طهارة آل محمد (ع)
السيد علي عاشور
5
المقدمة
تقديم:
" أهل البيت "
(عليهم السلام)
قال تعالى في محكم كتابه الكريم:
* (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * (1).
لفظة " أهل البيت " من أفضل الألفاظ التي تشد النفس إلى التعرف على أصحابها، لما
تحويه من معان جليلة جعلت من في السماوات والأرض يتوسل بها، ويزداد قربا منها، فمن
هم أصحاب هذه اللفظة المباركة؟ وما هي صفاتهم وأسماؤهم حتى ينالوا هذا الوسام الإلهي
والتطهير الرباني؟!
هذا ما سوف نثبته في هذا الكتاب الشريف، وإنها مختصة بالمعصومين الأربعة عشر:
محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد الباقر وجعفر الصادق
وموسى الكاظم وعلي الرضا ومحمد الجواد وعلي الهادي والحسن العسكري وقائم آل
محمد صلوات الله عليهم أجمعين ما سبح ملك وقدس آخر.
مستدلين على ذلك بأقوال المفسرين والعلماء وأهل اللغة، وبروايات الفريقين عن رسول
الله (صلى الله عليه وآله)، وأصحابه وأهل بيته صلوات الله عليهم أجمعين.
* والكتاب يقع في ثمرات:
الثمرة الأولى:
الأقوال في تحديد المراد من أهل البيت في القرآن والسنة
1 - الأحزاب: 33.
7
الثمرة الثانية:
روايات آية التطهير من الفريقين
الثمرة الثالثة:
في معنى " إنما " والإرادة والرجس والتطهير والإذهاب الدفعي
الثمرة الرابعة:
معطيات آية التطهير
الثمرة الخامسة:
مناقشات في آية التطهير
8
الأقوال في آل محمد (عليهم السلام)
الثمرة الأولى:
الأقوال في " أهل البيت "
وبما أن هذه اللفظة وردت في النص الإلهي لآية التطهير فسوف ينصب أكثر البحث على
ذكر أقوال العلماء حول المراد منها.
ويمكن حصر الأقوال بما يلي:
* القول الأول: أن المراد من أهل البيت في آية التطهير خصوص نساء النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله)
للسياق، وهو قول عكرمة، والزجاج، ونسب إلى مقاتل بن سليمان، وعطاء، والكلبي،
وابن عباس، وسعيد بن جبير (1).
* القول الثاني: أن المراد من أهل البيت في الآية مجموع نساء النبي (صلى الله عليه وآله) وأصحاب
الكساء الخمسة - محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) حكاه ابن عبد البر في
التمهيد (2)، وذهب إليه القرطبي (3)، وابن عطية (4)، وابن كثير والبيضاوي، والرازي في أحد
قوليه (5)، والمقريزي (6)، وابن الخطيب (7)، وجملة من المتأخرين.
1 - راجع فتح القدير: 4 / 178، وتفسير ابن كثير: 3 / 532، والصواعق المحرقة: 144 ط. مصر و 221
ط. بيروت الباب 11 - فصل في الآيات النازلة فيهم، وأهل البيت لتوفيق أبو علم: 13 الباب الأول،
وتفسير مجمع البيان 8 / 559.
2 - جلاء الأفهام: 119 الفصل الرابع من الباب الثالث.
3 - فتح القدير: 4 / 280 مورد الآية.
4 - تفسير الثعالبي: 3 / 228 مورد الآية.
5 - راجع تفسير ابن كثير: 3 / 531، وتفسير الرازي: 25 / 209، وتفسير البيضاوي: 3 / 382 مورد
الآية.
6 - فضل آل البيت: 32.
7 - أهل البيت لتوفيق أبو علم: 90 الباب الأول.
9
ونقل السفاريني عن ابن عبد البر في التمهيد: أن الآل هم ذريته وأزواجه خاصة (1).
* القول الثالث: أن المراد من أهل البيت في الآية الشريفة خصوص الرسول
الأعظم (صلى الله عليه وآله).
قال القاضي عياض: مذهب الحسن البصري أن المراد بآل محمد محمد (صلى الله عليه وسلم) نفسه (2).
* القول الرابع: أن المراد من أهل البيت في الآية من حرمت عليهم الصدقة وتحته أقوال:
1 - أنهم بنو هاشم خاصة (3)، وهو مذهب أبي حنيفة (4)، والرواية من أحمد وغيره عن
زيد بن أرقم (5)، واختيار ابن القاسم صاحب مالك (6)، وذهب إليه الثعلبي (7).
1 - لوامع الأنوار البهية: 1 / 51 معنى الآل.
2 - راجع الشفا: 2 / 81 - 82 فصل في الاختلاف في الصلاة على غير النبي، والصواعق المحرقة: 143
ط. مصر و 221 ط. بيروت، وشعب الإيمان للبيهقي: 2 / 224 فصل في الصلاة على النبي 9 ح 1590،
والمواهب اللدنية: 2 / 528 الفصل الثاني من المقصد السابع.
3 - وهم آل علي وآل عباس وآل عقيل وآل جعفر كما في رواية زيد، راجع المصنف لعبد الرزاق: 4 / 52
ح 6943، والمنتخب من مسند عبد بن حميد: 114 ح 265، وتفسير الخطيب الشربيني: 3 / 245
مورد الآية، وتلخيص المتشابه في الرسم للخطيب: 2 / 690 رقم 1150 ذيل الفصل الثالث، وينابيع
المودة وفتح القدير وجلاء الأفهام، ويأتي القول المخالف لذلك.
4 - إضافة إلى ما يأتي، يراجع لوامع الأنوار البهية: 1 / 51 معنى الآل.
5 - صحيح مسلم: 15 / 175 كتاب الفضائل باب فضائل علي ح: 6175 - 6178، مسند أحمد 4 / 367
ط الميمنة و 5 / 495 ط دار الإحياء ح 1878، والمعجم الكبير: 5 / 182 ح 5025 ترجمة زيد ما
روى ابن حيان عنه، وكفاية الطالب: 53 الباب الأول، وذخائر العقبى: 16 باب فضل أهل البيت،
والصواعق المحرقة: 148 ط. مصر و 229 ط. بيروت، وينابيع المودة: 1 / 29 ط. اسلامبول 1301 ه
و 32 ط. النجف، الباب الرابع، والعمدة: 99 - 102، وفتح القدير 4 / 280، وتذكرة الخواص: 291
الباب 12 ذكر الأئمة، وجلاء الأفهام: 121 الباب الثالث - الاختلاف في الآل، وأنساب الأشراف: 2 /
156 ح 166 ترجمة علي، ونور الأبصار: 122 ط. الهند و 223 ط. قم مناقب الحسنين، وكنز العمال:
13 / 641 ح 37620، ومناقب الكوفي: 2 / 117 و 176.
6 - جلاء الأفهام: 119.
7 - جواهر العقدين: 199 الباب الأول، والصواعق المحرقة: 144 ط. مصر و 222 ط. بيروت، والجامع
لأحكام القرآن: 4 / 183، وتفسير الميزان: 16 / 310 مورد الآية، وتفسير روح المعاني: 12 / 20
مورد الآية.
10
2 - أنهم بنو هاشم وبنو المطلب، وهذا مذهب الشافعي وأحمد في رواية عنه (1).
3 - أنهم بنو هاشم والمطلب، وهو مذهب الإمام مالك (2).
4 - أنهم بنو هاشم ومن فوقهم إلى غالب، فيدخل بنو المطلب وبنو أمية وبنو نوفل ومن
فوقهم إلى بني غالب، وهو اختيار أشهب من أصحاب مالك، كما حكاه السفاريني
وصاحب الجواهر، وحكاه اللخمي في التبصرة عن أصبغ دون أشهب (3).
5 - أنهم بنو هاشم مع زوجات النبي (صلى الله عليه وآله)، نعم هو مبني على حرمة الزكاة على النساء،
وفيه خلاف كما عن القرطبي وغيره، وقد قال ابن حجر: والقول بتحريم الزكاة عليهن
ضعيف (4).
* القول الخامس: أن المراد من أهل البيت في الآية المباركة أتباعه على دينه إلى يوم
القيامة، حكاه ابن عبد البر عن بعض أهل العلم، واختاره بعض أصحاب الشافعي، كما
حكاه أبو حامد الطبري في تعليقته، ورجحه الشيخ محيي الدين النووي في شرح مسلم،
واختاره الأزهري، وذكر البيهقي روايته عن جابر (5).
وقيل للثوري: من آل محمد؟
1 - جلاء الأفهام: 119، والصواعق المحرقة: 146 ط. مصر و 225 ط. بيروت الباب 11 الآيات النازلة
فيهم - الآية 2، ولوامع الأنوار البهية: 1 / 51 معنى الآل، والتدوين في أخبار قزوين: 1 / 151 ترجمة
محمد ابن إبراهيم بن عامر.
2 - الكوكب الدري الرفيع للشرقاوي: 12 - 13، وتفسير روح المعاني: 12 / 20 مورد الآية.
3 - جلاء الأفهام: 119، ولوامع الأنوار البهية: 1 / 51 معنى الآل.
4 - تفسير روح المعاني: 12 / 24 مورد الآية، والصواعق المحرقة: 143 ط. مصر و 221 ط. بيروت،
وتهذيب تاريخ دمشق: 4 / 208.
5 - جلاء الأفهام: 120، ولوامع الأنوار البهية: 1 / 51 معنى الآل.
11
قال: قد اختلف الناس فمنهم من يقول: أهل البيت، ومنهم من يقول: من أطاعه وعمل
بسنته فيهم (1).
- قال أحد فقهاء اليمن: وأهل البيت هم المسلمون في كل مكان وزمان، فقال إبراهيم بن
علي الوزير: من يقول بهذا يهدم ركنا من أركان الاسلام....: الزكاة، لأنها واجبة ومصارفها
محددة، وهي محرمة على أهل بيت الرسول (صلى الله عليه وسلم)، فلو كانوا كل المسلمين كما تزعم لحرمت
عليهم جميعا، ولم يبق لوجوبها معنى (2).
* القول السادس: أن المراد من أهل البيت الأتقياء من أمته، حكاه القاضي حسين،
والراغب، وجماعة، لرواية أنس: " آل محمد كل تقي " (3).
- قال السمهودي: " آل محمد كل تقي " رواه الطبراني وغيره بسند واه، على أن المراد:
كل تقي من قرابته،... والمراد: الأولياء منهم عند قابله، كما قيد به القاضي حسين،
والراغب (4). وحكم القاسمي بوضع الحديث (5).
* القول السابع: التفصيل في معنى الآل:
وهو ما حكاه العلامة الصبان والعلامة الأمير حيث قالا: (لا يطلق القول فيه - الآل -
بل يختلف باختلاف المقامات، ففي مقام الزكاة بنو هاشم وبنو المطلب عند إمامنا الشافعي
رضي الله عنه، وبنو هاشم والمطلب عند الإمام مالك، وآل علي وآل جعفر وآل عقيل وآل
العباس وآل الحرث عند الإمام أبي حنيفة.
1 - سنن البيهقي: 2 / 151 كتاب الصلاة - باب من زعم أن آله أهل دينه.
2 - جناية الأكوع: 71 الهامش.
3 - جلاء الأفهام: 120 - 125، وجواهر العقدين: 211 الباب الأول، ولوامع الأنوار البهية: 1 / 51 معنى
الآل.
4 - جواهر العقدين: 211 الباب الأول.
5 - تفسير القاسمي المسمى محاسن التأويل: 13 / 4854 مورد الآية ط. مصر = عيسى الحلبي.
12
وفي مقام المدح أهل بيته، كقوله تعالى: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت
ويطهركم تطهيرا) *.
وفي مقام الدعاء - كما هنا - كل مؤمن ولو عاصيا..) (1).
* القول الثامن: أن المراد من أهل البيت في الآية خصوص أصحاب الكساء الخمسة،
وهو المروي عن علي بن أبي طالب والحسين بن علي (2)، وأبي جعفر محمد الباقر (3)،
وجعفر بن محمد الصادق (4)، وابن عباس (5)، وشهر بن حوشب (6)، وعائشة، وأم
سلمة (7)، وأنس، وواثلة، وأبي سعيد الخدري، عن رسول الله، وهو أشهرها (8).
1 - نقلا عن الكوكب الدري الرفيع للشرقاوي: 12 و 13 ط. مصر 1343.
2 - كفاية الأثر: 155، وبحار الأنوار: 36 / 336، وعوالم العلوم: 15 / 27 ح 19 قسم النصوص عليهم.
3 - تفسير القمي: 2 / 193 - ونقله في بحار الأنوار: 35 / 206، وتفسير نور الثقلين 4 / 270 ح 84.
4 - علل الشرائع: 205 الباب 156 ح 2 - ونقله في بحار الأنوار: 25 / 255 و 35 / 211، وتفسير نور
الثقلين: 4 / 273 ح 94.
5 - راجع مناقب الخوارزمي: 126 فصل 12 ج 140، والاحتجاج: 1 / 148 إحتجاج علي على
المهاجرين.
6 - المعجم الأوسط: 4 / 479 ح 3811 - من اسمه علي، فقد روى حديث أم سلمة ثم قال في ذيله: "....
قال: وفيهم نزلت ".
7 - كتاب الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين: 105 - 106 ح 36 ذكر ما ورد في فضلهن جميعا وسوف
يأتي الحديث، وجواهر العقدين: 195 - 202 الباب الأول بلفظ: " فنزلت هذه الآية حين اجتمعوا على
البساط - " نزلت هذه الآية * (إنما...) * في بيتي في سبعة... "، وتهذيب تاريخ دمشق: 4 / 208.
8 - راجع الإلمام: 5 / 302، والمعجم الكبير: 23 / 327 ترجمة أم سلمة ما روى حكم بن سعد عنها،
وتفسير الطبري: 22 / 5 - 6 مورد الآية، ومسند أحمد: 6 / 296 - 323، ومجمع الزوائد: 7 / 91 ط.
مصر 1352 وبغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد: 7 / 207 ح 11272 كتاب التفسير / الأحزاب،
ومناقب ابن المغازلي: 190 ط. بيروت و 304 ح 349 ط. النجف، وينابيع المودة: 1 / 230 ط.
اسلامبول 1301 ه و 272 ط. النجف، الباب 56 ذكر إلقاء الكساء عليهم، ومناقب الخوارزمي 60
الفصل الخامس ح 29، والصواعق المحرقة: 143 ط. مصر و 221 ط. بيروت، وكفاية الطالب: 376
باب 100، ونور الأبصار: 124 ط. الهند و 226 ط. قم، مناقب الحسنين، وذخائر العقبى: 24 باب
دخول النبي في الآية، وفضل آل البيت للمقريزي: 20 و 29، الطرائف: 1 / 127، والعمدة: 39،
جواهر العقدين: 193 الباب الأول، ومجمع الزوائد: 9 / 167 ط. مصر 1352 وبغية الرائد في تحقيق
مجمع الزوائد: 9 / 264 ح 14976 كتاب المناقب، وتفسير البغوي: 3 / 529 مورد الآية ط. دار
المعرفة - بيروت.
13
وأخرجه الطبراني بلفظ مختلف عن عطية قال: سألت أبا سعيد الخدري: من أهل البيت
الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا؟
فعدهم في يده خمسة: " رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وعلي وفاطمة والحسن والحسين " (1).
وأخرجه ابن عساكر عنه بلفظ: قال: نزلت الآية في خمسة نفر وسماهم: في رسول الله
وعلي وفاطمة والحسن والحسين. (2)
وأخرج أيضا قول أم سلمة: قالت:... وأهل البيت: رسول الله وعلي وفاطمة والحسن
والحسين (3).
- قال الذهبي: وصح أن النبي (صلى الله عليه وسلم) جلل فاطمة وزوجها وابنيها بكساء وقال: " اللهم
هؤلاء أهل بيتي، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا " (4).
وقال الإمام البغوي: وذهب أبو سعيد الخدري وجماعة من التابعين، منهم مجاهد وقتادة
وغيرهما إلى أنهم علي وفاطمة والحسن والحسين (5).
وإليه ذهب الكلبي (6)، وجملة من المتأخرين كالطحاوي (7)، كما يأتي مفصلا في الأقوال.
1 - المعجم الأوسط: 2 / 491 ح 1847، و 4 / 272 ح 3480 مع تفاوت - من اسمه حسن، ومجمع
الزوائد: 9 / 167 ط. مصر 1352 وبغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد: 9 / 264 ح 14977 كتاب
المناقب.
2 - تاريخ دمشق: 14 / 41 ترجمة الإمام الحسن والحسين ط. دار احياء التراث.
3 - تاريخ دمشق: 14 / 42 ح 3158.
4 - سير أعلام النبلاء: 2 / 122 ترجمة فاطمة بنت الرسول برقم (18).
5 - تفسير البغوي (معالم التنزيل): 3 / 529 مورد الآية ط. دار المعرفة - بيروت، ونور الأبصار: 122
ط. الهند و 223 ط. قم، الباب الثاني في ذكر مناقب الحسن والحسين، فتح القدير: 4 / 279، وإسعاف
الراغبين: 108.
6 - المعجم الكبير: 3 / 56 ترجمة الحسن - بقية أخباره ح 2673، وفتح القدير: 4 / 278 و 279،
وجواهر العقدين: 198 الباب الأول، وتفسير مجمع البيان: 8 / 559، وشواهد التنزيل: 2 / 123 ح
756.
7 - مشكل الآثار: 1 / 230 ح 782 باب 106 ما روي عن النبي في الآية.
14
* ويشهد له حديث الصلاة البتراء المروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: " لا تصلوا علي
الصلاة البتراء ".
قالوا: وما الصلاة البتراء يا رسول الله؟
قال: " تقولوا: اللهم صل على محمد، وتمسكون، بل قولوا: اللهم صل على محمد وعلى
آل محمد " (1).
وأخرجه الإمام الشعراني بلفظ: " لا تصلوا علي الصلاة البتراء ".
قالوا: وما الصلاة البتراء يا رسول الله؟
قال: " تقولون اللهم صل على محمد، وتمسكون، بل قولوا: اللهم صل على محمد وآل
محمد ".
فقيل له: من أهلك يا رسول الله؟
قال (صلى الله عليه وسلم): " علي وفاطمة والحسن والحسين " (2).
* قال يعقوب بن حميد: وفي ذلك يقول الشاعر:
بأبي خمسة هم جنبوا الرجس وطهروا تطهيرا * أحمد المصطفى وفاطم أعني عليا وشبرا وشبير
من تولاهم تولاه ذو العرش ولقاه نضرة وسرورا * على مبغضيهم لعنة الله وأصلاهم الملك سعيرا (3).
* القول التاسع: أن المراد من أهل البيت في آية التطهير عترته المنسوبون إليه صلوات
1 - جواهر العقدين: 216 الباب الثاني، ينابيع المودة: 7 ط. اسلامبول 1301 ه و 6 ط. النجف من
المقدمة.
2 - كشف الغمة للشعراني: 1 / 219 فصل الأمر بالصلاة على النبي.
3 - مناقب ابن المغازلي: 191 ط. بيروت و 307 ذيل الحديث 351 ط. النجف.
15
الله عليه (1).
وهذا القول هو الصحيح لما يأتي أن المراد بعترته الأئمة المعصومين مع فاطمة صلوات الله
عليهم أجمعين، وبه دانت الإمامية، كما سوف يأتي تفصيلا.
* القول العاشر: أنهم جميع قريش، حكاه ابن الرفعة في الكفاية (2).
* القول الحادي عشر: أنهم أمته، وهو قول طائفة من أصحاب محمد ومالك
وغيرهم (3).
1 - نزهة المجالس: 2 / 105 باب فضل الصلاة على النبي.
2 - جواهر العقدين: 212 الباب الأول.
3 - تفسير القاسمي المسمى محاسن التأويل: 13 / 4853 مورد الآية ط. مصر = عيسى الحلبي.
16
مناقشة الأقوال
أما القول الأول فرده من وجوه:
* الوجه الأول: الأقوال الأخرى المنافية له.
* الوجه الثاني: إجماع المفسرين والعلماء على أن الآية غير مختصة بزوجات النبي (صلى الله عليه وآله)،
فهم بين قائل باختصاصها بأصحاب الكساء كما عرفت في القول الثامن، ومن يقول بنزولها
فيهم وشمولها لزوجات النبي (صلى الله عليه وآله)، كما عرفت في القول الثاني، وبين قائل بشمولها لكل بني
هاشم والمطلب.
هذا إضافة إلى ما يأتي في القول الصحيح من اختصاص آية التطهير بأصحاب
الكساء (عليهم السلام).
* الوجه الثالث: أن القائل به هو عكرمة ونسب إلى مقاتل.
أما نسبته إلى عكرمة فيأتي أن له قولا آخر، ولو صح فعكرمة لا يحتج بقوله فقد كان
يبغض أهل البيت (عليهم السلام) ويميل إلى الخوارج ويرى رأيهم (1).
قال الذهبي في ميزان الاعتدال: (عفان، حدثنا وهيب قال: شهدت يحيى بن سعيد
وأيوب فذكرا عكرمة، فقال يحيى: كذاب.
وقال علي بن عبد الله بن مسعود: إن هذا الخبيث يكذب على أبي.
وقال محمد بن سيرين: ما يسوءني أن يكون من أهل الجنة ولكنه كذاب.
وقال ابن أبي ذئب: كان غير ثقة.
وقال محمد بن سعد: ليس يحتج بحديثه.
1 - راجع الكامل في التاريخ: 1 / 159 ترجمة عكرمة.
17
وقال ابن المسيب لغلامه: لا تكذب علي كما كذب عكرمة عن ابن عباس) (1).
هذا بعض ما ذكره الذهبي عنه، وذكر أنه كان يرى رأي الخوارج والأباضية وروى عنه
أيوب قوله: إنما أنزل الله متشابه القرآن ليضل به.
ويكفي في سقوط كلامه ما قاله الحافظ البيهقي فيه: قال في رسالته إلى أبي محمد الجويني:
" حديث عكرمة عن ابن عباس قد أخرجه البخاري في الصحيح، إلا أن عكرمة مختلف في
عدالته، كان [الصحابي] أنس بن مالك رحمه الله تعالى وأبان لا يرضيانه، وتكلم فيه سعيد
ابن المسيب وعطاء وجماعة من أهل العلم بالحديث، ولذلك ترك مسلم بن حجاج الاحتجاج
بروايته في كتابه [الصحيح] " (2).
- وأما نسبته إلى مقاتل: فقال الذهبي عنه: (قال ابن المبارك: ما أحسن تفسيره لو كان
ثقة.
وقال وكيع: كان كذابا.
وقال العباس بن مصعب: كان مقاتل لا يضبط الإسناد.
وقال النسائي: كان مقاتل يكذب.
وقال يحيى: ليس حديثه بشئ.
وقال الجوزجاني: كان دجالا جسورا.
وقال ابن حبان: كان يأخذ من اليهود والنصارى من علم القرآن الذي يوافق كتبهم،
وكان يشبه الرب بالمخلوقات، وكان يكذب في الحديث) (3).
1 - ميزان الاعتدال: 3 / 94 - 95 ترجمة عكرمة رقم: 5716.
2 - مجموعة الرسائل المنيرية -: 2 / 283 رسالة الحافظ البيهقي إلى أبي محمد الجويني ط. إحياء
التراث العربي المصورة عن مصر 1343 ه.
3 - ميزان الاعتدال: 4 / 173 - 175 ترجمة مقاتل رقم: 8741.
18
اختصاص أهل البيت بأصحاب الكساء (عليهم السلام)
أما القول الثاني فرده من وجوه:
* الوجه الأول:
أقوال المفسرين والعلماء باختصاصها بأصحاب الكساء (عليهم السلام)
* قال أبو بكر النقاش في تفسيره: أجمع أكثر أهل التفسير أنها نزلت في علي وفاطمة
والحسن والحسين صلوات الله عليهم (1).
* وقال سيدي محمد بن أحمد بنيس في شرح همزية البوصيري: * (إنما يريد الله ليذهب
عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * أكثر المفسرين أنها نزلت في علي وفاطمة
والحسنين رضي الله عنهم (2).
* وقال العلامة سيدي محمد جسوس في شرح الشمائل: "... ثم جاء الحسن بن علي
فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معهم، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء علي فأدخله ثم
قال: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * " وفي ذلك إشارة
إلى أنهم المراد بأهل البيت في الآية " (3).
* وقال السمهودي: وقالت فرقة، منهم الكلبي: هم علي وفاطمة والحسن والحسين
خاصة، للأحاديث المتقدمة (4).
* وقال الطحاوي في مشكل الآثار بعد ذكر أحاديث الكساء: فدل ما روينا في هذه
1 - جواهر العقدين: 198 الباب الأول، وتفسير آية المودة: 112.
2 - لوامع أنوار الكوكب الدري: 2 / 86.
3 - شرح الشمائل المحمدية: 1 / 107 ذيل باب ما جاء في لباس رسول الله.
4 - جواهر العقدين: 198 الباب الأول.
19
الآثار مما كان من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى أم سلمة مما ذكرنا فيها، لم يرد أنها
كانت مما أريد به مما في الآية المتلوة في هذا الباب، وأن المراد بما فيها هم رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين دون ما سواهم (1).
وقال بعد ذكر أحاديث تلاوة النبي (صلى الله عليه وآله) الآية على باب فاطمة: في هذا أيضا دليل على أن
هذه فيهم (2).
* وقال الفخر الرازي: وأنا أقول: آل محمد (صلى الله عليه وسلم) هم الذين يؤول أمرهم إليه، فكل من
كان أمرهم إليه أشد وأكمل كانوا هم الآل، ولا شك أن فاطمة وعليا والحسن والحسين كان
التعلق بينهم وبين رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أشد التعلقات، وهذا كالمعلوم بالنقل المتواتر، فوجب أن
يكونوا هم الآل.
أيضا اختلف الناس في الآل، فقيل: هم الأقارب، وقيل: هم أمته، فإن حملناه على القرابة
فهم الآل، وإن حملناه على الأمة الذين قبلوا دعوته فهم أيضا آل، فثبت أن على جميع
التقديرات هم الآل، وأما غيرهم فهل يدخلون تحت لفظ الآل؟
فمختلف فيه، وروى صاحب الكشاف أنه لما نزلت هذه الآية [المودة] قيل: يا رسول
الله (صلى الله عليه وسلم)، من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟
فقال (صلى الله عليه وسلم): " علي وفاطمة وابناهما " (3).
1 - مشكل الآثار: 1 / 230 ح 782 باب 106 ما روي عن النبي في الآية.
2 - مشكل الآثار: 1 / 231 ح 785 باب 106 ما روي عن النبي في الآية.
3 - قد صح ذلك عند الفريقين وإليك بعض مصادره:
مصادر آية المودة
كنز العمال: 2 / 290 ح 4030 باب فضل القرآن و 498 ح 4592 باب التفسير، والنور المشتعل: 207
و 208، والمعجم الكبير: 3 / 47 ترجمة الحسن (عليه السلام) و 12 / 72 ترجمة ابن عباس حديث الشعبي عنه
و 197 ترجمة ابن عباس حديث علي بن أبي طلحة عنه، وكفاية الطالب: 91 - 93 باب 11، ومناقب
الخوارزمي: 307 ح 352 عن ابن عباس، وتفسير الطبري: 25 / 16 عن علي بن الحسين، وتفسير
الكشاف: 3 / 467، وفتح القدير: 4 / 534 و 356 مورد الآية فيهم، والذرية الطاهرة: 108 عن
الحسن، والفصول المهمة: 152 عن الحسن - ذكر الحسن (عليه السلام) -، ومقتل الحسين للخوارزمي: 1 / 57
فصل 5، ومناقب الخوارزمي: 200 فصل 15، وذخائر العقبى: 25 - 138، وتفسير الثعالبي: 4 / 108
مورد الآية، والصواعق المحرقة: 169 - 170 - 227 - ط. مصر و 258 - 259 - 340 - 341 ط. بيروت،
الآيات النازلة فيهم آية 14 باب وصية النبي بهم عن الإمامين الحسن وزين العابدين (عليهما السلام) وابن عباس،
وشواهد التنزيل: 2 / 189 إلى 211 من ح 822 إلى 844، وتفسير نور الثقلين: 4 / 570 إلى 576،
وتفسير الرازي: 27 / 164، وتفسير الدر المنثور: 6 / 5 و 6، ومجمع البيان: 9 / 43، والمستدرك:
3 / 172 كتاب المعرفة فضائل الحسن عنه (عليه السلام)، وفضل آل البيت للمقريزي: 75، الآية الخامسة،
وينابيع المودة: 1 / 106 ط. اسلامبول و 1 / 123 ط. النجف باب 32 عن ابن عباس وسعيد ابن جبير
وزاذان عن علي والباقر والحسين والرضا (عليهم السلام).
والمستدرك: 2 / 444، ومناقب الكوفي: 1 / 117 و 137 والإسعاف: 113، ونزل الأبرار: 31 و 111
الباب الأول والثالث والرابع عن أبي سعيد وابن عباس. وشرح الأخبار: 1 / 172 عن ابن عباس،
والمعجم الأوسط: 3 / 88 ح 2176 عن الحسن، ومجمع الزوائد: 7 / 229 ح 11326 عن ابن عباس و
9 / 226 - 272 ح 14982 - 15007 عن الحسن وابن عباس وبغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد:
7 / 228 ح 11326 و 9 / 226 و 272 ح 14982 - 15007، وفضائل الصحابة: 2 / 669 ح 1141
عن ابن عباس، وإحياء الميت للسيوطي بهامش الإتحاف: 239 - 245 - 269 عن ابن جبير وابن
عباس والحسن وأبي سعيد، وأمالي الشجري: 1 / 144 - 148 عن ابن عباس الحديث السادس، ولوامع
أنوار الكوكب الدري: 2 / 64 عن ابن عباس، والمواهب اللدنية: 2 / 527 و 537، وتاريخ اصبهان:
2 / 134 رقم 1309.
والإلمام: 302، ورشفة الصادي: 21 - 22 ط. مصر و 14 ط. بيروت بتحقيقنا - الباب الأول.
وفرائد السمطين: 2 / 13 ح 359، والفتوح لابن أعثم: 2 / 183 ذكر كتاب عبد الله إلى يزيد وبعثه برأس
الحسين، وترجمة علي من تاريخ دمشق: 1 / 148 - 149، ونور الأبصار: 101 ط. مصر 1322.
والرواة هم: ابن عباس - طاووس اليماني - أبو أمامة - علي (عليه السلام) - الحسن (عليه السلام) - علي بن الحسين (عليه السلام) - أبو
عبد الله الصادق (عليه السلام) - أبو جعفر الباقر (عليه السلام) - علي بن موسى الرضا (عليه السلام) - جرير البجلي - وسعيد بن جبير.
20
فثبت أن هؤلاء الأربعة أقارب النبي (صلى الله عليه وسلم)، وإذا ثبت هذا وجب أن يكونوا مخصوصين بمزيد
التعظيم ويدل عليه وجوه...) الخ (1).
* وقال في موضع آخر: واختلفت الأقوال في أهل البيت، والأولى أن يقال: هم أولاده
1 - تفسير الفخر الرازي: 27 / 166 مورد آية المودة (23) من سورة الشورى.
21
وأزواجه والحسن والحسين منهم وعلي منهم، لأنه كان من أهل بيته بسبب معاشرته بنت
النبي وملازمته للنبي (صلى الله عليه وسلم) (1).
* وقال أبو بكر الحضرمي في رشفة الصادي: (والذي قال به الجماهير من العلماء، وقطع
به أكابر الأئمة، وقامت به البراهين وتظافرت به الأدلة أن أهل البيت المرادين في الآية هم
سيدنا علي وفاطمة وابناهما... وما كان تخصيصهم بذلك منه صلى الله عليه وآله وسلم إلا
عن أمر إلهي ووحي سماوي... والأحاديث في هذا الباب كثيرة، وبما أوردته منها يعلم قطعا
أن المراد بأهل البيت في الآية هم علي وفاطمة وابناهما رضوان الله عليهم، ولا التفات إلى
ما ذكره صاحب روح البيان من أن تخصيص الخمسة المذكورين عليهم السلام بكونهم أهل
البيت من أقوال الشيعة، لأن ذلك محض تهور يقتضي بالعجب، وبما سبق من الأحاديث
وما في كتب أهل السنة السنية يسفر الصبح لذي عينين - إلى أن يقول - وقد أجمعت الأمة
على ذلك فلا حاجة لإطالة الاستدلال له) (2).
* وقال ابن حجر: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * (3)
أكثر المفسرين على أنها نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين (4).
* وقال في موضع آخر بعد تصحيح الصلاة على الآل:.. فالمراد بأهل البيت فيها وفي كل
ما جاء في فضلهم أو فضل الآل أو ذوي القربى جميع آله (صلى الله عليه وسلم) وهم مؤمنو بني هاشم
والمطلب، وبه يعلم أنه (صلى الله عليه وسلم) قال ذلك كله (5) فحفظ بعض الرواة ما لم يحفظه الآخر، ثم عطف
1 - تفسير الفخر الرازي: 25 / 209.
2 - رشفة الصادي من بحر فضائل بني النبي الهادي: 13 - 14 - 16 ط. مصر و 23 و 40 ط. بيروت - الباب
الأول - ذكر تفضيلهم بما أنزل الله في حقهم من الآيات.
3 - الأحزاب: 33.
4 - الصواعق المحرقة: 143 ط. مصر، وط. بيروت: 220 الباب الحادي عشر، في الآيات الواردة فيهم،
الآية الأولى.
5 - مراده الروايات التي حذفت الآل كما في الصحيحين، والروايات التي أثبتت الآل.
22
الأزواج والذرية على الآل في كثير من الروايات يقتضي أنهما ليسا من الآل، وهو واضح في
الأزواج بناء على الأصح في الآل أنهم مؤمنو بني هاشم والمطلب، وأما الذرية فمن الآل على
سائر الأقوال، فذكرهم بعد الآل للإشارة إلى عظيم شرفهم (1).
* وقال: قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: لذا قال ابن تيمية، من الحنابلة - وفي تحريم
الصدقة على أزواجه (صلى الله عليه وسلم) وكونهن من أهل بيته روايتان - يعني لإمامهم - أصحها التحريم
وكونهن كأهل بيته (2).
فأولا: له قولان في المسألة: قول أنهن لسن من أهل بيت النبي (صلى الله عليه وسلم)، وقول أنهن منهم.
ثانيا: أنه اختار حرمة الصدقة، ولكن لا للدخول في الآل بل عبر: كأهل بيته،
فتدبره (3).
ثالثا: قال العقاد حكاية عنه:.. وأخيرا يسلم ابن تيمية أن المختص بأهل البيت هم
فاطمة وعلي والحسن والحسين (4).
* وقال النووي بشرح مسلم: وأما قوله في الرواية الأخرى: " نساؤه من أهل البيت
ولكن أهل بيته من حرم الصدقة ".
قال: وفي الرواية الأخرى: " فقلنا: من أهل بيته؟ نساؤه؟ قال: لا ".
فهاتان الروايتان ظاهرهما التناقض، والمعروف في معظم الروايات في غير مسلم أنه قال:
" نساؤه لسن من أهل بيته "، فتتأول الرواية الأولى على أن المراد أنهن من أهل بيته الذين
يسكنونه ويعولهم... ولا يدخلن فيمن حرم الصدقة (5).
1 - الصواعق المحرقة: 146 ط. مصر و 224 - 225 ط. بيروت، باب 11، الآيات النازلة فيهم - الآية
الثانية.
2 - جواهر العقدين: 212 الباب الأول.
3 - على أساس أن السمهودي لم يبين قوله: " أصحها " لمن، للحافظ أم لابن تيمية.
4 - فاطمة الزهراء للعقاد: 72 ط. مصر دار المعارف الطبعة الثالثة.
5 - صحيح مسلم بشرح النووي: 15 / 175 ح 6175 كتاب الفضائل - فضائل علي.
23
* وقال السمهودي: وحكى النووي في شرح المهذب وجها آخر لأصحابنا: أنهم عترته
الذين ينسبون إليه (صلى الله عليه وسلم) قال: وهم أولاد فاطمة ونسلهم أبدا، حكاه الأزهري وآخرون عنه.
انتهى.
وحكاه بعضهم بزيادة أدخل الأزواج (1).
* وقال الإمام مجد الدين الفيروز آبادي: المسألة العاشرة: هل يدخل في مثل هذا
الخطاب (الصلاة على النبي) النساء؟ ذهب جمهور الأصوليين أنهن لا يدخلن، ونص عليه
الشافعي، وانتقد عليه، وخطئ المنتقد (2).
* وقال سراج الدين: ذهب الجمهور أن الآل من حرمت عليهم الصدقة، فالآل الوارد
ذكرهم في الصلاة الإبراهيمية، المراد بهم من حرمت الصدقة عليهم، وذهب بعض العلماء إلى
أن المراد أزواجه وذريته، وقال في مورد آخر: ولا شك أن الحق مع الجمهور (3).
* وقال الملا علي القاري: الأصح أن فضل أبنائهم على ترتيب فضل آبائهم إلا أولاد
فاطمة رضي الله تعالى عنها فإنهم يفضلون على أولاد أبي بكر وعمر وعثمان، لقربهم من
رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فهم العترة الطاهرة والذرية الطيبة الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم
تطهيرا (4).
* وقال الحكيم الترمذي: فأهل البيت كل من رجع نسبه إلى ذلك الأصل، فكذا أهل
بيت الرسول (صلى الله عليه وسلم) فإن الله تعالى قد أخذ الرسول من خلقه فاختصه لنفسه، واصطفاه لذكره،
فكان في كل أمر قلبه راجعا إلى الله تعالى، من عنده يصدر، ومعه يدور، وإليه يرجع، فكان
1 - جواهر العقدين: 211 الباب الأول، وبهامشه: شرح المهذب: 3 / 448.
2 - الصلات والبشر في الصلاة على خير البشر: 32 الباب الأول.
3 - الصلاة على النبي: 184 - 185.
4 - شرح كتاب الفقه الأكبر لأبي حنيفة: 210 مسألة في تفضيل أولاد الصحابة.
24
هذا بيتا أشرف وأعلى من البيت الذي هيأ له في أرضه، وهو النسب (1).
* وقال السمهودي بعد ذكر الأحاديث في إقامة النبي آله مقام نفسه وذكر آية المباهلة
وأنها فيهم: وهؤلاء هم أهل الكساء، فهم المراد من الآيتين (المباهلة والتطهير) (2).
* وقال الحمزاوي: واستدل القائل على عدم العموم بما روي من طرق صحيحة: " أن
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) جاء ومعه علي وفاطمة والحسن والحسين.. " وذكر أحاديث الكساء، إلى أن
قال: ويحتمل أن التخصيص بالكساء لهؤلاء الأربع لأمر إلهي يدل له حديث أم سلمة،
قالت: " فرفعت الكساء لأدخل معهم، فجذبه من يدي " (3).
* وقال القسطلاني: ان الراجح أنهم من حرمت عليهم الصدقة، كما نص عليه الشافعي
واختاره الجمهور ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي: إنا آل محمد لا تحل لنا
الصدقة، وقيل المراد بآل محمد أزواجه وذريته.
ثم ذكر بعد ذلك كلام ابن عطية فقال: الجمهور على أنهم علي وفاطمة والحسن والحسين
وحجتهم * (عنكم ويطهركم) * بالميم (4).
* وقال أبو منصور ابن عساكر الشافعي: بعد ذكر قول أم سلمة: " وأهل البيت رسول
الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين " هذا حديث صحيح... والآية نزلت خاصة في هؤلاء
المذكورين (5).
* وقال ابن بلبان (المتوفى 739 ه) في ترتيب صحيح ابن حبان: ذكر الخبر المصرح بأن
هؤلاء الأربع الذين تقدم ذكرنا لهم هم أهل بيت المصطفى (صلى الله عليه وسلم)، ثم ذكر حديث نزول الآية
1 - نوادر الأصول: 3 / 65 الأصل الثاني والعشرون والمئتان.
2 - جواهر العقدين: 204 الباب الأول،
3 - مشارق الأنوار للحمزاوي: 113 الفصل الخامس من الباب الثالث - فضل أهل البيت.
4 - المواهب اللدنية: 2 / 517 - 529 الفصل الثاني من المقصد السابع.
5 - كتاب الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين: 106 ح 36 ذكر ما ورد في فضلهن جميعا.
25
فيهم عن واثلة (1).
* وقال ابن الصباغ من فصوله: أهل البيت على ما ذكر المفسرون في تفسير آية المباهلة،
وعلى ما روي عن أم سلمة: هم النبي (صلى الله عليه وسلم) وعلي وفاطمة والحسن والحسين (2).
* وقال الحاكم النيشابوري بعد حديث الكساء والصلاة على الآل وأنه فيهم: إنما خرجته
ليعلم المستفيد أن أهل البيت والآل جميعا هم (3).
* وقال الحافظ الكنجي: الصحيح أن أهل البيت علي وفاطمة والحسنان (4).
* وقال القندوزي في ينابيعه: أكثر المفسرين على أنها نزلت في علي وفاطمة والحسن
والحسين لتذكير ضمير عنكم ويطهركم (5).
* وقال سليمان بن عبد القوي الطوفي في إشاراته: قالت الشيعة: الدليل على أن أهل
البيت ما ذكرنا: النص والإجماع،
أما النص... وذكر أحاديث الكساء.
وأما الاجماع فلأن الأمة اتفقت على أن لفظ أهل البيت إذا أطلق إنما ينصرف إلى من
ذكرناه دون الناس، ولو لم يكن إلا شهرته فيهم كفى (6).
أقول: ويؤيد ذلك ما يأتي أن علماء العامة والخاصة إنما يطلقون هذا الاسم في مصنفاتهم
على أصحاب الكساء خاصة دون نساء النبي (صلى الله عليه وآله).
* وقال محب الدين الطبري: باب في بيان أن فاطمة والحسن والحسين هم أهل البيت
1 - الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان: 9 / 61 ح 6937 كتاب المناقب، ويأتي الحديث بتمامه.
2 - مقدمة المؤلف: 22.
3 - المستدرك: 3 / 148 كتاب المعرفة - ذكر مناقب أهل البيت (عليهم السلام).
4 - كفاية الطالب: 54 الباب الأول.
5 - ينابيع المودة: 1 / 294 ط. اسلامبول 1301 ه و 352 ط. النجف، باب 59 الفصل الرابع.
6 - فضل أهل البيت للمقريزي: 45 بتحقيقنا.
26
المشار إليهم في قوله تعالى: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم
تطهيرا) * وتجليله (صلى الله عليه وسلم) إياهم بكساء ودعائه لهم (1).
* وقال السخاوي في القول البديع في بيان صيغة الصلاة في التشهد: فالمرجع أنهم من
حرمت عليهم الصدقة، وذكر أنه اختيار الجمهور ونص الشافعي، وأن مذهب أحمد أنهم
أهل البيت، وقيل: المراد أزواجه وذريته... (2).
* وقال القاسمي: ولكن هل أزواجه من أهل بيته؟ على قولين هما روايتان عن أحمد:
أحدهما أنهن لسن من أهل البيت، ويروى هذا عن زيد بن أرقم (3).
* وقال الآلوسي: وأنت تعلم أن ظاهر ما صح من قوله (صلى الله عليه وسلم): " إني تارك فيكم خليفتين
- وفي رواية - ثقلين كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والأرض وعترتي أهل بيتي وإنهما لن
يفترقا حتى يردا علي الحوض ". يقتضي أن النساء المطهرات غير داخلات في أهل البيت
الذين هم أحد الثقلين (4).
* وقال الشاعر الحسن بن علي بن جابر الهبل في ديوانه:
آل النبي هم أتباع ملته من مؤمني رهطه الأدنون في النسب
هذا مقال ابن إدريس الذي روت ال أعلام عنه فمل عن منهج الكذب
وعندنا أنهم أبناء فاطمة وهو الصحيح بلا شك ولا ريب. (5)
* وقال الحافظ البدخشاني: وآل العباء عبارة عن هؤلاء لأنه صح عن عائشة وأم
1 - ذخائر العقبى: 21.
2 - عن هامش الصواعق المحرقة لعبد الوهاب عبد اللطيف: 146 ط. مصر 1385 ه.
3 - تفسير القاسمي المسمى محاسن التأويل: 13 / 4854 مورد الآية ط. مصر = عيسى الحلبي
4 - تفسير روح المعاني: 12 / 24 مورد الآية.
5 - جناية الأكوع: 28.
27
سلمة وغيرهما بروايات كثيرة أن النبي (صلى الله عليه وسلم) جلل هؤلاء الأربعة بكساء كان عليه، ثم قال:
* (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) *.
* وقال جلال الدين السيوطي: وهؤلاء هم الأشراف حقيقة عند سائر الأمصار،
وتخصيص الشرف اصطلاح لأهل مصر خاصة، ويشهد للقول بأنهم علي وفاطمة والحسن
والحسين ما وقع منه (صلى الله عليه وسلم) حين أراد المباهلة هو ووفد نجران، كما ذكره المفسرون في تفسير
آية المباهلة (1).
ويأتي قوله (صلى الله عليه وآله) عقيب المباهلة: اللهم هؤلاء أهل بيتي.
* وقال ابن مالك في الألفية: وآله المستكملين الشرفا.
والشرفاء أو الشرف أنواع: عام لجميع أهل البيت، وخاصة بالذرية، وأخص منه شرف
النسبة، وهو مختص بالحسن والحسين (2).
* وقال توفيق أبو علم: فالرأي عندي أن أهل البيت هم أهل الكساء: علي وفاطمة
والحسن والحسين ومن خرج من سلالة الزهراء وأبي الحسنين رضي الله عنهم أجمعين (3).
وقال في موضع الرد على عبد العزيز البخاري: أما قوله: إن آية التطهير المقصود منها
الأزواج، فقد أوضحنا بما لا مزيد عليه أن المقصود من أهل البيت هم العترة الطاهرة لا
الأزواج (4).
* وقال: وأما ما يتمسك به الفريق الأعم والأكبر من المفسرين فيتجلى فيما روي عن أبي
سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " نزلت هذه الآية في خمسة في وفي علي وحسن
1 - أهل البيت لتوفيق أبو علم: 91 الباب الأول.
2 - الحاوي للفتاوى للسيوطي: 2 / 84 رسالة السلالة الزينبية، وذكره توفيق أبو علم عن السيوطي،
وأحمد فهمي في كتابه أهل البيت: 39 - 41 الباب الأول.
3 - أهل البيت: 92 ذيل الباب الأول، و: 8 - المقدمة.
4 - أهل البيت: 35 الباب الأول.
28
وحسين وفاطمة " (1).
* وقال الشوكاني في إرشاد الفحول في الرد على من قال أنها مختصة بالنساء: ويجاب
عن هذا بأنه قد ورد بالدليل الصحيح أنها نزلت في علي وفاطمة والحسنين (2).
* وقال أحمد بن محمد الشامي: وقد أجمعت أمهات كتب السنة وجميع كتب الشيعة على
أن المراد بأهل البيت في آية التطهير النبي (صلى الله عليه وسلم) وعلي وفاطمة والحسن والحسين، لأنهم الذين
فسر بهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) المراد بأهل البيت في الآية، وكل قول يخالف قول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من
بعيد أو قريب مضروب به عرض الحائط، وتفسير الرسول (صلى الله عليه وسلم) أولى من تفسير غيره، إذ لا
أحد أعرف منه بمراد ربه (3).
* وقال الشيخ الشبلنجي: هذا ويشهد للقول بأنهم علي وفاطمة والحسن والحسين ما
وقع منه (صلى الله عليه وسلم) حين أراد المباهلة، هو ووفد نجران كما ذكره المفسرون (4).
* وقال الشيخ السندي في كتابه (دراسات اللبيب في الأسوة الحسنة بالحبيب): وهذا
التحقيق في تفسير (أهل البيت) يعين المراد منهم في آية التطهير، مع نصوص كثيرة من
الأحاديث الصحاح المنادية على أن المراد منهم الخمسة الطاهرة رضوان الله تعالى عليهم
أجمعين، ولنا وريقات في تحقيق ذلك مجلد في دفترنا يجب على طالب الحق الرجوع إليه (5).
* وقال الرفاعي: وقيل علي وفاطمة وابناهما، وهو المعتمد الذي عليه جمهور العلماء (6).
1 - أهل البيت: 13 - الباب الأول.
2 - إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق في علم الأصول: 83 البحث الثامن من المقصد الثالث، وأهل البيت
لتوفيق أبو علم: 36 - الباب الأول.
3 - جناية الأكوع: 125 الفصل السادس.
4 - نور الأبصار: 122 ط. الهند و 223 ط. قم، الباب الثاني - مناقب الحسن والحسين.
5 - عنه عبقات الأنوار: 1 / 350 ط. قم، و 911 ط. إصبهان - قسم حديث الثقلين.
6 - المشرع الروي: 1 / 17.
29
وقال الدكتور عباس العقاد: واختلف المفسرون فيمن هم أهل البيت:
أما الفخر الرازي في تفسيره (6 / 783)، والزمخشري في كشافه، والقرطبي في تفسيره،
وفتح القدير للشوكاني، والطبري في تفسيره، والسيوطي في الدر المنثور (5 / 169)، وابن
حجر العسقلاني في الإصابة (4 / 407)، والحاكم في المستدرك، والذهبي في تلخيصه (3 /
146)، والإمام أحمد في الجزء الثالث صفحة: 259، فقد قالوا جميعا: إن أهل البيت هم
علي والسيدة فاطمة الزهراء والحسن والحسين رضي الله عنهم. وأخذ بذكر الأدلة. (1).
* وقال العلامة الحلي: أجمع المفسرون وروى الجمهور كأحمد بن حنبل وغيره: أنها
نزلت في رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين (صلوات الله عليهم) (2).
* وقال علي بن إبراهيم في تفسيره: " ثم انقطعت مخاطبة نساء النبي (صلى الله عليه وآله) وخاطب أهل
بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم
تطهيرا) * " (3).
* وقال الشيخ الطوسي: قال عكرمة: هي في أزواج النبي خاصة، وهذا غلط، لأنه لو
كانت الآية فيهم خاصة لكني عنهن بكناية المؤنث،... فلما كنى بكناية المذكر دل على أن
النساء لا مدخل لهن فيها (4).
* وقال السيد الطباطبائي: وليس المراد بأهل البيت نساء النبي خاصة، لمكان الخطاب
الذي في قوله: * (عنكم) * ولم يقل: " عنكن " - إلى أن قال - وبالبناء على ما تقدم، تصير
لفظة أهل البيت اسما خاصا - في عرف القرآن - بهؤلاء الخمسة، وهم النبي وعلي وفاطمة
والحسنان عليهم الصلاة والسلام، ولا يطلق على غيرهم، ولو كان من أقربائه الآخرين،
1 - فاطمة الزهراء للعقاد: 70 ط. مصر دار المعارف الطبعة الثالثة.
2 - نهج الحق وكشف الصدق: 173.
3 - تفسير القمي: 2 / 193.
4 - تفسير التبيان: 8 / 340.
30
وإن صح بحسب العرف العام إطلاقه عليهم (1).
* أقول: ليست كل الأعراف متفقة على ذلك كما يأتي، فأهل الشام ومصر لا يطلقون
الآل على الزوجة.
1 - تفسير الميزان: 16 / 312 - 310.
31
الروايات الصحيحة في أحاديث الكساء
الروايات الصحيحة الإسناد في نزولها بأصحاب الكساء (عليهم السلام)
* الوجه الثاني:
تواتر الأحاديث (1) الصحيحة عند الفريقين على نزولها بأصحاب الكساء خاصة.
فروت العامة بطرق كثيرة عن علي (عليه السلام)، والحسن (عليه السلام)، وفاطمة (عليها السلام)، وزينب، وعبد
الله بن جعفر، وأم سلمة، وعائشة، وأبي سعيد الخدري، وسعد، وواثلة بن الأسقع، وأبي
الحمراء، وابن عباس، وثوبان مولى النبي (صلى الله عليه وآله)، وبكير، وجابر، والبراء، في قريب من
أربعين طريقا كما يأتي (2).
وروتها الخاصة عن الإمام علي والسجاد والباقر والصادق والرضا (عليهم السلام)، وأم سلمة، وأبي
ذر، وأبي ليلى، وأبي الأسود الدؤلي، وعمر بن ميمون الأودي، وسعد ابن أبي وقاص في
بضع وثلاثين طريقا.
أما الخاصة فالروايات متواترة عندها على اختصاص النزول بأصحاب الكساء،
والإجماع قائم عليه، ومع التواتر والإجماع لا داعي للبحث عن الصحة.
وأما العامة فرووا عدة روايات صحيحة في نزول الآية بأصحاب الكساء أحببنا ذكرها
مفصلا سوى ما يأتي في الثمرة الثانية فنذكره مجملا:
1 - ما أخرجه مسلم في صحيحه بسنده عن عائشة قالت: خرج النبي (صلى الله عليه وسلم) غداة وعليه
مرط مرجل من شعر أسود، فجاء الحسن والحسين فأدخلهما معه، ثم جاءت فاطمة
1 - راجع الكلمة الغراء في تفضيل الزهراء: 11 الفصل الثاني.
2 - راجع شواهد التنزيل: 2 / 18 إلى 140 ح 637 إلى ح 774 وتأتي جل المصادر.
32
فأدخلها معه، ثم جاء علي فأدخله معه، ثم قال: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل
البيت ويطهركم تطهيرا) * (1).
2 - ما أخرجه ابن عساكر الشافعي (2) بسنده عن أم سلمة قالت: نزلت هذه الآية * (إنما
يريد..) * قلت: يا رسول الله ألست من أهل البيت؟
قال: " إنك إلى خير، إنك من أزواج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ".
قالت: وأهل البيت: رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وعلي وفاطمة والحسن والحسين.
قال: هذا حديث صحيح (3).
3 - ما أخرجه ابن حبان في الصحيح عن واثلة بن الأسقع قال: سألت عن علي في منزله
فقيل لي: ذهب يأتي برسول الله (صلى الله عليه وسلم)، إذ جاء فدخل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ودخلت، فجلس
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على الفراش وأجلس فاطمة عن يمينه، وعليا عن يساره، وحسنا وحسينا
بين يديه وقال: " * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * اللهم
هؤلاء أهل بيتي ".
قال واثلة: فقلت من ناحية البيت: وأنا يا رسول الله من أهلك؟
قال: " وأنت من أهلي ".
قال واثلة: إنها لمن أرجى ما أرتجي (4).
4 - ما أخرجه الحاكم في مستدركه بسنده إلى عبد الله بن جعفر بن أبي طالب قال: لما
نظر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى الرحمة هابطة قال: " أدعوا لي أدعوا لي ".
فقالت صفية: من يا رسول الله؟
قال: " أهل بيتي عليا وفاطمة والحسن والحسين ".
1 - صحيح مسلم بشرح النووي: 15 / 190 ح 6211 كتاب الفضائل - باب فضائل أهل بيت النبي (ص).
2 - هو ابن أخ ابن عساكر المشهور.
3 - كتاب الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين: 105 - 106 ح 36 ذكر ما ورد في فضلهن جميعا.
4 - الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان: 9 / 50 ح 6905 كتاب المناقب - ذكر تزويج علي، ويأتي
الحديث عنه مع مصادره ومن أخرجه في الثمرة الثانية.
33
فجئ بهم فألقى عليهم النبي (صلى الله عليه وسلم) كساء ثم رفع يديه.
ثم قال: " اللهم هؤلاء آلي فصل على محمد وعلى آل محمد ".
وأنزل الله عز وجل * (إنما يريد الله...) *.
قال: هذا حديث صحيح الإسناد (1).
5 - وأخرج أيضا عنها قالت: في بيتي نزلت هذه الآية * (إنما يريد الله...) * قالت: فأرسل
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى علي وفاطمة والحسن والحسين فقال: " اللهم هؤلاء أهل بيتي ".
قالت أم سلمة: يا رسول الله ما أنا من أهل البيت؟
قال: " إنك إلى خير، وهؤلاء أهل بيتي، اللهم آل بيتي أحق ".
قال: هذا حديث صحيح على شرط البخاري (2).
6 - وأخرج حديث واثلة وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه (3).
7 - وأخرج حديث عائشة وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه (4).
8 - وأخرج الترمذي عن محمود بن غيلان - فذكر الحديث وقال: صحيح (5).
9 - وأخرج الإمام أحمد بسنده عن أبي ليلى، عن أم سلمة - وذكر الحديث - قال وصي
الله بن محمد عباس (6): إسناده صحيح (7).
10 - ما أخرجه ابن عساكر الشافعي بسنده عن أم سلمة قالت:
1 - المستدرك على الصحيحين: 3 / 147 من كتاب المعرفة.
2 - المستدرك على الصحيحين: 2 / 416 كتاب التفسير - الأحزاب.
3 - المستدرك على الصحيحين: 3 / 147 مناقب أهل البيت من كتاب المعرفة.
4 - مستدرك الصحيحين: 3 / 147 مناقب أهل البيت من كتاب المعرفة.
5 - صحيح الترمذي: 5 / 663 - 699 ح 3870 كتاب المناقب، ومنح المدح لابن سيد الناس: 357
حرف الفاء - فاطمة سيدة نساء العالمين - عنه، وسير أعلام النبلاء: 10 / 346 - 347 ترجمة أبي الوليد
الطيالسي (84) وذكر الحديث بتفصيله ثم قال: رواه الترمذي مختصرا وصححه من طريق الثوري، عن
زبيد، عن شهر.
6 - محقق كتاب الفضائل لأحمد.
7 - فضائل الصحابة لأحمد: 2 / 588 ح 995 مناقب علي والحديث سوف يأتي.
34
فقال لي: " تنحي ".
فتنحيت في ناحية البيت، فدخل علي وفاطمة ومعهما حسن وحسين - وذكر الحديث -.
قال: هذا حديث صحيح، وقد روي مختصرا في صحيح مسلم (1).
11 - وأخرج أبو يعلى بسند، رجاله رجال الصحيح عنها: أن النبي جلل عليا وحسنا
وحسينا وفاطمة كساء ثم قال: " اللهم هؤلاء أهل بيتي وحامتي، اللهم أذهب عنهم الرجس
وطهرهم تطهيرا ".
فقالت أم سلمة: قلت: يا رسول الله، أنا منهم؟
قال: " إنك إلى خير " (2).
12 - وأخرج أبو يعلى أيضا عن أم سلمة بسند رجاله ثقات (3): أن النبي غطى على علي
وفاطمة وحسن وحسين كساء ثم قال: " هؤلاء أهل بيتي، إليك لا إلى النار ".
قالت أم سلمة: فقلت: يا رسول الله، وأنا منهم؟
قال: " لا، وأنت على خير " (4).
13 - وأخرج أيضا عنها، بإسناده الجيد حديثا تذكر فيه مجئ فاطمة بطعام ثم أكلوا
جميعا ولم يدعها إليه خلاف عادته، وقال: " اللهم عاد من عاداهم ووال من والاهم " (5).
قال الهيثمي: إسناده جيد (6).
1 - كتاب الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين: 92 ح 28 مناقب أم سلمة.
2 - مسند أبي يعلى: 12 / 451 ح 7021 مسند أم سلمة وبالهامش: رجاله رجال الصحيح.
3 - لا خلاف في رجاله سوى عطية وقد وثقه ابن حبان.
4 - مسند أبي يعلى: 12 / 313 ح 6888 مسند أم سلمة.
5 - مسند أبي يعلى: 12 / 384 ح 6951 مسند أم سلمة وبالهامش: إسناده حسن، ومجمع الزوائد: 9 /
166 ط. مصر 1352 وبغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد: 9 / 263 ح 14971 كتاب المناقب،
والبيان والتعريف في أسباب ورود الحديث: 1 / 337 ح 399.
6 - مجمع الزوائد: 9 / 166 ط. مصر 1352 وبغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد: 9 / 263 ح 14971
كتاب المناقب.
35
14 - وأخرج أيضا عنها بسند رجاله ثقات (1) بعد ذكر الكساء: " اللهم هؤلاء آل محمد
فاجعل صلاتك وبركاتك على آل محمد كما جعلتها على آل إبراهيم إنك حميد مجيد ".
وزاد في رواية أخرى: فرفعت الكساء لأدخل فيه، فجذبه من يدي، وقال: " إنك على
خير " (2).
15 - وأخرج الطبراني في الأوسط عن علي أنه دخل على النبي (صلى الله عليه وسلم) وقد بسط شملة،
فجلس عليها، هو وعلي وفاطمة والحسن والحسين، ثم أخذ النبي (صلى الله عليه وسلم) بمجامعه فعقد عليهم،
ثم قال: " اللهم ارض عنهم كما أنا عنهم راض ".
قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير عبيد بن طفيل وهو ثقة كنيته أبو سيدان (3).
16 - وأخرج الطبراني عن أبي جميلة خطبة الحسن بن علي فقال: " يا أهل العراق اتقوا
الله فينا فإنا أمراؤكم وضيفانكم ونحن أهل البيت الذين قال الله عز وجل: * (إنما يريد الله
ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * فما زال يومئذ يتكلم حتى ما ترى في
المسجد إلا باكيا ".
قال الهيثمي: رجاله ثقات (4).
17 - وأخرج الطبراني عن واثلة قال: إني عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ذات يوم إذ جاء علي
وفاطمة وحسن وحسين - رضي الله عنهم - فألقى عليهم كساء له ثم قال: " اللهم هؤلاء أهل
بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ".
قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير كلثوم بن زياد ووثقه ابن حبان (5).
1 - سوى عقبة وقد وثقه ابن شاهين في تاريخ أسماء الثقات: 173، وحكي عن أحمد أنه وثقه - أنظر
هامش مسند أبي يعلى.
2 - مسند أبي يعلى: 12 / 344 ح 6912 و 456 ح 7026 مسند أم سلمة، ومشكل الآثار: 1 / 229 ح
778 باب 106 ما روي عن النبي في الآية.
3 - مجمع الزوائد: 9 / 169 ط. مصر 1352، وبغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد: 9 / 267 ح 14988.
4 - مجمع الزوائد: 9 / 172 ط. مصر 1352، وبغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد: 9 / 273 ح 15010.
5 - مجمع الزوائد: 9 / 167 ط. مصر 1352، وبغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد: 9 / 263 ح 14973
- 14974.
36
18 - وأخرج البيهقي في الاعتقاد عن أم سلمة قالت في بيتي أنزلت * (إنما يريد الله) *
فأرسل رسول الله إلى فاطمة وعلي والحسن والحسين فقال: هؤلاء أهلي قالت: فقلت: يا
رسول الله أما أنا من أهل البيت؟
قال: بلى إن شاء الله.
قال أبو عبد الله: هذا حديث صحيح سنده، ثقاة رواته (1).
19 - وأخرج الإمام البغوي في المصابيح حديثا عن عائشة في نزول الآية بأصحاب
الكساء تحت عنوان (من الصحاح) (2).
20 - وقال الحمزاوي: واستدل القائل على عدم العموم بما روي من طرق صحيحة أن
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) جاء ومعه علي وفاطمة والحسن والحسين... وذكر بعض أحاديث الكساء (3).
21 - وقال ابن تيمية: أما حديث الكساء فهو صحيح (4).
22 - وقال الذهبي: وصح أن النبي (صلى الله عليه وسلم) جلل فاطمة وزوجها وابنيها بكساء وقال:
" اللهم هؤلاء أهل بيتي، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا " (5).
كما وأقر الذهبي في تلخيص مستدرك الصحيحين الأحاديث الأربعة المتقدمة عن
المستدرك.
23 - وقال الشوكاني في إرشاد الفحول: ويجاب عن هذا بأنه قد ورد بالدليل الصحيح
أنها نزلت في علي وفاطمة والحسنين، وقد أوضحنا الكلام في هذا في تفسيرنا الذي سميناه
فتح القدير (6).
1 - الاعتقاد على مذهب السلف: 164 باب القول في أهل بيته ط. مصر 1379.
2 - مصابيح السنة: 4 / 183 ح 4796 باب مناقب أهل بيت رسول الله.
3 - مشارق الأنوار للحمزاوي: 113 الفصل الخامس من الباب الثالث - فضل أهل البيت.
4 - راجع منهاج السنة: 3 / 4 و 4 / 20.
5 - سير أعلام النبلاء: 2 / 122 ترجمة فاطمة بنت الرسول برقم (18).
6 - إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق في علم الأصول: 83 البحث الثامن من المقصد الثالث ط. دار الفكر.
37
24 - وقال الشيخ الشبلنجي: وروي من طرق عديدة صحيحة: أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) جاء
ومعه علي وفاطمة والحسن والحسين، ثم أخذ كل واحد منهما على فخذه، ثم لف عليهم
كساء، ثم تلا هذه الآية: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم
تطهيرا) * وقال: " اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا " (1).
25 - قال الشيخ خالد العك: وصح أن النبي جلل فاطمة وزوجها وابنيها - الحسن
والحسين - بكساء وقال: " اللهم هؤلاء أهل بيتي اللهم فأذهب عنهم الرجس وطهرهم
تطهيرا " (2).
26 - وقال العلامة سيدي محمد جسوس في شرح الشمائل: وصح أنه جعل عليهم كساء
وقال: " اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا " (3).
27 - وقال سيدي محمد بنيس في شرح همزية البوصيري: وصح أنه جعلهم تحت
الكساء وقال: " اللهم.. " (4).
28 - وقال سليمان الجمل في شرح قوله: " ومن حوته العباء ": وهم النبي وفاطمة
وعلي وأبناؤهما، وصح أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) جعل على علي وفاطمة وابنيهما كساء وقال: اللهم هؤلاء
أهل بيتي وخاصتي أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، فأمنت أسكفة الباب وحوائط
البيت فقالت: آمين ثلاثا. والأسكفة عتبة البيت (5).
* أما الروايات التي حسنها العامة:
ومن المعلوم أن: (الحسن إذا روي من وجه آخر ترقى إلى الصحيح) (6).
1 - نور الأبصار: 123 ط. الهند و 225 ط. قم - الباب الثاني - مناقب الحسنين.
2 - موسوعة عظماء حول الرسول: 1 / 218 فاطمة الزهراء.
3 - شرح الشمائل المحمدية: 1 / 107 - 108 ذيل باب ما جاء في لباس رسول الله.
4 - لوامع أنوار الكوكب الدري في شرح همزية البوصيري: 2 / 68 و 122.
5 - الفتوحات الأحمدية: 107 - 108 ط. مصر 1306 الحلبي.
6 - قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث للقاسمي: 102 الباب الرابع - المقصد 14 - 15.
38
بل الحسن كالصحيح في الإحتجاج به كما تقرر في محله، حتى نقل ابن تيمية إجماعهم
عليه إلا الترمذي (1).
1 - فأحمد أخرج في الفضائل ثلاثة أحاديث حكم المحقق بحسنها (2).
2 - وأخرج أيضا حديثان في تلاوة الآية على باب أصحاب الكساء، حكم المحقق بحسنها
لغيرها (3).
3 - وأخرج أبو يعلى بسند حسن عنها حديثا طويلا فيه مجئ فاطمة بطعام خاص لم
يأكل منه أحد سواهم حتى تعجبت أم سلمة منه (4).
1 - قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث للقاسمي: 106 - 109 الباب الرابع.
2 - فضائل الصحابة: 2 / 577 - 588 - 684 ح 978 - 996 - 1168.
3 - فضائل الصحابة: 2 / 761 ح 1340 - 1341.
4 - مسند أبي يعلى: 12 / 384 ح 6951، مسند أم سلمة وبالهامش: إسناده حسن، ومجمع الزوائد: 9 /
166 ط. مصر 1352، وبغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد: 9 / 263 ح 14971 كتاب المناقب،
والبيان والتعريف في أسباب ورود الحديث: 1 / 337 ح 399.
39
الاحتجاجات بآية التطهير
الاحتجاجات بآية التطهير
* الوجه الثالث:
الاحتجاجات بآية التطهير، والذي يؤكد على صحتها أولا، وعلى اختصاصها بأصحاب
الكساء والأئمة المعصومين (عليهم السلام) ثانيا.
وإليك بعض تلك الاحتجاجات:
* إحتجاج النبي (صلى الله عليه وآله): كما يأتي في أحاديث أم سلمة لما سألته الدخول تحت
الكساء.
منها: أنها قالت بعد دعاء الرسول لآل محمد (عليهم السلام): وأنا؟.
قال (صلى الله عليه وآله): " وأنت إلى خير، إنما أنزلت في وفي أخي علي وفي ابنتي فاطمة وفي ابني
الحسن والحسين وفي تسعة من ولد الحسين خاصة، فليس فيها معنا أحد غيرنا " (1).
* إحتجاج الإمام علي (عليه السلام) وذلك في مواضع:
1 - على أبي بكر في منزله قال عليه السلام: " فأنشدك بالله ألي ولأهلي وولدي آية
التطهير من الرجس أم لك ولأهل بيتك؟ ".
قال: بل لك ولأهل بيتك (2).
1 - ينابيع المودة: 1 / 115 ط. اسلامبول و 136 ط. النجف - الباب 38، وغيبة النعماني: 47 الباب الرابع،
وتفسير نور الثقلين: 4 / 272 ح 92، وعبقات الأنوار: 3 / 504 حديث الولاية.
2 - الإحتجاج: 1 / 119 ذيل احتجاجات الأمير على أبي بكر، والخصال: 550 أبواب الأربعين ح 30.
والحافظ عبد الرزاق في المصنف ذكر الحديث الذي جرى بينهما في المنزل بعد وفاة فاطمة ولكنه
اختصر المناقب التي عددها الإمام على أبي بكر واكتفى بقوله: " ثم ذكر قرابته من رسول الله وحقهم،
فلم يزل يذكر ذلك حتى بكى أبو بكر " المصنف: 5 / 473 ح 9774 خصومة علي والعباس.
40
2 - على أبي بكر وعمر معا في مسألة نزول آية التطهير فيه وفي أهل بيته، فكانا يقولان:
نعم فيكم نزلت (1).
3 - على جملة من الصحابة منهم أبي الدرداء وأبي هريرة فقال: " يا أيها الناس أتعلمون
أن الله أنزل في كتابه * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) *
فجمعني رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفاطمة وحسنا وحسينا في كساء واحد ثم قال: اللهم هؤلاء أحبتي
وعترتي وثقلي وخاصتي وأهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ".
فقالت أم سلمة: وأنا؟
فقال (صلى الله عليه وآله) لها: " وأنت إلى خير، إنما أنزلت في وفي أخي علي وفي ابنتي فاطمة وفي ابني
حسن وحسين وفي تسعة من ولد الحسين خاصة ليس فيها معنا أحد غيرنا ".
فقام جل الناس فقالوا: نشهد أن أم سلمة حدثتنا بذلك، وسألنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فحدثنا
كما حدثتنا أم سلمة (2).
4 - على الصحابة يوم الشورى قال (عليه السلام): " أنشدكم الله هل فيكم أحد أنزل الله فيه آية
التطهير على رسوله (صلى الله عليه وآله): * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم
تطهيرا) * فأخذ رسول الله كساء خيبريا فضمني فيه وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) ثم قال:
يا رب هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، غيري؟ "
قالوا: اللهم لا (3).
1 - ينابيع المودة: 1 / 115 ط. اسلامبول 1301 ه و 136 ط. النجف الباب 38.
2 - ينابيع المودة: 1 / 115 ط. اسلامبول و 1 / 135 ط. النجف، وغيبة النعماني: 47 - والخطبة طويلة
أخذنا منها موضع الحاجة، وتفسير نور الثقلين: 4 / 272 ح 92، وإحقاق الحق: 3 / 118 و 5 / 36،
وعبقات الأنوار: 3 / 504 حديث الولاية.
3 - نور الثقلين: 4 / 272 ح 90، ومناقب ابن المغازلي: 91 ح 155 ط. بيروت و 112 ط. النجف،
والاحتجاج: 1 / 148.
41
5 - على المهاجرين والأنصار في أيام عثمان قال (عليه السلام): " أيها الناس إن الله عز وجل أنزل في
كتابه * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * فجمعني.. " وذكر
الحديث المتقدم (1).
* إحتجاج الإمام الحسن (عليه السلام) قبل بيعته:
أخرجه البلاذري عن عبيد الله بن العباس قال: خرج الحسن فخطبهم فقال: " إتقوا الله
أيها الناس حق تقاته فإنا أمراؤكم وأضيافكم ونحن أهل البيت الذين قال الله: * (إنما يريد
الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * والله لو طلبتم ما بين جابلق
وجابرس مثلي في قرابتي وموضعي ما وجدتموه " (2).
واحتج عليه السلام أيضا على عمرو بن العاص قائلا: " إياك عني فإنك رجس ونحن
أهل بيت الطهارة أذهب الله عنا الرجس وطهرنا تطهيرا " (3).
وخطب عليه السلام بعد الصلح قائلا: ".. ونحن أهل بيت نبيكم أذهب الله عنا الرجس
وطهرنا تطهيرا... " (4)
* إحتجاج الإمام الحسين (عليه السلام):
قال (عليه السلام) لمروان بعد رفضه بيعة يزيد: " إليك عني فإنك رجس وإني من أهل بيت الطهارة
قد أنزل الله تعالى فينا: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم
1 - الإحتجاج: 1 / 148 احتجاجه على جماعة كثيرة من المهاجرين والأنصار.
2 - أنساب الأشراف: 3 / 28 ح 43 أمر الحسن - (تحقيق المحمودي)، وأهل البيت لتوفيق أبو علم: 20
الباب الأول و 308 بيعة الإمام الحسن، ومقاتل الطالبيين: 62 ذكر بيعة الحسن وفيه تفاوت عن
الأنساب.
3 - شرح النهج لابن أبي الحديد: 4 / 10 ط. مصر الأولى.
4 - تذكرة الخواص: 181.
42
تطهيرا) * ".
فنكس (مروان) رأسه ولم ينطق (1).
* إحتجاج الإمام زين العابدين علي بن الحسين (عليهما السلام):
وهو ما اشتهر عنه (عليه السلام) مع شيخ دمشق قال له: هل قرأت هذه الآية:
* (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) *؟.
قال: نعم، [قد قرأت ذلك].
قال (عليه السلام): فنحن أهل البيت الذي [الذين] خصصنا بآية التطهير [الطهارة يا شيخ (2)].
وفي رواية أخرى قال السدي: عن أبي الديلم: أما قرأت في الأحزاب: * (إنما يريد الله
ليذهب عنكم...) *؟
فقال: نعم، ولأنتم هم؟
قال (عليه السلام): نعم (3).
* إحتجاج زينب (عليها السلام):
قالت عليها السلام لابن زياد: " الحمد لله الذي أكرمنا بنبيه محمد (صلى الله عليه وآله) وطهرنا من
الرجس تطهيرا " (4).
1 - مقتل الحسين للخوارزمي: 1 / 185 الفصل التاسع.
2 - أمالي الصدوق: 140 المجلس 31 ح 3، والفتوح لابن أعثم: 2 / 183 ذكر كتاب عبد الله إلى يزيد
وبعثه برأس الحسين (عليه السلام)، ومقتل الحسين للخوارزمي: 2 / 61 - 62، وبحار الأنوار: 45 / 129 نقلا
عن كتاب الملهوف: 158، وتفسير نور الثقلين: 4 / 275 ح 102 عن الإحتجاج.
3 - تفسير ابن كثير: 3 / 535 ذيل الآية، وتفسير ابن جرير الطبري: 22 / 7 ط. مصر 1323، وفضل آل
البيت للمقريزي: 27، وأهل البيت لتوفيق أبو علم: 20 الباب الأول.
4 - نخبة البيان في تفضيل سيدة النسوان: 206.
43
* إحتجاج ابن عباس:
على من وقع في أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: " وأخذ رسول الله ثوبه فوضعه على علي وفاطمة
وحسن وحسين فقال: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم
تطهيرا) * ". أخرجه أحمد والطبراني والبلاذري (1).
* إحتجاج سعد بن أبي وقاص:
أخرجه الخطيب البغدادي عنه قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لعلي ثلاثا لأن تكون لي
واحدة أحب إلي من حمر النعم: نزل على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الوحي فأدخل عليا وفاطمة وابنيهما
تحت ثوبه ثم قال: " اللهم هؤلاء أهل بيتي " (2).
* إحتجاج واثلة بن الأسقع:
على من شتم عليا عليه السلام. أخرجه أحمد وابن أبي شيبة واللفظ له قال: دخلت على
واثلة وعنده قوم فذكروا عليا فشتموه فشتمته معهم فقال: ألا أخبرك بما سمعت من رسول
الله (صلى الله عليه وسلم)؟
قلت: بلى.
قال: أتيت فاطمة أسألها عن علي... " وذكر حديث الكساء المتقدم عنه ويأتي مفصلا
في الثمرة الثانية (3).
1 - فضائل الصحابة لأحمد: 2 / 684 ح 1168 مناقب علي، المعجم الكبير للطبراني: 12 / 77 ح
12593 ترجمة ابن عباس - ما روى عنه عمرو بن ميمون، والرياض النضرة: 3 / 174، وأنساب
الأشراف: 2 / 355 ط. بيروت.
2 - تلخيص المتشابه في الرسم للخطيب: 2 / 645 رقم 1077 الفصل الثالث - باب الخلاف في الأبناء
دون الآباء.
3 - المصنف لابن أبي شيبة: 6 / 373 ح 32094 كتاب الفضائل - فضائل علي، وفضائل الصحابة لأحمد:
2 / 577 ح 978 مناقب علي.
44
في أن حديث الكساء كان مسلما
وبعد هذه الاحتجاجات والأقوال والروايات الصحيحة وما يأتي من أخبار عند
الفريقين، يتضح مدى شهرة واقعة الكساء بين الرواة والمحدثين والمفسرين، وأن المسألة
كانت مسلمة عند الجميع: أم سلمة، وعائشة، وأبي بكر، وعمر، ومعاوية وأضرابهم.
فأمير المؤمنين (عليه السلام) حاجج أبا بكر وعمر في مسألة نزول آية التطهير فيه وفي أهل بيته،
فكانا يقولان: نعم فيكم نزلت (1).
وحاجج أيضا جملة من الصحابة (2).
والحسن بن علي (عليهما السلام) خاطب أهل العراق بأنه من أهل البيت الذين أنزل فيهم الآية كما
تقدم.
وعلي بن الحسين (عليهما السلام) خاطب أهل الشام بذلك وما من معترض.
ومعاوية وسعد بن أبي وقاص اعترفا بفضيلة نزول آية التطهير وحديث الكساء في
علي (عليه السلام) وأهل بيته (3).
بل حتى عائشة روت أن آية التطهير في علي وأهل بيته كما تقدم ويأتي.
1 - راجع ينابيع المودة: 1 / 115 ط. اسلامبول 1301 ه و 136 ط. النجف الباب 38.
2 - غيبة النعماني: 47 - والخطبة طويلة أخذنا منها موضع الحاجة.. وتفسير نور الثقلين: 4 / 272 ح 92،
وإحقاق الحق 3 / 118 و 5 / 36، وعبقات الأنوار: 3 / 504 حديث الولاية.
3 - راجع خصائص النسائي: 4 ط. مصر 1348 و 33 ح 9 ط. بيروت، والمستدرك على الصحيحين: 3 /
108 كتاب المعرفة.
45
هذا إضافة إلى علماء العامة، فإنهم أطبقوا على نزولها في العترة الطاهرة وصحة
أحاديثها، حتى المتعصب ابن تيمية المعروف بعدائه لأهل البيت (عليهم السلام) قال:
أما حديث الكساء فهو صحيح، ونقل عنه العقاد قوله أن المختص بأهل البيت هم الأربعة
علي وفاطمة والحسن والحسين (1).
ولكن مع ذلك كله يبقى البعض ينكر اختصاص نزول الآية في أصحاب الكساء (2)، وقد
اتضح للقارئ العزيز ما فيه كفاية وشفاية لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
1 - راجع منهاج السنة: 3 / 4 و 4 / 20، وفاطمة الزهراء للعقاد: 72 ط. مصر دار المعارف الطبعة الثالثة.
2 - كما يأتي في المناقشات (الثمرة الخامسة).
46
اختصاص أهل البيت بأصحاب الكساء (عليهم السلام)
مفاد الآية تطهير الآل
* الوجه الرابع:
أن مفاد الآية هو تطهير أهل البيت سواء كان بنحو الإخبار كما هو الصحيح، أو بنحو
الانشاء، ولو بدعاء النبي لهم، ودعاؤه مستجاب.
والطهارة كما يأتي، إما مادية وإما معنوية، ولا ثالث، حيث إن ظاهر الآية المباركة نفي
مطلق الرجس المعنوي والمادي، وإثبات الطهارة كذلك.
وكلاهما مفقود في الأزواج.
أما الطهارة المادية، فلم يدع أحد طهارة نساء النبي (صلى الله عليه وآله) من النجاسات المادية، فكن
يرين الحمرة بأنواعها، وهو كاف لنفي مطلق الطهارة.
والمعنوية كذلك، فإنهن - لا أقل - كن يتلبسن بالجنابة، هذا إضافة إلى اتصاف بعض
نساء النبي بكثير من الأخطاء والاشتباهات والأفعال المنافية للمروءة والأخلاق.
وقولنا بعض نساء النبي (صلى الله عليه وآله)، لكفاية خروجهن من مفاد الآية باتصاف واحدة منهن
بذلك.
وعليه، فلتصديق مفاد الإرادة الإلهية لا بد من إثبات أن أهل البيت المذكورين في الآية
مطهرون بالطهارة المطلقة.
* أخرج الحكيم الترمذي وابن الأخضر الجنابذي في المعالم، والطبراني والفسوي وابن
مردويه وأبو نعيم والبيهقي معا في الدلائل عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " إن الله
تعالى قسم الخلق قسمين فجعلني في خيرهما قسما - إلى أن يقول - ثم جعل القبائل بيوتا
فجعلني في خيرها بيتا فذلك قوله تعالى: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت
47
ويطهركم تطهيرا) * أنا وأهل بيتي مطهرون من الذنوب " (1).
وعن ابن عباس قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: " أنا وعلي والحسن والحسين وتسعة
من ولد الحسين مطهرون معصومون " (2).
* أما النجاسات المعنوية فإجماعا، فالجنابة منفية عنهم جميعا كما يأتي تفصيله، وأما بقية
الأفعال فمنفية عنهم بثبوت عصمتهم.
وأما المادية فرسول الله (صلى الله عليه وآله) والأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) ادعي لهم طهارتهم منها كما يأتي.
والصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها السلام) فإن من مختصاتها الطهارة المطلقة.
قال العلماء: (ومن خصائص ابنته فاطمة رضي الله عنها أنها كانت لا تحيض، وكانت إذا
ولدت طهرت من نفاسها بعد ساعة، حتى لا تفوتها صلاة، ولذلك سميت الزهراء) (3).
وقد روى الفريقان طهارتها، أخرج الطبراني بسنده عن عائشة قالت: قال رسول
الله (صلى الله عليه وسلم): " يا حميراء إن فاطمة ليست كنساء الآدميين، ولا تعتل كما يعتلون " (4).
وقالت أسماء: قبلت فاطمة بالحسن (عليهما السلام)، فلم أر لها دما، فقلت: يا رسول الله: إني لم أر
لفاطمة دما في حيض ولا نفاس!!.
فقال (صلى الله عليه وسلم): " أما علمت أن ابنتي طاهرة مطهرة لا يرى لها دم في طمث ولا ولادة! " (5).
وزاد الطبري الإمامي في رواية عن زينب الحوراء قالت: " فقال (صلى الله عليه وآله): يا أسماء إن فاطمة
1 - تفسير روح المعاني: 12 / 20 مورد آية التطهير، والمعرفة والتاريخ: 1 / 498، وأهل البيت لتوفيق
أبو علم: 17 الباب الأول، وأمالي الشجري: 1 / 151 الحديث السادس، ورشفة الصادي: 16 ط. مصر
و 35 ط. بيروت، وكشف الغمة: 1 / 13 في أسماء النبي عن ابن الأخضر.
2 - ينابيع المودة: 2 / 487 ط. اسلامبول 1301 ه و 585 ط. النجف باب 94.
3 - كشف الغمة للشعراني: 42 القسم الثامن، والذخائر المحمدية: 281 خصائص آل البيت - وبالهامش:
في الفتاوى الظهيرية الحنفية.
4 - المعجم الكبير للطبراني: 22 / 402 مناقب فاطمة، ومجمع الزوائد: 9 / 202 ط. مصر 1352 وبغية
الرائد في تحقيق مجمع الزوائد: 9 / 326 ح 15197 كتاب المناقب، ومناقب الخوارزمي: 1 / 64.
5 - تاريخ الخميس: 1 / 417 الفصل الثاني من الموطن الأول، وذخائر العقبى: 44 مناقب فاطمة، وأهل
البيت لتوفيق أبو علم: 121 القسم الثاني - خصائص فاطمة.
48
خلقت حورية إنسية " (1).
وأخرجه المحب الطبري والخطيب عن ابن عباس: " إن ابنتي فاطمة حوراء [آدمية] إذ
لم تحض ولم تطمث " (2).
وأخرجه الغساني بلفظ: " ابنتي فاطمة حوراء آدمية لم تحض ولم تطمث " (3).
وأخرج ابن عساكر عن أم سليم أنها قالت: " لم تر فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) دما في
حيض ولا نفاس، وكان يصب عليها من ماء الجنة " (4).
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): قيل لرسول الله (صلى الله عليه وآله) سمعناك تقول: مريم بتول وفاطمة بتول، فما
ذاك؟
فقال (صلى الله عليه وآله): " البتول: التي لم تر حمرة قط، أي لم تحض، فإن الحيض مكروه في بنات
الأنبياء " (5).
* أقول: الملاحظ من هذه الروايات وغيرها أن طهارة فاطمة كانت مسلمة عند رسول
الله (صلى الله عليه وآله)، إنما كان يجيب على من يسأله عنها، والشاهد على ذلك إجابة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)
بطريقة الاستنكار.
1 - دلائل الإمامة للطبري: 55 مناقب فاطمة.
2 - اللآلئ المصنوعة: 1 / 400 مناقب أهل البيت عن الخطيب، وما بين المعقودين منه، وذخائر العقبى:
26 باب ذكر تسميتها بفاطمة.
3 - رشفة الصادي: 47 ط. مصر و 92 ط. بيروت - الباب الرابع.
4 - اللآلئ المصنوعة: 1 / 395 مناقب أهل البيت.
5 - دلائل الإمامة للطبري: 55 مناقب فاطمة.
49
تصريح القرآن والسنة بخروج النساء عن مفاد الآية
* الوجه الخامس:
صرحت بعض الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة بعدم عصمة زوجات النبي (صلى الله عليه وآله)
ووقوع الخطأ الظاهر من بعضهن، وهو لا يتناسب مع إذهاب الرجس والتطهير المفاد بالآية.
وإليك بعض ما يدل على ذلك في بعض نساء النبي (صلى الله عليه وآله) من القرآن الكريم والسنة
الشريفة:
* أما القرآن الكريم فبقوله تعالى:
* (وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه
عرف بعضه وأعرض عن بعض فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال
نبأني العليم الخبير، إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا
عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين) * (1).
والمفسرون على نزولها في حفصة وعائشة:
ففي تفسير ابن عباس: " توبا إلى الله يا عائشة ويا حفصة من إيذائكما رسول الله
ومعصيتكما له " (2).
وقال البيضاوي: * (إن تتوبا إلى الله) * خطاب لحفصة وعائشة على الالتفات للمبالغة في
المعاقبة (3).
1 - التحريم: 3 - 4.
2 - تفسير ابن عباس: 477 مورد الآية..
3 - تفسير البيضاوي 4 / 293.
50
وذكر الطبري وابن كثير والرازي نحو ذلك (1).
وقال الزمخشري: خطاب لحفصة وعائشة على طريقة الالتفات ليكون أبلغ في
معاتبتهما (2).
وقال في معرض تفسير قوله تعالى: * (ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة
لوط) *: وفي طي هذين التمثيلين تعريض بأمي المؤمنين المذكورتين في أول السورة، وما
فرط منهما من التظاهر على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بما كرهه، وتحذير لهما على أغلظ وجه وأشده، لما
في التمثيل من ذكر الكفر... والتعريض بحفصة أرجح لأن امرأة لوط أفشت عليه كما أفشت
حفصة على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (3).
وقال يحيى بن سلام في الآية: " يحذر به عائشة وحفصة من المخالفة لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) حين
تظاهرتا عليه " (4).
وقال الشيخ الطبرسي: ثم خاطب سبحانه عائشة وحفصة، فقال: * (إن تتوبا إلى الله) *
من التعاون على النبي (صلى الله عليه وآله) بالإيذاء والتظاهر عليه (5).
ونحوه للقمي في تفسيره (6).
* وروى الفريقان نزولها في عائشة وحفصة، من ذلك ما رواه البخاري ومسلم والطبري
وأبو يعلى الموصلي والطبراني عن عبيد وابن ثور وابن رومان جميعا عن ابن عباس قال:
سألت عمر بن الخطاب عن المتظاهرتين.
1 - تفسير الطبري: 28 / 104، وتفسير ابن كثير: 4 / 409 - وتفسير الرازي: 30 / 44 مورد الآية في
الجميع، والطبقات الكبرى: 8 / 151 ذكر ما هجر رسول الله (صلى الله عليه وآله) نساءه.
2 - تفسير الزمخشري: 4 / 127 مورد الآية 10 من التحريم.
3 - تفسير الزمخشري: 4 / 131 مورد الآية 10 من التحريم.
4 - فتح القدير: 5 / 255 مورد الآية 10 من التحريم.
5 - تفسير مجمع البيان: 10 / 474.
6 - تفسير القمي: 2 / 376.
51
فقال: حفصة وعائشة (1).
وأخرجه الموفق بن أحمد بسنده عن أمير المؤمنين وعن ابن عباس وعن مجاهد، وأبي
صالح والضحاك عن ابن عباس (2).
ورواه البخاري عن عطاء، عن عبيد بن عمير، عن عائشة (3).
ورواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي من طرق عن الزهري (4).
والطبري عن علي بن الحسين (عليه السلام) وعبيد بن حنين معا عن ابن عباس (5).
وأخرجه الشيخان من حديث يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن جبير عن ابن
عباس (6).
ورواه أحمد في المسند والترمذي وابن سعد والطبري عن ابن أبي ثور عن ابن عباس (7).
والبلاذري عن محمد بن جبير بن مطعم (8).
والأخبار كثيرة بهذا المضمون (9).
1 - صحيح البخاري: 7 / 281 ح 735 كتاب اللباس باب ما كان النبي يتجوز من اللباس والبسط،
وصحيح مسلم: 10 / 323 - 330 كتاب الطلاق باب في إيلاء واعتزال النساء ح 3675 - 3679،
المعجم الأوسط: 9 / 349 ح 8759، ومسند أبي يعلى: 1 / 162 ح 178 وبالهامش: إسناده صحيح،
وأحكام القرآن لابن العربي: 3 / 1519.
2 - ينابيع المودة: 1 / 93 ط. اسلامبول 1301 ه و 107 ط. النجف باب 22، وكنز العمال: 2 / 525 ح
4663 و 4665 و 4664 و 4666 كتاب التفسير - سورة التحريم.
3 - صحيح البخاري: 7 / 89 كتاب الطلاق باب 133 ح 193.
4 - صحيح الترمذي: 5 / 420 ح 3318 كتاب التفسير عن ابن أبي ثور وابن عباس.
5 - تفسير الطبري: 28 / 104 مورد الآية.
6 - راجع تفسير ابن كثير: 4 / 411.
7 - الطبقات الكبرى: 8 / 85 ترجمة زينب بنت جحش - 4132 -، و 151 و 147، وتفسير ابن كثير: 4
/ 410، ومسند أحمد: 1 / 33 و 48 ط. الميمنة و 1 / 78 - 55 ط. ب ح 222.
8 - أنساب الأشراف: 1 / 424 ح 887 أزواج الرسول وولده.
9 - راجع تفسير الزمخشري: 4 / 127 مورد آية التحريم، وتفسير الدر المنثور: 6 / 239 مورد الآية،
وتفسير نور الثقلين: 5 / 367، وشواهد التنزيل: 2 / 351 ح 995.
52
وأما السنة:
ففي المجمع: عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) جالسا مع
حفصة فتشاجرا بينهما فقال لها:
" هل لك ان أجعل بيني وبينك رجلا؟ "
قالت: نعم.
فأرسل إلى عمر، فلما دخل عليها قال لها: " تكلمي ".
فقالت: يا رسول الله تكلم ولا تقل إلا حقا.
فرفع عمر يده فوجأ وجهها، ثم رفع يده فوجأ يدها [وجهها].
فقال له النبي (صلى الله عليه وسلم): كف.
فقال عمر: يا عدوة الله، النبي لا يقول إلا حقا؟؟ (1).
* وزاد الواحدي: والذي بعثه بالحق نبيا لولا مجلسه ما رفعت يدي حتى تموتي.
فقام النبي (صلى الله عليه وسلم) فصعد إلى غرفته فمكث فيها شهرا لا يقرب شيئا من نسائه يتغدى ويتعشى
فيها فأنزل الله هذه الآيات * (يا نساء النبي) * (2).
* ومن العجيب، فقد رويت هذه الحادثة عن عائشة أيضا ودخول أبي بكر عليها بدل
عمر، ولعلها صدرت منهما معا فهما المتظاهرتان!! (3).
- قال ابن الجوزي: عن عائشة أنها قالت: كان بيني وبين رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كلام فقال: " من
ترضين أن يكون بيني وبينك؟ أترضين أبا عبيدة بن الجراح؟ ".
1 - تفسير الميزان: 16 / 315، وأهل البيت لتوفيق أبو علم: 26 الباب الأول.
2 - أهل البيت لتوفيق أبو علم: 26 الباب الأول.
3 - إحياء العلوم للغزالي: 2 / 43 كتاب آداب النكاح - الباب الثالث في آداب المعاشرة، وفي هامشه:
أخرجه الطبراني في الأوسط والخطيب في التاريخ من حديث عائشة، وذكره في نهج الحق: 370،
والطرائف: 1 / 292 عنه.
53
قلت: لا، ذاك رجل لن يقضي لك علي.
قال: " أترضين بعمر؟ ".
قلت: لا، إني أفرق من عمر.
قال: " فالشيطان يفرقه! أترضين بأبي بكر؟ ".
قلت: نعم، فبعث إليه فجاء.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " إقض بيني وبين هذه ".
قال: أنا يا رسول الله!؟!
قال: " نعم ".
فتكلم رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
فقلت: اقصد يا رسول الله.
قالت: فرفع أبو بكر يده فلطم وجهي لطمة بدر منها أنفي ومنخراي دما.
وقال: لا أبا لك! فمن يقصد إذا لم يقصد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (1).
وأخرجه الطبراني في الأوسط مختصرا (2).
وكذا المتقي الهندي (3).
- وخرجه البلاذري عن سعيد بن المسيب بلفظ قال: قال النبي (صلى الله عليه وسلم) لأبي بكر: " ألا
تعديني على عائشة؟ "
فرفع أبو بكر يده فضرب صدرها ضربة شديدة.
فجعل يقول: " غفر الله لك أبا بكر إنا لم نرد هذا كله " (4).
- وأخرجه عبد الرزاق في المصنف بلفظ يقرب منه (5).
1 - الوفا بأحوال المصطفى: 674 ح 1323 أبواب نكاحه - الباب التاسع.
2 - المعجم الأوسط: 5 / 455 ح 4876 من اسمه عباد.
3 - كنز العمال: 13 / 696 ح 37782 كتاب الفضائل.
4 - أنساب الأشراف: 1 / 417 ح 877 أزواج الرسول وولده.
5 - المصنف: 11 / 431 ح 20923 باب أزواج النبي.
54
- وأخرج عبد الرزاق والغزالي عنها أنها قالت مقولة شنيعة بعد كيدها (1): أنت الذي
تزعم أنك نبي الله [إنك لتقول إنك لنبي]؟!.
فقام إليها أبو بكر فضرب خدها!! (2).
وأخرجه أبو يعلى بلفظ: قالت: فقلت: ألست تزعم أنك رسول الله!؟
قالت: فتبسم، قال: " أوفي شك أنت يا أم عبد الله؟ ".
قالت: قلت: ألست تزعم أنك رسول الله! أفهلا عدلت؟؟
وسمعني أبو بكر وكان فيه غرب - أي حدة - فأقبل علي فلطم وجهي.
فقال رسول الله: " مهلا يا أبا بكر ".
فقال: يا رسول الله أما سمعت ما قالت؟ (3).
- وكانت كثيرا ما ترفع صوتها على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فيلطم أبو بكر على صدرها (4).
- وعن ابن عمر قال: قام النبي (صلى الله عليه وآله) خطيبا فأشار إلى مسكن عائشة وقال: " الفتنة
1 - لما أخرجه ابن حجر العسقلاني حيث أدرج الحديث تحت عنوان " كيد النساء " ثم أدرجه تحت
عنوان " الرفق بالحيوان " والخيار لك عزيزي القارئ!!.
2 - إحياء علوم الدين: 2 / 43 كتاب آداب النكاح - الباب الثالث، والمصنف لعبد الرزاق: 11 / 431 ح
20924 باب أزواج النبي - وما بين المعقودين منه.
3 - مسند أبي يعلى: 8 / 130 ح 4870 مسند عائشة، ومجمع الزوائد: 4 / 322 ط. مصر 1352 وبغية
الرائد في تحقيق مجمع الزوائد: 4 / 590 - 591 ح 7694 كتاب النكاح - باب غيرة النساء، وقال
الهيثمي بعد الحديث: رواه أبو يعلى وفيه محمد ابن إسحاق وهو مدلس وسلمة بن الفضل وقد وثقه
جماعة: ابن معين وابن حبان وأبو حاتم، وضعفه جماعة وبقية رجاله رجال الصحيح - وقد رواه أبو
الشيخ بن حبان في كتاب (الأمثال) وليس فيه غير أسامة بن زيد الليثي وهو من رجال الصحيح وفيه
ضعف وبقية رجاله ثقات، والمطالب العالية: 2 / 19 ح 1540 باب كيد النساء و 157 - 158 باب الرفق
بالدواب، ورسائل الجاحظ: 2 / 355 ح 800 كتاب النكاح.
4 - خصائص النسائي: 28 ط. مصر 1348، ومسند أحمد 4 / 275 ط. الميمنة و 5 / 345 ط. بيروت ح
17953، والطبقات الكبرى: 8 / 64 ط بيروت و 8 56 ط. مصر - ذيل ترجمة عائشة، ومناقب آل أبي
طالب: 1 / 109 فصل في معجزات أقواله، وصحيح أبي داود باب ما جاء في المزاح، والمطالب العالية:
2 / 19 ح 1540.
55
ههنا، حيث يطلع قرن الشيطان [وأنتم يضرب بعضكم رقاب بعض] (1) ".
- وفي رواية أخرى: خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) من بيت عائشة فقال: " رأس الكفر من ههنا
من حيث يطلع قرن الشيطان " (2).
وكان (صلى الله عليه وآله) يقول لها: " قد جاءك شيطانك " (3).
- وهي التي أغضبت النبي (صلى الله عليه وآله) وكذبت عليه، وأهانت خديجة (عليها السلام) إهانات صريحة (4).
حتى قالت للنبي يوما: هل كانت إلا عجوزا حمراء الشدقين؟ فقد أبدلك الله خيرا منها.
فغضب حتى اهتز مقدم شعره من الغضب [وفي رواية عنها: غضب غضبا أسقطت في
جلدي].
ثم قال: " ما أبدلني الله خيرا منها " (5).
- وهما اللتان غررتا ببنت النعمان، وكذبتا في دعواهما أن النبي يحب من المرأة إذا دخلت
عليه أن تقول له: أعوذ بالله منك، فطلقها الرسول (صلى الله عليه وآله) من أجل ذلك (6).
1 - المسند: 2 / 89 و 105 ط. بيروت و 2 / 18 و 27 ط. الميمنة، وصحيح البخاري كتاب الخمس باب
ما جاء في بيوت أزواج النبي، ومسند أبي يعلى: 9 / 383 ح 5511 مسند ابن عمر - وما بين المعقودين
منه - وبهامشه: إسناده صحيح.
2 - المسند: 2 / 98 و 105 ط. ب، و 2 / 23 و 27 ط. م.
3 - سنن النسائي: 7 / 72.
4 - أنساب الأشراف: 1 / 461 ح 933 أزواج الرسول - متفرقات، ومقتل الحسين للخوارزمي: 1 / 26 -
28 الفصل الثاني، وكفاية الطالب: 359 باب 99، وصفة الصفوة: 2 / 3، وتاريخ الاسلام: 1 / 238
وفاة أبو طالب وخديجة، والمعجم الكبير: 23 / 11 - 13 مناقب خديجة، وكنز العمال: 2 / 528 ح
4664 كتاب التفسير، وتذكرة الخواص: 273 الباب 11 - ذكر فضائل خديجة، وكتاب الأربعين في
مناقب أمهات المؤمنين: 57 ح 7 مناقب خديجة.
5 - التبيين في أنساب القرشيين: 52 - أزواج النبي - خديجة، وكتاب الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين
: 56 ح 6 مناقب خديجة، والإحسان بترتيب صحيح ابن حبان: 9 / 73 ح 6969 كتاب المناقب - ذكر
إكثاره ذكر خديجة بتفاوت، ومشارق الأنوار للحمزاوي: 98 الفصل الخامس من الباب الثالث - أزواجه
.
6 - الطبقات الكبرى: 8 / 115 ط. بيروت، ذكر من تزوج الرسول من النساء فلم يجمعهن ومن فارق
منهن، و 8 / 104 ط. مصر - السعادة 1349، وأنساب الأشراف: 1 / 457 ح 925 أزواج الرسول -
أسماء، والمستدرك: 4 / 37 ذكر أزواج النبي.
56
وهي التي قالت لمليكة: أما تستحين أن تنكحي قاتل أبيك؟ استعيذي بالله منه.
فاستعاذت، فطلقها (صلى الله عليه وسلم) (1).
وهي التي كانت تتجسس على النبي (صلى الله عليه وآله) (2).
* انظر إلى الفتن التي كانت تحيكها مع حفصة في بيت الطهر والطهارة!
ولعل عثمان - عندما تشاجر مع حفصة وعائشة - أشار إلى ذلك بقوله الذي أخرجه عبد
الرزاق في المصنف: " إن هاتان الفتانتان، إلا تنتهيان أو لأسبنكما ما حل لي السباب، وإني
لأصلكما لعالم " (3).
- وعائشة التي أنشدت الشعر فرحة عند موت أمير المؤمنين علي (عليه السلام) (4)، بل وسجدت
شكرا لذلك!! (5).
- وقالت لأبي هريرة يوما: إنك تحدث عن رسول الله بأشياء ما سمعتها منه.
فقال لها: " إنه كان يشغلك عن تلك الأحاديث المرآة والمكحلة!! " (6).
- ومن مفارقاتها العجيبة: أنها كانت تلعن عثمان وتأمر بقتله لكفره، ثم تخرج مطالبة
بدمه! (7).
وكذلك مع معاوية، فكانت راضية عليه عندما كان يسخي عليها في العطاء، ثم أخذت
1 - أنساب الأشراف: 1 / 458 ح 926 أزواج الرسول - مليكة الكنانية، و 2 / 97 أزواجه ط. بيروت،
وتاريخ دمشق: 3 / 231 ترجمتها.
2 - سنن النسائي: 7 / 72.
3 - المصنف لعبد الرزاق: 11 / 356 ح 20732 باب الفتن.
4 - تذكرة الخواص: 165 الباب السابع - في وفاته عن الطبري وابن سعد، وأنساب الأشراف: 2 / 505
أمر ابن ملجم ومقتل علي، ومقاتل الطالبيين: 55، والأخبار الموفقيات للزبير بن بكار: 131 ح 59.
5 - مقاتل الطالبيين: 55 ترجمة علي بن أبي طالب - ذكر خبر مقتله والسبب فيه.
6 - المعرفة والتاريخ للفسوي: 1 / 486 ذكر أبي هريرة.
7 - راجع إضافة إلى ما تقدم، تذكرة الخواص: 66 - 71 الباب الرابع.
57
بعدها بلعنه! (1).
- وكتب أمير المؤمنين (عليه السلام) إليها: أما بعد فإنك قد خرجت من بيتك عاصية لله تعالى
ولرسوله محمد (صلى الله عليه وسلم) (2).
- وقال لها ابن عباس: فخرجت منه عاصية لله تعالى ولرسوله محمد (صلى الله عليه وسلم) (3).
- وقال لها أخوها محمد: فعلت بنفسك ما فعلت، وعصيت ربك وهتكت سترك، وأبحت
حرمتك وتعرضت للقتل (4).
- ويكفي أنها قاتلت إمام زمانها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في حرب الجمل،
بعد إجماع الأمة على إمامته، وبعد سماعها من النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله):
" إن الحق مع علي وعلي مع الحق " (5).
تلك الحرب التي قضى بسببها نحو ستة عشر ألفا وسبعمائة وتسعون رجلا من
المسلمين (6).
تلك الحادثة التي حذرها منها رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومن فعلها فيها وأوصى أمير المؤمنين
بالرفق بها (7).
1 - المسند: 4 / 92 ط. م، و 5 / 54 ح 163890 ط. ب، وتذكرة الخواص: 101 الباب الرابع - تمام
حديث الخوارج.
2 - تذكرة الخواص: 71 الباب الرابع مسير علي إلى البصرة، ومناقب الخوارزمي: 184 ح 223 فصل 16
حرب الجمل، والفتوح: 1 / 109 كتاب علي إلى عائشة.
3 - الفتوح: 1 / 13 كلام ابن عباس لعائشة.
4 - مناقب الخوارزمي: 189 ح 223، والفتوح لابن الأعثم: 1 / 128 ذكر عقر الجمل.
5 - تاريخ دمشق: 20 / 360، وتاريخ بغداد: 11 / 322، وأمالي الشجري: 1 / 153، وتذكرة
الخواص: 39، ومناقب الخوارزمي: 104، والفضائل الخمسة: 2 / 122، وترجمة الأمير لابن عساكر:
3 / 151.
6 - الفصول المهمة: 82 الفصل الأول ذيل حرب الجمل، وتاريخ اليعقوبي: 2 / 183 خلافة أمير
المؤمنين، ونهج الحق: 370.
7 - كتاب الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين: 71 ح 11 مناقب عائشة، ومناقب الخوارزمي: 176 ح
213 فصل 16، وتاريخ الاسلام: 3 / 490 حرب الجمل، والفتوح: 1 / 99، والمستدرك: 3 / 119
مناقبه من كتاب المعرفة، ومجمع الزوائد: 7 / 234 ط. مصر 1352 وبغية الرائد في تحقيق مجمع
الزوائد: 7 / 474 ح 12026 وقال: رواه البزار ورجاله ثقات، والمواهب اللدنية: 3 / 99 - 100.
58
كما أخبر صلوات المصلين عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين، المسلمين متعجبا أنها
تقاتلهم! (1).
حتى قال يوما: " تكون بعدي فتنة قائدتهم امرأة لا يفلحون " (2).
فكانت قصة كلاب الحوأب ونبحها إياها، وقول النبي (صلى الله عليه وآله) بنجاتها بعد ما كادت؟! (3).
1 - مستدرك الصحيحين: 4 / 471 كتاب الفتن والملاحم، والمعجم الأوسط: 2 / 91 ح 1176 عن
حذيفة، ومجمع الزوائد: 7 / 234 ط. مصر 1352 وبغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد: 7 / 474 ح
12026.
2 - تلخيص المتشابه في الرسم للخطيب: 1 / 487 رقم 814 عن أبي بكرة - الفصل الثاني.
3 - المصنف لعبد الرزاق: 11 / 365 ح 20753 باب الفتن، والمصنف لابن أبي شيبة: 7 / 536 - 538 ح
37760 - 37774 كتاب الجمل، ومسند أبي يعلى: 8 / 282 ح 4868 مسند عائشة - وبالهامش:
إسناده صحيح، والعقد الفريد: 4 / 309 كتاب الخلفاء - خلافة علي - قولهم في أصحاب الجمل،
والإحسان بترتيب صحيح ابن حبان: 8 / 258 ح 6697 باب اخباره عما يكون في أمته من الفتن،
والمحاسن والمساوئ: 49 مساوئ تلك الحروب، والمستدرك: 3 / 120 مناقب الأمير، والإمامة
والسياسة: 1 / 60 ط. مصر 1378 ه تحقيق طه الزيني و 82 ط. بيروت تحقيق علي شيري - توجه
عائشة إلى البصرة، ومسند إسحاق بن راهويه: 3 / 891 ح 1569 مسند عائشة وبالهامش: (صحيح
رجاله ثقات رجال الشيخين)، ونور الأبصار: 100 ط. الهند و 184 ط. قم - واقعة الجمل، ومناقب
الخوارزمي: 181 ح 217 فصل 16، وإرشاد القلوب: 2 / 337، وكفاية الطالب: 171 باب 37،
وتطهير الجنان واللسان لابن حجر: 66 و 67، وتاريخ اليعقوبي: 2 / 181 خلافة علي، ومروج
الذهب: 2 / 6 ط. مصر 1346 و 2 / 357 ط. دار الأندلس بيروت - ذكر يوم الجمل، والإيضاح: 35
ذكر عائشة، والمسند: 6 / 97 ط. م و 7 / 140 ط. ب، ومجمع الزوائد: 7 / 234 و 8 / 289 ط. مصر
1352 وبغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد: 7 / 474 ح 12024 وما بعده، وتاريخ الطبري: 3 /
485 ط. مصر 1357، وكنز العمال: 6 / 83 - 84 ط. دكن 1312 و 11 / 197 ح 31208 و 334 ح
31668، ومناقب الكوفي: 2 / 348 ح 826، وتاريخ الاسلام: 1 / 389 - السيرة - باب اخباره
بالكوائن بعده، والكامل في التاريخ: 2 / 315 حوادث سنة 36، والفتوح: 1 / 97 - 99 كتاب أم سلمة
لعلي في أمر عائشة، وتذكرة الخواص: 68 الباب الرابع، وأنساب الأشراف: 2 / 224 حرب الجمل،
وأعلام النبوة للماوردي: 107 باب 12، والمعجم الكبير للطبراني: 7 / 151 ح 6272.
59
- حتى ندمت عن مسيرها ذلك (1)، وقالت آخر حياتها حين لا ينفع الندم:
" إني قد أحدثت بعد رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فادفنوني مع أزواج النبي (صلى الله عليه وسلم) " (2).
" لأن أكون قررت كما قررن صواحباتي أحب إلي من أن يكون لي من رسول الله مثل
عبد الله بن الزبير " (3).
- وأخرج أبو يعلى وابن طيفور وغيرهما قولها: " إن يوم الجمل معترض في حلقي، ليتني
مت قبله، أو كنت نسيا منسيا " (4).
1 - مروج الذهب: 2 / 14 ط. مصر 1346 و 2 / 370 ط. دار الأندلس بيروت - واقعة الجمل، والأخبار
الطوال للدينوري: 147 واقعة الجمل، وتطهير الجنان: 69، والطبقات الكبرى: 8 / 59 ترجمة عائشة،
وربيع الأبرار: 3 / 119 مناقب الأمير، والمحاسن والمساوئ للبيهقي: 298 محاسن الندامة، وتذكرة
الخواص: 80 - 100 الباب الرابع، وأنساب الأشراف: 2 / 249 - 266 مقتل ابن طلحة من حرب
الجمل - مقتل ابن الزبير، ومناقب الخوارزمي: 182 ح 218 و 219 فصل 16، ومائة منقبة: 120
المنقبة 70، وشواهد التنزيل: 2 / 38، وتفسير نور الثقلين: 4 / 276، ومجمع الزوائد: 9 / 112 ط.
مصر 1352 وبغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد: 9 / 144 ح 14661 كتاب المناقب، والمستدرك: 3
/ 119 مناقب علي، وبلاغات النساء: 20، والمسند: 1 / 455 - 475 ط. ب و 276 - 349 ط. م،
والكامل في التاريخ: 2 / 354، ومناقب الكوفي: 2 / 347، والفتوح: 1 / 134 ذكر انصراف عائشة
من البصرة إلى المدينة، وترجمة علي من تاريخ دمشق: 3 / 18 ح 1037.
2 - الطبقات الكبرى: 8 / 59 ترجمة عائشة، والمصنف لابن أبي شيبة: 7 / 536 ح 37761 كتاب
الجمل، والعقد الفريد: 4 / 308 كتاب الخلفاء - خلافة علي - قولهم في أصحاب الجمل، ومستدرك
الصحيحين: 4 / 6 ذكر أزواج النبي، والمعارف لابن قتيبة: 80 بلفظ: مع أخواتي، ومناقب الكوفي: 2
/ 348 ح 835.
3 - تلخيص المتشابه في الرسم للخطيب: 1 / 562 رقم 944 الفصل الثاني، والمعارف لابن قتيبة: 160
ذكر الحرث بن هشام - بتفاوت كبير: لأن أكون قعدت في منزلي عن مسيري إلى البصرة أحب... عشرة
أولاد مثل عبد الرحمن ".
4 - بلاغات النساء: 20 كلام عائشة، ومسند أبي يعلى: 5 / 57 ح 2648 مسند ابن عباس وبالهامش:
إسناده صحيح - مع تفاوت، والطبقات الكبرى من عدة طرق: 8 / 58 - 59 - 60 ترجمة عائشة،
ومناقب الخوارزمي: 182 ح 220 فصل 16 حرب الجمل، وتاريخ بغداد: 9 / 185 ط. مصر 1360،
والمسند: 1 / 455 ط. ب و 1 / 276 ط. م، وصفة الصفوة: 2 / 19، والمعجم الكبير: 10 / 321
ترجمة ابن عباس ما روى عنه ذكوان ح 10783، وتذكرة الخواص: 80 الباب الرابع، وأنساب
الأشراف: 2 / 265 مقتل الزبير، وربيع الأبرار: 3 / 345 باب الغزو والقتل والشهادة، ومستدرك
الصحيحين: 4 / 9 ذكر أزواج النبي، والإحسان بترتيب صحيح ابن حبان: 9 / 120 ح 7064 كتاب
المناقب.
60
- قال هشام بن محمد: " فكانت عائشة تبكي بعد يوم الجمل وتقول: يا ليتني كنت نسيا
منسيا، أي الحيضة الملقاة " (1).
وأخرج ابن أبي شيبة بسنده قولها: " وددت أني كنت غصنا رطبا ولم أسر مسيري
هذا " (2).
- وأخرج ابن سعد: " يا ليتني لم أخلق، يا ليتني كنت شجرة، يا ليتني كنت مدرة " (3).
* وبعد ذلك نستطيع أن ندرك سبب تمني رسول الله (صلى الله عليه وآله) موت عائشة ودفنها في
حياته (4)، كما يروي لنا ذلك ابن سعد والإمام أحمد: قالت عائشة:
وا رأساه.
فقال (صلى الله عليه وسلم): " وددت أن ذلك يكون وأنا حي فأصلي عليك وأدفنك ".
فقلت غيرى: " أوكأنك تبر ذلك، لكأني أراك في ذلك اليوم معرسا ببعض نساء!! " (5).
وفي لفظ: " لأظنك تحب موتي، ولو كان ذلك لظللت آخر يومك معرسا ببعض
أزواجك " (6).
1 - تذكرة الخواص: 80 الباب الرابع ذيل حرب الجمل، وربيع الأبرار: 1 / 821.
2 - المصنف لابن أبي شيبة: 7 / 543 ح 37807 كتاب الجمل.
3 - الطبقات الكبرى: 8 / 59 ترجمة عائشة.
4 - مع نهيه صلى الله عليه وآله عن تمني الموت راجع مسند أبي يعلى: 7 / 6 - 7 ح 3891.
5 - الطبقات الكبرى: 2 / 158 ذكر أول ما بدأ برسول الله وجعه الذي توفي فيه، والمسند: 6 / 144 ط. م
و: 7 / 207 ح 24589 ط. ب، وجامع الأصول: 4 / 108 - 107، وأنساب الأشراف: 2 / 215،
والسنن الكبرى: 3 / 378 - 396.
6 - كتاب الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين: 79 ح 19 مناقب عائشة.
61
وأخرجه الطبراني وابن حبان وأبو يعلى وابن الجوزي بتفاوت يسير (1).
وندرك أيضا معرفة حفصة لحقيقة أمر عائشة في آخر حياة النبي بقولها لها: " ما رأيت
منك خيرا قط أبدا "! (2).
ومن يعلم أن زوجته سوف تفعل كل هذه الأفاعيل بعد وفاته ألا يتمنى موتها!؟
ومع هذا كله تكون عائشة وحفصة مشمولتين لآية التطهير والنقاء!؟
وهل تشمل آية التطهير من كان كل وقتها إما معصية لله ولرسوله أو لوليه، أو إعمال
الفتن في بيت العصمة والطهارة (3)، أو إهانة لخديجة، أو غيرة منها، أو سيرا لمحاربة
المسلمين وإمام زمانها، أو للغناء المحرم (4)، أو اللعب بالدمى (5)؟؟!
أو للنظر في المرآة واللعب بالمكحلة؟!
ويكون قتل عثمان حقا، وقتال علي واجبا، ولعن معاوية سنة، لأنها فعلت كل ذلك كما
تقدم، وهي لا تخطئ لدخولها في آية الطهارة؟!
أوليس نزول آيات النساء بسبب أذيتهن لرسول الله كما تقدم عن الواحدي، وكما ذكر
الخازن (6)، والتي فيها تأنيب وتهديد بالطلاق إذا اخترن الدنيا!!
فكيف يطهرهن الله في الوقت الذي عصين النبي (صلى الله عليه وآله) وشككن في عدالته!!
ما هكذا يفسر كتاب الله عزت آلاؤه؟!.
1 - المعجم الأوسط: 5 / 285 ح 4564، والوفا بأحوال المصطفى: 784 ح 1441 أبواب مرضه ووفاته -
الباب الرابع، ومسند أبي يعلى: 8 / 56 ح 4579 مسند عائشة، والإحسان بترتيب صحيح ابن حبان:
8 / 197 ح 6552 باب مرض النبي.
2 - مسند إسحاق بن راهويه: 2 / 110 ح 580 مسند عائشة وبالهامش: (صحيح رجاله ثقات رجال
الشيخين)، والإحسان بترتيب صحيح ابن حبان: 8 / 203 ح 6567 باب مرض النبي.
3 - كفتنة التظاهر على الرسول، والتفريق بين الرسول وأسماء بنت النعمان الجونية.
4 - المعجم الكبير: 23 / 180 ترجمة عائشة باب دخول النبي عليها وعندها قينة تغني.
5 - المعجم الكبير للطبراني: 23 / 46 ترجمة عائشة و 177 - 179 باب لعب عائشة عند النبي.
6 - أهل البيت لتوفيق أبو علم: 25 - 26 الباب الأول، وأسباب النزول للواحدي: 240 مورد الآية.
62
تصريح النبي بخروج النساء
* الوجه السادس:
تصريح الروايات بخروج نساء النبي (صلى الله عليه وآله)
ففي صحيح مسلم ومعجم الطبراني عن يزيد بن حيان عن زيد بن أرقم قال: دخلنا عليه
فقلنا له: لقد رأيت خيرا، لقد صحبت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وصليت خلفه. وساق الحديث بنحو
حديث أبي حيان (1) غير أنه قال (صلى الله عليه وسلم): " ألا وإني تارك فيكم ثقلين: أحدهما كتاب الله عز
وجل، هو حبل الله من اتبعه كان على الهدى، ومن تركه كان على ضلالة، [وأهل بيتي
أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم في أهل بيتي] " (2).
وفيه: فقلنا: من أهل بيته؟ نساؤه؟
قال: لا، [نساؤه ليسوا من أهل بيته] (3) وأيم الله إن المرأة تكون مع الرجل العصر من
الدهر، ثم يطلقها فترجع إلى أبيها وقومها، أهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة
بعده (4).
وأخرج أبو يعلى عن أم سلمة بسند رجاله ثقات (5): أن النبي غطى على علي وفاطمة
1 - الذي ذكره مسلم قبل هذا الحديث.
2 - ما بين القوسين من حديث أبي حيان.
3 - من الرواية الأخرى لزيد.
4 - صحيح مسلم: 15 / 176 كتاب الفضائل باب فضائل علي بن أبي طالب ح 6178، والمعجم الكبير:
5 / 182 ترجمة زيد بن أرقم ما روى عنه يزيد بن حيان ح 5026، وتذكرة الخواص: 291 الباب 12
ذكر الأئمة، ورواه في العمدة: 99 و 102، وينابيع المودة: 1 / 29 ط. اسلامبول 1301 ه و 32 ط.
النجف الباب الرابع، والصواعق المحرقة: 150 ط. مصر، وط. بيروت: 230 باب 11 الآيات النازلة
فيهم الآية الرابعة، وتفسير روح المعاني: 12 / 22 مورد آية التطهير، وأهل البيت لتوفيق أبو علم: 22 -
23 الباب الأول.
5 - لا خلاف في رجاله سوى عطية وقد وثقه ابن حبان.
63
وحسن وحسين كساء ثم قال: " هؤلاء أهل بيتي، إليك لا إلى النار ".
قالت أم سلمة: فقلت يا رسول الله، وأنا منهم؟
قال (صلى الله عليه وسلم): " لا، وأنت على خير " (1).
وفي رواية بعد ذكر حديث النزول: قال: " إنك إلى خير، أنت [إنك - من خير أزواجي]
من أزواج النبي " (2).
وفي رواية قالت: فوالله ما أنعم، وقال: " إنك إلى خير " (3).
وفي رواية أخرى قالت: يا رسول الله ألست من أهل بيتك؟
قال: " إنك على خير إنك من أزواج النبي (صلى الله عليه وسلم) ".
قالت: وما قال: إنك من أهل البيت (4).
وفي كفاية الأثر عن الأعرج قال: فقلت لأبي هريرة: فمن أهل بيته، نساؤه؟
قال: لا، أهل بيته صلبه [أصله] وعصبته، وهم الأئمة الاثنا عشر الذين ذكرهم الله في
قوله: * (وجعلها كلمة باقية في عقبه) * (5). (6).
وسوف يأتي من الروايات ما يحصر أهل البيت بالأئمة (عليهم السلام) وبالتالي تخرج النساء، فكن
من ذلك على ذكر.
1 - مسند أبي يعلى: 12 / 313 ح 6888 مسند أم سلمة.
2 - تفسير ابن كثير: 2 / 533، وتفسير الطبري: 22 / 7 مورد الآية، وذخائر العقبى: 21 باب حديث آية
التطهير، وتفسير الثعالبي: 3 / 227 مورد الآية، وفضل آل البيت للمقريزي: 25 - 26، وبحار الأنوار:
35 / 232 - 227 - 228 نقلا عن أبي نعيم، وإحقاق الحق: 2 / 567 - 568.
3 - تفسير الطبري: 22 / 7 مورد الآية، وفضل آل البيت للمقريزي: 28، وشواهد التنزيل: 2 / 124.
4 - مشكل الآثار: 1 / 228 ح 774 باب 106 ما روي عن النبي في الآية، ونور الأبصار: 123 ط. الهند
و 225 ط. قم مناقب الحسنين، وترجمة الحسين من تاريخ دمشق: 101 ح 102، وبحار الأنوار: 35 /
209 و 25 / 214، والخصال: 2 / 402 باب السبعة ح 112، وروضة الواعظين: 157 مجلس في ذكر
إمامة السبطين.
5 - الزخرف: 28.
6 - كفاية الأثر: 87، وبحار الأنوار: 36 / 315 ح 161.
64
منع الرسول (صلى الله عليه وآله) دخول أم سلمة والنساء
وفي روايات آية التطهير الكثير من الأخبار المتضمنة والمصرحة من النبي (صلى الله عليه وآله) بخروج
نسائه عن مفهوم أهل البيت (عليهم السلام)، إما تصريحا وإما تلويحا، وفي بعضها كان الرسول يمانع
من دخول أم سلمة تحت الكساء.
منها ما روي عن علي بن الحسين (عليهما السلام) عن أم سلمة قالت: نزلت هذه الآية في بيتي وفي
يومي، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) عندي فدعا عليا وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) وجاء
جبرائيل، فمد عليهم كساء فدكيا، ثم قال: " اللهم هؤلاء أهل بيتي، اللهم أذهب عنهم
الرجس وطهرهم تطهيرا ".
قال جبرائيل: وأنا منكم يا محمد؟
فقال النبي (صلى الله عليه وآله): " وأنت منا يا جبرائيل ".
قالت أم سلمة: فقلت: يا رسول الله وأنا من أهل بيتك؟ وجئت لأدخل معهم.
فقال: " كوني مكانك يا أم سلمة، إنك إلى خير أنت من أزواج نبي الله ".
فقال جبرائيل: إقرأ يا محمد: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم
تطهيرا) * في النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) (1).
وأخرجه القاضي بلفظ: فقلت: يا رسول الله من أهل البيت؟
قال (صلى الله عليه وآله): " أنا وعلي وفاطمة والحسن والحسين ".
قلت: فهل أنا من أهل البيت؟
قال (صلى الله عليه وآله): " إنك على خير، إنك من أزواج النبي ".
1 - بحار الأنوار: 35 / 208 ح 6.
65
قالت: ما قال لي: إنك من أهل البيت (1).
وأخرجه ابن عساكر بلفظ قالت: يا رسول الله ألست من أهل بيتك؟
قال: " إنك على خير إنك من أزواج النبي (صلى الله عليه وسلم) ".
وما قال: إنك من أهل البيت (2).
وفي رواية قال (صلى الله عليه وآله): " إنك إلى خير أنت [إنك - من خير أزواجي] من أزواج
النبي " (3).
* أقول: دخول جبرائيل وعدم دخول أم سلمة لا يضر لموضع الاستشهاد، وذلك: إما
لكونه من الملائكة معصوما منزها عن كل خطأ.
وإما أنه دخل في الدعاء ولم يدخل في مفهوم أهل البيت (عليهم السلام) على الحقيقة، أما أم سلمة
فقد أرادت أن تدخل في مفهوم " أهل البيت " إضافة إلى دخولها في الدعاء، لذا نجد أن
النبي (صلى الله عليه وآله) منعها من الدخول في أهل البيت، ولربما أدخلها في الدعاء، وذلك بملاحظة
الروايات التي تقول أنه دعا لها بعد الفراغ (4).
أو يحمل دخول جبرائيل (عليه السلام) على المجاز، كدخول واثلة وسلمان وأم سلمة وابنتها
وعائشة وزينب وصفية وسوف تأتي الإشارة إلى هذه النكتة.
* ومن المنع: ما رواه الطبراني وأحمد والطحاوي وغيرهم عن أم سلمة قالت: فرفعت
1 - شرح الأخبار: 1 / 203 ح 168.
2 - نور الأبصار: 123 ط. الهند و 225 ط. قم مناقب الحسين، وترجمة الحسين من تاريخ دمشق: 101 ح
102، وآية التطهير: 1 / 183، وبحار الأنوار: 35 / 209 و 25 / 214، والخصال: 2 / 402 باب
السبعة ح 112، وروضة الواعظين: 157 مجلس في ذكر إمامة السبطين.
3 - تفسير ابن كثير: 2 / 533، وتفسير الطبري: 22 / 7 مورد الآية، وذخائر العقبى: 21 باب حديث آية
التطهير، وتفسير الثعالبي: 3 / 227، وفضل آل البيت للمقريزي: 25 - 26، وبحار الأنوار: 35 / 232
- 227 - 228 نقلا عن أبي نعيم، وإحقاق الحق: 2 / 567 - 568.
4 - مسند أحمد: 6 / 298 ط. م و 7 / 415 و 423 ح 25969 و ح 26010 ط. ب، وشواهد التنزيل: 2 /
110 ح 741 - 742، والطرائف: 1 / 126، والصواعق المحرقة: 144 ط. مصر، وط. بيروت: 221،
والعمدة: 36، وينابيع المودة: 1 / 228 ط. اسلامبول 1301 ه و 270 ط. النجف الباب 56.
66
الكساء لأدخل معهم، فجذبه من يدي، وقال: " إنك إلى خير " (1).
وفي رواية فقلت: أنا يا رسول الله ألست من أهل البيت؟
قال: " إنك إلى خير أنت من أزواج النبي (صلى الله عليه وسلم) " (2).
وفي ثالثة: فرفعت الكساء لأدخل، فدفعني وقال: " إنك إلى خير " (3).
وقالت أم سلمة: فجئت لأدخل معهم فقال (صلى الله عليه وسلم): " أنت على مكانك وأنت على خير " (4).
وبلفظ آخر قال (صلى الله عليه وآله): " كوني مكانك يا أم سلمة إنك إلى خير، أنت من أزواج نبي
الله " (5).
وفي رواية وبعد استشهاد الأمير (عليه السلام) بالآية: فقالت: وأنا؟
فقال (صلى الله عليه وآله): " وأنت إلى خير، إنما أنزلت في وفي أخي علي، وفي ابنتي فاطمة، وفي ابني
الحسن والحسين، وفي تسعة من ولد الحسين خاصة، فليس فيها معنا أحد غيرنا ".
فقالوا كلهم: نشهد أن أم سلمة حدثتنا بذلك، فسألنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فحدثنا كما حدثتنا
1 - فضائل الصحابة لأحمد: 2 / 602 ح 1029 مناقب علي، والمعجم الكبير: 3 / 53، ومسند أحمد: 6
/ 323 ط. م و 7 / 455 ح 26206 ط. ب، وكفاية الطالب 372 باب 100، والذرية الطاهرة: 148،
ونور الأبصار 123 ط. الهند و 225 ط. قم مناقب الحسنين، وذخائر العقبى: 22 باب آية التطهير،
والطرائف: 1 / 126، والعمدة: 33 و 113، وبحار الأنوار: 35 / 228 - 220 وآية التطهير: 1 / 158
و 159 - 160، وشواهد التنزيل: 2 / 117 ح 752، والدر المنثور: 5 / 198 سطر 23، ومسند أبي
يعلى: 12 / 344 ح 6912 مسند أم سلمة، ومشكل الآثار: 1 / 229 ح 778 باب 106 ما روي عن
النبي في الآية.
2 - جواهر العقدين: 195 الباب الأول، ومشكل الآثار: 1 / 228 ح 775 باب 106 ما روي عن النبي في
الآية.
3 - مسند شمس الأخبار: 1 / 122 الباب الثالث عشر.
4 - صحيح الترمذي: 5 / 351 ح 3205 كتاب التفسير و 663 ح 2787 كتاب المناقب، وتفسير الطبري:
22 / 7 مورد الآية، والدر المنثور: 5 / 199 و 198 سطر 30، وكفاية الطالب: 272 باب 100.
5 - ينابيع المودة: 1 / 107 - 228 ط. اسلامبول 1301 ه و 125 270 ط. النجف الباب باب 33 - 56،
وآية التطهير: 1 / 173 عن غاية المرام: 295، والعمدة: 44.
67
أم سلمة رضي الله عنها (1).
وعن علي (عليه السلام): فقالت أم سلمة: يا رسول الله فأنا؟ ودنت منه.
فقال: " أنت ممن أنت منه وأنت إلى خير " ثلاثا (2).
وفي بعض الروايات: قلت: يا رسول الله وأنا منهم؟ فسكت، ثم أعدتها ثلاثا.
فقال: " إنك على - إلى - خير " (3).
وفي رواية: فقلت: يا رسول الله أنا من أهل البيت؟
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنت من صالح نسائي ".
قالت: فلو قال: نعم، كان أحب إلي مما تطلع عليه الشمس وتغرب (4).
وذكرها الطحاوي بلفظ:
فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " إن لك عند الله خيرا "
فوددت أنه قال: نعم، فكان أحب إلي مما تطلع عليه الشمس وتغرب (5).
وفي رواية قالت: فوالله ما أنعم، وقال: " إنك إلى خير " (6).
وفي رواية: فقال لي: " قومي فتنحي لي عن أهل بيتي ".
قالت: فقمت فتنحيت في البيت قريبا (7).
1 - ينابيع المودة: 1 / 115 ط. اسلامبول و 1 / 135 ط. النجف، وغيبة النعماني: 47 الباب الرابع،
وعبقات الأنوار: 3 / 504 حديث الولاية، ونور الثقلين: 4 / 272 ح 92 مورد الآية، وآية التطهير: 1
/ 126.
2 - شواهد التنزيل: 2 / 52 ح 672.
3 - صحيح الترمذي: 5 / 699 ح 2871 كتاب المناقب، وإحقاق الحق: 9 / 33.
4 - شواهد التنزيل: 2 / 133 ح 763 - 764، وبحار الأنوار: 35 / 216، وتفسير فرات: 126.
5 - مشكل الآثار: 1 / 230 ح 782 باب 106 ما روي عن النبي في الآية، وإحقاق الحق: 3 / 529.
6 - تفسير الطبري: 22 / 7 مورد الآية، وفضل آل البيت للمقريزي: 28، وشواهد التنزيل: 2 / 124.
7 - مسند أحمد: 6 / 296 ط. م، و 7 / 421 ح 26000 ط. ب، وفضائل الصحابة لأحمد: 2 / 583 ح
986 مناقب علي، والمعجم الكبير: 23 / 393، والمصنف لابن أبي شيبة: 6 / 373 ح 32095 كتاب
الفضائل - فضائل علي مع تفاوت، وكنز العمال: 13 / 644 ح 37628، وذخائر العقبى: 22 باب آية
التطهير، وبحار الأنوار: 35 / 219، والطرائف: 1 / 124، وكشف الغمة: 1 / 49، والفصول المهمة -
المقدمة: 24، وقريب منه في المسند: 6 / 304 ط. م و 7 / 431 ط. ب ح 26060، ومقتل الحسين:
1 / 53 الفصل الخامس - فضائل فاطمة، ومجمع الزوائد: 9 / 166 ط. مصر 1352 وبغية الرائد في
تحقيق مجمع الزوائد: 9 / 262 ح 14970 كتاب المناقب، وكتاب الأربعين في مناقب أمهات
المؤمنين: 92 ح 28 مناقب أم سلمة.
68
وقال (صلى الله عليه وآله) لعائشة: " تنحي [لي عن أهل بيتي] وإنك إلى خير " (1).
وفي رواية: فجذبه من يدي (2).
فمن مجموع هذه التعابير يقطع الانسان بخروج نساء النبي عن آية التطهير، خاصة بعد
ملاحظة منع الرسول من الدخول تحت الكساء، بل المنع من الدخول تحت اسم أهل البيت،
وليس هذا المنع جزافيا، كما لا يخفى على أولي الألباب.
1 - شواهد التنزيل: 2 / 62 ح 684، وكشف الغمة: 1 / 47، ومناقب الكوفي: 2 / 132.
2 - المعجم الكبير: 23 / 336، وشواهد التنزيل: 2 / 117 وتقدمت المصادر.
69
مؤيدات لخروج النساء عن مورد الآية
- أولا: أن رواية صحيح مسلم عن زيد نص في خروج النساء، وعندهم ما خالف
الصحيح فهو سراب، وكذا رواية ابن حوشب صريحة في أنه يوجد فرق بين أهل بيت النبي
وبين أزواجه ونسائه، وأن إطلاق الآل لا يشمل النساء، إنما كان يريد أن يسأل عن آية
التطهير فيمن نزلت.
- ثانيا: أن أم سلمة لم تدع دخولها في آية التطهير في أهل البيت، ولذا نجدها تفتخر تارة
وتتحسر أخرى:
تفتخر أنها نزلت في بيتها، ولو كانت نزلت فيها كان أحق لها أن تفتخر بذلك، والروايات
أصبحت متواترة لك على ذلك.
وتتحسر بأن الرسول لم يقل لها: أنت من أهل بيتي، بل قال: أنت ممن أنت منهم، أو:
أنت من أزواجي، ففرق بين بين الزوجة والآل.
فلو كانت النساء داخلات في الآية لافتخرن به، وكفى به فخرا.
قال العلامة الأميني (قده) لمن سأله عن أدلة اختصاص الآية بأصحاب الكساء (عليهم السلام) ما
ملخصه: لو كان لعائشة نصيب في حديث الكساء لكتبته على جبهة جملها " عسكر " في
حرب الجمل.
- ثالثا: أن الآية واردة مورد الولاية، والولاية منحصرة بالرجال، فلا يصح دخول
نساء النبي (صلى الله عليه وآله) فيها. أما فاطمة الزهراء (عليها السلام) فهي داخلة بإجماع الأمة، وهي أم الأئمة
وأصلهم فلو لم تكن كذلك لما كانوا (عليهم السلام)، ولا شبهة فيه عند أحد.
وكانت كفأ للإمام علي (عليهما السلام) كما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " لو لم يخلق علي ما كان لفاطمة
70
كف ء " (1).
على أنها جامعة لصفات الإمامة كما يأتي (2).
قال الإمام الخميني قدس الله سره الشريف: (لم تكن الزهراء امرأة عادية بل كانت امرأة
روحانية، امرأة ملكوتية، إنسانا بكل ما للإنسان من معنى، إنها موجود ملكوتي ظهر في
عالمنا على صورة انسان، بل موجود إلهي جبروتي بصورة امرأة، لقد تجسدت كل الهويات
الكمالية التي يمكن تصورها في الانسان في هذه الامرأة، غدا تحل ذكرى ميلاد امرأة تحوي
جميع خصائص الأنبياء وخصوصياتهم.
امرأة لو كانت رجلا لكانت نبيا، ولكانت في مقام رسول الله (صلى الله عليه وآله)، إنها تحمل وتجمع
جميع المعنويات والتجليات الملكوتية والإلهية والجبروتية والملكية والناسوتية.
إن هذه النشأة والخلقة الصورية الطبيعية هي أدنى مراتب الانسان - الرجل والمرأة -
ولكن الحركة نحو الكمال تبدأ من هذه المرتبة النازلة، فالإنسان موجود متحرك من مرتبة
الطبيعة إلى مرتبة الغيب، ومنها إلى الفناء في الألوهية.
هذه المعاني كانت متحققة في الصديقة الطاهرة (عليها السلام)، انطلقت من مرتبة الطبيعة وبلغت
مرتبة قصر وعجز عنها الجميع) (3).
1 - الفردوس: 3 / 373 ح 5130 ط. دار الكتب العلمية و 418 ح 5170 دار الكتاب العربي، وكنوز
الحقائق: 2 / 120 ح 6535، ورشفة الصادي: 42 ط. مصر و 85 ط. بيروت بتحقيقنا.
2 - فعصمتها ثابتة بالآية وبكثير من الأحاديث وهي كف ء علي (عليه السلام) في الفضل وتقدم الأمير عليها من باب
الذكورة لا من باب فضله عليها، وتحقيق ذلك موكول إلى مكانه.
3 - صحيفة النور: 6 / 185.
71
إختصاص الآية بالإمامة والخلافة
ما روى محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ".. وقوله: * (إنما يريد الله
ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) *: يعني الأئمة وولايتهم من دخل فيها
دخل في بيت النبي (صلى الله عليه وآله) " (1).
وعن ابن كثير قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ما عنى الله عز وجل بقوله تعالى:
* (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) *.
قال (عليه السلام): " نزلت هذه الآية في النبي وأمير المؤمنين والحسن والحسين وفاطمة (عليهم السلام)، فلما
قبض الله عز وجل نبيه (صلى الله عليه وآله) كان أمير المؤمنين، ثم الحسن، ثم الحسين (عليهم السلام)، ثم وقع تأويل
هذه الآية: * (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) * (2) وكان علي بن
الحسين (عليهما السلام)، ثم جرت في الأئمة من ولده الأوصياء (عليهم السلام) فطاعتهم طاعة الله، ومعصيتهم
معصية الله عز وجل " (3).
وروى الكليني هذه الرواية عنه (عليه السلام) بتفصيل أكثر عن أبي بصير حتى انتهى إلى الإمام
الباقر (عليه السلام) (4).
* وقال الأعرج: قلت لأبي هريرة: فمن أهل بيته؟ نساؤه؟
قال: لا، أهل بيته أصله وعصبته وهم الأئمة الاثنا عشر الذين ذكرهم في قوله:
* (وجعلها كلمة باقية في عقبه) * (5).
1 - أصول الكافي: 1 / 423 ح 54 نكت من التنزيل في الولاية، وتفسير نور الثقلين: 4 / 273 ح 96.
2 - الأنفال: 75.
3 - تفسير نور الثقلين: 273 ح 94.
4 - أصول الكافي: 1 / 287 باب ما نص الله ورسوله على الأئمة ح 1.
5 - كفاية الأثر: 87، وبحار الأنوار: 36 / 315 ح 161، وعوالم العلوم: 164 ح 123.
72
وقال شداد بن أوس لام سلمة: فمن أهل بيته الذين أمرنا بالتمسك بهم؟
قالت: هم الأئمة بعده كما قال: " عدد نقباء بني إسرائيل، علي وسبطاي وتسعة من صلب
الحسين "، وأهل بيته هم المطهرون والأئمة المعصومون (1).
هذا إضافة إلى احتجاج أمير المؤمنين والحسن والحسين (عليهم السلام) بآية التطهير الدال على
دلالتها على الخلافة كما تقدم.
ويشهد له: ما يأتي من الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) إن خلفائي أو أوصيائي من أهل البيت (عليهم السلام).
وكذا حديث الأمان والثقلين الدالان على أن العترة الطاهرة هم أهل البيت (عليهم السلام) وهو
ملازم للعصمة لقرنه بالقرآن، والعصمة من أجل التسديد في الخلافة والإمامة.
* قال السمهودي مشيرا إلى ذلك: والذي وقع الحث على التمسك بهم من أهل البيت
النبوي والعترة الطاهرة هم العلماء بكتاب الله عز وجل.
وقال: يحتمل أن المراد من أهل البيت الذين هم أمان للأمة: علماؤهم الذين يهتدى بهم
كما يهتدى بنجوم السماء، وهم الذين إذا خلت الأرض منهم جاء أهل الأرض من الآيات ما
كانوا يوعدون وذهب أهل الأرض... وأن الله تعالى لما خلق الدنيا بأسرها من أجل
النبي (صلى الله عليه وسلم) جعل دوامها بدوامه ودوام أهل بيته (2).
* وقال الاسترآبادي في تفسير معنى الصلاة على آل محمد: فلآل محمد (صلى الله عليه وسلم) وهم المؤمنون
العلماء، مرتبة النبوة عند الله تعالى، تظهر في الآخرة (3).
ويؤيده ما روي عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " الولاية لآل محمد أمان من العذاب " (4).
1 - كفاية الأثر: 180، وبحار الأنوار: 36 / 346 ح 213، وعوالم العلوم: 184 ح 154.
2 - جواهر العقدين: 243 الباب الثاني - و 262 - 263 الباب الخامس.
3 - الصلات والبشر في الصلاة على خير البشر: 105 ذيل الباب الثالث.
4 - جواهر العقدين: 334 الباب العاشر - عن شفاء القاضي.
73
آية التطهير على باب علي وفاطمة (عليهما السلام)
رابعا: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يتلو هذه الآية على باب علي وفاطمة والحسن
والحسين (عليهم السلام)، ولم يرد تلاوتها على غير هذا الوجه، بل لم يدعه أحد.
قال الطحاوي في المشكل بعد ذكر روايات الباب: (في هذا أيضا دليل على أن هذه الآية
فيهم وبالله التوفيق) (1).
وتقدم قوله في اختصاصها بأصحاب الكساء.
وعن أبي سعيد الخدري وأبي الحمراء وأبي عبد الله الصادق عليه السلام: " أن رسول
الله (صلى الله عليه وسلم) كان يتلو هذه الآية على باب علي وفاطمة أربعين صباحا فقال: " السلام عليكم أهل
البيت ورحمة الله وبركاته الصلاة يرحمكم الله: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل
البيت) * الآية.
[قلت: يا أبا الحمراء من كان في البيت؟
قال: علي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم] (2).
وعن أنس وأبي الحمراء: أن ذلك كان مدة ستة أشهر (3).
1 - مشكل الآثار: 1 / 231 ح 785 باب 106 ما روي عن النبي في الآية.
2 - المعجم الأوسط: 9 / 59 ح 8123، ومجمع الزوائد: 9 / 169 ط. مصر 1352، ومناقب الخوارزمي:
60 ح 28 فصل 5، وبحار الأنوار: 35 / 209 - 215، وتفسير فرات: 126، والدر المنثور: 5 / 199
سطر 23، ونور الأبصار: 124 ط. الهند و 226 ط. قم الباب الثاني، وتلخيص المتشابه في الرسم
للخطيب: 2 / 595 رقم 985 الفصل الثالث وما بين المعقودين منه إلا أنه بتعبير " أما تسعة أشهر فقد
حفظنا وأنا أشك في شهرين ".
3 - المصنف لابن أبي شيبة: 6 / 391 ح 32262 كتاب الفضائل - فضائل فاطمة، والمنتخب من مسند
عبد بن حميد: 368 ح 1223 مسند أنس، والمعجم الكبير: 3 / 56 و 22 / 200 - 402، ومسند أبي
يعلى: 7 / 59 ح 3978 مسند أنس - حديث علي بن زيد عنه، ومجمع الزوائد: 9 / 168 ط. مصر
1352، وفضائل الصحابة لأحمد: 2 / 761 ح 1340 مناقب علي، وتفسير الطبري: 22 / 5 مورد
الآية، وأسد الغابة: 5 / 521 ترجمة فاطمة، وصحيح الترمذي: 5 / 352 ح 3206 كتاب التفسير ط.
مصر دار الحديث و 2 / 29 ط. بولاق 1292، والمسند: 3 / 259 - 285 ط. م و 4 / 157 - 202 ط. ب،
وذخائر العقبى: 25 باب ذكر النبي الآية على باب فاطمة، والمطالب العالية: 3 / 360 ح 3704.
74
وعن أبي الحمراء وابن عباس: أن ذلك كان سبعة أشهر (1).
وعن أبي سعيد وأبي الحمراء: أن ذلك كان ثمانية أشهر (2).
وعن أبي الحميراء وأبي سعيد وابن عباس: أن ذلك كان تسعة أشهر عند وقت كل صلاة
كل يوم خمس مرات (3).
وعن أبي برزة وأبي الحميراء: أن ذلك كان سبعة عشر شهرا (4).
1 - فتح القدير: 4 / 280 مورد الآية، ونور الأبصار: 124 ط. الهند و 226 ط. قم - الباب الثاني ذكر
مناقب الحسنين، وفضل آل البيت للمقريزي: 22، وترجمة علي من تاريخ دمشق: 1 / 273 ح 321،
ومناقب الكوفي: 2 / 174، وشواهد التنزيل: 2 / 78 و 138 ح 772 - 696، وتفسير الطبري: 22 /
6 مورد الآية، والمطالب العالية: 3 / 360 ح 3706.
2 - الدر المنثور: 4 / 313 ذيل سورة طه و 5 / 199 سطر 26، وكفاية الطالب: 377 باب 100، ونور
الأبصار: 124 ط. الهند و 226 ط. قم، ومناقب الكوفي: 2 / 19 ح 508، وشواهد التنزيل: 2 / 46 -
80 - 134 ح 667 - 699 - 766، وترجمة علي من تاريخ دمشق: 1 / 272، وأهل البيت لتوفيق أبو
علم: 18 الباب الأول.
3 - تفسير المراغي: 22 / 7 مورد الآية ط. مصر الحلبي، وتفسير الخطيب الشربيني: 3 / 245 مورد
الآية ط. دار المعرفة - بيروت، وتلخيص المتشابه في الرسم للخطيب: 2 / 595 رقم 985 الفصل
الثالث، وذخائر العقبى: 25، والمنتخب من مسند عبد بن حميد: 173 ح 475 أبو الحمراء (88)،
والدر المنثور: 5 / 199 سطر 29، وترجمة علي من تاريخ دمشق: 1 / 274، ومشكل الآثار: 1 /
338 ط. دكن 1333 و 1 / 231 ح 785 باب 106 ما روي عن النبي في الآية من ط. بيروت، وإحقاق
الحق: 3 / 529.، ومناقب الخوارزمي: 60 فصل 5 ح 29، وكفاية الطالب: 377 باب 100، وبحار
الأنوار: 25 / 223، والعمدة: 41، والطرائف: 1 / 128، وشواهد التنزيل: 2 / 47 - 82، وأهل البيت
لتوفيق أبو علم: 18 الباب الأول وقوله: " كل يوم خمس مرات " منه.
4 - مجمع الزوائد: 9 / 169 ط. مصر 1352 وبغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد: 9 / 267 ح 14986،
وشواهد التنزيل: 2 / 78 ح 696.
75
وعن أبي جعفر والحسن العسكري (عليهما السلام) قال: " فلم يزل يفعل ذلك كل يوم إذا شهد
المدينة حتى فارق الدنيا " (1).
وعن أبي الحمراء وعلي أن ذلك كل غداة (2).
وعن أنس وأبي الحمراء: أن ذلك كان كل فجر (3).
إن قيل: اختلاف الأخبار في مدة تلاوة الآية يشعر ببطلانها، وإن صحت فهو ذم لهم
لكشفه عن نومهم عن صلاة الصبح.
قلنا: الروايات غير متعارضة، بل كل روى ما شاهد، وعلى حسب تواجده في المدينة،
أو على حسب مواظبته على الصلاة وحضوره في المسجد.
لذا نجد أن أبا الحمراء يقول: " كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يجئ كل صلاة فيضع يده بجنبتي
الباب قال: أما تسعة فقد حفظنا، وأنا أشك في شهرين " (4).
وأما مسألة نومهم عن صلاة الصبح، فإن من تتبع سيرة علي وفاطمة والحسن
والحسين (عليهم السلام)، ومواظبتهم على صلاة الفريضة والنافلة يدرك بطلانه.
كيف؟ وعلي الذي لم يترك صلاته وتسبيح الزهراء حتى يوم صفين (5)، وفاطمة التي
كانت تتورم قدماها من صلاة الليل، والحسن الذي كان يحج ماشيا، والحسين الذي ما ترك
صلاته لا ليلة عاشوراء ولا يومها، وبني أمية ترميه بالسهام.
1 - تفسير القمي: 2 / 67 ذيل سورة طه، وبحار الأنوار: 35 / 207.
2 - بحار الأنوار: 35 / 208 - 223.
3 - المطالب العالية: 3 / 360 ح 3705، وفتح القدير: 4 / 280 مورد الآية، وشواهد التنزيل 2 / 74 -
83 ح 694 - 703.
4 - تلخيص المتشابه في الرسم للخطيب: 2 / 595 رقم 985 الفصل الثالث.
5 - وهو من الأحاديث المستفيضة ذكره أكثر الحفاظ في كتاب الذكر والتسبيح وبعضهم في كتاب المناقب.
راجع المصنف لابن أبي شيبة: 6 / 33 ح 29254.
76
أهداف تلاوة الآية على الباب
وأما هدف النبي (صلى الله عليه وآله) من هذه التلاوة على باب الدار فهو أمور:
* الأول: تذكير المسلمين والتأكيد عليهم أن أهل البيت (عليهم السلام) هم فقط من في داخل هذا
البيت.
* الثاني: يهدف النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) أن يصحب أمير المؤمنين والحسن والحسين (عليهم السلام) معه
إلى الصلاة، لا لأنهم يتأخرون عن صلاة الجماعة، كيف؟ والقوم يروون مواظبة الأمير على
الصلاة خلف أبي بكر وعمر وعثمان (1).
بل لإبراز اهتمامه بهم، وفضلهم وتقديمهم على من سواهم إن في الصلاة أو في المجالس.
* الثالث: تذكير المسلمين بفضل هذا الباب وأصحابه، لعلمه بالظلم الذي سوف يحل
بهم (2).
ولتبقى لمسات الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) على هذا الباب ليتبرك بها المسلمون فيما بعد، كما
يتبركون الآن بمنبره ومقعده وروضته، وكما كانوا يتبركون، كما يروى عن ابن الخليفة الثاني
وغيره (3).
لكن غدر الزمان بأصحاب هذا الباب، وتكالبت عليهم صعاليك العرب، وحان موعد
الثأر لقتلى بدر وأحد، وتجددت أحقاد الجاهلية!!.
وجاء من جاء، ليكون أول متوسل ومتبرك بهذا الباب الشريف!!
وليشهد له عند أميره بأنه أول من اقتحم وأغار على بيوت الأنبياء: حرق دورهم أو
هدد به!.
1 - كما يأتي في تصريحات أمير المؤمنين (عليه السلام) في كتاب النصوص.
2 - كما يأتي التصريح به عن الرسول.
3 - الشفا بتعريف حقوق المصطفى: 2 / 57 وما بعدها، الباب الثالث - فصل في إعظامه وإكرام مشاهده،
وسوف يأتي تفصيل ذلك في كتاب التوسل.
77
وأنه أوحد من ضرب بنات الأنبياء (عليهم السلام)، بعد هبار الذي أباح النبي (صلى الله عليه وآله) دمه لضرب
ابنته زينب (1).
وأنه أول من أسر أصهارهم (عليهم السلام)، وأخاف أولادهم، بعد قوم لوط!!.
جاءت يد الغدر لتحرق لمسات رسول الله (صلى الله عليه وآله) من على ذلك الباب!!.
ولتلطم تلك اليد والصدر اللذين كان يشمهما رسول الله (صلى الله عليه وآله) متى اشتاق إلى الجنة!! (2).
ولتقيد أيدي حبيب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأخيه وابن عمه، تلك الأيدي التي أسست أركان
الاسلام ودعائمه، ولعلها تكبل لذلك؟!! (3).
واعلم أخي العزيز - وإن شاء الله أنت من أهل العلم - أنه يأتي استئذان سفير الله تعالى في
الأرض الأمين جبرائيل على أصحاب الكساء (عليهم السلام) عندما أراد أن يدخل تحت الكساء فقال
جبرائيل: يا رب أتأذن لي أن أهبط إلى الأرض لأكون معهم سادسا؟.
فقال الله عز وجل: قد أذنت لك، فهبط الأمين جبرئيل، وقال لأبي: " السلام عليك يا
رسول الله، العلي الأعلى يقرئك السلام، ويخصك بالتحية والإكرام، ويقول لك: وعزتي
وجلالي إني ما خلقت سماء مبنية، ولا أرضا مدحية، ولا قمرا منيرا، ولا شمسا مضيئة، ولا
فلكا يدور، ولا بحرا يجري، ولا فلكا تسري، إلا لأجلكم ومحبتكم ".
وقد أذن لي أن أدخل معكم، فهل تأذن لي أنت يا رسول الله؟
فقال أبي: وعليك السلام يا أمين وحي الله، نعم قد أذنت لك، فدخل جبرائيل معنا
تحت الكساء.
فقال جبرائيل لأبي: إن الله أوحى إليكم يقول: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس
1 - أسد الغابة: 5 / 53 ترجمة هبار، والاستيعاب: 3 / 109.
2 - تذكرة الموضوعات: 33 - 37، والمستدرك: 4 / 272 ذكر أزواجه، والمعجم الأوسط: 5 / 58 ح
4101، ونور الأبصار: 94، وذخائر العقبى: 36، ولسان الميزان: 2 / 363.
3 - سوف تأتي نصوص هذه الواقعة الأليمة في كتاب النصوص عند ذكر نموذج من تقدم المفضول - أيام
أبي بكر.
78
أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * (1).
واعلم أيضا أن جبرائيل استأذن مع ملك الموت فاطمة الزهراء (عليها السلام) مرة أخرى عند وفاة
النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله)، لكي يدخل الدار، فرفضت فاطمة في المرة الأولى.
ثم أعاد الاستئذان فرفضت، وفي الثالثة قال: السلام عليكم يا أهل بيت النبوة ومعدن
الرسالة ومختلف الملائكة، أأدخل؟ فلا بد من الدخول.
فأذنت له صلوات الله عليها (2).
وعن ابن عباس: أن ملك الموت استأذن عليا (عليه السلام) فقال: السلام عليكم ورحمة الله
وبركاته؟
فقال له علي: ارجع فإنا مشاغيل عنك.
فقال (صلى الله عليه وسلم): هذا ملك الموت، ادخل راشدا. فبلغني أن ملك الموت لم يسلم على أهل بيت قبل
ولا يسلم بعده " (3).
هذا جبرائيل الأمين وملك الموت، فلماذا لم يستأذن الخؤون عندما اقتحم الدار.
جبرائيل أمين الله على وحيه، وسلطان الملائكة العظام، وخير أهل السماء، المنزه عن
المعاصي تكوينا، والبعيد عن الشهوات، مع ذلك يطلب الإذن من فاطمة وأبيها وبعلها
وبنيها صلوات المصلين عليهم ما طلع نجم وأفل آخر.
يستأذن مع أن مجيئه كان لإيصال البركات إليهم من قبل الله تعالى.
بينما نجد أجلاف الصحراء وعديمي الرحمة، يقتحمون الدار بلا استئذان، وهدفهم كسر
الباب وإهانة المقدسات (4).
ذلك الباب الذي كان يقف النبي (صلى الله عليه وآله) ويستأذن للدخول منه، ويتلو آية التطهير والرحمة
1 - إحقاق الحق: 2 / 555، والمنتخب للطريحي: 259 ط. لبنان و 186 ط. الثالثة.
2 - درة الناصحين في الوعظ والارشاد للخويري: 68 المجلس 16، والمعجم الكبير للطبراني: 3 / 62 ح
2676، ومجمع الزوائد: 9 / 35 ط. مصر وبغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد: 8 / 602 ح 14253.
3 - المواهب اللدنية: 3 / 388 - 387 الفصل الأول من المقصد العاشر.
4 - كما يأتي مفصلا في الكتاب الرابع.
79
وهو يمسك بجنبتي بابه كما تقدم.
والعجب ليس من عدم الرحمة في بعض قلوب هؤلاء فمنهم من قطع شجرة الرضوان
ومنهم من هجر ابنه (1) ومنهم من كان يضرب امرأته (2).
إنما العجب من عدم حيائهم وفعلهم الشنيع أمام الناس والصحابة، الذين شاهدوا رسول
الله (صلى الله عليه وآله) بأم أعينهم يحترم هذا الباب ومن فيه ويقدرهم (عليهم السلام).
ورأوه وهو يتلو آية العصمة والطهارة على هذا الباب ستة أشهر، أو تسعة، أو طيلة
وجوده المبارك في المدينة.
ولكن أين الحياء من رجال كن يبلن أمام الناس ويمسحنه بالتراب (3).
- وقد ينقضي العجب إذا ما سمعنا بفعل بعضهم في الاسلام من اعتراضه على رسول
الله (صلى الله عليه وآله)، وفي عدة أماكن، ومن وصف نبي الرحمة (صلى الله عليه وآله) بالهجر والهذيان.
ولابد وأن نسجل أيضا موقفا على هؤلاء الصحابة الذين رضوا بهذا الفعل الشنيع،
والذين يعتبرون مشاركين له في هذا الفعل، لرضاهم به.
1 - ربيع الأبرار: 1 / 469، وشرح النهج: 1 / 178 شرح الخطبة الثالثة..
2 - المنتخب من مسند عبد بن حميد: 43 ح 37.
3 - المعجم الأوسط: 5 / 295 ح 4581.
80
ومما يؤيد خروج النساء أيضا:
خامسا: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حدد أهل بيته بمن نزلت فيهم آية المباهلة بما روي عن عامر
ابن سعد، عن أبيه، وسعد بن أبي وقاص وأبي سعيد الخدري، قال: لما نزلت هذه الآية:
* (فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم) * دعا رسول الله عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال:
" اللهم هؤلاء أهلي " (1).
وفي رواية: يا أبا القاسم بمن تباهلنا؟
فأجابهم صلوات الله عليه وآله وسلم: " أباهلكم بخير أهل الأرض وأكرمهم عند الله ".
وأشار إلى فاطمة والحسن والحسين، رضي الله عنهم.
فقالوا: لم لا تباهلنا بأهل الكرامة والكبر وأهل الشارة ممن آمن بك واتبعك؟
فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: " أجل أباهلكم بهؤلاء خير أهل الأرض وأفضل
الخلق ".
فذهلوا وذابت قلوبهم من الخوف والرعب، ورجعوا قافلين إلى الأسقف زعيمهم
يستشيرونه في الأمر قائلين: يا أبا حارثة ماذا ترى في الأمر؟
فأجابهم الأسقف وقد غمرته هيبة آل الرسول صلى الله عليه وسلم قائلا: " أرى وجوها
لو سأل الله بها أحد أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله " (2).
1 - تاريخ الاسلام: 3 / 627 عهد الخلفاء - علي -، والمسند: 1 / 185 ط. م و 1 / 302 ط. ب - ح
1611، وتاريخ الخلفاء: 169 فصل في فضائل علي، وذخائر العقبى: 25، وصحيح مسلم فضائل
الصحابة فضل علي: 15 / 171 ح 6170، ومناقب الخوارزمي: 108 ح 115 فصل 9، والصواعق
المحرقة: 121 ط. مصر، وط. بيروت: 187 باب 9، وصحيح الترمذي: 5 / 225 و 638 ح 3774
و 2999 كتابي المناقب والتفسير ط. دار الحديث مصر، و 2 / 166 و 300 ط. بولاق 1292،
والمستدرك: 3 / 150 ط. دكن 1324، وشواهد التنزيل: 1 / 161 ح 172 مورد آية 61 من آل
عمران.
2 - تفسير الفخر الرازي: 8 / 80 مورد الآية - المسألة الثالثة، وأهل البيت لتوفيق أبو علم: 54 - 55
الباب الأول، وتذكرة الخواص: 24، وتفسير الكشاف: 1 / 434.
81
ورواه ابن الأثير بلفظ: " هذه وجوه لو أقسمت على الله أن يزيل الجبال لأزالها " (1).
وعن حذيفة اليماني: قال العاقب للسيد: إن لاعن بأصحابه فليس بنبي، وإن لاعن بأهل
بيته فهو نبي؟!
فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) فدعا عليا فأقامه عن يمينه، ثم دعا الحسن عن يساره، ثم دعا
الحسين فأقامه عن يمين علي، ثم دعا فاطمة فأقامها خلفه (2).
قال الشيخ الشبلنجي في اختصاصهم بآية التطهير: هذا ويشهد للقول بأنهم علي وفاطمة
والحسن والحسين ما وقع منه (صلى الله عليه وسلم) حين أراد المباهلة هو ووفد نجران، كما ذكره المفسرون (3).
* أقول: تواترت الروايات في نزول آية المباهلة في أصحاب الكساء (4).
1 - الكامل في التاريخ: 1 / 646 السنة العاشرة ذكر وفد نجران.
2 - شواهد التنزيل: 1 / 163 ح 174.
3 - نور الأبصار: 122 ط. الهند و 223 ط. قم - الباب الثاني - مناقب الحسن والحسين.
4 - قال الحاكم: تواترت الأحاديث في نزولها فيهم - كتاب معرفة علوم الحديث: 50 نوع 17.
مصادر آية المباهلة
السنن الكبرى للبيهقي: 7 / 63، وإمتاع الأسماع للمقريزي: 1 / 502، والشفاء: 2 / 48، والجواهر:
195 - 288 الباب الأول والسادس عن الإمام الكاظم وسعد، وشرح الأخبار: 1 / 171 باب 22 عن
سعد، ورشفة الصادي: 25 - 27 الباب الأول، وفضائل الصحابة: 2 / 776 ح 1374 عن الحسن،
والمصنف لابن أبي شيبة: 6 / 381 ح 32175 عن الشعبي كتاب الفضائل فضائل الحسن والحسين،
وفرائد السمطين: 2 / 23 عن جابر باب 4 و 205 باب 40 ح 484 عن ابن عباس وسعد وابن جريح،
ومشكاة المصابيح: 3 / 1731 ح 6126 وفضائل علي، ومصابيح السنة: 4 / 182 ح 4795 سعد،
ولوامع أنوار الكوكب الدري: 2 / 74.
وصحيح مسلم: 15 / 17 كتاب الفضائل ح 6170، وينابيع المودة: 1 / 8 - 52 - 299 ط. استانبول 1301
ه و 8 - 57 - 359 ط. النجف - المقدمة وباب 7 - 59، وكفاية الطالب: 141، وأسباب النزول للواحدي:
67، وأسد الغابة: 4 / 26، والمسند: 1 / 185 ط. م و 302 ط. ب، والدر المنثور: 2 / 38 - 39 من
طرق، والصواعق المحرقة: 238، والفصول المهمة: 24 - 120 - 227 عن جابر وعلي بن عيسى
والشعبي وابن عباس والبراء وسعد والكاظم، ومقتل الحسين: 1 / 2 المقدمة عن سعد، وترجمة
الحسين: 29 - 30، وذخائر العقبى: 25 عن أبي سعيد، ونور الأبصار: 164 ط. الهند و 301 - 223 ط.
قم الباب الثاني - الفصل 10 ذكر مناقب الكاظم، وإرشاد القلوب: 2 / 262 عن أبي ذر، تاريخ
السيوطي: 169 الأحاديث الواردة في فضله عن مسلم عن سعد.
وكفاية الطالب: 54 - 85 - 142 عن سعد الباب الأول والعاشر والثاني والثلاثون، والصواعق: 187 - 224 -
238 باب 9 فصل 2 وباب 11 الفصل 1 عن سعد.
والكامل في التاريخ: 1 / 646 ذكر وفد نجران، وأسد الغابة: 4 / 26 ترجمة علي - فضائله عن سعد،
وجلاء الأفهام: 152 المسالة الثانية معنى الذرية، والاختصاص: 144، وحقائق التأويل: 229،
والطرائف: 1 / 42، ودلائل النبوة: 297 - 298 - 299 قصة السيد والعاقب، واخبار الدول: 102 باب
2 فصل 4، وترجمة الحسين من تاريخ دمشق: 177 ح 161 عن علي، ترجمة علي من تاريخ دمشق:
1 / 29 ح 28 و 227 ح 271 عن سعد، وشواهد التنزيل: 1 / 155 إلى 166 و 182 ح 168 إلى ح
176 - 194 عن سعد بن معاذ وابن عباس وجابر الأنصاري وسعد بن أبي وقاص وحذيفة بن اليمان
وعطاء بن السائب عن أبي البختري.
وترجمة علي من تاريخ دمشق: 3 / 116 ح 1140 عن عمرو بن واثلة مناشدته يوم الشورى لهم.
ومناقب ابن المغازلي: 318 ح 362 عن ابن عباس و 263 ح 310 عن جابر، والمستدرك: 3 / 150 عن
سعد وصححه، وروضة الواعظين: 164، وكنز الفوائد: 167 رسالة في وجوب الإمامة، وتذكرة
الخواص: 23 - 27 الباب الثاني عن جابر وسعد، وتفسير الطبري: 3 / 211 - 213 عن عامر الشعبي
وزيد بن علي والسدي وقتادة وابن زيد وعلباء بن أحمر البشكري.
وتفسير الكشاف: 1 / 434 مورد الآية، والدر المنثور: 2 / 38 - 39 عن سلمة بن عبد يشوع عن أبيه عن
جده وجابر وابن عباس والشعبي وسعد بن أبي وقاص وعلباء بن احمر.
82
سادسا: أن أم سلمة وعائشة وزينب كن يسألن رسول الله (صلى الله عليه وآله) الدخول تحت الكساء،
حيث قالت: " اللهم إجعلني منهم " فرفض النبي وجذب الكساء من يدها كما تقدم (1).
وهذا أكبر مؤشر على أنهن لسن من أهل البيت، حيث لو كن لما احتجن إلى هذا السؤال
والإذن.
وكذلك الدخول تحت الكساء، فلو أراد النبي (صلى الله عليه وآله) لهن أن يدخلن تحت الكساء، لطلب
منهن كما طلب من فاطمة وعلي والحسنين (عليهم السلام)، حتى أن بعضهم كان خارج الدار فأرسل
1 - مشكل الآثار: 1 / 229 ح 781 باب 106 ما روي عن النبي في الآية، وشواهد التنزيل: 2 / 120.
83
النبي (صلى الله عليه وآله) خلفه، فلو كن داخلات أو يستحقن الدخول لما احتجن إلى الإذن، حتى ورد عن
أم سلمة قولها: يا رسول الله ألست من أهلك؟
قال: " إنك لعلى خير ". ولم يدخلني معهم (1).
هذا كله بغض النظر عن منع النبي (صلى الله عليه وآله) لهن من ذلك كما تقدم صريحا فلا تغفل.
سابعا: تصريح أم سلمة وغيرها أن آية التطهير نزلت في خمسة، فلو كن نساء النبي (صلى الله عليه وآله)
داخلات تحت الآية لأشارت أم سلمة لذلك، بل على العكس نجدها تعترف أن الآية نزلت
في خمسة، وهي على الباب أو خارجه، فهي لم تكن داخل البيت (2).
وفي بعض الروايات: فقالت أم سلمة: وأنا؟
قال (صلى الله عليه وآله): " وأنت إلى خير، إنما أنزلت في وفي أخي علي وفي ابنتي فاطمة وفي ابني
الحسن والحسين وفي تسعة من ولد الحسين خاصة، فليس فيها معنا أحد غيرنا " (3).
ثامنا: أن الآية إما تكون رافعة للرجس وإما دافعة كما يأتي:
فإذا كانت رافعة للرجس خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) منها إجماعا، لأنه يكون معنى الآية
وجود الرجس وقد قام الله تعالى برفعه عنهم، وهو خلاف المشهور.
وإذا كانت دافعة للرجس - أي أن الله منع الرجس أن يأتي على أهل البيت (عليهم السلام) - خرج
النساء، لبداهة عدم ارتفاع الرجس عنهن، فكان بعضهن يتلبسن بالمعصية كما تقدم مفصلا.
1 - شواهد التنزيل: 2 / 62 ح 683.
2 - المعجم الكبير: 3 / 56 ترجمة الحسن بقية أخباره ح 2673 و 23 / 327 ترجمة أم سلمة ما روى
حكيم بن سعد عنها، وشواهد التنزيل: 2 / 41 ح 661، و 123 ح 756، و 102 ح 731، و 130 ح 761
، و 135 ح 768، ومناقب ابن المغازلي: 304 ح 349 ط. النجف و 190 ط. بيروت، ومشكل الآثار: 1
/ 333 ط. دكن 1333، والدر المنثور: 5 / 198 سطر 34، وتفسير الطبري: 32 / 5 ط. مصر 1323،
وذخائر العقبى: 24، ومجمع الزوائد: 9 / 166 ط. مصر 1352 وبغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد:
9 / 261 ح 14969، ونور الأبصار: 124 ط. الهند و 226 ط. قم مناقب الحسنين، وكفاية الطالب:
376 باب 100.
3 - ينابيع المودة: 1 / 115 ط. اسلامبول و 136 ط. النجف - الباب 38، وغيبة النعماني: 47 الباب الرابع،
وتفسير نور الثقلين: 4 / 272 ح 92، وعبقات الأنوار: 3 / 504 حديث الولاية.
84
دخول النساء في الآية بنحو المجاز
تقدمت بعض الروايات التي قد تشعر بأن أم سلمة من أهل البيت (عليهم السلام)، ويأتي في الثمرة
الثانية البعض الآخر.
وكذلك بقية نساء النبي (صلى الله عليه وآله) بناء على تكرار حادثة الكساء في بيت عائشة وزينب
وصفية.
- هذا وورد أن سلمان من أهل البيت كما هو المشهور، بما روى ابن سعد والمزني وغيرهما
عن النبي (صلى الله عليه وآله): " [يا] سلمان [أنت] منا أهل البيت " (1).
وبلفظ آخر: " سلمان منا آل البيت " (2).
1 - المعجم الكبير: 5 / 221 ح 5146 ترجمة زيد بن أبي أوفى و: 6 / 213 ح 6040 ترجمة سلمان،
والفردوس بمأثور الخطاب: 2 / 337 ح 3522 ط. دار الكتب العلمية و 476 ح 3339 ط. دار الكتاب،
والمستدرك: 3 / 598 ذكر سلمان من كتاب معرفة الصحابة، ومناقب الكوفي: 2 / 421 - 171 ح
650 - 904 عن ربيعة السعدي وسلمان، وأخبار الدول: 127 باب 4، وكنز العمال: 11 / 690 ح
33340 و 12 / 257 ح 36759، وصفة الصفوة: 2 / 215 عن المزني، ومناقب الخوارزمي: 151
فصل 14 ح 178، ومجمع الزوائد: 9 / 118 ط. مصر 1352 وبغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد: 9
/ 155 ح 14689، ومنتخب كنز العمال: 5 / 49، وعيون أخبار الرضا: 2 / 64 باب 31 ح 282،
والطبقات الكبرى: 7 / 231 من كان بالمدينة من أصحاب الرسول (صلى الله عليه وآله).
2 - الطبقات الكبرى: 4 / 62 ترجمة سلمان (359) من طبقة المهاجرين والأنصار، والصواعق المحرقة:
229 ط. مصر، وط. بيروت: 343 باب وصية النبي بأهل البيت، والكوكب الدري الرفيع: 187، وكنز
العمال: 6 / 429 ط. دكن 1312، والاختصاص: 341 وصايا لقمان، وعيون أخبار الرضا: 2 / 64
باب 31 ح 282، وينابيع المودة: 1 / 184 ط. اسلامبول 1301 ه و 218 ط. النجف باب 56، وكشف
الغمة: 2 / 15، وبحار الأنوار: 26 / 334، والجامع الصغير: 2 / 540، وكنوز الحقائق: 433، وفضل
آل البيت للمقريزي: 43.
85
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): " سلمان قعره منا أهل البيت " (1).
- وورد حديث الكساء في العباس وولده وأنهم من أهل البيت (2).
- وورد أن واثلة من أهل البيت، قال واثلة بن الأسقع: - بعد ذكر حديث الكساء -
قلت: يا رسول الله وأنا من أهلك؟
قال: " وأنت من أهلي ".
قال واثلة: إنه لأرجى ما أرجوه، أخرجه ابن أبي شيبه واحمد وابن جرير وابن المنذر
وابن أبي حاتم والحاكم والطبراني وصححه البيهقي في سننه، وفي مسند أحمد له عدة طرق (3).
- وورد أن ابنة أم سلمة من أهل البيت، كما روي عن ابن عمر عن زينب بنت أبي سلمة
قالت: فبكت أم سلمة وقالت: يا رسول الله خصصتهم وتركتني وابنتي.
فقال (صلى الله عليه وسلم): " إنك وابنتك من أهل البيت ".
أخرجه أبو الحسن الخلعي والطبراني (4).
- وأخرج الطبراني وأحمد في الآية حديثا أن ثوبان مولى رسول الله قال: قلت: يا رسول
الله أمن أهل البيت أنا؟ فسكت.
ثم قال في الثالثة: " نعم، ما لم تقم على سدة أو تأتي أميرا تسأله " (5).
- وورد: " جرير بن عبد الله منا أهل البيت ظهر لبطن " (6).
1 - الطبقات الكبرى: 2 / 263 ذكر من يفتي بالمدينة (مشايخ شتى).
2 - المعجم الأوسط: 7 / 49 ح 4083.
3 - المعجم الكبير: 3 / 55، فتح القدير: 4 / 279 - 280 ورواه في الصواعق المحرقة مختصرا: 143
ط. مصر، وط. بيروت: 221، وينابيع المودة: 1 / 108 - 229 - 294 ط. اسلامبول 1301 ه و 126 -
271 - 353 ط. النجف باب 33 - 56 - 59 الفصل الرابع - الآيات النازلة فيهم، والعمدة: 34، وذخائر
العقبى: 24 باب آية التطهير، وفضل آل البيت للمقريزي: 22 - 24.
4 - ينابيع المودة: 1 / 229 ط. اسلامبول 1301 ه و 271 ط. النجف الباب 56، وذخائر العقبى: 22 و 23
باب آية التطهير، والمعجم الكبير: 24 / 282 ترجمة زينب، وكنز العمال: 13 / 643 ح 37625.
5 - فضائل الصحابة لأحمد: 2 / 634 ح 1080 مناقب علي، والمعجم الأوسط: 3 / 289 ح 2628.
6 - المعجم الكبير: 2 / 291 ترجمة جرير ح 2211، والفردوس بمأثور الخطاب: 2 / 110 ح 2584 ط.
دار الكتب العلمية و 177 ح 2406 ط. دار الكتاب، وكنز العمال: 1 / 659 ح 33184 عن علي.
86
- وورد: " أسامة منا أهل البيت ظهر لبطن " (1).
- وورد أن الزبير: " رجلا منا أهل البيت حتى شب عبد الله " (2).
- وورد: " عيسى بن عبد الله منا أهل البيت " (3).
- وورد: " سعد بن عبد الملك منا أهل البيت " (4).
- وورد: " هشام منا أهل البيت " (5).
* وبعد: فلا يمكن الالتزام أن آية التطهير تشمل جميع هؤلاء، وذلك:
أولا: أنه لا قائل به إلا من سفه قوله.
ثانيا: دلالة آية التطهير على العصمة يخرج الجميع، لصدور الذنب من بعضهم - على
الأقل - على أنه لم يدع أحد العصمة للجميع.
إن قيل: نلتزم بدخول أم سلمة وبقية نساء النبي (صلى الله عليه وآله)، ونمنع من دخول سلمان وواثلة
وزينب بنت أم سلمة وغيرهم.
قلنا: هذا ترجيح بلا مرجح، لأنه إن كان دخول نساء النبي (صلى الله عليه وآله) للرواية، فالرواية فيهم
سواء.
وإن كان دخولهن لذهاب الرجس عنهن وعدم صدور الذنب منهن وحسن معاشرتهن
للنبي (صلى الله عليه وآله)، فهذا:
1 - غير مسلم، وتقدم نقضه.
2 - سلمان من الناحية الخلقية وحسن العشرة وعدم صدور الذنب منه أولى بالدخول،
1 - الصواعق المحرقة: 229 ط. مصر، وط. بيروت: 343 باب وصية النبي بهم، المعجم الأوسط: 7 /
335 ح 6638 بتفاوت.
2 - شرح النهج لابن أبي الحديد: 1 / 22 - 23 شرح الخطبة الأولى.
3 - الاختصاص: 68.
4 - الاختصاص: 85 - 195.
5 - الطبقات الكبرى: 7 / 200 الطبقة الرابعة (3249).
87
وليس من قاتل إمام زمانه كمن قاتل معه.
والصحيح أن يقال إن الجميع يدخلون تحت أهل البيت، ولكن ليس على نحو الحقيقة
بل على نحو المجاز والتشبيه.
* قال النووي: وأما قوله (مسلم في صحيحه) في الرواية الأخرى: " نساؤه من أهل
البيت، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة ".
قال: وفي الرواية الأخرى: " فقلنا: من أهل بيته نساؤه؟ قال: لا ".
فهاتان الروايتان ظاهرهما التناقض، والمعروف في معظم الروايات في غير مسلم أنه
قال: نساؤه لسن من أهل بيته، فتتأول الرواية الأولى على أن المراد أنهن من أهل بيته الذين
يسكنونه ويعولهم... ولا يدخلن فيمن حرم الصدقة (1).
وهذا نص أن لإطلاق الأهل معنيين: معنى مختص بأصحاب الكساء، ومعنى أعم منهم
ومن الذين يعولهم النبي (صلى الله عليه وآله) ويسكنون في بيته وتحت حوزته.
* وقال البيهقي بعد أن صحح حديث واثلة: وكأنه جعل واثلة في حكم الأهل تشبيها
بمن يستحق هذا الاسم لا تحقيقا (2).
وقال أيضا: أما أزواج النبي (صلى الله عليه وسلم) فإن اسم أهل البيت لهن تحقيق، وقد سمين آل النبي (صلى الله عليه وسلم)
تشبيها بالنسب (3).
1 - صحيح مسلم بشرح النووي: 15 / 175 ح 6175 كتاب الفضائل - فضائل علي (عليه السلام)، ونقل كلامه
الآلوسي وأيده كما يأتي.
2 - السنن الكبرى: 2 / 152 كتاب الصلاة باب من زعم أن آله أهل دينه، وجواهر العقدين: 199 الباب
الأول، وجلاء الأفهام: 126 الباب الثالث - الفصل الرابع، والصواعق المحرقة: 143 ط. مصر، وط.
بيروت: 221 - 222، وينابيع المودة: 1 / 294 ط. اسلامبول 1301 ه و 352 ط. النجف الباب 59
الآيات الواردة فيهم، وفي بعض العبائر: وكأنه جعله في حكم الأهل تشبيها بمن يستحق هذا الاسم
تحقيقا.
3 - شعب الإيمان للبيهقي: 2 / 225 باب 15 في تعظيم النبي - الصلاة عليه - ح 1592، قريب منه في
جلاء الأفهام: 123 عن بعضهم.
88
* وقال ابن حجر الهيثمي بعد ذكر الروايات في ذلك: إن له إطلاقين: إطلاقا بالمعنى
الأعم، وهو ما يشتمل جميع الآل تارة والزوجات أخرى، ومن صدق في ولائه ومحبته
أخرى.
وإطلاقا بالمعنى الأخص وهم من ذكروا في خبر مسلم - رسول الله وعلي وفاطمة
والحسنين (1).
وقال الآلوسي: فلأهل البيت إطلاقان يدخل في أحدهما (بالمعنى العام) النساء ولا
يدخل في الآخر (2).
* أقول: ويؤيده ما أخرجه البغوي عن أسامة قول العباس للنبي: يا رسول الله جئناك
نسألك أي أهلك أحب إليك؟
قال: " فاطمة بنت محمد ".
قالا: ما جئناك نسألك عن أهلك.
قال: " أحب أهلي إلي من قد أنعم الله عليه وأنعمت عليه: أسامة " (3).
فللأهل إطلاقان: الأول مختص بفئة خاصة، والثاني لمن سكن بيته وكان يعوله.
وبذلك يكونون جميعا في حكم أهل البيت تشبيها لا حقيقة، شبهوا بأهل البيت إما
لكونه (صلى الله عليه وآله) يعولهم، وإما لسكنهم في بيته، وإما لصدق ولائهم وأخلاقهم وطهارتهم وسيرتهم
القريبة من أهل البيت (عليهم السلام).
لذا أخرج أحمد والطبراني قول النبي لثوبان عندما سأله: من أهل البيت أنا؟ فسكت
حتى كرره ثلاثا قال (صلى الله عليه وسلم): " نعم، ما لم تقم على باب غيره أو تأتي أميرا تسأله " (4).
فأدخله في الآل لا لأنه في مرتبتهم، بل للاقتداء بهم، لذا لم يجبه في المرة الأولى للتأكيد
1 - الصواعق المحرقة: 229 ط. مصر، وط. بيروت: 343 باب وصية النبي (صلى الله عليه وآله) بهم من الخاتمة.
2 - تفسير روح المعاني: 12 / 23 مورد آية التطهير.
3 - مصابيح السنة: 4 / 198 ح 4841 مناقب أهل بيت النبي.
4 - المعجم الأوسط: 3 / 289 ح 2628.
89
على ذلك، بل أجابه في الثالثة.
وسوف يأتي أن التطهير في الآل تكويني من الله أو أزلي، وأين هذا من الالتزام بأحكام الله
وتقواه؟ وعليه يحمل قول من قال أن آله كل تقي.
وقد يفرق بين سلمان وغيره، بناء على صحة العصمة غير الذاتية، فإنه يقال بأن دخول
سلمان في أهل البيت يدل على عصمته، ولكن عصمة غير ذاتية، بمعنى عدم صدور الذنب
منه، وإليه أشار ابن عربي في فتوحاته قال: (فهذه شهادة من النبي (صلى الله عليه وسلم) لسلمان الفارسي
بالطهارة والحفظ الإلهي والعصمة، حيث قال فيه: " سلمان منا أهل البيت ") (1).
وكذلك كل من لم يصدر منه ذنب قط فهو معصوم بهذا المعنى.
أما عصمة الأنبياء والأئمة (عليهم السلام) فهي عصمة ذاتية من الله سبحانه وتعالى، كما يأتي (2).
1 - الفتوحات المكية: 1 / 196 ط. دار الإحياء.
2 - في كتاب العصمة.
90
اختصاص أهل البيت بأصحاب الكساء (عليهم السلام)
* الوجه السابع:
لزوم مخالفة السياق
وذلك من وجوه:
الأول: بلحاظ اختلاف الضمائر، حيث إن مخاطبة نساء النبي (صلى الله عليه وآله) بضمير المؤنث، أما
مخاطبة أهل البيت في آية التطهير فبضمير الجمع.
وفيه رواية عن زيد بن علي (عليه السلام) قال: " إن جهالا من الناس يزعمون أنما أراد بهذه الآية
أزواج النبي (صلى الله عليه وآله)، وقد كذبوا وأثموا، لو عنى بها أزواج النبي (صلى الله عليه وآله) لقال: ليذهب عنكن
الرجس ويطهركن تطهيرا - ولكان الكلام مؤنثا كما قال: * (واذكرن ما يتلى في بيوتكن ولا
تبرجن - لستن كأحد من النساء) * (1) ".
الثاني: بلحاظ المدح والذم، حيث إن خطاب نساء النبي (صلى الله عليه وآله) جاء للمعاتبة والتأديب، أما
خطاب أهل البيت فجاء بلسان المدح، بل فوق ما للمدح من صفات.
قال العلامة المجلسي: (إن مخاطبة الزوجات مشوبة بالمعاتبة والتأنيب والتهديد،
ومخاطبة أهل البيت محلاة بأنواع التلطف والمبالغة في الإكرام، ولا يخفى بعد إمعان النظر
المباينة التامة في السياق بينها وبين ما قبلها وما بعدها) (2).
وقال الفخر الرازي: * (ليذهب عنكم الرجس) * أي يزيل عنكم الذنوب، * (ويطهركم) *
أي يلبسكم خلع الكرامة (3).
وقد أخرج أبو يعلى عن جابر أن سبب نزول آيات النساء هو سؤال نساء النبي ما لا
1 - تفسير القمي: 2 / 193، ونقله في بحار الأنوار 35 / 207 باب آية التطهير.
2 - بحار الأنوار: 35 / 235.
3 - تفسير الرازي: 25 / 209 مورد الآية.
91
ينبغي حتى بلغ الأمر أن أبا بكر وجاء عنق عائشة وكذا عمر (1).
الثالث: بلحاظ أفراد البيت، حيث لو كان المراد به بيوت نساء النبي صلوات الله
عليه وعلى آله لقال: " أهل بيوت النبي أو بيوتكم " بينما نجده يعبر ب " البيت " الذي يدل على
أنه واحد.
1 - مسند أبي يعلى: 4 / 174 - 175 ح 2253 مسند جابر وبالهامش: إسناده صحيح، وتقدم نحوه.
92
موضع الآية وقولنا في السياق
يدعي البعض أن سياق الآيات يناسب القول بنزول الآية في نساء النبي (صلى الله عليه وآله).
وهذه دعوى بلا دليل، وذلك:
* أولا: أنه إن كان المراد بذلك بطلان الجمل الاعتراضية، فالإجماع على وقوعها في
القرآن يبطلها (1).
فنص القرآن، وعادة الفصحاء من العرب وشعرائهم أنهم يذهبون من خطاب إلى آخر،
ثم يعودون إلى الأول.
روي عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال: " ليس شئ أبعد من عقول الرجال من
تفسير القرآن، إن الآية ينزل أولها في شئ وأوسطها في شئ وآخرها في شئ، ثم قال:
* (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * من ميلاد الجاهلية " (2).
* قال العلامة الطباطبائي (قده): فإن قيل: هذا مدفوع بنص الكتاب على شمولها لهن،
كوقوع الآية في سياق خطابهن:
قلنا: إنما الشأن كل الشأن في اتصال الآية بما قبلها من الآيات، فهذه الأحاديث على
كثرتها البالغة ناصة في نزول الآية وحدها، ولم يرد حتى رواية واحدة نزول هذه الآية في
ضمن آيات نساء النبي (صلى الله عليه وآله)، ولا ذكره أحد حتى القائل باختصاص الآية بأزواج النبي، كما
ينسب إلى عكرمة وعروة، فالآية لم تكن بحسب النزول جزأ من آيات نساء النبي (صلى الله عليه وآله)،
1 - على سبيل المثال: في سورة النمل الآية 34 جاءت جملة معترضة، وكذا في سورة الواقعة الآية: 75 -
77. راجع تفسير ابن كثير: 3 / 399، وفتح القدير: 4 / 137 و: 5 / 160، ومجمع البيان: 7 / 344،
وتفسير البيضاوي: 4 / 238، وتفسير الرازي: 29 / 189 المسألة الثالثة. مورد الآيات في الجميع.
2 - تفسير نور الثقلين: 4 / 277 ح 110 عن تفسير العياشي.
93
ولا متصلة بها، وإنما وضعت بينها إما بأمر من النبي (صلى الله عليه وآله)، أو عند التأليف بعد الرحلة.
ويؤيده أن آية: * (وقرن في بيوتكن) * على انسجامها واتصالها، لو قدر ارتفاع آية
التطهير من بين جملها، فموقع آية التطهير من آية: وقرن في بيوتكن - كموقع آية: * (اليوم
يئس الذين كفروا) * من آية محرمات الأكل من سورة المائدة، وقد تقدم الكلام في ذلك في
الجزء الخامس من الكتاب (1).
* قال في الجزء الخامس:
قوله تعالى: * (اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون) * (2) أمر الآية
في حلولها محلها وفي دلالتها عجيب، فإنك إذا تأملت صدر الآية، أعني قوله تعالى:
* (حرمت عليكم الميتة والدم - إلى قوله: ذلكم فسق) *، وأضفت إليه ذيلها، أعني قوله:
* (فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم) * وجدته كلاما تاما غير
متوقف في تمام معناه، وإفادة المراد منه إلى شئ من قوله: * (اليوم يئس الذين كفروا من
دينكم) * إلخ، أصلا، وألفيته آية كاملة مماثلة لما تقدم عليها في النزول من الآيات الواقعة في
سور الأنعام والنحل والبقرة المبينة لمحرمات الطعام، ففي سورة البقرة: * (إنما حرم عليكم
الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله
غفور رحيم) *.
ويماثله ما في سورتي الأنعام والنحل.
وينتج ذلك: أن قوله: * (اليوم يئس الذين كفروا) * إلخ، كلام معترض موضوع في وسط
هذه الآية، غير متوقف عليه لفظ الآية في دلالتها وبيانها، سواء قلنا: إن الآية نازلة في
وسط الآية فتخللت بينها من أول ما نزلت أو قلنا: إن النبي (صلى الله عليه وآله) هو الذي أمر كتاب الوحي
بوضع الآية في هذا الموضع، مع انفصال الآيتين واختلافهما نزولا.
1 - تفسير الميزان: 16 / 311 - 312.
2 - المائدة: 3.
94
أو قلنا أنها موضوعة في موضعها الذي هي فيه عند التأليف من غير أن تصاحبها نزولا،
فإن شيئا من هذه الاحتمالات لا يؤثر أثرا فيما ذكرناه من كون هذا الكلام المتخلل معترضا
إذا قيس إلى صدر الآية وذيلها. انتهى (1).
ثانيا: ليس الخطاب في الآيات السابقة للنساء حتى يقال إن السياق واحد، بل الخطاب
كان للنبي (صلى الله عليه وآله) فقد أمره الله تعالى أن يخير نساءه بين الحياة الدنيا والآخرة، وأن يعلمهن
التعاليم الإسلامية التي تليق بنساء الأنبياء (عليهم السلام).
1 - تفسير الميزان: 5 / 167.
95
سبب وضع النبي (صلى الله عليه وآله) آية التطهير بين آيات النساء
ثالثا: أن المتأمل في سياق الآيات يدرك أن لا تناسب بين آيات نساء النبي وآية أهل
البيت (عليهم السلام) حتى من جهة الموضع، وأن خطاب النساء انتهى قبل آية التطهير، وتوضيح
ذلك: أن القرآن فيه الكثير من القصص والأمثال يضربها للناس لكي يتعظوا بها وتكون
طريقا لسلوكهم.
وهنا أراد الله أن يضرب للمسلمين المثل الأعلى للنساء، ويعطي المنهج الذي لابد أن
يسيروا عليه كمسلمين، كما ضرب للأمم السابقة مثل مريم وامرأة فرعون.
فابتدأت السورة بنساء النبي (صلى الله عليه وآله) كأمهات للمسلمين: * (النبي أولى بالمؤمنين من
أنفسهم وأزواجه أمهاتهن) *.
ثم خيرهن بين اتباع الحق واتباع الباطل، وبين لهن آثار كل واحد منهما، فقال: * (إن
كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها - من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب) *.
وبعدها أمرهن بالمحافظة على وضعهن الشخصي والعمل الصالح.
ثم أمرهن بالصلاة والزكاة وإطاعة الله ورسوله الذي أمرهن بلزوم بيوتهن وعدم الخروج
منه، وحذرهن من الخروج على إمام زمانهن علي (عليه السلام)، كما تقدم في الروايات.
وإلى هنا تم الكلام مع نساء النبي (صلى الله عليه وآله) بالخصوص.
وعندها أراد الله إعطاء القدوة الحقيقية للنساء التي لا تعصي الله طرفة عين أبدا، والتي
رضاها رضا لله كما يأتي (1).
ليميز بين نوعين من النساء: نوع قد يعصي الله لعدم تزكية نفسه وعناية الله به، وقد يعصي
1 - في الكتاب الخامس - النصوص - وتقدم بعضه في مطلع الكتاب.
96
النبي ويتهمه بعدم قول الحق، كما تقدم.
ونوع خاص يتحلى بأخلاق النبوة، ورضاه من رضا الأنبياء، بل من رضا الله تعالى، تمثل
بفاطمة الزهراء بنت محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله) (1).
فكانت آية التطهير لتبرز الصديقة الطاهرة سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين
فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله).
أراد سبحانه أن يبرهن لنساء النبي خاصة، ولنساء المسلمين عامة أن المرأة تستطيع أن
تصل إلى درجة العصمة والطهارة المطلقتين، وأن يكون رضاها رضا لله تعالى ولرسوله
محمد (صلى الله عليه وآله).
وأراد أيضا أن يدفع وهما مقدرا قد يفهم من الآيات المتقدمة، التي كانت تعلم نساء النبي
أبسط الأحكام الإسلامية، وتؤنبهن تارة أخرى، وهو شمول الآيات لكل امرأة في بيت
الرسول، لأن الكلام - على كل حال - عن بيوتات النبي المؤلفة من بيت لكل زوجة زوجة
مع أولادهن (2)، وبيت لفاطمة (عليها السلام)، فجاءت الآيات لتضفي على فاطمة خلع الكرامة
الأبدية والتطهير الملكوتي من كل شين.
وبما أن الكلام عن كل من يسكن هذا البيت، فأراد الله أن يحدد الأشخاص المعصومين
في هذا البيت، فأمر نبيه أن يجللهم بكساء ودعا لهم بالتطهير، فأنزل جبرائيل آية التطهير،
فدخل رسول الله وعلي والحسن والحسين (عليهم السلام)، وكانوا هم فقط المطهرون المعصومون
صلوات المصلين عليهم، كما تقدم في الرواية.
وأمره أن يكرر هذا العمل في أكثر بيوت نسائه (صلى الله عليه وآله)، لتتم الحجة عليهن جميعا.
هذا معنى آيات نساء النبي (صلى الله عليه وآله) وآية التطهير.
وأما قوله تعالى: * (واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة) * الواقعة بعد آية
التطهير، والتي قد يتوهم أن آية التطهير فصلتها عن الآيات السابقة، فهي في الواقع ليست
1 - سوف يأتي كون فاطمة بضعة الرسول ورضاها من رضاه.
2 - كابنة أم سلمة مثلا.
97
مرتبطة بالآيات السابقة، بل هي مرتبطة بآية التطهير.
والمعنى: أن يذكرن - أم سلمة وعائشة وصفية وزينب - أن آية التطهير نزلت في بيوتهن،
ويذكرن غيرهن بها وبأصحابها.
ثم خاطب الله النساء والرجال بشكل عام ليحدد لهم الأجر والثواب فقال: * (إن
المسلمين والمسلمات و... أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما) *.
ويتبين من ذلك أن نساء النبي كن بالخيار بين اتباع الحق والباطل واختيار طريق
السعادة، على حسب توجهاتهن وميلهن، سواء في حياة النبي أم بعد وفاته.
أما أهل البيت (عليهم السلام) فلم يكونوا بالخيار في ذلك (1)، بل الله - لعلمه بحالهم وحكمته في
خلقه - طهرهم من الرجس وأذهب عن قلوبهم الرين.
وهذا إن دل على شئ فإنه يدل على أن النساء لا يصح أن يكن قدوة لغيرهن كمثل
أعلى، على العكس من أهل البيت (عليهم السلام).
1 - وهذا لا يعني إجبارهم على العصمة، بل المراد أن الله لعلمه بسرائر الآل وأنهم لا يخالفون الله طرفة
عين أبدا، ولا يريدون إلا ما أراد، طهرهم من الرجس، كما تقدم تفصيله في الكتاب الأول والثاني -
الولاية التكوينية وعلم آل محمد (ص).
98
* الوجه الثامن:
لزوم مخالفة أهل اللغة
قال الزبيدي: ومن المجاز: الأهل للرجل: زوجته، ويدخل فيه الأولاد (1).
وقال ابن منظور: سئل النبي (صلى الله عليه وسلم): اللهم صل على محمد وآل محمد.. من آل محمد؟
قال قائل: أهله وأزواجه.
كأنه ذهب إلى إن الرجل تقول له: ألك أهل؟ فيقول: لا، وإنما يعني أنه ليس له زوجة،
قال: وهذا معنى يحتمله اللسان، ولكنه معنى كلام لا يعرف إلا أن يكون له سبب كلام يدل
عليه، وذلك أن يقال للرجل: تزوجت؟ فيقول: ما تأهلت، فيعرف بأول الكلام أنه أراد ما
تزوجت.
أو يقول الرجل: أجنبت من أهلي، فيعرف أن الجنابة لا تكون إلا من الزوجة (2).
فعندهما أن استعمال الأهل في الزوجة يحتاج إلى القرينة.
فيتبين أن إطلاق الأهل على الزوجة مخالف لكلام أهل اللغة إلا على المجاز.
ويؤيد قول أهل اللغة أمور:
1 - قوله عز وجل: * (أدخلوا آل فرعون أشد العذاب) *.
فقد روي عن أبي عبد الله الصادق وعلي بن موسى الرضا (عليهما السلام) قولهما: " والله ما عنى إلا
ابنته " (3).
1 - تاج العروس: 1 / 217.
2 - لسان العرب: 1 / 268 ط. دار الإحياء.
3 - معاني الأخبار: 94 ح 2، وبحار الأنوار: 25 / 216.
99
وفي رواية: " ما عنى إلا ابنيه " (1).
2 - قوله تعالى: * (ونجيناه وأهله من الكرب العظيم) * (2).
ولم ينج مع نوح إلا المؤمن كما تشير إلى ذلك عدة آيات (3)، فامرأته خارجة لأنها من
الذين كفروا بنص القرآن (4).
وقوله تعالى: * (فأسر بأهلك بقطع من الليل واتبع أدبارهم ولا يلتفت منكم أحد وامضوا
حيث تؤمرون) * (5).
ومعلوم أن لوط (عليه السلام) لم يأخذ امرأته معه، وسار ببناته.
إن قيل: فقوله تعالى: * (إذ نجيناه وأهله أجمعين إلا عجوزا في الغابرين) * (6).
قلنا: أولا: الاستثناء يحتمل أن يكون منقطعا ويحتمل أن يكون متصلا، ولا معين
لأحدهما في الآية، والآية الأولى تنص على أن السير كان بالأهل وهم غير امرأته، ولا
استثناء في البين فدل على أن الاستثناء منقطع.
ثانيا: جزم بعض المفسرين أن ظاهر السياق كون الاستثناء منقطعا (7).
وقوى الفخر الرازي الأول في قوله تعالى: * (إلا امرأتك) *، واحتمله الزمخشري في
قوله: * (إلا آل لوط) * (8).
1 - كمال الدين: 1 / 242 باب 22.
2 - الصافات: 76.
3 - مريم: 58، وهود: 36، والأعراف: 64.
4 - التحريم: 10.
5 - الحجر: 65.
6 - الصافات: 135.
7 - تفسير الميزان: 12 / 182 مورد آية 60 من الحجر.
8 - تفسير الفخر الرازي: 18 / 36 مورد آية 81 من هود، و 19 / 199 مورد 59 من الحجر، وتفسير
الكشاف: 2 / 393 موردها.
100
ثالثا: قوله تعالى: * (فلما جاء آل لوط المرسلون) * (1)، ومن البعيد دخول امرأته
الكافرة، للسياق وكونه في مقام الامتنان.
3 - تفريق الرسول (صلى الله عليه وآله) بين الأهل والزوجة كما في رواية واثلة، قال: سمعت رسول الله
يقول: " أول من يلحقني من أهل بيتي [أهلي] أنت يا فاطمة، وأول من يلحقني من
أزواجي زينب " (2).
وعن عطية عن أم سلمة قالت: فقال لي: " قومي فتنحي لي عن أهل بيتي " (3).
وقالت عمرة الهمدانية: قالت أم سلمة: فقلت: يا رسول الله أنا من أهل البيت؟.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " أنت من صالح نسائي ".
قالت: فلو كان قال: نعم، كان أحب إلي مما تطلع عليه الشمس وتغرب (4).
وتقدم ويأتي نحو ذلك من الأخبار.
4 - أن النبي (صلى الله عليه وآله) عندما كان يجتمع علي وفاطمة (عليهما السلام) كان يقول: " اللهم هؤلاء أهلي قد
اجتمعوا "، كما يأتي، وكذلك عندما كان يسأل عن أهل البيت كان يشير إلى علي (عليه السلام) كما في
رواية أبي ذر الغفاري وأبي برزة.
فقال (صلى الله عليه وآله): لا يؤمن رجل حتى يحب أهل بيتي بحبي.
قال عمر: وما علامة حب أهل بيتك؟
1 - الحجر: 61.
2 - كنز العمال: 12 / 108 ح 34221، ومجمع البيان: 8 / 356.
3 - فضائل الصحابة لأحمد: 2 / 583 ح 986 مناقب علي، ومسند أحمد: 6 / 296 ط. م، و 7 / 421 ح
26000 ط. ب، ومجمع الزوائد: 9 / 166 ط. مصر 1352 وبغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد: 9 /
262 ح 14970 كتاب المناقب، وبحار الأنوار: 35 / 219، وكشف الغمة: 1 / 49 مع الآل والأهل،
وتأتي مصادر الحديث.
4 - شواهد التنزيل: 2 / 132 ح 764، وآية التطهير: 1 / 178 و 177، وتقدم نحوه عن الطحاوي.
101
قال (صلى الله عليه وآله): " هذا ". وضرب على منكب علي عليه السلام (1).
وقال (صلى الله عليه وآله) لأبي ذر عندما وجد الرحى تطحن في بيت علي وفاطمة (عليهما السلام) وليس معها أحد
يديرها: " أما علمت أن ملائكة سياحين في الأرض وقد وكلوا بمعونة آل محمد صلى الله
عليه وآله وسلم " (2).
وأخرج البيهقي عن أم سلمة: " ألا إن مسجدي حرام على كل حائض من النساء وكل
جنب من الرجال إلا على محمد وأهل بيته: علي وفاطمة والحسن والحسين [ألا قد بينت
لكم الأسماء أن لا تضلوا] " (3).
فالنبي (صلى الله عليه وآله) منع من دخول الحائض لجميع النساء حتى نساءه أمهات المؤمنين، وأجاز
ذلك لفاطمة فقط، وذلك لما تقدم أن فاطمة لا تحيض.
وهذا يشير بإشارة خفية إلى أن النبي (صلى الله عليه وآله) أراد أن يحدد آل محمد (عليهم السلام) الذين خصوا
بطهارة ربانية.
وإلا لو كان مراده (صلى الله عليه وآله) فقط أن يجيز دخول فاطمة وعلي وأبنائهم لأشكل بأن فاطمة لا
تحيض حتى يستثنيها.
أما أمهات المؤمنين فالنبي (صلى الله عليه وآله) منعهم أن يسكنوا المسجد بل ويمكثوا فيه، نعم أجاز لهم
المرور، وذلك لاحتياجه هو (صلى الله عليه وآله) إليهن في المسجد لبعض الأغراض، وسوف يأتي الكلام
عنه في بحث حول حديث سد الأبواب ومفاده (4).
1 - ترجمة علي من تاريخ دمشق: 2 / 161 ح 647، والمعجم الأوسط: 3 / 105 ح 2212، ولسان
الميزان: 2 / 159 حرف الحاء - ترجمة الحارث المكفوف وتفسير آية المودة: 152.
2 - جواهر العقدين: 360 - 361 الباب الثاني عشر.
3 - السنن الكبرى: 7 / 65 باب دخول المسجد جنبا من كتاب النكاح - وما بين المعقودين من رواية
أخرى عن أم سلمة أيضا، و 2 / 442 باب الجنب يمر في المسجد مع تفاوت، ومسند إسحاق بن
راهويه: 3 / 1032 ح 1783 من مسند عائشة، واللآلئ المصنوعة: 1 / 354 مناقب الخلفاء الأربعة
مع تفاوت.
4 - في الكتاب الخامس في النص على الإمام علي.
102
5 - أن نساء النبي - أم سلمة وغيرها - كن يسألن الرسول (صلى الله عليه وآله) هل هن من أهل البيت،
فهذا يكشف على أنهن لم يكن من أهل البيت، وأن الزوجة لا يطلق عليها هذا اللفظ، ولكن
عندما رأت أم سلمة وغيرها فضيلة آية التطهير - خاصة على القول بتكرارها في عدة أمكنة
واشتهارها - كما يأتي - أرادت أن تكون منهم، وتقدم ويأتي إن شاء الله أنها طلبت الدخول
تحت مفهوم أهل البيت، ولم تطلب الدخول في الدعاء ابتداء، وقد يقال بدخول بعض نساء
النبي (صلى الله عليه وآله) في الدعاء إما لقوله (صلى الله عليه وآله): " وأنت " أو لدخولهن تحت الكساء بعد الفراغ من الدعاء
لأصحاب الكساء (عليهم السلام).
وعلى كل حال، فإن السؤال عن الشئ يقتضي عدم تحققه للسائل، لذا لم نجد أحدا من
أصحاب الكساء أو الأئمة (عليهم السلام) طلب ذلك، بل على العكس كانوا يحتجون بنزول الآية فيهم.
6 - ما يأتي في حديث الثقلين وحديث الأمان من اختصاصه بهم وعدم شموله للنساء،
وقد صرح الرسول (صلى الله عليه وآله) فيه بقوله: " وعترتي أهل بيتي "، ولا قائل بدخول النساء في
الثقلين ولا في الأمان (1).
وتقدم قريبا ذلك عن أبي بكر الحضرمي فلا تغفل (2).
ويؤيده ما روي عن علي بن موسى الرضا (عليه السلام): قال المأمون: من العترة الطاهرة؟
قال (عليه السلام): " الذين وصفهم الله في كتابه فقال عز وجل: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم
الرجس) *: وهم الذين قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل
بيتي " (3).
* وقال الآلوسي: وأنت تعلم أن ظاهر ما صح من قوله (صلى الله عليه وسلم): " إني تارك فيكم خليفتين
- وفي رواية - ثقلين كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والأرض وعترتي أهل بيتي وإنهما لن
1 - كما يأتي في الكتاب الخامس.
2 - في الأقوال.
3 - عيون أخبار الرضا: 1 / 180 باب 23 ح 1، وبحار الأنوار: 49 / 172 و 25 / 220، وتفسير نور
الثقلين: 4 / 271 ح 85.
103
يفترقا حتى يردا علي الحوض ". يقتضي أن النساء المطهرات غير داخلات في أهل
البيت (عليهم السلام) الذين هم أحد الثقلين (1).
7 - أنه في بلادنا - والتي نعتبر عربيتها أصيلة - لا يعرف فيها استعمال الأهل للزوجة، بل
هو شئ مستهجن ويستنكرونه في بعض الأحيان.
وكذلك في بلاد مصر، قال السيوطي: وتخصيص الشرف بآل علي فقط اصطلاح لأهل
مصر خاصة (2).
نعم أهل الحجاز والعراق يطلقون اسم الأهل على الزوجة، وهو الأكثر عندهم من
استعمالها في غير الزوجة، ولعله ناتج من السياسة الأموية والتي ترسخت في نفوسهم
وبلادهم.
8 - أن المشهور عند الفريقين، وخاصة في تأليفاتهم استعمال كلمة أهل البيت في عترة
وذرية رسول الله (صلى الله عليه وآله)، خاصة علي وفاطمة والحسنين، وعدم استعمالها في زوجات
النبي (صلى الله عليه وآله)، ولذا يعنونون أبحاث نساء النبي (صلى الله عليه وآله) ب: زوجات رسول الله (صلى الله عليه وآله) أو نسائه.
فالإمام أحمد في مسنده ذكر في مسند أهل البيت: " الحسن والحسين ".
ولم يذكر عائشة ولا أم سلمة بل أفردهما مع نساء النبي.
والإمام البغوي لم يذكر تحت عنوان " مناقب أهل بيت النبي " سوى أصحاب الكساء،
وأفرد للنساء بابا خاصا.
وكذا فعل الخطيب التبريزي في المشكاة، والمقريزي في فضل آل البيت.
وكذلك ابن حجر في صواعقه كذلك قال: الفصل الثالث في الأحاديث الواردة في بعض
أهل البيت كفاطمة وولديها ولم يذكر نساء النبي.
والترمذي ذكر في مناقب أهل البيت الحسن والحسين دون النساء.
1 - تفسير روح المعاني: 12 / - 23 - 24 مورد الآية.
2 - نور الأبصار: 122 ط. الهند و 223 ط. قم الباب الثاني - مناقب الحسن والحسين.
104
وكذلك الصبان في إسعاف الراغبين والشبلنجي في نور الأبصار والخوارزمي والكنجي
والقندوزي وابن أبي الحديد ومحب الدين الطبري وغيرهم من أئمة الحديث والمصنفات (1).
نعم في مقام تفسير آية التطهير تدعي العامة نزولها في نساء النبي (صلى الله عليه وآله)، والعلة في ذلك
باتت واضحة لدى القارئ العزيز.
9 - حصر الشعراء للآل بعلي وفاطمة وأبنائهم، قال أحمد الشامي: وهم بإجماع الأمة مع
الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) الخمسة أهل الكساء الذين قال فيهم الإمام الشافعي:
يا أهل بيت رسول الله حبكم - فرض على الناس في القرآن أنزله (2).
والأشعار في ذلك كثيرة يأتي بعضها هنا، وتأتي مفصلا في نص الأشعار (3).
10 - أن العامة قد أوجبوا الصلاة على الآل في الجملة (4).
قال ابن أبي الحديد المعتزلي: أكثر أصحاب الشافعي على وجوب الصلاة على الآل في
الصلاة (5).
وقال ابن القيم الجوزية: وأيضا فإن الصلاة حق له ولآله دون سائر الأمة، ولهذا تجب
1 - المسند 1 / 199 و 6 / 29 ط. الميمنة، وصحيح الترمذي ج 5 / 662 ط. دار الحديث، ومصابيح
السنة: 4 / 183 ح 4795، ومشكاة المصابيح: 3 / 1731 ح 6126، وبقية من ذكرنا يعرف من
المصادر المتقدمة وما يأتي.
2 - جناية الأكوع: 117.
3 - في الكتاب الخامس (النصوص)، وراجع على سبيل الاختصار: تذكرة الخواص 327 باب 12 ذكر
المهدي، وينابيع المودة: 2 / 474 ط. اسلامبول و 569 باب 87 ط. النجف - وذكرا شعرا مفصلا لأسماء
المعصومين الأربعة عشر. ووسيلة الخادم إلى المخدوم: 31 حيث ذكر شعر الروزبهان المفصل
لأسمائهم، وكفاية الطالب: 151 باب 33 حديث الطائر.
4 - وهم الشافعي وأتباعه والكوفيون والشعبي وإسحاق بن راهويه وأحمد ومالك من التابعين وابن مسعود
وابن عمر وجابر وأبي سعيد من الصحابة. راجع الصواعق المحرقة: 147 ط. مصر، وط. بيروت: 226
- 227 الباب 11 الآيات النازلة فيهم، الآية الثانية، وجلاء الأفهام: 276 - 277 الباب السادس.
5 - شرح النهج لابن أبي الحديد: 6 / 144 شرح الخطبة 71.
105
عليه وعلى آله عند الشافعي رحمه الله وغيره كما سيأتي، وإن كان عندهم في الآل اختلاف،
ومن لم يوجبها فلا ريب أنه يستحبها عليه وعلى آله، ويكرهها أو لا يستحبها لسائر
المؤمنين (1).
ورووا النهي عن الصلاة البتراء الخالية من الصلاة على الآل، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " لا
تصلوا علي الصلاة البتراء ".
قالوا: وما الصلاة البتراء يا رسول الله؟
قال: " تقولوا اللهم صل على محمد، وتمسكون، بل قولوا: اللهم صل على محمد وعلى
آل محمد " (2).
وأخرجه الشعراني بلفظ: " لا تصلوا علي الصلاة البتراء ".
قالوا: وما الصلاة البتراء يا رسول الله؟
قال: " تقولون: اللهم صل على محمد وتمسكون، بل قولوا: اللهم صل على محمد وآل
محمد ".
فقيل له: من أهلك يا رسول الله؟
قال (صلى الله عليه وسلم): " علي وفاطمة والحسن والحسين " (3).
وهذا من علماء العامة وأجلائهم قد نص على ذلك فلماذا يشكك البعض بذلك!؟
وأخرج البيهقي والدارقطني عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " من صلى صلاة ولم يصل فيها علي
وعلى أهل بيتي لم تقبل منه " (4).
1 - جلاء الأفهام: 127.
2 - جواهر العقدين: 216 الباب الثاني، ينابيع المودة: 7 ط. اسلامبول 1301 ه و 6 ط. النجف من
المقدمة.
3 - كشف الغمة للشعراني: 1 / 219 فصل الأمر بالصلاة على النبي.
4 - سنن الدارقطني: 1 / 281 ح 1329 كتاب الصلاة - باب وجوب الصلاة على رسول الله، وجواهر
العقدين: 216 الباب الثاني، والصواعق المحرقة: 233 ط. مصر و 349 ط. بيروت باب مشروعية
الصلاة عليهم.
106
وفي رواية: " من صلى علي ولم يصل على آلي لم يجد ريح الجنة " (1).
وعن ابن مسعود قال: " ما أرى أن صلاة لي تمت حتى أصلي على محمد وعلى آل
محمد " (2).
وأخرجه الملا عن جابر (3).
فرووا كيفية الصلاة وشرطوا فيها ذكر الآل.
وروايات الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) المتضمنة للصلاة على الآل مستفيضة تصل إلى حد
التواتر على بعض المباني، رويت عن كل من: أبي مسعود والحديث صحيح رواه أحمد
ومسلم والنسائي والترمذي وصححه، وكعب بن عجرة وهو لا مغمز فيه، وأبي سعيد
الخدري رواه البخاري في الصحيح، وأبي هريرة في حديث صحيح على شرط الشيخين،
وبريدة بن الحصيب، وابن مسعود صححه الحاكم، وعبد الرحمن بن بشر بن مسعود، وعبد
الله بن عمر، وأبي معشر عن إبراهيم، وموسى بن طلحة عن أبيه (4).
قال ابن القيم: أكثر الأحاديث الصحاح والحسان بل كلها صريح بذكر النبي وبذكر آله.
وقال: آل النبي يصلى عليهم بلا خلاف بين الأمة (5).
بل ورووا بطلان التشهد بدون الصلاة على الآل (6).
وعليه: فقد نصوا أن النساء لا يدخلن في الصلاة على النبي وآله.
1 - روضة الواعظين: 323 مجلس في ذكر الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله).
2 - جلاء الأفهام:: 23 الباب الأول ح 25 و 195 الباب الرابع.
3 - ينابيع المودة: 1 / 192 ط. اسلامبول و 227 ط. النجف.
4 - نقلا عن جلاء الأفهام.
5 - جلاء الأفهام: 172 الباب الثالث - الفصل السابع، و 224 - 238 الباب الرابع الموطن السادس و 276
الباب السادس.
6 - سنن الدارقطني: 1 / 281 ح 1328، وشرح النهج لابن أبي الحديد: 6 / 144 الخطبة 71، وراجع
جلاء الأفهام: 21 ح 24 الفصل الأول من الباب الأول و 194 الباب الرابع.
107
قال سفيان الثوري - وسأله رجل عن قوله: اللهم صل على محمد وآل محمد - فقال:
اختلف فيهم، فمنهم من قال آل محمد أهل بيته، ومنهم من يقول: من أطاعه (1).
ففي زمن سفيان لا قائل بدخول النساء بالخصوص في الصلاة على النبي، ومنه يعرف أن
مدعي دخولهن أخذه من بعد هذا الزمان.
قال الاسترآبادي: المسألة العاشرة: هل يدخل في مثل هذا الخطاب النساء؟
ذهب جمهور الأصوليين أنهن لا يدخلن، ونص عليه الشافعي، وانتقد عليه وخطئ
المنتقد (2).
وقال السخاوي في القول البديع في بيان صيغة الصلاة في التشهد: فالمرجع أنهم من
حرمت عليهم الصدقة، وذكر أنه اختيار الجمهور ونص الشافعي، وأن مذهب أحمد أنهم
أهل البيت، وقيل: المراد أزواجه وذريته (3).
وخطب الحسن (عليه السلام) فقال: قالوا: يا رسول الله (صلى الله عليه وسلم): كيف نصلي عليك؟
فقال: قولوا: اللهم صل على محمد وآل محمد.
فحق على كل مسلم أن يصلي علينا مع الصلاة على جدي (صلى الله عليه وسلم) فريضة واجبة (4).
ومن العجيب أن أكثر العامة لا يصلون على الآل في كتبهم وتأليفاتهم المطبوعة وصلاتهم،
وما ذلك إلا لأن الآل عندهم علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، ولو كان الآل عندهم
عائشة وحفصة لصلوا على الآل ليلا ونهارا خاصة وأنهم رووا صريحا عن رسول الله أنه
كان يصلي بنفسه على أهل البيت (عليهم السلام)، وعلمهم ذلك كما في رواية كعب بن عجرة المعتبرة (5).
1 - المصنف لعبد الرزاق: 2 / 214 ح 3110.
2 - الصلات والبشر في الصلاة على خير البشر: 32 الباب الأول - المسألة العاشرة.
3 - عن هامش الصواعق المحرقة لعبد الوهاب عبد اللطيف: 146 ط. مصر 1385.
4 - ينابيع المودة: 2 / 479 - 481 ط. اسلامبول و 575 - 577 ط. النجف.
5 - جلاء الأفهام: 210 الباب الرابع، والرواية رجالها كلهم ثقات سوى إبراهيم بن أبي يحيى فمختلف فيه،
ووثقه ابن عقدة والشافعي وابن الأصبهاني وابن عدي.
108
وعن أم سلمة أن رسول الله قال لفاطمة: ائتيني بزوجك وابنيك، فجاءت بهم وأكفأ
عليهم كساء فدكيا ثم وضع يده عليهم ثم قال: اللهم إن هؤلاء آل محمد فاجعل صلواتك
وبركاتك على آل محمد إنك حميد مجيد.
قالت أم سلمة: فرفعت الكساء لأدخل معهم، فجذبه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) [من يدي] وقال:
إنك إلى [على] خير (1).
ومما يدل على ذلك بعض الروايات المحرفة التي زادوا فيها إضافة إلى الآل الصلاة على
الأزواج والذرية، الذي إن صح يفرق بين النساء والآل، وإن بطل يبين عدم دخول النساء
في الآل، لذا وضعوه، ولا تغفل أنه من طريق أبي هريرة الذي كان مع معاوية دون أمير
المؤمنين علي (عليه السلام)، والذي في سندها حبان صاحب حريز الناصبي (2).
1 - ذخائر العقبى: 21، وفضائل الصحابة لأحمد: 2 / 602 ح 1029 مناقب علي، ومسند أبي يعلى: 12
/ 344 ح 6912 مسند أم سلمة.
2 - فرائد السمطين: 2 / 238 الباب 46 ح 414، مع ملاحظة ما في هامشه.
109
تكرار حادثة الكساء
المشهور وقوع حادثة الكساء مرة واحدة في بيت أم سلمة، ولكن المتتبع للروايات يجد
أن الروايات تذكر حصول واقعة الكساء في غير بيت أم سلمة، وذلك في:
1 - بيت فاطمة (عليها السلام)، كما رواه الطبراني وأحمد وابن حجر (1).
2 - بيت عائشة، كما رواه الحسكاني وابن البطريق (2).
3 - بيت زينب، كما رواه الحسكاني وغيره عن جعفر الطيار (3).
4 - بيت صفية، كما رواه الحاكم (4).
وسوف تأتي نصوص ذلك في الثمرة الثانية.
* وهناك تكرار لحادثة الكساء بلا ذكر آية التطهير ونزولها فيهم، كالمروي عن واثلة
قال: خرجت وأنا أريد عليا فقيل لي: هو عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فأممت إليهم، فأجدهم في
حظيرة من قصب ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) وعلي وفاطمة وحسن وحسين قد جمعهم تحت ثوب قال:
1: ينابيع المودة: 1 / 108 - 109 ط. اسلامبول و 127 - 125 ط. النجف، والصواعق المحرقة: 144 ط.
مصر، وط. بيروت: 222، وتفسير روح المعاني: 12 / 22 مورد آية التطهير، مسند أحمد: 4 / 107
ط. م و 5 / 79 ح 16540 ط. ب.
2 - شواهد التنزيل: 2 / 38، والعمدة: 40 - 44 - 45، وبحار الأنوار: 35 / 223، وتفسير نور الثقلين: 4
/ 276.
3 - فرائد السمطين: 2 / 19 باب 3، وشواهد التنزيل: 2 / 53 ح 673، ومناقب الكوفي: 2 / 138 ح
621، والعمدة: 40، وينابيع المودة: 1 / 108 ط. اسلامبول 1301 ه و 126 ط. النجف الباب 33،
والطرائف: 1 / 128، وبحار الأنوار: 35 / 222 - 223.
4 - مستدرك الصحيحين: 3 / 147 كتاب المعرفة، وراجع الفضائل الخمسة: 1 / 265.
110
اللهم إنك جعلت صلواتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك علي وعليهم (1).
وأخرج ابن راهويه في مسنده عن عطية: أن أم سلمة أخبرته أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان
عندها يوما إذ دخل علي وفاطمة والحسن والحسين فأجلسهم في حجره، ثم أخذ بإحدى
يديه عليا فضمه إليه، ثم أخذ باليد الأخرى فاطمة فضمها إليه، ثم أغدق عليهم خميصة
فأدارها عليهم، ثم قال: " إليك لا إلى النار أنا وأهل بيتي ".
قالت: فبادرت وقلت: وأنا يا رسول الله؟
فقال: " وأنت " (2).
وأخرج أبو يعلى عن واثلة قال: أقعد النبي (صلى الله عليه وسلم) عليا عن يمينه وفاطمة عن يساره
وحسنا وحسينا بين يديه، وغطى عليهم بثوب وقال: " اللهم هؤلاء أهل بيتي، وأهل بيتي
أتوا إليك لا إلى النار " (3).
وأخرج أبو يعلى بإسناده الجيد عن أم سلمة تذكر مجئ فاطمة بطعام ثم أكلوا جميعا ولم
يدعها إليه خلاف عادته وقال: " اللهم عاد من عاداهم ووال من والاهم " (4).
قال الهيثمي: إسناده جيد (5).
وأخرج أيضا عنها بسند رجاله ثقات (6) بعد ذكر الكساء: " اللهم هؤلاء آل محمد
1 - مجمع الزوائد: 9 / 167 ط. مصر 1352 وبغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد: 9 / 264 ح 14975
كتاب المناقب.
2 - مسند إسحاق بن راهويه: 4 / 108 - 109 ح 1874 مسند أم سلمة - ما يروي رجال أهل البصرة عنها.
3 - مسند أبي يعلى: 13 / 470 - 471 ح 7486 مسند واثلة.
4 - مسند أبي يعلى: 12 / 384 ح 6951 مسند أم سلمة وبالهامش: إسناده حسن، ومجمع الزوائد: 9 /
166 ط. مصر 1352 وبغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد: 9 / 263 ح 14971 كتاب المناقب،
والبيان والتعريف في أسباب ورود الحديث: 1 / 337 ح 399.
5 - مجمع الزوائد: 9 / 166 ط. مصر 1352 وبغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد: 9 / 263 ح 14971
كتاب المناقب.
6 - سوى عقبة، وقد وثقه ابن شاهين في تاريخ أسماء الثقات: 173، وحكي عن أحمد أنه وثقه - أنظر
هامش مسند أبي يعلى.
111
فاجعل صلاتك وبركاتك على آل محمد كما جعلتها على آل إبراهيم إنك حميد مجيد ".
وزاد في رواية أخرى: فرفعت الكساء لأدخل فيه فجذبه من يدي وقال: " إنك على
خير " (1).
ومن هذه الأحاديث يستكشف تكرار حادثة الكساء عشرات المرات وإن لم تتضمن لآية
التطهير.
* فائدة هذا التكرار:
أولا: إعطاء واقعة الكساء الشهرة التامة أمام كل الناس، وأن أهل البيت الذين هم
خلفاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) معصومون ومنزهون عن كل قبيح وخطأ، وأهل لأن يكونوا قدوة
لهذه الأمة، وبذلك يقطع الطريق على الذين يأتون ويناقشون في طهارة وعصمة أهل
البيت (عليهم السلام).
ولذا نجد أن عصمة أهل البيت، وتنزههم عن كل شين، من الأمور المسلمة عند الفريقين،
ولعل ذلك بسبب آية التطهير وشهرتها بين المسلمين، وأنها في محمد وعلي وفاطمة والحسن
والحسين (عليهم السلام).
هذا، وتكرار حادثة الكساء في بيت كل من أم سلمة وعائشة وزينب وصفية يراد منه
اعتراف زوجات النبي (صلى الله عليه وآله) - واللاتي هن أمهات المؤمنين - بأن حادثة الكساء في علي
وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، وأن النبي (صلى الله عليه وآله) دعا لهم وطهرهم في بيت عائشة وأم سلمة
وزينب وصفية، وأن آية التطهير نزل بها جبرائيل وهم تحت الكساء.
وليس من البعيد تكرار حادثة الكساء ودعاء الرسول لأهل بيته صلوات الله عليهم
أجمعين أكثر من مرة في بيت أم سلمة، وكذا في بيت فاطمة وعائشة وزينب وصفية، ولا
موجب للالتزام بوقوعه مرة واحدة في بيت كل واحدة منهن، كما يستكشف من الأحاديث
1 - مسند أبي يعلى: 12 / 344 ح 6912 و 456 ح 7026 مسند أم سلمة.
112
المتقدمة.
ويؤيده اختلاف الروايات في كيفية النزول، ووضعية الكساء، والأدعية، والرواة وإطعام
الطعام، ونوع الكساء، وكيفية الجلوس، ونحو ذلك.
ثانيا: مع التسليم بتكرار حادثة الكساء يسهل الجمع بين الروايات شبه المتعارضة في آية
التطهير وحديث الكساء، حيث نجد اختلافا في الدعاء الذي قاله، أو في نوع الكساء هل
خيبري أو فدكي، أو في جوابه (صلى الله عليه وآله) للسائل حيث كان جوابه لأم سلمة متعدد كما تقدم،
وكذا جوابه لعائشة وواثلة وزينب.
أو في مكان جلوس علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، هل أمامه أم خلفه، وأن
الحسن والحسين عن يمينه أم على فخذيه، وأن الداخل أولا هل هو علي، أم فاطمة، أم
الحسن والحسين (عليهم السلام).
ونحو ذلك من الاختلافات التي يقف عليها القارئ في الروايات الآتية في الثمرة الثانية.
بل يمكن أن يقال: إن هذه الأحاديث الآتية - من طرق العامة والخاصة - وعلى كثرتها،
لا يمكن تكذيبها، لذا هي بنفسها تكون دليلا على تكرار حادثة الكساء عشرات المرات
جمعا بين هذه الروايات المستفيضة، إن لم نقل بتواترها على أكثر المباني.
113
أدعية الرسول بذهاب الرجس عن أهل البيت (عليهم السلام)
كان هذا تكرار حادثة الكساء.
أما تكرار دعاء الرسول (صلى الله عليه وآله) لأصحاب الكساء المتضمن لمفاد آية التطهير فهو ظاهر
للعيان ومنه قبل واقعة الكساء ومنه عندها:
1 - ما روي في قصة إنزال المائدة من السماء على فاطمة (عليها السلام) المروية عن مجاهد عن ابن
عباس قال:.. فنبههما النبي (صلى الله عليه وآله) وأجلس واحدا على فخذه الأيمن وواحدا على فخذه
الأيسر، وأجلس فاطمة بين يديه واعتنقهم، فدخل علي بن أبي طالب فاعتنق النبي من
ورائه، ثم رفع النبي طرفه إلى السماء وقال:
" إلهي وسيدي ومولاي هؤلاء أهل بيتي، اللهم فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا " (1).
2 - ومنها ما روي عن ابن أبي ليلى قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي: " أخبرني جبرائيل
أنهم يظلمونك بعدي، وأن الظلم لهم لا يزول عن عترتنا حتى إذا قام قائمهم وعلت كلمتهم
واجتمعت الأمة على مودتهم - إلى أن قال - اللهم إنهم أهلي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم
تطهيرا، اللهم اكلأهم وارعهم وكن لهم وانصرهم " (2).
3 - وعنه (صلى الله عليه وآله) في يوم وهم حوله: " اللهم إنك تعلم أن هؤلاء أهل بيتي وأكرم الناس
علي، فأحب من يحبهم وابغض من يبغضهم، ووال من والاهم وعاد من عاداهم، وأعن من
أعانهم، واجعلهم مطهرين من كل رجس معصومين من كل ذنب وأيدهم بروح القدس
منك " (3).
1 - مقتل الحسين للخوارزمي: 1 / 75 الفصل الخامس.
2 - ينابيع المودة: 1 / 135 ط. اسلامبول و 159 ط. النجف.
3 - أهل البيت لتوفيق أبو علم: 124 القسم الثاني - خصائص فاطمة.
114
أخرجه أبو يعلى بتفاوت مع ذكر قصة الكساء (1).
4 - وقال للحسن (عليه السلام) عند ولادته: " اللهم إني أعيذه بك وولده من الشيطان الرجيم " (2).
5 - ومنها ما روي عن أم سلمة وسلمان وأنس وعلي (عليه السلام) جميعا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه
قال لعلي وفاطمة عند زفافهما: " اللهم إني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم، اللهم
إني أعيذه بك وذريته من الشيطان الرجيم.
اللهم إنهما مني وأنا منهما، اللهم كما أذهبت عني الرجس وطهرتني فأذهب عنهما الرجس
وطهرهما وطهر نسلهما ".
وقال (صلى الله عليه وآله): " طهركما الله وطهر نسلكما ".
وقال (صلى الله عليه وآله): " أذهب الله عنك الرجس يا أبا الحسن وطهرك تطهيرا ".
وقال (صلى الله عليه وآله): " أذهب الله عنك الرجس وطهرك تطهيرا " (3).
6 - وفي رواية عن أنس قال (صلى الله عليه وآله) بعد نضح الماء: " أهل بيتي، فأذهب عنهم الرجس
وطهرهم تطهيرا " (4).
7 - وعن الإمام الباقر (عليه السلام): " ولما أتاه به أخذ من ريقه المبارك شيئا وألقاه في الماء، ثم
أعطاه لأمير المؤمنين فشرب منه ونضح الباقي في القعب على صدره وصدر فاطمة وقال:
* (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * ثم رفع يديه قائلا:
" اللهم فاجعل عترتي الهادية من علي وفاطمة، اللهم إنهما أحب الخلق إلي فأحبهما وبارك
1 - البيان والتعريف في أسباب ورود الحديث: 1 / 337 ح 399.
2 - سبائك الذهب: 320.
3 - الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان: 9 / 50 ح 6905 كتاب المناقب - ذكر تزويج علي، وينابيع
المودة: 175 - 176 177 ط. اسلامبول و 206 - 207 ط. النجف، ومجمع الزوائد: 9 / 205 ط. مصر
1352 وبغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد: 9 / 331 ح 15210 كتاب المناقب، والمصنف لعبد
الرزاق: 5 / 489 ح 9782 باب أزواج النبي، ومناقب الخوارزمي: 35 و 353 ح 364 فصل 20.
4 - مجمع الزوائد: 9 / 106 - 207 ط. مصر 1352 وبغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد: 9 / 333 ح
15211 كتاب المناقب - مناقب فاطمة.
115
في ذريتهما واجعل عليهما منك حافظا، وإني أعيذهما بك من الشيطان الرجيم.
ثم قال لعلي: ادخل بأهلك بارك الله لك و * (رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد
مجيد) * ".
إلى أن قال: " وارزقهما ذرية طاهرة طيبة مباركة واجعل في ذريتهما البركة واجعلهم أئمة
يهدون بأمرك إلى طاعتك ويأمرون بما يرضيك، طهركما الله وطهر نسلكما " (1).
8 - وعن ابن عباس وأسماء قالا: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " اللهم كما أذهبت عنا [عني]
الرجس وطهرتني فطهرهما " (2).
9 - وعن أنس أنه (صلى الله عليه وآله) قال: " اللهم إني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم، اللهم
بارك فيهما، وبارك عليهما، وبارك لهما في شملهما " (3).
* فائدة أدعية النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله):
إن قيل: ما فائدة هذه الأدعية بعد كون الإرادة تكوينية؟ وهل هو إلا تحصيل للحاصل؟
قلنا:
أولا: أن الأدعية منها ما كان عند زواج علي وفاطمة (عليهما السلام).
وبعضها كان قبيل نزول الآية، وبعضها كان بعد نزول الآية.
وعليه فالإشكال متوجه إلى الأدعية التي كانت بعد نزول الآية.
أما الأدعية التي كانت عند الولادة، فلا محذور فيها، لأن النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) كان يريد أن
1 - وفاة الصديقة الزهراء للمقرم: 31 - 32، ومناقب آل أبي طالب: 2 / 111.
2 - المعجم الكبير: 24 / 135 ترجمة أسماء ما روى عنها ابن عباس، و: 22 / 412 ترجمة فاطمة، ذكر
تزويجها، والأحاديث الطوال بذيل المعجم: 25 / 301 حديث تزويج فاطمة (عليها السلام)، ومجمع الزوائد:
9 / 207 ط. مصر 1352 وبغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد: 9 / 335 ح 15213 كتاب المناقب،
وجواهر العقدين: 303 الباب الثامن.
3 - تاريخ الخميس: 1 / 411 بناء علي بفاطمة، الموطن الثاني، ومناقب ابن المغازلي: 349 ح 399 ط.
النجف و 217 ط. بيروت، وجواهر العقدين: 302 الباب الثامن.
116
يطهر نسل الزهراء (عليها السلام)، أو يبرز ويؤكد طهارتهم بواسطة الدعاء.
إضافة إلى الاستحباب الوارد في أعمال ليلة الزفاف، فيكون النبي (صلى الله عليه وآله) عند دعائه لعلي
وفاطمة يشرع الأدعية المستحبة، وفي الوقت نفسه يطبقه على نسل الزهراء صلوات الله
عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها.
أما الأدعية التي كانت قبيل النزول، فإن النبي (صلى الله عليه وآله) طلب فيها من الله تعالى أن يطهر آل
محمد كما طهره، وجاء به بصيغة الدعاء لأنه أقرب إلى التذلل إلى الباري عز وجل، أو لأن
دعاء النبي (صلى الله عليه وآله) مستجاب.
فاستجاب الله تعالى لنبيه ذلك وأفاده بإرادته التكوينية التي لا تتخلف أبدا، ليكون أبلغ
في الاستجابة.
أما الأدعية التي كانت بعد النزول: فقال المحقق العلامة السيد جعفر مرتضى: إنها
للاستمرار في التطهير.
وفيه أن التطهير الإلهي مستمر لأهل البيت (عليهم السلام)، بل لم ينقطع هذا التطهير منذ عالم
الأنوار وحتى قيام الساعة، كما تقدم في الكتاب الأول تفصيل ذلك.
وقال أيضا: فائدة الدعاء زيادة الخلوص والتطهير وتعميقه (1).
وهو كسابقه في الضعف لمكان الإرادة التكوينية.
والصحيح أن يقال: أن كل الأدعية كانت قبل نزول الآية.
وما ورد في كون الأدعية بعد نزول الآية يحمل على أن النبي (صلى الله عليه وآله) تمثل بالآية قبل نزولها،
ثم أخذ بالدعاء لأهل بيته، ثم نزلت الآية الكريمة.
ولو سلم كونها بعد النزول فنقول:
أولا: إن فائدة الأدعية التأكيد على إرادة الله تعالى بتطهير أهل بيته.
ثانيا: كون الأدعية مفسرة للآية القرآنية بما لا يقبل الشك، لذا ورد في كثير من الأدعية
تفصيل للطهارة الإلهية، فيريد النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) أن يحدد المقصودين في الآية ب * (أهل
1 - مجلة رسالة الثقلين: العدد 2 الصفحة 36.
117
البيت) * وأنهم علي وفاطمة ومن خرج من نسلهما (عليهم السلام).
خاصة بملاحظة قوله (صلى الله عليه وآله) " اللهم هؤلاء أهل بيتي ".
ثالثا: الأدعية لم تكن بنفس مضمون الآية حتى يكون تحصيلا للحاصل، بل نجد بعض
الأدعية أشمل، إذ تدعو لآل محمد وأولادهم وذرياتهم ونسلهم المبارك، أو تضيف إلى
التطهير بعض الأمور المتعلقة بحياتهم كالدعاء على أعدائهم ونحوه.
رابعا: أن يكون هدف النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) إبراز الفقر لله تعالى واحتياج الممكن إلى
الواجب لاستمرار الفيض الإلهي على العباد، كما تشير إليه الآية الكريمة: * (كلا نمد هؤلاء
وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا) * (1).
وهذا الإمداد والعطاء الإلهي امداد تكويني ومع ذلك يدعو الانسان تشريعا لرزقه
وخيراته.
هذا، وتقدم في الكتاب الأول (2) أن الله طهر محمدا وآل محمد (عليهم السلام) قبل خلق الخلق وقبل
خلق الملائكة، وقبل خلق السماوات والأرض والعرش والكرسي والقلم.
وأفاض عليهم (عليهم السلام) علمه ورحمته وعطفه وجميع الاخلاق الحسنة، وأبعد عنهم كل أنواع
الرجس والنجس والقذارات وما يشينهم.
وعليه فكل الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة التي وردت بحق محمد وآل محمد (عليهم السلام)،
سواء منها التي تطهرهم، أو التي تمدحهم وتثني عليهم، أو التي تصفهم، أو التي تضفي عليهم
نورا من نور الله تعالى، بل كل ما يتعلق بكمال آل محمد (عليهم السلام)، كل ذلك يكون إشارة إلى
الكمال الذي أعطاه الله جل جلاله في عالم الأظلة لمحمد وآل محمد (عليهم السلام).
فتكرار كل ذلك كان للتأكيد على صحة هذه الأحاديث أو لتفسير الآيات تفسيرا
صحيحا.
إضافة إلى التبرك بذكر فضائل أهل البيت (عليهم السلام)، حتى من النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) أو من
1 - الإسراء: 20.
2 - كتاب " آل محمد بين قوسي النزول والصعود " ط. دار الهادي بيروت.
118
جبرائيل.
بل من الله تعالى نفسه، وذلك للتشريع، أو لاستحباب ذكر الأحاديث الواردة في
فضائلهم، أو للتشجيع والحث على ذكرها وتذاكرها.
ومن ذلك ما ورد عن الإمام الصادق في زيارة الإمام الحسين (عليهما السلام) قال:
" وكيف لا أزوره والله تعالى يزوره كل ليلة جمعة، يهبط مع الملائكة إليه " (1).
فزيارة الله تعالى للتأكيد على استحباب فضله (عليه السلام) وزيادة فضله وفضل الزائر له.
1 - وسائل الشيعة: 10 / 374 باب تأكيد استحباب زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) ح 2.
119
تكرار حديث الكساء بآية
* (رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد) * (1).
وذلك ما رواه الطبراني عن زينب بنت أم سلمة قالت: إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان عند أم
سلمة فدخل عليها بالحسن والحسين وفاطمة فجعل الحسن من شق والحسين من شق
وفاطمة في حجره ثم قال:
* (رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد) *.
وأنا وأم سلمة جالستين، فبكت أم سلمة فنظر إليها فقال: " ما يبكيك "؟
فقالت: يا رسول الله خصصت هؤلاء وتركتني وابنتي.
فقال: " أنت وابنتك من أهل البيت " (2).
- وعن أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) في قصة الأعرابي الذي ادعى دينا على النبي (صلى الله عليه وآله) بعد
وفاته فقضاها أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال الأعرابي: صدق رسول الله وصدق أبوك هو قاضي
دينه ومنجز وعده والإمام من بعده * (رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد
مجيد) * (3).
وعن الإمام محمد الباقر (عليه السلام) في حديث الزواج: ثم قال لعلي: " ادخل بأهلك بارك الله لك
1 - هود: 73.
2 - المعجم الكبير: 24 / 282 ترجمة زينب بنت أبي سلمة ربيبة رسول الله، والمعجم الأوسط: 9 / 66 ح
8137 مع تفاوت، ومجمع الزوائد: 9 / 168 - 171 ط. مصر 1352 وبغية الرائد في تحقيق مجمع
الزوائد: 9 / 266 - 271 ح 14984 - 15005 كتاب المناقب، وأهل البيت لتوفيق أبو علم: 16 الباب
الأول.
3 - خصائص أمير المؤمنين (عليه السلام) للرضي: 17.
120
* (ورحمة الله وبركاته [عليكم أهل البيت] إنه حميد مجيد) * " (1).
- كما وروى المتقي الهندي حديثا في حديث الكساء بآية: * (رحمة الله وبركاته عليكم أهل
البيت) * قريب من الحديث الأول (2).
وهذا يدل أولا على تواتر نزول الآية في أصحاب الكساء (عليهم السلام) بل في كل الأئمة كما
يأتي، وثانيا على صحة تكرار هذه الحادثة من رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أكثر من موضع وأكثر من
زمان، فتأمل.
1 - وفاة الصديقة الزهراء للمقرم: 32.
2 - كنز العمال: 13 / 643 ح 37625.
121
مناقشة بقية الأقوال
أما القول الثالث والرابع:
فيردهما الوجوه المتقدمة.
مضافا إلى إجماع المفسرين، وكثرة الروايات على عدم اختصاصها بالنبي (صلى الله عليه وآله).
نعم عصمة جميع بني هاشم، أو المطلب لم تثبت بل لم يدعها أحد.
أما القول الخامس والسادس والسابع والعاشر والحادي عشر: فبطلانها يعلم مما سبق،
على أنها من الأقوال الشاذة، ولمن أراد المزيد فليرجع إلى ما ذكره ابن القيم الجوزية (1).
أما القول الثامن: وهذا القول، إن كان المراد منه أن الآية نزلت في أصحاب الكساء
الخمسة (عليهم السلام)، ولا تشمل غيرهم، فيرده ما يأتي من ثبوت الأدلة وتواتر الروايات بدخول
الأئمة من ولد الحسين (عليهم السلام) الذين آخرهم القائم المنتظر عليه وعليهم ألف التحية والسلام.
وإن كان المراد أن الآية نزلت في أهل البيت، ولكن بما أن الموجودين منهم فعلا أو حقيقة
هم محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) فقيل باختصاصها بهم لإخراج نساء
النبي (صلى الله عليه وآله) وسلمان وواثلة وابنة أم سلمة وأمثالهم، ويأتي قول الحضرمي في ذلك.
* قال أبو منصور ابن عساكر الشافعي بعد ذكر قول أم سلمة: " وأهل البيت رسول الله
وعلي وفاطمة والحسن والحسين " هذا حديث صحيح... وقولها: " وأهل البيت هؤلاء
الذين ذكرتهم " إشارة إلى الذين وجدوا في البيت في تلك الحالة (2).
1 - جلاء الأفهام: 125 الباب الثالث - الفصل الرابع.
2 - كتاب الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين: 106 ح 36 ذكر ما ورد في فضلهن جميعا.
122
إن قيل: كيف، وهم لم يولدوا بعد؟
قلنا: هو كثير في القرآن الكريم ومنه آيات الأحكام الشاملة لمن ولد فعلا في عصر النص
ولمن يأتي بالقوة.
على أن الأئمة (عليهم السلام) كانوا موجودين فعلا حول العرش قبل الخلق، وذكرهم منتشر
بأسمائهم وألقابهم منذ زمان النبي آدم (عليه السلام) وحتى عصر النص ونزول القرآن، وبه صححنا
توسلات الأنبياء والأوصياء بأهل البيت (عليهم السلام) كما تقدم (1).
وبناء على هذا يكون القول الثامن هذا مؤيد للقول الحق الآتي بل عينه، ويدل على
صحته ما تقدم من وجوه لإبطال القول الثاني.
وإن كان المراد دخول العباس عم النبي وجميع آل علي كالعباس بن علي وزيد ابن علي
ونحوهم من أولاد الأئمة (عليهم السلام)، ففيه:
أولا: أن بعضهم صدر منه الذنب، والبعض الآخر مع قداسته لا قائل معلوم بدخولهم ولم
يدع أحد عصمتهم.
على أن العباس عم النبي في قصة سد الأبواب لم يدع أنه من أهل البيت الذين يحل لهم
المكث في المسجد بل سلم بالخروج كما يأتي (2).
وثانيا: ما نص عليه جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام) عندما سأله ابن ميسرة عن آل
محمد (عليهم السلام) قال: " إنما آل محمد من حرم الله عز وجل على محمد نكاحه " (3).
وهذه الرواية تخرج آل عقيل وآل جعفر وآل العباس وآل علي من غير فاطمة كالعباس
ونحوه، وتبقي لآل فاطمة وعلي (عليهما السلام) وهم الأئمة الاثنا عشر.
نعم بقية أولاد الأئمة الذين من سلالة علي وفاطمة يخرجون من الآية لاختصاصها بهم
1 - في الكتاب الأول - الولاية التكوينية.
2 - في الكتاب الخامس.
3 - معاني الاخبار: 93 - 94 باب معنى الآل والأهل والعترة والأمة ح 1، ونقله في بحار الأنوار: 25 /
216 وهم بنو هاشم الذين حرموا الصدقة، راجع فتح القدير: 4 / 280، وقد تقدمت مصادره.
123
لما تقدم من أدلة وأقوال.
وسوف يأتي أن الأئمة من ولد علي وفاطمة في بحث النصوص عليهم (1).
أما القول التاسع:
وهو القول الصحيح وعليه أجمعت الأمة.
وهذا القول موافق لروايات العامة والخاصة كما يأتي، والمتناسب مع حال أهل البيت (عليهم السلام)
الذين لم يصدر منهم ذنب قط لا قبل الاسلام ولا بعده، والموافق للسياق في الآية، والمتطابق
مع كلام أهل اللغة كما عرفت، وإليك أدلته:
1 - في الكتاب الخامس.
124
أدلة شمول الآية لكل الأئمة (عليهم السلام)
أدلة شمول الآية لكل الأئمة (عليهم السلام)
بعد بطلان الأقوال السابقة ورجوع القول المشهور - الثامن - إلى هذا القول تثبت صحة
ذلك، ونزيد أدلة:
* الدليل الأول:
إجماع الإمامية على أن المراد من أهل البيت جميع الأئمة الاثني عشر: علي والحسنين
وعلي بن الحسين ومحمد الباقر وجعفر الصادق وموسى الكاظم وعلي الرضا ومحمد الجواد
وعلي الهادي والحسن العسكري وقائم آل محمد صلوات الله عليه وعليهم ما سبح ملك.
ويستدلون بهذه الآية على عصمتهم وكونهم خلفاء رسول الله (صلى الله عليه وآله).
هذا إضافة إلى فاطمة (عليها السلام) ورسول الله (صلى الله عليه وآله)، إذ الأصح دخولهما في لفظة أهل البيت، أما
فاطمة فلما تقدم من روايات.
وأما رسول الله (صلى الله عليه وآله) فللآية النازلة فيه وفي أهل بيته (1).
ولما روي عن سلمان عن النبي (صلى الله عليه وآله): " إنا أهل البيت لا تحل لنا الصدقة " (2).
ولقوله (صلى الله عليه وآله): " إنهم مني وأنا منهم فاجعل صلواتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك علي
وعليهم " (3).
1 - كما تقدم.
2 - الاستيعاب: 2 / 556 ط. حيدر آباد 1336 ه.
3 - كنز العمال: 17 / 217 ط. دكن 1312 ه.
125
ولقوله (صلى الله عليه وآله): " أما أنت يا علي فمني وأنا منك " (1).
وقوله (صلى الله عليه وآله): " لأبعثن إليهم رجلا كنفسي - يعني عليا " (2).
قال القندوزي: فمن هذه الدلائل ثبت أنه (صلى الله عليه وآله) أدخل نفسه المقدسة المكرمة المباركة في
آله، فمن صلى أو سلم على آله كأنه صلى وسلم عليه لأنه منهم وهم منه (3).
1 - هذا الحديث من الأحاديث المتواترة، وكون جميع أهل البيت واحدا واحدا من رسول الله وهو منهم
واحدا واحدا، كما تقدم في الكتاب الأول.
2 - ينابيع المودة: 1 / 9 ط. اسلامبول 1301 ه و 9 ط. النجف - المقدمة.
3 - ينابيع المودة: 1 / 9 ط. اسلامبول 1301 ه وط. النجف - المقدمة.
126
التساوي بين رسول الله وأهل البيت (عليهم السلام)
قال الرازي: إن أهل بيته (صلى الله عليه وسلم) ساووه في خمسة أشياء: في الصلاة عليه وعليهم وفي التشهد
وفي السلام والطهارة وفي تحريم الصدقة وفي المحبة (1).
وتقدم: " علي مني وأنا من علي - حسين مني وأنا من حسين وأصحاب الكساء مني وأنا
منهم " صلوات الله عليهم أجمعين.
ومنها الحديث المشهور: " أنا وأنت وهذا الراقد والحسن والحسين في مكان واحد يوم
القيامة " (2).
ومنها ما عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): " إني واثنى عشر من ولدي وأنت يا علي زر الأرض
- يعني أوتادها وجبالها -، بنا أوتد الله الأرض أن تسيخ بأهلها فإذا ذهب الاثنا عشر من ولدي
ساخت الأرض بأهلها ولم ينظروا " (3).
ومنها ما روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أيضا قال: " اختاركما الله عز وجل مني ومن أبيكما
وأمكما، واختار من صلبك يا حسين تسعة تاسعهم قائمهم وكلهم في المنزلة والفضل عند الله
[سواء] واحد " (4).
وعن الإمام العسكري (عليه السلام): " أولنا وآخرنا في العلم والأمر سواء، ولرسول الله وأمير
1 - نور الأبصار: 231 باب 2 مناقب الحسن والحسين.
2 - فضائل الصحابة: 2 / 693، ومسند البزار: 3 / 30 ح 779، ومسند أبي يعلى: 1 / 393 ح 510،
وأسد الغابة: 5 / 269، والمطالب العالية: 4 / 69، وذخائر العقبى: 25.
3 - أصول الكافي: 1 / 534 ح 17 باب ما جاء في الاثنى عشر والنص عليهم.
4 - دلائل الإمامة: 237 معرفة وجوب القائم، وبحار الأنوار: 25 / 356 ح 4، والأنوار النعمانية: 1 / 20.
127
المؤمنين (عليهما السلام) فضلهما " (1).
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): " كلنا واحد من نور واحد " (2).
ومنها أنهم جميعا من نور واحد (3).
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصف آل محمد (عليهم السلام): " خلقهم الله من نور عظمته " (4).
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): " والأئمة من أولادي يعلمون ويفعلون هذا إذا أحبوا وأرادوا،
لأنا كلنا واحد أولنا محمد وآخرنا محمد وأوسطنا محمد وكلنا محمد، فلا تفرقوا بيننا " (5).
وعن الإمام الصادق (عليه السلام): " علمنا واحد وفضلنا واحد ونحن شئ واحد " (6).
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) ".. فعلمني علمه وعلمته علمي " (7)
وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله): " أولنا كآخرنا وآخرنا كأولنا " (8).
ومنها ما روي عنهم انهم جميعا من طينة واحدة (9).
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لام سلمة: " كيف تجدين عليا في نفسك؟ ".
قلت: لا يتقدمك يا رسول الله، ولا يتأخر عنك وأنتما في نفسي سواء.
فقال (صلى الله عليه وآله): " شكر الله فعلك يا أم سلمة لو لم يكن علي في نفسك مثلي لبرئت منك في
الآخرة ولم ينفعك قربك مني في الدنيا " (10).
1 - أعلام الورى: 355.
2 - بحار الأنوار: 26 / 16 ح 2.
3 - راجع إضافة إلى ما تقدم في الكتاب الأول: بحار الأنوار: 26 / 16 ح 2، وكشف اليقين: 1 / 106،
وفضائل ابن شاذان: 54 - 96، والروض الفائق: 219 مجلس 53.
4 - مشارق أنوار اليقين: 117.
5 - بحار الأنوار: 26 / 6 ح 1 من باب نادر من معرفتهم.
6 - بحار الأنوار: 26 / 317 ح 82 باب تفضيلهم على الأنبياء.
7 - إلزام الناصب: 2 / 243.
8 - بحار الأنوار: 25 / 360 ح 17.
9 - بشارة المصطفى: 20.
10 - الهداية الكبرى: 197 باب 4.
128
* أقول: تقدم في الكتاب الأول قول النبي (صلى الله عليه وآله): " كنت نبيا وآدم بين الطين والماء ".
وقول علي (عليه السلام): " كنت وليا وآدم بين الطين والماء (1) ".
وهذا يقتضي التساوي في الأظلة، ويأتي في كتاب النصوص نحو هذه الأحاديث التي
توجب التساوي بينهما، وبعض أقوال العلماء في ذلك فارتقب.
وقال الإمام الهادي (عليه السلام): " من فرق بيني وبين جدي؟! أنا هو وهو أنا " (2).
وقال الإمام المهدي (عجل الله فرجه) فيما رواه عنه الإمام الصادق (عليهما السلام): " من أراد أن
ينظر إلى محمد وأمير المؤمنين [فلينظر] إلي فها أنا محمد. ومن أراد أن ينظر إلى الأئمة
من ولد الحسين فها أنا هم واحدا بعد واحد، فها أنا هم، فلينظر إلي " (3).
ومنها ما روي عن أنس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " ما من نبي إلا وله نظير في أمته
وعلي نظيري ".
أخرجه القلعي، وأبو الحسن الخلعي، وصاحب كتاب الفردوس (4).
وقال (صلى الله عليه وآله): " يا علي... وأنت الصاحب بعدي والوزير وما لك في أمتي من نظير، يا علي
أنت قسيم الجنة والنار بمحبتك يعرف الأبرار من الفجار " (5).
وعنه (صلى الله عليه وآله): " علي عديل نفسي " (6).
وقال (صلى الله عليه وآله): " أنا وعلي في السلام سواء " (7).
1 - المراقبات: 259.
2 - الهداية الكبرى: 315 باب 12.
3 - الهداية الكبرى: 398 باب 14.
4 - مناقب الخوارزمي: 141 ح 161 فصل 14، وكنز العمال: 11 / 757 ح 33687، وذخائر العقبى: 64
ذكر أنه من النبي أو مثله، ذكر أنه من النبي، وينابيع المودة: 1 / 279 - المناقب السبعون - ح 31،
والرياض النضرة: 2 / 164 ط. مصر الأولى، وجواهر المطالب: 1 / 61 باب 9، والرياض النضرة: 1 /
50 و 3 / 120.
5 - روضة الواعظين: 101 - 102 مجلس في امامة علي (عليه السلام).
6 - شرح النهج: 1 / 294 الخطبة 19.
7 - مسند البزار: 3 / 54 ح 808، ومجمع الزوائد: 8 30 والبغية: 65 ح 12735.
129
وقال (صلى الله عليه وآله): " علي فصاحته كفصاحتي " (1).
وقال (صلى الله عليه وآله): " علي صبره كصبري " (2).
وعن ابن عباس عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): " علي في الدنيا إذا مت عوض مني " (3).
وقال أبو بكر: قال لي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في الغار: " يا أبا بكر كفي وكف [يدي ويد] علي في
العدل سواء " (4).
وفي لفظ: " كفي وكف علي في العد سواء ". خرجه ابن السمان في الموافقات (5).
وفي رواية: " علي أصلي " (6).
وعن ابن عمر: " علي مع الرسول في درجته " (7).
وفي رواية عنه (صلى الله عليه وآله): " ليس أحد من الأمة يعدلك عندي " (8).
وقال (صلى الله عليه وآله): " أنا وأنت حجة الله على خلقه " (9).
وعن أنس بن مالك عنه (صلى الله عليه وآله): " أنا وعلي حجة الله على عباده " (10).
وعن محمد بن ثابت قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): " وأنا رسول الله والمبلغ عنه
1 - فرائد السمطين: 2 / 68.
2 - الرياض النضرة: 3 / 172.
3 مائة منقبة: 132 المنقبة 72.
4 - كنز العمال: 11 / 604 ح 32921 فضائله، وترجمة علي من تاريخ دمشق: 2 / 439 ح 953 ومناقب
ابن المغازلي: 129 ح 170، كفاية الطالب: 256 باب 62، وترجمة علي من تاريخ دمشق: 2 / 438
ح 952، وتاريخ بغداد: 5 / 240.
5 - جواهر المطالب: 1 / 61 باب 9.
6 - كنز العمال: 11 / 602 ح 32908، وكنوز الحقائق: 443..
7 - الرياض النضرة: 3 / 180.
8 - كنز الفوائد: 281 الاستدلال بصحة النص بالإمامة.
9 - ذيل تاريخ بغداد: 19 / 66.
10 - كنز العمال: 13 / 151 ح 74 36474، كتاب الأربعين للحافظ الخزاعي: 62 ح 20، وكشف الغمة:
1 / 161 بيان انه أفضل الأصحاب.
130
وأنت وجه الله والمؤتم به فلا نظير لي إلا أنت ولا مثلك إلا أنا " (1).
وروي عن محمد بن صدقة عن أبي ذر عن أمير المؤمنين قال: " يا سلمان ويا جندب أنا
محمد ومحمد أنا وأنا من محمد ومحمد مني " (2).
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصف الإمام قال: " وأدنى معرفة الإمام انه عدل النبي (صلى الله عليه وآله) إلا
درجة النبوة، ووارثه " (3).
وقال صادق أهل البيت جعفر بن محمد (عليه السلام): " ما جاء عن علي بن أبي طالب يؤخذ به
وما نهى عنه ينتهى عنه، جرى له من الفضائل ما جرى لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ولرسول الله الفضل
على جميع ما خلق الله.
العايب على أمير المؤمنين في شئ كالعايب على الله وعلى رسوله والرد عليه في صغير
وكبير على حد الشرك بالله.
كان أمير المؤمنين باب الله الذي لا يؤتى إلا منه وسبيله الذي من تمسك بغيره هلك
وكذلك جرى حكم الأئمة بعده واحدا بعد واحد.
أما علمت أن أمير المؤمنين كان يقول: لقد أقر لي جميع الملائكة والروح مثل ما أقر
لمحمد (صلى الله عليه وآله) ولقد حملت مثل حمولة محمد وهي حمولة الرب سبحانه، وأن محمدا يدعى
فيكسى ويستنطق فينطق وأدعى فأكسى وأستنطق فأنطق " (4).
وعنه (صلى الله عليه وآله): " أوتيت ثلاثا لم يؤتهن أحد: أوتيت صهرا مثلي ". رواه أبو سعيد في شرف
النبوة (5).
وقال ابن عمر: سألت النبي عن علي، فغضب وقال: " ما بال أقوام يذكرون من له
1 - ارشاد القلوب: 2 / 404.
2 - إلزام الناصب: 1 / 34 الثمرة الخامسة، وسوف يأتي توضيح الحديث في الجزء الثاني.
3 - كفاية الأثر: 259.
4 - ارشاد القلوب: 2 / 255 - 256 فضائله من طريق أهل البيت:.
5 - جواهر المطالب: 1 / 109 باب 33.
131
منزلة كمنزلتي " (1).
وروى الباهلي وغيره قوله (صلى الله عليه وآله): " يا علي فإنك ستكسى إذا كسيت وتدعى إذا دعيت
وتحيا إذا حييت وتشفع إذا شفعت " (2).
وورد عن واثلة وعلي (عليه السلام): عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: " [يا علي] ما سألت ربي شيئا [في
صلاتي] إلا أعطاني وما سألت الله شيئا إلا سألت لك مثله " (3).
وقريب منه عن عبد الله بن الحرث [الحارث] وأبي ذر (4).
وفي رواية عن أمير المؤمنين (عليه السلام): " أنا إمام لمن بعدي والمؤدي عمن كان قبلي ما يتقدمني
إلا أحمد، وإن جميع الرسل والملائكة والروح خلفنا وإن رسول الله يدعى فينطق وادعى
فأنطق على حد منطقه " (5).
وعن عمر بن ميثم قال: قال رسول الله لعلي (عليه السلام): " لا ادعى لخير إلا دعيت إليه " (6).
وروي عن الحسن العسكري (عليه السلام) في بعض محاورات أمير المؤمنين مع اليهود جاء فيها:
" نشهد أن محمدا رسول الله حقا وأنك يا علي وصيه حقا لم يثبت محمد قدما في مكرمة إلا
وطأت على موضع قدمه بمثل مكرمته، وأنتما شقيقان من أشرق [أشرف] أنوار الله فميزتما
[تميزتما] وأنتما في الفضائل شريكان إلا أنه لا نبي بعد محمد (صلى الله عليه وآله) " (7).
1 - كتاب الأربعين للحافظ الخزاعي: 30 ح 1.
2 - تذكرة الخواص: 29 - 30 باب 4، وكنز العمال: 13 / 155 ح 36482 بتفاوت.
3 - منتخب كنز العمال: 5 / 43، ومناقب ابن المغازلي: 118 ح 155، و 135 ح 178، ومناقب
الخوارزمي: 110 ح 117 فصل 9، و 143 ح 164 فصل 14، وكنز العمال: 11 / 625 ح 33048 و 13
/ 113، و 170 ح 36368، و 36513، وخصائص النسائي: 127 ح 143.
4 - خصائص النسائي: 127 ح 144، وذخائر العقبى: 61، وينابيع المودة: 1 / 240 باب 56، وارشاد
القلوب: 1 / 261 احتجاجه يوم الشورى.
5 - بحار الأنوار: 26 / 317 باب تفضيلهم على الأنبياء ح 85.
6 - كنز العمال: 13 / 155 ح 36481.
7 - معاني الاخبار: 27 باب معنى الحروف المقطعة.
132
وورد عن أبي بكر عندما أرسل أبا عبيدة لأخذ البيعة من علي (عليه السلام) قال: " يا أبا عبيدة
أنت أمين هذه الأمة أبعثك إلى من هو في مرتبة من فقدناه بالأمس ينبغي أن نتكلم عنده
بحسن الأدب " (1).
وكان المغيرة يساوي بين علي ورسول الله (2).
وعن الإمام الحسن (عليه السلام) في أول خطبة له: " والله لقد قبض فيكم الليلة رجل ما سبقه
الأولون إلا بفضل النبوة ولا يدركه الآخرون " (3).
وعن عمار وسلمان والمقداد وعامر بن أبي ذر وحذيفة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال بعد حديث
توسل آدم بأصحاب الكساء (عليهم السلام): " وافتخر على الملائكة أنه لم يعط نبي شيئا في الفضل
إلا أعطاه لنا " (4).
وورد أن روحهما من بين الخلق يقبضهما الله عز وجل (5).
إلى غير ذلك من الروايات الدالة على تساويه مع رسول الله صلوات المصلين عليهما ما
سبح لله فلك وأفل آخر.
1 - الغدير: 1 / 396 نقلا عن العروة الوثقى للسمناني البياضي.
2 - العقد الفريد: 2 / 230.
3 - مروج الذهب: 2 / 414 ذكر قتل علي -، وصيته -.
4 - الفضائل لابن شاذان: 128.
5 - جواهر المطالب: 1 / 62 باب 9.
133
* الدليل الثاني:
تصريح الروايات بدخول الأئمة الاثني عشر في آية التطهير، إما بذكر تفصيلي أو إجمالي
وإليك نقتطف منها:
1 - ما روي عن عيسى بن موسى الهاشمي بسر من رأى قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن
آبائه، عن الحسين بن علي، عن أبيه علي (عليه السلام) قال: " دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) في بيت أم
سلمة وقد نزلت هذه الآية * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم
تطهيرا) * فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي هذه الآية نزلت فيك وفي سبطي والأئمة من ولدك.
فقلت: يا رسول الله وكم الأئمة بعدك؟
قال: أنت يا علي ثم إبناك الحسن والحسين، وبعد الحسين علي ابنه، وبعد علي محمد ابنه،
وبعد محمد جعفر ابنه، وبعد جعفر موسى ابنه، وبعد موسى علي ابنه، وبعد علي محمد ابنه،
وبعد محمد علي ابنه، وبعد علي الحسن ابنه، والحجة من ولد الحسن، هكذا وجدت
أساميهم مكتوبة على ساق العرش، فسألت الله تعالى عن ذلك، فقال: يا محمد هم الأئمة
بعدك مطهرون معصومون وأعداؤهم ملعونون " (1).
2 - ما روي عن جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) في قوله عز وجل: * (إنما يريد الله ليذهب
عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * " يعني الأئمة وولايتهم، من دخل فيها دخل في
بيت النبي (صلى الله عليه وآله) " (2).
1 - كفاية الأثر: 155 - 156، ونقله في بحار الأنوار: 36 / 336 - 337، وغاية المرام: 293، وعوالم
العلوم: 15 / 221 قسم النصوص.
2 - الكافي: 1 / 423 ح 54.
134
3 - ما روي عن عبد الرحمن بن كثير قال: قلت لأبي عبد الله الصادق (عليه السلام): ما عنى الله
عز وجل بقوله: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) *.
قال: " نزلت في النبي وأمير المؤمنين والحسن والحسين وفاطمة عليهم السلام، فلما قبض
الله عز وجل نبيه كان أمير المؤمنين، ثم الحسن، ثم الحسين (عليه السلام)، ثم وقع تأويل هذه الآية
* (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) * (1)، وكان علي بن الحسين عليهما
السلام إماما، ثم جرت في الأئمة من ولده الأوصياء (عليهم السلام)، فطاعتهم طاعة الله، ومعصيتهم
معصية الله عز وجل " (2).
4 - وعن الإمام الباقر (عليه السلام) في حديث دعاء الرسول (صلى الله عليه وآله) لفاطمة (عليها السلام) يوم الزفاف: " اللهم
اجمع شملهما، وألف بين قلوبهما، واجعلهما وذريتهما من ورثة جنة النعيم، وارزقهما ذرية طاهرة
طيبة مباركة واجعل في ذريتهما البركة، واجعلهم أئمة يهدون بأمرك إلى طاعتك " (3).
5 - ما روي عن أبان بن أبي عياش، عن سليم، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)
قال: ثم قال علي (عليه السلام) لأبي الدرداء وأبي هريرة ومن حوله: " يا أيها الناس أتعلمون أن الله
أنزل في كتابه: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) *،
فجمعني رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفاطمة وحسنا وحسينا في كساء واحد ثم قال: اللهم هؤلاء أحبتي
وعترتي وثقلي وخاصتي وأهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
فقالت أم سلمة: وأنا.
فقال (صلى الله عليه وآله) لها: وأنت إلى خير، إنما أنزلت في وفي أخي علي وفي ابنتي فاطمة، وفي ابني
حسن وحسين، وفي تسعة من ولد الحسين خاصة ليس فيها معنا أحد غيرنا "؟!
1 - الأحزاب: 6.
2 - علل الشرائع: 205 الباب 156 ح 2، ونقله في بحار الأنوار: 25 / 255 و 35 / 211، وتفسير نور
الثقلين: 4 / 273 ح 94.
3 - وفاة الصديقة الزهراء للمقرم: 32، وتفسير نور الثقلين: 273 ح 94.
135
فقام جل الناس فقالوا: نشهد أن أم سلمة حدثتنا بذلك وسألنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فحدثنا
كما حدثتنا أم سلمة (1).
أقول: شهادة الناس لعلي (عليه السلام) بصحة ذلك، لأكبر دليل على أن هذه الآية نزلت في جميع
الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام)، وأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال ذلك للناس وأم سلمة أيضا روته، إضافة
إلى أن القائل أمير المؤمنين (عليه السلام).
بل هذا يؤكد على حقيقة، وهي أن نزول آية التطهير في الأئمة الاثني عشر من المتسالم
عليه في ذلك الزمان، ولا شبهة عند أحد فيه إلا من استبطن الكفر وأظهر الإيمان.
وإلا فالناس وأصحاب الرسول (صلى الله عليه وآله) الذين رووا الكثير من أحاديث الكساء، تسمع
وترى ولا معترض عليه بأنها في النساء، أو لا أقل فيهم وفي أصحاب الكساء الخمسة (عليهم السلام).
1 - ينابيع المودة: 1 / 115 ط. اسلامبول و 1 / 135 ط. النجف، وغيبة النعماني: 47 الباب الرابع،
والخطبة طويلة أخذنا موضع الحاجة، وتفسير نور الثقلين: 4 / 272 ح 92، وإحقاق الحق: 3 / 118 و
5 / 36، وعبقات الأنوار: 3 / 504 حديث الولاية.
136
تصريح النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) وأصحابه
* الدليل الثالث:
تصريح رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأصحابه وأهل بيته بأن أهل البيت هم الأئمة الاثنا عشر:
بعد ما ثبت أن أهل البيت هم أصحاب الكساء، وأن نساء النبي (صلى الله عليه وآله) وأقرباءه من بني
هاشم خارجون عنها، نجد أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد فسر لنا من هم أهل البيت، وأنهم الأئمة
الاثنا عشر (عليهم السلام).
والروايات في هذا المجال كثيرة جدا يأتي بعضها في كتاب النصوص على أهل
البيت (عليهم السلام) (1) ونذكر هنا على سبيل الاجمال:
1 - ما روي عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: " أهل بيتي أمان
لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء " (2).
1 - راجع القسم الثاني من النص على أهل البيت من الكتاب الخامس.
2 - هو حديث الأمان المستفيض رواه الفريقان من طرق:
مصادر حديث الأمان
الفردوس: 4 / 311 ح 6913 ط. دار الكتب و 5 / 56 ح 7166 ط. دار الكتاب، والمعجم الكبير للطبراني:
7 / 22 ح 6260 ترجمة اياس، ونوادر الأصول: 3 / 61 - 66 الأصل 222، والمطالب العالية: 4 /
74 - 347 ح 4002 -، وتفسير آية المودة: 89 و 90، وأمالي الشجري: 1 / 153 عن علي، وإسعاف
الراغبين: 141، والفوائد المجموعة: 397، وفضائل الصحابة: 2 / 671 ح 1145، ومجمع الزوائد:
9 / 277، وفرائد السمطين: 2 / 241 - 252 ح 515 - 521 - 522، ومشارق الأنوار: 109 باب 3
فصل 6، وذخائر العقبى: 17، ومقتل الخوارزمي: 1 / 108، وكنز العمال: 12 / 102 ح 34189،
ومستدرك الصحيحين: 3 / 149 - مناقب أهل البيت من كتاب المعرفة، وكشف الخفاء: 2 / 135
و 327، ودر السحابة: 267 مناقب أهل البيت ح 9، والشفا: 2 / 47 - 48 الباب الثالث، واحياء الميت
للسيوطي: 246 - 255 عن سلمة بن الأكوع وابن عباس.
وشرح النهج لابن أبي الحديد: 1 / 195، ورشفة الصادي: 78 - 5 - 11 - 17، وجواهر العقدين: 259 -
263، وأهل البيت لتوفيق: 73 - 81 - 82، والذخائر المحمدية: 343، وغرر البهاء: 526، والمعرفة
والتاريخ للفسوي: 1 / 538، وشرح النهج لابن أبي الحديد: 1 / 195، وروضة الواعظين: 261،
ومسند الروياني: 2 / 167 - 170 ح 1152، ومسند الأخبار: 1 / 127، وتذكرة الخواص: 291،
كفاية الأثر: 29.
137
قيل: يا رسول الله فالأئمة بعدك من أهل بيتك؟
قال: " نعم، الأئمة بعدي اثنا عشر (1) تسعة من صلب الحسين (2) أمناء معصومون، ومنا
مهدي هذه الأمة (3)، ألا إنهم أهل بيتي وعترتي من لحمي ودمي، ما بال أقوام يؤذونني فيهم
لا أنالهم الله شفاعتي! " (4).
2 - ما روي عن أنس قال:... فقام إليه أبو ذر وقال: يا رسول الله، كم الأئمة بعدك؟
قال (صلى الله عليه وآله): " عدد نقباء بني إسرائيل ".
فقال: كلهم من أهل بيتك؟
1 - الروايات متواترة في أن عدد الأئمة اثنا عشر من قريش:
راجع مسند البزار: 5 / 320 ح 1937، ومجمع الزوائد: 5 / 346 و 353، والفردوس: 1 / 121 و 156 ح
409، والمعجم الأوسط: 1 / 474 ح 863، و: 3 / 437 ح 2943، والمعجم الكبير: 2 / 196 و 197 و
206 و 214 و 223 و 218 و 216 و 226 و 241 و 249 و 254 و 253 و 255 و 214 و 195 و 199
و 208 و 232 و: 22 / 120، وتاريخ السيوطي: 9 و 10، وكنوز الحقائق: 413، وينابيع المودة: 1 /
216 و 198، وعيون اخبار الرضا: 1 / 46، ومسند أحمد: 1 / 657 و 398، وفرائد السمطين: 1 /
354، ومسند البزار: 5 / 320 ح 1937، والمطالب العالية: 4 / 342، والتاريخ الكبير: 1 / 446 ح
1426، والتنبيه والأشراف: 199 عن سليم، والمستدرك: 3 / 618، وكنز العمال: 11 / 252 ح
21420.
2 - وهو من الأحاديث المشهورة وسوف تأتي جل رواياته في كتاب النصوص - النص على المهدي (عج).
3 - سوف يأتي هنا قريبا مصادره.
4 - كفاية الأثر: 29.
138
قال (صلى الله عليه وآله): " كلهم من أهل بيتي تسعة من صلب الحسين والمهدي منهم " (1).
3 - ما روي عن الإمام الحسين (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: " ألا إن أهل بيتي أمان لكم،
فأحبوهم لحبي، وتمسكوا بهم لن تضلوا ".
قيل: فمن أهل بيتك يا نبي الله؟
قال: " علي وسبطاي وتسعة من ولد الحسين أئمة أمناء معصومون، ألا إنهم أهل بيتي
وعترتي من لحمي ودمي " (2).
4 - ما رواه شداد بن أوس عن أم سلمة، قلت لها: فمن أهل بيته؟
[قالت: أهل بيته] الذين أمرنا بالتمسك بهم؟
قالت: هم الأئمة بعده كما قال: عدد نقباء بني إسرائيل: علي وسبطاه وتسعة من صلب
الحسين، هم أهل بيته هم المطهرون والأئمة المعصومون.
قلت: إنا لله، هلك الناس إذن.
قالت: كل حزب بما لديهم فرحون (3).
5 - ما رواه أبو بصير: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): من آل محمد (صلى الله عليه وآله)؟
قال (عليه السلام): " ذريته ".
فقلت: من أهل بيته؟
قال: " الأئمة الأوصياء ".
فقلت من عترته؟
قال: " أصحاب العباء " (4).
1 - كفاية الأثر: 74.
2 - كفاية الأثر: 171.
3 - كفاية الأثر: 182.
4 - أمالي الصدوق: 200 المجلس 42 ح 10، ومعاني الأخبار: 94 باب معنى الآل والأهل والعترة والأمة
ح 3.
139
وفي رواية أخرى: من الآل؟
قال (عليه السلام): " ذرية محمد (صلى الله عليه وآله) ".
فقلت: ومن الأهل؟
قال (عليه السلام): " الأئمة (عليهم السلام) ".
فقلت: قوله عز وجل: * (أدخلوا آل فرعون أشد العذاب) * (1).
قال (عليه السلام): " والله ما عنى إلا ابنته " (2).
6 - ما روي عن علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، قال المأمون: من العترة الطاهرة؟
قال (عليه السلام): " الذين وصفهم الله في كتابه فقال عز وجل: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم
الرجس) *: وهم الذين قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل
بيتي " (3).
1 - المؤمن: 45.
2 - معاني الأخبار: 94 ح 2
3 - وهو حديث الثقلين المتواتر رواه الفريقان من طرق:
بعض مصادر حديث الثقلين
الشفاء: 2 / 47، ومجمع الزوائد: 1 / 413 ح 784 عن ابن ثابت، ونزل الأبرار: 32 و 52 الباب الأول عن
زيد وحذيفة بن أسيد، والجواهر: 231 الباب الرابع من طرق متعددة وعن جملة من الحفاظ، وتفسير
آية المودة: 59 - 62 - 64 إلى 71 - 102، وشرح الأخبار: 1 / 99 - 105 عن زيد والصادق، والمعجم
الأوسط: 4 / 262 - 328 ح 3463 - 3566 عن أبي سعيد، والفردوس: 1 / 66 ح 194 ط. كتب و 98
ح 197 ط كتاب عن أبو سعيد، ومجمع الزوائد: 10 / 658 ح 18460 عن حذيفة، وفضائل الصحابة:
2 / 779 ح 1382 عن أبي سعيد و 572 ح 968 عن زيد و 585 ح 990 عن أبي سعيد و 603 ح 1032
عن أبي ثابت و 786 ح 1403، ومجمع الزوائد: 9 / 256 إلى 260 ح 14957 وما بعده عن ابن ثابت
وأبي هريرة وعلي وابن عوف وأبي سعيد وابن أرقم وحذيفة وابن أسيد، وكتاب احياء الميت للسيوطي:
240 - 269 - 247 - 258 - 261 عن أبي سعيد وعلي وزيد وابن ثابت وابن أرقم وجابر، والبيان
والتعريف في أسباب ورود الحديث: 1 / 370 ح 437 عن زيد، ومشارق الأنوار: 109 الفصل
السادس من الباب الثالث، وتلخيص المتشابه: 1 / 62 رقم 78 عن أبي سعيد و 2 / 690 ح 1150،
واخبار قزوين: 3 / 465 ترجمة عمرو بن رافع بن الفرات عن زيد بن أرقم، والبيان والتعريف: 3 / 74
ح 1290 زيد.
والسنن الكبرى: 2 / 148 و: 7 / 30، والمطالب العالية: 4 / 65 ح 3972، وأمالي الشجري: 1 / 143 -
149 - 152 - 154 - 115 و 415 عن زيد، ومسند البزار: 3 / 89 ح 864، وحلية الأولياء: 9 / 64،
وتاريخ بغداد: 8 / 443، ومسند شمس الأخبار: 1 / 126 أبو سعيد، والمعرفة والتاريخ: 1 / 536 إلى
538 عدة، ومسند أحمد: 3 / 17 - 26 - 4059 و 2 / 303 ح 1027 عن أبي سعيد و 2 / 376
ح 1140 عن أبي سعيد و 2 / 166 ح 859 عن عبد الرحمن بن عوف، والمنتخب من نسند عبد بن حميد:
108 ح 240 عن زيد بن ثابت و 114 ح 265 عن زيد ابن أرقم، ومشكاة المصابيح: 3 / 1735 -
1732 - 1735 ح 6144 - 6131 - 6143 باب فضائل علي عن زيد وجابر، ومسند أبى يعلى: 2 /
297 - 303 - 376 - 166 ح 1140 - 1021 - 1027. مصابيح السنة: 4 / 185 - 189 ح 4815 -
4816.
وتحفة الأحوذي: 10 / 287 - 290 ح 3874 - 3876 أبواب المناقب، باب مناقب أهل بيت النبي -
حديث الثقلين، والمصنف لابن أبي شيبة: 6 / 313 - 371 ح 31670 - 32077 و 7 / 411 ح
36942، ومسند أحمد 5: 492 ط. الميمنة و 4: 366 ط. بيروت، وصحيح مسلم: 15 / 176 ح
6178 ط. بيروت، و 7 / 122 ط. مصر كتاب الفضائل - فضائل علي ح 12 من بابه، وأسد الغابة 2: 12
ترجمة الإمام الحسن 7، وج 3: 147 ترجمة عبد الله بن حنطب و 92 ترجمة عامر بن ليلى، وتحفة
الأشراف: 2 / 278 ح 2615، وجلاء الأفهام: 121 الفصل الرابع - معنى الال، وتفسير المحرر
الوجيز: 1 / 36 المقدمة باب ما ورد عن النبي في فضل القرآن، ومقتل الحسين للخوارزمي: 1 /
104 - 114 - 164 - 165 فصل: 6 و 8، ومناقب الخوارزمي: 154 - 200 فصل 14 و 15، والطبقات
الكبرى: 2 / 150 ذكر ما قرب لرسول الله من أجله، المسند 5: 72 - 181 - 189 - 182 ط. م و 6:
244 - 232 ط. ب وج 3: 17 - 27 - 59 ط. م و 408 - 463 - 392 ط. ب، ومناقب ابن المغازلي:
111 ح 155، والمستدرك: 3 / 109 - 533 كتاب معرفة الصحابة، وصحيح الترمذي 5: 663 - 662
كتاب المناقب ح 3786، و 3 / 351 باب التفسير ط. مصر - دار الحديث، وخصائص النسائي: 85،
والمعجم الكبير للطبراني 3: 65 - 66 - 67 ترجمة الحسن - و: 180 ترجمة حذيفة بن أسيد - ما روى
واثلة عنه، وج 5: 153 - 154 - 166 - 167 - 170 - 182 - 183 - 186 ترجمة زيد بن ثابت وزيد بن
أرقم، والذرية الطاهرة: 166 ح 228، والعقد الفريد: 4 / 53 كتاب الخطب - خطبة الرسول في حجة
الوداع، والفتوح لابن أعثم: 3 / 141 ابتداء أخبار مقتل مسلم، والدر المنثور: 2 / 60 عن أبي سعيد
وزيد بن ثابت وزيد بن أرقم مورد آية (واعتصموا بحبل الله) آل عمران 103 وج 6: 7 - 306، وتفسير
الرازي: 8 / 162 مورد اية (واعتصموا)، وتاريخ اليعقوبي: 2 / 212 ذيل خلافة علي، الصواعق
المحرقة: 44 - 125 - 145 - 149 - 228 ط. مصر و 66 - 194 - 224 - 228 - 229 - 342 - 341 ط.
بيروت، والفصول المهمة: 40، وينابيع المودة 1: 20 - 28 إلى 28 - 116 - 183 - 241 - 245 296
ط. اسلامبول وط. النجف: 22 - 23 - 31 إلى 42 الباب الرابع - 136 - 216 - 217 - 286 - 292 -
293 - 355 -، وج 2: 447 ط. اسلامبول وط. النجف: 536 باب 77، وكنز العمال: 1 / 172 ح 870،
و 379 ح 1650، و 384 ح 1667 وما بعدهم - باب الاعتصام بالكتاب والسنة، والجامع الصغير: 1 /
107 - 180، والبحار: 36 / 331 - 338 - 373، وكفاية الأثر: 87 - 91 - 128 - 137 - 163 - 261،
وكشف الغمة: 2 / 34، ونهج الحق: 394 - 396،، والايضاح: 177،، ومائة منقبة: 147 المنقبة 86،
والطرائف 1: 113 - 144، وتفسير العياشي: 1 / 250، وكتاب سليم: 116، وكفاية الأثر: 136،
والاحتجاج: 1 / 148، واثبات الوصية: 123، وإحقاق الحق: 5 / 86 وج 9: 309، والتدوين
للرافعي: 2 / 264 ترجمة أحمد بن القطان، وإحقاق الحق: 18 / 283.
140
قالت العلماء: أخبرنا عن العترة، هم الآل أم غير الآل؟
فقال الرضا (عليه السلام): " هم الآل " (1).
7 - ما روي عن أبي هريرة، عن الأعرج: فقلت لأبي هريرة: فمن أهل بيته؟ نساؤه؟
قال: لا، أهل بيته صلبه [أصله] وعصبته، وهم الأئمة الاثنا عشر الذين ذكرهم الله في
قوله: * (وجعلها كلمة باقية في عقبة) * (2).
في ما ذكرناه كفاية، وتأتي الإشارة إلى بعض الأخبار في الثمرة الثانية.
ومما يؤيد هذا الدليل الأدعية التي وردت بحقهم من الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله):
منها: ما روي عن ابن أبي ليلى قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي: " أخبرني جبرائيل أنهم
يظلمونك بعدي، وأن الظلم لهم لا يزول عن عترتنا حتى إذا قام قائمهم وعلت كلمتهم
1 - عيون أخبار الرضا: 1 / 180 باب 23 ح 1، وبحار الأنوار: 49 / 172 و 25 / 220، وتفسير نور
الثقلين: 4 / 271 ح 85.
2 - كفاية الأثر: 87.
142
واجتمعت الأمة على مودتهم - إلى أن قال - اللهم إنهم أهلي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم
تطهيرا، اللهم اكلأهم وارعهم وكن لهم وانصرهم " (1).
ومنها: ما روي عن أم سلمة وسلمان وأنس وعلي (عليه السلام) جميعا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال
لعلي وفاطمة عند زفافهما: " اللهم إني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم، اللهم إني
أعيذه بك وذريته من الشيطان الرجيم.
اللهم إنهما مني وأنا منهما، اللهم كما أذهبت عني الرجس وطهرتني فأذهب عنهما الرجس
وطهرهما وطهر نسلهما ".
وقال: " طهركما الله وطهر نسلكما ".
وقال (صلى الله عليه وآله): " أذهب الله عنك الرجس يا أبا الحسن وطهرك تطهيرا ".
وقال (صلى الله عليه وآله): " أذهب الله عنك الرجس وطهرك تطهيرا " (2).
وقد تقدم ذلك مفصلا.
1 - ينابيع المودة: 1 / 135 ط. اسلامبول و 159 ط. النجف.
2 - ينابيع المودة: 175 - 176 177 ط. اسلامبول و 206 - 207 ط. النجف، ومناقب الخوارزمي: 35 و
353 ح 364 فصل 20.
143
الدليل الرابع والخامس
الدليل الرابع:
ما تقدم من قول أهل اللغة في حصر الآل بالأبناء والعصبة، وأن إطلاقه على النساء
مجازا.
الدليل الخامس
تصريح الأئمة أنهم أهل البيت (عليهم السلام):
فنجد أن الأئمة صلوات الله عليهم صرحوا أنهم هم أهل البيت الذين أذهب الله عنهم
الرجس في آية التطهير، وهم صادقون في ما يدعون، ولم يعترض عليهم أحد في هذا
التصريح، بل على العكس كان الناس يقبلون منهم ذلك، ويشهدون به في بعض الأحيان،
وإليك نماذج ذلك:
1 - ما اشتهر عن الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) لشيخ دمشق: " هل قرأت هذه الآية:
* (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * "؟!.
قال: نعم، [قد قرأت ذلك].
قال (عليه السلام): " فنحن أهل البيت الذي [الذين] خصصنا بآية التطهير [الطهارة يا
شيخ] " (1).
1 - أمالي الصدوق: 140 المجلس 31 ح 3، والفتوح لابن الأعثم: 2 / 183 ذكر كتاب عبد الله إلى يزيد
وبعثه برأس الحسين (عليه السلام)، ومقتل الحسين للخوارزمي: 2 / 61 - 62، وبحار الأنوار: 45 / 129 نقلا
عن كتاب الملهوف: 158، وتفسير نور الثقلين: 4 / 275 ح 102 عن الإحتجاج.
144
وفي رواية أخرى قال السدي عن أبي الديلم: " أما قرأت في الأحزاب: * (إنما يريد الله
ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) *؟ "
فقال: نعم، ولأنتم هم؟
قال (عليه السلام): " نعم " (1).
وقال (عليه السلام) عندما سأله ابن عمرو عن حاله: " إن لنا أهل البيت الفضل على قريش لأن
محمدا (صلى الله عليه وسلم) منا " (2).
وعن المنهال: قال لي زين العابدين (عليه السلام): " فإن لنا أهل هذا البيت الفضل على جميع
هؤلاء وجميع الناس، هكذا أصبحنا إن كنت لا تدري! " (3).
وقال (عليه السلام): " إنا أهل البيت نطيع الله فيما يحب " (4).
2 - ما روي عن أبي الجارود قال: قال أبو جعفر الباقر (عليه السلام): " إنما مثلنا أهل البيت كمثل
شجرة على ساق، من تمسك بغصن من أغصانها نجا.
قلت: رحمك الله من الساق؟
قال: " علي بن أبي طالب " (5).
وقال (عليه السلام): " إنا لا نوصف، وكيف يوصف قوم رفع الله عنهم الرجس " (6).
وقال: " إنا آل محمد نلبس الخز " (7).
1 - تفسير ابن كثير: 3 / 535 ذيل الآية، وتفسير ابن جرير الطبري: 22 / 7 ط. مصر 1323 وفضل آل
البيت للمقريزي: 27، وأهل البيت لتوفيق أبو علم: 20 الباب الأول.
2 - الطبقات الكبرى: 5 / 170 ترجمة علي بن الحسين (755) - بقية الطبقة الثانية من التابعين.
3 - مناقب الأمير للكوفي: 2 / 109 ح 598.
4 - ترجمة علي بن الحسين من تاريخ دمشق: 57 ح 88.
5 - مناقب الأمير للكوفي: 2 / 164 ح 642.
6 - تفسير نور الثقلين: 4 / 274 ح 98.
7 - الطبقات الكبرى: 5 / 247 ترجمة أبي جعفر محمد بن علي (985) - الطبقة الثالثة من أهل المدينة من
التابعين.
145
وخاطبه جابر بقوله: أكان منكم أهل البيت أحد يزعم أن ذنبا من الذنوب شرك (1)؟
وفي رواية عندما سئل عن الحناء قال: " هذا خضابنا أهل البيت " (2).
3 - وعن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): " نحن أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) " (3).
وقال (عليه السلام) عندما سأله ابن ميسرة عن آل محمد (عليهم السلام): " إنما آل محمد من حرم الله عز وجل
على محمد نكاحه " (4).
4 - إعتراف المأمون بكون الإمام الرضا (عليه السلام) من أهل البيت:
قال المأمون والعلماء (5) للإمام بعد المحاورة الطويلة التي جرت بينهم والتي أظهر بها الإمام
عن علمه وسعة إحاطته: جزاكم الله أهل بيت نبيكم عن هذه الأمة خيرا، فما نجد الشرح
والبيان فيما اشتبه علينا إلا عندكم (6).
5 - وقال الإمام محمد بن علي الجواد (عليه السلام): " لنا من الله الطهارة، وذلك قوله:
* (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) *، ولنا من رسول الله
الولادة " (7).
وفي رواية: " الجواد منا أهل البيت (عليهم السلام) " (8).
وقال علي بن موسى الرضا في حقه (عليهما السلام): " إنا أهل البيت يتوارث أصاغرنا عن أكابرنا
1 - الطبقات الكبرى: 5 / 246 ترجمة أبي جعفر محمد بن علي (985) الطبقة الثالثة من أهل المدينة من
التابعين.
2 - المصدر السابق.
3 - آية التطهير: 1 / 345 عن غاية المرام: 300 وعن الأمالي: 252.
4 - معاني الأخبار: 93 - 94 باب معنى الآل والأهل والعترة والأمة ح 1، ونقله في بحار الأنوار: 25 /
216 وهم بنو هاشم الذين حرموا الصدقة كما تقدم، راجع فتح القدير: 4 / 280.
5 - وهم جماعة من علماء أهل العراق وخراسان كانوا في مجلس المأمون.
6 - عيون أخبار الرضا: 1 / 188 باب 23 ذيل ح 1.
7 - آية التطهير: 1 / 389 عن المسترشد: 183.
8 - أخبار الدول للقرماني: 116 باب 2 فصل 4.
146
القذة بالقذة " (1).
6 - ومن ذلك ما اشتهر في الحجة القائم (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): " المهدي منا أهل
البيت ".
قال أبو الحسن السحري: (قد تواترت الأخبار واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى
بمجئ المهدي وأنه من أهل البيت) (2).
1 - الفصول المهمة: 253 ط. بيروت و 265 ط. النجف الفصل التاسع.
2 - الحاوي للفتاوى: 2 / 165 العرف الوردي في أخبار المهدي، والرسائل العشرة للسيوطي رسالة
العرف الوردي في أخبار المهدي: 253 ذيل الرسالة.
المهدي من أهل البيت (عليهم السلام)
وقد أحصيت من الرواة: عليا وأبا سعيد وأم سلمة وابن مسعود وأبا هريرة وابن عمر وعبد الرحمن بن عوف
وقيس بن جابر عن جده وحذيفة والحسين بن علي وعوف بن مالك وابن عباس وكعب والصدفي.
أخرج ذلك: الطبراني وأبو داود ونعيم بن حماد في الفتن والحاكم وأبو نعيم وابن ماجة وأحمد والبارودي في
المعرفة والفسوي والديلمي والترمذي والدارقطني وابن أبي شيبة وأبو يعلى والحارث بن أبي أسامة
والحسن بن سفيان وابن منده وابن عساكر والروياني في مسنده والخطيب في المتفق والشاشي.
راجع المصنف لابن أبي شيبة: 7 / 512 - 513 - 527 ح 37628 - 37630 - 37633 - 37636 -
37637 - 37716 - 37723 كتاب الفتن، والحاوي للفتاوى: 2 / 123 إلى 166 العرف الوردي في
أخبار المهدي، والرسائل العشرة للسيوطي رسالة العرف الوردي في أخبار المهدي: 213 إلى 253،
ومجمع الزوائد: 7 / 313 ط. مصر 1352 وبغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد: 7 / 610 إلى 617 ح
12393 وما بعده - كتاب الفتن باب ما جاء في المهدي، والمستدرك: 4 / 442 - 464 - 465 - 520 -
557 - 558 كتاب الفتن والملاحم، وموارد الظمآن: 463 ح 1876 عن عدة.
والمصنف لعبد الرزاق: 11 / 371 ح 20769 وما بعده، وفرائد السمطين 2 / 310 إلى 341 الباب 61 ح
561، ومسند الشاشي: 2 / 109 - 110 - 111 ح 632 إلى 636، والفردوس: 5 / 82 ح 7523 ط.
دار الكتب العلمية و 222 ح 7675 ط. دار الكتاب.
والفصول المهمة: 282 - 284 ط. بيروت و 294 ط. النجف وطهران، واثبات الوصية: 229، والمعجم
الكبير: 10 / 135 ترجمة الأعمش الاختلاف عنه في حديث عبد الله ح 10222، والارشاد: 2 /
340، وسنن أبي داود: 4 / 106 ط. دار الفكر ب.، وسنن الترمذي: 4 / 505 ط. إحياء التراث، وغيبة
الشيخ: 112، ودلائل الإمامة: 240، والمصنف لابن أبي شيبة: 7 / 513 ح 37637 و 37636 كتاب
الفتن، وسنن أبي داود 6 4 / 106 ح 4282 كتاب المهدي.
ومسند أحمد: 1 / 371 ط. دار الفكر، وتاريخ بغداد: 4 / 388 ط. المدينة المنورة، والفصول المهمة:
291 ط. النجف، المصنف لعبد الرزاق: 11 / 371 ح 20770 باب المهدي، والمعجم الكبير: 1 /
134 ترجمة الأعمش - الاختلاف في حديث عبد الله ح 10219، والمسند: 1 / 136 ط. ب و 84
ط. م، ومناقب الكوفي: 2 / 112 - 160 - 173.
147
أقول: من المتواتر نسبة الأئمة (عليهم السلام) إلى أهل البيت في جميع الأمصار، بل لا يقال في زماننا
لشريف أنه من أهل البيت - مجازا - إلا إذا انتسب إليهم (عليهم السلام).
148
* الدليل السادس:
أقوال العلماء والشعراء ومصنفاتهم
أما الأقوال: فالشيعة مجمعة على ذلك فلا داعي لذكر أقوالهم (1).
أما أقوال العلماء فمنها:
* ما قال أبو بكر الحضرمي بعد حصر الآية بأصحاب الكساء وإخراج النساء: ولا يمنع
هذا الحصر دخول أولادهم وذريتهم إلى آخر الأبد في هذا المعنى المراد، لأن شمول لفظ
أهل البيت لمن سيوجد منهم كشمول لفظ الأمة لمن سيوجد منها، لا سيما وقد صرحت بذلك
الأحاديث النبوية، كقوله عليه أفضل الصلاة والسلام: " إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به
لن تضلوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي - إلى أن قال - وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي
الحوض ".
وكقوله عليه الصلاة والسلام: " في كل خلف من أمتي عدول من أهل بيتي ". الحديث.
وكقوله عليه الصلاة والسلام: " أهل بيتي أمان لأهل الأرض فإذا ذهب أهل بيتي ذهب
أهل الأرض ".
وكقوله في أثناء حديث عن ابن عباس: " وأهل بيتي أمان لامتي من الاختلاف ".
وكإخباره عليه الصلاة والسلام في أحاديث متعددة بأن المهدي الموعود به في آخر الزمان
من أهل بيته صلى الله عليه وآله وسلم.
إلى غير ذلك من الأحاديث والأخبار الدالة قطعا، على أن هذه السلالة الطاهرة
والعناصر الزكية هم أهل البيت المطهرون، وأنهم المرادون بكل ما ورد في فضل أهل البيت
1 - وقد تقدم بعضها ويعلم البعض الآخر من مصادر آية التطهير.
149
من الآيات والأحاديث والآثار.
وأنهم ذرية النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعترته وبنوه وأولاده، وأنهم لن يفارقوا
الكتاب إلى يوم القيامة، وأنهم أحد الثقلين اللذين تركهما فينا رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم وأمر أمته بالتمسك بهما.
وقد أجمعت الأمة على ذلك فلا حاجة لإطالة الاستدلال له (1).
* وقال ابن عربي في آية التطهير: فدخل الشرفاء أولاد فاطمة كلهم إلى يوم القيامة في
حكم هذه الآية من الغفران، فهم المطهرون باختصاص من الله تعالى وعناية بهم لشرف
محمد (صلى الله عليه وسلم) وعناية الله سبحانه به (2).
* وقال ابن حجر: بعد ذكر الصلاة على الآل:.. والأصح في الآل أنهم مؤمنو بني هاشم
والمطلب، وأما الذرية فمن الآل على سائر الأقوال (3).
* وقال السمهودي: وحكى النووي في شرح المهذب وجها آخر لأصحابنا أنهم عترته
الذين ينسبون إليه (صلى الله عليه وسلم) قال: وهم أولاد فاطمة ونسلهم أبدا. حكاه الأزهري وآخرون
عنه (4).
* وقال القاضي الأرياني: وقيل هم: علي عليه السلام وفاطمة والحسنان وذريتهم (5).
* وقال توفيق أبو علم: إن أهل البيت هم فاطمة وعلي والحسن والحسين ومن خرج من
سلالة الزهراء وأبي الحسنين رضي الله عنهم أجمعين (6).
1 - رشفة الصادي من بحر فضائل بني النبي الهادي: 17 ط. مصر و 40 ط. بيروت - الباب الأول.
2 - الفتوحات المكية 1: 196 - 198 الباب 29، ط. دار الإحياء - بيروت، وفضل آل البيت للمقريزي:
44، ورشفة الصادي: 83 ط. مصر و 139 ط. بيروت - الباب السادس.
3 - الصواعق المحرقة: 146 ط. مصر، وط. بيروت: 225 الباب 11 - الآيات النازلة فيهم الآية الثانية.
4 - جواهر العقدين: 211 الباب الأول، وبهامشه: شرح المهذب: 3 / 448.
5 - هداية المستبصرين: 315 عنه جناية الأكوع على ذخائر الهمداني: 29.
6 - أهل البيت: 8 - المقدمة.
150
* وقال في موضع الرد على عبد العزيز البخاري: أما قوله إن آية التطهير المقصود منها
الأزواج، فقد أوضحنا بما لا مزيد عليه أن المقصود من أهل البيت هم العترة الطاهرة لا
الأزواج (1).
* وقال الملا علي القاري: الأصح أن فضل أبنائهم على ترتيب فضل آبائهم، إلا أولاد
فاطمة رضي الله تعالى عنها، فإنهم يفضلون على أولاد أبي بكر وعمر وعثمان، لقربهم من
رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فهم العترة الطاهرة والذرية الطيبة الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم
تطهيرا (2).
- وأما تصانيف العلماء فعلماؤنا من الخاصة مجمعون على ذلك، وجملة من العامة
يعنونون البحث بفضل أهل البيت (عليهم السلام)، ثم يذكرون فضائل الأئمة واحدا بعد واحد.
ويفردون لنساء النبي بابا خاصا:
راجع تاريخ الخميس: 2 / 288 - 289 الفصل الثاني ذكر الأئمة الاثني عشر، واخبار
الدول: 111 و 112 و 117، وسبائك الذهب: 334 والفصول المهمة: 147 و 148 و 201
و 119 و 233 و 227 و 253 و 265 و 273 و 281.
ومسند أحمد 1: 199 - و 6: 29 ط. مصر.
وكذلك ابن حجر في صواعقه من الفصل الثالث.
وكذا الترمذي في صحيحه: 5: 662 كتاب المناقب - ط. دار الحديث مصر، مناقب أهل
البيت.
وكذا كل من ألف في أهل البيت فإنه يحصر ذكر مناقبهم، كالشيخ محمود الشرقاوي
وتوفيق أبو علم في كتابهما: " أهل البيت ".
وكذا ابن العربي في أحكام القرآن: 3 / 1538 حيث ذكر تحت عنوان " المسألة السادسة
1 - أهل البيت: 35 الباب الأول.
2 - شرح كتاب الفقه الأكبر لأبي حنيفة: 210 مسألة في تفضيل أولاد الصحابة.
151
قوله: أهل البيت " حديث نزول الآية في أصحاب الكساء وتلاوة الرسول (صلى الله عليه وآله) الآية على
بابهم فقط.
وذكر محب الدين الطبري في الذخائر عنوان: " أن فاطمة وعليا والحسن والحسين هم
أهل البيت ".
وكذا السندي في كتابه " دراسات اللبيب في الأسوة الحسنة بالحبيب "، والسيد المرشد
بالله كما في ترتيب أماليه تحت عنوان: " فضل أهل البيت ".
وكذا الشبلنجي في نور الأبصار، والصبان في إسعاف الراغبين والخوارزمي، والقندوزي،
وابن أبي الحديد، والمسعودي، وابن الصباغ وغيرهم كثير جدا.
- أما الشعراء:
فكذلك كانوا يطلقون على كافة الأئمة (عليهم السلام) هذا العنوان " أهل البيت " وإليك نموذجا من
ذلك:
1 - ما أخرجه سبط ابن الجوزي:
بأربعة كل يسمى محمدا * وأربعة أسماؤهم كلهم علي
وبالحسنين السيدين وجعفر * وموسى أجرني إنني لهم ولي (1)
2 - ما أنشده بعض الشافعية:
وسائلي عن حب أهل البيت * هل أسر إعلاني بهم (2) أم أجحد
والله مخلوط بلحمي ودمي * حبهم هم الهدى والرشد
حيدرة والحسنان بعده * ثم علي وابنه محمد
وجعفر الصادق وابن جعفر * موسى ويتلوه علي السند (3)
أعني الرضا ثم ابنه محمد * ثم علي وابنه المسدد
1 - تذكرة الخواص: 328 الباب الثاني عشر - ذكر المهدي (عج)، مناقب آل أبي طالب: 1 / 304.
2 - في التذكرة: أقر اعلانا به.
3 - في التذكرة: السيد.
152
والحسن التالي ويتلو تلوه * محمد بن الحسن الممجد (1)
فإنهم أئمتي وسادتي * وان لحاني معشر وفندوا
أئمة أكرم بهم أئمة * أسماؤهم مسرودة تطرد
هم حجج الله على عباده * وهم إليه منهج ومقصد (2)
3 - وقال شمس الدين بن طلون:
عليك بالأئمة الاثني عشر * من آل بيت المصطفى خير البشر
أبو تراب حسن حسين * وبغض زين العابدين شين
محمد الباقر كم علم درى * والصادق ادع جعفرا بين الورى
موسى هو الكاظم وابنه علي * لقبه بالرضا وقدره علي
محمد التقي قلبه معمور * علي النقي دره منثور
والعسكري الحسن المطهر * محمد المهدي سوف يظهر (3).
4 - قال الإمام محمد بن علوي:
ببني جديد تشفعي وتوسلي * أعطى المطلوب وأظفر بالمنا
بعمود أهل البيت جعفر والامام * الباقر الأواب بالعلم اغتنا
أيضا بزين العابدين عليهم * ثم الحسين السبط رب تولنا
ثم الإمام والزهراء حووا * كل الفضائل كلهم أجدادنا
أيضا من الهادي النبي مدادهم * فيهم توسلنا إليك فكن لنا (4).
5 - ما أنشده روزبهان في كتاب إبطال نهج الباطل:
سلام على المصطفى المجتبى * سلام على السيد المرتضى
1 - في التذكرة: المفتقد.
2 - تذكرة الخواص: 327 باب 12، ينابيع المودة: 2 / 569 باب 87.
3 - الأئمة الاثنا عشر: 118 ذيل الكتاب.
4 - غرر البهاء الضوي: 125 - 126.
153
سلام على ستنا فاطمة * من اختارها الله خير النسا
سلام من المسك أنفاسه * على الحسن الألمعي الرضا
سلام على الأورعي الحسين * شهيد ثوى جسمه كربلا
سلام على سيد العابدين * علي بن الحسين الزكي المجتبى
سلام على الباقر المهتدى * سلام على الصادق المقتدى
سلام على الكاظم الممتحن * رضي السجايا إمام التقى
سلام على الثامن المؤتمن * علي الرضا سيد الأصفيا
سلام على المتقي التقي * محمد الطيب المرتجى
سلام على الأريحي النقي * علي المكرم هادي الورى
سلام على السيد العسكري * امام يجهز جيش الصفا
سلام على القائم المنتظر * أبي القاسم العرم نور الهدى
سيطلع كالشمس في غاسق * ينجيه من سيفه المنتضى
ترى يملأ الأرض من عدله * كما ملئت جور أهل الهدى
سلام عليه وآبائه * وأنصاره ما تدوي (تدوم) السما (1)
1 - وسيلة الخادم إلى المخدوم: 31، ومقدمة إحقاق الحق: 1 / 80، وإلزام الناصب: 1 / 332.
154
الفرق بين الأهل والآل والعترة
ثم إنه قد يفرق بين الآل والأهل، كما جاء في رواية أبي بصير عن الصادق (عليه السلام) قال: قلت
لأبي عبد الله: من آل محمد؟
قال (عليه السلام): " ذريته ".
فقلت: من أهل بيته؟
قال (عليه السلام): " الأئمة الأوصياء ".
قلت: من عترته.
قال (عليه السلام): " أصحاب العباء ".
فقلت: من أمته؟
قال (عليه السلام): " المؤمنون الذين صدقوا بما جاء به من عند الله عز وجل [المتمسكون بالثقلين
اللذين أمروا بالتمسك بهما: كتاب الله وعترته أهل بيته، الذين أذهب الله عنهم الرجس
وطهرهم تطهيرا، وهما الخليفتان على الأمة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)] " (1).
وفي بعض أحاديث الكساء قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " اللهم هؤلاء آل محمد فاجعل صلواتك
على آل محمد " (2).
وفي أحاديث الثقلين سئل الرسول (صلى الله عليه وآله) عن العترة فقال: " علي والحسن والحسين والأئمة
من ولد الحسين إلى يوم القيامة ".
1 - أمالي الصدوق: 200 ح 10 من المجلس 42، ومعاني الأخبار: 94 باب معنى الآل والأهل، وروضة
الواعظين: 268 مجلس في ذكر مناقب آل محمد.
2 - بحار الأنوار: 25 / 242.
155
وفيه أيضا: " إني مخلف فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي " (1).
وعن ابن عباس في قوله تعالى: * (والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان) * قال: " نزلت
في النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين " (2).
وعن الديلمي قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك من الآل؟
قال (عليه السلام): " ذرية محمد (صلى الله عليه وآله) ".
قلت: فمن الأهل؟
قال (عليه السلام): " الأئمة (عليهم السلام) ".
فقلت: قوله عز وجل: * (أدخلوا آل فرعون أشد العذاب) *.
قال (عليه السلام): " والله ما عنى إلا ابنته " (3).
وعن الإمام الرضا (عليه السلام) في خبر مجلس المأمون: قالت العلماء: أخبرنا يا أبا الحسن عن
العترة أهم الآل أم غير الآل؟
فقال الرضا (عليه السلام): " هم الآل " (4).
ومعنى الآل: السراب الذي تراه في الصحراء وعند الهاجرة، والآل أعواد الخيمة، واسم
جبل بعينه، والشخص والإنسان نفسه.
وحقيقة الآل في اللغة القرابة خاصة دون سائر الأمة.
وآل محمد بنو هاشم من آل إليه بحسب أو قرابة، وقيل: آل محمد كل تقي، وقيل: آل
محمد من حرمت عليه الصدقة (5).
1 - معاني الأخبار: 91 باب معنى الثقلين والعترة.
2 - بحار الأنوار: 25 / 241 عن كنز الفوائد: 355 ط. المكتبة الرضوية.
3 - بحار الأنوار: 25 / 216 عن معاني الأخبار 33.
4 - عيون أخبار الرضا: 1 / 180 باب 23 ح 1، وبحار الأنوار: 49 / 172 و 25 / 220، وتفسير نور
الثقلين: 4 / 271 ح 85، والأمالي للصدوق: 312.
5 - كشف الغمة: 1 / 40 - 41 - 42 معنى الآل.
156
وقيل: لا يكون الآل إلا الأتباع والأقارب (1).
وقيل بالتساوي بين الآل والأهل، كما نقل ذلك عن مكي القيسي في كتابه مشكل إعراب
القرآن قال: إن آل محمد معناه أهل محمد لأن أصل آل أهل، ثم أبدل من الهاء همزة فصار
" أ أ ل "، ثم أبدل من الهمزة ألفا لانفتاح ما قبلها وسكونها، فإذا صغر " آل " رجع إلى أصله
فقيل: أهيل (2).
وقال ابن القيم: هذا ضعيف إذ لا دليل عليه، والقلب شاذ لا موجب له، والأهل تضاف
إلى العاقل وغيره، والآل لا تضاف إلا إلى العاقل (3).
معنى العترة: قال ثعلب أبو العباس النحوي الشيباني: العترة: القطعة من المسك،
والعترة: أصل الشجرة (4).
وقال في النهاية: الثقلين: كتاب الله وعترتي، عترة الرجل: أخص أقاربه، وعترة
النبي (صلى الله عليه وآله) بنو عبد المطلب.
وقيل: أهل بيته الأقربون وهم أولاده وعلي وأولاده.
وقيل: عترته الأقربون والأبعدون منهم.
والمشهور المعروف أن عترته أهل بيته الذين حرمت عليهم الزكاة (5).
وقال محمد بن طلحة في مطالبه: العترة: العشيرة، وقيل: الذرية، وقد وجد الأمران فيهم
عليهم السلام، فإنهم عشيرته وذريته، أما العترة فهم الأهل الأدنون وهم كذلك، وأما
الذرية فإن أولاد بنت الرجل ذريته، ويدل عليه قوله تعالى عن إبراهيم: * (ومن ذريته
داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين وزكريا وعيسى
1 - جلاء الأفهام: 117.
2 - جلاء الأفهام: 114 الباب الثالث - الفصل الرابع، والعمدة: 59.
3 - جلاء الأفهام: 114.
4 - كشف الغمة: 1 / 43، ومجمع البحرين: 3 / 395 كتاب الراء - باب عتر.
5 - النهاية: 3 / 73 عنه بحار الأنوار: 23 / 151.
157
وإلياس كل من الصالحين) *.
فجعل عيسى من ذرية إبراهيم ولم يتصل به إلا من جهة مريم (عليها السلام) (1).
وقال ابن الأعرابي: العترة: ولد الرجل وذريته من صلبه، ولذلك سميت ذرية محمد من
علي وفاطمة عترة محمد (2).
وقال الشيخ الصدوق: (فالعترة في أصل اللغة أهل الرجل،.. فتبين أن العترة الأهل،
والأهل الولد وغيرهم (3).
ثم استدل لدخول الإمام علي (عليه السلام) في العترة وأطال.
ثم ذكر استعمالات العترة اللغوية بنحو ما ذكر وقال: (وهم (عليهم السلام) ينابيع العلم، على معنى:
الشجرة الكثيرة اللبن.
وهم (عليهم السلام) ذكرانا غير إناث على معنى قول من قال: إن العترة هم الذكر.
وهم (عليهم السلام) جند الله عز وجل على معنى قول الأصمعي: إن العترة الريح، قال النبي (صلى الله عليه وآله):
" الريح جند الله الأكبر " في حديث مشهور عنه، والريح عذاب على قوم ورحمة لآخرين.
وهم (عليهم السلام) كذلك كالقرآن المقرون إليهم بقول النبي (صلى الله عليه وآله): " إني مخلف فيكم الثقلين كتاب
الله وعترتي أهل بيتي " قال تعالى: * (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا
يزيد الظالمين إلا خسارا) * (4).
وقال عز وجل: * (وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين
آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى
رجسهم وماتوا وهم كافرون) * (5).
وهم (عليهم السلام) أصحاب المشاهد المتفرقة والبيوت النازحة على معنى الذي ذهب إليه من قال:
1 - كشف الغمة: 1 / 53.
2 - مجمع البحرين: 3 / 395 باب عتر من كتاب الراء.
3 - كمال الدين: 1 / 243 الباب 22.
4 - الاسراء: 82.
5 - التوبة: 125.
158
أن العترة هو نبت مثل المرزنجوش ينبت متفرقا، وبركاتهم (عليهم السلام) منبثة في المشرق
والمغرب) (1).
* معنى الذرية: اسم يجمع نسل الانسان من ذكر وأنثى، كالأولاد، وأولاد الأولاد
وهلم جرا (2).
قال الراغب: والذرية أصلها الصغار من الأولاد، وإن كان قد يقع على الصغار والكبار
معا في التعارف (3).
وقال الشيخ الصدوق: (وأما الذرية فقد قال أبو عبيدة: تأويل الذريات عندنا إذا كانت
بالألف: الأعقاب والنسل.. وذكر استعمالات الذرية إلى أن قال: فكأن ذرية الرجل هم
خلق الله منه ومن نسله ومن إن شاء الله من صلبه) (4).
* وعليه فإن هذه الألفاظ مهما كان وصفها في اللغة، فإنها لا تلغي الاستعمالات، وقد
بات واضحا أن استعمال عترة محمد، أو ذرية محمد، أو أصل محمد، أو آل محمد أو أهل
البيت، أو آل البيت يراد به: أهل بيت العصمة والطهارة علي وأبناؤه الأحد عشر صلوات
الله عليهم.
فهم عترته وذريته وأصله وعصبته وصلبه، ولو من باب أنه أصبح اصطلاحا خاصا في
الروايات، كما قيل إن أهل البيت اصطلاح خاص بهم في عرف القرآن (5).
1 - كمال الدين: 1 / 243 - 247 الباب 22.
2 - مجمع البحرين: 1 / 155 كتاب الألف - باب ذرا.
3 - مفردات الراغب: 181 باب الذال، وجلاء الأفهام: 150.
4 - كمال الدين: 1 / 247 - 248 الباب 22.
5 - كما تقدم عن تفسير الميزان.
159
روايات آية التطهير من الخاصة
الثمرة الثانية:
روايات آية التطهير من الفريقين
تواترت الروايات من طرق الخاصة والعامة على نزول آية التطهير في آل محمد صلوات
الله عليهم، وسوف نكتفي بذكر طائفة منها مثبتين بقية الروايات بالأسانيد والهوامش، ولمن
أراد تفصيل القول في كل روايات آية التطهير فعليه بالرجوع إلى كتابنا (1) " مناقب الحوراء
الإنسية من المسانيد السنية " فقد ذكرت كل طرق الحديث بنصوصه ترتيبا على القرون،
فروينا عن الحفاظ وأئمة الحديث ابتداء من القرن الثاني حتى القرن الرابع عشر.
1 - قيد الإنجاز والطبع.
161
روايات آية التطهير من طرق الخاصة
* حديث الكساء المفصل:
ما روي عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال:
سمعت فاطمة الزهراء بنت رسول الله أنها قالت: " دخل علي أبي رسول الله في بعض
الأيام، فقال: السلام عليك يا فاطمة.
فقلت: وعليك السلام يا أبتاه.
فقال: إني لأجد في بدني ضعفا.
فقلت له: أعيذك بالله يا أبتاه من الضعف.
فقال: يا فاطمة ائتيني بالكساء اليماني وغطيني به، فأتيته وغطيته به، وصرت أنظر إليه،
فإذا وجهه يتلألأ، كأنه البدر في ليلة تمامه وكماله.
فما كانت إلا ساعة وإذا بولدي الحسن قد أقبل، فقال: السلام عليك يا أماه.
فقلت: وعليك السلام يا قرة عيني وثمرة فؤادي.
فقال لي: يا أماه إني أشم عندك رائحة جدي رسول الله.
فقلت: نعم يا ولدي إن جدك تحت الكساء، فأقبل الحسن نحو الكساء، وقال: السلام
عليك يا جداه يا رسول الله، أتأذن لي أن أدخل معك؟
فقال: وعليك السلام يا ولدي وصاحب حوضي، قد أذنت لك، فدخل معه تحت
الكساء.
فما كانت إلا ساعة فإذا بولدي الحسين قد أقبل، وقال: السلام عليك يا أماه.
فقلت: وعليك السلام يا قرة عيني وثمرة فؤادي.
163
فقال لي: يا أماه إني أشم عندك رائحة طيبة، كأنها رائحة جدي رسول الله.
فقلت: نعم يا بني إن جدك وأخاك تحت الكساء، فدنا الحسين نحو الكساء وقال: السلام
عليك يا جداه، السلام عليك يا من اختاره الله، أتأذن لي أكون معكما تحت هذا الكساء؟
فقال: وعليك السلام يا ولدي وشافع أمتي، قد أذنت لك، فدخل معهما تحت الكساء،
فأقبل عند ذلك أبو الحسن علي بن أبي طالب، وقال: السلام عليك يا فاطمة يا بنت رسول
الله.
فقلت: وعليك السلام يا أبا الحسن ويا أمير المؤمنين.
فقال: يا فاطمة إني أشم عندك رائحة طيبة، كأنها رائحة أخي وابن عمي رسول الله.
فقلت: نعم هو مع ولديك تحت الكساء، فأقبل علي نحو الكساء.
وقال: السلام عليك يا رسول الله أتأذن لي أن أكون معكم تحت الكساء؟
فقال له: وعليك السلام يا أخي وخليفتي وصاحب لوائي في المحشر، نعم قد أذنت لك،
فدخل علي تحت الكساء.
ثم أتيت نحو الكساء وقلت: السلام عليك يا أبتاه يا رسول الله، أتأذن لي أكون معكم
تحت الكساء؟
فقال لي: السلام عليك يا ابنتي ويا بضعتي، قد أذنت لك، فدخلت معهم.
فلما اكتملنا واجتمعنا جميعا تحت الكساء، أخذ أبي بطرفي الكساء وأومأ بيده اليمنى إلى
السماء، وقال: اللهم إن هؤلاء أهل بيتي وخاصتي وحامتي، لحمهم لحمي، ودمهم دمي،
يؤلمني ما يؤلمهم، ويحزنني ما يحزنهم، أنا حرب لمن حاربهم، وسلم لمن سالمهم، وعدو
لمن عاداهم، ومحب لمن أحبهم، وإنهم مني وأنا منهم، فاجعل صلواتك وبركاتك ورحمتك
وغفرانك ورضوانك علي وعليهم وأذهب عنهم الرجس، وطهرهم تطهيرا.
فقال عز وجل: يا ملائكتي ويا سكان سماواتي، إني ما خلقت سماء مبنية، ولا أرضا
مدحية، ولا قمرا منيرا، ولا شمسا مضيئة، ولا فلكا يدور، ولا فلكا تسري، ولا بحرا يجري،
إلا لمحبة هؤلاء الخمسة الذين هم تحت الكساء.
164
فقال الأمين جبرائيل: يا رب ومن تحت الكساء؟
فقال عز وجل: هم أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة، وهم فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها.
فقال جبرائيل: يا رب أتأذن لي أن أهبط إلى الأرض لأكون معهم سادسا.
فقال الله عز وجل: قد أذنت لك فهبط الأمين جبرئيل، وقال لأبي: السلام عليك يا
رسول الله، العلي الأعلى يقرئك السلام، ويخصك بالتحية والإكرام، ويقول لك: وعزتي
وجلالي إني ما خلقت سماء مبنية، ولا أرضا مدحية، ولا قمرا منيرا، ولا شمسا مضيئة، ولا
فلكا يدور، ولا بحرا يجري، ولا فلكا تسري، إلا لأجلكم ومحبتكم، وقد أذن لي أن
أدخل معكم، فهل تأذن لي أنت يا رسول الله؟
فقال أبي: وعليك السلام يا أمين وحي الله، نعم قد أذنت لك، فدخل جبرائيل معنا
تحت الكساء.
فقال جبرائيل لأبي: إن الله أوحى إليكم يقول: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل
البيت ويطهركم تطهيرا) *.
فقال علي: يا رسول الله أخبرني ما لجلوسنا هذا تحت الكساء، من الفضل عند الله.
فقال (صلى الله عليه وآله): والذي بعثني بالحق نبيا واصطفاني بالرسالة نجيا، ما ذكر خبرنا هذا في محفل
من محافل أهل الأرض وفيه جمع من شيعتنا ومحبينا إلا ونزلت عليه الرحمة، وحفت به
الملائكة واستغفرت لهم إلى أن يتفرقوا.
فقال علي (عليه السلام): إذن والله فزنا وفاز شيعتنا ورب الكعبة.
فقال أبي (صلى الله عليه وآله): يا علي والذي بعثني بالحق نبيا، واصطفاني بالرسالة نجيا، ما ذكر خبرنا
هذا في محفل من محافل أهل الأرض، وفيه جمع من شيعتنا ومحبينا، وفيهم مهموم إلا وفرج
الله همه، ولا مغموم إلا وكشف الله غمه، ولا طالب حاجة إلا وقضى الله حاجته، إذن فزنا
وسعدنا، وكذلك شيعتنا فازوا وسعدوا في الدنيا والآخرة برب الكعبة (1).
* ونظم السيد القزويني هذا الحديث الشريف:
1 - إحقاق الحق: 2 / 555، والمنتخب للطريحي: 259 ط. لبنان و 186 ط. الثالثة.
165
روت لنا فاطمة خير النسا * حديث أهل الفضل أصحاب الكسا
تقول إن سيد الأنام * قد زارني يوما من الأيام
فقال لي إني أرى في بدني * ضعفا أراه اليوم قد أنحلني
قومي علي بالكسا اليماني * وفيه غطيني بلا تواني
فقمت نحوه وقد لبيته * مسرعة وبالكسا غطيته
وصرت أرنو وجهه كالبدر * في أربع بعد ليال عشر
فما مضى إلا يسير من زمن * حتى أتى أبو محمد الحسن
فقال يا أماه إني أجد * رائحة طيبة أعتقد
بأنها رائحة النبي * أخ الوصي المرتضى علي
قلت نعم ها هو ذا تحت الكسا * من علة مدثر به اكتسى
فجاء نحوه ابنه مسلما * مستأذنا قال له ادخل كرما
فما مضى غير القليل إلا * وجاءني الحسين مستقلا
فقال يا أم أشم عندك * رائحة كأنها المسك الذكي
وحق من أولاك منه شرفا * أظنها ريح النبي المصطفى
قلت نعم تحت الكساء هذا * بجنبه أخوك فيه لاذا
فجاء نحوه ابنه مستأذنا * مسلما قال له ادخل معنا
فما مضت من ساعة إلا وقد * جاء أبوهما الغضنفر الأسد
أبو الأئمة الهداة النجبا * المرتضى رابع أصحاب العبا
فقال يا سيدة النساء * ومن بها زوجت في السماء
إني أشم في حماك رائحه * كأنها الورد الندي فائحه
يحكي شذاها عرف سيد البشر * وخير من طاف ولبى واعتمر
قلت نعم تحت الكساء التحفا * وضم شبليك وفيه اكتنفا
فجاء يستأذن منه قائلا * أأدخلن قال فادخل عاجلا
166
قالت فجئت نحوهم مسلمه * قال ادخلي محبوبة مكرمه
فعندما بهم أضاء الموضع * وكلهم تحت الكساء اجتمعوا
نادى إله الخلق جل وعلا * يسمع أملاك السماوات العلى
اقسم بالعزة والجلال * وبارتفاعي فوق كل عال
ما من سما خلقتها مبنيه * وليس أرض في الثرى مدحيه
ولا خلقت قمرا منيرا * كلا ولا شمسا أضاءت نورا
كلا ولا خلقت بحرا يجري * ماء ولا فلك بحار تسري
إلا لأجل من هم تحت الكسا * من لم يكن أمرهم ملتبسا
قال الأمين قلت يا رب ومن * تحت الكسا بحقهم لنا أبن
فقال لي هم معدن الرسالة * ومهبط التنزيل والجلاله
وقال هم فاطمة وبعلها * والمصطفى والحسنان نسلها
فقلت: يا رب وهل تأذن لي * أن أهبط الأرض لذاك المنزل
فأغتدي تحت الكساء سادسا * كما جعلت خادما وحارسا
قال اهبطن فجاءهم مسلما * مستأذنا يتلو عليهم - إنما
يقول إن الله خصكم بها * معجزة لمن غدا منتبها
أقرأكم رب العلى سلامه * وخصكم بغاية الكرامة
وهو يقول معلنا ومفهما * أملاكه الغر بما تقدما
قال - علي - قلت يا حبيبي * ما لاجتماعنا من النصيب
فقال والله الذي اصطفاني * وخصني بالوحي واجتباني
ما إن جرى ذكر لهذا الخبر * في محفل الأشياع خير معشر
إلا وأنزل الإله الرحمة * وفيه قد حفت جنود جمه
من الملائك الذين صدقوا * تحرسهم في الأرض ما تفرقوا
كلا وليس فيهم مهموم * إلا وعنه كشفت غموم
167
كلا ولا طالب حاجة يرى * قضاءها عليه قد تعسرا
إلا قضى الله الكريم حاجته * وأنزل السرور فصلا ساحته
قال علي نحن والأحباب * شيعتنا الذين قدما طابوا
فزنا بما نلنا ورب الكعبة * فليشكرن كل فرد ربه
يا عجبا يستأذن الأمين * عليهم ويهجم الخؤون (1)
قال سليم قلت يا سلمان * هل هجم القوم ولا استئذان
فقال إي وعزة الجبار * وما على الزهراء من خمار
لكنها لاذت وراء الباب * رعاية للستر والحجاب
فمذ رأوها عصروها عصرة * كادت بنفسي أن تموت حسرة
تصيح يا فضة أسنديني * فقد وربي قتلوا جنيني. (2)
2 - ما روي عن أبان بن أبي عياش، عن سليم، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)
قال: ثم قال علي (عليه السلام) لأبي الدرداء وأبي هريرة ومن حوله: " يا أيها الناس أتعلمون أن الله
أنزل في كتابه: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) *،
فجمعني رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفاطمة وحسنا وحسينا في كساء واحد ثم قال: اللهم هؤلاء أحبتي
وعترتي وثقلي وخاصتي وأهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
فقالت أم سلمة: وأنا؟
فقال (صلى الله عليه وآله) لها: وأنت إلى خير، إنما أنزلت في وفي أخي علي وفي ابنتي فاطمة، وفي ابني
حسن وحسين، وفي تسعة من ولد الحسين خاصة ليس فيها معنا أحد غيرنا ".
1 - يشير إلى هجوم عمر بن الخطاب على باب فاطمة وعلي الذي كان الرسول يتلو عليه آية التطهير هذه،
وذلك مذكور في كتب السنة والشيعة كما يأتي مفصلا في قسم النص على أمير المؤمنين - عند ذكر ما
كان في أيام الخليفة الثاني - الكتاب الخامس.
2 - نظم آية الله أبي المعز السيد محمد القزويني الحلي المتوفى 1335 عن كتاب البابليات للشيخ علي
الخاقاني: 5 / 252 ط. النجف، وفاة الصديقة الزهراء للمقرم: 47 - 49، وللسيد عدنان البحراني
قصيدة مشابهة ذكرها المقرم أيضا: 50 - 53.
168
فقام جل الناس فقالوا: نشهد أن أم سلمة حدثتنا بذلك، وسألنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فحدثنا
كما حدثتنا أم سلمة (1).
3 - ما روي عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: كنت عند النبي (صلى الله عليه وآله) في بيت أم سلمة
فأنزل الله هذه الآية: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) *
فدعا النبي (صلى الله عليه وآله) بالحسن والحسين وفاطمة وأجلسهم بين يديه، فدعا عليا فأجلسه خلف
ظهره، وقال: " اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ".
فقالت أم سلمة: وأنا معهم يا رسول الله؟
فقال لها: إنك إلى خير.
فقلت: يا رسول الله، لقد أكرم الله هذه العترة الطاهرة والذرية المباركة بذهاب الرجس
عنهم.
قال: " يا جابر لأنهم عترتي من لحمي ودمي، فأخي سيد الأوصياء، وابني خير
الأسباط، وابنتي سيدة النسوان، ومنا المهدي ".
قلت: يا رسول الله ومن المهدي؟
قال: " تسعة من صلب الحسين أئمة أبرار، والتاسع قائمهم يملأ الأرض قسطا وعدلا [كما
ملئت جورا] يقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل " (2).
4 - ما روي عن عبد الرحمن بن كثير قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ما عنى الله عز وجل
بقوله: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) *.
قال (عليه السلام): " نزلت في النبي وأمير المؤمنين والحسن والحسين وفاطمة (عليهم السلام)، فلما قبض الله
عز وجل نبيه كان أمير المؤمنين، ثم الحسن، ثم الحسين، ثم وقع تأويل هذه الآية:
1 - غيبة النعماني: 47، وتفسير نور الثقلين: 4 / 272 ح 92، وإحقاق الحق: 3 / 118 و 5 / 36،
وعبقات الأنوار: 3 / 504 حديث الولاية، والخطبة طويلة أخذنا موضع الحاجة.
2 - كفاية الأثر: 65 - 66، ونقله في بحار الأنوار: 36 / 308.
169
* (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) * (1)، وكان علي بن الحسين عليهما
السلام إماما، ثم جرت في الأئمة من ولده الأوصياء (عليهم السلام)، فطاعتهم طاعة الله ومعصيتهم
معصية الله عز وجل " (2).
5 - ما روي عن محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله عز وجل:
* (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * قال (عليه السلام): " يعني
الأئمة (عليهم السلام) وولايتهم من دخل فيها دخل في بيت النبي (صلى الله عليه وآله) " (3).
6 - ما روي عن أبي الجارود عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) في قوله: * (إنما يريد الله ليذهب
عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * قال: " نزلت هذه الآية في رسول الله وعلي بن
أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، وذلك في بيت أم سلمة زوجة النبي (صلى الله عليه وآله)، فدعا
رسول الله عليا وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) ثم ألبسهم كساء خيبريا ودخل معهم فيه، ثم
قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي الذين وعدتني فيهم ما وعدتني، اللهم أذهب عنهم الرجس
وطهرهم تطهيرا ".
فنزلت هذه الآية، فقالت أم سلمة: وأنا معهم يا رسول الله؟
قال (صلى الله عليه وآله): " أبشري يا أم سلمة إنك إلى خير " (4).
7 - ما روي عن ابن أبي عمير، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: " لما منع أبو بكر
فاطمة (عليها السلام) فدكا وأخرج وكيلها، جاء أمير المؤمنين إلى المسجد وأبو بكر جالس وحوله
المهاجرون والأنصار.
فقال: يا أبا بكر لم منعت فاطمة ما جعله رسول الله (صلى الله عليه وآله) لها ووكيلها فيه منذ سنتين؟
1 - الأحزاب: 6.
2 - علل الشرائع: 205 الباب 156 ح 2، ونقله في بحار الأنوار: 25 / 255 و 35 / 211، وتفسير نور
الثقلين: 4 / 273 ح 94.
3 - أصول الكافي: 1 / 423 ح 54 نكت في التنزيل في الولاية، وتفسير نور الثقلين: 4 / 273 ح 96.
4 - تفسير القمي: 2 / 193، ونقله في بحار الأنوار: 35 / 206، وتفسير نور الثقلين: 4 / 270 ح 84.
170
(إلى أن قال) يا أبا بكر تقرأ القرآن؟
قال: بلى.
قال: فأخبرني عن قول الله عز وجل: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت
ويطهركم تطهيرا) * أفينا أو في غيرنا نزلت؟
قال أبو بكر: فيكم " (1).
وفي رواية أخرى: " فأنشدك بالله ألي ولأهلي وولدي آية التطهير من الرجس أم لك
ولأهل بيتك؟
قال: بل لك ولأهل بيتك " (2).
8 - ما روي عن إمامنا علي بن موسى الرضا (عليه السلام) قال: " الحمد الله الذي أورث أهل بيته
مواريث النبوة، واستودعهم العلم والحكمة، وجعلهم معدن الإمامة والخلافة، وأوجب
ولايتهم وشرف منزلتهم فأمر رسوله بمسألة أمته مودتهم أن يقول: * (قل لا أسألكم عليه
أجرا إلا المودة في القربى) * (3)، وما وصفهم به من إذهاب الرجس عنهم وتطهيره إياهم في
قوله: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * " (4).
9 - ما روي عن أبي سعيد الخدري في قوله تعالى: * (إنما يريد الله...) *.
قال: " نزلت في رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) " (5).
10 - ما روي عن عمرة بنت أفعى قالت: سمعت أم سلمة (رض) تقول: نزلت هذه الآية
في بيتي: * (إنما يريد الله...) * قالت: وفي البيت سبعة: رسول الله وجبرائيل وميكائيل وعلي
وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم، قالت: وأنا على الباب، فقلت: يا رسول الله
ألست من أهل البيت؟
1 - تفسير نور الثقلين: 272 ح 93.
2 - الإحتجاج: 1 / 119 باب إحتجاج أمير المؤمنين على أبي بكر، وتفسير نور الثقلين: 4 / 271 ح 89.
3 - الشورى: 23.
4 - بحار الأنوار: 49 / 157، وتفسير نور الثقلين: 4 / 271 ح 87.
5 - بحار الأنوار: 35 / 208 عن أمالي الشيخ: 156.
171
قال: " إنك من أزواج النبي (صلى الله عليه وآله) " (1).
قالت: وما قال: إنك من أهل البيت (2).
11 - ما روي عن عمرة الهمدانية قالت: قالت أم سلمة: أنت عمرة؟
قالت: نعم، ألا تخبريني عن هذا الرجل الذي أصيب بين ظهرانيكم فمحب ومبغض!
قالت أم سلمة: فتحبينه؟
قالت: لا أحبه ولا أبغضه - تريد عليا -.
قالت أم سلمة: أنزل الله تعالى: * (إنما يريد الله ليذهب...) *.
وما في البيت إلا جبرائيل وميكائيل ومحمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) وأنا،
فقلت: يا رسول الله أنا من أهل البيت؟
فقال: [أنت] من صالح نسائي.
يا عمرة، فلو كان قال: نعم، كان أحب إلي مما تطلع عليه الشمس (3).
12 - ما روي عن التيمي [التميمي] قال: دخلت على عائشة فحدثتنا أنها رأت رسول
الله (صلى الله عليه وآله) دعا عليا وفاطمة والحسن والحسين فقال: " اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم
الرجس وطهرهم تطهيرا " (4).
13 - ما روي عن زرارة، عن أبي جعفر، عن أبيه عليهما السلام في قول الله عز وجل:
* (وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها) * (5). قال: " نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين،
كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يأتي باب فاطمة كل سحرة، فيقول: السلام عليكم أهل البيت ورحمة
الله وبركاته، الصلاة يرحمكم الله * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم
1 - مشكل الآثار: 1 / 228 ح 777 باب 106 ما روي عن النبي في الآية.
2 - الخصال: 2 / 403 باب السبعة ح 113، ورواه في بحار الأنوار: 35 / 209 و 216 عن تفسير فرات
مع اختلاف يسير.
3 - بحار الأنوار: 35 / 216 عن تفسير فرات: 126.
4 - بحار الأنوار: 35 / 210 عن أمالي الصدوق: 283.
5 - طه: 132.
172
تطهيرا) * " (1).
14 - ما روي عن أم سلمة أن فاطمة جاءت إلى النبي (صلى الله عليه وآله) حاملة حسنا وحسينا وقد
حملت فخارا فيه حريرة، فقال: " أدعي ابن عمك ".
فأجلس أحدهما على فخذه اليمنى والآخر على فخذه اليسرى، وجعل عليا وفاطمة
أحدهما بين يديه والآخر خلفه فقال: " اللهم أهل بيتي، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم
تطهيرا " ثلاث مرات، وأنا عند عتبة الباب، فقلت: وأنا منهم؟
قال: " أنت إلى خير "، وما في البيت أحد غير هؤلاء وجبرائيل، ثم أغدق خميصة
كساء خيبري فجللهم به وهو معهم، ثم أتاهم جبرائيل بطبق فيه رمان وعنب، فأكل
النبي (صلى الله عليه وآله) فسبح، ثم أكل الحسن والحسين فتناولا منه فسبح العنب والرمان في أيديهما
فدخل علي فتناول منه فسبح أيضا، ثم دخل رجل من أصحابه وأراد أن يتناول فلم يسبح،
فقال جبرائيل: إنما يأكل من هذا نبي ووصي نبي وولد نبي " (2).
* هذه طائفة من روايات الخاصة لأخبار آية التطهير وحديث الكساء، ذكرت لك منها
أربع عشرة رواية على عددهم صلوات الله عليهم ومن طرق مختلفة.
وروايات آية التطهير أو ما يفيد مفادها كثيرة فمن أراد مزيد بيان فليرجع إلى كتب
التفسير والحديث لأصحابنا (رض) (3).
1 - بحار الأنوار: 35 / 219، وقريب منه في تفسير القمي: 2 / 67 ذيل السورة.
2 - بحار الأنوار: 17 / 359 و 37 / 100 عن الخرائج للراوندي: 13 رقم 73.
3 - كشف الغمة: 1 / 45 - 47 معنى الآل والأهل، وتفسير نور الثقلين: 4 / 270 - 277، وتفسير
البرهان: 3 / 315 - 323، وتفسير الميزان: 16 / 316 - 319، وتفسير مجمع البيان: 8 / 559 -
560، وبحار الأنوار: 25 / 212 - 245 و 35 / 206 إلى 225، وكتاب آية التطهير للأبطحي المجلد
الأول والثاني.
ومناقب الكوفي: 1 / 132 - 148 - 157، وإرشاد القلوب: 2 / 261 - 262، والعمدة: 31 إلى 46،
والطرائف: 1 / 122، وتفسير العياشي: 1 / 250 مورد الآية، ومناقب أمير المؤمنين (عليه السلام) للكوفي 2:
124 - 125 - 132 - 138 - 152 - 159 - 161
173
روايات آية التطهير من العامة
روايات آية التطهير من طرق العامة
1 - ما أخرجه ابن أبي شيبة وأحمد، وأبن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم،
والطبراني، والحاكم وصححه، وابن حبان في الصحيح، والبيهقي في سننه جميعا عن واثلة بن
الأسقع قال: جاء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى فاطمة ومعه علي وحسن وحسين حتى دخل، فأدنى
عليا وفاطمة وأجلسهما بين يديه، وأجلس حسنا وحسينا كل واحد منهما على فخذه، ثم
لف عليهم ثوبه وأنا مستدبرهم، ثم تلا هذه الآية * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل
البيت) * وقال: " اللهم هؤلاء أهل بيتي [وأهل بيتي أحق]، اللهم أذهب عنهم الرجس
وطهرهم تطهيرا ".
قلت يا رسول الله: وأنا من أهلك؟
قال: " وأنت من أهلي ".
قال واثلة: إنه لأرجى ما أرجوه [إنها لمن أرجى ما أرتجي - لأوثق عمل عندي]. وله
طرق بألفاظ متفاوتة في مسند أحمد وفي مناقبه (1).
1 - فتح القدير: 4 / 279 - 280، وتفسير الطبري: 22 / 6 مورد الآية، والمصنف لابن أبي شيبة: 6 /
373 ح 32094 كتاب الفضائل - فضائل علي، والإحسان بترتيب صحيح ابن حبان: 9 / 61 ح 6937
كتاب المناقب، والصواعق المحرقة: 143 ط. مصر، وط. بيروت: 221 الباب 11 الفصل الأول،
وذخائر العقبى: 24 باب آية التطهير، وفضل آل البيت للمقريزي: 22 - 24، وفضائل الصحابة لأحمد:
2 / 577 - 632 ح 978 - 1077 مناقب علي، وكنز العمال: 7 / 92 ط. دكن 1312، وفي مجمع
الزوائد: 9 / 167 ط. مصر سنة 1352 وبغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد: 9 / 263 ح 14972،
والعمدة: 33 - 34، وينابيع المودة: 1 / 29 - 107 ط. اسلامبول 1301 ه و 125 و 32 ط. النجف باب 4
و 33، ورواه في أسد الغابة ولكن بلا السطر الأخير: 2 / 20 ترجمة الحسين، وأمالي الشجري: 1 /
148 الحديث السابع، أقول: في بعض المصادر تفاوت في الألفاظ فلتلاحظ، وللحديث مصادر تقدم
بعضها.
175
2 - ما أخرجه مسلم في الصحيح وابن أبي شيبة في المصنف، وأحمد، وابن جرير، وابن
أبي حاتم، والحاكم وغيرهم عن عائشة قالت: خرج النبي (صلى الله عليه وسلم) [ذات] غداة وعليه مرط
مرجل من شعر أسود فجاء الحسن والحسين فأدخلهما معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها معه،
ثم جاء علي فأدخله معه، ثم قال * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم
تطهيرا) * (1).
3 - ما رواه الثعلبي في تفسيره بإسناده إلى جعفر بن أبي طالب قال: لما نظر رسول
الله (صلى الله عليه وسلم) إلى الرحمة هابطة من السماء قال: " من يدعو "؟ - مرتين -.
قالت زينب: أنا يا رسول الله.
قال: " ادعي لي عليا وفاطمة والحسن والحسين ".
قال: فجعل حسنا عن يمينه وحسينا عن شماله وعليا وفاطمة تجاهه، ثم غشيهم كساء
خيبريا ثم قال: " اللهم إن لكل نبي أهلا، وهؤلاء أهل بيتي ".
فأنزل الله عز وجل: * (إنما يريد الله...) *.
فقالت زينب: يا رسول الله ألا أدخل معكم؟
فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " مكانك فإنك إلى خير إن شاء الله تعالى " (2).
1 - صحيح مسلم بشرح النووي: 15 / 190 ح 6211 في كتاب الفضائل باب فضائل أهل بيت النبي،
والمصنف لابن أبي شيبة: 6 / 373 ح 32093 كتاب الفضائل - فضائل علي، وتفسير البغوي (معالم
التنزيل): 3 / 529 مورد الآية ط. دار المعرفة - بيروت، وفتح القدير: 4 / 279، وتفسير الطبري: 22
5 مورد الآية، ومستدرك الحاكم: 3 / 147 كتاب المعرفة، وسنن البيهقي: 2 / 149 ط. دكن 1344،
وتفسير الكشاف: 1 / 434 مورد آية المباهلة، والدر المنثور: 5 / 198 السطر الأخير، وينابيع المودة:
1 / 107 ط. اسلامبول 1301 ه و 124 ط. النجف باب 33، والطرائف: 1 / 123 و 129، والعمدة من
عدة طرق: 37 و 43 و 44 ح 30 و 18 و 31 و 33، وذخائر العقبى: 24، وتفسير الفخر الرازي مورد آية
المباهلة: 8 / 80، وتأتي بقية المصادر.
2 - شواهد التنزيل: 2 / 53 ح 673، والطرائف: 1 / 127 ح 197، والعمدة: 405، وينابيع المودة: 1 /
108 ط. اسلامبول 1301 ه و 126 ط. النجف الباب 33، وبحار الأنوار: 35 / 222 والجميع عن
الثعلبي في تفسيره المخطوط.
176
4 - ما رواه الحاكم في مستدركه بسنده إلى عبد الله بن جعفر بن أبي طالب قال:
لما نظر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى الرحمة هابطة قال: " إدعوا لي ادعوا لي ".
فقالت صفية: من يا رسول الله؟
قال: " أهل بيتي عليا وفاطمة والحسن والحسين " فجئ بهم فألقى عليهم النبي (صلى الله عليه وسلم)
كساء ثم رفع يديه، ثم قال: " اللهم هؤلاء آلي فصل على محمد وعلى آل محمد " وأنزل الله
عز وجل * (إنما يريد الله...) * قال: هذا حديث صحيح الاسناد (1).
5 - ما أخرجه أبن جرير، وأبن أبي حاتم، والطبراني عن أبي سعيد الخدري قال: قال
رسول الله (صلى الله عليه وسلم): نزلت هذه الآية في وفي علي وفاطمة وحسن وحسين: * (إنما يريد الله) * (2).
6 - ما روي في مسند أحمد عن أم سلمة: إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال لفاطمة: " ائتيني بزوجك
وابنيك ".
فجاءت بهم، فألقى عليهم كساء فدكيا، ثم وضع يده عليهم، ثم قال:
" اللهم إن هؤلاء آل محمد فاجعل صلواتك وبركاتك على محمد وعلى آل محمد إنك حميد
مجيد ".
قالت أم سلمة: فرفعت الكساء لأدخل معهم فجذبه من يدي، وقال: " إنك على
خير " (3).
7 - ما أخرجه أحمد بسند صحيح عن أبي ليلى عن أم سلمة قالت: إن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان في
بيتي فأتته فاطمة ببرمة فيها حريرة فدخلت بها عليه فقال: " ادعي لي زوجك وابنيك ".
1 - مستدرك الصحيحين: 3 / 147 من كتاب المعرفة.
2 - الدر المنثور: 5 / 198 سطر 34، وتفسير ابن جرير الطبري: 32 / 5 مورد الآية، وذخائر العقبى: 24
ط. مصر 1356، ومجمع الزوائد للهيثمي: 9 / 167 ط. مصر 1352 وبغية الرائد في تحقيق مجمع
الزوائد: 9 / 264 ح 14976، ومرقاة المفاتيح: 5 / 590 ط. مصر 1309، تقدمت مصادره ويأتي
بعضها.
3 - مسند أحمد: 6 / 323 ط. م و 7 / 455 ح 26206 ط. ب، وفضائل الصحابة لأحمد: 2 / 602 ح
1029 مناقب علي، وتقدمت بقية المصادر.
177
قالت: فجاء علي وحسن وحسين فدخلوا عليه فجلسوا يأكلون من تلك الحريرة، وهو
على منامة له على دكان تحته كساء خيبري، قالت: وأنا في الحجرة أصلي، فأنزل الله عز
وجل هذه الآية * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) *.
قالت: فأخذ فضل الكساء فغشاهم به، ثم أخرج يده فألوى بها إلى السماء ثم قال: " اللهم
هؤلاء أهل بيتي وحامتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ".
قالت: فأدخلت رأسي البيت قلت: وأنا معكم يا رسول الله.
قال: " إنك إلى خير إنك إلى خير " (1).
وأخرج أيضا بنحوه عن شهر بن حوشب، وعن عطاء معا عن أم سلمة بسند مختلف
فيه (2).
8 - ما روي في مشكل الآثار عن أم سلمة قالت: نزلت هذه الآية في رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
وعلي وفاطمة وحسن وحسين * (إنما يريد الله ليذهب..) * (3).
وفي رواية قالت:... فأنزل الله هذه الآية * (إنما يريد الله...) * إلى آخرها، وما في البيت
إلا جبرائيل ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) وعلي وفاطمة والحسن والحسين.
فقلت: يا رسول الله، أنا من أهل البيت؟
فقال: " إن لك عند الله خيرا "، فوددت أنه قال نعم، فكان أحب إلي مما تطلع الشمس
وتغرب -
وفي رواية أخرى:... وما قال: إنك من أهل البيت (4).
1 - فضائل الصحابة لأحمد: 2 / 588 ح 995 مناقب علي، وأمالي الشجري: 1 / 148 الحديث السابع.
2 - فضائل الصحابة لأحمد: 2 / 587 - 588 ح 994 - 996 مناقب علي، منح المدح لابن سيد الناس:
356 حرف الفاء - فاطمة سيدة نساء العالمين - (مع تفاوت) وقال: رواه الترمذي وقال: صحيح،
وأمالي الشجري: 1 / 181 الحديث الثامن.
3 - مشكل الآثار: 1 / 332 ط. دكن 1333 و: 1 / 230 ح 782 باب 106 ما روي عن النبي في الآية ط.
بيروت.
4 - مشكل الآثار: 1 / 336 ط. دكن 1333 و: 1 / 230 ح 782 وما بعده باب 106 ما روي عن النبي في
الآية ط. بيروت.
178
9 - ما رواه ابن الأثير والطبري عن عمر بن أبي سلمة ربيب النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: نزلت هذه
الآية على النبي (صلى الله عليه وسلم): * (إنما يريد الله...) * في بيت أم سلمة، فدعا النبي فاطمة وحسنا
وحسينا فجللهم بكساء وعلي خلف ظهره، ثم قال: " هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم
الرجس وطهرهم تطهيرا ".
قالت أم سلمة: وأنا معهم يا رسول الله؟
قال: " أنت على مكانك أنت إلى خير " (1).
10 - ما روي في سننن الترمذي عن أم سلمة أن النبي جلل على الحسن والحسين وعلي
وفاطمة كساء.
ثم قال: " اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ".
فقالت أم سلمة: وأنا معهم يا رسول الله؟
قال: " قفي في مكانك إنك إلى خير ". هذا حديث حسن صحيح وهو أحسن شئ
روي في هذا الباب (2).
11 - ما روي عن ابن أبي حاتم، عن أبيه، عن أبي الوليد، عن أبي عوانة، عن حصين، عن
ابن جميلة قال: إن الحسن بن علي رضي الله عنهما أستخلف حين قتل علي رضي الله عنهما،
قال: " فبينما هو يصلي إذ وثب عليه رجل فطعنه بخنجره، وزعم حصين أنه بلغه أن الذي
طعنه رجل من بني أسد، وحسن رضي الله عنه ساجد، قال: فيزعمون أن الطعنة وقعت في
وركه، فمرض منها أشهرا ثم برئ، فقعد على المنبر فقال: يا أهل العراق اتقوا الله فينا، فإنا
1 - أسد الغابة: 2 / 12 ترجمة الحسن بن علي (عليهما السلام)، وتفسير الطبري: 22 / 7 مورد الآية، وأمالي
الشجري: 1 / 150 الحديث السابع، وينابيع المودة: 1 / 107 ط. اسلامبول 1301 ه و 125 ط. النجف
الباب 33 عن سنن الترمذي، تقدم نحوه وتأتي بقية المصادر.
2 - صحيح الترمذي: 5 / 663 - 699 كتاب المناقب ح 3870، وينابيع المودة: 1 / 107 ط. اسلامبول
1301 ه و 125 ط. النجف الباب 33، ومنح المدح لابن سيد الناس: 356 حرف الفاء - فاطمة سيدة
نساء العالمين، معا عن سنن الترمذي وتأتي بقية المصادر.
179
أمراؤكم وضيفانكم، ونحن أهل البيت الذي قال الله تعالى: * (إنما يريد الله...) * قال: فما زال
يقولها حتى ما بقي أحد من أهل المسجد إلا وهو يحن بكاء (1).
12 - وأخرج ابن مردويه عن أم سلمة قالت: نزلت هذه الآية في بيتي * (إنما يريد
الله...) * وفي البيت سبعة: جبرائيل وميكائيل عليهما السلام وعلي وفاطمة والحسن والحسين
وأنا على باب البيت.
قلت: يا رسول الله، ألست من أهل البيت؟
قال: " إنك إلى خير إنك من أزواج النبي (صلى الله عليه وسلم) " (2).
13 - ما روي في مستدرك الصحيحين بسنده عن أم سلمة أنها قالت: في بيتي نزلت هذه
الآية * (إنما يريد الله...) *. قالت: فأرسل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى علي وفاطمة والحسن والحسين
فقال: " اللهم هؤلاء أهل بيتي ".
قالت أم سلمة: يا رسول الله، ما أنا من أهل البيت؟
قال: " إنك إلى خير وهؤلاء أهل بيتي، واللهم آل بيتي أحق ".
قال: هذا حديث صحيح على شرط البخاري (3).
14 - ما روي عن العوام بن حوشب عن ابن عمه مجمع قال: دخلت مع أمي على عائشة
فسألتها عن علي.
فقالت: سألتني عن أحب الناس كان إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، لقد رأيت عليا وفاطمة
وحسنا وحسينا وقد جمع رسول الله لفوعا عليهم.
ثم قال (صلى الله عليه وسلم): " اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ".
قالت: قلت يا رسول الله، أنا من أهلك؟
1 - تفسير ابن كثير: 3 / 535 ذيل الآية، والصواعق المحرقة: 229 ط. مصر، وط. بيروت: 343 باب
وصية النبي بأهل البيت.
2 - الدر المنثور: 5 / 198 بحث الآية سطر 23.
3 - مستدرك الصحيحين: 2 / 416 كتاب التفسير - الأحزاب.
180
قال: " تنحي إنك إلى خير " (1).
* هذه طائفة من روايات العامة لأخبار آية التطهير وحديث الكساء، ذكرت لك منها
أربع عشرة رواية على عددهم صلوات الله عليهم من طرق مختلفة.
وروايات آية التطهير أو ما يفيد مفادها كثيرة، فمن أراد مزيد بيان فليرجع إلى كتب
التفسير والحديث (2).
1 - العمدة: 40 الفصل الثامن ح 23 عن تفسير الثعلبي، وتأتي بقية المصادر.
2 - تواترت الروايات على نزول هذه الآية في رسول الله وعلي وفاطمة والحسنين (عليهم السلام) وإليك بعض تلك
المصادر مع رواتها:
مصادر آية التطهير
الكنى للبخاري: 25، والتاريخ الكبير: 2 / 69 - 70 - 110 - 197 و: 8 / 187 ح 2646، وتهذيب الكمال:
6 / 229 ترجمة الحسن، المواهب اللدنية: 2 / 528 - 529، ومسند البزار: 3 / 324 و 6 / 210،
وتاريخ اصبهان: 1 / 143، وإسعاف الراغبين: من طرق 114 - 115 - 116، والشفاء: 2 / 48، ونزل
الأبرار: 48 - 108 الباب الثالث عن سعد، والمعجم الأوسط: 3 / 88 ح 2176 الحسن و 137 ح 2281
عن أم سلمة و 289 عن ثوبان و 407 عن صبيح ح 2628 و 2875 و 389 ح 2836 عن ابن عباس،
والتبصرة لابن الجوزي: 1 / 453 المجلس 31 عن أم سلمة، والأربعين للخزاعي: 77 ح 33 عن أم
سلمة، ومجمع الزوائد: 9 / 262 ح 14969 وما بعده عن أم سلمة من طرق، وواثلة وأبي سعيد وأبي
الحمراء وأبي برزة وصبيح، وفضائل الصحابة: 2 / 583 - 577 - 602 - 632 - 634 ح 986 - 978 -
1029 - 1077، و 1080 عن أم سلمة وواثلة وثوبان و 685 ح 1170 و 672 - 786 - 782 ح 1149 -
1404 - 1392 - 684 ح 11168 ابن عباس، وشرح الشمائل المحمدية: 1 / 107، والبيان والتعريف:
1 / 337 - 340 ح 403 و 399 عن أم سلمة، والمصنف لابن أبي شيبة: 6 / 373 ح 32093 وما بعده عن
واثلة وعائشة وأم سلمة، وكتاب الفضائل، فضائل علي، ومسند أبي يعلى: 12 / 383 - 456 - 451
ح 6951 - 7026 - 7021 أم سلمة و 13 / 471 ح 7486 واثلة و 12 / 313 ح 344 ح 6888 - 6912،
ومشكاة المصابيح: 3 / 1731 ح 6127، ومصابيح السنة: 4 / 183 ح 4796 عائشة، وترتيب صحيح
ابن حبان: 9 / 61 ح 6937، وأمالي الشجري: 1 / 148 - 151 - 181، والحديث السادس والسابع عن
واثلة، وأحكام القرآن لابن العربي: 3 / 1538 عن عمر بن أبي سلمة وأنس، وزاد المسلم: 4 / 517 ح
1065، والمستدرك: 2 / 416 عن واثلة وأم سلمة، والسنن الكبرى: 2 / 149 - 150 - 152 عن
عائشة وأم سلمة وواثلة و: 7 / 63 عن سعد.
وصحيح مسلم: 15 / 190 كتاب الفضائل باب فضائل علي، ومسند إسحاق بن راهويه: 4 / 108 - 109 ح
1874 مسند أم سلمة - ما روى عنها عطية، والدر المنثور: 5 / 198 - 199، وتاريخ بغداد: 10 / 278
ط. مصر 1360، والاستيعاب: 2 / 598 ط. دكن 1336، ومجمع الزوائد للهيثمي: 9 / 121 و 169
و 206 و 207 و 146 ط. مصر 1352 وبغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد: 9 / 160 - 267 - 333 -
202 ح 14701 - 14989 - 15211 - 14798، ومشكل الآثار: 1 / 332 و 333 و 336 و 338 ط.
دكن 1333.
والرياض النضرة: 2 / 188 ط. مصر الأولى، وكنز العمال: 7 / 92 ط. دكن 1312، وتفسير روح المعاني
للآلوسي: 12 / 21 - 22 - 23، وتفسير البغوي (معالم التنزيل): 3 / 529 عن أم سلمة وعائشة -
مورد الآية ط. دار المعرفة - بيروت، وتفسير الخطيب الشربيني: 3 / 245 عن
أم سلمة - مورد الآية ط. دار المعرفة / بيروت، وتفسير المراغي: 22 / 7 مورد الآية ط. مصر
الحلبي، وأهل البيت لتوفيق أبو علم: 13 إلى 21 من طرق متعددة.
ونزل الأبرار للبدخشاني: 31 - 49 إلى 105 من طرق متكثرة، وجواهر العقدين: 193 إلى 197 و 200 -
201 الباب الأول والثاني، وسير أعلام النبلاء: 3 / 254 ترجمة الحسن (47)، وج 10 / 346 - 347
ترجمة أبي الوليد الطيالسي (84)، وموسوعة عظماء حول الرسول: 1 / 71 - 72 - 151 - 323 و 3 /
1547 عن عائشة وأم سلمة وأنس.
والمعجم الكبير للطبراني ج 3: 53 - 54 - 55 - 56 - 57 - 93 ترجمة الحسن (عليه السلام)، وج 12: 77 ترجمة ابن
عباس - ما روى عنه ابن ميمون، وج 22: 65 - 66 ترجمة واثلة - ما روى شداد عنه، و 96 ترجمة واثلة
ما روى عنه أبو الأزهر، و 23: 249 - 286 - 308 - 327 - 330 - 333 - 334 - 336 - 337 - 357 -
392 - 396 ترجمة أم سلمة حديث أبي سعيد وعطاء وابن زمعة وحكيم بن سعد وعطية وابن حوشب
وبنت كيسان وأبو عطية عنها، ومسند أحمد: 1 / 331 وج: 3 / 259 - 285 وج: 4 / 107 وج: 6 /
292 - 296 - 298 - 304 - 324 ط. الميمنة وج: 1 / 544 وج: 4 / 157 - 202 وج: 6 / 415 -
421 - 423 - 431 - 455 ط. بيروت.
وأسد الغابة: 2 / 12 - 20 ترجمة الحسن والحسين (عليهما السلام)، و 3: 413 ترجمة عطية، وج 4: 29 ترجمة
علي (عليه السلام)، وج 5: 521 ترجمة فاطمة (عليها السلام)، ومناقب ابن المغازلي: 188 ط. بيروت و 301 ح 345 وما
بعده عن أم سلمة والحسن وواثلة وعطاء وأبي سعيد، وتفسير الكشاف: 1 / 434 عن عائشة، وكتاب
الإلمام: 5 / 302، وتفسير الطبري: 22 / 5 - 6 - 7 عن أبي سعيد وصفية وعائشة وعلي بن زيد وابن
حوشب وأنس وأم سلمة من طرق، وأبي الحمراء وواثلة وأبي سعيد وعلي بن الحسين وعامر بن سعد عن
أبيه، وتفسير ابن كثير: 3 / 532 - 534 عن أنس وأبي الحمراء وواثلة وأم سلمة من طرق، وعن صفية
وابن حوشب معا عن عائشة، وعامر بن سعد والحسن وعلي بن الحسين ويزيد بن حيان عن زيد.
وفتح القدير: 4 / 279 - 281 بالطرق المتقدمة، ومستدرك الصحيحين: 2 / 416 عن أم سلمة وواثلة - وج
3: 132 - 146 - 147 - 159 - 172 عن علي بن الحسين وعطاء وأم سلمة وواثلة وعائشة وأنس
وعامر بن سعد وعبد الله بن جعفر وعمرو بن ميمون من كتاب معرفة الصحابة وج 2: 150 - 152 - 416
عن واثلة وعطاء، والعقد الفريد: 4 / 292 كتاب الخلفاء - خلافة علي (عليه السلام)، وتذكرة الخواص: 181
الباب السادس، ومقتل الحسين للخوارزمي: 1 / 52 - 53 - 75 - 185 فصل: 5 و 9، ومناقب
الخوارزمي: 61 - 314 فصل: 5 و 19، والصواعق المحرقة: 229 ط. مصر و 343 ط. بيروت باب وصية
النبي بهم، و 220، باب: 11 الآيات النازلة فيهم.
والفصول المهمة: 24 - 152، ونور الأبصار: 122 ط. الهند و 224 - 225 ط. قم باب: 2 مناقب الحسنين،
وينابيع المودة: 1 / 228 إلى 230 و 107 - 115 - 294 ط. اسلامبول ومن ط. النجف: 269 إلى 272
و 124 - 125 باب: 33 -، و 136 باب: 38 -، و 352 الآيات الواردة فيهم.
وتفسير الثعالبي: 3 / 227، وذخائر العقبى: 21، وترجمة الحسين من الطبقات الكبرى: 22 - 23 وكفاية
الطالب: 54 - 93 - 242 - 372 - 373 - 374 باب: 1 و 11 و 62 و 100، وصحيح الترمذي: 5 /
663 - 699 كتاب المناقب 351 باب التفسير ط. دار الحديث مصر و 2 / 319 - 209 - 29 ط. بولاق
1292 ه.
وتاريخ الاسلام للذهبي - عهد الخلفاء: 3 / 627 - 44، والكامل في التاريخ: 2 / 447 حوادث سنة 41،
وأخبار الدول للقرماني: 120 الباب الرابع، وخصائص النسائي: 33 - 46 - 70 ط. بيروت و 4 ط.
التقدم مصر 1348 ه، وتاريخ دمشق ترجمة أمير المؤمنين: 1 / 205 - 209 - 229 - 230 - 231،
وترجمة الحسين من تاريخ دمشق: 87 إلى 113، وشواهد التنزيل: 2 / 26 إلى 140، والفتوح لابن
الأعثم: 2 / 183 كتاب عبيد الله إلى يزيد وبعث رأس الحسين، وأحكام القرآن لابن العربي: 3 /
1538 عن ابن أبي سلمة وأنس - مورد الآية قوله تعالى: أهل البيت، السنن الكبرى للبيهقي: 7 / 63
باب إليه ينسب أبناء بناته.
- والرواة لهذه الأحاديث هم: علي أمير المؤمنين، وفاطمة، والحسن، وعلي بن الحسين، ومحمد الباقر،
وجعفر الصادق عليهم السلام، وابن عباس، وعبد الله بن جعفر، وثوبان، وأبو ذر، وأبو الأسود، وجعفر
الطيار، وأنس بن مالك، والبراء، وجابر، وسعد، وبكير، وأبو سعيد، وعائشة، وأم سلمة، وزينب،
وواثلة، وأبو الحمراء، وعمرو بن ميمون، وعمر بن أبي سلمة ربيب النبي، وعطاء، وصفية، وابن
حوشب.
181
معنى الإرادة في آية التطهير
الثمرة الثالثة:
في معنى مفردات الآية
ونتناول في هذه الثمرة الأبحاث التالية:
1 - معنى: إنما.
2 - ومعنى الإرادة.
3 - معنى الرجس.
4 - ومعنى التطهير.
5 - معنى الإذهاب للرجس وأنه دفعي.
معنى " إنما ":
تعتبر إنما في اللغة العربية من أقوى أدوات الحصر، والتي تفيد اثبات ما بعدها ونفي ما
عداه،
قال العلامة الطباطبائي: كلمة " إنما " تدل على حصر الإرادة في إذهاب الرجس
والتطهير... ففي الآية في الحقيقة قصران: قصر الإرادة في إذهاب الرجس والتطهير، وقصر
إذهاب الرجس والتطهير في أهل البيت (عليهم السلام) (1).
وعليه فمعنى الآية إثبات العصمة لآل محمد (عليهم السلام) ونفيها عن غيرهم باستثناء عصمة
الأنبياء والملائكة (عليهم السلام) وهي خارجة عن الكلام.
1 - تفسير الميزان: 16 / 309 مورد الآية.
185
معنى الإرادة في آية التطهير
تقدم مفصلا في الكتاب الأول - الولاية التكوينية - أن الأمور إما اعتبارية وإما حقيقية
تكوينية، والاعتبارية هي التي يطلقها الآمر، ومنها الولاية التشريعية، نحو قوله تعالى:
* (أقيموا الصلاة) * (1).
أما الحقيقية فهي التي تعتمد على وجود الله فقط، والولاية التكوينية كذلك فأمرها بيد
المولى نحو قوله عز من قائل:
* (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون) * (2).
فهذا خطاب حقيقي ليس متفرعا على وجود مخاطب، بل هو بنفسه يخلق المخاطب
ويوجده بعد الإعدام.
قال آية الله حسن زاده الآملي في الفرق بين الأمرين: يجب معرفة الفرق بين الأمر
التكويني وبين الأمر التكليفي، فإن الأول أمر بلا واسطة والثاني أمر بالواسطة، والواسطة
السفراء الإلهية، وما كان بالواسطة فقد تقع المخالفة فيه، لذلك آمن الناس بالأنبياء وكفر
بعض، وممن آمن أتى بجميع أوامرهم بعضهم ولم يأت بعضهم.
وما لا واسطة فيه، أي الأمر التكويني، فلا يمكن المخالفة فيه كقوله تعالى:
* (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون) * (3).
فالحقيقي يشمل كل الموجودات التي لا يكون عمل الانسان الاختياري دخيلا في
وجودها وعدمها.
1 - البقرة: 43.
2 - يس: 82.
3 - عيون مسائل النفس: 698.
186
لذا عرفت الولاية التكوينية بأنها:
" ولاية التصرف في الأمور التكوينية إبداعا أو تبديلا من حقيقة إلى أخرى، أو من
صورة إلى غيرها، بغير أسباب طبيعية متعارفة، مع علم المتصرف بكل تفاصيل المتصرف
فيه وأسبابه، من غير تحد ونبوة، بحيث تكون اختياراتها بيد المتصرف من هذه
الجهات " (1).
ومن هنا يتضح معنى الإرادة التكوينية لله تعالى وأنها ما استتبعت الفعل، أما الإرادة
التشريعية فهي الإرادة المحضة التي لا يتبعها الفعل.
* اختلاف معنى الآية باختلاف الإرادة:
ويختلف المعنى في آية التطهير باختلاف تفسير الإرادة، فإنه على كون الإرادة في الآية
تشريعية يكون الله تعالى يعطي أهل البيت (عليهم السلام) الطهارة والعصمة بعد طاعتهم لله وجزاء
لعبادتهم التي تكون باختيارهم ورغبتهم وفعلهم.
فيكون المعنى (أمركم الله باجتناب المعاصي يا أهل البيت (عليهم السلام)).
أما على كونها تكوينية، فالله يضفي التطهير والتقديس والعصمة ابتداء وبلا سابق فعل،
بل لعلمه بحالهم (عليهم السلام) وأحوالهم وأنهم يطيعونه متى أراد وشاء، وأنهم لا يريدون إلا ما أراد
سبحانه، ولا يشاؤون إلا أن يشاء الله تعالى (2).
فيكون المعنى في قوة قولك (إنما أذهب الله عنكم الرجس وطهركم يا أهل البيت (عليهم السلام)).
1 - كما تقدم مفصلا في الكتاب الأول.
2 - وقد تقدم في الكتاب الأول أحاديث ذلك مفصلا.
187
أدلة كون الإرادة تكوينية في آية التطهير
أدلة كون الإرادة تكوينية
* الدليل الأول:
إن حمل الإرادة على التشريعية لا يتناسب مع معنى الآية.
حيث تقدم كونها لاختصاص محمد وآل محمد (عليهم السلام) بشئ دون الناس.
وأنها جاءت لتضفي عليهم جعلا جديدا من الله تعالى.
قال الرازي: * (ويطهركم) * أي يلبسكم خلع الكرامة (1).
وقال الحمزاوي: واستدل القائل على عدم العموم بما روي من طرق صحيحة أن رسول
الله (صلى الله عليه وسلم) جاء ومعه علي وفاطمة والحسن والحسين.. " وذكر أحاديث الكساء، إلى أن قال:
ويحتمل أن التخصيص بالكساء لهؤلاء الأربع لأمر إلهي، يدل عليه حديث أم سلمة قالت:
فرفعت الكساء لأدخل معهم فجذبه من يدي (2).
فلم يرد النبي (صلى الله عليه وآله) أن يشرك زوجاته في هذا الجعل الإلهي المخصوص.
وما تقدم من أقوال يشير إلى الإختصاص.
ومما يدل عليه ما ورد في بعض طرق الحديث: قال سليمان الجمل في شرح قوله: " ومن
حوته العباء ": وهم النبي وفاطمة وعلي وأبناؤهما، وصح أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) جعل على علي
وفاطمة وابنيهما كساء وقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي أذهب عنهم الرجس وطهرهم
تطهيرا، فأمنت أسكفة الباب وحوائط البيت فقالت: آمين ثلاثا. والأسكفة عتبة البيت (3).
كما ويدل على الاختصاص الاحتجاجات التي تقدمت من قبل الأئمة (عليهم السلام).
1 - تفسير الرازي: 25 / 209.
2 - مشارق الأنوار للحمزاوي: 113 الفصل الخامس من الباب الثالث - فضل أهل البيت.
3 - الفتوحات الأحمدية: 107 - 108 ط. مصر 1306 ه الحلبي.
188
وعليه، فحمل الإرادة على التشريعية يعني أمر أهل البيت (عليهم السلام) بتكاليف وأحكام إذا
طبقوها يعطيهم الله الطهارة وهم فيها كبقية الناس، سوى كونهم سببا لنزول الآية، وهذا
ليس امتيازا إذ كل الآيات لا بد لها من سبب للنزول، وقد كان في بعضها أبو لهب سببا.
ويشير إليه قوله تعالى: * (ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد الله ليطهركم
وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون) * (1).
فالله تعالى يريد التطهير التشريعي لجميع عباده ويحثهم عليه، فلا معنى لاختصاصه بآل
محمد (عليهم السلام)، فهو عام يشمل الجميع.
فإذا انتفى كون الإرادة والتطهير تطهيرا تشريعيا في آية التطهير، فيتعين كون الإرادة
تكوينية والتطهير أزليا.
وهذا ما يستفاد من تصدر الآية ب * (إنما) * المفيدة للحصر والتخصيص.
* الدليل الثاني:
إن المقام من باب الاشتراك اللفظي بين الإرادتين، وعادة عند فقدان القرينة الصارفة
لأحد المعنيين، يحمل اللفظ على المعنى الأكثر شيوعا وغلبة.
والمتتبع لاستعمالات الإرادة في القرآن الكريم، يجد شيوعها في الإرادة التكوينية، فقريب
من مائة مورد استعملت في القرآن، وفي المقابل أقل من تسعة موارد استعملت في الإرادة
التشريعية.
إن قيل: هناك قرينة صارفة، وهي الأحكام التي سبقت في آيات نساء النبي (صلى الله عليه وآله).
قلنا: آية التطهير آية معترضة كما تقدم، وهي أجنبية عن الأحكام المتعلقة بالآيات
الأخرى.
* الدليل الثالث:
أن يدعى في المقام وجود قرينة صارفة على الإرادة التكوينية، وذلك أنه تقدم أن الفرق
1 - المائدة: 6.
189
بين الإرادتين كون الفعل والمراد في الإرادة التكوينية يتعلق بنفس المريد لا غير.
أما في التشريعية فإنه يتعلق بفعل الغير.
وعليه ففي الآية الفعل والمراد - وهو إذهاب الرجس والتطهير - متعلق بنفس الله تعالى لا
بغيره * (يريد الله ليذهب) * فالله سبحانه هو الذي يذهب الرجس عنهم ويطهر أهل
البيت (عليهم السلام).
فيتعين كون الإرادة تكوينية.
* الدليل الرابع:
أن يقال إن أدعية النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) قبيل الآية دليل على كون الإرادة تكوينية، ذلك أنها
لو كانت الإرادة تشريعية لكان الدعاء التشريعي تحصيل للحاصل، لتضمنه نفس ما تضمنته
الإرادة التشريعية.
أما لو كانت الإرادة تكوينية فإن للدعاء هدفا بل عدة أهداف، كما تقدم مفصلا.
بل قد يقال: إن كونها تشريعية فيه رد لدعاء النبي (صلى الله عليه وآله)، حيث أنه صلوات الله عليه وآله
طلب من الله تعالى أن يذهب عنهم الرجس ويحليهم بالكرامة والعصمة، ولم يطلب منه
تعالى أن يكلفهم بطاعته، وأن يطلب الله منهم أن يطهروا أنفسهم بالطاعات.
وبعبارة أخرى: طلب النبي أمرا تكوينيا لا تشريعيا.
* الدليل الخامس:
إن الآية في مقام المدح كما دلت عليه الروايات المتقدمة والأقوال، والذي يشير إليه تمني
عائشة، وأم سلمة التي اعترضت وابنتها على تخصيص النبي لآله (عليهم السلام)، وواثلة الذي قال:
إنها لأرجى ما أرجوه.
وكذلك ما تقدم من احتجاجات الأئمة (عليهم السلام).
كل هذا يشير إلى كون الآية في مقام الامتنان والمدح والتشريف.
190
وعليه فإذا كانت الإرادة تشريعية لما كان هناك مدح وامتنان عليهم (عليهم السلام)، وأين المدح في
الخطابات التي تعم الفساق وأصحاب المعاصي! (1).
فيتعين كون الإرادة تكوينية وامتنانا من الله على محمد وآل محمد (عليهم السلام) بتطهيرهم بلا سابق
فعل منهم، لعلمه تعالى بحالهم، صلوات المصلين عليهم.
1 - الخطابات التشريعية، من قبيل الطهارة من الخبث، كلها تعم كافة المكلفين المؤمن منهم والعاصي، بل
قيل: والكافر.
191
الأقوال في كون الإرادة تكوينية
* الأقوال في كون الإرادة تكوينية
قال الشيخ الطبرسي: فلا تخلو الإرادة في الآية أن تكون هي الإرادة المحضة.
أو الإرادة التي يتبعها التطهير وإذهاب الرجس.
ولا يجوز الوجه الأول، لأن الله تعالى قد أراد من كل مكلف هذه الإرادة المطلقة، فلا
اختصاص لها بأهل البيت (عليهم السلام) دون سائر الخلق.
ولأن هذا القول يقتضي المدح والتعظيم لهم بغير شك وشبهة في الإرادة المجردة، فثبت
الوجه الثاني.
وفي ثبوته ثبوت عصمة المعنيين بالآية من جميع القبائح، وقد علمنا أن من عدا من
ذكرناه من أهل البيت غير مقطوع على عصمته، فثبت أن الآية مختصة بهم لبطلان تعلقها
بغيرهم (عليهم السلام) (1).
* وللعلامة الطباطبائي كلام مشابه زاد عليه استشهاده للوجه الأول بقوله تعالى: * (ما
يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد الله ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم
تشكرون) *.
وقال: ويكون المراد بالإرادة أيضا غير الإرادة التشريعية، لما عرفت أن الإرادة
التشريعية التي هي توجه التكاليف إلى المكلف لا تلائم المقام أصلا.
والمعنى: أن الله سبحانه تستمر إرادته أن يخصكم بموهبة العصمة بإذهاب الاعتقاد الباطل
وأثر العمل السيئ عنكم أهل البيت، وإيراد ما يزيل أثر ذلك عليكم وهي العصمة (2).
1 - مجمع البيان: 8 / 560 مورد الآية.
2 - تفسير الميزان: 16 / 310 - 313 مورد الآية.
192
* وقال السيد الحضرمي في آية التطهير: قال السيد خاتمة المحققين السيد يحيى بن عمر:
فإذا تقرر لديك ذلك فإيضاح وجه الاستدلال أن من المعلوم المقطوع به عند أهل السنة: أن
إرادته تعالى أزلية وأنها من صفات الذات القديمة بقدمها الدائمة بدوامها، وقد علق الله تعالى
الحكم بها، إذ أحكام صفات الذات المعلقة بها لا يجوز عليها التجوز، لأنه يلزم منه حدوث
تلك الصفة، فيلزم من حدوثها حدوث الذات القديمة وقيام الحوادث بها، وكل منهما يستحيل
قطعا، تعالى الله عن ذلك.
حتى قال جمع من المشايخ العارفين: يجب على كل مسلم أن يعتقد أن لا تبديل لما اختص
الله تعالى به أهل البيت بما أنزل الله فيهم، إذ شهادته لهم بالتطهير وإذهاب الرجس عنهم في
الأزل على الوجه المذكور (1).
- وقال في موضع آخر: وإذا كانوا كذلك فكيف يجوز على أحد منهم الخروج عن الملة
الذي هو الكفر الموجب للخلود في النيران، والطرد عن باب الرحمن، وفي إرادة الله سبحانه
وتعالى تطهيرهم كما في الآية، أعدل شاهد على استحالة الكفر على أحد منهم، لأن الإرادة
صفة ذاتية قديمة بقدمه تعالى، ومن المعلوم أن أحكام الذات لا تتبدل (2).
- وقال في موضع ثالث: وحيث عرفت أيها الأخ وجوب طهارتهم عن الذنوب بمقتضى
الإرادة الأزلية، كما في الآية الكريمة والأحاديث السابقة، فأزيدك أيضا: أنه (صلى الله عليه وسلم) كان مجاب
الدعوة وذلك معلوم ضرورة (3).
أذهب الله عنكم الرجس أهل * البيت في محكم الكتاب أفاده
وبتطهير ذاتكم شهد القرآن * حقا فيا لها من شهاده
لا بما قد تحملتموه من الخير * ولكن قضت بذاك الإراده (4).
1 - رشفة الصادي: 25 ط. مصر و 47 ط. بيروت - بتحقيقنا - الباب الأول.
2 - رشفة الصادي: 58 ط. مصر 4 و 10 ط. بيروت - باب 4.
3 - رشفة الصادي: 85 ط. مصر و 141 ط. بيروت - باب السادس.
4 - رشفة الصادي: 135 ط. مصر و 215 ط. بيروت.
193
* وقال الشيخ الرفاعي: ومع ذلك - يعني وجود الحساد لهم في كل زمان وأوان - فإن
شرف الآل أعز قدرهم المتعال لا ينقص بحسد حاسد ولا بجحود جاحد، ما هو إلا فضل
هطل من الحضرة الصمدانية عليهم، وسبق الإرادة الأزلية إليهم، فأنى تمنع سحب العناية
الإلهية الهاطلة عليهم كلاب نابحة، وجدير أن تعشى أنوارهم عيونا صارت إلى مشاهد
الضلال طامحة (1).
وقال الإمام أبو العباس أحمد بن عيسى المعروف بزروق المغربي التونسي في كتابه
(تأسيس القواعد والأصول وتحصيل الفوائد لذوي الوصول):
قاعدة: أحكام الصفات الربانية لا تتبدل وآثارها لا تتنقل، ومن ثم قال الحاتمي: نعتقد
في أهل البيت أن الله سبحانه وتعالى يتجاوز عن جميع سيئاتهم لا بعمل عملوه ولا بصالح
قدموه، بل بسابق عناية من الله لهم، إذ قال الله تعالى: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم
الرجس) * الآية، فعلق الحكم بالإرادة التي لا تتبدل أحكامها فلا يحل لمسلم أن ينتقص،
ولا أن يشنأ عرض من شهد الله بتطهيره وذهاب الرجس عنه (2).
* وقال السيد قطب: في العبارة بيان علة التكليف وغايته، وتلطف يشير بأن الله سبحانه
يشعرهم بأنه بذاته العلية يتولى تطهيرهم وإذهاب الرجس عنهم، وهي رعاية علوية
مباشرة بأهل هذا البيت، وحين نتصور من هو القائل سبحانه وتعالى، رب هذا الكون
الذي قال للكون: كن فكان. الله ذو الجلال والإكرام المهيمن العزيز الجبار المتكبر (3).
وقال الآلوسي: وقد يستدل على كون الإرادة ههنا بالمعنى المذكور (التشريعية) دون
المعنى المشهور الذي يتحقق عنده الفعل، بأنه صلى الله عليه وسلم قال حين أدخل عليا
وفاطمة والحسنين رضي الله تعالى عنهم تحت الكساء: " اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم
1 - رشفة الصادي: 67 ط. مصر 116 ط. بيروت - باب 4 بتحقيقنا.
2 - رشفة الصادي: 84 ط. مصر و 141 ط. بيروت - الباب السادس.
3 - في ظلال القرآن: 6 / 586 ذيل تفسير الآية.
194
الرجس وطهرهم تطهيرا " فإنه أي حاجة للدعاء لو كان ذلك مرادا بالإرادة بالمعنى
المشهور، وهل هو إلا دعاء بحصول الحاصل؟.
إلى أن اختار الإرادة التكوينية بقوله: (.. والإرادة على معناها الحقيقي المستتبع
للفعل) (1).
وقد تقدمت الإجابة على إشكاله في ذيل الثمرة الأولى.
1 - تفسير روح المعاني: 22 / 18 مورد الآية ط. مصر المطبعة المنيرية.
195
معنى الرجس في الآية
معنى الرجس
- قال القاضي عياض في مشارق الأنوار: الرجس بالسين: اسم لكل ما استقذر، وقد
جاء الرجس بمعنى المأثم والكفر والشك، وهو قوله تعالى: * (فزادهم رجسا إلى رجسهم) * (1).
وقيل نحوه في قوله تعالى: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس) *.
ويجئ بمعنى العذاب أو العمل الذي يوجبه) (2).
- وقال ابن منظور: الرجس: القذر، وقيل: الشئ القذر، وكل قذر رجس. ورجس:
نجس، وفي الحديث: أعوذ بك من الرجس النجس. وقد يعبر به عن الحرام والقبيح
والعذاب واللعنة والكفر، ورجس الشيطان: وسوسته.
قال: وفي التهذيب: وأما الرجس فالعذاب والعمل الذي يؤدي إلى العذاب.
وقال الفراء: إنه العقاب والغضب.
وقال: وقال ابن الكلبي: الرجس: المأثم، وقال مجاهد: ما لا خير فيه.
وقال أبو جعفر: الشك. وقال الزجاج: الرجس في اللغة اسم لكل ما استقذر من عمل
فبالغ الله تعالى في ذم هذه الأشياء (الخمر والميسر والأنصاب والأزلام) وسماها رجسا (3).
وقال الآلوسي والماوردي والحافظ المقريزي والحضرمي واللفظ للأول:
والرجس في الأصل: الشئ القذر، وأريد به هنا - عند كثير - الذنب مجازا، وقال
1 - التوبة: 125.
2 - مشارق الأنوار على صحاح الاخبار: 1 / 354 حرف الراء مع الجيم
3 - لسان العرب: 6 / 94 - 95 حرف السين لفظة رجس.
196
السدي: الإثم، وقال الزجاج: الفسق، وقال ابن يزيد: الشيطان، وقال الحسن: الشرك،
وقيل: الشك، وقيل: البخل والطمع، وقيل: الأهواء والبدع، وقيل: إن الرجس يقع على
الإثم، وعلى العذاب، وعلى النجاسة، وعلى النقائص، والمراد به هنا ما يعم كل ذلك (1).
- وقال الرفاعي: المراد بالرجس: الذنوب والآثام وما يشينهم في الدنيا ويوم القيامة (2).
- وقال ابن حجر: هذه الآية منبع فضائل أهل البيت، ابتدأت ب (إنما) المفيدة لحصر
إرادته تعالى في أمرهم على إذهاب الرجس - الذي هو الإثم أو الشك فيما يجب الإيمان به -
عنهم، وتطهيرهم من سائر الأخلاق والأحوال المذمومة... ومن تطهيرهم تحريم صدقة
الفرض - بل والنفل على قول مالك - عليهم لأنها أوساخ الناس، مع كونها تنبئ عن ذل
الآخذ وعز المأخوذ منه (3).
وقال الشوكاني: المراد بالرجس الإثم والذنب المدنسان للأعراض الحاصلان بسبب ترك
ما أمر الله به وفعل ما نهى عنه، فيدخل تحت ذلك كل ما ليس فيه لله رضا (4).
* أقول: هو معنى العصمة.
وقال ابن العربي: فيها أربعة أقوال: الإثم، الشرك، الشيطان، الأفعال الخبيثة والأخلاق
الذميمة، فالأفعال الخبيثة كالفواحش ما ظهر منها وما بطن، والأخلاق الذميمة كالشح
والبخل والحسد وقطع الرحم (5).
وقال ابن عطية: والرجس اسم يقع على الإثم وعلى العذاب وعلى النجاسات والنقائص،
1 - روح المعاني للآلوسي: 22 / 18 مورد آية التطهير، والنكت والعيون (تفسير الماوردي): 4 / 401
مورد الآية، وفضل آل البيت للمقريزي: 15 الآية الأولى، ورشفة الصادي: 12 ط. مصر و 15 ط.
بيروت - الباب الأول.
2 - ضوء الشمس: 1 / 99.
3 - الصواعق المحرقة: 145 ط. مصر و 223 ط. بيروت - الباب 11.
4 - أهل البيت لتوفيق أبو علم: 11 عنه.
5 - أحكام القرآن: 3 / 571 مورد الآية.
197
فأذهب الله تعالى جميع ذلك عن أهل البيت (1).
قال القاسمي: ولفظ الرجس عام يقتضي أن الله أذهب جميع الرجس (2).
وقال أبو جعفر الطبري: يقول الله تعالى: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس) * أي
السوء والفحشاء يا أهل بيت محمد، ويطهركم من الدنس الذي يكون من أهل معاصي الله.
وذكر عن قتادة: قوله * (إنما يريد) * فهم أهل بيت طهرهم الله من السوء وخصهم
برحمة منه (3).
1 - فضل آل البيت للمقريزي: 27 الآية الأولى.
2 - تفسير القاسمي المسمى محاسن التأويل: 13 / 4856 مورد الآية ط. مصر - عيسى الحلبي.
3 - تفسير الطبري: 22 / 5 مورد الآية.
198
معنى التطهير في الآية
* معنى التطهير
جاء في دعاء النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): " اللهم إنك خليفتي عليه وعلى ذريته الطيبة المطهرة التي
أذهبت عنها الرجس والنجس وصرفت ملامسة الشيطان " (1).
- وقال ابن البطريق: والتطهير: التنزه عن الإثم وعن كل قبيح، وذكر ذلك صاحب
المجمل في اللغة أحمد بن فارس اللغوي، وهذا هو معنى العصمة وهو ترك موافقة الرجس (2).
- وقال الاسفرائيني: يطهركم أي من سائر الأخلاق والأفعال والأقوال المذمومة (3).
- وقال الآلوسي: التحلية بالتقوى، وجوز أن يراد به الصون (4).
- وقال عبد الرزاق المقرم:... فإن الغرض بمقتضى أداة الحصر قصر إرادة المولى سبحانه
على تطهير من ضمهم الكساء عن كل ما تتقذره الطباع ويأمر به الشيطان، ويحق لأجله
العذاب ويشين السمعة، وتقترف به الآثام، وتمجه الفطرة، وتسقط به المروءة، وإليه يرجع ما
ذكره ابن العربي في الفتوحات المكية في الباب 29 من أن الرجس فيها عبارة عن كل ما
يشين الانسان (5).
وكذا ما حكاه النووي في شرح صحيح مسلم عن الأزهري من أنه كل مستقذر من عمل
وغيره... فإن اللام الداخلة عليه للاستغراق الجنسي، ولم تكن هناك قرينة متصلة أو منفصلة
على تخصيصه بنوع خاص من الرجس، وهذا المعنى الذي قلناه هو الموافق للامتنان الإلهي
1 - غيبة النعماني: 93 باب 10.
2 - العمدة: 45 ح 330.
3 - لوامع أنوار الكوكب الدري: 2 / 71.
4 - روح المعاني: 22 / 18 مورد الآية
5 - راجع فضل آل البيت للمقريزي: 65 الآية الأولى، ورشفة الصادي: 84 ط. مصر و 141 ط. بيروت.
199
واللطف الربوبي، وهو عبارة عن العصمة العامة (1).
* أقول: كلام متين يؤيده ما تقدم من أقوال المفسرين واستعمالات أهل اللغة، نعم المراد
بالتطهير ونفي الرجس أكثر من ذلك، فلا حدود لامتنان الله تعالى ولطفه، كما ستعرف قريبا.
أذهب الله عنكم الرجس أهل ال * - بيت في محكم الكتاب أفاده
وبتطهير ذاتكم شهد القر * آن حقا فيا لها من شهاده
لا بما قد تحملتموه من الخير * ولكن قضت بذاك الإراده (2).
1 - وفاة الزهراء للمقرم: 53 - 54.
2 - رشفة الصادي: 135 ط. مصر و 215 ط. بيروت.
200
تحقيق في معنى الرجس والتطهير
والصحيح في معنى الرجس، مع الحفاظ على كل ما تقدم من أقوال وآراء، بل كل ما ذكر
سوف يرجع إلى ما سوف نورده، ورجوعه إليه رجوع إلى القرآن لأن الرجس استعمل في
القرآن في موارد، هي:
1 - * (إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان) * (1).
2 - * (كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون) * (2).
3 - * (إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس) * (3).
4 - * (قال قد وقع عليكم من ربكم رجس وغضب) * (4).
5 - * (فأعرضوا عنهم (المنافقين) إنهم رجس ومأواهم جهنم) * (5).
6 - * (وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون) * (6).
7 - * (فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور) * (7).
8 - * (وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم) * (8).
1 - المائدة: 90
2 - الأنعام: 125
3 - الأنعام: 145
4 - الأعراف: 71
5 - التوبة: 95
6 - يونس: 100
7 - الحج: 30
8 - التوبة: 125
201
أما الرجز، فورد في عدة آيات، سبعة بمعنى العذاب (1) والبقية هي:
1 - * (وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان) * (2).
2 - * (وثيابك فطهر والرجز فاهجر) * (3).
- فالقرآن الكريم استعمل الرجس في المعاني التالية: الخمر، الميسر، الأنصاب، الأزلام،
الميتة، الدم، لحم الخنزير، العذاب، الغضب، صفات المنافقين وأعمالهم، الأوثان، مرض
القلوب.
- أما الرجز: فاستعمل في العذاب، وكل عمل للشيطان، والأوثان، والأمراض القلبية،
وهذه المعاني تقدمت في الرجس.
واعلم وفقنا الله وإياك لما فيه الرشد، أن استعمال الله الرجس للخمر لأنه يزيل العقل، وإذا
ذهب العقل أصبحت النفس مجالا للرذائل ومحلا لعبث الشيطان.
واستعماله في الميسر والأنصاب والأزلام لأن المقامرة تورث وتزرع العداوة في النفس
الانسانية فتجعلها دنيئة.
واستعماله في الميتة ولحم الخنزير لما في آثار أكلهما من قساوة القلوب والتشبه بالحيوانات
النجسة التي لا تحل ولا تطهر البتة.
واستعماله في العذاب باعتبار الأعمال التي تؤدي إلى العذاب، وهي كل محرم وترك واجب
يستوجب بفعله أو تركه الانسان عذاب الله، والتي من ضمنها عدم اتباع الحق والبعد عن
الباطل، واستعماله في الغضب لأن الغضب لمة من الشيطان، وطريق للدخول إليه.
واستعماله بصفات المنافقين والتي أهم صفة هي مرض القلب الذي تراكم عليه الدنس
والرين وكافة الآفات الأخلاقية.
واستعماله في الأوثان هو إشارة إلى عبادة غير الله، فكل ما يقرب من غير الله تعالى فهو
1 - الأعراف: 134 - 135، وسبأ: 5، والجاثية: 11، والبقرة: 59، والأعراف: 162، والعنكبوت: 34
2 - الأنفال: 11
3 - المدثر: 5.
202
رجس من عمل الشيطان.
واستعماله في مرض القلوب لما فيه من تكدر صفاء الروح وعظمة النفس وعروج
الانسان إلى قاب قوسين أو أدنى، فكل عوامل الشقاء تندرج تحت مرض القلوب، والتي
هي من فعل غير الله، من فعل الشيطان الرجيم.
- وعليه: فهذه الأمور التي ذكرت صريحا في القرآن الكريم بلفظة الرجس، تفسر لنا ما
المراد بقوله تعالى: * (ليذهب عنكم الرجس أهل البيت) * فكل ما يرجع إلى الشيطان، أو قل
إلى غير الله، فهو رجس أذهبه الله من الأزل عن أهل البيت (1)، وكل ما كان لله ومن الله
وفي الله، فقد أعطاهم إياه وطهرهم به لطفا منه ومنة عليهم أنهم أهل التقوى والمغفرة.
ويؤيده قول ابن عباس: " الرجس عمل الشيطان وما ليس لله فيه رضا " (2).
وهذا ما يدل عليه الألف واللام في قوله تعالى: * (الرجس) *، فهي الألف واللام
الجنسية، فيكون سبحانه وتعالى نفى أصل الرجس وجنسه بنحو العام الاستيعابي المجموعي
عن محمد وآل بيت محمد صلوات الله عليهم أجمعين.
* قال العلامة الطباطبائي: وإذهاب الرجس - واللام فيه للجنس - إزالة كل هيئة خبيثة
في النفس تخطئ حق الاعتقاد والعمل فتنطبق على العصمة الإلهية التي هي صورة علمية
نفسانية تحفظ الانسان من باطل الاعتقاد وسيئ العمل (3).
* أما الطهارة فالصحيح أنها مطلقة لكل ما خالفها وناقضها، والدليل عليه أن الله
استعمل الطهارة في القرآن لنساء الجنة فقال عز من قائل * (ولهم فيها أزواج مطهرة) * (4).
وجاءت السنة الشريفة لتفسرها لنا بإرادة الطهارة من أنواع الأقذار والمكاره الخلقية
1 - إذهابه من الأزل ومعناه تقدم مفصلا في الكتاب الأول ومعناه (آل محمد بين قوسي النزول والصعود)،
على أن بعض العامة قد صرحوا بذلك راجع رشفة الصادي: 48.
2 - مجمع البيان: 8 / 558 مورد الآية.
3 - تفسير الميزان: 16 / 312 مورد الآية.
4 - البقرة: 25.
203
والخلقية (1).
فعن ابن مسعود في الآية قال: " لا يحضن ولا يحدثن ولا يتنخمن " (2).
وأخرج عبد الرزاق عن قتادة قوله في الآية: " طهرهن الله من كل بول وغائط وقذر
ومأثم " (3).
وأخرج الطبري عنه: " ولا يمنين ولا يحضن " (4).
وفي رواية عنه: " من الإثم والأذى " (5).
وعن ابن زيد: " المطهرة التي لا تحيض، وأزواج الدنيا ليست بمطهرة، ألا تراهن يدمين
ويتركن الصلاة والصيام، وكذلك خلقت حواء حتى عصت، فلما عصت قال الله تعالى: إني
خلقتك مطهرة وسأدميك كما أدميت هذه الشجرة " (6).
فتبين أن المراد من تطهير الله التطهير الشامل للنجاسات المادية والمعنوية.
وتقدم أن من مختصات الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها السلام) الطهارة المطلقة.
قال العلماء: (ومن خصائص ابنته فاطمة رضي الله عنها أنها كانت لا تحيض، وكانت إذا
ولدت طهرت من نفاسها بعد ساعة، حتى لا تفوتها صلاة ولذلك سميت الزهراء) (7).
وقد روى الفريقان طهارتها، أخرج الطبراني بسنده عن عائشة قالت: قال رسول
الله (صلى الله عليه وسلم): " يا حميراء إن فاطمة ليست كنساء الآدميين، ولا تعتل كما يعتلون " (8).
1 - راجع تفسير الميزان: 1 / 90 مورد الآية.
2 - الدر المنثور: 1 / 39 مورد الآية.
3 - الدر المنثور: 1 / 39 مورد الآية.
4 - تفسير الطبري: 1 / 137 مورد الآية.
5 - تفسير الطبري: 1 / 137 مورد الآية.
6 - تفسير الطبري: 1 / 137 مورد الآية.
7 - كشف الغمة للشعراني: 42 القسم الثامن، والذخائر المحمدية: 281 خصائص آل البيت - وبالهامش:
في الفتاوى الظهيرية الحنفية.
8 - المعجم الكبير: 22 / 402 مناقب فاطمة، ومجمع الزوائد: 9 / 202 ط. مصر 1352 وبغية الرائد في
تحقيق مجمع الزوائد: 9 / 326 ح 15197 كتاب المناقب، ومناقب الخوارزمي: 1 / 64.
204
وقالت أسماء: قبلت فاطمة بالحسن (عليهما السلام)، فلم أر لها دما، فقلت: يا رسول الله إني لم أر
لفاطمة دما في حيض ولا نفاس!!.
فقال (صلى الله عليه وسلم): " أما علمت أن ابنتي طاهرة مطهرة لا يرى لها دم في طمث ولا ولادة " (1).
وزاد الطبري الإمامي في رواية عن زينب الحوراء قالت: " فقال (صلى الله عليه وآله): يا أسماء، إن
فاطمة خلقت حورية إنسية " (2).
وقد تقدم نحو تلك الروايات.
وسوف يأتي هنا عدم تلبس رسول الله والأئمة (عليهم السلام) بالجنابة والقذارات، وأنه لا يرى من
أبدانهم ما يكره التصريح به، وهو من مختصاتهم.
1 - تاريخ الخميس: 1 / 417 الفصل الثاني من الموطن الأول، وذخائر العقبى: 44 مناقب فاطمة، وأهل
البيت لتوفيق أبو علم: 121 القسم الثاني - خصائص فاطمة.
2 - دلائل الإمامة للطبري: 55 مناقب فاطمة.
205
معنى إذهاب الرجس في الآية
معنى الإذهاب للرجس:
وأن التطهير دفعي لا رفعي
إعلم أن إرادة الله تعالى متعلقة بإذهاب الرجس وإبعاده عن أهل بيت محمد (عليهم السلام)، فيكون
الله تعالى يريد بإرادته التكوينية الأزلية أن يبعد ويمنع الرجس والمعاصي عن أهل
البيت (عليهم السلام).
فالله تعالى قد منع طروق الرجس إليهم، وأصبحت المعاصي بعيدة عنهم (عليهم السلام) وممنوعة
الحلول في ساحتهم المطهرة من قبل الله تعالى.
وهذا لا يستلزم وجود المعاصي وصدورها منهم، لأنه:
أولا: هو دفع للرجس وليس رفعا.
ثانيا: زمان إذهاب الرجس هو قبل الزمان والمكان، في عالم الأظلة وهم حول العرش
يسبحون الله ويقدسونه، فمنذ ذلك الحين تعلقت إرادة الله بإذهاب الرجس عنهم وعدم
إمكان حلوله في ساحتهم (عليهم السلام).
وبعبارة علمية موجزة: إرادة الله عز وجل في مورد دفع الرجس عن أهل البيت (عليهم السلام)،
وليست في مورد رفع الرجس عنهم.
والدفع معناه منع المعاصي عن الحلول في ساحة آل محمد (عليهم السلام)، وتحويطهم بسور نوراني
المقتضي لعدم وجوده سابقا.
وهذا ما يتناسب مع حال آل محمد (عليهم السلام) كما قدمناه في الكتاب الأول - الولاية التكوينية -
من طهارتهم منذ الأزل الإلهي، فلم يحل عليهم أي نوع من أنواع المعاصي، أو الرجس
والنجس والرجز ونحوها من الألفاظ المنافية لعروج آل محمد (عليهم السلام)، وترقيهم في الكمال
الملكوتي والعز الجبروتي.
206
وقد قال امامهم الصادق (عليهم السلام):
" العارف شخصه مع الخلق وقلبه مع الله، لو سها قلبه عن الله طرفة عين لمات شوقا إليه
... فهو في رياض قدسه متردد.. " (1).
وقال أميرهم وسيدهم (عليه السلام): " لولا الآجال التي كتب الله لهم لماتوا شوقا إلى الله
والثواب " (2).
* ويشهد لذلك قوله تعالى: * (كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا
المخلصين) * (3).
فصرف السوء عن النبي يوسف (عليه السلام) لم يكن بعد ثبوته عليه، إنما أراد سبحانه أن يمنع
الفحشاء أن تصل إليه، فقام بمنعه وصرفها عنه قبل وقوعها، لو قلنا أنها يمكن أن تقع منه
عليه السلام.
وفي الاستعمالات العرفية يوجد مثل هذه التعابير كأن يقول القائل لخادمه: إذا جاء فلان
فاصرفه عني.
فهو لم يأت بعد، إنما أراد اخباره بعدم رغبته في مجيئه.
1 - بحار الأنوار: 3 / 14 ح 35 باب ثواب الموحدين.
2 - السير إلى الله: 194.
3 - يوسف: 24.
207
معطيات آية التطهير
الثمرة الرابعة:
معطيات آية التطهير
هناك عدة أمور نستطيع أن نقدمها كمعطيات لآية التطهير منها:
1 - التطهير الأزلي العام لمحمد وآل محمد (عليهم السلام).
2 - طهارة نسل أهل البيت وطهارة آبائهم (عليهم السلام).
قال ابن حجر بعد ذكر حديث الثقلين:.. ولا يبعد أن تكون هي الحكمة (طهارة
الزهراء) من بقاء نسلها في العالم أمنا له من عموم الفتن والمحن، كما أخبر به الصادق
المصدوق (صلى الله عليه وسلم) بذلك بأنهم في ذلك كالقرآن بقوله: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل
بيتي (1).
وقد تقدم في الكتاب الأول الأحاديث الدالة على ذلك.
تنوير:
فقد جاء في أدعية النبي (صلى الله عليه وآله) لآله: " اللهم كما أذهبت عني الرجس وطهرتني فأذهب
عنهما الرجس وطهرهما وطهر نسلهما " (2).
ونحوها من الألفاظ تقدم مفصلا.
وتقدم في الكتاب الأول والثاني أحاديث: " اللهم إنهم مني وأنا منهم " (3).
وهذا يدل على أن ما اختص به رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الفضائل، قد ثبت اختصاصه لآل
1 - الفتاوي الحديثية: 119.
2 - ينابيع المودة: 175 - 177 ط تركيا اسلامبول و 206 - 207 ط. النجف، ومناقب الخوارزمي: 353
ح 364.
3 - راجع إضافة إلى ما تقدم تفسير آية المودة: 127.
209
بيت محمد (صلى الله عليه وآله)، وما امتنع عليه من الرذائل ثبت امتناعه عليهم، وإليك نموذجا من ذلك:
1 - أن الشيطان لا يتمثل ولا يتكون ولا يتصور برسول الله (صلى الله عليه وآله) (1).
2 - لا يقع على بدنه ولا على ثيابه الذباب والبعوض (2).
3 - أنه صلوات الله عليه لا يشم منه رائحة كريهة، وإن طيب ريحه دائمي (3).
4 - أن ريح المسك يخرج منه بدل الأذى، لأن أجسادهم نبتت على أرواح أهل الجنة (4).
5 - أنه (صلى الله عليه وآله) طاهر الحدثين (5).
6 - أن دمه (صلى الله عليه وآله) طاهر (6).
7 - أن الأرض لا تأكل جسده ولا يبلى. ومعناه عدم قرب ديدان الأرض منه (7).
8 - أن الأرض تبتلع ما يخرج منه (صلى الله عليه وآله) (8).
9 - أنه ما احتلم قط لأنها من الشيطان، ولا تثاءب (9).
10 - أنه ولد بلا قذر وكان طاهرا (10).
1 - الطبقات الكبرى: 1 / 320 ذكر صفة خلق النبي (ص)، ومسند الروياني: 1 / 175 ح 435.
2 - تاريخ الخميس: 1 / 219 خصائص النبي - النوع الرابع، والشفا: 1 / 368 ذيل الجزء الأول، وشرح
الشمائل المحمدية: 1 / 180 عن الرازي.
3 - شرح الشمائل: 2 / 7، ومناقب آل أبي طالب: 1 / 124.
4 - كنز العمال: 12 / 473 ح 35565.
5 - الشفا: 1 / 64 الباب الثاني - تكميل الله له المحاسن، والإتحاف بحب الأشراف: 117، وتفسير آية
المودة: 137، وكشف الغمة: 2 / 41.
6 - المطالب العالية: 4 / 21 ح 3847 وما بعده.
7 - المستدرك للصحيحين: 4 / 560 كتاب الأهوال، وسنن أبي داود السجستاني: 2 / 88 ح 1531،
وتاريخ الخميس: 1 / 219 خصائصه (ص).
8 - دلائل النبوة لأبي نعيم: 380 ط. مصر الأولى، الطبقات الكبرى: 1 / 135 ذكر علامات النبوة بعد
الوحي، وتاريخ اصبهان: 1 / 216 و 254 ح 319 و 413.
9 - تاريخ الخميس: 1 / 211 ذكر مزاح النبي، وأخبار الدول للقرماني: 84.
10 - ينابيع المودة: 1 / 19.
210
11 - أنه صلوات الله عليه لا ظل له (1).
12 - أن النوم لا ينقض وضوءه (2).
هذه جملة من خصائص (3) وطهارة رسول الله (صلى الله عليه وآله) فتثبت لأهل البيت بمساواتهم لرسول
الله (صلى الله عليه وآله) ولكونهم منه وهو منهم.
وكلها تدخل تحت طهارتهم ودفع الرجس عنهم بنص آية التطهير، إذ التطهير مطلق
شامل لكل دنس وكل ما يشينهم كما تقدم.
* هذا، وقد وردت خصائص لآل محمد (عليهم السلام) في الروايات صريحة، منها:
1 - أن الإمام لا يجنب ولا يحتلم (4).
ويؤيده ما روي من حلية المسجد لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي وفاطمة والحسن والحسين
صلوات الله عليهم كما تقدم.
وحديث: " سألت ربي أن يطهر مسجدي بك وبذريتك " (5).
2 - أن الإمام مصون عن الفواحش والآفات والعاهات (6).
3 - أن رائحة ما يخرج من الإمام مسك، وأن رائحته طيب (7).
1 - فتح المتعال: 352، ومناقب آل أبي طالب: 1 / 124، والشفا بتعريف حقوق المصطفى: 1 / 368
ذيل الكتاب.
2 - تاريخ الخميس: 1 / 217 النوع الثالث من خصائصه، وأخبار الدول للقرماني: 84.
3 - قد ذكر العلماء في كتبهم الكثير من خصائص النبي وآله بل ألفوا فيها الكتب راجع كتاب الخصائص
الكبرى للسيوطي المجلد الأول والثاني، والذخائر المحمدية، والشفا للقاضي عياض، وتاريخ
الخميس، وغيرهما.
4 - الكافي: 1 / 388 و 509، وكشف اليقين: 251، والطرائف: 1 / 62، وكشف الغمة: 3 / 213،
وعيون أخبار الرضا: 1 / 169.
5 - مسند البزار: 2 / 144 ح 506.
6 - غيبة النعماني: 150.
7 - عيون أخبار الرضا: 1 / 169، وكشف الغمة: 3 / 80، وكفاية الأثر: 234.
211
4 - أن الإمام ليس له ظل (1).
5 - أنه يولد طاهر ولا تصاحبه الحمرة (2).
6 - أن الأرض لا تأكل لحوم الأئمة (عليهم السلام) (3).
7 - أن ما يخرج منه طاهر (4).
8 - أنه لا يتثاءب ولا يتمطى (5).
9 - أنه لا يرى له الناس بول ولا غائط (6).
10 - وتواتر عن الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها السلام) أنها لا تحيض ولا ترى الحمرة (7).
فرأيت عزيزي القارئ مساواة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) لآل بيته الأطهار (عليهم السلام) في كثير من
الأمور، وقد تقدم منا تفصيل أمور كثيرة قد ساووا بها نبي الهدى صلوات الله عليهم.
ومن المعطيات
3 - عصمة أهل البيت (عليهم السلام)
فالآية دلت على عصمة أصحاب الكساء والأئمة المعصومين لأن الرجس فيها عبارة عن
1 - كشف الغمة: 3 / 80، وعيون اخبار الرضا: 1 / 169.
2 - كمال الدين: 2 / 433، وكشف الغمة: 3 / 80.
3 - بصائر الدرجات: 443.
4 - إلزام الناصب: 1 / 24.
5 - الكافي: 1 / 388.
6 - عيون أخبار الرضا: 1 / 169، وكشف الغمة: 3 / 80.
7 - أخبار الدول: 87، وينابيع المودة: 1 / 195 ط. اسلامبول و 230 ط. النجف، والذخائر المحمدية:
281، وتاريخ الخميس: 1 / 417 الموطن الثالث - السنة الثالثة من الهجري، ولوامع أنوار الكوكب
الدري: 2 / 57، وتاريخ بغداد: 12 / 328 ترجمة غانم بن حميد رقم 6772، وغرر البهاء الضوي:
283، وكنز العمال: 12 / 109 ح 34225، والطرائف: 1 / 111، ومجمع الزوائد: 9 / 202 ط. مصر
وبغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد: 9 / 326 ح 15197، والمعجم الكبير: 22 / 401 مسند النساء،
مناقب فاطمة.
212
الذنوب كما تقدم مفصلا في معنى الرجس، وقد حصرته ب " إنما "، فأفادت كون إرادة الله في
أمرهم مقصورة على إذهاب الذنوب عنهم وتطهيرهم من كل ما يشين، وهو معنى العصمة.
وقد أشار إلى ذلك ابن جرير الطبري في تفسيره قائلا:
(إنما يريد الله ليذهب عنكم السوء والفحشاء يا أهل بيت محمد، ويطهركم من الدنس
الذي يكون في أهل المعاصي.
وروى عن قتادة: " طهرهم الله من السوء وخصهم برحمة منه ".) (1).
4 - رحمة أهل البيت وعطفهم (عليهم السلام)
حيث إن الآية نفت كل أنواع القبائح وما ليس فيه لله رضا، كما تقدم عن المفسرين في
معنى إذهاب الرجس.
5 - صدق أهل البيت وعدم كذبهم (عليهم السلام)
قالت عائشة: ما رأيت أحدا قط أصدق من فاطمة غير أبيها [فإنها لا تكذب] (2).
ومن فوائد ذلك تصديق أمير المؤمنين في ادعاء إمامته (عليه السلام).
وكذلك بقية الأئمة، الحسن والحسين إلى الحجة القائم عليهم السلام.
6 - سعة علم أهل البيت (عليهم السلام)
وذلك لأن الآية نفت الجهل والشك عن أصحاب الكساء، وقد تقدم أن معنى الرجس
الشك، وتقدم في الكتاب الثاني تفصيل علم آل محمد (عليهم السلام).
7 - كون أهل البيت (عليهم السلام) أفضل البرية
حيث إن الآية خصت أهل البيت بصفات لم توجد في غيرهم.
وسوف يأتي من السمهودي التصريح بذلك.
1 - تفسير الطبري: 22 / 5 مورد الآية.
2 - مسند أبي يعلى: 8 / 153 ح 4700، ولوامع الأنوار البهية: 1 / 75، والاستيعاب: 4 / 377، وأهل
البيت: 121 و 133، والمطالب العالية: 4 / 70 ح 3986، والجوهرة: 16، وحلية الأولياء: 2 / 42
ترجمة فاطمة رقم 133، والمستدرك: 3 / 160.
213
وعن جابر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " يا علي لو أن أحدا عبد الله حق عبادته ثم يشك
فيك وأهل بيتك أنكم أفضل الناس كان في النار " (1).
ومن ذلك ما روي عن سلمان قال: سمعت رسول الله يقول: " إن الله عز وجل يقول: يا
عبادي... ألا فاعلموا ان أكرم الخلق علي وأحبهم إلي محمد، وأفضلهم لدي محمد وأخوه علي
من بعده، والأئمة الذين هم الوسائل " (2).
وفي حديث قدسي آخر عن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام): " وأفضلهم لدي وأكرمهم
علي سيد الورى وأكرمهم وأفضلهم بعده علي بن أبي طالب (عليه السلام) أخو المصطفى المرتضى ثم
بعده القوامون بالقسط من أئمة الحق " (3).
وعن الصديقة فاطمة (عليها السلام): قالت: " فأي هؤلاء الذين سميت أفضل؟
قال (صلى الله عليه وآله): علي بعدي أفضل أمتي وحمزة وجعفر أفضل أهل بيتي بعد علي وبعدك وبعد
الحسن والحسين والأوصياء من ولد ابني وأشار إلى الحسين، ومنهم المهدي " (4).
وعن الهروي عن الرضا عن آبائه عن رسول الله قال (صلى الله عليه وآله): " والفضل بعدي لك يا علي
وللأئمة من بعدك... يا علي لولا نحن ما خلق الله آدم ولا حواء ولا الجنة ولا النار ولا السماء
ولا الأرض وكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سبقناهم إلى التوحيد ومعرفة ربنا عز
وجل وتسبيحه وتقديسه وتهليله، لأن أول ما خلق الله أرواحنا فانطقنا بتوحيده
وتمجيده " (5).
وعن حكيم بن جبير: قال: قلت لعلي بن الحسين (عليهما السلام): جعلت فداك كان أبو جحيفة
يزعم أنه سمع عليا يقول: " ألا أخبركم بأفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر ثم سكت.
1 - ينابيع المودة: 1 / 302 عن مودة القربى المودة السابعة.
2 - إرشاد القلوب: 2 / 424.
3 - إرشاد القلوب: 2 / 426.
4 - إرشاد القلوب: 2 / 420.
5 - كمال الدين: 1 / 254 باب 23 النص على القائم ح 4، وينابيع المودة: 2 / 582 باب 93 و 485 ط.
اسلامبول.
214
فقال لي علي بن الحسين (عليه السلام): " فهذا سعيد بن المسيب أخبرني انه سمع سعدا قال: قال
رسول الله (صلى الله عليه وآله): " ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ".
هل كان في بني إسرائيل بعد موسى أفضل من هارون صلى الله عليهما وسلم؟!.
قلت: لا.
فضرب على كتفي ثم قال لي علي بن الحسين: " فأين ذهب بك؟!! " (1).
وقال (عليه السلام) بعد كلام بليغ في بدء الخلق وخلق آدم ومحمد (صلى الله عليه وآله): " ثم انتقل النور إلى
غرائزنا ولمع في أئمتنا، فنحن أنوار السماء وأنوار الأرض فبنا النجاة، ومنا مكنون العلم،
وإلينا مصير الأمور، وبمهدينا تنقطع الحجج، خاتمة الأئمة، ومنقذ الأمة، وغاية النور،
ومصدر الأمور، فنحن أفضل المخلوقين وأشرف الموحدين وحجج رب العالمين فليهنأ
بالنعمة من تمسك بولايتنا وقبض على عروتنا " (2).
- وعن ابن عمر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " من أشفع له أولا فهو أفضل ". أخرجه أبو
طاهر المخلص والطبراني والذهبي والدارقطني (3).
وعنه (صلى الله عليه وآله): " أول من أشفع له من أهل بيتي " (4).
وزاد الطبراني: " أول من أشفع له من أمتي أهل بيتي ثم الأقرب فالأقرب من قريش...
وأول من أشفع له أولوا الفضل " (5).
1 - تاريخ دمشق: 31 / 100 ترجمة أبي بكر، وقريب منه في ترجمة عطية من تاريخ دمشق: 1 / 327
ح 364.
2 - مروج الذهب: 1 / 43 ذكر المبدأ وشأن الخليقة - الباب الثالث.
3 - كنز العمال: 12 / 94 ح 34145، وجواهر العقدين: 292 الباب السابع وبالهامش: أخرجه الديلمي
في الفردوس برقم 29 (1 / 23) والخطيب في موضع أوهام الجمع (2 / 271)، وينابيع المودة: 1 /
321 باب 18، والصواعق المحرقة: 244 الآيات الواردة فيهم الآية 10، و 282 الفصل الثامن من
المقصد الخامس من الباب 11.
4 - كنز العمال: 12 / 94 ح 34245.
5 - المعجم الكبير: 12 / 321 ترجمة ابن عمر ما روى مجاهد عنه ح 13550.
215
وعن ابن عباس قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " أفضل رجال العالمين في زماني هذا علي وأفضل
نساء الأولين والآخرين فاطمة " (1).
وروي عن الإمام الباقر محمد بن علي عن آبائه: إنه سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن خير
الناس؟
فقال: " خيرها وأتقاها وأفضلها وأقربها إلى الجنة أقربها مني ولا أقرب ولا أتقى إلي من
علي بن أبي طالب " (2).
وعن ابن عمر عن سلمان قال: " لو شئت لأنبأتكم بأفضل هذه الأمة بعد نبيها وأفضل
من هذين الرجلين أبي بكر وعمر...
قال: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقلت: يا رسول الله هل أوصيت؟
فساق الحديث إلى أن قال (صلى الله عليه وآله): " وإني أوصيت إلى علي وهو أفضل من أتركه من
بعدي " (3).
وقال (عليه السلام): " كانت لي منزلة من رسول الله لم تكن لأحد من الخلائق " (4).
ويأتي في كتاب النصوص تفصيل القول في كونهم أفضل البرية وخيرها.
8 - وجود أهل البيت (عليهم السلام) قبل الخلق
وذلك أن التطهير كان بشكل دفعي ومنع الرجس عنهم، ولم يكن من باب إزالته بعد
وجوده، وقد تقدم في الكتاب الأول أن طهارتهم منذ عالم الأنوار.
وهناك أمور أخرى يستطيع المتتبع أن يستخرجها من الآية لأنها منبع الفضائل.
1 - ينابيع المودة: 1 / 302 عن مودة القربى المودة السابعة.
2 - ينابيع المودة: 1 / 294.
3 - ينابيع المودة: 1 / 301 عن مودة القربى.
4 - خصائص النسائي: 111 ح 115.
216
كلام السمهودي في معطيات آية التطهير
قال في جواهر العقدين: قلت: وإنما بدأت بهذه الآية لأني تأملتها مع ما ورد من الأخبار
المتقدمة في شأنها وما صنعه النبي (صلى الله عليه وسلم) بعد نزولها، فظهر لي أنها منبع فضائل أهل البيت
النبوي (صلى الله عليه وسلم) لاشتمالها على أمور عظيمة لم أر من تعرض لها:
أحدها: اعتناء الباري جل وعلا بهم وإشادته بعلو قدرهم، حيث أنزلها في حقهم.
ثانيها: تصديره عز وجل لذلك بقوله - " إنما " التي هي أداة الحصر، لإفادة أن إرادته في
أمرهم مقصورة على ذلك الذي هو منبع الخيرات لا يتجاوز إلى غيره.
ثالثها: تأكيده تعالى لتطهيرهم بالمصدر ليعلم أنه في أعلى مراتب التطهير.
رابعها: تنكيره تعالى لذلك المصدر حيث قال: * (تطهيرا) * إشارة إلى كون تطهيره إياهم
نوعا غريبا ليس مما يعهده الخلق، ولا يحيطون بدرك نهايته.
خامسها: شدة اعتنائه (صلى الله عليه وسلم) بهم وإظهاره لاهتمامه بذلك، وحرصه عليهم مع إفادة الآية
لحصوله، فهو لطلب تحصيل المزيد من ذلك، ثم كرر طلبه لذلك من مولاه عز وجل مع
استعطافه بقوله: " اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي " أي: وقد جعلت إرادتك في أهل بيتي
مقصورة على إذهاب الرجس وللتطهير، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، بأن تجدد
لهم من مزيد تعلق الإرادة بذلك ما يليق بعطائك، وفيه الإيماء إلى سبب العطاء عما سبق من
العطاء توسلا بإنعامه لإنعامه.
سادسها: دخوله (صلى الله عليه وسلم) معهم في ذلك.
ثم قال بعد أن أورد ما أثبت به ذلك: وفيه من مزيد كرامتهم وإنافة تطهيرهم وإبعادهم
عن الرجس الذي هو الإثم أو الشك فيما يجب الإيمان به ما لا يخفى موقعه عند أولي الألباب.
سابعها: دعاؤه (صلى الله عليه وسلم) لهم مع دعائه بما تضمنته الآية بأن يجعل الله صلواته ورحمته وبركاته
217
ومغفرته ورضوانه عليه وعليهم، لأن من كانت إرادة الله تعالى في أمره مقصورة على إذهاب
الرجس والتطهير كان حقيقا بهذه الأمور.
ثامنها: أن في طلب ذلك لهم وله من تعظيم قدرهم وإنافة منزلتهم حيث ساوى بين نفسه
وبينهم في ذلك، مما لا يخفى، كما سبق في دخوله (صلى الله عليه وسلم) معهم في ما تضمنته الآية.
تاسعها: أنه (صلى الله عليه وسلم) سلك في طلب ذلك من مولاه عز وجل أعظم أسلوب وأبلغه فقدم على
الطلب مناجاته تعالى مما تضمنه قوله " اللهم قد جعلت صلواتك ورحمتك ومغفرتك
ورضوانك على إبراهيم وآل إبراهيم ".
ثم أخذ بذكر ما أعطي إبراهيم وآله إلى أن قال: فتلك الأمور ثابتة لهم فيما مضى أيضا،
فإنما طلب في الحال الإنعام من المنعم فيما مضى وجعل سبق العطاء في الماضي سببا لطلب
العطاء في الحال.
عاشرها: أن دعاءه (صلى الله عليه وسلم) مجاب، سيما في أمر الصلاة عليه، وقد دعا مولاه أن يخصه
بالصلاة عليه وعليهم فتكون الصلاة عليه من ربه كذلك.
حادي عشرها: أن جمعهم معه (صلى الله عليه وسلم) في هذا التطهير الكامل، وما نشأ عنه من الصلاة عليه
وعليهم، ونحو ذلك مقتض لإلحاقهم بنفسه الشريفة كما يشير إليه بقوله: " اللهم إنهم مني وأنا
منهم ".
- وأخذ بذكر الأحاديث التي ألحقهم بنفسه وأقامهم مقام نفسه -.
ثاني عشرها: أن قصر الإرادة الإلهية في أمرهم على إذهاب الرجس والتطهير يشير إلى
ما يأتي في بعض الطرق من تحريمهم في الآخرة على النار.
ثالث عشرها: حثهم بذلك على كمال البعد عن دنس الذنوب والمخالفات.
رابع عشرها: أن قوله (صلى الله عليه وسلم) في الرواية السابقة: " فجعلني في خيرهم بيتا فذلك قوله
عز وجل * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت) * دال على أنهم استحقوا بذلك أن
يكونوا خير الخلق، وستأتي الدلالة عليه آخر هذا الذكر.
خامس عاشرها: أن الآية المذكورة لما أفادت أن طهارتهم في الذروة العليا ومساواتهم له
218
في أصل ذلك، نشأ من ذلك إلحاقهم به (صلى الله عليه وسلم) في المنع من الصدقات التي هي أوساخ الناس،
وعوضهم عن ذلك خمس الخمس من الفئ والغنيمة اللذين هما أطيب الأموال مع ما تضمناه
من عز أخذهما وذل من أخذ منه، بخلاف أخذ الصدقة فإنه ينبئ عن ذل الآخذ وعز
المأخوذ منه.
ثم أخذ بشرح ذلك (1).
1 - جواهر العقدين - القسم الثاني: 201 - 206 الباب الأول.
219
مناقشات في آية التطهير
الثمرة الخامسة:
مناقشات في آية التطهير
تهويل ليس عليه تعويل:
* قال العلامة القاسمي في محاسن التأويل بعد إيراد كلام ابن كثير في الآية: وقد ساق
ابن كثير طرق هذا الحديث ومخرجيه. إلا أن الشيخين لم يصححاه، ولذا لم يخرجاه (1).
وهذا من التعصب الغريب، وكأن أهل بيت النبي هم أعداء هؤلاء المتلبسين بالإسلام، إذ
حيث ما وجدوا منقبة لأهل هذا البيت حاولوا إما إنكارها، أو ردها، أو تأويلها، أو
تزويرها، أو حذفها من مصادرها، أو إيجاد مثلها في معاوية وعمر وعثمان وأبي بكر ونحو
هؤلاء. وقد فصلت ذلك - كما يأتي - مع نماذجه في النص على أمير المؤمنين (عليه السلام) تحت عنوان
" سرقة فضائل أمير المؤمنين " فارتقبه.
ولكن أن يبلغ الحال منهم أن ينكروا ما لم يستطع بعض أئمتهم إخفاءه (2)، فإنه يكشف
عن نوايا خفية لا أحب التصريح بها.
ألم يقرأ هذا المدعي للعلم كتاب الفضائل في صحيح مسلم؟!
ألم يمر عليه حديث عائشة في آية التطهير ونزولها في أصحاب الكساء: محمد وعلي
وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)؟!.
ألم يقرأ كتب التفسير والحديث التي نسبت حديث عائشة لمسلم؟!
1 - تفسير القاسمي المسمى محاسن التأويل: 13 / 4850 مورد الآية ط. مصر = عيسى الحلبي.
2 - إذ أن مسلم لم يذكر تحت عنوان " فضائل أهل بيت النبي " سوى هذا الحديث الذي أنكره القاسمي.
221
كيف؟ وهو بعد أسطر من كلامه هذا يروي حديث مسلم عن زيد الموجود في نفس
كتاب الفضائل - باب فضائل علي (عليه السلام) (1).
نعم أخي القارئ، وللأسف فإنهم أنكروا نزول الآية في أصحاب الكساء، وأنكر ذلك
المدعي للعلم حديث مسلم (2).
أقول: وسوف نوقفك على كثير من هذه الأباطيل في كتاب النصوص عند الحديث عن
سرقة الفضائل المفضوحة من قبل علمائهم وجل محدثيهم، فكن من ذلك على ذكر.
1 - صحيح مسلم بشرح النووي: 15 / 176 ح 6178 كتاب الفضائل - فضائل علي.
2 - صحيح مسلم بشرح النووي: 15 / 190 ح 6211 - كتاب الفضائل - فضائل أهل بيت النبي.
222
هل إرادة الله في الآية جبرية؟
قد قيل: بناء على كون إرادة الله في آية التطهير إرادة تكوينية يلزم جبر محمد وآل
محمد (عليهم السلام) على ترك الرجس والمعاصي، وأن تكون العصمة فيهم (عليهم السلام) غير اختيارية، بل
مخلوقة فيهم بصورة جبرية.
ويمكن أن يجاب عنه بأحد أمرين:
أولا: بكون الآية أجنبية عن معنى جبر أهل البيت (عليهم السلام) على العصمة، وذلك أن
الإشكال إنما يتم لو كانت الإرادة متعلقة بإرادة أهل البيت (عليهم السلام).
أما لو كانت إرادة الله تعالى متعلقة بإذهاب الرجس وإبعاده عن أهل بيت محمد (عليهم السلام) فلا
يتم الإشكال، لأن إرادة الله إذا تعلقت بالرجس فيكون الله تعالى يريد بإرادته التكوينية
الأزلية أن يبعد الرجس والمعاصي عن أهل البيت (عليهم السلام)، ولا يريد سبحانه أن يجبرهم على
ذلك، بل يكون من باب تحصيل الحاصل، حيث أنه تعالى قد منع طروق الرجس إليهم،
وأصبحت المعاصي بعيدة عنهم (عليهم السلام)، فكيف يعقل جبرهم على شئ غير موجود فيهم ومنع
عن التوجه إليهم تكوينا، وليس له الحلول في ساحتهم المطهرة من قبل الله تعالى.
وبعبارة علمية موجزة: إرادة الله عز وجل في مورد دفع الرجس عن أهل البيت (عليهم السلام)،
وليست في مورد رفع الرجس عنهم.
والدفع معناه منع المعاصي عن الحلول في ساحة آل محمد (عليهم السلام)، وهو يقتضي عدم وجوده
سابقا، وهذا ما يتناسب مع حال آل محمد (عليهم السلام) كما قدمناه في الكتاب الأول - الولاية
التكوينية - من طهارتهم منذ الأزل الإلهي، فلم يحل عليهم أي نوع من أنواع المعاصي، أو
الرجس والنجس والرجز ونحوها من الألفاظ المنافية لعروج آل محمد (عليهم السلام)، وترقيهم في
الكمال الملكوتي والعز الجبروتي.
223
ثانيا: لم يكن التطهير الإلهي والأزلي من الباري عز وعلا عن عبث وعدم حكمة، بل ما
كان إلا عن علم الله تعالى التفصيلي بحال محمد وآل محمد (عليهم السلام).
وأنهم لا يعصون الله تعالى حتى لو وجدوا في أشد الظروف الصعبة، وأنهم يمتنعون عن
معاصي الله والرجس وعبادة الأوثان وما إلى ذلك من المنافي لكمالهم.
وذلك لم يكن منهم لمنع الله إياهم عن تلك المعاصي، بل لاهتمامهم بأمور أجل وأعظم من
ذلك، لانشغالهم بعبادة الله تعالى، وهم (عليهم السلام) لا يقدمون على عبادته أحدا، لأنهم يعبدونه
عبادة الأحرار كما تقدم في الكتاب الأول.
وأنهم لا يفارقون الله طرفة عين أبدا كما روي عن لسانهم الصادق (عليه السلام):
" العارف شخصه مع الخلق وقلبه مع الله، لو سها قلبه عن الله طرفة عين لمات شوقا إليه
... فهو في رياض قدسه متردد.. " (1).
وقال إمامنا زين العابدين (عليه السلام): " والله لا يشغلني شئ عن شكره وذكره في ليل ولا نهار
وسر ولا علانية، ولولا لأهلي علي حقا ولسائر الناس في خاصهم وعامهم علي حقوقا لا
يسعني إلا القيام بها حسب الوسع والطاقة حتى أؤديها إليهم، لرميت بطرفي إلى السماء
وبقلبي إلى الله ثم لم أردهما حتى يقضي الله على نفسي وهو خير الحاكمين " (2).
وقال (عليه السلام): " لو ملت بوجهي عنه لمال بوجهه عني " (3).
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): " لولا الآجال التي كتب الله لهم لماتوا شوقا إلى الله والثواب " (4).
من كانت هذه حالهم وأحوالهم كيف يفكر في المعاصي تفكيرا ذهنيا!!.
1 - بحار الأنوار: 3 / 14 ح 35 باب ثواب الموحدين.
2 - الآداب المعنوية للصلاة: 313.
3 - الهداية الكبرى: 215 الباب السادس.
4 - السير إلى الله: 194.
224
هل عنوان أهل البيت يشمل غير المعصومين؟
قيل في الآية أنها شاملة بإطلاقها لكل من انتسب إلى بني هاشم، وإن تسلسل ليشمل من
هم في زماننا هذا.
وكدخول زينب وأولادها من جعفر (عليهما السلام) كما ذهب إليه السيوطي (1)، وكأبناء الحسن
المجتبى (عليه السلام)، وهكذا أولاد الأئمة المعصومين (عليهم السلام) الذين يعتبرون من النسل الشريف.
وقد يستدل لهم برواية زيد المتقدمة من أن أهل البيت: آل علي وآل عقيل وآل عباس.
وما تقدم من أدلة يفيد أن الأئمة الاثني عشر داخلون في عنوان أهل البيت في آية التطهير
إضافة إلى النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) وابنته فاطمة (عليها السلام).
ولكن هذا العنوان أو الآية لا تشمل الذرية والعترة، أو كل من خرج من نسل علي
وفاطمة (عليهما السلام).
* والصحيح أنهم يدخلون في مفهوم العترة والذرية لغة، كما تقدم، أما فيما روي عن
النبي (صلى الله عليه وآله) في حق العترة والذرية فإن كان خاليا عن العصمة والإمامة فيدخلون فيه، وإلا فلا.
أما دخولهم في آية التطهير فلا سبيل إليه إما لعدم عصمتهم كما هو معروف عنهم، والآية
تدل على العصمة.
وإما لحديث الثقلين الذي يجعل الآل بمنزلة القرآن وهو يرجع إلى العصمة أيضا، وإما
لعدم ادعائهم ذلك.
أما مفهوم " الآل - أهل البيت - آل محمد (عليهم السلام) " فإن قلنا أنه عنوان مختص بالقرآن - وكما
1 - أهل البيت لتوفيق أبو علم: 37 الباب الأول.
225
اخترناه سابقا - للإشارة إلى فئة خاصة موكول إليها أمر الأمة في الهداية، والذي لا ينفك عن
العصمة، فإن للقول بعدم الدخول وجها وجيها.
أما ما روي وما قيل في دخولهم فإنه يحمل على القول اللغوي أو المجازي، وأنهم ينسبون
إلى ذلك البيت الشريف وكفاهم فخرا، ولهم حقوق علينا لهذه النسبة، كما انتسب من قبلهم
واثلة ونساء النبي (صلى الله عليه وآله) وخدمه.
226
كون عنوان أهل البيت عنوانا مشيرا
ذهب بعض المتأخرين إلى أن عنوان " أهل البيت " في عرف القرآن عنوان مشير إلى من
كان تحت الكساء، وأن لفظة " أهل البيت " لم تكن لتستعمل فيهم قبل واقعة الكساء، فهي
لفظة اختراعية، كلفظة " خاصف النعل " المشيرة إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام).
ويبطله ما تقدم من أدلة في القول التاسع، على أنه وردت كثير من الروايات التي فيها
إشارة إلى تسمية العترة بهذا الاسم قبل واقعة الكساء، والتي كانت في المدينة في أواخر حياة
النبي (صلى الله عليه وآله).
هذا إضافة إلى أن لفظة " أهل البيت " مساوية لألفاظ: آل محمد - آل البيت - أهل
محمد (عليهم السلام)، وللفظة العترة والذرية، فيلزم كونهم عناوين مشيرة منذ زمن الكساء وهو باطل
بأدنى تأمل.
كيف؟ وتوسل الأنبياء (عليهم السلام) بأهل البيت أو بآل محمد صلوات المصلين عليهم مبثوث
بهذه الألفاظ! كما يأتي في كتابي التوسل والنصوص مفصلا.
227
وفي الختام كلمة
بعد أن ثبت لدينا أن المراد من الآية المباركة هم أهل البيت الطاهر لآل محمد صلوات
المصلين عليهم الشامل للأئمة المعصومين (عليهم السلام)، نستطيع أن نقول أن القدوة التي يجب للناس
جميعا أن تتبعهم وتقتدي بهم هم هؤلاء البيت الطاهر الذي طهرهم الله في كتابه وجعلهم
يمتازون عن الناس بالعصمة والطهارة، لما علم سبحانه من حسن سيرتهم وقوة عقيدتهم
وأنهم أقرب الناس إليه يعبدونه لا لأجل مثوبة بل لأنه أهل للعبادة.
وكل ما تقدم من معطيات في الآية فهو منطبق عليهم فلتراجع هذه المعطيات وليتأمل
بها، ليدرك الانسان كم اعتنى الباري غزت آلاؤه بهؤلاء الكتلة النورانية، وقد شرحنا حالهم
وأحوالهم الغيبية في كتابي: الولاية التكوينية وعلم آل محمد فليرجع إليه فإنه بحث شريف.
228