حاشية السندي على النسائي
ابن عبد الهادي
الجزء: ٣
الوفاة: ١١٣٨
المجموعة: مصادر الحديث السنية ـ قسم الفقه
(فقال حطيم) بضم الحاء والطاء المهملتين شيخ كان يجالس أنس بن مالك
2
قوله فخرق الصفوف أي شقها وصفح الناس من التصفيح وهو ضرب صفحة الكف على
صفحة الكف الأخرى ليؤذنوه من الايذان أي ليعلموه بمجيئه صلى الله تعالى عليه وسلم
3
ان كما أنت أي كن كما أنت أي على الحال التي أنت عليها فإن تفسيرية لما في الايماء من معنى القول
وفي بعض النسخ كلمة أي تفسيرية. قوله رافعوا أيدينا أي بالسلام ولذا عقبه بالرواية الثانية
الشمس بضم فسكون أو بضمتين جمع شموس وهو النفور من الدواب الذي لا يستقر لسبقه وحدته
وأذنابها كثيرة الاضطراب والمقصود النهي عن الإشارة باليد عند السلام.
4
فنسلم أي في الصلاة وبهذه الرواية تبين أن الحديث مسوق للنهي عن رفع الأيدي
عند السلام إشارة إلى الجانبين ولا دلالة فيه على النهي عن الرفع عند الركوع وعند الرفع
منه ولذلك قال النووي الاستدلال به على النهي عن الرفع عند الركوع وعند الرفع منه جهل قبيح وقد يقال
العبرة بعموم اللفظ ولفظ ما بالهم رافعين أيديهم في الصلاة إلى قوله اسكنوا في الصلاة تمام فصح بناء
الاستدلال عليه وخصوص المورد لا عبرة به الا أن يقال ذلك إذا لم يعارضه عن العموم عارض والا
يحمل على الخصوص المورد وههنا قد صح وثبت الرفع عند الركوع وعند الرفع منه ثبوتا لا مرد له فيجب
حمل هذا اللفظ على خصوص المورد توفيقا ودفعا للتعارض قلت كان من علل ترك الإشارة إلى التوحيد
في التشهد بأنها تنافي السكوت أخذ ذلك من هذه الرواية أعني لفظ اسكنوا في الصلاة والله تعالى أعلم
قوله فرد علي إشارة منصوب على المصدر بحذف أي رد إشارة يريد أنه رد عليه بالإشارة وهذا فعل قليل
5
لا ينافي الصلاة وقد صرح به العلماء. قوله موجه اسم مفعول أي جعل وجهه والجاعل هو الله أو اسم
فاعل بمعنى متوجه من وجه بمعنى توجه والمقصود أنه ما كان وجهه إلى جهة القبلة. قوله مشرقا اسم فاعل
من التشريق أي آخذا ناحية المشرق وكذا قوله أو مغربا. قوله إذا قام أحدكم في الصلاة أي إذا دخل
6
فيها إذ قبل التحريم لا يمنع أي لما فيه من قطع التوجه للصلاة فتفوته الرحمة وهذا إذا لم يكن لاصلاح محل
السجود والا فيجوز بقدر الضرورة. قوله فمرة بالنصب أي فافعل مرة ولا تزد عليها لاصلاح
محل السجود وهذا قطعة من أوله متعلق بمسح الحصى والا فلا دلالة لهذا القدر على تعين الفعل. قوله
يرفعون أبصارهم كما يفعل كثير من الناس حال الدعاء وقد اختلف فيه حال الدعاء خارج الصلاة فجوزه
بعض بأن السماء قبلة الدعاء ومنعه بعض لينتهن بضم الهاء وتشديد النون أي أولئك الأقوام عن
ذلك أي عن رفعهم أبصارهم إلى السماء في الصلاة أو لتخطفن بفتح الفاء على بناء المفعول أي لتسلبن
بسرعة أي أن أحد الامرين واقع لا محالة اما الانتهاء منهم أو خطف أبصارهم من الله عقوبة على فعلهم
7
قوله أن يلتمع أي لئلا يختلس ويختطف بسرعة. قوله مقبلا على العبد بالاحسان والغفران
والعفو لا يقطع عنه ذلك ما لم يلتفت ما لم يتعمد الالتفات إلى مالا يتعلق بالصلاة فإذا صرف وجهه
بالالتفات إلى مالا يتعلق بالصلاة انصرف عنه بقطع ذلك والله تعالى أعلم قوله اختلاس أي سلب
الشيطان من كمال صلاته وضمير يختلسه منصوب على المصدر.
8
قوله يسمع من الاسماع فالتفت إلينا لبيان جواز الالتفات وليطلع على حالهم فيرشدهم إلى
الصواب مع دوام توجه قلبه إلى الله بخلاف غيره صلى الله تعالى عليه وسلم لكن هذا يقتضي أن رؤيته
من ورائه ما كانت على الدوام والله تعالى أعلم فلا تفعلوا ائتموا بأئمتكم يريد أن القيام مع قعود
الامام يشبه تعظيم الامام فيما شرع لتعظيم الله وحده فلا يجوز ولا يخفى دوام هذه العلة فينبغي أن يدوم
هذا الحكم فالقول بنسخه كما عليه الجمهور خفي جدا والله تعالى أعلم. قوله يلتفت في صلاته قيل النافلة
ويحتمل الفرض أيضا والحاصل أن التفاته كان متضمنا المصلحة بلا ريب مع دوام حضور القلب
وتوجهه إلى الله تعالى على وجه الكمال والله تعالى أعلم بحقيقة الحال ولا يلوى ولا يضرب
9
قوله بقتل الأسودين هما الحية والعقرب وإطلاق الأسودين اما لتغليب الحية على العقرب أو لان عقرب
المدينة يميل إلى السواد وأخذ كثير من الرخصة في القتل أن القتل لا يفسد الصلاة لكن قد يقال يكفي
في الرخصة انتفاء الاثم في افساد الصلاة وأما بقاء الصلاة بعد هذا الفعل فلا يدل عليه الرخصة فتأمل
10
والله تعالى أعلم. قوله فمشى عن يمينه كان الباب في إحدى جهتيه ويمكن هذا بعمل يسير والله
11
تعالى أعلم. قوله تنحنح أي للاذان والدخول وفي بعض النسخ سبح وهو أقرب لما بعده أن
التنحنح كان علامة عدم الإذن ويمكن له وضعان أحدهما يدل على الاذن والآخر على عدمه والله تعالى أعلم
12
قوله أزيز بزاءين معجمتين ككريم أي حنين من الخشية وهو صوت البكاء قيل وهو أن يجيش
جوفه ويغلى بالبكاء والمرجل بكسر الميم اناء يغلى فيه الماء. قوله أعوذ بالله منك الخ يفيد أن
خطاب الشيطان لا يبطل الصلاة وإطلاق الفقهاء يقتضي البطلان عندهم فلعلهم يحملونه على ما إذا كان الكلام
مباحا بشهاب بكسر الشين شعلة من النار ساطعة ثم أردت أن آخذه لا يلزم منه أن أخذه وربطه
13
غير مفسد لجواز أن يكون مفسدا ويحمل له ذلك لضرورة أو بلا ضرورة نعم يلزم أن تكون ارادته
غير مفسدة فليفهم لولا دعوة أخينا أي بقوله رب هب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي لأصبح
أي لاخذته وربطته فأصبح موثقا والمراد لولا توهم عدم استجابة هذه الدعوة لاخذته لا أنه بالاخذ
يلزم عدم استجابتها إذ لا يبطل اختصاص تمام الملك لسليمان بهذا القدر فليتأمل والله تعالى أعلم. قوله
اللهم ارحمني ليس هذا من كلام الناس نعم هو دعاء بما لا يليق فكأنه لهذا ذكره ههنا تحجرت
واسعا أي قصدت أن تضيق ما وسعه الله من رحمته أو اعتقدته ضيقا لان هذا الكلام نشأ من
ذلك الاعتقاد.
14
قوله انا حديث عهد بجاهلية الجاهلية ما قبل ورود الشرع سموا جاهلية لجهالاتهم والباء فيها متعلقة
بعهد فجاء الله عطف على مقدر أي كنا فيها فجاء الله يتطيرون التطير التفاؤل بالطير مثلا إذا
شرع في حاجة وطار الطير عن يمينه يراه مباركا وان طار عن يساره يراه غير مبارك ذاك شئ الخ أي ليس
له أصل يستند إليه ولا له برهان يعتمد عليه ولا هو في كتاب نازل من لديه وقيل معناه أنه معفو لأنه يوجد
في النفس بلا اختيار نعم المشي على وفقه منهي عنه فلذلك قال فلا يصدنهم أي لا يمنعهم عما هم فيه ولا
يخفى أن التفريغ على هذا المعنى يكون بعيدا الكهان كالحكام جمع كاهن والنهي عن ايتانهم لأنهم
يتكلمون في مغيبات قد يصادف بعضها الإصابة فيخاف الفتنة على الانسان بذلك ولأنهم يلبسون على
الناس كثيرا من الشرائع واتيانهم حرام بإجماع المسلمين كما ذكروا
15
يخطون خطهم معروف بينهم فمن وافق خطه يحتمل الرفع والمفعول محذوف والنصب
والفاعل ضمير وافق بحذف مضاف أي وافق خطه خط النبي فذاك قيل معناه أي فخطه
مباح ولا طريق لنا إلى معرفة الموافقة فلا يباح وقيل فذاك الذي تجدون اصابته فيما يقول لا أنه أباح ذلك لفاعله
قال النووي قد اتفقوا على النهي عنه الآن إذ عطس من باب نصر وضرب فحدقني من التحديق
وهو شدة النظر أي نظروا إلى نظر زجر كيلا أتكلم في الصلاة واثكل أمياه بضم ثاء وسكون كاف
وبفتحهما هو فقد الام الولد وأمياه بكسر الميم أصله أمي زيد عليه الألف لمد الصوت وهاء السكت وهي
تثبت وقفا لا وصلا يسكتوني من التسكيت أو الاسكات لكني سكت متعلق بمحذوف مثل
16
أردت أن أخاصمهم وهو جواب لما بأبي وأمي أي هو مفدى بهما جملة معترضة ولا كهرني أي
ما انتهرني ولا أغلظ لي في القول أو ولا استقبلني بوجه عبوس من كلام الناس أي ما يجري
في مخاطباتهم ومحاوراتهم إنما هو أي ما يحل فيها من الكلام التسبيح الخ أي وأمثالها وهذا الكلام
يتضمن الامر بالإعادة عند قوم فلذلك ما أمره بذلك صريحا والكلام جهلا لا يفسد الصلاة عند آخرين
فقالوا عدم الامر بالإعادة لذلك اطلعت بتشديد الطاء إلى غنيمة بالتصغير والجوانية بفتح
جيم وتشديد واو بعد الألف نون ثم ياء مشددة وحكى تخفيفها موضع بقرب أحد آسف بالمد وفتح
17
السين أي أغضب فصككتها أي لطمتها فعظم من التعظيم علي بالتشديد أفلا أعتقها
أي عن بعض الكفارات الذي شرط فيه الاسلام أين الله قيل معناه في أي جهة يتوجه المتوجهون إلى
الله تعالى وقولها في السماء أي في جهة السماء يتوجهون والمطلوب معرفة أن تعترف بوجوده تعالى
18
لا اثبات الجهة وقيل التفويض أسلم. قوله فيرد علي أي بالقول حين كان الكلام مباحا في الصلاة وأن تقوموا لله قانتين أي ساكتين عما لا ينبغي من الكلام فهذا الحديث تفسير لقوله تعالى وقوموا
لله قانتين قوله فأمرنا بالسكوت أي عن ذلك الكلام الذي كنا عليه لا عن مطلق الكلام فلا اشكال
بالأذكار والقراءة ما قرب وما بعد أي تفكرت فيما يصلح للمنع من الوجوه القريبة أو البعيدة أيها
19
كانت سببا لترك رد السلام قوله إحدى صلاتي العشى بفتح العين وكسر معجمة وتشديد ياء أي
آخر النهار ما بين زوال الشمس وغروبها وخرجت السرعان بفتحتين وجوز سكون الراء المسرعون
إلى الخروج وضبط بضم أو كسر فسكون جمع سريع قصرت الصلاة بضم الصاد أو على بناء المفعول
20
قيل وهو الأشهر فهاباه تعظيما وتبجيلا لمعرفتهما جاهه وقدره زادهما الله تعالى يسمى ذا اليدين
لذلك قيل اسمه خر باق بكسر خاء معجمة وباء موحدة آخره قاف لم أنس ولم تقصر خرج على حسب
الظن ويعتبر الظن قيدا في الكلام ترك ذكره بناء على أن الغالب في بيان أمثال هذه الأشياء أن يجري
فيها الكلام بالنظر إلى الظن فكأنه قيل ما نسيت ولا قصرت في ظني وهذا الكلام صادق لا غبار عليه ولا يتوهم
فيه شائبة كذب وليس مبنى الجواب على كون الصدق المطابقة للظن بل على أنه مطابقة الواقع فافهم
قال وقال أكما قال ذو اليدين أي قال الراوي قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أي بعد ما جزم
ذو اليدين بوقوع البعض أكما قال ذو اليدين فجاء فصلى قالوا وليس فيه رجوع المصلى إلى قول غيره وترك
العمل بيقين نفسه لجواز أنه سألهم ليتذكر فلما ذكروه تذكر فعلم السهو فبنى عليه لا أنه رجع إلى مجرد
قولهم قلت يمكن أنه شك فأخذ بقول الغير والجزم بأنه تذكر لا يخلو عن نظر والله تعالى أعلم واستدل
بالحديث من قال الكلام مطلقا لا يبطل الصلاة بل ما يكون لاصلاحها فهو معفو ومن يقول بإبطال
الكلام مطلقا يحمل الحديث على أنه قبل نسخ إباحة الكلام في الصلاة لكن يشكل عليهم أن النسخ
21
كان قبل بدر وهذه الواقعة قد حضرها أبو هريرة وكان إسلامه أيام خيبر وقال صاحب البحر من علمائنا
22
الحنفية ولم أر لهذا الايراد جوابا شافيا والله تعالى أعلم. قوله فأدركه ذو الشمالين الخ هذا يدل على
أن ذا اليدين هو ذو الشمالين وقد نص كثير منهم على أنه غيره والاتحاد وهم من قائله قال بن عبد البر لم
23
يتابع الزهري على قوله إن المتكلم ذو الشمالين ولا يخفى أن المصنف روى أن المتكلم ذو الشمالين عن
عمران عن أبي سلمة عن أبي هريرة وعن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة ويلزم منه أنه قد تابعه على ذلك
24
عمران فلا يصح قوله لم يتابع الزهري كما لا يخفى والله تعالى أعلم. قوله لم يسجد رسول الله صلى الله تعالى
عليه وسلم يومئذ قبل السلام ولا بعده ان صح هذا يحمل على السلام الذي سلمه سهوا في وسط
الصلاة وعلى هذا المعنى يصير الكلام قليل الجدوى لكنه يصح ويندفع للتنافي بينه وبين ما صح من
أنه سجد للسهو وقد قيل هذا غير صحيح قال بن عبد البر وقد اضطرب الزهري في حديث ذي اليدين
اضطرابا أوجب عن أهل العلم بالنقل تركه من روايته خاصة ولا أعلم أحدا من أهل العلم بالحديث
عول على حديث الزهري في قصة ذي اليدين وكلهم تركوه لاضطرابه وأنه لم يقم له إسنادا ولا متنا وإن كان
إماما عظيما في هذا الشأن والغلط لا يسلم منه بشر والكمال لله تعالى وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك
25
الا النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قوله في ثلاث ركعات من العصر فدخل كلام المصنف
يشير ان الواقعة متحدة وهو أظهر وعلى هذا كونه سلم من ركعتين أو ثلاث وكذا كونه دخل
البيت أو قعد في ناحية المسجد وغير ذلك مما اشتبه على الرواة لطول الزمان ويحتمل تعدد الواقعة
والله تعالى اعلم.
26
قوله فليلغ الشك من الالغاء بالغين المعجمة وفي بعض النسخ فليلق من الالقاء بالقاف أي ليطرح الشك
أي الزائد الذي هو محل الشك ولا يأخذ به في البناء وليبن على اليقين أي المتيقن وهو الأقل وحمله
علماؤنا على ما إذا لم يغلب ظنه على شئ والا فعند غلبة الظن ما بقي شك فمعنى إذا شك أحدكم أي إذا
بقي شاكا ولم يترجح عنده أحد الطرفين بالتحري وغيرهم حملوا الشك على مطلق التردد في النفس وعدم
اليقين شفعتا له صلاته أي السجدتان صارتا له كالركعة السادسة فصارت الصلاة بهما ست ركعات
فصارت شفعا ترغيما للشيطان سببا لإغاظته واذلاله فإنه تكلف في التلبيس على العبد فجعل الله تعالى له
طريق جبر بسجدتين فأضل سعيه حيث جعل وسوسته سببا للتقرب بسجدة استحق هو بتركها الطرد.
27
قوله (فليتحر الذي يرى أنه الصواب أي فليطلب ما يغلب على ظنه ليخرج به عن الشك فإن وجد
فليبن عليه والا فليبن على الأقل لحديث أبي سعيد السابق كذا ذكره علماؤنا والجمهور حمله على اليقين أي
فليأخذ بالأقل الذي هو اليقين وليبن عليه لحديث أبي سعيد السابق ولا يخفى أنه لا يبقى على هذا القول
للتحري كثير معنى فليتأمل قوله فزاد أو نقص شك وسيجئ الجزم بأنه زاد أنبأتكموه
أي أخبرتكم به فأيكم ما شك ما زائدة أحرى ذلك إلى الصواب أي أقربه وأغلبه وهو ما
28
يغلب عليه ظنه وعند الجمهور هو الأقل المتيقن به قوله فأخبروه بصنيعه فثنى رجله ظاهر انه
أخذ بقولهم فيحتمل أنه شك فأخذ بذلك ويحتمل أنه ذكر حين أخبروه فأخذ به عن ذكر لا لمجرد
قولهم والله تعالى أعلم إذا أوهم أي أسقط منها شيئا ظاهره أن الكلام كان في صورة نقصان لكن
المحقق في الواقع هو الزيادة تم لا يخفى أنه إذا أسقط ينبغي له اتيان ما أسقطه لا التحري فالظاهر
أن المراد بأوهم أنه تردد في اسقاطه لا أنه أسقطه جزما وهذا هو الموافق لسائر الروايات والله تعالى أعلم
29
قوله فلبس عليه بفتح الباء مخففة أو مشددة أي خلط فليسجد ظاهره ان يكتفي بالسجدتين
على البناء على اليقين وعلى البناء على غالب ظنه وان قلنا إنه لا بد من اعتبار البناء في الحديث بشهادة
الأحاديث الاخر فيجوز اعتبار البناء على اليقين أي فليسجد بعد ما بنى على اليقين كما يمكن اعتبار البناء
على غالب الظن فلا وجه للاستدلال بالحديث على البناء على غالب الظن والله تعالى أعلم. قوله من شك
أو أوهم الظاهر أنه شك من الرواة والله تعالى أعلم. قوله خمسا حمله علماؤنا الحنفية على أنه
جلس على الرابعة إذ ترك هذا الجلوس عندهم مفسد ولا يخفى أن الجلوس على رأس الرابعة اما على ظن
أنها رابعة أو على ظن أنها ثانية وكل من الامرين يفضي إلى اعتبار الواقعة منه أكثر من سهو واحد
31
واثبات ذلك بلا دليل مشكل والأصل عدمه فالظاهر أنه ما جلس أصلا وذلك لأنه ان ظن أنها رابعة
فالقيام إلى الخامسة يحتاج إلى أنه نسي ذلك وظهر له أنها ثالثة مثلا واعتقد أنه أخطأ في جلوسه وعند ذلك
ينبغي أن يسجد للسهو فتركه لسجود السهو أولا يحتاج إلى القول أنه نسي ذلك الاعتقاد أيضا ثم قوله
وما ذاك بعد أن قيل له يقتضي أنه نسي بحيث ما تنبه له بتذكيرهم أيضا وهذا لا يخلو عن بعد وان قلنا
أنه ظن أنها ثانية سهوا ونسيانا فذاك النسيان مع بعده يقتضي أن لا يجلس على رأس الخامسة بل يجلس
على رأس السادسة فالجلوس على رأس الخامسة يحتاج إلى اعتبار سهو آخر والله تعالى أعلم. قوله ما فعلت
ما نافية وبقي ذلك على حسب ما ظنه قلت برأسي بلى أي بل قد فعلت وأنت يا أعور أي تشهد
بذلك فوشوش القوم الوشوشة بشين معجمة مكررة كلام مختلط خفي لا يكاد يفهم وروى بسين
32
مهملة ويريد به الكلام الحفي. قوله فحل حبوته بكسر الحاء المهملة أو ضمها وسكون الموحدة
ما يحتبى به الانسان من ثوب ونحوه. قوله أمامهم بفتح الهمزة أو كسرها والنصب على الحال بتأويل
33
إماما لهم أو على أن الإضافة لفظية فإنه بمعنى يؤمهم من نسي شيئا عمومه مخصوص بغير الأركان
فان السجود لا يجزئ عن الركن عند العلماء واستدلال معاوية بالحديث اما لأنه علم بأن الجلوس الأول
ليس بركن أو لأنه اعتمد على ظاهر العموم والله تعالى أعلم. قوله تنقضي فيهما أي في أثرهما
والمراد الركعتان الأخيرتان والمعنى إذا كان في قعود الركعتين الأخيرتين فالمضاف مقدر في موضعين
34
فافهم قوله ووضع رأسه بذلك المنزل من يديه أي وضع رأسه بحيث صار اليدان محاذيتين للأذنين وحد
35
مرفقه على صيغة الماضي عطف على الأفعال السابقة وعلى بمعنى عن أي رفعه عن فخذه
أو بمعناه والحد المنع والفصل بين الشيئين أي فصل بين مرفقه وجنبه ومنع أن يلتصق في حالة استعلائه
على فخذه وجوز أن يكون اسما مرفوعا مضافا إلى المرفق على الابتداء خبره على فخذه والجملة حال أو
اسما منصوبا عطفا على مفعول وضع أي وضع حد مرفقه اليمنى على فخذه اليمنى وهذا الوجه هو الموافق
للرواية المتقدمة في الكتاب وهي وجعل حد مرفقه الأيمن على فخذه وسيجئ أيضا وجوز بعضهم أنه
ماض من التوحيد أي جعل مرفقه منفردا عن فخذه أي رفعه وهذا أبعد الوجوه والله تعالى أعلم. قوله
وقبض يعني أصابعه كلها ولا ينافي حديث الحلقة لجواز وقوع الكل في الأوقات المتعددة فيكون الكل جائزا
36
قوله ويتحامل أي يعتمد والمراد وضعها وبسطها على فخذه اليسرى والله تعالى أعلم. قوله أحد أحد في النهاية أي أشر بأصبع واحدة لان الذي تدعوه واحد والله تعالى أعلم.
38
قوله قد أحناها أي ميلها والله تعالى أعلم. قوله رضي الله تعالى عنها أو لتخطفن على بناء المفعول وفتح الفاء أي
لتسلبن أبصارهم بسرعة.
39
قوله قبل ان يفرض التشهد ظاهره ان التشهد في محله فرض ويحتمل أن المراد قبل أن يشرع التشهد وقوله
40
فإن الله عز وجل هو السلام وقد تقدم الكلام عليه قريبا. قوله كما يعلمنا السورة أي بكمال الاهتمام
41
(وإذا قال ولا الضالين فقولوا آمين يجبكم الله) قال النووي هو بالجيم أي يستجب لكم الدعاء
(ثم إذا كبروا وركع فكبرا واركعوا فان الامام يركع قبلكم ويرفع قبلكم قال النبي صلى الله
عليه وسلم فتلك بتلك) قال النووي معناه اجعلوا تكبيركم للركوع وركوعكم بعد تكبيره
وركوعه وكذلك رفعكم من الركوع يكون بعد رفعه ومعنى تلك بتلك أن اللحظة التي سبقكم الامام
بها في تقدمه إلى الركوع تنجبر لكم بتأخركم في الركوع بعد رفعه لحظة فتلك اللحظة بتلك اللحظة
وصار قدر ركوعكم كقدر ركوعه وقال مثله في السجود (وإذا قال سمع الله لمن حمده) أي أجاب دعاء
من حمده (ربنا لك الحمد) قال النووي هكذا هو في هذا الحديث بلا واو وجاءت الأحاديث الصحيحة
باثبات الواو وبحذفها والامر ان جائزان ولا ترجيح لأحدهما على الاخر وعلى إثبات الواو
يكون قوله متعلقا بما بعده تقديره سمع الله لمن حمده ربنا فاستجب حمدنا ودعاءنا ولك الحمد
42
لتوقف الصلاة عليه أجرا أو كمالا تعظيما لامر الصلاة قوله سياحين صفة الملائكة يقال ساح في الأرض
يسيح سياحة إذا ذهب فيها وأصله من السيح وهو الماء الجاري المنبسط على الأرض والسياح بالتشديد
كالعلاء مبالغة منها يبلغوني من الابلاغ أو التبليغ وفيه حث على الصلاة والسلام عليه وتعظيم له صلى
43
الله تعالى عليه وسلم واجلال لمنزلته حيث سخر الملائكة الكرام لهذا الشأن الفخم. قوله والبشر بكسر
بكسر الباء اسم من الاستبشار أي الطلاقة وآثار السرور في وجهه أما يرضيك قيل هذا بعض ما أعطى
من الرضا في قوله تعالى ولسوف يعطيك ربك فترضى وفي هذه البشارة من بشار الأمة وحسن حالهم ما
فيه فان جزاء الصلاة راجع إليهم فلذلك حصل له غاية السرور صلى الله تعالى عليه وسلم. قوله عجلت من
باب علم وفيه إشارة إلى أن حق السائل أن يتقرب إلى المسؤول منه قبل طلب الحاجة بما يوجب له الزلفى
44
عنده ويتوسل بشفيع له بين يديه ليكون أطمع في الاسعاف وأحق بالإجابة فمن عرض السؤال قبل تقديم
الوسيلة فقد استعجل تجب على بناء المفعول وهو بالجزم جواب الامر وكذا تعط. قوله أنه لم
يسأل كأنه رأى أن سكوته اعراض عن الجواب أو لعل في الجواب اشكالا والله تعالى أعلم وأما تشبيه
صلاته صلى الله تعالى عليه وسلم بصلاة إبراهيم فلعله بالنظر إلى ما يفيده واو العطف من الجمع والمشاركة
45
وعموم الصلاة المطلوبة له ولأهل بيته صلى الله تعالى عليه وسلم أي شارك أهل بيته معه في الصلاة واجعل
الصلاة عليه عامة له ولأهل بيته كما صليت على إبراهيم كذلك فكأنه صلى الله تعالى عليه وسلم لما رأى أن
الصلاة عليه من الله تعالى ثابتة على الدوام كما هو مفاد صيغة المضارع المفيد للاستمرار التجددي في قوله
تعالى ان الله وملائكته يصلون على النبي فدعاء المؤمنين بمجرد الصلاة عليه قليل الجدوى بين لهم أن يدعوا له
بعموم صلاته له ولأهل بيته ليكون دعاؤهم مستجلبا لفائدة جديدة وهذا هو الموافق لما ذكره علماء
المعاني في القيود أن محط الفائدة في الكلام هو القيد الزائد وكأنه لهذا خص إبراهيم لأنه كان معلوما
بعموم الصلاة له ولأهل بيته على لسان الملائكة ولهذا ختم بقوله انك حميد مجيد كما ختمت الملائكة صلاتهم
على أهل بيت إبراهيم بذلك وقال بعض المحققين وجه الشبه هو كون كل من الصلاتين أفضل وأولى وأتم
من صلاة من قبله أي كما صليت على إبراهيم صلاة هي أتم وأفضل من صلاة من قبله كذلك صل على محمد صلاة
هي أفضل وأتم من صلاة من قبله ولك أن تجعل وجه الشبه مجموع الامرين من العموم والأفضلية وقال الطيبي ليس
التشبيه من باب الحاق الناقص بالكامل بل بيان حال مالا يعرف بما يعرف قلت قد يقال كيف يصح ذلك مع كون
المخاطب بقوله صل هو الله تعالى فليتأمل والله تعالى أعلم ثم لعل وجه إظهار محمد في قوله وآل محمد مع تقدم ذكره هو
أن استحقاق الآل بالاتباع لمحمد فالتنصيص على اسمه آكد في الدلالة على استحقاقهم والله تعالى أعلم قد علمتم
على بناء الفاعل من العلم أي كما علمتم في التشهد أو بما جرى على الألسنة في كيفية سلام بعضهم على بعض أو على بناء
المفعول من التعليم أي كما علمتم في التشهد وعلى الوجهين فلا دلالة في الحديث على كون الصلاة في التشهد والله تعالى أعلم
46
قوله فليقل التحيات حملت التحيات على العبادات القولية والصلاة على الفعلية باعتبار أن الصلاة
أمها والطيبات على المالية والمقصود اختصاص العبادات بأنواعها بالله علينا لعل المراد به جماعة
المصلين معه فوضع التشهد على الوجه المناسب للصلاة مع الجماعة التي هي الأصل في الفرض الذي هو
أصل الصلوات كل عبد صالح أي عم كلهم فتستغنون بذلك عن قولكم السلام على فلان وفلان وقيل
أي أصاب ثوابه أو بركاته كل عبد أعجبه إليه أي من الأدعية الواردة أو مطلقا قولان. قوله ثم
سليه حاجتك كأنه أخذ منه كون هذا الذكر بعد التشهد إذ المعهود سؤال الحاجات هناك والا فلا دلالة
في لفظ الحديث على ذلك وقد جاء الدعاء في السجود وغيره يقول نعم نعم جواب للطلب أي أعطيك
مطلوبك وفيه أن نعم يجاب بها الجملة الطلبية للوعد بالمطلوب والتوجه إلى الطالب والله تعالى أعلم قوله
51
بأن لك الحمد توسل إليه بكونه المحمود وبما بعده والمسؤول غير مذكور. قوله قد غفر له ثلاثا
52
يحتمل الخصوص والعموم لكل قائل بعموم العلة لا لدلالة اللفظ على العموم والله تعالى أعلم. قوله
إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا في فتح الباري فيه أن الانسان لا يعرى عن تقصير ولو كان صديقا
قلت بل فيه أن الانسان كثير التقصير وإن كان صديقا لان النعم عليه غير متناهية وقوته لا تطيق بأداء
أقل قليل من شكرها بل شكره من جملة النعم أيضا فيحتاج إلى شكر هو أيضا كذلك فما بقي له الا العجز
والاعتراف بالتقصير الكثير كيف وقد جاء في جملة أدعيته صلى الله تعالى عليه وسلم ظلمت نفسي من
عندك أي من محض فضلك من غير سابقة استحقاق مني أو مغفرة لائقة بعظيم كرمك وبهذا ظهر الفائدة
لهذا الوصف والا فطلب المغفرة يغني عن هذا الوصف ظاهرا فليتأمل. قوله إني لأحبك فيه مزيد
53
تشريف منه صلى الله تعالى عليه وسلم لمعاذ رضي الله تعالى عنه وترغيب له فيما يريد أني يلقى عليه من الذكر
قوله على الرشد بفتحتين أو ضم فسكون. قوله أما على ذلك أي أما مع التخفيف والايجاز فقد
دعوت الخ أو اما على تقدير اعتراضكم بالتخفيف فأقول قد دعوت الخ والظاهر أن أما هذه لمجرد
التأكيد وليس لها عديل في الكلام كاما الواقع في أوائل الخطب في الكتب بعد ذكر الحمد والصلاة
من قولهم أما بعد فكذا وجمع الدعوات باعتبار أن كل كلمة دعوة بفتح الدال أي مرة من الدعاء فإن الدعوة
للمرة كالجلسة هو أبي غير أنه كنى عن نفسه هذا من كلام عطاء يقول إن الرجل الذي تبعه هو السائب
54
وهو أبو عطاء فلذلك قال هو أبي لكن السائب كنى عن نفسه برجل فقال تبعه رجل القصد أي
لتوسط بلا افراط وتفريط مضرة اسم فاعل من أضر
55
قوله من شر ما عملت الخ أي من شر ما فعلت من السيئات وما تركت من الحسنات أو من شر كل شئ
مما يتعلق به كسبى أولا والله تعالى أعلم قوله بعد الا تعوذ اما لأنه ما أوحى به إليه الا يومئذ أو لأنها
ما كانت تتفطن للتعوذ قبل ذلك والله تعالى أعلم. قوله من فتنة المسيح بفتح ميم وكسر سين مخففة آخره
56
حاء مهملة هو المشهور وقيل بتشديد السين وقيل باعجام الخاء وهو تصحيف ووجه التسمية أنه ممسوح
العين أو يمسح الأرض المحيا والممات أي الحياة والموت أو زمان ذلك أي من محنة الدنيا
وما بعدها أو مما يكون حالة المسألة في القبر المأثم هو الامر الذي يأثم به الانسان أو هو الاثم
نفسه والمغرم قيل المراد مغرم الذنوب والمعاصي والظاهر أن المراد الدين قيل والمراد ما يلزم الذمة
من الدين فيما يكرهه الله تعالى أو فيما يجوز ثم عجز عن أدائه وأما دين احتاج إليه وهو قادر عل أدائه فلا يستعاذ
منه قلت والظاهر أن المراد ما يفضي إلى المعصية بسبب ما والله تعالى أعلم ما أكثر بفتح الراء فعل
التعجب ما تستعيذ ما مصدرية كان هذا القائل رأى أن الدين إنما يتعلق بضيق الحال ومثله لا يحترز
عنه أصحاب الكمال غرم بكسر الراء حدث بتشديد الدال وحاصل الجواب أن الدين يؤدي
إلى خلل بالدين فلذلك وقعت العناية بالمسألة عنه. وقوله فليتعوذ ظاهره الوجوب لكن الجمهور
حملوه على الندب وقال بعضهم بالوجوب فينبغي الاهتمام به
57
قوله الهدى بفتح فسكون أي السيرة والهيئة والطريقة قوله فطفف من التطفيف أي نقص في
الركوع والسجود مثلا ما صليت أي صلاة كاملة ويمكن أنه يخل بالفرائض سيما عند من يوجب الطمأنينة
58
ولو مت بضم الميم وكسرها. وقوله على غير فطرة قيل الفطرة الملة وأراد توبيخه على سوء صنيعه
59
ليرتدع عنه وقيل أراد بها الصلاة لكونها أكبر أعمال الايمان. قوله كنا نعد له من الاعداد أي
نهئ له وهذا طرف من حديث طويل ويتم بيان الوتر في بقيته وسيجئ في أول أبواب قيام الليل
ولا يخفى دلالته على أن الجلوس على رأس كل ركعتين في النفل غير لازم وأنه يجوز الزيادة في النفل
على أربع ركعات في الليل
60
يسمعنا من الاسماع أي يجهر به بحيث نسمعه
61
قوله يرمون بأيديهم أي يشيرون بها كأنها أي الأيدي الشمس بسكون الميم وضمها مع ضم
الشين وهي التي لا تستقر بل تضطرب وتتحرك بأذنابها وأرجلها. قوله حتى يرى على بناء المفعول
بياض خده بالرفع. قوله السلام عليكم عن شماله مقتضاه أنه يزيد في اليمين ورحمة الله تشريفا
62
لأهل اليمين بمزيد البر ويقتصر على اليسار على قوله السلام عليكم وقد جاء زيادة ورحمة الله في اليسار أيضا
وعليه العمل فلعله كان يترك أحيانا
63
قوله إذا سلمنا أي عند الفراغ من الصلاة فليلتفت أي بإدارة الوجه يمنة ويسرة. قوله عتبان بكسر
64
العين وسكون المثناة فوق وموحدة. قوله قد أنكرت على صيغة المتكلم بصرى مفعوله قيل أراد
به ضعف بصره كما عند مسلم أو عماه كما عند غيره وقيل في التوفيق أراد بالعمى القرب منه وأن السيول
أيام الأمطار فلوددت بكسر الدال الأولى أي تمنيت فغدا على بتشديد الياء أي جاء عندي. قوله
رضي الله تعالى عنها فيما بين أن يفرغ من صلاة العشاء ولعل سنة العشاء معدودة من صلاة العشاء تبعا ويسجد سجدة
أي بعد الفراغ من الصلاة كلها كما فهمه المصنف فترجم له باب السجود بعد الفراغ من الصلاة والأقرب
أن المراد وكان يسجد سجدة من سجود تلك الركعات والمقصود بيان طول سجود تلك الصلاة كلها والله
65
تعالى أعلم. قوله وركعته أي ركوعه قريبا من السواء أي ركوعه كان يقارب قيامه وكذا غيره هذا
هو المتبادر من لفظ الحديث وقد جاء صريحا في صلاة الليل ويحتمل أن المراد كان قيامه في ركعاته
66
مقاربا وكذا الركوع أي قيام كل ركعة يقارب قيام الأخرى وركوعها ركوعها وهكذا وهذا بعيد من
حيث دلالة اللفظ ومن حيث أنه مخالف لما علم من تطويله الركعة الأولى ويحتمل أن المراد أنه إذا طول
في القيام طول في الركوع والسجود بقدره وإذا خفف خفف في الكل أيضا بقدره وعلى قياسه والله تعالى
أعلم قوله قمن أي خرجن إلى بيوتهن وثبت أي قعد صلى الله تعالى عليه وسلم في مكانه ليقعد
الرجال خوفا من الفتنة بلقاء الرجال النساء في الطريق والله تعالى أعلم. قوله انحرف أي عن جهة
67
القبلة ومال بوجهه إلى القوم أو انصرف إلى البيت والأول أقرب. قوله بالتكبير أي لأجل جهرهم
بذلك قال النووي وهذا دليل لما قاله بعض السلف أنه يستحب رفع الصوت بالتكبير والذكر عقيب
المكتوبات وباستحبابه قال بن حزم من المتأخرين قالوا أصحاب المذاهب المشهورة على عدم الاستحباب
فلذا حمل الشافعي رحمه الله تعالى هذا الحديث على أنه جهر وقتا ليعلمهم صفة الذكر لا أنه جهر به دائما
قال والمختار ذكر الله سرا لا جهرا الا عند إرادة التعليم فيجهر بقدر حاجة التعليم. قوله إذا انصرف
68
قال النووي المراد بالانصراف السلام استغفر تحقيرا لعمله وتعظيما لجناب ربه وكذلك ينبغي أن
يكون حال العابد فينبغي أن يلاحظ عظمة جلال ربه وحقارة نفسه وعمله لديه فيزداد تضرعا واستغفارا
كلما يزداد عملا وقد مدح الله عباده فقال كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالاسحار هم يستغفرون أنت
السلام أي السالم من الآفات ومنك السلام أي السلامة منها مطلوبة منك أو حاصة من عندك
فالسالم من سلمته
69
قوله أهل النعمة بالنصب على الاختصاص أو المدح أو البدل من مفعول نعبد أو الرفع بتقدير هو
الحسن بالجر صفة الثناء
70
قوله إن تكلم أي أحد أو متكلم بخير قبل هذا الذكر ثم ذكر هذا
71
الذكر عقبه كان هذا الذكر طابعا بفتح الباء أي خاتما وكسر الباء لغة عليهن أي على تلك الكلمات التي هي
خير إذ الغالب أن الخير يكون كلمات متعددة فلذلك جمع الضمير وفيه ترغيب إلى تكثير الخير وتقليل
الشر حيث اختير في جانبه الافراد وإشارة إلى أن جميع الخيرات تثبت بهذا الذكر إذا كان هذا الذكر عقبها
ولا تختص هذه الفائدة بالخير المتصل بهذا الذكر فقط والمراد أنه يكون مثبتا لذلك الخير رافعا إلى درجة
القبول أمثاله عن حضيض الرد كفارة له أي مغفرة للذنب الحاصل فيستحب للانسان ختم المجلس به
أي مجلس كان والله تعالى أعلم قوله عن جسرة بفتح الجيم قوله فقالت أي اليهودية كذبت
كذبتها بناء على عدم علمها بالعذاب في القبر قبل ذلك واعتمدت في ذلك على عادة اليهود في الكذب
لنقرض لنقطع الجلد قيل الجلد الملبوس فوق الجسد وقيل بل جلدهم وهو الموافق لسائر طرق
72
الحديث فهذا من الإصر الذي حملوه قوله عصمة بكسر العين أي يعصمني من النار وغضب الجبار
من نقمتك بكسر أو فتح وبفتحتين ضد النعمة
73
قوله خلتان بفتح الخاء المعجمة وتشديد اللام أي خصلتان لا يحصيهما من الاحصاء أي لا يحافظ
ولا يداوم عليهما. قوله الصلوات الخمس مبتدأ خبره الجملة التي بعده والعائد محذوف أي دبر كل صلاة منها
يعقدهن أي يضبطهن ويحفظ عددهن أو يعقد لأجلهن بيده فأيكم يعمل أي لتساوي هذه الحسنات ولا
يبقى منها شئ أي بل السيئات في العادة أقل من هذا العدد فتغلب عليها هذه الحسنات الحاصلة بهذا الذكر
74
المبارك فينيمه من أنام قوله معقبات اسم فاعل من التعقيب أي أذكار يعقب بعضها بعضا
أو تعقب لصاحبها عاقبة حميدة لا يخيب قائلهن عن أجرهن أي كيفما كان ولو عن غفلة هذا هو ظاهر هذا
اللفظ والله تعالى أعلم وقد ذكر بعضهم أنه لا أجر في الأذكار إذا كانت عن غفلة سوى القراءة. قوله
75
فقال اجعلوها كذلك هذا يقتضي أنه الأولى لكن العمل على الأول لشهرة أحاديثه والله تعالى أعلم
وليس هذا من العمل برؤيا غير الأنبياء بل هو من العمل بقوله صلى الله تعالى عليه وسلم فيمكن أنه علم
76
بحقيقة الرؤيا بوحي أو الهام أو بأي وجه كان والله تعالى أعلم. قوله تقولينهن أي موضع تمام ما اشتغلت
به من الأذكار عدد خلقه هو وما عطف عليه منصوبات بنزع الخافض أي بعدد جميع مخلوقاته
وبمقدار رضا ذاته الشريفة أي بمقدار يكون سببا لرضاه تعالى أو بمقدار يرضى به لذاته ويختاره فهو مثل
ما جاء وبملء ما شئت من شئ بعد وفيه إطلاق النفس عليه تعالى من غير مشاكلة وبمقدار ثقل عرشه
وبمقدار زيادة كلماته أي بمقدار يساويهما يساوي العرش وزنا والكلمات عددا وقيل نصب الكل على
77
الظرفية بتقدير قدر أي قدر عدد مخلوقاته وقدر رضا ذاته فإن قلت كيف يصح تقييد التسبيح بالعدد
المذكور مع أن التسبيح هو التنزيه عن جميع ما لا يليق بجنابه الأقدس وهو أمر واحد في ذاته لا يقبل
التعدد وباعتبار صدوره عن المتكلم لا يمكن اعتبار هذا العدد فيه لان المتكلم لا يقدر عليه ولو فرض
قدرته عليه أيضا لما صح هذا العدد بالتسبيح الا بعد ان صدر منه هذا العدد أو عزم على ذلك واما
بمجرد أنه قال مرة سبحان الله لا يحصل منه هذا العدد قلت لعل التقييد بملاحظة استحقاق ذاته الأقدس
الأطهر ان يصدر من المتكلم التسبيح بهذا العدد فالحاصل أن العدد ثابت لقول المتكلم لكن لا بالنظر
إلى الوقوع بل بالنظر إلى الاستحقاق أي هو تعالى حقيق بأن يقول المتكلم التسبيح في حقه بهذا العدد
والله تعالى أعلم قوله من سبقكم أي فضلا وكذا من بعدكم أي فضلا ولا عبرة بالسبق والتأخر
78
الزمانيين والله تعالى أعلم. قوله من سبح في دبر صلاة الغداة أي على الدوام أو ولو مرة وهو الأظهر
والمراد أنه إذا سبح غفر له ما سبق فعله هذا من الذنوب والله تعالى أعلم. قوله يجاور أي يعتكف
79
أي قبل أني يلتزم العشر الأواخر وقد رأيت هذه الليلة أي ليلة القدر فأنسيتها على بناء المفعول
فمطرنا على بناء المفعول ليلة إحدى وعشرين فهي كانت ليلة القدر تلك السنة لصدق ما ذكر صلى
الله تعالى عليه وسلم من علامة ليلة القدر في تلك السنة بقوله وقد رأيتني أسجد فوكف سأل وجهه
مبتل فما بقي وجهه الكريم صلى الله تعالى عليه وسلم كذلك الا لأنه ما مسح جبهته. قوله قعد في
مصلاه مما جاء عن عائشة أنه صلى الله تعالى عليه وسلم إذا سلم لا يقعد الا مقدار ما يقول اللهم أنت
السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والاكرام يحمل على أن المراد كان لا يقعد على هيئته مستقبل
80
القبلة أو أنه لا يقعد في صلاة بعدها سنة والله تعالى أعلم. قوله وينشدون الشعر من الانشاد ولعله
الشعر المشتمل على النصائح أو غير المشتمل على القبائح. قوله فأكثر ما رأيت الخ أخبار عما رأى
وكذا حديث بن مسعود الآتي فلا تناقض ولازم الحديثين أنه كان يفعل أحيانا هذا وأحيانا هذا فدل
على جواز الامرين وأما تخطئة بن مسعود فإنما هي لاعتقاد أحدهما واجبا بعينه وهذا خطأ بلا ريب
واللائق أن ينصرف إلى جهة حاجته والا فاليمين أفضل بلا وجوب والظاهر أن حاجته صلى الله تعالى
عليه وسلم غالبا الذهاب إلى البيت وبيته إلى اليسار فلذا أكثر ذهابه إلى اليسار والله تعالى أعلم. قوله
يرى أن حتما عليه وفي بعض النسخ أن حقا عليه أن لا ينصرف الخ كما في صحيح البخاري
81
وأورد عليه أن حتما أو حقا نكرة وقوله أن لا ينصرف بمنزلة المعرفة وتنكير الاسم مع تعريف الخبر
لا يجوز وأجيب بأنه من باب القلب قلت وهذا الجواب يهدم أساس القاعدة إذ يتأتى مثله في كل متبدأ
نكرة مع تعريف الخبر فما بقي لقولهم بعدم الجواز فائدة ثم القلب لا يقبل بلا نكتة فلا بد لمن يجوز
ذلك من بيان نكتة في القلب ههنا وقيل بل النكرة المخصصة كالمعرفة قلت ذلك في صحة الابتداء بها ولا يلزم
منه أن يكون الابتداء بها صحيحا مع تعريف الخبر وقد صرحوا بامتناعه ويمكن أن يجعل اسم أن قوله
أن لا ينصرف وخبره الجار والمجرور وهو عليه ويجعل حقا أو حتما حالا من ضمير عليه أي يرى أن
عليه الانصراف عن يمينه فقط حال كونه حقا لازما والله تعالى أعلم قوله قائما أي أحيانا وقاعدا
أي أحيانا أخر وكذا تقدير ما بعده والا يشكل كما لا يخفى. قوله متلفعات أي متلففات
82
باب النهي عن مبادرة الامام
أي السبقة عليه قوله إني امامكم فيه أن امتناع التقدم عليه لكونه إماما فيعم الحكم كل امام لا لكونه
نبيا ليختص به قوله قال الجنة والنار فالجنة تكثر البكاء شوقا وخوفا من الحرمان والنار خوفا
قوله الله تعالى بقي سبع أي سبع ليال ثم كانت سادسة أي مما بقي من الليالي الست وهي التي تلي ليلة
القيام وهكذا الخامسة قوله لو نفلتنا قيام هذه الليلة في الصحاح نفلتك تنفيلا أي أعطيتك نفلا
83
وفي القاموس نفله النفل أي بالتخفيف وأنفله ونفله أي بالتشديد أي أعطاه إياه فيجوز ههنا التخفيف والتشديد
والمراد لو قمت بنا هذه الليلة بتمامها وحشر الناس أي جمعهم. قوله إني ذكرت وأنا في العصر
شيئا يفيد أن تذكر ما لا يتعلق بالصلاة فيها لا يبطلها ولا ينافي خشوعها من تبر بكسر تاء وسكون
84
موحدة أي من ذهب غير مصكوك. قوله قوله إلى بطحان بضم باء فسكون عند أهل الحديث وبفتح
فكسر عند أهل اللغة وهو واد بالمدينة
كتاب الجمعة
قوله نحن الآخرون السابقون أي الآخرون زمانا في الدنيا الأولون منزلة وكرامة يوم القيامة
85
والمراد أن هذه الأمة وان تأخر وجودها في الدنيا عن الأمم الماضية فهي سابقة إياهم في الآخرة بأنهم أول
من يحشر وأول من يحاسب وأول من يقضى بينهم وأول من يدخل الجنة وفي مسلم نحن الآخرون من أهل
الدنيا والسابقون يوم القيامة المقضى لهم قبل الخلائق وبمعناه ما رواه المصنف بعد هذا وقيل المراد بالسبق
احراز فضيلة اليوم السابق بالفضل وهو يوم الجمعة وقيل المراد به السبق إلى القبول والطاعة التي حرمها
أهل الكتاب فقالوا سمعنا وعصينا والأول أقوى بيد مثل غير وزنا ومعنى واعرابا أوتوا الكتاب
اللام للجنس فيحمل بالنسبة إليهم على كتابهم وبالنسبة إلينا على كتابنا وهذا بيان زيادة شرف آخر لنا
أي فصار كتابنا ناسخا لكتابهم وشريعتنا ناسخة لشريعتهم وللناسخ فضل على المنسوخ فهو من باب تأكيد
المدح بما يشبه الذم أو المراد بيان أن هذا يرجع إلى مجرد تقدمهم علينا في الوجود وتأخرنا عنهم فيه ولا شرف
لهم فيه أو هو شرف لنا أيضا من حيث قلة انتظارنا أمواتا في البرزخ ومن حيث حيازة المتأخر علوم المتقدم دون
العكس فقولهم الفضل للمتقدم ليس بكلي وهذا اليوم الظاهر أنه أوجب عليهم يوم الجمعة بعينه والعبادة فيه
فاختاروا لأنفسهم أن يبدل الله لهم يوم السبت فأجيبوا إلى ذلك وليس بمستبعد من قوم قالوا لنبيهم
اجعل لنا إلها ذلك
86
فهدانا الله بالثبات عليه حين شرع لنا العبادة فيه اليهود غدا أي يعبدون الله في يوم بعد يوم
الجمعة فأخذ المصنف قوله كتب الله الوجوب والظاهر أن الحكم بالنظر إلى الكل واحد فحيث ان ذلك
الحكم هو الوجوب بالنسبة إلى قوم تعين أنه الوجوب بالنظر إلى الآخرين والله تعالى أعلم
87
قوله تهاونا قيل هو مفعول لأجله أو حال أي متهاونا ولعل المراد لقلة الاهتمام بأمرها لا استخفافا بها لان
الاستخفاف بفرائض الله كفر ومعنى طبع الله الخ أي ختم عليه وغشاه ومنعه الألطاف والطبع بالسكون الختم
وبالحركة الدنس وأصله الدنس والوسخ يغشيان السيف من طبع السيف ثم استعمل في الآثام والقبائح
وقال العراقي المراد بالتهاون الترك بلا عذر وبالطبع أن يصير قلبه قلب منافق وهذا يقتضي أن تهاونا مفعول
مطلق للنوع والله تعالى أعلم. قوله عن ودعهم أي تركهم مصدر ودعه إذا تركه وقول النحاة ان العرب
أماتوا ماضي يدع ومصدره يحمل على قلة استعمالهما وقيل قولهم مردود والحديث حجة عليهم وقال السيوطي
والظاهر أن استعماله ههنا من الرواة المولدين الذين لا يحسنون العربية قلت لا يخفى على من تتبع كتب العربية
88
أن قواعد العربية مبنية على الاستقراء الناقص دون التام عادة وهي مع ذلك أكثريات لا كليات فلا يناسب تغليط
الرواة والله تعالى أعلم قال القرطبي والختم عبارة عما يخلقه الله تعالى في قلوبهم من الجهل والجفاء والقسوة
وقال القاضي في شرح المصابيح المعنى أن أحد الامرين كائن لا محالة اما الانتهاء عن ترك الجماعات أو ختم الله
تعالى على قلوبهم فإن اعتياد ترك الجمعة يغلب الرين على القلب ويزهد النفوس في الطاعات. وقوله وليكتبن
أي من المردودين والله تعالى أعلم قوله على كل محتلم أي ذكر كما هو مقتضى الصيغة ومقتضى كون
الاحتلام غالبا يكون فيهم وهم يبلغون به دون النساء وبعد ذلك فلا بد من حمل هذا العموم على الخصوص
بما إذا لم يكن له عذر وعلة والله تعالى أعلم. قوله فليتصدق بدينار أي لان الحسنات يذهبن السيئات
والظاهر أن الامر للاستحباب ولذلك جاء التخيير بين الدرهم والنصف ولا بد من التوبة مع ذلك فإنها
89
الماحية للذنب والله تعالى أعلم. قوله خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة جملة طلعت صفة يوم
للتنصيص على التعميم كما قالوا في قوله تعالى ولا طائر يطير بجناحيه فإن الشئ إذا وصف بصفة تعم جنسه
يكون تنصيصا على اعتبار استغراقه أفراد الجنس قيل هو خير أيام الأسبوع وأما بالنظر إلى أيام السنة فخيرها
يوم عرفة فيه خلق الخ قيل هذه القضايا ليست لذكر فضيلة لان إخراج آدم وقيام الساعة لا يعد
فضيلة وقيل بل جميعها فضائل وخروج آدم سبب وجود الذرية من الرسل والأنبياء والأولياء والساعة
سبب تعجيل جزاء الصالحين وموت آدم سبب لنيله إلى ما أعد له من الكرامات
90
قوله وفيه النفخة أي الثانية وفيه الصعقة الصوت الهائل يفزع له الانسان والمراد النفخة الأولى أو صعقة
موسى عليه الصلاة والسلام وعلى هذا فالنفخة يحتمل الأولى أيضا فأكثروا علي من الصلاة فيه تفريع على
كون الجمعة من أفضل الأيام وقوله فإن صلاتكم الخ تعليل للتفريع أي هي معروضة على كعرض الهدايا على من
أهديت إليه فهي من الاعمال الفاضلة ومقربة لكم إلى كما يقرب الهدية المهدي إلى المهدي إليه وإذا كانت
بهذه المثابة فينبغي اكثارها في الأوقات الفاضلة فإن العمل الصالح يزيد فضلا بواسطة فضل الوقت وعلى
هذا لا حاجة إلى تقييد العرض بيوم الجمعة كما قيل قالوا الخ لا بد ههنا أولا من تحقيق لفظ أرمت ثم
النظر في السؤال والجواب وبيان انطباقهما فأما أرمت فبفتح الراء كضربت أصله أرممت من أرم بتشديد
الميم إذا صار رميما فحذفوا إحدى الميمين كما في ظلت ولفظه اما على الخطاب أو الغيبة على أنه مستند إلى العظام
وقيل من أرم بتخفيف الميم أي فني وكثيرا ما يروى بتشديد الميم والخطاب فقيل هي لغة ناس من العرب
وقيل بل خطأ والصواب سكون التاء لتأنيث العظام أو أرممت بفك الادغام وأما تحقيق السؤال فوجهه
أنهم فهموا عموم الخطاب في قوله فإن صلاتكم معروضة للحاضرين ولمن يأتي بعده صلى الله تعالى عليه وسلم
ورأوا أن الموت في الظاهر مانع عن السماع والعرض فسألوا عن كيفية عرض صلاة من يصلي بعد الموت
وعلى هذا فقولهم وقد أرمت كناية عن الموت والجواب بقوله صلى الله تعالى عليه وسلم ان الله حرم الخ
كناية عن كون الأنبياء أحياء في قبورهم أو بيان لما هو خرق للعادة المستمرة بطريق التمثيل أي ليجعلوه
مقيسا عليه للعرض بعد الموت الذي هو خلاف العادة المستمرة ويحتمل أن المانع من العرض عندهم
فناء البدن لا مجرد الموت ومفارقة الروح البدن لجواز عود الروح إلى البدن ما دام سالما عن التغيير
الكثير فأشار صلى الله تعالى عليه وسلم إلى بقاء بدن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وهذا هو ظاهر السؤال
والجواب بقي أن السؤال منهم على هذا الوجه يشعر بأنهم ما علموا أن العرض على الروح المجرد ممكن
91
فينبغي أن يبين لهم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه يمكن العرض على الروح المجرد ليعلموا ذلك ويمكن
الجواب عن ذلك بأن سؤالهم يقتضي أمرين مساواة الأنبياء عليهم السلام وغيرهم بعد الموت وأن العرض
لا يمكن على الروح المجرد والاعتقاد الأول أسوأ فأرشدهم صلى الله تعالى عليه وسلم بالجواب إلى ما يزيله
وأخر ما يزيل الثاني إلى وقت يناسبه تدريجا في التعليم والله تعالى أعلم. وقوله بليت بفتح الباء أي
صرت باليا عتيقا. قوله) الله تعالى الغسل يوم الجمعة واجب أي أمر مؤكد أو هو كان واجبا أول الأمر ثم نسخ
وجوبه على كل محتلم أي بالغ فشمل من بلغ من السن أو الاحبال والمراد بالغ خال عن عذر يبيح الترك
والا فالمعذور مستثنى بقواعد الشرع والمراد الذكر كما هو مقتضى الصيغة وأيضا الاحتلام أكثر ما يبلغ به
الذكور دون الإناث وفيهن الحيض أكثر وعمومه يشمل المصلي وغيره لكن الحديث الذي بعده وغيره
يخصه بالمصلي ويمس فتح الميم أفصح من ضمها وهو خبر بمعنى الامر ما قدر عليه للتعميم وقيل
92
للتأكيد ليفعل ما أمكنه ويحتمل إرادة الكثرة والأول أظهر ولو من طيب المرأة وهو ما ظهر لونه
وخفي ريحه وهو مكروه للرجال فإباحته له يدل على تأكد الامر في ذلك. قوله إذا جاء أحدكم أي
93
أراد المجئ فليغتسل ندبا أو وجوبا ثم. نسخ قوله يسكنون العالية هي مواضع خارج المدينة
وسخ بفتحتين لاشتغالهم بأمر المعاش الروح بالفتح نسيم الريح أرواحهم جمع ريح لان
أصلها الواو وتجمع على أرياح قليلا وعلى رياح كثيرا أي كانوا إذا مر النسيم عليهم تكيف بأرواحهم
وحملها إلى الناس والحاصل أنهم يعرقون لمشيهم من مكان بعيد والعرق إذا اجتمع مع وسخ ولباس صوف
يثير رائحة كريهة فإذا حملها الريح إلى الناس يتأذون بها فحثهم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم على الاغتسال دفعا
للأذى لا لوجوبه بعينه فحين اندفع الأذى فلا يجب الاغتسال فما جاء من وجوب الاغتسال محمله على أن دفع
الأذى حينئذ كان بذلك الطريق والله تعالى أعلم. قوله فبها أي فيكتفي بها أي بتلك الفعلة التي هي الوضوء
وقيل فبالسنة أخذ وقيل بل الأولى بالرخصة أخذ لان السنة يوم الجمعة الغسل وقيل بل بالفريضة أخذ ولعل
من قال بالسنة أراد ما جوزته السنة ولا يخفى بعد دلالة اللفظ على هذه المعاني نعمت بكسر فسكون
94
هو المشهور وروى بفتح فكسر كما هو الأصل والمقصود أن الوضوء ممدوح شرعا لا يذم من يقتصر عليه
قوله من غسل روى مشددا ومخففا قيل أي جامع امرأته قبل الخروج إلى الصلاة لأنه أغض للبصر
في الطريق من غسل امرأته بالتشديد والتخفيف إذا جامعها وقيل أراد غسل غيره لأنه إذا جامعها أحوجها
إلى الغسل وقيل أراد غسل الأعضاء للوضوء وقيل غسل رأسه كما في رواية أبي داود وأفرد بالذكر لما
فيه من المؤنة لأجل الشعر أو لأنهم كانوا يجعلون فيه الدهن والخطمى ونحوهما وكانوا يغسلونه أولا
95
ثم يغتسلون واغتسل أي للجمعة وقيل هما بمعنى والتكرار للتأكيد وغدا أي خرج إلى الجمعة أول
النهار وابتكر أي أدرك أو الخطبة ودنا أي قرب ولم يلغ لم يتكلم فإن الكلام حال الخطبة
لغو أو استمع الخطبة ولم يغيرها صيامها الظاهر أنه بالرفع بدل من العمل. قوله رأى حلة وكانت
من حرير وفي قول عمر دلالة على أن التجمل يوم الجمعة كان مشهورا بينهم مطلوبا كالتجمل للوفود وقد
قرره النبي صلى الله تعالى عليه وسلم على ذلك وإنما رده من حيث أن الحرير لا يليق به ومعنى لا خلاق
له لاحظ له في لبس الحرير كما جاء في رواية كسوتنيها أي أعطيتنيها
96
قوله قعدت الملائكة لأبي نعيم في الحلية إذا كان يوم الجمعة فبعث الله ملائكة بصحف من نور وأقلام من
97
نور قال الحافظ بن حجر وهو دال على أن الملائكة المذكورين غير الحفظة طوت الملائكة الصحف
قال الحافظ بن حجر المراد صحف الفضائل المتعلقة بالمبادرة إلى الجمعة دون غيرها من سماع الخطبة وادراك الصلاة
والذكر والدعاء والخشوع ونحو ذلك فإنه يكتبه الحافظان المهجر اسم فاعل من التهجير قيل المراد به المبادرة
إلى الجمعة بعد الصبح وقيل بل في قرب الهاجرة أي نصف النهار كالمهدي أي المتصدق ببدنة
بفتحتين أي الإبل وقيل المراد كالذي يهديها إلى مكة ولا يناسبه الدجاجة والحديث يدل على أن البدنة لا
تشمل البقرة بطة فوق الدجاجة دجاجة بفتح الدال في الأفصح ويجوز الكسر والضم. قوله
الرجل قدم بدنه التكرار في الجمع للإشارة إلى أن الاجر المذكور موزع على ساعات فالآتي في أول
98
كل ساعة وآخرها يشتر كان في نوع ذلك الاجر كالتصدق بالبدنة مثلا وان تفاوتا من حيث الصفات
فالآتي في أول تلك الساعة كالمعطي للبدنة السمينة ومن بعده كالمتصدق بما دون ذلك والله تعالى أعلم. قوله
غسل الجنابة أي كغسل الجنابة بعد أن يجنب لحديث من غسل واغتسل كما تقدم من احتمالاته ثم راح
أي في الساعة الأولى بقرينة ما بعده قرب بتشديد الراء والساعات محمولة على لحظات قرب الزوال عند
مالك وعلى الساعات النجومية عند غيره وعليه بنى المصنف استدلاله على الوقت وأيده بحديث بعده إذ الساعة
فيه محمولة على الساعة النجومية قطعا وعلى هذا فوقت خروج الامام يكون في الساعة السادسة قيل وفيها نزول
الشمس ولا يخفى أن نزول الشمس في آخر الساعة السادسة وأول الساعة السابعة ومقتضى الحديث ان الامام
يخرج عند أول الساعة السادسة ويلزم منه أن يكون خروج الامام قبل الزوال فليتأمل والله تعالى أعلم
قوله اثنتا عشرة ساعة المراد ههنا الساعة النجومية والمراد أنها في عدد الساعات كسائر الأيام
99
يسأل الله أي في ساعة منها وهذه الساعات عرفية وضمير التمسوها راجع إلى هذه الساعة وقوله آخر ساعة ظرف
لالتمسوا والمراد بها الساعة النجومية فلا اشكال في الظرفية بأن يقال كيف يلتمس الساعة في الساعة. قوله
فنريح نواضحنا أي نريحها من العمل وتعب السقي أو للرعي قلت أي ساعة أي تصلون أية ساعة
أو ترجعون أية ساعة وعلى الثاني المتبادر أن الصلاة كانت قبل الزوال الا أن يؤول بقرب الزوال. قوله
وليس للحيطان فئ يستظل به أي بعد الزوال بقليل. قوله إن الاذان أريد به النداء الشامل
للإقامة ولذلك قيل كان أول والمراد أول منه فأول بالرفع اسم كان والعائد محذوف ويؤيده رواية
أبي داود كان أوله ونصبه على أنه خبر بعيد معنى وإذا كان الأول حين جلوس الامام فثانية الإقامة
100
والثالث ما أمر به عثمان والزوراء بفتح معجمة وسكون واو وراء ممدودة دار بالسوق. قوله غير مؤذن
واحد أي الذي يؤذن في الأوقات كلها والذي يؤذن غالبا فلا يرد أن بن أم مكتوم قد ثبت كونه مؤذنا
والله تعالى أعلم. قوله وقد خرج الامام أي للخطبة شرع فيها أم لابل قد جاء صريحا والامام يخطب
وهذا صريح في جواز الركعتين حال الخطبة للداخل في تلك الحالة والمانع عنها يستدل بحديث إذا قلت
لصاحبك انصت الخ وذلك لان الامر بالمعروف أعلى من ركعتي التحية فإذا منع منه منع منهما بالأولى
وفيه بحث أما أو لا فلانه استدلال بالدلالة أو القياس في مقابلة النص فلا يسمع وأما ثانيا فلان المضي في
101
الصلاة لمن شرع فيها قبل الخطبة جائز بخلاف المضي في الامر بالمعروف من شرع فيه قبل فكما لا يصح قياس الصلاة بالامر بالمعروف بقاء لا يصح
ابتداء والله تعالى أعلم. قوله إلى جذع نخلة أي أصل نخلة
كحنين الناقة أي باكية كصوت الناقة وهذا من المعجزات الباهرة جدا
102
قوله صيامها وقيامها بالجر بدل من سنة. قوله فقد آذيت أي الناس وهذا إذا لم تكن في الصفوف
فرجة أو طلع الامام المنبر والله تعالى أعلم
103
قوله فقد لغا أي ومن لغا فلا أجر له. قوله كما أمر أي أمر إيجاب فيختص بالوضوء أو أمر ندب
فيكون غسلا لما قبله لذنوب ما قبله من الجمعة أي من الأسبوع
104
قوله خطبة الحاجة الظاهر عموم الحاجة للنكاح وغيره فينبغي للانسان أن يأتي بهذا ليستعين به على قضائها
وتمامها ولذلك قال الشافعي الخطبة سنة في أول العقود كلها مثل البيع والنكاح وغيرهما والحاجة إشارة إليها ويحتمل
أن المراد بالحاجة النكاح إذ هو الذي تعارف فيه الخطبة دون سائر الحاجات وعلى كل تقدير فوجه ذكر
المصنف الحديث في هذا الباب لان الأصل اتحاد الخطبة فما جاز أو جاء في موضع جاز في موضع آخر أيضا
وكأنه جاء فيه والله تعالى أعلم. قوله إذا راح أي ذهب ومشى إليها ولم يرد رواح آخر النهار يقال
105
راح وتروح إذا سار أي وقت كان وقال مالك الرواح لا يكون الا بعد الزوال فأخذ منه أن الذهاب إلى
الجمعة يكون بعد الزوال كذا قيل قوله بذة بفتح فتشديد ذاك معجمة أي هيئة تدل على الفقر صل
ركعتين قيل أمره ليرى الناس هيأته فيترحمون عليه لكن مقتضى السؤال بقوله أصليت الخ أنه ما
قصد بالامر ذلك ثم كلامه صلى الله تعالى عليه وسلم وكذا كلام المجيب ليس من باب الكلام حالة الخطبة فلا
106
يشمله النهي لان الامام إذا شرع في الكلام فما بقيت الخطبة تلك الساعة وقال خذ ثوبك فيه أن
المحتاج يقدم نفسه وأن الانسان يبدأ بنفسه. قوله وهو يقبل من الاقبال. قوله حفظت ق والقرآن
107
المجيد قال العلماء سبب اختيار ق أنها مشتملة على الموت والبعث والمواعظ الشديدة والزواجر الأكيدة
قوله بأصبعه السبابة كأنه يرفعها عند التشهد والله تعالى أعلم. قوله يعثران من العثرة وهي الزلة
من حد نصر أي يمشيان مشى صغير يميل في مشيه تارة إلى هنا وتارة إلى هنا لضعفه في المشي فحملها من كمال
108
ما وضع الله تعالى فيه صلى الله تعالى عليه وسلم من الرحمة. قوله ويقل اللغو أي الكلام القليل الجدوى
أي غالب كلامه جامع لمطالب جمة وأما الكلام القاصر عن ذلك الحد فكان قليلا وقيل القلة بمعنى العدم
فاللغو مالا فائدة فيه ويطيل الصلاة أي صلاته كانت طويلة عما عليه الناس وخطبته بالعكس وكانت
كل من الصلاة والخطبة متوسطة في بابها بين الطول والقصر كا جاء وكانت خطبته قصدا وصلاته قصدا
وقيل المراد أن صلاته كانت أطول من خطبته والله تعالى أعلم وقوله ولا يأنف من باب سمع أي
لا يستنكف مع الأرملة أي مع المرأة الضعيفة
109
قوله قصدا أي متوسطة بين القصر والطول وكذا الصلاة ولا يلزم مساواتهما إذ توسط كل يعتبر في
بابه كما تقدم. قوله فيعرض له الرجل فيه دلالة على أنه لا مانع بعد الخطبة قبل الصلاة من الكلام
110
وإنما المنع حالة الخطبة والله تعالى أعلم. قوله وصلاة السفر أي في غير الثلاثية. قوله مخول
كمحمد قوله بسبح اسم ربك الاعلى الاختلاف محمول على جواز الكل واستنانه وأنه فعل تارة هذا
وتارة ذاك فلا تعارض في أحاديث الباب
111
قوله فقد أدرك أي تمكن من ادراكه بضم الركعة الثانية إليها
112
قوله فليصل بعدها أربعا فاطلاقه يدل على أنه يجوز أن يصلي في المسجد وما جاء انه صلى الله تعالى
عليه وسلم صلى ركعتين حمله المصنف على أن ذاك للامام ونبه عليه بالترجمة الثانية فلا تعارض والله تعالى أعلم
113
قوله وفيه تيب على بناء المفعول من التوبة أي قبل توبته مصيخة من أصاخ أي مستمعة شفقا
أي خوفا من قيامها وفيه أن البهائم تعلم الأيام بعينها وأنها تعلم أن القيامة تقوم يوم الجمعة ولا تعلم الوقائع
التي بين زمانها وبين القيامة أو ما تعلم أن تلك الوقائع ما وجدت إلى الآن والله تعالى أعلم لا تعمل
على بناء المفعول أي لا تحث ولا تساق والمطى جمع مطية وهي الناقة التي ركب مطاها أي
114
ظهرها وقيل يمطى بها في السير أي يمد تلك الساعة بالنصب على الظرفية فهو كذلك
أي فالجالس في تلك الساعة منتظرا كذلك أي مصل. قوله لا يوافقها أي لا يصادفها
115
قوله قائم يصلي أي قائم يصلي أو ثابت في مكانه يصلي ان فسرنا الحديث بما فسره عبد الله بن سلام
والا فالعادة عند الانتظار القعود
كتاب تقصير الصلاة في السفر
قوله فقد أمن الناس أي فما بالهم يقصرون الصلاة
116
فقال صدقة أي شرع لكم ذلك رحمة عليكم وإزالة للمشقة عنكم نظرا إلى ضعفكم وفقركم وهذا
المعنى يقتضي أن ما ذكر فيه من القيد فهو اتفاقي ذكره على مقتضى ذلك الوقت والا فالحكم عام
والقيد لا مفهوم له ولا يخفى ما في الحديث من الدلالة على اعتبار المفهوم في الأدلة الشرعية وأنهم كانوا
يفهمون ذلك ويرون أنه الأصل وأن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قررهم على ذلك ولكن بين
أنه قد لا يكون معتبرا أيضا بسبب من الأسباب فإن قلت يمكن التعجب مع عدم اعتبار المفهوم
أيضا بناء على أن الأصل هو الاتمام والقصر رخصة جاءت مقيدة لضرورة فعند انتفاء
القيد مقتضى الأدلة هو الاخذ بالأصل قلت هذا الأصل إنما يعمل به عند انتفاء الأدلة وأما مع
وجود فعل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بخلافه فلا عبرة به ولا يتعجب من خلافه فليتأمل. قوله
فاقبلوا صدقته الامر يقتضي وجوب القبول وأيضا العبد فقير فاعراضه عن صدقة ربه يكون منه
قبيحا ويكون من قبيل أن رآه استغنى وفي رد صدقة أحد عليه من التأذى عادة ما لا يخفى فهذه من أمارات
الوجوب فتأمل والله تعالى أعلم. قوله صلاة الحضر هي محل الأوامر المطلقة وصلاة
الخوف هي مذكورة في قوله تعالى إذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا الآية
يفعل أي وقد قصر بلا خوف فهو دليل يثبت به الحكم كما يثبت بالقرآن
117
قوله وأقام بها أي بمكة والمراد الإقامة بها وبحواليها من عرفات ومنى والله تعالى أعلم
118
قوله آمن ما كان الناس وأكثره قال أبو البقاء آمن وأكثر منصوبان نصب الظرف والتقدير زمن
119
آمن ما كان الناس فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه وقال وضمير أكثره عائد إلى جنس الناس
وهو مفرد قلت وهذا غلط وإنما هو عائد إلى ما كان الناس بناء على أن ما مصدرية وكان تامة والناس
بالرفع فاعله ألا نرى أن كان في الأصل آمن ما كان الناس وأكثر ما كان الناس وحاصل المعنى في زمن كان
الناس فيه أكثر أمنا وعددا والله تعالى أعلم. قوله وصدرا من امارته بكسر الهمزة أي خلافته. قوله
حتى بلغ ذلك عبد الله فقال لقد صليت الخ أي إنكارا على عثمان فعله قيل وإنما فعل عثمان ذلك
120
حين سمع من بعض الاعراب أنهم قصروا الصلاة تمام السنة بناء على أنهم رأوا عثمان يقصر في موسم
الحج فأتم لأجل دفع مثل هذا الخلل فإن الحج مجمع عظيم يحضر فيه العالم والجاهل والله تعالى أعلم
قوله أقام بمكة خمسة عشر أي أيام الفتح وإقامته عشرا كانت في حجة الوداع والله تعالى أعلم
121
قوله يمكث المهاجر بعد قضاء نسكه ثلاثا يريد أنه يفهم منه أنه إذا زاد رابعا يصير مقيما بمكة وليس
له الإقامة بها بعد أن هجرها لله تعالى فيلزم منه أن من يقصد الإقامة بموضع أربعا يصير مقيما به فهذا حد
الإقامة وأما اقامته صلى الله تعالى عليه وسلم بمكة عشرا أو خمسة عشر فيحتمل أن تكون بلا قصد أو
كانت بمكة وحواليها من المشاعر فليتأمل والله تعالى أعلم قوله قصرت بالخطاب وأتممت بالتكلم
وأفطرت بالخطاب وصمت بالتكلم أحسنت بكسر التاء على خطاب المرأة وهذا الحديث
يدل على عدم وجوب القصر لكن بعض الأحاديث تدل على الوجوب وقد علم أنه عادته المستمرة
122
فالأخذ بها لا يخلو عن احتياط والله تعالى أعلم. قوله طنفسة له بكسر طاء وفاء وضمهما وبكسر ففتح
بساط له خمل رقيق لو كنت مصليا قبلها أو بعدها لأتممتها لعل المعنى لو كنت صليت النافلة على
خلاف ما جاءت السنة لأتممت الفرض على خلافها أي لو تركت العمل بالسنة لكان تركها لاتمام
الفرض أحب وأولى من تركها لاتيان النفل وليس المعنى لو كانت النافلة مشروعة لكان الاتمام مشروعا
حتى يرد عليه ما قيل أن شرع الفرض تامة يفضي إلى الحرج إذ يلزم حينئذ الاتمام وأما شرع النفل
فلا يفضي إلى حرج لكونها إلى خيرة المصلي ثم معنى لا يزيد على الركعتين أي في هذه الصلاة أي الصلاة التي
صلاها لهم في ذلك الوقت أوفى غير المغرب إذ لا يصح ذلك في المغرب قطعا والله تعالى أعلم
123
كتاب الكسوف
قوله آيتان قيل المراد أي كسوفهما آيتان لأنه الذي خرج الحديث بسببه قلت يحتمل أن المراد أنهما
ذاتا وصفة آيتان أو أراد أنهما إذا كانا آيتين فتغييرهما يكون مسندا إلى تصرفه تعالى لا دخل فيه لموت
أو حياة كشأن الآيات ومعنى كونهما آيتين أنهما علامتان لقرب القيامة أو لعذاب الله أو لكونهما
مسخرين بقدرة الله تعالى وتحت حكمه وقيل أنهما من الآيات الدالة على وحدانيته تعالى وعظم قدرته
أو على تخويف العباد من بأسه وسطوته لا ينكسفان بالتذكير لتغليب القمر كما في القمرين لموت
أحد الخ قال ذلك لأنها انكسفت يوم مات إبراهيم بن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فزعم الناس أنها
انكسفت لموته فدفع صلى الله تعالى عليه وسلم وهمهم بهذا الكلام وذكر الحياة استطرادي بهما
124
بكسوفهما قوله اترامى أي أرمي بأسهم جمع سهم ما أحدثه النبي صلى الله تعالى عليه وسلم زعم
أنه لا بد أن يقرر في الكسوف شيئا من السنن فأراد أن ينظره حتى حسر على بناء المفعول أي أزيل
وكشف ما بها ثم قام الخ ظاهره أنه شرع في الصلاة بعد الانجلاء وأنه صلى بركوع واحد وهذا مستبعد
بالنظر إلى سائر الروايات ولذلك أجاب بعضهم بأن هذه الصلاة كانت تطوعا مستقلا بعد انجلاء الكسوف
125
لا أنها صلاة الكسوف ورده النووي بأنه مخالف لظاهر الرواية الأخرى لهذا الحديث لكنه ذكر
126
جوابا لا يوافق هذه الرواية والله تعالى أعلم قوله فكسفت الشمس بفتح كاف وسين كذا في المجمع
وفي الصحاح كسفت الشمس كسوفا وكسفها الله كسفا يتعدى انتهى فيمكن بناء كسفت للمفعول أيضا
قوله إن هي مخففة تفسيرية الصلاة جامعة بنصب الصلاة على الاغراء ونصب جامعة على الحال
أي احضروا الصلاة حال كونها جامعة للجماعة ويجوز رفعهما على الابتداء والخبر أربع ركعات أي
أربع ركوعات في ركعتين في كل ركعة ركوعين قال بن عبد البر هذا أصح ما في هذا الباب وباقي
127
الروايات المخالفة معللة ضعيفة ورد بأنه أخرجها مسلم وغيره بأسانيد صحيحة فالحكم بالضعف غير صحيح
وقيل الاختلاف يحمل على تعدد الوقائع والمراد به بيان جواز الجميع ورد بأن وقوع الكسوف مرات
كثيرة في قدر عشر سنين في المدينة مستبعد جدا لم يعهد وقوعه كذلك ولهذا حكم علماؤنا بالتعارض
فطرحوا الكل وأخذوا بالأصل والأصل في الركوع الاتحاد دون التعدد وقد جاء في بعض الروايات
128
كذلك والله تعالى أعلم قوله قياما شديدا أي على النفوس والمراد بهذا القيام الصلاة بتمامها وقوله يقوم
129
بالناس الخ بيان للقيام الشديد وهذا من قبيل إحضار هيئة القيام في الحال فلذلك أتى بصيغة
المضارع وكذا ما بعده ثلاث ركعات أراد بالركعة هنا الركوع كما تقدم مثله سجال الماء بكسر
السين وخفة الميم جمع سجل بفتح فسكون هو الدلو المملوء مما قام بهم أي لأجل قيامهم ذلك القيام
130
المفضي إلى الغشى أو لما لحقهم قوله حتى يفرج عنكم على بناء المفعول أي يزال عنكم التخويف في
مقامي يحتمل المصدر والمكان والزمان وعدتم على بناء المفعول قال الحافظ السيوطي هذه الرواية
أوضح من رواية الصحيح ما من شئ لم أكن أريته الا رأيته في مقامي هذا حتى قال الكرماني فيه دلالة على
أنه رأى ذاته تعالى المقدسة في ذلك المقام بناء على عموم الشئ له تعالى لقوله تعالى قل أي شئ أكبر شهادة
قل الله شهيد الآية والعقل لا يمنعه لكن بينت رواية المصنف أن كل شئ مخصوص بالموعود كفتن الدنيا
131
وفتوحها والجنة والنار لكن قد يقال هو تعالى داخل في الموعود لان الناس يرونه تعالى في الجنة فليتأمل
قطفا بكسر فسكون عنقود وروى أكثرهم بالفتح وإنما هو بالكسر ذكره في المجمع يحطم
كيضرب أي يكسره ويزاحمه كما يفعل البحر من شدة الأمواج بن لحي بضم اللام وفتح الحاء المهملة
وتشديد التحتية سيب السوائب أي شرع لباقي قريش أن يتركوا النوق ويعتقوها من الحمل والركوب
132
ونحو ذلك للأصنام نعوذ بالله تعالى من ذلك. قوله أغير من الغيرة وهي تغير يحصل من الاستنكاف
وذلك محال على الله فالمراد هنا أغضب أن يزني أي لأجل أن يزني لو تعلمون الخ قال الباجي يريد
صلى الله تعالى عليه وسلم أن الله تعالى قد خصه بعلم لا يعلمه غيره ولعله ما رآه في مقامه من النار وشناعة منظرها
وقال النووي لو تعلمون من عظم انتقام الله تعالى من أهل الجرائم وشدة عقابه وأهوال القيامة وما بعدها
ما أعلم وترون النار كما رأيت في مقامي هذا وفي غيره لبكيتم كثيرا ولقل ضحككم لفكركم فيما علمتموه. ولا
يخفى أنهم علموا بواسطة خبره إجمالا فالمراد التفصيل كعلمه صلى الله تعالى عليه وسلم فالمعنى لو تعلمون ما
أعلم كما أعلم والله تعالى أعلم. قوله عائذا بالله قيل بمعنى المصدر أي أستعيذ استعاذة بالله أو هو حال أي
133
فقال ما قال من الدعاء عائذا بالله تعالى من عذاب القبر وروى بالرفع أي أنا عائذ بالله فخرجنا إلى
الحجرة لعل المراد إلى ظاهر الحجرة وهو الموافق لقولها فكنت بين الحجرة والله تعالى أعلم كنا
134
نسمعه أي نسمع النبي صلى الله تعالى عليه وسلم. قوله في صفة زمزم قال الحافظ عماد الدين بن كثير
تفرد النسائي عن عبيدة بقوله في صفة زمزم وهو وهم بلا شك فإن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لم يصل
الكسوف الا مرة واحدة بالمدينة في المسجد هذا هو الذي ذكره الشافعي وأحمد والبخاري والبيهقي وابن
عبد البر وأما هذا الحديث بهذه الزيادة فيخشى أن يكون الوهم من عبدة فإنه مروزي نزل دمشق ثم
صار إلى مصر فاحتمل أن النسائي سمعه منه بمصر فدخل عليه الوهم لعدم الكتاب وقد أخرجه البخاري
ومسلم والنسائي أيضا بطريق آخر من غير هذه الزيادة انتهى وعرض هذا على الحافظ جمال الدين المزي
فاستحسنه وقال قد أجاد وأحسن الانتقاد قلت وبهذا ظهر أن ما قيل في التوفيق حمل الروايات على تعدد
135
الوقائع بعيد جدا
136
قوله لم تعدني هذا وأنا فيهم الخ أي ما وعدتني هذا وهو أن تعذبهم وأنا فيهم بل وعدتني
خلافه وهو أن لا تعذبهم وأنا فيهم يريد به قوله تعالى وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم الآية وهذا من
باب التضرع في حضرته وإظهار غناه وفقر الخلق وأن ما وعد به من عدم العذاب ما دام فيهم النبي يمكن أن
يكون مقيدا بشرط وليس مثله مبنيا على عدم التصديق بوعده الكريم وهذا ظاهر والله تعالى أعلم
أدنيت الجنة مني على بناء المفعول من الادناء قال الحافظ بن حجر منهم من حمله على أن الحجب
كشفت له دونها فرآها على حقيقتها وطويت المسافة بينهما حتى أمكنه أن يتناول منها ومنهم
من حمله على أنها مثلت له في الحائط كما تنطبع الصورة في المرآة فرأى جميع ما فيها من قطوفها جمع قطف وهو ما
138
يقطف منها أي يقطع ويجتني تعذب في هرة أي لأجل هرة وفي شأنها. قوله خشاش الأرض أي
هوامها وحشراتها ولت أي أدبرت المرأة والحاصل أن الهرة في النار مع المرأة لكن لا لتعذب الهرة
بل لتكون عذابا في حق المرأة صاحب السبتيتين هكذا في نسخة النسائي وفي كتب الغريب صاحب
السائبتين في النهاية سائبتان بدنتان أهداهما النبي صلى الله تعالى عليه وسلم إلى البيت فأخذهما رجل من
المشركين فذهب بهما وسماهما سائبتين لأنه سيبهما لله تعالى يدفع على بناء المفعول المحجن
139
بكسر الميم عصا معوجة الرأس. قوله فافزعوا بفتح الزاي الجؤا. قوله غرضين بفتح معجمة
ومهملة أي هدفين قيد رمحين بكسر القاف أي قدرهما ليحدثن من الاحداث بالنون الثقيلة وشأن
هذه الشمس مرفوع بالفاعلية فدفعنا على بناء الفاعل أو المفعول أي دفعنا الانطلاق فوافينا أي
وجدنا قط أي دائما أو أبدا فلذلك استعمل في الاثبات والا فقد أجمعوا على أنه لا يستعمل الا في النفي
لا نسمع له صوتا لا يدل على أنه قرأ سرا لجواز أنه قرأ جهرا ولم يسمعه هؤلاء لبعدهم وظاهر
140
الحديث أنه ركع ركوعا واحدا والله تعالى أعلم. قوله فزعا بفتح فكسر أي خائفا وقيل أو بفتح الزاء
على أنه مصدر بمعنى الصفة أو هو مفعول مطلق لمقدر وقوله إن الله عز وجل إذا بدا لشئ من خلقه
141
خشع له قال أبو حامد الغزالي هذه الزيادة غير صحيحة نقلا فيجب تكذيب ناقلها وبنى ذلك على أن قول
الفلاسفة في باب الخسوف والكسوف حق لما قام عليه من البراهين القطعية وهو أن خسوف القمر عبارة
عن انمحاء ضوئه بتوسط الأرض بينه وبين الشمس من حيث أنه يقتبس نوره من الشمس والأرض كرة
والسماء محيطة بها من الجوانب فإذا وقع القمر في ظل الأرض انقطع عنه نور الشمس وأن كسوف الشمس
معناه وقوع جرم القمر بين الناظر والشمس وذلك عند اجتماعهما في العقدتين على دقيقة واحدة قال
بن القيم إسناد هذه الرواية لا مطعن فيه ورواته ثقات حفاظ ولكن لعل هذه اللفظة مدرجة في الحديث
من كلام بعض الرواة ولهذا لا توجد في سائر أحاديث الكسوف فقد روى حديث الكسوف عن
النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بضعة عشر صحابيا فلم يذكر أحد منهم في حديثه هذه اللفظة فمن ههنا نشأ
احتمال الادراج وقال السبكي قول الفلاسفة صحيح كما قال الغزالي لكن إنكار الغزالي هذه الزيادة غير جيد
فإنه مروي في النسائي وغيره وتأويله ظاهر فأي بعد في أن العالم بالجزئيات ومقدر الكائنات سبحانه
يقدر في أزل الأزل خسوفهما بتوسط الأرض بين القمر والشمس ووقوف جرم القمر بين الناظر
والشمس ويكون ذلك وقت تجليه سبحانه وتعالى عليهما فالتجلي سبب لكسوفهما قضت العادة بأنه
يقارن توسط الأرض ووقوف جرم القمر لا مانع من ذلك ولا ينبغي منازعة الفلاسفة فيما قالوا إذا دلت
عليه براهين قطعية انتهى قلت ويحتمل أن المراد إذا بدا أي بدو الفاعل للمفعول أي إذا تصرف في شئ
من خلقه بما يشاء خشع له أي قبل ذلك ولم يأب عنه وصلوا كأحدث صلاة فيه أنه ينبغي أن
يلاحظ وقت الكسوف فيصلى لأجله صلاة هي مثل ما صلاها من المكتوبة قبيلها ويلزم منه أن يكون
142
عدد الركعات على حسب تلك الصلاة وأن يكون الركوع واحدا ومقتضى هذا الحديث أنه يجب على الناس
العمل بهذا وان سلم أنه صلى الله تعالى عليه وسلم صلى بركوعين لان هذا أمر للناس وذلك فعل فليتأمل
143
عليه وسلم إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم
ذلك فافزعوا إلى ذكر الله والصلاة فكيف يلائم هذا ما قالوه ليس في هذا ما ينقض
ما قالوا إذ ليس فيه إلا نفى الكسوف لموت أحد وحياته والامر بالصلاة عنده والشرع
الذي يأمر بالصلاة عند الزوال والغروب والطلوع من أين يبعد منه أن يأمر
عند الخسوف بهما استحبابا فان قيل فقد روي في آخر الحديث ولكن الله إذا تجلى لشئ
خشع له فيدل أن الكسوف خشوع بسبب التجلي قلنا هذه الزيادة لم يصح نقلها فيجب تكذيب
ناقلها ولو كان صحيحا لكان تأويله أهون من مكابرة أمور قطعية فكم من ظواهر أولت
بالأدلة العقلية التي لا تنتهي في الوضوح إلى هذا الحد وأعظم ما يفرح به الملحد أن يصرح ناصر
الشرع بأن هذا وأمثاله على خلاف الشرع فيسهل عليه طريق إبطال الشرع قال التاج السبكي
وهو صحيح غير أن انكار حديث حديث أن الله تعالى إذا تجلى لشئ من خلقه خشع له ليس بجيد فإنه
مروي في النسائي وغيره ولكن تأويله ظاهر فأي بعد في أن العالم بالجزئيات ومقدر الكائنات
سبحانه يقدر في أزل الا زال خسوفهما بتوسط الأرض بين القمر والشمس وقوف جرم القمر
بين الناظر والشمس ويكون ذلك وقت بحليه سبحانه وتعالى عليهما فالتجلي سبب لكسوفهما
144
قوله ركعتين ركعتين قبل ركوعين في كل ركعة ويبعده ما في بعض الروايات من قوله وسئل عنها
فليتأمل. قوله مثل صلاتنا أي المعهودة فيفيد اتحاد الركوع أو مثل ما نصلي في الكسوف فيلزم توقفه
145
على معرفة تلك الصلاة
146
قوله تكعكعت أي تأخرت ما بقيت الدنيا أي لعدم فناء فواكه الجنة وقيل لم يأخذه
لان الدنيا فانية فلا يناسبها الفواكه الباقية وقيل لأنه لو رآه الناس لكان ايمانهم بالشهادة
لا بالغيب فيخشى أن ترفع التوبة فلم ينفع نفسا إيمانها كاليوم أي كمنظر اليوم والمراد باليوم الوقت
147
فالمعنى كالمنظر الذي رأيته الآن يكفرن العشير أي الزوج قيل لم يعد بالباء لان كفر العشير لا يتضمن
معنى الاعتراف بخلاف الكفر بالله ويكفرن الاحسان كأنه بيان لقوله يكفرن العشير إذ المراد كفر
إحسانه لا كفر ذاته والمراد بكفر الاحسان تغطيته وجحده لو أحسنت الخطاب لكل من يصلح لذلك
من الرجال الدهر بالنصب على الظرفية أي تمام العمر شيئا أي ولو حقيرا لا يوافق هواها من أي
148
نوع كان. قوله لا نسمع له صوتا يمكن أنه حكاية لحال من كان مع سمره في الصفوف البعيدة ولا يلزم
من عدم سماعهم نفي الجهر قوله وينفخ أي تأسفا على حال الأمة لما رأى في ذلك الموقف من الأمور
العظام حتى النار فخاف عليهم
149
قوله يفتنون على بناء المفعول أي يختبرون بالسؤال
151
قوله حتى ينكشف ما بكم من التخويف قوله يخشى أن تكون الساعة اما لان غلبة الخشية والدهشة وفجأة
الأمور العظام يذهل الانسان عما يعلم أول احتمال أن يكون الأمور المعلومة وقوعها بينه وبين الساعة كانت مقيدة
بشرط والله تعالى اعلم وقيل المراد قام فزعا كالخاشي أن تكون الساعة وقيل لعل هذا الكسوف كان قبل
153
اعلام النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بهذه الأمور المعلوم وقوعها بينه وبين الساعة وقيل هذا ظن من الراوي
أنه خشي ولا يلزم منه أنه صلى الله تعالى عليه وسلم خشي ذلك حقيقة ولا عبرة بظنه
كتاب الاستسقاء
قوله هلكت المواشي أي ضعفت عن السفر لقلة القوت وانقطعت السبل لذلك ولكونها لا تجد
154
في طرقها من الكلأ ما يقيم قوتها أو لان الناس ما يجدون في الطريق ما يحتاجون إليه فيها فمطرنا على بناء
المفعول وانقطعت السبل لكثرة الأمطار ولا يمكن المشي معها وهلكت المواشي من كثرة البرد
والآكام بكسر الهمزة أو بفتح ومد جمع أكمة بفتحات وهي التراب المجتمع وقيل ما ارتفع من الأرض
فانجابت أي تقطعت كما ينقطع الثوب قطعا متفرقة. قوله وقلب بالتخفيف أو التشديد أي
155
تفاؤلا بأن يقلب الله تعالى الحال من عسر إلى يسر. قوله متبذلا بمثناة ثم موحدة ثم ذال معجمة
من التبذل وهو ترك التزين والتهئ بالهيئة الحسنة الجميلة على جهة التواضع ويحتمل أن يكون بتقديم
الموحدة من الابتذال بمعناه فلم يخطب خطبتكم هذه أي بل كان خطبته الدعاء والاستغفار والتضرع
قوله خميصة قسم من الأكسية
156
قوله وحول للناس ظهره أي استقبل القبلة تبتيلا إلى الله انقطاعا عما سواه. قوله ثم صلى ركعتين
يدل على تقديم الخطبة على الصلاة ومن لا يقول به يحمله على بيان الجواز
157
قوله ورفع يديه أي في الدعاء. قوله لا يرفع يديه أي لا يبالغ في الرفع والا فأصل
158
الرفع ثابت في مطلق الدعاء وآخر الحديث يشعر بهذا المعنى. قوله عن آبي اللحم بألف ممدودة فاعل
من أبى بمعنى امتنع. قوله أحجار الزيت هو موضع بالمدينة مقنع من أقنع أي رافع كفيه. قوله
وأجدب البلاد أي غلت الأسعار فيها حتى أوسعنا على بناء المفصول أو الفاعل على أنه ضمير
159
لله أو للرسول أو لدعائه وأمطرنا على بناء المفعول ما هو أي الشأن الا أن تكلم أي بان
تكلم الباب المقدرة بمعنى المصاحبة والمقارنة والجار والمجرور متعلق بتمزق والمعنى ما الشأن الا تمزق
السحاب وتقطع تمزقا متصلا ومقرونا مع تكلمه صلى الله تعالى عليه وسلم بذلك الكلام. قوله قحط
المطر على بناء الفاعل أي احتبس وروى على بناء المفعول أي حبس اللهم اسقنا بوصل الهمزة
ويجوز قطعها قزعة بفتحتين أي قطعة من غيم فأنشأت أي خرجت تمطر على بناء المفعول
160
فتقشعت أي أقلعت وتصدعت وانها أي المدينة الإكليل بكسر الهمزة وسكون الكاف
كل شئ دار بين جوانب الشئ أي صارت السحابة حول المدينة كالدائرة حول الشئ فصار كان المدينة
في مثل الدائرة والله تعالى أعلم قوله أن يغيثنا قيل فتح أوله أشهر من ضمه من غاث الله البلاد
يغيثها إذا أرسل إليها المطر أغثنا قيل كذا الرواية بالهمزة أي هب لنا غيثا والهمزة فيه للتعدية وقيل
غثنا أولى لأنه من غاث وأما أغثنا فإنه من الإغاثة بمعنى المعونة قلت والإعانة أيضا مناسبة للمقام في
الجملة كان المراد أعنا على طاعتك برزقك وبين سلع بفتح المهملة وسكون اللام جبل بالمدينة معروف
161
مثل الترس الظاهر أن التشبيه في القدر وهو المناسب بقوله فلما توسطت السماء انتشرت سبتا بسين
ثم موحدة ثم مثناة من فوق أي أسبوعا وكان اليهود تسمى الأسبوع سبتا باسم أعظم أيامه عندهم فتبعهم
الأنصار في هذا الاصطلاح كما أن المسلمين سموا الأسبوع جمعة لذلك وفي بعض النسخ ستا بسين وتاء
مشددة فقيل تصحيف ولا حاجة إليه فإنه ما غابت الشمس الا ما بين الجمعتين وهو ستة أيام فليتأمل. قوله
حوالينا بفتح اللام أي اجعل المطر حول المدينة والظراب بكسر معجمة وآخره موحدة جمع ظرب
162
بفتح فكسر وقد تسكن هو الجبل المنبسط ليس العالي. قوله صيبا أي مطرا. قوله ما أنعمت أي ما أنزلت
عليهم من مطر بها بكونها من الله ومن فضله كافرين أو بسببها كافرين بالمعبود والمنعم الذي أنعم
عليهم لأنها تصير سببا للنسبة إلى غيره تعالى الكوكب أي موجد إياها وبالكوكب جاءت
164
قوله بنوء كذا وكذا يريدون به بعض الكواكب وهذا فيمن يرى أن الكوكب هو المؤثر وأما من
يراه علامة ويرى المؤثر هو الله تعالى فليس من الكافرين لكن مع ذلك الاحتراز عن هذه الكلمة أولى
وقوله على سقياي بضم السين اسم من سقاه الله. قوله سقينا على بناء المفعول بنوء المجدح
165
بكسر الميم هو نجم من النجوم الدالة على المطر عند العرب. قوله حتى أهم الشاب بالنصب
مفعول أهم والرجوع بالرفع فاعله أي ثقل عليه الرجوع بواسطة كثرة المطر حتى أوقعه في الهم فتكشطت
أي تكشفت قوله سنة أي قحط ثار السحاب أمثال الجبال هذا بالنظر إلى المآل وما سبق
166
من قوله طلعت سحابة مثل الترس كان بالنظر إلى ما عليه في أول الحال فلا منافاة مثل الجوبة بفتح
الجيم ثم الموحدة هي الحفرة المستديرة الواسعة المراد ههنا الفرجة في السحاب بالجود بفتح الجيم
المطر الواسع
كتاب صلاة الخوف
قال النووي روى أبو داود وغيره وجوها في صلاة الخوف يبلغ مجموعها ستة عشر وجها وقال الخطابي
صلاة الخوف أنواع صلاها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في أيام مختلفة وأشكال متباينة يتحرى
167
في كلها ما هو أحوط للصلاة وأبلغ في الحراسة وهي على اختلاف صورها متفقة المعنى قال الإمام أحمد
أحاديث صلاة الخوف صحاح كلها ويجوز أن تكون كلها في مرات مختلفة على حسب شدة الخوف ومن
صلى بصفة منها فلا حرج عليه قال الحافظ بن حجر لم يقع في شئ من الأحاديث المروية في صلاة
الخوف تعرض لكيفية صلاة المغرب. قوله صف خلفه بالجر بدل من طائفة ثم نكص أي
تأخر إلى مصاف أولئك بفتح الميم وتشديد الفاء جمع مصف أي إلى محال هم صفوا فيها للعدو
وظاهره أنه اقتصر على ركعة والرواية الثانية أظهر في هذا المعنى لقوله ولم يقضوا أي الركعة الثانية
الا أن يحمل على أن المراد أنهم ما أعادوا حالة الامن ما صلوا في الخوف والله تعالى أعلم. قوله
موازي العدو أي مقابله
168
قوله وفي الخوف ركعة قال النووي هذا الحديث قد عمل بظاهره طائفة من السلف منهم الحسن البصري
والضحاك وإسحاق بن راهويه وقال الشافعي ومالك والجمهور ان صلاة الخوف كصلاة الامن في عدد الركعات
169
فإن كانت في الحضر وجب أربع ركعات وان كانت في السفر وجب ركعتان ولا يجوز الاقتصار على ركعة
واحدة في حال من الأحوال وتأولوا هذا الحديث على أن المراد ركعة مع الامام وركعة أخرى يأتي بها
منفردا كما جاءت الأحاديث في صلاة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وأصحابه في صلاة الخوف وهذا التأويل
لا بد منه للجمع بين الأدلة قلت لا منافاة بين وجوب واحدة والعمل باثنتين حتى يحتاج إلى التأويل للتوفيق
لجواز أنهم عملوا بالأحب والأولى والله تعالى أعلم. قوله الا أنها كانت عقبا أي تسجد طائفة بعد طائفة
فهم يتعاقبون السجود تعاقب الغزاة قامت طائفة منهم أي في حذاء العدو سجد الذين كانوا قياما
أي في آخر صلاتهم ظاهره أن الذين كانوا معه آخرا ما سجدوا سجود الركعة الأولى والله تعالى أعلم
170
قوله مصافو العدو أي هم مصافون العدو ثم قاموا أي على التعاقب فقامت طائفة أولا وطائفة
أخرى بعدهم لا أنه قامت الطائفتان معا والا لزم أن لا يكون وجاه العدو الا الامام وحده. قوله
وجاه العدو بكسر الواو وضمها أي مواجهة العدو. قوله قبل نجد بكسر القاف وفتح الموحدة
أي جهة نجد فوازينا أي قابلنا
171
الحافظ بن حجر والذي يظهر أن أصلها الهمزة فقلبت واوا
172
قوله ثم أقبلت الطائفة التي كانت مقابل العدو فركعوا وسجدوا ورسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قاعد
ومن معه لا يخفى أنه في هذه الحالة لم يبق أحد في هذه الصورة وجاه العدو فكان هذه الصورة فيما
إذا كان الخوف قليلا بحيث لا يضر عدم بقاء أحد وجاه العدو ساعة ولا يرجى منهم خوف بذلك
أو لان العدو إذا رأوهم في الصلاة ذاهبين آيبين لا يقعوا عليهم بخلاف ما لو لم يفعلوا ذلك والله تعالى أعلم
قوله أجمعوا أمركم من الاجماع أي اعزموا عليه
174
قد أخذوا حذرهم أي ما فيه الحذر. قوله ولهم ركعة ظاهره أنهم اكتفوا بركعة واحدة وحمله
على أن لهم ركعة مع النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وركعة أخرى صلوها لأنفسهم لا يخلو عن بعد
175
والرواية الآتية تؤيد الاحتمال الأول أيضا والله تعالى أعلم
176
قوله بعسفان بضم عين مهملة وسكون سنين مهملة قرية بين مكة والمدينة غرة بكسر غين
معجمة وتشديد راء أي غفلة في صلاة الظهر يريدون فلو حملنا عليهم كان أحسن
177
قوله أربعا أي وللقوم ركعتين كما سيجئ ولا يخفى أنه يلزم فيه اقتداء المفترض بالمتنفل قطعا
178
ولم أر لهم عنه جوابا شافيا. قوله فهي أي الركعة له أي للامام ثنتان أي تمام ثنتين بها تتم له ثنتان
كتاب العيدين
قوله وقد أبدلكم الله بهما أي في مقابلتهما يريد أنه نسخ ذينك اليومين وشرع في مقابلتهما
179
هذين اليومين وقوله ويوم الأضحى بفتح الهمزة جمع أضحاة شاة يضحى بها وبه سمى يوم الأضحى. قوله
فأمرهم أي أمر المسلمين عموما لا أولئك القوم خصوصا بعد ما ارتفع متعلق بأمر وأن
يخرجوا لعله ضاق الوقت عن إدراك الصلاة في وقتها مع الاستعداد فأمر بالتأخير والله تعالى أعلم
قوله العواتق جمع عاتق وهي التي قاربت البلوغ وذوات الخدور بضم الخاء المعجمة والدال
المهملة جمع خدر بكسر الخاء الستر أو البيت والحيض بضم حاء مهملة وتشديد ياء جمع حائض
180
قوله (1560) من إستبرق هو الحرير الغليظ ابتع اشتر فتجمل بها للعيد منه علم أن التجمل يوم
العيد كان عادة متقررة بينهم ولم ينكرها النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فعلم بقاؤها من لا خلاق له
من لا نصيب له في الآخرة في الحرير ديباج بكسر الدال أي حرير
181
قوله أن يصلي قبل الامام أي مطلقا أو في المصلى قوله إن أول ما نبدأ به قد يقال ما نبدأ به هو الأول
فما معنى إضافة الأول إليه والجواب أنه يمكن اعتبار أمور متعددة مبتدأ بها باعتبار تقدمها على غيرها كان يعتبر
جميع ما يقع أول النهار مبتدأ به فما يكون منها متقدما يقال له أولها ثم قوله نذبح ينبغي أن يكون معطوفا
على مقدر أي فنصلي ثم نذبح ولا يستقيم عطفه على أن نصلي لأنه خبر عن الأول والأول لا يتعدد
الا أن يراد بالأول ما يعم الأول حقيقة أو إضافة أي يكون أول بالنظر إلى ما بعده وعلى هذا يعتبر
أولية الامرين أعني الصلاة والذبح بالنظر إلى الأكل والشرب اللذين هما من متعلقات هذا اليوم دينا فكأنه
اعتبر الصلاة والنحر والأكل والشرب مبتدأ بها ثم اعتبر الصلاة والنحر أول المبتدأ بها على أن الصلاة أول
حقيقة والنحر أول إضافة نقدمه من التقديم أي نجعله فذبح الظاهر أن الفاء لجواب شرط مقدر أي
إذا عرفت ذلك فاعرف أنه ذبح أبو بردة قبل ذلك فقال الخ جذعة بفتح الجيم والذال المعجمة وهي
ما طعنت في الثانية والمراد أي من المعزاذ الجذع من الضأن مجزئة والمسنة ما طعنت في الثالثة ولن توفي
182
من الايفاء أي تجزئ كما في بعض النسخ. قوله فسأل أبا واقد سؤال اختبار أو لزيادة التوثيق ويحتمل
أنه نسي وأما احتمال انه ما علم بذلك أصلا فيأباه قرب عمر منه صلى الله تعالى عليه وسلم والله تعالى أعلم
184
قوله ومن أحب ن يقيم من الإقامة أي يسكن ويقعد وعلم منه أن سماع خطبة العيد غير واجب. قوله
وحبشي أي بلال
185
قوله متوكئا على بلال التوكؤ على العصا هو التحامل عليها والمراد أنه كان معتمدا على يد بلال كما يفيده
رواية صحيح البخاري وذكرهم من التذكير ثم مال ومضى إلى النساء قيل هذا مخصوص بالنبي
186
صلى الله تعالى عليه وسلم وقيل بل يعم الأئمة كلهم فينبغي لهم وعظ النساء فإن أكثركن أي أكثر
جنس النساء لا أكثر المخاطبات من سفلة النساء بفتح السين وكسر الفاء الساقطة من الناس
سفعاء كحمراء والسفعة نوع من السواد وليس بالكثر تكثرن من الاكثار الشكاة بفتح
الشئ أي التشكي العشير أي الزوج أقرطهن جمع قرط بضم قاف وسكون راء نوع من حلى
الاذن في ثوب بلال أي ليصرف النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في مصارف الصدقة
187
قوله والامام يخطب أخذ من إطلاقه شموله لخطبة العيد ولا ينافيه الرخصة في الذهاب لجواز وجوب
الاستماع لمن أقام وعدم جواز الكلام له فليتأمل قوله وأحسن الهدى هدى محمد هما بضم ففتح أو
بفتح فسكون والأول بمعنى الارشاد والثاني بمعنى الطريق محدثاتها يريد المحدثات التي ليس في الشريعة
188
أصل يشهد لها بالصحة وهي المسماة بالبدع كذا ذكره القرطبي والمراد المحدثات في الدين وعلى هذا فقوله
وكل بدعة ضلالة على عمومه وكل ضلالة في النار أي صاحبها في النار والساعة بالرفع على العطف
أو النصب على قصد المعية كهاتين التشبيه في المقارنة بينهما أي ليس بينهما أصبع أخرى كما أنه لا نبي
بينه صلى الله تعالى عليه وسلم وبين الساعة أو في قلة التفاوت بينهما فإن الوسطى تزيد على المسبحة بقليل
فكأنه ما بينه صلى الله تعالى عليه وسلم وبين الساعة في القلة قدر زيادة الوسطى على المسبحة وجنتاه
الوجنة بتثليت الواو وابدالها همزة هي أعلى الخد وضياعا هو بالفتح الهلاك ثم سمى به كل ما هو
بصدد أن يضيع لولا يقوم بأمره أحد كالأطفال فإلى أي أمره وعلى أي اصلاحه كان النبي صلى
189
الله تعالى عليه وسلم أولا لا يصلي على من مات مديونا زجرا فلما فتح الله تعالى الفتوح عليه
كان يقضي دينه وكان من خصائصه صلى الله تعالى عليه وسلم لا يجب على الامام ذلك الآن وقيل بل هو الحكم في حق
كل امام يجب عليه أن يقضي دين المديون من بيت المال والله تعالى أعلم بحقيقة الحال. قوله من ههنا
هو استفهام وفي الكلام اختصار أي فقيل له فلان وفلان وفلان فقال لهم قوموا والمعنى فقال لمن ههنا
أي بالبصرة من أهل المدينة قوموا فحذف اللام نصف صاع بر دليل لعلمائنا الحنفية في القدر
190
قوله شهدت الخروج بالخطاب وحرف الاستفهام مقدر ولولا مكاني منه أي قرابتي منه من
صغره أي لأجل صغره فإنه كان حينئذ صغيرا (ابن الصلت) بفتح المهملة وسكون لام ومثناة فوقية
192
تهوى بيدها من أهوى أي تميل يدها إلى حلقها لتأخذ منه حليا تتصدق بها ثم الأقرب أن الحلى كانت
ملكا لهن ويحتمل أنها ملك لأزواجهن الا أنهن تصدقن في حضورهم ولا يخلو عن بعد. قوله ولا
بعدها أي في المصلى وأما ما قبلها فيحتمل الاطلاق والتقييد فليتأمل. قوله وانكفأ بهمزة في آخره
أي القلب ومال أملحين الأملح الذي بياضه أكثر من سواده وقيل هو النقي البياض
193
قوله ثم رخص في الجمعة فيه أنه يجزئ حضور العيد عن حضور الجمعة لكن لا يسقط به الظهر كذا قاله الخطابي
ومذهب علمائنا لزوم الحضور للجمعة ولا يخفى أن أحاديث الباب دالة على سقوط لزوم حضور الجمعة
194
بل بعضها يقتضي سقوط الظهر أيضا كروايات حديث بن الزبير والله تعالى أعلم. قوله جاريتان
الجارية في النساء كالغلام في الرجال يقعان على من دون البلوغ فيهما بدفين بضم الدال وفتحها وهو
الذي لا جلاجل فيه فإن كانت فيه فهو المزهر والمراد تضربان بدفين مع الغناء فانتهرهما أي منعهما
لعدم اطلاعه على تقرير النبي صلى الله تعالى عليه وسلم إياهما على ذلك وفي الحديث دلالة على إباحة الغناء
أيام السرور والله تعالى أعلم قوله اطلع إليهم أي نظر ولكون اللعب كان بالسلاح عد من باب
اعداد القوة للأعداء فلذلك لعبوا في حضرته صلى الله تعالى عليه وسلم في المسجد وقررهم على ذلك وفي الحديث
195
دلالة على جواز نظر المرأة إلى الرجال إذا كان المقصد النظر إلى لعبهم مثلا لا إلى وجوههم وقيل كان قبل
بلوغ عائشة أو قبل تحريم النظر والله تعالى أعلم. قوله فاقدروا أي اعرفوا قدرها وراعوا حالها
قوله بنو أرفدة بفتح همزة وسكون راء وكسر فاء وقد تفتح قيل هو لعب للحبشة وقيل اسم جنس لهم
وقيل اسم جدهم الأكبر
196
قوله وتغنيان أي ترفعان أصواتهما بانشاد الاشعار مسجى مغطى فزعم أبو بكر أنه غير عالم
بحقيقته صلى الله عليه وسلم أيام منى أي أيام عيد الأضحى بالمدينة لا بمنى والله تعالى أعلم
197
كتاب قيام الليل
قوله ولا تتخذوها قبورا أي كالقبور في الخلو عن ذكر الله والصلاة أو لا تكونوا كالأموات في الغفلة
عن ذكر الله والصلاة فتكون البيوت لكم قبورا مساكن للأموات. قوله من حصير أي كان يجعل
الحصير كالحجرة لينقطع به إلى الله تعالى عن الخلق فصلى فيها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ليالي
لعله صلى الله تعالى عليه وسلم يخرج إلى المسجد ويصلي فيها لما في البيت من الضيق والا فالبيت للنافلة
أفضل كما سيجئ وقد جاء أن هذه الصلاة كانت في ليال من رمضان فقال ما زال الخ إنكارا عليهم حتى
خشيت أن يكتب عليكم فإن قلت ما وجه هذه الخشية وقد جاء في حديث الاسراء ما يبدل القول لدى وهو
يقتضي أن لا تزاد الصلوات على خمس قلت لو سلم ذلك فلا يلزم من فرضيته قيام رمضان زيادة على خمس
صلوات في مفروض كل يوم فإن أفضل صلاة المرء في بيته قد ورد هذا الحديث في صلاة رمضان
في مسجده صلى الله تعالى عليه وسلم فإذا كان صلاة رمضان في البيت خيرا منها في مسجده صلى الله تعالى
عليه وسلم فكيف غيرها في مسجد آخر نعم كثير من العلماء يرون أن صلاة رمضان في المسجد أفضل وهذا
198
يخالف هذا الحديث لان مورده صلاة رمضان الا أن يقال صار أفضل حين صار أداؤها في المسجد من
شعار الاسلام والله تعالى أعلم قوله بهذه الصلاة أي الصلاة بعد المغرب أو النافلة مطلقا والأول
أقرب ويلزم منه أن يكون للصلاة التي بعد المغرب زيادة اختصاص بالبيت فوق اختصاص مطلق النافلة به
والله تعالى أعلم قوله ألا أنبئك بأعلم أهل الأرض فيه أن اللائق بالعالم أن يدل السائل على أعلم منه
ان علم به فاستلحقته أي طلبت منه أن يلحق بي في الذهاب إليها في هاتين الشيعتين الشيعتان
الفرقتان والمراد تلك الحروب التي جرت عن خلق نبي الله صلى الله تعالى عليه وسلم هو بضمتين وقد
199
يسكن الثاني وكون خلقه القرآن هو أنه كان متمسكا بآدابه وأوامره ونواهيه ومحاسنه ويوضحه أن جميع
ما قص الله تعالى في كتابه من مكارم الأخلاق مما قصه من نبي أو ولي أو حث عليه أو ندب إليه كان
صلى الله تعالى عليه وسلم متخلقا به وكل ما نهى الله تعالى عنه فيه ونزه كان صلى الله تعالى عليه وسلم لا
يحوم حوله في أول هذه السورة بقوله قم الليل الا قليلا التخفيف بقوله ان ربك يعلم أنك تقوم الخ
نعد من الاعداد وطهوره بفتح الطاء أي ماء للطهارة لما شاء بفتح لام وتشديد ميم أي
حين شاء أو بكسر لام وتخفيف ميم أي لأجل ما شاء أن يبعثه له من الاعمال ويصلي ثماني ركعات الخ
هذا هو محل الخطأ الذي أشار إليه المصنف فيما بعد ففي مسلم يصلي تسع ركعات لا يجلس فيها الا في
200
الثانية فيذكر الله ويحمده ويدعوه ثم ينهض ولا يسلم ثم يقوم فيصلي التاسعة ثم يقعد فيذكر الله تعالى
ويحمده ويدعوه ثم يسلم تسليما يسمعنا ثم يصلي ركعتين بعد ما يسلم وهو قاعد فتلك إحدى عشرة يا بني. وسيأتي
في الكتاب ما يوافقه وأخذ اللحم فيه أنه أخذ اللحم في آخر عمره صلى الله تعالى عليه وسلم ولعل ذلك لفرحته
بقدومه على الله بما جاءه من البشارات الأخروية صلى الله تعالى عليه وسلم صلى من النهار فيه أن النوافل تقضى
كالفرائض قوله ايمانا أي يحمله على ذلك الايمان بالله أو بفضل رمضان واحتسابا أي يحمله عليه
201
إرادة وجه الله وطلب الاجر منه لا الرياء وغيره قوله لو نفلتنا بتشديد الفاء أو تخفيفها أي أعطيتنا
202
قوله يسمونه السحور الضمير هو المفعول الثاني والسحور هو المفعول الأول فهو من تقديم المفعول الثاني على
الأول قوله عقد الشيطان أي إبليس أو بعض جنوده ولعله بالنظر إلى كل شخص شيطانه ثلاث عقد
203
بضم عين وفتح قاف جمع عقدة بسكون قاف ولعله أريد بها ما يكون سببا لثقل في الرأس يثبط النائم
عن القيام ويجلب إليه النوم والكسل يضرب على كل عقدة أي بيده أحكاما لها ليلا طويلا
أي اعتقد ليلا طويلا وروى بالرفع أي عليك ليل طويل ويمكن أنه مفعول ليضرب على تقدير النصب
أي يضرب هذه الكلمة ويلزمها ويخيلها إلى النائم فإن صلى ولو ركعتين وتخصيصه بالثلاث ليمنع
كل عقدة من واحد من الأمور الثلاث أعني الذكر والوضوء والصلاة والله تعالى أعلم. قوله حتى أصبح
لعله ترك العشاء وظاهر كلام المصنف أنه ترك صلاة الليل بال الشيطان قيل على حقيقته وقيل مجاز عن سد
204
الشيطان أذنه عن سماع صياح الديك ونحوه مما يقوم بسماع أهل التوفيق والله تعالى أعلم. قوله رحم الله رجلا خبر عن استحقاقه الرحمة واستيجابه لها أو دعاء له بها ومدح له بحسن ما فعل. قوله وطرقه
أي أتاه ليلا وفاطمة بالنصب عطف على الضمير ويقول وكان الانسان الخ انكار لجدل على لأنه تمسك
205
بالتقدير والمشيئة في مقابلة التكليف وهو مردود ولا يتأتى الا عن كثرة جدله نعم التكليف ههنا ندبي
لا وجوبي فلذلك انصرف عنهم وقال ذلك ولو كان وجوبيا لما تركهم على حالهم والله تعالى أعلم. قوله
هويا بفتح هاء وتشديد ياء أي حينا طويلا وأنا أعرك من باب نصر أي أدلك
206
قوله شهر الله أي صوم شهر الله قيل والمراد صوم يوم عاشوراء لا صوم الشهر كله صلاة الليل ظاهره
أنها أفضل من السنن الرواتب ومن لا يقول به لعله يحمل الحديث على أن المراد بقوله بعد الفريضة أي بعد
207
الفرائض وما يتبعها من السنن قوله رجل أتى قوما ظاهره أن السائل أحد الثلاثة الذين يحبهم الله وليس
كذلك بل معطيه فلا بد من تقدير مضاف أي معطى رجل وكذا قوله وقوم بتقدير مضاف أي وعابد قوم
فتخلفهم رجل بأعقابهم فخرج من بينهم بحيث صار خلفهم في ظهورهم فقوله بأعقابهم بمعنى في ظهورهم
بمنزلة التأكيد لما يدل عليه تخلفهم مما يعدل به على بناء المفعول أي مما يجعل عديلا له ومثلا
ومساويا في العادة يتملقني هذا على حكاية كلام الله تعالى في شأن ذلك الرجل والملق بفتحتين
الزيادة في الدعاء والتضرع بصدره تأكيد الاقبال فإنه لا يكون الا بالصدر حتى يقتل على بناء
المفعول قوله سمع الصارخ قيل هو الديك
208
قوله الهوى بفتح وتشديد ياء أي الحين الطويل. قوله أنت نور السماوات والأرض أي منورهما
وبك يهتدي من فيها وقيل المنزه من كل عيب يقال فلان منور أي متبرئ من العيب ويقال هو اسم مدح
تقول فلان نور البلد أي مزينه قيام كعلام أي القائم بتدبيره وأمره السماوات وغيرها
209
أنت حق أي واجب الوجود ووعدك حق أي صادق لا يمكن التخلف فيه وهكذا يفسر حق
في كل محل بما يناسب ذلك المحل ومحمد حق التأخير للتواضع وهو أنسب بمقام الدعاء وذكره على
أفراده لذلك وليتوسل بكونه نبيا حقا إلى إجابة الدعاء وقيل هو من عطف الخاص على العام تعظيما له ومقام
الدعاء يأبى ذلك والله تعالى أعلم لك أسلمت أي انقدت وخضعت وبك خاصمت أي بحجتك
ما قدمت وما أخرت أي ما فعلت قبل وما سأفعل بعد أو ما فعلت وما تركت
210
قوله في عرض الوسادة المشهور فتح عين العرض وقيل بالضم بمعنى الجانب وهو بعيد لمقابلته
بالطول يمسح النوم عن وجهه أي يزيله عن العينين بالمسح. قوله قال اللهم الخ قد سبق غير
هذا في الاستفتاح في حديث عائشة ولا منافاة لوقوع كل من ذلك أحيانا أو للجمع بين الكل
211
فاطر السماوات والأرض أي مبدعهما اهدني أي ثبتني أو زدني هداية لما اختلف
فيه على بناء المفعول. قوله أهوى أي مد يده فاستل بتشديد اللام أي أخرج فاستن
بتشديد النون أي استعمل السواك في الأسنان قوله ما كنا نشاء الخ أي أن صلاته ونومه ما كانا
213
مخصوصين بوقت دون وقت بل كانا مختلفين في الأوقات وكل وقت صلى فيه أحيانا نام فيه أحيانا والله
214
تعالى أعلم. قوله وكان ينام نصف الليل الظاهر أن المراد كان ينام من الوقت الذي يعتاد فيه النوم
إلى نصف الليل أو المراد بالليل ما سوى الوقت الذي لا يعتاد فيه النوم من أول
والقول بأنه ينام من أول الغروب لا يخلو عن بعد والله تعالى أعلم. قوله عند الكثيب الأحمر الكثيب هو ما ارتفع من
الرمل كالتل الصغير قيل هذا ليس صريحا في الاعلام بقبره الشريف ومن ثم اختلفوا فيه يصلى في
قبره قال الشيخ بدر الدين الصاحب هذا صريح في اثبات الحياة لموسى في قبره فإنه وصفه بالصلاة وأنه
قائم ومثل ذلك لا يوصف به الروح وإنما يوصف به الجسد وفي تخصيصه بالقبر دليل على هذا فإنه
لو كان من أوصاف الروح لم يحتج لتخصيصه وقال الشيخ تقي الدين السبكي في هذا الحديث ان الصلاة
تستدعي جسدا حيا ولا يلزم من كونها حياة حقيقة أن تكون لا بد معها كما كانت في الدنيا من الاحتياج
215
إلى الطعام والشراب وغير ذلك من صفات الأجسام التي نشاهدها بل يكون لها حكم آخر. قوله أجل
كنعم وزنا ومعنى صلاة رغب ورهب أي صلاة رغبة في استجابة دعائها ورهبة من رده أن لا
يهلكنا أنظر إليه صلى الله تعالى عليه وسلم فإن الأنبياء دعو على أممهم بالهلاك وهو يدعو لهم بعدم
الهلاك أن لا يظهر من الاظهار أي لا يجعل غالبا علينا عدوا من الكفرة أن لا يلبسنا بكسر
الباء أي لا يخلطنا في معارك الحرب شيعا فرقا مختلفين يقتل بعضهم بعضا ويحتمل أن هذه الخصال
الثلاث هي المرادة بقوله تعالى قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاب من فوقكم الآية فالعذاب من فوق
يكون إشارة إلى الاهلاك العام بلا مداخلة عدو لاستناده إلى الله تعالى ومن تحت الأرجل إشارة إلى غلبة
الكفرة على المسلمين لكون الكفرة يستحقون الاذلال والاستحقاق فإذا غلبوا يصير العذاب كأنه
جاء من الأسفل فلعله صلى الله تعالى عليه وسلم استشعر من هذه الآية استحقاقهم لهذه الخصال الثلاث
217
فطلب أن يدفع الله عنهم فرفع الاثنان وبقي الثالث كما هو المشاهد والله تعالى أعلم. قوله أحيا رسول
الله صلى الله تعالى عليه وسلم الليل أي غالبه وبه ظهر التوفيق وشد المئزر كناية عن اجتناب النساء
أو الجد والاجتهاد في العمل أو عنهما قوله مه أي انكفى عن المدح بالاكثار في الصلاة فإن الاكثار
لا يمدح صاحبه وإنما يمدح صاحب التوسط لا يمل بفتح الميم وتشديد اللام أي يقطع الليل بالاحسان
218
عنكم حتى تقطعوا ما تعتادوا من العبادة ولا يخفى أن الاكثار يفضي إلى ذلك. قوله فترت بفتح التاء
المثناة من فوق أي كسلت عن القيام نشاطه بفتح النون أي قدر نشاطه قوله فقيل له الخ القائل
زعم أن الاجتهاد ينشأ من الحاجة إلى المغفرة فأشار إلى أن الشكر يقتضي الاجتهاد ولا شك أن المغفرة
نعمة عظيمة تقتضي زيادة شكر فينبغي لصاحبه زيادة اجتهاد قوله تزلع أي تشقق بزاي وعين
219
مهملة قوله فإذا بقي من قراءته الخ يحمل على أنه كان يفعل أحيانا هذا وأحيانا ذاك وبه يحصل
التوفيق. قوله فإذا غبر أي بقي. قوله كان وكان أي كان كذا وكان كذا
220
ثم يأوى إلى فراشه فينام أي يرجع ويجئ إلى حاجته أي حاجة البول ونحوه والى طهوره
بفتح الطاء يخيل بتشديد الياء على بناء المفعول إلى بتشديد الياء فآذنه بهمزة ممدودة أي أعلمه
قبل أن يغفى من الاغفاء وهو النوم الخفيف لحم ككرم وعلم أي كثر لحمه
221
قوله يمتنع من وجهي أي من التقبيل
222
قوله بعد ما حطمه الناس الحطم الكسر أي بعدما ضعف بما حمله الناس من الأثقال يقال حطم
فلانا أهله إذا كبر فيهم كأنهم بما حملوه من أثقالهم صيروه شيخا كبيرا محطوما. قوله حتى تكون
أي السورة بواسطة الترتيل قوله لست كأحد منكم يفيد أنه مخصوص بينهم بأن لا ينقص في الاجر
223
في صلاته قاعدا وقائما. قوله من صلى قائما فهو أفضل الخ حمله كثير من العلماء على التطوع وذلك
لان أفضل يقتضي جواز القعود بل فضله ولا جواز للقعود في الفرائض مع القدرة على القيام فلا يتحقق
في الفرائض أن يكون القيام أفضل ويكون القعود جائزا بل إن قدر على القيام فهو المتعين وان لم يقدر
عليه يتعين القعود أو ما يقدر عليه بقي أنه على هذا المحمل يلزم جواز النفل مضطجعا مع القدرة على
القيام والقعود وقد التزمه بعض المتأخرين لكن أكثر العلماء أنكروا ذلك وعدوه بدعة وحدثا في
الاسلام وقالوا لا يعرف أن أحدا صلى قط على جنبه مع القدرة على القيام ولو كان مشروعا لفعلوه أو
224
فعله النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ولو مرة تبيينا للجواز فالوجه أن يقال ليس لا حديث بمسوق لبيان صحة
الصلاة وفسادها وإنما هو لبيان تفضيل إحدى الصلاتين الصحيحتين على الأخرى وصحتهما تعرف من
قواعد الصحة من خارج في أصل الحديث أنه إذا صحت الصلاة قاعدا فهي على نصف صلاة القائم فرضا
كانت أو نفلا وكذا إذا صحت الصلاة نائما فهي على نصف الصلاة قاعدا في الاجر وقولهم إن المعذور لا
ينتقص من أجره ممنوع وما استدلوا به عليه من حديث إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان
يعمل وهو مقيم صحيح لا يفيد ذلك وإنما يفيد أن من كان يعتاد عملا إذا فاته لعذر فذاك لا ينقص من أجره
حتى لو كان المريض أو المسافر تاركا للصلاة حالة الصحة الإقامة ثم صلى قاعدا أو قاصرا حالة المرض أو
السفر فصلاته على نصف صلاة القائم في الاجر والله تعالى أعلم. قوله كالذي يسر بالصدقة وقد قال
تعالى ان تبدوا الصدقات فنعما هي وان تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم فالظاهر من الحديث أن السر
أفضل من الجهر كما أشار إليه المصنف لكن الذي يقتضيه امره صلى الله تعالى عليه وسلم لأبي بكر ارفع
225
من صوتك أن الاعتدال في القراءة أفضل فاما أن يحمل الجهر في الحديث على المبالغة والسر على الاعتدال
أو على أن هذا الحديث محمول على ما إذا كان الحال تقتضي السر والا فالاعتدال في ذاته أفضل والله تعالى
أعلم قوله ثم افتتح آل عمران مقتضاه عدم لزوم الترتيب بين السور في القراءة. قوله مثنى مثنى
أي ركعتين ركعتين وهذا معنى مثنى لما فيه من التكرير ومثنى الثاني تأكيد له والمقصود أنه ينبغي للمصلي
أن يصليها كذلك فهو خبر بمعنى الامر قيل يحتمل أن المراد أن يسلم في كل ركعتين ويحتمل ان المراد أنه
226
يتشهد في كل ركعتين. قوله هذا الحديث عندي خطأ يريد زيادة والنهار قوله مثنى مثنى أي
صل مثنى مثنى فإنه المناسب بقوله فإذا خشيت والخطاب مع ذلك الرجل أو مع كل من يصلح له وفيه أنه
ينبغي تأخير الوتر مهما أمكن فيصليه إذا خشي بالتأخير طلوع الفجر وهذا هو المراد الخشية أي إذا خشيت
طلوع الفجر بالتأخير ولس المراد أنك إذا صرت مترددا بين طلوع الفجر وعدمه فأوتر والله تعالى أعلم
وظاهر الحديث مع أحاديث أخر يفيد جواز التوتر بركعة واحدة كما هو مذهب الجمهور والقول بأنه كان
227
ثم نسخ إثباته مشكل. قوله أوتروا فإن الله الخ قال الطيبي يريد بالوتر في هذا الحديث قيام الليل فإن
الوتر يطلق عليه كما يفهم من الأحاديث فلذلك خص الخطاب بأهل القرآن وتر بكسر الواو وتفتح أي
واحد في ذاته لا يقبل الانقسام والتجزي وواحد في صفاته لا مثل له ولا شبيه وواحد في أفعاله فلا معين
له يحب الوتر أي يثيب عليه ويقبله من عامله. قوله ليس بحتم ظاهره عدم الوجوب كما عليه
الجمهور. قوله النوم على وتر أي يكون النوم عقب الوتر لا قبله لا أنه لا بد من نوم بعده ولعله أوصاه
229
بذلك لأنه خاف عليه الفوت بالنوم ففيه أن من خاف فوات الوتر فالأفضل له التقديم ومن لا فالتأخير
في حقه أفضل والله تعالى أعلم. قوله فصلى بأصحابه الظاهر أنه صلى بهم الفرض والنفل جميعا فيكون
اقتداء القوم به في الفرض من اقتداء المفترض بالمنفل لا وتران أي لا يجتمع وتران أولا يجوز وتران
في ليلة بمعنى لا ينبغي لكم أن تجمعوهما وليست لا نافية للجنس والا لكان لا وترين بالياء لان الاسم بعد
لا النافية للجنس يبنى على ما ينصب به ونصب التثنية بالياء الا أن يكون ههنا حكاية فيكون الرفع للحكاية
وقال السيوطي على لغة من ينصب المثنى بالألف. قوله فإن كان له حاجة أي إلى أهله ألم نزل
بأهله كناية عن الجماع وثب أي قام سريعا. قوله من أوله أي أول الليل وانتهى وتره أي
230
اختار آخر العمر الوتر في آخر الليل فهو أحب. قوله كان يأمر بذلك أي أمر ندب. قوله حتى
طلعت الشمس ثم صلى أي قضاء أي فكذلك يقضي الوتر بعد الوقت
231
قوله كان يوتر على الراحلة وهذا من علامات عدم الوجوب
232
قوله فاركع بواحدة توتر يحتمل الجزم على أنه جواب الامر والرفع على الاستئناف أي تجعل
أنت بذلك تمام ما صليت وترا فإن تلك الواحدة كما أنها بذاتها وتر كذلك يصير بها جميع صلاة الليل
وترا. قوله توتر له ما قد صلى أي تجعل تلك الواحدة له تمام ما صلى وترا
233
قوله ثم يصلي ثلاثا ظاهره أنها بسلام واحد ولذلك استدل به المصنف على الترجمة ان عيني تنام ولا ينام قلبي
أي والنوم إنما هو حدث لما فيه من احتمال الخروج بلا علم النائم به وذلك لا يتصور في حقي فنومي ليس بحدث
234
والله تعالى أعلم. قوله كان لا يسلم في ركعتي الوتر أي حتى يضم إليهما الركعة الثالثة فيسلم بعدها. قوله
ويقنت قبل الركوع ظاهره القنوت في الوتر نعم لا يدل هذا الحديث على كونه واجبا في الوتر والله تعالى أعلم
235
حواسه باقية مدركة مع النوم لأدرك الشمس وطلوع النهار قال والجواب أن أمر الوادي مستثنى
من عادته وداخل في عادتنا وقال القاضي عياض من أهل العلم من تأول الحديث على أن ذلك
236
قوله يوتر بثلاث عشرة ركعة هو من تسمية تمام صلاة الليل وترا ثم الاختلاف محمول على اختلاف
237
الأوقات والأحوال والله تعالى أعلم قوله الوتر حق الخ قد يستدل به من يقول بوجوب الوتر بناء
على أن الحق هو اللازم الثابت على الذمة وقد جاء في بعض الروايات مقرونا بالوعيد على تاركه ويجيب
من لا يرى الوجوب أن معنى حق أنه مشروع ثابت ومعنى ليس منا كما في بعض الروايات ليس من
238
أهل سنتنا وعلى طريقتنا أو المراد من لم يوتر رغبة عن السنة فليس منا والله تعالى أعلم. قوله بسلام
ولا بكلام أي ولا بقعود كما سيجئ ويلزم منه أن القعود على آخر كل ركعتين غير واجب. قوله
239
ينام قلبه وكان ذلك في المكربة وأن يصير مستيقظ القلب في الفجور والمفسدة ليكون أبلغ
في عقوبته بخلاف استيقاظ قلب المصطفى صلى الله عليه وسلم فإنه في المعارف الإلهية والمصالح
240
ثم ينهض أي يقوم
241
يسمعنا من الاسماع يريد أنه يجهر به
242
فلما كبر كعلم. قوله الله تعالى ما ألوت أي ما قصرت في أن أضع قدمي ففيه حذف الجار من أن
المصدرية وهو قياس
243
قوله ويرفع بسبحان الملك القدوس صوته بالثالثة أي في المرة الثالثة فلا يلزم تعلق الجار الواحد
مرتين بفعل واحد
245
قوله خالفه يحيى بن سعيد فذكر حديث الظهر وأن رجلا قرأ فيه بسبح اسم ربك لا يخفى أن الظاهر أنهما
حديثان ولا بعد في ذلك مع اتحاد الاسناد فمثل هذه المخالفة لا تضر والله تعالى أعلم
247
قوله أقولهن في الوتر الظاهر أن المراد علمني أن أ قولهن في الوتر بتقدير أن أو باستعمال الفعل موضع
المصدر مجازا ثم جعله بدلا من كلمات إذ يستبعد أنه علمه الكلمات مطلقا ثم هو من نفسه وضعهن في الوتر
ويحتمل أن قوله أقولهن صفة كلمات كما هو الظاهر لكن يؤخذ منه أنه علمه أن يقول تلك الكلمات في الوتر
لا أنه علمه نفس تلك الكلمات مطلقا ثم قد أطلق الوتر فيشمل الوتر طول السنة فصار هذا الحديث دليلا قويا
لمن يقول بالقنوت في الوتر طول السنة ومعنى تولني أي تول أمري وأصلحه فيمن توليت أمورهم ولا
تكلني إلى نفسي وقوله واليت في مقابلة عاديت كما جاء صريحا في بعض الروايات
248
قوله كان يقول في آخر وتره يحتمل أنه كان يقول في آخر القيام فصار هو من القنوت كما هو مقتضى كلام
المصنف ويحتمل أنه كان يقول في قعود التشهد وهو ظاهر اللفظ. قوله لا يرفع يديه في شئ من دعائه الا في
الاستسقاء لا يخفى أن المراد ههنا أنه لا يبالغ في الرفع لا أنه لا يرفع أصلا فلا دلالة في الحديث على الترجمة
والله تعالى أعلم. قوله ويسجد أي بعد الوتر أو يسجد في صلاة الليل كل سجدة قدر ما يقرأ الخ والمنصف
فهم المعنى الأول والله تعالى اعلم
249
قوله لا يدع أربعا قبل الظهر يفيد أن الغالب في عمله صلى الله تعالى عليه وسلم أن يصلي قبل الظهر
أربعا لا ركعتين وما جاء انه كان يصلي ركعتين فلعله كان أحيانا يقتصر عليهما والله تعالى أعلم. قوله
ركعتا الفجر أي سنة الفجر وهي المشهورة بهذا الاسم ويحتمل الفرض خير من الدنيا أي خير
من أن يعطي تمام الدنيا في سبيل الله تعالى أو هو على اعتقادهم أن في الدنيا خيرا والا فذرة من الآخرة
252
لا يساويها الدنيا وما فيها قوله ثم يضطجع قد جاء الامر بهذا الاضطجاع فهو أحسن وأولى وما روى
من الانكار عن بعض الفقهاء لا وجه له أصلا ولعلهم ما بلغهم الحديث والا فما وجه انكارهم. قوله كان
يقوم الليل أي غالبه أو كله فترك قيام الليل أصلا حين ثقل عليه أي فلا تزد أنت في القيام أيضا فإنه
يؤدي إلى الترك رأسا قوله ركعتي الفجر أي سنته فلا يمكن حملها على الفرض أصلا
253
قوله وبدا الصبح بلا همزة أي ظهر وتبين أو بهمزة أي شرع في الطلوع والأول هو المشهور
255
قوله إذا أضاء له بهمزة في آخره أي ظهر وتبين له
256
قوله لا يتوسد القرآن بنصب القرآن على المفعولية في الصحاح وسدته الشئ أي بتشديد السين فتوسده
إذا جعله تحت رأسه وفي القاموس يحتمل كونه مدحا أي لا يمتهنه ولا يطرحه بل يجله ويعظمه وذما أي لا يكب
على تلاوته اكباب النائم على وسادة ومن الأول قوله صلى الله تعالى عليه وسلم لا توسدوا القرآن ومن الثاني
أن رجلا قال لأبي الدرداء اني أريد أن أطلب العلم فأخشى أن أضيعه فقال لان تتوسد العلم خير لك من
أن تتوسد الجهل انتهى وكلام النهاية والمجمع يفيد أن التوسد لازم والقرآن مرفوع على الافعلية والتقدير
لا يتوسد القرآن معه فقالا أراد بالتوسد النوم والكلام يحتمل المدح أي لا ينام الليل عن القرآن فيكون
القرآن متوسدا معه بل هو يداوم على قراءته ويحافظ عليها والذم بمعنى أنه لا يحفظ من القرآن شيئا أو لا
يديم قراءته فإذا نام لم يتوسد معه القرآن. والوجه هو الأول والله تعالى أعلم. قوله الا كتب له أجر
صلاته يفيد أنه يكتب له الاجر وان لم يقض فما جاء من القضاء فللمحافظة على العادة ولمضاعفة
257
الاجر والله تعالى أعلم. قوله يبلغ به من البلوغ والباء للتعدية أي يرفعه. قوله وهو ينوي أن يقوم
أي سواء كان القيام عادة له قبل ذلك أو لا فهذا الحديث أعم ويحتمل أن يخص بمن يعتاد ذلك
258
قوله صلى من النهار أي يقضي في النهار ما فاته من الليل. قوله من نام عن حزبه أي من نام في الليل
عن ورده الحزب بكسر الحاء المهملة وسكون الزاي المعجمة الورد وهو ما يجعل الانسان وظيفة له من
صلاة أو قراءة أو غيرهما والحمل على الليل بقرينة النوم ويشهد له آخر الحديث وهو قوله ما بين صلاة
الفجر وصلاة الظهر ثم الظاهر أنه تحريض على المبادرة ويحتمل أن فضل الأداء مع المضاعفة مشروط
بخصوص الوقت وفي الحديث دليل على أن النوافل تقتضي وقال السيوطي الحزب هو الجزء من القرآن
يصلى به وقوله كتب له الخ تفضل من الله تعالى وهذه الفضيلة إنما تحصل لمن غلبه نوم أو عذر منعه
من القيام مع أن نيته القيام وظاهره أن له أجره مكملا مضاعفا لحسن نيته وصدق تلهفه وتأسفه وهو
259
قول بعض شيوخنا وقال بعضهم يحتمل أن يكون غير مضاعف إذ التي يصليها أكمل وأفضل والظاهر
الأول قلت بل هو المتعين والا فأصل الاجر يكتب بالنية والله تعالى أعلم. قوله حين تزول الشمس
لا يخلو عن اشكال إذ الصلاة في هذا الوقت مكروهة ولولا الكراهة لما يظهر فائدة في تعينه والأقرب
أن هذا من تصرفات الرواة نعم لو حمل الحزب على القرآن بلا صلاة لاندفع الوجه الأول من الايراد
والله تعالى أعلم. قوله من ثابر أي واظب عليها
260
دخل الجنة أي أولا والا فالدخول مطلقا حاصل بمجرد الايمان
261
غير مضاعف إذ التي يصليها أكمل وأفضل والظاهر الأول
262
قوله لما نزل بعنبسة على بناء المفعول أي نزل به الموت يتصور أي يتلوى ويصيح ويقلب ظهرا لبطن
265
وقيل يتضور أي يظهر الضور بمعنى الضر يقال ضاره يضوره ويضيره وآخر الحديث يفيد أنه كان يفعل
ذلك فرحا بالموت اعتمادا على صدق الموعد وقوله فما تركتهن الخ قال النووي فيه أنه يحسن من العالم
أو ممن يقتدي به أن يقول مثل ذلك ولا يريد به تزكية نفسه بل يريد حث السامعين على التخلق بخلقه في
ذلك وتحريضهم على المحافظة عليه وتنشيطهم لفعله
(تم الجزء الثالث ويليه الجزء الرابع وأوله كتاب الجنائز)
266