( 23 ) سورة المؤمنون مائة و تسع عشرة آية ( 119 ) مكية
بِسمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ(1) الَّذِينَ هُمْ فى صلاتهِمْ خَشِعُونَ(2) وَ الَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضونَ(3) وَ الَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَوةِ فَعِلُونَ(4) وَ الَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَفِظونَ(5)« بسم الله الرحمن الرحيم قد أفلح المؤمنون» فازوا بما طلبوا و قد للتحقيق و إثبات الموقع و تقريب الماضي من الحال « الذين هم في صلاتهم خاشعون» متذللون لله « و الذين هم عن اللغو» الساقط عن قول و فعل « معرضون» لا يلتفتون إليه و لا يقاربونه فضلا عن فعله « و الذين هم للزكاة فاعلون» مدحهم باستكمال الطاعات البدنية من الخشوع في الصلاة و تجنب ما يجب شرعا أو عرفا تجنبه و المالية من فعل الزكاةتفسير شبر ص :331وَ الَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَفِظونَ(5) إِلا عَلى أَزْوَجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَت أَيْمَنهُمْ فَإِنهُمْ غَيرُ مَلُومِينَ(6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِك فَأُولَئك هُمُ الْعَادُونَ(7) وَ الَّذِينَ هُمْ لأَمَنَتِهِمْ وَ عَهْدِهِمْ رَعُونَ(8) وَ الَّذِينَ هُمْ عَلى صلَوَتهِمْ يحَافِظونَ(9) أُولَئك هُمُ الْوَرِثُونَ(10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْس هُمْ فِيهَا خَلِدُونَ(11) وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الانسنَ مِن سلَلَةٍ مِّن طِينٍ(12) ثمَّ جَعَلْنَهُ نُطفَةً فى قَرَارٍ مَّكِينٍ(13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضغَةَ عِظماً فَكَسوْنَا الْعِظمَ لحَْماً ثُمَّ أَنشأْنَهُ خَلْقاً ءَاخَرَفَتَبَارَك اللَّهُ أَحْسنُ الخَْلِقِينَ(14) ثمَّ إِنَّكم بَعْدَ ذَلِك لَمَيِّتُونَ(15) ثُمَّ إِنَّكمْ يَوْمَ الْقِيَمَةِ تُبْعَثُونَ(16) وَ لَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكمْ سبْعَ طرَائقَ وَ مَا كُنَّا عَنِ الخَْلْقِ غَفِلِينَ(17) وَ أَنزَلْنَا مِنَ السمَاءِ مَاءَ بِقَدَرٍ فَأَسكَنَّهُ فى الأَرْضِوَ إِنَّا عَلى ذَهَابِ بِهِ لَقَدِرُونَ(18) فَأَنشأْنَا لَكم بِهِ جَنَّتٍ مِّن نخِيلٍ وَ أَعْنَبٍ لَّكمْ فِيهَا فَوَكِهُ كَثِيرَةٌ وَ مِنهَا تَأْكلُونَ(19) وَ شجَرَةً تخْرُجُ مِن طورِ سيْنَاءَ تَنبُت بِالدُّهْنِ وَ صِبْغٍ لِّلاَكلِينَ(20) وَ إِنَّ لَكمْ فى الأَنْعَمِ لَعِبرَةًنُّسقِيكم مِّمَّا فى بُطونهَا وَ لَكمْ فِيهَا مَنَفِعُ كَثِيرَةٌ وَ مِنهَا تَأْكلُونَ(21) وَ عَلَيهَا وَ عَلى الْفُلْكِ تحْمَلُونَ(22)« و الذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم» زوجاتهم أو سرياتهم « فإنهم غير ملومين» إلا على إتيانهن « فمن ابتغى وراء ذلك» المحدود « فأولئك هم العادون» المتجاوزون ما حد لهم « و الذين هم لأماناتهم و عهدهم» لما ائتمنوا عليه و عاهدوا من جهة الله أو الناس « راعون» حافظون « و الذين هم على صلاتهم يحافظون» بأدائها في أوقاتها و حدودها و لفظ المضارع لتجددها و تكررها و المحافظة أعم من الخشوع فلا تكرار و لفضلها وقع الافتتاح و الختم بها « أولئك هم الوارثون» دون غيرهم « الذين يرثون الفردوس» بأعمالهم « هم فيها خالدون و لقد خلقنا الإنسان من سلالة» صفوة سلت من الكدر « من طين» و هو آدم أو الجنس لأنهم خلقوا من نطف استلت موادها من طين « ثم جعلناه» الإنسان يعني جوهره أو السلالة على تأويل الماء « نطفة» منيا « في قرار» مستقر هو الرحم « مكين» وصف المحل بصيغة الحال مبالغة « ثم خلقنا» صيرنا « النطفة علقة» دما جامدا « فخلقنا العلقة مضغة» قطعة لحم « فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام» جمعت لاختلافها شكلا و صلابة و وحدت في قراءة « لحما» أثبتناه عليها « ثم أنشأناه خلقا ءاخر» بنفخ الروح فيه و ثم في الموضعين لتراخي الرتبة « فتبارك الله أحسن الخالقين» المقدرين « ثم إنكم بعد ذلك» المذكور من قيام الخلق « لميتون» عند آجالكم « ثم إنكم يوم القيامة تبعثون» للحساب و الجزاء « و لقد خلقنا فوقكم سبع طرائق» سموات جمع طريقة لأنها طرق الملائكة و الكواكب فيها مسيرها أو لأنها طوارق بعضها على بعض أي طبق « و ما كنا عن الخلق» أي كل المخلوقات « غافلين» تاركين تدبيرها « و أنزلنا من السماء ماء بقدر» بمقدار يوافق المصلحة أو بتقدير يعم نفعه و يؤمن ضره « فأسكناه» أثبتناه « في الأرض» مددا للينابيع و الآثار « و إنا على ذهاب به» إذهابه « لقادرون» و لو فعلنا الذهب لهلك كل حيوان و نبات « فأنشأنا لكم به» بالماء « جنات من نخيل و أعناب لكم فيها» في الجنات « فواكه كثيرة» تتفكهون بها « و منها» من الجنات أي ثمارها و زرعها « تأكلون» تطعمون أو تتعيشون أو الضمير للنخيل و الأعناب أي لكم من ثمرها أنواع من الفواكه و طعام تأكلون « و شجرة» عطف على جنات « تخرج من طور» جبل « سيناء» بقعة أضيف إليها أو هما علم مركب له « تنبت بالدهن» الباء للمصاحبة أي متلبسة بالدهن أو المتعدية و على قراءته رباعيا أي ينبت زيتونها متلبسا بالدهن « و صبغ للآكلين» عطف على الدهن أي إدام يصبغ فيه الخبز أي يغمس فيه للائتدام « و إن لكم في الأنعام لعبرة» اعتبارا « نسقيكم مما في بطونها» من اللبن « و لكم فيها منافع كثيرة» في أصوافها و أوبارها و غير ذلك « و منها» و من لحومها « تأكلون و عليها» على الإبل سفن البر و لذا ناسب قولهتفسير شبر ص :332وَ عَلَيهَا وَ عَلى الْفُلْكِ تحْمَلُونَ(22) وَ لَقَدْ أَرْسلْنَا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَقَالَ يَقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكم مِّنْ إِلَهٍ غَيرُهُأَ فَلا تَتَّقُونَ(23) فَقَالَ الْمَلَؤُا الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلا بَشرٌ مِّثْلُكمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضلَ عَلَيْكمْ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لأَنزَلَ مَلَئكَةً مَّا سمِعْنَا بهَذَا فى ءَابَائنَا الأَوَّلِينَ(24) إِنْ هُوَ إِلا رَجُلُ بِهِ جِنَّةٌ فَترَبَّصوا بِهِ حَتى حِينٍ(25) قَالَ رَب انصرْنى بِمَا كذَّبُونِ(26) فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصنَع الْفُلْك بِأَعْيُنِنَا وَ وَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَ فَارَ التَّنُّورُفَاسلُك فِيهَا مِن كلٍّ زَوْجَينِ اثْنَينِ وَ أَهْلَك إِلا مَن سبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْوَ لا تخَطِبْنى فى الَّذِينَ ظلَمُواإِنهُم مُّغْرَقُونَ(27) فَإِذَا استَوَيْت أَنت وَ مَن مَّعَك عَلى الْفُلْكِ فَقُلِ الحَْمْدُ للَّهِ الَّذِى نجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظلِمِينَ(28) وَ قُل رَّب أَنزِلْنى مُنزَلاً مُّبَارَكاً وَ أَنت خَيرُ الْمُنزِلِينَ(29) إِنَّ فى ذَلِك لاَيَاتٍ وَ إِن كُنَّا لَمُبْتَلِينَ(30) ثُمَّ أَنشأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً ءَاخَرِينَ(31) فَأَرْسلْنَا فِيهِمْ رَسولاً مِّنهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكم مِّنْ إِلَهٍ غَيرُهُأَ فَلا تَتَّقُونَ(32) وَ قَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ الاَخِرَةِ وَ أَتْرَفْنَهُمْ فى الحَْيَوةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلا بَشرٌ مِّثْلُكمْ يَأْكلُ مِمَّا تَأْكلُونَ مِنْهُ وَ يَشرَب مِمَّا تَشرَبُونَ(33)« و على الفلك تحملون» في البر و البحر « و لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله» وحده « ما لكم من إله غيره أ فلا تتقون» نقمته بعبادتكم غيره « فقال الملأ» الأشراف « الذين كفروا من قومه» لتبعتهم « ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل» يترأس « عليكم» فيجعلكم أتباعا له « و لو شاء الله» إرسال رسول « لأنزل ملائكة» رسلا « ما سمعنا بهذا» الذي يدعونا إليه من التوحيد « في ءابائنا الأولين» قالوه عنادا أو لطول فترة كانوا فيها « إن هو إلا رجل به جنة» جنون « فتربصوا به» انتظروه « حتى حين» إلى زمن إفاقته أو زمن موته فتستريحوا منه « قال» بعد يأسه من إجابتهم « رب انصرني» عليهم بإهلاكهم « بما كذبون» بسبب تكذيبهم إياي « فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا» برعايتنا و حفظنا « و وحينا» و تعليمنا « فإذا جاء أمرنا» بتعذيبهم « و فار التنور» ارتفع منه الماء « فاسلك فيها» أدخل في السفينة « من كل زوجين» ذكر و أنثى من أنواعهما « اثنين» ذكرا أو أنثى و قرىء بتنوين كل أي من كل نوع زوجين اثنين « و أهلك» هم زوجته و بنوه « إلا من سبق عليه القول منهم» الوعد بإهلاكه كابنه كنعان و أمه واغلة « و لا تخاطبني في الذين ظلموا» بإمهالهم « إنهم مغرقون» لا محالة « فإذا استويت» ركبت و اعتدلت « أنت و من معك على الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين» بإشراكهم « و قل رب أنزلني» في السفينة أو الأرض « منزلا» بضم الميم و فتح الزاي مصدر أو اسم مكان و بفتح الميم و كسر الزاي « مباركا» كثير الخير « و أنت خير المنزلين إن في ذلك» في أمر نوح و قومه « لآيات» دلالات و عبرا للمعتبرين « و إن» هي المخففة « كنا لمبتلين» مختبرين عبادنا ليتذكروا أو مصيبين قوم نوح بالبلاء و اللام فارقة « ثم أنشأنا من بعدهم قرنا ءاخرين» هم عاد « فأرسلنا فيهم رسولا منهم» هو هود و عدي أرسل بفي إيذانا بأنه أوحي إليه و هو بين أظهرهم « أن» أي بأن أو أي « اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أ فلا تتقون» عذابه « و قال الملأ من قومه الذين كفروا و كذبوا بلقاء الآخرة» أي بالبعث فيها « و أترفناهم» نعمناهم « في الحيوة الدنيا» ضروب الملاذ « ما هذا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه و يشرب مما تشربون» أي تشربونه .تفسير شبر ص :333وَ لَئنْ أَطعْتُم بَشراً مِّثْلَكمْ إِنَّكمْ إِذاً لَّخَسِرُونَ(34) أَ يَعِدُكمْ أَنَّكمْ إِذَا مِتُّمْ وَ كُنتُمْ تُرَاباً وَ عِظماً أَنَّكم مخْرَجُونَ(35) هَيهَات هَيهَات لِمَا تُوعَدُونَ(36) إِنْ هِىَ إِلا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوت وَ نحْيَا وَ مَا نحْنُ بِمَبْعُوثِينَ(37) إِنْ هُوَ إِلا رَجُلٌ افْترَى عَلى اللَّهِ كذِباً وَ مَا نحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ(38) قَالَ رَب انصرْنى بِمَا كَذَّبُونِ(39) قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَّيُصبِحُنَّ نَدِمِينَ(40) فَأَخَذَتهُمُ الصيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَهُمْ غُثَاءًفَبُعْداً لِّلْقَوْمِ الظلِمِينَ(41) ثُمَّ أَنشأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قُرُوناً ءَاخَرِينَ(42) مَا تَسبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَ مَا يَستَئْخِرُونَ(43) ثمَّ أَرْسلْنَا رُسلَنَا تَترَاكلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَّسولهَُا كَذَّبُوهُفَأَتْبَعْنَا بَعْضهُم بَعْضاً وَ جَعَلْنَهُمْ أَحَادِيثفَبُعْداً لِّقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ(44) ثمَّ أَرْسلْنَا مُوسى وَ أَخَاهُ هَرُونَ بِئَايَتِنَا وَ سلْطنٍ مُّبِينٍ(45) إِلى فِرْعَوْنَ وَ مَلايهِ فَاستَكْبرُوا وَ كانُوا قَوْماً عَالِينَ(46) فَقَالُوا أَ نُؤْمِنُ لِبَشرَيْنِ مِثْلِنَا وَ قَوْمُهُمَا لَنَا عَبِدُونَ(47) فَكَذَّبُوهُمَا فَكانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ(48) وَ لَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسى الْكِتَب لَعَلَّهُمْ يهْتَدُونَ(49) وَ جَعَلْنَا ابْنَ مَرْيمَ وَ أُمَّهُ ءَايَةً وَ ءَاوَيْنَهُمَا إِلى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَ مَعِينٍ(50) يَأَيهَا الرُّسلُ كلُوا مِنَ الطيِّبَتِ وَ اعْمَلُوا صلِحاًإِنى بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ(51)« و لئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون» باتباعه « أ يعدكم أنكم إذا متم و كنتم ترابا و عظاما أنكم مخرجون» من قبوركم أحياء « هيهات هيهات» اسم فعل ماض أي بعد الثبوت « لما توعدون» أي بعد ما توعدون و اللام زائدة « إن هي» ما الحياة « إلا حياتنا الدنيا نموت و نحيا» يموت قوم و يولد قوم « و ما نحن بمبعوثين» بعد موتنا « إن» ما « هو إلا رجل افترى على الله كذبا» بدعواه الرسالة و وعده بالبعث « و ما نحن له بمؤمنين» بمصدقين « قال رب انصرني بما كذبون قال» تعالى « عما قليل» من الزمان و ما زائدة لتوكيد معنى القلة « ليصبحن نادمين» على تكذيبهم « فأخذتهم الصيحة» صاح بهم جبرئيل صيحة فماتوا « بالحق» باستحقاقهم أخذها « فجعلناهم غثاء» هو ما احتمله السيل من نبات بال و نحوه شبهوا به في هلاكهم « فبعدا للقوم الظالمين» أي بعدوا من الرحمة بعدا « ثم أنشأنا من بعدهم قرونا آخرين» هم قوم صالح و لوط و شعيب « ما تسبق من أمة أجلها» بأن تهلك قبله « و ما يستأخرون» عنه و ذكر ضمير ها للمعنى « ثم أرسلنا رسلنا» تترى متواترين يتبع بعضهم بعضا « كلما جاء أمة رسولها كذبوه فأتبعنا بعضهم بعضا» في الإهلاك « و جعلناهم أحاديث» لم يبق منهم سوى أخبار يتحدث بها « فبعدا لقوم لا يؤمنون ثم أرسلنا موسى و أخاه هرون بآياتنا» المعجزات « و سلطان مبين» برهان ظاهر « إلى فرعون و ملإيه فاستكبروا» عن قبول الحق « و كانوا قوما عالين» قاهرين بالظلم « فقالوا أ نؤمن لبشرين مثلنا و قومهما» أي بنو إسرائيل « لنا عابدون» مطيعون خاضعون « فكذبوهما فكانوا من المهلكين» بالغرق « و لقد ءاتينا موسى الكتاب» التوراة « لعلهم» أي قومه بني إسرائيل لا قوم فرعون لأنهم أغرقوا قبل نزولها « يهتدون» به إلى الدين « و جعلنا ابن مريم و أمه ءاية» بأن ولدته بغير فحل فهو آية واحدة فيهما أو ابن مريم آية بكلامه في المهد و أمه آية بولادتها بلا فحل « و ءاويناهما إلى ربوة» أرض مرتفعة هي أرض بيت المقدس أو الرملة أو دمشق أو مصر « ذات قرار» استواء يستقر عليها أو ثمار لأجلها يستقر فيها « و معين» ماء جار ظاهر للعيون « يا أيها الرسل كلوا من الطيبات» المستلذات المباحات « و اعملوا صالحا» أي الطاعات .تفسير شبر ص :334يَأَيهَا الرُّسلُ كلُوا مِنَ الطيِّبَتِ وَ اعْمَلُوا صلِحاًإِنى بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ(51) وَ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكمْ أُمَّةً وَحِدَةً وَ أَنَا رَبُّكمْ فَاتَّقُونِ(52) فَتَقَطعُوا أَمْرَهُم بَيْنهُمْ زُبُراًكلُّ حِزْبِ بِمَا لَدَيهِمْ فَرِحُونَ(53) فَذَرْهُمْ فى غَمْرَتِهِمْ حَتى حِينٍ(54) أَ يحْسبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَ بَنِينَ(55) نُسارِعُ لهَُمْ فى الخَْيرَتِبَل لا يَشعُرُونَ(56) إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشيَةِ رَبهِم مُّشفِقُونَ(57) وَ الَّذِينَ هُم بِئَايَتِ رَبهِمْ يُؤْمِنُونَ(58) وَ الَّذِينَ هُم بِرَبهِمْ لا يُشرِكُونَ(59) وَ الَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا ءَاتَوا وَّ قُلُوبهُمْ وَجِلَةٌ أَنهُمْ إِلى رَبهِمْ رَجِعُونَ(60) أُولَئك يُسرِعُونَ فى الخَْيرَتِ وَ هُمْ لهََا سبِقُونَ(61) وَ لا نُكلِّف نَفْساً إِلا وُسعَهَاوَ لَدَيْنَا كِتَبٌ يَنطِقُ بِالحَْقِّوَ هُمْ لا يُظلَمُونَ(62) بَلْ قُلُوبهُمْ فى غَمْرَةٍ مِّنْ هَذَا وَ لهَُمْ أَعْمَلٌ مِّن دُونِ ذَلِك هُمْ لَهَا عَمِلُونَ(63) حَتى إِذَا أَخَذْنَا مُترَفِيهِم بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يجْئَرُونَ(64) لا تجْئَرُوا الْيَوْمَإِنَّكم مِّنَّا لا تُنصرُونَ(65) قَدْ كانَت ءَايَتى تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنتُمْ عَلى أَعْقَبِكمْ تَنكِصونَ(66) مُستَكْبرِينَ بِهِ سمِراً تَهْجُرُونَ(67) أَ فَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُم مَّا لَمْ يَأْتِ ءَابَاءَهُمُ الأَوَّلِينَ(68) أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسولهَُمْ فَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ(69) أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةُبَلْ جَاءَهُم بِالْحَقِّ وَ أَكثرُهُمْ لِلْحَقِّ كَرِهُونَ(70)« إني بما تعملون عليم» فأجازيكم به « و إن هذه أمتكم أمة واحدة» أي ملة الإسلام ملتكم حال كونها ملة مجتمعة أو ملل الأنبياء ملتكم ملة متخذة في أصول الشرائع أو هذه جماعتكم جماعة متفقة على التوحيد « و أنا ربكم فاتقون» في التفرق في الدين « فتقطعوا أمرهم بينهم» جعلوا أمر دينهم أديانا مختلفة « زبرا» كتبا يدينون بها أو أحزابا متحالفين « كل حزب» فريق « بما لديهم» من الدين « فرحون» مسرورون « فذرهم في غمرتهم» ضلالتهم « حتى حين» إلى وقت موتهم « أ يحسبون أنما نمدهم به من مال و بنين» بيان لما « نسارع لهم في الخيرات» ليس ذاك كما يظنون و إنما ذاك استدراج لهم « بل لا يشعرون» أنه استدراج « إن الذين هم من خشية ربهم» من خوفه « مشفقون» لازمون لطاعته « و الذين هم بآيات ربهم» القرآن و غيره « يؤمنون» يصدقون « و الذين هم بربهم لا يشركون» غيره في عبادته « و الذين يؤتون ما ءاتوا» يعطون ما أعطوا من الصدقة أو أعمال البر كلها « و قلوبهم وجلة» خائفة أن لا يقبل منهم « أنهم» أي لأنهم « إلى ربهم راجعون» و هو علام السرائر « أولئك يسارعون في الخيرات» يبادرون الطاعات رغبة فيها أو يتعجلون خيرات الدنيا بمبادرتهم الطاعات الموجبة لها لتقابل إثباته لهم نفيه عن أضدادهم « و هم لها» لأجلها « سابقون» الناس إلى الجنة أو فاعلون السبق « و لا نكلف نفسا إلا وسعها» و الوسع دون الطاقة « و لدينا كتاب» اللوح أو صحيفة الأعمال « ينطق بالحق» بالصدق فيما كتب فيه من أعمالها « و هم» أي النفوس « لا يظلمون» بنقص ثواب أو زيادة عقاب « بل قلوبهم» أي الكفار « في غمرة» غفلة « من هذا» مما وصف به هؤلاء أو من كتاب الأعمال « و لهم أعمال» سيئة « من دون ذلك» سوى ما هم عليه من الكفر « هم لها عاملون» لا يتركونها « حتى إذا أخذنا مترفيهم» منعميهم « بالعذاب» في الآخرة أو القتل ببدر أو الجوع « إذا هم يجأرون» يصرخون بالاستغاثة « لا تجأروا اليوم» مقدر بالقول « إنكم منا لا تنصرون» لا تمنعون منا أو لا يأتيكم نصر من جهتنا « قد كانت ءاياتي تتلى عليكم» أي القرآن « فكنتم على أعقابكم تنكصون» تدبرون عن سماعها و قبولها كمن رجع القهقرى « مستكبرين به» الهاء للقرآن بتضمين الاستكبار معنى التكذيب إلا أن استكبارهم بسبب سماعه أو لتعلق الباء بقوله « سامرا» أي يستمرون بالطعن فيه « تهجرون» تتركون القرآن أو تهذون في شأنه « أ فلم يدبروا القول» أي القرآن فيستدلوا بإعجاز نظمه و وضوح حججه على صدق رسولنا « أم جاءهم ما لم يأت ءاباءهم الأولين» من الرسل « أم لم يعرفوا رسولهم» بالصدق و الأمانة و مكارم الأخلاق و كمال العلم و شرف النسب « فهم له منكرون» بل عرفوا جميع ذلك فلا وجه لإنكارهم له « أم يقولون به جنة» و كانوا يعلمون أنه أكملهم عقلا « بل جاءهم بالحق» الدين القيم « و أكثرهم للحق كارهون» لمخالفة أهوائهم و لعل التقييد بالأكثر لأن منهم من لم يكره الحق لكنه لم يؤمن لقلة فطنة أو حسدا له (صلىاللهعليهوآلهوسلّم)تفسير شبر ص :335وَ لَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسدَتِ السمَوَت وَ الأَرْض وَ مَن فِيهِنَّبَلْ أَتَيْنَهُم بِذِكرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضونَ(71) أَمْ تَسئَلُهُمْ خَرْجاً فَخَرَاجُ رَبِّك خَيرٌوَ هُوَ خَيرُ الرَّزِقِينَ(72) وَ إِنَّك لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِرَطٍ مُّستَقِيمٍ(73) وَ إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالاَخِرَةِ عَنِ الصرَطِ لَنَكِبُونَ(74) وَ لَوْ رَحِمْنَهُمْ وَ كَشفْنَا مَا بِهِم مِّن ضرٍّ لَّلَجُّوا فى طغْيَنِهِمْ يَعْمَهُونَ(75) وَ لَقَدْ أَخَذْنَهُم بِالْعَذَابِ فَمَا استَكانُوا لِرَبهِمْ وَ مَا يَتَضرَّعُونَ(76) حَتى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيهِم بَاباً ذَا عَذَابٍ شدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسونَ(77) وَ هُوَ الَّذِى أَنشأَ لَكمُ السمْعَ وَ الأَبْصرَ وَ الأَفْئِدَةَقَلِيلاً مَّا تَشكُرُونَ(78) وَ هُوَ الَّذِى ذَرَأَكمْ فى الأَرْضِ وَ إِلَيْهِ تحْشرُونَ(79) وَ هُوَ الَّذِى يحْىِ وَ يُمِيت وَ لَهُ اخْتِلَف الَّيْلِ وَ النَّهَارِأَ فَلا تَعْقِلُونَ(80) بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الأَوَّلُونَ(81) قَالُوا أَ ءِذَا مِتْنَا وَ كنَّا تُرَاباً وَ عِظماً أَ ءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ(82) لَقَدْ وُعِدْنَا نحْنُ وَ ءَابَاؤُنَا هَذَا مِن قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلا أَسطِيرُ الأَوَّلِينَ(83) قُل لِّمَنِ الأَرْض وَ مَن فِيهَا إِن كنتُمْ تَعْلَمُونَ(84) سيَقُولُونَ للَّهِقُلْ أَ فَلا تَذَكَّرُونَ(85) قُلْ مَن رَّب السمَوَتِ السبْع وَ رَب الْعَرْشِ الْعَظِيمِ(86) سيَقُولُونَ للَّهِقُلْ أَ فَلا تَتَّقُونَ(87)« و لو اتبع الحق أهواءهم» بأن أتى بما يهوونه من الشركاء « لفسدت السموات و الأرض و من فيهن» للتمانع كما مر في لو كان فيهما ءالهة أو لو اتبع الله أهواءهم بأن أنزل ما يشتهون من الشرك لما كان إلها فلا يقدر على إمساك السموات و الأرض « بل أتيناهم بذكرهم» بالقرآن الذي هو شرفهم أو وعظهم « فهم عن ذكرهم معرضون أم تسئلهم خرجا» أجرا على تبليغ الرسالة « فخراج ربك» رزقه في الدنيا و ثوابه في الآخرة « خير» منه لدوامه و كثرته « و هو خير الرازقين» أفضل من أعطى « و إنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم» دين الإسلام « و إن الذين لا يؤمنون بالآخرة» بالبعث و ما يتبعه « عن الصراط» المستقيم « لناكبون» لعادلون « و لو رحمناهم و كشفنا ما بهم من ضر» جوع أصابهم بمكة سبع سنين « للجوا» لتمادوا « في طغيانهم» كفرهم و عتوهم « يعمهون» يترددون « و لقد أخذناهم بالعذاب» بالجوع « فما استكانوا لربهم» ما خضعوا له « و ما يتضرعون» ما يرغبون إليه في الدعاء « حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد» هو القتل ببدر أو الجوع « إذا هم فيه مبلسون» متحيرون آيسون من كل خير « و هو الذي أنشأ لكم السمع» وحد لأنه في الأصل مصدر أو بتقدير حواس السمع « و الأبصار و الأفئدة» القلوب لتدركوا الدلائل المسموعة و المبصرة « قليلا ما تشكرون» أي تشكرونها شكرا قليلا « و هو الذي ذرأكم» خلقكم « في الأرض و إليه تحشرون» تجمعون بالبعث « و هو الذي يحيي و يميت و له اختلاف الليل و النهار» يختص به اختلافهما بالظلمة و الضياء و الطول و القصر أو تعاقبهما أي ذهاب أحدهما و مجيء الآخر « أ فلا تعقلون» تتفكرون فتعلمون أن من هذا صنعه لا يستحق الإلهية سواه و أنه قادر على البعث « بل قالوا مثل ما قال الأولون» المنكرون « قالوا» استبعادا له « أءذا متنا و كنا ترابا و عظاما أءنا لمبعوثون» و لم يتفكروا في بدء خلقهم « لقد وعدنا نحن و ءاباؤنا هذا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين» أكاذيبهم التي سطروها « قل لمن الأرض و من فيها إن كنتم تعلمون» ذلك فأجيبوني « سيقولون لله قل أ فلا تذكرون» فتعلمون أن من قدر على الابتداء قادر على الإعادة « قل من رب السموات السبع و رب العرش العظيم» زيادة في الحجة « سيقولون لله قل أ فلا تتقون» عذابه على جحد وحدانيته و قدرته على البعث .تفسير شبر ص :336قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوت كلِّ شىْءٍ وَ هُوَ يجِيرُ وَ لا يجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ(88) سيَقُولُونَ للَّهِقُلْ فَأَنى تُسحَرُونَ(89) بَلْ أَتَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَ إِنَّهُمْ لَكَذِبُونَ(90) مَا اتخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَ مَا كانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍإِذاً لَّذَهَب كلُّ إِلَهِ بِمَا خَلَقَ وَ لَعَلا بَعْضهُمْ عَلى بَعْضٍ سبْحَنَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ(91) عَلِمِ الْغَيْبِ وَ الشهَدَةِ فَتَعَلى عَمَّا يُشرِكونَ(92) قُل رَّب إِمَّا تُرِيَنى مَا يُوعَدُونَ(93) رَب فَلا تجْعَلْنى فى الْقَوْمِ الظلِمِينَ(94) وَ إِنَّا عَلى أَن نُّرِيَك مَا نَعِدُهُمْ لَقَدِرُونَ(95) ادْفَعْ بِالَّتى هِىَ أَحْسنُ السيِّئَةَنحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ(96) وَ قُل رَّب أَعُوذُ بِك مِنْ هَمَزَتِ الشيَطِينِ(97) وَ أَعُوذُ بِك رَب أَن يحْضرُونِ(98) حَتى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْت قَالَ رَب ارْجِعُونِ(99) لَعَلى أَعْمَلُ صلِحاً فِيمَا تَرَكْتَكلاإِنَّهَا كلِمَةٌ هُوَ قَائلُهَاوَ مِن وَرَائهِم بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ(100) فَإِذَا نُفِخَ فى الصورِ فَلا أَنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئذٍ وَ لا يَتَساءَلُونَ(101) فَمَن ثَقُلَت مَوَزِينُهُ فَأُولَئك هُمُ الْمُفْلِحُونَ(102) وَ مَنْ خَفَّت مَوَزِينُهُ فَأُولَئك الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسهُمْ فى جَهَنَّمَ خَلِدُونَ(103) تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَ هُمْ فِيهَا كَلِحُونَ(104) أَ لَمْ تَكُنْ ءَايَتى تُتْلى عَلَيْكمْ فَكُنتُم بهَا تُكَذِّبُونَ(105) قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَت عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَ كنَّا قَوْماً ضالِّينَ(106)« قل من بيده ملكوت كل شيء» ملكه و التاء للمبالغة « و هو يجير و لا يجار عليه» يمنع من يشاء و لا يمنع منه أحد « إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل فأنى تسحرون» فمن أين تخدعون و يخيل إليكم الحق باطلا مع وضوحه « بل أتيناهم بالحق» من نفي الولد و الشريك « و إنهم لكاذبون» في إثباتهما « و ما اتخذ الله من ولد» لتنزهه عن مجانسة خلق « و ما كان معه من إله إذا لذهب كل إله» منهم « بما خلق» و انفرد به و امتاز ملكه عن ملك الآخرين « و لعلا بعضهم على بعض» بالتغالب كفعل ملوك الدنيا « سبحان الله عما يصفون» من الولد و الشريك « عالم الغيب و الشهادة» ما غاب و ما حضر « فتعالى» تنزه « عما يشركون» عن إشراكهم أو ما يشركون « قل رب إما تريني ما يوعدون» من النقمة « رب فلا تجعلني في القوم الظالمين» معهم « و إنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون» و إنما نمهلهم لمصلحة و حكمة « ادفع بالتي» بالخلة التي « هي أحسن السيئة» و هي الإغضاء عنها و الصفح و مقابلتها بإحسان و قيل هي كلمة التوحيد و السيئة الشرك « فنحن أعلم بما يصفون» يصفونك به أو بوصفهم إياك بغير صفتك فيجازيهم به « و قل رب أعوذ بك من همزات الشياطين» وساوسهم « و أعوذ بك رب أن يحضرون» فيقربوني في حال من الأحوال « حتى إذا جاء أحدهم الموت» و عاين ما أعد له من النكال « قال رب ارجعون» إلى الدنيا و الجمع للتعظيم « لعلي أعمل صالحا فيما تركت» من الإيمان أي لعلي آتي به و أعمل صالحا فيه « كلا» ردع « إنها» أي مسألة الرجعة « كلمة هو قائلها» وحده لا يجاب إليها « و من ورائهم» أمامهم « برزخ» حاجز بينهم و بين الرجوع و هو مدة ما بين الموت « إلى يوم يبعثون فإذا نفخ في الصور» نفخة الصعق أو البعث « فلا أنساب بينهم يومئذ» يتعاطفون بها لدهشتهم بحيث يفر المؤمن من أخيه و أمه و أبيه أو يفتخرون بها « و لا يتساءلون» لا يسأل بعضهم بعضا لشغله بنفسه ، و لا ينافيه و أقبل بعضهم على بعض يتساءلون لاختلاف الموطنين « فمن ثقلت موازينه» بالطاعات « فأولئك هم المفلحون» الفائزون بالمراد « و من خفت موازينه» بالمعاصي « فأولئك الذين خسروا أنفسهم» ضيعوها و لم ينتفعوا بها « في جهنم خالدون تلفح وجوههم النار» تضربها فتحرقها « و هم فيها كالحون» عابسون « أ لم تكن آياتي تتلى عليكم» أي يقال لهم ذلك « فكنتم بها» بالآيات و هي القرآن « تكذبون قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا» ملكنا سوء عاقبتنا الذي استوجبناه بسوء عملنا .تفسير شبر ص :337قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَت عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَ كنَّا قَوْماً ضالِّينَ(106) رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظلِمُونَ(107) قَالَ اخْسئُوا فِيهَا وَ لا تُكلِّمُونِ(108) إِنَّهُ كانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِى يَقُولُونَ رَبَّنَا ءَامَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَ ارْحمْنَا وَ أَنت خَيرُ الرَّحِمِينَ(109) فَاتخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِياًّ حَتى أَنسوْكُمْ ذِكْرِى وَ كُنتُم مِّنهُمْ تَضحَكُونَ(110) إِنى جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صبرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائزُونَ(111) قَلَ كَمْ لَبِثْتُمْ فى الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ(112) قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْض يَوْمٍ فَسئَلِ الْعَادِّينَ(113) قَلَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلا قَلِيلاًلَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ(114) أَ فَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَكُمْ عَبَثاً وَ أَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ(115) فَتَعَلى اللَّهُ الْمَلِك الْحَقُّلا إِلَهَ إِلا هُوَ رَب الْعَرْشِ الْكرِيمِ(116) وَ مَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً ءَاخَرَ لا بُرْهَنَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسابُهُ عِندَ رَبِّهِإِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَفِرُونَ(117) وَ قُل رَّب اغْفِرْ وَ ارْحَمْ وَ أَنت خَيرُ الرَّحِمِينَ(118)« و كنا قوما ضالين» عن الحق « ربنا أخرجنا منها» من النار « فإن عدنا» في الكفر « فإنا ظالمون» قيل هذا آخر ما يتكلمون به ثم لا يكون لهم إلا زفير و شهيق و عواء « قال اخسئوا فيها» انزجروا صاغرين « و لا تكلمون» رأسا أو في رفع العذاب « إنه» أي الشأن « كان فريق من عبادي» هم أهل الصفة أو من الصحابة سلمان و عمار و صهيب و بلال « يقولون ربنا ءامنا فاغفر لنا و ارحمنا و أنت خير الراحمين فاتخذتموهم سخريا» هزؤا « حتى أنسوكم ذكري» لاشتغالكم بالاستهزاء بهم « و كنتم منهم تضحكون إني جزيتهم اليوم بما صبروا» على أذاكم « أنهم هم الفائزون» أي جزيتهم فوزهم بمرادهم دون غيرهم « قال» أي الله « كم لبثتم في الأرض» في الدنيا و القبور « عدد سنين» مميز كم « قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فاسأل العادين» المتمكنين من العد « قال إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنتم تعلمون» نسبة لبثكم إلى خلود النار « أ فحسبتم أنما خلقناكم عبثا» عابثين أو لأجل العبث « و أنكم إلينا لا ترجعون» ببناء الفاعل و المفعول « فتعالى الله» عما لا يليق به « الملك الحق» الذي يحق له الملك بالذات « لا إله إلا هو رب العرش الكريم و من يدع مع الله إلها آخر» يعبده « لا برهان له به» صفة لازمة ، إذ لا برهان للباطل « فإنما حسابه عند ربه» فيجازيه بقدر ما يستحقه « إنه» أي الشأن « لا يفلح الكافرون» لا يظفرون بخير « و قل رب اغفر» للمؤمنين « و ارحم» و أنعم عليهم « و أنت خير الراحمين» المنعمين لأنك المنعم الحقيقي .