بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید الامامه من الاصول ـ الاصل يثبت بدليل يقيني ـ دليل خلافه ابي بكر ظني (ره) مردود
مناظره الشيخ مغنيه مع عبدالعزيز بن صالح
يقول الشيخ محمد جواد مغنيه رحمه الله تعالى : ذهبت إلى المحكمه الشرعيه بالمدينه المنوره ، وفيها جميع قضاتها وهم خمسه ، وعليهم رئيس ، كما هي الحال بمكه المكرمه ، دخلت غرفه أحدهم ، وجلست على بعض مقاعدها ، فنظر إليّ القاضي ، وقال : هل من حاجه ؟ قلت له : هل أنت قاض ٍ ؟ قال : نعم ، ونائب الرئيس. سألته عن اسمه ؟ قال : عبد المجيد بن حسن. قلت : هل تسمح بالاطلاع على سجل الاحكام ، فإني أحب أن أقارن بينها وبين الاحكام في لبنان ؟ قال : هل أنت قاضٍ ؟ قلت : أجل. قال : في المحاكم الحنفيه ، أو الجعفريه ؟ قلت : أنا جعفري ، وشرعت بالحديث عن الاسلام والمسلمين ، وبأي شيء يؤكدون أنفسهم ، ويطورون قواهم اجتماعيا وسياسيا ، وكان يردد قول طيب طيب ، ولا يزيد ، وحين هممت بوداعه قال : إلى أين ؟. قلت : إلى الرئيس الشيخ عبدالعزيز بن صالح ، فأرسل معي شرطيا أرشدني إلى غرفته ، فتحت الباب ، ودخلت ، فأهل ورحب. وابتدأت الحديث بهذا السؤال : كيف تفسرون قول الرسول ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ : اختلاف أمتي رحمه (2) ؟ قال : اختلافهم في الفروع ، لا في الاصول. قلت : إذن جميع الطوائف الاسلاميه من أمه محمد ، لان الاصول هي الايمان بالله ، والرسول ، واليوم الاخر ، والكل يؤمنون بذلك دون استثناء. قال : وهناك أصل آخر. قلت : ما هو ؟ قال : خلافه أبي بكر ، وأنها حق له بعد الرسول بلا فاصل. قلت : الخلافه من الاصول ؟! قال : نعم. قلت : لقد نفى السنه عنهم هذا القول ، ونسبوه إلى الشيعه الاماميه ، وأنكروه عليهم. قال : أجمع أهل السنه على أن خلافه أبي بكر من الاصول ، وأصرّ !! قلت : لا يثبت أصل من أصول الدين إلاّ ببديهه العقل ، أو بنصّ الكتاب نصا صريحا ، أو بسنّه تكون بقوّه القرآن ثبوتا ، وبدلاله لا اله الا الله وضوحا ، أما أخبار الاحاد فليست بشيء في باب الاصول ، وإن كانت حجه في الفروع. قال : هذا صحيح ، وقد تواتر عن الرسول ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ إنه قال : يأبى الله ورسوله إلاّ أبا بكر (3). قلت : كيف يكون هذا متواترا ، ولم يروه البخاري ، ولا احتج به أبو بكر ، ولا عمر ، ولا أحد يوم السقيفه حين رأى الانصار أنهم أولى من أبي بكر بالخلافه ؟ فشرع يتكلم عن الحديث وأقسامه ، ثم أكد مصرا على تواتره ، وأنه لم يخالف في ذلك إلا الشيعه. ولما لم أجد وسيله لاقناعه ، قلت له : هل من شرط صحه الحديث أن يثبت عند الجميع ، أو عند من يعمل به فقط ؟ قال : بل عند من يعمل به. قلت : هذا الحديث لم يثبت عند الشيعه لا بطريق التواتر ، ولا بطريق الاحاد ، ولذا لم تكن خلافه أبي بكر عندهم من الاصول ، ولا من الفروع (4). (1) هو : العلاّمه الجليل والمفكر الاسلامي الكبير الشيخ محمد جواد بن الشيخ محمود مغنيه ، من أبرز علماء لبنان ، ولد سنه 1322 هـ في قريه طير دبا من جبل عامل ، درس على شيوخ قريته ثم سافر إلى النجف الاشرف ، وأنهى هناك دراسته ، ومن أبرز أساتذته ، السيد حسين الحمامي ( قدس سره ) ، والسيد الخوئي ( قدس سره ) ثم عاد إلى جبل عامل وسكن قريه طير حرفا ، ثم عين قاضيا شرعيا في بيروت ثم مستشارا للمحكمه الشرعيه العليا فرئيسا لها بالوكاله ، إلى أن أحيل للتقاعد. والشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ من الذين أبدعوا في شتى الميادين الاسلاميه والاجتماعيه والوطنيه ، توجَّه بإنتاجه وأفكاره بصوره خاصه إلى جيل الشباب في المدارس والجامعات والحياه العامه ، فكان يعالج في كتبه المشاكل والمسائل التي تؤرقهم وتثير قلقهم كمسائل العلم والايمان ، ومسائل الحضاره والدين ، ومشاكل الحياه الماديه والعصريه ، وكان يقضي في مكتبته بين 14 إلى 18 ساعه من اليوم والليله ، وأما مؤلفاته فإنها تربو على اثنين وستين كتابا ، أشهرها ، الشيعه في الميزان ، الفقه على المذاهب الخمسه ، عقليات إسلاميه ، فقه الامام الصادق ـ عليه السلام ـ ، تفسير الكاشف ، في ظلال نهج البلاغه ، وله الكثير من المقالات والنشرات ، وكان كثير الذب عن التشيع بلسانه وقلمه ضد التجني والافتراءات ، توفي ليله السبت في التاسع عشر من محرم الحرام سنه 1400 هـ ، ونقل جثمانه إلى النجف الاشرف وشيع تشييعا باهرا حيث صلّى عليه السيد الخوئي ( قدس سره ) ، ودفن في إحدى غرف مقام الامام علي ـ عليه السلام. اقتطفنا هذه الترجمه من كتاب تجارب محمد جواد مغنيه بقلمه ، وأعيان الشيعه : ج9 ص205. (2) كنز العمال ج10 ص136 ح28686 ، تذكره الموضوعات ص90 ، إتحاف الساده المتقين ج1 ص240. (3) كنز العمال ج11 ص550 ح32583 ، بتفاوت. وقال ابن أبي الحديد في شرح النهج ج11 ص49 ، عن هذا الحديث : إنهم وضعوه في مقابله الحديث المروي عنه في مرضه : « أئتوني بدواه وبياض أكتب لكم مالا تضلون بعده أبداً » ، فاختلفوا عنده ، وقال قوم منهم : لقد غلبه الوجع ، حسبنا كتاب الله !! (4) تجارب الشيخ محمد جواد مغنيه بقلمه ص374.