المسألة الرابعة
هذه الواقعة تدل دلالة ظاهرة على أن الكل بقضاء الله وقدره، وذلك لأن المسلمين كانوا قد انهزموا من المشركين يوم أحد، والعادة جارية بأنه إذا انهزم أحد الخصمين عنالآخر فإنه يحصل في قلب الغالب قوة وشدة استيلاء، وفي قلب المغلوب انكسار وضعف، ثم انه سبحانه قلب القضية ههنا، فأودع قلوب الغالبين وهم المشركون الخوف والرعب، وأودع قلوب المغلوبين القوة والحمية والصلابة، وذلك يدل على أن الدواعي والصوارف من الله تعالى، وإنها متى حدثت في القلوب وقعت الأفعال على وفقها.ثم قال تعالى: (وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل) والمراد أنهم كلما ازدادوا إيمانا في قلوبهم أظهروا ما يطابقه فقالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل. قال ابن الأنباري: (حسبنا الله) أي كافينا الله، ومثله قول امرئ القيس:
وحسبك من غنى شبع وري
أي يكفيك الشبع والري، وأما (الوكيل) ففيه أقوال:
أحدها
أنه الكفيل.قال الشاعر:
ذكرت أبا أروى فبت كأنني
برد الأمور الماضيات وكيل
برد الأمور الماضيات وكيل
برد الأمور الماضيات وكيل