تفسير قمي سوره شوري - تفسیر قمی نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تفسیر قمی - نسخه متنی

علی بن ابراهیم القمی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

تفسير قمي سوره شوري

42 سورة الشورى مكية آياتها ثلاث و خمسون 53

بسم الله الرحمن الرحيم حم عسق هو حروف من اسم الله الأعظم المقطوع يؤلفه رسول الله (صلى‏الله‏عليه‏وآله‏وسلّم‏) أو الإمام (عليه‏السلام‏) فيكون الاسم الأعظم الذي إذا دعا الله به أجاب ثم قال : كذلك يوحي إليك و إلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم حدثنا أحمد بن علي و أحمد بن إدريس قالا : حدثنا محمد بن

تفسير القمي ج : 2ص :268

أحمد العلوي عن العمركي عن محمد بن جمهور قال : حدثنا سليمان بن سماعة عن عبد الله بن القاسم عن يحيى بن مسيرة [ ميسرة ] الخثعمي عن أبي جعفر (عليه‏السلام‏) قال : سمعته يقول حم عسق أعداد سني القائم و قاف جبل محيط بالدنيا من زمرد أخضر فحضره السماء من ذلك الجبل و علم كل شي‏ء في عسق .

و قال علي بن إبراهيم في قوله : تكاد السموات يتفطرن من فوقهن و الملائكة يسبحون بحمد ربهم و يستغفرون لمن في الأرض قال للمؤمنين من الشيعة التوابين خاصة ، و لفظ الآية عامة و معناه خاص و قوله : و كذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم القرى و من حولها قال : أم القرى مكة سميت أم القرى لأنها أول بقعة خلقها الله من الأرض لقوله« إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا » و في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه‏السلام‏) في قوله يتفطرن من فوقهن أي يتصدعن و قوله لتنذر أم القرى مكة و من حولها سائر الأرض و قوله و تنذر يوم الجمع لا ريب فيه فريق في الجنة و فريق في السعير قال : فإنه حدثني الحسين بن عبد الله السكيني عن أبي سعيد البجلي [ النحلي ] عن عبد الملك بن هارون عن أبي عبد الله (عليه‏السلام‏) عن آبائه (عليهم‏السلام‏) قال لما بلغ أمير المؤمنين (عليه‏السلام‏) أمر معاوية و أنه في مائة ألف قال من أي القوم ؟ قالوا من أهل الشام ، قال (عليه‏السلام‏) لا تقولوا من أهل الشام و لكن قولوا من أهل الشوم هم من أبناء مضر لعنوا على لسان داود فجعل الله منهم القردة و الخنازير ، ثم كتب (عليه‏السلام‏) إلى معاوية لا تقتل الناس بيني و بينك و هلم إلى المبارزة فإن أنا قتلتك فإلى النار أنت و تستريح الناس منك و من ضلالتك و إن قتلتني فأنا إلى الجنة و يغمد عنك السيف الذي لا يسعني غمده حتى أرد مكرك و بدعتك ، و أنا الذي ذكر الله اسمه في التوراة و الإنجيل بمؤازرة رسول الله (صلى‏الله‏عليه‏وآله‏وسلّم‏) ، و أنا أول من بايع رسول الله (صلى‏الله‏عليه‏وآله‏وسلّم‏) تحت الشجرة في قوله :« لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة » .

تفسير القمي ج : 2ص :269

فلما قرأ معاوية كتابه و عنده جلساؤه قالوا و الله قد أنصفك فقال معاوية و الله ما أنصفني و الله لأرمينه بمائة ألف سيف من أهل الشام من قبل أن يصل إلي ، و و الله ما أنا من رجاله ، و لقد سمعت رسول الله (صلى‏الله‏عليه‏وآله‏وسلّم‏) يقول و الله يا علي لو بارزك أهل الشرق و الغرب لقتلتهم أجمعين ، فقال له رجل من القوم فما يحملك يا معاوية على قتال من تعلم و تخبر فيه عن رسول الله (صلى‏الله‏عليه‏وآله‏وسلّم‏) بما تخبر ؟ ما أنت و نحن في قتاله إلا على الضلالة ! فقال معاوية : إنما هذا بلاغ من الله و رسالاته و الله ما أستطيع أنا و أصحابي رد ذلك حتى يكون ما هو كائن . قال : و بلغ ذلك ملك الروم و أخبر أن رجلين قد خرجا يطلبان الملك فسأل من أين خرجا ؟ فقيل له رجل بالكوفة و رجل بالشام قال : فلمن الملك الآن فأمر وزراءه فقال تخللوا هل تصيبون من تجار العرب من يصفهما لي ، فأتي برجلين من تجار الشام و رجلين من تجار مكة فسألهم عن صفتهما فوصفوهما له ثم قال لخزان بيوت خزائنه أخرجوا إلي الأصنام فأخرجوها فنظر إليها فقال : الشامي ضال و الكوفي هاد ، ثم كتب إلى معاوية أن ابعث إلي أعلم أهل بيتك و كتب إلى أمير المؤمنين (عليه‏السلام‏) أن ابعث إلي أعلم أهل بيتك ، فأسمع منهما ثم أنظر في الإنجيل كتابنا ثم أخبركما من أحق بهذا الأمر و خشي على ملكه ، فبعث معاوية يزيد ابنه و بعث أمير المؤمنين الحسن ابنه (عليه‏السلام‏) فلما دخل يزيد على الملك أخذ بيده و قبلها ثم قبل رأسه ثم دخل عليه الحسن بن علي (عليهماالسلام‏) فقال : الحمد لله الذي لم يجعلني يهوديا و لا نصرانيا و لا مجوسيا و لا عابدا للشمس و القمر و لا الصنم و لا البقر و جعلني حنيفا مسلما و لم يجعلني من المشركين تبارك الله رب العرش العظيم و الحمد لله رب العالمين ، ثم جلس لا يرفع بصره ، فلما نظر ملك الروم إلى الرجلين أخرجهما ثم فرق بينهما ثم بعث إلى يزيد فأحضره ثم أخرج من خزائنه ثلاثمائة و ثلاثة عشر صندوقا فيها تماثيل الأنبياء و قد زينت بزينة كل نبي مرسل

تفسير القمي ج : 2ص :270

فأخرج صنما فعرضه على يزيد فلم يعرفه ثم عرض عليه صنما صنما فلا يعرف منها شيئا و لا يجيب منها بشي‏ء ثم سأله عن أرزاق الخلائق و عن أرواح المؤمنين أين تجتمع ؟ و عن أرواح الكفار أين تكون إذا ماتوا ؟ فلم يعرف من ذلك شيئا ثم دعا الملك الحسن بن علي (عليهماالسلام‏) ؟ فقال : إنما بدأت بيزيد بن معاوية كي يعلم أنك تعلم ما لا يعلم و يعلم أبوك ما لا يعلم أبوه فقد وصف لي أبوك و أبوه و نظرت في الإنجيل فرأيت فيه محمدا رسول الله (صلى‏الله‏عليه‏وآله‏وسلّم‏) و الوزير عليا (عليه‏السلام‏) فنظرت في الأوصياء فرأيت فيها أباك وصي محمد رسول الله (صلى‏الله‏عليه‏وآله‏وسلّم‏) . فقال له الحسن : سلني عما بدا لك مما تجده في الإنجيل و عما في التوراة و عما في القرآن أخبرك به إن شاء الله تعالى ، فدعا الملك بالأصنام فأول صنم عرض عليه في صورة القمر فقال الحسن (عليه‏السلام‏) : هذه صفة آدم أبو البشر ثم عرض عليه أخرى في صفة الشمس فقال الحسن (عليه‏السلام‏) : هذه صفة حواء أم البشر ثم عرض عليه آخر في صورة حسنة فقال : هذه صفة شيث بن آدم و كان أول من بعث و بلغ عمره في الدنيا ألف سنة و أربعين عاما ، ثم عرض عليه أخرى فقال : هذه صفة نوح صاحب السفينة كان عمره ألفا و أربعمائة سنة و لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما ، ثم عرض عليه آخر فقال : هذه صفة إبراهيم عريض الصدر طويل الجبهة ثم عرض عليه صنما آخر فقال : هذه صفة موسى بن عمران و كان عمره مائتين و أربعين سنة و كان بينه و بين إبراهيم خمسمائة عام ثم أخرج إليه صنما آخر فقال : هذه صفة إسرائيل و هو يعقوب ثم أخرج إليه صنما آخر فقال : هذه صفة إسماعيل ثم أخرج إليه صنما آخر فقال : هذه صفة يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ثم أخرج إليه صنما آخر فقال : هذه صفة داود صاحب المحراب [ الحرب ] ثم أخرج إليه صنما آخر فقال : هذه صفة شعيب ثم زكريا ثم يحيى ثم عيسى بن مريم روح الله و كلمته و كان عمره في الدنيا ثلاثة و ثلاثين سنة ثم رفعه الله إلى

تفسير القمي ج : 2ص :271

السماء و يهبط إلى الأرض بدمشق و هو الذي يقتل الدجال . ثم عرض عليه صنما صنما فيخبر باسم نبي نبي ثم عرض عليه الأوصياء و الوزراء فكان يخبر باسم وصي وصي و وزير وزير ثم عرض عليه أصناما بصفة الملوك فقال الحسن (عليه‏السلام‏) هذه أصنام لم نجد صفتها في التوراة و لا في الإنجيل و لا في الزبور و لا في الفرقان فلعلها من صفة الملوك فقال الملك : أشهد عليكم يا أهل بيت محمد أنكم قد أعطيتم علم الأولين و الآخرين و علم التوراة و الإنجيل و الزبور و صحف إبراهيم و ألواح موسى (عليه‏السلام‏) ثم عرض عليه صنما يلوح ، فلما نظر إليه بكى بكاء شديدا ، فقال له الملك ما يبكيك ؟ فقال : هذه صفة جدي محمد (صلى‏الله‏عليه‏وآله‏وسلّم‏) كثيف اللحية عريض الصدر طويل العنق عريض الجبهة ، أقنى الأنف ، أفلج الأسنان حسن الوجه قطط الشعر طيب الريح حسن الكلام فصيح اللسان ، كان يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر ، بلغ عمره ثلاثا و ستين سنة و لم يخلف بعده إلا خاتما مكتوب عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله (صلى‏الله‏عليه‏وآله‏وسلّم‏) و كان يختم بيمينه و خلف سيفه ذا الفقار و قضيبه و جبة صوف و كساء صوف كان يتسرول به ، لم يقطعه و لم يخطه حتى لحق بالله ! فقال الملك : إنا نجد في الإنجيل أنه يكون له ما يتصدق به على سبطيه فهل كان ذلك ؟ فقال له الحسن (عليه‏السلام‏) : قد كان ذلك ، فقال الملك فبقي لكم ذلك فقال لا ، فقال الملك أول فتنة هذه الأمة غلبا أباكما و هما الأول و الثاني على ملك نبيكم و اختيار هذه الأمة على ذرية نبيهم ، منكم القائم بالحق الآمر بالمعروف و الناهي عن المنكر . قال : ثم سأل الملك الحسن (عليه‏السلام‏) عن سبعة أشياء خلقها الله لم تركض في رحم ، فقال الحسن (عليه‏السلام‏) أول هذه آدم ثم حواء ثم كبش إبراهيم ثم ناقة صالح ثم إبليس الملعون ثم الحية ثم الغراب التي ذكرها الله في القرآن ، قال : ثم سأله عن أرزاق الخلائق ، فقال الحسن (عليه‏السلام‏) : أرزاق الخلائق في السماء الرابعة ينزل بقدر و يبسط بقدر ثم سأله عن أرواح المؤمنين أين تكون إذا ماتوا ؟ قال :

تفسير القمي ج : 2ص :272

تجتمع عند صخرة بيت المقدس في كل ليلة جمعة و هو عرش الله الأدنى منها بسط الله الأرض و إليها يطويها و منها المحشر و منها استوى ربنا إلى السماء أي استولى على السماء و الملائكة ، ثم سأله عن أرواح الكفار أين تجتمع ؟ قال : تجتمع في وادي حضرموت وراء مدينة اليمن ثم يبعث الله نارا من المشرق و نارا من المغرب و يتبعهما بريحين شديدتين فيحشر الناس عند صخرة بيت المقدس فيحشر أهل الجنة عن يمين الصخرة و يزلف الميعاد و تصير جهنم عن يسار الصخرة في تخوم الأرضين السابعة و فيها الفلق و السجين فتفرق الخلائق من عند الصخرة فمن وجبت له الجنة دخلها و من وجبت له النار دخلها و ذلك قوله« فريق في الجنة و فريق في السعير » فلما أخبر الحسن (عليه‏السلام‏) بصفة ما عرض عليه من الأصنام و تفسير ما سأله التفت الملك إلى يزيد بن معاوية و قال : أشعرت أن ذلك علم لا يعلمه إلا نبي مرسل أو وصي مؤازر قد أكرمه الله بمؤازرة نبيه أو عترة نبي مصطفى و غيره فقد طبع الله على قلبه و آثر دنياه على آخرته و هواه على دينه و هو من الظالمين . قال : فسكت يزيد و خمد قال : فأحسن الملك جائزة الحسن و أكرمه و قال له : ادع ربك حتى يرزقني دين نبيك فإن حلاوة الملك قد حالت بيني و بين ذلك و أظنه سما مرديا و عذابا أليما ، قال : فرجع يزيد إلى معاوية : و كتب إليه الملك أنه من آتاه الله العلم بعد نبيه و حكم التوراة و ما فيها و الإنجيل و ما فيه و الزبور و ما فيه و الفرقان و ما فيه فالحق و الخلافة له و كتب إلى علي (عليه‏السلام‏) أن الحق و الخلافة لك و بيت النبوة فيك و في ولدك فقاتل من قاتلك يعذبه الله بيدك فإن من قاتلك نجده في الإنجيل أن عليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين و عليه لعنة أهل السماوات و الأرضين .

تفسير القمي ج : 2ص :273

و أما قوله : و لو شاء الله لجعلهم أمة واحدة قال : و لو شاء أن يجعلهم كلهم معصومين مثل ملائكة بلا طباع لقدر عليه و لكن يدخل من يشاء في
رحمته و الظالمون آل محمد حقهم ما لهم من ولي و لا نصير و قوله : و ما اختلفتم فيه من شي‏ء من المذاهب و اخترتم لأنفسكم من الأديان فحكم ذلك كله [ إلى الله ] يوم القيامة و قوله جعل لكم من أنفسكم أزواجا يعني النساء و من الأنعام أزواجا يعني ذكرا و أنثى يذرؤكم فيه يعني النسل الذي يكون من الذكور و الإناث ثم رد الله على من وصف الله فقال : ليس كمثله شي‏ء و هو السميع البصير و قوله : شرع لكم من الدين مخاطبة لمحمد (صلى‏الله‏عليه‏وآله‏وسلّم‏) ما وصى به نوحا و الذي أوحينا إليك يا محمد و ما وصينا به إبراهيم و موسى و عيسى أن أقيموا الدين أي تعلموا الدين يعني التوحيد و إقام الصلاة و إيتاء الزكاة و صوم شهر رمضان و حج البيت و السنن و الأحكام التي في الكتب و الإقرار بولاية أمير المؤمنين (عليه‏السلام‏) و لا تتفرقوا فيه أي لا تختلفوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه من ذكر هذه الشرائع ثم قال الله يجتبي إليه من يشاء أي يختار و يهدي إليه من ينيب و هم الأئمة الذين اجتباهم الله و اختارهم قال و ما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم قال لم يتفرقوا بجهل و لكنهم تفرقوا لما جاءهم العلم و عرفوه فحسد بعضهم بعضا و بغى بعضهم على بعض لما رأوا من تفاضل أمير المؤمنين (عليه‏السلام‏) بأمر الله فتفرقوا في المذاهب و أخذوا بالآراء و الأهواء ثم قال عز و جل : و لو لا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضي بينهم قال : لو لا أن الله قد قدر ذلك أن يكون في التقدير الأول لقضي بينهم إذا اختلفوا و أهلكهم و لم ينظرهم و لكن أخرهم إلى أجل مسمى مقدر و إن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم لفي شك منه مريب كناية عن الذين نقضوا أمر رسول الله (صلى‏الله‏عليه‏وآله‏وسلّم‏) ثم قال : فلذلك فادع يعني لهذه الأمور و الدين الذي تقدم ذكره و موالاة أمير المؤمنين (عليه‏السلام‏) و استقم كما أمرت .

تفسير القمي ج : 2ص :274

قال : فحدثني أبي عن علي بن مهزيار عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه‏السلام‏)
في قول الله : أن أقيموا الدين قال الإمام و لا تتفرقوا فيه كناية عن أمير المؤمنين (عليه‏السلام‏) ثم قال : كبر على المشركين ما تدعوهم إليه من أمر ولاية علي (عليه‏السلام‏) الله يجتبي إليه من يشاء كناية عن علي (عليه‏السلام‏) و يهدي إليه من ينيب ثم قال : فلذلك فادع و استقم كما أمرت يعني إلى أمير المؤمنين (عليه‏السلام‏) و لا تتبع أهواءهم فيه و قل آمنت بما أنزل الله من كتاب و أمرت لأعدل بينكم الله ربنا و ربكم إلى قوله و إليه المصير ثم قال عز و جل الذين يحاجون في الله أي يحتجون على الله بعد ما شاء الله أن يبعث إليهم الرسل و الكتب فبعث الله إليهم الرسل و الكتب فغيروا و بدلوا ثم يحتجون يوم القيامة على الله فحجتهم داحضة أي باطلة عند ربهم و عليهم غضب و لهم عذاب شديد ثم قال الله الذي أنزل الكتاب بالحق و الميزان قال الميزان أمير المؤمنين (عليه‏السلام‏) و الدليل على ذلك قوله في سورة الرحمن و السماء رفعها و وضع الميزان قال يعني الإمام ، و قوله يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها كناية عن القيامة فإنهم كانوا يقولون لرسول الله (صلى‏الله‏عليه‏وآله‏وسلّم‏) أقم لنا الساعة و ائتنا بما تعدنا من العذاب إن كنت من الصادقين فقال الله : ألا إن الذين يمارون في الساعة أي يخاصمون و قوله : من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه يعني ثواب الآخرة و من كان يريد حرث الدنيا نؤته منها و ما له في الآخرة من نصيب قال : حدثني أبي عن بكير [ بكر ] بن محمد الأزدي عن أبي عبد الله (عليه‏السلام‏) قال المال و البنون حرث الدنيا و العمل الصالح حرث الآخرة و قد يجمعهما الله لأقوام و قوله : و لو لا كلمة الفصل لقضي بينهم قال الكلمة الإمام و الدليل على ذلك قوله و جعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون يعني الإمامة ثم قال و إن الظالمين يعني الذين ظلموا هذه الكلمة لهم عذاب أليم ثم قال ترى الظالمين يعني الذين ظلموا آل محمد حقهم مشفقين مما كسبوا أي خائفين مما ارتكبوا و عملوا و هو واقع بهم أي ما يخافونه ثم ذكر الله الذين

تفسير القمي ج : 2ص :275

آمنوا بالكلمة و اتبعوها فقال : و الذين آمنوا و عملوا الصالحات في روضات الجنات إلى قوله يبشر الله عباده الذين آمنوا بهذه الكلمة و عملوا الصالحات مما أمروا به .
ثم قال : قل لهم يا محمد لا أسألكم عليه أجرا يعني على النبوة إلا المودة في القربى قال : حدثني أبي عن ابن أبي نجران عن عاصم بن حميد عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر (عليه‏السلام‏) يقول في قول الله« قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى » يعني في أهل بيته قال : جاءت الأنصار إلى رسول الله (صلى‏الله‏عليه‏وآله‏وسلّم‏) فقالوا : إنا قد آوينا و نصرنا فخذ طائفة من أموالنا فاستعن بها على ما نابك فأنزل الله« قل لا أسألكم عليه أجرا » يعني على النبوة« إلا المودة في القربى » يعني في أهل بيته ثم قال : أ لا ترى أن الرجل يكون له صديق و في نفس ذلك الرجل شي‏ء على أهل بيته فلا يسلم صدره فأراد الله أن لا يكون في نفس رسول الله شي‏ء على أهل بيته [ أمته ] ففرض عليهم المودة في القربى فإن أخذوا أخذوا مفروضا و إن تركوا تركوا مفروضا ، قال : فانصرفوا من عنده و بعضهم يقول عرضنا عليه أموالنا فقال : قاتلوا عن أهل بيتي من بعدي ، و قالت طائفة ما قال هذا رسول الله و جحدوه و قالوا كما حكى الله أم يقولون افترى على الله كذبا فقال الله فإن يشأ الله يختم على قلبك قال لو افتريت و يمحو الله الباطل يعني يبطله و يحق الحق بكلماته يعني بالنبي و بالأئمة و القائم من آل محمد إنه عليم بذات الصدور ثم قال : و هو الذي يقبل التوبة من عباده إلى قوله و يزيدهم من فضله يعني الذين قالوا القول« ما قال رسول الله (صلى‏الله‏عليه‏وآله‏وسلّم‏) » ثم قال و الكافرون لهم عذاب شديد و قال أيضا : قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى قال : أجر النبوة أن لا تؤذوهم و لا تقطعوهم و لا تغصبوهم و تصلوهم و لا تنقضوا العهد فيهم لقوله تعالى« و الذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل » قال : جاءت الأنصار إلى رسول الله

تفسير القمي ج : 2ص :276

(صلى‏الله‏عليه‏وآله‏وسلّم‏) فقالوا : إنا قد نصرنا و فعلنا فخذ من أموالنا ما شئت فأنزل الله« قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى » يعني في أهل بيته ثم قال رسول الله (صلى‏الله‏عليه‏وآله‏وسلّم‏) بعد ذلك من حبس أجيرا أجره فعليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا و لا عدلا و هو محبة آل محمد ثم قال و من يقترف حسنة و هي إقرار الإمامة لهم و الإحسان إليهم و برهم و صلتهم نزد له فيها حسنا أي نكافى‏ء على ذلك بالإحسان و قوله و لو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض قال الصادق (عليه‏السلام‏) لو فعل لفعلوا و لكن جعلهم محتاجين بعضهم إلى بعض و استعبدهم بذلك و لو جعلهم كلهم أغنياء لبغوا في الأرض و لكن ينزل بقدر ما يشاء مما يعلم أنه يصلحهم في دينهم و دنياهم إنه بعباده خبير بصير و قوله : و هو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا أي يئسوا و ينشر رحمته و هو الولي الحميد قال : حدثني أبي عن العرزمي [ العزرمي ] عن أبيه عن أبي إسحاق عن الحارث الأعور عن أمير المؤمنين (عليه‏السلام‏) قال سئل عن السحاب أين يكون ؟ قال : يكون على شجر كثيف على ساحل البحر يأوي إليه فإذا أراد الله أن يرسل أرسل ريحا فأثاره و وكل به ملائكة يضربونه بالمخاريق و هو البرق فيرتفع .

و قوله و ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم و يعفوا عن كثير قال فإنه حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن منصور بن يونس عن أبي حمزة عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين (عليه‏السلام‏) قال سمعته يقول إني أحدثكم بحديث ينبغي لكل مسلم ، أن يعيه ثم أقبل علينا فقال : ما عاقب الله عبدا مؤمنا في هذه الدنيا إلا كان الله أحلم و أمجد و أجود من أن يعود في عقابه يوم القيامة و ما ستر الله على عبد مؤمن في هذه الدنيا و عفا عنه إلا كان الله أمجد و أجود و أكرم من أن يعود في عقوبته يوم القيامة ، ثم قال (عليه‏السلام‏) : و قد يبتلي الله المؤمن بالبلية في بدنه أو ماله أو ولده أو أهله ثم تلا هذه الآية« و ما أصابكم من مصيبة ... إلخ »

تفسير القمي ج : 2ص :277

و حثا بيده ثلاث مرات ، قال : فحدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب قال سألت أبا عبد الله (عليه‏السلام‏) عن قول الله عز و جل« و ما أصابكم من مصيبة ... إلخ » قال أ رأيت ما أصاب عليا و أهل بيته هو بما كسبت أيديهم ؟ و هم أهل الطهارة معصومون قال إن رسول الله (صلى‏الله‏عليه‏وآله‏وسلّم‏) كان يتوب إلى الله و يستغفره في كل يوم و ليلة مائة مرة من غير ذنب إن الله يخص أولياءه بالمصائب ليأجرهم عليها من غير ذنب ، قال الصادق (عليه‏السلام‏) لما أدخل علي بن الحسين (عليهماالسلام‏) على يزيد نظر إليه ثم قال : يا علي بن الحسين و ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ! فقال علي بن الحسين (عليهماالسلام‏) كلا ! ما فينا هذه نزلت و إنما نزلت فينا« ما أصاب من مصيبة في الأرض و لا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير لكيلا تأسوا على ما فاتكم و لا تفرحوا بما آتاكم » فنحن الذين لا نأسو على ما فاتنا من أمر الدنيا و لا نفرح بما أوتينا و قوله : و إذا ما غضبوا هم يغفرون قال أبو جعفر (عليه‏السلام‏) من كظم غيظا و هو يقدر على إمضائه حشا الله قلبه أمنا و إيمانا يوم القيامة قال : و من ملك نفسه إذا رغب و إذا رهب و إذا غضب حرم الله جسده على النار و قوله : و الذين استجابوا لربهم قال : في إقامة الإمام و أقاموا الصلوة و أمرهم شورى بينهم أي يقبلون ما أمروا به و يشاورون الإمام فيما يحتاجون إليه من أمر دينهم كما قال الله« و لو ردوه إلى الرسول و إلى أولي الأمر منهم » .

و أما قوله : و الذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون يعني إذا بغي عليهم ينتصرون و هي الرخصة التي صاحبها فيها بالخيار إن شاء فعل و إن شاء ترك ثم جزى ذلك فقال و جزاء سيئة سيئة مثلها أي لا تعتدى و لا تجازى بأكثر مما فعل بك ثم قال فمن عفا و أصلح فأجره على الله ثم قال و ترى الظالمين آل محمد حقهم لما رأوا العذاب يقولون هل إلى مرد من سبيل أي إلى الدنيا

تفسير القمي ج : 2ص :278

حدثنا جعفر بن أحمد قال : حدثنا عبد الكريم بن عبد الرحيم عن محمد بن علي عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر (عليه‏السلام‏) قال سمعته يقول و لمن انتصر بعد ظلمه يعني القائم (عليه‏السلام‏) و أصحابه فأولئك ما عليهم من سبيل و القائم إذا قام انتصر من بني أمية و من المكذبين و النصاب هو و أصحابه و هو قول الله إنما السبيل على الذين يظلمون الناس و يبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم و قوله ترى الظالمين آل محمد حقهم لما رأوا العذاب و علي (عليه‏السلام‏) هو العذاب في هذا الوجه يقولون هل إلى مرد من سبيل فنوالي عليا (عليه‏السلام‏) و تراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل لعلي ينظرون إلى علي من طرف خفي و قال الذين آمنوا يعني آل محمد و شيعتهم إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم و أهليهم يوم القيامة ألا إن الظالمين آل محمد حقهم في عذاب مقيم قال : و الله يعني النصاب الذين نصبوا العداوة لعلي و ذريته (عليهم‏السلام‏) و المكذبين و ما كان لهم من أولياء ينصرونهم من دون الله و من يضلل الله فما له من سبيل و في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه‏السلام‏) في قوله يهب لمن يشاء إناثا أي ليس معهن ذكر و يهب لمن يشاء الذكور يعني ليس معهم أنثى أو يزوجهم ذكرانا و إناثا جميعا يجمع له البنين و البنات أي يهبهم جميعا لواحد .

تفسير القمي ج : 2ص :279

و قال علي بن إبراهيم في قوله لله ملك السموات و الأرض يخلق ما يشاء إلى قوله و يجعل من يشاء عقيما قال : فحدثني أبي عن المحمودي و محمد بن عيسى بن عبيد عن محمد بن إسماعيل الرازي عن محمد بن سعيد أن يحيى بن أكثم
سأل موسى بن محمد عن مسائل و فيها أخبرنا عن قول الله« أو يزوجهم ذكرانا و إناثا » فهل يزوج الله عباده الذكران و قد عاقب قوما فعلوا ذلك فسأل موسى أخاه أبا الحسن العسكري (عليه‏السلام‏) و كان من جواب أبي الحسن أما قوله« أو يزوجهم ذكرانا و إناثا » فإن الله تبارك و تعالى يزوج ذكران المطيعين إناثا من الحور العين و إناث المطيعات من الإنس من ذكران المطيعين و معاذ الله أن يكون الجليل عنى ما لبست على نفسك تطلبا للرخصة لارتكاب المأثم قال و من يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة و يخلد فيه مهانا إن لم يتب و قوله و ما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء قال وحي مشافهة و وحي إلهام و هو الذي يقع في القلب أو من وراء حجاب كما كلم الله نبيه (صلى‏الله‏عليه‏وآله‏وسلّم‏) و كما كلم الله موسى (عليه‏السلام‏) من النار أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء قال وحي مشافهة يعني إلى الناس ثم قال لنبيه (صلى‏الله‏عليه‏وآله‏وسلّم‏) و كذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب و لا الإيمان روح القدس هي التي قال الصادق (عليه‏السلام‏) في قوله« و يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي » قال : هو ملك أعظم من جبرئيل و ميكائيل كان مع رسول الله (صلى‏الله‏عليه‏وآله‏وسلّم‏) و هو مع الأئمة ثم كنى عن أمير المؤمنين (عليه‏السلام‏) فقال : و لكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا و الدليل على أن النور أمير المؤمنين (عليه‏السلام‏) قوله عز و جل و اتبعوا النور الذي أنزل معه الآية حدثنا جعفر بن أحمد قال : حدثنا عبد الكريم بن عبد الرحيم قال : حدثنا محمد بن

تفسير القمي ج : 2ص :280

علي عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة عن أبي جعفر (عليه‏السلام‏) في قول الله لنبيه (صلى‏الله‏عليه‏وآله‏وسلّم‏)« ما كنت تدري ما الكتاب و لا الإيمان و لكن جعلناه نورا » يعني عليا و علي هو النور فقال نهدي به من نشاء من عبادنا يعني عليا (عليه‏السلام‏) به هدى من هدى من خلقه قال و قال الله لنبيه و إنك لتهدي إلى صراط مستقيم يعني إنك لتأمر بولاية علي و تدعو إليها و علي هو الصراط المستقيم صراط الله الذي له ما في السموات و ما في الأرض يعني عليا أنه جعله خازنه على ما في السموات و ما في الأرض من شي‏ء و ائتمنه عليه إلا إلى الله تصير الأمور .

و قال علي بن إبراهيم في قوله :« و إنك لتهدي إلى صراط مستقيم » أي تدعو إلى الإمامة المستوية ثم قال :« صراط الله » أي حجة الله الذي له ما في السماوات و ما في الأرض« ألا إلى الله تصير الأمور » حدثني محمد بن همام قال : حدثني سعد بن محمد عن عباد بن يعقوب عن عبد الله بن الهيثم عن صلت بن الحرة قال كنت جالسا مع زيد بن علي ( ع ) فقرأ و إنك لتهدي إلى صراط مستقيم قال : هدي الناس و رب الكعبة إلى علي (عليه‏السلام‏) ضل عنه من ضل و اهتدى من اهتدى .

/ 1