تفسير قمي سوره عنكبوت
تفسير القمي ج : 2ص :14829 سورة العنكبوت مكية و آياتها تسع و ستون 69بسم الله الرحمن الرحيم الم أ حسب الناس أن يتركوا أن يقولوا ءامنا و هم لا يفتنون أي لا يختبرون قال حدثني أبي عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن (عليهالسلام) قال جاء العباس إلى أمير المؤمنين (عليهالسلام) فقال انطلق بنا نبايع لك الناس ، فقال أمير المؤمنين (عليهالسلام) أ تراهم فاعلين ؟ قال : نعم قال فأين قوله : الم أ حسب الناس أن يتركوا أن يقولوا ءامنا و هم لا يفتنون و لقد فتنا الذين من قبلهم أي اختبرناهم فليعلمن الله الذين صدقوا و ليعلمن الكاذبين أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا أي يفوتونا ساء ما يحكمون من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت قال من أحب لقاء الله جاءه الأجل و من جاهد أمال نفسه عن اللذات و الشهوات و المعاصي فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغني عن العالمين و قوله : و وصينا الإنسان بوالديه حسنا قال هما اللذان ولداه ثم قال : و إن جاهداك يعني الوالدين على أن لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون و الذين ءامنوا و عملوا الصالحات لندخلنهم في الصالحين أخبرنا الحسين بن محمد عن المعلى بن محمد عن بسطام بن مرة عن إسحاق بن حسان عن الهيثم بن راقد عن علي بن الحسين العبدي عن سعد الإسكاف عن أصبغ بن نباتة أنه سئل أمير المؤمنين (عليهالسلام) عن قول الله عز و جل« أن اشكر لي و لوالديك إلي المصير » قال الوالدان اللذان أوجب الله لهما الشكر هما اللذان ولدا العلم و ورثا الحكم [ الحلم ] و أمر الناس بطاعتهما ثم قال إلي المصير فمصير العباد إلى الله و الدليل على ذلك الوالدان ثم عطف الله القول على ابن فلانة و صاحبه فقال في الخاص« و إن جاهداك على أن تشرك بي يقول في الوصية و تعدل عمن أمرت بطاعته فلا تطعهما »تفسير القمي ج : 2ص :149و لا تسمع قولهما ثم عطف القول على الوالدين فقال« و صاحبهما في الدنيا معروفا » يقول عرف الناس فضلهما و ادع إلى سبيلهما و ذلك قوله« و اتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم » قال إلى الله ثم إلينا فاتقوا الله و لا تعصوا الوالدين فإن رضاهما رضاء الله و سخطهما سخط الله .و قوله : و من الناس من يقول ءامنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله قال إذا آذاه إنسان أو أصابه ضر أو فاقة أو خوف من الظالمين ليدخل معهم في دينهم فرأى أن ما يفعلونه هو مثل عذاب الله الذي لا ينقطع و لئن جاء نصر من ربك يعني القائم (عليهالسلام) ليقولن إنا كنا معكم أ و ليس الله بأعلم بما في صدور العالمين و قوله : و قال الذين كفروا للذين ءامنوا اتبعوا سبيلنا و لنحمل خطاياكم قال كانت الكفار يقولون للمؤمنين كونوا معنا فإن الذي تخافون أنتم ليس بشيء فإن كان حقا نتحمل نحن ذنوبكم فيعذبهم الله مرتين بذنوبهم و مرة بذنوب غيرهم ، و أما قوله : و إبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا الله و اتقوه ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون إنما تعبدون من دون الله أوثانا و تخلقون إفكا أي تقدرون كذبا إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق و اعبدوه و اشكروا له إليه ترجعون و انقطع خبر إبراهيم و خاطب الله أمة محمد (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) فقال إن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم و ما على الرسول إلا البلاغ المبين إلى قوله أولئك الذين يئسوا من رحمتي و أولئك لهم عذاب أليم ثم عطف على خبر إبراهيم فقال : فما كان جواب قومه إلا أن قالوا اقتلوه أو حرقوه فأنجاه الله من النار إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون فهذا من المنقطع المعطوف و قوله : ثم يوم القيمة يكفر بعضكم ببعض أي يتبرأ بعضكم من بعض و يلعن بعضكم بعضا فهذا كفر البراءة و قوله : فآمن له لوط أي لإبراهيم (عليهالسلام) و قال إني مهاجر إلى ربي قال المهاجر من هجر السيئات و تاب إلىالله و قوله : و تأتون في ناديكم المنكر قال هم قوم لوط .تفسير القمي ج : 2ص :150و قوله و قارون و فرعون و هامان و لقد جاءهم موسى بالبينات فاستكبروا في الأرض و ما كانوا سابقين فهذا رد على المجبرة الذين زعموا أن الأفعال لله عز و جل و لا صنع لهم فيها و لا اكتساب فرد الله عليهم فقال« فكلا أخذنا بذنبه » و لم يقل بفعلنا به لأنه عز و جل أعدل من أن يعذب العبد على فعله الذي يجبرهم عليه فقال الله فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا و هم قوم لوط و منهم من أخذته الصيحة و هم قوم شعيب و صالح و منهم من خسفنا به الأرض و هم قوم هود و منهم من أغرقنا و هم فرعون و أصحابه ثم قال عز و جل تأكيدا و ردا على المجبرة .و ما كان الله ليظلمهم و لكن كانوا أنفسهم يظلمون .ثم ضرب الله مثلا فيمن اتخذ من دون الله أولياء فقال : مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا و هو الذي نسجه العنكبوت على باب الغار الذي دخله رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) و هو أوهن البيوت قال : فكذلك من اتخذ من دون الله أولياء ثم قال : و تلك الأمثال نضربها للناس و ما يعقلها إلا العالمون يعني آل محمد (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) ثم خاطب نبيه (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) فقال : اتل ما أوحي إليك من الكتاب و أقم الصلوة إن الصلوة تنهى عن الفحشاء و المنكر قال من لم تنهه الصلاة عن الفحشاء و المنكر لم يزدد من الله إلا بعدا و قوله و لا تجادلوا أهل الكتاب قال اليهود و النصارى إلا بالتي هي أحسن قال بالقرآن و في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر (عليهالسلام) في قوله و لذكر الله أكبر يقول ذكر الله لأهل الصلاة أكبر من ذكرهم إياه أ لا ترى أنه يقول« اذكروني أذكركم » و أما قوله فالذين ءاتيناهم الكتاب يؤمنون به يعني أنهم آل محمد (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) و من هؤلاء من يؤمن به يعني أهل الإيمان من أهل القبلة .تفسير القمي ج : 2ص : 151و قال علي بن إبراهيم في قوله : و ما كنت تتلو من قبله من كتاب
و لا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون و هو معطوف على قوله في سورة الفرقان« اكتتبها فهي تملى عليه بكرة و أصيلا » فرد الله عليهم فقال كيف يدعون [ يزعمون ] أن الذي تقرأه أو تخبر به تكتبه عن غيرك و أنت ما كنت تتلو من قبله من كتاب و لا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون أي شكوا و قوله : بل هو ءايات بينات في صدور الذين أوتوا العلم قال هم الأئمة (عليهمالسلام) و قوله و ما يجحد بآياتنا يعني ما يجحد بأمير المؤمنين و الأئمة (عليهمالسلام) إلا الظالمون و قال عز و جل و يستعجلونك يا محمد بالعذاب يعني قريشا فقال الله تعالى و لو لا أجل مسمى لجاءهم العذاب و ليأتينهم بغتة و هم لا يشعرون و في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر (عليهالسلام) في قوله : يا عبادي الذين ءامنوا إن أرضي واسعة يقول لا تطيعوا أهل الفسق من الملوك فإن خفتموهم أن يفتنوكم عن دينكم فإن أرضي واسعة و هو يقول فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض فقال أ لم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها ، ثم قال كل نفس ذائقة الموت أي فاصبروا على طاعة الله فإنكم إليه ترجعون .و قال علي بن إبراهيم في قوله و كأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها و إياكم قال : كانت العرب يقتلون أولادهم مخافة الجوع فقال الله تعالى : الله يرزقهم و إياكم و قوله : و إن الدار الآخرة لهي الحيوان أي لا يموتون فيها و قوله و الذين جاهدوا فينا أي صبروا و جاهدوا مع رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) لنهدينهم سبلنا أي لنثبتنهم و إن الله لمع المحسنين و في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر (عليهالسلام) قال هذه الآية لآل محمد (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) و لأشياعهم .