وأما رواية ابن الحجاج فقد تعارضت بالروايات الأخرى الدالة على
الجواز المذكورة في المتن، بعضها من ابن الحجاج (1)، وبعضها من غيره (2)،
وفيها صحاح وحسان، فتكونان متعارضتين ومتكافئين لعدم ترجيح
إحديهما على الأخرى،
وتوهم عدم التكافئ من جهة أن المجوزة هي ثلاثة روايات فتكون
مشهورة، فتتقدم على المانعة التي هو رواية واحدة، فهو توهم فاسد،
فإن المراد من الشهرة الموجبة لترجيح أحد المتعارضين على الآخر
ليس هو كون أحدهما كثيرة والآخر قليلة، بل المراد من ذلك أي من
الشهرة كون أحدهما مجمعا عليه بين الأصحاب، بحيث ينقلها رواة
الحديث بخلاف الآخر، بأن لن ينقلها إلا نادر، ومن الواضح أن الطائفتين
في المقام متساوية في هذه الجهة في الاشتهار وعدمه، فيتكافئان.
الكلام في الجمع بين الروايات المجوزة والمانعة
وعلى هذا فذكر المصنف أن كون الطائفتين واردتين على وجه التعبدبعيد جدا، بأن يكون المراد من المانعة هو عدم جواز أخذ المدفوع من
المال الذي دفع إليه حتى مع ظهور اللفظ في الجواز، ويكون المراد من
المجوزة هو جواز ذلك حتى مع ظهور كلام الدافع في عدم جواز الأخذ،
فلا يمكن حملها على التعبد المحض.
1 - عن عبد الرحمان بن الحجاج عن أبي عبد الله (عليه السلام) في رجل أعطاه رجل مالا ليقسمه
في المساكين وله عيال محتاجون، أيعطيهم منه من غير أن يستأذن صاحبه؟ قال: نعم
(التهذيب 6: 352، عنه الوسائل 17: 277)، صحيحة.عن عبد الرحمان بن الحجاج قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الرجل يعطي الرجل الدراهم
يقسمها ويضعها في مواضعها وهو ممن تحل له الصدقة؟ قال: لا بأس أن يأخذ لنفسه كما يعطي
غيره، قال: ولا يجوز له أن يأخذ إذا أمره أن يضعها في مواضع مسماة إلا بإذنه (الكافي
3: 555، التهذيب 4: 104، المقنعة: 43، عنهم الوسائل 9: 288)، صحيحة.2 - عن سعيد بن يسار قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): الرجل يعطي الزكاة فيقسمها في
أصحابه أيأخذ منها شيئا؟ قال: نعم (الكافي 3: 555، عنه الوسائل 17: 277).