تعاليق مبسوطة
على
العروة الوثقى
1
تعاليق مبسوطة
على
العروة الوثقى
تأليف
الشيخ محمد إسحاق فياض
الجزء التاسع
كتاب الحج
انتشارات محلاتي
3
اسم الكتاب: تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى
اسم المؤلف: الشيخ محمد إسحاق فياض
صف واخراج: مؤسسة المنار
المطبعة: أمير
الكمية: 1000 نسخة
السعر: 700 تومان
الناشر: انتشارات محلاتي
4
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على أشرف
خلقه محمد وآله الطيبين الطاهرين
5
فصل
في الوصية بالحج
[3169] مسألة 1: إذا أوصى بالحج فإن علم أنه واجب أخرج من أصل
التركة وإن كان بعنوان الوصية، فلا يقال مقتضى كونه بعنوانها خروجه من
الثلث، نعم لو صرح بإخراجه من الثلث أخرج منه فإن وفى به وإلا يكون
الزائد من الأصل، ولا فرق في الخروج من الأصل بين حجة الإسلام
والحج النذري والإفسادي لأنه بأقسامه واجب مالي (1) وإجماعهم قائم
على خروج كل واجب مالي من الأصل، مع أن في بعض الأخبار أن الحج
بمنزلة الدين ومن المعلوم خروجه من الأصل، بل الأقوى خروج كل
7
واجب من الأصل وإن كان بدنيا كما مر سابقا (1).
وإن علم أنه ندبي فلا إشكال في خروجه من الثلث.
وإن لم يعلم أحد الأمرين ففي خروجه من الأصل أو الثلث وجهان،
يظهر من سيد الرياض (قدس سره) خروجه من الأصل حيث إنه وجه كلام
الصدوق (قدس سره) - الظاهر في كون جميع الوصايا من الأصل - بأن مراده ما إذا
لم يعلم كون الموصى به واجبا أو لا، فإن مقتضى عمومات وجوب العمل
بالوصية خروجها من الأصل خرج عنها صورة العلم بكونها ندبيا، وحمل
الخبر الدال بظاهره على ما عن الصدوق أيضا على ذلك، لكنه مشكل (2)
فإن العمومات مخصصة بما دل على أن الوصية بأزيد من الثلث ترد إليه
إلا مع إجازة الورثة، هذا مع أن الشبهة مصداقية والتمسك بالعمومات
فيها محل إشكال (3)، وأما الخبر المشار إليه وهو قوله (عليه السلام): " الرجل
أحق بماله ما دام فيه الروح إن أوصى به كله فهو جائز "، فهو
8
موهون (1) بإعراض العلماء عن العمل بظاهره، ويمكن أن يكون المراد
بماله هو الثلث الذي أمره بيده، نعم يمكن أن يقال في مثل هذه الأزمنة
بالنسبة إلى هذه الأمكنة البعيدة عن مكة: الظاهر من قول الموصي: حجوا
عني; هو حجة الإسلام الواجبة لعدم تعارف الحج المستحبي في هذه
الأزمنة والأمكنة (2) فيحمل على أنه واجب من جهة هذا الظهور
والانصراف كما أنه إذا قال: أدوا كذا مقدارا خمسا أو زكاة; ينصرف إلى
الواجب عليه.
فتحصل أن في صورة الشك في كون الموصى به واجبا حتى يخرج
من أصل التركة أو لا حتى يكون من الثلث مقتضى الأصل الخروج من
الثلث لأن الخروج من الأصل موقوف على كونه واجبا وهو غير معلوم بل
الأصل عدمه إلا إذا كان هناك انصراف كما في مثل الوصية بالخمس أو
الزكاة أو الحج ونحوها.
نعم لو كانت الحالة السابقة فيه هو الوجوب كما إذا علم وجوب
الحج عليه سابقا ولم يعلم أنه أتى به أو لا فالظاهر جريان الاستصحاب
والإخراج من الأصل، ودعوى أن ذلك موقوف على ثبوت الوجوب عليه
وهو فرع شكه لا شك الوصي أو الوارث ولا يعلم أنه كان شاكا حين موته
9
أو عالما بأحد الأمرين مدفوعة بمنع اعتبار شكه بل يكفي شك الوصي أو
الوارث أيضا، ولا فرق في ذلك بين ما إذا أوصى أو لم يوص فإن مقتضى
أصالة بقاء اشتغال ذمته بذلك الواجب عدم انتقال ما يقابله من التركة إلى
الوارث، ولكنه يشكل على ذلك الأمر في كثير من الموارد لحصول العلم
غالبا بأن الميت كان مشغول الذمة بدين أو خمس أو زكاة أو حج أو نحو
ذلك، إلا أن يدفع بالحمل على الصحة فإن ظاهر حال المسلم الإتيان بما
وجب عليه، لكنه مشكل في الواجبات الموسعة بل في غيرها أيضا في غير
الموقتة، فالأحوط في هذه الصورة الإخراج من الأصل (1).
10
[3170] مسألة 2: يكفي الميقاتية سواء كان الحج الموصى به واجبا (1)
11
أو مندوبا (1) ويخرج الأول من الأصل والثاني من الثلث، إلا إذا أوصى
بالبلدية وحينئذ فالزائد عن أجرة الميقاتية في الأول من الثلث (2)، كما أن
تمام الأجرة في الثاني منه.
[3171] مسألة 3: إذا لم يعين الأجرة فاللازم الاقتصار على أجرة
المثل (3)
12
للانصراف (1) إليها، ولكن إذا كان هناك من يرضى بالأقل منها وجب
13
استئجاره (1) إذ الانصراف إلى أجرة المثل إنما هو نفي الأزيد فقط، وهل
يجب الفحص عنه لو احتمل وجوده؟ الأحوط ذلك (2) توفيرا على الورثة
خصوصا مع الظن بوجوده (3) وإن كان في وجوبه إشكال خصوصا مع
الظن بالعدم، ولو وجد من يريد أن يتبرع فالظاهر جواز الاكتفاء به بمعنى
عدم وجوب المبادرة إلى الاستئجار، بل هو المتعين توفيرا على الورثة (4)،
14
فإن أتى به صحيحا كفى وإلا وجب الاستئجار، ولو لم يوجد من يرضى
بأجرة المثل فالظاهر وجوب دفع الأزيد إذا كان الحج واجبا، بل وإن كان
مندوبا أيضا مع وفاء الثلث، ولا يجب الصبر إلى العام القابل ولو مع العلم
بوجود من يرضى بأجرة المثل أو أقل، بل لا يجوز لوجوب المبادرة إلى
تفريغ ذمة الميت في الواجب والعمل بمقتضى الوصية في المندوب.
وإن عين الموصي مقدارا للأجرة تعين (1) وخرج من الأصل في
الواجب إن لم يزد على أجرة المثل وإلا فالزيادة من الثلث (2)، كما أن في
المندوب كله من الثلث.
15
[3172] مسألة 4: هل اللازم في تعيين أجرة المثل الاقتصار على أقل
الناس أجرة أو يلاحظ من يناسب شأن الميت في شرفه وضعته؟ لا يبعد
الثاني، والأحوط الأظهر الأول (1)، ومثل هذا الكلام يجري أيضا في الكفن
الخارج من الأصل أيضا.
[3173] مسألة 5: لو أوصى بالحج وعين المرة أو التكرار بعدد معين
تعين، وإن لم يعين كفى حج واحد إلا أن يعلم أنه أراد التكرار، وعليه
يحمل ما ورد في الأخبار (2) من أنه يحج عنه ما دام له مال - كما في
خبرين - أو ما بقي من ثلثه شيء - كما في ثالث - بعد حمل الأولين على
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 4 من أبواب النيابة في الحج الحديث: 1.
16
الأخير (1) من إرادة الثلث من لفظ المال، فما عن الشيخ وجماعة من
وجوب التكرار ما دام الثلث باقيا ضعيف، مع أنه يمكن أن يكون المراد من
الأخبار أنه يجب الحج ما دام يمكن الإتيان به ببقاء شيء من الثلث بعد
العمل بوصايا أخر، وعلى فرض ظهورها في إرادة التكرار ولو مع عدم
العلم بإرادته لابد من طرحها لإعراض المشهور عنها (2)، فلا ينبغي
الإشكال في كفاية حج واحد مع عدم العلم بإرادة التكرار، نعم لو أوصى
بإخراج الثلث ولم يذكر إلا الحج يمكن أن يقال بوجوب صرف تمامه في
الحج (3)، وكذا لو لم يذكر إلا المظالم أو إلا الزكاة أو إلا الخمس، ولو
أوصى أن يحج عنه مكررا كفى مرتان لصدق التكرار معه.
17
[3174] مسألة 6: لو أوصى بصرف مقدار معين في الحج سنين معينة
وعين لكل سنة مقدارا معينا واتفق عدم كفاية ذلك المقدار لكل سنة صرف
18
نصيب سنتين في سنة أو ثلاث سنين في سنتين مثلا وهكذا، لا لقاعدة
الميسور لعدم جريانها في غير مجعولات الشارع (1)، بل لأن الظاهر من
حال الموصي إرادة صرف ذلك المقدار في الحج وكون تعيين مقدار كل
سنة بتخيل كفايته، ويدل عليه أيضا خبر علي بن محمد الحضيني وخبر
إبراهيم بن مهزيار ففي الأول تجعل حجتين في حجة وفي الثاني تجعل
ثلاث حجج في حجتين، وكلاهما من باب المثال (2) كما لا يخفى، هذا.
19
ولو فضل من السنين فضلة لا تفي بحجة فهل ترجع ميراثا أو في
وجوه البر (1) أو تزاد على أجرة بعض السنين؟ وجوه.
ولو كان الموصى به الحج من البلد ودار الأمر بين جعل أجرة سنتين
مثلا لسنة وبين الاستئجار بذلك المقدار من الميقات لكل سنة ففي تعيين
الأول أو الثاني وجهان، ولا يبعد التخيير بل أولوية الثاني، إلا أن مقتضى
إطلاق الخبرين الأول (2).
هذا كله إذا لم يعلم من الموصي إرادة الحج بذلك المقدار على وجه
التقييد وإلا فتبطل الوصية إذا لم يرج إمكان ذلك بالتأخير أو كانت الوصية
مقيدة بسنين معينة.
[3175] مسألة 7: إذا أوصى بالحج وعين الأجرة في مقدار فإن كان الحج
واجبا ولم يزد ذلك المقدار عن أجرة المثل أو زاد وخرجت الزيادة من
الثلث (3) تعين، وإن زاد ولم تخرج الزيادة من الثلث بطلت الوصية ويرجع
20
إلى أجرة المثل، وإن كان الحج مندوبا فكذلك تعين أيضا مع وفاء الثلث
بذلك المقدار، وإلا فبقدر وفاء الثلث مع عدم كون التعيين على وجه
التقييد (1)، وإن لم يف الثلث بالحج أو كان التعيين على وجه التقييد بطلت
الوصية وسقط وجوب الحج.
[3176] مسألة 8: إذا أوصى بالحج وعين أجيرا معينا تعين استئجاره
بأجرة المثل، وإن لم يقبل إلا بالأزيد فإن خرجت الزيادة من الثلث تعين
أيضا وإلا بطلت الوصية واستؤجر غيره بأجرة المثل في الواجب مطلقا،
وكذا في المندوب إذا وفى به الثلث ولم يكن على وجه التقييد، وكذا إذا
لم يقبل أصلا.
21
[3177] مسألة 9: إذا عين للحج أجرة لا يرغب فيها أحد وكان الحج
مستحبا بطلت الوصية إذا لم يرج وجود راغب فيها، وحينئذ فهل ترجع
ميراثا أو تصرف في وجوه البر أو يفصل بين ما إذا كان كذلك من الأول
فترجع ميراثا أو كان الراغب موجودا ثم طرأ التعذر؟ وجوه.
والأقوى هو الصرف في وجوه البر، لا لقاعدة الميسور بدعوى أن
الفصل إذا تعذر يبقى الجنس، لأنها قاعدة شرعية وإنما تجري في الأحكام
الشرعية المجعولة للشارع ولا مسرح لها في مجعولات الناس، كما أشرنا
إليه سابقا، مع أن الجنس لا يعد ميسورا للنوع فمحلها المركبات الخارجية
إذا تعذر بعض أجزائها ولو كانت ارتباطية، بل لأن الظاهر من حال
الموصي في أمثال المقام إرادة عمل ينفعه وإنما عين عملا خاصا لكونه
أنفع في نظره من غيره فيكون تعيينه لمثل الحج على وجه تعدد المطلوب
وإن لم يكن متذكرا لذلك حين الوصية، نعم لو علم في مقام كونه على
وجه التقييد في عالم اللب أيضا يكون الحكم فيه الرجوع إلى الورثة، ولا
فرق في الصورتين بين كون التعذر طارئا أو من الأول.
ويؤيد ما ذكرنا ما ورد من الأخبار في نظائر المقام، بل يدل عليه خبر
علي بن سويد (1) عن الصادق (عليه السلام): قال " قلت: مات رجل فأوصى بتركته
أن حج بها عنه فنظرت في ذلك فلم تكف للحج فسألت من عندنا من
22
الفقهاء فقالوا: تصدق بها، فقال (عليه السلام): ما صنعت؟ قلت: تصدقت بها،
فقال (عليه السلام): ضمنت إلا أن لا تكون تبلغ أن يحج بها من مكة فإن كانت تبلغ
أن يحج بها من مكة فأنت ضامن ".
ويظهر مما ذكرنا حال سائر الموارد التي تبطل الوصية لجهة من
الجهات.
23
هذا في غير ما إذا أوصى بالثلث وعين له مصارف وتعذر بعضها،
وأما فيه فالأمر أوضح لأنه بتعيينه الثلث لنفسه أخرجه عن ملك الوارث
بذلك فلا يعود إليه.
[3178] مسألة 10: إذا صالحه على داره مثلا وشرط عليه أن يحج عنه بعد
موته صح ولزم وخرج من أصل التركة (1) وإن كان الحج ندبيا ولا يلحقه
حكم الوصية.
24
ويظهر من المحقق القمي (قدس سره) في نظير المقام إجراء حكم الوصية
عليه (1) بدعوى أنه بهذا الشرط ملك عليه الحج وهو عمل له أجرة
فيحسب مقدار أجرة المثل لهذا العمل فإن كانت زائدة عن الثلث توقف
على إمضاء الورثة، وفيه أنه لم يملك عليه الحج مطلقا في ذمته ثم أوصى
25
أن يجعله عنه بل إنما ملك بالشرط الحج عنه وهذا ليس مالا (1) تملكه
الورثة فليس تمليكا ووصية وإنما هو تمليك على نحو خاص (2) لا ينتقل
إلى الورثة.
وكذا الحال إذا ملكه داره بمائة تومان (3) مثلا بشرط أن يصرفها في
الحج عنه أو عن غيره، أو ملكه إياها بشرط أن يبيعها ويصرف ثمنها في
الحج أو نحوه (4)، فجميع ذلك صحيح لازم من الأصل وإن كان العمل
المشروط عليه ندبيا.
نعم له الخيار عند تخلف الشرط، وهذا ينتقل إلى الوارث بمعنى أن
26
حق الشرط ينتقل إلى الوارث (1) فلو لم يعمل المشروط عليه بما شرط
عليه يجوز للوارث أن يفسخ المعاملة.
27
[3179] مسألة 11: لو أوصى بأن يحج عنه ماشيا أو حافيا صح واعتبر
خروجه من الثلث إن كان ندبيا وخروج الزائد عن أجرة الميقاتية منه إن
كان واجبا (1)، ولو نذر في حال حياته أن يحج ماشيا أو حافيا ولم يأت به
حتى مات وأوصى به أو لم يوص وجب الاستئجار عنه من أصل التركة (2)
كذلك، نعم لو كان نذره مقيدا بالمشي ببدنه أمكن أن يقال بعدم وجوب
الاستئجار عنه لأن المنذور هو مشيه ببدنه فيسقط بموته (3) لأن مشي
الأجير ليس ببدنه، ففرق بين كون المباشرة قيدا في المأمور به
أو موردا.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 33 من أبواب التكفين الحديث: 1.
28
[3180] مسألة 12: إذا أوصى بحجتين أو أزيد وقال: إنها واجبة عليه صدق
وتخرج من أصل التركة (1)، نعم، لو كان إقراره بالوجوب عليه في مرض
الموت وكان متهما في إقراره فالظاهر أنه كالإقرار بالدين فيه في خروجه
من الثلث إذا كان متهما على ما هو الأقوى.
[3181] مسألة 13: لو مات الوصي بعدما قبض من التركة أجرة الاستئجار
وشك في أنه استأجر الحج قبل موته أو لا فإن مضت مدة يمكن الاستئجار
فيها فالظاهر حمل أمره على الصحة (2) مع كون الوجوب فوريا منه، ومع
29
كونه موسعا إشكال، وإن لم تمض مدة يمكن الاستئجار فيها وجب
الاستئجار من بقية التركة إذا كان الحج واجبا (1) ومن بقية الثلث إذا كان
مندوبا، وفي ضمانه لما قبض وعدمه لاحتمال تلفه عنده بلا ضمان
30
وجهان (1)، نعم لو كان المال المقبوض موجودا أخذ حتى في الصورة
الاولى (2) وإن احتمل أن يكون استأجر من مال نفسه إذا كان مما يحتاج
إلى بيعه وصرفه في الأجرة وتملك ذلك المال بدلا عما جعله أجرة لأصالة
بقاء ذلك المال على ملك الميت.
31
[3182] مسألة 14: إذا قبض الوصي الأجرة وتلف في يده بلا تقصير لم
يكن ضامنا، ووجب الاستئجار من بقية التركة (1) أو بقية الثلث، وإن
32
اقتسمت على الورثة استرجع منهم، وإن شك في كون التلف عن تقصير
أو لا فالظاهر عدم الضمان أيضا (1)، وكذا الحال إن استأجر ومات الأجير
ولم يكن له تركة أو لم يمكن الأخذ من ورثته.
[3183] مسألة 15: إذا أوصى بما عنده من المال للحج ندبا ولم يعلم أنه
يخرج من الثلث أو لا (2) لم يجز صرف جميعه، نعم لو ادعى أن عند
33
الورثة ضعف هذا أو أنه أوصى سابقا بذلك والورثة أجازوا وصيته ففي
سماع دعواه وعدمه وجهان (1).
[3184] مسألة 16: من المعلوم أن الطواف مستحب مستقلا من غير أن
يكون في ضمن الحج، ويجوز النيابة فيه عن الميت، وكذا عن الحي إذا
كان غائبا عن مكة أو حاضرا وكان معذورا في الطواف بنفسه (2)، وأما مع
كونه حاضرا وغير معذور فلا تصح النيابة عنه، وأما سائر أفعال الحج
فاستحبابها مستقلا غير معلوم حتى مثل السعي بين الصفا والمروة.
34
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 4 من أبواب الطواف الحديث: 6.
(2) الوسائل باب: 7 من أبواب الطواف الحديث: 1.
(3) الوسائل باب: 18 من أبواب النيابة في الحج الحديث: 1.
(4) الوسائل باب: 51 من أبواب الطواف الحديث: 4.
35
[3185] مسألة 17: لو كان عند شخص وديعة ومات صاحبها وكان عليه
حجة الإسلام وعلم أو ظن أن الورثة لا يؤدون عنه (1) أن ردها إليهم جاز
بل وجب عليه أن يحج بها عنه، وإن زادت عن أجرة الحج رد الزيادة إليهم
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 51 من أبواب الطواف الحديث: 1.
(2) الوسائل باب: 59 من أبواب الطوائف الحديث: 1.
36
لصحيحة بريد " عن رجل استودعني مالا فهلك وليس لوارثه شيء ولم
يحج حجة الإسلام قال (عليه السلام): حج عنه وما فضل فأعطهم " وهي وإن كانت
مطلقة إلا أن الأصحاب قيدوها بما إذا علم أو ظن بعدم تأديتهم (1)
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 13 من أبواب النيابة في الحج الحديث: 1.
37
لو دفعها إليهم، ومقتضى إطلاقها (1) عدم الحاجة إلى الاستئذان من
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 13 من أبواب النيابة في الحج ذيل الحديث: 1.
38
الحاكم الشرعي، ودعوى أن ذلك للإذن من الإمام (عليه السلام) كما ترى لأن الظاهر
من كلام الإمام (عليه السلام) بيان الحكم الشرعي (1)، ففي مورد الصحيحة لا حاجة
إلى الإذن من الحاكم (2)، والظاهر عدم الاختصاص بما إذا لم يكن للورثة
شيء (3)، وكذا عدم الاختصاص بحج الودعي بنفسه لانفهام الأعم من
ذلك منها.
وهل يلحق بحجة الإسلام غيرها (4) من أقسام الحج الواجب أو غير
الحج من سائر ما يجب عليه مثل الخمس والزكاة والمظالم والكفارات
39
والدين أو لا؟ وكذا هل يلحق بالوديعة غيرها (1) مثل العارية والعين
المستأجرة والمغصوبة والدين في ذمته أو لا؟ وجهان، قد يقال بالثاني لأن
الحكم على خلاف القاعدة إذا قلنا أن التركة مع الدين تنتقل إلى الوارث
وإن كانوا مكلفين بأداء الدين ومحجورين عن التصرف قبله، بل وكذا على
القول ببقائها معه على حكم مال الميت لأن أمر الوفاء إليهم فلعلهم أرادوا
الوفاء من غير هذا المال أو أرادوا أن يباشروا العمل الذي على الميت
بأنفسهم، والأقوى مع العلم بأن الورثة لا يؤدون بل مع الظن القوي
أيضا (2) جواز الصرف فيما عليه، لا لما ذكر في المستند: من أن وفاء ما
على الميت من الدين أو نحوه واجب كفائي على كل من قدر على ذلك
وأولوية الورثة بالتركة إنما هي ما دامت موجودة وأما إذا بادر أحد إلى
صرف المال فيما عليه لا يبقى مال حتى تكون الورثة أولى به، إذ هذه
الدعوى فاسدة جدا، بل لامكان فهم المثال من الصحيحة، أو دعوى
45
تنقيح المناط (1)، أو أن المال إذا كان بحكم مال الميت (2) فيجب صرفه
عليه (3) ولا يجوز دفعه إلى من لا يصرفه عليه، بل وكذا على القول
بالانتقال إلى الورثة حيث إنه يجب صرفه في دينه فمن باب الحسبة (4)
46
يجب على من عنده صرفه عليه ويضمن لو دفعه إلى الوارث (1) لتفويته
على الميت. نعم يجب الاستئذان من الحاكم لأنه ولي من لا ولي له،
ويكفي الإذن الإجمالي فلا يحتاج إلى إثبات وجوب ذلك الواجب عليه
كما قد يتخيل، نعم لو لم يعلم ولم يظن عدم تأدية الوارث (2) يجب الدفع
إليه، بل لو كان الوارث منكرا أو ممتنعا وأمكن إثبات ذلك عند الحاكم أو
47
أمكن إجباره عليه لم يجز لمن عنده أن يصرفه بنفسه (1).
[3186] مسألة 18: يجوز للنائب بعد الفراغ عن الأعمال للمنوب عنه أن
يطوف عن نفسه وعن غيره، وكذا يجوز له أن يأتي بالعمرة المفردة عن
نفسه وعن غيره.
48
[3187] مسألة 19: يجوز لمن أعطاه رجل مالا لاستئجار الحج أن يحج
بنفسه ما لم يعلم أنه أراد الاستئجار من الغير، والأحوط عدم مباشرته (1)
إلا مع العلم بأن مراد المعطي حصول الحج في الخارج، وإذا عين شخصا
تعين إلا إذا علم عدم أهليته وأن المعطي مشتبه في تعيينه (2) أو أن ذكره
من باب أحد الأفراد.
49
فصل
في الحج المندوب
[3188] مسألة 1: يستحب لفاقد الشرائط من البلوغ والاستطاعة وغيرهما
أن يحج مهما أمكن، بل وكذا من أتى بوظيفته من الحج الواجب،
ويستحب تكرار الحج بل يستحب تكراره في كل سنة، بل يكره تركه
خمس سنين متوالية، وفي بعض الأخبار: " من حج ثلاث حجات لم يصبه
فقر أبدا ".
[3189] مسألة 2: يستحب نية العود إلى الحج عند الخروج من مكة، وفي
الخبر أنها توجب الزيادة في العمر، ويكره نية عدم العود، وفيه أنها توجب
النقص في العمر.
[3190] مسألة 3: يستحب التبرع بالحج عن الأقارب وغيرهم أحياء
وأمواتا، وكذا عن المعصومين (عليهم السلام) أحياء وأمواتا، وكذا يستحب الطواف
عن الغير وعن المعصومين (عليهم السلام) أمواتا وأحياء مع عدم حضورهم في مكة
أو كونهم معذورين.
[3191] مسألة 4: يستحب لمن ليس له زاد وراحلة أن يستقرض ويحج
إذا كان واثقا بالوفاء بعد ذلك.
[3192] مسألة 5: يستحب إحجاج من لا استطاعة له.
[3193] مسألة 6: يجوز إعطاء الزكاة لمن لا يستطيع الحج ليحج بها.
[3194] مسألة 7: الحج أفضل من الصدقة بنفقته.
50
[3195] مسألة 8: يستحب كثرة الإنفاق في الحج، وفي بعض الأخبار:
" إن الله يبغض الإسراف إلا بالحج والعمرة ".
[3196] مسألة 9: يجوز الحج بالمال المشتبه كجوائز الظلمة مع عدم
العلم بحرمتها.
[3197] مسألة 10: لا يجوز الحج بالمال الحرام لكن لا يبطل الحج إذا كان
لباس إحرامه وطوافه (1) وثمن هديه من حلال (1).
51
[3198] مسألة 11: يشترط في الحج الندبي إذن الزوج والمولى بل
الأبوين في بعض الصور، ويشترط أيضا أن لا يكون عليه حج واجب
مضيق، لكن لو عصى وحج صح.
[3199] مسألة 12: يجوز إهداء ثواب الحج إلى الغير بعد الفراغ عنه، كما
يجوز أن يكون ذلك من نيته قبل الشروع فيه.
[3200] مسألة 13: يستحب لمن لا مال له يحج به أن يأتي به ولو بإجارة
نفسه عن غيره، وفي بعض الأخبار: إن للأجير من الثواب تسعا وللمنوب
عنه واحد.
52
فصل
في أقسام العمرة
[3201] مسألة 1: تنقسم العمرة كالحج إلى واجب أصلي وعرضي
ومندوب.
فتجب بأصل الشرع على كل مكلف بالشرائط المعتبرة في الحج في
العمر مرة، بالكتاب والسنة والإجماع، ففي صحيحة زرارة: العمرة واجبة
على الخلق بمنزلة الحج فإن الله تعالى يقول: (وأتموا الحج والعمرة لله)
[البقرة 2: 619]، وفي صحيحة الفضيل في قول الله تعالى: (وأتموا الحج
والعمرة) قال (عليه السلام): " هما مفروضان ".
ووجوبها بعد تحقق الشرائط فوري كالحج، ولا يشترط في وجوبها
استطاعة الحج، بل تكفي استطاعتها في وجوبها وإن لم تتحقق استطاعة
الحج، كما أن العكس كذلك فلو استطاع للحج دونها وجب دونها، والقول
باعتبار الاستطاعتين في وجوب كل منهما وأنهما مرتبطان ضعيف، كالقول
باستقلال الحج في الوجوب دون العمرة.
[3202] مسألة 2: تجزىء العمرة المتمتع بها عن العمرة المفردة
بالإجماع والأخبار، وهل تجب على من وظيفته حج التمتع إذا استطاع لها
ولم يكن مستطيعا للحج؟ المشهور عدمه، بل أرسله بعضهم إرسال
53
المسلمات، وهو الأقوى (1)، وعلى هذا فلا تجب على الأجير بعد فراغه
عن عمل النيابة وإن كان مستطيعا لها وهو في مكة، وكذا لا تجب على من
تمكن منها ولم يتمكن من الحج لمانع، ولكن الأحوط الإتيان بها.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) الوسائل باب: 1 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 1 و 5.
(3) راجع الوسائل باب: 1 من أبواب وجوب الحج وشرائطه.
(4) (5) الوسائل باب: 3 من أبواب أقسام الحج الحديث: 2 و 1.
54
[3203] مسألة 3: قد تجب العمرة بالنذر والحلف والعهد والشرط في
ضمن العقد والإجارة والإفساد، وتجب أيضا لدخول مكة بمعنى حرمته
بدونها، فإنه لا يجوز دخولها إلا محرما إلا بالنسبة إلى من يتكرر دخوله
وخروجه كالحطاب والحشاش (1).
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (3) (4) الوسائل باب: 6 من أبواب أقسام الحج الحديث: 1 و 2 و 3.
(2) راجع الوسائل باب: 6 من أبواب أقسام الحج.
55
وما عدا ما ذكر مندوب.
ويستحب تكرارها كالحج، واختلفوا في مقدار الفصل بين العمرتين،
فقيل: يعتبر شهر (1)،
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 51 من أبواب الاحرام الحديث: 2.
(2) (3) (4) الوسائل باب: 6 من أبواب العمرة الحديث: 1 و 2 و 4.
56
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) (3) (4) الوسائل باب: 6 من أبواب العمرة الحديث: 8 و 10 و 9 و 3.
57
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) (3) الوسائل باب: 6 من أبواب العمرة الحديث: 6 و 7 و 8.
(4) راجع الوسائل باب: 3 من أبواب العمرة.
58
وقيل عشرة أيام، والأقوى عدم اعتبار فصل فيجوز إتيانها كل
يوم (1)، وتفصيل المطلب موكول إلى محله.
59
فصل
في أقسام الحج
وهي ثلاثة بالإجماع والأخبار: تمتع، وقران، وإفراد.
والأول فرض من كان بعيدا عن مكة، والآخران فرض من كان
حاضرا أي غير بعيد.
وحد البعد الموجب للأول ثمانية وأربعون ميلا من كل جانب على
المشهور الأقوى، لصحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام): قلت له: قول الله
عز وجل في كتابه: (ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام)
[البقرة 2: 619]، فقال (عليه السلام): " يعني أهل مكة ليس عليهم متعة كل من كان
أهله دون ثمانية وأربعين ميلا ذات عرق وعسفان كما يدور حول مكة فهو
ممن دخل في هذه الآية، وكل من كان أهله وراء ذلك فعليه المتعة "، وخبره
عنه (عليه السلام): سألته عن قول الله عز وجل: (ذلك) الخ، قال: " لأهل مكة ليس
لهم متعة ولا عليهم عمرة، قلت: فما حد ذلك؟ قال: ثمانية وأربعون ميلا
من جميع نواحي مكة دون عسفان وذات عرق " ويستفاد أيضا من جملة
من أخبار أخر.
والقول بأن حده اثنا عشر ميلا من كل جانب - كما عليه جماعة -
ضعيف لا دليل عليه، إلا الأصل فإن مقتضى جملة من الأخبار وجوب
التمتع على كل أحد والقدر المتيقن الخارج منها من كان دون الحد
المذكور، وهو مقطوع بما مر، أو دعوى أن الحاضر مقابل للمسافر والسفر
60
أربعة فراسخ، وهو كما ترى، أو دعوى أن الحاضر المعلق عليه وجوب غير
التمتع أمر عرفي والعرف لا يساعد على أزيد من اثني عشر ميلا، وهذا
أيضا كما ترى، كما أن دعوى أن المراد من ثمانية وأربعين التوزيع على
الجهات الأربع فيكون من كل جهة اثنى عشر ميلا منافية لظاهر تلك
الأخبار.
وأما صحيحة حريز الدالة على أن حد البعد ثمانية عشر ميلا فلا
عامل بها (1)،
61
كما لا عامل بصحيحتي حماد بن عثمان والحلبي (1) الدالتين على أن
الحاضر من كان دون المواقيت إلى مكة.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 6 من أبواب أقسام الحج الحديث: 3.
(2) المصدر السابق.
62
وهل يعتبر الحد المذكور من مكة أو من المسجد؟ وجهان، أقربهما
الأول (1).
ومن كان على نفس الحد فالظاهر أن وظيفته التمتع، لتعليق حكم
الإفراد والقران على ما دون الحد.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) البقرة 2: 196.
63
ولو شك في كون منزله في الحد أو خارجه وجب عليه الفحص، ومع
عدم تمكنه يراعي الاحتياط، وإن كان لا يبعد القول بأنه يجري عليه حكم
--------------------------------------------------------------------------------
(1) البقرة 2: 196.
64
الخارج فيجب عليه التمتع لأن غيره معلق على عنوان الحاضر (1)
65
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 6 من أبواب أقسام الحج الحديث: 3.
66
وهو مشكوك، فيكون كما لو شك في أن المسافة ثمانية فراسخ أولا فإنه
يصلي تماما لأن القصر معلق على السفر وهو مشكوك.
ثم ما ذكر إنما هو بالنسبة إلى حجة الإسلام، حيث لا يجزئ للبعيد
إلا التمتع ولا للحاضر إلا الإفراد أو القران، وأما بالنسبة إلى الحج الندبي
فيجوز لكل من البعيد والحاضر كل من الأقسام الثلاثة بلا إشكال، وإن كان
الأفضل اختيار التمتع، وكذا بالنسبة إلى الواجب غير حجة الإسلام كالحج
النذري وغيره.
[3204] مسألة 1: من كان له وطنان أحدهما في الحد والآخر في خارجه
لزمه فرض أغلبهما لصحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام): " من أقام بمكة
سنتين فهو من أهل مكة ولا متعة له، فقلت لأبي جعفر (عليه السلام): أرأيت إن كان
له أهل بالعراق وأهل بمكة، فقال (عليه السلام): فلينظر أيهما الغالب " فإن تساويا فإن
69
كان مستطيعا من كل منهما تخير بين الوظيفتين (1) وإن كان الأفضل اختيار
التمتع، وإن كان مستطيعا من أحدهما دون الآخر لزمه فرض وطن
الاستطاعة.
[3205] مسألة 2: من كان من أهل مكة وخرج إلى بعض الأمصار ثم
رجع إليها فالمشهور جواز حج التمتع له وكونه مخيرا بين الوظيفتين،
واستدلوا بصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله (عليه السلام): " عن
رجل من أهل مكة يخرج إلى بعض الأمصار ثم يرجع إلى مكة فيمر ببعض
المواقيت أله أن يتمتع؟ قال (عليه السلام): ما أزعم أن ذلك ليس له لو فعل وكان
الإهلال أحب إلى " ونحوها صحيحة أخرى عنه وعن عبد الرحمن بن أعين
70
عن أبي الحسن (عليه السلام)، وعن ابن أبي عقيل عدم جواز ذلك وأنه يتعين عليه
فرض المكي إذا كان الحج واجبا عليه، وتبعه جماعة لما دل من الأخبار
على أنه لا متعة لأهل مكة، وحملوا الخبرين على الحج الندبي بقرينة ذيل
الخبر الثاني، ولا يبعد قوة هذا القول (1)، مع أنه أحوط لأن الأمر دائر بين
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 7 من أبواب أقسام الحج الحديث: 1 و 2.
72
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (3) الوسائل باب: 7 من أبواب أقسام الحج الحديث: 2.
73
--------------------------------------------------------------------------------
(1) البقرة الآية: 196.
75
التخيير والتعيين ومقتضى الاشتغال هو الثاني (1) خصوصا إذا كان مستطيعا
حال كونه في مكة فخرج قبل الإتيان بالحج، بل يمكن أن يقال إن محل
كلامهم صورة حصول الاستطاعة بعد الخروج عنها وأما إذا كان مستطيعا
فيها قبل خروجه منها فيتعين عليه فرض أهلها (2).
78
[3206] مسألة 3: الآفاقي إذا صار مقيما في مكة فإن كان ذلك بعد
استطاعته ووجوب التمتع عليه فلا إشكال في بقاء حكمه سواء كانت إقامته
بقصد التوطن أو المجاورة ولو بأزيد من سنتين.
وأما إذا لم يكن مستطيعا ثم استطاع بعد إقامته في مكة فلا إشكال
في انقلاب فرضه إلى فرض المكي في الجملة، كما لا إشكال في عدم
الانقلاب بمجرد الإقامة، وإنما الكلام في الحد الذي به يتحقق الانقلاب،
فالأقوى ما هو المشهور من أنه بعد الدخول في السنة الثالثة لصحيحة
زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام): " من أقام بمكة سنتين فهو من أهل مكة ولا متعة
له " الخ، وصحيحة عمر بن يزيد عن الصادق (عليه السلام): " المجاور بمكة يتمتع
بالعمرة إلى الحج إلى سنتين فإذا جاوز سنتين كان قاطنا وليس له أن يتمتع "
وقيل بأنه بعد الدخول في الثانية لجملة من الأخبار، وهو ضعيف لضعفها
بإعراض المشهور عنها (1)، مع أن القول الأول موافق للأصل، وأما القول
79
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) (3) الوسائل باب: 9 من أبواب أقسام الحج الحديث: 3 و 1 و 2.
(4) البقرة الآية: 196.
80
بأنه بعد تمام ثلاث سنين فلا دليل عليه إلا الأصل المقطوع بما ذكر، مع أن
القول به غير محقق لاحتمال إرجاعه إلى القول المشهور بإرادة الدخول
في السنة الثالثة، وأما الأخبار الدالة على أنه بعد ستة أشهر أو بعد خمسة
أشهر فلا عامل بها (1)، مع احتمال صدورها تقية (2) وإمكان حملها على
محامل أخر.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 8 من أبواب أقسام الحج الحديث: 3.
81
والظاهر من الصحيحين اختصاص الحكم بما إذا كانت الإقامة بقصد
المجاورة، فلو كانت بقصد التوطن فينقلب بعد قصده من الأول، فما يظهر
من بعضهم من كونها أعم لا وجه له، ومن الغريب ما عن آخر من
الاختصاص بما إذا كانت بقصد التوطن.
ثم الظاهر أن في صورة الانقلاب يلحقه حكم المكي بالنسبة إلى
الاستطاعة أيضا فيكفي في وجوب الحج الاستطاعة من مكة (1)
82
ولا يشترط فيه حصول الاستطاعة من بلده (1) فلا وجه لما يظهر من
صاحب الجواهر من اعتبار استطاعة النائي في وجوبه لعموم أدلتها وأن
الانقلاب إنما أوجب تغيير نوع الحج وأما الشرط فعلى ما عليه فيعتبر
بالنسبة إلى التمتع، هذا.
ولو حصلت الاستطاعة بعد الإقامة في مكة لكن قبل مضي السنتين
فالظاهر أنه كما لو حصلت في بلده فيجب عليه التمتع ولو بقيت إلى السنة
الثالثة (2) أو أزيد، فالمدار على حصولها بعد الانقلاب.
85
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 9 من أبواب أقسام الحج الحديث: 1.
86
وأما المكي إذا خرج إلى سائر الأمصار مقيما بها فلا يلحقه حكمها
في تعين التمتع عليه لعدم الدليل وبطلان القياس إلا إذا كانت الإقامة فيها
بقصد التوطن وحصلت الاستطاعة بعده فإنه يتعين عليه التمتع بمقتضى
القاعدة ولو في السنة الأولى، وأما إذا كانت بقصد المجاورة أو كانت
الاستطاعة حاصلة في مكة فلا نعم الظاهر دخوله حينئذ في المسألة
السابقة (1) فعلى القول بالتخيير فيها - كما عن المشهور - يتخير وعلى قول
ابن أبي عقيل يتعين عليه وظيفة المكي.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 9 من أبواب أقسام الحج الحديث: 2.
87
[3207] مسألة 4: المقيم في مكة إذا وجب عليه التمتع - كما إذا كانت
استطاعته في بلده أو استطاع في مكة قبل انقلاب فرضه - فالواجب عليه
الخروج إلى الميقات لإحرام عمرة التمتع، واختلفوا في تعيين ميقاته على
أقوال:
أحدها: أنه مهل أرضه، ذهب إليه جماعة، بل ربما يسند إلى
المشهور كما في الحدائق لخبر سماعة (1) عن أبي الحسن (عليه السلام) سألته عن
المجاور أله أن يتمتع بالعمرة إلى الحج؟ قال (عليه السلام): " نعم يخرج إلى مهل
أرضه فليلب إن شاء " المعتضد بجملة من الأخبار الواردة في الجاهل
والناسي الدالة على ذلك بدعوى عدم خصوصية للجهل والنسيان وأن
ذلك لكونه مقتضى حكم التمتع، وبالأخبار الواردة في توقيت المواقيت
وتخصيص كل قطر بواحد منها أو من مر عليها بعد دعوى أن الرجوع إلى
الميقات غير المرور عليه.
ثانيها: أنه أحد المواقيت (2) المخصوصة مخيرا بينها، وإليه ذهب
جماعة أخرى لجملة أخرى من الأخبار، مؤيدة بأخبار المواقيت بدعوى
عدم استفادة خصوصية كل بقطر معين.
88
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 16 من أبواب المواقيت الحديث: 1.
89
ثالثها: أنه أدنى الحل، نقل عن الحلبي وتبعه بعض متأخري
المتأخرين، لجملة ثالثة من الأخبار.
والأحوط الأول، وإن كان الأقوى الثاني (1) لعدم فهم الخصوصية
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 9 من أبواب أقسام الحج الحديث: 3.
(2) الوسائل باب: 8 من أبواب أقسام الحج الحديث: 2.
90
من خبر سماعة وأخبار الجاهل والناسي وإن ذكر المهل من باب أحد
الأفراد، ومنع خصوصية للمرور في الأخبار العامة الدالة على المواقيت،
وأما أخبار القول الثالث فمع ندرة العامل بها مقيدة بأخبار المواقيت أو
محمولة على صورة التعذر.
ثم الظاهر أن ما ذكرنا حكم كل من كان في مكة وأراد الإتيان بالتمتع
ولو مستحبا.
هذا كله مع إمكان الرجوع إلى المواقيت، وأما إذا تعذر فيكفي
الرجوع إلى أدنى الحل (1)، بل الأحوط الرجوع إلى ما يتمكن من خارج
91
الحرم (1) مما هو دون الميقات، وإن لم يتمكن من الخروج إلى أدنى الحل
أحرم من موضعه (2)، والأحوط الخروج إلى ما يتمكن.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 14 من أبواب المواقيت الحديث: 1.
92
فصل
في صورة حج التمتع وشرائطه
صورة حج التمتع على الإجمال أن يحرم في أشهر الحج من الميقات
بالعمرة المتمتع بها إلى الحج، ثم يدخل مكة فيطوف فيها بالبيت سبعا
ويصلي ركعتين في المقام، ثم يسعى لها بين الصفا والمروة سبعا، ثم
يطوف للنساء احتياطا (1) وإن كان الأصح عدم وجوبه، ويقصر، ثم ينشئ
إحراما للحج من مكة في وقت يعلم أنه يدرك الوقوف بعرفة، والأفضل
إيقاعه يوم التروية،
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 82 من أبواب الطواف الحديث: 7.
93
ثم يمضي إلى عرفات فيقف بها من الزوال إلى الغروب (1)، ثم يفيض
ويمضي منها إلى المشعر فيبيت فيه ويقف به بعد طلوع الفجر إلى طلوع
الشمس، ثم يمضي إلى منى فيرمي جمرة العقبة، ثم ينحر أو يذبح هديه
ويأكل منه، ثم يحلق أو يقصر، فيحل من كل شيء إلا النساء والطيب،
والأحوط اجتناب الصيد أيضا، وإن كان الأقوى عدم
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 2 من أبواب أقسام الحج الحديث: 4.
94
حرمته عليه من حيث الإحرام (1)، ثم هو مخير بين أن يأتي إلى مكة ليومه
فيطوف طواف الحج ويصلي ركعتيه ويسعى سعيه فيحل له الطيب، ثم
يطوف طواف النساء ويصلي ركعتيه فتحل له النساء، ثم يعود إلى منى
لرمي الجمار فيبيت بها ليالي التشريق - وهي الحادي عشر، والثاني عشر،
والثالث عشر - ويرمي في أيامها الجمار الثلاث، وأن لا يأتي إلى مكة ليومه
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 13 من أبواب الحلق والتقصير الحديث: 1.
95
بل يقيم بمنى حتى يرمي جماره الثلاث (1) يوم الحادي عشر ومثله يوم
الثاني عشر، ثم ينفر بعد الزوال إذا كان قد أتقى النساء (2)
96
والصيد، وإن أقام إلى النفر الثاني وهو الثالث عشر ولو قبل الزوال لكن بعد
الرمي جاز أيضا، ثم عاد إلى مكة للطوافين والسعي، ولا إثم عليه في شيء
من ذلك على الأصح، كما أن الأصح الاجتزاء بالطواف والسعي تمام ذي
الحجة، والأفضل الأحوط هو اختيار الأول بأن يمضي إلى مكة يوم النحر
بل لا ينبغي التأخير لغده فضلا عن أيام التشريق إلا لعذر.
ويشترط في حج التمتع أمور:
99
أحدها: النية (1) بمعنى قصد الإتيان بهذا النوع من الحج حين
الشروع في إحرام العمرة، فلو لم ينوه أو نوى غيره أو تردد في نيته بينه
وبين غيره لم يصح، نعم في جملة من الأخبار أنه لو أتى بعمرة مفردة في
100
أشهر الحج جاز أن يتمتع بها، بل يستحب ذلك إذا بقي في مكة إلى هلال
ذي الحجة، ويتأكد إذا بقي إلى يوم التروية، بل عن القاضي وجوبه حينئذ
ولكن الظاهر تحقق الإجماع على خلافه (1)، ففي موثق سماعة عن
الصادق (عليه السلام): " من حج معتمرا في شوال ومن نيته أن يعتمر ورجع إلى بلاده
فلا بأس بذلك، وإن هو أقام إلى الحج فهو متمتع، لأن أشهر الحج شوال
وذو القعدة وذو الحجة فمن اعتمر فيهن فأقام إلى الحج فهي متعة ومن
رجع إلى بلاده ولم يقم إلى الحج فهي عمرة، وإن اعتمر في شهر رمضان
أو قبله فأقام إلى الحج فليس بمتمتع وإنما هو مجاور أفرد العمرة، فإن هو
أحب أن يتمتع في أشهر الحج بالعمرة إلى الحج فليخرج منها حتى يجاوز
ذات عرق أو يتجاوز عسفان فيدخل متمتعا بعمرته إلى الحج، فإن هو أحب
أن يفرد الحج فليخرج إلى الجعرانة فيلبي منها " وفي صحيحة عمر بن يزيد
عن أبي عبد الله (عليه السلام): " من اعتمر عمرة مفردة فله أن يخرج إلى أهله إلا أن
يدركه خروج الناس يوم التروية " وفي قوية عنه (عليه السلام): " من دخل مكة معتمرا
101
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 15 من أبواب أقسام الحج الحديث: 2.
(2) (3) الوسائل باب: 7 من أبواب العمرة الحديث: 1 و 5.
102
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 7 من أبواب العمرة الحديث: 9.
(2) الوسائل باب: 10 من أبواب أقسام الحج الحديث: 2.
(3) الوسائل باب: 7 من أبواب العمرة الحديث: 2.
103
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 7 من أبواب العمرة الحديث: 3.
104
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) الوسائل باب: 7 من أبواب العمرة الحديث: 10 و 11.
106
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) الوسائل باب: 7 من أبواب العمرة الحديث: 5 و 13.
107
مفردا للحج (1) فيقضي عمرته كان له ذلك وإن أقام إلى أن يدركه الحج
كانت عمرته متعة، قال (عليه السلام): وليس تكون متعة إلا في أشهر الحج " وفي
صحيحة عنه (عليه السلام): " من دخل مكة بعمرة فأقام إلى هلال ذي الحجة (2)
فليس له أن يخرج حتى يحج مع الناس " وفي مرسل موسى بن القاسم " من
اعتمر في أشهر الحج فليتمتع " إلى غير ذلك من الأخبار، وقد عمل بها
108
جماعة، بل في الجواهر لا أجد فيه خلافا، أو مقتضاها صحة التمتع مع عدم
قصده حين إتيان العمرة، بل الظاهر من بعضها أنه يصير تمتعا قهرا (1) من
غير حاجة إلى نية التمتع بها بعدها، بل يمكن أن يستفاد منها أن التمتع هو
الحج عقيب عمرة وقعت في أشهر الحج بأي نحو أتى بها (2)، ولا بأس
بالعمل بها، لكن القدر المتيقن منها هو الحج الندبي (3)، ففيما إذا وجب
عليه التمتع فأتى بعمرة مفردة ثم أراد أن يجعلها عمرة التمتع يشكل
الاجتزاء بذلك عما وجب عليه (4) سواء كان حجة الإسلام أو غيرها مما
وجب بالنذر أو الاستئجار.
109
الثاني: أن يكون مجموع عمرته وحجه في أشهر الحج (1)، فلو أتى
بعمرته أو بعضها في غيرها لم يجز له أن يتمتع بها، وأشهر الحج شوال وذو
110
القعدة وذو الحجة بتمامه على الأصح، لظاهر الآية (1) وجملة من الأخبار
كصحيحة معاوية بن عمار وموثقة سماعة وخبر زرارة، فالقول بأنها
الشهران الأولان مع العشر الأول من ذي الحجة - كما عن بعض - أو مع
ثمانية أيام - كما عن آخر - أو مع تسعة أيام وليلة يوم النحر إلى طلوع فجره
- كما عن ثالث - أو إلى طلوع شمسه - كما عن رابع - ضعيف، على أن
الظاهر أن النزاع لفظي فإنه لا إشكال في جواز إتيان بعض الأعمال إلى
آخر ذي الحجة، فيمكن أن يكون مرادهم أن هذه الأوقات هي آخر
الأوقات التي يمكن بها إدراك الحج.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 11 من أبواب أقسام الحج الحديث: 4.
(2) الوسائل باب: 10 من أبواب أقسام الحج الحديث: 2.
(3) البقرة الآية 197.
111
[3208] مسألة 1: إذا أتى بالعمرة قبل أشهر الحج قاصدا بها التمتع فقد
عرفت عدم صحتها تمتعا، لكن هل تصح مفردة أو تبطل من الأصل؟
قولان، اختار الثاني في المدارك لأن ما نواه لم يقع والمفردة لم ينوها،
وبعض اختار الأول لخبر الأحول عن أبي عبد الله (عليه السلام): " في رجل فرض
الحج في غير أشهر الحج، قال: يجعلها عمرة " وقد يستشعر ذلك من خبر
سعيد الأعرج قال أبو عبد الله (عليه السلام): " من تمتع في أشهر الحج ثم أقام بمكة
حتى يحضر الحج من قابل فعليه شاة، وإن تمتع في غير أشهر الحج ثم
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) الوسائل باب: 11 من أبواب أقسام الحج الحديث: 1 و 2.
(3) الوسائل باب: 10 من أبواب أقسام الحج الحديث: 2.
112
جاور حتى يحضر الحج فليس عليه دم إنما هي حجة مفردة، إنما الأضحى
على أهل الأمصار " ومقتضى القاعدة وإن كان هو ما ذكره صاحب المدارك
لكن لا بأس بما ذكره ذلك البعض للخبرين (1).
الثالث: أن يكون الحج والعمرة في سنة واحدة، كما هو المشهور
المدعى عليه الإجماع، لأنه المتبادر من الأخبار المبينة لكيفية حج
التمتع (2)، ولقاعدة توقيفية العبادات (3)، وللأخبار الدالة على
دخول العمرة في الحج وارتباطها به والدالة على عدم جواز الخروج من
113
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 4 من أبواب أقسام الحج الحديث: 6.
(2) (3) الوسائل باب: 21 من أبواب أقسام الحج الحديث: 11 و 6.
115
مكة بعد العمرة قبل الإتيان بالحج، بل وما دل من الأخبار على ذهاب
المتعة بزوال يوم التروية أو يوم عرفة ونحوها، ولا ينافيها خبر سعيد
الأعرج المتقدم بدعوى أن المراد من القابل فيه العام القابل فيدل على
جواز إيقاع العمرة في سنة والحج في أخرى، لمنع ذلك بل المراد منه
الشهر القابل، على أنه لمعارضة الأدلة السابقة غير قابل (1)، وعلى هذا فلو
أتى بالعمرة في عام وأخر الحج إلى العام الآخر لم يصح تمتعا سواء أقام
في مكة إلى العام القابل أو رجع إلى أهله ثم عاد إليها وسواء أحل من
إحرام عمرته أو بقي عليه إلى السنة الأخرى، ولا وجه لما عن الدروس من
احتمال الصحة في هذه الصورة.
ثم المراد من كونهما في سنة واحدة أن يكونا معا في أشهر الحج من
سنة واحدة، لا أن لا يكون بينهما أزيد من اثني عشر شهرا، وحينئذ فلا
يصح أيضا لو أتى بعمرة التمتع في أواخر ذي الحجة وأتى بالحج في ذي
الحجة من العام القابل.
الرابع: أن يكون إحرام حجه من بطن مكة مع الاختيار، للإجماع (2)
116
والأخبار. وما في خبر إسحاق عن أبي الحسن (عليه السلام) من قوله (عليه السلام): " كان أبي
مجاورا هاهنا فخرج يتلقى بعض هؤلاء فلما رجع فبلغ ذات عرق أحرم من
ذات عرق بالحج ودخل وهو محرم بالحج " حيث انه ربما يستفاد منه جواز
الإحرام بالحج من غير مكة محمول على محامل (1) أحسنها أن المراد
بالحج عمرته حيث انها أول أعماله، نعم يكفي أي موضع منها كان
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 22 من أبواب أقسام الحج الحديث: 8.
117
ولو في سككها للإجماع وخبر عمرو بن حريث (1) عن الصادق (عليه السلام):
" من أين أهل بالحج؟ فقال: إن شئت من رحلك وإن شئت
من المسجد وإن شئت من الطريق " وأفضل مواضعها
118
المسجد (1) وأفضل مواضعه المقام أو الحجر (2)، وقد يقال أو تحت
الميزاب، ولو تعذر الإحرام من مكة أحرم مما يتمكن، ولو أحرم من غيرها
اختيارا متعمدا بطل إحرامه، ولو لم يتداركه بطل حجه، ولا يكفيه العود
إليها بدون التجديد، بل يجب أن يجدده، لأن إحرامه من غيرها كالعدم ولو
أحرم من غيرها - جهلا أو نسيانا - وجب العود إليها والتجديد مع الإمكان،
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 52 من أبواب الاحرام الحديث: 1.
119
ومع عدمه جدده في مكانه (1).
120
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) الوسائل باب: 20 من أبواب المواقيت الحديث: 2 و 3.
121
الخامس: ربما يقال إنه يشترط فيه (1) أن يكون مجموع عمرته
وحجه من واحد وعن واحد، فلو استؤجر اثنان لحج التمتع عن ميت
أحدهما لعمرته والآخر لحجه لم يجزئ عنه، وكذا لو حج شخص وجعل
عمرته عن شخص وحجه عن آخر لم يصح، ولكنه محل تأمل، بل ربما
يظهر من خبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) صحة الثاني حيث قال:
" سألته عن رجل يحج عن أبيه أيتمتع؟ قال: نعم المتعة له والحج عن أبيه ".
122
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 27 من أبواب النيابة في الحج الحديث: 1.
123
[3209] مسألة 2: المشهور أنه لا يجوز الخروج من مكة بعد الإحلال من
عمرة التمتع قبل أن يأتي بالحج وأنه إذا أراد ذلك عليه أن يحرم بالحج
فيخرج محرما به، وإن خرج محلا ورجع بعد شهر فعليه أن يحرم بالعمرة،
وذلك لجملة من الأخبار الناهية عن الخروج، والدالة على أنه مرتهن
ومحتبس بالحج، والدالة على أنه لو أراد الخروج خرج ملبيا بالحج،
والدالة على أنه لو خرج محلا فإن رجع في شهره دخل محلا وإن رجع في
غير شهره دخل محرما، والأقوى عدم حرمة الخروج وجوازه محلا حملا
للأخبار على الكراهة (1) - كما عن ابن إدريس (رحمه الله) وجماعة أخرى - بقرينة
124
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 22 من أبواب أقسام الحج الحديث: 1.
(2) الوسائل باب: 5 من أبواب أقسام الحج الحديث: 1.
(3) الوسائل باب: 22 من أبواب أقسام الحج الحديث: 6.
125
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) (3) الوسائل باب: 22 من أبواب أقسام الحج الحديث: 12 و 4 و 6.
126
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 22 من أبواب أقسام الحج الحديث: 7.
(2) البقرة الآية: 205.
127
--------------------------------------------------------------------------------
(1) النساء الآية: 148.
128
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 22 من أبواب أقسام الحج الحديث: 6.
129
التعبير ب " لا أحب " (1) في بعض تلك الأخبار، وقوله (عليه السلام) في مرسلة
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 22 من أبواب أقسام الحج الحديث: 7.
130
الصدوق (1) (قدس سره): " إذا أراد المتمتع الخروج من مكة إلى بعض المواضع
فليس له ذلك لأنه مرتبط بالحج حتى يقضيه إلا أن يعلم أنه لا يفوته الحج "
ونحوه الرضوي، بل وقوله (عليه السلام) في مرسل أبان: " ولا يتجاوز إلا على قدر ما
لا تفوته عرفة " إذ هو وإن كان بعد قوله: " فيخرج محرما " إلا أنه يمكن أن
يستفاد منه أن المدار فوت الحج وعدمه، بل يمكن أن يقال (2): إن
المنساق من جميع الأخبار المانعة أن ذلك للتحفظ عن عدم إدراك الحج
وفوته لكون الخروج في معرض ذلك، وعلى هذا فيمكن دعوى عدم
الكراهة أيضا (3) مع علمه بعدم فوات الحج منه. نعم لا يجوز الخروج لا
بنية العود أو مع العلم بفوات الحج منه إذا خرج.
ثم الظاهر أن الأمر بالإحرام إذا كان رجوعه بعد شهر إنما هو من جهة
أن لكل شهر عمرة لا أن يكون ذلك تعبدا أو لفساد عمرته السابقة أو لأجل
وجوب الإحرام على من دخل مكة، بل هو صريح خبر إسحاق بن عمار:
قال: " سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن المتمتع يجيء فيقضي متعته ثم تبدو له
حاجة فيخرج إلى المدينة أو إلى ذات عرق أو إلى بعض المنازل، قال (عليه السلام):
يرجع إلى مكة بعمرة إن كان في غير الشهر الذي تمتع فيه لأن لكل شهر
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 22 من أبواب أقسام الحج الحديث: 12.
131
عمرة وهو مرتهن بالحج " (الخ)، وحينئذ فيكون الحكم بالإحرام إذا رجع
بعد شهر على وجه الاستحباب (1) لا الوجوب لأن العمرة التي هي وظيفة
كل شهر ليست واجبة، لكن في جملة من الأخبار كون المدار على الدخول
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 22 من أبواب أقسام الحج الحديث: 8.
132
في شهر الخروج أو بعده كصحيحتي حماد وحفص بن البختري (1)
ومرسلة الصدوق والرضوي، وظاهرها الوجوب، إلا أن تحمل على الغالب
من كون الخروج بعد العمرة بلا فصل، لكنه بعيد فلا يترك الاحتياط (2)
بالإحرام إذا كان الدخول في غير شهر الخروج، بل القدر المتيقن من جواز
الدخول محلا صورة كونه قبل مضي شهر من حين الإهلال أي الشروع في
إحرام العمرة، والإحلال منها، ومن حين الخروج، إذ الاحتمالات في الشهر
ثلاثة: ثلاثون يوما من حين الإهلال، وثلاثون من حين الإحلال بمقتضى
خبر إسحاق بن عمار، وثلاثون من حين الخروج بمقتضى هذه الأخبار، بل
من حيث احتمال كون المراد من الشهر - في الأخبار هنا والأخبار الدالة
على ان لكل شهر عمرة - الأشهر الاثني عشر المعروفة (3) لا بمعنى ثلاثين
133
يوما، ولازم ذلك أنه إذا كانت عمرته في آخر شهر من هذه الشهور فخرج
ودخل في شهر آخر أن يكون عليه عمرة، والأولى مراعاة الاحتياط من هذه
الجهة أيضا، وظهر مما ذكرنا أن الاحتمالات ستة: كون المدار على
الإهلال، أو الإحلال، أو الخروج، وعلى التقادير فالشهر إما بمعنى ثلاثين
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 22 من أبواب أقسام الحج الحديث: 6.
134
يوما أو أحد الأشهر المعروفة (1)، وعلى أي حال إذا ترك الإحرام مع
الدخول في شهر آخر ولو قلنا بحرمته لا يكون موجبا لبطلان عمرته
السابقة (2) فيصح حجه بعدها.
135
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) الوسائل باب: 22 من أبواب أقسام الحج الحديث: 8.
136
ثم إن عدم جواز الخروج على القول به إنما هو في غير
حال الضرورة بل مطلق الحاجة، وأما مع الضرورة أو الحاجة مع
كون الإحرام بالحج غير ممكن أو حرجا عليه فلا إشكال فيه (1)،
وأيضا الظاهر اختصاص المنع على القول به بالخروج إلى المواضع
البعيدة، فلا بأس بالخروج إلى فرسخ أو فرسخين (2)، بل يمكن أن يقال
138
باختصاصه بالخروج إلى خارج الحرم، وإن كان الأحوط خلافه (1).
ثم الظاهر أنه لا فرق في المسألة بين الحج الواجب والمستحب،
فلو نوى التمتع مستحبا ثم أتى بعمرته يكون مرتهنا بالحج ويكون
حاله في الخروج محرما أو محلا (2) والدخول كذلك كالحج الواجب،
ثم إن سقوط وجوب الإحرام عمن خرج محلا ودخل قبل شهر
139
مختص بما إذا أتى بعمرة بقصد التمتع (1)، وأما من لم يكن سبق منه عمرة
فيلحقه حكم من دخل مكة في حرمة دخوله بغير الإحرام إلا مثل الحطاب
والحشاش ونحوهما، وأيضا سقوطه إذا كان بعد العمرة قبل شهر إنما هو
على وجه الرخصة (2) بناء على ما هو الأقوى من عدم اشتراط فصل شهر
بين العمرتين (3)، فيجوز الدخول بإحرام قبل الشهر أيضا، ثم إذا دخل
بإحرام فهل عمرة التمتع هي العمرة الاولى أو الأخيرة؟ مقتضى حسنة
حماد أنها الأخيرة المتصلة بالحج، وعليه لا يجب فيها طواف النساء، وهل
يجب حينئذ في الأولى أولا؟ وجهان، أقواهما نعم (4)، والأحوط الإتيان
140
بطواف مردد بين كونه للأولى أو الثانية، ثم الظاهر أنه لا إشكال في جواز
الخروج في أثناء عمرة التمتع (1) قبل الإحلال منها.
141
[3210] مسألة 3: لا يجوز لمن وظيفته التمتع أن يعدل إلى غيره من
القسمين الآخرين اختيارا، نعم إن ضاق وقته عن إتمام العمرة وإدراك الحج
جاز له نقل النية إلى الإفراد وأن يأتي بالعمرة بعد الحج بلا خلاف ولا
إشكال وإنما الكلام في حد الضيق المسوغ لذلك، واختلفوا فيه على
أقوال:
أحدها: خوف فوات الاختياري من وقوف عرفة.
الثاني: فوات الركن من الوقوف الاختياري وهو المسمى منه.
الثالث: فوات الاضطراري منه.
الرابع: زوال يوم التروية.
الخامس: غروبه.
السادس: زوال يوم عرفة.
السابع: التخيير بعد زوال يوم التروية بين العدول والإتمام
إذا لم يخف الفوت، والمنشأ اختلاف الأخبار فإنها مختلفة أشد
الاختلاف.
والأقوى أحد القولين الأولين (1)، لجملة مستفيضة من تلك الأخبار،
142
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) (3) (4) (5) (6) الوسائل باب: 20 من أبواب أقسام الحج الحديث: 3 و 14 و 9 و 10 و 12
و 15.
143
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 21 من أبواب أقسام الحج الحديث: 6.
144
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 21 من أبواب أقسام الحج الحديث: 12.
145
فإنها يستفاد منها على اختلاف ألسنتها أن المناط في الإتمام عدم خوف
فوت الوقوف بعرفة، منها قوله (عليه السلام) في رواية يعقوب بن شعيب الميثمي (1):
" لا بأس للمتمتع إن لم يحرم من ليلة التروية متى ما تيسر له ما لم يخف
فوات الموقفين " وفي نسخة " لا بأس للمتمتع أن يحرم ليلة عرفة " الخ، وأما
الأخبار المحددة بزوال يوم التروية أو بغروبه أو بليلة عرفة أو سحرها
فمحمولة على صورة عدم إمكان الادراك إلا قبل هذه الأوقات فإنه مختلف
باختلاف الأوقات والأحوال والأشخاص، ويمكن حملها على التقية (2) إذا
لم يخرجوا مع الناس يوم التروية، ويمكن كون الاختلاف لأجل التقية كما
في أخبار الأوقات للصلوات، وربما تحمل على تفاوت مراتب أفراد
المتعة في الفضل (3)
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 20 من أبواب أقسام الحج الحديث: 5.
146
بعد التخصيص بالحج المندوب (1) فإن أفضل أنواع التمتع أن تكون
عمرته قبل ذي الحجة ثم ما تكون عمرته قبل يوم التروية ثم ما يكون قبل
يوم عرفة، مع أنا لو أغمضنا عن الأخبار من جهة شدة اختلافها وتعارضها
نقول: مقتضى القاعدة هو ما ذكرنا لأن المفروض أن الواجب عليه هو
التمتع فمادام ممكنا لا يجوز العدول عنه والقدر المسلم من جواز العدول
صورة عدم إمكان إدراك الحج واللازم إدراك الاختياري من الوقوف فإن
كفاية الإضطراي منه خلاف الأصل.
يبقى الكلام في ترجيح أحد القولين الأولين ولا يبعد رجحان
أولهما (2) بناء على كون الواجب استيعاب تمام ما بين الزوال والغروب
بالوقوف وإن كان الركن هو المسمى، ولكن مع ذلك لا يخلو عن إشكال
فإن من جملة الأخبار مرفوع سهل عن أبي عبد الله (عليه السلام): " في متمتع دخل
يوم عرفة، قال: متعته تامة إلى أن يقطع الناس تلبيتهم " حيث أن قطع التلبية
بزوال يوم عرفة، وصحيحة جميل: " المتمتع له المتعة إلى زوال الشمس من
يوم عرفة وله الحج إلى زوال الشمس من يوم النحر "، ومقتضاهما كفاية
147
إدراك مسمى الوقوف الاختياري فإن من البعيد إتمام العمرة قبل الزوال من
عرفة وإدراك الناس في أول الزوال بعرفات، وأيضا يصدق إدراك الموقف
إذا أدركهم قبل الغروب، إلا أن يمنع الصدق فإن المنساق منه إدراك تمام
الواجب، ويجاب عن المرفوعة والصحيحة بالشذوذ (1) كما ادعي، وقد
يؤيد القول الثالث - وهو كفاية إدراك الاضطراري من عرفة - بالأخبار
الدالة على أن من يأتي بعد إفاضة الناس من عرفات وأدركها ليلة النحر
تم حجه، وفيه أن موردها غير ما نحن فيه وهو عدم الإدراك من حيث هو
وفيما نحن فيه يمكن الإدراك والمانع كونه في أثناء العمرة فلا يقاس بها،
نعم لو أتم عمرته في سعة الوقت ثم اتفق أنه لم يدرك الاختياري من
148
الوقوف كفاه الاضطراري ودخل في مورد تلك الأخبار، بل لا يبعد دخول
من اعتقد سعة الوقت (1) فأتم عمرته ثم بان كون الوقت مضيقا في تلك
الأخبار.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) الوسائل باب: 22 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث: 1 و 2.
149
ثم إن الظاهر عموم حكم المقام بالنسبة إلى الحج المندوب وشمول
الأخبار له، فلو نوى التمتع ندبا وضاق وقته عن إتمام العمرة وإدراك الحج
جاز له العدول إلى الإفراد، وفي وجوب العمرة بعده إشكال، والأقوى عدم
وجوبها (1)، ولو علم من وظيفته التمتع ضيق الوقت عن إتمام العمرة
151
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 21 من أبواب أقسام الحج الحديث: 2.
152
وإدراك الحج قبل أن يدخل في العمرة هل يجوز له العدول من الأول إلى
الإفراد؟ فيه إشكال، وإن كان غير بعيد (1)، ولو دخل في العمرة بنية التمتع
في سعة الوقت وأخر الطواف والسعي متعمدا إلى ضيق الوقت ففي جواز
153
العدول وكفايته إشكال (1)، والأحوط العدول وعدم الاكتفاء إذا كان الحج
واجبا عليه.
[3211] مسألة 4: اختلفوا في الحائض والنفساء إذا ضاق وقتهما عن
الطهر وتمام العمرة وإدراك الحج على أقوال:
أحدها: أن عليهما العدول إلى الإفراد والإتمام ثم الإتيان بعمرة بعد
الحج لجملة من الأخبار.
الثاني: ما عن جماعة من أن عليهما ترك الطواف والإتيان بالسعي ثم
الإحلال وإدراك الحج وقضاء طواف العمرة بعده، فيكون عليهما الطواف
ثلاث مرات مرة لقضاء طواف العمرة ومرة للحج ومرة للنساء، ويدل على
ما ذكروه أيضا جملة من الأخبار.
الثالث: ما عن الإسكافي وبعض متأخري المتأخرين من التخيير بين
154
وتأتي بالحج، لكن لم يعرف قائله.
والأقوى من هذه الأقوال هو القول الأول (1) للفرقة الأولى من
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) الوسائل باب: 21 من أبواب أقسام الحج الحديث: 13 و 2.
156
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 84 من أبواب الطواف الحديث: 1.
157
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 49 من أبواب الاحرام الحديث: 1.
(2) الوسائل باب: 3 من أبواب النفاس الحديث: 6.
162
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 84 من أبواب الطواف الحديث: 1.
164
الأخبار التي هي أرجح من الفرقة الثانية لشهرة العمل بها (1) دونها، وأما
القول الثالث وهو التخيير فإن كان المراد منه الواقعي بدعوى كونه مقتضى
الجمع بين الطائفتين، ففيه أنهما يعدان من المتعارضين والعرف لا يفهم
التخيير منهما والجمع الدلالي فرع فهم العرف من ملاحظة الخبرين ذلك،
وإن كان المراد التخيير الظاهري العملي فهو فرع مكافأة الفرقتين (2)
والمفروض أن الفرقة الأولى أرجح من حيث شهرة العمل بها، وأما
التفصيل المذكور فموهون بعدم العمل، مع أن بعض أخبار القول الأول
ظاهر في صورة كون الحيض بعد الدخول في الإحرام.
نعم لو فرض كونها حائضا حال الإحرام وعلمت بأنها لا تطهر
165
لإدراك الحج يمكن أن يقال يتعين عليها العدول إلى الإفراد من الأول (1)
لعدم فائدة في الدخول في العمرة ثم العدول إلى الحج، وأما القول
الخامس فلا وجه له (2) ولا له قائل معلوم.
[3212] مسألة 5: إذا حدث الحيض وهي في أثناء طواف عمرة التمتع
فإن كان قبل تمام أربعة أشواط بطل طوافها على الأقوى (3)، وحينئذ فإن
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) الوسائل باب: 85 من أبواب الطواف الحديث: 3 و 1.
166
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 85 من أبواب الطواف الحديث: 4.
(2) الوسائل باب: 86 من أبواب الطواف الحديث: 2.
167
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 40 من أبواب الطواف الحديث: 1.
(2) الوسائل باب: 85 من أبواب الطواف الحديث: 3.
(3) الوسائل باب: 45 من أبواب الطواف الحديث: 1.
168
كان الوقت موسعا أتمت عمرتها بعد الطهر وإلا فلتعدل إلى حج الإفراد (1)
وتأتي بعمرة مفردة بعده، وإن كان بعد تمام أربعة أشواط فتقطع الطواف
وبعد الطهر تأتي بالثلاثة الأخرى وتقصر مع سعة الوقت، ومع ضيقه تأتي
بالسعي وتقصر ثم تحرم للحج وتأتي بأفعاله ثم تقضي بقية طوافها قبل
طواف الحج أو بعده (2) ثم تأتي ببقية أعمال الحج وحجها صحيح تمتعا،
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 84 من أبواب الطواف الحديث: 1.
170
وكذا الحال إذا حدث الحيض بعد الطواف وقبل صلاته (1).
171
فصل
في المواقيت
وهي المواضع المعينة للإحرام أطلقت عليها مجازا أو حقيقة
متشرعة، والمذكور منها في جملة من الأخبار خمسة، وفي بعضها ستة،
ولكن المستفاد من مجموع الأخبار أن المواضع التي يجوز الإحرام منها
عشرة:
أحدها: ذو الحليفة، وهي ميقات أهل المدينة ومن يمر على طريقهم،
وهل هو مكان فيه مسجد الشجرة أو نفس المسجد؟ قولان، وفي جملة من
الأخبار أنه هو الشجرة، وفي بعضها أنه مسجد الشجرة، وعلى أي حال
فالأحوط الاقتصار على المسجد، إذ مع كونه هو المسجد فواضح ومع
كونه مكانا فيه المسجد فاللازم حمل المطلق على المقيد (1)، لكن مع
172
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) الوسائل باب: 1 من أبواب المواقيت الحديث: 3 و 4.
(3) الوسائل باب: 34 من أبواب الاحرام الحديث: 1.
173
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) (3) (4) الوسائل باب: 34 من أبواب الاحرام الحديث: 2 و 3 و 4 و 6.
(5) الوسائل باب: 35 من أبواب الاحرام الحديث: 4.
174
ذلك الأقوى جواز الإحرام من خارج المسجد ولو اختيارا وإن قلنا إن ذا
الحليفة هو المسجد، وذلك لأن مع الإحرام من جوانب المسجد يصدق
الإحرام منه عرفا (1)، إذ فرق بين الأمر بالإحرام من المسجد أو بالإحرام
فيه، هذا مع إمكان دعوى أن المسجد حد للإحرام (2) فيشمل جانبيه مع
محاذاته، وإن شئت فقل: المحاذاة كافية ولو مع القرب من الميقات.
[3213] مسألة 1: الأقوى عدم جواز التأخير إلى الجحفة - وهي ميقات
أهل الشام - اختيارا، نعم يجوز مع الضرورة لمرض أو ضعف أو غيرهما
من الموانع، لكن خصها بعضهم بخصوص المرض والضعف، لوجودهما
في الأخبار فلا يلحق بهما غيرهما من الضرورات، والظاهر إرادة المثال،
175
فالأقوى جوازه مع مطلق الضرورة (1).
[3214] مسألة 2: يجوز لأهل المدينة ومن أتاها العدول إلى ميقات آخر
كالجحفة أو العقيق، فعدم جواز التأخير إلى الجحفة إنما هو إذا مشى من
طريق ذي الحليفة، بل الظاهر أنه لو أتى إلى ذي الحليفة ثم أراد الرجوع
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) الوسائل باب: 6 من أبواب المواقيت الحديث: 4 و 5.
176
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 15 من أبواب المواقيت الحديث: 1.
(2) الوسائل باب: 8 من أبواب المواقيت الحديث: 1.
177
منه والمشي من طريق آخر جاز، بل يجوز أن يعدل عنه من غير رجوع (1)
فإن الذي لا يجوز هو التجاوز عن الميقات محلا وإذا عدل إلى طريق آخر
لا يكون مجاوزا (2) وإن كان ذلك وهو في ذي الحليفة، وما في خبر
إبراهيم بن عبد الحميد - من المنع عن العدول إذا أتى المدينة - مع ضعفه
178
منزل على الكراهة.
[3215] مسألة 3: الحائض تحرم خارج المسجد على المختار، ويدل
عليه - مضافا إلى ما مر - مرسلة يونس (1) في كيفية احرامها " ولا تدخل
المسجد وتهل بالحج بغير صلاة " وأما على القول بالاختصاص بالمسجد
فمع عدم إمكان صبرها إلى أن تطهر تدخل المسجد وتحرم في حال
الاجتياز (2) إن أمكن، وإن لم يمكن لزحم أو غيره أحرمت من خارج
المسجد (3)
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 48 من أبواب الاحرام الحديث: 2.
(2) الوسائل باب: 15 من أبواب الجنابة الحديث: 10.
(3) النساء: 4 / 43.
179
وجددت في الجحفة (1) أو محاذاتها (2).
[3216] مسألة 4: إذا كان جنبا ولم يكن عنده ماء جاز له أن يحرم من
خارج المسجد (3)، والأحوط أن يتيمم للدخول والإحرام، ويتعين ذلك
180
على القول بتعيين المسجد (1)، وكذا الحائض إذا لم يكن لها ماء بعد
نقائها.
الثاني: العقيق، وهو ميقات أهل نجد والعراق ومن يمر عليه من
غيرهم، وأوله المسلخ، وأوسطه غمرة، وآخره ذات عرق (2)،
والمشهور جواز الإحرام من جميع مواضعه اختيارا وأن الأفضل
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 2 من أبواب المواقيت الحديث: 7.
182
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) الوسائل باب: 2 من أبواب المواقيت الحديث: 9 و 2.
(3) الوسائل باب: 1 من أبواب المواقيت الحديث: 6.
183
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 2 من أبواب المواقيت الحديث: 1.
(2) الوسائل باب: 22 من أبواب أقسام الحج الحديث: 8.
(3) الوسائل باب: 3 من أبواب المواقيت الحديث: 3.
184
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 1 من أبواب المواقيت الحديث: 2.
185
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 5 من أبواب المواقيت الحديث: 1.
(2) (3) (4) الوسائل باب: 2 من أبواب المواقيت الحديث: 1 و 7 و 9.
(5) الوسائل باب: 22 من أبواب القسام الحج الحديث: 8.
186
الإحرام من المسلخ (1) ثم من غمرة، والأحوط عدم التأخير إلى
ذات عرق إلا لمرض أو تقية فإنه ميقات العامة، لكن الأقوى ما هو
المشهور، ويجوز في حال التقية الإحرام من أوله قبل ذات عرق سرا من
غير نزع ما عليه من الثياب (2) إلى ذات عرق ثم إظهاره ولبس ثوبي
الإحرام هناك، بل هو الأحوط، وإن أمكن تجرده وليس الثوبين سرا ثم
نزعهما ولبس ثيابه إلى ذات عرق ثم التجرد ولبس الثوبين فهو أولى.
الثالث: الجحفة، وهي لأهل الشام ومصر ومغرب ومن يمر عليها من
غيرهم إذا لم يحرم من الميقات السابق عليها (3).
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) الوسائل باب: 3 من أبواب المواقيت الحديث: 1 و 3.
187
الرابع: يلملم، وهو لأهل اليمن.
الخامس: قرن المنازل، وهو لأهل الطائف.
السادس: مكة، وهي لحج التمتع.
السابع: دويرة الأهل أي المنزل، وهي لمن كان منزله دون
الميقات (1)
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) (3) الوسائل باب: 17 من أبواب المواقيت الحديث: 3 و 4 و 1.
188
إلى مكة، بل لأهل مكة أيضا على المشهور الأقوى (1) - وإن استشكل فيه
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) الوسائل باب: 17 من أبواب المواقيت الحديث: 1 و 6.
189
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (4) الوسائل باب: 9 من أبواب أقسام الحج الحديث: 5 و 6.
190
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) الوسائل باب: 17 من أبواب المواقيت الحديث: 4 و 3.
191
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 17 من أبواب المواقيت الحديث: 1.
192
استشكل فيه بعضهم - فإنهم يحرمون لحج القران والإفراد من مكة (1)، بل
وكذا المجاور الذي انتقل فرضه إلى فرض أهل مكة، وإن كان الأحوط
إحرامه من الجعرانة - وهي أحد مواضع أدنى الحل - للصحيحين الواردين
فيه المقتضي إطلاقهما عدم الفرق بين من انتقل فرضه أو لم ينتقل، وإن كان
القدر المتيقن الثاني (2) فلا يشمل ما نحن فيه، لكن الأحوط ما ذكرنا عملا
193
بإطلاقهما، والظاهر أن الإحرام من المنزل للمذكورين من باب الرخصة
وإلا فيجوز له الإحرام من أحد المواقيت، بل لعله أفضل لبعد المسافة
وطول زمان الإحرام.
الثامن: فخ، وهو ميقات الصبيان في غير حج التمتع عند جماعة،
بمعنى جواز تأخير إحرامهم إلى هذا المكان لا أنه يتعين ذلك ولكن
الأحوط ما عن آخرين من وجوب كون إحرامهم من الميقات لكن لا
يجردون إلا في فخ (1)، ثم إن جواز التأخير على القول الأول إنما هو إذا
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) الوسائل باب: 18 من أبواب المواقيت الحديث: 1 و 2.
194
مروا على طريق المدينة، وأما إذا سلكوا طريقا لا يصل إلى فخ (1) فاللازم
إحرامهم من ميقات البالغين.
التاسع: محاذاة أحد المواقيت الخمسة (2)، وهي ميقات من لم يمر
على أحدهما، والدليل عليه صحيحتا ابن سنان، ولا يضر اختصاصهما
بمحاذاة مسجد الشجرة بعد فهم المثالية منهما وعدم القول بالفصل،
ومقتضاهما محاذاة أبعد الميقاتين إلى مكة إذا كان في طريق يحاذي اثنين،
فلا وجه للقول بكفاية أقربهما إلى مكة.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 17 من أبواب أقسام الحج الحديث: 3.
195
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) الوسائل باب: 7 من أبواب المواقيت الحديث: 1 و 3.
196
وتتحقق المحاذاة بأن يصل في طريقه إلى مكة إلى موضع يكون بينه
وبين مكة باب وهي بين ذلك الميقات ومكة بالخط المستقيم (1)
198
وبوجه آخر أن يكون الخط من موقفه إلى الميقات أقصر الخطوط في ذلك
الطريق (1).
199
ثم إن المدار على صدق المحاذاة عرفا (1)، فلا يكفي إذا كان بعيدا
200
عنه فيعتبر فيها المسامتة (1) كما لا يخفى.
واللازم حصول العلم بالمحاذاة (2) إن أمكن، وإلا فالظن الحاصل
من قول أهل الخبرة (3)، ومع عدمه أيضا فاللازم الذهاب إلى الميقات أو
الإحرام من أول موضع احتماله واستمرار النية والتلبية إلى آخر مواضعه،
ولا يضر احتمال كون الإحرام قبل الميقات حينئذ مع أنه لا يجوز، لأنه لا
بأس به إذا كان بعنوان الاحتياط، ولا يجوز إجراء أصالة عدم الوصول إلى
المحاذاة أو أصالة عدم وجوب الإحرام، لأنهما لا يثبتان كون ما بعد ذلك
محاذيا والمفروض لزوم كون إنشاء الإحرام من المحاذاة، ويجوز لمثل هذا
الشخص أن ينذر الإحرام قبل الميقات فيحرم في أول موضع الاحتمال أو
201
قبله على ما سيأتي من جواز ذلك مع النذر، والأحوط في صورة الظن
أيضا عدم الاكتفاء به وإعمال أحد هذه الأمور، وإن كان الأقوى
الاكتفاء (1)، بل الأحوط عدم الاكتفاء بالمحاذاة مع إمكان الذهاب إلى
الميقات، لكن الأقوى ما ذكرنا من جوازه مطلقا.
ثم إن أحرم في موضع الظن بالمحاذاة ولم يتبين الخلاف فلا إشكال،
وإن تبين بعد ذلك كونه قبل المحاذاة ولم يتجاوزه أعاد الإحرام (2)، وإن
تبين كونه قبله وقد تجاوز أو تبين كونه بعده فإن أمكن العود والتجديد
تعين، وإلا فيكفي في الصورة الثانية ويجدد في الأولى في مكانه، والأولى
التجديد مطلقا.
202
ولا فرق في جواز الإحرام في المحاذاة بين البر والبحر (1).
ثم إن الظاهر أنه لا يتصور طريق لا يمر على ميقات ولا يكون
محاذيا لواحد منها، إذ المواقيت محيطة بالحرم من الجوانب فلابد من
محاذاة واحد منها (2)، ولو فرض إمكان ذلك فاللازم الإحرام من أدنى
الحل (3)، وعن بعضهم أنه يحرم من موضع يكون بينه وبين مكة بقدر ما
بينها وبين أقرب المواقيت إليها وهو مرحلتان، لأنه لا يجوز لأحد قطعه إلا
205
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) (3) الوسائل باب: 1 من أبواب المواقيت الحديث: 2 و 3 و 9.
206
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) (3) (4) الوسائل باب: 14 من أبواب المواقيت الحديث: 1 و 2 و 4 و 6.
207
محرما، وفيه أنه لا دليل عليه، لكن الأحوط الإحرام منه وتجديده في أدنى
الحل.
العاشر: أدنى الحل، وهو ميقات العمرة المفردة بعد حج القران أو
210
الإفراد، بل لكل عمرة مفردة (1)، والأفضل أن يكون من الحديبية أو
الجعرانة أو التنعيم فإنها منصوصة، وهي من حدود الحرم على اختلاف
بينها في القرب والبعد، فإن الحديبية - بالتخفيف أو التشديد - بئر بقرب
مكة على طريق جدة دون مرحلة ثم أطلق على الموضع، ويقال نصفه في
الحل ونصفه في الحرم، والجعرانة - بكسر الجيم والعين وتشديد الراء أو
بكسر الجيم وسكون العين وتخفيف الراء - موضع بين مكة والطائف على
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 2 من أبواب العمرة الحديث: 2.
211
سبعة أميال، والتنعيم موضع قريب من مكة وهو أقرب أطراف الحل إلى
مكة، ويقال: بينه وبين مكة أربعة أميال، ويعرف بمسجد عائشة، كذا في
مجمع البحرين، وأما المواقيت الخمسة فعن العلامة (رحمه الله) في المنتهى أن
أبعدها من مكة ذو الحليفة فإنها على عشرة مراحل من مكة، ويليه في البعد
الجحفة، والمواقيت الثلاثة الباقية على مسافة واحدة بينها وبين مكة ليلتان
قاصدتان، وقيل: إن الجحفة على ثلاث مراحل من مكة.
[3217] مسألة 5: كل من حج أو اعتمر على طريق فميقاته ميقات أهل
ذلك الطريق وإن كان مهل أرضه غيره كما أشرنا إليه سابقا، فلا يتعين أن
يحرم من مهل أرضه بالاجماع (1) والنصوص، منها صحيحة صفوان: " إن
رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقت المواقيت لأهلها ومن أتى عليها من غير أهلها ".
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 15 من أبواب المواقيت الحديث: 1.
(2) الوسائل باب: 7 من أبواب المواقيت الحديث: 1.
212
[3218] مسألة 6: قد علم مما مر أن ميقات حج التمتع مكة واجبا كان أو
مستحبا من الآفاقي أو من أهل مكة، وميقات عمرته أحد المواقيت الخمسة
أو محاذاتها (1) كذلك أيضا، وميقات حج القران والإفراد أحد تلك
المواقيت مطلقا أيضا إلا إذا كان منزله دون الميقات أو مكة فميقاته
منزله (2) ويجوز من أحد تلك المواقيت أيضا بل هو الأفضل، وميقات
عمرتهما أدنى الحل إذا كان في مكة ويجوز من أحد المواقيت أيضا وإذا
لم يكن في مكة فيتعين أحدها (3)، وكذا الحكم في العمرة المفردة مستحبة
213
كانت أو واجبة، وإن نذر الإحرام من ميقات معين تعين، والمجاور بمكة
بعد السنتين حاله حال أهلها، وقبل ذلك حاله حال النائي، فإذا أراد حج
الإفراد أو القران يكون ميقاته أحد الخمسة أو محاذاتها (1) وإذا أراد العمرة
المفردة جاز إحرامها من أدنى الحل.
214
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 6 من أبواب المواقيت الحديث: 3.
216
فصل
في أحكام المواقيت
[3219] مسألة 1: لا يجوز الإحرام قبل المواقيت ولا ينعقد، ولا يكفي
المرور عليها محرما بل لابد من إنشائه جديدا، ففي خبر ميسرة: " دخلت
على أبي عبد الله (عليه السلام) وأنا متغير اللون فقال (عليه السلام): من أين أحرمت بالحج؟
فقلت: من موضع كذا وكذا، فقال (عليه السلام): رب طالب خير يزل قدمه، ثم قال
أيسرك إن صليت الظهر في السفر أربعا؟ قلت: لا، قال: فهو والله ذاك ".
نعم يستثنى من ذلك موضعان:
أحدهما: إذا نذر الإحرام قبل الميقات، فإنه يجوز ويصح للنصوص،
منها خبر أبي بصير (1) عن أبي عبد الله (عليه السلام): " لو أن عبدا أنعم الله تعالى عليه
نعمة أو ابتلاه ببلية فعافاه من تلك البلية فجعل على نفسه أن يحرم من
خراسان كان عليه أن يتم ".
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) الوسائل باب: 13 من أبواب المواقيت الحديث: 3 و 1.
219
ولا يضر عدم رجحان ذلك بل مرجوحيته قبل النذر مع أن اللازم
كون متعلق النذر راجحا، وذلك لاستكشاف رجحانه بشرط النذر (1) من
الأخبار، واللازم رجحانه حين العمل ولو كان ذلك للنذر، ونظيره مسألة
الصوم في السفر المرجوح أو المحرم من حيث هو مع صحته ورجحانه
بالنذر، ولابد من دليل يدل على كونه راجحا بشرط النذر، فلا يرد أن لازم
ذلك صحة نذر كل مكروه أو محرم، وفي المقامين المذكورين الكاشف
هو الأخبار، فالقول بعدم الانعقاد - كما عن جماعة - لما ذكر لا وجه له،
لوجود النصوص وإمكان تطبيقها على القاعدة.
220
وفي إلحاق العهد واليمين بالنذر وعدمه وجوه، ثالثها إلحاق
العهد دون اليمين، ولا يبعد الأول (1) لإمكان الاستفادة من الأخبار،
221
والأحوط الثاني (1) لكون الحكم على خلاف القاعدة، هذا.
ولا يلزم التجديد في الميقات ولا المرور عليها وإن كان الأحوط
التجديد خروجا عن شبهة الخلاف.
والظاهر اعتبار تعيين المكان (2) فلا يصح نذر الإحرام قبل الميقات
مطلقا فيكون مخيرا بين الأمكنة لأنه القدر المتيقن بعد عدم الإطلاق في
الأخبار، نعم لا يبعد الترديد بين المكانين بأن يقول: " لله علي أن أحرم إما
223
من الكوفة أو من البصرة " وإن كان الأحوط خلافه.
ولا فرق بين كون الإحرام للحج الواجب أو المندوب أو للعمرة
المفردة، نعم لو كان للحج أو عمرة التمتع يشترط أن يكون في أشهر الحج
لاعتبار كون الإحرام لهما فيها، والنصوص إنما جوزت قبل الوقت المكاني
فقط.
ثم لو نذر وخالف نذره فلم يحرم من ذلك المكان نسيانا أو عمدا لم
يبطل إحرامه إذا أحرم من الميقات، نعم عليه الكفارة إذا خالفه متعمدا.
ثانيهما: إذا أراد إدراك عمرة رجب وخشي تقضيه إن أخر الإحرام
إلى الميقات فإنه يجوز له الإحرام قبل الميقات وتحسب له عمرة رجب
وإن أتى ببقية الأعمال في شعبان، لصحيحة إسحاق بن عمار (1) عن أبي
عبد الله (عليه السلام): " عن رجل يجيء معتمرا ينوي عمرة رجب فيدخل عليه الهلال
قبل أن يبلغ العقيق أيحرم قبل الوقت ويجعلها لرجب أو يؤخر الإحرام إلى
العقيق ويجعلها لشعبان؟ قال: يحرم قبل الوقت لرجب فإن لرجب فضلا "
وصحيحة معاوية بن عمار: " سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: ليس ينبغي أن
يحرم دون الوقت الذي وقت رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا أن يخاف فوت الشهر في
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 12 من أبواب المواقيت الحديث: 2.
224
العمرة " ومقتضى إطلاق الثانية جواز ذلك لإدراك عمرة غير رجب أيضا
حيث أن لكل شهر عمرة، لكن الأصحاب خصصوا ذلك برجب فهو
الأحوط (1) حيث إن الحكم على خلاف القاعدة، والأولى والأحوط مع
ذلك التجديد في الميقات، كما أن الأحوط التأخير إلى آخر الوقت وإن
كان الظاهر جواز الإحرام قبل الضيق إذا علم عدم الإدراك إذا أخر إلى
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 12 من أبواب المواقيت الحديث: 1.
225
الميقات، بل هو الأولى حيث إنه يقع باقي أعمالها أيضا في رجب (1).
والظاهر عدم الفرق بين العمرة المندوبة والواجبة بالأصل أو بالنذر
ونحوه.
[3220] مسألة 2: كما لا يجوز تقديم الإحرام على الميقات كذلك لا
يجوز التأخير عنها، فلا يجوز لمن أراد الحج أو العمرة أو دخول مكة أن
يجاوز الميقات اختيارا إلا محرما، بل الأحوط عدم المجاوزة عن محاذاة
الميقات أيضا (2) إلا محرما وإن كان أمامه ميقات آخر، فلو لم يحرم منها
وجب العود إليها مع الإمكان إلا إذا كان أمامه ميقات آخر فإنه يجزيه
226
الإحرام منها وإن أثم بترك الإحرام من الميقات الأول (1)، والأحوط العود
إليها مع الإمكان (2) مطلقا وإن كان أمامه ميقات آخر، وأما إذا لم يرد النسك
ولا دخول مكة بأن كان له شغل خارج مكة ولو كان في الحرم فلا يجب
الإحرام، نعم في بعض الأخبار وجوب الإحرام من الميقات إذا أراد دخول
الحرم (3) وإن لم يرد دخول مكة،
227
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) (3) الوسائل باب: 50 من أبواب الاحرام الحديث: 1 و 2 و 4.
228
لكن قد يدعى الإجماع على عدم وجوبه (1) وإن كان يمكن استظهاره من
بعض الكلمات.
[3221] مسألة 3: لو أخر الإحرام من الميقات عالما عامدا ولم يتمكن
من العود إليها لضيق الوقت أو لعذر آخر ولم يكن أمامه ميقات آخر بطل
إحرامه وحجه على المشهور الأقوى (2)، ووجب عليه قضاؤه إذا كان
229
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 14 من أبواب المواقيت الحديث: 7.
230
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 14 من أبواب المواقيت الحديث: 4.
231
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 7 من أبواب المواقيت الحديث: 1.
232
مستطيعا وأما إذا لم يكن مستطيعا فلا يجب وإن أثم بترك الإحرام بالمرور
على الميقات خصوصا إذا لم يدخل مكة، والقول بوجوبه عليه ولو لم يكن
مستطيعا بدعوى وجوب ذلك عليه إذا قصد مكة فمع تركه يجب قضاؤه لا
دليل عليه خصوصا إذا لم يدخل مكة، وذلك لأن الواجب عليه إنما كان
الإحرام لشرف البقعة كصلاة التحية في دخول المسجد فلا قضاء مع تركه،
مع أن وجوب الإحرام لذلك لا يوجب وجوب الحج عليه، وأيضا إذا بدا له
ولم يدخل مكة كشف عن عدم الوجوب من الأول.
وذهب بعضهم إلى أنه لو تعذر عليه العود إلى الميقات أحرم من
مكانه كما في الناسي والجاهل، نظير ما إذا ترك التوضؤ إلى أن ضاق الوقت
فإنه يتيمم وتصح صلاته وإن أثم بترك الوضوء متعمدا، وفيه أن البدلية في
233
المقام لم تثبت (1) بخلاف مسألة التيمم والمفروض أنه ترك ما وجب عليه
متعمدا.
[3222] مسألة 4: لو كان قاصدا من الميقات للعمرة المفردة وترك
الإحرام لها متعمدا يجوز له أن يحرم من أدنى الحل وإن كان متمكنا من
العود إلى الميقات (2)، فأدنى الحل له مثل كون الميقات أمامه (3)، وإن كان
234
الأحوط مع ذلك العود إلى الميقات (1)، ولو لم يتمكن من العود ولا
الإحرام من أدنى الحل بطلت عمرته.
235
[3223] مسألة 5: لو كان مريضا لم يتمكن من النزع ولبس الثوبين يجزئه
النية والتلبية، فإذا زال عذره نزع ولبسهما (1) ولا يجب حينئذ عليه العود إلى
الميقات إذا تمكن (2)، نعم لو كان له عذر عن أصل إنشاء الإحرام لمرض
أو إغماء ثم زال وجب عليه العود إلى الميقات إذا تمكن، وإلا كان حكمه
حكم الناسي (3) في الإحرام من مكانه إذا لم يتمكن إلا منه (4)،
236
وإن تمكن العود في الجملة وجب (1)، وذهب بعضهم إلى أنه إذا كان
مغمى عليه ينوب عنه غيره لمرسل جميل عن أحدهما (عليهما السلام): " في مريض
أغمي عليه فلم يفق حتى أتى الموقف، قال (عليه السلام): يحرم عنه رجل " والظاهر
أن المراد أنه يحرمه رجل ويجنبه عن محرمات الإحرام لا أنه ينوب عنه في
الإحرام، ومقتضى هذا القول عدم وجوب العود إلى الميقات بعد إفاقته
وإن كان ممكنا، ولكن العمل به مشكل لإرسال الخبر وعدم الجابر،
فالأقوى العود مع الإمكان وعدم الاكتفاء به مع عدمه.
[3224] مسألة 6: إذا ترك الإحرام من الميقات ناسيا أو جاهلا بالحكم أو
الموضوع وجب العود إليه مع الإمكان، ومع عدمه فإلى ما أمكن (2) إلا إذا
كان أمامه ميقات آخر، وكذا إذا جاوزها محلا لعدم كونه قاصدا للنسك ولا
لدخول مكة ثم بدا له ذلك فإنه يرجع إلى الميقات مع التمكن وإلى ما
أمكن مع عدمه.
237
[3225] مسألة 7: من كان مقيما في مكة وأراد حج التمتع وجب عليه
الإحرام لعمرته من الميقات (1) إذا تمكن، وإلا فحاله حال الناسي.
[3226] مسألة 8: لو نسي المتمتع الإحرام للحج بمكة ثم ذكر وجب عليه
العود (2) مع الإمكان وإلا ففي مكانه ولو كان في عرفات بل المشعر وصح
حجه، وكذا لو كان جاهلا بالحكم، ولو أحرم له من غير مكة مع العلم
والعمد لم يصح وإن دخل مكة بإحرامه بل وجب عليه الاستئناف مع
الإمكان وإلا بطل حجه، نعم لو أحرم من غيرها نسيانا ولم يتمكن من العود
إليها صح إحرامه من مكانه.
238
[3227] مسألة 9: لو نسي الإحرام ولم يذكر حتى أتى بجميع الأعمال من
الحج أو العمرة فالأقوى صحة عمله (1)، وكذا لو تركه جهلا حتى أتى
بالجميع.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 14 من أبواب المواقيت الحديث: 8.
(2) الوسائل باب: 20 من أبواب المواقيت الحديث: 2.
239
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 20 من أبواب المواقيت الحديث: 1.
240
فصل
في مقدمات الإحرام
[3228] مسألة 1: يستحب قبل الشروع في الإحرام أمور:
أحدها: توفير شعر الرأس بل واللحية (1) لإحرام الحج مطلقا - لا
خصوص التمتع كما يظهر من بعضهم، لإطلاق الأخبار - من أول ذي
القعدة بمعنى عدم إزالة شعرهما، لجملة من الأخبار، وهي وإن كانت
ظاهرة في الوجوب إلا أنها محمولة على الاستحباب لجملة أخرى من
الأخبار ظاهرة فيه (2)، فالقول بالوجوب - كما هو ظاهر جماعة -
ضعيف، وإن كان لا ينبغي ترك الاحتياط، كما لا ينبغي ترك
الاحتياط بإهراق دم لو أزال شعر رأسه بالحلق حيث يظهر من
242
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) (3) (4) الوسائل باب: 2 من أبواب الاحرام الحديث: 5 و 4 و 1 و 3.
(5) الوسائل باب: 4 من أبواب الاحرام الحديث: 6.
243
بعضهم وجوبه أيضا (1) لخبر محمول على الاستحباب أو على ما إذا كان
في حال الإحرام.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 5 من أبواب الاحرام الحديث: 1.
244
ويستحب التوفير للعمرة شهرا (1).
الثاني: قص الأظفار، والأخذ من الشارب، وإزالة شعر الإبط والعانة
بالطلي أو الحلق أو النتف، والأفضل الأول ثم الثاني، ولو كان مطليا قبله
يستحب له الإعادة وإن لن يمض خمسة عشر يوما، ويستحب أيضا إزالة
الأوساخ من الجسد، لفحوى ما دل على المذكورات، وكذا يستحب
الاستياك.
الثالث: الغسل للإحرام في الميقات، ومع العذر عنه التيمم (2)،
245
ويجوز تقديمه على الميقات مع خوف إعواز الماء، بل الأقوى جوازه مع
عدم الخوف أيضا، والأحوط الإعادة في الميقات (1)، ويكفي الغسل من
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 52 من أبواب الاحرام الحديث: 2.
(2) الوسائل باب: 9 من أبواب الاحرام الحديث: 1.
247
أول النهار إلى الليل ومن أول الليل إلى النهار، بل الأقوى كفاية غسل اليوم
إلى آخر الليل وبالعكس، وإذا أحدث بعدها قبل الإحرام يستحب إعادته
خصوصا في النوم (1)،
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 8 من أبواب الاحرام الحديث: 1 و 2.
(2) (3) الوسائل باب: 10 من أبواب الاحرام الحديث: 1 و 3.
248
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) (3) الوسائل باب: 9 من أبواب الاحرام الحديث: 1 و 4 و 5.
249
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) (3) الوسائل باب: 13 من أبواب الاحرام الحديث: 1 و 2 و 3.
(4) الوسائل: باب 6 من أبواب مقدمات الطواف الحديث: 1.
250
كما أن الأولى إعادته (1) إذا أكل أو لبس ما لا يجوز أكله أو لبسه للمحرم،
بل وكذا لو تطيب، بل الأولى ذلك في جميع تروك الإحرام فلو أتى بواحد
منها بعدها قبل الإحرام الأولى إعادته، ولو أحرم بغير غسل أتى به وأعاد
صورة الإحرام (2) سواء تركه عالما عامدا أو جاهلا أو ناسيا ولكن إحرامه
الأول صحيح باق على حاله فلو أتى بما يوجب الكفارة بعده وقبل الإعادة
وجبت عليه.
ويستحب أن يقول عند الغسل أو بعده: بسم الله وبالله اللهم اجعله لي
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 20 من أبواب الاحرام الحديث: 1.
251
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) (3) الوسائل باب: 54 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1 و 8 و 10.
252
نورا وطهورا وحرزا وأمنا من كل خوف وشفاء من كل داء وسقم اللهم
طهرني وطهر قلبي وأشرح لي صدري وأجر على لساني محبتك ومدحتك
والثناء عليك فإنه لا قوة إلا بك وقد علمت أن قوام ديني التسليم لك
والاتباع لسنة نبيك صلواتك عليه وآله.
الرابع: أن يكون الإحرام عقيب صلاة فريضة أو نافلة، وقيل بوجوب
ذلك لجملة من الأخبار الظاهرة فيه المحمولة على الندب (1)
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 16 من أبواب الاحرام الحديث: 1.
(2) (3) (4) الوسائل باب: 18 من أبواب الاحرام الحديث: 1 و 5 و 3.
254
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) الوسائل باب: 19 من أبواب الاحرام الحديث: 1 و 2.
255
للاختلاف الواقع بينها واشتمالها على خصوصيات غير واجبة، والأولى أن
يكون بعد صلاة الظهر في غير إحرام حج التمتع فإن الأفضل فيه أن يصلي
الظهر بمنى، وإن لم يكن في وقت الظهر فبعد صلاة فريضة أخرى حاضرة،
وإن لم يكن فمقضية، وإلا فعقيب صلاة النافلة.
الخامس: صلاة ست ركعات أو أربع ركعات أو ركعتين للإحرام،
والأولى الإتيان بها مقدما على الفريضة، ويجوز إتيانها في أي وقت كان بلا
كراهة (1) حتى في الأوقات المكروهة وفي وقت الفريضة حتى على القول
بعدم جواز النافلة لمن عليه فريضة، لخصوص الأخبار الواردة في المقام،
والأولى أن يقرأ في الركعة الأولى بعد الحمد التوحيد وفي الثانية الجحد لا
العكس كما قيل.
[3229] مسألة 2: يكره للمرأة إذا أرادت الإحرام أن تستعمل الحناء
إذا كان يبقى أثره إلى ما بعده مع قصد الزينة، بل لا معه أيضا
إذا كان يحصل به الزينة وإن لم تقصدها، بل قيل بحرمته، فالأحوط
تركه وإن كان الأقوى عدمها، والرواية مختصة بالمرأة لكنهم ألحقوا
بها الرجل أيضا لقاعدة الاشتراك ولا بأس به، وأما استعماله مع عدم
إرادة الإحرام فلا بأس به وإن بقي أثره، ولا بأس بعدم إزالته وإن كانت
ممكنة.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 19 من أبواب الاحرام الحديث: 2.
257
فصل
في كيفية الإحرام
وواجباته ثلاثة:
الأول: النية (1)، بمعنى القصد اليه، فلو أحرم من غير قصد أصلا بطل
سواء كان عن عمد أو سهو أو جهل، ويبطل نسكه أيضا إذا كان الترك
عمدا، وأما مع السهو والجهل فلا يبطل ويجب عليه تجديده من الميقات
258
إذا أمكن وإلا فمن حيث أمكن على التفصيل الذي مر سابقا (1) في ترك
أصل الإحرام.
[3230] مسألة 1: يعتبر فيها القربة والخلوص - كما في سائر العبادات -
فمع فقدهما أو أحدهما يبطل إحرامه.
259
[3231] مسألة 2: يجب أن تكون مقارنة للشروع فيه، فلا يكفي حصولها
في الأثناء، فلو تركها وجب تجديده، ولا وجه لما قيل من أن الإحرام تروك
وهي لا تفتقر إلى النية (1)، والقدر المسلم من الإجماع على اعتبارها إنما
هو في الجملة ولو قبل التحلل، إذ نمنع أولا كونه تروكا فإن التلبية ولبس
الثوبين من الأفعال (2)، وثانيا اعتبارها فيه على حد اعتبارها في سائر
260
العبادات في كون اللازم تحققها حين الشروع فيها.
[3232] مسألة 3: يعتبر في النية تعيين كون الإحرام لحج أو عمرة، وأن
الحج تمتع أو قران أو إفراد، وأنه لنفسه أو نيابة عن غيره، وأنه حجة
الإسلام أو الحج النذري أو الندبي، فلو نوى الإحرام من غير تعيين وأوكله
إلى ما بعد ذلك بطل، فما عن بعضهم من صحته وأن له صرفه إلى أيهما
شاء من حج أو عمرة لا وجه له إذ الظاهر أنه جزء من النسك فتجب نيته
كما في أجزاء سائر العبادات، وليس مثل الوضوء والغسل بالنسبة إلى
الصلاة، نعم الأقوى كفاية التعيين الإجمالي حتى بأن ينوي الإحرام لما
سيعينه من حج أو عمرة فإنه نوع تعيين (1)، وفرق بينه وبين ما لو نوى
مرددا مع إيكال التعيين إلى ما بعد.
[3233] مسألة 4: لا يعتبر فيها نية الوجه من وجوب أو ندب إلا إذا توقف
التعيين عليها، وكذا لا يعتبر فيها التلفظ بل ولا الإخطار بالبال فيكفي
الداعي.
261
[3234] مسألة 5: لا يعتبر في الإحرام استمرار العزم على ترك محرماته،
بل المعتبر العزم على تركها مستمرا (1)، فلو لم يعزم من الأول على
استمرار الترك بطل (2)، وأما لو عزم على ذلك ولم يستمر عزمه بأن نوى
بعد تحقق الإحرام عدمه أو اتيان شيء منها لم يبطل، فلا يعتبر فيه استدامة
النية كما في الصوم، والفرق أن التروك في الصوم معتبرة في صحته بخلاف
الإحرام فإنها فيه واجبات تكليفية (3).
262
[3235] مسألة 6: لو نسي ما عينه من حج أو عمرة وجب عليه
التجديد (1) سواء تعين عليه أحدهما أولا، وقيل: إنه للمتعين منهما ومع
عدم التعيين يكون لما يصح منهما ومع صحتهما - كما في أشهر الحج -
الأولى جعله للعمرة المتمتع بها، وهو مشكل إذ لا وجه له.
263
[3236] مسألة 7: لا تكفي نية واحدة للحج والعمرة بل لابد لكل منهما
من نيته مستقلا، إذ كل منهما يحتاج إلى إحرام مستقل (1)، فلو نوى كذلك
وجب عليه تجديدها، والقول بصرفه إلى المتعين منهما إذا تعين عليه
أحدهما والتخيير بينهما إذا لم يتعين وصح منه كل منهما كما في أشهر
الحج لا وجه له (2)، كالقول بأنه لو كان في أشهر الحج بطل ولزم التجديد
وإن كان في غيرها صح عمرة مفردة.
267
[3237] مسألة 8: لو نوى كإحرام فلان فإن علم أنه لماذا أحرم صح، وإن
لم يعلم فقيل بالبطلان (1) لعدم التعيين، وقيل بالصحة
268
لما عن علي (عليه السلام) (1) والأقوى الصحة لأنه نوع تعين، نعم لو لم يحرم فلان
269
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) الوسائل باب: 2 من أبواب أقسام الحج الحديث: 4 و 14.
270
أو بقي على الاشتباه فالظاهر البطلان (1)، وقد يقال إنه في صورة الاشتباه
يتمتع، ولا وجه له إلا إذا كان في مقام يصح له العدول إلى التمتع.
[3238] مسألة 9: لو وجب عليه نوع من الحج أو العمرة فنوى غيره بطل.
[3239] مسألة 10: لو نوى نوعا ونطق بغيره كان المدار على ما نوى دون
ما نطق.
[3240] مسألة 11: لو كان في أثناء نوع وشك في أنه نواه أو نوى غيره بنى
على أنه نواه (2).
271
[3241] مسألة 12: يستفاد من جملة من الأخبار استحباب التلفظ بالنية،
والظاهر تحققه بأي لفظ كان، والأولى أن يكون بما في صحيحة ابن عمار
وهو أن يقول: " اللهم إني أريد ما أمرت به من التمتع بالعمرة إلى الحج على
كتابك وسنة نبيك (صلى الله عليه وآله) فيسر ذلك لي وتقبله مني وأعني عليه فإن عرض
شيء يحبسني فحلني حيث حبستني لقدرك الذي قدرت علي، اللهم إن لم
تكن حجة فعمرة أحرم لك شعري وبشري ولحمي ودمي وعظامي ومخي
وعصبي من النساء والطيب أبتغي بذلك وجهك والدار الآخرة ".
[3242] مسألة 13: يستحب أن يشترط عند إحرامه على الله أن يحله إذا
عرض مانع من إتمام نسكه من حج أو عمرة وأن يتمم إحرامه عمرة إذا كان
للحج ولم يمكنه الإتيان، كما يظهر من جملة من الأخبار.
واختلفوا في فائدة هذا الاشتراط فقيل: إنها سقوط الهدي (1).
272
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 24 من أبواب الاحرام الحديث: 3.
(2) الوسائل باب: 1 من أبواب الاحصار الحديث: 4.
273
--------------------------------------------------------------------------------
(1) البقرة / 196.
(2) (3) الوسائل باب: 25 من أبواب الاحرام الحديث: 1 و 2.
274
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 24 من أبواب الاحرام الحديث: 3.
(2) الوسائل باب: 1 من أبواب الاحصار الحديث: 3.
276
وقيل: إنها تعجيل التحلل وعدم انتظار بلوغ الهدي محله.
وقيل: سقوط الحج من قابل (1).
277
وقيل: إن فائدته إدراك الثواب فهو مستحب تعبدي، وهذا هو
الأظهر (1)، ويدل عليه قوله (صلى الله عليه وآله) في بعض الأخبار: " هو حل حيث حبسه
اشترط أو لم يشترط ".
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 24 من أبواب الاحرام الحديث: 1.
(2) المصدر السابق.
278
والظاهر عدم كفاية النية في حصول الاشتراط بل لابد من التلفظ،
لكن يكفي كل ما أفاد هذا المعنى فلا يعتبر فيه لفظ مخصوص، وإن كان
الأولى التعيين مما في الأخبار.
الثاني من واجبات الإحرام: التلبيات الأربع، والقول بوجوب
الخمس أو الست ضعيف، بل ادعى جماعة الإجماع على عدم وجوب
الأزيد من الأربع.
واختلفوا في صورتها على أقوال:
أحدها: أن يقول: لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك.
الثاني: أن يقول بعد العبارة المذكورة: إن الحمد والنعمة لك،
والملك، لا شريك لك.
الثالث: أن يقول: لبيك اللهم لبيك لبيك إن الحمد والنعمة لك
والملك لا شريك لك لبيك.
الرابع: كالثالث إلا أنه يقول: إن الحمد والنعمة والملك لك لا شريك
لك لبيك، بتقديم لفظ " والملك " على لفظ " لك ".
والأقوى هو القول الأول كما هو صريح صحيحة معاوية بن عمار (1)
والزوائد مستحبة، والأولى التكرار بالاتيان بكل من الصور المذكورة، بل
279
يستحب أن يقول كما في صحيحة معاوية بن عمار: " لبيك اللهم لبيك لبيك
لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك ذا
المعارج لبيك لبيك داعيا إلى دار السلام لبيك غفار الذنوب لبيك لبيك
أهل التلبية لبيك لبيك ذا الجلال والإكرام لبيك مرهوبا ومرغوبا إليك لبيك
لبيك تبدأ والمعاد إليك لبيك كشاف الكروب العظام لبيك لبيك عبدك
وابن عبديك لبيك لبيك يا كريم لبيك ".
[3243] مسألة 14: اللازم الإتيان بها على الوجه الصحيح بمراعاة أداء
الكلمات على قواعد العربية، فلا يجزئ الملحون مع التمكن من الصحيح
بالتلقين أو التصحيح، ومع عدم تمكنه فالأحوط الجمع بينه وبين الاستنابة،
وكذا لا تجزىء الترجمة مع التمكن، ومع عدمه فالأحوط الجمع بينهما
وبين الاستنابة (1)، والأخرس يشير إليها بإصبعه مع تحريك لسانه، والأولى
أن يجمع بينهما وبين الاستنابة، ويلبى عن الصبي غير المميز وعن المغمى
عليه.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 40 من أبواب الاحرام الحديث: 2.
280
وفي قوله: إن الحمد (الخ) يصح أن يقرأ بكسر الهمزة وفتحها،
والأولى الأول.
(ولبيك) مصدر منصوب بفعل مقدر، أي ألب لك إلبابا بعد إلباب، أو
لبا بعد لب، أي إقامة بعد إقامة، من لب بالمكان أو ألب أي: أقام، والأولى
كونه من لب، وعلى هذا فأصله لبين لك فحذف اللام وأضيف إلى الكاف
فحذف النون، وحاصل معناه إجابتين لك، وربما يحتمل أن يكون من لب
بمعنى واجه، يقال داري تلب دارك أي تواجهها، فمعناه مواجهتي وقصدي
لك، وأما احتمال كونه من لب الشيء أي خالصه فيكون بمعنى إخلاصي
لك فبعيد، كما أن القول بأنه كلمة مفردة نظير (على) و (لدى) فأضيفت إلى
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 39 من أبواب الاحرام الحديث: 2.
(2) الوسائل باب: 67 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 2.
281
الكاف فقلبت ألفه ياء لا وجه له، لأن (على) و (لدى) إذا أضيفا إلى الظاهر
يقال فيهما بالألف كعلى زيد ولدى زيد وليس لبى كذلك فإنه يقال فيه
(لبي زيد) بالياء.
[3244] مسألة 15: لا ينعقد إحرام حج التمتع وإحرام عمرته ولا إحرام
حج الإفراد ولا إحرام حج العمرة المفردة إلا بالتلبية (1)، وأما
في حج القران فيتخير بين التلبية وبين الإشعار أو التقليد،
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) (3) الوسائل باب: 14 من أبواب الاحرام الحديث: 2 و 1 و 14.
282
والإشعار مختص بالبدن (1)، والتقليد مشترك بينها وبين غيرها من أنواع
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) الوسائل باب: 12 من أبواب أقسام الحج الحديث: 20 و 21.
283
الهدي، والأولى في البدن الجمع بين الإشعار والتقليد (1)، فينعقد إحرام
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 12 من أبواب أقسام الحج الحديث: 9.
284
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) (3) (4) (5) الوسائل باب: 12 من أبواب أقسام الحج الحديث: 17 و 18 و 19 و 20
و 21.
285
حج القران بأحد هذه الثلاثة، ولكن الأحوط مع اختيار الإشعار والتقليد
ضم التلبية أيضا، نعم الظاهر وجوب التلبية على القارن وإن لم يتوقف
286
انعقاد إحرامه عليها فهي واجبة عليه في نفسها (1) ويستحب الجمع بين
التلبية وأحد الأمرين (2) وبأيهما بدأ كان واجبا وكان الآخر مستحبا (3).
ثم إن الإشعار عبارة عن شق السنام الأيمن بأن يقوم الرجل من
الجانب الأيسر من الهدي (4) ويشق سنامه من الجانب الأيمن
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 12 من أبواب أقسام الحج الحديث: 4.
287
ويلطخ بدمه (1) والتقليد أن يعلق في رقبة الهدي نعلا خلقا قد صلى
فيه (2).
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) (3) (4) الوسائل باب: 12 من أبواب أقسام الحج الحديث: 16 و 14 و 5 و 9.
288
[3245] مسألة 16: لا تجب مقارنة التلبية لنية الإحرام (1) وإن كان أحوط،
فيجوز أن يؤخرها عن النية ولبس الثوبين على الأقوى.
[3246] مسألة 17: لا تحرم عليه محرمات الإحرام قبل التلبية (2) وإن
دخل فيه بالنية ولبس الثوبين، فلو فعل شيئا من المحرمات لا يكون آثما
وليس عليه كفارة، وكذا في القارن إذا لم يأت بها ولا بالإشعار أو التقليد،
بل يجوز له أن يبطل الإحرام (3) ما لم يأت بها في غير القارن أو لم يأت
النصوص في المسألة (51).
289
بها ولا بأحد الأمرين فيه، والحاصل أن الشروع في الإحرام وإن كان يتحقق
بالنية ولبس الثوبين (1) إلا أنه لا تحرم عليه المحرمات ولا يلزم البقاء عليه
إلا بها أو بأحد الأمرين، فالتلبية وأخواها بمنزلة تكبيرة الإحرام في الصلاة.
[3247] مسألة 18: إذا نسي التلبية وجب عليه العود إلى الميقات لتداركها،
وإن لم يتمكن أتى بها في مكان التذكر (2)، والظاهر عدم وجوب الكفارة
عليه إذا كان آتيا بما يوجبها، لما عرفت من عدم انعقاد الإحرام
إلا بها.
[3248] مسألة 19: الواجب من التلبية مرة واحدة، نعم يستحب الإكثار بها
وتكريرها ما استطاع خصوصا في دبر كل صلاة فريضة أو نافلة وعند
صعود شرف أو هبوط واد وعند المنام (3) وعند اليقظة وعند الركوب
وعند النزول وعند ملاقاة راكب وفي الأسحار، وفي بعض الأخبار: " من
لبى في إحرامه سبعين مرة إيمانا واحتسابا أشهد الله له ألف ألف ملك براءة
من النار وبراءة من النفاق " ويستحب الجهر بها (4) - خصوصا في المواضع
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 40 من أبواب الاحرام الحديث: 2.
290
--------------------------------------------------------------------------------
(2) الوسائل باب: 40 من أبواب الاحرام الحديث: 2.
(3) الوسائل باب: 37 من أبواب الاحرام الحديث: 1.
291
المذكورة - للرجال دون النساء، ففي المرسل " إن التلبية شعار المحرم
فارفع صوتك بالتلبية " وفي المرفوعة (1): " لما أحرم رسول الله (صلى الله عليه وآله) أتاه
جبرئيل فقال: مر أصحابك بالعج والثج، فالعج رفع الصوت بالتلبية والثج
نحر البدن ".
[3249] مسألة 20: ذكر جماعة أن الأفضل لمن حج على طريق المدينة
تأخير التلبية إلى البيداء مطلقا (2) كما قاله بعضهم أو في خصوص الراكب
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 34 من أبواب الاحرام الحديث: 1.
292
كما قيل، ولمن حج على طريق آخر تأخيرها إلى أن يمشي قليلا (1)، ولمن
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 35 من أبواب الاحرام الحديث: 1.
293
حج من مكة تأخيرها إلى الرقطاء كما قيل (1) أو إلى أن يشرف على
الأبطح (2)، لكن الظاهر بعد عدم الإشكال في عدم وجوب مقارنتها
للنية (3) ولبس الثوبين استحباب التعجيل بها مطلقا (4) وكون أفضلية
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) الوسائل باب: 46 من أبواب الاحرام الحديث: 1 و 4.
294
التأخير بالنسبة إلى الجهر بها، فالأفضل أن يأتي بها حين النية ولبس الثوبين
سرا ويؤخر الجهر بها إلى المواضع المذكورة.
والبيداء أرض مخصوصة بين مكة والمدينة على ميل من ذي
الحليفة نحو مكة، والأبطح مسيل وادي مكة وهو مسيل واسع فيه دقائق
الحصى أوله عند منقطع الشعب بين وادي منى وآخره متصل بالمقبرة التي
تسمى بالعلى عند أهل مكة، والرقطاء موضع دون الردم يسمى مدعى،
ومدعى الأقوام مجتمع قبائلهم والردم حاجز يمنع السيل عن البيت ويعبر
عنه بالمدعى.
[3250] مسألة 21: المعتمر عمرة التمتع يقطع التلبية عند مشاهدة بيوت
مكة في الزمن القديم وحدها (1) لمن جاء على طريق المدينة عقبة
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 43 من أبواب الاحرام الحديث: 1.
295
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) (3) الوسائل باب: 43 من أبواب الاحرام الحديث: 2 و 4 و 7.
296
المدنيين وهو مكان معروف، والمعتمر عمرة مفردة عند دخول الحرم إذا
جاء من خارج الحرم (1)، وعند مشاهدة الكعبة إن كان قد خرج من مكة
297
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) (3) (4) الوسائل باب: 45 من أبواب الاحرام الحديث: 1 و 2 و 6 و 11.
298
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) (3) الوسائل باب: 45 من أبواب الاحرام الحديث: 4 و 8 و 12.
299
لإحرامها، والحاج بأي نوع من الحج يقطعها عند الزوال من يوم عرفة (1)،
وظاهرهم أن القطع في الموارد المذكورة على سبيل الوجوب، وهو
الأحوط (2) وقد يقال بكونه مستحبا.
[3251] مسألة 22: الظاهر أنه لا يلزم في تكرار التلبية أن يكون بالصورة
المعتبرة في انعقاد الإحرام، بل ولا بإحدى الصور المذكورة في الأخبار،
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) الوسائل باب: 44 من أبواب الاحرام الحديث: 1 و 2.
301
بل يكفي أن يقول: " لبيك اللهم لبيك "، بل لا يبعد كفاية تكرار لفظ لبيك.
[3252] مسألة 23: إذا شك بعد الإتيان بالتلبية أنه أتى بها صحيحة أم لا
بنى على الصحة.
[3253] مسألة 24: إذا أتى بالنية ولبس الثوبين وشك في أنه أتى بالتلبية
أيضا حتى يجب عليه ترك المحرمات أولا يبني على عدم الإتيان بها
فيجوز له فعلها ولا كفارة عليه.
[3254] مسألة 25: إذا أتى بموجب الكفارة وشك في أنه كان بعد التلبية
حتى تجب عليه أو قبلها فإن كانا مجهولي التاريخ أو كان تاريخ التلبية
مجهولا لم تجب عليه الكفارة، وإن كان تاريخ إتيان الموجب مجهولا
فيحتمل أن يقال بوجوبها لأصالة التأخر، لكن الأقوى عدمه (1)، لأن
الأصل لا يثبت كونه بعد التلبية.
302
الثالث من واجبات الإحرام: لبس الثوبين بعد التجرد عما يجب على
المحرم اجتنابه، يتزر بأحدهما ويرتدي بالآخر، والأقوى عدم كون لبسهما
شرطا في تحقق الإحرام (1)،
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 12 من أبواب أقسام الحج الحديث: 20.
(2) (3) الوسائل باب: 14 من أبواب الاحرام الحديث: 1 و 2.
303
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 34 من أبواب الاحرام الحديث: 3.
(2) (3) الوسائل باب: 45 من أبواب تروك الاحرام الحديث: 2 و 1.
304
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 45 من أبواب تروك الاحرام الحديث: 3.
305
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 45 من أبواب تروك الاحرام الحديث: 5.
306
بل كونه واجبا تعبديا (1).
والظاهر عدم اعتبار كيفية مخصوصة في لبسهما، فيجوز الاتزار
بأحدهما كيف شاء والارتداء بالآخر أو التوشح به أو غير ذلك من الهيئات،
لكن الأحوط لبسهما على الطريق المألوف، وكذا الأحوط عدم عقد الإزار
في عنقه (2)، بل عدم عقده مطلقا ولو بعضه ببعض، وعدم غرزه بإبرة
ونحوها، وكذا في الرداء الأحوط عدم عقده، لكن الأقوى جواز ذلك كله
في كل منهما ما لم يخرج عن كونه رداء أو إزارا.
ويكفي فيهما المسمى وإن كان الأولى بل الأحوط أيضا كون الإزار
مما يستر السرة والركبة (3)، والرداء مما يستر المنكبين، والأحوط عدم
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) الوسائل باب: 53 من أبواب تروك الاحرام الحديث: 1 و 5.
307
الاكتفاء بثوب طويل (1) يتزر ببعضه ويرتدي بالباقي إلا في حال الضرورة.
والأحوط كون اللبس قبل النية والتلبية (2)، فلو قدمهما عليه
أعادهما بعده (3)، والأحوط ملاحظة النية في اللبس، وأما التجرد فلا يعتبر
فيه النية وإن كان الأحوط والأولى اعتبارها فيه أيضا.
[3255] مسألة 26: لو أحرم في قميص عالما عامدا أعاد، لا لشرطية لبس
الثوبين، لمنعها كما عرفت، بل لأنه مناف للنية حيث إنه يعتبر فيها العزم
على ترك المحرمات (4) التي منها لبس المخيط، وعلى هذا فلو لبسهما
فوق القميص أو تحته كان الأمر كذلك أيضا، لأنه مثله في المنافاة للنية، إلا
أن يمنع كون الإحرام هو العزم على ترك المحرمات بل هو البناء على
تحريمها على نفسه فلا تجب الإعادة حينئذ، هذا، ولو أحرم في القميص
جاهلا بل أو ناسيا أيضا نزعه وصح إحرامه، أما إذا لبسه بعد الإحرام
فاللازم شقه وإخراجه من تحت، والفرق بين الصورتين من حيث النزع
والشق تعبد، لا لكون الإحرام باطلا في الصورة الأولى كما قد قيل.
308
[3256] مسألة 27: لا يجب استدامة لبس الثوبين (1) بل يجوز تبديلهما
ونزعهما لإزالة الوسخ أو للتطهير، بل الظاهر جواز التجرد منهما مع الأمن
من الناظر أو كون العورة مستورة بشيء آخر.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 48 من أبواب الاحرام الحديث: 3.
309
[3257] مسألة 28: لا بأس بالزيادة على الثوبين (1) في ابتداء الإحرام
وفي الأثناء للاتقاء عن البرد والحر، بل ولو اختيارا.
(قد تم كتاب الحج بعون الله وصلى الله على محمد وآله الطاهرين)
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) الوسائل باب: 30 من أبواب الاحرام الحديث: 1 و 2.
(3) الوسائل باب: 27 من أبواب الاحرام الحديث: 1.
(4) الوسائل باب: 36 من أبواب تروك الاحرام الحديث: 5.
310