( 27 ) سورة النمل ثلاث أو أربع و تسعون آية ( 93 - 94 ) مكية
بِسمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ طستِلْك ءَايَت الْقُرْءَانِ وَ كتَابٍ مُّبِينٍ(1) هُدًى وَ بُشرَى لِلْمُؤْمِنِينَ(2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصلَوةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكوةَ وَ هُم بِالاَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ(3) إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالاَخِرَةِ زَيَّنَّا لهَُمْ أَعْمَلَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ(4) أُولَئك الَّذِينَ لهَُمْ سوءُ الْعَذَابِ وَ هُمْ فى الاَخِرَةِ هُمُ الأَخْسرُونَ(5) وَ إِنَّك لَتُلَقَّى الْقُرْءَانَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ(6)« بسم الله الرحمن الرحيم طس تلك» إشارة إلى آي السورة « ءايات القرآن و كتاب مبين» للحق من الباطل و الكتاب اللوح أو القرآن « هدى و بشرى للمؤمنين» بالجنة « الذين يقيمون الصلاة» بحدودها « و يؤتون الزكاة» بتمامها « و هم بالآخرة هم يوقنون» من تتمة الصلة و الواو للحال أو للعطف و غير النظم إيذانا بكمال إيقانهم « إن الذين لا يؤمنون بالآخرة زينا لهم أعمالهم» القبيحة بتخلية الشيطان حتى زينها لهم « فهم يعمهون» يتحيرون فيها كمن ضل الطريق « أولئك الذين لهم سوء العذاب» أشده كالقتل و الأسر ببدر « و هم في الآخرة هم الأخسرون» أشد الناس خسرانا لاستبدالهم النار بالجنة « و إنك لتلقى القرآن» تلقنه « من لدن حكيم عليم إذ قال موسى لأهله»تفسير شبر ص :363إِذْ قَالَ مُوسى لأَهْلِهِ إِنى ءَانَست نَاراً سئَاتِيكم مِّنهَا بخَبرٍ أَوْ ءَاتِيكُم بِشهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكمْ تَصطلُونَ(7) فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِى أَن بُورِك مَن فى النَّارِ وَ مَنْ حَوْلَهَا وَ سبْحَنَ اللَّهِ رَب الْعَلَمِينَ(8) يَمُوسى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الحَْكِيمُ(9) وَ أَلْقِ عَصاكفَلَمَّا رَءَاهَا تهْتزُّ كَأَنهَا جَانٌّ وَلى مُدْبِراً وَ لَمْ يُعَقِّبيَمُوسى لا تخَف إِنى لا يخَاف لَدَى الْمُرْسلُونَ(10) إِلا مَن ظلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسنَا بَعْدَ سوءٍ فَإِنى غَفُورٌ رَّحِيمٌ(11) وَ أَدْخِلْ يَدَك فى جَيْبِك تخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيرِ سوءٍفى تِسع ءَايَتٍ إِلى فِرْعَوْنَ وَ قَوْمِهِإِنهُمْ كانُوا قَوْماً فَسِقِينَ(12) فَلَمَّا جَاءَتهُمْ ءَايَتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ(13) وَ جَحَدُوا بهَا وَ استَيْقَنَتْهَا أَنفُسهُمْ ظلْماً وَ عُلُوًّافَانظرْ كَيْف كانَ عَقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ(14) وَ لَقَدْ ءَاتَيْنَا دَاوُدَ وَ سلَيْمَنَ عِلْماًوَ قَالا الحَْمْدُ للَّهِ الَّذِى فَضلَنَا عَلى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ(15) وَ وَرِث سلَيْمَنُ دَاوُدَوَ قَالَ يَأَيُّهَا النَّاس عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطيرِ وَ أُوتِينَا مِن كلِّ شىْءٍإِنَّ هَذَا لهَُوَ الْفَضلُ الْمُبِينُ(16) وَ حُشِرَ لِسلَيْمَنَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَ الانسِ وَ الطيرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ(17) حَتى إِذَا أَتَوْا عَلى وَادِ النَّمْلِ قَالَت نَمْلَةٌ يَأَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسكِنَكمْ لا يحْطِمَنَّكُمْ سلَيْمَنُ وَ جُنُودُهُ وَ هُمْ لا يَشعُرُونَ(18)لامرأته في مسيره من مدين إلى مصر « إني ءانست» أبصرت « نارا سآتيكم منها بخبر» عن الطريق و كان قد ضله و خوطبت بلفظ الجمع لما كنى عنها بالأهل « أو ءاتيكم بشهاب قبس» بشعلة نار مقبوسة « لعلكم تصطلون» رجاء أن تستدفئوا بها « فلما جاءها نودي أن» أي « بورك من في النار» من في مكانها و هو البقعة المباركة يعني الملائكة و الشجر أو النور المتقد بها « و من حولها» أي موسى أو الملائكة « و سبحان الله رب العالمين» مما نودي به تنزيه له تعالى عن التشبيه « يا موسى إنه» أي الشأن « أنا الله العزيز الحكيم و ألق عصاك» فألقاها « فلما رءاها تهتز» تتحرك « كأنها جان» حية خفيفة « ولى مدبرا و لم يعقب» و لم يرجع فقال تعالى « يا موسى لا تخف» منها أو مطلقا بدليل « إني لا يخاف لدي المرسلون» لعصمتهم عما يوجب عقوبة يخافونها و إن كانوا أخوف الناس هيبة لعظمته تعالى « إلا» لكن « من ظلم» نفسه من غيرهم بذنب أو منهم بترك الأولى و على هذا يجوز جعله متصلا « ثم بدل حسنا بعد سوء» توبة بعد ذنب أو ترك أولى « فإني غفور رحيم» أقبل توبته و أثيبه « و أدخل يدك في جيبك» طرف مدرعتك « تخرج بيضاء» ذات شعاع « من غير سوء» برص آيتان « في تسع ءايات» أي معها و هي الفلق و الطوفان و الجراد و القمل و الضفادع و الدم و الطمس و الجدب و نقص الثمرات « إلى فرعون و قومه إنهم كانوا قوما فاسقين» علة الإرسال « فلما جاءتهم ءاياتنا مبصرة» واضحة كأنها تبصر و تهدي و أريد إبصار متأمليها للملابسة و عن السجاد (عليهالسلام) مبصرة بفتحهما « قالوا هذا سحر مبين» بين « و جحدوا» و كذبوا « بها و استيقنتها أنفسهم» الواو للحال بإضمار قد « ظلما» لأنفسهم « و علوا» ترفعا عن الإيمان « فانظر كيف كان عاقبة المفسدين» من الغرق عاجلا و النار آجلا « و لقد ءاتينا داود و سليمان علما» أي علم أي نوع من العلم « و قالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين» ممن لم يؤت مثل علمها و دل على شرف العلم و أهله « و ورث سليمان داود» ماله و ملكه و قيل نبوته و علمه بأن قام مقامه في ذلك دون سائر بنيه و هم تسعة عشر الأول مروي « و قال يا أيها الناس علمنا منطق الطير» أصواته و فهم معانيها و ضمير علمنا له و لأبيه أو له على عادة الملوك و كذا « و أوتينا من كل شيء» يريد كثرة ما أوتي به « إن هذا لهو الفضل المبين» البين الظاهر « و حشر» و جمع « لسليمان جنوده من الجن و الإنس و الطير فهم يوزعون» بحبس أولهم على آخرهم ليلاحقوا « حتى إذا أتوا على وادي النمل» واد بالشام أو الطائف كثير النمل و التعدي بعلى لأنهم أتوا من فوق أو لقطعهم الوادي من أتى على الشيء بلغ آخرهتفسير شبر ص :364حَتى إِذَا أَتَوْا عَلى وَادِ النَّمْلِ قَالَت نَمْلَةٌ يَأَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسكِنَكمْ لا يحْطِمَنَّكُمْ سلَيْمَنُ وَ جُنُودُهُ وَ هُمْ لا يَشعُرُونَ(18) فَتَبَسمَ ضاحِكاً مِّن قَوْلِهَا وَ قَالَ رَب أَوْزِعْنى أَنْ أَشكُرَ نِعْمَتَك الَّتى أَنْعَمْت عَلىَّ وَ عَلى وَلِدَى وَ أَنْ أَعْمَلَ صلِحاً تَرْضاهُ وَ أَدْخِلْنى بِرَحْمَتِك فى عِبَادِك الصلِحِينَ(19) وَ تَفَقَّدَ الطيرَ فَقَالَ مَا لىَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغَائبِينَ(20) لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شدِيداً أَوْ لأَاذْبحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنى بِسلْطنٍ مُّبِينٍ(21) فَمَكَث غَيرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطت بِمَا لَمْ تحِط بِهِ وَ جِئْتُك مِن سبَإِ بِنَبَإٍ يَقِينٍ(22) إِنى وَجَدت امْرَأَةً تَمْلِكهُمْ وَ أُوتِيَت مِن كلِّ شىْءٍ وَ لهََا عَرْشٌ عَظِيمٌ(23) وَجَدتُّهَا وَ قَوْمَهَا يَسجُدُونَ لِلشمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَ زَيَّنَ لَهُمُ الشيْطنُ أَعْمَلَهُمْ فَصدَّهُمْ عَنِ السبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ(24) أَلا يَسجُدُوا للَّهِ الَّذِى يخْرِجُ الْخَبءَ فى السمَوَتِ وَ الأَرْضِ وَ يَعْلَمُ مَا تخْفُونَ وَ مَا تُعْلِنُونَ(25) اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَب الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (26) قَالَ سنَنظرُ أَ صدَقْت أَمْ كُنت مِنَ الْكَذِبِينَ(27) اذْهَب بِّكِتَبى هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنهُمْ فَانظرْ مَا ذَا يَرْجِعُونَ(28) قَالَت يَأَيهَا الْمَلَؤُا إِنى أُلْقِىَ إِلىَّ كِتَبٌ كَرِيمٌ(29) إِنَّهُ مِن سلَيْمَنَ وَ إِنَّهُ بِسمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ(30) أَلا تَعْلُوا عَلىَّ وَ أْتُونى مُسلِمِينَ(31)« قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان و جنوده و هم لا يشعرون» بحطمكم كأنها عرفت عصمته عن الظلم « فتبسم ضاحكا من قولها» تعجبا من حذرها أو تحذيرها « و قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي و على والدي» أدرج ذكرهما لأن النعمة عليهما و بالعكس « و أن أعمل صالحا ترضاه و أدخلني برحمتك في عبادك الصالحين» في جملتهم الجنة « و تفقد الطير» و كانت تظله عن الشمس فوقعت نفحة منها على رأسه فنظر فإذا موضع الهدهد خال أو احتاج إليه لأنه يرود له الماء لأنه يراه من بطن الأرض « فقال ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين» فلم أره لغيبة « لأعذبنه عذابا شديدا» بنتف ريشه و تشميسه أو حبسه مع ضده في قفص « أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين» لعذره « فمكث» بالضم أو الفتح « غير بعيد» زمانا يسيرا « فقال أحطت بما لم تحط به و جئتك من سبإ» منونا اسم للحي أو أبيهم سبإ بن يشحب بن يعرب « بنبإ يقين» بخبر متيقن « إني وجدت امرأة تملكهم» أي ملكة لسبإ أو أهلها و هي بلقيس « و أوتيت من كل شيء» يحتاج إليه الملوك « و لها عرش» سرير « عظيم» بالنسبة إليها أو لأنه لم يكن لسليمان مثله و إن عظم ملكه و كان ثلاثين أو ثمانين ذراعا في مثلها عرضا و سمكا من ذهب و فضة مكللا بالجوهر « وجدتها و قومها يسجدون للشمس من دون الله» كانوا مجوسا يعبدونها « و زين لهم الشيطان أعمالهم» القبيحة « فصدهم عن السبيل» سبيل الحق « فهم لا يهتدون» إليه « ألا يسجدوا» فصدهم أن لا يسجدوا أو زين لهم أن لا يسجدوا بإبداله من « أعمالهم » أو لا يهتدون لأن يسجدوا « لله الذي يخرج الخبء» مصدر بمعنى المخبوء و هو ما خفي « في السموات و الأرض» كالنبات و المطر بل كلما يخرجه من العدم إلى الوجود « و يعلم ما تخفون و ما تعلنون» ما يسرونه و ما يظهرونه « الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم» لإحاطته بالعلم « قال سننظر» سنتأمل في أمرك « أ صدقت أم كنت من الكاذبين» عدل عن أم كذبت مبالغة و للفاصلة ثم كتب كتابا و قال له « اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم» إلى الذين دينهم ما ذكرت و اهتم بأمر الدين فلم يقل إليها « ثم تول» تنح « عنهم» متواريا قريبا منهم « فانظر ما ذا يرجعون» أي بعضهم إلى بعض من القول فألقاه في حجرها فلما قرأته « قالت» لأشراف قومها « يا أيها الملؤا إني ألقي إلي كتاب كريم» لكرم مرسله أو مضمونه أو لأنه كان مختوما « إنه» أي الكتاب أو عنوانه « من سليمان و إنه بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلوا علي و أتوني مسلمين» منقادين أو مؤمنين و قد اشتمل مع إيجازه على تمام المقصود من إثبات الصانع و صفاته بالبسملة و النهي عن التكبر و الأمر بالانقياد كل ذلك مع إظهار المعجز برسالة هدهدتفسير شبر ص :365قَالَت يَأَيهَا الْمَلَؤُا أَفْتُونى فى أَمْرِى مَا كنت قَاطِعَةً أَمْراً حَتى تَشهَدُونِ(32) قَالُوا نحْنُ أُولُوا قُوَّةٍ وَ أُولُوا بَأْسٍ شدِيدٍ وَ الأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظرِى مَا ذَا تَأْمُرِينَ(33) قَالَت إِنَّ الْمُلُوك إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسدُوهَا وَ جَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةًوَ كَذَلِك يَفْعَلُونَ(34) وَ إِنى مُرْسِلَةٌ إِلَيهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةُ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسلُونَ(35) فَلَمَّا جَاءَ سلَيْمَنَ قَالَ أَ تُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا ءَاتَانَِ اللَّهُ خَيرٌ مِّمَّا ءَاتَاكُم بَلْ أَنتُم بهَدِيَّتِكمْ تَفْرَحُونَ(36) ارْجِعْ إِلَيهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُم بجُنُودٍ لا قِبَلَ لهَُم بهَا وَ لَنُخْرِجَنهُم مِّنهَا أَذِلَّةً وَ هُمْ صغِرُونَ(37) قَالَ يَأَيهَا الْمَلَؤُا أَيُّكُمْ يَأْتِينى بِعَرْشهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونى مُسلِمِينَ(38) قَالَ عِفْرِيتٌ مِّنَ الجِْنِّ أَنَا ءَاتِيك بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكوَ إِنى عَلَيْهِ لَقَوِىٌّ أَمِينٌ(39) قَالَ الَّذِى عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَبِ أَنَا ءَاتِيك بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْك طرْفُكفَلَمَّا رَءَاهُ مُستَقِراًّ عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضلِ رَبى لِيَبْلُوَنى ءَ أَشكُرُ أَمْ أَكْفُرُوَ مَن شكَرَ فَإِنَّمَا يَشكُرُ لِنَفْسِهِوَ مَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبى غَنىٌّ كَرِيمٌ(40) قَالَ نَكِّرُوا لهََا عَرْشهَا نَنظرْ أَ تهْتَدِى أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يهْتَدُونَ(41) فَلَمَّا جَاءَت قِيلَ أَ هَكَذَا عَرْشكِقَالَت كَأَنَّهُ هُوَوَ أُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَ كُنَّا مُسلِمِينَ(42)« قالت يا أيها الملؤا أفتوني في أمري» أجيبوني بما عندكم من الرأي « ما كنت قاطعة» قاضية « أمرا حتى تشهدون» تحضرون ملاطفة لهم ليقوموا معها « قالوا نحن أولوا قوة» بأجنادنا و عددنا « و أولوا بأس شديد» شجاعة و نجدة « و الأمر إليك» مفوض « فانظري ما ذا تأمرين» من حرب أو صلح « قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية» عنوة و قهرا « أفسدوها» خربوها « و جعلوا أعزة أهلها أذلة» أهانوهم بالقتل و الأسر و نهب الأموال « و كذلك يفعلون» تقرير لما وصفتهم به أو تصديقا لها من الله تعالى « و إني مرسلة إليهم» رسلا « بهدية» أصانعه بها عن ملكي « فناظرة بم يرجع المرسلون» من حالة فأعمل بحسبه « فلما جاء» الرسول بما معه « سليمان قال» إنكارا « أ تمدونن بمال فما ءاتاني الله» من النبوة و الكمالات و القراءة « خير مما ءاتاكم» من حظ الدنيا « بل أنتم بهديتكم» بما يهدى إليكم « تفرحون» حبا لزيادة المال لقصر هممكم عليه « ارجع إليهم» بما جئت من الهدية « فلنأتينهم بجنود لا قبل» لا طاقة « لهم بها و لنخرجنهم منها» من سبإ « أذلة» بذهاب عزهم « و هم صاغرون» بأسر و إهانة إن لم يأتوا مسلمين إذ لا يحل له أخذهم إذا أسلموا « قال يا أيها الملؤا أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين قال عفريت» مارد قوي « من الجن أنا ءاتيك به قبل أن تقوم من مقامك» مجلسك للحكم و مدته نصف النهار « و إني عليه» على حمله « لقوي أمين» على ما فيه من جوهر و غيره « قال الذي عنده علم من الكتاب» الكتب المنزلة آصف بن برخيا وزيره كان صديقا يعلم اسم الله الأعظم أو الخضر أو جبرئيل أو سليمان « أنا ءاتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك» الطرف تحريك الأجفان للنظر « فلما رءاه مستقرا» ساكنا « عنده قال» شكرا « هذا من فضل ربي ليبلوني» ليختبرني « أ أشكر» نعمته « أم أكفر» بها « و من شكر فإنما يشكر لنفسه» لاستدامته لها به و استزادتها « و من كفر فإن ربي غني» عن شكره و غيره « كريم» يعطيه مع كفره « قال نكروا لها عرشها» بتغيير هيئته اختبارا لعقلها « ننظر أ تهتدي» لمعرفته أو للجواب الصائب أو للإيمان « أم تكون من الذين لا يهتدون فلما جاءت قيل أ هكذا عرشك» تشبيها عليها « قالت كأنه هو» كانت حكيمة لم تقل هو لجواز كونه مثله « و أوتينا العلم من قبلها و كنا مسلمين»تفسير شبر ص :366فَلَمَّا جَاءَت قِيلَ أَ هَكَذَا عَرْشكِقَالَت كَأَنَّهُ هُوَوَ أُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَ كُنَّا مُسلِمِينَ(42) وَ صدَّهَا مَا كانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّهِإِنهَا كانَت مِن قَوْمٍ كَفِرِينَ(43) قِيلَ لهََا ادْخُلى الصرْحَفَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَ كَشفَت عَن ساقَيْهَاقَالَ إِنَّهُ صرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَقَالَت رَب إِنى ظلَمْت نَفْسى وَ أَسلَمْت مَعَ سلَيْمَنَ للَّهِ رَب الْعَلَمِينَ(44) وَ لَقَدْ أَرْسلْنَا إِلى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صلِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يخْتَصِمُونَ(45) قَالَ يَقَوْمِ لِمَ تَستَعْجِلُونَ بِالسيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسنَةِلَوْ لا تَستَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكمْ تُرْحَمُونَ(46) قَالُوا اطيرْنَا بِك وَ بِمَن مَّعَكقَالَ طئرُكُمْ عِندَ اللَّهِبَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ(47) وَ كانَ فى الْمَدِينَةِ تِسعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فى الأَرْضِ وَ لا يُصلِحُونَ(48) قَالُوا تَقَاسمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَ أَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شهِدْنَا مَهْلِك أَهْلِهِ وَ إِنَّا لَصدِقُونَ(49) وَ مَكَرُوا مَكراً وَ مَكَرْنَا مَكراً وَ هُمْ لا يَشعُرُونَ(50) فَانظرْ كَيْف كانَ عَقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَهُمْ وَ قَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ(51) فَتِلْك بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةَ بِمَا ظلَمُواإِنَّ فى ذَلِك لاَيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ(52) وَ أَنجَيْنَا الَّذِينَ ءَامَنُوا وَ كانُوا يَتَّقُونَ(53) وَ لُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَ تَأْتُونَ الْفَحِشةَ وَ أَنتُمْ تُبْصِرُونَ(54) أَ ئنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شهْوَةً مِّن دُونِ النِّساءِبَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تجْهَلُونَ(55)قول سليمان أي أوتينا العلم بالله و قدرته قبلها و كنا مخلصين له أو من كلامها أي أوتينا العلم بقدرة الله و صحة نبوة سليمان من قبل هذه المعجزة أو الحالة بما سبق من المعجزات « و صدها» قبل ذلك عن الإسلام « ما كانت تعبد من دون الله» أي عبادة الشمس أو صدها الله أو سليمان عن عبادتها « إنها كانت من قوم كافرين» نشأت بين أظهرهم « قيل لها ادخلي الصرح» القصر أو صحن الدار و كان من زجاج أبيض و أجري تحته ماء فيه سمك فجلس في صدره على سريره قصد به تهويل مجلسه « فلما رأته حسبته لجة» ماء غامرا « و كشفت عن ساقيها» لتخوضه فوجدها أحسن الناس ساقا و قدما إلا أنها شعراء فأمر الجن فعملت لها النورة « قال» لها « إنه صرح ممرد» مملس « من قوارير» من زجاج « قالت رب إني ظلمت نفسي» بعبادة الشمس « و أسلمت مع سليمان لله رب العالمين» فتزوجها و أقرها على ملكها و كان يزورها كل شهر مرة فيقيم عندها ثلاثة أيام « و لقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا أن» بأن « اعبدوا الله» وحده « فإذا هم فريقان» مؤمن و كافر « يختصمون» في الدين « قال يا قوم لم تستعجلون بالسيئة» بالعذاب بقولكم ائتنا بما تعدنا « قبل الحسنة» قبل الثواب و قد مكنتم التوصل إليها بأن تؤمنوا « لو لا» هلا « تستغفرون الله» بأن تتوبوا فلا تعذبون « لعلكم ترحمون قالوا اطيرنا» تطيرنا أدغمت التاء في الطاء و وصل بهمزة أي تشاء منا « بك و بمن معك» و باتباعك و كانوا قد قحطوا « قال طائركم» سبب شؤمكم « عند الله» و هو قدره أو عملكم المثبت عنده « بل أنتم قوم تفتنون» تختبرون بالرخاء و الشدة أو تعذبون « و كان في المدينة تسعة رهط» ميز به التسعة لأنه بمعنى الجمع و هو من الثلاثة إلى العشرة أي تسعة رجال « يفسدون في الأرض و لا يصلحون» و لا يخلطون إفسادهم بصلاح « قالوا» فيما بينهم « تقاسموا بالله» أمر أو خبر بدل أو حال بتقدير قد « لنبيتنه» بالنون على التكلم أي لنقتلن صالحا و قرىء بالتاء على خطاب بعضهم بعضا « و أهله» ليلا « ثم لنقولن» بالقراءتين « لوليه» لولي دمه « ما شهدنا مهلك أهله» بضم الميم مصدر أو زمان أو مكان من أهلك « و» الحال « إنا لصادقون» إذ الشاهد غير المباشر بزعمهم « و مكروا مكرا» بهذا التدبير « و مكرنا مكرا» بمجازاتهم بإهلاكهم « و هم لا يشعرون» بذلك « فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم و قومهم أجمعين فتلك بيوتهم خاوية» خالية أو ساقطة حال عاملها الإشارة « بما ظلموا» بظلمهم « إن في ذلك لآية» لعبرة « لقوم يعلمون» فيعتبرون « و أنجينا الذين ءامنوا» صالحا و من معه « و كانوا يتقون» الشرك و المعاصي « و لوطا إذ قال لقومه أ تأتون الفاحشة» اللواط « و أنتم تبصرون» تعلمون فحشها من بصر القلب و القبيح من العالم به أقبح « أئنكم لتأتون الرجال» بيان الفاحشة « شهوة» علة تقرر قبحه .تفسير شبر ص :367أَ ئنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شهْوَةً مِّن دُونِ النِّساءِبَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تجْهَلُونَ(55) فَمَا كانَ جَوَاب قَوْمِهِ إِلا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا ءَالَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْإِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطهَّرُونَ(56) فَأَنجَيْنَهُ وَ أَهْلَهُ إِلا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَهَا مِنَ الْغَبرِينَ(57) وَ أَمْطرْنَا عَلَيْهِم مَّطراًفَساءَ مَطرُ الْمُنذَرِينَ(58) قُلِ الحَْمْدُ للَّهِ وَ سلَمٌ عَلى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصطفَىءَاللَّهُ خَيرٌ أَمَّا يُشرِكُونَ(59) أَمَّنْ خَلَقَ السمَوَتِ وَ الأَرْض وَ أَنزَلَ لَكم مِّنَ السمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائقَ ذَات بَهْجَةٍ مَّا كانَ لَكمْ أَن تُنبِتُوا شجَرَهَاأَ ءِلَهٌ مَّعَ اللَّهِبَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ(60) أَمَّن جَعَلَ الأَرْض قَرَاراً وَ جَعَلَ خِلَلَهَا أَنْهَراً وَ جَعَلَ لهََا رَوَسىَ وَ جَعَلَ بَينَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزاًأَ ءِلَهٌ مَّعَ اللَّهِبَلْ أَكثرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ(61) أَمَّن يجِيب الْمُضطرَّ إِذَا دَعَاهُ وَ يَكْشِف السوءَ وَ يَجْعَلُكمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِأَ ءِلَهٌ مَّعَ اللَّهِقَلِيلاً مَّا تَذَكرُونَ(62) أَمَّن يَهْدِيكمْ فى ظلُمَتِ الْبرِّ وَ الْبَحْرِ وَ مَن يُرْسِلُ الرِّيَحَ بُشرَا بَينَ يَدَى رَحْمَتِهِأَ ءِلَهٌ مَّعَ اللَّهِتَعَلى اللَّهُ عَمَّا يُشرِكونَ(63) أَمَّن يَبْدَؤُا الخَْلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَ مَن يَرْزُقُكم مِّنَ السمَاءِ وَ الأَرْضِأَ ءِلَهٌ مَّعَ اللَّهِقُلْ هَاتُوا بُرْهَنَكُمْ إِن كُنتُمْ صدِقِينَ(64) قُل لا يَعْلَمُ مَن فى السمَوَتِ وَ الأَرْضِ الْغَيْب إِلا اللَّهُوَ مَا يَشعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ(65)« من دون النساء» اللاتي خلقهن لكم « بل أنتم قوم تجهلون» عاقبتها أو تفعلون فعل من يجهل فحشها « فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون» يتنزهون عن أفعالنا « فأنجيناه و أهله إلا امرأته قدرناها من الغابرين» الباقين في العذاب « و أمطرنا عليهم مطرا» هو الحجارة « فساء مطر المنذرين» مطرهم « قل» يا محمد « الحمد لله» على إهلاك كفرة الأمم الماضية و نصر رسله عليهم « و سلام على عباده الذين اصطفى» اختارهم حججا على خلقه « ءالله خير» لمن يعبده « أما يشركون» به يا أهل مكة من الأصنام لعبدتها إلزام لهم و تهكم بهم إذ لا خير فيما أشركوه أصلا « أمن» بل من « خلق السموات و الأرض» التي هي أظهر الحسيات و منشأ المنافع « و أنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به» التفت إلى التكلم تأكيدا لاختصاص الإثبات به « حدائق» بساتين محوطة « ذات بهجة» حسن و نضارة « ما كان لكم أن تنبتوا شجرها» أي لم تقدروا عليه « أءله مع الله» يقدر على مثل ذلك أي لا إله معه « بل هم قوم يعدلون» به غيره أو عن الحق « أمن جعل» و ما بعده بدل أمن خلق « الأرض قرارا» يستقر عليها الناس و الدواب بثبوتها « و جعل خلالها» وسطها « أنهارا» جارية « و جعل لها رواسي» جبالا تثبتها لئلا تميد « و جعل بين البحرين» العذب و المالح « حاجزا» لهما أن يختلطا « أءله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون» الحق لعدم تدبرهم « أمن يجيب المضطر إذا دعاه» المكروب الذي ألجأه الضر إلى الله بشرائط الدعاء « و يكشف السوء» يزيل من عباده ما يسوؤهم « و يجعلكم خلفاء الأرض» أي فيها بتوارثكم سكناهم و التصرف فيها قرنا بعد قرن « أءله مع الله قليلا ما تذكرون» أي تتذكرون نعمه تذكرا قليلا « أمن يهديكم في ظلمات البر و البحر» بالنجوم و علامات الأرض و ظلماتهما ظلمات الليل فيهما أو مبهما أو مبهمات طرقهما « و من يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته» قدام المطر « أءله مع الله» الخالق « تعالى الله عما يشركون» به من المخلوق « أمن يبدأ الخلق ثم يعيده و من يرزقكم من السماء و الأرض» بالمطر و النبات « أءله مع الله» يفعل شيئا مما ذكر « قل هاتوا برهانكم» حجتكم على أن مع الله إلها « إن كنتم صادقين» في ذلك « قل لا يعلم من في السموات و الأرض» من الملائكة و الثقلين « الغيب إلا الله»تفسير شبر ص :368قُل لا يَعْلَمُ مَن فى السمَوَتِ وَ الأَرْضِ الْغَيْب إِلا اللَّهُوَ مَا يَشعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ(65) بَلِ ادَّرَك عِلْمُهُمْ فى الاَخِرَةِبَلْ هُمْ فى شكٍ مِّنهَابَلْ هُم مِّنْهَا عَمُونَ(66) وَ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَ ءِذَا كُنَّا تُرَباً وَ ءَابَاؤُنَا أَ ئنَّا لَمُخْرَجُونَ(67) لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نحْنُ وَ ءَابَاؤُنَا مِن قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلا أَسطِيرُ الأَوَّلِينَ(68) قُلْ سِيرُوا فى الأَرْضِ فَانظرُوا كيْف كانَ عَقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ(69) وَ لا تحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَ لا تَكُن فى ضيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ(70) وَ يَقُولُونَ مَتى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صدِقِينَ(71) قُلْ عَسى أَن يَكُونَ رَدِف لَكُم بَعْض الَّذِى تَستَعْجِلُونَ(72) وَ إِنَّ رَبَّك لَذُو فَضلٍ عَلى النَّاسِ وَ لَكِنَّ أَكثرَهُمْ لا يَشكُرُونَ(73) وَ إِنَّ رَبَّك لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صدُورُهُمْ وَ مَا يُعْلِنُونَ(74) وَ مَا مِنْ غَائبَةٍ فى السمَاءِ وَ الأَرْضِ إِلا فى كِتَبٍ مُّبِينٍ(75) إِنَّ هَذَا الْقُرْءَانَ يَقُص عَلى بَنى إِسرءِيلَ أَكثرَ الَّذِى هُمْ فِيهِ يخْتَلِفُونَ(76) وَ إِنَّهُ لهَُدًى وَ رَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ(77) إِنَّ رَبَّك يَقْضى بَيْنهُم بحُكْمِهِوَ هُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ(78) فَتَوَكلْ عَلى اللَّهِإِنَّك عَلى الْحَقِّ الْمُبِينِ(79) إِنَّك لا تُسمِعُ الْمَوْتى وَ لا تُسمِعُ الصمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ(80) وَ مَا أَنت بهَدِى الْعُمْىِ عَن ضلَلَتِهِمْإِن تُسمِعُ إِلا مَن يُؤْمِنُ بِئَايَتِنَا فَهُم مُّسلِمُونَ(81) وَ إِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيهِمْ أَخْرَجْنَا لهَُمْ دَابَّةً مِّنَ الأَرْضِ تُكلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاس كانُوا بِئَايَتِنَا لا يُوقِنُونَ(82)متصل و أريد بمن فيهما من تعلق علمه بهما و لو إجمالا لا من فيهما حقيقة ليعلم الله و أولو العلم من خلقه بالتشكيك كالعالم و الرحيم فليس فيه سوء أدب بإبهام التسوية بينه تعالى و بينهم أو منقطع و رفع مستثناه على لغة تميم و المعنى إن كان الله ممن فيهما ففيهما من يعلم الغيب لكنه ليس منهم فلا يعلمونه و فيه أن استثناء نقيض المقدم لا ينتج فلا يلزم من امتناع كونه تعالى ممن فيهما عدم علمه الغيب « و ما يشعرون أيان» متى « يبعثون بل ادارك» تدارك و قرىء أدرك كأكرم أي انتهى و تكامل « علمهم في الآخرة» في شأنها أي حصل لهم بالحجج أسباب استحكام العلم و تكامله بأن القيامة كائنة و هم ينكرونه و قيل وصفوا بالعلم تهكما بهم « بل هم في شك منها» مع تمكنهم من اليقين بتدبر حججها « بل هم منها عمون» عن إدراك حججها لعدم التدبر « و قال الذين كفروا أ إذا كنا ترابا و ءاباؤنا أ إنا لمخرجون» من القبور تقدير لعماهم « لقد وعدنا هذا نحن و ءاباؤنا من قبل» قبل وعد محمد (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) « إن هذا إلا أساطير الأولين» أكاذيبهم التي سطروها « قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين» تهديد لهم على الكفر بأن يصيبهم ما أصاب الكفرة قبلهم « و لا تحزن عليهم» حرصا على إيمانهم « و لا تكن في ضيق مما يمكرون» في ضيق صدر من مكرهم فأنا عاصمك منهم « و يقولون متى هذا الوعد» العذاب الموعود « إن كنتم صادقين» فيه « قل عسى أن يكون ردف لكم» لحقكم و اللام زائدة أو ضمن ردف معنى أزف و دنا « بعض الذي تستعجلون» وقوعه و هو عذاب بدر « و إن ربك لذو فضل على الناس» و منه تأخير عذاب الكفرة « و لكن أكثرهم لا يشكرون» فضله عليهم « و إن ربك ليعلم ما تكن صدورهم» تخفيه « و ما يعلنون» يظهرونه فيجازيهم به « و ما من غائبة في السماء و الأرض» خافية فيهما و هما اسمان لما يغيب و يخفى كالذبيحة أو صفتان و التاء للمبالغة كالراوية « إلا في كتاب مبين» و هو اللوح « إن هذا القرءان يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون» كأمر عزير و عيسى و غيرهما « و إنه لهدى و رحمة للمؤمنين» لمن آمن منهم و من غيرهم « إن ربك يقضي بينهم» بين من آمن و من كفر « بحكمه» بما يحكم به و هو عدله « و هو العزيز» فلا يغلب « العليم» بالقضاء بالحق « فتوكل على الله» و لا تكترث بهم « إنك على الحق المبين» البين و المحق أحق بأن يثق بنصر الله « إنك لا تسمع الموتى» شبهوا بالموتى لعدم تدبرهم ما يتلى عليهم كما شبهوا بالصم في « و لا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين» فهم حينئذ بعيد عن الأسماع « و ما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون» مخلصون بالتوحيد « و إذا وقع القول عليهم» أي قرب وقوع المقول و هو ما وعدوه من البعث و العذابتفسير شبر ص :369وَ إِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيهِمْ أَخْرَجْنَا لهَُمْ دَابَّةً مِّنَ الأَرْضِ تُكلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاس كانُوا بِئَايَتِنَا لا يُوقِنُونَ(82) وَ يَوْمَ نحْشرُ مِن كلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِّمَّن يُكَذِّب بِئَايَتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ(83) حَتى إِذَا جَاءُو قَالَ أَ كذَّبْتُم بِئَايَتى وَ لَمْ تحِيطوا بهَا عِلْماً أَمَّا ذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ(84) وَ وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيهِم بِمَا ظلَمُوا فَهُمْ لا يَنطِقُونَ(85) أَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا الَّيْلَ لِيَسكُنُوا فِيهِ وَ النَّهَارَ مُبْصِراًإِنَّ فى ذَلِك لاَيَتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ(86) وَ يَوْمَ يُنفَخُ فى الصورِ فَفَزِعَ مَن فى السمَوَتِ وَ مَن فى الأَرْضِ إِلا مَن شاءَ اللَّهُوَ كلٌّ أَتَوْهُ دَخِرِينَ(87) وَ تَرَى الجِْبَالَ تحْسبهَا جَامِدَةً وَ هِىَ تَمُرُّ مَرَّ السحَابِصنْعَ اللَّهِ الَّذِى أَتْقَنَ كلَّ شىْءٍإِنَّهُ خَبِيرُ بِمَا تَفْعَلُونَ(88) مَن جَاءَ بِالْحَسنَةِ فَلَهُ خَيرٌ مِّنهَا وَ هُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئذٍ ءَامِنُونَ(89) وَ مَن جَاءَ بِالسيِّئَةِ فَكُبَّت وُجُوهُهُمْ فى النَّارِ هَلْ تجْزَوْنَ إِلا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ(90) إِنَّمَا أُمِرْت أَنْ أَعْبُدَ رَب هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِى حَرَّمَهَا وَ لَهُ كلُّ شىْءٍوَ أُمِرْت أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسلِمِينَ(91) وَ أَنْ أَتْلُوَا الْقُرْءَانَفَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يهْتَدِى لِنَفْسِهِوَ مَن ضلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنذِرِينَ(92) وَ قُلِ الحَْمْدُ للَّهِ سيرِيكمْ ءَايَتِهِ فَتَعْرِفُونهَاوَ مَا رَبُّك بِغَفِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ(93)« أخرجنا لهم دابة من الأرض» تضافرت الأخبار أن الدابة أمير المؤمنين و معه عصا موسى و خاتم سليمان يسم المؤمن و الكافر « تكلمهم» فيقول حاكية لقول الله « أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون» أي بالقرآن أو بخروجها « و يوم نحشر من كل أمة» من للتبعيض « فوجا» جماعة « ممن يكذب بآياتنا» بيان للفوج و هم رؤساؤهم و قادتهم « فهم يوزعون» يحبس أولهم على آخرهم ليجتمعوا و فسرت في الأخبار بالرجعة و أما الحشر الأكبر فقوله و حشرناهم فلم نغادر منهم أحدا « حتى إذا جاءوا» الموقف « قال أ كذبتم بآياتي و لم تحيطوا بها علما» أي كذبتم بها بادىء الرأي غير متأمليها « أما ذا» أم أي شيء « كنتم تعملون» به و هو تبكيت إذ لم تعملوا سوى التكذيب « و وقع القول عليهم» غشيهم العذاب الموعود و هو النار بعد ذلك « بما ظلموا» بظلمهم بالتكذيب « فهم لا ينطقون» بعذر لعدمه و شغلهم بالنار « أ لم يروا أنا جعلنا الليل» خلقناه « ليسكنوا فيه» بالنوم و الدعة « و النهار مبصرا» أي ليتبصروا فيه « إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون» دلالات لهم على التوحيد و البعث و النبوة إذ تعاقب النور و الظلمة إنما يتم بقدرة قاهر و يشبه النوم بالموت و الانتباه بالبعث و لأن من جعل ذلك لبعض مصالحهم كيف يهمل ما هو مناط جميعها من بعث رسول إليهم « و يوم ينفخ في الصور ففزع من في السموات و من في الأرض» عند النفخة الأولى و عبر بالماضي لتحقق وقوعه « إلا من شاء الله» ممن ثبت قلبه و هم جبرئيل و ميكائيل و إسرافيل و عزرائيل و قيل الشهداء « و كل أتوه داخرين» صاغرين « و ترى الجبال تحسبها جامدة» واقعة مكانها « و هي تمر مر السحاب» في السرعة و كذا الأجرام العظام إذا تحركت لا تكاد تظهر حركتها « صنع الله» أي صنع الله ذلك صنعا « الذي أتقن» أحكم « كل شيء» صنعه « إنه خبير بما تفعلون» فيجازيكم « من جاء بالحسنة فله خير منها» بالأضعاف و بأن العمل منقض و الثواب دائم و خير منها الجنة « و هم من فزع يومئذ ءامنون و من جاء بالسيئة» قيل بالشرك « فكبت وجوههم في النار» ألقوا فيها منكوسين و عبر بالوجوه عن ذواتهم و يقال لهم « هل تجزون إلا ما كنتم تعملون» و عن علي (عليهالسلام) في الآية الحسنة حبنا أهل البيت و السيئة بغضنا قل لهم « إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة» أي مكة « الذي حرمها» أي جعلها حرما ءامنا « و له كل شيء و أمرت أن أكون من المسلمين» المخلصين بالتوحيد « و أن أتلو القرآن» عليكم أدعوكم إلى ما فيه أو أتبعه « فمن اهتدى» بإجابته لي في ذلك « فإنما يهتدي لنفسه» لعود نفعه إليه « و من ضل» بترك الإجابة « فقل إنما أنا من المنذرين» فما علي إلا الإنذار « و قل الحمد لله» على نعمة الرسالة و غيرها « سيريكم ءاياته» في الآخرة « فتعرفونها» يقينا أنها آية « و ما ربك بغافل عما تعملون» بالياء و التاء و إنما يمهلهم لوقتهم .