مسالك الأفهام (جزء 1) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مسالك الأفهام (جزء 1) - نسخه متنی

زین الدین بن علی شهید ثانی؛ محقق: بیاد معارف اسلامی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

مسالك الأفهام


إلى تنقيح
شرائع الإسلام
تأليف
زين الدين بن علي العاملي (قدس سره)
" الشهيد الثاني " (911 - 965 ه‍)
الجزء الأول
تحقيق ونشر
مؤسسة المعارف الإسلامية

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة 3

جميع الحقوق الطبع والنشر محفوظة
لمؤسسة المعارف الإسلامية
إيران قم المقدسة
ص. ب 768 / 37185
تلفون 32009

المقدمة 4

كلمة المؤسسة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله
الطاهرين.
منذ انقطاع الوحي بوفاة الرسول الكريم صلى الله عليه وآله
برزت الحاجة إلى الفقه لمعرفة أحكام الشريعة، وهداية السماء ليكتمل الإنسان
حياته المعنوية، ويحظى بالزلفى لدى ربه، فالفقه يحتل مكانة عالية بين العلوم
والمعارف البشرية لأنه محاولة لمعرفة وظيفة الإنسان في جميع مجالات الحياة تجاه
مسؤوليته أمام خالقه.
والفقه استمرار للشرائع السماوية ورسالات الأنبياء عليهم السلام.
والفقه هو الطريق الوحيد لتمكن الإنسان من الوفاء بعهده وميثاقه الذي
واثقه به ربه منذ بدء الخليقة حيث قال جل من قائل: (قلنا اهبطوا منها جميعا
فأما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) (1).
والفقه هو الحجر الأساس لتنظيم الحكومة الإسلامية في عصر غيبته
الهداة المعصومين عليهم السلام.
وقد بذل العلماء المتقون منذ فجر الإسلام وحتى يومنا هذا جهودا
عظيمة، وسعيا بليغا لتطوير الفقه، وتشييد مبانيه، وتحكيم أسسه، ولكل

--------------------------------------------------------------------------------

(1) البقرة: 38.
المقدمة 5

مرحلة من مراحل تطوره عبر تأريخه الطويل قيمتها ومكانتها لا تفقد منهما شيئا
رغم التغير الطارئ على مبادئه ومقاصده.
وهذا ما يمتاز به الفقه من بين كل العلوم والمعارف البشرية، فإن آراء
الأقدمين في كل علم وفن لا يعدوا أثرا تأريخيا ينظر إليه الأجيال المتأخرة
كمرحلة تأريخية لتطور العلم والفن ليكون عبرة لمن تأخر، وأمثولة للسائرين
الكادحين إلى ربهم على درب الإنسانية الطويل، ولكن آراء الفقهاء القدماء لا
تفقد قيمتها العلمية مهما طال الزمان، وبعد العهد، بل الأمر بالعكس، فكل
ما كان الفقيه أقدم زمانا كان لرأيه الفقهي قيمة أعلى.
وربما يكون هذا مما يثير الاستغراب لدى الجاهلين بحقيقة الفقه ودوره
في حياة الإنسان المسلم، فإن الفقه حيث كان محاولة لفهم أحكام الشريعة،
فكلما كان الرأي الفقهي الموثق أقرب عهدا بعهد الرسالة والإمامة امتاز بقيمة
أعلى في منظار الفقهاء المتأخرين، فربما يتأيد به فهم الفقيه لنص الشريعة،
وربما يعتمد الفقيه على مجموعة آراء قديمة يوجب الظن أو القطع بحكم
المعصوم، وربما يؤيد شهرة فتوائية سندا للحديث أو يضعف سندا لحديث
معارض، ورما يوجب ترجيحا لأحد المتعارضين إذا عممنا المرجحات، إلى غير
ذلك من وجوه الاستفادة من آراء القدماء، فالرأي الفقهي القديم ليس أثرا
تأريخيا كرأي العالم الرياضي، أو الفلكي الذي باد وانمحى أثره، بل هو مما
يحتاج إليه الفقيه المتأخر لاستنباط الحكم الشرعي.
وهذا الأمر مما يدعونا لبذل الجهد في إحياء التراث الفقهي لا كأثر علمي
وحضاري فحسب، بل بما أنه من مقومات الفقه الحديث كعلم متطور في أسسه
ومبادئه.
ولهذا السبب بعد أن اقترح علينا التحقيق عن كتاب " مسالك الأفهام "
لشيخنا الشهيد السعيد زين الدين العاملي قدس الله روحه سارعنا إلى تنفيذ
المهمة بالرغم من المشاكل التي تحيط بها متوكلين على الله، راجين ثوابه.

المقدمة 6

هذا وقد أشرف على جميع مراحل التحقيق، والتدوين، واستخراج
المصادر سماحة حجة الإسلام والمسلمين السيد مرتضى المهري، وساعد في
إنجاز وتكميل المهمة جماعة من العلماء حجج الإسلام والأخوة الأفاضل.
فيما يلي أسماؤهم ودورهم:
1 - الشيخ محمد جعفر الطبسي، اقترح علينا العمل في هذا السفر القيم
وعرفنا النسخ الخطية، وساعد في استخراج المصادر إلى المضاربة،
وشارك في الإشراف على سائر مراحل التحقيق.
2 - السيد صالح المدرسي، مراجعة استخراج المصادر للتأكيد،
واستخراج ما تبقى منها.
3 - الشيخ عبد المجيد شفقت، استخراج المصادر.
4 - الشيخ محمد قاروبي التبريزي، استخراج المصادر.
5 - فارس حسون كريم، الإخراج الفني.
6 - سامي سبز علي رحيمي، الإخراج الفني.
7 - السيد ضياء صالح البطاط، الصف الألكتروني للحروف.
8 - عباس ناصر هادي، المقابلة.
9 - أبو قاسم الشمالي، المقابلة.
نشكر هؤلاء الأفاضل، ونرجو لهم التوفيق في الاستمرار بخدمة الدين
الحنيف، ونسأل الله تعالى أن يتقبل أعمالنا، ويخلص نياتنا، ويوفقنا للمزيد من
بذل الجهد في سبيل إحياء كلمته العليا، ولا يستبدل بنا غيرنا، إنه ولي التوفيق.
والحمد لله أولا وآخرا

المقدمة 7

مقدمة التحقيق
بسم الله الرحمن الرحيم
نبذة من أحوال الشهيد وترجمته
قلما يجود الزمان بشخصيات كشيخنا الشهيد قدس الله روحه جامعة
لمختلف الفضائل والكمالات الإنسانية. وقلما يجد الباحث بين العلماء والسلف
الصالح من يكون له هذا النصيب الوافر من التوفيقات الربانية. وحقا إن
الإنسان عندما يقرأ في التاريخ أحوال الشهيد وأمثاله وعز له المثيل ليجد في
نفسه حقارة وصغارا، ويتخاذل عن الترفع لبلوغ هذه القمة، وفي نفس
الوقت، يشعر بالعزة والكرامة، وتطمئن نفسه إذا كان مهتديا بهديهم وسالكا
سبيلهم.
والبحث عن أحوال هؤلاء العظماء، ينبغي بل يجب، لا للشكر والثناء
على ما أسدوه على المجتمع البشري والدين ورجاله والعلم وذويه من نعم
سابغة وأياد محمودة فحسب، بل ليستضئ السالك المتعلم على سبيل الرشاد
في سبيله الخطير وطريقه المظلم، بأنوار هداياتهم ويستعبر بما خلفوه من عبر،
ويتبع ما تركوه من أثر ويجعل نصب عينيه ما نصبوه من أمثولة.
وإن شيخنا الشهيد السعيد لمن أروع المثل في السلف الصالح الذي
ينبغي أن يقتفى أثره ويتأسى به. ولئن كان التمثل والتشبه الأئمة المعصومين
عليهم السلام تماما وكمالا كالمستحيل علينا، فإن التمثل بأمثال الشهيد،

المقدمة 9

صعب جدا لا يستطيع أن يدعيه إلا من شملته العناية الإلهية.
ومن هنا نستطيع أن نستخلص أن الهدف الأسمى من ترجمة العلماء
الأبرار من أمثال شيخنا المترجم له، إنما هو التخلق بأخلاقهم واتباع آثارهم
بقدر الإمكان. إذن فلا يهمنا من البحث، الجوانب التاريخية المحضة التي لا
تؤثر في هذه المهمة كالبحث عن أن اسمه " زين الدين " وأن أباه " علي " أم أن
" زين الدين " لقبه واسمه " علي " كما توهم والصحيح هو الأول، أو البحث عن
وجه تسميته ب‍ " ابن الحاجة " وأنه اسمه أو اسم أبيه أو جده، وأنه بتشديد الجيم
أو بتخفيفه أو أن الصحيح " ابن الحجة " بضم الحاء أو بفتحه وتشديد الجيم
مخفف الحاجة وأمثال ذلك مما تعرض له بعض المترجمين له، وكذلك البحث عن
وجه تسميته بالنحاريري والطلوسي وغير ذلك مما ذكروه، فلا نتعرض لأمثال
ذلك إلا بنحو الإشارة في بعض الموارد.
اسمه ونسبه
هو: زين الدين بن نور الدين علي بن أحمد بن جمال الدين بن تقي
الدين صالح بن مشرف العاملي. هكذا ورد في رسالة ابن العودي (1)، وهو
تلميذه وأقرب الناس إليه، وكذا ورد في إجازته قدس سره للشيخ حسين
عبد الصمد والد شيخنا البهائي على ما ورد في البحار (2)، إلا أن فيها بدل
" مشرف "، " شرف ". ولكن الوارد في كثير من الكتب " مشرف " فيقوى احتمال
التصحيف في البحار.
وذكر في آخر الإجازة (3): " وكتب هذه الأحرف بيده الفانية زين الدين
بن علي بن أحمد شهر بابن الحاجة.. " وأعقبه العلامة المجلسي رحمه الله

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الدر المنثور 2: 151.
(2) بحار الأنوار 105: 147.
(3) ص 171.
المقدمة 10

بقوله: " أقول: قد نقلتها من خط نقل من خطه قدس الله روحه.. " ولكن
ورد في النسب إضافات في أمل الآمل (1) وزاد عليه في أعيان الشيعة (2) وكذا في
روضات الجنات (3).
سجاياه وشمائله
من حسن الحظ أن ترجم له تلميذه الفاضل الشيخ محمد بن علي بن
الحسن العودي الجزيني في رسالة مستقلة سماها " بغية المريد في الكشف عن
أحوال الشهيد " ولكنه مع الأسف ذهب فيما ذهب من الكتب ولم يبق منه إلا ما
وقع في يد العالم الفاضل حفيد شيخنا الشهيد: علي بن محمد بن الحسن بن
زين الدين " الشهيد الثاني " فأودعه في كتابه " الدر المنثور ".
وقد ذكر ابن العودي في سجايا الشهيد وخصائله الكريمة ما خلاصته:
" إنه لم يصرف لحظة من عمره إلا في اكتساب فضيلة، ووزع أوقاته على
ما يعود نفعه في اليوم والليلة. أما النهار ففي تدريس ومطالعة وتصنيف
ومراجعة، وأما الليل فله فيه استعداد كامل لتحصيل ما يبتغيه من الفضائل.
هذا مع غاية اجتهاده في التوجه إلى مولاه وقيامه بأوراد العبادة، حتى يكل
قدماه، وهو مع ذلك قائم بالنظر في أحوال معيشته على أحسن نظام، وقضاء
حوائج المحتاجين بأتم قيام.. إن رآه الناظر على أسلوب ظن أنه ما تعاطى
سواه ولم يعلم أنه بلغ من كل فن منتهاه..
ولقد كان مع علو رتبته وسمو منزلته، على غاية من التواضع ولين
الجانب.. إذا اجتمع بالأصحاب، عد نفسه كواحد منهم.. ولقد
شاهدت منه سنة ورودي إلى خدمته أنه كان ينقل الحطب على حمار في الليل

--------------------------------------------------------------------------------

(1) أمل الآمل 1: 85.
(2) أعيان الشيعة 7: 143.
(3) روضات الجنات 3: 352.
المقدمة 11

لعياله، ويصلي الصبح في المسجد ويشتغل بالتدريس بقية نهاره، فلما شعرت
منه بذلك، كنت أذهب معه بغير اختياره وكنت أستفيد من فضائله وأرى من
حسن شمائله ما يحملني على حب ملازمته وعدم مفارقته. وكان يصلي العشاء
جماعة ويذهب لحفظ الكرم، ويصلي الصبح في المسجد ويجلس للتدريس
والبحث..
وكان شيخنا يتعاطى جميع مهماته بقلبه وبدنه.. حتى أنه ما كان
يعجبه تدبير أحد في أموره.. ومع ذلك كله فقد كان غالب الزمان في الخوف
الموجب لإتلاف النفس والتستر والاختفاء الذي لا يسع الإنسان معه أن يفكر
في مسألة من الضروريات البديهية.. وسيأتي في عدة تصانيفه ما ظهر عنه في
زمن الخوف من غزارة العلوم المشبهة بنفائس الجوهر المنظوم..
وأما شكله فقد كان ربعة من الرجال في القامة، معتدل الهامة، وفي آخر
أمره كان السمن أميل، بوجه صبيح مدور وشعر سبط يميل إلى الشقرة،
أسود العينين والحاجبين، له خال على أحد خديه وآخر على أحد جبينيه، أبيض
اللون، لطيف الجسم، عبل الذراعين والساقين، كأن أصابع يديه أقلام
فضة، إذا نظر الناظر في وجهه وسمع عذوبة لفظه، لم تسمح نفسه بمفارقته
وتسلى عن كل شئ بمخاطبته، تمتلئ العيون من مهابته وتبتهج القلوب
لجلالته. وأيم الله أنه لفوق ما وصفت وقد اشتمل من حميد الخصال على أكثر
مما ذكرت (1).
الشهيد يترجم نفسه
نقل ابن العودي في رسالته هذه، الترجمة عن خط الشهيد قدس الله
نفسه، وفيه من تاريخ ولادته وحياته وأسفاره وجولاته العلمية وسعة ثقافته

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الدر المنثور 2: 153.
المقدمة 12

وأسماء أساتذته من العامة والخاصة وشؤون أخرى من حياته المليئة بالعبر
والكرامات ما يغنينا عن نقل غيره. فرأينا أن ننقله هنا تماما لمزيد الفائدة.
قال قدس سره:
" هذه جملة من أحوالي وتصرف الزمان بي في عمري وتاريخ بعض
المهمات التي اتفقت لي ".
كان مولدي في يوم الثلاثاء، ثالث عشر شوال سنة إحدى عشرة وتسعمائة
(911) من الهجرة النبوية، ولا أحفظ مبدأ اشتغالي بالتعلم، لكن كان ختمي
لكتاب الله العزيز سنة عشرين وتسعمائة (920) من الهجرة النبوية وسني إذ ذاك
تسع سنين، واشتغلت بعده بقراءة الفنون العربية والفقه على الوالد قدس
الله سره، إلى أن توفي في العشر الأوسط من شهر رجب يوم الخميس سنة
خمس وعشرين وتسعمائة (925) وكان من جملة ما قرأته عليه من كتب الفقه
" النافع مختصر الشرائع " و " اللمعة الدمشقية ".
ثم ارتحلت في تلك السنة مهاجرا في طلب العلم إلى " مبس "، وكان
ابتداء الانتقال في شهر شوال من السنة المذكورة، واشتغلت على شيخنا الجليل
الشيخ علي بن عبد العالي قدس الله سره من تلك السنة إلى أواخر سنة ثلاث
وثلاثين وتسعمائة (933) وكان من جملة ما قرأته عليه: " شرائع الإسلام "
و " الإرشاد " وأكثر " القواعد ".
ثم ارتحلت في شهر ذي الحجة إلى " كرك نوح " عليه السلام وقرأت بها
على المرحوم المقدس السيد حسن بن السيد جعفر، جملة من الفنون، وكان مما
قرأته عليه " قواعد ابن ميثم البحراني " في الكلام و " التهذيب " في أصول الفقه
و " العمدة الجليلة في الأصول الفقهية " من مصنفات السيد المذكور و " الكافية "
في النحو، وسمعت جملة من الفقه وغيره من الفنون.
ثم انتقلت إلى " جبع " وطني الأول زمن الوالد في شهر جمادي الآخرة سنة
أربع وثلاثين (934)، وأقمت بها مشتغلا بمطالعة العلم والمذكرة إلى سنة

المقدمة 13

(937).
ثم ارتحلت إلى " دمشق " واشتغلت بها على الشيخ الفاضل المحقق
الفيلسوف شمس الدين محمد بن مكي، فقرأت عليه من كتب الطب، شرح
الموجز النفليسي و " غاية القصد في معرفة الفصد " من مصنفات الشيخ المبرور
المذكور، و " فصول الفرغاني " في الهيئة وبعض " حكمة الإشراق "
للسهروردي، وقرأت في تلك المدة بها على المرحوم الشيخ أحمد بن جابر
" الشاطبية " في علم القراءات، وقرأت عليه القرآن بقراءة نافع وابن كثير وأبي
عمرو وعاصم.
ثم رجعت إلى " جبع " سنة (938) وبها توفي شيخنا الشيخ شمس الدين
المذكور وشيخنا المتقدم الأعلى الشيخ علي في شهر واحد وهو شهر جمادى
الأولى، وكانت وفاة شيخنا السيد حسن، سادس شهر رمضان سنة (93)،
وأقمت بالبلدة المذكورة إلى تمام سنة (941).
ورحلت إلى مصر في أول سنة (942) لتحصيل ما أمكن من العلوم،
واجتمعت في تلك السفرة بجماعة كثيرة من الأفاضل، فأول اجتماعي بالشيخ
شمس الدين بن طولون الدمشقي الحنفي، وقرأت عليه جملة من الصحيحين
وأجازني روايتهما مع ما يجوز له روايته في شهر ربيع الأول من السنة المذكورة.
وكان وصولي إلى مصر يوم الجمعة منتصف شهر ربيع الآخر من السنة
المتقدمة، واشتغلت بها على جماعة، منهم:
الشيخ شهاب الدين أحمد الرملي الشافعي: قرأت عليه " منهاج
النووي " في الفقه وأكثر " مختصر الأصول " لابن الحاجب وشرح العضدي مع
مطالعة حواشيه منها السعدية والشريفية. وسمعت عليه كتبا كثيرة في الفنون
العربية والعقلية وغيرهما، فمنها شرح التلخيص المختصر في المعاني والبيان لملا
سعد الدين، ومنها شرح تصريف العربي ومنها شرح الشيخ المذكور لورقات
إمام الحرمين الجويني في أصول الفقه وتوضيح ابن هشام في النحو وغير ذلك مما

المقدمة 14

يطول ذكره. وأجازني إجازة عامة بما يجوز له روايته، سنة (943).
ومنهم الملا حسين الجرجاني: قرأنا عليه جملة من " شرح التجريد "
للملا علي القوشجي مع حاشية ملا جلال الدين الدواني و " شرح أشكال
التأسيس " في الهندسة لقاضي زاده الرومي و " شرح الجغميني " في الهيئة له.
ومنهم الملا محمد الاسترآبادي: قرأنا عليه جملة من " المطول " مع
حاشية السيد الشريف و " الجامي " شرح الكافية.
ومنهم الملا محمد الكيلاني: سمعنا عليه جملة من المعاني والمنطق.
ومنهم الشيخ شهاب الدين بن النجار الحنبلي: قرأت عليه جميع " شرح
الشافية " للجاربردي وجميع " شرح الخزرجية " في العروض والقوافي للشيخ زكريا
الأنصاري وسمعت عليه كتبا كثيرة في الفنون والحديث منها: الصحيحان،
وأجازني جميع ما قرأت وسمعت وما يجوز له روايته في السنة المذكورة.
ومنهم الشيخ أبو الحسن البكري: سمعت عليه جملة من الكتب في
الفقه والتفسير وبعض شرحه على المنهاج.
ومنهم الشيخ زين الدين الحري المالكي: قرأت عليه " ألفية بن
مالك ".
ومنهم الشيخ المحقق ناصر الدين اللقاني المالكي، محقق الوقت
وفاضل تلك البلدة. لم أر بالديار المصرية أفضل منه في العلوم العقلية
والعربية. سمعت عليه " البيضاوي " في التفسير وغيره من الفنون.
ومنهم الشيخ ناصر الدين الطلاوي الشافعي: قرأت عليه القرآن
بقراءة أبي عمرو ورسالة في القراءات من تأليفه.
ومنهم الشيخ شمس الدين محمد أبي النجا النحاس (1) قرأت عليه
" الشاطبية " في القراءات والقرآن العزيز للأئمة السبعة، وشرعت ثانيا أقرأ عليه

--------------------------------------------------------------------------------

(1) كذا في الدر المنثور ولم نجد له ترجمة لنحقق عن اسمه.
المقدمة 15

للعشرة ولم أكمل الختم بها.
ومنهم الشيخ الفاضل الكامل عبد الحميد السمهودي قرأت عليه جملة
صالحة من الفنون، وأجازني إجازة عامة.
ومنهم الشيخ شمس الدين محمد بن عبد القادر الفرضي الشافعي:
قرأت عليه كتبا كثيرة في الحساب الهوائي، و " المرشدة " في حساب الهندر
الغباري، و " الياسمينية " وشرحها في علم الجبر والمقابلة. و " شرح المقنع " في علم
الجبر والمقابلة. وسمعت عليه بعض شرح " الوسيلة ". وأجازني إجازة عامة.
وسمعت بالبلد المذكور من جملة متكثرة من المشايخ يطول الخطب
بتفصيلهم، ومنهم الشيخ عميرة، الشيخ شهاب الدين بن عبد الحق والشيخ
شهاب الدين البلقيني والشيخ شمس الدين الديروطي وغيرهم.
ثم ارتحلت من مصر إلى الحجاز الشريف سابع عشر شهر شوال سنة
(943) ورجعت إلى وطني الأول بعد قضاء الواجب من الحج والعمرة والتمتع
بزيارة النبي وآله وأصحابه صلوات الله عليهم. ووصلت رابع عشر شهر صفر
سنة (944)، وأقمت بها إلى سنة ست وأربعين (946).
وسافرت إلى العراق لزيارة الأئمة عليهم السلام وكان خروجي سابع
عشر شهر ربيع الآخر سنة (946) ورجوعي خامس عشر شهر شعبان منها.
وسافرت لزيارة بيت المقدس، منتصف ذي الحجة سنة (948)،
واجتمعت في تلك السفرة بالشيخ شمس الدين بن أبي اللطف المقدسي،
وقرأت عليه بعض صحيح البخاري وبعض صحيح مسلم وأجازني إجازة
عامة. ثم رجعت إلى الوطن الأول المتقدم وأقمت به إلى أواخر سنة إحدى
وخمسين (951) مشتغلا بمطالعة العلم ومذاكرته مستفرغا وسعى في ذلك.
ثم برزت إلي الأوامر الإلهية والإشارات الربانية بالسفر إلى جهة الروم
والاجتماع بمن فيها من أهل الفضائل والعلوم والمتعلق بسلطان الوقت
والزمان، السلطان سليمان بن عثمان، وكان ذلك على خلاف مقتضى الطبع

المقدمة 16

وسياق الفهم، لكن ما قدر، لا تصل إليه الفكرة الكليلة والمعرفة القليلة من
أسرار الحقائق وأحوال العواقب. والكيس الماهر هو المستسلم في قبضة العالم
الخبير القاهر، الممتثل لأوامره الشريفة، المنقاد إلى طاعته المنيفة، كيف لا وإنما
يأمر بمصلحة تعود على المأمور مع اطلاعه على دقائق عواقب الأمور وهو الجواد
المطلق والرحيم المحقق. والحمد لله على أنعامه وإحسانه وامتنانه، والحمد لله
الذي لا ينسى من ذكره ولا يهمل من غفل عنه ولا يؤاخذ من صدف عن طاعته
بل يقوده إلى مصلحته ويوصله إلى بغيته.
وكان الخروج إلى السفر المذكور بعد بوادر الأوامر به والنواهي عن تركه
والتخلف عنه وتأخيره إلى وقت آخر ثاني عشر شهر ذي الحجة الحرام سنة
(951)، وأقمت بمدينة " دمشق " بقية الشهر، ثم ارتحلت إلى " حلب "
ووصلت إليها يوم الأحد سادس عشر شهر المحرم سنة (952)، وأقمت بها
إلى السابع من شهر صفر من السنة المذكورة.
ومن غريب ما اتفق لنا بحلب، أنا أزمعنا عند الدخول إليها على تخفيف
الإقامة بها بكل ما أمكن ولم ننو الإقامة، فخرجت قافلة إلى الروم على الطريق
المعهود المار بمدينة " أذنة " فاستخرنا الله على مرافقتها فلم يخر لنا، فكان قد تهيأ
بعض طلبة العلم من أهل الروم إلى السفر على طريق " ملوقات " وهو طريق
غير مسلوك غالبا لقاصد قسطنطنية، وذكروا أنه قد تهيأ قافلة للسفر على الطريق
المذكور، فاستخرنا الله تعالى على السفر معهم، فأخار به فتأخر سفرهم وساءنا
ذلك، فتفألت بكتاب الله تعالى على الصبر وانتظارهم، فظهر قوله تعالى:
(واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغدوة والعشي يريدون وجهه ولا تعد
عيناك عنهم) (1) فطمأنت النفس لذلك، وخرجت قافلة أخرى من طريق
" أذنة " وأشار الأصحاب برفقتهم لما يظهر من مناسبتهم، فاستخرت الله تعالى

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكهف: 28.
المقدمة 17

على صحبتهم، فلم يظهر خيرة، وتفألت بكتاب الله تعالى على انتظار الرفقة
الأولى وإن تأخروا كثيرا، فظهر قوله تعالى: (ومن يولهم يومئذ دبره.. فقد
باء بغضب من الله) ثم خرجت قافلة أخرى على طريق " أذنة " فاستخرت الله
تعالى على الخروج معها فلم يظهر خيرة، فضقت لذلك ذرعا وسئمت الإقامة،
وتفألت بكتاب الله تعالى في ذلك، فظهر قوله تعالى: (واتبع ما يوحى من ربك
واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين) (1) ثم خرجت قافلة رابعة على الطريق
المذكور، فاستخرت الله تعالى على رفقتها، فلم يظهر خيرة. وكانت القافلة التي
أمرنا بالسفر معها تسوفنا بالسفر يوما وتكذب كثيرا في إخبارنا، ففتحت
المصحف صبيحة يوم السبت وتفألت به فظهر قوله تعالى: (وتتلقاهم الملائكة
هذا يومكم الذي كنتم توعدون) (2). فتعجبنا من ذلك غاية العجب وقلنا إن
كانت القافلة تسافر في هذا اليوم فهو من أعجب الأمور وأغربها وأتم البشائر
بالخير والتوفيق، فأرسلنا بعض أصحابنا يستعلم الخبر، فقالوا له: اذهب إلى
أصحابك واحملوا " أمتعتكم " ففي هذا اليوم نخرج. فحمدنا الله تعالى على هذه
النعم العظيمة والمنن الجسيمة التي لا نقدر على شكرها.
ثم بعد ذلك ظهر لإقامتنا بحلب تلك المدة فوائد وأسرار لا يمكن
حصرها، وظهر لسفرنا على الطريق المذكور أيضا فوائد وأسرار وخيرات لا
تحصى، وأقلها أنه بعد ذلك بلغنا ممن سافر على تلك الطريق التي نهينا عنها أن
عليق الدواب وزاد الناس كان في غاية القلة والصعوبة والغلاء العظيم، حتى
أهم كانوا يشترون العليقة الواحدة بعشرة دراهم عثمانية، واحتاجوا مع ذلك
إلى حمل الزاد أربعة أيام لعدم وجوده في الطريق، لا للدواب ولا للإنسان، فلو
نسافر في تلك الطريق، لاتجه علينا ضرر عظيم لا يوصف، بل لا يفي جميع ما
كان بيدنا من المال بالصرف في الطريق..

--------------------------------------------------------------------------------

(1) يونس: 109.
(2) الأنبياء: 103.
المقدمة 18

وكان وصولنا إلى مدينة قسطنطنية يوم الاثنين، سابع عشر من شهر ربيع
الأول من السنة السابعة وهي سنة (952)، ووفق الله تعالى لنا منزلا حسنا وقفا
من أحسن مساكن البلد قريبا إلى جميع أغراضنا، وبقيت بعد وصولي ثمانية
عشر يوما لا أجتمع بأحد من الأعيان، ثم اقتضى الحال أن كتبت في هذه الأيام
رسالة جيدة تشتمل على عشرة مباحث جليلة، كل بحث في فن من الفنون
العقلية والفقهية والتفسير وغيرها، وأوصلتها إلى قاضي العسكر وهو محمد بن
قطب الدين بن محمد بن محمد بن قاضي زاده الرومي، وهو رجل فاضل أديب
عاقل لبيب، من أحسن الناس خلقا وتهذيبا وأدبا، فوقعت منه موقعا حسنا
وحصل لي بسبب ذلك منه حظ عظيم، وأكثر من تعريفي والثناء علي، واتفق
في خلال المدة بيني وبينه مباحثة في مسائل كثيرة من الحقائق.
ففي اليوم الثاني عشر من اجتماعي به، أرسل إلي الدفتر المشتمل على
الوظائف والمدارس وبذل لي ما أختاره، وأكد في كون ذلك في الشام أو في
حلب، فاقتضى الحال أن اخترت منه المدرسة النورية ببعلبك لمصالح وجدتها
ولظهور أمر الله تعالى بها على الخصوص، فأعرض لي بها إلى السلطان سليمان
وكتب لي بها براءة وجعل لي لكل شهر ما شرطه واقفها السلطان نور الدين
الشهيد، واتفق من فضل الله وسبحانه ومنه لي في مدة إقامتي بالبلدة المذكورة
من الألطاف الإلهية والأسرار الربانية والحكم الخفية، ما يقصر عنه البيان،
ويعجز عن تحريره البنان، ويكل عن تقريره اللسان فلله الحمد والمنة والفضل
والنعمة على هذا الشأن ونسأله أن يتم علينا منه الإنسان إنه الكريم الوهاب
المنان.
ومن غريب ما اتفق لي من نعم الله تعالى وفضله وكرمه وجوده زمان
إقامتي بمدينة قسطنطنية، أن خرجت يوما مع الأصحاب وكان ذلك اليوم في
شهر جمادي الأولى، لزيارة مشهد شريف هناك يسمونه " أبا أيوب الأنصاري
الصحابي " وكان قد بنى عليه السلطان محمد مشهدا خارج البلد. فلما كنت في

المقدمة 19

المشهد، قرأت جزءا من القرآن وأخذت المصحف وتفألت به أن يكشف لي عن
حال حمل كنت قد فارقته بالزوجة قبل سفري وميعاد ولادته أوائل شهر جمادى
المذكور، فظهر لي في أول الفاتحة: (وبشرناه بغلام حليم) فسجدت لله
شكرا ورجوت من الله تعالى أن يحقق لي ذلك وأن يكون قد رزقني ولدا ذكرا
مباركا ميمونا حميد العاقبة، فكتبت صورة الفال والتاريخ في تلك الساعة في
رقعة، واستمر الحال إلى أن خرجت من المدينة المذكورة إلى مدينة " اسكدار "
وهي قريبة منها، بينها وبينها قطعة يسيرة من البحر، سيرها نحو ميل، فجاءني
وأنا مقيم بها في يوم الثلاثاء التاسع عشر من شهر رجب من السنة المذكورة
كتب من أصحابنا بالبلاد في بعضه بشارة بولد ذكر ولد في المدة المذكورة..
وكانت مدة إقامتي بمدينة قسطنطنية ثلاثة أشهر ونصفا. وخرجت منها
يوم السبت، حادي عشر شهر رجب في السنة المذكورة وعبرت البحر إلى مدينة
" اسكدار " وهي مدينة حسنة جيدة، صحيحة الهواء، عذبة الماء، محكمة
البناء، يتصل بكل دار منها بستان حسن يشتمل على الفواكه الجيدة العطرة على
شاطئ البحر، مقابلة لمدينة قسطنطنية بينهما البحر خاصة. وأقمت بها أنظر
وصول صاحبنا الشيخ حسين بن عبد الصمد (1) لأنه احتاج إلى التأخر عن تلك
الليلة..
وكان خروجنا من " اسكدار " متوجهين إلى العراق يوم السبت لليلتين
خلتا من شهر شعبان، واتفق أن طريقنا إليها هي الطريق التي سلكناها من
" سيواس " إلى " اصطنبول "، ووصلنا إلى مدينة " سيواس " يوم الاثنين لخمس
بقين من شهر شعبان، وخرجنا منها يوم الأحد ثاني شهر رمضان متوجهين إلى
العراق، وهو أول ما فارقناه من الطريق الأولى وخرجنا في حال نزول الثلج وبتنا
ليلة الاثنين أيضا على الثلج وكانت ليلة عظيمة البرد.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) والد الشيخ البهائي قدس سرهما.
المقدمة 20

ومن غريب ما اتفق لي تلك الليلة أن نمت يسيرا فرأيت في تلك الليلة
كني في حضرة شيخنا الجليل محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله، وهو شيخ بهي
جميل الوجه عليه أبهة العلم ونحو نصف لمته بياض، ومعي جماعة من أصحابي
منهم رفيقي وصديقي الشيخ حسين بن عبد الصمد، فطلبنا من الشيخ أبي
جعفر الكليني المذكور نسخة الأصل لكتابه الكافي لننسخه، فدخل البيت
وأخرج لنا الجزء الأول منه في قالب نصف الورق الشامي ففتحه فإذا هو بخط
حسن معرب مصحح ورموزه مكتوبة بالذهب، بجعلنا نتعجب من كون
نسخة الأصل بهذه الصفة، فسررنا بذلك كثيرا لما كنا قبل ذلك قد ابتلينا به
من رداءة النسخ. فطلبت منه بقية الأجزاء فجعل يتألم من تقصير الناس في
نسخ الكتاب وتصحيحه وقال: اشتغلوا بهذا الجزء إلى أن أجد لكم غيره. ثم
دخل إلى بيته لتحصيل باقي الأجزاء ثم خرج إلينا وبيده جزء بخط غيره على
قالب الورق الشامي الكامل وهو ضخم غير جيد الخط، فدفعه إلي وجعل
يشتكي إلينا من كتابة كتابه بهذه الصورة ويتألم من ذلك، وكان في المجلس الأخ
الصالح الشيخ زين الدين الفقعاني نفعنا الله ببركته فقال: أنا عندي جزء آخر
من نسخة الأصل على الوصف المتقدم ودفعه إلي فسررت كثيرا، ثم فتش البيت
وأخرج جزءا آخر إلى تمام أربعة أجزاء أو أكثر بالوصف المتقدم، فسررنا بها
وخرجنا بالأجزاء إلى الشيخ الجليل المصنف وهو جالس في مكانه الأول، فلما
جلسنا عنده أعدنا فيما بيننا وبينه ذكر نسخ الكتاب وتقصير الناس فيه، فقلت:
يا سيدنا بمدينة دمشق رجل من أصحابنا اسمه زين العابدين الغرابيلي قد نسخ
كتابك هذا نسخة في غاية الجودة في ورق جيد وجعل الكتاب في مجلدين كل
واحد بقدر كتاب الشرائع، وهذه النسخة فخر على المخالف والمؤالف فتهلل
وجه الشيخ رحمه الله سرورا وأظهر الفرح وفتح يديه ودعا له بدعاء خفي لم
أحفظ لفظه، ثم انتبهت.
وانتهينا بعد أربعة أيام من اليوم المذكور إلى مدينة " ملطية " وهي مدينة

المقدمة 21

لطيفة كثيرة الفواكه تقرب من أصل منبع الفرات ومررنا بعد ذلك بمدينة لطيفة
تسمى " أزغين " وهي قريبة من منبع الدجلة.
وكان وصولنا إلى المشهد المقدس المبرور المشرف بالعسكريين بمدينة
" سامراء " يوم الأربعاء رابع شهر شوال، وأقمنا به ليلة الخميس ويومه وليلة
الجمعة.
ثم توجهنا إلى " بغداد " ووصلنا إلى المشهد المقدس الكاظمي يوم الأحد
ثامن الشهر وأقمنا به إلى يوم الجمعة وتوجهنا ذلك اليوم لزيارة ولي الله تعالى
" سلمان الفارسي " و " حذيفة بن اليمان " رضي الله عنهما.
ورحلنا منه إلى مشهد الحسين عليه السلام ووصلنا يوم الأحد منتصف
الشهر المذكور، وأقمنا به إلى يوم الجمعة.
وتوجهنا منه إلى " الحلة " وأقمنا بها إلى يوم الجمعة، وتوجهنا منها إلى زيارة
القاسم ثم إلى " الكوفة " ومنها إلى المشهد المقدس الغروي، ووصلنا إليه يوم
الأربعاء ثالث شهر ذي القعدة الحرام وأقمنا به بقية الشهر.
واتفق لنا من فضل الله تعالى وكرمه ورأفته وعنايته من التوفيقات الإلهية
والخيرات الربانية والتأييدات السبحانية والنعمة الشاملة والرحمة الواصلة ما لا
يقتضي الحال ذكره ومفيضه سبحانه أعلم به، ونسأل من فضله العميم وكرمه
الجسيم أن يمدنا بفضله ويجود علينا بستره وكفايته كما عودنا ذلك فيما سلف،
وأن يعصمنا فيما بقي من كل ما يخالف رضاه ويبعد عن جواره، ويحرسنا بعين
عنايته، وقد أظهر الله سبحانه لجماعة من الصالحين بالمشهدين وغيرهما آيات
باهرة ومنامات صالحة وأسرارا خفية أوجبت كمال الإقبال وبلوغ الآمال، فله
الحمد والمنة على كل حال.
ومما اتفق لي أني كنت جالسا عند رأس الضريح المقدس ليلة الجمعة
وقرأت شيئا من القرآن وتوجهت ودعوت الله أن يخرج لي ما اختبر به عاقبة أمري
بعد هذه السفرة مع الأعداء، والحساد وغيرهم، فظهر في أول الصفحة اليمنى:

المقدمة 22

(ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما وجعلني من المرسلين)
فسجدت الله شكرا على هذه النعمة والتفضل بهذه البشارة السنية.
وكان خروجنا من المشاهد الشريفة بعد أن أدركنا زيارة عرفة بالمشهد
الحائري والغدير بالمشهد الغروي والمباهلة بالمشهد الكاظمي سابع عشر شهر
ذي الحجة الحرام من السنة المتقدمة ولم يتفق لنا الإقامة لإدراك زيارة عاشوراء
مع قرب المدة لعوارض وقواطع منعت من ذلك والحمد لله على كل حال.
واتفق وصولنا إلى البلاد منتصف شهر صفر سنة (953) ووافقه من
الحروف بحساب الجمل حروف " خير معجل " وهو مطابق للواقع أحسن الله
خاتمتنا بخير كما جعل بدايتنا إلى خير، بمنه وكرمه.
ثم أقمنا ببعلبك ودرسنا فيها مدة في المذاهب الخمسة وكثير من الفنون
وصاحبنا أهلها على اختلاف آرائهم أحسن صحبة وعاشرناهم أحسن عشرة،
وكانت أياما ميمونة وأوقاتا مبهجة، ما رأى أصحابنا في الأعصار مثلها.
ثم انتقلنا عنهم إلى بلدنا بنية المفارقة امتثالا للأمر الإلهي سابقا في
المشاهد الشريفة ولاحقا في المشهد الشريف، مشهد شيث عليه السلام،
وأقمنا في بلادنا إلى سنة خمس وخمسين مشتغلين بالدرس والتصنيف (1).
آيات الثناء عليه
أثنى عليه كل من ترجم له ووصفوه بغزارة العلم وصلابة الإيمان والزهد
والعبادة والأمانة والوثاقة وحسن القريحة وشدة الاهتمام بخدمة الدين الحنيف
والمذهب الحق.
ولم نجد من يغمز فيه بشئ إلا ما ذكره بعضهم من الاعتراض على
حضوره مجامع فقهاء العامة وقراءته عليهم وروايته عنهم. ولعمري إن هذا مما

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الدر المنثور ج 2 من ص 158 182.
المقدمة 23

يمتدح به ذلك الرجل العظيم الذي لم يمنعه شدة التعصب والشنان الذي
أبداه بعض جهلة العامة المتفقهين والمتلبسين لباس أهل العلم والدين من الكد
والسعي والاغتراب في سبيل تحصيل العلم أينما وجد فالحكمة ضالة المؤمن أينما
وجدها أخذها.
وإليك فيما يلي بعض ما جادت به قرائح المترجمين له قدس الله نفسه
الزكية:
أما تلميذ ابن العودي فقد ملأ رسالته المزبورة الثناء على الشهيد، ولا
غرو فإنه كان من أقرب الناس إليه وكان يتمتع ويحظى بالتشرف لديه
والاستضاءة بنوره فقال فيما قال:
" وبالجملة فهو عالم الأوان ومصنفه، ومقرظ البيان ومشنفه بتأليف كأنها
الخرائد وتصانيف أبهى من القلائد، وضعها في فنون مختلفة وأنواع، وأقطعها
ما شاء من الإتقان والإبداع، وسلك فيها مسلك المدققين وهجر طريق
المتشدقين، إن نطق رأيت البيان منسربا من لسانه، وإن أحسن رأيت الإحسان
منتسبا إلى إحسانه، جدد شعائر السنن الحنيفية بعد إخلاقها، وأصلح للأمة
ما فسد من أخلاقها، وبه اقتدى من رام تحصيل الفضائل واهتدى بهداه من
تحلى بالوصف الكامل، عمر مساجد الله وأشاد بنيانها ورتب وظائف الطاعات
فيها وعظم شأنها، كم أمر بالمعروف ونهى عن المنكر وكم أرشد من صلى وصام
وحج واعتمر.
كان لأبواب الخيرات مفتاحا وفي ظلمة عمى الأمة مصباحا. منه تعلم
الكرم كل كريم وبه استشفى من الجهالة كل سقيم واقتفى أثره في الاستقامة
كل مستقيم، لم تأخذه في الله لومة لائم ولم يثن عزمه، عن المجاهدة في تحصيل
العلوم الصوارم، أخلصت لله أعماله فأثرت في القلوب أقواله.
أعز ما صرف همته فيه، خدمة العلم وأهله، فحاز الحظ الوافر لما توجه

المقدمة 24

إليه بكله " (1).
وقال العلامة الرجالي السيد مصطفى التفريشي المتوفى في أواسط القرن
الحادي عشر في كتاب " نقد الرجال ":
" وجه من وجوه هذه الطائفة وثقاتها، كثير الحفظ، نقي الكلام، له
تلاميذ أجلاء وله كتب نفيسة جيدة منها شرح شرائع المحقق الحلي قدس
سره. قتل رحمه الله لأجل التشيع في قسطنطنية في سنة ست وستين وتسعمائة
رضي الله عنه وأرضاه وجعل الجنة مثواه " (2).
وقال المحدث الحر العاملي صاحب وسائل الشيعة المتوفى سنة (1104)
في " أمل الآمل ":
" أمره في الثقة والعلم والفضل والزهد والعبادة والورع والتحقيق والتبحر
وجلالة القدر وعظم الشأن وجمع الفضائل والكرامات، أشهر من أن يذكر
ومحاسنه وأوصافه الحميدة أكثر من أن تحصى وتحصر، ومصنفاته كثيرة
مشهورة.. وكان فقيها محدثا نحويا قارئا متكلما حكيما جامعا لفنون العلم وهو
أول من صنف من الإمامية في دراية الحديث " (3)..
وقال المحدث البحراني صاحب " الحدائق " المتوفى سنة (1186):
" وكان هذا الشيخ من أعيان هذه الطائفة ورؤسائها وأعاظم فضلائها
وثقاتها وهو عالم عامل محقق مدقق زاهد مجاهد ومحاسنه أكثر من أن تحصى
وفضائله أجل من أن تستقصى " (4).
وقال المحقق الشيخ أسد الله التستري صاحب كتاب " مقابس الأنوار "
المتوفى سنة (1237) في مقدمة كتاب:

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الدر المنثور 2: ص 154 و 155.
(2) نقد الرجال: ص 145.
(3) أمل الآمل 1: 86.
(4) لؤلؤة البحرين: 28.
المقدمة 25

" أفضل المتأخرين وأكمل المتبحرين، نادرة الخلف وبقية السلف، مفتي
طوائف الأمم والمرشد إلى التي هي أقوم، قدوة الشيعة ونور الشريعة، الذي
قصرت الأكارم الأجلاء عن استقصاء مزاياه وفضائله السنية وحارت الأعاظم
الألباء في مناقبه وفواضله العلية، الجامع في معارج الفضل والكمال والسعادة
بين مراتب العلم والعمل والجلالة والكرامة والشهادة، المؤيد المسدد بلطف الله
الخفي والجلي، الشيخ زين الدين بن علي بن أحمد الشامي العاملي قدس الله
نفسه الزكية وأفاض على تربته المراحم الأبدية. وقد تلمذ على كثير من علماء
الخاصة والعامة وروى عن جم غفير منهم معظم كتب الفريقين في العلوم
العقلية والنقلية والفنون الأدبية، وله كتب ورسائل كثيرة فاخرة مهذبة في فنون
مختلفة ومطالب متشعبة " (1).
وقال السيد الخوانساري المتوفى سنة (1313) في " روضات الجنات ":
".. أفاض الله على تربته الزكية من سجال رحمته وفضله وكرمه وجزائه
اللطيف السبحاني. لم ألف إلى هذا الزمن الذي هو من حدود ثلاث وستين
ومائتين بعد الألف أحدا من العلماء الأجلة يكون بجلالة قدره، وسعة صدره،
وعظم شأنه، وارتفاع مكانه، وجودة فهمه، ومتانة عزمه، وحسن سليقته،
واستواء طريقته، ونظام تحصيله، وكثرة أساتيذه، وظرافة طبعه، ولطافة
صنعه، ومعنوية كلامه، وتمامية تصنيفاته وتأليفاته، بل كاد أن يكون في التخلق
بأخلاق الله تبارك وتعالى، تاليا لتلو المعصوم.. " (2).
وترجم له أيضا العلامة المحدث النوري في خاتمة " مستدرك الوسائل " (3)
وأثنى عليه بمثل ما ذكره صاحب المقابس تقريبا وكذلك العلامة المامقاني في
" تنقيح المقال " (4) وجمع فيه من عبارات الثناء بين ما ذكره التفريشي والحر

--------------------------------------------------------------------------------

(1) مقابس الأنوار: 15.
(2) روضات الجنات 3: 352.
(3) مستدرك الوسائل 3: 425.
(4) تنقيح المقال 1: 472.
المقدمة 26

العاملي.
وقال العلامة السيد محسن الأمين في " أعيان الشيعة ":
" كان عالما فاضلا جليل القدر عظيم الشأن، رفيع المنزلة تقيا، نقيا،
ورعا، زاهدا، عابدا، حائزا صفات الكمال متفردا منها بما لا يشاركه فيه غيره،
مفخرة من مفاخر الكون وحسنة من حسنات الزمان أو من غلطات الدهر كما
يقال. كان فقيها ماهرا في الدرجة العليا بين الفقهاء، محدثا أصوليا مشاركا في
جميع العلوم الإسلامية، لم يدع علما من العلوم حتى قرأ فيه كتابا أو أكثر على
مشاهير العلماء من النحو والصرف والبيان والمنطق واللغة والأدب والعروض
والقوافي والأصول والفقه والتفسير وعلم الحديث وعلم الرجال وعلم التجويد
وأصول العقائد والحكمة العقلية والهيئة والهندسة والحساب وغير
ذلك.. " (1).
وقال العلامة الأميني صاحب كتاب " الغدير ":
" من أكبر حسنات الدهر وأغزر عيالم العلم، زين الدين والملة وشيخ
الفقهاء الأجلة، مشارك في علوم مهمة من حكمة وكلام وفقه وأصول وشعر
وأدب وطبيعي ورياضي. وقد كفانا مؤنة التعريف به شهرته الطائلة في ذلك كله
فقد تركته أجلى من أي تعريف، فما عسى أن يقول فيه المتشدق ببيانه، وكل
ما يقوله دون أشواطه البعيدة وصيته الطائر فسلام الله عليه على ما أسداه إلى
أمته من أياديه الواجبة، ونشره فيها من علوم ناجعة " (2).
تطور ثقافته وتعلمه حتى الاجتهاد
مر علينا فيما نقلناه من ترجمته لنفسه أنه لم يحفظ مبدأ اشتغاله بالتعلم
وحكى ابن العودي في رسالته أنه قدس سره ذكر له أنه حين اشتغاله بالعلم

--------------------------------------------------------------------------------

(1) أعيان الشيعة 7: 144.
(2) شهداء الفضيلة: 132.
المقدمة 27

كان صغيرا جدا وأن أباه كان رؤوفا به، متفرسا فيه الخير والنجابة، وأنه لم
يضربه قط بل أوصى معلمه في الصغر أن لا يضربه وأنه كان لا يشتغل باللعب
وما يلتهي به الأطفال من أقرانه. وقد ختم القرآن وعمره لم يتجاوز التاسعة وقرأ
على أبيه العلامة، الفنون العربية وبعض الكتب الفقهية إلى أن توفي والده
وعمره حينئذ أربعة عشر سنة، ثم ارتحل في طلب العلم إلى " ميس " و " كرك
نوح " و " دمشق " ولم يكتف بما تعلم من الثقافة الشيعية في هذه البلدان وما
يسمعه من مشايخه ويقرأه في الكتب من فقه العامة وأحاديثهم، بل بلغت به
همته العالية أن تكبد مشاق السفر والهجرة إلى مصر وهي آنذاك مركز من مراكز
الثقافة الإسلامية، فحضر مجالس علمائها وقرأ عليهم كتب الفقه والحديث
وسمع منهم آراء العامة مباشرة وناظر بعضهم في بعض المسائل كما يتحدث
عنه ابن العودي في رسالته واستفاد منهم ما كان مفيدا ومؤثرا في توسيع الثقافة
العلمية في حوزات الشيعة، ولذلك قام بتأليف أول كتاب في دراية الحديث
على مذهب الإمامية، وعلى أثر ذلك أيضا صنف كتاب " تمهيد القواعد
الأصولية والعربية لتفريع الأحكام الشرعية " جارى به ما ألفه " الأسنوي
الشافعي ". وبتأثير تلك الثقافة أيضا صنف أول شرح مزجي في تصانيف
الشيعة. ونجد أيضا في كتبه الفقهية، في بعض المسائل، مقارنة بديعة بين فقه
الشيعة وفقه العامة في المسائل الخلافية المهمة.
والحاصل أن غرضه قدس الله نفسه من حضور مجامع العلم في مصر
لم يكن إلا توسعة الثقافة والاطلاع عن قريب على ما لدى علمائها من علم
وإبداع وقد بلغ هدفه في ذلك واستفاد وأفاد ولم يكن في ذلك أي حزازة ومكروه
كما ظنه بعض من ترجم له.
وأما ما ذكره ولده المحقق الشيخ حسن رحمه الله من عدم الرضا بفعل
والده وجماعة أخرى من العلماء وأنه قد ترتب عليه ما ترتب، فلا يقصد به إلا
أنه قد ترتب عليه قتل الشهيد كما صرح به في موضع آخر على ما حكي عنه.

المقدمة 28

ومن طريف ما يحكى أن الشهيد قد ذكر في بعض تصانيفه:
" إن من الإلقاءات الجائزة المستحسنة للأنفس إلى التهلكة، فعل من
يعرض نفسه للقتل في سبيل الله إذا رأى أن في قتله بسبب ذلك، عزة للإسلام
ولا شبهة أن ذلك من أفعال الكرام دون اللئام ومن خصال أولياء الله البررة
الأعلام الذين لهم الأسوة الحسنة بالحسين الشهيد المظلوم عليه السلام " (1).
وأما عن تاريخ بلوغه مرتبة الاجتهاد، فلنصغ إلى تلميذه ابن العودي:
" أخبرني قدس الله لطيفه وكان في منزلي بجزين متخفيا من الأعداء
ليلة الاثنين، حادي عشر شهر صفر سنة (956) أن مولده كان في ثالث عشر
شوال سنة (911)، وإن ابتداء أمره في الاجتهاد كان سنة (944)، وإن ظهور
اجتهاده وانتشاره كان في سنة (948)، فيكون عمره لما اجتهد ثلاثا وثلاثين
سنة " (2).
ولم يكتف شيخنا الشهيد بالعلوم الدينية، بل كان يختلف هنا وهناك على
أبواب العلماء ليكمل ثقافته وتضلعه في مختلف العلوم من المنطق والفلسفة
والكلام والعرفان والطب والرياضيات بأنواعها والطبيعيات وغير ذلك، كما ورد
في ترجمته لنفسه التي ذكرناها آنفا.
مشايخه وتلامذته
مر علينا في ترجمته لنفسه أسماء مشايخه الذين قرأ عليهم واستجاز منهم
ونذكر هنا بعض مع التعريف بهم إجمالا:
1 والده العلامة نور الدين علي بن أحمد.
2 العلامة المحقق الشيخ علي بن عبد العالي الميسي. ترجم له الحر

--------------------------------------------------------------------------------

(1) روضات الجنات 3: 382.
(2) الدر المنثور 2: 183.
المقدمة 29

العاملي في " أمل الآمل " وقال في حقه: " كان فاضلا متبحرا محققا مدققا جامعا
كاملا ثقة زاهدا عابدا ورعا، جليل القدر، عظيم الشأن، فريدا في عصره " (1).
وقد أجازه المحقق الثاني ووصفه بقوله: " سيدنا الشيخ الأجل العالم
العامل الفاضل الكامل، علامة العلماء ومرجع الفضلاء.. " (2) إلى آخر ما
ذكره قدس سره مما ينبئ عن جلالة قدر هذا العالم الكامل. وقد توفي سنة
(938) كما ورد في عبارة الشهيد قدس سره. وكذا ورد في أعيان الشيعة
بتفصيل، وعليه فلا يصح ما ذكره الحر في " أمل الآمل " من أن وفاته سنة
(933).
3 السيد حسن بن السيد جعفر الحسيني العاملي الكركي. وهو ابن
خالة المحقق الثاني. ترجم له في " أمل الآمل " وأثنى عليه (3). توفي سنة (933)
كما ذكره الشهيد أيضا.
4 شمس الدين محمد بن مكي. وصفه في " أمل الآمل " بالعاملي
الشامي وقال: كان فاضلا محققا عالما مشهورا في عصره (4). ومر علينا في ترجمة
الشهيد لنفسه، توصيفه بالشيخ الفاضل المحقق الفيلسوف. وفي موضع آخر:
الشيخ المبرور. ولكن قال في أعيان الشيعة أنه: لا يظهر من كتاب بغية المريد
أنه عاملي بل ولا شيعي إلا أن يكون صاحب الأمل استفاد ذلك من مقام
آخر (5). وكيف كان فقد قرأ عليه الشهيد كتبه في الطب، وتوفي سنة (938) كما
ذكره الشهيد قدس سره.
5 الشيخ أبو الحسن البكري، من علماء مصر. قال ابن العودي " كثيرا

--------------------------------------------------------------------------------

(1) أمل الآمل 1: 123.
(2) بحار الأنوار 105: 41.
(3) أمل الآمل 1: 56 و 180.
(4) أمل الآمل 1: 56 و 180.
(5) أعيان الشيعة 10: 59.
المقدمة 30

ما كان (الشهيد) قدس الله سره، يطري علينا أحوال الشيخ ويثني عليه،
وذكر أنه كان له حافظة عجيبة، كان التفسير والحديث نصب عينيه، وكان أكثر
المشايخ المذكورين أبهة ومهابة عند العوام والدولة، وكان على غاية من حسن
الطالع والحظ الوافر من الدنيا وإقبال القلوب عليه، وكان من شدة ميل الناس
إليه إذا حضر مجلس العلم أو دخل المسجد، يزدحم الناس على تقبيل كفيه
وقدميه، حتى منهم من يمشي حبوا حتى يصل إلى قدميه يقبلهما.
صحبه شيخنا نفع الله به من مصر إلى الحج.. وكان محبا لشيخنا
مقبلا عليه متلطفا به.. توفي سنة (953) بمصر ودفن بالقرافة، وكان يوم
موته يوما عظيما بمصر لكثرة الجمع، ودفن بجانب قبة الإمام الشافعي وبنوا
عليه قبة عظيمة " (1).
6 الشيخ ناصر الدين اللقاني المالكي. قال فيه الشهيد قدس سره
فيما مضى من كلامه: " محقق الوقت وفاضل تلك البلدة. لم أر بالديار المصرية
أفضل منه في العلوم العقلية والعربية ".
7 الشيخ شمس الدين محمد أبي النجار النحاس. قال فيه ابن
العودي:
" كثيرا ما كان (الشهيد) ينعت هذا الشيخ بالصلاح وحسن الأخلاق
والتواضع وكان فضلاء مصر والأكابر يترددون إليه للقراءة في فنون القرآن العزيز
لبروزه فيها.. " (2).
8 الشيخ عبد الحميد السمهودي. قال فيه ابن العودي: " وهذا الشيخ
أيضا كان شيخنا قدس سره كثير الثناء عليه بالجمع بين فضيلتي العلم
والكرم، وأنه كان في رمضان لا يدعهم يفطرون إلا عنده.. " (3).

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الدر المنثور 2: 163.
(2) الدر المنثور 2: 166.
(3) الدر المنثور 2: 166.
المقدمة 31

وغير هؤلاء من المشايخ الذين مر ذكرهم في ترجمة الشهيد لنفسه.
وغرضنا من ذكر هؤلاء وما نقله ابن العودي، حكاية اطراء الشهيد رحمه الله
على العاملة الذين استفاد منهم، ليظهر للقارئ سعة صدره وعدم تعصبه في
إظهار فضل ذوي الفضل ليتبين بوضوح أن قتله لم يكن إلا نتيجة للحقد
والحسد مما أوغر صدور مناوئيه من المستأكلين بالعلم في ذلك الزمان كما سيجئ
ذكره.
أهم تلامذته
1 - الشيخ حسين بن عبد الصمد، والد الشيخ البهائي قدس الله
سرهما. قال ابن العودي: " أول من قرأ عليه في أوائل أمره وتصديه
للتدريس، الشيخ الفاضل العالم الكامل عز الدين حسين بن عبد الصمد
الحارثي الهمداني صحبه مدة مديدة وقرأ عليه كتبا عديدة، منها: قواعد الإمام
العلامة من أولها إلى آخرها وباقي مفرداته مذكور في إجازة مطولة أجازه إياها
مشتملة على محاسن جميلة وفوائد جليلة، وكان رفيقه إلى مصر في طلب العلم
وإلى اصطنبول (إسطنبول) في المرة الأولى، وفارقه إلى العراق وأقام بها مدة ثم
ارتحل إلى خراسان.. " (1).
وقد نقل في البحار إجازة الشهيد قدس سره له وسماه بالإجازة الكبيرة
المعروفة. وقد مدحه الشهيد قدس سره في تلك الإجازة وأثنى عليه ثناء
جميلا وذكر الكتب التي قرأها عليه. فراجع (2) وتوفي سنة (984).
2 - الشيخ علي بن زهرة الجبعي. ابن عم الشيخ حسين المذكور. قال
فيه ابن العودي: " وكان غاية من الصلاح والتقوى والخير والعبادة. كان شيخنا

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الدر المنثور 2: 191.
(2) البحار 105: 146.
المقدمة 32

يعتقد فيه الولاية وكان رفيقه إلى مصر وتوفي بها رحمه الله " (1).
3 - الشيخ محمد بن الحسين الحر العاملي المشغري. جد والد صاحب
الوسائل وهو أبو زوجة الشهيد قدس سره. قال فيه ابن العودي: " من أول
المذعنين باجتهاده المخلصين معه. قرأ عليه جملة من الكتب وأخذ عنه شرائع
دينه وأجازه إجازة عامة. وكانت له به خصوصية ومحبة صادقة وعلاقة متصلة
بتمام المودة وصدق المحبة " (2).
4 السيد نور الدين بن السيد فخر الدين عبد الحميد الكركي. قال
ابن العودي: " وإنه من أكابر خاصته وأوائل العاكفين على ملازمته. قرأ عليه
جملة من العلوم الفقهية وغيرها وأخذ عنه وأجازه وكان له قدس سره عليه
مزيد اعتماد ومحكم استناد " (3).
5 السيد علي بن الحسين بن أبي الحسن العاملي الجبعي، والد صاحب
المدارك. قال العودي: " رباه كالوالد لولده ورقاه إلى المعالي بمفرده وزوجه ابنته
رغبة فيه وجعله من خواص ملازميه. قرأ عليه جملة من العلوم الفقهية والعقلية
والأدبية وغيرها وأجازه إجازة عامة " (4).
ومن غريب ما ورد في التراجم ما ذكره السيد الأمين رحمه الله في
" أعيان الشيعة " أن الشهيد الثاني تزوج أم صاحب المدارك بعد وفاة زوجها،
فولد له منها الشيخ حسن فهو أخو صاحب المدارك لأمه (5).. مع أن السيد
علي المذكور كان حيا بعد الشهيد كما صرح به ابن العودي. والشيخ حسن خال
صاحب المدارك وصاحب المدارك يعبر عن الشهيد بالجد فهو جده لأمه. ولعل
الصحيح كما ذكره السيد الأمين بنفسه في ترجمة صاحب المدارك أن السيد علي

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الدر المنثور 2: 191.
(2) الدر المنثور 2: 191.
(3) الدر المنثور 2: 192.
(4) الدر المنثور 2: 192.
(5) أعيان الشيعة 7: 144.
المقدمة 33

المذكور هو الذي تزوج زوجة الشهيد أم الشيخ حسن بعد شهادة زوجها. وذكر
هناك أيضا أن ما ورد في بعض التراجم من عكس ذلك اشتباه ولكنه ذكر هذا
الاشتباه في ترجمة الشهيد دون تعليق.
6 السيد علي بن السيد حسين الصائغ العاملي. قال ابن العودي:
" وكان قدس الله لطيفه له به خصاصة تامة " (1).
7 محمد بن علي بن الحسن العودي الجزيني. وقد تبين مما مر علينا في
هذه الترجمة أنه كان من أخص تلامذته به. وهو صاحب الرسالة التي ألفها في
ترجمته والتي لم يبق منها إلا القليل الذي نقله حفيد الشهيد علي بن محمد بن
الحسن في كتابه " الدر المنثور " وهي عمدة مصادر ترجمته ويظهر من خلالها غاية
حبه وإعظامه للشهيد قدس سرهما.
أولاده
كانت حياة الشهيد القصيرة المباركة، مليئة بالأشجان والآلام، ومما ابتلي
به قدس الله سره موت أولاده فلم يعقب من الذكور إلا الشيخ حسن
صاحب المعالم، وكفاه وليا من بعده ونسلا مباركا طيبا، فبرز من ذريته جماعة
من العلماء ومفاخر الشيعة.
أما الشيخ حسن نفسه فهو من أعاظم العلماء وكتابه " معالم الدين في
الأصول " مما كان ولا يزال أحد الكتب الدراسية في الحوزات العلمية. وكان
مع ابن أخته السيد محمد صاحب المدارك كفرسي رهان في الدرس والبحث
والصداقة. وكان مضافا إلى علمه الغزير الواسع ونظره الثاقب، شاعرا مفلقا.
توفي سنة (1011) وكان عمره عند استشهاد والده ست سنين تقريبا (2).

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الدر المنثور 2: 192.
(2) راجع ترجمته في الدر المنثور 2: 199 209.
المقدمة 34

قصة مقتله واستشهاده
الذي يظهر من تاريخ حياة الشهيد كما مر في ترجمته لنفسه أنه كان
محاطا بالأعداء والحساد الذين يتربصون به الدوائر حتى أنه كان يخفي علمه
وآثاره القيمة خوفا من إثارة حسدهم أو اطلاعهم على ما يمكنهم الاحتجاج به
عليه وتعكير الجو وإغفال العامة والغوغاء وإثارتهم ضده. ولعل أشدهم عداوة
له القاضي معروف. وقد مر في ترجمته أيضا أنه لم يستجز منه كما كان هو المعتاد
حين سفره إلى قسطنطنية ولم يأخذ منه عرضا حسب تعبيرهم ومع ذلك
حصل على المرسوم الصادر بنصبه مدرسا في المدرسة النورية ببعلبك. وبذلك
انقطعت عنه محاولات الأعداء للحط من كرامته، وتألق نجمه في سماء العلم
والتدريس والمرجعية، ودانت له الرقاب مما أجج نار الحقد والحسد في قلوب
مناوئيه وفي مقدمتهم القاضي معروف فدبروا له المكائد. يقول ابن العودي
حول أيام مرجعيته في بعلبك:
" كنت في خدمته في تلك الأيام، ولا أنسى وهو في أعلى مقام ومرجع
الأنام وملاذ الخاص والعام ومفتي كل فرقة بما يوافق مذهبها ويدرس في المذاهب
كتبها. وكان له في المسجد الأعظم بها درس مضافا إلى ما ذكر وصار أهل البلد
كلهم في انقياده ومن وراء مراده بقلوب مخلصة في الوداد وحسن الإقبال
والاعتقاد. وقام سوق العلم بها على طبق المراد ورجعت إليه الفضلاء من
أقاصي البلاد ورقى ناموس السادة والأصحاب في الازدياد، وكانت عليهم تلك
الأيام من الأعياد.. " (1).
وقال بعد انتهاء ترجمة الشهيد لنفسه وذكره لرجوعه إلى بلده واشتغاله إلى
سنة خمس وخمسين بالدرس والتصنيف: " وهذا التاريخ كان خاتمة أوقات الأمان

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الدر المنثور 2: 182.
المقدمة 35

والسلامة من الحدثان، ثم نزل به ما نزل.. " (1) ومن المؤسف أنه لم يبق من
رسالته ما حكى فيه قصة مقتله ولذلك وقع الاختلاف في كيفيته. قال الحر
العاملي في أمل الآمل: " وكان سبب قتله على ما سمعته من بعض المشايخ
ورأيته بخط بعضهم أنه ترافع إليه رجلان فحكم لأحدهما على الآخر،
فغضب المحكوم عليه وذهب إلى قاضي صيدا واسمه " معروف ". وكان الشيخ
مشغولا في تلك الأيام بتأليف شرح اللمعة. وفي كل يوم يكتب منه غالبا كراسا
ويظهر من نسخة الأصل أنه ألفه في ستة أشهر وستة أيام، لأنه كتب على ظهر
النسخة تاريخ ابتداء التأليف، فأرسل القاضي إلى " جبع " من يطلبه وكان مقيما
في كرم له مدة منفردا عن البلد متفرغا للتأليف. فقال له بعض أهل البلد:
قد سافر عنا مدة. فخطر ببال الشيخ أن يسافر إلى الحج، وكان قد حج مرارا
لكنه قصد الاختباء، فسافر في محمل مغطى، وكتب قاضي صيدا إلى سلطان
روم أنه قد وجد ببلاد الشام رجل مبدع خارج عن المذاهب الأربعة. فأرسل
السلطان رجلا في طلب الشيخ وقال له: إئتني به حيا حتى أجمع بينه وبين علماء
بلادي فيبحثوا معه ويطلعوا على مذهبه ويخبروني فأحكم عليه بما يقتضيه
مذهبي.
فجاء الرجل فأخبر أن الشيخ توجه إلى مكة، فذهب في طلبه، فاجتمع
به في طريق مكة، فقال له: تكون معي حتى نحج بيت الله ثم افعل ما تريد،
فرضي بذلك، فلما فرغ من الحج، سافر معه إلى بلاد الروم، فلما وصل إليها
رآه رجل فسأله عن الشيخ، فقال: رجل من علماء الشيعة الإمامية أريد أن
أوصله إلى السلطان. فقال: أو ما تخاف أن يخبر السلطان بأنك قد قصرت في
خدمته وآذيته وله هناك أصحاب يساعدونه، فيكون سببا لهلاكك بل الرأي أن
تقتله وتأخذ برأسه إلى السلطان. فقتله في مكانه من ساحل البحر، وكان هناك

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الدر المنثور 2: 182.
المقدمة 36

جماعة من التركمان فرأوا في تلك الليلة أنوارا تنزل من السماء وتصعد، فدفنوه
هناك وبنوا عليه قبة. وأخذ الرجل رأسه إلى السلطان. فأنكر عليه وقال:
أمرتك أن تأتيني به حيا فقتلته. وسعى السيد عبد الرحيم العباسي في قتل ذلك
الرجل، فقتله السلطان (1). ولعل هذا النقل أوثق ما قيل في ذلك.
ومن كراماته المنقولة إخباره عن شهادته. قال السيد محسن الأمين: " عن
بعض مؤلفات الشيخ البهائي: قال: أخبرني والدي قدس سره أنه دخل في
صبيحة بعض الأيام على شيخنا الشهيد الثاني فوجده مفكرا، فسأله عن سبب
تفكيره. فقال: يا أخي، أظن أني سأكون ثاني الشهيدين،، قال: أو ثاني
شيخنا الشهيد في الشهادة، لأني رأيت البارحة في المنام أن السيد المرتضى علم
الهدى عمل ضيافة، جمع فيها العلماء الإمامية بأجمعهم في بيت، فلما دخلت
عليهم، قام السيد المرتضى ورحب بي وقال لي: يا فلان، اجلس بجنب الشيخ
الشهيد، فجلست بجنبه، فلما استوى بنا المجلس انتبهت، ومنامي هذا دليل
على أني أكون تاليا له في الشهادة الخ، واتفق أنه شرح من مؤلفات الشهيد،
الألفية والنفلية واللمعة وضاهاه في تأليف تمهيد القواعد. وعنه أيضا بطريق
آخر، أنه مر على مصرعه المعروف في زمن حياته ومعه والد الشيخ البهائي، فلما
رأى ذلك المكان تغير لونه وقال: سيهرق في هذا المكان دم رجل. فظهر بعد
ذلك أنه كان يعني نفسه " (2).
وقال حفيده في الدر المنثور: " ومما سمعته في بلادنا مشهورا ورأيته أيضا
مشهورا في غيرها أنه قدس الله روحه لما سافر السفر الأول إلى اصطنبول
ووصل إلى المكان الذي قتل به، تغير لونه، فسأله أصحابه عن ذلك فقال ما
معناه: أنه يقتل في هذا المكان رجل كبير أو عظيم له شأن. فلما أخذ، قتل في

--------------------------------------------------------------------------------

(1) أمل الآمل 1: 90 91.
(2) أعيان الشيعة 7: 157.
المقدمة 37

ذلك المكان. ورأيت نسخة لشرح اللمعة عند بعض الأكابر أن الشيخ حسين
بن عبد الصمد رحمه الله سئل عن هذا وكان رفيقه في ذلك السفر، فأخبر
بأن ذلك حق سؤاله أو سؤال غيره " (1).
وقال في هامش الكتاب: " وجد بخط المرحوم المبرور الشيخ حسين بن
عبد الصمد رحمه الله بعد سؤاله وصورة السؤال والجواب: سئل الشيخ
حسين بن عبد الصمد رحمه الله: ما يقول مولانا شيخ الإسلام فيما روى
عن الشيخ المرحوم المبرور الشهيد الثاني أنه مر بموضع في اصطنبول ومولانا
الشيخ سلمه الله معه، فقال: يوشك أن يقتل في هذا الموضع رجل له شأن،
أو قال شيئا قريبا من ذلك، ثم إنه استشهد رحمه الله في ذلك الموضع، ولا
ريب أن ذلك من كراماته، رحمه الله وأسكنه جنان الخلد.
نعم هكذا وقع منه قدس سره وكان الخطاب للفقير، ويقال: إنه
استشهد في ذلك الموضع، وذلك مما كشف لنفسه الزكية، حشره الله مع الأئمة
الطاهرين.
كتبه حسين بن عبد الصمد الحارثي، ثامن عشر ذي الحجة سنة (983)
في مكة المشرفة زادها الله شرفا وتعظيما " (2).
هذا وقد اختلف في سنة استشهاده. ففي كتاب نقد الرجال أنه استشهد
سنة (966) والمعتمد ما نقله حفيده في الدر المنثور. قال: " ورأيت بخط جدي
المبرور الشيخ حسن قدس الله روحه ما صورته: مولد الوالد قدس الله
نفسه في يوم الثلاثاء ثالث عشر شهر شوال سنة إحدى عشرة وتسعمائة،
واستشهد في سنة خمس وستين وتسعمائة (965) " (3).

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الدر المنثور 2: 189.
(2) الدر المنثور 2: 190.
(3) الدر المنثور 2: 189.
المقدمة 38

مؤلفاته
تمتاز مؤلفات شيخنا الشهيد قدس الله روحه بدقة النظر وعمق
المغزى وجزالة التعبير وحسن الأسلوب. ولقد من الله عليه بالتوفيق لكتابة هذه
المجموعة الضخمة من الكتب التي تعد كل ما بقي منها زينة ومفخرة للمكتبة
الإسلامية والشيعية بوجه خاص، مع ما مني به من آلام وأشجان، ومع كثرة
اشتغاله وأسفاره ومع قيامه شخصيا بجميع أعماله حتى حراسة الكرم ليلا من
السراق، وجمع الحطب للإيقاد في البيت، ومع قصر عمره الشريف. ولعمري
أن هذا مما يورث الإعجاب والإجلال. هذا مع أن أكثر ما ألفه الشهيد
واستنسخه من الكتب القمية والآثار العلمية، قد أتى عليها يد الغدر والخيانة،
شأنها شأن كثير من آثار الشيعة وكتبها التي تسلط عليها الجهلة وأعداء العلم
ومذهب أهل البيت عليهم السلام.
قال ابن العودي: " وكان في ابتداء أمره يبالغ في الكتمان وشرع في شرح
الإرشاد ولم يبده لأحد.. ثم أكب على المطالعة والتأليف واستفراغ الوسع في
التدريس والتصنيف إلى سنة ثمان وأربعين وتسعمائة (948) حتى أراد الله
إظهار ما أراد كتمانه وأعلى في البرية شأنه وألقى في قلوب ذوي العلم، الانقياد
إليه والتسليم لما اعتمد عليه، ودخل معه كل من له بالشريعة المطهرة تقييد في
ربقة الرجوع إليه بالتقليد، وظهرت عنه التصانيف الفائقة والمباحث الرائقة،
ورجعت إليه الفضلاء بالإذعان، وأطلق في ميدان السبق العنان، وصارت
فضائله مشاهدة بالعيان. فأول ما أفرغه في قالب التصنيف الشرح المذكور
لإرشاد الإمام العلامة جمال الدين الحسن بن المطهر قدس الله روحه يعرف
فضله من وقف عليه من أولي الفضل " (1).

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الدر المنثور 2: 183.
المقدمة 39

ونذكر هنا أهم تصانيفه قدس الله روحه
1 - روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان: والإرشاد للعلامة الحلي رحمه
الله. وهو شرح مزجي خرج منه مجلد في الطهارة والصلاة. وهو أول ما ألفه،
كما ذكره ابن العودي. وقد طبع في إيران سنة (1307) (1).
2 - الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية: واللمعة للشهيد الأول
محمد بن مكي العاملي قدس الله روحه المتوفى سنة (786). ومن غريب
الاتفاق، اهتمام الشهيد الثاني بشرح كتب الشهيد الأول، فكأنه كان يعلم أن
مصيرهما واحد. وهذا الكتاب من محاور دراسة الفقه لدى الطلاب المبتدئين في
الحوزات العلمية حتى زماننا هذا، وطبع مرارا. وقد شرح وعلق عليه من
الحواشي بما يزيد على سبعين كتابا (2). ولئن دل هذا على شئ فإنما يدل على
تضلع الشهيدين رحمهما الله في الفقه وخلوص نيتهما في خدمة الدين
الحنيف.
3 - مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام. وهذا الكتاب الذي بين
يدي القارئ وسيأتي تفصيل البحث عنه.
4 - تمهيد القواعد الأصولية والعربية لتفريع الأحكام الشرعية: جارى
به ما ألفه الأسنوي الشافعي في هذا الباب ورتبه على قسمين، في أولهما مائة
قاعدة من القواعد الأصولية مع بيان ما يتفرع عليها من الأحكام، وفي ثانيهما
مائة قاعدة من القواعد العربية كذلك ورتب لها فهرسا مبسوطا لتسهيل تناول
الطالب. قال الشهيد قدس سره بشأن هذا الكتاب: " وهو كتاب واحد في
فنه بحمد الله ومنه ومن وقف على الكتاب المومى إليه علم حقيقة ما نبهنا
عليه ". طبع بإيران (3).

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الذريعة 11: 275.
(2) الذريعة 6: 90 و 13: 292 296.
(3) الذريعة 4: 433 راجع كلام الشهيد في إجازاته في البحار 105: 144.
المقدمة 40

5 - منية المريد في آداب المفيد والمستفيد: طبع مرارا في إيران والنجف
الأشرف. وهو كتاب أخلاقي لطيف لا يستغني عنه الطالب والعالم، يحتوي
على ما ينبغي أن يتحلى به طلاب العلوم الدينية والعلماء والقضاة. ثم لخصه
وأسماه " بغية المريد مختصر منية المريد ". ذكره حفيده في " الدر المنثور ".
6 - مسكن الفؤاد في فقد الأحبة والأولاد: طبع مرارا في إيران. وقد ألفه
الشهيد رحمه الله إثر ابتلائه شخصيا بفقدان أولاده. وهو كتاب يبعث
الإنسان المبتلى بالشدائد والمصائب على الصبر والعزاء. وقد لخصه فيما بعد
وأسماه " مبرد الأكباد في مختصر مسكن الفؤاد " مع أنه في نفسه أيضا مختصر،
وذلك ليستفيد منه عدد أكبر من القراء حيث إنه مما يحتاج إليه الناس.
7 - التنبيهات العلية على وظائف الصلاة القلبية: رتبها على ترتيب ألفية
الشهيد الأول وذكر فيها أسرار الصلاة ووظائف القلب في مختلف حالاتها. طبع
في إيران مرارا.
8 - كشف الريبة عن أحكام الغيبة والنميمة: قال في مقدمته أنه ألفه
حيث رأى بعض الناس لا يتورعون عن ذكر أعراض إخوانهم من المؤمنين ولا
يعدونه من السيئات. وقد طبع مرارا في إيران.
9 - المقاصد العلية في شرح الألفية: والألفية كتاب صغير للشهيد الأول
رحمه الله طبع أخيرا مع النفلية له أيضا. وقد ذكر فيه ألف واجب من
واجبات الصلاة. وهذا شرح استدلالي كبير، طبع في إيران، وله عليه حاشية
أيضا اقتصر فيها على أمهات المسائل كما في الذريعة. وحاشية أخرى في ذكر
مجرد الفتوى لاستفادة المقلدين (1).
10 - الدراية: وهو شرح لكتاب صغير ألفه سابقا باسم بداية الدراية.
وقد طبعا معا بعنوان " الدراية ". وهو كتاب مشهور في الحوزات العلمية.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الذريعة 6: 23.
المقدمة 41

11 - حقائق الإيمان: كتاب عقائدي في أصول الدين ومعنى الإيمان
والإسلام طبع في إيران.
12 - الفوائد الملية في شرح النفلية: والنفلية كتاب صغير للشهيد الأول
رحمه الله، جمع فيه مستحبات الصلاة. وهذا شرح مزجي مختصر. طبع مع
كتاب المقاصد العلية في إيران.
13 - حاشية على قطعة من عقود الإرشاد للعلامة (1).
14 - حاشية على قواعد الأحكام للعلامة أيضا: جارى فيها حاشية
الشهيد الأول رحمه الله. برز منها مجلد لطيف إلى آخر كتاب التجارة (2).
15 - حاشية على " المختصر النافع " للمحق الحلي قدس سره.
16 - رسالة في نجاسة ماء البئر بالملاقاة وعدمها.
17 - رسالة تشتمل على حكم صلاة الجمعة في حال الغيبة. حيث كان
قدس سره يقول بوجوبها العيني. وينقل عنها في الكتب الفقهية كثيرا.
18 - نتائج الأفكار في أحكام المقيمين بالأسفار.
19 - مناسك الحج والعمرة.
20 - رسالة في أجوبة ثلاثة عن ثلاث مسائل لبعض الأفاضل.
21 - رسالة في عشرة مباحث في عشرة علوم: صنفها في إسطنبول
22 - رسالة في عدم جواز تقليد الأموات من المجتهدين، قال في
الأعيان: " صنفها برسم الصالح الفاضل السيد حسين بن أبي الحسن
صاحب المدارك في 18 صفحة، ذكر أنه كتبها في جزء يسير من يوم واحد في
5 شوال سنة (949) (3).

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الدر المنثور 2: 186.
(2) الدر المنثور 2: 186.
(3) أعيان الشيعة 7: 155.
المقدمة 42

23 - غنية القاصدين في معرفة اصطلاحات المحدثين. صرح به في آخر
كتابه السابق في الدراية (1).
24 - منار القاصدين في أسرار معالم الدين: قال عنه الشهيد قدس
سره في مقدمة كتابه " منية المريد " بعد ما ذكر أن الإخلال بمراعاة الأمور
المعتبرة في تحصيل العلم من الشرائط والآداب وغيرها من الأحوال هو الذي
صد طلاب العلم عن الوصول إلى بغيتهم: " وقد وفق الله سبحانه بمنه وكرمه
فيما خرج من كتابنا الموسوم بمنار القاصدين في أسرار معالم الدين، لتفصيل
جملة شريفة من هذه الأحكام ".
25 - الاقتصاد في معرفة المبدأ والمعاد وأحكام أفعال العباد والإرشاد إلى
طريق الاجتهاد: رتبه على قسمين: أولهما في أصول العقائد وثانيهما في الفروع.
وهو مع ذلك في غاية الاختصار (2).
26 - كتاب الرجال والنسب. قال حفيده في الدر المنثور: ذكره في بعض
مصنفاته (3).
27 - رسالة في تحقيق النية: وكانت عند حفيده بخطه.
28 - رسالة في الولاية وأن الصلاة لا تقبل إلا بها. ذكرها في شرح
الإرشاد.
29 - رسالة في تحقيق الإجماع. قال حفيده: عندي بخطه.
30 - كتاب الإجازات: ذكره في بعض فوائده كما في الدر المنثور. ولعل
المراد به مجموعة إجازات المشايخ فإن العلامة المجلسي رحمه الله نقل بعض
الإجازات في البحار عن خط الشهيد قدس سره.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الذريعة 16: 68.
(2) الذريعة 2: 267.
(3) الدر المنثور 2: 188.
المقدمة 43

31 - منظومة في النحو وشرحها. قال في الدر المنثور: رأيت بعضها
بخطه.
32 - رسالة في دعوى الإجماع في مسائل من الشيخ ومخالفة نفسه. ولعله
أراد بذلك الرد على حجية الإجماع المنقول.
وغير ذلك من الكتب والرسائل والحواشي والشروح التي ورد ذكر بعضها
في كتب التراجم. قال حفيده في الدر المنثور: " وسمعت من بعض مشايخنا أن
مصنفاته بلغت ستين مصنفا " (1). هذا وكان شهيدنا المترجم له، مشتغلا
مضافا إلى كل هذه المشاغل العلمية وغيرها باستنساخ الكتب. قال حفيده في
الدر المنثور: " جزى الله عنا سوء الجزاء من حرمنا من الكتب التي كانت عندنا
اجتمعت في زمن الشيخ زين الدين والشيخ حسن ووالدي رحمهم الله
وأضيف إليها كتب الشيخ محي الدين رحمه الله وقد وقع عليها الفتور غير
مرة منها قريب ألف كتاب احترقت وأنا إذ ذاك ابن نحو سبع سنين أو ثمان،
حرقها أهل البغي. ولما سافرت إلى العراق كان الباقي لنا في الجبل ودمشق
وغيرهما ما يقرب من ألف كتاب وأكثرها منه ما أخذه الناس ومنه ما تلف من
النقل والوضع تحت الأرض، والباقي نحو مائة كتاب وصلت إلي بعد السعي
التام.
ومن العجب أني لما فارقت ما فارقت من الكتب، كان فيما بقي بعد
الفتور الأول ما يزيد عن مائة كتاب بخط جدي الشيخ زين الدين رحمه الله
، وما كان بخطه فيما تلف واحترق لا يعلم مقداره، ومما تواتر عنه رحمه الله
إنه كان إذا غمس القلم في الدواة، ربما يكتب عشرين سطرا أو ثلاثين
سطرا، وهذا من جملة التأييدات الإلهية، ولهذا جعل كاتب التاريخ فصلا في
ذكر أمره في الكتابة وما له فيها من الآيات ومحاسن الكرامات كما تقدم.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الدر المنثور 2: 189.
المقدمة 44

وبالجملة فبذهاب هذه الكتب، ذهب كثير من فوائده وفوائد جدي
ووالدي رحمهم الله تعالى وحرمنا الاطلاع عليها والانتفاع منها " (1).
الكتاب الذي بين يديك
أما المتن فهو كتاب " شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام " للإمام
العلامة أبو القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن المشهور بالمحقق الحلي قدس
الله نفسه الزكية، المتوفى سنة (676). ويكفي في عظمة شأن هذا الكتاب
أنه كان لمدة قرون محور البحث الفقهي الدراسي في الحوزات العلمية. وقد
علق علية العلماء وشرحوه شرحا تفصيليا واستدلاليا.
ذكر المحقق الشيخ آغا بزرگ الطهراني رحمه الله في موسوعته
" الذريعة " أكثر من عشرين شرحا بعناوين خاصة كالمسالك والجواهر وما يقارب
من مائة شرح بعنوان شرح الشرائع (2) واثني عشر حاشية (3).
وأما الشرح فهو: " مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام " وهو أكبر
مصنفات شيخنا الشهيد قدس سره. كان رحمه الله قد علق على الشرائع
في بدو الأمر ثم استدركه وزاد عليه وفصل ما أجمل من البحث حتى صار كتابا
ضخما. قال ابن العودي في رسالته: " ومنها شرح الشرائع الذي تفجرت منه
ينابيع الفقه وأخذ بمجامع العلم، سلك فيه أولا مسلك الاختصار على سبيل
الحاشية حتى كمل منه مجلد. وكان قدس سره كثيرا ما يقول: نريد أن
نضيف إليه، تكملة لاستدراك ما فات، ثم أخذ في الإطناب حتى صار بحرا

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الدر المنثور 2: 203 204.
(2) الذريعة 13: 47 و 316.
(3) المصدر المذكور 6: 106.
المقدمة 45

يسلك فيه سفن أولي الألباب، فكمل سبعة مجلدات ضخمة.. " (1).
قال الشهيد قدس سره في إجازته للشيخ تاج الدين بن هلال
الجزائري: " فاستخرت الله تعالى وأجزته جميع ما جرى به قلمي من
المصنفات.. ومن أهمها كتاب مسالك الأفهام في تنقيح شرائع الإسلام،
وفق الله تعالى لإكماله (2) في سبع مجلدات كبيرة ومنها حواشي الكتاب المذكور
مجلدان.. " (3).
وحاشيته على الشرائع موجودة في بعض المكتبات ولم يطبع بعد هذا
ويظهر من موارد من المسالك أن الأمر قد اشتبه على النساخ، فربما أدرجوا الحاشية
الصغيرة مع الشرح الكبير وربما ذكروا لعبارة واحدة شرحين، مطولا ومجملا.
وكان ذلك مما أشكل الأمر علينا أثناء التحقيق عن الكتاب.
هذا ومن غريب الأمر ما ورد في الذريعة حكاية عن الشيخ علي النباطي
عن والده أن مدة تصنيف الكتاب تسعة أشهر، ثم قال صاحب الذريعة: " أنه
فرغ منه سنة (964) وفرغ من الجزء الأول يوم الأربعاء لثلاث مضت؟؟ شهر
رمضان سنة إحدى وخمسين وتسعمائة " (4). فيكون قد أتم ستة أجزاء منه في
ثلاثة عشر عاما. فكيف يجتمع هذا مع تصنيفه في تسعة أشهر؟! مع أنه
واضح الغرابة.
ثم إنه قدس سره لم يفصل في شرح قسم العبادات من الشرائع بما

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الدر المنثور 2: 185.
(2) ليس المراد بهذه الجملة الدعاء لإكماله، بل بيان أن اكماله في سبع مجلدات كان بتوفيق الله
تعالى، وذلك لأن تاريخ هذه الإجازة 14 ذي الحجة 964 وقد فرغ من المسالك في ربيع الثاني
من ذلك العام.
(3) بحار الأنوار 105: 143.
(4) المصدر 20: 378.
المقدمة 46

فصله في قسم المعاملات، ولذلك قام سبطه السيد محمد رحمه الله بكتابة
" مدارك الأحكام " ليستدرك ما أجمله جده، كما ذكره في مقدمته.
نسخ الكتاب
طبع الكتاب طبعات حجرية متعددة في إيران ولكن ما وجدنا منها كثيرة
الأخطاء فلم يمكننا الاعتماد على شئ منها، وإنما اعتمدنا في تصحيح المتن على
التلفيق بين النسخ، فكان لا بد من تحقيق واسع، ولم نحصل مع الأسف
حتى الآن على نسخة بخط الشهيد رحمه الله مع أن العلامة الكنتوري المتوفى
سنة (1286) قال في " كسف الحجب والأستار ": وقد ظفرت أنا بنسخة كانت
بخطه رحمه الله تعالى " (1).
ومهما كان فالنسخ الخطية الموجودة لدينا فعلا عبارة عن:
1 - النسخة المحفوظة في مكتبة آية الله النجفي المرعشي رحمه الله برقم
1621. وهي أقدم نسخة حصلنا عليها والظاهر أنها كتبت في عصر المؤلف
قدس سره وذلك لما ورد في بعض التصحيحات في هامش الكتاب بعد انتهائه
قوله: " منه سلمه الله ". والنسخة بخط نستعليق غير منقط. وقد ختمت في
آخرها بختمين: أحدهما " بنده آل محمد باقر " والآخر، " عبد الله محمد باقر " وتقع
في 173 ورقة تحتوي كل ورقة على 26 سطرا بحجم 26 * 18 سم. ولكنها
مع الأسف من أول الكتاب إلى نهاية كتاب " الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر " أي قسم العبادات فقط. وهذه أهم نسخة اعتمدنا عليها ورمزنا لها
بحرف " ج ".
2 - نسخة أخرى في مكتبة آية الله النجفي رحمه الله أيضا برقم
5478 بخط نستعليق كاتبه " دوست محمد بن حبيب الله الحسيني المازندراني ".

--------------------------------------------------------------------------------

(1) كشف الحجب: 502.
المقدمة 47

تقع في 350 ورقة تحتوي كل منها على 25 سطرا بحجم 5، 25 * 18 سم.
وقد ذكر كاتبه أنه اجتهد في تصحيحه ومقابلته على نسخة المؤلف. قال في آخر
الجزء الأول، أي قسم العبادات: " قد جددت واجتهدت في تصحيح ألفاظه
وعباراته، وقد قوبل مع نسخ متعددة " وفي آخر المجلد الثاني وينتهي بآخر
كتاب الوكالة وهي آخر ما عثر عليه من هذه النسخة: " وقع الفراغ من تحرير
هذا الكتاب بحمد الله الملك الوهاب في أواخر شهر ربيع الأول سنة ثمانين بعد
الألف من الهجرة النبوية. وقد نقلت من وجه خط شيخنا الفاضل، مصنف
هذا الكتاب، وقد جددت واجتهدت في تصحيح ألفاظه وأنا المذنب الحقير
الجاني: دوست محمد بن حبيب الله الحسيني المازندراني.. " ووردت في
هامش الصفحة الأخيرة، هذه الجملة: " كتب وقوبل من وجه خط الشيخ
رحمه الله واجتهد بتصحيحه إلا ما زاغ البصر ".
وهذه النسخة تأتي بعد نسخة " ج " من حيث الاعتماد (عندنا) فهي أقل
خطأ من غيرها. وقد رمزنا لها بحرف " ن ".
ويجدر بنا الإشارة هنا إلى اشتباه وقع في فهرست مكتبة آية الله النجفي
رحمه الله حيث ذكر أن الفراغ من التصحيح والمقابلة في الجزء الأول وقع في
سنة (971) وفي الجزء الثاني في سنة (1080) كل ذلك بخط دوست محمد
الحسيني، وهذا غريب جدا لم ينته إليه الكاتب، إذ يكون بين كتابة الجزءين
110 سنة! والذي أوقعه في هذا الوهم ما ورد في خاتمة الجزء الأول بعد انتهاء
كلام الشهيد قدس سره " وفرغ من كتابته يوم الأحد العاشر من شهر شوال
سنة (971) وسط النهار بقلم الفقير ص الحاتم ". ومن الواضح أن هذا
الكاتب غير دوست محمد، وهذا كاتب النسخة الأصل الذي استنسخ منه
دوست محمد. ولم يذكر اسم الكاتب إلا رمزا كما رأيت.
3 - نسخة أخرى في مكتبة المرحوم آية الله النجفي أيضا برقم 2664
بخط النسخ من أوائل كتاب " الحج " إلى آخر كتاب " الوكالة ". كاتبه " محمد بن

المقدمة 48

نصر الله بن محمد بن قاسم بن ناصر بن قاسم بن سلامة بن ناصر من آل
عطاف الزبيدي " بتاريخ الثلاثاء 8 شعبان (982) هجرية وفي هامشها علامة
التصحيح، وفي الخاتمة عبارة من حفيد الشهيد علي بن محمد بن الحسن بن زين
الدين، شهد بمقابلتها وتصحيحها. وفي الصفحة الأولى ما يدل على تملكه
للنسخة بتاريخ (1062) هجرية. وتقع في 198 ورقة تحتوي كل منها على 31
سطرا. بحجم 20 * 30 سم. ورمزنا لها بحرف " ه‍ ".
وقد اشتبه الأمر على جامع الفهرست أيضا، فورد فيه أن هذه النسخة
من أول كتاب " الطهارة " إلى كتاب " البيع " مع أنها لا تشتمل إلا على صفحة
واحدة من أول " الطهارة " وآخرها كتاب " الوكالة "
4 - نسخة أخرى في مكتبة آية الله النجفي أيضا برقم 1905 بخط
النسخ من كتاب " الصيد والذباحة " إلى نهاية كتاب " الديات " كاتبه على الظاهر
صالح بن محمد بن عبد الإله الزبيدي.
وقد ورد في الهامش في أول كتاب " الفرائض " هكذا: " بلغ مقابلته
بحسب الجهد والطاقة إلا ما زاغ عنه البصر وحبس عنه النظر، بنسخة منقولة
من الأصل وقابلها المصنف بنفسه قدس سره وعليها خطه، وذلك في مجالس
آخرها خاتمة شهر ذي القعدة الحرام من شهور سنة ثلاث وسبعين وتسعمائة
هجرية على مشرفها الصلاة والسلام. وكتب أقل العباد محمد بن أحمد الشامي
العاملي.. ".
وبعد ذلك هكذا: " وقوبلت نسختي مع هذه النسخة في يوم السبت
تاسع شهر ذي الحجة الحرام سنة ثلاث وعشرين وألف الهجرية، وكتب أقل
الخليقة فضل الله بن محب الله الحسني الحسيني الشهير بدست غيب ". وفي آخر
الكتاب ما يشبه ذلك.
تقع هذه النسخة في 317 ورقة كل منها تحتوي على 27 سطرا بحجم
5، 29 * 21 سم. ورمزنا لها بحرف " ل ".

المقدمة 49

5 - نسخة أخرى في مكتبة آية الله النجفي أيضا برقم 1328 وهي بخط
النسخ من أول كتاب " الجهاد " إلى آخر قسم العبادات، أي مسائل " الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر " بخط " أحمد بن محمد بن يوسف المقابي ". ومن أول
كتاب " التجارة " إلى آخر كتاب " الوصايا " (وليس إلى آخر " العتق " كما في
الفهرست). ولم يذكر اسم الكاتب في القسم الثاني، والخط مختلف عن القسم
الأول، ورمز إلى الكاتب برقم 8319. وأما تاريخ كتابة القسم الأول، فلعله
يرجع إلى سنة 961 ففي آخرها عبارة هكذا: " تم كتاب الجهاد.. بسادسة
الأحد ثالث الأولى من الأول للتاسعة بعد السادسة "! والله أعلم.
وأما تاريخ القسم الثاني فلم يرو في النسخة أصلا، واشتبه الأمر على
كاتب " الفهرست " أيضا فذكر تاريخ انتهاء الشهيد من تأليف الكتاب بعنوان
انتهاء تاريخ الكتابة!.
وتقع في 302 ورقة وتختلف عدد سطورها بحجم 29 * 20 سم. ورمزنا
لها بحرف " س ".
6 - نسخة أخرى في مكتبة المرحوم آية الله النجفي أيضا برقم 806 بخط
نسخ ردئ من أوائل كتاب " العتق " إلى آخر الكتاب تقريبا، ولا تحتوي على
تاريخ ولا ذكر للكاتب، وعلى هامشها بعض التصحيحات تقع في 343 ورقة،
كل منها يحتوي على 29 سطرا بحجم 25 * 19 سم. ورمزنا لها بحرف
" ص ".
7 - نسخة محفوظة في مكتبة آية الله الگلپايگاني برقم 1970 من أول
كتاب " الطهارة " إلى آخر أحكام " القرض والدين ". لم يذكر فيها اسم الكاتب،
وإنما وردت في آخر المجلد الأول أي قسم العبادات، هذه العبارة في الهامش:
" بلغت مقابلته بحسب الجهد والطاقة، من نسختين إلى كتاب الحج ومنه إلى
هنا بضم نسخة قابلها الشيخ حسن ولد المصنف رحمهما الله تعالى على يد
أحقر العباد الراجي شفاعة زين العباد، عبد الرضا بن حسن بن زين الدين

المقدمة 50

الحسيني العاملي.. " ورمزنا ها بحرف " ك ".
8 - نسخة أخرى في مكتبة آية الله الگلپايگاني برقم 5 / 46 51 بخط
نسخ جيد، وهي من أول الكتاب إلى الفرائض في ستة أجزاء حسب التجزئة
الأولى للشهيد قدس سره ولكل مجلد فهرست حسب المسائل الواردة في
الكتاب، كاتبها محمد جعفر بن محمد حسين. انتهى من كتابتها بتاريخ 29
رجب 1120. ورد في خاتمة بعض المجلدات، التصحيح على النسخ
المصححة ومنها في بعضها نسخة حفيد الشهيد الشيخ علي بن محمد بن الحسن
بن زين الدين وفي بعضها على أصله المنيف حسب تعبيره وفي بعضها على أصله
المنيف الذي بخط شارحه السعيد. ورمزنا لها بحرف " و ".
9 - نسخة محفوظة في مكتبة مجلس الشورى الإسلامي برقم 5019
بخط النسخ من كتاب " الخلع " إلى آخر كتاب " الديات ". لم يذكر فيها اسم
كاتبها وإنما ورد في أولها: وقف الكتاب بتاريخ جمادي الثانية 1192. وتقع في
351 ورقة كل منها يحتوي على 35 سطرا بحجم 23 * 13 سم. ورمزنا لها
بحرف " د ".
10 - نسخة أخرى في مكتبة مجلس الشورى الإسلامي برقم 195
و 196 بخط نسج جيد من أول الكتاب إلى آخره في مجلدين، كاتبها محمد بن
باقر بن سراج الاصطهباناتي. انتهى من كتابتها بتاريخ 1257. ورمزنا لها
بحرف " م ".
11 - نسخة محفوظة في مكتبة المشهد المقدس الرضوي برقم 2568،
وفي آخرها هذه العبارة: " فرغ من تعليق هذا الجزء الفقير إلى الله محمد بن علي
بن هلال، آخر نهار الأربعة " الأربعاء "، يوم التاسع والعشرين من شهر شوال
المبارك، سنة تسع وسبعين وتسعمائة من الهجرة الشريفة ". والنسخة تشتمل
على قسم العبادات فقط، ورمزنا لها بحرف " ع ".
12 - نسخة أخرى في مكتبة المشهد الرضوي برقم 2577 من كتاب

المقدمة 51

التجارة إلى آخر الوصايا، وقد كتب قسم منها، أي إلى آخر الوكالة بخط نسخ
جيد، وما بقي منها بخط نستعليق، وفي آخرها هذه العبارة: " اتفق الفراغ من
تسويده الفقير إلى الله تعالى، عبد الكريم بن إبراهيم بن علي بن عبد العالي
الميسي العاملي. تم الكتاب بعون المل ء الوهاب على يد العبد الضعيف،
الراجي، المحتاج إلى رحمة الملك الغني، رفيع شريف الحسيني، في تاريخ شهر
رمضان المبارك، سنة 981 بمشهد المقدس، الرضية الرضوية. تمام ". وقد
رمزنا لها بحرف " ب ".
وما زلنا نبحث عن نسخ أخرى من الكتاب، لعلنا نستفيد منها في تحقيق
سائر الأجزاء إن شاء الله تعالى.
وأخيرا نسأل الله تعالى أن يوفقنا لإكمال التحقيق عن هذا الكتاب وسائر
الآثار القيمة لعلمائنا الأبرار وأن يتقبل منا هذا العمل وسائر الأعمال والحمد لله
رب العالمين.
السيد مرتضى المهري
قم المقدسة
رمضان المبارك 1413 ه‍. ق

المقدمة 52

الصفحة الأولى من نسخة " ج ".

المقدمة 53

الصفحة الأخيرة من نسخة " ج ".

المقدمة 54

الصفحة الأولى من نسخة " ن ".

المقدمة 55

الصفحة الأخيرة من نسخة " ن ".

المقدمة 56

الصفحة الأولى من نسخة " ه‍ ".

المقدمة 57

الصفحة الأخيرة من نسخة " ه‍ ".

المقدمة 58

الصفحة الأولى من نسخة " ل ".

المقدمة 59

الصفحة الأخيرة من نسخة " ل ".

المقدمة 60

الصفحة الأولى من نسخة " س ".

المقدمة 61

الصفحة الأخيرة من نسخة " س ".

المقدمة 62

الصفحة الأولى من نسخة " ص ".

المقدمة 63

الصفحة الأخيرة من نسخة " ص ".

المقدمة 64

الصفحة الأولى من نسخة " ك ".

المقدمة 65

الصفحة الأخيرة من نسخة " ك ".

المقدمة 66

الصفحة الأولى من نسخة " و ".

المقدمة 67

الصفحة الأخيرة من نسخة " و ".

المقدمة 68

الصفحة الأولى من نسخة " د ".

المقدمة 69

الصفحة الأخيرة من نسخة " د ".

المقدمة 70

الصفحة الأولى من نسخة " م ".

المقدمة 71

الصفحة الأخيرة من نسخة " م ".

المقدمة 72

الصفحة الأولى من نسخة " ع.

المقدمة 73

الصفحة الأخيرة من نسخة " ع ".

المقدمة 74

الصفحة الأولى من نسخة " ب ".

المقدمة 75

الصفحة الأخيرة من نسخة " ب ".

المقدمة 76

مسالك الأفهام
إلى تنقيح
شرائع الإسلام
تأليف
فقيه الأمة الشهيد السعيد
زين الدين بن علي العاملي الجبعي
911 - 965 ه‍
الجزء الأول
تحقيق ونشر
مؤسسة المعارف الإسلامية

1

خطبة
شرائع الإسلام
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم إني أحمدك حمدا يقل في إنتشاره حمد كل حامد، ويضمحل
بإشتهاره جحد كل جاحد، ويفل بغراره حسد كل حاسد، ويحل بإعتباره
عقد كل كائد، وأشهد أن لا إله إلا الله شهادة أعتد بها لدفع الشدائد،
وأسترد بها شارد النعم الأوابد، وأصلي على سيدنا محمد، الهادي إلى أمتن
العقائد وأحسن القواعد، الداعي إلى أنجح المقاصد وأرجح الفوائد،
وعلى آله الغر الأماجد المقدمين على الأقارب والأباعد، المؤيدين في المصادر
والموارد، صلاة تسمع كل غائب وشاهد، وتقمع كل شيطان مارد.
وبعد: فإن رعاية الإيمان توجب قضاء حق الإخوان، والرغبة في
الثواب تبعث على مقابلة السؤال بالجواب، ومن الأصحاب من عرفت
الإيمان من شأنه، فاستنبت الصلاح على صفحات وجهه ونفحات لسانه،
سألني أن أملي عليه مختصرا في الأحكام متضمنا لرؤوس مسائل الحلال
والحرام يكون كالمفتي الذي يصدر عنه، أو الكنز الذي ينفق منه،
فابتدأت مستعينا بالله ومتوكلا عليه، فليس القوة إلا به، ولا المرجع إلا
إليه، وهو مبني علي أقسام أربعة:

3

الأول: في العبادات، وهي عشرة كتب:
1 - كتاب الطهارة
2 - كتاب الصلاة
3 - كتاب الزكاة
4 - كتاب الخمس
5 - كتاب الصوم
6 - كتاب الإعتكاف
7 - كتاب الحج
8 - كتاب العمرة
9 - كتاب الجهاد
10 - كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
ونبدأ بالأهم فالأهم: -

4

خطبة
مسالك الأفهام
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أوضح مسالك الأفهام، إلى تنقيح شرايع الإسلام وشرح
صدور من اختارهم من الأنام، بإيضاح مسائل الحلال والحرام ورفع درجات
العلماء الأعلام حتى، أوطأهم أجنحة الملائكة الكرام وأجزل إمدادهم حتى رجح
مدادهم على دماء الشهداء يوم القيام، والصلاة على نبيه الذي أحكم قواعد
الأحكام نهاية الإحكام، محمد المرسل للإرشاد والتذكرة والتبصرة والهداية إلى دار
السلام وعلى آله مصابيح الظلام، ووسيلة القاصدين إلى مدارك شريف كل مقام
وبعد، فهذه نكت مختصرة، وفوائد محبرة، وضعتها على كتاب شرائع الإسلام،
بالتماس جماعة من المحصلين الأعلام تقيد مطلقها وتفتح مغلقها وتبين مجملها
وتسهل معضلها، تغني المشتغل بالكتاب عن أسفار كبار، وتطلعه على دقائق تذعن
لها قلوب الأخيار، مجردة غالبا عن دليل أو تعليل، مقتصرة على قصير من طويل،
والله يهدي السبيل، وهو حسبنا ونعم الوكيل " وسميته مسالك الأفهام إلى تنقيح
شرايع الإسلام (1).

--------------------------------------------------------------------------------

(1) ما بين القوسين في " ج " وفي هامش " ك ".
5

كتاب الطهارة

7

كتاب الطهارة
الطهارة اسم للوضوء أو الغسل أو التميم على وجه له تأثير في
استباحة الصلاة. وكل واحد منها ينقسم إلى واجب ومندوب.
فالواجب من الوضوء كان لصلاة واجبة، أو طواف واجب،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 100 ح 1، الوسائل 2: 588 ب " 40 " من أبواب الحيض ح 4.
9

أو لمس كتابة القرآن إن وجب. والمندوب ما عداه.
والواجب من الغسل ما كان لأحد الأمور الثلاثة، أو لدخول
المساجد، أو لقراءة العزائم إن وجبا، وقد يجب إذا بقي لطلوع الفجر من
يوم يجب صومه، بقدر ما يغتسل الجنب، ولصوم المستحاضة إذا غمس
دمها القطنة. والمندوب ما عداه.
والواجب من التميم ما كان لصلاة واجبة عند تضييق وقتها.

10

وللجنب (1) في أحد المسجدين، ليخرج به. والمندوب ما عداه. وقد تجب
الطهارة بالنذر وشبهه.
وهذا الكتاب يعتمد على أربعة أركان:

--------------------------------------------------------------------------------

(1) هكذا فيما بأيدينا من نسخ الشرائع ولعل الصحيح ما ورد في الشرح أي " المجنب ".
(2) الكافي 3: 73 ح 14، التهذيب 1: 407 ح 1280، الوسائل 1: 485 ب " 15 " من أبواب الجنابة
ح 3، 6.
(3) ما بين القوسين ليس في " م، ع " ومشطوب عليه في " ج " وغير مقروء في حاشية " ن " وموجود في " ك "، و ".
11

الركن الأول
في المياه - وفيه أطراف
" الأول ": في الماء المطلق. وهو كل ما يستحق إطلاق اسم الماء
عليه، من غير إضافة. وكله طاهر، مزيل للحدث والخبث. وباعتبار
وقوع النجاسة فيه ينقسم إلى جار، ومحقون، وماء بئر.
أما الجاري فلا ينجس إلا باستيلاء النجاسة على أحد أوصافه.

12

ويطهر بكثرة الماء الطاهر عليه متدافعا حتى يزول تغيره.
ويلحق بحكمه ماء الحمام، إذا كان له مادة. ولو مازجه طاهر
فغيره، أو تغير من قبل نفسه، لم يخرج عن كونه مطهرا، ما دام إطلاق
الاسم باقيا عليه.
وأما المحقون فما كان منه دون الكر، فإنه ينجس بملاقاة
النجاسة. ويطهر بإلقاء كر عليه فما زاد دفعة، ولا يطهر بإتمامه كرا، على
الأظهر. وما كان منه كرا فصاعدا لا ينجس، إلا أن تغير النجاسة أحد
أوصافه.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) نهاية الأحكام 1: 228، المنتهى 1: 6.
(2) المعتبر 1: 42.
13

ويطهر بإلقاء كر عليه فكر، حتى يزول التغير. ولا يطهر بزوال
التغير من نفسه، ولا بتصفيق الرياح، ولا بوقوع أجسام طاهرة فيه تزيل
عنه التغير.
والكر ألف ومأتا رطل بالعراقي، على الأظهر. أو ما كان كل واحد
من طوله وعرضه وعمقه ثلاثة أشبار ونصفا. ويستوي في هذا الحكم مياه
الغدران والحياض والأواني، على الأظهر.
وأما ماء البئر فإنه ينجس بتغيره بالنجاسة إجماعا. وهل ينجس

--------------------------------------------------------------------------------

(1) غاية المراد: 6.
14

بالملاقاة؟ فيه تردد، والأظهر التنجيس.
وطريق تطهيره بنزح جميعه إن وقع فيها مسكر، أو فقاع، أو مني،
أو أحد الدماء الثلاثة على قول مشهور، أو مات فيها بعير أو ثور.
فإن تعذر استيعاب مائها، تراوح عليها أربعة رجال، كل اثنين
دفعة يوما إلى الليل.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الوسائل 1: 125 ب " 14 " من أبواب الماء المطلق.
(2) التهذيب 1: 242 ح 699، 284 ح 832، الوسائل 1: 143 ب " 23 " من أبواب الماء المطلق ح 1.
15

وبنزح كر إن مات فيها دابة أو حمار أو بقرة.
وبنزح سبعين إن مات فيها إنسان.
وبنزح خمسين إن وقعت فيها عذرة يابسة فذابت، والمروي أربعون
أو خمسون، أو كثير الدم كذبح الشاة، والمروي من ثلاثين إلى أربعين.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المعتبر 1: 60.
(2) الكافي 3: 7 ح 11، التهذيب 1: 244 ح 702، الاستبصار 1: 41 ح 116، الوسائل 1: 140
ب " 20) من الماء المطلق ح 1، 2.
16

وبنزح أربعين إن مات فيها ثعلب أو أرنب أو خنزير أو سنور أو
كلب وشبهه، ولبول الرجل.
وبنزح عشر للعذرة الجامدة، وقليل الدم كدم الطير والرعاف
اليسير، والمروي دلاء يسيرة.
ونزح سبع لموت الطير، والفأرة إذا تفسخت أو انتفخت، ولول
الصي الذي لم يلغ.

17

ولاغتسال الجنب، ولوقوع الكلب وخروجه حيا.
وبنزح خمس لذرق الدجاج الجلال، وبنزح ثلاث لموت الحية
والفأرة.
وبنزح دلو لموت العصفور، وشبهه،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الوسائل 1: 142 ب " 22 " من أبواب الماء المطلق.
(2) المعتبر 1: 75.
(3) الكافي 3: 6 ح 7، التهذيب 1: 240 ح 694، الاستبصار 1: 34 ح 92، الوسائل 1: 132 ب
" 15 " من أبواب الماء المطلق ح 6.
(4) راجع منتهى المطلب 1: 16.
18

ولبول الصبي الذي لم يتغذ بالطعام.
وفي ماء المطر وفيه البول والعذرة وخرء الكلاب ثلاثون دلوا.
والدلو التي ينزح بها ما جرت العادة باستعمالها.
فروع ثلاثة:
الأول: حكم صغير الحيوان في النزح حكم كبيره.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الفقيه 1: 16 ح 35، الاستبصار 1: 43 ح 120، التهذيب 1: 413 ح 1300، الوسائل 1:
133 ب " 16 " من أبواب الماء المطلق ح 3.
19

الثاني: اختلاف أجناس النجاسة موجب لتضاعف النزح، وفي
تضاعفه مع التماثل تردد، أحوطه التضعيف، إلا أن يكون بعضا من جملة
لها مقدر، فلا يزيد حكم أبعاضها عن جملتها.
الثالث: إذا لم يقدر للنجاسة منزوح، نزح جميع مائها. فإن تعذر
نزحها، لم تطهر إلا بالتراوح. وإذا تغير أحد أوصاف مائها بالنجاسة،
قيل: ينزح حتى يزول التغير، وقيل: ينزح جميع مائها. فإن تعذر لغزارته

20

تراوح عليها أربعة رجال، وهو الأولى.
ويستحب أن يكون بين البئر والبالوعة خمس أذرع إذا كانت
الأرض صلبة، أو كانت البئر فوق البالوعة، وإن لم يكن كذلك فسبع.
ولا يحكم بنجاسة البئر إلا أن يعلم وصول ماء البالوعة إليها.
وإذا حكم بنجاسة الماء لم يجز استعماله في الطهارة مطلقا، ولا في
الأكل والشرب إلا عند الضرورة.
ولو اشتبه الإناء النجس بالطاهر وجب الامتناع منهما. وإن لم يجد
ماء غيرهما [غير مائهما] تيمم.
" الثاني ": في المضاف. وهو كل ما اعتصر من جسم، أو مزج به
مزجا يسلبه إطلاق الاسم. وهو طاهر لكن لا يزيل حدثا إجماعا، ولا خبثا

--------------------------------------------------------------------------------

(1) التهذيب 1: 410 ح 1292، الوسائل 1 / 145 ب " 24 " من أبواب الماء المطلق ح 6.
21

على الأظهر. ويجوز استعماله فيما عدا ذلك. ومتى لاقته النجاسة، نجس
قليله وكثيره [إجماعا]، ولم يجز استعماله في أكل ولا شرب.
ولو مزج طاهره بالمطلق، اعتبر في رفع الحدث به إطلاق الاسم
عليه.
وتكره الطهارة بماء أسخن بالشمس في الآنية، وبماء أسخن بالنار
في غسل الأموات.
والماء المستعمل في الأخباث نجس، سواء تغير بالنجاسة أو لم

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 15 ح 5، علل الشرائع: 281 ب " 194 " ح 2، الخصال: 270، الوسائل 1: 150
ب " 6 " من أبواب الماء المضاف.
(2) الفقيه 1: 86 ح 397، 398، التهذيب 1: 322 ح 937 - 939، الوسائل 2: 693 ب " 10 "
من أبواب غسل الميت.
22

يتغير، عدا ماء الاستنجاء فإنه طاهر ما لم يتغير بالنجاسة أو تلاقيه نجاسة
من خارج. والمستعمل في الوضوء طاهر ومطهر. وما استعمل في رفع
الحدث الأكبر طاهر. وهل يرفع به الحدث ثانيا؟ فيه تردد، والأحوط
المنع.
" الثالث ": في الأسئار. وهي كلها طاهرة، عدا سؤر الكلب
والخنزير والكافر. وفي سؤر المسوخ تردد، والطهارة أظهر. ومن عدا
الخوارج والغلاة، من أصناف المسلمين طاهر الجسد والسؤر.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الذكرى: 9.
(2) الصحاح 2: 675.
23

ويكره سؤر الجلال، وسؤر ما أكل الجيف، إذا خلا موضع الملاقاة
من عين النجاسة، والحائض التي لا تؤمن، وسؤر البغال، والحمير،
والفأرة، والحية، وما مات فيه الوزغ والعقرب.
وينجس الماء بموت الحيوان ذي النفس السائلة، دون ما لا نفس

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الظاهر أن المراد بهم الدروز فالعطف للتفسير، لاحظ كلمة التيم في الهامش التالي.
(2) فرقة إسماعيلية باطنية أصحاب أبي محمد بن عبد الله الدرزي، وقد انتشر هذا المذهب في أول أمره في وادي
التيم إلى الجنوب الشرقي من لبنان في زمن الفاطميين. معجم الفرق الإسلامية: 115.
(3) البيان: 46.
(4) الصحاح 5: 1954.
24

له.
وما لا يدرك بالطرف من الدم لا ينجس الماء، وقيل: ينجسه، وهو
الأحوط.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 74 ح 16، الوسائل 1: 112 ب " 8 " من أبواب الماء المطلق ح 1.
25

الركن الثاني
في الطهارة المائية
وهي وضوء وغسل. وفي الوضوء فصول:
الأول: في الأحداث الموجبة للوضوء وهي ستة:
خروج البول والغائط والريح، من الموضع المعتاد. ولو خرج الغائط
مما دون المعدة نقض في قول، والأشبه أنه لا ينقض. ولو اتفق المخرج في
غير الموضع المعتاد نقض، وكذا لو خرج الحدث من جرح ثم صار معتادا.

26

والنوم الغالب على الحاستين. وفي معناه كل ما أزال العقل من إغماء
أو جنون أو سكر، والاستحاضة القليلة.
ولا ينقض الطهارة مذي ولا ودي، ولا دم - ولو خرج من أحد
السبيلين - عدا الدماء الثلاثة، ولا قئ، ولا نخامة، ولا تقليم ظفر، ولا
حلق شعر، ولا مس ذكر، ولا قبل، ولا دبر، ولا لمس امرأة، ولا أكل ما

--------------------------------------------------------------------------------

(1) أي في عبارة صاحب الشرائع في نفس الصفحة.
(2) أي في عبارة صاحب الشرائع في نفس الصفحة.
27

مسته النار، ولا ما يخرج من السبيلين إلا أن يخالطه شئ من النواقض.
الثاني: في أحكام الخلوة. وهي ثلاثة:
الأول: في كيفية التخلي. ويجب فيه ستر العورة. ويستحب ستر
البدن.
ويحرم استقبال القبلة واستدبارها، ويستوي في ذلك الصحاري
والأبنية. ويجب الانحراف في موضع قد بنى على ذلك.
الثاني: في الاستنجاء. ويجب غسل موضع البول بالماء، ولا يجزي
غيره مع القدرة.

28

وأقل ما يجزي مثلا ما على المخرج، وغسل مخرج الغائط بالماء حتى يزول
العين والأثر، ولا اعتبار بالرائحة.
وإذا تعدي المخرج لم يجز إلا الماء. وإذا لم يتعد كان مخيرا بين الماء
والأحجار، والماء أفضل، والجمع أكمل، ولا يجزي أقل من ثلاثة أحجار.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) التهذيب 1: 35 ح 93، الاستبصار 1: 49 ح 139، الوسائل 1: 242 ب " 26 ". من أبواب
أحكام الخلوة ح 5.
29

ويجب إمرار كل حجر على موضع النجاسة. ويكفي معه إزالة
العين دون الأثر. وإذا لم ينق بالثلاثة، فلا بد من الزيادة حتى ينقى. ولو
نقي بدونها أكملها وجوبا. ولا يكفي استعمال الحجر الواحد من ثلاث
جهات.
ولا يستعمل الحجر المستعمل، ولا الأعيان النجسة، ولا العظم،
ولا الروث، ولا المطعوم، ولا صقيل يزلق عن النجاسة.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) التنقيح الرائع 1: 72.
(2) جامع المقاصد 1: 94. نقلا بالمعنى.
30

ولو استعمل ذلك لم يطهر.
الثالث: في سنن الخلوة، وهي مندوبات ومكروهات.
فالمندوبات: تغطية الرأس، والتسمية، وتقديم الرجل اليسرى
عند الدخول، والاستبراء، والدعاء عند الاستنجاء، وعند الفراغ وتقديم
اليمنى عند الخروج والدعاء بعده.
والمكرهات: الجلوس في الشوارع، والمشارع.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المقنعة: 39، الوسائل 1: 214 ب " 3 " من أحكام الخلوة ح 1.
(2) الوسائل 1: 214 ب " 3 " من أحكام الخلوة.
(3) الصحاح 3: 1236 مادة " شرع ".
31

وتحت الأشجار المثمرة، ومواطن النزال، ومواضع اللعن، واستقبال
الشمس والقمر بفرجه، أو ريح بالبول، والبول في الأرض الصلبة،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الوسائل 1: 228 ب " 15 " من أحكام الخلوة.
(2) الكافي 3: 15 ح 2، الفقيه 1: 18 ح 44، التهذيب 1: 30 ح 78، الوسائل 1: 228 ب " 15 "
من أبواب أحكام الخلوة ح 1.
(3) الكافي 3: 15 ح 1، التهذيب 1: 33 ح 86، الوسائل 1: 238 ب " 22 " من أبواب أحكام الخلوة
ح 3.
(4) الفقيه 1: 16 ح 36، التهذيب 1: 33 ح 87، الوسائل الباب المذكور ح 3.
32

وفي ثقوب الحيوان، وفي الماء واقفا وجاريا، والأكل والشرب والسواك،
والاستنجاء باليمين، وباليسار وفيها خاتم عليه اسم الله سبحانه، والكلام
إلا بذكر الله تعالى، أو آية الكرسي، أو حاجة يضر فوتها.
الثالث: في كيفية الوضوء وفروضه خمسة:.
الأول: النية، وهي إدارة تفعل بالقلب.
وكيفيتها أن تنوي الوجوب أو الندب، والقربة. وهل يجب نية رفع
الحدث، أو استباحة شئ مما يشترط فيه الطهارة؟

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الحجر: كل شئ يحتفره الهوام والسباع لأنفسها جمعها حجرة وأحجار " القاموس ".
(2) سنن أبي داود 1: 8 ح 29، الحاكم 1: 186، سنن البيهقي 1: 99.
(3) الأنعام 38.
33

الأظهر أنه لا يجب.
ولا تعتبر النية في طهارة الثياب ولا غير ذلك مما يقصد به رفع
الخبث.
ولو ضم إلى نية التقرب إرادة التبرد، أو غير ذلك كانت طهارته
مجزية.
ووقت النية عند غسل الكفين، وتتضيق عند غسل الوجه، ويجب
استدامة حكمها إلى الفراغ.

34

تفريع
إذا اجتمعت أسباب مختلفة توجب الوضوء، كفى وضوء واحد بنية
التقرب. ولا يفتقر إلى تعيين الحدث الذي يتطهر منه. وكذا لو كان عليه
أغسال. وقيل: إذا نوى غسل الجنابة أجزأ عن غيره، ولو نوى غيره لم يجز
عنه، وليس بشئ.
الفرض الثاني: غسل الوجه، وهو ما بين منابت الشعر في مقدم
الرأس إلى طرف الذقن طولا، وما اشتملت عليه الإبهام والوسطى عرضا.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) نسبه في جامع المقاصد 1: 200 إلى الشهيد، راجع القواعد والفوائد 1: 93.
35

وما خرج عن ذلك فليس من الوجه ولا عبرة بالأنزع، ولا بالأغم، ولا بمن
تجاوزت أصابعه العذار أو قصرت عنه، بل يرجع كل منهم إلى مستوي
الخلقة، فيغسل ما يغسله.
ويجب أن يغسل من أعلى أعلى الوجه إلى الذقن، ولو غسل منكوسا لم
يجز على الأظهر. ولا يجب غسل ما استرسل من اللحية، ولا تخليلها، بل
يغسل الظاهر. ولو نبت للمرأة لحية لم يجب تخليلها، وكفى إفاضة الماء على
ظاهرها.

36

الفرض الثالث: غسل اليدين، والواجب غسل الذراعين والمرفقين
والابتداء من المرفق. ولو غسل منكوسا لم يجز، ويجب البداءة باليمين.
ومن قطع بعض يده غسل ما بقي من المرفق، فإن قطعت من المرفق سقط
فرض غسلها.
ولو كان له ذراعان دون المرفق أو أصابع زائدة أو لحم نابت، وجب
غسل الجميع. ولو كان فوق المرفق، لم يجب غسله. ولو كان له يد زائدة
وجب غسلها.
الفرض الرابع: مسح الرأس. والواجب منه ما يسمى به ماسحا

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المبسوط 1: 21، المهذب 1: 44، الجامع للشرائع: 37، التذكرة 1: 17.
37

والمندوب مقدار ثلاث أصابع عرضا. ويختص المسح بمقدم
الرأس. ويجب أن يكون بنداوة الوضوء. ولا يجوز استئناف ماء جديد له.
ولو جف ما على يده، أخذ من لحيته وأشفار عينيه. فإن لم يبق نداوة،
استأنف.
والأفضل مسح الرأس مقبلا، ويكره مدبرا على الأشبه. ولو غسل
موضع المسح لم يجز. ويجوز المسح على الشعر المختص بالمقدم وعلى
البشرة. ولو جمع عليه شعرا من غيره ومسح عليه لم يجز. وكذلك لو مسح
على العمامة أو غيرها، مما يستر موضع المسح.
الفرض الخامس: مسح الرجلين. ويجب مسح القدمين من

--------------------------------------------------------------------------------

(1) ما بين المعقوفتين ليس في نسخة " ج " المعتمدة وموجودة في سائر النسخ.
38

رؤوس الأصابع إلى الكعبين، وهما قبتا القدمين. ويجوز منكوسا. وليس
بين الرجلين ترتيب. وإذا قطع بعض موضع المسح، مسح على ما بقي،
فإن قطع من الكعب سقط المسح على القدم.
ويجب المسح على بشرة القدم، ولا يجوز على حائل من خف أو
غيره، إلا للتقية أو الضرورة، وإذا زال السبب أعاد الطهارة على قول،
وقيل: لا تجب إلا لحدث، والأول أحوط.
مسائل ثمان:
الأولى: الترتيب واجب في الوضوء، [يبدأ غسل] الوجه قبل
اليمنى، واليسرى بعدها، ومسح الرأس ثالثا، والرجلين أخيرا، فلو

--------------------------------------------------------------------------------

(1) لم نجد في المقام نصا يدل على الفارق.
39

خالف أعاد الوضوء - عمدا كان أو نسيانا - إن كان قد جف الوضوء،
وإن كان البلل باقيا، أعاد على ما يحصل معه الترتيب.
الثانية: الموالاة واجبة، وهي أن يغسل كل عضو قبل أن يجف ما
تقدمه وقيل: بل هي المتابعة بين الأعضاء مع الاختيار، ومراعاة الجفاف
مع الاضطرار.
الثالثة: الفرض في الغسلات مرة واحدة، والثانية سنة، والثالثة
بدعة، وليس في المسح تكرار.
الرابعة: يجزي في الغسل ما يسمى به غاسلا (1)، وإن كان مثل

--------------------------------------------------------------------------------

(1) في بعض النسخ " غسلا ".
40

الدهن. ومن في يده خاتم أو سير، فعليه إيصال الماء إلى ما تحته. وإن
كان واسعا، استحب له تحريكه.
الخامسة: من كان على بعض أعضاء طهارته جبائر، فإن أمكنه
نزعها أو تكرار الماء عليها حتى يصل إلى البشرة وجب، وإلا أجزأه المسح

41

عليها، سواء كان ما تحتها طاهرا أو نجسا. وإذا زال العذر، استأنف
الطهارة، على تردد فيه.
السادسة: لا يجوز أن يتولى وضوءه غيره مع الاختيار ويجوز مع
الاضطرار.
السابعة: لا يجوز للمحدث مس كتابة القرآن، ويجوز له أن يمس
ما عدا الكتابة.
الثامنة: من به السلس، قيل: يتوضأ لكل صلاة،

42

وقيل: من به البطن، إذا تجدد حدثه في أثناء الصلاة، يتطهر ويبني.
وسنن الوضوء هي وضع الإناء على اليمين، والاغتراف بها،
والتسمية، والدعاء وغسل اليدين قبل إدخالهما الإناء، من حدث النوم أو
البول مرة، ومن الغائط مرتين، والمضمضة والاستنشاق، والدعاء عندهما
وعند غسل الوجه واليدين، وعند مسح الرأس والرجلين، وأن يبدأ الرجل
بغسل ظاهر ذراعيه، وفي الثانية بباطنهما، والمرأة بالعكس، وأن يكون
الوضوء بمد.

43

ويكره أن يستعين في طهارته، وأن يمسح بلل الوضوء عن
أعضائه.
الرابع: في أحكام الوضوء.
من تيقن الحدث وشك في الطهارة، أو تيقنهما وشك في المتأخر،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الفقيه 1: 23 ح 70، الوسائل 1: 339 ب " 50 " من أبواب الوضوء ح 6.
(2) الكافي 3: 69 ح 1، التهذيب: 1: 365 ح 1107، الوسائل 1: 335 ب " 45 " ح 1.
(3) البقرة: 17.
(4) الكافي 3: 70 ح 4، ثواب الأعمال: 32 ح 1، الوسائل 1: 334 ب " 45 " من أبواب الوضوء ح 5.
44

تطهر. وكذا لو تيقن ترك عضو أتى به وبما بعده. وإن جف البلل
استأنف. وإن شك في شئ من أفعال الطهارة - وهو على حاله - أتى بما
شك فيه، ثم بما بعده. ولو تيقن الطهارة، وشك في الحدث أو في شئ
من أفعال الوضوء بعد انصرافه لم يعد.
ومن ترك غسل موضع النجو أو البول، وصلى، أعاد الصلاة عامدا
كان أو ناسيا أو جاهلا.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) في ص 127.
45

ومن جدد وضوءه بنية الندب، ثم صلى، وذكر أنه أخل بعضو من
إحدى الطهارتين، فإن اقتصرنا على نية القربة، فالطهارة والصلاة
صحيحتان. وإن أوجبنا نية الاستباحة أعادهما. ولو صلى بكل واحدة منهما
صلاة، أعاد الأولى بناء على الأول. ولو أحدث عقيب طهارة منهما، ولم
(يعلمها) بعينها، أعاد الصلاتين إن اختلفتا عددا، وإلا فصلاة واحدة،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) صرح به في ص 33.
46

ينوي بها ما في ذمته. وكذا لو صلى بطهارة ثم أحدث، وجدد طهارة ثم
صلى أخرى، وذكر أنه أخل بواجب من إحدى الطهارتين.
ولو صلى الخمس بخمس طهارات، وتيقن أنه أحدث عقيب
إحدى الطهارات، أعاد ثلاث فرائض. ثلاثا واثنتين وأربعا، وقيل: يعيد
خمسا، والأول أشبه.
وأما الغسل ففيه الواجب والمندوب.
فالواجب ستة أغسال: غسل الجنابة، والحيض، والاستحاضة
التي تثقب الكرسف، والنفاس، ومس الأموات من الناس قبل تغسيلهم
وبعد بردهم، وغسل الأموات.
وبيان ذلك في خمسة فصول:

47

الأول
في الجنابة
والنظر في السبب، والحكم، والغسل. أما سبب الجنابة فأمران:
الإنزال، إذا علم أن الخارج مني، فإن حصل ما يشتبه به، وكان
دافقا تقارنه الشهوة وفتور الجسد وجب الغسل. ولو كان مريضا كفت
الشهوة وفتور الجسد في وجوبه. ولو تجرد عن الشهوة والدفق - مع اشتباهه
- لم يجب. وإن وجد على جسده أو ثوبه منيا، وجب الغسل، إذا لم يشركه
في الثوب غيره.

48

والجماع، فإن جامع امرأة في قبلها والتقى الختانان، وجب الغسل
وإن كانت الموطوءة ميتة. وإن جامع في الدبر ولم ينزل، وجب الغسل على
الأصح. ولو وطأ غلاما فأوقبه ولم ينزل، قال المرتضى رحمه الله: " يجب
الغسل " معولا على الإجماع المركب ولم يثبت [الإجماع].

--------------------------------------------------------------------------------

(1) من " ن ".
(2) المنتهى 1: 80.
(3) في " ج " ليعيد.
49

ولا يجب الغسل بوطئ البهيمة إذا لم ينزل.
تفريع: الغسل يجب على الكافر عند حصول سببه، لكن لا يصح
منه في حال كفره. فإذا أسلم وجب عليه وصح منه. ولو اغتسل ثم ارتد

--------------------------------------------------------------------------------

(1) نقله عنه المحقق في المعتبر 1: 181.
(2) المعتبر 1: 181.
(3) التهذيب 1: 119 ح 314، السرائر 1: 108، الوسائل 1: 470 ب " 6 " من أبواب الجنابة ح 5.
(4) كنز العمال 9: 543 ح 27337.
50

ثم عاد، لم يبطل غسله.
وأما الحكم فيحرم عليه قراءة كل واحدة من العزائم، وقراءة بعضها
حتى البسملة إذا نوى بها إحداها، ومس كتابة القرآن، أو شئ عليه اسم
الله سبحانه، والجلوس في المساجد،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) في " م، ك " خطاب وضع الشرع.
(2) المعتبر 1: 188، الوسائل 1: 492 ب " 18 " من أبواب الجنابة ح 3، 4.
51

ووضع شئ فيها، والجواز في المسجد الحرام أو مسجد النبي صلى الله عليه
وآله وسلم خاصة. ولو أجنب فيهما لم يقطعهما إلا بالتيمم.
ويكره له الأكل والشرب - وتخف الكراهية بالمضمضة والاستنشاق -
وقراءة ما زاد على سبع آيات من غير العزائم، وأشد من ذلك قراءة
سبعين، وما زاد أغلظ كراهة، ومس المصحف، والنوم حتى يغتسل أو
يتوضأ [أو يتيمم]، والخضاب.
وأما الغسل فواجباته خمس: النية، واستدامة حكمها إلى آخر

--------------------------------------------------------------------------------

(1) علل الشرائع 1: 288 ب " 210 " ح 1، الوسائل 1: 490 ب " 17 " من أبواب الجنابة ح 2.
(2) التهذيب 1: 372 ح 1137، الوسائل 1: 496 ب " 20 " من أبواب الجنابة ح 7.
(3) التهذيب 1: 181 ح 517 إلى 521، الاستبصار 1: 116 ح 386 إلى 388، الوسائل 1: 496
ب " 22 " من أبواب الجنابة.
52

الغسل، وغسل البشرة بما يسمى غسلا، وتخليل ما لا يصل إليه الماء إلا به، والترتيب، يبدأ بالرأس، ثم بالجانب الأيمن، ثم الأيسر، ويسقط
الترتيب بارتماسة واحدة.
وسنن الغسل تقديم النية عند غسل اليدين وتتضيق عند غسل
الرأس. وإمرار اليد على الجسد، وتخليل ما يصل إليه الماء، استظهارا.
والبول أمام الغسل، والاستبراء، وكيفيته: أن يمسح من المقعدة إلى أصل

53

القضيب ثلاثا، ومنه إلى رأس الحشفة ثلاثا، وينتره ثلاثا، وغسل اليدين
ثلاثا قبل إدخالهما الإناء، والمضمضة والاستنشاق، والغسل بصاع.
مسائل ثلاث:
الأولى: إذا رأى المغتسل بللا مشتبها بعد الغسل، فإن كان قد بال
أو استبرأ لم يعد، وإلا كان عليه الإعادة.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) يظهر منه أن كلمة " مشتبها " لم تكن في نسخة الشرائع لدى الشارح رحمه الله.
54

الثانية: إذا غسل بعض أعضائه ثم أحدث، قيل: يعيد الغسل
من رأس، وقيل: يقتصر على إتمام الغسل، وقيل: يتمه ويتوضأ للصلاة،
وهو الأشبه.
الثالثة: لا يجوز أن يغسله غيره مع الإمكان، ويكره أن يستعين
فيه.
الفصل الثاني
في الحيض
وهو يشتمل على بيانه، وما يتعلق به. أما الأول: فالحيض هو الدم
الذي له تعلق بانقضاء العدة، ولقليله حد، وفي الأغلب يكون أسودا

--------------------------------------------------------------------------------

(1) لهذه العبارة شرحان جعلنا كلا منهما بين معقوفتين. ففي نسخة " ج " المعتمدة لم يرد إلا الشرح الثاني
وقد شطب عليه تماما. وفي نسخة " م " ورد الشرح الأول فقط. ونسخة " ن " ناقصة في هذا الموضع. و
" ك، و " جمعتا بين الشرحين ولكنهما لا يجتمعان من حيث العبارة كما لا يخفى، مع أنهما متنافيان،
والفقهاء لم ينسبوا إليه إلا مضمون الشرح الأول، وهو الذي قواه أيضا في الروضة 1: 38. راجع
الحدائق 3: 129، مفتاح الكرامة 1: 331، الجواهر 3: 132.
55

غليظا حارا يخرج بحرقة.
وقد يشتبه بدم العذرة، فيعتبر بالقطنة، فإن خرجت مطوقة فهو
العذرة.
وكل ما تراه الصبية قبل بلوغها تسعا، فليس بحيض.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 92 ح 1، المحاسن: 307 ح 22، التهذيب 1: 385 ح 1184، الوسائل 2: 535 ب
" 2 " من أبواب الحيض ح 1، 3.
56

وكذا قيل فيما يخرج من الجانب الأيمن.
وأقل الحيض ثلاثة أيام، وأكثره عشرة، وكذا أقل الطهر. وهل
يشترط التوالي في الثلاثة أم يكفي كونها في جملة عشرة؟ الأظهر الأول.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) لم نعثر عليها بهذا اللفظ ولكن وردت بهذا المضمون في الوسائل 15: 409 ب " 3 " من أبواب العدد
ح 5.
(2) الراوية في التهذيب 1: 385 ح 1185 موافق لما في الشرائع وفي الكافي 3: 94 ح 3 مخالف له. راجع
الوسائل 2: 561 ب " 16 " من أبواب الحيض ح 1، 2.
57

وما تراه المرأة بعد يأسها لا يكون حيضا. وتيأس المرأة ببلوغ ستين،
وقيل: في غير القرشية والنبطية ببلوغ خمسين سنة.
وكل دم رأته المرأة دون الثلاثة فليس بحيض، مبتدئة كانت أو ذات
عادة. وما تراه من الثلاثة إلى العشرة، فما يمكن أن يكون حيضا فهو
حيض [سواء] تجانس أو اختلف.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 107 ح 3، الفقيه 1: 51 ح 198، التهذيب 1: 397 ج 1236، الوسائل 2: 580
ب " 31 " من أبواب الحيض ح 2.
(2) نقله عنه الشهيد في الذكرى: 28، قال في المقنعة: 532 باب عدد النساء: وقد روي أن القرشية
والنبطية تريان الدم إلى ستين سنة فإن ثبت ذلك فعليها العدة حتى تجاوز الستين.
(3) المعتبر 1: 200.
(4) الصحاح 3: 1162 مادة " نبط " وفيه " نبيط " راجع النهاية لابن الأثير 5: 9.
58

وتصير المرأة ذات عادة بأن ترى الدم دفعة، ثم ينقطع على أقل
الطهر فصاعدا، ثم تراه ثانيا بمثل تلك العدة. ولا عبرة باختلاف لون
الدم.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) في ص 70.
59

مسائل خمس:
الأولى: ذات العادة تترك الصلاة والصوم برؤية الدم إجماعا، وفي
المبتدئة تردد، الأظهر أنها تحتاط للعبادة حتى تمضي لها ثلاثة أيام.
الثانية: لو رأت الدم ثلاثة أيام ثم انقطع، ورأت قبل العاشر، كان
الكل حيضا. ولو تجاوز العشرة، رجعت إلى التفصيل الذي نذكره ولو

60

تأخر بمقدار عشرة أيام ثم رأته، كان الأول حيضا منفردا، والثاني يمكن
أن يكون حيضا مستأنفا.
الثالثة: لو انقطع لدون عشرة، فعليها الاستبراء بالقطنة، فإن
خرجت نقية اغتسلت، وإن كانت متلطخة صبرت المبتدئة حتى تنقى أو
تمضي لها عشرة أيام. وذات العادة تغتسل بعد يوم أو يومين من عادتها،
فإن استمر إلى العاشر وانقطع قضت ما فعلته من صوم.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 80 ح 3، التهذيب 1: 161 ح 461، الوسائل 2: 562 ب " 17 " من أبواب الحيض
ح 3.
(2) المعتبر 1: 240.
61

وإن تجاوز كان ما أتت به مجزيا.
الرابعة: إذا طهرت، جاز لزوجها وطؤها، بل الغسل على
كراهية.
الخامسة: إذا دخل وقت الصلاة فحاضت، وقد مضى مقدار
الطهارة والصلاة، وجب عليها القضاء. وإن كان قبل ذلك لم يجب. وإن
طهرت قبل آخر الوقت بمقدار الطهارة وأداء ركعة، وجب عليها الأداء
ومع الإخلال القضاء.
وأما ما يتعلق به فثمانية أشياء:
الأول: يحرم عليها كل ما يشترط فيه الطهارة كالصلاة والطواف
ومس كتابة القرآن. ويكره حمل المصحف ولمس هامشه. ولو تطهرت لم
يرتفع حدثها.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) هكذا وردت في النسخ وإن كان الظاهر تأنيث الضميرين لعودهما إلى المرأة أو الأيام.
62

الثاني: لا يصح منها الصوم.
الثالث: لا يجوز لها الجلوس في المسجد. ويكره الجواز فيه.
الرابع: لا يجوز قراءة شئ من العزائم ويكره لها ما عدا ذلك
وتسجد لو تلت السجدة، وكذا إن استمعت على الأظهر.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) لم نجده بهذا اللفظ ويوجد بمعناه، انظر الوسائل 3: 158 ب " 30 " من أبواب المواقيت.
63

الخامس: يحرم على زوجها وطؤها حتى تطهر، ويجوز له الاستماع
بما عدا القبل. فإن وطأ عامدا عالما [بالتحريم] وجبت عليه الكفارة،
وقيل: لا تجب، والأول أحوط. والكفارة في أوله دينار، وفي وسطه نصف
دينار، وفي آخره ربع دينار. ولو تكرر منه الوطئ في وقت لا تختلف فيه
الكفارة لم تتكرر، وقيل: بل تتكرر، والأول أقوى وإن اختلفت تكررت.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 106 ح 3 و 318 ح 4، التهذيب 1: 129 ح 353 و 2: 291 ح 1168، الاستبصار 1
: 115 ح 385 و 320 ح 1192، الوسائل 2: 584 ب " 36 " من أبواب الحيض ح 1، 3.
64

السادس: لا يصح طلاقها، إذا كانت مدخولا بها، وزوجها
حاضر معها.
السابع: إذا طهرت وجب عليها الغسل. وكيفيته مثل غسل
الجنابة، لكن لا بد معه من الوضوء قبله أو بعده، وقضاء الصوم دون
الصلاة.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 104 باب الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة.
(2) الكافي 1: 57 ح 15، المحاسن: 214 ح 97، الوسائل 7: 23 ب " 3 " من أبواب ما يمسك عنه
الصائم ح 5.
(3) الكافي 3: 104 ح 2، التهذيب 1: 160 ح 458 وفي 4: 267 ح 807، الوسائل 7: 23 ب " 3 "
من أبواب ما يمسك عنه الصائم ح 5.
65

الثامن: يستحب أن تتوضأ في وقت كل صلاة، وتجلس في مصلاها
بمقدار زمان صلاتها، ذاكرة الله تعالى، ويكره لها الخضاب.
الفصل الثالث
في الاستحاضة
وهو يشتمل على أقسامها، وأحكامها.
أما الأول: فدم الاستحاضة - في الأغلب - أصفر بارد رقيق يخرج
بفتور. وقد يتفق بمثل هذا الوصف حيضا، إذ الصفرة والكدرة في أيام
الحيض حيض، وفي أيام الطهر طهر.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 101، التهذيب 1: 159، الوسائل 2: 587 ب " 4 " من أبواب الحيض.
(2) في " و " و " م " استحباب التمرين، وفي " ن " جمع بين النسختين.
66

وكل دم تراه المرأة أقل من ثلاثة أيام ولم يكن دم قرح ولا جرح فهو
استحاضة. وكذا كل ما يزيد عن العادة ويتجاوز العشرة، أو يزيد عن
أكثر أيام النفاس، أو يكون مع الحمل على الأظهر، أو مع اليأس، أو قبل
البلوغ.
وإذا تجاوز الدم عشرة أيام وهي ممن تحيض، فقد امتزج حيضها
بطهرها. فهي إما مبتدئة، وإما ذات عادة مستقرة، أو مضطربة.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) التهذيب 1: 387 ح 1196، الاستبصار 1: 140 ح 481، الوسائل 2: 579 ب " 30 " من أبواب
الحيض ح 12.
(2) المعتبر 1: 204 و 207.
67

فالمبتدئة ترجع إلى اعتبار الدم، فما شابه دم الحيض فهو حيض،
وما شابه دم الاستحاضة فهو استحاضة، بشرط أن يكون ما شابه دم
الحيض لا ينقص عن ثلاثة ولا يزيد عن عشرة. فإن كان لونا واحدة، أو
لم يحصل فيه شرطا [شريطتا] التمييز، رجعت إلى عادة نسائها إن اتفقن.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 79 ح 3، الاستبصار 1: 138 ح 471 - 472، التهذيب 1: 380 ح 1181 و 401
ح 1252، الوسائل 2: 546 ب " 8 " من أبواب الحيض ح 1، 2
68

وقيل: أو عادة ذوات أسنانها من بلدها. فإن كن مختلفات، جعلت
حيضها في كل شهر سبعة أيام، أو عشرة من شهر وثلاثة من آخر، مخيرة
فيهما، وقيل: عشرة، وقيل: ثلاثة، والأول أظهر.
وذات العادة تجعل عادتها حيضا وما سواه استحاضة، فإن اجتمع
لها مع العادة تمييز، قيل: تعمل على العادة، وقيل: على التمييز، وقيل:

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المعتبر 1: 208.
(2) الكافي 3: 83 ح 1، التهذيب 1: 381 ح 1183، الوسائل 2: 547 ب " 8 " من أبواب الحيض
ح 3.
(3) لم تتقدم منه إشارة إلى هذا المطلب.
69

بالتخيير والأول أظهر.
وهاهنا مسائل:
الأولى: إذا كانت عادتها مستقرة عددا ووقتا فرأت ذلك العدد
متقدما على ذلك الوقت أو متأخرا عنه تحيضت بالعدد وألغت الوقت، لأن
العادة تتقدم وتتأخر، سواء رأته بصفة دم الحيض أو لم يكن.
الثانية: لو رأت الدم قبل العادة وفي العادة، فإن لم يتجاوز العشرة
فالكل حيض، وإن تجاوز جعلت العادة حيضا، وكان ما تقدمها
استحاضة. وكذا لو رأت في وقت العادة وبعدها. ولو رأت قبل العادة وفي
العادة وبعدها، فإن لم تتجاوز العشرة فالجميع حيض، وإن زاد على
العشرة فالحيض وقت العادة والطرفان استحاضة.
الثالثة: لو كانت عادتها في كل شهر مرة واحدة عددا معينا، فرأت
في شهر مرتين بعدد أيام العادة، كان ذلك حيضا ولو جاء في كل مرة أزيد
من العادة، كان ذلك حيضا إذا لم يتجاوز العشرة، فإن تجاوز تحيضت
بقدر عادتها وكان الباقي استحاضة.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) في " ن " لا مطلقا.
(2) في ص 59.
70

والمضطربة العادة ترجع إلى التمييز فتعمل عليه، ولا تترك هذه
الصلاة إلا بعد مضي ثلاثة أيام على الأظهر. فإن فقدت التمييز فهنا
مسائل ثلاث:
الأولى: لو ذكرت العدد ونسيت الوقت، قيل: تعمل في الزمان كله
ما تعمله المستحاضة، وتغتسل للحيض في كل وقت يحتمل انقطاع الدم

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المبسوط 1: 51.
(2) في " ن، و " ذاكرة العدد ناسية الوقت.
71

فيه وتقضي صوم عادتها.
الثانية: لو ذكرت الوقت ونسيت العدد. فإن ذكرت أول حيضها،
أكملته ثلاثة، وإن ذكرت آخره جعلته نهاية الثلاثة، وعملت في بقية
الزمان ما تعمله المستحاضة، وتغتسل للحيض في كل زمان تفرض فيه

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المعتبر 1: 220.
72

الانقطاع، وتقضي صوم عشرة أيام احتياطا، ما لم يقصر الوقت الذي
عرفته عن العشرة.
الثالثة: لو نسيتهما جميعا فهذه تتحيض في كل شهر سبعة أيام أو
ستة، أو عشرة من شهر وثلاثة من آخر، ما دام الاشتباه باقيا.

73

وأما الأحكام فنقول: دم الاستحاضة، إما أن لا يثقب الكرسف،
أو يثقبه ولا يسيل، أو يسيل.
وفي الأول يلزمها تغيير القطنة، وتجديد الوضوء عند كل صلاة،
ولا تجمع بين صلاتين بوضوء واحد.
وفي الثاني يلزمها مع ذلك تغيير الخرقة، والغسل لصلاة الغداة.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المقنعة: 57.
74

وفي الثالث يلزمها مع ذلك غسلان، غسل للظهر والعصر تجمع
بينهما، وغسل للمغرب والعشاء تجمع بينهما فإذا فعلت ذلك كانت بحكم
الطاهرة. وإن أخلت بذلك لم تصح صلاتها. وإن أخلت بالأغسال لم
يصح صومها.
الفصل الرابع
في النفاس
النفاس دم الولادة. وليس لقليله حد،

75

فجاز أن يكون لحظة واحدة. ولو ولدت ولم تر دما لم يكن لها نفاس.
ولو رأت قبل الولادة كان طهرا. وأكثر النفاس عشرة أيام، على الأظهر.
ولو كانت حاملا باثنين، وتراخت ولادة أحدهما، كان ابتداء
نفاسها من وضع الأول، وعدد أيامها من وضع الأخير. ولو ولدت ولم تر

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 4: 4 ح 11، الوسائل 6: 264 ب " 7 " من أبواب الصدقة ح 1.
76

دما ثم رأت في العاشر، كان ذلك نفاسا ولو رأت عقيب الولادة، ثم
طهرت، ثم رأت العاشر أو قبله، كان الدمان وما بينهما نفاسا.
ويحرم على النفساء ما يحرم على الحائض، وكذا ما يكره [لها]. ولا
يصح طلاقها. وغسلها كغسل الحائض سواء.

77

الفصل الخامس
في أحكام الأموات
وهي خمسة:
الأول: في الاحتضار.
ويجب فيه توجيه الميت إلى القبلة، بأن يلقى على ظهره ويجعل وجهه
وباطن رجليه إلى القبلة، وهو فرض كفاية، وقيل: هو مستحب.
ويستحب تلقينه الشهادتين، والإقرار بالنبي والأئمة عليهم
السلام، وكلمات الفرج، ونقله إلى مصلاه،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 124 ح 6، الوسائل 2: 665 ب " 37 " من أبواب الاحتضار ح 3.
78

ويكون عنده مصباح إن مات ليلا، ومن يقرأ القرآن، وإذا مات غمضت
عيناه، وأطبق فوه، ومدت يداه إلى جنبيه، وغطي بثوب، ويعجل تجهيزه
إلا أن يكون حاله مشتبهة،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الشيخ المفيد في المقنعة: 74، والشيخ الطوسي في المبسوط 1: 174، والنهاية: 30.
(2) التهذيب 1: 289 ح 843، ورواه الكليني في الكافي 3: 251 ح 5، والصدوق في الفقيه 1: 97
ح 450، الوسائل 2: 673 ب " 45 " من أبواب الاحتضار.
(3) الكافي 3: 126 ح 5، التهذيب 1: 427 ح 1358، الوسائل 2: 670 ب " 41 " من أبواب
الاحتضار.
(4) سنن أبي داود 3: 191 ح 3121، سنن البيهقي 3: 383، مسند أحمد 5: 275.
(5) الذكرى: 38.
(6) الفقيه 1: 85 ح 388، الوسائل 2: 676 ب " 47 " من أبواب الاحتضار ح 7.
79

فيستبرأ بعلامات الموت، أو يصبر عليه ثلاثة أيام.
ويكره أن يطرح على بطنه حديد، وأن يحضره جنب أو حائض.
الثاني: في التغسيل.
وهو فرض على الكفاية، وكذا تكفينه ودفنه والصلاة عليه. وأولى
الناس به أولاهم بميراثه. وإذا كان الأولياء رجالا ونساء، فالرجال أولى.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) ورد أصل استحباب الإيذان في الكافي 3: 166 ح 1.
(2) منهم ابن البراج في المهذب 1: 54، والعلامة في المنتهى 1: 427.
(3) التهذيب 1: 290.
(4) نقله عنه العلامة في المختلف: 43.
80

والزوج أولى بالمرأة من كل أحد في أحكامه كلها.
ويجوز أن يغسل الكافر المسلم إذا لم يحضره مسلم، ولا مسلمة ذات
رحم. وكذا تغسل الكافرة المسلمة إذا لم تكن مسلمة، ولا ذو رحم.
ويغسل الرجل محارمه من وراء الثياب، إذا لم تكن مسلمة. وكذا المرأة.
ولا يغسل الرجل من ليست له بمحرم، إلا ولها دون ثلاث سنين، وكذا
المرأة، ويغسلها مجردة.
وكل مظهر للشهادتين - وإن لم يكن معتقدا للحق - ويجوز تغسيله،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المعتبر 1: 323 - 324.
81

عدا الخوارج والغلاة. والشهيد الذي قتل بين يدي الإمام عليه السلام،
ومات في المعركة لا يغسل ولا يكفن، ويصلي عليه. وكذا من وجب عليه
القتل، يؤمر بالاغتسال قبل قتله، ثم لا يغسل بعد ذلك.
وإذا وجد بعض الميت فإن كان فيه الصدر، أو الصدر وحده،
غسل وكفن وصلي عليه ودفن.

82

وإن لم يكن وكان فيه عظم، غسل ولف في خرقة ودفن. وكذا
السقط إذا كان له أربعة أشهر فصاعدا. وإن لم يكن فيه عظم، اقتصر
على لفه في خرقة ودفنه. وكذا السقط إذا لم تلجه الروح.
وإذا لم يحضر الميت مسلم ولا كافر ولا محرم من النساء، دفن بغير
غسل، ولا تقربه الكافرة. وكذا المرأة وروي أنهم يغسلون وجهها
ويديها (1).

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 159 ح 13، الفقيه 1: 95 ح 438، التهذيب 1: 342 ح 1002، الاستبصار 1:
200 ج 705، الوسائل 2: 709 ب " 22 " من أبواب غسل الميت ح 1.
(2) المعتبر 1: 319.
(3) منهم ابن البراج في المهذب 1: 56، والشيخ في النهاية: 41.
83

ويجب إزالة النجاسة من بدنه أولا ثم يغسل بماء السدر، يبدأ برأسه
ثم بجانبه الأيمن ثم الأيسر، وأقل ما يلقى في الماء من السدر ما يقع عليه
الاسم، وقيل: مقدار سبع ورقات، وبعده بماء الكافور على الصفة
المذكورة، وبالماء القراح أخيرا.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الصحاح 1: 396 مادة " قرح ".
(2) التهذيب 1: 446 ح 1443، الوسائل 2: 682 ب " 49 " من أبواب غسل الميت ح 6.
84

كما يغتسل من الجنابة.
وفي وضوء الميت تردد، الأشبه أنه لا يجب. ولا يجوز الاقتصار على
أقل من الغسلات المذكورة، إلا عند الضرورة.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) كذا ورد في النسخ الخطية. وفي بعضها في بعض موارد الكلمة ييمم، كما أن الكلمة في المتن وردت في
بعض النسخ يتيمم. ولعل الأولى ييمم كما في الحديث النبوي " يمموه " ويؤمم من أم بمعنى قصد، كما
أن يمم بمعنى قصد أيضا، ومنه التيمم.
(2) الذكرى: 45.
85

ولو عدم الكافور والسدر، غسل بالماء القراح. وقيل: لا تسقط الغسلة
بفوات ما يطرح فيها، وفيه تردد.
ولو خيف من تغسيله تناثر جلده، كالمحترق والمجدور، ييمم
بالتراب كما ييمم الحي العاجز.
وسنن الغسل أن يوضع على ساجة، مستقبل القبلة، وأن يغسل

86

تحت الظلال، وأن تجعل للماء حفيرة، ويكره إرساله في الكنيف، ولا بأس
بالبالوعة، وأن يفتق قميصه، وينزع من تحته، وتستر عورته، وتلين
أصابعه برفق.
ويغسل رأسه برغوة السدر أمام الغسل، ويغسل فرجه بالسدر
والحرض، وتغسل يداه، ويبدأ بشق رأسه الأيمن، ويغسل كل عضو منه
ثلاث مرات في كل غسلة، ويسمح بطنه في الغسلتين الأوليين، إلا أن

87

يكون الميت امرأة حاملا، وأن يكون الغاسل منه على الجانب الأيمن،
ويغسل الغاسل يديه مع كل غسلة، ثم ينشفه بثوب بعد الفراغ.
ويكره أن يجعل الميت بين رجليه، وأن يقعده، وأن يقص أظفاره،
وأن يرجل شعره. وإن يغسل مخالفا، فإن اضطر غسله غسل أهل
الخلاف.
الثالث: في تكفينه.
ويجب أن يكفن في ثلاثة أقطاع، مئزر وقميص وإزار. ويجزي عند

88

الضرورة قطعة. ولا يجوز التكفين بالحرير.
ويجب أن يمسح مساجده بما تيسر من الكافور، إلا أن يكون الميت
محرما، فلا يقربه الكافور. وأقل الفضل في مقدار درهم. وأفضل منه

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الفقيه 1: 84 ح 379، وليس فيه " يوم القيامة ". ورواه العلامة في التحرير: 18.
(2) الهداية: 25، الفقيه 1: 91 ح 16، علل الشرائع: 302 ب " 242 "، الوسائل 2: 730 ب " 3 "
من أبواب التكفين.
89

أربعة دراهم، وأكمله ثلاثة عشر درهما وثلثا. وعند الضرورة يدفن بغير
كافور، ولا يجوز تطييبه بغير الكافور والذريرة.
وسنن هذا القسم أن يغتسل الغاسل قبل تكفينه، أو يتوضأ وضوء
الصلاة.
وأن يزاد للرجل حبرة عبرية، غير مطرزة بالذهب، وخرقة لفخذيه،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المعتبر 1: 284.
(2) التذكرة 1: 44.
(3) نقله عنه الشهيد في الذكرى: 47.
(4) الكافي 3: 149 ح 9، التهذيب 1: 296 ح 868، الوسائل 2: 743 ب " 13 " من أبواب التكفين
ح 2، 3.
(5) الكافي 3: 141 ح 5، التهذيب 1: 301 ح 877، الوسائل 2: 680 ب " 2 " من أبواب غسل
الميت ح 3.
90

يكون طولها ثلاثة أذرع ونصفا، في عرض شبر تقريبا، فيشد طرفاها على
حقويه، ويلف بما استرسل منها فخذاه، لفا شديدا بعد أن يجعل بين ألييه
شئ من القطن، وإن خشي خروج شئ فلا بأس أن يخشى في دبره قطنا،
وعمامة يعمم بها محنكا يلف رأسه بها لفا ويخرج طرفاها من تحت الحنك،
ويلقيان على صدره.
وتزاد المرأة على كفن الرجل

--------------------------------------------------------------------------------

(1) التهذيب 1: 306 ح 887، الوسائل 2: 745 ب " 14 " من أبواب التكفين ح 4.
(2) راجع قواعد الأحكام 1: 18.
(3) الكافي 3: 144 ح 6، التهذيب 1: 293 ح 856، الوسائل 2: 728 ب " 2 " من أبواب الكفن
ح 10، 12.
91

لفافة لثدييها ونمطا، ويوضع لها بدلا من العمامة قناع.
وأن يكون الكفن قطنا، وتنثر على الحبرة واللفافة والقميص ذريرة،
وتكون الحبرة فوق اللفافة، والقميص باطنها، ويكتب على الحبرة
والقميص والأزار والجريدتين اسمه، وأنه يشهد الشهادتين، وإن ذكر
الأئمة عليهم السلام وعددهم إلى آخرهم كان حسنا، ويكون ذلك بتربة

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الصحاح 3: 1165 مادة " نمط ".
(2) النهاية لابن الأثير 5: 119 مادة " نمط ".
(3) كالشيخ في المبسوط 1: 177، والشهيد في البيان: 26.
(4) كالمفيد في الرسالة العزية على ما في المختلف: 46، وظاهر الشيخ في المبسوط 1: 177.
(5) لم نجده في كتب الشهيد التي بأيدينا.
92

الحسين عليه السلام، فإن لم توجد فبالأصبع، فإن فقدت الحبرة تجعل
بدلها لفافة أخرى.
وأن يخاط الكفن، بخيوط منه، ولا يبل بالريق، ويجعل معه جريدتان
من سعف النخل، فإن لم يوجد فمن السدر، فإن لم يوجد فمن الخلاف،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المقنعة: 82، التهذيب 1: 326 ح 952، الوسائل 2: 738 ب " 7 " من أبواب التكفين ح 10.
(2) صحيح البخاري 2: 1190 مسند أحمد 5: 35، راجع الفقيه 1: 88 ح 405، الوسائل
741 ب " 11 " من أبواب التكفين.
(3) الإنتصار: 36.
93

وإلا فمن شجر رطب، ويجعل إحداهما من الجانب الأيمن مع ترقوته،
يلصقها بجلده، والأخرى من الجانب الأيسر بين القميص والأزار. وأن
يسحق الكافور بيده، ويجعل ما يفضل عن مساجده على صدره، وأن
يطوى جانب اللفافة الأيسر على الأيمن، والأيمن على الأيسر.
ويكره تكفينه بالكتان، وأن يعمل للأكفان المبتدأة أكمام،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المفيد في المقنعة: 78، والشيخ في المبسوط 1: 179.
(2) المعتبر 1: 286.
(3) الكافي 3: 149 ح 7، الفقيه 1: 89 ح 414، التهذيب 1: 434 ح 1392، الاستبصار 1: 210
ح 741، الوسائل 2: 751 ب " 20 " من أبواب التكفين ح 1.
94

وأن يكتب عليها بالسواد وأن يجعل في سمعه أو بصره شئ من الكافور.
مسائل ثلاث:
الأولى: إذا خرج من الميت نجاسة بعد تكفينه، فإن لاقت جسده
غسلت بالماء، وإن لاقت كفنه فكذلك، إلا أن يكون بعد طرحه في القبر
فإنها تقرض ومنهم من أوجب قرضها مطلقا، والأول أولى.
الثانية: كفن المرأة على زوجها، وإن كانت ذات مال، لكن لا يلزمه

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الذكرى: 50.
95

زيادة على الواجب. ويؤخذ كفن الرجل من أصل تركته، مقدما على
الديون والوصايا، فإن لم يكن له كفن دفن عريانا. ولا يجب على المسلمين
بذل الكفن، بل يستحب. وكذا ما يحتاج إليه الميت من كافور وسدر
وغيره.
الثالثة: إذا سقط من الميت شئ من شعره أو جسده وجب أن
يطرح معه في كفنه.
الرابع: في مواراته في الأرض.
وله مقدمات مسنونة كلها، أن يمشي المشيع وراء الجنازة، أو إلى
أحد جانبيها، وأن تربع الجنازة، ويبدأ بمقدمها الأيمن، ثم يدور من

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 174 ح 1، التهذيب 1: 454 ح 1479، ليس فيهما " ذنوب "، الوسائل 2: 827 -
828 ب " 7 " من أبواب الدفن ح 1.
96

ورائها إلى الجانب الأيسر، وأن يعلم المؤمنون بموت المؤمن، وأن يقول
المشاهد للجنازة: الحمد لله الذي لم يجعلني من السواد المخترم.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 169 ح 4، التهذيب 1: 453 ح 1474، الاستبصار 1: 216 ح 763، الوسائل 2:
830 ب " 8 " من أبواب الدفن ح 5.
(2) الخلاف 1: 718 مسألة 531.
(3) صحيح مسلم 4: 2065 ح 2683، صحيح البخاري 8: 132، سنن ابن ماجة 2: 1425
ح 4264، المعجم الأوسط للطبراني 3: 420 ح 2903.
(4) صحيح مسلم 4: 2065 ح 2684.
97

وأن يضع الجنازة على الأرض إذا وصل إلى القبر، مما يلي رجليه
والمرأة مما يلي القبلة وأن ينقله في ثلاث دفعات وأن يرسله إلى القبر، سابقا
برأسه، والمرأة عرضا، وأن ينزل من يتناوله حافيا، ويكشف رأسه، ويحل
أزراره. ويكره أن يتولى ذلك الأقارب،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) لم نجده بهذا اللفظ وبمعناه روايات. راجع سنن البيهقي 3: 377، وفي مجموعة ورام 1: 36 عن
علي عليه السلام: " بقية عمر المرء لا ثمن لها، يدرك بها ما فات ويحيى بها ما أمات ".
(2) قواعد الأحكام 1: 21.
(3) المعتبر 1: 298.
(4) التهذيب 1: 313 ح 908. وفيه " ينبغي أن.. "، الوسائل 2: 837 ب " 16 " من أبواب الدفن
ح 1.
(5) التهذيب 1: 312 ح 907، الوسائل 2: 838 ب " 16 " من أبواب الدفن ح 16.
(6) نقله عنه الشهيد في الذكرى: 65.
(7) المعتبر 1: 298.
98

إلا في المرأة، ويستحب أن يدعو عند إنزاله في القبر.
وفي الدفن فروض وسنن، فالفروض: أن يوارى في الأرض مع
القدرة وراكب البحر يلقى فيه، إما مثقلا أو مستورا في وعاء كالخابية أو

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 193 ح 5، التهذيب 1: 325 ح 948، الوسائل 2: 853 " 26 " من أبواب الدفن
ح 1.
(2) التذكرة 1: 52.
99

شبهها، مع تعذر الوصول إلى البر، وأن يضجعه على جانبه الأيمن
مستقبل القبلة، إلا أن يكون امرأة غير مسلمة حاملا من مسلم، فيستدبر
بها القبلة.
والسنن: أن يحفر القبر قدر القامة، أو إلى الترقوة، ويجعل له لحد
مما يلي القبلة. ويحل عقد الأكفان من قبل رأسه ورجليه، ويجعل معه شئ
من تربة الحسين عليه السلام، ويلقنه، ويدعو له،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المعتبر 1: 296.
100

ثم يشرج اللبن ويخرج من قبل رجلي القبر، ويهيل الحاضرون عليه التراب
بظهور الأكف قائلين: إنا لله وإنا إليه راجعون " ويرفع القبر مقدار أربع
أصابع، ويربع ويصب عليه الماء من قبل رأسه، ثم يدور عليه، فإن فضل
من الماء شئ ألقاه على وسط القبر، وتوضع اليد على القبر، ويترحم على
الميت، ويلقنه الولي بعد انصراف الناس عنه بأرفع صوته، والتعزية
مستحبة،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 198 ح 2، التهذيب 1: 319 ح 926، الوسائل 2: 855 ب " 29 " من أبواب الدفن
ح 4.
101

وهي جائزة قبل الدفن وبعده، ويكفي أن يراه صاحبها.
ويكره فرش القبر بالساج إلا عند الضرورة، وأن يهيل ذو الرحم
على رحمه، وتجصيص القبور، وتجديدها،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 205 ح 2 و 227 ح 4، الوسائل 2: 871 ب " 46 " من أبواب الدفن ح 2.
(2) المعتبر 1: 305.
(3) النهاية: 44. ولكن الوارد فيه التطيين ابتداء لا التجصيص، وكذا في المبسوط 1: 187.
(4) الكافي 3: 202 ح 3، التهذيب 1: 461 ح 1501، الاستبصار 1: 217 ح 768، الوسائل 2:
864 ب " 37 " من أبواب الدفن ح 2.
(5) حاشية المحقق الكركي على الشرائع: 30 وجامع المقاصد 1: 449.
(6) لم نجد من الأخبار ما يدل على هذا التفصيل إلا أن في الروايات ما يدل على استحباب تعمير مشاهد
الأئمة عليهم السلام وتعاهدها. راجع الوسائل 10: 298 باب استحباب عمارة مشهد أمير المؤمنين
عليه السلام ومشاهد الأئمة عليهم السلام وتعاهدها وكثرة زيارتها وفي المدارك استفاضة الروايات
بالترغيب في ذلك.
102

ودفن ميتين في قبر واحد، وأن ينقل الميت من بلد إلى آخر، إلا إلى أحد
المشاهد المشرفة، وأن يستند إلى القبر، أو يمشي عليه.
الخامس: في اللواحق. وهي مسائل أربع:
الأولى: لا يجوز نبش القبور ولا نقل الموتى إلى بلد بعد دفنهم

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الفقيه 1: 120 ح 579، التهذيب 1: 459 ح 1497، الوسائل 2: 868 ب " 43 " من أبواب
الدفن ح 1.
(2) الأزج: بيت يبنى طولا. لسان العرب 2: 208 مادة " أزج ".
(3) الذكرى: 65.
103

ولا شق الثوب على غير الأب والأخ.
الثانية: الشهيد يدفن بثيابه، وينزع عنه الخفان والفرو أصابهما

--------------------------------------------------------------------------------

(1) نهاية الأحكام 2: 290.
(2) عوالي اللئالي 1: 177 ح 220، مسند أحمد 1: 247، سنن البيهقي 4: 14.
(3) منهم الشيخ المفيد في المقنعة: 12 في الفرو دون الخف، وابن بابويه على ما في الذكرى: 41، وابن إدريس في السرائر 1: 166.
(4) الكافي 3: 311 ح 4، الفقيه 1: 97 ح 449، التهذيب 1: 332 ح 972، الوسائل 1: 701 ب
" 14 " من أبواب غسل الميت ح 10.
104

الدم أو لم يصبهما، على الأظهر. ولا فرق بين أن يقتل بحديد أو بغيره.
الثالثة: حكم الصبي والمجنون، إذا قتلا شهيدين حكم البالغ
العاقل.
الرابعة: إذا مات ولد الحامل قطع وأخرج، وإن ماتت هي دونه
شق جوفها من الجانب الأيسر وانتزع، وخيط الموضع.
وأما الأغسال المسنونة فالمشهور منها ثمانية وعشرون غسلا: سنة
عشر للوقت، وهي: غسل يوم الجمعة، ووقته ما بين طلوع الفجر إلى
زوال الشمس، ولكما قرب من الزوال كان أفضل، ويجوز تعجيله يوم
الخميس لمن خاف عوز الماء،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) التذكرة 1: 57
(2) في تغسيل الميت ص 80 - 81.
(3) الألفية والنفلية: 95.
105

وقضاؤه يوم السبت.
وسنة في شهر رمضان - أول ليلة منه، وليلة النصف، وسبع عشرة،
وتسع عشرة، وإحدى وعشرين وثلاث وعشرين - وليلة الفطر، ويومي
العيدين، ويوم عرفة، وليلة النصف من رجب، ويوم السابع والعشرين
منه، وليلة النصف من شعبان، ويوم الغدير، ويوم المباهلة.
وسبعة للفعل وهي: غسل الإحرام، وغسل زيارة النبي صلى الله

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 42 ح 6، الفقيه 1: 61 ح 227، التهذيب 1: 365، ح 1110، الوسائل 2: 949 ب
" 9 " من أبواب الأغسال المسنونة ح 2.
(2) التهذيب 1: 114 ح 302 وفيه: " الغسل في سبعة عشر موطنا "، الوسائل 2: 939 ب " 1 " من
أبواب الأغسال المسنونة ح 11.
106

عليه وآله وسلم والأئمة عليهم السلام، وغسل المفرط في صلاة الكسوف
مع احتراق القرص، إذا أراد قضاءها على الأظهر، وغسل التوبة، سواء
كان عن فسق أو كفر، وصلاة الحاجة، وصلاة الاستخارة.
وخمسة للمكان وهي: غسل دخول الحرم، والمسجد الحرام،
والكعبة، والمدينة، ومسجد النبي صلى الله عليه وآله.
مسائل أربع:
الأولى: ما يستحب للفعل والمكان يقدم عليهما، وما يستحب

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 6: 432 ح 10، الفقيه 1: 45 ح 177، التهذيب 1: 116 ح 304، الوسائل 2: 957
ب " 18 " من أبواب الأغسال المسنونة.
(2) راجع الفقيه 1: 350 ب " 83 " من أبواب صلاة الحاجة، الوسائل 5: 255 ب " 28 " من بقية
الصلوات المندوبة.
(3) راجع الفقيه 1: 350 ب " 83 " من أبواب صلاة الحاجة، الوسائل 5: 255 ب " 28 " من بقية
الصلوات المندوبة.
107

للزمان يكون يعد دخوله.
الثانية: إذا اجتمعت أغسال مندوبة، لا تكفي نية القربة، ما لم
ينو السبب. وقيل: إذا انضم إليها غسل واجب، كفاه نية القربة، والأول
أولى.
الثالثة والرابعة: قال بعض فقهائنا بوجوب غسل من سعى إلى
مصلوب ليراه عامدا بعد ثلاثة أيام. وكذلك غسل المولود. والأظهر
الاستحباب.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 41 ح 1، التهذيب 1: 107 ح 279، الوسائل 1: 525 ب " 43 " من أبواب الجنابة
ح 1.
108

الركن الثالث
في الطهارة الترابية
والنظر في أطراف أربعة
الأول: في ما يصح معه التيمم وهو ضروب:
الأول: عدم الماء. ويجب عنده الطلب، فيضرب غلوة سهمين،
في كل جهة من الجهات الأربع إن كانت الأرض سهلة، وغلوة سهم إن
كانت حزنة. ولو أخل بالضرب، حتى ضاق الوقت، أخطأ وصح تيممه
وصلاته على الأظهر.

109

ولا فرق بين عدم الماء أصلا، ووجود ماء لا يكفيه لطهارته.
الثاني: عدم الوصلة إليه. فمن عدم الثمن فهو كمن عدم الماء.
وكذا إن وجده بثمن يضر به في الحال. وإن يكن مضرا به في الحال،
لزمه شراؤه، ولو كان بأضعاف ثمنه المعتاد. وكذا القول في الآلة.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) لم نعثر على رواية تدل على وجوب القضاء والمنصوص هو وجوب الإعادة ما دام الوقت باقيا راجع
الوسائل 2: 981 ب " 14 " من أبواب التيمم.
110

الثالث: الخوف. ولا فرق في جواز التيمم بين أن يخاف لصا أو
سبعا، أو يخاف ضياع مال. وكذا لو خشي المرض الشديد، أو الشين

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 74 ح 17، الفقيه 1: 23 ح 71، التهذيب 1: 406، ح 1276، الوسائل 2: 997 ب
" 26 " من أبواب التيمم ح 9.
(2) الكافي 3: 65 ح 8، التهذيب 1: 184 ح 528، الوسائل 2: 964 ب " 2 " من أبواب التيمم ح 2.
111

باستعماله الماء، جاز له التيمم. وكذا لو كان معه ماء للشرب، وخاف
العطش إن استعمله.
الطرف الثاني
فيما يجوز التيمم به
وهو كل ما يقع عليه اسم الأرض. ولا يجوز التيمم بالمعادن ولا
بالرماد، ولا بالنبات المنسحق كالأشنان والدقيق. ويجوز التيمم بأرض
النورة، والجص، وتراب القبر، وبالتراب المستعمل في التيمم. ولا يصح

112

التيمم بالتراب المغصوب، ولا بالنجس، ولا بالوحل مع وجود التراب.
وإذا مزج التراب بشئ من المعادن، فإن استهلكه التراب جاز،
وإلا لم يجز.
ويكره بالسبخة، والرمل.
ويستحب أن يكون من ربى الأرض وعواليها. ومع فقد التراب،
يتيمم بغبار ثوبه، أو لبد سرجه، أو عرف دابته. ومع فقد ذلك، يتيمم
بالوحل.

113

الطرف الثالث
في كيفية التيمم
ولا يصح التيمم قبل دخول الوقت، ويصح مع تضيقه. وهل يصح
مع سعته؟ فيه تردد، والأحوط المنع.
والواجب في التيمم: النية، واستدامة حكمها، والترتيب: يضع
يديه على الأرض، ثم يسمح الجبهة بهما من قصاص الشعر إلى طرف
أنفه، ثم يمسح ظاهر الكفين، وقيل باستيعاب مسح الوجه والذراعين،
والأول أظهر.
وتجزيه في الوضوء ضربة واحدة لجبهته وظاهر كفيه. ولا بد فيما هو
بدل من الغسل من ضربتين. وقيل: في الكل ضربتان وقيل: ضربة
واحدة، والتفصيل أظهر.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) لم نجد هذه الدعوى في كتب الشيح رحمه الله، وعبارته في الخلاف لا تدل على ذلك راجع الخلاف 1
: 146 مسألة 94.
(2) الإنتصار: 321.
114

وإن قطعت كفاه، سقط مسحهما، واقتصر على الجبهة، ولو قطع
بعضهما، مسح على ما بقي.
ويجب استيعاب مواضع المسح في التيمم، فلو أبقى منها شيئا لم
يصح.
ويستحب نفض اليدين بعد ضربهما على الأرض.
ولو تيمم وعلى جسده نجاسة، صح تيممه، كما لو تطهر بالماء وعليه
نجاسة، لكن يراعى في التيمم ضيق الوقت.
الطرف الرابع
في أحكامه، وهي عشرة
الأول: من صلى بتيممه لا يعيد، سواء كان في حضر أو سفر.
وقيل: فيمن تعمد الجنابة، وخشي على نفسه من استعمال الماء، يتيمم
ويصلي ثم يعيد. وفيمن منعه زحام الجمعة عن الخروج، مثل ذلك. وكذا

115

من كان على جسده نجاسة، ولم يكن معه ماء لإزالتها، والأظهر عدم
الإعادة.
الثاني: يجب عليه طلب الماء، فإن أخل بالطلب وصلى، ثم وجد
الماء في رحله، أو مع أصحابه، تطهر وأعاد الصلاة.
الثالث: من عدم الماء وما يتيمم به، لقيد، أو حبس في موضع
نجس، قيل: يصلي ويعيد، وقيل: يؤخر الصلاة حتى يرتفع العذر فإن
خرج الوقت قضى. وقيل: يسقط الفرض إداء وقضاء، وهو الأشبه.
الرابع: إذا وجد الماء قبل دخوله في الصلاة، تطهر. وإن وجده بعد
فراغه من الصلاة، لم يجب الإعادة. وإن وجده وهو في الصلاة، قيل:
يرجع ما لم يركع، وقيل: يمضي في صلاته، ولو تلبس بتكبيرة الإحرام
حسب، وهو الأظهر.
الخامس: المتيمم يستبيح ما يستبيحه المتطهر بالماء.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) نسبه المحقق الكركي إلى ولد العلامة. راجع جامع المقاصد 1: 505.
(2) النساء: 43.
116

السادس: إذا اجتمع ميت وجنب ومحدث، ومعهم من الماء ما
يكفي أحدهم، فإن كان ملكا لأحدهم، اختص به، وإن كان ملكا لهم
جميعا أو لا مالك له، أو مع مالك يسمح ببذله فالأفضل تخصيص الجنب
به. وقيل: بل يختص به الميت، وفي ذلك تردد.
السابع: الجنب إذا تيمم بدلا من الغسل ثم أحدث أعاد التيمم
بدلا من الغسل، سواء كان حدثه أصغر أو أكبر.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الفقيه 1: 59 ح 221، التهذيب 1: 194 ح 561 و 199 ح 578، الوسائل 2: 983 ب " 14 "
من أبواب التيمم ح 12.
(2) الفقيه 1: 60 ح 223، التهذيب 1: 404 ح 1264، الوسائل 2: 994 ب " 23 " من أبواب التيمم
ح 1.
(3) الذكرى: 23.
117

الثامن: إذا تمكن من استعمال الماء انتقض تيممه. ولو فقده بعد
ذلك، افتقر إلى تجديد التيمم. ولا ينتقض التيمم بخروج الوقت، ما لم
يحدث أو يجد الماء.
التاسع: من كان بعض أعضائه مريضا لا يقدر على غسله بالماء
ولا مسحه جاز له التيمم، ولا يتبعض الطهارة.

118

العاشر: يجوز التيمم لصلاة الجنازة مع وجود الماء بنية الندب، ولا
يجوز له الدخول به في غير ذلك من أنواع الصلاة.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المعتبر 1: 405.
(2) الخلاف 1: 161 مسألة 112.
(3) راجع الوسائل 2: 798 ب " 21 و 22 " من أبواب صلاة الجنازة.
119

الركن الرابع
في النجاسات وأحكامها
القول في النجاسات - وهي عشرة أنواع:
الأول والثاني: البول والغائط مما لا يؤكل لحمه، إذا كان للحيوان
نفس سائلة، سواء كان جنسه حراما كالأسد، أو عرض له التحريم
كالجلال. وفي رجيع ما لا نفس له سائلة وبوله، تردد. وكذا في ذرق
الدجاج غير الجلال، والأظهر الطهارة.
الثالث: المني، وهو نجس من كل حيوان حل أكله أو حرم، وفي
مني ما لا نفس له، تردد، والطهارة أشبه.
الرابع: الميتة، ولا ينجس من الميتات، إلا ما له نفس سائلة.
وكل ما ينجس بالموت، فما قطع من جسده نجس، حيا كان أو ميتا.

120

وما كان منه لا تحله الحياة كالعظم والشعر فهو طاهر، إلا أن تكون عينه
نجسة كالكلب والخنزير والكافر على الأظهر.
ويجب الغسل على من مس ميتا من الناس قبل تطهيره وبعد برده.
وكذا من مس قطعة منه فيها عظم، وغسل اليد على من مس ما لا عظم

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الدروس: 14.
121

فيه، أو مس ميتا له نفس سائلة من غير الناس.
الخامس: الدماء. ولا ينجس منها، إلا ما كان من حيوان له عرق.
[لا ما يكون رشحا] (1) كدم السمك وشبهه.
السادس والسابع: الكلب والخنزير، وهما نجسان عينا ولعابا. ولو
نزا كلب على حيوان فأولده، روعي في إلحاقه بأحكامه إطلاق الاسم. وما
عداهما من الحيوان، فليس بنجس. وفي الثعلب والأرنب والفأرة والوزغة
تردد، والأظهر الطهارة.
الثامن: المسكرات. وفي تنجيسها خلاف، والأظهر النجاسة.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) اختلفت النسخ في هذه الجملة والظاهر أن ما أثبتناه هو الصحيح والمعنى واضح.
(2) الكافي 3: 60 ح 4، التهذيب 1: 262 ح 763 و 277 ح 816، الوسائل 2: 1050 ب " 34 " من
أبواب النجاسات ح 3.
(3) قواعد الأحكام 1: 7.
(4) المسائل الناصرية " الجوامع الفقهية ": 217.
122

وفي حكمها العصير، إذا غلى واشتد وأن لم يسكر.
التاسع: الفقاع.
العاشر: الكافر. وضابطه كل من خرج عن الإسلام، أو من
انتحله وجحد ما يعلم من الدين ضرورة، كالخوارج والغلاة. وفي عرق
الجنب من الحرام، وعرق الإبل الجلالة، والمسوخ خلاف، والأظهر

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الذكرى: 13.
(2) المعتبر 1: 424.
(3) الكافي 6: 419، التهذيب 9: 119 عدة أحاديث، الوسائل 17: 223 ب " 2 " من أبواب الأشربة
المحرمة.
(4) البيان: 39.
(5) الإنتصار: 198 - 199.
(6) الكافي 6: 422، التهذيب 9: 124 عدة أحاديث، الاستبصار 4: 95 باب تحريم شرب الفقاع،
الوسائل 2: 287 ب " 27 " من أبواب الأشربة المحرمة.
123

الطهارة. وما عدا ذلك فليس بنجس في نفسه، وإنما تعرض له النجاسة
ويكره بول البغال والحمير والدواب.
القول في أحكام النجاسات
تجب إزالة النجاسة عن الثياب والبدن، للصلاة والطواف ودخول
المساجد، وعن الأواني لاستعمالها.
وعفي في الثوب والبدن عما يشق
التحرز عنه من دم القروح والجروح التي لا ترقى وإن كثر.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 58 ح 1، التهذيب 1: 258 ح 747، الاستبصار 1: 177 ح 616، الوسائل 2:
1028 ب " 22 " من أبواب النجاسات ح 1.
124

وعما دون الدرهم البغلي سعة من الدم المسفوح الذي ليس من أحد
الدماء الثلاثة. وما زاد عن ذلك تجب إزالته إن كان مجتمعا. وإن كان
متفرقا، قيل: هو عفو، وقيل: تجب إزالته، وقيل: لا تجب، إلا أن
يتفاحش. والأول أظهر.
وتجوز الصلاة فيما لا تتم الصلاة فيه منفردا، وإن كان فيه نجاسة

125

لم يعف عنها في غيره. وتعصر الثياب من النجاسات كلها، إلا من بول
الرضيع، فإنه يكفي صب الماء عليه.
وإذا علم موضع النجاسة غسل. وإن جهل، غسل كل موضع
يحصل فيه الاشتباه. ويغسل الثوب والبدن من البول مرتين. وإذا لاقى

--------------------------------------------------------------------------------

(1) التهذيب 1: 275 ح 810، الوسائل 2: 1046 ب " 31 " من أبواب النجاسات ح 5.
(2) الكافي 3: 55 ح 1، التهذيب 1: 249 ح 714، الوسائل 2: 1001 ب " 1 " ح 4.
(3) جامع المقاصد 1: 173.
126

الكلب أو الخنزير أو الكافر ثوب الإنسان رطبا غسل موضع الملاقاة واجبا.
وإن كان يابسا، رشه بالماء استحباب. وفي البدن، يغسل رطبا، وقيل:
يمسح يابسا، ولم يثبت.
وإذا أخل المصلي بإزالة النجاسة عن ثوبه أو بدنه أعاد في الوقت
وخارجه. فإن لم يعلم ثم علم بعد الصلاة، لم تجب عليه الإعادة مطلقا،
وقيل: يعيد في الوقت، والأول أظهر. ولو رأى النجاسة وهو في الصلاة
فإن أمكنه إلقاء الثوب، وستر العورة بغيره، وجب وأتم وإن تعذر إلا بما
يبطلها، استأنف.
والمربية للصبي، إذا لم يكن لها إلا ثوب واحد غسلته كل يوم مرة.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) أي بنفسه وبالعصر.
(2) الفقيه 1: 41 ح 161، التهذيب 1: 250 ح 719، الوسائل 2: 1004 ب " 4 " من أبواب
النجاسات.
127

وإن جعلت تلك الغسلة في آخر النهار أمام صلاة الظهر، كان حسنا.
وإن كان مع المصلي ثوبان، وأحدهما نجس لا يعلمه بعينه، صلى
الصلاة الواحدة، في كل واحد منهما منفردا، على الأظهر. وفي الثياب
الكثيرة كذلك، إلا أن يضيق الوقت، فيصلي عريانا.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) السرائر 1: 184.
128

ويجب أن يلقي الثوب النجس. ويصلي عريانا إذا لم يكن هناك
غيره، وإن لم يمكنه، صلى فيه وأعاد، وقيل: لا يعيد، وهو الأشبه.
والشمس إذا جففت البول وغيره من النجاسات، عن الأرض
والبواري والحصر، طهر موضعه. وكذا كل ما لا يمكن نقله كالنباتات
والأبنية.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) قرب الإسناد: 89، التهذيب 2: 224 ح 884، الاستبصار 1: 169 ح 585، الفقيه 1: 160
ح 756، الوسائل 2: 1067 ب " 45 " من أبواب النجاسات ح 5.
129

وتطهر النار ما أحالته، والأرض (1) باطن الخف، وأسفل القدم،
والنعل.
وماء الغيث لا ينجس في حال وقوعه، ولا في حال جريانه، من
ميزاب وشبهه، إلا أن تغيره النجاسة.
والماء الذي تغسل به النجاسة نجس، سواء كان من الغسلة الأولى
أو الثانية، وسواء كان متلوثا بالنجاسة أو لم يكن، وسواء بقي على المغسول

--------------------------------------------------------------------------------

(1) في بعض النسخ الحجرية والتراب بدل " والأرض " وعليه يبتني الشرح.
(2) المبسوط 1: 6.
130

عين النجاسة أو نقي. وكذا القول في الإناء، على الأظهر. وقيل: في
الذنوب، إذا ألقي على نجاسة على الأرض تطهر الأرض مع بقائه على
طهارته.
القول في الآنية
ولا يجوز الأكل والشرب في آنية من ذهب أو فضة، ولا استعمالهما

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الخلاف 1: 179 مسألة 135.
(2) الناصريات " الجوامع الفقهية ": 215.
(3) صحيح البخاري 1: 65، صحيح مسلم 1: 236 ح 99، سنن أبي داود 1: 103 ح 380.
131

في غير ذلك. ويكره المفضض، وقيل: يجب اجتناب موضع الفضة.
وفي جواز اتخاذها لغير الاستعمال تردد، والأظهر المنع. ولا يحرم
استعمال غير الذهب والفضة، من أنواع المعادن والجواهر، ولو
تضاعفت أثمانها. وأواني المشركين طاهرة، حتى يعلم نجاستها.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المعتبر 1: 455.
(2) التهذيب 9: 91 ح 392 وفيه: " فمك "، الوسائل 2: 1086 ب " 66 " من أبواب النجاسات ح 5.
(3) التهذيب 1: 285 ذيل ح 832، الوسائل 2: 1054 ب " 37 " من أبواب النجاسات ح 4. " وفيه:
كل شئ نظيف.. ".
132

ولا يجوز استعمال شئ من الجلود، إلا ما كان طاهرا في حال الحياة
ذكيا. ويستحب اجتناب ما لا يؤكل لحمه، حتى يدبغ بعد ذكاته.
ويستعمل من أواني الخمر، ما كان مقيرا أو مدهونا بعد غسله.
ويكره ما كان خشبا أو قرعا أو خزفا غير مدهون.
ويغسل الإناء من ولوغ الكلب ثلاثا أولاهن بالتراب، على
الأصح،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) راجع الصحاح 4: 1329.
133

ومن الخمر والجرذ. ثلاثا بالماء والسبع أفضل، ومن غير ذلك مرة واحدة،
والثلاث أحوط.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المقنعة: 65.
(2) حكاه عنه العلامة في المختلف 1: 63 والمنتهى 1: 188.
(3) السرائر 1: 91.
134

كتاب الصلاة

135

كتاب الصلاة
والعلم بها يستدعي بيان أربعة أركان
الركن الأول
في المقدمات وهي سبع
المقدمة الأولى
في أعداد الصلاة
والمفروض منها تسع:
صلاة اليوم والليلة، والجمعة، والعيدين، والكسوف، والزلزلة،
والآيات، والطواف، والأموات، وما يلتزمه الإنسان بنذر وشبهه وما عدا
ذلك مسنون.
وصلاة اليوم والليلة خمس، وهي سبع عشرة ركعة في الحضر،
الصبح ركعتان، والمغرب ثلاثا، وكل واحدة من البواقي أربع.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الدروس: 21، البيان: 48.
136

ويسقط من كل رباعية في السفر ركعتان.
ونوافلها في الحضر أربع وثلاثون ركعة على الأشهر، أمام الظهر
ثمان، وقبل العصر مثلها، وبعد المغرب أربع، وعقيب العشاء ركعتان من
جلوس تعدان بركعة، وإحدى عشرة صلاة الليل، مع ركعتي الشفع

--------------------------------------------------------------------------------

(1) راجع الوسائل 3: 31 ب " 13، 14 " من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها.
(2) التهذيب 2: 5 ح 8، الوسائل 2: 36 الباب المتقدم ح 16.
137

والوتر، وركعتان للفجر.
وتسقط في السفر نوافل الظهر والعصر، والوتيرة على الأظهر،
والنوافل كلها ركعتان بتشهد وتسليم بعدهما، إلا الوتر وصلاة الأعرابي.
وسنذكر تفصيل باقي الصلوات في مواضعها إن شاء الله تعالى.
المقدمة الثانية
في المواقيت والنظر في مقاديرها، وأحكامها
أما الأول: فيما بين زوال الشمس إلى غروبها وقت الظهر والعصر.
ويختص الظهر من أوله بمقدار أدائها، وكذلك العصر من آخره،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) السرائر 1: 194.
138

وما بينهما من الوقت مشترك وكذا إذا غربت الشمس دخل الوقت
المغرب، ويختص من أوله بمقدار ثلاث ركعات، ثم يشاركها العشاء حتى
ينتصف الليل.
ويختص العشاء الآخرة من آخر الوقت بمقدار أربع ركعات. وما
بين طلوع الفجر الثاني - المستطير في الأفق - إلى طلوع الشمس، وقت
للصبح.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) في ص 150.
139

ويعلم الزوال بزيادة الظل بعد نقصانه، أو بميل الشمس إلى
الحاجب الأيمن لمن يستقبل القبلة، والغروب باستتار القرص، وقيل:
بذهاب الحمرة من المشرق، وهو الأشهر.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) في ص 153 - 154.
(2) الكافي 3: 278 ح 2، التهذيب 2: 29 ح 84، الاستبصار 1: 265 ح 956، الوسائل 3: 126
ب " 16 " من أبواب المواقيت ح 19.
140

وقال آخرون: ما بين الزوال حتى يصير ظل كل شئ مثله، وقت
للظهر. وللعصر من حين يمكن الفراغ من الظهر حتى يصير الظل
مثليه (1). والمماثلة بين الفئ الزائد والظل الأول، وقيل: بل مثل
الشخص.
وقيل: أربعة أقدام للظهر وثمان للعصر.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) في بعض النسخ وظل كل شئ مثليه ".
(2) التهذيب 2: 259 ح 1033، الاستبصار 1: 265 ح 960، الوسائل 3: 128 ب " 16 " من أبواب
المواقيت ح 10.
141

هذا للمختار، وما زاد على ذلك حتى تغرب الشمس وقت لذوي الأعذار.
وكذا من غروب الشمس إلى ذهاب الحمرة للمغرب، والعشاء من
ذهاب الحمرة إلى ثلث الليل للمختار، وما زاد عليه حتى ينتصف الليل
للمضطر، وقيل: إلى طلوع الفجر.
وما بين طلوع الفجر إلى طلوع الحمرة للمختار في الصبح، وما زاد
على ذلك حتى تطلع الشمس للمعذور. وعندي أن ذلك كله للفضيلة.
ووقت النوافل اليومية للظهر من حين الزوال إلى أن يبلغ زيادة
الفئ قدمين.
وللعصر أربعة أقدام، وقيل: ما دام وقت الاختيار باقيا، وقيل:

142

يمتد وقتها بامتداد وقت الفريضة، والأول أشهر. فإن خرج الوقت وقد
تلبس من النافلة ولو بركعة، زاحم بها الفريضة مخففة. وإن لم يكن صلى
شيئا بدأ بالفريضة. ولا يجوز تقديمها على الزوال إلا يوم الجمعة. ويزاد
في نافلتها أربع ركعات، اثنتان منها للزوال.
ونافلة المغرب بعدها، إلى ذهاب الحمرة المغربية بمقدار أداء

143

الفريضة، فإن بلغ ذلك ولم يكن صلى النافلة أجمع، بدأ بالفريضة.
وركعتان من جلوس بعد العشاء. ويمتد وقتهما بامتداد وقت
الفريضة. وينبغي أن يجعلهما خاتمة نوافله.
وصلاة الليل بعد انتصافه. وكلما قربت من الفجر كان أفضل. ولا
يجوز تقديمها على الانتصاف، إلا لمسافر يصده جده، أو شاب تمنعه
رطوبة رأسه. وقضاؤها أفضل.
وآخر وقتها طلوع الفجر الثاني. فإن طلع ولم يكن تلبس منها
بأربع، بدأ بركعتي الفجر قبل الفريضة حتى تطلع الحمرة المشرقية،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الوسائل 5: 22 ب " 11 " من أبواب صلاة الجمعة وآدابها
(2) سورة محمد: 33.
144

فيشتغل بالفريضة. وإن كان قد تلبس بأربع، تممها مخففة ولو طلع
الفجر.
ووقت ركعتي الفجر، بعد طلوع الفجر الأول. ويجوز أن يصليهما
قبل ذلك، والأفضل إعادتهما بعده. ويمتد وقتهما حتى تطلع الحمرة، ثم
تصير الفريضة أولى.
ويجوز أن يقضي الفرائض الخمس في كل وقت، ما لم يتضيق وقت
الفريضة الحاضرة، وكذا يصلي بقية الصلوات المفروضات.
ويصلي النوافل ما لم يدخل وقت فريضة، وكذا قضاؤها.
وأما أحكامها ففيه مسائل:
الأولى: إذا حصل أحد الأعذار المانعة من الصلاة، كالجنون
والحيض، وقد مضى من الوقت مقدار الطهارة وأداء الفريضة، وجب
عليه قضاؤها. ويسقط القضاء إذا كان دون ذلك، على الأظهر. ولو زال

145

المانع، فإن أدرك الطهارة وركعة من الفريضة، لزمه أداؤها. ويكون مؤديا
على الأظهر. ولو أهمل قضى. ولو أدرك قبل الغروب، أو قبل انتصاف

--------------------------------------------------------------------------------

(1) لم نجد الحديث بهذا اللفظ ويوجد بمعناه، انظر الوسائل 3: 158 ب " 30 " من أبواب المواقيت.
146

الليل، إحدى الفريضتين، لزمته تلك لا غير. وإن أدرك الطهارة وخمس
ركعات قبل الغروب، لزمته الفريضتان.
الثانية: الصبي المتطوع بوظيفة الوقت، إذا بلغ بما لا يبطل الطهارة
والوقت باق، يستأنف على الأشبه. وإن بقي من الوقت دون الركعة، بنى
على نافلته ولا يجدد نية الفرض.
الثالثة: إذا كان له طريق إلى العلم بالوقت، لم يجز له التعويل على
الظن، فإن فقد العلم اجتهد، فإن غلب على ظنه دخول الوقت صلى،
فإن انكشف له فساد الظن قبل دخول الوقت استأنف، وإن كان الوقت

147

قد دخل وهو متلبس - ولو قبل التسليم - لم يعد على الأظهر. ولو صلى قبل
الوقت عامدا أو جاهلا أو ناسيا كانت صلاته باطلة.
الرابعة: الفرائض اليومية مرتبة في القضاء، فلو دخل في فريضة
فذكر أن عليه سابقة، عدل بنيته ما دام العدول ممكنا، وإلا استأنف
المرتبة.
الخامسة: تكره النوافل المبتدأة عند طلوع الشمس، وعند غروبها،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) السيد المرتضى في جوابات المسائل الرسية الأولى " رسائل الشريف المرتضى " 2: 350 والفاضل الآبي
في كشف الرموز 1: 129.
148

وعند قيامها، وبعد صلاة الصبح، وبعد صلاة العصر. ولا بأس بما له
سبب، كصلاة الزيارات، والحاجة، والنوافل المرتبة.
السادسة: ما يفوت من النوافل ليلا، يستحب تعجيله ولو في
النهار. وما يفوت نهارا، يستحب تعجيله ولو ليلا، ولا ينتظر بها النهار.
السابعة: الأفضل في كل صلاة أن يؤتى بها في أول وقتها، إلا
المغرب والعشاء لمن أفاض من عرفات، فإن تأخيرهما إلى المزدلفة أولى، ولو
صار إلى ربع الليل.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الوسائل 3: 171 ب " 38 " من أبواب المواقيت.
(2) التهذيب 5: 188 ح 625، الاستبصار 2: 254 ح 895، الوسائل 10: 39 ب " 5 " من أبواب
الوقوف بالمشعر ح 1.
149

والعشاء، الأفضل تأخيرها حتى يسقط الشفق الأحمر. والمتنفل يؤخر
الظهر والعصر حتى يأتي بنافلتهما. والمستحاضة تؤخر الظهر والمغرب.
الثامنة: لو ظن أنه صلى الظهر فاشتغل بالعصر، فإن ذكر وهو
فيها، عدل بنيته. وإن لم يذكر حتى فرغ، فإن كان قد صلى في أول وقت
الظهر، أعاد بعد أن يصلي الظهر على الأشبه. وإن كان في الوقت
المشترك، أو دخل وهو فيها، أجزأته وأتى بالظهر.

150

المقدمة الثالثة
في القبلة
والنظر في القبلة، والمستقبل، وما يجب له، وأحكام الخلل.
الأول: القبلة.
وهي الكعبة لمن كان في المسجد، والمسجد لمن كان في الحرم،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) نقله عنه العلامة في المختلف: 66.
(2) نسبه في السرائر 1: 200 إلى السيد المرتضى وربما يظهر ذلك من رسائله 2: 350. ونسبه في كشف
الرموز 1: 129 إليه وإلى ابن الجنيد.
(3) الفقيه 1: 177 ح 841، التهذيب 2: 44 ح 139 و 140، علل الشرائع: 415 ب " 156 " ح 2
و 318 ب " 3 " ح 2، الوسائل 3: 220 ب " 3 " من أبواب القبلة.
151

والحرم لمن خرج عنه، على الأظهر. وجهة الكعبة هي القبلة لا البنية، فلو
زالت البنية صلى إلى جهتها، كما يصلي من هو أعلى موقفا منها. وإن صلى
في جوفها، استقبل أي جدرانها شاء، على كراهية في الفريضة. ولو صلى
على سطحها أبرز بين يديه منها ما يصلي إليه، وقيل: يستلقي على ظهره،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الخلاف 1: 441 مسألة 188.
152

ويصلي موميا إلى البيت المعمور، والأول أصح، ولا يحتاج إلى أن ينصب
بين يديه شيئا. وكذا لو صلى إلى بابها وهو مفتوح. ولو استطال صف
المأمومين في المسجد، حتى خرج بعضهم عن سمت الكعبة بطلت صلاة
ذلك البعض.
وأهل كل إقليم يتوجهون إلى سمت الركن الذي على جهتهم فأهل
العراق إلى العراقي، وهو الذي فيه الحجر، وأهل الشام إلى الشامي،
والمغرب إلى المغربي، واليمن إلى اليماني. وأهل العراق ومن والاهم يجعلون
الفجر على المنكب الأيسر، والمغرب على الأيمن.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المقنعة: 96، النهاية: 63، السرائر 1: 208.
153

والجدي على محاذي خلف المنكب الأيمن، وعين الشمس - عند زوالها -
على الحاجب الأيمن.

154

ويستحب لهم التياسر إلى يسار المصلي منهم قليلا.
الثاني: في المستقبل.
ويجب الاستقبال في الصلاة مع العلم بجهة القبلة،
فإن جهلها
عول على الأمارات المفيدة للظن. وإذا اجتهد فأخبره غيره بخلاف

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الفقيه 1: 178 ح 842، التهذيب 2: 44 ح 142، علل الشرائع: 318 ب " 3 " ح 1، الوسائل
3: 221 ب " 4 " من أبواب القبلة ح 2.
(2) الوسائل 3: 221 ب " 4 " من أبواب القبلة.
155

اجتهاده، قيل: يعمل على اجتهاده. ويقوي عندي أنه إذا كان ذلك
المخبر أوثق في نفسه عول عليه.
ولو لم يكن له طريق إلى الاجتهاد فأخبره كافر، قيل: لا يعمل
بخبره. ويقوي عندي أنه إن كان أفاده الظن، عمل به. ويعول على قبلة
البلد إذا لم يعلم أنها بنيت على الغلط.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) في " ن " و " م " و " ع ": عند المغرب.
156

ومن ليس متمكنا من الاجتهاد كالأعمى، يعول على غيره.
ومن فقد العلم والظن، فإن كان الوقت واسعا، صلى الصلاة

157

الواحدة إلى أربع جهات، لكل جهة مرة، وإن ضاق عن ذلك، صلى من
الجهات ما يحتمله الوقت فإن ضاق إلا عن صلاة واحدة، صلاها إلى أي
جهة شاء.
والمسافر يجب عليه استقبال القبلة.
ولا يجوز له أن يصلي شيئا من
الفرائض على الراحلة، إلا عند الضرورة ويستقبل القبلة. فإن لم يتمكن
استقبل القبلة بما أمكنه من صلاته، وينحرف إلى القبلة كلما انحرفت
الدابة. فإن لم يتمكن استقبل بتكبيرة الإحرام، ولو لم يتمكن من ذلك،

158

أجزأته الصلاة وإن لم يكن مستقبلا. وكذا المضطر إلى الصلاة ماشيا مع
ضيق الوقت.
ولو كان الراكب بحيث يتمكن من الركوع والسجود في فرائض
الصلاة، هل يجوز له الفريضة على الراحلة اختيارا؟ قيل: نعم، وقيل:
لا، وهو الأشبه.
الثالث: ما يستقبل له.
ويجب الاستقبال في فرائض الصلاة مع الإمكان، وعند الذبح،
وبالميت عند احتضاره ودفنه والصلاة عليه.
وأما النوافل فالأفضل استقبال القبلة بها. ويجوز أن يصلي على

--------------------------------------------------------------------------------

(1) التهذيب 3: 308 ح 952، الوسائل 3: 236 ب " 14 " من أبواب القبلة ح 1.
159

الراحلة، سفرا أو حضرا، وإلى غير القبلة على كراهية، متأكدة في الحضر.
ويسقط فرض الاستقبال في كل موضع لا يتمكن منه كصلاة
المطاردة، وعند ذبح الدابة الصائلة والمتردية بحيث لا يمكن صرفها إلى
القبلة.
الرابع: في أحكام الخلل، وهي مسائل:
الأولى: الأعمى يرجع إلى غيره لقصوره عن الاجتهاد، فإن عول
على رأيه مع وجود المبصر لأمارة وجدها صح، وإلا فعليه الإعادة.
الثانية: إذا صلى إلى جهة إما لغلبة الظن أو لضيق الوقت ثم تبين
خطأه، فإن كان منحرفا يسيرا، فالصلاة ماضية، وإلا أعاد في الوقت،
وقيل: إن بان أنه استدبرها أعاد وإن خرج الوقت. والأول أظهر.

160

فأما إن تبين الخلل وهو في الصلاة، فإنه يستأنف على كل حال، إلا إن
يكون منحرفا يسيرا، فإنه يستقيم ولا إعادة.
الثالثة: إذا اجتهد لصلاة، ثم دخل وقت أخرى، فإن تجدد عنده
شك، استأنف الاجتهاد، وإلا بنى على الأول.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 285 ح 8، التهذيب 2: 48 ح 159، الاستبصار 1: 298 ح 1100، الوسائل 3:
229 ب " 10 " من أبواب القبلة ح 4.
(2) الرواية السابقة.
(3) المبسوط 1: 81.
161

المقدمة الرابعة
في لباس المصلي
وفيه مسائل:
الأولى: لا يجوز الصلاة في جلد الميتة، ولو كان مما يؤكل لحمه،
سواء دبغ أو لم يدبغ. وما لا يؤكل لحمه - وهو طاهر في حياته مما يقع عليه
الذكاة - إذا ذكي كان طاهرا، ولا يستعمل في الصلاة، وهل يفتقر
استعماله في غيرها إلى الدباغ؟ قيل: نعم، وقيل: لا، وهو الأظهر على
كراهية.
الثانية: الصوف والشعر والوبر والريش مما يؤكل لحمه طاهر، سواء
جز من حي أو مذكى أو ميت، ويجوز الصلاة فيه. ولو قلع من الميت
غسل منه موضع الاتصال. وكذا كل ما لا تحله الحياة من الميت إذا كان
طاهرا في حال الحياة. وما كان نجسا في حال حياته، فجميع ذلك منه
نجس، على الأظهر، ولا تصح الصلاة في شئ من ذلك، إذا كان مما لا
يؤكل لحمه، ولو أخذ من مذكى،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) كما في القواعد 1: 27 وإرشاد الأذهان 1: 245.
(2) في " م " وردت هذه العبارة إلى قوله مطلقا وفي " ج " شرع في نقل عبارة المتن وشطب عليه ولم يرد في " ع ".
162

إلا الخز الخالص. وفي المغشوش منه بوبر الأرانب والثعالب روايتان،
أصحهما المنع.
الثالثة: تجوز الصلاة في فرو السنجاب فإنه لا يأكل اللحم. وقيل:
لا يجوز، والأول أظهر. وفي الثعالب والأرانب روايتان، أصحهما المنع.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) التهذيب 2: 367 ح 1526، الفقيه 1: 172 ح 812، الوسائل 3: 277 ب " 18 " من أبواب
لباس المصلي.
(2) الكافي 6: 452 ح 7، التهذيب 2: 372 ح 1547، الوسائل 3: 266 ب " 10 " من أبواب لباس
المصلي ح 1.
(3) الكافي 3: 397 ح 3 و 401 ح 16، الوسائل 3: 252 ب " 3 " من أبواب لباس المصلي ح 2، 3.
163

الرابعة: لا يجوز لبس الحرير المحض للرجال، ولا الصلاة فيه إلا
في الحرب، وعند الضرورة كالبرد المانع من نزعه، ويجوز للنساء مطلقا.
وفيما لا يتم الصلاة فيه منفردا كالتكة والقلنسوة تردد، والأظهر الكراهية.
ويجوز الركوب عليه وافتراشه على الأصح. ويجوز الصلاة في ثوب مكفوف
به. وإذا مزج بشئ مما يجوز فيه الصلاة، حتى خرج عن كونه محضا، جاز
لبسه والصلاة فيه، سواء كان أكثر من الحرير أو أقل منه.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الذكرى: 144.
(2) المعتبر 2: 90.
(3) قال الجوهري في الصحاح 4: 1492 " وزيق القميص: ما أحاط بالعنق ".
(4) مسند أحمد 6: 347 - 348، صحيح مسلم 3: 164 ح 2069.
164

الخامسة: الثوب المغصوب لا تجوز الصلاة فيه. ولو أذن صاحبه
لغير الغاصب أو له جازت الصلاة فيه مع تحقق الغصبية. ولو أذن مطلقا
جاز لغير الغاصب على الظاهر.
السادسة: لا يجوز الصلاة فيما يستر ظهر القدم كالشمشك. وتجوز
فيما له ساق كالجورب والخف. ويستحب في النعل العربية.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المعتبر 2: 92.
165

السابعة: كل ما عدا ما ذكرناه تصح الصلاة فيه، بشرط أن يكون
مملوكا أو مأذونا فيه، وأن يكون طاهرا. وقد بينا حكم الثوب النجس.
ويجوز للرجل أن يصلي في ثوب واحد. ولا يجوز للمرأة إلا في ثوبين
درع وخمار، ساترة جميع جسدها عدا الوجه والكفين وظاهر القدمين، على
تردد في القدمين.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) انظر الصحاح 3: 1206، المصباح المنير 192، مادة " درع " و 181 مادة " الخمار ".
(2) كما في السرائر 1: 261 وإرشاد الأذهان 1: 247.
166

ويجوز أن يصلي الرجل عريانا، إذا ستر قبله ودبره على كراهية. وإذا
لم يجد ثوبا، سترهما بما وجدة ولو بورق الشجر. ومع عدم ما يستر به،
يصلي عريانا قائما، إذا كان يأمن أن يراه أحد. وإن لم يأمن صلى جالسا،
وفي الحالين يومئ، عن الركوع والسجود.

167

والأمة، والصبية تصليان بغير خمار. فإن أعتقت الأمة في أثناء
الصلاة، وجب عليها ستر رأسها. فإن افتقرت إلى فعل كثير استأنفت.
وكذا الصبية إذا بلغت في أثناء الصلاة بما لا يبطلها.
الثامنة: تكره الصلاة في الثياب السود ما عدا العمامة، والخف،
وفي ثوب واحد رقيق للرجال، فإن حكى ما تحته لم يجز.
ويكره أن يأتزر فوق القميص، وأن يشتمل الصماء، أو يصلي في
عمامة لا حنك لها.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الصحاح 6: 2418 مادة " عبى ".
(2) المبسوط 1: 83، النهاية: 97.
168

ويكره اللثام للرجل، والنقاب للمرأة، وإن منع عن القراءة حرم.
وتكره الصلاة في قباء مشدود إلا في الحرب، وأن يؤم بغير رداء، وأن
يصحب شيئا من الحديد بارزا، وفي ثوب يتهم صاحبه. وأن تصلي المرأة
في خلخال له صوت.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 6: 460 باب العمائم، الفقيه 1: 173 ح 814 - 817، التهذيب 2: 215 ح 847،
الوسائل 3: 219 ب " 26 " من أبواب لباس المصلي و 377 ب " 30 " من أحكام الملابس.
(2) المقنعة: 152، المبسوط 1: 83، النهاية: 98.
(3) منهم ابن البراج في المهذب 1: 74، والشهيد في اللمعة: 26.
(4) التهذيب 2: 232.
(5) لم نجد الحديث بل الموجود في مسند أحمد 2: 458: " وأن لا يصلي الرجل إلا وهو محتزم ". وبمعناه
في سنن البيهقي 2: 240.
169

وتكره الصلاة في ثوب فيه تماثيل، أو خاتم فيه صورة.
المقدمة الخامسة
في مكان المصلي
الصلاة في الأماكن كلها جائزة، بشرط أن يكون مملوكا أو مأذونا
فيه. والإذن قد يكون بعوض كالأجرة وشبهها، وبالإباحة، وهي إما
صريحة كقوله: صل فيه، أو بالفحوى، كإذنه في الكون فيه، أو بشاهد
الحال، كما إذا كان هناك أمارة تشهد أن المالك لا يكره.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 404 ح 33، الفقيه 1: 165 ذيل ح 775، قرب الإسناد: 101 الوسائل 3: 338 ب
" 62 " من أبواب لباس المصلي.
(2) السرائر 1: 270.
(3) الدروس: 27.
170

والمكان المغصوب لا تصح الصلاة فيه للغاصب، ولا لغيره ممن علم
الغصب. وإن صلى عامدا عالما، كانت صلاته باطلة. وإن كان ناسيا أو
جاهلا بالغصبية صحت صلاته. ولو كان جاهلا بتحريم المغصوب لم
يعذر. وإن ضاق الوقت وهو آخذ في الخروج صحت صلاته. ولو صلى ولم
يتشاغل بالخروج لم تصح.
ولو حصل في ملك غيره بإذنه، ثم أمره بالخروج وجب عليه. فإن
صلى والحال هذه كانت صلاته باطلة. ويصلي وهو خارج إن كان الوقت
ضيقا.

171

ولا يجوز أن يصلي وإلى جانبه امرأة تصلي أو أمامه، سواء صلت
بصلاته أو كانت منفردة، وسواء كانت محرما أو أجنبية، وقيل: ذلك
مكروه، وهو الأشبه. ويزول التحريم أو الكراهية إذا كان بينهما حائل أو
مقدار عشرة أذرع.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) التهذيب 2: 231 ح 911، الاستبصار 1: 399 ح 1526، الوسائل 3: 430 ب " 7 " من أبواب
مكان المصلي ح 1.
172

ولو كانت وراءه بقدر ما يكون موضع سجودها محاذيا لقدمه سقط المنع.
ولو حصلا في موضع لا يتمكنان من التباعد، صلى الرجل أولا ثم المرأة.
ولا بأس أن يصلي في الموضع النجس، إذا كانت نجاسته لا تتعدى
إلى ثوبه، ولا إلى بدنه، وكان موضع الجبهة طاهرا.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) نقله عنه الشهيد في الذكرى: 150، وفخر المحققين في إيضاح الفوائد 1: 90.
(2) الكافي في الفقه: 140.
173

وتكره الصلاة في الحمام، وبيوت الغائط، ومبارك الإبل، ومساكن
النمل، ومجرى المياه، والأرض السبخة، والثلج،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) إيضاح الفوائد 1: 90.
(2) انظر الصحاح 6: 2165 مادة " عطن ".
(3) الكافي 3: 387 ح 2 و 5، التهذيب 2: 220 ح 865 و 868، الفقيه 1: 157 ح 729، المحاسن:
365 ب " 30 " ح 111، الوسائل 3: 442 ب " 17 " من أبواب مكان المصلي.
(4) سنن البيهقي 2: 449، وعنه كنز العمال 7: 340 ح 19167.
174

وبين المقابر، إلا أن يكون حائل ولو عنزة، أو بينه وبينها عشرة أذرع،
وبيوت النيران، وبيوت الخمور، إذا لم تتعد إليه نجاستها، وجواد الطرق،
وبيوت المجوس، ولا بأس بالبيع والكنائس.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الذكرى: 69.
(2) التهذيب 2: 228 ح 898، الوسائل 3: 454 ب " 26 " من أبواب مكان المصلي ح 1، 2.
(3) الكافي 3: 389 ح 10، التهذيب 2: 375 ح 1560، الوسائل 3: 444 ب " 19 " من أبواب مكان
المصلي ح 1.
175

ويكره أن تكون بين يديه نار مضرمة على الأظهر، أو تصاوير.
وكما تكره الفريضة في جوف الكعبة، تكره على سطحها.
وتكره في مرابط الخيل والحمير والبغال، ولا بأس بمرابض الغنم،
وفي بيت فيه مجوسي، ولا بأس باليهودي والنصراني.
وتكره وبين يديه مصحف مفتوح، أو حائط ينز من بالوعة يبال
فيها.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) نقله عنه العلامة في المختلف: 85.
(2) الكافي 3: 391 ح 15 و 16، قرب الإسناد: 87، الفقيه 1: 162 ح 763، التهذيب 2: 225
ح 888 و 889، الوسائل 3: 459 باب " 30 " من أبواب مكان المصلي ح 1 و 2.
(3) الكافي 3: 389 ح 6، التهذيب 2: 377 ح 1571، الوسائل 3: 442 باب " 16 " من أبواب مكان
المصلي.
(4) نقله عنه العلامة في المختلف: 85 ولم نجده في نسخة الكافي الموجودة بأيدينا وأشار في هامش الكتاب
إلى وجود بياض في النسخ فيحتمل كون ذلك هناك، انظر الكافي في الفقه: 141.
176

وقيل: تكره إلى إنسان مواجه أو باب مفتوح.
المقدمة السادسة
في ما يسجد عليه
لا يجوز السجود على ما ليس بأرض، كالجلود والصوف والشعر
والوبر. ولا على ما هو من الأرض إذا كان معدنا، كالملح والعقيق والذهب
والفضة والقير، إلا عند الضرورة، ولا على ما ينبت من الأرض، إذا كان
مأكولا بالعادة، كالخبز والفواكه.

177

وفي القطن والكتان روايتان أشهرهما المنع.
ولا يجوز السجود على الوحل، فإن اضطر أومأ، ويجوز السجود على
القرطاس،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 33 ح 1، الخصال: 604، التهذيب 2: 303 ح 1225، 1246، 1248، الوسائل 3
: 592 ب " 1 " من أبواب ما يسجد عليه.
178

ويكره إذا كان فيها كتابة.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المحاسن: 373 ح 140، التهذيب 2: 309 ح 1251، الاستبصار 1: 334 ح 1258، الوسائل
3: 600 ب " 7 " من أبواب ما يسجد عليه ح 1.
(2) الفقيه 1: 176 ح 830، التهذيب 2: 309 ح 1250، الوسائل 3: 601 ب " 7 " من أبواب ما
يسجد عليه ح 2.
(3) الذكرى: 160.
179

ولا يسجد على شئ من بدنه، فإن منعه الحر عن السجود على
الأرض، سجد على ثوبه، فإن لم يتمكن فعلى كفه.
والذي ذكرناه، إنما يعتبر في موضع الجبهة خاصة، لا في بقية
المساجد.
ويراعى فيه أن يكون مملوكا، أو مأذونا فيه، وأن يكون خاليا من
النجاسة. وإذا كانت النجاسة في موضع محصور، كالبيت وشبهه، وجهل
موضع النجاسة، لم يسجد على شئ منه. ويجوز السجود في المواضع
المتسعة، دفعا للمشقة.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المنتهى 1: 30.
180

المقدمة السابعة
في الأذان والإقامة
والنظر في أربعة أشياء:
الأول: فيما يؤذن له ويقام.
وهما مستحبان في الصلوات الخمس المفروضة، أداء وقضاء،
للمنفرد والجامع، للرجل والمرأة. لكن يشترط أن تسر به المرأة.
وقيل: هما شرطان في الجماعة، والأول أظهر. ويتأكدان فيما يجهر
فيه، وأشدهما في الغداة والمغرب.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الشيخ المفيد في المقنعة: 97، الشيخ الطوسي في المبسوط 1: 95.
(2) المهذب 1: 88.
(3) المبسوط 1: 95.
181

ولا يؤذن لشئ من النوافل، ولا لشئ من الفرائض عدا الخمس،
بل يقول المؤذن: " الصلاة " ثلاثا. وقاضي الصلوات الخمس يؤذن لكل
واحدة ويقيم. ولو أذن للأولى من ورده، ثم أقام للبواقي، كان دونه في
الفضل.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) منهم ابن أبي عقيل على ما في المختلف: 87، والمفيد في المقنعة: 97، والسيد المرتضى في جمل العلم
والعمل: 57.
(2) التهذيب 2: 51 ح 167 و 168، الاستبصار 1: " 300 " ح 1106 و 1107، الوسائل 4: 623
ب " 6 " من أبواب الأذان والإقامة.
(3) التهذيب 2: 285 ح 1139، الاستبصار 1: 304 ح 1130، الوسائل 4: 658 ب " 29 " من
أبواب الأذان والإقامة ح 1.
(4) ورد هذا المضمون في الكافي 3: 435 ح 7، التهذيب 3: 162 ح 350، الوسائل 5: 359 ب " 6 "
من أبواب قضاء الصلوات ح 1.
(5) الوسائل 3: 160 ب " 32 " من أبواب المواقيت ح 1 و 4: 665 ب " 36 " من أبواب الأذان والإقامة.
182

ويصلي يوم الجمعة الظهر بأذان وإقامة، والعصر بإقامة. وكذا في
الظهر والعصر بعرفة.
ولو صلى الإمام جماعة وجاء آخرون، لم يؤذنوا ولم يقيموا على
كراهية، ما دامت الأولى لم تتفرق. فإن تفرقت صفوفهم، أذن الآخرون

--------------------------------------------------------------------------------

(1) التهذيب 2: 281 ح 1119 و 1120 و 3: 56 ح 195، الكافي 3: 304 ح 12، الوسائل 4: 653
ب " 25 " من أبواب الأذان والإقامة.
183

وأقاموا. وإذا أذن المنفرد، ثم أراد الجماعة، أعاد الأذان والإقامة.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الفقيه 1: 258 ح 1168، التهذيب 3: 282 ح 834، الوسائل 4: 655 ب " 27 " من أبواب
الأذان والإقامة ح 1.
(2) في ص 192، 193.
(3) المعتبر 2: 137.
184

الثاني: في المؤذن.
ويعتبر فيه العقل، والإسلام، والذكورة. ولا يشترط البلوغ بل
يكفي كونه مميزا.
ويستحب أن يكون عدلا، صيتا، مبصرا. بصيرا بالأوقات،
متطهرا قائما على مرتفع.
ولو أذنت المرأة للنساء جاز. ولو صلى منفردا ولم يؤذن - ساهيا - رجع
إلى الأذان، مستقبلا صلاته ما لم يركع، وفيه رواية أخرى.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الوسائل 4: 659 ب " 30 " من أبواب الأذان والإقامة.
(2) التهذيب 2: 278 ح 1103، الاستبصار 1: 304 ح 1127، والوسائل 4: 657 ب " 29 " من
أبواب الأذان والإقامة ح 3.
185

ويعطى الأجرة من بيت المال، إذا لم يوجد من يتطوع به.
الثالث: في كيفية الأذان.
ولا يؤذن إلا بعد دخول الوقت، وقد رخص تقديمه على الصبح،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الفقيه 1: 184 ح 870، التهذيب 2: 283 ح 1129، الوسائل 4: 666 ب " 38 " من أبواب
الأذان الإقامة ح 1.
(2) نقله عنه المحقق في المعتبر 2: 134، والعلامة في المختلف: 90.
(3) الذكرى: 172.
(4) الفقيه 1: 194 ذيل ح 905، الوسائل 4: 625 ب " 8 " من أبواب الأذان والإقامة ح 2.
186

لكن يستحب إعادته بعد طلوعه.
والأذان على الأشهر ثمانية. عشر فصلا: التكبير أربع، والشهادة
بالتوحيد، ثم بالرسالة، ثم يقول: حي على الصلاة، ثم حي على
الفلاح، ثم حي على خير العمل، والتكبير بعده، ثم التهليل. كل فصل
مرتان.
والإقامة فصولها مثنى مثنى، ويزاد فيها قد قامت الصلاة مرتين،
ويسقط من التهليل في آخرها مرة واحدة.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) مصباح المتهجد: 26، الوسائل 4: 648 ب " 19 " من أبواب الأذان والإقامة ح 22 و 23.
(2) التهذيب 2: 61 ح 215، الاستبصار 1: 307 ح 1139، الوسائل 4: 650 ب " 21 " من أبواب
الأذان والإقامة ح 3.
(3) المبسوط 1: 99، الخلاف 1: 279 مسألة 20.
(4) نقله عنه العلامة في المختلف: 90.
(5) القاموس المحيط 4: 322، الصحاح 6: 2325.
187

والترتيب شرط في صحة الأذان والإقامة.
ويستحب فيهما سبعة أشياء: أن يكون مستقبل القبلة، وأن يقف
على أواخر الفصول، ويتأنى في الأذان، ويحدر في الإقامة، وأن لا يتكلم
في خلالهما.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) جمل العلم والعمل: 58.
(2) الروم: حركة مختلسة مختفاة، وهي أكثر من الإشمام لأنها تسمع. الصحاح 5: 1938.
(3) الفقيه 1: 184 ح 874، الوسائل 4: 639 ب " 15 " من أبواب الأذان والإقامة ح 4.
(4) الفقيه 1: 184 ح 874، الوسائل 4: 639 ب " 15 " من أبواب الأذان والإقامة ح 4.
188

وأن يفصل بينهما بركعتين أو سجدة إلا في المغرب، فإن الأولى أن يفصل
بينهما بخطوة أو سكتة، وأن يرفع الصوت به إذا كان ذكرا. وكل ذلك
يتأكد في الإقامة. ويكره الترجيع في الأذان، إلا أن يريد الإشعار. وكذا
يكره قول: الصلاة خير من النوم.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الفقيه 1: 185 ح 877، التهذيب 2: 280 ح 1114، الوسائل 4: 632 ب " 11 " من أبواب
الأذان والإقامة ح 5، 11.
(2) المحاسن: 50 ح 70، التهذيب 2: 64 ح 231، الاستبصار 1: 309 ح 1151، الوسائل 4:
632 ب " 11 " من أبواب الأذان والإقامة ح 10.
(3) الذكرى: 175. وممن ذكر ذلك أبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقيه: 121، والشيخ في المبسوط
1: 96، والسيد المرتضى في الوسائل 3: 30 وهو في المنفرد خاصة.
189

الرابع: في أحكام الأذان. وفيه مسائل:
الأولى: من نام في خلال الأذان أو الإقامة ثم استيقظ، استحب
له استئنافه، ويجوز له البناء، وكذا إن أغمي عليه.
الثانية: إذا أذن ثم ارتد جاز أن يعتد به ويقيم غيره، ولو ارتد في
أثناء الأذان ثم رجع، استأنف على قول.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المعتبر 2: 145، الوسائل 4: 651 ب " 22 " من أبواب الأذان والإقامة ح 2، 3، 4، 5
190

الثالثة: يستحب لمن سمع الأذان أن يحكيه مع نفسه.
الرابعة: إذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة، كره الكلام كراهية
مغلظة، إلا ما يتعلق بتدبير المصلين.
الخامسة: يكره للمؤذن أن يلتفت يمينا وشمالا، لكن يلزم سمت
القبلة في أذانه.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) دعائم الإسلام 1: 146 ح 380، وعنه مستدرك الوسائل 4: 58 ح 5.
(2) منهم الشيخ في المبسوط 1: 99، والنهاية: 66، ونسبه العلامة في المختلف: 90 إلى الشيخين والسيد
المرتضى وابن الجنيد كما نسبه المحقق في المعتبر 2: 143 إلى مقنعة المفيد ولكن لم نجده فيه إنما الموجود
حرمة الكلام أثناء إقامة نفسه.
(3) التهذيب 2: 55 ح 189، الاستبصار 1: 301 ح 1116، الوسائل 4: 629 ب " 10 " من أبواب
الأذان والإقامة ح 7.
(4) انظر الوسائل الباب المتقدم.
191

السادسة: إذا تشاح الناس في الأذان قدم الأعلم، ومع التساوي
يقرع بينهم.
السابعة: إذا كانوا جماعة جاز أن يؤذنوا جميعا، والأفضل إن كان
الوقت متسعا أن يؤذنوا واحدا بعد واحد.
الثامنة: إذا سمع الإمام أذان مؤذن، جاز أن يجتزئ به في الجماعة،
وإن كان ذلك المؤذن منفردا.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) راجع جامع المقاصد 2: 178.
(2) منهم الشيخ في الخلاف 1: 290 مسألة 35.
192

التاسعة: من أحدث في أثناء الأذان أو الإقامة، تطهر وبنى،
والأفضل أن يعيد الإقامة.
العاشرة: من أحدث في الصلاة تطهر وأعادها، ولا يعيد الإقامة
إلا أن يتكلم.
الحادية عشرة: من صلى خلف إمام لا يقتدى به، أذن لنفسه
وأقام،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) التهذيب 2: 280 ح 1113، الوسائل 4: 659 ب " 30 " من بواب الأذان والإقامة ح 2.
193

فإن خشي فوات الصلاة اقتصر على تكبيرتين، وعلى قوله: قد قامت
الصلاة. وإن أحل بشئ من فصول الأذان، استحب للمأموم التلفظ
به.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 306 ح 22، التهذيب 2: 281 ح 1116، الوسائل 4: 663 ب " 34 " من أبواب
الأذان والإقامة ح 1.
(2) كما في جامع المقاصد 1: 195.
194

الركن الثاني
في أفعال الصلاة
وهي واجبة ومندوبة، فالواجبات ثمانية:
الأول: النية.
وهي ركن في الصلاة،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المعتبر 2: 149.
(2) المختصر النافع: 29.
(3) لعل المراد به ما دل على أن نية المؤمن خير من عمله. راجع الوسائل 1: 35 ب " 36 " من أبواب مقدمة
العبادات.
195

ولو أخل بها عامدا أو ناسيا لم تنعقد صلاته.
وحقيقتها استحضار صفة الصلاة في الذهن، والقصد بها إلى أمور أربعة:

--------------------------------------------------------------------------------

(1) وردت هذه العبارة في جميع النسخ كذا من دون تعليق.
(2) الدروس: 33، وفيه " الوجوب والندب ".
(3) الذكرى: 176.
196

الوجوب أو الندب، والقربة، والتعيين، وكونها أداء وقضاءا. ولا عبرة
باللفظ.
ووقتها عند أول جزء من التكبير. ويجب استمرار حكمها إلى آخر
الصلاة، وهو أن لا ينقض النية الأولى.
ولو نوى الخروج من الصلاة لم تبطل على الأظهر. وكذا لو نوى أن
يفعل ما ينافيها، فإن فعله بطلت. وكذا لو نوى بشئ من أفعال الصلاة
الرياء، أو غير الصلاة.
ويجوز نقل النية في موارد، كنقل الظهر يوم الجمعة إلى النافلة لمن
نسي قراءة الجمعة وقرأ غيرها، وكنقل الفريضة الحاضرة إلى سابقة عليها

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي في الفقيه: 139.
(2) هذه العبارة وردت في جميع النسخ كذا من دون تعليق.
197

مع سعة الوقت.
الثاني: تكبيرة الإحرام.
وهي ركن، ولا تصح الصلاة من دونها، ولو أخل بها نسيانا.
وصورتها أن يقول: الله أكبر، ولا تنعقد بمعناها. ولو أخل بحرف منها،
لم تنعقد صلاته. فإن لم يتمكن من التلفظ بها كالأعجم، لزمه التعلم.
ولا يتشاغل بالصلاة مع سعة الوقت، فإن ضاق أحرم بترجمتها. والأخرس
ينطق بها على قدر الإمكان، فإن عجز عن النطق أصلا، عقد قلبه
بمعناها مع الإشارة. والترتيب فيها واجب. ولو عكس لم تنعقد الصلاة.
والمصلي بالخيار في التكبيرات السبع، إيها شاء جعلها تكبيرة
الافتتاح. ولو كبر ونوى الافتتاح، ثم كبر ونوى الافتتاح، بطلت صلاته
وإن كبر ثالثة ونوى الافتتاح انعقدت الصلاة أخيرا.

198

ويجب أن يكبر قائما فلو كبر قاعدا مع القدرة، أو هو آخذ في القيام،
لم تنعقد صلاته.
والمسنون فيها أربعة: أن يأتي بلفظ الجلالة من غير مد بين
حروفها، وبلفظ أكبر على وزن أفعل، وأن يسمع الإمام من خلفه تلفظه

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المبسوط 1: 105.
199

بها، وأن يرفع المصلي يديه بها إلى أذنيه.
الثالث: القيام.
وهو ركن مع القدرة فمن أخل به عمدا أو سهوا بطلت صلاته.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المعتبر 2: 156.
(2) في " ن، و " لا يجوز.
200

وإذا أمكنه القيام مستقلا وجب، وإلا وجب أن يعتمد على ما يتمكن معه
من القيام، وروي جواز الاعتماد على الحايط مع القدرة. ولو قدر على
القيام في بعض الصلاة وجب أن يقوم بقدر مكنته. وإلا صلى قاعدا.
وقيل: حد ذلك أن لا يتمكن من المشي بقدر زمان صلاته، والأول أظهر.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) مسائل علي بن جعفر: 235 ح 547، قرب الإسناد: 94، الفقيه 1: 237 ح 1045، التهذيب 2
: 326 ح 1339، الوسائل 4: 701 ب " 10 " من أبواب القيام ح 1.
(2) في " ج " بعد جعل الاعتماد.
(3) الكافي في الفقه: 125.
(4) التهذيب 4: 257 ح 761، الاستبصار 2: 114 ح 373، الوسائل 4: 699 ب " 6 " من أبواب
القيام ح 4.
201

والقاعد إذا تمكن من القيام إلى الركوع وجب، وإلا ركع جالسا.
وإذا عجز عن القعود صلى مضطجعا، فإن عجز صلى مستلقيا، والأخيران
يوميان لركوعهما وسجودهما. ومن عجز عن حالة في أثناء الصلاة،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) التذكرة 1: 110.
(2) الذكرى: 180.
(3) الدروس: 34.
202

انتقل إلى ما دونها مستمرا، كالقائم يعجز فيقعد، والقاعد يعجز
فيضطجع والمضطجع يعجز فيستلقي، وكذا بالعكس. ومن لا يقدر على
السجود، يرفع ما يسجد عليه، فإن لم يقدر أومأ.
والمسنون في هذا الفصل شيئان: أن يتربع المصلي قاعدا في حال
قراءته، ويثني رجليه في حال ركوعه، وقيل: يتورك في حال تشهده.
الرابع: القراءة.
وهي واجبة. وتتعين بالحمد في كل ثنائية، وفي الأوليين من كل
رباعية وثلاثية. وتجب قراءتها أجمع. ولا تصح الصلاة مع الإخلال ولو
بحرف واحد منها عمدا، حتى التشديد،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) في ص 223.
203

وكذا إعرابها. والبسملة آية منها، تجب قراءتها معها. ولا يجزي المصلي
ترجمتها. ويجب ترتيب كلماتها وآيها على الوجه المنقول، فلو خالف عمدا
أعاد، وإن كان ناسيا استأنف القراءة ما لم يركع، وإن ركع مضى في
صلاته ولو ذكر.
ومن لا يحسنها يجب عليه التعلم، فإن ضاق الوقت قرأ ما تيسر
منها، وإن تعذر قرأ ما تيسر من غيرها،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الألفية والنفلية: 116.
204

أو سبح الله وهلله وكبره بقدر القراءة، ثم يجب عليه التعلم. والأخرس
يحرك لسانه بالقراءة ويعقد بها قلبه.
والمصلي في كل ثالثة ورابعة بالخيار، إن شاء قرأ الحمد وإن شاء
سبح، والأفضل للإمام القراءة.
وقراءة سورة كاملة بعد الحمد في الأوليين واجب في الفرائض، مع
سعة الوقت وإمكان التعلم للمختار، وقيل: لا يجب، والأول أحوط. ولو
قدم السورة على الحمد، أعادها أو غيرها بعد الحمد.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الذكرى: 187.
205

ولا يجوز أن يقرأ في الفرائض شيئا من سور العزائم، ولا ما يفوت
الوقت بقراءته، ولا أن يقرن بين سورتين، وقيل: يكره، وهو الأشبه.
ويجب الجهر بالحمد والسورة في الصبح، وفي أوليي المغرب
والعشاء، والإخفات في الظهرين، وثالثة المغرب، والأخيرين من العشاء.
وأقل الجهر أن يسمعه القريب الصحيح السمع إذا استمع.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) في ص 212.
(2) من نسخة " ج " فقط.
(3) منهم العلامة في النهاية 1: 471، والمحقق الكركي في جامع المقاصد 2: 260.
206

والإخفات أن يسمع نفسه إن كان يسمع. وليس على النساء جهر.
والمسنون في هذا القسم:
الجهر بالبسملة في موضع الإخفات في أول الحمد وأول السورة،
وترتيل القراءة، والوقوف على مواضعه، وقراءة سورة بعد الحمد في

--------------------------------------------------------------------------------

(1) عيون أخبار الرضا عليه السلام 2: 123 ب " 35 " ح 1، الوسائل 4: 757 ب " 21 " من أبواب
القراءة في الصلاة.
(2) السرائر 1: 217.
(3) المهذب 1: 97.
(4) 2: 181.
207

النوافل، وأن يقرأ في الظهرين والمغرب بالسور القصار ك‍ " القدر "،
و " الجحد "، وفي العشاء ب‍ " الأعلى " و " الطارق " وما شاكلهما، وفي الصبح
ب‍ " المدثر " و " المزمل " وما ماثلهما، وفي غداة الخميس والاثنين ب‍ " هل
أتى "، وفي المغرب والعشاء ليلة الجمعة ب‍ " الجمعة " و " الأعلى "، وفي
صبحها بها وب‍ " قل هو الله أحد "، وفي الظهرين بها وب‍ " المنافقين "،
ومنهم من يرى وجوب السورتين في الظهرين وليس بمعتمد.
وفي نوافل النهار بالسور القصار، ويسر بها، وفي الليل بالطوال،
ويجهر بها، ومع ضيق الوقت يخفف.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) قال العاملي في مفتاح الكرامة 2: 396 وما ذكره في المعتبر نقله فيه عن الشيخ ولعله فهمه من قوله في
المبسوط: ينبغي أن يبين الحروف ويرتلها. راجع المبسوط 1: 106. وفي التبيان 10: 162 " الترتيل
ترتيب الحروف على حقها في تلاوتها وتثبت فيها ".
(2) نهاية الأحكام 1: 476.
(3) الصحاح 4: 1704 مادة " رتل ".
(4) الذكرى: 192.
(5) الوافي 2: 105 باب سائر أحكام القراءة، مجمع البحرين: 436 وفيها " حفظ الوقوف وأداء
الحروف ".
208

وأن يقرأ قل يا أيها الكافرون في المواضع السبعة. ولو بدأ فيها بسورة
" التوحيد " جاز، ويقرأ في أوليي صلاة الليل " قل هو الله أحد " ثلاثين مرة،
وفي البواقي بطوال السور. ويسمع الإمام من خلفه القراءة ما لم يبلغ العلو
وكذا الشهادتين استحبابا. وإذا مر المصلي بآية رحمة سألها، أو آية نقمة
استعاذ منها.
وهاهنا مسائل سبع:

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الظاهر أن مستنده في الحكم الأول ما رواه في الكافي 3: 316 ح 22 ورواه عنه في التهذيب 2: 74
ح 273، الوسائل 4: 751 ب " 15 " من أبواب القراءة في الصلاة ح 1. راجع إيضاح الفوائد 1:
112 وإن كان على خلاف ذلك أدل. راجع الجواهر 9: 412. كما أن الظاهر أن مراده من رواية
العكس - كما في الإيضاح أيضا - ما رواه الكليني (قدس سره) في ذيل الرواية السابقة وكذا في التهذيب
ح 274 والوسائل ح 2 وهي صريحة في المطلوب إلا أنها مختصة بما عدا نافلة الفجر.
(2) مصباح المتهجد: 115، الوسائل 5: 281 ب " 41 " أبواب بقية الصلوات المندوبة.
(3) مر الكلام فيه في الصفحة المتقدمة.
209

الأولى: لا يجوز قول آمين آخر الحمد، وقيل: هو مكروه.
الثانية: الموالاة في القراءة شرط في صحتها، فلو قرأ في خلالها من
غيرها، استأنف القراءة. وكذا لو نوى قطع القراءة وسكت. وفي قول
يعيد الصلاة. أما لو سكت في خلال القراءة لا بنية القطع، أو نوى القطع
ولم يقطع مضى في صلاته.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 313 ح 5، علل الشرائع: 358 ب " 74 " ح 1، التهذيب 2: 74 ح 275، الاستبصار
1: 318 ح 1185 و 1186، الوسائل 4: 752 ب " 17 " من أبواب القراءة في الصلاة ح 1، 2،
3، 4.
210

الثالثة: روى أصحابنا أن " الضحى " و " ألم نشرح " سورة واحدة،
وكذا " الفيل " و " الإيلاف "، فلا يجوز إفراد أحدهما عن صاحبتها في كل
ركعة. ولا يفتقر إلى البسملة بينهما، على الأظهر.
الرابعة: إن خافت في موضع الجهر أو عكس، جاهلا أو ناسيا لم
يعد.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) التهذيب 2: 72 ح 266، مجمع البيان 5: 544، الوسائل 4: 743 ب " 10 " من أبواب القراءة
في الصلاة ح 1، 5.
(2) المعتبر 1: 188، مجمع البيان 5: 544، الوسائل 4: 744 ب " 10 " من أبواب القراءة في الصلاة
ح 5.
211

الخامسة: يجزيه عوضا عن الحمد، اثنتا عشرة تسبيحة. صورتها:
سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر - ثلاثا - وقيل: يجزيه
عشر، وفي رواية تسع، وفي أخرى أربع، والعمل بالأول أحوط.
السادسة: من قرأ سورة من العزائم في النوافل، يجب أن يسجد في
موضع السجود وكذا إن قرأ غيره وهو يستمع، ثم ينهض، ويقرأ ما تخلف
منها ويركع. وإن كان السجود في آخرها يستحب له قراءة الحمد، ليركع
عن قراءة.
السابعة: المعوذتان من القرآن، ويجوز أن يقرأ بهما في الصلاة فرضها
ونفلها.
الخامس: الركوع.
وهو واجب في كل ركعة مرة، إلا في الكسوف والآيات، وهو ركن
في الصلاة. وتبطل بالإخلال به عمدا وسهوا، على تفصيل سيأتي.
والواجب فيه خمسة أشياء:

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الفقيه 1: 256 ح 1158، الوسائل 4: 791 ب " 51 " من أبواب القراءة في الصلاة ح 1.
(2) الفقيه 1: 256 ح 1158، الوسائل 4: 791 ب " 51 " من أبواب القراءة في الصلاة ح 1.
212

الأول: أن ينحني فيه بقدر ما يمكن وضع يديه على ركبتيه. وإن
كانت يداه في الطول بحد تبلغ ركبتيه من غير انحناء، انحنى كما ينحني
مستوي الخلقة. وإذا لم يتمكن من الانحناء لعارض، أتى بما يتمكن منه.
فإن عجز أصلا اقتصر على الإيماء. ولو كان كالراكع خلقة، أو لعارض،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 20: 251.
(2) الكافي 3: 334 ح 1، التهذيب 2: 83 ح 308، الوسائل 4: 675 ب " 1 " من أفعال الصلاة ح 3:
213

وجب أن يزيد لركوعه يسير انحناء ليكون فارقا.
الثاني: الطمأنينة فيه بقدر ما يؤدي واجب الذكر مع القدرة. ولو
كان مريضا لا يتمكن سقطت عنه، كما لو كان العذر في أصل الركوع.
الثالث: رفع الرأس منه، فلا يجوز أن يهوي للسجود قبل انتصابه
منه، إلا مع العذر، ولو افتقر في انتصابه إلى ما يعتمده وجب.
الرابع: الطمأنينة في الانتصاب، وهو أن يعتدل قائما، ويسكن ولو
يسيرا.
الخامس: التسبيح فيه، وقيل: يكفي الذكر ولو كان تكبيرا أو
تهليلا، فيه تردد. وأقل ما يجزي للمختار تسبيحة واحدة تامة،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المبسوط 1: 110.
(2) المعتبر 2: 194.
214

وهي سبحان ربي العظيم وبحمده أو يقول: " سبحان الله " ثلاثا، وفي
الضرورة واحدة صغرى. وهل يجب التكبير للركوع؟ فيه تردد، والأظهر
الندب.
والمسنون في هذا القسم أن يكبر للركوع قائما، رافعا يديه بالتكبير،
محاذيا أذنيه، ويرسلهما ثم يركع.
وأن يضع يديه على ركبتيه، مفرجات الأصابع، ولو كان بأحدهما
عذر وضع الأخرى، ويرد ركبتيه إلى خلفه، ويسوي ظهره، ويمد عنقه
موازيا لظهره.
وأن يدعو أمام التسبيح، وأن يسبح ثلاثا، أو خمسا، أو سبعا فما زاد

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الوسائل 4: 929 ب " 7 " من أبواب الركوع.
(2) سورة القلم: 2.
215

وأن يرفع الإمام صوته بالذكر فيه، وأن يقول بعد انتصابه: سمع الله لمن
حمده. ويدعو بعده،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المعتبر 2: 202.
(2) الكافي 3: 329 ح 2، التهذيب 2: 299 ح 1205، الوسائل 4: 926 ب " 6 " من أبواب الركوع
ح 1.
(3) المعتبر 2: 204.
(4) الذكرى: 199، الوسائل 4: 940 ب " 17 " من أبواب الركوع ح 4.
(5) انظر المغني لابن قدامة 1: 585.
(6) سورة ق: 42.
(7) الصافات: 8.
216

ويكره أن يركع ويداه تحت ثيابه.
السادس: السجود.
وهو واجب، في كل ركعة سجدتان. وهما ركن [معا] في الصلاة.
تبطل بالإخلال بهما من كل ركعة، عمدا وسهوا. ولا تبطل بالإخلال
بواحدة سهوا.
وواجبات السجود ستة:

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 2: 503 ح 1، الوسائل 4 640 ب " 17 " من أبواب الركوع ح 2.
(2) الكافي 3: 395 ح 10، التهذيب 2: 356 ح 1475، الاستبصار 1: 392 ح 1494، الوسائل
3: 314 ب " 40 " من أبواب لباس المصلي ح 4.
(3) في " ج " أطلق.
(4) نقله عنه الشهيد في الذكرى: 200.
217

الأول: السجود على سبعة أعضاء: الجبهة، والكفان، والركبتان،
وإبهاما الرجلين.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الذكرى: 200.
218

الثاني: وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه، فلو سجد على
كور العمامة لم يجز.
الثالث: أن ينحني للسجود حتى يساوي موضع الجبهة موقفه، إلا
أن يكون علوا يسيرا بمقدار لبنة لا أزيد. فإن عرض ما يمنع عن ذلك،
اقتصر على ما يتمكن منه. وإن افتقر إلى رفع ما يسجد عليه وجب. وإن
عجز عن ذلك كله أومأ إيماء.
الرابع: الذكر فيه، وقيل: يختص بالتسبيح كما قلناه في الركوع.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) البيان: 87.
219

الخامس: الطمأنينة واجبة إلا مع الضرورة المانعة.
السادس: رفع الرأس من السجدة الأولى حتى يعتدل مطمئنا.
وفي وجوب التكبير للأخذ فيه والرفع منه تردد، والأظهر الاستحباب.
ويستحب فيه أن يكبر للسجود قائما، ثم يهوي للسجود سابقا بيديه
إلى الأرض، وأن يكون موضع سجوده مساويا لموقفه أو أخفض، وأن
يرغم بأنفه، ويدعو، ويزيد على التسبيحة الواحدة ما تيسر، ويدعو بين
السجدتين، وأن يقعد متوركا، وأن يجلس عقيب السجدة الثانية مطمئنا،
ويدعو عند القيام، ويعتمد على يديه سابقا برفع ركبتيه.
ويكره الإقعاء بين السجدتين.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) التهذيب 2: 298 ح 1202، الاستبصار 1: 327 ح 1223، الوسائل 4: 954 ب " 4 " من أبواب
السجود ح 4.
(2) جمل العلم والعمل: 60.
220

مسائل ثلاث:
الأولى: من به ما يمنع من وضع الجبهة على الأرض، كالدمل إذا
لم يستغرق الجبهة، يحتفر حفيرة ليقع السليم من جبهته على الأرض. فإن
تعذر سجد على أحد الجبينين. فإن كان هناك مانع سجد على ذقنه.
الثانية: سجدات القرآن خمس عشرة: أربع منها واجبة، وهي في
سورة " ألم "، و " حم السجدة "، و " والنجم "، و " أقرأ باسم ربك ". وإحدى
عشرة مسنونة وهي في " الأعراف "، و " الرعد "، و " النحل "، و " بني
إسرائيل "، و " مريم "، و " الحج " في موضعين، و " الفرقان "، و " النمل "، و
" ص "، و " إذا السماء انشقت ".
والسجود واجب في العزائم الأربع، للقارئ والمستمع. ويستحب
للسامع على الأظهر. وفي البواقي يستحب على كل حال.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المعتبر 2: 218.
(2) الكافي 3: 333 ح 5، التهذيب 2: 86 ح 317، الوسائل 4: 965 ب " 12 " من أبواب السجدة؟
ح 1.
(3) المقنع: 26.
221

وليس في شئ من السجدات تكبير، ولا تشهد، ولا تسليم. ولا
يشترط فيها الطهارة، ولا استقبال القبلة، على الأظهر. ولو نسيها أتى بها
فيما بعد.
الثالثة: سجدتا الشكر مستحبتان عند تجدد النعم، ودفع النقم،
وعقيب الصلوات. ويستحب بينهما التعفير.
السابع: التشهد.
وهو واجب في كل ثنائية مرة، وفي الثلاثية والرباعية مرتين. ولو
أخل بهما أو بأحدهما عامدا بطلت صلاته.
والواجب في كل واحد منهما خمسة أشياء: الجلوس بقدر التشهد،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) منهم الشيخ في الخلاف 1: 431 مسألة 179 والعلامة في التذكرة 1: 123.
(2) المعتبر 2: 274.
222

والشهادتان، والصلاة على النبي، وعلى آله عليهم السلام.
وصورتهما أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن
محمدا رسول الله، ثم يأتي بالصلاة على النبي وآله. ومن لم يحسن التشهد،
وجب عليه الإتيان بما يحسن منه، مع ضيق الوقت، ثم يجب عليه تعلم
ما لا يحسن منه.
ومسنون هذا القسم:
أن يجلس متوركا. وصفته أن يجلس على وركه الأيسر، ويخرج رجليه
جميعا، فيجعل ظاهر قدمه الأيسر إلى الأرض، وظاهر قدمه الأيمن إلى
باطن الأيسر.
وأن يقول ما زاد على الواجب من تحميد ودعاء.
الثامن: التسليم.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) ليس في ما لدينا من النسخ الخطية وإنما ورد في الحجريتين.
(2) في " ج " و " م " الترتيب.
(3) التهذيب 6: 52 ح 122، مصباح المتهجد: 730، الوسائل 10: 373، ب " 56 " من أبواب المزار
وما يناسبه ح 1.
223

وهو واجب على الأصح. ولا يخرج من الصلاة إلا به. وله عبارتان،
إحداهما أن يقول: " السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين "، والأخرى أن
يقول: " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ". وبكل منهما يخرج من
الصلاة. وبأيهما بدأ كان الثاني مستحبا.
ومسنون هذا القسم:
أن يسلم المنفرد إلى القبلة تسليمة واحدة، ويومئ بمؤخر عينيه إلى
يمينه، والإمام بصفحة وجهه، وكذا المأموم. ثم إن كان على يساره غيره،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 337 ح 6، التهذيب 2: 316 ح 1293، راجع الوسائل 4: 1010 ب " 3 " من التسليم
ح 1 و 1012 ب " 10 " من أبواب التسليم ح 1 و 2.
224

أومأ بتسليمة أخرى إلى يساره، بصفحة وجهه أيضا.
وأما المسنون في الصلاة فخمسة:
الأول: التوجه بستة تكبيرات مضافة إلى تكبيرة الافتتاح، بأن
يكبر ثلاثا ثم يدعو، ثم يكبر اثنتين ويدعو، ثم يكبر اثنتين ويتوجه. وهو
مخير في السبع، أيها شاء أوقع معها نية الصلاة، فيكون ابتداء الصلاة
عندها.
الثاني: القنوت وهو في كل ثانية، قبل الركوع، وبعد القراءة.
ويستحب أن يدعو فيه بالأذكار المروية، وإلا فيما شاء. وأقله ثلاثة
تسبيحات.
وفي الجمعة قنوتان، في الأولى قبل الركوع، وفي الثانية بعد

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الفقيه 1: 210، المقنع: 29، ونقله عنهما في الذكرى: 208.
(2) الذكرى: 208.
225

الركوع، ولو نسيه قضاه بعد الركوع.
الثالث: شغل النظر في حال قيامه إلى موضع سجوده، وفي حال
القنوت إلى باطن كفيه، وفي حال الركوع إلى ما بين رجليه، وفي حال
السجود إلى طرف أنفه، وفي حال التشهد إلى حجره.
الرابع: شغل اليدين، بأن يكونا في حال قيامه على فخذيه بحذاء
ركبتيه، وفي حال القنوت تلقاء وجهه، وفي حال الركوع على ركبتيه، وفي
حال السجود بحذاء أذنيه، وفي حال التشهد على فخذيه.
الخامس: التعقيب وأفضله تسبيح الزهراء عليها السلام، ثم بما
روي من الأدعية، وإلا فبما تيسر.
خاتمة
قواطع الصلاة قسمان:
أحدهما يبطلها عمدا وسهوا. وهو كل ما يبطل الطهارة، سواء
دخل تحت الاختيار أو خرج، كالبول والغائط وما شابههما من موجبات
الوضوء، والجنابة والحيض وما شابههما من موجبات الغسل وقيل: لو
أحدث بما يوجب الوضوء سهوا، تطهر وبنى، وليس بمعتمد.
الثاني لا يبطلها إلا عمدا، وهو وضع اليمين على الشمال، وفيه
تردد.

226

والالتفات إلى ما وراءه، والكلام بحرفين فصاعدا، والقهقهة، وأن يفعل
فعلا كثيرا ليس من أفعال الصلاة،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 364 ح 6، التهذيب 2: 324 ح 1324، الوسائل 4: 1252 ب " 7 " من أبواب قواطع
الصلاة.
227

والبكاء لشئ من أمور الدنيا، والأكل والشرب على قول، إلا في

--------------------------------------------------------------------------------

(1) سنن البيهقي 2: 262 - 263.
(2) انظر الصحاح 6: 228 مادة " بكى ".
(3) المعتبر 2: 255.
(4) الذكرى: 215.
(5) كالعلامة في المختلف: 103 والمنتهى 1: 312. المحقق الثاني في حاشية الشرائع: 62.
228

صلاة الوتر لمن أصابه عطش، وهو يريد الصوم في صبيحة تلك الليلة،
لكن لا يستدبر القبلة، وفي عقص الشعر للرجل تردد، والأشبه الكراهة.
ويكره الالتفات يمينا وشمالا، والتثاؤب، والتمطي، والعبث،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الفقيه 1: 313 ح 1424، التهذيب 2: 329 ح 1354، الوسائل 4: 1273 ب " 23 " من أبواب
قواطع الصلاة.
(2) البحار 81: 211 باب وصف الصلاة، كنز العمال 7: 503 ح 19978.
(3) التهذيب 2: 324 ح 1328، الوسائل 4: 1259 ب " 11 " من أبواب قواطع الصلاة ح 4.
(4) كذا في أكثر النسخ والعبارة ناقصة فلعل الأصل " أنه من الشيطان " ليكون مفعول روى، أو يحذف " في "
من أول الجملة كما ورد في نسخة " و ".
(5) الصحاح 6: 2494 مادة " مطا ".
229

ونفخ موضع السجود، والتنخم، وأن يبصق، أو يفرقع أصابعه، أو يتأوه،
أو يئن بحرف واحد، أو يدافع البول والغائط والريح.
وإن كان خفه ضيقا استحب له نزعه لصلاته.
مسائل أربع:
الأولى: إذا عطس الرجل في الصلاة، يستحب له أن يحمد الله.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) سنن ابن ماجة 1: 327 ح 1024.
(2) تاج العروس 9: 127 مادة " أنن ".
(3) المحاسن: 83 ح 15، التهذيب 2: 333 ح 1372، الوسائل 4: 1254 ب " 8 " من أبواب قواطع
الصلاة ح 2 عن الصادق عليه السلام، مسند أحمد 5: 26.
(4) التهذيب 2: 326 ح 1333، الوسائل 4: 1254 ب " 8 " من أبواب قواطع الصلاة ح 3.
(5) الكافي 3: 371 ح 15، الوسائل 4: 1283 ب " 34 " من أبواب قواطع الصلاة ح 1، والآية في سورة
النساء: 43.
230

وكذا إن عطس غيره، يستحب له تسميته.
الثانية: إذا سلم عليه، يجوز أن يرد مثل قوله: سلام عليكم، ولا
يقول وعليكم السلام، على رواية.
الثالثة: يجوز أن يدعو بكل دعاء يتضمن تسبيحا، أو تحميدا، أو
طلب شئ مباح من أمور الدنيا والآخرة، قائما وقاعدا، وراكعا وساجدا،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) البيان: 100.
(2) الصحاح 1: 254.
(3) الكافي 3: 366 ح 1، التهذيب 2: 328 ح 1348، الوسائل 4: 1265 ب " 16 " من أبواب
قواطع الصلاة ح 2.
231

ولا يجوز أن. يطلب شيئا محرما، ولو فعل بطلت صلاته.
الرابعة: يجوز للمصلي أن يقطع صلاته إذا خاف تلف مال، أو
فرار غريم، أو تردي الطفل، وما شابه ذلك. ولا يجوز قطع الصلاة
اختيارا.

232

الركن الثالث
في بقية الصلوات
وفيه فصول:
الأول: في صلاة الجمعة. والنظر في الجمعة، ومن تجب عليه
وآدابها:
الأول: الجمعة ركعتان كالصبح، يسقط بهما الظهر. ويستحب
فيهما الجهر. وتجب بزوال الشمس. ويخرج وقتها إذا صار ظل كل شئ
مثله. ولو خرج الوقت - وهو فيها - أتم جمعة، إماما كان أو مأموما. وتفوت

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الذكرى: 235.
(2) منهم ابن إدريس في السرائر 1: 301 والشهيد في الدروس: 42، والبيان: 101.
233

الجمعة بفوات الوقت، ثم لا تقضى جمعة، وإنما تقضى ظهرا.
ولو وجبت الجمعة، فصلى الظهر، وجب عليه السعي لذلك. فإن
أدركها، وإلا أعاد الظهر ولم يجتزئ بالأول.
ولو تيقن أن الوقت يتسع للخطبة وركعتين خفيفتين، وجبت
الجمعة. وإن تيقن أو غلب على ظنه أو الوقت لا يتسع لذلك فقد

--------------------------------------------------------------------------------

(1) منهم الشيخ في الخلاف 1: 601 مسألة 361 والمبسوط 1: 145 وابن سعيد الحلي في الجامع
للشرائع: 95 والعلامة في النهاية 2: 11.
(2) سورة الجمعة: 10.
234

فاتت الجمعة ويصلي ظهرا.
فأما لو لم يحضر الخطبة في أول الصلاة، وأدرك مع الإمام ركعة،
صلى جمعة. وكذا لو أدرك الإمام راكعا في الثانية، على قول. ولو كبر
وركع، ثم شك هل كان الإمام راكعا أو رافعا؟ لم يكن له جمعة وصلى
الظهر.
شروط الجمعة
ثم الجمعة لا تجب إلا بشروط:
الأول: السلطان العادل أو من نصبه.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) لم نعثر على نص بهذا اللفظ ويوجد بمعناه راجع الوسائل 3: 158 ب " 30 " من أبواب المواقيت.
(2) الكافي 3: 382 ح 5، الفقيه 1: 254 ح 1149، التهذيب 3: 43 ح 153، الاستبصار 1: 435
ح 1680، الوسائل 4: 441 ب " 45 " من أبواب صلاة الجماعة ح 2.
235

فلو مات الإمام في أثناء الصلاة لم تبطل الجمعة، وجاز أن تقدم
الجماعة من يتم بهم الصلاة. وكذا لو عرض للمنصوب ما يبطل الصلاة
من إغماء أو جنون أو حدث.
الثاني: العدد.
وهو خمسة، الإمام أحدهم، وقيل: سبعة، والأول أشبه. ولو
انفضوا في أثناء الخطبة أو بعدها، قبل التلبس بالصلاة، سقط الوجوب.
وإن دخلوا في الصلاة ولو بالتكبير وجب الإتمام، ولو لم يبق إلا واحد.
الثالث: الخطبتان.

236

ويجب في كل واحد منهما الحمد لله، والصلاة على النبي وآله عليهم
السلام، والوعظ، وقراءة سورة خفيفة، وقيل: يجزي ولو آية واحدة مما يتم
بها فائدتها.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) التذكرة 1: 147.
(2) النحل: 90.
(3) الرحمن: 64.
237

وفي رواية سماعة: يحمد الله ويثني عليه، ثم يوصي بتقوى الله،
ويقرأ سورة خفيفة من القرآن، ثم يجلس، ثم يقوم فيحمد الله ويثني
عليه، ويصلي على النبي وآله وعلى أئمة المسلمين، ويستغفر للمؤمنين
والمؤمنات.
ويجوز إيقاعهما قبل زوال الشمس حتى إذا فرغ زالت، وقيل: لا
يصح إلا بعد الزوال، والأول أظهر.
ويجب أن تكون الخطبة مقدمة على الصلاة، فلو بدئ بالصلاة لم
تصح الجمعة. ويجب أن يكون الخطيب قائما وقت إيراده مع القدرة.
ويجب الفصل بين الخطبتين بجلسة خفيفة.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الأعراف: 120.
(2) الكافي 3: 421 ح 1، التهذيب 3: 243 ح 655، الوسائل 5: 38 ب " 25 " من أبواب صلاة
الجمعة وآدابها ح 2.
238

وهل الطهارة شرط فيهما؟ فيه تردد، والأشبه أنها غير شرط ويجب
أن يرفع صوته بحيث يسمع العدد المعتبر فصاعدا، وفيه تردد.
الرابع: الجماعة.
فلا تصح فرادى، وإذا حضر إمام الأصل، وجب عليه الحضور
والتقدم. وإن منعه مانع جاز أن يستنيب.
الخامس: أن لا يكون هناك جمعة أخرى.
وبينهما دون ثلاثة أميال، فإن اتفقتا بطلتا. وإن سبقت إحداهما،
ولو بتكبيرة الإحرام، بطلت المتأخرة. ولو لم تتحقق السابقة أعادا ظهرا.

239

الثاني: فيمن يجب عليه.
ويراعى فيه شروط سبعة: التكليف، والذكورة، والحرية،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المبسوط 1: 149.
(2) التذكرة: 150، قواعد الأحكام 1: 37.
240

والحضر، والسلامة من العمى والمرضى والعرج، وألا يكون هما، ولا بينه
وبين الجمعة أزيد من فرسخين.
وكل هؤلاء إذا تكلفوا الحضور وجبت عليهم الجمعة وانعقدت
بهم، سوى من خرج عن التكليف والمرأة.

241

وفي العبد تردد (1). ولو حضر الكافر لم تصح منه ولم تنعقد به، وإن كانت
واجبة عليه.
وتجب الجمعة على أهل السواد، كما تجب على أهل المدن مع
استكمال الشروط، وكذا على الساكن بالخيم كأهل البادية إذا كانوا
قاطنين.
وهاهنا مسائل:
الأولى: من انعتق بعضه لا تجب عليه الجمعة. ولو هاياه مولاه لم
تجب عليه الجمعة، ولو اتفقت في يوم نفسه، على الأظهر. وكذا المكاتب
والمدبر.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) ورد في تعليقة الشرائع (الطبعة الحديثة) أن في بعض النسخ حذف " المرأة " عن الجملة السابقة وفي
بعضها هكذا: " وفي المرأة والعبد تردد ".
(2) الذكرى: 233.
242

الثانية: من سقطت عنه الجمعة يجوز أن يصلي الظهر في أول
وقتها. ولا يجب عليه تأخيرها حتى تفوت الجمعة بل لا يستحب. ولو
حضر الجمعة بعد ذلك لم تجب عليه.
الثالثة: إذا زالت الشمس لم يجز السفر لتعين الجمعة ويكره بعد
طلوع الفجر.
الرابعة: الإصغاء إلى الخطبة هل هو واجب؟ فيه تردد. وكذا

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الوسائل 5: 85 ب " 52 " من أبواب صلاة الجمعة، مستدرك الوسائل 6: 101 ب " 44 " من أبواب
صلاة الجمعة.
243

تحريم الكلام في أثنائها، لكن ليس بمبطل للجمعة.
الخامسة: يعتبر في إمام الجمعة كمال العقل، والإيمان، والعدالة،
وطهارة المولد، والذكورة. ويجوز أن يكون عبدا وهل يجوز أن يكون أبرص

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الصحاح 6: 2401.
(2) القاموس المحيط 4: 352 وليس فيه اعتبار ترك الكلام، وهذا النقل عن القاموس ورد أيضا في المدارك
4: 63 والجواهر 11: 292.
(3) الكافي في الفقه: 152.
244

وأجذم؟ فيه تردد، والأشبه الجواز، وكذا الأعمى.
السادسة: المسافر إذا نوى الإقامة في بلد عشرة أيام فصاعدا،
وجبت عليه الجمعة. وكذا إذا لم ينو الإقامة ومضى عليه ثلاثون يوما في
مصر واحد.
السابعة: الأذان الثاني يوم الجمعة بدعة، وقيل: مكروه، والأول
أشبه.
الثامنة: يحرم البيع يوم الجمعة بعد الأذان، فإن باع أثم، وكان
البيع صحيحا على الأظهر. ولو كان أحد المتعاقدين ممن لا يجب عليه
السعي، كان البيع سائغا بالنظر إليه، وحراما بالنظر إلى الآخر.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) صحيح البخاري 2: 10، الأم للشافعي 1: 194.
(2) المائدة: 2.
245

التاسعة: إذا لم يكن الإمام موجودا ولا من نصبه للصلاة، وأمكن
الاجتماع والخطبتان، قيل: يستحب أن يصلي جمعة، وقيل: لا يجوز،
والأول أظهر.
العاشرة: إذا لم يتمكن المأموم من السجود مع الإمام في الأولى،
فإن أمكنه السجود واللحاق به قبل الركوع صح، وإلا اقتصر على متابعته
في السجدتين وينوي بهما الأولى، فإن نوى بهما الثانية، قيل: تبطل
الصلاة، وقيل: يحذفهما ويسجد للأولى ويتم الثانية، والأول أظهر.
الثالث: في آدابها.
وأما آداب الجمعة: فالغسل، والتنفل بعشرين ركعة: ست عند
انبساط الشمس، وست عند ارتفاعها، وست قبل الزوال، وركعتان عند
الزوال. ولو أخر النافلة إلى بعد الزوال جاز، وأفضل من ذلك تقديمها،

246

وإن صلى بين الفريضتين ست ركعات من النافلة جاز.
وأن يباكر المصلي، إلى المسجد الأعظم، بعد أن يحلق رأسه،
ويقص أظفاره، ويأخذ من شاربه.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 428 ح 2، التهذيب 3: 11 ح 35، الاستبصار 1: 410 ح 1566، الوسائل 5: 25
ب " 11 " من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ح 12.
(2) الكافي 3: 415 ح 9، التهذيب 3: 4 ح 6، الوسائل 5: 70 ب " 42 " من أبواب صلاة الجمعة
وآدابها ح 1.
247

وأن يكون على سكينة ووقار، متطيبا لابسا أفضل ثيابه، وأن يدعو
أمام توجهه وأن يكون الخطيب بليغا مواظبا على الصلوات في أول أوقاتها.
ويكره له الكلام في أثناء الخطبة بغيرها.
ويستحب له أن يتعمم شاتيا كان أو قايظا، ويرتدي ببردة يمنية،
وأن يكون معتمدا على شئ،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) في ص 244.
248

وأن يسلم أولا، وأن يجلس أمام الخطبة.
وإذا سبق الإمام إلى قراءة سورة فليعدل إلى " الجمعة "، وكذا في
الثانية يعدل إلى سورة " المنافقين " ما لم يتجاوز نصف السورة، إلا في سورة
" الجحد " و " التوحيد ".
ويستحب الجهر بالظهر في يوم الجمعة. ومن يصلي ظهرا فالأفضل
إيقاعها في المسجد الأعظم. وإذا لم يكن إمام الجمعة ممن يقتدى به جاز
أن يقدم المأموم صلاته على الإمام. ولو صلى معه ركعتين وأتمهما بعد تسليم
الإمام ظهرا كان أفضل.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) النساء: 86.
(2) الكافي 3: 426 ح 6، التهذيب 3: 241 ح 649، الوسائل 4: 814 ب " 69 " من أبواب القراءة
في الصلاة ح 1.
(3) المعتبر 2: 304 - 305.
249

الفصل الثاني
في صلاة العيدين
والنظر فيها، وفي سننها.
وهي واجبة مع وجود الإمام عليه السلام، بالشروط المعتبرة في
الجمعة. وتجب جماعة، ولا يجوز التخلف إلا مع العذر، فيجوز حينئذ أن
يصلي منفردا ندبا. ولو اختلت الشرائط سقط الوجوب، واستحب الإتيان
بها جماعة وفرادى.
ووقتها ما بين طلوع الشمس إلى الزوال. ولو فاتت لم تقض.
وكيفيتها أن يكبر للإحرام، ثم يقرأ " الحمد " وسورة، والأفضل أن
يقرأ " الأعلى "، ثم يكبر بعد القراءة على الأظهر، ويقنت بالمرسوم حتى يتم

--------------------------------------------------------------------------------

(1) التهذيب 3: 127 ح 270، الوسائل 5: 106 ب " 10 " من أبواب صلاة العيد ح 4.
250

خمسا، ثم يكبر ويركع.
فإذا سجد السجدتين قام بغير تكبير فيقرأ " الحمد " وسورة،
والأفضل أن يقرأ " الغاشية "، ثم يكبر أربعا، يقنت بينها أربعا، ثم يكبر
خامسة للركوع ويركع، فيكون الزائد عن المعتاد تسعا: خمس في الأولى
وأربع في الثانية غير تكبيرة الإحرام، وتكبيرتي الركوعين.
وسنن هذه الصلاة الإصحار بها إلا بمكة،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 460 ح 3، التهذيب 3: 129 ح 278، الاستبصار 1: 448 ح 1733، الوسائل 5:
105 ب " 10 " من أبواب صلاة العيد ح 2.
(2) الفقيه 1: 321 ح 14، الكافي 3: 461 ح 10، التهذيب 3: 138 ح 307، الوسائل 5: 117
ب " 17 " من أبواب صلاة العيد ح 3 و 8.
251

والسجود على الأرض، وأن يقول المؤذنون: " الصلاة " ثلاثا، فإنه لا أذان
لغير الخمس، وأن يخرج الإمام حافيا، ماشيا على سكينة ووقار، ذاكرا الله
سبحانه، وأن يطعم قبل خروجه في الفطر، وبعد عوده في الأضحى مما
يضحي به، وأن يكبر في الفطر عقيب أربع صلوات أولاها المغرب ليلة
الفطر، وآخرها صلاة العيد،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الوسائل 5: 119 ب " 17 " من أبواب صلاة العيد ح 1، 5، 6، 10، 12.
(2) هكذا وردت العبارة في النسخ الخطية التي لدينا إلا في نسخة " ك " حيث أضيف في الهامش كلمة " كان "
قبل قوله " حافيا " وفي الحجرتين بدل كان " خرج " والظاهر أن ذلك أضيف من قبل النساخ لتتم الجملة
إذ بدون ذلك يكون جواب " لما " روى عن النبي " مع أن هذه الرواية لم تنقل عن الرضا عليه السلام،
آنذاك. والصحيح حذف كلمة " لما " وإضافة واو قبل " روي ".
(3) الكافي 1: 408 ح 7، عيون أخبار الرضا عليه السلام 2: 149 ح 21، إرشاد المفيد: 312،
الوسائل 5: 120 ب " 19 " من أبواب صلاة العيد ح 1.
(4) صحيح البخاري 2: 9.
252

وفي الأضحى عقيب خمس عشرة صلاة، أولها الظهر يوم النحر لمن
كان بمنى، وفي الأمصار عقيب عشر، يقول: " الله أكبر الله أكبر - وفي
الثالثة تردد - لا إله إلا الله والله أكبر، والحمد لله على ما هدانا، وله الشكر
على ما أولانا ". ويزيد في الأضحى " ورزقنا من بهيمة الأنعام ".
ويكره الخروج بالسلاح، وأن يتنفل قبل الصلاة أو بعدها إلا
بمسجد النبي صلى الله عليه وآله بالمدينة، فإنه يصلي ركعتين قبل
خروجه.
مسائل خمس:

--------------------------------------------------------------------------------

(1) سنن البيهقي 3: 282.
(2) سنن البيهقي 3: 283.
(3) الكافي 3: 461 ح 11، الفقيه 1: 322 ح 1475، التهذيب 3: 138 ح 308، الوسائل 5:
102 ب " 7 " من أبواب صلاة العيد ح 10.
253

الأولى: التكبير الزائد هل هو واجب؟ فيه تردد، والأشبه
الاستحباب. وبتقدير الوجوب، هل القنوت واجب؟ الأظهر لا. وبتقدير
وجوبه، هل يتعين فيه لفظ؟ الأظهر أنه لا يتعين وجوبا.
الثانية: إذا اتفق عيد وجمعة، فمن حضر العيد كان بالخيار في
حضور الجمعة. وعلى الإمام أن يعلمهم ذلك في خطبته. وقيل:
الترخيص مختص بمن كان نائبا عن البلد - كأهل السواد - فدعا لمشقة
العود، وهو الأشبه.
الثالثة: الخطبتان في العيدين بعد الصلاة، وتقديمهما بدعة، ولا

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الوسائل 5: 131 ب " 26 " من أبواب صلاة العيد.
(2) الكافي في الفقه: 154.
(3) الفقيه 1: 323 ح 1477، الوسائل 5: 115 ب " 15 " من أبواب صلاة العيد ح 1.
(4) منهم السيد المرتضى في جمل العلم: 75 وابن البراج في شرح جمل العلم: 132 - 133. والعلامة في
المنتهى 1: 345 والتذكرة 1: 159.
254

يجب استماعهما بل يستحب.
الرابعة: لا ينقل المنبر من الجامع بل يعمل شبه المنبر من طين
استحبابا.
الخامسة: إذا طلعت الشمس، حرم السفر حتى يصلي صلاة
العيد، إن كان ممن تجب عليه. وفي خروجه بعد الفجر، وقبل طلوعها،
تردد، والأشبه الجواز.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المعتبر 2: 324.
(2) التهذيب 3: 287 ح 860، الوسائل 5: 110 ب " 11 " من أبواب صلاة العيد ح 2.
(3) مسند أحمد 3: 52، سنن الترمذي 4: 469 ح 2172، مسند أبي يعلى 2: 289 ح 1009.
(4) الفقيه 1: 322 ح 1473، التهذيب 3: 290 ح 873، الوسائل 5: 137 ب " 33 " من أبواب
صلاة العيد.
255

الفصل الثالث
في صلاة الكسوف
والكلام في سببها، وكيفيتها، وحكمها.
أما الأول فتجب عند كسوف الشمس، وخسوف القمر، والزلزلة،
وهل تجب لما عدا ذلك من ريح مظلمة، وغير ذلك من أخاويف السماء؟

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الذكرى: 243.
(2) الصحاح 4: 1421.
(3) نقله عنه ابن الأثير في النهاية 4: 174.
(4) الفقيه 1: 341 ح 2، الوسائل 5: 143 ب " 1 " من أبواب صلاة الكسوف ح 10، مسند أحمد 5
: 37، مصنف عبد الرزاق 3: 96، 97 باب الآيات.
(5) سنن أبي داود 1: 307 ح 1182.
256

قيل: نعم، وهو المروي. وقيل: لا، بل يستحب، وقيل: تجب للريح
المخوفة، والظلمة الشديدة حسب.
ووقتها في الكسوف من حين ابتدائه إلى حين انجلائه، فإن لم يتسع
لها لم تجب، وكذا الرياح والأخاويف، إن قلنا بالوجوب. وفي الزلزلة تجب
وإن لم يطل المكث، ويصلي بنية الأداء وإن سكنت.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 464 ح 3، الفقيه 1: 346 ح 1529، التهذيب 3: 155 ح 330، الوسائل 5: 144
ب " 2 " من صلاة الكسوف والآيات ح 1.
(2) المعتبر 2: 330.
(3) الدروس: 45.
(4) الدروس: 45.
(5) الذكرى: 244.
257

ومن لم يعلم بالكسوف حتى خرج الوقت لم يجب القضاء، إلا أن
يكون القرص قد احترق كله. وفي غير الكسوف لا يجب القضاء. ومع
العلم والتفريط والنسيان يجب القضاء في الجميع.
وأما كيفيتها فهو أن يحرم، ثم يقرأ " الحمد " وسورة، ثم يركع، ثم

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المحقق الكركي في حاشيته على الشرائع " مخطوط ": 67.
(2) الفقيه 1: 343، علل الشرائع: 556 ب " 343 "، الوسائل 5: 144 ب " 7 " من صلاة الكسوف
والآيات ح 1.
258

يرفع رأسه، فإن كان لم يتم السورة قرأ من حيث قطع، وإن كان أتم قرأ
" الحمد " ثانيا، ثم قرأ سورة، حتى يتم خمسا على هذا الترتيب، ثم يركع،
ويسجد اثنتين، ثم يقوم ويقرأ " الحمد " و " سورة " معتمدا ترتيبه الأول،
ويتشهد، ويسلم.
ويستحب فيها الجماعة، وإطالة الصلاة بمقدار زمان الكسوف،
وأن يعيد الصلاة إن فرغ قبل الانجلاء، وأن يكون مقدار ركوعه بمقدار

259

زمان قراءته، وأن يقرأ السور الطوال مع سعة الوقت، وأن يكبر عند كل
رفع [رأس] من كل ركوع، إلا في الخامس والعاشر، فإنه يقول: سمع
الله لمن حمده، وأن يقنت خمس قنوتات.
وأما حكمها فمسائله ثلاث:
الأولى: إذا حصل الكسوف في وقت فريضة حاضرة، كان مخيرا في
الإتيان بأيهما شاء، ما لم تتضيق الحاضرة فتكون أولى، وقيل: الحاضرة
أولى مطلقا، والأول أشبه.
الثانية: إذا اتفق الكسوف في وقت نافلة الليل، فالكسوف أولى -
ولو خرج وقت النافلة - ثم يقضي النافلة.
الثالثة: يجوز أن يصلي صلاة الكسوف على ظهر الدابة وماشيا،
وقيل: لا يجوز ذلك إلا مع العذر، وهو الأشبه.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الوسائل 5: 154 ب " 9 " من أبواب صلاة الكسوف والآيات.
(2) حاشية الشرائع للمحقق الكركي: 70.
260

الفصل الرابع
في الصلاة على الأموات
وفيه أقسام:
الأول: من يصلى عليه.
وهو كل من كان مظهرا للشهادتين، أو طفلا له ست سنين ممن له
حكم الإسلام. ويتساوى الذكر في ذلك والأنثى، والحر والعبد.
ويستحب الصلاة على من لم يبلغ ذلك إذا ولد حيا، فإن وقع سقطا لم
يصل عليه ولو ولجته الروح.
الثاني: في المصلي.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) راجع ص 265 وص 268.
261

وأحق الناس بالصلاة عليه أولاهم بميراثه.
والأب أولى من الابن. وكذا الولد أولى من الجد والأخ والعم.
والأخ من الأب والأم أولى ممن يمت بأحدهما.

262

والزوج أولى بالمرأة من عصباتها وإن قربوا.
وإذا كان الأولياء جماعة، فالذكر أولى من الأنثى، والحر أولى من
العبد. ولا يتقدم الولي، إلا إذا استكملت فيه شرائط الإمامة، وإلا قدم
غيره. وإذا تساوى الأولياء قدم الأفقه، فالأقرأ، فالأسن، فالأصبح. ولا
يجوز أن يتقدم أحد إلا بإذن الولي، سواء كان بشرائط الإمامة أو لم يكن

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 376 ح 5 علل الشرائع: 326 ب " 20 " ح 2، التهذيب 3: 31 ح 113، الوسائل 5:
419 ب " 28 " من صلاة الجماعة ح 1.
(2) المعتبر 2: 346.
(3) نهج البلاغة صبحي صالح: 427 في عهده عليه السلام إلى مالك الأشتر.
263

بعد أن يكون مكلفا.
وإمام الأصل أولى بالصلاة من كل أحد. والهاشمي أولى من غيره
إذا قدمه الولي، وكان بشرائط الإمامة.
ويجوز أن تؤم المرأة بالنساء، ويكره أن تبرز عنهن، بل تقف في
صفهن. وكذا الرجال العراة. وغيرهما من الأئمة يبرز أمام الصف ولو كان
المؤتم واحدا. وإذا اقتدت النساء بالرجل، وقفن خلفه. [وإن كان ورائه
رجال وقفن خلفهم]. وإن كان فيهن حائض انفردت عن صفهن استحباب.
الثالث: في كيفية الصلاة.
وهي خمس تكبيرات، والدعاء بينهن غير لازم. ولو قلنا بوجوبه، لم
نوجب لفظا على التعيين.
وأفضل ما يقال ما رواه محمد بن مهاجر عن أمه - أم سلمة - عن
أبي عبد الله عليه السلام، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا صلى
على ميت كبر وتشهد، ثم كبر وصلى على الأنبياء، ثم كبر ودعا للمؤمنين،
ثم كبر الرابعة ودعا للميت، ثم كبر [الخامسة] وانصرف (1).

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 181 ح 3، علل الشرائع: 303 ب " 244 " ح 3، التهذيب 3: 189 ح 431، الوسائل
2: 763 ب " 2 " من أبواب صلاة الجنازة ح 1.
(2) الوسائل 2: 765 ب " 2 " من أبواب صلاة الجنازة.
264

وإن كان منافقا، اقتصر المصلي على أربع، وانصرف بالرابعة.
وتجب فيها النية، واستقبال القبلة، وجعل رأس الجنازة إلى يمين
المصلي.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) في هامش " ج " (الشيخ علي رحمه الله). راجع المقاصد 1: 424.
(2) الفقيه 1: 105 ح 490، التهذيب 3: 197 ح 453، الوسائل 2: 770 ب " 4 " من أبواب صلاة
الجنازة ح 2، 6.
(3) الدروس: 12.
(4) الذكرى: 60.
(5) الذكرى: 58.
265

وليست الطهارة من شرائطها. ولا يجوز التباعد عن الجنازة كثيرا.
ولا يصلى على الميت إلا بعد تغسيله وتكفينه. فإن لم يكن له كفن، جعل
في القبر، وسترت عورته، وصلي عليه بعد ذلك.
وسنن الصلاة أن يقف الإمام عند وسط الرجل وصدر المرأة وإن
اتفقا جعل الرجل مما يلي الإمام، والمرأة وراءه، ويجعل صدرها محاذيا
لوسطه ليقف الإمام موقف الفضيلة، ولو كان طفلا جعل من وراء المرأة.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 215 ح 2، عيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 255 ب " 26 " ح 8، التهذيب 3: 327
ح 1021، الوسائل 2: 812 ب " 35 " من أبواب صلاة الجنازة.
266

وأن يكون المصلي متطهرا، وينزع نعليه، ويرفع يديه في أول تكبيرة

--------------------------------------------------------------------------------

(1) التذكرة 1: 50.
(2) الكافي 3: 176 ح 2، التهذيب 3: 206 ح 491، الوسائل 2: 804 ب " 26 " من أبواب صلاة
الجنازة.
(3) الكافي 3: 184 ح 5، التهذيب 3: 194 ح 445 إلى 447، الاستبصار 1: 478 ح 1850 إلى
1853، الوسائل 2: 786 ب " 10 " من أبواب صلاة الجنازة ح 1، 2، 3.
(4) الكافي 3: 189 ح 3، الوسائل 2: 770 ب " 4 " من أبواب صلاة الجنازة ح 2.
(5) التوحيد للصدوق: 243 ب " 36 " ومحل الشاهد في: 248، الوسائل 4: 1100 ب " 12 " من
أبواب الدعاء.
267

إجماعا، وفي البواقي على الأظهر. ويستحب عقيب الرابعة أن يدعو له إن
كان مؤمنا وعليه إن كان منافقا، وبدعاء المستضعفين إن كان كذلك، وإن
جهله سأل الله أن يحشره مع من كان يتولاه،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 188 ح 2، الوسائل 2: 771 ب " 4 " من أبواب صلاة الجنازة ح 6.
(2) الكافي 3: 188 ح 5، الوسائل كالمتقدم ح 5.
(3) الكافي 3: 187 ح 2، التهذيب 3: 196 ح 450، وفيهما " وإن كان واقفا مستضعفا "، الوسائل 2
: 786 ب " 3 " من أبواب صلاة الجنازة ح 3.
268

وإن كان طفلا سأل الله أن يجعله مصلحا لحال أبيه شافعا فيه، وإذا فرغ
من الصلاة وقف موقفه حتى ترفع الجنازة،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 188 ح 6، الوسائل 2: 769 ب " 3 " من أبواب صلاة الجنازة ح 7.
(2) الكافي 3: 187 ح 3، الوسائل كالمتقدم ح 4.
(3) التهذيب 3: 195 ح 449، الوسائل 2: 787 ب " 12 " من أبواب صلاة الجنازة.
(4) الذكرى: 64.
269

وأن يصلى على الجنازة في المواضع المعتادة، ولو صلي في المساجد جاز.
وتكره الصلاة على الجنازة الواحدة مرتين.
مسائل خمس:
الأولى: من أدرك الإمام في أثناء صلاته تابعه، فإذا فرغ أتم ما بقي
عليه ولاء. ولو رفعت الجنازة أو دفنت أتم ولو على القبر.
الثانية: إذا سبق المأموم بتكبيرة أو ما زاد، استحب له إعادتها مع
الإمام.
الثالثة: يجوز أن يصلي على القبر يوما وليلة من لم يصل عليه، ثم لا
يصلى بعد ذلك.

270

الرابعة: الأوقات كلها صالحة لصلاة الجنازة، إلا عند تضيق وقت
فريضة حاضرة، ولو خيف على الميت - مع سعة الوقت - قدمت الصلاة
عليه.
الخامسة: إذا صلى على جنازة بعض الصلاة ثم حضرت أخرى
كان مخيرا، إن شاء استأنف الصلاة عليهما، وإن شاء أتم الأولى على
الأول، واستأنف للثاني.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المختلف: 120.
(2) البيان: 29.
(3) الشهيد في الذكرى: 63 - 64 والمحقق الكركي في جامع المقاصد 1: 436 وحاشيته على الشرائع 72.
271

الفصل الخامس
في الصلوات المرغبات
وهي قسمان:
النوافل اليومية، وقد ذكرناها.
وما عدا ذلك فهو ينقسم على قسمين:
فمنها ما لا يختص وقتا بعينه. وهذا القسم كثير، غير أننا نذكر
مهمه، وهو صلوات:
الأولى: صلاة الاستسقاء.
وهي مستحبة عند غور الأنهار، وفتور الأمطار.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) ما أثبتناه من " م " و " ك " وفي سائر النسخ لتضمنه.
(2) لم يرد " العطاء " في ج.
(3) الدهر: 21.
(4) الجن: 16.
272

وكيفيتها مثل كيفية صلاة العيد، غير أنه يجعل مواضع القنوت في
العيد استعطاف الله سبحانه، وسؤاله الرحمة بإرسال الغيث، ويتخير من
الأدعية ما تيسر له، وإلا فليقل ما نقل في أخبار أهل البيت عليهم
السلام.
ومسنونات هذه الصلاة أن يصوم الناس ثلاثة أيام، ويكون
خروجهم يوم الثالث.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) انظر فقه الرضا عليه السلام: 153 ب 18، البحار 91: 293 باب صلاة الاستسقاء.
(2) لسان العرب 8: 170 مادة " سيع ".
(3) الأعراف: 4.
(4) النجم: 9 " والصحيح فكان قاب قوسين ".
273

ويستحب أن يكون ذلك الثالث الاثنين، فإن لم يتيسر فالجمعة.
وأن يخرجوا إلى الصحراء حفاة، على سكينة ووقار، ولا يصلوا في
المساجد، وأن يخرجوا معهم الشيوخ والأطفال والعجائز، ولا يخرجوا ذميا،
ويفرقوا بين الأطفال وأمهاتهم، فإذا فرغ الإمام من صلاته حول رداءه، ثم
استقبل القبلة، وكبر مائة رافعا بها صوته، وسبح الله إلى يمينه كذلك،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 462 ح 1، التهذيب 3: 148 ح 322، الوسائل 5: 162 ب " 1 " من أبواب صلاة
الاستسقاء ح 2.
(2) المحاسن: 58 ب " 74 " ح 94، المقنعة: 25، مصباح المتهجد: 182.
(3) راجع إرشاد الأذهان 1: 266 ونهاية الأحكام 2: 102 واللمعة الدمشقية: 16.
(4) علل الشرائع: 346 ب " 55 " ح 1.
274

وهلل عن يساره مثل ذلك، واستقبل الناس، وحمد الله مائة، وهم يتابعونه
في كل ذلك، ثم يخطب، ويبالغ في تضرعاته، فإن تأخرت الإجابة كرروا
الخروج، حتى تدركهم الرحمة.
وكما تجوز هذه الصلاة عند قلة الأمطار، فإنها تجوز عند جفاف مياه
العيون والآبار.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المبسوط 1: 134، الخلاف 1: 687 مسألة 462، النهاية: 138، الجمل والعقود: 193.
(2) منهم ابن البراج في المهذب 1: 144، ويحيى بن سعيد في الجامع: 119.
(3) المتقدم.
(4) الذكرى: 250.
275

الثانية: صلاة الاستخارة، وصلاة الحاجة، وصلاة الشكر، وصلاة
الزيارة.
ومنها ما يختص وقتا معينا وهي صلوات [خمس]:
الأولى: نافلة شهر رمضان. والأشهر في الروايات استحباب ألف
ركعة في شهر رمضان، زيادة على النوافل المرتبة.
يصلي في كل ليلة عشرين ركعة: ثمان بعد المغرب، واثنتي عشرة

--------------------------------------------------------------------------------

(1) التهذيب 3: 69 ح 225، الاستبصار 1: 467 ح 1806، الوسائل 5: 190 ب " 9 " من أبواب
نافلة شهر رمضان ح 3.
(2) الفقيه 88 ح 396، التهذيب 3: 69 ح 224، الاستبصار 1: 467 ح 1805، الوسائل
كالمتقدم ح 2.
(3) راجع كلامه في الفقيه 2: 89 ذيل الحديث 397.
(4) التهذيب 3: 61 ح 209 وص 63 ح 215، الوسائل 5: 176 ب " 5 " من أبواب نافلة شهر رمضان.
وليس فيهما أن الألف في جميع الشهر للضعفاء.
(5) انظر الوسائل 5: 177 ب " 6 " من أبواب نافلة شهر رمضان.
(6) قال في المراسم: 82 لا خلاف في أنها ألف ركعة وقال المحقق الثاني في حاشيته على الشرائع: 73 بل
كاد أن يكون إجماعا.
276

ركعة بعد العشاء، على الأظهر.
وفي كل ليلة من العشر الأواخر ثلاثين على الترتيب المذكور.
وفي ليالي الإفراد الثلاث في كل ليلة مائة ركعة.
وروي أنه يقتصر في ليالي الإفراد على المائة حسب، فيبقى عليه
ثمانون، يصلي في كل جمعة عشر ركعات بصلاة علي وفاطمة وجعفر عليهم

--------------------------------------------------------------------------------

(1) ما ذكره الشيخ في النهاية: 139 هو التخيير الآتي في العشر الأخير من الشهر، فراجع.
(2) الوسائل 5: 187 ب " 7 " من أبواب نافلة شهر رمضان.
(3) الوسائل 5: 187 ب " 7 " من أبواب نافلة شهر رمضان.
(4) الذكرى: 254.
(5) الوسائل 5: 187 ب " 7 " من أبواب نافلة شهر رمضان.
(6) منهم أبو الصلاح في الكافي: 159.
(7) الوسائل الباب المتقدم.
(8) الحديث " 6 " من الباب المذكور.
277

السلام، وفي آخر جمعة عشرين ركعة بصلاة علي عليه السلام، وفي عشية
تلك الجمعة عشرين ركعة بصلاة فاطمة عليها السلام.
وصلاة أمير المؤمنين عليه السلام أربع ركعات بتشهدين

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الحديث " 1 " من الباب المذكور.
(2) الحديث المتقدم.
(3) الذكرى: 254.
278

وتسليمين، يقرأ في كل ركعة " الحمد " مرة، وخمسين مرة " قل هو الله
أحد ".
وصلاة فاطمة عليها السلام ركعتان، يقرأ في الأولى " الحمد " مرة
و " القدر " مائة مرة، وفي الثانية ب‍ " الحمد " مرة وسورة " التوحيد " مائة مرة.
وصلاة جعفر أربع ركعات بتشهدين وتسليمتين، يقرأ في الأولى

--------------------------------------------------------------------------------

(1) مصباح المتهجد: 256، الوسائل 5: 245 ب " 13 " من بقية الصلوات المندوبة ح 2.
(2) الفقيه 1: 356 ح 1560، الوسائل 5: 243 ب " 10 " من بقية الصلوات المندوبة ح 2.
(3) الفقيه 1: 356.
(4) الفقيه 1: 356 ح 1559 والحديث منقول ملخصا، الوسائل 5: 243 ب " 10 " من بقية الصلوات
المندوبة ح 1.
279

" الحمد " و " إذا زلزلت " مرة، ثم يقول خمس عشرة مرة " سبحان الله والحمد
لله ولا إله إلا الله والله أكبر "، ثم يركع ويقولها عشرا، وهكذا يقولها عشرا
بعد رفع رأسه، وفي سجوده، وبعد رفعه، وفي سجوده ثانيا، وبعد الرفع
منه، فيكون في كل ركعة خمس وسبعون مرة، ويقرأ في الثانية
و " العاديات "، وفي الثالثة " إذا جاء نصر الله والفتح "، وفي الرابعة " قل هو
الله أحد ".

--------------------------------------------------------------------------------

(1) راجع الفقيه 1: 347 ح 1536، التهذيب 3: 186 ح 420 عن بسطام. بتفاوت في الألفاظ.
الوسائل 5: 194 ب " 1 " من صلاة جعفر.
(2) الكافي 3: 467، الفقيه 1: 349 ح 1540 مرسلا، التهذيب 3: 188 ح 426، الوسائل 5
: 194 ب " 1 " من صلاة جعفر ح 2.
(3) الفقيه 1: 348 ح 1537، فقه الرضا: 155 ب " 19 ".
(4) الكافي 3: 466 ح 3، الفقيه 1: 349 ح 1543، التهذيب 3: 187 ح 424، الوسائل 5: 202
ب " 8 " من صلاة جعفر.
(5) الفقيه 1: 349 ح 1541، التهذيب 3: 309 ح 957، الوسائل 5: 201 ب " 6 " من أبواب
صلاة جعفر.
280

ويستحب أن يدعو في آخر سجدة بالدعاء المخصوص بها.
الثانية: صلاة ليلة الفطر.
وهي ركعتان يقرأ في الأولى " الحمد " مرة، وألف مرة " قل هو الله
أحد، وفي الثانية " الحمد " و " قل هو الله أحد " مرة.
الثالثة: صلاة يوم الغدير.
وهو الثامن عشر من ذي الحجة، قبل الزوال بنصف ساعة.
الرابعة: صلاة ليلة النصف من شعبان.
الخامسة: صلاة ليلة المبعث ويومه.
وتفصيل هذه الصلوات، وما يقال فيها وبعدها، مذكور في كتب
العبادات.
خاتمة
كل النوافل يجوز أن يصليها الإنسان قاعدا، وقائما أفضل.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 411 ح 8، الفقيه 1: 238 ح 1046، التهذيب 2: 170 ح 675، الوسائل 4: 700
ب " 9 " من أبواب القيام.
(2) التهذيب 2: 170 ح 676، الوسائل كما تقدم.
(3) فخر المحققين في إيضاح الفوائد 1: 100.
281

وإن جعل كل ركعتين من جلوس، مقام ركعة، كان أفضل.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 2: 6110 ح 1، ثواب الأعمال 126، الوسائل 44: 840 ب " 11 " من أبواب قراءة القرآن
ح 4.
282

الركن الرابع
في التوابع
وفيه فصول:
الفصل الأول
في الخلل الواقع في الصلاة
وهو إما عن عمد، أو سهو، أو شك.
أما العمد فمن أخل بشئ من واجبات الصلاة عامدا، فقد أبطل
صلاته، شرطا كان ما أخل به، أو جزءا منها، أو كيفية، أو تركا، وكذا
لو فعل ما يجب تركه، أو ترك ما يجب فعله، جهلا بوجوبه،

283

إلا الجهر والإخفات في مواضعهما.
ولو جهل غصبية الثوب الذي يصلي فيه، أو المكان، أو نجاسة
الثوب، أو البدن، أو موضع السجود، فلا إعادة.
فروع
الأول: إذا توضأ بماء مغصوب مع العلم بالغصبية وصلى، أعاد
الطهارة والصلاة. ولو جهل غصبيته لم يعد إحداهما.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) في " ج " فقط.
284

الثاني: إذا لم يعلم أن الجلد ميتة، فصلى فيه ثم علم، لم يعد إذا
كان في يد مسلم، أو شراه من سوق المسلمين.
فإن أخذه من غير مسلم، أو وجده مطروحا، أعاد.
الثالث: إذا لم يعلم أنه من جنس ما يصلى فيه، وصلى، أعاد.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) في ص 127.
(2) كما في التذكرة 1: 94 والقواعد 1: 42. وحاشية المحقق الثاني على الشرائع: 74 بالنسبة إلى؟
المسلم المأخوذ منه.
(3) التهذيب 2: 368 ح 1532، الوسائل 4: 332 ب " 55 " من أبواب لباس المصلي ح 3.
285

وأما السهو فإن أخل بركن أعاد، كمن أخل بالقيام حتى نوى، أو
بالنية حتى كبر، أو بالتكبير حتى قرأ، أو بالركوع حتى سجد، أو
بالسجدتين حتى ركع فيما بعد.
وقيل: يسقط الزائد ويأتي بالفائت ويبني، وقيل: يختص هذا
الحكم بالأخيرتين، ولو كان في الأوليين استأنف. والأول أظهر. وكذا لو
زاد في الصلاة ركعة أو ركوعا أو سجدتين أعاد سهوا وعمدا.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الوسائل 5: 332 ب " 19 " من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 5، 7.
(2) الوسائل 5: 332 ب " 19 " من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 4، 6.
(3) الوسائل الباب المذكور ح 1، 2، 3.
(4) الذكرى: 219.
286

وقيل: لو شك في الركوع فركع، ثم ذكر أنه كان قد ركع، أرسل
نفسه، ذكره الشيخ وعلم الهدى، والأشبه البطلان.
وإن نقص ركعة، فإن ذكر قبل فعل ما يبطل الصلاة أتم، ولو
كانت ثنائية. وإن ذكر بعد أن فعل ما يبطلها عمدا أو سهوا أعاد، وإن
كان يبطلها عمدا لا سهوا كالكلام، فيه تردد، والأشبه الصحة.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الذكرى: 222.
(2) الدروس: 47.
(3) انظر الصحاح 3: 1222 مادة " ركع ".
(4) مقتضى هذه العبارة والتي ستأتي في ص 291 أن كلمة " ركعة " لم تكن في نسخة الشرائع لدى الشارح
رحمه الله.
287

وكذا لو ترك التسليم ثم ذكر.
ولو ترك سجدتين، ولم يدر أهما من ركعتين أو ركعة؟ رجحنا جانب
الاحتياط. ولو كانتا من ركعتين ولم يدر أيتهما هي؟ قيل: يعيد لأنه لم تسلم
له الأوليان يقينا والأظهر أنه لا إعادة، وعليه سجدتا السهو.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الوسائل 5: 307 ب " 3 " من أبواب الخلل.
(2) حاشية شرائع الإسلام: 73 " مخطوط " ويظهر منه أن نسخة المحقق الكركي أيضا كانت كذلك.
288

وإن أخل بواجب غير ركن فمنه ما يتم معه الصلاة من غير تدارك،
ومنه ما يتدارك من غير سجود، ومنه ما يتدارك مع سجدتي السهو.
فالأول: من نسي القراءة، أو الجهر أو الإخفات في مواضعهما، أو
قراءة " الحمد " أو قراءة السورة حتى ركع، أو الذكر في الركوع أو الطمأنينة
فيه حتى رفع رأسه، أو رفع رأسه أو الطمأنينة فيه حتى سجد، أو الذكر
في السجود أو السجود على الأعضاء السبعة أو الطمأنينة فيه حتى رفع
رأسه، أو رفع رأسه من السجود أو الطمأنينة فيه حتى سجد ثانيا، أو

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الفقيه 1: 227 ح 1003، التهذيب 2: 147 ح 577 و 162 ح 635، الاستبصار 1: 313
ح 1163، الوسائل 4: 766 ب " 26 " من أبواب القراءة في الصلاة.
289

الذكر في السجود الثاني أو السجود على الأعضاء السبعة أو الطمأنينة فيه
حتى رفع رأسه منه.
الثاني: من نسي قراءة " الحمد " حتى قرأ سورة استأنف " الحمد "
وسورة. وكذا لو نسي الركوع وذكر قبل إن يسجد، قام فركع ثم سجد.

290

وكذا من ترك السجدتين، أو إحداهما، أو التشهد، وذكر قبل إن
يركع، رجع فتلافاه، ثم قام وأتى بما يلزم من قراءة أو تسبيح، ثم ركع.
ولا يجب في هذين الموضعين سجدتا السهو، وقيل: يجب، والأول أظهر.
ولو ترك الصلاة على النبي وعلى آله عليهم السلام حتى سلم، قضاهما بعد
التسليم.

291

الثالث: من ترك سجدة أو التشهد، ولم يذكر حتى يركع، قضاهما
أو أحدهما، وسجد سجدتي السهو.
وأما الشك ففيه مسائل:
الأولى: من شك في عدد الواجبة الثنائية أعاد كالصبح وصلاة
السفر، وصلاة العيدين إذا كانت فريضة، والكسوف، وكذا المغرب.
الثانية: إذا شك في شي ء من أفعال الصلاة ثم ذكر، فإن كان في

--------------------------------------------------------------------------------

(1) راجع ص 287 مع التعليق رقم 4.
(2) البيان: 148.
292

موضعه أتى به وأتم، وإن انتقل مضى في صلاته، سواء كان ذلك الفعل
ركنا أو غيره، وسواء كان في الأوليين أو الأخريين على الأظهر.
تفريع
إذا تحقق نية الصلاة، وشك هل نوى ظهرا أو عصرا مثلا أو فرضا
أو نفلا، استأنف.
الثالثة: إذا شك في أعداد الرباعية، فإن كان في الأوليين أعاد وكذا
إذا لم يدر كم صلى. وإن تيقن الأوليين، وشك في الزائد، وجب عليه
الاحتياط.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) النهاية الأحكام 1: 539.
293

ومسائله أربع:
الأولى: من شك بين الاثنتين والثلاث بنى على الثلاث، وأتم،
وتشهد، وسلم، ثم استأنف ركعة من قيام أو ركعتين من جلوس.
الثانية: من شك بين الثلاث والأربع بنى على الأربع وتشهد
وسلم، واحتاط كالأولى.
الثالثة: من شك بين الاثنين والأربع بنى على الأربع وتشهد
وسلم، ثم أتى بركعتين من قيام.
الرابعة: من شك بين الاثنين والثلاثة والأربع. بنى على الأربع
وتشهد وسلم، ثم أتى بركعتين من قيام وركعتين من جلوس.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 353، الفقيه 1: 230 ح 1021، التهذيب 2: 187 ح 742، الوسائل 5: 25 3
ب " 13 " من أبواب الخلل الواقع في الصلاة.
294

وهاهنا مسائل:
الأولى: لو غلب على ظنه أحد طرفي ما شك فيه، بنى على
الظن (1)، وكان كالعلم.
الثانية: هل يتعين في الاحتياط الفاتحة أو يكون مخيرا بينها وبين
التسبيح؟
قيل بالأول لأنها صلاة منفردة ولا صلاة إلا بها. وقيل: بالثاني،
لأنها قائمة مقام ثالثة أو رابعة، فيثبت فيها التخيير كما ثبت في المبدل منه،
والأول أشبه.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) في بعض نسخ الشرائع بدل الظن " الأظهر ".
295

الثالثة: لو فعل ما يبطل الصلاة قبل الاحتياط، قيل: تبطل
الصلاة ويسقط الاحتياط، لأنها معرضة لأن تكون تماما، والحديث يمنع
ذلك. وقيل: لا تبطل لأنها صلاة منفردة، وكونها بدلا لا يوجب مساواتها
للمبدل منه في كل حكم.
الرابعة: من سها في سهو لم يلتفت وبنى على صلاته.
وكذا إذا سها

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الذكرى: 227.
296

المأموم، عول على صلاة الإمام. ولا شك على الإمام، إذا حفظ عليه من
خلفه.

297

ولا حكم للسهو مع كثرته. ويرجع في الكثرة إلى ما يسمى في العادة كثيرا،
وقيل: أن يسهو ثلاثا في فريضة، وقيل إن يسهو مرة في ثلاث فرائض،
والأول أظهر.
الخامسة: من شك في عدد النافلة بنى على الأكثر، وإن بنى على
الأقل كان أفضل.

298

خاتمة
في سجدتي السهو
وهما واجبتان حيث ذكرناه، وفي من تكلم ساهيا أو سلم في غير
موضعه، أو شك بين الأربع والخمس. وقيل: في كل زيادة ونقيصة، إذا
لم يكن مبطلا.
ويسجد المأموم مع الإمام واجبا، إذا عرض له السبب. ولو انفرد
أحدهما كان له حكم نفسه.
وموضعهما بعد التسليم للزيادة والنقصان، وقيل قبله، وقيل
بالتفصيل، والأول أظهر.
وصورتهما أن ينوي ثم يكبر مستحبا، ثم يسجد، ثم يرفع رأسه،
ثم يسجد، ثم يرفع رأسه ويتشهد تشهدا خفيفا، ثم يسلم. وهل يجب
فيهما الذكر؟ فيه تردد. ولو وجب هل يتعين بلفظ؟ الأشبه لا. ولو أهملهما
عمدا، لم تبطل الصلاة. وعليه الإتيان بهما، ولو طالت المدة.

299

الفصل الثاني
في قضاء الصلوات
والكلام في سبب الفوات، والقضاء، ولواحقه.
أما السبب فمنه ما يسقط معه القضاء، وهو سبعة: الصغر،
والجنون، والإغماء على الأظهر، والحيض والنفاس، والكفر الأصلي
وعدم التمكن من فعل ما يستبيح به الصلاة من وضوء أو غسل أو تيمم،
وقيل: يقضي عند التمكن، والأول أشبه.
وما عداه يجب معه القضاء، كالإخلال بالفريضة، عمدا أو سهوا،
عدا الجمعة والعيدين، وكذا النوم وإن استوعب الوقت. ولو زال عقل
المكلف بشئ من قبله، كالسكر وشرب المرقد، وجب القضاء، لأنه سبب

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 356 ح 5، الفقيه 1: 226 ح 997 وليس فيهما حرف العطف، التهذيب 2: 196
ح 773 وفيه " والسلام "، الوسائل 5: 334 ب " 20 " من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 1.
(2) الذكرى: 135.
(3) الذكرى: 135.
300

في زوال العقل غالبا. ولو أكل غذاءا مؤذيا فآل إلى الإغماء، لم يقض.
وإذا ارتد المسلم، أو أسلم الكافر ثم كفر، وجب عليه قضاء زمان
ردته.
وأما القضاء فإنه يجب قضاء الفائتة إذا كانت واجبة. ويستحب إذا
كانت نافلة مؤقتة استحبابا مؤكدا، فإن فاتت لمرض لا يزيل العقل لم يتأكد
الاستحباب. ويستحب أن يتصدق عن كل ركعتين بمد، فإن لم يتمكن
فعن كل يوم بمد.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المبسوط 1: 126.
(2) في هامش نسخة " ج ": (إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا) أثبت لهم إيمانا بعد كفر وهو شامل لذي
الفطرة وغيرها. والآية في سورة النساء: 137.
301

ويجب قضاء الفائتة وقت الذكر، ما لم يتضيق وقت حاضرة وتترتب
السابقة على اللاحقة، كالظهر على العصر، والعصر على المغرب، والمغرب
على العشاء، سواء كان ذلك ليوم حاضر، أو صلوات يوم فائت. فإن فاتته
صلوات، لم تترتب على الحاضرة، وقيل: تترتب، والأول أشبه.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المحاسن: 315 ح 33، الكافي 3: 453 ح 13، الفقيه 1: 359 ح 1577، التهذيب 2: 11
ح 25، الوسائل 3: 55 ب " 18 " من أبواب أعداد الفرائض ح 2.
302

ولو كان عليه صلاة فنسيها وصلى الحاضرة لم يعد. ولو ذكر في
أثنائها عدل إلى السابقة. ولو صلى الحاضرة مع الذكر أعاد.
ولو دخل في نافلة، وذكر في أثنائها أن عليه فريضة، استأنف
الفريضة.
ويقضي صلاة السفر قصرا ولو في الحضر، وصلاة الحضر تماما ولو
في السفر.
وأما اللواحق فمسائل:

--------------------------------------------------------------------------------

(1) مغني اللبيب 2: 685.
(2) الصحاح 1: 133 مادة " رتب "، مجمل اللغة 1: 419.
303

الأولى: من فاتته فريضة من الخمس غير معينة، قضى صبحا،
ومغربا، وأربعا عما في ذمته، وقيل يقضي صلاة يوم، والأول مروي، وهو
أشبه. ولو فاته من ذلك مرات لا يعلمها، قضى كذلك، حتى يغلب على
ظنه أنه وفى.
الثانية: إذا فاتته صلاة معينة ولم يعلم كما مرة، كرر من تلك
الصلاة حتى يغلب عنده الوفاء. ولو فاتته صلوات، لا يعلم كميتها ولا
عينها، صلى أياما متوالية حتى يعلم أن الواجب دخل في الجملة.
الثالثة: من ترك الصلاة مرة مستحلا، قتل إن كان ولد مسلما،
واستتيب إن كان أسلم عن كفر، فإن امتنع قتل، فإن ادعى الشبهة
المحتملة درئ عنه الحد، وإن لم يكن مستحلا عزر، فإن عاد ثانية عزر،
فإن عدد ثالثة قتل، وقيل: بل في الرابعة، وهو الأحوط.

304

الفصل الثالث
في الجماعة
والنظر في أطراف:
الأول
الجماعة مستحبة في الفرائض كلها. وتتأكد في الصلاة المرتبة. ولا
تجب إلا في الجمعة والعيدين مع الشرائط. ولا تجوز في شئ من النوافل،
عدا الاستسقاء والعيدين مع اختلال شرائط الوجوب. وتدرك الصلاة -
جماعة - بإدراك الركوع، وبإدراك الإمام راكعا على الأشبه.
وأقل ما تنعقد باثنين، الإمام أحدهما. ولا تصح مع حائل بين
الإمام والمأموم، يمنع المشاهدة.

305

إلا أن يكون المأموم امرأة، ولا تنعقد والإمام أعلى من المأموم بما يعتد به
كالأبنية، على تردد.
ويجوز أن يقف على علو من أرض منحدرة. ولو كان المأموم على بناء
عال كان جائزا.
ولا يجوز تباعد المأموم عن الإمام بما يكون كثيرا في العادة، إذا لم

--------------------------------------------------------------------------------

(1) لعل مراده بذلك حديث زرارة. راجع الكافي 3: 385 ح 4، الفقيه 1: 253 ح 1144، التهذيب
3: 52 ح 182، الوسائل 5: 462 ب " 62 " من أبواب صلاة الجماعة ح 2. راجع الجواهر 13.
167، المدارك 4: 321 وإن كان في الدلالة تأمل. انظر الوسائل 5: 463 ب " 63 " من أبواب صلاة
الجماعة ح 1.
306

يكن بينهما صفوف متصلة. أما إذا توالت الصفوف فلا بأس.
ويكره أن يقرأ المأموم خلف الإمام، إلا إذا كانت الصلاة جهرية
ثم لا يسمع ولا همهمة، وقيل: يحرم، وقيل: يستحب أن يقرأ الحمد فيما
لا يجهر فيه، والأول أشبه. ولو كان الإمام ممن لا يقتدى به، وجبت
القراءة.
وتجب متابعة الإمام، فلو رفع المأموم رأسه عامدا استمر، وإن كان
ناسيا أعاد.

307

وكذا لو هوى إلى سجود أو ركوع. ولا يجوز أن يقف المأموم قدام الإمام.
ولا بد من نية الائتمام والقصد إلى إمام معين، فلو كان بين يديه
اثنان، فنوى الائتمام بهما، أو بأحدهما ولم يعين، لم تنعقد.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) التذكرة 1: 185.
(2) نهاية الأحكام 2: 117.
(3) البيان: 134، الدروس: 54. ورد فيهما الاعتبار بالعقب دون التصريح بالتصحيح.
308

ولو صلى اثنان، فقال كل واحد منهما كنت إماما صحت صلاتهما.
ولو قال: كنت مأموما، لم تصح صلاتهما، وكذا لو شكا فيما أضمراه.
ويجوز أن يأتم المفترض بالمفترض وإن اختلف الفرضان، والمتنفل
بالمفترض،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 375 ح 3، الفقيه 1: 250 ح 1123، التهذيب 3: 54 ح 186، الوسائل 5: 420
ب " 29 " من أبواب صلاة الجماعة.
309

والمتنفل والمفترض بالمتنفل في أماكن، وقيل مطلقا.
ويستحب أن يقف المأموم عن يمين الإمام إن كان رجلا واحدا،
وخلفه إن كانوا جماعة أو امرأة ولو كان الإمام امرأة، وقفت النساء إلى
جانبيها.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) ليس في " ج ".
(2) المبسوط 1: 154.
310

وكذا إذا صلى العاري بالعراة، جلس وجلسوا في سمته، لا يبرز إلا بركبتيه.
ويستحب أن يعيد المنفرد صلاته، إذا وجد من يصلي تلك الصلاة
جماعة، إماما كان أو مأموما، وأن يسبح حتى يركع الإمام إذا أكمل القراءة
قبله، وأن يكون في الصف الأول أهل الفضل،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 379 ح 2، التهذيب 3: 270 ح 776، الوسائل 5: 456 ب " 54 " من أبواب صلاة
الجماعة ح 10.
(2) الذكرى: 266.
(3) الكافي 3: 372 ح 7، التهذيب 3: 265 ح 751، الوسائل 5: 386 ب " 7 " من أبواب صلاة
الجماعة ح 2.
311

ويكره تمكين الصبيان منه.
ويكره أن يقف المأموم وحده، إلا أن تمتلئ الصفوف، وأن يصلي
المأموم نافلة إذا أقيمت الصلاة.
ووقت القيام إلى الصلاة إذا قال المؤذن: " قد قامت الصلاة " على
الأظهر.
الطرف الثاني
يعتبر في الإمام الإيمان، والعدالة، والعقل،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الذكرى: 273، 275.
(2) الذكرى: 273، 275.
312

وطهارة المولد، والبلوغ على الأظهر، وأن لا يكون قاعدا بقائم، ولا أميا
بمن ليس كذلك.
ولا يشترط الحرية على الأظهر. ويشترط الذكورة، إذا كان المأمومون
ذكرانا، أو ذكرانا وإناثا.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) ليس في " ج ".
(2) ما أثبتناه من " ج " وهو الأنسب بالتفريع التالي وفي سائر النسخ الخطية التي لدينا: " والمراد بمن ليس
كذلك حينئذ القاري وهو الذي يحسنهما ".
313

ويجوز أن تؤم المرأة النساء، وكذا الخنثى. ولا تؤم المرأة رجلا ولا
خنثى.
ولو كان الإمام يلحن في القراءة لم يجز إمامته بمتقن على الأظهر.
وكذا من يبدل الحرف كالتمتام وشبهه.
ولا يشترط أن ينوي الإمامة.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المبسوط 1: 153.
(2) الذكرى: 268.
314

وصاحب المسجد والإمارة والمنزل، أولى بالتقدم والهاشمي أولى من
غيره، إذا كان بشرائط الإمامة.
وإذا تشاح الأئمة، فمن قدمه المأمومون فهو أولى.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الذكرى: 270.
(2) الذكرى: 270.
(2) الكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي 5: 1810، الجامع الصغير 2: 253.
(4) الدروس: 54.
315

فإن اختلفوا، قدم الأقرأ، فالأفقه، فالأقدم هجرة، فالأسن، فالأصبح.
ويستحب للإمام أن يسمع من خلفه الشهادتين.
وإذا مات الإمام أو أغمي عليه، استنيب من يتم بهم الصلاة،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) غريب الحديث للهروي 1: 125، الصحاح 2: 518، النهاية 3: 419.
(2) نقله عنه الشهيد في الذكرى: 271.
(3) نهج البلاغة " صبحي صالح " 427 في عهده إلى الأشتر.
(4) المعتبر 2: 440 وفي " ج وك ": هذه كأولوية الصباحة.
316

وكذا إذا عرض للإمام ضرورة، جاز له أن يستنيب. ولو فعل ذلك
اختيارا، جاز أيضا.
ويكره أن يأتم حاضر بمسافر، وأن يستناب المسبوق، وأن يؤم
الأجذم، والأبرص، والمحدود بعد توبته، والأغلف، وإمامة من يكرهه
المأموم،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) سنن الترمذي 2: 193 ح 360، سنن ابن ماجة 1: 311 ح 970. وروي مثله عن الصادق عليه
السلام. الكافي 5: 507 ح 5.
(2) التذكرة 1: 179.
317

وأن يؤم الأعرابي بالمهاجرين، والمتيمم بالمتطهرين.
الطرف الثالث
في أحكام الجماعة
وفيه مسائل:
الأولى: إذا ثبت أن الإمام فاسق أو كافر أو على غير طهارة بعد
الصلاة، لم تبطل صلاة المؤتم، ولو كان عالما أعاد. ولو علم في أثناء
الصلاة، قيل: يستأنف، وقيل: ينوي الانفراد ويتم، وهو الأشبه.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) التوبة: 97.
(2) الكافي 3: 375 ح 1 و 4، الفقيه 1: 247 ح 1105، 1106، الوسائل 5: 399 ب " 15 " من
أبواب صلاة الجماعة ح 3، 5، 6.
318

الثانية: إذا دخل والإمام راكع، وخاف فوت الركوع ركع، ويجوز
أن يمشي في ركوعه حتى يلحق بالصف.
الثالثة: إذا اجتمع خنثى وامرأة، وقف الخنثى خلف الإمام والمرأة
وراءه وجوبا، على القول بتحريم المحاذاة وإلا على الندب.
الرابعة: إذا وقف الإمام في محراب داخل، فصلاة من يقابله
ماضية دون صلاة من إلى جانبيه إذا لم يشاهدوه، ويجوز صلاة الصفوف
الذين وراء الصف الأول، لأنهم يشاهدون من يشاهده.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الفقيه 1: 254 ح 1148، الوسائل 5: 444 ب " 46 " من أبواب صلاة الجماعة ح 4.
319

الخامسة: لا يجوز للمأموم مفارقة الإمام بغير عذر، فإن نوى
الانفراد جاز.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المبسوط 1: 157.
(2) الذكرى: 272.
320

السادسة: الجماعة جائزة في السفينة الواحدة، وفي سفن عدة،
سواء اتصلت السفن أو انفصلت.
السابعة: إذا شرع المأموم في نافلة، فأحرم الإمام، قطعها
واستأنف إذا خشي الفوات، وإلا أتم ركعتين استحبابا. وإن كانت
فريضة، نقل نيته إلى النفل على الأفضل، وأتم ركعتين.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الشيخ في النهاية: 118، وابن إدريس في السرائر 1: 289.
(2) فقه الرضا عليه السلام: 145، وربما يستدل عليه - كما في الجواهر 14: 34 برواية عمر بن يزيد.
راجع الوسائل 3: 166 ب " 35 " من أبواب المواقيت ح 9.
321

ولو كان إمام الأصل قطعها واستأنف معه.
الثامنة: إذا فاته مع الإمام شئ صلى ما يدركه وجعله أول صلاته،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 379 ح 3، التهذيب 3: 274 ح 792، الوسائل 5: 458 ب " 56 " من أبواب صلاة
الجماعة ح 1.
(2) النهاية: 118.
(3) سنن النسائي 2: 114 - 115، سنن البيهقي 2: 297.
(4) الجمعة: 10.
(5) الوسائل 5: 444 ب " 47 " من أبواب صلاة الجماعة.
322

وأتم ما بقي عليه. ولو أدركه في الرابعة دخل معه، فإذا سلم قام فصلى ما
بقي عليه، ويقرأ في الثانية له بالحمد وسورة، وفي الاثنتين الأخيرتين
بالحمد وإن شاء سبح.
التاسعة: إذا أدرك الإمام بعد رفعه من الأخيرة كبر وسجد معه،
فإذا سلم قام فاستأنف بتكبير مستأنف. وقيل: بنى على التكبير الأول.
والأول أشبه. ولو أدركه بعد رفع رأسه من السجدة الأخيرة، كبر وجلس
معه، فإذا سلم قام فاستقبل، ولا يحتاج إلى استئناف تكبير.
العاشرة: يجوز أن يسلم المأموم قبل الإمام وينصرف لضرورة

323

وغيرها.
الحادية عشرة: إذا وقف النساء في الصف الأخير، فجاء رجال
وجب أن يتأخرن، إذا لم يكن للرجال موقف أمامهن.
الثانية عشرة: إذا استنيب المسبوق، فإذا انتهت صلاة المأموم، أومأ
إليهم ليسلموا، ثم يقوم فيأتي بما بقي عليه.
خاتمة
فيما يتعلق بالمساجد
يستحب اتخاذ المساجد مكشوفة غير مسقفة،

324

وأن تكون الميضاة على أبوابها، وأن تكون المنارة مع حائطها لا في وسطها،
وأن يقدم الداخل إليها رجله اليمنى، والخارج رجله اليسرى، وأن يتعاهد
نعليه، وأن يدعو عند دخوله وعند خروجه.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 295 ح 1، التهذيب 3: 261 - 262 ح 738، الوسائل 3: 487، ب " 9 " من أبواب
أحكام المساجد ح 1.
(2) الذكرى: 156.
(3) السرائر 1: 279.
(4) النهاية: 109.
325

ويجوز نقض ما استهدم دون غيره. ويستحب إعادته. ويجوز
استعمال آلته في غيره. ويستحب كنس المساجد والإسراج فيها.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الصحاح 2: 516.
(2) التهذيب 3: 255 ح 709، الوسائل 3: 504 ب " 24 " من أبواب أحكام المساجد ح 1.
(3) ثواب الأعمال: 51 ح 3، أمالي الصدوق: 405 ح 15، الوسائل 3: 511 ب " 34 " من أبواب
أحكام المساجد ح 1.
326

ويحرم زخرفتها، ونقشها بالصور، وبيع آلتها، وأن يؤخذ منها في
الطرق، والأملاك. ومن أخذ منها شيئا وجب أن يعيده إليها، أو إلى
مسجد آخر. وإذا زالت آثار المسجد لم يحل تملكه. ولا يجوز إدخال
النجاسة إليها، ولا إزالة النجاسة فيها،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المحاسن: 57 ب " 70 " ح 88، ثواب الأعمال: 49، الوسائل 3: 513 ب " 34 " من أبواب أحكام
المساجد.
(2) المعتبر 2: 451.
327

ولا إخراج الحصى منها، وإن فعل أعاده إليها.
ويكره تعليتها، وأن يعمل لها شرف، أو محاريب داخلة في الحائط،
وأن تجعل طريقا.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 295 ح 1، الوسائل 3: 487 ب " 9 " من أبواب أحكام المساجد ح 1.
(2) علل الشرائع: 320 ب " 8 " ح 1، الفقيه 1: 153 ح 709 مرسلا، التهذيب 3: 253 ح 697،
الوسائل 3: 494 ب " 15 " من أبواب أحكام المساجد ح 2.
(3) علل الشرائع: 320 ب " 7 " الفقيه 1: 153 ح 708، التهذيب 3: 253 ح 696، الوسائل 3
510 ب " 31 " من أبواب أحكام المساجد.
328

ويستحب أن يتجنب البيع والشراء، وتمكين المجانين، وإنفاذ
الأحكام، وتعريف الضوال، وإقامة الحدود،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الفقيه 1: 154 ح 716، التهذيب 3: 254 ح 702، الوسائل 3: 507 ب " 27 " من أبواب
أحكام المساجد ح 2، مصنف عبد الرزاق 1: 441 ح 1726.
(2) الخلاف 2: 588 آداب القضاء مسألة 3، السرائر 1: 279، المختلف: 160.
(3) الفضائل لشاذان: 155 وعنه البحار: 40: 277 ح 42.
329

وإنشاد الشعر، ورفع الصوت، وعمل الصنائع، والنوم.
ويكره دخول من في فيه رائحة بصل أو ثوم، والتنخم، والبصاق،
وقتل القمل، فإن فعل ستره بالتراب،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 369 ح 5، التهذيب 3: 259 ح 725.
(2) قرب الإسناد: 120، التهذيب: 3: 249 ح 683.
(3) الذكرى: 156.
(4) انظر جامع المقاصد 2: 151.
(5) التهذيب 3: 255 ح 708، الخصال: 630، الوسائل 3: 502 ب " 22 " من أبواب أحكام
المساجد ح 6.
(6) التهذيب 3: 256 ح 712، الاستبصار 1: 442 ح 1704 الوسائل 3: 499 ب " 19 " من أبواب
أحكام المساجد ح 4 وفي الحديث: " البزاق في المسجد خطيئة.. ".
330

وكشف العورة، والرمي بالحصى.
مسائل ثلاث
الأولى: إذا انهدمت الكنائس والبيع، فإن كان لأهلها ذمة لم يجز
التعرض لها. وإن كانت في أرض الحرب، أو باد أهلها، جاز استعمالها في
المساجد.
الثانية: الصلاة المكتوبة في المساجد أفضل من المنزل، والنافلة
بالعكس.
الثالثة: الصلاة في الجامع بمائة، وفي مسجد القبيلة بخمس
وعشرين، وفي السوق باثنتي عشرة صلاة.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الفقيه 1: 152 ح 700، التهذيب 3: 256 ح 714، الوسائل 3: 500 ب " 20 " من أبواب
أحكام المساجد ح 1.
(2) التهذيب 3: 262 ح 741، الوسائل 3: 514 ب " 36 " من أبواب أحكام المساجد ح 1.
(3) الصحاح 4: 1347 مادة " حذف ".
331

الفصل الرابع
في صلاة الخوف والمطاردة
صلاة الخوف مقصورة سفرا وفي الحضر إذا صليت جماعة. فإن
صليت فرادى، قيل: يقصر. وقيل: لا، الأول أشبه.
وإذا صليت جماعة فالإمام بالخيار، إن شاء صلى بطائفة ثم
بأخرى، وكانت الثانية له ندبا، على القول بجواز اقتداء المفترض
بالمتنفل، وإن شاء يصلي كما صلى رسول الله صلى الله عليه وآله بذات
الرقاع. ثم تحتاج هذه الصلاة إلى النظر في شروطها وكيفيتها، وأحكامها.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المبسوط 1: 163.
(2) النساء: 101.
332

أما الشروط:
فأن يكون الخصم في غير جهة القبلة، وأن يكون فيه قوة لا يؤمن
أن يهجم على المسلمين، وأن يكون في المسلمين كثرة يمكن أن يفترقوا
طائفتين، تكفل كل طائفة بمقاومة الخصم، وأن لا يحتاج الإمام إلى
تفريقهم أكثر من فرقتين.
وأما كيفيتها:
فإن كانت الصلاة ثنائية صلى بالأولى ركعة وقام إلى الثانية، فينوي
من خلفه الانفراد واجبا ويتمون ثم يستقبلون العدو، وتأتي الفرقة الأخرى

--------------------------------------------------------------------------------

(1) راجع معجم البلدان 3: 56.
333

فيحرمون ويدخلون معه في ثانيته وهي أولاهم، فإذا جلس للتشهد أطال
ونهض من خلفه فأتموا وجلسوا، فتشهد بهم وسلم.
فتحصل المخالفة في ثلاثة أشياء: انفراد المؤتم، وتوقع الإمام
للمأموم حتى يتم، وإمامة القاعد بالقائم.
وإن كانت ثلاثية فهو بالخيار، إن شاء صلى بالأولى ركعة، وبالثانية
ركعتين، وإن شاء بالعكس. ويجوز أن يكون كل فرقة واحدا.
وأما أحكامها ففيها مسائل:

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الذكرى: 262.
(2) الدروس: 52.
(3) الكافي 3: 456 ح 2، الفقيه 1: 293 ح 1337، التهذيب 3: 172 ح 380، الوسائل 5: 479
ب " 2 " من أبواب صلاة الخوف والمطاردة ح 1.
(4) راجع الوسائل الباب المذكور. فالحديث رقم " 2 " يدل على اختصاص الفرقة الأولى بركعتين والأحاديث
" 1، 3، 4، 6 " تدل على العكس.
(5) لم نعثر عليه في مظانه أورده في الذكرى: 263.
334

الأولى: كل سهو يلحق المصلين في حال متابعتهم لا حكم له، وفي
حال الانفراد يكون الحكم على ما قدمناه في باب السهو.
الثانية: أخذ السلاح واجب في الصلاة، ولو كان على السلاح
نجاسة لم يجز أخذه على قول، والجواز أشبه. ولو كان ثقيلا يمنع شيئا
من واجبات الصلاة لم يجز.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) قواعد الأحكام 1: 48.
(2) الخلاف 1: 463 مسألة 206.
(3) النساء: 102.
335

الثالثة: إذا سها الإمام سهوا يوجب السجدتين، ثم دخلت الثانية
معه، فإذا سلم وسجد، لم يجب عليها اتباعه.
وأما صلاة المطاردة - وتسمى صلاة شدة الخوف، مثل أن ينتهي
الحال إلى المعانقة والمسايفة - فيصلي على حسب إمكانه، واقفا أو ماشيا
أو راكبا.
ويستقبل القبلة بتكبيرة الإحرام ثم يستمر إن أمكنه، وإلا
استقبل بما أمكن وصلى مع التعذر إلى أي الجهات أمكن.

336

وإذا لم يتمكن من النزول صلى راكبا، وسجد على قربوس سرجه،
وإن لم يتمكن أومأ إيماء، فإن خشي صلى بالتسبيح. ويسقط الركوع
والسجود، ويقول بدل كل ركعة: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله
والله أكبر.
فروع
الأول: إذا صلى يوميا فأمن، أتم صلاته بالركوع والسجود فيما

337

بقي منها ولا يستأنف، وقيل: ما لم يستدبر القبلة في أثناء صلاته. وكذا
لو صلى بعض صلاته، ثم عرض الخوف، أتم صلاة خائف ولا يستأنف.
الثاني: من رأى سوادا فظنه عدوا فقصر أو صلى موميا ثم انكشف
بطلان خياله لم يعد. وكذا لو أقبل العدو فصلى موميا لشدة خوفه ثم بان
هناك حائل يمنع العدو.
الثالث: إذا خاف من سيل أو سبع، جاز أن يصلي صلاة شدة
الخوف.
تتمة
المتوحل والغريق يصليان بحسب الإمكان، ويوميان لركوعهما
وسجودهما، ولا يقصر واحد منهما عدد صلاته، إلا في سفر أو خوف.
الفصل الخامس
في صلاة المسافر
والنظر في الشروط، والقصر، ولواحقه.
أما الشروط فستة:
الأول: اعتبار المسافة.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الذكرى: 264.
338

وهي مسير يوم، بريدان، أربعة وعشرون ميلا.
والميل أربعة آلاف ذراع بذراع اليد، الذي طوله أربع وعشرون
إصبعا، تعويلا على المشهور بين الناس، أو مد البصر من الأرض.
ولو كانت المسافة أربعة فراسخ وأراد العود ليومه فقد كمل مسير يوم
ووجب التقصير.
ولو تردد يوما في ثلاثة فراسخ، ذاهبا وجائيا وعائدا، لم يجز القصر

--------------------------------------------------------------------------------

(1) التذكرة: 1: 188.
(2) الذكرى: 257.
339

وإن كان ذلك من نيته.
ولو كان لبلد طريقان والأبعد منهما مسافة، فسلك الأبعد قصر،
وإن كان ميلا إلى الرخصة.
الشرط الثاني: قصد المسافة.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) تحرير الأحكام 1: 55.
(2) المهذب 1: 107.
340

فلو قصد ما دون المسافة، ثم تجدد له رأي فقصد أخرى، لم يقصر
ولو زاد المجموع على مسافة التقصير. فإن عاد وقد كملت المسافة فما زاد
قصر.
وكذا لو طلب دابة شردت [له] أو غريما، أو آبقا. ولو خرج ينتظر
رفقة إن تيسروا سافر معهم، فإن كان على حد مسافة قصر في سفره
وموضع توقفه. وإن كان دونها، أتم حتى يتيسر له الرفقة ويسافر.
الشرط الثالث: أن لا يقطع السفر بإقامة في أثنائه.
فلو عزم على مسافة، وفي طريقه ملك له قد استوطنه ستة أشهر أتم
في طريقه وفي ملكه. وكذا لو نوى الإقامة في بعض المسافة. ولو كان بينه

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الذكرى: 257.
341

وبين ملكه أو ما نوى الإقامة فيه مسافة التقصير، قصر في طريقه خاصة.
ولو كان له عدة مواطن، اعتبر ما بينه وبين الأول، فإن كان مسافة
قصر في طريقه، وينقطع سفره بموطنه فيتم فيه، ثم يعتبر المسافة التي بين
موطنيه، فإن لم يكن مسافة أتم في طريقه لانقطاع سفره، وإن كان مسافة
قصر في طريقه الثانية حتى يصل إلى وطنه.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) التذكرة 1: 191.
342

والوطن الذي يتم فيه، هو كل موضع له فيه ملك قد استوطنه ستة
أشهر فصاعدا، متوالية كانت أو متفرقة.
الشرط الرابع: أن يكون السفر سائغا، واجبا كان كحجة
الإسلام، أو مندوبا كزيارة النبي صلى الله عليه وآله، أو مباحا كالأسفار
للمتاجر.
ولو كان معصية لم يقصر،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الذكرى: 258.
(2) الذكرى: 259.
343

كاتباع الجائر، وصيد اللهو.
ولو كان الصيد لقوته وقوت عياله قصر. ولو كان للتجارة، قيل:
يقصر في الصوم دون الصلاة، وفيه تردد.
الشرط الخامس: أن لا يكون سفره أكثر من حضره، كالبدوي
الذي يطلب القطر، والمكاري، والملاح، والتاجر الذي يطلب الأسواق،
والبريد.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المعتبر 2: 472.
344

وضابطة أن لا يقيم ببلد عشرة أيام. فلو أقام أحدهم عشرة ثم أنشأ
سفرا قصر، وقيل: ذلك مختص بالمكاري، فيدخل في جملته الملاح
والأجير، والأول أظهر. ولو أقام خمسة، قيل: يتم، وقيل: يقصر نهارا
صلاته دون صومه ويتم ليلا، والأول أشبه.
الشرط السادس: تواري الجدران وخفاء الأذان.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الاستبصار 1: 234 ح 837، التهذيب 4: 219 ح 439، الوسائل 5: 517 ب " 12 " من أبواب
صلاة المسافر ح 1.
345

لا يجوز للمسافر التقصير حتى تتوارى جدران البلد الذي يخرج منه
أو يخفى عليه الأذان. ولا يجوز له الترخص قبل ذلك، ولو نوى السفر
ليلا. وكذا في عوده يقصر حتى يبلغ سماع الأذان من مصره. وقيل: يقصر
عند الخروج من منزله ويتم عند دخوله، والأول أظهر.
وإذا نوى الإقامة في غير بلده عشرة أيام أتم، ودونها يقصر. وإن

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 434 ح 1، الفقيه 1: 279 ح 1267، التهذيب 2: 12 ح 27 وفي 3: 224 ح 566،
وفي 4: 230 ح 676، الوسائل 5: 505 ب " 6 " من أبواب صلاة المسافر ح 1.
(2) الاستبصار 1: 242 ح 862، التهذيب 4: 230 ح 657، الوسائل 5: 506 ب " 6 " من أبواب
صلاة المسافر ح 3.
346

تردد عزمه، قصر ما بينه وبين شهر، ثم يتم ولو صلاة واحدة.
ولو نوى الإقامة ثم بدا له، رجع إلى التقصير. ولو صلى صلاة
واحدة بنية الإتمام لم يرجع.
وأما القصر فإنه عزيمة إلا أن تكون المسافة أربعا ولم يرد الرجوع
ليومه على قول، أو في أحد المواطن الأربعة: مكة، والمدينة، والمسجد
الجامع بالكوفة، والحائر، فإنه مخير، والإتمام أفضل. وإذا تعين القصر،
فأتم عامدا أعاد على كل حال.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) التذكرة 1: 193 بالنسبة إلى الصوم المشروط بالحضر والقواعد 1: 50 في الشروع بالصوم ولم يقيده
بالواجب وجامع المقاصد 2: 515.
347

وإن كان جاهلا بالتقصير فلا إعادة، ولو كان الوقت باقيا. وإن كان ناسيا
أعاد في الوقت، ولا يقضي إن خرج الوقت. ولو قصر المسافر اتفاقا لم تصح
وأعاد قصرا.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الذكرى: 260.
(2) الذكرى: 260.
348

وإذا دخل الوقت وهو حاضر، ثم سافر والوقت باق، قيل: يتم
بناءا على وقت الوجوب، وقيل: يقصر اعتبارا بحال الداء، وقيل:
يتخير، وقيل: يتم مع السعة ويقصر مع الضيق، والتقصير أشبه. وكذا
الخلاف لو دخل الوقت وهو مسافر فحضر والوقت باق، والإتمام هنا
أشبه.
ويستحب أن يقول عقيب كل فريضة ثلاثين مرة: " سبحان الله
والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر " جبرا للفريضة.
ولا يلزم المسافر متابعة الحاضر إذا ائتم به، بل يقتصر على فرضه
ويسلم منفردا.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الجامع للشرائع: 93، القواعد 1: 49، اللمعة الدمشقية: 20، حاشية المحقق الكركي على
الشرائع: 87.
349

وأما اللواحق فمسائل:
الأولى: إذا خرج إلى مسافة فمنعه مانع، اعتبر، فإن كان بحيث
يخفى عليه الأذان قصر، إذا لم يرجع عن نية السفر. وإن كان بحيث
يسمعه، أو بدا له عن السفر، أتم. ويستوي في ذلك المسافر في البر
والبحر.
الثانية: لو خرج إلى مسافة فردته الريح، فإن بلغ سماع الأذان أتم،
وإلا قصر.
الثالثة: إذا عزم على الإقامة في غير بلده عشرة أيام، ثم خرج إلى
ما دون المسافة، فإن عزم العود والإقامة، أتم ذاهبا وعائدا وفي البلد.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) التهذيب 3: 230 ح 594، الوسائل 5: 542 ب " 24 " من أبواب صلاة المسافر.
350

الرابعة: من دخل في صلاته بنية القصر، ثم عن له الإقامة أتم.
ولو نوى الإقامة عشرا ودخل في صلاته، فعن له السفر، لم يرجع إلى
التقصير، وفيه تردد. أما لو جدد العزم بعد الفراغ لم يجز التقصير ما دام
مقيما.

351

الخامسة: الاعتبار في القضاء بحال فوات الصلاة، لا بحال
وجوبها. فإذا فاتت قصرا قضيت كذلك، وقيل: الاعتبار في القضاء بحال
الوجوب، والأول أشبه.
السادسة: إذا نوى المسافة وخفي عليه الأذان وقصر، فبدا له، لم
يعد صلاته.
السابعة: إذا دخل وقت نافلة الزوال فلم يصل وسافر استحب له
قضاؤها ولو في السفر.

352

كتاب الزكاة

353

كتاب الزكاة
وفيه قسمان:
الأول
في زكاة المال
والنظر في من تجب عليه، وما تجب فيه، ومن تصرف إليه.
فتجب الزكاة على البالغ العاقل الحر المالك المتمكن من التصرف.
فالبلوغ يعتبر في الذهب والفضة إجماعا. نعم، إذا أتجر له من إليه

--------------------------------------------------------------------------------

(1) النهاية لابن الأثير 2: 307.
(2) راجع كنز العمال 6: 454 ح 16505 إلى 16507 و 457 ح 16528 و 458 ح 16533،
16534.
(3) راجع كنز العمال 6: 454 ح 16505 إلى 16507 و 457 ح 16528 و 458 ح 16533،
16534.
355

النظر،
استحب له إخراج الزكاة من مال الطفل. وإن ضمنه واتجر لنفسه

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 4: 9 ح 1، 2، الوسائل 6: 255 ب " 1 " من أبواب الصدقة ح 1، 8.
(2) الكافي 4: 9 ح 1، 2، الوسائل 6: 255 ب " 1 " من أبواب الصدقة ح 1، 8.
(3) المعتبر 2: 485.
(4) الكافي 4: 4 ح 10، 11، الوسائل 6: 261 ب " 4 " من أبواب الصدقة ح 1 و 264 ب " 7 " من
أبواب الصدقة ح 1.
356

وكان مليا، كان الربح له، ويستحب له الزكاة. أما لو لم يكن مليا أو لم
يكن وليا، كان ضامنا ولليتيم الربح، ولا زكاة هاهنا.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) حاشية المحقق الكركي على الشرائع: 88.
357

ويستحب الزكاة في غلات الطفل ومواشيه، وقيل: تجب، وكيف
قلنا، فالتكليف بالإخراج يتناول الوالي عليه. وقيل: حكم المجنون حكم
الطفل. والأصح أنه لا زكاة في ماله إلا في الصامت - إذا أتجر له الولي -
استحبابا.
والمملوك لا تجب عليه الزكاة، سواء قلنا يملك أو أحلنا ذلك. ولو
ملكه سيده مالا، وصرفه فيه لم تجب عليه الزكاة، وقيل: يملك وتجب
عليه الزكاة، وقيل: لا يملك والزكاة على مولاه. وكذا المكاتب المشروط
عليه. ولو كان مطلقا وتحرر منه شئ وجبت عليه الزكاة في نصيبه إذا بلغ
نصابا.
والملك شرط في الأجناس كلها، ولا بد أن يكون تاما، فلو وهب

--------------------------------------------------------------------------------

(1) البيان: 166.
(2) الصحاح 1: 257 مادة " صمت ".
358

له نصاب لم يجر في الحول إلا بعد القبض. وكذا لو أوصي له اعتبر الحول
بعد الوفاة والقبول.
ولو اشترى نصابا، جرى في الحول من حين العقد، لا بعد
الثلاثة. ولو شرط البائع أو هما خيارا زائدا على الثلاثة، بني على القول
بانتقال الملك. والوجه أنه من حين العقد. وكذا لو استقرض مالا وعينه
باقية، جرى في الحول من حين قبضه.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المبسوط 4: 33.
(2) هذا مما نسب إلى الشيخ وفيه بحث راجع المكاسب للشيخ الأنصاري: 298 ولعله مستفاد من عبارته
في الخلاف 3: 22 مسألة 29 وفي المبسوط 3: 123.
359

ولا يجري الغنيمة في الحول إلا بعد القسمة. ولو عزل الإمام
قسطا، جرى في الحول إن كان صاحبه حاضرا، وإن كان غائبا فعند
وصوله إليه. ولو نذر في أثناء الحول الصدقة بعين النصاب، انقطع الحول
لتعينه للصدقة.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المعتبر 2: 564.
(2) البيان: 166.
360

والتمكن من التصرف في النصاب معتبر في الأجناس كلها، وإمكان
أداء الواجب، معتبر في الصمان لا في الوجوب.
ولا تجب الزكاة في المال المغصوب، ولا الغائب إذا لم يكن في يد
وكيله أو وليه، ولا الرهن على الأشبه، ولا الوقف،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) نهاية الأحكام 2: 305.
(2) إيضاح الفوائد 1: 169.
361

ولا الضال، ولا المال المفقود، فإن مضى عليه سنون وعاد، زكاه لسنته
استحبابا، ولا القرض حتى يرجع إلى صاحبه، ولا الدين حتى يقبضه،
فإن كان تأخيره من جهة صاحبه، قيل: تجب الزكاة على مالكه، وقيل:
لا، والأول أحوط.
والكافر تجب عليه الزكاة، لكن لا يصح منه أداؤها، فإذا تلفت لا
يجب عليه ضمانها وإن أهمل. والمسلم إذا لم يتمكن من إخراجها وتلفت لم
يضمن. ولو تمكن وفرط ضمن. والمجنون والطفل لا يضمنان إذا أهمل
الولي، مع القول بالوجوب في الغلات والمواشي.
النظر الثاني
في بيان ما تجب فيه، وما تستحب
تجب الزكاة في الأنعام الثلاث: الإبل، والبقر، والغنم، وفي

--------------------------------------------------------------------------------

(1) اعتبرت قدرة المستعير لا المعير فلو أخر المستعير التخليص مع قدرته عليه لم تجب الزكاة. " خ ل من ك ".
362

الذهب، والفضة، والغلات الأربع: الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب.
ولا تجب فيما عدا ذلك.
وتستحب في كل ما تنبت الأرض مما يكال أو يوزن، عدا الخضر
كالقت والباذنجان والخيار وما شاكله. وفي مال التجارة قولان: أحدهما
الوجوب، والاستحباب أصح، وفي الخيل الإناث.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الصحاح 3: 1049 مادة " فصص "، النهاية 3: 451 مادة " فصفص ".
363

وتسقط عما عدا ذلك إلا ما سنذكره. ولا زكاة في البغال، والحمير،
والرقيق. ولو تولد حيوان بين حيوانين أحدهما زكاتي، روعي في إلحاقه
بالزكاتي إطلاق اسمه.
القول في زكاة الأنعام
والكلام في الشرائط، والفريضة، واللواحق
أما الشرائط فأربعة:
الأول: اعتبار النصب.
وهي في الإبل اثنا عشر نصابا: خمسة، كل واحد منها خمس، فإذا
بلغت ستا وعشرين صارت كلها نصابا، ثم ست وثلاثين، ثم ست
وأربعون، ثم إحدى وستون، ثم ست وسبعون، ثم إحدى وتسعون،

364

فإذا بلغت مائة وإحدى وعشرين، فأربعون أو خمسون أو منهما.
وفي البقر نصابان: ثلاثون وأربعون دائما.
وفي الغنم خمسة نصب: أربعون وفيها شاة، ثم مائة وإحدى
وعشرون وفيها شاتان، ثم مائتان وواحدة وفيها ثلاث شياه، ثم ثلاثمائة
وواحدة، فإذا بلغت ذلك، قيل: يؤخذ من كل مائة شاة، وقيل: بل تجب
أربع شياه حتى تبلغ أربعمائة، فتؤخذ من كل مائة شاة بالغا ما بلغ، وهو
الأشهر.

365

وتظهر الفائدة في الوجوب وفي الضمان. والفريضة تجب في كل
نصاب من نصب هذه الأجناس، وما بين النصابين لا يجب فيه شئ.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المنتهى 1: 487.
(2) التذكرة 1: 209.
(3) الكافي 3: 534 ح 1، التهذيب 4: 24 ح 57، الوسائل 6: 77 ب " 4 " من أبواب زكاة الأنعام.
366

وقد جرت العادة بتسمية ما لا يتعلق به الفريضة من الإبل شنقا،
ومن البقر وقصا، ومن الغنم عفوا، ومعناه في الكل واحد.
فالتسع من الإبل نصاب وشنق، فالنصاب خمس والشنق أربع
بمعنى أنه لا يسقط من الفريضة شئ ولو تلفت الأربع.
وكذا التسعة والثلاثون من البقر نصاب ووقص، فالفريضة في
الثلاثين، والزائد وقص، حتى تبلغ أربعين.
وكذا مائة وعشرون من الغنم، نصابها أربعون، والفريضة فيه،
وعفوها ما زاد، حتى تبلغ مائة وإحدى وعشرين. وكذا ما بين النصب التي
عددناها.

367

ولا يضم مال إنسان إلى غيره، وإن اجتمعت شرائط الخلطة وكانا
في مكان واحد. بل يعتبر في مال كل واحد منهما بلوغ النصاب.
ولا يفرق بين مال المالك الواحد ولو تباعد مكاناهما.
الشرط الثاني: السوم.
فلا تجب الزكاة في المعلوفة، ولا في السخال، إلا إذا استغنت عن
الأمهات بالرعي. ولا بد من استمرار السوم جملة الحول،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الصحاح 5: 1955 مادة " سوم ".
(2) الكافي: 3: 533 ح 3، الوسائل 6: 83 ب " 9 " من أبواب زكاة الأنعام ح 1.
(3) البيان: 172.
368

فلو علفها بعضا ولو يوما، استأنف الحول عند استئناف السوم. ولا
اعتبار باللحظة عادة. وقيل: يعتبر في اجتماع السوم والعلف الأغلب،
والأول أشبه. ولو اعتلفت من نفسها بما يعتد به، بطل حولها لخروجها عن
اسم السوم.
وكذا لو منع السائمة مانع كالثلج، فعلفها المالك أو غيره، بإذنه أو
بغير إذنه.
الشرط الثالث: الحول.
وهو معتبر في الحيوان، والنقدين مما تجب فيه، وفي مال التجارة،
والخيل، مما يستحب فيه.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المختلف: 175.
(2) لم نعثر على الحديث في التهذيب والاستبصار ولعله أراد به ما نقله في التهذيب 4: 41 ح 104 و 42
ح 108.
(3) الدروس: 59.
369

وحده أن يمضي له أحد عشر شهرا، ثم يهل الثاني عشر، فعند
هلاله تجب ولو لم يكمل أيام الحول. ولو اختل أحد شروطها في أثناء

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الدروس: 59.
(2) لسان العرب 11: 184، الصحاح 4: 1679.
(3) الكافي 3: 525 ح 4، التهذيب 4: 35 ح 92، الوسائل 6: 111 ب " 12 " من أبواب زكاة الذهب
والفضة ح 2.
370



--------------------------------------------------------------------------------

(1) مستدرك الوسائل 7: 64 و 80، عوالي اللئالي 1: 210، 2: 231 ووردت هذه الجملة في حديث
شرائع الدين راجع الوسائل 6: 42.
(2) الكافي 3: 525 ح 2، التهذيب 4: 35 ح 91، الوسائل 6: 115 ب " 15 " من أبواب زكاة الذهب
والفضة ح 1.
371

الحول، بطل الحول، مثل إن نقصت عن النصاب فأتمها، أو عاوضها
بمثلها، أو بجنسها على الأصح. وقيل: إذا فعل ذلك فرارا وجبت
الزكاة. وقيل: لا تجب، وهو الأظهر. ولا تعد السخال مع الأمهات، بل
لكل منهما حول على انفراده. ولو حال الحول فتلف من النصاب شئ،
فإن فرط المالك ضمن، وإن لم يكن فرط سقط من الفريضة بنسبة التالف
من النصاب.

372

وإذا ارتد المسلم قبل الحول لم تجب الزكاة واستأنف ورثته الحول.
وإن كان بعده وجبت. وإن لم يكن عن فطرة لم ينقطع الحول، ووجبت
الزكاة عند تمام الحول ما دام باقيا.
الشرط الرابع: ألا تكون عوامل. فإنه ليس في العوامل زكاة، ولو
كانت سائمة.
وأما الفريضة فيقف بيانها على مقاصد:
الأول: الفريضة في الإبل شاة في كل خمسة حتى تبلغ خمسا
وعشرين، فإن زادت واحدة كانت فيها بنت مخاض، فإذا زادت عشرا كان
فيها بنت لبون، فإذا زادت عشرا أخرى كان فيها حقة، فإذا زادت خمس
عشرة كان فيها جذعة، فإذا زادت خمس عشرة أخرى كان فيها بنتا لبون،
فإذا زادت خمس عشرة أيضا كان فيها حقتان، فإذا بلغت مائة وإحدى
وعشرين طرح ذلك وكان في كل خمسين حقة وفي كل أربعين بنت لبون.

373

ولو أمكن في عدد فرض كل واحد من الأمرين كان المالك بالخيار
في إخراج أيهما شاء.
وفي كل ثلاثين من البقر تبيع أو تبيعة، وفي كل أربعين مسنة.
الثاني: في الأبدال:
من وجبت عليه بنت مخاض وليست عنده، أجزأه ابن لبون ذكر.
ولو لم يكونا عنده كان مخيرا في ابتياع أيهما شاء. ومن وجبت عليه سن

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المبسوط 1: 198.
(2) التهذيب 4: 20 ح 52 و 54، الفقيه 2: 12 ح 33، الوسائل 6: 72 ب " 2 " من أبواب زكاة الأنعام
ح 1، 2، 3.
(3) التنقيح الرائع 1: 306.
374

وليست عنده، وعنده أعلى منها بسن دفعها وأخذ شاتين أو عشرين درهما.
وإن كان ما عنده أخفض منها بسن، دفع معها شاتين أو عشرين درهما،
والخيار في ذلك إليه لا إلى العامل، سواء كانت القيمة السوقية مساوية
لذلك أو ناقصة عنه أو زائدة عليه. ولو تفاوتت الأسنان بأزيد من درجة

--------------------------------------------------------------------------------

(1) غاية المراد: 41.
(2) الكافي 3: 539 ح 7، الفقيه 2: 12 ح 33، الوسائل 6: 86 ب " 13 " من أبواب زكاة الأنعام
ح 1، 2.
(3) المبسوط 1: 195.
(4) المختلف: 177، التذكرة 1: 208.
375

واحدة، لم يتضاعف التقدير الشرعي، ورجع في التقاص إلى القيمة
السوقية، على الأظهر. وكذا ما فوق الجذع من الأسنان. وكذا ما عدا
أسنان الإبل.
الثالث: في أسنان الفرائض:
بنت المخاض هي التي لها سنة ودخلت في الثانية، أي أمها ماخض
بمعنى حامل.

376

وبنت اللبون هي التي لها سنتان ودخلت في الثالثة، أي أمها ذات
لبن.
والحقة هي التي لها ثلاث ودخلت في الرابعة، فاستحقت أن يطرقها
الفحل، أو يحمل عليها.
والجذعة هي التي لها أربع ودخلت في الخامسة، وهي أعلى الأسنان
المأخوذة في الزكاة.
والتبيع هو الذي تم له حول، وقيل: سمي بذلك لأنه تبع قرنه
إذنه، أو تبع أمه في الرعي.
والمسنة: هي الثنية التي كملت لها سنتان ودخلت في الثالثة.
ويجوز أن يخرج من غير جنس الفريضة بالقيمة السوقية، ومن العين
أفضل. وكذا في سائر الأجناس.
والشاة التي تؤخذ في الزكاة، قيل: أقله الجذع من الضأن أو الثني

377

من المعز، وقيل: ما يسمى شاة، والأول أظهر. ولا تؤخذ المريضة، ولا
الهرمة، ولا ذات العوار.
وليس للساعي التخيير، فإن وقعت المشاحة، قيل: يقرع حتى
يبقى السن التي تجب عليه.
وأما اللواحق:
فهي أن الزكاة تجب في العين لا في الذمة، فإذا تمكن من إيصالها
إلى مستحقها فلم يفعل فقد فرط، فإن تلفت لزمه الضمان. وكذا إن تمكن
من إيصالها إلى الساعي أو إلى الإمام.
ولو أمهر امرأة نصابا وحال عليه الحول في يدها، فطلقها قبل

378

الدخول وبعد الحول، كان له النصف موفرا، وعليها حق الفقراء. ولو
هلك النصف بتفريط، كان للساعي أن يأخذ حقه من العين ويرجع
الزوج عليها به، لأنه مضمون عليها.
ولو كان عنده نصاب فحال عليه أحوال، فإن أخرج زكاته في كل
سنة من غيره، تكررت الزكاة فيه. فإن لم يخرج، وجب عليه زكاة حول
واحد.
ولو كان عنده أكثر من نصاب، كانت الفريضة في النصاب، ويجبر

379

من الزائد، وكذا في كل سنة حتى ينقص المال عن النصاب. لو كان
عنده ست وعشرون من الإبل، ومضى عليها حولان، وجب عليه بنت
مخاض وخمس شياه. فإن مضى عليها ثلاثة أحوال، وجب عليه بنت
مخاض وتسع شياه.
والنصاب المجتمع من المعز والضأن، وكذا من البقر والجاموس،
وكذا من الإبل العراب والبخاتي تجب فيه الزكاة. والمالك بالخيار في إخراج
الفريضة من أي الصنفين شاء.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) في ك " تساويها ".
380

ولو قال رب المال: لم يحل على مالي الحول، وقد أخرجت ما وجب
علي، قبل منه ولم يكن عليه بينة ولا يمين. ولو شهد عليه شاهدان قبلا.
وإذا كان للمالك أموال متفرقة، كان له إخراج الزكاة من أيها شاء.
ولو كانت السن الواجبة في النصاب مريضة لم يجز أخذها، وأخذ
غيرها بالقيمة.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) في " م " والإخراج.
381

ولو كان كله مراضا لم يكلف شراء صحيحة.
ولا تؤخذ الربى وهي الوالدة إلى خمسة عشر يوما، وقيل: إلى
خمسين، ولا الأكولة وهي السمينة المعدة للأكل، ولا فحل الضراب.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) فقه اللغة للثعالبي: 141. بتفاوت.
(2) الصحاح 1: 131 مادة " ربب ".
382

ويجوز أن يدفع من غير غنم البلد وإن كان أدون قيمة. ويجزي
الذكر والأنثى، لتناول الاسم له.
القول في زكاة الذهب والفضة
ولا تجب الزكاة في الذهب حتى يبلغ عشرين دينارا، ففيه عشرة
قراريط. ثم ليس في الزائد شئ حتى يبلغ أربعة دنانير ففيها قيراطان.
ولا زكاة فيما دون عشرين مثقالا، ولا فيما دون أربعة دنانير. ثم كلما زاد
المال أربعة، ففيها قيراطان بالغا ما بلغ، وقيل: لا زكاة في العين حتى تبلغ
أربعين دينارا، ففيه دينار، والأول أشهر.
ولا زكاة في الفضة حتى تبلغ مائتي درهم، ففيها خمسة دراهم. ثم
كلما زادت أربعين كان فيها درهم. وليس فيما نقص عن الأربعين زكاة.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) حكاه عنه العلامة في المختلف: 178.
383

كما ليس فيما نقص عن المائتين شئ. والدرهم ستة دوانيق. والدانق ثمان
حبات من أوسط حب الشعير. ويكون مقدار العشرة سبعة مثاقيل.
ومن شرط وجوب الزكاة فيهما كونهما مضروبين دنانير ودراهم،
منقوشين بسكة المعاملة، أو ما كان يتعامل بهما، وحول الحول حتى يكون
النصاب موجودا فيه أجمع، فلو نقص في أثنائه، أو تبدلت أعيان
النصاب، بغير جنسه أو بجنسه لم تجب الزكاة. وكذا لو منع من التصرف
فيه، سواء كان المنع شرعيا كالوقف والرهن، أو قهريا كالغصب.
ولا تجب الزكاة في الحلي محللا كالسوار للمرأة، وحلية السيف
للرجل، أو محرما كالخلخال للرجل، والمنطقة للمرأة، وكالأواني المتخذة
من الذهب والفضة، وآلات اللهو لو عملت منهما، وقيل: يستحب فيه

384

الزكاة. وكذا لا زكاة في السبائك والنقار والتبر.
وقيل: إذا عملهما كذلك فرارا، وجبت الزكاة، ولو كان قبل
الحول، والاستحباب أشبه. أما لو جعل الدراهم والدنانير كذلك بعد
الحول، وجبت الزكاة إجماعا.
وأما أحكامها فمسائل:
الأولى: لا اعتبار باختلاف الرغبة مع تساوي الجوهرين، بل يضم
بعضها إلى بعض. وفي الإخراج إن تطوع بالأرغب، وإلا كان له الإخراج
من كل جنس بقسطه.
الثانية: الدراهم المغشوشة لا زكاة فيها، حتى يبلغ خالصها

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الصحاح 4: 1589 مادة " سبك ".
(2) راجع حاشية المحقق الكركي على الشرائع: 93.
(3) الصحاح 2: 600 مادة " تبر ".
(4) كذا في ما لدينا من النسخ ولعل الصحيح " إذ يداخل.. " وهو محتمل نسخة " ج ".
385

نصابا، ثم لا يخرج المغشوشة عن الجياد.
الثالثة: إذا كان معه دراهم مغشوشة، فإن عرف قدر الفضة،
أخرج الزكاة عنها فضة خالصة، وعن الجملة منها. وإن جهل ذلك وأخرج
عن جملتها من الجياد احتياطا جاز أيضا. وإن ماكس ألزم تصفيتها ليعرف
قدر الواجب.
الرابعة: مال القرض إن تركه المقترض بحاله حولا، وجبت الزكاة
عليه دون المقرض. ولو شرط المقترض الزكاة على المقرض، قيل: يلزم

386

الشرط، وقيل: لا يلزم، وهو الأشبه.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) التذكرة 1: 216.
(2) المبسوط 1: 210.
(3) الوسائل 6: 67 ب " 7 " من أبواب من تجب عليه الزكاة ومن لا تجب عليه.
(4) كلمة " على " في " ن " فقط. والظاهر أن الصحيح: وبهذا المعنى يتضح القول..
387

الخامسة: من دفن مالا وجهل موضعه، أو ورث مالا ولم يصل إليه
ومضى عليه أحوال ثم وصل إليه زكاه لسنة استحبابا.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 520 ح 5، التهذيب 4: 32 ح 83 وفيهما " المستقرض "، الوسائل 6: 67 ب " 7 " من
أبواب من تجب عليه الزكاة ح 2.
388

السادسة: إذا ترك نفقة لأهله فهي معرضة للإتلاف، تسقط الزكاة
عنها مع غيبة المالك، وتجب لو كان حاضرا، وقيل: تجب فيها على
التقديرين، والأول مروي.
السابعة: لا تجب الزكاة حتى يبلغ كل جنس نصابا، ولو قصر كل
جنس أو بعضها، لم يجبر بالجنس الآخر، كمن معه عشرة دنانير ومائة
درهم، أو أربعة من الإبل وعشرون من البقر.
القول في زكاة الغلات
والنظر في الجنس، والشروط، واللواحق
أما الأول فلا تجب الزكاة فيما يخرج من الأرض، إلا في الأجناس
الأربعة: الحنطة والشعير والتمر والزبيب. لكن يستحب فيما عدا ذلك من

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 544 باب الرجل يخلف عند أهله من النفقة، التهذيب 4: 99 ح 279 و 280، الوسائل
6: 447 ب " 7 " من أبواب زكاة الذهب والفضة.
(2) السرائر 1: 447.
389

الحبوب، مما يدخل المكيال والميزان، كالذرة والأرز والعدس والماش
والسلت والعلس. وقيل: السلت كالشعير، والعلس كالحنطة في
الوجوب، والأول أشبه.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) راجع الصحاح 1: 253 مادة " سلت " و ج 3: 952 مادة " علس ".
390

وأما الشروط فالنصاب وهو خمسة أوسق. والوسق ستون صاعا.
والصاع تسعة أرطال بالعراقي، وستة بالمدني، وهو أربعة أمداد. والمد
رطلان وربع.
فيكون النصاب ألفين وسبعمائة رطل بالعراقي. وما نقص فلا زكاة
فيه. وما زاد، فيه الزكاة ولو قل.
والحد الذي تتعلق به الزكاة من الأجناس، أن يسمى حنطة أو
شعيرا أو تمرا أو زبيبا، وقيل: بل إذا أحمر ثمر النخل، أو اصفر، أو انعقد
الحصرم، والأول أشبه.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المبسوط 1: 217.
(2) الوسائل 6: 133 ب " 12 " و 141 ب " 19 " من أبواب زكاة الغلات.
391

ووقت الإخراج في الغلة إذا صفت، وفي التمر بعد اخترافه، وفي
الزبيب بعد اقتطافه.
ولا تجب الزكاة في الغلات، إلا إذا ملكت بالزراعة لا بغيرها من
الأسباب كالابتياع والهبة. ويزكى حاصل الزرع، ثم لا تجب بعد ذلك
فيه زكاة، ولو بقي أحوالا. ولا تجب الزكاة، إلا بعد إخراج حصة
السلطان، والمؤن كلها، على الأظهر.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المبسوط 1: 217، الخلاف 2: 67 مسألة 78. وخلافه في خصوص المؤن دون حصة السلطان.
راجع المبسوط 1: 214 وهناك تجد قوله الآخر في المؤن.
392



--------------------------------------------------------------------------------

(1) مضمون عدة من الأحاديث. راجع التهذيب 4: 13 باب زكاة الحنطة والشعير، السوائل 6: 124
ب " 4، 5، 6 " من أبواب زكاة الغلات.
(2) التذكرة 1: 220.
393

وأما اللواحق فمسائل:
الأولى: كل ما سقي سيحا أو بعلا أو عذبا ففيه العشر. وما سقي
بالدوالي والنواضح ففيه نصف العشر. وإن اجتمع فيه الأمران، كان
الحكم للأكثر.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الصحاح 1: 377 مادة " سيح " و ج 4: 1635 مادة " بعل ".
394

فإن تساويا أخذ من نصفه العشر، ومن نصفه نصف العشر.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 514 ح 6 وليس فيه " تسقى بالدوالي " الاستبصار 2: 15 ح 44، التهذيب 4: 16
ح 41، الوسائل 6: 128 ب " 6 " من أبواب زكاة الغلات ح 1.
(2) كالعلامة في التذكرة 1: 219 والقواعد 1: 55 وفخر المحققين في إيضاح الفوائد 1: 183 والمحقق
الثاني في الحاشية على الشرائع: 95.
395

الثانية: إذا كان له نخيل أو زروع في بلاد متباعدة يدرك بعضها
قبل بعض، ضمت الجميع وكان حكمها حكم الثمرة في الموضع الواحد.
فما أدرك وبلغ نصابا أخذ منه، ثم يؤخذ من الباقي قل أو كثر. وإن سبق
ما لا يبلغ نصابا، تربصنا في وجوب الزكاة إدراك ما يكمل نصابا، سواء
أطلع الجميع دفعة، أو أدرك دفعة، أو اختلف الأمران.
الثالثة: إذا كان له نخل تطلع مرة، وأخرى تطلع مرتين، قيل: لا
يضم الثاني إلى الأول، لأنه في حكم ثمرة سنتين، وقيل: يضم، وهو
الأشبه.
الرابعة: لا يجزي أخذ الرطب عن التمر، ولا العنب عن الزبيب.

396

ولو أخذه الساعي، وجف ثم نقص رجع بالنقصان.
الخامسة: إذا مات المالك وعليه دين فظهرت الثمرة وبلغت
نصابا، لم يجب على الوارث زكاتها. ولو قضى الدين، وفضل منها
النصاب، لم تجب الزكاة لأنها على حكم مال الميت، ولو صارت ثمرا
والمالك حي ثم مات، وجبت الزكاة وإن كان دينه يستغرق تركته. ولو
ضاقت التركة عن الدين، قيل: يقع التحاص بين أرباب الزكاة والديان،

397

وقيل: تقدم الزكاة لتعلقها بالعين قبل تعلق الدين بها. وهو الأقوى.
السادسة: إذا ملك نخلا قبل أن يبدو صلاح ثمرته فالزكاة عليه،
وكذا إذا اشترى ثمرة على الوجه الذي يصح. فإن ملك الثمرة بعد ذلك،

398

فالزكاة على المملك. والأولى الاعتبار بكونه تمرا، لتعلق الزكاة بما يسمى
تمرا، لا بما يسمى بسرا.
السابعة: حكم ما يخرج من الأرض مما يستحب فيه الزكاة، حكم
الأجناس الأربعة في قدر النصاب، وكيفية ما يخرج منه، واعتبار السقي.
القول في مال التجارة
والبحث فيه، وفي شروطه، وأحكامه
أما الأول فهو المال الذي ملك بعقد معاوضة، وقصد به الاكتساب
عند التملك. فلو انتقل إليه بميراث أو هبة لم يزكه. وكذا لو ملكه للقنية.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) التذكرة 1: 227.
399

وكذا لو اشتراه للتجارة، ثم نوى القنية.
وأما الشروط فثلاثة:
الأول: النصاب.
ويعتبر وجوده في الحول كله، فلو نقص في أثناء الحول ولو يوما،
سقط الاستحباب. ولو مضى عليه مدة يطلب فيها برأس المال ثم زاد،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المعتبر 2: 548. ولكن فيه اشتراط نية الاكتساب عند التملك وأنه اتفاق العلماء. فلاحظ وراجع
الجواهر 15: 260.
(2) راجع الوسائل 6: 45 ب " 13، 14 " من أبواب ما تجب فيه الزكاة.
400

كان حول الأصل من حين الابتياع، وحول الزيادة من حين ظهورها.
الثاني: أن يطلب برأس المال أو زيادة.
فلو كان رأس ماله مائة، فطلب بنقيصة ولو حبة لم يستحب.
وروي أنه إذا مضى عليه - وهو على النقيصة - أحوال زكاه لسنة واحدة
استحباب.
الثالث: الحول.
ولا بد من وجود ما يعتبر في الزكاة من أول الحول إلى آخره. فلو
نقص رأس ماله، أو نوى به القنية، انقطع الحول. ولو كان بيده نصاب
بعض الحول، فاشترى به متاعا للتجارة، قيل: كان حول العرض حول
الأصل، والأشبه استئناف الحول. ولو كان رأس المال دون النصاب،
استأنف عند بلوغه نصابا فصاعدا.

401

وأما أحكامه فمسائل:
الأولى: زكاة التجارة يتعلق بقيمة المتاع لا بعينه، ويقوم بالدنانير
أو الدراهم.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المبسوط 1: 221.
(2) المعتبر 2: 550.
(3) التذكرة 1: 228.
402

تفريع
إذا كانت السلعة تبلغ النصاب بأحد النقدين دون الآخر، تعلقت
بها الزكاة، لحصول ما يسمى نصابا.
الثانية: إذا ملك أحد النصب الزكاتية للتجارة، مثل أربعين شاة
أو ثلاثين بقرة، سقطت زكاة التجارة ووجبت زكاة المال، ولا تجتمع
الزكاتان. ويشكل ذلك على القول بوجوب زكاة التجارة، [وقيل: تجتمع
الزكاتان، هذه وجوبا، وهذه استحبابا].

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الفردوس بمأثور الخطاب 5: 160 ح 7814.
(2) يلاحظ أن العبارة المنقولة هنا مغايرة لما في المتن.
403

الثالثة: لو عارض أربعين سائمة بأربعين سائمة للتجارة، سقط
وجوب المالية والتجارة، واستأنف الحول فيهما، وقيل: بل يثبت زكاة المال
مع تمام الحول دون التجارة، لأن اختلاف العين لا يقدح في الوجوب مع
تحقق النصاب في الملك، والأول أشبه.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الوارد في نسخ الشرائع المطبوعة " عاوض " وفيما لدينا من نسخ المسالك المخطوطة " عارض " كما ورد في
الشرح المعارضة وكأنه بمعنى المقابلة.
(2) إيضاح الفوائد 1: 186.
(3) المبسوط 1: 223.
404



--------------------------------------------------------------------------------

(1) ما بين الخطين ليس في " ن " ومشطوب عليه في " ج " ومذكور في الحاشية في " ك " و " و ".
(2) نهاية الأحكام 2: 372.
(3) قواعد الأحكام 1: 56.
405

الرابعة: إذا ظهر في مال المضاربة الربح، كانت زكاة الأصل على
رب المال لانفراده بملكه، وزكاة الربح بينهما، يضم حصة المالك إلى
ماله، ويخرج منه الزكاة، لأن رأس ماله نصاب. ولا يستحب في حصة
الساعي الزكاة إلا أن يكون نصابا. وهل تخرج قبل أن ينض المال؟ قيل:
لا، لأنه وقاية لرأس المال، وقيل: نعم، لأن استحقاق الفقراء له أخرجه
عن كونه وقاية، وهو أشبه.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) انظر النهاية لابن الأثير 5: 152، لسان العرب 1: 793.
(2) الصحاح 3: 1107 مادة " نضض ".
406

الخامسة: الدين لا يمنع من زكاة التجارة، ولو لم يكن للمالك وفاء
إلا منه. وكذا القول في زكاة المال، لأنها تتعلق بالعين.
ثم يلحق بهذا الفصل مسألتان:
الأولى: العقار المتخذ للنماء يستحب الزكاة في حاصله. ولو بلغ
نصابا وحال عليه الحول وجبت الزكاة. ولا يستحب في المساكن ولا في
الثياب ولا الآلات ولا الأمتعة المتخذة للقنية.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) قواعد الأحكام 1: 56.
407

الثانية: الخيل إذا كانت إناثا سائمة وحال عليها الحول، ففي
العتاق عن كل فرس ديناران، وفي البراذين عن كل فرس دينار استحبابا.
النظر الثالث
في من تصرف إليه، ووقت التسليم، والنية
القول في من تصرف إليه
ويحصره أقسام:
الأول: أصناف المستحقين للزكاة سبعة:
الفقراء والمساكين
وهم الذين تقصر أموالهم عن مؤنة سنتهم، وقيل: من يقصر ماله
عن أحد النصب الزكوية. ثم من الناس من جعل اللفظين بمعنى واحد،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) التذكرة 1: 230.
(2) الصحاح 5: 2078 مادة " برذن ".
408

ومنهم من فرق بينهما في الآية، والأول أشبه. ومن يقدر على اكتساب ما
يمون به نفسه وعياله لا يحل له أخذها، لأنه كالغني. وكذا ذو الصنعة.
ولو قصرت عن كفايته جاز أن يتناولها، وقيل: يعطى ما يتم به كفايته.
وليس ذلك شرطا. ومن هذا الباب تحل لصاحب الثلثمائة، وتحرم على
صاحب الخمسين، اعتبارا بعجز الأول عن تحصيل الكفاية وتمكن الثاني.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المختصر النافع: 58.
(2) التوبة: 60.
(3) المبسوط 1: 246.
(4) نهاية الأحكام 2: 379.
(5) المجادلة: 4.
(6) انظر الصحاح 2: 782.
(7) الكافي 3: 501 ح 16 و 18، التهذيب 4: 104 ح 297، الوسائل 6: 144 ب " 1 " من أبواب
المستحقين للزكاة ح 2، 3.
409

ويعطي الفقير، ولو كان له دار يسكنها، أو خادم يخدمه، إذا كان
لا غناء له عنهما. ولو ادعى الفقر، فإن عرف صدقه أو كذبه، عومل بما
عرف منه. وإن جهل الأمران أعطي من غير يمين، سواء كان قويا أو
ضعيفا، وكذا لو كان له أصل مال وادعى تلفه، وقيل: بل يحلف على
تلفه.
ولا يجب إعلام الفقير أن المدفوع إليه زكاة، فلو كان ممن يترفع عنها

--------------------------------------------------------------------------------

(1) لم يرد في المتن " قبل " جوابا للشرط بل ورد " عومل.. ".
410

وهو مستحق، جاز صرفها إليه على وجه الصلة. ولو دفعها إليه على أنه
فقير، فبان غنيا، ارتجعت مع التمكن. وإن تعذر كانت ثابتة في ذمة
الآخذ، ولا يلزم الدافع ضمانها، سواء كان الدافع المالك، أو الإمام، أو
الساعي. وكذا لو بان أن المدفوع إليه كافر، أو فاسق، أو ممن تجب عليه
نفقته، أو هاشمي، وكان الدافع من غير قبيله.

411

والعاملون
وهم عمال الصدقات. ويجب أن يستكمل فيهم أربع صفات:
التكليف، والإيمان، والعدالة، والفقه. ولو اقتصر على ما يحتاج إليه منه
جاز. وأن لا يكون هاشميا.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) كالعلامة في التذكرة 1: 245، 527، والمحقق الثاني في جامع المقاصد 3: 30 والحاشية على الشرائع:
99.
(2) الكافي 3: 546 ح 2. التهذيب 4: 102 ح 290 و 291، الوسائل 6: 147 ب " 2 " من أبواب
المستحقين للزكاة ح 1 و 2.
(3) المعتبر 2: 571.
(4) البيان: 194.
(5) المبسوط 1: 248.
(6) الكافي 4: 58 ح 5، الوسائل 6: 185 ب " 29 " من أبواب المستحقين للزكاة ح 1.
412

وفي اعتبار الحرية تردد. والإمام بالخيار بين أن يقرر له جعالة مقدرة، أو
أجرة عن مدة مقدرة.
والمؤلفة قلوبهم
وهم الكفار الذين يستمالون إلى الجهاد، ولا نعرف مؤلفة غيرهم.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) التوبة: 60.
(2) التوبة: 58.
(3) الكافي 3: 563 ح 13، المقنعة 43 مرسلا، التهذيب 4: 108 ح 311، الوسائل 6: 144.
" 1 " من أبواب المستحقين للزكاة ح 4.
(4) السرائر 1: 457 وقد نسبه إلى المفيد.
413

وفي الرقاب
وهم ثلاثة: المكاتبون، والعبيد الذين تحت الشدة، والعبد يشترى
ويعتق، وإن لم يكن في شدة، لكن بشرط عدم المستحق.
وروي رابع، وهو من وجبت عليه كفارة ولم يجد، فإنه يعتق عنه،
وفيه تردد.

414

والمكاتب إنما يعطى من هذا السهم، إذا لم يكن معه ما يصرفه في
كتابته. ولو صرفه في غيره والحال هذه جاز ارتجاعه، وقيل: لا. ولو دفع
إليه من سهم الفقراء لم يرتجع. ولو ادعى أنه كوتب، قيل: يقبل، وقيل:
لا، إلا بالبينة أو بحلف، والأول أشبه. ولو صدقه مولاه قبل.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) تفسير القمي 1: 299، التهذيب 4: 49 ح 129، الوسائل 6: 145 ب " 1 " من أبواب المستحقين
للزكاة ح 7.
415

والغارمون
وهم الذين علتهم الديون في غير معصية، فلو كان في معصية لم
يقض عنه.
نعم، لو تاب صرف إليه من سهم الفقراء، وجاز أن يقضي هو.
ولو جهل في ماذا أنفقه، قيل: يمنع، وقيل: لا، وهو الأشبه.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) التذكرة 1: 233.
(2) المبسوط 1: 251.
416

ولو كان للمالك دين على الفقير جاز أن يقاصه. وكذا لو كان الغارم
ميتا، جاز أن يقضي عنه وأن يقاص.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) هكذا وردت العبارة في " ج " و " ك " و " و " وفي " م " و " ن " سقط والعبارة لا تخلو من غموض. وفي
الجواهر نقلا عن المسالك " مع أن إعطاء قوت الزائد على قوت السنة إنما هو ممنوع تدريجا أما دفعة فلا ".
والظاهر أنه الصحيح إلا كلمة قوت الأولى فإنها زائدة ظاهرا.
(2) ورد في هامش نسختي " ج وك " شرح آخر مختصر لعبارة المتن والظاهر أنه مما عدل عنه الشارح (رحمه
الله) وأبدله بهذا الشرح المفصل لاشتماله على مضمون ذلك الشرح. ونحن نورده مزيدا للفائدة ولأمانة
النقل: " قوله: (نعم لو تاب.. الخ).
إنما يدفع إليه من سهم الفقراء لو كان فقيرا، بمعنى أنه غير قادر على قوت سنته. ولو لم يكن كذلك
لم يجز أن يدفع إليه من سهم الفقراء، وإن كان دينه أضعاف ماله، لأنه حينئذ غارم لا فقير، وشرط
الغرم غير حاصل. وقوله: (نعم لو تاب صرف إليه.. الخ) مبني على اشتراط العدالة أو مجانبة
الكبائر، وإلا لم يتوقف جواز الدفع إليه على التوبة ".
وفي ذيل هذا الشرح في نسخة " ج " " منه سلمه الله ".
وفي نسخة " ك " تعليق هكذا: " ليست بمكررة في المتن ولا في كثير من ما رأيت من النسخ وفي نسخة
لا يعتمد على مثلها موجودة بعد قوله (ولو ادعى أنه كوتب " والظاهر زيادتها والله يعلم. رض ".
(3) لم نجد في كتب العلامة تصريحا بعدم الاشتراط نعم كلامه مطلق في أكثر كتبه كغيره من الفقهاء.
راجع المنتهى 1: 521، والقواعد: 58، والإرشاد 1: 288، بل صرح في تحرير الأحكام 1:
69 بالاشتراط.
417

وكذا لو كان الدين على من يجب نفقته، جاز أن يقضى عنه حيا أو
ميتا وأن يقاص
ولو صرف الغارم ما دفع إليه من سهم الغارمين في غير القضاء
ارتجع منه على الأشبه. ولو ادعى أن عليه دينا قبل قوله إذا صدقه الغريم.
وكذا لو تجردت دعواه عن التصديق والإنكار، وقيل: لا يقبل، والأول
أشبه.
وفي سبيل الله
وهو الجهاد خاصة.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) التوبة: 60.
418

وقيل: يدخل فيه المصالح، كبناء القناطر، والحج، ومساعدة
الزائرين، وبناء المساجد، وهو الأشبه. والغازي يعطى وإن كان غنيا قدر
كفايته على حسب حاله. وإذا غزى لم يرتجع منه، وإن لم يغز استعيد.
وإذا كان الإمام مفقودا، سقط نصيب الجهاد وصرف في المصالح،
وقد يمكن وجوب الجهاد مع عدمه، فيكون النصيب باقيا مع وقوع ذلك
التقدير.
وكذا يسقط سهم السعاة، وسهم المؤلفة، ويقتصر بالزكاة على بقية
الأصناف.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) البيان: 195. ولكن في اللمعة 1: 171 والدروس: 62 ذكرهما مع " في ".
(2) الصحاح 5: 1724.
(3) تفسير القمي 1: 299، التهذيب 4: 49 ح 129، الوسائل 6: 145 ب " 1 " من أبواب المستحقين
للزكاة ح 7.
419

وابن السبيل
وهو المنقطع به ولو كان غنيا في بلده، وكذا الضيف.
ولا بد أن يكون سفرهما مباحا، فلو كان معصية لم يعط، ويدفع
إليه قدر الكفاية إلى بلده، ولو فضل منه شئ أعاده، وقيل: لا.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المعتبر 2: 578.
(2) التوبة: 60.
420

القسم الثاني في أوصاف المستحق.
الوصف الأول: الإيمان.
فلا يعطى كافرا، ولا معتقدا لغير الحق. ومع عدم المؤمنين، يجوز
صرف الفطرة خاصة إلى المستضعف. وتعطى الزكاة أطفال المؤمنين دون
أطفال غيرهم.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) التهذيب 4: 88 ح 260، الاستبصار 2: 51 ح 173. وفيه " كان جدي رسول الله صلى الله عليه
وآله.. ". الوسائل 6: 250 ب " 15 " من أبواب الفطرة ح 3.
421

ولو أعطى مخالف زكاته لأهل نحلته ثم استبصر أعاد.
الوصف الثاني: العدالة.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المختلف: 183.
(2) الكافي 3: 545 ح 1 و 546 ح 5، الوسائل 6: 148 ب " 3 " من أبواب المستحقين للزكاة.
422

وقد اعتبرها كثير. واعتبر آخرون، مجانبة الكبائر كالخمر والزنا،
دون الصغائر وإن دخل بها في جملة الفساق، والأول أحوط.
الوصف الثالث: ألا يكون ممن تجب نفقته على المالك، كالأبوين
وإن علوا، والأولاد وإن سفلوا، والزوجة، والمملوك. ويجوز دفعها إلى من
عدا هؤلاء من الأنساب ولو قربوا، كالأخ والعم.
ولو كان من تجب نفقته عاملا، جاز أن يأخذ من الزكاة، وكذا
الغازي، والغارم، والمكاتب، وابن السبيل، لكن يأخذ هذا ما زاد عن

--------------------------------------------------------------------------------

(1) غاية المراد: 42. ولكن فيه ملازمة التقوى والمروة.
(2) الإنتصار: 82.
423

نفقته الأصلية، مما يحتاج إليه في سفره كالحمولة.
الوصف الرابع: أن لا يكون هاشميا.
فلو كان كذلك، لم تحل له زكاة غيره، ويحل له زكاة مثله في النسب.
ولو لم يتمكن الهاشمي من كفايته من الخمس، جاز له أن يأخذ من الزكاة
ولو من غير هاشمي، وقيل: لا يتجاوز قدر الضرورة.
ويجوز للهاشمي أن يتناول المندوبة من هاشمي وغيره. والذين يحرم

424

عليهم الصدقة الواجبة من ولد هاشم خاصة على الأظهر. وهم الآن أولاد
أبي طالب، والعباس، والحارث، وأبي لهب.
القسم الثالث: في المتولي للإخراج.
وهم ثلاثة: المالك، والإمام، والعامل. وللمالك أن يتولى تفريق
ما وجب عليه بنفسه، وبمن يوكله. والأولى حمل ذلك إلى الإمام. ويتأكد
ذلك الاستحباب في الأموال الظاهرة كالمواشي والغلات.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) نقله عنهما العلامة في المختلف: 183
(2) التهذيب 4: 59 ح 159، الاستبصار 2: 36 ح 111، الوسائل 6: 191 ب " 33 " من أبواب
المستحقين للزكاة ح 1.
(3) منهم المفيد في المقنعة: 252، وأبي الصلاح في الكافي في الفقه: 172، وابن البراج في المهذب 1:
171 و 175.
(4) التوبة: 103.
425

ولو طلبها الإمام وجب صرفها إليه. ولو فرقها المالك والحال هذه،
قيل: لا يجزي وإن أثم، والأول أشبه. وولي الطفل
كالمالك في ولاية الإخراج.
ويجب على الإمام أن ينصب عاملا لقبض الصدقات. ويجب دفعها
إليه عند المطالبة. ولو قال المالك: أخرجت ما وجب علي، قبل قوله، ولا
يكلف بينة ولا يمينا.
ولا يجوز للساعي تفريقها إلا بأن الإمام، فإذا أذن له جاز أن يأخذ
نصيبه ثم يفرق الباقي.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 501 ح 16، التهذيب 4: 104 ح 297، الوسائل 6: 215 ب " 54 " من أبواب
المستحقين للزكاة ح 1.
(2) البقرة: 271.
(3) التذكرة 1: 241.
426

وإذا لم يكن الإمام موجودا، دفعت إلى الفقيه المأمون من الإمامية،
فإنه أبصر بمواقعها. والأفضل قسمتها على الأصناف، واختصاص جماعة
من كل صنف. ولو صرفها في صنف واحد جاز. ولو خص بها ولو شخصا
واحدا من بعض الأصناف جاز أيضا.
ولا يجوز أن يعدل بها إلى غير الموجود، ولا إلى غير أهل البلد مع
وجود المستحق في البلد،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) هكذا في النسخ والصحيح نقصا وحطا.
(2) التوبة: 60.
(3) لعله يستفاد من مرسلة حماد ومرسلة العياشي، والوسائل 6: 184 ب " 28 " من أبواب المستحقين للزكاة
ح 3 و 5. راجع للحديث الأول. الكافي 1: 539 ح 4 والتهذيب 4: 128 ح 366.
427

ولا أن يؤخر دفعها مع التمكن. فإن فعل شيئا من ذلك أثم وضمن.
وكذا كل من كان في يده مال لغيره فطالبه فامتنع، أو أوصى إليه
بشئ فلم يصرفه فيه، أو دفع إليه ما يوصله إلى غيره.
ولو لم يجد المستحق، جاز نقلها إلى بلد آخر، ولا ضمان عليه مع
التلف، إلا أن يكون هناك تفريط.
ولو كان ماله في غير بلده، فالأفضل صرفها إلى بلد المال، ولو دفع
العوض في بلده جاز. ولو نقل الواجب إلى بلده ضمن إن تلف.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 554 ح 7، الفقيه 2: 16 ح 50، الوسائل 6: 195 ب " 37 " من أبواب المستحقين
للزكاة ح 1.
(2) التهذيب 4: 44 ح 112، الاستبصار 2: 32 ح 94، الوسائل 6: 210 ب " 49 " من أبواب
المستحقين للزكاة ح 9.
428

وفي زكاة الفطرة، الأفضل أن يؤدي في بلده، وإن كان ماله في
غيره، لأنها تجب في الذمة. ولو عين زكاة الفطرة من مال غائب عنه،
ضمن بنقله عن ذلك البلد، مع وجود المستحق فيه.
القسم الرابع: في اللواحق.
وفيه مسائل:
الأولى: إذا قبض الإمام أو الساعي الزكاة، برئت ذمة المالك، ولو
تلفت بعد ذلك.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الدروس: 65.
429

الثانية: إذا لم يجد المالك لها مستحقا، فالأفضل له عزلها. ولو
أدركته الوفاة، أوصى بها وجوبا.
الثالثة: المملوك الذي يشترى من الزكاة، إذا مات ولا وارث له،
ورثه أرباب الزكاة وقيل: بل يرثه الإمام، والأول أظهر.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الدروس: 65.
(2) البيان: 199.
(3) نهاية الأحكام 2: 432، التذكرة 1: 246، القواعد 1: 59 إلا أنه قال فيه: " على رأي " ومال إليه
في المنتهى 1: 531 لضعف الرواية ولكنه قرب المشهور أخيرا لعمل الأصحاب بها، كما قواه في التحرير
لذلك 1: 70.
(4) الكافي 3: 557 ح 3، التهذيب 4: 100 ح 281، الوسائل 6: 203 ب " 43 " من أبواب
المستحقين للزكاة ح 2.
430

الرابعة: إذا احتاجت الصدقة إلى كيل أو وزن، كانت الأجرة على
المالك، وقيل: يحتسب من الزكاة، والأول أشبه.
الخامسة: إذا اجتمع للفقير سببان أو ما زاد، يستحق بهما الزكاة
كالفقر والكتابة والغزو، جاز أن يعطى بحسب كل سبب نصيبا.
السادسة: أقل ما يعطى الفقير، ما يجب في النصاب الأول، عشرة

--------------------------------------------------------------------------------

(1) التذكرة 1: 244.
(2) المختلف: 186.
431

قراريط أو خمسة دراهم. وقيل: ما يجب في النصاب الثاني، قيراطان أو
درهم، والأول أكثر. ولا حد للأكثر إذا كان دفعة. ولو تعاقبت العطية،
فبلغت مؤنة السنة، حرم ما زاد.
السابعة: إذا قبض الإمام الزكاة، دعا لصاحبها وجوبا. وقيل:
استحباب، وهو الأشهر.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 548 ح 1، التهذيب 4: 62 ح 167 و 168، الاستبصار 2: 38 ح 116 و 117،
الوسائل 6: 177 ب " 23 " من أبواب المستحقين للزكاة ح 2، 4.
432

الثامنة: يكره أن يملك ما أخرجه في الصدقة اختيارا، واجبة كانت
أو مندوبة، ولا بأس إذا عادت إليه بميراث وما شابهه.
التاسعة: يستحب أن يوسم نعم الصدقة في أقوى موضع منها
وأكشفه، كأصول الآذان في الغنم، وأفخاذ الإبل والبقر. ويكتب في
الميسم ما أخذت له: زكاة، أو صدقة، أو جزية.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المعتبر 2: 592.
(2) التوبة: 103.
(3) مصنف عبد الرزاق 4: 58 ح 6957، سنن البيهقي 4: 157، سنن ابن ماجة 1: 572
ح 1796.
(4) انظر الصحاح للجوهري 6: 2402.
433

القول في وقت التسليم
إذا أهل الثاني عشر وجب دفع الزكاة. ولا يجوز التأخير إلا لمانع،
أو لانتظار من له قبضها. وإذا عزلها جاز تأخيرها إلى شهر أو شهرين.
والأشبه أن التأخير إن كان لسبب مبيح، دام بدوامه ولا يتحدد.
وإن كان اقتراحا لم يجز، ويضمن إن تلفت.
ولا يجوز تقديمها قبل وقت الوجوب. فإن آثر ذلك. دفع مثلها
قرضا، ولا يكون ذلك زكاة، ولا يصدق عليها اسم التعجيل. فإذا جاء
وقت الوجوب، احتسبها من الزكاة كالدين على الفقير، بشرط بقاء
القابض على صفة الاستحقاق، وبقاء الوجوب في المال.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 3: 523 ح 8، التهذيب 4: 43 ح 110، الوسائل 6: 212 ب " 5 " من أبواب المستحقين
للزكاة ح 2.
(2) المراسم: 128، ونسبه في المختلف: 188 إلى ابن أبي عقيل أيضا.
(3) في " ن، ك، و " (بعض الأحكام) والصحيح ما أثبتناه من " ج و م " والمراد بالأحكام الآتية ما ورد في المتن
من الأحكام المتفرعة على كون التعجيل فرضا.
434

ولو كان النصاب يتم بالقرض لم يجب الزكاة، سواء كانت عينه باقية
أو تالفة، على الأشبه.
ولو خرج المستحق عن الوصف استعيدت، وله أن يمتنع من إعادة
العين ببذل القيمة عند القبض كالقرض. ولو تعذر استعادتها غرم المالك

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المبسوط 1: 229 و 231. وسيأتي كلام حول ما نسب إلى الشيخ في ملك المقترض في أحكام القرض.
435

الزكاة من رأس. ولو كان المستحق على الصفات، وحصلت شرائط
الوجوب، جاز أن يستعيدها ويعطي عوضها لأنها لم تتعين، ويجوز أن
يعدل بها عمن دفعت إليه أيضا.
فروع
الأول: لو دفع إليه شاة، فزادت زيادة متصلة كالسمن، لم يكن له

436

استعادة العين مع ارتفاع الفقر، وللفقير بذل القيمة. وكذا لو كانت
الزيادة منفصلة كالولد. لكن لو دفع الشاة، لم يجب عليه دفع الولد.
الثاني: لو نقصت، قيل: يردها ولا شئ على الفقير. والوجه لزوم
القيمة حين القبض.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المبسوط 1: 229.
437

الثالث: إذا استغنى بعين المال ثم حال الحول، جاز احتسابه
عليه، ولا يكلف المالك أخذه وإعادته. وإن استغنى بغيره استعيد
القرض.
القول في النية.
والمراعي نية الدافع إن كان مالكا. وإن كان ساعيا أو الإمام أو
وكيلا، جاز أن يتولى النية كل واحد من الدافع والمالك.
والولي عن الطفل والمجنون يتولى النية، أو من له أن يقبض منه،
كالإمام والساعي.

438

وتتعين عند الدفع، ولو نوى بعد الدفع لم استبعد جوازه.
وحقيقتها القصد إلى القربة، والوجوب أو الندب، وكونها زكاة مال
أو فطرة. ولا يفتقر إلى نية الجنس الذي يخرج منه.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المعتبر 2: 559.
439

فروع
لو قال: إن كان مالي الغائب باقيا فهذه زكاته، وإن كان تالفا فهي
نافلة، صح، ولا كذا لو قال: أو نافلة.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) التذكرة 1: 243.
(2) البيان: 201.
440

ولو كان له مالان متساويان، حاضر وغائب، فأخرج زكاة ونواها
عن أحدهما، أجزأته. وكذا لو قال: إن كان مالي الغائب سالما.
ولو أخرج عن ماله الغائب إن كان سالما ثم بان تالفا جاز نقلها إلى
غيره على الأشبه.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المبسوط 1: 232.
441

ولو نوى عن مال يرجو وصوله إليه، لم يجز ولو وصل. ولو لم ينو رب المال،
ونوى الساعي أو الإمام عند التسليم، فإن أخذها الساعي كرها جاز،
وإن أخذها طوعا، قيل: لا يجزي، والإجزاء أشبه.
القسم الثاني
في زكاة الفطرة
وأركانها أربعة:
الأول: في من تجب عليه. تجب الفطرة بشروط ثلاثة:
الأول: التكليف.
فلا تجب على الصبي، ولا على المجنون، ولا على من أهل

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الصحاح 2: 781، لسان العرب 5: 56 وفيه " أنا ابتدأت حفرها ".
(2) الصحاح 2: 781، لسان العرب 5: 56 وفيه " أنا ابتدأت حفرها ".
442



--------------------------------------------------------------------------------

(1) الروم: 30.
(2) الكافي 4: 174 ح 21، الفقيه 2: 118 ح 508، علل الشرائع: 389 ب " 127 " ح 1، الوسائل
6: 228 ب " 5 " من أبواب زكاة الفطرة ح 5 وفي جميعها يروي إسحاق بن عمار عن معتب.
(3) في " م " (الصوم).
(4) الفقيه 2: 119 ح 515 - عن أبي بصير وزرارة قالا: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن من تمام الصوم
إعطاء الزكاة يعني الفطرة كما أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله من تمام الصلاة لأنه من صام ولم
يؤد الزكاة فلا صوم له إذا تركها متعمدا ولا صلاة له إذا ترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله إن
الله عز وجل قد بدأ بها قبل الصلاة قال: " قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى ". راجع التهذيب
2: 159 ح 625، الاستبصار 1: 343 ح 129، المقنعة: 264، الوسائل 6: 221 ب " 1 " من
أبواب زكاة الفطرة ح 5. الآية في سورة الأعلى 15 - 16.
443

شوال وهو مغمى عليه.
الثاني: الحرية.
فلا تجب على المملوك، ولو قيل: يملك، ولا على المدبر، ولا
على أم الولد، ولا على المكاتب المشروط، ولا المطلق الذي لم يتحرر
منه شئ.
ولو تحرر منه شئ، وجبت عليه بالنسبة. ولو عاله المولى،
وجبت عليه دون المملوك.
الثالث: الغنى.
فلا تجب على الفقير. وهو من لا يملك أحد النصب الزكاتية،
وقيل: من تحل له الزكاة. وضابطه ألا يملك قوت سنة له ولعياله،
وهو الأشبه.

444

ويستحب للفقير إخراجها، وأقل ذلك أن يدير صاعا على
عياله ثم يتصدق به. ومع الشروط يخرجها عن نفسه، وعن جميع من
يعوله فرضا أو نفلا، من زوجة وولد وما شاكلهما، وضيف وما شابهه،
صغيرا كان أو كبيرا، حرا أو عبدا، مسلما أو كافرا.
والنية معتبرة في أدائها، فلا يصح إخراجها من الكافر، وإن
وجبت عليه. ولو أسلم سقطت عنه.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 4: 172 ح 10، الفقيه 2: 115 ح 496، التهذيب 4: 74 ح 209، الاستبصار 2: 42
ح 133، الوسائل 6: 225 ب " 3 " من أبواب زكاة الفطرة ح 3.
(2) السرائر 1: 466.
(3) انظر معجم مقاييس اللغة 3: 381، النهاية لابن الأثير 3: 109.
445

مسائل ثلاث:
الأولى: من بلغ قبل الهلال، أو أسلم، أو زال جنونه، أو ملك
ما يصير به غنيا، وجبت عليه. ولو كان بعد ذلك ما لم يصل العيد،
استحبت. وكذا التفصيل لو ملك مملوكا، أو ولد له.
الثانية: الزوجة والمملوك تجب الزكاة عنهما، ولو لم يكونا في
عياله إذا لم يعلمها غيره، وقيل: لا تجب إلا مع العيلولة، وفيه تردد.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) البيان: 209.
446

الثالثة: كل من وجبت زكاته على غيره سقطت عنه، وإن كان
لو انفرد وجبت عليه، كالضيف الغني والزوجة.
فروع
الأول: إن كان له مملوك غائب يعرف حياته، فإن كان يعول نفسه
أو في عيال مولاه وجبت على المولى، وإن عاله غيره، وجبت الزكاة على
العائل.
الثاني: إذا كان العبد بين شريكين فالزكاة عليهما، فإن عاله
أحدهما، فالزكاة على العائل.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الوسائل 6: 227 ب " 5 " من أبواب زكاة الفطرة.
(2) نهاية الأحكام 2: 438.
447

الثالث: لو مات المولى وعليه دين، فإن كان بعد الهلال، وجبت
زكاة مملوكه في ماله. وإن ضاقت التركة، قسمت على الدين والفطرة
بالحصص. وإن مات قبل الهلال لم تجب على أحد إلا بتقدير أن يعوله.
الرابع: إذا أوصي له بعبد ثم مات الموصي، فإن قبل الوصية قبل
الهلال وجبت عليه،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) البيان: 208.
448

وإن قبل بعده سقطت، وقيل: تجب على الورثة، وفيه تردد.
ولو وهب له ولم يقبض، لم تجب الزكاة على الموهوب له.
ولو مات الواهب كانت على ورثته، وقيل: لو قبل ومات ثم قبض
الورثة قبل الهلال، وجبت عليهم، وفيه تردد.

449

الثاني: في جنسها، وقدرها.
والضابط إخراج ما كان قوتا غالبا كالحنطة والشعير ودقيقهما
وخبزهما، والتمر والزبيب والأرز واللبن والأقط. ومن غير ذلك يخرج
بالقيمة السوقية، والأفضل إخراج التمر ثم الزبيب، ويليه أن يخرج كل
إنسان ما يغلب على قوته.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المختلف: 197 نقلا عن علي بن بابويه في رسالته، والصدوق في المقنع والهداية. وابن أبي عقيل.
راجع المقنع: 66 والهداية: 51.
(2) الكافي 4: 173 ح 14، التهذيب 4: 78 ح 220، الاستبصار 2: 42 ح 136، الوسائل 6: 239
ب " 8 " من أبواب زكاة الفطرة ح 4.
(3) الأحاديث في ذلك مختلفة من حيث العدد والمواد. راجع الوسائل 6: 227 ب " 5، 6 " من أبواب
زكاة الفطرة.
450

والفطرة من جميع الأقوات المذكورة صاع. والصاع أربعة أمداد،
فهي تسعة أرطال بالعراقي. ومن اللبن أربعة أرطال، وفسره قوم بالمدني.
ولا تقدير في عوض الواجب، بل يرجع إلى قيمة السوق. وقدره قوم
بدرهم وآخرون بأربعة دوانيق فضة، وليس بمعتمد، وربما نزل على
اختلاف الأسعار.
الثالث: في وقتها.
وتجب بهلال شوال. ولا يجوز تقديمها قبله، إلا على سبيل
القرض، على الأظهر. ويجوز إخراجها بعده، وتأخيرها إلى قبل صلاة
العيد أفضل. فإن خرج وقت الصلاة، وقد عزلها، أخرجها واجبا بنية

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 4: 171 ح 3، الفقيه 2: 117 ح 505، علل الشرائع 390 ب " 128 "، التهذيب 4: 85
ح 248، الوسائل 6: 244 ب " 10 " من أبواب زكاة الفطرة ح 8.
(2) المقنعة: 251، المبسوط 1: 242، الوسائل 6: 242 ب " 9 " من أبواب زكاة الفطرة ح 11 و 14.
(3) المختلف: 198.
451

الأداء. وإن لم يكن عزلها، قيل: سقطت، وقيل: يأتي بها قضاء، وقيل:
أداء والأول أشبه.
وإذا أخر دفعها بعد العزل مع الإمكان، كان ضامنا، وإن كان لا
معه لم يضمن. ولا يجوز حملها إلى بلد آخر، مع وجود المستحق ويضمن.
ويجوز مع عدمه، ولا يضمن.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) منهم أبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه: 169، والسيد المرتضى في جمل العلم والعمل " رسائل
الشريف المرتضى " 3: 80، والمحقق في المعتبر 2: 611، وابن الجنيد على ما في المختلف: 199.
(2) الاستبصار 2: 45 ح 147، ورواه أيضا في التهذيب 4: 76 ح 215 بدون قوله " قبل الصلاة " راجع
الوسائل 6: 246 ب " 12 " من أبواب زكاة الفطرة ح 4.
(3) في ص 428.
452

الرابع: في مصرفها.
وهو مصرف زكاة المال، ويجوز أن يتولى المالك إخراجها، والأفضل
دفعها إلى الإمام أو من نصبه، ومع التعذر إلى فقهاء الشيعة. ولا يعطى
غير المؤمن أو المستضعف مع عدمه، ويعطى أطفال المؤمنين ولو كان
آباؤهم فساقا. ولا يعطى الفقير أقل من صاع، إلا أن يجتمع جماعة لا
يتسع لهم. ويجوز أن يعطى الواحد ما يغنيه دفعة. ويستحب اختصاص
ذوي القرابة بها، ثم الجيران.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) في ص 427.
(2) الإنتصار: 88.
(3) التهذيب 4: 89 ح 261، الاستبصار 2: 52 ح 174، الوسائل 6: 252 ب " 16 " من أبواب
زكاة الفطرة ح 2.
(4) الفقيه 2: 38 ح 166، الوسائل 6: 286 ب " 20 " من أبواب الصدقة ح 4.
453



--------------------------------------------------------------------------------

(1) ورد بهذا المضمون عدة روايات. راجع الوسائل 6: 250 ب " 15 " من أبواب زكاة الفطرة.
454

كتاب الخمس

455

(كتاب الخمس)
وفيه فصلان:
الفصل الأول
في ما يجب فيه
وهو سبعة:
الأول: غنائم دار الحرب، مما حواه العسكر وما يحوه، من

457

أرض وغيرها، ما لم يكن غصبا من مسلم أو معاهد، قليلا كان أو
كثيرا.
الثاني: المعادن سواء كانت منطبعة كالذهب والفضة
والرصاص، أو غير منطبعة كالياقوت والزبرجد والكحل، أو مائعة
كالقير والنفط والكبريت.
ويجب فيه الخمس بعد المؤنة، وقيل: لا يجب حتى يبلغ
عشرين دينارا وهو المروي،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) يأتي في ص 474.
(2) المغرة والمغرة طين أحمر يصبغ به. لسان العرب 5: 181.
(3) التهذيب 4: 138 ح 391، الوسائل 6: 344 ب " 4 " من أبواب ما يجب فيه الخمس.
458

والأول أكثر.
الثالث: الكنوز.
وهو كل مال مذخور تحت الأرض،

--------------------------------------------------------------------------------

(1) البيان: 214.
(2) منتهى المطلب 1: 549.
(3) اعتمدنا في درج ما بين المعقوفتين في ذيل هذا الشرح بهذه الكيفية على نسخة " ج " وورد في سائر النسخ
شرحا مستقلا وهو غير مناسب للزوم شرحين لعبارة واحدة. ومن العجيب أنه ورد في نسخة " ن " و " و "
و " ك " بعد شرح العبارة التالية وهو ينافي ترتيب ما في المتن وقد ورد في نسخة " ج " أيضا كذلك ولكن
شطب على الشرح التالي لقوله " والأول أكثر " وأضيف الواو إلى " قوله " في هذه العبارة.
(4) شطب على هذا الشرح تماما في نسخة " ج ".
459

فإن بلغ عشرين دينارا وكان في أرض دار الحرب أو دار الإسلام، وليس
عليه أثر، وجب الخمس.
ولو وجده في ملك مبتاع، عرفه البائع. فإن عرفه فهو أحق به. وإن
جهله، فهو للمشتري، وعليه الخمس.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) البيان: 215 وفيه: " ويمكن إقامة نصاب الفضة مقامها ".
(2) الفقيه 2: 21 ح 75، الوسائل 6: 345 ب " 5 " من أبواب ما يجب فيه الخمس ح 2.
(3) يأتي في ص 462 و 463.
460

وكذا لو اشترى دابة ووجد في جوفها شيئا له قيمة. ولو ابتاع سمكة فوجد
في جوفها شيئا أخرج خمسه، وكان له الباقي، ولا يعرف.

461



--------------------------------------------------------------------------------

(1) الكافي 5: 139 ح 9، الفقيه 3: 189 ح 853، التهذيب 6: 392 ح 1174، الوسائل 17:
358 ب " 9 " من أبواب اللقطة والراوي فيها عبد الله بن جعفر الحميري.
(2) التذكرة 2: 265.
462

تفريع
إذا وجد كنزا في أرض موات من دار الإسلام، فإن لم يكن عليه
سكة، أو كان عليه سكة عادية أخرج خمسه، وكان الباقي له. وإن كان
عليه سكة الإسلام، قيل: يعرف كاللقطة، وقيل: يملكه الواجد وعليه
الخمس، والأول أشبه.
الرابع: كل ما يخرج من البحر بالغوص كالجواهر والدرر، بشرط
أن يبلغ قيمته دينارا فصاعدا، ولو أخذ منه شئ من غير غوص لم يجب
الخمس فيه.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) البيان: 216.
463

تفريع
العنبر إن أخرج بالغوص روعي فيه مقدار دينار، وإن جني من وجه
الماء أو من الساحل كان له حكم المعادن.
الخامس: ما يفضل عن مؤنة السنة له ولعياله من أرباح التجارات
والصناعات والزراعات.

464



--------------------------------------------------------------------------------

(1) تحرير الأحكام 1: 74.
465

السادس: إذا اشترى الذمي أرضا من مسلم وجب فيها الخمس،
سواء كانت مما وجب فيه الخمس كالأرض المفتوحة عنوة، أو ليس فيه
كالأرض التي أسلم عليها أهلها.
السابع: الحلال إذا اختلط بالحرام ولا يتميز، وجب فيه الخمس.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المعتبر 2: 624.
(2) الفقيه 2: 22 ح 81، التهذيب 4: 139 ح 393، الوسائل 6: 352 ب " 9 " من أبواب ما يجب
فيه الخمس.
(3) البيان: 217.
(4) البيان: 217.
(5) الدروس: 68.
466

فروع
الأول: الخمس يجب في الكنز، سواء كان الواجد له حرا أو عبدا،
صغيرا أو كبيرا، وكذا المعادن والغوص.
الثاني: لا يعتبر الحول في شئ من الخمس، ولكن يؤخر ما يجب في
أرباح التجارات احتياطا للمكتسب.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) التذكرة 1: 253. والعبارة منقولة بالمعنى.
467

الثالث: إذا اختلف المالك والمستأجر في الكنز. فإن اختلفا في
ملكه، فالقول قول المؤجر مع يمينه. وإن اختلفا في قدره، فالقول قول
المستأجر.

468

الرابع: الخمس يجب بعد المؤنة التي يفتقر إليها إخراج الكنز
والمعدن، من حفر وسبك وغيره.
الفصل الثاني
في قسمته
يقسم ستة أقسام:
ثلاثة للنبي صلى الله عليه وآله.
وهي: سهم الله، وسهم رسوله، وسهم ذي القربى، وهو الإمام
عليه السلام، وبعده للإمام القائم مقامه. وما كان قبضه النبي صلى الله
عليه وآله وسلم أو الإمام ينتقل إلى وارثه.
وثلاثة للأيتام والمساكين وأبناء السبيل.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) ما أثبتناه من " ج " وفي سائر النسخ " كالمعير " وليس بصحيح فإن المعمر مثال لذي اليد دون المعير وقد
ورد هذا المثال في بعض الكتب الفقهية أيضا كالبيان.
(2) البيان: 215.
469

وقيل: بل يقسم خمسة أقسام، والأول أشهر. ويعتبر في الطوائف
الثلاث، انتسابهم إلى عبد المطلب بالأبوة. فلو انتسبوا بالأم خاصة، لم
يعطوا من الخمس شيئا، على الأظهر. ولا يجب استيعاب كل طائفة، بل
لو اقتصر من كل طائفة على واحد جاز.
وهنا مسائل:
الأولى: مستحق الخمس هو من ولده عبد المطلب، وهم بنو أبي
طالب والعباس والحارث وأبي لهب، الذكر والأنثى. وفي استحقاق بني
المطلب تردد، أحوطه [أظهره] المنع.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الأنفال: 41.
(2) الكافي 1: 539 ح 4، التهذيب 4: 128 ح 366، وص 126 ح 364 وغيرهما، الاستبصار 2:
56 ح 185، الوسائل 6: 355 ب " 1 " من أبواب قسمة الخمس.
(3) نقله عنه العلامة في المختلف: 205.
(4) الصحاح 1: 224 مادة " نسب ".
(5) الترمذي 5: 657 ب " 31 " ح 3770 - 3771.
(6) الكافي 1: 539 ح 4، التهذيب 4: 128 ح 366 الوسائل 6: 355 ب " 1 " من أبواب قسمة
الخمس ح 8.
470

الثانية: هل يجوز أن يخص بالخمس طائفة؟ قيل: نعم، وقيل:
لا، وهو الأحوط.
الثالثة: يقسم الإمام على الطوائف الثلاث، قدر الكفاية
مقتصدا، فإن فضل كان له، وإن أعوز أتم من نصيبه.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) نقله عنهما العلامة في المختلف: 205.
(2) الأنفال: 41.
(3) الخبر المتقدم.
(4) البيان: 221.
(5) الوسائل 6: 363 ب " 3 " من أبواب قسمة الخمس.
(6) السرائر 1: 492.
471

الرابعة: ابن السبيل لا يعتبر فيه الفقر، بل الحاجة في بلد
التسليم، ولو كان غنيا في بلده. وهل يراعى ذلك في اليتيم؟ قيل: نعم،
وقيل: لا، والأول أحوط.
الخامسة: لا يحل حمل الخمس إلى غير بلده مع وجود المستحق. ولو
حمل والحال هذه ضمن ويجوز مع عدمه.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) المختلف: 206.
(2) المبسوط 1: 262.
472

السادسة: الإيمان معتبر في المستحق على تردد والعدالة لا تعتبر على
الأظهر.
ويلحق بذلك مقصدان:
الأول: في الأنفال.
وهي ما يستحقه الإمام من الأموال على جهة الخصوص، كما كان
للنبي صلى الله عليه وآله، وهي خمسة: الأرض التي تملك من غير
قتال، سواء انجلى أهلها أو سلموها طوعا والأرضون الموات، سواء ملكت
ثم باد أهلها، أو لم يجر عليها ملك كالمفاوز وسيف البحار.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الوسائل 6: 151 ب " 5 " من أبواب المستحقين للزكاة وكذا روايات أخرى في أبواب متفرقة.
473

ورؤوس الجبال وما يكون بها، وكذا بطون الأودية والآجام. وإذا فتحت
دار الحرب، فما كان لسلطانهم من قطائع وصفايا فهي للإمام، إذا لم تكن
مغصوبة من مسلم أو معاهد. وكذا له أن يصطفي من الغنيمة ما شاء من
فرس أو ثوب أو جارية أو غير ذلك ما لم يجحف. وما يغنمه المقاتلون بغير
إذنه، فهو له عليه السلام.
الثاني: في كيفية التصرف في مستحقه.
وفيه مسائل:
الأولى: لا يجوز التصرف في ذلك بغير إذنه، ولو تصرف متصرف
كان غاصبا، ولو حصل له فائدة كانت للإمام.
الثانية: إذا قاطع الإمام على شئ من حقوقه، حل له ما فضل عن

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الصحاح 4: 1379 مادة " سيف ".
(2) التهذيب 4: 135 ح 378. الوسائل 6: 369 ب " 1 " من أبواب الأنفال ح 16.
474

القطيعة، ووجب عليه الوفاء.
الثالثة: ثبت إباحة المناكح والمساكن والمتاجر في حال الغيبة، وإن
كان ذلك بأجمعه للإمام أو بعضه، ولا يجب إخراج حصة الموجودين من
أرباب الخمس منه.
الرابعة: ما يجب من الخمس يجب صرفه إليه مع وجوده. ومع
عدمه قيل: يكون مباحا، وقيل: يجب حفظه ثم يوصي به عند ظهور أمارة
الموت، وقيل: يدفن، وقيل: يصرف النصف إلى مستحقيه ويحفظ ما
يختص به بالوصاة أو الدفن، وقيل: بل تصرف حصته إلى الأصناف
الموجودين أيضا، لأن عليه الإتمام عند عدم الكفاية، وكما يجب ذلك مع
وجوده، فهو واجب عليه عند غيبته، وهو الأشبه.

475

الخامسة: يجب أن يتولى صرف حصة الإمام في الأصناف
الموجودين، من إليه الحكم بحق النيابة كما يتولى أداء ما يجب على
الغائب.

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الوسائل 6: 378 ب " 4 " من أبواب الأنفال.
476

/ 1