إلا آية الذين يجتنبون .بِسمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَ النَّجْمِ إِذَا هَوَى(1) مَا ضلَّ صاحِبُكمْ وَ مَا غَوَى(2) وَ مَا يَنطِقُ عَنِ الهَْوَى(3) إِنْ هُوَ إِلا وَحْىٌ يُوحَى(4) عَلَّمَهُ شدِيدُ الْقُوَى(5)« بسم الله الرحمن الرحيم و النجم إذا هوى» الثريا أو جنس نجوم السماء إذا غرب أو انتشر في القيامة أو انقض أو نجوم القرآن إذا نزل أو النبات إذا سقط على الأرض « ما ضل» ما عدل « صاحبكم» محمد عن طريق الحق « و ما غوى» ما خاب عن إصابة الرشد « و ما ينطق» بما يؤديه إليكم « عن الهوى» عن التشهي « إن هو» ما الذي ينطق به « إلا وحي يوحى» إليه من الله « علمه» إياه ملك « شديد القوى» جمع قوة و هو جبرائيلتفسير شبر ص :492ذُو مِرَّةٍ فَاستَوَى(6) وَ هُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلى(7) ثمَّ دَنَا فَتَدَلى(8) فَكانَ قَاب قَوْسينِ أَوْ أَدْنى(9) فَأَوْحَى إِلى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى(10) مَا كَذَب الْفُؤَادُ مَا رَأَى(11) أَ فَتُمَرُونَهُ عَلى مَا يَرَى(12) وَ لَقَدْ رَءَاهُ نَزْلَةً أُخْرَى(13) عِندَ سِدْرَةِ المُْنتَهَى(14) عِندَهَا جَنَّةُ المَْأْوَى(15) إِذْ يَغْشى السدْرَةَ مَا يَغْشى(16) مَا زَاغَ الْبَصرُ وَ مَا طغَى(17) لَقَدْ رَأَى مِنْ ءَايَتِ رَبِّهِ الْكُبرَى(18) أَ فَرَءَيْتُمُ اللَّت وَ الْعُزَّى(19) وَ مَنَوةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى(20) أَ لَكُمُ الذَّكَرُ وَ لَهُ الأُنثى(21) تِلْك إِذاً قِسمَةٌ ضِيزَى(22) إِنْ هِىَ إِلا أَسمَاءٌ سمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَ ءَابَاؤُكم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بهَا مِن سلْطنٍإِن يَتَّبِعُونَ إِلا الظنَّ وَ مَا تَهْوَى الأَنفُسوَ لَقَدْ جَاءَهُم مِّن رَّبهِمُ الهُْدَى(23) أَمْ لِلانسنِ مَا تَمَنى(24) فَللَّهِ الاَخِرَةُ وَ الأُولى(25) × وَ كم مِّن مَّلَكٍ فى السمَوَتِ لا تُغْنى شفَعَتهُمْ شيْئاً إِلا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشاءُ وَ يَرْضى(26) إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالاَخِرَةِ لَيُسمُّونَ المَْلَئكَةَ تَسمِيَةَ الأُنثى(27) وَ مَا لهَُم بِهِ مِنْ عِلْمٍإِن يَتَّبِعُونَ إِلا الظنَّوَ إِنَّ الظنَّ لا يُغْنى مِنَ الحَْقِّ شيْئاً(28) فَأَعْرِض عَن مَّن تَوَلى عَن ذِكْرِنَا وَ لَمْ يُرِدْ إِلا الْحَيَوةَ الدُّنْيَا(29) ذَلِك مَبْلَغُهُم مِّنَ الْعِلْمِإِنَّ رَبَّك هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضلَّ عَن سبِيلِهِ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى(30)« ذو مرة» قوة عقلية أو جسمية فيراد بالأولى العقلية « فاستوى» استفهام على صورته الحقيقية « و هو» أي جبرئيل « بالأفق الأعلى» الشرقي « ثم دنا» من النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) « فتدلى» فنزل إليه « فكان» منه « قاب» مقدار « قوسين أو أدنى» في تقديركم « فأوحى» جبرائيل أو الله على لسانه « إلى عبده» محمد (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) « ما أوحى» جبرائيل أو الله إليه أو إلى جبرائيل و فيه تفخيم للموحى به « ما كذب الفؤاد ما رأى» أي فيما رأى من صورة جبرئيل أو ما أنكر فؤاده ما رآه ببصره « أ فتمارونه على ما يرى» تجادلونه عليه من المراء المجادلة « و لقد رءاه» أي جبرائيل على صورته « نزلة أخرى عند سدرة المنتهى» هي شجرة فوق السماء السابعة عن يمين العرش ينتهي إليها علم كل ملك أو ما ينزل من فوقها و يعرج من تحتها « عندها جنة المأوى» الجنة التي يأوي إليها المتقون « إذ يغشى السدرة ما يغشى» من النور و البهاء و الملائكة يسبحون الله عنده « ما زاغ البصر و ما طغى» ما مال بصر النبي عن المقصود و ما جاوز الحد المحدود « لقد رأى من ءايات ربه الكبرى» أي بعض آياته العظام من عجائب الملكوت أو صورة جبرائيل « أ فرأيتم اللات و العزى و منوة الثالثة» للمذكورين قبلها « الأخرى» صفة ذم أي المتأخرة الوضيعة و هي أصنام كانت لهم « أ لكم الذكر و له الأنثى» إنكار لزعمهم أن الملائكة بنات الله « تلك إذا قسمة ضيزى» جائرة إذ جعلتم له ما تكرهون و لكم ما تحبون « إن هي» ما الأصنام باعتبار الألوهية أو ما الصفة التي تصفونها بها « إلا أسماء سميتموها أنتم و ءاباؤكم» تشبيها « ما أنزل الله بها من سلطان» برهان تتمسكون به « إن يتبعون إلا الظن» الناشىء من التقليد و التوهم الباطل « و ما تهوى الأنفس» و ما تشتهيه أنفسهم « و لقد جاءهم من ربهم الهدى» الرسول و القرآن فرفضوه « أم للإنسان» أم منقطعة تضمنت الإنكار أي ليس لكل إنسان منهم « ما تمنى» من شفاعة الأصنام « فلله الآخرة و الأولى» فهو المعطي و المانع و لا حكم لأحد عليه « و كم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله» لهم أن يشفعوا « لمن يشاء» من عباده « و يرضى» عنه كقوله و لا يشفعون إلا لمن ارتضى فكيف تشفع الجمادات لعبدتها « إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة» أي كل فرد منهم « تسمية الأنثى» لقولهم بنات الله « و ما لهم به» بهذا القول « من علم إن يتبعون إلا الظن و إن الظن لا يغني من الحق شيئا» فإن الحق إنما يحصل بالعلم دون الظن و التخمين « فأعرض عن من تولى عن ذكرنا و لم يرد إلا الحيوة الدنيا» أي لا تهتم بشأنه « ذلك» أي طلب التمتع بالدنيا « مبلغهم من العلم» فلا اهتمام لهم إلا بالدنياتفسير شبر ص :493ذَلِك مَبْلَغُهُم مِّنَ الْعِلْمِإِنَّ رَبَّك هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضلَّ عَن سبِيلِهِ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى(30) وَ للَّهِ مَا فى السمَوَتِ وَ مَا فى الأَرْضِ لِيَجْزِى الَّذِينَ أَسئُوا بِمَا عَمِلُوا وَ يجْزِى الَّذِينَ أَحْسنُوا بِالحُْسنى(31) الَّذِينَ يجْتَنِبُونَ كَبَئرَ الاثْمِ وَ الْفَوَحِش إِلا اللَّمَمَإِنَّ رَبَّك وَسِعُ الْمَغْفِرَةِهُوَ أَعْلَمُ بِكمْ إِذْ أَنشأَكم مِّنَ الأَرْضِ وَ إِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فى بُطونِ أُمَّهَتِكُمْفَلا تُزَكُّوا أَنفُسكُمْهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى(32) أَ فَرَءَيْت الَّذِى تَوَلى(33) وَ أَعْطى قَلِيلاً وَ أَكْدَى(34) أَ عِندَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى(35) أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فى صحُفِ مُوسى(36) وَ إِبْرَهِيمَ الَّذِى وَفى(37) أَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى(38) وَ أَن لَّيْس لِلانسنِ إِلا مَا سعَى(39) وَ أَنَّ سعْيَهُ سوْف يُرَى(40) ثمَّ يجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأَوْفى(41) وَ أَنَّ إِلى رَبِّك الْمُنتهَى(42) وَ أَنَّهُ هُوَ أَضحَك وَ أَبْكَى(43) وَ أَنَّهُ هُوَ أَمَات وَ أَحْيَا(44) وَ أَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَينِ الذَّكَرَ وَ الأُنثى(45) مِن نُّطفَةٍ إِذَا تُمْنى(46) وَ أَنَّ عَلَيْهِ النَّشأَةَ الأُخْرَى(47) وَ أَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَ أَقْنى(48) وَ أَنَّهُ هُوَ رَب الشعْرَى(49) وَ أَنَّهُ أَهْلَك عَاداً الأُولى(50) وَ ثَمُودَا فَمَا أَبْقَى(51) وَ قَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُإِنهُمْ كانُوا هُمْ أَظلَمَ وَ أَطغَى(52) وَ الْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى(53) فَغَشاهَا مَا غَشى(54) فَبِأَى ءَالاءِ رَبِّك تَتَمَارَى(55) هَذَا نَذِيرٌ مِّنَ النُّذُرِ الأُولى(56)« إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله و هو أعلم بمن اهتدى» فيجازي كلا بما يستحقه « و لله ما في السموات و ما في الأرض» ملكا و خلقا « ليجزي الذين أساءوا بما عملوا» تعليل لما دل عليه ما قبله « و يجزي الذين أحسنوا بالحسنى» المثوبة الحسنى أي الجنة أو بسبب أعمالهم الحسنى « الذين يجتنبون كبائر الإثم و الفواحش» ما تزايد قبحه من الكبائر « إلا اللمم» و هو الصغائر و الاستثناء منقطع أي لكن اللمم يغفر لمجتنبي الكبائر « إن ربك واسع المغفرة» فيغفر ما دون الشرك لمن يشاء « هو أعلم بكم» بأحوالكم « إذ أنشأكم» حين ابتدأ خلقكم بخلق آدم « من الأرض و إذ أنتم أجنة» جمع جنين « في بطون أمهاتكم» في الأرحام « فلا تزكوا أنفسكم» لا تمدحوها إعجابا و رياء « هو أعلم بمن اتقى» بمن أطاع و أخلص العمل « أ فرأيت الذي تولى» عن الحق « و أعطى قليلا و أكدى» و قطع العطاء « أ عنده علم الغيب فهو يرى أم» بل « لم ينبأ بما في صحف موسى» أسفار التوراة « و إبراهيم» أي و صحف إبراهيم و قدم صحف موسى لشهرتها أو ليترتب على إبراهيم « الذي وفى» أتم ما أمر به و من ذلك صبره على ذبح ابنه و نار نمرود « ألا تزر وازرة وزر أخرى» لا تحمل نفس ذنب غيرها و لا ينافيه من قتل نفسا فكأنما قتل الناس و نحوه لأن ذلك فعل من التسبيب « و أن ليس للإنسان إلا ما سعى» إلا ثواب سعيه و ما ورد من نفع الميت بعمل غيره له فلابتنائه على سعيه و هو إيمانه فالعامل له كالنائب عنه « و أن سعيه سوف يرى» في الآخرة « ثم يجزاه الجزاء الأوفى» التام و الهاء لسعيه « و أن إلى ربك المنتهى» انتهاء الخلق و مصيرهم و روي إذا بلغ الكلام إلى الله فأمسكوا « و أنه هو أضحك و أبكى» فعل سبب الضحك و البكاء أو أقدر عليهما « و أنه هو أمات و أحيا» بخلقه الموت و الحياة و لا قدرة لغيره عليهما « و أنه خلق الزوجين» الصنفين « الذكر و الأنثى من نطفة إذا تمنى» تصب في الرحم « و أن عليه النشأة الأخرى» للبعث « و أنه هو أغنى» بالكفاية بالأموال « و أقنى» أعطى القنية و هو مال المتأثل « و أنه هو رب الشعرى» أي العبور عبدها خزاعة « و أنه أهلك عادا الأولى» هم قوم هود أبوهم عاد بن عوض و الأخرى عقبهم أو قوم صالح « و ثمود» و أهلك ثمود بالتنوين و عدمه « فما أبقى» الجمعين « و قوم نوح من قبل» أهلكهم قبل عاد و ثمود « إنهم كانوا هم أظلم و أطغى» من عاد و ثمود لإفراطهم في إيذائه مدة ألف سنة إلا خمسين عاما « و المؤتفكة» المنقلبة و هي قرى قوم لوط « أهوى» أسقطها مقلوبة بعد رفعها بأمر جبرائيل بذلك « فغشاها ما غشى» من الحجارة « فبأي ءالاء ربك» نعمه المعدودة هنا و غيره « تتمارى» تتشكك أيها السامع « هذا» الرسول أو القرآن « نذير» منذر أو إنذار « من النذر الأولى»تفسير شبر ص :494هَذَا نَذِيرٌ مِّنَ النُّذُرِ الأُولى(56) أَزِفَتِ الاَزِفَةُ(57) لَيْس لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ(58) أَ فَمِنْ هَذَا الحَْدِيثِ تَعْجَبُونَ(59) وَ تَضحَكُونَ وَ لا تَبْكُونَ(60) وَ أَنتُمْ سمِدُونَ(61) فَاسجُدُوا للَّهِ وَ اعْبُدُوا (62)من جنس المنذرين المتقدمين أو الإنذارات المتقدمة « أزفت الآزفة» قربت الساعة « ليس لها من دون الله كاشفة» نفس تقدر على كشفها و ردها أو تكشف عن وقتها « أ فمن هذا الحديث» أي القرآن « تعجبون» إنكارا « و تضحكون» استهزاء « و لا تبكون» انزجارا من وعيده « و أنتم سامدون» لاهون غافلون « فاسجدوا لله و اعبدوا» أي اعبدوه بإخلاص .