بِسمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الرتِلْك ءَايَت الْكِتَبِ الْمُبِينِ(1) إِنَّا أَنزَلْنَهُ قُرْءَناً عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ(2) نحْنُ نَقُص عَلَيْك أَحْسنَ الْقَصصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْك هَذَا الْقُرْءَانَ وَ إِن كنت مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَفِلِينَ(3) إِذْ قَالَ يُوسف لأَبِيهِ يَأَبَتِ إِنى رَأَيْت أَحَدَ عَشرَ كَوْكَباً وَ الشمْس وَ الْقَمَرَ رَأَيْتهُمْ لى سجِدِينَ(4) قَالَ يَبُنىَّ لا تَقْصص رُءْيَاك عَلى إِخْوَتِك فَيَكِيدُوا لَك كَيْداًإِنَّ الشيْطنَ لِلانسنِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ(5) وَ كَذَلِك يجْتَبِيك رَبُّك وَ يُعَلِّمُك مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْك وَ عَلى ءَالِ يَعْقُوب كَمَا أَتَمَّهَا عَلى أَبَوَيْك مِن قَبْلُ إِبْرَهِيمَ وَ إِسحَقَإِنَّ رَبَّك عَلِيمٌ حَكِيمٌ(6)« بسم الله الرحمن الرحيم الر تلك» أي الآيات « ءايات الكتاب المبين» السورة أو القرآن البين الإعجاز أو المبين له « إنا أنزلناه» أي الكتاب « قرءانا عربيا» بلغة العرب « لعلكم تعقلون» أنه من عند الله أو تفهمونه « نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا» بإيحائنا « إليك هذا القرءان» أي السورة أو الكل « و إن» مخففة « كنت من قبله لمن الغافلين» عما فيه من قصة يوسف أو الأعم « إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا و الشمس و القمر رأيتهم لي ساجدين» كرر رأيت تأكيدا أو لأن إحداهما بصرية و الأخرى من الرؤيا « قال يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للإنسان عدو مبين» فإنهم الكواكب و الشمس و القمر أبوك و أمك خاف أن يحسدوه فيغتالوه « و كذلك» الاجتباء بهذه الرؤية « يجتبيك ربك» يختارك للنبوة أو لحسن الخلق و الخلق « و يعلمك من تأويل الأحاديث» تعبير الرؤيا أو معاني كتب الله « و يتم نعمته عليك» بالنبوة .تفسير شبر ص :240وَ كَذَلِك يجْتَبِيك رَبُّك وَ يُعَلِّمُك مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْك وَ عَلى ءَالِ يَعْقُوب كَمَا أَتَمَّهَا عَلى أَبَوَيْك مِن قَبْلُ إِبْرَهِيمَ وَ إِسحَقَإِنَّ رَبَّك عَلِيمٌ حَكِيمٌ(6) لَّقَدْ كانَ فى يُوسف وَ إِخْوَتِهِ ءَايَتٌ لِّلسائلِينَ(7) إِذْ قَالُوا لَيُوسف وَ أَخُوهُ أَحَب إِلى أَبِينَا مِنَّا وَ نحْنُ عُصبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِى ضلَلٍ مُّبِينٍ(8) اقْتُلُوا يُوسف أَوِ اطرَحُوهُ أَرْضاً يخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَ تَكُونُوا مِن بَعْدِهِ قَوْماً صلِحِينَ(9) قَالَ قَائلٌ مِّنهُمْ لا تَقْتُلُوا يُوسف وَ أَلْقُوهُ فى غَيَبَتِ الْجُب يَلْتَقِطهُ بَعْض السيَّارَةِ إِن كُنتُمْ فَعِلِينَ(10) قَالُوا يَأَبَانَا مَا لَك لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسف وَ إِنَّا لَهُ لَنَصِحُونَ(11) أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَداً يَرْتَعْ وَ يَلْعَب وَ إِنَّا لَهُ لَحَفِظونَ(12) قَالَ إِنى لَيَحْزُنُنى أَن تَذْهَبُوا بِهِ وَ أَخَاف أَن يَأْكلَهُ الذِّئْب وَ أَنتُمْ عَنْهُ غَفِلُونَ(13) قَالُوا لَئنْ أَكلَهُ الذِّئْب وَ نَحْنُ عُصبَةٌ إِنَّا إِذاً لَّخَسِرُونَ(14) فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَ أَجْمَعُوا أَن يجْعَلُوهُ فى غَيَبَتِ الجُْبوَ أَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَ هُمْ لا يَشعُرُونَ(15) وَ جَاءُو أَبَاهُمْ عِشاءً يَبْكُونَ(16) قَالُوا يَأَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَستَبِقُ وَ تَرَكنَا يُوسف عِندَ مَتَعِنَا فَأَكلَهُ الذِّئْبوَ مَا أَنت بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَ لَوْ كنَّا صدِقِينَ(17) وَ جَاءُو عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍقَالَ بَلْ سوَّلَت لَكُمْ أَنفُسكُمْ أَمْراًفَصبرٌ جَمِيلٌوَ اللَّهُ الْمُستَعَانُ عَلى مَا تَصِفُونَ(18)« و على آل يعقوب» بنيه يجعل النبوة فيهم « كما أتمها على أبويك» بالنبوة « من قبل» من قبلك « إبراهيم و إسحق إن ربك عليم» بمن يصلح للنبوة « حكيم» في صنعه « لقد كان في يوسف و إخوته» في خبرهم و هم أحد عشر « ءايات» عبر عجيبة و قرىء ءاية « للسائلين» عن خبرهم « إذ قالوا» أي الإخوة « ليوسف و إخوته» لأبويه بنيامين « أحب إلى أبينا منا و نحن عصبة» و الحال أنا جماعة « إن أبانا لفي ضلال مبين» عن كوننا أنفع له « اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا» في أرض بعيدة و القائل شمعون « يخل لكم وجه أبيكم» عن شغله بيوسف « و تكونوا من بعده» بعد قتله أو طرحه « قوما صالحين» بالتوبة عما فعلتم أو في أمر دنياكم أو مع أبيكم « قال قائل منهم» يهوذا أو روبيل « لا تقتلوا يوسف و ألقوه في غيابت الجب» قعر البئر المغيب ما فيه من الحس « يلتقطه» يأخذه « بعض السيارة» المسافرين « إن كنتم فاعلين» للتفرقة « قالوا يا أبانا ما لك لا تأمنا على يوسف و إنا له لناصحون» عاطفون عليه قائمون بمصالحه « أرسله معنا غدا» إلى الصحراء « يرتع» يتنعم و يأكل « و يلعب» بالرمي و الاستباق « و إنا له لحافظون» حتى نرده إليك « قال إني ليحزنني أن تذهبوا به» و تغيبوه عني « و أخاف أن يأكله الذئب» و كانت أرضهم مذأبة « و أنتم عنه غافلون» مشغولون بشغالكم « قالوا لئن أكله الذئب و نحن عصبة» و لم نمنعه منه « إنا إذا لخاسرون» عجزة ضعفاء فأرسله معهم « فلما ذهبوا به و أجمعوا» عزموا « أن يجعلوه في غيابت الجب و أوحينا إليه» في الجب إيناسا له « لتنبئنهم بأمرهم هذا» لتخبرنهم فيما بعد بصنعهم بك « و هم لا يشعرون» أنك يوسف إشارة إلى ما قال لهم حين دخلوا عليه فعرفهم و هم له منكرون « و جاءوا أباهم عشاء يبكون قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق» نرمي أو نعدو « و تركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب و ما أنت بمؤمن» بمصدق « لنا و لو كنا صادقين» لاتهامك لنا « و جاءوا على قميصه بدم كذب»تفسير شبر ص :241وَ جَاءُو عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍقَالَ بَلْ سوَّلَت لَكُمْ أَنفُسكُمْ أَمْراًفَصبرٌ جَمِيلٌوَ اللَّهُ الْمُستَعَانُ عَلى مَا تَصِفُونَ(18) وَ جَاءَت سيَّارَةٌ فَأَرْسلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلى دَلْوَهُقَالَ يَبُشرَى هَذَا غُلَمٌوَ أَسرُّوهُ بِضعَةًوَ اللَّهُ عَلِيمُ بِمَا يَعْمَلُونَ(19) وَ شرَوْهُ بِثَمَنِ بخْسٍ دَرَهِمَ مَعْدُودَةٍ وَ كانُوا فِيهِ مِنَ الزَّهِدِينَ(20) وَ قَالَ الَّذِى اشترَاهُ مِن مِّصرَ لامْرَأَتِهِ أَكرِمِى مَثْوَاهُ عَسى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداًوَ كذَلِك مَكَّنَّا لِيُوسف فى الأَرْضِ وَ لِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِوَ اللَّهُ غَالِبٌ عَلى أَمْرِهِ وَ لَكِنَّ أَكثرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ(21) وَ لَمَّا بَلَغَ أَشدَّهُ ءَاتَيْنَهُ حُكْماً وَ عِلْماًوَ كَذَلِك نجْزِى الْمُحْسِنِينَ(22) وَ رَوَدَتْهُ الَّتى هُوَ فى بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَ غَلَّقَتِ الأَبْوَب وَ قَالَت هَيْت لَكقَالَ مَعَاذَ اللَّهِإِنَّهُ رَبى أَحْسنَ مَثْوَاىإِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظلِمُونَ(23) وَ لَقَدْ هَمَّت بِهِوَ هَمَّ بهَا لَوْ لا أَن رَّءَا بُرْهَنَ رَبِّهِكذَلِك لِنَصرِف عَنْهُ السوءَ وَ الْفَحْشاءَإِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ(24) وَ استَبَقَا الْبَاب وَ قَدَّت قَمِيصهُ مِن دُبُرٍ وَ أَلْفَيَا سيِّدَهَا لَدَا الْبَابِقَالَت مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِك سوءاً إِلا أَن يُسجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(25) قَالَ هِىَ رَوَدَتْنى عَن نَّفْسىوَ شهِدَ شاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كانَ قَمِيصهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصدَقَت وَ هُوَ مِنَ الْكَذِبِينَ(26)وصف به مبالغة أو ذي كذب أي مكذوب فيه فإنه دم سخلة ذبحوها و لطخوه به و ذهلوا أن يمزقوه فقال يعقوب كيف أكله و لم يمزق قميصه « قال بل سولت» زينت « لكم أنفسكم أمرا» فصنعتموه « فصبر جميل» لا جزع فيه أجمل أو فأمري صبر « و الله المستعان على ما تصفون» على دفعه أو على الصبر عليه « و جاءت سيارة» مسافرون من مدين إلى مصر بعد إلقائه في الجب بثلاث سنين « فأرسلوا واردهم» من يرد الماء ليستقي لهم « فأدلى» أرسل في الجب « دلوه» فتعلق بها يوسف فلما رآه « قال يا بشرى» احضري فهذا أوانك « هذا غلام و أسروه» و أخذوه عن رفقتهم و قالوا ادفعوه لنا أهل الماء لنبيعه لهم أو أسره إخوته حين علموا به فقالوا هذا عبدنا أبق و سكت خوفا أن يقتلوه « بضاعة» حال « و الله عليم بما يعملون» بسرهم أو بكيد إخوته « و شروه» أي باعوه أي إخوته أو اشتراه الرفقة منهم « بثمن بخس» ناقص أو زيوف « دراهم» بدل من ثمن « معدودة» قليلة عشرين أو ثمانية و عشرين « و كانوا» أي إخوته أو الرفقة « فيه من الزاهدين و قال الذي اشتراه من مصر» العزيز « لامرأته» راعيل و لقبها زليخا « أكرمي مثواه» مقامه عندنا « عسى أن ينفعنا» في أمورنا « أو نتخذه ولدا» كان عقيما و تفرس فيه الرشد « و كذلك» كما جعلنا له مخرجا حسنا « مكنا ليوسف في الأرض» أرض مصر ليقيم العدل فيها « و لنعلمه من تأويل الأحاديث و الله غالب على أمره» لا يغلبه شيء أو على أمر يوسف حتى بلغه ما قدر له « و لكن أكثر الناس لا يعلمون» ذلك « و لما بلغ أشده» كمال شدته و قوته « آتيناه حكما» بين الناس أو حكمة « و علما» بتعبير الرؤيا و فقها في الدين « و كذلك» الجزاء له « نجزي المحسنين» في أعمالهم « و راودته التي هو في بيتها عن نفسه» طلبت منه أن يواقعها « و غلقت الأبواب» و كانت سبعة « و قالت هيت لك» اسم فعل أي هلم أو أقبل و اللام للتبيين « قال معاذ الله» أعوذ به معاذا « إنه ربي» أي زوجك سيدي « أحسن مثواي» مقامي بإكرامي فلا أخونه في أهله أو الهاء لله أي خالقي رفع محلي فلا أعصيه « إنه لا يفلح الظالمون» بالخيانة أو الزنا « و لقد همت به» قصدت مخالطته « و هم بها» مال طبعه إليها لا القصد الاختياري و المدح لمن كف نفسه عن الفعل « لو لا أن رءا برهان ربه» أي لو لا النبوة المانعة من القبيح لهم و لكنه لم يهم لذلك « كذلك» أريناه البرهان « لنصرف عنه السوء و الفحشاء» الخيانة و الزنا « إنه من عبادنا المخلصين» دينهم لله على الكسر أو المختارين للنبوة على الفتح « و استبقا الباب» بادراه هو للهرب و هي لتمسكه فلحقته و جذبته « و قدت قميصه من دبر» من خلفه « و ألفيا سيدها» وجدا زوجها « لدى الباب قالت» له « ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن» إلا سجن أي حبس « أو عذاب أليم» ضرب مؤلمتفسير شبر ص :242قَالَ هِىَ رَوَدَتْنى عَن نَّفْسىوَ شهِدَ شاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كانَ قَمِيصهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصدَقَت وَ هُوَ مِنَ الْكَذِبِينَ(26) وَ إِن كانَ قَمِيصهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَت وَ هُوَ مِنَ الصدِقِينَ(27) فَلَمَّا رَءَا قَمِيصهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كيْدِكُنَّإِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ(28) يُوسف أَعْرِض عَنْ هَذَاوَ استَغْفِرِى لِذَنبِكِإِنَّكِ كنتِ مِنَ الخَْاطِئِينَ(29) وَ قَالَ نِسوَةٌ فى الْمَدِينَةِ امْرَأَت الْعَزِيزِ تُرَوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِقَدْ شغَفَهَا حُباًّإِنَّا لَنرَاهَا فى ضلَلٍ مُّبِينٍ(30) فَلَمَّا سمِعَت بِمَكْرِهِنَّ أَرْسلَت إِلَيهِنَّ وَ أَعْتَدَت لهَُنَّ مُتَّكَئاً وَ ءَاتَت كلَّ وَحِدَةٍ مِّنهُنَّ سِكِّيناً وَ قَالَتِ اخْرُجْ عَلَيهِنَّفَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبرْنَهُ وَ قَطعْنَ أَيْدِيهُنَّ وَ قُلْنَ حَش للَّهِ مَا هَذَا بَشراً إِنْ هَذَا إِلا مَلَكٌ كَرِيمٌ(31) قَالَت فَذَلِكُنَّ الَّذِى لُمْتُنَّنى فِيهِوَ لَقَدْ رَوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاستَعْصمَوَ لَئن لَّمْ يَفْعَلْ مَا ءَامُرُهُ لَيُسجَنَنَّ وَ لَيَكُوناً مِّنَ الصغِرِينَ(32) قَالَ رَب السجْنُ أَحَب إِلىَّ مِمَّا يَدْعُونَنى إِلَيْهِوَ إِلا تَصرِف عَنى كَيْدَهُنَّ أَصب إِلَيهِنَّ وَ أَكُن مِّنَ الجَْهِلِينَ(33) فَاستَجَاب لَهُ رَبُّهُ فَصرَف عَنْهُ كَيْدَهُنَّإِنَّهُ هُوَ السمِيعُ الْعَلِيمُ(34) ثُمَّ بَدَا لهَُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُا الاَيَتِ لَيَسجُنُنَّهُ حَتى حِينٍ(35) وَ دَخَلَ مَعَهُ السجْنَ فَتَيَانِقَالَ أَحَدُهُمَا إِنى أَرَاخ أَعْصِرُ خَمْراًوَ قَالَ الاَخَرُ إِنى أَرَاخ أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسى خُبزاً تَأْكلُ الطيرُ مِنْهُنَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِإِنَّا نَرَاك مِنَ الْمُحْسِنِينَ(36)« قال» يوسف « هي راودتني عن نفسي» طالبتني بالسوء « و شهد شاهد من أهلها» صبي في المهد ابن أختها أو ابن عمها و قيل رجل كان مع زوجها فقال « إن كان قميصه قد من قبل» من قدامه « فصدقت و هو من الكاذبين» لدلالته على أنه قصدها فدفعته « و إن كان قميصه قد من دبر» من خلفه « فكذبت و هو من الصادقين» لدلالته على أنه فر و تعلقت به « فلما رءا قميصه قد من دبر قال إنه» أي الصنع « من كيدكن إن كيدكن عظيم» يا « يوسف أعرض عن هذا» الحديث و لا تذكره لئلا يفشو « و استغفري لذنبك» يا زليخا « إنك كنت من الخاطئين» ذكر تغليبا « و قال نسوة في المدينة» مصر « امرأت العزيز تراود فتاها عن نفسه» تدعو عبدها إلى الفجور بها « قد شغفها حبا» تمييز أي دخل حبه شغاف قلبها أي غشاءه « إنا لنراها في ضلال مبين فلما سمعت بمكرهن» بتعبيرهن لها سمي مكرا لإرادتهن بذلك رؤية يوسف « أرسلت إليهن» و دعتهن في جملة أربعين امرأة « و أعتدت» أعدت « لهن متكئا» وسائد يتكئن عليها و قيل أترجا « و ءاتت» أعطت « كل واحدة منهن سكينا» ليقطعن بها الفواكه و اللحم « و قالت» ليوسف « اخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه» أعظمنه و بهتن لجماله و قيل حضن « و قطعن أيديهن» جرحنها بالسكين للدهشة « و قلن حاش لله» تنزيها له « ما هذا بشرا» إذ لم يعهد حسنه لبشر « إن هذا إلا ملك كريم» لجماله و عفته « قالت فذلكن» هذا هو الفتى « الذي لمتنني فيه» في حبه فقد رأيتن ما أصابكن برؤيته مرة فكيف ألام و أنا أشاهده دائما « و لقد راودته عن نفسه فاستعصم» امتنع طلبا للعصمة « و لئن لم يفعل ما ءامره ليسجنن و ليكونا من الصاغرين» الأذلاء « قال» حين توعدنه و دعونه إلى أنفسهن « رب» يا رب « السجن أحب إلي مما يدعونني إليه» من الفاحشة « و إلا تصرف عني كيدهن» أي ضرره بالتثبت على العصمة « أصب» أمل بطبعي « إليهن و أكن من الجاهلين فاستجاب له ربه» دعاءه « فصرف عنه كيدهن» بعضه بلطفه و توفيقه لقمع الشهوة و الصبر على السجن « إنه هو السميع» لدعاء من دعاه « العليم» بحاله « ثم بدا لهم» ظهر للعزيز و صحبه « من بعد ما رأوا الآيات» الدلائل على براءة يوسف كقد القميص و نطق الطفل و قطع اليدين و نحوها « ليسجننه حتى حين و دخل معه السجن فتيان» عبدان للملك ساقيه و خبازه اتهما بإرادة سمه فسجنا فرأياه يعبر للناس رؤياهم « قال أحدهما» الساقي « إني أراني» في المنام « أعصر خمرا» عنبا سماه بما يئول إليه .تفسير شبر ص :243وَ دَخَلَ مَعَهُ السجْنَ فَتَيَانِقَالَ أَحَدُهُمَا إِنى أَرَاخ أَعْصِرُ خَمْراًوَ قَالَ الاَخَرُ إِنى أَرَاخ أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسى خُبزاً تَأْكلُ الطيرُ مِنْهُنَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِإِنَّا نَرَاك مِنَ الْمُحْسِنِينَ(36) قَالَ لا يَأْتِيكُمَا طعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيَكُمَاذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنى رَبىإِنى تَرَكْت مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ هُم بِالاَخِرَةِ هُمْ كَفِرُونَ(37) وَ اتَّبَعْت مِلَّةَ ءَابَاءِى إِبْرَهِيمَ وَ إِسحَقَ وَ يَعْقُوبمَا كانَ لَنَا أَن نُّشرِك بِاللَّهِ مِن شىْءٍذَلِك مِن فَضلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَ عَلى النَّاسِ وَ لَكِنَّ أَكثرَ النَّاسِ لا يَشكُرُونَ(38) يَصحِبىِ السجْنِ ءَ أَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَحِدُ الْقَهَّارُ(39) مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلا أَسمَاءً سمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَ ءَابَاؤُكم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بهَا مِن سلْطنٍإِنِ الْحُكْمُ إِلا للَّهِأَمَرَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُذَلِك الدِّينُ الْقَيِّمُ وَ لَكِنَّ أَكثرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ(40) يَصحِبىِ السجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسقِى رَبَّهُ خَمْراًوَ أَمَّا الاَخَرُ فَيُصلَب فَتَأْكلُ الطيرُ مِن رَّأْسِهِقُضىَ الأَمْرُ الَّذِى فِيهِ تَستَفْتِيَانِ(41) وَ قَالَ لِلَّذِى ظنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكرْنى عِندَ رَبِّك فَأَنساهُ الشيْطنُ ذِكرَ رَبِّهِ فَلَبِث فى السجْنِ بِضعَ سِنِينَ(42) وَ قَالَ الْمَلِك إِنى أَرَى سبْعَ بَقَرَتٍ سِمَانٍ يَأْكلُهُنَّ سبْعٌ عِجَافٌ وَ سبْعَ سنبُلَتٍ خُضرٍ وَ أُخَرَ يَابِستٍيَأَيهَا الْمَلأُ أَفْتُونى فى رُءْيَىَ إِن كُنتُمْ لِلرُّءْيَا تَعْبرُونَ(43)« و قال الآخر» الخباز « إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله» بتعبيره « إنا نريك من المحسنين» لتأويل الرؤيا أو إلى أهل السجن « قال لا يأتيكما طعام ترزقانه» في منامكما أو من أهلكما « إلا نبأتكما بتأويله» في اليقظة أو بصفته « قبل أن يأتيكما» تأويله أو الطعام « ذلكما» التأويل « مما علمني ربي» بوحي أو إلهام « إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله و هم بالآخرة هم» تأكيد « كافرون و اتبعت ملة ءابائي» دينهم « إبراهيم و إسحق و يعقوب ما كان» ما جاز « لنا أن نشرك بالله من شيء ذلك» التوحيد « من فضل الله علينا و على الناس» بعثنا لهدايتهم « و لكن أكثر الناس لا يشكرون» فضله « يا صاحبي السجن أ أرباب متفرقون» شتى لا تضر و لا تنفع « خير أم الله الواحد» الذي لا ثان له « القهار» الغالب على الكل « ما تعبدون» يا أهل مصر « من دونه» أي غير الله « إلا أسماء سميتموها أنتم و ءاباؤكم» آلهة « ما أنزل الله بها» بعبادتها « من سلطان» حجة « إن الحكم إلا لله» فلا يستحق العبادة إلا هو « أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم» المستقيم لا ما أنتم عليه من الشرك « و لكن أكثر الناس لا يعلمون» ذلك لتركهم النظر « يا صاحبي السجن أما أحدكما» أي الساقي فيرد إلى عمله بعد ثلاث « فيسقي ربه» سيده « خمرا» كعادته « و أما الآخر» أي الخباز فيخرج بعد ثلاث « فيصلب فيأكل الطير من رأسه» فقالا ما رأينا شيئا فقال « قضي الأمر الذي فيه تستفتيان» فهو حال بكما رأيتما أم لا « و قال للذي ظن» علم « أنه ناج منهما» و هو الساقي « اذكرني عند ربك» سيدك بأني حبست ظلما « فأنساه» أي الساقي « الشيطان ذكر ربه» أن يذكر لسيده أو أنسى يوسف ذكر الله حتى استعان بمخلوق « فلبث في السجن بضع سنين» سبعا بعد الخمس و البضع ما دون العشرة إلى الثلاثة « و قال الملك إني أرى» في منامي « سبع بقرات سمان يأكلهن سبع» أخر « عجاف» هزال « و سبع سنبلات خضر»تفسير شبر ص :244وَ قَالَ الْمَلِك إِنى أَرَى سبْعَ بَقَرَتٍ سِمَانٍ يَأْكلُهُنَّ سبْعٌ عِجَافٌ وَ سبْعَ سنبُلَتٍ خُضرٍ وَ أُخَرَ يَابِستٍيَأَيهَا الْمَلأُ أَفْتُونى فى رُءْيَىَ إِن كُنتُمْ لِلرُّءْيَا تَعْبرُونَ(43) قَالُوا أَضغَث أَحْلَمٍوَ مَا نحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلَمِ بِعَلِمِينَ(44) وَ قَالَ الَّذِى نجَا مِنهُمَا وَ ادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكم بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ(45) يُوسف أَيهَا الصدِّيقُ أَفْتِنَا فى سبْع بَقَرَتٍ سِمَانٍ يَأْكلُهُنَّ سبْعٌ عِجَافٌ وَ سبْع سنبُلَتٍ خُضرٍ وَ أُخَرَ يَابِستٍ لَّعَلى أَرْجِعُ إِلى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ(46) قَالَ تَزْرَعُونَ سبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَمَا حَصدتمْ فَذَرُوهُ فى سنبُلِهِ إِلا قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكلُونَ(47) ثمَّ يَأْتى مِن بَعْدِ ذَلِك سبْعٌ شِدَادٌ يَأْكلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لهَُنَّ إِلا قَلِيلاً مِّمَّا تحْصِنُونَ(48) ثمَّ يَأْتى مِن بَعْدِ ذَلِك عَامٌ فِيهِ يُغَاث النَّاس وَ فِيهِ يَعْصِرُونَ(49) وَ قَالَ المَْلِك ائْتُونى بِهِفَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسولُ قَالَ ارْجِعْ إِلى رَبِّك فَسئَلْهُ مَا بَالُ النِّسوَةِ الَّتى قَطعْنَ أَيْدِيهُنَّإِنَّ رَبى بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ(50) قَالَ مَا خَطبُكُنَّ إِذْ رَوَدتُّنَّ يُوسف عَن نَّفْسِهِقُلْنَ حَش للَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سوءٍقَالَتِ امْرَأَت الْعَزِيزِ الْئََنَ حَصحَص الْحَقُّ أَنَا رَوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَ إِنَّهُ لَمِنَ الصدِقِينَ(51) ذَلِك لِيَعْلَمَ أَنى لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَ أَنَّ اللَّهَ لا يهْدِى كَيْدَ الخَْائنِينَ(52)قد انعقد حبها « و أخر» و سبعا أخر « يابسات» قد التوت على الخضر و غلب عليها « يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون» اللام للبيان أو لتقوية الفعل لتأخره « قالوا أضغاث» تخاليط « أحلام» كاذبة « و ما نحن بتأويل الأحلام» الكاذبة « بعالمين و قال الذي نجا منهما» أي الساقي « و ادكر» أصله ادتكر قلبت تاؤه دالا و أدغمت أي تذكر شأن يوسف « بعد أمة» جملة من الحين « أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون» إلى من يعلمه فأتى يوسف فقال يا « يوسف أيها الصديق» الكثير الصدق « أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف و سبع سنبلات خضر و أخر يابسات» رآها الملك « لعلي أرجع إلى الناس» أي الملك و من معه « لعلهم يعلمون» فضلك أو تأويلها « قال تزرعون سبع سنين دأبا» باجتهاد أو على عادتكم حال أي دائبين أو مصدر أي تدأبون دأبا و هذا تأويل البقرات السمان و السنبلات الخضر « فما حصدتم فذروه» فاتركوه « في سنبله إلا قليلا مما تأكلون» فدوسوه « ثم يأتي من بعد ذلك» أي السبع المخصبة « سبع شداد» مجدبات و هي تأويل العجاف و اليابسات « يأكلن ما قدمتم لهن» أي تأكلون فيهن ما ادخرتم لأجلهن في السنين المخصبة من الحب و هو تأويل أكل العجاف السمان « إلا قليلا مما تحصنون» تحرزون « ثم يأتي من بعد ذلك» الجدب في السبع « عام فيه يغاث الناس» يمطرون من الغيث أو ينقذون من القحط من الغوث « و فيه يعصرون» الثمار كالعنب و الزيتون أو ينجون ، و العصرة النجاة ، و عن علي (عليهالسلام) : يعصرون أي يمطرون من و أنزلنا من المعصرات « و قال الملك ائتوني به» بالمعبر « فلما جاءه الرسول» ليخرجه « قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن» سله أن يعرف حالهن و لم يذكر سيدته كرما و تأدبا « إن ربي» أي الله أو سيدي « بكيدهن عليم» فرجع و أخبر الملك فدعاهن « قال ما خطبكن» شأنكن « إذ راودتن يوسف عن نفسه قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء» هل بدا منه خيانة « قالت امرأت العزيز الآن حصحص الحق» ظهر « أنا راودته عن نفسه و إنه لمن الصادقين» فعاد الرسول فأخبر يوسف بمقالتهن فقال « ذلك» الاستظهار للبراءة « ليعلم» العزيز « أني لم أخنه بالغيب و أن الله لا يهدي كيد الخائنين»تفسير شبر ص :245ذَلِك لِيَعْلَمَ أَنى لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَ أَنَّ اللَّهَ لا يهْدِى كَيْدَ الخَْائنِينَ(52) وَ مَا أُبَرِّئُ نَفْسىإِنَّ النَّفْس لأَمَّارَةُ بِالسوءِ إِلا مَا رَحِمَ رَبىإِنَّ رَبى غَفُورٌ رَّحِيمٌ(53) وَ قَالَ الْمَلِك ائْتُونى بِهِ أَستَخْلِصهُ لِنَفْسىفَلَمَّا كلَّمَهُ قَالَ إِنَّك الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ(54) قَالَ اجْعَلْنى عَلى خَزَائنِ الأَرْضِإِنى حَفِيظٌ عَلِيمٌ(55) وَ كَذَلِك مَكَّنَّا لِيُوسف فى الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنهَا حَيْث يَشاءُنُصِيب بِرَحمَتِنَا مَن نَّشاءُوَ لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ(56) وَ لأَجْرُ الاَخِرَةِ خَيرٌ لِّلَّذِينَ ءَامَنُوا وَ كانُوا يَتَّقُونَ(57) وَ جَاءَ إِخْوَةُ يُوسف فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَ هُمْ لَهُ مُنكِرُونَ(58) وَ لَمَّا جَهَّزَهُم بجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونى بِأَخٍ لَّكُم مِّنْ أَبِيكُمْأَ لا تَرَوْنَ أَنى أُوفى الْكَيْلَ وَ أَنَا خَيرُ الْمُنزِلِينَ(59) فَإِن لَّمْ تَأْتُونى بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِندِى وَ لا تَقْرَبُونِ(60) قَالُوا سنرَوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَ إِنَّا لَفَعِلُونَ(61) وَ قَالَ لِفِتْيَنِهِ اجْعَلُوا بِضعَتهُمْ فى رِحَالهِِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونهَا إِذَا انقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ(62) فَلَمَّا رَجَعُوا إِلى أَبِيهِمْ قَالُوا يَأَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكتَلْ وَ إِنَّا لَهُ لَحَفِظونَ(63) قَالَ هَلْ ءَامَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلا كمَا أَمِنتُكُمْ عَلى أَخِيهِ مِن قَبْلُفَاللَّهُ خَيرٌ حَفِظاًوَ هُوَ أَرْحَمُ الرَّحِمِينَ(64)لا ينفذه أو لا يهديهم بكيدهم « و ما أبرىء نفسي» عن الميل الطبيعي « إن النفس» أي جنسها « لأمارة بالسوء» بميلها الطبيعي إلى الشهوات « إلا ما رحم ربي» أي إلا من رحمه فعصمه أو إلا وقت رحمته « إن ربي غفور» لعباده « رحيم» بهم و قيل الحكاية لقول زليخا و هاء لم أخنه ليوسف « و قال الملك ائتوني به أستخلصه» أجعله خالصا « لنفسي» فأتاه الرسول فدعاه فودع أهل السجن و خرج و اغتسل و لبس ثيابا جددا و دخل و سلم « فلما كلمه» و عرف فضله و عقله « قال إنك اليوم لدينا مكين» ذو قدرة و جاه « أمين» على أمرنا « قال اجعلني على خزائن الأرض» في مصر « إني حفيظ» لها أو للحساب « عليم» بأمرها « و كذلك مكنا ليوسف في الأرض» أرض مصر « يتبوأ» ينزل « منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء» في الدارين « و لا نضيع أجر المحسنين» إلى أنفسهم و غيرهم « و لأجر الآخرة خير» من الدنيا « للذين ءامنوا و كانوا يتقون» المعاصي « و جاء إخوة يوسف» غير بنيامين « فدخلوا عليه فعرفهم و هم له منكرون» لم يعرفوه لبعد العهد إذ مدة مفارقتهم أربعون سنة « و لما جهزهم بجهازهم» أوقر لكل رجل بعيرا « قال ائتوني بأخ لكم من أبيكم» بنيامين « أ لا ترون أني أوفي الكيل و أنا خير المنزلين» المضيفين « فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي و لا تقربون» نهي أو عطف على محل الجزاء « قالوا سنراود عنه أباه» نطلبه منه بجهدنا « و إنا لفاعلون» ذلك « و قال لفتيانه» لغلمانه و قرىء لفتيته « اجعلوا بضاعتهم» في ميرتهم و كانت ورقا أو نعالا و أدما « في رحالهم» أوعيتهم ردوها عليهم من حيث لا يعلمون تفضلا أو خوفا أن لا يجد أبوه ما يعودون به « لعلهم يعرفونها إذ انقلبوا إلى أهلهم» و فتحوا متاعهم « لعلهم يرجعون» لإكرامنا لهم أو لعدم استحلالهم إمساكها « فلما رجعوا إلى أبيهم قالوا : يا أبانا منع منا الكيل» بعد هذا إن لم نأته بأخينا « فأرسل معنا أخانا» بنيامين « نكتل» الطعام « و إنا له لحافظون قال هل ءامنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل»تفسير شبر ص :246قَالَ هَلْ ءَامَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلا كمَا أَمِنتُكُمْ عَلى أَخِيهِ مِن قَبْلُفَاللَّهُ خَيرٌ حَفِظاًوَ هُوَ أَرْحَمُ الرَّحِمِينَ(64) وَ لَمَّا فَتَحُوا مَتَعَهُمْ وَجَدُوا بِضعَتَهُمْ رُدَّت إِلَيهِمْقَالُوا يَأَبَانَا مَا نَبْغِىهَذِهِ بِضعَتُنَا رُدَّت إِلَيْنَاوَ نَمِيرُ أَهْلَنَا وَ نحْفَظ أَخَانَا وَ نَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍذَلِك كيْلٌ يَسِيرٌ(65) قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكمْ حَتى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِّنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنى بِهِ إِلا أَن يحَاط بِكُمْفَلَمَّا ءَاتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ(66) وَ قَالَ يَبَنىَّ لا تَدْخُلُوا مِن بَابٍ وَحِدٍ وَ ادْخُلُوا مِنْ أَبْوَبٍ مُّتَفَرِّقَةٍوَ مَا أُغْنى عَنكُم مِّنَ اللَّهِ مِن شىْءٍإِنِ الحُْكْمُ إِلا للَّهِعَلَيْهِ تَوَكلْتوَ عَلَيْهِ فَلْيَتَوَكلِ الْمُتَوَكلُونَ(67) وَ لَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْث أَمَرَهُمْ أَبُوهُم مَّا كانَ يُغْنى عَنْهُم مِّنَ اللَّهِ مِن شىْءٍ إِلا حَاجَةً فى نَفْسِ يَعْقُوب قَضاهَاوَ إِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَهُ وَ لَكِنَّ أَكثرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ(68) وَ لَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسف ءَاوَى إِلَيْهِ أَخَاهُقَالَ إِنى أَنَا أَخُوك فَلا تَبْتَئس بِمَا كانُوا يَعْمَلُونَ(69) فَلَمَّا جَهَّزَهُم بجَهَازِهِمْ جَعَلَ السقَايَةَ فى رَحْلِ أَخِيهِ ثمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسرِقُونَ(70) قَالُوا وَ أَقْبَلُوا عَلَيْهِم مَّا ذَا تَفْقِدُونَ(71) قَالُوا نَفْقِدُ صوَاعَ الْمَلِكِ وَ لِمَن جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَ أَنَا بِهِ زَعِيمٌ(72)و قد ضمنتم حفظه و قد فعلتم ما فعلتم « فالله خير حافظا و هو أرحم الراحمين» يرحمني بحفظه « و لما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم ردت إليهم قالوا يا أبانا ما نبغي» أي شيء نطلب من إحسان الملك زيادة على هذا « هذه بضاعتنا ردت إلينا و نمير أهلنا» نحمل لهم الميرة أي الطعام « و نحفظ أخانا و نزداد كيل» وقر « بعير» لأجله « ذلك كيل يسير» أي كيل البعير سهل على الملك أو ما جئنا به قليل لا يكفينا فنحتاج إلى الرجوع للمضاعفة و الزيادة « قال لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقا من الله» عهدا « لتأتنني به إلا أن يحاط بكم» إلا أن تهلكوا أو تغلبوا حتى لا تطيقوا ذلك « فلما ءاتوه موثقهم» عهدهم « قال الله على ما نقول وكيل» شاهد حافظ فأجابهم إلى إرساله معهم « و قال يا بني لا تدخلوا» مصر « من باب واحد و ادخلوا من أبواب متفرقة» خاف عليهم العين « و ما أغني» أدفع « عنكم من الله من شيء» قدر لكم « إن الحكم إلا لله» لا راد لقضائه « عليه توكلت و عليه فليتوكل المتوكلون و لما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم» أي من أبواب متفرقة « ما كان يغني عنهم» دخولهم كذلك « من الله» من قضائه « من شيء» تصديق ليعقوب « إلا» لكن « حاجة في نفس يعقوب قضاها» أي شفقة في نفس يعقوب أبداها « و إنه لذو علم» ففعله و قوله عن علم « لما علمناه» من أجل تعليمنا إياه « و لكن أكثر الناس» هم المشركون « لا يعلمون» ما ألهم الله أولياءه « و لما دخلوا على يوسف ءاوى» ضم « إليه أخاه» بنيامين « قال إني أنا أخوك فلا تبتئس» تحزن « بما كانوا يعملون» بنا « فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية» هي مشربة من ذهب أو فضة جعلت صاعا للكيل « في رحل أخيه» ثم انطلقوا « ثم أذن مؤذن» نادى مناد « أيتها العير» القافلة « إنكم لسارقون» روي ما سرقوا و ما كذب يوسف و إنما عنى سرقتهم يوسف من أبيه و قيل هو استفهام « قالوا و أقبلوا عليهم ما ذا تفقدون» أي شيء ضل لكم « قالوا نفقد صواع الملك» صاعه « و لمن جاء به حمل بعير» طعاما « و أنا به زعيم» كفيلتفسير شبر ص :247قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُم مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فى الأَرْضِ وَ مَا كُنَّا سرِقِينَ(73) قَالُوا فَمَا جَزؤُهُ إِن كُنتُمْ كذِبِينَ(74) قَالُوا جَزؤُهُ مَن وُجِدَ فى رَحْلِهِ فَهُوَ جَزؤُهُكَذَلِك نجْزِى الظلِمِينَ(75) فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثمَّ استَخْرَجَهَا مِن وِعَاءِ أَخِيهِكَذَلِك كِدْنَا لِيُوسفمَا كانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فى دِينِ الْمَلِكِ إِلا أَن يَشاءَ اللَّهُنَرْفَعُ دَرَجَتٍ مَّن نَّشاءُوَ فَوْقَ كلِّ ذِى عِلْمٍ عَلِيمٌ(76) قَالُوا إِن يَسرِقْ فَقَدْ سرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُفَأَسرَّهَا يُوسف فى نَفْسِهِ وَ لَمْ يُبْدِهَا لهَُمْقَالَ أَنتُمْ شرٌّ مَّكاناًوَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ(77) قَالُوا يَأَيهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنَا مَكانَهُإِنَّا نَرَاك مِنَ الْمُحْسِنِينَ(78) قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلا مَن وَجَدْنَا مَتَعَنَا عِندَهُ إِنَّا إِذاً لَّظلِمُونَ(79) فَلَمَّا استَيْئَسوا مِنْهُ خَلَصوا نجِيًّاقَالَ كبِيرُهُمْ أَ لَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُم مَّوْثِقاً مِّنَ اللَّهِ وَ مِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فى يُوسففَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْض حَتى يَأْذَنَ لى أَبى أَوْ يحْكُمَ اللَّهُ لىوَ هُوَ خَيرُ الحَْكِمِينَ(80) ارْجِعُوا إِلى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَأَبَانَا إِنَّ ابْنَك سرَقَ وَ مَا شهِدْنَا إِلا بِمَا عَلِمْنَا وَ مَا كنَّا لِلْغَيْبِ حَفِظِينَ(81)« قالوا تالله لقد علمتم» بما رأيتم من أمانتنا « ما جئنا لنفسد في الأرض و ما كنا سارقين» قط « قالوا فما جزاؤه» أي السارق أو السرق « إن كنتم كاذبين» بتبرئكم « قالوا جزاؤه» مبتدأ و الخبر « من وجد في رحله» أي جزاء السرق استرقاق من وجد في رحله هو شرع آل يعقوب و قوله « فهو جزاؤه» مؤكد أي فالاسترقاق جزء السرق « كذلك» الجزاء « نجزي الظالمين» بالسرقة فردوا إلى يوسف بالتفتيش « فبدأ بأوعيتهم» ففتشها « قبل وعاء أخيه» إزالة للتهمة « ثم استخرجها» أي السقاية أو الصواع لأنه يذكر و يؤنث « من وعاء أخيه كذلك» الكيد « كدنا ليوسف» علمناه الاحتيال في أخذ أخيه « ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك» حكم ملك مصر لأن حكمه الضرب و تغريم ضعف ما سرق لا الاسترقاق « إلا أن يشاء الله» لكن بمشيئة الله أخذه بدين أبيه أي لم يتمكن من أخذه إلا بمشيئة الله بإلهامه أن سأل إخوته ما جزاؤه و جوابهم بشرعهم « نرفع درجات من نشاء» بالعلم كما رفعنا درجته « و فوق كل ذي علم عليم» حتى ينتهي إلى الله « قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل» و ذلك أن عمة يوسف كان تحضنه و تحبه فأراد أبوه انتزاعه منها فشدت منطقة أبيها على وسطه تحت ثيابه و بعثت به إلى أبيه و قالت سرق المنطقة فوجدت عليه و كان الحكم أن يدفع إليها فأخذته « فأسرها يوسف في نفسه» أي تلك المقالة « و لم يبدها» لم يظهرها « لهم قال» في نفسه « أنتم شر مكانا» منزلة فيما فعلتم « و الله أعلم بما تصفون» و هو يعلم أنه لم يسرق « قالوا يا أيها العزيز إن له أبا شيخا كبيرا فخذ أحدنا مكانه» بدله « إنا نراك من المحسنين» إلى الناس و إلينا « قال معاذ الله» نعوذ به معاذا من « أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده» لم يقل من سرق تحرزا من الكذب « إنا إذا» إن أخذنا بريئا بمجرم « لظالمون فلما استيئسوا منه» يئسوا من إجابة يوسف « خلصوا» اعتزلوا « نجيا» متناجين « قال» لهم « كبيرهم» سنا هو يهوذا أو شمعون أو روبيل « أ لم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقا من الله و من قبل ما فرطتم في يوسف» قصرتم في أمره و ما زائدة أي مصدرية عطف على مفعولي تعلموا « فلن أبرح الأرض» لن أفارق أرض مصر « حتى يأذن لي أبي» في الرجوع إليه « أو يحكم الله لي» يقضي لي بالخروج « و هو خير الحاكمين» فتخلف يهوذا و قال « ارجعوا إلى أبيكم فقولوا يا أبانا إن ابنك سرق» في الظاهر « و ما شهدنا» عليه « إلا بما علمنا» و شاهدنا من إخراج الصاع من رحله « و ما كنا للغيب حافظين» أي لم نعلم حين أعطيناك الموثق أنه سيسرق أو لم نعلم باطن الأمر أنه سرق أو دس الصاع في رحلهتفسير شبر ص :248وَ سئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتى كنَّا فِيهَا وَ الْعِيرَ الَّتى أَقْبَلْنَا فِيهَاوَ إِنَّا لَصدِقُونَ(82) قَالَ بَلْ سوَّلَت لَكُمْ أَنفُسكُمْ أَمْراًفَصبرٌ جَمِيلٌعَسى اللَّهُ أَن يَأْتِيَنى بِهِمْ جَمِيعاًإِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكيمُ(83) وَ تَوَلى عَنهُمْ وَ قَالَ يَأَسفَى عَلى يُوسف وَ ابْيَضت عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ(84) قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكرُ يُوسف حَتى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَلِكِينَ(85) قَالَ إِنَّمَا أَشكُوا بَثى وَ حُزْنى إِلى اللَّهِ وَ أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ(86) يَبَنىَّ اذْهَبُوا فَتَحَسسوا مِن يُوسف وَ أَخِيهِ وَ لا تَايْئَسوا مِن رَّوْح اللَّهِإِنَّهُ لا يَايْئَس مِن رَّوْح اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَفِرُونَ(87) فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَأَيهَا الْعَزِيزُ مَسنَا وَ أَهْلَنَا الضرُّ وَ جِئْنَا بِبِضعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَ تَصدَّقْ عَلَيْنَاإِنَّ اللَّهَ يجْزِى الْمُتَصدِّقِينَ(88) قَالَ هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسف وَ أَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَهِلُونَ(89) قَالُوا أَ ءِنَّك لأَنت يُوسفقَالَ أَنَا يُوسف وَ هَذَا أَخِىقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَاإِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَ يَصبرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ(90) قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ ءَاثَرَك اللَّهُ عَلَيْنَا وَ إِن كنَّا لَخَطِئِينَ(91) قَالَ لا تَثرِيب عَلَيْكُمُ الْيَوْمَيَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْوَ هُوَ أَرْحَمُ الرَّحِمِينَ(92)« و اسئل القرية التي كنا فيها» هي مصر أي أرسل إلى أهلها و اسألهم عن ذلك « و العير» و اسأل أهل القافلة « التي أقبلنا فيها و إنا لصادقون» في خبرنا فرجعوا إليه و قالوا له ما قال أخوهم « قال بل سولت» زينت « لكم أنفسكم أمرا» فصنعتموه « فصبر جميل» بتقدير مبتدإ أي فأمري صبر أو خبر أي أجمل « عسى الله أن يأتيني بهم جميعا» بيوسف و إخوته « إنه هو العليم» بحالنا « الحكيم» في صنعه « و تولى» أعرض « عنهم» لتهييجهم حزنه « و قال يا أسفى» أحضر هذا وقتك و الألف بدل ياء الإضافة « على يوسف» تأسف عليه دون أخويه لأن مصيبته أصل كل مصيبة أو لتحققه حياتهما دون حياته « و ابيضت عيناه من الحزن» الموجب لكثرة البكاء الماحق سوادهما قيل عمي و قيل ضعف بصره « فهو كظيم» مكظوم أي مملوء حزنا و غيظا « قالوا تالله تفتؤ» لا تفتأ و لا تنفك « تذكر يوسف حتى تكون حرضا» مشرفا على الموت أو ذائبا من الغم أو دنفا فاسد العقل و هو مصدر تصلح للواحد و غيره « أو تكون من الهالكين» الموتى « قال إنما أشكوا بثي» هو الهم الذي لا يصبر عليه حتى يبث « و حزني إلى الله» لا إليكم « و أعلم من الله» من رحمته و قدرته أو من إلهامه « ما لا تعلمون» من حياة يوسف و صدق رؤياه « يا بني اذهبوا فتحسسوا» فتفحصوا « من يوسف و أخيه» اطلبوا خبرهما « و لا تيأسوا من روح الله» من رحمته و فرجه « إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون فلما دخلوا عليه» على يوسف « قالوا يا أيها العزيز مسنا و أهلنا الضر» الجوع « و جئنا ببضاعة مزجاة» رديئة هي المقل أو مدفوعة يدفعها كل تاجر لرداءتها أو قلتها « فأوف» أتم « لنا الكيل و تصدق علينا» بالمسامحة و الإغماض عن الرديء أو برد أخينا « إن الله يجزي المتصدقين» لا يضيع أجرهم فرق لهم ثم باح بمكتومه « قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف» من القبيح « و أخيه» من إفراده عن شقيقه و إذلاله « إذ أنتم جاهلون» قبحه لغرة الصبا ، تلقين لهم بالعذر و حث على التوبة « قالوا أ إنك لأنت يوسف» استفهام تقرير و قرىء على الخبر « قال أنا يوسف و هذا أخي قد من الله علينا» بكل خير أو بالجمع « إنه من يتق» الله « و يصبر» على البلاء و عن المعاصي « فإن الله لا يضيع أجر المحسنين» بالتقوى و الصبر وضع موضع الضمير « قالوا تالله لقد ءاثرك الله» فضلك « علينا» بحسن الخلق و الخلق « و إن» مخففة « كنا لخاطئين» آثمين بصنعنا بك « قال لا تثريب» توبيخ « عليكم اليوم» الذي هو مظنة فغيره أولى « يغفر الله لكم» دعاء لهم « و هو أرحم الراحمين» فينعم بالمغفرة و غيرهاتفسير شبر ص :249اذْهَبُوا بِقَمِيصى هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبى يَأْتِ بَصِيراً وَ أْتُونى بِأَهْلِكمْ أَجْمَعِينَ(93) وَ لَمَّا فَصلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنى لأَجِدُ رِيحَ يُوسفلَوْ لا أَن تُفَنِّدُونِ(94) قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّك لَفِى ضلَلِك الْقَدِيمِ(95) فَلَمَّا أَن جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراًقَالَ أَ لَمْ أَقُل لَّكمْ إِنى أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ(96) قَالُوا يَأَبَانَا استَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَطِئِينَ(97) قَالَ سوْف أَستَغْفِرُ لَكُمْ رَبىإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ(98) فَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسف ءَاوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَ قَالَ ادْخُلُوا مِصرَ إِن شاءَ اللَّهُ ءَامِنِينَ(99) وَ رَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلى الْعَرْشِ وَ خَرُّوا لَهُ سجَّداًوَ قَالَ يَأَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُءْيَى مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبى حَقًّاوَ قَدْ أَحْسنَ بى إِذْ أَخْرَجَنى مِنَ السجْنِ وَ جَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشيْطنُ بَيْنى وَ بَينَ إِخْوَتىإِنَّ رَبى لَطِيفٌ لِّمَا يَشاءُإِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الحَْكِيمُ(100) رَب قَدْ ءَاتَيْتَنى مِنَ الْمُلْكِ وَ عَلَّمْتَنى مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِفَاطِرَ السمَوَتِ وَ الأَرْضِ أَنت وَلىِّ فى الدُّنْيَا وَ الاَخِرَةِتَوَفَّنى مُسلِماً وَ أَلْحِقْنى بِالصلِحِينَ(101) ذَلِك مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكوَ مَا كُنت لَدَيهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَ هُمْ يمْكُرُونَ(102) وَ مَا أَكثرُ النَّاسِ وَ لَوْ حَرَصت بِمُؤْمِنِينَ(103)« اذهبوا بقميصي هذا» و هو المتوارث الذي كان في تعويذه « فألقوه على وجه أبي يأت» بعد « بصيرا و أتوني بأهلكم أجمعين و لما فصلت العير» خرجت من مصر « قال أبوهم» لمن عنده « إني لأجد ريح يوسف» وصلها الله إليه من مسيرة عشرة أو أكثر « لو لا أن تفندون» الفند ضعف الرأي و جواب لو لا محذوف أي لصدقتموني « قالوا» له « تالله إنك لفي ضلالك القديم» بعدك عن الصواب بإفراطك في حبه و رجاء لقائه « فلما أن» زائدة « جاء البشير» يهوذا « ألقاه» طرح البشير أو يعقوب القميص « على وجهه» وجه يعقوب « فارتد» عاد « بصيرا قال أ لم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون» من حياة يوسف و كشف الشدة « قالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين» فيما فعلنا « قال سوف أستغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم» روي أخره إلى السحر ليلة الجمعة « فلما دخلوا على يوسف» قيل استقبله يوسف و الملك و أهل مصر و دخلوا في مكان خارج مصر « ءاوى إليه أبويه» أباه و خالته تزوجها أبوه بعد أمه فسميت أما للوجهين « و قال ادخلوا مصر إن شاء الله ءامنين» من كل مكروه و تعلقت المشيئة بالدخول المكيف بالأمن « و رفع أبويه» معه « على العرش» على سرير الملك « و خروا له سجدا» كان سجودهم لله طاعة و شكرا أو ليوسف تحية و إعظاما و قرىء و خروا لله ساجدين « و قال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا» و كان بعد رؤياه و تأويلها ثمانون سنة أو أربعون « و قد أحسن بي إذ أخرجني من السجن» و لم يذكر الجب لأنه نوع تثريب « و جاء بكم من البدو» البادية و كانوا سكنوها لمواشيهم « من بعد أن نزغ الشيطان» أفسد « بيني و بين إخوتي» بالحسد « إن ربي لطيف لما يشاء» في تدبيره « إنه هو العليم» بالمصالح « الحكيم» في التدبير « رب قد ءاتيتني من الملك» بعضه « و علمتني من» أي بعض « تأويل الأحاديث» الرؤيا أو الكتب « فاطر السموات و الأرض» أي خالقهما « أنت وليي» متولي أمري « في الدنيا و الآخرة توفني مسلما و ألحقني بالصالحين» في ثوابهم « ذلك» المقصوص « من أنباء الغيب» ما غاب عنك يا محمد « نوحيه إليك و ما كنت لديهم» عند إخوة يوسف « إذ أجمعوا أمرهم» عزموا على أن يكيدوه « و هم يمكرون» به أي لم تحضرهم فتعلم نبأهم و إنما علمته من جهة الوحي .تفسير شبر ص :250وَ مَا أَكثرُ النَّاسِ وَ لَوْ حَرَصت بِمُؤْمِنِينَ(103) وَ مَا تَسئَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍإِنْ هُوَ إِلا ذِكرٌ لِّلْعَلَمِينَ(104) وَ كَأَيِّن مِّنْ ءَايَةٍ فى السمَوَتِ وَ الأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيهَا وَ هُمْ عَنهَا مُعْرِضونَ(105) وَ مَا يُؤْمِنُ أَكثرُهُم بِاللَّهِ إِلا وَ هُم مُّشرِكُونَ(106) أَ فَأَمِنُوا أَن تَأْتِيهُمْ غَشِيَةٌ مِّنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيهُمُ الساعَةُ بَغْتَةً وَ هُمْ لا يَشعُرُونَ(107) قُلْ هَذِهِ سبِيلى أَدْعُوا إِلى اللَّهِعَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَنىوَ سبْحَنَ اللَّهِ وَ مَا أَنَا مِنَ الْمُشرِكِينَ(108) وَ مَا أَرْسلْنَا مِن قَبْلِك إِلا رِجَالاً نُّوحِى إِلَيهِم مِّنْ أَهْلِ الْقُرَىأَ فَلَمْ يَسِيرُوا فى الأَرْضِ فَيَنظرُوا كَيْف كانَ عَقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْوَ لَدَارُ الاَخِرَةِ خَيرٌ لِّلَّذِينَ اتَّقَوْاأَ فَلا تَعْقِلُونَ(109) حَتى إِذَا استَيْئَس الرُّسلُ وَ ظنُّوا أَنهُمْ قَدْ كذِبُوا جَاءَهُمْ نَصرُنَا فَنُجِّىَ مَن نَّشاءُوَ لا يُرَدُّ بَأْسنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ(110) لَقَدْ كانَ فى قَصصِهِمْ عِبرَةٌ لأُولى الأَلْبَبِمَا كانَ حَدِيثاً يُفْترَى وَ لَكن تَصدِيقَ الَّذِى بَينَ يَدَيْهِ وَ تَفْصِيلَ كلِّ شىْءٍ وَ هُدًى وَ رَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ(111)« و ما أكثر الناس و لو حرصت» على إيمانهم و اجتهدت في دعائهم « بمؤمنين و ما تسئلهم عليه» أي القرآن « من أجر» جعل تأخذه منهم « إن هو» ما القرآن « إلا ذكر» عظة « للعالمين و كأين» و كم « من آية» دلالة « في السموات و الأرض» دالة على توحيد الله و قدرته « يمرون عليها» يشاهدونها « و هم عنها معرضون» لا يتفكرون فيها « و ما يؤمن أكثرهم بالله» في اعترافهم بإلهيته و ربوبيته « إلا و هم مشركون» بعبادتهم غيره أو بجحد القرآن و نبوة محمد أو بطاعة الشيطان في المعاصي أو بنحو قولهم لو لا فلان لهلكت ، روي أنه شرك طاعة لا شرك عبادة « أ فأمنوا أن تأتيهم الساعة بغتة» فجأة « و هم لا يشعرون» بإتيانها بعلامة متقدمة « قل هذه» الدعوة إلى الإيمان « سبيلي» سنتي « أدعوا إلى الله» إلى دينه « على بصيرة» كائنا على حجة بينة « أنا» تأكيد للمستكن « و من اتبعني» عطف عليه « و سبحان الله» تنزيها له عما أشركوا « و ما أنا من المشركين» شيئا « و ما أرسلنا من قبلك إلا رجالا» لا ملائكة « نوحي إليهم من أهل القرى» الأمصار لأنهم أعلم و أعقل من أهل البدو « أ فلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم» من مكذبي الرسل فيعتبروا بهم « و لدار الآخرة خير للذين اتقوا» الله « أ فلا تعقلون» يتفكرون بعقولهم ليعلموا ذلك و قرىء بالياء « حتى إذا استيئس الرسل» غاية لما دل عليه و ما أرسلنا من قبلك إلا رجالا أي أمهلنا مكذبيهم كما أمهلنا مكذبيك حتى يئس الرسل من إيمانهم « و ظنوا أنهم قد كذبوا» أيقن الرسل أن قومهم كذبوهم تكذيبا لا إيمان بعده و خففه الكوفيون أي أيقن الرسل أن قومهم أخلفوهم وعدهم بالإيمان أو ظن الأعم أن الرسل كذبوهم فيما أخبروهم به من النصر عليهم أو ظنوا أن الرسل أخلفوا ما وعدوه من النصر « جاءهم نصرنا فنجي» بنونين مضارعا و بنون ماضيا مجهولا « من نشاء» المؤمنين « و لا يرد بأسنا» عذابنا « عن القوم المجرمين» المشركين « لقد كان في قصصهم» أي الرسل أو يوسف و إخوته « عبرة لأولي الألباب» عظة لذوي العقول « ما كان» القرآن « حديثا يفترى و لكن تصديق الذي بين يديه» ما تقدمه من الكتب « و تفصيل» بيان « كل شيء» يحتاج إليه في الدين « و هدى و رحمة» بيانا و نعمة « لقوم يؤمنون» خصوا بالذكر لأنهم المنتفعون .