تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى
1
تعاليق مبسوطة
على
العروة الوثقى
تأليف
الشيخ محمد إسحاق فياض
الجزء الثامن
كتاب الحج
انتشارات محلاتي
3
اسم الكتاب: تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى
اسم المؤلف: الشيخ محمد إسحاق الفياض
صف واخراج: مؤسسة المنار
المطبعة: أمير
الكمية: 1000 نسخة
السعر: 700 تومان
الناشر: انتشارات محلاتي
4
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على أشرف
خلقه محمد وآله الطيبين الطاهرين
5
كتاب الحج
7
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) آل عمران 3: 97.
(3) الإسراء 17: 72.
(4) طه 20: 124.
9
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الزخرف 43: 13.
18
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الشعراء 26: 62.
(2) التوبة 9: 40.
19
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الأعراف 7: 54.
22
--------------------------------------------------------------------------------
(1) القصص 28: 85.
23
فصل
في وجوب الحج
من أركان الدين الحج، وهو واجب على كل من استجمع الشرائط
الآتية من الرجال والنساء والخناثى بالكتاب والسنة والإجماع من جميع
المسلمين بل بالضرورة، ومنكره في سلك الكافرين (1)،
28
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 2 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 10.
29
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 2 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 2.
30
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 2 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 1.
(2) آل عمران 3: 97.
31
وتاركه عمدا مستخفا به بمنزلتهم (1)، وتركه من غير استخفاف من الكبائر،
ولا يجب في أصل الشرع إلا مرة واحدة في تمام العمر (2)، وهو المسمى
بحجة الإسلام أي الحج الذي بني عليه الإسلام مثل الصلاة والصوم
والخمس والزكاة، وما نقل عن الصدوق في العلل من وجوبه على أهل
الجدة كل عام على فرض ثبوته شاذ مخالف للإجماع والأخبار، ولابد من
حمله على بعض المحامل كالأخبار الواردة بهذا المضمون من إرادة
الاستحباب المؤكد أو الوجوب على البدل بمعنى أنه يجب عليه في عامه
وإذا تركه ففي العام الثاني وهكذا، ويمكن حملها على الوجوب الكفائي
فإنه لا يبعد وجوب الحج كفاية على كل أحد في كل عام إذا كان متمكنا
بحيث لا تبقى مكة خالية من الحجاج، لجملة من الأخبار الدالة على أنه لا
يجوز تعطيل الكعبة عن الحج، والأخبار الدالة على أن على الإمام كما في
بعضها وعلى الوالي كما في آخر أن يجبر الناس على الحج والمقام في
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 7 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 2.
32
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 2 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 1.
(2) الوسائل باب: 1 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 37.
34
مكة وزيارة الرسول (صلى الله عليه وآله) والمقام عنده وأنه إن لم يكن لهم مال أنفق عليهم
من بيت المال.
[2980] مسألة 1: لا خلاف في أن وجوب الحج بعد تحقق الشرائط
فوري (1)، بمعنى أنه يجب المبادرة إليه في العام الأول من الاستطاعة فلا
يجوز تأخيره عنه، وإن تركه فيه ففي العام الثاني وهكذا، ويدل عليه جملة
من الأخبار، ولو خالف وأخر مع وجود الشرائط بلا عذر يكون عاصيا، بل
لا يبعد كونه كبيرة كما صرح به جماعة ويمكن استفادته من جملة من
الأخبار.
35
[2981] مسألة 2: لو توقف إدراك الحج بعد حصول الاستطاعة على
مقدمات من السفر وتهيئة أسبابه وجب المبادرة إلى إتيانها (1) على وجه
يدرك الحج في تلك السنة، ولو تعددت الرفقة وتمكن من المسير مع كل
منهم اختار أوثقهم سلامة وإدراكا (2)،
36
ولو وجدت واحدة ولم يعلم حصول أخرى أو لم يعلم التمكن من المسير
والإدراك للحج بالتأخير فهل يجب الخروج مع الاولى أو يجوز التأخير إلى
الاخرى بمجرد احتمال الإدراك أو لا يجوز إلا مع الوثوق؟ أقوال أقواها
الأخير، وعلى أي تقدير إذا لم يخرج مع الاولى واتفق عدم التمكن من
المسير أو عدم إدراك الحج بسبب التأخير استقر عليه الحج (1)، وإن لم
يكن آثما بالتأخير لأنه كان متمكنا من الخروج مع الاولى، إلا إذا تبين عدم
إدراكه لو سار معهم أيضا.
37
فصل
في شرائط وجوب حجة الإسلام
وهي أمور:
أحدها: الكمال بالبلوغ والعقل، فلا يجب على الصبي وإن كان
مراهقا (1)، ولا على المجنون (2) وإن كان أدواريا إذا لم يف دور إفاقته
39
بإتيان تمام الأعمال، ولو حج الصبي لم يجزئ عن حجة الإسلام (1) وإن
قلنا بصحة عباداته وشرعيتها كما هو الأقوى وكان واجدا لجميع الشرائط
سوى البلوغ، ففي خبر مسمع عن الصادق (عليه السلام): " لو أن غلاما حج عشر
حجج ثم احتلم كان عليه فريضة الإسلام "، وفي خبر إسحاق بن عمار عن
أبي الحسن (عليه السلام) عن ابن عشر سنين يحج قال (عليه السلام): " عليه حجة الإسلام إذا
احتلم، وكذا الجارية عليها الحج إذا طمثت ".
[2982] مسألة 1: يستحب للصبي المميز أن يحج وإن لم يكن مجزئا عن
حجة الإسلام، ولكن هل يتوقف ذلك على إذن الولي أو لا؟ المشهور بل
قيل: لا خلاف فيه أنه مشروط بإذنه لاستتباعه المال في بعض الأحوال
للهدي والكفارة، ولأنه عبادة متلقاة من الشرع مخالف للأصل فيجب
الاقتصار فيه على المتيقن، وفيه أنه ليس تصرفا ماليا وإن كان ربما يستتبع
المال (2)،
40
وأن العمومات كافية في صحته وشرعيته مطلقا، فالأقوى عدم الاشتراط في
صحته وإن وجب الاستئذان في بعض الصور، وأما البالغ فلا يعتبر في حجه
المندوب إذن الأبوين إن لم يكن مستلزما للسفر المشتمل على الخطر
الموجب لأذيتهما، وأما في حجه الواجب فلا إشكال.
[2983] مسألة 2: يستحب للولي أن يحرم بالصبي الغير المميز بلا خلاف
لجملة من الأخبار، بل وكذا الصبية وإن استشكل فيها صاحب المستند (1)،
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 18 من أبواب أقسام الحج الحديث: 7.
41
وكذا المجنون وإن كان لا يخلو عن إشكال (1) لعدم نص فيه بالخصوص
فيستحق الثواب عليه، والمراد بالإحرام به جعله محرما لا أن يحرم عنه،
فيلبسه ثوبي الإحرام ويقول: اللهم إني أحرمت هذا الصبي (2) (الخ)
ويأمره بالتلبية بمعنى أن يلقنه إياها، وإن لم يكن قابلا يلبي عنه، ويجنبه عن
كل ما يجب على المحرم الاجتناب عنه، ويأمره بكل فعل من أفعال الحج
يتمكن منه، وينوب عنه في كل ما لا يتمكن، ويطوف به ويسعى به بين
الصفا والمروة، ويقف به في عرفات ومنى (3)،
42
ويأمره بالرمي وإن لم يقدر يرمي عنه، وهكذا يأمره بصلاة الطواف وإن لم
يقدر يصلي عنه، ولابد من أن يكون طاهرا ومتوضئا ولو بصورة
الوضوء (1) وإن لم يمكن فيتوضأ هو عنه (2)، ويحلق رأسه وهكذا جميع
الأعمال.
[2984] مسألة 3: لا يلزم كون الولي محرما في الإحرام بالصبي (3)، بل
يجوز له ذلك وإن كان محلا.
[2985] مسألة 4: المشهور على أن المراد بالولي في الإحرام بالصبي
43
الغير المميز الولي الشرعي من الأب والجد والوصي لأحدهما والحاكم
وأمينه أو وكيل أحد المذكورين، لا مثل العم والخال ونحوهما والأجنبي،
نعم الحقوا بالمذكورين الأم وإن لم تكن وليا شرعيا للنص
الخاص فيها، قالوا: لأن الحكم على خلاف القاعدة فاللازم الاقتصار
على المذكورين فلا يترتب أحكام الإحرام إذا كان المتصدي غيره،
ولكن لا يبعد كون المراد الأعم منهم وممن يتولى أمر الصبي (1)
ويتكفله وإن لم يكن وليا شرعيا لقوله (عليه السلام): " قدموا من كان معكم من
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 17 من أبواب أقسام الحج الحديث: 3.
44
الصبيان إلى الجحفة أو إلى بطن مر " (الخ)، فإنه يشمل غير الولي الشرعي
أيضا، وأما في المميز فاللازم إذن الولي الشرعي إن اعتبرنا في صحة
إحرامه الإذن (1).
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 20 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 1.
45
[2986] مسألة 5: النفقة الزائدة على نفقة الحضر على الولي لا من مال
الصبي (1) إلا إذا كان حفظه موقوفا على السفر به أو يكون السفر مصلحة
له.
[2987] مسألة 6: الهدي على الولي (2)،
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 17 من أبواب أقسام الحج الحديث: 5.
46
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 17 من أبواب أقسام الحج الحديث: 2.
47
وكذا كفارة الصيد إذا صاد الصبي (1)، وأما الكفارات الاخر المختصة
بالعمد فهل هي أيضا على الولي أو في مال الصبي أو لا يجب الكفارة في
غير الصيد لأن عمد الصبي خطأ والمفروض أن تلك الكفارات لا تثبت في
صورة الخطأ؟ وجوه، لا يبعد قوة الأخير إما لذلك وإما لانصراف أدلتها عن
الصبي، لكن الأحوط تكفل الولي بل لا يترك هذا الاحتياط، بل هو
الأقوى (2) لأن قوله (عليه السلام): " عمد الصبي خطأ " مختص بالديات، والانصراف
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) الوسائل باب: 17 من أبواب أقسام الحج الحديث: 3 و 5.
48
ممنوع وإلا فيلزم الالتزام به في الصيد أيضا (1).
[2988] مسألة 7: قد عرفت أنه لو حج الصبي عشر مرات لم يجزئه عن
حجة الإسلام، بل يجب عليه بعد البلوغ والاستطاعة، لكن استثنى المشهور
من ذلك ما لو بلغ وأدرك المشعر فإنه حينئذ يجزئ عن حجة الإسلام، بل
ادعى بعضهم الإجماع عليه، وكذا إذا حج المجنون ندبا ثم كمل قبل
المشعر، واستدلوا على ذلك بوجوه:
أحدها: النصوص الواردة في العبد على ما سيأتي بدعوى عدم
خصوصية للعبد في ذلك، بل المناط الشروع حال عدم الوجوب لعدم
الكمال ثم حصوله قبل المشعر، وفيه أنه قياس (2) مع أن لازمه
49
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) الوسائل باب: 17 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 1 و 2.
50
الالتزام به فيمن حج متسكعا ثم حصل له الاستطاعة قبل المشعر، ولا
يقولون به.
الثاني: ما رود من الأخبار من أن من لم يحرم من مكة أحرم من حيث
أمكنه، فإنه يستفاد منها أن الوقت صالح لإنشاء الإحرام فيلزم أن يكون
صالحا للانقلاب أو القلب بالأولى، وفيه ما لا يخفى (1).
الثالث: الأخبار الدالة على أن من أدرك المشعر فقد أدرك الحج،
وفيه أن موردها من لم يحرم (2) فلا يشمل من أحرم سابقا لغير حجة
الإسلام، فالقول بالإجزاء مشكل، والأحوط الإعادة بعد ذلك إن كان
مستطيعا بل لا يخلو عن قوة، وعلى القول بالإجزاء يجري فيه الفروع الآتية
في مسألة العبد من أنه هل يجب تجديد النية لحجة الإسلام أو لا؟ وأنه هل
يشترط في الإجزاء استطاعته بعد البلوغ من البلد أو من الميقات أو لا؟
وأنه هل يجري في حج التمتع مع كون العمرة بتمامها قبل البلوغ أو لا؟ إلى
غير ذلك.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 15 من أبواب المواقيت الحديث: 8.
51
[2989] مسألة 8: إذا مشى الصبي إلى الحج فبلغ قبل أن يحرم من
الميقات وكان مستطيعا لا إشكال في أن حجه حجة الإسلام (1).
54
[2990] مسألة 9: إذا حج باعتقاد أنه غير بالغ ندبا فبان بعد الحج أنه كان
بالغا فهل يجزئ عن حجة الاسلام أو لا؟ وجهان، أوجههما الأول (1)،
وكذا إذا حج الرجل باعتقاد عدم الاستطاعة بنية الندب ثم ظهر كونه
مستطيعا حين الحج.
55
الثاني من الشروط: الحرية، فلا يجب على المملوك وإن أذن له مولاه
وكان مستطيعا من حيث المال بناء على ما هو الأقوى من القول بملكه أو
بذل له مولاه الزاد والراحلة، نعم لو حج بإذن مولاه صح بلا إشكال ولكن
لا يجزئه عن حجة الإسلام (1) فلو اعتق بعد ذلك أعاد، للنصوص منها خبر
57
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 15 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 1.
(2) (3) (4) (5) الوسائل باب: 16 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 3 و 4 و 6 و 7.
58
مسمع: " لو أن عبدا حج عشر حجج ثم اعتق كانت عليه حجة الإسلام إذا
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 16 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 2.
59
" أيما عبد حج به مواليه فقد أدرك حجة الإسلام " محمول على إدراك ثواب
الحج أو على أنه يجزئه عنها ما دام مملوكا لخبر أبان: " العبد إذا حج فقد
قضى حجة الإسلام حتى يعتق " فلا إشكال في المسألة، نعم لو حج بإذن
مولاه ثم انعتق قبل إدراك المشعر أجزأه عن حجة الإسلام بالإجماع
والنصوص.
ويبقى الكلام في أمور:
أحدها: هل يشترط في الإجزاء تجديد النية للإحرام بحجة الإسلام
بعد الانعتاق فهو من باب القلب، أو لا بل هو انقلاب شرعي؟ قولان،
مقتضى إطلاق النصوص الثاني وهو الأقوى (1)، فلو فرض أنه لم يعلم
بانعتاقه حتى فرغ أو علم ولم يعلم الإجزاء حتى يجدد النية كفاه وأجزأه.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 17 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 1.
(2) راجع الوسائل باب: 23 من أبواب الوقوف بالمشعر.
60
الثاني: هل يشترط في الإجزاء كونه مستطيعا حين الدخول في
الاحرام أو يكفي استطاعته من حين الانعتاق أو لا يشترط ذلك أصلا؟
أقوال أقواها الأخير (1)، لإطلاق النصوص وانصراف ما دل على اعتبار
الاستطاعة عن المقام.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 17 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 2.
61
الثالث: هل الشرط في الإجزاء إدراك خصوص المشعر سواء أدرك
الوقوف بعرفات أيضا أو لا، أو يكفي إدراك أحد الموقفين فلو
لم يدرك المشعر لكن أدرك الوقوف بعرفات معتقا كفى؟ قولان، الأحوط
الأول (1)، كما أن الأحوط اعتبار إدراك الاختياري من المشعر (2)،
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 17 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 2.
62
فلا يكفي إدراك الاضطراري منه، بل الأحوط اعتبار إدراك كلا الموقفين
وإن كان يكفي الانعتاق قبل المشعر لكن إذا كان مسبوقا بإدراك عرفات
أيضا ولو مملوكا (1).
الرابع: هل الحكم مختص بحج الإفراد والقران أو يجري في حج
التمتع أيضا وإن كانت عمرته بتمامها حال المملوكية؟ الظاهر
الثاني لإطلاق النصوص، خلافا لبعضهم فقال بالأول لأن إدراك
المشعر معتقا إنما ينفع للحج لا للعمرة الواقعة حال المملوكية، وفيه
ما مر من الإطلاق، ولا يقدح ما ذكره ذلك البعض لأنهما عمل واحد، هذا
إذا لم ينعتق إلا في الحج وأما إذا انعتق في عمرة التمتع وأدرك
بعضها معتقا فلا يرد الإشكال (2).
[2991] مسألة 1: إذا أذن المولى لمملوكه في الإحرام فتلبس به ليس
63
له أن يرجع في إذنه (1) لوجوب الإتمام على المملوك ولا طاعة لمخلوق
في معصية الخالق، نعم لو أذن له ثم رجع قبل تلبسه به لم يجز له أن يحرم
إذا علم برجوعه، وإذا لم يعلم برجوعه فتلبس به هل يصح إحرامه ويجب
إتمامه أو يصح ويكون للمولى حله أو يبطل؟ وجوه أوجهها الأخير لأن
الصحة مشروطة بالإذن المفروض سقوطه بالرجوع، ودعوى أنه دخل
دخولا مشروعا فوجب إتمامه فيكون رجوع المولى كرجوع الموكل قبل
التصرف ولم يعلم الوكيل، مدفوعة بأنه لا تكفي المشروعية الظاهرية، وقد
ثبت الحكم في الوكيل بالدليل ولا يجوز القياس عليه.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 59 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 7.
65
[2992] مسألة 2: يجوز للمولى أن يبيع مملوكه المحرم بإذنه وليس
للمشتري حل إحرامه (1). نعم مع جهله بأنه محرم يجوز له الفسخ مع طول
الزمان الموجب لفوات بعض منافعه.
[2993] مسألة 3: إذا انعتق العبد قبل المشعر فهديه عليه، وإن لم يتمكن
فعليه أن يصوم، وإن لم ينعتق كان مولاه بالخيار بين أن يذبح عنه أو يأمره
بالصوم للنصوص والإجماعات (2).
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) الوسائل باب: 2 من أبواب الذبح الحديث: 1 و 2.
66
[2994] مسألة 4: إذا أتى المملوك المأذون في إحرامه بما يوجب
الكفارة فهل هي على مولاه، أو عليه ويتبع بها بعد العتق، أو تنتقل إلى
الصوم فيما فيه الصوم مع العجز، أو في الصيد عليه وفي غيره على مولاه؟
وجوه أظهرها كونها على مولاه (1)، لصحيحة حريز خصوصا إذا كان
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 2 من أبواب الذبح الحديث: 5.
(2) (3) الوسائل باب: 56 من أبواب كفارات الصيد الحديث: 1 و 3.
67
الإتيان بالموجب بأمره أو بإذنه. نعم لو لم يكن مأذونا في الإحرام
بالخصوص بل كان مأذونا مطلقا إحراما كان أو غيره لم يبعد كونها عليه،
حملا لخبر عبد الرحمن بن أبي نجران النافي لكون الكفارة في الصيد على
مولاه على هذه الصورة (1).
[2995] مسألة 5: إذا أفسد المملوك المأذون حجه بالجماع قبل المشعر
فكالحر في وجوب الإتمام والقضاء، وأما البدنة ففي كونها عليه أو على
مولاه فالظاهر أن حالها حال سائر الكفارات على ما مر وقد مر أن الأقوى
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 56 من أبواب كفارات الصيد الحديث: 1.
68
كونها على المولى الآذن له في الإحرام (1)، وهل يجب على المولى
تمكينه من القضاء لأن الإذن في الشئ إذن في لوازمه (2)، أولا لأنه من
سوء اختياره؟ قولان أقواهما الأول (3) سواء قلنا إن القضاء هو حجه أو أنه
عقوبة وأن حجه هو الأول،
69
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 3 من أبواب كفارات الاستمتاع الحديث: 9.
70
هذا إذا أفسد حجه ولم ينعتق، وأما إن أفسده بما ذكر ثم انعتق فإن انعتق
قبل المشعر كان حاله حال الحر في وجوب الإتمام والقضاء والبدنة (1)
وكونه مجزئا عن حجة الإسلام إذا أتى بالقضاء على القولين من كون
الإتمام عقوبة وأن حجه هو القضاء أو كون القضاء عقوبة، بل على هذا إن
لم يأت بالقضاء أيضا أتى بحجة الإسلام وإن كان عاصيا في ترك القضاء،
وإن انعتق بعد المشعر فكما ذكر إلا أنه لا يجزئه عن حجة الإسلام فيجب
عليه بعد ذلك إن استطاع، وإن كان مستطيعا فعلا ففي وجوب تقديم حجة
الإسلام أو القضاء وجهان مبنيان على أن القضاء فوري أولا، فعلى الأول
يقدم لسبق سببه (2)، وعلى الثاني تقدم حجة الإسلام لفوريتها دون
القضاء.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 56 من أبواب كفارات الصيد الحديث: 1.
71
[2996] مسألة 6: لا فرق فيما ذكر من عدم وجوب الحج على المملوك
وعدم صحته إلا بإذن مولاه وعدم إجزائه عن حجة الإسلام إلا إذا انعتق قبل
المشعر بين القن والمدبر والمكاتب وأم الولد والمبعض إلا إذا هاياه مولاه
وكانت نوبته كافية مع عدم كون السفر خطريا فإنه يصح منه بلا إذن، لكن لا
يجب ولا يجزئه حينئذ عن حجة الإسلام وإن كان مستطيعا لأنه لم يخرج
عن كونه مملوكا، وإن كان يمكن دعوى الانصراف عن هذه الصورة (1)،
72
فمن الغريب ما في الجواهر من قوله: " ومن الغريب ما ظنه بعض الناس من
وجوب حجة الإسلام عليه في هذا الحال ضرورة منافاته للإجماع المحكي
عن المسلمين الذي يشهد له التتبع على اشتراط الحرية المعلوم عدمها في
المبعض " انتهى، إذ لا غرابة فيه بعد إمكان دعوى الانصراف، مع أن في
أوقات نوبته يجري عليه جميع آثار الحرية (1).
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 16 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 1.
73
[2997] مسألة 7: إذا أمر المولى مملوكه بالحج وجب عليه طاعته وإن لم
يكن مجزئا عن حجة الإسلام، كما إذا آجره للنيابة عن غيره، فإنه لا فرق
بين إجارته للخياطة أو الكتابة وبين إجارته للحج أو الصلاة أو الصوم.
الثالث: الاستطاعة من حيث المال وصحة البدن وقوته وتخلية
السرب وسلامته وسعة الوقت وكفايته، بالإجماع والكتاب والسنة (1).
[2998] مسألة 1: لا خلاف ولا إشكال في عدم كفاية القدرة العقلية في
وجوب الحج بل يشترط فيه الاستطاعة الشرعية (2)،
74
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 11 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 1.
75
وهي كما في جملة من الأخبار الزاد والراحلة، فمع عدمهما لا يجب وإن
كان قادرا عليه عقلا بالاكتساب ونحوه، وهل يكون اشتراط وجود الراحلة
مختصا بصورة الحاجة إليها لعدم قدرته على المشي أو كونه مشقة عليه أو
منافيا لشرفه أو يشترط مطلقا ولو مع عدم الحاجة إليه؟ مقتضى إطلاق
الأخبار والإجماعات المنقولة الثاني، وذهب جماعة من المتأخرين إلى
الأول لجملة من الأخبار المصرحة بالوجوب إن أطاق المشي بعضا أو كلا،
بدعوى أن مقتضى الجمع بينها وبين الأخبار الاول حملها على صورة
الحاجة مع أنها منزلة على الغالب بل انصرافها إليها، والأقوى هو القول
الثاني (1) لإعراض المشهور (2) عن هذه الأخبار مع كونها بمرأى منهم
ومسمع، فاللازم طرحها أو حملها على بعض المحامل كالحمل على الحج
المندوب وإن كان بعيدا عن سياقها، مع أنها مفسرة للاستطاعة في الآية
الشريفة وحمل الآية على القدر المشترك بين الوجوب والندب بعيد، أو
77
حملها على من استقر عليه حجة الإسلام سابقا وهو أيضا بعيد، أو نحو
ذلك، وكيف كان فالأقوى ما ذكرنا، وإن كان لا ينبغي ترك الاحتياط بالعمل
بالأخبار المزبورة خصوصا بالنسبة إلى من لا فرق عنده بين المشي
والركوب أو يكون المشي أسهل، لانصراف الأخبار الاول عن هذه
الصورة، بل لولا الإجماعات المنقولة والشهرة (1) لكان هذا القول في
غاية القوة.
78
[2999] مسألة 2: لا فرق في اشتراط وجود الراحلة (1) بين القريب
والبعيد حتى بالنسبة إلى أهل مكة لاطلاق الأدلة، فما عن جماعة من عدم
اشتراطه بالنسبة إليهم لا وجه له.
[3000] مسألة 3: لا يشترط وجودهما عينا عنده، بل يكفي وجود ما
يمكن صرفه في تحصيلهما من المال من غير فرق بين النقود والأملاك من
البساتين والدكاكين والخانات ونحوها، ولا يشترط إمكان حمل الزاد معه،
بل يكفي إمكان تحصيله في المنازل بقدر الحاجة، ومع عدمه فيها يجب
حمله مع الإمكان من غير فرق بين علف الدابة وغيره، ومع عدمه يسقط
الوجوب.
[3001] مسألة 4: المراد بالزاد هنا المأكول والمشروب وسائر ما يحتاج
إليه المسافر من الأوعية التي يتوقف عليها حمل المحتاج إليه وجميع
ضروريات ذلك السفر بحسب حاله قوة وضعفا وزمانه حرا وبردا وشأنه
شرفا وضعة، والمراد بالراحلة مطلق ما يركب ولو مثل سفينة في طريق
البحر، واللازم وجود ما يناسب حاله بحسب القوة والضعف، بل الظاهر
اعتباره من حيث الضعة والشرف كما وكيفا، فإذا كان من شأنه ركوب
المحمل أو الكنيسة بحيث يعد ما دونهما نقصا عليه يشترط في الوجوب
القدرة عليه ولا يكفي ما دونه وإن كانت الآية والأخبار مطلقة، وذلك
لحكومة قاعدة نفي العسر والحرج على الإطلاقات، نعم إذا لم يكن بحد
79
الحرج وجب معه الحج، وعليه يحمل ما في بعض الأخبار من وجوبه ولو
على حمار أجدع مقطوع الذنب.
[3002] مسألة 5: إذا لم يكن عنده الزاد ولكن كان كسوبا يمكنه تحصيله
بالكسب في الطريق لأكله وشربه وغيرهما من بعض حوائجه هل يجب
عليه أو لا؟ الأقوى عدمه وإن كان أحوط.
[3003] مسألة 6: إنما يعتبر الاستطاعة من مكانه لا من بلده، فالعراقي إذا
استطاع وهو في الشام وجب عليه وإن لم يكن عنده بقدر الاستطاعة من
العراق، بل لو مشى إلى ما قبل الميقات متسكعا أو لحاجة أخرى من تجارة
أو غيرها وكان له هناك ما يمكن أن يحج به وجب عليه، بل لو أحرم
متسكعا فاستطاع وكان أمامه ميقات آخر أمكن أن يقال بالوجوب عليه، وإن
كان لا يخلو عن إشكال (1).
80
[3004] مسألة 7: إذا كان من شأنه ركوب المحمل أو الكنيسة ولم يوجد
سقط الوجوب، ولو وجد ولم يوجد شريك للشق الآخر فإن لم يتمكن من
أجرة الشقين سقط أيضا، وإن تمكن فالظاهر الوجوب (1) لصدق
الاستطاعة، فلا وجه لما عن العلامة من التوقف فيه لأن بذل المال له
خسران لا مقابل له، نعم لو كان بذله مجحفا ومضرا بحاله لم يجب كما هو
الحال في شراء ماء الوضوء.
82
[3005] مسألة 8: غلاء أسعار ما يحتاج إليه أو أجرة المركوب في تلك
السنة لا يوجب السقوط، ولا يجوز التأخير عن تلك السنة مع تمكنه من
القيمة، بل وكذا لو توقف على الشراء بأزيد من ثمن المثل والقيمة
المتعارفة (1)، بل وكذا لو توقف على بيع أملاكه بأقل من ثمن المثل لعدم
وجود راغب في القيمة المتعارفة، فما عن الشيخ من سقوط الوجوب
ضعيف. نعم لو كان الضرر مجحفا بماله مضرا بحاله لم يجب، وإلا فمطلق
الضرر لا يرفع الوجوب بعد صدق الاستطاعة وشمول الأدلة، فالمناط هو
الإجحاف والوصول إلى حد الحرج الرافع للتكليف.
[3006] مسألة 9: لا يكفي في وجوب الحج وجود نفقة الذهاب فقط،
بل يشترط وجود نفقة العود إلى وطنه إن أراده وإن لم يكن له فيه أهل ولا
مسكن مملوك ولو بالإجارة، للحرج في التكليف بالإقامة في غير وطنه
المألوف له. نعم إذا لم يرد العود أو كان وحيدا لا تعلق له بوطن لم يعتبر
وجود نفقة العود، لإطلاق الآية والأخبار في كفاية وجود نفقة الذهاب،
وإذا أراد السكنى في بلد آخر غير وطنه لابد من وجود النفقة إليه إذا لم
يكن أبعد من وطنه (2)، وإلا فالظاهر كفاية مقدار العود إلى وطنه.
84
[3007] مسألة 10: قد عرفت أنه لا يشترط وجود أعيان ما يحتاج إليه في
نفقة الحج من الزاد والراحلة ولا وجود أثمانها من النقود، بل يجب عليه
بيع ما عنده من الأموال لشرائها، لكن يستثنى من ذلك ما يحتاج إليه في
ضروريات معاشه، فلإتباع دار سكناه اللائقة بحاله، ولا خادمه المحتاج
إليه، ولا ثياب تجمله اللائقة بحاله فضلا عن ثياب مهنته، ولا أثاث بيته من
الفراش والأواني وغيرهما مما هو محل حاجته، بل ولا حلى المرأة مع
حاجتها بالمقدار اللائق بها بحسب حالها في زمانها ومكانها، ولا كتب
العلم لأهله التي لابد له منها فيما يجب تحصيله لأن الضرورة الدينية أعظم
من الدنيوية، ولا آلات الصنائع المحتاج إليها في معاشه، ولا فرس ركوبه
مع الحاجة إليه، ولا سلاحه ولا سائر ما يحتاج إليه، لاستلزام التكليف
بصرفها في الحج العسر والحرج، ولا يعتبر فيها الحاجة الفعلية، فلا وجه
لما عن كشف اللثام: من أن فرسه إن كان صالحا لركوبه في طريق الحج فهو
من الراحلة وإلا فهو في مسيره إلى الحج لا يفتقر إليه بل يفتقر إلى غيره ولا
دليل على عدم وجوب بيعه حينئذ، كما لا وجه لما عن الدروس من
التوقف في استثناء ما يضطر إليه من أمتعة المنزل والسلاح وآلات الصنائع،
فالأقوى استثناء جميع ما يحتاج إليه في معاشه مما يكون إيجاب بيعه
مستلزما للعسر والحرج (1).
85
نعم لو زادت أعيان المذكورات عن مقدار الحاجة وجب بيع الزائد في
نفقة الحج، وكذا لو استغنى عنها بعد الحاجة كما في حلي المرأة إذا كبرت
عنه ونحوه.
[3008] مسألة 11: لو كان بيده دار موقوفة تكفيه لسكناه وكان عنده دار
مملوكة فالظاهر وجوب بيع المملوكة إذا كانت وافية لمصارف الحج أو
متممة لها، وكذا في الكتب المحتاج إليها إذا كان عنده من الموقوفة مقدار
كفايته فيجب بيع المملوكة منها، وكذا الحال في سائر المستثنيات إذا
ارتفعت حاجته فيها بغير المملوكة، لصدق الاستطاعة حينئذ إذا لم يكن
ذلك منافيا لشأنه ولم يكن عليه حرج في ذلك، نعم لو لم تكن موجودة
86
وأمكنه تحصيلها لم يجب عليه ذلك (1) فلا يجب بيع ما عنده وفي ملكه،
والفرق عدم صدق الاستطاعة في هذه الصورة بخلاف الصورة الاولى إلا
إذا حصلت بلا سعي منه أو حصلها مع عدم وجوبه فإنه بعد التحصيل
يكون كالحاصل أولا.
[3009] مسألة 12: لو لم تكن المستثنيات زائدة عن اللائق بحاله بحسب
عينها لكن كانت زائدة بحسب القيمة وأمكن تبديلها بما يكون أقل قيمة مع
كونه لائقا بحاله أيضا، فهل يجب التبديل للصرف في نفقة الحج أو
لتتميمها؟ قولان، من صدق الاستطاعة ومن عدم زيادة العين عن مقدار
الحاجة والأصل عدم وجوب التبديل، والأقوى الأول إذا لم يكن فيه حرج
أو نقص عليه (2) وكانت الزيادة معتدا بها كما إذا كانت له دار تسوى مائة
وأمكن تبديلها بما يسوى خمسين مع كونه لائقا بحاله من غير عسر فإنه
يصدق الاستطاعة. نعم لو كانت الزيادة قليلة جدا بحيث لا يعتنى بها أمكن
87
دعوى عدم الوجوب وإن كان الأحوط التبديل أيضا (1).
[3010] مسألة 13: إذا لم يكن عنده من أعيان المستثنيات لكن كان عنده
ما يمكن شراؤها به من النقود أو نحوها ففي جواز شرائها وترك الحج
إشكال، بل الأقوى عدم جوازه إلا أن يكون عدمها موجبا للحرج عليه،
فالمدار في ذلك هو الحرج وعدمه، وحينئذ فإن كانت موجودة عنده لا
يجب بيعها إلا مع عدم الحاجة (2)، وإن لم تكن موجودة لا يجوز شراؤها
إلا مع لزوم الحرج في تركه، ولو كانت موجودة وباعها بقصد التبديل بآخر
88
لم يجب صرف ثمنها في الحج فحكم ثمنها حكمها، ولو باعها لا بقصد
التبديل وجب بعد البيع صرف ثمنها في الحج (1) إلا مع الضرورة إليها
على حد الحرج في عدمها.
89
[3011] مسألة 14: إذا كان عنده مقدار ما يكفيه للحج ونازعته نفسه إلى
النكاح صرح جماعة بوجوب الحج وتقديمه على التزويج، بل قال
بعضهم: وإن شق عليه ترك التزويج; والأقوى وفاقا لجماعة أخرى عدم
وجوبه مع كون ترك التزويج حرجا عليه أو موجبا لحدوث مرض (1) أو
للوقوع في الزنا ونحوه (2)، نعم لو كانت عنده زوجة واجبة النفقة ولم يكن
له حاجة فيها لا يجب أن يطلقها ويصرف مقدار نفقتها في تتميم مصرف
الحج لعدم صدق الاستطاعة عرفا.
[3012] مسألة 15: إذا لم يكن عنده ما يحج به ولكن كان له دين على
شخص بمقدار مؤونته أو بما تتم به مؤونته فاللازم اقتضاؤه وصرفه في
الحج إذا كان الدين حالا وكان المديون باذلا، لصدق الاستطاعة حينئذ،
90
وكذا إذا كان مماطلا وأمكن إجباره بإعانة متسلط أو كان منكرا وأمكن
إثباته عند الحاكم الشرعي وأخذه بلا كلفة وحرج، بل وكذا إذا توقف
استيفاؤه على الرجوع إلى حاكم الجور بناء على ما هو الأقوى من جواز
الرجوع إليه مع توقف استيفاء الحق عليه، لأنه حينئذ يكون واجبا بعد
صدق الاستطاعة (1) لكونه مقدمة للواجب المطلق، وكذا لو كان الدين
مؤجلا وكان المديون باذلا قبل الأجل لو طالبه، ومنع صاحب الجواهر
الوجوب حينئذ بدعوى عدم صدق الاستطاعة محل منع، وأما لو كان
91
المديون معسرا أو مماطلا لا يمكن إجباره أو منكرا للدين ولم يمكن إثباته
أو كان الترافع مستلزما للحرج أو كان الدين مؤجلا مع عدم كون المديون
باذلا فلا يجب (1)، بل الظاهر عدم الوجوب (2) لو لم يكن واثقا ببذله مع
المطالبة.
92
[3013] مسألة 16: لا يجب الاقتراض للحج إذا لم يكن له مال وإن كان
قادرا على وفائه بعد ذلك بسهولة، لأنه تحصيل للاستطاعة وهو غير
واجب. نعم لو كان له مال غائب لا يمكن صرفه في الحج فعلا أو مال
حاضر لا راغب في شرائه أو دين مؤجل لا يكون المديون باذلا له قبل
الأجل وأمكنه الاستقراض والصرف في الحج ثم وفاؤه بعد ذلك فالظاهر
وجوبه لصدق الاستطاعة حينئذ عرفا (1)، إلا إذا لم يكن واثقا بوصول
الغائب أو حصول الدين بعد ذلك فحينئذ لا يجب الاستقراض، لعدم
صدق الاستطاعة في هذه الصورة.
93
[3014] مسألة 17: إذا كان عنده ما يكفيه للحج وكان عليه دين ففي كونه
مانعا عن وجوب الحج مطلقا سواء كان حالا مطالبا به أو لا أو كونه مؤجلا،
أو عدم كونه مانعا إلا مع الحلول والمطالبة، أو كونه مانعا إلا مع التأجيل أو
الحلول مع عدم المطالبة، أو كونه مانعا إلا مع التأجيل وسعة الأجل للحج
والعود أقوال، والأقوى كونه مانعا إلا مع التأجيل والوثوق بالتمكن من أداء
الدين إذا صرف ما عنده في الحج، وذلك لعدم صدق الاستطاعة في غير
هذه الصورة (1) وهي المناط في الوجوب لا مجرد كونه مالكا للمال،
وجواز التصرف فيه بأي وجه أراد وعدم المطالبة في صورة الحلول أو
الرضا بالتأخير لا ينفع في صدق الاستطاعة، نعم لا يبعد الصدق إذا كان
واثقا بالتمكن من الأداء مع فعلية الرضا بالتأخير من الدائن، والأخبار الدالة
على جواز الحج لمن عليه دين لا تنفع في الوجوب وفي كونه حجة
الإسلام، وأما صحيح معاوية بن عمار عن الصادق (عليه السلام) عن رجل عليه دين
أعليه أن يحج؟ قال: " نعم إن حجة الإسلام واجبة على من أطاق المشي من
المسلمين "، وخبر عبد الرحمن عنه (عليه السلام) أنه قال: " الحج واجب على الرجل
94
وإن كان عليه دين " فمحمولان على الصورة التي ذكرنا (1) أو على من
استقر عليه الحج سابقا وإن كان لا يخلو عن إشكال كما سيظهر، فالأولى
الحمل الأول.
وأما ما يظهر من صاحب المستند من أن كلا من أداء الدين والحج
واجب فاللازم بعد عدم الترجيح التخيير بينهما (2) في صورة الحلول مع
المطالبة أو التأجيل مع عدم سعة الأجل للذهاب والعود، وتقديم الحج في
صورة الحلول مع الرضا بالتأخير أو التأجيل مع سعة الأجل للحج والعود
97
ولو مع عدم الوثوق بالتمكن من أداء الدين بعد ذلك حيث لا يجب
المبادرة إلى الأداء فيهما فيبقى وجوب الحج بلا مزاحم (1).
ففيه أنه لا وجه للتخير في الصورتين الاوليين ولا لتعيين تقديم الحج
في الأخيرتين بعد كون الوجوب تخييرا أو تعيينا مشروطا بالاستطاعة الغير
الصادقة في المقام خصوصا مع المطالبة وعدم الرضا بالتأخير (2)، مع أن
التخيير فرع كون الواجبين مطلقين وفي عرض واحد، والمفروض أن
وجوب أداء الدين مطلق بخلاف وجوب الحج فإنه مشروط بالاستطاعة
الشرعية (3). نعم لو استقر عليه وجوب الحج سابقا فالظاهر التخيير لأنهما
98
حينئذ في عرض واحد، وإن كان يحتمل تقديم الدين (1) إذا كان حالا
مع المطالبة أو مع عدم الرضا بالتأخير لأهمية حق الناس من حق الله (2)،
لكنه ممنوع ولذا لو فرض كونهما عليه بعد الموت يوزع المال عليهما (3)
ولا يقدم دين الناس، ويحتمل تقديم الأسبق منهما في الوجوب، لكنه أيضا
لا وجه له كما لا يخفى.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 26 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 2.
99
[3015] مسألة 18: لا فرق في كون الدين مانعا من وجوب الحج (1) بين
أن يكون سابقا على حصول المال بقدر الاستطاعة أولا كما إذا استطاع
للحج ثم عرض عليه دين بأن أتلف مال الغير مثلا على وجه الضمان من
دون تعمد (2) قبل خروج الرفقة أو بعده قبل أن يخرج هو أو بعد خروجه
قبل الشروع في الأعمال، فحاله حال تلف المال من دون دين (3) فإنه
يكشف عن عدم كونه مستطيعا.
100
[3016] مسألة 19: إذا كان عليه خمس أو زكاة وكان عنده مقدار ما يكفيه
للحج لولاهما فحالهما حال الدين مع المطالبة، لأن المستحقين لهما
مطالبون فيجب صرفه فيهما ولا يكون مستطيعا (1)، وان كان الحج مستقرا
عليه سابقا تجئ الوجوه المذكورة من التخيير أو تقديم حق الناس أو
تقديم الأسبق (2)،
101
هذا إذا كان الخمس أو الزكاة في ذمته، وأما إذا كانا في عين ماله فلا إشكال
في تقديمهما على الحج سواء كان مستقرا عليه أولا، كما أنهما يقدمان على
ديون الناس أيضا، ولو حصلت الاستطاعة والدين والخمس والزكاة معا (1)
فكما لو سبق الدين.
[3017] مسألة 20: إذا كان عليه دين مؤجل بأجل طويل جدا كما بعد
خمسين سنة فالظاهر عدم منعه عن الاستطاعة (2)، وكذا إذا كان الديان
مسامحا في أصله كما في مهور نساء أهل الهند فإنهم يجعلون المهر ما لا
يقدر الزوج على أدائه كمائة ألف روبية أو خمسين ألف لإظهار الجلالة
وليسوا مقيدين بالإعطاء والأخذ، فمثل ذلك لا يمنع من الاستطاعة
ووجوب الحج، وكالدين ممن بناؤه على الإبراء إذا لم يتمكن المديون من
الأداء أو واعده بالإبراء بعد ذلك.
102
[3018] مسألة 21: إذا شك في مقدار ماله وأنه وصل إلى حد الاستطاعة
أولا هل يجب عليه الفحص أو لا؟ وجهان أحوطهما ذلك (1)، وكذا إذا
علم مقداره وشك في مقدار مصرف الحج وأنه يكفيه أولا.
103
[3019] مسألة 22: لو كان بيده مقدار نفقة الذهاب والإياب وكان له مال
غائب لو كان باقيا يكفيه في رواج أمره بعد العود لكن لا يعلم بقاءه أو عدم
بقائه فالظاهر وجوب الحج بهذا الذي بيده استصحابا لبقاء الغائب، فهو كما
لو شك في أن أمواله الحاضرة تبقى إلى ما بعد العود أو لا، فلا يعد من
الأصل المثبت (1).
[3020] مسألة 23: إذا حصل عنده مقدار ما يكفيه للحج يجوز له قبل أن
يتمكن من المسير أن يتصرف فيه بما يخرجه عن الاستطاعة (2)، وأما بعد
التمكن منه فلا يجوز وإن كان قبل خروج الرفقة، ولو تصرف بما يخرجه
104
عنها بقيت ذمته مشغولة به، والظاهر صحة التصرف مثل الهبة والعتق
وإن كان فعل حراما، لأن النهي متعلق بأمر خارج، نعم لو كان
قصده في ذلك التصرف الفرار من الحج لا لغرض شرعي أمكن أن
يقال بعدم الصحة (1)، والظاهر أن المناط في عدم جواز التصرف
المخرج هو التمكن في تلك السنة، فلو لم يتمكن فيها ولكن
105
يتمكن في السنة الأخرى لم يمنع عن جواز التصرف (1)، فلا يجب إبقاء
المال إلى العام القابل إذا كان له مانع في هذه السنة، فليس حاله حال من
يكون بلده بعيدا عن مكة بمسافة سنتين.
[3021] مسألة 24: إذا كان له مال غائب بمقدار الاستطاعة وحده أو منضما
إلى ماله الحاضر وتمكن من التصرف في ذلك المال الغائب يكون مستطيعا
ويجب عليه الحج، وإن لم يكن متمكنا من التصرف فيه ولو بتوكيل من
يبيعه هناك فلا يكون مستطيعا إلا بعد التمكن منه أو الوصول في يده،
وعلى هذا فلو تلف في الصورة الاولى بقي وجوب الحج مستقرا عليه (2)
إن كان التمكن في حال تحقق سائر الشرائط، ولو تلف في الصورة الثانية
لم يستقر، وكذا إذا مات مورثه وهو في بلد آخر وتمكن من التصرف في
حصته أو لم يتمكن فإنه على الأول يكون مستطيعا بخلافه على الثاني.
[3022] مسألة 25: إذا وصل ماله إلى حد الاستطاعة لكنه كان جاهلا به أو
كان غافلا عن وجوب الحج عليه ثم تذكر بعد أن تلف ذلك المال فالظاهر
استقرار وجوب الحج عليه (3) إذا كان واجدا لسائر الشرائط حين وجوده،
106
والجهل والغفلة لا يمنعان عن الاستطاعة (1) غاية الأمر أنه معذور في ترك
ما وجب عليه، وحينئذ فإذا مات قبل التلف أو بعده وجب الاستئجار عنه
إن كانت له تركة بمقداره، وكذا إذا نقل ذلك المال إلى غيره بهبة أو صلح
ثم علم بعد ذلك أنه بقدر الاستطاعة، فلا وجه لما ذكره المحقق القمي في
أجوبة مسائله من عدم الوجوب لأنه لجهله لم يصر موردا وبعد النقل
والتذكر ليس عنده ما يكفيه فلم يستقر عليه، لأن عدم التمكن من جهة
الجهل والغفلة لا ينافي الوجوب الواقعي، والقدرة التي هي شرط في
التكاليف القدرة من حيث هي وهي موجودة، والعلم شرط في التنجز (2) لا
في أصل التكليف.
107
[3023] مسألة 26: إذا اعتقد أنه غير مستطيع فحج ندبا فإن قصد امتثال
الأمر المتعلق به فعلا وتخيل أنه الأمر الندبي أجزأ عن حجة الإسلام (1)
لأنه حينئذ من باب الاشتباه في التطبيق، وإن قصد الأمر الندبي على وجه
التقييد (2)
108
لم يجزئ عنها (1) وإن كان حجه صحيحا، وكذا الحال إذا علم باستطاعته
ثم غفل عن ذلك، وأما لو علم بذلك وتخيل عدم فوريتها فقصد الأمر
الندبي فلا يجزئ لأنه يرجع إلى التقييد (2).
[3024] مسألة 27: هل تكفي في الاستطاعة الملكية المتزلزلة للزاد
والراحلة وغيرهما كما إذا صالحه شخص ما يكفيه للحج بشرط الخيار له
إلى مدة معينة أو باعه محاباة كذلك؟ وجهان أقواهما العدم (3)
110
لأنها في معرض الزوال إلا إذا كان واثقا بأنه لا يفسخ، وكذا لو وهبه وأقبضه
إذا لم يكن رحما فإنه ما دامت العين موجودة له الرجوع، ويمكن أن يقال
بالوجوب هنا (1) حيث إن له التصرف في الموهوب فتلزم الهبة.
[3025] مسألة 28: يشترط في وجوب الحج بعد حصول الزاد والراحلة
بقاء المال إلى تمام الأعمال، فلو تلف بعد ذلك ولو في أثناء الطريق كشف
111
عن عدم الاستطاعة، وكذا لو حصل عليه دين قهرا عليه (1) كما إذا أتلف
مال غيره خطأ، وأما لو أتلفه عمدا فالظاهر كونه كإتلاف الزاد والراحلة
عمدا (2) في عدم زوال استقرار الحج.
[3026] مسألة 29: إذا تلف بعد تمام الأعمال مؤونة عوده إلى وطنه أو
تلف ما به الكفاية من ماله في وطنه بناء على اعتبار الرجوع إلى كفاية في
الاستطاعة فهل يكفيه عن حجة الإسلام أو لا؟ وجهان، لا يبعد الإجزاء (3)
112
ويقربه ما ورد (1) من أن من مات بعد الإحرام ودخول الحرم أجزأه عن
114
حجة الاسلام، بل يمكن أن يقال بذلك (1) إذا تلف في أثناء الحج أيضا.
[3027] مسألة 30: الظاهر عدم اعتبار الملكية في الزاد والراحلة، فلو
حصلا بالإباحة اللازمة (2) كفى في الوجوب لصدق الاستطاعة، ويؤيده
الأخبار الواردة في البذل، فلو شرط أحد المتعاملين على الآخر في ضمن
عقد لازم أن يكون له التصرف في ماله بما يعادل مائة ليرة مثلا وجب عليه
الحج ويكون كما لو كان مالكا له.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 8 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 10.
115
[3028] مسألة 31: لو أوصى له بما يكفيه للحج فالظاهر وجوب الحج
عليه بعد موت الموصي خصوصا إذا لم يعتبر القبول في ملكية الموصى
له (1) وقلنا بملكيته ما لم يرد فإنه ليس له الرد حينئذ.
[3029] مسألة 32: إذا نذر قبل حصول الاستطاعة أن يزور الحسين (عليه السلام)
في كل عرفة ثم حصلت لم يجب عليه الحج (2)، بل وكذا لو نذر إن جاء
مسافره أن يعطي الفقير كذا مقدارا فحصل له ما يكفيه لأحدهما بعد
حصول المعلق عليه، بل وكذا إذا نذر قبل حصول الاستطاعة أن يصرف
مقدار مائة ليرة مثلا في الزيارة أو التعزية أو نحو ذلك، فإن هذا كله مانع
عن تعلق وجوب الحج به، وكذا إذا كان عليه واجب مطلق فوري قبل
حصول الاستطاعة ولم يمكن الجمع بينه وبين الحج ثم حصلت الاستطاعة
116
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 38 من أبواب المهور الحديث: 1.
118
وإن لم يكن ذلك الواجب أهم من الحج، لأن العذر الشرعي كالعقلي (1)
في المنع من الوجوب، وأما لو حصلت الاستطاعة أولا ثم حصل واجب
119
فوري آخر لا يمكن الجمع بينه وبين الحج يكون من باب المزاحمة (1)
فيقدم الأهم منهما، فلو كان مثل إنقاذ الغريق قدم على الحج، وحينئذ فإن
بقيت الاستطاعة إلى العام القابل وجب الحج فيه، وإلا فلا إلا أن يكون
الحج قد استقر عليه سابقا فإنه يجب عليه ولو متسكعا.
[3030] مسألة 33: النذر المعلق على أمر قسمان: تارة يكون التعليق على
وجه الشرطية كما إذا قال: " إن جاء مسافري فلله على أن أزور الحسين (عليه السلام)
في عرفة "، وتارة يكون على نحو الواجب المعلق كأن يقول: " لله على أن
أزور الحسين (عليه السلام) في عرفة عند مجئ مسافري "، فعلى الأول يجب الحج
120
إذا حصلت الاستطاعة قبل مجئ مسافره، وعلى الثاني لا يجب (1) فيكون
حكمه حكم النذر المنجز في أنه لو حصلت الاستطاعة وكان العمل بالنذر
منافيا لها لم يجب الحج سواء حصل المعلق عليه قبلها أو بعدها، وكذا لو
حصلا معا لا يجب الحج من دون فرق بين الصورتين، والسر في ذلك أن
وجوب الحج مشروط والنذر مطلق (2) فوجوبه يمنع من تحقق الاستطاعة.
[3031] مسألة 34: إذا لم يكن له زاد وراحلة ولكن قيل له: " حج وعلى
نفقتك ونفقة عيالك " وجب عليه، وكذا لو قال: " حج بهذا المال " وكان
كافيا له ذهابا وإيابا ولعياله، فتحصل الاستطاعة ببذل النفقة كما تحصل
بملكها من غير فرق بين أن يبيحها له أو يملكها إياه، ولا بين أن يبذل عينها
أو ثمنها، ولا بين أن يكون البذل واجبا عليه بنذر أو يمين أو نحوهما أو لا،
ولا بين كون الباذل موثوقا به أو لا على الأقوى، والقول بالاختصاص
بصورة التمليك ضعيف، كالقول بالاختصاص بما إذا وجب عليه أو بأحد
الأمرين، من التمليك أو الوجوب، وكذا القول بالاختصاص بما إذا كان
موثوقا به، كل ذلك لصدق الاستطاعة وإطلاق المستفيضة من الأخبار (3)،
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 8 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 2.
121
ولو كان له بعض النفقة فبذل له البقية وجب أيضا، ولو بذل له نفقة الذهاب
فقط ولم يكن عنده نفقة العود لم يجب (1)، وكذا لو لم يبذل نفقة عياله (2)
إلا إذا كان عنده ما يكفيهم إلى أن يعود أو كان لا يتمكن من نفقتهم مع ترك
الحج أيضا.
122
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 9 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 1.
123
[3032] مسألة 35: لا يمنع الدين من الوجوب في الاستطاعة البذلية (1)،
نعم لو كان حالا وكان الديان مطالبا مع فرض تمكنه من أدائه لو لم يحج
ولو تدريجا ففي كونه مانعا أو لا وجهان (2).
[3033] مسألة 36: لا يشترط الرجوع إلى كفاية في الاستطاعة البذلية (3).
125
[3034] مسألة 37: إذا وهبه ما يكفيه للحج لأن يحج وجب عليه القبول
على الأقوى، بل وكذا لو وهبه وخيره بين أن يحج به أو لا (1)، وأما لو وهبه
ولم يذكر الحج لا تعيينا ولا تخييرا فالظاهر عدم وجوب القبول كما عن
المشهور.
[3035] مسألة 38: لو وقف شخص لمن يحج أو أوصى أو نذر كذلك
فبذل المتولي أو الوصي أو الناذر له وجب عليه، لصدق الاستطاعة بل
إطلاق الأخبار (2)، وكذا لو أوصى له بما يكفيه للحج بشرط أن يحج فإنه
يجب عليه بعد موت الموصي.
126
[3036] مسألة 39: لو أعطاه ما يكفيه للحج خمسا أو زكاة وشرط عليه أن
يحج به فالظاهر الصحة (1) ووجوب الحج عليه إذا كان فقيرا أو كانت
127
الزكاة من سهم سبيل الله (1).
[3037] مسألة 40: الحج البذلي مجزئ عن حجة الإسلام، فلا يجب عليه
إذا استطاع مالا بعد ذلك على الأقوى (2).
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 10 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 6.
128
[3038] مسألة 41: يجوز للباذل الرجوع عن بذله قبل الدخول في
الإحرام، وفي جواز رجوعه عنه بعده وجهان (1)، ولو وهبه للحج فقبل
فالظاهر جريان حكم الهبة عليه في جواز الرجوع قبل الإقباض وعدمه
بعده إذا كانت لذي رحم أو بعد تصرف الموهوب له.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 10 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 2.
129
[3039] مسألة 42: إذا رجع الباذل في أثناء الطريق ففي وجوب نفقة العود
عليه أولا وجهان (1).
[3040] مسألة 43: إذا بذل لأحد اثنين أو ثلاثة فالظاهر الوجوب عليهم
كفاية (2)، فلو ترك الجميع استقر عليهم الحج فيجب على الكل لصدق
130
الاستطاعة بالنسبة إلى الكل، نظير ما إذا وجد المتيممون ماء يكفي لواحد
منهم (1)
131
فإن تيمم الجميع يبطل (1).
[3041] مسألة 44: الظاهر أن ثمن الهدي على الباذل، وأما الكفارات فإن
أتى بموجبها عمدا اختيارا فعليه، وإن اتى بها اضطرارا أو مع الجهل أو
النسيان فيما لا فرق فيه بين العمد وغيره ففي كونه عليه أو على الباذل
وجهان (2).
132
[3042] مسألة 45: إنما يجب بالبذل الحج الذي هو وظيفته على تقدير
الاستطاعة فلو بذل للآفاقي بحج القران أو الإفراد أو لعمرة مفردة لا يجب
عليه، وكذا لو بذل للمكي لحج التمتع لا يجب عليه، ولو بذل لمن حج
حجة الإسلام لم يجب عليه ثانيا، ولو بذل لمن استقر عليه حجة الإسلام
وصار معسرا وجب عليه (1)، ولو كان عليه حجة النذر أو نحوه ولم يتمكن
فبذل له باذل وجب عليه وإن قلنا بعدم الوجوب لو وهبه لا للحج، لشمول
الأخبار (2) من حيث التعليل فيها بأنه بالبذل صار مستطيعا، ولصدق
الاستطاعة عرفا.
[3043] مسألة 46: إذا قال له: " بذلت لك هذا المال مخيرا بين أن تحج به
أو تزور الحسين (عليه السلام) " وجب عليه الحج (3).
133
[3044] مسألة 47: لو بذل له مالا ليحج بقدر ما يكفيه فسرق في أثناء
الطريق سقط الوجوب.
[3045] مسألة 48: لو رجع عن بذله في الأثناء وكان في ذلك المكان
يتمكن من أن يأتي ببقية الأعمال (1) من مال نفسه أو حدث له مال بقدر
كفايته وجب عليه الإتمام وأجزأه عن حجة الإسلام.
[3046] مسألة 49: لا فرق في الباذل بين أن يكون واحدا أو متعددا، فلو
قالا له: حج وعلينا نفقتك وجب عليه.
[3047] مسألة 50: لو عين له مقدارا ليحج به واعتقد كفايته فبان عدمها
وجب عليه الإتمام (2) في الصورة التي لا يجوز له الرجوع، إلا إذا كان
134
ذلك مقيدا بتقدير كفايته (1).
[3048] مسألة 51: إذا قال: " اقترض وحج وعلى دينك " ففي وجوب
ذلك عليه نظر، لعدم صدق الاستطاعة عرفا، نعم لو قال: " اقترض لي وحج
به " وجب (2) مع وجود المقرض كذلك.
135
[3049] مسألة 52: لو بذل له مالا ليحج به فتبين بعد الحج أنه كان مغصوبا
ففي كفايته للمبذول له عن حجة الإسلام وعدمها وجهان أقواهما
العدم (1)،
136
أما لو قال: " حج وعلى نفقتك " ثم بذل له مالا فبان كونه مغصوبا فالظاهر
صحة الحج وإجزاؤه عن حجة الإسلام (1) لأنه استطاع بالبذل، وقرار
الضمان على الباذل في الصورتين عالما كان بكونه مال الغير أو جاهلا.
[3050] مسألة 53: لو آجر نفسه للخدمة في طريق الحج بأجرة يصير بها
مستطيعا وجب عليه الحج، ولا ينافيه وجوب قطع الطريق عليه للغير لأن
الواجب عليه في حج نفسه أفعال الحج وقطع الطريق مقدمة توصلية بأي
وجه أتى بها كفى ولو على وجه الحرام أو لا بنية الحج، ولذا لو كان
مستطيعا قبل الإجارة جاز له إجارة نفسه للخدمة في الطريق، بل لو آجر
نفسه لنفس المشي معه بحيث يكون العمل المستأجر عليه نفس المشي
صح أيضا ولا يضر بحجه، نعم لو آجر نفسه لحج بلدي لم يجز له أن يؤجر
نفسه لنفس المشي (2) كإجارته لزيارة بلدية أيضا، أما لو آجر للخدمة في
137
الطريق فلا بأس وإن كان مشيه للمستأجر الأول، فالممنوع وقوع الإجارة
على نفس ما وجب عليه أصلا أو بالإجارة.
[3051] مسألة 54: إذا استؤجر - أي طلب منه إجارة نفسه - للخدمة بما
يصير به مستطيعا لا يجب عليه القبول ولا يستقر الحج عليه، فالوجوب
عليه مقيد بالقبول ووقوع الإجارة، وقد يقال بوجوبه إذا لم يكن حرجا عليه
لصدق الاستطاعة ولأنه مالك لمنافعه فيكون مستطيعا قبل الإجارة كما إذا
كان مالكا لمنفعة عبده أو دابته وكانت كافية في استطاعته، وهو كما ترى إذ
نمنع صدق الاستطاعة بذلك، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط في بعض صوره
كما إذا كان من عادته إجار نفسه للأسفار (1).
138
[3052] مسألة 55: يجوز لغير المستطيع أن يؤجر نفسه للنيابة عن الغير،
وإن حصلت الاستطاعة بمال الإجارة قدم الحج النيابي (1)، فإن بقيت
الاستطاعة إلى العام القابل وجب عليه لنفسه، وإلا فلا.
139
[3053] مسألة 56: إذا حج لنفسه أو عن غيره تبرعا أو بالإجارة مع عدم
كونه مستطيعا لا يكفيه عن حجة الإسلام فيجب عليه الحج إذا استطاع بعد
ذلك (1)، وما في بعض الأخبار من إجزائه عنها محمول على الإجزاء ما دام
فقيرا كما صرح به في بعضها الآخر، فالمستفاد منها أن حجة الإسلام
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) (3) الوسائل باب: 21 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 2 و 4 و 6.
140
مستحبة على الغير المستطيع (1) وواجبة على المستطيع، ويتحقق الأول
بأي وجه أتى به ولو عن الغير تبرعا أو بالإجارة، ولا يتحقق الثاني إلا مع
حصول شرائط الوجوب.
[3054] مسألة 57: يشترط في الاستطاعة مضافا إلى مؤونة الذهاب
والإياب وجود ما يمون به عياله حتى يرجع، فمع عدمه لا يكون
مستطيعا (2)، والمراد بهم من يلزمه نفقته لزوما عرفيا وإن لم يكن ممن
يجب عليه نفقته شرعا على الأقوى، فإذا كان له أخ صغير أو كبير فقير لا
يقدر على التكسب وهو ملتزم بالإنفاق عليه أو كان متكفلا لإنفاق يتيم في
حجره ولو أجنبي يعد عيالا له، فالمدار على العيال العرفي.
142
[3055] مسألة 58: الأقوى وفاقا لأكثر القدماء اعتبار الرجوع إلى كفاية (1)
من تجارة أو زراعة أو صناعة أو منفعة ملك له من بستان أو دكان أو نحو
ذلك بحيث لا يحتاج إلى التكفف ولا يقع في الشدة والحرج، ويكفي كونه
قادرا على التكسب اللائق به أو التجارة باعتباره ووجاهته وإن لم يكن له
رأس مال يتجر به،
143
نعم قد مر عدم اعتبار ذلك في الاستطاعة البذلية (1)، ولا يبعد عدم اعتباره
أيضا فيمن يمضي أمره (2) بالوجوه اللائقة به كطلبة العلم من السادة
وغيرهم فإذا حصل لهم مقدار مؤونة الذهاب والإياب ومؤونة عيالهم إلى
حال الرجوع وجب عليهم، بل وكذا الفقير الذي عادته وشغله أخذ الوجوه
ولا يقدر على التكسب إذا حصل له مقدار مؤونة الذهاب والإياب له
ولعياله، وكذا كل من لا يتفاوت حاله قبل الحج وبعده إذا صرف ما حصل
له من مقدار مؤونة الذهاب والإياب من دون حرج عليه.
144
[3056] مسألة 59: لا يجوز للولد أن يأخذ من مال والده ويحج به، كما لا
يجب على الوالد أن يبذل له، وكذا لا يجب على الولد بذل المال لوالده
ليحج به.
وكذا لا يجوز للوالد الأخذ من مال ولده للحج، والقول بجواز ذلك
أو وجوبه كما عن الشيخ ضعيف، وإن كان يدل عليه صحيح سعيد بن يسار
" قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): الرجل يحج من مال ابنه وهو صغير؟ قال: نعم
يحج منه حجة الإسلام، قال: وينفق منه؟ قال: نعم، ثم قال: إن مال الولد
لوالده، إن رجلا اختصم هو ووالده إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقضى أن المال
والولد للوالد " وذلك لإعراض الأصحاب عنه (1) مع إمكان حمله
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 78 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1.
145
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) (3) (4) الوسائل باب: 78 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 4 و 10 و 3 و 8.
146
على الاقتراض (1) من ماله مع استطاعته من مال نفسه أو على ما إذا كان
فقيرا وكانت نفقته على ولده ولم يكن نفقة السفر إلى الحج أزيد من نفقته
في الحضر (2) إذ الظاهر الوجوب حينئذ.
147
[3057] مسألة 60: إذا حصلت الاستطاعة لا يجب أن يحج من ماله، فلو
حج في نفقة غيره لنفسه أجزأه، وكذا لو حج متسكعا، بل لو حج من مال
الغير غصبا صح وأجزأه، نعم إذا كان ثوب إحرامه وطوافه وسعيه من
المغصوب لم يصح (1)، وكذا إذا كان ثمن هديه غصبا (2).
148
[3058] مسألة 61: يشترط في وجوب الحج الاستطاعة البدنية، فلو كان
مريضا لا يقدر على الركوب أو كان حرجا عليه ولو على المحمل أو
الكنيسة لم يجب (1)، وكذا لو تمكن من الركوب على المحمل لكن لم
يكن عنده مؤونته; وكذا لو احتاج إلى خادم ولم يكن عنده مؤونته.
[3059] مسألة 62: ويشترط أيضا الاستطاعة الزمانية، فلو كان الوقت ضيقا
لا يمكنه الوصول إلى الحج أو أمكن لكن بمشقة شديدة لم يجب، وحينئذ
فإن بقيت الاستطاعة إلى العام القابل وجب، وإلا فلا (2).
149
[3060] مسألة 63: ويشترط أيضا الاستطاعة السربية بأن لا يكون في
الطريق مانع لا يمكن معه الوصول إلى الميقات أو إلى تمام الأعمال وإلا
لم يجب، وكذا لو كان غير مأمون بأن يخاف على نفسه أو بدنه أو عرضه أو
ماله وكان الطريق منحصرا فيه أو كان جميع الطرق كذلك، ولو كان هناك
طريقان أحدهما أقرب لكنه غير مأمون وجب الذهاب من الأبعد المأمون،
ولو كان جميع الطرق مخوفا إلا أنه يمكنه الوصول إلى الحج بالدوران في
البلاد مثل ما إذا كان من أهل العراق ولا يمكنه إلا أن يمشي إلى كرمان ومنه
150
إلى خراسان ومنه إلى بخارا ومنه إلى الهند ومنه إلى بوشهر ومنه إلى جدة
مثلا ومنه إلى المدينة ومنها إلى مكة فهل يجب أو لا؟ وجهان أقواهما عدم
الوجوب (1) لأنه يصدق عليه أنه لا يكون مخلى السرب (2).
[3061] مسألة 64: إذا استلزم الذهاب إلى الحج تلف مال له في بلده معتد
به لم يجب (3)، وكذا إذا كان هناك مانع شرعي من استلزامه ترك واجب
فوري سابق على حصول الاستطاعة (4) أو لاحق مع كونه أهم من الحج
151
كإنقاذ غريق أو حريق، وكذا إذا توقف على ارتكاب محرم (1) كما إذا
توقف على ركوب دابة غصبية أو المشي في الأرض المغصوبة.
[3062] مسألة 65: قد علم مما مر أنه يشترط في وجوب الحج مضافا إلى
البلوغ والعقل والحرية، الاستطاعة المالية والبدنية والزمانية والسربية وعدم
استلزامه الضرر أو ترك واجب أو فعل حرام (2)، ومع فقد أحد هذه لا
يجب، فبقي الكلام في أمرين:
152
أحدهما: إذا اعتقد تحقق جميع هذه مع فقد بعضها واقعا أو اعتقد
فقد بعضها وكان متحققا فنقول: إذا اعتقد كونه بالغا أو حرا مع تحقق سائر
الشرائط فحج ثم بان أنه كان صغيرا أو عبدا فالظاهر بل المقطوع عدم
إجزائه عن حجة الإسلام (1)، وإن اعتقد كونه غير بالغ أو عبدا مع تحقق
سائر الشرائط وأتى به أجزأه عن حجة الإسلام كما مر سابقا (2)، وإن تركه
مع بقاء الشرائط إلى ذي الحجة (3)
153
فالظاهر استقرار وجوب الحج عليه (1) فإن فقد بعض الشرائط بعد ذلك
154
كما إذا تلف ماله وجب عليه الحج ولو متسكعا، وإن اعتقد كونه مستطيعا
مالا وأن ما عنده يكفيه فبان الخلاف بعد الحج ففي إجزائه عن حجة
الإسلام وعدمه وجهان (1) من فقد الشرط واقعا ومن أن القدر المسلم من
عدم إجزاء حج غير المستطيع عن حجة الإسلام غير هذه الصورة (2)، وإن
اعتقد عدم كفاية ما عنده من المال وكان في الواقع كافيا وترك الحج
فالظاهر الاستقرار عليه (3)، وإن اعتقد عدم الضرر أو عدم الحرج فحج
155
فبان الخلاف فالظاهر كفايته (1)، وإن اعتقد المانع من العدو أو الضرر أو
الحرج فترك الحج فبان الخلاف فهل يستقر عليه الحج أو لا؟ وجهان،
والأقوى عدمه (2) لأن المناط في الضرر الخوف (3) وهو حاصل إلا إذا
156
كان اعتقاده على خلاف روية العقلاء وبدون الفحص والتفتيش (1)، وإن
اعتقد عدم مانع شرعي (2) فحج فالظاهر الإجزاء (3) إذا بان الخلاف، وان
157
اعتقد وجوده فترك فبان الخلاف فالظاهر الاستقرار (1).
158
ثانيهما: إذا ترك الحج مع تحقق الشرائط متعمدا أو حج مع فقد
بعضها كذلك، أما الأول فلا إشكال في استقرار الحج عليه مع بقائها إلى
ذي الحجة (1)، وأما الثاني فإن حج مع عدم البلوغ أو مع عدم الحرية فلا
إشكال في عدم إجزائه إلا إذا بلغ أو انعتق قبل أحد الموقفين على إشكال
في البلوغ قد مر (2)، وإن حج مع عدم الاستطاعة المالية فالظاهر مسلمية
عدم الإجزاء ولا دليل عليه إلا الإجماع (3)، وإلا فالظاهر أن حجة الإسلام
159
هو الحج الأول وإذا أتى به كفى (1) ولو كان ندبا، كما إذا أتى الصبي صلاة
الظهر مستحبا بناء على شرعية عباداته فبلغ في أثناء الوقت فإن الأقوى
عدم وجوب إعادتها (2)، ودعوى أن المستحب لا يجزئ عن الواجب
ممنوعة بعد اتحاد ماهية الواجب والمستحب، نعم لو ثبت تعدد ماهية حج
المتسكع والمستطيع (3) تم ما ذكر، لا لعدم إجزاء المستحب عن الواجب
بل لتعدد الماهية، وإن حج مع عدم أمن الطريق أو مع عدم صحة البدن مع
كونه حرجا عليه أو مع ضيق الوقت كذلك فالمشهور بينهم عدم إجزائه عن
الواجب (4)،
160
وعن الدروس الإجزاء إلا إذا كان إلى حد الإضرار بالنفس (1)
162
وقارن بعض المناسك فيحتمل عدم الإجزاء، ففرق بين حج المتسكع وحج
هؤلاء (1)، وعلل الإجزاء بأن ذلك من باب تحصيل الشرط فإنه لا يجب
لكن إذا حصله وجب، وفيه أن مجرد البناء على ذلك لا يكفي في حصول
الشرط مع أن غاية الأمر حصول المقدمة التي هو المشي إلى مكة ومنى
وعرفات ومن المعلوم أن مجرد هذا لا يوجب حصول الشرط الذي هو
عدم الضرر أو عدم الحرج (2)، نعم لو كان الحرج أو الضرر في المشي
إلى الميقات فقط ولم يكونا حين الشروع في الأعمال تم ما ذكر ولا قائل
بعدم الإجزاء في هذه الصورة، هذا ومع ذلك فالأقوى ما ذكره في
الدروس، لا لما ذكره بل لأن الضرر والحرج إذا لم يصلا إلى حد الحرمة
إنما يرفعان الوجوب والإلزام لا أصل الطلب (3) فإذا تحملهما وأتى
بالمأمور به كفى.
163
[3063] مسألة 66: إذا حج مع استلزامه لترك واجب أو ارتكاب محرم لم
يجزئه عن حجة الإسلام (1) وإن اجتمع سائر الشرائط، لا لأن الأمر بالشيء
نهي عن ضده لمنعه أولا ومنع بطلان العمل بهذا النهي ثانيا لأن النهي
متعلق بأمر خارج (2)، بل لأن الأمر مشروط بعدم المانع ووجوب ذلك
الواجب مانع (3) وكذلك النهي المتعلق بذلك المحرم مانع ومعه لا أمر
بالحج،
164
نعم لو كان الحج مستقرا عليه وتوقف الإتيان به على ترك واجب أو فعل
حرام دخل في تلك المسألة وأمكن أن يقال بالاجزاء (1)، لما ذكر من منع
اقتضاء الأمر بشئ للنهي عن ضده ومنع كون النهي المتعلق بأمر خارج (2)
موجبا للبطلان.
165
[3064] مسألة 67: إذا كان في الطريق عدو لا يندفع إلا بالمال فهل يجب
بذله ويجب الحج أو لا؟ أقوال ثالثها الفرق بين المضر بحاله وعدمه (1)
فيجب في الثاني دون الأول.
[3065] مسألة 68: لو توقف الحج على قتال العدو لم يجب حتى مع ظن
الغلبة عليه والسلامة، وقد يقال بالوجوب في هذه الصورة (2).
[3066] مسألة 69: لو انحصر الطريق في البحر وجب ركوبه إلا مع خوف
الغرق أو المرض خوفا عقلائيا (3)
166
أو استلزامه الإخلال بصلاته (1) أو إيجابه لأكل النجس أو شربه (2)، ولو
حج مع هذا صح حجه لأن ذلك في المقدمة وهي المشي إلى الميقات كما
إذا ركب دابة غصبية إلى الميقات.
[3067] مسألة 70: إذا استقر عليه الحج وكان عليه خمس أو زكاة أو
غيرهما من الحقوق الواجبة وجب عليه أداؤها ولا يجوز له المشي إلى
الحج قبلها، ولو تركها عصى واما حجه فصحيح إذا كانت الحقوق في ذمته
لا في عين ماله، وكذا إذا كانت في عين ماله ولكن كان ما يصرفه في مؤونته
من المال الذي لا يكون فيه خمس أو زكاة أو غيرهما، أو كان مما تعلق به
167
الحقوق ولكن كان ثوب إحرامه وطوافه وسعيه (1) وثمن هديه من المال
الذي ليس فيه حق (2)، بل وكذا إذا كانا مما تعلق به الحق من الخمس
والزكاة إلا أنه بقي عنده مقدار ما فيه منهما بناء على ما هو الأقوى من كونها
في العين على نحو الكلي في المعين لا على وجه الإشاعة (3).
[3068] مسألة 71: يجب على المستطيع الحج مباشرة، فلا يكفيه حج غيره
عنه تبرعا أو بالإجارة إذا كان متمكنا من المباشرة بنفسه.
[3069] مسألة 72: إذا استقر الحج عليه ولم يتمكن من المباشرة لمرض لم
يرج زواله (4) أو حصر كذلك أو هرم بحيث لا يقدر أو كان حرجا عليه
168
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) (3) (4) الوسائل باب: 24 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 6 و 1 و 2 و 5.
169
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) (3) الوسائل باب: 24 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 2 و 5 و 2.
172
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 24 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 7.
175
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 24 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 2.
177
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 24 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 5.
178
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) الوسائل باب: 24 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 5.
179
فالمشهور وجوب الاستنابة عليه، بل ربما يقال بعدم الخلاف فيه وهو
الأقوى وإن كان ربما يقال بعدم الوجوب، وذلك لظهور جملة من الأخبار
في الوجوب، وأما إن كان موسرا من حيث المال ولم يتمكن من المباشرة
مع عدم استقراره عليه ففي وجوب الاستنابة وعدمه قولان لا يخلو أولهما
عن قوة، لإطلاق الأخبار المشار إليها، وهي وإن كانت مطلقة من
حيث رجاء الزوال وعدمه (1) لكن المنساق من بعضها ذلك، مضافا إلى
ظهور الإجماع على عدم الوجوب مع رجاء الزوال، والظاهر فورية
الوجوب (2) كما في صورة المباشرة، ومع بقاء العذر إلى أن مات يجزئه
حج النائب فلا يجب القضاء عنه وإن كان مستقرا عليه، وإن اتفق ارتفاع
العذر بعد ذلك فالمشهور أنه يجب عليه مباشرة وإن كان بعد إتيان النائب،
180
بل ربما يدعى عدم الخلاف فيه، لكن الأقوى عدم الوجوب (1) لأن ظاهر
الأخبار أن حج النائب هو الذي كان واجبا على المنوب عنه (2) فإذا أتى به
فقد حصل ما كان واجبا عليه ولا دليل على وجوبه مرة أخرى، بل لو قلنا
باستحباب الاستنابة فالظاهر كفاية فعل النائب بعد كون الظاهر الاستنابة
فيما كان عليه، ومعه لا وجه لدعوى أن المستحب لا يجزئ عن الواجب،
إذ ذلك فيما إذا لم يكن المستحب نفس ما كان واجبا والمفروض في
المقام أنه هو، بل يمكن أن يقال إذا ارتفع العذر في أثناء عمل النائب بأن
كان الارتفاع بعد إحرام النائب إنه يجب عليه الإتمام ويكفي عن المنوب
عنه (3)، بل يحتمل ذلك وإن كان في أثناء الطريق قبل الدخول في
181
الإحرام، ودعوى أن جواز النيابة مادامي (1) كما ترى بعد كون الاستنابة
بأمر الشارع وكون الإجارة لازمة لا دليل على انفساخها خصوصا إذا لم
يمكن إبلاغ النائب المؤجر ذلك (2)، ولا فرق فيما ذكرنا من وجوب
182
الاستنابة بين من عرضه العذر من المرض وغيره وبين من كان معذورا
خلقة (1)، والقول بعدم الوجوب في الثاني وإن قلنا بوجوبه في الأول
ضعيف (2)، وهل يختص الحكم بحجة الإسلام أو يجري في الحج النذري
والإفسادي أيضا؟ قولان، والقدر المتيقن هو الأول (3) بعد كون الحكم
على خلاف القاعدة، وإن لم يتمكن المعذور من الاستنابة ولو لعدم وجود
النائب أو وجوده مع عدم رضاه إلا بأزيد من أجرة المثل ولم يتمكن من
الزيادة أو كانت مجحفة (4) سقط الوجوب، وحينئذ فيجب القضاء عنه بعد
183
موته إن كان مستقرا عليه، ولا يجب مع عدم الاستقرار، ولو ترك الاستنابة
مع الإمكان عصى بناء على الوجوب ووجب القضاء عنه مع الاستقرار،
وهل يجب مع عدم الاستقرار أيضا أو لا؟ وجهان أقواهما نعم لأنه استقر
عليه بعد التمكن من الاستنابة، ولو استناب مع كون العذر مرجو الزوال لم
يجزئ عن حجة الإسلام فيجب عليه بعد زوال العذر، ولو استناب مع
رجاء الزوال وحصل اليأس بعد عمل النائب فالظاهر الكفاية، وعن
صاحب المدارك عدمها ووجوب الإعادة لعدم الوجوب مع عدم اليأس فلا
يجزئ عن الواجب، وهو كما ترى، والظاهر كفاية حج المتبرع عنه (1) في
184
صورة وجوب الاستنابة، وهل يكفي الاستنابة من الميقات كما هو الأقوى
في القضاء عنه بعد موته؟ وجهان، لا يبعد الجواز (1) حتى إذا أمكن ذلك
في مكة مع كون الواجب عليه هو التمتع، ولكن الأحوط خلافه لأن القدر
المتيقن من الأخبار الاستنابة من مكانه، كما أن الأحوط عدم كفاية التبرع
عنه لذلك أيضا.
[3070] مسألة 73: إذا مات من استقر عليه الحج في الطريق فإن مات بعد
الإحرام ودخول الحرم أجزأه عن حجة الإسلام فلا يجب القضاء عنه، وإن
مات قبل ذلك وجب القضاء عنه وإن كان موته بعد الإحرام على المشهور
الأقوى (2)، خلافا لما عن الشيخ وابن إدريس فقالا بالاجزاء حينئذ أيضا،
185
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) (3) الوسائل باب: 26 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 1 و 2 و 3.
186
ولا دليل لهما على ذلك إلا إشعار بعض الأخبار كصحيحة بريد العجلي
حيث قال فيها بعد الحكم بالإجزاء إذا مات في الحرم: " وإن كان مات وهو
صرورة قبل أن يحرم جعل جمله وزاده ونفقته في حجة الإسلام " فإن
مفهومه الإجزاء إذا كان بعد أن يحرم، لكنه معارض بمفهوم صدرها
وبصحيح ضريس وصحيح زرارة ومرسل المقنعة، مع أنه يمكن أن يكون
المراد من قوله: " قبل أن يحرم " قبل أن يدخل في الحرم كما يقال: " أنجد "
أي دخل في نجد و " أيمن " أي دخل اليمن، فلا ينبغي الإشكال في عدم
كفاية الدخول في الإحرام، كما لا يكفي الدخول في الحرم بدون الإحرام
كما إذا نسيه في الميقات ودخل الحرم ثم مات، لأن المنساق من اعتبار
الدخول في الحرم كونه بعد الإحرام، ولا يعتبر دخول مكة وإن كان الظاهر
من بعض الأخبار ذلك، لإطلاق البقية في كفاية دخول الحرم (1)، والظاهر
عدم الفرق بين كون الموت حال الإحرام أو بعد الإحلال كما إذا مات بين
الإحرامين، وقد يقال بعدم الفرق أيضا بين كون الموت في الحل أو الحرم
بعد كونه بعد الإحرام ودخول الحرم، وهو مشكل لظهور الأخبار في
الموت في الحرم (2)، والظاهر عدم الفرق بين حج التمتع والقران والإفراد،
188
كما أن الظاهر أنه لو مات في أثناء عمرة التمتع أجزأه عن حجه أيضا، بل لا
يبعد الإجزاء إذا مات في أثناء حج القران أو الإفراد عن عمرتهما
وبالعكس، لكنه مشكل (1) لأن الحج والعمرة فيهما عملان مستقلان
بخلاف حج التمتع فإن العمرة فيه داخلة في الحج فهما عمل واحد، ثم
الظاهر اختصاص حكم الإجزاء بحجة الإسلام (2) فلا يجري الحكم في
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 26 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 1.
189
حج النذر والإفساد إذا مات في الأثناء، بل لا يجري في العمرة المفردة
أيضا وإن احتمله بعضهم.
وهل يجري الحكم المذكور فيمن مات مع عدم استقرار الحج عليه
فيجزئه عن حجة الإسلام إذا مات بعد الاحرام ودخول الحرم ويجب
القضاء عنه إذا مات قبل ذلك؟ وجهان (1) بل قولان من إطلاق الأخبار في
190
التفصيل المذكور ومن أنه لا وجه لوجوب القضاء عمن لم يستقر عليه بعد
كشف موته عن عدم الاستطاعة الزمانية، ولذا لا يجب إذا مات في البلد
قبل الذهاب أو إذا فقد بعض الشرائط الأخر مع كونه موسرا، ومن هنا ربما
يجعل الأمر بالقضاء فيها قرينة على اختصاصها بمن استقر عليه، وربما
يحتمل اختصاصها بمن لم يستقر عليه وحمل الأمر بالقضاء على الندب،
وكلاهما مناف لإطلاقها، مع أنه على الثاني يلزم بقاء الحكم فيمن استقر
عليه بلا دليل مع أنه مسلم بينهم، والأظهر الحكم بالإطلاق إما بالتزام
وجوب القضاء في خصوص هذا المورد من الموت في الطريق كما عليه
جماعة وإن لم يجب إذا مات مع فقد سائر الشرائط أو الموت وهو في البلد
وإما بحمل الأمر بالقضاء على القدر المشترك واستفادة الوجوب فيمن
استقر عليه من الخارج، وهذا هو الأظهر (1) فالأقوى جريان الحكم
191
المذكور فيمن لم يستقر عليه أيضا فيحكم بالإجزاء إذا مات بعد الأمرين
واستحباب القضاء عنه إذا مات قبل ذلك (1).
[3071] مسألة 74: الكافر يجب عليه الحج إذا استطاع لأنه مكلف بالفروع
لشمول الخطابات له أيضا، ولكن لا يصح منه ما دام كافرا كسائر العبادات
وإن كان معتقدا لوجوبه وآتيا به على وجهه مع قصد القربة لأن الإسلام
شرط في الصحة (2)، ولو مات لا يقضى عنه لعدم كونه أهلا للإكرام
والإبراء (3)، ولو أسلم مع بقاء استطاعته وجب عليه، وكذا لو استطاع بعد
إسلامه، ولو زالت استطاعته ثم أسلم لم يجب عليه على الأقوى لأن
192
الإسلام يجب ما قبله (1)، كقضاء الصلاة والصيام حيث إنه واجب عليه
حال كفره كالأداء وإذا أسلم سقط عنه، ودعوى أنه لا يعقل الوجوب عليه
إذ لا يصح منه إذا أتى به وهو كافر (2) ويسقط عنه إذا أسلم مدفوعة بأنه
يمكن أن يكون الأمر به حال كفره أمرا تهكميا (3) ليعاقب لا حقيقيا، لكنه
193
مشكل بعد عدم إمكان إتيانه به لا كافرا ولا مسلما، والأظهر أن يقال: إنه
حال استطاعته مأمور بالإتيان به مستطيعا وإن تركه فمتسكعا (1)، وهو
ممكن في حقه لإمكان إسلامه وإتيانه مع الاستطاعة ولا معها إن ترك فحال
الاستطاعة مأمور به في ذلك الحال ومأمور على فرض تركه حالها بفعله
بعدها، وكذا يدفع الإشكال في قضاء الفوائت فيقال: إنه في الوقت مكلف
بالأداء ومع تركه بالقضاء وهو مقدور له بأن يسلم فيأتي بها أداء ومع تركها
قضاء فتوجه الأمر بالقضاء إليه إنما هو في حال الأداء على نحو الأمر
المعلق، فحاصل الإشكال أنه إذا لم يصح الإتيان به حال الكفر ولا يجب
عليه إذا أسلم فكيف يكون مكلفا بالقضاء ويعاقب على تركه!؟ وحاصل
الجواب أنه يكون مكلفا بالقضاء في وقت الأداء على نحو الوجوب
194
المعلق (1) ومع تركه الإسلام في الوقت فوت على نفسه الأداء والقضاء
فيستحق العقاب عليه، وبعبارة أخرى كان يمكنه الإتيان بالقضاء بالإسلام
في الوقت إذا ترك الأداء، وحينئذ فإذا ترك الإسلام ومات كافرا يعاقب على
مخالفة الأمر بالقضاء، وإذا أسلم يغفر له وإن خالف أيضا واستحق العقاب.
195
[3072] مسألة 75: لو أحرم الكافر ثم أسلم في الأثناء لم يكفه ووجب
عليه الإعادة من الميقات (1)، ولو لم يتمكن من العود إلى الميقات أحرم
من موضعه ولا يكفيه إدراك أحد الوقوفين مسلما لأن إحرامه باطل (2).
[3073] مسألة 76: المرتد يجب عليه الحج سواء كانت استطاعته حال
إسلامه السابق أو حال ارتداده، ولا يصح منه (3)، فإن مات قبل أن يتوب
يعاقب على تركه ولا يقضى عنه على الأقوى (4) لعدم أهليته للإكرام
وتفريغ ذمته كالكافر الأصلي، وإن تاب وجب عليه وصح منه وإن كان
196
فطريا على الأقوى من قبول توبته (1) سواء بقيت استطاعته أو زالت قبل
197
توبته، فلا تجري فيه قاعدة جب الاسلام لأنها مختصة بالكافر الأصلي
بحكم التبادر (1)، ولو أحرم في حال ردته ثم تاب وجب عليه الإعادة (2)
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 30 من أبواب أقسام الطلاق وأحكامه الحديث: 1.
(2) الوسائل باب: 1 من أبواب حد المرتد الحديث: 3.
198
كالكافر الأصلي، ولو حج في حال إسلامه ثم ارتد لم يجب عليه الإعادة
على الأقوى، ففي خبر زرارة (1) عن أبي جعفر (عليه السلام): " من كان مؤمنا فحج
ثم أصابته فتنة ثم تاب يحسب له كل عمل صالح عمله ولا يبطل منه
شئ "، وآية الحبط مختصة بمن مات على كفره بقرينة الآية الأخرى وهي
قوله تعالى: (ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت
أعمالهم) [البقرة 2: 217]، وهذه الآية دليل على قبول توبة المرتد
الفطري (2)، فما ذكره بعضهم من عدم قبولها منه لا وجه له.
[3074] مسألة 77: لو أحرم مسلما ثم ارتد ثم تاب لم يبطل إحرامه على
الأصح، كما هو كذلك لو ارتد في أثناء الغسل ثم تاب، وكذا لو ارتد في
أثناء الأذان أو الإقامة أو الوضوء ثم تاب قبل فوات المولاة، بل وكذا لو
ارتد في أثناء الصلاة ثم تاب قبل أن يأتي بشئ أو يفوت الموالاة على
الأقوى من عدم كون الهيئة الاتصالية جزءا فيها، نعم لو ارتد في أثناء
الصوم بطل (3) وإن تاب بلا فصل.
[3075] مسألة 78: إذا حج المخالف ثم استبصر لا يجب عليه الإعادة
199
بشرط أن يكون صحيحا في مذهبه (1) وإن لم يكن صحيحا في مذهبنا من
غير فرق بين الفرق لإطلاق الأخبار، وما دل على الإعادة من الأخبار
محمول على الاستحباب بقرينة بعضها الآخر من حيث التعبير بقوله (عليه السلام):
" يقضي أحب إلى " وقوله (عليه السلام): " والحج أحب إلى ".
[3076] مسألة 79: لا يشترط إذن الزوج للزوجة في الحج إذا كانت
مستطيعة ولا يجوز له منعها منه، وكذا في الحج الواجب بالنذر (2) ونحوه
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) الوسائل باب: 20 من أبواب المهور الحديث: 6.
200
إذا كان مضيقا، وأما في الحج المندوب فيشترط إذنه (1)، وكذا في الواجب
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 79 من أبواب مقدمة النكاح وآدابه الحديث: 1.
201
الموسع قبل تضيقه على الأقوى (1)، بل في حجة الإسلام يجوز له منعها
من الخروج مع أول الرفقة مع وجود الرفقة الأخرى قبل تضيق الوقت،
والمطلقة الرجعية كالزوجة في اشتراط إذن الزوج ما دامت في العدة
بخلاف البائنة لانقطاع عصمتها منه، وكذا المعتدة للوفاة فيجوز لها الحج
واجبا كان أو مندوبا، والظاهر أن المنقطعة كالدائمة في اشتراط الإذن، ولا
فرق في اشتراط الإذن بين أن يكون ممنوعا من الاستمتاع بها لمرض أو
سفر أو لا.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 59 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 1.
202
[3077] مسألة 80: لا يشترط وجود المحرم في حج المرأة إذا كانت
مأمونة على نفسها وبضعها كما دلت عليه جملة من الأخبار، ولا فرق بين
كونها ذات بعل أو لا، ومع عدم أمنها يجب عليها استصحاب المحرم ولو
بالأجرة مع تمكنها منها، ومع عدمه لا تكون مستطيعة، وهل يجب عليها
التزويج تحصيلا للمحرم؟ وجهان (1) ولو كانت ذات زوج وادعى عدم
الأمن عليها وأنكرت قدم قولها مع عدم البينة أو القرائن الشاهدة (2)،
203
والظاهر عدم استحقاقه اليمين عليها (1) إلا أن ترجع الدعوى إلى ثبوت
حق الاستمتاع له عليها بدعوى أن حجها حينئذ مفوت لحقه مع عدم
وجوبه عليها فحينئذ عليها اليمين على نفي الخوف (2)، وهل للزوج مع
هذه الحالة منعها عن الحج باطنا إذا أمكنه ذلك؟ وجهان (3) في صورة
205
عدم تحليفها، وأما معه فالظاهر سقوط حقه (1)، ولو حجت بلا محرم مع
عدم الأمن صح حجها إن حصل الأمن قبل الشروع في الإحرام، وإلا ففي
الصحة إشكال وإن كان الأقوى الصحة (2).
[3078] مسألة 81: إذا استقر عليه الحج بأن استكملت الشرائط وأهمل
حتى زالت أو زال بعضها صار دينا عليه ووجب الإتيان به بأي وجه
تمكن (3) وإن مات فيجب أن يقضى عنه إن كانت له تركة، ويصح التبرع
عنه، واختلفوا فيما به يتحقق الاستقرار على أقوال: فالمشهور مضي زمان
يمكن فيه الإتيان بجميع أفعاله مستجمعا للشرائط وهو إلى اليوم الثاني
206
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 7 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 1.
207
عشر من ذي الحجة، وقيل باعتبار مضي زمان يمكن فيه الإتيان بالأركان
جامعا للشرائط فيكفي بقاؤها إلى مضي جزء من يوم النحر يمكن فيه
الطوافان والسعي، وربما يقال باعتبار بقائها إلى عود الرفقة، وقد يحتمل
كفاية بقائها إلى زمان يمكن فيه الإحرام ودخول الحرم، وقد يقال بكفاية
وجودها حين خروج الرفقة فلو أهمل استقر عليه وإن فقدت بعض ذلك
لأنه كان مأمورا بالخروج معهم، والأقوى اعتبار بقائها إلى زمان يمكن فيه
العود إلى وطنه (1) بالنسبة إلى الاستطاعة المالية والبدنية والسربية، وأما
بالنسبة إلى مثل العقل فيكفي بقاؤه إلى آخر الأعمال، وذلك لأن فقد بعض
هذه الشرائط يكشف عن عدم الوجوب عليه واقعا وأن وجوب الخروج مع
الرفقة كان ظاهريا، ولذا لو علم من الأول أن الشرائط لا تبقى إلى الآخر لم
يجب عليه،
208
نعم لو فرض تحقق الموت بعد تمام الأعمال كفى بقاء تلك الشرائط إلى
آخر الأعمال لعدم الحاجة حينئذ إلى نفقة العود والرجوع إلى كفاية وتخلية
السرب ونحوها، ولو علم من الأول بأنه يموت بعد ذلك فإن كان قبل تمام
الأعمال لم يجب عليه المشي، وإن كان بعده وجب عليه، هذا إذا لم يكن
فقد الشرائط مستندا إلى ترك المشي، وإلا استقر عليه كما إذا علم
أنه لو مشى إلى الحج لم يمت أو لم يقتل أو لم يسرق ماله مثلا فإنه حينئذ
يستقر عليه الوجوب لأنه بمنزلة تفويت الشرائط على نفسه، وأما لو شك
209
في أن الفقد مستند إلى ترك المشي أو لا فالظاهر عدم الاستقرار (1) للشك
في تحقق الوجوب وعدمه واقعا، هذا بالنسبة إلى استقرار الحج لو تركه،
وأما لو كان واجدا للشرائط حين المسير فسار ثم زال بعض الشرائط في
الأثناء فأتم الحج على ذلك الحال كفى حجه عن حجة الإسلام (2) إذا لم
يكن المفقود مثل العقل بل كان هو الاستطاعة البدنية أو المالية أو السربية
ونحوها على الأقوى.
210
[3079] مسألة 82: إذا استقر عليه العمرة فقط أو الحج فقط كما فيمن
وظيفته حج الإفراد والقران ثم زالت استطاعته فكما مر يجب عليه أيضا
بأي وجه تمكن (1)، وإن مات يقضى عنه.
[3080] مسألة 83: تقضى حجة الإسلام من أصل التركة إذا لم يوص بها
سواء كانت حج التمتع أو القران أو الإفراد (2)، وكذا إذا كان عليه
212
عمرتها (1)، وإن أوصى بها من غير تعيين كونها من الأصل أو الثلث
فكذلك أيضا (2)، وأما إن أوصى بإخراجها من الثلث وجب إخراجها منه
وتقدم على الوصايا المستحبة وإن كانت متأخرة عنها في الذكر (3)،
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 25 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 1.
(2) (3) الوسائل باب: 30 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 1.
213
وإن لم يف الثلث بها أخذت البقية من الأصل، والأقوى أن حج النذر أيضا
كذلك (1) بمعنى أنه يخرج من الأصل كما سيأتي الإشارة إليه، ولو كان
عليه دين أو خمس أو زكاة وقصرت التركة فإن كان المال المتعلق به
الخمس أو الزكاة موجودا قدم لتعلقهما بالعين فلا يجوز صرفه في غيرهما،
وإن كانا في الذمة فالأقوى أن التركة توزع على الجميع بالنسبة كما في
غرماء المفلس، وقد يقال يقدم الحج على غيره (2) وإن كان دين الناس
215
لخبر معاوية بن عمار الدال على تقديمه على الزكاة ونحوه خبر آخر،
لكنهما موهونان بإعراض الأصحاب (1) مع أنهما في خصوص الزكاة،
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 21 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 2.
216
وربما يحتمل تقديم دين الناس (1) لأهميته (2)، والأقوى ما ذكر من
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 26 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 2.
217
التحصيص (1)، وحينئذ فإن وفت حصة الحج به فهو، وإلا فإن لم تف إلا
ببعض الأفعال كالطواف فقط أو هو مع السعي فالظاهر سقوطه وصرف
حصته في الدين أو الخمس أو الزكاة، ومع وجود الجميع توزع عليها، وإن
وفت بالحج فقط أو العمرة فقط ففي مثل حج القران والإفراد تصرف فيهما
مخيرا بينهما، والأحوط تقديم الحج (2)، وفي حج التمتع الأقوى السقوط
وصرفها في الدين وغيره، وربما يحتمل فيه أيضا التخيير أو ترجيح الحج
لأهميته أو العمرة لتقدمها، لكن لا وجه لها بعد كونهما في التمتع عملا
218
واحدا، وقاعدة الميسور لا جابر لها في المقام (1).
[3081] مسألة 84: لا يجوز للورثة التصرف في التركة قبل استئجار الحج
إذا كان مصرفه مستغرقا لها بل مطلقا على الأحوط (2) إلا إذا كانت واسعة
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 29 من أبواب كتاب الوصايا الحديث: 2.
219
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 26 من أبواب كتاب الوصايا الحديث: 3.
220
جدا (1) فلهم التصرف في بعضها حينئذ مع البناء على إخراج الحج من
بعضها الآخر كما في الدين، فحاله حال الدين.
[3082] مسألة 85: إذا أقر بعض الورثة بوجوب الحج على المورث
وأنكره الآخرون لم يجب عليه إلا دفع ما يخص حصته بعد التوزيع (2)،
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 29 من أبواب كتاب الوصايا الحديث: 2.
221
وإن لم يف ذلك بالحج (1) لا يجب عليه تتميمه من حصته، كما إذا أقر
بدين وأنكره غيره من الورثة فإنه لا يجب عليه دفع الأزيد، فمسألة الإقرار
بالحج أو الدين مع إنكار الآخرين نظير مسألة الإقرار بالنسب (2) حيث إنه
224
إذا أقر أحد الأخوين بأخ آخر وأنكره الآخر لا يجب عليه إلا دفع الزائد عن
حصته فيكفي دفع ثلث ما في يده ولا ينزل إقراره على الإشاعة على
خلاف القاعدة للنص (1).
[3083] مسألة 86: إذا كان على الميت الحج ولم تكن تركته وافية به ولم
يكن دين فالظاهر كونها للورثة ولا يجب صرفها في وجوه البر عن الميت،
لكن الأحوط التصدق عنه (2)، للخبر عن الصادق (عليه السلام): " عن رجل مات
وأوصى بتركته أن أحج بها فنظرت في ذلك فلم يكفه للحج فسألت من
عندنا من الفقهاء فقالوا: تصدق بها، فقال (عليه السلام): ما صنعت بها؟ قلت:
225
تصدقت بها; فقال (عليه السلام): ضمنت إلا أن لا يكون يبلغ ما يحج به من مكة، فإن
كان لا يبلغ ما يحج به من مكة فليس عليك ضمان " نعم لو احتمل كفايتها
للحج بعد ذلك أو وجود متبرع بدفع التتمة لمصرف الحج وجب
إبقاؤها (1).
226
[3084] مسألة 87: إذا تبرع متبرع بالحج عن الميت رجعت أجرة
الاستئجار إلى الورثة سواء عينها الميت أو لا (1)، والأحوط صرفها في
227
وجوه البر أو التصدق عنه خصوصا فيما إذا عينها الميت للخبر المتقدم.
[3085] مسألة 88: هل الواجب الاستئجار عن الميت من الميقات أو
البلد؟ المشهور وجوبه من أقرب المواقيت إلى مكة إن أمكن، وإلا فمن
الأقرب إليه فالأقرب، وذهب جماعة إلى وجوبه من البلد مع سعة المال
وإلا فمن الأقرب إليه فالأقرب، وربما يحتمل قول ثالث وهو الوجوب من
البلد مع سعة المال وإلا فمن الميقات وإن أمكن من الأقرب إلى البلد
فالأقرب، والأقوى هو القول الأول (1) وإن كان الأحوط القول الثاني لكن
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 13 من أبواب النيابة في الحج الحديث: 1.
228
لا يحسب الزائد عن أجرة الميقاتية على الصغار من الورثة، ولو أوصى
بالاستئجار من البلد وجب ويحسب الزائد عن أجرة الميقاتية من
الثلث (1)،
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) الوسائل باب: 2 من أبواب النيابة في الحج الحديث: 2 و 1.
(3) الوسائل باب: 25 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 1.
229
ولو أوصى ولم يعين شيئا كفت الميقاتية (1) إلا إذا كان هناك انصراف إلى
البلدية أو كانت قرينة على إرادتها كما إذا عين مقدارا يناسب البلدية.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) الوسائل باب: 25 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 2 و 4.
230
[3086] مسألة 89: لو لم يمكن الاستئجار إلا من البلد وجب وكان جميع
المصرف من الأصل (1).
[3087] مسألة 90: إذا أوصى بالبلدية أو قلنا بوجوبها مطلقا فخولف
واستؤجر من الميقات أو تبرع عنه متبرع منه برأت ذمته وسقط الوجوب
من البلد (2)، وكذا لو لم يسع المال إلا من الميقات.
231
[3088] مسألة 91: الظاهر أن المراد من البلد (1) هو البلد الذي مات
فيه (2)، كما يشعر به خبر زكريا بن آدم - رحمهما الله -: " سألت أبا
الحسن (عليه السلام) عن رجل مات وأوصى بحجة أيجزئه أن يحج عنه من غير البلد
الذي مات فيه؟ فقال (عليه السلام): ما كان دون الميقات فلا بأس به " مع أنه آخر
مكان كان مكلفا فيه بالحج، وربما يقال: إنه بلد الاستيطان لأنه المنساق من
النص والفتوى، وهو كما ترى، وقد يحتمل البلد الذي صار مستطيعا فيه،
ويحتمل التخيير بين البلدان التي كان فيها بعد الاستطاعة، والأقوى ما ذكرنا
232
وفاقا لسيد المدارك (قدس سره) ونسبه إلى ابن إدريس (رحمه الله) أيضا، وإن كان الاحتمال
الأخير وهو التخيير قويا جدا.
[3089] مسألة 92: لو عين بلدة غير بلده كما لو قال: استأجروا من النجف
أو من كربلاء; تعين (1).
[3090] مسألة 93: على المختار من كفاية الميقاتية لا يلزم أن يكون
من الميقات أو الأقرب إليه فالأقرب بل يكفي كل بلد دون الميقات،
لكن الأجرة الزائدة على الميقات مع إمكان الاستئجار منه لا يخرج
233
من الأصل (1) ولا من الثلث (2) إذا لم يوص بالاستئجار من ذلك البلد إلا
إذا أوصى بإخراج الثلث من دون أن يعين مصرفه ومن دون أن يزاحم
واجبا ماليا (3) عليه.
[3091] مسألة 94: إذا لم يمكن الاستئجار من الميقات وأمكن من البلد
وجب (4) وإن كان عليه دين الناس أو الخمس أو الزكاة، فيزاحم الدين إن
لم تف التركة بهما بمعنى أنها توزع عليهما بالنسبة (5).
[3092] مسألة 95: إذا لم تف التركة بالاستئجار من الميقات لكن أمكن
الاستئجار من الميقات الاضطراري كمكة أو أدنى الحل وجب (6)، نعم لو
دار الأمر بين الاستئجار من البلد أو الميقات الاضطراري قدم الاستئجار
من البلد، ويخرج من أصل التركة لأنه لا اضطرار للميت مع سعة ماله.
234
[3093] مسألة 96: بناء على المختار من كفاية الميقاتية لا فرق بين
الاستئجار عنه وهو حي أو ميت (1)، فيجوز لمن هو معذور بعذر لا يرجى
زواله أن يجهز رجلا من الميقات كما ذكرنا سابقا أيضا، فلا يلزم أن
235
يستأجر من بلده على الأقوى، وإن كان الأحوط ذلك.
[3094] مسألة 97: الظاهر وجوب المبادرة إلى الاستئجار في سنة
الموت (1) خصوصا إذا كان الفوت عن تقصير من الميت، وحينئذ فلو لم
يمكن إلا من البلد وجب وخرج من الأصل، ولا يجوز التأخير إلى السنة
الأخرى ولو مع العلم بإمكان الاستئجار من الميقات توفيرا على الورثة،
كما أنه لو لم يمكن من الميقات إلا بأزيد من الأجرة المتعارفة في سنة
الموت وجب ولا يجوز التأخير إلى السنة الأخرى توفيرا عليهم.
[3095] مسألة 98: إذا أهمل الوصي أو الوارث الاستئجار فتلفت التركة أو
نقصت قيمتها فلم تف بالاستئجار ضمن (2)، كما أنه لو كان على الميت
236
دين وكانت التركة وافية وتلفت بالإهمال ضمن.
[3096] مسألة 99: على القول بوجوب البلدية وكون المراد بالبلد الوطن
إذا كان له وطنان الظاهر وجوب اختيار الأقرب إلى مكة (1) إلا مع رضا
الورثة بالاستئجار من الأبعد، نعم مع عدم تفاوت الأجرة الحكم التخيير.
[3097] مسألة 100: بناء على البلدية الظاهر عدم الفرق بين أقسام الحج
الواجب فلا اختصاص بحجة الإسلام، فلو كان عليه حج نذري لم يقيد
بالبلد ولا بالميقات يجب الاستئجار من البلد (2) بل وكذا لو أوصى بالحج
ندبا اللازم الاستئجار من البلد (3) إذا خرج من الثلث.
[3098] مسألة 101: إذا اختلف تقليد الميت والوارث في اعتبار البلدية أو
237
الميقاتية فالمدار على تقليد الميت (1)، وإذا علم أن الميت لم يكن مقلدا
238
في هذه المسألة فهل المدار على تقليد الوارث (1) أو الوصي (2)
239
أو العمل على طبق فتوى المجتهد الذي كان يجب عليه تقليده إن كان
متعينا والتخيير مع تعدد المجتهدين ومساواتهم؟ وجوه (1)، وعلى الأول
فمع اختلاف الورثة في التقليد يعمل كل على تقليده، فمن يعتقد البلدية
يؤخذ من حصته بمقدارها بالنسبة فيستأجر مع الوفاء بالبلدية بالأقرب
فالأقرب إلى البلد، ويحتمل الرجوع إلى الحاكم (2) لرفع النزاع فيحكم
بمقتضى مذهبه نظير ما إذا اختلف الولد الأكبر مع الورثة في الحبوة، وإذا
241
اختلف تقليد الميت والوارث في أصل وجوب الحج عليه وعدمه بأن
يكون الميت مقلدا لمن يقول بعدم اشتراط الرجوع إلى كفاية فكان يجب
عليه الحج والوارث مقلدا لمن يشترط ذلك فلم يكن واجبا عليه أو
بالعكس فالمدار على تقليد الميت (1).
[3099] مسألة 102: الأحوط في صورة تعدد من يمكن استئجاره استئجار
من أقلهم أجرة مع إحراز صحة عمله مع عدم رضا الورثة أو وجود قاصر
فيهم سواء قلنا بالبلدية أو الميقاتية، وإن كان لا يبعد جواز استئجار
المناسب لحال الميت (2) من حيث الفضل والأوثقية مع عدم قبوله إلا
243
بالأزيد وخروجه من الأصل، كما لا يبعد عدم وجوب المبالغة في الفحص
عن أقلهم أجرة وإن كانت أحوط.
[3100] مسألة 103: قد عرفت أن الأقوى كفاية الميقاتية، لكن الأحوط
الاستئجار من البلد بالنسبة إلى الكبار (1) من الورثة بمعنى عدم احتساب
الزائد عن أجرة الميقاتية على القصر إن كان فيهم قاصر.
[3101] مسألة 104: إذا علم أنه كان مقلدا ولكن لم يعلم فتوى مجتهده في
هذه المسألة فهل يجب الاحتياط (2) أو المدار على تقليد الوصي (3)
244
أو الوارث (1)؟ وجهان (2) أيضا.
[3102] مسألة 105: إذا علم استطاعة الميت مالا ولم يعلم تحقق سائر
الشرائط في حقه فلا يجب القضاء عنه (3)، لعدم العلم بوجوب الحج عليه
لاحتمال فقد بعض الشرائط.
245
[3103] مسألة 106: إذا علم استقرار الحج عليه ولم يعلم أنه أتى به أم لا
فالظاهر وجوب القضاء عنه لأصالة بقائه في ذمته، ويحتمل عدم وجوبه
عملا بظاهر حال المسلم (1) وأنه لا يترك ما وجب عليه فورا، وكذا الكلام
246
إذا علم أنه تعلق به خمس أو زكاة أو قضاء صلوات أو صيام ولم يعلم أنه
أداها أو لا (1).
[3104] مسألة 107: لا يكفي الاستئجار في براءة ذمة الميت والوارث بل
يتوقف على الأداء، ولو علم أن الأجير لم يؤد وجب الاستئجار ثانيا،
ويخرج من الأصل (2) ان لم يمكن استرداد الأجرة من الأجير.
247
[3105] مسألة 108: إذا استأجر الوصي أو الوارث من البلد غفلة عن كفاية
الميقاتية ضمن ما زاد عن أجرة الميقاتية (1) للورثة أو لبقيتهم.
[3106] مسألة 109: إذا لم يكن للميت تركة وكان عليه الحج لم يجب على
الورثة شئ (2) وإن كان يستحب على وليه، بل قد يقال بوجوبه للأمر به
في بعض الأخبار.
248
[3107] مسألة 110: من استقر عليه الحج وتمكن من أدائه ليس له أن يحج
عن غيره تبرعا أو بإجارة، وكذا ليس له أن يحج تطوعا، ولو خالف
فالمشهور البطلان بل ادعى بعضهم عدم الخلاف فيه وبعضهم الإجماع
عليه، ولكن عن سيد المدارك التردد في البطلان، ومقتضى القاعدة الصحة
وإن كان عاصيا في ترك ما وجب عليه كما في مسألة الصلاة مع فورية
وجوب إزالة النجاسة عن المسجد، إذ لا وجه للبطلان إلا دعوى أن الأمر
بالشئ نهي عن ضده، وهي محل منع، وعلى تقديره لا يقتضي البطلان
لأنه نهي تبعي، ودعوى أنه يكفي في عدم الصحة عدم الأمر مدفوعة
بكفاية المحبوبية في حد نفسه في الصحة (1) كما في مسألة ترك الأهم
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 26 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 1.
249
والإتيان بغير الأهم من الواجبين المتزاحمين أو دعوى أن الزمان مختص
بحجته عن نفسه فلا يقبل لغيره، وهي أيضا مدفوعة بالمنع إذ مجرد الفورية
لا يوجب الاختصاص، فليس المقام من قبيل شهر رمضان حيث إنه غير
قابل لصوم آخر (1)، وربما يتمسك للبطلان في المقام بخبر سعد بن أبي
خلف عن أبي الحسن موسى (عليه السلام): عن الرجل الصرورة يحج عن الميت،
قال (عليه السلام): " نعم إذا لم يجد الصرورة ما يحج به عن نفسه، فإن كان له ما يحج
به عن نفسه فليس يجزئ عنه حتى يحج من ماله، وهي تجزئ عن الميت
إن كان للصرورة مال وإن لم يكن له مال " وقريب منه صحيح سعيد الأعرج
عن أبي عبد الله (عليه السلام)، وهما كما ترى بالدلالة على الصحة أولى فإن غاية ما
يدلان عليه أنه لا يجوز له ترك حج نفسه وإتيانه عن غيره وأما عدم الصحة
فلا (2)،
251
نعم يستفاد منهما عدم إجزائه عن نفسه فتردد صاحب المدارك في محله،
بل لا يبعد الفتوى بالصحة لكن لا يترك الاحتياط، هذا كله لو تمكن من
حج نفسه، وأما إذا لم يتمكن فلا إشكال في الجواز والصحة عن غيره، بل
لا ينبغي الإشكال في الصحة إذا كان لا يعلم بوجوب الحج عليه لعدم علمه
باستطاعته مالا أو لا يعلم بفورية وجوب الحج عن نفسه (1)
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 5 من أبواب النيابة في الحج الحديث: 1.
(2) المصدر السابق.
252
فحج عن غيره أو تطوعا، ثم على فرض صحة الحج عن الغير ولو مع
التمكن والعلم بوجوب الفورية لو آجر نفسه لذلك فهل الإجارة أيضا
صحيحة أو باطلة مع كون حجه صحيحا عن الغير؟ الظاهر بطلانها (1)،
وذلك لعدم قدرته شرعا على العمل المستأجر عليه لأن المفروض وجوبه
عن نفسه فورا، وكونه صحيحا على تقدير المخالفة لا ينفع في صحة
الإجارة، خصوصا على القول بأن الأمر بالشئ نهي عن ضده، لأن الله إذا
حرم شيئا حرم ثمنه وإن كانت الحرمة تبعية،
253
فإن قلت: ما الفرق بين المقام وبين المخالفة للشرط في ضمن العقد؟ مع
قولكم بالصحة هناك كما إذا باعه عبدا وشرط عليه أن يعتقه فباعه حيث
تقولون بصحة البيع ويكون للبائع خيار تخلف الشرط. قلت: الفرق أن في
ذلك المقام المعاملة على تقدير صحتها مفوتة لوجوب العمل بالشرط، فلا
يكون العتق واجبا بعد البيع لعدم كونه مملوكا له، بخلاف المقام حيث إنا
لو قلنا بصحة الإجارة لا يسقط وجوب الحج عن نفسه فورا فيلزم اجتماع
أمرين متنافيين فعلا فلا يمكن أن تكون الإجارة صحيحة وإن قلنا إن النهي
التبعي لا يوجب البطلان، فالبطلان من جهة عدم القدرة على العمل لا
لأجل النهي عن الإجارة، نعم لو لم يكن متمكنا من الحج عن نفسه يجوز
له أن يؤجر نفسه للحج عن غيره، وإن تمكن بعد الإجارة عن الحج (1)
عن نفسه لا تبطل إجارته بل لا يبعد صحتها لو لم يعلم باستطاعته
254
أو لم يعلم بفورية الحج (1) عن نفسه فآجر نفسه للنيابة ولم يتذكر إلى أن
فات محل استدارك الحج عن نفسه كما بعد الفراغ أو في أثناء الأعمال. ثم
لا إشكال في أن حجه عن الغير لا يكفيه عن نفسه بل إما باطل كما عن
المشهور أو صحيح عمن نوى عنه كما قويناه، وكذا لو حج تطوعا لا يجزئه
عن حجة الاسلام (2) في الصورة المفروضة بل إما باطل أو صحيح ويبقى
عليه حجة الإسلام، فما عن الشيخ من أنه يقع عن حجة الإسلام لا وجه له،
إذ الانقلاب القهري لا دليل عليه، ودعوى أن حقيقة الحج واحدة
والمفروض إتيانه بقصد القربة فهو منطبق على ما عليه من حجة الإسلام
مدفوعة بأن وحدة الحقيقة لا تجدي بعد كون المطلوب هو الإتيان
255
بقصد ما عليه، وليس المقام من باب التداخل بالإجماع، كيف وإلا لزم
كفاية الحج عن الغير أيضا عن حجة الإسلام، بل لابد من تعدد الامتثال مع
تعدد الأمر وجوبا وندبا أو مع تعدد الواجبين، وكذا ليس المراد من حجة
الإسلام الحج الأول بأي عنوان كان كما في صلاة التحية وصوم الاعتكاف،
فلا وجه لما قاله الشيخ (قدس سره) أصلا، نعم لو نوى الأمر المتوجه إليه فعلا وتخيل
أنه أمر ندبي غفلة عن كونه مستطيعا أمكن القول بكفايته عن حجة الإسلام
لكنه خارج عما قاله الشيخ، ثم إذا كان الواجب عليه حجا نذريا أو غيره
وكان وجوبه فوريا فحاله ما ذكرنا في حجة الإسلام من عدم جواز حج
غيره وأنه لو حج صح أولا وغير ذلك من التفاصيل المذكورة بحسب
القاعدة.
256
فصل
في الحج الواجب بالنذر والعهد واليمين
ويشترط في انعقادها البلوغ والعقل والقصد والاختيار، فلا تنعقد من
الصبي وإن بلغ عشرا وقلنا بصحة عباداته وشرعيتها، لرفع قلم الوجوب
عنه، وكذا لا تصح من المجنون والغافل والساهي والسكران والمكره،
والأقوى صحتها من الكافر وفاقا للمشهور في اليمين خلافا لبعض وخلافا
للمشهور في النذر وفاقا لبعض، وذكروا في وجه الفرق عدم اعتبار قصد
القربة في اليمين واعتباره في النذر ولا تتحقق القربة في الكافر،
وفيه أولا أن القربة لا تعتبر في النذر بل هو مكروه وإنما تعتبر في
متعلقه حيث إن اللازم كونه راجحا شرعا، وثانيا أن متعلق اليمين
أيضا قد يكون من العبادات، وثالثا أنه يمكن قصد القربة من الكافر أيضا،
ودعوى عدم إمكان إتيانه للعبادات لاشتراطها بالإسلام (1)، مدفوعة
بإمكان إسلامه ثم إتيانه فهو مقدور لمقدورية مقدمته فيجب عليه حال كفره
كسائر الواجبات ويعاقب على مخالفته ويترتب عليها وجوب الكفارة
فيعاقب على تركها أيضا، وإن أسلم صح إن أتى به ويجب عليه الكفارة
لو خالف ولا يجري فيه قاعدة جب الإسلام لانصرافها عن المقام (2)،
258
نعم لو خالف وهو كافر وتعلق به الكفارة فأسلم لا يبعد دعوى سقوطها
عنه كما قيل.
[3108] مسألة 1: ذهب جماعة (1) إلى أنه يشترط في انعقاد اليمين من
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 5 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 1.
259
المملوك إذن المولى، وفي انعقاده من الزوجة إذن الزوج، وفي انعقاده من
الولد إذن الوالد، لقوله (عليه السلام): " لا يمين للولد مع والده ولا للزوجة مع زوجها
ولا للمملوك مع مولاه " فلو حلف أحد هؤلاء بدون الإذن لم ينعقد،
وظاهرهم اعتبار الإذن السابق فلا تكفي الإجازة بعده (1)
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 5 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 1.
260
مع أنه من الإيقاعات، وادعي الاتفاق على عدم جريان الفضولية فيها وإن
كان يمكن دعوى أن القدر المتيقن من الاتفاق ما إذا وقع الإيقاع على مال
الغير مثل الطلاق والعتق ونحوهما لا مثل المقام مما كان في مال نفسه غاية
الأمر اعتبار رضا الغير فيه ولا فرق فيه بين الرضا السابق واللاحق خصوصا
إذا قلنا إن الفضولي على القاعدة.
وذهب جماعة إلى أنه لا يشترط الإذن في الانعقاد لكن للمذكورين
حل يمين الجماعة إذا لم يكن مسبوقا بنهي أو إذن، بدعوى أن المنساق من
الخبر المذكور ونحوه أنه ليس للجماعة المذكورة يمين مع معارضة
المولى أو الأب أو الزوج ولازمه جواز حلهم له وعدم وجوب العمل به مع
عدم رضاهم به، وعلى هذا فمع النهي السابق لا ينعقد ومع الإذن يلزم ومع
عدمهما ينعقد ولهم حله.
ولا يبعد قوة هذا القول (1)، مع أن المقدر (2) كما يمكن أن يكون
هو الوجود يمكن أن يكون هو المنع والمعارضة أي لا يمين مع منع
262
المولى مثلا، فمع عدم الظهور في الثاني لا أقل من الإجمال والقدر المتيقن
هو عدم الصحة مع المعارضة والنهي بعد كون مقتضى العمومات الصحة
واللزوم.
ثم ان جواز الحل أو التوقف على الإذن ليس في اليمين بما هو يمين
مطلقا كما هو ظاهر كلماتهم بل إنما هو فيما كان المتعلق منافيا لحق المولى
أو الزوج وكان مما يجب فيه طاعة الوالد إذا أمر أو نهى (1)، وأما ما لم
يكن كذلك فلا، كما إذا حلف المملوك أن يحج إذا أعتقه المولى أو حلفت
الزوجة أن تحج إذا مات زوجها أو طلقها أو حلفا أن يصليا صلاة الليل مع
عدم كونها منافية لحق المولى أو حق الاستمتاع من الزوجة أو حلف الولد
أن يقرأ كل يوم جزءا من القرآن أو نحو ذلك مما لا يجب طاعتهم فيها
للمذكورين فلا مانع من انعقاده، وهذا هو المنساق من الأخبار (2) فلو
263
حلف الولد أن يحج إذا استصحبه الوالد إلى مكة مثلا لا مانع من
انعقاده (1) وهكذا بالنسبة إلى المملوك والزوجة، فالمراد من الأخبار أنه
ليس لهم أن يوجبوا على أنفسهم باليمين ما يكون منافيا لحق المذكورين،
ولذا استثنى بعضهم الحلف على فعل الواجب أو ترك القبيح (2) وحكم
بالانعقاد فيهما، ولو كان المراد اليمين بما هو يمين لم يكن وجه لهذا
الاستثناء.
هذا كله في اليمين وأما النذر فالمشهور بينهم أنه كاليمين في
المملوك والزوجة، وألحق بعضهم بهما الولد أيضا، وهو مشكل لعدم
الدليل عليه (3) خصوصا في الولد إلا القياس على اليمين بدعوى تنقيح
المناط وهو ممنوع، أو بدعوى أن المراد من اليمين في الأخبار ما يشمل
النذر لإطلاقه عليه في جملة من الأخبار منها خبران في كلام الإمام (عليه السلام)
ومنها أخبار في كلام الراوي وتقرير الإمام (عليه السلام) له، وهو أيضا كما ترى،
264
فالأقوى في الولد عدم الإلحاق، نعم في الزوجة والمملوك لا يبعد الإلحاق
باليمين (1) لخبر قرب الإسناد عن جعفر (عليه السلام) عن أبيه (عليه السلام): " أن عليا (عليه السلام) كان
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) الوسائل باب: 15 من أبواب النذر والعهد الحديث: 2 و 1.
265
يقول: ليس على المملوك نذر إلا بإذن مولاه " وصحيح ابن سنان عن
الصادق (عليه السلام): " ليس للمرأة مع زوجها أمر في عتق ولا صدقة ولا تدبير ولا
هبة ولا نذر في مالها إلا بإذن زوجها إلا في حج أو زكاة أو بر والديها أو
صلة قرابتها " وضعف الأول منجبر بالشهرة (1)، واشتمال الثاني على ما لا
نقول به لا يضر.
ثم هل الزوجة تشمل المنقطعة أو لا؟ وجهان (2)، وهل الولد يشمل
ولد الولد أو لا؟ كذلك وجهان.
266
والأمة المزوجة عليها الاستئذان من الزوج والمولى بناءا على اعتبار
الإذن (1).
وإذا أذن المولى للمملوك أن يحلف أو ينذر الحج لا يجب عليه
إعطاء ما زاد عن نفقته الواجبة عليه من مصارف الحج، وهل عليه تخلية
سبيله لتحصيلها أو لا؟ وجهان (2).
ثم على القول بأن لهم الحل هل يجوز مع حلف الجماعة التماس
المذكورين في حل حلفهم أم لا؟ وجهان (3).
[3109] مسألة 2: إذا كان الوالد كافرا ففي شمول الحكم له وجهان،
أوجههما العدم للانصراف (4)
267
ونفي السبيل (1).
[3110] مسألة 3: هل المملوك المبعض حكمه حكم القن أو لا؟
وجهان (2)، لا يبعد الشمول، ويحتمل عدم توقف حلفه على الإذن في
نوبته في صورة المهاياة خصوصا إذا كان وقوع المتعلق في نوبته.
[3111] مسألة 4: الظاهر عدم الفرق في الولد بين الذكر والأنثى، وكذا
في المملوك والمالك (3)، لكن لا تلحق الأم بالأب.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) النساء، آية: 11.
268
[3112] مسألة 5: إذا نذر أو حلف المملوك بإذن المالك ثم انتقل إلى
غيره بالإرث أو البيع أو نحوه بقي على لزومه (1).
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 15 من أبواب النذر والعهد الحديث: 2.
(2) الوسائل باب: 5 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 1.
269
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 59 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 7.
270
[3113] مسألة 6: لو نذرت المرأة أو حلفت حال عدم الزوجية ثم
تزوجت وجب عليها العمل به وإن كان منافيا للاستمتاع بها (1)،
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 38 من أبواب المهور الحديث: 1.
(2) الوسائل باب: 17 من أبواب كتاب الوقوف والصدقات الحديث: 1.
271
وليس للزوج منعها من ذلك الفعل كالحج ونحوه، بل وكذا لو نذرت أنها لو
تزوجت بزيد مثلا صامت كل خميس وكان المفروض أن زيدا أيضا حلف
أن يواقعها كل خميس إذا تزوجها فإن حلفها أو نذرها مقدم على حلفه (1)
272
وإن كان متأخرا في الإيقاع لأن حلفه لا يؤثر شيئا في تكليفها بخلاف نذرها
فإنه يوجب الصوم عليها لأنه متعلق بعمل نفسها فوجوبه عليها يمنع من
العمل بحلف الرجل.
[3114] مسألة 7: إذا نذر الحج من مكان معين كبلده أو بلد آخر معين
فحج من غير ذلك المكان لم تبرأ ذمته ووجب عليه ثانيا، نعم لو عينه في
سنة فحج في تلك السنة من غير ذلك المكان وجب عليه الكفارة لعدم
إمكان التدارك، ولو نذر أن يحج من غير تقييد بمكان ثم نذر نذرا آخر أن
يكون ذلك الحج من مكان كذا (1) وخالف فحج من غير ذلك المكان
برئ من النذر الأول ووجب عليه الكفارة لخلف النذر الثاني، كما أنه لو
نذر أن يحج حجة الإسلام من بلد كذا فخالف فإنه يجزئه عن حجة الإسلام
ووجب عليه الكفارة لخلف النذر.
273
[3115] مسألة 8: إذا نذر أن يحج ولم يقيده بزمان فالظاهر جواز التأخير
إلى ظن الموت أو الفوت (1)، فلا يجب عليه المبادرة إلا إذا كان هناك
انصراف، فلو مات قبل الإتيان به في صورة جواز التأخير لا يكون عاصيا،
والقول بعصيانه مع تمكنه في بعض تلك الأزمنة وإن جاز التأخير لا وجه
له، وإذا قيده بسنة معينة لم يجز التأخير مع فرض تمكنه في تلك السنة، فلو
276
أخر عصى وعليه القضاء (1) والكفارة وإذا مات وجب قضاؤه عنه، كما أن
في صورة الإطلاق إذا مات بعد تمكنه منه قبل إتيانه وجب القضاء عنه،
والقول بعدم وجوبه بدعوى أن القضاء بفرض جديد، ضعيف لما يأتي.
وهل الواجب القضاء من أصل التركة أو من الثلث؟ قولان.
فذهب جماعة إلى القول بأنه من الأصل لأن الحج واجب مالي
وإجماعهم قائم على أن الواجبات المالية تخرج من الأصل.
وربما يورد عليه بمنع كونه واجبا ماليا وإنما هو أفعال مخصوصة
بدنية وإن كان قد يحتاج إلى بذل المال في مقدماته كما أن الصلاة أيضا قد
تحتاج إلى بذل المال في تحصيل الماء والساتر والمكان ونحو ذلك.
وفيه أن الحج في الغالب محتاج إلى بذل المال بخلاف الصلاة
وسائر العبادات البدنية فإن كان هناك إجماع أو غيره على أن الواجبات
المالية من الأصل يشمل الحج قطعا.
وأجاب صاحب الجواهر (رحمه الله) بأن المناط في الخروج من الأصل كون
277
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 29 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 1.
279
الواجب دينا والحج كذلك فليس تكليفا صرفا كما في الصلاة والصوم بل
للأمر به جهة وضعية فوجوبه على نحو الدينية بخلاف سائر العبادات
البدنية فلذا يخرج من الأصل كما يشير إليه بعض الأخبار الناطقة بأنه دين
أو بمنزلة الدين.
قلت: التحقيق أن جميع الواجبات الإلهية ديون الله تعالى سواء كانت
مالا أو عملا ماليا أو عملا غير مالي، فالصلاة والصوم أيضا ديون لله ولهما
جهة وضع فذمة المكلف مشغولة بهما ولذا يجب قضاؤهما فإن القاضي
يفرغ ذمة نفسه أو ذمة الميت، وليس القضاء من باب التوبة أو من باب
الكفارة بل هو إتيان لما كانت الذمة مشغولة به ولا فرق بين كون الاشتغال
بالمال أو بالعمل، بل مثل قوله: " لله على أن أعطي زيدا درهما " دين إلهي لا
خلقي فلا يكون الناذر مديونا لزيد بل هو مديون لله بدفع الدرهم لزيد، ولا
فرق بينه وبين أن يقول: " لله على أن أحج " أو " أن أصلي ركعتين " فالكل
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 29 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 3.
280
دين الله ودين الله أحق أن يقضى كما في بعض الأخبار، ولازم هذا كون
الجميع من الأصل، نعم إذا كان الوجوب على وجه لا يقبل بقاء شغل
الذمة به بعد فوته لا يجب قضاؤه لا بالنسبة إلى نفس من وجب عليه
ولا بعد موته سواء كان مالا أو عملا مثل وجوب إعطاء الطعام لمن
يموت من الجوع عام المجاعة، فإنه لو لم يعطه حتى مات لا يجب عليه
ولا على وارثه القضاء لأن الواجب إنما هو حفظ النفس المحترمة
وهذا لا يقبل البقاء بعد فوته، وكما في نفقة الأرحام فإنه لو ترك الإنفاق
عليهم مع تمكنه لا يصير دينا عليه لأن الواجب سد الخلة وإذا فات لا
يتدارك.
فتحصل أن مقتضى القاعدة في الحج النذري إذا تمكن وترك حتى
مات وجوب قضائه من الأصل لأنه دين إلهي، إلا أن يقال بانصراف
الدين عن مثل هذه الواجبات، وهو محل منع، بل دين الله أحق أن
يقضى.
وأما الجماعة القائلون بوجوب قضائه من الثلث فاستدلوا بصحيحة
ضريس وصحيحة ابن أبي يعفور الدالتين على أن من نذر الإحجاج ومات
قبله يخرج من ثلثه، وإذا كان نذر الإحجاج كذلك مع كونه ماليا قطعا فنذر
الحج بنفسه أولى بعدم الخروج من الأصل.
وفيه أن الأصحاب لم يعملوا بهذين الخبرين في موردهما (1) فكيف
يعمل بهما في غيره.
281
وأما الجواب عنهما بالحمل على صورة كون النذر في حال المرض
بناء على خروج المنجزات من الثلث فلا وجه له بعد كون الأقوى خروجها
من الأصل.
وربما يجاب عنهما بالحمل على صورة عدم إجراء الصيغة، أو على
صورة عدم التمكن من الوفاء حتى مات، وفيهما ما لا يخفى خصوصا
الأول.
[3116] مسألة 9: إذا نذر الحج مطلقا أو مقيدا بسنة معينة ولم يتمكن من
الإتيان به حتى مات لم يجب القضاء عنه (1)، لعدم وجوب الأداء عليه
حتى يجب القضاء عنه، فيكشف ذلك عن عدم انعقاد نذره.
[3117] مسألة 10: إذا نذر الحج معلقا على أمر كشفاء مريضه أو مجيء
مسافره فمات قبل حصول المعلق عليه هل يجب القضاء عنه أم لا؟ (2)
282
المسألة مبنية على أن التعليق من باب الشرط أو من قبيل الوجوب
المعلق (1)، فعلى الأول لا يجب لعدم الوجوب عليه بعد فرض موته قبل
حصول الشرط وإن كان متمكنا من حيث المال وسائر الشرائط، وعلى
الثاني يمكن أن يقال بالوجوب لكشف حصول الشرط عن كونه واجبا
عليه من الأول، إلا أن يكون نذره منصرفا إلى بقاء حياته حين حصول
الشرط.
[3118] مسألة 11: إذا نذر الحج وهو متمكن منه فاستقر عليه ثم صار
معضوبا لمرض أو نحوه أو مصدودا بعدو أو نحوه فالظاهر وجوب استنابته
283
حال حياته (1) لما مر من الأخبار سابقا في وجوبها، ودعوى اختصاصها
بحجة الإسلام ممنوعة كما مر سابقا (2)، وإذا مات وجب القضاء عنه (3)،
وإذا صار معضوبا أو مصدودا قبل تمكنه واستقرار الحج عليه أو نذر وهو
معضوب أو مصدود حال النذر مع فرض تمكنه من حيث المال ففي
وجوب الاستنابة وعدمه حال حياته ووجوب القضاء عنه بعد موته قولان،
أقواهما العدم وإن قلنا بالوجوب بالنسبة إلى حجة الإسلام (4) إلا أن يكون
قصده من قوله: " لله علي أن أحج " الاستنابة.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 6 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 3.
284
[3119] مسألة 12: لو نذر أن يحج رجلا في سنة معينة فخالف مع تمكنه
وجب عليه القضاء (1) والكفارة، وإن مات قبل إتيانهما يقضيان من أصل
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) الوسائل باب: 29 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 1 و 3.
(3) الوسائل باب: 29 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 1.
285
التركة (1) لأنهما واجبان ماليان بلا إشكال، والصحيحتان المشار إليهما
سابقا الدالتان على الخروج من الثلث معرض عنهما (2) كما قيل أو
محمولتان على بعض المحامل، وكذا إذا نذر الإحجاج من غير تقييد بسنة
معينة مطلقا أو معلقا على شرط وقد حصل وتمكن منه وترك حتى مات
فإنه يقضى عنه من أصل التركة (3)، وأما لو نذر الإحجاج بأحد الوجوه
ولم يتمكن منه حتى مات ففي وجوب قضائه وعدمه وجهان، أوجههما
286
ذلك (1) لأنه واجب مالي أوجبه على نفسه فصار دينا، غاية الأمر أنه ما لم
يتمكن معذور، والفرق بينه وبين نذر الحج بنفسه أنه لا يعد دينا مع عدم
التمكن منه واعتبار المباشرة بخلاف الإحجاج فإنه كنذر بذل المال كما إذا
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 16 من أبواب كتاب النذر والعهد الحديث: 1.
287
قال: " لله علي أن أعطي الفقراء مائة درهم " (1) ومات قبل تمكنه، ودعوى
كشف عدم التمكن عن عدم الانعقاد ممنوعة، ففرق بين إيجاب مال على
نفسه أو إيجاب عمل مباشري وإن استلزم صرف المال فإنه لا يعد دينا عليه
بخلاف الأول.
[3120] مسألة 13: لو نذر الاحجاج معلقا على شرط كمجئ المسافر أو
شفاء المريض فمات قبل حصول الشرط مع فرض حصوله بعد ذلك
وتمكنه منه قبله فالظاهر وجوب القضاء عنه (2) إلا أن يكون مراده التعليق
على ذلك الشرط مع كونه حيا حينه، ويدل على ما ذكرنا خبر مسمع بن عبد
الملك فيمن كان له جارية حبلى فنذر إن هي ولدت غلاما أن يحجه أو
يحج عنه، حيث قال الصادق (عليه السلام) - بعد ما سئل عن هذا -: " إن رجلا نذر
في ابن له إن هو أدرك أن يحجه أو يحج عنه فمات الأب وأدرك الغلام بعد
فأتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فسأله عن ذلك فأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يحج عنه مما
ترك أبوه " وقد عمل به جماعة، وعلى ما ذكرنا لا يكون مخالفا للقاعدة (3)
288
كما تخيله سيد الرياض وقرره عليه صاحب الجواهر وقال: إن الحكم فيه
تعبدي على خلاف القاعدة.
[3121] مسألة 14: إذا كان مستطيعا ونذر أن يحج حجة الإسلام انعقد على
الأقوى وكفاه حج واحد، وإذا ترك حتى مات وجب القضاء عنه (1)
والكفارة من تركته (2)، وإذا قيده بسنة معينة فأخر عنها وجب عليه الكفارة،
وإذا نذره في حال عدم الاستطاعة انعقد أيضا ووجب عليه تحصيل
الاستطاعة مقدمة إلا أن يكون مراده الحج بعد الاستطاعة.
[3122] مسألة 15: لا يعتبر في الحج النذري الاستطاعة الشرعية (3) بل
يجب مع القدرة العقلية، خلافا للدروس، ولا وجه له إذ حاله حال سائر
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 38 من أبواب المهور الحديث: 1.
289
الواجبات التي تكفيها القدرة عقلا.
[3123] مسألة 16: إذا نذر حجا غير حجة الإسلام في عامه وهو مستطيع
لم ينعقد (1)، إلا إذا نوى ذلك على تقدير زوالها فزالت، ويحتمل الصحة
مع الإطلاق أيضا إذا زالت حملا لنذره على الصحة (2).
290
[3124] مسألة 17: إذا نذر حجا في حال عدم الاستطاعة الشرعية ثم
حصلت له فإن كان موسعا أو مقيدا بسنة متأخرة قدم حجة الإسلام (1)
لفوريتها، وإن كان مضيقا بأن قيده بسنة معينة وحصل فيها الاستطاعة أو
قيده بالفورية قدمه (2)، وحينئذ فإن بقيت الاستطاعة إلى العام القابل
وجبت وإلا فلا لأن المانع الشرعي كالعقلي، ويحتمل وجوب تقديم
292
النذر (1) ولو مع كونه موسعا لأنه دين عليه بناء على أن الدين ولو كان
موسعا يمنع عن تحقق الاستطاعة خصوصا مع ظن عدم تمكنه من الوفاء
بالنذر إن صرف استطاعته في حجة الإسلام.
[3125] مسألة 18: إذا كان نذره في حال عدم الاستطاعة فوريا ثم
استطاع (2) وأهمل عن وفاء النذر في عامه وجب الإتيان به في العام القابل
مقدما على حجة الإسلام وإن بقيت الاستطاعة إليه لوجوبه عليه فورا
293
ففورا (1) فلا يجب عليه حجة الإسلام إلا بعد الفراغ عنه، لكن عن
294
الدروس أنه قال بعد الحكم بأن استطاعة النذر شرعية لا عقلية: " فلو نذر
ثم استطاع صرف ذلك إلى النذر (1) فإن أهمل واستمرت الاستطاعة إلى
العام القابل وجب حجة الإسلام أيضا " (2) ولا وجه له (3)،
295
نعم لو قيد نذره بسنة معينة وحصل فيها الاستطاعة فلم يف به وبقيت
استطاعته إلى العام المتأخر أمكن أن يقال بوجوب حجة الإسلام أيضا لأن
حجه النذري صار قضاء موسعا (1)، ففرق بين الإهمال مع الفورية
والإهمال مع التوقيت بناء على تقديم حجة الإسلام مع كون النذر موسعا
(2).
[3126] مسألة 19: إذا نذر الحج وأطلق من غير تقييد بحجة الإسلام ولا
بغيره وكان مستطيعا أو استطاع بعد ذلك فهل يتداخلان فيكفي حج واحد
عنهما أو يجب التعدد أو يكفي نية الحج النذري عن حجة الإسلام دون
العكس؟ (3) أقوال، أقواها الثاني (4) لأصالة تعدد المسبب بتعدد السبب،
296
والقول بان الأصل هو التداخل ضعيف، واستدل الثالث بصحيحتي رفاعة
ومحمد بن مسلم: " عن رجل نذر أن يمشي إلى بيت الله فمشى هل يجزئه
عن حجة الإسلام؟ قال (عليه السلام): نعم "، وفيه أن ظاهرهما كفاية الحج النذري
عن حجة الإسلام مع عدم الاستطاعة (1) وهو غير معمول به، ويمكن
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 27 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 3.
297
حملهما على أنه نذر المشي (1) لا الحج ثم أراد أن يحج فسئل (عليه السلام) عن أنه
هل يجزئه هذا الحج الذي أتى به عقيب هذا المشي أم لا؟ فأجاب (عليه السلام)
بالكفاية، نعم لو نذر أن يحج مطلقا (2) - أى حج كان - كفاه عن نذره حجة
الإسلام بل الحج النيابي وغيره أيضا لأن مقصوده حينئذ حصول الحج منه
في الخارج بأي وجه كان.
298
[3127] مسألة 20: إذا نذر الحج حال عدم استطاعته معلقا على شفاء ولده
مثلا فاستطاع قبل حصول المعلق عليه فالظاهر تقديم حجة الإسلام (1)،
ويحتمل تقديم المنذور إذا فرض حصول المعلق عليه قبل خروج الرفقة
مع كونه فوريا، بل هو المتعين (2) إن كان نذره من قبيل الواجب المعلق.
[3128] مسألة 21: إذا كان عليه حجة الإسلام والحج النذري ولم يمكنه
الإتيان بهما إما لظن الموت أو لعدم التمكن إلا من أحدهما ففي وجوب
تقديم الأسبق سببا أو التخيير أو تقديم حجة الإسلام لأهميتها وجوه،
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 38 من أبواب المهور الحديث: 1.
299
أوجهها الوسط وأحوطها الأخير (1)، وكذا إذا مات وعليه حجتان ولم تف
تركته إلا لأحدهما، وأما إن وفت التركة فاللازم استئجارهما (2) ولو في
عام واحد.
[3129] مسألة 22: من عليه الحج الواجب بالنذر الموسع يجوز له الإتيان
بالحج المندوب قبله (3).
300
[3130] مسألة 23: إذا نذر أن يحج أو يحج انعقد ووجب عليه أحدهما
على وجه التخيير، وإذا تركهما حتى مات يجب القضاء عنه مخيرا (1).
301
وإذا طرأ العجز من أحدهما معينا تعين الآخر، ولو تركه أيضا حتى
مات يجب القضاء عنه مخيرا أيضا لأن الواجب كان على وجه التخيير
فالفائت هو الواجب المخير ولا عبرة بالتعيين العرضي، فهو كما كان عليه
كفارة الإفطار في شهر رمضان وكان عاجزا عن بعض الخصال ثم مات فإنه
يجب الإخراج عن تركته مخيرا وإن تعين عليه في حال حياته في إحداهما
فلا يتعين في ذلك المتعين.
نعم لو كان حال النذر غير متمكن إلا من أحدهما معينا ولم يتمكن
من الآخر إلى أن مات أمكن أن يقال باختصاص القضاء بالذي كان متمكنا
منه بدعوى أن النذر لم ينعقد بالنسبة إلى ما لم يتمكن منه (1) بناء على أن
عدم التمكن يوجب عدم الانعقاد، لكن الظاهر أن مسألة الخصال ليست
كذلك فيكون الإخراج من تركته على وجه التخيير وإن لم يكن في حياته
302
متمكنا إلا من البعض أصلا، وربما يحتمل في الصورة المفروضة (1)
ونظائرها عدم انعقاد النذر بالنسبة إلى الفرد الممكن أيضا بدعوى أن
متعلق النذر هو أحد الأمرين على وجه التخيير ومع تعذر أحدهما لا يكون
303
وجوب الآخر تخييريا، بل عن الدروس (قدس سره) اختياره في مسألة ما لو نذر إن
رزق ولدا أن يحجه أو يحج عنه إذا مات الولد قبل تمكن الأب من أحد
الأمرين، وفيه: أن مقصود الناذر إتيان أحد الأمرين (1) من دون اشتراط
كونه على وجه التخيير، فليس النذر مقيدا بكونه واجبا تخييريا حتى يشترط
في انعقاده التمكن منهما.
304
[3131] مسألة 24: إذا نذر أن يحج أو يزور الحسين (عليه السلام) من بلده ثم مات
قبل الوفاء بنذره وجب القضاء من تركته، ولو اختلفت أجرتهما يجب
الاقتصار على أقلهما أجرة إلا إذا تبرع الوارث بالزائد أجرة، فلا يجوز
للوصي اختيار الأزيد وإن جعل الميت أمر التعيين إليه (1)، ولو أوصى
باختيار الأزيد أجرة خرج الزائد من الثلث.
[3132] مسألة 25: إذا علم أن على الميت حجا ولم يعلم أنه حجة الإسلام
أو حج النذر وجب قضاؤه عنه (2) من غير تعيين وليس عليه كفارة، ولو
305
تردد ما عليه بين الواجب بالنذر أو بالحلف وجبت الكفارة أيضا (1)،
وحيث إنها مرددة بين كفارة النذر وكفارة اليمين فلابد من الاحتياط (2)،
ويكفي حينئذ إطعام ستين مسكينا لأن فيه إطعام عشرة أيضا الذي يكفي
في كفارة الحلف.
306
[3133] مسألة 26: إذا نذر المشي في حجه الواجب عليه أو المستحب
انعقد مطلقا حتى في مورد يكون الركوب أفضل، لأن المشي في حد نفسه
أفضل من الركوب بمقتضى جملة من الأخبار وإن كان الركوب قد يكون
أرجح لبعض الجهات (1) فإن أرجحيته لا توجب زوال الرجحان عن
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 33 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 5.
308
المشي في حد نفسه، وكذا ينعقد لو نذر الحج ماشيا مطلقا ولو مع
الإغماض من رجحان المشي لكفاية رجحان أصل الحج في الانعقاد، إذ لا
يلزم أن يكون المتعلق راجحا بجميع قيوده وأوصافه، فما عن بعضهم من
عدم الانعقاد في مورد يكون الركوب أفضل لا وجه له، وأضعف منه دعوى
الانعقاد في أصل الحج لا في صفة المشي فيجب مطلقا، لأن المفروض
نذر المقيد فلا معنى لبقائه مع عدم صحة قيده.
[3134] مسألة 27: لو نذر الحج راكبا انعقد ووجب ولا يجوز حينئذ
المشي وإن كان أفضل، لما مر من كفاية رجحان المقيد دون قيده، نعم لو
نذر الركوب في حجه في مورد يكون المشي أفضل لم ينعقد (1)، لأن
المتعلق حينئذ الركوب لا الحج راكبا، وكذا ينعقد لو نذر أن يمشي بعض
الطريق من فرسخ في كل يوم أو فرسخين، وكذا ينعقد لو نذر الحج حافيا،
وما في صحيحة الحذاء من أمر النبي (صلى الله عليه وآله) بركوب أخت عقبة
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 33 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 1.
309
ابن عامر - مع كونها ناذرة أن تمشي إلى بيت الله حافية - قضية في
واقعة (1) يمكن أن يكون المانع من صحة نذرها من إيجابه كشفها أو تضررها
أو غير ذلك.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 33 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 5.
(2) الوسائل باب: 34 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 4.
310
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 34 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 10.
311
[3135] مسألة 28: يشترط في انعقاد النذر ماشيا أو حافيا تمكن
الناذر وعدم تضرره بهما فلو كان عاجزا أو كان مضرا ببدنه لم
ينعقد، نعم لا مانع منه (1) إذا كان حرجا لا يبلغ حد الضرر (2)
312
لأن رفع الحرج من باب الرخصة (1) لا العزيمة، هذا إذا كان حرجيا حين
النذر وكان عالما به وأما إذا عرض الحرج بعد ذلك فالظاهر كونه مسقطا
للوجوب.
[3136] مسألة 29: في كون مبدأ وجوب المشي أو الحفاء بلد النذر أو
الناذر أو أقرب البلدين إلى الميقات أو مبدأ الشروع في السفر أو أفعال
الحج أقوال، والأقوى أنه تابع للتعيين (2) أو الانصراف ومع عدمهما فأول
أفعال الحج إذا قال: " لله علي أحج ماشيا " ومن حين الشروع في السفر إذا
قال: " لله علي أن أمشي إلى بيت الله " أو نحو ذلك، كما أن الأقوى أن منتهاه
مع عدم التعيين رمي الجمار لجملة من الأخبار لا طواف النساء كما عن
المشهور ولا الإفاضة من عرفات كما في بعض الأخبار.
313
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) (3) الوسائل باب: 35 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 5 و 2 و 6.
314
[3137] مسألة 30: لا يجوز لمن نذر الحج ماشيا أو المشي في حجه أن
يركب البحر لمنافاته لنذره، وإن اضطر إليه لعروض المانع من سائر الطرق
سقط نذره (1)، كما أنه لو كان منحصرا فيه من الأول لم ينعقد، ولو كان في
315
طريقه نهر أو شط لا يمكن العبور إلا بالمركب فالمشهور أنه يقوم فيه (1)
لخبر السكوني، والأقوى عدم وجوبه، لضعف الخبر عن إثبات الوجوب،
والتمسك بقاعدة الميسور لا وجه له، وعلى فرضه فالميسور هو التحرك لا
القيام.
316
[3138] مسألة 31: إذا نذر المشي فخالف نذره فحج راكبا فإن كان
المنذور الحج ماشيا من غير تقييد بسنة معينة وجب عليه الإعادة ولا كفارة
إلا إذا تركها أيضا، وإن كان المنذور الحج ماشيا في سنة معينة فخالف وأتى
به راكبا وجب عليه القضاء (1) والكفارة، وإذا كان المنذور المشي في حج
معين وجبت الكفارة دون القضاء لفوات محل النذر.
والحج صحيح في جميع الصور خصوصا الأخيرة (2) لأن النذر لا
يوجب شرطية المشي في أصل الحج، وعدم الصحة من حيث النذر لا
يوجب عدمها من حيث الأصل فيكفي في صحته الإتيان به بقصد القربة.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 37 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 1.
317
وقد يتخيل البطلان من حيث إن المنوي وهو الحج النذري لم يقع
وغيره لم يقصد، وفيه أن الحج في حد نفسه مطلوب وقد قصده في ضمن
قصد النذر وهو كاف، ألا ترى أنه لو صام أياما بقصد الكفارة ثم ترك التتابع
لا يبطل الصيام في الأيام السابقة أصلا (1) وإنما تبطل من حيث كونها
319
صيام كفارة، وكذا إذا بطلت صلاته لم تبطل قراءته وأذكاره (1) التي أتى
بها من حيث كونها قرآنا أو ذكرا.
320
وقد يستدل للبطلان إذا ركب في حال الإتيان بالأفعال بأن الأمر
بإتيانها ماشيا موجب للنهي عن إتيانها راكبا، وفيه منع كون الأمر بالشيء
نهيا عن ضده، ومنع استلزامه البطلان على القول به (1)، مع أنه لا يتم فيما
لو نذر الحج ماشيا مطلقا من غير تقييد بسنة معينة ولا بالفورية لبقاء محل
الإعادة.
[3139] مسألة 32: لو ركب بعضا ومشى بعضا فهو كما لو ركب الكل لعدم
الإتيان بالمنذور، فيجب عليه القضاء (2) أو الإعادة ماشيا (3)،
321
والقول بالإعادة والمشي في موضع الركوب ضعيف لا وجه له.
[3140] مسألة 33: لو عجز عن المشي بعد انعقاد نذره (1) لتمكنه منه أو
رجائه سقط، وهل يبقى حينئذ وجوب الحج راكبا أو لا، بل يسقط أيضا؟
فيه أقوال:
أحدها: وجوبه راكبا مع سياق بدنة.
الثاني: وجوبه بلا سياق.
الثالث: سقوطه إذا كان الحج مقيدا بسنة معينة أو كان مطلقا مع اليأس
عن التمكن بعد ذلك، وتوقع المكنة مع الإطلاق وعدم اليأس.
الرابع: وجوب الركوب مع تعيين السنة أو اليأس في صورة الإطلاق،
وتوقع المكنة مع عدم اليأس.
الخامس: وجوب الركوب إذا كان بعد الدخول في الإحرام، وإذا كان
قبله فالسقوط مع التعيين وتوقع المكنة مع الإطلاق.
ومقتضى القاعدة وإن كان هو القول الثالث (2)، إلا أن الأقوى
بملاحظة جملة من الأخبار هو القول الثاني بعد حمل ما في بعضها من
322
--------------------------------------------------------------------------------
(1) البقرة آية 196.
(2) (3) (4) (5) الوسائل باب: 34 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 3 و 2 و 1 و 9.
324
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 8 من أبواب كتاب النذر والعهد الحديث: 5.
325
الأمر بسياق الهدي على الاستحباب بقرينة السكوت عنه (1) في بعضها
الآخر مع كونه في مقام البيان، مضافا إلى خبر عنبسة (2) الدال على عدم
وجوبه صريحا فيه، من غير فرق في ذلك بين أن يكون العجز قبل الشروع
في الذهاب أو بعده وقبل الدخول في الإحرام أو بعده، ومن غير فرق أيضا
بين كون النذر مطلقا أو مقيدا بسنة مع توقع المكنة وعدمه، وإن كان
الأحوط (3) في صورة الإطلاق مع عدم اليأس من المكنة وكونه قبل
الشروع في الذهاب، الإعادة إذا حصلت المكنة بعد ذلك لاحتمال
انصراف الأخبار عن هذه الصورة (4)، والأحوط إعمال قاعدة الميسور
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 34 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 1.
326
أيضا بالمشي بمقدار المكنة، بل لا يخلو عن قوة للقاعدة (1) مضافا إلى
الخبر عن رجل نذر أن يمشي إلى بيت الله حافيا قال (عليه السلام): " فليمش فإذا
تعب فليركب " ويستفاد منه كفاية الحرج والتعب في جواز الركوب وإن لم
يصل إلى حد العجز، وفي مرسل حريز " إذا حلف الرجل أن لا يركب أو
نذر أن لا يركب فإذا بلغ مجهوده ركب ".
[3141] مسألة 34: إذا نذر الحج ماشيا فعرض مانع آخر غير العجز عن
المشي من مرض أو خوف أو عدو أو نحو ذلك فهل حكمه حكم العجز
فيما ذكر أو لا لكون الحكم على خلاف القاعدة؟ وجهان، ولا يبعد
التفصيل (2) بين المرض ومثل العدو باختيار الأول في الأول والثاني في
الثاني، وإن كان الأحوط الإلحاق مطلقا.
327
فصل
في النيابة
لا إشكال في صحة النيابة عن الميت في الحج الواجب والمندوب،
وعن الحي في المندوب مطلقا وفي الواجب في بعض الصور.
[3142] مسألة 1: يشترط في النائب أمور:
أحدها: البلوغ على المشهور، فلا يصح نيابة الصبي عندهم وإن كان
مميزا، وهو الأحوط (1)، لا لما قيل من عدم صحة عباداته لكونها تمرينية،
328
لأن الأقوى كونها شرعية، ولا لعدم الوثوق به لعدم الرادع له من جهة عدم
تكليفه، لأنه أخص من المدعى، بل لأصالة عدم فراغ ذمة المنوب عنه بعد
دعوى انصراف الأدلة (1) خصوصا مع اشتمال جملة من الأخبار على لفظ
329
الرجل، ولا فرق بين أن يكون حجه بالإجارة أو بالتبرع بإذن الولي (1) أو
عدمه، وإن كان لا يبعد دعوى صحة نيابته في الحج المندوب (2) بإذن
الولي.
الثاني: العقل، فلا تصح نيابة المجنون الذي لا يتحقق منه القصد،
مطبقا كان جنونه أو أدواريا في دور جنونه، ولا بأس بنيابة السفيه.
الثالث: الإيمان، لعدم صحة عمل غير المؤمن وإن كان معتقدا
بوجوبه وحصل منه نية القربة، ودعوى أن ذلك في العمل لنفسه دون غيره
كما ترى.
330
الرابع: العدالة أو الوثوق بصحة عمله (1) وهذا الشرط إنما يعتبر في
جواز الاستنابة لا في صحة عمله.
332
الخامس: معرفته بأفعال الحج وأحكامه وإن كان بإرشاد معلم حال
كل عمل (1).
السادس: عدم اشتغال ذمته بحج واجب عليه في ذلك العام، فلا
تصح نيابة من وجب عليه حجة الإسلام أو النذر المضيق مع تمكنه من
إتيانه، وأما مع عدم تمكنه لعدم المال فلا بأس، فلو حج عن غيره مع تمكنه
من الحج لنفسه بطل على المشهور، لكن الأقوى أن هذا الشرط إنما هو
لصحة الاستنابة والإجارة وإلا فالحج صحيح وإن لم يستحق الأجرة (2)،
334
وتبرأ ذمة المنوب عنه على ما هو الأقوى من عدم كون الأمر بالشئ نهيا
عن ضده، مع أن ذلك على القول به وإيجابه للبطلان إنما يتم مع العلم
والعمد وأما مع الجهل (1) والغفلة فلا، بل الظاهر صحة الإجارة أيضا على
هذا التقدير لأن البطلان إنما هو من جهة عدم القدرة الشرعية على العمل
المستأجر عليه حيث إن المانع الشرعي كالمانع العقلي ومع الجهل أو
الغفلة لا مانع لأنه قادر شرعا.
337
[3143] مسألة 2: لا يشترط في النائب الحرية، فتصح نيابة المملوك بإذن
مولاه، ولا تصح استنابته بدونه، ولو حج بدون إذنه بطل (1).
339
[3144] مسألة 3: يشترط في المنوب عنه الإسلام، فلا تصح النيابة عن
الكافر (1)، لا لعدم انتفاعه بالعمل عنه، لمنعه وإمكان دعوى انتفاعه
بالتخفيف في عقابه، بل لانصراف الأدلة، فلو مات مستطيعا وكان الوارث
مسلما لا يجب عليه استئجاره عنه.
ويشترط فيه أيضا كونه ميتا أو حيا عاجزا في الحج الواجب، فلا
تصح النيابة عن الحي في الحج الواجب إلا إذا كان عاجزا، وأما في الحج
الندبي فيجوز عن الحي والميت تبرعا أو بالإجارة.
340
[3145] مسألة 4: تجوز النيابة عن الصبي المميز والمجنون (1)، بل
يجب الاستئجار عن المجنون إذا استقر عليه حال إفاقته ثم مات مجنونا.
[3146] مسألة 5: لا تشترط المماثلة بين النائب والمنوب عنه في
الذكورة والأنوثة، فتصح نيابة المرأة عن الرجل كالعكس، نعم الأولى
341
المماثلة (1).
[3147] مسألة 6: لا بأس باستنابة الصرورة رجلا كان أو امرأة عن
رجل (2) أو امرأة، والقول بعدم جواز استنابة المرأة الصرورة مطلقا، أو مع
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 9 من أبواب النيابة في الحج الحديث: 2.
(2) راجع الوسائل باب: 8 من أبواب النيابة في الحج.
342
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 8 من أبواب النيابة في الحج الحديث: 6.
(2) راجع الوسائل باب: 8 الحديث: 4 و 7 وباب: 9 الحديث: 1 و 3 من أبواب النيابة
في الحج.
(3) راجع الوسائل باب: 8 من أبواب النيابة في الحج.
343
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 9 من أبواب النيابة في الحج الحديث: 2.
(2) الوسائل باب: 5 من أبواب النيابة في الحج الحديث: 2.
344
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 8 من أبواب النيابة في الحج الحديث: 1.
(2) الوسائل باب: 28 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 8.
345
كون المنوب عنه رجلا ضعيف، نعم يكره ذلك (1) خصوصا مع كون
المنوب عنه رجلا (2)، بل لا يبعد كراهة استئجار الصرورة ولو كان رجلا
عن رجل (3).
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 5 من أبواب النيابة في الحج الحديث: 2.
(2) الوسائل باب: 6 من أبواب النيابة في الحج الحديث: 3.
346
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 5 من أبواب النيابة في الحج الحديث: 2.
347
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 6 من أبواب النيابة في الحج الحديث: 4.
348
[3148] مسألة 7: يشترط في صحة النيابة قصد النيابة (1) وتعيين المنوب
عنه في النية ولو بالإجمال ولا يشترط ذكر اسمه وإن كان يستحب ذلك في
جميع المواطن والمواقف.
[3149] مسألة 8: كما تصح النيابة بالتبرع وبالإجارة كذا تصح
بالجعالة (2)، ولا تفرغ ذمة المنوب عنه إلا باتيان النائب صحيحا ولا تفرغ
بمجرد الإجارة، وما دل من الأخبار على كون الأجير ضامنا وكفاية الإجارة
في فراغها (3) منزلة على أن الله تعالى يعطيه ثواب الحج إذا قصر النائب
في الإتيان، أو مطروحة لعدم عمل العلماء بها بظاهرها.
349
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) الوسائل باب: 22 من أبواب النيابة في الحج الحديث: 1 و 2.
350
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 23 من أبواب النيابة في الحج الحديث: 1.
(2) الوسائل باب: 23 من أبواب النيابة في الحج الحديث: 3.
351
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 23 من أبواب النيابة في الحج الحديث: 3.
352
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 23 من أبواب النيابة في الحج الحديث: 3.
(2) الوسائل باب: 15 من أبواب النيابة في الحج الحديث: 1.
353
[3150] مسألة 9: لا يجوز استئجار المعذور في ترك بعض الأعمال، بل
لو تبرع المعذور يشكل الاكتفاء (1) به.
[3151] مسألة 10: إذا مات النائب قبل الإتيان بالمناسك فإن كان قبل
الإحرام لم يجزئ عن المنوب عنه، لما مر من كون الأصل عدم فراغ ذمته
إلا بالإتيان بعد حمل الأخبار الدالة على ضمان الأجير على ما أشرنا
إليه (2). وإن مات بعد الإحرام ودخول الحرم أجزأ عنه، لا لكون الحكم
كذلك في الحاج عن نفسه لاختصاص ما دل عليه به، وكون فعل النائب
فعل المنوب عنه لا يقتضي الإلحاق، بل لموثقة إسحاق بن عمار المؤيدة
بمرسلتي حسين بن عثمان وحسين بن يحيى الدالة على أن النائب إذا مات
354
في الطريق أجزأ عن المنوب عنه المقيدة بمرسلة المقنعة (1) " من خرج
حاجا فمات في الطريق فإنه إن كان مات في الحرم فقد سقطت عنه
355
الحجة " الشاملة للحاج عن غيره (1) أيضا، ولا يعارضها موثقة عمار الدالة
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 15 من أبواب النيابة في الحج الحديث: 5.
356
على أن النائب إذا مات في الطريق عليه أن يوصي، لأنها محمولة على ما
إذا مات قبل الإحرام أو على الاستحباب (1)، مضافا إلى الإجماع (2) على
عدم كفاية مطلق الموت في الطريق، وضعفها سندا بل ودلالة (3) منجبر
بالشهرة والإجماعات المنقولة فلا ينبغي الإشكال في الإجزاء في الصورة
المزبورة.
وأما إذا مات بعد الإحرام وقبل دخول الحرم ففي الإجزاء قولان،
ولا يبعد الإجزاء وإن لم نقل به في الحاج عن نفسه، لإطلاق
الأخبار في المقام والقدر المتيقن من التقييد هو اعتبار كونه بعد الإحرام،
357
لكن الأقوى عدمه (1) فحاله حال الحاج عن نفسه في اعتبار الأمرين في
الإجزاء (2).
والظاهر عدم الفرق بين حجة الإسلام وغيرها من أقسام الحج (3)،
وكون النيابة بالأجرة أو بالتبرع.
[3152] مسألة 11: إذا مات الأجير بعد الاحرام ودخول الحرم (4) يستحق
تمام الأجرة إذا كان أجيرا على تفريغ الذمة، وبالنسبة إلى ما أتى به من
الأعمال إذا كان أجيرا على الإتيان بالحج بمعنى الأعمال المخصوصة، وإن
مات قبل ذلك لا يستحق شيئا سواء مات قبل الشروع في المشي أو بعده
وقبل الإحرام أو بعده (5) وقبل الدخول في الحرم، لأنه لم يأت بالعمل
358
المستأجر عليه لا كلا ولا بعضا بعد فرض عدم إجزائه، من غير فرق بين أن
يكون المستأجر عليه نفس الأعمال أو مع المقدمات من المشي ونحوه.
نعم لو كان المشي داخلا في الإجارة على وجه الجزئية بأن يكون مطلوبا
في الإجارة نفسا استحق مقدار ما يقابله من الأجرة بخلاف ما إذا لم يكن
داخلا أصلا أو كان داخلا فيها لا نفسا بل بوصف المقدمية، فما ذهب إليه
بعضهم من توزيع الأجرة عليه أيضا مطلقا لا وجه له، كما أنه لا وجه لما
ذكره بعضهم من التوزيع على ما أتى به من الأعمال بعد الإحرام، إذ هو
نظير ما إذا استؤجر للصلاة فأتى بركعة أو أزيد ثم أبطلت صلاته فإنه لا
إشكال في أنه لا يستحق الأجرة على ما أتى به، ودعوى أنه وإن كان لا
يستحق من المسمى بالنسبة لكن يستحق أجرة المثل لما أتى به حيث إن
عمله محترم، مدفوعة بأنه لا وجه له بعد عدم نفع للمستأجر فيه (1)
359
والمفروض أنه لم يكن مغرورا من قبله، وحينئذ فتنفسخ الإجارة إذا كانت
للحج في سنة معينة ويجب عليه الإتيان به إذا كانت مطلقة (1)، من غير
استحقاق لشئ على التقديرين.
360
[3153] مسألة 12: يجب في الإجارة تعيين نوع الحج (1) من تمتع أو قران
أو إفراد، ولا يجوز للمؤجر العدول عما عين له وإن كان إلى الأفضل
كالعدول من أحد الأخيرين إلى الأول، إلا إذا رضي المستأجر بذلك فيما
إذا كان مخيرا بين النوعين أو الأنواع كما في الحج المستحبي والمنذور
المطلق أو كان ذا منزلين متساويين في مكة وخارجها، وأما إذا كان ما عليه
361
من نوع خاص فلا ينفع رضاه أيضا بالعدول إلى غيره (1)، وفي صورة
جواز الرضا يكون رضاه من باب إسقاط حق الشرط إن كان التعيين بعنوان
الشرطية (2)، ومن باب الرضا بالوفاء بغير الجنس إن كان بعنوان القيدية،
362
وعلى أى تقدير يستحق الأجرة المسماة وإن لم يأت بالعمل المستأجر
عليه على التقدير الثاني، لأن المستأجر إذا رضي بغير النوع الذي عينه فقد
وصل إليه ما له على المؤجر كما في الوفاء بغير الجنس في سائر الديون
فكأنه قد أتى بالعمل المستأجر عليه.
ولا فرق فيما ذكرنا بين العدول إلى الأفضل أو إلى المفضول، هذا
ويظهر من جماعة جواز العدول إلى الأفضل كالعدول إلى التمتع تعبدا من
الشارع لخبر أبي بصير (1) عن أحدهما " في رجل أعطى رجلا دراهم يحج
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 12 من أبواب النيابة في الحج الحديث: 1.
364
بها مفردة أيجوز له أن يتمتع بالعمرة إلى الحج؟ قال (عليه السلام): نعم إنما خالف
إلى الأفضل " والأقوى ما ذكرناه والخبر منزل على صورة العلم برضا
المستأجر بذلك مع كونه مخيرا بين النوعين، جمعا بينه وبين خبر آخر (1)
365
" في رجل أعطى رجلا دراهم يحج بها حجة مفردة قال (عليه السلام): ليس له أن
يتمتع بالعمرة إلى الحج لا يخالف صاحب الدراهم " وعلى ما ذكرنا من
عدم جواز العدول إلا مع العلم بالرضا إذا عدل بدون ذلك لا يستحق
الأجرة في صورة التعيين على وجه القيدية وإن كان حجه صحيحا عن
المنوب عنه ومفرغا لذمته إذا لم يكن ما في ذمته متعينا فيما عين، وأما إذا
كان على وجه الشرطية (1) فيستحق إلا إذا فسخ المستأجر الإجارة من جهة
تخلف الشرط إذ حينئذ لا يستحق المسمى بل أجرة المثل.
[3154] مسألة 13: لا يشترط في الإجارة تعيين الطريق وإن كان في الحج
البلدي لعدم تعلق الغرض بالطريق نوعا، ولكن لو عين تعين ولا يجوز
العدول عنه إلى غيره، إلا إذا علم أنه لا غرض للمستأجر في خصوصيته
وإنما ذكره على المتعارف فهو راض بأي طريق كان، فحينئذ لو عدل صح
واستحق تمام الأجرة، وكذا إذا أسقط بعد العقد حق تعيينه، فالقول بجواز
العدول مطلقا أو مع عدم العلم بغرض في الخصوصية (2) ضعيف،
كالاستدلال له بصحيحة حريز " عن رجل أعطى رجلا حجة يحج عنه من
366
الكوفة فحج عنه من البصرة فقال: لا بأس إذا قضى جميع المناسك فقد تم
حجه " إذ هي محمولة على صورة العلم بعدم الغرض (1) كما هو الغالب،
مع أنها إنما دلت على صحة الحج من حيث هو لا من حيث كونه عملا
مستأجرا عليه كما هو المدعى، وربما تحمل على محامل أخر (2)، وكيف
كان لا إشكال في صحة حجه وبراءة ذمة المنوب عنه إذا لم يكن ما عليه
مقيدا بخصوصية الطريق المعين (3)، إنما الكلام في استحقاقه الأجرة
367
المسماة على تقدير العدول وعدمه، والأقوى أنه يستحق من المسمى
بالنسبة ويسقط منه بمقدار المخالفة إذا كان الطريق معتبرا في الإجارة على
وجه الجزئية، ولا يستحق شيئا على تقدير اعتباره على وجه القيدية لعدم
إتيانه بالعمل المستأجر عليه حينئذ وإن برئت ذمة المنوب عنه بما أتى به
لأنه حينئذ متبرع بعمله، ودعوى أنه يعد في العرف أنه أتى ببعض ما
369
استؤجر عليه فيستحق بالنسبة وقصد التقييد بالخصوصية لا يخرجه عرفا
عن العمل ذي الأجزاء - كما ذهب إليه في الجواهر - لا وجه لها، ويستحق
تمام الأجرة إن كان اعتباره على وجه الشرطية الفقهية بمعنى الالتزام في
الالتزام، نعم للمستأجر خيار الفسخ لتخلف الشرط فيرجع إلى أجرة المثل.
[3155] مسألة 14: إذا آجر نفسه للحج عن شخص مباشرة في سنة معينة
ثم آجر عن شخص آخر في تلك السنة مباشرة أيضا بطلت الإجارة
الثانية (1) لعدم القدرة على العمل بها بعد وجوب العمل بالأولى، ومع عدم
370
اشتراط المباشرة فيهما أو في إحداهما صحتا معا، ودعوى بطلان الثانية
وإن لم يشترط فيها المباشرة مع اعتبارها في الأولى لأنه يعتبر في صحة
الإجارة تمكن الأجير من العمل بنفسه فلا يجوز إجارة الأعمى على قراءة
القرآن وكذا لا يجوز إجارة الحائض لكنس المسجد وإن لم يشترط
المباشرة ممنوعة، فالأقوى الصحة، هذا إذا آجر نفسه ثانيا للحج بلا اشتراط
المباشرة، وأما إذا آجر نفسه لتحصيله فلا إشكال فيه، وكذا تصح الثانية مع
اختلاف السنتين أو مع توسعة الإجارتين أو توسعة إحداهما، بل وكذا مع
إطلاقهما أو إطلاق إحداهما إذا لم يكن انصراف إلى التعجيل.
ولو اقترنت الإجارتان كما إذا آجر نفسه من شخص وآجره وكيله من
آخر في سنة واحدة وكان وقوع الإجارتين في وقت واحد بطلتا معا (1)
373
مع اشتراط المباشرة فيهما.
ولو آجره فضوليان من شخصين مع اقتران الإجارتين يجوز له إجازة
إحداهما كما في صورة عدم الاقتران، ولو آجر نفسه من شخص ثم علم أنه
آجره فضولي من شخص آخر سابقا على عقد نفسه ليس له إجازة ذلك
العقد وإن قلنا بكون الإجازة كاشفة (1) بدعوى أنها حينئذ تكشف عن
بطلان إجارة نفسه، لكون إجارته نفسه مانعا عن صحة الإجازة (2) حتى
تكون كاشفة وانصراف أدلة صحة الفضولي عن مثل ذلك.
374
[3156] مسألة 15: إذا آجر نفسه للحج في سنة معينة لا يجوز له التأخير بل
ولا التقديم إلا مع رضا المستأجر، ولو أخر لا لعذر أثم، وتنفسخ
الإجارة (1) إن كان التعيين على وجه التقييد، ويكون للمستأجر خيار الفسخ
لو كان على وجه الشرطية (2) وإن أتى به مؤخرا لا يستحق الأجرة على
375
الأول وإن برئت ذمة المنوب عنه به، ويستحق المسماة على الثاني (1)
إلا إذا فسخ المستأجر فيرجع إلى أجرة المثل، وإذا أطلق الإجارة
وقلنا بوجوب التعجيل لا تبطل مع الإهمال (2)، وفي ثبوت الخيار
376
للمستأجر حينئذ وعدمه وجهان: من أن الفورية ليست توقيتا (1)، ومن
كونها بمنزلة الاشتراط.
[3157] مسألة 16: قد عرفت عدم صحة الإجارة الثانية (2) فيما إذا آجر
نفسه من شخص في سنة معينة ثم آجر من آخر في تلك السنة، فهل يمكن
تصحيح الثانية بإجازة المستأجر الأول أو لا؟ فيه تفصيل (3): وهو أنه إن
كانت الاولى واقعة على العمل في الذمة لا تصح الثانية بالإجازة لأنه لا
دخل للمستأجر بها إذا لم تقع على ماله حتى تصح له إجازتها، وإن كانت
واقعة على منفعة الأجير في تلك السنة بأن تكون منفعته من حيث الحج أو
جميع منافعه له جاز له إجازة الثانية لوقوعها على ماله، وكذا الحال في
نظائر المقام فلو آجر نفسه ليخيط لزيد في يوم معين ثم آجر نفسه ليخيط
أو ليكتب لعمرو في ذلك اليوم ليس لزيد إجازة العقد الثاني، وأما إذا ملكه
منفعته الخياطي فآجر نفسه للخياطة أو للكتابة لعمرو جاز له إجازة هذا
العقد لأنه تصرف في متعلق حقه، وإذا أجاز يكون مال الإجارة له لا
للمؤجر،
377
نعم لو ملك منفعة خاصة كخياطة ثوب معين أو الحج عن ميت معين على
وجه التقييد يكون كالأول في عدم إمكان إجازته.
[3158] مسألة 17: إذا صد الأجير أو أحصر كان حكمهم كالحاج عن
نفسه (1)
379
فيما عليه من الأعمال وتنفسخ الإجارة (1) مع كونها مقيدة بتلك السنة،
ويبقى الحج في ذمته مع الإطلاق، وللمستأجر خيار التخلف إذا كان اعتبار
تلك السنة على وجه الشرط في ضمن العقد، ولا يجزئ عن المنوب عنه
وإن كان بعد الإحرام ودخول الحرم، لأن ذلك كان في خصوص الموت
من جهة الأخبار، والقياس عليه لا وجه له، ولو ضمن المؤجر الحج في
المستقبل في صورة التقييد لم تجب إجابته، والقول بوجوبه ضعيف،
وظاهرهم استحقاق الأجرة بالنسبة إلى ما أتى به من الأعمال، وهو
مشكل (2)
380
لأن المفروض عدم إتيانه للعمل المستأجر عليه وعدم فائدة فيما أتى به،
فهو نظير الانفساخ في الأثناء لعذر غير الصد والحصر (1) وكالانفساخ في
أثناء سائر الأعمال المرتبطة لعذر في إتمامها، وقاعدة احترام عمل المسلم
لا تجري لعدم الاستناد إلى المستأجر فلا يستحق أجرة المثل أيضا.
[3159] مسألة 18: إذا أتى النائب بما يوجب الكفارة فهو من ماله (2).
[3160] مسألة 19: إطلاق الإجارة يقتضي التعجيل بمعنى الحلول في
مقابل الأجل لا بمعنى الفورية (3) إذ لا دليل عليها، والقول بوجوب
381
التعجيل إذا لم يشترط الأجل ضعيف، فحالها حال البيع في أن إطلاقه
يقتضي الحلول بمعنى جواز المطالبة ووجوب المبادرة معها.
[3161] مسألة 20: إذا قصرت الأجرة لا يجب على المستأجر إتمامها، كما
أنها لو زادت ليس له استرداد الزائد.
نعم يستحب الإتمام كما قيل، بل قيل يستحب على الأجير أيضا رد
الزائد، ولا دليل بالخصوص على شئ من القولين.
نعم يستدل على الأول بأنه معاونة على البر والتقوى (1)، وعلى
الثاني بكونه موجبا للإخلاص في العبادة.
[3162] مسألة 21: لو أفسد الأجير حجه بالجماع قبل المشعر فكالحاج
عن نفسه يجب عليه إتمامه والحج من قابل وكفارة بدنة، وهل يستحق
الأجرة على الأول أولا؟ قولان مبنيان على أن الواجب هو الأول وأن الثاني
عقوبة أو هو الثاني وأن الأول عقوبة.
قد يقال بالثاني للتعبير في الأخبار بالفساد الظاهر في البطلان،
وحمله على إرادة النقصان وعدم الكمال مجاز لا داعي إليه، وحينئذ
فتنفسخ الإجارة إذا كانت معينة ولا يستحق الأجرة ويجب عليه الإتيان في
القابل بلا أجرة، ومع إطلاق الإجارة تبقى ذمته مشغولة ويستحق الأجرة
382
على ما يأتي به في القابل.
والأقوى صحة الأول وكون الثاني عقوبة لبعض الأخبار الصريحة
في ذلك (1) في الحاج عن نفسه ولا فرق بينه وبين الأجير، ولخصوص خبرين
في خصوص الأجير عن إسحاق بن عمار عن أحدهما (عليهما السلام): " قال قلت: فإن
ابتلي بشئ يفسد عليه حجه حتى يصير عليه الحج من قابل أيجزئ عن
الأول؟ قال: نعم قلت: فإن الأجير ضامن الحج قال: نعم "، وفي
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 3 من أبواب كفارات الاستمتاع الحديث: 9.
(2) الوسائل باب: 15 من أبواب النيابة في الحج الحديث: 1 و 2.
383
الثاني سئل الصادق (عليه السلام): " عن رجل حج عن رجل فاجترح في حجه شيئا
يلزم فيه الحج من قابل وكفارة قال (عليه السلام): هي للأول تامة وعلى هذا ما اجترح "،
فالأقوى استحقاق الأجرة على الأول وإن ترك الإتيان من قابل عصيانا أو
لعذر، ولا فرق بين كون الإجارة مطلقة أو معينة.
وهل الواجب إتيان الثاني بالعنوان الذي أتى به الأول فيجب فيه
قصد النيابة عن المنوب عنه وبذلك العنوان أو هو واجب عليه تعبدا
ويكون لنفسه؟ وجهان، لا يبعد الظهور في الأول ولا ينافي كونه عقوبة فإنه
يكون الإعادة عقوبة، ولكن الأظهر الثاني، والأحوط أن يأتي به بقصد ما
في الذمة (1).
ثم لا يخفى عدم تمامية ما ذكره ذلك القائل من عدم استحقاق
الأجرة في صورة كون الإجارة معينة ولو على ما يأتي به في القابل
لانفساخها (2) وكون وجوب الثاني تعبدا لكونه خارجا عن متعلق الإجارة
384
وإن كان مبرئا لذمة المنوب عنه، وذلك لأن الإجارة وإن كانت منفسخة (1)
بالنسبة إلى الأول لكنها باقية بالنسبة إلى الثاني تعبدا (2) لكونه
عوضا شرعيا تعبديا عما وقع عليه العقد، فلا وجه لعدم استحقاق الأجرة
على الثاني.
وقد يقال بعدم كفاية الحج الثاني أيضا في تفريغ ذمة المنوب عنه بل
لابد للمستأجر أن يستأجر مرة أخرى في صورة التعيين وللأجير أن يحج
ثالثا في صورة الإطلاق لأن الحج الأول فاسد والثاني إنما وجب للإفساد
عقوبة فيجب ثالث إذ التداخل خلاف الأصل، وفيه أن هذا إنما يتم إذا لم
يكن الحج في القابل بالعنوان والظاهر من الأخبار على القول بعدم صحة
385
الأول وجوب إعادة الأول (1)، وبذلك العنوان فيكفي في التفريغ ولا يكون
من باب التداخل فليس الإفساد عنوانا مستقلا، نعم إنما يلزم ذلك إذا قلنا إن
الإفساد موجب لحج مستقل لا على نحو الأول وهو خلاف ظاهر الأخبار (2).
وقد يقال في صورة التعيين إن الحج الأول إذا كان فاسدا وانفسخت
الإجارة (3) يكون لنفسه (4) فقضاؤه في العام القابل أيضا يكون لنفسه ولا
يكون مبرئا لذمة المنوب عنه فيجب على المستأجر استئجار حج آخر،
وفيه أيضا ما عرفت من أن الثاني واجب بعنوان إعادة الأول (5)، وكون
الأول بعد انفساخ الإجارة بالنسبة إليه لنفسه لا يقتضي كون الثاني له وإن
كان بدلا عنه (6) لأنه بدل عنه بالعنوان المنوي لا بما صار إليه بعد الفسخ،
هذا.
388
والظاهر عدم الفرق في الأحكام المذكورة بين كون الحج الأول
المستأجر عليه واجبا أو مندوبا بل الظاهر جريان حكم وجوب الإتمام
والإعادة في النيابة تبرعا أيضا وإن كان لا يستحق الأجرة أصلا.
[3163] مسألة 22: يملك الأجير الأجرة بمجرد العقد، لكن لا يجب
تسليمها إلا بعد العمل إذا لم يشترط التعجيل ولم تكن قرينة على إرادته من
انصراف أو غيره، ولا فرق في عدم وجوب التسليم بين أن تكون عينا أو
دينا لكن إذا كانت عينا ونمت كان النماء للأجير، وعلى ما ذكر من عدم
وجوب التسليم قبل العمل إذا كان المستأجر وصيا أو وكيلا وسلمها قبله
كان ضامنا لها على تقدير عدم العمل من المؤجر أو كون عمله باطلا، ولا
يجوز لهما اشتراط التعجيل من دون إذن الموكل (1) أو الوارث (2)، ولو لم
يقدر الأجير على العمل مع عدم تسليم الأجرة كان له الفسخ (3)
389
وكذا للمستأجر، لكن لما كان المتعارف تسليمها أو نصفها قبل المشي
يستحق الأجير المطالبة في صورة الإطلاق ويجوز للوكيل والوصي دفعها
من غير ضمان (1).
[3164] مسألة 23: إطلاق الإجارة يقتضي المباشرة فلا يجوز للأجير أن
يستأجر غيره إلا مع الإذن صريحا أو ظاهرا، والرواية الدالة على الجواز (2)
محمولة على صورة العلم بالرضا من المستأجر.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 14 من أبواب النيابة في الحج الحديث: 1.
390
[3165] مسألة 24: لا يجوز استئجار من ضاق وقته عن إتمام الحج
تمتعا (1) وكانت وظيفته العدول إلى حج الإفراد عمن عليه حج التمتع، ولو
استأجره مع سعة الوقت فنوى التمتع ثم اتفق ضيق الوقت فهل يجوز العدول
ويجزئ عن المنوب عنه أو لا؟ وجهان: من إطلاق أخبار العدول، ومن
انصرافها إلى الحاج عن نفسه، والأقوى عدمه (2)، وعلى تقديره فالأقوى عدم
إجزائه عن الميت وعدم استحقاق الأجرة عليه لأنه غير ما على الميت ولأنه
غير العمل المستأجر عليه.
391
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 21 من أبواب أقسام الحج الحديث: 6.
392
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الوسائل باب: 21 من أبواب أقسام الحج الحديث: 7.
393
[3166] مسألة 25: يجوز التبرع عن الميت في الحج الواجب أى واجب
كان (1) والمندوب، بل يجوز التبرع عنه بالمندوب وإن كانت ذمته مشغولة
بالواجب (2) ولو قبل الاستئجار عنه للواجب، وكذا يجوز الاستئجار عنه
في المندوب كذلك.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (2) الوسائل باب: 31 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 1 و 2.
(3) الوسائل باب: 28 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث: 4.
395
وأما الحي فلا يجوز التبرع عنه في الواجب إلا إذا كان معذورا في
المباشرة لمرض أو هرم فإنه يجوز التبرع عنه ويسقط عنه وجوب الاستنابة
على الأقوى كما مر سابقا (1)، وأما الحج المندوب فيجوز التبرع عنه كما
396
يجوز له أن يستأجر له حتى إذا كان عليه حج واجب لا يتمكن من أدائه
فعلا، وأما إن تمكن منه فالاستئجار للمندوب قبل أدائه مشكل (1)، بل
التبرع عنه حينئذ أيضا لا يخلو عن إشكال في الحج الواجب (2).
[3167] مسألة 26: لا يجوز أن ينوب واحد عن اثنين أو أزيد في عام
واحد، وإن كان الأقوى فيه الصحة، إلا إذا كان وجوبه عليهما على نحو
الشركة كما إذا نذر كل منهما أن يشترك مع الآخر في تحصيل الحج (3)،
وأما في الحج المندوب فيجوز حج واحد عن جماعة بعنوان النيابة، كما
يجوز بعنوان إهداء الثواب، لجملة من الأخبار الظاهرة في جواز النيابة
أيضا، فلا داعي لحملها على خصوص إهداء الثواب.
[3168] مسألة 27: يجوز أن ينوب جماعة عن الميت أو الحي في عام
397
واحد في الحج المندوب تبرعا أو بالإجارة، بل يجوز ذلك في
الواجب أيضا كما إذا كان على الميت أو الحي الذي لا يتمكن
من المباشرة لعذر حجان مختلفان نوعا كحجة الاسلام والنذر أو
متحدان من حيث النوع كحجتين للنذر فيجوز أن يستأجر أجيرين لهما
في عام واحد، وكذا يجوز إذا كان أحدهما واجبا والآخر مستحبا،
بل يجوز أن يستأجر أجيرين لحج واجب واحد كحجة الإسلام في عام واحد
احتياطا لاحتمال بطلان حج أحدهما، بل وكذا مع العلم بصحة الحج من
كل منهما وكلاهما آت بالحج الواجب وإن كان إحرام أحدهما قبل
إحرام الآخر (1)، فهو مثل ما إذا صلى جماعة على الميت في وقت
واحد، ولا يضر سبق أحدهما بوجوب الآخر فإن الذمة مشغولة ما لم
يتم العمل فيصح قصد الوجوب من كل منهما (2) ولو كان أحدهما أسبق
شروعا.
398