تفسير شبر سوره مائده - تفسير شبر نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تفسير شبر - نسخه متنی

السید عبدالله العلوی الحسینی المشتهر بالشبر

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

تفسير شبر سوره مائده

( 5 ) سورة المائدة مائة و عشرون آية ( 120 ) مدنية

بِسمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِأُحِلَّت لَكُم بهِيمَةُ الأَنْعَمِ إِلا مَا يُتْلى عَلَيْكُمْ غَيرَ محِلى الصيْدِ وَ أَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يحْكُمُ مَا يُرِيدُ(1) يَأَيهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لا تحِلُّوا شعَئرَ اللَّهِ وَ لا الشهْرَ الحَْرَامَ وَ لا الهَْدْى وَ لا الْقَلَئدَ وَ لا ءَامِّينَ الْبَيْت الحَْرَامَ يَبْتَغُونَ فَضلاً مِّن رَّبهِمْ وَ رِضوَناًوَ إِذَا حَلَلْتُمْ فَاصطادُواوَ لا يجْرِمَنَّكُمْ شنَئَانُ قَوْمٍ أَن صدُّوكمْ عَنِ الْمَسجِدِ الحَْرَامِ أَن تَعْتَدُواوَ تَعَاوَنُوا عَلى الْبرِّ وَ التَّقْوَىوَ لا تَعَاوَنُوا عَلى الاثْمِ وَ الْعُدْوَنِوَ اتَّقُوا اللَّهَإِنَّ اللَّهَ شدِيدُ الْعِقَابِ‏(2)

« بسم الله الرحمن الرحيم يا أيها الذين ءامنوا أوفوا بالعقود» في الخبر العهود و يعم كلما عقد الله على عباده و كلفهم به أو و يتعاقدونه بينهم « أحلت لكم بهيمة الأنعام» هي الأزواج الثمانية و الجنين في بطن أمه إذا أشعر و أوبر فذكاته ذكاة أمه « إلا ما يتلى عليكم» تحريمه كآية حرمت عليكم الميتة إلخ « غير محلي الصيد» حال من ضمير لكم أو أوفوا « و أنتم حرم» حال من ضمير محلي أي أحلت لكم حال امتناعكم من الصيد و أنتم محرمون « إن الله يحكم ما يريد» من تحليل أو غيره

تفسير شبر ص :133

يَأَيهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لا تحِلُّوا شعَئرَ اللَّهِ وَ لا الشهْرَ الحَْرَامَ وَ لا الهَْدْى وَ لا الْقَلَئدَ وَ لا ءَامِّينَ الْبَيْت الحَْرَامَ يَبْتَغُونَ فَضلاً مِّن رَّبهِمْ وَ رِضوَناًوَ إِذَا حَلَلْتُمْ فَاصطادُواوَ لا يجْرِمَنَّكُمْ شنَئَانُ قَوْمٍ أَن صدُّوكمْ عَنِ الْمَسجِدِ الحَْرَامِ أَن تَعْتَدُواوَ تَعَاوَنُوا عَلى الْبرِّ وَ التَّقْوَىوَ لا تَعَاوَنُوا عَلى الاثْمِ وَ الْعُدْوَنِوَ اتَّقُوا اللَّهَإِنَّ اللَّهَ شدِيدُ الْعِقَابِ‏(2) حُرِّمَت عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَ الدَّمُ وَ لحَْمُ الخِْنزِيرِ وَ مَا أُهِلَّ لِغَيرِ اللَّهِ بِهِ وَ الْمُنْخَنِقَةُ وَ الْمَوْقُوذَةُ وَ الْمُترَدِّيَةُ وَ النَّطِيحَةُ وَ مَا أَكلَ السبُعُ إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ وَ مَا ذُبِحَ عَلى النُّصبِ وَ أَن تَستَقْسِمُوا بِالأَزْلَمِذَلِكُمْ فِسقٌالْيَوْمَ يَئس الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ فَلا تخْشوْهُمْ وَ اخْشوْنِالْيَوْمَ أَكْمَلْت لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتمَمْت عَلَيْكُمْ نِعْمَتى وَ رَضِيت لَكُمُ الاسلَمَ دِيناًفَمَنِ اضطرَّ فى مخْمَصةٍ غَيرَ مُتَجَانِفٍ لاثْمٍفَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ‏(3) يَسئَلُونَك مَا ذَا أُحِلَّ لهَُمْقُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطيِّبَتوَ مَا عَلَّمْتُم مِّنَ الجَْوَارِح مُكلِّبِينَ تُعَلِّمُونهُنَّ ممَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُفَكلُوا ممَّا أَمْسكْنَ عَلَيْكُمْ وَ اذْكُرُوا اسمَ اللَّهِ عَلَيْهِوَ اتَّقُوا اللَّهَإِنَّ اللَّهَ سرِيعُ الحِْسابِ‏(4) الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطيِّبَتوَ طعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَب حِلٌّ لَّكمْ وَ طعَامُكُمْ حِلٌّ لهَُّمْوَ المُْحْصنَت مِنَ المُْؤْمِنَتِ وَ المُْحْصنَت مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَب مِن قَبْلِكُمْ إِذَا ءَاتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ محْصِنِينَ غَيرَ مُسفِحِينَ وَ لا مُتَّخِذِى أَخْدَانٍوَ مَن يَكْفُرْ بِالايمَنِ فَقَدْ حَبِط عَمَلُهُ وَ هُوَ فى الاَخِرَةِ مِنَ الخَْسِرِينَ‏(5)

« يا أيها الذين ءامنوا لا تحلوا شعائر الله» حدوده أو فرائضه أو مناسكه أو دينه جمع شعيرة أي علامة « و لا الشهر الحرام» بالقتال فيه « و لا الهدي» ما أهدي إلى الكعبة « و لا القلائد» جمع قلادة هي ما قلد به الهدي من نعل و غيره علامة له « و لا ءامين» قاصدين « البيت الحرام» بأن تقاتلوهم « يبتغون فضلا من ربهم و رضوانا» ثوابه و رضاه عنهم في الآخرة و الجملة حال من مستكن آمين تشعر بعلة المنع « و إذا حللتم» من الإحرام « فاصطادوا» إن شئتم « و لا يجرمنكم» لا يحملنكم « شنئان قوم» شدة بغضهم « أن» لأن « صدوكم عن المسجد الحرام» يعني عام الحديبية « أن تعتدوا» بالانتقام و قتالهم « و تعاونوا على البر و التقوى» فعل الطاعة و ترك المعصية « و لا تعاونوا على الإثم و العدوان» المعاصي و تعدي حدود الله « و اتقوا الله» في أوامره و نواهيه « إن الله شديد العقاب» لمن عصاه « حرمت عليكم الميتة» التي تموت حتف أنفها « و الدم» أي المسفوح منه « و لحم الخنزير و ما أهل لغير الله به» رفع الصوت به للصنم أو ما لم يسم الله سمي غيره أم لا « و المنخنقة» التي ماتت بالخنق « و الموقوذة» التي تضرب حتى تموت « و المتردية» التي تردت من علو إلى أسفل فماتت « و النطيحة» التي نطحها أخرى فماتت « و ما أكل السبع» منه فمات « إلا ما ذكيتم» أدركتم ذكاته من المذكورات سوى الخنزير و الدم « و ما ذبح على النصب» على حجر أو صنم « و أن تستقسموا بالأزلام» بالقداح هو قمار كان في الجاهلية فحرمه الله و فسر بميسر كان بينهم و هو استقسام الجزور بالأقداح العشرة على الأنصباء المعلومة « ذلكم» التناول للمذكورات « فسق» حرام « اليوم» أي الآن أو يوم نزولها و هو يوم الجمعة عرفة حجة الوداع « يئس الذين كفروا من دينكم» فيقطع طمعهم من ارتدادكم « فلا تخشوهم» أن يقهروكم « و اخشون» بإخلاص « اليوم أكملت لكم دينكم» ببيان الأحكام و الفرائض و أصول الشرائع أو ينصركم على عدوكم و روى العامة و الخاصة أنها نزلت بعد نصب النبي عليا خليفة يوم غدير خم « و أتممت عليكم نعمتي» بولاية علي أو إكمال الدين أو فتح مكة « و رضيت لكم الإسلام دينا» من بين الأديان « فمن اضطر» إلى تناول شي‏ء من هذه المحرمات و هو متصل بالمحرمات و ما بينهما اعتراض « في مخمصة» مجاعة « غير متجانف» غير متعمد أو مائل « لإثم» بأن يأكل تلذذا أو يتعدى حد الضرورة أو يبغي على الإمام أو يقطع الطريق « فإن الله غفور رحيم» بعباده لا يعاقب المضطر فيما رخص له « يسألونك ما ذا أحل لهم» كأنهم لما تلي عليهم المحرمات سألوا عما أحل لهم « قل أحل لكم الطيبات» ما لم تستخبثه الطباع السليمة أو ما لم يدل دليل على حرمته « و ما علمتم» عطف على الطيبات أو شرط جوابه فكلوا « من الجوارح» كواسب الصيد على أهلها من الكلاب بقرينة « مكلبين» أي حال كونكم صاحبي كلاب أو مؤدبين لها دون سائر الجوارح ، فعنهم (عليهم‏السلام‏) : هي الكلاب و ما عداها فلا تأكل من صيده إلا ما أدركت ذكاته

تفسير شبر ص :134

يَسئَلُونَك مَا ذَا أُحِلَّ لهَُمْقُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطيِّبَتوَ مَا عَلَّمْتُم مِّنَ الجَْوَارِح مُكلِّبِينَ تُعَلِّمُونهُنَّ ممَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُفَكلُوا ممَّا أَمْسكْنَ عَلَيْكُمْ وَ اذْكُرُوا اسمَ اللَّهِ عَلَيْهِوَ اتَّقُوا اللَّهَإِنَّ اللَّهَ سرِيعُ الحِْسابِ‏(4) الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطيِّبَتوَ طعَامُ الَّذِينَأُوتُوا الْكِتَب حِلٌّ لَّكمْ وَ طعَامُكُمْ حِلٌّ لهَُّمْوَ المُْحْصنَت مِنَ المُْؤْمِنَتِ وَ المُْحْصنَت مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَب مِن قَبْلِكُمْ إِذَا ءَاتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ محْصِنِينَ غَيرَ مُسفِحِينَ وَ لا مُتَّخِذِى أَخْدَانٍوَ مَن يَكْفُرْ بِالايمَنِ فَقَدْ حَبِط عَمَلُهُ وَ هُوَ فى الاَخِرَةِ مِنَ الخَْسِرِينَ‏(5) يَأَيهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلى الصلَوةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلى الْمَرَافِقِ وَ امْسحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَ أَرْجُلَكمْ إِلى الْكَعْبَينِوَ إِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطهَّرُواوَ إِن كُنتُم مَّرْضى أَوْ عَلى سفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائطِ أَوْ لَمَستُمُ النِّساءَ فَلَمْ تجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صعِيداً طيِّباً فَامْسحُوا بِوُجُوهِكمْ وَ أَيْدِيكُم مِّنْهُمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكم مِّنْ حَرَجٍ وَ لَكِن يُرِيدُ لِيُطهِّرَكُمْ وَ لِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكمْ تَشكُرُونَ‏(6) وَ اذْكرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ مِيثَقَهُ الَّذِى وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سمِعْنَا وَ أَطعْنَاوَ اتَّقُوا اللَّهَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمُ بِذَاتِ الصدُورِ(7) يَأَيهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُونُوا قَوَّمِينَ للَّهِ شهَدَاءَ بِالْقِسطِوَ لا يَجْرِمَنَّكمْ شنَئَانُ قَوْمٍ عَلى أَلا تَعْدِلُوااعْدِلُوا هُوَ أَقْرَب لِلتَّقْوَىوَ اتَّقُوا اللَّهَإِنَّ اللَّهَ خَبِيرُ بِمَا تَعْمَلُونَ‏(8) وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَ عَمِلُوا الصلِحَتِلهَُم مَّغْفِرَةٌ وَ أَجْرٌ عَظِيمٌ‏(9) وَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ كَذَّبُوا بِئَايَتِنَا أُولَئك أَصحَب الجَْحِيمِ‏(10) يَأَيهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَت اللَّهِ عَلَيْكمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسطوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَف أَيْدِيَهُمْ عَنكمْوَ اتَّقُوا اللَّهَوَ عَلى اللَّهِ فَلْيَتَوَكلِ الْمُؤْمِنُونَ‏(11)

« تعلمونهن مما علمكم الله» من طرق التأديب إلهاما أو اكتسابا « فكلوا مما أمسكن عليكم» و إن قتلته و إذا أكلته فكل ما بقي و قيل لا يؤكل « و اذكروا اسم الله عليه» أي سموا على ما علمتم عند إرساله أو على ما أمسكن إذا أدركتم ذكاته « و اتقوا الله» في حدوده « إن الله سريع الحساب» فيؤاخذكم بتعديها « اليوم أحل لكم الطيبات و طعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم» أي الحبوب و البقول كما في المستفيضة و أخذ بظاهره الجمهور حتى الذبائح و منهم من استثنى نصارى تغلب و اختلف في المجوس « و طعامكم حل لهم» لا عليكم أن تطعموهم « و المحصنات من المؤمنات» عطف على الطيبات أي العفائف و الحرائر و تخصيصهن للأولوية « و المحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم» ظاهره حل نكاح كل كتابية ذمية أو حربية دائما أو منقطعا أو ملكا فيخص آية و لا تنكحوا المشركات إن شملت الكتابية و عن الباقر (عليه‏السلام‏) : أنه منسوخ بتلك « إذا ءاتيتموهن أجورهن» مهورهن « محصنين» أعفاء « غير مسافحين » غير زانين جهرا « و لا متخذي أخدان» أخلاء تزنون بهن سرا و الخدن يقال للذكر و الأنثى « و من يكفر بالإيمان» بترك العمل أو ينكر شرائع الإسلام « فقد حبط عمله و هو في الآخرة من الخاسرين» الهالكين « يا أيها الذين ءامنوا إذا قمتم إلى الصلاة» من النوم أو أردتم القيام إليها « فاغسلوا وجوهكم» أمروا الماء عليها و لا يجب الدلك و لا تخليل الشعر إذ الوجه ما يواجه به « و أيديكم إلى المرافق» غاية للمغسول من اليد لا الغسل و كذا القول في الأرجل أو إلى بمعنى مع « و امسحوا برءوسكم» أي بعضها بإجماعنا و النص الباقري و يختص بالمقدم إجماعا منا و نصا و يكفي المسمى « و أرجلكم إلى الكعبين» بالجر كما عن حمزة و ابن كثير و أبي عمر و أبي بكر و نصبه الباقون عطف على رءوسكم محلا « و إن كنتم جنبا فاطهروا» عطف على فاغسلوا و تحتج به على وجوب الغسل لغيره أو لنفسه أو على إذا قمتم فيفيد الوجوب لنفسه « و إن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم و أيديكم» فسر في النساء « منه» من الصعيد أو التيمم و من للتبعيض و يحتج بها لاشتراط علوق التراب « ما يريد الله ليجعل عليكم» في الأمر بالوضوء و الغسل و التيمم « من حرج» من ضيق « و لكن يريد ليطهركم» من الأحداث و الذنوب « و ليتم نعمته عليكم» بشرعه ما به يطهركم « لعلكم تشكرون» نعمته « و اذكروا نعمة الله عليكم» بالإسلام « و ميثاقه الذي واثقكم» عاقدكم « به» من مبايعتكم النبي على السمع و الطاعة في العسر و اليسر و ما بين لكم في حجة الوداع من الأحكام و فرض الولاية ، أو بيعة العقبة و بيعة الرضوان « إذ قلتم سمعنا و أطعنا» فيما تأمر و تنهى « و اتقوا الله» في كفران

تفسير شبر ص :135

يَأَيهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَت اللَّهِ عَلَيْكمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسطوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَف أَيْدِيَهُمْ عَنكمْوَ اتَّقُوا اللَّهَوَ عَلى اللَّهِ فَلْيَتَوَكلِ الْمُؤْمِنُونَ‏(11) × وَ لَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَقَ بَنى إِسرءِيلَ وَ بَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنىْ عَشرَ نَقِيباًوَ قَالَ اللَّهُ إِنى مَعَكمْلَئنْ أَقَمْتُمُ الصلَوةَ وَ ءَاتَيْتُمُ الزَّكوةَ وَ ءَامَنتُم بِرُسلى وَ عَزَّرْتُمُوهُمْ وَ أَقْرَضتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسناً لأُكفِّرَنَّ عَنكُمْ سيِّئَاتِكُمْ وَ لأُدْخِلَنَّكمْ جَنَّتٍ تجْرِى مِن تحْتِهَا الأَنْهَرُفَمَن كفَرَ بَعْدَ ذَلِك مِنكمْ فَقَدْ ضلَّ سوَاءَ السبِيلِ‏(12) فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَقَهُمْ لَعَنَّهُمْ وَ جَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَسِيَةًيحَرِّفُونَ الْكلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِوَ نَسوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَ لا تَزَالُ تَطلِعُ عَلى خَائنَةٍ مِّنهُمْ إِلا قَلِيلاً مِّنهُمْفَاعْف عَنهُمْ وَ اصفَحْإِنَّ اللَّهَ يحِب الْمُحْسِنِينَ‏(13) وَ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصرَى أَخَذْنَا مِيثَقَهُمْ فَنَسوا حَظًّا مِّمَّا ذُكرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَ الْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيَمَةِوَ سوْف يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كانُوا يَصنَعُونَ‏(14) يَأَهْلَ الْكتَبِ قَدْ جَاءَكمْ رَسولُنَا يُبَينُ لَكُمْ كثِيراً مِّمَّا كنتُمْ تخْفُونَ مِنَ الْكتَبِ وَ يَعْفُوا عَن كثِيرٍقَدْ جَاءَكم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَ كتَبٌ مُّبِينٌ‏(15) يَهْدِى بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضوَنَهُ سبُلَ السلَمِ وَ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظلُمَتِ إِلى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَ يَهْدِيهِمْ إِلى صرَطٍ مُّستَقِيمٍ‏(16)

النعمة و نقض ميثاقه « إن الله عليم بذات الصدور» بسرائرها فبغيرها أولى « يا أيها الذين ءامنوا كونوا قوامين لله» بحقوقه « شهداء بالقسط و لا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا» لا يحملنكم بغض الكفار على ترك العدل معهم « اعدلوا هو» أي العدل « أقرب للتقوى و اتقوا الله إن الله خبير بما تعملون» فيجازيكم به « وعد الله الذين ءامنوا و عملوا الصالحات لهم مغفرة و أجر عظيم و الذين كفروا و كذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم» ترغيب للمؤمنين و ترهيب للكافرين « يا أيها الذين ءامنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم» يعني أهل مكة من قبل فتحها « أن يبسطوا إليكم أيديهم» بالقتل « فكف أيديهم عنكم» بالصلح يوم الحديبية « و اتقوا الله و على الله فليتوكل المؤمنون» فإنه يكفي من توكل عليه « و لقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل» بأن يخرجوا إلى أريحا لقتل جبابرتها « و بعثنا» التفات « منهم اثني عشر نقيبا» كفيلا شهيدا من كل سبط يأمرهم بالوفاء بما أمروا به « و قال الله إني معكم لئن» للقسم « أقمتم الصلوة و ءاتيتم الزكوة و ءامنتم برسلي و عزرتموهم» نصرتموهم و أصله المنع و منه التعزيز « و أقرضتم الله» بالإنفاق في سبيله « قرضا حسنا» مصدر أو مفعول « لأكفرن عنكم سيئاتكم» جواب للقسم ناب جواب الشرط « و لأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار فمن كفر بعد ذلك» الميثاق « منكم فقد ضل سواء السبيل» أخطأ طريق الحق « فبما نقضهم» ما زائدة « ميثاقهم لعناهم» أبعدناهم من رحمتنا أو مسخناهم أو عذبناهم بالجزية « و جعلنا قلوبهم قاسية» منعناهم الألطاف حتى قست « يحرفون الكلم عن مواضعه و نسوا حظا» تركوا نصيبا جزيلا « مما ذكروا به» في التوراة من اتباع محمد إذ حرفوها أو زلت أشياء منها بشؤم تحريفهم عن حفظهم « و لا تزال تطلع على خائنة منهم» خيانة أو فرقة خائنة أي الخيانة عادتهم كأسلافهم « إلا قليلا منهم» لم يخونوا و هم الذين ءامنوا « فاعف عنهم و اصفح» إن تابوا أو بذلوا الجزية و قيل مطلق ، نسخ بآية السيف « إن الله يحب المحسنين» إلى الناس « و من الذين قالوا إنا نصارى» ادعوا نصرة الله بهذا الاسم « أخذنا ميثاقهم» كما أخذنا من اليهود « فنسوا حظا مما ذكروا به» في الإنجيل « فأغرينا» ألزمنا من غري به لصق به « بينهم العداوة و البغضاء إلى يوم القيامة» بين فرق النصارى الثلاث أو بينهم و بين اليهود « و سوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون» بالحساب و العقاب « يا أهل الكتاب» جنسه خطاب لليهود و النصارى « قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب» كالرجم و نعته (صلى‏الله‏عليه‏وآله‏وسلّم‏) و بشارة عيسى به « و يعفو عن كثير» مما تخفونه أو عن كثير منكم « قد جاءكم من الله نور» محمد و القرآن « و كتاب» القرآن « مبين» للحق « يهدي به الله من اتبع رضوانه» من آمن « سبل السلام» سبل

تفسير شبر ص :136

يَهْدِى بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضوَنَهُ سبُلَ السلَمِ وَ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظلُمَتِ إِلى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَ يَهْدِيهِمْ إِلى صرَطٍ مُّستَقِيمٍ‏(16) لَّقَدْ كفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَقُلْ فَمَن يَمْلِك مِنَ اللَّهِ شيْئاً إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِك الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَ أُمَّهُ وَ مَن فى الأَرْضِ جَمِيعاًوَ للَّهِ مُلْك السمَوَتِ وَ الأَرْضِ وَ مَا بَيْنَهُمَايخْلُقُ مَا يَشاءُوَ اللَّهُ عَلى كلّ‏ِ شىْ‏ءٍ قَدِيرٌ(17) وَ قَالَتِ الْيَهُودُ وَ النَّصرَى نحْنُ أَبْنَؤُا اللَّهِ وَ أَحِبَّؤُهُقُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُمبَلْ أَنتُم بَشرٌ مِّمَّنْ خَلَقَيَغْفِرُ لِمَن يَشاءُ وَ يُعَذِّب مَن يَشاءُوَ للَّهِ مُلْك السمَوَتِ وَ الأَرْضِ وَ مَا بَيْنَهُمَاوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ(18) يَأَهْلَ الْكِتَبِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسولُنَا يُبَينُ لَكُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسلِ أَن تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِن بَشِيرٍ وَ لا نَذِيرٍفَقَدْ جَاءَكُم بَشِيرٌ وَ نَذِيرٌوَ اللَّهُ عَلى كلّ‏ِ شىْ‏ءٍ قَدِيرٌ(19) وَ إِذْ قَالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يَقَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاءَ وَ جَعَلَكُم مُّلُوكاً وَ ءَاتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِّنَ الْعَلَمِينَ‏(20) يَقَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْض الْمُقَدَّسةَ الَّتى كَتَب اللَّهُ لَكُمْ وَ لا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبَارِكمْ فَتَنقَلِبُوا خَسِرِينَ‏(21) قَالُوا يَمُوسى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَ إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتى يخْرُجُوا مِنْهَا فَإِن يخْرُجُوا مِنهَا فَإِنَّا دَخِلُونَ‏(22) قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيهِمَا ادْخُلُوا عَلَيهِمُ الْبَاب فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَلِبُونَوَ عَلى اللَّهِ فَتَوَكلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ‏(23)

الله أو السلامة من عذابه « و يخرجهم من الظلمات» الكفر « إلى النور» الإيمان « بإذنه» بلطفه « و يهديهم إلى صراط مستقيم» طريق الحق أو طريق الجنة « لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم» قيل : هم اليعقوبية القائلون بالإتحاد ، و قيل : لم يصرحوا به و لكن لزمهم ذلك لزعمهم أنه لاهوتي و قولهم بوحدة الإله « قل فمن يملك من الله» من يمنع من أمره « شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم و أمه و من في الأرض جميعا» فالمسيح مقهور لا يملك دفع الهلاك عن نفسه كسائر الممكنات فكيف يكون إلها « و لله ملك السموات و الأرض و ما بينهما» و منه المسيح « يخلق ما يشاء و الله على كل شي‏ء قدير» يخلق من ذكر و أنثى ، و من ذكر بلا أنثى كحواء ، و من أنثى بلا ذكر كعيسى ، و من غير ذكر و أنثى كآدم « و قالت اليهود و النصارى نحن أبناء الله و أحباؤه» أشياع ابنيه عزير و المسيح كما يقول حشم الملك نحن ملوك أو مقربون عنده قرب الأولاد من والدهم « قل فلم يعذبكم بذنوبكم» بالقتل و الأسر و المسخ و النار أياما معدودة كما زعمتم و الأب لا يعذب ابنه و لا الحبيب حبيبه « بل أنتم بشر ممن خلق» كسائر الناس « يغفر لمن يشاء و يعذب من يشاء و لله ملك السموات و الأرض و ما بينهما و إليه المصير» فيجازي كلا بعمله « يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم» ما يحتاج إلى البيان « على فترة من الرسل» على حين فتور من إرسال الرسل إذ ليس بينه و بين عيسى رسول بل أنبياء ثلاثة من بني إسرائيل و واحد من العرب خالد بن سنان العبسي و مدة ذلك 669 سنة ستمائة و تسع و ستون سنة « أن» كراهة أن أو لأن « تقولوا» اعتذارا « ما جاءنا من بشير و لا نذير فقد جاءكم بشير و نذير» فلا عذر لكم إذا « و الله على كل شي‏ء» من الإرسال و غيره « قدير و إذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء» هداكم و أعزكم بهم و لم يجعل في أمة ما جعل منكم من الأنبياء ، و قيل : هم الأنبياء ما بين موسى و عيسى مدة 1700 سنة ألف و سبعمائة سنة و هم ألف نبي « و جعلكم ملوكا» لملك فرعون أو ذوي دور و خدم أو مالكين لأموركم بعد أن كنتم مملوكين للقبط « و ءاتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين» من المن و السلوى و فلق البحر و تظليل الغمام و غيرها أو أريد عالمي زمانهم « يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة» الشام أو بيت المقدس أو الطور و ما حوله « التي كتب الله لكم» أن تكون لنا مسكنا ، أو أمركم بدخولها « و لا ترتدوا» لا ترجعوا « على أدباركم» منهزمين خوفا من الجبابرة ، أو لا ترتدوا على دينكم بالعصيان « فتنقلبوا خاسرين» الدارين « قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين» من العمالقة و لا يتأتى لنا مقاومتهم « و إنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون» إذ لا نطيقهم « قال رجلان» كالب و يوشع « من الذين يخافون» الله قيل : كانا من الجبابرة أسلما و أتيا موسى

تفسير شبر ص :137

قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيهِمَا ادْخُلُوا عَلَيهِمُ الْبَاب فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَلِبُونَوَ عَلى اللَّهِ فَتَوَكلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ‏(23) قَالُوا يَمُوسى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَداً مَّا دَامُوا فِيهَافَاذْهَب أَنت وَ رَبُّك فَقَتِلا إِنَّا هَهُنَا قَعِدُونَ‏(24) قَالَ رَب إِنى لا أَمْلِك إِلا نَفْسى وَ أَخِىفَافْرُقْ بَيْنَنَا وَ بَينَ الْقَوْمِ الْفَسِقِينَ‏(25) قَالَ فَإِنَّهَا محَرَّمَةٌ عَلَيهِمْأَرْبَعِينَ سنَةًيَتِيهُونَ فى الأَرْضِفَلا تَأْس عَلى الْقَوْمِ الْفَسِقِينَ‏(26) × وَ اتْلُ عَلَيهِمْ نَبَأَ ابْنىْ ءَادَمَ بِالْحَقّ‏ِ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَ لَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الاَخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكقَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ‏(27) لَئن بَسطت إِلىَّ يَدَك لِتَقْتُلَنى مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِى إِلَيْك لأَقْتُلَكإِنى أَخَاف اللَّهَ رَب الْعَلَمِينَ‏(28) إِنى أُرِيدُ أَن تَبُوأَ بِإِثْمِى وَ إِثمِك فَتَكُونَ مِنْ أَصحَبِ النَّارِوَ ذَلِك جَزؤُا الظلِمِينَ‏(29) فَطوَّعَت لَهُ نَفْسهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصبَحَ مِنَ الخَْسِرِينَ‏(30) فَبَعَث اللَّهُ غُرَاباً يَبْحَث فى الأَرْضِ لِيرِيَهُ كَيْف يُوَرِى سوْءَةَ أَخِيهِقَالَ يَوَيْلَتى أَ عَجَزْت أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَرِى سوْءَةَ أَخِىفَأَصبَحَ مِنَ النَّدِمِينَ‏(31) مِنْ أَجْلِ ذَلِك كتَبْنَا عَلى بَنى إِسرءِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسا بِغَيرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فى الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاس جَمِيعاً وَ مَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاس جَمِيعاًوَ لَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسلُنَا بِالْبَيِّنَتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِك فى الأَرْضِ لَمُسرِفُونَ‏(32)

« أنعم الله عليهما» بالتوفيق للإيمان صفة أخرى لهما أو اعتراض « ادخلوا عليهم الباب» باب قريتهم و لا تخشوهم فإنهم أجسام بلا قلوب « فإذا دخلتموه فإنكم غالبون» علما ذلك من إخبار موسى و قوله : كتب الله لكم أو مما عهدا من قهر الله أعداء موسى « و على الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين» به و بوعده « قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها» بدل بعض من أبدا « فاذهب أنت و ربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون» قالوا ذلك استهانة بالله و رسوله « قال» موسى « رب إني لا أملك إلا نفسي و أخي فافرق» فافصل « بيننا و بين القوم الفاسقين قال فإنها محرمة عليهم» لا يدخلونها « أربعين سنة يتيهون في الأرض» يسيرون فيها متحيرين « فلا تأس» لا تحزن « على القوم الفاسقين» روي : لبثوا في التيه أربعين سنة يسيرون من المساء إلى الصباح فإذا هم بحيث ارتحلوا عنه ، و مات فيه هارون ثم موسى « و اتل عليهم نبأ ابني ءادم» قابيل و هابيل « بالحق» بالصدق « إذ قربا قربانا» اسم لما يتقرب به إلى الله روي : أن آدم أمر أن يدفع الوصية إلى هابيل فغضب قابيل و كان أكبر فقال : قربا قربانا فمن أيكما يقبل دفعتها إليه « فتقبل من أحدهما» هابيل إذ قرب من خير غنمه « و لم يتقبل من الآخر» قابيل إذ قرب أردأ زرعه « قال لأقتلنك» توعده بالقتل لفرط حسده له على تقبل قربانه « قال» جوابا له « إنما يتقبل الله من المتقين» أي إنما أصبت من قبل نفسك بترك التقوى لا من قبلي فلم تقتلني « لئن بسطت إلي يدك لتقتلني» ظلما « ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك» دفعا و مقابلة « إني أخاف الله رب العالمين إني أريد أن تبوأ» ترجع متلبسا « بإثمي» بإثم قتلي « و إثمك» الذي كان منك من قبل ، أو أن تحمل إثمي لو بسطت إليك يدي و إثمك ببسطك يدك إلي و لم يرد بالذات معصية أخيه و شقاوته ، أو أريد بالإثم عقوبته « فتكون من أصحاب النار » بظلمك لي « و ذلك جزاء الظالمين» من قوله أو قول الله « فطوعت» سهلت « له نفسه قتل أخيه فقتله» قيل و هو ابن عشرين سنة بالهند ، أو عقبة حراء ، أو موضع مسجد البصرة « فأصبح من الخاسرين» للدارين إذ بقي عمره طريدا فزعا « فبعث الله غرابا يبحث في الأرض» روي لما قتله لم يدر ما يصنع به فجاء غرابان فقتل أحدهما صاحبه ثم حفر له بمخالبه و دفن فيه صاحبه « ليريه كيف يواري» يستر « سوأة أخيه» جسده الميت فإنه يستقبح أن يرى « قال يا ويلتى» احضري فهذا وقتك و ألفها بدل ياء المتكلم « أ عجزت أن أكون مثل هذا الغراب» في العلم « فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمين» على قتله لاسوداد جسده و تبري أبيه منه و حمله له سنة إذ تخير فيه و لم يندم عن توبة « من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل» و غيرهم « أنه من قتل نفسا بغير» قتل « نفس أو» بغير « فساد في الأرض» كالشرك و قطع الطريق « فكأنما قتل الناس جميعا» فإنه هتك حرمة الدماء و سن القتل و جرأ

تفسير شبر ص :138

مِنْ أَجْلِ ذَلِك كتَبْنَا عَلى بَنى إِسرءِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسا بِغَيرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فى الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاس جَمِيعاً وَ مَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاس جَمِيعاًوَ لَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسلُنَا بِالْبَيِّنَتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِك فى الأَرْضِ لَمُسرِفُونَ‏(32) إِنَّمَا جَزؤُا الَّذِينَ يحَارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسولَهُ وَ يَسعَوْنَ فى الأَرْضِ فَساداً أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصلَّبُوا أَوْ تُقَطعَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَفٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِذَلِك لَهُمْ خِزْىٌ فى الدُّنْيَاوَ لَهُمْ فى الاَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ‏(33) إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُوا عَلَيهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ‏(34) يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ ابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَ جَهِدُوا فى سبِيلِهِ لَعَلَّكمْ تُفْلِحُونَ‏(35) إِنَّ الَّذِينَ كفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فى الأَرْضِ جَمِيعاً وَ مِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَمَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْوَ لهَُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ‏(36) يُرِيدُونَ أَن يخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَ مَا هُم بخَرِجِينَ مِنهَاوَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ‏(37) وَ السارِقُ وَ السارِقَةُ فَاقْطعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءَ بِمَا كَسبَا نَكَلاً مِّنَ اللَّهِوَ اللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ‏(38) فَمَن تَاب مِن بَعْدِ ظلْمِهِ وَ أَصلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوب عَلَيْهِإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ‏(39) أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْك السمَوَتِ وَ الأَرْضِ يُعَذِّب مَن يَشاءُ وَ يَغْفِرُ لِمَن يَشاءُوَ اللَّهُ عَلى كلّ‏ِ شىْ‏ءٍ قَدِيرٌ(40) × يَأَيُّهَا الرَّسولُ لا يحْزُنك الَّذِينَ يُسرِعُونَ فى الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا ءَامَنَّا بِأَفْوَهِهِمْ وَ لَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْوَ مِنَ الَّذِينَ هَادُواسمَّعُونَ لِلْكذِبِ سمَّعُونَ لِقَوْمٍ ءَاخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكيحَرِّفُونَ الْكلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِيَقُولُونَ إِنْأُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَ إِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواوَ مَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِك لَهُ مِنَ اللَّهِ شيْئاًأُولَئك الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطهِّرَ قُلُوبَهُمْلهَُمْ فى الدُّنْيَا خِزْىٌوَ لَهُمْ فى الاَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ‏(41)

الناس عليه ، أو لاستواء قتل الواحد و الجميع في استجلاب العذاب « و من أحياها» أنقذها من سبب هلكة « فكأنما أحيا الناس جميعا» لما مر « و لقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم إن كثيرا منهم بعد ذلك» بعد ما كتبنا عليهم و جاءتهم الرسل بالآيات الواضحة « في الأرض لمسرفون» مجاوزون الحد بالقتل و الشرك « إنما جزاء الذين يحاربون الله و رسوله و يسعون في الأرض فسادا » روي : أن المحارب من شهر السلاح و أخاف الطريق في المصر أو لخارجه « أن يقتلوا» قصاصا أو حدا « أو يصلبوا» مع القتل إن قتلوا و أخذوا المال « أو تقطع أيديهم و أرجلهم من خلاف» اليد اليمنى و الرجل اليسرى إن أخذوا المال و لم يقتلوا « أو ينفوا من الأرض» من بلد إلى بلد بحيث لا يمكنون من القرار في بلد إن أخافوا فقط ، و الآية لا تفيد التفصيل بل ظاهرها تخير الوالي بينها في كل محارب كما في بعض الروايات المعتبرة و في بعضها التفصيل « ذلك لهم خزي» فضيحة « في الدنيا و لهم في الآخرة عذاب عظيم» مع ذلك « إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم» قيل استثناء بالنسبة إلى حق الله فقط و يؤيده « فاعلموا أن الله غفور رحيم يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله و ابتغوا إليه الوسيلة» ما تتوسلون به إلى ثوابه من الطاعة « و جاهدوا في سبيله» أعداءه لإعزاز دينه « لعلكم تفلحون» تظفرون بنعيم الأبد « إن الذين كفروا لو» ثبت « أن لهم ما في الأرض» من المال « جميعا و مثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم و لهم عذاب أليم يريدون» يتمنون « أن يخرجوا من النار و ما هم بخارجين منها و لهم عذاب مقيم» و أبدل ما هم بخارجين عن و ما يخرجون للمبالغة « و السارق و السارقة فاقطعوا» دخلت الفاء لشبهه بالجزاء لأن أل موصولة « أيديهما» من أصول الأصابع و بترك الإبهام عندنا فإن عاد قطعت رجله اليسرى من أصل الساق و يترك العقب فإن عاد خلد في السجن « جزاء بما كسبا» مفعول له أو مصدر ، و كذا « نكالا من الله و الله عزيز حكيم فمن تاب من بعد ظلمه و أصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم أ لم تعلم» خطاب للنبي أو لكل أحد « أن الله له ملك السموات و الأرض يعذب من يشاء» من العصاة « و يغفر لمن يشاء» منهم « و الله على كل شي‏ء قدير» و منه التعذيب و المغفرة و قدم عليها لمقابلة تقدم السرقة على التوبة أو لتقدم استحقاقه « يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر» في إظهاره إذا وجدوا منه فرصة « من الذين» بيان « قالوا آمنا بأفواههم» متعلقة بقالوا « و لم تؤمن قلوبهم» حال أو عطف على قالوا « و من الذين هادوا سماعون للكذب» زيدت اللام لتضمين السماع معنى القبول أي قابلون لما تفتريه أحبارهم أو للعلة و المفعول محذوف أي سماعون قولك ليكذبوا عليك .

تفسير شبر ص :139

يَأَيُّهَا الرَّسولُ لا يحْزُنك الَّذِينَ يُسرِعُونَ فى الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا ءَامَنَّا بِأَفْوَهِهِمْ وَ لَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْوَ مِنَ الَّذِينَ هَادُواسمَّعُونَ لِلْكذِبِ سمَّعُونَ لِقَوْمٍ ءَاخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكيحَرِّفُونَ الْكلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِيَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَ إِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواوَ مَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِك لَهُ مِنَ اللَّهِ شيْئاًأُولَئك الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطهِّرَ قُلُوبَهُمْلهَُمْ فى الدُّنْيَا خِزْىٌوَ لَهُمْ فى الاَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ‏(41) سمَّعُونَ لِلْكَذِبِ أَكلُونَ لِلسحْتِفَإِن جَاءُوك فَاحْكُم بَيْنهُمْ أَوْ أَعْرِض عَنهُمْوَ إِن تُعْرِض عَنْهُمْ فَلَن يَضرُّوك شيْئاًوَ إِنْ حَكَمْت فَاحْكُم بَيْنهُم بِالْقِسطِإِنَّ اللَّهَ يحِب الْمُقْسِطِينَ‏(42) وَ كَيْف يحَكِّمُونَك وَ عِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذَلِكوَ مَا أُولَئك بِالْمُؤْمِنِينَ‏(43) إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَ نُورٌيحْكُمُ بهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَ الرَّبَّنِيُّونَ وَ الأَحْبَارُ بِمَا استُحْفِظوا مِن كِتَبِ اللَّهِ وَ كانُوا عَلَيْهِ شهَدَاءَفَلا تَخْشوُا النَّاس وَ اخْشوْنِ وَ لا تَشترُوا بِئَايَتى ثَمَناً قَلِيلاًوَ مَن لَّمْ يحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئك هُمُ الْكَفِرُونَ‏(44) وَ كَتَبْنَا عَلَيهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْس بِالنَّفْسِ وَ الْعَينَ بِالْعَينِ وَ الأَنف بِالأَنفِ وَ الأُذُنَ بِالأُذُنِ وَ السنَّ بِالسنّ‏ِ وَ الْجُرُوحَ قِصاصٌفَمَن تَصدَّقَ بِهِ فَهُوَ كفَّارَةٌ لَّهُوَ مَن لَّمْ يحْكم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئك هُمُ الظلِمُونَ‏(45)

« سماعون لقوم آخرين لم يأتوك» أي قابلون لقول قوم آخرين من اليهود لم يحضروا عندك تكبرا أو بغضا لك أو سماعون منك لأجلهم « يحرفون الكلم من بعد مواضعه» عن مواضعه التي وضعه الله فيها « يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه» أي إن أفتاكم محمد بهذا الحكم المحرف فاقبلوه « و إن لم تؤتوه» بل أفتاكم بخلافه « فاحذروا» أن تقبلوه نزلت في عبد الله بن أبي حيث قالت له بنو النضير : إن بيننا و بين قريظة عهد في القتل مخالف للتوراة فسل محمدا أن لا ينقضنا إن تحاكمنا إليه فقال ابعثوا رجلا يسمع كلامي و كلامه فإن حكم لكم بما تريدون و إلا فلا ترضوا به « و من يرد الله فتنته» اختياره ليفتضح « فلن تملك له من الله» في دفع أمره شيئا « أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم» حيث اختاروا تدنيسها بالكفر لعلمه بأن لطفه لا ينجع فهيم « لهم في الدنيا خزي» ذل بالجزية و الفضيحة « و لهم في الآخرة عذاب عظيم» بتخليدهم النار و الضمير للفريقين أو اليهود « سماعون للكذب» كرر تأكيدا « أكالون للسحت» الحرام كالرشاء « فإن جاءوك» متحاكمين إليك « فاحكم بينهم أو أعرض عنهم» خير (صلى‏الله‏عليه‏وآله‏وسلّم‏) بين الحكم و الإعراض و كذا الأئمة و الحكام و قيل نسخ بآية و أن احكم بينهم « و إن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا» لن يقدروا لك على ضرر « و إن حكمت فاحكم بينهم بالقسط» بالعدل « إن الله يحب المقسطين» فيثيبهم « و كيف يحكمونك و عندهم التوراة فيها حكم الله» تعجيب من تحكيمهم من لا يؤمنون به مع صراحة الحكم في كتابهم و تنبيه على أنهم ما قصدوا به معرفة الحق بل ما هو أهون عليهم « ثم يتولون من بعد ذلك و ما أولئك بالمؤمنين» بكتابهم لإعراضهم عنه و عما يوافقه « إنا أنزلنا التوراة فيها هدى» إلى الحق « و نور» بيان للأحكام « يحكم بها النبيون» من بني إسرائيل و موسى و من بعده فيما تتوافق فيه الشريعتان « الذين أسلموا» صفة مادحة « للذين هادوا و الربانيون» الكاملون علما و عملا « و الأحبار» العلماء « بما استحفظوا» بسبب الذي كلفهم الله حفظه عن التبديل « من كتاب الله» بيان لما « و كانوا عليه شهداء» أنه حق أو رقباء لئلا يبدل « فلا تخشوا الناس» أيها الحكام في حكوماتكم أو أيها اليهود في إظهار الحق « و اخشون» في الحكومة أو كتمان الحق « و لا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا» رشوة أو جاها « و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون» للاستهانة و يأتي إن شاء الله وصفهم بالظلم لحكمهم بخلافه و الفسق لخروجهم عنه و الصفات الثلاث عامة و قيل في اليهود خاصة و قيل هذه في المسلمين و الظالمون في اليهود و الفاسقون في النصارى « و كتبنا عليهم فيها» فرضا على اليهود في التوراة « إن النفس بالنفس و العين بالعين و الأنف بالأنف و الأذن بالأذن و السن بالسن و الجروح قصاص»

تفسير شبر ص :140

وَ كَتَبْنَا عَلَيهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْس بِالنَّفْسِ وَ الْعَينَ بِالْعَينِ وَ الأَنف بِالأَنفِ وَ الأُذُنَ بِالأُذُنِ وَ السنَّ بِالسنّ‏ِ وَ الْجُرُوحَ قِصاصٌفَمَن تَصدَّقَ بِهِ فَهُوَ كفَّارَةٌ لَّهُوَ مَن لَّمْ يحْكم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئك هُمُ الظلِمُونَ‏(45) وَ قَفَّيْنَا عَلى ءَاثَرِهِم بِعِيسى ابْنِ مَرْيَمَ مُصدِّقاً لِّمَا بَينَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِوَ ءَاتَيْنَهُ الانجِيلَ فِيهِ هُدًى وَ نُورٌ وَ مُصدِّقاً لِّمَا بَينَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَ هُدًى وَ مَوْعِظةً لِّلْمُتَّقِينَ‏(46) وَ لْيَحْكمْ أَهْلُ الانجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِوَ مَن لَّمْ يحْكم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئك هُمُ الْفَسِقُونَ‏(47) وَ أَنزَلْنَا إِلَيْك الْكِتَب بِالْحَقّ‏ِ مُصدِّقاً لِّمَا بَينَ يَدَيْهِ مِنَ الْكتَبِ وَ مُهَيْمِناً عَلَيْهِفَاحْكم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُوَ لا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَك مِنَ الْحَقّ‏ِلِكلّ‏ٍ جَعَلْنَا مِنكُمْ شرْعَةً وَ مِنْهَاجاًوَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكمْ أُمَّةً وَحِدَةً وَ لَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فى مَا ءَاتَاكُمْفَاستَبِقُوا الْخَيرَتِإِلى اللَّهِ مَرْجِعُكمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تخْتَلِفُونَ‏(48) وَ أَنِ احْكُم بَيْنهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَ لا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَ احْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوك عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكفَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبهُم بِبَعْضِ ذُنُوبهِمْوَ إِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَسِقُونَ‏(49) أَ فَحُكْمَ الجَْهِلِيَّةِ يَبْغُونَوَ مَنْ أَحْسنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ‏(50) × يَأَيهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيهُودَ وَ النَّصرَى أَوْلِيَاءَبَعْضهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍوَ مَن يَتَوَلهَُّم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنهُمْإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِى الْقَوْمَ الظلِمِينَ‏(51) فَترَى الَّذِينَ فى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسرِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نخْشى أَن تُصِيبَنَا دَائرَةٌفَعَسى اللَّهُ أَن يَأْتىَ بِالْفَتْح أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصبِحُوا عَلى مَا أَسرُّوا فى أَنفُسِهِمْ نَدِمِينَ‏(52)

ذات قصاص إن أمكن و إلا فالأرش و الحكم مقرر في شرعنا أيضا « فمن تصدق به» أي بالقصاص و عفا عنه « فهو كفارة له» للمصدق تكفر به ذنوبه أو للجاني يسقط ما لزمه « و من لم يحكم بما أنزل الله» من الأحكام « فأولئك هم الظالمون و قفينا على ءاثارهم بعيسى بن مريم مصدقا لما بين يديه» قبله « من التوراة و ءاتيناه الإنجيل فيه هدى و نور» حال « و مصدقا لما بين يديه من التوراة و هدى و موعظة للمتقين و ليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون» دلت الآية على اشتمال الإنجيل على الأحكام و استقلال شرع عيسى و نسخه لليهودية « و أنزلنا إليك الكتاب» القرآن « بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب» من جنس الكتب السماوية « و مهيمنا عليه» و رقيبا على سائر الكتب تشهد بصحتها و يحفظها عن التبديل « فاحكم بينهم بما أنزل الله» إليك « و لا تتبع أهواءهم» عادلا « عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم» أيها الأمم « شرعة» للدين « و منهاجا» طريقا واضحا « و لو شاء الله لجعلكم أمة واحدة» على دين واحد لم ينسخ أبدا « و لكن ليبلوكم فيما ءاتاكم» من الشرائع المختلفة « فاستبقوا الخيرات» فابتدروها « إلى الله مرجعكم جميعا» استئناف يعلل فاستبقوا « فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون» بالفصل بين محقكم و مبطلكم « و أن احكم بينهم بما أنزل الله» عطف على الكتاب أو الحق أي أنزلنا الكتاب و أن احكم ، أو أنزلناه بالحق و أن احكم « و لا تتبع أهواءهم و احذرهم أن يفتنوك» أن يضلوك « عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا» عن الحكم المنزل « فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم» تنبيه على أن المجازاة بجميع الذنوب يكون في الآخرة كقوله ليذيقهم بعض الذي عملوا « و إن كثيرا من الناس لفاسقون أ فحكم الجاهلية» من الميل و المداهنة « يبغون و من أحسن من الله حكما لقوم يوقنون» أي عندهم و اللام للتبيين أي هذا الاستفهام لقوم يوقنون فإنهم الذين يثبتون أن لا أحسن من الله حكما « يا أيها الذين ءامنوا لا تتخذوا اليهود و النصارى أولياء» توادونهم و تعتمدون عليهم « بعضهم أولياء بعض» تعليل المنهي أي إنما يوالي بعضهم بعضا لاتخاذهم في الدين « و من يتولهم منكم فإنه منهم» حكمه حكمهم من أحب قوما فهو منهم و فيه تغليظ في وجوب مجانبتهم « إن الله لا يهدي القوم الظالمين» لأنفسهم بموالاتهم الكفار « فترى الذين في قلوبهم مرض» شك و نفاق كابن أبي

تفسير شبر ص :141

فَترَى الَّذِينَ فى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسرِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نخْشى أَن تُصِيبَنَا دَائرَةٌفَعَسى اللَّهُ أَن يَأْتىَ بِالْفَتْح أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصبِحُوا عَلى مَا أَسرُّوا فى أَنفُسِهِمْ نَدِمِينَ‏(52) وَ يَقُولُ الَّذِينَ ءَامَنُوا أَ هَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَنهِمْإِنهُمْ لمََعَكُمْحَبِطت أَعْمَلُهُمْ فَأَصبَحُوا خَسرِينَ‏(53) يَأَيهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسوْف يَأْتى اللَّهُ بِقَوْمٍ يحِبهُمْ وَ يحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلى الْكَفِرِينَ يجَهِدُونَ فى سبِيلِ اللَّهِ وَ لا يخَافُونَ لَوْمَةَ لائمٍذَلِك فَضلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشاءُوَ اللَّهُ وَسِعٌ عَلِيمٌ‏(54) إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسولُهُ وَ الَّذِينَ ءَامَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصلَوةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكَوةَ وَ هُمْ رَكِعُونَ‏(55) وَ مَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَ رَسولَهُ وَ الَّذِينَ ءَامَنُوا فَإِنَّ حِزْب اللَّهِ هُمُ الْغَلِبُونَ‏(56) يَأَيهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتخَذُوا دِينَكمْ هُزُواً وَ لَعِباً مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَب مِن قَبْلِكمْ وَ الْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَوَ اتَّقُوا اللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ‏(57) وَ إِذَا نَادَيْتُمْ إِلى الصلَوةِ اتخَذُوهَا هُزُواً وَ لَعِباًذَلِك بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ‏(58) قُلْ يَأَهْلَ الْكِتَبِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا إِلا أَنْ ءَامَنَّا بِاللَّهِ وَ مَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَ مَا أُنزِلَ مِن قَبْلُ وَ أَنَّ أَكْثرَكمْ فَسِقُونَ‏(59) قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشرٍّ مِّن ذَلِك مَثُوبَةً عِندَ اللَّهِمَن لَّعَنَهُ اللَّهُ وَ غَضِب عَلَيْهِ وَ جَعَلَ مِنهُمُ الْقِرَدَةَ وَ الخَْنَازِيرَ وَ عَبَدَ الطغُوتأُولَئك شرٌّ مَّكاناً وَ أَضلُّ عَن سوَاءِ السبِيلِ‏(60)

« يسارعون فيهم» أي في موالاتهم « يقولون» معتذرين عنها « نخشى أن تصيبنا دائرة» من دوائر الزمان بأن ينقلب الأمر فتكون الدولة للكفار « فعسى الله أن يأتي بالفتح» بالنصر لرسوله على أعدائه « أو أمر من عنده» بقتلى اليهود و إجلائهم من ديارهم « فيصبحوا» أي المنافقين « على ما أسروا في أنفسهم» من الشك في أمر النبي و موالاتهم اليهود « نادمين و يقول الذين ءامنوا أ هؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم» يقول بعضهم لبعض تعجبا من حال المنافقين و اغتباطا بما وفقوا به من الإخلاص أو يقولونه لليهود إذ حلف لهم المنافقون بالنصرة و نصب جهدا مصدرا أو حالا أي حلفوا يجتهدون جهد أيمانهم أي أغلظها فحذف الفعل و نابه المصدر فجاز تعليقها « حبطت أعمالهم» من القول أو قول الله أي بطلت أعمالهم التي تكلفوها رياء « فأصبحوا خاسرين» للدارين « يا أيها الذين ءامنوا من يرتد منكم عن دينه» فلن يضر الله « فسوف يأتي الله بقوم يحبهم» و يوفقهم لرضاه أو بحسن ثوابهم « و يحبونه» يطيعونه و لا يعصونه « أذلة على المؤمنين» عاطفين عليهم بتواضع « أعزة على الكافرين» أشداء عليهم من عزة إذا غلبه « يجاهدون في سبيل الله و لا يخافون لومة لائم» بتقلبهم في دينهم « ذلك» المذكور من الأوصاف « فضل الله يؤتيه من يشاء و الله واسع عليم» و هؤلاء الموصوفون قيل هم أهل اليمن و قيل هم الفرس و قيل الأنصار و الأصح ما روي عن أهل البيت (عليهم‏السلام‏) أنها في علي و أصحابه و قتالهم للناكثين و المارقين و القاسطين . و روي أنها في المهدي و أصحابه « إنما وليكم» الأولى بكم و المتولي أموركم « الله و رسوله و الذين ءامنوا» و أفرد الولي إيذانا بأن الولاية لله تعالى أصالة و لغيره تبعا « الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون» نزلت في علي (عليه‏السلام‏) حين سأل سائل و هو راكع في صلاته فأومأ إليه بخنصره فأخذ خاتمه منها بإطباق أكثر المفسرين و استفاضة الروايات فيه من الجانبين و تدل على إمامته دون من سواه للحصر و عدم اتصاف غيره بهذه الصفات و عبر عنه بصيغة الجمع تعظيما أو لدخول أولاده الطاهرين « و من يتول الله و رسوله و الذين ءامنوا» يتخذهم أولياء « فإن حزب الله هم الغالبون» وضع موضع فإنهم إيذانا بأنهم حزبه أي أتباعه تفخيما لشأنهم و اعتراضا بأضدادهم بأنهم حزب الشيطان « يا أيها الذين ءامنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا و لعبا من» بيانية « الذين أوتوا الكتاب من قبلكم و الكفار أولياء و اتقوا الله» في مناهيه « إن كنتم مؤمنين و إذ ناديتم» بالأذان « إلى الصلوة اتخذوها» أي الصلاة أو المناداة « هزوا و لعبا» سخرية و ضحكة « ذلك» الاتخاذ « بأنهم» بسبب أنهم « قوم لا يعقلون» قيح الهزء بالحق « قل يا أهل الكتاب هل تنقمون» تنكرون « منا إلا أن ءامنا بالله و ما أنزل إلينا» من القرآن « و ما أنزل من قبل»

تفسير شبر ص :142

قُلْ يَأَهْلَ الْكِتَبِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا إِلا أَنْ ءَامَنَّا بِاللَّهِ وَ مَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَ مَا أُنزِلَ مِن قَبْلُ وَ أَنَّ أَكْثرَكمْ فَسِقُونَ‏(59) قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشرٍّ مِّن ذَلِك مَثُوبَةً عِندَ اللَّهِمَن لَّعَنَهُ اللَّهُ وَ غَضِب عَلَيْهِ وَ جَعَلَ مِنهُمُ الْقِرَدَةَ وَ الخَْنَازِيرَ وَ عَبَدَ الطغُوتأُولَئك شرٌّ مَّكاناً وَ أَضلُّ عَن سوَاءِ السبِيلِ‏(60) وَ إِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا ءَامَنَّا وَ قَد دَّخَلُوا بِالْكُفْرِ وَ هُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِوَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كانُوا يَكْتُمُونَ‏(61) وَ تَرَى كَثِيراً مِّنهُمْ يُسرِعُونَ فى الاثْمِ وَ الْعُدْوَنِ وَ أَكلِهِمُ السحْتلَبِئْس مَا كانُوا يَعْمَلُونَ‏(62) لَوْ لا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّنِيُّونَ وَ الأَحْبَارُ عَن قَوْلهِِمُ الاثْمَ وَ أَكلِهِمُ السحْتلَبِئْس مَا كانُوا يَصنَعُونَ‏(63) وَ قَالَتِ الْيهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌغُلَّت أَيْدِيهِمْ وَ لُعِنُوا بمَا قَالُوابَلْ يَدَاهُ مَبْسوطتَانِ يُنفِقُ كَيْف يَشاءُوَ لَيزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْك مِن رَّبِّك طغْيَناً وَ كُفْراًوَ أَلْقَيْنَا بَيْنهُمُ الْعَدَوَةَ وَ الْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيَمَةِكلَّمَا أَوْقَدُوا نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطفَأَهَا اللَّهُوَ يَسعَوْنَ فى الأَرْضِ فَساداًوَ اللَّهُ لا يحِب الْمُفْسِدِينَ‏(64) وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكتَبِ ءَامَنُوا وَ اتَّقَوْا لَكفَّرْنَا عَنهُمْ سيِّئَاتهِمْ وَ لأَدْخَلْنَهُمْ جَنَّتِ النَّعِيمِ‏(65) وَ لَوْ أَنهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَ الانجِيلَ وَ مَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبهِمْ لأَكلُوا مِن فَوْقِهِمْ وَ مِن تحْتِ أَرْجُلِهِممِّنهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌوَ كَثِيرٌ مِّنهُمْ ساءَ مَا يَعْمَلُونَ‏(66)

إلى الأنبياء « و أن أكثركم فاسقون» عطف على « أن ءامنا» أي ما تنكرون منا إلا مخالفتكم إذ دخلنا الإيمان و أنتم خارجون منه فالمستثنى لازم الأمرين و هو المخالفة أو بحذف مضاف أي و اعتقاد أن أكثركم فاسقون أو على المجرور أي ما تنقمون منا إلا إيمانا بالله و بما أنزل إلينا و بأن أكثركم فاسقون « قل هل أنبئكم بشر من ذلك» المنقوم « مثوبة عند الله» و لعل ذكرها بدل العقوبة تهكم و نصب تمييزا « من لعنه الله و غضب عليه» لكفره « و جعل منهم القردة و الخنازير» مسخوا أصحاب السبت قردة و كفار مائدة عيسى خنازير و قيل المسخان في أهل السبت مسخ شبانهم قردة و شيوخهم خنازير « و عبد الطاغوت» الشيطان بطاعته أو العجل بضم الباء و جر التاء على أنه وصف كحذر و بفتح الباء و نصب التاء عطفا على صلة من « أولئك» الملعونون « شر مكانا» تمييز كنى عن شرارتهم بشرارة مكانهم و هو سقر لأنه أبلغ « و أضل عن سواء السبيل» الطريق المستقيم « و إذا جاءوكم» أي منافقو اليهود « قالوا ءامنا و قد دخلوا» إليك متلبسين « بالكفر و هم قد خرجوا» من عندك متلبسين « به» و لم يؤثر فيهم وعظك و الجملتان حال من فاعل قالوا « و الله أعلم بما كانوا يكتمون» من الكفر « و ترى كثيرا منهم» من اليهود « يسارعون في الإثم» الكذب أو الكفر « و العدوان» تعدي حدود الله « و أكلهم السحت لبئس ما كانوا يعملون لو لا ينهاهم الربانيون و الأحبار عن قولهم الإثم و أكلهم السحت» الحرام كالرشاء « لبئس ما كانوا يصنعون» ذم علمائهم على ترك نهيهم بأبلغ من ذمهم من حيث إن العمل أنما يسمى صنعا بعد التدرب فيه فيفيد أن ترك إنكار المعصية أقبح من ارتكابها « و قالت اليهود يد الله مغلولة» مقبوضة من الرزق روي أنهم كانوا أكثر الناس مالا فلما كذبوا النبي ضيق عليهم فقالوا ذلك ، و غل اليد و بسطها كناية عن البخل و الجود « غلت أيديهم و لعنوا بما قالوا» دعاء عليهم بالبخل أو بغل الأيدي حقيقة بإغلال الأسر في الدنيا و إغلال النار في الآخرة « بل يداه مبسوطتان» في تثنية اليد أبلغ رد لإفادتها غاية الجود ، إذ غاية ما يبذل الجواد أن يعطي بيديه .

أو إشارة إلى منح الدارين « ينفق كيف يشاء» من توسيع و تضييق وفق حكمته « و ليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك» أي يزدادون عند نزول القرآن بحسدهم « طغيانا» تماديا في الجحود « و كفرا و ألقينا بينهم العداوة و البغضاء إلى يوم القيامة» تحسبهم جميعا و قلوبهم شتى « كلما أوقدوا نارا للحرب» مع النبي « أطفأها الله و يسعون في الأرض فسادا» أي للفساد باجتهادهم في المعاصي « و الله لا يحب المفسدين و لو أن أهل الكتاب ءامنوا» بمحمد « و اتقوا لكفرنا عنهم سيئاتهم و لأدخلناهم جنات النعيم» مع المؤمنين « و لو أنهم أقاموا التوراة و الإنجيل» عملوا بما فيهما « و ما أنزل إليهم من ربهم» من سائر كتبه أو القرآن

تفسير شبر ص :143

وَ لَوْ أَنهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَ الانجِيلَ وَ مَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبهِمْ لأَكلُوا مِن فَوْقِهِمْ وَ مِن تحْتِ أَرْجُلِهِممِّنهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌوَ كَثِيرٌ مِّنهُمْ ساءَ مَا يَعْمَلُونَ‏(66) × يَأَيهَا الرَّسولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْك مِن رَّبِّكوَ إِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْت رِسالَتَهُوَ اللَّهُ يَعْصِمُك مِنَ النَّاسِإِنَّ اللَّهَ لا يهْدِى الْقَوْمَ الْكَفِرِينَ‏(67) قُلْ يَأَهْلَ الْكِتَبِ لَستُمْ عَلى شىْ‏ءٍ حَتى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَ الانجِيلَ وَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْوَ لَيزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْك مِن رَّبِّك طغْيَناً وَ كُفْراًفَلا تَأْس عَلى الْقَوْمِ الْكَفِرِينَ‏(68) إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَ الَّذِينَ هَادُوا وَ الصبِئُونَ وَ النَّصرَى مَنْ ءَامَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الاَخِرِ وَ عَمِلَ صلِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يحْزَنُونَ‏(69) لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَقَ بَنى إِسرءِيلَ وَ أَرْسلْنَا إِلَيهِمْ رُسلاًكلَّمَا جَاءَهُمْ رَسولُ بِمَا لا تَهْوَى أَنفُسهُمْ فَرِيقاً كذَّبُوا وَ فَرِيقاً يَقْتُلُونَ‏(70) وَ حَسِبُوا أَلا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَ صمُّوا ثُمَّ تَاب اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَ صمُّوا كثِيرٌ مِّنهُمْوَ اللَّهُ بَصِيرُ بِمَا يَعْمَلُونَ‏(71) لَقَدْ كفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَوَ قَالَ الْمَسِيحُ يَبَنى إِسرءِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبى وَ رَبَّكمْإِنَّهُ مَن يُشرِك بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَ مَأْوَاهُ النَّارُوَ مَا لِلظلِمِينَ مِنْ أَنصارٍ(72)

« لأكلوا من فوقهم و من تحت أرجلهم» أوسع عليهم الرزق بإفاضة من كل جهة أو بإنزال بركات السماء و الأرض عليهم « منهم أمة مقتصدة» معتدلة لم يغالوا و لم يقصروا و هم من آمن بالرسول « و كثير منهم ساء ما يعملون» بئس عملهم أو شي‏ء أو الذي يعملونه « يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك» جميعه لا تكتم منه شيئا خوف أحد « و إن لم تفعل» ذلك « فما بلغت رسالته» و قرى‏ء رسالاته أي كأنك لم تؤد شيئا إذ كتمان البعض ككتمان الكل في استحقاق العقاب « و الله يعصمك من الناس» يضمن لك العصمة منهم أن يقتلوك فما عذرك ، عن أهل البيت و ابن عباس و جابر : أن الله أوحى إلى نبيه أن يستخلف عليا فكان يخاف أن يشق ذلك على جماعة من أصحابه فنزلت فأخذ بيده فقال أ لست أولى بكم من أنفسكم قالوا بلى قال من كنت مولاه فعلي مولاه « إن الله لا يهدي القوم الكافرين» لا يمكنهم من إيصال مكروه إليك « قل يا أهل الكتاب لستم على شي‏ء» يعتد به من الدين « حتى تقيموا التوراة و الإنجيل و ما أنزل إليكم من ربكم» من الكتب بالعمل بما فيها و منه الإيمان و اتباعي « و ليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا و كفرا فلا تأس على القوم الكافرين» لا تحزن عليهم « إن الذين ءامنوا و الذين هادوا و الصابئون و النصارى» و الصابئون مبتدأ نوى تأخيره و حذف خبره لدلالة خبر إن عليه أي و الصابئون كذلك فهو كاعتراض يفيد أن الصابئين مع وضوح ضلالتهم يثاب عليهم إن صح إيمانهم و صلح عملهم فغيرهم أولى و لم يعطف على محل اسم إن لعدم مضي خبرها « من ءامن بالله و اليوم الآخر و عمل صالحا» مبتدأ خبره « فلا خوف عليهم و لا هم يحزنون» و الجملة خبر إن و الرابط محذوف أي من آمن منهم أو خبرها فلا خوف و من آمن بدل من اسمها و ما عطف عليها « لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل» على الإيمان بالله و برسله و بما جاءت به « و أرسلنا إليهم رسلا» لإرشادهم « كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم» من التكاليف « فريقا كذبوا و فريقا يقتلون» جواب الشرط محذوف أي استكبروا كما قال : كلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم و فريقا تقتلون و جملة « فريقا كذبوا» استيناف كأنه قيل فما يفعلون بالرسل فأجابهم بذلك و إنما جي‏ء بيقتلون موضع قتلوا على حكاية الحال الماضية استفظاعا للقتل و استحضارا لتلك الحال الشنيعة « و حسبوا ألا تكون فتنة» أي ظن بنو إسرائيل أن لا يصيبهم بلاء و عذاب بتكذيبهم الأنبياء و قتلهم « فعموا» من الحق فلم يبصروه « و صموا» عن استماعه « ثم تاب الله عليهم» حين قتلوا أنفسهم « ثم عموا و صموا كثير منهم» بعد ما تاب الله عليهم و كثير بدل من الضمير « و الله بصير بما يعملون» فيؤاخذهم به « لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم» هم اليعقوبية القائلون بالإتحاد « و قال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي و ربكم» فإني لست بإله بل عبد مربوب مثلكم « إنه من يشرك بالله»

تفسير شبر ص :144

لَقَدْ كفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَوَ قَالَ الْمَسِيحُ يَبَنى إِسرءِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبى وَ رَبَّكمْإِنَّهُ مَن يُشرِك بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَ مَأْوَاهُ النَّارُوَ مَا لِلظلِمِينَ مِنْ أَنصارٍ(72) لَّقَدْ كفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِث ثَلَثَةٍوَ مَا مِنْ إِلَهٍ إِلا إِلَهٌ وَحِدٌوَ إِن لَّمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ‏(73) أَ فَلا يَتُوبُونَ إِلى اللَّهِ وَ يَستَغْفِرُونَهُوَ اللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ‏(74) مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلا رَسولٌ قَدْ خَلَت مِن قَبْلِهِ الرُّسلُ وَ أُمُّهُ صِدِّيقَةٌكانَا يَأْكلانِ الطعَامَانظرْ كيْف نُبَينُ لَهُمُ الاَيَتِ ثُمَّ انظرْ أَنى يُؤْفَكُونَ‏(75) قُلْ أَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لا يَمْلِك لَكمْ ضرًّا وَ لا نَفْعاًوَ اللَّهُ هُوَ السمِيعُ الْعَلِيمُ‏(76) قُلْ يَأَهْلَ الْكتَبِ لا تَغْلُوا فى دِينِكمْ غَيرَ الْحَقّ‏ِ وَ لا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضلُّوا مِن قَبْلُ وَ أَضلُّوا كثِيراً وَ ضلُّوا عَن سوَاءِ السبِيلِ‏(77) لُعِنَ الَّذِينَ كفَرُوا مِن بَنى إِسرءِيلَ عَلى لِسانِ دَاوُدَ وَ عِيسى ابْنِ مَرْيَمَذَلِك بِمَا عَصوا وَّ كانُوا يَعْتَدُونَ‏(78) كانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكرٍ فَعَلُوهُلَبِئْس مَا كانُوا يَفْعَلُونَ‏(79) تَرَى كثِيراً مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كفَرُوالَبِئْس مَا قَدَّمَت لهَُمْ أَنفُسهُمْ أَن سخِط اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَ فى الْعَذَابِ هُمْ خَلِدُونَ‏(80) وَ لَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ النَّبىّ‏ِ وَ مَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَ لَكِنَّ كثِيراً مِّنهُمْ فَسِقُونَ‏(81) × لَتَجِدَنَّ أَشدَّ النَّاسِ عَدَوَةً لِّلَّذِينَ ءَامَنُوا الْيَهُودَ وَ الَّذِينَ أَشرَكُواوَ لَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ ءَامَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصرَىذَلِك بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسيسِينَ وَ رُهْبَاناً وَ أَنَّهُمْ لا يَستَكبرُونَ‏(82)

في عبادة غيره « فقد حرم الله عليه الجنة و مأواه النار و ما للظالمين من أنصار» أي ما لهم ناصر و عبر بالظاهر إيذانا بأنهم ظلموا بإشراكهم و هو من قول عيسى أو كلام الله « لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث» آلهة « ثلاثة» أي أحدها و الآخران عيسى و أمه « و ما» في الوجود « من إله إلا إله واحد و إن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم» من للبيان و عدل عن و ليمسنهم تكريرا للشهادة بكفرهم أو للتبعيض أي الذين بقوا منهم على الكفر لأن منهم من تاب « عذاب أليم» مؤلم « أ فلا يتوبون إلى الله» مما هم فيه « و يستغفرونه» يوحدونه « و الله غفور رحيم» ترغيب لهم « ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت» مضت « من قبله الرسل» فهو مثلهم ليس بإله « و أمه صديقة» بين غاية كمالهما و أنه لا يوجب إلهيتهما ثم بين نقصهما المنافي للألوهية بقوله « كانا يأكلان الطعام» و يحتاجان إليه كغيرهما « انظر كيف نبين لهم الآيات» الدالة على بطلان قولهم « ثم انظر أنى يؤفكون» كيف يصرفون عن تدبرها « قل أ تعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرا و لا نفعا» يعني عيسى فإنه كسائر عباد الله لا يملك لنفسه نفعا و لا ضرا إلا بتمليك الله فكيف لغيره ، و عبر عنه بما تبعيدا له عن مرتبة الألوهية و قدم الضر لأن التحرز عنه أهم من تحري النفع « و الله هو السميع» للأقوال « العليم» بالأحوال « قل يا أهل الكتاب لا تغلوا» لا تجاوزوا الحق « في دينكم» غلوا « غير الحق» فترفعوا عيسى و تجعلوه إلها أو تضعوه و تجعلوه لغير رشدة .

أو خطاب للنصارى فقط « و لا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا» عن الحق و هم أسلافهم « من قبل» قبل بعث محمد « و أضلوا كثيرا» تبعهم في ضلالهم « و ضلوا» حين بعثه (صلى‏الله‏عليه‏وآله‏وسلّم‏) فكذبوه « عن سواء السبيل» الطريق المستقيم أي الإسلام « لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود و عيسى ابن مريم» لعن داود أهل أيلة حين اعتدوا في السبت فمسخوا قردة و لعن عيسى أصحاب المائدة حين كفروا فمسخوا خنازير « ذلك» اللعن « بما عصوا و كانوا يعتدون» بسبب عصيانهم و اعتدائهم « كانوا لا يتناهون» لا ينهى بعضهم بعضا أو لا ينتهون « عن منكر فعلوه» عن معاودته أو عن مثله « لبئس ما كانوا يفعلون» قسم مؤكد لذم فعلهم « ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا » يوالون المشركين بغضا لك « لبئس ما قدمت لهم أنفسهم» من الزاد لمعادهم « أن سخط الله عليهم و في العذاب هم خالدون و لو كانوا يؤمنون بالله و النبي» محمد أو موسى « و ما أنزل إليه» القرآن أو التوراة « ما اتخذوهم أولياء» لمنع الإيمان ذلك « و لكن كثيرا منهم فاسقون» خارجون عن الإيمان « لتجدن أشد الناس عداوة للذين ءامنوا اليهود و الذين أشركوا» لتضاعف كفرهم و فرط بغضهم للحق و حسدهم للنبي « و لتجدن أقربهم مودة للذين ءامنوا الذين قالوا إنا نصارى»

تفسير شبر ص :145

لَتَجِدَنَّ أَشدَّ النَّاسِ عَدَوَةً لِّلَّذِينَ ءَامَنُوا الْيَهُودَ وَ الَّذِينَ أَشرَكُواوَ لَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ ءَامَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصرَىذَلِك بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسيسِينَ وَ رُهْبَاناً وَ أَنَّهُمْ لا يَستَكبرُونَ‏(82) وَ إِذَا سمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلى الرَّسولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيض مِنَ الدَّمْع مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقّ‏ِيَقُولُونَ رَبَّنَا ءَامَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشهِدِينَ‏(83) وَ مَا لَنَا لا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ مَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقّ‏ِ وَ نَطمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصلِحِينَ‏(84) فَأَثَبَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّتٍ تجْرِى مِن تحْتِهَا الأَنْهَرُ خَلِدِينَ فِيهَاوَ ذَلِك جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ‏(85) وَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ كذَّبُوا بِئَايَتِنَا أُولَئك أَصحَب الجَْحِيمِ‏(86) يَأَيهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لا تحَرِّمُوا طيِّبَتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَ لا تَعْتَدُواإِنَّ اللَّهَ لا يحِب الْمُعْتَدِينَ‏(87) وَ كلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَلاً طيِّباًوَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِى أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ‏(88) لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فى أَيْمَنِكُمْ وَ لَكِن يُؤَاخِذُكم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَنَفَكَفَّرَتُهُ إِطعَامُ عَشرَةِ مَسكِينَ مِنْ أَوْسطِ مَا تُطعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسوَتُهُمْ أَوْ تحْرِيرُ رَقَبَةٍفَمَن لَّمْ يجِدْ فَصِيَامُ ثَلَثَةِ أَيَّامٍذَلِك كَفَّرَةُ أَيْمَنِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْوَ احْفَظوا أَيْمَنَكُمْكَذَلِك يُبَينُ اللَّهُ لَكُمْ ءَايَتِهِ لَعَلَّكمْ تَشكُرُونَ‏(89) يَأَيهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِنَّمَا الخَْمْرُ وَ الْمَيْسرُ وَ الأَنصاب وَ الأَزْلَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشيْطنِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ‏(90)

لميلهم إلى الإسلام « ذلك» أي قرب مودتهم « بأن» بسبب أن « منهم قسيسين و رهبانا» علماء و عبادا « و أنهم لا يستكبرون» عن اتباع الحق أو يتواضعون ، قيل هم النجاشي و أصحابه هاجر إليهم جعفر بن أبي طالب و أصحابه و وصف لهم النبي و دينه و تلا عليهم سورة مريم فآمنوا « و إذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول» من القرآن « ترى أعينهم تفيض من الدمع» لرقة قلوبهم « مما عرفوا من الحق يقولون ربنا ءامنا» بنبيك و كتابك « فاكتبنا مع الشاهدين» بنبوته أو من أمته الشاهدين على الأمم يوم القيامة « و ما لنا لا نؤمن بالله و ما جاءنا من الحق و نطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين فأثابهم الله بما قالوا جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها و ذلك جزاء المحسنين» الموحدين « و الذين كفروا و كذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم» في ذكر أحوال المصدقين بالآيات و تعقيبه بحال المكذبين بها ترغيب و ترهيب « يا أيها الذين ءامنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم» مستلذاته لعله تعالى لما مدح النصارى على ترهبهم عقبه بالنهي عن الإفراط في ذلك ، و روي أنه (صلى‏الله‏عليه‏وآله‏وسلّم‏) وصف القيامة فبالغ فهم قوم من الصحابة أن يلازموا الصيام و القيام و يجانبوا الفرش و النساء فيسيحوا في الأرض فبلغ ذلك النبي فقال : إني لم أومر بذلك إن لأنفسكم عليكم حقا فإني أقوم و أنام و أصوم و أفطر و آكل اللحم و آتي النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني و نزلت « و لا تعتدوا» حدوده بتحريم الحلال و بالعكس « إن الله لا يحب المعتدين و كلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا و اتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون لا يؤاخذكم الله باللغو» الكائن « في أيمانكم» هو الحلف بلا قصد : كلا و الله و بلى و الله أو على ما أظن أنه كذلك و لم يكن أي لا يؤاخذكم به بعقاب و لا كفارة « و لكن يؤاخذكم بما عقدتم» وثقتم « الأيمان» عليه إذا حنثتم ، أو بنقض ما عقدتم و قرى‏ء عاقدتم « فكفارته» كفارة نكثه « إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم» و يجزي الأعلى « أو كسوتهم» عطف على إطعام و هو مسماها كثوب يواري العورة و قيل ثوبان « أو تحرير رقبة» إعتاقها و ظاهره إجزاء كل رقبة و اشترط بعض إيمانها و أو للتخيير الواجب إحدى الخصال الثلاث مطلقا و التعيين للمكفر « فمن لم يجد» إحداها « فصيام ثلاثة أيام ذلك» المذكور « كفارة أيمانكم إذا حلفتم» و حنثتم « و احفظوا أيمانكم» أن تنكثوها « كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون» نعمه بتبيين الأحكام « يا أيها الذين ءامنوا إنما الخمر و الميسر» القمار « و الأنصاب» الأصنام التي نصبت للعبادة « و الأزلام» القداح التي يستقسمون بها « رجس» خبيث مستقذر « من عمل الشيطان» لأنه بتزيينه « فاجتنبوه» أي الرجس أو التعاطي « لعلكم تفلحون» باجتنابه أكد تحريم الخمر و الميسر بحصرهما في الرجس و قرنهما بالأصنام

تفسير شبر ص :146

إِنَّمَا يُرِيدُ الشيْطنُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَوَةَ وَ الْبَغْضاءَ فى الخَْمْرِ وَ الْمَيْسرِ وَ يَصدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَ عَنِ الصلَوةِفَهَلْ أَنتُم مُّنتهُونَ‏(91) وَ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسولَ وَ احْذَرُوافَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلى رَسولِنَا الْبَلَغُ الْمُبِينُ‏(92) لَيْس عَلى الَّذِينَ ءَامَنُوا وَ عَمِلُوا الصلِحَتِ جُنَاحٌ فِيمَا طعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَّ ءَامَنُوا وَ عَمِلُوا الصلِحَتِ ثُمَّ اتَّقَوا وَّ ءَامَنُوا ثُمَّ اتَّقَوا وَّ أَحْسنُواوَ اللَّهُ يحِب المُْحْسِنِينَ‏(93) يَأَيهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشىْ‏ءٍ مِّنَ الصيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَ رِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يخَافُهُ بِالْغَيْبِفَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِك فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ‏(94) يَأَيهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لا تَقْتُلُوا الصيْدَ وَ أَنتُمْ حُرُمٌوَ مَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيَا بَلِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّرَةٌ طعَامُ مَسكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِك صِيَاماً لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِعَفَا اللَّهُ عَمَّا سلَفوَ مَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُوَ اللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ‏(95)

و الأزلام و جعلهما من عمل الشيطان و الأمر باجتنابهما و جعله من الفلاح و بيان مفاسدهما في الدنيا و الدين « إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة و البغضاء في الخمر و الميسر» لما يحصل فيهما من الشرور و الفتن « و يصدكم» بالاشتغال بهما « عن ذكر الله و عن الصلاة» و إنما خص الخمر و الميسر بإعادة الذكر تنبيها على أنهما المقصودان بالبيان و أن الأنصاب و الأزلام مذكوران بالتبع للدلالة على أنهما مثلهما و أفرد الصلاة بالذكر مع أن الذكر يعمها للإشعار بتعظيمها و بأنها عماد الدين و بأن الصاد عنها كالصاد عن الإيمان « فهل أنتم منتهون» عنهما بعد بيان ما فيهما من الصوارف و هو أبلغ من فانتهوا « و أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و احذروا» عصيانهما « فإن توليتم» عن الطاعة « فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين» لا يضره توليكم و إنما يضركم « ليس على الذين ءامنوا و عملوا الصالحات جناح فيما طعموا» من الحلال و المستلذات « إذا ما اتقوا» المحرم « و ءامنوا و عملوا الصالحات» و ثبتوا على الإيمان و العمل الصالح « ثم اتقوا و ءامنوا» ثبتوا على التقوى و الإيمان « ثم اتقوا» ثبتوا على اتقاء المعاصي « و أحسنوا» عملهم قيل لما نزل تحريم الخمر قالت الصحابة للنبي كيف إخواننا الذين ماتوا و هم يشربون الخمر و يأكلون الميسر فنزلت .

و قيل في الذين تعاهدوا على ترك الطيبات « و الله يحب المحسنين» يثيبهم و يكرمهم « يا أيها الذين ءامنوا ليبلونكم الله» في حال إحرامكم « بشي‏ء من الصيد تناله أيديكم» كالبيض و الفراخ « و رماحكم» هو كبار الصيد « ليعلم الله من يخافه بالغيب» ليتميز من يخاف عقابه غائبا في الآخرة فيتجنب الصيد ممن لا يخافه فيقدم عليه « فمن اعتدى» فصاد « بعد ذلك» الابتلاء « فله عذاب أليم» مر في إبهامه تشديدا لحال الصيد « يا أيها الذين ءامنوا لا تقتلوا الصيد» المحلل و بعض المحرم كالثعلب و الأرنب و الضب و اليربوع و القنفذ و القمل « و أنتم حرم» جمع حرام بمعنى محرم « و من قتله منكم متعمدا» ذاكرا للإحرام و الحرمة و مثله الناسي و المخطى‏ء ، ذكر المتعمد لنزولها فيه و هو أبو البشر قتل حمار وحش برمحه محرما « فجزاء مثل ما قتل» أي فعليه جزاء مماثل ما قتله « من النعم» صفة للجزاء أو تفسير المثل « يحكم به» أي بمثل ما قتل « ذوا عدل منكم» مسلمان عادلان فقيهان يعرفان المماثل في الخلقة و قرأ الباقر و الصادق ذو عدل و فسراه بالإمام « هديا» حال من الهاء في به أو من جزاء « بالغ الكعبة» صفة هديا أو إضافة لفظية ، قيل بلوغه الكعبة : ذبحه في الحرم و التصدق به ، و عندنا ذبحه بفناء الكعبة في الجزورة و التصدق به فيها للمعتمر و بمنى كذلك للحاج « أو كفارة» عطف على جزاء « طعام مساكين» عطف بيان أو خبر محذوف أي يكفر بإطعام مساكين ما يساوي قيمة الهدي « أو عدل» أو مساوي « ذلك» الطعام « صياما» تمييز عدل فيصوم عن طعام كل مسكين يوما « ليذوق وبال أمره» أي فعليه كذا ليذوق ثقل جزاء فعله « عفا الله عما سلف» من قتل الصيد محرما أول مرة

تفسير شبر ص :147

يَأَيهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لا تَقْتُلُوا الصيْدَ وَ أَنتُمْ حُرُمٌوَ مَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيَا بَلِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّرَةٌ طعَامُ مَسكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِك صِيَاماً لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِعَفَا اللَّهُ عَمَّا سلَفوَ مَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُوَ اللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ‏(95) أُحِلَّ لَكُمْ صيْدُ الْبَحْرِ وَ طعَامُهُ مَتَعاً لَّكُمْ وَ لِلسيَّارَةِوَ حُرِّمَ عَلَيْكُمْ صيْدُ الْبرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماًوَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِى إِلَيْهِ تحْشرُونَ‏(96) × جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْت الْحَرَامَ قِيَماً لِّلنَّاسِ وَ الشهْرَ الْحَرَامَ وَ الهَْدْى وَ الْقَلَئدَذَلِك لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فى السمَوَتِ وَ مَا فى الأَرْضِ وَ أَنَّ اللَّهَ بِكلّ‏ِ شىْ‏ءٍ عَلِيمٌ‏(97) اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شدِيدُ الْعِقَابِ وَ أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ‏(98) مَّا عَلى الرَّسولِ إِلا الْبَلَغُوَ اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَ مَا تَكْتُمُونَ‏(99) قُل لا يَستَوِى الْخَبِيث وَ الطيِّب وَ لَوْ أَعْجَبَك كَثرَةُ الْخَبِيثِفَاتَّقُوا اللَّهَ يَأُولى الأَلْبَبِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ‏(100) يَأَيهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لا تَسئَلُوا عَنْ أَشيَاءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسؤْكُمْ وَ إِن تَسئَلُوا عَنهَا حِينَ يُنزَّلُ الْقُرْءَانُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنهَاوَ اللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ‏(101) قَدْ سأَلَهَا قَوْمٌ مِّن قَبْلِكمْ ثُمَّ أَصبَحُوا بهَا كَفِرِينَ‏(102) مَا جَعَلَ اللَّهُ مِن بحِيرَةٍ وَ لا سائبَةٍ وَ لا وَصِيلَةٍ وَ لا حَامٍوَ لَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْترُونَ عَلى اللَّهِ الْكَذِبوَ أَكْثرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ‏(103)

مع الجزاء أو قبل التحريم أو في الجاهلية « و من عاد» إلى ذلك « فينتقم» فهو ممن ينتقم « الله منه» و عنهم (عليهم‏السلام‏) : ليس عليه الكفارة إن أصابه ثانيا متعمدا بل هو ممن ينتقم الله منه و إن أصاب خطأ فعليه الكفارة و إن عاد مرارا « و الله عزيز ذو انتقام» ممن عصاه « أحل لكم صيد البحر» مصيداته أن ينتفعوا به مما يؤكل و مما لا يؤكل « و طعامه» ما يطعم من صيده أي و أحل لكم المأكول منه و هو السمك أو المراد و أحل لكم صيد حيوان البحر و أن تطعموه « متاعا لكم» مفعول له أي تمتيعا لكم « و للسيارة» أي مسافريكم يتزودونه قديدا « و حرم عليكم صيد البر» ما صيد فيه مما يفرخ فيه « ما دمتم حرما» محرمين و إن صاده محل عندنا « و اتقوا الله الذي إليه تحشرون» للجزاء « جعل الله الكعبة البيت الحرام» عطف بيان « قياما للناس» أي ما يقوم به أمر دينهم بحجة و دنياهم بأمن داخله و ربح التجارة عنده و قرى‏ء قيما مصدر قام « و الشهر الحرام» لامه للجنس أي الأشهر الحرم الأربعة « و الهدي و القلائد» فسرا في أول السورة « ذلك» الجعل « لتعلموا أن الله يعلم ما في السموات و ما في الأرض و أن الله بكل شي‏ء عليم» فإن من تأمل في أعمال الحج و شرائعه علم أن فيها حكما و مصالح لا تحصى و أن شارعها هو الحكيم الخبير « اعلموا أن الله شديد العقاب» لمن عصاه « و أن الله غفور» لمن تاب « رحيم» به « ما على الرسول إلا البلاغ» و قد فعل و قامت عليكم الحجة فلا عذر لكم في التفريط « و الله يعلم ما تبدون و ما تكتمون» من الأعمال فاحذروه « قل لا يستوي» عند الله « الخبيث و الطيب» حرام المال و حلاله و صالح العمل و طالحه « و لو أعجبك» أيها السامع « كثرة الخبيث» فإن قليل الطيب خير من كثير الخبيث « فاتقوا الله» و أدوا ما هو خير « يا أولي الألباب لعلكم تفلحون» لتفوزوا بالثواب « يا أيها الذين ءامنوا لا تسئلوا عن أشياء» لم تبرز لكم « إن تبد لكم تسؤكم » تغمكم « و إن تسئلوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم» و إذا ظهرت غمتكم فلا تسألوا عنها « عفا الله عنها» عن مسألتكم التي سلفت فلا تعودوا « و الله غفور» للذنوب « حليم» لا يعجل العقوبة « قد سألها» أي الأشياء بحذف عن أو المسألة بقرينة تسألوا « قوم من قبلكم» فأجيبوا ببيانها « ثم أصبحوا بها كافرين» أي بسببها إذ لم يقبلوها « ما جعل الله» رد لبدع الجاهلية أي ما شرع « من بحيرة» من مزيدة « و لا سائبة و لا وصيلة و لا حام» قيل كانوا إذا أنتجت الناقة خمسة أبطن آخرها ذكر بحروا أذنها أي شقوها و حرموا ركوبها و حلبها و كان الرجل يقول : إن قدمت فناقتي سائبة و يحرم منافعها كالبحيرة و إذا ولدت الشاة أنثى كانت لهم و إن ولدت ذكرا كانت لآلهتهم و إن ولدتهما لم يذبحوا الذكر لها إذا وصلته أخته و إذا أنتج من الفحل عشرة أبطن حرموا ظهره و قالوا : حمى ظهره و لم يمنع ماء و لا مرعى « و لكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب» بنسبة ذلك إليه « و أكثرهم لا يعقلون» أن ذلك افتراء لأنهم قلدوا كبارهم

تفسير شبر ص :148

وَ إِذَا قِيلَ لهَُمْ تَعَالَوْا إِلى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَ إِلى الرَّسولِ قَالُوا حَسبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ ءَابَاءَنَاأَ وَ لَوْ كانَ ءَابَاؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شيْئاً وَ لا يهْتَدُونَ‏(104) يَأَيهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسكُمْلا يَضرُّكُم مَّن ضلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْإِلى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ‏(105) يَأَيهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا شهَدَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْت حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ أَوْ ءَاخَرَانِ مِنْ غَيرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضرَبْتُمْ فى الأَرْضِ فَأَصبَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِتحْبِسونَهُمَا مِن بَعْدِ الصلَوةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشترِى بِهِ ثَمَناً وَ لَوْ كانَ ذَا قُرْبىوَ لا نَكْتُمُ شهَدَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذاً لَّمِنَ الاَثِمِينَ‏(106) فَإِنْ عُثرَ عَلى أَنَّهُمَا استَحَقَّا إِثْماً فَئَاخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ استَحَقَّ عَلَيهِمُ الأَوْلَيَنِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشهَدَتُنَا أَحَقُّ مِن شهَدَتِهِمَا وَ مَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذاً لَّمِنَ الظلِمِينَ‏(107) ذَلِك أَدْنى أَن يَأْتُوا بِالشهَدَةِ عَلى وَجْهِهَا أَوْ يخَافُوا أَن تُرَدَّ أَيمَنُ بَعْدَ أَيْمَنهِمْوَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ اسمَعُواوَ اللَّهُ لا يهْدِى الْقَوْمَ الْفَسِقِينَ‏(108) × يَوْمَ يجْمَعُ اللَّهُ الرُّسلَ فَيَقُولُ مَا ذَا أُجِبْتُمْقَالُوا لا عِلْمَ لَنَاإِنَّك أَنت عَلَّمُ الْغُيُوبِ‏(109) إِذْ قَالَ اللَّهُ يَعِيسى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكرْ نِعْمَتى عَلَيْك وَ عَلى وَلِدَتِك إِذْ أَيَّدتُّك بِرُوح الْقُدُسِ تُكلِّمُ النَّاس فى الْمَهْدِ وَ كهْلاًوَ إِذْ عَلَّمْتُك الْكتَب وَ الحِْكْمَةَ وَ التَّوْرَاةَ وَ الانجِيلَوَ إِذْ تخْلُقُ مِنَ الطينِ كَهَيْئَةِ الطيرِ بِإِذْنى فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طيرَا بِإِذْنىوَ تُبرِئُ الأَكمَهَ وَ الأَبْرَص بِإِذْنىوَ إِذْ تخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنىوَ إِذْ كفَفْت بَنى إِسرءِيلَ عَنك إِذْ جِئْتَهُم بِالْبَيِّنَتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنهُمْ إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُّبِينٌ‏(110)

« و إذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله و إلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا» من الدين و تمسكهم بالتقليد دليل نقص عقلهم « أ و لو» همزة إنكار دخلت على واو الحال أي حسبهم ذلك و لو « كان ءاباؤهم لا يعلمون شيئا» من الحق « و لا يهتدون» إليه « يا أيها الذين ءامنوا عليكم أنفسكم» الزموا صلاحها و نصب أنفسكم بعليكم لأنه اسم لالزموا « لا يضركم من ضل» أي الضلال « إذا اهتديتم إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم تعملون» فيجازي كلا بعمله « يا أيها الذين ءامنوا شهادة بينكم» أي الأشهاد الذي شرع بينكم و أضيفت إلى الظرف اتساعا « إذا حضر أحدكم الموت» أي أسبابه ظرف للشهادة « حين الوصية» بدل منه « اثنان» خبر شهادة بحذف مضاف أو فاعلها أي عليكم أن يشهد اثنان « ذوا عدل منكم» مسلمان و هما صفتان « أو آخران» عطف على اثنان و ظاهره اعتبار عدالتهما في دينهما « من غيركم» من أهل الذمة و لا تسمع شهادتهم إلا في هذه القضية عندنا « إن أنتم ضربتم» سافرتم « في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت» أي قاربتم و الجزاء محذوف دل عليه أو آخران « تحبسونهما» تقفونهما صفة آخران و الشرط اعتراض يفيد أنه لا يعدل عن المسلمين إلا إذا تعذر مطلقا أو في سفر فقط « من بعد الصلاة» صلاة العصر كما روي لاجتماع الناس حينئذ أو أي صلاة « فيقسمان بالله إن ارتبتم» إن ارتاب الوارث و هو اعتراض يخصص القسم بحال الريبة « لا نشتري به» لا نستبدل بالقسم أو بالله « ثمنا» عوضا من الدنيا بأن يحلف به كاذبا لأجله « و لو كان» المقسم له « ذا قربى» قريبا منا « و لا نكتم شهادة الله» التي أمرنا بأدائها « إنا إذا لمن الآثمين» أي إن كتمنا « فإن عثر» اطلع « على أنهما استحقا إثما» بخيانة و تحريف « فآخران يقومان مقامهما» في الحلف « من الذين استحق عليهم» جي‏ء عليهم و هم الورثة الأوليان الأحقان بالشهادة خبر محذوف أي هما « الأوليان فيقسمان بالله لشهادتنا أحق» أصدق « من شهادتهما و ما اعتدينا» و ما تجاوزنا الحق فيها « إنا إذا» إذا اعتدينا « لمن الظالمين» أنفسهم « ذلك» الحكم المذكور « أدنى» أقرب إلى « أن يأتوا بالشهادة على وجهها أو يخافوا» أدنى إلى أن يخافوا « أن ترد أيمان بعد أيمانهم» على الورثة المدعين فيحلفوا على كذبهم فيفتضحوا « و اتقوا الله» أن تكذبوا أو تخونوا « و اسمعوا» وصية سماع قبول « و الله لا يهدي القوم الفاسقين» الخارجين عن طاعته إلى حجته أو الجنة « يوم يجمع الله الرسل» ظرف لأذكر مضمرا « فيقول» لهم توبيخا لقومهم « ما ذا» في موضع المصدر أي إجابة « أجبتم قالوا» تشكيا و ردا للأمر إلى علمه بما كابدوا منهم « لا علم لنا» بما أنت تعلمه أي لا حاجة إلى شهادتنا « إنك أنت علام الغيوب إذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك و على والدتك إذ أيدتك بروح القدس»

تفسير شبر ص :149

إِذْ قَالَ اللَّهُ يَعِيسى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكرْ نِعْمَتى عَلَيْك وَ عَلى وَلِدَتِك إِذْ أَيَّدتُّك بِرُوح الْقُدُسِ تُكلِّمُ النَّاس فى الْمَهْدِ وَ كهْلاًوَ إِذْ عَلَّمْتُك الْكتَب وَ الحِْكْمَةَ وَ التَّوْرَاةَ وَ الانجِيلَوَ إِذْ تخْلُقُ مِنَ الطينِ كَهَيْئَةِ الطيرِ بِإِذْنى فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طيرَا بِإِذْنىوَ تُبرِئُ الأَكمَهَ وَ الأَبْرَص بِإِذْنىوَ إِذْ تخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنىوَ إِذْ كفَفْت بَنى إِسرءِيلَ عَنك إِذْ جِئْتَهُم بِالْبَيِّنَتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنهُمْ إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُّبِينٌ‏(110) وَ إِذْ أَوْحَيْت إِلى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ ءَامِنُوا بى وَ بِرَسولى قَالُوا ءَامَنَّا وَ اشهَدْ بِأَنَّنَا مُسلِمُونَ‏(111) إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَعِيسى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَستَطِيعُ رَبُّك أَن يُنزِّلَ عَلَيْنَا مَائدَةً مِّنَ السمَاءِقَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِن كنتُم مُّؤْمِنِينَ‏(112) قَالُوا نُرِيدُ أَن نَّأْكلَ مِنهَا وَ تَطمَئنَّ قُلُوبُنَا وَ نَعْلَمَ أَن قَدْ صدَقْتَنَا وَ نَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشهِدِينَ‏(113) قَالَ عِيسى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائدَةً مِّنَ السمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لأَوَّلِنَا وَ ءَاخِرِنَا وَ ءَايَةً مِّنكوَ ارْزُقْنَا وَ أَنت خَيرُ الرَّزِقِينَ‏(114) قَالَ اللَّهُ إِنى مُنزِّلُهَا عَلَيْكُمْفَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنى أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِّنَ الْعَلَمِينَ‏(115) وَ إِذْ قَالَ اللَّهُ يَعِيسى ابْنَ مَرْيَمَ ءَ أَنت قُلْت لِلنَّاسِ اتخِذُونى وَ أُمِّىَ إِلَهَينِ مِن دُونِ اللَّهِقَالَ سبْحَنَك مَا يَكُونُ لى أَنْ أَقُولَ مَا لَيْس لى بِحَقٍإِن كُنت قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُتَعْلَمُ مَا فى نَفْسى وَ لا أَعْلَمُ مَا فى نَفْسِكإِنَّك أَنت عَلَّمُ الْغُيُوبِ‏(116) مَا قُلْت لهَُمْ إِلا مَا أَمَرْتَنى بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبى وَ رَبَّكُمْوَ كُنت عَلَيهِمْ شهِيداً مَّا دُمْت فِيهِمْفَلَمَّا تَوَفَّيْتَنى كُنت أَنت الرَّقِيب عَلَيهِمْوَ أَنت عَلى كلّ‏ِ شىْ‏ءٍ شهِيدٌ(117) إِن تُعَذِّبهُمْ فَإِنهُمْ عِبَادُكوَ إِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّك أَنت الْعَزِيزُ الحَْكِيمُ‏(118) قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصدِقِينَ صِدْقُهُمْلهَُمْ جَنَّتٌ تجْرِى مِن تحْتِهَا الأَنْهَرُ خَلِدِينَ فِيهَا أَبَداًرَّضىَ اللَّهُ عَنهُمْ وَ رَضوا عَنْهُذَلِك الْفَوْزُ الْعَظِيمُ‏(119) للَّهِ مُلْك السمَوَتِ وَ الأَرْضِ وَ مَا فِيهِنَّوَ هُوَ عَلى كلّ‏ِ شىْ‏ءٍ قَدِيرُ(120)

جبرئيل أو ملك أعظم منه أو روحك المطهرة من الأدناس « تكلم الناس في المهد» طفلا « و كهلا» بلا تفاوت في كمال العقل « و إذ علمتك الكتاب و الحكمة و التوراة و الإنجيل و إذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني و تبرى‏ء الأكمه و الأبرص بإذني و إذ تخرج الموتى بإذني» فسر في آل عمران « و إذ كففت بني إسرائيل» اليهود « عنك» عن قتلك « إذ جئتهم بالبينات» المعجزات « فقال الذين كفروا منهم إن» ما « هذا» الذي جئت به « إلا سحر مبين و إذ أوحيت إلى الحواريين» أمرتهم على ألسنة رسلي « أن ءامنوا بي و برسولي» أن مصدرية أو مفسرة « قالوا ءامنا و اشهد بأننا مسلمون» مخلصون « إذ قال الحواريون» معمول لاذكر مضمرا « يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء قال اتقوا الله» أن تقترحوا عليه « إن كنتم مؤمنين» كما ادعيتم « قالوا نريد» سؤالها من أجل « أن نأكل منها و تطمئن قلوبنا» تسكن بزيادة اليقين « و نعلم أن» مخففة « قد صدقتنا» في ادعاء الرسالة « و نكون عليها من الشاهدين» لله بالوحدانية و لك بالرسالة عند من لم يحضرها « قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا» قال كان يوم نزولها يوم عيد الأحد « لأولنا» أهل زماننا بدل من لنا بإعادة الجار « و آخرنا» من يأتي بعدنا « و آية» كائنة « منك» على قدرتك « و ارزقنا» إياها أو شكرها « و أنت خير الرازقين قال الله» مجيبا لهم « إني منزلها» بالتخفيف و التشديد « عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه» الهاء للمصدر « أحدا من العالمين» فنزلت الملائكة بها عليها سبعة أرغفة و سبعة أحوات فأكلوا منها ، و روي أنها كانت تنزل فيأكلون منها ثم ترفع فمنع مترفوهم سفلتهم منها فرفعت ببغيهم و مسخوا قردة و خنازير « و إذ قال الله يا عيسى ابن مريم أ أنت قلت للناس اتخذوني و أمي إلهين من دون الله قال سبحانك» تنزيها لك أن يكون لك شريك « ما يكون » ما ينبغي « لي أن أقول ما ليس لي بحق» أن أقول قولا لا يحق لي أن أقوله « إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي و لا أعلم ما في نفسك» أي معلوماتك و ذكر النفس للمشاكلة « إنك أنت علام الغيوب» يقرر الجملتين منطوقا و مفهوما « ما قلت لهم إلا ما أمرتني به » أقر بأنه عبد مأمور « أن اعبدوا الله ربي و ربكم و كنت عليهم شهيدا» رقيبا أمنعهم أن يقولوا ذلك « ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم» تحفظ أعمالهم و تطلع على حالهم « و أنت على كل شي‏ء شهيد» مطلع عالم به « إن تعذبهم فإنهم عبادك» الأحقاء بالعذاب إذ عبدوا غيرك « و إن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم» المنيع القادر على الثواب و العقاب بمقتضى الحكم « قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم» بعملهم « و رضوا عنه» بثوابه « ذلك» أي ما عدد من النفع هو « الفوز العظيم» إذ فيه سعادة الأبد « لله ملك السموات و الأرض و ما فيهن» من ذلك عيسى و أمه و غلب غير العقلاء لفرط بعدهم عن رتبة الألوهية « و هو على كل شي‏ء قدير» .

/ 1