رسالة نخبةالأفكار في حرمان الزوجة من الأراضي والعقار
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه وأشرف بريته محمد صلى الله عليه وآله
وآله الطاهرين المعصومين الغر الميامين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم
الدين (وبعد) فأعلم انه لا خلاف معتد به بين أصحابنا الامامية رضوان الله تعالى
عليهم في حرمان الزوجة في الجملة من بعض تركة زوجها، بل في الانتصار أنه مما
انفردت به الإمامية حرمان الزوجة من رباع الأرض، وفي الخلاف والسرائر الاجماع على
حرمان الزوجة من الرباع والدور والأرضين (مضافا إلى ما يأتي من النصوص المتواترة
المصرحة بحرمانها في الجملة من تركة زوجها (ومخالفة الإسكافي في المسألة غير ضائرة، إذ يكفي
في رده سبقه ولحوقه بالاجماع فقوله حينئذ بعدم حرمانها من التركة متروك، كما عن
كاشف الرموز التصريح به، وفي المحكي عن غاية المراد بعد حكاية اجماع أهل البيت
على حرمان الزوجة من شئ ما من تركة زوجها، أنه لم يخالف فيها الا ابن الجنيد
وقد سبقه الاجماع وتأخر عنه (مع أنه) لا صراحة لكلام الإسكافي في المخالفة في
أصل المسألة، فإنه قال إذا دخل الزوج أو الزوجة على الولد والأبوين كان للزوج
2
الربع وللزوجة الثمن من جميع التركة عقارا وأثاثا وصامتا ورقيقا انتهى، فيمكن ان
يكون خلافه في بعض فروع المسألة أعني حرمان ذات الولد بان كان مقصوده بقرينة
ذكر الولد أن الزوجة إذا كانت ذات ولد من الزوج ترثه من جميع تركته، الا أن
المقصود هو الخلاف في أصل المسألة (وعلى فرض) ظهور كلامه في المخالفة في أصل
المسألة قد عرفت ضعفة بسبقه ولحوقه بالاجماع (واما) خلو جملة من كتب الأصحاب
من ذلك ما قيل كالمقنع والمراسم والايجاز ونحوها، فغير مؤيد لهذا القول، فان
الظاهر أن عدم تعرضهم للمسألة لمكان وضوحها عندهم منه كون حرمانها من بعض
التركة مذهب أهل البيت عليهم السلام (مع) أن المتبع في المسألة هو الدليل ويكفي
فيه بعد الاجماع وتسالم الفتاوي النصوص الآتية التي هي فوق مرتبة التواتر (حيث)
يخصص بها عمومات الكتاب والسنة المقتضية لإرثها من جميع تركة زوجها (فلا يبقى)
حينئذ مستند للإسكافي إلا بعض الاخبار، كرواية ابن أبي يعفور وأبان والفضل بن
عبد الملك عن أبي عبد الله (ع) قال سئلته عن الرجل هل يرث من دار امرأته أو أرضها
من التربة شيئا أو يكون ذلك بمنزلة المرأة فلا يرث من ذلك شيئا قال (ع) يرثها وترثه
من كل شئ ترك وتركت، وموثقة عبيدة بن زرارة والبقاق عن أبي عبد الله (ع)
قلنا ما تقول في رجل تزوج امرأة ثم مات عنها وقد فرض لها الصداق فقال (ع) لها
نصف الصداق وترثه من كل شئ (ولكنهما) محمولان على التقية فلا يصلحان
للمقاومة مع النصوص المتواترة الصريحة في حرمان الزوجة من بعض تركة زوجها،
كما يؤيده بل يشهد له ظهور الرواية الأولى في مفروغية حرمانها من الأرض والدار عند
الراوي من حيث جعل محص سؤاله عن الرجل في أنه كالزوجة في الحرمان من الأرض
والدار على ما هو المسلم عند الشيعة فاجابه الإمام (ع) بجواب متكفل للتقية بالنسبة إلى
حكم الزوجة لعدم تمكنه من الاقتصار على بيان حكم الزوج فقط لمكان وجود من
3
يتقيه الإمام (ع) في المجلس (لان) سكوته عن حكم الزوجة مع كونه غير مسؤول عنه
يكون تقريرا للسائل على معتقده بنظر من في المجلس ممن يتقيه الإمام (ع)، مع
إمكان حملهما على ذات الولد من الزوج، أو الالتزام فيهما بالتخصيص بمقتضى الاجماع
والنصوص الآتية (ولكن) الالتزام بالتخصيص بعيد جدا في الرواية الأولى فيتعين
حملها على التقية، أو على ذات الولد من الزوج (وكيف كان) فلا إشكال في أصل المسألة
بين الامامية فتوى ونصا (وإنما) الكلام والاشكال في مقامين (الأول) في الذي
تحرم منه الزوجة عينا وقيمة أو عينا لا قيمة (الثاني) في أن الحرمان مخصوص بغير
ذات الولد من الزوج، أو انه عام يشمل ذات الولد من الزوج أيضا (فنقول)
وبالله التوفيق.
(اما المقام الأول)
فقد اختلف فيه كلماتهم تبعا لاختلاف الاخبار على أقوال (أحدها) وهو المنسوب
إلى المشهور حرمانها من مطلق الأرض عينا وقيمة خالية كانت الأرض أو مشغولة
بيناء أو زرع، وحرمانها عينا لا قيمة من الأبنية والأشجار (وثانيها) حرمانها عينا
وقيمة من خصوص أرض الرباع وهي الدور والمساكن لا من مطلق الأرض كالضياع
والبساتين وحرمانها عينا لا قيمة من البناء والآلات والأخشاب المستدخلة فيها تقليلا
للتخصيص في عمومات الكتاب والسنة المقتضية لإرثها من جميع التركة وهذا القول
منسوب إلى المفيد في المقنع وابن إدريس في السرائر وكاشف الرموز، (ونسب)
إلى بعض الأجلة من المحققين من أعاظم العصر اختيار هذا القول (وثالثها) ما ارتضاه
المرتضى (قدس سره) فيما حكى عنه من تخصيص حرمانها بخصوص أعيان الرباع
أرضا وعمارة لامن قيمتها وحاصله توريثها من جميع تركة زوجها عدا الرباع فتحرم من
خصوص أعيانها لا من قيمها (ورابعها) حرمانها من عين الأرض مطلقا لا من قيمتها
4
جمعا بين أدلة الإرث وأدلة الحرمان بجعل الحرمان المذكور في الاخبار الحرمان من
أعيان الأراضي لامن قيمها، وقد نسب في الجواهر هذا القول إلى المرتضى (قده)
لا القول المتقدم، ولم يحضرني كلامه في الحال حتى أتأمل فيه (وخامسها) ما نسب إلى
الشيخ (قده) واتباعه، وهو التفصيل فيما تحرم منه عينا لا قيمة بين الأبنية وبين
النخيل والأشجار بتوريثها من أعيان النخيل والأشجار (ولعل) منشأ هذه النسبة
إليهم من جهة تخصيصهم الحرمان في الذكر بالأرض واقتصارهم فيما تحرم منه عينا لا قيمة
على ذكر الأبنية والآلات المعلوم عدم شمولها للأشجار، وإلا فلم أجد من صرح منهم
بإرثها من أعيان النخيل والأشجار.
(وعلى كل حال) فهذه أقوال خمسة في المسألة، ومنشئها كما قلنا اختلاف السنة اخبار
الباب مع اختلاف انظارهم في فهم المراد منها من حيث اقتصار (بعضها) فيما تحرم منه الزوجة عينا
على عنوان الرباع وهي الدور والمساكن والمنزل كصحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع)
ترث المرأة الطوب ولا ترث من الرباع شيئا (وفي بعضها) على الأرض والتربة دارا أو عقارا
أو ضيعة (وفي ثالث) على عنوان العقار تارة وبإضافة الدور إليها أخرى والعقار ثالثة
(ولكن) المختار ما هو المشهور وهو حرمانها عينا وقيمة من مطلق الأرض والتربة،
من غير فرق بين الدور والمساكن وغيرها، وعينا لا قيمة من كل ما هو ثابت في
الأرض من الا بينة والنخيل والأشجار " لنا على ذلك " الأخبار الكثيرة التي فيها
الصحيح والموثق البالغة في الكثرة حد التواتر على اختلاف أساليبها من حيث اشتمال
بعضها على عنوان الدور والعقار، وبعضها على عنوان العقار، وبعضها على عنوان الضيعة
وبعضها على عنوان الأرض والتربة.
(فمنها) صحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع) ترث المرأة الطوب ولا
ترث من الرباع شيئا قال قلت كيف ترث من الفرع ولا ترث من الرباع شيئا.
5
فقال (ع) ليس لها منه نسب ترثه به وانما هي دخيل عليهم فترث من الفرع ولا ترث
من الأصل ولا يدخل عليهم داخل بسبها.
(ومنها) ما رواه الفضلاء الخمسة وهم زرارة، وبكير وفضيل، وبريد، ومحمد
ابن مسلم منهم عن أبي جعفر (ع) وأبي عبد الله (ع) ومنهم عن أبي عبد الله (ع)
ومنهم عن أبي جعفر (ع)، ومنهم عن أحدهما: ان المرأة لا ترث من تركة زوجها
من تربة دار أو ارض إلا أن يقوم الطوب والخشب قيمة فتعطى ربعها أو ثمنها ان كان
له ولد من قيمة الطوب والخشب.
(ومنها) صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) النساء لا يرثن
من الأرض ولا من العقار شيئا.
(ومنها) رواية ميسرة بياع الزطي عن أبي عبد الله (ع) قال سئلته عن النساء
ما لهن من الميراث فقال (ع) قيمة الطوب والخشب والقصب، فاما الأرض والعقار
فلا ميراث لهن فيه: قلت فالبنات قال (ع) البنات لهن نصيبهن قل قلت كيف صار
ذو ولهذه الثمن ولهذه الربع مسمى قال (ع) لأن المرأة ليس لها نسب ترث وانما هي
دخيل عليهم وإنما صار هكذا لئلا يتزوج المرأة فيجئ زوجها أو ولدها من قوم آخرين
فيزاحم قوما في عقارهم.
(ومنها) صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) النساء لا يرثن
من الدور ولا من الضياع شيئا، إلا ان يكون قد أحدث بناء فيرثن ذلك البناء.
(ومنها) رواية يزيد الصائغ عن أبي عبد الله (ع) قال سئلته عن النساء هل
يرثن الأرض. فقال (ع) لا ولكن يرثن قيمة البناء قال قلت إن الناس لا يرضون
بهذا فقال (ع) إذا وليناهم ضربناهم بالسوط فان لم يستقيموا ضربناهم بالسيف.
(ومنها) صحيحة زرارة عن أبي جعفر (ع) ان المرأة لا ترث مما ترك زوجها
6
من القرى والدور والسلاح والدواب شيئا وترث من المال والرقيق والثياب ومتاع
البيت مما ترك ويقوم النقض والجذوع والقصب فتعطى حقها منه.
(ومنها) صحيح الأحول لا يرثن النساء من العقار شيئا ولهن من قيمة البناء
والشجر والنخل يعني من البناء والدور وإنما عني من النساء الزوجة.
(ومنها) صحيحة زرارة عن أبي جعفر (ع)، ومحمد بن مسلم عنه (ع) قال
لا ترث النساء من عقار الأرض.
(ومنها) رواية حماد بن عثمان عن أبي عبد الله (ع) قال انما جعل للمرأة قيمة
الخشب والطوب لئلا يتزوجن فيدخل عليهم من يفسد مواريثهم.
(ومنها) رواية حماد بن عثمان عن زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع)
فان لا ترث النساء من عقار الدور شيئا ولكن يقوم البناء والطوب وتعطى ثمنها أو ربعها
قال (ع) وانما ذلك لئلا يتزوجن فيفسدن على أهل المواريث مواريثهم.
(ومنها) المروي في بصائر الدرجات عن عبد الملك بن أعين قان دعى أبو
جعفر (ع) بكتاب علي فجاء به جعفر (ع) مثل فخذ الرجل مطويا، فإذا فيه ان النساء
ليس لهن من عقار الرجل توفي عنهن شئ فقال أبو جعفر (ع) هذا والله خط
على واملاء رسول الله صلى الله عليه وآله.
(ومنها) رواية بن سنان فيما كتب إليه الرضا (ع) في جواب مسائلة: علة
ان المرأة لا ترث من العقار شيئا الا قيمة الطوب والنقض لان العقار لا يمكن تغييره
وقلبه والمرأة قد يجوز ان ينقطع ما بينها وبينهم من العصمة ويجوز تغييرها وتبديلها وليس
الولد والوالد كذلك، لأنه لا يمكن التفصي منهما والمرأة يمكن الاستبدال بها فما يجوز
أن يجئ ويذهب كان ميراثه فيما يجوز تبديله وتغييره إذا شبيها وكان الثابت المقيم
على حاله كمن كان مثله في الثبات والقيام.
7
(ومنها) رواية عبد الملك بن أعين عن أحدهما (ع) قال ليس للنساء من الدور
والعقار شيئا ولهن من قيمة البناء والشجر والنخل.
(ومنها) رواية طربال بن رجاء عن أبي جعفر (ع) ان المرأة لا ترث فيما
ترك زوجها من القرى والدور والسلاح والدواب شيئا وترث من المال والرقيق والثياب
ومتاع البيت مما ترك ويقوم النقض والجذوع والقصب فتعطى حقها منه.
(ومنها) رواية موسى بن بكير الواسطي قال قلت لزرارة ان بكير حدثني
عن أبي جعفر (ع) ان النساء لا ترث مما ترك زوجها من تربه دار ولا ارض إلا ان
يقوم البناء والجذوع والخشب فتعطي نصيها من قيمة البناء وأما التربة فلا تعطى شيئا
من الأرض ولا تربة دار قال زرارة هذا مما لا شك فيه " إلى غير ذلك " من الاخبار
الصريحة على اختلاف ألسنتها في حرمان الزوجة مطلقا من مطلق الأرض والتربة عينا
وقيمة فارغة كانت الأرض أو مشغولة ببناء أو زرع أو غرس، وعينا لا قيمة من لك
ما هو ثابت في الأرض من البناء والآلات والأشجار بعد حمل مطلقاتها على مقيداتها
(فيخصص) بها حينئذ عموم ما دل من الكتاب والسنة على توريث الزوجة ربعا
أو ثمنا من تركة زوجها بما عدا الأرض والتربة دورا كانت أم ضياعا " كما " أنه
بالنسبة إلى ما يكون ثابتا في الأرض كالبناء والأشجار والنخيل يقيد أيضا كيفية ارثها
منها بكونه من قيمتها لا من أعيانها كل ذلك بمقتضى صناعة الاطلاق والتقييد
" ولا ينافي " ذلك ما في بعض تلك الأخبار من الاقتصار في حرمان الزوجة على
عنوان الرباع وعقار الدور " لوضوح " ان حرمانها منها لا ينافي حرمانها من مطلق
الأرض والتربة، إذ هو من قبيل قولك لا تضرب الرجال ولا تضرب زيدا في اتفاقهما
في النفي بنحو العموم تارة والخصوص أخرى " فليس " لتلك النصوص المقتصرة على
الحرمان من الرباع ورباع الأرض وعقار الدور مفهوم يقتضي توريثها مما عدا الرباع
8
وعقار الدور كي تصلح للمعارضة مع النصوص الاخر الدالة بالصراحة على حرمانها
من مطلق الأرض والتربة من الضياع وغيره (وانما غايته سكوتها عن حرمانها مما
عدا الرباع المعروف كونه بين اللغويين عبارة عن المنزل والدار والمسكن (فتبقى)
النصوص النافية لإرثها من العقار والأرض والتربة والضيعة على حالها سليمة عما
يصلح للمعارضة معها (فيخصص) بها حينئذ عمومات الإرث كتابا وسنة، كتخصيصها
بما دل على حرمانها من الرباع والدار (وعلى) فرض دلالتها على ارثها مما عدا الرباع
فغايته كونها بالاطلاق، فيقيد بالنصوص المصرحة بحرمانها من مطلق الأرض والتربة
بمثل قوله المرأة لا ترث تربة دار ولا أرض أو لا يرثن النساء من الأرض ولا من
العقار شيئا، كما يخصص بها عمومات الإرث.
(وأما المناقشة) فيها من جهة ضعف السند، فمندفعة جدا (إذ مضافا) إلى
كون أكثرها من المعتبرة والصحاح كانت منجبرة بالشهرة وفتوى الأصحاب
(كاندفاع) المناقشة فيها أيضا، تارة بعموم النساء فيها الشامل للزوجة وغيرها،
وأخرى عدم صراحتها بل ولا ظهورها في المنع عن مطلق الأرض والتربة، لاحتمال كون
المراد من العقار والأرض والتربة في النصوص هو عقر الدار وأرضها، وثالثة باشتمالها
على مالا يقول به أحد وهو حرمانها من السلاح والدواب، ورابعة غير ذلك من
المناقشات.
(إذا فيه) أما المناقشة من جهة عموم النساء فيها وشمولها للبنات (فلا وجه)
لتوهم العموم فيها بعد تبين المراد منها من كونه خصوص الزوجة، كما وقع التصريح
به في رواية الميسرة المتقدمة في قول قلت فالبنات قال " ع " البنات لهن نصيبهن، وفي
وراية الأحول من قول الراوي إنما عني بالنساء الزوجة، وفي التعليل الوارد في رواية
ابن سنان بقوله " ع " لان العقار لا يمكن تغييره وقلبه والمرأة قد يجوز ان ينقطع ما بينها
9
وبنيهم من العصمة إلى قوله وليس الولد والوالد كذلك إلى قوله فما يجوز أن يجئ
ويذهب كان ميراثه فيما يجوز تبديله وتغييره إذا شبيها وكان الثابت المقيم على حاله
كمن كان مثله في الثبات والقيام (واما المناقشة) في دلالتها على عموم المنع من ارثها من
مطلق الأرض والتربة فواهية جدا " إذ كيف " يمكن المناقشة في دلالة قوله (ع)
النساء لا يرثن من الأرض ولا من العقار شيئا كما في صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم،
وقوله " ع " في صحيحة الفضلاء لا ترث المرأة من تربة دار أو أرض، وقوله " ع "
في صحيحة أخرى لزرارة ومحمد بن مسلم لا يرثن من الدور ولا من الضياع شيئا،
وقوله " ع " في رواية عبد الملك بن أعين ليس للنساء من الدور والعقار شئ،
وقوله " ع " لا تعطى من الأرض شيئا. " مع وضوح " كون المراد من العقار بالفتح
في غيره مورد اضافته إلى الدور هو الضيعة كما اعترف به في كشف اللثام وجعله الأشهر
في معناه وفسره في مجمع البحرين بكل ملك ثابت له أصل كالدار والأرض والنخل
والضياع وفي لسان العرف العقار بالفتح المنزل والضيعة يقال ماله دار ولا عقار وفي
الحديث من باع دار أو عقارا " وعلى كل حال " فلا ريب في أن المراد منه في غير
مورد اضافته إلى الدور هو الضيعة وأرض الغلة " وأما " ما اشتمل منها على ما لا يقول
به الأصحاب، فليس إلا روايتا زرارة وطربال بن رجاء الكوفي من حيث تضمنهما
لعدم ارثها من السلاح والدواب (ولكن) نقول ان مجرد ذلك لا يضر بصحة
الاستدلال بهما فيهما عدا السلاح والدواب، لما قرر في محله من أن اشتمال الرواية على
مالا يكون حجة لا يخرجها بالمرة عن الحجية حتى بالنسبة إلى غيره فهي من هذه الجهة
من قبيل العام المخصص في كونه حجة في الباقي هذا (مع امكان) حملهما على أعيان
الحياة كما قيل بإرادة السيف من السلاح والراحلة من الدواب كما ورد ذلك في بعض
أخبار الحبوة وان كنا لا نقول بكون الزاحلة من الحبوة (مع أن) في بقية النصوص
10
الدالة على حرمان الزوجة من مطلق الأرض غنى وكفاية في تخصيص عمومات
الإرث بها.
(وبذلك) كله يظهر لك ضعف سائر الأقوال في المسألة (اما قول) المفيد ومن
تبعه من تخصيص المنع بالدور والمساكن فظاهر، إذا لا وجه له إلا الاقتصار في تخصيص
عمومات الإرث بما هو المتيقن من المجمع عليه والمتواتر به الاخبار والرجوع فيما عداه
إلى العمومات لكون الشك فيها في أصل التخصيص (ولكنك) عرفت ضعفه من
أنه مع وجود هذه الأخبار الصحيحة الصريحة في حرمان الزوجة من مطلق الأرض
والتربة وعمل المشهور بها لا يشك في تخصيص عمومات الإرث بها (نعم) ما افاده من
تخصيص الحرمان الدور والمساكن والرباع انما يتم على القول بعدم تخصيص الكتاب
بالخبر الواحد، إذ حينئذ مع اختلاف أساليب تلك الأخبار لابد من الاقتصار في
التخصيص على ما هو المجمع عليه والمتواتر به الاخبار ولا يكون لك إلا الرباع المفسر بالدور
والمساكن (ولكن) الشأن في أصل المبنى لما حقق في محله من جواز التخصيص
الكتاب بالخبر الواحد كتخصيصه بالمتواتر.
(وأما قول السيد قده) بأنها تحرم من عين الأرض دون قيمتها، فمع تفرده
به وعدم موافق له من الأصحاب لا يكاد يتصور له وجه إلا كونه جمعا بين أدلة الإرث
وأدلة الحرمان كما عن المختلف وكونه أيضا هو المتيقن من الاجماع وما تواتر عليه
الاخبار (وهو) كما ترى، اما الاجماع فمن جهة تصريحهم بحرمانها من الأرض في
الجملة عينا وقيمة وان اختلفوا في ما تحرم منه من أنه مطلق الأرض والتربة أو خصوص الدور
والمساكن (وأما الاخبار) فلما عرفت من صراحتها بقرينة المقابلة بين البناء والأرض
في حرمانها من الأرض عينا وقيمة (وأما الجمع) المزبور بين أدلة الإرث وأدلة
الحرمان، فمع انه لا شاهد عليه، يكون طرحا للاخبار حقيقة، لمنافاته بالضرورة لما هو
11
المصرح به في تلك النصوص المتواترة من حرمانها من نفس الأرض عينا وقيمة خصوصا
بملاحظة المقابلة في تلك الأخبار بين الأرض والبناء والآلات بالتصريح باعطاء القيمة
من البناء والخشب والقصب ونحوها دون الأرض (مضافا) إلى أن اندراج العين
والقيمة في العمومات ليس من قبيل اندارج المصاديق في مفهوم العام ليكون حمل كل
منهما على بعض أفراده عملا بهما في الجملة فتأمل.
(وأما ما نسب) إلى الشيخ (قده) واتباعه من القول بتوريثها من أعيان
النخيل والأشجار تقليلا للتخصيص، فيدفعه رواية الأحول المتقدمة القاضية بالصراحة
بالمساواة بين الأبنية وبين النخيل والأشجار في كون توريثها من قيمتها لا من أعيانها
(وأما المناقشة) فيها بضعف السند فضعيفة بكونها من الصحيح لان طريق الصدوق (قده) إلى
الحسن بن محبوب صحيح فكانت الرواية صحيحة (ويمكن) الاستدلال لذلك أيضا
بالنصوص النافية لإرثهن من العقار والضياع، نظرا إلى دخول الأشجار فيها كدخول
الحائط والبناء، غاية الامر بالنسبة إلى الأبنية والأشجار يخصص بما دل على تقويمها
واعطاء القيامة إليها ربعا أو ثمنا فتأمل (فالتحقيق) حينئذ وفاقا للمعظم بل المشهور
القول الأول وهو حرمانها من مطلق الأرض عينا وقيمة دارا كانت أو غيرها مشغولة
بغرس أو زرع أو خالية، وعينا لا قيمة من مطلق ما هو ثابت في الأرض كالبناء
والأشجار (هذا كله) في المقام الأول.
وأما المقام الثاني
في أن الحرمان يعم مطلق الزوجة، أو يختص بغير ذات الولد منها (فنقول)
ان في المسألة قولان متكافئان (أحدهما) اختصاص الحرمان بغير ذات الولد من الزوج
الميت، وهو منسوب إلى جماعة من أعاظم الفقهاء رضوان الله عليهم، كالصدوق في
الفقيه والشيخ في النهاية والمبسوط، والسبزواري في الوسيلة، والشهيد في الدروس
12
واللمعة، والمحقق في الشرايع، والعلامة في القواعد وشرحها مفتاح الكرامة
(بل قيل) انه المشهور بين المتأخرين كما في المسالك والروضة بل ادعى عليه الاجماع
(وثانيهما) عموم الحرمان المطلق الزوجة ولو كانت ذات ولد (وهو على ما في الجواهر)
خبرة أكثر الأصحاب، كالكليني (قده)، والمفيد والمرتضى والشيخ في الاستبصار والحلبي
وابن زهرة والحلي، بل المشهور بين المتأخرين شهرة كادت تكون اجماعا، بل هو ظاهر
كل من أطلق حرمانها من الأرض بل في محكي السرائر الاجماع عليه وفي المحكي عن المفيد
في الرسالة التي رد فيها على رجل ناصبي اجماع الشيعة على ذلك (ولكن التحقيق) هو الثاني،
إذ لم نقف للأول على دليل معتد به يقتضي التفصيل المزبور، بل ظاهر النصوص المتقدمة خلافه
خصوصا المشتمل منها على التعليل بقول (ع) لئلا يتزوجن فيدخل عليهم يعني أهل
المواريث من يفسد مواريثهم (فإنه) مقتضاها عدم الفرق في الحرمان بين ذات الولد
وغيرها، وكذا المشتمل منها على اعطاء الربع والثمن من قيمة البناء والطوب والخشب
كصحيحة الفضلاء من قوله (ع) إلا ان يقوم الخشب فتعطى ربعها أو ثمنها ان كان له
الولد الشامل باطلاقه لكون الولد من الزوجة التي يعطى إليها ثمنها أو من غيرها.
(واما) ما استدل به للقول الأول من روايتي عبيد بن زرارة وابن أبي يعفور
المتقدمين من قوله (ع) يرثها وترثه من كل شئ ترك وتركت بعد حملها على ذات
الولد ففيه انه لا شاهد لهذا الحمل (نعم) في مقطوع ابن اذنيه الذي رواه الصدوق قده
في الفقيه عن ابن أبي عمير النساء إذا كان لهن ولد أعطين من الرباع (ولكنه غير
صالح) للاستدلال به وتقيد ما دل على حرمان الزوجة من الرباع والعقار والأراضي
والضياع بغير ذات الولد (لان) ذلك فرع أحرار كونه رواية عن الامام " ع "،
وهي مشكوكة لاحتمال كونها رأيا من الراوي لا رواية عن الإمام (ع) " ورواية "
أجلاء الرواة كابن أبي عمير للحديث عنه لا يدفع الاحتمال المزبور، فان غايته كونه
13
مفيدا للظن بكونه رواية عن الإمام (ع) " ولكن " ذلك لا يقتضي حجيته ما لم يقطع
بكونه رواية عن الامام " ع " (وبذلك) ظهر وضوح الفرق بينه وبين المرسل المجبور
ضعفه بالشهرة وفتوى الأصحاب (فان) الشهرة إنما تجبر بها الخبر إذا أسند إلى الإمام (ع)
دون ما لا يكون كذلك مما شك في كونه رواية عن الإمام (ع)، فلا مجال حينئذ
لمقايسته المقام بالمرسل المنجبر ضعفه بالشهرة بمحض رواية الاجلاء للحديث عنه بارسالهم له
على نسق الرواية وتدوين مشايخ الحديث له في أصولهم المعمولة لتدوين الروايات
فيها وتكرره في الجوامع الثلاثة الفقيه والاستبصار والتهذيب (فكيف) يمكن حينئذ
رفع اليد بمثله عن تلك المطلقات الكثيرة النافية لإرثهن من الدور والعقار والأراضي
والضياع مع ما فيها من التعليلات والتأكيدات وورودها في مقام البيان وعدم تعرض
شئ منها على كثرتها واختلاف أساليبها وتفاوت أزمنة صدورها للتفصيل المزبور
(ودعوى) كون التفصيل بين ذات الولد وغيرها جمعا بين أدلة حرمانها من جميع
ما ترك من الأراضي وأدلة ارثها من الجميع وتقليلا للتخصيص في عمومات الإرث مما
لا شاهد لها وكثرة أفراد المخصص مما لا ضير فيه بعد قيام الدليل المعتبر عليه.
(وأما الاستدلال) للتفصيل المزبور بأنه قضية صناعة الاطلاق والتقييد في
الاخبار المتعارضة (بتقريب) ان النسبة بين عمومات الإرث كتابا وسنة والمطلقات
النافية لإرثهن من الأراضي والدور والعقار والضياع وإن كانت هي العموم المطلق
(ولكن) بعد تخصيص العمومات بالاجماع على حرمان غير ذات الولد تنقلب النسبة
بينها وبين المانعة بعكس الأول، حيث إنه تصير عمومات الإرث بعد
التخصيص بالاجماع أخص مطلقا من المطلقات المانعة من الإرث فتخصص تلك
المطلقات ونتيجة ذلك هي التفصيل المزبور بين ذات الولد وغيرها ولو مع قطع النظر
عن المقطوعة المزبورة (ففيه) مالا يخفى (أما أولا) فبأن المسلم من فرض انقلاب
14
النسبة إنما هو في التخصيص بالمتصل الموجب لقلب ظهور العام، لا في التخصيص
بالمنفصل الذي لا يوجب إلا قصر حجية ظهوره ببعض مدلوله لا سلب أصل ظهوره
(فان) في مثله لا موقع لدعوى إنقلاب النسبة بين الدليلين بمحض تخصيص أحدهما
بدليل منفصل كما في مفروض البحث المدعي فيه تخصيص عمومات الإرث بالاجماع
الذي هو دليل منفصل (وتوهم) ان النسبة في المتعارضين من الأدلة انما تلاحظ بين
الحجتين لا بين الظهورين بما هما مع قطع النظر عن حجيتها، فلابد في مقام لحاظ النسبة
بين المتعارضين من أن يكون كل واحد منهما في ذاته مع قطع النظر عن التعارض حجة
فعلية يصح الركون إليه في استفادة الحكم الشرعي والافتاء بمضمونه، ولا ريب في أن
العام المخصص بالمتصل أو المنفصل لا يكون كذلك إذ هو بعد التخصيص لا يكون
حجة إلا فيما عدا عنوان الخاص وهو المقدار الباقي بعد التخصيص (ولازم) ذلك
هو لزوم لحاظ النسبة بينه وبين العام الآخر في خصوص المقادر الذي يكون حجة فعلية
لولا المعارض، ولا نعني من انقلاب النسبة بين الدليلين بعد تخصيص أحدهما بالخاص
الوارد عليه الا هذا (فمدفوع) بان التعارض بين الأدلة وإن كان بين الحجتين
للزوم أن يكون المتعارضين كل منهما لولا التعارض حجة في نفسه يصح الركون إليه
(ولكن) الكلام في الظهور الذي هو موضوع الحجية (فان) تعارض الأدلة في باب
الألفاظ بعد أن يكون باعتبار كشفها النوعي عن المراد الواقعي الحاصل من القاء الظاهر
في مقام الإفادة والاستفادة، لا باعتبار كشفها الفعلي المنافي مع الظن الفعلي بالخلاف،
ويكون تقديم الخاص المنفصل على العام بمناط تقديم أقوى الحجتين على الأخرى،
لا من باب تعبد مخصوص اقتضى تقدم الأخص مضمونا على الأعم، ولا من جهة اقتضائه
لقلب ظهور العام إلى ظهور آخر أقوى في المقدار الباقي بعد التخصيص (فلا محالة)
يكون ظهور العام بعد التخصيص في ما عدا عنوان المخصص بعين ظهوره النوعي الثابت
15
له قبل التخصيص لا بظهور آخر غيره (فإذا فرضنا) ان ظهور العام في مقدار حجيته بعد
التخصيص بعين ظهوره النوعي ودلالته على تمام مدلوله قوة وضعفا لا بظهور آخر غيره
وكان هذا الظهور مساويا أو أضعف من ظهور غيره (فكيف) يمكن تقديم ظهوره في
مقدار حجيته على ما كان مساويا أو أقوى ظهورا منه بصرف أخصيته في مقدار حجيته
(نعم) لهذا الكلام مجال لو كان المناط في تقديم الخاص في المنفصلات من باب التعبد
بصرف أخصية مضمونه (وليس) كذلك وإنما هو من باب تقديم أقوى الظهورين،
والحجتين، ولذا قد يقدم العام على الخاص فيما كان ظهوره في العموم أقوى من
ظهور الخاص المنفصل في الخصوص (ولعمري) ان المنشأ لهذا التوهم إنما هو تخيل كون
الخاص المنفصل كالمتصل منه موجبا لقلب ظهور العام إلى ظهور آخر فيما عدا عنوان
الخاص، وإلا فعلى فرض عدم اقتضائه الأقصر حجيته في المقدار الباقي لا مجال
لدعوى انقلاب النسبة بين الظهورين بمجرد ورود مخصص لاحد العامين، هذا.
(وثانيا) لو بنينا على انقلاب النسبة في المخصصات المنفصلة، نقول أنه
لا يكاد جريانه في مثل المقام (فإنه لم يقم) اجماع بالخصوص على حرمان غير ذات
الولد بعنوانه الخصوص كي ينتهي الامر إلى دعوى الانقلاب المزبور (ومجرد) كونه
هو القدر المتيقن من الاجماع على حرمان الزوجة لا يجدى في أخذ النتيجة المزبورة
لعدم اقتضاء هذا المقدار للكشف عن كونه بالخصوص رأي المعصوم (ع) (لان) من
المحتمل كون رأيه (ع) على حرمان مطلق الزوجة ذات الولد وغيرها (ومع) هذا
الاحتمال أين يبقى المجال لدعوى كون مفاد الاجماع المستكشف منه رأي الامام
أخص مطلقا من تلك الأخبار لا مبائنا معها (فالتحقيق) حينئذ هو عموم الحرمان
لمطلق الزوجة ذات الولد وغيرها (ولكن) مع ذلك فالأحوط هو التصالح في المقام
حذارا من مخالفة هؤلاء الاعلام الذين هم من أئمة الفقه، وان كان الأقوى ما عرفت
16
من عموم الحرمان لمطلق الزوجة.
التنبيه على أمور
(الامر الأول) الظاهر أنه لا فرق في حرمان الزوجة من الأراضي عينا وقيمة
ومن البناء والأشجار عينا لا قيمة بين أن يكون معها وارث غير الامام من الطبقات السابقة،
وبين أن لا يكون معها وارث غير الامام (فإنه) بناء على ما هو المشهور بين الأصحاب
من عدم الرد عليها لا يكاد يفرق بين الصورتين، فتحرم مع الامام أيضا كما تحرم مع
وجود وارث آخر غير الامام (إذ لا وجه) لتخصيص حرمانها بصورة كون الوارث
غير الامام، عدا توهم انصراف الأخبار المتقدمة إلى صورة وجود وارث آخر معها
غير الامام مؤيدا بما في بعضها من التعليل بقوله (ع) لئلا يتزوج المرأة فيجئ زوجها
أو ولدها فيزاحم قوما آخرين في عقارهم (وهو) توهم فاسد لمنع الانصراف أولا
وكونه على فرض تسليمه بدويا يزول بأدنى تأمل فيها (والتعليل) المزبور مع كونه حكمة
لتشريع الحكم لا علة غير مجد بعد اقتضاء التدرج في طبقات الإرث قيام كل لاحقه
مقام سابقتها (فان) لازمه هو حرمانها مع الامام كحرمانها مع غيره من الطبقات السابقة
كما هو ظاهر واضح.
(الامر الثاني)
(قد عرفت) ان ما تحرم منه الزوجة عينا وقيمة من تركة زوجها انما هو عين
مطلق الأرض دورا كانت أو غيرها من الضياع والعقار (واما) بالنسبة إلى الا بينة
والآلات فلا تحرم منها الا من أعيانها لا من قيمتها، بل تقوم البناء والآلات فتعطى
حصتها من القيمة ربعا أو ثمنا (من غير فرق) بين الرباع المفسر بالدور والمساكن
وبين غيره كالدكاكين والخانات والحامات (فان المدار) في ذلك على ما نص عليه
بعض أخبار الباب إنما هو على عنوان البناء والآلات فتحرم عينا لا قيمة من مطلق
17
الا بينة دارا كانت أو غيرها كالخانات والحمامات والدكاكين والأرحية، بل وبيوت
الدواب والغنم ومحارز الغلة وعلف الدواب، وبالجملة تحرم الزوجة من أعيان كل أبنية
أعدت لأي مصلحة وتعطى حصتها من قيمتها، ويدخل فيها أيضا حيطان البساطين
لصدق اسم البناء عليها (وان) قيل بإرثها من أعيان الأشجار (إذا لا تلازم) بين
ارثها من أعيان الأشجار وارثها من عين الحيطان المحيط بها (فان) كل من المحيط
والمحاط يتبع دليله، فإذا صدق البناء على الحائط المحيط بالأشجار يلزمه حرمانها منه
عينا، قلنا بإرثها من الأشجار أو لم نقل بذلك.
(وأما الآلات) التي تعطى حصتها من قيمتها فالمراد بها كل ما يعد كونه جزءا
للبناء، فيدخل فيها الأخشاب والآجر والأبواب والأعتاب والشبابيك ولو كانت
من حديد وغيرها مما هو مستدخل في البناء ويدخل فيها الأعمدة المنصوبة في الأرض
المعمولة للطوارم في عصرنا ولو كانت من حديد، وكذا السلم المنصوب للصعود والنزول
إذا كان ثابتا على نحو يعد كونه جزء البناء، دون المنفصل الذي ينقل من مكان إلى مكان
(وكذا) يدخل المرائي والزجاجات المنصوبة في سقف البيت وجدرانه للزينة
كل هذه لصدق كونها جزء البناء (من غير فرق) بين اشراف البناء على الخراب وعدمه
فما دام البناء باقيا بحاله يترتب عليه وعلى ما يتبعه من الآلات والأدوات المستدخلة
أو المنصوبة فيه الحكم المزبور " نعم " لا يدخل فيها الآلات المنفصلة عن البناء كالاجر
والأخشاب والأعمدة والشبابيك وغيرها، لعدم كونها جزء البناء مع فرض انفصالها
عنه " من غير فرق " بين طرو الانفصال وعليها بهدم ونحوه وبين كونها معدة للبناء
وبعد لم تبن " لان " العبرة في الحرمان من تلك الآلات على فعلية ثباتها في البناء
وكونها جزء فعليا للبناء، لا على مجرد قابليتها لان تكون جزء البناء فلا تحرم الزوجة من
أعيانها " نعم " قد يشك في الأعمدة المنصوبة في الأرض لأجل وضع البناء والطوارم
18
عليها بعد ذلك بلا كونها مشغولة ببناء فعلى عليها " وكذا " في الجذوع والأخشاب
الموضوعة على جدران البيت لأجل التسقيف بلا وضع بينان عليها ولا نصب للأخشاب
المزبورة بمسامير ونحوها (وبالجملة) مورد الشك في ضرورة مجرد وضع الأعمدة
والأخشاب على الهيئة التي يبنى عليها الطوارم والسقف مع عدم وضع شئ عليها من
بناء ونحوه، حيث أن فيها اشكالا من صدق كونها جزء البناء بهذا المقدار من الوضع
على الهيئة الخاصة، ومن عدم وضع بناء بعد عليها " ويحتمل " الفرق بين الأعمدة
المنصوبة في الأرض لأجل وضع البناء والطوارم عليها، وبين الجذوع والأخشاب
الموضوعة على جدران البيت لأجل التسقيف بلا نصبها ببناء أو مسمار، بالقول بحرمان
الزوجة منها عينا في الأول لكفاية مجرد نصبها في الأرض على الهيئة الخاصة في صدق كونها جزءا فعليا للبناء، دون الثاني لعدم الصدق فيها " ومثله " في الاشكال القدور
المنصوبة في بعض الدكاكين لطبخ الهريسة والرؤس، وكذا الظروف المنصوبة في محال
صنع الحلوى، والظروف الكبيرة والانجانات المنصوبة في محال صبغ اللباس (وان كان)
الأظهر عدم حرمان الزوج منها (لان) مناط التقويم في الأدوات والآلات إنما هو
بكونها جزءا للبناء، لا انه بصرف ثباتها في الأرض كي يقال باقتضائه التعدي إلى كل
ثابت في الأرض ولو لم يصدق عليه كونه جزءا للبناء (وحينئذ) فإذا لم يصدق عليها
كونها جزءا للبناء فلا جرم ترث منها الزوجة كسائر الأمتعة (ولا أقل) من الشك في
ذلك فالمرجع هو عمومات الإرث (وما في بعض) الكلمات من التعبير بالآلات
المثبتة وغير المثبتة تارة، والمنقولة وغيرها أخرى، فليس المراد منه مجرد ثابت الشئ في
الأرض، بل المراد منه ما يكون جزء البناء لأجل ثباته في الأرض، كما أن قولهم بحرمانها
من الأشجار إنما هو لأجل النص وهو صحيح الأحول، لا أنه من جهة ثباتها في
19
الأرض (إذ لا أثر) لمثل هذا العنوان في موضوع هذا لحكم (وبالجملة) أن الخارج
من عمومات الإرث بمقتضى الاجماع والنصوص المتقدمة فيما تحرم منه الزوجة عينا
لا قيمة إنما هو عنوان الأشجار وعنوان البناء والطوب والخشب والقصب المستدخل في
البناء، ففي ما عدا عنوان الأشجار من سائر الأمور التي لها نحو ثبات يدور حرمان
الزوجة منها مدار صدق عنوان البناء عليها أو جزئيتها له دورا كانت أم حانوتا أو غير
ذلك، فمتى لم يصدق عليها عنوان البناء ولا جزئيتها له، أو شك في الصدق المزبور
كالأمثلة المزبورة في نحو القدور والانجانات المنصوبة في الدكاكين المعدة لطبخ
الرؤس والهريسة ومصانع صبغ الألبسة ونحوها يحكم عليها بإرثها من أعيانها، لعمومات
الإرث (نعم) في مثل صفرية الحمام وأحجار الرحى في الأرحية ومعصرة الزيت
والسمسم، فالظاهر دخولها في آلات البناء للصدق العرفي (كما أن الظاهر) دخول أعيان
النواعير المنصوبة في البساتين لسقي الأراضي على اشكال في دولايها (وأما البيوت)
المتخذة من البواري وسعاف النخل ونحوهما مما هو المتعارف عند أهل القرى والمعدان
في عصرنا هذا فلا يبعد أن يقال بحرمان الزوجة منها لكونها من قبيل البيوت المتخذة
من الأخشاب والألواح، لا من قبيل الخيم والفسطاط.
(وأما) العيون والآبار فلا ينبغي الاشكال في الحرمان منها عينا وقيمة
كالأراضي بل هي هي عينا (نعم) الظاهر هو ارثها من غير المياه المجتمعة في الآبار
الموجودة حال موت المورث (وتوهم) المنع عن ارثها منها أيضا لكونها تابعة لنفس
الآبار (مدفوع) بمنع تبعيتها حتى من حيث الحكم بالحرمان وإنما هي مملوكة بملكية
مستقلة في قبال الأرض والعيون والآبار (ولا أقل) من الشك فيحكم عليها بالإرث
بمقتضى العمومات (وأما المياه) المتجددة بعد الموت فلا إشكال في عدم ارثها منها
لكونها ملكا للورثة محضا.
20
(وأما الأشجار) فقد عرفت حرمانها منها عينا لا قيمة لرواية الأحول المتقدمة (من
غير) فرق بين الكبار منها والصغار والمثمرة وغيرها، بل وما لا ينتفع بها لصدق
الشجر عليها (بل وكذا) الأشجار اليابسة على اشكال فيها، ويدخل فيها الأغصان
والسعاف المتصلة بها على اشكال في اليابسة منها مما صار حطبا، وترث عينا مما كان
مقلوعا من النخيل والأشجار حال موت الزوج وان كانت معدة للغرس في محل آخر
كما أنها ترث من الثمار عينا ولو على الشجرة، كإرثها من الزرع الموجود في الأرض
حال موت الزوج وان لم يستحصد، بل وان كان بذرا لعموم أدلة الإرث، وعدم
اقتضاء الحرمان من الأرض والشجر حرمانها من الزرع والثمرة (وقد يتوهم) حرمانها
من عين الزرع بلحاظ ثباته في الأرض (ولكنه) توهم فاسد، لما تقدم من أنه
ليس المدار فيما تحرم منها الزوجة عينا لا قيمة على مجرد الثبات في الأرض (وإنما) المدار
كله على العناوين المخصوصة المأخوذة في لسان الأدلة وهي لا تكون إلا عنوان الشجر
وعنوان البناء واجزائه من الطوب والخشب والقصب ونحوها، ففي ما عدا هذه العناوين
يحكم عليها بالإرث بمقتضى عمومات الإرث (وترث) أيضا من العريش المتخذة من
الأخشاب التي توضع عليها أغصان الكرم، وكذا من الأخشاب المربوط بها الأشجار
الصغار لحفظها من الرياح العاصفة للعمومات.
(الامر الثالث)
في تقويم البناء والآلات التي ترث الزوجة من قيمتها لا من أعيانها وكيفيته أن
تقوم البناء والآلات، على الهيئة التي هي عليها باقية في الأرض بلا اجرة إلى أن تفتى،
وكذلك الأشجار والنخيل فيفرض كون البناء دارا كانت أو حانوطا أو غيرها كأنها
مبنية في ملك الغير بنحو يستحق البقاء فيه بلا اجرة إلى أن تقنى، فيقوم ويعطى من
القيمة ربعها أو ثمنها، لا انها تقوم نفس ذوات الأخشاب مجردة من الهيئة البنائية وعن
21
ملاحظة استحقاقها للبقاء في الأرض، أو تقويهما باقية فيها بما لها من الهيئة مع الأجرة
(فان) ذلك كل خلاف ظواهر الأخبار المتقدمة المقتضية لإرثها بما هي ثابتة في
الأرض على مالها من الهيئة البنائية المخصوصة، خصوصا المشتمل منها على ارثها من البناء
كصحيح زرارة ومحمد بن مسلم، وكذا المشتمل منها على ارثها من قيمة البناء (إذا لا
شبهة) في ظهور هذه النصوص في ارثها من البناء والدور ولو من قيمتها من حيث البناء
والعمارة (نعم) قد يتوهم في بدو النظر من قوله (ع) في بعض نصوص الباب قيمة
الطوب والخشب والقصب والجذوع كون المراد تقويهما بنفسها مجردة عن البناء (ولكن)
التأمل فيها يقضي كون المراد تقويهما بما هي ثابتة ومعروضة للهيئة البنائية الخاصة الطارية
عليها، لا بما هي ذوات الأخشاب والأحجار مع قطع النظر عن كونها معروضة للهيئة
الخاصة البنائية (وحينئذ) فلا ينبغي الاشكال في لزوم تقويهما على النحو الذي ذكرناه
من ملاحظة هيئة البناء الخاص في مقام التقويم باقية في الأرض إلى أن تفتى مع كون
بقائها أيضا مجانا لا بأجرة.
(نعم) ربما احتمل كما عن محكي ثاني الشهيدين (قد) في رسالته لزوم تقويهما
باقية في الأرض لكن بأجرة لا مجانا، بل عن المحقق القمي (قده) التصريح به في موضع
من أجوبة مسائله (ولكنه) ضعيف جدا (فان) الأجرة مما تنفيه ظواهر النصوص
المتقلمة في استحقاق الزوجة من قيم ما تركه الميت من الأبنية والأشجار على الكيفية
التي فارقها الميت وانتقلت إلى الورثة، وهي لا تكون إلا كونها مستحقة للبقاء بلا
أجرة (مع أنه) لا موجب يقتضي استحقاق الورثة للأجرة على بقائها ليكون ذلك نحو
جمع بين الحقين (إذا السبب) في ذلك ليس إلا كون ملك شخص شاغلا لملك الغير
بوضع ونحوه (ومثله) مفقود في المقام لان الزوجة على ما هو المشهور ونطق به أخبار
الباب لم تملك شيئا من أعيان البناء والأشجار، وإنما استحقاقها كان من المالية القائمة بتلك
22
الأعيان (فأعيان) البناء والأشجار التي هي شاغلة للأرض إنما كانت ملكا لسائر
الورثة دون الزوجة (فأين) يتصور حينئذ وجه لدعوى استحقاق الورثة الأجرة على
بقائها في الأرض (ومجرد) كون أعيان البناء والأشجار متعلقا لحق الزوجة باعتبار
قيمتها لا يقتضي استحقاق الأجرة على بقائها كما لا يخفى.
(نعم) بناء على العول بتعلق ارث الزوجة بدوا بأعيان البناء والأشجار،
وان استحقاقها للقيمة إنما هو من جهة بدليتها عن العين المملوكة لها بالإرث من باب
الارفاق على الورثة، لا انه من باب الإرث القهري كما هو ظاهر المحقق القمي (قده)
في غير موضع من أجوبة مسائله (أمكن) دعوى لزوم تقويم الأبنية والأشجار بما هي
باقية في الأرض مع الأجرة، بلحاظ تحقق سبب الاستحقاق حينئذ وهو شاغلية لمالها
لملك الغير،
كما هو الشأن في نظائره في من ملك الحال والمظروف دون الظرف والمحل
فان مثله لا محيص من الالتزام بلزوم دفع الأجرة لأجل الوضع الشاغل لملك الغير
حتى في فرض استحقاق الوضع الشاغل البقاء في ملك الغير، لعدم اقتضاء مجرد
استحقاق الشاغل للبقاء كونه بلا اجرة وعلى نحو المجان (إلا) ان يثبت المجانية من
الخارج من اجماع ونحوه (وإلا) فقاعدة احترام الأموال تقتضي الأجرة على الوضع
الشاغل ملك الغير، هذا (ولكن) يتوجه عليه بأنه يتم ذلك في فرض طرو الوضع
الشاغل على ملك الغير ولو عن حق كما في موارد اجاره الاملاك للغرس والبناء (لا في
مثل المقام) الذي انتقل الأرض إلى ملك الورثة من مورثهم مشغولة بالأبنية والأشجار
التي هي ملك الزوجة أو متعلقة لحقها (إذ في مثله) لا مجال لدعوى استحقاق الورثة
الأجرة على تبقيتها في أرضهم (فالمقام) من قبيل ما إذا اشترى الشخصان بعقد واحد
أو بعقدين من شخص أحدهما نفس الأشجار أو الزرع بما أنها باقية في الأرض من
غير اشتراط الأجرة على بقائها فيها، والآخر عين الأرض بما هي مشغولة لا بأشجار
23
أو الزرع، فإنه لا شبهة في عدم استحقاق مشتري الأرض بعد شرائها مشغولة بالشجر
والزرع الأجرة على تبقيتهما في ملكه (ولا أقل) من الشك في ذلك والأصل يقتضي
براءة ذمتها عن وجوب دفع الأجرة (ثم إن ذلك) أيضا مع قطع النظر عما استظهرناه
من الأدلة من لزوم تقويم الا بينة والأشجار بما هي باقية بلا اجرة في بقائها (وإلا)
فمع ملاحظة ظواهر تلك الأخبار لا يبقى مجال التشكيك في لزوم تقويهما بما هي مستحقة
للبقاء مجانا إلى أن تفتى (ولعله) إلى ما ذكرنا نظر المحقق القمي قده في موضع آخر من
أجوبة مسائلة في اختيار كون التقويم على نحو المجان " وإلا " فهو ظاهر المنافاة لما
افاده من المبنى الذي قرره مرارا من عدم كون استحقاق الزوجة القيمة من باب حكم
إجباري، وإنما هو من باب بدليتها عن العين المملوكة لها بأصل الإرث، فكان للوارث
بلحاظ الارفاق المستفاد من الاخبار دفع القيمة إليها بدلا عما ملكتها بالإرث، كما
كان له دفع حصتها من العين، بلا أن يكون لها الامتناع من قبولها والمطالبة بقيمتها
(ولكن) الشأن في تمامية هذا المبني، كما يأتي في التنبيه الآتي إن شاء الله.
(ثم انه) قد يقال في كيفية التقويم بوجه آخر، وهو أن تقوم الأرض مجردة
عن البناء والغرس، وتقوم مبينة ومغروسة فتعطى حصتها من تفاوت القيمتين وقد
استحسنه في الجواهر معللا بأنه يمكن زيادة قيمة الأرض بملاحظة ما فيها من الغرس
والشجر والنخل واستحقاقها لهذه الزيادة مناف لما دل على حرمانها من الأرض عينا
وقيمة (وفيه) أن الأرض والشجر والنخل إنما كانت ملكا لمن عدا الزوجة من
الورثة، والتقويم إنما كان لأجل إعطاء ما تستحقه الزوجة من قيمة الشجر والنخل
والطريق فيه منحصر بما ذكرناه من تقويم نفس الشجر والنخل والبناء بما لها من
الخصوصية الخاصة التي كونها في محل خاص وإلا فتقويم الأرض تارة فارغة ومجردة
عن البناء والغرس وأخرى مشغولة بالبناء والغرس مع كونه أجنبيا قد يكون موجبا
24
لتنقيص حق الزوجة من قيمة البناء والأشجار، فلا محيص حينئذ من الاقتصار في
التقويم على النحو الذي ذكرناه.
(الامر الرابع)
في أن استحقاق الزوجة للقيمة هل هو بأصل الإرث من باب حكم اجباري
أو أن استحقاقها لها من باب بدليتها عن العين، على معنى تعلق حقها أولا بأصل الإرث
بالعين كغيرها من أعيان التركة وانتقالها ثانيا إلى القيمة بدلا عن العين ارفاقا لحال
الوارث كما هو خيره جماعة منهم المحقق القمي (قده) من دعوى ظهور الاخبار في
كون العلة في الحرمان هو الارفاق بالوارث فيكون للوارث ولاية التبديل بدفع القيمة
إليها، نظير تعلق حق الفقير بالعين الزكوي بنحو الإشاعة أو الكلي في المعين، مع
ولاية مالك النصاب على التبديل بدفع القيمة من الخارج كي يلزمه عدم اجبار الوارث على
التقويم لو أراد دفع حصتها من العين، بل اجبار الزوجة على الرضا بها (وعلى الأول)
فهل يكون حقها متعلقا بخصوص المالية، المتقومة بالعين بحيث كان دفع القيمة خارجا
من باب كونها تداركا لما تستحقه من المالية القائمة بأعيان البناء والأشجار، نظير
قيم المتلفات كما خيرة كثير من الأصحاب أو بكون حقها من الأول متعلقا بمطلق
القيمة في ذمة الوارث ولو باعتبار تنزيل الشارع حرمانها من العين وتخصيصها بمن عداها
من الورثة منزلة التالف عليها في ضمانهم لها بالقيمة، كما هو مختار الجواهر وثاني
الشهيدين وبعض آخر، ومال إليه أيضا السيد العلامة الأستاذ الأصبهاني دام ظله العالي
(أو أن) وجوب بدفع القيمة إليها مجرد حكم تكليفي على الوارث من دون أن يكون لها
حق في ذمة الوارث فضلا عن تعلقه بأعيان النباء (فيه وجوه) وأقول (أضعفها
الأخير) لكونه مخالفا لظواهر الأخبار المتقدمة، بل لم نجد القول به صريحا لاحد
من الأصحاب، وإنما هو مجرد احتمال أحتمله بعضهم.
25
(ويتلوه) في الضعف ما افاده صاحب الجواهر وبعض آخر من تعلق حقها
بقيمة البناء في ذمة الورثة وانتقال الأعيان بماليتها إلى ملكهم بموت مورثهم " وذلك "
لبعده أيضا عن ظواهر النصوص من نحو قوله (ع) يرثن قيمه البناء والشجر والنخل
خصوصا المتضمن منها لإرثها من عين البناء " إذ لا شبهة " في ظهور تلك النصوص،
بل صراحة بعضها في أن محل القيمة التي ترثها الزوجة هو أعيان الأبنية والأشجار
لا ذمة الورثة (وبالجملة) لا شبهة في أن المستفاد من ظواهر تلك النصوص هو كونها في
مقام التفكيك في إرث الزوجة وحرمانها من البناء والآلات والأشجار بين أعيانها
وماليتها القائمة بها بتخصيص حرمانها من الإرث من جهة خصوص أعيانها لا مطلقا حتى
من حيث ماليتها القائمة بها كي يكون محل استحقاقها من القيمة ذمة الوارث تعبدا " فان "
ذلك يحتاج إلى قيام دليل عليه بالخصوص (وإلا) فلا يكاد استفادته من أخبار الباب
كما لا يخفى.
" مضافا " إلى استلزامه للقول بوجوب دفع القيمة على الوارث في فرض تلف
العين بعد الموت بآفة سماوية من سيل ونحوه، بل ومع غصب غاصب إياها بعد الموت
" لان " محل القيمة على هذا المبني هو ذمها لوارث دون العين " والعين " قد انتقلت
بماليتها إلى ملك الوراث بلا مساس لها بالزوجة فكان التلف والغصب واردين
على ملكه لا على متعلق حقها (فلابد) من خروج الوارث عن عهدة ما استقر في
ذمته كسائر ديونه " وهذا وإن التزم به بعض القائلين بهذا الملك كما عن محكى ملحقات
البرهان ولكن " الالتزام بمثله كما ترى.
" ومن التأمل " فيما ذكرنا يظهر ضعف القول بتعلق ارث الزوجة بدوا
بأعيان الأبنية والأشجار وان للوارث تحويل حقها من العين بدفع القيمة إليها بدلا عنها
" فان " ذلك وإن كان يوافق عمومات الإرث " ولكن " مضافا إلى كونه خلاف المشهور
26
بين الأصحاب، يدفعه ظواهر الأخبار المتقدمة من نحو قوله (ع) يرثن قيمة البناء
والشجر والنخل، وقوله (ع) لا ترث من العقار شيئا إلا قيمة الطوب والنقض، لوضوح
ظهور هذه النصوص بل صراحتها في تعلق ارثها بدوا بقيمة البناء والشجر والنخل
وحرمانها من أعيانها " وكذا " ما كان منها بلسان الامر بالتقويم واعطاء نصيبها ربعا
أو ثمنها من القيمة، لظهوره أيضا في أن ما يعطى إليها من القيمة من باب حكم اجباري
نظير سائر المواريث، لا انه من باب كونه ارفاقا بحال الوارث بحيث كان حقها متعلقا
بأصل الإرث بالعين وللوراث إعطاء القيمة إليها بدلا عن العين (وأما المناقشة) في
دلالتها بكونها واردة في مقام دفع توهم استحقاقها من أعيانا الأبنية والأشجار بنحو
يكون له المطالبة بها ويجبر الوراث على اعطاء ارثها منها إذا لم ترض الا بها كسائر أعيان
التركة من الثياب والرقيق ومتاع البيت، فلا يستفاد منها أزيد من جواز دفع القيمة
إليها، نظير الامر الوارد عقيب توهم الحظر الذي لا يفيد مثله أزيد من مجرد الإباحة
والترخيص (فمدفوعة) مضافا إلى عدم مجئ هذا الاحتمال فيما كان منها بلسان حصر
الإرث بالقيمة، كقوله (ع) لا ترث المرأة من تركة زوجها من تربة دار أو ارض
إلا قيمة الطوب والنقض (وقوله) (ع) المرأة لا ترث من تربة دار أو أرض إلا أن
يقوم الطوب والخشب قيمة فتعطى ربعها أو ثمنها، نظرا إلى قوة ظهورها في أن استحقاق
القيمة من باب حكم اجباري (انه ليس) بأولى من دعوى كونها في مقام دفع توهم
حرمانها عينا وقيمة ومن البناء والآلات والأشجار نظير حرمانها من الأراضي والضياع
(لولا) دعوى كون الثاني هو الأول " وأما التعليل " الوارد في بعض تلك الأخبار
بعدم الا ضرار بالورثة، بقوله (ع) لئلا يتزوجن الخ (ففيه) مع أن التعليل إنما
هو لنفي إرثها من الأراضي والعرصات، لا لإرثهن من قيمة الأبنية والأشجار دون
أعيانها (فغاية) ما يستفاد منه كونه حكمة لتشريع الحكم المزبور، لا كونه علة له كي
27
يقتضي إرثها من أعيانها، بحيث تجبر الزوجة على الرضا بالعين مع إعطاء الوارث نصيبها منها
(ولا أقل) من الشك في ذلك بعد تصادم الاحتمالين فيحكم عليه بالحكمة، كما هو الشأن في كل
مورد شك في كون الشئ حكمة أو علة فيبقى ظهور غيرها من الاخبار بحالها في نفي إرثها
من عين البناء والأشجار وتخصيص حقها بأصل الإرث من قيمتها سليمة عن المعارض
(إذ لم يكن) في قبالها ما يقتضي تعلق إرثها بعين البناء والأشجار ولو في ظرف رضاء
الوارث بذلك حتى يعارض معها (وبذلك) ظهر فساد مقايسته المقام بباب الزكاة
الذي ثبت ولاية مالك النصاب على تبديلها بالقيمة " إذ في باب " الزكاة ثبت تعلق
حق الفقير بالعين الزكوي بمقتضى ظهور أخبارها من نحو قوله (ع) فيما سقت السماء
العشر الظاهر في تعلق الفقير بالعين على نحو الإشاعة أو الكلي في المعين، غير
أنه قام الدليل على جواز إعطاء مالك النصاب القيمة بدلا عن العين " وفي المقام " لم
يقم دليل على تعلق إرثها بالعين ولو برضاء الوارث عدا ظواهر عمومات الإرث التي
عرفت لزوم تخصيصها بتلك الأخبار الكثيرة الظاهرة بل الصريحة في تخصيص ارث
الزوجة بقيمة البناء والأشجار دون أعيانهما " هذا مع احتمال تعلق حق الفقراء في
الأعيان الزكوية أيضا بماليتها لا بأعيانها كما لعله قضية الجمع بين ما دل بظاهره على
تعلق حق الفقير بالعين الزكوي وبين ما دل على الشاة في الإبل الظاهر في كونها
تقديرا لما يستحقه الفقير من مالية الإبل فتأمل (نعم) ظاهر بعض أخبار الباب تعلق
إرث الزوجة بعين البناء، كقوله (ع) في رواية بن مسلم وزرارة المتقدمة إلا أن
أحدث البناء فيرثن ذلك البناء (ولكنه) محمول لي إرادة قيمة البناء بقرينة تلك الأخبار
الكثيرة الشارحة لكيفية إرث الزوجة بكونه من قيمة الطوب والقصب
والخشب، وقرينة نفي إرثها في صدر الرواية من الدور (وإلا) فابقاء ذيل الرواية على
ظاهره والتصرف في ظواهر تلك النصوص الكثيرة بحملها على جواز اعطاء الوارث
28
نصيبها من القيمة بدلا عن العين بعيد جدا لا يكاد يساعد عليه العرف وأبناء المحاورة
(فالمتجه) حينئذ هو المسلك المشهور دون غيره من المسالك الآخر (وكيف كان)
فيترتب على هذه المسالك ثمرات مهمة.
" ومنها كون المدار في القيمة على مبنى تعلق حق الزوجة في ذمة الوارث على
قيمة وقت الموت، لأنها هي التي اعتبرها الشارع في ذمة الوارث بدلا عن العين ولو
باعتبار تنزيل حرمان الشارع لها من العين وتخصيص من عداها بها منزلة الاتلاف
عليها فيضمنوا لها القيمة، فالقيمة، تكون حقا لها تتعلق بالموت في ذمة الوارث كسائر ديونه
(فلا محيص) من ملاحظة خصوص القيمة في طرف الموت ولا وجه لرعاية القيمة
وقت الأداء (واما على المبنيين) الأولين، فيتعين القيمة بكونها قيمة وقت الأداء
(وهذا) على مبنى تعلق إرثها بعين البناء وكون القيمة بدلا عنها فظاهر، لبقاء حقها
المتعلق بالعين على حاله وعدم تحوله إلى القيمة إلا بدفعها إليها أو بتقويم الوارث على
نفسه (وأما) على ما هو المختار والمشهور من تعلق حقها بمالية تلك الأعيان (فلان)
دفع القيمة إليها خارجا إنما يكون تداركا لحقها المتعلق بالمالية العين، فلابد من رعاية
القيمة وقت الأداء (وإلا) فمع اختلاف القيمة في الوقتين بزيادة القيمة وقت الدفع
عن قيمة وقت الموت لا يكون دفع قيمة وقت الموت تداركا لتمام حقها من المالية القائمة
بالعين، كما أنه في صورة العكس لا تستحق الزوجة تلك الزيادة (وتوهم) عدم اقتضاء
مجرد تعلق حقها بمالية العين لاعتبار خصوص القيمة وقت الدفع، بل هو مطلق من
هذه الجهة فيمكن الاكتفاء بدفع القيمة وقت الموت (بل لعل) ذلك هو المتعين
بلحاظ كون زمان الموت ظرفا لتعلق حقها بقيمة العين فيراعي تلك القيمة (مدفوع)
بأن مجرد ظرفية زمان الموت لاستحقاق القيمة لا يقتضي إطلاق القيمة فضلا عن اقتضائه
تخصيصها بخصوص وقت الموت (بل نقول) أنها تابعة لنفس العين في جميع الأزمنة
29
فما لم يدفع القيمة إليها من الخارج تستحق من العين ماليتها الفعلية القائمة بها (وبالجملة)
فرق واضح بين كون زمان الموت ظرفا لتعلق حق الزوجة بمالية العين، وبين كونه
قيدا لمتعلق حقها وما أفيد إنما يتم في الثاني دون الأول، ولا دليل أيضا يقتضي
التقييد المزبور (هذا) إذا لم يقومها الوارث على نفسه بعد الموت إلى وقت الأداء. (وأما لو قومها) على نفسه بعد الموت بتصديق أهل الخبرة ولو بمحضر الحاكم
فالظاهر أن المدار على القيمة وقت التقويم وإن لم يدفعها بعد إليها (فإنه) بعد أن يكون
المدار في القيمة على القيمة الواقعة لا القيمة الجعلية المنوطة برضاها، ويكون للوارث
أيضا التقويم وإعطاء ما قابل حقها من مالية العين من الخارج، فلا جرم مع تقويم
الوارث العين على نفسه تكون العبرة على تلك القيمة وأن أخر في أدائها إليها (ودعوى)
انه لا تأثير لتقويم الوارث على نفسه بقيمة في ذمته في تحويل حقها من مالية
العين، وإنما المؤثر في ذلك دفع القيمة إليها خارجا لكونه نظير المعاطاة التي لم يتحقق
عنوان النقل والانتقال إلا بالتعاطي الخارجي فما لم يدفع القيمة إليها من الخارج كان
حقها المتعلق بالعين أو بماليتها باقيا بحاله ولازمه لزوم رعاية القيمة وقت الداء (منظور
فيه) يظهر وجه مما عرفت من أن للوارث الولاية على التقويم ودفع القيمة إليها (فإذا)
قومها على نفسه بتصديق أهل الخبرة ومحضر الحاكم يلزمه تحويل حقها من العين إلى
القيمة في ذمته من غير فرق بين القول بتعلق حقها بنفس العين أو بماليتها فتأمل.
(ومنها) أنه على مبني تعلق حق الزوجة بالقيمة في ذمه الوارث يجوز للوراث
التصرف في أعيان البناء والأشجار باتلاف أو نقل أو غير ذلك ولو قبل دفع القيمة
إليها، بل ومع عدم دفعها إليه إلى الأبد (لان) العين على هذا المبني كانت ملكا
طلقا للوارث فله التصرف فيها بأنحاء التصرفات المتلفة والناقلة وغيرهما (والقيمة) انما
كانت حقا لها في ذمته فكانت كسائر ديونه التي لا يمنع اشتغال ذمته بها عن التصرف
30
في ماله حتى مع الامتناع عن أداء حقها، غاية الامر يجبره الحاكم على الأداء مع الامتناع
كسائر الممتنعين من أداء الحق، ويجوز لها التقاص من ماله مع عدم إمكان الاجبار (اللهم) إلا أن
يدعي أن حق الزوجة وإن كان متعلقا بالقيمة في ذمة الوارث إلا أن له نحو تعلق أيضا
بالعين على نحو يمنع عن تصرف الوارث فيها باتلاف أو نقل لها بماليتها قبل أداء حقها
إليها نظير تعلق حق الرهانة بالعين المرهونة (ولأجل) ذلك يكون الوارث قبل دفع
القيمة إليها كالمحجور عليه في التصرفات المتلفة للعين والنافلة لها (ولكنه) يحتاج إلى دليل
عليه بالخصوص (وإلا) فلا يكون حقها في ذمته إلا كسائر ديونه في عدم اقتضائه
المنع عن تصرفه في الأعيان المملوكة له بالإرث (ولذلك) التزم في الجواهر تبعا للمحكي
عن ثاني الشهيدين في رسالته بأنه يجوز للوارث التصرف في العين باتلافها أو نقلها
حتى امتناعه عن دفع القيمة إليها لبقاء حقها في ذمته إلى أن يتمكن الحاكم من
إجباره على أدائها أو البيع عليه قهرا كغيره من الممتنعين من أداء الحق، أو تتمكن الزوجة
من تخليص حقها ولو مقاصة منها أو من غيرها من أعيان ماله (هذا) على مبني تعلق
حقها بالقيمة في ذمة الوارث بالموت (واما على مبني) تعلق إرثها بدوا بالعين وان كان
الوارث تحويله عنها بدفع القيمة إليها، فلا يجوز للوارث قبل دفع القيمة إليها التصرف
فيها لكونه من التصرف في مال الغير بدون رضاه فيكون باطلا غير نافد (وكذا الحال)
على مبني تعلق حقها بمالية العين إما مطلقا أو منوطا بعد رضاء الوارث على اعطاء
حصتها من العين وإلا فيكون حقها متعلقا بنفس العين كما هو أحد المحتملات في المسألة
وصرح به المحقق القمي (قده) (فان) إرثها حينئذ وان كان متعلقا بمالية العين
لا بخصوصية العين إلا ان قضية كونها بماليتها متعلقة لحقها تمنع عن ذلك، فيتوقف
جواز تصرفه فيها باتلاف أو نقل لها بماليتها على تدارك ما للزوجة من مالية العين (وإلا)
فبدونه بكون حقها ثابتا في المالية القائمة بالعين، فيمنع عن التصرف فيها بالاتلاف أو نقل
31
كما في الصورة الأولى (لان) نسبة تعلق حقها بمالية العين كنسبة تعلقه بنفس العين
في المنع عن تصرف الوارث فيها قبل تدارك حقها بدفع القيمة إليها (نعم) بينهما فرق
من جهة أخرى وهي اقتضاء تعلق حقها بنفس العين عموم المنع عن مطلق التصرف فيها قبل
دفع البدل إليها حتى التصرفات اليسيرة غير المتلفة للعين أو الناقلة لها (بخلاف) هذا
المبني (فان) لازمه تخصيص المنع بالتصرفات الناقلة والمتلفة للعين أو المنقصة لماليتها
ولا يعم مطلق التصرفات حتى السيرة غير المنقصة لماليتها (لعدم) اقتضاء هذا المقدار
من الحق الثابت في مالية العين منع مالكها عن مطلق التصرفات فيها، كي يتوقف جوازه
على تدارك مالها من المالية القائمة بها.
(وكيف كان) فلو باع الوارث العين قبل دفع القيمة إليها أو تقويهما على نفسه بمحضر الحاكم يقع البيع فضوليا بالنسبة إلى ما يخص الزوجة من حصتها ربعا أو ثمنا
(فان) أجازت نفذ البيع في وترجع الزوجة إلى الوارث في مقدار حصتها من
المسمى بناء على تعلق إرثها بعين البناء والأشجار، ومن القيمة الواقعية بناء على تعلق
إرثها بمالية العين، ولها الرجوع إلى المشتري أيضا وأخذ حصتها منه، فترجع المشتري
بما دفع إليها إلى الوارث البايع (وان لم تجز) بطل البيع في مقدار نصيبها مطلقا على
مبنى تعلق حقها بالعين ولو مع رد القيمة إليها بعد البيع إلا على القول بصحة البيع فيمن
باع شيئا ثم ملك (ومع عدم) دفع القيمة إليها على المبنى الآخر فتأمل فان الظاهر بنائهم
على صحة البيع ونفوذه في التمام إذا دفع إليها حقها من القيمة بعد البيع حتى ممن التزام
بعدم الصحة فيهن باع شيئا ثم ملك (فان) ذلك يكشف عن كون البطلان مراعى بعدم
اعطاء القيمة إليها.
(ومنها) ما تقدم من وجوب دفع القيمة على الوارث مع تلف العين أو غصب
غاصب إياه بعد الموت على مبين تعلق حق الزوجة بقيمة العين في ذمة الوارث لورود
32
التلف والغصب على ملكه واستقرار القيمة لها بالموت في ذمته فيجب عليه الخروج
عن العهدة كسائر ديونه (وأما على مبنى) تعلق حقها بدوا بالعين فلا يجب عليه دفع
القيمة إليها مع تلف العين أو مغصوبيتها (لان) التلف أو الغصب كما أنه وارد على
مال الوارث، كذلك وارد على متعلق حق الزوجة (وكذلك) الامر بناءا على
ما هو المشهور من تعلق حقها بقيمة العين لا بشخصها " فان " العين حينئذ وان كانت
ملكا للوارث إلا انها من جهة ماليتها القائمة بها كانت متعلقة لحق الزوجة " فإذا
تلف بآفة سماوية من سيل ونحوه لا بتفريت من الوارث أو أنها غصبها غاصب كان
التلف أو الغصب واردا على متعلق حقها أيضا، ومعه الوجه لضمان الوارث لها بالقيمة
" بخلاف " المبنى المتقدم " فإنه " عليه يكون محل القيمة ذمة الوارث دون العين، فلا
يتصور في مثله ورود التلف على متعلق حق الزوجة " لا يقال " أن محل القيمة على هذا
المبني وإن كان ذمة الوارث، إلا ان استقرار القيمة في ذمته منوط ببقاء العين وتمكنه
من التصرف فيها، وبدونه لا استقرار للقيمة في ذمته حتى يجب عليه الخروج عن
العهدة بدفع القيمة إليها " فلا ثمرة " حينئذ من هذه الجهة بين تلك المسائل " فإنه يقال "
أنه يكفي في أخذ الثمرة المزبورة كونها مقتضى القاعدة المستفادة من الأدلة بعد إطلاق
النصوص وانتفاء ما يقتضي الإناطة المزبورة في استقرار القيمة في ذمته " ومجرد " قيام
الاجماع في مفروض الكلام على عدم وجوب دفع القيمة على الوارث لا يقتضي الكشف
عن التقييد والإناطة المزبورة، لولا دعوى كشفه عن بطلان المبني " نعم " لو ثبت
منهم الاجماع على عدم وجوب شئ على الوارث في مفرض الكلام حتى على المبنى
المزبور، لكان الاستفادة الإناطة المزبورة مجال " ولكن " الشأن في هذا الاجماع
فان دون إثباته خرط القتاد (وحينئذ) فيمكن قويا أن يكون اتفاقهم على عدم شئ
على الوارث من جهة رفضهم هذا المبنى وبنائهم في المسألة على ما تقتضيه ظواهر الأدلة
33
من تعلق حق الزوجية بمالية العين لا بقيمتها في ذمة الوارث " ولذا " جعلنا هذا المعنى
من المحاذير والتوالي الفاسدة للمعنى المزبور.
(ومنها) اختصاص المنافع والنماءات المتصلة والمنفصلة المتجددة المتخللة بين
الموت وزمان دفع القيمة بالوارث بناء على مبنى تعلق حق الزوجة بالقيمة في ذمة
الوارث (وكذلك) على مبنى تعلقه بمالية العين " لان " المنافع والنماءات من توابع
ملك العين لا ملك المالية (وأما بناءا) على مبنى تعلق حقها بالعين وأن للوارث دفع
القيمة بدلا عنها، فتشترك الزوجة مع الوارث فيها بحصتها ربعا أو ثمنا كما صرح به المحقق
القمي وقواه في موضوع من أجوبة مسائله لكونها نماءا لما ملكتها بالإرث فلا وجه
لتخصيص الوارث بها دون الزوجة (نعم) في موضع آخر منها التزام باختصاصها
بالوارث دون الزوجة معللا بان الزوجة لا تملك من العين حتى تستحق المنافع المتجددة
بين الموت وزمان دفع القيمة، وإنما هي ملك لغيرها من الورثة (ولعل) ذلك منه (قده)
رجوع عما اختاره أولا (وإلا) فهو مناف لما أسسه من المبنى الذي قرره مرارا
في كلامه.
(ومنها) ما تقدمت الإشارة إليه سابقا من إجبار الوارث على التقويم واعطاء
القيمة إذا لم ترضى الزوجة الا بها بناءا على مبنى تعلق حقها بمالية العين أو بقيمتها في
ذمة الوارث (وأما بناءا) على مبنى تعلقها بالعين أو بماليتها بمناط الارفاق بالوارث
وعدم الاضرار به المنتفى مع رضائه باعطاء العين، فلا يجب عليه دفع القيمة ولا يجبر
على التقويم، بل لو أراد الوارث إعطاء نصيب الزوجة من العين تجبر الزوجة على
القبول، كما أنه لو أراد دفع القيمة إليها تجبر أيضا على القبول وليس لها الامتناع من
قبولها (وقد يتوهم) أن الامر كذلك حتى على مبنى تعلق حقها بمالية العين بخيال
أن دفع حصتها من العين دفع لعين حقها من المالية القائمة بالعين مع زيادة خصوصية
34
العين وفلا وجه لامتناعها من قبولها ومطالبتها بالقيمة " ولكنه " توهم فاسد " فان العين "
بعد أن كانت ملكا للوارث كان لها الامتناع من قبولها لقاعدة السلطة المقتضية لعدم
دخول شئ في ملك شخص الا باذنه ورضاه ومجرد رضاء الوارث باعطاء العين
إليها لا يوجب دخولها في ملكها قهرا ولا يقتضى أيضا إجبارها على القبول كما
هو ظاهر.
(الامر الخامس)
إذا اجتمعت ذات الولد وغيرها وقلنا باختصاص الحرمان من مطلق الأرض
عينا وقيمة ومن البناء والأشجار عينا لا قيمة بالثانية، فهل ترث الأولى كمال الثمن
من رقبة الأرض من غير مشاركة أحد من الورثة معها وكما له من أعيان البناء والآلات
والأشجار، وعليها للأخرى نصف ثمن قيمة البناء والأشجار، أو انها لا ترث إلا
نصف الثمن من رقبة الأرض والبناء والأشجار ونصفه الآخر لسائر الورثة وعليهم دفع
قيمة نصف الثمن من الأشجار والبناء إلى غير ذات الولد (فيه وجهان) بل قولان
ثانيهما مختار المحقق القمي " قده " وبعض آخر، نعم ما هو الموجود في موضع من أجوبة مسائله
تخصيص نصف الثمن من البناء والأشجار بغير ذات الولد دون الورثة ولعل ذلك على
أصله من ارث الزوجة من عين البناء والأشجار (ولكن الأقوى) وفاقا للمشهور
الأول (فان الزوجة) بوجودها ترث ثمن التركة بالفريضة واحدة تكون أم متعددة
غير أنه مع التعدد يقسم الثمن بينهن حسب تعدد الزوجات (فإذا حكم) الشارع
بحرمان غير ذات الولد من العرصات مطلقا ومن أعيان البناء والآلات والأشجار تصير
المحرومة من هذه الجهة بحكم المعدومة (ولازمه) اختصاص ذات الولد بتمام الثمن من
العرصات من غير مشاركة أحد من الورثة معها فيها، وتمام الثمن من البناء والآلات
والأشجار كما في فرض انحصارها وعليها للأخرى نصف ثمن قيمة البناء والأشجار،
35
" فلا وجه " حينئذ لدعوى رجوع نصف الثمن منها إلى الورثة (فان) ذلك يحتاج إلى دليل
بالخصوص يقتضي حجبها من نصف الثمن عند اجتماعها مع غير ذات الولد، وهو مفقود
في المقام (ولا فرق) في الولد على التفصيل المزبور بين الذكر والأنثى، ولا بين الولد وولد
الولد، بل ولا بين الحمل وغيره ولكن مع مراعاة الولادة حيا، لا بين الخنثى وغيرها ولا
بين كون الولد من نكاح دائم أو متعة، كما لو أولدها وهي متعة ثم تزوجها بعقد دائم ومات
عنها ولا بين كون الولد من نكاح صحيح أو شبهة منهما بل ومن أحدهما أيضا على
اشكال فيه خصوصا إذا كانت الشبهة من طرفها كل ذلك لاطلاق المقطوعة المتقدمة
المؤيدة بالعمومات (نعم) لا يحلق بذلك ولد الزنا منهما لانتفائه شرعا وكون
المنصرف من المقطوعة ذات الولد الشرعي.
(الامر السادس)
إذا كان على الميت دين ونحوه يوزع على مجموع التركة مما ترث منه الزوجة وما تحرم منه فلا يدفع جميعه من غير الأرض ليلزم الضرر على الزوجة، ولا من
خصوص الأرض ليلزم الضرر على الورثة دونها (فان) ذلك هو مقتضى تعلقه بمجموع
التركة من الأراضي وغيرها، مضافا إلى كونه مقتضى قاعدة العمل العدل والانصاف الذي
هو عدم توجيه الضرر على بعض الورثة دون بعضها (وكذلك الامر) في كفن الميت
ووصاياه فيخرجان من مجموع التركة على معنى توزيعهما على ما تحرم منه الزوجة وما ترث
منه فتنقص من نصيبها ما يقابله من الدين والكفن والوصية كما هو الشأن في الحبوة
أيضا حيث يوزع الدين والكفن على مجموع التركة فينقص منه شئ بإزاء ما يقابله
لما هو الظاهر من الآية من أن الميراث لا يثبت إلا بعد أداء الدين والحبوة من
جملة الميراث.
36
(الامر السابع) الزوجة حق مالي يجوز الصلح عليه لأجنبي أو لبعض الورثة وبالصلح ينتقل
حقها إلى المصالح له فيجب على الورثة دفع القيمة إلى من انتقل إليه الحق أجنبيا كان
أو بعض الورثة من غير فرق، في ذلك بين المسالك المتقدمة كما هو واضح (نعم) بناء
على ما احتمله بعض في دفع القيمة من كونه مجرد حكم تكليفي محض بلا شائبة وضع
كما أشرنا إليه سابقا يكون الصلح باطلا سواء كان الصلح لأجنبي أو لبعض الورثة
" ولكن " الاشكال في المبنى، فإنه مخالف لما هو المصرح به في اخبار الباب من إرثها
من القيمة مع أنه لم أجد القول به صريحا لاحد من الأصحاب (وما في البلغة) من
نسبته إلى بعض معاصريه لعله كان منه لمحض إبداء الاحتمال كما هو ديدن المحققين
(وعلى فرض) القول به فلا ريب في ضعفه.
(الامر الثامن)
لا فرق فيما تحرم منه الزوجة عينا لا قيمة بين أن تكون الأرض التي فيها البناء
والأشجار ملكا للزوج الميت، وبين أن تكون ملكا للزوجة وقد ملكتها بأحد
الأسباب المملكة من بيع أو ارث ونحوهما (فان) حكم البناء والأشجار حكمهما فيما لو
لم تملك شيئا من العراص فتحرم منها عينا لا قيمة من جهة الإرث منها كما هو ظاهر.
(الامر التاسع)
إذا كان في الأرض التي تحرم الزوجة منها مطلقا زرع فلا إشكال في أنها
ترث نصيبها ثمنا أو ربعا من عين الزرع وان لم يبع أو ان حصاده، بل ولو كان بذرا
لعموم الأدلة وانتفاء ما يوجب حرمانه عدا توهم قياسه بالبناء والأشجار، بلحاظ ثباته في
الأرض (ولقد عرفت) فساده من أنه ليس المدار فيما تحرم منه الزوجة عينا لا قيمة
على عنوان الثبات في الأرض أو عنوان غير المنقول كما يوهمه بعض تعابيرهم حتى يتعدى
37
من البناء والأشجار إلى كل ماله ثبات في الأرض وإنما المدار فيه على العناوين المأخوذة
في الأدلة من نحو عنوان البناء وما يكون جزاء منه كالطوب والخشب بل لولا صحيح
الأحول، لكنا نقول بإرثها من عين الأشجار بمقتضى عمومات الإرث (وحينئذ)
فبعد اقتضاء الأدلة تورثها من عين الزرع فلا مجال لتوهم حرمانها منه عينا بمحض ثباته
في الأرض كما لا يخفى (نعم) انما الكلام في أنه هل للزوجة ابقاء الزرع في الأرض
حتى مع بذل الأجرة (أو انه) ليس لها ذلك، وأن لمالك الأرض الذي هو الوارث
أمرها بقلعه وازالته مع الأرش أو بدونه (فيه وجوه) أوجهها بظاهر المستفاد من
أخبار الباب، الأول لعين ما ذكرناه في الأشجار والبناء من ظهور الأدلة في استحقاق
الزوجة إبقائها في الأرض بلا اجرة من غير أن يكون للوارث الامتناع من ذلك ولا
المطالبة بالأجرة على التبقية، بلحاظ انتقال الأرض إليه من مورثه مشغولة بالزرع
والغرس.
(نعم) لو نوقش في استفادة ذلك من اخبار الباب كان المتجه بمقتضى قاعدة
تسلط الناس على أموالهم وعدم حل مال المسلم إلا بطيب نفسه عدم حق لها على تبقية
الزرع في الأرض إلى وقت حصاده حتى مع الأجرة فضلا عن كونها بلا اجره فللوارث
أمرها بقلعه وإزالته، (فان) هذه المسألة من صغريات مسألة من ملك غرسا أو زرعا
في أرض لم يملك إبقائه فيها مع كون الوضع فيها بحق لعارية أو مزارعة أو إجارة
ونحو ذلك، كما إذا أعار أرضا أو استأجرها في مدة الغرس أو زرع فمضت المدة والزرع باق، ولولا بتفريط من المستأجر، بل لاتفاق كثرة الأمطار وتغيير الأهوية
ونحوهما (فإنه) وإن اختلف فيها كلماتهم على أقول (ولكن) التحقيق فيها وفاقا
للمعظم أنه ليس لمالك الزرع إبقائه بعد المدة ولو بالأجرة بل لمالك الأرض الامر
38
بقلعه وإزالته بلا أرش لقاعدة تسلط الناس على أموالهم وعدم حل التصرف في مال
امرء مسلم إلا بطيب نفسه (وعدم) اقتضاء مجرد كون الوضع بحق في مدة الإجارة
لاستحقاق بقائه بعد مضي المدة كي يجب على المالك ابقائه في أرضه (والاستدلال)
على ذلك بمفهوم قول الصادق عليه السلام في رواية عبد العزيز بن محمد الدراوردي
أو اندراوردي. ليس لعرق ظاهر حق، أما بتنوين العرق أو بإضافته بدعوى دلالته
بالمفهوم على أن لعرق المحق وغير ظالم حق، كما ترى فان الكلام ليس في مدة الإجازة
وإنما الكلام فيما بعد انقضاء المدة وزوال ما هو الموجب لصحة التصرف، ولا شبهة في
دخول ذلك في منطوق الرواية، لعدم حق للزارع عل يإبقاء زرعة في ملك الغير بعد
انقضاء المدة (وما أفاده) فخر المحققين (قده) من أنه أجمع الأصوليون على دلالة الوصف
على المفهوم في هذا الحديد وان اختلفوا في دلالة مفهوم الوصف في غيره من غرائب
الكلام، فان شأن الأصولي إنما هو بيان القواعد الكلية المنطبقة على مواردها كقولهم
بحجية مفهوم الشرط ومفهوم الوصف مطلقا أو بشرط خاص فلا معنى لدعوى إجماعهم
على دلالة الوصف على المفهوم في مورد خاص في المسألة الفقهية إلا باعتبار كون المورد
من أفراد ما بنوا على دلالة الوصف على المفهوم إلا فلا وجه لتخصيص دلالة المفهوم
بمورد هذا الحديث إلا من جهة فهمهم من الحديث ثبوت الحكم تعبدا، ومثله غير
مرتبط بدعوى الاجماع على حجية المفهوم في المورد الخاص كما لا يخفى (مع أن) مجرد
فهمهم المفهوم من الحديث غير صالح لان يكون دليلا في المسألة، لعدم كشف مثله عن
رأي المعصوم كما هو ظاهر.
(وأما التشبث) بقاعدة نفي الضرر لاستحقاق مالك الزرع ابقائه إلى وقت
حصاده ولو بالأجرة من غير أن يكون لمالك الأرض إزالته (بتقريب) أن في قلعه
قصيلا ضرر على مالكه خصوصا في المقام الذي لا يكون ذلك بتسبيب من الزوجة
39
وهو أي الضرر منفي في الشريعة لعموم قوله صلى الله عليه وآله لا ضرر ولا ضرار في الاسلام كما في بعض
أخبارها بزيادة لفظ الاسلام، فيتعين تبقيته على مالك الأرض، غاية الامر بالأجرة
لا مجانا لينافي قاعدة احترام الأموال في حقه (ففيه) مالا يخفى (إذ بعد) الاغماض
عن كونه معارضا مع تضرر المالك في بقاء الزرع في ملكه وعدم تسلطه على تفريغ
ماله من مال الغير وتخليصه منه " نقول " أنه لا مجال لتطبيق عموم نفي الضرر في أمثال
المقام من موارد تزاحم الحقوق " فان " لازم سوق العموم المزبور مساق الامتنان على
الأمة اختصاص مورده بما إذا لا يلزم من نفي الضرر فيه في حق شخص خلاف الامتنان
في حق شخص آخر (ولازمه) عدم صلاحيته لرفع الاحكام الارفاقية التي منها قاعدة
سلطنة الناس على أموالهم (فلا يمكن حينئذ تطبيق) عموم نفى الضرر على مورد البحث
لرفع سلطنة مالك الأرض على ملكه في تفريغ ماله من زرع الغير وتخليصه منه
لكونه خلاف الامتنان في حقه (ومعه) يكون للمالك بمقتضى قاعدة سلطنة الناس
على أموالهم الامتناع من بقاء الزرع في ملكه ولو بالأجرة فكان له الامر يقلعه
بل له ازالته وتفريغ ماله منه.
(وتوهم تعارض) السلطنتين والضررين في المقام فيؤخذ بأقلهما دفعا لكثرة
الضرر الوارد في البين (مدفوع) بأن قاعدة السلطنة على الأموال لا تقتضي إلا
سلطنة كل من المالكين على ماله في تفريغ ماله من مال الغير وتخليصه منه (وأما
السلطنة) عليه بنحو يقتضي التصرف في مال الغير بحبسه في ماله أو باشغاله، فهي
خارجة عن مقتضى هذه القاعدة (إذ هي) من جهة كونها من الاحكام الارفاقية
قاصرة عن الشمول لمطلق أنحاء تصرفات المالك في ملكه حتى المستتبع منها للتصرف
في مال الغير وباتلاف أو حبس ونحوهما (إذ عمومها) من هذه الجهة ينافي الارفاق في
حق الغير، فتكون منافية لا رفاقية نفسها (فالمالك) انما يكون سلطانا على التصرف
40
في ماله إذا لم يكن مستلزما للتصرف في مال الغير وإلا فلا يكون له السلطنة على مثله، ومن هنا
ليس لمالك المعول مطلق السلطنة على التصرف فيه حتى بما ينطبق عليه عنوان الضرب على جدار
الغير وبتحريبه، بل كان لمالك الجدار السلطنة على منعه من التصرف المزبور (وحينئذ) نقول
أن لكل من مالك الأرض والزرع وإن كان السلطنة على ماله بأنحاء التصرفات فيه
(ولكن) ليس لمالك الزرع مطلق السلطنة عليه بنحو يقتضي إبقائه في ملك الغير من غير
إذنه وطيب نفسه، كي يزاحم سلطنة مالك الأرض على تفريغ أرضه من زرعه
وتخليصها منها (كما أنه) ليس لمالك الأرض أيضا مطلق السلطنة على ماله بنحو يمنع مالك الزرع
عن قلع زرعه وإزالته، كي يزاحم سلطنة مالك الزرع على زرعه، لعدم سلطنته على ابقاء
مال الغير في ملكه (فإذا) لم يكن لمالك الزرع السلطنة على اشغال ملك الغير بابقاء
زرعه فيه ولا لمالك الأرض السلطنة على ابقاء زرع الغير في أرضه من غير إذنه
وطيب نفسه (فلا يبقى) إلا سلطنة كل منهما على تفريغ ماله وتخليصه من مال الغير
(وفي هذا) المقدار ليس للآخر منعه من ذلك " فكان " لمالك الزرع السلطنة على
قلع زرعه من غير أن يكون لمالك الأرض منعه من ذلك كما أن لمالك الأرض
السلطنة على تفريغ أرضه من زرع الغير بإزالته أو الامر بقلعه من غير أن يكون لمالك
الزرع السلطنة على ابقائه في أرضه (ومعه) أين تقع المزاحمة بين السلطنتين كي يقال
بأنه مع تزاحمها وتعارض الضررين يؤخذ بأقل الضررين (هذا) مع أن الاخذ
بأقل الضررين إنما يصح ويصار إليه إذا دار الامر بين أحد الضررين الواردين على شخصين
فلا وجه للحكم بتقديم أقلهما (وتوهم) أن حكم الضرر الوارد على أحد الشخصين حكم أحد
الضررين الوارد على شخص واحد في لزوم تقديم أقلهما (مدفوع) بأنه لا دليل عليه
بل مقتضى القاعدة خلافه (كاندفاع) توهم لزوم التبقية بالأجرة على مالك الأرض
41
إن أراد صاحب الزرع الابقاء، بتخيل أن شمول لا ضرر للضرر المجبور بالأجرة في جانب
مالك الأرض وتوجهه نحو الزارع أضعف ظهورا من شموله لضرر القلع المجبور بالأرش
المتوجه نحو مالك الأرض، فيقدم دليل نفي الضرر في جانب مالك الزرع عليه في جانب
المالك ولا يتمسك بعموم دليل السلطنة بالنسبة إلى مالك الأرض لكونه محكوما بدليل
نفي الضرر (وجه الاندفاع) يظهر مما قدمناه من أن عموم نفي الضرر باعتبار كونه مسوقا
في مقام الامتنان غير صالح لنفي الاحكام الامتنانية من نحو سلطنة المالك وذي الحق على
ملكه وحقه " مضافا " إلى منع أضعفية شموله لضرر المالك المجبور بالأجرة من شموله
لضرر مالك الزرع المجبور بالأرش وتدارك نقصان ماليته (فالتحقيق) هو أن لمالك
الأرض عدم التبقية ولو بالأجرة وجواز تفريغ ملكه من مال الغير زرعا أو غرسا
بإزالته بلا أرش، من غير فرق بين أن يكون الوضع بحق أو بغير حق كالغصب ونحوه
(اللهم) إلا ان يدعى الفرق بينهما من حيث عدم ضمان الأرش في فرض كون الوضع
من غصب لان الغاصب يؤخذ بأشق الأحوال فلا احترام لماله (بخلاف) فرض كون
لوضع عن حق (فان) قاعدة احترام الأموال تقتضي وجوب الأرش على مالك
الأرض عوض نقصان مالية زرع الغير وغرسه إذا كان هو المقدم والمتولي للقلع
(لعدم) اقتضاء تسلطه على تفريغ أرضه من زرع الغير وغرسه لسلب احترام
مال الغير بحيث لا يجبر نقصان ماليته بالأرش، كاقتضائها وجوب أجرة طم حفر الأرض
على مالك الزرع والغرس لو كان هو المقدم والمتولي لإزالته الزرع والغرس، لضمانه
النقص الوارد على مالك الأرض بقلع ماله (نعم) لو كان الاقدام من الطرفين فلا
جبران عليهما لمكان اقدامهما.
(ثم أنه) لافرق فيما ذكرنا من تسلط مالك الأرض على الإزالة وتفريغ
ملكه من مال الغير بين مثل الزرع الذي له أمد قريب محدود يتربص وبين مثل
42
البناء والأشجار الذي ليس له أمد محدود متربص (فإنه) على كل تقدير لا يجب على
مالك الأرض التبقية ولو بالأجرة، بل له الإزالة لتخليص ماله من مال الغير من غير
أن يكون لمالك الزرع أو الغرس الابقاء (فما يظهر) من بعضهم من التفصيل بين الزرع
ونحوه، وبين مثل البناء والشجر بوجوب التبقية على مالك الأرض بالأجرة في الأول
(وعدم) ووجوبه في الثاني وجواز قلعه مع الأرش أو بدونه (منظور فيه) إذا لا أصل
لهذا التفصيل عدا توهم قاعدة نفي الضرر التي عرفت قصورها عن الجريان في أمثال
المقام والتحكيم على قاعدة السلطنة على الأموال التي هي من الاحكام الارفاقية لذوي
الأموال والحقوق على أموالهم وحقوقهم.
(نعم) ربما يتمسك لوجوب التبقية في نحو الزرع بالنصوص الواردة في بيع
الزرع الظاهرة في أن لصاحب الزرع التبقية إلى أن يسنبل (كقوله) عليه السلام في
خبر حريز لا بأس أن تشتري الزرع والقصيل ثم تتركه إن شئت حتى يسنبل ثم
تحصده (وان) شئت ان تعلف دابتك قصيلا فلا بأس قبل أن يسنبل فاما إذا سنبل
فلا تعلفه رأسا فإنه فساد (وقوله) عليه السلام فيما رواه ثقة الاسلام والشيخ قدس سرهما
في الصحيح أو الحسن عن الحلبي لا بأس ان تشتري زرعا أخضر ثم تتركه حتى
تحصده إن شئت أو تعلفه قبل ان يسنبل وهو حشيش (وقوله ع) فيما رواه الشيخ
في التهذيب عن سليمان بن خالد لا بأس ان تشتري زرعا أخضر فان شئت تركته حتى
تحصد وان شئت بعته حشيشا (لكنها) كما ترى لا إطلاق لها بنحو يشمل صورة
إطلاق العقد من حيث اشتراط التبقية أو القطع قصيلا لتكون صالحة لتخصيص عموم
ما دل على سلطنة المالك على ملكه (بل المنساق) منها إنما هو صورة اشتراط التبقية
على البائع إن أراد إبقاء الزرع إلى أن يسنبل ويحصد، أو اقتضاء العادة على تبقية
الزرع بنحو موجب لانصراف العقد إليه الذي هو بمنزلة اشتراطها (ولذا) ترى بناء
43
غير واحد في فرض اطلاق العقد وانتفاء العادة المقتضية للتبقية إلى أن يحصد على كون
البايع بالخيار إن شاء قطعه وإن شاء تركه لقاعدة السلطنة المقتضية لتسلط مالك الأرض
على تفريغ أرضه من مال الغير (وعلى فرض) إطلاق تلك النصوص من حيث
اشتراط التبقية على البايع في بيع الزرع وعدم اشتراطها في فرض عدم اقتضاء العادة
أيضا التبقية في شراء الزرع حال كونه أحضر (فلا بد) من تقييدها في موردها بما
رواه المشايخ الثلاثة في الصحيح أو الموثق عن سماعة. قال سئلته عن شراء القصيل
يشتريه الرجل فلا يقصله ويبدو له في تركه حتى يخرج سنبله شعيرا أو حنطة وقد
اشتراه من أصله على يأن ما يلقاه من خراج فهو على العلج: فقال (ع) إن كان اشتراط
عليه إلا بقاء حين اشتراه إن شاء قطعه قصيلا وإن شاء تركه كما هو حتى يكون سنبلا
وإلا فلا ينبغي له ان يتركه حتى يكون سنبلا، فان فعل فعليه طسقه ونفقته وله ما خرج
منه (فان) ظاهره عدم جواز الابقاء بدون الاشتراط على البايع لكنه من التصرف
في ملك الغير بغير الوجه المشروع، فيقيد به إطلاق النصوص المتقدمة لو فرض
إطلاقها من هذه الجهة كما هو مستند الأصحاب فيما قدمنا نقله عنهم من أنه متى بيع
لأجل الفصل من غير اشتراط الابقاء ان شاء لا يجوز التبقية بل يجب ازالته (وما في
الجواهر) والرياض من حمل لا ينبغي على الكراهة (منظور فيه) لظهور الرواية في
كون المراد به الحرمة وكون الحكم على طبق القاعدة المقتضية لمنع التعدي والتصرف
في ملك الغير من غير طيب نفسه " نعم " لا بأس بحمل ذيله على الندب وهو كون
الطسق عليه إذا لا معنى لوجوب كونه عليه مع فرض اشتراط كونه على العلج " ومع
الاغماض " عن ذلك كله يجب الاقتصار في مخالفة القاعدة على خصوص موردها
والمصير في غير موردها إلى العمومات المقتضية لسلطنة مالك الأرض على تخليص
ملكه من مال الغير (ولازمه) كما قدمناه عدم الفرق بين مثل الزرع الذي له أمد
44
متربص، وبين غيره كالبناء والأشجار (إلا) أن يدعي قيام الاجماع على الفرق
بينهما في التفصيل المزبور كما قيل (ولكن) دون اثباته خرط القتاد.
(لا فرق) فيما ذكرنا من عدم وجوب التبقية على مالك الأرض بين أن
يكون ملكية المزرع ونحوه بالإجارة أو المزارعة أو غيرهما (ولكن) يظهر من جماعة
منهم العلامة (قده) التفصيل بين كون ملكية الزرع بالإجارة أو بالمزارعة بوجوب
التبقية على مالك الأرض بالأجرة في الأول وعدم وجوبها في الثاني وكونه مخيرا بين
التبقية بالأجرة وبين الإزالة مع الأرش: قال في القواعد ما لفظه فان استأجر للزرع
وانقضت المدة قبل حصاده، فان كان لتفريط من المستأجر كأن يزرع ما يبقى بعدها
فكالغاصب، وإن كان لعروض برد وشبهة فعلى المؤجر التبقية وله المسمى عن لمدة
وأجرة المثل عن الزائد (وقال) في باب المزارعة، فلو ذكر مدة يظن فيها الادراك
فلم يحصل فالأقرب ان للمالك الإزالة مع الأرش أو التبقية بالأجرة، سواء كان
بسبب الزارع كالتفريط بالتأخير أو من قبل الله سبحانه كتأخير الأهوية وتأخير
المياه إنتهى ونحوه عبارة البلغة.
(أقول) ولم يعلم وجه للتفصيل المزبور بين البابين (فان) قاعدة نفي الضرر
إن كانت جارية في أمثال المقام وصالحة للحكومة على قاعدة سلطنة الناس على أموالهم
فلا فرق بين البابين (وإن لم تكن) صالحة للجريان كما في باب المزارعة حيث حكم
فيه بتخيير المالك بين التبقية بالأجرة والإزالة مع الأرش، فلتكن كذلك في باب
الإجارة أيضا (لان) المناط في أمثال هذه الموارد أمر واحد وهو عدم اقتضاء مجرد
ملكية الحال والمظروف لشخص لاستحقاق ابقائه في محل يملكه غيره إلا بدليل خارج
ولم يقم دليل على استحقاق بقائه الزرع في باب الإجارة دونه في باب المزارعة
(فالتفصيل) بين البابين مما لم نقف له على مستند (وما أفيد) في البلغة في وجه التفرقة
45
المزبورة بين البابين، من أن تخيير المالك في باب المزارعة بين الابقاء بالأجرة والإزالة
مع الأرش إنما هو لأجل أن الزرع مشترك بينهما ولا يجبر المالك على إبقاء حصته
من الزرع لان له قلعه قصيلا، كما كان للمستأجر ذلك، غير أن قلعه لحصته لما
كان مستلزما لضرر الزارع في حصته وجب عليه تداركه بالأرش (منظور فيه) فان
المالك وإن لم يجبر على ابقاء حصته من الزرع فكان له القلع قصيلا " ولكن " مجرد
ذلك لا يقتضي تخييره بين الابقاء والقلع بالنسبة إلى حصة الزارع، لامكان تقسيم
الزرع بينهما بنحو لا يلزم من قلع حصة نفسه قصيلا إضرارا بالزارع في حصته
(وحينئذ) فلو بنينا على جريان قاعدة نفي الضرر في أمثال المقام وتحكيمها على قاعدة
السلطنة على الأموال كما التزم به في باب الإجارة فلا محيص من القول به في باب المزارعة
أيضا (وإلا) يلزم القول بجواز القلع في الإجارة أيضا، فعل كل تقدير لا وجه
للتفرقة بين البابين (بل المتعين) بمقتضى ما ذكرناه هو القول بعدم وجوب التبقية
على المالك مطلقا ما لم يثبت استحقاقه للبقاء بدليل خارج، من غير فرق بين أن يكون
ملكية الزرع أو الغرس بالنحو المزبور بالإجارة أو المزارعة أو الشراء أو الانتقال
بالإرث أو غيرها (نعم) في خصوص ما نحن فيه وهو الانتقال بالإرث إلى الزوجة يمكن
دعوى استحقاقه للبقاء، كما استظهرناه من أخبار الباب.
(الامر العاشر)
لا خلاف ظاهرا بين الأصحاب في استحقاق الزوجة في الجملة من الخيار
بأنواعه لكونه من الحقوق المورثة فترث منه الزوجة كما ترث من غيره من الحقوق
والأموال (وإنما الكلام) في الخيار المتعلق بما تحرم منه الزوجة كالأراضي والعقار
في أنها هل تحرم من هذا الخيار مطلقا أو لا تحرم منه كذلك (حيث) ان فيه وجوه
بل أقوال، ثالثها التفضيل بين كون ما تحرم منه الزوجة منتقلا إلى الميت أو عنه،
46
فترث في الأول دون الثاني (ولكن التحقيق) عدم الحرمان مطلقا، لعموم أدلة
الإرث والبنوى: ما ترك الميت من حق فهو لوراثه (وانتفاء) ما يقتضي حرمانها منه
(عدا) ما أفيد من اعتبار التسلط على العوضين من حيث الرد والاسترداد في حقيقة
الخيار " لأنه " علاقة لصاحبه فيما انتقل عنه توجب السلطنة على استرداده في ظرف
تسلطه على التصرف فيما انتقل إليه بإزائه ليكون له رد ما في يده لتملك ما انتقل عنه
" وهذا " المعنى لا يتصور في حق الزوجة المحرومة بالنسبة إلى الأراضي والعقار " اما "
في صورة كون الأرض منتقلة إلى الميت، فلكونها ملكا فعليا لسائر الورثة دونها
ولا معنى لتسلطها على مال الغير (وأما) في صورة كونها منتقلة عنه، فهي وان
كانت مسلطة على ما يخصها من الثمن، ولكن مجرد ذلك لا يوجب سلطنتها على استرداد
ما انتقل عن الميت، إذ لا ينتقل إليها بإزاء ما ينتقل عنها من أثمن شئ من الثمن " لأنه "
يعتبر في الخيار تملك الرد والاسترداد إلى نفسه (وفيه) ما لا يخفى، إذ يمنع كون
الخيار من تبعات السلطنة على العوضين، بل هو حق متعلق بالعقد، لا بما انتقل عنه
أو إليه، فليس حقيقة الخيار إلا مجرد السلطنة على حل العقد الذي لازمه القهري رجوع
العوضين كل منهما بعدا لفسخ إلى ملك مالكه السابق، وفي هذا المقدار لا يعتبر
الملكية، بل ولا كون صاحبه مسلطا على العوضين أو أحدهما حتى تحرم عنه الزوجة،
بشهادة ثبوته للوكيل في اجراء الصيغة، وللأجنبي المجعول له الخيار من وضوح عدم
كونهما مسلطين على العوضين، بل على مجرد حل العقد (ولا دليل) على اعتبار
أزيد من ذلك في حقيقة الخيار حتى في المالكين، وكون المالك موردا للرد عن نفسه
والاسترداد إلى نفسه غير مرتبط بحقيقة الخيار التي هي ملك فسخ العقد واقراره كعدم
ارتباط تسلطهما الخارجي على العوضين من حيث الرد والاسترداد في حقيقته، فان
لملك فسخ العقد واقراره مقام وللسلطنة على المنتقل إليه أو عنه مقام آخر.
47
(وحينئذ) نقول إن أريد من السلطنة على العوضين من حيث الرد والاستراد
السلطنة عليهما اعتبارا من حيث كونه من لوزام حل العقد وفسخه، فهو مسلم (ولكن)
المدعي، ثبوت ذلك للزوجة أيضا بأدلة الإرث حتى في الخيار المتعلق ببيع الأرض
والعقار، حيث لا يمنع عن إرثها من الخيار حرمانها منهما (لان) ثبوت الخيار لها إنما كان بدليل
الإرث، لا بمناط التبعية لإرثها من المال حتى يقتضي حرمانها من الأرض حرمانها من
الخيار المتعلق (ومن هنا) نقول بثبوت الخيار للوارث في صورة كون الدين
مستوعبا للتركة حتى على القول بعدم انتقال التركة إلى الوارث مع استيعاب الدين
لها (وكذا) في غير الولد الأكبر بالنسبة الحياة (وان أريد) اعتبار أزيد من
هذا المقدار في حقيقة الخيار من التسلط على استرداد ما انتقل عنه إلى نفسه والتسلط
على المنتقل إليه، فهو مما يطالب بالدليل حتى في المالكين فان مجرد كونهما موردين
لهذين لا يقتضي اعتبارهما في حقيقة الخيار.
(وحينئذ) فإذا لا يعتبر في الخيار الثابت للمالك إلا مجرد السلطنة على حل
العقد وجعله كأن لم يكن بلا إعتبار أمر زائد، فلا يعتبر في إرثه أيضا ذلك (لان) معنى
أرث الخيار إنما هو تملك الوارث ما كان للميت، ولازمه هو إرث الزوجة من الخيار
الثابت للميت ولو كان متعلقا بما تحرم منه الزوجة (من غير) فرق بين أن يكون
ما تحرم منها الزوجة منتقلا إلى الميت أو عنه (إذ لا يعتبر) في الخيار الذي هو حل العقد
التبعية لملك المال أو السلطنة عليه ولا استرداد الفاسخ إلى نفسه والرد عن نفسه بشهادة ما عرفت
من ثبوته للوكيل والأجنبي المجعول له الخيار (وإن أبيت) إلا من اعتبار الرد والاسترداد
اما لي نفيه أو إلى من هو منسوب من قبله وان خيار الوكيل والأجنبي انما هو باعتبار كونهما
منصوبين من المالك كما أفاده الشيخ قده (نقول) ان الزوجة باعتبار واريثيتها تكون خليفة عن
الميت فيما كان له وباعمالها الخيار تسترد أحد العوضين إلى الميت وترد الآخر وان
48
كانت هي مرحومة من أصل المال " وتنقيح " الكلام بأزيد من ذلك موكول إلى محل
آخر " ولقد " ذكرنا شطرا وافيا من الكلام فيما يتعلق بالمقام في البيع في مبحث
أحكام الخيار " والمقصود " في المقام مجرد الإشارة إلى ثبوت الخيار لها فيما يتعلق
بالأراضي والعقار وأنه ليس إرثها من الخيار من توابع إرثها لأصل المال، ولا كان
معنى الخيار حق الرد والاسترداد إلى نفسه وعنه وانما هو مجرد حق حل العقد وجعله
كأن لم يكن الذي لازمه رجوع العوضين كل منهما إلى مالكه السابق.
(الامر الحادي عشر)
إذا كان للميت أرض مشتراة بخيار له أو لصاحبه، ففي استحقاق الزوجة
حصتها من الثمن بعد الفسخ أو حرمانها منه خلاف بين الاعلام " ولا يخفى " ان الخلاف
في هذه المسألة غير مبتني على الخلاف في المسألة السابقة، لا مكان القول بإرثها من الثمن
في هذه المسألة مع البناء على حرمانها من الخيار في المسألة السابقة، كامكان القول بالعكس
فبين المسئلتين تكون النسبة العموم من وجه وتلازم بينهما.
(ثم إن المختار) في المسألة هو استحقاقها مما قابها من الثمن بعد فسخ المعاملة،
لاقتضاء الفسخ ولو من الحين تبديل عنوان التركة من الخصوصية الموجبة لحرمان الزوجة
منها على عنوان آخر غير موجب لذلك " ولازمه " إرثها في مقدار حصتها مما قابل العين
من الثمن بعد الفسخ " لا يقال " ان الامر كذلك إذا كان قضية الفسخ كونه حلا
للعقد من الأول (وإلا) فبناء على كونه حلا للعقد من الحين كما هو التحقيق فلازمه
رجوع العوضين كل منهما بالفسخ إلى المالك الفعلي للآخر دون غيره " فإذا " كان
المفروض ملكية الأرض المشتراة لسائر الورثة دون الزوجة ودون الميت لفرض
انتقالها بالموت إلى الوارث، فلابد من رجوع ما قابلها من الثمن إلى الوارث الذي
خرج الأرض بالفسخ من ملكه، فلا وجوه لرجوع إلى الميت، ولا لصيرورته بحكم
49
ماله كي يتجدد الإرث فترث منه الزوجة (وبهذه) الجهة منع أيضا من ارثها من الخيار
المتعلق بمعاملة الأراضي والعقار (فإنه يقال) ان مجرد كون الفسخ حلا للعقد من الحين
لا من الأول غير مجد في منع الزوجة من إرث الثمن، إلا بضميمة مقدمة خارجية
ممنوعة (وهي) دعوى كون مفاد العقد عبارة عن مجرد أحداث العلقة البدلية بين
المالين في عالم الاعتبار من دون ملاحظة إضافتهما إلى طرفي العقد أعني المالكين من
حيث الدفع والجذب " إذ حينئذ " يمكن منع استحقاق الزوجة نصيبها من الثمن " لان "
حل العقد في كل زمان يقتضي قلب العلقة البدلية بين المالين في ذلك الزمان (ففي)
زمان ملكية الأرض للميت تكون قضيته الفسخ رجوع الثمن إلى ملكه بمقتضى
الملكية السابقة (وفي زمان) ملكيتها للوارث يكون الفسخ موجبا لرجوع الثمن إلى
خصوص الوارث المالك للأرض ولازمه حرمانا لزوجة من الثمن المسترد بالفسخ (كما أن
) لازمه، في فرض عكس المسألة وهو كون الأرض منتقلة عن الميت، الالتزام
باستحقاق الزوجة نصيها من الأرض المستردة بالفسخ، لعدم كون استحقاقها منها
حينئذ بعنوان الإرث من الميت حتى يمنع عنه وانما هو بعنوان الفسخ الموجب لرجوع
العوضين كل منهما إلى المالك الفعلي للآخر.
(ولكن) الشأن في تمامية هذا المبني (بل نقول) أن مفاد العقد الذي اقتضى
الفسخ حله عبارة عن العلقة البدلية بين المالين على نحو لوحظ أيضا اضافتهما إلى المالكين
ولو باعتبار إشراب حيث الدفع إلى الغير والجذب منه في الالتزام العقدي من المتعاقدين
في مقام المعاوضة والمبادلة " ولازمه " اقتضاء الفسخ قلب عنوان دافعية البايع للمثمن
من الحين إلى جاذبيته له، وبالعكس في طرف المشتري " الملازم " في الفرض لاعتبار
خروج الأرض من ملك الميت ودخول الثمن في ملكه ولو حكما المساوق لقلب عنوان
التركة من الحين بعنوان آخر ينتقل مثله إليها ولازمه هو الالتزام بإرث الزوجة من الثمن (كما أن)
50
لازمه في عكس المسألة هو الالتزام بحرمان الزوجة، لصيرورة الأرض المستردة بالفتح
بحكم مال الميت الذي لا ينتقل مثله إلى الزوجة.
(وان شئت) قلت أن مقتضى كون الفسخ حلا للعقد ولو من الحين وجعله
كان لم يصدر من المتعاقدين هو رجوع كل من العوضين إلى من له العقد بمقتضى
الملكية السابقة ولا يكون من له العقد الا البايع الميت دون الوارث، ولازمه استحقاق
الزوجة من الثمن المقابل للعين، لتبدل عنوان التركة من الحين إلى عنوان آخر لا تحرم
الزوجة من مثله.
(أما) توهم عدم قابلية الميت لان ينتقل إليه المال حقيقة ولا حكما بصيرورة
الثمن بحكم ماله (فمدفوع) بأنه لو سلم عدم قابلية الميت للانتقال الجديد، فلا مانع من
صيرورته بحكم ماله (فان) الملك الحكمي مما لا محذور فيه، كما في نماء ثلثه وأرش
جنايته.
(ودعوى) أن من له العقد بعد الموت إنما يكون هو الوارث (فإنه) باعتبار
كونه خليفة عن الميت الموجب لاعتبار كون العقد على مال الميت واقعا على مال المستتبع
لرجوع الثمن بالفسخ إليه لا إلى الميت حيت يرثه الوارث منه (مدفوعة) بأن كون
الوارث خلفية عن الميت ونازلا منزلته في كون العقد الواقع على المال واقعا على ماله
إنما يقتضي رجوع المال إليه في فرض عدم امكان رجوعه إلى الميت ومن له العقد
التحقيقي (وإلا) فعلى فرض امكان رجوعه إلى الميت ولو حكما فلا مجال لرجوعه إلى
من هو نازل منزلته في كونه ممن له العقد (وحينئذ) فإذا كان قضية الفسخ عود المال
إلى من له العقد التحقيقي، يلزمه ارث الزوجة من الثمن المسترد بالفسخ، كما أن في
عكس المسألة يلزمه حرمانها من الأرض المستردة، من غير فرق في ذلك كله بين أن
يكون الخيار للميت أو لطرفه.
51
" ولكن " يظهر من بعض ما عاصرناه التفصيل في المسألة بين أن يكون
الخيار للمشتري الميت أو للبايع فقال بإرث الزوجة من الثمن في الأول دون الثاني
" ببيان " أن الزوجة وان لم ترث من العقار شيئا، إلا أنها بإرثها للخيار ملكت أن
تملك بالفسخ، فإذا فسخت ملكت بقدر نصيبها لإرثها للعلقة " ولكنه " كما ترى
فان الفسخ لو اقتضى رجوع ما قابل العين إلى ملك الميت ولو حكما، فلا فرق فيه بين
كون الفسخ بخيار للمشتري الميت الميت أو للبايع، فان الزوجة في الصورتين تستحق من الثمن
بقدر نصيبها، بلحاظ تبدل عنوان التركة من الحين بعنوان آخر ينتقل مثله إليها " وان
اقتضى " رجوعه إلى المالك الفعلي للأرض حين الفسخ الذي هو الوارث يلزمه حرمان
الزوجة من الثمن في الصورتين " ومجرد " ارثها للخيار لا يؤثر في ارثها من المال،
ولذلك أشرنا في أول المسألة بأنه لا تلازم بين ارثها للخيار وبين ارثها من المال، لان
النسبة بين المسئلتين تكون بنحو العموم من وجه " هذا " آخر ما أوردناه في هذه
المسألة والحمد لله أولا وآخرا " وقد حصل " الفراغ من تسويدها على يد العبد الجاني
على نفسه الراجي رحمة ربه محمد تقي النجفي البروجردي ابن عبد الكريم عفى الله عن
جرائمهما بالنبي محمد صلى الله عليه وآله الطاهرين في شهر ذي القعدة الحرام
سنة الألف وثلاث مائة واحدى وستين من الهجرة النبوية عليه وعلى
وصيه وابن عمه وعلى الأئمة المعصومين من ذريته آلاف
الثناء والتحية
52