فيها أربع مسائل
المسألة الأولى الرهبانية
فعلانية من الرهب كالرحمانية وقد قرئت بضم الراء وهي من الرهبان كالرضوانية من الرضوان والرهب هو الخوف كنى به عن فعل التزم خوفا من الله ورهبا من سخطهالمسألة الثانية في تفسيرها
وفيه أربعة أقوال:الأول أنها رفض النساء وقد نسخ ذلك في ديننا كما تقدمالثاني اتخاذ الصوامع للعزلة وذلك مندوب إليه عند فساد الزمانالثالث سياحتهم وهي نحو منهالرابع روى الكوفيون عن ابن مسعود قال قال لي رسول الله هل تدري أي الناس أعلم قال قلت الله ورسوله أعلم قال أعلم الناس أبصرهم بالحق إذا اختلف الناس فيه وإن كان مقصرا في العمل وإن كان يزحف على استهوافترق من كان قبلنا على اثنتين وسبعين فرقة نجا منها ثلاث وهلك سائرها فرقة آزت الملوك وقاتلتهم على دين الله ودين عيسى حتى قتلوا وفرقة لم يكن لهم طاقة بموازاة الملوك أقاموا بين ظهراني قومهم يدعونهم إلى دين الله ودين عيسى ابن مريم فأخذتهم الملوك وقتلتهم وقطعتهم بالمناشير وفرقة لم تكن لهم طاقة بموازاة الملوك ولا بأن يقيموا بين ظهراني قومهم فيدعوهم إلى ذكر الله ودينه ودين عيسى ابن مريم فساحوا في الجبال وترهبوا فيها وهي التي قال الله فيها (ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم وكثير منهم فاسقون)
المسألة الثالثة
روي عن أبي أمامة الباهلي واسمه صدي بن عجلان أنه قال أحدثتم قيام رمضان ولم يكتب عليكم إنما كتب عليكم الصيام فدوموا على القيام إذا فعلتموه ولا تتركوه فإن ناسامن بني إسرائيل ابتدعوا بدعا لم يكتبها الله عليهم ابتغوا بها رضوان الله فما رعوها حق رعايتها فعاتبهم الله بتركها فقال (ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها) يعني تركوا ذلك فعوقبوا ليها
المسألة الرابعة قد بينا أن قوله تعالى (ما كتبناها عليهم)من وصف الرهبانية وأن قوله تعالى (ابتغاء رضوان الله) متعلق بقوله تعالى (ابتدعوها) وقد زاغ قوم عن منهج الصواب فظنوا أنها رهبانية كتبت عليهم بعد أن التزموها وليس يخرج هذا من قبيل مضمون الكلام ولا يعطيه أسلوبه ولا معناه ولا يكتب على أحد شيء إلا بشرع أو نذر وليس في هذا اختلاف بين أهل الملل والله أعلم