أما الأول
فيكون المعنى أن رجوعهم إلى الحياة في الدار الآخرة واجب، ويكون الغرض منه إبطال قول من ينكر البعث، وتحقيق ما تقدم أنه لاكفران لسعي أحد فإنه سبحانه سيعطيه الجزاء على ذلك يوم القيامة وهو تأويل أبي مسلم بن بحر.
وأما الثاني
فيكون المعنى أن رجوعهم إلى الدنيا واجب لكن المعلوم أنهم لم يرجعوا إلى الدنيا فعند هذا ذكر المفسرون وجهين:الأول
أن الحرام قد يجيء بمعنى الواجب والدليل عليه الآية والاستعمال والشعر، أما الآية فقوله تعالى:(قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا) (الأنعام: 151)
وترك الشرك واجب وليس بمحرم، وأما الشعر فقول الخنساء:
وإن حراما لا أرى الدهر باكيا
على شجوه إلا بكيت على عمرو
على شجوه إلا بكيت على عمرو
على شجوه إلا بكيت على عمرو
أحدهما: أنهم لا يرجعون عن الشرك ولا يتولون عنه وهو قول مجاهد والحسن.
وثانيها: لا يرجعون إلى الدنيا وهو قول قتادة ومقاتل.
الوجه الثاني
أن يترك قوله وحرام على ظاهره ويجعل في قوله: (لا يرجعون) صلة زائدة كما أنه صلة في قوله: (ما منعك أن لا تسجد) (الأعراف: 12) والمعنى حرام على قرية أهلكناها رجوعهم إلى الدنيا وهو كقوله: (فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون) (يس: 50) أو يكون المعنى وحرام عليهم رجوعهم عن الشرك وترك الأيمان، وهذا قول طائفة من المفسرين، وهذا كله إذا جعلنا قوله وحرام خبرا لقوله: (أنهم لا يرجعون) أما إذا جعلناه خبرا لشيء آخر فالتقدير وحرام على قرية أهلكناها ذاك، وهو المذكور في الآية المتقدمة من العمل الصالح والسعي المشكور غير المكفور ثم علل فقال: (إنهم لا يرجعون) عن الكفر فكيف لا يمتنع، ذلك هذا على قراءة إنهم بالكسر والقراءة بالفتح يصح حملها أيضا على هذا أي أنهم لا يرجعون.أما قوله تعالى: (حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهممن كل حدب ينسلون * واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا)