دخل ضرار بن عمرو الضبّي على يحيى بن خالد البرمكي فقـال لـه : يا أبا عمرو هل لك في مناظره رجلٍ هو ركن الشيعه ؟ فقال ضرار : هلّم من شئت . فبعث إلى هشام بن الحكم ، فأحضره . فقال : يا أبا محمد ، هذا ضرار ، وهو من قد علمت في الكلام والخلاف لك فكلمه في الامامه . فقال : نعم ، ثم أقبل على ضرار فقال : يا أبا عمرو : خبرني على ما تجب الولايه والبراءه أعلى الظاهر أم على الباطن ؟ فقال ضرار : بل على الظاهر فإن الباطن لا يُدرك إلا بالوحي . قال هشام : صدقت ، فأخبرني الان أي الرجلين كان أذب عن وجه رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ بالسيف وأقتل لاعداء الله بين يديه وأكثر آثاراً في الجهاد أعليّ بن أبي طالب أو أبوبكر ؟ فقال : بل علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ ولكن أبابكر كان أشد يقيناً . فقال هشام : هذا هو الباطن الّذي قد تركنا الكلام فيه وقد اعترفت لعلي ـ عليه السلام ـ بظاهر عمله من الولايه ، وأنه يستحق بها من الولايه ما لم يجب لابي بكر . فقال ضرار : هذا هو الظاهر نعم . قال له هشام : أفليس إذا كان الباطن مع الظاهر فهو الفضل الّذي لا يُدفع ؟ ! فقال له ضرار : بلى . فقال له هشام : ألست تعلم أن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ قال لعليّ : أنت مني بمنزله هارون من موسى إلاّ أنه لا نبي بعدي (2) . قال ضرار : نعم . قال هشام : أفيجوز أن يقول هذا القول إلاّ وعنده في الباطن مؤمن ؟ قال : لا . قال هشام : فقد صح لعليّ ـ عليه السلام ـ ظاهره وباطنه ولم يصح لصاحبك لا ظاهر ولا باطن والحمد للّه (3) . ____________ (1) ضرار بن عمرو الضبي : هو شيخ الضراريه ، رأس من رؤوس المعتزله لم يذكروا له ولاده ولا وفاه ، ومن سيرته يفهم انه كان حياً في عصر هارون الرشيد ، وكان قاضياً ، فشهد قوم على زندقته عند القاضي سعيد بن عبد الرحمن فامر بضرب عنقه فهرب ، وقيل اخفاه يحيى بن خالد البرمكي ، وكان جلداً في مذهبه له مقالات خبيثه منها ان النار لا حر فيها ولا في الثلج برد ولا في العسل حلاوه ، وانما يخلق ذلك عند الذوق واللمس ، وله تصانيف كثيره وكان ينكر عذاب القبر . راجع : سير اعلام النبلاء ج10 ص544 ترجمه رقم : 175 ، الضعفاء الكبير للعقيلي ج2 ص222 ترجمه رقم : 765 ، ميزان الاعتدال ج2 ص328 ترجمه رقم : 3953 ، لسان الميزان ج3 ص203 ترجمه رقم : 912 ، الفهرست لابن النديم ص214 . (2) تقدمت تخريجاته . (3) بحار الانوار ج10 ص292 ح1 ، الفصول المختاره ص9 ـ 10 .