بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید ما خلافه اهل البيت بالرياسه الباطله بل منشعبه من النبوه
مناظره ابن عباس مع معاويه
حضرت عبدالله بن عبّاس مجلس معاويه بن أبي سفيان فأقبل عليه معاويه . فقال : يابن عبّاس إنّكم تريدون أن تُحرزوا الامامه كما اختصصتم بالنبوَّه ، والله لا يجتمعان أبدا ، إنَّ حجَّتكم في الخلافه مشتبههٌ على الناس ، إنَّكم تقولون : نحن أهل بيت النبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ فما بال خلافه النبوَّه في غيرنا ؟ وهذه شبهه لانّها تشبه الحقَّ وبها مسحه من العدل ، وليس الامر كما تظنُّون ، إنَّ الخلافه تتقلب في أحياء قريش برضا العامّه ، وشورى الخاصّه ولسنا نجد الناس يقولون: ليت بني هاشم ولونا ، ولو ولونا كان خيرا لنا في دنيانا وأخرانا ، ولو كنتم زهدتم فيها أمس كما تقولون ، ما قاتلتم عليها اليوم ، والله لو ملكتموها يا بني هاشم لما كانت ريح عاد ولا صاعقه ثمود بأهلك للناس منكم . فقال ابن عبّاس ـ رحمه الله ـ : أمّا قولك يا معاويه: إنّا نحتجُّ بالنبوَّه في استحقاق الخلافه ، فهو والله كذلك ، فإن لم تُستحقَّ الخلافه بالنبوَّه ، فبم تُستحقُّ ؟ وأمّا قولك: إنَّ الخلافه والنبوَّه لا يجتمعان لاحد ، فأين قول الله عزَّ وجلَّ : ( أم يحسُدونَ النّاسَ على ما آتاهُمُ الله من فَضلِه ، فقد آتينا آلَ ابراهيم الكِتَابَ والحِكْمَه وآتيناهُمْ مُلكا عظيما )(1) فالكتاب هو النبوَّه ، والحكمه هي السنّه ، والملك هو الخلافه ، فنحن آل إبراهيم ، والحكم بذلك جار فينا إلى يوم القيامه . وأمّا دعواك على حجّتنا أنّها مشتبهه ، فليس كذلك ، وحجّتنا أضوأ من الشمس وأنور من القمر ، كتاب الله معنا ، وسنَّه نبيّه ـ صلّى الله عليه وآله ـ فينا ، وإنّك لتعلم ذلك ، ولكن ثنى عطفك وصعَّرك(2) قتلنا أخاك وجدَّك وخالك وعمَّك ، فلا تبك على أعظُم حائله وأرواح في النار هالكه ، ولا تغضبوا لدماء أراقها الشرك ، وأحلّها الكفر ، ووضعها الدِّين . وأمّا ترك تقديم النّاس لنا فيما خلا ، وعدولهم عن الاجماع علينا ، فما حُرموا منّا أعظم ممّا حُرمنا منهم ، وكلُّ أمرٍ إذا حصل حاصله ثبت حقّه ، وزال باطله . وأمّا افتخارك بالملك الزائل ، الّذي توصّلت إليه بالمحال الباطل ، فقد ملك فرعون من قبلك فأهلكه الله ، وما تملكون يوما يا بني أميَّه إلاّ ونملِكُ بعدكُم يومين ، ولا شهرا إلاّ شهرين ، ولا حولاً إلاّ ملكنا حولين . وأمّا قولك : إنّا لو ملكنا كان ملكنا أهلَكَ للناس من ريح عاد وصاعقه ثمود ، فقول الله يكذِّبك في ذلك قال الله عزَّوجلّ : ( وما أرسلناك إلاّ رحمه للعالمين )(3) فنحن أهل بيته الادنون ، وظاهر العذاب بتملّكك رقاب المسلمين ظاهر للعيان ، وسيكون من بعدك تملّك ولدك وولد أبيك أهلك للخلق من الرِّيح العقيم ، ثمَّ ينتقم اللّه بأوليائه ، وتكون العاقبه للمتّقين(4) . ____________ (1) سوره النساء : الآيه 54 . والجدير بالذكر أن هذه الآيه الشريفه نزلت في أهل البيت ـ عليهم السلام ـ وأنهم هم المحسودون ، كما ورد عن الامام الباقر ـ عليه السلام ـ في تفسير هذه الآيه انه قال : نحن الناس المحسودون والله . راجع : شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني الحنفي ج 1 ص 183 ح 195 ـ 198 ، مناقب الامام علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ لابن المغازلي الشافعي ص 267 ح 314 ، ينابيع الموده للقندوزي الحنفي ص 298 ، الصواعق المحرقه لابن حجر الشافعي ص 152 ، نور الابصار للشبلنجي ص 102 ط السعيديه و ص 101 ط العثمانيه ، اسعاف الراغبين للصبان الشافعي بهامش نور الابصار ص 108 ط السعيديه وص 100 ط العثمانيه ، الغدير للاميني ج 3 ص 61 . (2) قال الجوهري : « يقال ثني فلان عَنّي عطفه ، اذا عرض عنك . وقال : صعّر خدَّه وصاعر : أي أماله من الكسر » . ومنه قوله تعالى : ( ثاني عِطْفهِ لِيُضلّ عن سبيلِ الله له في الدُّنيا خِزيٌ ونُذيقُه يَومَ القيامه عَذاَب الحَريق ) سوره الحج : الآيه 9 ، صحاح الجوهري ج 4 / ص 1405 . (3) سوره الانبياء : الآيه 107 . (4) أمالي الشيخ المفيد ص 15 ، بحار الانوار ج 44 ص 117 ح 11 .