تفسير قمي سوره جاثيه
45 سورة الجاثية مكية آياتها سبع و ثلاثون 37بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم إن في السموات و الأرض لآيات للمؤمنين و هي النجوم و الشمس و القمر و في الأرض ما يخرج منها من أنواع النبات للناس و الدواب لآيات لقوم يعقلون قوله : و تصريف الرياح آيات لقوم يعقلون أي تجيء من كل جانب و ربما كانت حارة و ربما كانت باردة و منها ما يسير السحاب و منها ما يبسط الرزق في الأرض و منها ما يلقح الشجرة و قوله : ويل لكل أفاك أثيم أي كذاب يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا أي يصر على أنه كذب و يستكبر على نفسه كأن لم يسمعها و قوله : و إذا علم من آياتنا شيئا اتخذها هزوا يعني إذا رأى فوضع العلم مكان الرؤية و قوله هذا هدى يعني القرآن هو تبيان قوله : و الذين كفروا بآيات ربهم لهم عذاب من رجز أليم قال : الشدة و السوء ثم قال : الله الذي سخر لكم البحر لتجري الفلك أي السفن فيه ثم قال : و سخر لكم ما في السموات و ما في الأرض جميعا منه يعني ما في السماوات من الشمس و القمر و النجوم و المطر و قوله :« و أنزل من السماء ماء » هو المطر الذي يأتينا في وقته و حينه الذي ينفع به في الزروع و غيرها و قوله : قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله قال يقول لأئمة الحق لا تدعوا على أئمة الجور حتى يكون اللهالذي يعاقبهم في قوله : ليجزي قوما بما كانوا يكسبون .تفسير القمي ج : 2ص :294حدثنا أبو القاسم قال : حدثنا محمد بن عباس قال : حدثنا عبيد الله بن موسى قال : حدثنا عبد العظيم بن عبد الله الحسني ، قال : حدثنا عمر بن رشيد عن داود بن كثير عن أبي عبد الله (عليهالسلام) في قول الله عز و جل قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله قال قل للذين مننا عليهم بمعرفتنا أن يغفروا للذين لا يعلمون فإذا عرفوهم فقد غفروا لهم ، حدثنا سعيد بن محمد قال : حدثنا بكر بن سهل قال : حدثنا عبد الغني بن سعيد قال : حدثنا موسى بن عبد الرحمن عن ابن جريح عن عطا عن ابن عباس في قوله : من عمل صالحا فلنفسه يريد المؤمنين و من أساء فعليها يريد المنافقين و المشركين ثم إلى ربكم ترجعون يريد إليه تصيرون .و قال علي بن إبراهيم في قوله ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها إلى قوله لن يغنوا عنك من الله شيئا فهذا تأديب لرسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) و المعنى لأمته و قوله أ فرأيت من اتخذ إلهه هواه قال : نزلت في قريش كلما هووا شيئا عبدوه و أضله الله على علم أي عذبه على علم منه فيما ارتكبوا من أمير المؤمنين (عليهالسلام) و جرى ذلك بعد رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) لما فعلوه بأهوائهم و آرائهم و أزالوهم و أمالوا الخلافة و الإمامة عن أمير المؤمنين بعد أخذ الميثاق عليهم مرتين لأمير المؤمنين و قوله اتخذ إلهه هواه نزلت في قريش و جرت بعد رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) في الذين غصبوا أمير المؤمنين (عليهالسلام) و اتخذوا إماما بأهوائهم و الدليل على ذلك قوله :« و من يقل منهم إني إله من دونه » قال من زعم أنه إمام و ليس بإمام فمن اتخذ إماما ففضله على علي (عليهالسلام) .تفسير القمي ج : 2ص :295ثم عطف على الدهرية الذين قالوا لا نحيا بعد الموت فقال و قالوا ما هي إلا حيوتنا الدنيا نموت و نحيا و هذا مقدم و مؤخر لأن الدهرية لم يقروا بالبعث
و لا النشور بعد الموت و إنما قالوا نحيا و نموت و ما يهلكنا إلا الدهر إلى قوله يظنون فهذا ظن شك و نزلت هذه الآية في الدهرية و جرت في الذين فعلوا ما فعلوا بعد رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) بأمير المؤمنين و أهل بيته (عليهمالسلام) و إنما كان إيمانهم إقرارا بلا تصديق خوفا من السيف و رغبة في المال ، ثم حكى عز و جل قول الدهرية فقال و إذا تتلى عليهم آياتنا بينات ما كان حجتهم إلا أن قالوا ائتوا بآبائنا إن كنتم صادقين أي أنكم تبعثون بعد الموت فقال الله قل الله يحييكم ثم يميتكم ثم يجمعكم إلى يوم القيمة لا ريب فيه و لكن أكثر الناس لا يعلمون و قوله و يوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون الذين أبطلوا دين الله و قوله و ترى كل أمة جاثية أي على ركبها كل أمة تدعى إلى كتابها قال إلى ما يجب عليهم من أعمالهم ثم قال : هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق الآيتان محكمتان .حدثنا محمد بن همام قال : حدثنا جعفر بن محمد الفزاري عن الحسن بن علي اللؤلؤي عن الحسن بن أيوب عن سليمان بن صالح عن رجل عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليهالسلام) قال قلت هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق ، قال له إن الكتاب لم ينطق و لن ينطق و لكن رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) هو الناطق بالكتاب قال الله هذا بكتابنا ينطق عليكم بالحق فقلت : إنا لا نقرؤها هكذا فقال هكذا و الله نزل بها جبرئيل على محمد و لكنه فيما حرف من كتاب الله ، و قال علي بن إبراهيم في قوله و قيل اليوم ننساكم أي نترككم فهذا نسيان الترك كما نسيتم لقاء يومكم هذا و مأواكم النار و ما لكم من ناصرين ذلكم بأنكم اتخذتم آيات الله هزوا و هم الأئمة أي كذبتموهم و استهزأتم بهم فاليوم لا يخرجون منها يعني من النار و لا هم يستعتبون أي لا يجاوبون و لا يقبلهم الله فلله الحمد رب السموات و رب الأرض رب العالمين و له الكبرياء يعني القدرة في السموات و الأرض و هو العزيز الحكيم .