك إِلا مَن سبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْوَ لا تخَطِبْنى فى الَّذِينَ ظلَمُواإِنهُم مُّغْرَقُونَ‏(27) فَإِذَا استَوَيْت أَنت وَ مَن مَّعَك عَلى الْفُلْكِ فَقُلِ الحَْمْدُ للَّهِ الَّذِى نجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظلِمِينَ‏(28) وَ قُل رَّب أَنزِلْنى مُنزَلاً مُّبَارَكاً وَ أَنت خَيرُ الْمُنزِلِينَ‏(29) إِنَّ فى ذَلِك لاَيَاتٍ وَ إِن كُنَّا لَمُبْتَلِينَ‏(30) ثُمَّ أَنشأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً ءَاخَرِينَ‏(31) فَأَرْسلْنَا فِيهِمْ رَسولاً مِّنهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكم مِّنْ إِلَهٍ غَيرُهُأَ فَلا تَتَّقُونَ‏(32) وَ قَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ الاَخِرَةِ وَ أَتْرَفْنَهُمْ فى الحَْيَوةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلا بَشرٌ مِّثْلُكمْ يَأْكلُ مِمَّا تَأْكلُونَ مِنْهُ وَ يَشرَب مِمَّا تَشرَبُونَ‏(33)

« و على الفلك تحملون» في البر و البحر « و لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله» وحده « ما لكم من إله غيره أ فلا تتقون» نقمته بعبادتكم غيره « فقال الملأ» الأشراف « الذين كفروا من قومه» لتبعتهم « ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل» يترأس « عليكم» فيجعلكم أتباعا له « و لو شاء الله» إرسال رسول « لأنزل ملائكة» رسلا « ما سمعنا بهذا» الذي يدعونا إليه من التوحيد « في ءابائنا الأولين» قالوه عنادا أو لطول فترة كانوا فيها « إن هو إلا رجل به جنة» جنون « فتربصوا به» انتظروه « حتى حين» إلى زمن إفاقته أو زمن موته فتستريحوا منه « قال» بعد يأسه من إجابتهم « رب انصرني» عليهم بإهلاكهم « بما كذبون» بسبب تكذيبهم إياي « فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا» برعايتنا و حفظنا « و وحينا» و تعليمنا « فإذا جاء أمرنا» بتعذيبهم « و فار التنور» ارتفع منه الماء « فاسلك فيها» أدخل في السفينة « من كل زوجين» ذكر و أنثى من أنواعهما « اثنين» ذكرا أو أنثى و قرى‏ء بتنوين كل أي من كل نوع زوجين اثنين « و أهلك» هم زوجته و بنوه « إلا من سبق عليه القول منهم» الوعد بإهلاكه كابنه كنعان و أمه واغلة « و لا تخاطبني في الذين ظلموا» بإمهالهم « إنهم مغرقون» لا محالة « فإذا استويت» ركبت و اعتدلت « أنت و من معك على الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين» بإشراكهم « و قل رب أنزلني» في السفينة أو الأرض « منزلا» بضم الميم و فتح الزاي مصدر أو اسم مكان و بفتح الميم و كسر الزاي « مباركا» كثير الخير « و أنت خير المنزلين إن في ذلك» في أمر نوح و قومه « لآيات» دلالات و عبرا للمعتبرين « و إن» هي المخففة « كنا لمبتلين» مختبرين عبادنا ليتذكروا أو مصيبين قوم نوح بالبلاء و اللام فارقة « ثم أنشأنا من بعدهم قرنا ءاخرين» هم عاد « فأرسلنا فيهم رسولا منهم» هو هود و عدي أرسل بفي إيذانا بأنه أوحي إليه و هو بين أظهرهم « أن» أي بأن أو أي « اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أ فلا تتقون» عذابه « و قال الملأ من قومه الذين كفروا و كذبوا بلقاء الآخرة» أي بالبعث فيها « و أترفناهم» نعمناهم « في الحيوة الدنيا» ضروب الملاذ « ما هذا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه و يشرب مما تشربون» أي تشربونه .

تفسير شبر ص :333

وَ لَئنْ أَطعْتُم بَشراً مِّثْلَكمْ إِنَّكمْ إِذاً لَّخَسِرُونَ‏(34) أَ يَعِدُكمْ أَنَّكمْ إِذَا مِتُّمْ وَ كُنتُمْ تُرَاباً وَ عِظماً أَنَّكم مخْرَجُونَ‏(35) هَيهَات هَيهَات لِمَا تُوعَدُونَ‏(36) إِنْ هِىَ إِلا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوت وَ نحْيَا وَ مَا نحْنُ بِمَبْعُوثِينَ‏(37) إِنْ هُوَ إِلا رَجُلٌ افْترَى عَلى اللَّهِ كذِباً وَ مَا نحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ‏(38) قَالَ رَب انصرْنى بِمَا كَذَّبُونِ‏(39) قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَّيُصبِحُنَّ نَدِمِينَ‏(40) فَأَخَذَتهُمُ الصيْحَةُ بِالْحَقّ‏ِ فَجَعَلْنَهُمْ غُثَاءًفَبُعْداً لِّلْقَوْمِ الظلِمِينَ‏(41) ثُمَّ أَنشأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قُرُوناً ءَاخَرِينَ‏(42) مَا تَسبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَ مَا يَستَئْخِرُونَ‏(43) ثمَّ أَرْسلْنَا رُسلَنَا تَترَاكلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَّسولهَُا كَذَّبُوهُفَأَتْبَعْنَا بَعْضهُم بَعْضاً وَ جَعَلْنَهُمْ أَحَادِيثفَبُعْداً لِّقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ‏(44) ثمَّ أَرْسلْنَا مُوسى وَ أَخَاهُ هَرُونَ بِئَايَتِنَا وَ سلْطنٍ مُّبِينٍ‏(45) إِلى فِرْعَوْنَ وَ مَلايهِ فَاستَكْبرُوا وَ كانُوا قَوْماً عَالِينَ‏(46) فَقَالُوا أَ نُؤْمِنُ لِبَشرَيْنِ مِثْلِنَا وَ قَوْمُهُمَا لَنَا عَبِدُونَ‏(47) فَكَذَّبُوهُمَا فَكانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ‏(48) وَ لَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسى الْكِتَب لَعَلَّهُمْ يهْتَدُونَ‏(49) وَ جَعَلْنَا ابْنَ مَرْيمَ وَ أُمَّهُ ءَايَةً وَ ءَاوَيْنَهُمَا إِلى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَ مَعِينٍ‏(50) يَأَيهَا الرُّسلُ كلُوا مِنَ الطيِّبَتِ وَ اعْمَلُوا صلِحاًإِنى بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ‏(51)

« و لئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون» باتباعه « أ يعدكم أنكم إذا متم و كنتم ترابا و عظاما أنكم مخرجون» من قبوركم أحياء « هيهات هيهات» اسم فعل ماض أي بعد الثبوت « لما توعدون» أي بعد ما توعدون و اللام زائدة « إن هي» ما الحياة « إلا حياتنا الدنيا نموت و نحيا» يموت قوم و يولد قوم « و ما نحن بمبعوثين» بعد موتنا « إن» ما « هو إلا رجل افترى على الله كذبا» بدعواه الرسالة و وعده بالبعث « و ما نحن له بمؤمنين» بمصدقين « قال رب انصرني بما كذبون قال» تعالى « عما قليل» من الزمان و ما زائدة لتوكيد معنى القلة « ليصبحن نادمين» على تكذيبهم « فأخذتهم الصيحة» صاح بهم جبرئيل صيحة فماتوا « بالحق» باستحقاقهم أخذها « فجعلناهم غثاء» هو ما احتمله السيل من نبات بال و نحوه شبهوا به في هلاكهم « فبعدا للقوم الظالمين» أي بعدوا من الرحمة بعدا « ثم أنشأنا من بعدهم قرونا آخرين» هم قوم صالح و لوط و شعيب « ما تسبق من أمة أجلها» بأن تهلك قبله « و ما يستأخرون» عنه و ذكر ضمير ها للمعنى « ثم أرسلنا رسلنا» تترى متواترين يتبع بعضهم بعضا « كلما جاء أمة رسولها كذبوه فأتبعنا بعضهم بعضا» في الإهلاك « و جعلناهم أحاديث» لم يبق منهم سوى أخبار يتحدث بها « فبعدا لقوم لا يؤمنون ثم أرسلنا موسى و أخاه هرون بآياتنا» المعجزات « و سلطان مبين» برهان ظاهر « إلى فرعون و ملإيه فاستكبروا» عن قبول الحق « و كانوا قوما عالين» قاهرين بالظلم « فقالوا أ نؤمن لبشرين مثلنا و قومهما» أي بنو إسرائيل « لنا عابدون» مطيعون خاضعون « فكذبوهما فكانوا من المهلكين» بالغرق « و لقد ءاتينا موسى الكتاب» التوراة « لعلهم» أي قومه بني إسرائيل لا قوم فرعون لأنهم أغرقوا قبل نزولها « يهتدون» به إلى الدين « و جعلنا ابن مريم و أمه ءاية» بأن ولدته بغير فحل فهو آية واحدة فيهما أو ابن مريم آية بكلامه في المهد و أمه آية بولادتها بلا فحل « و ءاويناهما إلى ربوة» أرض مرتفعة هي أرض بيت المقدس أو الرملة أو دمشق أو مصر « ذات قرار» استواء يستقر عليها أو ثمار لأجلها يستقر فيها « و معين» ماء جار ظاهر للعيون « يا أيها الرسل كلوا من الطيبات» المستلذات المباحات « و اعملوا صالحا» أي الطاعات .

تفسير شبر ص :334

يَأَيهَا الرُّسلُ كلُوا مِنَ الطيِّبَتِ وَ اعْمَلُوا صلِحاًإِنى بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ‏(51) وَ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكمْ أُمَّةً وَحِدَةً وَ أَنَا رَبُّكمْ فَاتَّقُونِ‏(52) فَتَقَطعُوا أَمْرَهُم بَيْنهُمْ زُبُراًكلُّ حِزْبِ بِمَا لَدَيهِمْ فَرِحُونَ‏(53) فَذَرْهُمْ فى غَمْرَتِهِمْ حَتى حِينٍ‏(54) أَ يحْسبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَ بَنِينَ‏(55) نُسارِعُ لهَُمْ فى الخَْيرَتِبَل لا يَشعُرُونَ‏(56) إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشيَةِ رَبهِم مُّشفِقُونَ‏(57) وَ الَّذِينَ هُم بِئَايَتِ رَبهِمْ يُؤْمِنُونَ‏(58) وَ الَّذِينَ هُم بِرَبهِمْ لا يُشرِكُونَ‏(59) وَ الَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا ءَاتَوا وَّ قُلُوبهُمْ وَجِلَةٌ أَنهُمْ إِلى رَبهِمْ رَجِعُونَ‏(60) أُولَئك يُسرِعُونَ فى الخَْيرَتِ وَ هُمْ لهََا سبِقُونَ‏(61) وَ لا نُكلِّف نَفْساً إِلا وُسعَهَاوَ لَدَيْنَا كِتَبٌ يَنطِقُ بِالحَْقّ‏ِوَ هُمْ لا يُظلَمُونَ‏(62) بَلْ قُلُوبهُمْ فى غَمْرَةٍ مِّنْ هَذَا وَ لهَُمْ أَعْمَلٌ مِّن دُونِ ذَلِك هُمْ لَهَا عَمِلُونَ‏(63) حَتى إِذَا أَخَذْنَا مُترَفِيهِم بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يجْئَرُونَ‏(64) لا تجْئَرُوا الْيَوْمَإِنَّكم مِّنَّا لا تُنصرُونَ‏(65) قَدْ كانَت ءَايَتى تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنتُمْ عَلى أَعْقَبِكمْ تَنكِصونَ‏(66) مُستَكْبرِينَ بِهِ سمِراً تَهْجُرُونَ‏(67) أَ فَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُم مَّا لَمْ يَأْتِ ءَابَاءَهُمُ الأَوَّلِينَ‏(68) أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسولهَُمْ فَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ‏(69) أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةُبَلْ جَاءَهُم بِالْحَقّ‏ِ وَ أَكثرُهُمْ لِلْحَقّ‏ِ كَرِهُونَ‏(70)

« إني بما تعملون عليم» فأجازيكم به « و إن هذه أمتكم أمة واحدة» أي ملة الإسلام ملتكم حال كونها ملة مجتمعة أو ملل الأنبياء ملتكم ملة متخذة في أصول الشرائع أو هذه جماعتكم جماعة متفقة على التوحيد « و أنا ربكم فاتقون» في التفرق في الدين « فتقطعوا أمرهم بينهم» جعلوا أمر دينهم أديانا مختلفة « زبرا» كتبا يدينون بها أو أحزابا متحالفين « كل حزب» فريق « بما لديهم» من الدين « فرحون» مسرورون « فذرهم في غمرتهم» ضلالتهم « حتى حين» إلى وقت موتهم « أ يحسبون أنما نمدهم به من مال و بنين» بيان لما « نسارع لهم في الخيرات» ليس ذاك كما يظنون و إنما ذاك استدراج لهم « بل لا يشعرون» أنه استدراج « إن الذين هم من خشية ربهم» من خوفه « مشفقون» لازمون لطاعته « و الذين هم بآيات ربهم» القرآن و غيره « يؤمنون» يصدقون « و الذين هم بربهم لا يشركون» غيره في عبادته « و الذين يؤتون ما ءاتوا» يعطون ما أعطوا من الصدقة أو أعمال البر كلها « و قلوبهم وجلة» خائفة أن لا يقبل منهم « أنهم» أي لأنهم « إلى ربهم راجعون» و هو علام السرائر « أولئك يسارعون في الخيرات» يبادرون الطاعات رغبة فيها أو يتعجلون خيرات الدنيا بمبادرتهم الطاعات الموجبة لها لتقابل إثباته لهم نفيه عن أضدادهم « و هم لها» لأجلها « سابقون» الناس إلى الجنة أو فاعلون السبق « و لا نكلف نفسا إلا وسعها» و الوسع دون الطاقة « و لدينا كتاب» اللوح أو صحيفة الأعمال « ينطق بالحق» بالصدق فيما كتب فيه من أعمالها « و هم» أي النفوس « لا يظلمون» بنقص ثواب أو زيادة عقاب « بل قلوبهم» أي الكفار « في غمرة» غفلة « من هذا» مما وصف به هؤلاء أو من كتاب الأعمال « و لهم أعمال» سيئة « من دون ذلك» سوى ما هم عليه من الكفر « هم لها عاملون» لا يتركونها « حتى إذا أخذنا مترفيهم» منعميهم « بالعذاب» في الآخرة أو القتل ببدر أو الجوع « إذا هم يجأرون» يصرخون بالاستغاثة « لا تجأروا اليوم» مقدر بالقول « إنكم منا لا تنصرون» لا تمنعون منا أو لا يأتيكم نصر من جهتنا « قد كانت ءاياتي تتلى عليكم» أي القرآن « فكنتم على أعقابكم تنكصون» تدبرون عن سماعها و قبولها كمن رجع القهقرى « مستكبرين به» الهاء للقرآن بتضمين الاستكبار معنى التكذيب إلا أن استكبارهم بسبب سماعه أو لتعلق الباء بقوله « سامرا» أي يستمرون بالطعن فيه « تهجرون» تتركون القرآن أو تهذون في شأنه « أ فلم يدبروا القول» أي القرآن فيستدلوا بإعجاز نظمه و وضوح حججه على صدق رسولنا « أم جاءهم ما لم يأت ءاباءهم الأولين» من الرسل « أم لم يعرفوا رسولهم» بالصدق و الأمانة و مكارم الأخلاق و كمال العلم و شرف النسب « فهم له منكرون» بل عرفوا جميع ذلك فلا وجه لإنكارهم له « أم يقولون به جنة» و كانوا يعلمون أنه أكملهم عقلا « بل جاءهم بالحق» الدين القيم « و أكثرهم للحق كارهون» لمخالفة أهوائهم و لعل التقييد بالأكثر لأن منهم من لم يكره الحق لكنه لم يؤمن لقلة فطنة أو حسدا له (صلى‏الله‏عليه‏وآله‏وسلّم‏)

تفسير شبر ص :335

وَ لَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسدَتِ السمَوَت وَ الأَرْض وَ مَن فِيهِنَّبَلْ أَتَيْنَهُم بِذِكرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضونَ‏(71) أَمْ تَسئَلُهُمْ خَرْجاً فَخَرَاجُ رَبِّك خَيرٌوَ هُوَ خَيرُ الرَّزِقِينَ‏(72) وَ إِنَّك لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِرَطٍ مُّستَقِيمٍ‏(73) وَ إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالاَخِرَةِ عَنِ الصرَطِ لَنَكِبُونَ‏(74) وَ لَوْ رَحِمْنَهُمْ وَ كَشفْنَا مَا بِهِم مِّن ضرٍّ لَّلَجُّوا فى طغْيَنِهِمْ يَعْمَهُونَ‏(75) وَ لَقَدْ أَخَذْنَهُم بِالْعَذَابِ فَمَا استَكانُوا لِرَبهِمْ وَ مَا يَتَضرَّعُونَ‏(76) حَتى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيهِم بَاباً ذَا عَذَابٍ شدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسونَ‏(77) وَ هُوَ الَّذِى أَنشأَ لَكمُ السمْعَ وَ الأَبْصرَ وَ الأَفْئِدَةَقَلِيلاً مَّا تَشكُرُونَ‏(78) وَ هُوَ الَّذِى ذَرَأَكمْ فى الأَرْضِ وَ إِلَيْهِ تحْشرُونَ‏(79) وَ هُوَ الَّذِى يحْىِ وَ يُمِيت وَ لَهُ اخْتِلَف الَّيْلِ وَ النَّهَارِأَ فَلا تَعْقِلُونَ‏(80) بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الأَوَّلُونَ‏(81) قَالُوا أَ ءِذَا مِتْنَا وَ كنَّا تُرَاباً وَ عِظماً أَ ءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ‏(82) لَقَدْ وُعِدْنَا نحْنُ وَ ءَابَاؤُنَا هَذَا مِن قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلا أَسطِيرُ الأَوَّلِينَ‏(83) قُل لِّمَنِ الأَرْض وَ مَن فِيهَا إِن كنتُمْ تَعْلَمُونَ‏(84) سيَقُولُونَ للَّهِقُلْ أَ فَلا تَذَكَّرُونَ‏(85) قُلْ مَن رَّب السمَوَتِ السبْع وَ رَب الْعَرْشِ الْعَظِيمِ‏(86) سيَقُولُونَ للَّهِقُلْ أَ فَلا تَتَّقُونَ‏(87)

« و لو اتبع الحق أهواءهم» بأن أتى بما يهوونه من الشركاء « لفسدت السموات و الأرض و من فيهن» للتمانع كما مر في لو كان فيهما ءالهة أو لو اتبع الله أهواءهم بأن أنزل ما يشتهون من الشرك لما كان إلها فلا يقدر على إمساك السموات و الأرض « بل أتيناهم بذكرهم» بالقرآن الذي هو شرفهم أو وعظهم « فهم عن ذكرهم معرضون أم تسئلهم خرجا» أجرا على تبليغ الرسالة « فخراج ربك» رزقه في الدنيا و ثوابه في الآخرة « خير» منه لدوامه و كثرته « و هو خير الرازقين» أفضل من أعطى « و إنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم» دين الإسلام « و إن الذين لا يؤمنون بالآخرة» بالبعث و ما يتبعه « عن الصراط» المستقيم « لناكبون» لعادلون « و لو رحمناهم و كشفنا ما بهم من ضر» جوع أصابهم بمكة سبع سنين « للجوا» لتمادوا « في طغيانهم» كفرهم و عتوهم « يعمهون» يترددون « و لقد أخذناهم بالعذاب» بالجوع « فما استكانوا لربهم» ما خضعوا له « و ما يتضرعون» ما يرغبون إليه في الدعاء « حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد» هو القتل ببدر أو الجوع « إذا هم فيه مبلسون» متحيرون آيسون من كل خير « و هو الذي أنشأ لكم السمع» وحد لأنه في الأصل مصدر أو بتقدير حواس السمع « و الأبصار و الأفئدة» القلوب لتدركوا الدلائل المسموعة و المبصرة « قليلا ما تشكرون» أي تشكرونها شكرا قليلا « و هو الذي ذرأكم» خلقكم « في الأرض و إليه تحشرون» تجمعون بالبعث « و هو الذي يحيي و يميت و له اختلاف الليل و النهار» يختص به اختلافهما بالظلمة و الضياء و الطول و القصر أو تعاقبهما أي ذهاب أحدهما و مجي‏ء الآخر « أ فلا تعقلون» تتفكرون فتعلمون أن من هذا صنعه لا يستحق الإلهية سواه و أنه قادر على البعث « بل قالوا مثل ما قال الأولون» المنكرون « قالوا» استبعادا له « أءذا متنا و كنا ترابا و عظاما أءنا لمبعوثون» و لم يتفكروا في بدء خلقهم « لقد وعدنا نحن و ءاباؤنا هذا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين» أكاذيبهم التي سطروها « قل لمن الأرض و من فيها إن كنتم تعلمون» ذلك فأجيبوني « سيقولون لله قل أ فلا تذكرون» فتعلمون أن من قدر على الابتداء قادر على الإعادة « قل من رب السموات السبع و رب العرش العظيم» زيادة في الحجة « سيقولون لله قل أ فلا تتقون» عذابه على جحد وحدانيته و قدرته على البعث .

تفسير شبر ص :336

قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوت كلّ‏ِ شىْ‏ءٍ وَ هُوَ يجِيرُ وَ لا يجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ‏(88) سيَقُولُونَ للَّهِقُلْ فَأَنى تُسحَرُونَ‏(89) بَلْ أَتَيْنَهُمْ بِالْحَقّ‏ِ وَ إِنَّهُمْ لَكَذِبُونَ‏(90) مَا اتخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَ مَا كانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍإِذاً لَّذَهَب كلُّ إِلَهِ بِمَا خَلَقَ وَ لَعَلا بَعْضهُمْ عَلى بَعْضٍ سبْحَنَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ‏(91) عَلِمِ الْغَيْبِ وَ الشهَدَةِ فَتَعَلى عَمَّا يُشرِكونَ‏(92) قُل رَّب إِمَّا تُرِيَنى مَا يُوعَدُونَ‏(93) رَب فَلا تجْعَلْنى فى الْقَوْمِ الظلِمِينَ‏(94) وَ إِنَّا عَلى أَن نُّرِيَك مَا نَعِدُهُمْ لَقَدِرُونَ‏(95) ادْفَعْ بِالَّتى هِىَ أَحْسنُ السيِّئَةَنحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ‏(96) وَ قُل رَّب أَعُوذُ بِك مِنْ هَمَزَتِ الشيَطِينِ‏(97) وَ أَعُوذُ بِك رَب أَن يحْضرُونِ‏(98) حَتى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْت قَالَ رَب ارْجِعُونِ‏(99) لَعَلى أَعْمَلُ صلِحاً فِيمَا تَرَكْتَكلاإِنَّهَا كلِمَةٌ هُوَ قَائلُهَاوَ مِن وَرَائهِم بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ‏(100) فَإِذَا نُفِخَ فى الصورِ فَلا أَنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئذٍ وَ لا يَتَساءَلُونَ‏(101) فَمَن ثَقُلَت مَوَزِينُهُ فَأُولَئك هُمُ الْمُفْلِحُونَ‏(102) وَ مَنْ خَفَّت مَوَزِينُهُ فَأُولَئك الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسهُمْ فى جَهَنَّمَ خَلِدُونَ‏(103) تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَ هُمْ فِيهَا كَلِحُونَ‏(104) أَ لَمْ تَكُنْ ءَايَتى تُتْلى عَلَيْكمْ فَكُنتُم بهَا تُكَذِّبُونَ‏(105) قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَت عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَ كنَّا قَوْماً ضالِّينَ‏(106)

« قل من بيده ملكوت كل شي‏ء» ملكه و التاء للمبالغة « و هو يجير و لا يجار عليه» يمنع من يشاء و لا يمنع منه أحد « إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل فأنى تسحرون» فمن أين تخدعون و يخيل إليكم الحق باطلا مع وضوحه « بل أتيناهم بالحق» من نفي الولد و الشريك « و إنهم لكاذبون» في إثباتهما « و ما اتخذ الله من ولد» لتنزهه عن مجانسة خلق « و ما كان معه من إله إذا لذهب كل إله» منهم « بما خلق» و انفرد به و امتاز ملكه عن ملك الآخرين « و لعلا بعضهم على بعض» بالتغالب كفعل ملوك الدنيا « سبحان الله عما يصفون» من الولد و الشريك « عالم الغيب و الشهادة» ما غاب و ما حضر « فتعالى» تنزه « عما يشركون» عن إشراكهم أو ما يشركون « قل رب إما تريني ما يوعدون» من النقمة « رب فلا تجعلني في القوم الظالمين» معهم « و إنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون» و إنما نمهلهم لمصلحة و حكمة « ادفع بالتي» بالخلة التي « هي أحسن السيئة» و هي الإغضاء عنها و الصفح و مقابلتها بإحسان و قيل هي كلمة التوحيد و السيئة الشرك « فنحن أعلم بما يصفون» يصفونك به أو بوصفهم إياك بغير صفتك فيجازيهم به « و قل رب أعوذ بك من همزات الشياطين» وساوسهم « و أعوذ بك رب أن يحضرون» فيقربوني في حال من الأحوال « حتى إذا جاء أحدهم الموت» و عاين ما أعد له من النكال « قال رب ارجعون» إلى الدنيا و الجمع للتعظيم « لعلي أعمل صالحا فيما تركت» من الإيمان أي لعلي آتي به و أعمل صالحا فيه « كلا» ردع « إنها» أي مسألة الرجعة « كلمة هو قائلها» وحده لا يجاب إليها « و من ورائهم» أمامهم « برزخ» حاجز بينهم و بين الرجوع و هو مدة ما بين الموت « إلى يوم يبعثون فإذا نفخ في الصور» نفخة الصعق أو البعث « فلا أنساب بينهم يومئذ» يتعاطفون بها لدهشتهم بحيث يفر المؤمن من أخيه و أمه و أبيه أو يفتخرون بها « و لا يتساءلون» لا يسأل بعضهم بعضا لشغله بنفسه ، و لا ينافيه و أقبل بعضهم على بعض يتساءلون لاختلاف الموطنين « فمن ثقلت موازينه» بالطاعات « فأولئك هم المفلحون» الفائزون بالمراد « و من خفت موازينه» بالمعاصي « فأولئك الذين خسروا أنفسهم» ضيعوها و لم ينتفعوا بها « في جهنم خالدون تلفح وجوههم النار» تضربها فتحرقها « و هم فيها كالحون» عابسون « أ لم تكن آياتي تتلى عليكم» أي يقال لهم ذلك « فكنتم بها» بالآيات و هي القرآن « تكذبون قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا» ملكنا سوء عاقبتنا الذي استوجبناه بسوء عملنا .

تفسير شبر ص :337

قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَت عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَ كنَّا قَوْماً ضالِّينَ‏(106) رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظلِمُونَ‏(107) قَالَ اخْسئُوا فِيهَا وَ لا تُكلِّمُونِ‏(108) إِنَّهُ كانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِى يَقُولُونَ رَبَّنَا ءَامَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَ ارْحمْنَا وَ أَنت خَيرُ الرَّحِمِينَ‏(109) فَاتخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِياًّ حَتى أَنسوْكُمْ ذِكْرِى وَ كُنتُم مِّنهُمْ تَضحَكُونَ‏(110) إِنى جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صبرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائزُونَ‏(111) قَلَ كَمْ لَبِثْتُمْ فى الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ‏(112) قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْض يَوْمٍ فَسئَلِ الْعَادِّينَ‏(113) قَلَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلا قَلِيلاًلَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ‏(114) أَ فَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَكُمْ عَبَثاً وَ أَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ‏(115) فَتَعَلى اللَّهُ الْمَلِك الْحَقُّلا إِلَهَ إِلا هُوَ رَب الْعَرْشِ الْكرِيمِ‏(116) وَ مَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً ءَاخَرَ لا بُرْهَنَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسابُهُ عِندَ رَبِّهِإِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَفِرُونَ‏(117) وَ قُل رَّب اغْفِرْ وَ ارْحَمْ وَ أَنت خَيرُ الرَّحِمِينَ‏(118)

« و كنا قوما ضالين» عن الحق « ربنا أخرجنا منها» من النار « فإن عدنا» في الكفر « فإنا ظالمون» قيل هذا آخر ما يتكلمون به ثم لا يكون لهم إلا زفير و شهيق و عواء « قال اخسئوا فيها» انزجروا صاغرين « و لا تكلمون» رأسا أو في رفع العذاب « إنه» أي الشأن « كان فريق من عبادي» هم أهل الصفة أو من الصحابة سلمان و عمار و صهيب و بلال « يقولون ربنا ءامنا فاغفر لنا و ارحمنا و أنت خير الراحمين فاتخذتموهم سخريا» هزؤا « حتى أنسوكم ذكري» لاشتغالكم بالاستهزاء بهم « و كنتم منهم تضحكون إني جزيتهم اليوم بما صبروا» على أذاكم « أنهم هم الفائزون» أي جزيتهم فوزهم بمرادهم دون غيرهم « قال» أي الله « كم لبثتم في الأرض» في الدنيا و القبور « عدد سنين» مميز كم « قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فاسأل العادين» المتمكنين من العد « قال إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنتم تعلمون» نسبة لبثكم إلى خلود النار « أ فحسبتم أنما خلقناكم عبثا» عابثين أو لأجل العبث « و أنكم إلينا لا ترجعون» ببناء الفاعل و المفعول « فتعالى الله» عما لا يليق به « الملك الحق» الذي يحق له الملك بالذات « لا إله إلا هو رب العرش الكريم و من يدع مع الله إلها آخر» يعبده « لا برهان له به» صفة لازمة ، إذ لا برهان للباطل « فإنما حسابه عند ربه» فيجازيه بقدر ما يستحقه « إنه» أي الشأن « لا يفلح الكافرون» لا يظفرون بخير « و قل رب اغفر» للمؤمنين « و ارحم» و أنعم عليهم « و أنت خير الراحمين» المنعمين لأنك المنعم الحقيقي .

/ 1