تفسير قمي سوره منافقون
تفسير القمي ج : 2ص :36863 سورة المنافقون مدنية إحدى عشرة آية 11
بسم الله الرحمن الرحيم إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله و الله يعلم إنك لرسوله و الله يشهد إن المنافقين لكاذبون قال : نزلت في غزوة المريسع [ المتسع ] و هي غزوة بني المصطلق في سنة خمس من الهجرة ، و كان رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) خرج إليها فلما رجع منها نزل على بئر ، و كان الماء قليلا فيها و كان أنس بن سيار حليف الأنصار ، و كان جهجاه بن سعيد الغفاري أجيرا لعمر بن الخطاب فاجتمعوا على البئر فتعلق دلو ابن سيار بدلو جهجاه ، فقال سيار دلوي و قال جهجاه دلوي ، فضرب جهجاه يده على وجه ابن سيار فسال منه الدم ، فنادى سيار بالخزرج و نادى جهجاه بقريش و أخذ الناس السلاح و كاد أن تقع الفتنة فسمع عبد الله بن أبي النداء فقال : ما هذا ؟ فأخبروه بالخبر فغضب غضبا شديدا ثم قال قد كنت كارها لهذا المسير إني لأذل العرب ، ما ظننت أني أبقى إلى أن أسمع مثل هذا فلا يكن عندي تعيير ، ثم أقبل على أصحابه فقال : هذا عملكم أنزلتموهم منازلكم و واسيتموهم بأموالكم و وقيتموهم بأنفسكم و أبرزتم نحوركم للقتل فأرمل نساءكم و أيتم صبيانكم و لو أخرجتموهم لكانوا عيالا على غيركم ، ثم قال : لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل و كان في القوم زيد بن أرقم و كان غلاما قد راهق و كان رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) في ظل شجرة في وقت الهاجرة و عنده قوم من أصحابه من المهاجرين و الأنصار فجاء زيد فأخبره بما قال عبد الله بن أبي ، فقال رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) لعلك وهمت يا غلام فقال : لا و الله ما وهمت فقال لعلك غضبت عليه قال لا ما غضبت عليه قال فلعله سفه عليك ، فقال : لا و الله فقال رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) لشقران مولاه خرج فأخرج [ أحدج فأحدج ] راحلتهتفسير القمي ج : 2ص :369و ركب ، و تسامع الناس بذلك فقالوا ما كان رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) ليرحل في مثل هذا الوقت فرحل الناس و لحقه سعد بن عبادة فقال : السلام عليك يا رسول الله و رحمة الله و بركاته ! فقال و عليك السلام ! فقال ما كنت لترحل في هذا الوقت ؟ فقال أ و ما سمعت قولا قال صاحبكم ، قالوا و أي صاحب لنا غيرك يا رسول الله ؟ قال عبد الله بن أبي زعم أنه إن رجع إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ، فقال يا رسول الله ! فأنت و أصحابك الأعز و هو و أصحابه الأذل ، فسار رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) يومه كله لا يكلمه أحد ، فأقبلت الخزرج على عبد الله بن أبي يعذلونه ، فحلف عبد الله أنه لم يقل شيئا من ذلك ، فقالوا فقم بنا إلى رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) حتى نعتذر إليه فلوى عنقه .فلما جن الليل سار رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) ليله كله و النهار فلم ينزلوا إلا للصلاة فلما كان من الغد نزل رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) و نزل أصحابه ، و قد أمهدهم الأرض من السهر الذي أصابهم فجاء عبد الله بن أبي إلى رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) ، فحلف عبد الله أنه لم يقل ذلك و إنه ليشهد أنه لا إله إلا الله و إنك لرسول الله و إن زيدا قد كذب علي ، فقبل رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) منه ، و أقبلت الخزرج على زيد بن أرقم يشتمونه و يقولون له كذبت على عبد الله سيدنا ، فلما رحل رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) كان زيد معه يقول اللهم إنك لتعلم أني لم أكذب على عبد الله بن أبي فما سار إلا قليلا حتى أخذ رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) ما كان يأخذه من البرحاء عند نزول الوحي عليه فثقل حتى كادت ناقته أن تبرك من ثقل الوحي ، فسري عن رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) و هو يسكب العرق عن جبهته ثم أخذ بإذن زيد بن أرقم فرفعه من الرحل ثم قال : يا غلام صدق قولك و وعى قلبك و أنزل الله فيما قلت قرآنا ، فلما نزلجمع أصحابه و قرأ عليهم سورة المنافقين بسم الله الرحمن الرحيم إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله إلى قوله و لكن المنافقين لا يعلمون ففضح الله عبد الله بن أبي .تفسير القمي ج : 2ص :370حدثنا محمد بن أحمد بن ثابت قال : حدثنا أحمد بن ميثم عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن أبان بن عثمان قال سار رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) يوما و ليلة و من الغد حتى ارتفع الضحى فنزل و نزل الناس فرموا بأنفسهم نياما و إنما أراد رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) أن يكف الناس عن الكلام قال : و إن ولد عبد الله بن أبي أتى رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) فقال يا رسول الله إن كنت عزمت على قتله فمرني أكون أنا الذي أحمل إليك رأسه فوالله لقد علمت الأوس و الخزرج أني أبرهم ولدا بوالدي فإني أخاف أن تأمر غيري فيقتله فلا تطيب نفسي أن أنظر إلى قاتل عبد الله ، فأقتل مؤمنا بكافر فأدخل النار . فقال رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلّم) : بل يحسن لك صحابته ما دام معنا و في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر (عليهالسلام) في قوله كأنهم خشب مسندة يقول لا يسمعون و لا يعقلون قوله يحسبون كل صيحة عليهم يعني كل صوت هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون فلما نعتهم الله لرسوله و عرفه مساءتهم إليهم و إلى عشائرهم فقالوا لهم قد افتضحتم ويلكم ! فأتوا نبي الله يستغفر لكم فلووا رءوسهم و زهدوا في الاستغفار يقول الله : و إذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رءوسهم و قال علي بن إبراهيم في قوله و أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لو لا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق يعني بقوله أصدق أي أحج و أكن من الصالحين يعني عند الموت فرد الله عليه فقال و لن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها و الله خبير بما تعملون أخبرنا أحمد بن إدريس قال : حدثنا أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن هارون بن خارجة عن أبي بصير عن أبي جعفر (عليهالسلام) في قول
الله و لن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها قال إن عند الله كتبا مرقومة يقدم منها ما يشاء و يؤخر ما يشاء فإذا كان ليلة القدر أنزل الله فيها كل شيء يكون إلى ليلة مثلها فذلك قوله« و لن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها » إذا أنزله و كتبه كتاب السماوات و هو الذي لا يؤخره .
تفسير القمي ج : 2ص :371