مصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) (جزء 3) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) (جزء 3) - نسخه متنی

محمد حسین میرجهانی طباطبایی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

مصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة)


الميرجهاني
الجزء: ٣
الوفاة: ١٣٨٨
المجموعة: مصادر الحديث الشيعية ـ قسم الفقه
بسم الله الرحمن الرحيم
سبحان من دانت له السماوات والأرض بالعبودية وشهدت له بالربوبية
واعترفت له بالإلهية وأقرت له بالوحدانية والصلاة والسلام على سيد البرية
وأفضل سلالة الهاشمية أول بحر تشعب فيه الهوية وأول نارا وقدت من مصباح القدمية
في مشكاة الواحدية في زجاجة الأحدية النور المضئ المشرق المجسد أبي القاسم محمد
صلى الله عليه وآله وسلم سيما ابن عمه ووصيه ونفسه وسره الذي شرفه الله بالولاية
الكلية والخلافة الرحمانية على المرتضى الحادي مدائحه أسفار ثورته بل آيات قرآن قرين
البتول وصنو الرسول وخليفة بلا فصله صلوات الله وسلامه عليه ولعنة الله على أعداءهم
أجمعين إلى قيام يوم الدين أما بعد فهذا هو الجزء الثالث من كتاب مصباح البلاغة
في مشكاة الصياغة تأليف أفقر عباد الله وأحوجهم الحسن الميرجهاني الطباطبائي ابن علي بن
القاسم المحمد آبادي الجرقوئي الأصفهاني نزيل عاصمة طهران غفر الله ذنوبه وستر عيوبه نفعني
الله به وإخواني المؤمنين في ذكر خطب مولانا أمير المؤمنين وكلماته الصادرة عنه والله ولي التوفيق
221 / 1 ومن خطبه عليه السلام
نقلها سليم بن قيس الهلالي في كتابه وأوردها أيضا شيخنا المفيد محمد بن محمد بن النعمان
العكبري البغدادي ره في المجالس والسيد الشريف رضي الله عنه في نهج البلاغة والديلمي
في الجزء الثاني من الارشاد الا انهم اختصروها رأيت أن أكتب تمامها كما نقلها أبان عن سليم
2

في كتابه ص 125 قال كنا جلوسا حول أمير المؤمنين عليه السلام وحوله جماعة من أصحابه فقال
له قائل لو استنفرت الناس فقام وخطب فقال عليه السلام
أما انا قد استنفرتكم فلم تنفروا ودعوتكم فلم تسمعوا فأنتم شهود
كغياب وأحياء كأموات وصم ذو واسماع اتلوا عليكم
الحكمة واعظكم بالموعظة الشافية الكافية وأحثكم على
جهاد أهل الجور فما أتى على اخر كلامي حتى أراكم متفرقين
حلقا شتى تتناشدون الاشعار وتضربون الأمثال و
تسئلون عن سعر التمر واللبن تبت أيديكم لقد سئمتم الحرب
والاستعداد لها وأصحبت قلوبكم فارغة من ذكرها شغلتموها
بالأباطيل والأضاليل ويحكم اغزوهم قبل أن يغزوكم فوالله
ما غزى قوم قط في عقر دارهم الا ذلوا وأيم الله ما أظن أن تفعلوا
حتى يفعلوا ثم وددت اني قد رأيتهم فلقيت الله على بصيرتي و
يقيني واسترحت من مقاساتكم وممارساتكم فما أنتم الا كابل جمة
ضل راعيها فكلما ضمت من جانب انتشرت من جانب كأني بكم
3

والله فيما أرى لو قد حمس الوغى واستحر الموت قد انفرجتم عن
علي بن أبي طالب انفراج الرأس وانفراج المرأة عن قبلها لا
تمنع يد لامس قال الأشعث بن قيس فهلا فعلت كما فعل ابن عفان فقال (ع)
أو كما فعل ابن عفان رأيتموني فعلت أنا عائذ بالله من شر ما تقول يا ابن قيس والله ان التي فعل ابن عفان لمخزاة لمن
لا دين له فكيف افعل ذلك وأنا على بينة من ربى والحجة
في يدي والحق معي والله ان امرء مكن عدوه من نفسه يجز لحمه ويفرى جلده ويهشم عظمه ويسفك دمه وهو يقدر
على أن يمنعه لعظيم وزره ضعف ما ضمت عليه جوانح صدره
فكن أنت ذاك يا ابن قيس فأما أنا فدون أن أعطى بيدي ضرب
بالمشرفي تطير له فراش الهام وتطيح من الأكف والمعاصم ويفعل
بعد ما يشاء ويلك يا ابن قيس ان المؤمن يموت بكل ميتة غير أنه
لا يقتل نفسه يا ابن قيس ان هذه الأمة تفترق فمن قدر على
4

حقن دمه ثم خلى عمن يقتله فهو قاتل نفسه يا ابن قيس ان هذه الأمة تفترق على ثلاث وسبعين فرقة فرقة واحدة
في الجنة واثنتان وسبعون في النار وشرها وأبغضها
إلى الله وأبعدها منه السامرة الذين يقولون لا قتال وكذبوا قد أمر الله بقتال الباغين في كتابه وسنة نبيه وكذلك المارقة فقال ابن قيش وغضب من قوله فما يمنعك يا ابن أبي طالب
حين بويع أبو بكر أخو بني تيم وأخو بني عدي بن كعب وأخو بني أمية بعدهم أن تقاتل
وتضرب بسيفك وأنت لا تخطبنا خطبة منذ كنت قدمت العراق لا قلت فيها قبل ان
تنزل عن المنبر (والله إني لا ولي الناس بالناس وما زلت مظلوما منذ قبض محمد
صلى الله عليه وآله وسلم فما منعك أن تضرب بسيفك دون مظلمتك قال ابن قيس
اسمع الجواب لم يمنعني من ذلك الجبن ولا كراهية للقاء ربي
وأن لا أكون أعلم أن ما عند الله خير لي من الدنيا والبقاء فيها
قوله في عقر دارهم أي وسط دارهم قوله جمة بمعنى الكثير قوله استحر الموت بالراء المهملة المشددة
أي اشتد وكثر وهو استفعل من الحر أي الشدة حمس الوغى أي اشتد القتال والامر قوله انفراج
الرأس أي تتفرقون عني أشد تفرق وهو مثل من الأمثال قيل أول من تكلم به اكتم بن صيفي في وصيته
فقال يا بني لا تتفرقوا في الشدائد انفراج الرأس فإنكم بعد ذلك لا تجتمعون على عسر وقوله انفراج
المرأة قبلها قيل معناه انفراج المرأة البغية وتسليمها لقبلها وقيل انفراجها وقت الولادة وقيل
وقت الطعان والأوسط أظهر.
5

ولكن منعني من ذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم وعهده إلى أخبرني رسول الله صلى الله عليه وآله و
سلم بما الأمة صانعة بعده فلم أك بما صنعوا حين عاينته
بأعلم ولا أشد استيقانا مني به قبل ذلك بل أنا بقول رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم أشد يقينا منى بما عاينت و
شهدت فقلت يا رسول الله تعهد إلى إذا كان ذلك قال
إن وجدت أعوانا فانبذ إليهم وجاهدهم وإن لم تجد أعوانا فاكفف يدك وأحق دمك حتى تجد على إقامة الدين وكتاب
الله وسنتي أعوانا وأخبرني صلى الله عليه وآله وسلم إن الأمة ستخذلني وتبايع غيري وتتبع غيري وأخبرني صلى الله
عليه وآله وسلم أني منه بمنزلة هارون من موسى وأن الأمة سيصيرون بعده بمنزلة هارون ومن تبعه إذ قال له موسى يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعني أفعصيت أمري قال يا ابن
6

أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأي اني خشيت أن تقول فرقت بين
بني إسرائيل ولم ترقب قولي وانما يعني ان موسى أمر هارون
حين استخلفه عليهم إن ضلوا فوجد أعوانا أن يجاهدهم وإن
لم يجد أعوانا أن يكف يده ويحقن دمه ولا يفرق بينهم وإني
خشيت أن يقول ذلك أخي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
فرقت بين الأمة ولم ترقب قولي وقد عهدت إليك إنك إن
لم تجد أعوانا أن تكف يدك وتحقن دمك ودم أهلك وشيعتك
فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مال الناس إلى
أبي فبايعوه وأنا مشغول برسول الله صلى الله عليه وآله و
سلم بغسله ودفنه ثم شغلت بالقرآن فآليت يمينا أن لا ارتدى
الا للصلاة حتى أجمعه في كتاب ففعلت ثم حملت فاطمة وأخذت
بيدي الحسن والحسين فلم أدع أحدا من أهل بدر وأهل السابقة
من المهاجرين والأنصار الا ناشدتهم الله وحقي ودعوتهم إلى
7

نصرتي فلم يستجب لي من جميع الناس إلا أربعة رهط الزبير و
سلمان وأبو ذر والمقداد ولم يكن معي أحد من أهل بيتي أصول
به ولا أقوى به إما حمزة فقتل يوم أحد وأما جعفر فقتل يوم مؤتة
وبقيت بين جلفين جافين ذليلين حقيرين العباس وعقيل و
كانا قريبي العهد بكفر فاكرهوني وقهروني فقلت كما قال هارون
لأخيه يا ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلى بهارون أسوة حسنة ولي بعهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
إلي حجة قوية قال الأشعث كذلك صنع عثمان استغاث بالناس ودعاهم إلى نصرته
فلم يجد أعوانا فكف يده حتى قتل مظلوما قال ويلك يا ابن قيس ان القوم حين قهروني واستضعفوني وكادوا يقتلونني لو قالوا لي نقتلك البتة
لامتنعت من قتلهم إياي ولو لم أجد غير نفسي وحدى ولكن قالوا إن
بايعت كففنا عنك وأكرمناك وقربناك وفضلناك وان لم تفعل
قتلناك فلما لم أجد أحدا بايعتهم وبيعتي إياهم لا تحق لهم باطلا
8

ولا توجب لهم حقا فلو كان عثمان حين قال له الناس
اخلعها ونكف عنك خلعها لم يقتلوه ولكنه قال لا أخلعها
قالوا فانا قاتلوك فكف يده عنهم حتى قتلوه ولعمري لخلعه
إياها كان خيرا له لأنه أخذها بغير حق ولم يكن له فيها
نصيب وادعى ما ليس له وتناول حق غيره ويلك يا ابن قيس
ان عثمان لا يعد وأن يكون أحد رجلين إما أن يكون دعا
الناس إلى نصرته فلم ينصروه وإما أن يكون القوم دعوه إلى
أن ينصروه فنهاهم عن نصرته فلم يكن له أن ينهى المسلمين عن
أن ينصروا إماما هاديا مهتديا لم يحدث حدثا ولم يؤوا محدثا
وبئس ما صنع حين نهاهم وبئس ما صنعوا حين أطاعوه واما
أن يكونوا لم يروه أهلا لنصرته لجوره وحكمه بخلاف الكتاب و
السنة وقد كان مع عثمان من أهل بيته ومواليه وأصحابه
أكثر من أربعة آلاف رجل ولو شاء أن يمتنع بهم لفعل فلم نهاهم
9

عن نصرته ولو كنت وجدت يوم بويع أبو بكر أربعين رجلا
مطيعين لجاهدتهم وأما يوم بويع عمر وعثمان فلا لاني كنت
بايعت ومثلي لا ينكث بيعته ويلك يا ابن قيس كيف رأيتني صنعت
حين قتل عثمان ووجدت أعوانا هل رأيت مني فشلا أوجبنا
أو تقصيرا في وقعتي يوم البصرة وهم حول جملهم الملعون ومن
معه الملعون من قتل حوله الملعون من رجع بعده لا تائبا و
لا مستغفرا فإنهم قتلوا انصارى ونكثوا بيعتي ومثلوا بعاملي و
بغوا على وسرت إليهم في اثني عشر ألفا وفي رواية أخرى أقل من
عشرة آلاف وهم ينف على عشرين ومأة ألف وفي رواية زيادة على
خمسين ألفا فنصرني الله عليهم وقتلهم بأيدينا وشفى صدور
قوم مؤمنين وكيف رأيت يا ابن قيس وقعتنا بصفين وما قتل
الله منهم بأيدينا خمس ألفا في صعيد واحد إلى النار وفي رواية
أخرى زيادة على سبعين ألفا وكيف رأيتنا يوم النهروان إذ لقيت
10

المارقين وهم مستبصرون متدينون قد ضل سعيهم في
في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا فقتلهم الله
في صعيد واحد إلى النار لم يبق منهم عشرة ولم يقتلوا من
المؤمنين عشرة ويلك يا ابن قيس هل رأيت لي لواء رد أو راية
ردت إياي تعير يا ابن قيس وأنا صاحب رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم في جميع مواطنه ومشاهده والمتقدم إلى
الشدائد بين يديه لا أفر ولا ألوذ ولا اعتل ولا انحاز ولا
امنح العدو دبرى إنه لا ينبغي للنبي ولا للوصي إذا ليس لامته
وقصد لعدوه أن يرجع أو ينثنى حتى يقتل أو يفتح الله له يا ابن
قيس هل سمعت لي بفرار قط أو نبوة يا ابن قيس أما والذي فلق الجنة
وبرء ا لنسمة لو وجدت يوم بويع أبو بكر الذي عيرتني بدخولي
في بيعته أربعين رجلا كلهم على مثل بصيرة الأربعة الذين وجدت
لما كففت يدي ولنا هضت القوم ولكن لم أجد خامسا قال الأشعث
11

ومن الأربعة يا أمير المؤمنين قال عليه السلام سلمان وأبو ذر والمقداد
والزبير بن صفية قبل نكثه بيعتي فإنه بايعني مرتين أما بيعته
الأولى التي وفى بها فإنه لما بويع أبو بكر أتاني أربعون رجلا من
المهاجرين والأنصار فبايعوني وفيهم الزبير فأمرتهم أن يصبحوا
عندنا بابي محلقين رؤوسهم عليهم السلاح فما وفى منهم أحد
ولا صبحني منهم غير أربعة سلمان وأبو ذر والمقداد والزبير و
إما بيعته الأخرى فإنه أتاني هو وصاحبه طلحة بعد قتل عثمان
فبايعاني طائعين غير مكرهين ثم رجعا عن دينهما مرتدين
ناكثين مكابرين معاندين حاسدين فقتلهما الله إلى النار واما
الثلاثة سلمان وأبا ذر والمقداد فثبتوا على دين محمد صلى الله
عليه وآله وسلم وملة إبراهيم حتى لقوا الله يرحمهم الله يا ابن
قيس فوالله لو أن أولئك الأربعين الذين بايعوني وفوا لي وأصبحوا
على بابي محلقين قبل ان تجب لعتيق في عنقي بيعته لناهضته و
12

حاكمته إلى الله عز وجل ولو وجدت قبل بيعة عمر أعوانا
لناهضتهم وحاكمتهم إلى الله فإن ابن عوف جعلها لعثمان
واشترط عليه فيما بينه وبينه أن يردها عليه عند موته
فاما بعد بيعتي إياهم فليس إلى مجاهدتهم سبيل فقال الأشعث
والله لئن كان الامر كذلك (كما تقول) لقد هلكت الأمة غيرك وغير شيعتك فقال إن الحق
والله معي يا ابن قيس كما أقول وما هلك من الأمة إلا الناصبين
والمكابرين والجاحدين والمعاندين فاما من تمسك بالتوحيد
والاقرار بمحمد والاسلام ولم يخرج من الملة ولم يظاهر علينا
الظلمة ولم ينصب لنا العداوة وشك في الخلافة ولم يعرف أهلها
وولاتها ولم يعرف لنا ولاية ولم ينصب لنا عداوة فإن ذلك
مسلم مستضعف يرجى له رحمة الله ويتخوف عليه ذنوبه قال ابان
قال سليم بن قيس فلم يبق يومئذ من شيعة علي عليه السلام أحد الا تهلل وجهه وفرج بمقالته إذ
شرح أمير المؤمنين عليه السلام الامر وباح به وكشف الغطاء وترك التقية ولم يبق أحد من القراء
فمن كان يشك في الماضين ويكف عنهم ويدع البراءة منهم ورعا دون تاثما الا استيقن واستبصر وحسن
وترك الشك والوقوف ولم يبق حوله ممن أبى بيعته على وجه ما بويع عثمان والماضون قبله إلا رأى
13

ذلك في وجهه وضاف به أمره وكره مقالته ثم إنه استبصر عادتهم وذهب شكهم قال أبان
عن سليم ما شهدت يوما قط على رؤوس العامة كان أقر لا عيننا من ذلك اليوم لما كشف
الناس من الغطاء وأظهر فيه من الحق وشرح فيه من الامر وألقى فيه من التقية وكرت الشيعة
بعد ذلك المجلس من ذلك اليوم وتكلموا وقد كانوا افل عسكره وصار الناس يقاتلون معه على
علم بمكانه من الله ورسوله وصارت الشيعة بعد ذلك المجلس أجل الناس وأعظمهم
222 / 2 ومن كلامه عليه السلام
كتاب سليم بن قيس ص 134 قال أبان عن سليم قال انتهيت إلى حلقة في مسجد رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم ليس فيها إلا هاشمي غير سلمان وأبي ذر والمقداد ومحمد بن أبي بكر و
عمر بن أبي سلمة وقيس بن سعد بن أبي عبادة فقال العباس لعلي صلوات الله عليه ما ترى عمر
منعه من أن يغرم قنفذا كما عزم جميع عماله فنظر علي عليه السلام إلى من حوله ثم أغر ورقت عيناه
ثم قال
نشكو له ضربة ضربها فاطمة بالسوط فماتت وفي عضدها اثره
كأنه الدملج ثم قال عليه السلام العجب مما أشربت قلوب هذه الأمة
من حب هذا الرجل وصاحبه من قبله والتسليم قلوب هذه الأمة
من حب هذا الرجل وصاحبه من قبله والتسليم له في كل شئ
أحدثه لئن كان عماله خونة وكان هذا المال في أيديهم خيانة
ما كان حل له تركه وكان له أن يأخذه كله فإنه فيئ للمسلمين
فما له يأخذ نصفه ويترك نصفه ولئن كانوا غير خونة فما حل
له أن يأخذ أموالهم ولا شيئا منه قليلا ولا كثير وإنما أخذ
14

انصافها ولو كانت في أيديهم خيانة ثم لم يقروا بها ولم تقم
عليهم البينة ما حل له أن يأخذ منهم قليلا ولا كثيرا واعجب من
ذلك اعادته إياهم إلى أعمالهم لئن كانوا خونة ما حل له
أن يستعملهم ولئن كانوا غير خونة ما حلت له أموالهم ثم أقبل
علي عليه السلام إلى القوم فقال العجب لقوم يرون سنة نبيهم تتبدل و
تتغير شيئا شيئا وبابا وبابا ثم يرضون ولا ينكرون بل يغضبون له
ويعتبون على من عاب عليه وأنكره ثم يجئ قوم بعدنا فيتبعون
بدعته وجوره واحداثه ويتخذون احداثه سنة ودينا يتقربون
بها إلى الله في مثل تحويله مقام إبراهيم عليه السلام من الموضع
الذي وضعه فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى
الموضع الذي كان فيه في الجاهلية الذي حول منه رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم وفي تغييره صاع رسول الله صلى الله
عليه وآله ومده وفيهما فريضة وسنة فما كان زيادته إلا سوء
15

لان المساكين في كفارة اليمين والظهار بهما يغطون ما يجب من
الزرع وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اللهم
بارك لنا في مدنا وصاعنا لا يحولون بينه وبين ذلك لكنهم
رضوا وقبلوا ما صنع وقبضه وصاحبه فدك وهي في يد
فاطمة عليها السلام مقبوضة قد أكلت غلتها على عهد النبي
صلى الله عليه وآله وسلم فسألها البينة على ما في يدها
ولم يصدقها ولا صدق أم أيمن وهو يعلم يقينا كما نعلم أنها في
يدها ولم يكن يحل له أن يسئلها البينة على ما في يدها ولا أن
يتهمها ثم استحسن الناس ذلك وحمده وقالوا إنما حمله على
ذلك الورع والفضل ثم حسن قبح فعلهما ان عدلا عنها فقالا
نظن أن فاطمة لا تقول الا حقا وان عليا لم يشهد إلا بحق ولو كانت مع
أم أيمن امرأة أخرى أمضينا لها فحظيا بذلك عند الجهال وما هما و
من أمرهما أن يكونا حاكمين فيعطيان أو يمنعان ولكن الأمة ابتلوا
16

بهما فادخلا أنفسهما فيما لاحق لهما فيه ولا علم لهما به
وقد قالت فاطمة عليها السلام حين أراد انتزاعها وهي في يدها
أليست في يدي وفيها وكيلي وقد أكلت علتها ورسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم حي قالا بلى قالت فلم تسئلاني
في البينة على ما في يدي قالا لأنها فيئ المسلمين فان قامت
بينة والا لم نمضها قالت لهما والناس حولهما يسمعون أفتريدان
أن تردا ما صنع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتحكما
فينا خاصة بما لم تحكما في ساير المسلمين أيها الناس اسمعوا ما
ركباها (ما ركب هؤلاء من الاثم خ ل) قالت أرأيتما ان ادعيت ما
في أيدي المسلمين من أموالهم تسألونني البينة أم تسألونهم قالا
لا بل نسئلك قالت فإن ادعى جميع المسلمين ما في يدي تسألونهم
البينة أم تسألونني فغضب عمر وقال إن هذا فيئ المسلمين وأرضهم
وهي في يدي فاطمة تأكل غلتها فإن أقامت بينة على ما ادعت
17

ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهبها لها من بين المسلمين
وهي فيئهم وحقهم نظرنا في ذلك فقالت حسبي أنشدكم بالله
أيها الناس إما سمعتم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
يقول إن ابنتي فاطمة سيدة نساء أهل الجنة قالوا اللهم نعم
قد سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قالت
أفسيدة نساء الجنة تدعى الباطل وتأخذ ما ليس لها أرأيتم
لو أن أربعة شهدوا علي بفاحشة أو رجلان بسرقة كنتم
مصدقين علي فأما أبو بكر فسكت واما عمر فقال نعم ونوقع
عليك الحد فقالت كذبت ولؤمت الا ان تقر انك لست على دين
محمد صلى الله عليه وآله وسلم إن الذي يجيز على سيدة نساء
أهل الجنة شهادة أو يقيم عليها حدا لملعون كافر بما أنزل الله
على محمد صلى الله عليه وآله وسلم ان من اذهب الله عنهم
الرجس وطهرهم تطهيرا لا تجوز عليهم شهادة لانهم معصومون
18

من كل سوء مطهرون من كل فاحشة حدثني يا عمر من أهل
هذه الأمة لو أن قوما شهدوا عليهم أو على أحد منهم بشرك أو
كفر أو فاحشة كان المسلمون يتبرؤون منهم ويحدونهم قال نعم
وما هم وسائر الناس في ذلك الا سواء قالت كذبت وكفرت ما هم
وسائر الناس في ذلك الا سواء قالت كذبت وكفرت ما هم
وسائر الناس في ذلك سواء لان الله عصمهم وأنزل عصمتهم
وتطهيرهم وأذهب عنهم الرجس فمن صدق عليهم فإنما يكذب
الله ورسوله فقال أبو بكر أقسمت عليك يا عمر لما سكت فلما أن
كان الليل ارسلا إلى خالد بن الوليد فقالا انا نريد أن نسر إليك
أمرا ونحملكه لثقتنا بك فقال احملاني عليه ما شئتما فإني طوع أيديكما
فقالا له إنه لا ينفعنا ما نحن من الملك والسلطان ما دام على حيا
أما سمعت ما قال لنا وما استقبلنا به ونحن لأنا منه أن يدعو في
السر فيستجيب له قوم فيناهضنا فإنه أشجع العرب وقد ارتكبا منه ما
رأيت وغلبناه على ملك ابن عمه ولاحق لنا فيه وانتزعنا فدك من
19

امرأته فإذا صليت بالناس صلاة الغداة فقم إلى جنبه وليكن
سيفك معك فإذا صليت وسلمت فاضرب عنقه قال علي عليه السلام
فصلى خالد بن الوليد بجنبي متقلدا السيف فقام أبو بكر في الصلاة
وجعل يؤامر نفسه وندم وأسقط في يده حتى كادت الشمس أن
تطلع ثم قال قبل أن يسلم لا تفعل ما أمرتك ثم سلم فقلت لخالد
وما ذاك قال كان قد أمرني إذا سلم أن أضرب عنقك قلت أو
كنت فاعلا قال أي وربي إذا لفعلت
223 / 3 ومن كلامه عليه السلام
رواه أيضا أبان عن كتاب سليم بن قيس ص 161 ونقل السيد ره في النهج بعض فقراته وإني
ناقل تمامه عن كتاب سليم لما فيه من البسط مزيدا للفائدة قال سليم بن قيس سمعت أبا الحسن عليه السلام
يحدثني ويقول
إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال منهومان لا يشبعان
منهوم في الدنيا لا يشبع منها ومنهوم في العلم لا يشبع منه فمن
اقتصر من الدنيا على ما أحل الله له سلم ومن تناولها من غير
حلها هلك الا أن يتوب ويراجع ومن أخذ العلم من أهله وعمل
20

به نجا ومن أراد به الدنيا هلك وهو حظه والعلماء عالمان
عالم عمل بعلمه فهو ناج وعالم تارك لعلمه فهو هالك إن
أهل النار ليتأذون من نتن ريح العالم التارك لعلمه ولن أشد
أهل النار ندامة وحسرة رجل دعا عبدا إلى الله فاستجاب له و
أطاع الله فدخل الجنة وعصى الله الداعي فادخل النار بتركه
علمه واتباعه هواه وعصيانه الله إنما هما اثنان اتباع الهوى
وطول الأمل فاما اتباع الهوى فيصد عن الحق واما طول الأمل
فينسى الآخرة ان الدنيا قد ترحلت مقبلة وان الآخرة قد ترحلت
مقبلة ولكل منهما بنون فكونوا من أبناء الآخرة إن استطعتم ولا
تكونوا من أبناء الدنيا فإنما اليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا
عمل وانما ابتداء وقوع الفتن من أهواء تتبع وأحكام تبتدع يخالف
فيها كتاب الله (حكم الله) يتولى فيها رجال رجالا ونبرء رجال من
رجال الا ان الحق لو خلص لم يكن فيه اختلاف وان الباطل لو خلص
21

لم يخف على ذي حجى ولكن يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا
ضغث فيمزجان فيحسبان (فينتجان معا خ ل) فهنا لك استولى الشيطان
على أولياءه ونجا الذين سبقت لهم منا الحسنى إني سمعت
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
على أولياءه ونجا الذين سبقت لهم من الحسنى إني سمعت
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول كيف بكم إذا
لبستكم فتنة (وفي رواية أخرى فتن) يربو فيها الوليد ويزيد
(ويهرم خ ل) فيها الكبير يجرى الناس عليها فيتخذونها سنة
فإذا غير منها شئ قيل إن الناس قد أتوا منكرا (وفي رواية قيل
غيرت السنة خ ل) ثم يشتد البلاء (تشتد البلية خ ل) وتسبى
الذرية وتدقهم الفتن كما تدق النار الحطب وكما تدق
الرحا بثفالها يتفقه الناس لغير الدين ويتعلمون لغير العمل
ويطلبون الدنيا بعمل الآخرة (بالدين خ ل) ثم اقبل بوجهه على ناس من
أهل بيته وشيعته فقال لقد عملت الأئمة قبلي بأمور عظيمة خالفت
فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم متعمد بن لو حملت
22

الناس على تركها وتحويلها عن موضعها إلى ما كانت تجرى عليه
على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لتفرق عني جندي
حتى لا يبقى في عسكري غيري وقليل من شيعتي الذين انما عرفوا
فضلى وإمامتي من كتاب الله وسنة نبيه لا من غيرهما أرأيتم لو
أمرت بمقام إبراهيم عليه السلام فرددته إلى المكان الذي وضعه
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ورددت فدك إلى ورثة
فاطمة عليها السلام ورددت صاع رسول الله صلى الله عليه و
آله وسلم ومده إلى ما كان وأمضيت قطائع أقطعها رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم لأهلها (وفي رواية أخرى أقطعها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أقواما لم يوف لهم خ ل) ورددت دار جعفر
بن أبي طالب إلى ورثته وهدمتها من المسجد ورددت قضايا من
قضى من كان قبلي بجور ورددت ما قسم من أرض خيبر ومحوت ديوان
الأعطية وأعطيت كما كان يعطى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
23

ولم أجعله دولة بين الأغنياء وسبيت ذراري بني تغلب وأمرت
الناس أن لا يجمعوا في شهر رمضان الا في فريضة لنادى بعض
الناس من أهل العسكر ممن يقاتل معي يا أهل الاسلام وقالوا
غيرت سنة عمر نهينا (ينهانا خ ل) أن نصلى في شهر رمضان
تطوعا حتى خفت أن يثوروا في ناحية عسكرى بؤسي لما لقيت
من هذه الأمة بعد نبيها من الفرقة وطاعة أئمة الضلال
والدعاة إلى النار ولم أعط سهم ذوي القربى إلا من أمر الله
باعطائه الذين قال الله إن كنتم أمنتم بالله وما أنزل على عبدنا
يوم الفرقان يوم التقى الجمعان فنحن الذين عنى الله بذي القربى
واليتامى والمساكين وابن السبيل (وفي كتاب الشافي في الإمامة للسيد المرتضى
ص 255 من طبع إيران) فنحن الذين عنى الله بذي القربى واليتامى الذين
قرنهم الله بنفسه ونبيه صلى الله عليه وآله وسلم فقال وما
أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى و
24

اليتامى والمساكين كل هؤلاء منا خاصة خ ل) لأنه لم يجعل لنا
في سهم الصدقة نصيبا وكرم الله نبيه صلى الله عليه وآله
وسلم وأكرمنا أن لا يطعمنا أو ساخ الناس
224 / 4 ومن كلامه عليه السلام
لما بلغه ان عمرو بن العاص خطب الناس بالشام فقال بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله و
سلم على جيشه فيه أبو بكر وعمر فظننت انه انما بعثني لكرامتي عليه فلما قدمت قلت يا رسول الله
أي الناس أحب إليك فقال عايشة قلت من الرجال قال أبوها وهذا على يطعن على أبي
بكر وعمر وعثمان وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول إن الله ضرب بالحق
على لسان عمر وقلبه وقال في عثمان إن الملائكة لتستحي من عثمان وقد سمعت عليا والا
فصمتا (يعنى أذني) ويروى على عهد عمر أن نبي الله نظر إلى بكر وعمر مقبلين فقال يا علي هذان
سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين ما خلا النبيين منهم والمرسلين ولا تحدثهما
بذلك فيهلكا قال سليم في كتاب ص 172 فقام علي عليه السلام فقال العجب الطغاة
أهل الشام حيث يقبلون قول عمر ويصدقونه وقد بلغ من
حديثه وكذبه وقلة ورعه أن يكذب على رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم وقد لعنه سبعين لعنة ولعن صاحبه الذي
يدعو إليه في غير موطن وذلك إن هجا رسول الله صلى الله عليه
وآله بقصيدة سبعين بيتا فقال رسول الله صلى الله عليه و
25

آله اللهم إني لا أقول الشعر ولا أحله فالعنه أنت وملائكتك
بكل بيت لعنة تترى على عقبه إلى يوم القيامة ثم لما مات
إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قام فقال إن
محمدا قد صار أبتر لا عقب له وإني لا شنأ الناس له وأقولهم
فيه سوء فأنزل الله فيه إن شانئك هو الأبتر يعني أبتر من
الايمان ومن كل خير ما لقيت من هذه الأمة من كذابها و
منافقها لكأني بالقراء الضعفة المجتهدين قد رووا حديثه و
صدقوه فيه واحتجوا علينا أهل البيت بكذبه أنا نقول خير هذه
الأمة أبو بكر وعمر ولو شئت لسميت الثالث والله ما أراد بقوله
في عايشة وأبيها إلا رضا معاوية ولقد استرضاه بسخط الله
وأما حديثه الذي يزعم أنه سمعه مني فلا والذي فلق الحبة
وبرء النسمة ليعلم أنه كذب علي يقينا وان الله لم يسمعه مني سرا
ولا جهرا اللهم العن عمروا وألعن معاوية بصدهما عن سبيلك
26

وكذبهما على كتابك واستخفافهما بنبيك صلى الله عليه وآله
وسلم وكذبهما عليه وعلي
225 / 5 ومن كلامه عليه السلام
قال سليم بن قيس في كتابه ص 182 بعد نقل كتاب أرسله معاوية إليه عليه السلام وبلغه أبو
الدرداء وأبو هريرة رسالته ومقالته قال علي عليه السلام لأبي الدراء قد بلغتماني
ما أرسلكما به معاوية فاسمعا مني ثم أبلغاه عني وقولا له إن
عثمان بن عفان لا يعدوان يكون أحد رجلين إما امام هدى حرام
الدم واجب النصرة لا تحل معصيته ولا يسع الأمة خذلانه أو امام
ضلالة حلال الدم لا تحل ولايته ولا نصرته فلا يخلو من إحدى
الخصلتين والواجب في حكم الله وحكم الاسلام على المسلمين بعد ما
يموت امامهم أو يقتل ضالا كان أو مهتديا مظلوما كان أو ظالما
حلال الدم أو حرام ا لدم أن لا يعملوا عملا ولا يحدثوا حدثا ولا يقدموا
يدا ولا رجلا ولا يبدءوا بشئ قبل أن يختاروا لأنفسهم إماما عفيفا
عالما ورعا عارفا بالقضاء والسنة يجمع أمرهم ويحكم بينهم ويأخذ
27

للمظلوم من الظالم حقه ويحفظ أطرافهم ويحبني فيئهم ويقيم
حجتهم ويجبي صدقاتهم ثم يحتكمون إليه في امامهم المقتول
ظلما ليحكم بينهم بالحق فإن كان امامهم قتل مظلوما حكم لأوليائه
بدمه وإن كان قتل ظالما نظر كيف الحكم في ذلك هذا أول
ما ينبغي أن يفعلوه أن يختاروا إماما يجمع أمرهم إن كانت الخيرة لهم
فيتابعوه ويطيعوه وإن ك أنت الخيرة إلى الله عز وجل وإلى رسوله
فإن الله قد كفاهم النظر في ذلك والاختيار ورسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم قد رضي لهم إماما وأمرهم بطاعته واتباعه
وقد بايعني الناس بعد قتل عثمان وبايعني المهاجرون والأنصار
بعد ما تشاوروا في ثلاثة أيام وهم الذين بايعوا أبا بكر وعمر
وعثمان وعقدوا إمامتهم ولى ذلك أهل بدر والسابقة
من المهاجرين والأنصار غير أنهم بايعوهم قبلي على غير مشورة من
العامة وان بيعتي كانت بمشورة من العامة فإن كان الله جل اسمه
28

جعل الاختيار إلى الأمة وهم الذين يختارون وينظرون لأنفسهم
واختيارهم لأنفسهم لها ونظرهم خير لهم من اختيار الله ورسوله
لهم وكان من اختاروه وبايعون بيعة وبيعة هدى وكان إماما
واجبا على الناس طاعته ونصرته فقد تشاوروا في واختاروني
باجماع منهم وإن كان عز وجل الذي يختار له الخيرة فقد
اختارني للأمة واستخلفني عليهم وأمرهم بطاعتي ونصرتي في كتابه
المنزل وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم فذلك أقوى لحجتي
وأوجب لحقي ولو أن عثمان قتل على عهد أبي بكر وعمر كان لمعاوية
قتالهما والخروج عليهما للطلب قال أبو هريرة وأبو الدرداء لا قال علي عليه السلام
فكذلك أنا فان قال معاوية نعم فقولا إذا يجوز لكل من ظلم بمظلمة
أو قتل له قتيل أن يشق عصا المسلمين ويفرق جماعتهم ويدعو إلى
نفسه مع أن ولد عثمان أولى بطلب دم أبيهم من معاوية قال فسكت
أبو الدرداء وأبو هريرة قالا لقد أنصفت من نفسك قال علي عليه السلام ولعمرى لقد
29

انصفني معاوية ان تم على قوله وصدق ما أعطاني فهؤلاء بنو
عثمان قد أدركوا ليسوا بأطفال ولا مولى عليهم فليأتوا أجمع بينهم
وبين قتلة أبيهم فان عجزوا عن حجتهم فليشهدوا لمعاوية بأنه وليهم
ووكيلهم وحربهم في خصومتهم وليقعدوا وخصمائهم بين يدي
مقعد الخصوم إلى الامام والوالي الذين يقرون بحكمه وينفذون
قضاءه وانظر في حجتهم وحجة خصمائهم فإن كان أبوهم قتل ظالما
وكان حلال الدم أبطلت دمه (وفي رواية أخرى أهدرت دمه) وإن
كان مظلوما حرام الدم أفدتهم من قاتل أبيهم فان شاءوا قتلوه وإن
شاء واعفوا وإن شاء واقبلوا الدية وهؤلاء قتلة عثمان في عسكرى
يقرون بقتله ويرضون بحكمي عليهم فليأتيني ولد عثمان ومعاوية
إن كان وليهم ووكيلهم فليتخاصموا قتلته وليحاكموهم حتى أحكم
بينكم بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم وإن كان
معاوية إنما يتجنى ويطلب الأعاليل والأباطيل فليتجن ما بدا له
30

فسوف يعين الله عليه
قال أبو الدرداء وأبو هريرة قد والله أنصفت من نفسك وزدت على النصفه وأزحت
علته وقطعت حجته وجئت بحجة قوية صادقة ما عليها لوم
226 / 6 ومن كلامه عليه السلام
في كتاب سليم ص 194
ولعمرى يا معاوية لو ترحمت عليك وعلى طلحة والزبير ما كان
ترحمي عليكم واستغفاري لكم ليحق باطلا بل يجعل الله ترحمي
عليكم واستغفاري لكم لعنة عليكم وعذابا وما أنت وطلحة
والزبير بأحقر جرما ولا أصغر ذنبا ولا أهون بدعة وضلالة ممن
استنالك ولصاحبك الذي تطلب بدمه ووطئا لكم ظلمنا أهل
البيت وحملاكم على رقابنا قال الله تبارك وتعالى ألم تر إلى الذين
أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين
كفروا هؤلاء اهدى من الذين آمنوا سبيلا أولئك الذين لعنهم الله
ومن يلعن الله فلن تجد لهم نصيرا أم لهم نصيب من الملك فإذا
لا يؤتون الناس نقيرا أم يحسدون الناس على ما أتاهم الله من
31

فضله فنحن الناس ونحن المحسودون قال الله عز وجل فقد
آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما فالملك
العظيم ان جعل فيهم أئمة من أطاعهم أطاع الله ومن عصاهم
عصى الله والكتاب والحكمة والنبوة فلم يقرون بذلك في آل
إبراهيم وينكرونه في آل محمد يا معاوية فإن تكفر بها أنت وصاحبك
ومن قبلك من طغاة أهل الشام واليمن والاعراب أعراب ربيعة
ومضر جفاة الأمة فقد وكل الله بها قوما ليسوا بها بكافرين يا
معاوية فان تكفر بها أنت وصاحبك ان القرآن حق ونور وهدى
ورحمة وشفاء للمؤمنين والذين لا يؤمنون في أذانهم وقر وهو
عليهم عمى يا معاوية إن الله لم يدع صنفا من أصناف الضلالة
والدعاة إلى النار الا وقد رد عليهم واحتج عليهم في القرآن ونهى
عن اتباعهم وأنزل فيهم قرآنا ناطقا علمه من علمه وجهله من
جهله اني سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول
32

ليس من القرآن أية الا ولها ظهر وبطن وما من حرف الا وله
تأويل وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم (وفي رواية
أخرى وما منه حرف الا له حد مطلع على ظهر القرآن وبطنه و
تأويله وما يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم) الراسخون
نحن آل محمد وأمر الله سائر الأمة أن يقولوا أمنا به كل من
عند ربنا وما يذكر الا أولوا الألباب وأن يسلموا إلينا وقد
قال الله ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين
يستنبطونه منهم هم الذين يسئلون عنه ويطلبونه ولعمرى لو
أن الناس حين قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سلموا
لنا واتبعونا وقلدوا أمورهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم
ولما طمعت أنت يا معاوية فما فاتهم منا أكثر ما فاتنا منهم ولقد
أنزل الله في وفيك سورة خاصة الأمة يؤولونها على الظاهر
ولا يعلمون ما الباطن وهي في سورة الحاقة فأما من أوتى كتابه
33

بيمينه واما من أوتى كتابه بشماله وذلك أنه يدعى بكل امام
ضلالة وامام هدى ومع كل واحد منهما أصحابه الذين بايعوه
فيدعى بي وبك يا معاوية وأنت صاحب السلسلة الذي يقول
يا ليتني لم أوت كتابيه ولم أدر ما حسابيه سمعت رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم يقول ذلك وكذلك كل امام ضلالة
كان قبلك أو يكون بعدك له مثل ذلك من خزى الله وعذابه
ونزل فيكم قول الله عز وجل وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا
فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن وذلك إن رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم رأى اثنى عشر إماما من أئمة الضلالة
على منبره يردون الناس على أدبارهم القهقري رجلان من قريش
وعشرة من بني أمية أول العشرة صاحبك الذي تطلب بدمه
وأنت وابنك وسبعة من ولد الحكم بن أبي العاص أولهم مروان
وقد لعنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وطرده وما ولد
34

حين استمع لنساء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (حين
اسمع نبينا رسول الله خ ل) يا معاوية إنا أهل بيت اختار الله لنا
الآخرة على الدنيا ثوابا وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم أنت ووزيرك وصويحبك يقول إذا بلغ بنو أبي العاص
ثلاثين رجلا اتخذوا كتاب الله دخلا وعباد الله خولا ومال الله
دولا يا معاوية آن نبي الله زكريا نشر بالمنشار ويحيى ذبح وقتله
قومه وهو يدعوهم إلى الله عز وجل وذلك لهوان الدنيا على الله
ان أولياء الشيطان قد حاربوا أولياء الرحمن قال الله ان الذين
يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين
يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم يا معاوية إن
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد أخبرني ان بني أمية سيخضبون
لحيتي من دم رأسي واني مستشهد وستلي الأمة من بعدي وانك
ستقتل ابني الحسن غ درا بالسم وان ابنك يزيد لعنه الله سيقتل ابني
35

الحسين بلى ذلك منه ابن زانية وان الأمة سيليها من بعدك
سبعة من ولد أبي العاص وولد مروان بن الحكم وخمسة من ولده
تكملة اثنى عشر إماما قد رآهم رسول الله صلى الله عليه وآله و
سلم يتواثبون على منبره تواثب القردة يردون أمته عن دين
الله على أدبارهم القهقري وانهم أشد الناس عذابا يوم القيمة
وان الله سيخرج الخلافة منهم برايات سود تقبل من الشرق
يذلهم الله بهم ويقتلهم تحت كل حجر وان رجلا من ولدك
مشوم ملعون جلف جاف منكوس القلب فظ غليظ قد نزع الله
من قلبه الرأفة والرحمة أخواله من كلب كان انظر إليه ولو
شئت لسميته ووصفته وأين كم هو فيبعث جيشا إلى المدينة
فيدخلونها فيسرفون فيها في القتل والفواحش ويهرب منهم
رجل من ولدي زكى نقي الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما
ملئت ظلما وجورا واني لأعرف اسمه أين كم هو يومئذ وعلامته
36

وهو من ولد ابني الحسين الذي يقتله ابنك يزيد وهو الثائر
بدم أبيه فيهرب إلى مكة ويقتل صاحب ذلك الجيش رجلا
من ولدى زكيا بريا عند احجاز الزيت ثم يسير ذلك الجيش إلى
مكة واني لاعلم اسم أميرهم وأسماءهم وسمات خيولهم
فإذا دخلوا البيداء واستوت بهم الأرض خسف الله بهم قال
الله عز وجل ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان
قريب قال من تحت أقدامهم فلا يبقى من ذلك الجيش أحد غير
رجل واحد يقلب الله وجهه من قبل قفاه ويبعث الله للمهدي
أقواما يجمعون من الأرض قزع كقزع الخريف والله اني لأعرف
أسماءهم واسم أميرهم ومناخ ركابهم فيدخل المهدي الكعبة
ويبكي ويتضرع قال جل وعز أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف
السوء ويجعلكم خلفاء الأرض هذا لنا خاصة أهل البيت إما
والله يا معاوية لقد كتبت إليك هذا الكتاب واني لاعلم انك
37

لا تنفع به وانك ستفرح إذا أخبرتك انك ستلي الامر وابنك
بعدك لان الآخرة ليست من بالك وانك بالآخرة لمن الكافرين
وستندم كما ندم من أسس هذا الامر لك وحملك على رقابنا
حين لم تنفعه الندامة ومما دعاني إلى الكتاب بما كتبت به إني
أمرت كاتبي أن ينسخ ذلك لشيعتي ورؤوس أصحابي لعل الله
أن ينفعهم بذلك أو يقرءه واحد من قبلك فيخرجه الله
به وبنا من الضلالة إلى الهدى ومن ظلم وظلم أصحابك و
وفتنتهم وأحببت أن احتج عليك
فكتب إليه معاوية هنيئا لك يا أبا الحسن تملك الآخرة وهنيئا لنا تملك الدنيا
227 / 7 ومن وصاياه عليه السلام
كتاب سليم بن قيس ص 16 قال سليم شهدت وصية علي بن أبي طالب عليه السلام
حين أوصى إلى ابنه الحسن عليه السلام وأشهد على وصيته الحسين عليه السلام ومحمد أو جميع
ولده ورؤساء أهل بيته وشيعته (أقول وأنا المؤلف الحقير حسن الميرجاهني الطباطبائي
ان هذه الوصية مما أوصى بها عليه السلام بعد ما ضربه ابن ملجم المرادي عليه لعائن الله ولقد
نقلها الشريف الرضي رضي الله عنه وارضاه في نهج البلاغة الا انه مع ما في كتاب سليم فيه اختلاف
من حيث زيادة العبارات ونقصانها فرأيت نقلها هنا عن سليم كما نقلها تنبيها لمن أراد الاطلاع
عليها) قال ثم دفع إليه (أي إلى الحسن عليهما السلام) الكتاب والسلاح ثم قال يا بني
38

أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ان أوصى إليك
وان ادفع إليك كتبي وسلاحي كما أوصى إلى رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم ودفع إلى كتبه وسلاحه وأمرني أن أمرك
إذا حضرك الموت ان تدفعها إلى أخيك الحسين قال ثم أقبل إلى
ابنه الحسين عليه السلام وقال له وأمرك رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم أن تدفعها إلى ابنك علي بن الحسين ثم أقبل
إلى علي بن الحسين عليهما السلام فقال له وأمرك رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم أن تدفعها إلى ابنك محمد بن علي فاقرءه
من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومني السلام ثم أقبل
على ابنه الحسن عليه السلام وقال له يا بني أنت ولي الأمر وولى
الدم فان عفوت فلك وان قتلت فضربه مكان ضربة ولا تأثم
ثم قال اكتب بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصى به علي بن أبي طالب
أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا
39

عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين
كله ولو كره المشركون ثم إن صلوتي ونسكي ومحياي ومماتي لله
رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين ثم
اني أوصيك يا حسن وجميع ولدي وأهل بيتي ومن بلغه كتابي
من المؤمنين بتقوى الله ربكم ولا تموتن الا وأنتم مسلمون واعتصموا
بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء
فألف بين قلوبكم سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
يقول صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام وإن
البغضة خالعة الدين وفساد ذات البين ولا قوة إلا بالله انظروا
ذوي أرحامكم فصلوهم يهون الله عليكم الحساب والله الله في
الأيتام فلا تغبوا أفواههم ولا يضيعوا بحضرتكم فإني سمعت رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم يقول من عال يتيما حتى يستغنى أوجب الله
له الجنة كما أوجب الاكل مال اليتيم النار والله الله في القرآن فلا يسبقنكم
40

إلى العمل به غيركم والله الله في جيرانكم فإن الله ورسوله أوصى
بهم والله الله في بيت ربكم فلا يخلون منكم ما بقيتم فإنه إن
يترك لم تناظروا فإن أدنى ما يرجع به من أمه أن يغفر له ما سلف
من ذنبه فالله الله في الصلاة فإنها خير العمل وإنها عمود دينكم
والله الله في الزكاة فإنها تطفئ غضب ربكم والله الله في شهر رمضان
فان صيامه جنة من النار والله الله في الفقراء والمساكين فشاركوهم
في معيشتكم والله الله في الجهاد في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم
فإنما يجاهد في سبيل الله رجلان امام هدى ومطيع له مقتد
بهداه والله الله في ذرية نبيكم فلا يظلمن بين أظهركم وأنتم تقدرون
على الدفع عنهم والله الله في أصحاب نبيكم الذين لم يحدثوا حدثا ولم
يأووا محدثا فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أوصى بهم
ولعن المحدث منهم ومن غيرهم والمؤوى للمحدث والله الله
في النساء وما ملكت أيمانكم لا تخافن في الله لومة لائم يكفيكم
41

الله من أرادكم بغى عليكم قولوا للناس حسنا كما أمركم الله لا تتركن
الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فيولى الله الامر شراركم ثم تدعون
فلا يستجاب لكم عليكم يا بني بالتواصل والتبار وإياكم
والتقاطع والتدابر والتفرق تعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا
على الاثم والعدوان واتقوا الله ان الله شديد العقاب حفظكم
الله من أهل بيت وحفظ فيكم نبيكم واستودعكم الله واقرء عليكم السلام
228 / 8 ومن خطبه عليه السلام
كتاب التوحيد للمحدث الفقيه البارع محمد بن علي بن الحسين بن بابويه الصدوق أعلى الله مقامه
رواها في باب التوحيد ونفي التشبيه منه ص 54 قال حدثنا محمد بن محمد بن عصام الكليني (ره)
قال حدثنا محمد بن يعقوب الكليني قال حدثنا محمد بن علي بن معز قال حدثنا محمد بن علي
بن عاتكة عن الحسين بن النضر الفهري عن عمرو الأوزاعي عن عمر بن شمر عن جابر بن يزيد الجعفي
عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عن أبيه عن جده عليهم السلام قال قال أمير المؤمنين عليه السلام
في خطبة خطبها بعد موت النبي صلى الله عليه وآله بسبعة أيام وذلك حين فراغ من جمع
القرآن فقال
الحمد لله الذي أعجز الأوهام أن تنال الا وجوده وحجب العقول
عن أن تتخيل ذاته في امتناعها من الشبه والشكل بل هو الذي
لم يتفاوت في ذاته ولم يتبعض بتجزية العدد في كماله فارق
42

الأشياء على اختلاف الأماكن وتمكن منها لا على الممازجة وعلمها
لا بأداة لا يكون العلم الا بها وليس بينه وبين معلومه علم غيره
ان قيل كان فعلى تأويل أزلية الوجود وان قيل لم يزل فعلى
تأويل نفى العدم فسبحانه وتعالى عن قول من عبد سواه واتخذ
الها غيره علوا كبيرا نحمده بالحمد الذي ارتضاه لخلقه وأوجب قبوله
على نفسه واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد
أن محمدا عبده ورسوله شهادتان ترفعان القول وتضاعفان
العمل خف ميزان ترفعان عنه وثقل ميزان توضعان فيه وبهما
الفوز بالجنة والنجاة من النار والجواز على الصراط وبالشهادتين
يدخلون الجنة وبالصلاة ينالون الرحمة فأكثروا من الصلاة على
نبيكم واله ان الناس وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا
صلوا عليه وسلموا تسليما أيها الناس انه لا شرف أعلى من الاسلام
ولا كرم أعز من التقى ولا معقل أحرز من الورع ولا شفيع أنجح من
43

التوبة ولا كنزا نفع من العلم ولا عز أرفع من الحلم ولا حسب أبلغ من
الأدب ولا نصب أوضع من الغضب ولا جمال أزين من العقل ولا سوء
أسوء من الكذب ولا حافظ أحفظ من الصمت ولا لباس أجمل من العافية
ولا غائب أقرب من الموت أيها الناس انه من مشى على وجه الأرض
فإنه يصير إلى بطنها والليل والنهار مسرعان في هدم الأعمار ولكل
ذي رمق قوت ولكل حبة أكل وأنتم قوت الموت وان من عرف الأيام
لم يغفل عن الاستعداد لم ينجو من الموت لا غني بماله ولا فقير باقلاله
أيها الناس من خاف ربه كف ظلمه ومن لم يرع في كلامه ظهر
هجره ولم يعرف الخير من الشر فهو بمنزلة البهم ما أصغر المصيبة
مع عظم الفاقة هيهات هيهات وما تناكرتم الا لما فيكم من المعاصي
والذنوب فما أقرب الراحة من التعب والبؤس من النعيم وما شر بشر
بعده الجنة وما خير بخير بعده النار وكل نعيم دون الجنة محقور و
كل بلاء دون النار عافية
44

229 / 9 ومن كلامه عليه السلام
وفي كتاب التوحيد ص 66 قال حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال
حدثنا محمد بن سعيد بن يحيى البزوري قال حدثنا إبراهيم بن الهيثم البلدي قال حدثنا أبي عن
المعافي بن عمران عن إسرائيل عن المقدام بن شريح بن هاني عن أبيه قال إن أعرابيا قام يوم
الجمل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال يا أمير المؤمنين أتقول ان الله واحد قال فحمل الناس
عليه قالوا يا اعرابي إما ترى ما فيه أمير المؤمنين من تقسيم القلب فقال أمير المؤمنين دعوه فان
الذي يريده الأعرابي هو الذي نريده من القوم ثم قال (عليه السلام) يا أعرابي إن القول
في أن الله واحد على أربعة أقسام فوجهان منها لا يجوزان على
الله عز وجل ووجهان يثبتان فيه فاما الذان لا يجوزان عليه
فقول القائل واحد يقصد به باب الاعداد فهذا ما لا يجوز لان ما لا
ثاني له لا يدخل في باب الاعداد إما ترى انه كفر من قال ثالث ثلاثة
وقول القائل هو واحد من الناس يريد به النوع من الجنس فهذا ما
لا يجوز عليه لأنه تشبيه وجل ربنا عن ذلك وتعالى وأما الوجهان
اللذان يثبتان فيه فقول القائل هو واحد ليس له في الأشياء شبه
كذلك ربنا وقول القائل انه عز وجل إحدى المعنى يعنى به أنه لا
ينقسم في وجود لا عقل ولا وهم كذلك ربنا عز وجل قال الصدوق
45

رحمه الله سمعت من أثق بدينه ومعرفته باللغة والكلام يقول إن قول القائل واحد واثنين و
ثلاثة إلى اخره انما وضع في أصل اللغة للإبانة عن كمية ما يقال عليه لا لان له مسمى يتسمى به بعينه
أو لان له معنى سوى ما يتعلمه الانسان لمعرفة الحساب ويدور عليه عقد الأصابع عند ضبط
الاعداد والعشرات والمئات والألوف ولذلك متى أراد مريدان يخبر غيره عن كمية شئ بعينه سماه
باسمه الأخص ثم قرن لفظ الواحد به وعلقه عليه يدل به على كمية لا على ما عدا ذلك من أوصافه
ومن أجله يقول القائل درهم واحد وانما يعنى به انه درهم فقط وقد يكون الدرهم درهما بالوزن
ودرهما بالضرب فإذا أراد المخبران يخبر عن وزنه قال درهم واحد بالوزن وإذا أراد أن يخبر عن ضربه
قال درهم واحد بالعدد ودرهم واحد بالضرب وعلى هذا الأصل يقول القائل هو رجل واحد
وقد يكون الرجل واحدا بمعنى انه انسان وليس بانسانين ورجل ليس برجلين وشخص ليس بشخصين
ويكون واحدا في الفضل واحدا في العلم واحدا في السخاء واحدا في الشجاعة وإذا أراد القائل أن يخبر
عن كمية قال هو رجل واحد فدل ذلك على أنه لا ثاني له في الفضل فإذا أراد أن يدل على علمه
قال إنه واحد في علمه فلو دل قوله على واحد بمجرده على الفضل والعلم كما دل بمجرده على الكمية
لكان كل من أطلق عليه لفظ واحد أراد فاضلا لا ثاني له في فضله وعالما لا ثاني له في علمه وجوادا
لا ثاني له في جوده فلما لم يكن كذلك صح انه بمجرده لا يدل الا على كمية الشئ دون غيره ولم يكن لما
أضيف إليه من قول القائل واحد عصره ودهره معنى ولا كان لتقييده بالعلم والشجاعة معنى لأنه كان
يدل بغير تلك الزيادة وبغير ذلك التقييد على غاية الفضل وغاية العلم والشجاعة فلما احتيج معه إلى زيادة
لفظ واحتيج على التقييد بشئ صح ما قلناه فقد تقرران لفظة القائل واحد إذا قيل على الشئ دل بمجرده
على كميته في ا سمه الأخص ويدل بما يقترن به على فضل المقول عليه وعلى كماله وعلى توحده بفضله
وعلمه وجوده وتبين ان الدرهم الواحد قد يكون درهما واحدا بالوزن ودرهما واحدا بالعدد و
درهما واحدا بالضرب وقد يكون بالوزن درهمين وبالضرب درهما واحدا وقد يكون بالدوانيق
ستة وبالفلوس ستين فلسا ويكون بالاجزاء كثيرا وكذلك يكون العبد عبدا واحدا ولا يكون
عبدين بوجه وشخصا واحدا ولا يكون شخصين بوجه ويكون أجزاء كثيرة وابعاضا كثيرة وكل بعض
من أبعاضها يكون جواهر كثيرة متحدة اتحد بعضها ببعض وتركب بعضها مع بعض ولا يكون العبد
واحدا وإن كان كل واحد منه في نفسه هو عبد واحد وانما لم يكن العبد واحد لأنه ما من عبد الا وله
46

مثل في الوجود أو في المقدار وانما صح أن يكون للعبد مثل لأنه لم يتوحد بأوصاف التي من أجلها
صار عبدا مملوكا ووجب لذلك أن يكون الله عز وجل متوحدا باوصافه العلى وأسمائه الحسنى
ليكون إلها واحدا ولا يكون له مثل ويكون واحدا لا شريك له ولا اله غيره فالله تبارك وتعالى
واحد لا اله الا هو وقديم واحد لا قديم الا هو وموجود واحد ليس بحال ولا محل ولا موجود
كذلك الا هو وشئ واحد لا يجانسه شئ ولا يشاكله شئ ولا يشبهه شئ ولا شئ كذلك الا هو فهو
كذلك موجود غير منقسم في الوجود ولا في الوهم وشئ لا يشبهه شئ بوجه واله لا اله غيره بوجه
وصار قولنا يا واحد يا أحد في الشريعة أسماءا خاصا له دون غيره لا يسمى به الا هو عز وجل
كما أن قولنا الله اسم لا يسمى به غيره وفصل اخر في ذلك وهو أن الشئ قد يعد مع ما جانسه
وشاكله وماثله فقال هذا رجل وهذان رجلان وثلاثة رجال وهذا عبد وهذا سواد وهذان
عبدان وهذان سوادان ولا يجوز على هذا الأصل أن يقال هذان إلهان إذ لا إله إلا الله واحد
فالله لا يعد على هذا الوجه ولا يدخل في العدد من هذا الوجه بوجه وقد يعد الشئ مع ما لا يجانسه
ولا يشاكله يقال هذا بياض وهذان بياض وسواد وهذا محدث وهذان محدثان وهذان ليسا
بمحدثين ولا بمخلوقين بل أحدهما قديم والاخر محدث واحد هما رب والاخر مربوب فعلى هذا الوجه
يصح دخوله في العدد وعلى هذا النحو قال الله تعالى وتبارك ما يكون من نجوى ثلاثة الا هو رابعهم
ولا خمسة الا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر الا هو معهم أينما كانوا الآية وكما أن قولنا فلان
انما هو رجل واحد لا يدل على فضله بمجرده فكذلك قولنا فلان ثاني فلان لا يدل بمجرده الا على كونه
وانما يدل على فضله متى قيل إنه ثانيه في الفضل وفي الكمال أو العلم فاما توحيد الله تعالى ذكره فهو توحيده
بصفاته العلى وأسمائه الحسنى كان كذلك الها واحدا لا شريك له ولا شبيه والموحد من أقربه على ما هو
عليه عز وجل من أوصافه العلى وأسمائه الحسنى على بصيرة منه ومعرفة وايقان واخلاص وإذا كان ذلك
كذلك فمن لم يعرف الله عز وجل متوحدا بأوصافه العلى وأسمائه الحسنى ولم يقر بتوحيده بأوصافه العلى
فهو غير موحد وربما قال جاهل من الناس ان من وحد الله واقرانه واحد فهو موحد وان لم يصفه
بصفاته التي توحد بها لان من وحد الشئ فهو موحد في أصل اللغة فيقال له أنكرنا ذلك لان من زعم أن
ربه اله واحد وشئ واحد ثم أثبت معه موصوفا اخر بصفاته التي توحد بها فهو عند جميع الأمة وسائر
أهل الملل ثنوي غير موحد ومشرك مشبه غير مسلم وان زعم أن ربه اله واحد وشئ واحد وموجود واحد
وإذا كان كذلك وجب أن يكون الله تبارك وتعالى متوحدا بصفاته التي تفرد بالهيئة من أجلها وتوحد
47

بالوحدانية لتوحده بها ليستحيل أن يكون اله اخر ويكون الله واحدا والاله واحدا لا شريك له ولا
شبيه لأنه لم يتوحد بها كان له شريك وشبيه كما أن العبد لما لم يتوحد بأوصافه التي من أجلها كان
عبدا كان له شبيه ولم يكن العبد واحدا وإن كان كل واحد منا عبدا واحدا وإذا كان كذلك
فمن عرفه متوحدا بصفاته وأقر بما عرفه وأعتقد ذلك كان موحدا وبتوحيد ربه عارفا والأوصاف
التي توحد الله عز وجل بها وتوحد بربوبيته لتفرده بها هي الأوصاف التي تقتضى كل واحد منها أن
لا يكون الموصوف بها الا واحدا لا يشاركه فيه غيره ولا يوصف به الا هو وتلك الأوصاف هي كوصفنا
له بأنه موجود واحد لا يصح أن يكون حالا في شئ ولا يجوز أن يحله شئ ولا يجوز عليه العدم والفناء
والزوال مستحق للوصوف بذلك بأنه أول الأولين واخر الآخرين قادر يفعل ما يشاء ولا يجوز عليه
ضعف ولا عجز مستحق للوصف بذلك بأنه أقدر القادرين وأقهر القاهرين عالم لا يخفى عليه شئ و
لا يعزب عنه شئ ولا يجوز عليه الجهل ولا سهو ولا شك ولا نسيان مستحق للوصف بذلك بأنه أعلم
العالمين حي لا يجوز عليه الموت ولا نوم ولا ترجع إليه منفعة ولا تناله مضرة مستحق للوصف بذلك
بأنه أبقى الباقين وأكمل الكاملين فاعل لا يشغله شئ ولا يعجزه شئ ولا يفوته شئ مستحق للوصف
بذلك أنه إله الأولين والآخرين وأحسن الخالقين وأسرع الحاسبين غنى لا يكون له قلة مستغن
لا يكون له حاجة عدل لا تلحقه مذمة ولا يرجع إليه منقصة حكيم لا تقع منه سفاهة رحيم
لا يكون له رقة فيكون في رحمته سعة حليم لا تلحقه موجدة ولا تقع منه عجلة مستحق للوصف بذلك
بأنه أعدل العادلين وأحكم الحاكمين وأسرع الحاسبين وذلك لان أول الأولين لا يكون إلا واحدا
وكذلك أقدر القادرين وأعلم العالمين وأحكم الحاكمين وأحسن الخالقين وكلما جاء على هذا الوزن
فصح بذلك ما قلناه وبالله التوفيق ومنه العصمة والتسديد انتهى كلامه أعلى الله مقامه الشريف
230 / 10 ومن كلامه عليه السلام
كتاب التوحيد أيضا ص 312 قال حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال حدثنا الحسن بن علي السكري قال
حدثنا محمد بن زكريا عن جعفر بن محمد بن عمارة عن أبيه عن جعفر بن محمد عن أبيه علي بن الحسين
عن أبيه الحسين عليهم السلام قال قال أمير المؤمنين عليه السلام إن للجسم ستة أحوال
الصحة والمرض والموت والحياة والنوم واليقظة كذلك الروح
48

فحياتها علمها وموتها جهلها ومرضها شكها وصحتها يقينها ونومها
غفلتها ويقظتها حفظها ومن الدليل على أن الأجسام محدثة أن
الأجسام لا تخلو من أن تكون مجتمعة أو متفرقة أو ساكنة والاجتماع
والافتراق والحركة والسكون محدثه فعلمنا أن الجسم محدث لحدوث
ما لا ينفك منه ولا يتقدمه فان قال قائل ولم قلتم أن الاجتماع و
الافتراق معينان وكذلك الحركة والسكون حتى زعمتم أن الجسم لا يخلو
منها قيل له الدليل على ذلك إنا نجد الجسم يجتمع بعد أن كان متفرقا
وقد كان يجوز أن يبقى متفرقا فلو لم يكن قد حدث معنى كان لا يكون
بأن يصير مجتمعا أولى من أن يبقى متفرقا على ما كان عليه لأنه لم يحدث
نفسه في هذا الوقت فيكون بحدوث نفسه ما صار مجتمعا ولا بطل
في هذا الوقت فيكون لبطلانها ولا يجوز أن يكون لبطلان معنى ما
ما صار مجتمعا الا ترى أنه لو كان انما يصير مجتمعا لبطلان معنى ومفترقا
لبطلان معنى لوجب أن يصير مجتمعا ومفترقا في حالة واحدة لبطلان
49

المعينين جميعا وأن يكون كل شئ خلا من أن يكون فيه معنى مجتمعا
مفترقا حتى كان يجب أن يكون الاعراض مجتمعة متفرقة لأنها قد خلت
من المعاني وقد تبين بطلان ذلك وفي بطلان ذلك دليل على أنه
انما كان مجتمعا لحدوث معنى ومفترقا لحدوث معنى وكذلك القول
في الحركة والسكون وساير الاعراض فان قال قائل فإذا قلتم ان
المجتمع انما يصير مجتمعا لوجود الاجتماع ومفترقا لوجود الافتراق فما
أنكرتم من أن يصير مجتمعا مفترقا لوجودهما فيه كما ألزمتم ذلك من
يقول أن المجتمع انما يصير مجتمعا لا انتفاء الافتراق أو مفترقا لانتفاء
الاجتماع قيل له أن الاجتماع والافتراق هما ضدان والأضداد تتضاد
في الوجود فليس يجوز وجودهما في حال لتضادهما وليس هذا حكمهما
في النفي لأنه لا ينكر انتفاء الأضداد في حالة واحدة كما ينكر وجودهما
فلهذا ما قلنا أن الجسم لو كان مجتمعا لانتفاء الافتراق ومفترقا لانتفاء
الاجتماع لوجب أن يصير مجتمعا مفترقا لانتفاءهما الا ترى أنه قد ينتفى
50

عن الأحمر السواد والبياض مع تضادهما وانه لا يجوز وجودهما و
اجتماعهما في حال واحد فيثبت أن انتفاء الأضداد لا ينكر في حالة
واحدة كما ينكر وجودهما وأيضا فان القائل بهذا القول قد أثبت
الاجتماع والافتراق والحركة والسكون وأوجب أن لا يجوز خلو الجسم
منها لأنه إذا خلا منها يجب أن يكون مجتمعا مفترقا ومتحركا ساكنا إذ
كان لخلوه منها ما يوصف بهذا الحكم وإذا كان ذلك كذلك وكان
الجسم لا يخلو (لم يخل خ ل) من هذه الحوادث يجب أن يكون محدثا ويدل
على ذلك أيضا ان الانسان قد يؤمر بالاجتماع والافتراق والحركة و
السكون ويفعل ذ لك ويحمد به ويشكر عليه ويذم عليه إذا كان قبيحا
وقد علمنا أنه لا يجوز أن يؤمر بالجسم ولا أن ينهى عنه ولا أن يمدح
به من أجله ولا يذم له فواجب أن يكون الذي أمر به ونهى عنه واستحق
من أجله المدح والذم غير الذي لا يجوز أن يؤمر به ولا أن ينهى عنه ولا
أن يستحق المدح والذم به فوجب بذلك اثبات الاعراض فان قالوا فلم
51

قلتم أن الجسم لا يخلو من الاجتماع والافتراق والحركة والسكون
ولم أنكرتم أن يكون قد خلا فيما لم يزل من ذلك فلا يدل ذلك على
حدوثه قيل له لو جاز أن يكون قد خلا فيما لم يزل مضى من الاجتماع
والافتراق والحركة والسكون لجاز أن يخلو منها الان ونحن نشاهده
فلما لم يجز أن يوجد أجسام غير مجتمعة ولا مفترقة علمنا أنها لم تخل
من ذلك فيما مضى فان قيل ولم أنكرتم أن يكون قد خلا من ذلك فيما
مضى وإن كان لا يجوز أن يخلو الان منه قيل له ان الأزمنة والأمكنة
لا يؤثران في هذا الباب ألا ترى ان قائلا لو قال كنت أخلو من ذلك
عام أول أو منذ عشرين سنة وان ذلك سيمكنني أو يمكنني بالشام دون
العراق أو بالعراق دون الحجاز لكان عند أهل العقل مخبلا جاهلا و
المصدق له جاهل فعلمنا أن الأزمنة والأمكنة لا يؤثران في ذلك
وإذا لم يكن لها حكم ولا تأثير في هذا الباب فواجب أن يكون حكم
الجسم فيما مضى وفيما يستقبل حكمه الان وإذا كان لا يجوز أن يخلو الجسم
52

في هذا الوقت من الاجتماع والافتراق والحركة والسكوت علمنا أنه
لم يخل من ذلك قط وانه لو خلا من ذلك فيما مضى كان لا ينكران
يبقى على ما كان عليه إلى هذا الوقت فكان لو أخبرنا مخبر عن بعض البلدان
النائية فيها أجساما غير مجتمعة ولا مفترقة ولا متحركة ولا ساكنة
أن نشك في ذلك ولا نأمن أن يكون صادقا وفي بطلان ذلك دليل
على بطلان هذا القول وأيضا فان من أثبت الأجسام غير مجتمعة و
لا متفرقة فقد أثبتها غير متقاربة بعضها عن بعض ولا متباعدة بعضها
عن بعض وهذه صفة لا تعقل لان الجسمين لابد أن يكون بينهما
مسافة وبعد أولا يكون بينهما مسافة ولا بعد ولا سبيل إلى ثالث
فلو كان بينهما مسافة وبعد لكانا مفترقين ولو كان لا مسافة بينهما
ولا بعد لوجب أن يكونا مجتمعين لان هذا هو حد الاجتماع والافتراق
وإذا كان ذلك كذلك فمن أثبت الأجسام غير مجتمعة ولا مفترقة فقد
أثبتها على صفة لا يعقل ومن خرج بقوله عن المعقول كان مبطلا
53

فان قال قائل ولم قلتم ان هذه الاعراض محدثة ولم أنكرتم أن تكون
قديمة مع الجسم لم تزل قيل له لأنا وجدنا المجتمع إذا فرق بطل منه
الاجتماع وحدث له الافتراق وكذلك المفترق إذا جمع بطل منه
الافتراق وحدث له الاجتماع والقديم هو قديم لنفسه فلا يجوز
عليه الحدوث والبطلان فثبت ان الاجتماع والافتراق محدثان و
كذلك القول في سائر الاعراض ألا ترى انها تبطل بأضدادها ثم
يحدث بعد ذلك وما جاز عليه الحدوث والبطلان لا يكون الا محدثا
وأيضا فان الموجود القديم الذي لم يزل لا يحتاج في وجوده إلى
موجد فعلم أن الوجود أولى به من العدم لأنه لو لم يكن الوجود أولى
به من العدم لم يوجد الا بموجد وإذا كان ذلك كذلك علمنا أن القديم
لا يجوز عليه البطلان إذ كان الوجود أولى به من العدم وان ما جاز
عليه أن يبطل لا يكون قديما فان قال قائل ولم قلتم ان ما لم يتقدم
المحدث هو ما كان بعد ان لم يكن والقديم هو الموجود لم يزل والموجود
54

لم يزل يجب أن يكون متقدما لما قد كان بعد ان لم يكن وما لم
يتقدم المحدث فحظه في الوجود حظ المحدث لأنه ليس له من التقدم
الا ما للمحدث وإذا كان ذلك كذلك وكان المحدث بما له من الحظ في
الوجود والتقدم لا يكون قديما بل يكون محدثا فكذلك ما شاركه
في علته وساواه في الوجود ولم يتقدمه فواجب أن يكون محدثا
فان قال أوليس الجسم لا يخلو من الاعراض ولا يجب أن يكون عرضا
فما أنكرتم أن لا يخلو من الحوادث ولا يجب أن يكون محدثا قيل له أن
وصفنا العرض بأنه عرض ليس هو من صفات التقدم والتأخر انما
هو اخبار عن أجناسها والجسم إذا لم يتقدمها فليس يجب أن يصير من
جنسها فلهذا لا يجب أن يكون الجسم وان لم يتقدم الاعراض عرضا
إذا لم يشاركها فيما له كانت الاعراض اعراضا ووصفنا القديم انه قديم
هو اخبار عن تقدمه ووجوده لا إلى أول ووصفنا المحدث بأنه محدث
هو اخبار عن كونه إلى غاية ونهاية وابتداء وأول وإذا كان ذلك كذلك
55

فما لم يتقدمه من الأجسام فواجب أن يكون موجودا إلى غاية و
نهاية لأنه لا يجوز أن يكون الموجود لا إلى أول لم يتقدم الموجود
إلى أول وابتداء وإذا كان ذلك كذلك فقد شارك المحدث فيما
كان له محدثا وهو وجوده إلى غاية فلذلك وجب أن يكون محدثا
لوجوده إلى غاية ونهاية وكذلك الجواب في سائر ما يسئل في
هذا الباب من هذه المسألة فان قال قائل فإذا ثبت أن الجسم
محدث فما الدليل على أن له محدثا قيل له لأنا وجدنا الحوادث
كلها متعلقة بالمحدث فان قال ولم قلتم ان المحدثات انما كانت
متعلقة بالمحدث من حيث كانت محدثة قيل له لأنها لو لم تكن
محدثة لم تحتج إلى محدث ألا ترى انها لو كانت موجودة غير محدثة
أو ك أنت معدودة لم يجز أن تكون متعلقة بالمحدث وإذا كان
ذلك كذلك فقد ثبت أن تعلقها بالمحدث انما هو من حيث كانت
محدثة فوجب أن يكون حكم كل محدث حكمها في أنه يجب أن
56

يكون له محدث، قال الصدوق (ره) هذه أدلة أهل التوحيد الموافقة للكتاب والآثار الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام
231 / 11 ومن كلامه عليه السلام
كتاب التوحيد ص 391 قال الصدوق (ره) حدثنا محمد بن موسى بن ا لمتوكل (ره) قال حدثنا علي بن
الحسن السعدآبادي قال حدثنا أحمد بن عبد الله البرقي عن أبيه عن محمد بن سنان عن زياد بن المنذر
عن سعد بن طريق عن الأصبغ بن نباته قال قال أمير المؤمنين عليه السلام في القدر
الا ان القدر سر من سر الله وستر من ستر الله وحرز من حرز
الله مرفوع في حجاب الله مطوى عن خلق الله مختوم بخاتم الله
سابق في علم الله وضع الله العباد من علمه ورفعه فوق شهاداتهم
ومبلغ عقولهم لانهم لا ينالونه بحقيقة الربانية ولا بقدرة
الصمدية ولا بعظم النورانية ولا بعزة الوحدانية لأنه بخر
زاخر خالص لله تعالى عمقه ما بين السماء والأرض عرضه ما
بين المشرق والمغرب أسود كالليل الدامس كثير الحيات والحيتان
يعلو مرة ويسفل أخرى في قعره شمس تضئ لا ينبغي أن يطلع إليها
إلا الله الواحد الفرد فمن تطلع إليها فقد ضاد الله عز وجل في
حكمه ونازعه في سلطانه وكشف عن ستره وسره وباء بغضب
57

من الله ومأواه جهنم وبئس المصير
232 / 12 ومن كلامه عليه السلام
كتاب التوحيد ص 376 قال الصدوق (ره) حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال حدثنا أحمد بن يحيى بن
زكريا القطان قال حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب قال حدثنا علي بن زياد قال حدثنا مروان
بن معاوية عن الأعمش عن أبي حيان التيمي (التميمي خ ل) عن أبيه وكان مع علي عليه السلام
يوم صفين وفيما بعد ذلك قال بينا علي بن أبي طالب عليه السلام يعبى الكتائب يوم صفين
ومعاوية مستقبلة على فرس له يتأكل تحته تاكلا وعلي عليه السلام على فرس رسول الله
صلى الله عليه وآله المرتجز وبيده خربة رسول الله صلى الله عليه وآله وهو متقلد سيفه ذو الفقار
فقال رجل من أصحابه احترس يا أمير المؤمنين فانا نخشى أن يقاتلك (يغتالك خ ل) هذا الملعون
فقال عليه السلام لان قلت ذاك انه غير مأمون على دينه وانه
لاشقى القاسطين وألعن الخارجين على الأئمة المهتدين و
لكن كفى بالأجل حارسا ليس أحد من الناس الا ومعه ملائكة
حفظة يحفظونه من أن يتردى في بئر أو يقع عليه حائط أو يصيبه
سوء فإذا حان أجله خلوا بينه وبين ما يصيبه ولذلك انا إذا
حان أجلى انبعث أشقاها فخضب هذه من هذا وأشار إلى لحيته
ورأسه عهدا معهودا ووعدا غير مكذوب قال الصدوق (ره) والحديث
طويل أخذنا منه موضع الحاجة وقد أخرجته بتمامه في كتاب الدلائل والمعجزات انتهى كلامه أعلى الله مقامه
233 / 13 ومن كلامه عليه السلام
58

كتاب التوحيد ص 259 في باب الرد على الثنوية والزنادقة في جواب رجل أتى أمير المؤمنين عليه السلام
فقال يا أمير المؤمنين اني قد شككت في كتاب الله أمنزل قال الصدوق (ره) حدثنا أحمد بن الحسن
القطان (ره) قال حدثنا محمد بن الحسن بن عبد العزيز الأحدب الجند بنيسابور قال وجدت في
كتاب أبي بخطه حدثنا طلحة بن يزيد عن عبيد الله بن عبيد عن أبي معمر السعداني ان رجلا أتى أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فقال يا أمير المؤمنين اني قد شككت في كتاب الله
المنزل قال له عليه السلام ثكلتك أمك وكيف شككت في كتاب الله المنزل، قال لاني وجدت الكتاب
يكذب بعضه بعضا فكيف لا أشك فيه فقال علي بن أبي طالب عليه السلام ان كتاب الله ليصدق بعضه بعضا
ولا يكذب بعضه بعضا ولكنك لم ترزق عقلا تنتفع به فهات ما شككت فيه من كتاب الله عز وجل
قال له الرجل اني وجدت ا لله يقول فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا وقال أيضا نسو الله
فنسيهم وقال وما كان ربك نسيا فمرة يخبر انه ينسى ومرة يخبر انه لا ينسى فانى ذلك يا أمير المؤمنين
قال هات ما شككت فيه أيضا قال واجد الله يقول يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون
الا من اذن له الرحمن ورضى له قولا قال صوابا وقال واستنطقوا فقالوا والله ربنا ما كنا مشركين
وقال ويوم القيمة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا وقال إن ذلك لحق تخاصم أهل النار
وقال لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد وقال اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم
وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون فمرة يخبرانهم يتكلمون مرة يخبر انهم لا يتكلمون الا من اذن له الرحمن وقال صوابا
ومرة يخبر أن الخلق لا ينطقون ويقول عن مقالتهم والله ربنا ما كنا مشركين ومرة يخبرانهم يختصمون
فاني ذلك يا أمير المؤمنين وكيف لا أشك فيما نسمع قال هات ويحك ما شككت فيه قال واجد الله
عز وجل يقول وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ويقول لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار
وهو اللطيف الخبير ويقول لقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى ويقول يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا
من أذن له الرحمن ورضى له قولا يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما ومن أدركه
الابصار فقد أحاط به العلم فاني ذلك يا أمير المؤمنين وكيف لا أشك فيما تسمع قال هات أيضا
ويحك ما شككت فيه قال واجد الله تبارك وتعالى يقول وما كان لبشر أن يكلمه الله الا وحيا
أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحى باذنه ما يشاء وقال وكلم الله موسى تكليما وقال و
ناداهما ربهما وقال يا أيها النبي قل لازواجك وقال يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك
59

فإني ذلك يا أمير المؤمنين وكيف لا أشك فيما تسمع قال هات ويحك ما شككت فيه قال
واجد الله جل ثنائه يقول هل تعلم له سميا وقد يسمى الانسان سميعا بصيرا وملكا وربا
فمرة يخبر بأن له أسامي كثيرة ومشتركة ومرة يقول هل تعلم له سميا فاني ذلك يا أمير المؤمنين
وكيف لا أشك فيما تسمع قال هات ويحك ما شككت فيه قال وجدت الله تبارك وتعالى
يقول وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ويقول ولا ينظر
إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ويقول كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون كيف
ينظر إليهم من يحجب عنهم فإني ذلك يا أمير المؤمنين وكيف لا أشك فيما تسمع قال هات
أيضا ويحك ما شككت فيه قال واجد الله عز وجل يقول آمنتم من في السماء أن
يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور وقال الرحمن على العرش استوى وقال وهو الله في السماوات
والأرض يعلم سركم وجهركم وقال إنه هو الظاهر والباطن وقال وهو معكم أينما كنتم وقال
ونحن أقرب إليه من حبل الوريد فإني ذلك يا أمير المؤمنين وكيف لا أشك فيما تسمع قال هات
أيضا ويحك ما شككت فيه قال واجد الله جل ثنائه يقول وجاء ربك والملك صفا صفا
وقال ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وقال هل ينظرون أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام
والملائكة وقال هل ينظرون ا لا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك يوم يأتي
بعض آيات ربك لا ينفع نفسا ايمانها لم تكن آمنت من قبل أو ك سبت في ايمانها خيرا فمرة يقول يأتي
ربك ومرة يقول يوم يأتي بعض آيات ربك فإني ذلك يا أمير المؤمنين وكيف لا أشك فيما تسمع
قال هات ويحك ما شككت فيه قال واجد الله جل جلاله يقول بل هم بلقاء ربهم كافرون وذكر
المؤمنين فقال الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وانهم إليه راجعون وقال تحيتهم يوم يلقونه
سلام وقال من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لات وقال فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل
عملا صالحا فمرة يخبرانهم يلقونه ومرة انه لا تدركه الابصار ومرة يقول لا يحيطون به علما
فاني ذلك يا أمير المؤمنين وكيف لا أشك فيما تسمع قال هات ويحك ما شككت فيه قال واجد
الله تبارك وتعالى يقول ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها وقال يومئذ يوفيهم الله
دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين وقال وتظنون بالله الظنونا فمرة يخبرانهم يظنون
ومرة يخبرانهم يعلمون والظن شك فإني ذلك يا أمير المؤمنين وكيف لا أشك فيما تسمع قال
هات ويحك ما شككت فيه قال واجد الله تعالى يقول قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم
60

ثم إلى ربكم ترجعون وقال الله يتوقى الأنفس حين موتها وقال توفته رسلنا وهم لا يفرطون
وقال الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم فإني ذلك يا أمير المؤمنين وكيف لا أشك فيما
تسمع وقد هلكت ان لم ترحمني وتشرح لي صدري فيما عسى أن يجري ذلك على يديك فإن
كان الرب تبارك وتعالى حقا والكتاب حقا والرسل حقا فقد هلكت وخسرت وان تكن الرسل
باطلا فما على باس وقد نجوت فقال علي عليه السلام قدوس ربنا قدوس
تبارك وتعالى علوا كبيرا نشهد أنه هو الدائم الذي لا يزول و
لا نشك فيه وليس كمثله شئ وهو السميع البصير وأن الكتاب حق
والرسل حق وان الثواب والعقاب حق فإن رزقت زيادة
ايمان أو حرمته فإن ذلك بيد الله إن شاء رزقك وإن شاء
حرمك ذلك ولكن سأعلمك ما شككت فيه ولا حول ولا
قوة إلا بالله فإن أراد الله بك خيرا أعلمك بعلمه وثبتك وإن
يكن شرا ضللت وهلكت إما قوله نسوا الله فنسيهم إنما يعنى
نسوا الله في دار الدنيا لم يعلموا بطاعته فنسيهم في الآخرة أي لم
يجعل لهم في ثوابه شيئا فصاروا منسيين من الخير وكذلك تفسير
قوله عز وجل فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا يعني
61

بالنسيان انه لم يثبهم كما يثيب أوليائه الذين كانوا في دار
الدنيا مطيعين (له خ ل) ذاكرين حين آمنوا به ويرسله وخافوه
بالغيب واما قوله وما ك ان ربك نسيا فان ربنا تبارك وتعالى
علوا كبيرا ليس بالذي ينسى ولا يغفل بل هو الحفيظ العليم و
قد يقول العرب في باب النسيان قد نسينا فلان فلا يذكرونا
أي انه لا يأمر لنا بخبر ولا يذكرنا به فهل فهمت ما ذكر الله عز وجل
قال نعم فرجت عني فرج عنك وحللت عني عقدة فعظم الله أجرك قال واما
قوله يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون الا من أذن
له الرحمن وقال صوابا وقوله والله ربنا ما كنا مشركين وقوله
يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا وقوله إن
ذلك لحق تخاصم أهل النار وقوله لا تختصموا لدي وقد قدمت
إليكم بالوعيد وقوله اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم
وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون فان ذلك في مواطن غير
62

واحد من مواطن ذلك اليوم الذي كان مقداره خمسين ألف سنة
يجمع الله عز وجل الخلائق يومئذ في مواطن يتفرقون ويكلم بعضهم
بعضا ويستغفر بعضهم لبعض أولئك الذين كان منهم الطاعة في دار
الدنيا الرؤساء والاتباع ويلعن أهل المعاصي الذين بدت منهم
البغضاء وتعاونوا على الظلم والعدوان في دار الدنيا المستكبرين
والمستضعفين يكفر بعضهم ببعض ويلعن بعضهم بعضا والكفر في
هذه الآية البراءة تقول فتبرء بعضهم من بعض ونظيرها في سورة
إبراهيم قول الشيطان اني كفرت بما أشركتمون من قبل وقول إبراهيم
خليل الرحمن كفرنا بكم يعني تبرأنا منكم ثم يجتمعون في موطن اخر
يستنطقون ويبكون فيه فلو ان تلك الأصوات بدت لأهل الدنيا
لأذهلت جميع الخلق عن معايشهم ولتصدعت قلوبهم إلا ما شاء الله
فلا يزالون يبكون الدم ثم يجتمعون في مواطن اخر فيستنطقون فيه
فيقولون والله ربنا ما كنا مشركين فيختم الله تبارك وتعالى على أفواههم
63

ويستنطق الأيدي والأرجل والجلود فتشهد بكل معصية كانت منهم
ثم يرفع عن ألسنتهم الختم فيقولون لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا
أنطقنا الله الذي أنطق كل شئ ثم يجتمعون في موطن اخر
فيستنطقون فيفر بعضهم من بعض فذلك قوله عز وجل يوم
يقر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه فيستنطقون
فلا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا فيقوم الرسل صلى
الله عليهم فيشهدون في هذا الموطن فذلك قوله فكيف إذا
جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا ثم يجتمعون
في موطن اخر يكون فيه مقام محمد صلى الله عليه وآله وهو المقام
المحمود فيثنى على الله تبارك وتعالى بما لم يثن عليه أحد قبله ثم
يثنى على الملائكة كلهم فلا يبقى ملك الا اثنى عليه محمد صلى الله
عليه وآله ثم يثنى على الرسل بما لم يثن عليهم أحد مثله ثم يثنى
على كل مؤمن ومؤمنة يبدأ بالصديقين والشهداء ثم الصالحين
64

فيحمده أهل السماوات والأرض فذلك قوله عسى أن يبعثك ربك مقاما
محمودا فطوبى لمن كان له في ذلك المقام حظ ونصيب وويل لمن لم يكن
لفه في ذلك المقام حظ ولا نصيب ثم يجتمعون في موطن اخر ويدان
بعضهم لبعض فهذا كله قبل الحساب فإذا أخذ في الحساب شغل كل
انسان بما لديه نسئل الله بركة ذلك اليوم قال فرجت عني فرج الله عنك يا
أمير المؤمنين وحللت عني عقدة فعظم الله أجرك فقال عليه السلام وأما قوله عز وجل
وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة وقوله لا تدركه الابصار وهو
يدرك الابصار وقوله ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى
وقوله يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضى له قولا
يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما وأما قوله وجوه
يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة فان ذلك في موضع ينتهى فيه أولياء الله
عز وجل بعد ما يفرغ من الحساب إلى نهر يسمى الحيوان فيغتسلون فيه ويشربون فتنظر وجوههم اشراقا فيذهب عنهم كل قذى ووعث
65

ثم يؤمرون بدخول الجنة فمن هذا المقام ينظرون إلى ربهم كيف
يثيبهم ومنه يدخلون الجنة فذلك قوله عز وجل من تسليم الملائكة
عليهم سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين فعند ذلك أيقنوا بدخول
الجنة والنظر إلى ربهم ما وعدهم ربهم فذلك قوله إلى ربها
ناظرة وانما يعنى بالنظر إليه النظر إلى ثوابه تبارك وتعالى واما قوله
لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار فهو كما قال لا تدركه الابصار
يعني لا يحيط به الأوهام وهو يدرك الابصار يعني يحيط بها وهو
اللطيف الخبير وذلك مدح امتدح به ربنا نفسه تبارك وتعالى
وتقدس علوا كبيرا وقد سئل موسى عليه السلام وجرى على
لسانه من حمد الله عز وجل رب أرني أنظر إليك فكانت مسئلته
تلك أمرا عظيما وسئل أمرا جسيما فعوقب فقال الله تبارك و
تعالى لن تراني في الدنيا حتى تموت فتراني في الآخرة ولكن ان
أردت أن تراني في الدنيا فانظر إلى الجبل فان استقر مكانه
66

فسوف تراني فأبدى الله سبحانه بعض آياته وتجلى ربنا للجبل فتقطع
الجبل فصار رميما وخر موسى صعفا يعني ميتا فكانت عقوبته الموت
ثم أحياه الله وبعثه وتاب عليه فقال سبحانك تبت إليك وأنا
أول المؤمنين يعني أول مؤمن آمن بك منهم أنه لن يراك وأما
قوله ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى يعني محمد صلى الله
عليه وآله حيث لا يتجاوزها خلق من خلق الله وقوله في اخر الآية
ما زاغ البصر وما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى رأى جبرئيل
في صورته مرتين هذه المرة ومرة أخرى وذلك أن خلق جبرئيل عظيم
فهو من الروحانيين الذين لا يدرك خلقهم وصفتهم إلا الله رب
العالمين وأما قوله يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن
ورضى له قولا يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما
لا يحيط الخلائق بالله عز وجل علما إذ هو تبارك وتعالى جعل على أبصار
القلوب الغطاء فلا فهم يناله بالكيف ولا قلب يثبته بالحدود فلا
67

يصفه الا كما وصف نفسه ليس كمثله شئ وهو السميع البصير الأول و
الاخر والظاهر والباطن الخالق البارئ المصور خلق الأشياء فليس
من الأشياء شئ مثله تبارك وتعالى فقال فرجت عني فرج الله عنك و
حللت عني عقدة فأعظم الله أجرك يا أمير المؤمنين قال وأما قوله وما كان لبشر
أن يكلمه الله الا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحى
بإذنه ما يشاء وقوله وكلم الله موسى تكليما وقوله وناداهما ربهما
ألم أنهكما وقوله يا آدم أسكن أنت وزوجك الجنة فاما قوله ما كان
لبشر أن يكلمه الله الا وحيا أو من وراء حجاب فإنه ما ينبغي لبشر أن
يكلمه الله الا وحيا وليس بكائن إلا من وراء حجاب أو يرسل رسولا
فيوحى بإذنه ما يشاء كذلك قال الله تبارك وتعالى علوا كبيرا قد كان
الرسول يوحى إليه من رسل السماء فيبلغ رسل السماء رسل الأرض
وقد كان الكلام بين رسل أهل الأرض وبينه من غير أن يرسل بالكلام
مع رسل أهل السماء وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله يا جبرئيل
68

هل رأيت ربك فقال جبرئيل إن ربي لا يرى فقال رسول الله
صلى الله عليه وآله من أين تأخذ الوحي فقال أخذه من إسرافيل
قال يأخذه من ملك قال ومن أين يأخذه إسرافيل فوقه من الروحانيين قال فمن أين يأخذ ذلك
الملك قال يقذف في قلبه قذفا فهذا وحي وهو كلام الله
عز وجل وكلام الله ليس بنحو واحد منه ما كلم الله به الرسل
ومنه ما قذف في قلوبهم ومنه رؤيا يراها الرسل ومنه وحي
وتنزيل يتلى ويقرء فهو كلام الله فاكتف بما وصفت لك من كلام
الله فإن معنى كلام الله ليس بنحو واحد فإن منه ما يبلغ به رسل
السماء رسل الأرض قال فرجت عني فرج الله عنك وحللت عني عقدة فعظم
الله أجرك يا أمير المؤمنين قال وأما قوله هل تعلم له سميا فإن تأويله هل
تعلم أحدا اسمه الله غير الله تبارك وتعالى فإياك أن تفسير القرآن برأيك
حتى تفقهه عن العلماء فإنه رب تنزيل يشبه بكلام البشر وهو كلام
الله وتأويله لا يشبه كلام البشر كما ليس شئ من خلقه يشبهه كذلك
69

لا يشبهه (يشبه خ ل) فعله تبارك وتعالى شئ من أفعال البشر و
لا يشبه شئ من كلامه بكلام البشر فكلام الله تبارك وتعالى صفته
وكلام البشر أفعالهم فلا تشبه كلام الله بكلام البشر فتهلك
وتضل قال فرجت عني فرج الله عنك وحللت عني عقدة فعظم الله أجرا يا أمير المؤمنين
قال وأما قوله وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض
ولا في السماء كذلك ربنا لا يعزب عنه شئ وكيف يكون من خلق
الأشياء لا يعلم من (ما خ ل) خلق وهو الخلاق العليم وأما قوله
لا ينظر إليهم يوم القيامة يخبر أنهم (انه خ ل) لا يصيبهم بخير وقد
تقول العرب والله ما ينظر إلينا فلان وانما يعنون بذلك انه لا
يصيبنا منه بخير فذاك النظر ههنا من الله تعالى إلى خلقه فنظره
إليهم رحمته لهم قال فرجت عني فرج الله عنك وحللت عني عقدة فعظم الله
أجرك قال وأما قوله كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون فإنما
يعني بذلك يوم القيامة انهم من تواب ربهم محجوبون وقوله
70

آمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور وقوله
وهو الله في السماوات وفي الأرض وقوله الرحمن على العرش استوى
وقوله وهو معكم أينما كنتم وقوله ونحن أقرب إليه من حبل الوريد فكذلك
الله تبارك وتعالى سبوحا قدوسا أن يجري منه ما يجرى من
المخلوقين وهو اللطيف الخبير وأجل وأكرم (أكبر خ ل) أن ينزل به شئ
مما ينزل بخلقه وهو على العرش استوى علمه شاهد لكل نجوى
وهو الوكيل على كل شئ والميسر لكل شئ والمدبر للأشياء كلها
تعالى الله عن أن يكون على عرشه علوا كبيرا واما قوله وجاء
ربك والملك صفا صفا وقوله ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم
أول مرة وقوله هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام
والملائكة وقوله هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك
أو يأتي بعض آيات ربك فإن ذلك حق كما قال الله عز وجل وليس
له جيئة كجيئة الخلق وقد أعلمتك أن رب شئ من كتاب الله تأويله
71

على غير تنزيله ولا يشبه كلام البشر وسأنبئك بطرف منه فتكتفي
إن شاء الله من ذلك قول إبراهيم عليه السلام اني ذاهب إلى
ربي سيهدين فذهابه إلى ربه توجهه إليه عبادة واجتهادا
وقربة (قربانا خ ل) إلى الله جل وعز ألا ترى أن تأويله غير تنزيله
وقال وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد يعني السلاح وغير ذلك
وقوله هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة يخبر محمدا صلى الله
عليه وآله عن المشركين والمنافقين الذين لم يستجيبوا لله وللرسول
وقال هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة حيث لم يستجيبوا لله و
لرسوله أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك يعني بذلك العذاب
يأتيهم في دار الدنيا كما عذب القرون الأولى فهذا خبر يخبر به النبي
صلى الله عليه وآله عنهم ثم قال يوم يأتي بعض آيات ربك لا
ينفع نفسا ايمانها لم تكن امنت من قبل أو كسبت في ايمانها خيرا
يعني من قبل أن تجئ هذه الآية وهذه الآية طلوع الشمس من مغربها
72

وانما يكتفي أولوا الألباب والحجى وأولوا النهى أن يعلموا انه إذا
انكشفت الغطاء رأوا ما يوعدون وقال في أية أخرى فأتاهم
الله من حيث لم يحتسبوا يعني أرسل عليهم عذابا وكذلك اتيانه
بنيانهم وقال الله عز وجل فأتى الله بنيانهم من القواعد
فاتيانه بنيانهم من القواعد ارسال العذاب وكذلك ما وصف
من أمر الآخرة تبارك اسمه وتعالى علوا كبيرا انه يجرى أموره
في ذلك اليوم الذي مقداره خمسين ألف سنة كما يجرى أموره
في الدنيا لا يغيب ولا يأفل مع الآفلين فاكتف بما وصفت (وصف خ ل)
لك من ذلك مما جال في صدرك مما وصف الله عز وجل في كتابه
ولا تجعل كلامه ككلام البشر هو أعظم وأجل وأكرم وأعز تبارك
وتعالى من أن يصفه الواصفون إلا بما وصف به نفسه في قوله
عز وجل قال ليس كمثله شئ وهو السميع البصير قال فرجت عني يا أمير المؤمنين
فرج الله عنك وحللت عني عقدة قال وأما قوله بل هم بلقاء ربهم كافرون
73

وذكر الله المؤمنين الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وقوله لغيرهم
إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وقوله فمن كأني رجوا
لقاء ربه فليعمل عملا صالحا وأما قوله بل هم بلقاء ربهم كافرون
يعنى البعث فسماه الله عز وجل لقاءه وكذلك ذكر المؤمنين الذين
يظنون أنهم ملاقوا ربهم يعني يوقنون أنهم يبعثون ويحشرون
ويحاسبون ويجزون بالثواب والعقاب فالظن ههنا بمعنى
اليقين خاصة وكذلك قوله فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا
صالحا وقوله ومن كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لات يعني من
كان يؤمن بأنه مبعوث فإن وعد الله لات من الثواب والعقاب
فاللقاء ههنا ليس بالرؤية واللقاء هو البعث وكذلك قوله
تحيتهم يوم يلقونه سلام يعني انه لا يزول الايمان عن قلوبهم
يوم يبعثون قال فرجت عني يا أمير المؤمنين فرج الله عنك فقد حللت عني عقدة قال
وأما قوله ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها يعني أيقنوا أنهم
74

داخلوها وكذلك قوله إني ظننت أني ملاق حسابيه يقول إني
ظننت أني أبعث فأحاسب بقوله ملاق حسابيه وقوله عز
وجل يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق
المبين وقوله للمنافقين ويظنون بالله الظنونا بهذا الظن ظن
شك وليس ظن يقين والظن ظنان ظن شك وظن يقين فما
كان من أمر معاد من الظن فهو ظن يقين وما كان من أمر الدنيا
فهو ظن شك فافهم ما فسرت لك قال فرجت عني يا أمير المؤمنين فرج الله
عنك قال وأما قوله تبارك وتعالى ونضع الموازين القسط يوم
القيمة فلا تظلم نفس شيئا فهو ميزان العدل يؤخذ به الخلائق
يوم القيامة يدين الله تبارك وتعالى الخلق بعضهم من بعض
بالموازين (وفي غير هذا الحديث الموازين هم الأنبياء والأوصياء عليهم السلام) وقوله
عز وجل فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا فان ذلك خاصة وأما
قوله يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب فإن رسول الله
75

صلى الله عليه وآله قال قال الله عز وجل لقد حقت كرامتي أو
قال مودتي لمن يراقبني ويتحاب بجلالي إن وجوههم يوم القيامة
من نور على منابر من نور عليهم ثياب خضر قيل من هم يا رسول
الله قال قوم ليسوا بأنبياء ولا شهداء ولكنهم تحابوا لجلال الله
ويدخلون الجنة بغير حساب نسئل الله عز وجل أن يجعلنا منهم
برحمته وأما قوله فمن ثقلت موازينه وخفت موازينه فإنما يعني
الحسنات توزن الحسنات والسيئات والحسنات ثقل الميزان و
السيئات خفة الميزان وأما قوله يتوفى الأنفس حين موتها و
قوله توفته رسلنا وهم لا يفرطون وقوله الذين تتوفاهم الملائكة
ظالمي أنفسهم وقوله الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون
عليكم فان الله تبارك وتعالى يدبر الأمور كيف يشاء ويوكل من
خلقه من يشاء بما يشاء إما ملك الموت فان الله يوكله بخاصة
من يشاء من خلقه ويوكل رسله من الملائكة خاصة بمن يشاء
76

من خلقه والملائكة الذين سماهم الله عز ذكره وكلهم بخاصة
من يشاء من خلقه يدبر الأمور كيف يشاء وليس كل العلم يستطيع
صاحب العلم أن يفسره لكل الناس لان منهم القوي والضعيف
ولان منه ما يطاق حمله ومنه ما لا يطاق حمله إلا أن يسهل
الله له حمله وأعانه عليه من خاصة أوليائه وانما يكفيك ان
تعلم أن الله هو المحيي المميت وإنه يتوفى الأنفس على يدي من يشاء
من خلقه من ملائكته وغيرهم قال فرجت عني فرج الله عنك يا أمير
المؤمنين ونفع ا لله المسلمين بك فقال علي عليه السلام للرجل ان كنت قد شرح الله
صدرك بما قد بينت لك فأنت والذي فلق الحبة وبرء النسمة
من المؤمنين حقا قال لا يعلم ذلك الا من أعلمه الله على لسان
نبيه صلى الله عليه وآله وشهد له رسول الله صلى الله عليه
وآله بالجنة أو شرح الله صدره ليعلم ما في الكتب التي أنزلها الله
عز وجل على رسله وأنبيائه قال يا أمير المؤمنين ومن يطيق ذلك قال
77

من شرح الله صدره ووفقه له فعليك بالعمل لله في سر أمرك
وعلانيتك فلا شئ يعدل العمل
234 / 14 ومن كلامه عليه السلام
كتاب التوحيد أيضا في باب تفسير حروف المعجم ص 236 قال حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الرحمن المقرى
الحاكم قال حدثنا أبو عمرو محمد بن جعفر المقري الجرجاني قال حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن الموصلي ببغداد
قال حدثنا محمد بن عاصم الطريفي قال حدثنا أبو زيد عياش بن يزيد بن الحسن بن علي الكحال مولى
زيد بن علي قال أخبرني أبي يزيد بن الحسن قال حدثني موسى بن جعفر عن أبيه ج عفر بن محمد عن أبيه
محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال جاء يهودي
إلى النبي صلى الله عليه وآله وعنده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فقال له ما الفائدة
في حروف الهجاء فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام أجبه وقال اللهم وفقه
وسدده فقال علي بن أبي طالب عليه السلام
ما من حرف إلا وهو اسم من أسماء الله عز وجل ثم قال الألف
فالله لا اله الا هو الحي القيوم وأما الباء فباقي بعد فناء خلقه
وأما التاء فالتواب يقبل التوبة عن عباده وأما الثاء فالثابت
الكائن يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا الآية
وأما الجيم فجل ثنائه وتقدست أسمائه وأما الحاء فحق حي حليم
وأما الخاء فخبير بما يعمل العباد وأما الدال فديان يوم الدين
وأما الذال فذو الجلال والاكرام وأما الراء فرؤوف بعباده
78

وأما الزاء فزين المعبودين وأما السين فالسميع البصير وأما الشين
فالشاكر لعباده المؤمنين وأما الصاد فصادق في وعده ووعيده
وأما الضاد فالضار النافع وأما الطاء فالطاهر المطهر وأما الظاء
فالظاهر المظهر لا يأته وأما العين فعالم بعباده وأما الغين فغياث
المستغيثين من ج ميع خلقه وأما الفاء فالق الحب والنوى وأما
القاف فقادر على جميع خلقه وأما الكاف فالكافي الذي لم يكن
له كفوا أحد ولم يلد ولم يولد واما اللام فلطيف بعباده وأما الميم
فما لك الملك وأما النون فنور السماوات من نور عرشه وأما الواو
فواحد أحد صمد لم يلد ولم يولد وأما الهاء فهادي لخلقه و
أما اللام ألف فلا إله إلا الله وحده لا شريك له وأما الياء فيد الله
باسطة على خلقه فقال رسول الله صلى الله عليه وآله هذا هو القول الذي يرضى الله
عز وجل لنفسه من جميع خلقه فأسلم اليهودي
235 / 15 ومن كلامه عليه السلام
كتاب التوحيد أيضا ص 232 في باب معنى بسم الله الرحمن الرحيم قال حدثنا محمد بن القسم الجرجاني المفسر
79

قال حدثنا أبو يعقوب يوسف بن محمد بن زياد وأبو الحسن علي بن محمد بن سيار وكانا من الشيعة الإمامية
عن أبويهما عن الحسن بن علي بن محمد عليهم السلام أنه قال قام رجل إلى علي بن الحسين عليه السلام فقال أخبرني
عن معنى بسم الله الرحمن الرحيم فقال علي بن الحسين عليهما السلام حدثني أبي عن أخيه الحسن عليه السلام
عن أبيه أمير المؤمنين عليه السلام إن رجلا قام إليه فقال يا أمير المؤمنين أخبرني عن بسم الله الرحمن الرحيم
ما معناه فقال إن قولك الله أعظم اسم من أسماء الله عز وجل فهو
الاسم الذي لا ينبغي أن يسمى به غير الله ولم يتسم به مخلوق فقال
الرجل ما تفسير قول الله تعالى قال هو الذي يتأله إليه عند الحوائج والشدائد
كل مخلوق عند انقطاع الرجاء من جميع من هو دونه وتقطع الأسباب
من كل من سواه وذلك أن كل مترأس في هذه الدنيا ومتعظم
فيها وان عظم غناءه وطغيانه وكثرت حوائج من دونه إليه
فإنهم سيحتاجون حوائج لا يقدر علينا هذا المتعاظم وكذلك
هذا المتعاظم يحتاج حوائج لا يقدر عليها فينقطع إلى الله عند ضرورية
وفاقته حتى إذا كفى همه عاد إلى شركه أما تسمع الله عز وجل يقول
قل أرأيتم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أغير الله تدعون إن
كنتم صادقين بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء
80

وتنسون ما تشركون فقال الله جل جلاله لعباده أيها الفقراء
إلى رحمتي إني قد ألزمتكم الحاجة إلي في كل حال وذلة العبودية
في كل وقت فإلي فافزعوا في كل أمر تأخذون فيه وترجون
تمامه وبلوغ غايته فإني ان أردت أن أعطيكم لم يقدر غيري على منعكم
وإن أردت أن أمنعكم لم يقدر غيري على إعطاءكم فانا أحق من
سئل وأولى من تضرع إليه فقولوا عند افتتاح كل أمر صغير أو كبير
(عظيم خ ل) بسم الله الرحمن الرحيم أي أستعين على هذا الامر بالله الذي
لا يحق العبادة لغيره المغيث إذا استغيث المجيب إذا دعي الرحمن الذي
يرحم (يرحمنا خ ل) ببسط الرزق علينا الرحيم بنا في أدياننا ودنيانا
واخرتنا خفف علينا الدين وجعله سهلا حنيفا وهو يرحمنا بتمييزنا
من أعدائه ثم قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من حزنه
أمر تعاطاه فقال بسم الله الرحمن الرحيم وهو مخلص لله يقبل بقلبه
إليه لم ينفك من إحدى اثنتين إما بلوغ حاجة في الدنيا وإما
81

بعد له عند ربه ويدخر لديه وما عند الله خير وأبقي للمؤمنين
236 / 16 ومن كلامه عليه السلام
كتاب التوحيد في باب تفسير حروف الأذان والإقامة ص 240 قال حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الرحمن
المروزي الحاكم المقري قال حدثنا أبو عمرو محمد بن جعفر المقري الجرجاني قال حدثنا أبو بكر محمد بن
الحسن الموصلي ببغداد قال حدثنا محمد بن عاصم الطريفي قال حدثنا أبو زيد عياش بن يزيد بن الحسن
بن علي الكحال مولى زيد بن علي قال أخبرني إني زيد (يزيد خ ل) بن الحسن قال حدثني موسى بن جعفر عن أبيه
جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عليهم السلام قال كنا جلوسا
في المسجد إذا صعد المؤذن ا لمنارة فقال الله أكبر الله أكبر فبكى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام
وبكينا ببكائه فلما فرغ المؤذن قال أتدرون ما يقول المؤذن قلنا الله ورسوله ووصيه أعلم
فقال لو تعلمون ما يقول لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا فلقوله الله أكبر
معان كثيرة منها أن قول المؤذن الله أكبر يقع على قدمه وأزليته
وأبديته وعلمه وقوته وقدرته وحلمه وكرمه وجوده و
عطائه وكبريائه فإذا قال المؤذن الله أكبر يقول الله الذي له
الامر والخلق وبمشيته كان الخلق ومنه كان كل شئ للخلق واليه
يرجع الخلق وهو ا لأول قبل كل شئ لم يزل والاخر بعد كل شئ لا يزال
الظاهر فوق كل شئ لا يدرك والباطن دون كل شئ لا يحد فهو الباقي
وكل شئ دونه فان والمعنى الثاني الله أكبر أي العليم الخبير علم ما
82

كان وما يكون قبل أن يكون والثالث الله أكبر أي القادر على كل شئ
يقدر (على خ ل) ما يشاء القوي لقدرته المقتدر على خلقه القوي لذاته
قدرته قائمة على الأشياء كلها إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون
والرابع الله أكبر على معنى حلمه وكرمه يحلم كأنه لا يعلم ويصفح كأنه
لا يرى ويستر كأنه لا يعصى لا يعجل بالعقوبة كرما وصفحا وحلما والوجه
الاخر في معنى الله أكبر أي الجواد جزيل العطاء كريم الفعال والوجه الاخر
الله أكبر فيه نفى كيفيته كأنه يقول الله أجل من أن يدرك الواصفون
قد رصفته الذي هو موصوف به وانما يصفه الواصفون على قدرهم
لا على قدر عظمته وجلاله تعالى الله عن أن يدرك الواصفون صفته
علوا كبيرا والوجه الاخر الله أكبر كأنه يقول الله أعلى وأجل وهو الغني
عن عباده لا حاجة به إلى أعمال خلقه وأما قوله أشهد أن لا إله إلا
الله فاعلام بأن الشهادة لا يجوز إلا بمعرفة من القلب كأنه يقول أعلم
أنه لا معبود إلا الله عز وجل وأن كل معبود باطل سوى الله عز وجل
83

وأقر بلساني بما في قلبي من العلم بأنه لا إله إلا الله وأشهد أنه
لا ملجأ من الله إلا إليه ولا منحى من شر كل ذي شر وفتنة كل ذي فتنة
إلا بالله وفي المرة الثانية أشهد أن لا إله إلا الله معناه أشهد أن
لا هادي إلا الله ولا دليل إلا الله وأشهد الله بأني أشهد أن
لا إله إلا الله وأشهد سكان السماوات وسكات الأرضين وما
فيهن من الملائكة والناس أجمعين وما فيهن من الجبال والأشجار
والدواب والوحوش وكل رطب ويابس أني أشهد أن لا خالق إلا
الله ولا رازق ولا معبود ولا ضار ولا نافع ولا قابض ولا باسط ولا
معطى ولا مانع ولا دافع ولا ناصح ولا كافي ولا شافي ولا مقدم و
لا مؤخر إلا الله له الخلق والامر وبيده الخير كله تبارك الله رب
العالمين وأما قوله أشهد أن محمدا رسول الله يقول أشهد الله أني
أشهد أن لا إله إلا هو وأن محمدا عبده ورسوله ونبيه وصفيه و
نجيه أرسله إلى كافة الناس أجمعين بالهدى ودين الحق ليظهره على
84

الدين كله ولو كره المشركون وأشهد من في السماوات والأرض من
النبيين والمرسلين والملائكة والناس أجمعين أني أشهد أن محمدا
سيد الأولين والآخرين وفي المرة الثانية أشهد أن محمدا
رسول الله يقول أشهد أن لا حاجة لاحد إلى أحد إلا إلى الله الواحد
القهار مفتقرة إليه سبحانه وأنه الغني عن عباده والخلائق أجمعين
وأنه أرسل محمدا إلى الناس بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله باذنه و
سراجا منيرا فمن أنكره وجحده ولم يؤمن به أدخله الله عز وجل نار
جهنم خالدا مخلدا لا ينفك عنها أبدا وأما قوله حي على الصلاة أي هلموا
إلى خير أعمالكم ودعوة ربكم وسارعوا إلى مغفرة من ربكم واطفاء
ناركم التي أوقدتموها على ظهوركم وفكاك رقابكم التي رهنتموها
بذنوبكم ليكفر الله عنكم سيئاتكم ويغفر لكم ذنوبكم ويبدل سيئاتكم
حسنات فإنه ملك كريم ذو الفضل العظيم وقد أذن لنا معاشر المسلمين
بالدخول في خدمته والتقدم إلى بين يديه وفي المرة الثانية
85

حي على الصلاة أي قوموا إلى مناجاة ربكم وعرض حاجاتكم إلى
ربكم وتوسلوا إليه بكلامه وتشفعوا به وأكثروا الذكر و
القنوت والركوع والسجود والخضوع والخشوع وارفعوا إليه
حوائجكم فقد أذن لنا في ذلك وأما قوله حي على الفلاح فإنه
يقول أقبلوا إلى بقاء لا فناء معه ونجاة لاهلاك معها وتعالوا
إلى حياة لا موت معها والى نعيم لا نفاد له والى ملك لا زوال عنه
والى سرور لا حزن معه والى أنس لا وحشة معه والى نور لا ظلمة
له (معه خ ل) والى سعة لا ضيق معها والى بهجة لا انقطاع لها و
إلى غنى لا فاقة معه والى صحة لا سقم معها والى عز لأدل معه
وإلى قوة لا ضعف معها والى كرامة يا لها من كرامة وعجلوا إلى
سرور الدنيا والعقبى ونجاة الآخرة والأولى وفي المرة الثانية
حي على الفلاح فإنه يقول سابقوا إلى ما دعوتكم إليه وإلى جزيل
الكرامة وعظيم النعمة وسني المنة والفوز العظيم ونعيم الأبد في
86

جوار محمد في معقد صدق عند مليك مقتدر وأما قوله الله أكبر
فإنه يقول الله أعلى وأجل من أن يعلم أحد من خلقه ما عنده من
الكرامة لعبد اجابه وأطاعه وأطاع ولاة أمره وعرفه وعبده
واشتغل به وبذكره وأحبه وآنس به واطمأن إليه ووثق به و
خافه ورجاه واشتاق إليه ووافقه في حكمه وقضائه ورضى به
وفي المرة الثانية الله أكبر فإنه يقول الله أكبر وأعلى وأجل من أن
يعلم أحد مبلغ كرامته لأوليائه وعقوبته لأعدائه ومبلغ عفوه
وغفرانه ونعمته لمن أجابه وأجاب رسوله ومبلغ عذابه ونكاله
وهوانه لمن أنكره وجحده وأما قوله لا إله إلا الله معناه لله الحجة
البالغة عليهم بالرسل والرسالة والبيان والدعوة وهو أجل
من أن يكون لاحد منهم عليه حجة فمن أجابه فله النور والكرامة
ومن أنكره فان الله غني عن العالمين وهو أسرع الحاسبين ومعنى
قد قامت الصلاة في الإقامة أي حان وقت الزيارة والمناجاة وقضاء
87

الحوائج ودرك المنى والوصول إلى الله عز وجل وإلى كرامته وغفرانه
ورضوانه قال الصدوق رفع الله مقامه انما ترك الراوي لهذا الحديث حي على خير العمل
للتقية وقد روى في خبر اخر أن الصادق عليه السلام سئل عن معنى حي على خير العمل فقال
خير العمل الولاية وفي خبر اخر خير العمل بر فاطمة وولدها عليهم السلام (انتهى كلامه (ره))
237 / 17 ومن كلامه عليه السلام
كتاب التوحيد باب ذكر عظمة الله ص 287 قال حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال حدثنا أحمد بن
يحيى بن زكريا قال حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب عن تميم بن بهلول عن نصر بن مزاحم عن عمر بن سعد
عن أبي مخنف لوط بن يحيى عن أبي منصور عن زيد بن وهب قال سئل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
عليه السلام عن قدرة الله تعالى جلت عظمته فقام خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن لله
تبارك وتعالى ملائكة لو أن ملكا منهم هبط إلى الأرض ما وسعته
لعظم خلقه وكثرة أجنحته منهم لو كلفت الجن والإنس أن يصفوه
ما وصفوه لبعد ما بين مفاصله وحسن تركيب صورته وكيف يوصف
من ملائكته من سبعمأة عام بين منكبيه وشحمة أذنيه ومنهم
من يسد الأفق بجناح من أجنحته دون عظم بدنه ومنهم من
السماوات إلى حجزته ومنهم من قدمه على غير قرار في جو الهواء
الأسفل والأرضون إلى ركبتيه ومنهم من لو القى في نقرة ابهامه
88

جميع ا لمياه لوسعتها ومنهم من لو ألقيت السفن في دموع عينيه
لجرت دهر الداهرين فتبارك الله أحسن الخالقين وسئل عن الحجب فقال عليه السلام
أول الحجب سبعة غلظ كل حجاب منها مسيرة خمسمائة عام وبين كل
منها مسيرة خمسمائة عام والحجاب الثالث سبعون حجابا بين كل حجابين
منها مسيرة خمسمائة عام وطوله خمسمائة عام حجبته كل حجاب منها سبعون
ألف ملك قوة كل ملك منهم قوة الثقلين منها ظلمة ومنها نور و
منها نار ومنها دخان ومنها سحاب ومنها بزق ومنها مطر ومنها رعد
ومنها ضوء ومنها رمل ومنها جبل ومنها عجاج ومنها ماء ومنها
أنهار وهي حجب مختلفة غلظ كل حجاب مسيرة سبعين ألف عام ثم سرادقات
الجلال وهي سبعون سرادقا في كل سرادق سبعون ألف ملك بين
كل سرادق وسرادق مسيرة خمسمائة عام ثم سرادق العز ثم سرادق
الكبرياء ثم سرادق العظمة ثم سرادق القدس ثم سرادق الجبروت
ثم سرادق الفخر ثم النور (من النور خ ل) الأبيض ثم سرادق الوحدانية
89

وهو مسيرة سبعين ألف عام ثم الحجاب الاعلى وانقضى كلامه عليه السلام و
سكت فقال له عمر لابقيت ليوم لا أراك فيه يا أبا الحسن
238 / 18 ومن كلامه عليه السلام
كتاب التوحيد في باب القضاء والقدر والفتنة والأرزاق والأسعار والآجال ص 379 قال حدثنا
أحمد بن الحسن القطان قال حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني قال حدثنا علي بن الحسن بن علي بن
فضال عن أبيه عن مروان بن مسلم عن ثابت بن أبي صفية عنس عد (سعيد خ ل) الخفاف عن
الأصبغ بن نباته قال قال أمير المؤمنين عليه السلام لرحيل إن كنت لا تطيع خالقك
فلا تأكل من رزقه وان كنت واليت عدوه فاخرج من ملكه وان
كنت غير قانع بقضاءه وقدره فاطلب ربا سواه وبهذا الاسناد قال قال
أمير المؤمنين عليه السلام أما بعد فان الاهتمام بالدنيا غير زايد في الموظوف
وفيه يضيع ا لزاد والاقبال على الآخرة غير ناقص من المقدور وفيه
احراز المعاد وأنشد لو كان في صخرة في البحر راسية صماء ملمومة
ملس نواحيها (مراقيها خ ل) رزق لنفس يراها الله لانفلقت عنه
فأدت إليه كلما فيها أو كان بين طباق السبع مجتمعة (مجمعة)
لسهل الله في المرق مراقيها حتى يوافى الذي في اللوح خط له
ان هي أتته والا فهو آتيها (يأتيها خ ل)
90

ومن كلامه عليه السلام
أيضا كتاب التوحيد في باب في القرآن ما هو ص 225 قال حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (ره)
قال حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي قال حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي قال حدثنا جعفر بن
سليمان الجعفري قال حدثنا أبي عن عبد الله (أبو عبد الله خ ل) بن الفضل الهاشمي عن سعد
الخفاف عن أصبغ بن نباته قال لما وقف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام على الخوارج
ووعظهم وذكرهم وحذرهم القتال قال لهم
ما تنقمون مني إلا أني أول من آمن بالله وبرسوله فقالوا أنت كذلك و
لكنك حكمت في دين الله أبا موسى الأشعري فقال عليه السلام ما حكمت مخلوقا وإنما
حكمت القرآن ولولا أني غلبت على أمري وخولفت في رأيي لما رضيت
أن تضع الحرب أوزارها بيني وبين أهل حرب الله حتى أعلى كلمة الله
وانصر دين الله ولو كره الكافرون والجاهلون
239 / 19 ومن كلامه عليه السلام
كتاب معاني الأخبار للشيخ الجليل ابن بابويه الصدوق (ره) ص 360 طبع قم سنة 1379 في باب ما أكرم الله
بها نبيه صلى الله عليه وآله قال حدثنا الحاكم أحمد بن محمد بن عبد الرحمن المروزي قال حدثنا أبو بكر
محمد بن إبراهيم الجرجاني قال حدثنا أبو بكر عبد الصمد بن يحيى الواسطي قال حدثنا الحسن بن علي المدني
عن عبد الله بن المبارك عن سفيان الثوري عن جعفر بن محمد الصادق عن أبيه عن جده عن أبيه
عن علي بن أبي طالب عليه وعليهم السلام أنه قال
إن الله تبارك وتعالى خلق نور محمد صلى الله عليه وآله قبل
أن يخلق السماوات والأرض والعرش والكرسي واللوح والقلم و
91

الجنة والنار وقبل أن يخلق آدم ونوحا وإبراهيم وإسماعيل و
اسحق ويعقوب وموسى وعيسى وداود وسليمان وكل من قال
الله عز وجل ووهبنا له اسحق ويعقوب إلى قوله وهديناهم
إلى صراط مستقيم وقبل أن خلق الأنبياء كلهم بأربعمأة ألف
سنة وأربع وعشرين ألف سنة وخلق عز وجل معه اثنى عشر
حجابا حجاب القدرة وحجاب العظمة وحجاب المنة وحجاب الرحمة و
حجاب السعادة وحجاب الكرامة وحجاب المنزلة وحجاب الهداية و
حجاب النبوة وحجاب الرفعة وحجاب الهيبة وحجاب الشفاعة ثم
حبس نور محمد صلى الله عليه وآله في حجاب القدرة اثنى عشر ألف سنة
وهو يقول سبحان ربي الأعلى (وبحمده) وفي حجاب العظمة إحدى عشر
ألف سنة وهو يقول سبحان عالم السر وفي حجاب المنة عشرة آلاف
سنة وهو يقول سبحان من هو قائم لا يلهو وفي حجاب الرحمة تسعة
آلاف سنة وهو يقول سبحان الرفيع الاعلى وفي حجاب السعادة ثمانية
92

آلاف سنة وهو يقول سبحان من هو دائم لا يسهو وفي حجاب الكرامة
سبعة آلاف سنة وهو يقول سبحان من هو غني لا يفتقر وفي حجاب
المنزلة ستة آلاف سنة وهو يقول سبحان العليم الكريم وفي حجاب
الهداية خمسة آلاف سنة وهو يقول سبحان ذي العرش العظيم
وفي حجاب النبوة أربعة آلاف سنة وهو يقول سبحان رب العزة عما
يصفون وفي حجاب الرفعة ثلاثة آلاف سنة وهو يقول سبحان ذي
الملك والملكوت وفي حجاب الهيبة ألفى سنة وهو يقول سبحان الله و
بحمده وفي حجاب الشفاعة ألف سنة وهو يقول سبحان ربي العظيم و
بحمده ثم أظهر اسمه على اللوح فكان على اللوح منورا أربعة آلاف سنة
ثم أظهره على العرش فكان على ساق العرش مثبتا سبعة آلاف سنة
إلى أن وضعه الله عز وجل في صلب آدم عليه السلام ثم نقله من صلب
آدم إلى صلب نوح عليه السلام ثم من صلب إلى صلب حتى أخرجه الله
تعالى من صلب عبد الله بن عبد المطلب فأكرمه بست كرامات وألبسه
93

قميص الرضا ورداه برداء الهيبة وتوجه بتاج الهداية وألبسه
سراويل المعرفة جعل تكته تكة المحبة يشد بها سراويله وجعل
نعله نعل الخوف وناوله عصا المنزلة ثم قال له يا محمد إذهب إلى
الناس فقل لهم قولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله وكان أصل
ذلك القميص من ستة أشياء قامته من الياقوت وكماه من اللؤلؤ
ودخريصه من البلور الأصفر وابطاه من الزبرجد وجربانه من
المرجان الأحمر وجيبه من نور الرب جل جلاله فقبل الله توبة
ادم عليه السلام بذلك القميص ورد خاتم سليمان به ورد يوسف
إلى يعقوب به ونجى يونس من بطن الحوت به وكذلك ساير الأنبياء
عليهم السلام أنجاهم من المحن به ولم يكن ذلك المقيص والا قميص محمد
صلى الله عليه وآله
الكم بضم الكاف مدخل اليد ومخرجها من الثوب الدخريص بالكسر لبنة القميص الجربان بكسرتين أو ضمتين طوق القميص.
240 / 20 ومن خطبه عليه السلام
كتاب التوحيد باب التوحيد ص 35 وقد نقلها الرضي رضي الله عنه باختلاف في بعض كلماتها زيادة ونقصانا
94

في بعض فقراتها رأيت أن أكتبها برواية الصدوق (ره) وهي أقصر مما نقلها السيد في النهج إلا أن ناقلها
أقدم منه أعلى الله مقامهما قال الصدوق (ره) حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (ره) قال
حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي قال حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي قال حدثني علي بن العباس
قال حدثني إسماعيل بن مهران الكوفي عن إسماعيل بن إسماعيل الجهني عن فرح بن فروة عن مسعدة
بن صدقة قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول بينا أمير المؤمنين (عليه السلام) يخطب على
المنبر بالكوفة إذ قام إليه رجل فقال يا أمير المؤمنين صف لنا ربك تبارك وتعالى لتزداد له حبا وبه
معرفة فغضب أمير المؤمنين عليه السلام ونادى الصلاة جامعة فاجتمع الناس حتى غص المسجد
بأهله ثم قام متغير اللون وقال
الحمد لله الذي لا يفره المنع ولا يكديه الاعطاء إذ كل معط منتقص
سواه الملئ بفوايد النعم وعوايد المزيد وبجوده ضمن عيالة ا لخلق
فانهج سبيل الطلب للراغبين إليه فليس بما سئل أجود منه بما لم يسئل
وما اختلف عليه د هر فتختلف منه الحال ولو وهب ما تنفست عنه
معادن الجبال وضحكت عنه أصداف البحار من فلز اللجين وسبائك
العقيان ونضايد المرجان لبعض عبيده لما أثر ذلك في جوده ولا أنفد
سعة ما عنده ولكان عنده من ذخائر الافضال ما لا تنفده مطالب
قوله فغضب لعل غضبه عليه السلام لان السائل سئل عن الصفات الجسمانية والسمات الامكانية أو لأنه ظن
أنه يمكن الوصول إلى كنه صفته لا يفره من وفر يفر وفرا أي لا يزيده استعمل لازما ومتعديا لا يكديه أي لا يفقره
منتقص على صيغة المفعول أي منقوص متعديا ولازما الملئ بالهمزة الثقة ا لغني العائدة المعروف الفلز الأجسام الدائية
اللجين الفضة العقيان الذهب الخالص النضد وضع ا لأشياء بعضها فوق بعض المرجان صغار اللؤلؤ كما فسر به في الآية
95

السؤال ولا يخطر لكثرته على بال لأنه الجواد الذي لا تنقصه المواهب
ولا يبخله الحاح الملحين وانما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون
الذي عجزت الملائكة على قربهم من كرسي كرامته وطول ولههم
إليه وتعظيم جلال عزه وقربهم من غيب ملكوته أن يعلموا من
أمره إلا ما أعلمهم وهم من ملكوت القدس بحيث هم من معرفته على
ما فطرهم عليه أن قالوا سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا انك أنت العليم
الحكيم فما ظنك أيها السائل بمن هو هكذا سبحانه وبحمده لم يحدث فيمكن
فيه التغيير (التغير خ ل) والانتقال ولم يتصرف في ذاته بكرور الأحوال
ولم يختلف عليه حقب الليالي والأيام الذي ابتدع الخلق على غير
مثال امتثله ولا مقدار احتذى عليه من معبود كان قبله ولم نحط
به الصفات فيكون بادراكها إياه بالحدود متناهيا وما زال ليس
كمثله شئ عن صفة المخلوقين متعاليا وانحصرت ا لابصار عن أن
تناله فيكون بالعيان موصوفا وبالذات التي لا يعلمها إلا هو عند
96

خلقه معروفا وفات لعلوه على أعلى الأشياء مواقع رحم المتوهمين
وارتفع عن أن تحوى كنه عظمته فهاهة رويات المتفكرين فليس له
مثل فيكون ما يخلق مشبها به وما زال عند أهل المعرفة به عن الأشباه
والأضداد منزها كذب العادلون بالله إذ شبهوه بمثل أصنافهم
حلوه حلية المخلوقين بأوهامهم وجزوه بتقدير منتج خواطرهم وقدروه
على الخلق المختلفة القوى بقرايح عقولهم وكيف يكون من لا يقدر
قدره مقدرا في رويات الأوهام وقد ضلت في ادراك كنهه هواجس
الأحلام لأنه أجل من أن تحده الباب البشر بالتفكير أو يحيط به الملائكة
على قربهم من ملكوت عزته بتقدير تعالى عن أن يكون له كفو
فيشبه به لأنه اللطيف الذي إذا أردت الأوهام أن يقع عليه في
عميقات غيوب ملكه وحاولت الفكر المبرات من خطر الوسواس ادراك علم ذاته وتولهت القلوب إليه لتحوى منه مكيفا في صفاته وغمضت
مداخل العقول من حيث لا تبلغ الصفات لتناول علم الهيئة ردعت
97

خاسئة وهي تجوب محاوى سدف الغيوب متخلصة إليه سبحانه
رجعت إذ جبهت معترفة بأنه لا ينال بحوب (بجور خ ل) الاعتساف كنه
معرفته ولا يخطر ببال أولي الرويات خاطرة من تقدير جلال عزته
لبعده من أن يكون فوق المحدودين لأنه خلاف خلقه فلا شبه
له من المخلوقين وانما يشبه الشئ بعديله فاما ما لا عديل له
فكيف يشبه بغير مثاله وهو البدئ الذي لم يكن شئ قبله والاخر
الذي ليس شئ بعده لا تناله الابصار من مجد جبروته إذ حجبها
بحجب لا تنفذ في ثخن كثافته ولا تخرق ا لي ذي العرش متانة خصايص
ستراته الذي صدرت الأمور عن مشية وتصاغرت عزة المتجبرين
دون جلال عظمته وخضعت له الرقاب وعنت الوجوه من مخافته
وظهرت في بدايع الذي أحدثها اثار حكمته وصار كل شئ خلق
حجة له ومنتسبا إليه فإن كان خلقا صامتا فحجته بالتدبير ناطقة
فيه فقدر ما خلق فاحكم تقديره ووضع كل شئ بلطف تدبيره موضعه
98

فوجهه بجهة فلم يبلغ منه شئ محدود منزلته ولم يقصر دون
الانتهاء إلى مشيته ولم يستصعب أوامره (إذا مر خ ل) بالمضي إلى
ارادته بلا معاناة للغوب مسه ولا مكابرة (مكايدة خ ل) لمخالف له
على أمره فتم خلقه وإذ عن لطاعته ووافى الوقت الذي أخرجه
إليه إجابة لم يعترض دونها ريث المبطى ولا أناة المتلكى وأقام من
قوله مواقع رجم المتوهمين أي ظن المتوهمين الفهاهة العي الفهة الكالة العادلون المشركون الهم
العزم وفي بعض النسخ بخواطرهم بدل خواطر هممهم القرايح جمع قريحة وهي القوة التي يستنبط بها المعقولات
وقوله من لا يقدر قدره إشارة إلى قوله تعالى وما قدروا الله حق قدره أي ما عرفوا الله حق معرفته
أو ما عظموا الله حق تعظيمه الهواجس الخواطر والوسائس أسرار ملكه أي خلقه أو سلطانه وتولهت إليه أي
اشتد عشقها حتى أصابه الوله وهو الحيرة وغمضت تداخل العقول أي غمض دخولها ودق في الأقطار
العميقة التي لا تبلغها التوصيفات والردع الكف والمنع وردعت على بناء المجهول أي كفت ومنعت و
الخاسئ المبعد والصاغر تجوب أي تقطع المهاوي المهالك وفي نستخي التي استنسختها منها المحاوى بالحاء
المهملة لو لم تصحف كانت من باب الحوايا وهي المثل المعروف عندهم المنايا على الحوايا يقال في حق من سعى إلى المنية
بنفسه والسدف جمع سدفه وهي الظلمة والقطعة من الليل المظلم وجهت أي ردت من جبهته أي صككت جبهته
والجور العدول عن الطريق والاعتساف قطع المسافة على غير جادة معلومة بحوب الحوب الاثم والذنب متخلصة
أي متوجهة بتوجه الشام أولى الرويات أي أصحاب الفكر في مجد جبروته أي بسببه أو كاينا فيه إذ حجبها أي
الابصار وارجاع الضمير إلى الجبروت بعيد أي حجب الابصار يحجب أي لا تنفذ الابصار في ثخن كثافته أي غلظته و
الاظهر كثافتها الرجوع الضمير إلى الحجب ولعل الافراد لاخذ الحجب كلها بمنزلة حجاب واحد أو يقال أن الضمير راجع إلى
الحجاب المذكورة في ضمن الحجب أي لا تنفذ في واحد منها فكيف في جميعها المتانة الاستحكام لم يستصعب أي
لم يمتنع بلا معاناة أي مقاساة شدة اللغوب التعب والاعياء المكابرة المعاندة وفي بعض النسخ المكايدة من الكيد
وفي بعض اخر المكابدة بالباء وهي المقاساة والريث البطوء والأناة التأني والمتلكئ المتأخر والمتوقف
99

الأشياء أودها ونهى معالم حدودها ولام بقدرته بين متضاداتها
ووصل أسباب قراينها وخالف بين ألوانها وفرقها أجناسا مختلفات
في الاقدار والغرائز والهيئات بدا يا خلائق أحكم صنعها وفطرها
على ما أراد وإذا ابتدعها انتظم علمه صنوف ذرؤها وأدرك تدبيره حسن
تقديرها، أيها السائل اعلم أن من شبه ربه ربنا الجليل بتباين أعضاء
خلقه وبتلاحم احقاق مفاصلهم المحتجبة بتدبير حكمته انه لم يعقد
غيب ضميره على معرفته ولم يشاهد قلبه اليقين بأنه لا ندله وكانه
لم يسمع بتبرء التابعين من المتبوعين وهم يقولون تا الله ان كنا لفي ضلال
مبين إذ نسويكم برب العالمين فمن ساوى ربنا بشئ فقد عدل به
والعادل به كافر بما نزلت به محكمات آياته ونطقت به شواهد
حجج بيناته لأنه الله الذي لم يتناه في العقول فيكون في مهب فكرها
مكيفا وفي حواصل رويات همم النفوس محدودا مصرفا المنشئ أصناف
الأشياء بلا روية احتاج إليها ولا قريحة غريزة اضمر عليها ولا تجربة
100

أفادها من مر حوادث الدهور ولا شريك اعانه على ابتداع عجائب
الأمور الذي لما شبهه العادلون بالخلق المبعض المحدود في صفاته
ذوي الأقطار والنواحي المختلفة في طبقاته وكان عز وجل الموجود
بنفسه لا بأداته انتفى أن يكون قدروه حق قدره فقال تنزيها
لنفسه عن مشاركة الأنداد وارتفاعا عن قياس المقدرين له
بالحدود من كفرة العباد وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا
قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى
عما يشركون فما ذلك القرآن عليه من صفته فاتبعه ليوصل بينك
قوله الأود بالتحريك الاعوجاج ونهى أي أنهى واعلم أو من النهاية أي وضع معالم الحدود في نهاية
ما قرر لهم ولاءم بين كذا وكذا أي جمع قوله بدا يا خبر مبتداء محذوف أي هي بدايا مخلوقات وبدايا
ههنا جمع بديئة وهي الحالة العجيبة يقال أبدئ الرجل إذا جاء بالامر المعجب البدئ والبدئية أيضا
الحالة المبتدئة المبتكرة قوله انتظم علمه لعله بمعنى نظم وان لم يرد فيها عندنا من كتب اللغة أو علمه بالفتح
منصوب بنزع الخافض أي بعلمه أو في علمه ويحتمل أن يكون من قولهم انتظمه بالرمح إذا اختله وجعله فيه والتلاحم
الالتيام والاتصال والحقه بالضم رأس الورك والاحقاق جمعه وكذا الحقاق بالكسر لم يتناه في العقول أي لم
تصل العقول إلى نهاية معرفته مهب الفكر أي محله أفادها أي استفادها والسدد جمع السدة وهي الباب المغلق
وبين معرفته وأئتم به واستضئ بنور هدايته فإنها نعمة وحكمة
أوتيتها فخذ ما أوتيت وكن من الشاكرين وما دلك الشيطان عليه
101

مما ليس في القرآن عليك فرضه ولا في سنة الرسول وأئمة الهدى
أثره فكل علمه إلى الله عز وجل فان ذلك منتهى حق الله عليك
فرضه واعلم أن الراسخين في العلم هم الذين أغناهم الله عن
الاقتحام في السدد المضروبة دون الغيوب فلزموا الاقرار بجملة
ما جهلوا تفسيره من الغيب فقالوا أمنا به كل من عند ربنا فمدح
الله عز وجل اعترافهم بالعجز من تناول ما لم يحيطوا بها علما و
وسمى ترك التعمق فيما لم يكلفهم البحث عنه منهم رسوخا فاقتصر على
ذلك ولا تقدر عظمة الله على قدر عقلك فتكون من الهالكين
241 / 21 ومن كلامه عليه السلام
السماء والعالم من البحار عن قصص الراوندي باسناده إلى الصدوق (ره) عن أبيه ومحمد بن الحسن
الوليد معا عن سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحسن بن محبوب عن عمرو بن
أبي المقدام عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال سئل أمير المؤمنين عليه السلام هل كان في
الأرض خلق من خلق الله تعالى يعبدون الله قبل ادم عليه السلام وذريته فقال نعم قد كان
في السماوات والأرض خلق من خلق الله يقدسون الله ويسبحونه
ويعظمونه بالليل والنهار لا يفترون فان الله عز وجل لما خلق
102

الأرضين خلقها قبل السماوات ثم خلق الملائكة روحانيين لهم
أجنحة يطيرون بها حيث يشاء الله فاسكنهم فيما بين أطباق السماوات
يقدسونه الليل والنهار واصطفى منهم إسرافيل وميكائيل وجبرئيل
ثم خلق عز وجل في الأرض الجن روحانيين لهم أجنحة فحلقهم
دون خلق الملائكة وخفضهم أن يبلغوا مبلغ الملائكة في الطيران
وغير ذلك فاسكنهم فيما بين أطباق الأرضين السبع وفوقهن يقدسون
الليل والنهار لا يفترون ثم خلق خلقا دونهم لهم أبدان وأرواح
بغير أجنحة يأكلون ويشربون نسناس أشباه خلقهم وليسوا بأنس و
أسكنهم أوساط الأرض على ظهر الأرض مع الجن يقدسون الله
بالليل والنهار لا يفترون قال وكان الجن تطير في السماء فتلقى الملائكة
في السماوات فيسلمون عليهم ويزورونهم ويستريحون إليهم ويتعلمون
منهم الخبر ثم إن طائفة من الجن والنسناس الذين خلقهم الله و
أسكنهم أوساط الأرض مع الجن تمردوا وعتوا عن أمر الله فمرحوا
103

وبغوا في الأرض بغير الحق وعلا بعضهم على بعض في العتو
على الله تعالى حتى سفكوا الدماء فيما بينهم وأظهروا الفساد
وجحدوا ربوبية الله تعالى قال وأقامت الطائفة المطيعون من الجن على رضوان الله وطاعته وباينوا الطائفتين من الجن
والنسناس الذين عتوا عن أمر الله تعالى قال فحط الله أجنحة
الطائفة من الجن الذين عتوا عن أمر الله وتمردوا وكانوا لا
يقدرون على الطيران إلى السماء والى ملاقاة الملائكة لما
ارتكبوا من الذنوب والمعاصي قال وكانت الطائفة المطيعة
لأمر الله من الجن تطير إلى السماء الليل والنهار على ما كانت
عليه وكان إبليس واسمه الحرث يظهر للملائكة انه من الطائفة
المطيعة ثم خلق الله تعالى خلقا على خلاف خلق الملائكة وعلى
خلاق خلق الجن وعلى خلاف خلق النسناس يدبون كما يدب
الهوام في الأرض يأكلون ويشربون كما تأكل الانعام من مراعي
104

الأرض كلهم ذكران ليس فيهم إناث لم يجعل الله فيهم شهوة
النساء ولا حب الأولاد ولا الحرص ولا طول الأمل ولا لذة عيش
لا يلبسهم الليل ولا يغشاهم النهار ليسوا ببهائم ولا هوام لباسهم
ورق الشجر وشربهم من العيون الغزار والأودية الكبار ثم أراد
الله أن يفرقهم فرقتين فجعل فرقة خلق مطلع الشمس من وراء
البحر تكون لهم مدينة أنشأها تسمى جابرسا طولها اثنى عشر ألف
فرسخ في اثني عشر الف فرسخ وكون عليها سورا من حديد بقطع الأرض
إلى السماء ثم أسكنهم فيها واسكن الفرقة الأخرى خلف مغرب الشمس
وراء البحر وكون لهم مدينة أنشأها تسمى جابلقا طولها اثنى عشر ألف
فرسخ في اثنى عشر ألف فرسخ كون لهم سورا من حديد يقطع إلى السماء
فاسكن الفرقة الأخرى فيها لا يعلم أهل جابرسا بموضع أهل جابلقا
ولا يعلم أهل جابلقا بموضع أهل جابرسا ولا يعلم بهم أوساط أهل
الأرض من الجن والنسناس فكانت الشمس تطلع على أهل أوساط الأرض
105

من الجن والنسناس فينتفعون بحرها ويستيضيئون بنورها ثم تغرب
في عين حمئة فلا يعلم بها أهل جابلقا إذا غربت ولا يعلم بها أهل
جابرسا إذا طلعت لأنها تطلع من دون جابرسا وتغرب من دون
جابلقا فقيل يا أمير المؤمنين فكيف يبصرون ويحيون وكيف يأكلون ويشربون و
ليس تطلع الشمس عليهم فقال عليه السلام انهم يستضيئون بنور الله فهم
في أشد ضوء من نور الشمس ولا يرون ان الله تعالى خلق شمسا
ولا قمرا ولا نجوما ولا كواكب ولا يعرفون شيئا غيره فقيل يا أمير المؤمنين
فأين إبليس عنهم قال لا يعرفون إبليس ولا سمعوا بذكره لا يعرفون الا
الله وحده لا شريك له لم يكتسب أحد منهم قط خطيئة ولم يقترف
اثما لا يسقمون ولا يهرمون ولا يموتون إلى يوم القيامة يعبدون
الله لا يفترون الليل والنهار عندهم سواء وقال إن الله أحب أن
يخلق خلقا وذلك بعد ما مضى للجن والنسناس سبعة آلاف سنة
فلما كان من خلق (شأن خ ل) الله أن يخلق ادم للذي أرد من التدبير
106

والتقدير فيما هو مكونه في السماوات والأرضين كشط عن اطباق
السماوات ثم قال للملائكة انظروا إلى أهل الأرض من خلقي من الجن
والنسناس هل ترضون أعمالهم وطاعتهم لي فلما اطلعت (فلما
اطلعوا خ ل) ورأوا ما يعملون فيها من المعاصي وسفك الدماء والفساد
في الأرض بغير الحق أعظموا ذلك وغضبوا لله وأسفوا على أهل
الأرض ولم يملكوا غضبهم وقالوا يا ربنا أنت العزيز الجبار القاهر
العظيم الشأن وهؤلاء كلهم خلقك الضعيف الذليل في أرضك
كلهم يتقلبون في قبضتك ويعيشون برزقك ويتمتعون بعافيتك
وهم يعصونك بمثل هذه الذنوب العظام لا تغضب ولا تنتقم منهم
لنفسك بما تسمع منهم وترى وقد عظم ذلك علينا وأكبرناه فيك
قال فلما سمع الله تعالى مقالة الملائكة قال إني جاعل في الأرض
خليفة فيكون حجتي على خلقي في أرضي فقالت الملائكة سبحانك ربنا
أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس
107

لك فقال الله تعالى يا ملائكتي اني أعلم ما لا تعلمون اني أخلق خلقا
بيدي واجعل من ذريته أنبياء ومرسلين وعبادا صالحين وأئمة
مهتدين واجعلهم خلفائي من خلقي في أرضي ينهونهم عن
معصيتي وينذرونهم من عذابي ويهدونهم إلى طاعتي ويسلكون
بهم طريق سبيلي اجعلهم حجة لي عذرا أو نذرا وأنفى الشياطين
من أرضي وأطهرها منهم فاسكنهم في الهواء وأقطار الأرض
وفي الفيافي فلا يراهم خلقي ولا يرون شخصهم ولا يجالسونهم و
لا يخالطونهم ولا يواكلونهم ولا يشاربونهم وانفر مردة الجن
العصاة من نسل بريتي وخلقي وخيرتي فلا يجاورون خلقي واجعل
بين خلقي وبين الجان حجابا فلا يرى خلقي شخص الجن ولا يجالسونهم
ولا يشاربونهم ولا يتهجمون تهجمهم ومن عصاني من نسل خلقي
الذي عظمته واصطفيته لغيبي (واصطنعته لعيني خ ل) أسكنهم مساكن
العصاة وأوردهم موردهم لا أبالي فقالت الملائكة لا علم لنا الا
108

ما علمتنا انك أنت العليم الحكيم فقال للملائكة اني خالق بشرا من
صلصال من حمأ مسنون فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا
له ساجدين قال وكان ذلك من الله تقدمة للملائكة قبل
أن يخلقه احتجاج منه عليهم وما كان الله ليغير ما بقوم الا
بعد الحجة عذرا أو نذرا فامر تبارك وتعالى ملكا من الملائكة
فاغترف غرفة بيمنه فصلصلها في كفه فجمدت فقال الله عز وجل
منك أخلق إلى هنا في المجلد الرابع عشر من البحار قال المجلسي (ره) واختصر الراوندي الخبر وتمامه
مر بسند اخر في المجلد الخامس انتهى كلامه أقول قد نقل الخبر الآخر في المجلد الخامس ص 38 عن تفسير علي بن إبراهيم
القمي (ره) عن أبيه عن ابن محبوب عن عمر بن أبي المقدام عن ثابت الحداد عن جابر الجعفي عن أبي جعفر
الباقر عليه السلام عن آبائه عن علي عليهم السلام وتمامه بعد قوله تعالى منك أخلق هو هذا قال
منك أخلق النبيين والمرسلين وعبادي الصالحين والأئمة المهتدين
والدعاة إلى الجنة وأتباعهم إلى يوم الدين (القيمة خ ل) ولا أبالي و
لا أسئل عما أفعل وهم يسئلون ثم اغترف غرفة أخرى من الماء المالح
109

الأجاج فصلصلها في كفه فجمدت ثم قال لها منك أخلق الجبارين
والفراعنة والعتاة واخوان الشياطين والدعاة إلى النار إلى يوم
القيمة وأشياعهم ولا أبالي ولا أسئل عما افعل وهم يسئلون
وقال وشرط في ذلك البداء فيهم ولم يشترط في أصحاب اليمين
البداء ثم خلط المائين جميعا في كفه فصلصلها ثم كفاهما قدام
عرشه وهما سلالة من طين ثم أمر الملائكة الأربعة الشمال
والجنوب والصبا والدبور ان يجولوا على هذه السلالة الطين
فأبروها (فابدؤها خ ل) وأنشاؤها ثم ابراؤها (ابدؤها خ ل) وجزؤها
وفصلوها واجروا فيها الطبائع الأربعة من ناحية الجنوب الريح
والدم والمرة والبلغم فجالت الملائكة عليها وهي الشمال والجنوب و
الصبا والدبور واجروا فيها الطبايع الأربعة فالريح في الطبايع الأربعة
من البدن من ناحية الشمال والبلغم في الطبايع ا لأربعة من
ناحية الجنوب الصبا والمرة في الطبايع الأربعة من ناحية الدبور
110

والدم في الطبايع الأربعة من ناحية الجنوب قال فاستقلت النسمة
وكمل البدن فلزمه من ناحية الريح حب النساء وطول الأمل
والحرص ولزمه من ناحية البلغم حب الطعام والشراب والبر و
الحلم والرفق ولزمه من ناحية المرة الغضب والسفه والشيطنة
والتجبر والتمرد والعجلة ولزمه من ناحية الدم حب النساء الفساد و
اللذات وركوب المحارم والشهوات قال أبو جعفر (ع) وجدنا هذا في كتاب أمير المؤمنين (ع)
ومن كلامه عليه السلام
حين دخل عليه السلام على عمر وأصحابه أرادوا اسقاط أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام
رواه العلامة المجلسي أعلى الله مقامه في السماء والعالم ص 21 في باب حدوث العالم وبدو خلقه عن تفسير الفرات
عن عبيد بن كثير معنعنا عن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال شهدت أبي عند عمر بن
الخطاب وعنده كعب الاخبار وأطال الكلام إلى أن قال فقال كعب يا أبا الحسن أخبرني عن قول الله
تعالى في كتابه وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
عليه السلام نعم كان عرشه على الماء حين لا ارض مدحية ولا
سماء مبنية ولا صوت يسمع ولا عين تتبع ولا ملك مقرب ولا نبي
مرسل ولا نجم يسرى ولا قمر يجري ولا شمس تضئ وعرشه على الماء
غير مستوحش إلى أحد من خلقه يمجد نفسه ويقدسها كما شاء ان
111

يكون ثم بدا له أن يخلق الخلق فضرب بأمواج البحور فثاومتها مثل
الدخان كأعظم ما يكون من خلق الله فبنى بها سماء رتقا ثم دحى
الأرض من موضع الكعبة وهي وسط الأرض فطبقت ا لي البحار
ثم فتقها بالبنيان وجعلها سبعا بعد إذ كانت واحدة ثم استوى
إلى السماء وهي دخان مبين من ذلك الماء الذي أنشأ من تلك
البحور فجعلها سبعا طباقا بكلمته التي لا يعلمها غيره وجعل في كل
سماء ساكنا من الملائكة خلقهم معصومين من نور من بحور عذبة
وهو (هي خ ل) بحر الرحمة وجعل طعامهم التسبيح والتهليل والتقديس
فلما قضى أمره وخلقه استوى على ملكه فمدح كما ينبغي له أن يحمد ثم
قدر ملكه فجعل في كل سماء شهبا معلقة كواكب كتعليق القناديل
من المساجد ما لا يحصيها غيره تبارك وتعالى والنجم من نجوم السماء
كاكبر مدينة في الأرض ثم خلق الشمس والقمر فجعلهما شمسين فلو
تركهما تبارك وتعالى كما كان ابتدءهما في أول مرة لم يعرف خلقه
112

الليل من النهار ولا عرف الشهر ولا السنة ولا عرف الشتاء من الصيف
ولا عرف الربيع من الخريف ولا علم أصحاب الدين متى يحمل دينهم
ولا علم العامل متى يتصرف في معيشته ومتى يسكن لراحة بدنه
فكان الله تبارك وتعالى لرأفته بعباده نظر لهم فبعث جبرئيل
عليه السلام إلى إحدى الشمسين فمسح بها جناحه فاذهب منها الشعاع
والنور وترك فيها الضوء فذلك قوله وجعلنا الليل والنهار آيتين
فمحونا أية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا من فضلا ربكم
ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شئ فصلناه تفصيلا و
جعلهما يجريان في الفلك والفلك بحر فيما بين السماء والأرض
مستطيل في السماء استطالته ثلاثة فراسخ يجري في غمرة الشمس و
القمر كل واحد منهما على عجلة يقودهما ثلاثمأة ملك بيد كل ملك منهما
عروة يجرونهما في غمرة ذلك البحر لهم زجل بالتهليل والتسبيح و
التقديس لو برز واحد من غمر ذلك البحر لاحترق كل شئ على وجه
113

الأرض حتى الجبال والصخور وما خلق الله من شئ فلما خلق الله
السماوات والأرض والليل والنهار والنجوم والفلك وجعل الأرضين
على ظهر حوت أثقلها فاضطربت فأثبتها بالجبال فلما استكمل خلق
ما في السماوات والأرض يومئذ خالية ليس فيها أحد قال للملائكة
اني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك
الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون
فبعث الله جبرئيل عليه السلام فأخذ من أديم الأرض قبضة فعجنه
بالماء العذب والمالح وركب فيها الطبايع قبل أن ينفخ فيه الروح
فخلقه من أديم الأرض فلذلك سمى آدم لأنه لما عجن بالماء استأدم
فطرحه في الجبل كالجبل العظيم وكان إبليس يومئذ خازنا على السماء
الخامسة يدخل في منخر ادم ثم يخرج من دبره ثم يضرب بيده على
بطنه فيقول لأي أمر خلقت لان جعلت فوقي لا أطعتك وان
جعلت أسفل مني لا أعينك فمكث في الجنة ألف سنة ما بين خلقه
114

إلى أن ينفخ فيه الروح فخلقه من ماء وطين ونور وظلمة وريح
ونور من نور الله فاما النور فتورثه الايمان واما الظلمة فتورثه
الكفر والضلالة واما الطين فيورثه الرعدة والضعف والاقشعرار
عند إصابة الماء فينعت به على أربع الطبايع على الدم والبلغم
والمرار والريح فذلك قوله تبارك وتعالى أو لا يذكر الانسان انا
خلقناه من قبل ولم يك شيئا قال فقال كعب يا عمر بالله أتعلم كعلم أمير المؤمنين
علي بن أبي طالب عليه السلام فقال لا فقال كعب علي بن أبي طالب عليه السلام وصى الأنبياء
ومحمد خاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله وعلى خاتم الأوصياء وليس على الأرض اليوم منقوسة
الا علي بن أبي طالب عليه السلام أعلم منه والله ما ذكر من خلق الإنس والجن والسماء والأرض
والملائكة شيئا الا وقد قرأته في التورية كما قرأت قال فما رأى عمر غضب قط مثل غضبه ذلك اليوم.
242 / 22 ومن كلامه عليه السلام
وفي السماء والعالم ص 21 نقل عن كتاب تنبيه الخاطر المعروف بمجموعة الورام عن ابن عباس عن أمير
المؤمنين عليه السلام قال إن الله تعالى أول ما خلق الخلق خلق نورا ابتدعه
من غ ير شئ ثم خلق منه ظلمة وكان قديرا أن يخلق الظلمة لا من
شئ كما خلق النور من غير شئ ثم خلق من الظلمة نورا وخلق من
النور ياقوتة غلظها كغلظ سبع سماوات وسبع أرضين ثم زجر
115

الياقوتة فماعت لهيبته فصارت ماء مرتعدا ولا يزال مرتعدا
إلى يوم القيامة ثم خلق عرشه من نوره وجعله على الماء وللعرش
عشرة آلاف لسان يسبح الله كل لسان منها بعشرة آلاف لغة
تشبه الأخرى وكان العرش على الماء من دون
حجب الضباب، الضبابة السحابة جمعها الضباب
243 / 23 ومن كلامه عليه السلام
في السماء والعالم ص 47 عن تأويل الآيات الظاهرة نقلا من كتاب الواحدة عن الحسن بن
عبد الله الكوفي عن جعفر بن محمد البجلي عن أحمد بن حميد عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام
قال قال أمير المؤمنين عليه السلام
ان الله تبارك وتعالى أحد واحد تفرد به وحدانيته ثم تكلم
بكلمة فصارت نورا ثم خلق من ذلك النور محمدا صلى الله عليه
وآله وسلم وخلقني وذريتي ثم تكلم بكلمة فصارت روحا فاسكنه
الله في ذلك النور وأسكنه في أبداننا فنحن روح الله وكلماته
وبنا احتجت عن خلقه فما زلنا في ظلة خضراء حيث لا شمس ولا قمر
ولا ليل ولا نهار ولا عين تطرف نعبده ونقدسه ونمجده ونسبحه
116

قبل أن يخلق الخلق الخبر وفي المجلد الخامس من البحار ص 186 بعد قوله عليه السلام قال
في ظل عرشه خضراء مسبحين نسبحه ونقدسه حيث لا شمس ولا
قمر ولا عين تطرف ثم خلق شيعتنا وانما سموا شيعة لانهم خلقوا
من شعاع نورنا
244 / 24 ومن كلامه عليه السلام
حين كان يقوم عليه السلام في المطر أول ما يمطر حتى يبتل رأسه ولحيته وثيابه وقيل له يا
أمير المؤمنين لكن الكن رواه العلامة في السماء والعالم ص 277 عن الكافي عن علي بن إبراهيم
عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان علي عليه السلام
يقوم في المطر أول ما يمطر حتى يبتل رأسه ولحيته وثيابه فقيل له يا أمير المؤمنين الكن الكن فقال إن
هذا ماء قريب العهد بالعرش ثم أنشأ يحدث فقال إن تحت العرش
بحرا فيه ماء ينبت ارزاق الحيوانات فإذا أراد الله عز ذكره ان
ينبت به ما يشاء لهم رحمة منه لهم أوحى الله إليه فمطر ما
شاء من سماء إلى سماء حتى يصير إلى سماء الدنيا فيما أظن
فيلقيه إلى السحاب والسحاب بمنزلة الغربال ثم يوحى إلى الريح أن
اطحنيه وأذيبيه ذوبان الماء (الملح خ ل) ثم انطلقي به إلى موضع
117

كذا وكذا فامطري عليهم فيكون كذا وكذا عبابا وغير ذلك فتقطر
عليهم على النحو الذي يأمرها به فليس من قطرة تقطر الا ومعها
ملك حتى يضعها موضعها ولم تنزل من السماء قطرة من مطر
الا بعدد معدود ووزن معلوم الا ما كان من يوم الطوفان
على عهد نوح عليه السلام فإنه نزل من ماء منهمر بلا وزن ولا عدد
ولقد رواه العلامة فيه من العلل عن عبد الله بن جعفر الحميري عن هارون والحميري في قرب الإسناد عنه
245 / 25 ومن كلام له عليه السلام
قال العلامة المجلسي (ره) في المجلد التاسع من بحار الأنوار ص 92 فيما رواه عن الخصائص السيد
الرضي رضي الله عنه وارضاه باسناده رفعه قال قال ابن الكوا لأمير المؤمنين عليه السلام
أين كنت حيث ذكر الله نبيه وأبا بكر ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن
ان الله معنا فقال أمير المؤمنين عليه السلام
ويلك يا ابن الكوا كنت على فراش رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم حيث خرج فاقبلوا على يضربوني بما في أيديهم فتنقط
جسدي وصار مثل البيض ثم انطلقوا يريدون قتلى فقال
وقد طرح علي برده فأقبلت قريش مع كل رجل منهم هراوة
فيها شوكها فلم يبصروا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
118

بعضهم لا تقتلوه الليلة ولكن أخروه واطلبوه محمدا قال
فأوثقوني بالحديد وجعلوني في بيت واستوثقوا مني ومن
الباب بقفل فبينا انا كذلك إذا سمعت صوتا من جانب البيت
يقول يا علي فسكن الوجع الذي كنت أجده وذهب الورم الذي
كان في جسدي ثم سمعت صوتا اخر يقول يا علي فإذا الذي
في رجلي قد تقطع ثم سمعت صوتا اخر يقول يا علي فإذا الباب
قد تساقط ما عليه وفتح فقمت وخرجت وقد كانوا جاءوا بعجوز
كمهاء لا تبصر ولا تنام تحرس الباب فخرجت عليها وهي لا تعقل من النوم
246 / 26 ومن كلامه عليه السلام
المجلد التاسع من البحار ص 300 في باب نادر فيما امتحن الله به أمير المؤمنين عليه السلام في حياة
النبي صلى الله عليه وآله وبعد وفاته ولقد رواه العلامة عن خصال الصدوق (ره) عنه عن أبيه وابن
الوليد معا عن سعد عن أحمد بن الحسين بن سعيد عن جعفر بن محمد النوفلي عن يعقوب بن الزائد
قال قال أبو عبد الله ج عفر بن أحمد بن محمد بن عيسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب
قال حدثنا يعقوب بن عبد الله الكوفي عن موسى بن عبيد عن عمرو بن أبي المقدام عن أبي إسحاق
عن الحارث عن محمد بن الحنفية رضي الله عنه وعمرو بن أبي المقدام عن جابر الجعفي عن
أبي جعفر عليه السلام قال أتى رأس اليهود علي بن أبي طالب أمير المؤمنين عليه السلام عند
منصرفه من وقعة النهروان وهو جالس في مسجد الكوفة فقال يا أمير المؤمنين اني أريد أن
119

أسئلك عن أشياء لا يعلمها الا نبي أو وصي نبي قال سل عما بدالك يا أخا اليهود قال إنا
نجد في الكتاب ان الله عز وجل إذا بعث نبيا أوحى إليه أن يتخذ من أهل بيته من يقوم بأمر
أمته من بعده وأن يعهد إليهم فيه عهدا يحتذى عليه ويعمل به في أمته من بعده وإن
الله عز وجل يمتحن الأوصياء في حياة الأنبياء ويمتحنهم بعد وفاتهم من مرة والى ما يصير اخر أمر الأوصياء
إذا رضي محنتهم فقال علي عليه السلام
والله الذي لا إله غيره الذي فلق البحر لبني إسرائيل وأنزل التورية
على موسى لئن أخبرتك بحق عما تسئل عنه لتقرن به قال نعم
قال والذي فلق البحر لبني إسرائيل وانزل التورية على موسى
لئن أجبتك لتسلمن قال نعم فقال له علي عليه السلام ان الله عز وجل
يمتحن الأوصياء في حياة الأنبياء في سبعة مواطن ليبتلى طاعتهم
ومحنتهم أمر الأنبياء أن يتخذوهم أولياء في حياتهم وأوصياء
بعد وفاتهم ويصير طاعة الأوصياء في أعناق الأمم ممن يقول
بطاعة الأنبياء عليهم السلام ثم يمتحن الأوصياء بعد وفات
الأنبياء في سبعة مواطن ليبلو صبرهم فإذا رضي محنتهم ختم لهم
بالسعادة ليلحقهم بالأنبياء وقد أكمل لهم السعادة قال له الرأس
120

اليهود صدقت يا أمير المؤمنين كم امتحنك الله في حياة محمد صلى الله عليه وآله من مرة وكم
امتحنك بعد وفاته من مرة والى ما يصير اخر امرك فاخذ علي عليه السلام بيده وقال انهض
بنا أنبئك بذلك يا أخا اليهود فقام إليه جماعة من أصحابه فقالوا يا أمير المؤمنين أنبئنا بذلك
فوالله انا لنعلم انه ما على ظهر الأرض وصى نبي سواك وانا لنعلم ان الله لا يبعث بعد نبينا صلى
الله عليه وآله وسلم نبيا سواه وان طاعتك لفى أعناقنا موصولة بطاعة نبينا فجلس علي عليه
السلام واقبل على اليهودي فقال له
يا أخا اليهود إن الله عز وجل امتحنني في حياة نبينا صلى الله
عليه وآله وسلم في سبعة مواطن فوجدني فيهن من غير تزكية
لنفسي بنعمة الله له مطيعا قال وفيم وفيم يا أمير المؤمنين قال أما أولهن
فإن الله عز وجل أوحى إلى نبينا وحمله الرسالة وأنا أحدث أهل
بيتي سنا أخدمه في بيته واسعى بين يديه في أمره فدعا صغير
بني عبد المطلب وكبيرهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأنه رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم فامتنعوا من ذلك وأنكروه عليه
وهجروه ونابذوه واعتزلوه واجتنبوه وساير الناس مقصين له
ومبغضين ومخالفين عليه قد استعظموا ما أورده عليهم مما لم يحتمله
قلوبهم وتدركه عقولهم فأجبت رسول الله وحدى إلى ما دعا
121

إليه مسرعا مطيعا موقنا لم يتخالجني في ذلك شك فمكثنا بذلك
ثلاث حجج وما على وجه الأرض خلق يصلى أو يشهد لرسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم بما أتاه الله غيري وغير ابنة خويلد رضي الله عنها
وقد فعل ثم أقبل أمير المؤمنين عليه السلام على أصحابه فقال أليس كذلك قالوا بلى يا أمير
المؤمنين فقال عليه السلام وأما الثانية يا أخا اليهود فإن قريشا
لم تزل تخيل الآراء وتعمل الحيل في قتل النبي صلى الله عليه و
آله وسلم حتى كان آخر ما اجتمعت في ذلك يوم الدار دار الندوة
وإبليس الملعون حاضر في صورة أعور ثقيف فلم تزل تضرب أمرها
ظهر البطن حتى اجتمعت آراءها على أن ينتدب من كل فخذ من قريش
رجل ثم يأخذ كل رجل منهم سيفه ثم يأتي النبي صلى الله عليه
وآله وسلم وهو نائم على فراشه فيضربوه جميعا بأسيافهم و
ضربة رجل واحد فيقتلوه فإذا قتلوه منعت قريش رجالها ولم تسلمها
فيمضى دمه هدرا فهبط جبرئيل عليه السلام على النبي صلى الله عليه
122

وآله وسلم فأنبأ بذلك وأخبره بالليلة التي يجتمعون فيها و
الساعة التي تأتون فراشه فيها وأمره بالخروج في الوقت الذي
خرج فيه إلى الغار فأخبرني رسول الله صلى الله عليه وآله و
سلم بالخبر وأمرني أن اضطجع في مضجعه واقيه بنفسي فأسرعت لي
ذلك مطيعا له مسرورا لنفسي بأن اقتل دونه فمضى لوجهه و
اضطجعت في مضجعه وأقبلت رجالات قريش موقنة في أنفسها
أن تقتل النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلما استوى بي و
بهم البيت الذي أنا فيه ناهضتهم بسيفي فدفعتهم عن نفسي
بما قد علمه الله والناس ثم أقبل على أصحابه فقال أليس كذلك قالوا بلى يا أمير
المؤمنين فقال عليه السلام وأما الثالثة يا أخا اليهود فإن ابني ربيعة
وابن عتبة كانوا فرسان قريش دعوا إلى البراز يوم بدر فلم يبرز
لهم خلق من قريش فانهضني رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم مع صاحبي رضي الله عنهما وقد فعل وأنا أحدث أصحابي سنا
123

وأقلهم للحرب تجربة فقتل الله عز وجل بيدي وليدا و
شيبة سوى من قتلت من جحاجحة قريش في ذلك اليوم و
سوى من أسرت وكان مني أكثر مما كان من أصحابي واستشهد
ابن عمي في ذلك اليوم رحمة الله عليه ثم التفت إلى أصحابه فقال
أليس كذلك قالوا بلى يا أمير المؤمنين فقال علي عليه السلام وأما الرابعة
يا أخا اليهود فإن أهل مكة أقبلوا إلينا على بكرة أبيهم قد
استحاشوا من يليهم من قبائل العرب وقريش طالبين بثار مشركي
قريش في يوم بدر فهبط جبرئيل على النبي صلى الله عليه وآله
وسلم فأنبأه بذلك فذهب النبي صلى الله عليه وآله وسلم
وعسكر بأصحابه في سد أحد واقبل المشركون إلينا فحملوا علينا
حملة رجل واحد واستشهد من المسلمين من استشهد وكان
ممن بقي ما كان من الهزيمة وبقيت مع رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم ومعنى المهاجرون والأنصار إلى منازلهم من المدينة
124

كل يقول قتل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقتل أصحابه
ثم ضرب الله عز وجل وجوه المشركين وقد خرجت بين يدي
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نيفا وسبعين جرحة
منها هذه وهذه ثم ألقى ردائه وأمر يده على جراحاته وكان مني في
ذلك ما على الله عز وجل ثوابه إن شاء الله ثم التفت إلى أصحابه
فقال أليس كذلك قالوا بلى يا أمير المؤمنين فقال عليه السلام وأما الخامسة
يا أخا اليهود فإن قريشا والعرب تجمعت وعقدت بينها عقدا و
ميثاقا لا ترجع من وجهها حتى تقتل رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم وتقتلنا معه معاشر بني عبد المطلب ثم أقبلت بحدها
وحد يدها حتى أناخت علينا بالمدينة واثقة بأنفسها فيما توجهت
له فهبط جبرئيل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأنبأه بذلك
فخندق على نفسه ومن معه من المهاجرين والأنصار فقدمت
قريش فأقامت على الخندق محاصرة لنا ترى في أنفسها القوة و
125

فبينا الضعف ترعد وتبرق ورسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم يدعوها إلى الله عز وجل ويناشدها بالقرابة والرحم
فتأبى ولا يزيدها ذلك الا عتوا وفارسها وفارس العرب
يومئذ عمرو بن عبد ود يهدر كالبعير المغتلم يدعو إلى البراز
ويرتجز ويخطر برمحه مرة وبسيفه مرة لا يقدم عليه مقدم
ولا يطمع فيه طامع ولا حمية تهيجه ولا بصيرة تشجعه فانهضني
إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعممني بيده و
أعطاني سيفه هذا وضرب بيده إلى ذي الفقار فخرجت إليه
ونساء أهل المدينة بواك اشفاقا على من ابن عبد ود فقتله
الله عز وجل بيدي والعرب لا تعدل لها فارسا غيره وضربني
هذه الضربة واومى بيده إلى هامته فهزم الله قريشا والعرب بذلك
وبما كان مني من النكاية ثم التفت إلى أصحابه فقال أليس كذلك قالوا بلى يا
أمير المؤمنين فقال عليه السلام وأما السادسة يا أخا اليهود
126

فإنا وردنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مدينة
أصحابك خيبر على رجال من اليهود وفرسانها من قريش وغيرها
فتلقوها بأمثال الجبال من الخيل والرجال والسلاح وهم في أمنع
دار وأكثر عدد كل ينادى ويدعو ويبادر إلى القتال فلم يبرز
إليهم من أصحابي أحد الا قتلوه حتى إذا أحمرت الحدق ودعيت
إلى النزال واهمت كل امرء نفسه والتفت بعض أصحابي إلى بعض
وكل يقول يا أبا الحسن انهض فانهضني رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم إلى دارهم فلم يبرز إلى منهم أحد إلا قتلته ولا
يثبت لي فارس إلا طحنته ثم شددت عليهم شد الليث على فرسية
حتى أدخلتهم جوف مدنيتهم مسددا عليهم فاقتلعت باب
حصنهم بيدي حتى دخلت عليهم مدينتهم وحدى أقتل من
يظهر فيها من رجالها واسبى من أجد من نساءها حتى افتتحتها
وحدى ولم يكن لي فيها معاون إلا الله وحده ثم التفت إلى أصحابه
127

فقال أليس كذلك قالوا بلى يا أمير المؤمنين فقال عليه السلام وأما السابعة
يا أخا اليهود فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما توجه
لفتح مكة أحب أن يعذر إليهم ويدعوهم إلى الله عز وجل اخرا
كما دعاهم أولا فثبت إليهم كتابا يحذرهم فيه وينذرهم
عذاب الله ويعدهم الصفح ويمنيهم مغفرة ربهم ونسخ لهم
في آخره سورة براءة لتقرأ عليهم ثم عرض على جميع أصحابه
المضي به فكلهم يرى التثاقل فيه فلما رأى ذلك ندب منهم
رجلا فوجهه به فأتاه جبرئيل عليه السلام فقال يا محمد صلى الله
عليه وآله وسلم لا يؤدى عنك إلا أنت أو رجل منك فأنبأني
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بذلك ووجهني بكتابه
ورسالته إلى مكة فأتيت مكة وأهلها قد عرفتم ليس منهم
أحد إلا ولو قدر أن يضع على كل جبل مني إربا لفعل ولو أن
يبذل في ذلك نفسه وأهله وولده وماله فبلغتهم رسالة
128

النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفزأت عليهم كتابه فكلهم
يلقاني بالتهديد والوعيد ويبدي إلى البغضاء ويظهر الشحناء
من رجالهم ونساءهم فكان مني ذلك ما قد رأيتم ثم التفت إلى
أصحابه فقال أليس كذلك قالوا بلى يا أمير المؤمنين فقال عليه السلام يا أخا اليهود
هذه المواطن التي امتحنني فيهن ربي عز وجل مع نبيه صلى الله
عليه وآله وسلم فوجدني كلها بمنه مطيعا ليس لأحد فيها مثل
الذي لي ولو شئت لوصفت ذلك ولكن الله عز وجل نهى عن
التزكية فقالوا يا أمير المؤمنين صدقت والله لقد أعطاك الله عز وجل الفضيلة بالقرابة
من نبينا وأسعدك بأن ج علك أخاه تنزل منه بمنزلة هارون من موسى وفضلك بالمواقف التي
باشرتها والأحوال التي ركبتها وذخر لك الذي ذكرت وأكثر منه مما لم تذكره ومما ليس لأحد من
المسلمين مثله يقول ذلك من شهدك منا مع نبينا ومن شهدك بعده فأخبرنا يا أمير المؤمنين
ما امتحنك الله عز وجل بعد نبينا فاحتملته وصبرت عليه فلو شئنا ان نصف ذلك لوصفناه علما
منا به وظهورا منا عليه الا انا نحب أن نسمع منك ذلك كما سمعنا منك ما امتحنك الله به في حياته
فأطعته فيه فقال عليه السلام يا أخا اليهود إن الله عز وجل امتحنني بعد
وفاة نبيه في سبعة مواطن فوجدني فيهن من غير تزكية لنفسي بمنه
ونعمته صبورا إما أولهن يا أخا اليهود فإنه لم يكن لي خاصة دون
129

المسلمين عامة أحد انس به أو اعتمد عليه أو استنيم إليه أو
أتقرب به غير رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو رباني
صغيرا وبوأني كبيرا وكفاني العيلة وجبرني من اليتم وأغناني
عن الطلب ووقاني المكسب وعال لي النفس والولد والاهل
هذا في تصاريف أمر الدنيا مع ما خصني به من الدرجات
التي قادتني إلى معالي الحظوة عند الله عز وجل فنزل بي من وفاة
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما لم أكن أظن الجبال
لو حملته عنوة كانت تنهض به فرأيت الناس من أهل بيتي ما
بين جازع لا يملك جزعه ولا يضبط نفسه ولا يقوى على حمل
فادح ما نزل به قد اذهب الجزع صبره واذهل عقله وحال
بينه وبين الفهم والافهام والقول والاستماع وساير الناس
من غير بني عبد المطلب بين معز يأمر بالصبر وبين مساعد باك
لبكائهم جازع لجزعهم وحملت نفسي على الصبر عند وفاته بلزوم
130

الصمت والاشتغال بما أمرني به من تجهيزه وتغسيله وتخيطه
وتكفينه والصلاة عليه ووضعه في حفرته وجمع كتاب الله
وعهده إلى خلقه لا يشغلني عن ذلك بادر دمعة ولا هايج زفرة
ولا لاذع حرقة ولا جزيل مصيبة حتى أديت في ذلك الحق الواجب
لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وآله وسلم علي وبلغت
منه الذي أمرني به واحتملته صابرا محتسبا ثم التفت إلى أصحابه
فقال أليس كذلك قالوا بلى يا أمير المؤمنين فقال عليه السلام وأما الثانية يا أخا
اليهود فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمرني في
حياته على جميع أمته وأخذ علي جميع من حضره منهم البيعة و
السمع والطاعة لامري وأمرهم أن يبلغ الشاهد الغائب ذلك
فكنت المودي إليهم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
أمره إذا حضرته والأمير على من حضرني منهم إذا فارقته لا تختلج في
نفسي منازعة أحد من الخلق لي في شئ من الامر في حياة النبي
131

صلى الله عليه وآله وسلم ولا بعد وفاته ثم أمر رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم بتوجيه الجيش الذي وجهه مع
أسامة بن زيد عند ا لذي أحدث الله به المرض الذي توفاه
فيه فلم يدع النبي صلى الله عليه وآله وسلم أحدا من أفناء
العرب ولا من الأوس والخزرج وغيرهم من سائر الناس ممن
يخاف على نقضه ومنازعته ولا أحد ممن يراني بعين البغضاء
ممن قد وترته بقتل أبيه أو أخيه أو حميمه إلا وجهه في ذلك
الجيش ولا من المهاجرين والأنصار والمسلمين وغيرهم والمؤلفة
قلوبهم والمنافقين لتصفو قلوب من يبقى معي بحضرته ولئلا
يقول قائل شيئا مما أكرهه ولا يدفعني دافع من الولاية و
القيام بأمر رعيته من بعدي ثم كان اخر ما تكلم به في شئ
من أمر أمته أن يمضي جيش أسامة ولا يختلف عنه أحد ممن
انهض معه وتقدم في ذلك أشد التقدم وأوغر فيه أبلغ الايغار
132

وأكد فيه أكثر التأكيد فلم أشعر بعد أن قبض النبي صلى الله
عليه وآله وسلم إلا برجال من بعث أسامة بن زيد وأهل عسكره
قد تركوا مراكزهم واخلوا بمواضعهم وخالفوا أمر رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم فيما أنهضهم له وأمرهم به وتقدم
إليهم من ملازمة أميرهم والسير معه تحت لوائه حتى ينفذ
لوجهه الذي أنفذه إليه فخلفوا أميرهم مقيما في عسكره و
أقبلوا يتبادرون على الخيل ركضا إلى حل عقده عقدها
الله عز وجل لي ورسوله في أعناقهم فخلوها وعهد عاهدوا
الله ورسوله فنكثوه وعقدوا لأنفسهم عقدا ضجت به أصواتهم
واختصت به آرائهم من غير مناظرة لاحد منا بني عبد المطلب أو
مشاركة في رأي أو استقالة لما في أعناقهم من بيعتي فعلوا ذلك
وأنا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مشغول بتجهيزه عن
سائر الأشياء مصدود فإنه كان أهمها وأحق ما بدى به منها
133

فكان هذا يا أخا اليهود اقرح ما ورد على قلبي مع الذي أنا
فيه من عظيم الرزية وفاجع المصيبة وفقد من لا خلف منه
إلا الله تبارك وتعالى فصبرت عليها إذا أتت بعد أختها على تقاربها
وسرعة اتصالها ثم التفت عليه السلام إلى أصحابه فقال أليس كذلك قالوا بلى
يا أمير المؤمنين فقال عليه السلام وأما الثالثة يا أخا اليهود فإن
القائم بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يلقاني معتذرا
في كل أيامه ويلزم غيره ما ارتكبه من أخذ حقي ونقض بيعتي
ويسألني تحليله فكنت أقول تنقضي أيامه ثم يرجع إلى حقي الذي
جعله الله لي عفوا هنيئا من غير أن أحدث في الاسلام مع حدوثه
وقرب عهده بالجاهلية حدثا في طلب حقي بمنازعة لعل فلانا
يقول فيها نعم وفلانا يقول لا فيؤل ذلك من القول إلى الفعل و
جماعة من خواص أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم أعرفهم
بالنصح لله ولرسوله ولكتابه ودينه الاسلام يأتوي عودا وبدءا
134

وعلانية وسرا فيدعوني إلى أخذ حقي ويبذلون أنفسهم
في نصرتي ليؤدوا بذلك بيعتي في أعناقهم فأقول رويدا و
صبرا قليلا لعل الله يأتيني بذلك عفوا بلا منازعة ولا إراقة
الدماء فقد ارتاب كثير من الناس بعد وفاة النبي صلى الله عليه
وآله وسلم وطمع في الامر بعده من ليس له بأهل فقال كل قوم
منا أمير وما طمع القائلون في ذلك الا لتناول غيري الامر فلما
دنت وفاة القائم وانقضت أيامه صير الامر بعده لصاحبه فكانت
هذه أخت أختها ومحلها مني مثل محلها وأخذا مني ما جعله الله لي
فاجتمع إلي من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم من مضى رحمه
الله ومن بقي ممن أخره الله من اجتمع فقالوا لي فيها مثل الذي قالوا
في أختها فلم تعد قولي الثاني قولي الأول صبرا واحتسابا ويقينا
واشفاقا من أن تفنى عصبة تألفهم رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم باللين مرة وبالشدة أخرى وبالبذل مرة وبالسيف
135

أخرى حتى لقد كان من تألفه لهم إن كان الناس في الكر و
الفرار والشبع والري واللباس والوطاء والدثار ونحن أهل
بيت محمد صلى الله عليه وآله وسلم لا سقوف لبيوتنا ولا
أبواب ولا ستورا الا الجرائد وما أشبهها ولا وطاء لنا ولا دثار
علينا ويتداول الثوب الواحد في الصلاة أكثرنا وتطوى الليالي
والأيام عامتنا وربما أتانا الشئ مما أفائه الله علينا وصيره
لنا خاصة دون غيرنا ونحن على ما وصفت من حالنا فيؤثر به
رسول الله أرباب النعم والأموال تألفا منه لهم فكنت أحق
من لم يفرق هذه العصبة التي ألفها رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم ولم يحملها على الخطة التي لا خلاص لها منها دون
بلوغها أو فناء اجالها لاني لو نصبت نفسي فدعوتهم إلى نصرتي
كانوا مني وفي أمري على إحدى منزلتين إما متبع مقاتل واما
مقتول إن لم يتبع الجميع واما خاذل يكفر بخذلانه ان قصر في
136

نصرتي أو أمسك عن طاعتي وقد علم إنني منه بمنزلة هارون
من موسى يحل به في مخالفتي والامساك عن نصرتي ما أحل
قوم موسى بأنفسهم في مخالفة هارون وترك طاعته ورأيت
تجرع الغصص ورد أنفاس الصعداء ولزوم الصبر حتى يفتح الله
أو يقضى بما أحب أن يدلى في حظي وارفق بالعصابة التي وصفت
أمرهم وكان أمر الله قدرا مقدورا ولو لم اتق هذه الحالة
يا أخا اليهود ثم طلبت حقي لكنت أولى ممن طلبه لعلم من مضى
من أصحاب رسول الله ومن بحضرتك منهم بأني كنت أكثر عددا
وأعز عشيرة وامنع رجالا وأطوع أمرا وأوضح حجة وأكثر في هذا
الدين مناقب واثار سوابقي وقرابتي ووراثتي فضلا عن استحقاقي
في ذلك بالوصية التي لا مخرج للعباد منها والبيعة والمتقدمة
في أعناقهم ممن تناولها ولقد قبض محمد صلى الله عليه وآله
وسلم وإن ولاية الأمة في يده وفي بيته لا في يد الأولى
137

تناولوها ولا في بيوتهم ولأهل بيته الذين أذهب الله
عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا أولى بالامر من بعده من غيرهم
في جميع ا لخصال ثم التفت عليه السلام إلى أصحابه فقال أليس كذلك قالوا
بلى يا أمير المؤمنين قال عليه السلام وأما الرابعة يا أخا اليهود
فإن القائم بعد صاحبه كان يشاورني في موارد الأمور
فيصدرها عن أمري ويناظرني في غوامضها فيمضيها عن رأيي
لا أعلم أحدا ولا يعلمه أصحابي يناظره في ذلك غيري ولا يطمع
في الامر بعده سواي فلما أن أتته منيته على فجاة بلا مرض
كان قبله ولا أمر كان أمضاه في صحة من بدنه لم أشك أني
قد استرجعت حقي في عافية بالمنزلة التي كنت أطلبها والعاقبة
التي كنت التمسها وان الله سيأتي بذلك على أحسن ما رجوت
وأفضل ما أملت فكان من فعله أن ختم أمره بأن سمي قوما
أنا سادسهم ولم يسوني بواحد منهم ولا ذكر لي حالا في وراثة
138

الرسول ولا قرابة ولا صهر ولا نسب ولا لواحد منهم مثل سابقة
من سوابقي ولا أثر من آثاري وصيرها شورى بيننا وصيرانيه
فيها حاكما علينا وأمره أن يضرب أعناق النفر الستة الذين صير
الامر فيهم إن لم ينفذوا أمره وكفى الصبر على هذا يا أخا اليهود
صبرا فمكث القوم أيامهم كلها كل يخطب لنفسه وأنا ممسك
عن أن سألوني عن أمري فناظرتهم في أيامي وأيامهم و
آثاري وآثارهم وأوضحت لهم ما لم يجهلوه من وجوه استحقاقي
لها دونهم وذكرتهم عهد رسول الله إليهم وتأكيد ما أكده
من البيعة لي في أعناقهم دعاهم حب الامارة وبسط الأيدي
والألسن في الأمر والنهي والركون إلى الدنيا والاقتداء بالماضين
قبلهم إلى تناول ما لم يجعل الله لهم فإذا حلوت بالواحد
ذكرته أيام الله وحضرته ما هو قادم عليه وصاير إليه التمس مني
شرطا أن أصيرها له بعدي فلما لم يجدوا عندي إلا المحجة البيضاء
139

والحمل على كتاب الله عز وجل ووصية الرسول صلى الله عليه
وآله وسلم واعطاء كل امرئ منهم ما جعله الله له ومنعه ما
لم يجعل الله له أزالها عني إلى ابن عفان رجل لم يستويه وبواحد
ممن حضره حال قط فضلا عمن دونهم لا يبدر التي هي سنام فخرهم
ولا غيرها من المأثر التي أكرم الله بها رسوله ومن اختصه معه
من أهل بيته ثم لم اعلم القوم أمسوا من يومهم ذلك حتى ظهرت
ندامتهم ونكصوا على أعقابهم وأحال بعضهم على بعض كل
يلوم نفسه ويلوم أصحابه ثم لم تطل الأيام بالمستبد بالامر ابن
عفان حتى أكفروه وتبرأوا منه ومشى إلى أصحابه خاصة وساير
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على هذه يستقيلهم
من بيعته ويتوب إلى الله من فلتته فكانت هذه يا أخا اليهود
أكبر من أختها وأفظع وأحرى أن لا يصبر عليها فنالني منها الذي
لا يبلغ وصفه ولا يحد وقته ولم يكن عندي فيها إلا الصبر على
140

ما امض وأبلغ منها ولقد أتاني الباقون من الستة من يومهم
كل راجع عما كان ركب مني يسئلني خلع ابن عفان والوثور عليه
واخذ حقي ويؤتيني صفقته وبيعته على الموت تحت رايتي أو يرد
الله عز وجل حقي علي فوالله يا أخا اليهود ما منعني منها إلا الذي
منعني من أختيها قبلها ورأيت الابقاء على من بقى من الطائفة ألهج
لي وأنس لقلبي من فنائها وعلمت أني إن حملتها على دعوة الموت ركبته
فأما نفسي فقد علم من حضر ممن ترى ومن غاب من أصحاب محمد صلى الله
عليه وآله وسلم أن الموت عندي بمنزلة الشربة الباردة في اليوم
الشديد الحر من ذي العطش الصدى ولقد كنت عاهدت الله عز وجل
ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم أنا وعمي حمزة وأخي جعفر و
ابن عمي عبيدة على أمر وفينا به لله عز وجل ولرسوله صلى الله
عليه وآله وسلم فتقدمني أصحابي وتخلفت بعدهم لما أراد الله
عز وجل فأنزل الله فينا من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا
141

الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا
حمزة وجعفر وعبيدة وأنا والله المنتظر يا أخا اليهود وما بدلت تبديلا
وما سكتني عن ابن عفان وحثني على الامساك إلا أني عرفت من أخلاقه
فيما اختبرت منه بما لن يدعه حتى يستدعى الا باعد إلى قتله و
خلعه فضلا عن الأقارب وأنا في عزلة فصبرت حتى كان ذلك كم
أنطق فيه بحرف من ولا ونعم ثم أتاني القوم وأنا علم الله كاره
لمعرفتي بما تطاعموا به من اعتقاله الأموال والمرج في الأرض وعلمهم
بأن تلك ليست لهم عندي وشديد عادة منتزعة فلما لم يجدوا
عندي تعللوا الأعاليل ثم التفت عليه السلام إلى أصحابه فقال أليس كذلك
فقالوا بلى يا أمير المؤمنين فقال عليه السلام وأما الخامسة يا أخا اليهود
فإن المتابعين لي لما لم يطمعوا في تلك مني وثبوا بالمرئة علي وأنا
ولي أمرها والوصي عليها فحملوها على الجمل وشدوها على الرحال
واقبلوا بها تخبط الفيافي وتقطع البراري وتنبح عليها كلاب الحوأب
142

وتظهر لهم علامات الندم في كل ساعة وعند كل حال في
عصبته قد بايعوني ثانية بعد بيعتهم الأولى في حياة النبي
صلى الله عليه وآله وسلم حتى أتت أهل بلدة قصيرة أيديهم
طويلة لحاهم قليلة عقولهم عازية آراءهم وجيران بدو ووراد
بحر فأخرجتهم يخبطون بسيوفهم من غير علم ويرمون بسهامهم
بغير فهم فوقفت من أمرهم على اثنتين كلتاهما في محلة المكروه
ممن ان كففت لم يرجع ولم يعقل وان أقمت كنت قد صرت إلى التي
كرهت فقدمت الحجة بالأعذار والانذار ودعوت المرأة إلى
الرجوع إلى بيتها والقوم الذين حملوها على الوفاء ببيعتهم لي و
الترك لنقضهم عهد الله عز وجل في وأعطيتهم من نفسي كذلك
للذي قدرت عليه وناظرت بعضهم فرجع وذكرت فذكر ثم
أقبلت على الناس بمثل ذلك فلم يزدادوا الا جهلا وتماديا وغيا
فلما أبوا الا هي ركبتها منهم وكانت عليهم الدبرة وبهم الهزيمة
143

ولهم الحسرة وفيهم الفساد والقتل وحملت نفسي على التي لم أجد
منها بدا ولم يسعني إذ فعلت ذلك وأظهرته اخرا مثل الذي وسعني
منه أولا من الاغضاء والامساك ورأيتني إن أمسكت كنت معينا
لهم علي بامساكي على ما صاروا إليه وطمعوا فيه من تناول
الأطراف وسفك الدماء وقتل الرعية وتحكيم النساء النواقص
العقول والحظوظ على كل ح آل كعادة بني الأصفر ومن مضى من
ملوك سبأ والأمم الخالية فأصير إلى ما كرهت أولا اخرا وأهملت
المرأة وجندها يفعلون ما وصفت بين الفريقين من الناس ولم
اهجهم على الامر الا بعد ما قدمت وأخرت وتأنيت وراجعت وأرسلت
وسافرت وأعذرت وأنذرت وأعطيت القوم كل شئ التمسوه بعد أن
أعرضت عليهم كل شئ لم يلتمسوه فلما أبوا إلا تلك أقدمت عليها
فبلغ الله بي ربهم وما أراد وكان لي عليهم بما كان مني إليهم
شهيدا ثم التفت إلى أصحابه فقال أليس كذلك قالوا بلى يا أمير المؤمنين فقال عليه السلام
144

وأما السادسة يا أخا اليهود فتحكيمهم ومحاربة ابن اكلة
الأكباد وهو طليق ابن طليق معاند لله عز وجل ولرسوله صلى الله
عليه وآله وسلم وللمؤمنين منذ بعث الله محمدا صلى الله عليه
وآله وسلم إلى أن فتح عليه مكة عنوة فأخذت بيعته وبيعة أبيه
لي معه في ذلك اليوم وفي ثلاثة م واطن بعده وأبوه بالأمس أول
من سلم على بإمرة المؤمنين وجعل يحثني على النهوض في أخذ
حقي من الماضين قبلي ويجدد لي بيعته كلما أتاني وأعجب العجب انه
لما رأى ربي تبارك وتعالى قد رد إلى حقي وأقره في معدنه وانقطع
طمعه أن يصير في دين الله رابعا وفي أمانة حملناها حاكما كر على
العاضي ابن العاص فاستماله فمال إليه ثم أقبل به بعد إذ اطمعه مصر
وحرام عليه أن يأخذ من الفيئ دون قسمه درهما وحرام على الراعي
ايصال درهم إليه فوق حقه فاقبل يخبط البلاد بالظلم ويطأها
بالغشم فمن بايعه ارضاه ومن خالفه ناواه ثم توجه إلى ناكثا علينا
145

مغيرا في البلاد شرقا وغربا ويمينا وشمالا والأنباء تأتيني والاخبار
ترد علي بذلك فأتاني أعور ثقيف فأشار علي أن أوليه البلاد
التي هو بها لا داريه بما أوليه منها في الذي أشار به الرأي
في أمر الدنيا لو وجدت عند الله عز وجل في توليته لي مخرجا
وأصبت لنفسي في ذلك عذرا فأعملت الرأي في ذلك وشاورت
من أثق بنصيحته لله عز وجل ولرسوله ولي وللمؤمنين فكان
رأيه في ابن اكلة الأكباد كرأيي ينهاني عن توليته ويحذرني أن أدخل
في أمر المسلمين يده ولم يكن الله ليراني أتخذ المضلين عضدا فوجهت
إليه أخا بجيلة مرة وأخا الأشعريين مرة كلاهما ركن إلى الدنيا و
تابع هواه فيما ارضاه فلما لم أره يزداد فيما انتهك من محارم الله
الا تماديا شاورت من معي من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله و
سلم البدريين والذين ارتضى الله عز وجل أمرهم ورضي عنهم
بعد بيعتهم وغيرهم من صلحاء المؤمنين المسلمين والتابعين فكل
146

يوافق رأيه رأيي في غزوه ومحاربته ومنعه مما نالت يده وإني
نهضت إليه بأصحابي أنفذ إليه من كل موضع كتبي وأوجه إليه
رسلي أدعوه إلى الرجوع عما هو فيه والدخول فيما فيه الناس
معي فكتب يتحكم علي يتمنى على الأماني ويشترط علي شروطا
لا يرضاها الله عز وجل ورسوله ولا المسلمون ويشترط في بعضها
أن أدفع إليه أقواما من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله و
سلم أبرارا فيهم عمار بن ياسر وأين مثل عمار والله لقد رأيتنا
مع النبي وما تقدمنا خمسة إلا كان سادسهم ولا أربعة إلا
كان خامسهم اشترط دفعهم إليه ليقتلهم ويصلبهم وانتحل
دم عثمان ولعمر الله ما ألب على عثمان ولا جمع الناس على قتله
إلا هو وأشباهه من أهل بيته أغصان الشجرة الملعونة في القرآن
فلما لم أجب إلى ما اشترط من ذلك كر مستعليا في نفسه بطغيانه
وبغيه بحمير لا عقول لهم ولا بصائر فموه لهم أمرا فاتبعوه و
147

أعطاهم من الدنيا ما أمالهم به إليه فناجزناهم وحاكمناهم
إلى الله عز وجل بعد الاعذار والانذار فلما لم يزده ذلك إلا
تماديا وبغيا لقيناه بعادة الله التي عودنا من النصر على أعدائه
وعدونا وراية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأيدينا لم يزل
الله تبارك وتعالى يغل حزب الشيطان بها حتى يقضى الموت عليه
وهو معلم رايات أبيه التي لم يزل أقاتلها معر سول الله صلى الله
عليه وآله وسلم في كل المواطن فلم يجد من الموت منجا الا الهرب
فركب فرسه وقلب رايته لا يدري كيف يحتال فاستعان برأي
ابن العاص فأشار إليه باظهار المصاحف ورفعها على الاعلام
والدعاء إلى ما فيها وقال إن ابن أبي طالب وحزبه أهل بصاير
ورحمة وبقيا وقد دعوك إلى كتاب الله أولا وهم مجيبوك إليه اخرا
فأطاعه فيما أشار به عليه إذ رأى أنه لا منجا له من القتل أو الهرب
غيره فرفع المصاحف يدعو إلى ما فيها بزعمه فمالت إلى المصاحف
148

قلوب من بقي من أصحابي بعد فناء خيارهم وجهدهم في جهاد
أعداء الله وأعدائهم على بصائرهم فظنوا أن ابن اكلة الأكباد
له الوفاء بما دعا إليه فاصغوا إلى دعوته وأقبلوا بأجمعهم في
إجابته فأعلمتهم أن ذلك منه مكر ومن ابن العاص معه وأنهما
إلى النكث أقرب منهما إلى الوفاء فلم يقبلوا قولي ولم يطيعوا أمري
وأبوا إلا اجابته كرهت أم هويت شئت أو أبيت حتى أخذ بعضهم
يقول لبعض إن لم يفعل فالحقوه بابن عفان وادفعوه إلى ابن هند
برمته فجهدت علم الله ج هدي ولم أدع علة في نفسي إلا بلغتها
في أن يخلوني ورائي فلم يفعلوا وراودتهم على الصبر على مقدار فواق
الناقة أو ركضة الفرس فلم يجيبوها خلا هذا الشيخ وأومئ بيده إلى
الأشتر وعصبة من أهل بيتي فوالله ما منعني أن أمضى على بصيرتي
إلا مخافة أن يقتل هذان وأومى بيده إلى الحسن والحسين عليهما السلام فينقطع
نسل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وذريته من أمته ومخافة
149

أن يقتل هذا وهذا وأومى بيده إلى عبد الله بن جعفر ومحمد بن الحنفية رضي الله عنهما فإني
أعلم لولا مكاني لم يقفا ذلك الموقف فلذلك صبرت على ما أراد القوم
مع ما سبق فيه من علم الله عز وجل فلما رفعنا عن القوم سيوفنا
تحكموا في الأمور وتخيروا الاحكام والآراء وتركوا المصاحف
وما دعوا إليه من حكم القرآن وما أحكم في دين الله أحدا إذ كان
التحكيم في ذلك الخطاء الذي لا شك فيه ولا امتراء فلما أبوا إلا
ذلك أردت أن أحكم رجلا من أهل بيتي أو رجلا ممن أرضى رأيه و
عقله واثق بنصيحته ومودته ودينه وأقبلت لا أسمي أحدا إلا امتنع
منه ابن هند ولا أدعوه إلى شئ من الحق الا أدبر عنه وأقبل ابن هند
يسومنا عسفا وما ذاك الا باتباع أصحابي له على ذلك فلما أبوا إلا
غلبني على التحكيم تبرأت إلى الله عز وجل منهم وفوضت ذلك إليهم
فقلدوه امرءا فخدعه ابن العاص خديعة ظهرت في شرق الأرض و
غربها وأظهر المخدوع عليها ندما ثم أقبل عليه السلام على أصحابه فقال أليس كذلك
150

قالوا بلى يا أمير المؤمنين فقال عليه السلام وأما السابعة يا أخا اليهود
فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان عهد إلي أن
أقاتل في آخر الزمان من أيامي قوما من أصحابي يصومون النهار
ويقومون الليل ويتلون الكتاب يمرقون بخلافهم علي ومحاربتهم
إياي من الدين مروق السهم من الرمية فيهم ذو الثدية يختم
لي بقتلهم بالسعادة فلما انصرفت إلى موضعي هذا يعني بعد
الحكمين اقبل بعض القوم على بعض بالأئمة فيما صاروا إليه من تحكيم
الحكمين فلم يجدوا لأنفسهم من ذلك مخرجا إلا أن قالوا كان ينبغي لأميرنا
أن لا يبايع من أخطأ وأن يقضي بحقيقة رأيه على قتل نفسه وقتل من
خالفه منا فقد كفر بمتابعته إيانا وطاعته لنا في الخطاء وأحل لنا
بذلك قتله وسفك دمه فتجمعوا على ذلك وخرجوا راكبين رؤوسهم
ينادون بأعلى أصواتهم لا حكم إلا لله ثم تفرقوا فرقة بالنخيلة وأخرى
بحر وراء وأخرى راكبة رأسها تخبط الأرض شرقا حتى عبرت دجلة
151

فلم تمر بمسلم إلا امتحنته فمن تابعها استحيته ومن خالفها قتلته فخرجت
إلى الأولين واحدة بعد أخرى أدعوهم إلى طاعة الله عز وجل والرجوع
إليه فأبيا الا السيف لا يقنعهما غير ذلك فلما أعيت الخيلة فيهما
حاكمتهما إلى الله عز وجل فقتل الله هذه وهذه وكانوا يا أخا اليهود
لولا ما فعلوا لكانوا ركنا قويا وسدا منيعا فأبى الله إلا ما صاروا إليه
ثم كتبت إلى الفرقة الثالثة ووجهت رسلي تترى وكانوا من جلة أصحابي
وأهل التعبد منهم والزهد في الدنيا وسدا منيعا فأبى الله إلا ما
صاروا إليه فأبت الا اتباع أختيها والاحتذاء على مثالهما وشرعت في
قتل من خالفها من المسلمين وتتابعت الاخبار بفعلهم فخرجت حتى
قطعت إليهم دجلة أوجه السفراء والنصحاء واطلب العتبي بجهدي
بهذا مرة وبهذا مرة واومى بيده إلى الأشتر والأحنف بن قيس وسعيد بن قيس الأرجي
والأشعث بن قيس الكندي فلما أبوا إلا تلك ركبتها منهم فقتلهم الله يا أخا
اليهود عن آخرهم وهم أربعة آلاف أو يزيدون حتى لم يفلت منهم
152

منهم مخبر فاستخرجت ذا الثدية من قتلاهم بحضرة من ترى له ثدي
كثدي المرأة ثم التفت عليه السلام إلى أصحابه فقال أليس كذلك قالوا بلى يا أمير
المؤمنين فقال عليه السلام قد وفيت سبعا وسبعا يا أخا اليهود وبقيت
الأخرى وأوشك بها فكان قد تبكى أصحاب علي عليه السلام وبكى رأس اليهود
وقالوا يا أمير المؤمنين أخبرنا بالأخرى فقال عليه السلام الأخرى أن تخضب هذه
وأومى بيده إلى لحيته من هذه وأومئ إلى هامته قال وارتفعت الأصوات الناس في المسجد
الجامع بالضجة والبكاء حتى لم يبق بالكوفة دار الا خرج أهلها فزعا واسلم رأس اليهود على
يدي علي عليه السلام من ساعته ولم يزل مقيما حتى قتل أمير المؤمنين عليه السلام وأخذ
ابن ملجم لعنه الله فأقبل رأس اليهود حتى وقف على الحسن عليه السلام والناس حوله وابن
ملجم لعنه الله بين يديه فقال له يا أبا محمد اقتله قتله الله فإني رأيت في الكتب التي أنزلت على
موسى عليه السلام إن هذه عظم عند الله عز وجل حرما من ابن آدم قاتل أخيه ومن القدار عاقر
ناقة ثمود
247 / 27 ومن كلامه عليه السلام
قال المجلسي ره في التاسع من البحار في باب الاخوة ص 34 أقول روى ابن شيرويه في الفردوس ومن كتاب
الأربعين عن محمد بن زياد عن يحيى بن العلاء الرازي عن جعفر بن محمد بن الصادق عن أبيه عليهما السلام
عن ابن عباس قال نظر علي عليه السلام في وجوه الناس فقال إني أخو رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم ووزيره ولقد علمتم أني أولكم ايمانا بالله تعالى
وبرسوله صلى الله عليه وآله وسلم ثم دخلتم بعدي في الاسلام
153

وأنا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأخوه وشريكه
في نسبه وأبو ولديه وزوج ابنته سيدة نساء أهل الجنة ولقد عرفتم
انا ما خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مخرجا إلا رجعنا
وأنا أحبكم إليه وأوثقكم في نفسه وأشد نكاية في العدو واثر
ولقد رأيتم بعثه إياي مرات ووقفته يوم غدير خم وقيامي معه و
رفعه بيدي ولقد آخى بين المسلمين فما اختار لنفسه أحدا غيري
ولقد قال لي أنت مني وأنا أخوك في الدنيا والآخرة ولقد أخرج
الناس وتركني ولقد قال لي أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه
لا نبي بعدي
248 / 28 ومن كلامه عليه السلام
التاسع من البحار ص 649 في باب كيفية شهادته عن جامع الأخبار وعن أمالي المفيد عن عمر بن محمد
بن علي الصيرفي عن محمد بن همام الإسكافي عن جعفر بن محمد بن مالك عن أحمد بن سلامة العنوي
عن محمد بن الحسن العامري عن معمر عن أبي بكر بن عياش عن الفجيع العقيلي قال حدثني الحسن بن علي بن
أبي طالب عليهما السلام قال لما حضرت والدي الوفاة أقبل يوصى فقال عليه السلام هذا ما
أوصى به علي بن أبي طالب أخو محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
وابن عمه وصاحبه أول وصيتي أنى أشهد أن لا إله إلا الله وأن
154

محمدا رسوله وخيرته واختاره بعلمه وارتضاه لخيرته وأن الله
باعث من في القبور وسائل الناس عن أعمالهم عالم بما في الصدور
ثم إني أوصيك يا حسن وكفى بك وصيا بما أوصاني به رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم فإذا كان ذلك يا بني الزم بيتك و
أبك على خطيئتك ولا تكن الدنيا أكبر همك وأوصيك يا بني بالصلاة
والزكاة في أهلها عند محلها والصمت عند الشبهة والاقتصار
والعدل في الرضا والغضب وحسن الجوار واكرام الضيف ورحمة المجهود
وأصحاب البلاء وصلة الرحم وحب المساكين ومجالستهم والتواضع
فإنه من أفضل العبادة وقصر الأمل واذكر الموت وأزهد في الدنيا
فإنك رهين موت وغرض بلاء وطريح سقم وأوصيك بخشية الله
في سر أمرك وعلانيتك وأنهاك عن التسبر بالقول والفعل وإذا غرض
شئ من أمر الآخرة فابدء به وإذا عرض شئ من أمر الدنيا فتأنه حتى
تصيب رشدك فيه وإياك ومواطن التهمة والمجلس المظنون به
155

السوء فإن قرين السوء بغير جليسه وكن لله يا بني عاملا وعن الخناز
جورا وبالمعروف أمرا وعن المنكر ناهيا وواح الاخوان في الله وأحب
الصالح لصلاحه ودار الفاسق عن دينك وأبغضه بقلبك وزايله
بأعمالك لئلا تكون مثله وإياك والجلوس في الطرقات ودع المماراة
ومجازات من لا عقل له ولا علم واقتصد يا بني في معيشتك واقتصد
في عبادتك وعليك فيها بالامر الدائم الذي تطيقه وألزم الصمت
تسلم وقدم لنفسك تغنم وتعلم الخير تعلم وكن لله ذاكرا على كل حال
وارحم من أهلك الصغير ووقر منهم الكبير ولا تأكلن طعاما حتى تصدق
منه قبل أكله وعليك بالصوم فإنه زكاة البدن وجنة لأهله و
جاهد نفسك واحذر جليسك واجتنب عدوك وعليك بمجالس الذكر
وأكثر من الدعاء فإني لم ألك يا بني نصحا وهذا فراق بيني وبينك و
أوصيك بأخيك محمد خيرا فإنه شقيقك وابن أبيك وقد تعلم حبي له
وأما أخوك الحسين فهو ابن أمك ولا أريد الوصاة بذلك والله الخليفة
156

عليكم وإياه اسئل أن يصلحكم وأن يكف الطغاة البغاة عنكم و
الصبر الصبر حتى ينزل الله الامر ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
249 / 29 ومن كلامه عليه السلام
تاسع البحار ص 650 في باب كيفية شهادته عليه السلام عن الكافي الحسين بن الحسن الحسني
رفعه ومحمد بن الحسن عن إبراهيم بن إسحاق الأخرى رفعه قال لما ضرب أمير المؤمنين
عليه السلام حف به القواد وقيل له يا أمير المؤمنين أوص فقال عليه السلام اثنوا لي وسادة
ثم قال الحمد لله حق قدره متبعين أمره احمد كما أحب ولا اله
إلا الله الواحد ا لاحد الصمد كما انتسب أيها الناس كل امرء لاق
في فراره مامنه يفروا لأجل مساق النفس إليه والهرب منه
موافاته كم أطردت الأيام أبحثها عن مكنون هذا الامر فأبى الله عن
ذكره ا لا اخفاؤه هيهات علم مكنون أما وصيتي فان لا تشركوا بالله
جل ثناءه شيئا ومحمدا صلى الله عليه وآله فلا تضيعوا سنته أقيموا
هذين العمودين وأوقدوا هذين المصباحين وخلاكم ذم ما لم تشردوا
حمل كل امرء منكم مجهوده وخفف عن الجهلة رب رحيم وامام عليم
ودين قويم أنا بالأمس صاحبكم وغدا مفارقكم واليوم عبرة لكم ان
157

ان تثبت الوطأة في هذه المذلة فذاك المراد وان تدحض القدم
فإنا كنا في افياء أغصان وذرى رياح وتحت ظل غمامة اضمحل في الجو
متلفقها وعفا في الأرض مخطها وانما كنت جارا جاوركم بدني أياما
وستعقبون مني جثة خلاء ساكنة بعد حركة وكاظمة بعد نطق
ليعظكم هدؤي وخفوت اطراقي وسكون أطرافي فإنه أوعظ لكم
من الناطق البليغ ودعتكم وداع مرصد للتلاقي غدا ترون إياي و
يكشف الله عز وجل عن سرايري وتعرفوني بعد خلو مكاني وقيام
غير مقامي ان أبق فانا ولي دمي وان أفن فالفناء ميعادي وان أعف
فالعفو لي قربة ولكم حسنة فاعفوا واصفحوا لا تحبوا أن يغفر الله
لكم فيا لها حسرة على كل ذي غفلة أن يكون عمره عليه حجة
أو يؤديه أيامه إلى شقوة جعلنا الله وإياكم ممن لا يقصر به عن
طاعة الله رغبة أو يحمل عليه بعد الموت نقمة فإنما نحن له وبه ثم
أقبل على الحسن عليه السلام وقال يا بني ضربة مكان ضربة ولا تأثم
158

قال المجلسي (ره) بيان قوله اثنوا لي وسادة يقال ثنى الشئ كسمع رد بعضه على بعض وثينها إما
للجلوس عليها ليرتفع ويظهر للسامعين أو الاتكاء عليها لعدم قدرته على الجلوس قوله حق قدره
أي حمدا يكون حسب قدره كما هو أهله قوله متبعين حال عن فاعل الحمد لأنه في قوة نحمد الله قوله
كما انتسب أي كما نسب نفسه في سورة التوحيد قوله كل امرء لاق في قراره أي من الأمور المقدرة
الحتمية كالموت قال الله تعالى قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم وإنما قال عليه السلام
في فراره لان كل أحد يفر دائما من الموت وان كاتبعدا والحاق مصدر ميمي وليست في نهج البلاغة
كلمة إليه فيحتمل أن يكون المراد بالأجل منتهى العمر والمساق ما يساق إليه وأن يكون المراد به المدة
فالمساق زمان السوق وقوله عليه السلام والهر بمنه موافاته من حمل اللازم على الملزوم فإن
الانسان ما دام يهرب من موته بحركات وتصرفات يفنى عمره فيها فكان الهرب منه موافاته والمعنى
انه إذا قدر زوال عمر أو دولة فكل ما يدبره الانسان ما دام يهرب من موته بحركات وتصرفات لرفع
ما يهرب منه يصير سببا لحصوله إذا تأثير الأدوية والأسباب باذنه تعالى مع أنه عند حلول الأجل
يصير أحذق الأطباء أجهلهم ويغفل عما ينفع المريض وهكذا في سائر الأمور وقال الفيروزآبادي
الطرد الابعاد وضم الإبل من نواحيها وطردتهم اتيتهم وخرتهم واطرده أمر بطرده أو باخراجه عن
البلد واطرد الامر تبع بعضه بعضا وجرى انتهى ويحتمل أن يكون الاطراد بمعنى الطرد والجمع أو الامر به
مجازا ويمكن أن يقرء اطردت على صيغة الغائب بتشديد الطاء فالأيام فاعله قال أكثر شراح النهج كأنه
عليه السلام جعل الأيام أشخاصا يأمر باخراجهم وأبعادهم عنه أي ما زلتا بحث عن كيفية قتلى وأي وقت
يكون بعينه وفي أي أرض يكون يوما يوما فإذا لم أجده في يوم طردته واستقبلت يوما أخر وهكذا حتى
وقع المقدر قالوا وهذا الكلام يدل على أنه عليه السلام لم يكن يعرف حال قتله مفصلة من جميع الوجوه
وإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اعلمه بذلك مجملا ومكنون هذا الامر أي المستور من خصوصيات
هذا الامر أو المستور هو هذا الامر فالمشار إليه شئ متعلق بوفاته وهيهات أي بعد الاطلاع عليه
فإنه علم مكنون مخزوم ومن خواص المخزون ستره والمنع من أن يناله أحد والأظهر عندي أن المراد
إلى جمعت مرار حوادث الأيام وغرائبها التي وقعت على في ذهني وبحثت عن السر الخفي في خفاء الحق
وظهور الباطل وغلبة أهله وقيل أي السر في قتله عليه السلام فظهر لي فأبى الله لا اخفائه عنكم
لضعف عقولكم عن فهمه أدهى من غوامض مسائل القضاء والقدر قوله ومحمد اعطف على أن لا
تشركوا ويمكن أن يقدر فيه فعل أي أذكركم محمدا أو هو بضب على الاغراء وفي بعض النسخ بالرفع وفي
159

النهج واما وصيتي فالله لا تشركوا به شيئا ومحمدا فلا تضيعوا سنته والعمودان التوحيد و
النبوة واقامتهما كناية عن احقاق حقوقهما وقيل المراد بهما الحسنان وقيل هما المراد
بالمصباحين ويقال خلال ذم أي أعذرت وسقط عنك الذم قوله عليه السلام ما لم تشردوا
أي تتفرقوا في الدين قوله عليه السلام حمل على التفعيل مجهولا أو معلوما وخفف أيضا
أما على بناء المعلوم أو المجهول فيقدر مبتدأ لقوله رب رحيم أي ربكم أو خبر أي لكم وعلى
الأول في اسناد الحمل والتخفيف إلى الدين والامام تجوز والمراد إمام كل زمان وثبوت الوطأ
كناية عن البرء من المرض والذرى اسم لما ذرته الرياح شبه ما فيه الانسان في الدنيا من
الأمتعة بما ذرته الرياح في عدم الثبات وقلة الانتفاع بها وقيل المراد محال ذروها
كما أن في النهج مهب رياح قوله متلفقها بكسر الفاء أي ما انضم واجتمع من متفرقات الغمام
ومخطها ما يحدث في الأرض من الخط الفاصل بين الظل والنور وفي بعض النسخ
بالحاء ا لمهملة أي محط ظلها فاعله والحاصل إني أن مت فلا عجب فإني كنت في أمور
فانية شبيهة بتلك الأمور أو لا أبالي فإن كنت في الدنيا غير متعلق بها كمن كان في تلك
الأمور وكنت دائما مترصدا للانتقال وقيل استعار الأغصان لعناصر الأربعة والافياء
لتركبها المعرض للزوال والرياح للأرواح وزراها للأبدان الفائزة هي عليها بالجود الإلهي
والغمامة للأسباب القوية من الحركات السماوية والتأثيرات الفلكية والأرزاق المفاضة
على الانسان في هذا العالم وكنى باضمحلال متلفقها عن تفرق تلك الأسباب وزوالها
وبعفاء مخطها في الأرض عن فناء اثارها في الأبدان جاوركم بدني انما خص المجاورة
بالبدن لأنها من خواص الأجسام اولان روحه صلوات الله عليه كانت معلقة بالملا
الاعلى وهو بعد في هذه الدنيا كما قال عليه السلام في وصف اخوانه كانوا في الدنيا بأبدان
أرواحها معلقة بالملا الاعلى وستعقبون على بناء المفعول من الأعقاب وهو اعطاء
شئ وجثة الانسان بالضم شخصه وجسده خلاء أي خالية من الروح والخواص وفي القاموس
كظم غيظه رده وحبسه والباب أغلقه وكظم كعنى كظوما سكت وقوم كظم كركع ساكتون
وفي النهج وصامتة بعد نطوق ليعطكم بكسر اللام والنصب كما هو المضبوط في النهج ويحتمل
الجزم لكونه أمرا وفتح اللام والرفع أيضا والهدوء بالهمزة وقد يخفف ويشدد السكون وخفت
الصوت ففوتا سكن ولهذا قيل للميت خفت إذا انقطع كلامه وسكت واطراقي إما بكسر الهمزة
160

كما هو المضبوط في النهج من أطرق اطراقا أي ارخى عينيه إلى الأرض كناية عن عدم تحريك الأجفان
أو بفتحها جمع طرق بالكسر بمعنى القوة أو جمع طرق بالفتح وهو الضرب بالطرقة والاطراق بالتحريك
هي الأعضاء كالبدن والرجلين ووداع بالفتح اسم من قولهم ود عنه توديعا واما بالكسر
فهو الاسم من قولك أودعته موادعة أي صالحته وتقول رصدته إذا قعدت له على طريقه
تترقبه وأرصدت له العقوبة أي أعددتها له ومرصد في بعض النهج بالفتح فالفاعل هو الله
تعالى أو نفسه عليه السلام كأنه أعد نفسه بالتوطين للتلاقي وفي بعضها بالكسر فالمفعول نفسه
أو ما ينبغي اعداده وهيئة ويوم التلاقي يوم القيامة ويحتمل شموله للرجعة أيضا وقوله غدا
ظرف الافعال الآتية ويحتمل تلك الفقرات وجوها من التأويل الأول أن يكون المعنى أبعد
أن أفارقكم يتولى بنو أمية وغيرهم أمركم ترون وتعرفون فضل أيام خلافتي وإني كنت على الحق
ويكشف الله لكم عن سرائري أي إني ما أردت في حروبي وسائر ما أمرتكم به إلا الله تعالى أو ينكشف
بعض حسناتي المروية إليكم وكنت استرها عنكم وعن غيركم وتعرفون عدلي وقدري بعد قيام
غيري مقامي بالخلافة الثاني أن يكون المراد بقوله غدا أيام الرجعة والقيمة فإن فيهما تظهر
شوكته ورفعته ونفاذ حكمه في عالم الملك والملكوت فهو عليه السلام في الرجعة ولي الانتقام
من المنافقين والكفار وممكن المتقين والأخيار في الأصقاع والأقطار وفي القيمة إلى الحسنات
وقسيم الجنة والنار فالمراد بخلو مكانه خلو قبره عن جسده بحسب ما يظنه الناس في الرجعة ونزوله
عن منبر الوسيلة وقيامه على شفير جهنم يقول للنار خذي هذا واتركي هذا في القيمة ثم
اعلم أن في أكثر نسخ الكافي وقيامي غير مقامي وهو أنسب بهذا المعنى وعلى الأول يحتاج إلى
تكلف كان يكون المراد بالغير القائم عليه السلام فإنه امام زمان في الرجعة وقيام الرسول
صلى الله عليه وآله مقامه للمخاصمة في القيامة كذا خطر بالبال وإن ذكر مجملا منه بعض
المعاصرين في مؤلفاتهم الثالث ما خطر بالبال أيضا وهو الجمع بين المعنيين بأن يكون
ترون أيامي ويكشف الله عن سرائري في الرجعة والقيمة لاتصاله بقوله وداع مرصد
للتلاقي وقوله وتعرفوني إلى آخره إشارة إلى المعنى الأول غيره متعلقه بالفقرتين أوليين
وهو أسد وأفيدوا ظهر لا سيما على النسخة الأخيرة إن أبق الشرفي لا تنافى العلم بعدم
وقوع المقدم وفي تنزيل العالم منزلة الشاك نوع من المصلحة وفي بعض النسخ العقولي قربة
ويحتمل أن يكون استحلالا من القوم على سبيل التواضع كما هو الشايع عند الموادعة وفي أكثر
161

النسخ وإن أعف فالعفو لي قربة أي أن أعف عن قاتلي فقوله عليه السلام ولكم
حسنة أي فيما يجوز العقوبة لا في تلك الواقعة أو عفوي عن قاتلي لكم حسنة أصبركم
على ما يشق عليكم في ذلك فيالها حسرة النداء للتعجب المنادى محذوف وضمير لها مبهم
وحسرة تمييز للضمير المبهم نحو ربه رجلا أن يكون أي لا يكون أو خبر مبتداء محذوف والشقوة
بالكسر سوء ا لعاقبة قوله ممن لا يقصر به الباء للتعدية ورغبة فاعل لا تقصر وضمير به راجع إلى
الموصول أي لا يجعله رغبة من رغبات النفس قاصرا عن طاعة الله وضميرا له وبه راجعان إلى الموت
أقول وقد نقل السيد الرضي رضي الله عنه هذا الكلام في النهج محذوفة الصدر والعجز رأيت
نقله في كتابي هذا بتمامه تذكرة للمتذكر وتبصرة للمستبصر ورواه أيضا غيره في غيره كما نقلته
250 / 30 ومن كلامه عليه السلام
بعد أن تكابت الأعاجم من أهل همدان وأهل الري وأصفهان وقومس ونهاوند و
أرسل بعضهم إلى بعض إن ملك العرب الذي جائهم بدينهم وأخرج كتابهم قد هلك يغنون
النبي صلى الله عليه وآله وان ملكهم من بعده رجل ملكا يسيرا ثم هلك يعنون أبا بكر وقام
من بعده اخر قد طال عمره حتى تناولكم في بلادكم وأغزاكم جنوده يعنون عمر بن الخطاب وأنه
غير منته عنكم حتى تخرجوا من في بلادكم من جنوده وتخرجوا إليه فتغزوه في بلاده فتعاقدوا
على هذا وتعاهدوا عليه فلما انتهى الخبر إليه فزع لذلك فزعا شديدا ثم أتى مسجد رسول الله صلى
الله عليه وآله فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم استشار من أصحابه وقال تكلموا ولقد نقل المفيد
في الارشاد في فصل قضايا أمير المؤمنين عليه السلام هذه القضية ص 100 إلى أن قال فقال
أمير المؤمنين عليه السلام الحمد لله حتى أتم التحميد والثناء على الله والصلاة على رسوله
صلى الله عليه وآله ثم قال أما بعد فإنك ان أشخصت أهل الشام من شامهم
سارت الروم إلى ذراريهم وان أشخصت أهل اليمن من يمنهم سارت الحبشة إلى ذراريهم وإن أشخصت من هذين الحرمين
انتقضت عليك العرب من أطرافها وأكنافها حتى يكون ما تدع
162

وراء ظهرك من عيالات العرب أهم إليك مما بين يديك فاما
ذكرك كثرة العجم ورهبتك من جموعهم فإنا لم نكن نقاتل على
عهد رسول الله صلى الله عليه وآله بالكثرة وإنما كنا نقاتل
بالنصر وأما ما بلغك من اجتماعهم على المسير إلى المسلمين فإن
الله لمسيرهم أكره منك لذلك وهو أولى بتغيير ما يكره وإن
الأعاجم إذا نظروا إليك قالوا هذا رجل العرب فإن قطعتموه فقد
قطعتم العرب وكان أشد لكلبهم وكنت قد ألبتهم على نفسك
وأمدهم من لم يكن يمدهم ولكني أرى أن تقر هؤلاء في أمصارهم
وتكتب إلى أهل البصرة فليتفروا على ثلاث فرق فلتقم فرقة منهم
على ذراريهم حرسا لهم ولتقم فرقة على أهل عهدهم لئلا
ينتقضوا ولتسر فرقة منهم إلى اخوانهم مددا لهم فقال عمر أجل
هذا الرأي وقد كنت أحب أن أتابع عليه وجعل يكرر قول أمير المؤمنين عليه السلام و
ينسقه اعجابا به واختيارا له - قال الشيخ المفيد رضي الله عنه فانظروا أيدكم الله إلى هذا
الموقف الذي ينبئ بفضل الرأي إذ تنازعه أولوا الألباب والعلم وتأملوا التوفيق الذي
قرن الله به أمير المؤمنين عليه السلام في الأحوال كلها وفزع ا لقوم إليه في المعضل من الأمور
163

وأضيفوا ذلك إلى ما أثبتناه عنه من القضاء في الدين الذي أعجز متقدمي القوم
حتى اضطروا في علمه إليه نجدوه من باب المعجز الذي قدمناه والله ولي التوفيق
251 / 31 ومن كلامه عليه السلام
في كتاب الخصال للصدوق (ره) المطبوع في مطبعة الشريفي سنة 1374 الهجرية القمرية ص 132
قال حدثنا أحمد بن الحسن القطان ومحمد بن أحمد السناني وعلي بن أحمد بن موسى الدقاق والحسين
بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب وعلي بن عبد الله بن الوراق رضي الله عنه قالوا حدثنا أبو
العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان قال حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب قال حدثنا تميم بن
بهلول قال حدثنا سليمان بن حكيم عن ثور بن يزيد عن مكحول قال قال أمير المؤمنين عليه السلام
لقد علم المستحفظون من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم
محمد أنه ليس فيهم رجل له منقبة إلا وقد شركت فيها وفضلته
ولى سبعون منقبة لم يشركني فيها أحد منهم قلت يا أمير المؤمنين
فأخبرني بهن فقال عليه السلام إن أول منقبة لي أني لم أشرك بالله
طرفة عين ولم أعبد اللات والعزى والثانية أني لم أشرب الخمر
قط والثالثة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم استوهبني
من أبي في صباي فكنت أكيله وشريبه ومونسه ومحدثه والرابعة
إني أول الناس ايمانا واسلاما والخامسة أن رسول الله صلى الله
164

عليه وآله وسلم قال لي يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا
لا نبي بعدي والسادسة اني كنت أخر الناس عهدا برسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم ودليته في حفرته والسابعة أن رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم أنا مني على فراشه حيث ذهب إلى الغار
وسجاني ببرده فلما جاء المشركون ظنوني محمدا فايقظوني وقالوا ما
فعل صاحبك فقلت ذهب إلى حاجته فقالوا لو كان هرب فهرب
هذا معه وأما الثامنة فإن رسول الله صلى الله عليه وآله و
سلم علمني ألف باب من العلم يفتح كل باب ألف باب ولم يعلم ذلك
أحدا غيري وأما التاسعة فإن رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم قال لي يا علي إذا حشر الله عز وجل الأولين والآخرين نصب
لي منبرا فوق منبر النبيين ونصب لك منبرا فوق منابر الوصيين لترتقى
عليه وأما العاشرة فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
سمعت رسول يقول لا أعطى يوم القيامة شيئا إلا سئلت لك مثله
165

وأما الحادية عشرة فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم يقول يا علي أنت أخي وأنا أخوك يدك في يدي حتى تدخل الجنة
وأما الثانية عشر فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم يقول يا علي مثلك في أمتي كمثل سفينة نوح من ركبها
نجي ومن تخلف عنها غرق وأما الثالثة عشر فإن رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم عممني بعمامة نفسه بيده ودعا لي
بدعوات النصر على أعداء الله فهزمتهم بإذن الله عز وجل واما
الرابعة عشر فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمرني
أن أمسح يدي على ضرع شاة قد يبس ضرعها فقلت يا رسول الله
بل امسح أنت فقال يا علي فعلك فعلي فمسحت عليها يدي فدر
علي من لبنها فسقيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
شربة ثم أتت عجوز فشكت الظماء فسقيتها فقال رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم إني سئلت الله عز وجل أن يبارك في يدك
166

ففعل وأما الخامسة عشر فإن رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم أوصى إلي وقال يا علي لا يلي غسلي غيرك ولا يواري عورتي
غيرك فإنه إن أرى أحد عورتي غيرك تفقأت عيناه فقلت له كيف
لي بتقليبك يا رسول الله فقال إنك ستعان فوالله ما أردت أن
أقلب عضوا من أعضائه إلا قلب لي وأما السادسة عشر فإني
أردت أن أجرده عليه السلام فنوديت يا وصي محمد لا تجرده فغسلته
والقميص عليه فلا والله الذي أكرمه بالنبوة وخصه بالرسالة ما
رأيت له عورة خصني الله بذلك من بين أصحابه وأما السابعة عشر
فإن الله عز وجل زوجني فاطمة وقد كان خطبها أبو بكر وعمر فزوجني
الله من فوق سبع سماواته فقال رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم هنيئا لك يا علي فإن الله عز وجل قد زوجك فاطمة سيدة
نساء أهل الجنة وهي بضعة مني فقلت يا رسول الله أولست منك
قال بلى يا علي وأنت مني وأنا منك كيميني من شمالي لا أستغني عنك
167

في الدنيا والآخرة وأما الثامنة عشرة فإن رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم قال يا علي أنت صاحب لوائي لواء الحمد في الآخرة
وأنت يوم القيامة أقرب الخلائق مني مجلسا يبسط لي ويبسط لك فأكون
في زمرة النبيين وتكون في زمرة الوصيين ويوضع على رأسك
تاج النور وإكليل الكرامة يحف بك سبعون ألف ملك حتى يفرغ
الله عز وجل عن حساب الخلائق وأما التاسعة عشر فإن رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم قال ستقاتل الناكثين والقاسطين
والمارقين فمن قاتلك منهم فإن لك بكل رجل منهم شفاعة
في مأة ألف من شيعتك فقلت يا رسول الله فمن الناكثون قال
طلحة والزبير سيبايعانك بالحجاز وينكثانك بالعراق فإذا فعلا
ذلك فحاربهما فإن في قتالهما طهارة لأهل الأرض قلت فمن
القاسطون قال معاوية وأصحابه فقلت فمن المارقون قال أصحاب
ذو الثدية وهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فاقتلهم
168

فإن في قتلهم فرجا لأهل الأرض وعذابا معجلا عليهم وذخرا لك
يوم القيامة وأما العشرون فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم يقول مثلك في أمتي مثل باب حطة في بني إسرائيل فمن
دخل في ولايتك فقد دخل الباب كما أمره الله عز وجل وأما الحادية والعشرون فإني سمعت
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول أنا مدينة العلم وعلي
بابها ولن يدخل المدينة إلا من بابها ثم قال يا علي إنك سترعى
ذمتي وتقاتل على سنتي وتخالفك أمتي وأما الثانية والعشرون
فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول إن الله
تبارك وتعالى خلق ابني الحسن والحسين من نور ألقاه إليك والى فاطمة
وهما يهتزان كما يهتز القرطان إذا كانا في الاذنين ونورهما متضاعف
على نور الشهداء سبعين ألف ضعف يا علي إن الله عز وجل
قد وعدني أن يكرمهما كرامة لا يكرم بها أحدا ما خلا النبيين و
المرسلين وأما الثالثة والعشرون فإن رسول الله صلى الله عليه
169

وآله وسلم أعطاني خاتمه في حياته ودرعه ومنطقته وقلدني
سيفه وأصحابه كلهم حضور وعمي العباس حاضر فخصني الله
عز وجل بذلك د ونهم وأما الرابعة والعشرون فإن الله
عز وجل أنزل على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم يا أيها
الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم
صدقة فكان لي دينار فبعثه بعشرة دراهم فكنت إذا أنا ناجيت
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أصدق قبل ذلك بدرهم
ووالله ما فعل هذا أحد من أصحابي قبلي ولا بعدي فأنزل الله
عز وجل أشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذ لم
تفعلوا وتاب الله عليكم الآية فهل تكون التوبة إلا من ذنب
كان واما الخامسة والعشرون فإني سمعت رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم يقول الجنة محرمة على الأنبياء حتى أدخلها
أنا وهي محرمة على الأوصياء حتى تدخلها أنت يا علي إن الله
170

تبارك وتعالى بشرني فيك ببشرى لم يبشر بها نبيا قبلي بشرت
بأنك سيد الأوصياء وان ابنيك الحسن والحسين سيدا شباب
أهل الجنة يوم القيمة وأما السادسة والعشرون فإن جعفرا
أخي الطيار في الجنة مع الملائكة المزين بالجناحين من در و
ياقوت وزبر جد وأما السابعة والعشرون فعمي حمزة سيد
الشهداء وأما الثامنة والعشرون فإن رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم قال إن الله تبارك وتعالى وعدني فيك وعدا
لن يخلفه جعلني نبيا وجعلك وصيا وستلقى من أمتي من بعدي
ما لقى موسى من فرعون فاصبر واحتسب حتى تلقاني فأوالي من والاك
وأعادي من عاداك وأما التاسعة والعشرون فإني سمعت رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول يا علي أنت صاحب الحوض
لا يملكه غيرك وسيأتيك قوم فيستسقونك فتقول لا ولا مثل ذرة
فينصرفون مسودة وجوههم وسترد عليك شيعتي وشيعتك
171

فتقول رووا روا مروتين فيردون مبيضة وجوههم وأما الثلاثون
فإني سمعته صلى الله عليه وآله وسلم يقول يحشر أمتي يوم
القيمة على خمس رايات فأول راية ترد على راية فرعون هذه
الأمة وهو معاوية والثانية مع سامري هذه الأمة هو عمرو بن
العاص والثالثة مع جاثليق هذه الأمة وهو أبو موسى الأشعري
والرابعة مع أبي الأعور السلمي وأما الخامسة معك يا علي تحتها
المؤمنون وأنت إمامهم ثم يقول الله تبارك وتعالى للأربعة
ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه
فيه الرحمة وهم شيعتي ومن والاني وقاتل مع الفئة الباغية
والناكبة عن الصراط وباب الرحمة هم شيعتي فينادى هؤلاء
ألم نكن فيه معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم
وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور فاليوم
لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم
172

وبئس المصير ثم ترد أمتي وشيعتي فيروون من حوض محمد
صلى الله عليه وآله وسلم وبيدي عصا عوسج اطرد بها أعدائي
طرد غريبة الإبل وأما الحادية والثلاثون فإني سمعت رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لولا أن يقول فيك
الغالون من أمتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم لقلت فيك
قولا لا تمر بملاء من الناس إلا أخذوا التراب من تحت قدميك
يستشفون به وأما الثانية والثلاثون فإن رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم التقم أذني وعلمني ما ك ان وما يكون إلى يوم القيامة
فساق الله عز وجل ذلك إلي على لسان نبيه صلى الله عليه وآله
وسلم وأما الرابعة والثلاثون فإن النصارى ادعوا أمرا فأنزل
الله عز وجل فمن حاجك من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا
وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم فكانت نفسي نفس رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم والنساء فاطمة والأبناء الحسن والحسين
173

ثم ندم القوم فسئلوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
الاغفاء فأعفاهم والذي أنزل التورية على موسى والفرقان
على محمد صلى الله عليه وآله وسلم لو باهلونا لمسخوا قردة و
خنازير وأما الخامسة والثلاثون فإن رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم وجهني يوم بدر فقال أتيني بكف حصيات
مجموعة في مكان واحد فأخذتها ثم شممتها فإذا هي طيبة تفوح
منها رائحة المسك فأتيته بها فرمى بها وجوه المشركين وتلك
الحصيات أربع منها كن من الفردوس وحصاة من المشرق وحصاة
من المغرب وحصاة من تحت العرش مع كل حصاة مأة ألف ملك مددا
لنا لم يكرم الله عز وجل بهذه الفضيلة أحدا لا قبل ولا بعد وأما
السادسة والثلاثون فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم يقول ويل لقاتلك إنه أشقى من ثمود ومن عاقر الناقة و
ان عرش الرحمن ليهتز لقتلك فابشر يا علي فإنك في زمرة الصديقين
174

والشهداء والصالحين وأما السابعة والثلاثون فإن الله
تبارك وتعالى قد خصني من بين أصحاب محمد صلى الله عليه
وآله وسلم بعلم الناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه والخاص
والعام وذلك مما من الله به علي وعلى رسوله صلى الله
عليه وآله وسلم وقال لي الرسول يا علي إن الله عز وجل أمرني
أن أدنيك ولا أقصيك وأعلمك ولا أجفوك وحق علي أن
أطيع ربي وحق عليك أن تعى وأما الثامنة والثلاثون فإن
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعثني بعثا ودعا لي
بدعوات واطلعني على ما يجري بعده فحزن لذلك بعض أصحابه
وقال لو قدر محمد أن يجعل ابن عمه نبيا لجعله فشر فنى الله عز
وجل بالاطلاع على ذلك على لسان نبيه صلى الله عليه وآله و
سلم وأما التاسعة والثلاثون فإني سمعت رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم يقول كذب من زعم أنه يحبني ويبغض عليا لا
175

يجتمع حبي وحبه الا في قلب مؤمن إن الله جعل أهل حبي وحبك في
أول زمرة السابقين إلى الجنة وجعل أهل بغضي وبغضك في
أول زمرة الضالين من أمتي إلى النار وأما الأربعون فإن رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم وجهني في بعض الغزوات إلى
ركي فإذا ليس فيه ماء فرجعت فأخبرته فقال أفيه طين فقلت
نعم فقال آتيني منه فأتيت منه بطين فتكلم فيه ثم قال ألقه
في الركى فألقيته فإذا الماء قد نبع حتى امتلا جوانب الركى فجئت إليه
فأخبرته فقال لي وفقت يا علي وببركتك نبع ا لماء فهذه
المنقبة خاصة لي من دون أصحاب النبي صلى الله عليه وآله
وسلم وأما الحادية والأربعون فإني سمعت رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم يقول أبشر يا علي فإن جبرئيل عليه السلام أتاني
فقال يا محمد إن الله تبارك وتعالى نظر إلى أصحابك فوجد
ابن عمك وختنك على ابنتك فاطمة خير أصحابك فجعله وصيك
176

والمؤدي عنك وأما الثانية والأربعون فإني سمعت رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول ابشر يا علي فإن منزلك في
الجنة مواجه منزلي وأنت معي في الرفيق الاعلى في أعلى عليين قلت
يا رسول الله وما أعلى عليون فقال قبة من درة بيضاء لها سبعون
ألف مصراع مسكن لي ولك يا علي وأما الثالثة والأربعون
فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال إن الله عز وجل
رسخ حبي وحبك في قلوب المؤمنين ورسخ بغضي وبغضك في قلوب المنافقين
فلا يحبك إلا مؤمن تقي ولا يبغضك إلا منافق كافر وأما الرابعة
والأربعون فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
يقول لن يبغضك من العرب إلا دعي ولا من العجم إلا شقي ولا من
النساء إلا سلقلقية وأما الخامسة والأربعون فإن رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم دعاني وأنا أرمد العين فتفل في عيني
وقال اللهم اجعل حرها في بردها وبردها في حرها فوالله ما اشتكت
177

في عيني إلى هذه الساعة وأما السادسة والأربعون فإن رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم أمر أصحابه وعمومته بسد الأبواب
وفتح بابي بأمر الله عز وجل فليس لأحد منقبة مثل منقبتي وأما
السابعة والأربعون فإن رسول الله صلى الله عليه وآله و
سلم أمرني في وصيته بقضاء ديونه وعداته فقلت يا رسول
الله قد علمت أنه ليس عندي مال فقال سيعينك الله فما
أردت أمرا من قضاء ديونه وعداته إلا يسره الله لي حتى قضيت
ديونه وعداته وأح صيت ذلك فبلغ ثمانين ألفا وبقي بقيته
أوصيت الحسن أن يقضيها وأما الثامنة والأربعون فإن رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم أتاني في منزلي ولم يكن طعمنا
منذ ثلاثة أيام فقال يا علي هل عندك من شئ فقلت والذي
أكرمك بالكرامة وأصطفيك بالرسالة ما طعمت وزوجتي وأبناءي
منذ ثلاثة أيام فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم يا فاطمة
178

أدخلي البيت وانظري هل تجدين شيئا فقالت خرجت الساعة
فقلت يا رسول الله أدخله انا فقال أدخل بسم الله فدخلت فإذا أنا
بطبق موضوع عليه رطب وجفنة من تريد فحملتها إلى رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال يا علي رأيت الرسول الذي
حمل هذا الطعام فقلت نعم فقال صفه لي فقلت من بين أحمر و
أخضر وأصفر فقال تلك خطط جناح جبرئيل عليه السلام مكللة
بالدر والياقوت فأكلنا من التريد حتى شبعنا فما رأى الا خدش
أيدينا وأصابعنا فخصني الله عز وجل بذلك من بين أصحابه و
أما التاسعة والأربعون فإن الله تعالى وتبارك خص نبيه (ع)
بالنبوة وخصني النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالوصية فمن
أحبني فهو سعيد يحشر في زمرة الأنبياء وأما الخمسون فإن رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم بعث ببرائة مع أبي بكر فلما مضى
أتى جبرئيل عليه السلام فقال يا محمد لا يؤدي عنك إلا أنت أو
179

رجل منك فوجهني على ناقته العضباء فلحقته بذي الحليفة
فأخذتها منه فخصني الله عز وجل بذلك وأما الحادية و
والخمسون فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أقامني
للناس كافة يوم غدير خم فقال من كنت مولاه فعلي مولاه
فبعدا وسحقا للقوم الظالمين وأما الثانية والخمسون فإن
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال يا علي إلا أعلمك
كلمات علمني جبرئيل عليه السلام فقلت بلى قال قل يا رازق
المقلين ويا راحم المساكين ويا أسمع السامعين ويا أبصر الناظرين
ويا أرحم الراحمين ارزقني (ارحمني خ ل) وأما الثالثة والخمسون
فإن الله تبارك وتعالى لن يذهب بالدنيا حتى يقوم منا القائم
يقتل مبغضينا ولا يقبل الجزية ويكسر الصليب والأصنام و
يضع الحرب أوزارها ويدعو إلى أخذ المال فيقسمه بالسوية و
يعدل في الرعية وأما الرابعة والخمسون فإني سمعت رسول الله
180

صلى الله عليه وآله وسلم يقول يا علي سيلعنك بنو أمية ويرد
عليهم ملك بكل لعنة ألف لعنة فإذا قام القائم لعنهم أربعين
سنة وأما الخامسة والخمسون سمعت أن رسول الله صلى الله
عليه وآله قال لي سيفتن فيك طوائف من أمتي فتقول ان
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يخلف شيئا فيما إذا
أوصى عليا أوليس كتاب ربي أفضل الأشياء بعد الله عز وجل
والذي بعثني بالحق لئن لم تجمعه باتقان لم يجمع أبدا فخصني الله
عز وجل بذلك من دون الصحابة وأما السادسة والخمسون
فإن الله تبارك وتعالى خصني بما خص به أوليائه وأهل طاعته
وجعلني وارث محمد صلى الله عليه وآله وسلم فمن ساءه ساءه
ومن سره سره وأومى بيده نحو المدينة وأما السابعة والخمسون فإن
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان في بعض الغزوات ففقد
الماء فقال لي يا علي قم إلى هذه الصخرة وقل أنا رسول رسول الله
181

صلى الله عليه وآله وسلم انفجري إلى ماء فوا لله الذي أكرمه
بالنبوة لقد أبلغتها الرسالة فاطلع منها مثل ثدي البقر
فسال من كل ثدي منها ماء فلما رأيت ذلك أسرعت إلى النبي
صلى الله عليه وآله وسلم فأخبرته فقال انطلق يا علي فخذ
من الماء وجاء القوم حتى ملأوا قربهم وأدواتهم وسقوا
دواتهم وشربوا وتوضأوا فخصني الله عز وجل بذلك دون
الصحابة وأما الثامنة والخمسون فإن رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم أمرني في بعض غزواته وقد نفد الماء فقال يا
علي ايت بتور فأتيته به فوضع يده اليمنى ويدي معها في التور
فقال أنبع فنبع ا لماء من بين أصابعنا وأما التاسعة والخمسون
فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وجهني إلى خيبر فلما
أتيته وجدت الباب مغلقا فزعزعته شديدا فقلعته ورميت
به أربعين خطوة فدخلت فبرز إلي مرحب فحمل علي وحملت عليه
182

وسقيت الأرض من دمه وقد كان وجه رجلين من أصحابه
فرجعا منكسفين وأما الستون فإني قتلت عمرو بن عبد ود وكان
يعد بألف رجل وأما الحادية والستون فإني سمعت رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم يقول يا علي مثلك في أمتي مثل قل
هو الله أحد فمن أحبك بقلبه فكأنما قرء ثلث القرآن ومن أحبك
بقلبه وأعانك بلسانه فكأنما قرء ثلثي القرآن ومن أحبك بقلبه
وأعانك بلسانه ونصرك بيده فكأنما قرء القرآن كله وأما الثانية
والستون فإني كنت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في
جميع المواطن والحروب وكانت رايته معي وأما الثالثة والستون
فإني لم أفر من الزحف قط ولم يبارزني أحد الا سقيت الأرض
من دمه وأما الرابعة والستون فإن رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم أتى بطير مشوى من الجنة فدعا الله عز وجل أن يدخل
عليه أحب الخلق فوفقني الله للدخول عليه حتى أكلت معه من
183

ذلك الطير وأما الخامسة والستون فإني كنت أصلي في المسجد
فجاء سائل فسئل وأنا راكع فناولته خاتمي من إصبعي فأنزل الله
تبارك وتعالى في انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين
يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون وأما السادسة
والستون فإن الله تبارك وتعالى رد على الشمس مرتين ولم يردها
على أحد من أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم غيري وأما
السابعة والستون فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
أمر أن ادعي بإمرة المؤمنين في حياته وبعد موته ولم يطلق ذلك
لاحد غيري وأما الثامنة والستون فإن رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم قال يا علي إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان
العرش أين سيد الأنبياء فأقوم ثم ينادي أين سيد الأوصياء فتقوم
ويأتيني رضوان بمفاتيح الجنة ويأتيني مالك بمقاليد النار فيقولان
إن الله جل جلاله أمرنا أن ندفعها إليك ونأمرك أن تدفعها إلى علي
184

بن أبي طالب عليه السلام فتكون يا علي قسيم الجنة والنار وأما
التاسعة والستون فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله و
سلم يقول لولاك ما عرف المنافقون من المؤمنين وأما السبعون
فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نام ونومني وزوجتي فاطمة
وابني الحسن والحسين وألقى علينا عباءة قطوانية فأنزل الله
تبارك وتعالى فينا إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت
ويطهركم تطهيرا وقال جبرئيل أنا منكم يا محمد فكان سادسنا جبرئيل
252 / 32 ومن كلامه عليه السلام
خصال الصدوق ره ص 66 قال حدثنا أبي رضي الله عنه قال حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن
محمد بن عيسى عن أبيه عن حماد بن عيسى عن عمران بن أذينة عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن
قيس الهلالي قال سمعت أمير المؤمنين عليا عليه السلام يقول
احذروا على دينكم ثلاثة رجلا قرء القرآن حتى إذا رأيت عليه بهجته
اخترط سيفه على جاره ورماه بالشرك فقلت يا أمير المؤمنين أيهما أولى بالشرك قال
الرامي ورجلا استحفته الأحاديث كلما أحدثت أحدوثة كذب مدها
بأطول منها ورجلا أتاه الله عز وجل سلطانا فزعم أن طاعته طاعة
185

الله ومعصيته معصية الله وكذب لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية
الخالق ينبغي للمخلوق أن يكون جنة لمعصية الله فلا طاعة في معصية
ولا طاعة لمن عصى الله إنما الطاعة لله ولرسوله ولولاة الامر
وإنما أمر الله عز وجل بطاعة الرسول لأنه معصوم مطهر لا يأمر
بمعصية وانما أمر بطاعة أولي الأمر لانهم معصومون مطهرون
لا يأمرون بمعصية.
253 / 33 ومن كلامه عليه السلام
خصال الصدوق (ره) ص 78 في باب الثلاثة قال حدثنا أبو الحسن محمد بن عمرو بن علي البصري
قال حدثنا أبو الحسن علي بن الحسن المثنى قال حدثنا أبو الحسن علي بن مهرويه القزويني قال
حدثنا أبو أحمد الغازي قال حدثنا علي بن موسى الرضا عليه السلام قال حدثنا أبي موسى بن
جعفر قال حدثنا أبي جعفر بن محمد قال حدثنا أبي محمد بن علي قال حدثنا أبي علي بن الحسين قال
حدثنا أبي الحسين بن علي قال سمعت أبي علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين يقول
الأعمال على ثلاثة أحوال فرائض وفضائل ومعاصي فأما الفرائض
فبأمر الله وبرضى الله وبقضاء الله وتقديره ومشيته وعلمه
عز وجل وأما الفضائل فليست بأمر الله ولكن برضى الله و
بقضاء الله وبقدر الله وبمشيته وعلمه وأما المعاصي فليست
186

بأمر الله ولا برضى الله ولكن بقضاء الله وبقدر الله وبمشيته
وعلمه ثم يعاقب عليها قال مصنف هذا الكتاب (أي الصدوق (ره)) المعاصي بقضاء
الله معناه بنهي الله لان حكمه عز وجل فيها على عباده بالانتهاء عنها ومعنى قوله بقدر الله
أي بعلم الله بمبلغها ومقدارها ومعنى قوله وبمشيته فإنه عز وجل شاء أن لا يمنع العاصي من
المعاصي الا بالزجر والقول والنهي والتحذير دون الجبر والمنع بالقوة والدفع بالقدرة انتهى
254 / 34 ومن كلامه عليه السلام
الخصال ص 96 قال حدثنا محمد بن علي ما جيلويه رضي الله عنه قال حدثنا عمي محمد بن القسم عن أحمد بن
محمد بن خالد البرقي عن القسم بن يحيى عن جده الحسن بن راشد عن أبي بصير عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر
محمد بن علي الباقر عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه أمير المؤمنين عليهم السلام قال
إن الله تبارك وتعالى أخفى أربعة في أربعة أخفى رضاه في طاعته
فلا تستصغرن شيئا من طاعته فربما وافق رضاه وأنت لا تعلم و
أخفى سخطه في معصيته فلا تستصغرن شيئا من معصيته فربما
وافق سخطه وأنت لا تعلم وأخفى اجابته في دعوته فلا تستصغرن
شيئا من دعائه فربما وافق اجابته وأنت لا تعلم وأخفى وليه
في عباده فلا تستصغرن عبدا من عبيد الله فربما يكون وليه وأنت
لا تعلم
255 / 35 ومن كلامه عليه السلام
187

الخصال ص 156 قال حدثنا أبي رضي الله عنه قال حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى
عن العباس بن معروف عن أبي جميلة عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباته قال سمعت عليا عليه
السلام يقول ستة لا ينبغي أن يسلم عليهم وستة لا ينبغي أن
يأموا وستة في هذه من أخلاق قوم لوط فأما الذين لا
ينبغي السلام عليهم فاليهود والنصارى وأصحاب النرد و
الشطرنج وأصحاب الخمر والبربط والطنبور والمتفكهون بسبب
الأمهات والشعراء وأما الذين لا ينبغي أن يأموا من الناس
فولد الزنا والمرتد والأعرابي بعد الهجرة وشارب الخمر والمحدود
والأغلف وأما التي من أخلاق قوم لوط فالجلاهق وهو البندق
والحذف ومضغ العلك وارخاء الازار خيلاء وحل الأزرار من القباء
والقميص
256 / 36 ومن كلامه عليه السلام
الخصال ج 2 ص 55 قال حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي الله عنه قال حدثنا أبي وسعيد بن
عبد الله قالا حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن الحسن بن علي بن أبي عثمان عن موسى بن بكر
عن أبي الحسن الأول عن أبيه عليهما السلام قال قال أمير المؤمنين عليه السلام
عشرة يفتنون أنفسهم وغيرهم ذو العلم القليل يتكلف أن يعلم
الناس كبيرا والرجل الحليم ذو العلم الكثير ليس بذي فطنة و
188

الذي يطلب ما لا يدرك ولا ينبغي له والكاد غير المتأيد و
المتأيد الذي ليس له مع ما يؤديه علم وعالم غير مريد للصلاح
ومريد للصلاح وليس بعالم والعالم يحب الدنيا والرحيم
بالناس يبخل بما عنده وطالب العلم يجادل فيه من هو أعلم
فإذا علمه لم يقبل منه
257 / 37 ومن كلامه عليه السلام
الخصال ج 1 ص 89 قال حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال حدثنا علي بن
الحسين السعدآبادي قال حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه عن محمد بن سنان عن أبي
الجارود زياد بن المنذر عن سعد بن علاقة قال قال أمير المؤمنين عليه السلام
طلبة هذا العلم على ثلاثة أصناف الا فاعرفوهم بصفاتهم و
أعيانهم صنف منهم يتعلمون العلم للمراء والجهل تراه مؤذيا
ماريا للرجال في أندية المقال وصنف منهم يتعلمون للاستطالة
والختل وصنف منهم يتعلمون للفقه والعقل فأما صاحب المراء
والجهل تراه مؤذيا مماريا للرجال في أندية المقال وقد تستر
بالتخشع وتخلى من الورع فدق الله من هذا حيزومه وقطع منه
189

خيشومه وأما صاحب الاستطالة والختل فإنه يستطيل على
اشباهه من اشكاله ويتواضع للأغنياء من دونهم فهو لحلوائهم
هاضم ولدينه خاطم فأغمى الله من هذا بصره وقطع من اثار
العلماء أثره وأما صاحب الفقه والعقل تراه ذا كأبة وحزن
قد قام الليل في حندسه وقد انحنى في برنسه يعمل ويخشى
خائفا وجلا من كل أحد إلا من كل فقيه من اخوانه فشد الله
من هذا أركانه وأعطاه يوم القيامة أمانه
258 / 38 ومن كلامه عليه السلام
الخصال ج 1 ص 90 قال حدثنا محمد بن الحسن الوليد رضي الله عنه قال حدثنا محمد بن الحسن
الصفار عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه عن محمد بن أبي عمير عن جميل بن دراج عن زرارة
عن أبي جعفر عليه السلام قال قال أمير المؤمنين عليه السلام
قوام الدين بأربعة بعالم ناطق مستعمل له وبغني لا يبخل بفضل
ماله عن أهل دين الله وبفقير لا يبيع اخرته بدنياه وبجاهل لا
يتكبر عن طلب العلم فإذا كتم العالم علمه وبخل الغني بماله وباع
الفقير اخرته بدنياه واستكبر الجاهل عن طلب العلم رجعت الدنيا
190

إلى ورائها القهقري فلا يغرنكم كثرة المساجد وأجساد قوم
مختلفة قيل يا أمير المؤمنين كيف العيش في ذلك الزمان فقال خالطوهم
بالبرانية يعني في الظاهر وخالفوهم في الباطن للمرء ما اكتسب
وهو مع من أحب وانتظروا مع ذلك الفرج من الله عز وجل
259 / 39 ومن كلامه عليه السلام
الخصال ج 2 ص 81 قال حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الحسين بن إبراهيم
بن يحيى بن عجلان المروزي المقري قال حدثنا أبو بكر محمد بن إبراهيم الجرجاني قال حدثنا أبو
بكر عبد الصمد بن يحيى الواسطي قال حدثنا الحسن بن علي المدني عن عبد الله بن المبارك عن
سفيان الثوري عن جعفر بن محمد الصادق عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب عليهم السلام
قال إن الله تبارك وتعالى خلق نور محمد صلى الله عليه وآله
وسلم قبل أن خلق السماوات والأرض والعرش والكرسي واللوح
والقلم والجنة والنار وقبل أن خلق آدم ونوحا وإبراهيم وإسماعيل
واسحق ويعقوب وموسى وعيسى وداود وسليمان وكل من قال
الله عز وجل ووهبنا له اسحق ويعقوب إلى قوله وهديناهم إلى
صراط مستقيم وقبل أن خلق الأنبياء كلهم بأربع مأة ألف وأربع
191

وعشرين ألف سنة وخلق عز وجل معه اثني عشر حجابا حجاب
القدرة وحجاب العظمة وحجاب المنة وحجاب الرحمة وحجاب السعادة
وحجاب الكرامة وحجاب المنزلة وحجاب الهداية وحجاب النبوة
وحجاب الرفعة وحجاب الهيبة وحجاب الشفاعة ثم حبس نور
محمد في حجاب القدرة اثنى عشر ألف سنة وهو يقول سبحان ربي الأعلى
وفي حجاب العظمة أحد عشر ألف سنة وهو يقول سبحان
من هو قائم لا يلهو وفي حجاب الرحمة تسعة آلاف سنة وهو
يقول سبحان الرفيع الاعلى وفي حجاب السعادة ثمانية آلاف سنة
وهو يقول سبحان من هو قائم لا يسهو وفي حجاب الكرامة سبعة
آلاف سنة وهو يقول سبحان من هو غني لا يفتقر وفي حجاب
المنزلة ستة آلاف سنة وهو يقول سبحان ربي العليم الكريم وفي
حجاب الهداية خمسة آلاف سنة وهو يقول سبحان رب العرش
192

العظيم وفي حجاب النبوة أربعة آلاف سنة وهو يقول سبحان
رب العزة عما يصفون وفي حجاب الرفعة ثلاثة آلاف سنة
وهو يقول سبحان ذي الملك والملكوت وفي حجاب الهيبة
ألفى سنة وهو يقول سبحان الله وبحمده وفي حجاب الشفاعة
ألف سنة وهو يقول سبحان ربي العظيم وبحمده ثم أظهر عز
وجل اسمه على اللوح منورا أربعة آلاف سنة ثم أظهره على
العرش وكان على ساق العرش مثبتا سبعة آلاف سنة إلى أن
وضعه الله عز وجل في صلب آدم ثم نقله من صلب آدم إلى
صلب نوح ثم جعل يخرجه من صلب إلى صلب حتى أخرجه من صلب
عبد الله بن عبد المطلب فأكرمه بست كرامات ألبسه قميص الرضا
ورداء الهيبة وتوجه تاج الهداية وألبسه سراويل المعرفة
وجعل تكته تكة المحبة يشد بها سراويله وجعل نعله الخوف
وناوله عصا المنزلة ثم قال له عز وجل يا محمد أذهب إلى الناس
193

فقل لهم قولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله وكان أصل ذلك
القميص في ستة أشياء قامته من الياقوت وكماه من اللؤلؤ و
دخريصه من البلور الأصفر وابطاه من الزبرجد وجربانه من
المرجان الأحمر وجيبه من نور الرب جل جلاله فقبل الله توبة
ادم بذلك القميص ورد خاتم سليمان به ورد يوسف إلى يعقوب
به ونجى يونس من بطن الحوت به وكذلك سائر الأنبياء عليهم
السلام نجاهم من المحن به ولم يكن ذلك القميص إلا قميص محمد
صلى الله عليه وآله وسلم
260 / 40 ومن كلامه عليه السلام
الخصال ج 2 ص 83 قال حدثنا أبو طالب المظفر بن محمد بن المظفر العلوي المصري السمرقندي رضي الله عنه
قال حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود العياشي عن أبيه أبي النصر قال حدثنا ا إبراهيم بن علي قال حدثني ابن إسحاق
عن يونس بن عبد الرحمن عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام
قال كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول إن لأهل التقوى علامات يعرفون
بها صدق الحديث وأداء الأمانة والوفاء بالعهد وقلة الفخر
والبخل وصلة الأرحام ورحمة الضعفاء وقلة المواطاة للنساء
194

وبذل المعروف وحسن الخلق وسعة الحلم واتباع العلم فيما
يقرب إلى الله عز وجل طوبى لهم وحسن مأب طوبى شجرة في
الجنة أصلها في دار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
فليس من مؤمن إلا في داره غصن من أغصانها لا ينوى في
قلبه شيئا إلا أتاه ذلك الغصن به ولو أن راكبا مجدا سار في
ظلها مأة عام لم يخرج منها ولو أن غرابا طار من أصلها ما بلغ أعلاها
حتى يباض هرما ألا ففي هذا ما رغبوا إن المؤمن من نفسه في شغل
والناس منه في راحة إذا جن عليه الليل فرش وجهه وسجد
لله تعالى ذكره بمكارم بدنه ويناجي الذي خلقه في فكاك
رقبته الا فهكذا فكونوا
261 / 41 ومن كلامه عليه السلام
الخصال ج 2 ص 94 قال حدثنا محمد بن علي ما جيلويه رضي الله عنه قال حدثنا عمي محمد بن أبي
القاسم عن محمد بن علي القوسي الكوفي قال حدثنا أبو زياد محمد بن زياد البصري قال حدثنا عبد
الرحمن المدايني قال حدثنا ثابت بن أبي صفية الثمالي عن ثور بن سعيد عن أبيه سعيد بن علاقة
قال سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول ترك نسج العنكبوت في البيت يورث
195

الفقر والبول في الحمام يورث الفقر والاكل على الجنابة يورث الفقر
والتخلل بالطرفاء يورث الفقر والتمشط من قيام يورث الفقر وترك
القمامة في البيت يورث الفقر واليمين الفاجرة تورث الفقر و
الزنا يورث الفقر واظهار الحرص يورث الفقر والنوم بين العشائين
يورث الفقر والنوم قبل طلوع الشمس يورث الفقر وترك التقدير
في المعيشة يورث الفقر وقطيعة الرحم يورث الفقر واعتياد
الكذب يورث الفقر وكثرة الاستماع إلى الغناء يورث الفقر
ورد السائل الذكر بالليل يورث الفقر ثم قال عليه السلام ألا أنبئكم
بعد ذلك بما يزيد في الرزق قالوا بلى يا أمير المؤمنين فقال الجمع بين
الصلاتين يزيد في الرزق والتعقيب بعد الغداة والعصر يزيد في
الرزق وصلة الرحم تزيد في الرزق وكسح الفناء يزيد في الرزق
ومواساة الأخ في الله عز وجل يزيد في الرزق والبكور في طلب
الرزق يزيد في الرزق والاستغفار يزيد في الرزق واستعمال
196

الأمانة يزيد في الرزق وقول الحق يزيد في الرزق وإجابة المؤذن
يزيد في الرزق وترك الكلام في الخلاء يزيد في الرزق وترك الحرص
يزيد في الرزق وشكر المنعم يزيد في الرزق واجتناب اليمين الكاذبة
يزيد في الرزق والوضوء قبل الطعام يزيد في الرزق واكل ما يسقط
من الخوان يزيد في الرزق ومن سبح الله كل يوم ثلثين مرة دفع
الله عز وجل عنه سبعين نوعا من البلاء أيسره الفقر
262 / 42 ومن كلامه عليه السلام
الخصال ج 2 ص 95 قال حدثنا أبي رضي الله عنه قال حدثنا محمد بن يحيى العطار وأحمد بن إدريس
جميعا قالا حدثنا أبو سعيد سهل بن زياد الآدمي عن محمد بن الحسن بن زيد الزيات عن عمرو بن عثمان
الخراز عن ثابت بن دينار عن سعد بن طريف الخفاف عن الأصبغ بن نباته قال كان أمير المؤمنين
عليه السلام يقول الصدق أمانة والكذب خيانة والأدب رياسة
والحزم كياسة والسرف مثواة والقصد مثراة والحرص مفقرة
والدناءة محقرة والسخاء قربة واللوم غربة والرقة استكانة
والعجز مهانة والهوى ميل والوفاء كيل والعجب هلاك والصبر ملاك
263 / 43 ومن كلامه عليه السلام
197

مع الطبيب اليوناني الذي أسلم بيده عليه السلام بعد احتجاجه معه وكتاب الاحتجاج لأبي منصور أحمد
بن علي بن أبي طالب الطبرسي رضي الله عنه المطبوع في النجف الأشرف سنة 1385 الهجرية ص 354
من الجزء الأول باسناده عن الامام أبي محمد العسكري عليه السلام قد روى قصة طويلة إلى أن قال فقال
اليوناني إني ان كفرت بعد ما رأيت فقد بالغت في العناد وتناهيت في التعرض للهلاك أشهد أنك
من خاصة الله صادق في جميع أقاويلك عن الله فأمرني بما تشاء؟؟؟؟ قال علي عليه السلام أمرك
ان تقر لله بالوحدانية وتشهد له بالجود والحكمة وتنزهه
عن العبث والفساد وعن ظلم العباد والإماء وتشهد أن محمدا
الذي أنا وصيه سيد الأنام وأفضل رتبة في دار السلام و
تشهد أن عليا الذي أراك ما أراك وأولاك من النعم ما أولاك
خير خلق الله بعد محمد رسول الله وأحق خلق الله بمقام محمد
صلى الله عليه وآله بعده وبالقيام بشرايعه وأحكامه وتشهد
ان أولياءه أولياء الله وأعداءه أعداء الله وإن المؤمنين
المشاركين لك فيما كلفتك المساعدين لك على ما أمرتك به خيرة
أمة محمد صلى الله عليه وآله وصفوة شيعة علي وأمرك أن
تواسى اخوانك المطابقين لك على تصديق محمد صلى الله عليه
198

وآله وتصديقي والانقياد له ولي مما رزقك الله وفضلك
على من فضلك به منهم تسد فاقتهم وتجبر كسرهم وخلتهم
ومن كان منهم في درجتك في الايمان ساويته من مالك
بنفسك ومن كان منهم فاضلا عليك في دينك اثرته بمالك
على نفسك حتى يعلم الله منك أن دينه أثر عندك من مالك
وان أولياءه أكرم عليك من أهله وعيالك وأمرك أن
تصون دينك وعلمنا الذي أودعناك واسرارنا التي حملناك
ولا تبد علومنا لمن يقابلها بالعناد ويقابلك من أهلها بالشتم
واللعن والتناول من العرض والبدن ولا تفش سرنا إلى من
يشنع علينا وعند الجاهلين بأحوالنا ولا تعرض أوليائنا لبوادر
الجهال وأمرك أن تستعمل التقية في دينك فان الله عز
وجل يقول لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين
ومن يفعل ذلك فليس من الله في شئ إلا أن تتقوا منهم تقاة
199

وقد أذنت لك في تفضيل أعداءنا ان لجأك الخوف إليه وفي
اظهار البراءة منا ان حملك الوجل عليه وفي ترك الصلوات المكتوبات
إن خشيت على حشاشتك الآفات والعاهات فإن تفضيلك
أعداءنا علينا عند خوفك لا ينفعهم ولا يضرنا وإن اظهارك
برائتك منا عند تقيتك لا يقدح فينا ولا ينقصنا ولئن تبرأت
منا ساعة بلسانك وأنت موال لنا بجنانك لتبقى على نفسك
روحها التي بها قوامها ومالها الذي به قيامها وجاهها
الذي به تماسكها وتصون من عرفك بذلك وعرفت به من
أولياءنا وإخواننا من بعد ذلك بشهور وسنين إلى أن يفرج
الله تلك الكربة وتزول به تلك الغمة فإن ذلك أفضل من
أن تتعرض للهلاك وتنقطع به عن عمل الدين وصلاح اخوانك
المؤمنين وإياك ثم إياك أن تترك التقية التي أمرتك بها فإنك
شائط بدمك ودم اخوانك معرض لنعمتك ونعمهم على الزوال
200

مذل لك ولهم في أيدي أعداء دين الله وقد أمرك الله باعزازهم
فإنك ان خالفت وصيتي كان ضررك على نفسك واخوانك أشد
من ضرر المناصب لنا الكافر بنا انتهى كلامه عليه السلام مع الطبيب اليوناني
264 / 44 ومن كلامه عليه السلام
عند احتجاجه على أبي بكر رواه الطبرسي (ره) في الجزء الأول من الاحتجاج ص 157 عن جعفر بن محمد
عن أبيه عن جده عليهم السلام قال لما كان من أمر أبي بكر وبيعة الناس له وفعلهم بعلي عليه السلام
لم يزل أبو بكر يظهر له الانبساط ويرى منه الانقباض فكبر ذلك على أبي بكر وأحب لقائه واستخراج
ما عنده والمعذرة إليه مما اجتمع الناس عليه وتقليدهم إياه أمر الأمة وقلة رغبة في ذلك
وزهده فيه أتاه في وقت غفلة وطلب منه الخلوة فقال يا أبا الحسن والله ما كان هذا الامر
عن مواطاة مني ولا رغبة فيما وقعت عليه ولا حرص عليه ولا ثقة بنفسي فيما تحتاج إليه
الأمة ولا قوة لي بمال ولا كثرة لعشيرة ولا استيثار به دون غيري فما لك تضمر على ما لم
استحقه منك وتظهر لي الكراهة لما صرت فيه وتنظر إلى بعين الشنأن قال فقال أمير المؤمنين
عليه السلام فما حملك عليه إذ لم ترغب فيه ولا حرصت عليه ولا أثقب بنفسك في القيام به قال
فقال أبو بكر حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله إن الله لا يجمع أمتي على ضلال ولما
رأيت اجماعهم اتبعت قول النبي صلى الله عليه وآله وأحلت أن يكون اجماعهم على خلاف الهدى
من ضلال فأعطيتهم قود الإجابة ولو علمت أن أحدا يتخلف لا امتنعت فقال علي عليه السلام
أما ما ذكرت من قول النبي صلى الله عليه وآله إن الله لا يجمع
أمتي على ضلال ولما رأيت أجما فكنت من الأمة أم لم أكن قال بلى
قال وكذلك العصابة الممتنعة عنك من سلمان وعمار وأبي ذر و
201

المقداد وابن عبادة ومن معه من الأنصار قال كل من الأمة قال علي
عليه السلام فكيف تحتج بحديث النبي وأمثال هؤلاء قد تخلفوا عنك
وليس للأمة فيهم طعن ولا في صحبة الرسول لصحبته منهم
تقصير قال ما علمت بتخلفهم الا بعد ابرام الامر وخفت ان قعدت عن الأمران يرجع
الناس مرتدين عن الدين وكان ممارستهم إلى أن أجبتهم أهون مؤنة على الدين وابقاء
له من ضرب الناس بعضهم بعضا فيرجعون كفارا وعلمت انك لست بدوني في الابقاء عليهم
وعلى أديانهم فقال علي عليه السلام أجل ولكن أخبرني عن الذي يستحق
هذا الامر بما يستحقه فقال أبو بكر بالنصيحة والوفاء ودفع المداهنة وحسن
السيرة واظهار العدل والعلم بالكتاب والسنة وفصل الخطاب مع الزهد في الدنيا
وقلة الرغبة فيها وانتصاف المظلوم من الظالم للقريب والبعيد ثم سكت فقال علي عليه السلام
والسابقة والقرابة فقال أبو بكر والسابقة والقرابة فقال علي عليه السلام
أنشدك بالله يا أبا بكر أفي نفسك تجد هذا الخصال فقال أبو بكر
بل فيك يا أبا الحسن وقال فأنشدك بالله أنا المجيب لرسول الله صلى الله
عليه وآله قبل ذكران المسلمين أم أنت قال بل أنت قال فأنشدك
بالله أنا صاحب الاذان لأهل الموسم والجمع الأعظم للأمة
بسورة براءة أم أنت قال بل أنت قال فأنشدك بالله أنا وقيت
رسول الله بنفسي يوم الغار أم أنت قال بل أنت قال فأنشدك
202

بالله أنا المولى لك ولكل مسلم بحديث النبي صلى الله عليه
وآله يوم الغدير أم أنت قال بل أنت قال فأنشدك بالله إلى
الولاية من الله مع رسوله في أية الزكاة بالخاتم أم لك قال بل لك
قال فأنشدك بالله إلى الوزارة مع رسول الله صلى الله عليه
وآله والمثل من هارون من موسى أم لك قال بل لك قال فأنشدك
بالله أبي برز رسول الله صلى الله عليه وآله وبأهلي وولدي
في مباهلة المشركين أم بك وبأهلك وولدك قال بل بكم قال
فأنشدك بالله إلى ولأهلي وولدي آية التطهير من الرجس أم
لك ولأهل بيتك قال بل لك ولأهل بيتك قال فأنشدك بالله
أنا صاحب دعوة رسول الله صلى الله عليه وآله وأهلي و
ولدي يوم الكساء اللهم هؤلاء أهلي إليك لا إلى النار أم
أنت قال بل أنت وأهلك وولدك قال فأنشدك بالله أنا صاحب أية يوفون
بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا أم أنت قال بل أنت قال
203

فأنشدك بالله أن ت التي ردت عليه الشمس لوقت صلاته
فصلاها ثم توارت أم أنا قال بل أنت قال فأنشدك بالله أنت
الفتى نودي من السماء لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا
علي أم أنا قال أنت قال فأنشدك بالله أنت الذي حباك رسول
الله صلى الله عليه وآله برايته يوم خيبر ففتح الله له أم أنا
قال بل أنت قال فأنشدك بالله أنت الذي نفست عن رسول الله
صلى الله عليه وآله وعن المسلمين بقتل عمرو بن عبد ود
أم أنا قال بل أنت قال فأنشدك بالله أنت الذي ائتمنك رسول الله
صلى الله عليه وآله على رسالته إلى الجن فأجابت أم أنا قال بل
أنت قال فأنشدك بالله أنا الذي طهره الله من السفاح من لدن
ادم إلى أبيه بقول رسول الله صلى الله عليه وآله خرجت أنا وأنت
من نكاح لا من سفاح من لدن آدم إلى عبد المطلب أم أنت قال
بل أنت قال فأنشدك بالله أنا الذي اختارني رسول الله وزوجني ابنته
204

فاطمة عليها السلام وقال الله زوجك إياها في السماء أم أنت قال بل
أنت قال فأنشدك بالله أنا والد الحسن والحسين سبطين وريحانتيه إذ
يقول هما سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما خير منهما أم أنت قال بلى
أنت قال فأنشدك بالله أخوك المزين بالجناحين يطير في الجنة مع الملائكة
أم أخي قال بل أخوك قال فأنشدك بالله أنا ضمنت دين رسول الله صلى الله
عليه وآله وناديت في المواسم بالنجاز موعده أم أنت قال بل أنت قال قال فأنشدك
بالله أنا الذي دعاه رسول الله صلى الله عليه وآله والطير عنده
يريد اكلة يقول اللهم أتيني بأحب خلقك إلي واليك بعدي يأكل
معي من هذا الطير فلم يأته غيري أم أنت قال بل أنت قال فأنشدك بالله
أنا الذي بشرني رسول الله صلى الله عليه وآله بقتال الناكثين و
القاسطين والمارقين على تأول القرآن أم أنت قال بل أنت قال
فأنشدك بالله أنا الذي دل عليه رسول الله صلى الله عليه وآله
بعلم القضاء وفصل الخطاب بقوله علي أقضاكم أم أنت قال بل أنت
205

قال فأنشدك بالله أنا الذي أم رسول الله صلى الله عليه وآله
بالسلام عليه بالامرة في حياته أم أنت قال بل أنت قال فأنشدك
بالله أنا الذي شهدت اخر كلام رسول الله صلى الله عليه وآله
ووليت غسله ودفنه أم أنت قال بل أنت قال فأنشدك بالله أنت
الذي سبقت له القرابة من رسول الله صلى الله عليه وآله أم
أنا قابل بل أنت قال فأنشدك بالله أنت الذي حباك الله بالدينار
عند حاجته إليه وباعك جبرئيل وأضفت محمدا فأطعمت ولده أم أنا
قال فبكى أبو بكر قال بل أنت قال فأنشدك بالله أنت الذي جعلك رسول الله
صلى الله عليه وآله على كتفه في طرح صنم الكعبة وكسره حتى لو
شئت أن أنال إلى أفق السماء لنلتها أم أنا قال بل أنت قال فأنشدك
بالله أنت الذي أمرك رسول الله صلى الله عليه وآله بفتح بابه
في مسجده عندما أمر بسد أبواب جميع أهل بيته وأصحابه وأحل
لك فيه ما أحل الله له أم أنا قال بل أنت قال فأنشدك بالله أنت الذي
206

قدمت بين يدي نجوى رسول الله صلى الله عليه وآله صدقة
فناجيته إذ عاتب الله قوما فقال أأشفقتم أن تقدموا بين يدي
نجويكم صدقات أم أنا قال بل أنت قال فأنشدك بالله أنت الذي قال
رسول الله صلى الله عليه وإله لفاطمة زوجتك أول الناس ايمانا
وأرجحهم اسلاما في كلام له أم أنا قال بل أنت قال فأنشدك بالله
يا أبا بكر أنت الذي سلمت عليه ملائكة سبع سماوات يوم القليب
أم أنا قال بل أنت قال فلم يزل يورد مناقبه التي جعل الله له ورسوله دونه ودون غيره ويقول
له أبو بكر بل أنت قال عليه السلام فبهذا وشبهه تستحق القيام بأمور أمة
محمد صلى الله عليه وآله فما الذي غرك عن الله وعن رسوله و
دينه وأنت خلو مما يحتاج إليه أهل دينه قال فبكى أبو بكر وقال صدقت
يا أبا الحسن انظرني قيام يومى فادبر ما أنا فيه وما سمعت منك فقال علي عليه السلام لك ذلك
يا أبا بكر فرجع من عنده وطابت نفسه يومه ولم يأذن لاحد إلى الليل وعمر يتردد في الناس لما
بلغه من خلوته بعلي عليه السلام فبات في ليلته فرأى في منامه كان رسول الله تمثل له في خطبه
فقام إليه أبو بكر يسلم عليه فولى عنه وجهه فصار مقابل وجهه فسلم عليه فولى وجهه عنه فقال
أبو بكر يا رسول الله أمرت بأمر لم أفعله فقال أرد عليك السلام وقد عاديت من والاه الله ورسوله
رد ا لحق إلى أهله فقلت من أهله قال من عاتبك عليه على قلت فقد رددته عليه يا رسول الله ثم لم يره
207

فأصبح وبكر إلى علي عليه السلام وقال ابسط يدك يا أبا الحسن أبايعك وأخبره بما قد رأى
قال فبسط على يده فمسح عليها أبو بكر وبايعه وسلم إليه وقال له أخرج إلى مسجد رسول الله و
صلى الله عليه وآله فأخبرهم بما رأيت من ليلتي وما جرى بيني وبينك وأخرج نفسي من هذا
الامر وأسلمه إليك قال فقال علي عليه السلام نعم فخرج من عنده متغيرا لونه عاتبا نفسه
فصادفه عمر وهو في طلبه فقال له مالك يا خليفة رسول الله فأخبره بما كان وما رأى وما
جرى بينه وبين علي فقال له أنشدك بالله يا خليفة رسول الله والاغترار بسحر بني هاشم
والثقة بهم فليس هذا بأول سحر منهم فما زال به حتى رده عن رأيه وصرفه عن عزمه ورغبه
فيما هو بالثبات عليه والقيام به قال فأتى على المسجد على الميعاد فلم ير فيه منهم أحدا فأحس بشئ
منهم فقعد إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وآله قال فمر به عمر فقال يا علي دون ما تريد خرط القتاد
فعلم عليه السلام بالامر ورجع إلى بيته
265 / 45 ومن كلامه عليه السلام
بعد احتجاجه على الطبيب اليوناني وتصديقه إياه حيث قال أشهد أنك من خاصة الله و
صادق في جميع أقاويلك عن الله فأمرني بما تشاء أطعك رواه الطبرسي (ره) في الاحتجاج ص 254
قال قال علي عليه السلام (مخاطبا إلى الطبيب اليوناني)
أمرك أن تقر لله بالوحدانية وتشهد له بالجود والحكمة و
الانقياد وتنزهه عن العبث والفساد وعن ظلم الإماء و
العباد وتشهد أن محمدا الذي أنا وصيه سيد الأنام وأفضل
رتبة في دار السلام وتشهد أن عليا الذي أراك ما أراك وأولاك
من النعم ما أولاك خير خلق الله بعد محمد رسول الله وأحق
خلق الله بمقام محمد صلى الله عليه وآله بعده وبالقيام بشرايعه
208

وأحكامه وتشهد أن أوليائه أولياء الله وأعداءه أعداء
الله وأن المؤمنين المشاركين لك فيما كلفتك المساعدين لك على
ما أمرتك به خيرة أمة محمد صلى الله عليه وآله وصفوة شيعة
علي وأمرك أن تواسى اخوانك المطابقين لك على تصديق محمد
صلى الله عليه وآله وتصديقي والانقياد له ولى مما رزقك الله
وفضلك على من فضلك به منهم تسد فاقتهم وتجبر كسرهم و
خلتهم ومن كان منهم في درجتك في الايمان ساويته من مالك
بنفسك ومن كان منهم فاضلا عليك في دينك اثرته بما لك
على نفسك حتى يعلم الله منك أن دينه أثر عندك من مالك وأن
أوليائه أكرم عليك من أهلك وعيالك وأمرك أن تصون دينك
وعلمنا الذي أودعناك وأسرارنا التي حملناك ولا تبد علومنا كمن يقابلها
بالعناد ويقابلك من أهلها بالشتم واللعن والتناول من العرض والبدن
ولا تفش سرنا إلى من يشنع علينا وعند الجاهلين بأحوالنا ولا تعرض
209

أولياءنا لبوادر الجهال وأمرك أن تستعمل التقية في دينك فان الله
عز وجل يقول ولا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين
ومن يفعل ذلك فليس من الله في شئ إلا أن تتقوا منهم تقاة
وقد أذنت لك في تفضيل أعداءنا إن لجأك الخوف إليه وفي
اظهار البراءة منا ان حملك ا لوجل عليه وفي ترك الصلوات المكتوبات
ان خشيت على حشاشتك الآفات والعاهات فان تفضيلك أعداءنا
علينا عند خوفك لا ينفعهم ولا يضرنا وان ا ظهارك برائتك
منا عند تقيتك لا يقدح فينا ولا ينقصنا ولئن تبرأت منا ساعة
بلسانك وأنت موال لنا بجنانك لتبقى على نفسك روحها التي بها
قوامها ومالها الذي به قيامها وجاهها الذي به تماسكها و
تصون من عرف بذلك وعرفت به من أولياءنا وإخواننا من بعد
ذلك بشهور وسنين إلى أن يفرج الله تلك الكربة وتزول به
تلك الغمة فان ذلك أفضل من أن تتعرض للهلاك وتنقطع به عن
210

عمل الدين وصلاح اخوانك المؤمنين وإياك ثم إياك ان تترك التقية
التي أمرتك بها فإنك شائط بدمك ودم اخوانك معرض لنعمتك
ونعمهم على الزوال مذل لك ولهم في أيدي أعداء دين الله و
قد أمرك الله باعزازهم فإنك ان خالفت وصيتي كان ضررك على
نفسك واخوانك أشد من ضرر المناصب لنا الكافر بنا (قد كرر هذا الكلام سهوا)
266 / 26 ومن كلامه عليه السلام
في احتجاجه عليه السلام على الدهقان المنجم لما قصد أهل النهروان وصار بالمدائن نقله العالم العامل
العابد الزاهد رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاوس الحسني الحسيني المتوفى في
سنة 664 ه‍ في كتابه فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم المطبوع في المطبعة الحيدرية في النجف الأشرف سنة 1368
ص 144 قال (ره) الحديث الرابع والعشرون في رواية حديث الدهقان مع أمير المؤمنين صلوات الله عليه باسناد
وتفصيل غير الأول وهو أطول وأكمل روينا باسناد متصل إلى الأصبغ بن نباتة قال؟؟ رحل أمير المؤمنين صلوات
الله عليه من نهر براثا إلى النهروان وقد قطع جسرها وسمرت سفنها فنزل وقد سرح الجيش إلى جسر بوران
ومعه رجل من أصحابه قد شك في قتال الخوارج فإذا رجل يركض فلما رأى أمير المؤمنين عليه السلام
قال البشرى يا أمير المؤمنين قال وما بشراك قال لما بلغ الخوارج نزولك البارحة نهر براثا ولوا هاربين
فقال له علي عليه السلام أنت رأيتهم قال نعم قال كذبت لا والله ما عبروا النهروان ولا تجاوزوا
الأثيلات ولا النخيلات حتى يقتلهم الله عز وجل على يدي عهد
معهود وقدر مقدور لا ينجو منهم عشرة ولا يقتل منا عشرة
فبينا هو كذلك إذا قبل إليه رجل يقتدى برأيه في حساب النجوم لمعرفته بالطوامع والمراجع وتقويم
القطب في الفلك ومعرفته بالحساب والضرب والتجزئة والجبر والمقابلة وتاريخ السندباد وغير
211

ذلك فلما بصر بأمير المؤمنين صلوات الله عليه نزل عن فرسه وسلم عليه وقال يا أمير المؤمنين
لترجعن عما قصدت إليه وكان الرجل دهقانا من دهاقين المدائن واسمه سرسفيل سوار فقال
أمير المؤمنين عليه السلام له ولم ياسر سفيل سوار فقال تناحت النجوم السعدات وتساعدت النجوم
النحسات فلزم الحكيم في مثل هذا اليوم الاختفاء والقعود ويومك هذا يوم مميت تغلب فيه برجان
وانكسف فيه الميزان واقتدح زحل بالنيران وليست الحرب لك بمكان فقال أمير المؤمنين عليه السلام
أخبرني يا دهقان عن قصة الميزان وفي أي مجرى كان برج
السرطان قال سأنظر لك فضرب بيده على كمه واخرج زيجا وأسطرلابا فتبسم أمير
المؤمنين عليه السلام وقال له يا دهقان أنت مسير الثابتات قال لا قال فأنت
تقضى على الحادثان قال لا قال يا دهقان فما ساعة الأسد من الفلك
وما له من المطالع والمراجع وما الزهرة من التوابع والجوامع
قال لا أعلم يا أمير المؤمنين قال فعلى أي الكواكب تقضى على القطب فما
هي الساعات المتحركات وكم قدر الساعات المدبرات وكم تحصيل
المقدرات قال لا علم لي بذلك يا أمير المؤمنين قال يا دهقان صح لك علمك
ان البارحة انقلب بيت في الصين وانقلب اخر بدمانسين و
احترقت دور الزنج أو تحطم منار الهند وطفح جب سرنديب و
212

هلك ملك إفريقية وانقض حصن الأندلس وهاج نمل الشيخ وفقد
ربان اليهود بأيلة وجذم بطريق النصارى بأرمينية وعمى راهب
عمورية وسقطت شرفات القسطنطينية وهاجت سباع ا لبر على
أهلها ورجعت رجال النوبة للراهج والتقت الزرف مع الفيلة و
طار الوحش إلى العلقين وهاجت الحيتان إلى الحضرين واضطربت
الوحوش بالأنقلين أفأنت عالم بهذه الحوادث وما أحدثها من
الفلك شرقية وغربية وأي برج أسعد صاحب النحس وأي برج
أنحس صاحب السعد قال لا علم لي بذلك قال عليه السلام فهل دلك علمك
أن اليوم سعد فيه سبعون عالما في كل عالم سبعون ألف عالم
منهم في البحر ومنهم في البر ومنهم في الجبال ومنهم في السهل و
الغياض والخراب والعمران فابن لنا ما الذي من الفلك أسعدهم
فقال لا علم لي بذلك يا أمير المؤمنين قال يا دهقان فأظنك حكمت على اقتران
المشتري بزحل حين لا حالك في الغسق قد شارفها واتصل جرمه بجرم
213

القمر وذلك استخلاف مأة ألف من البشر كلهم يولدون في يوم
واحد واستهلاك مأة ألف من البشر كلهم يموتون الليلة وهذا
منهم (وأشار بيده إلى سعد بن مسعود الحارثي) وكان في عسكره جاسوسا للخوارج
فظن أن عليا صلوات الله عليه يقول خذوا هذا فقبض على فؤاده ومات من وقته ثم قال عليه
السلام له ألم أرك عين التوفيق أنا وأصحابي هؤلاء لا شرقيون و
لا غربيون إنما نحن ناشئة القطب واعلام الفلك فأما ما زعمت
أن البارحة اقتدح في برجي النيران فقد كان يجب عليك أن
تحكم به لي فان ضياءه ونوره عندي وحرقه ولهبه ذاهب عني
فهذه قضية عقيمة فأحسبها إن كنت حاسبا وأعرفها إن كنت
عارفا بالأكوار والأدوار ولو علمت ذلك لعلمت عدد كل قصبة
في هذه الأجمة وأشار إلى أجمة قصب كانت عن يمينه فتشهد الدهقان وقال يا مولاي
أن الذي فهم إبراهيم وموسى وعيسى ومحمدا صلوات الله عليهم فهمكها وهو الله تعالى
يا أمير المؤمنين لا اثر بعد عين مد يدك فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا
عبده ورسوله وانك الامام والوصي المفترض الطاعة يقول المؤلف الحقير لقد نقل هذا
الاحتجاج عنه عليه السلام جماعة كثيرة باختلاف يسير بطرق عديدة واني لقد اكتفيت هنا عن فرج المهموم للسيد (ره)
267 / 47 ومن كلامه عليه السلام
214

في احتجاجه على أصحاب الشورى نقله الطبرسي (ره) في الاحتجاج ص 193 من الجزء الأول المطبوع في النجف
الأشرف سنة 1386 قال فلما رأى أمير المؤمنين عليه السلام ما هم ا لقوم به من البيعة لعثمان قام فيهم ليتخذ
عليهم الحجة فقال عليه السلام لهم اسمعوا مني كلامي فإن يك ما أقول حقا فأقبلوا
وإن يك باطلا فأنكروا ثم قال أنشدكم بالله الذي يعلم صدقكم
إن صدقتم ويعلم كذبكم إن كذبتم هل فيكم أحد صلى القبلتين
كلتيهما غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم من بايع البيعتين
كلتيهما الفتح وبيعة الرضوان غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله
هل فيكم أحد أخوه المزين بالجناحين في الجنة غيري قالوا لا قال
نشدتكم بالله هل فيكم أحد عمه سيد الشهداء غيري قالوا لا قال
نشدتكم بالله هل فيكم أحد زوجته سيدة نساء العالمين غيري قالوا
لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد ابناه ابنا رسول الله صلى الله
عليه وآله وهما سيدا شباب أهل الجنة غيري قالوا لا قال نشدتكم
بالله هل فيكم أحد عرف الناسخ من المنسوخ غيري قالوا لا قال نشدتكم
بالله هل فيكم أحد أذهب الله عنه الرجس وطهره تطهيرا غيري قالوا لا
215

قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد عاين جبرئيل في مثال دحية
الكلبي غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد أدى الزكاة
وهو راكع غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد مسح
رسول الله صلى الله عليه وآله عينيه وأعطاه الراية يوم
خيبر فلم يجد حرا ولا بردا غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله هل
فيكم أحد نصبه رسول الله صلى الله عليه وآله يوم غدير خم
بأمر الله تعالى فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال
من والاه وعاد من عاداه غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله
هل فيكم أحد هو أخو رسول الله في الحضر ورفيقه في السفر غيري
قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد بارز عمرو بن عبد ود يوم
الخندق وقتله غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد
قال له رسول الله صلى الله عليه وآله أنت مني بمنزلة هارون
من موسى إلا أنه لا نبي بعدي غيري قالوا لا قال نشدتكم
216

بالله هل فيكم أحد سماه الله في عشر آيات من القرآن مؤمنا
غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد ناول رسول الله
صلى الله عليه وآله قبضة من التراب فرمى بها في وجوه
الكفار فانهزموا غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم
أحد وقفت الملائكة معه يوم أحد حتى ذهب الناس غيري
قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قضى دين رسول الله
صلى الله عليه وآله غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد
شهد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله غيري قالوا لا قال نشدتكم
بالله هل فيكم أحد غسل رسول الله صلى الله عليه وآله وكفنه
ولحده غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد ورث سلاح
رسول الله صلى الله عليه وآله ورايته وخاتمه غ يري قالوا لا
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد جعل رسول الله صلى الله عليه
وآله طلاق نساءه بيده غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم
217

أحد حمله رسول الله صلى الله عليه وآله على ظهره حتى كسر الأصنام
على باب الكعبة غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد
نودي باسمه في السماء يوم بدر لافتى إلا علي ولا سيف إلا
ذو الفقار غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحدا كل
مع رسول الله صلى الله عليه وآله من الطائر المشوي الذي
اهدى إليه غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد
قال له رسول الله صلى الله عليه وآله أنت صاحب رايتي في
الدنيا وصاحب لوائي في الآخرة غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله
هل فيكم أحد قدم بين يدي نجواه صدقة غيري قالوا لا قال
نشدتكم بالله هل فيكم أحد خصف نعل رسول الله صلى الله عليه
وآله غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول
الله صلى الله عليه وآله أنا أخوك وأنت أخي غيري قالوا لا قال
نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه
وآله غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول
الله صلى الله عليه وآله أنا أخوك وأنت أخي غيري قالوا لا قال
نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه
218

وآله أنت أحب الخلق إلي وأقولهم بالحق غيري قالوا لا قال نشدتكم
بالله هل فيكم أحد وجد رسول الله صلى الله عليه وآله جائعا
فاستقى مأة دلو بمأة تمرة وجاء بالتمرة فاطعمه رسول الله غيري
وهو جائع قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد سلم عليه جبرئيل
وميكائيل وإسرافيل في ثلاثة آلاف من الملائكة يوم بدر
غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد غمض عين رسول
الله صلى الله عليه وآله غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم
أحد وحد الله قبلي غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم
أحد كان أول داخل على رسول الله صلى الله عليه وآله واخر
خارج من عنده غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد
مشى مع رسول الله صلى الله عليه وآله فمر على حديقة فقلت
ما أحسن هذه الحديقة فقال رسول الله صلى الله عليه وآله
وحديقتك في الجنة أحسن من هذه حتى مررت على ثلاثة حدائق
219

كل ذلك يقول رسول الله وحديقتك في الجنة أحسن من هذه غيري
قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله
عليه وآله أنت أول من امن بي وصدقني وأول من يرد علي
الحوض يوم القيامة غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد
أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بيده ويد امرأته وابنيه
حين أراد أن يباهل نصارى أهل نجران غيري قالوا لا قال نشدتكم
بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله
أول طالع يطلع عليكم من هذا الباب يا أنس فإنه أمير المؤمنين
وسيد المسلمين وأولى الناس فقال أنس اللهم اجعله رجلا
من الأنصار فكنت أنا الطالع فقال رسول الله صلى الله عليه
وآله لأنس ما أنت بأول رجل أحب قومه غيري قالوا لا قال نشدتكم
بالله هل فيكم أحد نزلت فيه هذه الآية انما وليكم الله ورسوله
والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم
220

راكعون غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد أنزل
الله فيه وفي ولده ان الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها
كافورا إلى آخر السورة غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم
أحد أنزل الله فيه أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام
كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون
عند الله غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد علمه
رسول الله صلى الله عليه وآله ألف كلمة كل كلمة مفتاح
ألف كلمة غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد ناجاه
رسول الله يوم الطائف فقال أبو بكر وعمر يا رسول الله ناجيت
عليا فقال لهما النبي صلى الله عليه وآله ما أنا ناجيته بل
الله أمرني بذلك قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد
سقاه رسول الله صلى الله عليه وآله من المهراس غيري قالوا لا
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله
221

عليه وآله أنت أقرب الخلق مني يوم القيامة يدخل بشفاعتك
الجنة أكثر من عدد ربيعة ومضر غيري قالوا لا قال نشدتكم
بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله يا علي أنت
تكسى حين اكسى غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال
له رسول الله صلى الله عليه وآله أنت وشيعتك الفائزون يوم
القيامة غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له
رسول الله صلى الله عليه وآله كذب من زعم أنه يحبني ويبغض
هذا غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول
الله صلى الله عليه وآله من أحب شطراتي هذه فقد أحبني
ومن أحبني فقد أحب الله فقيل له وما شطراتك قال علي و
الحسن والحسين وفاطمة غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله هل
فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله أنت خير
البشر بعد النبيين غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم
222

أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله أنت الفاروق تفرق
بين الحق والباطل غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم
أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله أنت أفضل الخلائق
عملا يوم القيامة بعد ا لنبيين غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله
هل فيكم أحد أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله كساه عليه
وعلى زوجته وعلى ابنيه ثم قال اللهم أنا وأهل بيتي إليك
لا إلى النار غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد كان
يبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وآله الطعام وهو في الغار
ويخبره الاخبار غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال
له رسول الله صلى الله عليه وآله أنت أخي ووزيري وصاحبي
من أهلي غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له
رسول الله صلى الله عليه وآله أنت أقدمهم سلما وأفضلهم
علما وأكثرهم حلما غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قتل
223

مرحبا اليهودي فارس اليهود مبارزة غيري قالوا لا قال نشدتكم
بالله هل فيكم أحد عرض عليه النبي صلى الله عليه و
آله الاسلام فقال له انظرني حتى القى والدي فقال له
النبي صلى الله عليه وآله فإنها أمانة عندك فقلت
فإن كانت أمانة عندي فأسلمت غيري قالوا لا قال نشدتكم
بالله هل فيكم أحد احتمل باب خيبر حين فتحها فمشى به مأة
ذراع ثم عالجه بعده أربعين رجلا فلم يطيقوه غيري قالوا لا
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد نزلت فيه هذه الآية يا
أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم
صدقة أنا الذي قدم الصدقة غيري قالوا لا بل أنت قال نشدتكم
بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله
من سب عليا فقد سبني ومن سبني فقد سب الله غيري
قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله
224

عليه وآله منزلي مواجه منزلك في الجنة غيري قالوا لا قال نشدتكم
بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله قاتل
الله من قاتلك وعادى الله من عاداك غيري قالوا لا قال نشدتكم
بالله هل فيكم أحد اضطجع على فراش رسول الله صلى الله عليه و
آله حين أراد أن يسير إلى المدينة ووقاه بنفسه من المشركين حين
أرادوا قتله غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له
رسول الله صلى الله عليه وآله أنت أولى الناس بأمتي بعدي غيري
قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله
عليه وآله أنت يوم القيامة عن يمين العرش والله يكسوك ثوبين أحدهما
أخضر والاخر وردي غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد
صلى قبل الناس بسبع سنين وأشهر غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله
هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله أنا يوم القيامة
آخذ بحجزة ربي والحجزة النور وأنت خذ بحجزتي وأهل بيتي أخذ
225

بحجزتك غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول
الله صلى الله عليه وآله أنت كنفسي وحبك حبي وبغضك
بغضي غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له
رسول الله صلى الله عليه وآله ولايتك كولايتي عهد عهده
إلى ربي وأمرني أن أبلغكموه غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله
هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله اللهم
اجعله لي عونا وعضدا وناصرا غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله
هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله المال
يعسوب الظلمة وأنت يعسوب المؤمنين غيري قالوا لا قال نشدتكم
بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله
لأبعثن إليكم رجلا امتحن الله قلبه للايمان غيري قالوا لا قال
نشدتكم بالله هل فيكم أحد أطعمه رسول الله صلى الله
عليه وآله رمانة وقال هذه من رمان الجنة لا ينبغي أن يأكل
226

منه إلا نبي أو وصي نبي غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله هل
فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله ما سئلت
ربي شيئا إلا أعطانيه ولم أسئل ربي شيئا إلا سئلت لك
مثله غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول
الله صلى الله عليه وآله أنت أقومهم بأمر الله وأوفاهم بعهد
الله وأعلمهم بالقضية وأقسمهم بالسوية وأعظمهم عند الله
مزية غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول
الله صلى الله عليه وآله فضلك على هذه الأمة كفضل الشمس
على القمر وكفضل القمر على النجوم غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله
هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله يدخل الله
وليك الجنة وعدوك النار غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم
أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله الناس من أشجار شتى
وأنا وأنت من شجرة واحدة غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم
227

أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله أنا سيد ولد آدم و
أنت سيد العرب والعجم ولا فخر غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله
هل فيكم أحد رضي الله عنه في الآيتين غيري من القرآن قالوا لا
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله
عليه وآله موعدك موعدي وموعد شيعتك عند الحوض
إذا خافت الأمم ووضعت الموازين غيري قالوا لا قال نشدتكم
بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله اللهم
إني أحبه فأحبه اللهم إني استودعكه غيري قالوا لا قال نشدتكم
بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله أنت
تحاج الناس فتحججهم بإقامة الصلاة وايتاء الزكاة والامر
بالمعروف والنهي عن المنكر وأقام الحدود والقسم بالسوية غيري
قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد أخذ رسول الله صلى الله
عليه وآله بيده يوم بدر فرفعها حتى نظر الناس إلى بياض إبطيه
228

وهو يقول ألا ان هذا ابن عمي ووزيري فوازروه وناصحوه
وصدقوه فإنه وليكم غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم
أحد نزلت فيه هذه الآية ويؤثرون على أنفسهم ولو كان
بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون
غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله فهل فيكم أحد كان جبرئيل أحد
ضيفانه غيري قالوا لا قال فهل فيكم أحد أعطاه رسول الله صلى
الله عليه وآله حنوطا من حنوط الجنة ثم أقسمه ثلاثا ثلثا لي
حنطني به وثلثا لابنتي وثلث لك غيري قالوا لا قال فهل فيكم أحد
كان إذا دخل على رسول الله صلى الله عليه وآله حياه وأدناه و
رحب به وتهلل له وجهه غيري قالوا لا قال فهل فيكم أحد قال له
رسول الله صلى الله عليه وآله أن ا أفتخر بك يوم القيامة إذا افتخرت
الأنبياء بأوصياءها غيري قالوا لا قال فهل فيكم أحد سرحه رسول
الله صلى الله عليه وآله بسورة براءة إلى المشركين من أهل مكة غيري
229

قالوا لا قال فهل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله
إني لأرحمك من ضغاين في صدور أقوام عليك لا يظهرونها حتى
يفقدوني فإذا فقدوني خالفوا فيها غيري قالوا لا قال فهل فيكم
أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله أدي الله عن أمانتك
أدى الله عن ذمتك غيري قالوا لا قال هل فيكم أحد قال له
رسول الله صلى الله عليه وآله أنت قسيم النار تخرج منها من
زكى وتذر فيها كل كافر غيري قالوا لا قال فهل فيكم أحد فتح حصن
خيبر وسبا بنت مرحب فاداها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله
غيري قالوا لا قال فهل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه
وآله ترد علي الحوض أنت وشيعتك رواء مرويين مبيضة وجوههم
ويرد على عدوك ظماء مظمئين مقتحمين مسودة وجوههم غيري
قالوا لا قال لهم أمير المؤمنين عليه السلام أما إذا أقررتم على أنفسكم واستبان
لكم ذلك من قول نبيكم فعليكم بتقوى الله وحده لا شريك له وأنهاكم
230

عن سخطه ولا تعصوا أمره وردوا الحق إلى أهله واتبعوا سنة
نبيكم فإنكم ان خالفتم خالفتم الله فادفعوا إلى من هو أهله وهي له
قال فتغامزوا فيما بينهم وتشاوروا وقالوا قد عرفنا فضله وعلمنا أنه أحق الناس بها ولكنه
رجل لا يفضل أحدا على أحد فإن وليتموها إياه جعلكم وجميع الناس فيها شرعا سواء ولكن
ولوها عثمان فإنه يهوى الذي تهوون فدفعوها إليه
268 / 48 ومن كلامه عليه السلام
في المجلد الثالث من البحار في باب أحوال القبر والبرزخ ص 160 عن تفسير فرات بن إبراهيم عن
أحمد بن علي بن عيسى الزهري رفعه إلى أصبغ بن نباته قال توجهت إلى أمير المؤمنين عليه
السلام لا سلم عليه فلم البث أن خرج فقمت قائما على رجلي فاستقبلته فضرب بكفه إلى كفي
فشبك أصابعه في أصابعي ثم قال لي يا أصبغ بن نباته قلت لبيك وسعديك يا أمير المؤمنين
فقال إن ولينا ولي الله فإذا مات كان في الرفيق الاعلى وسقاه
الله من نهر أبرد من الثلج وأحلى من العسل فقلت جعلت فداك وإن كان
مذنبا قال نعم ألم تقرأ كتاب الله أولئك يبدل الله سيئاتهم
حسنات وكان الله غفورا رحيما
269 / 49 ومن كلامه عليه السلام
المجلد الثالث من البحار في الباب ص 154 عن تفسير علي بن إبراهيم عن أبيه عن علي بن مهزيار
عن عمرو بن عثمان عن المفضل بن صالح عن جابر عن إبراهيم بن علاء عن سويد بن غفلة
عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال
إن ابن آدم إذا كان في اخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة
231

مثل له أهله وماله وولده وعمله فيلتفت إلى ماله فيقول
والله إني كنت عليك لحريصا شحيحا فما لي عندك فيقول خذ مني
كفنك ثم يلتفت إلى ولده فيقول والله إني كنت لك لكم لمحبا وإني كنت
عليك لمحاميا فماذا لي عندكم فيقولون نؤديك إلى حفرتك ونواريك
فيها ثم يلتفت إلى عمله فيقول والله إني كنت فيك لزاهدا وإنك
كنت علي لثقيلا فماذا عندك فيقول أنا قرينك في قبرك ويوم حشرك
حتى أعرض أنا وأنت على ربك فإن كان لله وليا أتاه أطيب الناس
ريحا وأحسنهم منظرا وأزينهم رياشا فيقول أبشر بروح من الله و
ريحان وجنة نعيم قد قدمت خير مقدم فيقول من أنت فيقول أنا
عملك الصالح ارتحل من الدنيا إلى الجنة وانه ليعرف غاسله و
يناشد حامله أن يعجله فإذا دخل قبره أتاه ملكان وهما فتانا القبر
يجران أشعارهما ويبحثان الأرض بأنيابهما وأصواتهما كالرعد
القاصف وأبصارهما كالبرق الخاطف فيقولان له من ربك ومن نبيك
232

وما دينك فيقول الله ربي ومحمد نبيي والاسلام ديني فيقولان ثبتك
الله فيما تحب وترضى وهو قول الله يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت
في الحياة الدنيا الآية فيفسحان له في قبره مد بصره ويفتحان له بابا
إلى الجنة ويقولان نم قرير العين نوم الشاب الناعم وهو قوله أصحاب
الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا وإذا كان لربه عدوا فإنه
يأتيه أقبح خلق الله رياشا وأنتنه ريحا فيقول أبشر بنزل من حميم
وتصلية جحيم وانه ليعرف غاسله ويناشد حامله أن يحبسه
فإذا ادخل قبره اتياه ممتحنا القبر فألقيا عنه أكفانه ثم قالا له من
ربك ومن نبيك وما دينك فيقول لا أدري فيقولان له ما دريت
ولا هديت فيضر بأنه بمزربة ضربة ما خلق الله دابة إلا وقد عز
لها ما خلا الثقلان ثم يفتحان له بابا إلى النار ثم يقولان له نم بشر حال
فهو من الضيق مثل ما فيه القنا من الزج حتى أن دماغه يخرج من
بين ظفره ولحمه ويسلط الله عليه حياة الأرض وعقاربها وهوامها
233

فتنهشه حتى يبعثه الله من قبره وانه ليتمنى قيام الساعة مما هو فيه من الشر
الشحيح البخيل والشح البخل والزهد في الشئ ضد الرغبة والرياش اللباس الفاخر فتانا القبور أي
المنكر والنكير من الفتنة والامتحان والاختبار والقاصف الشديد الصوت والفسحة بالضم السعة
وقرة ا لعين برودتها وانقطاع بكائها وهي كناية عن الفرج والسرور والناعم من النعمة وهو ما ينتعم
به من المال والنزل بضمتين ما يعد المضيف النازل على الانسان والحميم الماء الشديد الحرارة يسقى
منه أهل النار أو الريم والصديد والتصلية التلويح على النار واليافوخ هو الموضع الذي يتحرك من
رأس الطفل إذا كان قريب عهد بالولادة والمرزبة بالراء المهملة والزاء المعجمة والباء الموحدة عصاء
من حديد والقنا جمع القناة وهي الرمح والزج الحديدة التي أسفل الرمح
270 / 50 ومن كلامه عليه السلام
المجلد الثالث من البحار في باب أحوال المتقين ص 249 عن تفسير فرات بن إبراهيم عن الحسين بن
سعيد معنعنا عن علي عليه السلام قال أنا وشيعتي يوم القيامة على منابر
من نور فيمر علينا الملائكة ويسلم علينا قال فيقولون من هذا
الرجل ومن هؤلاء فيقال لهم هذا علي بن أبي طالب ابن عم رسول الله
فيقال من هؤلاء فيقال لهم هؤلاء شيعته قال فيقولون أين
النبي العربي وابن عمه فيقولون هما عند العرش قال فينادى مناد
من السماء عند رب العزة يا علي ادخل الجنة أنت وشيعتك لا
حساب عليك ولا حساب عليهم فيدخلون الجنة ويتنعمون فيها
234

من فواكهها ويلبسون السندس والاستبرق وما لم تر عين
فيقولون الحمد لله الذي اذهب عنا الحزن ان ربنا لغفور شكور
الذي من علينا بنبيه محمد صلى الله عليه وآله وبوصيه علي
بن أبي طالب عليه السلام والحمد لله الذي من علينا بهما
من فضله وادخلنا الجنة فنعم أجر العاملين فينادي مناد
من فضله وأدخلنا الجنة فنعم أجر العاملين فينادي مناد
من الناس كلوا واشربوا هنيئا قد نظر إليكم الرحمن نظرة فلا
بؤس عليكم ولا حساب ولا عذاب
271 / 51 ومن كلامه عليه السلام
المجلد الثالث من البحار في الباب ص 253 من كتاب صفات الشيعة للصدوق رحمه الله باسناده
عن محمد بن صالح عن أبي العباس الدينوري عن محمد بن الحنفية قال لما قدم أمير المؤمنين عليه السلام
البصرة بعد قتال أهل الجمل دعاه الأحنف بن قيس واتخذ له طعاما فبعث إليه صلوات الله عليه و
إلى أصحابه فاقبل ثم قال يا أحنف ادع لي أصحابي فدخل عليهم قوم متخشعون كأنهم شنان
بوالي فقال الأحنف بن قيس يا أمير المؤمنين ما هذا الذي نزل بهم من قلة الطعام أو من هول
الحرب فقال صلوات الله عليه لا يا أحنف إن الله سبحانه أحب أقواما
تنسكوا له في دار الدنيا تنسك من هجم على ما علم من قربهم من يوم
القيمة من قبل أن يشاهدوها فحملوا أنفسهم على مجهودها وكانوا
235

إذا ذكروا صباح يوم العرض على الله سبحانه توهموا خروج عنق يخرج
من النار يحشر الخلائق إلى ربهم تبارك وتعالى كتاب يبدو فيه على
رؤوس الاشهاد فضايح ذنوبهم فكادت أنفسهم تسيل سيلا أو
تطير قلوبهم بأجنحة الخوف طيرانا وتفارقهم عقولهم إذا غلت بهم
من أجل التجرد إلى الله سبحانه غليانا فكانوا يحنون حنين الواله
في دجى الظلم وكانوا يفجعون من خوف ما أوقفوا عليه أنفسهم
فمضوا ذبل الأجسام حزينة قلوبهم كالحة وجوههم ذابلة شفاههم
خامصة بطونهم متخشعون كأنهم شنان بوالي قد أخلصوا لله
أعمالهم سرا وعلانية فلم تأمن من فزعه قلوبهم بل كانوا كمن
حرسوا قباب خراجهم فلو رأيتهم في ليلتهم وقد نامت العيون
وهدات الأصوات وسكنت الحركات وقد نبههم هوك يوم القيمة
والوعيد كما قال سبحانه أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا
بياتا وهم نائمون فاستيقظوا لها فزعين وقاموا إلى صلاتهم
236

معولين باكين تارة وأخرى مسبحين يبكون في محاريبهم ويرنون
يصطفون ليلد مظلمة بهماء يبكون فلو رأيتهم يا أحنف في ليلتهم
قياما على أطرافهم منخية ظهورهم يتلون أجزاء القرآن لصلاتهم
قد اشتدت أعوالهم ونحيبهم وزفيرهم إذا زفروا خلت النار قد
أخذت منهم إلى حلا قيمهم وإذا أعولوا حسبت السلاسل قد
صفدت في أعناقهم فلو رأيتهم في نهارهم إذا لرأيت قوما
يمشون على الأرض هونا ويقولون للناس حسنا وإذا خاطبهم
الجاهلون قالوا سلاما وإذا مروا باللغو مروا كراما قد قيدوا أقدامهم
من التهمات وأبكموا ألسنتهم أن يتكلموا في أعراض الناس و
سجموا أسماعهم أن يلجها خوض خائض وكحلوا أبصارهم بغض
البصر من المعاصي وانتحوا دار السلام التي من دخلها كان أمنا
من الريب والأحزان فلعلك يا أحنف شغلك نظرك إلى الدنيا
عن الدار التي خلقها الله سبحانه من لؤلؤة بيضاء فشقق فيها أنهارها
237

وكبسها بالعواتق من حورها ثم سكنها أوليائه وأهل طاعته
فلو رأيتهم يا أحنف وقد قدموا على زيادات ربهم سبحانه صوتت
رواحلهم بأصوات لم يسمع السامعون بأحسن منها وأظلتهم
غمامة فأمطرت عليهم المسك والزعفران وصهلت خيولها بين
أغراس تلك الجنان وتخللت بهم نوقهم بين كبث الزعفران
ويتطأ من تحت أقدامهم اللؤلؤ والمرجان واستقبلتهم قهارمتها
بمنابر الريحان وهاجت لهم ريح من قبل العرش فنثرت عليهم
الياسمين والأقحوان ذهبوا إلى بابها فيفتح لهم الباب رضوان
ثم يسجدون الله في فناء الجنان فقال لهم الجبار رفعوا رؤوسكم
فإني قد رفعت عنكم مؤنة العبادة وأسكنتكم جنة الرضوان فإن
فاتك يا أحنف ما ذكرت لك في صدر كلامي لتتركن في سرابيل
القطران ولتطوفن بينها وبين حميم ان ولتسقن شرابا حار الغليان
فكم يومئذ في النار من صلب محطوم ووجه مهشوم ومشوه مضروب
238

على الخرطوم قد أكلت ا لجامعة كفه والتحم الطوق بعنقه فلو
رأيتهم يا أحنف ينحدرون في أوديتها ويصعدون جبالها و
قد ألبسوا المقطعات من القطران وأقرنوا مع أحجارها وشياطينها
فإذا استغاثوا من حريق شدت عليهم عقاربها وحياتها ولو رأيت
مناديا ينادي وهو يقول يا أهل الجنة ونعيمها ويا أهل حلبها
وحللها خلدوا فلا موت فعندها ينقطع رجائهم وتغلق الأبواب
وتنقطع بهم الأسباب فكم من يومئذ من شيخ ينادي وا شيبتاه
وكم من امرأة تنادى وا فضيحتاه هتكت عنهم الستور فكم يومئذ
من مغموس بين أطباقها محبوس يا لك غمسة ألبستك بعد لباس
الكتاب والماء المبرد على الجدران فاكل الطعام ألوانا بعد ألوان لباسا
لم يدع لك شعرا ناعما الا بيضه ولا عينا كنت تبصر بها إلى حبيب الا
فقأها هذا ما أعد الله للمجرمين وذلك ما أعد الله للمتقين
272 / 52 ومن كلامه عليه السلام
239

المجلد الثالث من البحار في باب سكرات الموت وشدائده ص 136 عن كتاب كنز الفوائد قال أبو
طاهر المقلد بن غالب عن رجاله باسناده المتصل إلى علي بن أبي طالب عليه السلام وهو ساجد يبكي
حتى علاء نحيبه وارتفع صوته بالبكاء فقلنا يا أمير المؤمنين لقد أمرضنا بكاؤك وامضنا وأشجانا
وما رأيناك قد فعلت مثل هذا الفعل قط فقال عليه السلام
كنت ساجدا ادعو ربي بدعاء الخيرات في سجدتي فغلبتني
عيني فرأيت رؤيا هالتني وأقلقتني رأيت رسول الله صلى الله
عليه وآله قائما وهو يقول يا أبا الحسن طالت غيبتك فقد
اشتقت إلى رؤياك وقد انجز لي ربي ما وعدني فيك فقلت يا
رسول الله وما الذي أنجز لك في قال انجز لي فيك وفي
زوجتك وابنيك وذريتك في الدرجات العلى في عليين قلت
بأبي أنت وأمي يا رسول الله فشيعتنا قال شيعتنا معنا وقصورهم
بحذا قصورنا ومنازلهم مقابل منازلنا قلت يا رسول الله فما
لشيعتنا في الدنيا قال الامن والعافية قلت فما لهم عند الموت
قال يحكم الرجل في نفسه ويؤمر ملك الموت بطاعته قلت فما
لذلك حد يعرف قال بلى إن أشد شيعتنا لنا حبا يكون خروج
240

نفسه كشرب أحدكم في يوم الصيف الماء البارد الذي ينتفع به
القلوب وإن ساير هم ليموت كما يغبط أحدكم على فراشه كأقر ما
كانت عينه بموته
273 / 53 ومن كلامه عليه السلام
المجلد الثالث من البحار باب حب لقاء الله وذم الفرار من الموت ص 129 عن السرائر من كتاب أبي
القاسم بن قولويه قال قال أبو عبد الله عليه السلام بلغ أمير المؤمنين عليه السلام موت رجل
من أصحابه ثم جاء خبر اخر انه لم يمت فكتب بسم الله الرحمن الرحيم إما بعد فإنه قد كان
أتانا خبر ارتاع له اخوانك ثم جاء تكذيب الخبر الأول فانعم ذلك ان
سررنا وان السرور وشيك الانقطاع سيبلغه عما قليل تصديق
الخبر الأول فهل أنت كاين كرجل قد ذاق الموت ثم عاش بعده
فسئل الرجعة فاسعف بطلبته فهو متأهب ينقل ما سره من ماله
إلى دار قراره لا يرى أن له مالا غيره واعلم أن الليل والنهار دائبان
في نقص الأعمار وانفاد الأموال وطى الآجال هيهات هيهات قد
صبحا عادا وثمود وقرونا بين ذلك كثيرا فأصبحوا قد وردوا على
ربهم وقدموا على أعمالهم والليل والنهار غضان جديدان
241

لا يبليهما ما مرا به يستعد ان لمن بقى أن يصيباه ما أصابا من مضى
واعلم انما أنت نظير اخوانك وأشباهك مثلك كمثل الجسد قد نزعت
قوته فلم يبق الا حشاشة نفسه ينتظر الداعي فنعوذ بالله مما نعظ
به ثم نقصر عنه
274 / 54 ومن خطبه عليه السلام
المجلد الثالث من البحار باب علة خلق العباد وتكليفهم ص 87 نقل عن كتاب الاحتجاج قال وروى أنه
اتصل بأمير المؤمنين عليه السلام ان قوما من أصحابه خاضوا في التعديل والتجوير فخرج حتى
صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال عليه السلام
أيها الناس إن الله تبارك وتعالى لما خلق خلقه أراد أن يكونوا
على آداب رفيعة واخلاق شريفة فعلم أنهم لم يكونوا كذلك الا
بأن يعرفهم مالهم وما عليهم والتعريف لا يكون إلا بالامر و
النهي والامر والنهي لا يجتمعان إلا بالوعد والوعيد والوعد لا
يكون إلا بالترغيب والوعيد لا يكون إلا بالترهيب والترغيب
لا يكون إلا بما تشتهيه أنفسهم وتلذه أعينهم والترهيب لا
يكون الا بضد ذلك ثم خلقهم في داره واراهم طرفا من اللذات
242

ليستدلوا به على ما ورائهم من اللذات الخالصة التي لا يشوبها ألم
الا وهي الجنة وأراهم طرفا من الآلام ليستدلوا به على ما ورائهم
من الآلام الخالصة التي لا يشوبها لذة إلا وهي النار فمن أجل ذلك
ترون نعيم الدنيا مخلوطا بمحنها وسرورها ممزوجا بكدورها وغمومها
قال المجلسي رحمه الله قيل فحدث الجاحظ بهذا الحديث فقال هو جماع الكلام الذي دونه الناس في
كتبهم وتحاوروه بينهم قيل ثم سمع أبو علي الجبائي بذلك فقال صدق الجاحظ هذا ما لا يحتمله
الزيادة والنقصان انتهى بيانه
275 / 55 ومن خطبه عليه السلام
المجلد الثالث من البحار باب التوبة وأنواعها ص 100 عن كتاب المحاسن للبرقي قال أبي رفعه قال إن أمير
المؤمنين عليه السلام صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها الناس إن الذنوب
ثلاثة ثم أمسك فقال له حبة العرني يا أمير المؤمنين فسرها لي فقال ما ذكرتها إلا وأنا
أريد أن أفسرها ولكنه عرض لي بهر حال بيني وبين الكلام نعم
الذنوب ثلاثة فذنب مغفور وذنب غير مغفور وذنب نرجو لصاحبه
ونخاف عليه قيل يا أمير المؤمنين فبينها لنا قال نعم إما الذنب المغفور فعبد
عاقبه الله تعالى على ذنبه في الدنيا فالله احكم وأكرم أن يعاقب
عبده مرتين واما الذنب الذي لا يغفر فظلم العباد بعضهم لبعض
243

ان الله تبارك وتعالى إذا برز لخلقه أقسم قسما على نفسه فقال
وعزتي وجلالي لا يجوزني ظلم ظالم ولو كف بكف ولو مسحة بكف و
نطحة ما بين الشاة القرناء إلى الشاة الجماء فيقتص الله للعباد بعضهم
من بعض حتى لا يبقى لاحد عند أحد مظلمة ثم يبعثهم الله إلى الحساب
واما الذنب الثالث فذنب ستره الله على عبده ورزقه التوبة فأصبح
خاشعا من ذنبه راجيا لربه فنحن له كما هو لنفسه نرجو له الرحمة و
نخاف عليه العقاب
276 / 56 ومن كلامه عليه السلام
المجلد الثالث من البحار في باب ما يعاين المؤمن والكافر عند الموت ص 130 عن كتاب جامع الأخبار
عن علي بن محمد بن الزبير عن محمد بن علي بن مهدي عن محمد بن علي بن عمرو عن أبيه عن جميل بن
صالح عن أبي خالد الكابلي عن الأصبغ بن نباتة وعن أمالي الشيخ عن أبي المفضل عن محمد بن
علي بن مهدي وغيره عن محمد بن علي بن عمرو أيضا بالاسناد عن الأصبغ قال دخل الحارث الهمداني
على أمير المؤمنين علي عليه السلام في نفر من الشيعة وكنت فيهم فجعل الحارث يتأد في مشيته ويخبط
الأرض بمحجنه وكان مريضا فاقبل إليه أمير المؤمنين عليه السلام وكانت له منه منزلة فقال كيف تجدك
يا حارث فقال نال الدهر يا أمير المؤمنين مني وزادني أو أبا غليلا اختصام أصحابك ببابك قال و
فيم خصومتهم قال فيك وفي الثلاثة من قبلك فمن مفرط منهم غال ومقتصد قال ومن متردد مرتاب
لا يدري أيقدم أم يحجم فقال حسبك يا أخا همدان الا أن خير شيعتي النمط الا قسط إليهم يرجع الغالي و
بهم يلحق التالي فقال له الحارث لو كشفت فداك أبي وأمي الرين عن قلوبنا وجعلتنا في ذلك على بصيرة
من أمرنا قال قدك فإنك امرء ملبوس عليك إن دين الله لا يعرف
244

بالرجال بل باية الحق فاعرف الحق تعرف أهله يا حارث إن
الحق أحسن الحديث فالصادع به مجاهد وبالحق أخبرك فارعني سمعك
ثم خبر به من كان له حصانة من أصحابك إلا أني عبد الله وأخو
رسوله وصديقه الأول في أمتكم حقا فنحن الأولون ونحن
الآخرون ونحن خاصته يا حارث وخالصته وأنا صفوته و
وصيه ووليه وصاحب نجواه وسره أوتيت فهم الكتاب و
فصل الخطاب وعلم القرون والأسباب واستودعت الف مفتاح
يفتح كل مفتاح ألف باب يفضى كل باب إلى ألف عهد وأيدت
واتخذت وأمددت بليلة القدر نفلا وإن ذلك يجري لي و
لمن تحفظ من ذريتي ما جرى الليل والنهار حتى يرث الله الأرض
ومن عليها وأبشرك يا حارث لتعرفني عند الممات وعند الصراط
وعند الحوض وعند المقاسمة قال الحارث وما المقاسمة قال مقاسمة
النار أقاسمها قسمة صحيحة أقول هذا وليي فاتركيه وهذا عدوي
245

فخذيه ثم أخذ أمير المؤمنين عليه السلام بيد الحارث فقال يا حارث أخذت
بيدك كما أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بيدي فقال
لي وقد شكوت إليه حسد قريش والمنافقين لي إنه إذا كان
يوم القيامة أخذت بحبل الله وبحجزته يعني عصمته من ذي
العرش تعالى وأخذت أنت يا علي بحجزتي وأخذ ذريتك
بحجزتك وأخذ شيعتكم بحجزكم فماذا يصنع الله بنبيه وما
يصنع نبيه بوصيه خذها إليك يا حارث قصيرة من طويلة
أنت مع من أحببت ولك ما اكتسبت يقولها ثلاثا فقام الحارث يجر ردائه
ويقول ما أبالي بعد هامتي لقيت الموت أو لقيني قال جميل بن صالح وأنشدني أبو
هاشم السيد الحميري رحمه الله فيما تضمنه هذا الخبر قول على لحارث عجب
كم ثم أعجوبة له حملا يا حار همدان من يمت يرني من مؤمن أو منافق قبلا يعرفني
طرفه وأعرفه بعينه واسمه وما عملا وأنت عند الصراط تعرفني فلا تخف عترة ولا زللا أسقيك من بارد على ظماء تخاله في الحلاوة عسلا أقول للنار حين توقف للعرض
دعيه لا تقبلي الرجلا دعيه لا تقربيه ان له حبلا بحبل الوصي متصلا بيان
يتاد أي يتثبت ويتأنى من التؤدة وخبطه ضربه شديدا والمحجن كمنبر العصا المعوجة وأوب كفرح
غضب وفيما أوارا وغليلا والأوار بالضم الحرارة أي حرارة الشمس وحرارة العطش والغليل الحقد و
الضعن وحواره الحب والحزن واحجم عنه كف أو نكص هيبة وقد إذا كان اسمية يكون على وجهين
اسم فعل مرادفه ليكفى نحو قولهم قدني درهم واسم مرادف لحسب ذكر الفيروزآبادي وارعني سمعك أي
246

اسمع لمقالي نفلا أي زائدا على ما أعطيت من الفضائل والكرائم قوله قبلا أي مقابلة
وعيانا وقوله تخاله أي تظنه
277 / 57 ومن كلامه عليه السلام
المجلد الثالث من البحار في باب صفة المحشر ص 218 عن أمالي الشيخ عن الغضائري عن علي بن محمد
العلوي عن محمد بن موسى الرقي عن علي بن محمد بن أبي القاسم عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي
عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني عن أبيه عن أبان مولى يزيد بن علي عن عاصم بن بهدلة
عن شريح القاضي عن أمير المؤمنين عليه السلام في خطبة طويلة قال عليه السلام
اسمع يا ذا الغفلة والتصريف من ذي الوعظ والتعريف جعل
يوم الحشر يوم العرض والسؤال والحباء والنكال يوم تقلب
إليه أعمال الأنام وتحصى فيه جميع الآثام يوم تذوب من النفوس
احداق عيونها وتضع الحوامل ما في بطونها وتفرق من كل نفس
وجيبها ويحار في تلك الأحوال عقل لبيبها إذا نكرت الأرض
بعد حسن عمارتها وتبدلت بالخلق بعد أنيق زهرتها أخرجت من
معادن الغيب أثقالها ونقضت إلى الله احمالها يوم لا ينفع الحذر
إذ عاينوا الهول الشديد فاستكانوا وعرف المجرمون بسيماهم فاستبانوا
فانشقت القبور بعد طول انطباقها واستسلمت النفوس إلى الله بأسبابها
كشف عن الآخرة عطاءها فظهر للخلق أنباءها فدكت الأرض دكا
247

دكا ومدت لأمر يراد بها مدا مدا واشتد المبادرون إلى الله
شد شدا وتزاحفت الخلائق إلى المحشر زحفا زحفا ورد المجرمون
على الأعقاب ردا ردا وجد الامر ويحك يا انسان جدا جدا و
قربوا للحساب فردا فردا وجاء ربك والملك صفا صفا يسئلهم
عمنا عملوا حرفا حرفا وجيئ بهم عراة الأبدان خشعا أبصارهم
أمامهم الحساب ومن ورائهم جهنم يسمعون زفيرها ويرون
سعيرها فلم يجدوا ناصرا ولا وليا يجيرهم من الذل فهم يعدون
سراعا إلى مواقف الحشر يساقون سوقا فالسماوات مطويات
بيمينه كطي السجل للكتب والعباد على الصراط وجلت قلوبهم
يظنون أنهم لا يسلمون ولا يؤذن لهم فيتكلمون ولا يقبل
منهم فيعتذرون قد ختم على أفواههم واستنطقت أيديهم
وأرجلهم بما كانوا يعملون يا لها من ساعة أشجى مواقعها من
القلوب حتى ميز بين الفريقين فريق في الجنة وفريق في السعير
248

من مثل هذا فليهرب الهاربون إذا كانت الدار الآخرة لها فليعمل
العاملون
278 / 58 ومن كلامه عليه السلام
تفسير علي بن إبراهيم القمي (ره) المطبوع في طهران بنفقة المرحوم الميرزا محمد رضا المستوفي سنة 1313 ه‍
ص 612 سورة الزخرف قال أخبرنا أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد بن الحسين بن سعيد عن حماد
بن عيسى عن شعيب بن يعقوب عن أبي إسحاق عن الحرث عن علي عليه السلام قال في خليلين
مؤمنين وخليلين كافرين ومؤمن غني ومؤمن فقير وكافر غني وكافر فقير فأما الخليلان
المؤمنان فتخالا حياتهما على طاعة الله تعالى وتباذلا
عليها وتوادا عليها فمات أحدهما قبل صاحبه فأراها
الله منزله في الجنة يشفع لصاحبه فيقول يا رب خليلي فلان كان
يأمرني بطاعتك وينهاني عن معصيتك رب فثبتني على ما
ثبتني عليه من الهدى حتى تريه ما أريتني فيستجيب الله له
حتى يلتقيا عند الله عز وجل فيقول كل واحد منهما لصاحبه
جزاك الله من خليل خيرا كنت تأمرني بطاعة الله وتنهاني عن
معصية الله وأما الكافران فتخالا بمعصية الله وتباذلا
عليها فمات أحدهما قبل صاحبه فأراه الله تعالى منزله في
249

النار فيقول يا رب خليلي فلان كان يأمرني بمعصيتك و
ينهاني عن طاعتك فثبته على ما ثبتني عليه من المعاصي حتى
نزيه ما أريتني من العذاب فيلتقيان عند الله يوم القيامة
يقول كل واحد منهما لصاحبه جزاك الله من خليل شرا
كنت تأمرني بمعصية الله وتنهاني عن طاعة الله قال ثم قرء
الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ويؤتى
بالمؤمن الغني يوم القيامة إلى الحساب يقول الله تعالى عبدي
قال لبيك يا رب قال ألم أجعلك سميعا بصيرا وجعلت لك مالا
كثيرا قال بلى يا رب قال فما أعددت للقائي قال آمنت بك و
صدقت رسلك وجاهدت في سبيلك قال فماذا فعلت فيما
اتيتك قال أنفقت في طاعتك ماذا أورثت في عقبك
قال خلقتني وخلقتهم ورزقني ورزقتهم وكنت قادرا أن
ترزقهم كما رزقني فوكلت عقبى إليك فيقول الله عز وجل
250

صدقت اذهب فلو تعلم ما لك عندي لضحكت كثيرا ثم دعا
بالمؤمن الفقير فيقول يا عبدي فيقول لبيك يا رب فيقول ماذا
فعلت فيقول يا رب هديتني لدينك وأنعمت علي وكففت عني
ما لو بسطته لخشيت أن يشغلني عن ما خلقتني له فيقول الله عز
وجل صدق عبدي لو تعلم ما لك عندي لضحكت كثيرا ثم يدعي
بالكافر الغني فيقول ما أعددت للقائي فيعل فيقول ما أعددت
شيئا فيقول ماذا فعلت فيما آتيتك فيقول ورثته عقبى فيقول له
من خلقك فيقول أنت فيقول ألم أك قادرا على أن أرزق عقبك كما
رزقتك فان قال نسيت هلك وان قال لم أدر ما أنت هلك فيقول
الله عز وجل لو تعلم ما لك عندي لبكيت كثيرا قال ثم يدعى بالكافر
الفقير فيقول يا ابن آدم ما فعلت فيما أمرتك فيقول أبليتني ببلاء
الدنيا حتى أنسيتني ذكرك وشغلتني عما خلقتني له فيقول الله
له فهلا دعوتني فأرزقك وسألتني فأعطيك فان قال رب نسيت
251

هلك وان قال لم أدر ما أنت هلك فيقول الله لو تعلم ما لك
عندي لبكيت كثيرا
279 / 59 ومن خطبه عليه السلام
تفسير علي بن إبراهيم رضي الله عنه ص 3 قال وقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه
أيها الناس إن الله عز وجل بعث محمدا صلى الله عليه وآله
بالهدى وأنزل عليه الكتاب بالحق وأنتم أميون عن الكتاب
ومن أنزله وعن الرسول ومن أرسله أرسله على حين فترة
من الرسل وطول هجعة من الأمم وانبساط من الجهل واعتراض
من الفتنة وانتقاص من البرم وعمى عن الحق واعتساف من
الجور وامتحاق من الدين وتلظى من الحروب وعلى حين اصفرار
من رياض جنات الدنيا وبؤس من أغصانها وانتشار من ورقها
ويأس من ثمرتها واغورار من مائها وقد درست اعلام الهدى
وظهرت اعلام الردى والدنيا متجهمة في وجوه أهلها
مكفهرة مدبرة غير مقبلة ثمرتها الفتنة وطعامها الجيفة
252

وشعارها الخوف ودثارها السيف قد مزقهم كل ممزق
فقد أعمت عيون أهلها وأظلمت عليهم أيامها قد قطعوا أرحامهم
وسفكوا دماءهم ودفنوا في التراب الموؤودة بينهم من أولادهم
يختار د ونهم طيب العيش ورفاهيته حظوظ الدنيا لا يرجون من
الله ثوابا ولا يخافون والله منه عقابا حيهم أعمى نجس ميتهم
في النار مبلس فجائهم نبيه صلى الله عليه وآله بنسخة ما في
الصحف الأولى وتصديق الذي بين يديه وتفصيل الحلال من
ريب الحرام ذلك القرآن فاستنطقوه ولم ينطق لكم أخبركم عنه
إن فيه علم ما مضى وعلم ما يأتي إلى يوم القيامة وحكم ما بينكم
وبيان ما أصبحتم فيه تختلفون فلو سألتموني عنه لاني أعلمكم
280 / 60 ومن خطبه عليه السلام
تاريخ اليعقوبي لأحمد بن أبي يعقوب بن جعفر بن وهب الكاتب المعروف بابن واضح الاخبار المتوفى
بعد سنة 292 ه‍ ق الجزء الثاني المطبوع في بيروت ص 142 قال قال عليه السلام وانه قال خطيبا فقال
أيها الناس إن أول نقصكم ذهاب أولى النهى والرأي منكم الذين
253

يحدثون فيصدقون ويقولون فيفعلون واني قد دعوتكم
عودا وبدءا وسرا وجهرا وليلا ونهارا فما يزيدكم دعائي
الا فرارا ما تنفعكم الموعظة ولا الدعاء إلى الهدى والحكمة
إما والله لعالم لما يصلحكم ولكن في ذلك فسادي فامهلوني
قليلا فوالله لقد جاءكم من يحزنكم ويعذبكم ويعذبه
الله بكم إن من ذل الاسلام وهلاك الدين ان ابن أبي سفيان
يدعو الأراذل والأشرار فيجيبون وأنا أدعوكم وأنتم لا تصلحون
فتراعون هذا بسر قد صار إلى اليمن وقبلها إلى مكة والمدينة
281 / 61 ومن خطبه عليه السلام
تاريخ اليعقوبي ص 149 قال وخطب عليه السلام فتلا قول الله عز وجل إنا نحن نحيي
الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شئ أحصيناه في
إمام مبين ثم قال إن هذا الامر ينزل من السماء كقطر المطر
إلى كل نفس بما كتب الله لها من نقصان في نفس أو أهل
أو مال فمن أصابه نقص في أهله وماله ورأى عند أخيه
254

عفوه فلا يكونن ذلك عليه فتنة فإن المرء المسلم مالم
يأت دنياه يخشع لها وتذله إذا ذكرت وتعزى به لئام الناس
كالياسر الفالج الذي ينتظر أول فرزه من قداحه يوجب له
المغنم ويدفع عنه المغرم كذلك المرء البري من الخيانة والكذب
يترقب كل يوم وليلة إحدى الحسنيين إما داعي الله فما
عند الله خير له واما فتحا من الله فإذا هو ذو أهل ومال
ومعه حسبه ودينه المال والبنون حرب الدنيا والعمل
الصالح حزب الآخرة وقد يجمعهما الله لاقوام
282 / 62 ومن كلامه عليه السلام
كتاب الوافي للمحدث الكاشاني (ره) الجزء الأول في باب البدع والرأي والمقائيس ص 56 عن الكافي
محمد عن بعض أصحابه وعلي عن الاثنين عن أبي عبد الله عليه السلام وعلى عن أبيه عن السراد رفعه
عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال
إن من أبغض الخلق إلى الله تعالى لرجلين رجل وكله الله تعالى إلى
نفسه فهو جائر عن قصد السبيل مشعوف بكلام بدعة قد لهج
بالصوم والصلاة فهو فتنة لمن افتتن به ضال عن هدى من كان
255

قبله مضل لمن اقتدى به في حياته وبعد موته حمال خطايا غيره رهن
بخطيئته ورجل قمش ج هلا في جهال الناس غان باغباش الفتنة
قد سماه أشباه الناس عالما ولم يغن يوما سالما بكر فاستكثر ما
قل منه خير مما كثر حتى إذا ارتوى من أجن وأكثر من غير طائل جلس
بين الناس قاضيا ضامنا لتخليص ما التبس على غيره وان خالف قاضيا
سبقه لم يأمن أن ينقض حكمه من يأتي بعده كفعله بمن كان قبله
وان نزلت به إحدى المبهمات المعضلات هيا لها حشوا من
رأيه ثم قطع به فهو من لبس الشبهات في مثل غزل العنكبوت لا
يدرى أصاب أم أخطأ لا يحسب العلم في شئ مما أنكر ولا يرى
أن وراء ما بلغ فيه مذهبا ان قاس شيئا بشئ لم يكذب نظره
وان أظلم عليه أمر اكتتم به ما يعلم من جهل نفسه يكن الصواب
لكيلا يقال له لا يعلم ثم يجسر فقضى فهو مفاتيح عشوات ركاب
شهوات (شبهات خ ل) خباط جهالات لا يعتذر مما لا يعلم فيسلم
256

ولا يعض في العلم بضرس قاطع فيغنم يذري الروايات ذروا الريح
الهشيم تبكى منه المواريث وتصرخ منه الدماء يستحل بقضائه
الفرج الحرام ويحرم بقضائه الفرج الحلال ولا ملئ باصدار ما
عليه ورد ولا هو أهل لما منه فرط من ادعائه علم الحق
283 / 63 ومن خطبه عليه السلام
الوافي عن الكافي في باب الغيبة من الجزء الثاني ص 98 قال علي بن محمد عن سهل عن السراد عن الشحام
عن هشام ومحمد عن أحمد عن السراد عن هشام بن سالم عن أبي حمزة عن أبي إسحاق قال حدثني
الثقة من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام يقول في خطبة له
اللهم وإني لاعلم أن العلم لا يأزر كله ولا ينقطع مواده وانك
لا تخلى أرضك من حجة لك على خلقك ظاهر ليس بالمطاع أو
خائف مغمود كيلا تبطل حججك ولا يضل أولياءك بعد إذ هديتهم
بل أين هم وكم أولئك الأقلون عددا والأعظمون عند الله جل
ذكره قدر المتبعون لقادة الدين الأئمة الهادين الذين يتأدبون
بآدابهم وينهجون نهجهم فعند ذلك يهجم بهم العلم على حقيقة
الايمان فتستجيب أرواحهم لقادة العلم ويستلينون من حديثهم
257

ما استوعر على غيرهم بما استوحش منه المكذبون وأباه المسرفون
أولئك اتباع العلماء صحبوا أهل الدنيا بطاعة الله تبارك و
تعالى وأوليائه دانوا بالتقية عن دينهم والخوف من عدوهم
فأرواحهم معلقة بالمحل الاعلى لعلمائهم واتباعهم
خرس صمت في دولة الباطل ينتظرون لدولة الحق وسيحق
الله الحق بكلماته ويمحق الباطل هاه هاه طوبى لهم على
صبرهم على دينهم في حال هدنتهم ويا شوقاه إلى رؤيتهم
في حال ظهور دولتهم وسيجمعنا الله وإياهم في جنات
عدن ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم
284 / 64 ومن كلامه عليه السلام
الوافي عن الكافي في الجزء الثالث منه في باب محاسبة النفس ومحافظة الوقت ص 63 قال علي عن
أبيه والعدة عن سهل جميعا عن السراد عن ابن رئاب عن الثمالي عن علي بن الحسين عليهما السلام
قال كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول
انما الهر ثلاثة أيام أنت فيما بينهن مضى أمس بما فيه فلا
يرجع أبدا فإن كنت عملت فيه خيرا لم تحزن لذهابه وفرحت
258

بما أسلفته منه وان تكن قد فرطت فحسرتك شديدة لذهابه
وتفريطك وأنت في يومك الذي أصبحت فيه من غد في غزة ولا
تدري لعلك لا تبلغه وإن بلغته لعل حظك فيه في التفريط
مثل حظك في الأمس الماضي عنك فيوم من الثلاثة قد مضى أنت
فيه مفرط ويوم تنتظره لست أنت منه على يقين من ترك التفريط وانما
هو يومك الذي أصبحت فيه وقد ينبغي لك إن عقلت وفكرت فيما
فرطت في الأمس الماضي مما فات فيه من حسنات ألا تكون اكتسبتها
ومن سيئات الا تكون أقصرت عنها فأنت مع هذا مع استقبال غد
على غير ثقة من أن تبلغه وعلى غير يقين من اكتساب حسنة أو
مر تدع عن سيئة محبطة وأنت من يومك الذي تستقبل على مثل
يومك الذي استدبرت فاعمل عمل رجل ليس يأمل من الأيام إلا يومه
الذي أصبح فيه وليلته فاعمل أودع والله تعالى المعين على ذلك
285 / 65 ومن كلامه عليه السلام
259

كتاب المناقب تأليف المولى الهمام محمد بن علي بن شهرآشوب السروي المازندراني المتوفى
سنة 588 الهجرية القمرية المطبوع بالحجز في طهران في الجزء الثالث من المجلد الأول ص 512 قال سئل
عنه عليه السلام كيف أصبحت فقال أصبحت وأنا الصديق الأول و
الفاروق الأعظم وأنا وصي خير البشر وأنا الأول وأنا
الاخر وأن الباطن وأنا الظاهر وأنا بكل شئ عليم وأنا عين
الله وأنا جنب الله وأنا أمين الله على المرسلين بنا عبد الله
ونحن خزان الله في أرضه وسمائه وأنا أحيي وأميت وأنا
حي لا أموت فتعجب الأعرابي من قوله فقال عليه السلام أنا الأول أول
من آمن برسول الله صلى الله عليه وآله وأنا الاخر اخر
من نظر فيه لما كان في لحده وأنا الظاهر ظاهر (فظاهر خ ل) الاسلام
وأنا الباطن بطين من العلم وأنا بكل شئ عليم فإني عليم بكل
شئ أخبره الله بنبيه فأخبرني به فأما عين الله فأنا عينه على
المؤمنين والكفرة وأما جنب الله فان تقول نفس يا حسرتاه على
ما فرطت في جنب الله ومن فرط في فقد فرط في الله ولم يجز
260

لنبي نبوة حتى يأخذ خاتما من محمد فلذلك سمي خاتم النبيين
محمد سيد النبيين فأنا سيد الوصيين وأما خزان الله في
أرضه فقد علمنا ما علمنا رسول الله صلى الله عليه وآله
بقول صادق وأنا أحيي أحيي سنة رسول الله وأنا أميت أميت
البدعة وأنا حي لا أموت لقوله تعالى ولا تحسبن الذين
قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون
286 / 66 ومن كلامه عليه السلام
المناقب في المجلد والجزء والصفحة عن كتاب أبي بكر الشيرازي ان أمير المؤمنين عليه
السلام خطب في جامع البصرة فقال فيها معاشر المسلمين إن الله عز
وجل اثنى على نفسه فقال هو الأول والاخر يعني قبل كل
والاخر يعني بعد كل شئ والظاهر على كل شئ والباطن
لكل شئ سواء علمه عليه سلوني قبل أن تفقدوني فأنا الأول وأنا الاخر إلى آخر كلامه فبكى أهل البصرة كلهم وصلوا عليه
287 / 67 ومن كلامه عليه السلام
261

المناقب في المجلد والجزء ص 513 قال وقال عليه السلام أنا دحوت أرضها و
أنشأت جبالها وفجرت عيونها وشققت أنهارها وغرست
أشجارها وأطعمت ثمارها وأنشأت سحابها وأسمعت رعدها
ونورت برقها وأضحيت شمسها واطلعت قمرها وأنزلت قطرها
ونصبت نجومها وأنا البحر القمقام الزاخر وسكنت أطوادها
وأنشأت جواري الفلك فيها وأشرقت شمسها وأنا جنب الله
وكلمته وقلب الله وبابه الذي يؤتى منه ادخلوا الباب سجدا
اغفر لكم خطاياكم وأزيد المحسنين وبي وعلى يدي تقوم
الساعة وفي يرتاب المبطلون وأنا الأول والاخر والظاهر
والباطن وأنا بكل شئ عليم قال شرح ذلك عن الباقر عليه السلام أنا دحوت أرضها
يقول أنا وذريتي الأرض التي يسكن إليها وأما أنا أرسيت جبالها يعني الأئمة ذريتي هم الجبال
الرواكد التي لا تقوم الا بهم وفجرت عيونها يعني العلم الذي ثبت في قلبه وجرى على لسانه
وشققت أنهارها يعني منه انشعب الذي من تمسك بها نجي وأنا غرست أشجارها يعني
الذرية الطيبة وأطعمت أثمارها يعني أعمالهم الزكية وأنا أنشأت سحابها يعني ظل من
استظل ببنائها وأنا أنزلت قطرها يعني حياة ورحمة وأنا أسمعت رعدها يعني لما
يسمع من الحكمة ونورت برقها يعني بنا استنارت البلاد وأضحيت شمسها يعني القائم
262

منا نور على نور ساطع واطلعت قمرها يعني المهدي من ذريتي وأنا نصبت نجومها
يهتدي بنا ويستضاء بنورنا وأنا البحر القمقام الزاخر يعني أنا إمام الأمة وعالم العلماء
وحكم الحكماء وقائد القايدة يفيض علمي ثم يعود إلى كما أن البحر يفيض ماءه على ظهر الأرض
ثم يعود إليه بإذن الله وأنا أنشأت جواري الفلك فيها يقول اعلام الخير وأئمة الهدى
مني وسكنت أطوادها يقول فقأت عين الفتنة واقتل أصول الضلالة وأنا جنب الله
وكلمته وأنا قلب الله يعني أنا سراج علم الله وأنا باب الله من توجه بي إلى الله غفر له
وقوله بي وعلى يدي تقوم الساعة يعني الرجعة قبل القيمة ينصر الله في ذريتي المؤمنين وإلى
المقام المشهود (انتهى)
288 / 68 ومن كلامه عليه السلام
كتاب المحتضر (بالحاء المهملة والتاء والضاد المعجمة والراء المهملة) تأليف الشيخ الجليل العدل النبيل حسن
بن سليمان الحلي (ره) تلميذ شيخنا الشهيد الأول (ره) وهو من علماء أوائل القرن التاسع - المطبوع في النجف
الأشرف سنة 1370 الهجرية القمرية ص 10 قال قول مولانا أمير المؤمنين عليه السلام رب عالم قتله
جهله وعلمه معه لا ينفعه فهو عالم عند عامة الناس قد
اتفقوا عليه بالعلم وهو عند الله وعند رسوله وعند أهل
بيته صلوات الله عليهم قد قتله جهله لأنه لم يأخذ علمه
عن الباب الذي فتحه الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم
وأمتنا به على الخلق وأذنا لهم بالدخول منه إلى خزانة العلم
ومدينة الحكمة التي فيها حياة كل ميت وغنى كل فقير وعز
كل ذليل وبصر كل أعمى وسمع كل أصم بل أخذ علمه عن أفواه الرجال
263

289 / 69 ومن كلامه عليه السلام
المحتضر ص 18 قال روى الصدوق محمد بن بابويه باسناده عن الصادق عن أبيه عن جده
عليهم السلام إن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال
لا ينام المسلم وهو جنب ولا ينام إلا على طهور فإن لم يجد
الماء فليتيمم بالصعيد فان روح المؤمن ترفع إلى الله تبارك
وتعالى فيقبلها ويبارك عليها فإن كان أجلها قد حضر جعلها
في مكنون رحمته وإن لم يكن أجلها قد حضر بعث بها مع أمنائه
من ملائكته فيردها في جسدها 290 / 70 ومن كلامه عليه السلام
المحتضر ص 54 عن حذيفة اليمان أنه قال دخلت على أمير المؤمنين عليه السلام لا هنا بقتله
(أي الثاني) ورجوعه إلى دار الانتقام فقال لي
يا حذيفة أتذكر اليوم الذي دخلت فيه على رسول الله صلى الله
عليه وآله وأنا وسبطاه نأكل معه فدلك على فضل ذلك
اليوم الذي دخلت عليه فيه قلت بلى يا أخا رسول الله فقال
هو والله هذا اليوم الذي أقر الله به عين آل الرسول وإني لأعرف
لهذا اليوم سبعين اسما قال حذيفة فقلت يا أمير المؤمنين أحب أن تسمعني أسماء هذا
اليوم فقال عليه السلام هذا يوم الاستراحة ويوم تنفيس الكربة ويوم العيد
264

الثاني ويوم حط الأوزار ويوم الخيرة ويوم رفع القلم ويوم الهدو
ويوم العافية ويوم البركة ويوم الثار ويوم عيد الله الأكبر و
يوم إجابة الدعاء ويوم الموقف الأعظم ويوم التوافي ويوم الشرط
ويوم نزع السواد ويوم ندامة الظالم ويوم انكسار الشوكة ويوم
نفي الهموم ويوم القنوع ويوم عرض القدرة ويوم التصفح و
يوم فرح الشيعة ويوم التوبة ويوم الإنابة ويوم الزكاة العظمى
ويوم الفطر الثاني ويوم سيل الشعاب ويوم تجرع الدقيق ويوم الرضا
ويوم عيد أهل البيت ويوم ظفر بني إسرائيل ويوم قبول الأعمال و
يوم تقديم الصدقة ويوم الزيارة ويوم قتل النفاق ويوم الوقت المعلوم
ويوم سرور أهل البيت ويوم الشهود ويوم القهر للعدو ويوم هدم
الضلالة ويوم التنبيه ويوم التصريد ويوم الشهادة ويوم التجاوز
عن المؤمنين ويوم الزهرة ويوم التعريف ويوم الاستطابة ويوم
الذهاب ويوم التشديد ويوم ابتهاج المؤمن ويوم المباهلة و
265

يوم المفاخرة ويوم قبول الأعمال ويوم التبجيل ويوم إذاعة
السر ويوم النصرة ويوم زيادة الفتح ويوم التورد ويوم
المفاكهة ويوم الوصول ويوم التذكية ويوم كشف البدع و
ويوم الزهد ويوم الورع ويوم الموعظة ويوم العيادة ويوم
الاستسلام ويوم السلم ويوم النحر ويوم البقر قال حذيفة فقمت
من عنده وقلت في نفسي لو لم أدرك من أفعال الخير وما أرجو به الثواب الأفضل هذا
اليوم لكان مناي
291 / 71 ومن كلامه عليه السلام
المختصر أيضا للحسن بن سليمان تلميذ الشهيد الأول (ره) وضبطه بالحاء المعجمة والتاء المنقوطة والصاد
المهملة والراء المهملة وهو مختصر كتاب بصائر الدرجات لسعد بن عبد الله القمي رضي الله عنه المطبوع
في النجف الأشرف سنة (1370) الهجرية القمرية ص 30 عن الحسن بن يوسف بن مطهر (العلامة الحلي [ره])
عن أبيه عن السيد فخار بن معد الموسوي عن شاذان بن جبرئيل عن العماد الطبري عن أبي
علي ابن الشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي عن أبيه عن محمد بن محمد بن النعمان المفيد عن محمد بن
علي بن بابويه قال حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق قال حدثنا عبد العزيز بن يحيى الجلودي بالبصرة
قال حدثنا الحسن بن معاذ قال حدثنا قيس بن حفص قال حدثنا يونس بن أرقم عن أبي سيار
الشيباني عن الضحاك بن مزاحم عن النزال بن سبرة قال خطبنا علي بن أبي طالب صلوات الله
عليه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال
أيها الناس سلوني قبل أن تفقدوني قالها ثلاثا فقام إليه صعصعة بن
صوحان فقال يا أمير المؤمنين متى يخرج الدجال فقال له عليه السلام اقعد سمع الله
كلامك وعلم ما أردت والله ما المسؤول عنه بأعلم من السائل
266

ولكن لذلك علامات وامارات وهنات يثبع بعضها بعضا كحذو
النعل بالنعل فإن شئت أنبأتك بها فقال نعم يا أمير المؤمنين فقال علي عليه السلام
احفظ فإن علامة ذلك إذا أمات الناس الصلاة وأضاعوا الأمانة
واستحلوا الكذب وأكلوا الربا وأخذوا الرشا وسيدوا البنيان
وباعوا الدين بالدنيا واستعملوا السفهاء وشاوروا النساء و
قطعوا الأرحام واتبعوا الأهواء واستخفوا بالدماء وكان العلم
ضعيفا والظلم فخرا وكانت الامراء فجرة والوزراء ظلمة والعرفاء
خونة والقراء فسقة وظهرت شهادة الزور واستعلن الفجور و
قول البهتان والاثم والطغيان وحليت المصاحف وزخرفت المساجد
وطولت المنابر وأكرم الأشرار وازدحمت الصفوف واختلفت
القلوب ونقضت العهود واقترب الموعود وشاركت النساء
أزواجهن في التجارة حرصا على الدنيا وعلت أصوات الفساق و
استمع منهم وكان زعيم القوم أرزلهم واتقى الفاجر مخافة شره
267

وصدق الكاذب وائتمن الخائن واتخذت القينات والمعارف و
لعن اخر هذه الأمة أولها وركبت ذوات الفروج السروج وتشبه
النساء قضاءا بالرجال والرجال بالنساء وشهد الشاهد من
غير أن يستشهد وشهد الاخر لذمام بغير حق عرفه وتفقه
لغير الدين وآثروا عمل الدنيا على عمل الآخرة ولبسوا جلود
الضئان على قلوب الذئاب وقلوبهم أنتن من الجيفة وأمر
من الصبر فعند ذلك الوحا الوحا العجل العجل خير المساكن يومئذ
بيت المقدس ليأتين على الناس زمان يتمنى أحدهم إنه من
سكانه فقام إليه الأصبغ بن نباته فقال يا أمير المؤمنين من الدجال فقال ألا
إن الدجال صابد بن الصيد فالشقي من صدقه والسعيد من
كذبه يخرج من بلدة يقال لها أصفهان من قرية تعرف باليهودية
عينه اليمنى ممسوحة والاخرى في جبهته تضئ كأنها كوكب الصبح
فيها علقه كأنها ممزوجة بالدم بين عينيه مكتوب كافر يقرأه كل
268

كاتب وأمي يخوض البحار وتسير معه الشمس بين يديه جبل من
دخان وخلفه جبل أبيض يرى الناس انه طعام يخرج حين
يخرج في قحط شديد تحته حمار أقمر خطوة حماره ميل تطوى له
الأرض منهلا منهلا لا يمر بماء الا غار إلى يوم القيمة ينادي
بأعلى صوته يسمع ما بين الخافقين من الجن والإنس والشياطين
يقول إلي أوليائي أنا الذي خلق فسوى وقدر فهدى أنا ربكم
الاعلى وكذب عدو الله انه أعور يطعم الطعام يمشى في الأسواق
وان ربكم عز وجل ليس بأعور ولا يطعم ولا يمشي في الأسواق و
لا يزول الا وان أكثر اتباعه يومئذ أولاد الزنا وأصحاب الطيالسة
الخضر يقتله الله عز وجل بالشام على عقبة تعرف بعقبة أفيق
لثلاث ساعات من يوم الجمعة على يدي من يصلي المسيح عيسى بن
مريم عليه السلام خلفه ألا إن بعد ذلك الطامة الكبرى قلنا
وما ذاك يا أمير المؤمنين قال خروج دابة عند الصفا معها خاتم سليمان
269

وعصا موسى عليه السلام تضع الخاتم على وجه كل مؤمن فينطبع
فيه هذا مؤمن حقا وتضعه على وجه كل كافر فيكتب فيه هذا
كافر حقا حتى أن المؤمن ينادي الويل لك يا كافر وان الكافر
ينادي طوبى لك يا مؤمن وددت اليوم أني مثلك فأفوز فوزا
عظيما فترفع الدابة رأسها فيراها من بين الخافقين بإذن الله
عز وجل وذلك بعد طلوع الشمس من مغربها فعند ذلك ترفع
التوبة فلا توبة تقبل ولا عمل يرفع ولا ينفع نفسا ايمانها لم تكن
امنت من قبل أو كسبت في ايمانها خيرا ثم قال عليه السلام لا تسئلوني
عما يكون بعد هذا فإنه عهد لي حبيبي عليه السلام ألا أخبر
به غير عترتي ثم قال النزال بن سبرة فقلت لصعصعة بن صوحان يا صعصعة ما عنى
أمير المؤمنين عليه السلام بهذا القول فقال صعصعة يا ابن سبرة ان الذي يصلى خلفه
عيسى بن مريم عليه السلام هو الثاني عشر من العشرة التاسع من ولد الحسين بن علي عليه السلام
وهو الشمس الطالعة من مغربها يظهر بين الركن والمقام فيطهر الأرض ويضع ميزان العدل
فلا يظلم أحدا أحدا فأخبر أمير المؤمنين عليه السلام أن حبيبه رسول الله صلى الله عليه وآله عهد
إليه أن لا يخبر بما يكون بعد ذلك غير عترته الأئمة عليهم السلام
292 / 72 ومن كلامه عليه السلام
270

كتاب الصواعق المحرقة تأليف شهاب الدين أحمد بن حجر الهيتمي نزيل مكة المشرفة المطبوع
بمطبعة الممنية بمصر في شهر رمضان (1307) الهجرية القمرية ص 94 قال أخرجه صاحب مطالب
العالية عن علي (عليه السلام) قال إنه (يعني عليا) مر على جمع فأسرعوا إليه قياما فقال
من القوم فقالوا من شيعتك يا أمير المؤمنين فقال لهم خيرا ثم قال يا هؤلاء ومالي لا أرى
فيكم سمة شيعتنا وحلية أحبتنا فامسكوا حياء فقال له من معه نسئلك بالذي أكرمكم
أهل البيت وخصكم وحباكم لما أنبائنا بصفة شيعتكم فقال (عليه السلام)
شيعتنا هم العارفون بالله العاملون بأمر الله أهل الفضائل
الناطقون بالصواب مأكولهم القوت وملبوسهم الاقتصاد
ومشيهم التواضع نجعوا الله بطاعته وخضعوا إليه بعبادته
مضوا غاضين أبصارهم عما حرم الله عليهم رامقين أسماعهم
على العلم بربهم نزلت أنفسهم منهم في البلاء كالتي نزلت
منهم في الرخاء رضوا عن الله تعالى بالقضاء فلولا الآجال
التي كتب الله تعالى لهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم
طرفة عين شوقا إلى لقاء الله والثواب وخوفا من أليم العقاب
عظم الخالق في أنفسهم وصغر ما دونه في أعينهم فهم والجنة
كمن رأها فهم على أرائكها متكئون وهم والنار كمن رآها فهم
271

فيها معذبون صبروا أياما قليلة فأعقبهم راحة طويلة
أرادتهم الدنيا فلم يريدوها وطلبتهم فأعجزوها أما الليل
فصافون أقدامهم تألون لاجزاء القرآن ترتيلا يعظون
أنفسهم بأمثاله ويستشفون لدائهم بدوائه تارة وتارة
يفترشون جباههم واكفهم وركبهم واطراف أقدامهم
تجري دموعهم على خدودهم يمجدون جبارا عظيما و
يجارون إليه في فكاك رقابهم هذا ليلهم فأما نهارهم
فحكماء بررة علماء أتقياء براهم خوف باريهم فهم كالقداح
تحسبهم مرضى أو قد خولطوا وما هم بذلك بل خامرهم من
عظمة ربهم وشدة سلطانه ما طاشت لهم قلوبهم و
ذهلت منه عقولهم فإذا اشفقوا من ذلك بادروا إلى
الله تعالى بالاعمال الزاكية لا يرضون له بالقليل ولا
يستكثرون له الجزيل فهم لأنفسهم متهمون ومن أعمالهم
272

مشفقون ترى لأحدهم قوة في دين وحزما في لين وايمانا
في يقين وحرصا على علم وفهما في فقه وعلما في حلم و
كيسا في قصد وقصدا في غنى وتجملا في فاقة وصبرا في شفقة
وخشوعا في عبادة ورحمة لمجهود واعطاء في حق ورفقا
في كسب وطلبا في حلال ونشاطا في هدى واعتصاما
في شهوة لا يغره ما جهله ولا يدع احصاء ما عمله يستبطئ
نفسه في العمل وهو من صالح عمله على وجل يصبح وشغله الذكر
ويمسى وهمه الشكر يبيت حذرا من سنة الغفلة ويصبح فرحا
بما أصاب من الفضل والرحمة ورغبته فيما يبقى وزهادته
فيما يفنى قد قرن العلم بالعمل والعلم بالحلم دائما نشاطه بعيدا
كسله قريبا أمله قليلا زلله متوقعا أجله عاشقا قلبه شاكرا
ربه قانعا نفسه محرزا دينه كاظما غيظه أمنا منه جاره
سهلا أمره معدوما كبره بينا صبره كثيرا ذكره لا يعمل شيئا
273

من الخير رياء ولا يتركه حياء أولئك شيعتنا وأحبتنا ومنا و
معنا ألا هؤلاء شوقا إليهم فصاح بعض من معه وهو همام بن
عباد من خيثم وكان من المتعبدين صيحة فوقع مغشيا عليه فحركوه
فإذا هو فارق الدنيا فغسل وصلى عليه أمير المؤمنين ومن معه
293 / 73 ومن كلامه عليه السلام
كتاب تحف العقول للعالم الجليل الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة من الاعلام الفرقة الناجية الامامية
في القرن الرابع المطبوع في تهران سنة 1376 في المطبع الحيدري ص 188 قال أتاه رجل فقال له أنا أناسا
يزعمون أن العبد لا يزنى وهو مؤمن فقد كبر هذا علي وحرج منه صدري حتى أزعم أن هذا
العبد الذي يصلى ويواري وأواريه أخرجه من الايمان من أجب ذنب يسير أصابه فقال
صدقك أخوك إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول
خلق الله الخلق على ثلاث طبقات فأنزلهم ثلاث منازل فذلك
قوله فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشئمة ما
أصحاب المشئمة والسابقون السابقون أولئك المقربون فأما
ما ذكره الله عز وجل من السابقين السابقين فإنهم أنبياء
مرسلون وغير مرسلين جعل الله فيهم خمسة أرواح روح
274

القدس وروح الايمان وروح القوة وروح الشهوة وروح
البدن فبروح القدس بعثوا أنبياء ومرسلين وبروح الايمان
عبدوا الله ولم يشركوا به شيئا وبروح القوة جاهدوا عدوهم
وعالجوا معائشهم وبروح الشهوة أصابوا لذيذ المطعم والمشرب
ونكحوا الحلال من النساء وبروح البدن دبوا ودرجوا فهؤلاء
مغفور لهم مصفوح عن ذنبهم ثم قال تلك الرسل فضلنا
بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات و
آتينا عيسى بن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ثم قال في
جماعتهم وأيدهم بروح منه يقول أكرمهم بها وفضلهم على
سواهم فهؤلاء مغفور لهم ثم ذكر أصحاب الميمنة وهم المؤمنون
حقا بأعيانهم فجعل فيهم أربعة أرواح روح الايمان وروح القوة
وروح الشهوة وروح البدن فلا يزال العبد مستكملا هذه الأرواح
الأربعة حتى تأتى عليه حالات فقال وما هذه الحالات فقال علي عليه السلام
275

أما أولهن فما قال الله ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم
من بعد علم شيئا فهذا تنقص منه جميع الأرواح وليس بالذي
يخرج من الايمان لان الله الفاعل به ذلك وراده إلى أرذل
العمر فهو لا يعرف للصلاة وقتا ولا يستطيع التهجد بالليل ولا
الصيام بالنهار فهذا نقصان من روح الايمان وليس بضاره
شيئا إن شاء الله وتنقص منه روح الشهوة فلو مرت به أصبح
بنات آدم ما حن إليها وتبقى فيه روح البدن فهو يدب بها
ويدرج حتى يأتيه الموت فهذا بحال خير الله الفاعل به
ذلك وقد تأتي عليه ح آلات في قوته وشبابه يهم بالخطيئة
فتشجعه روح القوة وتزين له روح الشهوة وتقوده روح البدن
حتى توقعه في الخطيئة فإذا لامسها تفصى من الايمان و
تفصى الايمان منه فليس بعائد أبدا أو يتوب فإن تاب وعرف
الولاية تاب الله عليه وإن عاد فهو تارك للولاية أدخله الله
276

نار جهنم وأما أصحاب المشئمة فهم اليهود والنصارى يقول
سبحانه الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه يعني محمدا والولاية
في التورية والإنجيل كما يعرفون أبناءهم في منازلهم وإن
فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون الحق من ربك فلا نكونن
من الممترين فلما جحدوا ما عرفوا ابتلاهم الله بذلك فسلبهم
روح الايمان واسكن أبدانهم ثلاثة أرواح روح القوة وروح
الشهوة وروح البدن ثم أضافهم إلى الانعام فقال إن هم إلا
كالانعام لان الدابة تحمل بروح القوة وتعتلف بروح الشهوة
وتسير بروح البدن (قال السائل أحييت قلبي)
294 / 74 ومن كلامه عليه السلام
كتاب جمهرة خطب العرب تأليف أحمد زكي صفوت أستاد اللغة العربية بدار العلوم مصر الطبعة
الأولى في سنة (1352) الهجرية القمرية ص 149 قال أدب الإمام علي وكرم خلقه - خرج حجر بن
عدي وعمرو بن الحمق يظهران البراءة من أهل الشام فأرسل علي عليه السلام إليهما ان كفا عما يبلغني
عنكما فأتياه فقالا يا أمير المؤمنين ألسنا محقين قال بلى قالا أوليسوا مبطلين قال بلى قالا فلم منعتنا
لمن شتمهم قال
كرهت لكم أن تكونوا لعانين شتامين تشتمون وتبرؤون ولكن
277

لو وصفتم مساوى أعمالهم فقلتم من سيرتهم كذا وكذا ومن أعمالهم
كذا وكذا كان أصوب في القول وأبلغ في العذر وقلتم مكان لعنكم
إياهم وبرائتكم منهم اللهم أحقن دمائهم ودماءنا وأصلح
ذات بينهم وبيننا واهدهم من ضلالتهم حتى يعرف الحق منهم
من جهله ويرعوي عن الغي والعدوان منهم من لهج به لكان أحب
إلي وخيرا لكم
295 / 75 ومن كلامه عليه السلام
الجمهرة ص 174 عن تاريخ الطبري قال ومر باسل راية فرءاهم لا يزولون عن موقفهم فحرض عليهم
الناس وذكر انهم غسان فقال إن هؤلاء لن يزولوا عن موقفهم دون
طعن دراك يخرج منهم النسم وضرب يفلق منهم الهام ويطيح
العظام وتسقط منه المعاصم والاكف وحتى يصدع جباهم
بعمد الحديد وتنتشر حواجبهم على الصدور
296 / 76 ومن خطبه عليه السلام
رواها الصدوق (ره) في كتابيه التوحيد المطبوع بمبئي ص 51 والعيون المطبوع بطهران سنة 1317 ه‍ ق
ص 68 قال حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال حدثنا أبو سعيد
الحسن بن علي العدوي قال حدثنا الهيثم بن عبد الله الرماني قال حدثني علي بن موسى الرضا عن
أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن
278

علي عليهم السلام قال خطب علي عليه السلام في مسجد الكوفة فقال الحمد لله الذي
لا من شئ كان ولا من شئ كون ما قد كان المستشهد بحدوث
الأشياء على أزليته وبما وسمها به من العجز عن قدرته
وبما اضطرها إليه من الفناء على دوامه لم يخل منه مكان
فيدرك بانية ولا له شبح مثال فيوصف بكيفية ولم يغب
عن شئ فيعلم بحيثية مباين لجميع ما أحدث في الصفات وممتنع
عن الادراك بما ابتدع من تصريف الذوات وخارج بالكبرياء
والعظمة من جميع تصرف الحالات محرم على بوارع ثاقبات
الفطن تحديده وعلى عوامق نافذات الفكر تكييفه وعلى غوايص
سابحات النظر تصويره لا تحويه الأماكن لعظمته ولا تدركه
المقادير لجلاله ولا تقطعه المقاييس لكبريائه ممتنع عن الأوهام
أن تكتنهه وعن الافهام أن تستعرفه وعن الأذهان أن تمثله و
قد يئست من استنباط الإحاطة به طوامح العقول ونضبت عن
279

الإشارة إليه بالاكتناه بحار العلوم ورجعت بالصغر عن
السمو إلى وصف قدرته لطائف الخصوم واحد لا من عدد
ودائم لا بامد وقائم لا بعمد ليس بجنس فتعاد له الأجناس
ولا بشبح فتضارعه الأشباح ولا كالأشياء فتقع عليه الصفات
قد ضلت العقول في أمواج تيار ادراكه وتحيرت الأوهام عن
إحاطة ذكر أزليته وحصرت الافهام عن استشعار وصف
قدرته وغرقت الأذهان في لجج أفلاك ملكوته مقتدر بالألآء
وممتنع بالكبرياء ومتملك على الأشياء فلا دهر يخلقه ولا
زمان يبليه ولا وصف يحيط به وقد خضعت له الرقاب الصعاب
في محل تخوم قرارها وإذ عنت له رواصن الأسباب في منتهى
شواهق أقطارها مستشهد بكلية الأجناس على ربوبيته و
بعجزها على قدرته وبفطورها على قدمته وبزوالها على بقائه
فلا لها محيص عن ادراكه إياها ولا خروج من احاطته بها ولا
280

احتجاب عن احصائه لها ولا امتناع من قدرته عليها كفى باتقان
الصنع لها آية وبمركب الطبع عليها دلالة وبحدوث الفطر عليها قدمة
وباحكام الصنعة لها عبرة فلا إليه حد منسوب ولا له مثل
مضروب ولا شئ عنه محجوب تعالى عن ضرب الأمثال والصفات
المخلوقة علوا كبيرا وأشهد أن لا إله إلا الله ايمانا بربوبيته
وخلافا على من أنكره وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المقر في
خير مستقر المتناسخ من أكارم الأصلاب ومطهرات الأرحام المخرج
من أكرم المعادن محتدا وأفضل المنابت منبتا من أمنع ذروة
وأعز أرومة (جرثومة خ ل) من الشجرة التي صاغ الله منها أنبياءه
وانتجب منها أمنائه الطيبة العود المعتدلة العمود الباسقة
الفروع الناضرة الغصون اليانعة الثمار الكريمة الجنا في كرم غرست
وفي حرم أنبتت وتشعبت وأثمرت وعزت وامتنعت فسمت به وشمخت
حتى أكرمه الله عز وجل بالروح الأمين والنور المبين والكتاب
281

المستبين وسخر له البراق وصافحته الملائكة وأرعب به الأبالسة
وهدم به الأصنام والألهة المعبودة دونه سنته الرشد وسيرته العدل
وحكمه الحق صدع بما أمره به ربه وبلغ ما حمله حتى أفصح بالتوحيد
دعوته وأظهر في الخلق أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له حتى خلصت
الوحدانية وصفت الربوبية فأظهر الله بالتوحيد حجته وأعلى
بالاسلام درجته واختار الله عز وجل لنبيه ما عنده من الروح و
الدرجة والوسيلة صلى الله عليه وآله الطاهرين
297 / 77 ومن خطبه عليه السلام
ارشاد المفيد ص 124 قال ومن كلامه عليه السلام حين قدم الكوفة من البصرة بعد حمد الله
والثناء عليه أما بعد فالحمد لله الذي نصر وليه وخذل عدوه
وأعز الصادق المحق وأذل الكاذب المبطل عليكم يا أهل هذا
المصر بتقوى الله وطاعة من أطاع الله من أهل بيت نبيكم
الذين هم أولى بطاعتكم من المنتحلين المدعين القائلين إلينا
يتفضلون بفضلنا ويجاحدونا أمرنا وينازعونا حقنا و
282

يدفعونا عنه وقد ذاقوا وبال ما اجترحوا فسوق يلقون غيا
قد قعد عن نصرتي منكم رجال وأنا عليهم عاتب زار
فاهجروهم واسمعوهم ما يكرهون حتى يعتبونا ونرى منهم ما نحب
298 / 78 ومن كلامه عليه السلام
ارشاد المفيد رحمه الله ص 127 قال عليه السلام
معاشر المسلمين إن الله قد دلكم على تجارة ننجيكم من عذاب
أليم وتشفى بكم على الخير العظيم الايمان بالله وبرسوله والجهاد
في سبيله وجعل ثوابه مغفرة الذنب ومساكن طيبة في جنات
عدن ثم أخبركم انه يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم
بنيان مرصوص فقدموا الذراع وأخروا الخاصر وعضوا على
الأضراس فإنه أنبأ للسيوف على الهام والتووا في أطراف الرماح
فإنه أمور للأسنة وغضوا الابصار فإنه أربط للجأش واسكن
للقلوب وأميتوا الأصوات فإنه اطرد للفشل وأولى بالوقار و
أرايتكم فلا تميلوها ولا تخلوها ولا تجعلوها إلا في أيدي شجعانكم
283

فان المانعين للذمار والصابرين على نزول الحقايق أهل
الحفاظ الذين يحفون براياتهم ويكشفونها رحم الله امرء
منكم اسا آخاه بنفسه ولم يكل قرنه إلى أخيه فيجتمع عليه
قرنه وقرن أخيه فيكتسب بذلك لأئمة ويأتي به دنائة
ولا تعرضوا لمقت الله ولا تفروا من الموت فإن الله سبحانه تعالى
يقول قل لن ينفعكم الفرار ان فررتم من الموت أو القتل وإذا
لا تمتعون ا لا قليلا وأيم الله لئن فررتم من سيف العاجلة لا
تسلموا من سيف الآخرة فاستعينوا بالصبر والصلاة والصدق
في النية فإن الله تعالى بعد الصبر ينزل النصر
299 / 79 ومن كلامه عليه السلام
الجزء الثالث من كتاب الكامل لابن الأثير طبع مصر ص 135 قال قام إليه أهل الكوفة فحمد الله
وأثنى عليه ثم قال أما بعد فإنه فإنه من ترك الجهاد في الله وادهن في أمره
كان على شفا هلكة الا أن يتداركه الله بنعمته فاتقوا الله وقاتلوا
من حاد الله ورسوله وحاول أن يطفئ نور الله فقاتلوا الخاطئين
284

الضالين القاسطين الذين ليسوا بقراء القرآن ولا فقهاء الدين و
لا علماء في التأويل ولا لهذا الامر بأهل في سابقة الاسلام والله لو ولوا عليكم لعملوا فيكم بأعمال كسرى وهرقل تيسروا للمسير
إلى عدوكم من أهل المغرب وقد بعثنا إلى اخوانكم من أهل البصرة
ليقدموا عليكم فإذا اجتمعتم شخصنا إن شاء الله ولا حول ولا قوة إلا بالله
300 / 80 ومن كلامه عليه السلام
الجزء الثالث من كتاب الكامل ص 136 قال فجمع إليه رؤوس أهل الكوفة ورؤوس الأسباع
ووجوه الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال يا أهل الكوفة أنتم اخواني و
أنصاري وأعواني على الحق وأصحابي إلى جهاد المحلين بكم أضرب
المدبر وأرجو تمام طاعة المقبل وقد استنفرت أهل البصرة فأتاني
منهم ثلاثة آلاف ومائتان فيكتب لي رئيس كل قبيلة ما في عشيرته
من المقاتلة وأبناء المقاتلة الذين أدركوا القتال وعبدان عشيرته
ومواليهم ويرفع ذلك إلينا
301 / 81 ومن كلامه عليه السلام
285

الجزء الثالث من الكامل ص 137 قال فلما فرغ من أهل النهر حمد الله وأثنى عليه ثم قال
لو سرنا في الساعة التي أمر بها المنجم فظفر (وكان ا لمنجم مسافر بن عفيف
الأزدي) وساق في الكامل الكلام إلى أن قال واتاهم علي عليه السلام فقال أيتها
العصابة التي أخرجها عداوة المراء واللجاجة وصدها عن الحق
الهوى وطمع بها النزق وأصبحت في الخطب العظيم إلى نذير لكم
إن تصبحوا تلعنكم الأمة غدا صرعى بأثناء هذا الوادي وباهضام
هذا الغائط بغير بينة من ربكم ولا برهان مبين ألم تعلموا أني
نهيتكم عن الحكومة ونبأتكم إنها مكيدة وان القوم ليسوا بأصحاب
دين فعصيتموني فلما فعلت شرطت واستوثقت على الحكمين أن يحييا
ما أحيا القرآن ويميتا ما أمات القرآن فاختلفا وخالفا حكم
الكتاب والسنة فنبذنا أمرهما ونحن على الأمر الأول فمن أين
أتيتم فقالوا أنا حكمنا فلما حكمنا أثمنا وكنا بذلك كافرين وقد تبنا فان تبت فنحن
(فانا خ ل) منابذوك على سواء فقال علي عليه السلام ما أصابكم حاصب ولا
286

بقي منكم وابر أبعد ايماني برسول الله صلى الله عليه وآله و
سلم وهجرتي معه وجهادي في سبيل الله أشهد على نفسي بالكفر
لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين، ثم انصرف عنهم
302 / 82 ومن كلامه عليه السلام
كتاب نصر بن مزاحم المنقري التميمي الكوفي المقلب بالعطار قال الشيخ في رجاله هو من أصحاب
الباقر عليه السلام - المطبوع في طهران بالحجر سنة إحدى وثلثمائة بعد الألف الهجرية القمرية ص 3
قال إنه عليه السلام خطبها حين نزوله إلى الكوفة حين قالوا يا أمير المؤمنين أين تنزل أتنزل القصر
فقال لا ولكني أنزل الرحبة فنزلها واقبل حتى دخل المسجد الأعظم فصلى فيه ركعتين ثم صعد
المنبر فحمد ا لله وأثنى عليه وصلى على رسوله وقال أما بعد يا أهل الكوفة فإن لكم
في الاسلام فضلا ما لم تبدلوا وتغيروا دعوتكم إلى الحق فأجبتم و
بدأتم بالمنكر فغيرتم ألا إن فضلكم فيما بينكم وبين الله فإنما في
الاحكام والقسم فأنتم أسوة من أجابكم ودخل فيما دخلتم فيه ألا
إن أخوف ما أخاف عليكم اتباع الهوى وطول الأمل فأما اتباع
الهوى فيصد عن الحق واما طول الأمل فينسى الآخرة ألا إن الدنيا
قد ترحلت مدبرة والآخرة قد ترحلت مقبلة ولكل واحدة منها بنون فكونوا من أبناء
الآخرة اليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل الحمد لله الذي
287

نصر وليه وخذل عدوه وأعز الصادق المحق وأذل الناكث
المبطل عليكم بتقوى الله وطاعة من أطاع الله من أهل بيت
نبيكم الذين هم أولى بطاعتكم فيما أطاعوا الله فيه من المنتحلين
المدعين المقابلين إلينا يتفضلون بفضلنا ويجاحدونا أمرنا
وينازعونا حقنا ويدافعونا عنه فقد ذاقوا وبال ما اجترحوا
فسوف يلقون غيا ألا إنه قد قعد عن نصرتي منكم رجال فأنا
عليهم عاتب زار فاهجروهم واسمعوهم ما يكرهون حتى يعتبوا
ليعرف بذلك حزب الله عند الفرقة
303 / 83 ومن كلامه عليه السلام
في المجلد ا لسابع عشر من كتاب بحار الأنوار للعلامة المجلسي (ره) ص عن كتاب مطالب السئول
لكمال الدين محمد بن طلحة الشافعي قال قال عليه السلام
العالم حديقة سياجها الشريعة والشريعة سلطان يجب
له الطاعة والطاعة سياسة يقوم بها الملك والملك راع
يعضده الجيش والجيش أعوان يكفلهم المال والمال رزق
يجمعه الرعية والرعية سواد يستعبدهم العدل والعدل
288

أساس به قوام العالم وفي نسخة أخرى ثم قال ثالثا فبالعدل قوام العالم
304 / 84 ومن خطبه عليه السلام
المناقب للحافظ أبو المؤيد الموفق بن أحمد بن محمد البكري المكي الحنفي المعروف بأخطب
الخطباء أخطب خوارزم المتولد سنة (484) ه‍ ق والمتوفى سنة (568) من منشورات
المطبعة الحيدرية ومكتبتها في النجف الأشرف سنة (1385) الهجرية القمرية ص 117 في الفصل
الثاني في قتال أهل الجمل قال جمع (عليه السلام من بايعه من الناس فخطبهم فقال عليه السلام
يا أيها الناس إني قد تأنيت هؤلاء القوم وراقبتهم وناشدتهم
كيما يرجعوا ويرتدعوا فلم يفعلوا ولم يستجيبوا وقد بعثوا إلي
أن أصبر للطعان وأثبت للجلاد وقد كنت وما أهدد بالحروب
وما (لا خ ل) ادعى إليها وقد انصف الغارة من راماها ولعمري لئن أبرقوا
وارعدوا فقد عرفوني ورأوا نكايتي أنا أبو الحسن الذي فللت حدهم
وفرقت جماعتهم فبذلك القلب ألقى عدوي وأنا على بينة من
ربي لما وعدني من النصر والظفر وإني لعلى غير شبهة من أمري
الا وإن الموت لا يفوته المقيم ولا يعجزه الهارب ومن لم يقتل يمت
وإن أفضل الموت القتل والذي نفس علي بيده لألف ضربة بالسيف
أهون على من ميتة على الفراش ثم رفع يده إلى السماء وهو يقول
289

اللهم إن طلحة بن عبيد الله أعطاني صفقة يمينه طائعا ثم نكث
بيعتي اللهم فعاجله ولا تمهله اللهم وان الزبير بن العوام قطع
قرابتي ونكث عهدي وظاهر عداوتي ونصب الحرب لي وهو
يعلم أنه لظالم فاكفنيه كيف شئت واني شئت
305 / 85 ومن خطبه عليه السلام
المناقب للخوارزمي أيضا ص 149 قال إن معاوية أرسل إلى علي بن أبي طالب اثنى عشر رجلا
في طلب الماء فأتوا عليا عليه السلام فخرج علي وعليه رداء رسول الله صلى الله عليه
وآله ونصب له كرسي فجلس عليه ثم تكلم من الشاميين حوشب فقال ملكت فاسجح (فاسمح)
وجد علينا بالماء واعف عما سلف من معاوية إلى أن قال ثم إن أمير المؤمنين عليا عليه السلام
حمد الله وأثنى عليه بما هو أهله وصلى على رسوله محمد وآله الطيبين الطاهرين ثم قال معاشر
الناس أنا أخو رسول الله صلى الله عليه وآله ووصيه ووارث
علمه خصني وحباني بوصيته واختارني من بينهم وزوجني ابنته
بعد ما خطبها عدة من أصحابه فلم يزوجهم وانما زوجنيها بأمر
الله تعالى فوهب لي منها ذرية طيبة فمن أعطى مثل ما أعطيت
أنا الذي عمي سيد الشهداء وأخي يطير مع الملائكة في الجنة حيث
يشاء بجناحين مكللين بالدر والياقوت أنا صاحب الدعوات أنا
290

صاحب النقمات أنا صاحب الآيات الحجبات أنا قرن من حديد أنا أبدا
جديد أنا أبو الأرامل واليتامى أنا مبيد الجبارين وكهف المتقين
وسيد الوصيين وأمير المؤمنين وحبل الله المتين والكهف
الحصين والعروة الوثقى التي لا انفصام لها والله سميع عليم
قولوا لمعاوية ليشرب وليسق دوابه لا يمنعه مانع ولا يحول بينه وبين الماء
حائل
306 / 86 ومن كلامه عليه السلام
المناقب له أيضا ص 265 قال عن أحمد بن الحسين هذا أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ
حدثنا أبو محمد القاسم بن غانم بن الحسين أخبرني أبو الجحاف الفروس ابن القرضاب البرني من ولد
عفير صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله قال حدثني عبيد بن الصباح النهدي حدثني زرعة بن
شداد حدثني شجاع بن وداعة صاحب جابر بن عبد الله الأنصاري قال حدثني جابر قال دخلت
على أمير المؤمنين عليه السلام لأعوده من بعض علله فلما نظر إلي قال
يا جابر بن عبد الله قوام الدين بأربعة عالم مستعمل لعلمه وجاهل
لا يستنكف أن يتعلم وغني جواد بمعروفه وفقير لا يبيع آخرته بدنياه
فإذا أعطى العالم علمه استنكف الجاهل أن يتعلم وإذا بخل الغني
بمعروفه باع الفقير آخرته بدنياه وإذا كان كذلك يا جابر بن عبد الله
فالويل كل الويل سبعين مرة يا جابر من كثرت نعم الله عنده كثرت
291

حوائج الناس إليه فإن قام بما أمر الله عرضها للدوام فإن لم يعمل
بما أمر الله بها عرضها للزوال وأنشأ أمير المؤمنين يقول
ما أحسن الدنيا واقبالها * إذا أطاع ا لله من نالها
من لم يواس الناس من فضله * عرض للاقبال ادبارها
فاحذر زوال الفضل يا جابرا * واعط من الدنيا لمن سألها
فان ذا العرش جزيل العطاء * يضعف بالجنة أمثالها
قال جابر ثم هزني إليه هزة خيل لي أن عضدي خرجت من كاهلي قال
يا جابر بن عبد الله حوائج الناس إليكم نعم من الله عليكم فلا
تملوا النعم فتحل بكم النقم واعلموا أن خير المال ما اكتست به حمدا
واعقب اجرا ثم انشاء يقول
لا تخضعن لمخلوق على طمع * فإن ذلك وهن منك في الدين
وسل إلهك مما في خزائنه * فإنما هي بين الكاف والنون
إما ترى كل من ترجو وتأمله * من البرية مسكين بن مسكين
ما أحسن الجود في الدنيا وفي الدين * وأقبح البخل ممن صيغ من طين
292

ثم قال جابر بن عبد الله فهممت أن أقوم فقال وأنا معك يا جابر قال فلبس نعليه و
القى ردائه على منكبيه وطائفة فوق قذاليه فلما ان بلغنا جباته الكوفة سلم على أهل
القبور فسمعت ضجة وهده فقلت يا أمير المؤمنين ما هذه الضجة وما هذه الهدة فقال هؤلاء
اخواننا كانوا بالأمس معنا واليوم فارقونا اخوان لا يتزاورون
وأوداء لا يعادون ثم خلع نعليه وحسر عن رأسه وذراعيه وقال يا جابر بن
عبد الله أعطوا من دنياكم الفانية لاخرتكم الباقية ومن حياتكم
لموتكم ومن صحتكم لسقمكم ومن غناكم لفقركم اليوم في الدور و
غدا في القبور والى الله تصير الأمور ثم أنشأ أمير المؤمنين عليه السلا م يقول
سلام على أهل القبور الدوارس * كأنهم لم يجلسوا في المجالس
ولم يشربوا من بارد الماء شربة * ولم يأكلوا من كل رطب ويابس
307 / 87 ومن خطبه عليه السلام
المناقب للخوارزمي أيضا ص 267 قال عن أحمد بن الحسين هذا أخبرنا أبو الحسين بن وشران حدثنا
علي بن الحسين بن عبد الله عن عبد الله بن صالح بن مسلم العجلي أخبرنا رجل من بني شيبان ان
علي بن أبي طالب عليه السلام خطب فقال الحمد لله أحمده وأستعينه وأومن
به وأتوكل عليه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا
عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليزيح به علتكم و
293

يوقظ به غفلتكم واعلموا انكم ميتون ومبعوثون من بعد الموت و
موقوفون على أعمالكم ومجزيون بها فلا تغرنكم الحياة الدنيا
فإنها دار بالبلاء محفوفة وبالفناء معروفة وبالغدر موصوفة
وكل ما فيها إلى زوال وهي بين أهلها دول وسجال لا تدوم
أحوالها ولن يسلم من شرها نزالها بينا أهلها منها في رخاء و
سرور اذاهم منها في بلاء وغرور أحوال مختلفة وتارات متصرفة
العيش فيها مذموم والرخاء فيها لا يدوم وإنما أهلها فيها
أغراض مستهدفة ترميهم بسهامها وتصمهم بحمامها وكل
حتفه فيها مقدور وحظه فيها موفور واعلموا عباد الله إنكم و
ما أنتم فيه من هذه الدنيا على سبيل من قد مضى من كان أطول
منكم أعمارا وأشد منكم بطشا وأعمر ديارا وأبعد آثارا فأصبحت
أصواتهم هامدة من بعد طول تعليها وأجسادهم بالية وديارهم
خالية وآثارهم عافية واستبدلوا بالقصور المشيدة والسرر
294

المنضة والنمار في الممهدة الصخور والأحجار المسندة في القبور
اللاطية الملحدة التي قد بنى على الخراب فنائها وشيد بالتراب
بناؤها فمحلها مقترب وساكنها مغترب بين أهل عمارة موحشين
وأهل محلة متشاغلين لا يستأنسون بالعمران ولا يتواصلون
تواصل الجيران والاخوان على ما بينهم من قرب الجوار ودنو
الدار وكيف يكون بينهم تواصل وقد طحنهم بكلكله البلى
وأكلتهم الجنادل والثرى فأصبحوا بعد الحياة أمواتا وبعد غضارة
العيش رفاتا فجع بهم الأحباب وسكنوا التراب وظعنوا فليس لهم
اياب هيهات هيهات كلا انها كلمة هو قائلها ومن ورائهم
برزخ إلى يوم يبعثون فكان قد صرتم إلى ما صاروا إليه من البلى
والوحدة في دار الثوى وارتهنتم في ذلك المضجع وضمكم ذلك المستودع
فكيف بكم لو قد تناهت الأمور وبعثرت القبور وحصل ما في الصدور
ووقفتم للتحصيل بين يدي الملك الجليل فطارت القلوب لاشفاقها من
295

سالف الذنوب وهتكت عنكم الحجب والأستار وظهرت منكم
العيوب والاسرار هنا لك تجزى كل نفس بما كسبت إن الله عز
وجل يقول ليجزى الذين أساءوا بما عملوا ونجزى الذين أحسنوا
بالحسنى وقال ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه
ويقولون يا ويلتا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا
أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا جعلنا
الله وإياكم عاملين بكتابه متبعين لأوليائه حتى يحلنا و
إياكم دار المقامة من فضله انه حميد مجيد
308 / 88 ومن كلامه عليه السلام
المناقب للخوارزمي أيضا قال بالاسناد عن أحمد بن الحسين هذا أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق
حدثنا أبو محمد أحمد بن عبد الله المزني حدثني عبد الله بن مسلم بن عتام بن حفص بن غياث
حدثني سفيان بن وكيع حدثني سفيان بن عيينة عن محمد بن سوقه عن العلاء بن عبد الرحمن قال
قام رجل إلى علي بن أبي طالب عليه السلام فقال يا أمير المؤمنين ما الايمان فقال الايمان
على أربع دعائم على الصبر والعدل واليقين والجهاد والصبر من
ذلك على أربع شعب على الشوق والشفق والزهد والترقب فمن
296

اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات ومن أشفق من النار رجع عن
المحرمات ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات ومن ترقب
الموت سارع إلى الخيرات والعدل على أربع شعب تبصرة الفطنة و
تأويل الحكمة وموعظة العبرة وسنة الأولين فمن تبصر في الفطنة
تأول الحكمة ومن تأول الحكمة عرف العبرة ومن عرف العبرة فكأنما
كان في الأولين واليقين على أربع شعب غايص الفهم وغرر العلم
وزهرة الحكم وروضة الحلم فمن فهم علم غرر العلم ومن عرف غرر
العلم صدر عن شرائع الحكم ومن عرف شرائع الحكم حلم وعاش في الناس
ولم يفرط والجهاد على أربع شعب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر و
الصدق في المواطن وشنئان الفاسقين فمن أمر بالمعروف شد ظهر
المؤمن ومن نهى عن ا لمنكر أرغم أنف المنافق ومن صدق في المواطن
فقد قضى ما عليه ومن شنا الفاسقين وغضب لله غضب الله له
وما اكتحل رجل بمثل ميل الحزن فقام الرجل إلى رأس علي عليه السلام فقتله
297

309 / 89 ومن كلامه عليه السلام
المناقب للخوارزمي ص 262 قال وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا أخبرنا أبو الحسين بن
بشران أخبرنا أبو علي بن صفوان حدثني عبد الله بن أبي الدنيا حدثني الحسين بن عبد
الرحمن حدثني الحسين بن عبد الله التميمي بن محمد عن شيخ من بني عدي قال قال رجل لعلي بن
أبي طالب عليه السلام صف لنا الدنيا فقال وما أصف لك من دار من
صح فيها امن ومن سقم فيها ندم ومن افتقر فيها حزن و
من استغنى فيها فتن في حلالها حساب وفي حرامها النار
310 / 90 ومن كلامه عليه السلام
المناقب أيضا ص 262 وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا أخبرنا أبو عبد الله الحافظ
حدثني أبو جعفر محمد بن علي الزوزني الأديب أخبرنا علي بن القاسم النحوي الأديب قال
سمعت عبد الله بن عروة الهروي يذكر باسناده عن الأحنف بن قيس قال ما سمعت بعد
كلام رسول الله صلى الله عليه وآله أحسن من كلام علي بن أبي طالب عليه السلام حيث يقول إن
للنكبات نهايات لابد لاحد إذا نكب من أن ينتهى إليها فينبغي
للعاقل إذا أصابته نكبة أن ينام لها حتى تنقضى مدتها فإن
في دفعها قبل انقضاء مدتها زيادة في مكروهها وفي مثله يقول القائل
الدهر يخنق أحيانا قلادته * فاصبر عليه ولا تجزع ولا تثب
حتى يفرجها في حال شدتها * فقد يزيد اختناقا كل مضطرب
298

311 / 91 ومن خطبه عليه السلام
خطبة نقلها جمع من أجلاء العلماء والمحدثين من العامة والخاصة باختلاف كثير منهم السيد (ره)
في النهج والكليني في الكافي ومؤلف تحف العقول في التحف وسليم بن قيس في كتابه ومثله الصدوق (ره)
في الأمالي وغيرهم من الخاصة ومن العامة ابن حجر في الصواعق المحرقة وغيره منها في غيره بطرق عديدة
واني ذكرت هذه الخطبة في كتابي هذا عن الكافي وعن الصواعق وفي هذا الجزء كررتها أيضا لما
فيها من اختلاف كثير عن كتاب الأمالي للشيخ الصدوق (ره) لما فيها من البسط والزيادة ولئلا يفوت
عن الناظر في الكتاب الفوائد التي اختصت كل رواية بها ولا ناقلها أيضا أقدم زمانا من
السيد الرضي رضي الله عنهما وارضاهما وهي هذه قال الصدوق (ره) في المجلس الرابع والثمانين من الأمالي
حدثني محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال حدثني محمد بن الحسن الصفار قال حدثنا محمد بن
حسان الواسطي عن عمه عبد الرحمن بن كثير الهاشمي عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام قال جاء
رجل من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام يقال له همام وكان عابدا فقال له يا أمير المؤمنين صف لي
المتقين حتى كأني أنظر إليهم فتثاقل أمير المؤمنين عليه السلام عن جوابه ثم قال ويحك يا همان اتق الله
وأحسن فان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون فقال همام يا أمير المؤمنين أسئلك بالذي أكرمك
بما خصك به وحباك وفضلك وبما أتاك وأعطاك لما وصفتهم لي فقام أمير المؤمنين عليه السلام قائما
على قدميه فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي وآله وقال أما بعد فإن الله عز وجل
خلق الخلق حيث خلقهم غنيا عن طاعتهم آمنا لمعصيتهم لأنه لا
تضره معصية من عصاه منهم ولا ينفعه طاعة من أطاعه منهم
وقسم بينهم معايشهم ووضعهم في الدنيا مواضعهم وانما اهبط
الله آدم وحوا عليهما السلام من الجنة عقوبة لما صنعا حيث نهاهما
فخالفاه وأمرهما فعصياه فالمتقون فيها هم أهل الفضائل منطقهم
299

الصواب وملبسهم الاقتصاد ومشيهم التواضع خشعوا لله
عز وجل بالطاعة فتهبوا فهم غاضون أبصارهم عما حرم الله
عليهم واقفين أسماعهم على العلم نزلت أنفسهم منهم في
البلاء كالتي نزلت منهم في الرخاء رضا منهم عن الله بالقضاء
ولولا الأحبال التي كتبت عليهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم
طرفة عين شوقا إلى الثواب وخوفا من العقاب عظم الخالق في أنفسهم
ووضع ما دونه في أعينهم فهم في الجنة كمن رآها منعمون فهم فيها
متكئون وهم في النار كمن رآها فهم فيها معذبون قلوبهم مخزونة
وشرورهم مأمونة وأجسادهم نحيفة وحوائجهم خفيفة و
أنفسهم عفيفة ومؤنتهم من الدنيا عظيمة صبروا أياما قصارا
أعقبتهم راحة طويلة تجارة مربحة يسرها لهم رب كريم أرادتهم
الدنيا فلم يريدوها وطلبتهم فأعجزوها أما الليل فصافون أقدامهم
تالين لاجزاء القرآن يرتلونه ترتيلا يحزنون به أنفسهم ويستبشرون
300

به دواء دائهم ويهيج أحزانهم بكاء على ذنوبهم ووجع على
كلوم جراحهم وإذا مروا باية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع
قلوبهم وأبصارهم فاقشعرت منها جلودهم ووجلت منها
قلوبهم فظنوا أن صهيل جهنم وزفيرها وشهيقا في أصول
آذانهم وإذا مروا باية فيها تشويق ركنوا إليها طمعا وتطلعت
أنفسهم إليها شوقا وظنوا أنها نصب أعينهم جاثين على أوساطهم
يمجدون جبارا عظيما مفترشين جباهم واكفهم وركبهم
وأطراف أقدامهم تجري دموعهم على خدودهم يجأرون إلى الله
في فكاك رقابهم أما النهار فحلماء علماء بررة أتقياء قد برأهم
الخوف فهم أمثال القداح ينظر إليهم الناظر فيحسبهم مرضى و
ما بالقوم من مرض أو يقول قد خولطوا فقد خالط القوم أمر عظيم
إذا فكروا في عظمة الله وشدة سلطانه معما يخالطهم من ذكر الموت
وأهوال القيمة فزع ذلك قلوبهم فطاشت حلومهم وذهلت عقولهم
301

فإذا استقاموا بادروا إلى الله عز وجل بالاعمال الزكية لا يرضون
لله بالقليل ولا يستكثرون له الجزيل فهم لأنفسهم متهمون
ومن أعمالهم مشفقون ان زكى أحدهم خاف ما يقولون و
يستغفر الله مما لا يعلمون وقال أنا أعلم بنفسي اللهم لا تؤاخذني
بما يقولون واجعلني خيرا مما يظنون واغفر لي ما لا يعلمون فإنك
علام الغيوب وساتر العيوب ومن علامة أحدهم إنك ترى
له قوة في دين وحزما في لين وايمانا في يقين وحرصا على العلم
وفهما في فقه وعلما في حلم وكسبا في رقق وشفقة في نفقة
وقصدا في غنى وخشوعا في عبادة وتجملا في فاقة وصبرا في
شدة ورجمة للمجهود واعطاء في حق ورفقا في كسب وطلبا
للحلال ونشاطا في الهدى وتحرجا عن الطمع وبرءا في استقامة
واغماضا عند شهوة لا يغره ثناء من جهله ولا يدع احصاء ما
علمه مستبطيا لنفسه في العمل ويعمل الأعمال الصالحة وهو على
302

وجل يمسي وهمه الشكر ويصبح وشغله الذكر يبيت حذرا لما
حذر من الغفلة فرحا لما أصاب من الفضل والرحمة إن استصعب
عليه نفسه لم يعطها سؤلها فيما فيه مضرته ففرحه فيما يخلد
ويدوم وقرة عينه فيما لا يزول ورغبته فيما يبقى وزهادته
فيما يفنى يمزج العلم بالحلم ويمزج الحلم بالعقل تراه بعيدا كسله
دائما نشاطه قريبا امله قليلا زلله متوقعا اجله خاشعا
قلبه ذاكرا ربه خائفا ذنبه قانعة نفسه متغيبا جهله
سهلا أمره حريزا لدينه ميتة شهوته كاظما غيظه صافيا
خلقه أمنا منه جاره ضعيفا كبره متينا صبره كثيرا ذكره
محكما أمره لا يحدث بما يؤتمن عليه الأصدقاء ولا يكتم شهادته
الأعداء ولا يعمل شيئا من الحق رياء ولا يتركه حياء الخير
منه مأمول والشر منه مأمون إن كان من الغافلين كتب
من الذاكرين وإن كان من الذاكرين لم يكتب من الغافلين
303

يعفو عمن ظلمه ويعطى من حرمه ويصل من قطعه ولا يعزب
حلمه ولا يعجل فيما يريبه ويصفح عما قد تبين له بعيدا
جهله لينا قوله غائبا مكره قريبا معروفه صادقا قوله حسنا فعله مقبلا خيره مدبرا شره فهو في الزلازل وقور
وفي المكاره صبور وفي الرخاء شكور لا يحيف على من يبغض
ولا يأثم فيمن يحب ولا يدعي ما ليس له ولا يجحد حقا هو
عليه ويعترف بالحق قبل أن يشهد عليه لا يضيع ما استحفظ
ولا يتنابز بالألقاب لا يبغي على أحد ولا يهم بالحسد و
لا يضر بالجار ولا يشمت بالمصائب سريع للصواب مؤد للأمانات
بطئ عن المنكرات يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر لا يدخل
في الأمور بجهل ولا يخرج عن الحق بعجز إن صمت لم يغمه
الصمت وإن نطق لم يقل خطأ وإن ضحك لم يعل صوته سمعه
قانعا بالذي قدر له لا يحمج به الغيظ ولا يغلبه الهوى ولا
304

يقهره الشح ولا يطمع فيما ليس له يخالط الناس فيعلم ويصمت
ليسلم ويسئل ليفهم ويبحث ليعلم لا ينصت للخير ليفخر به
ولا يتكلم ليتجبر على من سواه ان بغى عليه صبر حتى يكون الله
الذي ينتقم له نفسه منه في عناء والناس منه في راحة
أتعب نفسه لاخرته وأراح الناس من نفسه بعد من تباعد عنه بغض ونزاهة ودنو من دنى منه لين ورحمة فليس أعده
بكبر ولا عظمة ولا دنوه لخديعة ولا خلابة بل يقتدى بمن كان
قبله من أهل الخير فهو امام لمن خلفه من أهل البر قال فصعق همام
صعقة كادت نفسه فيها فقال أمير المؤمنين عليه السلام إما والله لقد كنت لنا فها
عليه وأمر به فجهز وصلى عليه وقال هكذا تصنع المواعظ البالغة بأهلها
فقال قائل فما بالك أنت يا أمير المؤمنين فقال ويلك إن لكل أجلا لن يعدوه
وسببا لا يجاوزه فمهلا لا تعد فإنه انما نفث هذا القول على لسانك الشيطان
312 / 92 ومن كلامه عليه السلام
305

المجلد الخامس عشر من البحار للعلامة المجلسي (ره) ص 118 عن تفسير فرات بن إبراهيم عن عبيد بن
معنعنا عن أمير المؤمنين عليه السلام علي بن أبي طالب قال أنا ورسول الله
صلى الله عليه وآله على الحوض ومعنا عترتنا فمن أرادنا
فليأخذ بقولنا وليعمل بأعمالنا فإنا أهل بيت لنا شفاعة
فتنافسوا في لقاءنا على الحوض فإنا نذود أعدائنا عنه ونسقى
منه أولياءنا ومن شرب منه لم يظمأ أبدا وحوضنا مترع فيه شعبان
يصبان من الجنة أحدهما تسنيم والاخر معين حافيته الزعفران
وحصباه الدر والياقوت وإنما الأمور إلى الله وليست إلى العباد ولو
كانت إلى العباد ما اختاروا علينا أحدا ولكنه يختص برحمته من يشاء
من عباده فاحمد الله على ما اختصكم به من النعم (بارئ النعم) و
على طيب المولد فإن ذكرنا أهل البيت شفاء من الوعك والأسقام
ووسواس الريب وان حبنا (محبتنا خ ل) رضا الرب والاخذ بأمرنا و
طريقتنا معنا غدا في خطيرة القدس والمنتظر لامرنا كالمتشحط بدمه في
306

سبيل الله ومن سمع واعيتنا فلم ينصرنا أكبه الله على منخريه
في النار نحن الباب إذا تعبوا فضاقت بهم المذاهب نحن باب حطة
وهو باب الاسلام (ا لسلام خ ل) من دخله نجا ومن تخلف عنه
هوى بنا فتح الله وبنا يختم وبنا يمحوا الله ما يشاء ويثبت وبنا
ينزل الغيث فلا يغرنكم بالله الغرور لو تعلمون ما لكم في الغنايم
(المقام خ ل) بين أعداءكم وصبركم على الأذى لقرت أعينكم ولو
فقدتموني لرأيتم أمورا يتمنى أحدكم الموت مما يرى من الجور و
العداوت والأثرة والاستخفاف بحق الله والخوف فإذا كان كذلك
فاعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وعليكم بالصبر والصلاة والتقية
واعلموا أن الله تبارك وتعالى يبغض من عباده المتلون فلا تزولوا
عن الحق وولاية أهل الحق فإنه من استبدل بنا هلك ومن اتبع
أثرنا لحق ومن سلك غير طريقنا غرق وإن لمحبينا أفواجا من رحمة
الله وإن لمبغضينا أفواجا من عذاب (غضب خ ل) الله طريقتنا القصد
307

وأمرنا الرشد أهل الجنة ينظرون إلى منازل شيعتنا كما يرى
الكوكب الدري في السماء لا يضل من اتبعنا ولا يهتدى من
أنكرنا ولا ينجو من أعان علينا (عدونا خ ل) ولا يغان من أسلمنا
فلا تخلفوا عنا لطمع دنيا بحطام (وحطام خ ل) زايل عنكم (وأنتم خ ل)
تزلون عنه فإنه من آثر الدنيا (واختاره خ ل) علينا عظمت حسرته
وقال الله تعالى يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله سراج المؤمن
معرفة حقنا وأشد العمى من عمى من فضلنا وناصبنا العداوة
بلا ذنب الا أن دعوناه إلى الحق (الدين خ ل) ودعاه غيرنا إلى الفتنة
فآثرها علينا لنا راية من استظل بها كنته ومن سبق إليها
فاز ومن تخلف عنها هلك ومن تمسك بها نجي أنتم عماد الأرض
استخلفكم فيها لينظر كيف تعملون فراقبوا الله فيما يرى منكم وعليكم
بالمحجة العظمى فاسلكوها لا يستبدل بكم غيركم سابقوا إلى مغفرة من
ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين فاعلموا انكم
308

لم تنالوها إلا بالتقوى ومن ترك الاخذ عن أمر الله بطاعته قيض
الله له شيطانا فهو له قرين ما بالكم قد ركنتم إلى الدنيا ورضيتم
بالضيم وفرطتم فيما فيه عزكم وسعادتكم وقوتكم على من
بغى عليكم لا من ربكم تستحيون ولا لأنفسكم تنظرون وأنتم في
كل يوم تضامون ولا تنتبهون من رقدتكم ولا تنقضى فترتكم إما
ترون إلى دينكم يبلى وأنتم في غفلة الدنيا قال الله عز ذكره
ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله أولياء
ثم لا تنصرون
313 / 93 ومن كلامه عليه السلام
المجلد الخامس عشر من البحار باب صفات خيار العباد وأولياء ا لله ص 302 عن كتاب جامع الأخبار
عن المرزباني عن محمد بن أحمد الكاتب عن أحمد بن أبي خيثمة عن عبد الملك بن داهر عن الأعمش
عن عباية الأسدي عن ابن عباس رحمه الله قال سئل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام
عن قوله تعالى ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون فقيل له من هؤلاء الأولياء فقال أمير المؤمنين عليه السلام
هم قوم أخلصوا لله تعالى في عبادته ونظروا إلى باطن الدنيا
حين نظر الناس إلى ظاهرها فعرفوا أجلها حين غر الناس و
سواهم بعاجلها فتركوا منها ما علموا انه سيتركهم وأماتوا
309

منها ما علموا انه سيميتهم ثم قال أيها المعطل نفسه بالدنيا الراكض على حبائلها المجتهد في عمارة ما سيخرب منها ألم تر
إلى مصارع آباءك في البلى ومضاجع أبناءك تحت الجنادل و
الثرى كم مرضت بيديك وعللت بكفيك تستوصف لهم
الأطباء وتستعتب لهم الأحباء فلم يغن عنهم غناءك ولا
ينجع فيهم دواؤك
314 / 94 ومن كلامه عليه السلام
الجزء الثالث من المجلد الخامس عشر من البحار ص 94 عن جامع الأخبار عن المرزباني عن أحمد بن محمد
المكي عن أبي العينا عن محمد بن الحكم عن لوط بن يحيى عن الحرث بن كعب عن مجاهد قال قال أمير المؤمنين
علي بن أبي طالب عليه السلام
أزهدوا في هذه الدنيا التي لم يتمتع بها أحد كان قبلكم ولا
تبقى لاحد من بعدكم سبيلكم فيها سبيل الماضين قد تصرمنت
وآذنت بانقضاء وتنكر معروفها فهي تخبر أهلها بالفناء وسكانها
بالموت وقد مر منها ما كان حلوا وكدر منها ما كان صفوا فلم تبق
منها الا سملة كسملة الإداوة أو جرعة كجرعة الاناء لو تمززها
العطشان لم ينقع بها فأذنوا بالرحيل من هذه الدار المقدر على أهلها
310

الزوال الممنوع أهلها من الحياة المذللة فيها أنفسهم بالموت فلا
حي يطمع في البقاء ولا نفس الا مذعنة بالمنون فلا يعللكم الأمل
ولا يطول عليكم الأمد ولا تغتروا منها بالآمال ولو خنتم حنين
الوله العجال ودعوتم مثل حنين الحمام وجأر ثم جأر متبتل الرهبان
وخرجتم إلى الله تعالى من الأموال والأولاد التماس القربة إليه
في ارتفاع الدرجة عنده أو غفران سيئة أحصتها كتبته وحفظتها
ملائكته لكان قليلا فيما أرجو لكم من ثوابه وأتخوف عليكم من
عقابه جعلنا الله وإياكم من التائبين العابدين
315 / 95 ومن كلامه عليه السلام
الجزء الثالث منه أيضا ص 94 من كتاب عيون الحكم والمواعظ لعلي بن محمد الواسطي كتبناه
من أصل قديم عن أمير المؤمنين عليه السلام قال احذروا هذه الدنيا الخدعة
الغدارة التي قد تزينت بحيلها وفتنت بغرورها وغرت بآمالها
وتشوقت لخطابها فأصبحت كالعروس المجلوة والعيون إليها
ناظرة والنفوس بها مشعوفة والقلوب إليها تايقة وهي
311

لأزواجها كلهم قاتلة فلا الباقي بالماضي معتبر ولا الاخر بسوء
اثرها على الأول مزدجر ولا اللبيب منها بالتجارب منتفع أبت
القلوب لها الا حبا والنفوس بها الا صبا والناس لها طالبان
طالب ظفر بها واغتر فيها ونسى التزود منها للظعن فقل فيها لبثه
حتى خلت منها يده وزلت عنها قدمه وجاءته أسر ما كان
بها منيته فعظمت ندامته وكثرت حسرته وجلت مصيبته
فاجتمعت عليه سكرات الموت فغير موصوف ما نزل به و
اخر اختلج عنها قبل أن يظفر بحاجته ففارقها بعزته وأسفه
ولم يدرك ما طلب منها ولم يظفر بما رجا فيها فارتحلا جميعا
من الدنيا بغير زاد وقدما على غير مهاد فاحذروا الدنيا
الحذر كله وضعوا عنكم ثقل همومها لما تيقنتم لو شك زوالها
وكونوا أسر ما تكونون فيها احذر ما تكونون لها فإن طالبها
كلما اطمأن منها إلى سرور أشخصه عنها مكروه وكلما اغتبط
312

منها بإقبال تغصه عنها ادبار وكلما ثنت عليه منها رجلا طوت
عنه كشحا فالسار فيها غار والنافع فيها ضار وصل رخاءها بالبلاء
وجعل بقاءها إلى الفناء فرحها مشوب بالحزن واخر همومها
إلى الوهن فانظر إليها بعين الزاهد المفارق ولا تنظر إليها
بعين الصاحب الوامق اعلم يا هذا انها تشخص الوادع الساكن
وتفجع المغتبط الامن لا يرجع منها ما تولى فادبر ولا يدري ما
هوات فيحذر أمانيها كاذبة وامالها باطلة صفوها كدر و
ابن آدم فيها على خطر إما نعمة زايلة واما بلية نازلة واما
معظمة جايحة واما منية قاضية فلقد كدرت عليه العيشة
ان عقل وأخبرته نفسها ان وعى ولو كان خالقها جل وعز
لم يخبر عنها خبرا ولم يضرب لها مثلا ولم يأمر بالزهد فيها والرغبة
عنها لكانت وقايعها وفجايعها قد انبهت النائم ووعظت الظالم
وبصرت العالم وكيف وقد جاء عنها من الله تعالى عنها زاجر
313

واتت منه فيها البينات والبصائر فمالها عند الله عز وجل
قدر ولا وزن ولا خلق فيما بلغنا خلقا أبغض إليه منها ولا نظر
إليها مذ خلقها ولقد عرضت على نبينا صلى الله عليه وآله
بمفاتيحها وخزائنها لا ينقصه ذلك من حظه من الآخرة فأبى
أن يقبلها لعلمه ان الله عز وجل أبغض شيئا فأبغضه وصغر
شيئا فصغره وأن لا يرفع ما وضعه ا لله جل ثناءه وأن لا يكثر
ما أقل الله عز وجل ولو لم يخبرك عن صغرها عند الله إلا أن الله
عز وجل صغرها عن أن يجعل خيرها ثوابا للمطيعين وأن يجعل
عقوبتها عقابا للعاصين ومما يدلك على دنائة الدنيا أن الله
جل ثنائه زواها عن أوليائه وأحبائه نظرا واختيارا وبسطها
لأعدائه فتنة واختبارا فأكرم عنها محمدا نبيه صلى الله عليه
وآله حين عصب على بطنه من الجوع وحماها موسى نجيه المكلم
وكانت ترى حضرة البقل من صفاق بطنه من الهزال وما
314

سئل الله عز وجل يوم آوى إلى الظل إلا طعاما يأكله لام جهده
من الجوع ولقد جاءت ا لرواية أنه قال أوحى الله إليه إذا رأيت
الغنى مقبلا فقل ذنب عجلت عقوبته وإذا رأيت الفقر مقبلا فقل
مرحبا بشعار الصالحين وصاحب الروح والكلمة عيسى بن مريم
عليه السلام إذ قال أدامي الجوع وشعاري الخوف ولباسي
الصوف ودابتي رجلاي وسراجي بالليل القمر وصلاي في الشتاء
مشارق الشمس وفاكهتي ما أنبتت الأرض للانعام أبيت وليس لي
شئ وليس أحدا أغنى مني وسليمان بن داود وما أوتي من الملك
إذ كان يأكل خبز الشعير ويطعم أمه الحنطة وإذا جنه الليل لبس
المسوح وغل يده إلى عنقه وبات باكيا حتى يصبح ويكثر أن يقول
رب إني ظلمت نفسي فإن لم تغفر لي وترحمني لأكونن من الخاسرين
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فهؤلاء أنبياء الله و
أصفياءه تنزهوا عن الدنيا وزهدوا فيما زهدهم الله جل ثناءه
315

فيه منها وابغضوا ما أبغض وصغروا ما صغر ثم اقتص الصالحون
آثارهم وسلكوا منهاجهم والطفوا الفكر وانتفعوا بالعبر وصبروا
في هذا العمر القصير من متاع الغرور الذي يعود إلى الفناء ويصير إلى
الحساب نظروا بعقولهم إلى آخر الدنيا ولم ينظروا إلى أولها وإلى
باطن الدنيا ولم ينظروا إلى ظاهرها وفكروا في مرارة عاقبتها فلم
يستمرهم حلاوة عاجلها ثم الزموا أنفسهم الصبر وأنزلوا الدنيا
من أنفسهم كالميتة التي لا يحل لاحد أن يشبع منها الا في حال
الضرورة إ ليها وأكلوا منها بقدر ما أبقى لهم النفس وامسك الروح
وجعلوها بمنزلة الجيفة التي اشتد نتنها فكل من مر بها أمسك على
فيه فهم يتبلغون بأدنى البلاع ولا ينتهون إلى الشبع من النتن
ويتعجبون من الممتلى منها شبعا والراضي بها نصيبا اخواني والله لهى
في العاجلة والاجلة لمن ناصح نفسه في النظر وأخلص لها الفكر أنتن من
الجيفة وأكره من الميتة غير أن الذي نشأ في دباغ الإهاب لا يجد نتنه
316

ولا تؤذيه رائحته ما تؤذي المار به والجالس عنده وقد يكفي العاقل
من معرفتها علمه بأن من مات وخلف سلطانا عظيما سره أن عاش
فيها سوقة خاملا أو كان فيها معافا سليما سره أنه كان فيها
مبتلى ضريرا فكفى بهذا على عودتها والرغبة عنها ذليلا والله لو أن
الدنيا كانت من أراد منها شيئا وجده حيث تنال يده من غير
طلب ولا تعب ولا مؤنة ولا نصب ولا ظعن ولا داب غير أن ما أخذ
منها من شئ لزمه حق الله فيه والشكر عليه وكان مسؤولا عنه
محاسبا به لكان يحق على العاقل أن لا يتناول منها الا قوته وبلغة
يومه حذر السؤال وخوفا من الحساب واشفاقا من العجز عن الشكر
فكيف بمن تجشم في طلبها من خضوع رقبته ووضع خده وفرط عنائه
والاغتراب عن أحبائه وعظيم اخطاره ثم لا يدري ما اخر ذلك الظفر
أم الخيبة انما الدنيا ثلاثة أيام يوم مضى بما فيه فليس بعابد ويوم
أنت فيه فحق عليك اغتنامه ويوم لا تدري أنت من أهله ولعلك
317

راحل فيه إما ليوم الماضي فحكيم مؤدب واما اليوم الذي أنت
فيه فصديق مودع واما غد فإنما في يديك منه الأمل فإن يكن
أمس سبقك بنفسه فقد أبقى في يديك حكمته وان يكن يومك
هذا انسك بمقدمه عليك فقد كان طويل الغيبة عنك وهو
سريع الرحلة فتزود منه وأحسن وداعه خذ بالثقة من العمل و
إياك والاغترار بالامل ولا تدخل عليك اليوم هم غد يكفي اليوم
همه وغد داخل عليك بشغله إنك ان حملت على اليوم هم غد
زدت في حزنك وتعبك وتكلفت أن تجمع في يومك ما يكفيك
أياما فعظم ا لحزن وزاد الشغل واشتد التعب وضعف العمل
للأمل ولو أخليت قلبك من الأمل لجدوت في العمل والأمل
الممثل في اليوم غدا ضرك في وجهين سوفت به العمل وزدت به
في الهم والحزن أو لا ترى أن الدنيا ساعة بين ساعتين ساعة
مضت وساعة بقيت وساعة أنت فيها فاما الماضية والباقية
318

فلست تجد لرخائهما لذة ولا لشدتهما ألما فأنزل الساعة
الماضية والساعة التي أنت فيها منزلة الضيفين نزلا بك
فطعن الراحل عنك بذمه إياك وحل النازل بك بالتجربة
لك فاحسانك إلى الثاوي يمحوا ساءتك إلى الماضي فأدرك
ما أضعت به عتابك مما استقبلت واحذر ان تجمع عليك بشهادتهما
فيوبقاك ولو أن مقبورا من الأموات قيل له هذه الدنيا أولها
إلى آخرها تخلفها لولدك الذي لم يكن لك هم غيرهم أو يوم ترده إليك
فتعمل فيه لنفسك لاختار يوما تستعتبت فيه من سئ ما أسلف على
جميع الدنيا به يورثها ولدا خلفه فما يمنعك أيها المغتر المضطر
المسوف أن تعمل على مهل قبل حلول الأجل وما يجعل المقبور أشد
تعظيما لما في يديك منك الا تسعى في تحرير رقبتك وفكاك رقك
ووقاء نفسك من النار التي عليها ملائكة غلاظ شداد
316 / 96 ومن كلامه عليه السلام
319

الجزء الثالث من المجلد الخامس عشر من البحار ص 95 من كتاب عيون الحكم والمواعظ أصل قديم أيضا
قال وقال عليه السلام أوصيكم عباد الله بتقوى الله عز وجل واغتنام
ما استطعتم عملا به من طاعة الله عز وجل في هذه الأيام
الخالية بجليل ما يشقى علمكم به الفوت بعد الموت وبالرفض لهذه
التاركة لكم وان لم تكونوا تحبون تركها والمبلية لكم وإن كنتم
تحبون تجديدها فإنما مثلكم ومثلها كركب سلكوا سبيلا فكانهم
قد قطعوه وأموا علما فكان قد بلغوه وكم عسى من أجري إلى الغاية
أن يجرى حتى يبلغها فكم عسى أن يكون بقاء من له يوم لا
يعدوه ومن ورائه طالب حثيث يحدوه في الدنيا حتى يفارقها
فلا تتنافسوا في الدنيا وفخرها ولا تعجبوا بزينتها ولا تجزعوا من
ضرائها وبؤسها فان عز الدنيا وفخرها في انقطاع وان زينتها و
نعيمها إلى زوال وان ضرائها وبؤسها إلى نفاد وكل مدة فيها
إلى منتهى وكل حي فيها إلى فناء أوليس لكم في اثار الأولين
320

وفي آباءكم الماضين معتبر وتبصرة ا ن كنتم تعقلون ألم تروا إلى
الماضين منكم لا يرجعون والى الخلف الباقي منكم لا يبقون قال
الله عز وعلا وحرام على قرية أهلكناها انهم لا يرجعون الآية
والتي بعدها وقال عز وجل كل نفس ذائقة الموت وانما يوفون
أجورهم يوم القيمة فمن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فان
وما الحياة الدنيا الا متاع الغرور ألستم ترون أهل الدنيا يمسون
ويصبحون على أحوال شتى ميت يبلى واخر يعزى وصريع مبتلى وعايد
يعود واخر بنفسه يجود وطالب والموت يطلبه وغافل وليس بمغفول
عنه وعلى اثر الماضي منا يمضى الباقي فلله الحمد رب السماوات السبع
ورب العرش العظيم الذي يبقى ويفنى ما سواه واليه موئل الخلق ومرجع الأمور
317 / 97 ومن خطبه عليه السلام
الجزء الثالث من المجلد الخامس عشر من البحار باب ترك العجب والاعتراف بالتقصير ص 177 عن كتاب الغارات
لإبراهيم بن محمد الثقفي باسناده عن الأصبغ بن نباته قال خطب علي عليه السلام فحمد الله وأثنى عليه
وذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فصلى عليه ثم قال
إما بعد فإني أوصيكم بتقوى الله الذي بطاعته ينفع أوليائه و
321

بمعصيته يضر أعداءه وانه ليس لهالك هلك من يعذره في تعمد
ضلالة حسبها هدى ولا ترك حق حسبه ضلالة وان أحق ما يتعاهد
الراعي من رعيته أن يتعاهده بالذي لله عليهم في وظائف
دينهم فإنما علينا أن نأمركم بما أمركم الله به وأن ننهاكم
عما نهاكم الله عنه وأن نقيم أمر الله في قريب الناس وبعيدهم
لا نبالي فيمن جاء الحق عليه وقد علمت أن أقوى ما يتمنون في دينهم
الأماني ويقولون نحن نصلي مع المصلين ونجاهد مع المجاهدين
ونمتحن الهجرة ونقتل العدو وكل ذلك يفعله أقوام ليس الايمان
بالتخلي ولا بالتمني الصلاة لها وقت فرضه رسول الله لا تصلح إلا
به فوقت صلاة الفجر حين تزايل المرء ليله ويحرم على الصائم طعامه
وشرابه ووقت صلاة الظهر إذا كان الغيظ حين يكون ظلك مثلك
وإذا كان الشتاء حين تزول الشمس من الفلك وذلك حين تكون
على حاجبك الأيمن مع شروط الله في الركوع والسجود ووقت العصر
322

والشمس بيضاء نقية عدد ما يسلك الرجل على الجمل الثقيل
فرسخين قبل غروبها ووقت صلاة المغرب إذا غربت الشمس وأفطر
الصائم ووقت صلاة العشاء الآخرة حين يسق الليل وتذهب
حمرة الأفق إلى ثلث الليل فمن نام عند ذلك فلا أنام الله عينه
فهذه مواقيت الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا
موقوتا ويقول الرجل هاجرت ولم يهاجر إنما المهاجرون الذين
يهجرون السيئات ولم يأتوا بها ويقول الرجل جاهدت ولم يجاهد
انما الجهاد اجتناب المحارم ومجاهدة العدو وقد يقاتل أقوام
فيحبون ا لقتال لا يريدون الا الذكر والاجر وان الرجل ليقاتل
بطبعه من القتال فيحيى من يعرف ومن لا يعرف ونجبن بطبيعته من
الجبن فيسلم أباه وأمه إلى العدو وإنما المثال حتف من الحتوف
وكل امرء على ما قاتل عليه وان له أن يقاتل دون أهله والصيام
اجتناب المحارم كما يمتنع الرجل من الطعام والشراب والزكاة التي فرضها
323

النبي صلى الله عليه وآله طيبة بها نفسك لا تسنوا عليها سنيها
فافهموا ما توعظون فان الحريب من حرب دينه واتعظ من وعظ
بغيره الا وقد وعظتكم فنصحتكم ولا حجة لكم على الله أقول قولي
هذا واستغفر الله لي ولكم
ومن خطبه عليه السلام
الامام الفقيه أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري المولود سنة 213 والمتوفى سنة 276 ه‍
قال في كتابه المعروف بتاريخ الخلفاء والموسوم بالإمامة والسياسة قال في الجزء الأول منه المطبوع
بمصر الطبعة الثالثة ص 50 وذكروا أن البيعة لما تمت بالمدينة خرج على إلى المسجد الشريف فصعد
المنبر فحمد الله تعالى وأثنى عليه ووعد الناس من نفسه خيرا وتالفهم جهده ثم قال
لا يستغنى الرجل وإن ك ان ذا مال وولد عن عشيرته ودفاعهم
عنه بأيديهم وألسنتهم هم أعظم الناس حيطة من وراءه
واليهم سعيه واعطفهم عليه إن أصابته مصيبة أو نزل به
بعض مكاره الأمور ومن يقبض يده عن عشيرته فإنه يقبض عنهم
يدا واحدة وتقبض عنه أيد كثيرة ومن بسط يده بالمعروف ابتغاء
وجه الله تعالى يخلف الله له ما أنفق في دنياه ويضاعف له
324

في آخرته واعلموا أن لسان صدق يجعله الله للمرء في
الناس خير له من المال فلا يزدادن أحدكم كبرياء ولا عظمة
في نفسه ولا يغفل أحدكم عن القرابة أن يصلها بالذي لا
يزيده إن أمسكه ولا ينقصه إن أهلكه واعلموا أن الدنيا
قد أدبرت والآخرة قد أقبلت الا وان المضمار اليوم والسبق
غدا ألا وان السبقة الجنة والغاية النار ألا إن الأمل
يشتهي القلب ويكذب الوعد ويأتي بغفلة ويورث حسرة
فهو غرور وصاحبه في عناء فافزعوا إلى قوام دينكم واتمام
صلاتكم وأداء زكاتكم والنصيحة لامامكم وتعلموا كتاب الله
وأصدقوا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم
وأوفوا بالعهد إذا عاهدتم وأدوا الأمانات إذ ائتمنتم و
ارغبوا في ثواب الله وارهبوا عذابه واعملوا الخير تجزوا
خيرا يوم يفوز بالخير من قدم الخير
325

318 / 98 ومن خطبه عليه السلام
جمهرة خطب العرب تأليف أحمد زكى صفوت أستاذ اللغة العربية بدار العلوم مصر الطبعة الأولى
الجزء الأول ص 180 قال خطبة علي بن أبي طالب ونقلها عن تاريخ الطبري قال فحمد الله وأثنى عليه ثم قال
إما بعد فان الله جل ثناءه بعث محمدا صلى الله عليه (وآله)
وسلم بالحق فانقذ به من الضلالة وانتاش به من الهلكة
جمع به من الفرقة ثم قبضه الله إليه وقد أدى ما عليه صلى
الله عليه (وآله) وسلم ثم استخلف الناس أبا بكر رضي الله
عنه واستخلف أبو بكر عمر رضي الله عنه فاحسنا السيرة وعدلا
في الأمة وقد وجدنا عليهما أن توليا علينا ونحن آل رسول الله
صلى الله عليه (وآله) وسلم فغفرنا ذلك لهما وولى عثمان
رضي الله عنه فعمل بأشياء عابها الناس عليه فساروا إليه فقتلوه
ثم أتاني الناس وأنا معتزل أمورهم فقالوا لي بايع فأبيت عليهم
فقالوا لي بايع فإن الأمة لا ترضى الا بك وانا نخاف إن لم تفعل
أن يفترق الناس فبايعتهم فلم يرعني الاشقاق رجلين قد
326

بايعاني وخلاف معاوية الذي لم يجعل الله عز وجل له
سابقة في الدين ولا سلف صدق في الاسلام طليق بن طليق
حزب من هذه الأحزاب لم يزل الله عز وجل ولرسوله صلى الله
عليه (وآله) وسلم وللمسلمين عدوا هو وأبوه حتى د خلا في
الاسلام كارهين فلا غرو الا خلافكم معه وانقيادكم له و
تدعون آل نبيكم صلى الله عليه (وآله) وسلم الذين لا ينبغي
لكم شقاقهم ولا خلافهم ولا أن تعدلوا بهم من الناس أحدا
الا إني أدعوكم إلى كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله
عليه (وآله) وسلم وإماتة الباطل وإحياء معالم الدين أقول
قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولكل مؤمن ومؤمنة ومسلم ومسلمة
319 / 99 ومن خطبه عليه السلام
بعد قدومه من حرب النهروان نقلها في الجمهرة ص 235 عن كتاب الإمامة والسياسة لابن قتيبة قال
والله يا أهل العراق ما أظن هؤلاء ا لقوم من أهل الشام الا ظاهرين
عليكم فقالوا بعلم تقول يا أمير المؤمنين فقال نعم والذي فلق الجنة و
327

برء النسمة إني أرى أمورهم قد علت وأرى أموركم قد خبت
وأراهم جادين في باطلهم وأراكم وانين في حقكم واراهم
مجتمعين وأراك متفرقين وأراهم لصاحبهم معاوية مطيعين
وأراكم لي عاصين أما والله لئن ظهروا عليكم بعدي لتجدنهم
أرباب سوء كأنهم والله عن قريب قد شاركوكم في بلادكم
وحملوا إلى بلادهم منكم وكأني أنظر إليكم تكشون كشيش
الضباب لا تأخذون لله حقا ولا تمنعون له حرمة وكأني انظر
إليهم يقتلون صلحاءكم ويخيفون علماءكم وكأني انظر إليكم
يحرمونكم ويحجبونكم ويدنون الناس دونكم فلو قد رأيتم الحرمان
ولقيتم الذل والهوان ووقع السيف ونزل الخوف لندمتم
وتحسرتم على تفريطكم في جهاد عدوكم وتذكرتم ما أنتم فيه
من الخفض والعافية حين لا ينفعكم التذكار
320 / 100 ومن كلامه عليه السلام
328

لقد نقله الامام العلامة الجليل الشهير أبو المظفر يوسف شمس الدين الملقب بسبط العلامة
الشهريابى الفرج عبد الرحمن بن الجوزي المتوفى سنة 654 ه‍ في كتابه تذكرة الخواص قال قال عليه السلام
استعدوا للموت فقد أظلكم غمامه وكونوا قوما صيح
بهم فانتبهوا وانتهوا فما بينكم وبين الجنة والنار سوى الموت
وان غاية ينفقها اللحظة وتهدمها الساعة لجدير بقصر
المدة وان غائبا يخدوه الجديدان لحري بسرعة الأوبة
فرحم الله عبدا سمع حكمته فوعى ودعا إلى الاخلاص أو
إلى خلاص نفسه فدنا واستقام على الطريقة فنجا وأحب ربه
وخاف ذنبه وقدم صالحا وعمل خالصا واكتسب مدخورا
واجتنب محذورا رمى غرضا واحرز عوضا كابد هواه وكذب
مناه وجعل الصبر مطية نجاته والتقوى عدة عند وفاته
ركب الطريق الغراء ولزم المحجة البيضاء اغتنم المهل وبادر الاجل وتزود من العمل
321 / 101 ومن كلامه عليه السلام
329

في تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي المطبوع في النجف ص 152 قال ومن كلامه عليه السلام
في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبه قال الشعبي حدثني من سمع عليا
عليه السلام وقد سئل عن سبب اختلاف الناس في الحديث فقال الناس أربعة
منافق مظهر للايمان وقلبه يأبى الايمان ومضيع للاسلام
لا يتأثم ولا يتحرج كذب على رسول الله صلى الله عليه و
آله وسلم متعمدا فلو علم الناس حاله لما أخذوا عنه ولكنهم
قالوا صاحب رسول الله فاخذوا بقوله وقد أخبر الله عن
المنافقين بما أخبر ووصفهم بما وصف ثم إنهم عاشوا بعده
فتقربوا إلى أئمة الضلال والدعاة إلى النار بالزور والبهتان
فولوهم الأعمال وجعلوهم على رقاب الناس فأكلوا بهم
الدنيا وانما الناس تبع للملوك الا من عصمه الله عز وجل
ورجل سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول قولا
أو رآه يفعل فعلا ثم غ أب عنه ونسخ ذلك القول والفعل
ولم يعلم فلو علم أنه نسخ ما حدث به ولو علم الناس أنه نسخ لما
330

نقلوا عنه ورجل سمع رسول الله صلى الله عليه وآله و
سلم يقول قولا فوهم به فلو ع لم انه وهم فيه لما حدث عنه
ولا عمل به ورجل لم يكذب ولم يغب حدث بما سمع
وعمل به فاما الأول فلا اعتبار بروايته ولا يحل
الاخذ عنه واما الباقون فينزعون إلى غاية ويرجعون
إلى نهاية ويستقون من قليب واحد وكلامهم أشرق
بنور النبوة ضياؤه ومن الشجرة المباركة اقتبست ناره
322 / 102 ومن كلامه عليه السلام
في كتاب المحتضر (بالحاء المهملة والتاء المنقوطة والضاد المعجمة والراء المهملة) تأليف الشيخ
الجليل الحسن بن سليمان الحلي من علماء أوائل القرن التاسع تلميذ شيخنا الشهيد الأول (ره) المطبوع في النجف الأشرف ص 86 روى باسناده عن الصادق عليه السلام قال قال أمير المؤمنين
صلوات الله وسلامه عليه أعطيت أشياء لم يعطها أحد قبلي سوى النبي
صلى الله عليه وآله وسلم لقد فتح لي السبيل وعلمت المنايا و
البلايا والأنساب وفصل الخطاب ولقد نظرت في الملكوت بإذن
ربي فما غاب عني ما كان قبلي ولا ما يكون بعدي وان بولايتي
331

أكمل الله تعالى لهذه الأمة دينهم وأتم عليهم النعم ورضى لهم الاسلام
إذ يقول تبارك اسمه يوم الولاية لمحمد صلى الله عليه وآله يا محمد
أخبرهم إني أكملت لهم اليوم دينهم وأتممت عليهم نعمتي ورضيت
لهم الاسلام دينا كل ذلك من من الله تعالى من به علي فله الحمد
قد وقع الفراغ وتم تاليف هذا الجزء من أجزاء كتاب مصباح البلاغة
في مشكاة الصياغة بيمناي الداثرة في عشية يوم الخميس التاسع عشر
من شهر محرم الحرام سنة ثمان وثمانين وثلثمائة بعد
الألف من الهجرة المقدسة النبوية على
مهاجرها آلاف الصلوات و
التسليمات والتحيات
حامدا مسليا ويتلوه الجزء الرابع إن شاء الله تعالى
وأنا المؤلف الفقير المحتاج إلى رحمة ربه الغني
الحسن بن علي بن القاسم المحمد آبادي
الجرقويي الأصبهاني نزيل
عاصمة طهران
المشتهر بالميرجهاني الطباطبائي
عفى الله تعالى
عن جرائمه
332

/ 1