القليل والكثير أصل في الشريعة معلوم فقدر علماؤنا الثلث لهذا الحد إذ رأوه حدا في الوصية وغيرها ويكون معنى الآية على هذا ذلك يوم التغابن الجائز مطلقا من غير تفصيل أو ذلك يوم التغابن الذي لا يستدرك أبدا لأن تغابن الدنيا يستدرك بوجهين إما برد في بعض الأحوال على قول بعض العلماء وإما بربح في بيع آخر وسلعة أخرى
فأما من خسر الجنة فلا درك له أبدا وقد قال بعض علماء الصوفية إن الله كتب الغبن على الخلق أجمعين ولا يلقى أحد ربه إلا مغبونا لأنه لا يمكنه الاستيفاء للعمل حتى يحصل له استيفاء الثواب وفي الأثر قال النبي لا يلقى الله أحد إلا نادما إن كان مسيئا إذ لم يحسن وإن كان محسنا إذ لم يزدد والقول متشعب والقدر الذي يتعلق منه بالأحكام هذا فاعلموه
الآية الثانية
قوله تعالى (ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شيء عليم) الآية 11قال القاضي أدخل علماؤنا هذه الآية في فنون الأحكام وقالوا إن ذلك الرضا بالقضاء والتسليم لما ينفذ من أمر الله والمقدار الذي يتعلق منه بالأحكام أن الصبر على المصائب لعلم العبد بالمقادير من أعمال القلوب وهذا خارج عن سبل الأحكام لكن للجوارح في ذلك أعمال من دمع العين والقول باللسان والعمل بالجوارح فإذا هدأ القلب
جرى اللسان بالحق وركدت الجوارح عن الخرق ولو استرسل الدمع لم يضر قال النبي مبينا لذلك تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون