وقبل الورود في تحقيق المسألة يجب أن ينبه على أمرين:
الأول
إذا كان في جميع الوقت حاضرا أو مسافرا وفاتت منه الصلاة فلا إشكالفي أن الاعتبار في القضاء بحال الفوت لا بحال القضاء، فيقضي صلاة السفر قصرا
لو في الحضر، وصلاة الحضر تماما ولو في السفر، والمسألة إجماعية مضافا إلى
النصوص المستفيضة الدالة عليها. (1)
الثاني
أن النزاع في المسألة إنما يتمشى على القول بكون الاعتبار في المسألتينالسابقتين بحال الأداء، وأما إذا قلنا فيهما بكون الاعتبار بحال تعلق الوجوب أعني
أول الوقت ففي القضاء أيضا يتعين مراعاة أول الوقت قهرا، إذ مقتضى هذا القول أن
الذي يكون في أول الوقت مسافرا مثلا يتعين عليه القصر وإن تبدل عنوانه وأتى
بصلاته في الحضر، وحينئذ فإذا فاتت منه هذه الصلاة التي تعين فيها القصر وجب
عليه قضاؤها قصرا لا محالة، وكذا الكلام في عكسه.إذا عرفت هذا: فنقول: قد اختار جماعة كون الاعتبار في القضاء بحال الفوت
أعني آخر الوقت، وآخرون كون الاعتبار بحال تعلق الوجوب، (2) وهنا احتمال
ثالث، وهو التخيير، ولم نجد به قائلا وإن ذكره بعضهم احتمالا. (3) وليس في المسألة
إجماع أو شهرة يعتمد عليهما، فيجب إتمامها على طبق القواعد.فإن قلت: فلم لا يعتمد فيها على ما رواه الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد،
عن النضر بن سويد، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه سئل عن
رجل دخل وقت الصلاة وهو في السفر، فأخر الصلاة حتى قدم وهو يريد يصليها
إذا قدم إلى أهله، فنسي حين قدم إلى أهله أن يصليها حتى ذهب وقتها؟
1 - راجع مفتاح الكرامة 3 / 397؛ والوسائل 5 / 359 (= ط. أخرى 8 / 268)، الباب 6
من أبواب قضاء الصلوات.2 - راجع الجواهر 14 / 382.3 - قال في العروة 2 / 164، في فصل أحكام صلاة المسافر في المسألة 10: إذا فاتت منه
الصلاة وكان في أول الوقت حاضرا وفي آخره مسافرا أو بالعكس فالأقوى أنه مخير بين
القضاء قصرا أو تماما...