كتاب الغرباء نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

كتاب الغرباء - نسخه متنی

محمد بن حسین آجری؛ محقق: بدر بدر

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

 كتاب الغرباء


محمد بن الحسين الآجري
الوفاة: ٣٦٠
المجموعة: مصادر الحديث السنية ـ القسم العام
قال عليه الصلاة والسلام،
إن الاسلام بدا غريبا وسيعود كما بدأ غريبا.
فطوبى للغرباء
قيل: ومن هم يا رسول الله؟
قال: الذين يصلحون إذا فسد الناس.
3

بسم الله الرحمن الرحيم
تمهيد
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء وإمام
المرسلين وعلى آله وصحبه الغر الميامين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد:
فإن الغربة في الاسلام ظاهرة حية باقية، نشأت وقت بعث النبي صلى الله عليه وسلم يدعو إلى
الايمان، وعباده الواحد القهار، وينبذ ما سوى ذلك، ويبشر ببزوغ فجر جديد يطل
بنوره على الانسانية أجمع.
وقبل بعثته صلى الله عليه وسلم كانت البشرية ذات أديان شتى، واعتقادات مختلفة، فكان بينها
اليهود والنصارى والمجوس وعباد الأوثان والشمس والقمر، وغيرهم من الملل
والنحل، فلما بعث رسول الله كان من أسلم من كل حي أو قبيلة أو طبقة غريبا في
حيه وقبيلته وأهله وعشيرته خائفا على دينه، مستخفيا بإسلامه، قد جفاه أهله
وعشرته، ونبذوه وآذوه، فإذا هو بينهم مهان ذليل، محتمل لجفاهم، صابر على
أذاهم، وكيف لا يكون المسلم كذلك وقد ابتلي في الدنيا بالفتنة إذ قال الله تعالى:
* (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم
فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين) * (العنكبوت: 2، 3)، وقد تجلت هذه
الفتنة بهجرة المسلمين الأوائل
وصبرهم على أذى الكفار وجهادهم في سبيل هذا الدين
ونشر العدل في الأرض بين الناس، إلى أن أعز الله تعالى الاسلام، وجعل كلمته هي
5

العليا وكلمة كفروا السفلى، فكثر أنصاره، وساد أهله، وقهر أهل الباطل
وغلبوا، ومن هنا أخذت صفة الغربة نزول عن المسلمين.
ولكن سنة الله في خلقه لا بد أن تتحقق، فيقل المسلمون، ويهيمن أهل الباطل
وتكون الغلبة لهم، فيأخذ الاسلام في الاغتراب والترحل، إلى أن يعود غريبا كما بدا.
والاسلام في وقتنا الحاضر هو أشد غربة منه في ابتدائه، حيث تنوعت الاسلام
الغربة وصورها، وتعددت ألوانها واختلفت كثيرا عما قبل، مع كون أحكام الاسلام
ومبادئه واضحة بارزة، إلا أن الحقيقة الاسلامية غريبة جدا، وأهلها غرباء بين
الناس.
ومن وصف الغرباء أنهم يرتاحون إلى الخلوة، ويملون إلى الواحدة، ويستوحشون
من جميع الناس فلا تطيب نفوسهم إلا بصحبة أمثالهم من الغرباء فإذا بهم ينعتون
بالشذوذ تارة، لان الحق نهجهم، وبالمخالفة تارة أخرى، لان معظم الناس مالوا عن
الحق.
وكيف لا يكون الغريب شاذا أو مخالفا بين قوم جعلوا المعروف منكرا، والمنكر
معروفا، وملكتهم أهواؤهم وشهوات نفوسهم، فهم لها عبيد؟ وكيف لا يكون
الغريب شاذا، وقد هجر الدنيا ونبذها وراء ظهره، وزهد في متعها ولذائذها، ولم
يلتفت إلا إلى ما يقربه إلى رضاء الله ورضوانه، وجعل دأبه حياة أخرى آمن بها
وعمل لها، وسهر لأجلها حين نام الغافلون، فاستطاب مرارة الصبر في الدنيا
واستعذبها، لأنه أيقن أن مذاق الآخرة أحلى وأطيب؟!، وهذا الكتاب الذي بين
الدنيا وبما هان فيها، حيث ارتفعت أرواحهم فوق الدنيا فرأوها صغيرة لا تعدل جناح
بعوضة، وكرمت أخلاقهم وسمت فصارت شبه نبوته.
6

مقدمة التحقيق
المؤلف
هو: محمد بن الحسين بن عبد الله، البغدادي الاجري، أبو بكر، أصله من قرية
غربي مدينة بغداد، تدعى درب الاجر، وكان مولده ونشأته فيها.
شيوخه:
تتلمذ الاجري رحمه الله على طائفة من العلماء الاجلاء، منهم:
- الشيخ الامام الحافظ المعمر، إبراهيم بن عبد الله بن مسلم بن ماعز، أبو مسلم
البصري الكجي، صاحب السنن. وهو أكبر شيخ عنده. ولد سنة نيف وتسعين
ومئة، وتوفي في بغداد سنة 292 ه‍، فنقل إلى البصرة ودفن بها.
الامام، شيخ القراء ببغداد، أبو العباس، أحمد بن سهل بن الفيزران الأشناني،
برع في علم الأداء. توفي سنة 307 ه‍.
- الشيخ المحدث الثقة المعمر، أبو عبد الله، أحمد بن الحسن بن عبد الجبار بن
راشد، البغدادي الصوفي الكبير، كان صاحب حديث وإتقان، ولد في حدود
سنة 210، وتوفي سنة 306 ه‍.
7

- الامام الحافظ، الثبت، شيخ الوقت، جعفر بن محمد بن الحسن بن المستفاض
الفريابي، أبو بكر، كان من أوعية العلم ثقة مأمونا، وصنف التصانيف النافعة، وكان
الواحد يحتاج أن يبيت في المجلس ليجد مع الغد موضعا، ولد سنة 207، وتوفي
سنة 301 ه‍
- الامام العلامة المقرئ المحدث الثقة، أبو بكر، القاسم بن زكريا بن يحيى
البغدادي، المعروف بالمطرز، تصدر للإقراء وكان ثقة مأمونا، ولد في حدود
سنة 220، وتوفي سنة 305 ه‍.
المحدث الثقة الزاهد، أو جعفر، أحمد بن يحيى بن إسحاق، البجلي الحلواني،
ساكن بغداد، توفي سنة 296 ه‍.
- المحدث المتقن، أبو العباس، أحمد بن زنجويه بن موسى القطان، كان موثقا
معروفا، توفي سنة 304 ه‍.
- الحافظ الامام، الحجة المعمر، مسند عصره أبو القاسم، عبد الله بن محمد بن
عبد العزيز بن المرزبان، البغوي الأصل، البغدادي الدار والمولد، كان ثقة، ولد
سنة 214، وتوفي سنة 317 ه‍، ودفن يوم الفطر.
- الشيخ المحدث، المعمر المؤدب، أبو شعيب، عبد الله بن الحسن بن أحمد بن
أبي شعيب الحراني، ولد سنة 206، وتوفي سنة 295 ه‍، وكان أسند من بقي فيها.
- الشيخ المحدث، الثقة الجليل، أبو محمد، خلف بن عمرو العكبري، ولد
سنة 206، وتوفي سنة 296 ه‍.
8

- الامام العلامة الحافظ، شيخ بغداد، أبو بكر، عبد الله بن سليمان بن الأشعث
السجستاني، صاحب التصانيف. كان من بحور العلم، بحيث إن بعضهم فضلة
على أبيه صنف السنن والمصاحف وشريعة القارئ والناسخ والمنسوخ
والبعث وأشياء. ولد بسجستان سنة 230، وتوفي سنة 316 ه‍.
تلامذته:
وقد روى عنه وتتلمذ عليه كثير من العلماء منهم:
- الامام الحافظ، الثقة العلامة، أبو نعيم، أحمد بن عبد الله بن أحمد، المهراني
الأصبهاني، سبط الزاهد محمد بن يوسف البناء، وصاحب الحلية وله مصنفات
أخرى كثيرة جدا، ولد سنة 336، وتوفي سنة 425 ه‍.
- الشيخ الامام، المحدث الصادق، الثقة الثبت الصالح، الواعظ المذكر، مسند
العراق، أبو القاسم، عبد الملك، بن محمد بن عبد الله بن بشران، الأموي مولاهم
البغدادي، صاحب الأمالي الكثيرة، ولد سنة 339، وتوفي سنة 430 ه‍.
- الشيخ العالم المعدل، قال الخطيب: كان تام المروءة، ظاهر الديانة، صدوقا
ثبتا. ولد سنة 328، وتوفي سنة 415 ه‍.
- الشيخ الامام الفقيه، المحدث الصدوق، مسند الديار المصرية، أبو محمد، عبد
الرحمن بن عمر، التجيبي المصري المالكي البزاز، المعروف بابن النحاس، ولد سنة
323، وتوفي سنة 416 ه‍.
9

- الامام المحدث، مقرئ العراق، أبو الحسن، علي بن أحمد بن عمر بن حفص
الحمامي، البغدادي، قال الخطيب: كان صدوقا دينا فاضلا، تفرد بأسانيد القراءات
وعلوها في وقته. ولد سنة 328، وتوفي سنة 417 ه‍.
- العالم الحافظ الرحال الثقة، أبو بكر بن أبي علي، أحمد بن عبد الرحمن،
الهمداني الذكواني الأصبهاني المعدل، قال أبو نعيم: شهد وحدث ستين سنة، وجمع
وصنف، وكان حسن الخلق، قويم المذهب. ولد سنة 333، وتوفي سنة 419 ه‍.
- الشيخ العالم الثقة، المسند أبو الحسين، محمد بن الحسين بن محمد بن
الفضل، البغدادي القطان، ولد سنة 335، وتوفي سنة 415 ه‍.
علمه وأقوال العلماء فيه:
قال عنه ابن النديم: الاجري، الفقيه، أحمد الصالحين العبادة.
وقال الخطيب: كان ثقة صدوقا دينا، وله تصانيف كثيرة.
وترجم له ابن خلكان وقال: الفقيه الشافعي المحدث صاحب كتاب الأربعين
حديثا، وهي مشهورة، به، وكان صالحا عابدا.
وقال ياقوت: الفقيه الشافعي. وكان ثقة، صنف تصانيف كثيرة.
وذكره ابن الجوزي في صفة الصفوة وقال: كان ثقة دينا عالما مصنفا.
وقال السبكي في طبقاته: الفقيه المحدث صاحب المصنفات.
وقال الذهبي في سيره: الامام المحدث القدوة شيخ الحرم الشريف. وكان
صدوقا خيرا عابدا، صاحب سنة واتباع.
وقال السيوطي في طبقات الحفاظ: كان عالما عاملا صاحب سنة دينا.
نجد بعد استقراء هذه الأقوال أنه كان من العلماء العاملين، والفقهاء المحدثين،
10

ومن الحفاظ لكتاب الله تعالى، وقد أجمع الذين ترجموا له أنه كان الثقات، ومن
المتمسكين بالسنة ومن المتبعين لها، ومن العلماء المصنفين الذين تركوا بصمات
واضحة من علومهم في تراثنا الاسلامي الذي لا ينصب معينه ولا يغور.
مؤلفاته:
أولا - المطبوعة:
1 - أخلاق أهل القرآن، تحقيق محمد بن عبد اللطيف، بإشراف المكتب السلفي.
2 - أخلاق العلماء طبع مرتين، الأولى في القاهرة، 1931، والثانية في
الرياض، مطبعة النصر الحديثة، حققه إسماعيل الأنصاري.
3 - أخبار عمر بن عبد العزيز، حققه د. عبد الله عسيلان، طبعته مؤسسة
الرسالة.
4 - كتاب الأربعين حديثا، حققه بدر البدر، طبع بمكتبة المعلا في الكويت
1987، وحققه أيضا علي حسن عبد الحميد، ط 1، عمان، دار عمار، 1989.
5 - الغرباء وهو هذا الكتاب.
6 - تحريم النرد والشطرنج والملاهي، تحقيق محمد سعيد إدريس (ذكر هذا محقق
أخلاق أهل القرآن).
7 - الشريعة، تحقيق محمد حامد الفقي، طبع في القاهرة، 1369 ه‍.
8 - كتاب التصديق بالنظر إلى الله تعالى، حققه سمير الزهيري، مؤسسة الرسالة،
1988.
11

ثانيا - المخطوطة:
9 - أدب النفوس، في الظاهرية، حديث 248 (الأوراق 23 - 29).
10 - كتاب الثمانين في الحديث، قال محقق: الأربعين حديثا (علي عبد
الحميد): إنه قد بدأ بتحقيقه.
11 - جزء فيه حكايات الشافعي وغيره، في الظاهرية، مجموع 87 (الأوراق
47 - 50).
12 - فرض طلب العلم، في برلين 101 / الأوراق (87 - 101).
13 - الفوائد المنتخبة، في الظاهرية، مجموع 40 (الأوراق 93 - 110).
14 - وصول المشاقين ونزهة المستمعين، في بورسة 2067 / 1 (1 أ - 47 أ).
ثالثا - المفقودة: (أرقام الصفحات في مصادر الترجمة).
15 - كتاب أحكام النساء، ذكره (ابن النديم في الفهرست).
16 - كتاب أخلاق أهل البر والتقى. (ابن خير في فهرسته).
17 - كتاب أوصاف السبعة. (ابن خير).
18 - كتاب تغيير الأزمنة. (ابن خير).
19 - كتاب التفرد والعزلة. (الفاسي، وابن خير).
20 - كتاب التهجد. (الذهبي في السير وتذكرة الحفاظ وابن خير).
21 - كتاب التوبة. (ابن خير).
22 - كتاب حسن الخلق. (ابن خير).
23 - كتاب الرؤية. (الذهبي في سيره وتذكرته).
12

24 - كتاب رجوع ابن عباس عن الصرف. (ابن خير).
25 - كتاب رسالته إلى أهل بغداد. (ابن خير).
26 - كتاب الشبهات. (ابن خير).
28 - كتاب قصة الحجر الأسود وزمزم وبدء شأنها. (ابن خير).
29 - كتاب قيام الليل وفصل قيام رمضان. (ابن خير)
30 - كتاب فضل العلم. (ابن خير).
31 - كتاب مختصر الفقه. (ابن النديم).
32 - كتاب مسألة الطائفين. (الذهبي في السير والتذكرة).
33 - كتاب النصيحة. (ابن النديم، وابن خير).
وفاته: قال ابن خلكان: أخبرني بعض العلماء أنه لما دخل إلى مكة حرسها الله تعالى
أعجبته، فقال: اللهم ارزقني الإقامة بها سنة، فسمع هاتفا يقول له: بل ثلاثين
سنة، فعاش بعد ذلك ثلاثين سنة، ثم مات بها في المحرم سنة ستين وثلاث مئة، قال
الخطيب: قرأت ذلك على بلاطة قبره بمكة.
وقال ابن الجوزي: قال أبو سهل محمود بن عمر العكبري: لما وصل أبو بكر،
محمد بن الحسين الاجري إلى مكة استحسنها واستطابها فهجس في نفسه: أن اللهم
أحيني في هذه البلدة ولو سنة، فسمع هاتفا يهتف ويقول: يا أبا بكر، لم سنة؟ ثلاثين
سنة.
13

فلما كان في سنة ثلاثين سمع هاتفا يقول: يا أبا بكر قد وفينا بالوعد فمات في تلك
السنة.
مذهبه:
تبين لي من عرض آراء العلماء فيه أنه كان على مذهب الإمام الشافعي
رضي الله عنه، ولاحظت إجماع أكثر العلماء على ذلك خلا بعضهم، منهم ابن أبي
يعلى في كتابه طبقات الحنابلة وأشار محققه إلى أن الرأي ما جزم به ابن خلكان
وغيره. وقال الأسنوي: نازع بعضهم في كونه شافعيا، وادعى أنه حنبلي... وقد
قال هذا بعد أن أكد كونه شافعيا.
مصادر ترجمته:
1 - الفهرست لابن النديم ص 268.
2 - تاريخ بغداد للخطيب 2 / 243.
3 - طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى ص 332.
4 - الأنساب للسمعاني 1 / 94.
5 - فهرسة ابن خير الإشبيلي ص 285 - 286.
6 - وفيات الأعيان لابن خلكان 4 / 292.
7 - معجم البلدان لياقوت الحموي 1 / 51.
8 - سير أعلام النبلاء للذهبي 16 / 133.
9 - طبقات الشافعية للأسنوي 1 / 50.
10 - العقد الثمين للفاسي 2 / 4.
14

11 - طبقات الحفاظ للسيوطي ص 378.
12 - شذرات الذهب لابن العماد 3 / 35.
ما ألف في موضوع الكتاب:
1 - بعض أوراق في كتاب الاعتصام الجزء الأول، تبتدئ من الصفحة 18
وحتى الصفحة 24 لإبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي، وقد طبع هذا الكتاب في
المكتبة التجارية في مصر بتحقيق محمد رشيد رضا، ومؤلفة: إبراهيم بن موسى بن
محمد اللخمي الغرناطي الشهير بالشاطي، أصول حافظ من أهل غرناطة، كان من
أئمة المالكية. من كتبه المؤلفات في أصول الفقه وشرح الألفية سماه المقاصد
الشافية في شرح خلاصة الكافية. توفي سنة 790 ه‍.
(انظر: اعلام للزركلي 1 / 57) وثمة مصادره.
2 - كشف الكربة في وصف حال أهل الغربة لابن رجب، وقد طبع مرتين في
مصر، آخرها، في المكتبة القيمة في القاهرة بتحقيق محمد أحمد عبد العزيز، ومؤلفة:
عبد الرحمن بن أحمد بن رجب السلامي البغدادي ثم الدمشقي، أبو الفرج، زين
الدين. حافظ للحديث من العلماء. من كتبه: شرح جامع الترمذي وجامع
العلوم والحكم في الحديث، وهو المعروف بشرح الأربعين، وفضائل الشام وذيل
طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى ولد سنة 736 في بغداد، وتوفي في دمشق سنة
795 ه‍.
(انظر الاعلام 3 / 295) وثمة مصادره.
3 - بعض أوراق في كتاب مدارج السالكين الجزء الثالث وتبتدئ من ص 203
وتنتهي في ص 215 لابن قيم الجوزية، وقد طبع في بيروت، دار الكتب العلمية،
1983، ومؤلفة محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد الزرعي الدمشقي، أبو
عبد الله، الشهير بابن قيم الجوزية، وهو أحد كبار العلماء لشيخ الاسلام ابن
15

تيمية حتى كان لا يخرج عن شئ من أقواله، وكان حسن الخلق محبوبا من الناس، له
تصانيف كثيرة منها إعلام الموقعين وروضة المحبين وحادي الأرواح إلى بلاد
الأفراح في ذكر الجنة، ولد في دمشق سنة 691، وتوفي فيها سنة 751 ه‍.
(انظر: اعلام 6 / 56) وثمة مصادره.
منهج التحقيق:
1 - وصف الشيخ:
1 - النسخة أ: وهي من محفوظات المكتبة الظاهرية بدمشق، برقم (4572
عام).
وقياسها (13 * 6 * 17) سم، وفي الصفحة 15، أو 16 سطرا، ويتراوح السطر
بين 10، أو كلمة، وعدد أوراقها 26 ورقة، وهي مكتوبة بخط قديم معتاد
مقروء. كتب العنوان بخط جليل على الغلاف هكذا: كتاب الغرباء وتحته عبارة
وقف بمدرسة ضياء الدين بسفح جبل قاسيون وتحتها عبارة الحمد لله تكررت
مرات ثلاث بشكل عامودي، وفي أعلى الغلاف: تملك أحمد بن طرخان وتحته سماع
نصه: سماع محمد وأحمد ولدا أبي بكر محمد بن طرخان وأولاد العبد الفقير محمد
وأحمد وفاطمة وخديجة، وأمهم وعلى هامش الورقة الأولى بيتان من الشعر كتبا
صعودا، هما: (من الوافر).
وما من كاتب إلا سيبلى، ويبقى الدهر ما كتبت يداه
فلا تكتب بكفك غير شئ * يسرك في القيامة أن تراه
وقد اعتمدت هذه النسخة أصلا في عملي * وكان معولي في ضبط النص عليها في
الغالب.
وفي النسخة عدد من السماعات بتواريخ مختلفة، أثبتها في نهاية الكتاب.
- النسخة ب: وهي أيضا من محفوظات الظاهرية، برقم (3764 مجاميع 27)
قياسها (13 * 5، 17) سم، وعدد أوراقها 17 ورقة، وفي الصفحة ما بين 18 و 19)
16

سطرا، ويتراوح السطر بين 10، أو 11 كلمة، وهي نسخة قيمة رواها (كما روى
النسخة أ ابن قدامة المقدسي، وسمعت عليه سنة 583، وكنت أكمل منها
ما كانت تقصر عنه النسخة أ وكانت من أوقاف الضيائية أيضا، وكتب على الغلاف
ما يلي:
وقف بالضيائية بدمشق على من ينتفع به من المسلمين، لا يعار إلا برهن، إلا أن
يكون فقيرا صالحا ويقدم على الغني. وتحته سماع ليوسف بن عبد الهادي، وفي آخر
الكتاب (الورقة 16 ب) كتب ما يلي: بلغ مقابلة مع الأصل المنسوخ منه في بلدة
حلب حرسها الله من معتدين. كتب هذه النسخة محمد بن طولو بغا السيفي،
المتوفي سنة 749 ه‍، وكان الانتهاء من نسخها: في نهار الأحد الثاني والعشرين من
شهر ربيع الاخر سنة ثلاث وثلاثين وسبع مئة في دمشق. وفي آخر النسخة سماعات
بتواريخ مختلفة.
وقد حقق الكتاب - معتمدا على هذه النسخة - الأستاذ بدر البدر، وتولت نشره
دار الخلفاء للكتاب الاسلامي في الكويت سنة 1983، وقد وقع المحقق في أخطاء في
أثناء قراءته للنصوص وضبطه، إياها، وسأذكر بعض الأمثلة منها:
فمثلا في (ص 37، الخبر 24) أورد البيت التالي:
فتى كأس فلم يأنس * على ما يعطب الناس
وهذا البيت مطلع لقصيدة، وقد أخطأ المحقق حين قرأ فلم يأنس والصواب
فيه: فلم ياس وهو ما يطلبه المعنى: وخطا آخر وقع فيه حين لم يثبت ألف الاطلاق
في القصيدة نفسها.
وفي (ص 24، الخبر 8) أورد ما يلي:
وترى المؤمن في الدنيا غريبا مستفزا * فهو لا يجزع من ذل ولا يطلب عزا
وتراه من جميع الخلق خلوا مشمئزا؟ * ثم بالطاعة ما عاش وبالخبر ملزا
17

فجعل بذلك كل بيت شطرا، وهي في الأصل أبيات أربعة، ومثل هذا وقع منه
مرارا، وخاصة في الأبحر القصيرة، والأصل في الأبيات أن تكون كما يلي:
وترى المؤمن في الدنيا غريبا مستفزا... إلخ.
وفي (ص 28، الخبر 14) أورد ما يلي:
أخبرنا محمد، قال أنشدني إبراهيم بن محمد لبعض الحكماء في معنى سير الغريب
وحده لطرق شتى:
طريق الحق منفرد... والسالكون طريق الحق أفراد
فأخطأ أولا حين أثبت (لطرق) وصوابه: (الطرق) وأخطأ ثانيا حين حسب أن
(الطرق شتى) مرتبطة بما قبلها، وهي أول البيت، وصوابه:
الطرق شتى وطريق الحق منفرد * والسالكون طريق الحق أفراد
وفي (ص 70، الخبر 50) أورد اسم حفص بن عمرو الربالي كما ورد في المخطوط
خطا، وهو (عمرو)، وصوابه عمر، وتابع على الخطأ حين ذكر اسم حفص في فهرس
الاعلام.
ووقع في مثل هذا الخطأ في (ص 75، الخبر 55) حين أورد اسم محمد بن يسار
البزار خطا كما في المخطوط، والصواب: محمد بن ياسر البزاز، كما في تاريخ
بغداد.
وفي (ص 29، الخبر 17 أورد البيت التالي:
إن الغريب وإن أقام ببلدة * يجبى الله خراجها لغريب
فأخطأ في قراءة كلمة إليه في المخطوط وحسبها الله وهذا ما يأباه المعنى.
18

عملي في الكتاب:
اعتنيت بضبط النصوص والاعلام، وعزوت الأحاديث والاخبار والأقوال إلى
مصادرها ما وسعني ذلك، وترجمت لبعض الاعلام، وشرحت ما غمض من الكلمات،
وجعلت الزيادة التي من النسخة ب بين قوسين مضلعين [] وأعطيتها رقما. أما
الزيادة التي اقتضاها السياق فجعلتها بين مضلعين من غير رقم، وتجاوزت كثيرا عن
الفروق البسيطة التي لا فائدة من ذكرها، مثل الفاء بدل الواو، أو بالعكس، وعن
أخطاء إملائية أو نحوية، وأشرت إلى بعضها في الحاشية وكان الاجري يذكر حينا
بأبي بكر وحينا آخر بمحمد بن الحسين أو يذكر بهما معا، فتركت بيان ذلك، إلا
ما ندر.
أما السماعات الواردة في النسختين فقد أثبتها جميعا في نهاية الكتاب، وقد غمض
علي قراءة بعض الأسماء فيها، فأشرت إليها بقوسين بينهما إشارة استفهام، ووضعت
للكتاب فهارس عامة.
وفي الختام فإنني لا أنسى أصحاب تلك الأيادي البيضاء التي أهدت إلي جميل
عونها، فلهم جميعا، جزيل شكري الذي لا يسعهم، وأخص منهم الأستاذ إبراهيم
صالح الذي حفزني لا حقق الكتاب، وكانت له نصائح أفدت منها، وأخي الأستاذ
خير الله الشريف الذي كنت أستأنس به دائما، وكان يطمعني فيه هدوؤه وأريحيته
فأسأله مرة إثر مرة، وحسبي أنني قد أخلصت النية وبذلت ما في الوسع، والله الموفق
والهادي إلى الصواب.
دمشق عروس الشام.
في 7 / 7 / 1412
11 / 1 / 1992
رمضان أيوب
19

كتاب الغرباء
تصنيف أبي بكر، محمد بن الحسين الاجري رحمه الله
رواية
أبي القاسم، عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن بشران عنه.
رواية
أبي طاهر، عبد الملك بن أحمد السيوري، وأبي غالب، محمد بن الحسين بن أحمد.
الباقلاني، عن ابن بشران.
رواية
الشيخ الصالح الزاهد، أبي المكارم، المبارك بن أحمد بن المعمر البادرائي، عن
أبي غالب، والشيخ أبي القاسم، هبة الله بن الحسن بن هلال الدقاق، عن أبي
طاهر.
رواية
الشيخ الامام العالم، موفق الدين، أبي محمد، عبد الله بن أحمد بن محمد بن
قدامة المقدسي، أيده الله، ووفقه لطاعته.
سماع منه لصاحب الكتاب محمد بن الفقيه طرخان رحمه الله ابن أبي الحسن بن
عبد الله الحنبلي، ولأخيه محمود، جعلهما الله من عباده الصالحين، وغفر لهما،
ولوالديهما ولجميع المسلمين، آمين.
20

وكذلك سمعه على شيخنا موفق الدين - أبقاه الله - ولداي أحمد، وحضر أخوه
أبو بكر جبرهما، الله، وهو في السنة الثالثة.
وسمع معهما والدهما، محمد بن طرخان، بقراءة محي. الدين، عبد الرحمن بن
الحافظ عبد الغني المقدسي قدس الله روحه في آخرين يذكرون، إن شاء الله في طبقة
السماع في آخره، وذلك يوم السبت، سابع عشر ربيع الأول، سنة أربع عشرة
وست مئة، بالجامع المظفري، عمره الله، بجبل قاسيون
21

بسم الله الرحمن الرحيم
[رب يسر برحمتك]
أخبرنا أبو القاسم، هبة الله بن الحسن بن هلال، الدقاق، قال:
أنبا أبو طاهر، عبد الملك بن أحمد السيوري.
وأخبرنا أبو المكارم، المبارك بن أحمد بن المعمر البادرائي.
أنبا أبو غالب، محمد بن الحسن بن أحمد الباقلاني قالا:
أنبا أبو القاسم، عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن بشران، قال:
أخبرنا أبو بكر، محمد بن الحسين الاجري، قال:
22

ذكر الغرباء من المؤمنين، وأوصافهم في الدنيا
وعلى أي حال هم فيها
[1] وبه، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي داود السجستاني، قال، حدثنا محمد بن آدم
المصيصي، قال: حدثنا حفص بن غياث عن الأعمش عن أبي إسحاق
عن أبي الأحوص
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الاسلام بدأ غريبا وسيعود كما بدأ غريبا فطوبى للغرباء
قيل: ومن هم يا رسول الله؟ قال: الذين يصلحون إذا فسد الناس
23

[2] - أخبرنا محمد، قال: أخبرنا أبو محمد، عبد الله بن صالح البخاري وأبو
العباس، أحمد بن سهل الأشناني قالا: ثنا أبو بكر بن أبي شيبه حدثنا
حفص بن غياث عن الأعمش، عن أبي إسحاق، عن أي الأحوص،
عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
إن الاسلام بدأ غريبا، وسيعود كما بدأ فطوبى للغرباء قيل: من
الغرباء يا رسول الله؟ قال: النزاع من القبائل.
24

[3] - قال أبو بكر، محمد بن الحسين: وأنشدني عبد الله بن حميد، أبو بكر المؤدب
[في معنى هذا الحديث]: [من الوافر]
بدا الاسلام حين بدا غريبا * وكيف بدا يعود على الدلائل
فطوبى فيه للغرباء طوبى * لجمع الآخرين وللأوائل
كما قال الرسول، فقيل من هم * فقال: النازعون من القبائل
25

[4] - أخبرنا محمد، قال: ثنا أبو أحمد، هارون بن يوسف التاجر، قال: ثنا
محمد بن أبي عمر العدني، قال: مروان بن معاوية الفزاري، عن يزيد بن
كيسان، عن أبي حازم،
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
إن الاسلام بدا غريبا، وسيعود (كما بدا) غريبا، فطوبى للغرباء
26

[5] - أخبرنا محمد، قال: حدثني أبو حفص، عمر بن أيوب السقطي، قال: ثنا
محمد بن الصباح الجرجائي، قال: ثنا كثير بن مروان، عن عبد الله بن يزيد
الدمشقي، قال:
أخبرني أبو الدرداء، وأبو أمامة، ووائلة بن الأسقع، وأنس بن
مالك، رضي الله عنهم أجمعين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
إن الاسلام بدا غريبا، وسيعود غريبا، فطوبى للغرباء
27

[6] - أخبرنا محمد، قال: ثنا أبو محمد، يحيى بن محمد بن صاعد، قال: ثنا
الحسين بن الحسن المروزي، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال أخبرنا ابن لهيعة،
قال: حدثني الحارث بن يزيد، عن جندب بن عبد الله، أنه سمع سفيان بن
عوف الثمالي، يقول:
سمعت عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، يقول: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ونحن عنده:
طوبي للغرباء قيل: ومن الغرباء يا رسول الله؟ قال: أناس
صالحون قليل في ناس سوء كثير، من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم.
28

[7] - أخبرنا محمد، قال ثنا أبو بكر، عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي،
قال: ثنا هارون بن عبد الله،
قال: ثنا سيار بن حاتم، قال: ثنا جعفر بن سليمان، قال: ثنا أبو
كعب الأزدي، قال: سمعت الحسن، رضي الله عنه يقول:
المؤمن في الدنيا كالغريب، لا يجزع من ذلها، ولا ينافس في عزها،
للناس حال، وله حال.
29

[8] - أخبرنا محمد، قال: وأنشدني أبو بكر [عبد الله بن حميد] المؤدب، أيضا [في
ذلك]: [من مجزوء الرمل]
وترى المؤمن في ال‍ * دنيا غريبا مستفزا
فهو لا يجزع من ذل * ولا يطلب عزا
وتراه من جميع ال‍ * خلق خلوا مشمئزا
ثم بالطاعة ما عا * ش وبالخبر ملزا
30

[9] - قال محمد بن الحسين [رحمه الله]:
فإن قال قائل: ما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: بدأ الاسلام غريبا، وسيعود كما بدأ؟
قيل له: كان الناس - قيل أن يبعث النبي صلى الله عليه وسلم - أهل أديان مختلفة يهود،
ونصارى، ومجوس، وعبده أوثان، فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم كان من أسلم من كل طبقة
منهم غريبا في حية، غريبا في قبيلته مستخفيا باسلامه، قد جفاه الأهل والعشيرة،
فهو بينهم ذليل حقير محتمل للجفاء، صابر على الأذى، حتى أعز الله عز وجل
الاسلام، وكثر أنصاره * وعلا أهل الحق، وانقمع أهل الباطل، فكان الاسلام في
ابتدائه غريبا بهذا المعنى.
وقوله - صلى الله عليه وسلم - وسيعود غريبا معناه - والله أعلم - أن الأهواء المضلة تكثر، فيضل
بها كثير من الناس، ويبقى أهل الحق الذين هم على شريعة الاسلام غرباء في
الناس لقلتهم.
ألم تسمع إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم:
[9] - تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة
فقيل: من هي الناجية؟ فقال: ما أنا عليه وأصحابي.
31

وبقوله صلى الله عليه وسلم:
[10] - مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، حتى إذا رأيت شحا مطاعا،
وهوى متبعا، ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأى برأيه، ورأيت أمرا لا
يد لك به، فعليك بخاصة نفسك، وإياك وعوامهم، فإن فيهم أيام
الصبر، الصبر فيهن كقبض على الجمر.
فهذه صفة من صفات الغريب الصابر على دينه، حتى يسلم من الأهواء المضلة.
ومن صفة الغرباء أيضا التي نعت بها أهل الحق أن يكون الغالب على الناس في
جميع أمورهم، مثل مؤاخاة الاخوان، وصحبة الأصحاب، ومجاورة الجيران، وصلة
الأرحام، وعبادة المرضى، وشهود الجنائز، وما يجري عليهم من المصائب،
وما يسرون به من الأفراح بالدنيا، والمتاجرة والمعاملة والمحبة والبغضة والمزاورة،
والملاقاة والمجالسة والاجتماع في الولائم، وأشباه لهذه الأمور فإن جميع ذلك يجري
32

بينهم على خلاف الكتاب والسنة [لغلبة الجهل عليهم، ولدروس العلم فيهم]،
فإذا أراد المؤمن العاقل الذي قد فقهه الله عز وجل في الدين، وبصره عيوب نفسه،
وقبيح ما الناس عليه، ورزقه معرفة بالتمييز بين الحق والباطل، وبين الحسن
والقبيح، وبين الضار والنافع، وعلم ماله مما عليه، فإذا الزم نفسه العمل بالحق بين
ظهراني من قد جهل الحق بل الغالب عليهم اتباع الهوى لا يبالون ما نقص
من دينهم إذا سلمت لهم دنياهم فإذا نظروا إلى من يخالفهم على طريقتهم ثقل ذلك
عليهم فمقتوه وخالفوه وطلبوا له العيوب فأهله به متضجرون لو وإخوانه به
مثقلون يكون ومعاملوه مع به غير راغبين في معاملته وأهل الأهواء على غير مذهب الحق
مخالفون فصار غريبا في دينه لفساد دين أكثر الخلق غريبا في معاملته لكثرة فساد
معايش أكثر الخلق غريبا في مؤاخاته وصحبته لكثرة فساد صحبة الناس
ومؤاخاتهم غريبا في جميع أمور الدنيا والآخرة لا يجد على ذلك مساعدا يفرح به
ولا مؤانسا يسكن إليه.
فمثل هذا غريب مستوحش لأنه صالح بين فساق وعالم بين جهال حليم
بين سفهاء يصبح حزينا، ويمسي حزينا كثير غمه قليل فرحه كأنه مسجون
كثير البكاء كالغريب الذي لا يعرف ولا يأنس به أحد يستوحش منه من لا
يعرفه.
فهذا [معنى] قوله صلى الله عليه وسلم: وسيعود غريبا [كما بدأ] والله أعلم.
33

قلت: فلو تشهده في الخلوات يبكي بحرقة ويئن بزفرة، ودموعه تسيل بعبرة
فلو رأيته وأنت لا تعرفه لظننت انه ثكلى قد أصيب بمحبوبه، وليس كما ظننت وإنما
هو خائف على دينه أن يصاب به لا يبالي بذهاب دنياه إذا سلم له دينه قد جعل
رأس ماله دينه يخاف عليه الخسران، كما قال الحسن [رحمه الله].
[10] - رأس مال المؤمن دينه حيث ما زال ذاك معه، لا يخلفه في الرحال ولا
يأتمن عليه الرجال.
قلت: وللغريب أوصاف كثيرة، وقد ذكرت منها ما يكتفى به عن الكثير من
القول.
[11] - أخبرنا محمد قال: أنشدني إبراهيم بن محمد لبعض الحكماء في معنى سير
الغريب [إلى الله عز وجل] وحده: [من البسيط]
الطرق شتى وطريق الحق منفرد * والسالكون طريق الحق افراد
لا يطلبون ولا تطلب مساعيهم * فهم على مهل يمشون قصاد
والناس في غفلة عما له قصدوا * فجلهم عن طريق الحق رقاد
34

[12] - أخبرنا محمد، قال: وأنشدني أبو علي، الحسن بن القاسم، قال: أنشدني أبو
علي الرقي في بكاء الغريب على نفسه: [من الطويل]
نسجت من الأحزان شعرا فقلته * لأني غريب والغريب حزين
وليتني دهري فلو كنت جلمدا * للنت سعيد وكل للبلاء يلين
فلا تعجبوا من أنه بعد زفرة * لكل غريب في الظلام أنين
[13] - قال محمد بن الحسين رأيت منذ سنين كثيرة مع عجوز جوربين أبيضين، أخبرتني أن شابا من أهل دمشق محبوس في المطبق مظلوم وأنه نسج على
خصريهما بكر بيتين من الشعر في الغرباء،
على الأول: [من الطويل]
غريب يقاسي الهم في أرض غربة * فيارب قرب دار كل غريب
وعلى الثاني: [من البسيط]
أنا الغريب فلا ألام على البكا * إن البكا حسن لكل غريب
[14] - أخبرنا محمد قال: أنشدني أبو الحسين محرز بن جعفر الرازي [لبعض الحكماء]: [من الكامل]
إن الغريب له استكانة مذنب * وخضوع مديون وذل مريب
إن الغريب وإن أقام ببلدة * يجبي الله خراجها لغريب
35

باب
الحث على بلوغ مراتب الغرباء
[15] - أخبرنا محمد قال: حدثنا أبو بكر جعفر بن محمد الفريابي قال: حدثنا
أبو بكر بن عفان الصوفي قال: أخبرنا فضيل بن عياض، عن ليث بن أبي
سليم، عن مجاهد،
عن ابن عمر قال:
أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعض جسدي، فقال لي:
يا ابن عمر كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل وعد نفسك
من أهل القبور. [16] - أخبرنا محمد قال وحدثنا الفريابي قال ثنا محمد بن الحسن البلخي
قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك قال: أخبرنا سفيان الثوري عن ليث عن
مجاهد،
36

عن ابن عمر قال:
أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعض جسدي فقال:
كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل، وعد نفسك من أهل
القبور.
وقال ابن عمر:
فإذا أصبحت فلا تحدث نفسك بالمساء وإذا أمسيت فلا تحدث
نفسك بالصباح وخذ من صحتك قبل سقمك، ومن حياتك قبل
موتك فإنك لا تدري يا عبد الله - ما اسمك غدا.
37

[17] - أخبرنا محمد قال: أخبرنا أبو بكر، عبد الله بن محمد بن عبد الحميد
الواسطي قال: حدثنا ابن أبي بزة مؤذن مسجد الحرام قال: حدثنا مالك
بن سعير قال حدثنا الأعمش عن مجاهد،
عن ابن عمر قال أخذ رسول الله بعضلة ساقي أو ببعض جسدي وقال:
يا عبد الله كن في الدنيا كأنك غريب وعد نفسك من أهل
القبور.
قال مجاهد: قال لي عبد الله:
يا مجاهد فإذا أمسيت فلا تحدث نفسك بالصباح وإذا أصبحت فلا
تحدث نفسك بالمساء وخذ من دنياك لآخرتك
38

[18] - أخبرنا محمد قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن موسى بن رنجويه
القطان قال: حدثنا إبراهيم بن الوليد الطبراني القرشي قال: حدثنا محمد بن
يوسف قال: حدثنا الأوزاعي عن عبدة بن أبي لبابة
عن ابن عمر قال:
أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعض جسدي فقال لي:
اعبد الله كأنك تراه وكن في الدنيا كأنك عابر سبيل
[19] - وأخبرنا محمد قال: أنشدني أبو بكر عبد الله بن حميد المؤدب [من مجزوء الرمل]
أيها الغافل في ظ * ل نعيم وسرور
كن غريبا واجعل ال‍ * دنيا سبيلا للعبور
واعدد النفس طوال ال‍ * دهر من أهل القبور
وأرفض الدنيا ولا تر * كن إلى دار الغرور
39

[20] - قال محمد بن الحسين [رحمه الله] (1):
فإن قال قائل: أيش يحتمل قول النبي صلى الله عليه وسلم كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر
سبيل؟
قيل له: والله أعلم.
هو الرجل الحاضر الذي قد أنعم الله عز وجل عليه، فرزقه مالا، وولدا، سره
بهما، وزوجه حسناء، ودارا قوراء، ولباسا ناعما، وطعاما طيبا، فبينا هو كذلك إذ
عرض له سفر، لابد له من الخروج فيه، فخرج، فطال به السفر، وفقد جميع ما كان
يلد به، وصار غريبا في بلد لا يعرف، فاستوحش من الغربة لما قاسى فيها من
الذل، والمسكنة، وحن قلبه إلى الرجوع إلى وطنه، فجد في السير، همه في مسيره أن
يقطع السفر بالتحري، فطعامه اليسير مما فيه كفايته، ولباسه الحقير لما يستر به
عورته، جل ما يحتمل معه جرابه، وركوته، يكابد السهر ليقطع عنه شدة آلام
السفر، وقلبه متطلع إلى ما يلذ به في الحضر، محتمل للأذى، صابر على البلوي،
لا يعرج في مسيره على شئ من أمور الدنيا غير ما فيه بعض كفايته، قد لهي، عن
40

كل شئ له فيه لذة ينام بالليل في الأودية والشعاب ويقيل النهار في فيافي
الجبال والشجر على التراب، وإذا مر بما تهواه النفوس لم يعرج عليه يحادث نفسه
بالصبر عنه، [يقول لها]. حتى أبلغ مستقري فأمنحك ما تحبين.
إذا أجهده السير يبكي بحرقة، ويئن بزفرة ويختنق بعبرة، لا يجفو على من
جفا عليه، ولا يؤاخذ من آذاه، ولا يبالي من جهله، قد هان عليه في غربته جميع أمور،
الدنيا حتى يقطع السفر ويرد الحضر.
فقيل لهذا المؤمن العاقل الذي يريد الآخرة ويشنأ الدنيا: كن في الدنيا مثل
هذا الغريب لا يعرج الا على ما قل وكفى وقد ترك ما كثر وإلهي، فإنك إذا فعلت
ذلك كنت غريبا كعابر سبيل، حتى ترد الآخرة، وأنت مخف من الدنيا، حينئذ
تحمد عواقب الصبر في جميع ما نالك من المشقة في سفرك، والله أعلم.
[21] - أخبرنا محمد قال: أنشدني أبو بكر، محمد بن الجهم المالكي لبعض
الحكماء: [من الهزج]
فتى كأس فلم يأسا * على ما يعطب الناسا (1)
ولكن جد في السير * فما قصر مذ كأسا
وقوم جمعوا الدنيا * فصار القوم حراسا
فلم يشغل بهم قلبا * ولم يرفع بهم رأسا
41

فتى ألبسه الله ال‍ * غنى والعز والباسا
فلم يفتح حانوتا * ولم يختم الأكياسا
ولم يألف مخلوقا * ولم يطلب جلاسا
ولكن جعل الذكر * مع القرآن أناسا
له دمع ينبئك * عن القلب وما قاسا
ويشجيك إذا مايت‍ * بع الأنفاس أنفاسا
تراه في الصحارى ل‍ * جلال الله لماسا
ولو قيل له في قو * ته واس به واسا
غدا يخرج من أبي‍ * ض خلق الله قرطاسا
إذا ما قيل للأبرا * ر قوموا فاشربوا الكاسا
مضى يخترق الورد * إلى الأتراب والآسا
فقد صارت مياتيم * محب الله أعراسا
42

[22] - قال محمد بن الحسين رحمه الله: (1)
من أحب أن يبلغ مراتب الغرباء فليصبر على جفاء أبويه، وزوجته وإخوانه
وقرابته
وإن قال قائل:
ولم يجفونني، وأنا لهم حبيب، وغمهم بفقدي (2) إياهم إياي شديد؟ قيل:
لأنك خالفتهم على ما هم عليه من حبهم للدنيا وشدة حرصهم عليها ولتمكن
الشهوات من قلوبهم ما يبالون ما نقص من دينك ودينهم إذا سلمت لهم بك دنياهم
فإن تابعتهم على ذلك كنت الحبيب القريب وإن خالفتهم وسلكت طريق أهل
الآخرة باستعمالك به (4)، الحق جفا عليهم أمرك
فالأبوان متبرمان (5) بفعالك والزوجة بك متضجرة فهي تحب فراقك،
والإخوان والقرابة فقد (6) زهدوا في لقائك فأنت بينهم مكروب محزون، فحينئذ
نظرت إلى نفسك بعين الغربة، فأنست بأمثالك: من الغرباء واستوحشت من
الاخوان والأقرباء، فسلكت الطريق إلى الله عز وجل الكريم وحدك فإن صبرت
على خشونة الطريق أياما يسيرة، واحتملت الذل والمداراة مدة قصيرة، وزهدت في
هذه الدار الحقيرة أعقبك الصبر أن ورد بك إلى دار العافية، أرضها طيبة، ورياضها
خضرة، وأشجارها مثمرة، وأنهارها عذبة (فيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين) (7)
43

وأهلها فيها مخلدون، (يسقون من رحيق مختوم، ختامه مسك، وفي ذلك فليتنافس
المتنافسون ومزاجه من تسنيم، عينا يشرب بها المقربون) (8) يطاف عليهم بكأس
من معين لا يصدعون عنها ولا ينزفون، وفاكهة مما يتخيرون، ولحم طير مما يشتهون
وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون جزاء بما كانوا يعملون
(9) (23) أخبرنا محمد قال: ثنا أبو بكر، محمد بن أحمد بن هارون العسكري
(1) قال: أنبا إبراهيم بن الجنيد الختلي (2) قال: حدثني أبو عبد الله محمد بن العباس،
قال: حدثني محمد بن معاوية الصوفي (3)،
قال: ثنا رجل من أهل خراسان (4) قال:
(أوحى الله عز وجل إلى نبي من الأنبياء: إن أردت لقياي (5) غدا " (6) في
حظيرة القدس فكن في الدنيا غريبا "، محزونا " مستوحشا "، فالطير الوحداني
44

الذي يطير في الأراضي (7) القفار، ويأكل من رؤوس الأشجار، فإذا كان
الليل أوى إلى وكره، ولم يكن مع الطير استئناسا " بربه، واستيحاشا " من
الناس)
45

باب
صفة الغريب
الذي لو أقسم على الله عز وجل لأبر قسمه
(24) - أخبرنا محمد، قال: ثنا أبو العباس عبد الله بن الصقر السكري (1) قال:
ثنا يعقوب بن حميد بن كاسب قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم ابن سعيد (2) قال:
ثنا صفوان بن سليم عن عبد الله بن دينار عن أبي صالح السمان (4)
عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(طوبى لعبد مغبرة قدماه في سبيل الله عز وجل، شاعث رأسه، إن
كانت الساقة (5) كان فيهم وإن كان الحرس كان فيهم، وإن شفع لم يشفع
وإن استأذن لم يؤذن له، طوبى له ثم طوبى له) (6)
46

(25) - أخبرنا محمد قال: ثنا أبو سعيد الحسن بن علي الجصاص قال: ثنا محمد
بن عزيز الأيلي (1) قال: حدثني سلامة بن روح عن عقيل بن خالد، عن ابن
شهاب (2) قال حدثني أنس بن مالك
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
رب أغبر (3) ذي طمرين (4) لا يؤبه له، لو أقسم على الله عز وجل
لأبره).
47

(26) - أخبرنا محمد بن الحسين، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي داود، قال: حدثنا
محمود بن خالد، قال: حدثنا سويد بن عبد العزيز، قال: حدثنا زيد بن واقد،
عن بسر بن عبيد الله، عن أبي إدريس الخولاني،
عن معاذ بن جبل، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال:
(ألا أخبركم عن ملوك أهل الجنة؟ قالوا: بلى، يا رسول الله قال:
كل ضعيف أغير ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله عز وجل
لأبره)
48

(27) - أخبرنا محمد، قال: وثنا أبو القاسم، عبد الله بن محمد العطشي، قال: ثنا
أبو حفص، عمر بن محمد بن عبد الحكيم النسائي قال: ثنا محمد بن الحسين
البرجلاني، قال: حدثني الحسين بن أحمد الشامي،
قال: سمعت ذا النون المصري، يقول:
(ركبنا البحر نريد مكة ومعنا في المركب رجل عليه أطمار رثة فوقع
في المركب تهمة فدارت صارت إليه
49

فقلت: إن القوم قد اتهموك فقال: إياي تعني؟ فقلت: نعم قال: فنظر إلى
السماء وقال: أقسمت عليك ثم قال: أقسمت عليك إلا أخرجت ما فيه
من حوت بجوهرة
قال: فلقد خيل إلي أن ما في البحر حوت إلا وقد خرجت في فيها لؤلؤة
أو جوهرة ثم رمى بنفسه في البحر وذهب)
(28) - أخبرنا محمد قال: أنشدني أبو بكر، عبد الله بن حميد المؤدب في ذلك
(من مجزوء رمل)
رب ذي طمرين نضو * يأمن العالم شره
لا يرى إلا غنيا * وهو لا يملك ذرة
ثم لو أقسم في شئ * على الله أبره
(29) أخبرنا محمد قال: وأنشدنا أبو بكر، محمد بن أحمد بن هارون العسكر ي
قال: أنشدنا إبراهيم بن الجنيد لبعض المتعبدين: (من الطويل)
ألا رب ذي طمرين أشعث أغبرا * يدافع بالأبواب إذ ظل معسرا
مطيع يخاف الله في كل أمره * يكاد من الأحزان أن يتفطرا
ولو يقسمن ألفا عليه أبره * وكان حقيقا أن يجاب ويجبرا
50

(30) - أخبرنا محمد قال: حدثني أبو محمد بن صاعد قال: ثنا الحسين بن الحسن قال: أخبرنا الفضل بن موسى قال: ثنا حزم بن مهران القطعي
قال: سمعت معاوية بن قرة يقول:
بلغني أن كعبا كان يقول:
(طوبى لهم طوبى لهم) فقيل ومن هم يا أبا إسحاق؟ قال: (طوبى
لهم إن شهدوا لم يدخلوا وإن خطبوا لم ينكحوا وإن ماتوا لم يفتقدوا)
51

- قال أبو بكر، محمد بن الحسين: حدثني بعض أصحابنا
عن أبي الفضل الشكلي قال:
رأيت شابا في بعض الطريق وعليه خلق فكأني لم أحفل به
فالتفت إلي ثم قال: (من المنسرح)
لا تنب عني بأن ترى خلقي * فإنما الدر داخل الصدف علمي جديد وملبسي خلق * ومنتهى اللبس منتهى الصلف
قال: فجعلت ألوذ به، (وأنست به)
52

(32) - أخبرنا محمد قال: وحدثنا الفريابي قال: ثنا إسماعيل بن عبيد ابن أبي
كريمة الحراني قال: ثنا محمد بن سلمة الحراني عن أبي عبد الرحيم عن أبي
عبد الملك عن القاسم
عن أبي أمامة عن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال:
(إن أغبط الناس عندي لمؤمن خفيف الحاذ ذو حظ من صلاة
أحسن عبادة ربه عز وجل وكان رزقه كفافا لا يشار إليه بالأصابع
وصبر على ذلك حتى يلقى الله عز وجل ثم حلت منيته وقل تراثه،
وقلت بواكيه)
53

(33) - أخبرنا محمد بن الحسين قال: أنشدني أبو بكر عبد الله بن حميد المؤدب (في
ذلك): (من الوافر)
أخص الناس بالايمان عبد * خفيف الحاذ مسكنه القفار
له في الليل حظ من صلاة * ومن صوم إذا جاء النهار
وقوت النفس يأتي في كفاف * وكان له على ذاك اصطبار
وفيه عفة وبه خمول * إليه بالأصابع لا يشار
وقل الباكيات عليه لما * قضى نحبا وليس له يسار
فذلك قد نجا من كل شر * ولم تمسسه يوم البعث نار
54

(34) - أخبرنا محمد قال: ثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار قال: حدثنا أبو
جعفر محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: حدثني علي بن حكيم قال: أخبرنا
حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي عن محمد بن مسلم الطائفي عن عثمان بن
عبد الله بن أوس عن سليمان بن هرمز
، عن عبد الله بن عمرو قال:
(أحب شئ إلى الله عز وجل الغرباء) قيل: وما الغرباء؟ قال:
(الفرارون بدينهم يجتمعون إلى عيسى بن مريم عليه السلام يوم
القيامة)
55

(35) أخبرنا محمد قال: أنبا الفريابي قال: ثنا عبد الرحمن بن إبراهيم
الدمشقي قال: ثنا ابن أبي فديك قال: حدثني يحيى بن عبد الله بن أبي
قتادة
عن نافع بن مالك قال:
(دخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه المسجد، فوجد معاذ بن جبل
- رحمه الله - جالسا إلى بيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبكي فقال له عمر:
ما يبكيك يا أبا عبد الرحمن؟ هلك أخوك - لرجل من أصحابه - هلك
قال: لا، ولكن حديث حدثنيه حبي صلى الله عليه وسلم وأنا في هذا المسجد
فقال: ما هو، يا أبا عبد الرحمن؟ قال:
أخبرني: أن الله تبارك وتعالى يحب الأخفياء الأتقياء الأبرياء
الذين إذا غابوا لم يفتقدوا وإن حضروا لم يعرفوا قلوبهم مصابيح
الهدى يخرجون من كل فتنة عمياء مظلمة)
56

باب
ذكر من كان يحب الغربة
ويخفي نفسه وينتقل من موضع إلى موضع
[36] - أخبرنا محمد بن الحسين، قال: حدثنا أبو الفضل العباس بن يوسف
الشكلي قال: حدثنا محمد بن إسحاق السلمي قال: حدثنا محمد بن صالح
التميمي قال:
قال أبو عبد الله مؤذن مسجد بني حرام:
(جاورني شاب فكنت إذا أذنت للصلاة وأقمت فكأنه في نقرة
قفاي فإذا صليت صلى ثم لبس نعليه ثم دخل منزله فكنت أتمنى أن
يكلمني أو يسألني حاجة فقال لي ذات يوم:
يا أبا عبد الله عندك مصحف تعيرني أقرأ فيه؟ فأخرجت إليه
مصحفا فدفعته إليه فضمه إلى صدره ثم قال: ليكونن اليوم لي ولك
شأن
ففقدته ذلك اليوم فلم أره يخرج فأقمت للمغرب فلم يخرج
58

وأقمت لعشاء الآخرة، فلم يخرج فساء ظني فلما صليت عشاء الآخرة
جئت إلى الدار التي هو فيها، فإذا فيها دلو ومطهرة، وإذا على بابه ستر
فرفعت الباب، فإذا به ميت والمصحف في حجره فأخذت المصحف
من حجره واستعنت بقوم على حمله حتى وضعناه على سريره وبقيت
ليلتي أفكر من أكلم حتى يكفنه فأذنت للفجر بوقت، ودخلت
المسجد لأركع فإذا بضوء في القبلة فدنوت منه فإذا كفن ملفوف في
القبلة فأخذته وحمدت الله عز وجل، وأدخلته البيت وخرجت،
فأقمت للصلاة فلما سلمت فإذا عن يميني ثابت البناني ومالك بن
دينار وحبيب الفارسي وصالح المري فقلت لهم:
59

يا إخواني ما غدا بكم؟ قالوا لي: مات في جوارك الليلة أحد؟ قلت:
مات شاب وكان يصلي معي الصلوات قالوا لي: أرناه فلما دخلوا
عليه كشف مالك بن دينار الثوب عن وجهه ثم قبل موضع سجوده ثم
قال: بأبي أنت يا حجاج إذا عرفت في موضع تحولت منه إلى موضع
غيره حتى لا تعرف خذوا في غسله وإذا مع كل واحد منهم كفن
فقال كل واحد منهم: أنا أكفنه فلما طال ذلك منهم قلت لهم:
إني فكرت في أمره هذه الليلة فقلت: من أكلم حتى يكفنه فأتيت
المسجد فأذنت ثم دخلت لأركع فإذا كفن ملفوف لا أدري من
وضعه فقالوا: يكفن في ذلك الكفن فكفناه وأخرجناه فما كدنا نرفع
جنازته من كثرة من حضره من الجمع)
60

(31) - أخبرنا محمد بن الحسين قال: أنشدنا أبو الفضل العباس بن يوسف
الشكلي قال: أنشدني بعض أصحابنا: (من الطويل)
ألا رب ذي طمرين في مجلس غدا * زرابيه مبثوثة ونمارقه
قد اطردت أنهاره في رياضه * مع الحور والتفت عليه حدائقه
محل ديار إن حللت ديارها * نعمت بدار الخلد مع من ترافقه
رفيق وجار للنبي محمد * لقد اعطى الزلفى رفيق يرافقه
فيا حسن عبد جاور الله ربه * بدار الغنى والغانيات تعانقه
ويا حسنه والحور يمشين حوله * على فرش الديباج سبحان خالقه
(38) - (قال): أخبرنا محمد بن الحسين قال: وحدثنا أبو الفضل الشكلي أيضا
قال: حدثني الحسين بن أحمد الأزدي قال: فدم المصيصة فتى من
المتعبدين فنزل في مسجد أسد الخشاب وكان يسمع من الناس
الحديث وكان عليه أطمار وكان ناحل الجسم ذابل فأشرف أسد
على بعض اجتهاده فقربه وأدناه وخصه بالحديث فلما رأى ذلك من
فعله هرب منه فافتقده فحزن عليه حزنا شديدا فأنشأ يقول: (من
المجتث)
61

يا من رأى لي غريبا * ثيابه أطمار
الجسم منه نحيل * والوجه فيه اصفرار
عليه آثار حزن * بوجهه واغبرار
يقوم في جوف ليل * يناجي الجبار
يقول يا سؤل قلبي * يا ماجد غفار
فالدمع يجري بحزن * فدمعه مدرار
يبغي جنان نعيم * يا حسن دار القرار
فيها جوار حسان * يا حسن تلك الجوار
عرائس في خيام * من اللآلئ الكبار
كواعب غنجات * نواهد أبكار
لباسهن حرير * يحير الابصار
وفي الذراع سوار * يا حسنه من سوار
شرابهن رحيق * يفجر الأنهار
62

وسلسبيل وخمر * تبارك الجبار
يا من رأى لي غريبا * ثيابه أطمار
(39) - أخبرنا محمد قال: حدثنا أبو عبد الله، محمد بن مخلد العطار، قال: حدثنا
أبو بكر، أحمد بن عتاب قال: سمعت أبا بكر بن مسلم، يقول: (من الكامل)
يا من يريد بزعمه الإخمالا * إن كان حقا فاستعد خصالا
ترك التذاكر والمجالس كلها * واجعل خروجك للصلاة خيالا
بل كن بها حي كأنك ميت * لا يرتجي منه القريب وصالا
وأنس بربك واعلمن بأنه * عون المريد يسدد الأخلالا
يعطي ويثني بالغطاء تفضلا * بعد الثواب ويبسط الآمالا
من ذا يريد مع الودود مؤانسا من ذا يريد لغيره أشغالا
من ذا يلذ بغير ذكر مليكه من ذا يريد لغيره أعمالا
لا تقنعن من الحياة بغيره وابذل قواك وقطع الأوصالا
فلئن بلغت لأنت أكرم من بها ولئن هلكت فما ظلمت خلالا
من ذاق كأس الخوف ضاق بذرعه * حتى ينال مراده إن نالا
حاشا مؤمل سيدي من خيبة * جل الجواد بفعله وتعالا
63

(40) - أخبرنا محمد بن الحسين قال: حدثنا أبو الفضل الشكلي قال: حدثني
سعيد بن عثمان الحناط قال: سمعت ذا النون المصري يقول:
(بينا أنا في مسيري إذ لقيتني امرأة من المتعبدات كأنها والهة فقالت
لي:
من أين أنت؟
فقلت: أنا رجل غريب
فقالت لي: يا غريب وهل توجد مع الله عز وجل أحزان الغربة وهو
مؤنس الغرباء ومعين الضعفاء؟
64

قال: فبكيت فقالت:
اعلم أن البكاء راحة للقلب وملجأ يلجأ إليه وما كتم القلب شيئا هو أولى من الشهيق والزفير.
قلت: علميني شيئا
فقالت:
حب ربك واشتق إليه فإن له يوما يتجلى فيه لأهل محبته فينيلهم
ما أملوا من رؤيته
ثم أخذت في الشهيق والزفير فتركتها على حالها ومضيت)
(41) - أخبرنا محمد قال: حدثني أبو القاسم عبد الله بن محمد العطشي المقري
قال: حدثني إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد قال: حدثني محمد بن الحسين
البرجلاني قال: حدثني محمد بن أبي عبد الله الخزاعي قال: حدثني رجل من (أهل) الشام قال:
(صحبني رجل من النصارى في بعض الطريق فقلت: أين تريد؟
فقال: أريد راهبا؟ (ها) هنا أقتبس من علمه
65

فقلت: أجئ معك؟ قال: إن شئت
قال: فأتينا على كهف جبل (في) ناحية (بعيدة) عن الطريق الناس
قال: فوقف النصراني فنادى بأعلى صوته:
يا معلم الخير أتيتك لأقتبس من علمك خيرا فعلمني، نفعك الله
بعلمك
قال: فهتف به هاتف من داخل الكهف:
أيها السائل عن سبل المنافع تيقظ حين يغفل الجاهلون عن أنفسهم
قال: فجلس النصراني يبكي وقال: ما أراه إلا مريضا وإني لأخاف
أن يكون قد دنا أجله وما أرى أنا نمطر إلا به
قال: فقلت: فلو دخلنا عليه؟ قال: إن شئت: قال: فانحدرنا في الكهف حتى أتينا على موضع منه وعر فإذا
بشيخ كبير قد سقط حاجباه على عينيه وإذا هو مكبوب على وجهه وإذا
هو يقول:
لئن كنت أطلت جهدي في دار الدنيا وتطيل شقائي في الآخرة لقد
أهملتني وأسقطتني من عينك أيها الكريم
66

ثم قال: فسلمنا عليه فرفع رأسه فإذا دموعه قد بلت الأرض
منها فقال: ما أدخلكم علي ألم تكن الأرض لكم واسعة وأهلها لكم
أناسا؟ فلما رأيت من عقله ما رأيت قلت: والله إني لأرغب بعقلك عن
النار فبكى وقال:
ما الذي آيسني عندك من رحمة الله عز وجل التي وسعت كل شئ؟
قال: قلت: إن رحمة الله لن ينالها غير أهل الاسلام دينا
قال: فبكى ثم قال: ما أعرف غير الاسلام دينا
قال: فاشمأز النصراني وقال: يا معلم الخير ترغب عن النصرانية
ودين المسيح؟
قال: فأقبل عليه فقال:
ثكلتك أمك أنا على دين المسيح وهل كان للمسيح دين سوى
الإسلام
إن الله تبارك وتعالى لما خلق خلقه ارتضى لهم الاسلام دينا، فمن
رغب عن الاسلام فلا حظ له في الآخرة ولا نصيب. (قال)
فثار النصراني موليا قال: فقلت: انتظر حتى أخرج معك قال:
67

فقال الراهب
دعه فمن كتب عليه الشقاء لم يسعد أبدا قال: قلت: يرحمك الله
اعتزلت الناس واغتربت في هذا الموضع؟
قال: فقال:
وأنت أي أخي فحيثما ظننت أنه أقرب لك إلى الله عز وجل فابتغ
إلى ذلك سبيلا فلن يجد مبتغوه من غيره عوضا
قال: قلت: فالمطعم؟ قال:
أقل ذلك عند الحاجة إليه قال: قلت: فالقلة؟ فقال: إذا أردنا
ذاك فنبت الأرض وقلوب الشجر
قال: قلت:
أخرجك من هذا الموضع الوعر، فآتي بك أرض الريف والخصب؟
قال: فبكي وقال:
إنما الخصب حيث يطاع الله عز وجل وأنا شيخ كبير وإنما أموت
الآن ولا حاجة لي بالناس
قال: قلت: أوصني بشئ أحفظه عنك قال: تفعل قلت: إن شاء الله تعالى قال:
68

لا تدخرن عن نفسك من نفسك شيئا ولا تؤثرن بحظك من
الناس أحدا وارع حدود الله عز وجل عند مغالبة الهوى وتنسم إلى
محابه وإن صعب عليك المرتقى وأخرى أقولها لك جماعا: لا ترد بفعلك
غيره والسلام عليك
ثم أكب على وجهه وهو يبكي وانصرفت)
(42) - أخبرنا محمد بن الحسين قال: سمعت أبا بكر بن أبي الطيب رحمه الله
يقول: بلغنا عن عبد الله بن الفرج العابد قال:
(احتجت إلى صانع يصنع لي شيئا من أمر الروزجاريين فأتيت
السوق فجعلت أرمق الصناع فإذا في أواخرهم شاب مصفر بين
يديه زبيل كبير ومر وعليه جبة صوف ومئزر صوف فقلت له:
69

تعمل؟ قال: نعم قلت بكم؟ قال: بدرهم ودانق فقلت له: قم
حتى تعمل قال: على شريطة قلت: وما هي؟ قال: إذا كان وقت الظهر
وأذن المؤذن خرجت فتطهرت وصليت في المسجد جماعة ثم رجعت
فإذا كان وقت العصر فكذلك فقلت: نعم فقام معي فجئنا المنزل
فوافقته على ما ينقله من موضع إلى موضع فشد وسطه وجعل
يعمل ولا يكلمني بشئ حتى أذن المؤذن للظهر فقال: يا عبد الله قد
أذن المؤذن قلت: شأنك فخرج فصلى فلما رجع عمل أيضا " عملا "
جيدا " إلى العصر، فلما أذن المؤذن قال لي: يا عبد الله قد أذن المؤذن
قلت: شأنك فخرج فصلى (العصر) ثم رجع، فلم يزل يعمل إلى
آخر النهار فوزنت له أجرته وانصرف
فلما كان بعد أيام احتجنا إلى عمل فقالت لي زوجتي اطلب لنا
ذلك الصانع الشاب فإنه نصحنا في عملنا فجئت السوق فلم
أره فسألت عنه فقالوا: تسأل عن ذاك المصفر المشئوم الذي لا نراه إلا
من سبت إلى سبت لا يجلس إلا وحده في آخر الناس؟ (قال) فانصرفت.
70

فلما كان يوم السبت أتيت السوق فصادفته فقلت (له) تعمل؟
قال: قد عرفت الأجرة والشرط قلت أستخير الله تعالى فقام فعمل
على النحو الذي كان عمل
قال: فلما وزنت له الأجرة زدته فأبى أن يأخذ الزيادة فألححت
عليه فضجر وتركني ومضى فغمني ذلك فاتبعته وأدركته وداريته حتى
أخذ أجرته فقط
فلما كان بعد مدة احتجنا أيضا إليه فمضيت في يوم السبت فلم
أصادفه فسألت عنه فقيل لي: هو عليل فقال لي من يخبر أمره إنما
كان يجئ إلى السوق من سبت إلى سبت يعمل بدرهم ودانق
ويتقوت كل يوم بدانق وقد مرض
فسألت عن منزله فأتيته وهو في بيت عجوز فقلت لها:
هنا الشاب الروزجاري؟ فقالت: هو عليل منذ أيام فدخلت
عليه فوجدته لما به وتحت رأسه لبنة فسلمت عليه وقلت: لك
حاجة قال نعم إن قبلت قلت: أقبل إن شاء الله تعالى قال:
71

إذا أنا مت فبع هذا المر واغسل جبتي هذه الصوف وهذا المئزر
وكفني بهما وافتق جيب الجبة فإن فيها خاتم فخذه ثم انظر يوم يركب
هارون الرشيد الخليفة فقف له في موضع يراك فكلمه وأره
الخاتم فإنه سيدعو بك فسلم إليه الخاتم ولا يكون هذا إلا بعد
دفني قلت: نعم
فلما مات فعلت به ما أمرني ثم نظرت اليوم الذي يركب فيه
الرشيد فجلست له على الطريق فلما مر ناديته: يا أمير المؤمنين لك
عندي وديعة ولوحت بالخاتم فأمر بي فأخذت وحملت حتى دخل إلى
داره ثم دعاني ونحى جميع من عنده وقال (لي) من أنت؟
فقلت: عبد الله بن الفرج فقال: هذا الخاتم من أين لك؟ فحدثته
قصة الشاب فجعل يبكي حتى رحمته.
فلما أنس إلى قلت: يا أمير المؤمنين من هو منك؟ قال: ابني
قلت: كيف صار إلى هذه الحال؟ قال:
72

ولد لي قبل أن ابتلي بالخلافة فنشأ نشوءا حسنا وتعلم القرآن
والعلم فلما وليت الخلافة تركني ولم ينل من دنياي شيئا " فدفعت إلى أمه
هذا الخاتم وهو ياقوت ويسوي مالا كثيرا " فدفعته إليها وقلت لها:
تدفعين هذا إليه - وكان بارا بأمه - وتسألينه أن يكون معه
فلعله ان يحتاج
إليه يوما من الأيام فينتفع به وتوفيت أمه فما عرفت له خبرا إلا
ما أخبرتني به أنت ثم قال لي:
إذا كان الليل فاخرج معي إلى قبره فلما كان الليل خرج وحده معي
يمشي حتى أتينا قبره فجلس إليه، فبكى بكاء شديدا "، فلما طلع الفجر
قمنا فرجع ثم قال لي: تعاهدني في (كل) الأيام حتى أزور قبره.
فكنت أتعاهده في الليل فنخرج حتى نزوره ثم يرجع
قال عبد الله بن الفرج: ولم أعلم أنه ابن الرشيد حتى أخبرني أنه ابنه
أو كما قال ابن أبي الطيب)
73

(43) - قال أبو بكر، محمد بن الحسين:
وقد حدثني أبو عبد الله بن مخلد العطار بأخبار عبد الله بن الفرج
ومنها هذا الحديث على نحو من هذا وقال في الحديث: فعرض الرشيد
على عبد الله بن الفرج مالا عظيما فأبى أن يقبله
(44) - قال أبو بكر: وبلغني أن عبد الله بن الفرج لما مات لم تعلم زوجته لإخوانه بموته
و - هم جلوس بالباب ينتظرون الدخول عليه في علته - فغسلته وكفنته في
كساء كان له وأخذت فرد باب من أبواب بيته وجعلته فوقه وشدته
بشريط ثم قالت لإخوانه: قد مات وقد فرغت من جهازه فدخلوا
فاحتملوه إلى قبره وغلقت الباب خلفهم
(45) أخبرنا محمد قال: و حدثني أبو سعيد بن الأعرابي قال: ثنا إسحاق بن
الحسن الحربي ثنا أبو عبد الرحمن البصري قال: ثنا محمد بن خلاد الباهلي
74

قال: حدثني مؤذن بلهجيم قال:
نزل سفيان الثوري رحمه الله عندنا في سكننا، وكان يجلس معنا ونحن لا
نعرفه نظن أنه أعرابي فكان يصغي إلى حديثنا فإذا صرنا إلى حديثه
سمعنا كلاما حسنا يذكرنا الجنة ويخوفنا النار فإذا طردته الشمس حل
حبوته وأنشأ يقول: (من البسيط)
ما ضر من كان في الفردوس مسكنه * ما مسه قبل من ضر وإقتار
تراه في الناس يمشي خائفا وجلا * إلى المساجد هونا بين أطمار
تفنى اللذاذة ممن نال صفوتها * من الحرام ويبقى الخزي والعار
تبقى عواقب سوء في مغبتها * لا خير في لذة من بعدها النار
75

باب
في موت الغريب
(46) - أخبرنا محمد بن الحسين قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد
العزيز البغوي قال: حدثنا يحيى بن أيوب العابد قال: ثنا عبد الله بن
وهب قال: ثنا حيي بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الحبلي
عن عبد الله بن عمرو قال:
توفي رجل بالمدينة (ممن ولد بالمدينة) فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقال: (يا ليته مات في غير مولده) فقال رجل (من الناس): لم
يا رسول الله؟ فقال: (إن الرجل إذا مات في غير مولده قيس له من
مولده إلى منقطع أثره من الجنة)
76

(47) - أخبرنا محمد قال: حدثنا العطشي قال: ثنا أبو علي، الحسن بن عرفة
قال: ثنا يحيى بن أيوب وذكر الحديث.
77

(48) - أخبرنا محمد قال: وثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار قال: ثنا أبو
جعفر محمد بن جعفر قال: ثنا منصور بن عمار قال: أخبرنا ابن لهيعة عن
حيي بن عبد الله المعافري عن أبي عبد الرحمن الحبلي
عن عبد الله بن عمرو قال:
وقف رسول الله صلى الله عليه وآله سلم على قبر رجل بالمدينة فقال:
(يا له لو مات غريبا) قيل: وما للغريب منا يموت بغير أرضه؟ فقال:
(ما من غريب يموت بغير أرضه إلا قيس له من تربته إلى مولده في الجنة)
78

(49) - أخبرنا محمد قال: وحدثنا (أبو عبد الله) بن مخلد أيضا قال: ثنا حفص بن عمرو الربالي قال: أخبرنا هذيل بن الحكم الأزدي قال: حدثني
عبد العزيز بن أبي رواد
عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
(موت الغريب شهادة)
79

(50) - أخبرنا محمد قال: و حدثنا ابن مخلد أيضا قال: حدثني موسى بن نصر
أبو عمران البزار قال: حدثني عبد الرحمن بن نافع أبو زياد قال: حدثنا أبو
رجاء الخراساني عبد الله بن الفضل عن هشام ابن حسان عن ابن سيرين
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
(موت الغريب شهادة)
80

(51) - أخبرنا محمد بن الحسين قال: حدثنا ابن صاعد قال: حدثنا الحسين بن
الحسن قال: أخبرنا ابن المبارك قال: أخبرنا ابن لهيعة قال: أخبرني الحارث بن
يزيد عن جندب بن عبد الله العداني أنه سمع سفيان بن عوف القاري
يقول:
سمعت عبد الله بن عمرو يقول: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما حين طلعت الشمس فقال:
(سيأتي ناس من أمتي يوم القيامة نورهم كضوء الشمس) قلنا:
ومن أولئك يا رسول الله؟ فقال: (فقراء المهاجرين الذين تتقى بهم
المكاره يموت أحدهم وحاجته في صدره يحشرون من أقطار الأرض)
81

(52) - أخبرنا محمد بن الحسين قال: ثنا أحمد بن يحيي الحلواني قال: حدثنا
يحيى بن أيوب العابد قال: حدثنا محمد بن السماك عن عائذ ابن نسير عن
عطاء عن عائشة قالت:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من مات في هذا الطريق من حاج أو معتمر لم
يعرض ولم يحاسب وقيل له: ادخل الجنة)
82

(53) - أخبرنا محمد بن الحسين قال: وحدثني أبو عبد الله محمد بن مخلد قال: ثنا علي
بن حرب (الطائي) قال: حدثني حسين بن علي الجعفي عن محمد بن السماك
عن عائذ عن عطاء عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مثله
(54) - أخبرنا محمد قال: و ثنا ابن مخلد قال: حدثني محمد بن ياسر البزار عن
محمد بن الحسين صاحب الرقائق قال: حدثني الصلت بن حكيم قال:
حدثني أبو زيد رجل من أهل البحرين قال:
(غسلت ميتا بالبحرين فإذا مكتوب على لحمه: طوباك يا غريب قال: فذهبت أنظر فإذا هو بين الجلد واللحم.)
83

(55) - قال أبو بكر: أنشدني أبو محمد القاسم بن الحسن السراج قال: أنشدني
أبو جعفر بن الصفار: (من المنسرح)
نم على سر وجده النفس * فالدمع من مقلتيه منبجس
مدله واله له حرق * أنفاسه بالحنين تختلس
يا بابي وجهه الجميل الذي * يفوق وجه المدلل الملس
يا بابي جسمه الزكي وإن * كان عليه خليق دنس
إن مات في غربة الغريب فقد * ناح عليه الضياء والغلس
(56) - قال أبو بكر محمد بن الحسين:
فإن قال قائل:
فكل من مات غريبا يكون موته شهادة على ظاهر الخبر؟
قيل له:
الغريب على وجهين:
فغريب يموت طائعا لله عز وجل بغربته وهم على أصناف شتى كلها
محمودة فهم الذين يرتجى أن يكون موت أحدهم شهادة
وغريب عاص لله تعالى بغربته وهم على أصناف شتى كلها
84

مذمومة وفرض عليهم التوبة من الغربة والرجوع عما تغربوا له
فإن قال (قائل):
فصف لنا الغريب الطائع لله عز وجل بغربته حتى لا نتغرب إلا في
طاعة الله
قيل له:
من تغرب في حج أو عمرة أو جهاد فمات في خروجه أو
رجوعه فهو شهيد
ومن خرج في طلب علم يريد (وجه) الله الكريم بعلمه ليعلم
ما افترض الله عز وجل عليه فيستعمله ويعلم ما حرم الله تعالى عليه
فينتهي عنه فمات فهو شهيد
ومن خرج زائرا لأخ في الله عز وجل لزيارة رحم يبرهم بزيارته
فمات فهو شهيد
ومن كان في ببلد ظهرت فيه الفتن فخشي على دينه وماله وأهله ففر
منه إلى بلد غيره فمات فهو شهيد
ومن ضاق عليه الكسب (الحلال) في بلده فخرج إلى بلد غيره
85

ليكتسب الحلال فمات فهو شهيد
ومن شرد له ولد أو أبق له عبد أو أمه فخرج في طلبهم فمات فهو شهيد
وأما صفة من تغرب في معصية مثل أن يقطع الطريق على المسلمين
أو (أن) يعين الخوارج أو خرج يسعى في الأرض للفساد أو
اختدع ولدا " لرجل أو عبدا " أو أمة فهرب بهم فتغرب أو خرج في
تجارة محرمة لا يبالي ما نقص من دينه إذا سلمت له دنياه فهؤلاء وما يشبه
أمثالهم عصاة لله عز وجل بتغربهم وفرض عليهم التوبة والرجوع عن
قبيح ما خرجوا له فإن ماتوا في غربتهم لم تحمد أحوالهم
86

(57) - أخبرنا محمد قال: أخبرنا أبو بكر عمر بن سعد القراطيسي قال: ثنا
أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد القرشي قال: ثنا محمد ابن الحسين قال:
حدثني زكريا بن أبي خالد قال:
خرج فتى يطلب الدنيا فتعذرت عليه فكتب إلى أمه: (من الطويل)
سأكسب مالا " أو أرى في ضريحة من الأرض لا يبكي علي سكوب
ولا واله حري على حزينة ولا أحد ممن أحب قريب
سوى أن يرى قبري غريب فربما * بكى أن يرى قبر الغريب غريب
قال: فوافي الكتاب وقد ماتت أمه فأجابته خالته: (من الطويل)
تذكرت أحوالا وأدريت عبرة * وهيجت أحزانا فذاك عجيب
فإن تك مشتاقا إلينا فإننا * إليك ظماء والحبيب حبيب
فامنن على أم عليك شفيقة بوجهك لا تثوى وأنت غريب
فإن الذي يأتيك بالرزق نائيا يجئ به والحي منك قريب
87

(58) - (أخبرنا محمد) قال: أنشدنا أبو حفص عمر بن جعفر الطبري
لبعض الحكماء: (من الطويل)
زعم الذين تشرقوا وتغربوا * أن الغريب وإن أعز ذليل
قالوا: الغريب يهان قلت تجلدا: * إن الإله بنصره لكفيل
قالوا: الغريب إذا يموت ببلدة * لم يبك أو يسمع عليه عويل
قلت: الغريب كفاه رحمة ربه * وغنى البكاء على الفقيد قليل
(59) - قال أبو بكر: أنشدني بعض المصريين من أصحابنا لبعض الحكماء: (من
تغربت عن أهلي فظلت مشردا * وحيدا " طريدا " في البلاد أدور
وخلفت إخواني وأهلي وجيرتي * ينوحون شجوا إنني لصبور
ولي وطن ما إن على الأرض مثله * ولكن مقادير جرت وأمور
88

(60) - قال محمد بن الحسين:
أغرب الغرباء في وقتنا هذا من أخذ بالسنن وصبر عليها وحذر
البدع وصبر عنها واتبع آثار من سلف من أئمة المسلمين وعرف
زمانه وشدة فساده وفساد أهله فاشتغل بإصلاح شأن نفسه من
حفظ جوارحه وترك الخوض فيما لا يعنيه وعمل في إصلاح كسرته
وكان طلبه من الدنيا ما فيه كفايته وترك الفضل الذي يطغيه وداري
أهل زمانه ولم يداهنهم وصبر على ذلك فهذا غريب وقل من يأنس
إليه من العشيرة والإخوان ولا نصره ذلك
فإن قال قائل:
أفرق لنا بين المداراة والمداهنة
قيل له:
المداراة التي يثاب عليها العاقل ويكون محمودا " (بها)
عند الله عز وجل وعند من عقل عن الله تعالى هو الذي يداري جميع
الناس الذين لابد له (منهم) ومن معاشرتهم لا يبالي ما نقص من
دنياه وما انتهك به (من) عرضه بعد أن سلم له دينه فهذا رجل
89

كريم غريب في زمانه
والمداهنة: فهو الذي لا يبالي ما نقص من دينه إذا سلمت له دنياه
قد هان عليه ذهاب دينه وانتهاك عرضه بعد أن تسلم له دنياه
(ف) هذا فعل مغرور فإذا عارضه العاقل فقال: هذا لا يجوز لك
فعله قال: نداري فيكسبوا المداهنة المحرمة اسم المداراة وهذا غلط
كبير من قائله فاعلم ذلك
(61) - قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
(مداراة الناس صدقة)
90

(62) - وقال الحسن:
(المؤمن يداري ولا يماري ينشر حكمة الله عز وجل فإن قبلت
حمد الله وإن ردت حمد الله (عز وجل) و (63) - قال محمد بن الحنفية رضي الله عنه:
(ليس بحكيم من لم يعاشر بالمعروف لمن لا من معاشرته بدا
حتى يجعل الله (عز وجل) له (منه) فرجا ومخرجا)
قال أبو بكر:
فمن كان هكذا فهو غريب، طوبى له ثم طوبى [له].
91

آخر الكتاب (يسمي بالغرباء)، والحمد لله وحده (و كان في
آخره):
(64) - أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين قال: حدثنا أبو الفضل العباس بن
يوسف الشكلي قال: حدثني محمد بن الحسين بن العلاء البلخي قال: سمعت
يحيى بن معاذ الرازي يقول:
(يا ابن آدم طلبت الدنيا طلب من لا بد له منها وطلبت الآخرة طلب
من لا حاجة له إليها والدنيا قد كفيتها وإن لم تطلبها والآخرة بالطلب
منك تنالها فاعقل شأنك)
92

(65) - وقال يحيى:
(يا ابن آدم حفت الجنة بالمكاره وأنت تكرهها وحفت النار
بالشهوات وأنت تطلبها فما أنت إلا كالمريض الشديد الداء إن
صبرت نفسه على مضض الدواء ألم الدواء طالت به علته)
والحمد لله وحده وصلواته على محمد وآله
93

سماعات نهاية الكتاب من النسخة (أ)
- 1 - سمع جميع هذا الجزء على سيدنا الشيخ الإمام العالم الأوحد الصدر الكامل
الكبير، موفق الدين بن أبي محمد، عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة بن المقدام
القدسي، أيده الله نحو سماعه من الشيخين الإمامين أبي القاسم هبة الله بن
الحسن بن هلال الدقاق وأبي المكارم البادرائي رضي الله عنهما فسمعه عبد الرحيم
بن عثمان بن عبد الرحمن وقابل بنسخته الأصل وكذلك خليفة بن نفيس بن صالح
النعماني وعثمان بن عمر بن نصر المقدسي و الفقيه أبو العباس أحمد بن سعد
ابن رماح وعبد القادر بن عبد القاهر بن عبد المنعم بن أبي الفهم وصالح بن علي
بن عيسى الحرانيان.
وقابل بنسخته الأصل وكاتب الأسماء صاحب الجزء وهو الفقير إلى
الله عز وجل محمد بن طرخان بن أبي الحسن بن عبد الله الحنبلي الدمشقي.
وقابل بنسخته الأصل وسمعه معه أخوه محمود بن طرخان بن أبي الحسن بن
عبد الله الدمشقي عفا الله عنهما وتولاهما وذلك يوم الاثنين في العشر الأخر من
شهر محرم من سنة ثلاث وثمانين وخمس مئة لهجرة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم (؟؟) و الحمد لله
وحده وصلواته على سيدنا محمد النبي وآله وسلم تسليما " كثيرا ".
95

- 2 - سماع على هامش الورقة الأخيرة:
سمع جميع هذا الجزء على مالكه الشيخ الإمام المقرئ زين العابدين أبي بكر
بن محمد بن طرخان بسماعه من الشيخ موفق الدين بسنده أوله؟ يسمع ولداه
النجيبان أبو عبد الله محمد وأبو العباس أحمد وتقي الدين بن عبد الله بن عز
الدين أحمد بن عبد الحميد المقدسي وصح ذلك وثبت يوم الثلاثاء من المحرم سنة
اثنتين وسبعين وست مئة بمنزل المسمع بسفح جبل قاسيون ظاهر دمشق المحروسة
كتبه فقير رحمة ربه علي بن مسعود بن نفيس الموصلي ثم الحلبي عفا الله عنه ورفق
به حامدا " لله ومصليا " ومسلما "
- 3 - سماع على آخر الورقة الأخيرة:
سمعه بقراءتي وهو يقابل به نسخته الشيخ الفقيه الإمام العالم، شمس الدين؟
محمد المنجا ابن أسعد بن أبي الفضل الحنفي وفقه الله والشيخ الفقيه
الثقة؟ بن منتجب الدين (؟) نعمان بن عمر بن قراجا العجمي وفقه الله (؟)
مدرسة الكاساني رحمه الله بحلب في مجلسين آخرهما (؟) المحرم سنة (؟) و خمس
مئة وكتب محمد بن طرخان بمدينة حلب حرسها الله والحمد لله وحده.
- 4 - سماعات أسفل الورقة (1 - أ):
قراءتي جميع هذا الجزء على شيخنا موفق الدين أبي محمد عبد الله بن أحمد بن
محمد المقدسي رواية عن المبارك بن أحمد بن المعمر البادراني وأبي القاسم هبة الله
بن الحسن بن هلال الدقاق فسمعه صاحبه الفقيه تقي الدين أبو عبد الله محمد بن
96

الفقيه طرخان بن أبي الحسن الحنبلي وولده أحمد وحضر أخوه أبو بكر وهو في دار (؟) ابن المسمع وعبد الرحمن بن عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي وكتب والده عبد
الرحمن وجماعة آخرون
وصح وثبت وذلك يوم السبت سابع عشر ربيع الأول سنة الأول أربع عشرة وست
مئة.
- 5 - سماعات على خلاف النسخة (أ)
سمع جميع هذا الجزء على الشيخين الإمامين: عز الدين أبي عبد الله محمد بن
الكمال عبد الرحيم بن عبد الواحد بن أحمد المقدسي وزين العابدين بن أبي بكر بن محمد
بن طرخان بسماعهما من الشيخ موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة
المقدسي بسماعه من أبي المكارم المبارك بن محمد بن المعمر البادراني بسماعه من أبي
غالب الباقلاني عن ابن بشران عن الأجري بقراءة علي ابن مسعود الموصلي
والسماع بخطه ومن خطه اختصرت محمد وأحمد ابنا المسمع الثاني؟ و محمد ابن
أحمد بن عياش و آخرون يوم الخميس الحادي والعشرون من ذي الحجة سنة اثنتين
وسبعين وست مئة بالمدرسة الضيائية بقاسيون.
- 6 - سمعه على سعد الدين يحيى بن محمد بن سعد المقدسي بإجازته من أبي صالح
نصر بن عبد الرزاق بن عبد العلي و عبد العزيز بن (؟) بن أبي طالب وقمر بن هلال؟
بن نطاح؟ وأبو (؟) بن محمود بن سالم ونصر بن سرور بسماعهم من عبد الحق بن
عبد الخالق بن أحمد اليوسفي بسماعه من أبي غالب الباقلاني بقراءة أبي محمد عبد الله
97

بن أحمد بن المحب الله؟ محمد في رابع عشر جمادى الأولى سنة ثماني عشرة وسبع
مئة والحمد لله
(؟) جماعة من شيوخنا أنبا؟ ابن المحب وكتب يوسف بن عبد الهادي
- 7 - سماعه الورقة (3 - ب)
سمع جميع هذا الكتاب على الشيخة المسندة أم عبد الله زينب بنت الكمال أحمد
بن عبد الرحيم بن عبد الواحد المقدسي بإجازتها من إبراهيم بن محمود بن الخير
بسماعه من أبي الحسن عبد الحق بن عبد الخالق بن يوسف بسماعه من أبي غالب
الباقلاني عن ابن بشران عنه وعن الشيخ الإمام العالم عز الدين أبي عبد الله محمد
بن الشيخ أبي بكر بن محمد بن طرخان حفظه الله تعالى بسماعه منه أصلا " ونقلا " من
والده الشيخ شمس الدين محمد بن الكمال عبد الرحيم بسماعهما من الشيخ موفق
الدين بن قدامة بسنده منه بقراءة كاتب السماع عبد الله بن أحمد بن المحب المقدسي
(و) أولاده أحمد وعمر وعلي في الثانية ونجم الدين أحمد بن الشيخ شمس الدين بن
طرخان المسمع وأختاه فاطمة و خديجة وأمهم خاتون بنت (؟؟) محمد بن إبراهيم
(؟؟) الحق ومحمد بن أحمد بن شمس الدين بن عبد الرحمن بن الشيخ أبي عمر بن
طرخان المسمع والمحدث عبد الله بن شيخ الإسلام المقدسي سبط الشيخ شمس
الدين وشمس الدين محمد ابن الشيخ سعد الدين عن محمد بن سعد المقدسي بن
خال المسمع وعزاله فتاه سعد الدين مسعود بن أحمد الحلبي التاجر والحاجة (؟)
بنت عبد العزيز الموصلية.
وصح ذلك (؟) بنت أبي بكر تقي (؟) و صح يوم الخميس رابع (؟) سنة أربع
وثلاثين وسبع مئة بمنزل المسمع بقاسيون وأجاز إليهم.
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
98

- 8 - سماعات على الورقة (15 - أ):
على الأصل بخط شيخنا موفق الدين أبقاه الله ما هو ربه.
سمع هذا الجزء (؟) على الشيخ الصالح الثقة أبي المكارم المبارك بن أحمد بن
المعمر البادراني أبو محمد طلحة بن مظفر بن محمد العلبي وأبو الحزم علي بن أبي
البركات البغدادي وأبو بكر بن حسين بن صفوان المؤدب وأبو الفضل بن هبة الله بن
أبي الفضل المحاملي بقراءة عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي في يوم
الثلاثاء ثاني شهر صفر سنة أربع وستين وخمس مئة نقلها على قصها محمد ابن
طرخان في يوم السبت سابع عشر ربيع الأول سنة أربع عشرة وست مئة والحمد
لله.
- 9 - سماعات على الورقة (16 - أ):
سمع جميع هذا الكتاب على الشيخ الثقة أبي القاسم هبة الله بن الحسن بن هلال
الدقاق الشيخ الإمام العدل الحافظ أبو الفضل أحمد بن صالح بن نافع أبقاه الله
وأبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي وأبو إسحاق علي بن أبي
القاسم بن معالي وأبو المحاسن عمر بن علي بن الخضر الدمشقي بقراءته وأبو
الفتوح نصر بن أبي الفرج بن علي الحصري وأحمد بن طارق بن سنان الكوفي وأبو
بكر محمد بن أبي غالب الباقلاني وابنه محمد والشيخ الإمام أبو أحمد العباس بن عبد
الوهاب بن إبراهيم البصري والشيخ الإمام أبو محمد طغدي بن ختلغ بن عبد الله
الأميري وأبو العباس أحمد بن أبي بكر بن أبي السعادات وأبو القاسم بن منصور بن
نصر بن العطار ومحمد وعلي ابنا روح بن أحمد بن محمد الحديثي ومحمد بن أبي محمد
99

بن عبد العزيز البصري وعلي بن يوسف بن عبد الرحمن (؟) و إبراهيم بن محمود بن
الشعار ومحمد بن أبي (؟) إسحاق بن (؟؟؟؟) و الحسن بن محمد (؟؟؟)
وعبد الرحمن بن أبي الكرم بن إبراهيم (؟) و ذكر جماعة وقال وعبد الغني بن عبد
الواحد بن علي بن سرور المقدسي وهذا خطه وذلك يوم الثلاثاء لليلتين خلتا من
جمادى الآخرة سنة إحدى وستين وخمس سنة (؟؟) في بغداد نقلها محمد بن طرخان
ناسخ؟ الطبقة؟ الأولى.
100

سماعات النسخة (ب)
- 10 - سماع الورقة 17 (ب):
سمع جميع هذا الجزء على الشيخة الصالحة الزاهدة العابدة المسندة المعمرة
الرجلة أم عبد الله زينب بنت الكمال أحمد بن عبد الرحيم بن عبد الواحد
المقدسية بحق إجازتها من إبراهيم بن محمود بن سالم بن الخير بسماعه عن خطي
منقولا " يخطي من عبد الحق بن يوسف بسنده بقراءة الشيخ شرف الدين بن أبي
محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم الوفي؟ الجماعة: الشيخ برهان الدين أبو
إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم السفاقسي وشقيقه الشيخ شمس الدين أبو
عبد الله محمد والمحدث نجم الدين أبو الخير سعيد بن عبد الله الذهلي؟ و عماد
الدين أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن يعقوب بن الملك العادل وولده أحمد وعلي
بن الشيخ عبد الله بواب القمرية؟ وصالحة بنت الشيخ شمس الدين محمد بن
أحمد بن محمد بن طرخان وصالحة بنت أحمد بن إبراهيم ودنيا بنت سيف الدين
خاص برك؟ الإبراهيمي وخديجة بنت الشيخ عز الدين بن أحمد بن عبد الله بن
شيخ الإسلام شمس الدين بن أبي عمر وحبيبة بنت محب الدين يوسف ابن أحمد
الأنصاري وفاطمة بنت الشيخ إبراهيم بن عبد العزيز بن علي الموصلي الخباز.
وسمعت أختها زينب وخديجة بنت شمس الدين محمد بن أحمد بن العز عمر
وخديجة بنت محمد بن علي وفاطمة بنت الشيخ إبراهيم بن محمد بن الشيخ العز
إبراهيم من أول قوله:
نسجت من الأحزان شعرا " فقلته
101

وسمعه كاملا " محمد بن طولو بغا السيفي وهذا خطه.
وصح ذلك في يوم الأحد تاسع شهر شوال سنة سبع وثلاثين وسبع مئة بمنزل
المسمعة بالدير بسفح جبل قاسيون وسمعوا كلهم عليها بالقراءة والتاريخ والمكان
(؟) محمد بن طلحة النعالي بإجازتها من ابن الخير بسماعه من خديجة بنت
النهرواني بسماعها من الحسين بن أحمد بن محمد بن طلحة، بسماعة من جده عن
شيوخه
والحمد لله رب العالمين وصلواته وسلامه على محمد خاتم النبيين وإمام المرسلين
والمشفع في الخلق أجمعين وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين
وحسبنا الله ونعم الوكيل.
- 12 - سماعات على الورقة 17 (أ): سمع هذا الجزء وهو صفة الغرباء لأبي بكر الآجري على أبي إبراهيم إسحاق
بن إبراهيم ابن سلطان البعلبكي اللبناني بسماعه من بهاء الدين بن عبد الرحمن بن
إبراهيم بن أحمد المقدسي بسماعه من عبد الحق بن يوسف بسماعه من أبي غالب
محمد بن الحسن الباقلاني بسماعه من أبي القاسم بن بشران عنه بقراءة أبي الحسن
علي بن سعيد الموصلي الإمام علم الدين أبو محمد البرزالي في يوم الثلاثاء السابع
عشر من شعبان سنة خمس وثمانين وست مئة بجامع دمشق.
وسمعه على الشيخ زين العابدين أبي العباس بن أحمد بن عبد الدائم بن نعمة
بسماعة من موفق الدين المقدسي بسماعه من هبة الله بن الحسن الدقاق بسماعه من
أبي طاهر عبد الملك بن أحمد السيوري وبسماع الموفق أيضا " من أبي المكارم المبارك
بن أحمد البادراني بسماعه من أبي غالب الباقلاني بسماعها من ابن بشران بقراءة
102

كاتب السماع في الأصل النجم إسماعيل بن الخباز (و) ابنته أمة؟ العزيز زينب يوم
الخميس تاسع رمضان سنة ثلاث وستين وست مئة بمنزل المسمع بسفح قاسيون
وسمعه على أبي الحسين عبد الحق بن عبد الخالق بن يوسف عن أبي غالب بن
الباقلاني بقراءة عبد العزيز بن محمود بن الأخضر الجنابذي إبراهيم بن محمود بن
الخير وآخرون يوم الجمعة الثاني من محرم سنة ثلاث وسبعين وخمس مئة ببغداد.
- 13 - و سمعه على الشيخ شمس الدين محمد بن عبد الرحيم بن عبد الواحد
المقدسي بسماعه من موفق الدين بسماعه من البادراني بسماعه من أبي غالب بن
الباقلاني بقراءة محمد بن حمزة بن أحمد المقدسي والسماع بخط محمد بن إبراهيم بن
عبد الله بن أبي عمر وعلي بن عمر بن أحمد وآخرون يوم الاثنين ثالث محرم سنة
ثمان وسبعين وست مئة بالجبل.
- 14 - وسمعه على الشيخ تقي الدين الواسطي بسماعه من موفق الدين عن شيخه
بقراءة الشيخ علي بن مسعود الموصلي جماعة منهم: آمنة بنت المسمع وصح ذلك في
مجلسين ثانيهما يوم الاثنين عشرين شوال سنة سبعين وست مئة بمنزل المسمع
بسفح قاسيون وأجاز.
- 15 - سماع على هامش الورقة 16 (ب):
سمعه على الشيخ بهاء الدين عبد الرحمن بن إبراهيم المقدسي بقراءة تقي
الدين محمد بن الحسين اليونيني؟ جماعة منهم: إسحاق بن إبراهيم بن سلطان
وذلك في سادس رجب سنة أربع وعشرين وست مئة بمسجد الحنابلة ببعلبك.
103

/ 1