الخطاب كتب إلى أبي موسى الأشعري أن أجمع الشعراء قبلك واسألهم عن الشعر وهل بقي معهم معرفة به وأحضر لبيدا ذلك قال فجمعهم وسألهم فقالوا إنا لنعرفه ونقوله وسأل لبيدا فقال ما قلت شعرا منذ سمعت الله يقول (ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه)قال ابن العربي هذه الآية ليست من عيب الشعر كما لم يكن قوله تعالى (وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك) العنكبوت 48 من عيب الخط فلما لم تكن الأمية من عيب الخط كذلك لا يكون نفي النظم عن النبي من عيب الشعر وقد بينا حال الشعر في سورة الظلة والحمد لله
الآية الرابعة
قوله تعالى (وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم) الآية 78فيها مسألتان
المسألة الأولى في سبب نزولها
يروى أن أبي بن خلف أو العاصي بن وائل مر برمة بالية فأخذها وقال اليوم أغلب محمدا وجاء إليه فقال يا محمد أنت الذي تزعم أن الله يعيد هذا كما بدأه وفتته بيده حتى عاد رميما فأنزل الله تعالى هذه الآية (وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة) إلى آخر السورةالمسألة الثانية
قوله تعالى (قال من يحيي العظام وهي رميم)دليل على أن في العظام حياة وأنه ينجس بالموت لأن كل محل تحل الحياة به فيخلفها الموت ينجس ويحرم بقوله تعالى (حرمت عليكم الميتة) المائدة3 وساعدنا أبو حنيفة فيه وقال الشافعي لا حياة فيه ولا ينجس بالموت وقد اضطرب أرباب المذاهب فيه والصحيح ما قدمناه
فإن قيل أراد بقوله من يحيى العظام يعني أصحاب العظام وإقامة المضاف مقام المضاف إليه كثير في اللغة موجود في الشريعة
قلنا إنما يكون ذلك إذا احتيج إليه لضرورة وليس ههنا ضرورة تدعو إلى هذا الإضمار ولا يفتقر إلى هذا التقدير وإنما يحمل الكلام على الظاهر إذ الباري سبحانه قد أخبر به وهو قادر عليه والحقيقة تشهد له فإن الإحساس الذي هو علامة الحياة موجود فيه وقد بيناه في مسائل الخلاف