دخل عليَّ يوما في حلب نفران من أهل حمص أحدهما شيعي مستبصر ، والاخر سني مستهتر ، وكانت بينهما مناقشه أولويه عليّ ـ عليه السلام ـ بالخلافه. فقال لي الشيعي : يقول صاحبي هذا وهو من أهل السنّه ليس هناك نص على علي ـ عليه السلام ـ بأنه الخليفه بعد رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ بلا فصل ؟! فسألني السني : هل هناك نص صريح ؟ فأجبته : نعم ، بل نصوص صريحه في كتبكم ومصادركم ، وأحلته على تاريخ الطبري وابن الاثير والتفاسير أجمع وذكرت له تفسير آيه ( وأنذر عشيرتك الاقربين ) (2) ، من تاريخ الكامل لابن الاثير (3) والحديث بطوله ، وقد رواه ابن الاثير بزياده ألفاظ على ما رواه الطبري (4) إلى أن انتهيت إلى قول النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ : أيكم يا بني عبد المطلب يؤازرني على هذا الامر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي من بعدي ، وأجابه عليّ لمّا لم يجبه أحد منهم ، فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ : هذا أخي ووزيري ووصيي وخليفتي من بعدي فاسمعوا له وأطيعوا (5). ثم قلت له : أيها المحترم أتطلب نصا أصرح من هذا النص ؟ فقال : إذا ما صنعوا ؟! ففهمت من قوله : ما صنعوا ، يشير إلى اجتماعهم في السقيفه وتنازعهم فيمن يخلف رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ أمهاجرون أم أنصار. فقلت له : هذا ما وقع ؟ فقال : عجبا عجبا وانتهى الامر. وقال قولاً في هذا المقام ولا أريد ذكره ، ثم استبصر وذهب حامدا شاكرا (6). (1) حِمصْ : بلد مشهور كبير مسوّر ، في طرفه القبلي قلعهٌ حصينه على تلّ عال كبير ، بين دمشق وحلب ، في نصف الطريق ، يسمِّى باسم من أحدثه وهو : حِمص بن مكنف العمليقي. انظر : مراصد الاطلاع ج1 ص425. (2) سوره الشعراء : الايه 214. (3) ج2 ص62 وص63. (4) في تاريخه ج2 ص319 ـ 321. (5) تقدمت تخريجاته. (6) لماذا اخترت مذهب الشيعه للانطاكي ص327.