الكلام في الإجازة بعد الرد
قوله (رحمه الله): ثم إنه لا اشكال في أنه لا ينفع الرد بعد الإجازة وهو واضح.أقول: أما الإجازة بعد الرد، فذكر المصنف فيه وجهان:
الأول
إن الرد في معنى عدم رفع اليد عن حقه فله اسقاطه بعد ذلك،وليس ذلك كرد بيع الفضولي لأن المجيز هناك في معنى أحد
المتعاقدين، وقد تقرر أن رد أحد العاقدين مبطل لإنشاء العاقد الآخر
بخلافه هنا، فإن المرتهن أجنبي له حق في العين.
الثاني
إن الايجاب المؤثر إنما يتحقق برضا المالك والمرتهن،فرضاء كل منهما جزء مقوم للإيجاب المؤثر، فكما أن رد المالك في
الفضولي مبطل للعقد بالتقريب المتقدم كذلك رد المرتهن، وهذا هو
الأظهر من قواعدهم.والظاهر أن الإجازة بعد الرد مؤثرة في صحة العقد ولا يعتني بما ذكره
المصنف، وذلك من جهة أنه قد تقدم أن الدليل على عدم تأثير الإجازة
بعد الرد هو الاجماع، ومن الواضح أنه دليل لبي يقتصر منه على المورد
المتيقن، وهو صورة كون العقد من طرف المرتهن ومن لرضايته دخالة
في صحة العقد هو المالك لا الأجنبي كما في المقام، فإن المرتهن أجنبي
عمن لهما العقد فرضايته دخيل، ولكن رده لا يفيد، فيكون مشمولا
للعمومات.بل قد ذكرنا في بيع الفضولي دلالة صحيحة محمد بن قيس (1) على
تأثير الإجازة بعد الرد مطلقا، حيث يفهم من رد الوليدة آثار الرد، مع ذلك
يحكم فيها بصحة البيع كما تقدم، وإن استشكلنا فيها أيضا، فراجع.
1 - عن محمد بن قيس عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في وليدة باعها
ابن سيده وأبوه غائب فاستولدها الذي اشتراها فولدت منه غلاما، ثم جاء سيدها الأول فخاصم
سيدها الآخر، فقال: وليدتي باعها ابني بغير إذني، فقال: الحكم أن يأخذ وليدته وابنها،
فناشده الذي اشتراها، فقال له: خذ ابنه الذي باعك الوليدة حتى ينفد لك البيع فلما أخذه قال له
أبوه: أرسل ابني، قال: لا والله لا أرسل إليك ابنك حتى ترسل ابني، فلما رأى ذلك سيد الوليدة
أجاز بيع ابنه (الكافي 5: 211)، صحيحة.