حبل المتين (ط.ق) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

حبل المتين (ط.ق) - نسخه متنی

بهاءالدین محمد بن‏ حسین عاملی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید
الكتاب: الحبل المتين (ط.ق)
المؤلف: البهائي العاملي
الجزء:
الوفاة: 1031
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر: منشورات مكتبة بصيرتي - قم
ردمك:
ملاحظات: المجلد يشمل على عدة كتب / طبعة حجرية
رسائل
الشيخ بهاء الدين
محمد بن الحسين بن عبد الصمد الحارثي العاملي
الوجيزة
حبل المتين
انتشارات بصيرتي
قم - خيابان ارم
چاپ مهر قم

1
بسم
الله الرحمن
الرحيم الحمد لله والصلاة
على رسوله وآله واللعن على أعدائهم إلى
يوم لقائه وبعد بشرى لفقهاء الأمصار
وفضلاء الديار فقد طلع شارق مشرق الشمسين عن مغربه وأنار
ووقع عروة الحبل المتين في موقعه ودار فاستضيئوا واعتصموا بما
فيهما من مجامع أنوار الآيات والاخبار وعمد مباني الاحكام باطنانها على وجه الاختصار ولا
يحتاج مصنفات رأس العرفاء والموحدين وتاج الفقهاء والمجتهدين وشيخ الرواة والمحدثين واستاد
الفضلاء والمتبحرين وذخر الحكماء والمتكلمين وفخر الأدباء والرياضيين الشيخ بهاء الملة
والدين قوى الله أجنحة لاهوتيته في أعلا عليين إلى التوصيف والاظهار فان مزاياها كنار على منار
وقد انطبع كثير منها و نفع وبقي ما هو أتم وأنفع سيما الكتابين المشار إليهما في البين فان فيهما فوائد طريفة
في مقام الاستنباط وعوائد ظريفة في فهم الاخبار ورفع الأخلاط فطبعا هذا الطبع وضم إليهما من مصنفاته
الفائقة ما يتلو بهما في النفع فاشتمل هذا الكتاب المبارك على هذه الكتب والرسائل الوجيزة في الدراية
ثم كتاب الحبل المتين ثم الرسالة الإرثية ثم كتاب مشرق الشمسين ثم الرسالتان الكريتان ثم
رسالة العروة الوثقى ولعمري انها من أحسن الوسائل لتنقيح الاحكام بالدلائل ولقد أظهر
أنار الله برهانه في الايجاز الاعجاز وكأنه أمدع الألفاظ وأودع في قليلها كثير المعاني
من غير تعقيد ولا الغاز ومع ذلك ففيها نكات جامعة ودقائق نافعة من أعظم
أسباب الاستنباط والاجتهاد وأتم ما يستكمل القوة بتجوال
الفكر في ميدان بياناته ويزداد فان صفاء ذهنه الوقاد
وحلاء فكره النقاد واستظهاراته
التأسيسية المستقيمة

2
الجياد
واستبطاناته
التقديسية القويمة الأجواد
أصفى وأجلى من أن يبين أو يعاد ثم إنه قد
أتعب بعض أغصان الفقاهة وأفنان النباهة والدوحة
العلوية والشجرة المحمدية (صلى الله عليه وآله) من أفاضل العصر وأكارم الدهر نفسه الشريفة
أشد الأتعاب في تصحيح هذا الكتاب وانهائه إلى الصواب سيما في مقابلة ما فيها من الاخبار
فجد في تحصيل نسخ الكافي والفقيه والتهذيب والاستبصار وحصل نسخا مصححة شهد على صحتها
ومقابلتها جماعة من فحول العلماء الأخيار ووشحوها بخطوطهم الشريفة وخواتيمهم المنيفة
المنجلي منها الاعتبار سيما كتاب التهذيب فإنه كان في مواضع منه خطوط فحل الفحول التقي المجلسي
قدس الله سره القدسي الذي هو مجدد مذهب الشيعة على الوجه الأتم ومحي الشريعة في العالم محمد باقر
المجلسي جزاه الله عن أهل الايمان خير الجزاء بالفيض القدوسي حسنة من حسناته آية مباركة من آياته
مشتملة على فوائد وتحقيقات سوى ما شهد به من التصحيحات ومع ما قوبل باستمداد الأفاضل الأتقياء والأكارم
الاجلاء بالدقة التامة مع نسخ الكتابين لوحظ النسخ المشار إليها التي هي الأصول السليمة
عن المين وأشير إلى اختلاف النسخ وإلى ما ليس في الكتب الأربعة وعلى ما فيها بهذه الرموز الكافية
والإشارات الوافية رموزها المعروفة في للكافي ويه للفقيه ويب للتهذيب وصا للاستبصار
وفيما لم يوجد في الكافي والتهذيب في لا ويب لا وفي اختلاف النسخ في خ و
يه خ ويب خ وصا خ وبعد التأمل والتطبيق وعند الملاحظة والتعميق
يظهر انها أصح من نسخة الأصل وان هذا هو القول الفصل
وليس بالهزل والحمد لله على عظيم
الفضل والصلاة على
محمد وآله
سنة 1321 ه‍.

3
هذه رسالة غزيرة
موجزة مسماة بالوجيزة في علم
الدراية مجعولة كالمقدمة لحبل المتين
لجمال الملة بهاء الدين عامله الله
بلطفه يوم الدين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله على نعمائه المتواترة وآلائه المستفيضة (المستفظاة) والصلاة على أشرف أهل الدنيا والآخرة محمد وعترة الطاهرين (الطاهرة)
فهذه رسالة عزيزة موسومة بالوجيزة تتضمن خلاصة علم الدراية وتشتمل على زبدة ما يحتاج إليه
أهل الرواية جعلتها كالمقدمة لكتاب حبل المتين وعلى الله أتوكل وبه استعين
اما المقدمة علم الدراية
يبحث فيه عن سند الحديث ومتنه وكيفية تخله وآداب نقله والحديث كلام يحكي قول المعصوم أو فعله أو
تقريره واطلاقه عندنا على ما ورد عن غير المعصوم تجوز وكذلك الأثر والخبر يطلق تارة على ما ورد عن
غير المعصوم من الصحابي والتابعين ونحوهما (غيرهما) وأخرى على ما يرادف الحديث وهو الأكثر وتعريفه حينئذ بكلام يكون
لنسبته خارج في أحد الأزمنة يعم التعريف للخبر المقابل الانشاء لا المرادف للحديث كما ظن لانتقاضه طردا بنحو
زيد انسان وعكسا بنحو قوله ص صلوا كما رأيتموني أصلي فبين الخبرين عموم من وجه اللهم الا ان يجعل قول الراوي
قال النبي صلى الله عليه وآله مثلا جزء منه ليتم العكس ويضاف إلى التعريف قولنا يحكى ليتم الطرد وعنه مندوحة ثم اختلال عكس
التعريفين بالحديث المسموع من المعصوم (ع) قبل نقله عنه ظاهر والتزام عدم كونه حديثا تعسف ولو قيل الحديث قول
المعصوم أو حكاية قوله أو فعله أو تقريره لم يكن بعيدا واما نفس الفعل والتقرير فيطلق عليهما اسم السنة لا
الحديث فهي أعم
منه مطلقا ومن الحديث ما يسمى حديثا قدسيا وهو ما يحكى كلامه تعالى غير متحدي بشئ منه نحو قال الله تعالى الصوم لي
وانا أجزي عليه
الفصل الأول ما يتقوم به الحديث متنه وسلسلة رواته إلى المعصوم سنده فان بلغت سلاسله
في كل طبقة حدا يؤمن معه تواطئهم على فمتواتر ويرسم بأنه خبر جماعة يفيد بنفسه القطع بصدقه والا فخبر آحاد
ولا يفيد بنفسه الا ظنا فان نقله في كل مرتبة أزيد من ثلاثة فمستفيض أو انفرد به واحد من أحدها فغريب وان
علمت سلسلة (سلسلته) بأجمعها فمسند أو سقط من أولها واحد فصاعدا فمعلق أو من آخرها كذلك أو كلها فمرسل
أو من وسطها واحد فمنقطع أو أكثر فمفصل والمروي بتكرير لفظ عن فمعنعن ومطوي ذكر المعصوم

4
مضمر وقصير السلسلة عال ومشتركها كلا أو جلا في امر خاص كالاسم والأولية والمصافحة والتلقيم ونحو
ذلك مسلسل ومخالف المشهور شاذ ثم سلسلة المسند اما إماميون ممدوحون بالتعديل فصحيح وان
شذ أو بدونه كلا أو بعضا مع تعديل البقية فحسن أو مسكوت عن مدحهم وذمهم كذلك فقوي واما غير
الإماميين كلا أو بعضا مع تعديل الكل فموثق ويسمى قويا أيضا وما عدا هذه الأربعة ضعيف فان اشتهر
العمل بمضمونه فمقبول وقد يطلق الضعيف على القوي بمعنييه وقد يخص بالمشتمل على جرح أو تعليق أو انقطاع
أو اعضال أو ارسال وقد يعلم من حال مرسله عدم الارسال من غير الثقة فينتظم حينئذ في سلك الصحاح كمراسيل محمد بن أبي
عمير وروايته أحيانا عن غير الثقة لا يقدح في ذلك كما يظن لأنهم ذكروا انه لا يرسل الا عن ثقة لا انه لا يروي الا
عن ثقة
الفصل الثاني الصدق في المتواترات مقطوع والمنازع مكابر وفي الآحاد الصحاح مظنون وقد عمل
بها المتأخرون وردها المرتضى وابن زهرة وابن البراج وابن إدريس وأكثر قدمائنا ومضمار البحث من الجانبين
وسيع ولعل كلام المتأخرين عند التأمل أقرب والشيخ على أن غير المتواتر ان اعتضد بقرينة الحق بالمتواتر في ايجاب
العلم ووجوب العمل والا فيسميه خبر آحاد ويجيز العمل به تارة ويمنعه أخرى على تفصيل ذكره في الاستبصار وطعنه في
التهذيب في بعض الأحاديث بأنها اخبار آحاد مبني على ذلك فتشنيع بعض المتأخرين عليه بان جميع أحاديث التهذيب
آحاد لا وجه له
والحسان كالصحاح عند بعض ويشترط الانجبار باشتهار عمل الأصحاب بها عند آخرين كما في
الموثقات وغيرها وقد شاع العمل بالضعاف في السنن وان اشتهر ضعفها ولم ينجبر والايراد بان اثبات أحد الأحكام الخمسة
بما هذا حاله مخالف لما ثبت في محله مشهور والعامة مضطربون في التفصي عن ذلك واما نحن معاشر الخاصة
فالعمل عندنا ليس بها في الحقيقة بل بحسنة من سمع شيئا من الثواب وهي ما تفردنا بروايته وقد بسطنا فيها الكلام في
شرح الحديث الحادي والثلثين من كتاب الأربعين
الفصل الثالث الحديث ان اشتمل على علة خفية في متنه
أو سنده فمعلل وان اختلط به كلام الراوي فتوهم انه منه أو نقل مختلفي الاسناد أو المتن بواحد فمدرج أو أوهم
السماع ممن لم يسمع منه أو تعدد شيخه بايراد ما لم يشتهر من ألقابه مثلا فمدبر أو بدل بعض الرواة أو كل السند
بغيره سهوا أو للرواج أو الكساد فمقلوب أو صحف في السند أو المتن فمصحف والراوي ان وافق في اسمه
واسم أبيه لفظا فهو المتفق والمفترق أو خطا فقط المؤتلف والمختلف أو في اسمه فقط والأبوان مؤتلفان
فهو المتشابه وان وافق المروي عنه في السن أو في الاخذ عن الشيخ فرواية الاقران أو يقدم عليه في أحدهما
فرواية الأكابر عن الأصاغر
الفصل الرابع يثبت تعديل الراوي وجرحه بقول واحد عدل عند الأكثر ولو
اجتمع الجارح والمعدل فالمشهور تقديم الجارح والأولى التعويل على ما يثمر غلبة الظن كالأكثر عددا وورعا وممارسة و
ألفاظ التعديل ثقة حجة عين وما أدى مؤداها واما متقن حافظ ضابط صدوق مشكور مستقيم زاهد قريب الامر ونحو
ذلك فيفيد المدح المطلق وألفاظ الجرح ضعيف مضطرب غال مرتفع القول متهم ساقط ليس بشئ كذوب
وضاع وما شاكلها دون يروي عن الضعفاء لا يبالي عمن اخذ يعتمد المراسيل واما نحو يعرف حديثه وينكر ليس بنقي

5
الحديث وأمثال ذلك ففي كونه جرحا تأمل ورواية من اتصف بفسق بعد صلاح أو بالعكس لا تعتبر حتى يعلم
أو يظن صلاحه وقت الأداء اما وقت التحمل فلا
الفصل الخامس أنحاء تحمل الحديث سبعة أولها السماع من
الشيخ وهو أعلاها فيقول المتحمل سمعت فلانا أو حدثنا أو أخبرنا أو نبأنا ثانيها القراءة عليه ويسمى العرض و
شرطه حفظ الشيخ أو كون الأصل الصحيح بيده أو يد ثقة فيقول قرأت عليه فأقربه ويجوز إحدى تلك العبارات
مقيدة بقراءة عليه على قول ومطلقة مطلقا على آخر وفي غير الأولى على ثالث وفي حكم القراءة عليه السماع حال قراءة
الغير فيقول قرئ عليه وانا اسمع منه فأقربه أو إحدى تلك العبارات والخلاف في اطلاقها وتقييدها كما عرفت
ثالثها الإجازة والأكثر على قبولها ويجوز مشافهة وكتابة ولغير المميز وهي اما لمعين بمعين أو غيره
أو لغيره به أو بغيره وأول هذه الأربعة أعلاها بل منع بعضهم ما عداها ويقول أجازني رواية كذا أو إحدى تلك
العبارات مقيدة والمقيدة بإجازة على قول رابعها المناولة بان يناوله الشيخ أصله ويقول هذا سماعي مقتصرا عليه من
دون أجزتك ونحوه وفيها خلاف وقبولها غير بعيد مع قيام القرينة على قصد الإجازة فيقول حدثنا مناولة و
ما أشبه ذلك اما المقترنة بها لفظا فهي أعلى أنواعها خامسها الكتابة بان يكتب له مروية بخطه أو يأمر بها له فيقول
كتب إلى أو حدثنا مكاتبة على قول سادسها الاعلام بان يعلمه ان هذا مروية مقتصرا عليه من دون مناولة ولا
إجازة والكلام في هذا وسابقه كالمناولة فيقول أعلمناه ونحوه سابعها الوجادة بان يجد المروي مكتوبا من غير
اتصال على أحد الأنحاء السابقة فيقول وجدت بخط فلان أو في كتاب أخبرني فلان انه خط فلان ففي العمل بها قولان
اما الرواية بها فلا
الفصل السادس آداب كتابة الحديث تبيين الخط وعدم ادماج بعضه في بعض واعراب
ما يخفى وجهه وعدم الاخلال بالصلاة والسلام بعد اسم النبي صلى الله عليه وآله والأئمة صلوات الله وسلامه عليهم وتصريحا
من غير رمز ويكتب عند تحويل السند حاء بين المحول والمحول إليه وإذا كان المستتر في قال أو يقول عائدا إلى
المعصوم (ع) فليمد اللام وليفصل بين الحديثين بدائرة صغيرة من غير لون الأصل وان وقع سقط فإن كان يسيرا كتب
على سمت السطر أو كثيرا فعلى أعلى الصفحة يمينا أو يسارا ان كان سطرا واحدا وإلى أسفلها يمينا وأعلاها يسارا
ان كان أكثر والزيادة اليسيرة تنفى بالحك مع امن الخرق وبدونه بالضرب عليها ضربا ظاهرا لا بكتابة لا أو حرف الزاء
على أولها وإلى في خرها فإنه ربما يخفى على الناسخ وإذا وقع تكرار فالثاني أحق بالحك أو الضرب الا ان يكون أبين
خطا أو في أول السطر خاتمة جميع أحاديثنا الا ما ندر ينتهي إلى أئمتنا الاثني عشر سلام الله عليهم أجمعين وهم
ينتهون فيها إلى النبي صلى الله عليه وآله فان علومهم مقتبسة من تلك المشكاة وما تضمنه كتب الخاصة رضوان الله عليهم من
الأحاديث المروية عنهم (ع) يزيد على ما في الصحاح الست للعامة بكثير كما يظهر لمن تتبع أحاديث الفريقين وقد روى
راو واحد وهو أبان بن تغلب عن امام واحد أعني الامام أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق (ع) ثلاثين الف حديث كما ذكره علماء
الرجال وكان قد جمع قدماء محدثينا رضي الله عنهم ما وصل إليهم من أحاديث أئمتنا سلام الله عليهم في أربعمأة
كتاب يسمى الأصول ثم تصدى جماعة من المتأخرين شكر الله سعيهم لجمع تلك الكتب وترتيبها تقليلا للانتشار وتسهيلا

6
على طالبي تلك الأخبار فألفوا كتبا مبسوطة مبوبة وأصولا مضبوطة مهذبة مشتملة على الأسانيد المتصلة بأصحاب
العصمة سلام الله عليهم كالكافي وكتاب من لا يحضره الفقيه والتهذيب والاستبصار ومدينة العلم والخصال والأمالي
وعيون الأخبار الرضا وغيرها
والأصول الأربعة الأول هي التي عليها المدار في هذه الاعصار اما الكافي وهو تأليف
ثقة الاسلام أبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني الرازي عطر الله مرقده الفه في مدة عشرين سنة وتوفي ببغداد سنة ثمان
أو تسع وعشرين وثلاثمأة ولجلالة شأنه عدة جماعة من علماء العامة كابن الأثير في كتاب جامع الأصول من المجددين لمذهب
الامامية على رأس المأة الثالثة بعد ما ذكر ان سيدنا وامامنا أبا الحسن علي بن موسى الرضا سلام الله عليه وعلى ابائه
الطاهرين هو المجدد لذلك المذهب على رأس المأة الثانية واما كتاب من لا يحضره الفقيه فهو تأليف رئيس المحدثين
حجة الاسلام أبي جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي قدس الله سره وله طاب ثراه مؤلفات أخرى سواه يقارب ثلاثمأة كتاب
توفي بالري سنة إحدى وثمانين وثلاثمأة واما التهذيب والاستبصار فهما من تأليفات شيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن
الحسن الطوسي نور الله ضريحه وله تأليفات أخرى سواهما في التفسير والأصول والفروع وغيرها توفي طيب الله مضجعه
سنة ستين وأربعمأة بالمشهد المقدس الغروي على ساكنه أفضل الصلاة والسلام فهؤلاء المحمدون الثلاثة قدس الله
أرواحهم هم أئمة أصحاب الحديث من متأخري علماء الفرقة الناجية الامامية رضوان الله عليهم وقد وفقني الله تعالى
وانا أقل العباد محمد المشتهر ببهاء الدين العاملي عفى الله عنه للاقتداء بآثارهم والاقتباس من أنوارهم فجمعت في كتاب حبل
المتين خلاصة ما تضمنه الأصول الأربعة من الأحاديث الصحاح والحسان والموثقات التي منها تستنبط أمهات الاحكام
الفقهية وإليها ترد مهمات المطالب الفرعية وسلكت في توضيح مبانيها وتحقيق
معانيها مسلكا يرتضيه الناظرون بعين البصيرة ويحمله المتأولون
بيد غير قصيرة واسأل الله التوفيق لاتمامه
والفوز بسعادة أختامه
انه سميع مجيب
فائدة قد يبتدء في الحديث بقوله روينا بالاسناد عن فلان فلفظ روينا
بناء على العلوم كلما أطلق معناه أخبرني شيخي أو استادي وكلما أطلق على
المجهول معناه رواني شيخ شيخي أو أستاذ استادي وكلما روى روينا
على المجهول والتشديد يطلق على الإجازة يعني رويت إجازة
قد فرغت من تحرير هذه النسخة الشريفة في ليلة الاثنين الرابع من ذي حجة الحرام
سنة الف وثلاثمأة وثمان عشر
فائدة إذا أطلق أبو جعفر (ع) فالمراد به الباقر (ع) وإذا قيد بالثاني فالجواد (ع)
وإذا أطلق أبو عبد الله (ع) فالصادق (ع) وإذا قيل أحدهما فالباقر أو الصادق (ع) وإذا
أطلق أبو الحسن (ع) فالكاظم (ع) وإذا قيد بالثاني فالرضا (ع) وبالثالث
الهادي (ع) والعالم والشيخ وأبو إبراهيم والعبد الصالح
الكاظم (ع) وأبو محمد والماضي والفقيه وصاحب العسكر والامر
فالعسكري عليهم السلام
من لطائف إفادات المصنف قدس سره البهي في أحوال بعض الرواة
كل حميد حميد كل جميل جميل كل شعيب خال عن العيب كل عبد السلام صالح حتى عبد السلام
كل عاصم حسن الا عاصم بن الحسن كل يعقوب بلا خيبة الا يعقوب بن شيبة كل سالم غير سالم كل طلحة طالح
بسم الله الرحمن الرحيم
في معرفة من اجتمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم وهم على ما حكاه الكشي
ثمانية عشر رجلا ستة منهم من أصحاب أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام وهم
زرارة ومعروف بن خربوز وبريد العجلي وأبو نصر الأسدي و الفضيل بن يسار ومحمد
بن مسلم وقال بعضهم أبو بصير ليث المرادي مكان أبي نصر الأسدي وستة منهم من
أصحاب أبي عبد الله عليه السلام وهم جميل بن دراج وعبد الله بن مسكان وعبد الله
بن بكير وحماد بن عثمن وابان بن عثمان وزعم بعضهم ان أفقه هؤلاء جميل بن دراج
وستة منهم من أصحاب أبي إبراهيم وأبي الحسن عليهما السلام وهم يونس بن عبد
الرحمن وصفوان بن يحيى بياع السابري ومحمد بن أبي عمير و عبد الله بن المغيرة
والحسن بن محبوب وأحمد بن محمد بن أبي نصر وقال بعضهم مكان الحسن فضالة بن
أيوب وقال بعضهم مكان فضالة عثمن بن عيسى وافقه هؤلاء يونس بن عبد الرحمن
وصفوان بن يحيى فتدبر

7
هذا
هو الكتاب المبين
المسمى بالحبل المتين في احكام احكام الدين
لبرهان الحق جمال الملة بهاء الدين العاملي
حباه الله بما تقر به عينه
يوم الدين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي دلنا على الطريق القويم ومن علينا بالهداية إلى الصراط المستقيم ووفقنا عند تفرق الأهواء
وتشعب الآراء للتمسك بكتابه المبين وهدانا عند تخالف المذاهب وتباين المشارب إلى التشبث بأذيال أهل
بيت نبيه سيد المرسلين وأشرف الأولين والآخرين صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين صلاة و
سلاما دائمين إلى يوم الدين وبعد فان الفقير إلى الله الغني محمد المشتهر ببهاء الدين العاملي
وفقه الله للعمل في يومه لغده قبل ان يخرج الامر من يده يقول إن أهم ما توجهت إليه الهمم العوالي وأحق ما نقضت
عليه الأيام والليالي هو العلوم الدينية التي عليها مدار امر الاسلام والمعارف الملية التي إليها دعى الأنبياء عليهم
السلام سيما علم الحديث ودرايته ونقله وروايته والبحث عن حاله والتفحص على رجاله والوقوف على رموزه و
الوصول إلى كنوزه فإنه بعد علم التفسير منبع العلوم الشرعية وأساس الاحكام الأصلية والفرعية فطوبى لمن
وجه إليه همته وبيض عليه لمته وجعله شعاره ودثاره وصرف فيه ليله ونهاره وهذا الكتاب بذلت فيه
جهدي وجعلته تذكرة لأولي الألباب من بعدي ينطوي على عيون الأحاديث الواردة في الاحكام العملية ويحتوي
على خلاصة ما رواه أصحابنا رضي الله عنهم بالأسانيد المعتبرة عن العترة النبوية كنز مذخور بصحاح الأحاديث و
حسانها وبحر مسجور بلؤلؤ الاخبار ومرجانها موشحة أحاديثه بتفسير المباني وتقرير المعاني وتبيين النكات
وتوضيح المغلقات واستكشاف الدلائل واستنباط المسائل إلى غير ذلك مما انجر إليه الكلام في بعض الأوقات
من سوانح المباحثات ولوايح المطارحات مما سمح به النظر القاصر وانتهى إليه الفكر الخاسر وهذا الكتاب انما يعرف
قدره من تأمل أصول أصحابنا قدس الله أرواحهم بعين بصيرة وسبر أغوار تلك الكتب بيد غير قصيرة وافنى في

8
فن الجرح والتعديل برهة من عمره وصرف في رد الفروع إلى الأصول شطرا من أيام دهره ثم غاية ما التمس منكم أيها
الاخوان في الدين والشركاء في طلب اليقين ان تمنوا علي باصلاح فساده وترويج كساده والاغماض عما لا يخلو
عنه مؤلف ولا يسلم منه مصنف مما هو حقيق بان يستر ولا يسطر ويضمر ولا يظهر ويلفظ ولا يحفظ
فإنكم تعلمون ان الغوص على درر الدقايق يتعذر مع تلاطم أمواج المحن والعوايق وإلى الله سبحانه المشتكى من دهر
قل ما أضحك وطال ما ابكى ثم إن طرق سمعكم ما لم تعهدوا طروقه ولاح لكم برق لم تألفوا بروقه فلا تعجلوا باللجاج
في سلوك ذلك السبيل وامكثوا قليلا فعسى ان يتبدل الملح الأجاج بالعذب السلسبيل وها انا باسط كف السؤال
إلى من لا يخيب لديه الآمال ان يعصمني عن اقتحام موارد الزلل في القول والعمل وان يسهل لي اتمام ما أرجوه و
يوفقني لاكماله على أحسن الوجوه وان يجعله خالصا لوجهه الكريم وان يتقبله بلطفه العميم وفضله العظيم وسميته
بالحبل المتين في إحكام أحكام الدين ورتبته على أربعة مناهج أولها في العبادات وثانيها في العقود
وثالثها في الايقاعات ورابعها في الاحكام وما توفيقي الا بالله عليه توكلت واليه أنيب
المنهج الأول في العبادات وفيه خمسة كتب الكتاب الأول في الصلاة وفيه مقدمة وأبواب المقدمة في فضل الصلاة و
الحث (أي الترغيب) عليها خمسة أحاديث أ من الصحاح أبان بن تغلب عن أبي عبد الله (ع) أنه قال
يا ابان هذه الصلوات الخمس
المفروضات من أقامهن وحافظ على مواقيتهن لقي الله يوم القيمة وله عنده عهد يدخله به الجنة ومن لم يصلهن لمواقيتهن
ولم يحافظ عليهن فذلك إليه ان شاء غفر له وان شاء عذبه ب معاوية بن وهب قال سألت أبا عبد الله (ع) عن أفضل ما
يتقرب به العباد إلى ربهم وأحب ذلك إلى الله عز وجل ما هو فقال ما اعلم بعد المعرفة أفضل من (؟) الصلاة الا
ترى ان العبد الصالح عيسى بن مريم صلى الله عليه قال وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا ج بريد بن معاوية
العجلي عن أبي جعفر (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله ما بين المسلم وبين ان يكفر الا ان يترك الصلاة الفريضة متعمدا أو يتهاون
بها فلا يصليها د من الحسان عبيد بن زرارة؟ عن الصادق (ع) ان الكباير سبع الكفر بالله وقتل النفس وعقوق الوالدين
واكل الربوا واكل مال اليتيم ظلما والفرار من الزحف والتعرب بعد الهجرة قال قلت فاكل درهم من مال اليتيم أكبر أم ترك
الصلاة قلت فما عدت في الكبائر قال اي شئ (أول) ما قلت لك قال قلت الكفر قال فان تارك الصلاة كافر يعني من غير علة
ه‍ زرارة عن أبي جعفر (ع) قال بينا رسول الله صلى الله عليه وآله جالس في المسجد إذ دخل رجل فقام فصلى فلم يتم ركوعه ولا سجوده
فقال صلى الله عليه وآله نقر كنقر الغراب لئن مات هذا وهكذا صلاته ليموتن على غير ديني أقول المراد بالمحافظة على المواقيت شدة
الاعتناء بشأنها بمراقبتها والتطلع إليها والتهيؤ لها قبل دخولها وعدم تفويت وقت الفضيلة منها وما هو من هذا
القبيل واللام في قوله (ع) ولم يصلهن لمواقيتهن اما بمعنى في كما قالوه في قوله تعالى ونضع الموازين القسط ليوم القيمة أو
بمعنى بعد كما قالوه في قوله (ع) صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته أو بمعنى عند كما قالوه في قولهم كتب الكتاب لخمس خلون
من شهر كذا والمجرور في قوله (ع) ولم يحافظ عليهن اما عائد إلى الصلوات أو إلى المواقيت والسلامة من تشويش الضمائر
تعضد الأول ورعاية اللف والنشر تعضد الثاني والجار والمجرور في قوله (ع) فذلك خبر مبتدأ محذوف والتقدير

9
فذلك امره إليه سبحانه ويحتمل ان يكون مراد هو الخبر عن اسم الإشارة اي فذلك الشخص صائر إلى الله تعالى و
راجع إليه ان شاء غفر له وان شاء عذبه وهذا الحديث رواه الصدوق في الفقيه على أنه حديث قدسي هكذا
دخل رسول الله صلى الله عليه وآله المسجد وفيه ناس من أصحابه فقال أتدرون ما قال ربكم قالوا الله ورسوله اعلم فقال إن ربكم
يقول هذه الصلوات الخمس المفروضات الحديث مع أدنى تغير والمراد بالمعرفة في قوله (ع) في الحديث الثاني لا اعلم
شيئا بعد المعرفة أفضل من هذه الصلاة ما يتحقق به الايمان عندنا من المعارف الخمس وما قصده (ع) من أفضلية الصلاة
على غيرها من الأعمال وان لم يدل عليها منطوق الكلام الا ان المفهوم منه بحسب العرف ذلك كما يفهم من قولنا
ليس بين أهل البلد أفضل من زيد أفضليته عليهم وان كان منطوقه نفي أفضليتهم عليه وهو لا يمنع المساواة هذا و
في جعله (ع) قول عيسى على نبينا وعليه السلام وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا مؤيدا لأفضلية الصلاة بعد
المعرفة على غيرها من الأعمال نوع خفاء ولعل وجهه ما يستفاد من تقديمه (ع) ما هو من قبيل الاعتقادات في مفتتح كلامه
ثم أردفه ذلك بالاعمال البدنية والمالية وتصديره لها بالصلاة مقدما لها على الزكاة ولا يبعد ان يكون التأييد
لمجرد تفضيل الصلاة على غيرها من الأعمال من غير ملاحظة تفضيل المعرفة عليها ويؤيده عدم ايراده (ع) صدر الآية
في صدر التأييد والآية هكذا قال إني عبد الله اتاني الكتاب وجعلي نبيا وجعلني مباركا أينما كنت وأوصاني بالصلاة
والزكاة ما دمت حيا والظاهر أن المراد من أول شقي الترديد في قوله صلى الله عليه وآله في الحديث الثالث الا ان يترك الصلاة الفريضة
متعمدا أو يتهاون بها فلا يصليها ترك الاتيان بها في جميع الوقت من غير أن يكون عازما على أدائها في شئ من اجزائه
ومن الشق الثاني التقاعد عنها في كل جزء من اجزاء الوقت تساهلا وتكاسلا لكن مع عزمه على الاتيان بها في الجزء الآخر
ثم يتكاسل عنها في ذلك الجزء أيضا وهكذا إلى أن يفوت الوقت ثم ما يفهم من ظاهر هذا الحديث وما بعده من كفر
تارك الصلاة متعمدا من دون تقييد بالاستحلال مشكل ويظهر من بعض الأصحاب الميل إليه والأحاديث الدالة
بظاهرها عليه كثيرة ولعل المراد الترك مستحلا وان التعبير بالكفر للمبالغة والتأكيد وتغليظ الاثم كما في قوله تعالى جل
شانه ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فان الله غني عن العالمين وما تضمنه الحديث الرابع
من أن الكباير سبع هو أحد ما رواه أصحابنا عن أئمتنا عليهم السلام في تعدادها وستسمع في تحقيق ذلك كلاما مستوفي
في بحث صلاة الجماعة انشاء الله تعالى والمراد من الفرار من الزحف الفرار في معركة النبي صلى الله عليه وآله واحد خلفائه (ع) والزحف بالزاي و
الحاء المهملة الساكنة العسكر والمراد بالتعرب بعد الهجرة الالتحاق ببلاد الكفر والإقامة بها بعد المهاجرة عنها إلى بلاد
الاسلام والتاء في قوله في آخر الحديث قال قلت الكفر يحتمل الضم والفتح على أنها تاء المتكلم أو المخاطب ولفظة بينا في
الحديث الخامس هي بين الظرفية أشبعت فتحتها فصارت ألفا ويقع بعدها إذ الفجائية تقول بينا انا في عسر إذ جاء الفرج
والمراد من عدم اتمام الركوع والسجود ترك الطمأنينة فيهما كما يشعر به قوله صلى الله عليه وآله نقر كنقر الغراب والنقر التقاط الطاير بمنقاره
الحبة وفيه دلالة ظاهرة على وجوب الطمأنينة في الركوع والسجود والعجب من الأصحاب رضوان الله عليهم كيف استدلوا
على وجوبها فيهما بحديث الأعرابي وهو ضعيف السند عامي وبرواية حماد وزرارة وهما غير دالتين على الوجوب ولم يستدلوا

10
بهذا الحديث المعتبر السند الظاهر الدلالة وقوله صلى الله عليه وآله لئن مات هذا وهكذا صلاته ليموتن على غير ديني يشعر بان
التهاون في المحافظة على حدود الفرائض والتساهل في استيفاء أركانها يؤدي إلى الاستخفاف بشأنها وعدم المبالاة
بتركها وهو يؤدي إلى الكفر نعوذ بالله من ذلك
الباب الأول في مقدمات الصلاة وفيه مقاصد المقصد الأول
في الطهارة وفيه جمل ثلث الجملة الأولى في الوضوء وما يتعلق به وفيه فصول اثنا عشر الفصل الأول
في صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله والأئمة من عترته (ع) أربعة أحاديث أ من الصحاح زرارة بن أعين قال حكى لنا أبو جعفر
(ع) وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله فدعا بقدح من ماء فادخل يده اليمنى فاخذ كفا من ماء فأسدلها على وجهه من أعلى الوجه ثم
مسح بيده الجانبين جميعا ثم أعاد اليسرى في الاناء فأسدلها على اليمنى ثم مسح جوانبها ثم أعاد اليمنى في الاناء ثم صبها
على اليسرى فصنع بها كما صنع باليمنى ثم مسح ببقية ما بقي في يديه رأسه ورجليه ولم يعدهما في الاناء ب زرارة
قال قال أبو جعفر (ع) الا أحكي لكم وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله فقلنا بلى فدعا بقعب فيه شئ من ماء فوضعه بين يديه ثم حسر على ذراعيه
ثم غمس فيه كفه اليمنى ثم قال هذا إذا كانت الكف طاهره ثم غرف فملأها ماء فوضعها على جبينه ثم قال بسم الله وسدله
على أطراف لحيته ثم امر يده على وجهه وظاهر جبينه مرة واحدة ثم غمس يده اليسرى فغرف بها ملأها ثم وضعها على مرفقه
اليمنى وامر كفه على ساعده حتى جرى الماء على أطراف أصابعه ثم غرف بيمينه ملأها فوضعها على مرفقه اليسرى وامر
كفه على ساعده حتى جرى الماء على أطراف أصابعه ومسح مقدم رأسه وظهر قدميه ببلة يساره وبقية بلة يمناه ج حماد
بن عثمان قال كنت قاعدا عند أبي عبد الله (عليه السلام) فدعا بماء فملأ به كفه ثم عم به وجهه ثم ملاء كفه فعم به يده اليمنى ثم ملاء كفه فعم به
يده اليسرى ثم مسح على رأسه ورجليه وقال هذا وضوء من لم يحدث حدثا يعني به التعدي في الوضوء د أبو عبيدة الحذاء قال
وضأت أبا جعفر (عليه السلام) بجمع وقد بال فناولته ماء فاستنجى ثم صببت عليه كفا فغسل به وجهه وكفا غسل به ذراعه الأيمن وكفا غسل
به ذراعه الأيسر ثم مسح بفضلة الندى رأسه ورجليه أقول ما تضمنه صدر الأحاديث الثلاثة الأول من صدر انه (عليه السلام)
دعا بقدح من ماء يمكن ان يستنبط منه ان استدعاء الماء للوضوء والامر بالاحضار ليس من الاستعانة المكروهة تنزيها
للإمام (عليه السلام) عن فعل المكروه والذي استفاده الأصحاب رضوان الله عليهم من الاخبار ان الاستعانة المكروهة هي صب الماء في
اليد ليغسل به كما روي أن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان لا يدعهم يصبون الماء عليه ويقول لا أحب ان أشرك في صلاتي أحد وكما رواه
في الكافي والتهذيب عن الحسن بن علي الوشاء قال دخلت على الرضا (عليه السلام) وبين يديه إبريق يريد ان يتهيأ منه للصلاة فدنوت
لأصب عليه فأبى ذلك وقال مه يا حسن فقلت لم تنهاني ان أصب على يدك تكره ان أوجر فقال توجر أنت وأوزر انا قلت
وكيف ذلك فقال اما سمعت الله يقول فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا وها انا ذا
أتوضأ للصلاة وهي العبادة فأكره ان يشركني فيها أحد وهاتان الروايتان وان ضعفت أوليهما بالارسال والثانية
بان في طريقها إبراهيم بن إسحاق بن الأحمري وهو ضعيف جدا الا انهما مجبورتان بعمل الأصحاب ومعتضدتان بالحديث الحسن
الوارد في العمل بالضعاف فيما هو من باب السنن على أن الرواية الأولى من مراسيل الصدوق رحمه الله في كتاب من لا يحضره
الفقيه وقد ذكر رحمه الله ان ما أورده فيه فهو حاكم بصحته ومعتقدا به حجة فيما بينه وبين الله تعالى فينبغي ان لا يقصر مراسيله عن

11
مراسيل ابن أبي عمير وان تعامل معاملتها ولا تطرح بمجرد الارسال نعم يمكن ان يقال إنه لا دلالة لتينك الروايتين
على ما فهمه الأصحاب من أن النهي فيهما انما كان عن صب الماء في اليد لاحتمال كونه عن الصب على نفس العضو المغسول و
يؤيده الاستشهاد بالآية الكريمة فان النهي فيها ظاهر في التحريم وكذا قوله (عليه السلام) توجر أنت وأوزر انا إذ لا وزر في فعل المكروه
وبهذا يرتفع التعارض بينهما وبين الحديث الرابع المتضمن لصب أبي عبيده الماء في يد الباقر (عليه السلام) ولا يحتاج إلى حمله على
الضرورة أو بيان الجواز والله أعلم بحقايق الأمور والاسدال في اللغة ارخاء الستر وطرف العمامة ونحوهما ومنه السديل
وهو ما يرخى على الهودج ففي الكلام استعارة تبعية وما تضمنه الحديثان الأولان من ابتدائه (عليه السلام) بأعلى الوجه هو مستند
جمهور الأصحاب على وجوب الابتداء بالأعلى لأنه (عليه السلام) في مقام البيان فوجب اتباعه ولما روي من أنه صلى الله عليه وآله لما توضأ
الوضوء البياني قال هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة الا به ولأنه صلى الله عليه وآله لو بدء بغير الاعلى لتعين ولم يجز خلافه لهذه الرواية لكنه
لم يقل به أحد فتعين ان يكون قد بدأ بالأعلى هذا خلاصة ما استدل به العلامة في المنتهى وذهب السيد المرتضى
رضي الله عنه وابن إدريس إلى جواز الابتداء بغير الاعلى لاطلاق الآية وأصالة براءة الذمة ويمكن ان يقال من جانبهما في الجواب
عن الدليل الأول ان مجرد ابتدائه (عليه السلام) بالأعلى لا يقتضي وجوبه كامراره (عليه السلام) اليد على الوجه ولم لا يجوز ان يكون ذلك من الأمور
الجبلية فان كل من يغسل وجهه يغسله من الأعلى وأيضا فيجوز كون غسله (عليه السلام) من الأعلى لكونه أحد جزئيات المأمور به أعني مطلق
الغسل لا لكونه عين المأمور به وعن الثاني انها رواية مرسلة لا تعويل عليها مع ظهور ان المراد لا يقبل الله الصلاة الا بمثله
فالواجب أقل ما يصدق معه مماثلة الوضوئين ولا نسلم انتفاؤها رأسا بالبدءة بغير الاعلى وبه يظهر الجواب عن الثالث
على أنه يجوز ان يكون (عليه السلام) بدء بالأسفل لبيان جوازه فيه وبما قررناه يعلم أن قول المرتضى رضي الله عنه غير بعيد عن الصواب
وان كان العمل على المشهور بين الأصحاب وظني انه لو استدل على هذا المطلوب بان المطلق ينصرف إلى الفرد الشايع المتعارف و
الشايع المتعارف في غسل الوجه غسله من فوق إلى أسفل فيصرف الامر به في قوله تعالى فاغسلوا وجوهكم إليه لم يكن بعيدا والله أعلم
وقوله ثم مسح بيده الجانبين جميعا ربما يوجد في بعض نسخ التهذيب الحاجبين والأول أصح وهو الموافق لما في الكافي و
يمكن ان يستدل به على ما يلوح من كلام ابن الجنيد من وجوب امرار اليد على الوجه ولا يخفى ان الأدلة الثلاثة التي استدل
بها العلامة على وجوب الابتداء بأعلى الوجه جارية بعينها هنا وما يرد عليها هناك يرد عليها هنا من غير فرق واستدل
له في الذكرى بان المعهود من الغسل ما كان معه امرار اليد ثم أجاب عنه بان الغالب في استعمال الغسل وان كان ذلك لا يلزم
منه وجوبه وفيه نظر فان المطلق ينصرف إلى الفرد الشايع الغالب كما مر فينبغي ان يحمل الغسل المأمور به على ذلك كما
اعترف به وقوله ثم أعاد اليسرى في الاناء كان الظاهر أن يقول ثم ادخل اليسرى ولعله أطلق الإعادة على الادخال الابتدائي
لمشاكلة قوله فيما بعد ثم أعاد اليسرى ليمنى ولا يشترط في المشاكلة تقدم المشاكل بالفتح على المشاكل بالكسر وان كان أكثريا
الا ترى انهم صرحوا بان يمشي في قوله تعالى فمنهم من يمشي على بطنه لمشاكلة قوله تعالى ومنهم من يمشي على رجلين ويمكن
ان يقال إنه أطلق الإعادة باعتبار كونها يدا لا باعتبار كونها يسرى وقوله في الحديث الثاني فدعا بقعب فيه شئ من ماء
القعب بفتح القاف واسكان العين قدح من خشب وما تضمنه هذا الحديث من وضعه (عليه السلام) الاناء بين يديه يخالف ما

12
اشتهر من استحباب وضع الاناء على اليمنى واستدل عليه في المنتهى بما روى عن عايشة ان النبي صلى الله عليه وآله كان يحب التيامن في
تنعله وترجله وطهوره وفي شانه كله وفيه انه لا يصلح لمعارضة مثل هذا الحديث الصحيح واستدل في المعتبر
بان وضع
الاناء على اليمين أمكن في الاستعمال وأنت خبير بعدم دلالته على الاستحباب وربما يستفاد من قوله فوضعها على يمينه جبينه
وقوله ثم وضعه على مرفقه وامر كفه على ساعده حتى جرى الماء على أطراف أصابعه عدم جواز النكس في كل من الوجه و
اليدين وجوزه المرتضى رضي الله عنه وابن إدريس في الكل وقد عرفت الكلام فيه وفي قوله في آخر الحديث ومسح مقدم
رأسه وظهر قدميه ببلة يساره وبقية (بلة) يمناه نوع اشعار بأنه (عليه السلام) مسح رأسه ببلة يمناه حيث قال في اليسرى بالبلة وفي اليمنى
ببقيتها وهو ربما يعطي استحباب مسح الرأس باليمنى وقوله في آخر الحديث الثالث يعني به التعدي في الوضوء الظاهر أنه من كلام
حماد لا من كلام من روى عنه ولعل مراد الإمام (عليه السلام) ان هذا الوضوء المشتمل على مسح الرجلين هو وضوء من لم يتعد حدود الله
وان وضوء من يغسلهما وضوء من تجاوز عما ورد به الكتاب والسنة ويمكن على القول بعدم استحباب تثنية الغسلات ان يكون مراده
(عليه السلام) ان مثل هذا الوضوء الخالي عن تثنيتها وضوء من لم يحدث في الوضوء ما ليس منه على ما سيجئ الكلام فيه عن قريب انشاء الله تعالى
والفاء في قول أبي عبيدة وضأت أبا جعفر (عليه السلام) بجمع فناولته ماء فاستنجى ظاهر انها فاء التعقيب وهو لا يخلو من شئ فان الوضوء
وقع عقيب الاستنجاء دون العكس فاما ان يراد من وضأت أردت التوضية كما قالوا في قوله تعالى كم من قرية أهلكناها فجاءها
بأسنا بياتا أو هم قائلون من أنه بتأويل أردنا اهلاكها واما ان يصار إلى ما قاله بعض المحققين من النحاة من أن التعقيب في الفاء
على نوعين حقيقي معنوي نحو جاء زيد فعمرو ومجازي ذكري وهو عطف مفصل على مجمل كقوله تعالى ونادى نوح ربه فقال رب
ان ابني من أهلي فان التفصيل حقه ان يتعقب الاجمال وعلى هذا ففي كلام الراوي اشعار بان الاستنجاء يلحق بأفعال الوضوء و
مقدماته فيتأيد به ان ماءه محسوب من الماء الذي يستحب به الوضوء كما قاله شيخنا الشهيد في الذكرى ولا يخفى ان هذا لا يتمشى
على الوجه الأول وسيأتيك في هذا الباب كلام مشبع انشاء الله تعالى وجمع بفتح الجيم واسكان الميم المشعر الحرام المسمى بالمزدلفة
روى عن الصادق (عليه السلام) سمي جمعا لان ادم (عليه السلام) جمع فيه بين المغرب والعشاء الفصل الثاني في تحديد الوجه والحكم في تخليل الشعر حديثان
حديثان أ من الصحاح زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال قلت له أخبرني عن حد الوجه الذي ينبغي ان يوضأ الذي قال الله عز وجل
فقال الوجه الذي امر الله تعالى بغسله الذي لا ينبغي لاحد ان يزيد عليه ولا ينقص منه ان زاد عليه لم يوجر وان نقص منه اثم ما
دارت عليه الوسطى والابهام من قصاص شعر الرأس إلى الذقن وما جرت عليه الإصبعان مستديرا فهو من الوجه وما سوى
ذلك فليس من الوجه فقلت له الصدغ من الوجه فقال لا قال زرارة قلت له أرأيت ما أحاط به الشعر فقال كل ما أحاط به الشعر
فليس على العباد ان يطلبوه ولا ان يبحثوا عنه ولكن يجرى عليه الماء ب محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) قال سألته عن الرجل
يتوضأ أيبطن لحيته قال لا أقول وكل من الموصولين في قول زرارة الذي قال الله عز وجل وفي قول الإمام (عليه السلام) الذي لا ينبغي
لاحد ان يزيد عليه نعت بعد نعت للوجه وجملة الشرط والجزاء في قوله (عليه السلام) ان زاد عليه لم يوجر صلة بعد صلة وتعدد
الصلة وان لم يكن بين النحاة مشهور الا انه لا مانع منه وقد ذكر بعض المحققين في قوله تعالى فاتقوا النار التي وقودها الناس
والحجارة أعدت للكافرين تجويز كون جملة أعدت صلة ثانية للتي والقصاص بالتثليث منتهى منابت شعر الرأس من مقدمه

13
ومؤخره والمراد هنا المقدم وهو يأخذ من كل جانب من آخر الناصية ويرتفع عن النزعة إلى أن يتصل بمواضع التحذيف
ويمر فوق الصدغ ويتصل بالعذار واما ما يرتفع من الاذن فداخل في المؤخر والذقن بالتحريك مجمع اللحيتين اللذين
فيهما منابت الأسنان السفلى والذي استفاده الأصحاب رضوان الله عليهم من هذه الرواية ان الحد الطولى للوجه من
القصاص إلى طرف الذقن والحد العرضي ما حواه الابهام والوسطى وهذا التحديد يقتضي بظاهره دخول النزعتين و
الصدغين والعارضين ومواضع التحذيف في الوجه وخروج العذارين عنه لكن النزعتان وان كانتا تحت القصاص فهما
خارجتان عن الوجه عند علمائنا ولذلك اعتبروا قصاص الناصية وما على سمته من الجانبين في عرض الرأس واما الصدغان فهما وان
كانا تحت الخط العرضي المار بقصاص من الناصية ويحويهما الإصبعان غالبا الا انهما خرجا بالنص واما العارضان فقد
قطع العلامة في المنتهى بخروجهما وشيخنا الشهيد في الذكرى بدخولهما وربما يستدل على الدخول بشمول الإصبعين لهما
واما مواضع التحذيف فقد أدخلهما بعضهم لاشتمال الإصبعين عليها غالبا ووقوعهما تحت ما يسامت قصاص الناصية
وأخرجها آخرون لنبات الشعر عليهما متصلا بشعر الرأس وبه قطع العلامة في التذكرة واما العذاران فقد أدخلهما بعض
المتأخرين وقطع المحقق والعلامة بخروجهما للأصل ولعدم اشتمال الإصبعين عليهما غالبا وعدم المواجهة بهما وإذا
تقرر هذا ظهر لك ان ما فهمه الأصحاب رضي الله عنهم من هذه الرواية يقتضي خروج بعض الاجزاء عن حد الوجه مع دخوله في التحديد الذي
عينه (عليه السلام) فيها ودخول البعض فيه مع خروجه من التحديد المذكور وكيف يصدر مثل هذا التحديد الظاهر القصور الموجب لهذا الاختلاف عن
الإمام (عليه السلام) فلا بد من امعان النظر في هذا المقام وقد لاح لي من الرواية معنى آخر يسلم به التحديد عن القصور ودلالة الرواية عليه
في غاية الظهور وهو ان كلا من طول الوجه وعرضه هو ما اشتمل عليه الابهام والوسطى بمعنى ان الخط الواصل من القصاص
إلى طرف الذقن وهو مقدار ما بين الإصبعين غالبا إذا فرض اثبات وسطه وأدير على نفسه ليحصل شبه دائرة فذلك القدر
هو الوجه الذي يجب غسله وذلك لان الجار والمجرور في قوله (عليه السلام) من قصاص شعر الرأس اما متعلق بقوله دارت أو صفة مصدر
محذوف والمعنى ان الدوران تبدء من القصاص منتهيا إلى الذقن واما حال من الموصول الواقع خبرا عن الوجه وهو لفظ ما ان
جوزنا الحال عن الخبر والمعنى ان الوجه هو القدر الذي دارت عليه الإصبعان حال كونه من القصاص إلى الذقن فإذا وضع طرف
الوسطى مثلا على قصاص الناصية وطرف الابهام إلى آخر الذقن ثم أثبت وسط انفراجهما ودار طرف الوسطى مثلا على الجانب
الأيسر إلى أسفل ودار طرف الابهام على الجانب الأيمن إلى فوق تمت الدائرة المستفادة من قوله (عليه السلام) مستديرا وتحقق ما نطق به
قوله (عليه السلام) وما جرت عليه الإصبعان مستديرا فهو من الوجه وبهذا يظهر ان كلا من طول الوجه وعرضه قطر من أقطار تلك الدائرة
من غير تفاوت ويتضح خروج النزعتين والصدغين عن الوجه وعدم دخولهما في التحديد فان أغلب الناس إذا طبق انفراج الإصبعين
على ما بين قصاص الناصية إلى طرف ذقنه وأدارهما على ما قلناه ليحصل شبه دائرة وقعت النزعتان والصدغان خارجة عنها و
كذلك يقع العذاران ومواضع التحذيف كما يشهد به الاستقراء والتتبع واما العارضان فيقع بعضها داخلها والبعض خارجا
عنها فيغسل ما دخل ويترك ما خرج على ما يستفاد من الرواية وحينئذ يستقيم التحديد المذكور فيها ويسلم عن القصور ولا يدخل
فيه ما هو خارج ولا يخرج ما هو داخل فتأمل في ذلك فإنه بالتأمل حقيق والله سبحانه اعلم بحقايق الأمور وما تضمنه الحديث

14
من قوله (عليه السلام) كلما أحاط به الشعر فليس على العباد ان يطلبوه وكذا ما تضمنه الحديث الثاني من عدم وجوب تبطين اللحية اي
ايصال الماء إلى باطنها وهو مستند الأصحاب رضوان الله عليهم في عدم وجوب تخليل الشعر الكثيف وفسر بما لا تتراءى
البشرة خلاله في مجالس التخاطب لكنهم اختلفوا في وجوب تخليل الخفيف وفسر بما يقابل تفسير الكثيف فالمرتضى
رضي الله عنه وابن الجنيد والعلامة في القواعد والمختلف والتذكرة على الوجوب والشيخ والمحقق والعلامة في المنتهى وشيخنا
الشهيد في الذكرى والدروس على العدم وهو المشهور واستدل في الذكرى بان الوجه اسم لما يواجه به فلا يتبع غيره وبهاتين
الصحيحتين وبما رووه من أن النبي صلى الله عليه وآله توضأ فغرف غرفة غسل بها وجهه ولا يبلغ الغرفة الواحدة أصول الشعر وخصوصا مع أن
النبي صلى الله عليه وآله كان كث اللحية كما وصفه به علي (عليه السلام) ولأن كل شعرة تستر ما تحتها ضرورة فلا يجب غسله كالساتر للجميع لقيام المواجهة
به هذا كلامه وفيه نظر لان دليله الأول انما يجري بظاهره في الكثيف وليس النزاع فيه والعلاوة التي ظنها مؤيدة
لدليله الثالث تأييدها غير ظاهر بل الظاهر خلافه وقوله في الرابع ان كل شعرة تستر ما تحتها ان أراد ان أصلها تستر نفس منبتها
الحقيقي فليس الكلام فيه وان أراد ان الشعرة تستر شعاع البصر عن الوقوع على ما يحاذيها من اجزاء الوجه فان أراد اجزاء شخصية
بعينها في كل مجالس التخاطب فالخفيف ليس كذلك فان المستورية تتبدل بتبدل مجلس التخاطب بل بأدنى حركة بين الرائي والمرئي يظهر
ما كان مستورا ويستر ما كان ظاهرا وان أراد اجزاء نوعية متبدلة الافراد بتبدل المجالس توجه المنع إلى الكبرى لحصول المواجهة
بها في بعض الأوقات ثم اعلم أنه لا خلاف بين الفريقين في وجوب غسل ما لا يرى من البشرة خلال الشعر في مجلس التخاطب
وفي عدم وجوب غسل ما لا يرى منها ومن هنا قال بعض مشايخنا رضي الله عنهم ان النزاع في هذه المسألة قليل الجدوى وأنت خبير
بأنه لو جعل النزاع في وجوب غسل ما يستره الشعر الخفيف في بعض المجالس دون بعض كما يلوح من كلامهم لم يكن بعيدا ولا
يكون النزاع قليل الجدوى ومنشأوه حينئذ ان عدم المواجهة به في بعض الأوقات هل يؤثر في سقوط غسله أم لا وان قوله (عليه السلام)
كلما أحاط به الشعر فليس على العباد ان يطلبوه هل يراد به الإحاطة الدائمية أو في الجملة لكن الظاهر أن المراد الإحاطة الدائمية
وان المواجهة به في بعض الأوقات كافية في ايجاب غسله وحينئذ فيقوى مذهب المرتضى (رض) مع أنه أقرب إلى سلوك سبيل
الاحتياط والله أعلم الفصل الثالث فيما يمسح من الرأس والقدم وجواز النكس فيهما عشرة أحاديث أ من الصحاح
زرارة قال قلت لأبي جعفر (عليه السلام) الا تخبرني من أين علمت وقلت إن المسح ببعض الرأس وبعض الرجلين في القدم فضحك ثم قال يا زرارة
قال رسول الله صلى الله عليه وآله ونزل به (بها) الكتاب من الله لان الله عز وجل يقول فاغسلوا وجوهكم فعلمنا ان الوجه كله ينبغي ان يغسل ثم قال
وأيديكم إلى المرافق ثم فصل بين الكلامين فقال وامسحوا برؤوسكم فعرفنا حين قال برؤوسكم ان المسح ببعض الرأس لمكان الباء
ثم وصل الرجلين بالراس كما وصل اليدين بالوجه فقال وأرجلكم إلى الكعبين فعرفنا حين وصلهما بالراس ان المسح على
بعضهما ب زرارة وأخوه بكير عن أبي جعفر (عليه السلام) قال إذا مسحت بشئ من رأسك أو بشئ من قدميك ما بين كعبيك
إلى أطراف الأصابع فقد أجزأك ج حماد بن عثمن عيسى عن بعض أصحابه عن أحدهما عليهما السلام في الرجل يتوضأ وعليه العمامة
قال يرفع العمامة بقدر ما يدخل إصبعه فيمسح على مقدم رأسه د زرارة قال قال أبو جعفر (عليه السلام)
المرأة يجزيها من مسح الرأس
ان تمسح مقدمه مقدار ثلاث أصابع ولا تلقى عنها خمارها ه‍ أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال

15
سألته عن المسح على القدمين كيف هو فوضع كفه على الأصابع فمسحها إلى الكعبين إلى ظهر القدم فقلت جعلت فداك
لو أن رجلا قال بإصبعين من أصابعه (هكذا) فقال لا الا بكفه وحماد بن عثمن عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال لا بأس بمسح الوضوء مقبلا و
مدبرا ز حماد بن عثمن أيضا عن أبي عبد الله عليه السلام لا بأس بمسح القدمين مقبلا ومدبرا ح زرارة قال (قال) أبو جعفر عليه السلام ان الله وتر يحب
الوتر فقد يجزيك من الوضوء ثلاث غرفات واحدة للوجه واثنتان للذراعين وتمسح ببلة يمناك ناصيتك وما بقي من بلة يمناك (يمينك)
ظهر قدمك اليمنى وتمسح ببلة يسراك ظهر قدمك اليسرى ط معمر بن خلاد قال سألت أبا الحسن (الرضا) (عليه السلام) يجزى الرجل ان يمسح
قدميه بفضل رأسه فقال برأسه لا فقلت بماء جديد فقال برأسه نعم ى من الموثقات أبو بصير قال سألت أبا عبد
الله (عليه السلام) عن مسح الرأس فقلت امسح بما في يدي من الندا رأسي قال لا بل تضع يدك في الماء ثم تمسح أقول وقد يظن أن ما
تضمنه الحديث الأول من قول زرارة للباقر (عليه السلام) الا تخبرني من أين علمت ينبئ عن سوء أدبه وقلة احترامه للإمام (عليه السلام) وهو قدح
عظيم في شأنه وجوابه ان زرارة رضي الله عنه أوضح حالا وارفع قدرا من أن يظن به ذلك ولكنه كان ممتحنا بمخالطة علماء
العامة وكانوا ربما بحثوا معه في بعض المسائل وطالبوه عليها بالدلايل التي ربما عجز عنها فأراد ان يستفيد من الإمام (عليه السلام)
ما يسكتهم به ويرد شبهاتهم ويخلص من تعجيزهم فعبر بتلك العبارة من دون تأمل معتمدا على رسوخ عقيدته واثقا بعلم
الإمام (عليه السلام) بما قصده بذلك السؤال وربما قرئ قوله من أين علمت وقلت بتاء المتكلم اي أخبرني بمستند علمي بذلك ودليل
قولي به فاني جازم بالمدعى غير عالم بدليله وعلى هذا فلا اشكال وفي ضحكه (عليه السلام) عند سماع كلامه هذا نوع تأييد لهذا
الوجه وقوله (عليه السلام) ثم فصل بين الكلامين اي غاير بينهما بادخال الباء في الثاني دون الأول وهو يعطي كون الباء في الآية للتبعيض
فلا يلتفت إلى كلام من جعلها فيها لمطلق الالصاق واما قول سيبويه في سبعة عشر موضعا من كتابه ان الباء لم تجئ للتبعيض
في لغة العرب فمع كونه شهادة على نفي يكذبه اصرار الأصمعي على مجيئها له وهو أشد انسا بكلام العرب واعرف بمقاصدهم
من سيبويه وقد وافق الأصمعي كثير من النحاة وجعلوها في قوله تعالى عينا يشرب بها عباد الله للتبعيض وناهيك بما
تضمنه هذا الحديث حجة لهم وقوله (عليه السلام) في الحديث الثاني ما بين كعبيك إلى أطراف الأصابع يدل على عدم وجوب ادخال
الكعبين في المسح وهو مختار المحقق في المعتبر وذهب العلامة في المنتهى إلى وجوبه وأجاب عما دل عليه هذا الحديث بان مثل ذلك قد
يستعمل فيما يدخل فيه المبدء كقولك له عندي ما بين واحد إلى عشرة فان الواحد داخل قطعا وهو كما ترى ولا ريب ان الدخول
أحوط وما تضمنه الحديث الثالث من رفع العمامة يراد به تنحيتها عن محل المسح إلى قدام لا رفعها عنه إلى فوق بقرينة قوله (عليه السلام)
بقدر ما يدخل إصبعه ويجوز قراءته بكسر الخاء ونصب الإصبع بالمفعولية وبضمها ورفعه بالفاعلية وما تضمنه
الحديث الرابع من اجزاء مسح المرأة بثلث أصابع يمكن ان يستدل به للشيخ في النهاية وابن بابويه من وجوب المسح بثلث أصابع
وعدم اجزاء الأقل مع الاختيار ويؤيده رواية معمر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال يجزي المسح على الرأس موضع ثلث أصابع وكذلك الرجل
ويمكن حملها على الاستحباب عملا بالمشهور بين الأصحاب المعتضد بالأخبار الصحيحة الصريحة وسلوك سبيل الاحتياط أولى و
ما تضمنه ظاهر الحديث الخامس من وجوب مسح الرجلين بكل الكف لا اعرف به قائلا من أصحابنا ونقل المحقق في المعتبر و
العلامة في التذكرة الاجماع على الاجتزاء بمسمى المسح ولو بإصبع واحدة فحمل ما تضمنه الحديث على الاستحباب لا بأس به

16
ويكون قوله (عليه السلام) لا الا بكفه من قبيل قوله (عليه السلام) لا صلاة لجار المسجد الا في المسجد كما قاله العلامة في المنتهى تبعا للشيخ في التهذيب
وقال في قول السائل قال بإصبعين من أصابعه بمعنى فعل واعلم أن العلامة في المختلف استدل بهذا الحديث من جانب القائلين
بعدم الاجتزاء في مسح الرأس والرجلين بإصبع واحدة بعدما نسب الاجتزاء به فيهما إلى الشهرة وهو يقتضي وقوع الخلاف بين
أصحابنا في الرجلين أيضا ولا ينافيه الاجماع المنقول في الكتابين إذ وجود المخالف لا يقدح في انعقاد الاجماع عندنا وقد
ظن بعض الأصحاب ان استدلاله طاب ثراه بذلك الحديث انما هو من جانب الشيخ وابن بابويه على عدم الاجتزاء في مسح الرأس
بأقل من ثلث أصابع فاعترض عليه بأنه لا دلالة في ذلك الحديث على المدعى بوجه وما تضمنه الحديث السادس والسابع
من جواز النكس في مسح الرأس والرجلين هو المشهور بين المتأخرين وقال الشيخ في النهاية والخلاف والمرتضى في الانتصار بعدم جواز
استقبال الشعر في مسح الرأس خروجا من الخلاف ونقل عن ظاهر ابن بابويه والمرتضى عدم جواز النكس في مسح الرجلين أيضا و
هما ضعيفان وما تضمنه الحديث الثامن من المسح ببقية البلل مما انعقد عليه اجماع (عنا) أصحابنا بعد ابن الجنيد وهذا هو المستند
في هذا الباب واما استدلال المحقق في المعتبر بان الامر بالمسح مطلق والمطلق للفور والآتيان به ممكن من غير استيناف ماء
فيجب الاقتصار عليه تحصيلا للامتثال فأنت خبير بان للبحث فيه مجالا واسعا إذ على تقدير كون الامر في الآية للفور
لا يخل به اخذ الماء قطعا وهو ظاهر واما استدلال الأصحاب بالروايات الواردة في الوضوء البياني المتضمنة للمسح ببقية البلل
كصحيح زرارة وأبي عبيد ة الحذاء وغيرهما ففيه ان لابن الجنيد ان يقول إن تلك الروايات انما تنهض دليلا لو ثبت ان
مسح الإمام (عليه السلام) ببقية البلل انما كان لتعينه وعدم جواز غيره ولم لا يجوز ان يكون فعله (عليه السلام) له لكونه (أحد)؟ جزئيات الكلي المأمور
به وبعض الأصحاب لما تفطن بهذا عدل عن الاستدلال بتلك الروايات إلى الاستدلال بهذا (الدليل)؟ وقال إن الجملة
الخبرية يعني قوله (عليه السلام) وتمسح ببلة يمناك ناصيتك هنا بمعنى الامر وهو يقتضي الوجوب ولا يخفى ان لابن الجنيد ان يقول انما
يتم التقريب لو تعين كون الجملة الخبرية هنا بمعنى الانشاء ولم يجز كون الفعل فيها معطوفا على ثلث غرفات ومندرجا تحت
قوله (عليه السلام) فقد يجزيك اما على هذا التقدير فلا إذ لا كلام في اجزاء المسح ببلل الوضوء انما الكلام في تعينه وعطف الفعل
على الاسم باضمار ان من الأمور الشايعة في الكلام السايغة عند النحاة كما في البيت المشهور للبس عباءة وتقر عيني * * أحب إلي
من لبس الشفوف يعطف تقر بالنصب على لبس وبهذا يظهر ان ما ظنه بعض الأصحاب من دلالة هذه الرواية على أولوية
مسح القدم اليمنى باليد اليمنى واليسرى باليسرى غير ظاهر والله أعلم بحقائق الأمور وما تضمنه الحديث التاسع والعاشر من
النهي عن المسح ببقية البلل والامر بالاستيناف لا يخلو من اشكال والشيخ حملهما على التقية ثم قال ويحتمل ان يكون أراد
بالخبر الثاني من قوله بل تضع يدك في الماء الماء الذي بقي في لحيته أو حاجبيه هذا كلامه واستبعده والدي ره في
حواشي الاستبصار لان المسائل قال امسح بما في يدي من النداء فكيف ينهاه (عليه السلام) عن ذلك ويأمره بالأخذ من لحيته أو حاجبيه
ولا يخفى ان الاحتمال الأول أيضا في نهاية البعد لان السائل قال يمسح قدميه بفضل رأسه وهو صريح في عدم الجفاف
وفي حمل الخبر الأول على التقية اشكال لتضمنه مسح القدمين والعامة لا يمسحونهما لا ببقية البلل ولا بماء جديد فان قلت إنهم
يجوزون اطلاق المسح على الغسل فيمكن تنزيل الكلام على ما يوافق زعمهم الفاسد قلت ما تضمنه الحديث من

17
المسح بفضل الرأس يأبى هذا التنزيل كما لا يخفى فلو نزل على مسح الخفين لكان أولى والذي ما زال يختلج بخاطري
ان ايماءه (عليه السلام) برأسه نهى لمعمر بن خلاد عن هذا السؤال لئلا يسمعه المخالفون الحاضرون في المجلس فإنهم كانوا كثيرا ما
يحضرون مجالسهم (عليه السلام) فظن معمر انه (عليه السلام) انما نها عن المسح ببقية البلل فقال أبماء جديد فسمعه الحاضرون فقال (عليه السلام) برأسه نعم
ومثل هذا يقع في المحاورات كثيرا والله أعلم بحقايق الأمور
الفصل الرابع في تعيين الكعبين ثلاثة أحاديث أ
من الصحاح زرارة وأخوه بكير عن أبي جعفر (عليه السلام) انهما سألاه عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله فدعا بطست أو تور فيه ماء ثم
حكى وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أن انتهى إلى المسح قالا قلنا له أصلحك الله فأين الكعبان قال هاهنا يعني المفصل دون الساق
قلنا هذا ما هو قال (هذا) عظم الساق ب أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال سألته عن المسح على القدمين
كيف هو فوضع كفه على الأصابع فمسحها إلى الكعبين إلى ظهر القدم ج من الحسان ميسرة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال الوضوء
واحدة واحدة ووصف الكعب في ظهر القدم أقول الطست يروى بالسين والشين معا والتور اناء يشرب منه و
لفظة دون في قول الأخوين دون عظم الساق اما بمعنى تحت أو بمعنى عند أو بمعنى غير وقوله في الحديث الثاني إلى ظهر
القدم تفسير وبيان لقوله إلى الكعبين وليس المراد بظهر القدم خلاف باطنه بل ما ارتفع منه كما يقال لما ارتفع وغلظ من
الأرض ظهر بخلاف ظهر القدم في الحديث الثالث فإنه لا مانع فيه من إرادة كل من المعنيين وما تضمنه من قوله (عليه السلام) الوضوء
واحدة واحدة مما يستدل به القائلون من أصحابنا بعدم استحباب الغسلة الثانية كالصدوق والكليني قدس الله روحهما وسنتكلم فيه
عن قريب انشاء الله تعالى ولابد في هذا المقام من الكلام في تحقيق الكعب فإنه من المعارك العظيمة بين العلامة أعلى الله
مقامه وبين من تأخر منه من علمائنا نور الله مراقدهم فلا بأس باطلاق عنان القلم في هذا الجدال فعسى ان تنحسم به مواد القيل
والقال فأقول وبالله العصمة والتوفيق الكعب يطلق على معان أربعة الأول العظم المرتفع في ظهر القدم الواقع
فيما بين المفصل والمشط الثاني بين الساق والقدم الثالث عظم مائل إلى الاستدارة واقع في ملتقى الساق و
القدم له زائدتان في أعلاه يدخلان في حفرتي قصبة الساق أو زائدتان في أسفله يدخلان في حفرتي العقب وهو نأت في
وسط ظهر القدم أعني وسطه العرضي ولكن نتوه غير ظاهر لحس البصر لارتكاز أعلاه في حفرتي الساق وقد يعبر عنه
بالمفصل أيضا اما لمجاورته له أو من قبيل تسمية الحال باسم المحل الرابع أحد الناتيين عن يمين القدم وشماله
اللذين يقال لهما المنجمين وهذا المعنى الأخير هو الذي حمل أكثر العامة الكعب في الآية عليه وأصحابنا رضي الله عنهم
مطبقون على خلافه واما المعاني الثلاثة الأول فكلامهم قدس الله أرواحهم لا يخرج عنها وان كان بعض عباراتهم
أشد انطباقا على بعضها من بعض فالمعنى الأول ذكره من أصحابنا اللغويين عميد الرؤساء في كتابه الذي الفه في الكعب
وصريح عبارة المفيد طاب ثراه منطبق عليه فإنه قال الكعبان هما قبتا القدمين امام الساقين ما بين المفصل والمشط
والمعنى الثاني ذكره جماعة من أهل اللغة كصاحب القاموس حيث قال الكعب كل مفصل العظام والرواية الأولى ظاهرة فيه
وهو المفهوم بحسب الظاهر من كلام ابن الجنيد والمعنى الثالث هو الذي يكون في أرجل البقر والغنم أيضا وربما يلعب به الناس كما
قاله صاحب القاموس وهو الذي بحث عنه علماء التشريح وقال به الأصمعي ومحمد بن الحسن الشيباني كما نقله عنهما العامة

18
في كتبهم وهو الكعب على التحقيق عند العلامة طاب ثراه وعبر عنه في بعض كتبه بحد المفصل وفي بعضها بمجمع الساق و
القدم بالناتي وسط القدم وفي بعضها بالمفصل وصب عبارات الأصحاب عليه وقال في المنتهى بعد ما فسره بالناتي
في وسط القدم قد تشتبه عبارة علمائنا على بعض من لا مزيد تحصيل له في معنى الكعب والضابط فيه ما رواه زرارة
وبكير في الصحيح ثم أورد الرواية الأولى وقال في المختلف يراد بالكعبين هنا المفصل بين الساق والقدم وفي عبارة
علمائنا اشتباه على غير المحصل واستدل بتلك الرواية وبان استيعاب ظهر القدم كما يعطيه بعض الروايات يوجب الانتهاء إليه وانما عبر قدس
روحه عنه بالمفصل لموافقة الرواية ولئلا يشتبه بالمعنى الأول وأيضا فالمفصل أظهر للحس والمسح إليه مسح إلى المفصل في
الحقيقة وأراد قدس الله روحه باشتباه عبارة علمائنا انها لما كانت مجمله بحيث يحتمل المعنى الأول والثالث بل ظاهرها
أقرب إلى الأول وقع الاشتباه فيها على غير المحصلين فحملوها على المعنى الأول والتحقيق يقتضي حملها على الثالث وهو الذي
انطبق على الرواية الصحيحة واعتضد بكلماء علماء التشريح وشاع نسبته إلى كل من قال بالمسح ولا باس بنقل عبارات بعض
الأصحاب ليظهر في الجملة ويتضح انها غير أبية على الانطباق على ما ذكره قدس الله روحه قال ابن الجنيد الكعب في ظهر القدم
دون عظم الساق وهو المفصل الذي قدام العرقوب وقال السيد المرتضى رضي الله عنه الكعبان هما العظمان الناتيان
في ظهر القدم عند معقد الشراك وقال الشيخ الكعبان هما العظمان الناتيان في وسط القدم وقال أبو الصلاح الكعبان
معقد الشراك وقال ابن أبي عقيل الكعبان ظهر القدم وقال ابن إدريس الكعبان هما العظمان اللذان في ظهر القدمين عند
معقد الشراك وقال المحقق في المعتبر الكعبان عندنا هما العظمان الناتيان في وسط القدم وهما معقدا الشراك ثم استدل
على ذلك بالرواية الأولى كما فعل العلامة في المنتهى والمختلف هذه عبارات أصحابنا رضي الله عنهم ولا يخفى عدم إبائها
عن الانطباق على ما قاله العلامة طاب ثراه فإنه قدس الله روحه لا ينكر ان الكعب عظم نأت في وسط القدم كيف وقد فسره
بذلك في المنتهى والتذكرة وغيرهما ولكنه يقول ليس هو العظم الواقع امام الساق بين المفصل والمشط بل هو العظم الواقع
في ملتقى الساق والقدم وهو الذي ذكره المشرحون وغيرهم وأنت خبير بان تنزيل عبارات الأصحاب على هذا المعنى غير
بعيد نعم عبارة المفيد رحمه الله صريحة في المعنى الأول فذكره لها في المختلف في بعض هذه العبارات ليس على ما ينبغي
ولعله طاب ثراه حمل المشط في كلامه على نفس القدم وجعل قوله امام الساقين بالنظر إلى امتداده القامة لكنه محمل بعيد
والله أعلم بحقايق الأمور واعلم أن كتب العامة مشحونة بذكر ما ذهب إليه علماء الخاصة رضي الله عنهم من أن
الكعب هو ذلك العظم الواقع في ملتقى الساق والقدم المعبر عنه بالمفصل قال الفخر الرازي في تفسيره عند قوله تعالى
وأرجلكم إلى الكعبين قالت الامامية وكل من ذهب إلى وجوب المسح ان الكعب عبارة عن عظم مستدير مثل كعب البقر والغنم
موضوع تحت عظم الساق حيث يكون مفصل الساق والقدم وهو قول محمد بن الحسن وكان الأصمعي يختار هذا القول
ثم قال حجة الامامية ان اسم الكعب يطلق على العظم المخصوص الموجود في أرجل جميع الحيوانات فوجب ان يكون في حق
الانسان كذلك والمفصل يمسى كعبا ومنه كعاب الرمح لمفاصله فوجب ان يكون الكعب انتهى كلامه وقال صاحب الكشاف
عند تفسير هذه الآية لو أريد المسح لقيل إلى الكعاب لان الكعب هناك مفصل القدم وهو واحد في كل رجل فان أريد

19
كل واحد فالافراد والا فالجمع انتهى وكلامه وشبهته هذه ضعيفة فإنه يجوز كون التثنية بالنظر إلى كل متوضي وقال
النيشابوري في تفسيره ان الامامية وكل من قال بالمسح ذهبوا إلى أن الكعب عظم مستدير تحت عظم الساق حيث
يكون مفصل الساق والقدم والمفصل يمسى كعبا ومنه كعوب الرمح لمفاصله ثم قال إن العظم المستدير الموضوع
في المفصل الذي تقوله الامامية شئ خفي لا يعرفه الا علماء التشريح هذا حاصل كلامه وليس الغرض من نقل كلام
هؤلاء الاستدلال على أن مذهب أصحابنا رضي الله عنهم في الكعب هو ما نسبه العلامة طاب ثراه إليهم فإنه قدس
الله روحه مصدق في تلك النسبة غير محتاج إلى التأييد بموافقة العامة له (يقينا)؟؟ وتلك الرواية الصحيحة الخالية عن المعارض
مساعدة له على ذلك وانما الغرض ان نسبة هذا القول إلى أصحابنا رضي الله عنهم مما اشتهر بين العامة أيضا والله أعلم
بحقايق الأمور واعلم أن شيخنا الشهيد في الذكرى وشيخنا الشيخ علي في شرح القواعد وشيخنا الشهيد الثاني
في شرح الارشاد بسطوا لسان التشنيع على العلامة في هذا القول ونسبوه إلى خرق الاجماع على أنه لم يقل أحد من أصحابنا
بموجبه وان عباراتهم ناطقة بخلاف ما ادعاه ولا باس بنقل كلام هؤلاء المشايخ الثلاثة قدس الله أرواحهم وان اتسع
به نطاق الكلام قال شيخنا الشهيد في الذكرى تفرد الفاضل رحمه الله بان الكعب هو المفصل بين الساق والقدم وصبت
عبارات الأصحاب كلها عليه وجعله مدلول كلام الباقر (عليه السلام) محتجا برواية زرارة عن الباقر (عليه السلام) المتضمنة لمسح ظهر القدمين و
هو يعطي الاستيعاب وبأنه أقرب إلى حد أهل اللغة وجوابه ان الظهر المطلق هنا يحمل على المقيد لان استيعاب الظهر لم
يقل به أحد منا وقد تقدم قول الباقر (عليه السلام) إذا مسحت بشئ من رأسك أو بشئ من قدميك ما بين كعبيك إلى أطراف الأصابع
فقد أجزأك ورواية زرارة وأخيه بكير وقال في المعتبر لا يجب استيعاب الرجلين بالمسح بل يكفي المسمى من رؤس الأصابع
إلى الكعبين ولو بإصبع واحدة وهو اجماع فقهاء أهل البيت (عليه السلام) ولأن الرجلين معطوفة على الرأس الذي يمسح بعضه فيعطيان
حكمه ثم قال شيخنا الشهيد وأهل اللغة ان أراد بهم لغوية العامة فهم مختلفون وان أراد بهم لغوية الخاصة فهم متفقون
على ما ذكرنا حسبما مر ولأنه احداث قول ثالث مستلزم لرفع ما أجمع عليه الأمة لان الخاصة على ما ذكرنا والعامة على أن الكعبين ما نتا
عن يمين الرجل وشمالها انتهى كلام شيخنا الشهيد طاب ثراه ولعمري انه قد بلغ في التشنيع أقصى غاياته ونعم ما فعل حيث
رجع عن هذا وقال في الرسالة بمقالة العلامة فكأنه لاح عليه بعض ما تلونا عليك وقد وافقه في ذلك صاحب كنز العرفان
وقال شيخنا المحقق الشيخ علي أعلى الله قدره في شرح القواعد ما ذكره في تفسير الكعبين خلاف ما عليه جميع أصحابنا و
هو من متفرداته مع أنه ادعى في عدة من كتبه انه المراد في عبارات الأصحاب وان كان فيها اشتباه على غير المحصل واستدل عليه
بالاخبار وكلام أهل اللغة وهو عجيب فان عبارات الأصحاب صريحة في خلاف ما يدعيه ناطقة بان الكعبين هما العظمان
الناتيان في ظهر القدم امام الساق حيث يكون معقد الشراك غير قابلة للتأويل والاخبار صريحة في ذلك وكلام أهل اللغة
مختلف وان كان اللغويون من أصحابنا لا يرتابون في أن الكعب هو الناتي في ظهر القدم وقد أطنب عميد الرؤساء في كتاب
الكعب في تحقيق ذلك وأكثر من الشواهد عليه على أن القول بان الكعب هو المفصل بين الساق والقدم ان أراد ان نفس المفصل
هو الكعب لم يوافق مقالة أحد من الخاصة والعامة ولا كلام أهل اللغة ولم يساعد عليه الاشتقاق فإنهم قالوا إن اشتقاقه

20
من كعب إذا ارتفع ومنه كعب ثدي الجارية وان أراد ان ما نتا عن يمين القدم وشماله هو الكعب كمقالة العامة لم
يكن المسح منتهيا إلى الكعبين انتهى كلامه طاب ثراه وقال شيخنا الشهيد الثاني في شرح الارشاد بعد أن أورد
روايتين دالتين على أن الكعب في ظهر القدم لا ريب ان الكعب الذي يدعيه المصنف ليس في ظهر القدم وانما هو المفصل
بين الساق والقدم والمفصل بين الشيئين يمتنع ان يكون في أحدهما والعجب منه حيث قال في المختلف ان في عبارة
أصحابنا اشتباها على غير المحصل مشيرا إلى أن المحصل لا يشتبه عليه ان مرادهم بالكعب المفصل بين الساق والقدم
وان من لم يفهم ذلك من كلامهم لم يكن محصلا ثم حكى كلام جماعة منهم والحال ان المحصل لو حاول فهم ذلك من
كلامهم لم يجد إليه سبيلا ولم يقم عليه دليلا انتهى كلامه زيد اكرامه ولا يخفى ان حاصل ما شنعوا به على العلامة طاب
ثراه يدور على سبعة أمور الأول ان ما ذهب إليه مخالف لما أجمع عليه أصحابنا بل لما أجمع عليه الأمة من الخاصة
والعامة وهذا من أقبح التشنيعات الثاني انه مخالف للاخبار خالفة الاخبار الصريحة الثالث انه مخالف لكلام أهل اللغة
إذ لم يقل أحد منهم ان المفصل كعب الرابع انه مخالف للاشتقاق من كعب إذا ارتفع الخامس انه زعم أن عبارات
الأصحاب تنطبق على ما ادعاه مع أنها ناطقة بما يخالف دعواه غير قابلة للتأويل السادس ان الكعب في ظهر القدم
والمفصل الذي ادعى انه الكعب ليس في ظهر القدم السابع ان قوله بوجوب استيعاب ظهر القدم بالمسح مخالف للنص
والاجماع رضى لله عنهم ان تحقق فإنما تحقق على أن الكعب عظم نأت في ظهر القدم عند معقد الشراك والعلامة
طاب ثراه قائل به ومصرح بذلك في كتبه كما تلوناه عليك قبيل هذا وتحقق الاجماع على ما وراء ذلك مما ينافي كلامه
ممنوع وعن الثاني انه لا خبر في هذا الباب أصرح من خبر الأخوين وعدم مخالفته لكلامه قدس الله روحه ولا يخفى على المشهور
والعجب من شيخنا الشهيد طاب ثراه كيف أهمله عند ذكر دلائل العلامة مع أنه أقوى دلائله واما الاخبار المتضمنة
لكون الكعب في ظهر القدم فظاهر انها لا تخالف كلامه فان الكعب واقع عنده في ظهر القدم غير خارج عنه على أن قول ميسر
بضم الميم وفتح الياء المثناة التحتانية وكسر السين المهملة المشددة في الحديث الثالث ان الباقر (عليه السلام) وصف الكعب في ظهر القدم
يعطي ان الإمام (عليه السلام) ذكر للكعب أوصافا ليعرفه الراوي بها ولو كان الكعب هذا الارتفاع المحسوس المشاهد لم يحتج إلى الوصف
بل كان ينبغي ان يقول هو هذا وقس عليه قوله صلى الله عليه وآله في الحديث الأول هيهنا بالإشارة إلى مكانه دون الإشارة إليه و
عن الثالث ان صاحب القاموس وغيره صرحوا بان المفصل يسمى كعبا كما مر وما ذكره صاحب القاموس لصحاح من أن الكعب
هو العظم الناتي عند ملتقى الساق والقدم لا ينافي كلامه طاب ثراه وكذا ما ذكره صاحب القاموس من أن الكعب هو العظم
الناتي فوق القدم وعن الرابع ان دعوى المخالفة غير مسموعة وحصول الارتفاع فيما قاله ظاهر وعن الخامس ان كون
تلك العبارات ناطقة بخلاف ما ادعاه ممنوع وتطبيقها عليه غير محتاج إلى التأويل نعم تطبيق عبارة المفيد على
ذلك محتاج إلى ضرب من التأويل كما مر وعن السادس بما مر في الجواب عن الثاني وعن السابع ان المخالف للنص
والاجماع انما هو القول بوجوب استيعاب كل ظهر القدم طولا وعرضا والعلامة غير قائل به بل نقل الاجماع على خلافه
قال في المنتهى لا يجب استيعاب الرجلين بالمسح بل الواجب من رؤس الأصابع إلى الكعب ولو بإصبع واحدة
وهو مذهب

21
علمائنا أجمع وانما قال طاب ثراه بوجوب الاستيعاب الطولي يعني ايصال خط المسح من رؤس الأصابع إلى الكعب على أن
يكون الكعب داخلا في الممسوح وهذا مما لم ينعقد اجماع على خلافه وانما أطنبنا الكلام في هذا المقام لأنه بذلك حقيق
ومن الله الإعانة والتوفيق
الفصل الخامس في ترتيب الوضوء أربعة أحاديث أ من الصحاح زرارة قال قال
أبو جعفر (عليه السلام) تابع بين الوضوء كما قال الله عز وجل ابدء بالوجه ثم باليدين ثم امسح الرأس والرجلين ولا تقدمن شيئا بين يدي
شئ تخالف ما أمرت به فان غسلت الذراع قبل الوجه فاغسل الوجه واعد على الذراع وان مسحت الرجل قبل الرأس
فامسح على الرأس قبل الرجل ثم أعد على الرجل ابدء بما بدء الله عز وجل به ب منصور بن حازم عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الرجل
يتوضأ فيبدء بالشمال قبل اليمين قال يغسل اليمين ويعيد اليسار ج من الحسان محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (عليه السلام) على أنه ذكر
المسح فقال امسح على مقدم رأسك وامسح على القدمين وابدء بالشق الأيمن د الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال إذا نسي الرجل
ان يغسل يمينه فغسل شماله و مسح رأسه ورجليه فذكر بعد ذلك غسل يمينه وشماله ومسح رأسه ورجليه ولا يعيد على ما
كان قد توضأ وقال اتبع وضوءك بعضه بعضا أقول المراد بالمتابعة بين الوضوء في الحديث الأول المتابعة بين أفعاله
على حذف مضاف اي اجعل بعض أفعاله تابعا اي مؤخر أو بعضها متبوعا اي مقدما من قولهم تبع فلان فلانا اي مشى خلفه
وليس المراد المتابعة بالمعنى المتعارف بين الفقهاء أعني أحد فردي الموالاة الذي جعلوه قسيما لمراعاة الجفاف وينبغي ان يقرأ
قوله (عليه السلام) تخالف ما أمرت به بالرفع على أن الجملة حال من فاعل تقدمن كما في قوله تعالى فذرهم في طغيانهم يعمهون أو على أنها
مستأنفة كما قالوه في قول الشاعر وقال رائدهم ارسوا نزاولها واما قراءته مجزوما على أنه جواب النهي كما في نحو لا تكفر
تدخل الجنة فممنوع عند جمهور النحاة لان الجزم في الحقيقة انما هو بان الشرطية المقدرة ولا يجوز ان يكون التقدير ان لا تقدمن
شيئا بين يدي شئ تخالف ما أمرت به لأنه من قبيل لا تكفر تدخل النار وهو ممتنع عندهم ولا عبرة بخلاف الكسائي في ذلك
ثم لا يخفى ان هذا الحديث انما دل على تقديم الوجه على اليدين وهما على مسح الرأس وهو على الرجلين واما تقديم غسل
اليد اليمنى على اليسرى فمسكوت عنه هنا والحديث الثاني نص فيه وعطفه على الرجلين بالواو يراد منه معنى الترتيب
كما يدل عليه قوله (عليه السلام) وان مسحت الرجل الخ وقوله (عليه السلام) ابدأ بما بدء الله به وما تضمنه الحديث الثالث من قوله (عليه السلام) وابدأ بالشق
الأيمن يدل على وجوب تقديم الرجل اليمنى على اليسرى كما ذهب إليه جماعة من الأصحاب إذ الامر للوجوب وقوله (عليه السلام) في الحديث
الرابع ولا يعيد على ما كان قد توضأ يراد منه انه لا يعيد على العضو الذي كان قد وضأه قبل العضو المنسي والاتباع في
في قوله عليه السلام في آخر الحديث اتبع وضوءك بعضه بعضا يمكن ان يراد به المتابعة كما في صدر الحديث الأول أعني الترتيب
بقرينة ما قبله ويمكن ان يراد به الموالاة من غير تراخ ومن هذا يظهر ان استدلال المحقق في المعتبر والعلامة في المنتهى بهذا
الحديث في المعتبر على وجوب المتابعة بهذا المعنى محل كلام على ما سيجئ ذكره في الفصل الآتي انشاء الله تعالى الفصل
السادس في الموالاة في الوضوء حديثان أ من الصحاح معاوية بن عمار قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ربما توضأت
ونفد الماء فدعوت الجارية فأبطأت علي بالماء فيجف وضوئي فقال أعده ب من الموثقات أبو بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام)
قال إذا توضأت بعض وضؤك فعرضت لك حاجة حتى يبس وضؤك (فأعد وضوءك) فان الوضوء لا يتبعض أقول نفد بالفاء المكسورة

22
والدال المهملة اي فني ولم يبق منه شئ والوضوء في الحديث الأول بفتح الواو بمعنى ماء الوضوء وكذلك الواقع فاعلا
في الحديث الثاني ويظهر من كلام بعض اللغويين ان الوضوء بالضم يجئ بمعنى ماء الوضوء أيضا وقد دل الحديثان على أن
الاخلال بالموالاة بحيث يجف السابق موجب لبطلان الوضوء لكن قول الراوي فيجف وضوئي يمكن ان يراد به جفاف كل
الأعضاء وجفاف بعضها وكذلك قول الإمام عليه السلام في الحديث الثاني حتى يبس وضوؤك ولهذا اختلف الأصحاب
في أن المبطل للوضوء هو جفاف الجميع أو ان جفاف البعض كاف في البطلان والأول هو الأظهر وعليه الأكثر وذهب ابن الجنيد
إلى الثاني واشترط بقاء البلل على كل الأعضاء إلى مسح الرجلين الا لضرورة وقول الصادق عليه السلام في آخر الحديث الثاني
فان الوضوء لا يتبعض ربما يدل عليه وذهب المرتضى وابن إدريس إلى البطلان بجفاف العضو السابق على ما هو فيه والموالاة
بهذا المعنى أعني مراعاة الجفاف لا خلاف في وجوبها في الجملة انما الخلاف بمعنى المتابعة فأوجبها الشيخان والمرتضى في المصباح
وأدلتهم لا تخلو من ضعف كقولهم الامر بالمسح في الآية للفور والوضوء البياني وقع متتابعا فوجب اتباعه ولا ريب ان القول بالوجوب
أحوط واحتج له في المعتبر والمنتهى بما تضمنته رواية الحلبي السابقة في الفصل الخامس من قول الصادق عليه السلام اتبع وضوءك
بعضه بعضا وفيه ان الظاهر من سياقها انه عليه السلام أراد بالاتباع الترتيب لا المتابعة كما مر وأنت خبير بأنه لو جعل
قول الحلبي في آخر تلك الرواية وقال الخ رواية أخرى برأسها زالت دلالة السياق أو تأكد احتمال المتابعة لكنه لا بحيث تنهض
دليلا لبقاء الاحتمال الاخر ثم المشهور عن القائلين بوجوب المتابعة عدم بطلان الوضوء الا بالجفاف وانه انما يظهر اثرها في
ترتب الاثم والشيخ في المبسوط على البطلان واحتج في المعتبر والمنتهى بأنه يتحقق الامتثال مع الاخذ بها بغسل المغسول ومسح
الممسوح فلا يكون قادحا في الصحة وفيه نظر ظاهر ولو استدل عليه بمفهوم الغاية المستفادة من الحديث الثاني لكان وجها
وطريق الاحتياط ظاهر الفصل السابع فيما ورد في وحدة الغسلات وتعددها عشرة أحاديث أ من الصحاح زرارة
قال قال الباقر عليه السلام ان الله وتر يحب الوتر فقد يجزيك من الوضوء ثلث غرفات واحدة للوجه واثنتان للذراعين الحديث
وقد مر في الفصل الثالث ب أبو عبيدة الحذاء قال وضأت أبا جعفر عليه السلام بجمع إلى أن قال ثم صببت عليه كفا
غسل به ذراعه الأيمن وكفا غسل به ذراعه الأيسر الحديث ج حماد بن عثمن قال كنت قاعدا عند أبي عبد الله عليه السلام فدعا
بماء فملأ به كفه ثم عم به وجهه ثم ملا كفه فعم به يده اليمنى ثم ملا كفه فعم به اليسرى الحديث وقد مر مع الحديث الذي قبله في الفصل
الأول د زرارة وبكير ابنا أعين قالا سألنا أبا جعفر عليه السلام عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله ثم ساق صفة
الوضوء إلى أن قالا فقلنا أصلحك الله فالغرفة الواحدة تجزي للوجه وغرفة للذراع فقال نعم إذا بالغت فيها والثنتان يأتيان
على ذلك كله ه‍ معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الوضوء قال مثنى مثنى وصفوان بن يحيى عن
أبي عبد الله عليه السلام قال الوضوء مثنى مثنى ز من الحسان ميسر عن أبي جعفر عليه السلام قال الوضوء واحدة واحدة وقد مر
في الفصل الرابع ح داود بن زربي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الوضوء فقال لي توضأ ثلثا ثلثا قال ثم قال لي
الست تشهد بغداد أو عساكرهم قلت بلى قال فكنت يوما أتوضأ في دار المهدي فرآني بعضهم وانا لا اعلم به فقال كذب من زعم
انك فلأني وأنت تتوضأ هذا الوضوء قال فقلت لهذا والله امرني ط من الموثقات عبد الكريم قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام)

23
عن الوضوء فقال ما كان وضوء علي عليه السلام الا مرة مرة ي يونس بن يعقوب قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام الوضوء
الذي افترضه الله على العباد لمن جاء من الغائط أو بال قال يغسل ذكره ويذهب الغائط ثم يتوضأ مرتين مرتين أقول
فيما تضمنه الحديث الأول من قوله عليه السلام ان الله وتر يحب الوتر ثم تفريغ ما بعده عليه ايماء إلى رجحان وحدة الغسلات
وفي الحديث الثاني والثالث تأييد ظاهر لذلك فإنه يبتعد من الامامين عليه السلام الاخلال بالسنة والحديث السابع
صريح في رجحان الوحدة ويؤيده ما رواه الصدوق في الفقيه عن الصادق عليه السلام أنه قال والله ما كان وضوء رسول الله
صلى الله عليه وآله الا مرة مرة وما رواه يونس بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال الوضوء مرة مرة وما رواه ابن أبي عمير
عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال الوضوء واحدة فرض واثنتان لا يوجر والثالثة بدعة ويعضده الأخبار المستفيضة
الواردة في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وآله وصفة وضوء أئمتنا عليهم السلام فان تلك الأخبار بأجمعها خالية
عن تثنية الغسلات وسيما حديث عبد الرحمن بن كثير الهاشمي المتلقى بالقبول بين الأصحاب فإنه مع اشتماله على كثير من السنن
كالمضمضة والاستنشاق خال عن التثنية ولو تنزلنا وقلنا بعدم دلالة الأحاديث المروية في صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله
على عدم استحباب تثنية الغسلات لان الغرض منه انما كان بيان الفرض بناء على ما ينقل مرسلا من قوله صلى الله عليه وآله بعد
فراغه هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة الا به فلا يمكن ان نقول بمثل ذلك في الأحاديث الواردة في صفة وضوء أئمتنا عليهم السلام
كحديث ابن كثير في وصف وضوء أمير المؤمنين عليه السلام وحديثي أبي عبيدة وحماد بن عثمن عن صفة وضوء الباقر والصادق
عليهما السلام وقال ثقة الاسلام محمد بن يعقوب الكليني قدس الله روحه بعد ايراد حديث عبد الكريم هذا دليل على أن
الوضوء مرة مرة لأنه عليه السلام كان إذا ورد عليه أمران كلاهما طاعة لله اخذ بأحوطهما وأشدهما على بدنه هذا كلامه
زيد اكرامه واما ما تضمنه ظاهر الحديث الخامس والسادس من قوله عليه السلام الوضوء مثنى مثنى فهو دليل معظم علمائنا
المتأخرين رضي الله عنهم وقال الثقة الجليل أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي في نوادره واعلم أن المفضل في واحدة
واحدة ومن زاد على اثنتين لم يوجر وظاهره رجحان الوحدة وطعن الصدوق في اخبار المرتين بانقطاع سندها وحملها
على التجديد ورده شيخنا الشهيد في الذكرى بان الاخبار التي رويناها بالمرتين في التهذيب متصلة صحيح الاسناد و
الحمل على التجديد خلاف الظاهر هذا ولا يخفى احتمال تلك الأخبار لمعنى اخر طالما يختلج بالبال وهو ان يكون عليه السلام
أراد بقوله الوضوء مثنى مثنى ان الوضوء الذي فرضه الله سبحانه انما هو غسلتان ومسحتان لا كما يزعمه المخالفون من أنه ثلاث غسلات
ومسحة واحدة وقد اشتهر عن ابن عباس رضي الله عنه انه كان يقول الوضوء غسلتان ومسحتان نقله الشيخ في التهذيب وغيره
ومما يؤيد هذا الاحتمال ما تضمنه الحديث العاشر أعني حديث يونس بن يعقوب من قول الصادق عليه السلام في وجوب السؤال عن
الوضوء الذي افترضه الله على العباد يتوضأ مرتين مرتين فان المراد بالمرتين فيه الغسلتان والمسحتان لا تثنية
الغسلات فإنها
ليست مما افترضه الله على العباد وأنت خبير بأنه مع قيام الاحتمال يسقط الاستدلال فيبقى الأخبار الدالة على رجحان
الوحدة سالمة عن المعارض ولم يبق للقائلين باستحباب التثنية الا الاجماع الذي نقله ابن إدريس قال رحمه الله في السرائر المرتان
فضيلة باجماع المسلمين ثم قال ولا يلتفت إلى خلاف من خالفه من أصحابنا بأنه لا يجوز للمرة الثانية لأنه إذا تعين المخالف و

24
عرف اسمه ونسبه فلا يعتد بخلافه هذا كلامه رحمه الله وهذا الاجماع لم ينقله من علماؤنا الذين وقفنا على كلامهم سواه
فان ثبت فهو الحجة والله أعلم بحقايق الأمور وما تضمنه الحديث الرابع من قول الباقر عليه السلام في جواب السؤال عن اجزاء
الغرفة الواحدة نعم إذا بالغت فيها معناه إذا بالغت في اخذ الماء بها بان ملأتها منه بحيث لا تسع معه شيئا ويمكن ان يكون
المعنى إذا بالغت في غسل العضو بها بامرار اليد ليصل ماؤها إلى كل اجزائه وقوله عليه السلام والثنتان تأتيان على ذلك
كله اي الغرفتان تكفيان في استيعاب العضو ولا يحتاج فيهما إلى تلك المبالغة وفي هذا الحديث دلالة على الاكتفاء في
الغسل بما يشبه الدهن وما تضمنه الحديث من قول الصادق عليه السلام لداود بن زربي بالزاء المكسورة والراء المهملة والباء
الموحدة توضأ ثلثا ثلثا صريح في التقية كما يرشد إليه اخره وهل يستنبط منه تحريم الثالثة حال الاختيار أو انما يدل
على عدم الاجر بها فقط كما يقوله الصدوق في الثانية كل محتمل وقد ذهب أكثر الأصحاب إلى (تحريمها) وهو الظاهر وذهب بعضهم كابن
الجنيد وابن أبي عقيل إلى عدم ترتب الثواب عليها فقط دون التحريم وهو ظاهر المفيد وعلى القول بالتحريم فهل
يبطل بها الوضوء كما جزم به أبو الصلاح الظاهر نعم ان اكتفى بالمسح بمائها لخروجه عن بلل الوضوء وقال في المعتبر بجواز
المسح بمائها وهو كما ترى ويستنبط من قوله عليه السلام فرآني بعضهم وانا لا اعلم به انه لا يشترط في العمل بالتقية في
بلاد أهل الخلاف العلم باطلاعهم عليه وقوله انك فلأني كناية عن قوله انك رافضي والتعبير بالكناية اما من ذلك الرجل
أو من الإمام عليه السلام ولهذا الحديث محمل آخر وهو ان يكون مراده عليه السلام بقوله توضأ ثلثا ثلثا تثليث الغسلات
بتثليث الأعضاء المغسولة ويكون الامر بالتقية في غسل الرجلين كما ورد مثله من امر الكاظم عليه السلام علي بن يقطين بغسله
الرجلين تقية للرشيد والقصة مشهورة أوردها المفيد في الارشاد وغيره ويؤيد هذا الحمل ان هذا هو الفعل الذي اشتهر
بين العامة انه الفصل المميز بينهم وبين الخاصة واما قولنا بوحدة الغسلات أو تثنيتها وكون الزائد على ذلك بدعة عندنا
فالظاهر أنه لم يشتهر بينهم ولم يصل إلى حد يكون دليلا على مذهب فاعله حتى يحتاج إلى التقية فيه على أن الغسلة الثالثة
ليست عندهم واجبة وهم ربما يتركونها ويمكن ان يستنبط من قوله عليه السلام في الحديث العاشر يغسل ذكره ويذهب الغائط
تعيين الماء في الاستنجاء من البول وعدم تعيينه في الاستنجاء من الغائط ولا يبعد ان يستفاد منه كون الاستنجاء من مقدمات
الوضوء ومعدودا من أفعاله كما قاله بعض الأصحاب
الفصل الثامن في نبذة من الأحكام المتعلقة بالوضوء و
شرذمة من مستحباته اثنا عشر حديثا أ من الصحاح زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في الوضوء قال إذا مس جلدك الماء فحسبك
ب زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال انما الوضوء حد من حدود الله ليعلم من يطيعه ومن يعصيه وان المؤمن
لا ينجسه شئ انما يكفيه مثل الدهن ج علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام قال سألته عن المرأة عليها السوار و
الدملج في بعض ذراعها لا (تدري أيجري) يجري الماء تحتها أم لا كيف تصنع إذا توضأت أو اغتسلت قال تحركه حتى يدخل الماء تحته أو
تنزعه د عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الكسير تكون عليه الجبائر أو تكون به الجراحة كيف يصنع بالوضوء
وغسل الجنابة وغسل الجمعة قال يغسل ما وصل إليه الغسل مما ظهر مما ليس عليه الجبائر ويدع ما سوى ذلك مما لا يستطيع
غسله ولا ينزع الجبائر ولا يعبث بجراحته ه‍ عمر بن يزيد قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام عن الرجل يخضب رأسه بالحناء ثم

25
يبدو له في الوضوء قال يمسح فوق الحناء والحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئل كم يفرغ الرجل على يده اليمنى قبل ان
يدخلها في الاناء قال واحدة من حدث البول واثنتان من الغائط وثلاث من الجنابة ز زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال
إذا وضعت يدك في الماء فقل بسم الله وبالله اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين وإذا فرغت فقل الحمد لله رب
العالمين ح زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يتوضأ بمد ويغتسل بصاع و
المد رطل ونصف والصاع ستة أرطال ط زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا كنت قاعدا على وضوءك فلم تدر
أغسلت ذراعيك أم لا فأعد عليهما وعلى جميع ما شككت فيه انك لم تغسله أو تمسحه مما سمى الله ما دمت في حال
الوضوء فإذا قمت من الوضوء وفرغت منه وقد صرت في حال أخرى في الصلاة أو في غيرها فشككت في بعض ما سمى الله
عليك وضوءه فلا شئ عليك ى بكير بن أعين قال قلت له الرجل يشك بعد ما يتوضأ قال هو حين يتوضأ أذكر منه
حين يشك يا عبد الله بن سنان قال ذكرت لأبي عبد الله عليه السلام رجلا مبتلى بالوضوء والصلاة وقلت هو رجل عاقل
فقال أبو عبد الله عليه السلام وأي عقل له وهو يطيع الشيطان فقلت له وكيف يطيع الشيطان فقال سله هذا الذي
يأتيه من أي شئ هو فإنه يقول لك من عمل الشيطان يب من الحسان الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئل عن الرجل
يكون به القرحة في ذراعه أو نحو ذلك من موضع الوضوء فيعصبها بالخرقة و يتوضأ ويمسح عليها إذا توضأ فقال إن كان
يؤذيه الماء فليمسح على الخرقة وان كان لا يؤذيه الماء فلينزع الخرقة ثم ليغسلها قال وسألته عن الجرح كيف يصنع به في غسله
فقال اغسل ما حوله أقول المراد من الحديثين الأولين جواز الاكتفاء بأقل مراتب الغسل أعني أدنى ما يحصل به
جريان الماء على العضو ولو باستعانة اليد مثلا على ما يظهر من حديث زرارة في حكاية الوضوء البياني حيث قال وامر كفه على
ساعده حتى جرى الماء على أطراف أصابعه والا فمجرد الامساس والدهن من دون حصول أقل مراتب الجريان العرفي غير كاف
لعدم تسميته في العرف غسلا وما تضمنه رواية محمد بن مسلم من قول الباقر عليه السلام يأخذ أحدكم الراحة من الدهن فيملأ
بها جسده والماء أوسع من ذلك معلوم انه ورد على سبيل المبالغة مع أن الرواية ضعيفة ولو عمل بظاهرها لم يبق فرق بين
الغسل والمسح ولفظة جلدك في الحديث الأول اما مرفوعة بالفاعلية أو منصوبة بالمفعولية على التجوز ولعل المراد مما
تضمنه الحديث الثاني من أن المؤمن لا ينجسه شئ ان أعضاؤه لا يتنجس بشئ من الاحداث نجاسة خبيثة حتى يحتاج في ازالتها
إلى صب ماء زائد على ما يشبه الدهن كما هو الواقع في أغلب النجاسات الخبيثة والسوار بكسر السين والدملج بالدال المهملة
واللام المضمومتين واخره جيم شئ كالحلقة يتخذ من الفلزات وغيرها تلبسه النساء في سواعدهن وربما يفرق بينهما بان
الدملج حلقة تامة بخلاف السوار والكسير في الحديث الرابع فعيل بمعنى المفعول والجبيرة الخرقة مع العيدان التي تشد على
العظام المكسورة والفقهاء يطلقونها على ما يشد به القروح والجروح أيضا ويساوون بينهما في الاحكام والغسل بكسر الغين
في قوله عليه السلام يغسل ما وصل إليه الغسل الماء الذي يغتسل به وربما جاء فيه الضم أيضا وقوله عليه السلام ويدع ما سوى
ذلك مما لا يستطيع غسله ربما يعطي بظاهره عدم وجوب المسح على الجبيرة والمعروف بين فقهائنا رضوان الله عليهم
وجوب المسح عليها كما يدل عليه الحديث الثاني عشر وهل يجب استيعابها بالمسح الظاهر ذلك لوجوب استيعاب الأصل و

26
ان كان قوله عليه السلام في ذلك الحديث ويمسح عليها ليس نصا في الاستيعاب بل هو من قبيل ما مر في الفصل الثالث من قوله
عليه السلام يمسح على مقدم رأسه وقال الشيخ في المبسوط ان الاستيعاب أحوط ولعله ره لاحظ هذا وما تضمنه الحديث
الخامس من قوله عليه السلام يمسح فوق الحناء محمول على الضرورة ويمكن حمله على أن المخضوب من رأسه انما كان أسفل المقدم
أو على أن الخضاب كان بماء الحناء كما يقال لما صبغ بماء الحناء والزعفران صبغ بهما وهو غير حاجب عن المسح لكن على هذا الحمل
يبقى الاشكال من جهة أخرى هي ان الظاهر خروج بلل المسح ح عن الاطلاق وههنا محمل رابع وهو ان يكون السائل أراد
بقوله يخضب رأسه بالحناء انه يلونه به فان خضب بمعنى لون كما في القاموس وغيره فكأنه يسأل ان لون الحناء هل هو مانع
من وصول الماء إلى الممسوح أم لا ويكون المراد من قوله عليه السلام يمسح فوق الحناء انه غير مانع ويستأنس لهذا الحمل بتعليل
المفيد قدس الله روحه كراهة الاختضاب للجنب كما تضمنه بعض الأخبار بان اللون يمنع وصول الماء إلى البشرة وقول المحقق في
المعتبر لعله نظر إلى أن اللون عرض وهو لا ينتقل فيلزم حصول اجزاء من الحناء في محل المنع للون ليكون وجود اللون بوجودها
لكنها خفيفة لا تمنع الماء منعا تاما فكراهته لذلك وما تضمنه الحديث السادس من غسل الرجل اليد قبل ادخالها الاناء
يظهر منه ان ذلك مقصور على الطهارة من الاحداث الثلاثة المذكورة لا من الريح ونحوه مثلا وان ذلك مشروط بما إذا كان
الوضوء أو الغسل من اناء واسع الرأس يمكن الاغتراف منه فلو تطهر من إبريق مثلا لم يستحب ذلك وكذا لو تطهر من نهر مثلا أو
من كر حملا للاناء على المتعارف وبعض الأصحاب مال إلى التعميم ولا باس به والظاهر أن المراد بالرجل في الأحاديث الواردة في هذا
الباب كرواية حريز عن الباقر عليه السلام ورواية عبد الكريم عن الصادق عليه السلام وغيرهما هو مطلق الشخص فمع الحكم النساء أيضا
إذ الظاهر أنه لا خصوصية للرجال بذلك والمراد من اليد في البول والغائط من مفصل الزند وفي الجنابة من المرفق وما تضمنه
الحديث الثامن من الوضوء بمد والغسل بصاع مما انعقد اجماعنا على استحبابه ولعل المراد بالرطل الرطل المدني فإنه
رطل بلده عليه السلام واعلم أن شيخنا الشهيد في الذكرى على أن ماء الوضوء لا يكاد يبلغ المد وقال بامكان حساب ماء
الاستنجاء فيه واستدل على ذلك بما يظهر من رواية ابن كثير عن أمير المؤمنين عليه السلام ورواية الحذاء عن الباقر عليه السلام
وقد تقدم الكلام في رواية الحذاء وظني ان كلامه هذا انما يتمشى على القول بعدم استحباب الغسلة الثانية وعدم كون المضمضة
والاستنشاق من أفعال الوضوء الكامل واما على القول بذلك كما هو مختاره قدس الله روحه فلا فان المد على ما اعتبرناه
لا يزيد على ربع المن التبريزي المتعارف في زماننا هذا بشئ يعتد به وهذا المقدار انما يفي بأصل الوضوء المسبغ ولا يفضل
عنه شئ للاستنجاء فان ماء غسل اليدين كف أو كفان وماء كل من المضمضة والاستنشاق والغسلات الواجبة
والمندوبة
ثلث اكف فهذه ثلاثة عشرة أو أربع عشرة كفا وهذا ان اكتفى في غسل كل عضو بكف واحدة والا زادت على ذلك فأين
ما يفضل للاستنجاء وأيضا ففي كلامه طاب ثراه بحث اخر وهو انه ان أراد بماء الاستنجاء الذي حسبه من ماء الوضوء ماء
الاستنجاء من البول وحده فهو شئ قليل حتى قدر بمثلي ما على الحشفة وهو لا يؤثر في الزيادة والنقصان اثرا محسوسا
وان أراد ماء الاستنجاء من الغائط أو منهما معا لم يتم استدلاله بالروايتين المذكورتين إذ ليس في شئ منهما دلالة على
ذلك بل في رواية الحذاء ما يشعر بان الاستنجاء كان من البول وحده فلا تغفل وما تضمنه الحديث التاسع والعاشر هو مستند

27
الأصحاب في أن من شك في فعل من أفعال الوضوء فإن كان قبل انصرافه اتى به وبما بعده وان كان بعد انصرافه لم يلتفت
وهل يجري هذا الحكم في كثير الشك أيضا أم لا يلتفت مطلقا اطلاق الحديث العاشر يقتضي الأول لكن الثاني هو الأظهر
وفاقا لبعض الأصحاب ونظرا إلى ظاهر ما يقتضيه الحديث الحادي عشر وهو منقول من كتاب العقل من الكافي فان الظاهر أن مراد
ابن سنان بقوله مبتلى بالوضوء والصلاة انه مبتلى فيهما بكثرة الشك لا بالوسواس في صحة النية وبطلانها فان هذا امر
مستحدث وقع فيه بعض المتأخرين وليس منه في كلام القدماء عين ولا اثر ومما يدل على عدم التفات كثير الشك مطلقا ما تضمنه
صحيحة زرارة وأبي بصير التي ستسمع الكلام فيهما في بحث الشك في الصلاة انشاء الله تعالى فيمن كثر شكه في الصلاة حيث قال عليه
السلام يمضي في شكه ثم قال لا تعودوا الخبيث من أنفسكم نقض الصلاة فتطمعوه فان الشيطان خبيث معتاد لما عود و
الحديث وان كان في الشك في الصلاة لكن العمل به في الشك في الوضوء من قبيل تعديه الحكم في المنصوص العلة والله سبحانه اعلم
الفصل التاسع في الاحداث الناقضة للوضوء ثمانية أحاديث أ من الصحاح زرارة قال قلت لأبي جعفر و
أبي عبد الله عليهما السلام ما ينقض الوضوء فقالا ما يخرج من طرفيك الأسفلين من الدبر والذكر غايط أو بول أو مني أو ريح والنوم حتى
يذهب العقل وكل النوم يكره الا أن تكون تسمع الصوت ب معاوية بن عمار قال قال أبو عبد الله عليه السلام ان الشيطان
ينفخ في دبر الانسان حتى يخيل إليه انه خرج منه ريح فلا ينقض وضوؤه الا ريح يسمعها أو يجد ريحها ج زرارة عن
أحدهما عليهما السلام قال لا ينقض الوضوء الا ما خرج من طرفيك والنوم د إسحاق بن عبد الله الأشعري عن أبي عبد الله عليه السلام
قال لا ينقض الوضوء الا حدث والنوم حدث ه‍ محمد بن عبيد الله أو عبد الله بن المغيرة قالا سألنا الرضا عليه السلام عن الرجل ينام
على دابته قال إذا ذهب النوم بالعقل فليعد الوضوء وزرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا يوجب الوضوء الا غائط أو بول
أو ضرطة تسمع صوتها أو فسوة تجد ريحها ز معمر بن خلاد قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل به علة لا يقدر على
الاضطجاع والوضوء يشتد عليه وهو قاعد مستند بالوسائد فربما أغفى وهو قاعد على تلك الحال قال يتوضأ قلت له ان
الوضوء يشتد عليه قال إذا خفي عنه الصوت فقد وجب عليه الوضوء ح من الحسان عبد الحميد بن غواض عن أبي عبد الله
عليه السلام قال سمعته يقول من نام وهو راكع أو ساجد أو ماش على أي الحالات فعليه الوضوء أقول ما تضمنه الحديث الأول
من قوله عليه السلام وكل النوم يكره الخ معناه ان كل نوم يفسد الوضوء الا نوما يسمع معه الصوت فعبر عليه السلام عن الافساد
بالكراهة وهذه الجملة بمنزلة المبينة لما قبلها فكأنه عليه السلام بين ان النوم الذي يذهب به العقل علامته عدم سماع الصوت
وانما خالف عليه السلام بين المتعاطفات الأربعة وبين الخامس في التعريف وأسلوب العطف لاندراج الأربعة جميعا تحت
الموصول الواقعة بدلا عنه وكون كل منهما قسما منه واما الخامس فمعطوف عليه وقسيم له و تخصيصه عليه السلام ما يخرج من
السبيلين بهذه الأربعة يدل على عدم النقض بخروج الدود والدم والحقنة وأمثالها واما الدماء الثلاثة فلعله عليه السلام
انما لم يذكرها لان الكلام فيما يخرج من طرفي الرجل وقد أجمع علماؤنا رضوان الله عليهم على انتقاض الوضوء بهذه الأشياء
التي تضمنها هذا الحديث وما يستفاد من كلام الصدوقين طاب ثراهما من كون النوم بنفسه غير ناقض لا يقدح في الاجماع
و الروايات متضافرة بالتسوية بينه وبين البواقي في النقض وربما يلوح من قوله عليه السلام والنوم حتى يذهب العقل حيث

28
علق نقض النوم بذهاب العقل ان كلما يذهب العقل من سكر أو جنون أو اغماء فهو ناقض للوضوء وان كان للكلام في دلالة
الحديث على ذلك مجال ولم اطلع في ذلك بخصوصه على نص ولكن نقل أصحابنا الاجماع عليه واستدل عليه الشيخ بما تضمنه
الحديث الخامس وسيجئ الكلام فيه ثم المستفاد من ظاهر هذا الحديث تخصيص الغائط الناقض بما خرج من المخرج الطبيعي و
الحق الأصحاب ما خرج من جرح ونحوه إذا صار معتادا بحسب العرف أو انسد الطبيعي وهو حسن وقال الشيخ ان خرج من تحت
المعدة نقض وان خرج من فوقها لم ينقض لأنه لا يسمى حينئذ غائطا بل هو أشبه بالقئ وغرضه ره انه انما يسمى غائطا بعد انحداره
من المعدة إلى الأمعاء وخلعه الصورة النوعية الكيلوسية التي كان عليها في المعدة واما قبل الانحدار عن المعدة فليس بغائط
وانما هو من قبيل القئ وليس مراده وقوع المخرج فيما سفل عن المعدة أو فيما علاها إذ لا عبرة بتحتية نفس
المخرج وفوقيته بل
بخروج الخارج بعد انحداره عن المعدة وصيرورته تحتها أو قبل ذلك غايته انه ره عبر عما يخرج قبل الانحدار عنها بما
يخرج من فوقها وعما يخرج بعده بما يخرج من تحتها والامر فيه سهل وبهذا يظهر ان حكم متأخري علمائنا رضوان الله عليهم
كالمحقق في المعتبر يضعف هذا التفصيل استنادا إلى أن الغائط اسم للمطمئن من الأرض ونقل إلى الفضلة المخصوصة فعند
هضم المعدة الطعام وانتزاع الاجزاء الغذائية منه يبقى الثقل فكيف خرج تناوله اسم الغائط إذ تسمية الثقل قبل
انحداره عن المعدة غائطا غير مسلم بل انما يسمى غائطا وعذرة بعد انحداره إلى الأمعاء كما قلنا والأصل براءة ذمة المكلف
من الطهارة حتى يعلم أو يظن خروج ما جعل المشهور خروجه سببا لها والله أعلم وفي حصر الناقض في الحديث الثالث فيما يخرج
من الطرفين والنوم رد لما ذهب إليه بعض العامة من النقض بالرعاف والقئ وأمثالهما على ما سيجئ ذكره مفصلا
ولا يرد النقض بالجنون والسكر والاغماء لان في ذكر النوم تنبيها على النقض بها وما تضمنه الحديث الرابع من قوله عليه السلام
لا ينقض الوضوء الا حدث والنوم حدث يدل على أن النوم حدث برأسه وصورته بحسب الظاهر صورة قياس من الشكل الثاني
ولا يخفى اشتمال صغراه على عقدي ايجاب وسلب لكن عقد الايجاب يوجب عقمه لاشتراط اختلاف مقدمتيه كيفا ولا سبيل
إلى عقد السلب لعدم تكرر الوسط حينئذ فلا سبيل إلى جعله من الشكل الثاني فاما ان يجعل الحدث في الصغرى بمعنى كل حدث
كما قالوه في قوله تعالى علمت نفس ما قدمت وأخرت من أن المراد كل نفس فيصير في قوة قولنا كل حدث ناقض ويؤل إلى الشكل
الرابع فينتج بعض الناقض نوم واما ان تجعل الصغرى كبرى وبالعكس فيكون من الشكل الأول واما ان يستدل على استلزامه
للمطلوب وان لم يكن مستجمعا لشرائط القياس كما قالوه في نحو قولنا زيد مقتول بالسيف والسيف آلة حديدية فإنه لا شك في
انتاجه زيد مقتول بآلة حديدية مع عدم جريانه على وتيرة شئ من الاشكال الأربعة وكما في قولنا زيد ابن عمرو وعمرو ليس في
البلد وقال العلامة في المنتهى في وجه الاستدلال بهذا الحديث ان كل واحد من أنواع الحدث اشترك مع غيره منها
في معنى الحديث وامتاز عنه بخصوصية وما به الاشتراك غير ما به الامتياز وغير داخل فيه فماهية الحدث من حيث هي
مغايرة لتلك الخصوصيات والإمام عليه السلام حكم باستناد النقض إلى الحدث الذي هو المشترك فلا يكون لقيد الخصوصيات
مدخل في ذلك التأثير وحكم بان تلك الماهية التي هي علة موجودة في النوم والعقل قاض بان المعلول لا يتخلف عن علته
فلا جرم كان النوم ناقضا انتهى كلامه زيد اكرامه وقد أورد مثل هذا الكلام في المختلف أيضا وما تضمنه الحديث الخامس

29
من تعليق نقض النوم على ذهاب العقل ربما دل على النقض بكلما أزال العقل كما مر وحصر موجب الوضوء في الحديث
السادس في الغائط والبول والريح ليس حصر المطلق الموجب بل الموجب الخارج من السبيلين فلا يرد النقض بالنوم واما
المني فهو ناقض لا موجب وعدم ذكر الدماء الثلاثة لعل وجهه ما ذكرناه في الحديث الأول وقول الراوي في الحديث
السابع والوضوء يشتد عليه أراد به انه يصعب عليه صعوبة قليلة لا تؤدي إلى جواز التيمم والا لسوغه عليه السلام وانما ذكر
الراوي تعسر الوضوء عليه وأردفه بقوله وهو قاعد رجاء في أن يرخص عليه السلام في ترك مطلق الطهارة وطمعا في أن يكون
النوم حال القعود وتمكن المقعد من الأرض غير ناقض للطهارة كما ذهب إليه بعضهم وخصوصا إذا كانت الطهارة متعسرة
وما تضمنه اخر الحديث من قوله عليه السلام إذا خفي عنه الصوت فقد وجب عليه الوضوء مما استدل به الشيخ في التهذيب على
النقض بالاغماء والمرة وتبعه المحقق في المعتبر والعلامة في المنتهى وشيخنا الشهيد في الذكرى لكن العلامة جعل المدعى النقض
بكلما أزال العقل من اغماء أو جنون أو سكر وتبعه شيخنا الشهيد قدهما ولا يخفى انه على تقدير تعميم المدعى يصير الدليل
أخص من الدعوى إذ ربما زال العقل بجنون أو سكر من غير خلل في القوة السامعة ثم في أصل الاستدلال بهذا
الحديث كلام أورده المحقق في المعتبر حاصله ان قول الراوي فربما أغفى بمعنى نام فقوله عليه السلام إذا خفى عنه الصوت فقد
وجب عليه الوضوء في قوة قوله عليه السلام إذا خفى عنه الصوت في حال اغفائه فقد وجب عليه الوضوء وأجاب عن ذلك بان كلامه
عليه السلام مطلق فلا يتقيد بالمقدمة الخاصة وفيه ان المحدث عنه هو ذلك الرجل الذي أغفى وهو قاعد (فتدبر)؟؟ و
اللام فيما تضمنه الحديث الثامن من قوله عليه السلام على اي الحالات يمكن ان يكون للعهد الذكري اي على اي حالة
من الحالات الثلاثة المذكورة أعني الركوع والسجود والمشي فلا يستفاد منه ان نوم النائم المتمكن مقعده من الأرض ناقض وبل؟
يستفاد ذلك من الأحاديث الاخر ويمكن ان يجعل للاستغراق فيدل على أن مطلق النوم ناقض ولعل الحمل على الثاني
أولى ترجيحا للتأسيس على التأكيد والله أعلم
الفصل العاشر فيما ظن أنه ناقض وليس بناقض أحد عشر حديثا
أ من الصحاح زيد الشحام قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام المذي ينقض الوضوء قال لا ب ابن أبي عمير عن غير واحد من
أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام قال ليس في المذي من الشهوة ولا من الانعاظ ولا من القبلة ولا من مس الفرج ولا من المضاجعة
وضوء ج زرارة ومحمد بن مسلم وزيد الشحام عن أبي عبد الله عليه السلام انه لو قال لو سال من ذكرك شئ من مذي أو ودي فلا
تغسله ولا تقطع له الصلاة ولا تنقض له الوضوء انما ذلك بمنزلة النخامة د محمد بن إسماعيل عن أبي الحسن عليه السلام قال
سألته عن المذي فأمرني بالوضوء منه ثم أعدت عليه سنة أخرى فأمرني بالوضوء منه وقال لي ان عليا عليه السلام امر المقداد
ان يسأل رسول الله صلى الله عليه وآله واستحيى ان يسأله فقال فيه الوضوء قلت فإن لم أتوضأ قال لا باس به ه‍ يعقوب بن
يقطين قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يمذي وهو في الصلاة من شهوة أو من غير شهوة قال المذي منه الوضوء و
علي بن يقطين قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن المذي أينقض الوضوء قال إن كان عن شهوة نقض ز إبراهيم بن أبي محمود
قال سألت الرضا عليه السلام عن القئ والرعاف والمدة أتنقض الوضوء أم لا قال لا تنقض شيئا ح زرارة عن أبي جعفر
عليه السلام قال ليس في القبلة ولا مس الفرج ولا الملامسة وضوء ط من الحسان زيد الشحام قال سألت أبا عبد الله عليه السلام

30
هل ينقض الوضوء قال لا ى زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال القهقهة لا تنقض الوضوء وتنقض الصلاة يا من الموثقات
إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن المذي فقال إن عليا عليه السلام كان مذاء فاستحيى ان يسأل رسول
الله صلى الله عليه وآله لمكان فاطمة عليها السلام فامر المقداد ان يسأله وهو جالس فسأله فقال ليس بشئ أقول
المذي بالذال المعجمة الساكنة ماء يخرج عند الملاعبة والتقبيل والودي بالدال المهملة الساكنة ماء ثخين يخرج عقيب
البول ولا خلاف بين علمائنا رضوان الله عليهم في عدم نقض المذي المجرد عن الشهوة كما لا خلاف بينهم في عدم نقض
الودي مطلقا وذهب ابن الجنيد إلى أن المذي الخارج عقيب الشهوة ناقض والحديث السادس نص فيه غير أنه معارض
بالحديث الثاني ان جعلنا مراسيل ابن أبي عمير صالحة لمعارضة المسانيد وسيما إذا كانت الواسطة بينه وبين الإمام عليه السلام
أكثر من واحد واما الأحاديث الاخر فلا تصلح لمعارضته لكونها مطلقة فتحمل على المقيد وقوله عليه السلام
في الحديث الثاني ولا من الانعاظ اما معطوف على قوله من الشهوة أو على قوله في المذي وعلى الأول يكون الكلام مقصورا
على ذكر عدم النقض بالمذي وحده سواء كان من الشهوة أو من الانعاظ أو ما عطف عليه وعلى الثاني يكون الغرض عدم
النقض بشئ من الأمور الخمسة وبهذا يظهر عدم صلاحيته للاستدلال على عدم النقض بمس الفرج فاستدلال العلامة
به في المختلف وغيره على ذلك محل كلام والضمير في قوله عليه السلام في اخر الحديث الرابع لا بأس به اما ان يعود إلى عدم
الوضوء المدلول عليه بقول الراوي فإن لم أتوضأ أو إلى المذي المذكور في صدر الحديث واما عوده إلى الوضوء المدلول
عليه بقول الراوي فإن لم أتوضأ أو المذكور في قول الإمام عليه السلام فيه الضوء على أن لا يكون الحديث متضمنا لتحريم
ترك الوضوء فلا يخلو من بعد وقد روى الشيخ هذا الحديث عن محمد بن إسماعيل أيضا بطريق اخر من دون ضميمة قوله قلت
فإن لم أتوضأ الخ هكذا قال سألت الرضا عليه السلام عن المذي فأمرني بالوضوء منه ثم أعدت عليه في سنة أخرى فأمرني
بالوضوء وقال إن عليا عليه السلام امر المقداد بن الأسود ان يسأل النبي صلى الله عليه وآله واستحيى ان يسأله فقال فيه الوضوء
قال العلامة في المنتهى لا شك ان الراوي إذا روى الحديث تارة مع زيادة وتارة بدونها عمل على تلك الزيادة إذا لم تكن
مغيرة ويكون بمنزلة الروايتين ثم قال لا يقال الزيادة هنا مغيرة لأنها تدل على الاستحباب مع أن الخبر خال عنها يدل على
الوجوب لأنا نقول هذا ليس بتغيير بل هو تفسير لما دل عليه لفظ الامر لأنه لو كان تغييرا لكان الخبر المشتمل على الزيادة متناقضا
انتهى كلامه أعلى الله مقامه وهو كلام حسن ولا يذهب عليك انه يمكن ان يستنبط من ظاهر هذا الحديث عدم وجوب التعرض
في نية الوضوء للوجوب وان مطلق القربة كاف بيان ذلك أن وجوب الوضوء هو المستفاد من ظاهر امره عليه السلام لمحمد بن إسماعيل
في السنة الأولى إذ الامر للوجوب وقوله عليه السلام في السنة الثانية لا بأس به كاشف عن أن ذلك الامر انما كان للاستحباب
فلو كان قصد الوجوب في نية الوضوء واجبا للزم تأخير البيان عن وقت الحاجة وما تضمنه الحديث الخامس من قوله عليه السلام
المذي منه الوضوء قال الشيخ انه محمول على التعجب لا الاخبار فكأنه من شهرته وظهوره في ترك الوضوء منه قال هذا شئ يتوضأ
منه هذا كلامه وهو كما ترى وقال العلامة في المنتهى يمكن حمله على الاستحباب وأنت خبير بان كون السؤال عن المذي في
الصلاة يوجب ضعف الحمل على ذلك ولو حمل على التقية لكان أولى فان العامة مطبقون على النقض بالمذي وما تضمنه الحديث

31
السابع من عدم نقض القئ والرعاف والمدة موضع وفاق عندنا والمخالف فيه بعض العامة والأحاديث الواردة في خلاف
ذلك محمولة على التقية والاستحباب والمدة بالكسر والتشديد ما يجتمع في الجروح من القيح وما تضمنه الحديث الثامن من عدم
النقض بالقبلة لا خلاف فيه بين أصحابنا الا من ابن الجنيد وما تضمنه من عدم النقض بالقبلة لا خلاف فيه بين أصحابنا خالف هو
وابن بابويه فيه والروايات بما يوافقهما ضعيفة وربما حملت على الاستحباب وما تضمنه الحديث العاشر من عدم النقض بالقهقهة
هو المعروف بين علمائنا وقال ابن الجنيد من قهقه في صلاته متعمدا لنظر أو سماع ما أضحكه قطع صلاته
وأعاد الوضوء واحتج
برواية سماعة وهي ضعيفة لا تنهض بمعارضة الأخبار الصحيحة والله أعلم بحقايق الأمور
الفصل الحادي عشر في آداب الخلوة
ستة عشر حديثا أ من الصحاح معاوية بن عمار قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول إذا دخلت المخرج فقل بسم الله اللهم إني
أعوذ بك من الخبيث المخبث الرجس النجس الشيطان الرجيم فإذا خرجت فقل الحمد لله الذي عافاني من الخبيث المخبث وأماط
عني الأذى ب عاصم بن حميد عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال رجل لعلي بن الحسين عليهما السلام أين يتوضأ الغرباء قال
تتقي شطوط الأنهار والطرق النافدة وتحت الأشجار المثمرة ومواضع اللعن قال أبواب الدور ج محمد بن إسماعيل بن بزيع عن
أبي الحسن الرضا عليه السلام انه سمعه يقول من بال حذاء القبلة ثم ذكر فانحرف عنها اجلالا للقبلة وتعظيما لها لم يقم من مقعده
ذلك حتى يغفر له د عمر بن يزيد قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن التسبيح في المخرج وقراءة القرآن قال لم يرخص في الكشف
في أكثر من آية الكرسي وحمد الله أو اية ه‍ محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال يا محمد لا تدع ذكر الله على كل حال ولو
سمعت المنادي ينادي بالاذان وأنت على الخلاء فاذكر الله عز وجل وقل كما يقول وداود بن فرقد عن أبي عبد الله عليه السلام
قال كان بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم قطرة بول قرضوا لحومهم بالمقاريض وقد وسع الله عليكم بأوسع من السماء والأرض وجعل
لكم الماء طهورا فانظروا كيف تكونون ز زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال لا صلاة الا بطهور ويجزيك من الاستنجاء ثلاثة
أحجار بذلك جرت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وآله واما البول فلابد من غسله ح جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام
قال إذا انقطعت درة البول فصب عليه الماء ط حفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يبول قال ينتره ثلاثا
ثم إن سال حتى يبلغ الساق فلا يبالي ى زرارة قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول كان الحسين عليه السلام يتمسح من الغائط
بالكرسف ولا يغسل يا عبد الله بن ميمون القداح عن أبي عبد الله عليه السلام عن آبائه عن علي عليهم السلام انه كان إذا خرج من
الخلاء قال الحمد لله الذي رزقني لذته وأبقى قوته في جسدي واخرج عني أذاه يا لها نعمة ثلثا يب من الحسان عبد الله بن مسكان
عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله أشد الناس توقيا عن البول كان إذا أراد البول تعمد إلى مكان مرتفع
من الأرض أو إلى مكان من الأمكنة يكون فيه التراب الكثير كراهية ان ينضح عليه البول يج عبد الله بن المغيرة عن أبي الحسن عليه السلام
قال قلت له للاستنجاء حد قال لا حتى ينقى ماثمة قلت إنه ينفي ما ثمة ويبقى الريح قال الريح لا ينظر إليها يد محمد بن مسلم
قال قلت لأبي جعفر عليه السلام رجل بال ولم يكن معه ماء قال يعصر أصل ذكره إلى طرفه ثلث عصرات وينتر طرفه فان خرج بعد
ذلك شئ فليس من البول ولكنه من الحبائل يه من الموثقات يونس بن يعقوب قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام الوضوء الذي
قد افترضه الله على العباد لمن جاء من الغائط أو بال قال يغسل ذكره ويذهب الغائط ثم يتوضأ مرتين مرتين وقد مر هذا الحديث

32
في الفصل السابع يو عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الرجل أراد ان يستنجي بأيما يبدأ بالمقعدة أو
بالإحليل فقال بالمقعدة ثم بالإحليل
أقول ما تضمنه الحديث الأول من تقديم البسملة على الاستعاذة مع أن الحال في
قراءة القرآن بالعكس ربما يعلل بان التعوذ هناك للشروع في القراءة كما دل عليه الامر في الآية الكريمة والبسملة من القران
فقدم التعوذ عليها واما ما نحن فيه فهو امر مقصود ولم يرد فيه الابتداء بالاستعاذة فيندرج في سائر ما يبدأ فيه بالبسملة امتثالا
لحديث كل امر ذي بال لم يبدأ فيه ببسم الله فهو أبتر والرجس القذر والنجس اما بكسر الجيم أو فتحها ويجوز كسر النون واسكان
الجيم لمزاوجة الرجس والمخبث بكسر الباء والرجيم بمعنى المرجوم بالشهب أو باللعنة وأماط بمعنى أبعد وأزال وما تضمنه
الحديث الثاني من قوله بتائين مثناتين من فوق بصيغة الغائب والضمير للغرباء ويمكن كونه بصيغة المخاطب وما تضمنه
من اتقاء الجلوس تحت الأشجار المثمرة يعم بظاهره ما هي مثمرة في الماضي إذ لا يشترط عندنا في صدق المشتق حقيقة
بقاء المعنى ولعل هذا هو مراد شيخنا الشهيد الثاني وشيخنا المحقق الشيخ علي أعلى الله قدرهما حيث قالا المراد بالمثمرة
ما من شأنها الأثمار لان المشتق لا يشترط في صدقه بقاء المعنى انتهى والا فاطلاق المشتق على ما سيتصف بمبدء الاشتقاق
مجازا اتفاقا والحديث الثالث لا يستفاد منه تحريم استقبال القبلة للمتخلي إذ لا دلالة في حصول الثواب بالانحراف عنها على
وجوبه ولم أظفر في هذا الباب بخبر معتبر السند سواه نعم هنا اخبار ضعيفة ربما ينجبر ضعفها باشتهار العمل بمضمونها
بين الأصحاب كما رواه عيسى بن عبد الله الهاشمي عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله
إذا دخلت المخرج فلا تستقبل القبلة ولا تستدبرها ولكن شرقوا أو غربوا وكما تضمنته مرفوعة عبد الحميد قال
وسئل الحسن بن علي عليهما السلام ما حدا الغايط قال لا يستقبل القبلة ولا يستدبرها وكما رواه علي بن إبراهيم مرفوعا ان أبا حنيفة
خرج من عند أبي عبد الله عليه السلام وأبو الحسن عليه السلام قائم وهو غلام فقال أبو حنيفة يا غلام أين يضع الغريب ببلدكم
فقال اجتنب أفنية المساجد وشطوط الأنهار ومساقط الثمار ومنازل النزال ولا تستقبل القبلة بغايط ولا بول ثم ارفع
ثوبك
وضع حيث شئت وذهب ابن الجنيد إلى استحباب تجنب استقبال القبلة بالغائط ولم يتعرض للاستدبار ونقل عن سلار
كراهة الاستقبال والاستدبار في البنيان وتحريمهما في الصحارى وظاهر كلام المفيد الكراهة في الصحارى والإباحة في البنيان
ولا ريب ان العمل بالمشهور من التحريم مطلقا أحوط وأنسب بالتعظيم والله أعلم والحديث الرابع هو مستند الأصحاب في استثناء اية الكرسي
من التكلم للمتخلي وكان عليهم استثناء قراءة اية أيضا كما تضمنه الحديث ومستندهم في كراهة التكلم ما رواه صفوان عن أبي الحسن
الرضا عليه السلام قال نهى رسول الله صلى الله عليه وآله ان يجيب الرجل اخر وهو على الغائط أو يكلمه حتى يفرغ ومستندهم
في عدم كراهة الذكر مما رواه ابن بابويه قال لما ناجى الله موسى بن عمران عليه السلام قال موسى يا رب أبعيد أنت منى فأناديك
أم قريب فأناجيك فأوحى الله جل جلاله إليه انا جليس من ذكرني فقال موسى يا رب اني أكون في أحوال اجلك ان أذكرك فيها
فقال يا موسى اذكرني على كل حال والحديث الخامس مما أورده الصدوق في علل الشرائع وفي الفقيه أيضا وهو يقتضي ندبية حكاية الاذان
على ما هو عليه واما ما وقع في كلام بعض الاعلام من أنه ليس في حكاية الاذان للمتخلي نص فينبغي له ابدال الحيعلات بالحولقة لأنها
ليست ذكرا فهو كما ترى والحديث السادس مما استدل به العلامة في المنتهى على عدم جواز الاستنجاء من أول بغير الماء قال

33
طاب ثراه ان تخصيصه عليه السلام الماء يدل على نفي الطهورية عن غيره خصوصا عقيب ذكر النعمة بالتخفيف فلو كان البول
يزول بغيره لكان التخصيص منافيا للمراد انتهى وفي هذا الاستدلال نظر فان الظاهر أن قرض بني إسرائيل لحومهم انما فرضه
الله عليهم من بول يصيب أبدانهم من خارج لان استنجاءهم من البول كان بقرض لحومهم فإنه يؤدي إلى انقراض أعضائهم
في مدة يسيرة والظاهر أنهم لم يكونوا مكلفين بذلك والله سبحانه اعلم بحقايق احكامه وعدم اجزاء غير الماء في الاستنجاء من
البول مما أطبق عليه علماؤنا كافة ويدل عليه الحديث السابع والثامن والخامس عشر أيضا وقوله عليه السلام في الحديث
السابع يجزيك من الاستنجاء ثلاثة أحجار يعطي بظاهره وجوب اكمال الثلاثة وان حصل النقاء بما دونها كما يقتضيه لفظ الاجزاء
وهذا هو المشهور بين الأصحاب وعليه العمل ونقل عن المفيد الاكتفاء بالواحد إذا حصل به النقاء وهو ظاهر الشيخ وابن حمزة
واختاره العلامة في المختلف محتجا بان القصد إزالة النجاسة وقد حصلت فلا يجب الزائد وبان الزائد لا يفيد تطهيرا فلا
مغنى لايجابه وبما تضمنه حديث ابن المغيرة وهو الحديث الثالث عشر من قوله عليه السلام حتى ينقى ما ثمة وربما يؤيد باطلاق
قوله عليه السلام في الحديث الخامس عشر أعني حديث يونس ويذهب الغائط وفي هذه الأدلة نظر ظاهر اما الأول فلان كون القصد
إزالة النجاسة مسلم ولكن لا على اي وجه اتفق بل على الوجه الذي جعله المشهور سببا في ازالتها ولم يثبت كون الأقل من الثلاثة
سببا وقوله وقد حصلت ظاهر المنع بل هو عين المتنازع فيه والعجب أنه قدس الله روحه استدل على بطلان قول المرتضى رضي الله
عنه بطهارة الجسم الصقيل كالمرآة بالمسح المزيل العين النجاسة بمثل ما قلناه هيهنا وأجاب عما استدل به من أن الموجب لنجاسة
المحل بقاء عين النجاسة فيه وبالمسح يزول العلة بمنع المقدمة الأولى فان الطهارة والنجاسة حكمان شرعيان نعم ملاقاة النجاسة
دليل وعلامة على الحكم الشرعي ولا يلزم من نفي الدليل والعلامة نفي المدلول هذا كلامه أعلى الله مقامه وهو بعينه منقلب
عليه هنا واما دليله الثاني فهو يؤل في الحقيقة إلى الأول والجواب مشترك واما دليله الثالث ففيه ان الظاهر أن مراد ابن
المغيرة بقوله للاستنجاء حدان يعين الإمام عليه السلام له منتهى عدد الغسلات والمسحات التي لا يجب على المكلف الاتيان بما يزيد
عليها ولما لم يكن لها حد شرعي في طرف الزيادة لوجوب الزيادة على الثلث لو لم ينق المحل بها جعل عليه السلام حد ذلك انقاءه
ولم يقل ثلث مسحات مثلا لاقتضائه عدم وجوب الزيادة عليها مطلقا واما حديث زرارة المتضمن للثلاثة الأحجار فلم يقع في جواب
السؤال عن حد الاستنجاء بل الظاهر أن قوله عليه السلام يجزيك من الاستنجاء ثلاثة أحجار انما ورد لبيان أقل مراتب العدد الذي يحصل
به التطهير كما يدل عليه لفظ الاجزاء والحاصل ان الظاهر من حديث زرارة تحديد عدد المسحات في جانب القلة ومن حديث ابن المغيرة
عدم تحديدها في جانب الكثرة ولو كان المراد منه عدم التحديد في الجانبين معا لناقض حديث زرارة كما لا يخفى واما حديث
يونس فهو من قبيل المطلق فيحمل على المقيد في جانب القبلة رفعا للتناقض بين الحديثين والله أعلم بحقايق احكامه ثم
ظاهر قوله عليه السلام ثلاثة أحجار يعطي عدم اجزاء الواحد ذي الجهات إذ زوال النجاسة حكم شرعي يتوقف على سببه الشرعي وهو
الثلاثة وهو مختار المحقق وجماعة من الأصحاب وذهب المفيد وابن البراج والعلامة وبعض المتأخرين إلى الاجزاء واستدل
عليه في المختلف بان المراد بالثلاثة الأحجار ثلاثة مسحات بحجر كما لو قيل اضربه عشرة أسواط وبان المقصد إزالة النجاسة
وقد حصل وبأنها لو انفصلت لأجزأت فكذا مع الاتصال وبأنه لو استجمر بذي الجهات ثلاثة لا جزء كل جهة عن حجر فكذا

34
الواحد وأنت خبير بتطرق الكلام إلى كل من هذه الدلائل الأربعة على ما ذكرناه قبيل هذا والمعتمد عدم الاجزاء والمراد
بانقطاع درة البول في الحديث الثامن انتهاء خروجه وانقطاع سيلانه والدرة بكسر الدال سيلان اللبن ونحوه وقوله عليه السلام
في الحديث التاسع ينتره ثلثا مما استدل به الشيخ في الاستبصار على وجوب الاستبراء والذي يظهر من اخر الحديث ان عرضه
عليه السلام عدم انتقاض الوضوء بما عساه يخرج من البلل بعد الاستبراء لا بيان كون الاستبراء واجبا والبول في اخر الحديث الثاني
عشر يجوز نصبه على المفعولية لقوله ينضح بإعادة المستتر في ينضح إلى المكان على أن يراد بالنضح الرش ورفعه بالفاعلية ينضح
على أن يكون نضح عليه بمعنى اصابه وفي هذا المقام كلام يحسن التنبيه عليه وهو ان ما يظهر من هذا الحديث من أن عبد
الله بن مسكان رواه عن أبي عبد الله (عليه السلام) بدون واسطة ينافي ما ذكره بعض أعيان علماء الرجال من أنه رضي الله عنه لم يسمع من الصادق عليه
السلام الا حديثا واحدا وهو من أدرك المشعر فقد أدرك الحج وانه كان يأخذ الأحاديث عن أصحاب الصادق عليه السلام ويأبى ان
يدخل عليه اجلالا له عليه السلام وخوفا من التقصير في القيام بوظايف تعظيمه والاخلال بتأدية ما يستحقه عليه السلام من
الاجلال والاحترام فان قلت فينبغي حمل هذه الرواية وأمثالها على الارسال إذ ليس فيها تصريح بعدم الواسطة بينه و
بين الإمام عليه السلام ولفظة عن تحتمل وجود الواسطة وعدمها قلت فتح هذا الباب يؤدي إلى تجويز الارسال في أكثر الأحاديث وارتفاع الوثوق باتصالها والحق ان لفظة عن في الأحاديث المعنعنة تشعر بعدم الواسطة بين الراوي والمروي
عنه فالأولى عدم التعويل على ما قيل من أنه رضي الله عنه لم يسمع من الصادق عليه السلام الا ذلك الحديث الواحد كيف وقد روي
عنه في الكافي في باب طلب الرياسة أنه قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول وإياكم وهؤلاء الرؤساء الذين يتراءسون الحديث
وروي عنه التهذيب في باب الخروج إلى الصفا من كتاب الحج أنه قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل طاف بين الصفا و
المروة ستة أشواط وهو يظن أنها سبعة الحديث واما الرواية عنه بعنوان قال أبو عبد الله عليه السلام أو عن أبي عبد الله عليه السلام
فكثيرة في الكافي والتهذيب كما في باب المكارم وباب النهي عن الاشراف على قبر النبي صلى الله عليه وآله وباب الأغسال وغير ذلك
والاعراض عن مفاد هذه الروايات واطراح ما دلت عليه لأجل كلام غير محقق الثبوت أورده النجاشي وقلده فيه بعض
المتأخرين مما لا يخفى شناعته والله أعلم بحقايق الأمور والحديث الثالث عشر يدل على عدم العبرة بالرائحة وقوله عليه السلام
لا ينظر إليها اي لا يلتفت إليها ويمكن ان يكون مراده عليه السلام ان الرائحة ليست أمرا مدركا بحس البصر فلا يعبأ بها ولشيخنا
الشهيد طاب ثراه هنا كلام مشهور وهو ان وجود الرائحة يرفع أحد أوصاف الماء وذلك يقتضي النجاسة وأجاب عنه تارة بالعفو
عن الرائحة للنص والاجماع وأخرى بان الرائحة ان كان محلها الماء نجس لانفعاله وان كان محلها اليد أو المخرج فلا حرج وهو كلام
حسن والحبايل في الحديث الرابع عشر بالحاء المهملة والباء الموحدة يراد بها عروق في الظهر وفي الحديث الخامس عشر ايماء
إلى أن الاستنجاء ملحق بأفعال الوضوء ومعدود منها والمراد بقوله عليه السلام مرتين مرتين الغسلتان والمسحتان وقد تقدم
الكلام فيه وما تضمنه الحديث السادس عشر من تقديم غسل المقعدة على غسل الإحليل علله العلامة في المنتهى بافتقار
الاستبراء من البول إلى المسح من المقعدة وقبل غسلها ربما يتعدى نجاستها إلى اليد والله أعلم
الفصل الثاني عشر
في احكام يتعلق بموجبات الوضوء خمسة أحاديث أ من الصحاح علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام انه سأله عن الرجل

35
يحل له ان يكتب القران في الألواح والصحيفة وهو على غير وضوء قال لا ب عمر بن أبي نصر قال سألت أبا عبد الله عليه السلام
عن الرجل يبول فينسى ان يغسل ذكره ويتوضأ قال يغسل ذكره ولا يعيد وضوءه ج علي بن يقطين عن أبي الحسن موسى عليه السلام
قال سألته عن الرجل يبول فلا يغسل ذكره حتى يتوضأ وضوء الصلاة فقال يغسل ذكره ولا يعيد وضوءه د زرارة عن أبي جعفر
عليه السلام قال لا ينقض الوضوء ابدا بالشك ولكن ينقضه يقين آخر ه‍ بكير بن أعين عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا استيقنت
انك قد أحدثت فتوضأ وإياك ان تحدث وضوءا ابدا حتى تستيقن انك قد أحدثت أقول الحديث الأول المتضمن عدم تجويز
كتابه القران للحدث لم يشتهر العمل بمضمونه بين الأصحاب ويمكن ان يستنبط منه بطريق الأولوية عدم جواز مسها أيضا والمنع من
الأصحاب للمس؟؟ هو المشهور بين الأصحاب رضي الله عنهم وتدل عليه رواية أبي بصير قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عمن قرء في
المصحف وهو على غير وضوء قال لا باس ولا يمس الكتاب ورواية حريز عمن اخبره عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان إسماعيل بن أبي
عبد الله عليه السلام (عنده) فقال يا بني اقرأ المصحف فقال إني لست على وضوء فقال لا تمس الكتاب ومس الورق واقرأه وهاتان الروايتان
وان ضعفت أولهما بالحسين بن المختار وثانيتهما بالارسال لكنهما تصلحان للتأييد وقد اشتهر الاستدلال على هذا المطلب بالآية
الكريمة أعني قوله جل وعلا لا يمسه الا المطهرون ويرشد إلى ذلك رواية إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن عليه السلام قال
المصحف لا تمسه على غير طهر ولا تمس خيطه ولا تعلقه ان الله تعالى يقول لا يمسه الا المطهرون وفي طريقها ضعف ولم أظفر في هذا
الباب بحديث يركن إلى سنده وأنت خبير بان الاستدلال بالآية الكريمة يتوقف على أن يكون الضمير في يمسه عائدا إلى
القران لا إلى الكتاب المكنون أعني اللوح المحفوظ مع أنه أقرب وعلى جعل الجملة الخبرية أعني لا يمسه بمعنى الانشاء وعلى ان يراد
من المطهرين المتصفون بالطهارة الشرعية من الاحداث الصغرى والكبرى واثبات هذه المقدمات الثلث لا يخلو من اشكال
وقال جماعة من المفسرين ان المعنى لا يطلع على اللوح المحفوظ الا الملائكة المطهرون عن الأدناس الجسمانية هذا وقد ذهب
الشيخ في المبسوط وابن البراج وابن إدريس إلى جواز المس على كراهيته والأحوط التحريم وقوفا مع الشهرة وهو المناسب لتعظيم القران
الكريم وما تضمنه الحديث الثاني والثالث من عدم إعادة الوضوء بترك الاستنجاء هو المعروف بين علمائنا رضي الله عنهم
وذهب الصدوق إلى أن من ترك غسل مخرج البول وصلى أعاد الوضوء والصلاة لرواية سليمان بن خالد عن أبي جعفر عليه
السلام في الرجل يتوضأ فينسى غسل ذكره قال يغسل ذكره ثم يعيد الوضوء وهي لا تعارض ذينك الحديثين الصحيحين وحملها
على الاستحباب ممكن والحديث الرابع والخامس يدلان على أن من يتقن الطهارة وشك في الحدث لا يلتفت بل ظاهر الحديث
الخامس تحريم الطهارة عليه وهذا الحكم أعني العمل باليقين والقاء الشك في هذه الصورة وفي عكسها أيضا مما لا خلاف
فيه بين الفقهاء وقالوا ان اليقين لا يرتفع بالشك وأرادوا بذلك ان اليقين الحاصل في الحال بوقوع الطهارة أو الحدث
في الماضي لا يرفعه الشك في حصول ما يزيل تلك الطهارة أو الحدث وهو يرجع إلى استصحاب الحال إلى أن يعلم الزوال
فان العاقل إذا التفت إلى ما حصل بيقين ولم يعلم ولم يظن طرو ما يزيله حصل له الظن ببقائه فقولهم إذا تيقن الحدث وشك
في الطهارة تطهر معناه انه إذا تيقن في وقت حصول الحدث في الماضي وشك في ذلك الوقت في وقوع الطهارة بعده تطهر و
الحدث في كلامهم هذا يجوز ان يراد به نفس السبب كخروج البول مثلا وان يراد به الحالة المسببة عنه وقصره على الأول

36
كما ذكره بعض الأصحاب غير جيد ثم هذا اليقين يجامع هذا الشك بغير مرية لتغاير متعلقيهما كمن تيقن عند الظهر وقوع المطر
في الغداة وهو شاك في انقطاعه وقال شيخنا الشهيد في الذكرى قولنا اليقين لا يرفعه الشك لا نعني به اجتماع اليقين والشك
في الزمان الواحد لامتناع ذلك ضرورة ان الشك في أحد النقيضين يرفع يقين الاخر بل المعني به ان اليقين الذي كان في
الزمن الأول لا يخرج عن حكمه بالشك في الزمن الثاني لأصالة بقاء ما كان فيؤل إلى اجتماع الظن والشك في الزمان الواحد فيرجح
الظن عليه كما هو مطرد في العبارات انتهى كلامه وأنت خبير بان اجتماع اليقين والشك على ما قلناه ممكن لعدم تناقض
متعلقيهما وهو طاب ثراه جعل متعلقيهما متناقضين وحاصل كلامه ان قولهم يقين الطهارة لا يرفعه الشك في الحدث مثلا
ليس معناه ان تيقن المكلف كونه متطهرا في وقت لا يرفعه شكه في ذلك الوقت في كونه محدثا لان ذلك اليقين لا يجامع هذا
الشك أصلا بل معناه انه إذا تيقن في الماضي كونه متطهرا ثم شك في المستقبل في كونه محدثا فهذا الشك لا يرفع حكم اليقين
السابق بل يستصحب ذلك الحكم ويظن بقاؤه إلى أن يتحقق الناقل وكلامه هذا جيد الا ان قوله فيؤل إلى اجتماع الظن و
الشك في زمن واحد محل كلام إذ عند ملاحظة ذلك الاستصحاب ينقلب أحد طرفي الشك ظنا والطرف الآخر وهما فلم يجتمع الظن
والشك في الزمان الواحد كيف والشك في أحد النقيضين يرفع ظن الاخر كما يرفع تيقنه وهذا ظاهر ولا يمكن ان يقال إن
اطلاق الشك عليه بالنظر إلى أول وهلة نعم يتمشى هذا على ما قلناه ثم لا يخفى ان الظن الحاصل بالاستصحاب فيمن
تيقن الطهارة وشك في الحدث لا يبقى على نهج واحد بل يضعف بطول المدة شيئا فشيئا بل قد يزول الرجحان ويتساوى
الطرفان بل ربما يصير الطرف الراجح مرجوحا كما إذا توضأ عند الصبح مثلا وذهل عن التحفظ ثم شك عند الغروب في صدور
الحدث منه ولم يكن من عادته البقاء على الطهارة إلى ذلك الوقت والحاصل ان المدار على الظن فما دام باقيا فالعمل عليه
وان ضعف هذا وقد ذكر العلامة في المنتهى ان من ظن الحدث وتيقن الطهارة لا يلتفت لان الظن انما يعتبر مع اعتبار
الشارع له ولأن في ذلك رجوعا عن المتيقن إلى المظنون انتهى وفيه نظر لا يخفى على المتأمل فيما تلوناه والله أعلم الجملة الثانية
في الأغسال وفيها موقفان الموقف الأول في الأغسال الواجبة وفيه مطلبان
المطلب الأول في غسل الجنابة
وفيه ثلاثة فصول الفصل الأول في موجبه أحد عشر حديثا أ من الصحاح محمد بن إسماعيل قال سألت الرضا
عليه السلام عن الرجل يجامع المرأة قريبا من الفرج فلا ينزلان متى يجب الغسل فقال إذا التقى الختانين فقد وجب الغسل قلت التقاء الختانين هو غيبوبة الحشفة قال نعم
ب علي بن يقطين قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يصيب الجارية البكر لا يفضي إليها أعليها غسل قال
إذا وضع (وقع) الختان على الختان فقد وجب الغسل البكر وغير البكر ج محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال سألته متى
يجب الغسل قال إذا (أدخله) فقد (وجب) الغسل والمهر والرجم د زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال جمع عمر بن الخطاب
أصحاب النبي صلى الله عليه وآله فقال ما تقولون في الرجل يأتي أهله فيخالطها ولا ينزل فقال الأنصار الماء من الماء وقال
المهاجرون إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل فقال عمر لعلي عليه السلام ما تقول يا أبا الحسن فقال علي عليه السلام توجبون
عليه الجلد والرجم ولا توجبون عليه صاعا من ماء إذا التقى الختانان فقد وجب عليه الغسل ه‍ علي بن جعفر عن أخيه
موسى عليه السلام قال سألته عن الرجل يلعب مع المرأة ويقبلها فيخرج منه المني فما عليه قال إذا جاءت الشهوة ولها

37
دفع وفتر لخروجه فعليه الغسل وان كان انما هو شئ لم يجد له فترة ولا شهوة فلا باس ومحمد بن إسماعيل بن بزيع قال
سألت الرضا عليه السلام عن الرجل يجامع المرأة فيما دون الفرج وتنزل المرأة عليها غسل قال نعم ز الحلبي قال سألت
أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يجامع المرأة ترى في المنام ما يرى الرجل قال إن أنزلت فعليها الغسل وان لم تنزل فليس
عليها الغسل ح أديم بن الحر قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل عليها غسل قال
نعم ولا تحدثوهن فيتخذنه علة ط الحلبي قال سئل أبو عبد الله عليه السلام عن الرجل يصيب المرأة فيما دون الفرج أعليها
غسل ان هو انزل ولم تنزل هي قال ليس عليها غسل وان لم ينزل هو فليس عليه غسل ي عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد
الله عليه السلام قال قلت له الرجل يرى في المنام ويجد الشهوة ويستيقظ فينظر بللا فلا يجد شيئا ثم يمكث الهوينا بعد
فيخرج قال إن كان مريضا فليغتسل وان لم يكن مريضا فلا شئ عليه قال قلت له فما فرق (ما) بينهما قال لان الرجل إذا كان
صحيحا جاء الماء بدفعة قوية وان كان مريضا لم يجئ الا بعد يا من الحسان الحلبي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المفخذ أعليه
غسل قال نعم إذا انزل أقول دلت هذه الأحاديث على أن الجنابة تحصل بأمرين غيبوبة الحشفة (في الفرج) وانزال المني وقول محمد
بن إسماعيل في الحديث الأول التقاء الختانين هو غيبوبة الحشفة في الفرج من قبيل حمل السبب على المسبب والمراد انه يحصل بغيبوبة
الحشفة وقوله في الحديث الثاني لا يفضي إليها اما بمعنى لا يولجه بأجمعه أو بمعنى انه لا ينزل والخبر عن قوله عليه السلام البكر و
غير البكر محذوف تقديره سواء والحديث الثالث مما استدل به بعض أصحابنا القائلين بوجوب الغسل بوطي المرأة
في دبرها ووطي الغلام ووطي البهيمة ويعضده فحوى الحديث الرابع ولا بأس به والضمير المستتر في قوله عليه السلام في
الحديث الخامس وفتر لخروجه يعود إلى الرجل المذكور في السؤال والضمير البارز يعود إلى الشهوة لان المراد بها المني وما
تضمنه الحديث الثامن الذي رواه أديم بضم الهمزة وفتح الدال واسكان الياء من قوله عليه السلام ولا تحدثوهن فيتخذنه علة لعل
معناه انكم لا تخبروا النساء بان عليهن الغسل بالاحتلام فإنهن يتخذن ذلك وسيلة إلى الخروج من البيوت والتردد إلى الحمامات فيظهرن
لأزواجهن متى أردن الخروج انهن قد احتلمن لئلا يمنعن منه وعلى هذا ففي الحديث دلالة على أنه لا يجب على العالم بأمثال
هذه المسائل ان يعلمها للجاهل بها إذا ظن ترتب مثل هذه المفسدة على تعليمه والحديث التاسع مما استدل به الشيخ على ما ذهب
إليه في الاستبصار والنهاية من عدم وجوب الغسل بوطي المرأة في دبرها فان قول السائل يصيب المرأة فيما دون الفرج الظاهر أنه كناية
عن الوطي في الدبر وان لم يجعل كناية عن ذلك فلا ريب في شمول الدبر ويؤيده ما رواه البرقي عن أبي عبد الله عليه السلام قال
إذا اتى الرجل المرأة في دبرها فلم ينزل فلا غسل عليهما وهذه الرواية ضعيفة السند ولعل الأجود الوجوب عملا بما عليه
جماهير الأصحاب بل نقل المرتضى رضي الله عنه اجماع علمائنا عليه ويؤيده مفهوم الحديث الرابع ورواية حفص بن سوقة عمن اخبره
قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يأتي أهله من خلفها قال هو أحد المأتيين فيه الغسل وقول السائل في الحديث العاشر
فينظر بللا بمعنى يتجسس ويتفقد وقوله فيمكن الهوينا اي يمكث مكثا يسيرا ولفظتا بعد في كلام السائل والإمام عليه السلام
مقطوعتان عن الإضافة والتقدير في الأولى بعد النظر وفي الثانية بعد مكث والمفخذ في الحديث الحادي عشر يراد به
من أصاب فيما بين الفخذين اما من دون ايلاج أصلا أو مع ايلاج ما دون الحشفة الفصل الثاني في كيفية غسل الجنابة و

38
وجوب الترتيب فيه وعدم وجوب الموالاة بشئ من المعنيين المذكورين في الوضوء عشرة أحاديث أ من الصحاح يعقوب
بن يقطين عن أبي الحسن عليه السلام قال الجنب يغتسل يبدأ فيغسل يديه إلى المرفقين قبل ان يغمسهما في الماء ثم يغسل ما اصابه
من اذى ثم يصب الماء على رأسه وعلى وجهه وعلى جسده كله ثم قضى الغسل ولا وضوء عليه ب أحمد بن محمد قال
سألت أبا الحسن عليه السلام عن غسل الجنابة فقال تغسل يدك اليمنى من المرفق إلى أصابعك وتبول ان قدرت على البول
ثم تدخل يدك في الاناء ثم اغسل ما أصابك منه ثم أفض على رأسك وجسدك ولا وضوء فيه ج محمد بن مسلم عن أحدهما
عليهما السلام قال سألته عن غسل الجنابة فقال تبدء بكفيك ثم تغسل فرجك ثم تصب على رأسك ثلثا ثم تصب على سائر جسدك مرتين
فما جرى عليه الماء فقد طهره د زرارة قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن غسل الجنابة فقال تبدء فتغسل كفيك ثم تفرغ
بيمينك على شمالك فتغسل فرجك ثم تمضمض واستنشق ثم تغسل جسدك من لدن قرنك إلى قدميك ليس قبله ولا بعده وضوء
وكل شئ أمسسته الماء فقد أنقيته ولو أن رجلا جنبا ارتمس في الماء ارتماسة واحدة أجزأه ذلك وان لم يدلك جسده ه‍ الحلبي
قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول إذا ارتمس الجنب في الماء ارتماسة واحدة أجزأ ذلك من غسله وعلي
بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر
عليه السلام قال سألته عن الرجل هل يجزيه من غسل الجنابة ان يقوم في المطر حتى يغسل رأسه وجسده وهو يقدر على ما سوى ذلك (قال) فقال إن
كان يغسله اغتساله بالماء أجزأه بذلك ز إبراهيم بن عمر اليماني عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن عليا عليه السلام لم ير بأسا بان
يغسل الجنب رأسه غدوة وساير جسده عند الصلاة ح محمد بن مسلم قال دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فسطاطه وهو يكلم
امرأة فأبطأت عليه فقال ادنه هذه أم إسماعيل جنت وانا أزعم ان هذا المكان الذي أحبط الله فيه حجها عام أول كنت أردت الاحرام
فقلت ضعوا لي الماء في الخباء فذهبت الجارية بالماء فوضعته فاستخففتها فأصبت منها فقلت اغسلي رأسك وامسحيه مسحا شديدا
لا تعلم به مولاتك فدخلت فسطاط مولاتها فذهبت تتناول منه شيئا فمست مولاتها رأسها فإذا لزوجة الماء فحلقت رأسها
وضربتها فقلت لها هذا المكان الذي أحبط الله فيه حجك ط من الحسان حريز عن أبي عبد الله عليه السلام قال من اغتسل من
جنابة ولم يغسل رأسه لم يجد بدا من إعادة الغسل ي زرارة قال قلت كيف يغتسل الجنب فقال إن لم يكن أصاب كفه
شئ غمسها في الماء ثم بدا بفرجه فأنقاه ثم صب على رأسه ثلث اكف ثم صب على منكبه الأيمن مرتين وعلى منكبه الأيسر مرتين
فما جرى عليه الماء فقد أجزأه أقول دل الحديث الأول على أن غسل اليدين قبل غسل الجنابة حده المرفقان وفي كلام
جماعة من متأخري الأصحاب انه من الزندين وفي التعبير بالكفين في الحديث الثالث والرابع نوع دلالة عليه ولعل الأول
أفضل المستحبين وفي رواية سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام إذا أصاب الرجل جنابة فأراد ان يغتسل فليفرغ على كفيه
فليغسلهما دون المرفق وهل يختص استحباب غسلهما بما إذا كان الغسل مرتبا ومن القليل فلا يستحب من المرتمس ولا للمغتسل
من الكثير صرح العلامة بالاطلاق وهو محتمل وما تضمنه هذا الحديث وما بعده من اجزاء غسل الجنابة عن الوضوء مما
أطبق عليه علماؤنا وانما الخلاف في غيره من الأغسال فقد ساوى المرتضى رضي الله عنه في ذلك بينها وبينه واجبة
كانت أو مندوبة وتبعه ابن الجنيد وستسمع ما هو الحق في ذلك انشاء الله تعالى وقوله عليه السلام في الحديث الثاني وتبول ان قدرت
على البول ربما استفيد منه وجوب البول على القادر عليه وهو مذهب جم غفير من أصحابنا رضوان الله عليهم والحق انه

39
لا دلالة فيه على وجوبه وانما يدل على رجحانه إذ الظاهر جريان الجملتين الخبريتين على وتيرة واحدة مع أن دلالة الجملة
الخبرية على الوجوب محل توقف فان قلت دلالة الجمل الخبرية في المقامات الطلبية على الوجوب إذا لم يثبت خلافه مما لا
ينبغي التوقف فيها بل المستفاد من كلام محققي علماء فن المعاني ان دلالتها في تلك المقامات على الاهتمام بالطلب والاعتناء
بالامتثال أشد واكد من دلالة الامر الصريح عليه الا ترى إلى قولهم ان البلغاء يقيمونها مقام الانشائية ليحملوا المخاطب
بوجه أكيد ونهج لطيف على الاتيان بما طلب منه ويبعثونه على عدم التهاون به كقولك لصاحبك لا يجب تكذيبك تأتيني غدا
بلفظ الخبر مقام اتيني بلفظ الامر فتحمله بالطف وجه على الاتيان لأنه لو لم يأتك غدا صرت كاذبا بحسب الظاهر لكون كلامك
في صورة الخبر قلت مراد علماء المعاني ان البلغاء ربما يعدلون عن صريح الامر إلى الخبر ويقيمونه مقامه لرعاية النكتة المذكورة
وليس سبب العدول إليه منحصرا عندهم في رعاية تلك النكتة فان له أسبابا أخرى مفصلة في كتب الفن فلعل عدول الإمام عليه السلام
عن صريح الامر انما وقع لبعض تلك الأسباب والله أعلم والمجرور في قوله عليه السلام ثم اغسل ما أصابك منه ما عائد
إلى البول أو المني المدلول عليه بالجنابة وظاهر الامر بالبول في الحديث يعم المنزل والمولج من دون انزال وقد خصه الأصحاب
رضوان الله عليهم بالمنزل وهو حسن وما تضمنه الحديث الثالث من قوله عليه السلام ثم تصب على رأسك ثلثا يحتمل ان
يكون المراد به غسل الرأس ثلث مرات وأن يكون عليه السلام أراد غسله بثلث اكف من غير دلالة على تثليث الغسل كما تضمنه
الحديث العاشر وقد حكم جماعة من الأصحاب باستحباب تكرير الغسل ثلثا في كل عضو وقد دل هذا الحديث والحديث العاشر
على المرتين فيما عدا الرأس وحكم ابن الجنيد بغسل الرأس ثلثا واجتزأ بالدهن في البدن واستحب للمرتمس ثلث غوصات و
ما تضمنه الحديث الرابع من قوله عليه السلام ثم تفرغ بيمينك على شمالك فتغسل فرجك ربما يستفاد من استحباب اختيار
الشمال في غسل الفرج وتنزيه اليمين عن مباشرته وقد يستأنس له بما روى من كراهة الاستنجاء باليمين وبما رواه الصدوق عن
أبي جعفر عليه السلام إذا بال الرجل فلا يمس ذكره بيمينه وما تضمنه آخر الحديث والحديث الخامس من الاجتزاء في غسل الجنابة
بارتماسة واحدة مما لا خلاف فيه بين الأصحاب وألحقوا به بقية الأغسال ونقل الشيخ في المبسوط قولا بان في الارتماس ترتيبا حكميا
وهذا القول لا يعرف قائله غير أن الشيخ صرح بأنه من علمائنا وفسر تارة بقصد الترتيب واعتقاده حالة الارتماس وأخرى
بان الغسل يترتب في نفسه وان لم يلاحظ المغتسل ترتبه وقال شيخنا المحقق الشيخ علي أعلى الله قدره تبعا لشيخنا الشهيد قدس
الله روحه ان فائدة التفسيرين تظهر فيمن وجد لمعة فيعيد على الأول ويغسلها على الثاني وفي ناذر الغسل مرتبا فيبر بالارتماس
على الثاني دون الأول انتهى كلامه أعلى الله مقامه وللبحث فيه مجال؟؟ واسع ولا يخفى ان رعاية الترتيب الحكمي بهذين التفسيرين ربما
يقتضي مقارنة النية لجزء من الرأس فتدبر ولقد اشتدت عناية متأخري الأصحاب رضوان الله عليهم بتفسير القول وأطنبوا الكلام
فيه ولعل السبب في ذلك أن جهالة نسب القائل واسمه مع العلم بكونه من علماء الطائفة توجب علي مقتضى قواعدنا من يد؟
الاعتناء بقوله زيادة على ما إذا كان معروفا والله أعلم بحقايق الأمور ولفظة ما في قوله السائل في الحديث السادس وهو
يقدر على ما سوى ذلك يجوز ان يجعل كسرها لفظيا وأن يكون محليا اي وهو يقدر على ماء غير ماء المطر أو على غسل سوى
ذلك الغسل وهذا الحديث استدل به الشيخ في المبسوط على أن الوقوف تحت المجرى والمطر الغزير يجري مجرى الارتماس

40
في سقوط الترتيب ولعله طاب ثراه يريد ان الماء إذا عم البدن بلا تراخ عرفي كان كالمرتمس فيه وبالتقييد بالغزارة
ايماء إلى إرادة ذلك ومدار استدلاله بهذا الحديث على ما يستنبط من اطلاق قوله عليه السلام ان كان يغسله اغتسالة بالماء
أجزأه ذلك فان الاغتسال بالماء على نوعين غسل ترتيب وغسل ارتماس ومقتضى الحديث ان مثل اي هذين النوعين حصل
بالوقوف تحت المطر أجزأ فلو حصل بما يماثل الارتماس سقط الترتيب فدليل الشيخ غير قاصر في حد ذاته عن إفادة ما ادعاه كما
قد يظن وانما الكلام في أن عموم الماء البدن بحيث يتحقق الدفعة العرفية المعتبرة في الارتماس هل يمكن حصوله بالقيام تحت المطر
الغزير أم لا والمستفاد من الحديث انه ان حصل أجزأ كالارتماس والله أعلم والحديث السابع والثامن صريحان في عدم وجوب
الموالاة في غسل الجنابة بشئ من المعنيين المذكورين في الوضوء والظاهر أن هذا متفق عليه بين أصحابنا رضوان الله عليهم وعدها
بعضهم من مستحبات الغسل لما فيها من المبادرة إلى أداء الطاعة والتحفظ من طريان المفسد ولأن المعلوم من صاحب الشرع وذريته
المعصومين سلام الله عليهم أجمعين فعل ذلك كما قاله شيخنا في الذكرى والفسطاط بضم الفاء وكسرها بيت من الشعر وقول
محمد بن مسلم فأبطأت عليه اي توقفت ولم أسرع في الدنو إليه لاشتغاله عليه السلام بكلامها وكأنه كان من وراء ستر ونحوه
والهاء في قوله عليه السلام ادنه هاء السكت لحقت بفعل الامر وجنت بالجيم والنون اي صدر منها جناية وأراد عليه السلام
حلقها لرأس الجارية والخباء بكسر الخاء خيمة من وبر أو صوف ولا يكون من شعر وهو على عمودين أو ثلاثة وما فوق ذلك فهو
بيت كذا في الصحاح وقوله عليه السلام فاستخففتها اي وجدتها خفيفة على طبعي وهو كناية عن حصول الميل إليها و
الفعل وقوله عليه السلام لا تعلم به مولاتك يجوز نصبه بان مقدرة اي لئلا تعلم والضمير المجرور يعود إلى الغسل ويمكن رفعه
على أن يكون جملة لا تعلم نعتا للمسح والمجرور عائد إليه والفعل في قوله عليه السلام فتستريب مولاتك منصوب بفاء السببية
بعد النهي هذا ولا يذهب عليك انه يمكن ان يستنبط من ظاهر هذا الحديث وما قبله ان تخلل الحدث الأصغر في أثناء غسل
الجنابة غير مبطل له فان اطلاق الصادق عليه السلام اتمامها الغسل إذا أرادت الاحرام يشمل ما إذا تخلل بين غسل رأسها وارادتها
الاحرام حدث وعدمه وكذلك اطلاق أمير المؤمنين عليه السلام اتمام الغسل من الغدوة إلى الظهر بل إلى ما بعده مع أن توسط مثل
هذه المدة مظنة لتخلل الحدث كما لا يخفى واما الرواية المرسلة التي أوردها الصدوق في عرض المجالس المتضمنة للتسوية في وجوب إعادة الغسل بين تخلل الحدث الأصغر والأكبر فلولا الارسال لم يكن لنا عنها مندوحة واستقصاء الكلام
في هذه المسألة وتفصيل الأقوال فيها مبسوط في مظانه في كتب الفقه وكان والدي قدس الله روحه يميل إلى مذهب
السيد المرتضى رضي الله عنه من وجوب الاتمام والوضوء ولعله أجود الأقوال والله أعلم بحقيقة الحال وما تضمنه الحديث
التاسع من وجوب إعادة الغسل على من قدم غسل بدنه على غسل رأسه مما استدل به الأصحاب على وجوب الترتيب فيه وكذا
ما تضمنه الحديث الثالث والعاشر من عطف غسل البدن على غسل الرأس بثم ولم يصرح الصدوقان طاب ثراهما
بوجوب الترتيب اثباتا ولا نفيا ونقل الشيخ قدس الله روحه الاجماع على وجوبه وهو الحجة في هذا الباب والا فالحق
ان الأحاديث غير دالة على الترتيب بالمعنى المشهور قال المحقق في المعتبر الروايات دلت على وجوب تقديم الرأس على الجسد
اما اليمين على الشمال فغير صريحة بذلك ورواية زرارة دلت على تقديم الرأس على اليمين ولم تدل على تقديم اليمين على

41
الشمال لان الواو لا يقتضي ترتيبا فإنك لو قلت قام زيد ثم عمرو وخالد دل ذلك على تقديم قيام زيد على عمرو واما
تقديم عمرو على خالد فلا لكن فقهاءنا اليوم بأجمعهم يفتون بتقديم اليمين على الشمال ويجعلونه شرطا في صحة الغسل وقد
أفتى بذلك الثلاثة واتباعهم انتهى كلامه طاب ثراه وهو كلام متين والله أعلم الفصل الثالث في نبذ من احكام غسل
الجنابة وما يسوغ للجنب فعله وما لا يسوغ عشرون حديثا أ من الصحاح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال اغتسل
أبي من الجنابة فقيل له قد أبقيت لمعة في ظهرك لم يصبها الماء فقال ما كان عليك لو سكت ثم مسح تلك اللمعة بيده ب
عبد الله ابن مسكان عن محمد بن علي الحلبي عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام عن أبيه عن علي عليه السلام قال لا تنقض المرأة شعرها
إذا اغتسلت من الجنابة ج حكم بن حكيم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن غسل الجنابة ثم وصفه قال قلت إن الناس يقولون
وضوء الصلاة قبل الغسل فضحك وقال اي وضوء أنقى من الغسل وأبلغ د سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته
عن رجل أجنب فاغتسل قبل ان يبول فخرج منه شئ قال يعيد الغسل ه‍ محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل
يخرج من إحليله شئ بعد ما اغتسل شئ قال يغتسل ويعيد الصلاة الا ان يكون بال قبل ان يغتسل فإنه لا يعيد غسله قال
محمد وقال أبو جعفر عليه السلام من اغتسل وهو جنب قبل ان يبول ثم وجد بللا فقد انتقض غسله وان كان قد بال ثم اغتسل ثم وجد
بللا فليس ينقض غسله ولكن عليه الوضوء لان البول لم يدع شيئا وأبي جعفر عليه السلام قال كان رسول الله صلى
الله عليه وآله يتوضأ بمد ويغتسل بصاع والمد رطل ونصف والصاع ستة أرطال وقد مر في مباحث الوضوء ز زرارة ومحمد
بن مسلم وأبو بصير عن أبي جعفر عليه السلام وأبي عبد الله عليه السلام انهما قالا توضأ رسول الله صلى الله عليه وآله بمد واغتسل بصاع
ثم قال أحدهما عليهما السلام اغتسل هو وزوجته بخمسة امداد من اناء واحد قال زرارة فقلت كيف صنع قال بدأ هو فضرب بيده
في الماء قبلها فأنقى فرجه ثم ضربت هي فأنقت فرجها ثم أفاض هو وأفاضت هي على نفسها حتى فرغا فكان الذي اغتسل به رسول
الله صلى الله عليه وآله ثلاثة امداد والذي اغتسلت به مدين وانما أجزأ عنهما لأنهما اشتركا جميعا ومن انفرد بالغسل وحده
فلابد له من صاع ح زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قالا قلنا له الحائض والجنب يدخلان المسجد أم لا قال لا يدخلان المسجد
الا مجتازين ان الله تبارك وتعالى يقول ولا جنبا الا عابري سبيل حتى تغتسلوا ط عبد الله ابن سنان قال سألت أبا عبد الله عليه السلام
عن الجنب والحايض يتناولان من المسجد المتاع يكون فيه قال نعم ولكن لا يضعان في المسجد شيئا ى أبو حمزة الثمالي قال قال
أبو جعفر عليه السلام إذا كان الرجل نائما في المسجد الحرام أو في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله فاحتلم فاصابته جنابة فليتيمم ولا يمر
في المسجد الا متيمما ولا باس ان يمر في ساير المساجد ولا يجلس في شئ من المساجد يا عبيد الله بن علي الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته أتقرأ النفساء و
الحائض والجنب والرجل يتغوط القران قال يقرؤن ما شاؤوا يب الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السلام قال لا باس بان تتلو
الحائض والجنب القران يج عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام أياكل الجنب قبل ان يتوضأ قال انا لنكسل ولكن يغسل يده والوضوء
أفضل يد زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال الجنب إذا أراد ان يأكل ويشرب غسل يده وتمضمض وغسل وجهه واكل وشرب
يه عبد الرحمن بن أبي عبد الله عليه السلام عن الرجل يواقع أهله أينام على ذلك قال إن الله يتوفى الأنفس في منامها ولا يدري
ما يطرقه من البلية إذا فرغ فليغتسل يو عبد الله الحلبي قال سئل أبو عبد الله عليه السلام عن الرجل ينبغي له ان ينام وهو جنب قال

42
يكره ذلك حتى يتوضأ يز من الحسان محمد بن مسلم قال قال أبو جعفر عليه السلام الجنب والحائض يفتحان المصحف من وراء الثوب
ويقرءان من القرآن ما شاءا الا السجدة ويدخلان المسجد مجتازين ولا يقعدان فيه ولا يقربان المسجدين الحرمين يح الحلبي
عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا بأس بان يختضب الرجل وهو جنب يط حجر بن زائدة عن أبي عبد الله عليه السلام قال من ترك
شعرة من الجنابة متعمدا فهو في النار ك من الموثقات محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت الحائض والجنب يقرأن شيئا
قال نعم ما شاءا الا السجدة أقول ربما يستفاد من الحديث الأول ان من سهى عن شئ من واجبات الطهارة لا يجب علينا تنبيهه
عليه والظاهر أنه لا فرق في ذلك بين الطهارة وغيرها من العبادات لكن العصمة لا تجامع السهو والنسيان فلعل الإمام عليه السلام
أبقى تلك عمدا لغرض التعليم والتنبيه على عدم وجوب التنبيه المذكور بأكمل الوجوه وأبلغها ويمكن أيضا ان يكون ذلك القائل
في نفس الامر مخطئا في ظنه عدم إصابة الماء تلك اللمعة ويكون قول الإمام عليه السلام له ما عليك لو سكت ومسحه عليه السلام
انما صدر لمجرد التعليم والتنبيه المذكورين والله سبحانه اعلم بما قصد أوليائه ولعل اللمعة كانت من الجانب الأيسر فلم يفت
الترتيب والمسح في قول الراوي ثم مسح تلك اللمعة بيده الظاهر أن المراد به ما كان معه جريان في الجملة واطلاق المسح على مثل
ذلك مجاز إذ الحق ان المسح والغسل حقيقتان متخالفتان لا يصدق شئ منهما على شئ من افراد الاخر ويمكن ان يستنبط
من هذا الحديث امر آخر هو ان من اخبره شخص باشتمال عبادته على نقص وجب عليه قبول قوله ولزمه تلافي ذلك النقصان
فان الظاهر أن المراد من قوله عليه السلام لمن اخبره بتلك اللمعة ما عليك لو سكت انك لو لم تخبرني بها لم يلزمني تداركها فان
الناس في سعة مما لا يعلمون وعلى هذا فهل يكفي في وجوب قبول قول المخبر بأمثال ذلك مطلق ظن صدقه أم لابد من عدالته
كل محتمل ولعل الاكتفاء بالأول أولى والله أعلم وما تضمنه الحديث الثاني من عدم وجوب نقض المرأة شعرها إذا اغتسلت
من الجنابة هو المشهور بين الأصحاب رضي الله عنهم بل ظاهر كلام المحقق في المعتبر اتفاقهم عليه واستفاد بعضهم منه عدم وجوب ايصال
الماء إلى الشعر نفسه وفي دلالة الحديث على ذلك تأمل إذ لا يلزم من عدم وجوب نقضه عدم وجوب غسله واعلم أن
القول بعدم وجوب غسل مطلق الشعر هو المعروف بين الأصحاب وربما يستدل على ذلك بأصالة براءة الذمة من وجوب غسله و
بخروجه عن مسمى الجسد وأنت خبير بان ظاهر الحديث التاسع عشر يعطي خلاف ذلك وقد روى الأصحاب
مرسلا عن النبي صلى
الله عليه وآله أنه قال تحت كل شعرة جنابة فبلوا الشعر وانقوا البشرة وشيخنا الشهيد في الذكرى حمل الحديثين على ما إذا
توقف التخليل على ايصال الماء إلى الشعر تارة وعلى الندب أخرى وهو كما ترى والحق انه ان تحقق الاجماع على عدم وجوب غسل الشعر
فذاك والا فاثبات هذا الحكم بمجرد ذلك لا يخلو من اشكال والله أعلم والحديث الثالث صريح في عدم الوضوء مع غسل
الجنابة والضمير في وصفه يرجع إلى حكم بن حكيم اي ثم وصف الغسل الذي سأل عنه أبا عبد الله عليه السلام ربما استدل
بقوله عليه السلام في آخره وأي وضوء أنقى من الغسل وأبلغ على عدم الاحتياج إلى الوضوء في شئ من الاغتسال كما هو قول المرتضى
رضي الله عنه وفيه ان الظاهر كون اللام في الغسل للعهد فان المحدث عنه هو غسل الجنابة والحديث الرابع والخامس
هما مستند الأصحاب في وجوب إعادة الغسل على من وجد بللا مشتبها بعده إذا لم يكن قد بال وظاهرهما عدم الفرق بين القدرة
على البول وعدمه ولا بين وقوع الاستبراء وعدمه وبعض الفقهاء فرق بينهما والصور الخمس الدائرة على ألسنتهم في هذه المسألة

43
مع ما بنوه عليها من الاحكام مشهورة وان كان للكلام في مستند بعض تلك الأحكام مجال واسع والصلاة في قوله عليه
السلام ويعيد الصلاة المراد بها الواقعة بعد خروج البلل واما المتوسط بينه وبين الغسل فينبغي ان لا يرتاب في صحتها لان
الخارج حدث جديد ونقل ابن إدريس رحمه الله عن بعض الأصحاب القول بلزوم اعادتها قال شيخنا الشهيد طاب ثراه في
الذكرى ولعل مستنده الحديث المتقدم عن محمد وهو ابن مسلم ويمكن حمله على الاستحباب أو على من صلى بعد وجدان البلل و
ربما يخيل فساد الغسل الأول لان المني باق بحاله في مخرجه لا في مقرة كما قاله بعض العامة وهو خيال ضعيف لان المتعبد
به هو الغسل مما خرج لا مما بقي ولهذا لو حبسه لم يجب الغسل الا بعد خروجه عندنا وعند أكثرهم انتهى كلامه أعلى الله مقامه
وما تضمنه الحديث السادس والسابع من وضوء النبي صلى الله عليه وآله بمد وغسله بصاع مما استدل به على استحباب بلوغ كل
من ماء الوضوء والغسل ذلك المقدار وفي كلام بعض العامة ان معنى الحديث انه صلى الله عليه وآله كان يتوضأ بمد من ذلك
الصاع فيكون اغتساله بثلاثة امداد وفساده ظاهر وقد فسر الشيخ في التهذيب الرطل الذي اشتمل هذا الحديث على ذكره برطل
المدينة قال فيكون تسعة أرطال بالعراقي وربما يستفاد من الحديث السابع تأدي السنة بخمسة امداد للرجل والمرأة المتشاركين
في الحكم وحكمه عليه السلام بان من انفرد بالغسل فلابد له من صاع واحد محمول على التأكيد والمبالغة في بلوغ ماء الغسل ذلك
المقدار ثم الظاهر من هذا الحديث ان ماء غسل الفرجين محسوب من ماء الغسل حيث أورده عليه السلام في جواب السؤال عن
كيفية الغسل وفى المنتهى ان التقدير لم يحصل بعد الاغتسال بل قبله وذلك يستلزم ادخال ماء غسل الفرجين في المقدار انتهى
وللبحث فيه مجال والله أعلم وما تضمنه الحديث الثامن من عدم جواز اللبث في المسجد للجنب هو المعروف من مذهب الأصحاب رضي
الله عنهم ولم يخالف في ذلك سوى سلار رحمه الله فقد جوزه على كراهية وقد تضمن هذا الحديث التنبيه على الاستدلال على عدم جوازه بالآية الكريمة أعني قوله جل وعلا يا أيها الذين امنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا
جنبا الا عابري سبيل حتى تغتسلوا فالمراد بالصلاة ح مواضعها أعني المساجد من قبيل تسمية المحل باسم الحال أو على حذف
مضاف والمعنى والله أعلم لا تقربوا المساجد في حالتين إحديهما حالة السكر فان الأغلب ان الذي يأتي المسجد انما يأتيه للصلاة
وهي مشتملة على أذكار وأقوال يمنع السكر من الاتيان بها على وجهها والحالة الثانية حالة الجنابة واستثنى من هذه الحالة ما إذا
كنتم عابري سبيل أي مارين في المسجد مجتازين فيه وتفسير الآية على هذا الوجه منقول أيضا عن جماعة من خواص الصحابة و
التابعين وفيها وجه اخر نقله بعض المفسرين عن ابن عباس وسعيد بن جبير وربما رواه بعضهم عن أمير المؤمنين عليه السلام وهو
ان المراد والله أعلم لا تصلوا في الحالين حال السكر وحال الجنابة واستثنى من حال الجنابة إذا كنتم عابري سبيل اي مسافرين
فيجوز لكم حينئذ الصلاة بالتيمم الذي لا يرتفع به الحدث وانما يباح به الدخول في الصلاة وعمل أصحابنا رضي الله عنهم على الوجه
الأول وربما رجح على الثاني بسلامته من شائبة التكرار فإنه سبحانه بين حكم الجنب العادم للماء في آخر الآية واما الرواية التي
رووها عن أمير المؤمنين عليه السلام فلم تثبت وقد بقي للآية الكريمة وجه ثالث حكاه بعض فضلاء فن العربية من أصحابنا
في كتاب الفه في الصناعات البديعية وهو ان يكون الصلاة في قوله تعالى لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى على معناها الحقيقي
ويراد بها في قوله جل وعلا ولا جنبا الا عابري سبيل مواضعها أعني المساجد قال رحمه الله في الكتاب المذكور عند ذكر الاستخدام

44
بعد ما عرفه بأنه عبارة عن أن يأتي المتكلم بلفظة مشتركة بين معنيين متوسطة بين قرينتين يستخدم كل قرينة منهما معنى من
معنيي تلك اللفظة وقد جاء في الكتاب العزيز من ذلك قوله تعالى لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى الآية فاستخدم سبحانه لفظة الصلاة
لمعنيين أحدهما إقامة الصلاة بقرينة قوله سبحانه حتى تعلموا ما تقولون والاخر موضع الصلاة بقرينة قوله جل شأنه ولا جنبا
الا عابري سبيل انتهى كلامه وهو كلام حسن في ذاته ولا يضره عدم اشتهار الاستخدام بهذا المعنى بين
المتأخرين من علماء
المعاني ثم لا يبعد تنزيل ما تضمنه الحديث الذي نحن فيه على هذا الوجه فان كلام الإمام عليه السلام لا يأباه كما لا يخفى والله أعلم
بحقايق كلامه وما تضمنه الحديث التاسع من أن الجنب والحايض لا يضعان شيئا في المسجد محمول عند أكثر الأصحاب على
التحريم وعند سلار على الكراهة والعمل على المشهور والظاهر أنه لا فرق في الوضع بين كونه من خارج المسجد أو داخله وما
تضمنه الحديث العاشر من تيمم المحتلم في أحد المسجدين هو المعروف بين الأصحاب رضي الله عنهم وقول ابن زهرة رحمه الله استحبابه
ضعيف وعطفه عليه السلام إصابة الجنابة على الاحتلام بالفاء من تفريع المسبب على السبب إذ حقيقة الاحتلام ان يرى
الانسان في منامه شيئا وليس معناه ان يريق المني في حال النوم كما يتبادر إلى بعض الافهام ولو كان معناه ذلك لصح التفريع
أيضا إذ الجنابة اثر مترتب على خروج المني لا نفس خروجه هذا وقد اختلف مسلك الأصحاب في العمل بهذا الحديث فبعضهم
لم يتجاوز عما دل عليه لفظه فقصر الحكم على المحتلم ولم يجوز له الغسل وان تمكن منه في المسجد وكان في الكثير وقصر زمانه
عن زمان التيمم ومنهم من عدى الحكم إلى كل مجنب مستندا بعدم تعقل الفرق وأوجب الغسل إذا ساوى زمانه زمان التيمم
أو قصر عنه ولم يلزم منه تنجيس المسجد أو شئ من آلاته نظرا إلى أن الحكم بالتيمم في الحديث مبنى على ما هو الغالب من عدم الماء
في المسجدين وعملا بما هو المعروف من عدم مشروعيته مع القدرة على استعمال الماء وكان والدي قدس الله روحه يميل إلى هذا
ويقويه وظني ان الوقوف مع النص أقرب إلى الصواب والله أعلم بحقايق احكامه وعموم قوله عليه السلام في الحديث الحادي عشر
يقرؤن ما شاءوا مخصوص في الثلاثة الأول بغير العزائم وقس عليه اطلاق الحديث الثاني عشر وتحريم العزائم وابعاضها
مما اتفق عليه الأصحاب وانما اختلفوا فيما عداها فالمنقول عن سلار رضي الله عنه التحريم مطلقا وعن ابن البراج تحريم الزيادة
على سبع آيات والأصح ما عليه الأكثر من جواز ما عدا العزائم بل نقل عليه الشيخ والمحقق والمرتضى رضي الله عنهم الاجماع
وهذان الحديثان صريحان فيه والحديث الثالث عشر يدل على استحباب غسل اليد للجنب إذا أراد الاكل وأفضلية
الوضوء وقوله عليه السلام انا لنكسل اي نتثاقل عن الوضوء لعله مقول على السنة الحاضرين والمراد انكم تكسلون عن
الوضوء وتتساهلون في فعله إذا أكلتم وأنتم جنب فينبغي إذا تكاسلتم في ذلك أن لا تتكاسلوا عن غسل اليد والحديث الرابع
عشر يدل على استحباب المضمضة وغسل الوجه أيضا ولعل ذلك قائم مقام الوضوء والأولى عدم الفصل الكثير بين هذه الأفعال
وبين الأكل والشرب بحيث لا يبقى بينهما ارتباط في العادة قاله بعض الأصحاب وهو جيد والحديث الخامس عشر و
السادس عشر هما المستند في كراهة نوم الجنب حتى يغتسل أو يتوضأ وكأنه عليه السلام أراد بقوله لا يدري ما يطرقه من البلية
ان موته في تلك النومة غير بعيد فيمكن إذا نام قبل الغسل ان يموت جنبا والحديث السابع عشر يدل على أن فتح الجنب
والحايض المصحف ينبغي ان يكون من وراء حائل كالكم ونحوه وقيل؟ تعدية الحكم إلى مس الجلد أيضا وان لم يكن معه فتح و

45
استدل العلامة في المنتهى وقبله المحقق في المعتبر بهذا الحديث على تحريم قراءة السور السجدات الأربع ولا يخفى ان المستفاد
منه ومن الحديث العشرين انما هو تحريم قراءة نفس السجدة ولا دلالة فيهما على تحريم ما عداها من السور الأربع ولم أظفر في
الاخبار بما ينهض دليلا على ذلك ولعل الحجة هي الاجماع كما مر نعم نقل المحقق في المعتبر ان البزنطي روى ذلك في جامعه
عن المثنى عن الحسن الصيقل عن أبي عبد الله عليه السلام ويمكن ان يعتذر من جانب الشيخين قدس الله روحيهما بان السجدة
كثيرا ما تطلق على سورة السجدة فلعل هذا هو منظورهما في الاستدلال بالحديث المذكور والله أعلم وما تضمنه الحديث الثامن
عشر من نفى الباس عن الاختضاب للجنب ربما يستدل به على عدم كراهته له والحق انه لا دلالة فيه على ذلك والأحاديث
الدالة فيه على الكراهة كثيرة وان كانت غير نقية السند وإلى الكراهة ذهب الشيخان والمرتضى رضي الله عنهم وقد مر
الكلام في تعليل المفيد كراهته بحيلولته بين الماء والبشرة في بحث الوضوء وما تضمنه الحديث التاسع عشر من قوله عليه
السلام من ترك شعرة من الجنابة لعل المراد به مقدار الشعرة من البشرة لا نفس الشعرة فلا يخالفه اتفاق جل الأصحاب أو كلهم على
عدم وجوب غسل الشعر وقد تقدم الكلام فيه قبيل هذا والله أعلم بحقايق الأمور
المطلب الثاني في غسل الحيض
وما يتعلق به من الاحكام وفيه فصول الفصل الأول فيما يعرف به دم الحيض من غيره وأقل الحيض وأكثره وأقل الطهر
وما ورد في مجامعة الحيض للحمل وكون غسله كغسل الجنابة سبعة عشر حديثا أحد عشر صحاح وأربعة حسان وموثقان أ
من الصحاح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام الحيض والاستحاضة ليس يخرجان من مكان واحد ان دم الاستحاضة
بارد وان دم الحيض حار ب إسحاق بن جرير عن أبي عبد الله عليه السلام في خبر طويل دم الحيض ليس به خفاء هو دم حار
تجد له حرقة ودم الاستحاضة دم فاسد بارد ج زياد بن سوقه قال سئل أبو جعفر عليه السلام عن رجل اقتض امرأته
أو أمته فرأت دما كثيرا لا ينقطع عنها يومها كيف تصنع بالصلاة قال تمسك الكرسف فان خرجت القطنة مطوقة
بالدم فإنه
من العذرة تغتسل وتمسك معها قطنة وتصلي وان خرج الكرسف منغمسا فهو من الطمث تقعد عن الصلاة أيام الحيض د
خلف بن حماد في حديث طويل عن الكاظم عليه السلام قال تستدخل القطنة ثم تدعها مليا ثم تخرجها اخراجا رقيقا فإن كان
الدم مطوقا في القطنة فهو من العذرة وان كان مستنقعا في القطنة فهو من الحيض ه‍ صفوان بن يحيى قال سألت أبا الحسن
عليه السلام عن أدنى ما يكون من الحيض فقال أدناه ثلاثة وأبعده عشرة ويعقوب بن يقطين عن أبي الحسن عليه السلام قال
أدنى الحيض أيام ثلاثة وأقصاه عشرة ز صفوان قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الحبلى ترى الدم ثلاثة أيام أو أربعة أيام تصلي قال
تمسك عن الصلاة ح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال سألته عن الحبلى ترى الدم كما كانت ترى أيام حيضها مستقيما
في كل شهر قال تمسك عن الصلاة كما كانت تصنع في حيضها فإذا طهرت صلت ط عبد الله ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام
انه سئل عن الحبلى ترى الدم أتترك الصلاة قال نعم ان الحبلى ربما قذفت الدم (بالدم) ى الحسين بن نعيم الصحاف قال قلت لأبي
عبد الله عليه السلام ان أم ولدي ترى الدم وهي حامل كيف تصنع بالصلاة فقال إذا رأت الدم بعدما يمضي عشرون يوما من الوقت
الذي كانت ترى فيه الدم في الشهر الذي كانت تقعد فيه فان ذلك ليس من الرحم ولا من الطمث فلتتوضأ ولتحتش بالكرسف وتصل
فإذا رأت الحامل الدم قبل الوقت الذي كانت ترى فيه الدم بقليل أو في الوقت من ذلك الشهر فإنه من الحيضة يا معاوية

46
بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام لا يكون القرء في أقل من عشرة أيام فما زاد أقل ما يكون من حين تطهر إلى أن ترى الدم يب
من الحسان حفص بن البختري قال دخلت على أبي عبد الله عليه السلام امرأة سألته عن المرأة يستمر بها الدم فلا تدري حيض
هو أم غيره قال فقال لها ان دم الحيض حار عبيط اسود له دفع وحرارة ودم الاستحاضة اصفر بارد فإذا كان للدم حرارة
ودفع وسواد فلتدع الصلاة يج محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا رأت الدم قبل عشرة أيام فهو من الحيضة
الأولى وان كان بعد العشرة فهو من الحيضة المستقبلة يد سليمان بن خالد قال قلت جعلت فداك الحبلى ربما طمثت فقال
نعم ان الولد في بطن أمه غذاؤه الدم فربما كثر فيفضل عنه فإذا فضل دفعته وإذا دفعته حرمت عليها الصلاة يه عبد الله
بن يحيى الكاهلي عن الصادق عليه السلام قال سألته (عن) المرأة يجامعها زوجها فتحيض في المغتسل أفلا تغتسل قال قد جاءها ما يفسد الصلاة
فلا تغتسل يو من الموثقات الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال غسل الجنابة والحيض واحد يز عمار عن أبي عبد الله عليه السلام
انه سأله عن المرأة يواقعها زوجها ثم تحيض قبل ان تغتسل قال إن شاءت ان تغتسل فعلت وان لم تفعل فليس عليها شئ فإذا
طهرت اغتسلت غسلا واحدا للحيض والجنابة أقول المراد من عدم خروج الدمين من مكان واحد ان مقريهما في باطن المرأة
متخالفان فخروج كل منهما من موضع خاص والمراد بالحرقة اللدغ الحاصل من حدة الدم ولعله هو المراد من الحرارة في الحديث
الثاني عشر إذ التأسيس خير من التأكيد والاقتضاض بالقاف والضاد المعجمة إزالة البكارة (والعذرة) بضم العين واسكان الذال البكارة
ويستعملها الفقهاء في الدم الخارج عند الاقتضاض والطمث بفتح الطاء الحيض والعبيط الخالص الطري ووجه دلالة
تطويق الدم القطنة على كونه دم عذرة على ما في الحديث الثالث ان الاقتضاض ليس الأخرق الجلدة الرقيقة المنتسجة على
فم الرحم فإذا خرقت خرج الدم من جوانبها بخلاف دم الحيض والمراد بالغسل غسل الجنابة وأمرها بالتحشي بالقطنة للتحفظ
من تعدي الدم إلى ظاهر الفرج في أثناء الصلاة ولا يخفى انه يتمكن ان يستنبط منه وجوب عصب الجروح ومنع دمها حال التعدي
حال الصلاة إذا لم يكن فيه مشقة وسيجئ الكلام فيه انشاء الله تعالى وقوله عليه السلام في الحديث الرابع وتدعها مليا اي تتركها
وقتا صالحا ولفظة مطوقا يجوز كونه بصيغة اسم الفاعل والمفعول وكذلك لفظ مستنقعا وتحديد أقل الحيض وأكثره
بالثلاثة والعشرة كما تضمنه الحديث الخامس والسادس مما لا خلاف فيه بين الأصحاب انما الخلاف في أنه هل يشترط توالي
الثلاثة أم يكفي كونها في جملة العشرة والأول هو المشهور وارتضاه المرتضى رضي الله عنه والثاني مذهب الشيخ في النهاية والمراد بالثلاثة
مقدارها من الزمان ولو بالتلفيق وفسر التوالي تارة باتصال الدم في الثلاثة بحيث متى احتشت بالقطنة وأخرجتها بعد هنية
خرجت ملطخة وأخرى بوجود الدم وقتا ما في كل من الثلاثة وان لم يكن وربما فسر برؤيتها له في أول اليوم الأول وآخر
الاخر وجزء من اجزاء اليوم الأوسط وهذا التفسير لبعض مشايخنا المتأخرين قدس الله مرقده وهو غير بعيد وانما اعتبر
وجود الدم في أول الأول وآخر الآخر عملا بما ثبت بالنص والاجماع من أنه لا يكون أقل من ثلاثة أيام إذ لو لم يعتبر وجوده في
الطرفين المذكورين لم يكن الأقل ما جعله الشارع أقل فلا تغفل وما تضمنه الحديث السابع وما بعده من مجامعة الحيض الحمل
هو المشهور بين الأصحاب وعليه الصدوق والمرتضى والعلامة والروايات به كثيرة وهو الأصح وابن الجنيد وابن إدريس على
عدم مجامعته له ودلائلهما عليه ضعيفة والشيخ في؟ على أن ما تراه الحامل في أيام عادتها حيض وما تراه بعد العادة

47
بعشرين يوما فليس بحيض والحديث العاشر يدل عليه وليس في الأحاديث المعتبرة ما ينافيه والحديث الحادي عشر يدل
على أن أقل الطهر عشرة أيام وهو مما لا خلاف فيه بين الأصحاب والقرء يجوز فيه الفتح والضم وبعض اللغويين على أنه بالفتح
بمعنى الطهر ويجمع حينئذ على قروء كحرب وحروب وبالضم بمعنى الحيض ويجمع حينئذ على اقراء كقفل وأقفال والأشهر اشتراكه
بين المعنيين على كل من اللغتين وقوله عليه السلام فما زاد المتبادر منه ان المراد انه لا يكون أقل من عشرة فصاعدا وهو لا
يخلو من اشكال بحسب المعنى فلعل التقدير فالقرء ما زاد على أن يكون الفاء فصيحة اي إذا كان كذلك فالقرء ما زاد على
أقل من عشرة وقوله عليه السلام أقل ما يكون عشرة الخ لعله انما ذكره عليه السلام للتوضيح ودفع ما عساه يتوهم من أن المراد
بالقرء معناه الاخر والثالث عشر مما استدل به العلامة طاب ثراه في المنتهى على أن أقل الطهر عشرة أيام وتبعه في الاستدلال
به على ذلك بعض الأصحاب ولا يخفى انه انما يتم إذا ثبت ان مراده عليه السلام إذا رأت الدم قبل اتمام عشرة أيام من انقطاع
دمها وقس عليه قوله عليه السلام وان كان بعد العشرة وقد استدل قدس الله روحه في الكتاب المذكور بهذا الحديث
أيضا على أن كل دم تراه المرأة ما بين الثلاثة إلى العشرة ثم ينقطع فهو حيض وأنت خبير بان استدلاله هذا انما يتم إذا ثبت ان
مراده عليه السلام إذا رأت الدم قبل اتمام العشرة أيام من ابتداء دمها فالاستدلال بهذا الحديث على هذين المطلبين
اللذين يتواردان عليه توارد الضدين غريب والله أعلم بحقائق الأمور الفصل الثاني في نبذ من احكام الحيض وحكم الصغيرة
واليائسة ووجوب قضاء الصوم دون الصلاة عشرة أحاديث أ من الصحاح محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن
المرأة ترى الصفرة في أيامها قال لا تصلي حتى ينقضي أيامها فإذا رأت الصفرة في غير أيامها توضأت وصلت ب محمد بن
عمر (عمرو) بن سعيد عن الرضا عليه السلام قال سألته عن الطامث كم حد جلوسها فقال تنتظر عدة ما كانت تحيض ثم تستظهر بثلاثة
أيام ثم هي مستحاضة ج محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في الحائض إذا رأت دما بعد أيامها التي كانت ترى الدم فيها
فلتقعد عن الصلاة يوما أو يومين ثم تمسك قطنة فان صبغ القطنة دم لا ينقطع فلتجمع بين كل صلاتين بغسل د أحمد بن
محمد بن أبي نصر عن الرضا عليه السلام قال سألته عن الحائض كم تستظهر فقال تستظهر بيوم أو يومين أو ثلاثة ه‍ ابن أبي
عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا بلغت المرأة خمسين سنة لم تر حمرة الا أن تكون امرأة من قريش وعبد
الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه السلام قال التي يئست من المحيض خمسون سنة ز معمر بن يحيى قال سألت أبا عبد الله
عليه السلام عن الحائض تطهر عند العصر تصلي الأول قال لا انما تصلي التي تطهر عندها ح من الحسان زرارة قال سألت
أبا عبد الله عليه السلام عن قضاء الحائض الصلاة ثم تقضي الصوم قال ليس عليها ان تقضي الصلاة وعليها ان تقضي صوم شهر رمضان
ط من الموثقات يونس بن يعقوب عن أبي عبد الله عليه السلام في امرأة دخل وقت الصلاة وهي طاهر فاخرت الصلاة حتى حاضت
قال تقضي إذا طهرت ى عبد الرحمن بن الحجاج عن الصادق عليه السلام قال ثلث يزوجن على كل حال التي لم تحض ومثلها لا تحيض قلت وما
حدها قال إذا اتى لها أقل من تسع سنين والتي لم يدخل بها والتي قد يئست من المحيض ومثلها لا تحيض قلت وما حدها قال
إذا كان لها خمسون سنة أقول دل الحديث الأول على أن الصفرة في أيام العادة حيض ترجيحا للعادة والحديث
الثاني وما بعده على الاستظهار وهو طلب ظهور الحال في كون الدم حيضا أو طهرا بترك العبادة بعد انقضاء العادة يوما

48
فصاعدا وقد أطبق الأصحاب على ثبوته لذات العادة إذا كانت عادتها دون العشرة وتجاوز الدم عن أيام العادة وانما
الخلاف بينهم في مقدار زمانه ووجوبه واستحبابه والمستفاد من الأحاديث المعتبرة كونه إلى الثلاثة والمتأخرون من الأصحاب على
استحبابه ولا استبعاد في وجوب العبادة عليها باختيارها عدم الاستظهار ولا يلزمهم جواز ترك الواجب لا إلى بدل كما لا يخفى ثم
لهم في هذا المقام تفصيل مشهور وهو انه ان انقطع دمها على العاشر كان ذلك كاشفا عن كون العشرة حيضا تقضي صوم
العشرة وان كانت قد صامت بعضها وان تجاوز العشرة كان ذلك كاشفا عن كون الزائد على العادة طهرا وان صومها وصلاتها
بعد أيام الاستظهار كانا صحيحين ووجب عليها قضاء ما أخلت به منهما أيام الاستظهار والاخبار التي اطلعنا عليها غير دالة
على ذلك والله أعلم بحقايق الأمور وقد دل الحديث الخامس على مخالفة حكم القرشية لغيرها في سن اليأس واستدلال بعضهم
به على أن حد يأسها ستون عجيب والحديث السادس والعاشر يدلان بظاهرهما على أن حد اليأس خمسون في القرشية وغيرها
وهو قول الشيخ في النهاية ووافقه المحقق في بحث العدد من يع؟ واما في بحث الحيض فذهب إلى أنه ستون مطلقا وبه رواية ضعيفة
والقول بالتفصيل مشهور بين المتأخرين وحاولوا به الجمع بين الاخبار وقول النهاية غير بعيد وطريق الاحتياط للعبادة والعدة مما
لا يخفى واما الحاق النبطية بالقرشية فلم اطلع في الاخبار على ما يدل عليه وما تضمنه الحديث السابع من أن الحائض إذا
طهرت عند العصر لم تصل الا العصر لعله محمول على ما إذا لم يبق من الوقت سوى ما يختص العصر وما تضمنه الحديث الثامن
من قضاء الصوم دون الصلاة مما انعقد عليه الاجماع وفي رواية الحسن بن راشد قلت لأبي عبد الله عليه السلام
الحائض تقضي
الصلاة قال لا (قلت) تقضي الصوم قال نعم قلت من أين جاء هذا قال أول من قاس إبليس وقوله عليه السلام في الحديث العاشر ثلث
يزوجن على كل حال المراد به ان تزويجهن بعد الطلاق غير مشروط بانقضاء العدة وقد خالف السيد المرتضى وابن زهرة
رضي الله عنهما في الصغيرة واليائسة فأوجبا عليهما العدة إذا طلقتا بعد الدخول وستسمع في هذا الحديث كلاما
مشبعا في كتاب الطلاق انشاء الله تعالى
الفصل الثالث في باقي أحكام الحائض وما يسوغ فعله حال الحيض وما لا يسوغ
ستة عشر حديثا أ من الصحاح زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته كيف صارت الحائض تأخذ من المسجد ولا تضع فيه قال
لان الحائض تستطيع ان تضع ما في يدها في غيره ولا تستطيع ان تأخذ ما فيه الا منه ب أبو عبيدة قال سألت أبا جعفر
عليه السلام عن الطامث تسمع السجدة فقال إن كانت من العزائم فلتسجد إذا سمعتها ج عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد
الله عليه السلام قال سألته عن الحائض تقرأ القرآن وتسجد إذا سمعت السجدة قال تقرء ولا تسجد ذ الحلبي عن أبي عبد الله
عليه السلام في الحائض ما يحل لزوجها منها قال تتزر بإزار إلى الركبتين وتخرج سرتها ثم له ما فوق الإزار ه‍ عمر بن يزيد قال
قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما للرجل من الحائض قال ما بين أليتيها ولا يوقب وعيص بن القاسم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام
عن الرجل واقع أهله وهي طامث قال لا يلتمس فعل ذلك قد نهى الله ان يقربها قلت فان فعل أعليه كفارة قال لا اعلم فيه
شيئا يستغفر الله ز محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في المرأة ينقطع عنها دم الحيض في اخر أيامها قال إذا أصاب
زوجها شبق فليأمرها بغسل فرجها ثم يمسها ان شاء قبل ان تغتسل ح الحلبي قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام الرجل
يطلق امرأته وهي حائض قال الطلاق على غير السنة باطل ط رفاعة بن موسى النخاس قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام اشتري

49
الجارية فربما احتبس طمثها من فساد دم أو ريح فتسقى الدواء لذلك فتطمث من يومها أفيجوز لي ذلك واني لا أدري من حبل
هو أو عن غيره فقال لي لا تفعل ذلك فقلت له انما ارتفع طمثها منها شهر أو لو كان ذلك من حبل انما كان نطفة الرجل
الذي يعزل فقال إن النطفة إذا وقعت في الرحم تصير إلى علقة ثم إلى مضغة ثم إلى ما شاء الله وان النطفة إذا وقعت في
غير الرحم لم يخلق منها شئ فلا تسقها دواء إذا انقطع طمثها شهرا وأجاز وقتها الذي كانت تطمث فيه ى من الحسان محمد بن
مسلم قال قال أبو جعفر عليه السلام الجنب والحائض يفتحان المصحف من وراء الثياب ويقرءان من القرآن ما شاءا الا السجدة
ويدخلان المسجد مجتازين ولا يقعدان فيه ولا يقربان المسجدين الحرمين وقد مر هذا الحديث في بحث الجنابة يا زرارة عن
أبي جعفر عليه السلام قال إذا كانت المرأة طامثا فلا يحل لها الصلاة وعليها ان تتوضأ وضوء الصلاة عند وقت كل صلاة
ثم تقعد في موضع طاهر فتذكر الله عز وجل وتسبحه وتهلله وتحمده كمقدار صلاتها ثم تخرج لحاجتها يب زيد الشحام
قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول ينبغي للحائض ان تتوضأ عند وقت كل صلاة ثم تستقبل القبلة فتذكر الله عز وجل
بمقدار ما كانت تصلي يج داود بن فرقد عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن التعويذ يعلق على الحائض قال نعم
لا بأس قال وقال تقرؤه وتكتبه ولا تصيبنه يدها يد زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال العدة والحيض إلى النساء
إذا ادعت صدقت يه من الموثقات عبد الله ابن بكير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا حاضت المرأة فليأتها
زوجها حيث شاء ما اتقى موضع الدم يو علي بن يقطين عن أبي الحسن عليه السلام قال سألته عن الحائض ترى الطهر فيقع
عليها زوجها قبل ان تغتسل قال لا بأس وبعد الغسل أحب إلي أقول دل الحديث الثاني على وجوب سجود
الحائض عند سماع السجدة ويؤيده ما رواه أبو بصير قال قال أبو عبد الله عليه السلام إذا قرئ شئ من العزائم وسمعتها فاسجد
وان كنت على غير وضوء وان كنت جنبا وان كانت المرأة لا تصلي وسائر القرآن أنت فيه بالخيار ان شئت سجدت وان شئت لم تسجد وقال الشيخ في النهاية لا يجوز لها ان تسجد وحجته الحديث الثالث وربما حمل على سجدات غير العزائم بقرينة قوله عليه
السلام تقرء ولا تسجد إذ المراد به انها تقرء غير العزائم وأجاب العلامة في المختلف تارة بالمنع من صحة سنده وفيه نظر لا يخفى و
أخرى بان قوله عليه السلام ولا تسجد كناية عن النهى عن قراءة العزائم التي يجب السجود فيها فكأنه عليه السلام قال تقرء القرآن
ولا تقرء العزيمة ولهذا الحديث محمل آخر وهو ان يكون قوله عليه السلام تقرء ولا تسجد محمولا على التعجب من عدم سجودها اي
كيف تقرء ولا تسجد والحديث الرابع يدل على ما ذهب إليه المرتضى رضي الله عنه في شرح الرسالة من تحريم الاستمتاع من
الحائض الا بما فوق المئزر ويؤيده ما رواه أبو بصير قال سئل أبو عبد الله عليه السلام عن الحائض ما يحل لزوجها منها قال
تتزر بإزار إلى الركبتين وتخرج ساقها وله ما فوق الإزار وما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سألت أبا عبد الله عليه السلام
عن الرجل ما يحل له من الطامث قال لا شئ حتى تطهر والنكرة في سياق النفي للعموم خرج الاستمتاع بما فوق السرة وتحت الركبة
بالاجماع فبقي الباقي وأكثر الأصحاب على الكراهة وحملوا هذه الأحاديث عليها جمعا بينها وبين الحديث الخامس والرابع و
أحاديث أخرى ضعيفة السند ولا باس به والله أعلم (وقد يستفاد من ظاهر الحديث الخامس المنع من وطئ المرأة
في دبرها وسيجئ البحث فيه في كتاب النكاح انشاء الله تعالى وقوله لا يوقب اي لا يدخل) والحديث السادس يدل على عدم وجوب الكفارة على المجامع في الحيض و
هو قول الشيخ في النهاية وتبعه جمع من متأخري الأصحاب ويؤيده رواية زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال سألته عن الحائض

50
يأتيها زوجها فقال ليس عليه شئ يستغفر الله ولا يعود ورواية ليث المرادي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن وقوع
الرجل على امرأته وهي طامث خطأ قال ليس عليه شئ وقد عصى ربه وذهب الأكثر كالمفيد والصدوقين والمرتضى وابن إدريس
وابن حمزة وابن البراج والشيخ في التهذيب والمبسوط والخلاف إلى الوجوب بل نقل المرتضى وابن إدريس اجماع الأصحاب عليه ويؤيده رواية
محمد بن مسلم قال سألته عمن اتى امرأته وهي طامث قال يتصدق بدينار ويستغفر الله ورواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام
قال من اتى حائضا فعليه نصف دينار يتصدق به ورواية الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام عن الرجل يقع على امرأته وهي حائض
قال يتصدق على مسكين بقدر شبعه والشيخ في التهذيب حمل الرواية الأولى على الوطي في أول الحيض والوسطى على الوطي في وسطه والأخيرة
على الوطي في آخره بحمل مقدار الشبع على ربع دينار مستندا في ذلك بما رواه داود بن فرقد عن أبي عبد الله في كفارة
الطمث انه يتصدق إذا كان في أوله بدينار وفي وسطه نصف دينار وفي آخره ربع دينار قلت فإن لم يكن عنده ما يكفر قال فليتصدق
على مسكين واحد والا استغفر الله ولا يعود فان الاستغفار توبة وكفارة لكل من لم يجد السبيل إلى شئ من الكفارة ثم إنه
طاب ثراه حمل كلا من الحديث السادس وروايتي زرارة وليث المرادي على ما إذا لم يعلم الواطي انها حائض ثم قال وليس
لاحد ان يقول لا يمكن هذا التأويل لأنه لو كانت هذه الأخبار محمولة على حال النسيان لما قالوا عليهم السلام يستغفر ربه مما
فعل ولا انه عصى ربه لأنه لا يمتنع اطلاق القول عليه بأنه عصى ولا الحث على الاستغفار من حيث إنه فرط في السؤال عنها هل هي
طامث أم لا مع علمه بأنها لو كانت طامثا لحرم عليه وطؤها فبهذا التفريط كان عاصيا ووجب عليه الاستغفار لأنه أقدم
على ما لم يأمن ان يكون قبيحا ثم قال والذي يكشف عن هذا التأويل خبر ليث المرادي ان وقوعه عليها كان في حال الخطاء
فاجابه عليه السلام ليس عليه شئ وقد عصى ربه انتهى كلامه أعلى الله مقامه وفيه من التكلف ما لا يخفى ومن ثم لم يرتضيه المحقق في المعتبر وقال إنه
تأويل بعيد وحمل روايات الكفارة على الاستحباب جمعا بين الاخبار قال واما احتجاج الشيخ وعلم الهدى بالاجماع فلا
نعلمه وكيف يتحقق الاجماع فيما يتحقق فيه الخلاف ولو قال المخالف معلوم قلنا لا نعلم أنه لا مخالف غيره ومع الاحتمال لا يبقى
وثوق بان الحق خلافه انتهى كلامه طاب ثراه وللتوقف في هذه المسألة مجال والله أعلم بحقيقة الحال والحديث السابع والسادس
عشر مما استدل بهما على جواز وطئ الحائض بعد طهرها وقبل الغسل وعليه أكثر الأصحاب رضوان الله عليهم ولم يشترطوا
في إباحة الوطي سوى النقاء وحملوا الاخبار المتضمنة للنهي عنه على الكراهة كرواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال
سألته عن امرأة كانت طامثا فرأت الطهر أيقع عليها زوجها قبل ان تغتسل قال لا حتى تغتسل وذهب الصدوق ورحمه الله
إلى تحريم الوطي قبل الغسل الا بشرطين أحدهما ان يكون الرجل شبقا اي شديد الميل إلى الجماع والثاني ان تغسل فرجها وذهب
الشيخ أبو علي الطبرسي قدس الله روحه في مجمع البيان إلى أن حل وطيها مشروط بان يتوضأ أو تغسل فرجها بل ظاهر كلامه يعطي ان
هذا هو المذهب المعروف بين أصحابنا ولم أظفر في الاخبار بما يدل عليه وما ذهب إليه الصدوق رحمه الله ليس بذلك البعد
والحديث الصحيح صريح في اشتراط الامرين اللذين ذكرهما طاب ثراه ويؤيده قول بعض المفسرين في قوله تعالى فإذا تطهرن
فأتوهن اي فإذا غسلن فرجهن وليس تنزيل الاخبار المتضمنة للنهي عن الوطي قبل الغسل على الكراهة بأولى من تنزيلها
على عدم حصول الشرط والله سبحانه اعلم وقد دل الحديث الثامن على بطلان طلاق الحائض وهو موضع وفاق وذلك

51
مع الدخول وحضور الزوج أو حكمه وستسمع الكلام فيه في كتاب الطلاق انشاء الله تعالى والحديث التاسع يدل على المنع من سقي
الدواء الموجب للحيض لمن احتبس حيضها شهرا فصاعدا لامكان حملها وربما يستفاد منه الايماء إلى عدم مجامعة الحيض
الحمل وما تضمنه الحديث الثاني عشر مما تفرد به أصحابنا رضوان الله عليهم وهو يدل بظاهره على ما ذهب إليه ابن بابويه
من وجوب تلك الأفعال على الحائض كما تعطيه لفظة على والأصحاب حملوه على الاستحباب كما هو الظاهر من الحديث الثاني عشر وهو الأصح
وما تضمنه الحديث الثالث عشر من منع الحائض من مس التعويذ لا يبعد ان يستنبط منه المنع من مسها كتابة القرآن بطريق اولي
والحديث الرابع عشر يدل على قبول قولها في انقضاء عدتها سواء كانت بالحيض أو بالأشهر وعلى تحريم وطيها بمجرد
اخبارها بأنها حايض والظاهر أن ذلك إذا لم يتهمها بتضييع حقه وقد استدل جماعة من الأصحاب على وجوب قبول اخبارها
بالحيض بقوله تعالى ولا يحل لهن ان يكتمن ما خلق الله في أرحامهن قالوا لولا القبول لما حرم الكتمان وأنت خبير بتطرق
المنع إلى هذه الملازمة إذ ليست بينة ولا مبينة ولعل لتكليفها باظهار ذلك ثمرة أخرى كما يجب على الشاهد عدم كتمان
الشهادة وان علم عدم قول الحاكم لها والله سبحانه
اعلم المطلب الثالث في غسلي الاستحاضة والنفاس وما يتعلق
بهذين الدمين من الاحكام وفيه فصلان الفصل الأول فيما يتعلق بالاستحاضة تسعة أحاديث أ من الصحاح معاوية
بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام الحيض والاستحاضة ليس يخرجان من مكان واحد ان دم الاستحاضة بارد وان دم الحيض
حار وقد مر في بحث الحيض ب زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته عن الطامث تقعد بعد أيامها كيف تصنع
قال تستظهر بيوم أو يومين ثم هي مستحاضة فلتغتسل وتستوثق من نفسها وتصلي كل صلاة بوضوء ما لم ينفذ الدم فإذا نفذ
اغتسلت وصلت ج ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال المستحاضة تغتسل عند صلاة الظهر وتصلي الظهر و
العصر ثم تغتسل عند المغرب فتصلي المغرب والعشاء ثم تغتسل عند الصبح فتصلي الفجر ولا باس ان يأتيها بعلها إذا شاء الا أيام
حيضها فيعتزلها زوجها قال وقال لم تفعله امرأة احتسابا الا عوفيت من ذلك د صفوان بن يحيى عن أبي الحسن عليه السلام
قال قلت له جعلت فداك إذا مكثت المرأة عشرة أيام ترى الدم ثم طهرت فمكثت ثلثه أيام طاهرا ثم رأت الدم بعد ذلك أتمسك
عن الصلاة قال لا هذه مستحاضة تغتسل وتستدخل قطنة بعد فطنة وتجمع بين صلاتين بغسل ويأتيها زوجها إذا أراد
ه‍ معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال المستحاضة تنظر أيامها فلا تصلي فيها ولا يقربها بعلها فإذا جازت أيامها
ورأت الدم يثقب الكرسف اغتسلت للظهر والعصر تؤخر هذه وتعجل هذه وللمغرب والعشاء غسلا تؤخر هذه وتعجل هذه
وتغتسل للصبح وتحتشي وتستثفر وتحتشي وتضم فخذيها في المسجد وسائر جسدها خارج ولا يأتيها بعلها أيام قرئها وان كان
الدم لا يثقب الكرسف توضأت ودخلت المسجد وصلت كل صلاة بوضوء وهذه يأتيها بعلها الا في أيام حيضها والحسين بن نعيم
الصحاف قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ان والدتي ترى الدم وهي حامل كيف تصنع بالصلاة قال فقال لي إذا رأت الحامل الدم
بعدما يمضى عشرون يوما من الوقت الذي كانت ترى فيه الدم من الشهر الذي كانت تقعد فيه فان ذلك ليس من الرحم ولا من
الطمث فلتتوضأ ولتحتش بالكرسف وتصلي وإذا رأت الحامل الدم قبل الوقت الذي كانت ترى فيه الدم بقليل أو في الوقت من
ذلك الشهر فإنه من الحيضة فلتمسك عن الصلاة عدد أيامها التي كانت تقعد في حيضها فان انقطع الدم عنها قبل ذلك

52
فلتغتسل ولتصل وان لم ينقطع عنها الدم الا بعد أن تمضي الأيام التي كانت ترى الدم فيها بيوم أو يومين فلتغتسل ولتحتش
ولتستثفر وتصلي الظهر والعصر ثم لتنظر فإن كان الدم فيما بينها وبين المغرب لا يسيل من خلف الكرسف فلتتوضأ ولتصل
عند وقت كل صلاة ما لم تطرح الكرسف عنها فان طرحت الكرسف عنها فسال الدم وجب عليها الغسل قال وان طرحت الكرسف
عنها ولم يسل الدم فلتتوضأ ولتصل ولا غسل عليها قال وان كان الدم إذا أمسكت الكرسف يسيل من خلف الكرسف صبيبا لا يرقى فان
عليها ان تغتسل في كل يوم وليلة ثلث مرات وتحتشي وتصلي تغتسل للفجر وتغتسل للظهر والعصر وتغتسل للمغرب والعشاء قال وكذلك
تفعل المستحاضة فإنها إذا فعلت ذلك اذهب الله بالدم عنها ز زرارة قال قلت له النفساء متى تصلي قال تقعد قدر حيضها
وتستظهر بيومين فان انقطع الدم والا اغتسلت واحتشت واستثفرت وصلت فان جاز الدم الكرسف تعصبت واغتسلت ثم
صلت الغداة بغسل والظهر والعصر بغسل والمغرب والعشاء بغسل وان لم يجز الكرسف صلت بغسل واحد قلت فالحائض قال مثل
ذلك سواء فان انقطع عنها الدم والا فهي مستحاضة تصنع مثل النفساء سواء ثم تصلي ولا تدع الصلاة على حال فان النبي صلى
الله عليه وآله قال الصلاة عماد دينكم ح محمد الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن المرأة تستحاض فقال قال أبو جعفر
عليه السلام سئل رسول الله صلى الله عليه وآله عن المرأة تستحاض فأمرها ان تمكث أيام حيضها لا تصلي فيها ثم تغتسل وتستدخل
قطنة وتستثفر بثوب ثم تصلي حتى يخرج الدم من وراء الثوب ط علي بن مهزيار قال كتبت إليه امرأة طهرت من حيضها أو
نفاسها من أول شهر رمضان ثم استحاضت وصلت وصامت شهر رمضان من غير أن تعمل المستحاضة من الغسل لكل صلاتين
فهل يجوز صومها وصلاتها أم لا فكتب تقضى صلاتها لان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يأمر فاطمة عليها السلام والمؤمنات
من نسائه بذلك أقول دل الحديث الثاني وآخر الحديث الخامس على حكم الاستحاضة القليلة من وجوب الوضوء
عند كل صلاة والمشهور انه يجب مع ذلك ابدال القطنة ولعل هذا مستثنى من العفو عن نجاسة ما لا يتم فيه الصلاة ولم أظفر في
الاخبار بما يدل عليه صريحا ولكن صرح العلامة في المنتهى بأنه لا خلاف عندنا في وجوب الابدال وقوله عليه السلام فلتغتسل
المراد به غسل الحيض ولا يبعد ان يكون المراد من أمرها بالاستيثاق من نفسها ان تحتشي بقطنة جديدة وقوله عليه السلام ما لم ينفذ
الدم بالذال المعجمة الظاهر أن المراد به ما لم يثقب الكرسف واما التي يثقب دمها الكرسف ولا يسيل وهي المعبر عنها بالمتوسطة
فالأكثر على أنه يجب فيها مع اعمال القليلة الغسل لصلاة الصبح فقط واستنباط ذلك من الأخبار المعتبرة لا يخلو من اشكال
بل الظاهر منها مساواتها للقسم الثالث المعبر عنه بالكثيرة في وجوب الأغسال الثلاثة كما ذهب إليه ابن الجنيد وابن أبي عقيل والمحقق في
المعتبر والعلامة في المنتهى وهو المستفاد من اطلاق الحديث الثالث والرابع والخامس ولفظة أيامها في الحديث الخامس يجوز
كونها فاعلا أو مفعولا والاحتشاء استدخال الكرسف ونحوه لحبس الدم والاستثفار بالثاء المثلثة والفاء من استثفر الكلب إذا
ادخل ذنبه بين فخذيه والمراد به ان تعمد إلى خرقة طويلة تشد أحد طرفيها من قدام وتخرجها من بين فخذيها وتشد طرفها
الاخر من خلف والعرب يسمون هذه الخرقة حيضة وقوله عليه السلام وتحشي مضبوطة في بعض نسخ التهذيب المعتدة بالشين المعجمة
المشددة وفي بعضها تحبي بالتاء المثناة من فوق والباء الموحدة وقد يفسر على الأول بان تربط خرقة محشوة بالقطن يقال لها
المحشى على عجيزتها للتحفظ من تعدي الدم حال القعود وفي الصحاح المحشى العظامة تعظم به المرأة عجيزتها وفي القاموس

53
المحشا كمنبر ومحراب كساء غليظ ابيض صغير يتزر به ويفسر على الثاني بالاحتباء وهو جمع الساقين والفخذين إلى الظهر بعمامة و
نحوها ليكون ذلك موجبا لزيادة تحفظها من تعدي الدم والفعل في قوله عليه السلام وتضم فخذيها في المسجد لعله مضمن
معنى الادخال ولذلك عدى بفي وان جعلت الظرف حالا من المستتر لم يحتج إلى التضمين والواو في قوله عليه السلام وسائر
جسدها خارج واو الحال وقد تضمن هذا الحديث وسابقاه إباحة وطي المستحاضة وهو مما لا خلاف في جوازه في الجملة
انما الخلاف في اشتراطه بما يتوقف عليه الصلاة من الغسل والوضوء ففي بعض الروايات الضعيفة ما يدل عليه وظاهر الأحاديث
المعتبرة اطلاق الجواز وسبيل الاحتياط واضح والحديث السادس يدل على أن المستحاضة إذا لم يتجاوز دمها القطنة إذا
تحملتها ولم يسل إذا طرحتها فلا غسل عليها وانما عليها الوضوء وان سال بعد طرح القطنة فعليها الغسل وانه إذا تجاوز الدم
القطنة المتحملة وسال عنها فعليها الأغسال الثلاثة وربما استدل به على وجوب غسل واحد في الاستحاضة المتوسطة وهو
كما ترى (ولا يخفى ان لفظة من في قوله عليه السلام من الوقت الذي كانت ترى فيه الدم لابتداء الغاية
وفي قوله من الشهر الذي كانت تقعد فيه للتبعيض أي حال كون ذلك الوقت من الشهر) وما تضمنه
الحديث السابع من التعصيب المراد به التحشي والاستثفار والغسل في قوله عليه السلام في آخره وان لم يجز
الكرسف صلت بغسل واحد كما يمكن ان يراد به غسل (الاستحاضة يمكن ان يراد به غسل) النفاس فالاستدلال به على وجوب غسل واحد في المتوسطة مدخول و
قول عليه السلام في الحديث الثامن تستحاض اي يستمر بها الدم وقد يتراءى ان هذا الحديث متروك الظاهر لدلالته على أنها إذا
انقضت عادتها واغتسلت للحيض واستثفرت لا يجب عليها غسل آخر للصلاة إلى أن يخرج الدم من وراء الثوب الذي استثفرت
به وهو يقتضي الحاق المتوسطة بالقليلة في عدم وجوب الغسل اللهم الا ان يقال إنه انما يدل على أنها
إذا اغتسلت واستثفرت
وخرجت عن حكم الحيض ولكنها تعلم عدم نقائها فإنه لا يجب عليها ان تتفقد الدم في كل ان لتعمل ما يقتضيه مرتبته بل تعمل ما تعمله المستحاضة
القليلة بناء على أصالة عدم خروج دم بعد الغسل زائد على أقل مراتب الاستحاضة وانه يجوز لها الاستمرار على عدم تفقد حال
الدم إلى أن ينفذ من وراء الثوب الذي استثفرت به فتيقن حينئذ حاله وتعمل ما يقتضيه مرتبته ولم يظهر من الحديث انها لو تفقدت
حال الدم في الأثناء وعلمت حصول الحالة المتوسطة لم يجب عليها العمل بمقتضاها ليكون متروك الظاهر هذا غاية ما يمكن ان يقال
وللنظر فيه مجال واسع والله أعلم ولقد استدل بالحديث التاسع على أن المستحاضة إذا أخلت بالأغسال النهارية لم يصح صومها و
قيدت بالأغسال النهارية إذ لا دخل لغسل الليلة المستقبلة في صحة صوم يومها الماضي واما غسل الليلة الماضية فقد
توقف بعضهم في مدخليته في صوم يومها المستقبل وفصل بعض مشايخنا المتأخرين قدس الله روحه بأنها ان قدمت غسل
الفجر ليلا أجزأ عن غسل العشاءين وان اخرته إلى الفجر بطل الصوم وهو غير بعيد لكن أصل اشتراط صوم المستحاضة بالغسل محل
تأمل فان هذا الحديث مع اضماره معلول لتضمنه ايجاب قضاء الصوم دون الصلاة ولا فارق بينهما على ذلك التقدير و
الشيخ حمله على ما إذا لم تكن عالمة بان عليها الغسل لكل صلاتين وهو كما ترى وربما حمل على أن ما تضمنه من أنها لا تقضي
الصلاة معناه انه لا يجب عليها قضاء جميع الصلوات لان بعضها كان في أيام الحيض وهو مع بعده محل كلام فان الصلاة في قول
السائل هل يجوز صومها وصلاتها المراد به (بها) الصلاة التي أتت بها في شهر رمضان وهو الزمان الذي استحاضت فيه كما يدل
عليه قوله طهرت من حيضها أو نفاسها من أول شهر رمضان وليس الكلام في الصلاة التي قعدت عنها أيام حيضها قبل دخول
شهر رمضان (واما تعليق الجار في قوله عليه السلام من أول شهر رمضان) بالحيض أو النفاس فمع انه عن ظاهر الكلام بمراحل لا يجدي نفعا والله أعلم بحقايق الأمور الفصل الثاني

54
في النفاس تسعة أحاديث أ من الصحاح زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال النفساء تكف عن الصلاة أيامها التي كانت
تمكث فيها ثم تغتسل كما تغتسل المستحاضة ب زرارة قال قلت النفساء متى تصلي قال تقعد أيام حيضها وتستظهر بيومين
فان انقطع الدم والا اغتسلت واحتشت واستثفرت وصلت الحديث وقد مر في بحث الاستحاضة ج محمد بن مسلم قال
قلت لأبي عبد الله عليه السلام كم تقعد النفساء حتى تصلي قال ثماني عشرة سبع عشرة ثم تغتسل وتحتشي وتصلي د ابن سنان
قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول تقعد النفساء تسع عشرة ليلة فان رأت دماء صنعت كما تصنع المستحاضة ه‍ محمد بن
مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن النفساء كم تقعد فقال إن أسماء بنت عميس أمرها رسول الله صلى الله عليه و
اله ان تغتسل لثماني عشرة ولا بأس ان تستظهر بيوم أو يومين ومن الحسان الفضل بن يسار وزرارة عن أحدهما عليهما السلام
قال النفساء تكف عن الصلاة أيام أقرائها التي كانت تمكث فيها ثم تغتسل وتعمل كما تعمل المستحاضة ز من الموثقات زرارة
عن أبي عبد الله عليه السلام قال تقعد النفساء أيامها التي كانت تقعد في الحيض وتستظهر بيومين ح عمار بن موسى عن أبي
عبد الله عليه السلام في المرأة يصيبها الطلق أياما أو يوما أو يومين فترى الصفرة أو دما فقال تصلي ما لم تلد فان غلبها الوجع
ففاتها صلاة لم تقدر على أن تصليها من الوجع فعليها قضاء تلك الصلاة بعدما تطهر ط يونس بن يعقوب قال سمعت
أبا عبد الله عليه السلام يقول (النفساء) تجلس أيام حيضها التي كانت تحيض ثم تستظهر وتغتسل وتصلي
أقول الأحاديث
في تحديد النفاس متخالفة الا انه لا خلاف بين أصحابنا رضوان الله عليهم في أنه لا حد لأقله فجاز ان يكون لحظة وانما الخلاف
في الأكثر والمستفاد من الحديث الأول والثاني والسادس والسابع والتاسع انه لا يتجاوز العشرة وإلى هذا ذهب الشيخ و
أبو الصلاح وابن البراج وابن إدريس والمفيد في أحد قوليه ومن الحديث الثالث والخامس انه ثمانية عشر وبه قال الصدوق وابن
الجنيد والمرتضى وسلار والمفيد في قوله الأخرى ومن الحديث الرابع انه تسعة عشر ولا يحضرني ان أحدا من أصحابنا قال به والعلامة
في المختلف كأنه رام الجمع بين أكثر هذه الأخبار فجعل الثمانية عشر للمبتدأة واما ذات العادة فعادتها والشيخ في التهذيب أورد اخبارا
متخالفة سوى ما ذكرناه فبعضها يدل على الامتداد إلى ثلثين وبعضها إلى الأربعين وخمسين وقال بعد ما أورد الحديث الخامس انه
لا يدل على أن أيام النفاس ثماني عشرة وانما يدل على أنه صلى الله عليه وآله أمرها بعد الثماني عشرة بالاغتسال وانما كان فيه
حجة لو قال إن أيام النفاس ثماني عشرة يوما وليس هذا في الخبر ثم إنه قدس الله روحه اخذ في تقرير الجواب عن الأخبار الدالة
على الزيادة على العشرة فقال ولنا في الكلام على هذه الأخبار طرق أحديها ان هذه الأخبار اخبار آحاد مختلفة
الألفاظ متضادة المعاني لا يمكن العمل على جميعها لتضادها ولا على بعضها لأنه ليس بعضها بالعمل عليه أولى من بعض و
الثانية انه يحتمل ان يكون هذه الأخبار خرجت مخرج التقية لان كل من يخالفنا يذهب إلى أن أيام النفاس أكثر مما نقوله و
لهذا اختلفت ألفاظ الحديث كاختلاف العامة في مذاهبهم فكأنهم عليهم السلام أفتوا كل قوم منهم على حسب ما عرفوا من
آرائهم ومذاهبهم والثالثة ان لا يمتنع ان يكون السائل سألهم عن امرأة أتت عليها هذه الأيام فلم تغتسل فأمروها بعد
ذلك بالاغتسال وان تعمل كما تعمل المستحاضة ولم يدل على أن ما فعلت المرأة في هذه الأيام كان حقا هذا كلامه بلفظه ثم إنه
طاب ثراه أيد كلامه بمرفوعة إبراهيم بن هاشم قال سألت امرأة أبا عبد الله عليه السلام فقالت اني كنت اقعد في نفاسي عشرين

55
يوما حتى أفتوني بثمانية عشر يوما فقال أبو عبد الله عليه السلام ولم أفتوك بثمانية عشر يوما فقال رجل للحديث الذي روي
عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال لأسماء بنت عميس حين نفست بمحمد بن أبي بكر فقال أبو عبد الله عليه السلام ان أسماء
سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وقد اتى لها ثمانية عشر يوما ولو سألته قبل ذلك لأمرها ان تغتسل وتفعل كما تفعل
المستحاضة هذا وربما يعترض معترض على قوله طاب ثراه في الطريق الأول ان هذه الأخبار اخبار آحاد بان الاخبار
التي دلت على عدم تجاوز العشر أيضا اخبار آحاد بان الاخبار التي دلت على تجاوز العشر أيضا اخبار آحاد غير بالغة حد التواتر فما
الفرق والجواب انه قدس الله روحه لم يرد بقوله هذه الأخبار اخبار آحاد انها لم تبلغ التواتر بل أراد انها لم يقترن بشئ
من المؤيدات التي توجب العمل بمضمونها فان عنده ان الخبر الذي لم يبلغ حد التواتر على ضربين ضرب تأيد بمطابقة دليل
العقل أو الكتاب أو السنة المقطوع بها أو كان موافقا لما وقع عليه الاتفاق فهذا لا يطلق عليه خبر الآحاد ويلحقه في وجوب
العمل به بالمتواتر وضرب خلا عن تلك المؤيدات فهذا يسميه بخبر الآحاد وقد قرر في هذا الاصطلاح في صدر كتاب الاستبصار
والمراد هنا هو المعنى الثاني واما الاخبار الاخر الدالة على عدم تجاوز العشرة فقد تأيدت عنده بموافقة ما وقع الاجماع
عليه إذ لا خلاف في أن أكثر النفاس ليس أقل من عشرة وانما الخلاف في الزائد فوجب العمل بالمجمع عليه وكذا قال طاب ثراه في
الاستبصار والله سبحانه اعلم
المطلب الرابع في غسل الأموات ونبذ من الاحكام المتقدمة على الموت والمتأخرة
عنه وثواب المرض والعيادة وآدابها وذكر الموت وفيه مقدمة وفصول المقدمة في ثواب المريض وعيادته ومقدار جلوس
العائد عنده واستحباب اعلامه إخوانه بمرضه ليعودوه واذنه للعواد في الدخول عليه والترغيب في الوصية وذكر الموت أعاننا
الله تعالى عليه ثلاثة عشر حديثا أ من الصحاح عبد الله ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله رفع
رأسه إلى السماء فتبسم فقيل له يا رسول الله رأيناك ترفع رأسك إلى السماء فتبسمت قال نعم عجبت من ملكين هبطا من السماء إلى الأرض يلتمسان
عبدا صالحا مؤمنا في مصلى كان يصلي فيه ليكتبا له عمله في يومه وليلته فلم يجداه في مصلاه فعرجا إلى السماء فقالا ربنا عبدك
فلان المؤمن التمسناه في مصلاه لنكتب له عمله ليومه وليلته فلم تصبه ووجدناه في حبالك فقال الله عز وجل اكتبا لعبدي
مثل ما كان يعمله في صحته من الخير في يومه وليلته ما دام في حبالي فان علي ان اكتب له اجر ما كان يعمله
إذا حبسته عنه ب معاوية
بن وهب عن أبي عبد الله عليه السلام قال أيما مؤمن عاد مؤمنا حين يصبح شيعه سبعون الف ملك فإذا قعد غمرته الرحمة واستغفروا
له حتى يمسي وان عاده مساء كان له مثل ذلك حتى يصبح ج من الحسان عبد الله ابن سنان قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول
ينبغي للمريض منكم ان يؤذن إخوانه بمرضه فيعودوه فيوجر فيهم ويوجرون فيه قال فقيل له نعم هم يوجرون فيه بممشاهم إليه
فكيف يوجر هو فيهم قال فقال باكتسابه لهم الحسنات فيوجر فيهم فيكتب له بذلك عشر حسنات ويرفع له عشر درجات ويمحى عنه
بها عشر سيئات د يونس قال قال أبو الحسن عليه السلام إذا مرض أحدكم فليأذن للناس يدخلون عليه فإنه ليس من أحد الا وله
دعوة مستجابة ه‍ عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال العيادة قدر فواق ناقة أو حلب ناقة وجميل بن صالح عن أبي
عبد الله عليه السلام انه سئل عن حد الشكاة للمريض فقال إن الرجل يقول حممت اليوم وسهرت البارحة وقد صدق وليس هذا
شكاة وانما الشكوى ان يقول قد ابتليت بما لم يبتل به أحد ويقول لقد أصابني ما لم يصب أحدا وليس الشكوى ان يقول سهرت البارحة وحممت اليوم ونحو هذا ز أبو الصباح قال قال أبو جعفر عليه السلام سهر ليلة

56
من مرض أفضل عن عبادة سنة ح محمد بن مسلم قال قال أبو جعفر عليه السلام الوصية حق وقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وآله
فينبغي للمسلم ان يوصى ط حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال ما من ميت تحضره الوفاة الا رد الله عليه من
بصره وسمعه وعقله للوصية وهي الراحة يقال لها راحة الموت فهي حق على كل مسلم ى هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام
قال إن قوما فيما مضى قالوا لنبي لهم ادع لنا ربك يرفع عنا الموت فدعا لهم فرفع الله عنهم الموت فكثروا حتى ضاقت عليهم
المنازل وكثر النسل وأصبح الرجل يطعم أباه وجده وأمه وجد جده ويوصيهم ويتعاهدهم فشغلوا عن طلب المعاش فقالوا سل لنا
ربك ان يردنا إلى حالنا التي كنا عليها فسال نبيهم ربه فردهم إلى حالهم يا أبو عبيدة قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام
حدثني ما انتفع به فقال يا أبا عبيدة أكثر ذكر الموت فإنه لم يكثر ذكره انسان الا زهد في الدنيا يب هشام بن سالم قال قال
أبو عبد الله عليه السلام ما من أهل بيت شعر ولا وبر الا وملك الموت يتصفحهم في كل يوم خمس مرات يج علي بن رئاب قال
سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول إذا مات المؤمن بكت عليه الملائكة وبقاع الأرض التي كان يعبد الله عليها وأبواب السماء
التي كانت يصعد أعماله فيها وثلم في الاسلام ثلمة لا يسدها شئ لان المؤمنين حصون الاسلام كحصون سور المدينة لها
أقول ما تضمنه الحديث الأول من أنه يكتب للمريض مثل ما كان يعمله أيام صحته ورد به اخبار متكثرة عن أصحاب
العصمة سلام الله عليهم وفي بعضها انه لا يكتب عليه السيئات ما دام مريضا فقد روى في الكافي عن أبي عبد الله عليه السلام
قال إذا صعد ملكا العبد المريض إلى السماء عند كل مساء يقول الرب تبارك وتعالى ماذا كتبتما لعبدي في مرضه فيقولان الشكاية
فيقول ما أنصفت عبدي ان حبسته في حبس من حبسي ثم امنعه الشكاية اكتبا لعبدي مثل ما تكتبان له من الحسنات في؟؟ صحته ولا تكتبا
عليه سيئة حتى أطلقه من حبسي وروي عن الكاظم عليه السلام أنه قال إذا مرض المؤمن أوحى الله عز وجل إلى صاحب الشمال لا تكتب
على عبدي ما دام في حبسي ووثاقي ذنبا ويوحي إلى صاحب اليمين ان اكتب لعبدي ما كنت تكتب له في صحته من الحسنات والمراد من
قول الملكين وجدناه في حبالك انا وجدناه ممنوعا عن أفعاله الإرادية كالمربوط بالحبال وقد دل الحديث الثاني على أن
عيادة المريض في صدر النهار واخره سواء في ترتب الاجر وربما يستفاد من ذلك أن ما شاع من أنه لا ينبغي ان يعاد
المريض في المساء لا عبرة به نعم روى عن الصادق عليه السلام أنه قال لا عيادة في وجع العين ولا في أقل من ثلاثة أيام ولفظة
في في الحديث الثالث للسببية والممشى مصدر ميمي بمعنى المشي وما تضمنه الحديث الخامس من تقدير العيادة بفواق الناقة
أو حلبها الظاهر أن الشك فيه من الراوي ويحتمل كون الابهام أو التخيير وقع من الإمام عليه السلام والمراد بفواق الناقة الوقت
المتخلل بين حلبتيها لأنها تحلب ثم يترك سويعة يرضعها الفصيل لتدر ثم تحلب والغرض عدم إطالة العايد جلوسه عند
المريض وقد ورد في ذلك اخبار عديده فعن الصادق عليه السلام أنه قال تمام العيادة للمريض ان تضع يدك على ذراعه و
تعجل القيام من عنده فان عيادة النوكي أشد على المريض من وجعه وعن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال من أعظم العواد
اجرا عند الله عز وجل لمن إذا عاد أخاه خفف الجلوس الا ان يكون المريض يحب ذلك ويريده ويسأله ذلك وما تضمنه الحديث
السادس من تحديد الشكاية المراد به ان ما زاد فإنه مكروه مقلل للثواب وقد ورد عن الصادق عليه السلام أنه قال من مرض ليلة
فقبلها بقبولها كتب الله عز وجل له عبادة ستين سنة فقال له رجل ما معنى قبولها قال لا يشكوا ما اصابه فيها إلى أحد

57
والشكاة على وزن صلاة مصدر بمعنى الشكوى وما في الحديث العاشر من قوله عليه السلام ويوضيهم المراد به غسل أوساخهم
وإزالة الأقذار عنهم ويمكن ان يراد به الوضوء الحقيقي إذا عجزوا عن مباشرته بأنفسهم وما في الحديث الثاني عشر من تصفح
ملك الموت لعل المراد به انه ينظر إلى صفحات وجوههم نظر المترقب إلى آجالهم والمنتظر لأمر الله سبحانه فيهم والحصون في قوله عليه
السلام في آخر الحديث الثالث عشر ان المؤمنين حصون الاسلام كحصون سور المدينة لها لعل المراد بها الأبراج التي تكون لها في
الأسوار والله سبحانه اعلم
الفصل الأول في الاحتضار وآدابه عشرة أحاديث أ من الصحاح سليمان الجعفري قال رأيت
أبا الحسن عليه السلام يقول لابنه القسم قم يا بني فاقرأ عند رأس أخيك والصافات صفا حتى تستتمها فقرأ فلما بلغ أهم
أشد خلقا أم من خلقنا قضى الفتى فلما سجي وخرجوا اقبل عليه يعقوب بن جعفر فقال له كنا نعهد الميت إذا نزل به يقرء
عنده يس والقرآن الحكيم فصرت تأمرنا بالصافات فقال يا بني لم تقرأ عند مكروب من موت قط الا عجل الله راحته ب
عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا عسر على الميت موته ونزعه قرب إلى مصلاه الذي كان يصلي فيه ج
من الحسان زرارة قال إذا اشتد عليه النزع فضعه في مصلاه الذي كان يصلي فيه أو عليه د سليمان بن خالد قال
سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول إذا مات لأحدكم ميت فسجوه تجاه القبلة وكذلك إذا غسل يحفر له موضع المغتسل تجاه
القبلة فيكون مستقبل باطن قدميه ووجهه إلى القبلة ه‍ ابن أبي عمير عن إبراهيم الشعيري وغير واحد عن أبي عبد الله
عليه السلام قال في توجيه الميت يستقبل بوجهه القبلة وتجعل قدميه مما يلي القبلة والحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام
ان رسول الله صلى الله عليه وآله دخل على رجل من بني هاشم وهو يقضي فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله قل لا إله إلا الله
العلي العظيم لا إله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع وما فيهن وما بينهن ورب
العرش العظيم والحمد لله رب العالمين فقالها فقال رسول الله صلى الله عليه وآله الحمد لله الذي استنقذه من النار ز
زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا أدركت الرجل عند النزع فلقنه كلمات الفرج لا اله إلا الله الحليم الكريم لا اله إلا
الله العلي العظيم سبحان الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع وما فيهن وما بينهن وما تحتهن ورب العرش العظيم
والحمد لله رب العالمين قال وقال أبو جعفر عليه السلام لو أدركت عكرمة عند الموت لنفعته فقيل لأبي عبد الله عليه السلام
فماذا كان ينفعه قال يلقنه ما أنتم عليه ح حفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه السلام قال إنكم تلقنون موتاكم عند الموت
لا إله إلا الله ونحن نلقن موتانا محمد رسول الله صلى الله عليه وآله ط الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا حضرت الميت
قبل ان يموت فلقنه شهادة ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله ى يحيى بن سابور قال سمعت أبا عبد
الله عليه السلام يقول في الميت تدمع عيناه عند الموت فقال ذلك عند معاينة رسول الله صلى الله عليه وآله فيرى ما يسره
ثم قال اما ترى الرجل يرى ما يسره وما يحب فتدمع عينه لذلك ويضحك أقول سجي بالبناء للمفعول من سجيت
الميت تسجية إذا مددت عليه ثوبا ونزل به بالبناء للمفعول أيضا اي حضره الموت وما تضمنه الحديث الثاني والثالث من أن
النقل إلى المصلى مشروط بتعسر النزع هو المعروف وعليه يحمل اطلاق جماعة من الأصحاب استحباب نقله إلى مصلاه و
الحديث الرابع والخامس مما استدل به جماعة من الأصحاب على ما هو المشهور من وجوب التوجيه إلى القبلة حال الاحتضار و

58
ربما استضعف بان ظاهرهما انما هو توجيهه إليها بعد الموت والخامس ليس صريحا في الوجوب وذهب الشيخ في الخلاف
إلى الاستحباب وهو قول السيد المرتضى وابن إدريس وتبعهما المحقق في المعتبر ويمكن ان يقال إن
الظاهر جريان قوله عليه السلام إذا مات وإذا غسل على وتيرة واحدة وأنت خبير بان اطلاق الميت على المشرف على
الموت شايع في الاستعمال كثير في الاخبار كما في الحديث الثاني والثامن والتاسع والعاشر والظاهر أن الجملة الخبرية بمعنى
الامر فالأولى عدم الخروج عن المشهور وقوله عليه السلام في الحديث الرابع فسجوه تجاه القبلة كناية عن توجيهه إليها ويقال
قعدت تجاه زيد أي تلقاه والظاهر أن المراد بموضع المغتسل الحفرة التي يجتمع فيها ماء الغسل والمستقبل بالبناء للمفعول
بمعنى الاستقبال وقد دل هذا الحديث على وجوب التوجيه إلى القبلة حال الغسل أيضا وكثير من الأصحاب على استحباب ذلك
وسيجئ الكلام فيه انشاء الله تعالى وقد دل الحديث السادس والسابع على استحباب تلقين المحتضر كلمات الفرج ويستفاد من آخر
الحديث السابع استحباب تلقين الاقرار بالأئمة عليهم السلام وهو المراد من قوله عليه السلام يلقنه ما أنتم عليه وفي رواية أخرى
عن الباقر عليه السلام أنه قال لو أدركت عكرمة قبل ان يقع النفس موقعها لعلمته كلمات ينتفع بها ولكني أدركته وقد وقعت
النفس موقعها فقال له أبو بصير جعلت فداك وما ذلك الكلام قال والله هو ما أنتم عليه فلقنوا موتاكم عند الموت شهادة
ان لا إله إلا الله والولاية وفي رواية أخرى لقنه كلمات الفرج والشهادتين والاقرار بالأئمة واحدا بعد واحد حتى ينقطع عنه
الكلام وظاهر هذه الرواية تعطي تكرار التلقين مرة بعد أخرى إلى أن يعجز الميت عن متابعة الملقن فيما يقوله وما تضمنه
الحديث العاشر من معاينة رسول الله صلى الله عليه وآله عند الموت قد ورد في أحاديث متعددة في بعضها دلالة على أنها (انه)
يعاين أمير المؤمنين عليه السلام أيضا والابيات المنسوبة إليه عليه السلام في مخاطبة الحارث الهمداني التي أولها يا حار همدان من يمت يرني
من مؤمن أو منافق قبلا مشهورة وفي الديوان الذي ينسب إليه عليه السلام مذكورة
الفصل الثاني في كيفية
تغسيل الميت وآدابه ثمانية حشر حديثا أ من الصحاح ابن مسكان عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن غسل الميت فقال
اغسله بماء سدر ثم اغسله على اثر ذلك غسلة أخرى بماء كافور وذريرة ان كانت واغسله الثالثة بماء قراح قلت ثلاث غسلات
لجسده كله قال نعم قلت يكون عليه ثوب إذا غسل قال إن استطعت ان يكون عليه قميص فغسله من تحته وقال أحب لمن غسل
الميت ان يلف على يده الخرقة حين يغسله ب يعقوب بن يقطين قال سألت العبد الصالح عليه السلام عن غسل الميت
أفيه وضوء للصلاة أم لا فقال غسل الميت يبدء بمرافقة فيغسل بالحرض ثم يغسل وجهه ورأسه بالسدر ثم يفاض عليه الماء
ثلاث مرات ولا يغسل الا في قميص يدخل رجل يده ويصب عليه من فوقه ويجعل في الماء شئ من سدر وشئ من كافور ولا
يعصر بطنه الا ان يخاف شيئا قريبا فيمسح رقيقا من غير أن يعصر ثم يغسل الذي غسله الاخر بيده قبل ان يكفنه إلى المنكبين
ثلث مرات ثم إذا كفنه اغتسل ج حريز قال أخبرني أبو عبد الله عليه السلام قال الميت يبدأ بفرجه ثم يوضؤ وضوء الصلاة
د علي بن جعفر عن أخيه (أبي الحسن) موسى عليه السلام قال سألته عن الميت يغسل في الفضاء قال لا بأس وان يستر بستر فهو أحب إلي
ه‍ محمد بن الحسن الصفار قال كتبت إلى أبي محمد العسكري عليه السلام هل يغسل الميت وماؤه الذي يصب عليه يدخل في
بئر كنيف فوقع عليه السلام يكون ذلك في بلاليع وزرارة قال قال أبو جعفر عليه السلام لا يسخن الماء للميت ز يعقوب بن يقطين قال
سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الميت كيف يوضع على المغتسل موجها وجهه نحو القبلة أو يوضع على يمينه ووجهه

59
نحو القبلة قال يوضع كيف تيسر فإذا طهر وضع كما يوضع في قبره ح عبد الرحمن بن أبي عبد الله عليه السلام قال سألت أبا عبد
الله عليه السلام عن المحرم يموت كيف يصنع به قال إن عبد الرحمن بن الحسن مات بالأبواء مع الحسين عليه السلام وهو محرم ومع
الحسين عبد الله ابن العباس وعبد الله ابن جعفر وصنع كما يصنع بالميت وغطى وجهه ولم يمسه طيبا قال وذلك في كتاب علي عليه
السلام ط محمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام قال سألتهما عن المحرم كيف يصنع به إذا مات قال يغطي وجهه
ويصنع به كما يصنع بالحلال غير أنه لا يقرب طيبا ى من الحسان سليمان بن خالد قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول إذا مات
لأحدكم ميت فسجوه تجاه القبلة وكذلك إذا غسل الحديث وقد مر في الفصل السابق يا سليمان بن خالد قال سألت أبا عبد
الله عليه السلام عن غسل الميت كيف يغسل قال بماء وسدر واغسل جسده كله واغسله أخرى بماء وكافور ثم اغسله أخرى بماء
قلت ثلث مرات قال نعم قلت فما يكون عليه حين يغسله قال إن استطعت ان يكون عليه قميص فيغسل من تحت القميص يب
الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا أردت غسل الميت فاجعل بينك وبينه ثوبا يستر عنك عورته اما قميصا واما غيره
ثم تبدأ بكفيه وتغسل رأسه ثلث مرات بالسدر ثم ساير جسده وابدأ بشقه الأيمن فإذا أردت ان تغسل فرجه فخذ خرقة
نظيفة فلفها على يدك اليسرى ثم ادخل يدك من تحت الثوب والذي على فرج الميت فاغسله من غير أن ترى عورته فإذا فرغت من
غسله بالسدر فاغسله مرة أخرى بماء كافور وشئ من حنوط ثم اغسله بماء يحت؟ غسله أخرى حتى إذا فرغت من ثلث غسلات
جعلته في ثوب نظيف ثم جففته يج ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا يمس من الميت شعر ولا
ظفر وان سقط عنه شئ فاجعله في كفنه يد زرارة قال قلت له مات ميت وهو جنب كيف يغسل وما يجزيه من الماء قال
يغسل غسلا واحدا يجزي ذلك لجنابته ولغسل الميت لأنهما حرمتان اجتمعتا في حرمة واحدة يه إبراهيم بن عمر عن أبي عبد الله
عليه السلام قال ما من مؤمن يغسل مؤمنا ويقول وهو يغسله رب عفوك عفوك الا عفى الله عنه يو ابن أبي عمير عن بعض
أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام في المرأة تموت ويتحرك الولد في بطنها أيشق بطنها ويخرج الولد قال فقال نعم يخاط
بطنها يز من الموثقات عمار بن موسى عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن المرأة إذا ماتت في نفاسها كيف تغسل قال
مثل غسل الطاهرة وكذلك الحائض وكذلك الجنب انما يغسل غسلا واحدا فقط يج عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الميت يكون عليه الشعر فيحلق عنه أو يقلم قال لا يمس منه شئ اغسله وادفنه أقول
ما دل عليه الحديثان الأولان والحادي عشر والثاني عشر من تثليث أغسال الميت هو المعروف بين الأصحاب رضوان الله
عليهم وقد دل بعض هذه الأحاديث على وجوب الترتيب بين هذه الأغسال أيضا وقول سلار ان الواجب غسل واحد بالقراح
والباقي مستحب ضعيف وليس فيما تضمنه الحديث الرابع عشر والسابع عشر حجة له كما سنذكره وما تضمنه الحديث الأول
من قوله عليه السلام بماء سدر وبماء كافور قد استفاد منه بعض مشايخنا قدس الله أرواحهم اشتراط بقاء ماء كل من الخليطين
على الاطلاق كما هو مقتضى اطلاق لفظ الماء واستدل العلامة طاب ثراه على ذلك بان الغرض هو التطهير والمضاف غير
مطهر وقال شيخنا الشهيد نور الله مرقده في الذكرى بعد ايراد كلام العلامة ان المفيد رحمه الله قدر السدر برطل و
نحوه وابن البراج برطل ونصف واتفق الأصحاب على شرعيته وهما يوهمان الإضافة ويكون المطهر هو القراح والغرض من الأوليين هو

60
التنظيف وحفظ البدن من الهوام بالكافور لان رائحته تردها انتهى كلامه وما تضمنه من إضافة الذريرة إلى الكافور محمول
على الاستحباب وفي قوله عليه السلام ان كانت نوع اشعار بعدم تحتمها والذريرة على ما قاله الشيخ في التبيان نبات قصب الطيب
وهو قصب يجاء به من الهند كأنه قصب النشاب وقال في المبسوط والنهاية يعرف بالقمحة بضم القاف وفتح الميم المشددة والحاء المهملة أو بفتح
القاف واسكان الميم وقال ابن إدريس هي نبات طيب غير الطيب المعهود وتسمى القمحان بالضم والتشديد وقال المحقق في المعتبر انها الطيب
المسحوق انتهى والمراد من القراح بالفتح الماء الخالي عن الخليطين لا عن كل شئ حتى الطين القليل الغير المخرج له عن الاطلاق على
ما توهمه بعضهم من قول بعض اللغويين القراح هو الذي لا يشوبه شئ وقد دل هذا الحديث والحديث الثاني والحادي عشر على
رجحان التغسيل من وراء القميص بل ظاهر الحديث الثاني وجوب ذلك وربما حمل على تأكد الاستحباب والظاهر عدم احتياج طهارة
القميص إلى العصر كما في الخرقة التي تستر بها عورة الميت وما تضمنه الحديث الثاني عشر من لف الغاسل خرقة على يده مما لا
خلاف في رجحانه عند غسل فرج الميت قال شيخنا في الذكرى وهل يجب يحتمل ذلك لان المس يحتمل كالنظر بل أقوى ومن ثم
نشر حرمة المصاهرة دون النظر اما باقي بدنه فلا يجب الخرقة قطعا وهل يستحب كلام الصادق عليه السلام (يشعر به انتهى وعدم تعرض الكاظم عليه السلام) في الحديث الثاني للوضوء
مع أن سؤال يعقوب انما كان عنه يعطي بظاهره عدم وجوبه ويؤيده ما روى عن الباقر عليه السلام ان غسل الميت مثل غسل الجنب
وظاهر أبي الصلاح وجوبه كما هو الظاهر من الحديث الثالث وحمله الشيخ على الاستحباب وجعله في النهاية أحوط وقال في المبسوط وقد روى أنه
يوضأ الميت قبل غسله فمن عمل بها كان جايزا غير أن عمل الطائفة على ترك العمل بذلك انتهى ولعل الاستحباب أظهر
كما عليه المتأخرون واما ما روي من قول الصادق عليه السلام في كل غسل وضوء الا الجنابة فغير دال على الوجوب إذ لا يلزم من
كونه فيه وجوبه ويكفي في استثناء الجنابة عدم استحبابه فيها والظاهر أن المراد بالمرافق العورتان وما يليهما والحرض بضم الحاء
والراء وسكونها الأشنان بضم الهمزة وقوله عليه السلام الا ان يخاف (شيئا قريبا اي الا ان يخاف) الغاسل خروج شئ منه فيما بين الغسل والدفن و
الحديث الخامس مستند الأصحاب في كراهة ارسال ماء الغسل إلى الكنيف وعدم البأس بالبالوعة وفي خبر سليمان بن خالد السابق
ما يدل على استحباب ارساله إلى حفيرة معدة له وما تضمنه الحديث السابع من قوله عليه السلام يوضع كيف تيسر هو مستند
بعض علمائنا القائلين بعدم وجوب الاستقبال بالميت حال الغسل وحملوا الأحاديث الدالة بظواهرها على وجوبه كالحديث
الثامن وخبر الكاهلي استقبل بباطن قدميه القبلة وخبر يونس إذا أردت غسل الميت فضعه على المغتسل مستقبل القبلة
على الاستحباب واليه ذهب المحقق القمي والعلامة وشيخنا الشهيد في البيان وشيخنا الشهيد الثاني في شرح الارشاد وكلام
الشيخ في المبسوط ظاهر في الوجوب حيث قال معرفة القبلة واجبة للتوجه إليها في الصلاة واستقبالها عند الذبيحة واحتضار
الأموات وغسلهم واليه ذهب الشهيد في الدروس وشرح الشرايع وهو مختار شيخنا الشيخ علي أعلى الله قدره واستدل عليه
في شرح القواعد بورود الامر به قال ولا ينافيه ما سبق يعني قوله عليه السلام يوضع كيف تيسر لان ما تعسر لا يجب انتهى واستضعفه
شيخنا الشهيد الثاني في شرح الارشاد بما حاصله ان مقتضى قوله عليه السلام يوضع كيف تيسر التخيير في جهات الوضع وهو
ينافي وجوب الاستقبال وأنت خبير بان لقائل ان يقول إن الظاهر من قوله عليه السلام يوضع كيف تيسر التخيير بين الوضعين
اللذين ذكرهما السائل أعني توجيهه إلى القبلة على هيئة المحتضر أو على هيئة الملحود فاجابه عليه السلام باجزاء ما تيسر من الامرين

61
ففي الحديث دلالة على أنه إذا تعسر توجيهه على هيئة المحتضر وتيسر التوجيه على هيئة الملحود فلا عدول عنه لأنه أحد
توجيهي الميت فتأمل والظاهر أن هذا هو مراد شيخنا الشيخ علي أعلى الله قدره والأصح وجوب الاستقبال والله سبحانه اعلم (الأبواء في الحديث الثامن بالباء الموحدة والمد اسم موضع) و
ما تضمنه الحديث الثالث عشر من النهي عن مس شعر الميت وظفره محمول عند الأكثر على الكراهة فقالوا يكره حلق رأسه وعانته
وتسريح لحيته وقلم أظفاره واستنبطوا من ذلك كراهة ضفر شعر الميت أيضا وحكم ابن حمزة بتحريم الحلق والقص والقلم
وتسريح الرأس واللحية وهو مقتضى ظاهر النهي ونقل الشيخ الاجماع على أنه لا يجوز قص أظفاره ولا تنظيفها من الوسخ بالخلال
ولا تسريح لحيته وربما حمل كلامه على تأكد الكراهة وهو في غير تنظيف الأظفار من الوسخ جيدا واما فيه فمشكل وان دخل
في عموم النهي عن مس الظفر لحيلولة الوسخ بين الماء والبشرة والأظهر ان هذه الحيلولة مغتفرة هيهنا وفي مراسيل الصدوق عن الصادق
عليه السلام لا تخلل أظافيره ويؤيده ما ذكره العلامة في بحث الوضوء من المنتهى من احتمال عدم وجوبه لان وسخ الأظفار يستر
عادة فأشبه ما يستره الشعر من الوجه ولأنه كان يجب على النبي صلى الله عليه وآله بيانه ولم يثبت والله سبحانه اعلم وما تضمنه
الحديث الرابع عشر والسابع عشر من قوله عليه السلام يغتسل غسلا واحدا ربما يحتج به سلار في الاكتفاء بالغسل الواحد
بالقراح ورد بان المراد بالوحدة عدم تعدد الغسل بسبب الجنابة وغسل الميت واحد بنوعه وان تعدد صنفه بل الظاهر أنه
غسل واحد مركب من ثلث غسلات لا من ثلاثة أغسال وظاهر قول الصادق عليه السلام اغسله بماء وسدر ثم
اغسله على اثر ذلك
غسله أخرى واغسله الثالث بالقراح ربما يشعر بذلك ولفظتا عفوك عفوك في الحديث الخامس عشر منصوبتان بالمفعولية
المطلقة أو باضمار اسال ونحوه ويجوز كونهما مبتدأين محذوف الخبر وبالعكس والتقدير ظاهر والمجرور في قوله عليه السلام
الا عفى الله عنه يعود إلى المغسل ويحتمل عوده إلى الميت والله أعلم الفصل الثالث في تغسيل الرجل محارمه
كل من الزوجين صاحبه وتغسيل العظام والسقط وعدم تغسيل الشهيد أربعة عشر حديثا أ من الصحاح منصور قال سألت
أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يخرج في السفر ومعه امرأته يغسلها قال نعم وأمه وأخته ونحو هذا يلقي على عورتها خرقة ب
عبد الله ابن سنان قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلح له ان ينظر إلى امرأته حين تموت أو يغسلها ان لم يكن عنده من
يغسلها وعن المرأة هل تنظر إلى مثل ذلك من زوجها حين يموت فقال لا بأس بذلك انما يفعل ذلك أهل المرأة كراهة
ان ينظر زوجها إلى شئ يكرهونه ج محمد بن مسلم قال سألته عن الرجل يغسل امرأته قال نعم من وراء الثياب د أبو الصباح
الكناني عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يموت في السفر في ارض ليس معه الا النساء قال يدفن ولا يغسل والمرأة تكون مع
الرجال بتلك المنزلة تدفن ولا تغسل الا ان يكون زوجها معها فإن كان زوجها معها غسلها من فوق الدرع ه‍ الحلبي
عن أبي عبد الله عليه السلام انه سال عن المرأة تموت في السفر وليس معها ذو محرم ولا نساء قال تدفن كما هي بثيابها وعن الرجل يموت
وليس معه ذو محرم ولا رجال قال يدفن كما هو بثيابه وعبد الله بن أبي يعفور قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام الرجل يموت في
السفر مع النساء ليس معهن رجل كيف يصنعن به قال يلففنه لفا في ثيابه ويدفنه ولا يغتسلنه ز علي بن جعفر عن أخيه
أبي الحسن عليه السلام قال سألته عن الرجل يأكله السبع والطير فبقي عظامه بغير لحم كيف يصنع به قال يغسل ويكفن ويصلى عليه
ويدفن فإذا كان نصفين صلى على النصف الذي فيه القلب ح من الحسان الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئل عن الرجل

62
يموت وليس عنده من يغسله الا النساء قال تغسله امرأته وذو قرابته ان كانت له وتصب النساء الماء عليه صبا وفي المرأة إذا
ماتت يدخل زوجها يده تحت قميصها فيغسلها ط محمد بن مسلم قال سألته عن الرجل يغسل امرأته قال نعم انما يمنعها أهلها
تعصبا ى إسماعيل بن جابر وزرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت له كيف رأيت الشهيد يدفن بدمائه قال نعم
في ثيابه بدمائه ولا يحنط ولا يغسل ويدفن كما هو ثم قال دفن رسول الله صلى الله عليه وآله عمه حمزة في ثيابه بدمائه التي
أصيب فيها ورداه النبي صلى الله عليه وآله بردائه فقصر عن رجليه فدعا له بإذخر فطرحه عليه وصلى عليه سبعين صلاة
وكبر عليه سبعين تكبيرة يا أبان بن تغلب قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول الذي يقتل في سبيل الله يدفن في ثيابه ولا يغسل
الا ان يدركه المسلمون وبه رمق ثم يموت بعده فإنه يغسل ويكفن ويحنط ان رسول الله صلى الله عليه وآله كفن حمزة في
ثيابه ولم يغسله ولكن صلى عليه يب محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا قتل قتيل فلا (فلم) يوجد الا لحم بلا
عظم لم يصل عليه وان وجد عظم بلا لحم صلي عليه يج من الموثقات إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال الزوج أحق بالمرأة حتى يضعها في قبرها يد سماعه عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته
عن السقط إذا استوت خلقته يجب عليه الغسل واللحد والكفن قال نعم كل ذلك يجب إذا استوى أقول دل
الحديث الأول على جواز تغسيل الرجل زوجته وجميع محارمه ان جعلنا قوله عليه السلام ونحو هذا منصوبا بالعطف على
أمه وأخته بمعنى انه يغسل أمه وأخته ومن هو مثل كل من هذين الشخصين في المحرمية وحينئذ يكون قوله عليه السلام يلقي على
عورتها خرقة جملة مستأنفة لكن الأظهر انه مرفوع بالابتداء وجملة يلقي خبره والإشارة بهذا إلى الرجل والمعنى ان
مثل هذا الرجل المغسل كلا من هؤلاء يلقي على عورتها خرقة وعلى هذا فتعدية الحكم إلى بقية المحارم لعدم القائل بالفرق
وربما يوجد في بعض نسخ الكافي ونحوهما بدل ونحو هذا ثم لا يخفى ان هذا الحديث كالصريح في أن تغسيل الرجل
زوجته ومحارمه لا يجب ان يكون من وراء الثياب فان ستر العورة كاف وشيخنا الشهيد في الذكرى وقبله العلامة في
المنتهى جعلاه دليلا على كونه من وراء الثياب وهو كما ترى نعم دلالة الحديث الثالث والرابع والثامن على أن تغسيل الرجل
زوجته يكون من وراء الثياب ظاهرة وهو المشهور بين الأصحاب ولم يشترط أكثرهم عدم المماثل وهو مقتضى اطلاق الحديث الثالث
وفي الحديث التاسع دلالة ظاهرة عليه والشيخ في كتابي الاخبار على اشتراطه واما تغسيل المحارم فقد قطعوا بكونه
من وراء الثياب وعدم المماثل ولا باس به والمراد بالمحارم من حرم نكاحه مؤبدا بنسب أو رضاع أو مصاهرة وقيد التأبيد
لاخراج أخت الزوجة وبنت غير المدخولة وفي شرح الارشاد لشيخنا الشهيد الثاني طاب ثراه ان توقف حل نكاحهما
على مفارقة الأخت والأم لو اقتضى دخولهما في المحارم للزم كون نساء العالم محارم للمتزوج أربعا هذا كلامه وفيه
مناقشة لطيفة لعدم تحريم النكاح المنقطع على ذي الأربع ولو قال للزم كون ذوات الأزواج محارم للأجانب لكان
أولى واطلاق ذي المحرم في الحديث الخامس على ذات المحرم اما بتأويل الشخص كاطلاق ذي القرابة في الحديث الثامن
على ذات القرابة أو لمشاكلة ما قبله وقد دل الحديث السابع على أن عظام الميت المجردة عن اللحم كالميت في
الأمور الثلاثة
والظاهر أن المراد مجموع عظامه كما هو مقتضى الجمع المضاف فلا يدل على حكم بعض العظام واما قول شيخنا الشهيد طاب ثراه
في الذكرى ان العظام في هذا الخبر تصدق على التامة والناقصة فهو كما ترى والأولى استفادة حكم بعض العظام من

63
الحديث الثاني عشر واستفادة تغسيلها بطريق الأولوية ويمكن ان يستنبط من فحوى قوله عليه السلام صلي على النصف
الذي فيه القلب انه لو وجد القلب وحده لكان حكمه كذلك أيضا ويكون هذا في قوة الاستثناء مما دل عليه الحديث
الثاني عشر من عدم الصلاة على اللحم المجرد عن العظم (وقد يلوح من الحديث الثامن ان مجرد صب الماء على الميت ليس تغسيلا فلا يبعد ان يستنبط منه انه لو اشترك اثنان فالنية يتولاها المقلب دون الصاب؟) وما تضمنه الحديث العاشر والحادي عشر من عدم تغسيل الشهيد و
دفنه بثيابه مما لا خلاف فيه بين الأصحاب والظاهر أنه لا فرق بين الصغير والكبير لاطلاق الوصف ولأنه كان في قتلى بدر
واحد أطفال ولم ينقل امر النبي صلى الله عليه وآله بتغسيلهم وما استدلال شيخنا في الذكرى على ذلك بأنه قد قتل
مع الحسين عليه السلام ولده الرضيع بالطف ولم ينقل غسله فهو كما ترى وعدم الوصلة إلى الماء يومئذ أظهر من أن يخفى
واما عدم تغسيل دافني تلك الأجساد الزكية لشئ منها فعلى تقدير ثبوته لا ينهض حجة على اثبات تلك الدعوى و
أوجب المرتضى وابن الجنيد تغسيل الشهيد ان كان جنبا وفي دليلهما ضعف ورداه بتشديد الدال ألقى عليه الرداء و
الإذخر بكسرتين نبت مشهور وما تضمنه من تكرار النبي صلى الله عليه وآله الصلاة والتكبير سبعين مرة سيجئ الكلام فيه
في كتاب الصلاة انشاء الله تعالى والحديث باطلاقه يشمل من قتل في الجهاد السايغ في غيبة الإمام عليه السلام وفي كلام الأصحاب
تخصيص ذلك بمن قتل بين يديه عليه السلام ولم يرتضه المحقق في المعتبر واستقرب العموم ومال إليه شيخنا في الذكرى ولا بأس
به وما تضمنه الحديث الحادي عشر من وجوب تغسيل من أدركه المسلمون وبه رمق ثم يموت بعده يمكن ان يستنبط منه شرط
سقوط الغسل بالموت في المعركة فان الظاهر أن قوله عليه السلام ثم يموت بعد ذلك اي بعد انقضاء الحرب وما تضمنه الحديث
الثالث عشر من أحقية الزوج بامرأته حتى يضعها في قبرها يقتضي أحقيته بالصلاة عليها أيضا وهو ينافي ما سيجئ في
كتاب الصلاة انشاء الله تعالى من صحيح حفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه السلام في المرأة تموت ومعها أخوها وزوجها أيهما يصلي
عليها فقال أخوها أحق بالصلاة عليها والشيخ طاب ثراه حمله على التقية واعترضه بعض الأصحاب بان هذا موثق وهذا
صحيح والحمل على التقية انما يكون مع التساوي في السند والجواب ان هذا وان كان موثقا الا انه مما اتفق الأصحاب على
العمل بمضمونه كما صرح به المحقق في المعتبر وذاك وان كان صحيحا الا انه موافق لمذهب العامة كما صرح به الشيخ في كتابي
الاخبار فالحمل على التقية مما لا مناص عنه مع أن الخبر المعتضد باتفاق الأصحاب خارج عنده طاب ثراه عن خبر الآحاد ويلحق
في وجوب العمل بالمتواتر كما ذكرنا قبيل هذا في بحث النفاس فالرجحان عنده في هذا الجانب والمحمول على التقية انما هو المرجوح
والله أعلم
وما تضمنه الحديث الرابع عشر من تغسيل السقط هو المعروف بين جمهور الأصحاب لكنهم شرطوا كونه لأربعة
أشهر واستدل عليه المحقق في المعتبر بمقطوعة أحمد بن محمد عمن ذكره قال إذا تم للسقط أربعة أشهر غسل وبهذا الحديث
أيضا وهو يعطي التلازم بين استواء الخلقة ومضى الأربعة وقد يستأنس له بما في بعض الأخبار من نفخ الروح فيه بمضيها
إذ الظاهر أن الروح (به) انما يكون بعد استواء خلقته ثم قال المحقق طاب ثراه ولا مطعن على الروايتين بانقطاع سند الأولى و
ضعف سماعة في سند الثانية لأنه لا معارض لها مع قبول الأصحاب لهما هذا كلامه لهما وقريب منه كلام شيخنا في الذكرى
ولا بأس به وقد دل هذا الحديث على وجوب التكفين ولم يذكره الشيخان وقال ابن البراج يلف في خرقة ويظهر من هذا الحديث
تكفينه في قطع ثلاث حملا للكفن على المعروف شرعا واما دفنه فالظاهر أنه مما لا خلاف فيه كما لا خلاف في عدم وجوب الصلاة

64
ولا استحبابها ولفظة على في هذا الحديث لعلها بمعنى اللام والله سبحانه
اعلم الفصل الرابع في الكفن والحنوط
والجريدتين ستة عشر حديثا أ من الصحاح أبو مريم الأنصاري قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول كفن رسول الله صلى الله عليه وآله
في ثلاثة أثواب برد احمر حبرة وثوبين أبيضين صحاريين ب محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال يكفن الرجل في
ثلاثة أثواب والمرأة إذا كانت عظيمة في خمسة درع ومنطق وخمار ولفافتين ج زرارة قال قلت لأبي جعفر عليه السلام العمامة
للميت من الكفن هي قال لا انما الكفن المفروض ثلاثة أثواب وثوب تام لا أقل منه يواري فيه جسده كله فما زاد فهو سنة إلى أن
يبلغ خمسة فما زاد فمبتدع والعمامة سنة د محمد بن إسماعيل بن بزيع قال سألت أبا جعفر عليه السلام ان يأمر لي بقميص أعده
لكفني فبعث به إلي فقلت كيف اصنع به جعلت فداك قال انزع أزراره ه‍ عبد الله بن سنان قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام كيف
اصنع بالكفن قال تؤخذ خرقة فتشد على مقعدته ورجليه قلت فالإزار قال إنها لا تعد شيئا انما تصنع ليضم ما هناك لئلا
يخرج منه شئ وما تصنع من القطن أفضل منها وعبد الله ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال الكفن من جميع المال وقال عليه
السلام كفن المرأة على زوجها إذا ماتت ز زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن رجل مات وعليه دين وخلف قدر ثمن
كفنه قال يجعل ما ترك في ثمن كفنه الا ان يتحنن عليه انسان بكفنه ويقضي دينه بما ترك ح عبد الله ابن سنان قال قلت لأبي
عبد الله عليه السلام كيف اصنع بالحنوط قال تصنع في فمه ومسامعه واثار السجود من وجهه ويديه وركبتيه ط وزرارة قال قلت لأبي
جعفر عليه السلام أرأيت الميت إذا مات لم يجعل معه الجريدة فقال يتجافى عنه العذاب والحساب ما دام العود رطبا انما العذاب
والحساب كله في يوم واحد في ساعة واحدة قدر ما يدخل القبر ويرجع القوم وانما جعل السعفتان الذي؟؟ فلا يصيبه عذاب
ولا حساب بعد جفوفهما انشاء الله تعالى ى من الحسان ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام في العمامة للميت قال
حنكه يا ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال أجيدوا أكفان موتاكم فإنها زينتهم يب الحلبي عن
أبي عبد الله عليه السلام قال كتب أبي في وصيته ان أكفنه بثلاثة أثواب أحدها رداء له حبرة كان يصلي فيه يوم الجمعة وثوب
آخر وقميص فقلت لأبي لم تكتب هذا فقال أخاف ان يغلبك الناس فان قالوا كفنه في أربعة أو خمسة فلا تفعل قال وعممه (وعممني بعمامة) بعد
بعمامة وليس تعد العمامة من الكفن انما يعد ما يلف به الجسد يج الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا أردت ان تحنط
الميت فاعمد إلى الكافور فامسح به اثار السجود منه ومفاصله كلها ورأسه ولحيته وعلى صدره من الحنوط يد جميل بن دراج قال
قال إن الجريدة قدر شبر توضع واحدة من عند الترقوة إلى ما بلغت مما يلي الجلد الأيمن والأخرى في الأيسر من عند الترقوة
إلى ما بلغت من فوق القميص يه عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال قيل لأبي عبد الله عليه السلام لأي شئ يكون مع الميت جريدة
قال إنه يتجافى عنه العذاب ما دامت رطبة يو علي بن بلال كتبت إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام الرجل يموت في بلاد ليس فيها
نخل فهل يجوز مكان الجريدة شئ من الشجر غير النخل فأجاب عليه السلام يجوز من شجر اخر رطب أقول البرد بالضم ثوب
مخطط وقد يطلق على غير المخطط أيضا والحبرة كعنبة برد يماني وصحار بالمهملتين قصبة بلاد عمان والمراد من الدرع
القميص والمنطق كمنبر شقة تلبسها المرأة وتشد وسطها ثم ترسل الإزار؟ على الأسفل إلى الركبة والأسفل ينجر على الأرض
قاله صاحب القاموس ولعل المراد به ما يشد به الثديان وهو كما ترى والخمار بالكسر القناع وما تضمنه الحديثان الأولان

65
والثاني عشر من تكفين الرجل في ثلاثة أثواب مما أطبق عليه الأصحاب سوى سلار فإنه اكتفى بالواحد والأحاديث الدالة
على الثلاثة كثيرة واستدل شيخنا في الذكرى لسلار بما تضمنه الحديث الثالث من قوله عليه السلام وثوب تام لا
أقل منه ثم أجاب تارة بحمل الثوب التام على التقية لأنه موافق لمذهب العامة من الاجتزاء بالواحد وأخرى بأنه
من عطف الخاص على العام وهو كما ترى والنسخ في هذا الحديث مختلفة ففي بعض نسخ التهذيب كما نقلناه ويوافقه
كثير من نسخ الكافي وهو المطابق لما نقله شيخنا في الذكرى وفي بعضها هكذا انما المفروض ثلاثة أثواب تام لا أقل منه و
هذه النسخة هي الموافقة لما نقله المحقق في المعتبر والعلامة في كتبه الاستدلالية ولفظة تام فيها خبر مبتدأ محذوف اي وهو
تام وفي بعض النسخ المعتبرة من التهذيب أو ثوب تام بلفظ أو بدل الواو وهي موافقة في المعنى للنسخة الأولى على أول الحملين
السابقين ويمكن حملها على حال الضرورة أيضا وما تضمنه الحديث الأول والثاني عشر من التكفين في الحبرة يدل على أنها
أحد الأثواب الثلاثة المفروضة كما قال أبو الصلاح وابن أبي عقيل من استحباب كون القطعة الثالثة حبرة لا على استحباب
زيادتها عليها لتكون رابعة كما هو المشهور والخرقة المذكورة في الحديث الخامس هي التي يسمونها بالخامسة وقد تضمن خبر
يونس انها خرقة طويلة عرضها شبر تشد من حقويه ويضم بها فخذاه ضما شديدا وتلف على فخذيه ثم يخرج رأسها من تحته
إلى الجانب الأيمن وتغمر في موضع اللف وقد قطع الأصحاب باستحبابها وربما كان في قوله عليه السلام انها لا تعد شيئا
انما تصنع ليضم ما هناك لئلا يخرج منه شئ وما يصنع من القطن أفضل منها نوع اشعار بذلك والإزار في قول ابن سنان
قلت فالإزار يراد به المئزر وهو الذي يشد من الحقوين إلى أسفل البدن وقد ورد في اللغة اطلاق كل منهما على الآخر وان كان
المعروف بين الفقهاء وسيما المتأخرين ان الإزار هو الشامل لكل البدن وأراد بقوله فالإزار الاستفسار من الإمام عليه السلام
انه هل يستغني عنه بهذه الخرقة أم لا ويمكن ان يكون مراده ان الإزار هو الثالث من الأثواب وبه يتم الكفن فلا يستغنى بها عن شئ
من أثوابه ولا تزيد قطع الكفن بها عن الثلاثة وما تضمنه الحديث السادس من أن الكفن من جميع المال المراد انه من الأصل لا من
الثلث ولا خلاف بين الأصحاب في ذلك كما لا خلاف في تقديمه على الديون كما في الحديث السابع ولا ريب ان المراد به الواجب
اما المستحب فمع الوصية من الثلث وبدونها موقوف على تبرع الوارث أو غيره وما تضمنه من أن كفن المرأة على زوجها مما نقل
الشيخ في الخلاف الاتفاق عليه وان كانت ذات مال والحق في المبسوط بالكفن مؤنة التجهيز وتبعه ابن إدريس وهل يفرق
في الزوجة بين المطيعة والناشزة والدائمة والمستمتع بها يحتمل ذلك لعدم وجوب الانفاق حال الحياة فحال الموت أولى ويظهر
من شيخنا في الذكرى التوقف فيه وهو في موضعه وما تضمنه الحديث الثامن والثالث عشر من التحنيط لا خلاف فيه بين
الأصحاب رضوان الله عليهم انما الخلاف في مواضعه فالمشهور اختصاصه بالمساجد السبعة وزاد المفيد وابن
أبي عقيل الانف و
الصدوق البصر والسمع والفم والمفاصل والخبران حجة له فيما عدا البصر ولعل عدم ذكره عليه السلام إبهامي الرجلين في الثامن
لاندراجهما في اثار السجود والجار في قوله عليه السلام في الحديث الثالث عشر وعلى صدره متعلق بمحذوف اي وضع على صدره
ويحتمل تعلقه بامسح وهو بعيد وما تضمنه الحديث التاسع والرابع عشر وما بعده من وضع الجريدة مع الميت مما تضافرت به
الاخبار وانعقد عليه اجماع الأصحاب رضي الله عنهم والجريدة مؤنث الجريد وهو غصن النخلة إذا جرد عنه الخوص أعني الورق

66
وما دام عليه الخوص يسمى سعفا بالتحريك وربما يسمى الجريد سعفا أيضا والأصل في وضع الجريدة ما نقله المفيد طاب
ثراه في المقنعة ان الله تعالى لما اهبط آدم عليه السلام من الجنة إلى الأرض استوحش فسأل الله تعالى ان يؤنسه بشئ من أشجار الجنة فأنزل
الله إليه النخلة فكان يأنس بها في حياته فلما حضرته الوفاة قال لولده اني كنت انس بها في حيوتي وأرجو الانس بها بعد
وفاتي فإذا مت فخذوا منها جريدا وشقوه بنصفين وضعوهما معي في أكفاني ففعل ولده وفعلته الأنبياء بعده ثم اندرس
ذلك في الجاهلية فأحياه النبي صلى الله عليه وآله وصار سنة متبعة وقد روى العامة في صحاحهم ان النبي صلى الله عليه وآله
مر بقبرين فقال إنهما ليعذبان وما يعذبان بكبيرة اما أحدهما فكان لا يتنزه من البول واما الاخر فكان يمشي بالنميمة
واخذ جريدة رطبة فشقها بنصفين وغرز في كل قبر واحدة وقال لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا وما في الحديث التاسع ان
الحساب والعذاب كله في يوم واحد وساعة واحدة ينافي بظاهره ما تضمنه كثير من الاخبار من اتصال نعيم القبر وعذابه إلى يوم القيامة اللهم
الا ان يجعل اتصال العذاب مختصا بالكافر كما تضمنه بعض الأخبار وقد تضمن الحديث الرابع عشر كونها قدر شبر والمشهور كونها
قدر عظم الذراع وبه قال الشيخان وقد دل عليه خبر يونس وروى الصدوق التخيير بين الذراع والشبر وقال ابن أبي عقيل مقدار
كل واحدة أربع أصابع فما فوقها انتهى والظاهر تأدي السنة بكل من هذه المقادير وما تضمنه من مكان الوضع هو المشهور بين الأصحاب
وذهب ابنا بابويه إلى وضع اليسرى عند الورك بين القميص والإزار وقال الجعفي يوضع إحديهما تحت إبطه الأيمن والأخرى
نصف مما يلي الساق ونصف مما يلي الفخذ وهو صريح خبر يونس وقال المحقق في المعتبر يجب الجزم بالقدر المشترك وهو استحباب
وضعها مع الميت في كفنه أو في قبره بأي هذه الصور شئت والله أعلم
الفصل الخامس في حمل الجنازة وتشييعها وآداب
ذلك وثوابه خمسة عشر حديثا أ من الصحاح أبو ولاد وعبد الله ابن سنان جميعا عن أبي عبد الله عليه السلام قال ينبغي لأولياء
الميت منكم ان يؤذنوا اخوان الميت بموته فيشهدون جنازته ويصلون عليه ويستغفرون له فيكتسب لهم الاجر ويكتسب (ويكتب) للميت
الاستغفار ويكتسب هو الاجر فيهم وفيما اكتسب لميته من الاستغفار ب محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام عن المشي مع
الجنازة فقال بين يديها وعن يمينها وعن شمالها وخلفها ج عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال ينبغي لمن
شيع جنازة ان لا يجلس حتى يوضع في لحده د زرارة قال كنت عند أبي جعفر عليه السلام وعنده رجل من الأنصار فمرت
به جنازة فقام الأنصاري ولم يقم أبو جعفر عليه السلام فقعدت معه ولم يزل الأنصاري قائما حتى مضوا بها ثم جلس فقال له
أبو جعفر عليه السلام ما أقامك قال رأيت (الحسين بن علي) عليهما السلام يفعل ذلك فقال أبو جعفر عليه السلام والله ما فعله الحسين عليه
السلام ولا قام لها أحد منا أهل البيت قط ه‍ الحسين بن سعيد كتب إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام يسأله عن سرير الميت يحمل اله
جانب يبدأ به في الحمل من جوانبه الأربع أو ما خف على الرجل يحمل من أي الجوانب شاء فكتب من أيها شاء ومن الحسان جابر
عن أبي جعفر عليه السلام قال من حمل جنازة من أربع جوانبها غفر الله له أربعين كبيرة ز جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال
إذا ادخل المؤمن قبره نودي الا ان أول حبائك الجنة الا وأول حباء من تبعك المغفرة ح أبو حمزة قال كان علي بن الحسين
عليهما السلام إذا رأى جنازة قد أقبلت قال الحمد لله الذي لم يجعلني من السواد المخترم ط عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن
أبي عبد الله عليه السلام قال مات رجل من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله في

67
جنازته يمشي فقال له بعض أصحابه الا تركب يا رسول الله فقال إني لأكره ان اركب والملائكة يمشون وأبى ان يركب ى
الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال لما مات عبد الله ابن أبي بن سلول حضر النبي صلى الله عليه وآله جنازته فقال عمر
لرسول الله صلى الله عليه وآله يا رسول الله ألم ينهك الله ان تقوم على قبره فقال ويلك وما يدريك ما قلت اني قلت اللهم
احش جوفه نارا واملا قبره نارا واصله نارا قال أبو عبد الله عليه السلام فأبدى من رسول الله صلى الله عليه وآله ما كان يكره يا
زرارة قال حضر أبو جعفر عليه السلام جنازة رجل من قريش وانا معه وكان فيها عطاء فصرخت صارخة فقال عطا لتسكتن أو
لنرجعن فلم تسكت فرجع عطا قال فقلت لأبي جعفر عليه السلام ان عطا قد رجع قال ولم قلت صرخت هذه (الصارخة) فقال لها لتسكتن أو
لنرجعن فلم تسكت فرجع فقال عليه السلام امضوا فلو انا إذا رأينا شيئا من الباطل مع الحق تركنا له الحق لم نقض حق مسلم قال فلما صلى
على الجنازة قال وليها لأبي جعفر عليه السلام ارجع مأجورا رحمك الله فإنك لا تقوى على المشي فأبى ان
يرجع قال فقلت
له اذن لك في الرجوع ولي إليك حاجة أريد ان أسألك عنها فقال امض فليس باذنه جئنا ولا بأذنه نرجع انما هو فضل
واجر طلبناه فبقدر ما يتبع الجنازة الرجل يوجر على ذلك يب الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن أول
من جعل له النعش فقال فاطمة عليها السلام يج من الموثقات إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال المشي خلف الجنازة
أفضل من المشي بين يديها يد محمد بن فضيل عن أبي عبد الله عليه السلام قال أول ما يتحف به المؤمن يغفر لمن تبع جنازته
يه ميسر قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول من تبع جنازة مسلم أعطي يوم القيمة أربع شفاعات ولم يقل شيئا الا قال
الملك ولك مثل ذلك أقول لعل المراد بأولياء الميت الذين يستحب ان يخبروا الناس بموته أولاهم بميراثه
على ترتيب الطبقات الثلث في الإرث ويمكن ان يراد بهم من علاقتهم به أشد سواء كانت علاقة نسبية أو سببية والجنازة
بفتح الجيم وكسرها الميت وقد تطلق بالفتح على السرير وبالكسر على الميت وربما عكس وقد تطلق بالكسر على السرير إذا كان
عليه الميت وهو المراد في الحديث الأول ولفظتا يكتسب في قوله عليه السلام فيكتسب لهم الاجر ويكتسب للميت الاستغفار
اما بالبناء للمفعول أو للفاعل بعود المستتر إلى الولي في ضمن الأولياء ولفظة في في قوله عليه السلام ويكتسب هو
الاجر فيهم وفيما اكتسب لميته من الاستغفار للسببية اي يكتسب الولي الاجر بذينك السببين وما تضمنه الحديث الثاني من
مشي المشيع للجنازة قدامها وخلفها وعن أحد جانبيها مما لا خلاف لاحد في جوازه إذا لم يكن الميت ناصبيا انما الخلاف
في أن اي الأنواع أفضل فالذي عليه كثير من الأصحاب ان المشي خلفها أو عن أحد جانبيها أفضل من المشي امامها بل جعلوا
المشي امامها مكروها وقال المحقق في المعتبر مشي المشيع وراء الجنازة أو مع جانبيها أفضل من تقدمها غير اني لا أكره المشي امامها
بل هو مباح انتهى واستدل على الأفضلية المذكورة بأنها متبوعة وليست تابعة وبما تضمنه الحديث الثالث عشر وبما رواه سدير
عن أبي جعفر عليه السلام قال من أحب ان يمشي مشي الكرام الكاتبين فليمش جنبي السرير وقال ابن أبي عقيل بوجوب
التأخر خلف جنازة الناصبي لما روي من استقبال ملائكة العذاب إياه وقال ابن الجنيد يمشي صاحب الجنازة بين يديها
والمشيعون ورائها لما روي من أن الصادق عليه السلام تقدم سرير ابنه إسماعيل بلا حذاء ولا رداء وما تضمنه الحديث الثالث
من أنه لا ينبغي جلوس المشيع حتى يوضع الميت في لحده هو مستند المحقق والعلامة وابن أبي عقيل وابن حمزة في القول بكراهته

68
وخالف في ذلك ابن الجنيد محتجا بالأصل وبرواية عبادة بن الصامت كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا كان في جنازة
لم يجلس حتى يوضع في اللحد فقال يهودي انا لنفعل ذلك فجلس صلى الله عليه وآله وقال خالفوهم قال شيخنا في الذكرى هذا الحديث حجة
لنا لان كان يدل على الدوام والجلوس لمجرد اظهار المخالفة ولأن الفعل لا عموم له فجاز وقوع الجلوس تلك المرة خاصة
ولأن القول أقوى من الفعل عند التعارض هذا كلامه طاب ثراه وأنت خبير بان لابن الجنيد ان يقول إن احتجاجي ليس بمجرد
الفعل بل بقوله عليه السلام خالفوهم ويمكن ان يحتج له أيضا بالحديث الحادي عشر من الفصل الآتي بعد هذا الفصل وهو
ما رواه داود بن النعمان من جلوس الرضا عليه السلام قبل ادخال الميت القبر والظاهر أن المراد باللحد في قوله عليه السلام حتى يوضع
في لحده القبر سواء كان ذا لحد أم لا وما تضمنه الحديث الخامس والسادس من حمل الجنازة من جوانبها الأربع هو التربيع
الذي أطبق أصحابنا على استحبابه وأفضله على ما نقل الشيخ عليه الاجماع في المبسوط ان يبدء بمقدم السرير الأيمن ثم يمر عليه
إلى مؤخره ثم (بمؤخر السرير الأيسر) ثم يدور حوله حتى يرجع إلى المقدم وقد رواه الفضل بن يونس عن الكاظم عليه السلام قال قال فإن لم تكن
تتقي فيه فان تربيع الجنازة الذي جرت به السنة ان يبدء باليد اليمنى ثم بالرجل اليمنى ثم بالرجل اليسرى ثم باليد اليسرى حتى
يدور حولها ولعل المراد جريان السنة بأفضليته لا بأصل استحبابه وما في الحديث السابع وأول حباء من تبعك المغفرة
ربما يومي كما في الحديثين الأخيرين إلى ترجيح اتباع الجنازة على تقدمها والمشي إلى أحد جانبيها والحباء بكسر الحاء المهملة ممدودا
العطاء بلا جزاء ولا من وما تضمنه الحديث الثامن من القول المذكور عند مشاهدة الجنازة هو المستند في استحباب ذلك
والسواد يطلق تارة على الشخص وأخرى على عامة الناس والمخترم الهالك واخترمته المنية اخذته قال شيخنا في الذكرى
ان المعنى لم يجعلني من هذا القبيل ثم قال ولا ينافي هذا حب لقاء الله تعالى لأنه غير مقيد بوقت فيحمل على حال الاحتضار
ومعاينة ما يحب كما روينا عن الصادق عليه السلام ورووه في الصحاح عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال من أحب لقاء الله أحب
الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه قيل له صلى الله عليه وآله انا لنكره الموت فقال ليس ذلك ولكن المؤمن إذا حضره
الموت بشر برضوان الله وكرامته فليس شئ أحب إليه مما امامه فأحب لقاء الله وأحب الله لقاءه وان الكافر إذا حضره الموت بشر بعذاب
الله فليس شئ أكره إليه مما امامه وكره لقاء الله فكره الله لقاءه ثم قال قدس الله روحه ويجوز ان يكني بالمخترم عن الكافر
لأنه الهالك على الاطلاق بخلاف المؤمن أو يراد بالمخترم من مات دون أربعين سنة هذا كلامه طاب ثراه ويمكن
ان يراد
بالسواد عامة الناس كما هو أحد معاني السواد في اللغة ويكون المراد الحمد لله الذي لم يجعلني من عامة الناس الذي يموتون
على غير بصيرة ولا استعداد للموت والله أعلم وربما يستفاد من الحديث العاشر جواز الحضور في جنازة الكافر للدعاء
عليه بل رجحانه والقيام على القبر الذي نهي النبي صلى الله عليه وآله ان يفعله بالمنافقين هو الوقوف على قبورهم للدعاء
لهم كما قاله في مجمع البيان ومعنى قوله عليه السلام في آخر الحديث فأبدى من رسول الله صلى الله عليه وآله ما كان يكره ان عمر
صار باعثا على أن ظهر من النبي ما كان يكره اظهاره ويحب ستره عن الحاضرين واخفاؤه من الدعاء على ابن أبي سلول
ويستفاد من الحديث الحادي عشر أمور الأول تأكد كراهة الصراخ على الميت حيث جعله عليه السلام من الباطل ولعل ذلك
بالنسبة إلى المرأة إذا سمع صوتها الأجانب ان لم نجعل مطلق اسماع المرأة صوتها الأجانب محرما بل مع خوف الفتنة

69
لا بدونه كما ذكره بعض علمائنا وسيجئ الكلام فيه في كتاب النكاح انشاء الله تعالى الثاني ان رؤية الأمور الباطلة وسماعها
لا تنهض عذرا في التقاعد عن قضاء حقوق الاخوان الثالث ان موافقتهم بامتثال ما يستدعونه من الاقتصار على اليسير
من الاكرام وتأدية الحقوق ليس أفضل من مخالفتهم في ذلك بل الامر بالعكس الرابع ان تعجيل قضاء حاجة المؤمن ليس
أهم من تشييع الجنازة بل الامر بالعكس ولعل عدم سؤال زرارة رضي الله عنه حاجته من الإمام عليه السلام في ذلك المجمع وارادته
ان يرجع ليسأله عنها لأنها كانت مسألة دينية لا يمكن اظهارها في ذلك الوقت لحضور جماعة من المخالفين فأراد ان يرجع
عليه السلام ليخلو به ويسأله عنها وربما يستفاد من الحديث الثاني عشر رجحان اتخاذ النعش للميت وفي الصحاح نعشه الله
رفعه والنعش سرير الميت سمى بذلك لارتفاعه فإذا لم يكن عليه ميت فهو سرير والله سبحانه اعلم الفصل السادس في الدفن
ومقدماته وآدابه وتوابعه ثمانية عشر حديثا أ من الصحاح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال ينبغي ان يوضع
الميت دون القبر هنية (هنيهة) ثم واره ب أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا سللت الميت فقل بسم الله وبالله وعلى
ملة رسول الله صلى الله عليه وآله اللهم إلى رحمتك لا إلى عذابك فإذا وضعته في اللحد فضع فمك على اذنه فقل الله
ربك ومحمد نبيك والقرآن كتابك وعلى امامك ج زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال قال إذا وضعت الميت في
لحده فقل بسم الله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله واقرأ آية الكرسي واضرب بيدك على منكبه الأيمن ثم
قل يا فلان بن فلان قل رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وآله رسولا وبعلي عليه السلام إماما وتسمي امام
زمانه د معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان البراء بن معرور التميمي الأنصاري بالمدينة وكان رسول الله
صلى الله عليه وآله بمكة وانه حضره الموت وكان رسول الله صلى الله عليه وآله والمسلمون يصلون إلى بيت المقدس فأوصى البراء
إذا دفن ان يجعل وجهه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله إلى القبلة فجرت به السنة ه‍ أبان بن تغلب قال سمعت أبا عبد الله
عليه السلام يقول جعل علي عليه السلام قبر النبي صلى الله عليه وآله لبنا فقلت أرأيت ان جعل الرجل عليه اجرا (هل يضر الميت قال لا) ويطرح في الماء
وأيوب بن الحر قال سئل أبو عبد الله عليه السلام عن رجل مات وهو في السفينة في البحر كيف يصنع به قال يوضع في خابية
ويوكأ رأسها ويطرح في الماء ز من الحسان محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال إذا وضع الميت في لحده فقل بسم الله وبالله وفي
سبيل الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله عبدك ابن عبدك نزل بك وأنت خير منزول به اللهم افسح له في قبره وألحقه بنبيه
اللهم انا لا نعلم منه الا خيرا وأنت اعلم به فإذا وضعت عليه اللبن فقل اللهم صل وحدته وانس وحشته واسكن إليه من رحمتك رحمة
تغنيه بها عن رحمة من سواك فإذا خرجت من قبره فقل انا لله وانا إليه راجعون والحمد لله رب العالمين اللهم ارفع درجته في أعلى
عليين واخلف على عقبه في الغابرين يا رب العالمين ح علي بن يقطين قال سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول لا تنزل في
القبر وعليك العمامة والقلنسوة ولا الحذاء ولا الطيلسان وحلل أزرارك وبذلك سنة رسول الله صلى الله عليه وآله جرت ولتعوذ
من الشيطان الرجيم ولتقرء فاتحة الكتاب والمعوذتين وقل هو الله أحد وآية الكرسي وان قدر ان يحسر عن خده ويلصقه بالأرض
فليفعل وليشهد وليذكر ما يعلم حتى ينتهي إلى صاحبه ط ابن أبي عمير عن غير واحد من أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال
يشق الكفن من عند رأس الميت إذا دخل قبره ى أبو حمزة قال قلت لأحدهما عليهما السلام يحل كفن الميت قال نعم ويبرز وجهه

70
يا داود بن النعمان قال رأيت أبا الحسن عليه السلام يقول ما شاء الله لا ما شاء الناس فلما انتهى إلى القبر تنحى فجلس فلما
ادخل الميت قام فحثا عليه التراب ثلث مرات بيده يب عمر بن أذينة قال رأيت أبا عبد الله عليه السلام يطرح التراب
على الميت فيمسكه ساعة في يده ثم يطرحه ولا يزيد على ثلاثة اكف قال فسألته عن ذلك فقال يا عمر كنت أقول ايمانا بك و
تصديقا ببعثك هذا ما وعدنا الله ورسوله إلى قوله تسليما هكذا كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وآله وبه جرت السنة
يج حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن أبي قال لي ذات يوم في مرضه يا بني ادخل أناسا من
قريش من أهل المدينة
حتى أشهدهم قال فأدخلت عليه أناسا منهم فقال يا جعفر إذا انا مت فغسلني وكفني وارفع قبري أربع أصابع ورشه بالماء
فلما خرجوا قلت يا أبة لو امرتني بهذا صنعته ولم تردان ادخل عليك قوما تشهدهم فقال يا بنى أردت ان لا تنازع يد
ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام في رش الماء على القبر قال يتجافى عنه العذاب ما دام الندى في التراب
يه زرارة قال قال أبو عبد الله عليه السلام إذا فرغت من القبر فانضحه ثم ضع يدك عند رأسه وتغمز كفك عليه بعد النضح
يو زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصنع بمن مات من بني هاشم خاصة شيئا لا يصنعه
بأحد من المسلمين كان إذا صلى على الهاشمي ونضح قبره بالماء وضع رسول الله صلى الله عليه وآله كفه على القبر حتى ترى
أصابعه في الطين فكان الغريب يقدم والمسافر من أهل المدينة فيرى القبر الجديد عليه اثر كف رسول الله صلى الله عليه وآله
فيقول من مات من آل محمد عليهم السلام يز حفص بن البختري وغيره عن أبي عبد الله عليه السلام قال يكره للرجل ان
ينزل في قبر ولده يح من الموثقات عبيد بن زرارة قال مات لبعض أصحاب أبي عبد الله عليه السلام ولد فحضر أبو عبد الله عليه
السلام فلما الحد تقدم أبوه فطرح عليه التراب فاخذ أبو عبد الله بكفيه وقال لا تطرح عليه التراب ومن كان منه ذا رحم فلا
يطرح عليه التراب فان رسول الله صلى الله عليه وآله نهى ان يطرح الوالد أو ذو رحم على ميته التراب فقلنا يا ابن رسول الله
تنهانا عن هذا وحده فقال أنهاكم ان تطرحوا التراب على ذوي أرحامكم فان ذلك يورث القسوة في القلب ومن قسا قلبه
بعد من ربه أقول ما تضمنه الحديث الأول من وضع الميت عند القبر هنية قبل مواراته مما أطبق الأصحاب
رضوان الله عليهم على استحبابه فعن يونس قال حديث سمعته عن أبي الحسن موسى عليه السلام ما ذكرته وانا في بيت
الا ضاق علي يقول إذا اتيت بالميت شفير قبره فأمهله ساعة فإنه يأخذ أهبته للسؤال وروي محمد بن عجلان عن الصادق عليه
السلام قال لا تفدح ميتك بالقبر ولكن ضعه أسفل منه بذراعين أو ثلاثة ودعه حتى يأخذ أهبته وفي مرسلة محمد بن عطية
إذا اتيت بأخيك القبر فلا تفدحه ضعه أسفل من القبر بذراعين أو ثلاثة حتى يأخذ أهبته ثم ضعه في لحده وهنية بضم
الهاء وتشديد الياء بمعنى الوقت اليسير مصغر هنة بالكسر بمعنى الوقت وربما قيل هنيهة بابدال الياء هاء واما هنيئة
بالهمزة فغير صواب نص عليه صاحب القاموس ولفظة دون اما بمعنى عند أو بمعنى أسفل ولعل المراد بوضعه أسفل
القبر وضعه من قبل رجليه وهو باب القبر كما روى عمار عن الصادق عليه السلام لكل شئ باب وباب القبر مما يلي الرجلين ثم
الموجود في كتب الفروع استحباب نقل الميت مرتين والصبر عليه بينهما مرتين ثم ينزل في الثالثة سابقا برأسه ان كان
رجلا وان كان امرأة وضع مما يلي القبلة وانزل عرضا في دفعة ولم اطلع على ما يدل على هذه التفاصيل في شئ من كتب

71
الاخبار نعم في مرفوعة عبد الصمد بن هارون عن أبي عبد الله عليه السلام إذا أدخلت الميت القبر ان كان رجلا سل
سلا والمرأة تؤخذ عرضا وما تضمنه الحديث الثاني من وضع الملقن فمه على اذن الميت حال تلقينه الظاهر أنه لئلا يسمع
التلقين من (عسى) ان يكون حاضرا من أهل الخلاف فلو امن سماعهم فالظاهر أنه لا بأس بالتلقين جهرا وما تضمنه الحديث الثالث
من ضرب اليد على منكبه الأيمن قد يقال إن المراد به وضعها تحت منكبه كما عبر به الصدوق لان المنكب الأيمن حينئذ مما يلي الأرض
إذ هو مجموع العضد والكتف وفي رواية إسحاق بن عمار عن الصادق عليه السلام تضع يدك اليسرى على عضده الأيسر وتحركه تحريكا شديدا
ثم تقول يا فلان بن فلان إذا سئلت فقل الله ربي ومحمد نبيي والاسلام ديني والقران كتابي وعلي امامي حتى تستوفي الأئمة
الحديث وما تضمنه الحديث الرابع من الاستقبال بالميت حال الدفن مما لا خلاف بين أصحابنا رضوان الله عليهم في وجوبه
الا من ابن حمزة فإنه ذهب إلى استحبابه ولم أظفر في الاخبار بما يرد كلامه الا انه لا خروج عما عليه جماهير الأصحاب وما تضمنه
تضمنه الحديث السادس من وضع من مات في السفينة في خابية ويوكى رأسها ويطرح قد خير جماعة من الأصحاب بينه وبين التثقيل
ليرسب في الماء
فقد روى ابان عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام قال في الرجل يموت مع القوم في البحر فقال يغسل
ويكفن ويصلى عليه ويثقل ويرمى به في البحر ومثلها رواية ابن البختري ومرفوعة سهل وظاهر كلامهم يعطي انه لا يشترط
مع الوضع في الخابية رسوبها به فكأنها بمنزلة القبر فلا يجب تثقيلها إذا لم ترسب بدون التثقيل والخابية من خبأت الشئ
سترته وهي الحب وكان حقها الهمز لكن العرب تركوا همزتها والوكاء بالكسر رباط القربة ويقال وكا الوعاء أوكاه اي شد
رأسه واسكن في الحديث السابع امر على وزن أكرم ولعله مضمن معنى الضم فلذلك عدي بإلى واخلف بالضم أو الكسر و
في الصحاح يقال لمن ذهب له مال أو ولد أو شئ يستعاض اخلف الله عليك اي رد عليك مثل ما ذهب فإن كان قد هلك
له والد أو عم أو أخ قلت خلف الله عليك بغير الف اي كان الله خليفته والدك أو من فقدته عليك انتهى وجوز بعض اللغويين
اخلف بالألف بمعنى عوض في المقامين والعقب باسكان القاف أو كسرها الولد وولد الولد والغابر بالغين المعجمة
الباقي
ولعل لفظة في للسببية والمراد الدعاء بجعل الباقين من أقارب عقبه عوضا لهم عن الميت وما تضمنه الحديث الثامن
من نزع النازل في القبر العمامة واخوتها وتحليل الإزار هو قول أصحابنا رضوان الله عليهم والقلنسوة بضم السين و
في الصحاح إذا فتحت القاف ضممت السين وإذا ضمت القاف كسرت السين وقلبت الواو ياء والطيلسان بفتح اللام وربما
جعلت لامه مثلثة والمعوذتان بكسر الواو والفتح خطأ وما تضمنه من الكشف عن خد الميت والصاقه بالأرض مما لا ريب في
استحبابه وقد روى محفوظ الإسكاف عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا أردت ان تدفن الميت فليكن أعقل من ينزل؟ في
قبره عند رأسه وليكشف عن خدة الأيمن حتى يفضي به إلى الأرض والمراد من قوله عليه السلام وان قدر إلى آخره إذا لم يكن هناك من تقية
ومن قوله عليه السلام وليشهد وليذكر ما يعلم إلى آخره تلقينه الشهادتين والاقرار بالأئمة عليهم السلام إلى أن ينتهي إلى امام الزمان
سلام الله عليه وما تضمنه الحديث التاسع من شق الكفن من عند الرأس جعله المحقق في المعتبر مخالفا لما عليه الأصحاب قال
ولأن ذلك افساد للمال على وجه غير مشروع وهو كما ترى فان الكل آيل إلى الفساد والحكم بكونه غير مشروع بعد ورود النص
به لا يخلو من شئ وقال شيخنا في الذكرى يمكن ان يراد بالشق الفتح ليبدو وجهه فان الكفن كان منضما فلا مخالفة ولا افساد

72
انتهى ولا بأس به وما دل عليه الحديث العاشر من حل عقد الكفن مما لا خلاف في استحبابه بين الأصحاب وما تضمنه
الحديث الحادي عشر من جلوسه عليه السلام قبل ادخال الميت القبر يؤيد قول ابن الجنيد بعدم
كراهة جلوس المشيع قبل
وضع الميت في القبر وقد تقدم الكلام فيه قبيل هذا والحمل على العذر ممكن جمعا بين الاخبار وصونا لفعله عليه السلام
عن الكراهة واما الحمل على بيان الجواز ففيه بعد والله أعلم ونصب ايمانا وتصديقا في الحديث الثاني عشر يجوز ان يكون
بالمفعولية المطلقة ونصبهما على المفعول به وله ممكن والآية هكذا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم الا ايمانا
وتسليما وما تضمنه الحديث الثالث عشر من رفع القبر أربع أصابع ورشه بالماء مما لا خلاف في استحبابهما بين الأصحاب
رضوان الله عليهم وفي رواية محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام تقييد الأصابع بالمفرجات وابن زهرة خير بينها وبين الشبر
ووافقه ابن البراج والأولى في كيفية الرش ما تضمنته رواية موسى بن أكيل النميري عن أبي عبد الله عليه السلام قال السنة في
رش الماء على القبر ان تستقبل القبلة وتبدأ من عند الرأس إلى عند الرجل ثم تدور على القبر من الجانب الآخر ثم ترش على
وسط القبر فذلك السنة وقوله عليه السلام أردت ان لا تنازع اي أردت باشهادهم على وصيتي بان ترفع قبري ذلك
المقدار وترشه بالماء ان لا ينازعك في ذلك بعض من يحضر جنازتي من المخالفين لان لك حينئذ عذرا حيث تقول أوصى بذلك
وقد مر لهذا الحديث نظير في التكفين وقول الراوي في الحديث الثامن عشر تنهانا عن هذا وحده اي حال كون المنهي عنه
منفردا عن العلة في ذلك المنهي مجردا عما يترتب عليه من الأثر وحاصله طلب العلة في ذلك فبينها عليه السلام بقوله فان ذلك
يورث القسوة في القلب والله سبحانه اعلم الفصل السابع في التعزية وثواب المصاب واتخاذ الطعام؟ لأهل الميت و
انتفاعه بما يهدى من البر إليه وزيارة أصحاب القبور وزيارتهم أهلهم ستة عشر حديثا أ من الصحاح هشام بن حكم قال رأيت
موسى بن جعفر عليه السلام يعزي قبل الدفن وبعده ب عمر بن يزيد قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام يصلى عن الميت
قال نعم حتى ليكون في ضيق فيوسع عليه ذلك الضيق ثم يؤتى فيقال له خفف عنك هذا الضيق بصلاة فلان أخيك عنك
قال فقلت له أشرك بين رجلين في ركعتين قال نعم ثم قال عليه السلام ان الميت ليفرح بالترحم عليه والاستغفار له كما يفرح
الحي بالهدية تهدى إليه ويجوز ان يجعل الرجل حجته وعمرته أو بعض صلاته أو بعض طوافه لبعض أهله وهو ميت وينتفع به حتى أنه
ليكون مسخوطا عليه فيغفر له ويكون مضيقا عليه فيوسع له ويعلم الميت بذلك ولو أن رجلا فعل ذلك عن ناصب لخفف
عنه والبر والصلة والحج يجعل للميت والحي فاما الصلاة فلا تجوز عن الحي ج من الحسان أبو بصير قال سألت أبا عبد الله
عليه السلام عن أرواح المؤمنين فقال في الجنة على صور أبدانهم لو رأيته لقلت فلان د عمرو بن أبي المقدام قال مررت مع
أبي جعفر عليه السلام بالبقيع فمررنا بقبر رجل من الشيعة قال فوقف وقال اللهم ارحم غربته وصل وحدته وانس وحشته
واسكن إليه من رحمتك ما يستغني بها عن رحمة من سواك وألحقه بمن كان يتولاه ه‍ ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي
عبد الله عليه السلام قال التعزية لأهل المصيبة بعدما يدفن وابن بكير عن أبي عبد الله عليه السلام قال ثواب المؤمن من
ولده إذا مات الجنة صبر أو لم يصبر ز معروف بن خربوذ عن أبي جعفر عليه السلام قال ما من عبد يصاب بمصيبة فيسترجع
عند ذكره المصيبة ويصبر حتى تفجأه الا غفر الله له ما تقدم من ذنبه وكلما ذكر مصيبته فاسترجع عند ذكره المصيبة غفر له

73
كل ذنب اكتسبه فيما بينهما ح داود بن زربي عن أبي عبد الله عليه السلام قال من ذكر مصيبته ولو بعد حين فقال
انا لله وانا إليه راجعون والحمد لله رب العالمين اللهم اجرني على مصيبتي واخلف علي أفضل منها كان له من
الاجر مثل ما كان
له من الاجر مثل ما كان عند أول صدمة ط هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال لما مات النبي صلى الله عليه وآله
سمعوا صوتا ولم يروا شخصا يقول كل نفس ذائقة الموت وانما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وادخل الجنة
فقد فاز وقال إن في الله خلفا من كل هالك وعزاء عن كل مصيبة ودركا مما فات فبالله فثقوا وإياه فارجوا وانما المحروم
من حرم الثواب ى ابن غير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام قال ينبغي لصاحب المصيبة ان يضع رداءه حتى
يعلم الناس انه صاحب المصيبة يا زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال ينبغي ان يصنع لأهل الميت مأتم ثلاثة أيام من يوم
مات يب حفص بن البختري وهشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال لما قتل جعفر بن أبي طالب رضي الله عنهما
امر رسول الله صلى الله عليه وآله فاطمة عليها السلام ان تتخذ طعاما لأسماء بنت عميس ثلاثة أيام وتأتيها ونساءها فتقيم
عندها ثلاثة أيام فجرت بذلك السنة ان يصنع لأهل المصيبة طعام من ثلاثة يج حفص بن البختري وجميل بن دراج عن
أبي عبد الله عليه السلام في زيارة القبور قال إنهم يأنسون بكم فإذا غبتم عنهم استوحشوا يد عبد الله بن سنان قال قلت
لأبي عبد الله عليه السلام كيف التسليم على أهل القبور فقال نعم يقول السلام على أهل الديار من المؤمنين والمؤمنات أنتم لنا
فرط ونحن انشاء الله بكم لاحقون يه حفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن المؤمن ليزور أهله فيرى ما يحب
ويستر عنه ما يكره وان الكافر ليزور أهله فيرى ما يكره ويستر عنه ما يحب يو من الموثقات إسحاق بن عمار انه سأل الكاظم عليه السلام
عن المؤمن يزور أهله قال نعم قال في كم قال على قدر فضائلهم منهم من يزور كل يوم ومنهم من يزور في كل يومين ومنهم
من يزور في كل ثلاثة أيام قال ثم رأيت في مجري كلامه انه يقول أدناهم جمعة فقال له في اي ساعة فقال عند زوال الشمس
أو قبيل ذلك فيبعث الله معه ملكا يريه ما يسر به ويستر عنه ما يكرهه فيرى سرورا ويرجع إلى قرة عين أقول ما تضمنه
الحديث الأول من رؤية هشام الكاظم عليه السلام يعزي قبل الدفن وبعده يحتمل معنيين الأول انه عليه السلام عزى في
مصيبته قبل الدفن وفي أخرى بعده والثاني ان يكون رآه يعزي في مصيبة واحدة مرتين قبل الدفن وبعده واما ما في الحديث
الحديث الخامس من أن التعزية بعد الدفن فلعل المراد به ان تأخيرها عنه أفضل من تقديمها عليه وما تضمنه الحديث
الثاني من انتفاع الميت بما يهدي إليه من أفعال البر مما لا خلاف فيه بين الأصحاب رضي الله عنهم وقد ورد به أحاديث
متكثرة عن أصحاب العصمة سلام الله عليهم وفي بعضها انه يكتب اجر ذلك للذي يفعله وللميت وفي بعضها انه يضاعف
به اجر فاعله واسم الإشارة في قوله عليه السلام فيوسع عليه ذلك الضيق مرفوع المحل بالنيابة عن الفاعل ان قرئ يوسع
بالبناء للمفعول ومنصوب بالمفعولية ان قرئ بالبناء للفاعل ويحتمل رفعه بالفاعلية ونصب الضيق بالمفعولية هذا و
ربما يظن المنافاة بين الحكم بانتفاع الميت بما يفعله غيره عنه وبين قوله تعالى وان ليس للانسان الا ما سعى وقد دفع
ذلك بوجوه
الأول ان سعى الغير لا ينفعه إذا أوقعه عن نفسه فاما إذا نواه به فهو بحكم الشرع كالنائب عنه والوكيل
القائم مقامه كالوكيل في اخراج الزكاة والخمس مثلا الثاني ان وصول ثواب تلك الأعمال إليه لا ريب انه نتيجة سعيه

74
في تحصيل الايمان وأصول العقايد أو في اتخاذ الأصدقاء والإخوان وحسن معاشرتهم واسداء المعروف إليهم أيام
حياته فاهداؤهم تلك المبرات إليه بعد موته مما حصل بسعيه في الحقيقة الثالث ان مضمون الآية مخصوص بأمة
موسى وإبراهيم كما يساعد عليه السياق واما هذه الأمة المرحومة فلا يعد في أن يصل إليهم ما سعى فيه غيرهم أيضا تفضلا
من الله تعالى عليهم ولعل خير هذه الوجوه الثلاثة أوسطها والله سبحانه اعلم وقوله عليه السلام ولو أن رجلا فعل ذلك عن
ناصب لخفف عنه المراد ان ثمرة ذلك تخفيف العذاب عنه فقط لا انه يحصل له بسبب ذلك ثواب فان قلت حسنات
الكافر وقرباته الصادرة عنه محبطة فكيف الصادرة عن غيره نيابة عنه وهذا يقتضي ان يكون وجودها كعدمها فلا اثر
لها أصلا قلت الاحباط لا يستلزم عدم التأثير مطلقا بل في ترتب الثواب لا غير وقد ذكر جماعة من المفسرين عند قوله تعالى فمن يعمل مثقال
ذرة خيرا يره ان اسم الشرط في الآية الكريمة باق على عمومه غير مختص بالمسلم وان الخير الذي يراه الكافر من اعمال البر هو تخفيف
عقابه وان معنى احباط حسنات الكفار عدم اعطائهم عليها ثوابا لا انها لا تؤثر في تخفيف عقابهم أصلا واما قوله تعالى لا يخفف عنهم العذاب فلعل المراد به والله أعلم نفي التخفيف من دون تحقق ما يوجبه من تلك الأعمال وما يجري مجراها هذا ولا
يخفى ان ما تضمنه هذا الحديث من الصلاة عن الميت يعم المندوبة والواجبة وفي بعض الأخبار تصريح بذلك وهو يشمل
الاستيجار للصلاة أيضا وان لم نظفر في الاخبار بالتصريح به ولشيخنا الشهيد طاب ثراه في الذكرى كلام في هذا المقام
لا بأس به قال قدس الله روحه ان جواز الاستيجار على فعل الصلاة الواجبة بعد الوفاة مبنى على مقدمتين إحديهما جواز
الصلاة عن الميت وهذه اجماعية والأخبار الصحيحة ناطقة بها والثانية ان كلما جازت الصلاة عن الميت جاز الاستيجار
عنه وهذه المقدمة داخلة في عموم الاستيجار على الأعمال المباحة التي يمكن ان تقع للمستأجر ولا يخالف فيها أحد من الامامية
ثم قال فان قلت فهلا اشتهر الاستيجار على ذلك والعمل به عن النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام كما اشتهر الاستيجار
على الحج حتى علم من المذهب ضرورة قلت ليس كل واقع يجب اشتهاره ولا كل مشهور يجب الجزم بصحته فرب مشهور لا أصل له و
رب متأصل لم يشتهر اما لعدم الحاجة إليه في بعض الأحيان أو لندرة وقوعه والامر في الصلاة كذلك فان سلف الشيعة
كانوا على ملازمة الفريضة والنافلة على حد لا يقع من أحد منهم اخلال بها الا لعذر يعتد به كمرض موت أو غيره فإذا اتفق فوات
فريضة بادروا إلى فعلها لان أكثر قدمائهم على المضايقة المحضة فلم يفتقروا إلى هذه المسألة واكتفوا بذكر قضاء الولي
لما فات الميت من ذلك على طريقة الندور ويعرف هذه الدعاوي من طالع كتب الحديث والفقه وسيرة السلف معرفة لا
يرتاب فيها فخلف من بعدهم قوم تطرق إليهم التقصير واستولى عليهم فتور الهمم حتى آل الحال إلى أنه لا يوجد من يقوم بكمال
السنن الا أوحديهم ولا يبادر لقضاء الفائت الا أقلهم فاحتاجوا إلى استدراك ذلك بعد الموت لظنهم عجز الولي عن القيام
به فوجب رد ذلك إلى الأصول المقررة والقواعد الممهدة وفيما ذكرناه كفاية انتهى كلامه أعلى الله مقامه وهو كلام جيد متين
والله أعلم بحقايق الأمور وما في الحديث الثالث من كون أرواح المؤمنين في الجنة على صور أبدانهم قد بسطنا الكلام فيه في
شرح الحديث الأخير من كتاب الأربعين فليقف عليه من اراده وما تضمنه الحديث السادس والسابع والثامن من عظم
الثواب على المصائب قد ورد به عن أصحاب العصمة سلام الله عليهم من طرق الخاصة أحاديث متكثرة تكاد تكون متواترة المعنى

75
وضمير التثنية في قوله عليه السلام في آخر الحديث السابع الذي رواه معروف بن خربوذ بالخاء المعجمة المفتوحة والراء المشددة
والباء الموحدة والذال المعجمة بعد الواو غفر له كل ذنب اكتسبه فيما بينهما يعود إلى الاسترجاعين المفهومين من قوله عليه
السلام كلما ذكر مصيبته فاسترجع لا إلى المصيبة والاسترجاع كما قد يتوهم وقد ورد التصريح بذلك في بعض الأخبار
والضمير في قوله عليه السلام في الحديث الثامن واخلف علي أفضل منها يعود إلى المصيبة بمعنى المصاب به على طريقة
الاستخدام وضمير يقول في الحديث التاسع يعود إلى المصوت؟ المدلول عليه بالصوت وعوده إلى الشخص لا يخلو من حزازة
والزحزحة الابعاد والعزاء الصبر والمراد هنا ما يوجب الصبر والتسلي ويراد بالدرك العوض والمراد بوضع الرداء في
الحديث العاشر نزعه ان كان ملبوسا وعدم لبسه ان كان منزوعا ولا يبعد ان يستنبط من التعليل استحباب تغيير صاحب المصيبة
هيئة لباسه في البلاد التي لا يعتاد فيها لبس الرداء وما تضمنه الحديث الحادي عشر من اتخاذ المآتم اي الطعام لأهل
الميت ثلاثة أيام مما لا خلاف في استحبابه والمأتم في الأصل النساء المجتمعات في الخير والشر ويكره الاكل عند أصحاب المصيبة
لقول الصادق عليه السلام الاكل عند أهل المصيبة من عمل الجاهلية قال شيخنا في الذكرى ولا يستحب لأهل الميت ان يصنعوا
طعاما ويجمعوا الناس عليه لأنهم مشغولون بمصابهم ولأن في ذلك تشبها باهل الجاهلية على ما قاله الصادق عليه السلام
ذكره العلامة في المنتهى وهو يعطي ان عدم الاستحباب ما داموا مشغولين بأمر المصيبة لا إذا فرغوا منها وما تضمنه الحديث
الثاني عشر من امر النبي صلى الله عليه وآله فاطمة عليها السلام بالإقامة عند أسماء بنت عميس ثلاثة أيام يخالف بظاهره ما
نقله الشيخ في المبسوط من الاجماع على كراهة الجلوس للتعزية يومين أو ثلاثة فلعل المراد به كراهة جلوس صاحب المصيبة ثلاثة
أيام لغرض ان يعزيه الناس ويزوره فيها (وعميس بضم العين المهملة وآخره سين مهملة على وزن زبير صحابي) وما تضمنه الحديث الثالث عشر من زيارة القبور قد ورد بها أحاديث متكثرة و
انعقد الاجماع على استحبابها للرجال واما النساء فالظاهر استحبابها لهن أيضا روى هشام بن سالم عن الصادق عليه السلام
قال عاشت فاطمة عليها السلام بعد أبيها خمسة وسبعين يوما لم تر كاشرة ولا ضاحكة تأتي قبور الشهداء في كل جمعة
مرتين الاثنين والخميس والمحقق في المعتبر كرهها لهن فان أراد مع عدم امن الستر والصيانة فلا بأس به اما معه ففيه ما فيه
والله أعلم وما تضمنه الحديث الرابع عشر من التسليم على أهل القبور ورد به روايات عديدة وروي وضع الزائر يده
على القبر وقراءة القدر سبع مرات فقد روى أحمد بن محمد بن يحيى قال كنت بفيد فمشيت مع علي بن بلال إلى قبر محمد بن
إسماعيل بن بزيع فقال لي علي بن بلال قال لي صاحب هذا القبر عن الرضا عليه السلام قال من اتى قبر أخيه ثم وضع يده
على القبر وقرأ انا أنزلناه في ليلة القدر سبع مرات امن يوم الفزع الأكبر أو يوم الفزع والفرط بالتحريك الذين يتقدمون
القوم إلى المنزل لاصلاح الحوض والدلاء واستقاء الماء وما تضمنه الحديثان الأخيران من زيارة الميت أهله قد ورد
في أحاديث متكثرة والضمير في فضائلهم يعود إلى الأموات المدلول عليهم بذكر الميت أو إلى أهل الميت على أن يكون التقدير
منهم من يزوره الميت كل يوم ويمكن عوده إلى مجموع الفريقين معا وفيه أدنى خزازة والله سبحانه اعلم المطلب الخامس
في غسل مس الأموات تسعة أحاديث أ من الصحاح إسماعيل بن جابر قال دخلت على أبي عبد الله عليه السلام حين مات ابنه
إسماعيل الأكبر فجعل يقبله وهو ميت فقلت جعلت فداك أليس لا ينبغي ان يمس الميت بعدما يموت ومن مسه
فعليه الغسل

76
فقال اما بحرارته فلا بأس انما ذاك إذا برد ب محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام في رجل مس ميتة أعليه الغسل قال لا
انما ذاك من الانسان ج محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال قلت له الرجل يغمض الميت عليه غسل فقال إذا بحرارته
فلا ولكن إذا مسه بعد ما برد فليغتسل قلت فالذي يغسله يغتسل قال نعم قلت فيغسله ثم يلبسه أكفانه قبل ان يغتسل قال يغسله
ثم يغسل يديه من العاتق ثم يلبسه أكفانه ثم يغتسل قلت فمن حمله عليه غسل قال لا قلت فمن أدخله القبر أعليه وضوء قال لا الا
ان يتوضأ من تراب القبر انشاء د عاصم بن حميد قال سألته عن الميت إذا مسه الانسان أفيه غسل قال فقال إذا مسست جسده حين
يبرد فاغتسل ه‍ محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال مس الميت عند موته وبعد غسله والقبلة ليس به بأس وسليمان
بن خالد انه سأل أبا عبد الله عليه السلام أيغتسل من غسل الميت قال نعم قال فمن أدخله القبر قال لا انما يمس الثياب ز من الحسان
حريز عن أبي عبد الله عليه السلام قال من غسل ميتا فليغتسل قلت (فان مسه ما دام حارا قال فلا غسل عليه وإذا برد ثم مسه فليغتسل قلت) فمن أدخله القبر قال لا غسل عليه انما يمس الثياب ح الحلبي
عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الرجل يمس الميتة أينبغي له ان يغتسل منها قال انما ذاك من الانسان وحده ط من
الموثقات عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام قال يغتسل الذي غسل الميت وكل من مس ميتا فعليه الغسل وان كان الميت
قد غسل أقول وجوب الغسل بمس الميت بعد برده وقبل تغسيله هو المعروف بين الأصحاب بل كاد يكون اجماعا
وقول السيد المرتضى رضي الله عنه بعدم وجوبه لا يخلو من ضعف وظواهر بعض الأخبار كصحيحة محمد بن مسلم المتضمنة لعدة
من الأغسال المسنونة لا تنهض بمعارضة صريح البواقي وقد دل الحديث الأول على إباحة تقبيل الميت وعن الصادق عليه السلام
ان النبي صلى الله عليه وآله قبل عثمن بن مظعون بعد موته وربما دل أيضا على كراهة مس الميت بعد برده كما يشعر به قوله عليه
السلام اما بحرارته فلا بأس وقد دل الحديث الثالث على تأخير غسل المس عن التكفين وهو خلاف ما ذكره جماعة من الأصحاب
من استحباب تقديمه عليه وعلل في التذكرة استحباب تقديم الغسل بأنه واجب فاستحب فوريته واحتمل في الذكرى حمل
ما تضمنه هذا الخبر من تأخيره على الضرورة والحق انه لا ضرورة داعية إلى هذا الحمل وانه لو قيل باستحباب تأخير غسل المس
عن التكفين عملا بهذا الحديث الصحيح الصريح لكان وجها وسيما على ما مال إليه الشيخ في التهذيب من استحباب الغسل بمس من قد
غسل حيث حمل ما تضمنه الحديث التاسع من قوله عليه السلام وان كان الميت قد غسل عليه والمراد من العاتق المنكب
والوضوء في قوله عليه السلام في آخر الحديث الا ان يتوضأ من تراب القبر لعل المراد به غسل اليد أي الا ان يغسل يده مما أصابها
من تراب القبر واطلاق الوضوء على غسل اليد شايع واما الحمل على التيمم بتراب القبر فلا يخلو من بعد وما تضمنه الحديث
الخامس من نفي البأس عن مس الميت وتقبيله وربما يستفاد منه عدم كراهة ذلك سواء وقع قبل البرد أو بعده وفي الحديث الأول
دلالة على كراهة ذلك بعد البرد فلو حمل الخامس على ما قبله لم يكن بعيد أو قد دل الحديث السادس والسابع بفحواهما
والتاسع بصريحه على ثبوت الغسل بالمس بعد التغسيل والحمل على الاستحباب كما فعله الشيخ طاب ثراه نعم الوجه والله أعلم
ثم لا يخفى عليك ان الأحاديث المعتبرة الواردة في هذا الباب غير ظاهرة الدلالة على وجوب الغسل بمس القطعة المبانة من
حي أو ميت وان كانت ذات عظم وقد أوجبه جماعة من الأصحاب في ذات العظم المبانة من ميت ونقل الشيخ في الخلاف اجماع
الفرقة عليه واستدل عليه في المنتهى بأنها بعض الميت فيجب فيها ما يجب فيه وبان المس المعلق عليه الوجوب يصدق بمس الجزء و

77
وليس الكل مقصودا والانفصال لا يغير حكمها وهو كما ترى وبعض الأصحاب لم يفرقوا بين المبانة من الميت والحي في وجوب الغسل
بمسها لما تضمنه مقطوعة أيوب بن نوح عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا قطع من الرجل قطعة فهي ميتة فإذا مسه
انسان فكلما فيه عظم فقد وجب على من مسه الغسل وان لم يكن فيه عظم فلا غسل عليه وهذه الرواية باطلاقها تشمل المبانة
من الحي والميت وتوقف المحقق في المعتبر في وجوب الغسل بمس ذات العظم مطلقا وقال إن الرواية مقطوعة والعمل بها قليل ودعوى
الشيخ الاجماع لم يثبت كيف والمرتضى رضي الله عنه أنكر وجوب غسل (مس) الميت فكيف يدعي الاجماع ثم قال فاذن الأصل عدم
الوجوب وان قلنا بالاستحباب كان تفصيا من اطراح قول الشيخ والرواية انتهى كلامه زيد اكرامه وقد حاول شيخنا طاب ثراه
في الذكرى الجواب عنه بما لا يسلم عن خدش عند التأمل والحق ان كلام المحقق ليس بذلك (البعد) والله أعلم بحقايق الأمور
الموقف الثاني في الأغسال المسنونة وفيه فصلان الفصل الأول في غسل الجمعة أحد عشر حديثا أ من الصحاح
زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن غسل الجمعة فقال سنته في السفر والحضر الا ان يخاف المسافر على نفسه القر
ب علي بن يقطين قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الغسل في الجمعة والأضحى والفطر قال سنة وليس بفريضة
ج زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال الغسل واجب يوم الجمعة د منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال الغسل
يوم الجمعة فواجب على الرجال والنساء في الحضر وعلى الرجال في السفر ه‍ زرارة والفضيل قالا قلنا لم يجزي إذا اغتسلت
بعد الفجر للجمعة قال نعم وعلي بن يقطين قال سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن النساء أعليهن غسل يوم الجمعة قال نعم
ز من الحسان عبد الله ابن المغيرة عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال سألته عن الغسل يوم الجمعة فقال واجب على كل ذكر وأنثى
من عبد أو حر ح زرارة قال قال أبو جعفر عليه السلام لا تدع الغسل يوم الجمعة فإنه سنة وشم الطيب والبس صالح ثيابك
وليكن فراغك من الغسل قبل الزوال ط من الموثقات عمار الساباطي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل ينسى الغسل يوم
الجمعة حتى صلى قال إن كان في وقت فعليه ان يغتسل ويعيد الصلاة وان مضى الوقت فقد جازت صلاته ى عبد الله
بن بكير عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن رجل فاته الغسل يوم الجمعة قال يغتسل ما بينه وبين الليل فان فاته اغتسل
يوم السبت يا سماعة بن مهران عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل لا يغتسل يوم الجمعة في أول النهار قال يقضيه من آخر
النهار فإن لم يجد فليقضه يوم السبت أقول القر بضم القاف البرد ويقال يوم قر بالفتح وكذلك ليلة قرة
وقد دل الحديث الأول والثاني والثامن على ما ذهب إليه أكثر الأصحاب قدس الله أرواحهم من استحباب غسل يوم الجمعة وقال
الصدوقان طاب ثراهما بوجوبه ويشهد لهما الحديث الثالث والرابع والسادس والسابع والتاسع وقد حملها الأصحاب على
المبالغة في الاستحباب جمعا بين الاخبار وأنت خبير بان الجمع بينهما بحمل السنة على ما ثبت بالسنة والفريضة على ما ثبت
وجوبه بالكتاب غير بعيد وهو اصطلاح الصدوق في الفقيه كما يشعر به قوله الغسل كله سنة ما خلا غسل الجنابة وهذا الذي
اصطلح عليه قدس الله روحه ليس من مخترعاته بل ورد في كثير من الاخبار عن أئمتنا عليهم السلام كما رواه الشيخ في التهذيب عن الرضا
عليه السلام بطرق عديدة ان الغسل من الجنابة فريضة وغسل الميت سنة قال الشيخ يراد ان فرضه عرف من جهة السنة
لان القران لا يدل على فرض غسل الميت وكما رواه عن معد ابن أبي خلف قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول الغسل في أربعة

78
عشر موطنا واحد فريضة والباقي سنة
عشر موطنا واحد فريضة والباقي سنة
قال العلامة في المختلف المراد بالسنة ما يثبت من جهة السنة لا من طريق القرآن
والحاصل ان اطلاق السنة على ذلك المعنى غير عزيز وحمل السنة عليه ليس بأبعد من حمل الوجوب في قوله عليه السلام الغسل
واجب يوم الجمعة وقوله عليه السلام انه واجب على كل ذكر وأنثى من عبد أو حر على المبالغة في الاستحباب ومنع كون الوجوب
حقيقة شرعية في المعنى المصطلح عليه بين الفقهاء والأصوليين يتأتى مثله في السنة وبهذا يظهر ان قول الصدوقين طاب
طاب ثراهما غير بعيد عن الصواب وان كان المعتمد هو المشهور بين الأصحاب ويستفاد من الحديث الخامس والثامن ان ما بين
فجر الجمعة إلى الزوال وقت لهذا الغسل لتحقق البعدية والقبلية المذكورتين في كل جزء من اجزائه والشيخ في الخلاف على
امتداده إلى أن يصلي الجمعة والحديث التاسع ربما يدل عليه وقد دل الحديث العاشر على تداركه في بقية يوم الجمعة
ان فات وكذا في يوم السبت والحادي عشر على أنه فيهما قضاء وقد ورد بتقديمه يوم الخميس روايتان إحديهما ما روته
أم الحسين وأم أحمد بن موسى بن جعفر عليه السلام قالتا كنا بالبادية ونحن نريد بغداد فقال لنا يوم الخميس اغتسلا اليوم
لغد يوم الجمعة فان الماء بها قليل فاغتسلنا يوم الخميس ليوم الجمعة والثانية ما رواه محمد بن الحسين عن بعض أصحابه
عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال لأصحابه انكم تأتون غدا منزلا ليس فيه ماء فاغتسلوا اليوم لغد فاغتسلنا يوم الخميس
للجمعة ثم لا يخفى ان ظاهر الحديث التاسع والحادي عشر يقتضي ان ظرف القضاء هو نهار السبت لا مع ليلته على ما هو مذكور
في كتب الفروع كما أن ظاهر هاتين الروايتين اللتين هما المستند في جواز التقديم لخائف الاعواز ان ظرف التقديم هو
نهار الخميس لا مع ليلة الجمعة كما هو مذكور في كتب الفروع أيضا والله سبحانه اعلم ولو تعارض التقديم والقضاء فالظاهر
ترجيح التقديم لحصول اثره وهو النظافة في الجمعة وقد علله شيخنا طاب ثراه في الذكرى بالقرب من الجمعة وفيه نظر
لتساوي الوقتين في القرب والبعد منها اللهم الا ان يحمل كلامه قدس الله روحه على ضرب من التأويل والله أعلم
الفصل الثاني في بقية الأغسال المسنونة ثلاثة عشر حديثا أ من الصحاح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال الغسل في
سبعة عشر موطنا ليلة سبع عشرة من شهر رمضان وهي ليلة التقى الجمعان وليلة تسع عشرة وفيها يكتب الوفد وفد
السنة وليلة إحدى وعشرين وهي الليلة التي أصيب فيها أوصياء الأنبياء وفيها رفع عيسى بن مريم وقبض موسى عليه السلام
وليلة ثلث وعشرين فيها يرجى ليلة القدر ويوم العيدين وإذا دخلت الحرمين ويوم تحرم ويوم الزيارة ويوم
تدخل البيت ويوم التروية ويوم عرفة وإذا غسلت ميتا أو كفنته أو مسسته بعد ما يبرد ويوم الجمعة و
غسل الجنابة فريضة وغسل الكسوف إذا احترق القرص كله فاغتسل ب معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام
قال سمعته يقول الغسل من الجنابة ويوم الجمعة والعيدين وحين تحرم وحين تدخل مكة والمدينة ويوم عرفة و
يوم تزور البيت وحين تدخل الكعبة وفي ليلة تسع عشرة واحدى وعشرين وثلث وعشرين من شهر رمضان ومن غسل
ميتا ج زرارة وفضيل عن أبي جعفر عليه السلام قال الغسل في شهر رمضان عند وجوب الشمس قبيله ثم تصلي وتفطر
د محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام أنه قال يغتسل في ثلث ليال من شهر رمضان في تسعة عشر واحدى
وعشرين
وثلث وعشرين وأصيب أمير المؤمنين عليه السلام في ليلة تسع عشرة وقبض في ليلة إحدى وعشرين صلى الله عليه قال

79
والغسل في أول الليل وهو يجزي إلى آخره ه‍ معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا انتهيت إلى العقيق من
قبل العراق أو إلى موقت من هذه المواقيت وأنت تريد الاحرام انشاء الله تعالى فانتف إبطك وقلم أظفارك وأطل عانتك وخذ من
شاربك ولا يضرك باي ذلك بدأت ثم استك واغتسل والبس ثوبيك وليكن فراغك من ذلك انشاء الله عند زوال الشمس
والنضر بن سويد عن أبي الحسن عليه السلام قال سألته عن الرجل يغتسل للاحرام ثم ينام قبل ان يحرم قال عليه إعادة الغسل
ز معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا أردت دخول الكعبة فاغتسل (قبل ان تدخلها) ولا تدخلها بحذاء ح معاوية بن
عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا كان يوم التروية انشاء الله فاغتسل والبس ثوبيك ط من الحسان معاوية بن عمار عن
أبي عبد الله عليه السلام قال إذا انتهيت إلى الحرم انشاء الله فاغتسل حين تدخله ى الحلبي قال أمرنا أبو عبد الله عليه السلام
ان نغتسل من فخ قبل ان ندخل مكة يا الحلبي قال قال أبو عبد الله عليه السلام الغسل يوم عرفة إذا زالت الشمس يب
معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليه السلام في الامر يطلبه الطالب من ربه قال يتصدق في يومه على ستين مسكينا إلى أن قال
فإذا كان الليل اغتسل في ثلث الليل الثاني وسيجئ تمام الحديث عند ذكر الصلوات المرغب فيها انشاء الله تعالى يج من الموثقات
مسعدة بن زياد قال كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فقال له رجل بابي أنت وأمي اني ادخل كنيف لي ولي جيران وعندهم
جوار يتغنين ويضربن بالعود فربما أطلت الجلوس استماعا مني لهن فقال لا تفعل فقال الرجل والله ما أتيهن انما هو سماع
أسمعه باذني فقال لله أنت اما سمعت الله عز وجل يقول إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا فقال و
الله لكأني لم اسمع بهذه الآية من كتاب الله من عربي ولا من عجمي لا جرم اني لا أعود انشاء الله واني استغفر الله فقال له قم واغتسل
وصل ما بدا لك فإنك كنت مقيما على امر عظيم ما كان أسوء حالك لو مت على ذلك احمد الله وسله التوبة من كل ما يكره
فإنه لا يكره الا كل قبيح والقبيح دعه لأهله فان لكل اهلا أقول لعل المراد بالغسل في قوله عليه السلام الغسل في سبعة
عشر موطنا ما عدا الأغسال المختصة بالنساء فلذلك لم يذكر أغسال الدماء الثلاثة وربما كان الاقتصار على ذكر بعض
الأغسال المسنونة للاشعار بشدة الاهتمام بشأنها والا فهي على ما يستفاد من الروايات وكلام بعض الأصحاب تزيد على الخمسين
بل على الستين وهي غسل العيدين والمبعث والغدير والنيروز والدحو والجمعة والمباهلة والتوبة والحاجة و
الاستخارة والتروية وعرفة والطواف والحلق والذبح ورمي الجمار واحرامي الحج والعمرة ودخول الكعبة و
مكة والمدينة وحرميهما ومسجديهما والاستسقاء والمولود ومن غسل ميتا أو كفنه أو مسه بعد تغسيله وليلتي
نصف رجب وشعبان والكسوف مع الشرط وقتل الوزغة والسعي إلى رؤية المصلوب بعد ثلث وعند الشك في الحدث
الأكبر مع تيقن الطهارة والحدث بعد غسل الفعل وغسل الجنابة لمن مات جنبا وفرادى شهر رمضان الخمس عشرة وثاني
الغسلين ليلة ثلث وعشرين منه وزيارة البيت واحد المعصومين سلام الله عليهم أجمعين ثم لا يخفى ان الأغسال
التي تضمنها هذا الحديث بحسب الظاهر تسعة عشر فلعله عليه السلام عد الغسل في قوله يوم العيدين وإذا دخلت الحرمين غسلين
لا أربعة أو ان غرضه عليه السلام تعداد الأغسال المسنونة فغسل مس الميت وغسل الجنابة غير داخلين في العدد وان دخلا في
الذكر أو يكون غسل من غسل ميتا أو كفنه أو مسه واحدا والمراد بالتقاء الجمعين تلاقي فئتي المسلمين والمشركين للقتال يوم أحد والوفد بفتح الواو واسكان الفاء جمع وافد

80
كصحب جمع صاحب وهم الجماعة القادمون على الأعاظم برسالة وغيرها والمراد بهم هنا من قدر لهم ان يحجوا في تلك السنة
والمراد بالحرمين حرما مكة والمدينة ويمكن ان يراد بهما نفس البلدين زادهما الله شرفا وتعظيما وقوله عليه السلام ويوم
تحرم يعم احرام الحج والعمرة كما أن الزيارة تعم زيارة النبي والأئمة وفاطمة عليهم السلام والبيت أيضا زاده الله شرفا وسمي ثامن
ذي الحجة بيوم التروية لأنهم كانوا يرتوون من الماء ويحملونه معهم إلى عرفة لأنه لم يكن بها ماء في ذلك الزمان وذكر غسل المس
في تضاعيف الأغسال المسنونة ربما يحتج به للسيد المرتضى رضي الله عنه في القول باستحبابه وقد يقال إنه لا دلالة فيه على ذلك
فقد ذكر عليه السلام في تضاعيفها غسل الجنابة أيضا وفيه انه عليه السلام ذكر غسل المس على وتيرة باقي الأغسال المستحبة وذكر غسل الجنابة على أسلوب اخر يخالف أسلوبها وبين
انه فريضة وللسيد ان يجعل هذا قرينة على مدعاه وما تضمنه آخر الحديث من غسل الكسوف مع استيعاب الاحتراق الاشعار
فيه بان ذلك لتارك صلاة الكسوف عمدا لكن المشهور بين الأصحاب اختصاص استحباب الغسل به والذي أظفرت به من الروايات
في هذه المسألة ثلث روايات أحديها هذه والثانية رواية حريز عمن اخبره عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا انكسف القمر
فاستيقظ الرجل ولم يصل فليغتسل من غد وليقض الصلاة وان لم يستيقظ ولم يعلم بانكساف القمر فليس عليه الا القضاء
بغير غسل والثالثة ما رواه الصدوق في الفقيه مرسلا عن الباقر عليه السلام ان الغسل في سبعة عشر موطنا إلى أن قال و
غسل الكسوف إذا احترق القرص كله فاستيقظت ولم تصل فعليك ان تغتسل وتقضي الصلاة وظاهر هاتين الروايتين وجوب
الغسل على متعمد ترك الصلاة مع الاستيعاب واليه ذهب سلار وأبو الصلاح والشيخ في أحد قوليه وظاهر اخر هذا الحديث
الوجوب باستيعاب الاحتراق سواء ترك صلاة الكسوف أو لا وسواء كان الترك عمدا أو سهوا والمعتمد الاستحباب مطلقا والله سبحانه
اعلم وما تضمنه الحديث الثالث من أن الغسل في شهر رمضان قبيل وجوب الشمس اي سقوطها مخالف بحسب الظاهر لما تضمنه
الحديث الرابع من أن الأغسال الثلث في أول الليل ويمكن ان يقال باستثنائها من ذلك الاطلاق وأمره عليه السلام في الحديث الخامس
بغسل الاحرام محمول عند بعض أصحابنا على الوجوب والأصح الاستحباب وسيجئ الكلام فيه في كتاب الحج انشاء الله تعالى ويستفاد
من الحديث العاشر ان المندوب مأمور به وفخ بالفاء وتشديد الخاء بئر على رأس من مكة شرفها الله تعالى والحديث
الثالث عشر هو المستند في استحباب الغسل للتوبة عن الفسق واستحبه جماعة من الأصحاب للتوبة عن الكفر أيضا فقد روي
امر النبي صلى الله عليه قيس بن عاصم وثمامة بن أثال الحنفي بعد اسلامهما بالغسل لكن لا يخفى ان احتمال كونه غسل الجنابة
قائم إذا الغالب عدم انفكاك الرجل عن موجبه والظاهر أن الاسلام لا يسقطه واعلم أن أكثر علمائنا أطلق غسل التوبة ولم
يقيدها بالتوبة عن الكبائر وفي كلام المفيد طاب ثراه التقييد بذلك واعترضه شيخنا المحقق الشيخ على أعلى الله شأنه
بان الخبر يدفعه ولعله طاب ثراه نظر إلى أن الخبر صريح في أن توبة ذلك الرجل كانت عن استماع الغناء من تلك الجواري و
ليس استماع الغناء من الكبائر ويخطر بالبال انه يمكن ان يقال من جانب المفيد قدس الله روحه ان في الخبر دلالة على أن ذلك
الرجل كان مصرا على ذلك الاستماع كما هو الظاهر من قوله فربما أطلت الجلوس استماعا مني لهن فان رب تأتي في الأغلب
للتكثير كما صرح به مع قطع النظر عن هذا القول في مغني اللبيب؟ ذكر الشيخ الرضي رضي الله عنه ان التكثير صار لها
كالمعنى الحقيقي والتقليل كالمعنى المجازي المحتاج إلى القرينة وقد ذكر شيخنا الشهيد في قواعده ان الاصرار يحصل

81
بالاكثار من جنس الصغاير بلا توبة ولا ريب ان الاصرار على الصغيرة كبيرة وأيضا فالمنقول عن المفيد وابن البراج وابن إدريس
وأبي الصلاح نور الله مراقدهم ان الذنوب كلها كبائر وانما يطلق الكبر والصغر على الذنب بالإضافة إلى ما تحته
وما فوقه فالقبلة صغيرة بالنسبة إلى الزنا وكبيرة بالنسبة إلى النظر بشهوة وقد نسب الشيخ أبو علي الطبرسي رحمه الله
القول بذلك إلى أصحابنا رضوان الله عليهم وقد بسطنا الكلام في هذا المقام في شرح الحديث الثلثين والثامن و
الثلثين من كتاب الأربعين حديثا الذي ألفناه بعون الله تعالى فمن اراده فليقف عليه وأيضا فكون استماع الغناء من
الصغائر محل تأمل وقد روى محمد بن مسلم في الحسن عن أبي جعفر عليه السلام قال سمعته يقول الغناء مما وعد الله عليه النار
وتلا هذه الآية ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين
وهذا الحديث صريح في أنه من الكبائر على القول بأنها ما توعد الله عليه والقول بعدم الفرق بين فعله واستماعه غير بعيد
والحاصل ان القطع بان استماع الغناء صغيرة لا يخلو من اشكال والله أعلم بحقيقة الحال
الجملة الثالثة في التيمم
وفيه فصول خمسه الفصل الأول في الاعذار المسوغة للتيمم ووجوب السعي في تحصيل الماء سبعة عشر حديثا
أ من الصحاح محمد الحلبي قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام الجنب يكون معه الماء القليل فان هو اغتسل به خاف
العطش أيغتسل أو يتيمم قال بل يتيمم وكذلك إذا أراد الوضوء ب أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا عليه
السلام في الرجل تصيبه الجنابة وبه قروح أو جروح أو يخاف على نفسه البرد قال لا يغتسل يتيمم ج داود بن سرحان عن
أبي عبد الله عليه السلام مثله د محمد بن سكين وغيره عن أبي عبد الله عليه السلام قال قيل له ان فلانا اصابته جنابة وهو مجدور
فغسلوه فمات فقال قتلوه الا سألوا الا يمموه ان آفة العي السؤال ه‍ محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل تصيبه الجنابة
في الليلة الباردة قال اغتسل على ما كان فإنه لابد من الغسل وعبد الله ابن سليمان عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل تخوف
ان يغتسل فتصيبه عنت قال يغتسل وان اصابه ما اصابه ز ابن سنان قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول إذا لم يجد الرجل
طهورا وكان جنبا فليمسح من الأرض وليصل فإذا وجد الماء فليغتسل وقد أجزأته صلاته التي صلى ح الحلبي عن أبي عبد
الله عليه السلام في الرجل يمر بالركية وليس معه دلو قال ليس عليه ان يدخل الركية لان رب الماء هو رب الأرض فليتيمم ط
عبد الله ابن أبي يعفور وعنبسة بن مصعب عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا اتيت البئر وأنت جنب فلم تجدد دلوا ولا شيئا تغترف به
فتيمم بالصعيد فان رب الماء رب الصعيد ولا تقع في البئر ولا تفسد على القوم ماءهم ى ابن سنان عن أبي عبد الله عليه
السلام أنه قال في رجل اصابته جنابة في السفر وليس معه الا ماء قليل يخاف ان هو اغتسل ان يعطش قال إن خاف عطشا فلا يهرق
منه قطرة وليتيمم بالصعيد فان الصعيد أحب إلي يا محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن رجل أجنب في
سفر ولم يجد الا الثلج أو ماء جامدا فقال هو بمنزلة الضرورة يتيمم ولا أرى ان يعود إلى هذه الأرض التي توبق دينه يب
جميل بن دراج انه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن امام قوم أجنب وليس معه من الماء ما يكفيه للغسل ومعهم ما يتوضؤن به يتوضأ
بعضهم ويؤمهم قال لا ولكن يتيمم الامام ويؤمهم ان الله عز وجل جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا يج
صفوان قال
سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل احتاج إلى الوضوء للصلاة وهو لا يقدر على الماء فوجد قدر ما يتوضأ به بمأة درهم

82
أو بألف درهم وهو واجد لها يشتري ويتوضأ أو يتيمم قال لا بل يشتري قد أصابني مثل هذا فاشتريت وتوضأت
وما يشتري بذلك مال كثير يد من الحسان زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال إذا لم يجد المسافر الماء فليطلب ما دام في
الوقت فإذا خاف ان يفوته الوقت فليتيمم وليصل في آخر الوقت فإذا وجد الماء فلا قضاء عليه وليتوضأ لما يستقبل يه ابن
أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام قال يتيمم المجدور والكسير بالتراب إذا اصابته الجنابة يو علي بن جعفر
عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الرجل الجنب أو على غير وضوء لا يكون معه ماء وهو يصيب ثلجا وصعيدا أيهما
أفضل التيمم أو يمسح بالثلج وجهه قال الثلج إذا بل رأسه وجسده أفضل فإن لم يقدر على أن يغتسل به فليتيمم يز من الموثقات
سماعة قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يكون معه الماء في السفر فيخاف قلته قال يتيمم بالصعيد ويستبقي الماء
فان الله عز وجل جعلهما طهورا الماء والصعيد أقول ما تضمنه الحديث الأول والعاشر من كون خوف العطش
عذرا في التيمم مما لا خلاف فيه بين العلماء ولا فرق بين الخوف على النفس أو على الرفيق إذ حفظ المسلم أهم في نظر المشهور من الصلاة
فضلا عن الوضوء لها ولهذا يجب قطعها بحفظه عن العطب والحق بعضهم خوف العطش على دابته لان الخوف على الدواب
خوف على المال واحتمل بعض الأصحاب وجوب ذبحها واستعمال الماء نظرا إلى أن مطلق ذهاب الماء غير مسوغ للتيمم ولهذا
وجب صرف المال الكثير في شراء الماء وهو غير بعيد والعي بالمهملة في قوله عليه السلام في آخر الحديث الرابع آفة العي السؤال
يحتمل ان يكون صفة مشبهة من عيي إذا عجز ولم يهتد إلى العلم بالشئ والمعنى ان الجاهل ربما يتأخر؟؟ عن السؤال (ويترفع عنه ويعده آفة ويحتمل ان يكون مصدرا والمعنى ان السؤال) آفة العي
فكما ان الآفة تفني الشئ وتذهبه كذلك السؤال يذهب العي ولعل هذا أقرب وما تضمنه الحديث الخامس والسادس من
عدم الرخصة في التيمم مع خوف البرد والعنت اي المشقة محمول عند الشيخ في الخلاف على من تعمد الجنابة وربما يستأنس؟
له بمرفوعة علي بن أحمد عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن مجدور اصابته جنابة قال إن كان أجنب هو فليغتسل و
ان كان احتلم فليتيمم وفي معناها مرفوعة علي بن إبراهيم والأولى الحمل على البرد القليل والمشقة اليسيرة فان العقل
قاض بوجوب دفع الضرر المظنون الذي لا يسهل تحمله ولا يعارض ذلك أمثال هذه الروايات القاصرة دلالة أو سندا
والله أعلم وما تمضنه الحديث الثامن من عدم تكليف فاقد الدلو إذا مر بالركية اي البئر بالنزول فيها وتسويغ التيمم له
الظاهر أن المراد به ما إذا كان في النزول إليها مشقة كثيرة أو كان مستلزما لافساد الماء والمراد بعدم الدلو عدم مطلق الآلة
فلو أمكنه بل طرف عمامته مثلا ثم عصرها والوضوء بمائها لوجب عليه وهذا ظاهر وقوله عليه السلام في الحديث التاسع ولا
يقع في البئر ولا يفسد على القوم ماءهم مما ستسمع فيه كلاما مبسوطا في بحث البئر انشاء الله تعالى وما في الحديث الحادي عشر من امر
من لم يجد الا الثلج أو الماء الجامد بالتيمم ظاهر ان المراد به ما إذا لم يتمكن من إذابته والغسل به وقوله عليه السلام ولا أرى ان يعود
إلى هذه الأرض التي توبق دينه اي تذهبه من قولهم أوبقت الشئ أهلكته يدل على أن من صلى بتيمم وان كان مضطرا
فصلاته ناقصة وانه يجب عليه إزالة هذا النقص عن صلواته المستقبلة بالخروج عن ذلك المحل إلى محل لا يضطر فيه إلى ذلك
ويمكن ان يستنبط منه وجوب المهاجرة عن البلاد التي لا يتمكن من أقام فيها من القيام التام بوظائف الطاعات واعطاء
الصلاة بل سائر العبادات حقها من الخشوع والاقبال على الحق جل شأنه فضلا عن البلاد التي لا يسلم المقيم فيها يوما

83
عن الافعال السيئة والأقوال الشنيعة ولا يكاد ينفك عن الصفات الذميمة المهلكة من الغل والحسد والكبر وحب
الجاه والرياسة نسأل الله تعالى ان يمن علينا وعلى سائر الأحباب بالهداية والتوفيق لما فيه رضاه وقد دل الحديث الثاني
عشر على جواز ايتمام المتطهرين بالماء بالمتيمم وعلى ان ايتمامهم بامامهم المتيمم أرجح من ايتمام بعضهم ببعض واما ما ورد من
الأحاديث المتضمنة للنهي عن امامة المتيمم للمتوضئين فسيجئ الكلام فيها في بحث الجماعة انشاء الله تعالى وما دل عليه الحديث
الثالث عشر من وجوب شراء الماء ولو كان باضعاف ثمنه للقادر عليه هو المذهب المنصور وشرط بعضهم عدم الاجحاف للحرج
وهو حسن ولفظة يشتري يجوز قراءتها بالبناء للفاعل والمفعول والمراد ان الماء المشترى للوضوء بتلك الدراهم مال كثير لما يترتب
عليه من الثواب العظيم والاجر الجسيم وربما يقرأ لفظة ماء بالمد والرفع اللفظي والأظهر كونها موصولة وقد دل الحديث
الرابع عشر على وجوب طلب الماء ما دام في الوقت سعة وظاهره عدم التقييد بالغلوة والغلوتين وفاقا للسيد في الجمل و
الشيخ في الخلاف وقال في المبسوط والنهاية بوجوب الطلب في ساير جوانبه رميته سهم أو سهمين إذا لم يكن هناك خوف ولم يفرق بين
السهلة والحزنة كما فرق المفيد في المقنعة وقد ورد ذلك في رواية السكوني عن الصادق عليه السلام جعفر بن محمد عن أبيه
عن علي عليهم السلام قال يطلب الماء في السفر ان كانت الحزونة فغلوة وان كانت السهولة فغلوتين لا يطلب أكثر من ذلك
وهذه الرواية وان كانت ضعيفة الا ان الأصحاب تلقوها بالقبول وادعى ابن إدريس في السرائر تواتر الروايات
بمضمونها
وقد دل الحديث أيضا على وجوب تأخير التيمم إلى أن يضيق الوقت وسيجئ الكلام فيه انشاء الله تعالى وما تضمنه الحديث السادس
عشر من قوله عليه السلام الثلج إذا بل رأسه وجسده أفضل ربما يعطي بظاهره إباحة التيمم أيضا في تلك الحال لكن الظاهر أن اسم
التفضيل فيه من قبيل قولهم العسل أحلى من الخل والله سبحانه اعلم
الفصل الثاني في كيفية التيمم أحد عشر حديثا
أ من الصحاح زرارة قال قال أبو جعفر عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم لعمار في سفر له يا عمار
بلغنا انك أجنبت فكيف صنعت قال تمرغت يا رسول الله في التراب قال فقال له كذلك يتمرغ الحمار أفلا صنعت كذا ثم أهوى
بيديه إلى الأرض فوضعهما على الصعيد ثم مسح جبينيه بأصابعه وكفيه إحديهما بالأخرى ثم لم يعد ذلك ب داود
بن النعمان قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن التيمم فقال إن عمارا اصابته جنابة فتمعك كما تتمعك الدابة فقال له رسول
الله صلى الله عليه وآله وهو يهزء به يا عمار تمعكت كما تتمعك الدابة فقلنا له فكيف التيمم فوضع يده على الأرض ثم رفعها
فمسح وجهه ويديه فوق الكف قليلا ج زرارة قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول وذكر التيمم وما صنع عمار ثم قال
فوضع أبو جعفر عليه السلام كفيه على الأرض ثم مسح وجهه وكفيه ولم يمسح الذراعين بشئ د محمد بن مسلم عن أحدهما
عليهما السلام قال سألته عن التيمم فقال مرتين مرتين للوجه واليدين ه‍ إسماعيل بن همام عن الرضا عليه السلام قال التيمم
ضربة للوجه وضربة للكفين وزرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت كيف التيمم قال هو ضرب واحد للوضوء والغسل
من الجنابة تضرب بيديك ثم تنفضهما مرة للوجه ومرة لليدين ومتى أصبت الماء فعليك الغسل ان كنت جنبا والوضوء ان لم تكن
جنبا ز محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن التيمم فضرب بكفيه الأرض ثم مسح بهما وجهه ثم ضرب بشماله
الأرض فمسح بهما مرفقه إلى أطراف الأصابع واحدة على ظهرها وواحدة على بطنها ثم ضرب بيمينه الأرض ثم صنع بشماله

84
كما صنع بيمينه ثم قال هذا التيمم على ما كان فيه الغسل وفي الوطوء الوجه واليدين إلى المرفقين والقى ما كان عليه مسح الرأس
والقدمين فلا يؤمم بالصعيد ح زرارة قال قلت لأبي جعفر عليه السلام الا تخبرني من أين علمت وقلت إن المسح ببعض الرأس
وبعض القدم فضحك ثم قال يا زرارة قاله رسول الله صلى الله عليه وآله ونزل به الكتاب من الله لان الله عز وجل يقول اغسلوا
وجوهكم فعلمنا ان الوجه كله ينبغي ان يغسل ثم قال وأيديكم إلى المرافق فوصل اليدين إلى المرفقين بالوجه فعرفنا أيهما ينبغي
لهما ان يغسلا إلى المرفقين ثم فصل بين الكلامين فقال وامسحوا برؤوسكم فعرفنا حين قال برؤوسكم ان المسح ببعض الرأس لمكان
الباء ثم وصل الرجلين بالرأس كما وصل اليدين بالوجه فعرفنا حين وصلهما بالرأس ان المسح على بعضها ثم فسر ذلك رسول
الله صلى الله عليه وآله للناس فضيعوه ثم قال فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم فلما ان وضع الوضوء
عمن لم يجد الماء أثبت بعض الغسل مسحا لأنه قال بوجوهكم ثم وصل بها وأيديكم منه اي من ذلك التيمم لأنه علم أن ذلك
أجمع لا يجري على الوجه لأنه يعلق من ذلك الصعيد ببعض الكف ولا يعلق ببعضها وقد مر صدر هذا الحديث في بحث
الوضوء ط من الحسان الكاهلي قال سألته عن التيمم فضرب بيده على البساط فمسح بها وجهه ثم كفيه إحديهما على ظهر
الأخرى ى أبو أيوب الخزاز عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن التيمم فقال إن عمار بن ياسر اصابته جنابة فتمعك
كما تتمعك الدابة فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله يا عمار تمعكت كما تتمعك الدابة فقلنا له فكيف التيمم فوضع يده
على السنج ثم رفعها فمسح وجهه ثم مسح فوق الكف قليلا يا من الموثقات زرارة قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن التيمم
فضرب بيديه الأرض ثم رفعهما فنفضهما ثم مسح بهما جبهته وكفيه مرة واحدة
أقول الضمير في ثم أهوى بيديه
الظاهر أنه عائد إلى النبي صلى الله عليه وآله فيكون من كلام الإمام عليه السلام ويحتمل ان يعود إلى الباقر عليه السلام فيكون من
كلام زرارة ويؤيده الحديث الثالث وظاهر الثاني وقوله ثم لم يعد ذلك من الإعادة اي لم يعد مسح جبينه ولا كفيه بل
اكتفى فيهما بالمرة الواحدة وربما وجدت هذه اللفظة مضبوطة في بعض النسخ المعتمدة من كتاب من لا يحضره الفقيه بفتح
حرف المضارعة واسكان العين اي لم يتجاوز عليه السلام مسح الجبين والكفين فلم يمسح الوجه كله ولا اليدين إلى المرفقين
وقوله في الحديث الثاني فقلنا له الظاهر أنه من كلام داود بن النعمان والضمير المجرور للصادق عليه السلام ويحتمل على بعد أن يكون
من كلام الإمام عليه السلام حكاية عن قول الصحابة الذين كانوا حاضرين في مجلس النبي صلى الله عليه وآله ويكون الضمير
في موضع يده عائد إليه صلى الله عليه وآله ويؤيده ما رواه العامة عند ذكر هذه القصة فضرب النبي صلى الله عليه وآله إلى آخره
وما تضمنه الحديث من نسبة الاستهزاء بعمار إليه صلى الله عليه وآله قد تكلمنا فيه عند شرح الحديث السادس من
كتاب الأربعين حديثا بما لا مزيد عليه وما تضمنته هذه الأحاديث الثلاثة والعاشر من التعبير بوضع اليدين يعطي
بظاهره الاكتفاء بمطلق الوضع وان لم يكن معه اعتماد بحيث يسمى في العرف ضربا واليه ذهب شيخنا في الذكرى قائلا ان الغرض
قصد الصعيد وهو حاصل بالوضع ولا يخفى ما فيه والحديث الخامس (والصدر من)؟؟ السادس والسابع والتاسع (فالحادي)؟ عشر
يقتضي حمل الوضع في تلك الأحاديث على ما كان معه اعتماد كما لا يخفى وهيهنا بحث يحسن التنبيه عليه وهو ان ضرب
اليدين بالأرض أو وضعهما عليها هل هو أول أفعال التيمم بحيث يجب مقارنة النية له أو هو بمنزلة اغتراف الماء للطهارة

85
المائية ظاهر الأكثر الأول والعلامة في النهاية على الثاني وعبر عن الضرب ينقل التراب وجعله واجبا خارجا عن ماهية التيمم و
اعترضه شيخنا في الذكرى بأمرين الأول الاغتراف غير معتبر لنفسه لسقوطه عند غمس الوجه اتفاقا بخلاف الضرب
فإنه معتبر لنفسه ولهذا لو وضع جبهته على الأرض لم يجز الثاني ان تخلل الحدث بين الاغتراف وغسل الوجه غير مضر
بخلاف تخلله بين الضرب ومسح الجبهة هذا كلامه قدس الله روحه وفيه نظر فان عدم اجزاء وضع الجبهة على الأرض لا
يقدح فيما ذهب إليه العلامة طاب ثراه بل هو قائل بموجبه ويجعل نقل التراب باليدين على النهج الخاص شرطا لصحة التيمم واما حكاية
تخلل الحدث بين الضرب ومسح الجبهة فقد صرح طاب ثراه في النهاية بان تخلله بينهما غير مضر وان أراد انه مضر عند غيره فظاهر
ان ذلك لا يضره وقد دل الحديث الرابع والخامس بظاهرهما على وجوب الضربتين في مطلق التيمم سواء كان بدلا عن
الوضوء أو عن الغسل واليه ذهب المفيد في كتاب الأركان كما نقله شيخنا في الذكرى والأحاديث الثلاثة الأول دالة بظاهرها
على الاكتفاء بالضربة الواحدة في التيمم عن الغسل وقول العلامة طاب ثراه في المختلف انه لا دلالة في الحديث الثالث على أن
التيمم الذي وصفه عليه السلام بدل عن الوضوء أو الغسل وان ذكر قصة عمار لا يدل على ارادته بيان بدل الغسل لا يخفى ما فيه
من البعد والقول بالاكتفاء بالضربة الواحدة مطلقا هو مرتضى المرتضى رضي الله عنه في شرح الرسالة وجعل الزائد على الواحدة
مستحبا ووافقه ابن الجنيد وابن أبي عقيل والحديث السابع ظاهر في تثليث الضربات واليه ذهب علي بن بابويه في الرسالة ونسبه
في المعتبر إلى جماعة من أصحابنا واما التفصيل المشتهر بين المتأخرين من وحدة الضرب فيما كان بدلا عن الوضوء وتثنيته
فيما كان بدلا عن الغسل فهو قول الشيخ في النهاية والمبسوط والمفيد في المقنعة ومختار الصدوق وسلار وأبي الصلاح وابن إدريس
ولم نظفر في الاخبار بما يتضمن هذا التفصيل غير أنهم زعموا ان فيه جمعا بين مختلفاتها وهو كما ترى فان الأحاديث الثلاثة
الأول الظاهرة في الوحدة كالصريحة في بدلية الغسل واما حكاية مناسبة تعدد الضربات للغسل المستوعب للبدن ووحدتها
للوضوء فمن قبيل الخطابات الشعرية وهي لا تصلح لتأسيس الأحكام الشرعية والقول بما ارتضاه المرتضى رضي الله عنه
من الاكتفاء بالضربة الواحدة مطلقا وجعل الزائد عليها مستحبا غير بعيد وقد استحسنه المحقق في المعتبر وبه يجمع بين الاخبار
المتخالفة ولعل الجمع بينها على هذا النحو أقرب من الجمع بينها بالتفصيل الذي اختاره أكثر المتأخرين والله أعلم وما
تضمنه الحديث السادس من قوله عليه السلام هو ضرب واحد إلى آخره ربما استدل به بعضهم على هذا التفصيل وليس فيه دلالة
على ذلك الا إذا ثبت كون الغسل فيه مرفوعا على أن يكون الكلام قد تم بقوله هو ضرب واحد للوضوء وثبوت ذلك مشكل
فان احتمال جر الغسل بالعطف على الوضوء قائم ويراد حينئذ بالضرب النوع كما يقال الطهارة على ضربين مائية وترابية فيكون
الحديث متضمنا لتعدد الضرب مطلقا وما تضمنه الحديث السابع بظاهره من مسح كل الوجه وبصريحه من مسح اليدين من
المرفقين إلى أطراف الأصابع هو مذهب علي بن بابويه ويؤيده مضمرة سماعة قال سألته كيف التيمم فوضع يده على
الأرض فمسح بها وجهه وذراعيه إلى المرفقين ورواية ليث المرادي عن أبي عبد الله عليه السلام في التيمم قال تضرب بكفيك
على الأرض مرتين ثم تنفضهما وتمسح بهما وجهك وذراعيك والشيخ حمل هذه الأخبار وفاقا للمرتضى رضي الله عنهما
على محمل بعيد جدا وأحسن محاملها التقية لموافقتها مذهب العامة وذهب المحقق في المعتبر إلى التخيير بين مسح كل

86
الوجه وبعضه أعني الجبهة وقال لو مسح الذراعين جاز أيضا عملا بالاخبار كلها لكن الكفان على الوجوب وما زاد على
الجواز لأنه اخذ بالمتيقن وهيهنا بحث وهو ان المحقق في المعتبر قال إن احتج علي بن بابويه برواية ليث المرادي فالجواب
الطعن في السند فان الراوي الحسين بن سعيد عن محمد بن سنان ومحمد ضعيف جدا وأورد عليه شيخنا في الذكرى
ان الذي في التهذيب عن ابن سنان فلعله عبد الله وهو ثقة واعترضه بعض متأخري الأصحاب بأنه يكفي في الضعف عدم تحقق
كونه عبد الله وهو كاف للمحقق في الطعن في سند هذه الرواية وجعل هذا الايراد مستغربا وظني ان هذا الاعتراض
غير وارد على شيخنا الشهيد طاب ثراه فان غرضه ان قطع المحقق بابن سنان المذكور في هذا السند انما هو محمد ليس على
ما ينبغي لاحتمال ان يكون عبد الله وليس غرضه الجواب عن أصل الطعن فان كون الاشتراك بين الثقة وغيره كافيا في الحكم
بضعف السند مما لا يخفى على آحاد الطلبة فضلا عن مثل شيخنا الشهيد قدس الله روحه نعم يمكن ان يقال إن
هذه الرواية وان لم نطلع عليها في غير التهذيب لكن المحقق في المعتبر نور الله مرقده لعله اطلع في بعض أصول أصحابنا على
التصريح في سندها بمحمد بن سنان أو انه لاح له ذلك من بعض القرائن التي كثيرا ما يرتفع بها الاشتراك وابن سنان
روى هذه الرواية عن ابن مسكان وهو من مشايخ محمد بن سنان كما صرح به النجاشي والله سبحانه اعلم بحقايق الأمور ولفظة
على في قوله عليه السلام في آخر الحديث هذا التيم على ما كان فيه الغسل لعلها بمعنى اللام التعليلية كما قالوه في قوله تعالى
ولتكبروا الله على ما هداكم أي لهدايته إياكم والمراد ان هذا التيمم لحدث فيه الغسل وقوله عليه السلام وفي الوضوء الوجه
واليدين (معمول لفعل محذوف اي وامسح في الوضوء الوجه واليدين) وقوله عليه السلام والغي بالبناء للمفعول اي أسقط وهو مضبوط في بعض نسخ التهذيب المصححة بالغين المعجمة وهي
الموافقة للنسخة التي بخط والدي طاب ثراه وهي أم النسخ المستكتبة في ديار العجم في هذه الأزمان وربما يوجد في بعض
النسخ والقي بالقاف والمعنى واحد والأولى ان يقرء والغى بالبناء للفاعل اما بان يكون المراد والغى الله سبحانه ما كان عليه
مسح أو على أن يكون من هنا إلى اخر الحديث من كلام محمد بن مسلم لا من كلام الإمام عليه السلام اي والغى عليه السلام ما كان
عليه مسح فيكون معطوفا على قال وكيف كان فالرأس والقدمين منصوبان بالبدلية من الموصول واما جعل المسح مضافا
إلى الرأس فلا يخفى على ذي الطبع السليم ما يلزمه من سماجة المعنى هذا والذي يلوح من بعد امعان النظر في هذا الحديث
ان الغسل في قوله عليه السلام هذا التيمم على ما كان فيه الغسل انما هو بفتح الغين لا يضمها اي التيمم واقع على الأعضاء
التي فيها الغسل وان الحاق الواو بعده لعله وقع من بعض الناسخين والجار في قوله عليه السلام في الوضوء من متعلقات الغسل و
الوجه واليدين بدل من الموصول وأنت خبير بأنه يزول على هذا تكلف جعل على بمعنى اللام التعليلية ويصير قوله عليه
السلام على ما كان فيه الغسل وعلى ما كان عليه مسح على وتيرة واحدة ويسلم متن الحديث عما يلوح من الخلل الذي هو غير
خفي على المتأمل فيه والظاهر أن الباعث لذلك الناسخ على الحاق هذه الواو انه قرء الغسل بضم الغين فوجد الكلام غير منتظم
بدون توسط الواو فالحقه ولا يبعد ان يكون هذا الالحاق وقع في الأصل الذي نقل الشيخ قدس الله روحه هذا الحديث
منه ولعله من أصول الحسين بن سعيد أو من أصول محمد بن أبي عمير رحمهما الله تعالى فإنهما في سند هذا الحديث والله أعلم
بحقيقة الحال والكلام في صدر الحديث الثامن تقدم مستوفى في بحث الوضوء وقوله عليه السلام أثبت بعض الغسل مسحا

87
لأنه قال بوجوهكم المراد به انه سبحانه لما لم يعد هنا فعل المسح بنفسه إلى الوجوه كما عدي فعل الغسل في الوضوء بل عداه
بالباء التبعيضية كما في تعدية المسح إلى الرؤس علم أن الممسوح في التيمم بعض الوجه لا كله ولما وصل الأيدي بالوجوه علم أن الممسوح
بعضها أيضا وقوله عليه السلام لأنه علم إلى آخره تعليل لقوله أثبت بعض الغسل مسحا اي جعل بعض المغسول ممسوحا حيث قال
بوجوهكم بالباء التبعيضية لأنه تعالى علم أن ذلك الصعيد العالق بالكف لا يجري على كل الوجه لأنه يعلق ببعض الكف ولا
يعلق ببعضها ويجوز ان يكون تعليلا لقوله عليه السلام قال بوجوهكم وهو قريب من الأول ولا يجوز ان يجعل تعليلا
لقوله عليه السلام اي من ذلك التيمم سواء أريد بالتيمم معناه المصدري أو المتيمم به اما على الأول فظاهر وكذا على الثاني
إذا جعلت من ابتدائية وأما إذا جعلت تبعيضية فلان المراد اما بعض الصعيد المضروب عليه أو بعضه العالق بالكف وعلى
التقديرين لا يستقيم التعليل بعلم الله ان ذلك بأجمعه لا يجزي على الوجه ثم تعليل ذلك بأنه يعلق منه ببعض الكف ولا يعلق
ببعضها فعليك بالتأمل الصادق واعلم أن المنقول عن ابن الجنيد اشتراط علوق شئ من التراب بالكفين وأوجب المسح به و
احتج له في المختلف بقوله تعالى فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ثم أجاب بالمنع من عود الضمير إلى الصعيد وأجاب في المنتهى عن هذا
الاستدلال بان لفظة من في الآية مشتركة بين التبعيض وابتداء الغاية فلا أولوية في الاحتجاج بها وكذلك أجاب شيخنا
الشهيد في الذكرى ثم قال مع أن في رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام ان المراد من ذلك التيمم قال لأنه علم أن ذلك أجمع
ولا يجري على الوجه لأنه يعلق من ذلك الصعيد ببعض الكف ولا يعلق ببعضها وفى هذا إشارة إلى أن العلوق غير معتبر انتهى
كلامه بلفظه وتحقيق الكلام في هذا المقام انما يتم بالبحث عن لفظة من في الآية الكريمة والنظر فيما يستفاد من هذا
الحديث في معناها فتقول ان الأقوال المذكورة في كلام المفسرين من علماء العربية في معاني من في هذه الآية ثلاثة
الأول انها لابتداء الغاية بمعنى ان المسح بالوجوه والأيدي يبتدي من الصعيد أو من الضرب عليه وربما يظن أن فيما تضمنه
الحديث من قوله عليه السلام اي من ذلك التيمم إشارة إلى هذا الثاني انها للسببية وضمير منه للحدث المدلول عليه
بالكلام السابق كما يقال تيممت من الجنابة وأورد عليه انه خلاف الظاهر ومتضمن لقطع الضمير عن الأقرب واعطائه للأبعد
ومستلزم لجعل لفظة منه تأكيدا لا تأسيسا إذا السببية تفهم من الفاء ومن جعل المسح في معرض الجزاء الثالث
انها للتبعيض وضمير منه للصعيد كما تقول اخذت من الدراهم وأكلت من الطعام وصاحب الكشاف مع أنه حنفي المذهب
ومذهب أبي حنيفة عدم اشتراط العلوق اختار في تفسيره هذا الوجه وقال إنه الحق بل ادعى انه لا يفهم أحد من العرب من
قول القائل مسحت برأسي من الدهن ومن الماء ومن التراب الا معنى التبعيض وحكم بان القول بأنها لابتداء الغاية تعسف فهذا
ما ذكره المفسرون من الوجوه في لفظة من في الآية الكريمة فلنعد إلى الحديث وننظر ما ينطبق عليه منها فنقول واما الوجه
الثاني فعدم انطباقه عليه ظاهر واما الوجه الأول فربما يتراءى انه منطبق عليه فإنه عليه السلام أعاد الضمير في لفظة منه إلى
التيمم وهو لا يستقيم الا على تقدير كونها لابتداء الغاية إذ لا معنى للتبعيض حينئذ وفيه ما لوحنا به قبيل هذا ومن جواز ان
يكون عليه السلام أراد بالتيمم المتيمم به اي الصعيد العالق بالكف بل ربما يدعى ان هذا هو المراد لا غير إذ الإشارة في قوله
عليه السلام لأنه علم أن ذلك أجمع لا يجزي على الوجه انما هي إلى التيمم بهذا المعنى لا بمعنى الصعيد المضروب عليه ولا بالمعنى

88
المصدري كما لا يخفى فلم يبق الا الوجه الثالث وهو مما يتقوى به مذهب ابن الجنيد من اشتراط العلوق ويضعف به جواب
المنتهى والذكرى عن استدلاله بالآية وكذلك قوله عليه السلام لأنه يعلق من ذلك الصعيد ببعض الكف ولا يعلق ببعضها
فان فيه نوع ايماء إلى ذلك كمالا يخفى على العارف بما يقتضيه المحاورات ومن هذا يظهر ان قول شيخنا قدس الله روحه
في الذكرى ان فيه إشارة إلى أن العلوق غير معتبر محل كلام فان الإشارة إلى اعتباره أظهر كما لا يخفى والله أعلم بحقايق
الأمور وأقوى ما استدل به الأصحاب على عدم اشتراط العلوق هو استحباب نقض اليدين بعد الضرب كما نطقت به الاخبار
ولو كان علوق التراب معتبرا لما امر الشارع بفعل ما هو عرضة لزواله وأجاب عن ذلك والدي قدس الله روحه في شرح
الرسالة بان الأخبار الدالة على استحباب النفض لا دلالة فيها على عدم اعتبار العلوق بل ربما دلت على اعتباره كما لا يخفى ولا
منافاة بينهما لان الاجزاء الصغيرة الغبارية اللاصقة لا يتخلص بأجمعها من اليدين بمجرد حصول مسمى النفض وليس في الاخبار
ما يدل على المبالغة فيه بحيث لا يبقى شئ من تلك الأجزاء لاصقا بشئ من اليدين البتة ولعل النفض لتقليل ما عسى ان
يصير موجبا لتشويه الوجه من الاجزاء الترابية الكثيرة اللاصقة باليدين قال وبالجملة فالاستدلال باستحباب النفض
على عدم اشتراط العلوق محل نظر واما الاستدلال عليه بمنافاته لجواز التيمم على الحجر ففيه ان ابن الجنيد وكل من يشترط
العلوق لا يجوزون التيمم بالحجر انتهى كلامه أعلى الله مقامه وهو كلام سديد ومن تأمل الآية والحديث حق التأمل وأصغى إلى ما
تلوناه لا يرتاب في كون القول باشتراط العلوق أوضح دليلا وأحوط سبيلا وما تضمنه الحديث التاسع من ضربه عليه السلام
بيده على البساط لا اشعار فيه بما يظهر من كلام المرتضى رضي الله عنه من جواز التيمم بغبار الثوب ونحوه مع التمكن من التراب
كما قد يظن لظهور ان عرض الإمام عليه السلام بيان أصل أفعال التيمم لا بيان جواز التيمم بغبار البساط ونحوه والسنج في آخر
الحديث العاشر بالسين المهملة المفتوحة والنون الساكنة واخره جيم معرب سنك والمراد به حجر الميزان ويقال له صنجة بالصاد
أيضا وربما يقرء بالياء المثناة من تحت والحاء المهملة والمراد به ضرب من البرود أو عباءة مخططة ولا اشعار على التقدير
الأول بجواز التيمم على الحجر ولا على الثاني بجوازه بغبار الثوب لما عرفت وقد يقرأ بالباء الموحدة المفتوحة والخاء المعجمة والله أعلم
الفصل الثالث فيما يتيمم به سبعة أحاديث أ من الصحاح ابن سنان قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام
يقول إذا لم يجد الرجل طهورا وكان جنبا فليمسح من الأرض وليصل ب جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام ان
الله عز وجل جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا ج عبد الله بن أبي يعفور وعنبسة بن مصعب عن أبي عبد الله عليه السلام تيمم بالصعيد
فان رب الماء رب الصعيد وقد مرت هذه الأحاديث الثلاثة مع تتماتها في الفصل الأول د زرارة قال قلت لأبي جعفر
عليه السلام أرأيت المواقف ان لم يكن على وضوء كيف يصنع ولا يقدر على النزول قال يتيمم من لبد سرجه ومعرفة دابته فان
فيها غبارا ويصلي ه‍ رفاعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا كانت الأرض مبتلة ليس فيها تراب ولا ماء فانظر أجف موضع
تجده فتيمم منه فان ذلك توسيع من الله عز وجل قال فإن كان في ثلج فلينظر لبد سرجه فليتيمم من غباره أو شئ مغبر وان
كان في موضع لا يجد الا الطين فلا بأس ان يتيمم منه ومن الحسان أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا كنت
في حال لا تقدر الا على الطين فتيمم به فان الله سبحانه أولى بالعذر إذا لم يكن معك ثوب جاف ولا لبد تقدر ان تنفضه وتيمم به

89
ز سماعه عن أبي عبد الله عليه السلام ان الله عز وجل جعلهما طهورا الماء والصعيد
أقول قد تضمنت الأحاديث
الثلاثة الأول والأخير التعبير عما يتيمم به تارة بالأرض وأخرى بالتراب وأخرى بالصعيد كما تضمنته الآية الكريمة وكلام أهل اللغة في
الصعيد مختلف ففي الصحاح الصعيد التراب وقال تغلب وجه الأرض وفي القاموس الصعيد التراب ووجه الأرض
وقال ابن دريد الصعيد هو التراب الخالص الذي لا يخالطه سنج ولا رمل نقله في الجمهرة عن أبي عبيدة وقال ابن
فارس في المجمل الصعيد التراب وفي تفسير النيسابوري الصعيد التراب فعيل بمعنى فاعل ونقل الشيخ الطبرسي في مجمع
البيان عن الزجاج ان الصعيد ليس هو التراب وانما هو وجه الأرض ترابا كان أو غيره قال وانما سمي صعيدا لأنه نهاية ما
يصعد إليه من باطن الأرض ونقل المحقق في المعتبر عن الخليل عن ابن الأعرابي ان الصعيد وجه الأرض
وذكر جماعة من
المفسرين في قوله تعالى فتصبح صعيدا زلقا أي أرضا بيضاء يزلق عليها لاستيصال أشجارها ونباتها وهذا الاختلاف
هو منشأ اختلاف الأصحاب رضوان الله عليهم فقال المرتضى رضي الله عنه في شرح الرسالة لا يجزي في التيمم الا التراب
الخالص اي الصافي مما لا يقع عليه اسم الأرض كالكحل والزرنيخ وأنواع المعادن وقال المفيد في المقنعة الصعيد هو التراب
وانما سمى صعيدا لأنه يصعد من الأرض ولم يجوز التيمم بالحجر الا عند فقد التراب وقال الشيخ في المبسوط لا يجوز التيمم
الا بما يقع عليه اسم الأرض اطلاقا سواء كان عليه تراب أو كان حجرا أو حصا أو غير ذلك وقال ابن إدريس لا يعدل إلى الحجر
الا إذا فقد التراب وهو موافق لكلام ابن حمزة في الوسيلة وبه قال الشيخ في النهاية وفاقا لسلار وقد احتج المرتضى رضي
الله عنه بان الصعيد في الآية هو التراب بالنقل عن أهل اللغة حكاه ابن دريد عن أبي عبيدة وبما اشتهر من قوله صلى
الله عليه وآله جعلت لي الأرض مسجدا وترابها طهورا ولو كانت الأرض طهورا وان لم يكن ترابا لكان لفظ ترابها لغوا و
أجاب المحقق في المعتبر عن الأول بأنه لا يلزم من تسمية التراب صعيد ان لا يسمى به الأرض بل جعله اسما للأرض أولى لأنه يستعمل
فيهما فيجعل حقيقة في المقدار المشترك بينهما وهو الأرضية دفعا للاشتراك والمجاز فيكون التراب صعيدا باعتبار كونه أرضا
لا باعتبار كونه ترابا وعن الثاني بأنه تمسك بدلالة الخطاب وهي متروكة في معرض النص اجماعا هذا كلامه قدس الله روحه
وظني انه غير ناهض برد كلام السيد طاب ثراه اما قوله انه لا يلزم من تسميته التراب صعيدا ان لا يسمى به الأرض إلى اخره فلان
السيد انما استدل بقول أئمة اللغة الصعيد التراب كما قاله الجوهري والصعيد هو التراب الخالص كما حكاه ابن دريد بتعريف
المسند إليه باللام الجنسية وهو يفيد قصر المسند إليه على المسند كما قاله علماء المعاني في نحو قولنا الكرم هو التقوى
والحسب هو المال من افادتهما ان الكرم ليس شيئا وراء التقوى والحسب ليس شيئا وراء المال وليس هذا استدلالا بمجرد
تسمية التراب صعيدا واما قوله ان تمسك السيد بالحديث تمسك بدلالة الخطاب ففيه نظر ظاهر فان قوله عليه السلام جعلت
لي الأرض مسجدا وترابها طهورا لا ريب انه مذكور في معرض التسهيل والتخفيف وبيان امتنان الله سبحانه على هذه الأمة
المرحومة وهو من قبيل قوله عليه السلام بعثت بالشريعة السهلة السمحاء وظاهر انه لو كان غير التراب من اجزاء الأرض طهورا
أيضا لكان ذكر التراب لغوا صرفا وتوسيطه في البين مخلا بانطباق الكلام على ما يقتضيه المقام وكان مقتضى الحال
ان يقول صلى الله عليه وآله جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فإنه ادخل في الامتنان وليس هذا استدلالا بمفهوم الخطاب

90
بل بأمر آخر هو لزوم خروج الكلام النبوي عن قانون البلاغة على ذلك التقدير على أن دلالة الخطاب إذا اعتضدت
بالقرائن الحالية أو المقالية فلا كلام في اعتبارها ولذلك يعزر من قال لخصمه انا لست زانيا وبهذا يظهر ان كلام السيد
قدس الله روحه في أعلى مراتب السداد وكيف يظن به وهو من أئمة فن المعاني وممن تعقد عليه الخناصر في علم الأصول
انه جعل مجرد تسمية التراب صعيدا دليلا على عدم تسمية الأرض به وانه احتج على هذا المطلب بدلالة الخطاب مع أنه أطنب
الكلام في كتبه الأصولية في هدم ما أسسه القائلون بحجيتها بما لا مزيد عليه والله أعلم بحقايق الأمور وما تضمنه
الحديث الرابع من تيمم غير المتمكن من الصعيد بلبد سرجه ومعرفة دابته لا اعلم فيه مخالفا من أصحابنا وظاهر المرتضى
رضي الله عنه في الجمل جوازه مع وجود التراب وهو ناظر إلى ما نقله بعض المفسرين من تسمية الغبار صعيدا ولا يخلو من
ضعف والمواقف المقاتل وزنا ومعنى واللبد بكسر اللام واسكان الباء الموحدة ما يوضع تحت السرج ويستفاد
من الحديث الخامس عدم جواز التيمم بالأرض الرطبة مع وجود التراب وانها مقدمة على الطين وانه يجب تحري الأجف منها
عند الاضطرار إلى التيمم بها وربما يستنبط من تعليقه عليه السلام الامر بالتيمم بها على فقد الماء والتراب عدم تسويغ
التيمم بالحجر الرطب الا مع فقد التراب لشمول اسم الأرض للحجر ولو قلنا بعدم شموله له ففي الحديث دلالة على تقديم التراب على
الحجر الجاف كما هو مذهب الشيخين في النهاية والمقنعة ومختار ابن إدريس وابن حمزة وسلار لان الأرض الرطبة لما كانت مقدمة
عليه كما يقتضيه اقتصاره عليه السلام على قوله ليس فيها ماء ولا تراب دون ان يقول ولا حجر فالتراب مقدم عليه بطريق
أولى ويؤيد مذهب الشيخين واتباعهما انه لا خلاف بين أهل اللغة في اطلاق الصعيد على التراب واما اطلاقه على
الحجر فنختلف فيه ومع وجود المتفق عليه لا يعدل إلى المختلف فيه والحديث السادس صريح في تقديم غبار الثوب ونحوه
على الطين ولا اعلم في ذلك مخالفا من أصحابنا والله سبحانه اعلم الفصل الرابع في حكم التيمم مع سعة الوقت ووجدان
المتيمم الماء في أثناء الصلاة أو بعدها أحد عشر حديثا أ من الصحاح محمد بن مسلم قال سمعته يقول إذا لم تجد ماء و
أردت التيمم فاخر التيمم إلى آخر الوقت فان فاتك الماء لم تفتك الأرض ب محمد بن حمران عن أبي عبد الله عليه السلام
قال قلت له رجل تيمم ثم دخل في الصلاة وقد كان طلب الماء فلم يقدر عليه ثم يؤتى بالماء حين يدخل في الصلاة قال
يمضي في الصلاة واعلم أنه ليس ينبغي لاحد ان يتيمم الا في اخر الوقت ج زرارة ومحمد بن مسلم قال قلت في رجل لم
يصب الماء وحضرت الصلاة فتيمم وصلى ركعتين ثم أصاب الماء أينقض الركعتين أو يقطعهما ويتوضأ ثم يصلي قال لا و
لكنه يمضي في صلاته ولا ينقضها لمكان انه دخل على طهور بتيمم د زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في المتيمم إذا أصاب
الماء وقد دخل في الصلاة قال فلينصرف فليتوضأ ما لم يركع فإن كان قد ركع فليمض في صلاته فان التيمم أحد الطهورين
ه‍ زرارة قال قلت لأبي جعفر عليه السلام فان أصاب الماء وقد صلى يتيمم وهو في وقت قال تمت صلاته ولا إعادة عليه
ويعقوب بن يقطين قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل يتيمم فصلى فأصاب بعد صلاته ماء أيتوضأ ويعيد الصلاة
أم تجوز صلاته قال إذا وجد الماء قبل ان يمضي الوقت توضأ وأعاد فان مضى الوقت فلا إعادة عليه ز العيص
قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل يأتي الماء وهو جنب وقد صلى قال يغتسل ولا يعيد الصلاة ح محمد بن مسلم

91
قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أجنب فتيمم بالصعيد وصلى ثم وجد الماء قال لا يعيد ان رب الماء رب
الصعيد فقد فعل أحد الطهورين ط زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال إذا لم يجد المسافر الماء فليطلب ما دام
في الوقت فإذا خاف ان يفوته الوقت فليتيمم وليصل في اخر الوقت فإذا وجد الماء فلا قضاء عليه وليتوضأ لما يستقبل
ى الحلبي قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول إذا لم يجد الرجل طهورا وكان جنبا فليتمسح من الأرض وليصل فإذا
وجد ماء فليغتسل وقد أجزأته صلاته التي صلى يا من الموثقات يعقوب بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل
تيمم وصلى ثم أصاب الماء وهو في وقت قال قد مضت صلاته وليتطهر أقول ربما يستفاد من الحديث
الأول والثاني والتاسع وجوب تأخير التيمم إلى ضيق الوقت وهو مذهب الشيخين والمرتضى رضي الله عنهم وبه قال
أكثر الأصحاب كأبي الصلاح وابن حمزة وابن إدريس وفي الحديث الخامس والحادي عشر نوع دلالة على جوازه مع السعة
كما لا يخفى واليه ذهب الصدوق ووافقه العلامة في المنتهى قائلا انه في غاية القوة وفصل ابن الجنيد فأوجب تأخيره
الراجي التمكن من الماء وجوزه في أول الوقت للآيس من الماء في بقيته وارتضاه المحقق في المعتبر والعلامة في أكثر كتبه
وهذا التفصيل وان لم نظفر به في شئ من الاخبار تصريحا الا انه مما يظهر من بعضها تلويحا كما في قوله عليه السلام في الحديث
الأول فان فاتك الماء لم تفتك الأرض فإنه يؤذن بان الياس من حصول الماء غير متحقق وكذا امره عليه السلام في الحديث
التاسع بطلب الماء ما دام في الوقت فإنه يشعر برجاء حصوله فيه والا كان عبثا وما تضمنه اخر الحديث الثاني لا ينافي
هذا التفصيل لامكان تنزيله على استحباب التأخير وكراهة ايقاعه في السعة ولفظة ليس ينبغي غير بعيدة عن هذا
التنزيل وأقوى ما يستدل به لأصحاب القول الأول نقل المرتضى رضي الله عنه الاجماع عليه في الانتصار ولا ريب في
كونه أقرب إلى الخروج عن العهدة وقد يستدل لأصحاب القول الثاني بتضمن الآية ايجاب التيمم عند مطلق القيام إلى
الصلاة إذا لم يجد ماء والتقييد باخر الوقت خلاف الظاهر منها وقد قدمنا ان في الحديث الخامس والحادي عشر دلالة
عليه إذ وجدان الماء في الوقت بعد الصلاة يستلزم وقوع التيمم في السعة واما تأويل الشيخ بان المراد من الصلاة الدخول
فيها لا الفراغ منها أو ان المراد ان التيمم والصلاة كانا في الوقت لا إصابة الماء فلا يخفى بعده واستقرب شيخنا في
الذكرى حملها على ظن ضيق الوقت فيظهر خلافه والحمل على الجهل بوجوب التأخير ويكون جاهل الحكم هنا معذورا
ليس بذلك البعيد والله أعلم وما تضمنه الحديث السادس من إعادة واجد الماء في وقت الصلاة هو مستند ابن الجنيد
وابن أبي عقيل في القول بذلك والأكثر على خلافه لأنه صلى بطهارة مشروعة صلاة مأمور بها فتجزي ولما تضمنه الحديث
الخامس والسابع والثامن والعاشر والحادي عشر فلا مندوحة عن حمله على الاستحباب وما تضمنه الحديث التاسع من
طلب المكلف الماء ما دام في الوقت يعطي وجوب استمرار الطلب من أول الوقت إلى أن يخشى الفوت ولا نعرف به قائلا من
الأصحاب سوى المحقق في المعتبر فقد قال بحسنه ولو قيل به لم يكن بعيدا وقوله عليه السلام فإذا وجد الماء فلا قضاء عليه
ظاهره وجدان الماء بعد الوقت ولا خلاف في سقوط القضاء حينئذ وقد اختلفوا فيما لو وجد في أثناء الصلاة فالشيخ في
المبسوط والخلاف يمضي في صلاته وان تلبس بتكبيرة الاحرام لا غير وبه قال المفيد والمرتضى في مسائل الخلاف وابن البراج وابن

92
إدريس والمحقق والعلامة ويدل عليه الحديث الأول وفى النهاية يرجع ما لم يركع وهو مختار الصدوق وارتضاه المرتضى
رضي الله عنه في شرح الرسالة والحديث الرابع صريح فيه ويعضده رواية عبد الله ابن عاصم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام
عن الرجل لا يجد الماء فيتيمم ويقوم في الصلاة فجاء الغلام فقال هو ذا الماء فقال إن كان لم يركع فلينصرف وليتوضأ و
ان كان قد ركع فليمض في صلاته وذهب سلار إلى أنه يرجع ما لم يقرء ولم نظفر في الاخبار بما يدل عليه وقال ابن حمزة
ان غلب على ظنه انه ان قطع وتطهر بالماء لم تفته الصلاة وجب عليه القطع والطهارة والا فلا إذا كبر ولعل أقرب هذه
الأقوال قول الشيخ في المبسوط وفيما تضمنه اخر الحديث الثالث من تعليله عليه السلام عدم النقض بالدخول في الصلاة على طهور
دلالة عليه مضافا إلى ما يقتضيه الأصل والنهي عن ابطال العمل وحمل الحديث الرابع مع ما يعضده على الاستحباب كما
فعل العلامة في المنتهى لا باس به والله أعلم بحقايق الأمور الفصل الخامس في نبذ مما يتعلق بالتيمم خمسة أحاديث
أ من الصحاح عبد الرحمن بن أبي نجران انه سأل أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام عن ثلاثة نفر كانوا في سفر أحدهم
جنب والثاني ميت والثالث على غير وضوء وحضرت الصلاة ومعهم من الماء قدر ما يكفي أحدهم من يأخذ الماء وكيف
يصنعون فقال يغتسل الجنب ويدفن الميت ويتيمم الذي هو على غير وضوء لان الغسل من الجنابة فريضة وغسل الميت
سنة والتيمم للاخر جايز ب زرارة قال قلت لأبي جعفر عليه السلام يصلي الرجل بتيمم واحد صلاة الليل والنهار
فقال نعم ما لم يحدث أو يصب ماء قلت فان أصاب الماء ورجا ان يقدر على ماء آخر وظن أنه يقدر عليه فلما اراده تعسر
ذلك عليه قال ينقض ذلك تيممه وعليه ان يعيد التيمم ج حماد بن عثمن قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل
لا يجد الماء أيتيمم لكل صلاة فقال لا هو بمنزلة الماء د محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام في رجل أجنب في
سفر ومعه ماء قدر ما يتوضأ به قال يتيمم ولا يتوضأ ه‍ محمد عن أحدهما عليهما السلام انه سأل عن الرجل يقيم بالبلاد
الأشهر ليس فيها ماء من جهة المرعى وصلاح الإبل قال لا أقول ما تضمنه الحديث الأول من تخصيص الجنب
بالماء هو مذهب الشيخ في النهاية ومختار المحقق والمراد بقوله عليه السلام لان غسل الجنابة فريضة انه ثبت بالكتاب و
بقوله وغسل الميت سنة انه ثبت بالسنة وربما قيل بتقديم الميت على الجنب لرواية محمد بن علي عن بعض أصحابه قلت
الميت والجنب يتفقان ولا يكون الماء الا بقدر كفاية أحدهما أيهما أولى قال يتيمم الجنب ويغسل الميت وهي مع ضعف
السند والارسال مضمرة ولا ريب ان الماء لو كان ملكا لأحدهم فهو أولى وهل يجوز له بذله للجنب عملا باطلاق
الرواية قطع بعض الأصحاب بعدمه وهو محتمل ولو أمكن جمع الماء بعد وضوء المحدث لاغتسال الجنب الخالي بدنه من النجاسة
ثم جمعه لتغسيل الميت وجب ان قلنا بان المستعمل في الطهارة الكبرى يرفع الحدث ويزيل الخبث وسيجئ الكلام فيه انشاء
الله تعالى وقد دل الحديث الثاني والثالث على عدم وجوب تعدد التيمم بتعدد الصلاة وعليه علماؤنا أجمع واستدل عليه
العلامة في المنتهى فيما استدل بقوله صلى الله عليه وآله لأبي ذر يا أبا ذر يكفيك الصعيد عشر سنين وفيه نظر فان
كفاية الصعيد عشرا لا تدل على عدم تعدد التيمم بشئ من الدلالات فتدبر واما رواية أبي همام عن الرضا عليه السلام
بتيمم لكل صلاة حتى يوجد الماء ورواية السكوني عن الصادق عليه السلام لا يستباح بالتيمم أكثر من صلاة واحدة ونوافلها

93
فيمكن حملهما على التقية لموافقتهما لمذهب الشافعي حيث قال لا يستباح به أكثر من فريضة واحدة ويستباح معها
من النوافل ما شاء واما الحمل على الاستحباب من قبيل تجديد الوضوء كما قاله بعض الأصحاب فهو في الأولى قريب واما في
الثانية فلا يخلو من بعد كما لا يخفى وربما يستنبط من الحديث الثاني حيث أطلق عليه السلام نقض إصابة الماء التيمم وساوى
في ذلك بينه وبين الحدث ان مجرد اصابته كاف في النقض وان لم يمض زمان يتمكن فيه من فعل الطهارة المائية وهذا
أحد الوجهين في المسألة وربما مال بعضهم إلى الوجه الاخر أعني عدم الانتقاض الا بمضي ذلك المقدار مستدلا
بامتناع التكليف بعبادة في وقت لا يسعها فإذا تلف الماء قبل مضي زمان يتمكن فيه من فعل الطهارة تبين عدم التكليف
باستعمال الماء فيلزم بقاء التيمم لان النقض لا يتحقق الا بتمكنه من المبدل وفيه نظر إذ لقائل ان يقول لا ملازمة
بين عدم تكليف المتيمم باستعمال الماء وبين بقاء تيممه من غير ايجاب تيمم اخر عليه بل الظاهر أن يكون نفس وجدان الماء
المظنون بقاؤه ذلك المقدار استصحابا للحال ناقضا فيجب به تيمم اخر إذا لم يبق ذلك المقدار بطرو انعدم عليه أو سبق
اخر إليه مثلا والتزام القول بأنه يجوز للمتيمم لفقد الماء بعد وجوده فعل مشروط بالطهارة كابتداء الصلاة
ومس خط المصحف مثلا إلى أن يمضي ذلك المقدار لا يخلو من اشكال وما تضمنه الحديث الرابع من عدم وضوء الجنب
الواجد من الماء ما يكفي الوضوء مما لا خلاف فيه عندنا وهل يجب عليه صرفه في بعض أعضاء الغسل كالرأس والرقبة
مثلا لجواز وجود مقدار ما يكمل به غسله يحتمل ذلك وما تضمنه الحديث الخامس من النهي عن الإقامة بأرض لا يتيسر
فيها ماء للطهارة ظاهره التحريم وان مجرد إرادة المرعى وصلاح الإبل ونحو ذلك غير كاف في جواز الإقامة فيها والعلامة
في المنتهى حمله على الكراهة وللكلام فيه مجال والله أعلم المقصد الثاني في إزالة النجاسة وأحجام المياه وفيه مطلبان
المطلب الأول في تعداد النجاسات وكيفية التطهير وفيه فصول الفصل الأول في نجاسة البول والغائط والمني
ستة عشر حديثا أ من الصحاح محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الثوب يصيبه البول قال اغسله في المركن
مرتين فان غسلته في جار فمرة واحدة ب ابن أبي يعفور قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن البول يصيب الثوب قال
اغسله مرتين ج إبراهيم بن أبي محمود قال قلت للرضا عليه السلام الطنفسة والفراش يصيبهما البول كيف يصنع به فهو
ثخين كثير الحشو قال يغسل ما ظهر منه في وجهه د الحلبي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن أبوال الخيل والبغال قال اغسل
ما أصابك منه ه‍ عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل يمسه بعض أبوال البهائم أيغسله
أم لا قال يغسل بول الفرس والحمار والبغل فاما الشاة وكل ما يؤكل لحمه فلا بأس ببوله وعبد الرحمن بن أبي
عبد الله
قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلي وفي ثوبه عذرة من انسان أو سنور أو كلب أيعيد صلاته قال إن كان لم يعلم
فلا يعيد ز علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام انه سأله عن الرجل يرى في ثوبه خرء الطير أو غيره هل يحكه وهو
في صلاته قال لا بأس ح محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام انه ذكر المني فشدده وجعله أشد من البول ثم قال إن رأيت
المني قبل أو بعد ما تدخل في الصلاة فعليك إعادة الصلاة فان أنت نظرت في ثوبك فلم تصبه ثم صليت فيه ثم رأيته
بعد فلا إعادة عليك وكذا البول ط الحلبي قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام رجل أجنب في ثوبه وليس معه ثوب غيره

94
قال يصلي فيه فإذا وجد الماء غسله ى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام أنه قال في المني الذي يصيب الثوب فان
عرفت مكانه فاغسله فان خفي عليك فاغسله كله يا من الحسان عبد الله بن سنان قال قال أبو عبد الله عليه السلام اغسل ثوبك
من أبوال ما لا يؤكل لحمه يب زرارة عنهما عليهما السلام انهما قالا لا تغسل ثوبك من بول شئ يؤكل لحمه يج أبو بصير
عن أبي عبد الله عليه السلام قال كل شئ يطير لا بأس بخرئه وبوله يد الحلبي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن بول الصبي قال
تصب عليه الماء فإن كان قد اكل فاغسله غسلا والغلام والجارية شرع سواء يه محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام
قال سألت عن أبوال الدواب والبغال والحمير فقال اغسله فإن لم تعلم مكانه فاغسل الثوب كله فان شككت فانضحه
يو ميسر قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام امر الجارية فتغسل ثوبي من المني فلا تبالغ في غسله فأصلي فيه فإذا هو يابس
قال أعد صلاتك اما انك لو كنت غسلته أنت لم يكن عليك شئ أقول قد تضمن الحديث الأول وجوب المرتين
في غسل الثوب في المركن من البول والاكتفاء بالمرة الواحدة إذا غسل في الجاري واما حكمه إذا غسل في الكثير من الراكد
فالروايات التي اطلعنا عليها خالية عنه واما وجوب المرتين في غسل البدن منه ففيه روايات غير نقية السند أقربها
إلى الاعتبار رواية الحسين بن أبي العلا قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن البول يصيب الجسد قال صب عليه الماء مرتين
فإنما هو ماء وسألته عن الثوب يصيبه البول قال اغسله مرتين والعمل بهذه الروايات مشهور بين الأصحاب واكتفى بعضهم
كالعلامة في المنتهى وشيخنا في البيان بالمرة المزيلة من غير فرق بين الثوب والبدن والأولى عدم الخروج عما دلت عليه الأخبار
والمركن بكسر أوله واسكان ثانيه وفتح ثالثة الإجانة التي تغسل فيها الثياب واللام في البول اما للجنس أو للعهد
أعني بول الانسان ولعل هذا هو الأقرب فإنه الفرد المتبادر فيستفاد نجاسة ما سواه من أبوال ما لا يؤكل لحمه من ذي النفس
سوى الرضيع والطير من الاجماع واخبار اخر وقوله عليه السلام فمرة واحدة اما منصوب بفعل محذوف أو مرفوع بالابتداء
وخبره محذوف اي كافية وأولوية تقليل الحذف ترجح الثاني وما في الحديث الثالث من غسل ظاهر الطنفسة والفراش
المراد به إذا لم ينفذ البول في أعماقها والطنفسة مثلثة الطاء والفاء البساط والحديث الرابع والخامس والخامس عشر مستند
الشيخ في النهاية وابن الجنيد في نجاسة بول الفرس والبغل والحمار والأكثر على خلافه والمراد بما يؤكل لحمه في الحديث الخامس ما
جرت العادة بأكله وربما حملت هذه الأحاديث على الاستحباب لاعتضاد الأحاديث الدالة على خلافها بالأصل وعمل الأكثر
والمسألة محل توقف واستدل العلامة في مختلفه على الطهارة بان طهارة أبوال الإبل الثابتة بالاجماع يستلزم طهارة هذه
الأبوال لان كون الحيوان مأكول اللحم ان اقتضى طهارة بوله فظاهر لوجود المشترك وان لم يقتض يلزم نجاسة أبوال الإبل لعموم
ما يدل على نجاسة مطلق البول السالم عن معارضة كون الحيوان ماكولا هذا حاصل كلامه طاب ثراه ولا يخفى ما فيه والعجب
صدور مثله عن مثله والحديث السادس وان لم يتضمن نجاسة مطلق العذرة لكن الاجماع منعقد على نجاستها من غير
مأكول اللحم من ذي النفس غير الطير فان فيه خلافا وهذا الحديث يدل باطلاقه على أن من صلى جاهلا بالنجاسة لا يعيد في
الوقت ولا في خارجه والأول مختلف فيه واما الثاني فالظاهر أنه مما لا خلاف فيه بل ربما نقل الاجماع عليه وستسمع الكلام
فيه في محله انشاء الله تعالى وقد احتج بعض الأصحاب بالحديث السابع على طهارة خرء الطير وظني انه لا ينهض دليلا على ذلك فان

95
نفي البأس فيه لا يتعين ان يكون عن الخرء لاحتمال ان يكون عن حكه في الصلاة عن الثوب ويكون سؤال علي بن جعفر انما
هو عن أن حكه في أثناء الصلاة هل هو فعل كثير لا يجوز في الصلاة أم لا فاجابه عليه السلام بنفي البأس عنه فيها فمعنى قوله
عليه السلام لا بأس نفي البأس عن المصلي من حكة فيها ولفظة غير يجوز قراءتها بالنصب والجر وعلى التقديرين ففيها تأييد
تام لهذا الاحتمال إذ لو لم يحمل عليه لم يصح اطلاقه عليه السلام نفي البأس عما يراه المصلي في ثوبه من خرء الطير وغيره وأيضا
فاللام في الطير لا يتعين كونها للجنس لجواز كونها للعهد والمراد المأكول اللحم ومع قيام الاحتمال يسقط الاستدلال والله أعلم
والحديث الثامن ربما يدل على وجوب المرتين في غسل المني بطريق أولى ويدل أيضا باطلاقه على ما دل عليه الحديث
السادس وعلى ما ذهب إليه الشيخان والمرتضى في النهاية والمقنعة والمصباح من أن من نسي النجاسة وصلى يعيد في الوقت وخارجه
وسيجئ الكلام فيه في موضعه انشاء الله تعالى والمراد من قول الحلبي في الحديث التاسع أجنب في ثوبه انه
أصاب ثوبه شئ من المني
والشيخ طاب ثراه حمله على ظاهره ثم قال انا قد بينا ان نفس الجنابة لا يتعدى إلى الثوب وذكرنا ان عرق الجنب لا ينجس الثوب
فلم يبق معنى يحمل الحديث عليه الا عرق الجنابة من الحرام ثم جعل ما ذكرناه احتمالا وقد دل هذا الحديث على جواز الصلاة في
الثوب النجس إذا لم يجد غيره وهو مختار ابن الجنيد وبه أحاديث صحيحة سوى هذا سنذكرها فيما بعد انشاء الله تعالى وذهب الشيخ
وأكثر الأصحاب إلى أنه يصلي عريانا موميا وبعض الأحاديث يدل عليه والمحقق والعلامة في المعتبر والمنتهى على التخيير و
ستسمع الكلام فيه في بحث لباس المصلي انشاء الله تعالى وقد دل الحديث الثاني عشر على طهارة أبوال الدواب لكن إذا أريد بما
يؤكل لحمه ما يجوز اكل لحمه لا ما جرت العادة بأكل لحمه ومع هذا فهو دال بعمومه والأحاديث المعارضة له دالة بخصوصها و
الحديث الثالث عشر يدل على ما ذهب إليه جماعة من الأصحاب كالصدوق وابن أبي عقيل من طهارة رجيع الطير وان لم يكن
مأكول اللحم هذا إذا جعل مخصصا للحديث الحادي عشر للاعتضاد بموافقة الأصل والا فليس تخصيصه له أولى من العكس
وربما يرجح الحادي عشر بكونه ناقلا والثالث عشر مقررا وقال العلامة في المنتهى ان لقائل ان يقول إن رواية ابن سنان
غير مصرحة بالتنجيس أقصى ما في الباب انه امر بالغسل وهو غير دال على النجاسة الا من حيث المفهوم ودلالة المنطوق أقوى
انتهى كلامه وهو كما ترى وقد دل الحديث الرابع عشر على ما هو المشهور من نجاسة بول الرضيع قبل ان يأكل بل نقل السيد
المرتضى رضي الله عنه عليها الاجماع وابن الجنيد قائل بطهارته وهو ضعيف والمراد من الاكل ما استند إلى شهوته وارادته
والا لتعلق الغسل بساعة الولادة إذ يستحب تحنيكه بالتمر كذا قاله العلامة طاب ثراه في المنتهى وهذا الحديث صريح في
التسوية بين الصبي والصبية في الاكتفاء بالصب وهو المنقول عن علي بن بابويه ولكن أكثر الأصحاب قدس الله أرواحهم حكى
اختصاص الحكم بالصبي وان بول الصبية لابد من غسله والمحقق في المعتبر حمل التسوية التي نطق بها هذا الحديث على
التسوية في النجاسة لا في حكم الإزالة ميلا إلى ما عليه الأكثر وهو كما ترى ولفظة شرع باسكان الراء وفتحها بمعنى سواء
وما تضمنه الحديث الخامس عشر من نضح الثوب الظاهر أن المراد به رشه لاتحادهما لغة والذي يعطيه كلام العلامة طاب ثراه
في النهاية ان الرش أخص من النضح فإنه قال مراتب ايراد الماء ثلث النضح المجرد ومع الغلبة ومع الجريان ولا حاجة في الرش إلى
الدرجة الثالثة قطعا وهل يحتاج إلى الثانية الأقرب ذلك ويفرق بين الرش والغسل بالسيلان والتقاطر هذا

96
كلامه وقوله عليه السلام في الحديث السادس عشر اما انك لو كنت غسلت أنت لم يكن عليك شئ لعل المراد به انك
لو كنت تباشر غسله بنفسك لكنت تبالغ في غسله إلى أن يزول بالكلية فلم يكن عليك إعادة الصلاة بسببه ويحتمل ان
يكون مراده عليه السلام انك لو غسلته بنفسك لكنت تصلي وقد اجتهدت في طهارة ثوبك فلم يكن عليك إعادة الصلاة
إذا وجدته بعدها وهذا المعنى هو الذي يشعر به كلام شيخنا الشهيد طاب ثراه في الذكرى ولعل ما ذكرناه أقرب و
كيف كان ففي الحديث نوع ايماء إلى رجحان إزالة المكلف النجاسة عن ثوب صلاته بنفسه والله سبحانه اعلم الفصل
الثاني في نجاسة الكلب وأخويه أحد عشر حديثا أ من الصحاح الفضل أبو العباس قال قال أبو عبد الله عليه السلام إذا
أصاب ثوبك من الكلب رطوبة فاغسله فان مسه جافا فاصبب عليه الماء ب محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله
عليه السلام عن الكلب يصيب شيئا من جسد الرجل قال يغسل المكان الذي اصابه ج الفضل أبو العباس قال سألت أبا عبد
الله عليه السلام عن فضل الهرة والشاة والبقرة والإبل والخيل والبغال والوحش والسباع فلم اترك شيئا الا سألته عنه فقال
لا بأس حتى انتهيت إلى الكلب فقال رجس نجس لا تتوضأ بفضله واصبب ذلك الماء واغسله بالتراب أول مرة ثم بالماء د
علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الرجل يصيب ثوبه خنزير فلم يغسله فيذكر وهو في صلاته كيف
يصنع به قال إن كان دخل في صلاته فليمض وان لم يكن دخل في صلاته فلينضح ما أصاب من ثوبه الا ان يكون فيه اثر فيغسله
قال وسألته عن خنزير شرب من اناء كيف يصنع به قال يغسل سبع مرات ه‍ محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفر عليه السلام
عن آنية أهل الذمة والمجوس فقال لا تأكلوا في آنيتهم ولا من طعامهم الذي يطبخون ولا في آنيتهم التي يشربون فيها الخمر
وعلي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام انه سأله عن رجل اشترى ثوبا من السوق للبس لا يدري ممن كان هل يصلح
الصلاة فيه قال إن اشتراه من مسلم فليصل فيه وان اشتراه من نصراني فلا يصل فيه حتى يغسله ز محمد بن مسلم
عن أحدهما عليهما السلام قال سألته عن رجل صافح مجوسيا قال يغسل يده ولا يتوضأ ح إبراهيم بن أبي محمود قال قلت
للرضا عليه السلام الجارية النصرانية تخدمك وأنت تعلم أنها نصرانية لا تتوضأ ولا تغتسل من جنابة قال لا بأس تغسل يديها
ط علي بن جعفر انه سأل أخاه عليه السلام عن اليهودي والنصراني يدخل يده في الماء أيتوضأ منه للصلاة قال لا الا
ان يضطر إليه ى إسماعيل بن جابر قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما تقول في طعام أهل الكتاب فقال لا تأكله ثم
سكت هنيئة ثم قال لا تأكله ثم سكت هنيئة ثم قال لا تأكله ولا تتركه تقول انه حرام ولكن تتركه تتنزه عنه ان في آنيتهم
الخمر ولحم الخنزير يا من الحسان سعيد الأعرج انه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن سؤر اليهودي والنصراني فقال لا تأكلوا
في آنيتهم ولا من طعامهم الذي يطبخون ولا في آنيتهم التي يشربون فيها الخمر أقول دلت الأحاديث الثلاثة
الأول على نجاسة الكلب وهي عندنا اجماعية غير أن المرتضى رضي الله عنه حكم بطهارة ما لا تحله الحياة منه كعظمه
وشعره وكذلك كل نجس العين عنده واطلاقه عليه السلام في الحديثين الأولين الغسل من إصابة الكلب وفي الثالث
انه رجس نجس يقتضي عدم الفرق بين ما تحله الحياة (وما لا تحله) الحياة وكيف كان فلا يدخل كلب الماء في الحكم بنجاسة الكلب حملا للفظ
على الفرد الشايع المتعارف وخالف في ذلك ابن إدريس لشمول الاسم والأصح الأول والفرق بين غسل الثوب وصب الماء

97
عليه ان الغسل ما كان معه عصر وبدونه يكون صبا قاله المحقق في المعتبر وبه قطع العلامة في المنتهى في بحث الولوغ
فإنه قال لو كان المغسول مما يفتقر إلى الغسل لم يحتسب له غسله الا بعد عصره انتهى والامر بصب الماء لإصابة الكلب جافا
محمول على الاستحباب وكلام بعض علمائنا يعطي وجوبه للامر به ويؤيده ان الظاهر جريان الامرين في هذا الحديث على
وتيرة واحدة وقوله في الحديث الثالث فلم اترك إلى اخره اي لم اترك حيوانا الا سألته عن فضله ولعله أراد ما سوى الخنزير
والكافر والضمير في اغسله للاناء وان لم يتقدم له ذكر لدلالة قوله عليه السلام لا يتوضأ بفضله عليه وذكر الغسل في
قوله عليه السلام اغسله بالتراب يعطي بظاهره مزج التراب بالماء إذ لا بد في تحقق غسل الشئ من جريان مايع عليه
لظهور ان الدلك بالتراب الجاف لا يسمى غسلا وبه حكم الراوندي وابن إدريس ورجحه العلامة في المنتهى وقال
شيخنا الشيخ على أعلى الله قدره في شرح القواعد انه خيال ضعيف فان الغسل حقيقة اجراء الماء فالمجاز لازم على تقديره
مع أن الامر بغسله بالتراب والممزوج ليس ترابا هذا كلامه وناقشه بعض الأصحاب بان حقيقة الغسل وان كانت اجراء الماء
الا ان الحديث لما دل على خلافها كان الحمل على أقرب المجازات إلى الحقيقة أولى فلابد من المزج ولا يذهب عليك ان
هذا يستلزم تجويز أحدهما في الغسل والآخر في التراب واما على القول بعدم المزج فالتجوز انما هو في لفظ الغسل
فقط فعدم المزج أولى كما هو مختار العلامة في مختلفه وقد دل هذا الحديث بصريحه على تقدم التعفير على الغسل بالماء
وبه قال الشيخ رحمه الله في غير الخلاف وهو المشهور بين متأخري الأصحاب وقال المرتضى رضي الله عنه في الانتصار والجمل والشيخ
في الخلاف يغسل ثلث مرات إحديهن بالتراب وهو يعطي جواز تقديم التراب وتأخيره وقال المفيد طاب ثراه في المقنعة يغسل
ثلثا وسطاهن بالتراب ولم نظفر في كتب الحديث المتداولة بما يدل عليه ثم ظاهر الحديث الاكتفاء في غسله بالماء بالمرة
لكن الأكثر على وجوب المرتين بل نقل شيخنا في الذكرى الاجماع على التعدد وذهب ابن الجنيد إلى وجوب الغسل سبعا
إحديهن بالتراب وبه رواية لا يخلو من ضعف ثم الظاهر من اطلاقه عليه السلام الامر بالتعفير قبل الغسل بالماء عدم سقوط التعفير
بغسله في الكثير والجاري والأصحاب فيه مختلفون والأولى عدم سقوطه واعلم أن هذا الحديث نقله المحقق في المعتبر
هكذا وغسله بالتراب أول مرة ثم بالماء مرتين وهذه الزيادة وان لم نظفر نحن بها فيما اطلعنا عليه من كتب الحديث الا ان
المحقق قدس الله روحه مصدق فيما نقله وعدم اطلاعنا عليها في الأصول المتداولة في هذا الزمان غير قادح فان كلامه
رحمه الله تعالى في أوائل المعتبر يعطي انه نقل بعض الأحاديث المذكورة فيه من كتب ليس في أيدي أهل زماننا هذا الا أسماؤها
ككتب الحسن بن محبوب ومحمد بن أبي نصر البزنطي والحسين بن سعيد والفضل بن شاذان وغيرهم فلعله طاب ثراه نقل
هذه الزيادة من بعض تلك الكتب فنسبه بعض الأصحاب لها إلى سهو قلم الناسخ لمجرد عدم ظفره بها في الكتب المتداولة
ليس على ما ينبغي والله أعلم وما دل عليه الحديث الرابع من نضح الثوب من إصابة الخنزير الظاهر أن المراد به اصابته جافا وقوله
عليه السلام الا ان يكون فيه اثر فيغسله يراد به الإصابة برطوبة وظاهر الحديث فعل كل من الامرين في أثناء الصلاة ولعله يتقيد بما إذا لم يتضمن فعلا كثيرا وما تضمنه آخر الحديث من غسل الإناء
سبعا لشرب
الخنزير حمله المحقق في المعتبر على الاستحباب والأولى الوجوب وقد دل الحديث الخامس والسادس والسابع والحادي عشر
على نجاسة الكافر لكن الظاهر حمل الحديث السادس على الاستحباب وقد دل الحديث الثامن بظاهره على زوال نجاسة يد

98
النصرانية بغسلها ولم اطلع على قائل به وقد اتفق أصحابنا رضوان الله عليهم على نجاسة من عدا اليهود والنصارى
والأكثر على أنه لا فرق بينهم وبين غيرهم بل ادعى عليه الشيخ في التهذيب والمرتضى وابن إدريس الاجماع والمنقول عن ابن
أبي عقيل وابن الجنيد والمفيد في المسائل الغرية عدم نجاسة سؤرهم وربما يحتج لهم قدس الله أرواحهم بالحديث التاسع
لأن جواز الوضوء بسؤرهم إذا اضطر إليه دليل طهارته وظني انه لا يبعد ان يقال إن الاضطرار يجوز ان يكون كناية عن التقية
فان المخالفين من العامة على طهارتهم وربما يحتج لهم أيضا بالحديث العاشر كما هو ظاهر ويشعر به تعليله عليه السلام بان في
آنيتهم الخمر ولحم الخنزير فان هذا التعليل يعطي ان نجاستهم لذلك لا لذواتهم وأعيانهم ولا يذهب عليك ان نهيه
عليه السلام عن طعامهم ثم سكوته هنية ثم نهيه ثم سكوته هنية أخرى ثم امره في المرة الثالثة بالتنزه عنه لا تحريمه
مما يؤذن بالتردد في حكمه وحاشاهم سلام الله عليهم من التردد فيما يصدر عنهم من الاحكام فان أحكامهم ليست
صادرة عن الظن بل هم صلوات الله عليهم قاطعون في كل ما يحكمون به وقد لاح لي على ذلك دليل أوردته
في شرحي على الصحيفة الكاملة فهذا الحديث من هذه الجهة معلول المتن وذلك يوجب ضعفه والله أعلم بحقايق
الأمور الفصل الثالث في نجاسة الميتة والدم ولحم الخنزير ستة وعشرون حديثا أ من الصحاح حريز قال
قال أبو عبد الله عليه السلام لزرارة ومحمد بن مسلم اللبن واللباء والبيضة والشعر والصوف والقرن والناب والحافر وكل
شئ يفصل من الشاة والدابة فهو ذكي وان اخذته بعد أن يموت فاغسله وصل فيه ب زرارة عن أبي عبد
الله عليه السلام قال سألته عن الإنفحة يخرج من الجدي الميت قال لا بأس به قلت اللبن يكون في ضرع الشاة وقد ماتت
قال لا بأس به قلت الصوف والشعر وعظام الفيل والبيضة تخرج من الدجاجة فقال كل هذا لا بأس به ج علي بن
جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن فارة المسك يكون مع الرجل وهو يصلي وهو معه في جيبه أو ثيابه فقال
لا بأس بذلك د عبد الله ابن جعفر قال كتبت إليه يعنى أبا محمد عليه السلام هل يجوز للرجل ان يصلى ومعه فارة مسك
قال لا بأس إذا كان ذكيا ه‍ الحلبي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الخفاف التي تباع في السوق قال اشتر وصل
فيها ما لم تعلم أنه ميت بعينه ومحمد بن مسلم قال سألته عن جلد الميت أيلبس في الصلاة إذا دبغ قال لا ولو دبغ
سبعين مرة ز الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا بأس بالصلاة فيما كان من صوف الميتة ان الصوف ليس فيه
روح ح علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الرجل يقع ثوبه على حمار ميت هل تصح الصلاة فيه
قبل ان يغسله قال ليس عليه غسله وليصل فيه ولا بأس ط زرارة قال قلت لأبي جعفر عليه السلام أصاب
ثوبي دم رعاف أو غيره أو شئ من مني فعلمت اثره إلى أن أصيب (له من) الماء فأصبت وقد حضرت الصلاة ونسيت ان بثوبي
شيئا وصليت ثم اني ذكرت بعد ذلك قال تعيد الصلاة وتغسله ى عبد الله ابن أبي يعفور قال قلت لأبي عبد الله
عليه السلام الرجل يكون في ثوبه نقط الدم لا يعلم به ثم يعلم فينسي ان يغسله فيصلي ثم يذكر بعدما صلى أيعيد صلاته
قال يغسله ولا يعيد صلاته الا ان يكون مقدار الدرهم مجتمعا فيغسله ويعيد الصلاة يا عبد الله بن أبي يعفور
قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما تقول في دم البراغيث قال ليس به بأس قال قلت إنه يكثر ويتفاحش قال وان كثر يب

99
علي بن مهزيار قال قرأت في كتاب عبد الله بن محمد إلى أبي الحسن عليه السلام جعلت فداك روى زرارة عن أبي
جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام في الخمر يصيب ثوب الرجل انهما قالا لا بأس ان يصلي فيه انما حرم شربها وروى غير
زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا أصاب ثوبك خمر أو نبيذ يعني المسكر فاغسله ان عرفت موضعه وان لم تعرف موضعه فاغسله كله وان صليت فيه فأعد
صلاتك فأعلمني ما اخذ به فوقع بخطه عليه السلام وقرأته خذ بقول أبي عبد الله عليه السلام يج إسماعيل بن جابر عن أبي
عبد الله عليه السلام في طعام أهل الكتاب قال لا تأكله ولا تتركه تقول انه حرام ولكن تتركه تتنزه عنه ان في آنيتهم الخمر و
لحم الخنزير وقد مر هذا الحديث بتمامه في الفصل السابق يد محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن آنية أهل الذمة
والمجوس فقال لا تأكلوا في آنيتهم ولا من طعامهم الذي يطبخون ولا في آنيتهم التي يشربون فيها الخمر وقد مر هذا
في الفصل السابق أيضا يه عبد الله ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام في البئر فان مات فيها ثور أو نحوه أو صب فيها خمر
نزح الماء كله يو الحلبي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن دواء يعجن بالخمر فقال لا والله ما أحب ان انظر إليه فكيف
أتداوى به فإنه بمنزلة (شحم الخنزير أو) لحم الخنزير يز عبد الله ابن سنان قال سئل أبو عبد الله عليه السلام وانا حاضر اني أعير الذمي ثوبي وانا
اعلم أنه يشرب الخمر ويأكل لحم الخنزير فيرده على فاغسله قبل ان أصلي فيه فقال أبو عبد الله عليه السلام صل فيه ولا تغسله
من اجل ذلك فإنك أعرته إياه وهو طاهر ولم تستيقن نجاسته فلا بأس ان تصلي فيه حتى تستيقن انه نجسة يح معاوية
بن عمار قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الثياب السابرية يعملها المجوس وهم أخباث وهم يشربون الخمر ونساؤهم على تلك
الحال ألبسها ولا اغسلها وأصلي فيها قال نعم قال معاوية فقطعت له قميصا وخطته وفتلت له ازار أو رداء من السابري
ثم بعثت بها إليه في يوم الجمعة حين ارتفع النهار فكأنه عرف ما أريد فخرج بها إلى الجمعة يط الحسن بن أبي سارة قال
قلت لأبي عبد الله عليه السلام ان أصاب ثوبي شئ من الخمر أصلي فيه قبل ان اغسله فقال لا بأس ان الثوب لا يسكر
ك علي بن رئاب قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الخمر والنبيذ المسكر يصيب ثوبي اغسله أو أصلي فيه قال صلي فيه الا ان
تقذره فتغسل منه موضع الأثر ان الله تبارك وتعالى انما حرم شربها كا من الحسان الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال
سألته عن الرجل يصيب ثوبه جسد الميت قال يغسل ما أصاب الثوب كب من الموثقات عمار بن موسى عن أبي عبد
الله عليه السلام قال لا تصل في ثوب اصابه خمر أو مسكر واغسله ان عرفت موضعه فإن لم تعرف موضعه فاغسله كله فان
صليت فأعد صلاتك كج عمار بن موسى عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الدن يكون فيه الخمر هل يصلح ان
يكون فيه خل أو ماء أو كامخ أو زيتون قال إذا غسل فلا باس كد عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا تصل في
بيت فيه خمر لان الملائكة لا تدخله ولا تصل في ثوب قد اصابه خمر أو مسكر حتى يغسل كه عمار عن أبي عبد الله عليه
السلام قال الاناء الذي يشرب فيه النبيذ يغسل سبع مرات كو عبد الله ابن بكير قال سأل رجل أبا عبد الله عليه السلام
وانا عنده عن المسكر والنبيذ يصيب الثوب قال لا بأس به أقول اللباء بكسر أوله أول اللبن عند الولادة
والمراد بالناب مطلق السن وبالحافر ما يشمل الظلف وبالذكي الطاهر والإنفحة بكسر الهمزة وفتح الفاء كرش الحمل والجدي
ما لم يأكل فإذا اكل فهو كرش كذا في الصحاح وقال في القاموس الإنفحة شئ يستخرج من بطن الجدي الراضع اصفر فيعصر

100
في صوفه في اللبن فيغلظ كالجبن ثم قال وتفسير الجوهري الإنفحة بالكرش سهو انتهى وفأرة المسك نافجته والمشهور همزها
والضمير في قوله عليه السلام في آخر الحديث الأول فاغسله الظاهر عوده إلى ما عدا الثلاثة الأول بقرينة قوله عليه السلام وصل
فيه ولو جعلنا الظرفية شاملة للمحمول لعاد إلى ما عدا الأولين فقط ولعل المراد غسل موضع الاتصال بالميتة فلو جز الشعر أو
نشر القرن أو كسر السن أو برئ الحافر لم يجب غسله وان كان ظاهر الحديث العموم وقد يستدل بهذا الحديث على نجاسة الميتة
وفيه ان امره بالغسل لا يتعين ان يكون لمجرد الاتصال بالميتة لاحتمال ان يكون لإزالة ما لا ينفك عنه الشعر والصوف عند
النتف والقرن والناب عند القلع من الاجزاء اللحمية التي لا يجوز الصلاة فيها وقد دل الحديث الثاني بظاهره على طهارة
إنفحة الميتة ولبنها والحديث السابع على نجاسة الميتة وطهارة جميع مالا تحله الحياة منها كما يستفاد من قوله عليه السلام ان
الصوف ليس فيه روح وقد حصروا ما لا تحله الحياة في أحد عشر العظم والسن والظفر والظلف والقرن والحافر والشعر والوبر
والصوف والريش والإنفحة وربما يستفاد من عدهم الإنفحة فيما لا تحله الحياة انها نفس الكرش كما قاله الجوهري لا اللبن
الأصفر المنجمد الذي يكون فيه كما قاله صاحب القاموس والا لعدوا اللبن بل الفرث أيضا وقد اختلف الأصحاب رضي الله عنهم
في طهارة اللبن المستخرج من الميتة فقال الشيخ واتباعه بطهارته بل نقل في الخلاف الاجماع على ذلك ويظهر من كلام شيخنا
في الذكرى الميل إليه وقد دل عليه الحديث الثاني كما مر واما ما ظنه بعض الأصحاب من دلالة الحديث الأول أيضا عليه ففيه
نظر لا يخفى والحق انه لا دلالة فيه على ذلك وقال العلامة في المنتهى المشهور عند علمائنا ان اللبن من الميتة المأكول اللحم
بالذكاة نجس وقال بعضهم هو طاهر ثم إنه استدل على التنجيس بأنه مايع في وعاء نجس وكان نجسا كما لو احتلب في وعاء نجس
ولأنه لو أصاب الميتة بعد حلبها نجس فكذا قبله وبرواية وهب عن أبي عبد الله عليه السلام ان عليا عليه السلام سئل عن شاة ماتت فحلب منها لبن
فقال عليه السلام ذلك الحرام محضا هذا حاصل كلامه طاب ثراه ولقائل ان يقول إن هذه الرواية ضعيفة جدا لان وهبا
من الكذابين المشهورين فكيف يعارض بها الحديث الصحيح المعتضد بالاجماع المنقول وكلية كبرى دليله الأول ممنوعة بل هي
أول المتنازع والنص يرفع الاستبعاد والثاني قياس والحق ان المسألة محل توقف وطريق الاحتياط واضح والله أعلم بحقايق الأمور وقد دل الحديث
الثالث باطلاقه على طهارة فارة المسك سواء انفصلت من الضبي حال حياته أو بعد موته وبه قال العلامة في التذكرة وقال في
المنتهى ان انفصلت عن الضبية حال حيوتها أو بعد التذكية فطاهرة وان انفصلت بعد موتها فالأقرب النجاسة
انتهى والحديث الرابع ربما دل على اشتراط التذكية ان لم يجعل قوله عليه السلام إذا كان ذكيا بمعنى إذا كان طاهرا لم يعرض
له نجاسة من خارج وربما يستدل بالحديث الخامس والسادس والسابع على نجاسة الميتة وأنت خبير بان المنع من الصلاة
في الجلد لا يستلزم نجاسته ويظهر من الصدوق طاب ثراه القول بطهارة جلد الميتة فقد روى في الفقيه مرسلا عن الصادق
عليه السلام انه سئل عن جلود الميتة يجعل فيها اللبن والماء والسمن ما ترى فيه فقال لا بأس ان تجعل فيها ما شئت من ماء أو
لبن أو سمن وتتوضأ منه وتشرب ولكن لا تصل فيها وقد قال رحمه الله في أول كتابه انه لا يورد فيه الا ما يفتى به ويحكم بصحته ويعتقد
انه حجة بينه وبين ربه تعالى وما تضمنه الحديث الثامن من جواز الصلاة في ثوب أصاب حمارا ميتا لعله محمول على ما إذا
اصابه جافا كما أن ما تضمنه الحديث الحادي والعشرون من غسل ثوب أصاب جسد ميت محمول على ما إذا اصابه برطوبة و

101
العلامة طاب ثراه عمل باطلاقه فحكم بتعدي نجاسة الميت إلى المماس له وان كانا يابسين ورجح كون نجاسة المماس مع اليبوسة
حكمية فلو لاقى رطبا لم يحكم بنجاسته والحديث الثامن حجة عليه ولفظة غير في الحديث التاسع مجرورة ويمكن رفعها
أيضا والدم فيه وفي العاشر وان كان شاملا لدم ما لا نفس له لكن أصحابنا رضوان الله عليهم متفقون على عدم نجاسة دم غير ذي النفس كما أنهم سوى ابن الجنيد متفقون على عدم نجاسته
الدم المسفوح قليلا كان أو كثيرا وذهب هو إلى أن الدم الذي دون سعة الدرهم التي هي مقدار عقد الابهام الاعلى لا
ينجس الثوب وعدا هذا الحكم إلى سائر النجاسات والظاهر أنه رحمه الله أراد بعدم تنجيسها الثوب جواز الصلاة فيه معها لا انها
طاهرة وحينئذ فكلامه في الدم لا يخالف كلام الأصحاب وستسمع في هذين الحديثين كلاما مستوفى في بحث لباس المصلي انشاء الله
تعالى وقد دل الحديث الثاني عشر وجملة من الأحاديث المذكورة بعده على نجاسة الخمر وقد أطبق عليه علماء الاسلام من الخاصة
والعامة على ذلك الا شرذمة شاذة منا ومنهم لم يعتد الفريقان بمخالفتهم قال السيد المرتضى رضي الله عنه لا
خلاف
بين المسلمين في نجاسة الخمر الا ما يحكى من شذاذ لا اعتبار بقولهم وقال الشيخ طاب ثراه الخمر نجس بلا خلاف ولم يستثن
رحمه الله أحدا لعدم اعتداده بالمخالف رأسا والأحاديث التي يستدل بها على نجاسته منها ما هو صريح في ذلك أو كالصريح
كالحديث الثاني عشر والثاني والعشرين (والرابع والعشرين) وجريان النهي فيه على وتيرة واحدة غير لازم بحيث لا يجوز خلافه على أن النهي الأول
عند الصدوق محمول على التحريم فعدم الجريان على وتيرة واحدة حاصل على قوله بجواز الصلاة في ثوب اصابه الخمر وكالحديث
السابع عشر فان كلام السائل فيه يعطي انه معتقد نجاسة الخمر فتقرير الإمام عليه السلام له على هذا الاعتقاد كما يظهر من تعليله
عليه السلام يؤذن بصحته والتقرير أحد أنواع السنة الثلاثة والاستدلال بتقرير السائل غير عزيز في كلام الأصحاب رضوان الله
عليهم ولم يتعرض أحد منهم للاستدلال به في هذا الحديث ومنها ما يدل على النجاسة بظاهره كالحديث الثالث عشر
فان في تعليله عليه السلام التنزه عن طعام أهل الكتاب بان في آنيتهم الخمر ولحم الخنزير نوع اشعار بان آنيتهم لكونها قلما تنفك
عن ذلك مظنة النجاسة وان أمكن ان يكون مراده عليه السلام انها قلما تنفك عن الاجزاء الخمرية التي ربما لا يسلم طعامهم
الموضوع فيها من مخالطتها والامتزاج بها وكالحديث الخامس عشر إذا حمل على الوجوب فان الظاهر أن نزح جميع الماء لنجاسته لا
للتعبد ولا لامتزاجه بالاجزاء الخمرية التي لا يسلم شارب ماء البئر من شربها معه وكالحديث السادس عشر فان الظاهر أن جعله
عليه السلام الخمر بمنزلة شحم الخنزير أو لحم الخنزير انما هو في النجاسة وكالحديث الثالث والعشرين (والخامس والعشرين) وان كان ما ذكرناه في الحديث
الخامس عشر جاريا فيهما فهذا ما يستدل به من الأحاديث المعتبرة من جانب القائلين بنجاسة الخمر وقد بقي أحاديث ضعيفة
أوردها الشيخ في كتابي الاخبار لا ثمرة مهمة في نقلها ومما اشتهر الاستدلال به على نجاستها قوله عز من قائل انما الخمر
والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه والرجس وان كان يطلق على غير النجس أيضا الا ان الشيخ في التهذيب
نقل الاجماع على أنه هنا بمعنى النجس ويؤيده مكاتبة خيران الخادم المتضمنة تعليله عليه السلام النهي عن الصلاة في ثوب
اصابه الخمر أو لحم الخنزير بأنه رجس وحينئذ فاما ان يكون خبر بقية المتعاطفات في الآية محذوفا أو يكون رجس هو الخبر عن الكلام
من قبيل عموم المشترك وعموم المجاز ومثله غير عزيز في الكلام وأيضا الامر بالاجتناب يقتضي مطلق المباعدة بأنحائها كما يرشد
قوله عليه السلام في اخر الحديث السادس عشر ما أحب ان انظر إليه فيجب الاجتناب بجميع أنواعه الا ما خرج بالدليل فهذا غاية

102
ما يقال في تقرير الاستدلال بالآية الكريمة وذهب ابن أبي عقيل إلى الطهارة وقال الصدوق لا باس بالصلاة في ثوب اصابه
الخمر لان الله تعالى انما حرم شربها ولم يحرم الصلاة في ثوب اصابته والأحاديث التي يستدل بها من جانبهما بعضها كالصريح في
الطهارة كالحديث التاسع عشر والعشرون وقد أورده الثقة الجليل عبد الله بن جعفر الحميري القمي في كتاب قرب الإسناد وبعضها
انما يدل على الطهارة بظاهره كالسادس والعشرين فان نفي الباس فيه يؤذن بالطهارة وان أمكن ان يكون المراد نفي الباس عن
لبس ذلك الثوب والتمتع به وان لم تجز الصلاة فيه كما قاله الشيخ طاب ثراه في كتابي الاخبار والحق ان الأحاديث المؤذنة بالنجاسة
أكثر والضعيف منها منجبر بالشهرة وعمل جماهير الأصحاب هذا ان تنزلنا ولم نقل بدلالة كلام السيد والشيخ قدس الله سرهما
على الاجماع وأما إذا قلنا بذلك كما فهمه العلامة طاب ثراه من كلاميهما وشيخنا في الذكرى من كلام السيد فلا بحث و
أيضا فمدلول الأحاديث المشعرة بالنجاسة الحظر فيرجح على ما مدلولها الإباحة والشيخ حمل الأحاديث المؤذنة بالطهارة
على التقية جمعا بين الاخبار ولا بأس به فان قلت كما أن حمل هذه الأحاديث على التقية أحد وجوه الجمع فكذلك حمل الأحاديث
المقابلة لها على استحباب الاجتناب فكيف اثر الشيخ رحمه الله ذاك على هذا قلت الحمل على هذا يستلزم مخالفة ما عليه
جماهير الأصحاب رضوان الله عليهم بل مخالفة الاجماع على ما يؤذن كلامه طاب ثراه فلا مناص عن الحمل على التقية فان
قلت إن أكثر العامة قائلون بنجاسة الخمر ولم يذهب إلى طهارتها منهم الا شرذمة نادرة وهم لا يعبأون بهم ولا بقولهم
وما هذا شأنه كيف يتأتي فيه وهو مخالف لما عليه جماهيرهم قلت التقية لا تنحصر في القول بما يوافق علماء العامة
بل ربما يدعو إليها اصرار الجهلاء من أصحاب الشوكة على امر وولوعهم به فلا يمكن إشاعة ما يتضمن تقبيحه ويؤذن بالازراء
بهم على فعله وما نحن فيه من هذا القبيل فان أكثر امراء بني أمية وبني العباس كانوا مولعين بمزاولة الخمر وشربه و
عدم التحرز عن مباشرته بل ربما أم بعض امرءا بنى أمية بالناس وهو سكران فضلا عن أن يكون ثوبه ملوثا به كما هو مذكور
في التواريخ فإشاعة القول بنجاسته يتضمن شدة الشناعة عليهم ويوهم التعريض بهم فلا يعد عند السؤال عن نجاسته
في صدور الجواب منهم عليهم السلام على وجه يؤمن معه من الحمل على الازراء بهم والتشنيع عليهم والله أعلم الفصل
الرابع في نبذ متفرقة ثلاثة عشر حديثا أ من الصحاح هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا تأكلوا لحوم
الجلالة وان أصابك من عرقها فاغسله ب علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الفارة الرطبة
قد وقعت في الماء تمشي على الثياب أيصلى فيها قال اغسل ما رأيت من اثرها وما لم تره فانضحه بالماء ج علي بن جعفر
عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن العظاية والحية والوزغ يقع في الماء فلا تموت فيه أيتوضأ منه للصلاة فقال
لا بأس به وسألته عن فارة وقعت في حب دهن فأخرجت قبل ان تموت أبيعه من مسلم قال نعم ويدهن منه د سعيد
الأعرج قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الفارة تقع في السمن أو الزيت ثم تخرج منه حية قال لا بأس به ه‍ علي بن
جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الرجل يصلح له ان يصب الماء من فيه يغسل به الشئ يكون في ثوبه قال لا
بأس وابن أبي عمير عمن رواه عن أبي عبد الله عليه السلام في عجين عجن وخبز ثم علم أن الماء كان فيه ميتة قال لا بأس
اكلت النار ما فيه ز ابن أبي عمير عن بعض أصحابه قال وما أحسبه الا حفص بن البختري قال قيل لأبي عبد الله

103
عليه السلام يعجن من الماء النجس كيف يصنع به قال يباع ممن يستحل أكل الميتة ح علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام
قال سألته عن رجل امتخط فصار الدم قطعا فأصاب أناه هل يصلح الوضوء منه قال إن لم يكن شئ يستبين في الماء
فلا بأس وان كان شيئا بينا فلا يتوضأ منه ط من الحسان حفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا تشرب من
البان الإبل الجلالة وان أصابك شئ من عرقها فاغسله ى أبو أسامة قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الجنب يعرق
في ثوبه أو يغتسل فيعانق امرأته ويضاجعها وهي حايض أو جنب فيصيب جسده من عرقها قال هذا كله ليس بشئ يا
من الموثقات علي بن يقطين عن أبي الحسن عليه السلام في الرجل يتوضأ بفضل وضوء الحايض فقال إن كانت مأمونة
فلا بأس يب عنبسة بن مصعب عن أبي عبد الله عليه السلام قال اشرب من سؤر الحايض ولا تتوضأ منه يج عيص
بن القسم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن سؤر الحائض فقال توضأ به وتوضأ من سؤر الجنب إذا كانت مأمونة
أقول قد تضمن الحديث الأول والتاسع النهي عن اكل لحوم الجلالة وشرب ألبانها والامر بغسل ما
يصيب من عرقها والنهي المذكور محمول عند أكثر الأصحاب رضوان الله عليهم على التحريم وعند بعضهم كالشيخ في
المبسوط وابن الجنيد على الكراهة وستسمع تحقيق الحق في ذلك في كتاب الأطعمة والأشربة من المنهج الرابع من هذا الكتاب
انشاء الله تعالى واما امره عليه السلام بغسل ما يصيب من عرقها فمحمول عند الشيخين طاب ثراهما على الوجوب فيجب ازالته
عندهما من الثوب والبدن للصلاة ونحوها كسائر النجاسات وعند المتأخرين من علمائنا على الاستحباب ولو قيل
في هذه المسألة بمقالة الشيخين لم يكن بعيدا فان حمل مثل هذين الخبرين المعتبرين على خلاف الظاهر منهما من دون
مقتض لذلك سوى مخالفة ما عليه الأكثر فيه ما فيه والمشهور ان الجلال هو الحيوان المغتدي بعذرة الانسان لا غير
والشيخ في الخلاف والمبسوط على أنه الحيوان الذي غالب غذائه والحق أبو الصلاح بالعذرة سائر النجاسات وكيف كان فلم نظفر
في النصوص بتقدير المدة التي يستحق بها هذا الاسم وقدرها بعضهم بان ينمو بدنه بذلك ويصير جزء منه وآخرون
بيوم وليلة كالرضاع وآخرون بظهور نتن النجاسة التي اغتذى بها في جلده ولحمه وسيرد عليك الكلام المستوفي
انشاء الله تعالى وما تضمنه الحديث الثاني من الامر بغسل الثوب لملاقاة الفارة برطوبة محمول عند الشيخين على الوجوب
وهو ظاهر الصدوق وعند الأكثر على الاستحباب لمعارضته الحديث الثالث من الفصل الثاني والحديث الثالث والرابع
من هذا الفصل وأنت خبير بأنه يمكن ان يقال من جانب الشيخين ان تلك الأحاديث ليس شئ منها نصا في طهارة الفارة
والدهن النجس يجوز بيعه للاستصباح ولا مانع من التدهن به ونفي البأس لعله عن ذلك وقول الفضل في الحديث
الثالث من ذلك الفصل فلم اترك شيئا الا سألته عنه معلوم انه ليس على عمومه لخروج الخنزير والكافر فمراده لم اترك
شيئا مما خطر ببالي وقت السؤال وما تضمنه الحديث الخامس من جواز غسل الشئ بالماء الموضوع في الفم مما لا كلام فيه
وان كان ذلك الشئ نجسا إذ لا دخل لالة الصب في ذلك نعم لو خرج الماء عن الاطلاق بممازجة لعاب الفم لم يجز إزالة
النجاسة به الا عند المرتضى رضي الله عنه حيث جوز إزالة النجاسة بالمضاف وقد تضمن الحديث السادس بظاهره على
طهارة العجين النجس بالخبز وبه قال الشيخ في النهاية ويؤيده ما رواه عبد الله ابن الزبير عن أبي عبد الله عليه السلام انه سأله عن

104
البئر تقع فيها الفارة أو غيرها من الدواب فتموت فيعجن من مائها أيؤكل ذلك الخبز قال إذا اصابه النار فلا باس
بأكله والمشهور عدم الطهارة والحديث السابع صريح في ذلك مع أن السادس غير صريح في نجاسة ذلك الماء لجواز كون
الميتة من غير ذي النفس كالعقرب والخنفساء مثلا ويكون قوله عليه السلام اكلت النار ما فيه اي من السم والقذارة و
ما دل عليه ظاهر الحديث الثامن من عدم تنجس الماء بما لا يدركه حس البصر من الدم ذهب إليه الشيخ طاب ثراه والمشهور
خلافه وأجاب العلامة في المختلف عن التمسك بهذا الحديث بعدم دلالته على إصابة الدم ولا يلزم من إصابة الاناء اصابته
وأورد عليه ان علي بن جعفر رضي الله عنه من أعاظم الفقهاء فكيف يسأل عن جواز الوضوء بالماء بمجرد وصول النجاسة إلى
ظاهر الاناء وربما يقال إنه رضي الله عنه كان متيقنا لإصابة الاناء لكنه شاك في أن اصابته له من خارجه فقط أو من داخل
بحيث يكون قد أصاب الماء أيضا فكأنه يسأل ان الشك في إصابة النجاسة للماء هل يؤثر في المنع من الوضوء به أم لا ومثل
هذا لا يبعد السؤال عنه ويصير قوله عليه السلام ان لم يكن يستبين إلخ في قوة قوله ان لم يتيقن إصابة الماء الخ ولا يخفى
ما فيه من التكلف فان تنزيل كلام العلامة طاب ثراه عليه تكلف على تكلف ثم إنه قدس الله روحه قال إن هذا الحديث
معارض برواية علي بن جعفر في الصحيح عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن رجل رعف وهو يتوضأ فقطر قطرة في
انائه هل يصح الوضوء منه قال لا وأنت خبير بما في هذه المعارضة فان النزاع فيما لا يدركه حس البصر لا في القطرة ونحوها
والظاهر أن ما يطلق عليه اسم القطرة لا يعجز حس البصر عن ادراكه فتأمل والحديث العاشر مما استدل باطلاقه العلامة في المختلف
على طهارة عرق الجنب من الحرام ردا لما ذهب الشيخان والصدوق من نجاسته والشيخ في الخلاف نقل على نجاسته
الاجماع واستدل عليها في التهذيب بالحديث التاسع من الفصل الأول وقد مر فيه طرف من الكلام وربما يستدل
له بما رواه محمد بن همام باسناده إلى إدريس بن زياد الكفرتوثي انه كان يقول بالوقف فدخل سر من رأى في عهد أبي
الحسن عليه السلام وأراد ان يسأله عن الثوب الذي يعرق فيه الجنب أيصلى فيه فبينا هو قائم في طاق باب لانتظاره عليه السلام إذ حركه
أبو الحسن بمقرعة وقال إن كان في حلال فصل فيه وان كان من حرام فلا تصل فيه وما دل عليه الحديث الحادي عشر
والثالث عشر بمفهوميهما من النهي عن الوضوء بسؤر الحائص الغير المأمونة محمول على الكراهة وقد دل الحديث
الثاني عشر على عدم كراهة الشرب من سؤرها ويظهر منه الاهتمام ببعد ماء الوضوء عن شائبة النجاسة أشد من الاهتمام
ببعد ماء الشرب عنها وهذا الحديث وان كان شاملا للمأمونة وغيرها لكنه محمول على غير المأمونة كما في سابقه و
لاحقه والله أعلم
المطلب الثاني في احكام المياه والتطهير من النجاسات وما يتبع ذلك من احكام الأواني و
الغسالات وفيه فصول (سبعة وخاتمة) الفصل الأول في طهورية الماء وانفعاله بالتغير بالنجاسة مطلقا وبمجرد ملاقاتها
ان كان راكدا دون الكر تسعة أحاديث أ من الصحاح جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام ان الله جعل التراب طهورا
كما جعل الماء طهورا وقد مر في بحث التيمم ب حريز عن أبي عبد الله عليه السلام قال كلما غلب الماء على ريح الجيفة
فتوضأ من الماء واشرب فإذا تغير الماء وتغير الطعم فلا تتوضأ ولا تشرب ج أبو خالد القماط انه سمع أبا عبد الله عليه
السلام يقول في الماء يمر به الرجل وهو نقيع فيه الميتة والجيفة (فقال) ان كان الماء قد تغير ريحه أو طعمه فلا تشرب ولا تتوضأ منه

105
وان لم يتغير ريحه وطعمه فاشرب وتوضأ د محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شئ
ه‍ معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام مثله وأحمد بن (محمد بن أبي) نصر قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يدخل يده في الاناء
وهي قذرة قال يكفئ الاناء ز علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الحمامة والدجاجة وأشباههن
تطأ العذرة ثم تدخل الماء يتوضأ منه للصلاة قال لا الا ان يكون الماء كثيرا قدر كر من ماء ح من الحسان محمد بن ميسر
قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل ينتهي إلى الماء القليل في الطريق ويريد ان يغتسل منه وليس معه اناء يغرف
به ويداه قذرتان قال يضع يده ويتوضأ ويغتسل هذا مما قال الله عز وجل ما جعل عليكم في الدين من حرج ط الحلبي
عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال في الماء الآجن يتوضأ منه الا ان تجد ماء غيره فتنزه عنه أقول الطهور
هو المطهر لغيره وما زعمه أبو حنيفة من أن الطهور والطاهر بمعنى واحد خطأ لمخالفته كلام المحققين من أهل اللغة و
لان فعولا من صيغ المبالغة والطهارة لا تقبل الشدة والضعف فتحمل المبالغة على التعدي إلى الغير بان يكون طاهرا في نفسه
مطهر لغيره وقد روى العامة قوله ص طهور اناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب ان يغسله سبعا وظاهر ان المراد المطهر و
أيضا فقد استفاض قوله (ص) (جعلت لي الأرض مسجدا وترابها طهورا ولو أراد الطاهر لم تثبت المزية وأيضا فقد قال (ص) وقد سئل عن الوضوء بماء البحر هو الطهور ماؤه الحل ميتته ولو لم يرد المطهر لم يحسن
الجواب وما تضمنه الحديث الثاني والثالث من نجاسة الماء بتغير ريحه أو طعمه بالنجاسة مما لا خلاف فيه ويدور
على السنة الأصحاب ان تغير لونه أيضا كذلك ولم أظفر به في اخبارنا صريحا وما ينقل من قوله (ص) خلق الله الماء طهورا
لا ينجسه الا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه فخبر عامي مرسل ولو قيل إن تغير اللون بذي طعم أو ريح لا ينفك عن التغير
بأحدهما لم يكن بعيدا بل ربما يدعي ان انفعال الماء بلون النجاسة متأخر في الرتبة عن انفعاله برائحتها أو طعمها فاستغنى
بذكرهما عن ذكره واطلاق الماء في هذين الحديثين مما استدل به لابن أبي عقيل رحمه الله على عدم انفعال القليل بدون
التغير ويرد باستفادة التقييد من غيرهما كمفهوم الرابع والخامس ومنطوق السادس والسابع والمراد بالنقيع الماء
الراكد وعطف الجيفة على الميتة من عطف الخاص على العام فان الجيفة جثة الميتة إذا انتنت وقد دل الحديثان على شرب
الماء المتغير بالنجاسة وهو مما لا خلاف فيه كما لا خلاف في تحريم شرب مطلق النجس لغير الضرورة وقد
يستفاد من قوله
عليه السلام في الحديث الثاني كلما غلب الماء على ريح الجيفة فتوضأ من الماء واشرب انه لو كان للماء رايحة كالمياه الزاجية والكبريتية
مثلا فسترت رايحة الماء رايحة الجيفة لم ينجس وان كانت بحيث لو خلا الماء عن تلك الرائحة لظهرت لصدق غلبة الماء على
ريح الجيفة وهو كما ترى ثم المتبادر من التغير في قوله عليه السلام فإذا تغير الماء وتغير الطعم ومن قوله عليه السلام في الحديث
الثالث ان كان الماء قد تغير ريحه أو طعمه هو التغير الحسي واعتبر جماعة من علمائنا إذا كانت النجاسة مسلوبة الأوصاف
الثلاثة التغير التقديري وهو غير بعيد وقوله عليه السلام في الحديث السادس يكفي الاناء اي يريق ما فيه اما بفتح حرف
المضارعة من كفا أو بضمه من اكفا ويظهر من الجوهري ان اكفا لم يثبت عن العرب فإنه قال كفات الاناء قلبته وزعم
ابن الأعرابي ان اكفاته لغة انتهى والحق انها لغة فصيحة لورودها في مقبولة عبد الرحمن بن كثير الهاشمي عن الصادق عليه السلام
قال بينا أمير المؤمنين عليه السلام ذات يوم جالس مع ابن الحنفية رضي الله عنه إذ قال له يا محمد ايتني باناء من ماء أتوضأ

106
للصلاة فاتاه محمد بالماء فأكفاه بيده اليمنى على يده اليسرى الحديث وأمره عليه السلام باكفاء الاناء لإصابته القذر
يمكن ان يستدل باطلاقه للمفيد وسلار على نجاسة الماء الكثير في الآنية والحق ان الاطلاق مبني على الغالب من عدم
سعة الاناء كرا كما قاله في المنتهى وما تضمنه الحديث الثامن من تجويزه عليه السلام وضع اليد القذرة في الماء
القليل والوضوء منه مما يحتج به لابن أبي عقيل على عدم انفعال القليل بمجرد الملاقاة ولعل المراد بالقليل العرفي لا الشرعي
أو المراد الشرعي ولكن مع الجريان ثم لا يخفى دلالة هذا الحديث بظاهره على مجامعة الوضوء لغسل الجنابة فهو يؤيد ما
ذكره الشيخ في التهذيب من استحبابه معه اللهم الا ان يراد بالوضوء غسل اليدين أو يكون الضمير في يتوضأ عائدا إلى الرجل بتجريده
عن وصف الجنابة وقد دل الحديث التاسع على كراهة الوضوء بالماء الآجن مع القدرة على غيره والآجن اسم فاعل من أجن
الماء إذا تغير لونه وطعمه والظاهر أن تغير الريح لازم لتغيرهما ولو فرض انفكاكه عنهما بان يتغير ريحه فقط فالظاهر عدم كراهة
الوضوء به لأنه لم يثبت تسميته اجنا والله أعلم
الفصل الثاني في تقدير الكثير من الراكد سبعة أحاديث أ من الصحاح
ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام قال الكر (من الماء) الف وماتا رطل ب إسماعيل بن جابر قال قلت لأبي
عبد الله عليه السلام الماء الذي لا ينجسه شئ قال ذراعان عمقه في ذراع وشبر سعته ج إسماعيل بن جابر قال سألت أبا عبد
الله عليه السلام عن الماء الذي لا ينجسه شئ قال كر قلت وما الكر قال ثلاثة أشبار في ثلاثة أشبار د محمد بن مسلم عن أبي
عبد الله عليه السلام قال قلت له الغدير فيه ماء مجتمع يبول فيه الدواب وتلغ فيه الكلاب ويغتسل فيه الجنب قال إذ كان قدر كر
لم ينجسه شئ والكر ستمأة رطل ه‍ صفوان بن مهران الجمال قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الحياض التي بين مكة و
المدينة تردها السباع وتلغ فيها الكلاب وتشرب منها الحمير ويغتسل فيها الجنب أيتوضأ (منها) فقال وكم قدر الماء فقلت
إلى نصف الساق وإلى الركبة قال توضأ منه ومن الحسان عبد الله بن المغيرة عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال الكر من الماء نحو
حبي هذا وأشار إلى حب من الحباب التي تكون في بالمدينة ز زرارة قال إذا كان الماء أكثر من راوية لم ينجسه شئ تفسخ فيه أو لم
يتفسخ الا ان يجئ له ريح يغلب على ريح الماء
أقول قد تضمنت هذه الأحاديث تقدير الكثير من الراكد بالوزن
والمساحة بالشبر والذارع وبلوغه نصف الساق أو الركبة وكونه نحو حب من أحباب المدينة وكونه أكثر من راوية اما الوزن
فقد تضمن الحديث الأول انه الف وماءتا رطل والأصحاب رضوان الله عليهم مختلفون في أن المراد الرطل العراقي وهو
مأة وثلاثون درهما كل درهم ثمان وأربعون شعيرة من أوسط حب الشعير أو المدني الذي هو مأة وخمسة وتسعون درهما
أعني رطلا ونصفا بالعراقي فالشيخان وابن البراج وابن حمزة وابن إدريس على الأول وهو المشهور ويؤيده انه هو المناسب
لرواية الأشبار وبه يحصل الجمع بين الحديث الأول والرابع من أن الكر ستمأة رطل لحمله على رطل مكة وهو ضعف الرطل
العراقي والسيد المرتضى وابن بابويه على الثاني للاحتياط ولأن الظاهر أنهم عليهم السلام أجابوا بما هو عرف بلدهم ورد بأنه
لا احتياط في الانتقال إلى التيمم بمجرد ملاقاة النجاسة لذلك المقدار وإجابتهم على عرف بلدهم ليس أقرب من الإجابة على
عرف بلد السائل ولعله في الحديث الأول عراقي فان المرسل كذلك واما التقدير بالمساحة بالأشبار كما تضمنه الحديث
الثالث فأقوال أصحابنا رضوان الله عليهم فيه أربعة الأول القول المشهور وهو انه ما بلغ تكسيره اثنين وأربعين شبرا

107
وسبعة أثمان وقد تضمنته رواية أبي بصير قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الكر من الماء كم يكون قدره قال
إذا كان الماء ثلاثة أشبار ونصفا في مثله ثلاثة أشبار ونصف في عمقه من الأرض فذلك الكر من الماء وهذه الرواية ضعيفة
لجهالة أحمد بن محمد بن يحيى ووقف عثمن بن عيسى (فاتهما في طريقها) واشتراك أبي بصير وربما يطعن في متنها أيضا لخلوه عن بيان قدر
العمق كما قاله شيخنا الشهيد الثاني طاب ثراه في شرح الارشاد وأنت خبير بان الاكتفاء في المحاورات بالمقام ودلالة
سوق الكلام شايع على أنه يمكن توجيهها على وجهه يسلم به من هذه أيضا بإعادة الضمير في قوله عليه السلام في (مثله إلى ما دل عليه قوله ع) ثلاثة أشبار
ونصفا أي في مثل ذلك المقدار لا في مثل الماء إذ لا محصل له وكذا الضمير في قوله عليه السلام في عمقه اي في عمق ذلك
المقدار من الأرض وأيضا فالظاهر على تقدير الاغماض عن هذا التوجيه هو ان المسكوت عنه فيها انما هو العرض واما
العمق فبين لان قوله عليه السلام في عمقه من الأرض اما حال من مثله أو نعت لثلاثة أشبار الذي هو بدل من ولولا الحمل
على هذا لصار قوله ع في عمقه من الأرض كلاما منقطعا متهافتا وحاشا مثلهم عن التلفظ بمثله القول الثاني انه ما بلغ
تكسيره سبعة وعشرين شبرا وقد دل عليه الحديث الثالث وهو قول الصدوقين وسائر القميين والعلامة في المختلف وشيخنا
المحقق الشيخ علي في حواشي المختلف والقول به غير بعيد وعدم التصريح بمقدار العمق في الحديث غير قادح فيه لدلالة
سوق الكلام عليه كما قلنا في الرواية السابقة ومثله في المحاورات كثيرا القول الثالث انه مأة شبر مكسر وهذا
القول لابن الجنيد ومستنده غير معلوم والقول الرابع للقطب الراوندي وهو انه ما بلغ مجموع ابعاده الثلاثة عشرة
أشبار ونصفا وكأنه رحمه الله عمل برواية أبي بصير لكنه لم يحمل لفظة في فيها على معنى الضرب بل على ما يفيد معنى المعية
والجمع اي إذا ما ضمت ابعاده الثلاثة بعضها إلى بعض حصل عشرة أشبار ونصف ولا يخفى ما في التحديد على هذا التقدير
من شدة التفاوت فان الماء الذي مجموع ابعاده الثلاثة عشرة أشبار ونصف كما قد يكون مساحته مساوية لمساحة الكر
على القول المشهور كما هو ظاهر فقد يكون ناقصة عنها قريبة منها كما لو فرض طوله وعرضه ثلاثة وعمقه أربعة ونصفا فان
مساحته حينئذ أربعون شبرا ونصف وقد يكون بعيدة عنها جدا كما لو فرض طوله ستة وعرضه أربعة وعمقه نصف
شبر فان مساحته اثني عشر شبرا وجعل شيخنا الشهيد الثاني طاب ثراه في شرح الارشاد أبعد الفروض عنها ما
لو كان كل من عرضه وعمقه شبرا وطوله عشرة أشبار ونصفا وهو محل كلام لوجود ما هو أبعد منه كما لو كان طوله تسعة
أشبار وعرضه شبرا واحدا وعمقه نصف شبر فان مساحته أربعة أشبار ونصف وأيضا ففي كلامه قدس الله روحه مناقشة
أخرى إذ الابعاد الثلاثة في الفرض الذي ذكره رحمه الله انما هي اثنا عشر شبرا ونصف الا عشرة ونصف هذا وأنت خبير بان صدور
مثل هذا التحديد العظيم الاختلاف والشديد التفاوت عن القطب الراوندي رحمه الله لا يخلو من غرابة والذي يظهر ان مراده
طاب ثراه ان الكر هو الذي لو تساوت ابعاده الثلاثة لكان مجموعها عشرة أشبار ونصفا وحينئذ ينطبق كلامه على المذهب
المشهور والله أعلم بحقايق الأمور واما التقدير بالمساحة بالأذرع كما تضمنه الحديث الثاني فهو غير شديد البعد عن
التقدير المشهور فان المراد بالذراع ذارع اليد وهو شبران تقريبا والمراد بكون سعته ذراعا وشبرا كون كل من طوله و
عرضه ذلك المقدار فيبلغ تكسيره على هذا التقدير ستة وثلثين شبرا ولم اطلع على قائل به من الأصحاب وما نقله شيخنا

108
في الذكرى عن ابن طاوس من أنه مال إلى رفع النجاسة بكل ما روى لا يخرج في الحقيقة عن قول القميين فان الظاهر أنه
يحمل الزائد عليه على الندب واما التقدير ببلوغ الماء إلى نصف الساق وإلى الركبة كما تضمنه الحديث الخامس فهو
مبنى على ما علمه عليه السلام من مقدار أطوال تلك الحياض وعروضها فان السؤال صريح في أن تلك الحياض كانت
معينة معروفة واما التقدير بكونه نحو حب من حباب المدينة كما تضمنه الحديث السادس وبكونه أكثر من راوية كما في
الحديث السابع فيمكن تنزيله على أحد المذهبين الأولين ولعل تنزيله على الثاني أقرب لان اتساع الحب والراوية لما
تقارب الكر بالمذهب الأول نادر والله أعلم ثم لا يخفى عليك ان اشكال الحيضان والغدران شديدة الاختلاف ومعرفة
مساحتها والعلم ببلوغها الكرية لا يتيسر غالبا الا بالرجوع إلى ما يقتضيه القواعد الحسابية والأصول الهندسية ولم
يتصدى الأصحاب قدس الله أرواحهم لبسط الكلام في ذلك مع أنه من المهمات والخوض فيه أهم من خوضهم في حساب الوصايا المبهمة
والاقرارات وميراث الخناثي ومن تحرر بعضه وغير ذلك فإنها أمور لا يتفق وقوعها الا نادرا بخلاف ما نحن فيه فإنه مما
يكثر الاحتياج إليه ويتوافر الدواعي إلى الاطلاع عليه فلا بأس باطلاق عنان القلم في هذا الباب وان أدى ذلك إلى الاطناب
وقد كان سبق مني في عنفوان الشباب املاء رسالة في هذه المسألة فرأيت أن أورد خلاصتها في هذا الكتاب مع زيادات لطيفة
تهش إليها الطباع القويمة ويتشحذ بها الأذهان المستقيمة فأقول وبالله التوفيق ان المساحة المبحوث عنها هنا هي
استعلام ما في الماء من أمثال مكعب الشبر وابعاضه ليعلم انه هل بلغ الكر أم لا والمراد بمكعب الشبر مجسم ما يحيط به ستة
مربعات متساوية طول كل من أضلاعها شبر فمعنى قولهم الكر ما بلغ تكسيره اثنين وأربعين شبرا وسبعة أثمان شبر انه
ما اشتمل على اثنين وأربعين مجسما تاما كل منها مكعب الشبر ومجسم اخر هو سبعة أثمان مكعبة ثم أصول الصور هنا سبع و
عشرون فان الطول اما صحيح أو كسر أو مركب منها وعلى كل من الثلث فالعرض كذلك وعلى كل من التسع فالعمق كذلك فإن كان
كل من الابعاد الثلاثة صحيحا فظاهر وان كان كل منها كسرا فمعلوم انه عن بلوغ الكرية بمراحل بقي خمس وعشرون صورة
جزئياتها غير محصورة وبعضها ربما يسهل ضربه جدا كالصورة الدائرة على الألسنة الممثل بها في الرواية
وهي ما بلغ كل
من الأقطار الثلاثة ثلاثة أشبار ونصفا وبعضها ربما يحتاج في تسهيله إلى بعض الأعمال الحسابية كالتجنس وهو جعل الصحيح
من جنس الكسر بان يضرب الصحيح في مخرج الكسر ويزيد صورة الكسر على الحاصل فنقول إذا كان في كل من الجانبين كسر
فإما ان يكون في كل منهما صحيح فتضرب مجنس أحد الطرفين في مجنس الاخر أو يختص الصحيح بأحدهما فتضرب مجنسه في
صورة كسر الطرف الآخر ويحفظ الحاصل ثم يضرب مخرج أحد الكسرين في مخرج الاخر ويحفظ الحاصل أيضا ثم تقسم
الحاصل الأول على الحاصل الثاني ان لم يكن أقل منه وتنسبه منه ان كان أقل فما صار فهو المطلوب فلو كان الطول ثلاثة أشبار
ونصفا والعرض شبرين وثلاثة أرباع والعمق أربعة أشبار وربعا فالحاصل من ضرب مجنس الطول في مجنس العرض سبعة
وسبعون ومن ضرب المخرج في المخرج ثمانية والخارج من القسمة تسعة وخمسة أثمان وهي الحاصل من ضرب الطول في
العرض مجنسها سبعة وسبعون ومجنس العمق سبعة عشر ومضروب أحدهما في الآخر وهو الحاصل الأول الف وثلاثمأة
وتسعة ومضروب المخرج في المخرج أعني الحاصل الثاني اثنان وثلاثون والخارج من القسمة أربعون وسبعة أثمان فهذا

109
الماء ينقص من الكر بشبرين وقد جرينا في الأمثلة على ما هو المشهور من أن الكر ما بلغ تكسيره اثنين وأربعين شبرا وسبعة أثمان شبر
وإذا كان الكسر في أحد الجانبين فقط فإن كان معه صحيح فاضرب مجنس الطرف ذي الكسر في الطرف الصحيح والا فاضرب
سورة الكسر في الطرف الصحيح والقسم الحاصل على التقديرين على مخرج الكسر أو تنسبه منه فلو كان الطول اثني عشر شبرا والعرض خمسة
أشبار وثلثا والعمق ثلاثة أرباع شبر فاضرب الاثني عشر في مجنس الخمسة والثلث أعني ستة عشر يحصل مأة واثنان
وتسعون فاقسمها على الثلاثة التي هي المخرج يخرج أربعة وستون تضربها في صور الثلاثة أرباع وهو ثلاثة يحصل مأة واثنان
وتسعون فاقسمها على الأربعة يخرج ثمانية وأربعون فهذا الماء يزيد على الكر بخمسة أشبار وثمن شبر وهنا نكتة
يحسن التنبيه عليها وهي ان ماء الحوض المربع الذي كل من ابعاده الثلاثة ثلاثة أشبار ونصف يزيد عند التحقيق على
النصاب الشرعي بشئ يسير لما بين في موضعه من أن الماء أينما وقع يكون قطعة من سطح كرى مركزه مركز الأرض وعليه
بناء المسألة المشهورة من زيادة ما يحويه الاناء وهو في قعر البئر على ما يحويه وهو على رأس المنارة فلا يكون السطح المماس
للهواء من الماء مستويا بل هو محدب فماء الحوض المذكور يزيد في الحقيقة الكر بقطعة صغيرة جدا من كرة نصف قطرها
مساو لبعد محدب الماء عن مركز الأرض لكن لما كانت هذه الزيادة في غاية القلة والحقارة بحيث لا يدركها الحس؟؟
لم يكن لها اعتبار في نظر الشارع فان قلت لعل الشارع لاحظ هذه الزيادة لكنه لم يصرح باعتبارها للزومها للحيضان والغدران
في الجملة وعدم انفكاكها عنها ولبعد هذه التدقيقات عن أكثر الافهام قلت هذا يؤدي إلى أن لا يكون الماء الخالي عن
الانحداب المذكور كرا عنده كالموضوع في ظرف مكعب منطبق عليه من جميع الجوانب مساحة جوفه اثنان وأربعون شبرا وسبعة
أثمان شبر والظاهر أنه مما لا ارتياب في كريته وان أمكن البحث الجدلي فيه ثم الاشكال المسطحة التي يمكن وقوع الحيضان
والغدران عليها غير محصورة ولنذكر طريق مساحة المشهور منها وإذا عرفت مساحة السطح وكانت مساحة العمق كلها على نسبته
ضربت ما حصل من مساحته في أشبار العمق فنقول ان كان الحوض على شكل الدائرة فطبق خيطا على محيطها ثم خذ ثلثه وهو
قطرها بالتقريب المشهور واضرب نصف عدد أشباره (في نصف عدد أشبار المحيط) والحاصل في عدد أشبار العمق ففي حوض مستدير محيطه أحد وعشرون
شبرا وعمقه شبران تضرب نصف قطره أعني ثلاثة ونصفا في عشرة ونصف يحصل ستة وثلاثون وثلاثة أرباع فاضربه
في اثنين يحصل ثلاثة وسبعون ونصف فالحوض المذكور يزيد على الكر بثلثين شبرا وخمسة أثمان شبر وهذه صورته
وان كان على هيئة نصف الدائرة فتضرب نصف القطر في ربع المحيط هكذا
وان كان على هيئة القطاع وهو ما أحاط به قوس من الدائرة وخطان متساويان هما نصفا قطرها
يلتقيان عند مركزها فإن كان القوس أعظم من نصفها فهو القطاع الأكبر أو أقل منه فهو القطاع الأصغر هكذا
فتضرب نصف القطر في نصف القوس وان كان على هيئة قطعة الدائرة وهي ما أحاط
به قوس من دائرة غير نصفها وخط مستقيم وهي اما عظمي أو صغرى كالقطاع فحصل
المركز وكملها قطاعين ليحصل مثلث داخلي أو خارجي تزيد مساحة الداخلي على مساحة
القطاع ليحصل مساحة العظمى أو تنقص مساحة الخارجي من مساحة القطاع ليبقى مساحة الصغرى هكذا

110
وان كان هلاليا وهو ما أحاط به قوسان غير أعظم من نصفي دائرتين وتحديبهما إلى جهة
واحدة أو نعليا وهو كذلك الا ان كلا من القوسين أعظم فصل بين طرفيهما وانقص مساحة
القطعة الصغرى من مساحة العظمى هكذا وان كان اهليلجيا وهو ما
أحاط به قوسان متساويان محدباهما إلى جهتين كل منهما أقل من نصف الدائرة أو شلجميا وهو كذلك الا ان كلا من
القوسين أعظم فاقسم كلا منهما إلى قطعتين وامسحهما هكذا وان كان مثلثا
فإن كان قائم الزاوية فاضرب أحد الضلعين المحيطين بها في نصف الآخر وان كان منفرج الزاوية فاضرب
العمود المخرج منها على وترها في نصف الوتر وان كان حاد الزوايا فاضرب العمود المخرج من أيها شئت على وترها في نصف
ذلك الوتر هكذا وان كان ذا أربعة أضلاع
فإن كان قائم الزوايا متساوي الأضلاع وهو المربع فاضرب أحد أضلاعه في نفسه أو متساوي كل متقابلين فقط
وهو المستطيل ففي مجاورة أو متساوي الأضلاع متوازيها غير قائم الزوايا لكن كل متقابلتين متساويتان وهو
المعين
فاضرب نصف أحد قطريه في كل الاخر أو كان كالمعين في غير تساوى الأضلاع لكن يتساوي كل متقابلين منها وهو الشبيه
بالمعين فاقسمه إلى مثلثين وامسحهما هكذا
وهكذا تفعل ان كان ذا زنقة واحدة وهو ما كان ضلعان منه متوازيين والآخران غير متوازيين لكن أحدهما
عمود على المتوازيين أو ذا زنقتين وهو كذلك الا انه ليس شئ من غير المتوازيين فيه عمودا على شئ من المتوازيين أو
على هيئة قثاء وهو ما لا شئ من أضلاعه الأربع موازيا لشئ منها هكذا
وان كان مخمسا أو مسدسا أو مسبعا أو مثمنا أو متسعا أو معشرا أو ذا أحد عشر قاعدة أو ذا اثني عشر قاعدة فصاعدا
فاقسمه إلى مثلثات فالمخمس إلى ثلاثة والمسدس إلى أربعة والمسبع إلى خمسة وهكذا فمجموع مساحتها مساحته
وهكذا يفعل ان كان مطبلا وهو ما يحصل من ذي زنقتين متساويتين اتصالا بأقصر متوازيتهما هكذا
ولك قسمة المسدس إلى مستطيل ومثلثين
والمثمن إلى مربع وأربع مثلثات هكذا
والأسهل في المسدس والمثمن فصاعدا مما أضلاعه زوج ان تضرب نصف قطره في مجموع أضلاعه
وقطره هو الواصل بين ضلعيه المتقابلين وان كان مدرجا وهو المنبري فاقسمه إلى ذوات
أربعة أضلاع وامسحها هكذا وان كان مشرفا فان كانت شرفاته مستديرة فصل بين أطرافها
لتصير قطعا أو يحدث شكل مستقيم الأضلاع مربع أو غيره فامسحه وأضف إليه مساحة القطع فمجموع
المساحتين مساحة المجموع هكذا وقس عليه ما إذا كان بعض الشرفات مستديرا وبعضها غير مستدير هكذا
ولو كان الكل غير مستدير حصل بالوصل اشكال مستقيمة الأضلاع هكذا
فاعمل بكل منها ما يقتضيه واجمع الحواصل وفي كل هذه الاشكال يضرب حاصل مساحة

111
السطح في العمق ان كان نزوله على نسبة السطح كما مر والا فإن كان نزوله على التضايق سمي شكل الماء مخروطا و
هو جسم صنوبري يحيط به سطح مستو هو قاعدته واخر اخذ من محيطها متضايقا (إلى نقطة) والخط الواصل بينها وبين مركز
القاعدة مهمه فإن كان عمودا على القاعدة سمى المخروط قائما والا فمائلا وان كانت قاعدته مستديرة فمستدير
أو مضلعة فمضلع ومساحته مطلقا بضرب مساحة قاعدته في ثلث ارتفاعه وان قطع المخروط بمستو مواز لقاعدته
سمى ما يليها مخروطا ناقصا فإن كان مستديرا فاضرب قطر قاعدته العظمى في ارتفاعه وأقسم الحاصل على التفاوت
بين قطري القاعدتين يحصل ارتفاعه لو كان تاما والتفاضل بين ارتفاع التام والناقص ارتفاع المخروط الأصغر
المتمم له فاضرب ثلثه في مساحة القاعدة الصغرى يحصل مساحته فأسقطها من مساحة التام يبقى مساحة الناقص وان
كان مضلعا فاضرب ضلعا من قاعدته العظمى في ارتفاعه وأقسم الحاصل على التفاضل بين أحد أضلاعها واخر من الصغرى
ليحصل مساحة التام وأكمل العمل كما عرفت وما لم نذكره من الاشكال يمكن التوصل إلى معرفة مساحته باستعانة ما ذكرناه
هذا إذا كانت أضلاعها مستقيمة أو فرجارية أو مركبة من النوعين لا غير وكذا سطوحها واما ان كانت بأجمعها
غير فرجارية ولا مستقيمة أو كان بعضها منها كذلك فلا سبيل إلى معرفة مساحتها الا بالتقريب والله أعلم ولا بأس
بايراد بعض المسائل الحسابية تمرينا لطباع الطالبين وتشحيذا لأذهان الراغبين وهذه المسائل أورد بعضها سلطان
المحققين نصير الملة والحق والدين الطوسي قدس الله روحه في رسالته الجبرية المشهورة ولكن في لباس لا مناسبة له بالمباحث
الفقهية إذ لم يكن غرضه نور الله مرقده في تلك الرسالة متعلقا بأبواب الفقه والعلامة طاب ثراه نقل بعضها في كتاب نهاية
الاحكام بعد ما كساه لباسا فقهيا يناسب مبحث البيع ونحن كسوناها لباسا يناسب مبحث الطهارة وقد أوردنا ما عدا
الرابعة منها في رسالتنا الموسومة بخلاصة الحساب والله ولي التوفيق المسألة الأولى حوض له أربعة أنابيب يملا
أحديها كرا في يوم والأخرى كرا في يومين والثالثة في ثلاثة أيام والرابعة في أربعة فأطلق شخص الأنابيب الأربع إليه
في أول النهار دفعة واحدة وحلف ان يتوضأ من ذلك الحوض في أول وقت بلوغ ماءه الكرية فان أراد ان يعرف في اي وقت
من النهار يبلغ الكرية ليتوضأ منه فطريق استخراج هذه المسألة ونظائرها بالأربعة المتناسبة ان تقول لا ريب ان الأربع
تملأ في يوم واحد كرين ونصف سدس كر فنسبة يوم واحد إلى اثنين ونصف سدس كنسبة الزمان المجهول إلى كر واحد
فالمجهول أحد الوسطين فنضرب أحد الطرفين في الآخر وينسب الحاصل وهو واحد إلى الوسط المعلوم بخمسين وخمسي خمسه
وهي نسبة اثني عشر إلى خمسة وعشرين فيتوضأ بعد مضي خمسي النهار وخمسي خمسه فلو كان النهار اثني عشر ساعة مثلا
توضأ بعد مضي خمس ساعات (وخمس وأربعين دقيقة) وست وثلثين ثانية المسألة الثانية حوض ورد عليه جماعة
فطهروا فيه ثيابهم ثم سقوا بسدس مأة دوابهم وبخمس ما بقي أغنامهم وبثلاثة أثمان ما بقي إبلهم ثم ساروا عنه وقد بقي في
أسفله خمسمأة رطل عراقي من الماء ثم شكوا بعد ذلك في أنه هل كان في وقت التطهير كرا أم لا فكيف السبيل إلى استعلام ذلك
فبطريق الأربعة المتناسبة نقول إن هذا السؤال يرجع في الحقيقة إلى قولنا اي عدد إذا نقص منه ثلاثة وربعه بقي خمسمأة
فنحصل المخرج المشترك أعني اثني عشر ونسقط منه الكسرين تبقى خمسة فنسبة الاثني عشر إليها كنسبة المجهول أعني ان طال

112
الحوض إلى خمسمأة والمجهول أحد الوسطين فنضرب أحد الطرفين في الآخر ونقسم الحاصل وهو ستة آلاف على الوسط المعلوم
أعني خمسة يخرج الف ومأتان فقد كان ذلك الحوض كرا من دون زيادة ولا نقصان وبطريق الجبر نفرض مقدار أرطاله
شيئا وننقص منه ثلثه وربعه يبقى ربع شئ وسدسه معادلا لخمسمأة فنقسم الصحيح على الكسر يخرج الف وماءتان وبالخطاين
نفرضه مأة وعشرين رطلا فالخطأ الأول أربعمأة وخمسون ثم نفرضه مائتين وأربعين فالخطأ الثاني في أربعمأة
فالمحفوظ
الأول أعني مضروب الفرض الأول في الخطأ الثاني ثمانية وأربعون ألفا والمحفوظ الثاني أعني مضروب الفرض الثاني في الخطأ
الأول مأة الف وثمانية آلاف والفضل بين المحفوظين ستون ألفا وبين الخطأين خمسون وخارج قسمة الأول على الثاني
الف ومأتان وبطريق التحليل نقول لما كان الثلث والربع من كل عدد يساوى ما بقي منه وخمسه فنزيد على الخمسمأة مثلها
وخمسها فما اجتمع فهو مقدار ماء الحوض وهذا طريق مختصر لطيف المسألة الثالثة حوض مستطيل طوله عشرة
أشبار وعرضه شبر واحد وعمقه مجهول أقيم فيه قصبة ملصقة بأحد حائطيه الأقصرين فكان الخارج منها من الماء
خمسة أشبار فأمالها شخص مع ثبات طرفها في قعره حتى غاب رأسها في الماء حين لصوقه بالحايط الاخر ثم توضأ منه
وسافر عنه ثم ظهر عليه ان الخارج من تلك القصبة كان نجسا فكيف الطريق إلى العلم بأنه وقت الوضوء كان كرا أم لا
ليحكم بصحة الوضوء أو فساده فطريق استخراجها بالجبر والمقابلة ان نفرض الغائب في الماء من تلك القصبة شيئا فيكون
جميعها خمسة وشيئا ولا ريب ان القصبة بعد الميل وتر قائمة أحد ضلعيها العشرة الأشبار التي بين المطلع والمغيب أعني
طول الحوض والضلع الاخر القدر الغائب منها أعني الشئ المجهول الذي هو عمق الحوض فنقول مربع مجموع القصبة أعني خمسة
وعشرون ومالا وعشرة أشياء وهو مساو لمربعي العشرة والشئ أعني مأة ومالا يشكل العروس وبعد اسقاط المشترك يبقى عشرة
أشياء معادلة لخمسة وسبعين والخارج من القسمة سبعة ونصف وهو عمق ذلك الحوض فهو يزيد على الكر باثنين وثلثين
شبرا وثمن شبر وبطريق الخطأين نفرض القصبة خمسة عشر شبرا فمربعها مأتان وخمسة وعشرون ومربعا الضلعين
الآخرين مأتان لان الغائب منها في الماء على هذا التقدير عشرة فالخطأ الأول خمسة وعشرون إذا مربع وتر القائمة لا
بد ان يساوي مربعي ضلعيها بشكل العروس ثم تفرضها عشرين شبرا فمربعها أربعمأة ومربعا الضلعين الآخرين ثلاثمأة و
خمسة وعشرون فالخطأ الثاني خمسة وسبعون فالمحفوظ الأول الف ومأة وخمسة وعشرون والمحفوظ الثاني خمسمأة
والفضل بين المحفوظين ستمأة وخمسة وعشرون وبين الخطأين خمسون وخارج القسمة اثنا عشر ونصف وهو مقدار مجموع
القصبة المسألة الرابعة حوض مستطيل طوله أربعة عشر شبرا وعرضه ثلاثة أشبار وعمقه شبران وعلى طرفي
طوله شجرتان طول إحديهما ستة أشبار وطول الأخرى ثمانية أشبار فسقط فيه جلد ميتة استوعب عمود الماء وانقسم به الماء
إلى قسمين أحدهما أزيد من كر والاخر انقص منه ثم قطر من القسم الذي يلي القصيرة قطرة على أحد الثوبين ومن القسم الذي
يلي الطويلة قطرة على الثوب الاخر فطار إلى الجلد طايران من رأسي الشجرتين طيرانا متساويا بحسب المسافة حتى تلاقيا عليه و
أخذاه وخفي علينا مكانه من الماء فلم يدر هل كان أقرب إلى القصيرة أم إلى الطويلة فكيف السبيل إلى معرفة ذلك ليصلي
في الثوب الطاهر ويجتنب النجس فطريق استخراجها بالجبر والمقابلة ان نفرض ما بين أصل القصيرة وموضع الجلد شيئا

113
وبين ضلعي القائمة مال وستة وثلاثون فجذره مقدار ما طار الطائر وهو ستة وشئ بشكل العروس وما بين أصل الطويلة
وموضع الجلد أربعة عشر الا شيئا مربعه مأة وستة وتسعون ومال الا ثمانية وعشرين شيئا ومربع الطويلة وموضع الجلد أربعة و
ستون ومجموعهما مأتان وستون مال الا ثمانية وعشرين شيئا وهو يعدل مالا وستة وثلثين لفرض تساوى طيرانهما
وإذا جبرت وقابلت بقي مائتان وأربعة وعشرون تعدل ثمانية وعشرين شيئا وخارج القسمة ثمانية وهي ما بين القصيرة
وموضع الجلد وهذا هو القسم الذي كان زائدا على الكر ويبقى ما بين الطويلة وبينه ستة وهذا هو القسم الذي كان دون
الكر وبطريق الخطأين نفرض ما بين القصيرة وموضع الجلد خمسة أشبار فما بين الطويلة وبينه تسعة فمربعا الضلعين
الأولين أحد وستون ومربعا الاخر ين مأة وخمسة وأربعون فالخطأ الأول أربعة وثمانون ثم نفرضه أربعة فمربعا الضلعين
الأولين اثنان وخمسون ومربعا الآخرين مأة وأربعة وستون فالخطأ الثاني مأة واثنا عشر فالمحفوظ الأول خمسمأة وستون
والمحفوظ الثاني ثلاثمأة وستة وثلاثون والفضل بين المحفوظين مأتان وأربعة وعشرون وبين الخطأين ثمانية وعشرون
وخارج القسمة ثمانية المسألة الخامسة حوض خال من الماء حضره جماعة عددهم مجهول ومعهم دلو يسع رطلا عراقيا
من الماء فصب فيه أحدهم دلوا والاخر دلوين والثالث ثلاثة والرابع أربعة وهكذا يتزايد دلوا حتى فرغوا فاغتسل أحدهم فيه من
الجنابة ثم سقوا منه دوابهم بذلك الدلو حتى فرغ الحوض فأصاب كل واحد خمسة وعشرون دلوا ثم بعد ما ساروا عنه وتفرقوا
ظهر ملاقاته لنجاسة قبل الغسل فكيف السبيل إلى العلم بأنه هل كان وقت الغسل كرا أم لا ليحكم بصحة الغسل أو فساده فطريق
استخراجها بالجبر والمقابلة ان نفرض عدد مجموع الدلاء شيئا ونأخذ طرفيه أعني واحدا وشيئا ونضربه في نصف الشئ يحصل
نصف مال ونصف شئ فهو عدد الدلاء لان مضروب الواحد مع اي عدد في نصف ذلك العدد يساوى مجموع الاعداد المتوالية
من الواحد إليه فاقسم عدد الدلاء على شئ هو عدد الجماعة ليخرج خمسة وعشرون كما قال السائل (فاضرب)
في الشئ وهو المقسوم عليه يحصل
خمسة وعشرون شيئا يعدل نصف مال ونصف شئ وبعد الجبر والمقابلة مال يعدل تسعة وأربعين شيئا فالشئ تسعة وأربعون
وهي عدد الجماعة فاضربها في خمسه وعشرين يحصل الف ومأتان وخمسة وعشرون رطلا فذلك الحوض يزيد على الكر
بخمسة وعشرين رطلا عراقيا ولو فرض ان الذي أصاب كل واحد من الجماعة كان أربعة وعشرين دلوا لكان ذلك الحوض ناقصا
عن الكر باثنين وسبعين رطلا وبالخطأين نفرض الجماعة ثلاثة وعشرين فالخطأ الأول ثلاثة عشر ثم تسعة وعشرون و
الخطأ الثاني عشرة والمحفوظ الأول مأتان وثلاثون والمحفوظ الثاني ثلاثمأة وسبعة وسبعون والفضل بينهما مأة وسبعة
وأربعون والفضل بين الخطأين ثلاثة والخارج من قسمة الفضل بين المحفوظين على الفضل بين الخطأين تسعة وأربعون فافعل
بها ما مر ليحصل عدة الدلاء ولاستخراج هذه المسألة وأمثالها طريق آخر هو أسهل من طريق الجبر والخطأين جدا وهو ان
تضعف ما انتهى إليه السؤال أعني المقدار الذي أصاب كل واحد من الجماعة وينقص من مضعفه واحدا ابدا فما بقي فهو عدد الجماعة
فاستعلم منه عدد الدلاء فلو كان الذي أصاب كل واحد ثلثين دلوا لنقصنا من الستين واحد أو ضربنا الباقي في الثلثين
ليحصل عدد الدلاء وعلى هذا القياس ولنقتصر على هذه المسائل الخمس خوفا من الاطناب ومن أتقنها سهل عليه استخراج كثير
من مسائل هذا الباب ومن الله العصمة والتوفيق الفصل الثالث في عدم انفعال ماء الغيث وماء الحمام بمجرد ملاقاة النجاسة

114
وحكم ماء الاستنجاء وما رفع به الحدث الأكبر اثنا عشر حديثا أ من الصحاح هشام بن سالم انه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن
السطح تبال عليه فتصيبه السماء (فيكف) فيصيب الثوب قال لا بأس به ما أصابه من الماء أكثر ب علي بن جعفر قال سألت أبا الحسن
عليه السلام عن البيت يبال على ظهره ويغتسل من الجنابة ثم تصيبه السماء أيؤخذ من مائه فيتوضأ به للصلاة قال إذا جرى فلا
بأس به ج داود بن سرحان عن أبي عبد الله عليه السلام في ماء الحمام قال هو بمنزلة الماء الجاري د محمد بن النعمان عن أبي عبد
الله عليه السلام قال قلت له استنجي ثم يقع ثوبي فيه وانا جنب قال لا بأس به ه‍ عبد الملك بن عتبة الهاشمي قال سألت أبا عبد
الله عليه السلام عن الرجل يقع ثوبه في الماء الذي استنجى به أينجس ذلك ثوبه قال لا والفضيل بن يسار عن أبي عبد الله
عليه السلام في الرجل الجنب يغتسل فينضح من الماء في الاناء فقال لا بأس ما جعل عليكم في الدين من حرج ز صفوان بن مهران
الجمال قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الحياض التي بين مكة والمدينة تردها السباع وتلغ فيها الكلاب وتشرب منها الحمير
ويغتسل فيها الكلاب ويشرب منها الحمير ويغتسل فيها الجنب ويتوضأ (أيتوضأ منها) قال وكم قدر الماء فقلت إلى نصف الساق والى
الركبة قال توضأ منه وقد مر هذا الحديث في الفصل السابق ح محمد بن إسماعيل بن بزيع قال كتبت إلى من يسأله عن الغدير
يجتمع فيه ماء السماء ويستقى فيه من بئر فيستنجي فيه الانسان من البول أو يغتسل فيه الجنب ما حده الذي لا يجوز فكتب لا توضأ
من مثل هذا الا من ضرورة إليه ط محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال سألته عن ماء الحمام فقال ادخله بإزار ولا
يغتسل من ماء آخر الا ان يكون فيه جنب أو يكثر أهله فلا يدري فيه جنب أم لا ى هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام
في ميزابين سألا أحدهما بول والاخر ماء فاختلطا فأصاب ثوب رجل لم يضر ذلك يا محمد النعمان قال قلت لأبي عبد الله
عليه السلام اخرج من الخلاء فاستنجي في الماء فيقع ثوبي في ذلك الماء الذي استنجيت به قال لا بأس به يب سماعة عن أبي عبد
الله عليه السلام قال إذا أصاب الرجل جنابة فليفرغ على كفيه فليغسلهما إلى أن قال ثم يفيض الماء على جسده كله فما انتضح من
مائه في انائه بعد ما صنع ما وصفت فلا بأس أقول استفادوا من الحديثين الأولين والعاشر ان ماء
الغيث ما دام متقاطرا كالجاري فان انقطع تقاطره فكالواقف في اعتبار الكرية والمراد بالسماء المطر ويمكن حمله على المعنى
المتعارف المتبادر على معنى إصابة السماء له بمطرها ووكف السطح يكف وكفا ووكيفا إذا قطر منه الماء إلى البيت وقوله عليه السلام
في الحديث الثاني إذا جرى فلا بأس لعلة مستند الشيخ رحمه الله في اشتراط الجريان من ميزاب ونحوه والعلامة طاب ثراه
في المنتهى حمل الجريان على النزول من السماء وهو كما ترى والمراد بماء الحمام (في الحديث الثالث) ما في حياضه الصغار التي دون الكر واطلاق
الحديث شامل لذي المادة وعديمها لكن اشتراط المادة مستفاد من رواية بكير بن حبيب عن أبي جعفر عليه السلام قال ماء
الحمام لا بأس به إذا كانت له مادة وابن حبيب وان كان مجهول الحال الا ان جمهور الأصحاب تلقوا روايته هذه بالقبول فلعل
ضعفها ينجبر بذلك وهل يشترط الكرية في المادة اطلاق هذه الرواية يقتضي عدم الاشتراط واليه ذهب المحقق طاب ثراه
في المعتبر وأكثر من تأخر عنه على خلافه مستندين إلى العمومات الدالة على انفعال القليل بالملاقاة وهذا وان كان أقرب
إلى جادة الاحتياط الا ان (قول) المحقق قدس الله روحه غير بعيد عن التحقق فان جعله عليه السلام له بمنزلة الجاري كالصريح في
عدم اشتراط الكرية نعم يتجه اشتراطها عند العلامة أعلى الله مقامه حيث اشترطها في الجاري اما هم قدس الله أرواحهم

115
فحيث لم يشترطوا الكريه فيه ينبغي ان لا يشترطوها فيما هو بمنزلته على ما نطق به النص الصحيح والحاصل
ان تنزيله عليه السلام
له بمنزلة الجاري أخرجه عن حكم القليل فلا يلزم من الحكم بانفعال القليل بالملاقاة الحكم بانفعاله بها فكما خرج ماء
الاستنجاء وماء المطر عن هذا الحكم بنص خاص خرج هذا أيضا ومع هذا فاشتراط الكرية فيه هو الأحوط كما قلناه ويستفاد
مما تضمنه الحديث الرابع والحادي عشر من نفي البأس عن وقوع الثوب في ماء الاستنجاء والحديث الخامس من عدم تنجس
الثوب لوقوعه فيه انه طاهر لا انه نجس معفو عنه كما نسبه شيخنا في الذكرى إلى المحقق في المعتبر واطلاق هذه الأحاديث يؤذن
بعدم الفرق في ذلك بين المخرجين ولا بين المتعدي وغيره الا ان يتفاحش بحيث لا يصدق على ازالته اسم الاستنجاء ولا بين ان
ينفصل مع الماء اجزاء من النجاسة متميزة أو لا واشترط العلامة في النهاية عدم زيادة الوزن وتبعه شيخنا في الذكرى
ودليله غير ظاهر نعم يشترط عدم تغيره بالنجاسة وعدم وقوعه على نجاسة خارجة وما تضمنه الحديث السادس من نفي
الباس عن نضح ماء غسل الجنابة في الاناء الذي يغتسل منه وما تضمنه الحديث السابع من تجويز الوضوء بماء اغتسل فيه الجنب
والثامن من تجويزه عند الضرورة مما يستدل به على ما هو المشهور بين المتأخرين وعليه المرتضى رضي الله عنه من عدم خروج
الماء المستعمل في الطهارة الكبرى عن الطهورية أعني صلاحيته لرفع الحدث ثانيا اما جواز إزالة الخبث به فقد نقل العلامة في
المنتهى عليه الاجماع والقائلون بخروجه عن الطهورية هم الشيخان والصدوق ويمكن ان يستدل لهم بالحديث التاسع فان
المنصوب في أدخله والمجرور في فيه الظاهر أنهما يعودان إلى ماء الحمام فإنه هو المسؤول عنه وقد ورد في حديث آخر النهي عن
دخول الماء بغير ازار وبالحديث الثاني عشر فإنه يدل على أن ما نضح في الاناء قبل اكمال الغسل مشتمل على الباس وبما
رواه عبد الله ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال لا بأس بأن يتوضأ بالماء المستعمل وقال الماء الذي يغسل به الثوب أو
يغتسل به الرجل من الجنابة لا يجوز ان يتوضأ منه وأشباهه وبما رواه حمزة بن أحمد عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال لا تغتسل
في البئر التي يجتمع فيها ماء الحمام فإنه يسيل فيها ماء يغتسل به الجنب وولد الزنا والناصب لنا أهل البيت وهاتان الروايتان
ضعيفتان جدا ومع ذلك فالحمل على الكراهة ممكن جمعا بين الاخبار سيما وفي بعضها نوع اشعار بذلك كما رواه في الكافي
عن أبي الحسن الرضا عليه السلام أنه قال من اغتسل من الماء الذي قد اغتسل فيه فأصابه الجذام فلا يلومن الا نفسه واطلاق
الغسل في هذا الخبر يشمل الغسل الواجب والمندوب وفي كلام المفيد طاب ثراه في المقنعة تصريح بأفضلية اجتناب الغسل و
الوضوء بماء استعمل في طهارة مندوبة ولعل مستنده هذا الحديث وأكثرهم لم يتنبهوا له والله أعلم
الفصل الرابع في حكم
البئر عند ملاقاة النجاسة تسعة أحاديث أ من الصحاح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول لا يغسل
الثوب ولا يعاد الصلاة مما وقع في البئر الا ان ينتن فان أنتن غسل الثوب وأعاد الصلاة ونزحت البئر ب علي بن جعفر عن
أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن بئر ماء وقع فيها زنبيل من عذرة رطبة أو يابسة أو زنبيل من سرقين أيصلح الوضوء منها
قال لا باس ج محمد بن إسماعيل بن بزيع عن الرضا عليه السلام قال ماء البئر واسع لا يفسده شئ الا ان يتغير د محمد بن
إسماعيل بن بزيع عن الرضا عليه السلام قال ماء البئر واسع لا يفسده شئ الا ان يتغير ريحه أو طعمه فينزح حتى يذهب الريح ويطيب
طعمه لان له مادة ه‍ أبو أسامة وأبو يوسف يعقوب بن عيثم عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا وقع في البئر الطير والدجاجة

116
والفارة فانزح منها سبع دلاء قلنا فما تقول في صلاتنا ووضوءنا وما أصاب ثيابنا فقال لا بأس وزرارة عن أبي
عبد الله عليه السلام قال سألته عن الحبل يكون من شعر الخنزير يستقي به الماء من البئر هل يتوضأ من ذلك الماء قال لا بأس
ز عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال إذا اتيت البئر وأنت جنب فلم تجد دلوا ولا شيئا تغترف به فتيمم بالصعيد
فان رب الماء رب الصعيد ولا تقع في البئر ولا تفسد على القوم ماءهم وقد مر هذا الحديث في بحث التيمم ح علي بن يقطين
عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال سألته عن البئر يقع فيها الدجاجة والحمامة والفارة والكلب أو الهرة قال يجزيك ان تنزح
منها دلاء فان ذلك يطهرها انشاء الله تعالى ط محمد بن إسماعيل بن بزيع قال كتبت إلى رجل أسأله ان يسأل أبا الحسن الرضا
عليه السلام عن البئر يكون في المنزل للوضوء فيقطر فيها قطرات من بول أو دم أو يسقط فيها شئ من عذرة كالبعرة أو نحوها
ما الذي يطهرها حتى يحل الوضوء منها للصلاة فوقع عليه السلام بخطه ينزح منها دلاء أقول أقوال علمائنا رضي الله عنهم
في نجاسة البئر بمجرد ملاقاة النجاسة وعدمها ثلاثة عدم النجاسة بدون المتغير النجاسة مطلقا التفصيل ببلوغ مائها الكر
وعدمه فالأول مذهب أكثر المتأخرين والثاني مذهب جمهور المتقدمين والثالث قول الشيخ أبي الحسن محمد الهروي
من قدماء أصحابنا واما ما ذهب إليه العلامة في المنتهى وفاقا للشيخ في التهذيب من عدم نجاستها ووجوب النزح تعبدا فهو
لا يخرج عن القول الأول فجعل الأقوال في نجاسة البئر بالملاقاة أربعة وجعل هذا القول قسيما للقول الأول كما فعله
بعض الأصحاب ليس على ما ينبغي ولفظة من في الحديث الأول للسببية وأنتن الشئ فهو منتن بضم الميم و (
فتح)؟ التاء و (كسرها)؟ و
الزنبيل في الحديث الثاني بكسر الزاء والفتح خطأ فان شرطه حذف النون فإذا حذفتها فلابد من تشديد الباء والسرقين
بكسر السين معرب سركين بفتحهما والمراد به هنا السرقين النجس فان علي بن جعفر فقيه فلا يسأل عن الطاهر والمراد بالافساد
في الحديث الثالث والرابع مطلق التنجيس واما ما ذكره الشيخ طاب ثراه في الاستبصار من أن المعنى لا يفسده شئ افسادا
لا يجوز الانتفاع بشئ منه الا بعد نزح جميعه الا ما يغيره فلا يخفى بعده وهذان الخبران يناديان بعدم نجاسة البئر
بالملاقاة كما قبلهما أو ما بعدهما وقد يخدشان معا بان دلالتهما على ذلك من الدلالة بالعموم ودلالة الاخبار الاخر على
النجاسة بأشياء مخصوصة من الدلالة بالخصوص وما يدل بخصوصه مقدم عند التعارض على ما يدل بعمومه وفيه انه لا ملازمة
بين النزح من تلك الأشياء وبين نجاسة الماء بها لجواز ان يكون النزح لإزالة النفرة والاستقذار الحاصلين من وقوع
تلك الأشياء كما يشعر به الحديث الخامس وعليه يحمل ما تضمنه الحديث الثامن من قوله عليه السلام فان ذلك يطهرها انشاء الله
وكان ما تضمنه الحادي عشر من الفصل الآتي واطلاق الطهارة على المعنى اللغوي غير عزيز وقد يخدش الثاني منهما
بان ما تضمنه من حصر الافساد في تغيير الريح والطعم متروك الظاهر للقطع بنجاسة الماء بتغير لونه بالنجاسة وجوابه يعرف
مما أسلفناه في أوايل الفصل الأول فلا نعيده وهذا الحديث مما استدل به بعض الأصحاب على بطلان ما ذهب إليه العلامة
طاب ثراه من اشتراط الكرية في الجاري لأنه عليه السلام جعل العلة في عدم الفساد بدون المتغير أو في الطهارة بزواله وجود
المادة والعلة المنصوصة حجة هذا كلامه وفيه نظر لاحتمال ان يكون قوله عليه السلام لان له مادة تعليلا لترتب ذهاب
الريح وطيب الطعم على النزح كما يقال لازم غريمك حتى يعطيك حقك لأنه يكره ملازمتك وكما يقال الزم الحمية حتى

117
يذهب مرضك فان الحمية رأس الدواء ومثل ذلك في الكلام كثير ومع قيام الاحتمال يسقط الاستدلال وما تضمنه
الحديث الخامس من نفيه عليه السلام الباس عن الوضوء بذلك الماء وعما أصاب الثوب منه صريح في عدم النجاسة والظاهر أن السؤال
عن وقوع الحيوانات الثلاثة مع الموت وما تضمنه من الامر بالنزح ربما يستدل به من جانب القائلين بوجوب النزح تعبدا و
الحمل على الاستحباب أقرب وما تضمنه الحديث السادس من نفي البأس عن الوضوء بما يستقى من البئر بحبل من شعر الخنزير قد
يستدل بظاهره على عدم نجاسة البئر بالملاقاة إذا الظاهر عدم انفكاك ماء البئر عن ملاقاة الحبل الذي يستقى به منها و
اما احتمال ان يكون هذا الحبل موصولا بحبل آخر طاهر فبعيد وأيضا فزرارة لا يسأل عن مثله ولا يخفى ان هذا الحديث
لا يقوم حجة على من يقول بمقالة السيد المرتضى رضي الله عنه من عدم نجاسة ما تحله الحياة من نجس العين بل له ان
يجعله مؤيدا لمقالته كما أنه يصلح ان يجعل مؤيدا لمقالة ابن أبي عقيل في عدم انفعال القليل إذ الظاهر أن ماء الدلو لا ينفك عن
ملاقاة الحبل ولا عن تساقط قطرات منه إليه والحديث السابع مما استدل به القائلون بنجاسة البئر بالملاقاة إذ امره عليه
السلام بالتيمم يدل على تنجس الماء لو وقع فيه كما صرح عليه السلام في قوله ولا تفسد على القوم ماءهم والظاهر أنه انما يتم لو حمل
على أن بدن الجنب كان متنجسا ببعض النجاسات العينية ولا دلالة في الحديث عليه بل ظاهره تعليق الافساد على نفس الوقوع
في البئر وهو يعطي كون المراد بالافساد اما رفع الطهورية كما هو مذهب الشيخين والصدوقين في الماء المستعمل في رفع الحدث
الأكبر أو إثارة الحماءة أو حصول النفرة وستسمع في هذا المقام كلاما في الفصل الآتي انشاء الله تعالى والحديث الثامن من أحسن
ما استدل به القائلون بالتنجيس وكذا الحديث التاسع لكن الظاهر أنهما لا ينهضان لمعارضة الأحاديث المتكثرة الدالة على الطهارة
المعتضدة بالأصل وبراءة الذمة وعمومات الكتاب والسنة مع أن ظاهرهما التسوية في مقدار النزح بين تلك الأشياء والقائلون
بالنجاسة لا يقولون بذلك فالأولى حملهما على ما قلناه من النزاهة وإزالة النفرة جمعا بين الاخبار ولعل في اطلاقه عليه
السلام الدلاء من غير تعيين عددها نوع اشعار بذلك لكنك خبير بان قول السائل في الحديث التاسع حتى يحل الوضوء منها
مما لا يجامع هذا الحمل اللهم الا ان يقال إن الحل انما هو بمعنى الإباحة أعني تساوى الطرفين ونحن نقول بكراهة استعمال ذلك
الماء قبل النزح فلا يتساوى استعماله وعدمه وستسمع في هذا الحديث كلاما مبسوطا في الفصل الآتي فانتظره والله الهادي
الفصل الخامس في مقادير النزح اثنا عشر حديثا أ من الصحاح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن سقط
في البئر دابة صغيرة أو نزل فيها جنب نزح منها سبع دلاء فان مات فيها ثور أو نحوه أو صب فيها خمر نزح الماء كله ب
أبو أسامة عن أبي عبد الله عليه السلام في الفأرة والسنور والدجاجة والكلب والطير قال إذا لم يتفسخ أو يتغير طعم الماء فيكفيك خمس
دلاء وان تغير الماء فخذ منه حتى تذهب الريح ج الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا سقط في البئر شئ صغير فمات
فيها فانزح منها دلاء قال فان وقع فيها جنب فانزح منها سبع دلاء وان مات فيها بعير أو صب فيها خمر فلينزح د محمد بن
مسلم عن أحدهما عليهما السلام في البئر تقع فيه الميتة قال إن كان له ريح نزح منها عشرون دلوا وقال إن دخل
الجنب البئر
نزح منها سبع دلاء ه‍ معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام في البئر يبول فيها الصبي أو يصب فيها بول أو خمر فقال ينزح الماء كله
ومحمد بن إسماعيل بن بزيع قال كتبت إلى رجل أسأله ان يسأل أبا الحسن الرضا عليه السلام عن البئر يكون

118
في المنزل للوضوء فيقطر فيها قطرات من بول أو دم أو يسقط فيها شئ من عذرة كالبعرة ونحوها ما الذي يطهرها حتى
يحل الوضوء منها للصلاة فوقع عليه السلام في كتابي بخطه ينزح منها دلاء وقد مر هذا الحديث في الفصل السابق ز علي بن
جعفر عن أخيه موسى قال سألته عن رجل ذبح شاة فاضطربت فوقعت في بئر ماء وأوداجها تشخب دما هل يتوضأ من ذلك
البئر قال ينزح منها ما بين الثلثين إلى الأربعين دلوا ثم يتوضأ منها ولا بأس به وسألته عن رجل ذبح دجاجة أو حمامة فوقعت
في بئر هل يصلح ان يتوضأ منها قال ينزح منها دلاء يسيرة ثم يتوضأ منها وسألته عن رجل يستقي من بئر فرعف فيها هل يتوضأ
منها قال ينزح منها دلاء يسيرة ح زرارة ومحمد بن مسلم ويزيد بن معاوية العجلي عن أبي عبد الله عليه السلام وأبي جعفر
عليهما السلام في البئر تقع فيها الدابة والفارة والكلب والطير فيموت قال يخرج ثم ينزح من البئر دلاء ثم اشرب وتوضأ ط
أبو مريم قال حدثنا جعفر عليه السلام قال كان أبو جعفر عليه السلام يقول إذا مات الكلب في البئر نزحت وقال جعفر عليه السلام
إذا وقع فيها ثم اخرج منها حيا نزح منها سبع دلاء ى معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الفارة والوزغة تقع
في البئر قال ينزح منها ثلث دلاء يا من الموثقات عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث طويل قال وسئل عن بئر يقع
فيها كلب أو فارة أو خنزير قال ينزف كلها فان غلب عليها الماء فلينزف يوما إلى الليل ثم يقام عليها قوم يتراوحون اثنين اثنين
فينزفون يوما إلى الليل وقد طهرت يب عمار قال سئل أبو عبد الله عليه السلام عن رجل ذبح طيرا فوقع بدمه في البئر
فقال ينزح منها دلاء هذا إذا كان ذكيا فهو هكذا وما سوى ذلك مما يقع في بئر الماء فيموت فيه فأكثره الانسان ينزح منها سبعون
دلوا وأقله العصفور ينزح منها دلو واحد وما سوى ذلك فيما بين هذا أقول ربما يظن أن ما تضمنته
هذه الأخبار من النزح لوقوع هذه الأشياء دلالة صريحة على نجاسة البئر لوقوعها فيها وهو كما ترى فان احتمال ان يكون النزح
ليطيب الماء ويزول النفرة الحاصلة من وقوعها قائم وفي الحديث الخامس من الفصل السابق نوع اشعار بذلك كما مر ولعل
في اطلاق الدلاء في كثير من الأحاديث من دون تعيين عددها ايماء إلى ذلك فهو في قوة ان يقال انزح مقدار ما يزول به
النفرة ويطيب معه الماء وربما جعل اختلاف أعدادها المعينة في الشئ الواحد قرينة على ذلك أيضا ويمكن حمل الاختلاف (على اختلاف)
الابار كبرا وصغرا واختلاف منابعها ضيقا وسعة وعلم الإمام عليه السلام (بحالة) البئر المسؤول عنه وما تضمنه الحديث الأول
من الدابة المقيدة بالصغيرة يمكن حمله على الطير والدجاجة والفارة بقرينة ما سبق في الحديث الخامس من الفصل السابق
وربما حملت على ما دون الثور ونحوه في الجثة بقرينة وقوعه في مقابلتها والأول أقرب إلى الاحتياط والحاق السا بالسبعة
مع اشتهار تأنيث الدلو مؤيد لما قاله بعض اللغويين من أنه قد يذكر أيضا وما تضمنه من نزح السبع لنزول الجنب قد ورد
به اخبار كثيرة من الصحاح وغيرها وقد وقع في بعضها تعليق النزح على النزول كما في هذا الحديث وفي بعضها على الوقوع
كما في الحديث الثالث وفي بعضها على الدخول كما في الرابع وفي بعضها على الغسل كرواية أبي بصير قال سألت أبا عبد
الله عليه السلام عن الجنب يدخل في البئر فيغتسل منها قال ينزح منها سبع دلاء والتعبير بالغسل هو الموجود في كتب
الفروع والأولى الاطلاق كما تضمنته الأحاديث الصحيحة وفاقا لشيخنا المحقق الشيخ على أعلى الله قدره فان قلت لعل
تقييدهم في كتب الفروع بالغسل نظرا إلى ما تضمنه الحديث السابع من الفصل السابق فان قوله عليه السلام تيمم بالصعيد

119
فان رب الماء هو رب الصعيد ولا تقع في البئر كالصريح في الغسل قلت هب ان الامر كما ذكرت الا ان الكلام انما
هو في نزح السبع وذاك الحديث خال عنه وقد علل شيخنا الشهيد الثاني طاب ثراه تقييدهم بالغسل في شرح الارشاد
بأنه مصرح به في رواية أبي بصير فيجب حمل المطلق على المقيد ثم قال فيندفع بذلك ما أورده المحقق الشيخ على رحمه الله من
خلو الاخبار عنه وكونها أعم منه انتهى وفيه نظر فإنه انما يصلح لتقييد المطلقات ما ضاهاها في القوة وتلك الرواية
ضعيفة جدا مع الاغماض عن اشتراك أبي بصير لاشتمال طريقها على عبد الله بن بحر وهو ضعيف غال ومراده طاب ثراه
بالاخبار ما يصلح للتعويل وأيضا فالتقييد بالغسل انما وقع في كلام أبي بصير لا في كلام الإمام عليه السلام ومدخلية القيد
في نزح السبع ممنوعة هذا وفي كلام الشيخين تعليق النزح على الارتماس وادعى ابن إدريس عليه الاجماع وقال المحقق طاب ثراه في المعتبر
ونحن نطالب من ذكر لفظ الارتماس من أين ذكره ولم علق الحكم على الارتماس دون الاغتسال حتى أن بعضهم قال لو اغتسل
في البئر ولم يرتمس لما وجب النزح ثم قال والذي يجب تحصيله ان الموجبين لنزح الماء من اغتسال الجنب هم القائلون بأن
ماء الغسل من الجنابة لا يرفع الحدث الا سلار فإنه قال بالنزح ولم يمنع من ماء الغسل واما المرتضى وأبو الصلاح فأجازا الطهارة
بماء غسل الجنب ولم يذكرا حكمه في البئر وإذا كان الجنب طاهر الجسد وماء غسله غير ممنوع منه فما وجب ايجاب النزح وكأني بضعيف
مكابر يقول هذا اجماع وذلك مختلف فيه وقد بينا ان الخلاف انما هو من المرتضى وأبي الصلاح وهما لم يذكراه في المنزوح
فدعواه الاجماع حقا؟ حماقة انتهى كلامه طاب ثراه فتأمل فيه فإنه بالتأمل حقيق هذا وقد تقدم في شرح الحديث السابق من
الفصل السابق ان الافساد في قوله عليه السلام ولا تفسد على القوم ماؤهم كما يحتمل ان يراد به التنجيس يحتمل ان يراد به رفع
الطهورية لا الطاهرية كما هو مذهب الشيخين والصدوقين قدس الله أرواحهم ويحتمل ان يكون لإثارة الحمأة أو لحصول النفرة
من ذلك الماء لملاقاته بدن الجنب وهذه الوجوه جارية في تعليل نزح السبع هنا بزيادة وجه خامس هو محض التعبد كما
هو أحد المذاهب في جميع مقادير النزح وقد زيف شيخنا المحقق الشيخ علي أعلى الله قدره الوجهين الأولين فقال في شرح
القواعد ان النزح لا يستقيم كونه لنجاسة البئر هيهنا وان كان ظاهر كلام القوم لان نجاسة البئر بغير منجس معلوم البطلان إذ الفرض
اسلام الجنب وخلو بدنه من نجاسة عينية والا لم تجز السبع ولا تستقيم كون النزح لصيرورة الماء باغتسال الجنب مستعملا عند
من يقول به فيكون النزح لعود الطهورية لان ذلك مشروط باغتساله على الوجه المعتبر وارتفاع حدثه والا لم يثبت الاستعمال
ومورد الاخبار أعم من الاغتسال كما قدمناه وحديث عبد الله بن أبي يعفور عن الصادق عليه السلام بالنهي عن نزوله إلى البئر يقتضي
فساد غسله فلا يرتفع حدثه كما صرح به الشيخ انتهى كلامه وشيخنا الشهيد الثاني قدس الله روحه اختار الوجه الأول ولم
يرتض هذا الكلام قال في شرح الارشاد وان العلة في النزح نجاسة البئر بذلك وان كان بدنه خاليا من نجاسته ولا بعد
فيه بعد ورود النص وليس الامر في الماء الذي يغتسل به الجنب على حد الماء مطلقا ولهذا قال جمع بعدم طهورية قليله
فلا بعد حينئذ في أن ينفعل عنه البئر الذي قد علم تأثره بما لا يتأثر به غيره فقول بعضهم ان نجاسة البئر بغير منجس معلوم البطلان
إذ الفرض اسلام الجنب وخلو بدنه من العينية قد ظهر منعه بل هو بمنجس فان الذي نجس غيره بتلك الأشياء هو الذي
نجسه بهذا الشئ على الوجه المخصوص ثم إنه طاب ثراه منع كون النهي في حديث ابن أبي يعفور عن العبادة وقال إنه عن الوقوع

120
في الماء وافساده وهو انما يتحقق بعد الحكم بطهر الجنب لا بمجرد دخوله في البئر فلا يضر هذا النهي لتأخره وعدم كونه عن نفس
العبادة الا ان يقال الوسيلة إلى المحرم محرمة وان كانت قبل زمانه هذا كلامه أعلى الله مقامه وفيه ما لا يخفى اما قوله و
لا بعد فيه بعد ورود النص فان عنى بالنص أحد هذه الروايات التي عرفتها فلا نص في شئ منها على ما ادعاه طاب ثاره كيف
والاحتمالات التي ذكرناها قائمة وان عنى به رواية أخرى سوى تلك الروايات فليبينها حتى ننظر فيها فانا لم نظفر بها في
شئ من الأصول واما قوله ان الذي نجس غيره بتلك الأشياء هو الذي نجسه بذلك الشئ ففيه ان بدن الجنب عنده
ان كان طاهرا فلا معنى لتنجيسه الماء وان كان طاهرا فلا معنى لتنجيسه الماء وان كان نجسا كان تنجيسه للمضاف كماء الورد
مثلا أولى من تنجيسه للماء المطلق والتزام كون ماء البئر أسوء حالا من المضاف وأشد قبولا للنجاسة منه الزام غريب وأيضا
فعلى هذا يختل حصرهم للنجاسات في العشر لوجود نجاسة أخرى لم يذكروها هي بدن الجنب واما كلامه الأخير فهو وان
كان لا يخلو من وجه الا انه غير حاسم للمادة كما اعترف به والأولى ان يحمل الافساد في حديث ابن أبي يعفور على إثارة الحماة أو حصول
النفرة فان حمله على سلب طهارة ماء البئر أو طهوريته بسبب رفع الحدث به يفضي إلى الحكم بصحة الغسل وبطلانه اما الصحة
فلان الفرض ان فساد الماء معلل برفع الحدث به واما الافساد فللنهي عنه أصالة أو تبعا والنهي في العبادة يستلزم الفساد
فتدبر فان للكلام في هذا المقام مجالا واسعا والله أعلم بحقايق الأمور وما تضمنه الحديث الأول من نزح الماء كله
لموت الثور ونحوه وانصباب الخمر هو مذهب جماعة من علمائنا والمراد بنحو الثور ما قاربه في الجثة واكتفى الشيخان في ثمرة؟؟
بكر والمستند غير ظاهر ولم يفرق الأكثر بين قليل الخمر وكثيره وقال الصدوق في المقنع ينزح للقطرة من الخمر عشرون دلوا
لرواية زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام في بئر قطر فيها قطرة من دم أو خمر قال الدم والخمر (و؟ لحم) الخنزير في ذلك كله واحد ينزح
منه عشرون دلوا فان غلب الريح نزحت حتى تطيب وهذه الرواية مع ضعف سندها متضمنة لما لا قائل به فلا تعويل عليها
لكن لا يخفى ان استفادة نزح الجميع للقطرة ونحوها من الأخبار الواردة في هذا الباب مشكل لورودها بلفظ الصبة
وهو بحسب العرف لا يقال في القطرة ونحوها واما قول العلامة طاب ثراه في المختلف ان مفهوم الصب وقوع ذي الاجزاء على
الاتصال سواء قل أو كثر والخمر الوارد في الحديث نكرة لا يدل على قلة ولا كثرة فهو كما ترى وما تضمنه الحديث الثاني من
مساواة الكلب للفارة والسنور والدجاجة فالمشهور خلافه وربما حمل على خروجه حيا وفيه ما فيه فان التفصيل الجواب
يأباه كما لا يخفى والأحاديث في مقدار النزح لهذه الأشياء مختلفة جدا وسيما السنور فالشيخان وابن البراج وابن إدريس
على الأربعين وعلي بن بابويه من ثلثين إلى أربعين والصدوق على السبع ولكل من هذه المذاهب رواية ولا يخفى ان سوق
الحديث يقتضي اعتبار التلازم في هذه الأشياء بين تغير الطعم والريح والا فالظاهر فخذ منه حتى يذهب الطعم
وما تضمنه
الحديث الثالث من اطلاق الدلاء ربما نزل على السبع بقرينة الحديث الأول لكن ذكر السبع بعد ذلك يوهن هذا التنزيل
ولو نزل على الثلث فإنه أقل عدد مميزة (جمع) لم يكن بعيدا وما تضمنه من نزح الجميع لموت البعير هو مذهب الأصحاب والظاهر أنه لا
مخالف فيه منهم والبعير يشمل الذكر والأنثى والصغير والكبير كالانسان وقوله عليه السلام فلينزح وان لم يكن نصا في نزح
الجميع الا انه هو الظاهر عند الاطلاق وسيما مع الاعتضاد بالحديث الأول والخامس والضمير في قوله عليه السلام في الحديث

121
الرابع ان كان له ريح يعود إلى البئر أو الماء المدلول عليه به أو الميتة بتأول ولا اعلم من القائلين بوجوب النزح عاملا
باطلاق التقية؟؟ في هذا الحديث ومع الحمل على الاستحباب يسهل الخطب وما تضمنه الحديث الخامس من نزح الجميع للبول
خلاف ما عليه الشيخان واتباعهما فإنهم على السبع في الصبي المغتذي بالطعام وعلى الواحد في غير المغتذي وعلى الأربعين في الرجل وقد أورد
العلامة طاب ثراه في المختلف ان الجواب في هذا الحديث ان وقع عن جميع السؤال وقد تضمن البول وجب مساواة البول للخمر
في نزح الجميع وأنتم لا تقولون به وان وقع جوابا عن البعض لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة ثم إنه
أجاب باختيار الشق
الأول وقال قولكم يلزم مساواة البول للخمر قلنا نعم هو مساو له إذا حصل التغير بالبول الواقع في البئر فجاز ان يكون الصادق
عليه السلام عرف مقصود السائل من سؤاله وإذا احتمل ذلك سقط الاعتراض بالكلية انتهى كلامه أعلى الله مقامه وأنت خبير
بان الحمل على تغير البئر بالبول لا يخلو من بعد وان لزوم تأخير البيان عن وقت الحاجة على تقدير الشق الثاني محل نظر وان الحمل
على الاستحباب والتزام أفضلية نزح الماء كله لمطلق البول هو الأولى وما تضمنه الحديث السادس من الدلاء المطلقة قد
حملها الشيخ في التهذيب على العشرة قال إنه عليه السلام قال ينزح منها دلاء وأكثر عدد يضاف إلى هذا الجمع عشرة فيجب ان
يأخذ به ويصير إليه إذ لا دليل على ما دونه هذا كلامه وأورد عليه ان الاخذ بالمتيقن كما اقتضى الحمل على أكثر ما يضاف
إلى الجمع أعني العشرة كذلك أصالة براءة الذمة من الزائد يقتضي الحمل على أقل ما يضاف إلى الجمع أعني الثلاثة فكيف حكمت
بأنه لا دليل إلى ما دون العشرة ولا يبعد ان يقال إن مراد الشيخ طاب ثراه العدد الذي يضاف إلى الجمع ويقع الجمع مميزا
له وان كان مشتركا بين العشرة والثلاثة وما بينهما الا ان هنا ما يدل على أن هذا الجمع مميز للعشرة وذلك أنه جمع كثرة
فينبغي ان يكون مميزا لأكثر عدد يضاف إلى الجمع وهو العشرة التي هي آخر اعداد جمع القلة وأقربها إلى جمع الكثرة ترجيحا
لأقرب المجازات إلى الحقيقة وبهذا التقرير يسقط الايراد عنه رحمه الله رأسا وقد اعترض عليه المحقق طاب ثراه في
المعتبر بما حاصله ان هذا الجمع لم يضف إليه عدد ولم يقع مميزا لشئ ليتمشى ما قاله رحمه الله الا ترى انه لا يعلم من قول
القائل له عندي دراهم انه لم يخبر بزيادة عن عشرة وأجاب عنه العلامة نور الله مرقده في المنتهى بان الإضافة هنا مقدرة
والا لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة ولا بد من اضمار عدد يضاف إليه تقديرا فيحمل على العشرة التي هي أقل ما يصلح اضافته
لهذا الجمع اخذا بالمتيقن وحوالة على أصالة براءة الذمة وقال شيخنا الشهيد الثاني قدس الله روحه في شرح الارشاد و
في هذا الجواب نظر إذ لا يلزم من عدم تقدير الإضافة هنا تأخير البيان عن وقت الحاجة وانما يلزم ذلك لو لم يكن له معنى بدون
هذا التقدير والحال انه له معنى كسائر أمثاله من صيغ الجموع ولو سلم وجوب التقدير لم يتعين العشرة وفي قوله ان أقل
ما يصلح اضافته لهذا الجمع عشرة منع وانما أقله ثلثه فيحمل عليها لأصالة البراءة من الزائد هذا كلامه أعلى الله مقامه و
هو كلام جيد وأنت خبير بان الظاهر من كلام العلامة قدس الله روحه (انه حمل كلام الشيخ قدس سره على ما حمله ذلك المورد وان قوله رحمه الله) وحوالة على أصالة براءة الذمة غير واقع في موقعه
الا بنوع عناية وان الظاهر أن ما وقع في كلامه أعلى الله مقامه من ابدال لفظ الأكثر بالأقل انما هو من سهو الناسخين والله أعلم
بحقيقة الحال واعلم أنه رفع الله درجته بعد ما أورد في المختلف هذا الحديث وكلام الشيخ واعتراض المحقق قال ويمكن
ان يحتج به اي بالحديث من وجه اخر وهو ان يقال هذا جمع كثرة وأقله ما زاد على العشرة بواحد فيحمل عليه عملا بالبراءة الأصلية

122
واعترض عليه شيخنا الشهيد الثاني طاب ثراه في شرح الارشاد بان هذا الدليل لا ينطبق على
الدعوى لاستلزامه وجوب أحد عشر والمدعي الاكتفاء بعشرة هذا كلامه ولمن حاول الانتصار للعلامة ان يقول إن مراده
طاب ثراه بقوله ويمكن ان يحتج إلى آخره تغير الاحتجاج بالحديث على هذا المطلب أعني نزح العشر إلى الاحتجاج على نزح أحد
عشر لا ما ظنه شيخنا رحمه الله فان العلامة قدس الله سره ارفع شأنا من أن يصدر عنه مثل هذه الغفلة فلا تغفل هذا ولا يخفى
ان القطرات في هذا الحديث حيث إنها جمع تصحيح وقد صرح أهل العربية بان جمع التصحيح للقلة فيكون الحديث متضمنا
لحكم القليل من البول والدم والأصحاب رضوان الله عليهم وان فرقوا في الدم بين قليله وكثيره لكن لم يفرقوا في البول
ولو قيل بالفرق لم يكن بعيدا والله أعلم وما تضمنه الحديث شايع من نزح ما بين الثلثين إلى الأربعين في دم الشاة
وهو مذهب الصدوق ولك ان تجعل الابهام فيه كناية عن نزح مقدار ما يحصل به زوال تغير ماء البئر فان دم الشاة
مظنة لغيره وذهب الشيخ واتباعه إلى نزح خمسين في الدم الكثير وعشرة في القليل والمفيد إلى العشرة في الكثير و
الخمسة في القليل ويدور على السنة جماعة من الأصحاب تقدير الكثير بمثل دم ذبح الشاة والقليل بمثل دم ذبح الطير و
الرعاف وقال القطب الراوندي ان الاعتبار في ذلك بماء البئر في الغزارة والنزارة فربما كان دم الطير كثيرا في بئر يسيرا في
أخرى ويوافقه ما نقله الفاضل المحقق مولانا قطب الدين الرازي عن العلامة طاب ثراه والأوداج عروق العنق وتشخب
بالشين والخاء المعجمتين اي تسيل وأصله من شخب اللبن بالفتح والكلام في الدلاء في هذا الحديث على قياس سابقه
والأصل ابقاؤها في الموضعين على اطلاقها ويكون المكلف مخيرا في التعيين وما تضمنه الحديث الثامن من نزح دلاء
للدابة لا يخفى بعد تنزيله على ما هو المشهور من نزح كر لها وقد حاول العلامة طاب ثراه في المنتهى الاستدلال به على نزح
الكر لموت الحمار والفرس والبغل بكلام طويل الذيل يتطرق الخدش إلى أكثر مقدماته والأولى بناء على استحباب النزح ابقاء
الدلاء على اطلاقها كما قلناه وما تضمنه الحديث التاسع بظاهره من نزح كل الماء لموت الكلب وسبع لخروجه حيا يخالف
ما دل عليه الحديث الثاني من الاكتفاء بخمس دلاء لموته لكن على الاستحباب يسهل الخطب كما مر مرارا وربما حمل على تغير
الماء بموته وهو غير بعيد وعليه حمله العلامة طاب ثراه في المختلف وما تضمنه الحديث الحادي عشر من نزف جميع الماء للكلب
والفارة والخنزير محمول عند الشيخ على التغير وما تضمنه من التراوح وهو تفاعل من الراحة لان كل اثنين يريحان صاحبهما
هو مذهب الشيخين واتباعهما بل قال العلامة في المنتهى لا اعرف في هذا الحكم مخالفا من القائلين بالتنجيس ولا يخفى
دلالة هذا الحديث صريحا على أن نزح التراوح انما هو بعد نزح يوم إلى الليل وربما يوجد هذا الحديث في بعض الكتب
الاستدلالية كالمعتبر وغيره بدون لفظة ثم لكن الموجود فيما اطلعنا عليه من أصول أصحابنا الموثوق بصحتها هو ما نقلناه
وقوله عليه السلام وقد طهرت يراد به بناء على استحباب النزح الطهارة اللغوية وقد مر مثله والظاهر أن المراد باليوم يوم الصوم
فإنه هو المعروف شرعا وما في كلام الصدوقين والمرتضى رضي الله عنهم من أن التراوح من الغدوة إلى الليل محمول عليه
وان أطلقت الغدوة على ما بين صلاة الفجر إلى طلوع الشمس والظاهر أن وقت التأهب للنزح محسوب من اليوم وان قطعهم العمل
بالاجتماع في الاكل والصلاة جماعة مغتفر ويحتمل عدم الاحتساب والاغتفار به فان قوله عليه السلام ثم يقام عليها قوم

123
يتراوحون اثنين اثنين فينزفون إلى الليل ربما يشعر بعدم الرخصة في ترك العمل أثناء ذلك اليوم ولا يخفى انه لا دلالة في
الحديث على أن القوم المذكورين أربعة لا أزيد فلعل اقتصار الأصحاب في كتب الفروع على الأربعة بناء على أقل ما يحصل
به تراوح اثنين والعلامة في المنتهى على اجزاء الأقل من الأربعة ان ينقص نزحهم عن الأربعة ولم يرتضه شيخنا في
الذكرى اما الزائد عليها فمقتضى الحديث اجزاء تراوحهم وقيده شيخنا في الذكرى بما إذا لم يحصل زيادة فترة وتراخ
بسبب الكثرة وهو غير بعيد لكن استدلاله طاب ثراه على اجزاء ما فوق الأربعة بمفهوم الموافقة غير سديد فإنه يستفاد
من تناول لفظ القوم لما فوقها وليس هذا مفهوم موافقة ولعل مراده رحمه الله انه إذا ثبت بالحديث اجزاء الأربعة ثبت اجزاء
ما فوقها بمفهوم الموافقة مع قطعنا النظر عن تناول القوم له هذا وقد يستفاد مما تضمنه الحديث من لفظ القوم عدم
اجراء النساء ولا الخناثى ولا الملفق لاختصاص القوم بالرجال ويؤيده قوله تعالى لا يسخر قوم من قوم ولا نساء من نساء
لكن صرح صاحب القاموس وغيره باطلاق القوم على النساء أيضا ومن ثم قيل بالاجتزاء بهن وهو غير بعيد وشرط بعض
الأصحاب في الاجتزاء بهن عدم قصور نزحهن عن نزح الرجال وهو كما ترى فإنه إذا صدق عليهن اسم القوم حصل الامتثال
بنزحهن سواء ساوى نزح الرجال أو قصر عنه وما تضمنه الحديث الثاني عشر من نزح سبعين لموت الانسان مما
أطبق عليه القائلون بوجوب النزح والحق بعضهم به ما لو وقع فيه ميتا غير مغسل غسلا تاما وهو محتمل والانسان بعمومه
يتناول الصغير والكبير والذكر والأنثى والمسلم والكافر وخصه ابن إدريس بالمسلم وقال إن الكافر ينزح لموته الجميع بناء
على وجوب الجميع بملاقاته حيا لأنه مما لا نص فيه وما لا نص فيه ينزح له الكل بملاقاته حيا وقوله مما لا نص فيه يدفعه
تناول الانسان للمسلم والكافر فإنه يجري مجرى النطق بهما وإذا ثبت الاكتفاء بالسبعين في موته في البئر المقتضي لمباشرته
حيا وميتا وجب الاكتفاء بها مع مباشرته حيا فقط بطريق أولى ولا يخفى ان هذا الكلام يعطي ان خلاف ابن إدريس فيما
إذا مات في البئر لا إذا سقط ميتا لكن كلام العلامة في المختلف يعطي الثاني فإنه قال في الرد عليه ان نجاسة الكافر حيا انما
هو بسبب اعتقاده وهو منفي بعد الموت هذا كلامه وأنت خبير بان القائل ان يقول إن هذه النجاسة لا تزول بمجرد زوال
الاعتقاد الباطل بل لا بد في زوالها من طريان اعتقاد اخر مع الاقرار باللسان ولو كان مجرد الخلو عن الاعتقاد الباطل
مطهرا للزم طهارة الكافر حال النوم والاغماء والجنون ونحوها فتأمل وما تضمنه من نزح دلو واحد للعصفور هو قول
الشيخين واتباعهما والحق بعضهم بالعصفور ما دون الحمامة من الطيور والأولى اقتصارهم على ما يسمى عصفورا في العرف
والظاهر أنه لا فرق بين ذكره وأنثاه وان فرق أهل اللغة بينهما بالحاق الهاء ولنرجع إلى تفسير الحديث فنقول الإشارة
في قوله عليه السلام هذا إذا كان ذكيا إلى نزح الدلاء واسم كان يعود إلى الواقع في البئر والمراد بالذكي المذكى أعني المذبوح
والغرض ان نزح الدلاء انما يجزى إذا كان الواقع في البئر حال الوقوع مذكا لا ميتا ولا حيا ثم يموت فيه وقوله عليه السلام
فهو هكذا تأكيد لمضمون هذا الكلام وقوله عليه السلام فأكثره الانسان بالثاء المثلثة وربما يصحف بالباء الموحدة والمجرور
فيه يعود إلى ما سوى المذكى والمراد فأكثره نزحا الانسان وهو كذلك فان نصابه العددي في النزح أكثر من سائر الحيوانات وانما
قيدنا بالعددي لنخرج النزح التراوحي ونزح الماء كله ونزح الكر والله سبحانه اعلم
الفصل السادس في ذكر نبذة

124
من المطهرات عشرة أحاديث أ من الصحاح جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام ان الله جعل التراب طهورا كما جعل الماء (طهورا وقد مر هذا الحديث غير سواه؟)
ب زرارة قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن البول يكون على السطح أو في المكان الذي يصلي فيه فقال إذا جففته الشمس
فصل عليه فهو طاهر ج علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن البواري يصيبها البول هل تصلح الصلاة
عليها إذا جففت من غير أن تغسل قال نعم لا بأس د محمد بن إسماعيل بن بزيع قال سألته عن الأرض والسطح يصيبه البول
وما أشبهه هل يطهره الشمس من غير ماء قال كيف تطهر بغير ماء ه‍ علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته
عن البيت والدار لا تصيبها الشمس ويصيبها البول ويغتسل فيهما من الجنابة أيصلي فيهما إذا جفا قال نعم والحسن بن
محبوب انه سأل أبا الحسن عليه السلام عن الجص يوقد عليه بالعذرة وعظام الموتى ثم يجصص به المسجد أيسجد عليه فكتب
بخطه ع ان الماء والنار قد طهراه ز الحلبي قال نزلنا في مكان بينا وبين المسجد زقاق قذر فدخلت على أبي عبد الله عليه
السلام فقال أين نزلتم فقال (فقلت) نزلنا في دار فلان فقال إن بينه وبين المسجد زقاقا قذرا وقلنا له ان بيننا وبين المسجد زقاقا
قذرا فقال لا بأس الأرض يطهر بعضها بعضا ح زرارة بن أعين قال قلت لأبي جعفر عليه السلام رجل وطئ على عذرة
فساخت رجله أينقض ذلك وضوءه وهل يجب عليه غسلها فقال لا يغسلها الا ان يقذرها ولكنه يمسحها إلى أن
يذهب اثرها ويصلي ط الأحول عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يطأ على الموضع الذي ليس بنظيف ثم يطأ بعده
مكانا نظيفا قال لا بأس إذا كان خمس عشرة ذراعا أو نحو ذلك ى من الموثقات عمار الساباطي عن أبي عبد الله
عليه السلام قال سئل عن الشمس تطهر الأرض قال إذا كان الموضع قذرا من البول أو غير ذلك فاصابته الشمس ثم يبس الموضع
فالصلاة على الموضع جايزة وان اصابته الشمس ولم ييبس الموضع (القذر) وكان رطبا فلا تجوز الصلاة عليه حتى ييبس وان كانت
رضات رطبة أو جبهتك رطبة أو غير ذلك منك ما يصيب ذلك الموضع القذر فلا تصل على ذلك (الموضع) وان كان عين الشمس
اصابته حتى ييبس فإنه لا يجوز ذلك أقول قد تقدم الكلام في الحديث الأول في الفصل الأول وقد دل
الحديث الثاني على طهارة السطح ونحوه من البول بتجفيف الشمس وهو مذهب الشيخين واتباعهما واستفادوا من الحديث
الثالث جريان الحكم في البواري وما في حكمها أعني الحصر وذهب القطب الراوندي وابن حمزة إلى جواز الصلاة عليها مع
بقائها على التنجيس ومال إليه المحقق في المعتبر ورجحه والدي طاب ثراه في شرح الرسالة والقول به غير بعيد والحديث الرابع
صريح في بقاء النجاسة ويعضده الاستصحاب واما قول العلامة في المختلف ان الاستصحاب ثابت مع بقاء الاجزاء النجسة اما مع
عدمها فلا والتقدير عدمها بالشمس ففيه ما فيه وسنتلو عليك عن قريب ما يتضح به الحال والشيخ حمل الحديث الرابع
على أنه لا يطهر بغير ماء ما دام رطبا وهو كما ترى والعلامة في المنتهى حمله على الجفاف بغير الشمس وهو بعيد والطهارة
في الحديث الثاني يمكن حملها على اللغوية جمعا بين الاخبار واستدل الشيخ على الطهارة بالاجماع ولم يورد الحديث الثاني
في كتابي الاخبار ولا في غيرهما (من كتبه) مع أنه هو العمدة في اثبات هذا المطلب وانما استدل بالحديث الثالث والعاشر واحتمل ان يستدل
بقوله صلى الله عليه وآله جعلت لي الأرض مسجدا وترابها طهورا وقال المحقق في المعتبر في استدلال الشيخ بالروايات اشكال فان غايتها
الدلالة على جواز الصلاة عليها ونحن لا نشترط طهارة موضع الصلاة بل نكتفي بطهارة موضع الجبهة ثم قال ويمكن

125
ان يقال الاذن في الصلاة عليها مطلقا دليل جواز السجود عليها والسجود يشترط طهارة محله انتهى كلامه قدس الله روحه
وأنت خبير بان لقائل ان يقول إن الدلالة بالاطلاق لا تقاوم دلالة الحديث الرابع بالتعيين على أن ظاهر الحديث الثالث
جواز الصلاة بمطلق الجفاف وان كان بغير الشمس كما هو صريح الخامس وما هو جوابكم فهو جوابنا والعلامة طاب ثراه قرر
في المختلف الاستدلال بالحديث العاشر بان السؤال وقع عن الطهارة فلو لم يكن في الجواب ما يفهم السائل منه الطهارة أو عدمها
لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة وهو محال لكن الجواب الذي وقع لا يناسب النجاسة فدل على الطهارة هذا كلامه أعلى
الله مقامه ولقائل ان يقول إن عدوله عليه السلام عن الجواب بأنه طاهر إلى الجواب بجواز الصلاة عليه مشعر بعدم
الطهارة ومثل هذا الاشعار في المحاورات غير قليل وأيضا في آخر الحديث اشعار بذلك فان في نهيه عليه السلام
عن ملاقاة ذلك الموضع برطوبة وان كان عين الشمس اصابته حتى يبس دلالة ظاهرة عليه وكذا في وصفه عليه السلام ذلك
الموضع بالقذارة وأيضا فاللازم على تقدير تسليم عدم دلالة الحديث على شئ من الطهارة والنجاسة انما هو تأخير البيان
عن وقت الخطاب وكون ذلك الوقت وقت الحاجة ممنوع هذا وربما يوجد في بعض نسخ التهذيب بدل عين الشمس بالعين
المهملة والنون غير الشمس بالغين المعجمة والراء والصحيح الموجود في النسخ الموثوق بها على هو الأول ولعل مبنى كلام العلامة
طاب ثراه على الثاني وحينئذ ويستفيد استدلاله قوة ما لضعف الاشعار بعدم الطهارة واستدل قدس الله سره في المختلف
بان المقتضي للتنجيس هو الاجزاء التي عدمت باسخان الشمس فيزول الحكم وهو كما ترى فان مجرد زوال الاجزاء النجسة كيف اتفق غير موجب
للتطهير بل لا بد من زوالها على وجه معتبر شرعا والعجب أنه رحمه الله أورد بعد هذا المبحث بشئ يسير قول المرتضى رضي
الله عنه بطهارة الجسم الصقيل كالسيف والمرأة ونحوهما بالمسح واستدل على عدم طهارتها بأنه قد حكم بنجاسة المحل شرعا
فلا يزول عنه هذا الحكم الا بدليل شرعي ولم يثبت ثم قال واحتج السيد بان الموجب للنجاسة في المحل بقاء عين النجاسة
فيه ومع المسح تزول العلة فينتفي الحكم والجواب المنع من المقدمة الأولى وانما الطهارة والنجاسة حكمان شرعيان نعم
ملاقاة النجاسة دليل وعلامة على الحكم الشرعي ولا يلزم من نفي الدليل والعلامة نفي المدلول هذا كلامه وظاهر انه
منقلب عليه قدس الله روحه (وقد سبق منا مثل هذا الكلام في مبحث آداب الخلوة) هذا وقد الحق بعض المتأخرين بالأرض والحصر والبواري جميع ما لا ينقل كالأشجار و
الأبنية والأبواب المثبتة ونحوها فحكموا بطهارتها من البول ونحوه إذا جفت بالشمس ولم نظفر لهم على ذلك بدليل
تركن النفس إليه وربما استدلوا على ذلك برفع المشقة والحرج وهو كما ترى وقد يستدل بما رواه أبو بكر الحضرمي عن
أبي جعفر عليه السلام أنه قال يا أبا بكر ما أشرقت عليه الشمس فقد طهر وهذه الرواية لا تصلح لتأسيس أمثال هذه الأحكام
لضعفها دلالة واسناد فان المراد منها خلاف ما تضمنته من العموم وفي طريقها عثمن بن عبد الملك وهو مجهول الحال
وما تضمنه الحديث السادس من طهارة الجص الموقد عليه بالعذرة وعظام الموتى يستنبط منه تطهير النار لما احالته
وقال العلامة طاب ثراه في المنتهى في الاستدلال بهذه الرواية اشكال من وجهين أحدهما ان الماء الممازج هو الذي
يحل به الجص وذلك غير مطهر اجماعا الثاني انه حكم بنجاسة الجص ثم بتطهيره وفي نجاسته بدخان الأعيان النجسة اشكال
هذا كلامه رحمه الله ويمكن ان يقال إن المراد بالماء في كلامه عليه السلام ماء المطر الذي يصيب ارض المسجد المجصصة بذلك

126
الجص إذ ليس في الحديث ان ذلك المسجد كان مسقفا وان المراد ان؟ توقد عليه بحيث يختلط برماد تلك الأعيان كان يوقد..؟
من فوقه مثلا لكن يبقى اشكال آخر وهو ان النار إذا طهرته أولا فكيف يحكم بتطهير الماء له ثانيا اللهم الا ان يحمل التطهير على
المعنى الشامل للطهارة اللغوية والشرعية ويراد بتطهير الماء الطهارة اللغوية وهو كما ترى وبالجملة فالاحتياج إلى أمثال
هذه التكلفات يورث الاستدلال بهذا الحديث ضعفا ظاهرا فالأولى الاستدلال بهذا الحديث على طهارة ما
احالته النار رمادا بما نقله الشيخ رحمه الله من اجماع الفرقة عليه وان يجعل مثل هذا الحديث مؤيدا لذلك لا دليلا برأسه
والحديث السابع والثامن والتاسع مما استدل به الأصحاب على تطهير الأرض أسفل القدم والنعل والخف ولعل المراد بالأرض
في قوله عليه السلام الأرض يطهر بعضها بعضا ما يشمل نفس الأرض وما عليها من القدم والنعل والخف والزقاق بضم
الزاي الشارع وساخت رجله بالسين المهملة والخاء المعجمة بمعنى غاصت وقوله عليه السلام يمسحها إلى أن يذهب اثرها وان
شمل مسحها بالأرض وغيرها ولكن الظاهر أن المراد مسحها بالأرض وكلام ابن الجنيد يعطي الاكتفاء بالمسح بكل طاهر وان لم
يكن أرضا واطلاق الحديث معه والمراد بقوله عليه السلام الا ان تقذرها بالذال المعجمة المشددة الا ان تكرهها نفسه
وتشمئز منها لاستقذارها وربما يقال إن السؤال كان عن أمرين نقض الوضوء ووجوب الغسل فكيف أجاب عليه السلام
عن أحدهما وسكت عن الآخر وجوابه انه عليه السلام لم يسكت عن شئ فان قوله بمسحها ويصلي ظاهر في عدم نقض الوضوء
والا لقال يمسحها ويتوضأ ويصلي والمراد بالنظيف الطاهر واسم كان في قوله عليه السلام إذا كان خمس عشرة ذراعا
يمكن ان يعود إلى المكان النظيف اي لا باس بما وطي به على المكان الغير النظيف من قدم ونعل ونحوهما إذا كان المكان
النظيف الذي وطي عليه بعد ذلك خمس عشرة ذراعا ويحتمل ان يعود إلى ما دل عليه الكلام أعني المسافة بين المكانين
والمعنى لا بأس بالوطي على المكان النظيف بمعنى انه لا ينجس إذا كان بين المكانين خمس عشرة ذراعا والله أعلم الفصل
السابع في ذكر نبذة من احكام الأواني ثمانية أحاديث أ من الصحاح محمد بن إسماعيل بن بزيع قال سألت الرضا عليه
السلام عن انية الذهب والفضة فكرهها فقلت قد روى بعض أصحابنا انه كان لأبي الحسن عليه السلام مرآة ملبسة
فضة فقال لا والله انما كانت لها حلقة من فضة وهي عندي ب عبد الله ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال
لا بأس ان يشرب الرجل في القدح المفضض واعزل فمك عن موضع الفضة ج معاوية بن وهب قال سئل أبو عبد
الله عليه السلام عن الشرب في القدح فيه ضبة فضة قال لا باس الا ان تكره الفضة فتنزعها د الفضل أبو العباس
عن أبي عبد الله عليه السلام في الكلب قال رجس نجس لا تتوضأ بفضله واصبب ذلك الماء واغسله بالتراب أول مرة ثم
بالماء وقد مر هذا الحديث وما يليه في بحث النجاسات ه‍ علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام في خنزير شرب من
اناء كيف يصنع به قال يغسل سبع مرات ومحمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال سألته عن نبيذ قد سكن
غليانه فقال قال رسول الله صلى الله عليه وآله كل مسكر حرام قال وسألته عن الظروف فقال نهى رسول الله صلى
الله عليه وآله!! [مكرر]!! الكلب قال رجس نجس لا يتوضأ بفضله واصبب ذلك الماء واغسله بالتراب أول مرة ثم بالماء وقد
مر هذا الحديث وما يليه في بحث النجاسات قال علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام في خنزير شرب من اناء كيف!! [إلى هنا مكرر]!!

127
عن الدباء والمزفت وزدتم أنتم الحنتم يعني الغضار قال وسألته عن الجرار الحضر والرصاص فقال لا بأس بها ز من
الحسان الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا تأكلوا في انية فضة ولا انية مفضضة ح من الموثقات عمار بن
موسى عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الدن يكون فيه الخمر هل يصلح ان يكون فيه الخل أو كامخ أو زيتون قال
إذا غسل فلا بأس وعن الإبريق وغيره يكون فيه خمر أيصلح ان يكون فيه ماء قال إذا غسل وقال في قدح أو اناء
يشرب فيه الخمر قال تغسله ثلث مرات سئل أيجزيه ان يصب فيه الماء قال لا يجزيه حتى يدلكه بيده ويغسله ثلث مرات
أقول أطبق العلماء من الخاصة والعامة على تحريم الأكل والشرب في انية الذهب والفضة الا ما نقل
عن داود من تحريم الشرب خاصة وهو شاذ والاخبار بذلك متضافرة من الجانبين وما تضمنه الحديث الأول من
الكراهة محمول على التحريم وظاهره يشمل مطلق الاستعمال بل مجرد القنية أيضا كما عليه جمع من علمائنا رضوان
الله عليهم ويدل عليه ما روى عن الكاظم عليه السلام انية الذهب والفضة متاع الذين لا يوقنون ويمكن ان
يستنبط من مبالغته عليه السلام في الانكار لتلك الرواية تحريم تلبيس الآلات كالمرآة ونحوها بالفضة (بل ربما يظهر من ذلك تحريمه ولعل وجهه ان ذلك اللباس بمنزلة الظرف والآنية لذلك الشئ وإذا كان هذا حكم التلبيس بالفضة) فبالذهب
بطريق أولى وما تضمنه الحديث الثاني والثالث من إباحة الشرب في القدح المفضض والثاني من وجوب عزل
الفم عن موضع الفضة هو المشهور بين متأخري الأصحاب والشيخ في الخلاف على مساواته للقدح من الفضة واحتج له
في المنتهى بالحديث الشايع وقال إن العطف يقتضي التساوي في الحكم وقد ثبت التحريم في انية الفضة فيثبت في المعطوف
ثم أجاب بان المعطوف والمعطوف عليه قد اشتركا في مطلق النهي وذلك يكفي في المساواة ويجوز الافتراق بين ذلك
بكون أحدهما نهي تحريم والآخر نهي كراهة هذا كلامه أعلى الله مقامه ولا يخفى ان الظاهر جريان المتعاطفين في ذلك
الحديث على وتيرة واحدة وهو كاف للشيخ طاب ثراه لكن لما كان الحديث الثاني والثالث مرجحين عليه لصحبتهما وتعددهما
حمل على خلاف ظاهره فان ذلك خير من طرحه هذا ولا يبعد استفادة إباحة المذهب من إباحة المفضض وان كان للكلام
فيه مجال اما وجوب عزل الفم فيستفاد بطريق أولى والضبة بفتح الضاد المعجمة وتشديد الباء الموحدة يطلق في الأصل
على حديدة عريضة تسمر في الباب والمراد به هنا صفحة رقيقة من الفضة مسمرة في القدح من الخشب ونحوه اما لمحض
الزينة أو لجبر كسره واطلاق تحريم أواني النقدين يشمل الرجال والنساء وان جاز لهن لبس الذهب ولا يحرم المأكول والمشروب
لعدم الدليل وأصالة الحل وعن المفيد طاب ثراه تحريمه وهو اللايح من كلام أبي الصلاح رحمه الله وربما يظن الايماء
إليه فيما اشتهر من قول النبي صلى الله عليه وآله الذي يشرب في آنية الفضة انما يجرجر في جوفه نار جهنم ورده
شيخنا في الذكرى بان الحديث محمول على أن الشرب المذكور سبب في دخول النار لامتناع إرادة الحقيقة وكهذا
الحديث وأمثاله محمل آخر ربما يتقوى به هذا الظن لكنه نمط آخر من الكلام خارج عن لسان هذا الفن قد أشبعنا الكلام
فيه في شرح الأحاديث الأربعين فمن اراده فليرجع إليه والكلام في الحديث الرابع والخامس تقدم في بحث النجاسات
والمراد بالظروف في الحديث السادس ظروف الخمر ونحوه والدباء بضم الدال المهملة والمد القرح والمزفت بالزاء المعجمة
والفاء على صيغة اسم المفعول الاناء المطلي بالزفت بكسر الزاء وهو القير والحنتم بالحاء المهملة المفتوحة والنون الساكنة

128
والتاء المثناة من فوق المفتوحة الأواني المتخذة من الطين الجر الأخضر وهو الغضار بفتح الغين والضاد المعجمتين والمراد
ان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن استعمال أواني الخمر في الأكل والشرب ونحوهما إذا كانت من القرع أو مطلية بالقير
لنفوذ الاجزاء الخمرية في أعماقها وقوله عليه السلام وزدتم أنتم الحنتم لعل المراد به انه صلى الله عليه وآله انما نهى عن الدباء
والمزفت واما الحنتم فامر متجدد لم يذكره النبي صلى الله عليه وآله والمراد بالجرار الخضر المطلية بالزجاج الأخضر
ولما كان طلاها في الأغلب بالزجاج الأخضر قيل لها الخضر وقد اتفق علماؤنا رضي الله عنهم على أن اناء الخمر ان كان
متخذا من الأجسام الصلبة كالصفر والحجر والخزف المطلي وهو الذي يعبر عنه بالأخضر فإنه يطهر بالغسل واختلفوا
في نحو الخشب والقرع والخزف غير المطلي فالشيخ رحمه الله على أنه يطهر أيضا لكن استعماله مكروه وابن
الجنيد لا يطهر
وهو الظاهر من قوله عليه السلام نهى رسول الله صلى الله عليه وآله ولا ريب انه الأحوط والله أعلم خاتمة فيما يتبع مباحث
الطهارة من الاستحمام وإزالة الشعر وقص الأظفار والاكتحال والسواك ونحو ذلك خمسة عشر حديثا أ من الصحاح سليمان
الجعفري قال مرضت حتى ذهب لحمي فدخلت على الرضا عليه السلام فقال أيسرك ان يعود إليك لحمك فقلت بلى فقال
الزم الحمام غبا فإنه يعود إليك لحمك إياك ان تدمنه فان ادمانه يورث السل ب بابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي
عبد الله عليه السلام قال السنة في النورة في خمس عشرة فان أتت عليك عشرون وليس عندك شئ فاستقرض على الله ج زرارة
عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يكتحل قبل ان ينام أربعا في اليمنى وثلثا في اليسرى
د زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال الكحل بالليل ينفع البدن وبالنهار زينة ه‍ معمر بن خلاد عن أبي الحسن عليه
السلام قال لا ينبغي للرجل ان يدع الطيب في كل يوم فإن لم يقدر عليه فيوم ويوم لا فإن لم يقدر عليه ففي كل جمعة ولا يدع
ومن الحسان رفاعة بن موسى عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من كان يؤمن بالله واليوم الآخر
فلا يدخل الحمام الا بمئزر ز عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يطلي بالنورة فيجعل
؟ الدقيق بالزيت يتمسح به بعد النورة ليقطع ريحها عنه قال لا بأس ح محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفر عليه السلام أكان
أمير المؤمنين عليه السلام ينهى عن قراءة القرآن في الحمام فقال لا انما ينهى ان يقرء الرجل وهو عريان أما إذا كان عليه ازار
فلا بأس ط الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا بأس للرجل ان يقرأ القران في الحمام إذا كان يريد به وجه الله ولا يريد
ينظر كيف صوته ى ابن أبي عمير رفعه قال في قص الأظافير تبدأ بخنصرك اليسرى ثم تختم باليمين يا عبد الله بن المغيرة
عن أبي الحسن عليه السلام في قول الله عز وجل خذوا زينتكم عند كل مسجد قال من ذلك التمشط عند كل صلاة
يب من الموثقات عقبة بن خالد قال اتيت عبد الله بن الحسن فقلت علمني دعاء في الرزق فقال قل اللهم تول أمري
ولا تول أمري غيرك فعرضته على أبي عبد الله عليه السلام فقال الا أدلك على ما هو أنفع من هذا في الرزق تقص أظفارك
وشاربك في كل جمعة ولو بحكها يج إسحاق بن عمار قال قال لي أبو عبد الله عليه السلام استأصل شعرك يقل درنه ودرابه
ووسخه وتغلظ رقبتك ويجلو بصرك يد ابن بكير عن أبي عبد الله عليه السلام قال غسل الرأس بالخطمي في كل جمعة أمان
من البرص والجنون يه إسحاق بن عمار قال قال أبو عبد الله عليه السلام من أخلاق الأنبياء السواك أقول

129
ما تضمنه الحديث الأول من قوله عليه السلام الزم الحمام غبا هو بكسر الغين المعجمة وتشديد الباء الموحدة ولعل المراد به هنا
ان يدخل الحمام يوما ويتركه يوما كما أن الغب في الحمى ان يأخذ يوما ويترك يوما و (المغبة بالتشديد الشاة التي تحلب يوما وتترك يوما) ويمكن ان يكون مراده عليه السلام ان يدخله
في كل أسبوع ومنه زر غبا تزدد حبا فقد فسره في الصحاح والقاموس بان يكون الزيارة في كل أسبوع لكن الأول هو
الأظهر ويدل عليه ما رواه في الكافي عن سليمان الجعفري عن أبي الحسن عليه السلام أنه قال الحمام يوم ويوم لا يكثر اللحم
وادمانه في كل يوم يذيب لحم الكليتين والسل قرحة في الرية ويلزمها حمى هادية دقية وقد يطلق عند بعض الأطباء
على مجموع اللازم والملزوم وربما يستفاد من ظاهر الحديث الثاني ان النورة في أقل من خمس عشرة ليست من السنة لكن
الظاهر أن مراده عليه السلام ان السنة ان لا يزيد مدة التقاعد عنها على خمس عشرة لا انها لا تنقص عن ذلك ويدل
عليه ما رواه في الكافي ان الصادق عليه السلام أطلا وامر ابن أبي يعفور وزرارة بالاطلاء فقالا فعلنا ذلك منذ ثلث فقال
عليه السلام أعيدا فان الاطلا طهور ولفظة استقرض كأنها مضمنة معنى الاعتماد والتوكل فلذلك تعدت بما يتعديان
به وما تضمنه الحديث الثالث من اكتحال النبي صلى الله عليه وآله رابعا في اليمنى لا يخالفه ما روى عن أمير المؤمنين عليه
السلام أنه قال من اكتحل فليوتر لحمل الايتار على كلتا العينين معا والظاهر أن المراد بالطيب في الحديث الخامس كلما يتطيب به من
أي الأنواع كان وقد عرفه بعض الأصحاب في محرمات الاحرام بأنه جسم ذو ريح طيبة يتخذ للشم غالبا غير الرياحين فيدخل
فيه المسك والعنبر وماء الورد وأمثالها وسيجئ الكلام المستوفى في كتاب الحج انشاء الله تعالى وقد ورد في الحث على الطيب أحاديث
متكثرة تتضمن انه من أخلاق الأنبياء وانه يقوى القلب ويزيد في الباه ويحفظ العقل وان صلاة متطيب أفضل من سبعين
صلاة بغير طيب وان الملائكة تستنشق ريح الطيب من المؤمن وان ما أنفق في الطيب فليس بسرف وان رسول الله صلى الله عليه وآله
كان ينفق في الطيب أكثر ما ينفق في الطعام (و الحديث التاسع صريح في كراهة قراءة القرآن لاختبار الصوت ان لم نقل بدلالته على
التحريم والظاهر عدم زوال الكراهة والتحريم لو ضم القربة إلى ذلك لان قوله عليه السلام ولا يريد ينظر كيف صوته شامل لضم القربة وعدمه
ولا فرق في ذلك بين الحمام وغيره وذكر الحمام لأنه هو الذي يتوهم كراهة القرآن فيه كما ينبئ عنه الحديث
الثامن) وما تضمنه الحديث العاشر من الختم باليمين يراد به الختم بخنصرها
وقوله عليه السلام في الحديث الثاني عشر ولو بحكها اما جار ومجرور أو فعل مضارع والضمير للأظفار والظاهر أن المراد
بالشعر في الحديث الثالث عشر شعر الرأس وباستيصاله حلقه والدرن بالتحريك الوسخ وعطف الوسخ عليه لعله للتفسير
ويمكن ان يراد بأحدهما الزهومة ويكون العطف من عطف الخاص على العام أو بالعكس وما تضمنه من تغليظ الرقبة
مذكور في الكتب الطبية أيضا والظاهر أن هذا من قبيل الخواص وقد ذكر الأطباء في تعليله وجوها لا يشفى العليل كقولهم
ان غذاء الشعر بعد الحلق يفضل عنه فيصرف إلى أعضاء الرأس والرقبة وكقولهم ان الحلق توجب حرارة جاذبة
للغذاء إلى الرأس والرقبة إذ لو تم هذان الوجهان لاقتضيا كبر الرأس أيضا بل هو أولى بذلك من الرقبة فكيف اختص الغلظ
بها دونه وأيضا فحيث ان تولد الشعر من البخار الدخاني الذي تحلل ما فيه من الاجزاء المائية الأشياء يسيرا يتماسك به
الاجزاء الأرضية فغذاؤه لا يصلح ان يغذو أعضاء الرقبة ويمكن ان يقال المراد بتغليظ الرقبة تغليظ عظامها فقط و
حيث إن العظم أيبس الأعضاء بعد الشعر وأكثرها أرضية فلا بعد في تغذيه بغذائه عند عدمه واما عظام الرأس فلكونها
أدسم وأقل يبوسة من عظام الرقبة تكون أبعد عن مناسبة غذاء الشعر فلذلك اختص به عظام الرقبة لكن لا يخفى ان
لقائل ان يقول إن شعر الوجه كالحاجبين واللحية أقرب مناسبة من العظام فكان ينبغي ان ينصرف غداء شعر الرأس إليهما

130
لا إلى العظام وأيضا فقولهم إن غذاء الشعر بعد الحلق يفضل عنه محل كلام بل لو قيل إنه يفضل عنه لو ترك حلقه حتى
طال لم يكن بعيدا وذلك لأنه إذا انتهى في الطول إلى حده الذي يقتضيه مزاج صاحبه بطل نموه فلم يحتج من الغذاء الا
بمقدار يكون بدلا عما يتحلل فقط وأما إذا حلق فإنه يسرع في النمو فيحتاج إلى غذاء أكثر فلو صح ما ذكروه لكان ينبغي
ان يكون ترك حلق الرأس مغلظا للرقبة لا حلقة وليكن هذا اخر الكلام في المباحث المتعلق بالطهارات ويتلوه الكلام في
اعداد الصلوات وباقي المقدمات والله ولي التوفيق والإعانة
المقصد الثالث في اعداد الصلوات اليومية والرواتب
وبيان أوقاتها وفيه ثمانية فصول الفصل الأول في اعداد اليومية والرواتب عشرة أحاديث أ من الصحاح زرارة
عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته عما فرض الله من الصلاة فقال خمس صلوات بالليل والنهار فقلت هل سماهن الله و
بينهن في كتابه فقال نعم قال الله عز وجل لنبيه (ص) أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل ودلوكها زوالها ففي ما بين دلوك
الشمس إلى غسق الليل أربع صلوات سماهن وبينهن ووقتهن وغسق الليل انتصافه ثم قال وقران الفجر ان قران الفجر
كان مشهودا فهذه الخامسة وقال تعالى في ذلك أقم الصلاة طرفي النهار وطرفاه المغرب والغداة وزلفا من الليل وهي صلاة
العشاء الآخرة وقال تعالى حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وهي صلاة الظهر وهي أول صلاة صلاها رسول الله صلى الله
عليه وآله وهي وسط النهار ووسط صلاتين بالنهار صلاة الغداة وصلاة العصر وفي بعض القراءة حافظوا على الصلوات
والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين قال ونزلت هذه الآية يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وآله في
سفر فقنت فيها وتركها على حالها في السفر والحضر وأضاف للمقيم ركعتين وانما وضعت الركعتان اللتان أضافهما النبي
صلى الله عليه وآله يوم الجمعة للمقيم لمكان الخطبتين مع الامام فمن صلى يوم الجمعة في غير جماعة فليصلها أربع ركعات
كصلاة الظهر في سائر الأيام ب الحارث النصيري عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول صلاة النهار ست عشرة
ركعة ثمان إذا زالت وثمان بعد الظهر وأربع بعد المغرب يا حارث لا يدعها في سفر ولا حضر وركعتان بعد العشاء كان
أبي يصليهما وهو قاعد وانا أصليهما وانا قائم وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي ثلث عشرة ركعة من الليل ج
عبد الله بن سنان قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول لا تصل أقل من أربع وأربعين ركعة د زرارة قال قلت لأبي جعفر
عليه السلام اني رجل تاجر اختلف واتجر فكيف لي بالزوال والمحافظة على صلاة الزوال وكم تصلى قال تصلي ثمان ركعات
إذا زالت الشمس وركعتين بعد الظهر وركعتين قبل العصر فهذه اثنتا عشرة ركعة وتصلي بعد المغرب ركعتين وبعد
ما ينتصف الليل ثلث عشرة ركعة منها الوتر ومنها ركعتا الفجر فتلك سبع وعشرون ركعة سوى الفريضة وانما هذا
كله تطوع وليس بمفروض ان تارك الفريضة كافر وان تارك هذا ليس بكافر ولكنها معصية لأنه يستحب إذا عمل الرجل عملا
من الخير ان يدوم عليه ه‍ حماد بن عثمان قال سألته عن التطوع بالنهار فذكر انه يصلي ثمان ركعات قبل العصر وثمان
بعدها ومن الحسان الفضيل بن يسار عن أبي عبد الله عليه السلام قال الفريضة والنافلة إحدى وخمسون ركعة منها ركعتان
بعد العتمة جالسا تعدان بركعة وهو قائم الفريضة منها سبع عشرة ركعة والنافلة أربع وثلاثون ز الفضيل بن يسار
والفضل بن عبد الملك وبكير قالوا سمعنا أبا عبد الله عليه السلام يقول كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي من التطوع

131
مثل الفريضة ويصوم من التطوع مثلي الفريضة ح الحلبي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام هل قبل العشاء الآخرة
وبعدها شئ قال لا غير اني أصلي بعدها ركعتين ولست أحسبهما من صلاة الليل ط من الموثقات حنان قال سأل
عمرو بن حريث أبا عبد الله عليه السلام وانا جالس فقال له أخبرني جعلت فداك عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله (فقال كان رسول الله صلى الله عليه) يصلي
ثمان ركعات الزوال وأربعا الأولى وثماني بعدها وأربعا العصر وثلاثا المغرب وأربعا بعد المغرب والعشاء الآخرة أربعا
وثماني صلاة الليل وثلثا الوتر وركعتي الفجر وصلاة الغداة ركعتين قلت جعلت فداك وان كنت أقوى على أكثر
من هذا
أيعذبني الله على كثرة الصلاة قال لا ولكن يعذب على ترك السنة ى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال كان
رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي من الليل ثلث عشرة ركعة منها الوتر وركعتا الفجر في السفر والحضر أقول
لعل تعريف الصلاة في قول السائل في الحديث الأول سأله عما فرض الله من الصلاة للعهد الخارجي والمراد الصلاة
التي يلزم الاتيان بها في كل يوم وليلة أو ان السؤال عما فرض الله سبحانه في الكتاب العزيز دون ما ثبت بالسنة المطهرة
وعلى كلا الوجهين لا اشكال في الحصر في الخمس كما يستفاد من سوق الكلام بخروج صلاة الآيات والأموات والطواف
مثلا فان قلت إن الحمل على الوجه الأول يشكل بصلاة الجمعة فإنها مما لا يلزم الاتيان به كل يوم فلا يدخل في الخمس وما يلزم الاتيان به كذلك
أقل من خمس (لسقوط الظهر في الجمعة) والحمل على الوجه الثاني أيضا مشكل فان الجمعة والعيد فما فرض عنه الله سبحانه في الكتاب قال جل وعلا إذا نودي
للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وقال عز من قائل فصل لربك وانحر وقد قال جماعة من المفسرين ان المراد
صلاة العيد بقرينة قوله تعالى وانحر أي انحر الهدي وروي انه عليه السلام كان ينحر ثم يصلي فامر ان يصلي ثم ينحر قلت
الجمعة مندرجة تحت الظهر ومنخرطة في سلكها فالاتيان بالظهر في قوة الاتيان بها وتفسير الصلاة في الآية الثانية
بصلاة العيد والنحر بنحر الهدي وان قال به جماعة من المفسرين الا ان المروي عن أئمتنا عليهم السلام ان المراد رفع اليدين
إلى النحر حال التكبير في الصلاة كما رواه عمر بن يزيد قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول في قوله تعالى فصل لربك وانحر
هو رفع يديك حذاء وجهك وروى اصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال لما نزلت هذه السورة قال صلى
الله عليه وآله لجبرئيل عليه السلام ما هذه النحيرة التي امرني بها ربي قال ليست بنحيرة ولكن يأمرك إذا تحرمت للصلاة ان
ترفع يديك إذا كبرت وإذا رفعت رأسك من الركوع وإذا سجدت فإنه صلاتنا وصلاة الملائكة في السماوات السبع وان لكل
شئ زينة وان زينة الصلاة رفع الأيدي عند كل تكبيرة وقد تضمنت الأولى من الآيات الثلث التي أوردها عليه السلام
الإشارة إلى أوقات الصلوات الخمس والايماء إلى اتساع أوقاتها وقال جماعة من المفسرين ان دلوك الشمس غروبها والصلاة
المأمور بها عند الدلوك هي المغرب وغسق الليل ظلمته أوله ولا تعويل على هذا القول بعد ورود هذه الرواية الصحيحة عن
أصحاب العصمة سلام الله عليهم وقد تضمنت تحديد اخر وقت العشاء بانتصاف الليل وهو مذهب أكثر علمائنا وتحديد
الشيخين له بثلث الليل يجئ الكلام فيه في الفصل الثالث انشاء الله تعالى واطلاق قرآن الفجر على صلاته لعله من قبيل تسمية
الكل باسم الجزء وقد ذكروا في تفسير كونه مشهودا ان صلاة الصبح يشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار والتسمية
في قوله عليه السلام سماهن لعل المراد بها المعنى الأصلي اللغوي ويمكن ان يكون المراد التسمية على لسان النبي صلى الله

132
عليه وآله وقد تضمنت الآية الثانية والثالثة على القراءتين الإشارة إلى الخمس أيضا كما بينه عليه السلام وقد تضمن
هذا الحديث ان الصلاة الوسطى هي صلاة الظهر فإنها تتوسط النهار وتتوسط صلاتين نهاريتين وقد نقل الشيخ
في الخلاف اجماع الفرقة على ذلك وقيل هي العصر لوقوعها وسط الصلوات الخمس في اليوم والليلة واليه ذهب السيد المرتضى
رضي الله عنه بل ادعى الاتفاق عليه وقيل هي المغرب لان أقل المفروضات ركعتان وأكثرها أربع والمغرب متوسطة بين الأقل
والأكثر وقيل هي العشاء لتوسطها بين صلاة ليل ونهار وقيل هي الصبح لذلك والمراد بقوله عليه السلام وتركها على حالها في
السفر والحضر انه صلى الله عليه وآله (أبقى صلاة ظهر الجمعة على حالها من كونها ركعتين سفرا وحضرا فإنه عليه السلام كان يقصرها في السفر ويصليها جمعة في الحضر و) لم يضف إليها ركعتين أخريين كما أضاف للمقيم (الذي ليس فرضه الجمعة) ركعتين في الظهر والعصر والعشاء وقد
روي أن الله سبحانه انزل على النبي صلى الله عليه وآله كل صلاة ركعتين وانه صلى الله عليه وآله أضاف إليها ما زاد عليهما
وقوله عليه السلام وانما وضعت الركعتان إلى اخره يريد به انه وانما سقطت الركعتان اللتان أضيفتا للظهر في يوم الجمعة لقيام
الخطبتين مقامهما وما تضمنه الحديث الثاني والسادس والسابع من كون النوافل اليومية أربعا وثلثين مما لا خلاف فيه
بين الأصحاب ونقل الشيخ طاب ثراه عليه الاجماع واما الأحاديث الموهمة كونها أقل من ذلك كالحديث الثالث والرابع فلا
دلالة فيها على ما ينافي ذلك بل غاية ما يدل عليه تأكيد الاتيان بذلك الأقل وقد دل الحديث الثاني على عدم سقوط
نافلة المغرب في السفر وما تضمنه من أن الباقر عليه السلام كان يصلي الوتيرة جالسا وانه عليه السلام يصليهما قائما ربما
يستنبط منه أفضلية القيام فيهما إذ عدوله عليه السلام إلى القيام نص على رجحانه وفي بعض الأخبار
تصريح بأفضلية القيام
فيهما ويؤيده ما اشتهر من قوله عليه السلام أفضل الأعمال أحمزها واما جلوس الباقر عليه السلام فيهما فالظاهر أنه انما لكون القيام
شاقا عليه ففي بعض الروايات انه عليه السلام كان رجلا جسيما يشق عليه القيام في النافلة لكن في كلام جماعة من الأصحاب
ان الجلوس فيهما أفضل من القيام للتصريح بالجلوس فيهما من بين سائر الرواتب كما في الحديث السادس وغيره من الاخبار
وللتوقف فيه مجال وقول زرارة في الحديث الرابع اني رجل تاجر اختلف أي أتردد للبيع والشراء وقوله والمحافظة على صلاة
الزوال كالتفسير لقوله فكيف لي بالزوال فكأنه قال كيف يحصل لي القيام بوظيفة الزوال وقوله كم تصلى بالبناء للمفعول
وقوله عليه السلام تصلي ثمان ركعات بالبناء للفاعل وقوله ان تارك الفريضة كافر لعل المراد به الترك مستحلا لكن في كثير
من الاخبار ما يدل بظاهره على أن مطلق ترك الصلاة موجب للكفر كما أوردناه في صدر الكتاب من قول النبي صلى الله عليه
وآله ما بين المسلم وبين ان يكفر الا ان يترك الصلاة الفريضة متعمدا أو يتهاون بها فلا يصليها وكما روى عن مسعدة بن صدقة أنه قال
سئل أبو عبد الله عليه السلام ما بال الزاني لا تسميه كافرا وتارك الصلاة تسميه كافرا وما الحجة في ذلك فقال لان الزاني
وما أشبهه انما يفعل ذلك لمكان الشهوة لأنها تغلبه وتارك الصلاة لا يتركها الا استخفافا وذلك لأنك لا تجد الزاني
يأتي المرأة الا وهو مستلذ لاتيانه إياها قاصدا إليها وكل من ترك الصلاة قاصدا لتركها فليس يكون قصده لتركها اللذة
فإذا نفيت اللذة وقع الاستخفاف وإذا وقع الاستخفاف وقع الكفر والضمير في قوله عليه السلام ولكنها معصية يعود إلى ما دل عليه الكلام السابق اي ان
هذه الخصلة معصية ولعل اطلاق المعصية عليها للمبالغة وتغليظ الكراهة أو لان ترك النوافل بالمرة معصية حقيقة
لما فيه من التهاون بأمر الدين كما قاله الأصحاب من أنه لو أصر أهل البلد على ترك الاذان قوتلوا وكذا لو أصر الحجاج على (ترك) زيارة

133
النبي صلى الله عليه وآله وما في آخر الحديث التاسع من قوله عليه السلام ولكن يعذب على ترك السنة محمول على هذا
والعتمة في الحديث السادس بالعين والتاء المفتوحتين العشاء وتطلق في الأصل على الثلث الأول من الليل بعد غيبوبة
الشفق والمراد بقول السائل في الحديث الثامن هل قبل العشاء الآخرة وبعدها شئ السؤال عن انه هل قبلها شئ موظف
يكون من رواتبها وقوله عليه السلام غير اني أصلي بعدها ركعتين استثناء من نفي شئ بعدها فكأنه عليه السلام يقول لا شئ موظف بعد هذا
الا الركعتين المذكورتين (ويجوز ان لا يكون فعله عليه السلام الركعتين من جهة كونهما موظفتين بل لكون الصلاة خيرا موضوعا) وقوله عليه السلام في الحديث التاسع ثماني ركعات الزوال وفي الحديث الرابع ثماني ركعات
إذا زالت الشمس يعطي بظاهره ان هذه النافلة للزوال لا لصلاة الظهر وليس فيما اطلعنا عليه من الروايات دلالة على أن
الثمان التي قبل العصر نافلة صلاة العصر ونقل القطب الراوندي ان بعض أصحابنا يجعل الست عشر للظهر والظاهر أن
المراد بالظهر وقته كما يلوح من الروايات لا صلاته وقوله عليه السلام وثلثا الوتر يعطي كون الوتر اسما لمجموع الركعات
الثلث لا للواحدة الواقعة بعد الشفع على ما هو المشهور وقد ورد باطلاق الوتر على مجموع الثلث روايات صحيحة نذكرها
في محلها انشاء الله تعال وربما يلوح ذلك من كلام الشيخ أبي علي الطبرسي حيث قال في مجمع البيان ان الفاتحة تسمى بالسبع
المثاني لأنها تثني قراءتها في كل صلاة فرض ونفل ويمكن ان يحمل كلامه هذا على عدم اعتداده بالوتر لندرتها بين
سائر الصلوات كما ذكرناه في تفسيرنا الموسوم بالعروة الوثقى وقوله عليه السلام في آخر هذا الحديث ولكن يعذب على
ترك السنة قد عرفت الكلام فيه قبيل هذا والله أعلم
الفصل الثاني في أن لكل صلاة وقتين ثمانية أحاديث أ
من الصحاح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال لكل صلاة وقتان وأول الوقتين أفضلهما ب معاوية
بن عمار أو ابن وهب قال قال أبو عبد الله عليه السلام قال لكل صلاة وقتان أول الوقت أفضله ج زرارة قال سمعت أبا جعفر
عليه السلام يقول إن من الأمور أمورا مضيقة وأمورا موسعة وان الوقت وقتان والصلاة مما فيه السعة فربما عجل رسول الله
صلى الله عليه وآله وربما اخر الا صلاة الجمعة فان صلاة الجمعة من الامر المضيق وانما لها وقت واحد حين تزول الشمس د
عبد الله بن سنان قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول لكل صلاة وقتان وأول الوقت أفضله وليس لاحد ان يجعل اخر
الوقتين وقتا الا في عذر من غير علة ه‍ زرارة والفضيل قالا قال أبو جعفر عليه السلام ان لكل صلاة وقتين غير المغرب
فان وقتها وجوبها ووقت فوتها غيبوبة الشفق وزيد الشحام قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن وقت المغرب فقال إن
جبرئيل اتى النبي صلى الله عليه وآله لكل صلاة بوقتين غير صلاة المغرب فان وقتها واحد ووقتها وجوبها ز زرارة
قال قال أبو جعفر عليه السلام اعلم أن الوقت الأول ابدا أفضل فعجل الخير ما استطعت وأحب الأعمال إلى الله عز وجل ما داوم العبد عليه
وان قل ح بكر بن محمد الأزدي قال قال أبو عبد الله عليه السلام لفضل الوقت الأول على الأخير خير للرجل من ولده وماله
أقول قد دلت هذه الأحاديث على أن للصلاة وقتين ولكن هل الوقت الأول للمختار والثاني للمعذور
أو الأول وقت الفضيلة والثاني وقت الاجزاء اختلف الأصحاب في ذلك فالشيخان وابن أبي عقيل وأبو الصلاح وابن البراج على
الأول والمرتضى وابن إدريس وابن الجنيد وجمهور المتأخرين على الثاني وما تضمنه الحديث الأول من قوله عليه السلام وأول
الوقتين أفضلهما يدل عليه وكذلك ما تضمنه الحديث الثاني والرابع والسابع وكذلك ما تضمنه الثامن فإن اسم التفضيل

134
يقتضي المشاركة في المعنى وقد يستدل عليه أيضا بقوله تعالى أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل فإنه يدل على التخيير
في ايقاع الصلاة فيما بينهما وهذان الدليلان أوردهما العلامة طاب ثراه في المختلف وأنت خبير بان لقائل ان يقول إن اقتضاء
اسم التفضيل المشاركة في المعنى انما يقتضي كون الوقت الثاني وقتا مفضولا ويجوز ان يكون الصلاة في آخر
الوقت لعذر انقص
فضلا من الواقعة في أوله (فيكون الفضل حاصلا في جميع اجزاء الوقت وهو يقتضي تخيير المكلف في ايقاعها في اي جزء شاء) واما الآية فلا تدل على أن ما بين الدلوك والغسق وقت للمختار لا غيره وانما تدل على أن ما بينهما وقت
في الجملة وهذا لا ينافي كون البعض وقتا للمختار والبعض الآخر وقتا للمعذور وما تضمنه اخر الحديث الرابع من قوله عليه السلام
وليس لاحد إلى اخره يدل على ما ذهب إليه الشيخان واتباعهما وأجاب عنه في المختلف تبعا للمحقق في المعتبر بانا لا نسلم انه يدل على
المنع بل على نفي الجواز الذي لا كراهة معه جمعا بين الأدلة وهو كما ترى وكلام الشيخين لا بأس به الا ان دلالة الاخبار المتكثرة
على ما ذهب إليه المتأخرون أظهر والعذر على ما قاله الشيخ في المبسوط أربعة السفر والمطر والمرض وشغل يضر تركه بدينة أو دنياه
والضرورة خمسة الكافر يسلم والصبي يبلغ والحائض تطهر والمجنون والمغمى عليه يفيقان وقوله عليه السلام في الحديث الثالث
والصلاة مما فيه السعة فربما عجل رسول الله صلى الله عليه وآله وربما اخر كالصريح في ذلك وكيف كان فالاحتياط المواظبة
على عدم تأخير الصلاة عن أول الوقت مهما أمكن وما تضمنه الحديث الخامس والسادس من استثناء المغرب من ذوات الوقتين
وكون وقتها واحدا سيجئ الكلام فيه مستوفى انشاء الله تعالى
الفصل الثالث في وقتي الظهر والعصر ووقت نوافل الزوال
ثمانية عشر حديثا أ من الصحاح عبيد بن زرارة؟ عن أبي عبد الله عليه السلام (قال) إذا زالت الشمس دخل وقت الظهر والعصر جمعا
الا ان هذه قبل هذه ثم أنت في وقت منهما جميعا حتى تغيب الشمس ب زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا زالت الشمس
دخل الوقتان الظهر والعصر وإذا غابت الشمس دخل الوقتان المغرب والعشاء الآخرة ج الحرث بن المغيرة وعمر بن حنظلة و
منصور بن حازم قالوا كنا نقيس الشمس بالمدينة بالذراع فقال أبو عبد الله عليه السلام الا أنبئكم بابين من هذا إذا زالت الشمس
فقد دخل وقت الظهر الا ان بين يديها سبحة وذلك إليك ان شئت طولت وان شئت قصرت د زرارة عن أبي جعفر عليه السلام
قال إن حائط مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله كان قامة وكان إذا مضى من فيئه ذراع صلى الظهر وإذا مضى من فيئه
ذراعان صلى العصر ثم قال أتدري لم جعل الذراع والذراعان قلت لم ذلك قال لمكان النافلة لك ان تتنفل ما بين
زوال الشمس إلى أن يمضي الفئ ذراعا فإذا بلغ فيئك ذراعا بدأت بالفريضة وتركت النافلة ه‍ الفضيل بن يسار وزرارة
بن أعين وبكير بن أعين ومحمد بن مسلم وبريد بن معاوية العجلي عن أبي جعفر عليه السلام وأبي عبد الله عليه السلام انهما قالا وقت الظهر
بعد الزوال قدمان ووقت العصر بعد ذلك قدمان وزرارة قال قلت لأبي جعفر عليه السلام بين الظهر والعصر حد معروف
فقال لا ز محمد بن أحمد بن يحيى قال كتب بعض أصحابنا إلى أبي الحسن عليه السلام روي عن ابائك القدم والقدمين والأربع
والقامة والقامتين وظل مثلك والذراع فكتب عليه السلام لا القدم ولا القدمين إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين
وبين يديها سبحة وهي ثمان ركعات فان شئت طولت وان شئت قصرت ثم صل الظهر فإذا فرغت كان بين الظهر والعصر
سبحة وهي ثمان ركعات ان شئت طولت وان شئت قصرت ثم صل العصر ح أحمد بن عمر عن أبي الحسن عليه السلام قال
سألته عن وقت الظهر والعصر فقال وقت الظهر إذا زاغت الشمس إلى أن يذهب الظل قامة ووقت العصر قامة ونصف إلى قامتين ط إسماعيل بن عبد

135
الخالق قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن وقت الظهر فقال بعد الزوال بقدم أو نحو ذلك الا يوم الجمعة أو في السفر فان
وقتها إذا زالت ى أحمد بن محمد قال سألت عن أول وقت الظهر والعصر فكتب قامة للظهر وقامة للعصر يا معمر بن
يحيى قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول وقت العصر إلى غروب الشمس يب عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام
في قوله تعالى أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل قال إن الله افترض أربع صلوات أول وقتها من زوال الشمس إلى انتصاف
الليل منها صلاتان أول وقتهما من عند زوال الشمس إلى غروب الشمس الا ان هذه قبل هذه ومنها صلاتان أول وقتهما
من غروب الشمس إلى انتصاف الليل الا ان هذه قبل هذه يج من الحسان ذريح المحاربي قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام متى اصلى
الظهر فقال صل الزوال ثمانية ثم صل الظهر ثم صل سبحتك طالت أم قصرت ثم صل العصر يد الحلبي عن أبي عبد
الله عليه السلام قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا كان في سفر أو عجلته حاجة يجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب و
العشاء قال وقال أبو عبد الله عليه السلام لا باس بان يعجل عشاء الآخرة في السفر قبل ان يغيب الشفق يه من الموثقات عبد الله
سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا طهرت المرأة قبل غروب الشمس فلتصل الظهر والعصر وان طهرت في آخر الليل فلتصل المغرب
والعشاء يو زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال صلى رسول الله صلى الله عليه وآله بالناس الظهر والعصر حين زالت الشمس في
جماعة من غير علة (وصلى بهم المغرب والعشاء الآخرة قبل سقوط الشفق من غير علة في جماعة) وانما فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله ليتسع الوقت على أمته يز زرارة قال سألت أبا عبد الله
عليه السلام عن وقت الظهر في القيظ فلم يجبني فلما ان كان بعد ذلك قال لعمر بن سعيد بن هلال ان زرارة سألني عن
وقت الظهر في القيظ فلم اخبره فحرجت من ذلك فاقرأه مني السلام وقل له إذا كان ظلك (مثلك) فصل الظهر وإذا كان ظلك مثليك فصل
العصر يح عمار بن موسى الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام قال للرجل ان يصلي من نوافل الزوال إلى أن يمضي قدمان
وان مضى قدمان قبل ان يصلي ركعة بدءا بالأولى ولم يصل الزوال الا بعد ذلك وللرجل ان يصلي من نوافل العصر ما بين
الأولى إلى أن يمضي أربعة اقدام فان مضت أربعة اقدام ولم يصل من النوافل شيئا فلا يصل النوافل وان كان قد صلى ركعة فليتم النوافل حتى يفرغ
منها ثم يصلي العصر
أقول ما تضمنته الأحاديث الثلاثة الأول من دخول وقت الظهر بزوال الشمس اي ميلها
عن دائرة نصف النهار إلى جانب المغرب مما لا خلاف فيه بين أهل الاسلام والمذكور في كتب الأصحاب ان ذلك يعرف بأمور
الأول ميل الشمس إلى الحاجب الأيمن لمن استقبل قبله عراق العرب أعني أطراف العراق الغربية كالموصل وما والاها مما يساوي
طوله طول مكة شرفها الله تعالى فان قبلتهم نقطة الجنوب واما أطرافها الشرقية كالبصرة وما والاها مما يزيد طوله على
طول مكة كثيرا فعند ميل الشمس إلى الحاجب الأيمن لمن يستقبل قبلتهم يكون قد مضى من الزوال مقدار غير قليل لان قبلتهم
منحرفة إلى المغرب كثيرا فان علامتهم جعل الجدي على الخد الأيمن نعم يمكن جعل ذلك علامة للزوال في أوساط العراق كالكوفة
وما والاها مما لا يزيد طوله على طول مكة الا بشئ يسير فان عند ميل الشمس على ذلك النحو لا يكون قد مضى من الزوال
مقدار يعتد به فلا يبعد ان يجعل ذلك علامة هناك وسيتضح لك هذا الاجمال أتم اتضاح في بحث القبلة انشاء الله تعالى الثاني
ظهور الظل في جانب المشرق وهذا يشمل أمرين زيادة الظل بعد نقصه وحدوثه بعد عدمه اما الأول فهو علامة للزوال في
أكثر البلاد وفي عامة الفصول وقد تضمنته رواية سماعة عن الصادق عليه السلام قال قلت له جعلت فداك متى وقت الصلاة فاقبل

136
يتلفت يمينا وشمالا كأنه يطلب شيئا فلما رأيت ذلك تناولت عودا فقلت هذا تطلب قال نعم فاخذ العود فنصبه بحيال
الشمس ثم قال إن الشمس إذا طلعت كان الفئ طويلا ثم لا يزال ينقص حتى تزول الشمس فإذا زالت زاد فإذا استبنت الزيادة فصل
الظهر ثم تمهل قدر ذراع فصل العصر وأنت خبير بان قوله عليه السلام فإذا استبنت الزيادة صريح في أن المعتبر هو ظهور الزيادة
وان عدم ظهور النقص غير كاف وهو كذلك فان الظل عند قرب الزوال جدا ربما لا يحس بنقصانه ويرى كأنه واقف لا يزيد ولا ينقص
فلا يكفي عدم ظهور النقص في الحكم بالزوال (بل لابد من ظهور الزيادة) ومن هذا يظهر ان جعل العلامة طاب ثراه في المنتهى عدم نقص الظل علامة للزوال
ليس على ما ينبغي فلا تغفل واما الأمر الثاني أعني حدوث الظل بعد عدمه فهو يكون علامة للزوال في البلاد التي على خط الاستواء
والتي ينقص عرضها عن الميل الكلي أو يساويه وذلك في الوقت الذي يسامت فيه الشمس سمت رؤوسهم واما ما وقع في كلام بعض
أصحابنا قدس الله أرواحهم من أن ذلك يكون في مكة وصنعاء في يوم واحد من السنة عند نزول الشمس السرطان فهو كما
ترى لان عرض ذينك البلدين أقل من الميل الكلي فالشمس تسامت رؤس أهلها في السنة مرتين عند مرورها بنقطتين من
منطقة البروج ويساوي ميلهما عن المعدل عرض البلد وهما في مكة ثامنة الجوزاء والثالثة والعشرون من السرطان وفي صنعاء
ثامنة الثور والثالثة والعشرون من الأسد واما في أول السرطان فظل الزوال في البلدين ظاهر في جهة الجنوب لكون الشمس شماله
عن سمت رأسهما وان فرض عدمه بمكة لان الميل الكلي لا يزيد على عرضها الا بشئ يسير بما لا يظهر اثره في الظل فكيف
يتصور عدمه في صنعاء وعرضها ينقص عن الميل الكلي بعشر درج
الثالث ميل الظل عن خط نصف النهار إلى جهة المشرق
وهو يتوقف على استخراج خط نصف النهار والطرق في استخراجه كثيره فمنها ما هو مشهور بين الفقهاء وهو الدائرة الهندية
وقد ذكر طريق العمل بها جماعة من علمائنا قدس الله أرواحهم وانا أذكر ما أورده العلامة طاب ثراه في المنتهى بلفظه وأوضح
ما عساه يحتاج إلى الايضاح قال رحمه الله تسوي موضعا من الأرض خاليا من ارتفاع وانخفاض وتدير عليه دائرة باي بعد
شئت وتنصب على مركزها مقياسا مخروطا محدد الرأس يكون نصف قطر الدائرة بقدر ضعف المقياس (على زوايا قائمة ويعرف ذلك بان يقدر ما بين رأس المقياس) ومحيط الدائرة من
ثلاثة مواضع فان تساوت الابعاد فهو عمود (لأنه لو لم يكن عمودا لم يكن ظلاه حال الدخول والخروج متساويين وان تساوى ارتفاعهما لان ميله ان كان إلى جهة الشمس كان الظل أقصر وان كان إلى خلاف جهتها كان الظل أطول) ثم ترصد ظل المقياس قبل الزوال حين يكون خارجا من محيط الدائرة نحو
المغرب فإذا انتهى رأس الظل إلى محيط الدائرة يريد الدخول فيه فعلم عليه علامة ثم ترصده بعد الزوال قبل خروج الظل
من الدائرة فإذا أراد الخروج عنه علم علامة وتصل ما بين العلامتين بخط مستقيم وتنصف ذلك الخط وتصل بين مركز
الدائرة ومنتصف ذلك الخط بخط فهو خط نصف النهار فإذا ألقى المقياس ظله على هذا الخط الذي قلنا إنه خط نصف النهار
كانت الشمس في وسط السماء لم تزل فإذا ابتدأ رأس الظل يخرج عنه فقد زالت الشمس انتهى كلامه زيد اكرامه وما ذكره طاب
ثراه من كون المقياس بقدر ربع قطر الدائرة ليس مطردا في كل البلاد إذ ربما يجب في بعضها ان يكون أقصر من ربع القطر ليتم العمل كما إذا
كان عرض البلد أربعين درجة ودقيقتين مثلا فان المقياس المساوي طوله لربع قطر الدائرة لا يدخل ظله في الدائرة أصلا في
ذلك البلد عند كون الشمس في أول الجدي بل لابد ان يكون أقصر من الربع كما لا يخفى على من نظر في جداول الظل ثم لا يخفى
ان آخر كلامه قدس الله روحه صريح في الحكم بالزوال عند ابتداء ميل الظل عن خط نصف النهار إلى جهة
المشرق وهو انما
يستقيم (غالبا في أكثر المعمورة) إذا كانت الشمس صاعدة من أول الجدي إلى آخر الجوزاء أما إذا كان هابطة من أول السرطان إلى آخر القوس فلا

137
بل لا يحكم بالزوال الا بعد مضي وقت صالح ولا يجوز المبادرة بالصلاة عند ابتداء الميل المذكور قطعا وذلك
لان الشمس كل ان في مدار (فلا) فيكون طولا الظلين حال كون الشمس في نقطتين متساويين بل الظل في الأولى أطول منه في
الثانية تارة وأقصر أخرى إذ الشمس ما دامت في النصف الصاعد يكون في النقطة الثانية أقرب إلى سمت الرأس منها في
النقطة الأولى فيكون الظل حينئذ أقصر منه حين كونها في النقطة الأولى فلا يخرج حتى يصير بعد الشمس عن دائرة نصف النهار
أزيد من بعدها الأول عنه وبالجملة حتى يتجاوز الشمس النقطة الثانية وما دامت في النصف الهابط تكون في النقطة الثانية
أبعد عن سمت الرأس منها في النقطة الأولى (فيكون الظل حينئذ أطول منه حين كونها في النقطة الأولى) فيخرج قبل صيرورة بعد الشمس عن دائرة نصف النهار مساويا لبعدها الأول وبالجملة
قبل وصول الشمس إلى النقطة الثانية ومن هذا يظهر ان النصف الشمالي من خط نصف النهار المستخرج ينحرف يسيرا إلى جانب
المشرق عن خط نصف النهار الحقيقي أعني الفصل المشترك بين دائرة نصف النهار والأفق إذا عملت الدائرة الهندية حال كون
الشمس صاعدة والى جانب المغرب إذا عملت حال كونها هابطة فالحكم في الصورة الأولى بدخول وقت الزوال عند ابتداء ميل الظل
عن خط نصف النهار المستخرج إلى جانب المشرق صحيح (لا مرية فيه بل الحكم بذلك عند انطباق وسط الظل على ذلك الخط صحيح) أيضا كما لا يخفى واما في الصورة الثانية أعني صورة الهبوط فلا يصح الحكم
بالزوال الا بعد مضي مقدار من الزمان يحكم فيه بميل الظل عن خط نصف النهار الحقيقي فقد استبان لك ان اطلاق
الحكم بالزوال في الصورتين معا بابتداء ميل الظل عن خط نصف النهار المستخرج غير مستقيم والصواب تخصيصه بما إذا عملت
الدائرة والشمس صاعدة نعم لو عمل بنوع من التعديل كما (ستسمعه) عن قريب في بحث القبلة انشاء الله تعالى أو عمل الدائرة في يوم
تكون الشمس في نصف نهاره في إحدى نقطتي الانقلاب لاستقام في الصورتين معا لكن تحققه لا يخلو من اشكال ان قلت
فكيف استقام اطلاق جماعة من الفقهاء وغيرهم عمل الدائرة الهندية لاستعلام القبلة من دون تخصيص بوقت وكيف لم يلتفتوا
إلى التعديل الذي ذكره بعض علماء الهيئة ولا خصوا عمل الدائرة يوم الانقلاب مع أن المدار في ذلك على استخراج خط
نصف النهار بالدائرة المذكورة وهو على ما ذكرت منحرف في الحقيقة عن خط نصف النهار الحقيقي فكيف جاز لهم التعويل
عليه هناك ولم يجز هنا قلت بين المقامين بون بعيد فان قبلة البعيد هي الجهة لا العين والجهة امر متسع لا يخرج
المصلي عنها بالميل اليسير فلم يحصل بتعويلهم على ذلك الخط المستخرج خلل فيما هو مقصود هم من استقبال الجهة فلم يلتفتوا
إلى التعديل وما يجري مجراه لعدم احتياجهم في تحصيل جهة القبلة إليه بخلاف الحكم بدخول وقت الزوال فإنه ليس من هذا
القبيل والله الهادي إلى سواء السبيل ومنها العمل بالأسطرلاب وهو مذكور في (بعض) كتب الفروع أيضا وذلك بان يستعلم
ارتفاع الشمس عند قرب الزوال انا بعد أن فما دام ارتفاعها في الزيادة لم تزل وإذا شرع في النقصان فقد تحقق الزوال
والعمل المشهور في ذلك أن تصنع درجة الشمس على خط وسط السماء في الصفحة المعمولة لعرض البلد ثم ينظر ارتفاع المقنطرة
الواقعة عليها حينئذ وينقص منه درجة أو أقل فإذا بلغ الارتفاع الغربي مقدار الباقي فقد زالت الشمس ونحن انما عدلنا
عن هذا الطريق لابتنائه على مقدمات لا يخلو تحققها من اشكال ومنها العمل بالشاقول وطريقه ان تعلق شاقولا على
ارض مستوية قبيل الزوال وتخط على ظل خيطه خطا بعد سكون اضطرابه ويستعلم الارتفاع الشرقي للشمس في ذلك الوقت
وتحفظه ثم تستعلم ارتفاعها الغربي فإذا بلغ ذلك المقدار تخط على ظل الخيط خطا آخر فان قاطع الخط الأول كما هو الغالب فالخط

138
المنصف للزاوية خط نصف النهار وان اتصلا خطا واحدا فهو خط الاعتدال والمقاطع له على قوائم خط نصف النهار
ولا يخفى عليك جريان مباحث الدائرة الهندية هنا فلا تغفل وأسهل الطريق في استخراج خط نصف النهار وهو غير
محتاج إلى شئ من آلات الارتفاع ان يخط على ظل خيط الشاقول عند طلوع الشمس خطأ وعند غروبها اخر وتكمل العمل
كما عرفت وهذا العمل أخف مؤنة من سائر الأعمال ولنعد إلى ما نحن بصدده فنقول السبحة النافلة والمراد من الفئ في
الحديث الرابع ما يحدث من ظل الشاخص بعد الزوال وهو مشتق من فاء إذا رجع والمراد من القامة قامة الانسان وفسرها المحقق طاب ثراه بالذراع وسيجئ الكلام عليه والمراد بالقدم في الحديث الخامس سبع الشاخص لما اشتهر من أن
طول كل شخص سبعة اقدام باقدامه وما تضمنه هذان الحديثان من أن النبي صلى الله عليه وآله كان يصلي الظهر إذا
مضى من الفئ ذراع ويصلي العصر إذا مضى منه ذراعان وان وقت الظهر بعد الزوال قدمان ووقت العصر بعد ذلك قدمان
لا ينافي ما تضمنه الأحاديث الاخر عن دخول الوقت بأول الزوال لان المراد ان التأخير إلى الذراع والذراعين والقدمين
والأربعة اقدام مستحب لمن يصلي النافلة وفي الحديث الثالث والرابع والسابع والثامن عشر تنبيه على ذلك وفي
الحديث التاسع نوع اشعار به لسقوط نافلة الظهر والمراد من الذراع القدمان كما تضمنه بعض الأخبار
فلا منافاة بين
التوقيت بالذراع تارة وبالقدمين أخرى ثم ما تضمنه كثير من الأحاديث من دخول الوقتين بأول الزوال لا ينافي
ما هو المشهور بين الأصحاب من اختصاص الظهر من أول الوقت بمقدار أدائها إذ المراد بدخول الوقتين
دخولهما موزعين
على الصلاتين كما يشعر به قوله عليه السلام في الحديث الأول إذا زالت الشمس دخل وقت الظهر والعصر جميعا الا ان هذه
قبل هذه وكذلك قوله عليه السلام في الحديث الثاني عشر منها صلاتان أول وقتها من عند زوال الشمس إلى غروب
الشمس الا ان هذه قبل هذه ويعضد ذلك ما رواه داود بن فرقد عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا
زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر حتى يمضي مقدار ما يصلي المصلي أربع ركعات فإذا مضى ذلك فقد دخله وقت الظهر و
العصر حتى يبقى من الشمس مقدار ما يصلي أربع ركعات فإذا بقي مقدار ذلك فقد خرج وقت الظهر وبقي وقت العصر
حتى تغيب الشمس وما تضمنه الحديث السادس من نفي الحد بين وقتي الظهرين لعل المراد به دخول وقتيهما معا بالزوال كما
تضمنته الأحاديث الاخر وقال شيخنا في الذكرى ان نفي الحد بينهما يؤيد ان التوقيت للنافلة انتهى ولا بأس به وما تضمنه
الحديث السابع من نفيه عليه السلام القدم والقدمين لعل المراد به تحديد وقتي الظهرين بذلك ليس امر محتوما لا
يجوز غيره بل المعتبر الفراغ من كل النافلتين وهو مختلف بحسب اختلاف حال المصلين في تطويل الصلاة وتحقيقها و
لعل الأغلب حصول الفراغ من ذلك بمضي مقدار القدمين أو الأربعة اقدام والذراع والذراعين فلذلك وقع التحديد بهما في بعض الأخبار
كالحديث الرابع والخامس وغيرهما هذا ثم المشهور الذي عليه جمهور المتأخرين وابن إدريس وابن زهرة وسلار وابن
الجنيد والمرتضى رضي الله عنهم امتداد وقت فضيلة الظهر إلى أن يصير الظل الحادث بعد الزوال مماثلا لقامة الشخص وهذا هو المعبر
عنه بالوقت الأول وامتداد وقت الاجزاء إلى أن يبقى للغروب مقدار أربع ركعات وهو المعبر عنه بالوقت الثاني اما
امتداد وقت الثاني فيدل عليه الحديث الأول والثاني عشر والخامس عشر واما انتهاء الوقت الأول بمماثلة الفئ لقامة

139
الشخص فقد يستدل عليه بالحديث الثامن والعاشر إذا الظاهر أن قوله عليه السلام إلى أن يذهب الظل بمعنى إلى أن يزيد وان
قوله عليه السلام قامة للظهر المراد به ان ما بين الزوال إلى زيادة الظل بمقدار قامة الشخص وقت للظهر وليس المراد بالظل
مجموع ما كان باقيا حين الزوال وما حدث بعده فان الذي يبقى عند الزوال مختلف في البلدان بل في البلد الواحد باختلاف الفصول وفي
الصيف قد يكون شيئا يسير أقل من عشر الشاخص بكثير بل قد يعدم وفي الشتاء قد يكون مساويا للشاخص بل قد يكون أزيد
منه بكثير على ما يقتضيه اختلاف البلدان في العرض فكيف يستقيم التحديد وفي بعض الأخبار تصريح بهذا الاختلاف
كما في الحديث الذي رواه عبد الله ابن سنان عن الصادق عليه السلام قال تزول الشمس في النصف من حزيران على نصف قدم وفي النصف
من تموز على قدم ونصف وفي النصف من أب على قدمين ونصف وفي النصف من أيلول على ثلاثة ونصف وفي النصف من تشرين
الأول على خمسة ونصف وفي النصف من تشرين الاخر على سبعة ونصف وفي النصف من كانون الأول على تسعة ونصف وفي
النصف من كانون الاخر على سبعة ونصف وفي النصف من شباط على خمسة ونصف وفي النصف من ازار على ثلاثة ونصف
وفي النصف من نيسان على قدمين ونصف وفي النصف من آيار على قدم ونصف والظاهر أن هذا الحديث مختص بالعراق و
ما قاربها كما قاله بعض علمائنا رضوان الله عليهم وبما تقرر من اختلاف الظل عند الزوال طولا وقصرا يظهر ان ما
ذهب إليه الشيخ في التهذيب من أن المماثلة انما هي بين الفئ الزائد والظل الأول الباقي حين الزوال لا بينه وبين الشخص
ليس على ما ينبغي فإنه يقتضي اختلافا فاحشا في الوقت بل يقتضي التكليف بعبادة يقصر عنها الوقت كما إذا كان الباقي
شيئا يسيرا جدا بل يستلزم الخلو عن التوقيت في اليوم الذي تسامت الشمس فيه رأس الشخص لانعدام الظل الأول حينئذ واما
الرواية التي استدل بها قدس الله روحه على ذلك وهي رواية صالح بن سعيد عن يونس عن بعض رجاله عن أبي عبد الله
عليه السلام فضعيفة السند متهافتة المتن قاصرة الدلالة فلا تعويل عليها أصلا والمحقق في المعتبر وافق الشيخ على أن
المماثلة بين الفئ والظل الأول (وجعل المماثلة بينه وبين الشخص قولا وهو كما ترى اللهم الا ان يخص ببعض البقاع والأزمان) واستدل على ذلك بالحديث الرابع زاعما ان القامة فيه بمعنى الذراع فقد ورد في بعض الأخبار
ان القامة ذراع ويرد عليه ان تلك الأخبار مع ضعفها لا يقتضي تفسير القامة بالذراع أينما وقعت على أن قوله
عليه السلام في آخر الحديث فإذا بلغ فيئك ذراعا ينادي بان المراد بالقامة قامة الانسان وما تضمنه الحديث السابع عشر
من توقيت أول الظهر بصيرورة الظل مثل الشخص فمشكل جدا ولم يقل به أحد فيما أظن ويمكن تخصيصه ببعض البلاد وفي
بعض الأوقات كبلد يكون ظل الزوال فيه حال القيظ خمسة اقدام مثلا فإذا صار مع الزيادة الحاصلة بعد الزوال مساويا
للشخص يكون قد زاد قدمين فيتوافق هذا الحديث مع الحديث الخامس والثامن عشر لكنه محمل بعيد جدا والعجب أن
الشيخ في الخلاف جعل هذا الحديث دليلا على ما ذهب إليه من أن انتهاء وقت الاختيار بصيرورة ظل كل شئ مثله مع أنه صريح
في أن ذلك ابتداء الوقت لا انتهاؤه هذا ولعل عدم اخباره عليه السلام زرارة في وقت السؤال وتأخير ذلك إلى وقت آخر
كان لحضور من يتقيه عليه السلام في ذلك الوقت وقوله عليه السلام فحرجت من ذلك بالحاء المهملة اي ضاق صدري من
عدم التمكن من اجابته حال السؤال والحديث الثامن عشر هو مستند الشيخ واتباعه على أنه إذا خرج وقت نافلة الظهر قبل
ان يصلي منها ركعة بدأ بالظهر وان كان صلى ركعة زاحم بها الفريضة وكذا العصر ولا ينافيه ما تضمنه الحديث الرابع

140
من اطلاق البدأة بالفريضة وترك النافلة عند بلوغ الفئ ذراعا أو ذراعين لامكان الحمل على ما إذا لم يكن قد صلى
منها ركعة جمعا بين الاخبار والله أعلم
الفصل الرابع في وقتي المغرب والعشاء أربعة وعشرون حديثا أ من الصحاح
عبيد بن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا غابت الشمس دخل الوقتان المغرب والعشاء ب عبد الله ابن سنان قال سمعت
أبا عبد الله عليه السلام يقول وقت المغرب إذا غربت الشمس فغاب قرصها ج زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال وقت المغرب
إذا غاب القرص فان رايته بعد ذلك وقد صليت أعدت الصلاة ومضى صومك وتكف عن الطعام ان كنت أصبت منه شيئا
د علي بن يقطين عن أبي الحسن عليه السلام قال سألته عن الرجل يدركه صلاة المغرب في الطريق أيؤخرها إلى أن يغيب الشفق
قال لا باس بذلك في السفر فاما في الحضر فدون ذلك شيئا ه‍ عمر بن يزيد قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام أكون
في جانب المصر فيحضر المغرب وانا أريد المنزل فان أخرت الصلاة حتى أصلي في المنزل كان أمكن لي وأدركني المساء أفأصلي في
بعض المساجد قال صل في منزلك والحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام انه سأل عن الافطار قبل الصلاة أو بعدها قال إن
كان معه قوم يخشى ان يحبسهم عن عشائهم فليفطر معهم وان كان غير ذلك فليصل ثم ليفطر ز ابن سنان عن أبي
عبد الله عليه السلام لكل صلاة وقتان وأول الوقتين أفضلهما إلى أن قال ووقت المغرب حين تجب الشمس إلى أن تشتبك
النجوم الحديث وسيجئ تمامه في أول الفصل الآتي ح إسماعيل بن جابر عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن وقت
المغرب فقال ما بين غروب الشمس إلى سقوط الشفق ط زرارة والفضيل قالا قال أبو جعفر عليه السلام ان لكل صلاة
وقتين غير المغرب فان وقتها وجوبها ووقت ووقت فوتها غيبوبة الشفق وقد مر هذا الحديث في الفصل الثاني ى
إسماعيل بن همام قال رأيت الرضا عليه السلام وكنا عنده لم يصل المغرب حتى ظهرت النجوم فقام فصلى بنا على باب دار
ابن أبي محمود يا بكر بن محمد عن أبي عبد الله عليه السلام قال سأله سائل عن وقت المغرب فقال إن الله يقول في كتابه فلما
جن عليه الليل رأى كوكبا فهذا أول الوقت وآخر ذلك غيبوبة الشفق يب بكر بن محمد عن أبي عبد الله عليه السلام
قال أول وقت العشاء ذهاب الحمرة واخر وقتها إلى غسق الليل نصف الليل يج الحلبي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام
متى تجب العتمة قال إذا غاب الشفق والشفق الحمرة فقال عبد الله أصلحك الله انه يبقى بعد ذهاب الحمرة ضوء شديد معترض فقال
أبو عبد الله عليه السلام ان الشفق انما هو الحمرة وليس الضوء من الشفق يد عبد الله الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا بأس
ان تؤخر المغرب في السفر حتى تغيب الشفق ولا بأس ان تعجل العتمة في السفر قبل ان يغيب الشفق يه أبو عبيدة قال سمعت أبا جعفر
عليه السلام يقول كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا كانت ليلة مظلمة وريح ومطر صلى المغرب ثم مكث بقدر
ما يتنفل الناس ثم أقام مؤذنه ثم صلى العشاء يو عبد الله ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول اخر رسول
الله صلى الله عليه وآله ليلة من الليالي العشاء الآخرة ما شاء الله فجاء عمر فدق الباب فقال يا رسول الله نام النساء نام
الصبيان فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله فقال ليس لكم ان تؤذوني ولا تأمروني انما علكيم ان تسمعوا وتطيعوا يز
زرارة عن أبي جعفر عليه السلام فيما بين زوال الشمس إلى غسق الليل أربع صلوات سماهن الله وبينهن وغسق الليل
هو انتصافه الحديث وقد مر في الفصل الأول يح عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن الله افترض أربع

141
صلوات أول وقتها من الزوال إلى انتصاف الليل إلى أن قال عليه السلام ومنها صلاتان أول وقتهما من غروب الشمس
إلى انتصاف الليل الا ان هذه قبل هذه وقد مر هذا الحديث بتمامه في الفصل الثالث يط عبد الله ابن سنان عن
أبي عبد الله عليه السلام قال إن نام رجل أو نسي ان يصلي المغرب والعشاء الآخرة فان استيقظ قبل الفجر قدر ان يصليهما
كلتيهما فليصلهما وان خاف ان يفوته إحديهما فليبدأ بالعشاء وان استيقظ بعد الفجر فليصل الصبح ثم المغرب ثم العشاء
قبل طلوع الشمس ك من الحسان الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا كان في
سفر أو عجلت به حاجة يجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء الآخرة قال وقال أبو عبد الله عليه السلام لا بأس ان يعجل
عشاء الآخرة في السفر قبل ان يغيب الشفق كا من الموثقات عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن المغرب
إذا حضرت هل يجوز ان يؤخر ساعة قال لا بأس ان كان صائما أفطر ثم صلى وان كانت له حاجة قضاها ثم يصلي كب أبو
أسامة زيد الشحام قال قال رجل لأبي عبد الله عليه السلام أؤخر المغرب حتى تستبين النجوم فقال خطابية ان جبرئيل عليه السلام
نزل بها على محمد صلى الله عليه وآله حين سقط القرص كج عبيد الله وعمران ابنا علي الحلبيان قالا كنا نختصم في الطريق في
الصلاة صلاة العشاء الآخرة قبل سقوط الشفق وكان منا من يضيق بذلك صدره فدخلنا على أبي عبد الله عليه السلام
فسألناه عن صلاة عشاء الآخرة قبل سقوط الشفق فقال لا بأس بذلك قلنا وأي شئ الشفق قال الحمرة كد زرارة قال
سألت أبا جعفر وأبا عبد الله عليهما السلام عن الرجل يصلي العشاء الآخرة قبل سقوط الشفق قالا لا بأس أقول
ما تضمنه الحديث الأول من دخول وقتي المغرب والعشاء بغيبوبة الشمس لا ينافي ما اشتهر من اختصاص المغرب من أول الوقت بمقدار
ثلث ركعات إذ المراد دخوله موزعا عليهما على قياس ما مر من دخول وقت الظهرين بالزوال وما تضمنه الحديث الثاني والثالث والسابع
والثامن والثاني والعشرون من توقيت المغرب بغيبوبة القرص هو مذهب الشيخ في المبسوط والاستبصار وابن الجنيد والمرتضى في بعض
كتبه وابن بابويه في علل الشرايع وقوله عليه السلام في الحديث السابع حين تجب الشمس المراد به حين سقوط قرصها والوجوب
السقوط وتلك الأحاديث معتضدة بأحاديث أخرى وان كانت غير نقية السند كما رواه عمر بن أبي نصر قال سمعت أبا عبد الله
عليه السلام يقول في المغرب إذا توارى القرص كان وقت الصلاة وأفطر وكما رواه علي بن الحكم عمن حدثه عن أحدهما عليهما السلام
انه سأله عن وقت المغرب فقال إذا غاب كرسيها قلت وما كرسيها قال قرصها قلت متى تغيب قرصها قال إذا نظرت (إليه) فلم تره و
المشهور بين الأصحاب وسيما المتأخرين توقيت دخول المغرب بذهاب الحمرة المشرقية واليه ذهب الشيخ في التهذيب والنهاية لكني لم
أظفر في ذلك بحديث تركن النفس إليه نعم هنا اخبار ضعيفة متضمنة لذلك وكما رواه ابن أشيم عن بعض أصحابنا عن
أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول وقت المغرب إذا ذهبت الحمرة من المشرق الحديث وكما رواه يزيد بن معاوية عن أبي
جعفر عليه السلام قال إذا غابت الحمرة من هذا الجانب يعني من المشرق فقد غابت الشمس من شرق الأرض وغربها وشيخنا في
الذكرى حمل الاخبار المتضمنة للتوقيت بغيبوبة القرص على ذهاب الحمرة حملا للمطلق على المقيد وللبحث فيه مجال واسع مع أن
قوله عليه السلام في الحديث الثالث فان رأيته بعد ذلك يأبى هذا الحمل كما لا يخفى وبالجملة فكلام المبسوط غير بعيد الا انه خروج
عما عليه جماهير الأصحاب سيما مع كونه سبيل الاحتياط وما تضمنه الحديث الرابع والرابع عشر من نفي البأس عن تأخير المغرب

142
إلى غيبوبة الشفق في السفر لا الحضر مما يستدل به لمن جعل وقتها الاختياري إلى غيبوبة الشفق كالشيخ في أكثر كتبه وأبي
حمزة وأبي الصلاح والجمل على المساهلة في فوت وقت الفضيلة للمسافر دون الحاضر ممكن ولفظة دون في قوله عليه السلام
فاما في الحضر فدون ذلك شيئا بمعنى قبل وانتصاب شيئا بنزع الخافض وتنوينه للتقليل والتقدير فصلها قيل ذلك بشئ
يسير وما تضمنه الحديث الخامس من قوله عليه السلام صل في منزلك يمكن ان يستنبط منه ان الصلاة في المنزل باجتماع
البال ومزيد الاقبال أفضل من الصلاة في المسجد إذا لم يتيسر فيه ذلك كما أن تأخير الصلاة عن أول الوقت لأجل ذلك مغتفر
فقد روى محمد بن يزيد قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن وقت المغرب فقال إذا كان أرفق بك وأمكن لك في صلاتك
وكنت في حوائجك فلك ان تؤخرها إلى ربع الليل والظاهر أن اشتباك النجوم في الحديث السابع كناية عن ذهاب الحمرة المغربية
كما أن الظاهر أن رؤية الكوكب في الحديث الحادي عشر كناية عن ذهاب الحمرة المشرقية وحينئذ فالحديث السابع مؤيد لما تضمنه الحديث
الثامن والتاسع والحادي عشر من انتهاء وقت المغرب بغيبوبة الشفق للمختار وغيره كما هو ظاهر الشيخ في الخلاف لكن الظاهر أن المراد
انتهاء وقت فضيلتها كما يدل عليه الحديث الثامن عشر فإنه ناطق بامتداد الوقت إلى أن يبقى إلى انتصاف الليل مقدار أربع ركعات
كما هو مذهب السيد وابن الجنيد وابن إدريس والمتأخرين والجار في قوله عليه السلام انتصاف الليل متعلق بمحذوف
سوى المحذوف الذي يتعلق به الجار في قوله عليه السلام من غروب الشمس والتقدير ويمتد إلى انتصاف الليل ومما يؤيد ما
دل عليه هذا الحديث ما رواه داود بن فرقد عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا غابت الشمس فقد دخل
وقت المغرب حتى يمضي مقدار ما يصلي المصلي ثلث ركعات فإذا مضى ذلك فقد دخل وقت المغرب والعشاء الآخرة حتى
يبقى من انتصاف الليل مقدار ما يصلي أربع ركعات فإذا يبقى مقدار ذلك فقد خرج وقت المغرب وبقي وقت العشاء
الآخرة إلى انتصاف الليل واما استدلال بعض الأصحاب على امتداد وقت المختار إلى أن يبقى للانتصاف مقدار العشاء بالحديث
السابع عشر فهو كما ترى إذ لا يلزم من كون ما بين الزوال إلى نصف الليل ظرفا لأربع صلوات أحديها المغرب امتداد
وقته إلى ذلك الحد وهذا ظاهر وما تضمنه الحديث الثاني عشر والثالث عشر من أن أول وقت العشاء ذهاب
الشفق مما يستدل به للشيخين وابن أبي عقيل وسلار حيث ذهبوا إلى ذلك وقد حمل كثير من الأصحاب ذلك على
وقت الفضيلة جمعا بينهما وبين الاخبار المتكثرة كالحديث الأول والثامن عشر والثاني والعشرين وبعض الأحاديث
السالفة في الفصل السابق وهو غير بعيد وقد تضمن الحديث الثاني عشر ان آخر وقت العشاء نصف الليل وبه قال
المرتضى وابن الجنيد وسلار وأكثر الأصحاب ويدل عليه الحديث السابع عشر والثامن عشر وما رواه أبو بصير عن أبي
جعفر عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لولا أني أخاف ان أشق على أمتي لاخرت العتمة إلى ثلث الليل وأنت
في رخصة إلى نصف الليل وهو غسق الليل وذهب الشيخان في بعض كتبهما إلى أن آخر وقت العشاء ثلث الليل وبعض الروايات
صريحة في ذلك لكنها غير نقية السند كرواية يزيد بن خليفة عن الصادق عليه السلام قال أول وقت العشاء حين
يغيب الشفق
إلى ثلث الليل ورواية زرارة عن الباقر عليه السلام ان اخر وقت العشاء ثلث الليل وحمل أمثال هذه الروايات على انتهاء وقت
الفضيلة كما قاله جماعة من الأصحاب لا بأس به جمعا بين الاخبار وذهب بعض علمائنا إلى امتداد وقت العشاء للمضطر

143
إلى طلوع الفجر واختاره المحقق في المعتبر ويدل عليه الحديث الخامس عشر من الفصل السابق والتاسع عشر من هذا الفصل
وقال الشيخ في الخلاف لا خلاف بين أهل العلم في أن أصحاب الاعذار إذا أدرك أحدهم قبل الفجر الثاني مقدار ركعة انه يلزمه
العشاء وما تضمنه الحديث الثالث عشر والثالث والعشرون من أن الشفق هو الحمرة لا اعلم فيه مخالفا من أصحابنا والمنقول
عن أبي حنيفة انه البياض ولا عبرة به وقد دل الحديث التاسع عشر على أن النائم والناسي (والساهي) يمتد وقت مغربه إلى أن يبقى للفجر
أربع ركعات ووقت عشائه إلى طلوع الفجر كما هو مختار المحقق وجماعة ودل أيضا على اختصاص العشاء من آخر الوقت بمقدار
أدائها وعلى انه يجب على من فاته المغرب والعشاء في ليله المبادرة إلى قضائها قبل طلوع الشمس وعلى وجوب تقديم صاحبة
الوقت على الفائتة وقوله عليه السلام في الحديث الثاني والعشرين خطابية بالخاء المعجمة والطاء المشددة والمراد به ان هذه
بدعة منسوبة إلى أبي الخطاب وهو رجل ملعون على لسان الصادق عليه السلام كما تضمنه رواية القاسم بن سالم وروى عمار
الساباطي عنه عليه السلام أنه قال انما أمرت أبا الخطاب ان يصلي المغرب حين زالت الحمرة فجعل هو الحمرة من قبل المغرب و
عن الرضا عليه السلام ان أبا الخطاب قد كان أفسد عامة أهل الكوفة وكانوا لا يصلون المغرب حتى يغيب الشفق وانما ذلك
للمسافر وصاحب الحاجة
الفصل الخامس في وقت صلاة الصبح سبعة أحاديث أ من الصحاح ابن سنان عن أبي عبد الله
عليه السلام قال لكل صلاة وقتان وأول الوقتين أفضلهما ووقت الفجر حين ينشق الفجر إلى أن يتجلل الصبح السماء ولا ينبغي تأخير ذلك عمدا
ولكنه وقت من شغل أو نسي أو نام ووقت المغرب حين تجب الشمس إلى تشبك النجوم وليس لاحد ان يجعل اخر الوقتين وقتا
الا من عذر أو علة ب زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي الصبح وهي الفجر إذا
اعترض الفجر وأضاء حسنا ج علي بن يقطين قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل لا يصلي الغداة حتى يسفر وتظهر
الحمرة ولم يركع ركعتي الفجر أيركعهما أو يؤخرهما قال يؤخرهما د أبو بصير ليث المرادي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام فقلت
متى يحرم الطعام على الصائم وتحل الصلاة صلاة الفجر فقال لي إذا اعترض الفجر فكان كالقبطية البيضاء فثم يحرم الطعام
على الصائم وتحل الصلاة صلاة الفجر قلت أولسنا في وقت إلى أن يطلع شعاع الشمس قال هيهات أين تذهب تلك صلاة
الصبيان ه‍ من الحسان الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال وقت الفجر حين ينشق الفجر وساق الحديث الأول إلى قوله أو
نام ولم يذكر أو سهى وعلي بن عطية عن أبي عبد الله عليه السلام قال الصبح هو الذي إذا رأيته معترضا كأنه نباض سوري
ز من الموثقات عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا تفوت الصلاة من أراد الصلاة لا تفوت صلاة النهار
حتى تغيب الشمس ولا صلاة الليل حتى يطلع الفجر ولا صلاة الفجر حتى تطلع الشمس أقول يتجلل الصبح السماء
بالجيم بمعنى انتشاره فيها وشمول ضوئه لها وتجب الشمس بالكسر اي تسقط والوجوب السقوط والمستتر في قوله عليه السلام
حتى يسفر يعود إلى الصبح المدلول عليه بالغداة أو إلى الرجل اي حتى يدخل في وقت الاسفار وهو شدة إضاءة الفجر والقبطية
بكسر القاف واسكان الباء الموحدة وتشديد الياء المنسوبة إلى القبط ثياب يتخذ بمصر وسورى على وزن بشرى موضع بالعراق
من ارض بابل والمراد ببياضها نهرها كما في رواية هشام بن الهذيل عن الكاظم عليه السلام وقد سأله عن وقت صلاة الصبح
فقال حين يعترض الفجر فتراه كأنه نهر سوري وقد أجمع أهل الاسلام على أن وقت صلاة الصبح طلوع الفجر الثاني أعني المعترض المتصل

144
بالأفق المسمى بالصبح الصادق دون الأول المستطيل الذي يتوسط بينه وبين الأفق ظلمة وهو المسمى بالصبح الكاذب
ونحن نقدم لتحقيق هذا المقام كلاما أورده العلامة قدس الله روحه في المنتهى ونشرحه بما يتضح به هذا المبحث غاية
الاتضاح ثم نعود بعد ذلك إلى ما نحن بصدده وهذا البحث وان لم يكن من وظيفة الفقيه من حيث هو فقيه الا انا اقتفينا
في ذلك اثر العلامة أحله الله دار الكرامة قال طاب ثراه اعلم أن ضوء النهار من ضياء الشمس وانما يستضئ بها ما كان كمدا
في نفسه كثيفا في جوهره كالأرض والقمر واجزاء الأرض المتصلة والمنفصلة وكلما يستضئ من جهة الشمس فإنه يقع له
ظل من ورائه وقد قدر الله بلطيف حكمته دوران الشمس حول الأرض فإذا كانت تحتها وقع ظلها فوق الأرض على شكل
مخروط ويكون الهواء المستضئ بضياء الشمس محيطا بجوانب ذلك المخروط فيستضئ نهايات الظل بذلك الهواء المضئ
لكن ضوء الهواء ضعيف إذ هو مستعار فلا ينفذ كثيرا في اجزاء المخروط بل كلما ازداد بعدا ازداد ضعفا فاذن متى تكون في وسط
المخروط تكون في أشد الظلام فإذا اقتربت الشمس من الأفق الشرقي مال مخروط الظل عن سمت الرأس وقربت الاجزاء المستضيئة
من حواشي الظل بضياء الهواء من البصر وفيه أدنى قوة فيدركه البصر عند قرب الصباح وعلى هذا كلما ازدادت الشمس قربا
من الأفق ازداد ضوء نهايات الظل قربا من البصر إلى أن تطلع الشمس وأول ما يظهر الضوء عند قرب الصباح يظهر مستدقا مستطيلا
كالعمود ويسمى الصبح الكاذب والأول ويشبه بذنب السرحان لدقته واستطالته ويسمى الأول لسبقه على الثاني والكاذب
لكون الأفق مظلما اي لو كان يصدق انه نور الشمس لكان المنير مما يلي الشمس دون ما يبعد منه ويكون خفيفا؟ دقيقا ويبقى
وجه الأرض على ظلامه بظل الأرض ثم سيزداد هذا الضوء إلى أن يأخذ طولا وعرضا فينبسط في عرض الأفق كنصف دائرة
وهو الفجر الثاني الصادق لأنه صدقك عن الصبح وبينه لك والصبح ما جمع بياضا وحمرة ثم سيزداد الضوء إلى أن يحمر الأفق
ثم تطلع الشمس انتهى كلامه أعلى الله مقامه وقوله طاب ثراه انما يستضئ بها ما كان كمدا في نفسه كثيفا في جوهره ناظرا
إلى ما ذهب إليه جماعة من أن الهواء الصافي من الشوائب لا يتكيف بالضوء وانما يتكيف به الهواء المخالط للاجزاء البخارية
والدخانية أعني كرة البخار التي فيها يتحقق الصبح والشفق وحكمه طاب ثراه بمخروطية شكل ظلمه الأرض مبنى على ما قام عليه
البرهان في محله من أن الشمس أعظم من الأرض وانه متى استضاءت كرة صغرى من كرة عظمي كان المضئ من الصغرى أكثر من نصفها
والمظلم أقل منه ويكون ظلها مخروطيا وقوله لكن ضوء الهواء ضعيف إذ هو مستعار فلا ينفذ كثيرا إلى اخره يريد به ان الهواء
لما كان تكيفه بالضوء بواسطة مخالطة الاجزاء البخارية القليلة الكثافة لم يكن شديد الضوء وانه كلما ازداد بعدا عنا
ازداد ضوءه ضعفا في الحس إلى أن ينعدم بالكلية ولذلك لا يرى في أواسط الليل شئ من ذلك الضوء؟ واما قوله ان
أول ما يظهر الضوء عند قرب الصباح يظهر مستدقا مستطيلا إلى قوله لكون الأفق مظلما إلى اخره فهو متضمن لحكمين الأول
استطالة الصبح الكاذب والثاني كون ما بينه وبين الأفق مظلما وهذان الأمران معلومان بالمشاهدة والسبب فيهما
هو ان مخروط الظل إذا زاد ميله نحو الأفق الغربي لقرب الشمس من الأفق الشرقي ازداد الضوء المحيط به قربا إلى الناظر وأول ما يرى منه ما
هو أقرب إليه وهو موقع خط خارج من بصره عمودا على الضلع الذي يلي الشمس من ضلعي المثلث الحاصل من قطع المخروط بسطح ما وبسهمه
ومركزي الأرض والشمس وانما كان هذا الموقع أقرب إلى الناظر لان هذا العمود أقصر الخطوط الخارجة من البصر منتهية إلى

145
الضلع المذكور فإنه وتر حادة في كل مثلث يحدث منه ومن خط شعاعي ينتهي إلى ذلك الضلع وهذا الخط وتر قائمة
والزاوية العظمى بوترها الضلع الأطول فأول ما يرى من ذلك الضلع المواضع التي هي موقع العمود المذكور ومواقع الخطوط
الشعاعية التي هي أقرب إليه دون البعيدة عنه لزيادة بعد مواقعها عن البصر فلذلك يرى الفجر الكاذب مستطيلا والقطعة
التي بينه وبين الأفق مظلمة ثم إذا ازداد قرب الشمس استنارت تلك القطعة واعترض الضوء وهو الفجر الصادق إذا تقرر
هذا فلنعد إلى ما نحن بصدده فنقول قد يستدل بالحديث الأول والرابع والخامس على ما ذهب إليه الشيخ في الخلاف من أن
امتداد وقت صلاة الصبح للمختار إلى أن يسفر الصبح وللمضطر إلى طلوع الشمس والحق ما عليه الأكثر من امتداده إلى طلوعها
للمختار والحديث السابع نص فيه والحديث الثالث أيضا دال عليه باستعانة الاجماع المركب فان كل من قال بالامتداد إلى ظهور
الحمرة قال بان آخر الوقت طلوع الشمس ويؤيده اخبار أخرى غير نقية السند كما رواه الأصبغ بن نباته عن أمير المؤمنين عليه السلام
أنه قال من أدرك من الغداة ركعة قبل طلوع الشمس فقد أدرك الغداة تامة وكما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال
وقت الغداة ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس فالأولى حمل تلك الأحاديث على انتهاء وقت الفضيلة جمعا بين الاخبار والله أعلم
الفصل السادس في أوقات النوافل الليلية وتقديمها وتأخيرها وما يتبع ذلك اثنان وعشرون حديثا أ
من الصحاح الفضيل عن أحدهما عليهما السلام ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يصلي بعد ما ينتصف الليل ثلاث عشرة
ركعة ب عمر بن يزيد انه سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول إن في الليل لساعة لا يوافقها عبد مسلم يصلي ويدعو الله فيها
الا استحباب له في كل ليلة قلت فأصلحك الله فأية ساعة من الليل هي قال إذا مضى نصف الليل إلى ثلث الباقي ج إسماعيل بن
جابر قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام أوتر بعدما يطلع الفجر قال لا د إسماعيل بن سعد الأشعري قال سألت أبا الحسن الرضا
عليه السلام عن ساعات الوتر قال أحبها إلى الفجر الأول وسألته عن أفضل ساعات الليل قال الثلث الباقي وسألته عن الوتر
بعد فجر الصبح قال نعم قد كان أبي ربما أوتر بعدما انفجر الصبح ه‍ سليمان بن خالد قال قال أبو عبد الله عليه السلام ربما
قمت وقد طلع الفجر فأصلي صلاة الليل والوتر والركعتين قبل الفجر ثم أصلي الفجر قلت افعل انا ذا قال نعم ولا يكون منك
عادة وعمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن صلاة الليل والوتر بعد طلوع الفجر قال صلها بعد الفجر
حتى تكون في وقت تصلي الغداة في آخر وقتها ولا تعمد ذلك في كل ليلة وقال أوتر أيضا بعد فراغك
منها ز ابن أبي يعفور قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن ركعتي الفجر متى أصليهما فقال قبل الفجر ومعه وبعده ح أحمد بن
محمد قال سألت الرضا عليه السلام عن ركعتي الفجر قال احشوا بهما صلاة الليل ط محمد بن مسلم قال سمعت أبا جعفر عليه
السلام يقول صل ركعتي الفجر قبل الفجر وبعده وعنده ى حماد بن عثمان قال قال أبو عبد الله عليه السلام في ركعتي الفجر ربما
صليتهما وعلي ليل فان نمت ولم يطلع الفجر أعدتهما (يا) زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته عن ركعتي الفجر قبل الفجر
أو بعد الفجر فقال قبل الفجر انهما من صلاة الليل ثلثه عشر ركعة صلاة الليل أتريد ان تقايس لو كان عليك من شهر رمضان أكنت تطوع
إذا دخل عليك وقت الفريضة فابدأ بالفريضة (يب) علي بن يقطين قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل لا يصلي
الغداة حتى يسفر ويظهر الحمرة ولم يركع ركعتي الفجر أيركعهما أو يؤخرهما قال يؤخرهما (يج) ليث المرادي قال سألت أبا عبد الله

146
عليه السلام عن الصلاة في الصيف في الليالي القصار صلاة الليل في أول الليل قال نعم (نعم ما رأيت ونعم ما صنعت قال وسألته عن الرجل يخاف الجنابة في السفر أو في البرد فيعجل صلاة الليل والوتر في أول الليل قال نعم) (يد) الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام
قال إن خشيت ان لا تقوم في آخر الليل وكان بك علة أو أصابك برد فصل وأوتر من أول الليل في السفر (يه) أبان بن تغلب
قال خرجت مع أبي عبد الله عليه السلام فيما بين مكة والمدينة فكان يقول اما أنتم فشباب تؤخرون واما انا فشيخ أعجل فكان يصلي
صلاة الليل أول الليل (يو) معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له ان رجلا من مواليك من صلحائهم شكا
إلي ما يلقى من النوم فقال إني أريد القيام لصلاة الليل بالليل فيغلبني النوم حتى أصبح فربما قضيت صلاتي الشهر المتتابع
والشهرين أصبر على ثقله قال قرة عين له والله ولم يرخص في الصلاة في أول الليل وقال القضاء بالنهار أفضل قلت فان من
نساءنا أبكار الجارية تحب الخير وأهله وتحرص على الصلاة فيغلبها النوم حتى ربما قضت وربما ضعفت عن قضائه
وهي تقوى عليه أول الليل فرخص لهن أول الليل في الصلاة إذا ضعفن وضيعن بالقضاء (يز) محمد بن مسلم عن أحدهما
عليهما السلام قال قلت الرجل من امره (القيام) بالليل يمضي عليه الليلة والليلتان والثلث لا يقوم فيقضي أحب إليك أم يعجل الوتر أول
الليل قال لا بل يقضي وان كان ثلثين ليلة (يح) معاوية بن وهب قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول وذكر صلاة النبي
صلى الله عليه وآله قال كان يأتي بطهور فيخمر عند رأسه ويوضع سواكه عند فراشه ثم ينام ما شاء الله فإذا استيقظ جلس
ثم قلب بصره في السماء ثم تلا الآيات من آل عمران ان في خلق السماوات والأرض ثم يستن ويتطهر ثم يقوم إلى المسجد فركع أربع ركعات
على قدر قراءته ركوعه وسجوده على قدر ركوعه يركع حتى يقال متى يرفع رأسه ويسجد حتى يقال متى يرفع رأسه ثم يعود إلى فراشه فينام ما شاء
الله ثم يستيقظ فيجلس فيتلو الآيات من آل عمران ويقلب بصره في السماء
ثم يستن ويتطهر ويقوم إلى المسجد فيصلى أربع ركعات
كما ركع قبل ذلك ثم يعود إلى فراشه فينام ما شاء الله ثم يستيقظ فيجلس فيتلو الآيات من آل عمران ويقلب بصره في السماء ثم يستن ويتطهر ويقوم إلى المسجد فيوتر ويصلي الركعتين ثم يخرج إلى الصلاة (يط) من الحسان زرارة قال قلت لأبي جعفر
عليه السلام الركعتان اللتان قبل الغداة أين موضعهما فقال قبل طلوع الفجر فإذا طلع الفجر فقد دخل وقت الغداة (ك)
معاوية بن وهب قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول اما يرضى أحدكم ان يقوم قبل الصبح فيوتر ويصلي ركعتي الفجر ويكتب له
بصلاة الليل (كا) الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان إذا صلى العشاء الآخرة
امر بوضوئه وسواكه فوضع عند رأسه مخمرا فيرقد ما شاء الله ثم يقوم فيستاك ويتوضأ ويصلي أربع ركعات ثم يرقد ثم يقوم فيستاك
ويتوضأ ويصلي أربع ركعات ثم يرقد حتى إذا كان في وجه الصبح قام فاوتر ثم صلى الركعتين ثم قال لقد كان لكم في رسول الله
أسوة حسنة قلت متى كان يقوم قال بعد ثلث الليل (كب) محمد بن مسلم قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول إن العبد
يوقظ ثلث مرات من الليل فإن لم يقم اتاه الشيطان فبال في اذنيه قال وسألته عن قول الله عز وجل كانوا قليلا من الليل ما
يهجعون قال كانوا أقل الليالي تفوتهم لا يقومون فيها أقول ما يستفاد من الحديث الأول من أن صلاة
الليل بعد انتصافه مما لا خلاف فيه بين علمائنا رضوان الله عليهم وقد ذكروا انها كلما قربت من الفجر كانت أفضل وربما
يستدل على ذلك برواية مرازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له متى أصلي صلاة الليل فقال صلها آخر الليل وفي
دلالتها على المدعى نوع خفاء واما ما في الحديث الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من التقديم على الانتصاف فإنما هو

147
لخائف عدم التمكن منها بعده كما نطقت به تلك الأحاديث وما تضمنه الحديث الثاني من أن ساعة الاستجابة إذا مضى
نصف الليل إلى الثالث الباقي بالباء الموحدة والقاف يراد انها ما بين النصف الأول والثلث الأخير أعني السدس الرابع كما
تضمنته صحيحة أخرى لهذا الراوي أعني عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه السلام هكذا قلت له أصلحك الله فأية ساعة هي من الليل
قال إذا مضى نصف الليل في السدس الأول من النصف الثاني وما في رواية عبيدة السابوري عنه عليه السلام قال قلت متى
هي قال ما بين نصف الليل إلى الثلث الباقي وما تضمنه الحديث الثالث من نهيه عليه السلام عن صلاة الوتر بعد الفجر لعل
المراد به النهي عن اتخاذ ذلك عادة وفعله من دون عذر والمراد بالفجر الفجر الثاني كما يستفاد من الحديث الرابع ويؤيده
رواية زرارة ان رجلا سأل أمير المؤمنين عليه السلام عن الوتر أول الليل فلم يجبه فلما كان بين الصبحين خرج أمير المؤمنين عليه السلام إلى
المسجد فنادى أين السائل عن الوتر ثلث مرات نعم ساعة الوتر هذه ثم قام فاوتر وحكمه عليه السلام بان أفضل ساعات الليل
الثلث الأخير لا ينافي ما تقدم من أنها السدس الرابع لاحتمال ان يكون الثلث الأخير أفضل الأوقات لصلاة الليل وكون
السدس الرابع أفضل في نفسه من سائر اجزاء الليل وقوله عليه السلام ان أبي ربما أوتر بعدما انفجر الصبح المراد به الصبح الثاني
وهو محمول على ما إذا كان هناك عذر وقوله عليه السلام في الحديث الخامس ربما قمت وقد طلع الفجر يراد به الفجر الثاني أيضا والظرف
في قوله عليه السلام قبل الفجر نعت للركعتين من قبيل ولقد امر على اللئيم يسبني أو حال منهما وقوله عليه السلام ولا يكون
منك عادة ربما اشعر بان ذلك في حال العذر كما في الحديث السادس والمراد بالفجر فيما تضمنه الحديث السابع والتاسع
من صلاة ركعتي الفجر قبله وبعده وعنده الفجر الأول كما يدل عليه قوله عليه السلام في الحديث الثامن احشوا بهما صلاة
الليل إذ المراد صلاتهما في وقتها والحديث الحادي عشر والتاسع عشر صريحان في أن وقتهما قبل الفجر واحشوا بالحاء
المهملة والشين المعجمة على صيغة الامر للجماعة من حشا القطن في الشئ جعله فيه والتنوين في قوله عليه السلام في الحديث
العاشر وعلى ليل للتكثير اي ربما صليتهما وقد بقي علي ليل كثير وقوله عليه السلام في الحديث الحادي عشر أتريد ان
تقايس بالبناء للمفعول اي أتريد ان يستدل لك بالقياس ويجوز قراءته بالبناء للفاعل اي تريد ان تستدل أنت بالقياس
ولعله عليه السلام لما علم أن زرارة كثيرا ما يبحث مع المخالفين ويبحثون معه في أمثال هذه المسائل أراد ان يعلمه طريق
الزامهم حيث إنهم قائلون بالقياس أو ان غرضه عليه السلام تنبيه زرارة على اتحاد حكم المسئلتين وتمثيل مسألة لم يكن
يعرفها بمسألة هو عالم بها ومثل ذلك قد يسمى مقايسة وليس مقصوده عليه السلام القياس المصطلح وهذا الحديث
نص في أن من عليه قضاء من شهر رمضان لا يشرع له صوم النافلة وستسمع الكلام فيه في كتاب الصوم انشاء الله تعالى والجار والمجرور
الأول في قوله عليه السلام لو كان عليك من شهر مرضان خبر كان والثاني اسمها ولا تصغ إلى ما اشتهر من أن الجار والمجرور لا يقع
مبتدأ ولا قائما مقام المبتدأ فان الحق جوازه في من التبعيضية الا ترى إلى ما قاله بعض المحققين في قوله تعالى " ومن الناس
من يقول امنا بالله واليوم الآخر " ان من الناس مبتدأ ومن يقول خبره وان أبيت ذلك هنا وفرقت بين ما نحن فيه وبين
الآية الكريمة فاجعله صفة محذوف اي شئ من شهر رمضان وقد دل الحديث السادس عشر والسابع عشر على أن قضاء
صلاة الليل والوتر أفضل من تقديمهما وما تضمنه الحديث الثامن عشر من أن النبي صلى الله عليه وآله كان يأتي بصلاة الليل

148
موزعة على الأوقات الثلاثة استحبه ابن الجنيد ولا باس به وهو يدل أيضا على استحباب فعلها في المسجد و
تخمير الاناء بالخاء المعجمة تغطيته والمراد بالآيات من آل عمران الآيات الخمس إلى قوله جل وعلا " انك لا تخلف
الميعاد " كما تضمنه بعض الروايات المعتبرة ويستن بمعنى يستاك والوضوء بالفتح ما يتوضأ به كالطهور
والسحور والمراد بوجه الصبح اما قرب طلوعه فيراد به الصبح الثاني أو ابتداء ظهوره فيراد به الصبح الأول و
المستتر في ثم قال يعود إلى الإمام عليه السلام لا إلى النبي صلى الله عليه وآله كما قد يظن ولو استفيد
من هذين الحديثين استحباب جميع تلك الأفعال للأمة حتى توسط النومتين لم يكن بعيدا ومما يرشد إليه
تلاوة الإمام عليه السلام آية التأسي بعد بيان تلك الأفعال وما تضمنه الحديث الثاني والعشرون من بول الشيطان
في اذني من لم يقم لصلاة الليل لعله كناية عن غاية تمكنه منه وتسلطه عليه واستهزائه
به وفي رواية أخرى لمحمد بن مسلم عن الصادق عليه السلام أنه قال بعد ذكر بول الشيطان في اذن من لم يقم لصلاة
الليل لعله كناية عن غاية إلى تمكنه أو لا يرى أحدكم انه إذا قام ولم يكن ذلك منه قام وهو متخثر ثقيل كسلان
الفصل السابع في أوقات القضاء والتنفل في وقت الفريضة أربعة عشر حديثا أ من الصحاح زرارة عن
أبي جعفر عليه السلام فيمن فاته صلوات قال يقضيها إذا ذكرها في أي ساعة ذكرها من ليل أو نهار فإذا دخل وقت صلاة
ولم يتم ما قد فاته فليقض ما لم يتخوف ان يذهب وقت هذه الصلاة التي قد حضرت وهذه أحق بوقتها فليصلها فإذا قضاها
فليقض ما فاته مما قد مضى ولا يتطوع بركعة حتى يقضي الفريضة كلها (ب) صفوان عن أبي الحسن عليه السلام في ناسي
الظهر حتى غربت الشمس قال كان أبو جعفر أو كان أبي يقول إذا أمكنه ان يصليها قبل ان تفوته المغرب بدأ بها وإلا صلى المغرب
ثم صلاها (ج) بريد بن معاوية العجلي عن أبي جعفر عليه السلام قال أفضل قضاء صلاة الليل في الساعة التي فاتتك اخر الليل
وليس باس ان تقضيها بالنهار وقبل ان تزول الشمس (د) عبد الله ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول إن
رسول الله صلى الله عليه وآله رقد فغلبته عيناه فلم يستيقظ حتى آذاه حر الشمس ثم استيقظ فركع ركعتين ثم صلى الصبح (ه‍) زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا دخل وقت صلاة مكتوبة فلا
صلاة نافلة حتى تبدأ بالمكتوبة قال فقدمت الكوفة فأخبرت الحكم بن عتيبة وأصحابه فقبلوا ذلك مني فلما كان في
القابل لقيت أبا جعفر عليه السلام فحدثني ان رسول الله صلى الله عليه وآله عرس في بعض أسفاره وقال من يكلؤنا فقال
بلال انا فنام بلال وناموا حتى طلعت الشمس فقال يا بلال ما أرقدك فقال يا رسول الله اخذ بنفسي ما اخذ بأنفاسكم فقال رسول الله
صلى الله عليه وآله قوموا فتحولوا عن مكانكم الذي أصابكم فيه الغفلة وقال يا بلال اذن فاذن فصلى رسول الله صلى
الله عليه وآله ركعتي الفجر ثم قام فصلى بهم الصبح ثم قال من نسي شيئا من الصلاة فليصلها إذا ذكرها فان الله عز وجل يقول أقم
الصلاة لذكري قال زرارة فحملت الحديث إلى الحكم وأصحابه فقال نقضت حديثك الأول فقدمت على أبي جعفر
عليه السلام فأخبرته بما قال القوم فقال يا زرارة الا أخبرتهم انه قد فات الوقتان (جميعا) وان ذلك كان قضاء
من رسول الله صلى الله
عليه وآله وزرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا نسيت صلاة أو صليتها بغير وضوء وكان عليك قضاء صلوات

149
فابدء بأولهن فاذن لها وأقم ثم صلها ثم صل ما بعدها بإقامة لكل صلاة قال وقال أبو جعفر عليه السلام ان كنت قد
صليت الظهر وقد فاتتك الغداة فذكرتها فصل اي ساعة ذكرتها ولو بعد العصر ومتى ذكرت صلاة فاتتك
صليتها وقال إن نسيت الظهر حتى صليت العصر فذكرتها وأنت في الصلاة أو بعد فراغك منها فانوها الأولى ثم
صلى العصر فإنما هي أربع مكان أربع وان ذكرت انك لم تصل الأولى وأنت في صلاة العصر وقد صليت منهار ركعتين
فصل الركعتين الباقيتين وقم فصل العصر وان كنت ذكرت انك لم تصل العصر حتى دخل وقت المغرب ولم تخف فوتها
فصل العصر ثم صل المغرب وان كنت قد صليت المغرب فقم فصل العصر وان كنت قد صليت من المغرب ركعتين ثم ذكرت العصر فانوها العصر ثم سلم
ثم صلى المغرب وان كنت قد صليت العشاء الآخرة ونسيت المغرب فقم فصل المغرب وان كنت ذكرتها وقد صليت من
العشاء الآخرة ركعتين أو قمت في الثالثة فانوها المغرب ثم سلم ثم قم فصل العشاء الآخرة وان كنت قد نسيت العشاء الآخرة
حتى صليت الفجر فصل العشاء الآخرة وان كنت ذكرتها وأنت في ركعة أو في الثانية من الغداة فانوها العشاء ثم قم فصل
الغداة واذن وأقم وان كانت المغرب والعشاء قد فاتتاك جميعا فابدء بهما قبل ان تصلي الغداة ابدأ بالمغرب ثم بالعشاء
وان خشيت ان تفوتك الغداة ان بدأت فابدء بالمغرب ثم بالغداة ثم صل العشاء وان خشيت ان تفوتك الغداة ان بدأت
بالمغرب فصل الغداة ثم صل المغرب والعشاء ابدأ بأولهما لأنهما جميعا قضاء أيهما ذكرت فلا تصلها الا بعد شعاع
الشمس قال قلت لم ذاك قال لأنك لست تخاف فوته (ز) زرارة قال قلت لأبي جعفر عليه السلام أصلي نافلة وعلي فريضة
أو في وقت فريضة قال لا انه لا يصلي نافلة في وقت فريضة أرأيت لو كان عليك من شهر رمضان كان لك ان تتطوع حتى
تقضيه قال قلت لا قال فكذلك الصلاة قال فقايسني وما كان يقايسني (ح) عمر بن يزيد انه سأل أبا عبد الله عليه السلام
عن الرواية التي يروون انه لا ينبغي ان يتطوع في وقت فريضة ما حد هذا الوقت قال إذا اخذ المقيم في الإقامة فقال له الناس
يختلفون في الإقامة قال المقيم الذي يصلي معه (ط) من الحسان زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا فاتتك صلوه
فذكرتها في وقت أخرى فان كنت تعلم انك إذا صليت التي قد فاتتك كنت من الأخرى في وقت فابدأ بالتي فاتتك فان الله
عز وجل يقول " أقم الصلاة لذكري " وان كنت تعلم انك إذا صليت التي فاتتك فاتتك التي بعدها فابدأ بالتي أنت في وقتها
(ى) محمد بن مسلم قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام إذا دخل وقت الفريضة أتنفل أو ابدأ بالفريضة فقال إن الفضل ان تبدأ
بالفريضة وانما أخرت الظهر ذراعا لمكان صلاة الأوابين (يا) الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن رجل أم
قوما في العصر فذكر وهو يصلي انه لم يكن صلى الأولى فليجعلها الأولى التي فاتته ويستأنف بعد صلاة العصر وقد
قضى القوم صلاتهم (يب) الحسين بن أبي العلا عن أبي عبد الله عليه السلام قال اقض صلاة النهار اي ساعة شئت من
ليل أو نهار (يج) من الموثقات محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن علي بن الحسين عليه السلام كان إذا فاته شئ
من الليل قضاه بالنهار وان فاته شئ من اليوم قضاه من الغدا وفي الجمعة أو في الشهر وكان إذا اجتمعت عليه الأشياء قضاها
في شعبان حتى يكمل له عمل السنة كلها تامة (يد) سماعة قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يأتي المسجد وقد صلى
أهله أيبتدئ بالمكتوبة أو يتطوع فقال إن كان في وقت حسن فلا بأس بالتطوع قبل الفريضة وان خاف فوت الوقت من اجل

150
ما مضى من الوقت فليبدء بالفريضة وهو حق الله ثم ليتطوع بما شاء أقول قد يستفاد من الحديث الأول
(عدم) كراهة قضاء الصلاة في الأوقات المكروهة كطلوع الشمس وغروبها وقيامها كما يشعر به قوله عليه السلام في أي ساعة ذكرها
من ليل أو نهار ولا يخفى ان لقائل ان يقول إنه انما يدل على عدم التحريم اما على عدم الكراهة فلا لاحتمال ان يكون الصلاة
في تلك الأوقات من قبيل الحمام وصوم النافلة في السفر ويستفاد منه أيضا المضايقة في القضاء وعدم التوسعة فيه كما يدل
عليه الحديث التاسع وعدم جواز النافلة لمن عليه فريضة كما يدل عليه الحديث السابع والقول بالمضايقة هو مذهب أكثر
متقدمي علمائنا رضي الله عنهم حتى أن المرتضى رضي الله عنه منع في بعض رسائله من اكل ما يفضل عما يمسك الرمق و
من نوم يزيد على ما يحفظ الحياة ومن تعيش يزيد على قدر الضرورة ومن الاشتغال بجميع المباحات والمندوبات والواجبات
الموسعة قبل القضاء وربما يستدل لهم أيضا بان الامر بالشئ يستلزم عدم الامر بضده وقد قيد الامر بالقضاء بوقت الذكر
كما ورد بطرق معتبرة من قوله عليه السلام فليقضها إذا ذكرها وقد ورد في تفسير قوله جل وعلا " أقم الصلاة لذكري "
اي لذكر صلاتي كما هو المستفاد من الأحاديث المعتبرة كالحديث الخامس والتاسع وقد يستأنس بما رواه عبد الله ابن
سنان عن الصادق عليه السلام فيمن فاته نوافل لا يدري كم هو من كثرته قال يصلي حتى لا يدري كم صلى من كثرته قلت لا
يقدر على القضاء من شغله قال إن كان شغله في طلب معيشة لابد منها أو حاجة لأخ مؤمن فلا شئ عليه وان كان شغله للدنيا ويشاغل بها عن الصلاة فعليه القضاء والا لقي الله سبحانه مستخفا متهاونا
مضيعا للسنة وهذه الرواية وان وردت في النوافل الا انها تدل على حكم الفرائض بطريق الأولوية وذهب الصدوقان
وأكثر المتأخرين إلى التوسعة في القضاء للأصل ولزوم الحرج واطلاق أقم الصلاة لدلوك الشمس والأخبار الدالة على التوسعة
كآخر الحديث السادس والحديث التاسع عشر من الفصل الرابع والثالث عشر من الفصل الثامن والأخبار الدالة على جواز التنفل
لمن عليه فريضة وحملوا الأحاديث المشعرة بالمضايقة على الاستحباب جمعا بين الاخبار وكيف كان فلا ريب ان المسارعة
إلى القضاء والمبادرة إلى تفريغ الذمة هو جادة الاحتياط للدين والله الموفق والمعين وقد دل الحديث الثاني على تقديم
الفائتة المتحدة ليومها على الحاضرة كما قاله بعض المتأخرين والحديث الثالث على أفضلية قضاء صلاة الليل في مثل
الوقت الذي فاتت فيه وقد دل الحديث الرابع والخامس على جواز قضاء النافلة لمن عليه فريضة وربما يظن تطرق
الضعف إليهما لتضمنهما ما يوهم القدح في العصمة لكن قال شيخنا في الذكرى انه لم يطلع على راد لهما من هذه الجهة وهو
يعطي تجويز الأصحاب صدور ذلك وأمثاله عن المعصوم وللنظر فيه مجال واسع وقد دل الخبر الخامس على أمور أوردها شيخنا
في الذكرى منها استحباب ان يكون للقوم حافظ إذا ناموا صيانة لهم عن هجوم ما يخاف منه ومنها الرحمة لهذه الأمة
والعناية بشأنهم لئلا يعير أحدهم لو وقع منه النوم في الصلاة ومنها استحباب الانتقال عن المكان الذي حصلت فيه
الغفلة عن العبادة ومنها استحباب الاذان للفائتة ومنها استحباب قضاء النوافل ومنها جواز فعلها لمن عليه قضاء
ومنها مشروعية الجماعة في القضاء ومنها وجوب قضاء الفائتة ومنها ان وقت قضائها ذكرها ومنها ان المراد
بالآية الكريمة ذلك وعرس بالمهملات وتشديد الراء اي نزل في أخل الليل للاستراحة ويكلؤنا بالهمزة اي يحرسنا
ولفظ ما في قوله صلى الله عليه وآله ما أرقدك يا بلال استفهامية ويحتمل كونها تعجبية اي ما أكثر رقادك لكنه لا

151
يخلو من بعد ولعل المراد بالنفس في قول بلال اخذ بنفسي بفتح الفاء الصوت ويكون انقطاع الصوت كناية عن النوم
اي أرقدني الذي أرقدكم والضمير في قال من نسي شيئا من الصلاة إلى اخره يحتمل عوده إلى النبي صلى الله عليه وآله
وهو ظاهر كلام شيخنا في الذكرى ويحتمل عوده إلى الإمام عليه السلام بان يكون حكاية زرارة عنه عليه السلام وقول
الحكم بن عتيبة بالعين المهملة المضمومة والتاء الفوقانية والياء المثناة من تحت والباء الموحدة وهو عامي مذموم نقضت
حديثك يريد به انك قد نقلت أولا انه إذا دخل وقت صلاة مكتوبة فلا صلاة نافلة حتى تبدأ بالمكتوبة وهو ينافي ما
نقلته ثانيا من صلاة النبي صلى الله عليه وآله ركعتي الفجر قبلها فبين الإمام عليه السلام ان الحديث الأول في غير القضاء
وان المراد إذا دخل وقت الأداء ولا يخفى ان نوافل الظهرين وما شابهها مما خرج بدليل خاص مستثناة من ذلك و
قد دل الحديث السادس على سقوط الاذان عن قاضي الفوائت إذا اذن لأوليهن واما قول بعض علمائنا بأفضلية الاذان
لكل واحدة منها فلم أظفر له بدليل تركن النفس إليه وسيجئ الكلام فيه في بحث الاذان انشاء الله تعالى والمراد بقوله عليه السلام
ولو بعد العصر ما بعدها إلى غروب الشمس وهو من الأوقات التي تكره الصلاة فيها كما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد الله
عليه السلام لا صلاة بعد العصر حتى المغرب فيستفاد منه ان قضاء الفرائض مستثنى من ذلك الحكم وقوله عليه السلام
وان نسيت الظهر حتى صليت العصر إلى اخره يستفاد منه العدول بالنية لمن ذكر السابقة وهو في أثناء اللاحقة وهو مما لا
خلاف فيه بين الأصحاب والحديث الحادي عشر دال عليه وقوله عليه السلام أو بعد فراغك منها صريح في صحة قصد
السابقة بعد الفراغ من اللاحقة وحمله الشيخ في الخلاف على ما قارب الفراغ ولو قبل التسليم وهو كما ترى والقائلون
باختصاص الظهر من أول الوقت بمقدار أدائها فصلوا بأنه إذا ذكر بعد الفراغ من العصر فإن كان قد صلاها في أول
الوقت المختص بالظهر أعادها في (أول) الوقت المختص بالظهر أعادها بعد أن يصلي الظهر وان كان صلاها في الوقت المشترك
أو دخل وهو فيها أجزأته واتى بالظهر واما القائلون بعدم الاختصاص كابن بابويه واتباعه فلا يوجبون إعادة العصر كما هو
ظاهر اطلاق هذا الحديث وغيره وقوله عليه السلام ثم قم فصل الغداة واذن وأقم يعطي تأكد الأذان والإقامة في صلاة
الصبح ويستفاد من اطلاق الامر بالاذان والإقامة هنا عدم الاجتزاء بهما لو وقعا قبل الصبح وانهما ينصرفان إلى العشاء
كالركعة وما في حكمها وقوله عليه السلام في آخر الحديث أيهما ذكرت فلا تصلها الا بعد شعاع الشمس يعطي ان كراهة
الصلاة عند طلوع الشمس يشمل قضاء الفرائض أيضا وستسمع الكلام فيه في الفصل الآتي انشاء الله تعالى وقول زرارة ولم ذاك
سؤال عن سبب التأخير إلى ما بعد الشعاع فاجابه عليه السلام بان كلا من ذينك الفرضين لما كان قضاء لم يخف فوت وقته
فلا يجب المبادرة إليه في ذلك الوقت المكروه وفيه نوع اشعار بتوسعة القضاء وما تضمنه الحديث السابع من المقايسة
تقدم الكلام فيه في الفصل السابق وما تضمنه من المنع من صلاة النافلة في وقت الفريضة مخصوص بما عدا الرواتب كنافلة
الزوال مثلا واما قضاء النوافل في وقت الفريضة فقد منع منه الشيخان واتباعهما وجعلوها كسائر ما عدا الرواتب (كلام المحقق في المعتبر يشعر باتفاق الأصحاب على المنع مما عدا الرواتب) و
يدل عليه روايات غير نقية السند كرواية أديم بن الحر قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول لا يتنفل الرجل إذا دخل وقت
فريضة ورواية محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام فإذا دخلت الفريضة فلا تطوع وربما حملت أمثال هذه
الروايات على

152
ان الأفضل بعد دخول وقت الفريضة المبادرة إليها وترك النافلة كما تضمنه الحديث العاشر وعلى ان المراد بدخول الوقت
شروع المقيم في الإقامة كما تضمنه الحديث الثامن وللتوقف في ذلك مجال وقد دل الحديث التاسع على ترتب مطلق الفائتة
على الحاضرة كما يقوله أصحاب المضايقة وقد مر وعلى تفسير الآية الكريمة بما فسروها به وقوله عليه السلام في الحديث الرابع
عشر ان كان في وقت حسن اي متسع يعطي باطلاقه جواز مطلق النافلة في وقت الفريضة اللهم الا ان يحمل التطوع على الرواتب
ويكون في قول السائل وقد صلى أهله نوع ايماء خفي إلى ذلك فان قد تقرب الماضي من الحال كما قيل والله أعلم الفصل الثامن
في نبذ متفرقة مما يتعلق بالوقت ثلاثة عشر حديثا أ من الصحاح معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان المؤذن
يأتي النبي صلى الله عليه وآله في صلاة الظهر فيقول له صلى الله عليه وآله أبرد أبرد ب محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام
قال لا تصلي المغرب حتى تأتي جمعا وان ذهب ثلث الليل ج أبان بن تغلب قال صليت خلف أبي عبد الله عليه السلام المغرب
بالمزدلفة فقام فصلى المغرب ثم صلى العشاء الآخرة ولم يركع بينهما ثم صليت خلفه بعد ذلك بسنة فلما صلى المغرب قام
فتنفل بأربع ركعات ثم أقام فصلى العشاء الآخرة د معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام في المستحاضة إذا جازت
أيامها ورأت الدم يثقب الكرسف اغتسلت للظهر والعصر تؤخر هذه وتعجل هذه وللمغرب والعشاء غسلا تؤخر هذه وتعجل
هذه الحديث وقد مر في غسل الاستحاضة ه‍ محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال يصلي على الجنازة في كل ساعة
انها ليست بصلاة ركوع وسجود انما تكره الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها التي فيها والركوع والسجود
لأنها تغرب بين قرني شيطان وتطلع بين قرني شيطان وعبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام لا صلاة نصف
النهار الا يوم الجمعة ز زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال أربع صلوات يصليها الرجل في كل ساعة صلاة فاتتك
فمتى ذكرتها أديتها وصلاة ركعتي طواف الفريضة وصلاة الكسوف والصلاة على الميت هذه يصليهن الرجل في الساعات
كلها ح معاوية بن عمار قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول خمس صلوات لا تترك على كل حال إذا طفت بالبيت وإذا أردت
ان تحرم وصلاة الكسوف وإذا أنسيت فصل إذا ذكرت والجنازة ط إسماعيل بن جابر قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام
اني اشتغل قال فاصنع كما اصنع صل ست ركعات إذا كانت الشمس في مثل موضعها صلاة العصر يعني ارتفاع الضحى الأكبر
واعتد بها من الزوال ى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال ما صلى رسول الله صلى الله عليه وآله الضحى قط قال فقلت
ألم تخبرني انه كان يصلي في صدر النهار أربع ركعات قال بلى انه كان يجعلها من الثمان التي بعد الظهر يا من الحسان
محمد بن عذافر قال قال أبو عبد الله عليه السلام صلاة التطوع بمنزلة الهدية متى ما أوتي بها قبلت فقدم منها ما شئت
وآخر ما شئت يب من الموثقات يونس بن يعقوب عن أبي عبد الله عليه السلام قال في امرأة دخل وقت الصلاة وهي طاهرة
فاخرت الصلاة حتى حاضت قال تقضي إذا طهرت يج عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يعوقه امر عن أن
يصلي الفجر ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ان صلى ركعة من الغداة ثم طلعت الشمس فليتم الصلاة وقد جازت صلاته وان
طلعت الشمس قبل ان يصلي ركعة فليقطع الصلاة ولا يصلي حتى تطلع الشمس ويذهب شعاعها أقول قد تضمن
الحديث الأول والثاني والرابع بعض المواضع المستثناة من استحباب الصلاة في أول الوقت فالأولى تأخير الظهر إلى الابراد أي

153
إلى أن يذهب الحر ويبرد الهواء وقيده الشيخ في المبسوط بما إذا كان الحر شديدا أو في بلاد حارة ويكون الصلاة جماعة
وفي المسجد ويظهر من كلامه ان التأخير للابراد رخصة فلو تحملوا المشقة وصلوا في أول الوقت كان أفضل وعلى هذا لا
يكون هذا من المواضع المستثناة وشيخنا في الذكرى جعل هذا التأخير مستحبا تبعا للعلامة لورود الامر به وقال إن
تكرار الامر به في الخبر مشعر بتأكده وهو محتمل والصدوق رحمه الله فسر الابراد بالتعجيل والمسارعة الا الاذان فيكون قوله
صلى الله عليه وآله أبرد بمعنى افعل ما يفعله البريد من الاسراع كذا قاله طاب ثراه ويحتمل ان يكون بمعنى أبرد قلوبنا من حر
الانتظار وهذا من قبيل ما نقل انه صلى الله عليه وآله كان يقول أرحنا يا بلال اي عجل ما فيه راحة قلوبنا وقرة عيوننا
كما قال صلى الله عليه وآله قرة عيني في الصلاة الثاني ما تضمنه الحديث الثاني من تأخير المغرب للمفيض من عرفات حتى
يأتي جمعا باسكان الميم وهو المشعر الحرام المسمى بالمزدلفة بكسر اللام روي عن الصادق عليه السلام انه انما سمي جمعا لان ادم جمع فيه
بين المغرب والعشاء وهذا التأخير مما لا خلاف فيه بين علمائنا رضوان الله عليهم أجمعين الثالث ما تضمنه الحديث الرابع
من تأخير المستحاضة الظهر والمغرب لتصلي بغسل واحد صلاتين وهنا مواضع أخرى تضمنتها الاخبار السالفة وغيرها
فمنها تأخير كل من الظهرين حتى يأتي بنافلتها كما تضمنه بعض أحاديث الفصل الثالث ومنها تأخير العشاء إلى أن يذهب
الشفق كما استفادوه من الحديث الثاني عشر من الفصل الرابع ومنها تأخير الصايم الصلاة إلى ما بعد الافطار لرفع الانتظار
كما تضمنه الحديث السادس من الفصل الرابع ومنها تأخير الصلاة ليقع على الوجه الأكمل كما يستفاد من الحديث الخامس من
الفصل الرابع ومنها تأخير المدافع للأخبثين إلى أن يخرجهما كما يستفاد من صحيحة هشام بن الحكم الآتية في مكروهات الصلاة
انشاء الله تعالى ومنها تأخير المشتغل بقضاء الفرائض صاحبة الوقت إلى آخر وقتها كما تضمنه الحديث الأول والتاسع من الفصل السابع
وقد يستدل بما تضمنه الحديث الثالث من صلاته عليه السلام نافلة المغرب بالمزدلفة على امتداد وقتها بامتداد وقت الفرض
إذ الظاهر أن تلك الصلاة كانت في أيام الموسم وان تلك الأربع كانت نافلة المغرب لكن المشهور بين المتأخرين رضوان الله عليهم
انتهاء وقتها بذهاب الشفق وقد استدل عليه المحقق في المعتبر بان عند ذهاب الحمرة يقع الاشتغال بالعشاء وقد روى
المنع من النافلة في وقت الفريضة وما بين صلاة المغرب وذهاب الحمرة وقت يستحب فيه تأخير العشاء فكان الاقبال فيه على النافلة
حسنا واعترضه شيخنا في الذكرى بان وقت الفريضة قد دخل عنده وعند الأكثر بالفراغ من المغرب الا ان يقال ذلك
وقت يستحب تأخير العشاء عنه ثم قال ولو قيل بامتداد وقتها بوقت المغرب أمكن لأنها تابعة لها وان كان الأفضل المبادرة بها
قبل كل شئ سوى التسبيح انتهى وما مال إليه طاب ثراه من امتداد وقتها بوقت المغرب غير بعيد وفي هذا الحديث دلالة
ظاهرة عليه غير أن العلامة قدس الله روحه نقل في المنتهى الاجماع على انتهاء وقتها بذهاب الحمرة ولعل هذا الاجماع
لم يثبت عند شيخنا الشهيد طاب ثراه لاطلاعه على المخالف وعلى تقدير ثبوته لا مندوحة عن حمل الحديث على اختصاص ذلك
بالمفيض من عرفات لكن لا يحضرني الان ان أحدا من الأصحاب قائل بهذا الاختصاص هذا وربما كان في الحديث نوع اشعار
بأنه عليه السلام لم يؤذن للعشاء وهو كذلك فإنه يسقط الاذان لها بالمزدلفة ويجمع بينها وبين المغرب باذان واحد كما سيجئ في
بحث الاذان انشاء الله تعالى وما تضمنه الحديث الخامس من كراهة الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها مشهور بين الأصحاب

154
والصلاة فيه وفي غيره من الأحاديث الواردة في هذا الباب مطلقة لكن قيدها أكثرهم بالنوافل المبتدأة دون النافلة
التي لها سبب كالتحية والاستسقاء ودون الفرائض كالقضاء وصلاة الطواف والكسوف كما تضمنه الحديث السابع والثامن
والعلامة في المنتهى نقل الاجماع على أن هذا النهي لا يتناول الفرائض واما النوافل فقد قال الشيخ في النهاية بشمول
الحكم لجميعها أداء وقضاء ولم يفرق بين ذات السبب وغيره وهو قول المفيد رحمه الله فإنه قال لا يجوز قضاء النوافل ولا تبدأوها
عند طلوع الشمس ولا غروبها ولو زار بعض المشاهد عند طلوعها أو غروبها اخر الصلاة حتى تذهب حمرة الشمس عند
طلوعها وصفرتها عند غروبها انتهى كلامه أعلى الله مقامه وهو يعطي تحريم النوافل في ذينك الوقتين وقال المرتضى رضي
الله عنه في الناصرية يجوز ان يصلى في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها كل صلاة لها سبب متقدم وانما لا يجوز ان يبدأ
فيها بالنوافل انتهى وهو أيضا يعطي التحريم والعمل على ما عليه المتأخرون من الكراهة وما تضمنه هذا الحديث من طلوع
الشمس وغروبها بين قرني شيطان ربما فسر بان الشيطان يدني رأسه من الشمس في هذين الوقتين لان الذين يعبدون
الشمس ويسجدون لها في هذين الوقتين فيكونون ساجدين له وقد روي في خبر مرفوع عن الصادق عليه السلام ان رجلا قال له
ان الشمس تطلع بين قرني شيطان قال نعم ان إبليس اتخذ عريشا بين السماء والأرض فإذا طلعت الشمس وسجد في ذلك الوقت
الناس قال إبليس لشياطينه ان بني آدم يصلون لي ثم الذي يلوح من كلام الصدوق رحمه الله انه متوقف في كراهة الصلاة
في ذينك الوقتين فإنه بعد ما روى النهي عن ذلك قال روى لي جماعة من مشايخنا عن أبي الحسن عليه السلام محمد بن جعفر
الأسدي رض انه ورد عليه فيما ورد من جواب مسائله من محمد بن عثمن العمري قدس الله روحه واما ما سألت من الصلاة عند
طلوع الشمس وعند غروبها فلئن كان كما يقول الناس ان الشمس تطلع بين قرني شيطان فما أرغم انف الشيطان بشئ أفضل
من الصلاة فصلها وارغم انف الشيطان وهذه الرواية أوردها الشيخ في التهذيب قبل باب أحكام السهو في الصلاة والأولى
عدم الخروج عما نطقت به الروايات المتكثرة وقال به جماهير الأصحاب وقد استفادوا من الحديث السادس كراهة الصلاة عند
قيام الشمس اي مقاربتها لدائرة نصف النهار في غير يوم الجمعة وظاهره كراهة مطلق الصلاة كما يدل عليه نفي الجنس لكن
المشهور تخصيصها بالنوافل المبتدأة كما مر وقد دل الحديث التاسع والعاشر باطلاقهما على جواز تقديم بعض نوافل الزوال عليه
مطلقا والمشهور بين المتأخرين اختصاص ذلك بيوم الجمعة والشيخ في التهذيب جعل ذلك في غير الجمعة رخصة لمن علم أنه لو
لم يقدمها اشتغل عنها ولم يتمكن من قضائها وقد روى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في الرجل يشتغل عن الزوال
أيتعجل من أول النهار فقال نعم إذا علم أنه يشتغل فيتعجلها في صدر النهار كلها بل ربما رويت التوسعة مطلقا روي القاسم بن الوليد
الغساني عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له جعلت فداك صلاة النهار وصلاة النوافل كم هي قال ست عشرة اي ساعات النهار
شئت ان تصليها صليتها الا انك إذا صليتها في وقتها أفضل ويقرب منها رواية يوسف بن عبد الأعلى
عن الصادق عليه
السلام والحديث الحادي عشر صريح في ذلك وأعم منه ومن ثم ذهب بعض علمائنا إلى امتداد وقت النافلة بامتداد وقت
الفريضة وكيف كان فلا خروج عما هو المشهور بين الأصحاب وما تضمنه الحديث الثاني عشر من وجوب القضاء على المرأة إذا
أخرت الصلاة عن أول الوقت حتى حاضت هو المعروف من مذهب الأصحاب واشترطوا مضي قدر الصلاة وشرائطها المفقودة

155
كالطهارة مثلا والحقوا بالحيض غيره من الاعذار كالجنون ونحوه والحديث الثالث عشر مما استدلوا به على لزوم اتمام
الصلاة بادراك ركعة في الوقت وهو مما لا خلاف فيه والمراد ادراكها مع شرائطها كما مر في نظيره والظاهر أن الركعة انما
تتحقق برفع الرأس من السجدة الثانية كما قاله العلامة طاب ثراه في التذكرة واما ما ذكره شيخنا في الذكرى من احتمال الاجتزاء
بالركوع للتسمية لغة وعرفا ولأنه المعظم فهو كما ترى وكيف كان فهل تكون الصلاة بأجمعها أداء أو قضاء أو موزعة
الشيخ في الخلاف على الأول بل ادعى عليه الاجماع والمرتضى رضي الله عنه على الثاني لوقوع الركعة الأولى في غير
وقتها إذ هو وقت الأخيرة واما التوزيع فقد قال به بعض علمائنا ولكن لا يحضرني الان بخصوصه ويظهر ثمرة الخلاف في
النية ولعل الأول هو الأرجح وفي الحديث نوع دلالة عليه والله أعلم
المقصد الرابع في مكان المصلي وفيه أربعة
فصول الفصل الأول في حكم الصلاة داخل الكعبة وبين المقابر وصلاة الرجل والمرأة متقاربين سبعة عشر حديثا
أ من الصحاح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال لا تصل المكتوبة في الكعبة ب معاوية بن عمار عن أبي عبد
الله عليه السلام قال لا يصلح صلاة المكتوبة في جوف الكعبة ج علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام انه سأله عن الصلاة
بين القبور هل تصلح قال لا باس د علي بن يقطين قال سألت أبا الحسن الماضي عليه السلام عن الصلاة بين القبور هل تصلح قال لا
بأس ه‍ محمد بن عبد الله الحميري قال كتبت إلى الفقيه عليه السلام أسأله عن الرجل يزور قبور الأئمة عليهم السلام هل يجوز
له ان يسجد على القبر أم لا (وهل يجوز لمن صلى عند قبورهم ان يقوم وراء القبر ويجعل القبر قبلة ويقوم عند رأسه ورجليه وهل يجوز ان يتقدم القبر ويصلي ويجعله خلفه أم لا) فأجاب وقرأت التوقيع ومنه نسخت اما السجود على القبر فلا يجوز في نافلة ولا فريضة ولا زيارة
بل يضع خده الأيمن على القبر واما الصلاة فإنها خلفه يجعله الامام ولا يجوز ان يصلي بين يديه لان الامام لا يتقدم ويصلي
عن يمينه وشماله وعبد الله بن أبي يعفور قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام أصلي والمرأة إلى جنبي وهي تصلي فقال
لا الا ان يتقدم هي أو أنت ولا بأس ان تصلي وهي بحذاك جالسة أو قائمة ز محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في المرأة
تصلي عند الرجل قال إذا كان بينهما حاجز فلا بأس ح معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليه السلام انه سأل عن الرجل والمرأة
يصليان في بيت واحد فقال إن كان بينهما قدر شبر صلت بحذاه وحدها وهو وحده ولا بأس ط علي بن جعفر عن أخيه
موسى عليه السلام قال سألته عن الرجل يصلي في مسجد وحيطانه كواء كله قبلته وجانباه وامرأته تصلي حياله يراها ولا
تراه قال لا بأس ى محمد عن أحدهما عليهما السلام قال سألته عن الرجل يصلي في زاوية الحجرة وامرأته أو بنته تصلي بحذاه
في الزاوية الأخرى قال لا ينبغي ذلك فإن كان بينهما شبر أجزأه يعني إذا كان الرجل متقدما للمرأة بشبر يا زرارة
عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته عن المرأة تصلي عند الرجل فقال لا تصلي المرأة بحيال الرجل الا ان يكون قدامها
ولو بصدره يب محمد عن أحدهما عليهما السلام قال سألته عن المرأة تزامل الرجال في المحمل يصليان جميعا فقال لا
ولكن يصلي الرجل فإذا فرغ صلت المرأة يج جميل عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا بأس ان يصلي الرجل بحذاء المرأة وهي
تصلي يد من الموثقات يونس بن يعقوب قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام إذا حضرت الصلاة المكتوبة وانا في الكعبة أفأصلي فيها
قال صل يه معمر بن خلاد عن الرضا عليه السلام قال لا بأس بالصلاة بين المقابر ما لم يتخذ القبر قبلة يو عمار الساباطي
عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الرجل يصلي بين القبور قال لا يجوز ذلك الا ان يجعل بينه وبين القبور إذا صلى

156
عشرة أذرع من بين يديه وعشرة أذرع (من خلفه وعشرة أذرع) عن يمينه وعشرة أذرع عن يساره ثم يصلي ان شاء يز عمار الساباطي عن أبي عبد
الله عليه السلام انه سأله عن الرجل يستقيم له ان يصلي وبين يديه امرأة تصلي بين يديه امرأة قال لا يصلي حتى يجعل بينه وبينها أكثر من عشرة أذرع وان كانت عن يمينه ويساره جعل بينه وبينها مثل ذلك فان كانت تصلي خلفه فلا بأس وان كانت تصيب ثوبه وان كانت
المرأة قاعدة أو نائمة أو قائمة في غير الصلاة فلا باس حيث كانت
أقول لا باس بتقديم كلام في تحقيق حقيقة
مكان المصلي في عرف الفقهاء أعني مكانه الذي اشترطوا اباحته فاعلم أن المكان يطلق في العرف العام على أربعة معان
فيطلق تارة على الفراغ الذي يشغله الجسم بالكون فيه كما يقال مكان الطائر جو الهواء ومكان السمك جوف الماء وأخرى على
الشئ المحيط بالجسم الملاصق لأكثر سطحه كما يقال الكوز مكان الماء والزق مكان الدهن وأخرى ما يكون ظرفا للجسم وان لم
تحصل الملاصقة المذكورة كما يقال البيت الفلاني مكان زيد والمدرسة مكان عمرو وأخرى على ما يستقر عليه الجسم ويلقى
عليه ثقله وان لم تحصل الإحاطة كما يقال الكرسي مكان الأمير ورأس النخلة مكان زيد والمكان الأول هو المكان عند المتكلمين
وحكماء الاشراق غير أن المتكلمين على أن ذلك الفراغ امر موهوم لا وجود له والاشراقيين على أنه بعد موجود جوهري كأنه
برزخ بين المجردات والماديات والمعنى الثاني مقارب لما ذهب إليه المشاؤن من أنه السطح الباطن من الجسم الحاوي المماس
للسطح الظاهر من الجسم المحوي واما الفقهاء فمكان المصلى عندهم من حيث الإباحة على ما يستفاد مما نقله بعض المحققين
يراد به المعنى الأول والثاني والرابع لكنهم اكتفوا في الثاني بأدنى ملاصقة ولم يعتبروا الإحاطة وعمموا الاستقرار والقاء
الثقل بما كان بواسطة أو وسائط وزادوا معنى اخر سوى المعاني الأربعة السابقة وهو ما يحاذي بطن المصلى وصدره
حال الركوع والسجود وان لم يلاقه ولا وقع ثقله عليه قال فخر المحققين طاب ثراه في الايضاح ان المكان في عرف
الفقهاء باعتبار إباحة الصلاة فيه وعدمها هو ما يستقر عليه المصلى ولو بوسايط أو يلاقي بدنه أو ثيابه من موضع الصلاة
كما يلاقي مساجده ويحاذي بطنه وصدره انتهى وهذا التفسير كما يقتضي بطلان الصلاة في خيمة ضيقة مغصوبة يلاقي
بعضها بدن المصلي أو ثيابه وبقرب جدار مغصوب يلاقي شئ منه شيئا منهما كذلك يقتضي بطلان الصلاة بلمس درهم مغصوب
مثلا ولو من وراء الكم بل بطلانها بتوسط شئ مغصوب بين مسقطي الجبهة والركبتين كقلم أو حبة حنطة مثلا وان لم يلاقهما
شئ من بدن المصلي أو ثيابه أصلا وهو كما ترى فإن كان هذا التفسير مما اتفقوا عليه ولا أظنه كذلك فلا كلام والا
فللبحث فيه مجال فانا لم نظفر في الاخبار بما هو نص على بطلان الصلاة في الملاقي للبدن المصلي وثيابه إذا كان مغصوبا
فضلا عما لا يلاقي شيئا منهما أصلا نعم نقل جماعة من الأصحاب اتفاق علمائنا رضوان الله عليهم على بطلانها في
المكان المغصوب وهو الحجة في هذا الباب واما الاستدلال بان أفعال الصلاة كالركوع والسجود مثلا منهي عن ايقاعها
فيه فلا تكون مأمورا (بها) فقد يقال إن النهي عنه في الحقيقة انما هو شغل الحيز المخصوص حين الصلاة وليس نفس شغل الحيز
جزء من الصلاة ولا شرطا لها بل هو أحد افراد مطلق شغل الحيز الذي هو من ضروريات الجسم من حيث هو جسم نعم هو
امر مقارن للصلاة كما هو مقارن لغيرها كالخياطة والكتابة مثلا واما الاستقرار المعدود من واجبات الصلاة
فليس عبارة عن شغل الحيز بل المراد به عدم التحرك (بمشي) ونحوه وشغل الحيز يقارنه لا انه هو ولعل هذا هو وجه تردد

157
بعض علمائنا كأبي الصلاح رحمه الله في بطلان الصلاة في الحمامات ومعاطن الإبل والبيوت الصلاة؟؟ مع حكمه بتحريم
الصلاة فيها وبما تلوناه عليك يزداد وضوح ما ذهب إليه المحقق طاب ثراه في المعتبر من الحكم بصحة الطهارة في
المكان المغصوب ثم الذي يظهر لي انه لو فسر مكان المصلي من حيث الإباحة بما يستقر عليه ولو بوسايط والفراغ الذي
يشغله بدنه أو ثوبه بسبب فعل من أفعال الصلاة وما يلاقيه أحدهما كذلك لكان أولى وقولنا بسبب فعل من أفعال الصلاة
لاخراج ما يشغله شئ من بدن المصلي أو ثوبه بسبب ما ليس من أفعال الصلاة كما إذا كان فوق رأسه أو إلى أحد جانبيه فضاء
مغصوب فادخل يده فيه مثلا وقولنا وما يلاقيه أحدهما كذلك نريد به ما يلاقيه البدن أو الثوب بسبب فعل من أفعال
الصلاة كما لو صلى في خيمة ضيقة مغصوبة أو تحت سقف مغصوب يلاقي رأسه حال الركوع أو حال الانتصاب شيئا منهما
ولعل في التفسير الذي ذكره فخر المحققين طاب ثراه نوع اشعار بهذا فان قوله من موضع الصلاة مرتبط بقوله يلاقي
بدنه أو ثيابه اي ما يلاقي بدن المصلي أو ثيابه من المحل الذي يتحقق فيه أفعال الصلاة من القيام والركوع والسجود وغيرهما
فلو لاقى بدنه أو ثوبه مغصوبا خارجا عن المحل الذي يتحقق فيه أفعالها الصلاة لم يكن ذلك قادحا فيما هو المعتبر من
إباحة المكان والله أعلم ولنعد إلى ما نحن بصدده فنقول ما تضمنه الحديثان الأولان من المنع من صلاة المكتوبة في الكعبة
محمول عند أكثر الأصحاب على الكراهة لما تضمنه الحديث الرابع عشر ولأن كل جزء من اجزاء الكعبة قبلة فان الفاضل
عما يحاذي بدن المصلي خارج عن مقابلته وقد حصل التوجه إلى الجزء وقال ابن البراج والشيخ في الخلاف بالتحريم بل ادعى
اجماع الفرقة عليه واحتج أيضا بقوله فولوا وجوهكم شطره اي نحوه وانما يصدق ذلك إذا كان خارجا عنه ولرواية أسامة
ان النبي صلى الله عليه وآله دخل البيت ودعا وخرج فوقف على بابه فصلى ركعتين وقال هذه القبلة وأشار إليها و
إشارته صلى الله عليه وآله إلى نفس البيت يقتضي بطلان الصلاة داخله إذ ليست إلى ما أشار إليه صلى الله عليه وآله بأنه
القبلة ولاستلزام الصلاة فيها استدبار القبلة وانما جازت النافلة فيها لعدم اشتراطها بالقبلة كما هو مذهب الأكثر
وقد يجاب بمنع تحقق الاجماع كيف وهو طاب ثراه قائل بالكراهة في أكثر كتبه وبان الخارج عنها يكفيه استقبال اي
جزء منها فكذا الداخل وبه يظهر الجواب عن رواية أسامة وبان الاستدبار المنهي عنه انما هو المشتمل على ترك الاستقبال
لا المتضمن للاستقبال وأنت خبير بتطرق الخدش إلى بعض هذه الأجوبة وليس صرف ذينك الحديثين الصحيحين عن ظاهرهما
بأولى من صرف ذلك الحديث الموثق عن ظاهره اما بالحمل على حال الضرورة أو بحمل الصلاة في قول السائل أصلي فيها على
النافلة التي يحضر وقتها بحضور وقت المكتوبة كنافلة الزوال والفرق بين الخارج والداخل حاصل فان استقبال الخارج
جزء منها استقبال للبيت بحسب العرف بخلاف استقبال الداخل والمشار إليه في حديث أسامة معلوم انه الكعبة لا بعضها
والنهي عن استدبار القبلة في الصلاة مطلق وأنتم تجعلون كل جزء من الكعبة قبلة فحصول استدبار القبلة على قولكم أظهر
وبهذا يتضح ان كلام الشيخ وابن البراج لا يخلو من وجه وما تضمنه الحديث الثالث والرابع والخامس عشر من جواز الصلاة
بين القبور هو المشهور بين الأصحاب ولكنهم حكموا بالكراهة وحملوا عليها قوله عليه السلام في الحديث السادس عشر لا يجوز ذلك
الا ان يجعل بينه وبين القبور إذا صلى عشرة أذرع من بين يديه إلى اخره وقد دل الحديث الخامس على عدم جواز وضع الجبهة على

158
قبر الإمام عليه السلام لا في الصلاة ولا في الزيارة بل يضع خده الأيمن وعلى عدم جواز التقدم على الضريح المقدس
حال الصلاة لان قوله عليه السلام يجعله الامام صريح في جعل القبر بمنزلة الامام في الصلاة فكما انه لا يجوز للمأموم
ان يتقدم على الامام بان يكون موقفه أقرب إلى القبلة من موقف الامام بل يجب ان يتأخر عنه أو يساويه في الموقف يمينا
وشمالا فكذا هنا وهذا هو المراد بقوله عليه السلام ولا يجوز ان يصلي بين يديه لان الامام لا يتقدم ويصلي عن يمينه
وشماله والحاصل ان المستفاد من هذا الحديث ان كلما ثبت للمأموم من وجوب التأخر عن الامام أو المساواة له وتحريم
التقدم عليه ثابت للمصلي بالنسبة إلى الضريح المقدس من غير فرق فينبغي لمن يصلي عند رأس الإمام عليه السلام أو عند رجليه ان يلاحظ ذلك وقد نبهت على هذا جماعة من إخواني المؤمنين في المشهد المقدس الرضوي على مشرفه السلام
فإنهم كانوا يصلون في الصفة التي عند رأسه عليه السلام صفين فبينت لهم ان الصف الأول أقرب إلى القبلة من الضريح
المقدس على صاحبه السلام وهذا مما ينبغي ملاحظته لمن يصلي في مسجد النبي صلى الله عليه وآله وكذا في سائر المشاهد
المقدسة على ساكنيها أفضل التسليمات وربما يستفاد من هذا الحديث المنع من استدبار ضرايحهم صلوات الله عليهم
في غير الصلاة أيضا نظر إلى أن قوله عليه السلام لان الامام لا يتقدم عام في الصلاة وغيرها وهذا هو الذي فهمه العلامة
طاب ثراه في المنتهى وحمل المنع منه على الكراهة وقد دل أيضا على جواز الصلاة إلى قبر الإمام عليه السلام إذا كان في
القبلة وبهذا يتخصص الحديث الخامس عشر وظاهر كلام المفيد طاب ثراه ابقاؤه على عمومه فإنه قال في المقنعة لا يجوز
الصلاة إلى شئ من القبور حتى يكون بينه وبينه حايل ولو قدر لبنة أو عنزة منصوبة أو ثوب موضوع ثم قال وقد روي أنه
لا بأس بالصلاة إلى قبلة فيها قبر امام والأصل ما قدمناه انتهى كلامه وما تضمنه الحديث السادس وما بعده من المنع من
صلاة المرأة بحذاء الرجل أو قدامه من دون الحائل وما في حكمه مجهول عند أكثر المتأخرين والمرتضى وابن إدريس على الكراهة
كما هو الظاهر من قوله عليه السلام في الحديث العاشر لا ينبغي ذلك ويشهد لهم الحديث الثالث عشر وعند الشيخين وابن
حمزة وأبي الصلاح على التحريم بل ادعى عليه الشيخ الاجماع وهو ظاهر الأحاديث الاخر والقول به غير بعيد وقد اتفق الكل على
زوال الكراهة أو التحريم إذا كان بينهما حائل أو مقدار عشرة أذرع وزوال ذلك بالحائل يستفاد من الحديث السابع و
ربما يستنبط من الحديث التاسع أيضا والكواء جمع كوة بالتشديد وهي الروزنة واما زوال ذلك بتباعد مقدار عشرة
أذرع ففي كلام بعضهم انه يستفاد من الحديث السابع عشر وأنت خبير بأنه انما يتضمن التباعد بأكثر من العشرة وتفسير
قوله عليه السلام في الحديث العاشر فإن كان بينهما شبر أجزأه بما إذا كان الرجل متقدما للمرأة بمقدار شبر مذكور في
التهذيب في آخر هذا الحديث فيحتمل ان يكون الشيخ رحمه الله هو المفسر لذلك جمعا بين هذا الحديث والحديث السابع
عشر المتضمن وجوب التباعد بأكثر من عشرة أذرع ان صلت قدامه وعن يمينه أو عن يساره وعدم اشتراط التباعد إذا صلت
خلفه ولو بحيث تصيب ثوبه ويحتمل ان يكون المفسر لذلك محمد بن مسلم بان يكون فهم ذلك من الإمام عليه السلام بقرينة
حالية أو مقالية وقد استبعد بعض الأصحاب هذا التفسير واختار جعل الستر في الحديث بالسين المهملة والتاء المثناة
من فوق وهو كما ترى وربما يقال في وجه الاستبعاد ان بلوغ الحجرة في الضيق إلى حد لا يبلغ البعد بين المصلين في زاويتها مقدار

159
شبر خلاف الغالب المعتاد وليس بشئ لأنه إذا كان المراد كون الرجل أقرب من المرأة إلى القبلة بشبر لم يلزم حمل الحجرة
على خلاف مجرى العادة وهذا ظاهر ولا يخفى جريان هذا التفسير في الحديث الثامن أيضا واما ما يتراءى من منافاته لقوله
عليه السلام صلت بحذاه فيمكن توجيهه بحصول المحاذاة بين بعض أعضائه وأعضائها في حالتي الركوع والسجود وهو كاف
في اطلاق كون صلاتها بحذاه وقوله عليه السلام في الحديث السابع عشر فان كانت تصلي خلفه فلا بأس وان كانت تصيب
ثوبه ربما يعطي باطلاقه صحة الصلاة بتأخر موقفها عن موقفه وان حاذى بعض بدنها بعض بدنه حال ركوعها وسجودها
وقوله عليه السلام في الحديث الحادي عشر الا ان يكون قدامها ولو بصدره صريح في هذا المعنى وفي كلام بعض علمائنا
تفسير صلاتها خلفه بتأخرها عنه بحيث لا يحاذي شئ من بدنها شيئا من بدنه حتى موضع سجودها لقدمه وللبحث فيه
مجال ولا يخفى ان الحاقه عليه السلام التاء بالعشر في الحديثين الأخيرين يعطي عدم ثبوت ما نقله بعض
اللغويين من أن
الذراع مؤنث سماعي والله أعلم بحقائق الأمور الفصل الثاني في استحباب اتخاذ السترة وحكم الصلاة في البيع و
الكنايس وجواد الطرق وأعطان الإبل ومرابض الغنم والبقر والخيل والبغال وفي الحمام والسبخة وبيت فيه خمر أو مسكر والى
التماثيل والنار وعلى النجس وفي البيداء وذات الصلاصل وضجنان تسعة وعشرون حديثا أ من الصحاح معاوية بن وهب
عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يجعل العنزة بين يديه إذا صلى ب العيص بن القسم قال سألت
أبا عبد الله عليه السلام عن البيع والكنايس يصلي فيها قال نعم قال وسألته هل يصح نقضها مسجدا فقال نعم ج عبد الله
بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الصلاة في البيع والكنايس وبيوت المجوس فقال رشه وصله د الحلبي
عن أبي عبد الله عليه السلام انه سأله عن الصلاة في ظهر الطريق فقال لا بأس بان تصلي في الظواهر التي بين الجواد فاما الجواد
فلا تصل فيها ه‍ محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة في السفر فقال لا تصل على الجادة واعتزل
على جانبيها والحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الصلاة في مرابض الغنم فقال صل فيها ولا تصل في أعطان
الإبل الا ان تخاف على متاعك الضيعة فاكنسه ورشه بالماء وصل ز محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام
عن الصلاة في أعطان الإبل فقال إن تخوفت الضيعة على متاعك فاكنسه وانضحه وصل ولا بأس بالصلاة في مرابض الغنم
ح علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الصلاة في بيت الحمام فقال إن كان الموضع نظيفا فلا بأس
ط زرارة وحديد بن حكيم الأزدي قالا قلنا لأبي عبد الله عليه السلام السطح يصيبه البول ويبال عليه أيصلي في ذلك الموضع
فقال إن كان يصيبه الشمس والريح وكان جافا فلا بأس الا ان يكون يتخذ مبالا ى محمد بن مروان عن أبي عبد الله عليه السلام قال
قال رسول الله صلى الله عليه وآله ان جبرئيل أتاني فقال انا معاشر الملائكة لا ندخل بيتا فيه كلب ولا مثال جسد ولا اناء
يبال فيه يا محمد بن مسلم قال قلت لأبي جعفر عليه السلام أصلي والتماثيل قدامي وانا انظر إليها فقال لا أطرح عليها ثوبا و
لا بأس بها إذا كانت عن يمينك أو شمالك أو خلفك أو تحت رجلك أو فوق رأسك وان كانت في القبلة فالق عليها
ثوبا وصل يب محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال لا بأس ان تصلي على كل التماثيل إذا جعلتها تحتك يج
محمد بن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن التماثيل تكون في البسايط لها عينان وأنت تصلي

160
فقال إن كان له عين واحدة فلا بأس وان كان لها عينان فلا يد علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته
عن الرجل يصلي والقراح موضوع بين يديه في القبلة فقال لا يصلح له ان يستقبل النار يه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال
سألته عن الشاذكونه يكون عليها الجنابة أيصلى عليها في المحمل فقال لا بأس بالصلاة عليها يو علي بن جعفر عن أخيه موسى
عليه السلام انه سأله عن البيت والدار لا يصيبهما الشمس ويصيبهما البول ويغتسل فيهما من الجنابة أيصلي فيهما إذا جفا
قال نعم وقد مر هذا الحديث في بحث المطهرات يز علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن البواري يبل قصبها
بماء قذر أيصلي عليه قال إذا يبست فلا بأس يح أحمد بن محمد بن أبي نصر قال قلت لأبي الحسن عليه السلام انا كنا في البيداء
في اخر الليل فتوضأت واستكت وانا أهم بالصلاة ثم كأنه دخل قلبي شئ فهل يصلى في البيداء في المحمل فقال لا تصلي في البيداء
قلت وأين حد البيداء فقال كان جعفر عليه السلام إذا بلغ ذات الجيش جد في المسير ولا يصلي حتى يأتي معرس النبي صلى الله عليه وآله
قلت وأين ذات الجيش فقال دون الحفيرة بثلاثة أميال يط أيوب بن نوح عن أبي الحسن الأخير عليه السلام قال قلت
له تحضر الصلاة والرجل بالبيداء قال يتنحى عن الجواد يمنة ويسرة ويصلي ك معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال
الصلاة تكره في ثلاثة مواطن من الطريق البيداء وهي ذات الجيش وذات الصلاصل وضجنان وقال لا بأس ان يصلي بين الظواهر
وهي الجواد جواد الطرق ويكره ان يصلي في الجواد كا من الموثقات الحسن بن الجهم عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال كل
طريق يوطأ فلا تصل عليه قال قلت إنه قد روي عن جدك ان الصلاة على الظواهر لا بأس بها قال ذاك ربما؟؟ سايرني عليه
الرجل قال قلت إن خاف الرجل على متاعه قال فان خاف فليصل كب سماعة قال سألته عن الصلاة في أعطان الإبل و
مرابض الغنم والبقر فقال إن نضحته بالماء وقد كان يابسا فلا باس بالصلاة فيها واما مرابض الخيل والبغال فلا كج عمار
الساباطي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة في بيت الحمام إذا كان موضعا نظيفا فلا باس كد عمار الساباطي
عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يصلي وبين يديه مصحف مفتوح في قبلته قال لا قلت فإن كان
في غلاف قال نعم وقال
لا يصلي الرجل وفي قبلته نارا وحديد قلت أ له ان يصلي وبين يديه مجمرة شبه قال نعم فإن كان فيها نار فلا يصلي حتى ينحيها
عن قبلته وعن الرجل يصلي وبين يديه قنديل معلق فيه نار الا انه بحياله قال إذا ارتفع كان أشر لا تصل بحياله كد عبد
الله بن بكير قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الشاذكونة يصيبها الاحتلام أيصلى عليها فقال لا كو أبو بصير عن أبي
عبد الله عليه السلام قال سألته عن الصلاة في السبخة لم تكرهه قال لان الجبهة لا تقع مستوية فقلت ان كان فيها ارض مستوية
فقال لا بأس كز سماعة قال سألته عن الصلاة في السباخ فقال لا بأس كح أبو بصير قال سألت أبا عبد الله عليه السلام
عن الصلاة في بيوت المجوس فقال رش وصل كط عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا تصلي في بيت فيه خمر أو
مسكر
أقول قد دل الحديث الأول على استحباب اتخاذ المصلي سترة وقد أجمع أصحابنا على ذلك وقدرت بمقدار
ذراع تقريبا والظاهر أنها كما يستحب في الفضاء يستحب في البناء إذا كان المصلي بعيدا عن الحائط والسارية ونحوها ولو
كان قريبا من أحدهما كفى والعنزة فتح العين المهملة وتحريك النون وبعدها زاي عصاة في أسفلها حربة وفي الصحاح
انها أطول من العصا وأقصر من الرمح وروي عن الصادق عليه السلام ان النبي صلى الله عليه وآله وضع قلنسوة وصلى إليها

161
وعن الرضا عليه السلام في الرجل يصلي قال يكون بين يديه كومة من التراب ويخط بين يديه بخط وقد ذكر الأصحاب استحباب
الدنو من السترة بمربض عنز إلى مربض فرس واما كيفية الخط الذي يقوم مقام السترة فيظهر من الذكرى أنه يكون عرضا
ونقل عن بعض العامة أنه يكون طولا أو مدورا أو كالهلال وقال العلامة في المنتهى لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وآله
ولا عن الأئمة عليهم السلام صفة الخط فعلى اي كيفية فعله أصاب السنة سواء وضعه على الاستقامة أو على الاستدارة انتهى
وقد دل الحديث الثاني والثالث على جواز الصلاة في البيع والكنايس والمعروف بين أكثر الأصحاب عدم الكراهة خلافا
لابن البراج وابن إدريس حيث جعلا الصلاة فيها مكروهة معللين ذلك بعدم انفكاكها عن النجاسة وكيف كان فهل جواز
الصلاة فيها مشروط باذن أهل الذمة احتمله شيخنا في الذكرى معللا باتباع غرض الواقف وقيام القرينة وقد تضمن
الحديث الثاني في جواز جعل بعضها مسجدا ولفظة نقضها في النسخ المعتبرة من التهذيب بالنون والقاف والمراد به آلات
بنائها كالاجر والأخشاب ونحوهما وفي بعضها بالباء الموحدة والعين وما تضمنه الحديث الثالث من جواز الصلاة في بيت
المجوسي هو المعروف من الأصحاب ولكن على كراهة لرواية أبي جميلة عن الصادق عليه السلام قال لا تصل في بيت فيه مجوسي ولا بأس
ان تصلي في بيت فيه يهودي أو نصراني ولا يخفى ان هذا النهي شامل لبيت المصلى إذا كان فيه مجوسي أيضا كما ذكره شيخنا في
الذكرى معللا والضمير في قوله عليه السلام رشه الظاهر عوده إلى كل واحد من الثلاثة فيستحب رش البيع والكنائس أيضا وهو
الذي مال إليه العلامة في المنتهى والظاهر أن الصلاة بعد الجفاف كما قاله في المبسوط والنهاية في بيت المجوسي واستحسنه شيخنا في
الذكرى والهاء في قوله عليه السلام وصله هاء السكت وما تضمنه الحديث الرابع والخامس من النهي عن الصلاة في الجواد
بالتشديد جمع جادة محمول عند الأكثر على الكراهة لما تضمنه آخر الحديث العشرين وعند الصدوق والمفيد على التحريم و
يستفاد من الحديث الحادي والعشرين كراهة الصلاة في كل طريق يوطأ وان لم يكن جادة ولعل الكراهة في الجادة أشد
وما تضمنه الحديث السادس من النهي عن الصلاة في أعطان الإبل محمول على الكراهة عند غير أبي الصلاح وعنده على التحريم
كما هو ظاهر المفيد في المقنعة والمراد بأعطانها مطلق مباركها التي تأوي إليها لا مباركها حول الماء التي هي المعاطن لغة قال
العلامة في المنتهى معاطن الإبل هي مباركها حول الماء لتشرب عللا بعد نهل قاله صاحب الصحاح والعلل الشرب الثاني و
النهل الشرب الأول والفقهاء جعلوه أعم من ذلك وهي مبارك الإبل مطلقا التي تأوي إليها ويدل عليه ما فهم من التعليل
بكونها من الشياطين انتهى وصرح طاب ثراه في المنتهى أيضا بان المواضع التي تبيت فيها الإبل في سيرها أو تناخ فيها لعلفها
أو تردها لا باس بالصلاة فيها لأنها لا تسمى معاطن الإبل هذا كلامه ولا بأس به وربما يستفاد من هذا الحديث عدم كراهة
الصلاة في مرابض الغنم وهو قول الأكثر لكن الحديث الثاني والعشرون صريح في مساواتها المعاطن الإبل ولعلها أخف كراهة من معاطن الإبل وأبو الصلاح على التحريم وهو ضعيف وقد تضمن الحديث الثامن والثالث والعشرون نفي البأس عن
الصلاة في الحمام إذا كان الموضع نظيفا وأكثر الأصحاب على الكراهية فالمراد بنفي البأس نفي التحريم ويدل على الكراهة رواية
عبد الله بن الفضل عمن حدثه عن أبي عبد الله عليه السلام قال عشرة مواضع لا يصلي فيها الطين والماء والحمام والقبور ومسان
الطرق وقرى النمل ومعاطن الإبل ومجرى الماء والسبخ والثلج وهذه الرواية وان كانت ضعيفة السند الا ان أكثر الأصحاب

162
تلقوها بالقبول وقول أبي الصلاح بتحريم الصلاة في الحمام ضعيف وكيف كان فهل حكم المسلخ حكمه صرح العلامة في القواعد
والمنتهى بعدم الكراهة فيه واحتملها في التذكرة وبنى الاحتمال على أن علة النهي ان كانت النجاسة لم تكره وان كان كشف العورة
فيكون مأوى الشياطين كره
واما سطح الحمام فالظاهر عدم كراهة الصلاة عليه قولا واحدا وما تضمنه الحديث التاسع من قوله
عليه السلام الا ان يكون يتخذ مبالا يستنبط منه كراهة الصلاة في المواضع المعدة للبول ويمكن الحاق المعدة للغائط أيضا من
باب الأولوية وقد روى الفضل بن يسار قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام أقوم في الصلاة فأرى قدامي في القبلة العذرة
قال تنح عنها ما استطعت وقد استفادوا من الحديث العاشر كراهة الصلاة في بيت فيه كلب أو تمثال أو اناء يبال فيه و
عللوا ذلك بان نفره الملائكة منه يشعر بأنه ليس موضع رحمة فلا يصلح للصلاة والظاهر أن المراد بتمثال الجسد تمثال الانسان
كما في بعض الأخبار واطلاق الكلب يشمل كلب الصيد وغيره كما أن اطلاق الاناء الذي يبال فيه يشمل ما يبال فيه وما كان معدا
لذلك وان لم يكن فيه بول بالفعل لكن روى ابن بابويه عن الصادق عليه السلام أنه قال لا تصل في دار فيها كلب الا ان يكون كلب الصيد
وغلقت دونه بابا فلا بأس فان الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب ولا بيتا فيه تماثيل ولا بيتا فيه بول مجموع في آنية وربما روى
عدم دخولهم بيتا يبال فيه من دون تقييد بالآنية وروى عمر بن خالد عن الباقر عليه السلام قال قال جبرئيل عليه السلام
يا رسول الله انا لا ندخل بيتا فيه صورة انسان ولا بيتا يبال فيه ولا بيتا فيه كلب وقد يستفاد من الحديث الحادي عشر زوال
كراهة الصلاة إلى التماثيل في القبلة إذا غطاها بثوب ونحوه ولو قيل بخفة الكراهة بالتغطية نظر إلى؟ الاستفادة من الحديث
العاشر لكان وجها وما تضمنه الحديث الرابع عشر من قوله عليه السلام لا يصلح له ان يستقبل النار والحديث الرابع والعشرون
من قوله عليه السلام فإن كان فيها نار فلا يصلي حتى ينحيها عن قبلته محمول عند أكثر الأصحاب على الكراهة وعند أبي الصلاح
على التحريم ولو قلنا به لكان وجها لضعف الرواية المؤذنة بالجواز جدا وهي مرفوعة عمر بن إبراهيم الهمداني عن الصادق عليه السلام
لا بأس بالصلاة إلى النار والسراج والصورة ان الذي يصلي له أقرب إليه من الذي بين يديه وقد تضمن الحديث الرابع والعشرون
كراهة الصلاة إلى الحديد والشبه بتحريك الباء الموحدة النحاس الأصفر هذا ثم إن المذكور في كثير من كتب الفروع كراهة الصلاة
وبين يديه نار والمستفاد من الأحاديث التي وقفنا عليها المنع من استقبال النار لا من مطلق كونها بين يديه وكون الشئ بين يدي الشخص يشمل ما إذا
كان مقابلا له مقابلة حقيقية وما إذا كان منحرفا عن مقابلته قليلا وأبو الصلاح رحمه الله انما حرم التوجه إلى النار لا مطلقا
كونها بين يدي المصلى فالأولى تعبير الفقهاء بكراهة التوجه إلى النار كما فعله العلامة طاب ثراه في بعض كتبه ثم النار في كتب الفروع
أيضا مقيدة بما إذا كانت مضرمة ولم أظفر بمستنده والأحاديث التي وقفت إليها غير مقيدة بذلك والله أعلم وقد يستدل
بالحديث الخامس عشر والسادس عشر على جواز الصلاة على الموضع النجس اما الخامس عشر فالسؤال فيه وان كان عن الصلاة
في المحمل وهو ربما يؤذن بالاضطرار الا ان العبرة باطلاق الجواب لا بتقييد السؤال مع أنه لا تقييد فيما رواه ابن أبي عمير قال قلت
لأبي عبد الله عليه السلام أصلي على الشاذكونة وقد اصابتها الجنابة فقال لا بأس وهذه الرواية وان كانت ضعيفة الا انها تصلح
للتأييد واما السادس عشر فلان اطلاقه عليه السلام جواز الصلاة في البيت والدار إذا جفا بدون الشمس يشمل ما إذا كان
بين المصلي وبين الأرض حايل طاهر من بساط ونحوه وما إذا لم يكن وقد يستدل بقضية الأصل وعموم جعلت لي الأرض مسجدا

163
وكيف كان فاغتفار نجاسة المكان مقيد بما عدا موضع الجبهة فان علماءنا متفقون على اشتراط الطهارة فيه وبما إذا لم
يتعد نجاسته إلى بدن المصلي أو ثوبه وهل تعدى النجاسة المعفو عنها كدون الدرهم من الدم وإلى ما لا يتم فيه الصلاة مغتفر يحتمل
ذلك لاطلاق العفو الشامل للاستدامة والحدوث ولأنه إذا عفي عن استدامته في كل الصلاة ففي بعضها بطريق أولى واليه
مال شيخنا في الذكرى لكن نقل فخر المحققين طاب ثراه في الايضاح عن والده قدس الله روحه أنه قال
الاجماع منا واقع على اشتراط
خلو المكان من نجاسة متعدية وان كانت معفوا عنها في الثوب والبدن وظاهر اطلاق كلام العلامة في المنتهى يشعر بذلك
وهذه عبارته يشترط في المكان ان يكون خاليا من نجاسة متعدية إلى ثوب المصلي أو بدنه ذهب إليه علماؤنا أجمع لكن تعليله ذلك
بان طهارة الثوب والبدن شرط في الصلاة ومع النجاسة المتعدية يفقد الشرط ربما يؤذن بكلام الذكرى ويمكن ان يجعل تعليلا
لبعض المدعى كما يفعله طاب ثراه كثيرا وحينئذ فلا مخالفة بين كلامه هذا وبين ما نقله عنه ولده قدس سرهما كما ظنه بعض الأصحاب
هذا وقد ذهب أبو الصلاح والمرتضى رضي الله عنهما إلى اشتراط طهارة كل مكان للمصلي ولو قلنا به لم يكن بذلك البعيد فان أدلة
اغتفار نجاسته كما سمعت ومكان المصلى عند المرتضى مساقط كل بدنه حتى ما يحاذي صدره وبطنه وعند أبي الصلاح
مساقط الأعضاء السبعة لا غير وفي الحديث الخامس والعشرين دلالة على ما ذهب إليه واستدل به في المختلف لأبي الصلاح وحمله
على تعدي النجاسة والاستحباب واما قول بعض الأصحاب انه لم يقف لأبي الصلاح في اعتبار طهارة مواضع المساجد على حجة فهو
كما ترى والشاذكونة بالشين المعجمة والنون قبل الهاء حصير صغير واطلاق الجنابة والاحتلام على المعنى مجاز شايع وما دل
عليه الحديث الثامن والتاسع عشر والعشرون من كراهة الصلاة في البيداء أو ذات الصلاصل وضجنان هو المعروف بين الأصحاب
وهذه المواضع الثلث في طريق مكة شرفها الله تعالى وذات الجيش بالجيم والشين المعجمة روي أن جيش السفياني يأتي إليها قاصدا
مدينة الرسول صلى الله عليه وآله فيخسف الله تعالى بتلك الأرض وبينها وبين ذي الحليفة ميقات أهل المدينة ميل واحد وذات
الصلاصل بالصادين المهملتين ارض ذات صوت إذا مشى عليها وضجنان بالضاد المعجمة والجيم ونونين بينهما
الف جبل بمكة هذا
ولا يخفى ان الحديث العشرين يعطي ان الظواهر هي نفس الجواد والحديث الرابع صريح في أنها ما بين الجواد فلعلها يطلق عليهما
معا وما تضمنه الحديث الرابع والعشرون من المنع من الصلاة إلى مصحف مفتوح محمول عند أبي الصلاح رحمه الله على التحريم و
عند الباقين على الكراهة ولم يفرق في المنتهى بين القاري والأمي معللا بحصول التشاغل لهما وهو يعطي كراهة الصلاة إلى
كل ما يحصل به التشاغل ومن ثم حكم بكراهة تزويق القبلة ونقشها وان يكتب فيها شئ ولا بأس به وما تضمنه الحديث السادس
والعشرون من كراهة الصلاة في السبخة إذا لم يقع الجبهة مستوية مشهور بين الأصحاب وهذا القيد متروك في كثير من كتب الفروع
والأولى ذكره ونفي البأس في الحديث السابع والعشرين اما ان يراد به نفي التحريم أو إذا وقعت الجبهة مستوية وما تضمنه الحديث
التاسع والعشرون من النهي عن الصلاة في بيت فيه خمر محمول عند جمهور الأصحاب على الكراهة وعند الصدوق على التحريم قال
لا يجوز الصلاة في بيت فيه خمر محصور في انية وقال المفيد لا يجوز الصلاة في بيوت الخمر مطلقا وقد دل هذا الحديث على أن عين
الخمر من المسكرات حكمه في ذلك حكم الخمر وان كان طاهر كالحشيشة مثلا ولا يحضرني الان ان أحدا من الأصحاب قال بذلك
ولا بعد فيه بعد ورود النص والله أعلم الفصل الثالث في حكم الصلاة في السفينة وعلى الدابة وعلى الرف المعلق

164
وما يجري هذا المجرى ثمانية عشر حديثا أ من الصحاح عبد الله ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن صلاة الفريضة
في السفينة وهو يجد الأرض يخرج إليها غير أنه يخاف السبع واللصوص ويكون معه قوم لا يجتمع رأيهم على الخروج ولا يطيعونه و
هل يضع وجهه إذا صلى أو يومي ايماء قاعدا أو قائما فقال إن استطاع ان يصلي قائما فهو أفضل وان لم يستطع صلى جالسا وقال عليه السلام
لا عليه ان لا يخرج فان أبي سأله عن مثل هذه المسألة رجل فقال أترغب عن صلاة نوح عليه السلام ب جميل بن دراج عن أبي عبد
الله عليه السلام أنه قال أكون في السفينة قريبة من الجد فأخرج وأصلي فقال صل فيها اما ترضى بصلاة نوح عليه السلام ج
معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة في السفينة فقال تستقبل القبلة بوجهك ثم تصلي كيف دارت تصلي
قائما فإن لم تستطع فجالسا يجمع الصلاة فيها ان أراد ويصلي على القير والقفر ويسجد عليه د عبد الرحمن بن أبي عبد الله
عليه السلام قال لا يصلي على الدابة الفريضة الا مريض يستقبل القبلة ويجزيه فاتحة الكتاب ويضع وجهه في الفريضة على ما يمكنه
من شئ ويومي في النافلة ايماء ه‍ الحميري قال كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام روى جعلني الله فداك مواليك عن ابائك
ان رسول الله صلى الله عليه وآله صلى الفريضة على راحلته في يوم مطير ويصيبنا المطر ونحن في محاملنا والأرض مبتلة والمطر
يؤذي فهل يجوز لنا يا سيدي ان نصلي في هذه الحال في محاملنا أو على دوابنا الفريضة انشاء الله؟ فوقع عليه السلام يجوز ذلك مع
الضرورة الشديدة وجميل بن دراج قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول صلى رسول الله صلى الله عليه وآله الفريضة في المحمل
يوم وحل ومطر ز زرارة قال قال أبو جعفر عليه السلام الذي يخاف اللصوص والسبع يصلي صلاة الموافقة ايماء على دابته
ثم قال ويجعل السجود اخفض من الركوع ولا يدور إلى القبلة ولكن أينما دارت دابته غير أنه يستقبل القبلة بأول تكبيرة حين يتوجه
ح عبد الرحمن بن أبي نجران قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الصلاة بالليل في السفر في المحمل قال إذا كنت على غير القبلة
فاستقبل القبلة ثم كبر وصل حيث ذهب بك بعيرك ط الحلبي انه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن صلاة النافلة على البعير والدابة
فقال نعم حيث كان متوجها وكذلك فعل رسول الله صلى الله عليه وآله ى حماد بن عثمن عن أبي الحسن الأول عليه السلام في
الرجل يصلي النافلة وهو على دابته في الأمصار قال لا بأس يا معاوية بن وهب قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام قال كان
أبي يدعو بالطهور في السفر وهو في محمله فيؤتى بالتور فيه الماء فيتوضأ ثم يصلي الثماني والوتر في محله فإذا نزل صلى الركعتين
والصبح يب عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي الحسن عليه السلام قال سألته عن صلاة النافلة في الحضر على ظهر الدابة إذا خرجت قريبا
من أبيات الكوفة أو كنت مستعجلا بالكوفة فقال إن كنت مستعجلا لا تقدر على النزول وتخوفت فوت ذلك أن تركته وأنت راكب
فنعم والا فان صلاتك على الأرض أحب إلي يج علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الرجل يصلح له ان يصلي
على الرف المعلق بين نخلتين قال إن كان مستويا يقدر على الصلاة عليه فلا باس يد يعقوب بن شعيب قال سألت أبا عبد
الله عليه السلام عن الصلاة في السفر وانا أمشي قال أوم ايماء واجعل السجود اخفض من الركوع يه معاوية بن عمار عن أبي عبد الله
عليه السلام قال لا بأس بان يصلي الرجل صلاة الليل في السفر وهو يمشي ولا باس ان فاتته صلاة الليل ان يقضيها بالنهار وهو
يمشي يتوجه إلى القبلة ثم يمشي ويقرء فإذا أراد ان يركع حول وجهه إلى القبلة وركع وسجد ثم مشى يو من الحسان حماد بن عثمان
عن أبي عبد الله عليه السلام انه سأله عن الصلاة في السفينة فقال يستقبل القبلة فإذا دارت فاستطاع ان يتوجه إلى القبلة

165
فليفعل والا فليصل حيث توجهت به قال فان أمكنه القيام فليصل قائما والا فليقعد ثم يصلي يز عبد الرحمن بن الحجاج
عن أبي الحسن عليه السلام في الرجل يصلي النوافل في الأمصار وهو على دابته حيث توجهت به قال لا بأس يح من الموثقات
عبد الله بن سنان قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام أيصلي الرجل شيئا من المفروض راكبا قال لا الا من ضرورة
أقول جملة يخرج إليها في الحديث الأول نعت للأرض وان كانت معرفة باللام إذ المعرف بلام العهد الذهني كالنكرة كما قالوه في قوله * ولقد
امر على اللئيم يسبني * ولك ان تجعل الجملة حالا لكن النعت أولى والمصدر المسبوك من قوله عليه السلام ان لا يخرج منصوب بنزع الخافض
واسم لا محذوف والتقدير لا بأس عليه في أن لا يخرج وما تضمنه هذا الحديث والحديث الثاني والثالث والسادس عشر من جواز
الصلاة في السفينة مما لا خلاف فيه انما الخلاف في أن ذلك هل هو مقصور على حالة الاضطرار أم يجوز مع الاختيار قال شيخنا في
الذكرى جوزا -؟؟ في السفينة فرضا أو نفلا مختارا في ظاهر كلامه وان كانت سائرة وهو قول ابن بابويه وابن حمزة وكثير من الأصحاب
جوزوه ولم يذكروا الاختيار وروى حماد بن عيسى عن الصادق عليه السلام ان استطعتم ان تخرجوا إلى الجدد فأخرجوا فإن لم تقدروا
فصلوا قياما فإن لم تستطيعوا فصلوا قعودا وتحروا القبلة وعن علي بن إبراهيم قال سألته عن الصلاة في السفينة قال لا يصلي
فيها وهو قادر على الشط وبإزاء هذه الروايات روايات ظاهرها الجواز مع الاختيار وذكر الحديث الثاني ثم قال والأقرب المنع
الا لضرورة لان القرار ركن في القيام وحركة السفينة تمنع من ذلك ولأن الصلاة فيها مستلزمة للحركات الكثيرة الخارجة عن
الصلاة وأجاب الفاضل بأنها بالنسبة إلى المصلي حركة عرضية وهو ساكن انتهى كلامه أعلى الله مقامه والأصح جواز
الفريضة اختيارا بشرط الامن من الانحراف عن القبلة وعدم الحركة المخلة بالطمأنينة وعليه يحمل الحديث الثاني وهو مختار
المحقق الشيخ علي رحمه الله واما أصل الحركة الحاصلة من سير السفينة غير مخلة بالطمأنينة وانما المخل بها الحركات الحاصلة عند
تلاطم الأمواج والرياح مثلا وروايتا حماد وعلي بن إبراهيم مع أنهما غير نقيتي السند فلا تصلحان لمعارضة الأخبار الصحيحة
يمكن حمل ما تضمنتاه من الأمر والنهي على الاستحباب والكراهة أو على ما إذا لم يامن المصلي فيها من الانحراف عن القبلة بحركتها
أو الاخلال بالطمأنينة بسبب الأمواج واما الحديث الثالث والخامس السادس عشر المتضمنان اغتفار الانحراف عن القبلة فمحمولان
على حال الضرورة وعدم القدرة على الخروج إلى البر ولعل فيهما نوع اشعار بذلك والقفر بضم القاف واسكان الفاء و
آخره راء مهملة شئ يشبه القبر وقيل هو نوع منه وما تضمنه الحديث الرابع من عدم جواز الفريضة على الدابة لغير العذر
مما انعقد الاجماع عليه ويؤيده الحديث الخامس والسادس والسابع عشر واطلاق الفريضة فيه يشمل ما وجب بأصل الشرع
وما وجب بعارض بنذر وشبهه كما أن اطلاق الدابة يشمل الواقفة والسايرة والمراد بصلاة المواقفة في الحديث السابع
الصلاة حال المحاربة وهي بالقاف والفاء مأخوذة من وقوف كل من الخصمين لحرب الاخر والمراد من الصلاة بالليل في الحديث
الثامن النوافل الليلية وجواز النافلة على الراحلة في السفر كما تضمنه الحديث التاسع والحادي عشر مما لا خلاف فيه بين علمائنا
اما في الحضر فمنعه ابن أبي عقيل والمشهور الجواز وقد دل الحديث العاشر والسابع عشر على جواز صلاة النافلة راكبا وان كان الأفضل الصلاة على الأرض
كما تضمنه الحديث الثاني عشر وقد تضمن الحديث الثالث عشر جواز الصلاة على الرف المعلق إذا كان مستويا ولعل المراد
باستوائه عدم تحركه واضطرابه لا استواء سطحه أو يجعل حركته القليلة مغتفرة كحركة سير السفينة وقد توقف العلامة

166
طاب ثراه في القواعد في جواز الصلاة في الأرجوحة المعلقة بالحبال وما تضمنه الحديث الرابع عشر من جواز الصلاة
في السفر ماشيا يراد بها النافلة أو الفريضة حال الضرورة كضيق الوقت مع توقف الرفقاء مثلا ولو انحصر امر المضطر
حال صلاة الفريضة في الركوب والمشي أمكن القول بالتخيير ويستأنس له بظاهر قوله تعالى فإن خفتم فرجالا أو ركبانا واحتمل
شيخنا في الذكرى ترجيح المشي لحصول ركن القيام قال ويعارضه ان حركة الماشي ذاتية وحركة الراكب عرضية فهو مستقر
بالذات ثم قال والآية يجوز ان يكون لبيان شرعية الامرين وان كان بينهما ترتب كآية كفارة الصيد هذا كلامه ولا
باس به وما تضمنه الحديث الخامس عشر من جواز صلاة النافلة ماشيا في السفر هو المشهور بين الأصحاب وربما الحق
الحضر أيضا وما تضمنه من تحويل الوجه إلى القبلة حال الافتتاح والركوع والسجود هو الأفضل والله سبحانه اعلم الفصل
الرابع في مكان السجود واشتراط كونه أرضا أو ما ينبت منها غير مأكول ولا ملبوس أربعة عشر حديثا أ من الصحاح حمران عن
أحدهما عليهما السلام قال كان أبي يصلي على الخمرة يجعلها على الطنفسة ويسجد عليها فإن لم يكن خمرة جعل حصا على الطنفسة
حيث يسجد ب حماد بن عثمن عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال السجود على ما تنبت الأرض الا ما اكل أو لبس
ج هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه السلام قال له أخبرني عما يجوز السجود عليه وعما لا يجوز قال السجود لا يجوز الا على الأرض
أو على ما أنبتت الأرض الا ما اكل أو لبس فقال له جعلت فداك ما العلة في ذلك قال لان السجود خضوع لله عز وجل فلا ينبغي
ان يكون على ما يؤكل أو يلبس لان أبناء الدنيا عبيد ما يأكلون ويلبسون والساجد في سجوده في عبادة الله عز وجل فلا ينبغي
ان يضع جبهته في سجوده على معبود أبناء الدنيا الذين اغتروا بغرورها د الحسن بن محبوب عن أبي الحسن عليه السلام انه سأله
عن الجص يوقد عليه بالعذرة وعظام الموتى ثم يجصص به المسجد أيسجد عليه فكتب إليه ان الماء والنار قد طهراه وقد مر هذا
الحديث في بحث المطهرات ه‍ علي بن يقطين قال سألت أبا الحسن الماضي عليه السلام عن الرجل يسجد على المسح والبساط فقال لا
باس إذا كان في حال تقية والقسم بن الفضيل قال قلت للرضا عليه السلام جعلت فداك الرجل يسجد على كمه من اذى الحر
والبرد قال لا بأس ز صفوان الجمال قال رأيت أبا عبد الله عليه السلام في المحمل يسجد على قرطاس وأكثر ذلك يومى ايماء ح
علي بن مهزيار وقال سال داود بن فرقد أبا الحسن عليه السلام عن القراطيس والكواغذ المكتوبة هل يجوز السجود عليها أم لا
فكتب يجوز ط جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام انه كره ان يسجد على قرطاس عليه كتاب ى محمد بن الحسين قال
كتب بعض أصحابنا إلى أبي الحسن الماضي عليه السلام يسأله عن الصلاة على الزجاج قال فلما نفذ كتابي إليه تفكرت وقلت هو مما
أنبتت الأرض وما كان لي ان أسأله عنه فكتب إليه لا تصل على الزجاج وان حدثتك نفسك انه مما أنبتت الأرض ولكنه
من الملح والرمل وهما ممسوخان يا علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن فراش حرير ومثله من الديباج
ومصلى حرير ومثله من الديباج يصلح للرجل النوم عليه والتكاة والصلاة قال يفترشه ويقوم عليه ولا يسجد عليه يب
معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة في السفينة فقال تستقبل القبلة بوجهك وفي اخر الحديث وتصلي
على القير والقفر وتسجد عليه وقد مر هذا الحديث في الفصل الثالث يج من الحسان الفضيل بن يسار وبريد بن معاوية
عن أحدهما عليهما السلام قال لا باس بالقيام على المصلي من الشعر والصوف إذا كان يسجد على الأرض فإن كان من نبات الأرض

167
فلا بأس بالقيام عليه والسجود عليه يد زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت له اسجد على الزفت يعني القير فقال لا
ولا على الثوب الكرسف ولا على الصوف ولا على شئ من الحيوان ولا على طعام ولا على شئ من ثمار الأرض ولا على شئ من الرياش
أقول الخمرة بضم الخاء المعجمة واسكان الميم سجادة صغيرة منسوجة من السعف والطنفسة بتثليث الطاء والفاء
بساط له خمل والمسح بكسر الميم واسكان السين المهملة وآخره حاء مهملة بساط لا خمل له ويقال له البلاس بفتح الباء وكسرها والقرطاس
مثلث القاف وعطف الكواغذ على القراطيس تفسيري والزفت بكسر الزاي معروف والرياش بالياء المثناة من تحت والشين
المعجمة جمع ريش كشعب وشعاب وهو لباس الزينة استعير من ريش الطائر لأنه لباسه وزينته ولعل المراد به هنا مطلق اللباس
وقد دلت الأحاديث الثلاثة الأول مع الأخيرين على ما انعقد عليه اجماعنا من اشتراط كون مكان المسجود أرضا أو نباتها
غير مأكول ولا ملبوس والمعتبر الاكل واللبس المعتاد فلا عبرة بالنادر كبعض النباتات التي تجعل في المعاجين وبعض الملبوسات
المصنوعة من الليف والخوص مثلا ولو جرت العادة في بعض الأقطار بأكل شئ أو لبسه دون بعض أمكن القول باختصاص
المنع بذلك القطر مع احتمال العموم إذ قلما تطرد عادة جميع الأقطار في اكل شئ معين أو لبسه فان الحنطة لا تؤكل في بعض البلاد
كجيلان مثلا الا نادرا وكذلك القطن لا يلبس في كثير من بلاد مصر الا قليلا وانما يلبسون الكتان والصوف ولو قيل إن المعتبر هو
عادة زمانه صلى الله عليه وآله ومكانه لم يكن بذلك البعيد
وهل يشترط في المنع من السجود على المأكول والملبوس كونه مما
ينتفع به بالقوة القريبة من الفعل أم يكفي كونه كذلك بالقوة البعيدة كما في الحنطة والقطن كلام العلامة في المنتهى يعطي الأول
فإنه جوز السجود على الحنطة والشعير معللا ذلك بأنهما غير مأكولين في تلك الحال واستضعفه جماعة من المتأخرين بعدم خروج
المأكول عن كونه مأكولا باحتياجه إلى علاج وربما يعترض عليهم بان اطلاق الصفة على ما سيتصف بمبدأ الاشتقاق
مجازا اتفاقا ويجاب بان اطلاق المأكول والملبوس على ما يؤكل ويلبس بالقوة القريبة من الفعل قد صار حقيقة عرفية والا
لم يجز في العرف اطلاق اسم المأكول على الخبز قبل المضغ والازدراد الا مجازا وكذلك اطلاق اسم الملبوس على الجبهة؟؟ قبل لبسها
وظاهر انه ليس كذلك وأيضا فهذا يقضي إلى الحكم بجواز السجود على الخبز والجبة قبل لبسها لعدم صدق المأكول والملبوس عليهما
حقيقة لا لغة ولا عرفا وقد يقال إن مراد العلامة بكون الحنطة والشعير غير مأكولين في تلك الحال كونهما غير مأكولين حال كونهما
بقشورهما فان نخالتهما غير مأكولة بالعادة وقد صرح بذلك في التذكرة حيث علل جواز السجود عليهما بان القشر حاجز بين المأكول
والجبهة وهو كما ترى هذا وقد استشكل شيخنا في الذكرى كلام التذكرة بجريان العادة بأكلهما غير منخولين وخصوصا
الحنطة وخصوصا في الصدر الأول ثم رجح المنع وأيده شيخنا المحقق الشيخ على أعلى الله قدره في شرح القواعد بان النخل لا
يأتي على جميع اجزاء النخالة لان الاجزاء الصغيرة منها تنزل مع الدقيق فيؤكل ولا يقدح اكلها تبعا في كونها مأكولة هذا كلامه و
هو حسن وما تضمنه الحديث الرابع من جواز السجود على الجص فلا يحضرني الان ان أحدا من علمائنا قال به نعم يظهر من بعض
الأصحاب المعاصرين الميل إليه وقول المرتضى رضي الله عنه بجواز التيمم به ربما يعطي جواز السجود عليه عنده وقد تقدم الكلام في هذا
الحديث في بحث المطهرات بما لا مزيد عليه وربما يلوح منه اشتراط طهارة محل الجبهة فان قوله عليه السلام ان الماء والنار
قد طهراه بعد السؤال عن جواز السجود عليه يشعر بعدم جواز السجود عليه لولا ذلك فلا تغفل وعطف البساط على المسح

168
في الحديث الخامس من عطف العام على الخاص والأذى في الحديث السادس لعل المراد به اذى لا يتحمل مثله في العادة وما دل عليه
الحديث السابع والثامن من جواز السجود على القرطاس نقل بعض علمائنا الاجماع عليه فيكون قد خرج بالنص والاجماع عن
الأصل المقرر من عدم جواز السجود على أمثاله وذلك لتركبه من جزءين لا يجوز السجود عليهما أعني النورة والقطن والكتان أو
الحرير ولم يحصل للجميع بالامتزاج حالة توجب لحوقه بالأرض ويلوح من كلام شيخنا في الذكرى عدم تحقق الاجماع على جواز
السجود عليه فإنه قال وفي النفس من القرطاس شئ من حيث اشتماله على النورة الا ان نقول الغالب جوهر القرطاس أو نقول جمود
النورة يرد إليها اسم الأرض انتهى وناقشه شيخنا المحقق الشيخ علي أعلى الله قدره بان أغلبية جوهر القرطاس مع أن اجزاء
النورة منبشة فيه لا تفيده وان القول بعود النورة أرضا بجمودها في غاية البعد وانه لا وجه للاشكال بعد ورود النص وطباق
الأصحاب هذا كلامه والظاهر أن توقف شيخنا الشهيد طاب ثراه في ذلك مبنى على عدم تحقق الاجماع عنده كما قلناه والا
فلا معنى للتوقف وما تضمنه الحديث التاسع من كراهة السجود على قرطاس عليه كتابة مشهور بين الأصحاب واستشكل شيخنا
في الذكرى بان أجرام الحبر مشتملة غالبا على شئ من المعادن ثم قال الا ان يكون هناك بياض يصدق عليه الاسم قال وربما
يخيل ان لون الحبر عرض والسجود انما هو على القرطاس وليس بشئ لان العرض لا يقوم بغير حامله والمداد أجسام محسوسة مشتملة
على اللون انتهى ثم كراهة السجود على المكتوب هل تشمل الأمي والقاري وما إذا كان هناك مانع من البصر كالظلمة مثلا أم
لا كلام الشيخ في المبسوط يعطي الاختصاص بالقاري الغير الممنوع من الرؤية واطلاق النص يقتضي الشمول وما تضمنه الحديث العاشر
من تعليله عليه السلام المنع من السجود على الزجاج بكونه من الملح والرمل وهما ممسوخان ربما يؤذن بالمنع من السجود على الرمل
والحمل على الكراهة محتمل وفي كلام كثير من الأصحاب تخصيص الرمل الذي يكره السجود عليها بالمنهال ولعل الاطلاق أولى و
الظاهر أن ورود النص بكون الرمل ممسوخا هو المقتضي لحكم علمائنا بكراهة التيمم به وفي كلام بعض الأصحاب انه لم يقف في
ذلك على اثر وهو كما ترى وقد دل الحديث الحادي عشر على جواز افتراش الحرير للرجل وستسمع الكلام فيه في الفصل
الثالث من المقصد الآتي انشاء الله تعالى وما تضمنه الحديث الثالث عشر من قوله عليه السلام في المصلى فإن كان من نبات الأرض
فلا بأس بالقيام عليه والسجود عليه ربما يحتج باطلاقه من جانب السيد المرتضى رض على ما ذهب إليه في بعض رسائله
من جواز السجود على ثوب منسوج من قطن أو كتان ويؤيده روايات متكثرة لكنها غير نقية السند كما رواه داود الصرمي قال
سألت أبا الحسن الثالث عليه السلام هل يجوز السجود على القطن والكتان من غير تقية فقال جائز وما رواه منصور بن حازم
عن غير واحد من أصحابه قال قلت لأبي جعفر عليه السلام انا نكون بأرض باردة يكون فيها الثلج أفنسجد عليه فقال لا
ولكن اجعل بينك وبينه شيئا قطنا أو كتانا وما رواه الحسين بن علي بن كيسان الصنعاني قال كتبت إلى أبي الحسن الثالث عليه
السلام أسأله عن السجود على القطن والكتان من غير تقية ولا ضرورة فكتب إلي ذلك جايز وما رواه ياسر الخادم قال مر بي أبو
الحسن عليه السلام وانا أصلي على الطبري وقد ألقيت عليه شيئا اسجد عليه فقال لي مالك لا تسجد عليه أليس هو من نبات
الأرض والسيد المرتضى رض عمل بهذه الروايات وحمل الروايات الدالة على المنع كالحديث الرابع عشر وغيره على الكراهة
والشيخ رحمه الله حمل رواية الصرمي على ما إذا كان هناك ضرورة من برد ونحوهما وجعل رواية ابن حازم مبينة

169
لذلك وحمل رواية ياسر على التقية ومكاتبة الصنعاني المتضمنة للجواز مع عدم الضرورة على عدم ضرورة تبلغ هلاك النفس وان كان
هناك ضرورة دون ذلك من حر أو برد أو شبههما والمحقق رحمه الله في المعتبر حسن المرتضى ولم يرتض بحمل الشيخ والعلامة
قدس الله روحه نقل في المختلف اجماع علمائنا على تحريم السجود في الصلاة على ثوب معمول من القطن أو الكتان ولم يعتد بمخالفة
السيد لموافقته على التحريم في الجمل والانتصار وحمل تلك الأخبار على التقية حتى الاخبار المتضمنة لعدم التقية والأولى عدم
الخروج عما عليه جماهير علمائنا سيما مع تأيده بنقل الاجماع وأقربيته إلى جادة الاحتياط والله أعلم المقصد الخامس
في لباس المصلي وما يشترط فيه من الطهارة وغيرها من الشرائط وما يلحق بذلك من الاحكام وفيه
فصول الفصل الأول
في وجوب ستر العورة في الصلاة وحكم فاقد الساتر وما يلحق بذلك اثنا عشر حديثا أ من الصحاح علي بن جعفر عن أخيه موسى
عليه السلام قال سألته عن رجل قطع عليه أو غرق متاعه فبقي عريانا وحضرت الصلاة كيف يصلي قال إن أصاب حشيشا يستر
عورته أتم صلاته بالركوع والسجود وان لم يصب شيئا يستر عورته أومأ وهو قائم ب ابن مسكان عن بعض أصحابه عن أبي عبد
الله عليه السلام قال سألته في الرجل يخرج عريانا فتدركه الصلاة قال يصلي عريانا قائما ان لم يره أحد فان رآه
أحد صلى جالسا
ج عبد الله ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن قوم صلوا جماعة وهم عراة قال يتقدمهم الامام بركبتيه ويصلي بهم جلوسا وهو جالس
د محمد بن مسلم قال رأيت أبا جعفر عليه السلام صلى في ازار واحد ليس بواسع عقده على عنقه فقلت له ما ترى للرجل يصلي
في قميص واحد فقال إذا كان كثيفا فلا بأس والمرأة تصلي في الدرع والمقنعة إذا كان الدرع كثيفا يعنى إذا كان مسترا قلت
رحمك الله الأمة تغطي رأسها إذا صلت فقال ليس على الأمة قناع ه‍ زياد بن سوقة عن أبي جعفر عليه السلام قال لا بأس ان
يصلي أحدكم في الثوب الواحد وأزراره محلولة ان دين محمد صلى الله عليه وآله حنيف وعبيد بن زرارة قال صلى بنا
أبو جعفر عليه السلام في ثوب واحد ز زرارة قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن أدنى ما تصلي فيه المرأة قال درع وملحفة
تنشرها على رأسها وتتجلل بها ح عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي الحسن عليه السلام قال ليس على الإماء ان يتقنعن في الصلاة
ط محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له الأمة تغطي رأسها فقال لا ولا على أم الولد ان تغطي رأسها إذا لم يكن لها ولد
ى من الحسان زرارة قال قلت لأبي جعفر عليه السلام رجل خرج من سفينة عريانا أو سلب ثيابه ولم يجد شيئا يصلي فيه فقال
يصلي ايماء وان كانت امرأة جعلت يدها على فرجها وان كان رجلا وضع يده على سوأته ثم يجلسان فيؤميان ايماء ولا يركعان و
لا يسجدان فيبدو ما خلفهما يكون صلاتهما ايماء برؤسهما يا من الموثقات إسحاق بن عمار قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام قوم
قطع عليهم الطريق واخذت ثيابهم فبقوا عراة وحضرت الصلاة كيف يصنعون فقال يتقدمهم امامهم فيجلس ويجلسون خلفه
فيؤمى ايماء بالركوع والسجود وهم يركعون ويسجدون خلفه على وجوههم يب عبد الله بن بكير عن أبي عبد الله عليه السلام
قال لا بأس بالمرأة المسلمة الحرة ان تصلي وهي مكشوفة الرأس أقول قطع عليه بالبناء للمجهول اي سلب ثيابه قطاع
الطريق والحشيش ما يبس من الكلاء فإن لم يكن يابسا سمى علفا والدرع قميص المرأة والمراد بالحنيف ما لا ضيق فيه ولا حرج والماضي
في قوله عليه صلوا جماعة وهم عراة بمعنى المستقبل وقد تضمن الحديث الأول وجوب ستر العورة في الصلاة وهو اجماعي وعورة
الرجل قبله ودبره وقطع شيخنا في الذكرى بان الأنثيين من القبل في وجوب الستر ويدل عليه رواية يحيى الواسطي عن بعض

170
أصحابه عن أبي الحسن الماضي عليه السلام قال العورة عورتان القبل والدبر مستور بالأليتين فإذا سترت القضيب والبيضتين
فقد سترت العورة وقول ابن البراج ان عورة الرجل من السرة إلى الركبة وأبي الصلاح انها من السرة إلى نصف الساق ضعيفان
ورواية محمد بن حكيم عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال الفخذ ليس من العورة صريحة في خلاف هذين القولين واما المرأة
فأكثر الأصحاب على أن بدنها كله عورة ما عدا الوجه والكفين وظاهر القدمين وحكم ابن الجنيد بمساواتها للرجل في وجوب
ستر القبل والدبر فقط وهو ضعيف واطلاق هذا الحديث يقتضي ان الفاقد للساتر يصلي قائما مؤميا للركوع والسجود
سواء امن من المطلع أم لا وهو قول ابن إدريس وأكثر الأصحاب على أنه (ان) امن المطلع صلى قائما والا جالسا مؤميا في الحالين وقال المرتضى
يصلي جالسا وان امن المطلع وخير هذه الأقوال أوسطها لما تضمنه الحديث الثاني من التفصيل ولما فيه من الجمع بين الحديث
الأول والثالث والعاشر والحادي عشر فاما الايماء فبالرأس كما تضمنه الحديث العاشر فإن لم يكن فبالعينين وأوجب شيخنا
في الذكرى الانحناء في الركوع والسجود بحسب الممكن بحيث لا تبدو العورة وان يجعل السجود اخفض محافظة على الفرق بينه
وبين الركوع وهو غير بعيد إذ لا يسقط الميسور بالمعسور ولعل ذلك القدر من الانحناء داخل تحت الايماء بالرأس ومنخرط في
سلكه إذ الانحناء ايماء بالرأس أيضا وقال بعض الأصحاب ان كلامه هذا تقييد للنص من غير دليل وهو كما ترى وقوله عليه السلام
في الحديث الرابع إذا كان كثيفا فلا باس يعطي بمفهومه الشرطي عدم جواز الصلاة في الثوب الواحد الحاكي لما تحته من العورة
وهل حكاية الحجم مغتفرة إذا ستر اللون حكم العلامة في التذكرة وقبله المحقق في المعتبر باغتفارها وشيخنا؟ في الذكرى وغيرها
على وجوب اخفاء الحجم أيضا وهو أولى وما تضمنه هذا الحديث والحديث الثامن من عدم وجوب ستر الرأس للأمة مما انعقد
عليه الاجماع واطلاق النص يقتضي عدم الفرق بين القن والمدبرة والمكاتبة المشروطة والمطلقة التي لم تؤد شيئا وأم الولد
التي مات ولدها اما التي ولدها حي فقد دل الحديث التاسع بمفهوم الشرط على أن عليها تغطية الرأس وما تضمنه الحديث
الحادي عشر من ايماء الامام العاري بالركوع والسجود وركوع العراة خلفه وسجودهم على وجوههم اي من دون ايماء هو
مختار الشيخ طاب ثراه في النهاية ويظهر من كلام المحقق في المعتبر الميل إليه فإنه وصف هذه الرواية بالحسن ثم قال ولا تلتفت
إلى من يدعي الاجماع على خلافها ومراده رحمه الله بحسنها كون العمل بمضمونها حسنا لا انها حسنة باصطلاح المحدثين
وهو طاب ثراه ربما يصف الروايات الصحيحة بالحسن أيضا كما يرد في الفصل الآتي ومراده ما قلناه لا ما هو المصطلح فان
عادته قدس الله روحه لم تجر بان يتعرض لبيان حال الروايات وما هي عليه من الصحة والحسن والتوثيق والتعرض لتفصيل
ذلك في كتب الفروع انما حدث بعده أعلى الله مقامه وأول من تعرض لتفصيل ذلك من أصحابنا واهتم بشأنه في الكتب الاستدلالية
العلامة أحله الله دار الكرامة فظهر ان قول بعض الأصحاب ان في طريق هذه الرواية بعض الواقفية والفطحية فكيف وصفها
بالحسن ليس على ما ينبغي وما تضمنه الحديث الثاني عشر من نفي الباس عن صلاة الحرة مكشوفة الرأس لا يحضرني ان أحدا من
الأصحاب قال به سوى ابن الجنيد والشيخ في التهذيب جمله على ما إذا كانت صغيرة أو مضطرة والله أعلم بحقايق الأمور
الفصل الثاني في اشتراط طهارة اللباس وما يستثنى من ذلك ثلاثة وعشرون حديثا أ من الصحاح زرارة قال قلت لأبي جعفر
عليه السلام أصاب ثوبي دم رعاف أو غيره أو شئ من مني فعلمت اثره على أن أصيب الماء فأصبت وقد حضرت الصلاة ونسيت

171
ان بثوبي شيئا وصليت ثم اني ذكرت بعد ذلك قال تعيد الصلاة وتغسله قلت فاني لم أكن رأيت موضعه وعلمت انه قد
اصابه فطلبت فلم أقدر عليه فلما صليت وجدته قال تغسله وتعيد قلت فان ظننت انه قد اصابه ولم أتيقن ذلك فنظرت
فلم أر شيئا ثم صليت فرأيت فيه قال تغسله ولا تعيد الصلاة قلت لم ذلك قال لأنك كنت على يقين من طهارتك ثم شككت
فليس ينبغي لك ان تنقض اليقين بالشك ابدا قلت فاني قد علمت أنه قد اصابه ولم أدر أين هو فاغسله قال تغسل من ثوبك
الناحية التي ترى انه قد أصابها حتى تكون على يقين من طهارتك قلت فهل علي ان شككت ثوبك؟ الناحية في أنه قد
اصابه شئ ان انظر فيه قال (لا) ولكنك انما تريد ان تذهب الشك الذي وقع في نفسك قلت اني رأيته في ثوبي وانا في الصلاة
قال تنقض الصلاة وتعيد إذا شككت في موضع منه ثم رأيته وان لم تشك ثم رأيته رطبا قطعته وغسلته ثم تبينت؟ على
الصلاة لأنك لا تدري لعله شئ أوقع عليك فليس ينبغي ان تنقض اليقين بالشك ب محمد بن مسلم عن أبي عبد الله
عليه السلام قال ذكر المني فشدده وجعله أشد من البول ثم قال إن رأيت المني قبل أو بعد ما تدخل في الصلاة فعليك إعادة
الصلاة فان أنت نظرت في ثوبك فلم تصبه ثم صليت فيه ثم رأيته بعد فلا إعادة عليك وكذا البول ج عبد الرحمن بن
بن أبي عبد الله قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلي وفي ثوبه عذرة من انسان أو سنور أو كلب أيعيد صلاته قال إن
كان لم يعلم فلا يعيد د عبد الله بن سنان قال سأل أبي أبا عبد الله عليه السلام وانا حاضر اني أعير الذمي ثوبي وانا اعلم أنه
يشرب الخمر ويأكل لحم الخنزير فيرده على فاغسله قبل ان أصلي فيه فقال أبو عبد الله عليه السلام صل فيه ولا تغسله من اجل
ذلك فإنك أعرته إياه وهو طاهر ولم تستيقن نجاسته فلا باس ان تصلي فيه حتى تستيقن انه نجسه ه‍ معاوية بن عمار
قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الثياب السابرية يعملها المجوس وهم أخباث وهم يشربون الخمر ونساؤهم على تلك الحال
ألبسها ولا اغسلها وأصلي فيها قال نعم قال معاوية فقطعت له قميصا وخطته وفتلت له إزارا ورداء من السابري ثم
بعثت بها إليه عليه السلام في يوم الجمعة حين ارتفع النهار فكأنه عليه السلام عرف ما أريد فخرج بها إلى الجمعة وقد مر هذا الحديث وما قبله في إزالة
النجاسات وعبد الله ابن سنان قال سأل أبى أبا عبد الله عليه السلام عن الذي يعير ثوبه لمن يعلم أنه يأكل الجري ويشرب الخمر فيرده
أيصلي فيه قبل ان يغسله قال لا يصلي فيه حتى يغسله ز عبد الله بن علي الحلبي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة
في ثوب المجوسي فقال يرش بالماء ح العلا عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الرجل يصيب ثوبه الشئ ينجسه فينسى ان يغسله فيصلي فيه ثم يذكر انه لم يكن غسله أيعيد الصلاة قال لا يعيد قد مضت الصلاة وكتبت له ط علي بن جعفر عن أخيه
موسى عليه السلام قال سألته عن الرجل يصيب ثوبه خنزير فلم يغسله فذكر وهو في الصلاة كيف يصنع به قال إذا كان دخل
في صلاته فليمض وان لم يكن دخل في صلاته فلينضح ما أصاب من ثوبه الا ان يكون فيه اثر فيغسله ى علي بن مهزيار قال كتب إليه سليمان بن رشيد يخبره انه بال في ظلمة الليل وانه أصاب كفه برد نقطة من البول لم يشك انه اصابه ولم يره وانه مسحه بخرقة
ثم نسي ان يغسله وتمسح بدهن فمسح به كفيه ووجهه ورأسه ثم توضأ وضوء الصلاة فصلى فاجابه بجواب قرأته بخطه اما ما
توهمت مما أصاب بدنك فليس بشئ الا ما تحقق فان حققت ذلك كنت حقيقا ان تعيد الصلوات التي كنت صليتهن بذلك
الوضوء بعينه ما كان منهن في وقتها وما فات وقتها فلا إعادة عليك لها من قبل ان الرجل إذا كان ثوبه نجسا لم يعد الصلاة

172
الا ما كان في وقت وإذا كان جنبا أو صلى على غير وضوء فعليه إعادة الصلوات المكتوبات اللواتي فاتته لان الثوب خلاف
الجسد فاعمل على ذلك انشاء يا ليث المرادي قال قلت لأبي عبد الله السلام الرجل يكون به الدماميل والقروح
فجلده وثيابه مملوة دما وقيحا فقال يصلي في ثيابه ولا يغسلها ولا شئ عليه يب محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام
قال سألته عن الرجل يخرج به القروح فلا تزال تدمى كيف يصلي فقال يصلي وان كانت الدماء تسيل يج عبد الرحمن بن
أبي عبد الله قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام الجرح يكون في مكان لا يقدر على ربطه فيسيل منه الدم والقيح فيصيب ثوبي
فقال دعه فلا يضرك ان لا تغسله يد عبد الله بن أبي يعفور قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما تقول في دم البراغيث قال
ليس به بأس قلت إنه يكثر ويتفاحش قال وان كثر وتفاحش قال قلت فالرجل يكون في ثوبه نقط الدم لا يعلم به ثم يعلم
فنسي ان يغسله فيصلي ثم يذكر بعدما يصلي أيعيد الصلاة قال يغسله ولا يعيد صلاته الا أنه يكون مقدار الدرهم
مجتمعا
فيغسله ويعيد الصلاة يه الحلبي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أجنب في ثوبه وليس معه غيره قال يصلي فيه
فإذا وجد الماء غسله يو عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يجنب في الثوب ليس معه غيره ولا
يقدر على غسله قال يصلي فيه يز علي بن جعفر انه سأل أخاه موسى عليه السلام عن رجل عريان وحضرت الصلاة فأصاب
ثوبا نصفه دم أو كله أيصلي فيه أو يصلي عريانا فقال إن وجد ماء غسله وان لم يجد ماء صلى فيه ولم يصل عريانا يج محمد بن علي الحلبي
انه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يكون له الثوب الواحد فيه بول لا يقدر على غسله قال يصلي فيه يط من الحسان
محمد بن مسلم قال قلت له الدم يكون في الثوب علي وانا في الصلاة قال إن رأيته وعليك ثوب غيره فاطرحه وصل وان لم يكن
عليك غيره فامض في صلاتك ولا إعادة عليك وما لم يزد على مقدار الدرهم فليس بشئ رأيته أو لم تره فإذا كنت قد
رايته وهو أكثر من مقدار الدرهم فضيعت غسله وصليت فيه صلاة كثيرة فأعد ما صليت فيه ك صفوان بن يحيى
عن أبي الحسن عليه السلام قال كتبت إليه أسأله عن رجل كان معه ثوبان فأصاب أحدهما بول ولم يدر أيهما هو وحضرت الصلاة
وخاف فوتها وليس عنده ماء كيف يصنع قال يصلي فيهما جميعا كا من الموثقات زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال كلما
كان لا يجوز الصلاة فيه وحده فلا باس ان يكون عليه الشئ مثل القلنسوة والتكة والجورب كب سماعة قال سألته عن رجل
يكون في فلاة من الأرض ليس عليه الا ثوب واحد وأجنب فيه وليس عنده ماء كيف يصنع قال يتيمم ويطرح ثوبه ويجلس مجتمعا
ويصلي فيؤمي ايماء كج عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئل عن رجل ليس معه الا ثوب ولا تحل الصلاة فيه و
ليس يجد ماء يغسله كيف يصنع قال يتيمم ويصلي فإذا أصاب ماء غسله وأعاد الصلاة أقول ما تضمنه صدر
الحديث الأول من قوله عليه السلام تعيد الصلاة وتغسله يدل باطلاقه على
ما ذهب إليه الثلاثة قدس الله أرواحهم من أن
من علم بالنجاسة ثم نسيها وصلى ثم ذكر فعليه الإعادة في الوقت وخارجه وبه قال ابن حمزة والعلامة وشيخنا الشهيد و
نقل ابن إدريس على ذلك الاجماع وقال لولا الاجماع لما صرت إليه ويؤيد ذلك اطلاقه عليه السلام الإعادة في الحديث
الرابع عشر والتاسع عشر وكذلك في بعض الأخبار الغير النقية السند كما رواه سماعة قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن
الرجل يرى بثوبه الدم فينسى ان يغسله حتى يصلي قال يعيد صلاته كي يهتم بالشئ إذا كان في ثوبه عقوبة لنسيانه لكن يعارض

173
ذلك ما تضمنه الحديث الثامن من اطلاقه عليه السلام عدم الإعادة الشامل للوقت وخارجه مؤكدا ذلك بما فيه شايبة التعليل
من قوله عليه السلام قد مضت الصلاة وكتبت له وإلى هذا ذهب الشيخ طاب ثراه في بعض أقواله كما حكاه العلامة في التذكرة واليه مال المحقق
في المعتبر فإنه قال بعد نقل الحديث الثامن وعندي ان هذه الرواية حسنة والأصول تطابقها لأنه صلى صلاة مشروعة مأمورا
بها فسقط الفرض ويؤيد ذلك قوله (صلى الله عليه وآله) عليه السلام غفر لامتي الخطأ والنسيان انتهى كلامه ووصفه رحمه الله تلك الرواية بالحسن مع أنها
صحيحة بغير مرية جار على ما قلناه في الفصل السابق والشيخ في الاستبصار جمع بين هذه الأخبار بحمل ما تضمن الإعادة
على أن المراد به مع بقاء الوقت وما تضمن عدم الإعادة على إذا ما خرج الوقت واستدل على هذا الجمع بما تضمنه الحديث
العاشر من أن الرجل إذا كان ثوبه نجسا لم يعد الصلاة الا ما كان في وقت وهو غير بعيد وقول زرارة فان ظننت انه قد
اصابه إلى اخره وقوله عليه السلام لأنك كنت على يقين من طهارتك ثم شككت ربما استفيد منه ان ظن النجاسة لا يقوم
مقام العلم وان الظن قد يطلق عليه اسم الشك وليس بشئ فان قول زرارة فنظرت فلم أر شيئا يعطي تغير ذلك الظن وقوله عليه السلام
ثم شككت ينبئ عن انقلاب ذلك الظن بسبب عدم الرؤية شكا وقد دل هذا الحديث على أن من شك في أن النجاسة
هل أصابت ثوبه فليس عليه ان ينظر إلى الثوب ويستعلم الحال ليصير على يقين من امره بل يستصحب طهارة الثوب إلى أن يتحقق
ما يزيلها والمراد ان هذا التفحص ليس أمرا واجبا عليه بحيث يعاقب على تركه والظاهر أنه لو تفحص لاستعلام الحال تحصيلا
لليقين واحتياطا لأمر الدين واهتماما بشأن العبادة لكان مثابا وممتثلا لقوله صلى الله عليه وآله دع ما يريبك إلى ما لا
يريبك واعلم أن بعض الأصحاب جعل ما تضمنه هذا الحديث من قول زرارة ان رأيته في ثوبي وانا في الصلاة وقوله
عليه السلام في جوابه تنقض الصلاة دالا على أن من علم النجاسة في ثوبه ثم نسيها ورآها في أثناء الصلاة فإنه يقطع الصلاة
وهو مبني على أن هذا القول من زرارة مندرج تحت قوله في أول الحديث أصاب ثوبي دم رعاف أو غيره إلى قوله ونسيت
ان بثوبي شيئا وان قوله عليه السلام تنقض الصلاة منقطع عن قوله وتعيد إذا شككت إلى اخره وهو كما ترى فان من تأمل
هذا الحديث لا يرتاب في أن هذا القول من زرارة غير مندرج تحت كلامه ذاك ولا منخرط في سلكه ولا في أن قوله عليه السلام
تنقض الصلاة غير منقطع عن قوله وتعيد إذا شككت بل هو مرتبط به وظني ان هذا القول من زرارة ان جعل مرتبطا
بما قبله فليجعل مرتبطا بقوله فهل علي ان شككت فكأنه قال إذا شككت قبل الصلاة في اصابته ثوبي ثم رأيته فيه
وانا في الصلاة فما الحكم فاجابه عليه السلام بأنه إذا سبق شكك في موضع من الثوب انه اصابه نجاسة ثم رأيتها و أنت في الصلاة
فانقض الصلاة واعدها وان لم يكن سبق منك شك في إصابة النجاسة وكنت خالي الذهن من ذلك ثم رأيته على وجه يحتمل
تجدده في ذلك الوقت قطعت الصلاة وغسلته ثم تبينت ولعل بعض الشقوق الاخر المحتملة كان زرارة عالما بها فلذلك
سكت عليه السلام عن التعرض لها وقوله عليه السلام في الحديث الثاني ان رأيت المني قبل أو بعد ما تدخل في الصلاة يشمل
ما إذا كان عالما به قبل الصلاة وسهى عن غسله ثم علم به في أثنائها أو بعدها وما إذا لم يكن عالما به قبلها ثم علم به
خلالها أو بعدها وقوله عليه السلام فعليك إعادة الصلاة يشمل باطلاقه الإعادة في الوقت وخارجه لكن بعض هذه الصور
خرج بما نقله بعض المتأخرين من الاجماع على عدم وجوب القضاء لو كان جاهلا بالنجاسة فصلى ولم يعلم بها حتى خرج الوقت

174
وبعضها ربما خرج بقوله عليه السلام في الحديث التاسع عشر وان لم يكن عليك غيره فامض في صلاتك ولا إعادة عليك
لكن جماعة من الأصحاب على أن من رأى النجاسة على ثوبه في أثناء الصلاة فإن لم يستلزم القاءه ما ينافي الصلاة ألقاه وتستر
بغيره وان استلزم ذلك أبطلها واستأنف وقوله عليه السلام فان نظرت في ثوبك إلى اخره يعطي انه متى تفحص عن النجاسة قبل
الصلاة وصلى ثم رآها فلا إعادة عليه في الوقت ولا في خارجه قال شيخنا طاب ثراه في الذكرى ولو قيل لا إعادة على من
اجتهد قبل الصلاة ويعيد غيره أمكن لهذا الخبر ثم قال إن لم يكن احداث قول ثالث وهو كلام حسن وما تضمنه الحديث
الثالث من قوله عليه السلام ان كان لم يعلم فلا يعيد يدل باطلاقه على ما ذهب إليه المفيد والمرتضى وابن إدريس من عدم
الإعادة في الوقت ولا في خارجه على من صلى جاهلا بالنجاسة ثم علم بها بعد الفراغ وما دل عليه الحديث الرابع والخامس
لا ينافيه ما دل عليه السادس إذ النهي فيه تنزيهي محمول على الكراهة والسابري بالسين المهملة والباء الموحدة المكسورة
نوع من الثياب والجري بكسر الجيم وتشديد الراء المهملة المكسورة نوع من السمك عديم الفلس والظاهر أن قول ابن سنان
إذا علم أنه يأكل الجري كناية عن انه من المخالفين وما تضمنه الحديث التاسع من قوله عليه السلام ان كان دخل في صلاته
فليمض قد ذكر بعض الأصحاب ان فيه دلالة على أن من نسي النجاسة ثم علم بها في أثناء الصلاة لا يلتفت وللبحث فيه مجال فان
قوله عليه السلام وان لم يكن دخل في صلاته فلينضح ما أصاب من ثوبه يعطي ان الخنزير كان جافا ولا ريب انه مع الجفاف يمضي في صلاته
واما قوله عليه السلام الا ان يكون فيه اثر فيغسله فإنما ينهض دليلا على ذلك لو تعين ان يكون استثناء من جملة الجزاء الأخيرة
فقط واحتمال كونه استثناء من كلا الجزاءين معا قائم والبحث في ذلك في الأصول والمرتضى رضي الله عنه على الاشتراك بين الجملتين إلى
قيام قرينة ومع العود إلى الجزاءين يصير المعنى في الصلاة مشروطا بان لا يكون في الثوب اثر من الخنزير كرطوبة أو دم ونحوه وهو
يصلح ان يكون كناية عن الملاقاة حال الجفاف والضمير المنصوب أعني اسم ان في قول السائل في الحديث العاشر لم يشك انه اصابه
الظاهر أنه يعود إلى البرد بتجريده عن كونه برد نقطة البول والا لم يحسن جعل إصابة البول توهما واما قوله عليه السلام ان الرجل
إذا كان ثوبه نجسا إلى اخره فالغرض؟ منه سهولة امر النجاسة الخبثية بالنظر إلى الحدثية سواء كانت في الثوب أو البدن فذكر
الثوب تمثيل وقوله عليه السلام في آخر الحديث لان الثوب خلاف البدن يريد به ان النجاسة الخبثية ليست من قبيل نجاسة
البدن الحدثية فان الحدثية أشد منافاة للصلاة كما بينه عليه السلام بقي في هذا الحديث اشكال من جهات ثلث
أولها ان حكمه عليه السلام بعدم قضاء ما فات وقته من الصلوات التي صلاهن بذلك الوضوء يقتضي صحته وهو يقتضي عدم اشتراط
طهارة أعضاء الوضوء قبل ورود مائه عليها وهو كما ترى اللهم الا ان يلتزم ذلك ويكتفي في إزالة الخبث ورفع الحدث بورود
ماء واحد فان الاستدلال على بطلان الوضوء حينئذ محل كلام الثاني ان اليد الماسحة للرأس لا ريب في تنجسها بمماسته فتنجر
الرطوبة التي عليها فكيف يصح المسح بالبلل النجس اللهم الا ان يقال ليس في كلام السائل ما هو نص في استيعاب الرأس بمسح الدهن
فلعل مقدار ما يقع عليه مسح الوضوء لم يتنجس بذلك الدهن وهو عليه السلام اطلع على ذلك الثالث ان قوله عليه السلام
كنت حقيقا ان تعيد الصلوات التي صليتهن بذلك الوضوء بعينه يعطي انه لو أحدث عقيب ذلك الوضوء وتوضأ وضوءا آخر وصلى
به صلوات فإنه لا يعيدها مع أن العلة مشتركة ولمتكلف ان يقول لعله عليه السلام أراد بذلك الوضوء بعينه الوضوء النوعي

175
الخاص أعني الواقع بعد التدهن وقبل تطهير البدن وهذا التفصي وان كان كما ترى الا انه محمل صحيح في ذاته واما ما تفصى
به بعض الأصحاب عن الاشكال الأول بالحمل على وصول البول إلى يده على وجه لا يكون في أعضاء الوضوء كما فوق المرفق مثلا فهو
عن الصحة بمعزل لان السؤال قد تضمن إصابة الكف فلا مجال لهذا الحمل واعلم أنه ربما يتراءى في بادي الرأي ضعف
سند هذا الحديث بجهالة حال سليمان بن رشيد وليس كذلك فان المدار فيه على قول الثقة الجليل علي بن
مهزيار فاجابه
بجواب قرأته بخطه واما عدم التصريح باسم الإمام عليه السلام فغير مضر لان جلالة شأن علي بن مهزيار تقضي بقبول مضمراته
كما قبلوا مضمرات زرارة ومحمد بن مسلم وأمثالهما فما في كلام بعض الأصحاب من الطعن في سند هذا الحديث ونسبته إلى
الضعف بسبب جهالة الكاتب ليس على ما ينبغي والله أعلم وقد دل
الحديث الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر على
العفو عن دم القروح والجروح قبل البرء وقد ورد في ذلك أحاديث أخر وان كان غير نقية السند كما رواه أبو بصير قال
دخلت على أبي عبد الله عليه السلام وهو يصلي فقال لي قائدي ان في ثوبه دما فلما انصرف قلت له ان قائدي أخبرني ان بثوبك
دما فقال إن بي دماميل ولست اغسل ثوبي حتى تبرأ وهذه الأحاديث باطلاقها تقتضي ثبوت العفو وان لم يكن في إزالة
هذا الدم مشقة وانه لا يجب العصب ولا ابدال الثوب ولا تخفيف النجاسة ولا انتهاز فرصة ينقطع فيها الدم وبعضهم
أوجب ذلك وقصر العفو على ما إذا كان في الإزالة مشقة ولا ريب انه أحوط كما أن الأحوط غسل الثوب كل يوم مرة كما يرشد
إليه رواية سماعة قال سألته عن الرجل به القرح أو الجرح فلا يستطيع ان يربطه ولا يغسل دمه قال يصلي ولا يغسل ثوبه كل
يوم الا مرة فإنه لا يستطيع ان يغسل ثوبه كل ساعة وهذه الرواية ربما أشعرت بدوران العفو مع مشقة الإزالة ولعل
في غسل الثوب تنبيها على غسل البدن أيضا وما دل عليه الحديث الرابع عشر من العفو عما دون الدرهم من الدم في الجملة
مما أطبق علماؤنا رضي الله عنهم عليه ولا ريب في شمول الدم باطلاقه دم الحيض وغيره الا ان جماعة من الأصحاب استثنوا
الحيض والشيخ استثنى دم الاستحاضة والنفاس أيضا والقطب الراوندي الحق بدماء الثلاثة دم النجس العين أيضا لأنه اكتسب
بملاقاة جسد ذلك الحيوان نجاسة أخرى غير معفو عنها فصار كما لو خالط الدم بول أو غيره ثم الأحاديث الواردة في هذا
الباب انما دلت على العفو عن نجاسة الثوب بهذا القدر من الدم وليس فيها ذكر البدن لكن الأصحاب حكموا بأنه لا فرق في هذا
الحكم بين الثوب والبدن ولا يحضرني ان أحدا منهم خالف في ذلك وربما يستأنس برواية مثنى بن عبد السلام عن أبي عبد
الله عليه السلام قال قلت له اني حككت جلدي فخرج منه دم قال إن اجتمع منه قدر حمصة فاغسله والا فلا والظاهر أن مقدار
الحمصة إذا انبسط لا يزيد على سعة الدرهم هذا وقد دل الحديث التاسع عشر على العفو عما يساوى مقدار الدرهم وهو
مذهب سلار والسيد في الانتصار وذهب الشيخان والصدوقان وابن إدريس إلى وجوب ازالته كما دل عليه الحديث الرابع
عشر وفي بعض الروايات الغير النقية السند ما يؤيد القول الأول وفي بعضها ما يؤيد الثاني وترجيح أحد الطرفين مشكل
لتكافؤ الأدلة ولكن سبيل الاحتياط واضح واعلم أن الدرهم في الأحاديث مطلق غير مقيد بالبغلي ولا بغيره وفي الفقيه والمقنعة
تقييده بالوافي وهو الذي وزنه درهم وثلث وفي المعتبر ان الوافي يسمى البغلي نسبة إلى قرية بالجامعين وضبطها المتأخرون
بفتح الغين المعجمة وتشديد اللام وعن ابن إدريس ان سعة الدرهم منها يقترب من أخمص الراحة وعن ابن الجنيد التقدير بسعة

176
العقد الاعلى من الابهام وقال شيخنا في الذكرى البغلي باسكان الغين منسوب إلى رأس البغل ضربه للثاني في ولايته
بسكة كسروية وزنه ثمانية دوانيق والبغلية كانت تسمى قبل الاسلام الكسروية فحدث لها هذا الاسم في الاسلام والوزن
بحاله وجرت في المعاملة مع الطبرية وهي أربعة دوانيق فلما كان زمن عبد الملك جمع بينهما واتخذ الدرهم منهما واستقر امر
الاسلام على ستة دوانيق وهذه النسبة ذكرها ابن دريد رحمه الله انتهى وكلامه هذا يعطي ان الدراهم التي كانت تجري بها المعاملة
في زمن الصادق عليه السلام هي الدراهم المجددة التي كل منها ستة دوانيق لا البغلية القديمة التي كل منها ثمانية دوانيق فان وفاة
عبد الملك كما ذكره المسعودي وغيره من المؤرخين سنة ست وثمانين ومولد الصادق عليه السلام سنة ثلث وثمانين وغلبة البغلية
بعد ذلك بحيث ينصرف اطلاق الدرهم إليها لا يخلو من بعد فلذلك قال بعض الأصحاب ان حمل النصوص الواردة عنه عليه السلام
على البغلي مشكل وظني انه لا اشكال في ذلك لان أحكامهم عليهم السلام متلقاة من النبي صلى الله عليه وآله وقد وردت
روايات صحيحة بأنها مثبتة عندهم في صحيفة باملاء رسول الله صلى الله عليه وآله وخط أمير المؤمنين عليه السلام فكون
الدرهم البغلي متروكا في عصر الصادق عليه السلام لا يقدح في حمل الرواية الواردة عنه عليه السلام عليه والله أعلم وقد دل الحديث
الخامس عشر والسادس عشر والسابع عشر والثامن عشر على العفو عن النجاسة في الثوب عند تعذر ازالتها وفقدان
غيره وانه لا يجب طرحه والصلاة عريانا بل ظاهر هذه الأحاديث عدم جواز الصلاة عريانا وقد اختلف علماؤنا رضوان
الله عليهم في ذلك فقال ابن الجنيد ان الصلاة فيه أحب إلي من الصلاة عريانا وقال الشيخ وأكثر الأصحاب ينزعه ويصلي عريانا
مؤميا وقال المحقق في المعتبر والعلامة في المنتهى بالتخيير بين الامرين من غير ترجيح وقواه شيخنا في الذكرى مستدلا بتعارض
الستر والقيام واستيفاء الافعال والمانع ولا يحضرني الان ان أحدا من علمائنا قال يتعين الصلاة فيه وعدم جوازها عريانا
كما هو الظاهر من تلك الأحاديث واحتج الشيخ رحمه الله بما تضمنه الحديث الثاني والعشرون وبرواية أخرى بذلك
المضمون ولكن في طريقها كلام وحمل طاب ثراه تلك الأحاديث على صلاة الجنازة أو الاضطرار إلى لبسه وحمل الحديث السابع
عشر على دم يجوز الصلاة فيها كدم السمك وهو كما ترى وكلام ابن الجنيد غير بعيد وقد مال إليه بعض
المتأخرين وما تضمنه
الحديث العشرون من الصلاة في كل من الثوبين إذا اشتبه النجس منهما بالآخر هو مذهب الأكثر وعليه العمل لامكان تحصيل
الصلاة في ثوب طاهر فيجب وقيل يطرحهما ويصلي عريانا واختاره ابن إدريس واحتج بأنه يجب اقتران ما يؤثر في وجوه الافعال
بها وكون الصلاة واجبة وجه يقع عليه الصلاة فلابد عند ايقاعها ان يقطع بأنها في ثوب طاهر ليحكم بكونها الصلاة
الواجبة وهذا منتف عند افتتاحها في كل من الثوبين ولا يجوز وقوف الحكم إلى ما يظهر بعد لعدم تأثير المتأخر في المتقدم
واجابه العلامة في المختلف بالمنع من وجوب علمه بطهارة الثوب حينئذ فان هذا التكليف سقط عنه والمؤثر في وجوب الصلاتين
هنا موجود مع الفعل لا يتأخر عنه فانا نحكم بوجوب الصلاتين عليه إحديهما للاشتباه والأخرى بالأصالة قال وهو لم يتفطن
لذلك وحسب أن إحدى الصلاتين واجبة دون الأخرى ثم يعلم المكلف بعد فعلهما انه قد فعل الواجب وليس كذلك انتهى
كلامه طاب ثراه وقال في المنتهى ان اشترطت القطع بعدم النجاسة فهو غير متحقق وتكليف ما لا يطاق وان اشترطت عدم
القطع بالنجاسة فهو حاصل عند الصلاة في كل واحد من الثوبين انتهى وهو كما ترى لبقاء شق آخر هو ظن الطهارة وهو غير

177
حاصل في كل واحد منهما وما تضمنه الحديث الحادي والعشرون من جواز الصلاة فيما لا يتم فيه وحده إذا كان عليه
الشئ يعني النجاسة هو المعروف بين علمائنا رضوان الله عليهم وبه اخبار اخر ضعيفة كما رواه حماد بن عثمن عمن رواه عن
أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يصلي في الخف الذي فيه قذر فقال إذا كان مما لا يتم فيه الصلاة فلا باس وكما رواه عبد الله
بن سنان عمن اخبره عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال كلما كان على الانسان أو معه مما لا يجوز الصلاة فيه وحده فلا بأس
ان يصلي فيه وان كان فيه قذر مثل القلنسوة والتكة والكمرة والنعل والخفين وما أشبه ذلك واطلاق الأحاديث
يشمل الملابس وغيرها وابن إدريس خص الحكم بالملابس ووافقه العلامة في بعض كتبه ولو قلنا باستفادة ذلك مما
يلوح من قوله عليه السلام مما لا يجوز الصلاة فيه وحده وجعلنا التمثيل بالملابس قرينة على ذلك لم يكن بعيدا وهل
يعتبر كونها في محالها اعتبره العلامة طاب ثراه لكن قوله عليه السلام في حديث ابن سنان أو معه يقتضي التعين كما قاله شيخنا
في الذكرى وما تضمنه الحديث الثالث والعشرون من إعادة الصلاة بعد فعلها في الثوب النجس ذهب إليه الشيخ رحمه الله
ونزل الحديث على ما إذا لم يتمكن من نزعه والعلامة في المختلف حمله على ما إذا كان متمكنا من نزعه والا فلا إعادة للخروج عن العهدة
بالاتيان بالمأمور به على وجهه والله أعلم
الفصل الثالث في حكم الصلاة في جلد الميتة واجزائها وما لا يؤكل لحمه
والحرير وما يستثنى من الأخيرين ثلاثون حديثا أ من الصحاح محمد بن مسلم قال سألته عن الجلد الميت أيلبس في الصلاة إذا
دبغ قال لا ولو دبغ سبعين مرة ب الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال لا بأس بالصلاة فيما كان من صوف الميتة ان
الصوف ليس فيه روح ج حريز قال قال أبو عبد الله عليه السلام لزرارة ومحمد بن مسلم اللبن واللباء والبيضة والشعر والصوف
والقرن والناب والحافر وكل شئ ينفصل من الشاة والدابة فهو ذكي وان اخذته منه بعد أن يموت فاغسله وصل فيه و
قد مرت هذه الأحاديث الثلاثة في (مبحث) النجاسات د محمد بن أبي عمير عن غير واحد عن أبي عبد الله عليه السلام في الميتة
قال لا تصل في شئ منه ولا شسع ه‍ أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الرضا عليه السلام قال سألته عن الخفاف نأتي السوق
فنشري الخف لا ندري أذكي هو أم لا ما تقول في الصلاة فيه قال نعم انا اشتري الخف من السوق ويصنع لي وأصلي فيه و
ليس عليكم المسألة والحلبي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الخفاف التي تباع في السوق فقال اشتر وصل فيها
حتى تعلم أنه ميت بعينه ز سليمان بن جعفر الجعفري نسبته إلى جعفر الطيار رضي الله عنه انه سأل العبد الصالح موسى
بن جعفر عليه السلام عن الرجل يأتي السوق فيشتري جبة فراء لا يدري أذكية هي أم غير ذكية أيصلي فيهما فقال ليس عليكم
المسألة ان أبا جعفر عليه السلام كان يقول إن الخوارج ضيقوا على أنفسهم بجهالتهم ان الدين أوسع من ذلك ح عبد الله
بن سنان قال قال أبو عبد الله عليه السلام كل شئ يكون منه حرام وحلال فهو لك حلال ابدا حتى تعرف الحرام بعينه ط سليمان
الجعفري قال رأيت أبا الحسن الرضا عليه السلام يصلي في جبة خز ى سعد بن سعد عن الرضا عليه السلام قال سألته عن
جلود الخز فقال هو ذا نحن نلبس فقلت ذاك الوبر جعلت فداك قال إذا حل وبره حل جلده يا عبد الرحمن بن الحجاج قال سأل
أبا عبد الله عليه السلام رجل وانا عنده عن جلود الخز فقال ليس بها بأس فقال الرجل جعلت فداك انها في بلادي وانما هي
كلاب تخرج من الماء فقال أبو عبد الله عليه السلام فإذا خرجت تعيش خارجة من الماء فقال الرجل لا قال لا بأس يب الحلبي

178
قال سألته عن الخز فقال لا باس به ان علي بن الحسين عليهما السلام كان يلبس الكساء الخز في الشتاء فإذا جاء الصيف باعه
وتصدق بثمنه وكان يقول اني لأستحيي من ربي ان اكل ثمن ثوب قد عبدت الله فيه يج إسماعيل بن سعد الأحوص قال
سألت الرضا عليه السلام عن الصلاة في جلود السباع فقال لا تصل فيها قال وسألته هل يصلي الرجل في ثوب
إبريسم فقال
لا يد محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن جلود الثعالب فقال ما أحب ان تصلي فيها يه‍ الحلبي عن أبي عبد
الله عليه السلام يقال سألته عن الفراء والسمور والسنجاب والثعالب وأشباهه قال لا باس بالصلاة فيه يو جميل عن أبي عبد
الله عليه السلام في جلود الثعالب فقال عليه السلام إذا كانت ذكية فلا باس يز علي بن يقطين قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن لباس الفراء والسمور والفنك والثعالب وجميع الجلود قال لا بأس بذلك يج أبو علي بن راشد قال قلت لأبي جعفر عليه
السلام ما تقول في الفراء اي شئ يصلي فيه فقال اي الفراء قلت الفنك والسنجاب والسمور قال تصلي في الفنك والسنجاب فاما
السمور فلا تصل فيه قلت فالثعالب يصلى فيها قال لا ولكن تلبس بعد الصلاة قلت أصلي في الثوب الذي يليه قال لا يط
علي بن الريان قال كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام هل يجوز الصلاة في ثوب يكون فيه شعر من شعر الانسان وأظفاره من غير أن
ينفضه ويلقيه عنه فوقع يجوز ك محمد بن عبد الجبار قال كتبت إلى أبي محمد عليه السلام أسأله هل يصلي في
قلنسوة عليها وبر ما لا يؤكل لحمه أو تكة حرير أو تكة من وبر الأرانب فكتب لا تحل الصلاة في الحرير المحض وان كان الوبر
ذكيا حلت الصلاة فيه انشاء الله كا محمد بن عبد الجبار قال كتبت إلى أبى محمد عليه السلام أسأله هل يصلى في قلنسوة حرير محض أو قلنسوة ديباج
فكتب لا تحل الصلاة في حرير محض كب الحسين بن سعيد قال قرأت في كتاب محمد بن إبراهيم إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام
يسأله عن الصلاة في ثوب حشوه قز فكتب إليه وقرأته لا بأس بالصلاة فيه كج علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام
قال سألته عن فراش حرير ومثله من الديباج ومصلى حرير ومثله من الديباج يصلح للرجل النوم عليه والتكأة والصلاة عليه قال يفترشه
ويقوم عليه ولا يسجد عليه وقد مر هذا الحديث في مكان السجود كد من الحسان جعفر بن محمد بن يونس ان أباه كتب إلى
أبي الحسن عليه السلام يسأله عن الفرو والخف ألبسه وأصلي فيه ولا اعلم أنه ذكي فكتب لا باس به كه من الموثقات ابن بكير
قال سأل زرارة أبا عبد الله عن الصلاة في الثعالب والفنك والسنجاب وغيره من الوبر فأخرج كتابا زعم أنه املاء رسول الله
صلى الله عليه وآله ان الصلاة في وبر كل شئ حرام اكله فالصلاة في وبره وشعره وجلده وبوله وروثه وكل شئ منه فاسد لا تقبل
تلك الصلاة حتى يصلي في غيرها مما أحل الله اكله ثم قال يا زرارة هذا عن رسول الله صلى الله عليه وآله فاحفظ ذلك يا زرارة
فإن كان مما يؤكل لحمه فالصلاة في وبره وبوله وشعره وروثه وألبانه وكل شئ منه جائز إذا علمت أنه ذكي قد ذكاه الذبح
فإن كان غير ذلك مما قد نهيت عن اكله وحرم اكله عليك في الصلاة في كل شئ منه فاسد ذكاة الذبح ولم يذكه
كو معمر بن خلاد قال سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الصلاة في الخز فقال صل فيه كز سماعة قال سألت
أبا عبد الله عليه السلام عن لباس الحرير والديباج فقال اما في الحرب فلا بأس وان كان فيه تماثيل كح عمار بن موسى عن أبي
عبد الله عليه السلام قال لا يلبس الرجل الذهب ولا يصلي فيه لأنه من لباس أهل الجنة كط عبد الله ابن بكير عن بعض أصحابه عن
أبي عبد الله عليه السلام قال النساء يلبسن الحرير والديباج الا في الاحرام ل عمار بن موسى عن أبي عبد الله عليه السلام انه

179
سأله عن الثوب يكون عليه ديباجا قال لا يصلي عليه أقول الشسع بكسر الشين المعجمة واسكان المهملة هو ما يشد
به النعل والسمور على وزن تنور أو بكسر السين وتشديد الميم المفتوحة والفنك بالفاء والنون المفتوحتين حيوان غير مأكول
اللحم يتخذ من جلده الفراء والديباج نوع من الثياب يتخذ من الحرير فارسي معرب والقز بالفتح والتشديد نوع من الحرير فارسي
معرب وفسره الصدوق رحمه الله في هذا الحديث بقز الماعز أي وبره وما تضمنه الحديث الأول والرابع من المنع من الصلاة
في جلد الميتة مما انعقد عليه اجماعنا حتى أن ابن الجنيد مع قوله بطهارته بالدباغ منع من الصلاة فيه وقد تضمنت أحاديثنا
المنع من مطلق الانتفاع به ولو في غير الصلاة فعن علي بن المغيرة قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام جعلت فداك الميتة ينتفع بشئ منها
قال لا قلت بلغنا ان رسول الله صلى الله عليه وآله مر بشاة ميتة فقال ما كان على أهل هذه الشاة إذ لم ينتفعوا بلحمها ان ينتفعوا
باهابها فقال تلك شاة لسودة بنت زمعة زوجه النبي صلى الله عليه وآله وكانت شاة مهزولة لا ينتفع بلحمها فتركوها حتى ماتت
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله ما كان على أهلها إذا لم ينتفعوا بلحمها ان ينتفعوا باهابها ان تذكى ولا يخفى ان المنع
من الصلاة في جلد الميتة يشمل باطلاقه ميتة ذي النفس وغيره سواء كان مأكول اللحم أم لا وفي كلام بعض علمائنا جواز الصلاة
في ميتة غير ذي النفس من مأكول اللحم كالسمك الطافي مثلا وقد نقل شيخنا المحقق الشيخ علي أعلى الله قدره في شرح القواعد ان
المحقق في المعتبر نقل الاجماع على جواز الصلاة في جلد هذا القسم من الميتة ونقل رحمه الله في شرحه على الرسالة عن شيخنا
الشهيد في الذكرى انه نقل عن المعتبر الاجماع على ذلك وهذا عجيب فان شيخنا في الذكرى لم ينقل الاجماع على ذلك لا
من المعتبر ولا من غيره وكذلك المحقق في المعتبر لم ينقل الاجماع على ذلك أصلا والحاصل ان هذا الاجماع لم نقف على
ناقله والمنع من الصلاة في ذلك متجه لصدق الميتة عليه واطلاق المنع من الصلاة في جلد الميتة وكونه طاهرا لا يستلزم جواز
الصلاة فيه وكان والدي قدس الله روحه يميل إلى هذا القول ولا باس به وقد مضى الكلام في الأحاديث الثلاثة
الأول وقد
دل الحديث الخامس والسادس والسابع على جواز الصلاة في الجلود التي تشترى من أسواق المسلمين وانه لا حاجة إلى السؤال عن
حالها وهذه الأحاديث باطلاقها تشمل ما إذا كان البائع معتقدا طهارة جلد الميتة بالدباغ وطهارة ذبيحة أهل الكتاب
أم لا وذهب العلامة في التذكرة والمنتهى إلى المنع مما يوجد في يد مستحل الميتة بالدبغ وان أخبر بالتذكية لأصالة العدم
وفي بعض الأخبار الضعيفة السند ما يستأنس له به كما رواه أبو بصير قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة في الفراء فقال
كان علي بن الحسين عليهما السلام رجلا صردا فلا تدفئه فراء الحجاز لان دباغها بالقرظ فكان يبعث إلى العراق فيؤتى مما قبلكم
بالفرو فيلبسه فإذا حضرت الصلاة ألقاه والقى القميص الذي يليه وكان يسأل عن ذلك فيقول أهل العراق يستحلون لباس
الجلود الميتة ويزعمون ان دباغه ذكاته وكما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام اني ادخل سوق
المسلمين أعني هذا الخلق الذين يدعون الاسلام فاشتري منهم الفراء للتجارة فأقول لصاحبها أليس هي ذكية فيقول بلى فهل
يصلح لي ان أبيعها على أنها ذكية فقال لا ولكن لا باس ان تبيعها وتقول قد شرط الذي اشتريتها منه انها ذكية قلت وما
أفسد ذلك قال استحلال أهل العراق للميتة وزعموا أن دباغ جلد الميتة ذكاته ثم لم يرضوا ان يكذبوا في ذلك الا على رسول
الله صلى الله عليه وآله قال شيخنا في الذكرى بعد نقل هذا الخبر ان فيه إشارة إلى أنه لو أخبر المستحل بالذكاة لا يقبل منه لان

180
المسؤول في الخبر ان كان مستحلا فذاك والا لطريق الأولى هذا كلامه وقد يستفاد من الحديث الثامن جواز الصلاة
في الجلد المأخوذ من المسلم المعتقد طهارة الميتة بالدباغ وجواز كل اللحم المشتري ممن يستحل ذبيحة أهل الكتاب بل ربما
يستدل به على جواز الصلاة في الجلود والأوبار والعظام وأمثالها إذا شك في كونها من مأكول اللحم أم لا وقال العلامة في
المنتهى إذا شك في كونها من مأكول اللحم لم يجز الصلاة فيها لأنها مشروطة بستر العورة بما يؤكل لحمه وهو غير متحقق والشك في
الشرط يستلزم الشك في المشروط انتهى وربما يعارض بان الشرط ستر العورة والنهى انما هو عن الصلاة في غير مأكول اللحم فما دام لم يثبت انه غير مأكول اللحم لم يتحقق النهي ويستفاد من هذا الحديث أيضا جواز اخذ عطايا الملوك ومن يحذو حذوهم
ممن يعلم أن بأيديهم حلالا وحراما وان كان مقتضى الورع التباعد عن ذلك نسأل الله العصمة والتوفيق وما
تضمنه الحديث التاسع والسادس والعشرون من جواز الصلاة في الخز أعني وبره مما انعقد عليه اجماعنا واما جلده
ففي الحديث العاشر دلالة على جواز الصلاة فيه وبه استدل على ذلك في الذكرى ونسب المنع من ذلك إلى ابن إدريس
وحده والعلامة طاب ثراه في المنتهى مصرح بالمنع منه أيضا ولكنه رجع عن ذلك في المختلف مستدلا بهذا الحديث و
قد اختلف في حقيقة الخز فقيل هو دابة بحرية ذات أربع إذا فارقت الماء ماتت وقد دل الحديث الحادي عشر
على أنه كلب الماء فان تقرير الإمام عليه السلام ذلك الرجل على ذلك القول يعطي ذلك وقال المحقق في المعتبر حدثني
جماعة من التجار انه القندس ولم أتحققه وقال شيخنا في الذكرى لعله ما يسمى في زماننا بمصر وبر السمك وهو
مشهور هناك انتهى وروى ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام انه كان عنده ودخل عليه رجل من الخزازين
فقال له جعلت فداك ما تقول في الصلاة في الخز فقال لا باس بالصلاة فيه فقال الرجل جعلت فداك انه ميت وهو
علاجي وانا اعرفه فقال له أبو عبد الله عليه السلام انا اعرف به منك فقال له الرجل انه علاجي وليس أحد اعرف
به مني فتبسم أبو عبد الله عليه السلام ثم (قال) تقول انه دابة تخرج من الماء أو تصاد من الماء فإذا فقد الماء مات فقال الرجل
صدقت جعلت فداك هكذا هو فقال أبو عبد الله عليه السلام فإنك تقول انه دابة تمشي على أربع وليس هو على حد
الحيتان فيكون ذكاته خروجه من الماء فقال الرجل اي والله هكذا أقول فقال أبو عبد الله عليه السلام فان الله تعالى أحله وجعل
ذكاته خروجه من الماء كما أحل الحيتان وجعل ذكاتها موتها والمحقق طاب ثراه في المعتبر توقف في هذه الرواية
من حيث السند والمتن اما السند فلان في طريقها محمد بن سليمان الديلمي وهو ضعيف واما المتن فلتضمنها
حل الخز وهو مخالف لما اتفق الأصحاب عليه من أنه لا يحل من حيوان البحر الا السمك ولا من السمك الا ذو الفلس و
شيخنا الشهيد رحمه الله ذب عنها في الذكرى بان مضمونها مشهور بين الأصحاب فلا يضر ضعف طريقها والحكم بحله
جاز ان يستند إلى حال استعماله في الصلاة وان لم يذك كما أحل الحيتان بخروجها من الماء حية فهو تشبيه للحل بالحل
لا في جنس الحلال هذا كلامه ويقرب منه كلام العلامة في المختلف وهو ليس بذلك البعيد وقد دل الحديث الثاني
عشر على كراهة اكل الانسان ثمن ثوب عبد الله فيه واستحباب التصدق بثمنه وما تضمنه الحديث الثالث عشر
من المنع من الصلاة في جلود السباع هو المعروف بين علمائنا فإنها غير مأكولة اللحم وسيجئ الكلام فيه وما تضمنه

181
من المنع من صلاة الرجل في الثوب الحرير مما لا خلاف فيه بين علمائنا ولا في تحريم لبسه له في الصلاة وغيرها و
ما رواه محمد بن إسماعيل بن بزيع قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الصلاة في ثوب ديباج فقال ما لم يكن فيه
التماثيل فلا باس محمول على غير المحض أو حال الحرب كما قاله الشيخ واما ما لا يتم فيه الصلاة من الحرير (فستستمع) الكلام فيه
وما تضمنه الحديث الرابع عشر من قوله عليه السلام في جلود الثعالب ما أحب ان تصلي فيها وان كان ظاهره الكراهة
محمول على عدم الجواز فان المنع من الصلاة فيها وفي أوبارها وكذلك في جلود سائر ما لا يؤكل لحمه وأوباره هو المعروف
من مذهب الأصحاب وقد دل عليه الحديث الثامن عشر والخامس والعشرون وتضمنته أحاديث أخرى غير نقية
السند كما رواه محمد بن أبي زيد قال سئل الرضا عليه السلام عن جلود الثعالب الذكية فقال لا تصل فيها وما
رواه علي بن مهزيار قال كتب إليه إبراهيم بن عقبة عندنا جوارب وتكك من وبر الأرانب فهل يجوز الصلاة فيها
من غير ضرورة ولا تقيه فكتب عليه السلام لا يجوز الصلاة فيه واما ما تضمنه الحديث الخامس عشر والسادس عشر
والسابع عشر من الجواز فمحمول على التقية إذ هو خلاف المعروف بين الطائفة مع أنه ليس في الحديث السابع عشر
تصريح بجواز الصلاة فلعل المراد أصل اللبس والشيخ طاب ثراه حمل الحديث السادس عشر على ما لا يتم الصلاة فيه
منفردا من التكة والقلنسوة وشبههما وهو يعطي جواز الصلاة عنده فيما لا يتم فيه الصلاة من غير مأكول اللحم ومال
إليه المحقق في المعتبر مستند إلى الحديث العشرين وسيجئ الكلام فيه وما دل عليه الحديث الثامن عشر من جواز الصلاة
في السنجاب ذهب إليه الشيخ في الخلاف بل قال في المبسوط اما السنجاب والحواصل فلا خلاف في أنه يجوز الصلاة فيهما ووافقه في
السنجاب شيخنا في الذكرى وتبعه شيخنا المحقق الشيخ علي رحمه الله وقد يحتج له بروايات اخر وان كانت ضعيفة السند
كما رواه الوليد بن ابان قال قلت للرضا عليه السلام أصلي في الفنك والسنجاب قال نعم فقلت يصلى في الثعالب إذا كانت ذكية
قال لا تصل فيها وما رواه مقاتل بن مقاتل قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الصلاة في السمور والسنجاب والثعالب
فقال لا خير في ذا كله الا السنجاب فإنه دابة لا تأكل اللحم وذهب الشيخ في النهاية وابن البراج وابن إدريس والعلامة
في المختلف إلى المنع من الصلاة فيه محتجا بالحديث الخامس والعشرين ونقل المنع من ذلك عن ظاهر المرتضى وجماعة وأجاب عن
الاحتجاج بهذا الحديث بأنه يتضمن تسويغ الصلاة في الفنك وأنتم لا تقولون به وعن حديث مقاتل بأنه واقفي خبيث
لا يصار إلى روايته والحق ان المسألة محل توقف وقد دل الحديث التاسع عشر على جواز الصلاة في ثوب علق به شئ
من شعر الانسان وأظفاره والظاهر أن المراد شعر المصلي وأظفاره كما يظهر من كلام العلامة في المنتهى وبعضهم عدى
الحكم إلى شعر غير المصلي أيضا وقد تضمن الحديث العشرون أمورا الأول جواز الصلاة في قلنسوة عليها وبر ما
لا يؤكل لحمه وبه قال شيخنا في الذكرى ووافقه شيخنا الشهيد الثاني طاب ثراهما بل جوز الصلاة فيما يعلق بمطلق
اللباس من وبر ما لا يؤكل وشعره وظاهر الذكرى جعل هذا الحديث وما قبله دليلا على ذلك واستدل بهما بعض
الأصحاب على ذلك صريحا وهو كما ترى فان كلا من الدليلين أخص من الدعوى اما الأول فلان شعر الانسان
ليس مما نحن فيه لأنه مما يعم به البلوى لمشقة الاحتراز عنه ولجواز الصلاة فيه متصلا فكذا منفصلا استصحابا للحال

182
كما قال المحقق الشيخ علي أعلى الله قدره واما الثاني فلكونه انما ورد فيما يعلق بما لا يتم فيه الصلاة فتعدية الحكم إلى
سائر اللباس قياس ومع ذلك فالفارق ظاهر لاختصاص ما لا يتم فيه الصلاة بكثير من الاحكام ليست في شئ من سائر
اللباس الثاني جواز الصلاة في تكة من وبر الأرانب وبه قال الشيخ في النهاية وكلامه في التهذيب يعطي تعدية الحكم
إلى كل ما لا يتم فيه الصلاة من التكة وغيرها من الأرانب والثعالب وما إليه المحقق في المعتبر كما مر وقال شيخنا في
الذكرى الأشبه المنع واستثناء ذلك انما ثبت في النجاسة وهي مانع عرضي ثم إنه أجاب عن هذا الحديث أولا بضعف
المكاتبة وثانيا بوروده في قلنسوة عليها وبر فلا يلزم منه جواز الصلاة فيما اتخذ من الوبر انتهى كلامه وفيه ما فيه
للتصريح في الحديث بان التكة من وبر الأرانب فلا تغفل
الثالث تحريم الصلاة فيما لا يتم فيه من الحرير وهو
مذهب الصدوق والمفيد وابن الجنيد والعلامة في المختلف والمنتهى وشيخنا في البيان ولعله الأقوى والصدوق بالغ
في ذلك فمنع من الصلاة في تكة رأسها من إبريسم ويؤيدهم اطلاق المنع من الصلاة في الحرير في الحديث الحادي والعشرين
ويشهد لهم الحديث الخامس والعشرون المتضمن للمنع من الصلاة في كل شئ يخرج من غير مأكول اللحم ويساعدهم
الحديث الثلاثون المتضمن للمنع من الصلاة في ثوب عليه ديباج وذهب الشيخ في النهاية والمبسوط وأبو الصلاح إلى الجواز
وبه قال جماعة من المتأخرين واستدلوا عليه برواية الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال كل شئ لا يتم الصلاة فيه وحده
لا بأس بالصلاة فيه مثل التكة الإبريسم والقلنسوة والخف والزنار يكون في السراويل ويصلي فيه وبان جواز الصلاة
في ذلك مع نجاسته يخرجه عما يعتبر في اللباس فيجوز مع كونه حرير أو بأنه لا يزيد على الكف بالحرير وهو ما يجعل في الذيل
ورؤس الأكمام وهو جايز لما روى أن النبي صلى الله عليه وآله نهى عن الحرير الا موضع إصبع أو إصبعين أو ثلث أو أربع
ولما رواه جراح المدائني عن أبي عبد الله عليه السلام انه كان يكره ان يلبس القميص المكفوف بالديباج والأصل في الكراهة
استعمالها في المعنى المصطلح هذا حاصل ما استدلوا به على الجواز وكان بعض مشايخنا المعاصرين قدس الله
روحه يميل إلى هذا القول ويرجحه ويقول إن قوله عليه السلام لا تحل الصلاة في الحرير المحض مما لا ينفع الخصم ولا يضرنا
لان الحلال في الاصطلاح بمعنى المباح وهو ما يتساوى في نظر الشارع فعله وتركه فهو مقابل المكروه ونحن نقول إن
الصلاة فيما لا يتم فيه من الحرير مكروهة وليست حلالا بالمعنى المصطلح هذا كلامه أعلى الله مقامه وهو كما
ترى فان تخصيص
الحلال بهذا المعنى الذي يقابل فيه من المباح من المصطلحات الأصولية المستحدثة كسائر اصطلاحاتهم ولم يثبت تحققها
في زمانهم عليهم السلام فضلا عن شيوعها بحيث يحمل كلامهم سلام الله عليهم عليها بل نحكم حكما قطعيا لا يشوبه ريب
بأنهم عليهم السلام متى قالوا لا يحل الشئ الفلاني فإنما يعنون انه محرم لا انه مكروه أو مستحب مثلا وهذا مما لا مجال
للتوقف فيه بوجه ثم لا يخفى عليك ما يتطرق من الخدش إلى كل من ذينك الدليلين اللذين استدل بهما أصحاب
هذا القول اما الأول فلضعف الرواية فان في طريقها أحمد بن هلال وقد قال الكشي انه مذموم ملعون والشيخ في
الفهرست انه غال متهم في دينه والعلامة في الخلاصة ان روايته عندي غير مقبولة فرواية مثله لا تصلح لتأسيس أمثال
هذه الأحكام قطعا فان قلت إن أحمد بن هلال روى هذا الخبر عن محمد بن أبي عمير وقد ذكر ابن الغضائري انهم

183
يعتمدون عليه فيما يرويه عنه قلت الذي ذكره ابن الغضائري انما هو اعتمادهم عليه فما يرويه عن ابن أبي
عمير رحمه الله من كتاب نوادره ومن أين لنا ان هذا من ذاك واما الدليل الثاني ففيه ان الخروج بذلك عن كل ما
يعتبر في اللباس ظاهر المنع وعن البعض لا يفيدكم ونحن لا نقول بالقياس على أن الفارق قائم إذ المانع في النجس
عارض وفي الحرير ذاتي كالتكة من جلد الميتة أو غير المأكول وكذلك نقول في الدليل الثالث فإنه في الحقيقة قياس لا
نقول به ومع ذلك فالفارق قائم أيضا فان المقيس عليه قد صار جزء من غيره مما يصح الصلاة فيه والمركب من الشئ وغيره
غير ذلك الشئ والمقيس مستقل بنفسه ملبوس بانفراده وأيضا فمستند جواز الصلاة في المكفوف بالحرير مما لم يثبت
والظاهر من كلام ابن البراج المنع منه والرواية الأولى ليست من طرقنا وانما هي عامية رووها عن عمر بن الخطاب عن النبي
صلى الله عليه وآله كما قاله المحقق في المعتبر فلا تعويل عليها والثانية أيضا ضعيفة رويناها عن القاسم بن سليمان عن جراح
المدائني وكل منهما في كتب الرجال مهمل غير موثق مع أنهما خاليتان عن ذكر الصلاة اثباتا ونفيا وأيضا فان الكراهة
في قول جراح المدائني ان الصادق عليه السلام كان يكره كذا انما يفهم منها بحسب الظاهر النفرة وعدم الرضا لا المعنى الأصولي
المجدد كيف والأغلب في الاخبار استعمال الكراهة بمعنى المرجوحية المطلقة الشاملة للتحريم أو بمعنى التحريم كما هو ظاهر على
التتبع بل قد استعملها هذا الراوي أعني جراح المدائني في ذلك في هذه الرواية نفسها فان الرواية هكذا أحمد بن محمد
البرقي عن أبيه عن النضر بن سويد عن القسم بن سليمان عن الجراح المدائني عن أبي عبد الله عليه السلام انه كان يكره ان
يلبس القميص المكفوف بالديباج ويكره لباس الحرير ولباس الوشي ويكره الميثرة الحمراء فإنها ميثرة إبليس هذا
لفظ الرواية فتأمل فيها وفيما تلوناه من المقال ليظهر عليك حقيقة الحال في هذا الاستدلال والله سبحانه اعلم بحقايق
الأمور وقد دل الحديث الثاني والعشرون على جواز الصلاة في ثوب حشوه قز اي حرير ويؤيده ما رواه الصدوق
من مكاتبة إبراهيم بن مهزيار إلى أبي محمد في الرجل يجعل في جبته بدل القطن قزا هل يصلي فيه فكتب نعم لا بأس به وتفسير
الصدوق رحمه الله القز بقز الماعز لا يخفى بعده وقد ذهب شيخنا في الذكرى إلى جواز الصلاة في ثوب حشوه قز و
منع منه المحقق في المعتبر مستند إلى عموم (النهي) والي ان راوي هذا الحديث أعني الحسين بن سعيد لم يسمعه عن محدث و
انما وجده في كتاب واستضعفه شيخنا في الذكرى بان النهي عن لبس الحرير وكان الحشو ملبوسا خلاف الحقيقة الظاهرة
وبان الراوي أخبر بصيغة الجزم والمكاتبة المجزوم بها في قوة المشافهة مع أن الخاص مقدم على العام وقد
تضمن الحديث الثالث والعشرون جواز افتراش الحرير للرجل وذهب بعض علمائنا إلى المنع منه وربما استدل
بعموم المنع في بعض الروايات من دون تقييد باللباس كما في الرواية التي استدلوا بها على جواز الكف به و
تردد فيه المحقق في المعتبر مستندا إلى عموم تحريمه للرجال وناقشه شيخنا في الذكرى باشتهار حديث الجواز
والخاص مقدم على العام مع أن أكثر الأحاديث يتضمن اللبس وما تضمنه الخامس والعشرون من أن كل شئ حرام اكله
فالصلاة في كل شئ منه فاسدة يعطي بعمومه المنع من الصلاة في جلود الأرانب والثعالب وأوبارها بل في الشعرات
العالقة بالثوب منها ومن سائر ما لا يؤكل سواء كانت له نفس سائلة أم لا وسواء كان قابلا للذكاة أم لا الا ما أخرجه

184
الدليل كالخز وشعر الانسان نفسه والحرير غير المحض وهذا الحديث يدل أيضا على عدم جواز الصلاة في ثوب
اصابه شئ من فضلات غير مأكول اللحم كعرقه ولعابه ولبنه وكذلك إذا أصاب البدن فيستفاد منه عدم صحة صلاة
المتلطخ ثوبه أو بدنه بالزباد مثلا ولا يخفى ان ما يتراءى من التكرار في عبارة هذا الحديث من قوله ان الصلاة في وبر
كل شئ حرام اكله فالصلاة في وبره وشعره إلى اخره وكذا ما يلوح من الحزازة في قوله لا يقبل تلك الصلاة حتى يصلي في غيرها
مما أحل الله اكله يعطي ان لفظ الحديث لابن بكير وانه نقل ما في ذلك الكتاب بالمعنى ويمكن ان يكون هذا التصرف وقع
من بعض برجال السند سوى ابن بكير وكيف كان فالمقصود ظاهر لا سترة فيه وما تضمنه الحديث الثامن والعشرون
من تحريم لبس الذهب للرجال مما لا خلاف فيه وألحقوا به المموه به أيضا وهو غير بعيد انما الخلاف في بطلان الصلاة في
ما لا يتم فيه كالخاتم من الذهب مثلا فقد قوى المحقق في المعتبر عدم البطلان لان النهي ليس عن فعل من أفعال الصلاة ولا
عن شرط من شروطها والعلامة طاب ثراه على البطلان ولا ريب ان القول به أحوط وما تضمنه الحديث التاسع والعشرون
من قوله عليه السلام النساء يلبسن الحرير والديباج الا في الاحرام ربما يستدل باطلاقه واستثناء حال الاحرام فقط على
جواز لبس المرأة الحرير في الصلاة وذهب الصدوق رحمه الله إلى المنع من صلاتها فيه مستدلا بان النهي عن الصلاة
في الحرير مطلق فيتناول المرأة باطلاقه ويساعده اطلاق قوله عليه السلام في الحديث العشرين والحادي والعشرين لا تحل
الصلاة في الحرير المحض وكذلك اطلاق ما تضمنه الحديث (؟) والعشرون من المنع من الصلاة في كل ما حصل من غير
المأكول ويشهد له بعض الروايات الغير النقية السند أيضا كما رواه زرارة قال سمعت أبا جعفر عليه السلام (؟) عن لباس
الحرير للرجال والنساء الا ما كان من حرير مخلوط بخز لحمته أو سداه خز أو كتان أو قطن وانما يكره الحرير المحض للرجال
والنساء وهذا الحديث وان كان ظاهره النهي عن مطلق اللبس لكن لما انعقد الاجماع على جواز لبسهن له في غير الصلاة
حمل النهي على حال الصلاة ولا يراد بالكراهة في قوله عليه السلام وانما يكره إلى اخره معناها المتعارف ولا الحرمة في الرجال
والكراهة في النساء للزومه استعمال اللفظ المشترك في معنييه أو في الحقيقة والمجاز فتعين ان يراد بها التحريم و
أجاب العلامة في المختلف عن استدلاله الأول بالمنع من عموم النهي وعن التمسك بالحديث الحادي والعشرين بان ظاهر النهي
فيه انصرافه إلى الرجال لأنه جواب عن الصلاة في القلنسوة التي هي من ملابس الرجال وعن رواية زرارة بضعف
طريقها مع أنه يجوز ان يراد بالكراهة التحريم في حق الرجال والكراهة في حق النساء ويكون الاستعمال على سبيل المجاز
هذا كلامه قدس الله روحه وللكلام فيه مجال وكيف كان فالأولى اجتناب النساء للحرير حال الصلاة وقال
العلامة في المنتهى انه في هذه المسألة من المتوقفين وهو في محله وما تضمنه الحديث الثلاثون من منعه عليه السلام
من الصلاة في ثوب علمه ديباج يمكن حمله على الكراهة أو على ديباج منسوج بالذهب والله سبحانه اعلم بحقايق احكامه
الفصل الرابع في نبذ متفرقة من مسنونات اللباس ومكروهاته وما يلحق بذلك اثنان وعشرون حديثا
أ من الصحاح سليمان بن خالد قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أم قوما في قميص ليس عليه رداء قال لا ينبغي
ان لا يكون عليه رداء أو عمامة يرتدي بها ب زرارة عن أبي جعفر عليه السلام (قال) أدنى ما يجزيك ان تصلي فيه بقدر

185
ما يكون على منكبيك مثل جناحي الخطاف ج محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا لبس السراويل جعل
على عاتقه شيئا ولو حبلا د عبد الله ابن سنان قال سئل أبو عبد الله عليه السلام عن رجل ليس معه الا سراويل فقال يحل
التكة منه فيضعها على عاتقه ويصلي وان كان معه سيف وليس معه ثوب فليتقلد السيف ويصلي قائما ه‍ عبد
الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا صليت فصل في نعليك إذا كانت طاهرة فإنه يقال إن ذلك من السنة و
معاوية بن عمار قال رأيت أبا عبد الله عليه السلام يصلي في نعليه غير مرة ولم أره ينزعها قط ز موسى بن القاسم البجلي قال
رأيت أبا جعفر الثاني عليه السلام يصلي في قميص قد اتزر فوقه بمنديل وهو يصلي ح محمد بن إسماعيل بن بزيع انه سأل
الرضا عليه السلام عن الثوب المعلم فكره ما فيه التماثيل ط محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال لا باس ان يكون
التماثيل في الثوب إذا غيرت الصورة منه ى العيص بن القاسم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلي في ثوب
امرأته في إزارها ويتعمم بخمارها قال نعم إذا كانت مأمونة يا محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت له أيصلي
الرجل وهو متلثم فقال اما على الأرض فلا واما على الدابة فلا بأس يب علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام
قال سألته عن الرجل والمرأة يختضبان أيصليان وهما بالحناء والوسمة قال إذا برز الفم والمنخر فلا بأس يج محمد بن مسلم
عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته عن الرجل يصلي ولا يخرج يديه من ثوبه فقال إن اخرج يديه فحسن وان لم يخرج
فلا بأس يد حماد بن عثمان قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الدراهم السود فيها التماثيل أيصلي الرجل وهي معه
فقال لا بأس بذلك إذا كانت مواراة يه من الحسان ابن أبي عمير عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام قال من اعتم ولم
يدر العمامة تحت حنكه فأصابه داء لا دواء له فلا يلومن الا نفسه يو زرارة قال قال أبو جعفر عليه السلام وإياك
والتحاف الصماء قلت وما التحاف الصماء قال إن تدخل الثوب من تحت جناحك فتجعله على منكب واحد يز حماد بن عيسى
قال كتب الحسن بن يقطين إلى العبد الصالح عليه السلام هل يصلى الرجل الصلاة وعليه ازار متوشح به فوق القميص
فكتب نعم يح من الموثقات عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام قال من خرج في سفر ولم يدر العمامة تحت حنكه
فأصابه ألم لا دواء له فلا يلومن الا نفسه يط حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام قال تكره الصلاة في الثوب المصبوغ المشبع
المفدم ك عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يصلي وعليه خاتم حديد قال لا ولا يتختم الرجل به فإنه
من لباس أهل النار وعن الثوب يكون في علمه مثال طير أو غير ذلك أيصلي فيه قال لا وعن الرجل يلبس الخاتم فيه نقش
مثال الطير أو غير ذلك قال لا يجوز الصلاة فيه كا عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الرجل
يصلي فيدخل يديه في ثوبه قال إن كان عليه ثوب اخر ازار أو سراويل فلا بأس وان لم يكن فلا يجوز له ذلك
وان ادخل
يدا واحدة ولم يدخل الأخرى فلا بأس كب غياث بن إبراهيم عن أبي جعفر عليه السلام عن أبيه عن علي عليه السلام
قال لا تصلي المرأة عطلا أقول الرداء الثوب الذي يجعل على المنكبين وفسره في القاموس بالملحفة و
قد استفادوا من الحديث الأول كراهة الإمامة بغير رداء ومن الحديث الثاني والثالث والرابع استحباب الرداء أو ما قام
مقامه للمصلي منفردا أيضا والخطاف طائر معروف وقد دل الحديث الخامس والسادس على استحباب الصلاة في النعل

186
وربما يستشكل في ظاهر قوله عليه السلام فإنه يقال إن ذلك من السنة فان هذا الكلام ربما يعطي التردد في كون
ذلك من السنة وهم صلوات الله عليهم متنزهون عن شوائب التردد في الاحكام ولعل الغرض من قوله عليه السلام يقال
اي انا أقول ذلك وهنا وجه اخر وهو ان عبد الرحمن بن أبي عبد الله لما كان من أجلاء الثقات المعروفين بكثرة الرواية
عن الصادق عليه السلام كان مظنة ان يقتدي به أصحابه من الامامية رضوان الله عليهم في أعماله تنزيلا لما يفعله منزلة
ما يرويه فيمكن ان يكون غرضه عليه السلام انك إذا صليت في نعليك ورآك الناس تصلي فيهما قالوا إن ذلك من السنة
وسلكوا على منوالك من الصلاة في نعالهم وقوله عليه السلام إذا كانت طاهرة يدل على أن استحباب الصلاة فيهما
إذا كانا نجسين صحيحة أيضا لكونهما مما لا يتم الصلاة فيه الصلاة وحده ويجب ايصال رأسي الابهامين إلى الأرض ليسجد
عليهما ولا يكفي وصول طرف النعل وما تضمنه الحديث السابع من صلاة الجواد عليه السلام مؤتزرا بمنديل فوق
القميص يعطي عدم كراهة ذلك وفي كثير من كتب الفروع عدوه من المكروهات وقال المحقق في المعتبر الوجه ان التوشح
فوق القميص مكروه واما شد الميزر فوقه فليس بمكروه انتهى وقد دل الحديث الثامن والحديث العشرون على كراهة
الصلاة في ثوب فيه تماثيل وابن إدريس خص التماثيل بصور الحيوان وقال الشيخ في المبسوط بعدم جواز الصلاة في الثوب
إذا كان فيه تمثال أو صورة وقد دل الحديث التاسع على زوال الكراهة أو التحريم إذا غيرت الصورة والظاهر أن أدنى تغير
كاف في ذلك والضمير في قوله عليه السلام منه يعود إلى الثوب أو إلى التمثال في ضمن التماثيل [؟] يستفاد من الحديث
الرابع عشر خفة الكراهة بمواراة التماثيل بل زوالها رأسا وقد دل الحديث العاشر على كراهة الصلاة في ثوب
المتهم بعدم التوقي من النجاسة وقد مر في الحديث السادس من الفصل الثاني ما يدل على ذلك أيضا وربما
الحق بذلك ثوب من لا يتوقى الغصب في ملابسه وهو غير بعيد لقوله صلى الله عليه وآله دع ما يريبك إلى مالا
يريبك وما تضمنه الحديث الحادي عشر من التفصيل في اللثام غير مشهور بين الأصحاب والمشهور كراهته مطلقا للراكب وغيره
وفي بعض الأخبار دلالة على ذلك ولعل الكراهة حال الركوب أخف هذا إذا لم يمنع شيئا من القراءة أما إذا منع فيحرم
ولعل في قوله عليه السلام في الحديث الثاني عشر إذا برز الفم والمنخر فلا بأس تنبيها عليه وما تضمنه الحديث الثالث
عشر من قوله عليه السلام ان اخرج يديه فحسن وان لم يخرج فلا بأس يدل بظاهره على التخيير في ذلك وان كان
ظاهره يعطي أفضلية اخراج اليدين كما فهمه العلامة طاب ثراه في المنتهى وما في الحديث الحادي والعشرين من عدم
جواز ادخال اليدين لمن ليس عليه الا ثوب واحد محمول على الكراهة وما تضمنه الحديث الرابع عشر من كراهة الصلاة
ومعه دراهم سود فيها تماثيل مشهور بين الأصحاب وفي رواية عبد الرحمن بن الحجاج انه سال الصادق عليه السلام عن الدراهم
السود تكون مع الرجل وهو يصلي وهي مربوطة أو غير مربوطة فقال ما أشتهي ان أصلي ومعي هذه الدراهم التي فيها التماثل
ثم قال عليه السلام ما للناس بد من حفظ بصناعتهم فان صلى وهي معه فلتكن من خلفه ولا يجعل شيئا منها بين
يديه وبين القبلة وما تضمنه الحديث الخامس عشر والثامن عشر من استحباب التحنك وسيما لمن خرج إلى سفر مما لا
خلاف فيه وروى الصدوق رحمه الله فيمن لا يحضره الفقيه عن الصادق عليه السلام أنه قال (اني) لا عجب ممن يأخذ في حاجة

187
وهو على وضوء كيف لا تقضي حاجته واني لأعجب ممن يأخذ في حاجة وهو معتم تحت حنكه كيف لا تقضي حاجته و
روى العامة أيضا عن النبي صلى عليه وآله انه امر بالتلحي ونهى عن الاقتعاط والتلحي تطويق العمامة تحت الحنك و
الاقتعاط ترك ذلك قال في الصحاح الاقتعاط شد العمامة على الرأس من غير إدارة تحت الحنك ثم قال وفي الحديث
انه صلى الله عليه وآله نهى عن الاقتعاط وامر بالتلحي انتهى ثم الذي يدل عليه الأحاديث ويقتضيه كلام أهل اللغة
هو ان التحنك إدارة شئ من العمامة تحت الحنك اما طرفها أو وسطها وهو يقتضي عدم تأدي السنة بإدارة ما ليس من
العمامة وقد توقف في ذلك شيخنا في الذكرى ورجح بعض الأصحاب عدم تأدي السنة بذلك وهو حسن لمخالفته
المنقول شرعا ولغة ثم الذي يظهر من عبارات الأصحاب في كتب الفروع كون التحنك من مستحبات الصلاة وان تركه
من مكروهاتها والذي يستفاد من هذا الحديث عن أئمتنا عليه السلام ان التحنك مستحب في نفسه لكل من لبس العمامة
سواء صلى أو لم يصل ولم نظفر في شئ من الأحاديث بما يدل على استحبابه لأجل الصلاة ومن ثم قال شيخنا في الذكرى استحباب التحنك
عام وقال العلامة في المنتهى بعدما نقل الأحاديث الدالة على أن التحنك سنة في نفسه ظهر بهذه الأحاديث استحباب
التحنك مطلقا سواء كان في الصلاة أو في غيرها انتهى وكلام الشيخ في التهذيب مشعر بأنه قدس الله روحه لم يطلع في
الأحاديث على ما يدل على استحباب التحنك للصلاة وكراهة الصلاة بغير حنك فإنه لما نقل قول المفيد طاب ثراه في
في المقنعة ويكره ان يصلي الانسان بعمامة لا حنك لها لم ينقل في الاستدلال على ذلك على ما ينطبق على المدعى
صريحا بل انما نقل حديثين دالين على استحباب التحنك في نفسه أحدهما حديث ابن أبي عمير وهو الحديث الخامس عشر
وثانيهما ما رواه عيسى بن حمزة عن أبي عبد الله عليه السلام قال من اعتم ولم يدر العمامة تحت حنكه فأصابه ألم لا دواء
له فلا يلومن الا نفسه ومعلوم انه رحمه الله لو اطلع في هذا الباب على حديث يتضمن استحباب التحنك للصلاة لاستدل
به والحاصل ان الأحاديث خالية عما يدل على ذلك ولعل حكمهم في كتب الفروع بذلك مأخوذ من فتاوى الشيخ
الجليل عضد الاسلام أبي الحسن علي بن بابويه قدس الله روحه فان الأصحاب كانوا يتمسكون بما يجدونه في كلامه
عند اعواز النصوص وينزلون ما يفتي به منزلة ما يرويه كما قاله شيخنا طاب ثراه في أوائل الذكرى فلا يبعد ان يكون
هذا من ذلك القبيل ثم ما اشتهر بين المتأخرين حتى نقل بعضهم الاتفاق عليه وبما تلوناه عليك يظهر ان الأولى
المواظبة على التحنك في جميع الأوقات وان يستديمه الانسان في حال الصلوات ولا يصلي بدونه ومن لم يكن متحنكا و
أراد يصلي بحنك فالأولى له ان يقصد عند التحنك انه مستحب في نفسه ثم يصلي فيه لا انه مستحب لأجل الصلاة كالرداء
مثلا والله أعلم بحقايق الأمور وما تضمنه الحديث السادس عشر من النهي عن التحاف الصماء مشهور بين الخاصة والعامة و
قد وقع الاختلاف في تفسيره فالذي ذكره الشيخ طاب ثراه في المبسوط والنهاية هو ان يلتحف بالإزار ويدخل طرفيه
تحت يديه ويجمعهما على منكب واحد واستدل العلامة في المنتهى على تفسير الشيخ بهذا الحديث وهو يعطي انه فهم من الجناح
في الحديث اليدين معا وفي الصحاح اشتمال الصماء ان تجلل جسدك بثوبك نحو شملة الاعراب بأكسيتهم وهو ان يرد الكساء
من قبل يمينه على يده اليسرى وعاتقه الأيسر ثم يرده ثانية من خلفه على يده اليمنى وعاتقه الأيمن فيعطيهما جميعا انتهى

188
وعن أبي عبد الله عليه السلام ان اشتمال الصماء عند العرب ان يشمل الرجل بثوب يجلل به جسده كله ولا يرفع منه جانبا يخرج
منه يده قال بعض اللغويين وانما قيل صماء لأنه إذا اشتمل به سد على يديه ورجليه المنافذ كلها كالصخرة الصماء و
قال بعضهم انما كان غير مرغوب فيه لأنه إذا سد على يديه المنافذ فلعله يصيبه شئ يريد الاحتراس منه فلا يقدر
عليه وقال أبو عبيد ان الفقهاء يقولون إن اشتماله الصماء هو ان يشتمل بثوب واحد ليس عليه غيره ثم يرفعه من أحد جانبيه
فيضعه على منكبه فيبدو فرجة وفسره صاحب القاموس بتفسيرين أحدهما هذا والاخر ما ذكره صاحب الصحاح
والمعتمد ما دل عليه الحديث وما تضمنه الحديث السابع عشر من جواز صلاة المتوشح بالإزار فوق القميص لا ينافي
ما رواه أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا ينبغي ان يتوشح بإزار فوق القميص إذا أنت صليت فإنه من زي الجاهلية
إذ لا منافاة بين الكراهة والجواز وما تضمنه الحديث التاسع عشر من كراهة الصلاة في الثوب المصبوغ المشبع المفدم
هو بالفاء الساكنة والبناء للمفعول اي الشديد الحمرة كذا فسره المحقق في المعتبر والعلامة في المنتهى وربما يقال إنه
مطلق الشديد اللون سواء كان حمرة أو غيره واليه ينظر كلام المبسوط فيكره الصلاة في مطلق الثوب الشديد اللون
وهو مختار أبي الصلاح وابن الجنيد وابن إدريس ومال إليه شيخنا في الذكرى وقال إن كثيرا من الأصحاب اقتصروا على
على السواد في الكراهة ونقل عن العلامة القول بعدم كراهة شئ من الألوان حتى السواد والمعصفر والمزعفر والمشبع بالحمرة
وما نقله عنه هو كلامه طاب ثراه في التذكرة اما الألوان الضعيفة فالمستفاد من كلام الأصحاب رحمهم الله عدم
كراهتها مطلقا ولا يبعد استثناء السواد منها فيحكم بكراهته وان كان ضعيفا لاطلاق الأخبار الواردة فيه وقد
استثنوا من السواد الخف والعمامة والكساء لما رواه في الكافي عن الصادق عليه السلام من استثناء هذه الثلاثة من السواد
المكروه ولا يلحق القلنسوة بالعمامة لما رواه في الكافي أيضا عنه عليه السلام من النهي عن الصلاة في القلنسوة السوداء
لأنها لباس أهل النار وقد تضمن الحديث العشرون أحكاما أربعة الأول المنع من الصلاة في الخاتم الحديد الثاني
المنع من التختم به مطلقا في الصلاة وغيرها وهما محمولان على الكراهة وكذا ما تضمنه رواية موسى بن أكيل النميري
عن الصادق عليه السلام من تحريم لبس مطلق الحديد للرجل والصلاة فيه واستثناء السكين والمنطقة للمسافر عند الضرورة والمفتاح
إذا خاف ضياعه واله السلاح في الحرب وفي اخرها انه نجس ممسوخ وذكر المحقق في المعتبر ان ما ورد من تنجيس الحديد
محمول على كراهة استصحابه فان النجاسة قد تطلق على ما يستحب تجنبه والا فهو ليس بنجس باتفاق الطوائف انتهى و
بعضهم قيد الحديد الذي يكره استصحابه في الصلاة بالبارز دون المستور لما روى من أن الحديد إذا كان في غلاف
فلا باس به الثالث والرابع المنع من الصلاة في ثوب أو خاتم فيه تمثال وهو محمول على الكراهة أيضا ويظهر من كلام الشيخ
وابن البراج التحريم عملا بظاهر الحديث وباقي الأصحاب على خلافهما وما تضمنه الحديث الثاني والعشرون من النهي عن صلاة المرأة عطلا محمول على الكراهة
وهي بضم العين المهملة والطاء والتنوين والمراد خلو جيدها عن القلائد كما قاله شيخنا في الذكرى والله أعلم
المقصد السادس في القبلة وفيه فصلان الفصل الأول في وجوب استقبال القبلة في الصلاة
والاجتهاد فيها بقدر الامكان أربعة أحاديث أ من الصحاح زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال لا صلاة الا

189
إلى القبلة قلت له أين حد القبلة قال ما بين المشرق والمغرب قبلة كله ب زرارة قال قال أبو جعفر عليه
السلام يجزي التحري إذا لم يعلم أين وجه القبلة ج من الحسان زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا استقبلت القبلة
بوجهك فلا تقلب وجهك عن القبلة فيفسد صلاتك فان الله تعالى قال لنبيه فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا
وجوهكم شطره د من الموثقات سماعة قال سألته عن الصلاة بالليل والنهار إذا لم ير الشمس ولا القمر ولا النجوم قال
تجتهد رأيك وتعمد القبلة جهدك
أقول القبلة في اللغة هي الحالة التي عليها الانسان حال استقبال
الشئ ثم نقلت في العرف إلى ما يجب على المكلف استقبال عينه أو جهته في الصلاة المفروضة وذلك عند التحقيق
هو الفضاء الواقع فيه البيت شرفه الله تعالى الممتد منه إلى السماء فيجب على القريب القادر على مشاهدة الكعبة ومن
بحكمه التوجه إلى عين هذا الفضاء وعلى البعيد التوجه إلى جهته وقد ورد في بعض الروايات التي لا يخلو من اعتبار
التنبيه على أن ذلك الفضاء الممتد إلى السماء هو القبلة كما رواه الشيخ في آخر باب الزيادات من كتاب الصلاة من التهذيب
عن عبد الله ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال سأله رجل قال صليت فوق أبي قبيس العصر فهل يجزيني ذلك والكعبة
تحتي قال نعم انها قبلة من موضعها إلى السماء وهذه الرواية وان كانت مما رواه الشيخ رحمه الله عن علي بن الحسن الطاطري
وهو من أكابر الواقفية الا ان الأصحاب قالوا إنه كان ثقة في حديثه وقد روى الشيخ في باب القبلة عنه روايات
كثيرة والظاهر أنه قدس الله روحه نقل هذه الروايات من كتابه الذي الفه في القبلة وقد شهد له في الفهرست بأنه
روى ذلك الكتاب مع سائر كتبه في الفقه عن الرجال الموثوق بهم وبروايتهم ومن ثم قلنا إن هذه الرواية لا يخلو من اعتبار
والحاصل ان نفس البناء ليس هو القبلة فلو فرض نقل البيت شرفه الله تعالى إلى مكان آخر لم تصح الصلاة إليه إذ ليس المعتبر
البناء بل الفضاء المشغول بذلك البناء النازل في تخوم الأرض الصاعد إلى عنان السماء ولهذا صحت صلاة من نزل في
بئر زمزم مثلا إذا تمكن من السجود كما صحت صلاة من صعد إلى أبي قبيس وقد يطلق على ذلك الفضاء اسم الكعبة فيقال لهذين
مثلا انهما مستقبلان للكعبة وربما يطلقون عليه اسم الجهة فيقولون لو زال البيت والعياذ بالله وجب استقبال
جهته لبقاء القبلة حقيقة وما ذكرناه من أن قبلة القريب هي عين الكعبة وقبلة البعيد جهتها هو قول السيد المرتضى
وابن الجنيد وأبي الصلاح وابن إدريس والعلامة وجمهور المتأخرين اما ان الواجب على القريب استقبال عين الكعبة فقد نقل
المحقق الاجماع عليه ويحصل ذلك اما بمشاهدتها أو بنصب علامة تؤدي إلى العين واما ان الواجب على البعيد استقبال
جهة الكعبة فيدل عليه الاخبار كما رواه علي بن إبراهيم باسناده إلى الصادق عليه السلام ان النبي صلى الله عليه وآله صلى
بمكة إلى بيت المقدس ثلث عشرة سنة وبعد هجرته صلى بالمدينة إليه سبعة أشهر ثم وجهه الله إلى الكعبة وروى
مثله الصدوق في الفقيه وعن أبي بصير عن أحدهما عليهما السلام قال إن بني عبد الأشهل أتوهم وهم في الصلاة وقد
صلوا ركعتين إلى بيت المقدس فقيل لهم ان نبيكم قد صرف إلى الكعبة فتحول النساء مكان الرجال والرجال مكان النساء
وجعلوا الركعتين الباقيتين إلى الكعبة فصلوا صلاة واحدة إلى قبلتين فلذلك سمى مسجدهم مسجد القبلتين و
ذهب الشيخان وجمهور القدماء إلى أن الكعبة قبلة من في المسجد والمسجد قبلة من في الحرم والحرم قبلة من هو خارج

190
عنه ونقل الشيخ على ذلك اجماع الفرقة وقد ورد به اخبار غير نقية السند كما رواه أبو الوليد الجعفي قال سمعت
جعفر بن محمد عليه السلام يقول البيت قبلة لأهل المسجد والمسجد قبلة لأهل الحرم والحرم قبلة للناس جميعا والمستفاد
من كلام المتأخرين ان أصحاب هذا القول يجعلون نفس الحرم قبلة لكل من خرج عنه سواء كان قريبا منه أو بعيدا عنه
ولا يقولون إن قبلة البعيد جهة الحرم كما يقوله المتأخرون في جهة الكعبة ولذلك أوردوا عليهم لزوم الحكم ببطلان صلاة
بعض الصف الطويل الزائد طوله عن طول الحرم وقد حاول شيخنا في الذكرى التوفيق بين الرأيين بان ذكر المسجد و
الحرم لعله إشارة إلى الجهة فيرتفع الخلاف هذا كلامه ولا بأس به وقوله عليه السلام في الحديث الأول في جواب سؤال
زرارة عن حد القبلة ما بين المشرق والمغرب قبلة كله لعل المراد بيان السمت الذي تصح الصلاة إليه في الجهة وتبطل
بالخروج عنه فان قول زرارة أين حد القبلة سؤال عن نهاية ذلك السمت فان حد الشئ منتهاه فاجابه عليه السلام بما
يدل على أنه ينتهي من الجانبين بالمشرق والمغرب والظاهر أن الغرض بيان ما ينتهي إليه سمت قبلة أهل العراق فان عامة ما
روى عنهم عليهم السلام في هذا الباب انما هو في بيان قبلتهم كما نص عليه الأصحاب وقد يستدل بهذا الحديث على أن
من ظهر له بعد الصلاة الانحراف عن القبلة فان كانت صلاته إلى ما بين المشرق والمغرب صحت ولا تجب عليه الإعادة
لا في الوقت ولا في خارجه وستسمع الكلام في ذلك في الفصل الثاني انشاء الله تعالى وقوله عليه السلام في الحديث الثاني
يجزى التحري ابدا يراد به التفحص وبذل الجهد في تحصيل ما يترجح كونه جهة القبلة ويستفاد من الحديث الثالث ان
إدارة الوجه وحده عن القبلة مبطل للصلاة كما حكاه شيخنا في الذكرى عن بعض مشايخه المعاصرين له والمشهور عدم
البطلان بمجرد ذلك وفي بعض الروايات المعتبرة دلالة عليه وستسمع الكلام فيه فيما بعد انشاء الله تعالى والفعل في قوله
عليه السلام في الحديث الرابع وتعمد القبلة جهدك مضارع معطوف على تجتهد واحدى التاءين محذوفة وربما جعل
فعل امر وقد تضمن هذا الحديث وجوب الاجتهاد في تحصيل جهة القبلة على كل من لم يكن عالما بها وقد اختلف كلام
المتأخرين في تعريف الجهة التي يجب على البعيد تحصيلها واستقبالها مع اتفاقهم على أنها هي التي إذا عمل المكلف بما
يقتضيه الامارات كان مستقبلا لها لكن لما كان هذا القدر غير كاف في شرح حقيقة الجهة أرادوا ان يذكروا ما يكشف عن
ماهيتها ويبين حقيقتها في الجملة فعرفها العلامة طاب ثراه في المنتهى بالسمت الذي فيه الكعبة وربما فسر السمت هنا
بامتداد معترض في جانب من جوانب الأفق والمراد بكون الكعبة فيه مرورها بها قطعا أو ظنا وعرفها شيخنا قدس
الله روحه في الذكرى بالسمت الذي يظن كون الكعبة فيه وظني انه لو لم يقيد بالظن وأطلق كما فعل العلامة ليشمل
القطع والظن معا لكان أولى وعرفها شيخنا المحقق الشيخ علي أعلى الله قدره في شرح القواعد بالمقدار الذي شأن
البعيد ان يجوز على كل بعض منه ان يكون هو الكعبة بحيث يقطع بعدم خروجها عن مجموعه واعترض رحمه الله على
تعريف الذكرى بان ظن كون الكعبة فيه غير شرط وحمل السمت على ما يسامته المصلي ويحاذيه عند توجهه إليه
وهو كما ترى وعرفها شيخنا الشهيد الثاني نور الله مرقده في شرح الشرائع بالقدر الذي يجوز على كل جزء منه كون
الكعبة فيه ويقطع بعدم خروجها عنه لامارة يجوز التعويل عليها شرعا قال رحمه الله واحترز بالقيد الأخير عن فاقد

191
الامارات بحيث يكون فرضه الصلاة إلى أربع جهات فإنه يجوز على كل جزء من الجهات الأربع كون الكعبة فيه ويقطع
بعدم خروجها عنه لكن لا لامارة شرعية هذا كلامه وظني انه لو ضم إلى تعريف المنتهى بحيث يجوز كونها في كل جزء
منه لكان أحسن هذه التعريفات ولعل هذه الزيادة تفهم بأدنى عناية وانما احتيج إليها لأنه لولاها لصدق التعريف
على سمت يقطع أو يظن خروج الكعبة عن بعضه هذا وقد ذكر الأصحاب رحمهم الله في كتب الفروع لاستعلام الجهة
في بعض البلاد علامات كلها مستفادة من علم الهيئة الا علامة واحدة لأهل العراق أعني عراق العرب فقد
رواها محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال سألته عن القبلة فقال ضع الجدي في قفاك وصل وهذه الرواية
وان كان راويها علي بن الحسن الطاطري الا ان الظاهر أن الشيخ رحمه الله نقلها من كتابه في القبلة وهو لا يخلو من اعتبار
كما عرفت وهي وان لم يكن فيها تصريح بقبلة أهل العراق الا ان السائل وهو محمد بن مسلم لما كان عراقيا حملها الأصحاب
على أن سؤاله عن قبلة بلاده وهنا رواية أخرى رواها الصدوق في الفقيه مرسلة ان رجلا قال للصادق عليه السلام اني
أكون في السفر ولا اهتدي للقبلة فقال له أتعرف الكوكب الذي يقال له الجدي قال نعم قال اجعله على عينك وإذا
كنت في طريق الحج فاجعله بين الكتفين وهذه الرواية مع ما هي عليه من الارسال أكثر اجمالا من السابقة فان السائل
فيها غير معلوم لتحمل على قبلة بلده وأيضا فسؤاله عن القبلة في السفر لا في البلد لكن لما كان جعل الجدي على اليمين مما
يناسب المواضع الشرقية عن مكة شرفها الله تعالى كالعراق وما ولاها ذكرها بعض علمائنا في علامات قبلتهم
فهاتان الروايتان هما ما وصل إلينا في علامة القبلة ولم يتضمن أصولنا الأربعة التي عليها المدار في هذه الاعصار
سواهما واما العلامات المذكورة في كتب الفروع فكلها كما قلنا الا ما ندر مأخوذ من علم الهيئة بان استخرجوا
سمت القبلة بالطرق المقررة ثم وضعوا تلك العلامات ذريعة إلى إصابة المكلف ذلك السمت والعلامات كثيرة فمنها
لأهل المشرق كعراق العرب وما والاها أربع علامات جعل الجدي على المنكب الأيمن والشمس عند الزوال على طرف الجانب
الأيمن والشمس عند الزوال مما يلي الانف والمغرب والمشرق الاعتدالين على اليمين واليسار والقمر ليلة السابع
من كل شهر عند غروب الشمس بين العينين وكذا ليلة إحدى وعشرين عند طلوع الفجر ومنها لأهل الشام أربع أيضا جعل
الجدي خلف الكتف اليسرى وسهيل عند طلوعه بين العينين وعند غروبه على العين اليمنى وبنات النعش عند غيبوبتها
خلف الاذن اليمنى ومنها لأهل اليمن علامتان جعل الجدي بين العينين وسهيل عند غيبوبته بين الكتفين ومنها لأهل
المغرب علامتان جعل الجدي على الخد الأيسر والثريا والعيوق على اليمين واليسار ثم لا يخفى ان بين العلامة الأولى
لأهل العراق وعلاماتهم الباقية تدافعا فان الأولى يقتضي انحرافهم عن نقطة الجنوب إلى صوب المغرب والعلامات
الثلث الاخر يقتضي استقبالهم نقطة الجنوب وجماعة من متأخري علمائنا قدس الله أرواحهم كشيخنا المحقق الشيخ علي
أعلى الله قدره قسموا العراق ثلاثة أقسام وجعلوا العلامة الأولى لأواسط العراق كبغداد والعلامات الباقية لأطرافه
الغربية كالموصل واما أطرافه الشرقية كالبصرة فيحتاج إلى زيادة تقريب فلذلك حكموا بأن علامتها جعل الجدي على
الخد الأيمن وهذا التقسيم هو الموافق لقواعد الهيئة فان طول بغداد على ما ذكره سلطان المحققين نصير الملة والدين

192
قدس الله روحه يزيد على طول مكة شرفها الله تعالى بثلث درج فقبلتها منحرفة يسيرا عن نقطة الجنوب إلى المغرب
لا محالة والموصل يساوي طولها طول مكة فقبلتها نقطة الجنوب لاتحاد دايرة نصف نهارهما واما البصرة فيزيد طولها
على طول مكة بسبع درجات ففي قبلتها زيادة انحراف إلى المغرب عن قبلة بغداد فجعلوا علامتها وضع الجدي على الخد
الأيمن واعلم أن شيخنا في البيان قيد العلامة الثالثة لأهل العراق أعني جعل المغرب والمشرق على اليمين واليسار
بالمشرق والمغرب الاعتداليين وتبعه على ذلك صاحب التنقيح وشيخنا المحقق الشيخ علي أعلى الله قدره حتى أنه قيد عبارة
العلامة في القواعد بذلك ووافقهم شيخنا الشهيد الثاني في هذا التقييد والباعث لهم على ذلك انهم رأوا
مشارق الشمس ومغاربها مختلفة جدا باختلاف الفصول إذ البعد بين نهايتي كل منهما يقرب من ثمانية وأربعين درجة
ضعف الميل الكلي وذلك يقتضي جواز انحراف أهل الموصل مثلا عن نقطة الجنوب في جانبي المشرق والمغرب بهذا المقدار
وهو يستلزم اختلافا فاحشا في جهة واحدة فلذلك قيدوا المشرق والمغرب بالاعتداليين ليزول هذا الاختلاف و
تنضبط الجهة ولم يرتض والدي قدس الله روحه هذا التقييد وذهب إلى أنه مخل قال طاب ثراه في شرحه على الرسالة
اطلاق القوم المشرق والمغرب لا قصور فيه وتقييد هؤلاء المشايخ نور الله مراقدهم غير محتاج إليه بل هو مقلل
للفائدة وما ظنوه من أن الاطلاق مقتضي للاختلاف الفاحش في الجهة ليس كذلك لان مراد القدماء ان العراقي يجعله
مغرب اي يوم اتفق على يمينه ومشرق ذلك اليوم بعينه على يساره وهذا لا يقتضي شيئا من الاختلاف الذي زعموه
وهو عام النفع في كل الأوقات لكل المكلفين بخلاف القيد الذي ذكروه فإنه يقتضي ان لا يكون العلامة المذكورة
موضوعة الا لآحاد الناس القادرين على استخراج خط الاعتدال ومع ذلك فليس أضبط مما ذكر؟؟ تدقيق تام لان
استخراجه بالدائرة الهندية ونحوها تقريبي لابتنائه على موازاة مدارات الشمس للمعدل وهذا التقريب قريب مما
ذكرناه كما لا يخفى فأي داع إلى تقييد عبارات المتقدمين بما تقل معه الفائدة ويعسر على أكثر المكلفين ضبطه انتهى
كلامه أعلى الله مقامه وهو كلام جيد متين فهذه نبذة من العلامات الدائرة على السنة الفقهاء رضوان
الله عليهم وأكثرها مستنبط مما دلت عليه قواعد علم الهيئة فان المدار في تعيين سمت القبلة في البلاد البعيدة
على ما يقتضيه قواعد ذلك العلم فان قلت جواز التعويل في القبلة على قواعد علم الهيئة مشكل جدا لابتنائها على
كروية الأرض وما ذكروه في اثبات كرويتها لا يثمر ظنا بذلك فضلا عن القطع مع أن الفقهاء وسائر أهل الشرع
لا يوافقونهم على كرويتها بل ينكرونها والآيات الكريمة أعني قوله تعالى الذي جعل لكم الأرض فراشا وقوله جل وعلا
ألم نجعل الأرض مهادا وقوله عز شأنه وإلى الأرض كيف سطحت تدل على عدم كرويتها بل ينبغي القطع بعدم جواز
التعويل على كلام علماء الهيئة في باب القبلة وغيرها لان شيئا من كلامهم لا يفيدنا علما ولا ظنا إذ لا وثوق لنا
باسلامهم فضلا عن عدالتهم فكيف يحصل لنا علم أو ظن بصحة ما يلقونه إلينا من قواعدهم وكيف يجوز لنا التعويل على كلامهم قبل
ثبوت مضمونه لدينا شرعا قلت اما ما ذكرت من ابتناء بعض قواعدهم على كروية الأرض فحق واما قولك ان ما ذكروه
في اثبات كرويتها لا يثمر ظنا فخلاف الواقع إذ إفادة الدليل؟؟ المفصلة في محالها الظن بكروية الأرض مما لا

193
مجال للريب فيه وان كان كل من تلك الاثبات؟ بانفراده غير ناهض بذلك لكن يحصل من مجموعها ظن غالب لا يمتري
فيه من له أدنى حدس نعم الدليل اللمي المذكور في الطبيعي غير ناهض بذلك لابتنائه على أن الواحد لا يصدر
عنه الا واحد فلا تعويل عليه واما ما ذكرت من أن أهل الشرع ينكرون كرويتها فليس كما زعمت وكلامهم ينادي
بخلافه قال العلامة قدس الله روحه في كتاب الصوم من التذكرة ان الأرض كرة فجاز ان يرى الهلال في بلد ولا
يظهر في آخر لان حدبة الأرض مانعة لرؤيته وقد رصد ذلك أهل المعرفة وشوهد بالعيان خفاء بعض الكواكب
الغربية لمن جد في السير نحو المشرق وبالعكس انتهى كلامه زيد اكرامه وقال ولده فخر المحققين رحمه الله في الايضاح
الأقرب ان الأرض كروية لان الكواكب تطلع في المساكن الشرقية قبل طلوعها في المساكن الغربية وكذا في الغروب فكل بلد غربي بعد
عن الشرقي بألف ميل يتأخر غروبه عن غروب الشرقي بساعة واحدة ثم إنه طاب ثراه بسط الكلام في ذلك بما لا مزيد
عليه واما ما ظننت من إفادة الآيات الكريمة عدم الكروية فليس كذلك إذ كون الأرض بجملتها كرة لا ينافي امتنانه
سبحانه بجعلها فراشا للناس ومهادا لهم ومبسوطة لمنافعهم فان عظم حجمها لا يأبى ذلك وقد نقل الشيخ الجليل
أبو علي الطبرسي قدس الله سره في مجمع البيان مثل هذا عن السيد المرتضى رضي الله عنه وان المستدل على عدم كرويتها بقوله
تعالى الذي جعل لكم الأرض فراشا هو أبو علي الجبائي وانه لا دلالة في الآية الكريمة على ما زعمه وقال في الكشاف عند تفسير
هذه الآية أعني قوله تعالى الذي جعل لكم الأرض فراشا فان قلت هل فيه دليل على أن الأرض مسطحة وليست بكرية
قلت ليس فيه الا ان الناس يفترشونها كما يفعلون بالمفارش وسواء كانت على شكل المسطح أو شكل الكرة فالافتراش
غير مستنكر ولا مدفوع لعظم حجمها واتساع جرمها وتباعد أطرافها انتهى واما قولك ينبغي القطع بعدم
جواز التعويل على كلام علماء الهيئة في باب القبلة وغيره فمما لا يلتفت إليه بعد تصريح محققي علمائنا قدس الله
أرواحهم بخلافه بل قال شيخنا طاب ثراه في الذكرى ان أكثر امارات القبلة مأخوذ من علم الهيئة وهي مفيدة
للظن الغالب بالعين والقطع بالجهة انتهى واما ما زعمت من أن شيئا من كلامهم لا يفيد علما ولا ظنا فبعيد عن
جادة الانصاف جدا وكيف لا يفيد شئ من كلامهم علما ولا ظنا وقد ثبت أكثره بالدلائل الهندسية والبراهين
المجسطية التي لا يتطرق إليها سوء شبهة ولا يحوم حولها وصمة ريب كما هو ظاهر على من له دوبة في رد فروع ذلك العلم
الشريف إلى أصوله واما قولك انه لا وثوق لك باسلامهم فضلا عن عدالتهم فكيف يجوز لك التعويل على كلامهم
قبل تيقن مضمونه فكلام عار عن حلية السداد إذ اليقين غير شرط ورجوع الفقهاء فيما يحتاجون إليه من كل فن إلى
علماء ذلك الفن وتعويلهم على قواعدهم إذا لم يكن مخالفة لقانون الشرع شايع ذائع معروف فيما بينهم خلفا عن سلف
كرجوعهم في مسائل النحو إلى النحاة وفي مسائل اللغة (إلى اللغويين) وفي مسائل الطب إلى الأطباء وفي مسائل المساحة والجبر
والمقابلة والخطأين وما شاكلها إلى أهل الحساب من غير بحث عن عدالتهم وفسقهم بل يأخذون عنهم تلك المسائل
مسلمة ويعملون بها من دون نظر في دلائلهم التي أدتهم إليها لحصول الظن الغالب بان الجم الغفير من الحذاق في صناعة
من الصناعات إذا اتفقت كلمتهم على شئ مما يتعلق بتلك الصناعة فهو أبعد عن الخطأ وهذا من قبيل الظن

194
الحاصل بخبر الشياع وان كانا فساق أو كفارا لبعد تواطؤهم على الكذب وليت شعري كيف يفيدك كلام الجوهري
مثلا الظن في المسائل اللغوية فتتبعه في جميع ما يلقيه إليك من معاني ألفاظ الكتاب والسنة ولا يفيدك كلام المحقق
نصير الملة والدين قدس الله روحه مع جم غفير من علماء الهيئة الظن فيما يلقونه إليك في مسألة واحدة من مسائل
الفن بل كيف تعول على قول فلان اليهودي المتطبب إذا أخبر بان المريض الفلاني مما يضره الصوم ويتحتم له الافطار أو
يضره القيام أو القعود في الصلاة ويتعين له الاستلقاء مثلا فتفطر في شهر رمضان وتصلي مستلقيا مؤميا أياما
عديدة لاعتمادك على كلامه لما بلغك من حذاقته في فن الطب فإذا كنت تقبل قول يهودي واحد تظن حذاقته
فيما يتعلق بفنه فبالأولى ان تقبل قول جماعة متكثرة من علماء الاسلام فيما يتعلق بفنهم مع اطباق الخاص والعام على بلوغ
حذاقتهم في ذلك الفن إلى ما لا مزيد عليه بل قد جوز جماعة من أعيان علمائنا قدس الله أرواحهم كالمحقق و
وشيخنا الشهيد وغيرهما التعويل في باب القبلة على خبر الكافر الواحد إذا أفاد خبره الظن ولم يكن هناك طريق إلى
الاجتهاد سواه وذلك لان هذا نوع من التحري وقد دل الحديث على اجزائه وعلله في الذكرى بان رجحان الظن
يقوم مقام العلم في العبادات وحينئذ يكون وجوب التثبت عند خبر الفاسق مخصوصا في العبادات بما إذا لم يفد ظنا
والله الهادي إذا انتقش ما تلوناه على صفحة خاطرك فنقول المصلي اما ان يكون داخل الكعبة زادها الله
شرفا أو خارجها والخارج اما قريب متمكن من مشاهدتها أو بعيد عنها والبعيد اما مقاطرا أي على طرف
قطر من أقطار الأرض منته طرفه الاخر إليها أو غير مقاطر فهذه
اقسام أربعة فالمتمكن من مشاهدتها امر
ظاهر لا سترة فيه ومن هو داخلها أو مقاطر لها يتوجه إلى اي جهة شاء اما الداخل فواضح واما المقاطر
فلان نسبة الكعبة إليه من جميع الجوانب واحدة فأي نقطة من الأفق استقبلها كان مستقبلا لعين الكعبة ولعل
الفقهاء قدس الله أرواحهم انما لم يبحثوا عن هذا القسم لقلة جدوى البحث عنه فان الموضع المقاطر للكعبة خارج
عن الربع المعمور بل لعله بالماء مغمور فان قلت الظاهر أنهم انما لم يبحثوا عن هذا القسم لاندراجه في حكم من هو داخل
الكعبة بحمل قول الصادق عليه السلام في حديث ابن سنان السابق انها أي الكعبة قبلة من موضعها إلى السماء على أنها
في الجهتين معا قبلة إلى السماء وإذا كان الامر كذلك فلا فرق بين المقاطر للكعبة والمصلى داخلها في أن كلامهما
في داخل الفضاء الذي هو القبلة في الحقيقة فان نفس البناء ليس هو القبلة كما مر قلت هذا كلام بعيد عن
مشرب الفقهاء رضوان الله عليهم والظاهر المتفاهم بحسب العرف من قوله عليه السلام انها قبلة من موضعها إلى السماء
اعتبار ذلك الفضاء الممتد من تخوم الأرض إلى السماء في جهة واحدة وأيضا ففتح هذا الباب يؤدي إلى التزام
أمور يشكل التزامها جدا كجواز استدارة المصلين حول ذلك الفضاء المقاطر كما يصلون حول الكعبة وكتخيير
من بعد عنه بربع الدور مثلا بين استقباله واستدباره لاستواء نسبة المصلي في الحالين إلى ما هو القبلة
إلى غير ذلك من الأمور المستنكرة عند الفقهاء رضوان الله عليهم واما القسم الرابع أعني البعيد غير المقاطر
للكعبة فسمت قبلته عند علماء الهيئة نقطة معينة من أفق بلده إذا واجهها كان مواجها للكعبة شرفها الله تعالى و

195
هي نقطة تقاطع الأفق والدائرة المارة بسمتي رأسي البلد ومكة في جهتها والخط الواصل بين هذه النقطة ومركز
الأفق يسمى عندهم خط سمت القبلة وهو سهم القوس التي تنبئ عليها أساس المحراب فالمصلي إذا جعله بين قدميه ساجدا
عليه يكون قد صلى على محيط دائرة أرضية مارة بموضع سجوده وما بين قدميه ووسط الكعبة زادها الله شرفا
ثم البلد بالنسبة إلى مكة المشرفة لا يخلو من إحدى حالات ثمان لأنه اما ان يكون أقل منها طولا وعرضا معا أو أكثر
كذلك أو أقل طولا وأكثر عرضا أو بالعكس أو مساويا لها طولا وعرضه أقل أو أكثر
فإن كان البلد أقل طولا فمكة شرقية عنه سواء ساواهما عرضا أو زاد أو نقص وان كان أكثر طولا فهي غربية عنه
سواء تساويا عرضا أو اختلفا وان ساوى مكة طولا فقبلته نقطة الجنوب ان زاد عرضا ونقطة الشمال ان نقص
فكل بلد من هذا القبيل اي يساوي طوله طول مكة كالموصل مثلا فلا حاجة في تعيين سمت قبلته إلى العمل بشئ من
القواعد الهيوية لوقوعه مع مكة تحت دائرة نصف نهار واحدة فخط سمت قبلته خط نصف النهار لا محالة وربما
يظن أن كل بلد يساوي عرضه عرض مكة فهو غير محتاج في تعيين سمت قبلته إلى شئ من تلك القواعد أيضا بل
قبلته نقطة مغرب الاعتدال ان زاد طولا ونقطة مشرقه ان نقص لوقوعه مع مكة تحت أول سموت واحدة فخط
سمت قبلته خط المشرق والمغرب لا محالة وهذا لظن باطل واتحاد أول سموته بأول سموت مكة محال لان غاية
ميلها إلى المعدل نقطتان لا أربع ولتزايد قرب قسيها الأربع إلى المعدل في جانبي سمت الرأس والقدم فيلزم اتحاد
المختلفين طولا أو اختلاف المتفقين عرضا ولأن مماستها للمدار اليومي المار بالبلدين على أزيد من نقطة ظاهر
الامتناع فظهر من هذا ان نقطة سمت القبلة في هذا القسم شمالية عن أول سموت البلد واقعة عن يمين المتوجه
إلى مغرب الاعتدال ان زاد طول البلد وعن يسار المتوجه إلى مشرق الاعتدال ان نقص فالأقسام المحتاج فيها إلى
العمل بتلك القواعد ستة لا أربعة إذا تقرر ذلك فاعلم أن الطرق التي أوردها علماء الهيئة في استخراج سمت
القبلة كثيرة جدا والأليق بهذا الكتاب الاقتصار على ما ذكره علماؤنا قدس الله أرواحهم واختاروه من بين
سائر الطرق وأوردوه في كتبهم الفقهية وغيرها
وذلك طريقان فالأول أورده سلطان المحققين نصير الملة
والحق والدين أنار الله برهانه في التذكرة وانا أورده بلفظة الشريف قال طاب ثراه ان الشمس تكون مادة بسمت
رأس مكة شرفها الله تعالى حين كونها في الدرجة الثامنة من الجوزاء والدرجة الثالثة والعشرين من السرطان وقت
انتصاف النهار والفضل بين نصف نهارها ونصف نهار سائر البلدان يكون بقدر التفاوت بين الطولين فليؤخذ
التفاوت ويؤخذ لكل خمسة عشر جزء منه ساعة ولكل جزء أربع دقائق فيكون ما اجتمع ساعات البعد عن
نصف النهار وليرصد في ذلك اليوم ذلك الوقت قبل نصف النهار ان كانت مكة شرفها الله تعالى شرقية أو بعده
ان كانت غربية فسمت الظل حينئذ سمت القبلة انتهى كلامه زيد اكرامه ووجه مرور الشمس حال كونها في كل من الدرجتين
المذكورتين بسمت رأس مكة ما ثبت من أن ميل كل منهما عن المعدل بقدر عرضها ووجه مساواة الفضل المذكور
لما بين الطولين (إلى اخر ما قال طاب ثراه ظاهر فان ما بين الطولين) قوس من المعدل واقع بين دائرتي نصف نهار البلدين ولما كانت اجزاء المعدل ثلاثمأة وستين كل منهما

196
ستون دقيقة وكان زمان الدورة أعني اليوم بليلته أربعا وعشرين ساعة مستوية كل منها ستون دقيقة
كان حصة كل خمسة عشر جزء ساعة واحدة وحصة كل جزء أربع دقايق فإذا أخذنا لما بين الطولين حصته من
الساعات والدقايق كان المجتمع زمان ما بين انتصاف النهار بمكة وانتصافه بالبلد فإذا بقي أو مضى من انتصافه
فيه بقدر ذلك الزمان يكون الشمس على سمت رأس مكة وظل المقياس حينئذ مسامتا للقبلة لمرور دائرة ارتفاع الشمس
بسمت رأس مكة فإذا جعل المصلي الظل بين قدميه وسجد عليه متوجها إلى المقياس يكون متوجها إلى القبلة لأنه
يكون قد سجد على قوس من عظيمة أرضية مارة بما بين قدميه وموضع سجوده ومكة شرفها الله واعلم أن
هذه الطريقة غير شاملة لغير الأقسام الستة بل مختصة بالبلدان المخالفة لمكة في الطول وان الطريقة المشهورة
في استخراج سمت القبلة بالأسطرلاب لا تكاد تخرج عنها عند التحقيق بل هي في القرب منها كأنها عبارة أخرى
وان كان بين ظاهر العبارتين بون بعيد إذ حاصلها ان تضع إحدى الدرجتين السابقتين أعني ثامنة الجوزاء أو ثالثة [عشرى]
السرطان من منطقة البروج في الأسطرلاب على خط وسط السماء في الصفحة المعمولة لعرض البلد حال كون الشمس في تلك الدرجة
وتعلم موضع المرى من اجزاء الحجرة ثم تدير الصفحة العنكبوتية بقدر ما بين طولي البلد ومكة إلى المغرب ان زاد طوله وإلى المشرق
ان نقص فحيث انتهت الدرجة من مقنطرات الارتفاع رصدت بلوغ ارتفاع الشمس تلك المقنطرة فظل المقياس في ذلك
الوقت على سمت القبلة على قياس ما مر وهذا في الحقيقة هو الطريق الأول لكن في لباس اخر وعبارة أخرى كما قلنا
فلا تغفل الطريق الثاني وهو مما ذكره جماعة من فقهائنا قدس الله أرواحهم وهو المشتهر بطريق الدائرة الهندية و
العمل فيه بعد تسوية الأرض ورسم الدائرة واستخراج خطي الاعتدال والزوال القاسمين لها أرباعا على ما مر في مباحث
الوقت ان تقسم كل ربع تسعين قسما متساوية ثم تعد من نقطة الجنوب أو الشمال بقدر ما بين الطولين إلى المغرب ان زاد
طول البلد على طول مكة شرفها الله تعالى وإلى المشرق ان نقص عنه ومن نقطة المشرق أو المغرب بقدر ما بين العرضين إلى
الشمال ان نقص عرضه عن عرضها والى الجنوب ان زاد عليه وتخرج من منتهى الاجزاء الطولية خطا موازيا لخط الزوال ومن منتهى
الاجزاء العرضية خطا موازيا لخط الاعتدال فيتقاطع ذانك الخطان داخل الدائرة غالبا فصل بين مركزها ونقطة التقاطع
بخط منته إلى محيطها فهو على صوب القبلة ولا يخفى ان هذه الطريقة لا يتمشى في جميع الأقسام الستة لابتنائها
على مخالفة البلد لمكة طولا وعرضا معا وان فيها نوع تقريب لعدم موازاة مدار الشمس للمعدل ولعدم كون ذينك الخطين
المتقاطعين خطي اعتدال مكة وزوالها بل هما قائمان مقام فصلين مشتركين بين أفق البلد وصغيرة توازي نصف
نهاره وأول سموته شرقية عنها أو غربيه شماليه أو جنوبية بينهما (بقدر) ما بين الطولين أو العرضين ولكن كون هذه
الطريقة تقريبية انما هو بالنظر إلى إفادتها التوجه إلى عين الكعبة كما هو مشرب علماء الهيئة واما بالنظر إلى إفادتها الجهة
كما هو مذهب الفقهاء قدس الله أرواحهم فتحقيقية ولذلك لم يلتفتوا إلى تعديلها بما يقربها إلى التحقيق في زعم
أولئك والله أعلم الفصل الثاني في حكم المتحير في القبلة ومن تبين له بعد الصلاة الانحراف عنها ستة
أحاديث أ من الصحاح ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن زرارة قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن قبلة المتحير فقال يصلي

197
حيث يشاء ب زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال يجزي المتحير ابدا أينما توجه إذا لم يعلم أين وجه
القبلة ج عبد الرحمن بن أبي عبد الله عليه السلام عن أبي عبد الله قال إذا صليت وأنت على غير القبلة واستبان لك انك
صليت وأنت على غير القبلة وأنت في وقت فأعد وان فاتك الوقت فلا تعد د سليمان بن خالد قال قلت لأبي عبد الله
عليه السلام الرجل يكون في قفر من الأرض في يوم غيم فيصلي لغير القبلة ثم يضحى فيعلم انه صلى لغير القبلة كيف يصنع فقال إن
كان في وقت فليعد صلاته وان كان مضى الوقت فحسبه واجتهاده ه‍ معاوية بن عمار انه سأله عن الرجل يقوم إلى
الصلاة ثم ينظر بعد ما فرغ فيرى انه قد انحرف عن القبلة يمينا أو شمالا فقال قد مضت صلاته فيما بين المشرق والمغرب
قبله ونزلت هذه الآية في قبلة المتحير ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله ومن الموثقات عمار بن موسى عن أبي
عبد الله عليه السلام في رجل صلى على غير القبلة فيعلم وهو في الصلاة قبل ان يفرغ من صلاته قال إن كان متوجها فيما بين
المشرق والمغرب فليتحول وجهه إلى القبلة حتى يعلم وان كان متوجها إلى دبر القبلة فليقطع ثم يحول وجهه إلى القبلة ثم يفتح الصلاة
أقول دل الحديث الأول والثاني والخامس على أن المتحير في القبلة يجزيه إلى اي جهة شاء وهو مذهب ابن أبي
عقيل وظاهر الصدوق ونفى عنه العلامة في المختلف البعد وهو غير بعيد والعجب أنه استدل له بالحديث الثاني والثالث
المذكورين في الفصل الأول مع عدم ظهور دلالتهما على المطلب إذ الصلاة إلى الأربع نوع من التحري والاجتهاد ولم يستدل
بهذه الأحاديث الظاهرة الدلالة على المراد وذهب الشيخان وابن إدريس وأكثر المتأخرين إلى أنه يصلي إلى أربع جهات
واستدلوا عليه بان استقبال القبلة يحصل له بالصلاة إلى الأربع وهو مقدور فيجب وبما رواه إسماعيل بن عباد
عن خراش عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له جعلت فداك ان هؤلاء المخالفين علينا يقولون إذا
أطبقت علينا أو اظلمت فلم نعرف السماء كنا وأنتم سواء في الاجتهاد فقال ليس كما يقولون إذا كان ذلك فليصل إلى أربع
وجوه وقد يجاب عن الأول بان كل جهة توجه إليها المتحير فهي قبلة في حقه فالاستقبال يحصل له بذلك والأصل
براءة الذمة من الزائد وعن الثاني بضعف الرواية للارسال وجهالة حال خراش وإسماعيل بن عباد قال شيخنا في الذكرى
الا انها معتضدة بالعمل بين عظماء الأصحاب والبعد من قول العامة الا انه يلزم من العمل بها سقوط الاجتهاد بالكلية
في القبلة لأنها مصرحة به والأصحاب مفتون بالاجتهاد ثم قال ويمكن ان يكون الاجتهاد الذي صار إليه الأصحاب هو ما أفاد
القطع بالجهة من نحو مطلع الشمس ومغربها دون الاعتقاد المفيد للظن كالرياح أو ظن بعض الكواكب الكوكب الذي
هو العلامة مع عدم القطع به انتهى كلامه ويمكن الذب عن سند الرواية بان ارسالها وجهالة خراش وإسماعيل بن عباد
غير قادحين لان الراوي لها عنهما هو عبد الله ابن المغيرة وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه كما قاله الكشي و
السند هنا إليه صحيح هذا وقد ذهب السيد الاجل جمال العترة رضي الدين بن طاوس قدس الله روحه إلى أن المتحير
للقبلة يعمل بالقرعة وهو محتمل واما ما قاله شيخنا الشهيد طاب ثراه في قواعده بعد أن عد مواضع القرعة في
العبادات ولم يعد هذا منها انه لا تستعمل القرعة في العبادات غير ما ذكرنا ولا في الفتاوى والاحكام المشتبهة اجماعا
فالظاهر أن الاجماع في كلامه قيد للفتاوى والاحكام فقط لا لها وللعبادات وما تضمنه الحديث الثالث والرابع

198
من أنه إذا ظهر بعد الفراغ من الصلاة انها كانت إلى غير القبلة فإن كان الوقت باقيا وجبت الإعادة والا فلا يعطي باطلاقه
عدم الفرق بين إذا كان الانحراف عن القبلة يسيرا لا يبلغ اليمين أو اليسار وبين ما إذا بلغ ذلك لكن علماؤنا على عدم وجوب
الإعادة مطلقا ان كان الانحراف يسيرا أو وجوب الإعادة فقط ان بلغ اليمين أو اليسار ونقل بعضهم الاجماع في الصورتين
وأما إذا تبين انه كان مستدبرا فالشيخان على الإعادة في الوقت وخارجه والمرتضى والمحقق وأكثر المتأخرين على الإعادة
في الوقت خاصة واطلاق هذين الحديثين يدل عليه واحتج الشيخ على الإعادة مطلقا بالحديث السادس وستسمع
الكلام فيه وقول الراوي في الحديث الخامس فيرى انه انحرف عن القبلة يمينا أو شمالا يراد به انحراف اليسير نحوهما لا بلوغ
الانحراف نفس اليمين أو الشمال وقوله عليه السلام في جوابه ما بين المشرق والمغرب قبلة يؤذن بذلك ولعل الكلام
في قبلة العراق فان معاوية بن عمار عراقي فالظاهر سؤاله عن الحال في قبلة بلاده ويمكن كونه في قبلة المدينة المشرفة
وقوله عليه السلام ان الآية الكريمة نزلت في قبلة المتحير تقضي ضعف ما نقله بعض المفسرين عن ابن عباس رضي الله عنهما
في سبب نزولها من أن اليهود لما أنكروا تحويل القبلة إلى الكعبة عن بيت المقدس نزلت الآية ردا عليهم وكذا ما نقلوه
عن قتادة من أنه كان يجوز للمسلمين في مبادئ الاسلام التوجه في صلاتهم إلى حيث شاؤوا وفي ذلك نزلت الآية ثم
نسخت بقوله تعالى فول وجهك شطر المسجد الحرام وقد روى الشيخ الجليل أبو علي الطبرسي رحمه الله في مجمع البيان
عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنه قال بعث رسول الله صلى الله عليه وآله سرية كنت فيها فاصابتنا ظلمه فلم نعرف
القبلة فقالت طائفة منا قد عرفنا القبلة هي هيهنا قبل الشمال فصلوا وخطوا خطوطا وقال بعضنا القبلة هيهنا قبل
الجنوب وخطوا خطوطا فلما أصبحوا وطلعت الشمس أصبحت تلك الخطوط لغير القبلة فلما قفلنا من سفرنا سألنا
النبي صلى الله عليه وآله عن ذلك فسكت فأنزل الله تعالى هذه الآية واعلم أن العلامة في المنتهى بعدما استدل
بالحديث الخامس على عدم الإعادة بالانحراف اليسير مطلقا استدل بالحديث الثالث والرابع وحديثين آخرين على
وجوب الإعادة ببلوغ الانحراف نفس اليمين أو اليسار في الوقت خاصة ثم قال لا يقال هذه الأحاديث تتناول أيضا
ما لو صلى إلى ما بين المشرق والمغرب وأنتم لا تقولون به لأنا نقول انا خصصنا تلك بحديث معاوية بن عمار يعني
الحديث الخامس ثم قال لا يقال تخصيص هذه الأحاديث بخبر معاوية بن عمار أولى من تخصيص خبر معاوية بها بان نقول قوله
عليه السلام ما بين المشرق والمغرب قبلة اي لمن خرج الوقت بعد صلاته إلى غير القبلة لأنا نقول ما ذكرناه أولى
لوجهين أحدهما موافقة الأصل وهو براءة الذمة ولو حملنا حديث معاوية على ما ذكرتم لزمت الإعادة لمن صلى
بين المشرق والمغرب في الوقت والأصل عدمه الثاني انا نمنع تخصيص ما ذكرتم من الأحاديث أصلا لان قوله عليه السلام
ما بين المشرق والمغرب قبلة ليس مخصصا للحديث الدال على عدم وجوب الإعادة في الوقت دون خارجه لمن صلى إلى غير القبلة أقصى
ما يدل عليه ان ما بين المشرق والمغرب قبلة بل لقائل ان يقول إن قوله عليه السلام إذا صليت وأنت على غير القبلة تتناول
لفظ القبلة فيه ما بين المشرق والمغرب أيضا هذا كلامه أعلى الله مقامه ولا بأس به وقد دل الحديث السادس على أنه
إذا تبين الانحراف عن القبلة في أثناء الصلاة فإن كان يسيرا انحرف إلى القبلة وصحت صلاته وان ظهر انه كان

199
مستدبر أبطلت ولا يحضرني ان أحدا من الأصحاب خالف في ذلك وقد الحقوا بالاستدبار بلوغ الانحراف إلى
نفس اليمين أو اليسار لأنه لو ظهر ذلك بعد الفراغ استأنف وكذا في الأثناء لان ما يقتضى فساد الكل يقتضي فساد
جزئه واستدل الشيخ بهذا الحديث على أنه لو تبين بعد الصلاة انه كان مستدبرا أعاد وان خرج الوقت وأجيب
بعدم دلالته على ذلك إذ العلم في أثناء الصلاة يدل على بقاء الوقت ونحن نقول بموجبه والله أعلم الباب
الثاني في أفعال الصلاة اليومية وأذكارها من الواجبات والمندوبات المتقدمة عليها والمقارنة لها والمتأخرة
عنها
وفيه جملتان الجملة الأولى فيما يتقدمها من الأذكار أعني الأذان والإقامة وفيها فصول
الفصل الأول في الاذان وفضله واستحباب حكايته وما يلحق بذلك أربعة عشر حديثا أ من الصحاح معاوية
بن وهب عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من اذن في مصر من أمصار المسلمين سنة
وجبت له الجنة ب محمد بن مسلم قال قال لي أبو عبد الله عليه السلام انك إذا أذنت وأقمت صلى خلفك صفان
من الملائكة وان أقمت إقامة بغير اذان صلى خلفك صف واحد ج زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال لا يجزيك
من الاذان الا ما أسمعت نفسك وأفهمته وأفصح بالألف والهاء وصل على النبي صلى الله عليه وآله كلما ذكرته أو
ذكره ذاكر عندك في اذان أو غيره وكلما اشتد صوتك من غير أن تجهد نفسك كان من يسمع أكثر وكان اجرك في
ذلك أعظم د عبد الله ابن سنان قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الاذان فقال يقول الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله
أشهد أن لا إله إلا الله اشهد ان محمدا رسول الله اشهد ان محمد رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح
حي على الفلاح حي على خير العمل حي على خير العمل الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله لا إله إلا الله ه‍ أبو عبيدة الحذاء قال
رأيت أبا عبد الله عليه السلام يكبر واحدة واحدة في الاذان قلت لم تكبر واحدة واحدة فقال لا بأس به إذا كنت مستعجلا
ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال له يا محمد بن مسلم لا تدع ذكر الله على كل حال ولو سمعت المنادي ينادي
بالاذان وأنت على الخلاء فاذكروا الله عز وجل وقل كما يقول وقد مر الحديث في آداب الخلاء ز محمد بن مسلم عن أبي
جعفر عليه السلام قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا سمع المؤذن يؤذن قال مثل ما يقوله في كل شئ ح الحرث
بن المغيرة النضري عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال من سمع المؤذن يقول أشهد أن لا إله إلا الله اشهد ان محمد رسول
الله فقال مصدقا محتسبا وانا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله اكتفى بهما عمن أبى وكفر وجحد وأعين بهما
من أقر وشهد كان له من الاجر عدد من أنكر وجحد وعدد من أقر وشهد ط عبد الله ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام
قال إذا اذن مؤذن فنقص الاذان وأنت تريد ان تصلي باذانه فأتم ما نقص هو من اذانه ولا بأس ان يؤذن الغلام الذي
لم يحتلم ى ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له ان لنا مؤذنا يؤذن بليل فقال اما ان ذلك ينفع الجيران
لقيامهم إلى الصلاة واما السنة فإنه ينادي مع طلوع الفجر ولا يكون بين الأذان والإقامة الا الركعتان يا معاوية بن
وهب أنه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن الاذان فقال اجهر وارفع به صوتك فإذا أقمت فدون ذلك ولا تنتظر بأذانك
وإقامتك الا دخول وقت الصلاة واحدر إقامتك حدرا يب من الحسان زرارة عن أبي جعفر قال قال يا زرارة تفتتح

200
الاذان بأربع تكبيرات وتختمه بتكبيرتين وتهليلتين يج زرارة قال قال أبو جعفر عليه السلام الاذان جزم بافصاح
الألف والهاء والإقامة حدر يد منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال لما هبط جبرئيل عليه السلام بالاذان
على رسول الله صلى الله عليه وآله كان رأسه في حجر علي عليه السلام فاذن جبرئيل عليه السلام وأقام فلما انتبه رسول الله
صلى الله عليه وآله قال يا علي سمعت قال نعم قال حفظت قال نعم قال ادع بلالا فعلمه فدعا علي عليه السلام بلالا فعلمه
أقول قال شيخنا في الذكرى الاذان لغة الاعلام وشرعا الأذكار المعهودة للاعلام بأوقات الصلوات
والإقامة لغة مصدر أقام بالمكان أو مصدر أقام الشئ بمعنى أدامه ومنه يقيمون الصلاة وشرعا الأذكار المعهودة عند
إقامة الصلاة اي فعلها انتهى ملخصا وربما يناقش بانتقاض عكسي التعريفين بالاذان قبل الفجر وفي الفلوات
الموحشة وفي اذن من ساء خلقه والاذان والإقامة في اذني الطفل ويجاب تارة بان المراد ان وضعهما لذلك
وأخرى بالتزام التجوز في مواد النقض فيستقيم العكسان وما تضمنه الحديث الأول والثاني من فضل الاذان ورد به
اخبار متكثرة عن النبي والأئمة صلوات الله عليهم وروى الصدوق عن بلال مؤذن رسول الله صلى الله عليه وآله
في حديث طويل أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول إذا كان يوم القيامة وجمع الله الناس في صعيد واحد
بعث الله عز وجل إلى المؤذنين بملائكة من نور معهم ألوية وأعلام من نور يقودون جنايب أزمتها زبرجدا خضر حقائبها
المسك الأذفر يركبها المؤذنون فيقومون عليها يقودهم الملائكة ينادون بأعلى صوتهم بالاذان ثم بكى بكاء شديدا حتى انتحب و
بكيت فلما سكت قلت ومم بكاؤك قال ويحك ذكرتني أشياء سمعت حبيبي وصفيي عليه السلام يقول والذي بعثني بالحق
نبيا انهم ليمرون على الخلق قياما على النجائب فيقولون الله أكبر الله أكبر فإذا قالوا ذلك سمعت لأهلها؟ ضجيجا فسأله أسامة
بن زيد عن ذلك الضجيج ما هو فقال الضجيج التسبيح والتحميد والتهليل فإذا قالوا أشهد أن لا إله إلا الله قالت أمتي إياه
كنا نعبد في الدنيا فيقال صدقتم فإذا قالوا اشهد ان محمدا رسول الله قالت أمتي هذا الذي اتانا برسالة ربنا جل جلاله
وامنا به ولم نره فيقال لهم صدقتم هذا الذي أدى إليكم الرسالة من ربكم وكنتم به مؤمنين فحقيق على الله ان يجمع بينكم
وبين نبيكم فينتهي بهم إلى منازلهم وفيها ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وقد تضمن الحديث
الثالث أمورا الأول عدم اجزاء الاذان إذا لم يسمع به نفسه ان كان هو المؤذن الثاني عدم الاجتزاء بسماع الهمهمة
الغير المفهمة ان كان المؤذن غيره كما يظهر من قوله عليه السلام وأفهمته وهو مضبوط في الكتب المعتبرة بالبناء للمفعول
وجعله عطفا تفسيريا لاسماع النفس محتمل أيضا واما الحمل على فهم معاني الاذان فبعيد جدا الثالث الافصاح
بالألف والهاء اي اظهارهما والمراد بهما الألف الثانية من لفظ الجلالة وهي الساقطة خطا وهاؤها وكذا الألف و
الهاء في الصلاة كذا قال شيخنا في الذكرى وقال ابن إدريس المراد بالهاء هاء اله لا هاء اشهد ولا هاء الله لأنهما مبنيان
هذا كلامه وكأنه فهم من الافصاح بالهاء اظهار حركتها لا اظهارها نفسها الرابع الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله
كلما ذكره الانسان أو سمعه من غيره سواء كان في الاذان أو في غيره وظاهر الامر الوجوب وقد حمل على
الاستحباب والظاهر أن الذكر في قوله عليه السلام كلما ذكرته كما يشمل الذكر اللساني يشمل الذكر القلبي أيضا الخامس

201
رفع الصوت بالاذان من غير اتعاب النفس بذلك وقد روى محمد بن مروان انه سمع الصادق عليه السلام يقول المؤذن
يغفر له مد صوته ويشهد له كل شئ سمعه وروى محمد بن راشد قال حدثني هشام بن إبراهيم انه شكا إلى أبي الحسن الرضا
عليه السلام سقمه وانه لا يولد له فأمره ان يرفع صوته بالاذان في منزله قال ففعلت فاذهب الله عني سقمي وكثر ولدي
قال محمد بن راشد وكنت دائم العلة ما انفك منها في نفسي وجماعة خدمي فلما سمعت ذلك من هشام عملت به فاذهب
الله عني وعن عيالي العلل وما تضمنه الحديث الرابع من عدم تربيعه عليه السلام التكبير في أول الاذان محمول
عند الشيخ طاب ثراه على أن قصده عليه (السلام) افهام السائل كيفية التلفظ به والتربيع كان معلوما له لاشتهاره فإنه مما لا
خلاف فيه بين أصحابنا رحمهم الله والحديث الثاني عشر وغيره من الأحاديث ناطق به وروى الفضل بن شاذان عن
الرضا عليه السلام أنه قال انما امر الناس بالاذان تذكيرا للناسي وتنبيها للغافل وتعريفا لجاهل الوقت وليكون المؤذن داعيا إلى
عبادة الخالق بالتوحيد مجاهرا بالايمان معلنا بالاسلام وانما بدئ فيه بالتكبير وختم بالتهليل لان الله تعالى أراد
ان يكون الابتداء بذكره والانتهاء بذكره وانما ثنى ليتكرر في آذان السامعين فان سهى عن الأول لم يسه عن الثاني
ولأن الصلاة ركعتان ركعتان وجعل التكبير في أول الاذان أربعا لان أول الاذان يبدو في غفلة وجعل بعد التكبير التشهد
لان أول الايمان هو الاقرار بالوحدانية والثاني الاقرار بالرسالة لرسول الله صلى الله عليه وآله وان طاعتهما ومعرفتهما
مقرونتان وجعل شهادتين كما جعل في سائر الكتب شهادتين وجعل بعدهما الدعاء إلى الصلاة لان الاذان انما هو
نداء للصلاة فجعل وسط الاذان الدعاء إليها والى الفلاح والى خير العمل وختم الكلام باسمه كما فتح باسمه والحديث طويل
نقلنا منه موضع الحاجة وحي على الصلاة بفتح الياء بمعنى هلم واقبل وما تضمنه الحديث الخامس من افراد التكبير
في الاذان إذا كان مستعجلا مشهور بين الأصحاب ويمكن ان يراد بافراد التكبير افراد جميع الفصول وقد سوغ الأصحاب
ذلك في الأذان والإقامة معا للمسافر لما رواه بريد بن معاوية عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال الاذان يقصر في السفر كما
يقصر الصلاة الاذان واحدا واحدا والإقامة واحدة واحدة وروى نعمان الرازي قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام
يقول يجزيك من الإقامة طاق طاق في السفر وما تضمنه الحديث السادس من المداومة على ذكر الله سبحانه ورد به
أحاديث متكثرة وما تضمنه هو والحديث السابع من استحباب حكاية الاذان مما أجمع عليه العلماء وروى الصدوق
انها تزيد في الرزق والظاهر أن استحباب الحكاية انما هو في الاذان المشروع فقال العلامة في التذكرة الأقرب انه لا يستحب
حكاية الاذان الثاني يوم الجمعة واذان عصر عرفة وعشاء المزدلفة وكل اذان مكروه واذان المرأة اما الاذان المقدم
قبل الفجر فالوجه جواز حكايته وكذا اذان من اخذ عليه اجرا دون اذان المجنون والكافر انتهى كلامه ويستفاد
من هذين الحديثين ان استحباب الحكاية يعم الحيعلات أيضا وقال شيخنا في الذكرى الحكاية لجميع ألفاظ الاذان
الا الحيعلات واستند بما رواه الشيخ في المبسوط عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال تقول إذا قال حي على الصلاة
لا حول ولا قوة الا بالله ثم قال رحمه الله ولو كان في الصلاة لم يحيعل فبطل به ولو قال بدلها في الصلاة لا حول ولا
قوة الا بالله فلا بأس ولو كان يقرء القرآن قطعه وحكى الاذان وغيره من الكلام بطريق أولى وظاهر الشيخ انه لا يستحب

202
حكايته في الصلاة وان كانت الحكاية فيها جائزة انتهى كلامه ولا يخفى ان استدلاله طاب ثراه على قطع ما عدا
القرآن بالأولوية مما يتراءى عدم جريانه في الدعاء لأنه أفضل من تلاوة القرآن كما نطقت به الاخبار روى الشيخ
في الصحيح عن معاوية بن عمار قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام رجلين افتتحا الصلاة في ساعة واحدة فتلا هذا القرآن
فكانت تلاوته أكثر من دعائه ودعا هذا أكثر فكان دعاؤه أكثر من تلاوته ثم انصرفا في ساعة واحدة أيهما أفضل
قال كل فيه فضل كل حسن قلت اني قد علمت أن كلا حسن وان كلا فيه فضل فقال الدعاء أفضل اما سمعت قول الله
عز وجل وقال ربكم ادعوني استجب لكم ان الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين هي والله العبادة
هي والله أفضل أليست هي العبادة هي والله العبادة هي والله العبادة أليست هي أشدهن هي والله أشدهن هي والله أشدهن
هي والله أشدهن ولقائل ان يقول كون ثواب الدعاء أكثر من ثواب القرآن لا ينافي كون (القرآن) أولى بصون عبارته
عن القطع لأنه كلام الله المجيد فهو باحترام ألفاظه عن مداخلة غيرها وقطع بعضها عن بعض أليق وأحرى من الدعاء
الذي هو من كلام الآدميين الا ترى إلى اختصاص القرآن بأنه لا يمسه الا المطهرون بخلاف الدعاء وما تضمنه الحديث
التاسع من نفي البأس عن اذان الغلام الذي لم يحتلم وان كان شاملا للطفل المميز وغيره الا ان الأصحاب حملوه على المميز
إذ غير المميز لا عبرة بما يجري على لسانه وقد دل الحديث العاشر على جواز تقديم الاذان في الصبح على طلوع الفجر وبه
قال أكثر علمائنا رحمهم الله وهو مستثنى مما اجمعوا عليه من عدم جواز الاذان قبل دخول الوقت وذهب ابن إدريس
وأبو الصلاح إلى مساواة الصبح لغيرها في عدم جواز التقديم وعليه المرتضى رضي الله عنه في بعض رسائله واستدلاله
بان فائدته الاعلام بدخول الوقت ففعله قبله وضع الشئ في غير موضعه وبما روى من أن بلالا اذن قبل الفجر فأمره النبي
صلى الله عليه وآله بالإعادة مدخول بمنع الحصر وقد تضمن الحديث فائدة أخرى واما الإعادة فنحن نقول باستحبابها
بعد طلوع الفجر والصلاة في قوله عليه السلام لقيامهم إلى الصلاة لعل المراد بها صلاة الليل ويمكن ان يراد بها
صلاة الصبح والمراد بقيامهم إليها تأهبهم لها ولفظة ان في قوله عليه السلام واما السنة فإنه ينادي يجوز فتح همزتها ليسبك الفعل
بعدها بالمصدر أي واما السنة فنداؤه مع طلوع الفجر ويجوز الكسر بجعل الضمير للشأن ونصب ينادي باضمار ان و
قوله عليه السلام ولا يكون بين الأذان والإقامة الا الركعتان يدل على كراهة الفصل بأزيد من ذلك وقد تضمن
الحديث الحادي عشر أمور أربعة رفع الصوت في الاذان وخفضه في الإقامة والمبادرة إلى الأذان والإقامة عند
دخول الوقت من دون امهال وتقصير الوقف على فصول الإقامة والاسراع فيها وهو المراد بالحدر بالحاء والدال المهملتين و
ليس المراد به ترك الوقف رأسا والمراد بالجزم في الحديث الثالث ضد الحدر وقد دل الحديث الرابع عشر على أن
فصول الأذان والإقامة متلقاة من الوحي كسائر العبادات المقررة وبه يظهر بطلان ما أطبق عليه العامة من أن
ذلك ليس بالوحي وانما منشأوه ان عبد الله بن زيد رأى ذلك في المنام فعرضه على النبي صلى الله عليه وآله فامر
ان يعلمه بلالا قال بن أبي عقيل رحمه الله أجمعت الشيعة ان الصادق عليه السلام انه لعن قوما زعموا ان النبي صلى الله عليه و
اله اخذ الاذان من عبد الله بن زيد وقال (عليه السلام) ينزل الوحي على نبيكم فيزعمون أنه اخذ الاذان من عبد الله بن زيد
الفصل

203
الثاني في نبذ متفرقة من الأحكام المتعلقة بالاذن ثلثه وعشرون حديثا أ من الصحاح ابن سنان عن
أبي عبد الله عليه السلام قال لا باس ان تؤذن وأنت على غير طهور ولا تقم الا وأنت على وضوء ب محمد بن مسلم عن أحدهما
عليهما السلام قال سألته عن الرجل يؤذن وهو يمشي أو على ظهر دابته أو على غير طهور فقال نعم إذا كان التشهد مستقبل
القبلة فلا باس ج محمد بن مسلم قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام يؤذن الرجل وهو قاعد قال نعم ولا يقيم الا وهو
قائم د زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال من سهى في الاذان فقدم أو اخر أعاد على الأول الذي اخره حتى يمضي
على آخره ه‍ جميل بن دراج قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المرأة أعليها اذان وإقامة فقال لا وزرارة قال
قلت لأبي جعفر عليه السلام النساء عليهن اذان (وإقامة) فقال إذا شهدت الشهادتين فحسبها ز عبد الله بن سنان قال سألت
أبا عبد الله عليه السلام عن المرأة تؤذن للصلاة فقال حسن ان فعلت وان لم تفعل أجزأها ان تكبر وان تشهد ان لا إله إلا الله وأن محمدا
رسول الله ح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال السنة في الاذان يوم عرفة ان يؤذن ويقيم للظهر
ثم يصلي ثم يقوم فيقيم للعصر بغير اذان وكذلك المغرب والعشاء بمزدلفة ط زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال
إذا نسيت صلاة أو صليتها بغير وضوء وكان عليك قضاء صلوات فابدأ بأوليهن فاذن لها وأقم ثم صلها ثم صل
ما بعدها بإقامة إقامة لكل صلاة الحديث وقد مر في مباحث الوقت ى عبد الله بن علي الحلبي عن أبي عبد الله عليه
السلام عن أبيه عليه السلام انه إذا صلى وحده في البيت أقام إقامة ولم يؤذن يا عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه
السلام قال يجزيك إذا خلوت في بيتك إقامة واحدة بغير اذان يب عمر بن يزيد قال سألت أبا عبد الله عليه السلام
عن الإقامة بغير اذان في المغرب فقال ليس به بأس وما أحب ان يعتاد يج الحلبي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل
هل يجزيه في السفر والحضر إقامة ليس معها اذان قال نعم لا بأس به يد زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال إن أدنى
ما يجزى من الاذان ان تفتتح الليل باذان وإقامة وتفتتح النهار باذان وإقامة ويجزيك في سائر الصلوات إقامة بغير اذان
يه ابن أذينة عن رهط منهم الفضيل وزرارة عن أبي جعفر عليه السلام ان رسول الله صلى الله عليه وآله جمع بين الظهر
والعصر باذان وإقامتين وجمع بين المغرب والعشاء باذان واحد وإقامتين يو عبيد بن زرارة عن أبيه قال سألت
أبا جعفر عليه السلام عن رجل نسي الأذان والإقامة حتى دخل في الصلاة قال فليمض في صلاته فإنما الاذان سنة يز
الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا افتتحت الصلاة فنسيت ان تؤذن وتقيم ثم ذكرت قبل ان تركع فانصرف واذن
وأقم واستفتح الصلاة وان كنت قد ركعت فأتم على صلاتك يج محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال في
الرجل ينسى الأذان والإقامة حتى يدخل في الصلاة قال إن كان ذكر قبل ان يقرء فليصل على النبي صلى الله عليه وآله
وليقم وان كان قد قرء فليتم صلاته يط معاوية بن وهب قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن التثويب الذي يكون بين
الأذان والإقامة فقال ما اعرفه ك من الموثقات عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئل عن الاذان هل
يجوز ان يكون من غير عارف قال لا يستقيم الاذان ولا يجوز ان يؤذن به الا رجل مسلم عارف فان علم الاذان فاذن به وان
لم يكن عارفا لم يجز اذانه ولا اقامته ولا يقتدى به وسئل عن الرجل يؤذن ويقيم ليصلي وحده فيجئ رجل آخر فيقول له فصلى

204
وحده فيجئ (إلى) جماعة هل يجوز ان يصليا بذلك الأذان والإقامة قال لا ولكن يؤذن ويقيم كا عمار الساباطي عن
أبي عبد الله عليه السلام انه سئل عن الرجل إذا أعاد الصلاة هل يعيد الأذان والإقامة قال نعم كب سماعة قال
قال أبو عبد الله عليه السلام لا تصلي الغداة والمغرب الا باذان وإقامة ورخص في سائر الصلوات بالإقامة والاذان
أفضل كج عمار الساباطي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام أو سمعته يقول إن نسي الرجل حرفا من الاذان حتى
يأخذ في الإقامة فليمض في الإقامة فليس عليه شئ فان نسي حرفا من الإقامة عاد إلى الحرف الذي نسيه ثم يقول
من ذلك الموضع إلى آخر الإقامة أقول قد دل الحديث الأول على عدم اشتراط الاذان بالطهارة وعلى
اشتراط الإقامة بها والأول اجماعي كما أن استحباب كون المؤذن متطهر اجماع أيضا فقد روى عن النبي صلى الله
عليه وآله أنه قال حق وسنة ان لا يؤذن أحد الا وهو متطهر واما الثاني فهو مرتضى المرتضى ومختار العلامة في
المنتهى والقول به غير بعيد وأكثر الأصحاب حملوا الأحاديث الدالة عليه على تأكيد الاستحباب ومما يؤيد ما ذهب إليه
المرتضى رضي الله عنه ما رواه أبو هارون المكفوف عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال يا أبا هارون الإقامة من الصلاة وما رواه
يونس الشيباني عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له أؤذن وانا راكب فقال نعم قلت فأقيم وانا راكب قال لا قلت فأقيم
وانا ماش فقال نعم ماش إلى الصلاة قال ثم قال لي إذا أقمت فأقم مترسلا فإنك في الصلاة فقلت له قد سألتك أقيم
وانا ماش فقلت لي نعم أفيجوز ان أمشي في الصلاة قال نعم إذا دخلت من باب المسجد فكبرت وأنت مع امام عادل ثم مشيت إلى الصلاة
أجزأك ذلك وفي الحديث الثاني دلالة على ما ذهب إليه المرتضى رضي الله عنه من وجوب استقبال القبلة بالشهادتين في الاذان
وحمله الأكثر إلى الاستحباب وقد دل الحديث الثاني على تأكد استحباب القيام في الإقامة وأوجبه ابن الجنيد و
الرابع على اشتراط الترتيب في الاذان والخامس على عدم تأكد استحباب الاذان للنساء والسادس على جواز اجتزائهن
عنه بالشهادتين والسابع على الاجتزاء بهما مع ضم التكبير ولا خلاف بين علمائنا في اعتداد النساء باذان المرأة
واما اعتداد الرجال باذانها فان كانوا محارم لها فلا مانع منه انما الكلام في الأجانب قال شيخنا في الذكرى ولو
أذنت للمحارم فكالأذان للنساء في الاعتداد اما الأجانب فظاهر المبسوط الاعتداد به لأنه لا مانع منه مع أنه نهي ان
يرفعن أصواتهن بحيث يسمعن الرجال فان أراد مع الاسرار فبعيد الاجتزاء بما لم يسمع لان المقصود بالاذان الابلاغ وان
أراد مع الجهر فأبعد للنهي عن سماع صوت الأجنبية الا ان يقال ما كان من قبيل الأذكار وتلاوة القرآن مستثنى كما استثنى
الاستفتاء من الرجال وتعلمهن منهم والمحاورات الضرورية ثم قال ولعل الشيخ يجعل سماع (الرجل صوت المرأة) المرأة صوت الرجل
في الاذان كسماعها صوته فيه فان صوت كل منهما بالنسبة إلى الآخر عورة انتهى كلامه وقد دل الحديث الثامن على سقوط
اذان العصر بعرفة واذان العشاء بمزدلفة واختلف أصحابنا في أن سقوط الأذانين هل هو من قبيل الرخصة أو انهما مكروهان
أو محرمان وشيخنا في البيان على التحريم وفاقا للعلامة في المنتهى وهو محتمل وما تضمنه الحديث التاسع من سقوط الاذان
عن قاضي الصلوات إذا اذن لأوليهن مشهور بين الأصحاب وذكر المحقق والعلامة انه لو اذن لكل منهن لكان أفضل واستدل
عليه في المنتهى بالحديث الحادي والعشرين وبقوله عليه السلام من فاته فريضة فليقضها كما فاتته قال وقد كان حكم

205
الفائتة تقديم الاذان عليها فكذا قضاؤها هذا كلامه أعلى الله مقامه وأنت خبير بأنه يقتضي كون الامر في
الحديث التاسع أمرا بما هو بخلاف الأفضل فالأولى حمل الحديث الحادي والعشرين على الإعادة في الوقت جمعا بين
الحديثين أو حمل الحديث التاسع على كراهة الاذان لغير الأولى بمعنى انه أقل ثوابا كصوم النافلة في السفر وحمل الحادي و
العشرين على بيان الجواز وقال شيخنا في الذكرى ربما قيل إن الأفضل ترك الاذان لما روى أن النبي صلى الله عليه
شغل يوم الخندق عن أربع صلوات حتى ذهب من الليل ما شاء الله فامر بلالا فاذن وأقام فصلى الظهر ثم امره فأقام فصلى العصر
ثم امره فأقام فصلى المغرب ثم امره فأقام فصلى العشاء قال رحمه الله ولا ينافي العصمة لوجهين أحدهما ما روى من أن
الصلاة كانت تسقط أداء مع الخوف ثم تقضي حتى نسخ ذلك بقوله تعالى وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة الثاني
جاز ان يكون ذلك لعدم تمكنه من استيفاء أفعال الصلاة ولم يكن قصر الكيفية مشروعا وهو عائد إلى الأول و
عليه المعول انتهى كلامه ولا يخفى ان للبحث في عود الوجه الثاني مجالا فلا تغفل ويظهر من بعض الأصحاب الميل إلى
عدم مشروعية الاذان لغير الأولى من الفوائت وهو محتمل ان لم يكن خرقا للاجماع المركب والله أعلم ودل الحديث العاشر
بظاهره على عدم وجوب الاذان على المصلى وحده في شئ من الفرائض قال شيخنا في الذكرى وفيه دلالة على عدم
تأكد الاذان في حقه إذ الغرض الأهم من الاذان الاعلام وهو منفي هنا اما أصل الاستحباب فإنه قائم لعموم شرعية الاذان
ويكون الاذان هنا لذكر الله تعالى ورسوله ثم قال فان قلت كان يدل على أن الدوام والامام لا يداوم على ترك المستحب
فدل على سقوط أصل الاستحباب قلت يكفي في الدوام التكرار ولا محذور في اخلال الامام بالمستحب أحيانا إذ المحذور
انما هو الهجران للمستحب انتهى كلامه ويمكن ان يقال لعله عليه السلام كان يكتفي إذا صلى وحده بسماع اذان مؤذن البلد
أو غيره واستحباب اذان المنفرد بعد سماعه اذان غيره مما لم يثبت هذا وقد اختلف أصحابنا في وجوب الأذان والإقامة
فالأكثر على استحبابهما مطلقا في الجهرية وغيرها للجامع والمنفرد وقال ابن عقيل من ترك الأذان والإقامة متعمدا
بطلت صلاته الا الاذان في الظهر والعصر والعشاء فان الإقامة مجزية عنه ولا إعادة عليه في تركه فاما الإقامة فإنه
ان تركها متعمدا بطلت صلاته وعليه الإعادة وقال ابن الجنيد انهما يجبان على الرجال جماعة وفرادى سفرا وحضرا
في الصبح والمغرب والجمعة وتجب الإقامة في باقي المكتوبات وعلى النساء التكبير والشهادتان فقط وذهب الشيخان وابن
البراج وابن حمزة إلى وجوبهما في صلاة الجماعة لكن قال في المبسوط متى صلى جماعة بغير اذان وإقامة لم تحصل فضيلة
الجماعة والصلاة ماضية وقال أبو الصلاح هما شرط في الجماعة وذهب السيد المرتضى في الجمل إلى وجوب الاذان
على الرجال والنساء في الصبح والمغرب وعلى الرجال خاصة في الجماعة ووجوب الإقامة على الرجال في كل فريضة و
الحديث الحادي عشر والعشرون يدلان على ما ذهب إليه الشيخان فان مفهوم الشرط حجة وقوله عليه السلام إذا خلوت
في بيتك يراد به إذا صليت منفردا وعدم تجويزه عليه السلام اجتزاء الجماعة باذان المنفرد وإقامته صريح في المراد
ويدل على ما ذهب إليه أيضا ما رواه أبو بصير عن أحدهما عليهما السلام قال سألته أيجزي اذان واحد قال إن صليت
جماعة لم يجز الا الاذان وإقامة وان كنت وحدك تبادر امر أتخاف ان يفوتك تجزيك إقامة الا الفجر والمغرب فإنه ينبغي

206
ان تؤذن فيهما وتقيم من اجل انه لا يقصر فيهما كما يقصر في سائر الصلوات وهذه الرواية وان كان في طريقها
القسم بن محمد وعلي بن حمزة وهما ضعيفان الا انها تصلح لتأييد الحديثين الآخرين والعلامة طاب ثراه في المختلف
والمنتهى اقتصر فيما استدل به من جانب الشيخين واتباعهما عليها ولم يذكر من جانبهم سواها بل جعل الحديث الحادي
عشر دليلا على ما ذهب إليه من عدم وجوب الاذان في شئ من الصلوات مطلقا جماعة وفرادى وهو كما ترى وما
تضمنه الحديث الثاني عشر من جواز الاكتفاء بالإقامة في المغرب من دون اذان حمله الشيخ على ما إذا كان هناك عذر
وحمله له على صلاة المنفرد ممكن أيضا وكذلك الحديث الثالث عشر وما تضمنه الحديث الرابع عشر من أن أقل ما يجزي
من الاذان افتتاح الليل والنهار باذان وإقامة واجزاء الإقامة في بقية الصلوات يدل على ما ذهب إليه المرتضى وابن
أبي عقيل وابن الجنيد من وجوبهما في الصبح والمغرب ووجوب الإقامة في الفرائض الاخر وكذلك ما تضمنه الحديث
الثاني والعشرون من المنع من صلاة الصبح والمغرب بدونهما والرخصة في الاكتفاء بالإقامة فيما سواهما ويؤيد ذلك
روايات أخرى وان كانت غير نقية السند كما رواه ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال يجزيك في الصلاة إقامة
واحدة الا الغداة والمغرب وكما رواه الصباح بن سيابة قال قال لي أبو عبد الله عليه السلام لا تدع الاذان في الصلوات
كلها وان تركته فلا تتركه في المغرب والفجر فإنه ليس فيهما تقصير وكرواية أبي بصير السالفة وغيرها والاحتياط في
الدين يقتضى المواظبة عليهما وسيما في الصبح والمغرب وعدم الاخلال بشئ منهما في شئ من الصلوات إذا صليت جماعة فان اشتراط
الجماعة بهما قريب جدا والله أعلم والحديث الخامس عشر مما استدلوا به على ما هو المشهور من أن من جمع بين الصلاتين
فإنه يكفيه اذان واحد لأوليهما قال شيخنا في الذكرى لو جمع الحاضر أو المسافر بين الصلاتين فالمشهور ان الاذان يسقط
في الثانية قاله ابن أبي عقيل والشيخ وجماعة سواء جمع بينهما في الوقت الأولى أو الثانية لان الاذان اعلام بدخول
الوقت وقد حصل بالاذان الأول وليكن الاذان للأولى ان جمع بينهما في الوقت الأولى وان جمع بينهما في الوقت الثانية
اذن للثانية ثم أقام وصلى الأولى لمكان الترتيب ثم أقام للثانية ثم قال رحمه الله وعلى هذا يكون الجمع بين ظهري
عرفة وعشاءي المزدلفة مندرجا في هذا لا لخصوصية البقعة انتهى كلامه وقد استدل الشيخ في التهذيب بهذا
الحديث على ما ذهب إليه المفيد من سقوط اذان العصر يوم الجمعة وهو كما ترى وقوله عليه السلام في الحديث السادس عشر
فإنما الاذان سنة ربما يستدل به على ما هو المشهور بين المتأخرين من عدم وجوب الاذان في شئ من الصلوات
الصبح وغيرها جماعة وفرادى ويضعف هذا الاستدلال بان السنة أغلب ما تستعمل في الحديث بمعنى ما ثبت بالسنة
ويقابلها الفريضة وهي ما ثبت بالكتاب وقد تقدم مثل ذلك في مواضع عديدة وسيأتي مواضع أخرى أيضا
فحكمه عليه السلام بان الاذان سنة ليس نصا في مطلبهم وقد دل الحديث السابع عشر على أن ناسي الأذان والإقامة
إذا ذكر ذلك قبل الركوع استحب له استيناف الصلاة باذان وإقامة وهو مذهب أكثر الأصحاب قالوا ولو أنه تركهما
عن عمد مضى في صلاته وذهب الشيخ في النهاية وابن إدريس إلى العكس فحكما باستيناف الصلاة ان تركهما عمدا
والمضي فيها ان كان تركهما سهوا ولم نظفر لهما بدليل واستدل العلامة في المختلف على الاستيناف مع النسيان لا مع العمد

207
بأنهما من وكيد السنن والمحافظة عليهما يقتضي تداركهما مع النسيان باستيناف الصلاة بعد الاتيان بهما لان النسيان
محل العذر ومع الركوع يمضي في صلاته لأنه اتى بأعظم الأركان فلا يبطله ومع التعمد يكون قد دخل في الصلاة دخولا
مشروعا غير مريد للفضيلة فلا يجوز له الابطال لقوله تعالى ولا تبطلوا أعمالكم وبه يظهر الفرق بين العامد والناسي
هذا كلامه أعلى الله مقامه وهو كما ترى وقوله انهما من وكيد السنن وان النسيان محل العذر ربما يدلان على عكس مراده
ثم لا يخفى ان هذا الحديث انما دل على الاستيناف لمن نسي الأذان والإقامة معا لا لمن نسي الاذان وحده بل يلوح من
الحديث الثامن عشر ان الاستيناف لاستدراك الإقامة حيث سكت فيه عن استدراك الاذان مع أن السؤال كان عن
نسيانهما معا ولم أقف على حديث يدل على جواز القطع لتدارك الاذان وحده ولا على قائل بذلك من علمائنا القائلين
باستحباب الاذان الا المحقق قدس الله روحه في الشرائع وشيخنا الشهيد الثاني في شرحه ولعل المحقق اطلع في
بعض كتب الأصول التي لم تصل إلينا على ما يدل على ذلك لكن نقل فخر المحققين طاب ثراه في الايضاح الاجماع على
عدم الرجوع إلى الاذان مع الاتيان بالإقامة وما تضمنه الحديث الثامن عشر من تحديد الاستيناف بالقراءة حمله بعض
علمائنا على تأكد استحباب الاستيناف ما لم يقرء وهو لا ينافي ثبوت أصل الاستحباب ما لم يركع وما تضمنه من الصلاة
على النبي صلى الله عليه وآله لعله إشارة إلى قطع الصلاة بذلك وسيجئ في الفصل الآتي فيمن نسي الإقامة انه يسلم على
النبي صلى الله عليه وآله ثم يقيم ولعل المراد بالصلاة هنا السلام أو يجعل القطع بالصلاة من خصوصيات هذا
الموضع كما قاله شيخنا في الذكرى وما دل عليه الحديث التاسع عشر من عدم مشروعية التثويب بين الأذان والإقامة
يراد به الاتيان بالحيعلتين بينهما وقد أجمع علماؤنا على ترك التثويب سواء فسر بهذا أو بقول الصلاة خير من النوم
وقد دل الحديث العشرون على عدم الاعتداد باذان المخالف وإقامته إذ المراد بالعارف (العارف) بهذا الامر وعلى ان من اذن
وأقام لنفسه بنية الانفراد ثم أراد ان يصلي جماعة فإنه لا يجتزي بهما بل يعيدهما ورجح المحقق في المعتبر
الاجتزاء بهما
لاشتمال سند الحديث على جماعة من الفطحية وأيد ذلك بما رواه أبو مريم الأنصاري قال قد صلى بنا أبو جعفر عليه السلام
في قميص بلا ازار ولا رداء ولا اذان ولا إقامة فلما انصرف قلت له عافاك الله صليت بنا في قميص بلا ازار ولا رداء ولا اذان ولا
إقامة فقال إن قميصي كثيف فهو يجزي ان لا يكون ازار ولا رداء واني مررت بجعفر وهو يؤذن ويقيم فلم أتكلم فأجزأني ذلك
ثم قال رحمه الله وإذا اجتزأ باذان غيره مع الانفراد فبأذانه أولى هذا كلامه والظاهر أن مراده عليه السلام بجعفر في هذه
الرواية الصادق عليه السلام وسواء كان هو أو غيره فليس فيها دلالة على أنه كان منفردا فلا يتم التقريب وأجاب شيخنا في
الذكرى عن الطعن في الحديث بانجباره بالشهرة وتلقى الأصحاب له بالقبول وعن الاستدلال بالأولوية بان الاجتزاء باذان
غيره لكونه صادف نية السامع للجماعة فكأنه اذن للجماعة بخلاف الناوي باذانه الانفراد هذا كلامه وهو غير بعيد وما
دل الحديث الثالث والعشرون من أن من ذكر في أثناء الإقامة نسيان حرف من الاذان فليس عليه تداركه وان الإقامة
تتدارك يعطي ان اهتمام الشارع بشأن الإقامة أشد فقد روى أنها من الصلاة ولهذا ذهب جماعة من علمائنا إلى اشتراطها بالطهارة
والقبلة والقيام والمراد بالحرف في هذا الحديث أحد فصول الاذان لما روى عن الباقر عليه السلام ان الاذان ثمانية

208
عشر حرفا ويمكن ان يراد به المعنى المتعارف والله أعلم
الفصل الثالث في الإقامة ونبذ من أحكامها سبعة عشر
حديثا أ من الصحاح زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا أقيمت الصلاة حرم الكلام على الامام وأهل المسجد الا في
تقديم امام ونحوه ب ابن أبي عمير قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يتكلم في الإقامة قال نعم فإذا قال
المؤذن قد قامت الصلاة فقد حرم الكلام على أهل المسجد الا ان يكونوا قد اجتمعوا من شتى وليس لهم (امام) فلا بأس ان
يقول بعضهم لبعض تقدم يا فلان ج زرارة قال قال أبو عبد الله عليه السلام لا تتكلم إذا أقمت الصلاة فإنك ان تكلمت
أعدت الإقامة د حماد بن عثمان قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يتكلم بعد ما يقيم الصلاة قال نعم ه‍ عمر بن أبي
نصر قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام أيتكلم الرجل في الاذان قال لا بأس قلت في الإقامة قال لا ومحمد بن مسلم و
الفضيل بن يسار عن أحدهما عليهما السلام قال يجزيك إقامة في السفر ز علي بن يقطين قال سألت أبا الحسن عليه السلام
عن الرجل ينسى ان يقيم الصلاة وقد افتتح الصلاة قال إن كان قد فرغ من صلاته فقد تمت صلاته وان لم يكن فرغ من
صلاته فليعد ح سليمان بن جعفر الجعفري قال سمعته يقول أفرق بين الأذان والإقامة بجلوس أو بركعتين ط
أحمد بن محمد قال قال القعود بين الأذان والإقامة في الصلوات كلها إذا لم يكن قبل الإقامة صلاة تصليها ى
عبد الله بن مسكان قال رأيت أبا عبد الله عليه السلام اذن وأقام من غير أن يفصل بينهما بجلوس يا معاوية بن وهب عن
أبي عبد الله عليه السلام قال الاذان مثنى مثنى والإقامة مرة مرة يب عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال
الإقامة مرة مرة الا قول الله أكبر الله أكبر فإنه مرتان يج من الحسان الحسين بن أبي العلاء عن أبي عبد الله عليه السلام قال
سألته عن الرجل يستفتح صلاة المكتوبة ثم يذكر انه لم يقم قال فان ذكر أنه لم يقم قبل ان يقرأ فليسلم على النبي صلى الله
عليه وآله ثم يقيم ويصلي وان ذكر بعدما قرأ بعض السورة فليتم الصلاة يد من الموثقات سماعة قال قال أبو عبد الله
عليه السلام إذا أقام المؤذن الصلاة فقد حرم الكلام الا ان يكون القوم ليس يعرف لهم امام يه عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال إذا قمت إلى الصلاة الفريضة فاذن وأقم وافصل بين الأذان والإقامة بقعود أو بكلام أو تسبيح
يو عمار الساباطي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام أو سمعته يقول في الرجل ينسى ان يفصل بين الأذان والإقامة بشئ حتى
اخذ في الصلاة إذا أقام للصلاة قال ليس عليه شئ وليس له ان يدع ذلك عمدا وسئل ما ل؟ الذي يجزى من التسبيح بين الاذان و
الإقامة قال يقول الحمد لله يز عمار الساباطي قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول لا بد للمريض ان يؤذن ويقيم إذا أراد
الصلاة ولو في نفسه ان لم يقدر على أن يتكلم به سئل فإن كان شديد الوجع قال لا بد ان يؤذن ويقيم لأنه لا صلاة الا
باذان وإقامة أقول ما دل عليه الحديث الأول والثاني والثالث من تحريم الكلام بعد الإقامة هو مذهب
الشيخين والمرتضى وابن الجنيد الا ما يتعلق بالصلاة من تقديم امام أو تسوية صف والباقون حملوا التحريم على شدة
الكراهة مستندين إلى ما دل عليه الحديث الرابع جمعا بين الاخبار وقد تضمن الحديث الخامس المنع من الكلام في أثناء
الإقامة أيضا وهو عند المفيد والمرتضى رضي الله عنهما محمول على ظاهره من التحريم وعند الباقين على الكراهة و
ما تضمنه الحديث السابع من إعادة الصلاة لمن ذكر قبل فراغه منها انه؟ الإقامة هو مذهب ابن أبي عقيل وابن

209
الجنيد لكن قيد ابن الجنيد ذلك بما إذا لم يقرأ عامة السورة والمشهور بين الأصحاب عدم تدارك الإقامة
لمن اتى بالاذان اقتصارا في ابطال الصلاة على موضع الوفاق ثم لا يخفى ان الظاهر أن المراد بالفراغ في هذا الحديث
الفراغ من جميع أفعال الصلاة وشيخنا في الذكرى تبعا للعلامة في المختلف حمله على ما قبل الركوع حملا للمطلق على المقيد
أعني الحديث السابع عشر من الفصل السابق وهو حمل بعيد جدا وكلامه يعطي انه ظن ورود هذا الحديث فيمن نسي الأذان والإقامة
معا وربما روي تدارك الإقامة في أثناء الصلاة من غير قطع روى زكريا بن آدم قال قلت لأبي الحسن الرضا
عليه السلام جعلت فداك كنت في صلاتي فذكرت في الركعة الثانية وانا في القراءة اني لم أقم فكيف اصنع قال اسكت
موضع قراءتك وقل قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة ثم امض في قراءتك وصلاتك وقد تمت صلاتك وشيخنا في الذكرى استشكل
قول ذلك في أثناء الصلاة وقال إنه كلام ليس من الصلاة ولا من الأذكار وأنت خبير بان الحمل على أنه يقول ذلك مع
نفسه من غير أن يتلفظ به ممكن وقوله عليه السلام اسكت موضع قراءتك وقل قد قامت الصلاة ربما يؤذن بذلك إذ لو
تلفظ بالإقامة لم يكن ساكتا في موضع القراءة وحمل السكوت على السكوت عن القراءة لا عن غيرها خلاف الظاهر وما
تضمنه الحديث الثامن والتاسع من الفصل بين الأذان والإقامة بجلوس أو ركعتين مشهور بين الأصحاب وظاهرهما
عدم الفرق بين المغرب وغيرها لكن روى سيف بن عميرة عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال بين كل
أذانين قعدة الا المغرب فان بينهما نفسا وهذا هو المراد بما في كتب الفروع من الفصل بين اذان المغرب وإقامته بسكتة
واما ما فيها من الفصل بخطوة فقد قال شيخنا في الذكرى انه لم يجد به حديثا وقد روى في المغرب الفصل بالجلوس
أيضا روى اسحق الحريري عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال من جلس فيما بين اذان المغرب والإقامة كان كالمتشحط بدمه
في سبيل الله وما تضمنه الحديث العاشر من عدم فصل الصادق عليه السلام بين الأذان والإقامة بالجلوس لعله للفصل بغيره
كسكتة أو تسبيح أو لبيان جواز عدم الفصل وما تضمنه الحديث الحادي عشر والثاني عشر من أن الإقامة مرة مرة محمول
على حال السفر أو العجلة ويمكن حمله على التقية فان المشهور بين أصحابنا انها مثنى مثنى الا التهليل الأخير فإنه مرة واحدة
لكنا لم نظفر في ذلك بحديث معتبر واما الأحاديث الضعيفة في هذا الباب فمختلفة فمنها ما فيه نوع دلالة على ما هو
المشهور كما رواه إسماعيل الجعفي قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول الأذان والإقامة خمسة وثلاثون حرفا وعد ذلك بيده
واحدا واحدا الاذان ثمانية عشر حرفا والإقامة سبعة عشر حرفا وما رواه صفوان بن مهران الجمال قال سمعت أبا عبد
الله عليه السلام يقول الاذان مثنى مثنى والإقامة مثنى مثنى ولعله عليه السلام أراد أغلب الفصول في كل منهما فلا
يشكل تربيع التكبير في أوله وتوحيد التهليل في آخرها ومنها ما يدل على أن فصولها كفصول الاذان حتى في تربيع التكبير
في أولها كما رواه أبو بكر الحضرمي وكليب الأسدي عن أبي عبد الله عليه السلام انه حكى لهما الاذان فقال الله أكبر الله
أكبر الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله اشهد ان لا اله إلا الله اشهد ان محمدا رسول الله اشهد ان محمدا رسول الله حي على
الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح حي على خير العمل حي على خير العمل الله أكبر الله أكبر لا اله إلا الله لا إله إلا الله
والإقامة كذلك وبعض علمائنا عمل بهذه الرواية فجعل فصول الإقامة مثل فصول الاذان مع زيادة قد قامت

210
الصلاة مرتين حكاه الشيخ في الخلاف والأولى عدم التخطي عما هو المشهور والحديث الثالث عشر صريح في تدارك الإقامة
وحدها وقطع الصلاة لها إذا ذكرها قبل القراءة والقول به غير بعيد وبه قال شيخنا في غير الذكرى وقوله عليه
السلام فليسلم على النبي صلى الله عليه وآله ثم يقيم ظاهره تعين قطع الصلاة بالتسليم وقد مر الكلام فيه في الفصل السابق
وما تضمنه الحديث الخامس عشر من الفصل بين الأذان والإقامة بالكلام يمكن حمله على الكلام بذكر الله تعالى على مطلق
الكلام وكيف كان فعطف التسبيح عليه من عطف الخاص على العام وقوله عليه السلام وليس له ان يدع ذلك عمدا يدل
على تأكد استحباب الفصل بينهما بشئ وقوله عليه السلام يقول الحمد لله يعطي اطلاق التسبيح على التحميد وهل هو حقيقة
فيبر بالتحميد من نذر التسبيح يحتمل ذلك وللتوقف فيه مجال والله أعلم الجملة الثانية في مقارنات الصلاة من
الافعال والترك وسائر الآداب وفيها مقاصد المقصد الأول في ذكر نبذ من أفعال الصلاة وآدابها على وجه الاجمال خمسة
أحاديث أ من الصحاح زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا قمت في الصلاة فلا تلصق قدمك بالأخرى ودع بينهما
فصلا إصبعا أقل ذلك إلى شبر أكثره وأسدل منكبيك وأرسل يديك ولا تشبك أصابعك ولتكونا على فخذيك قبالة
ركبتيك وليكن نظرك في موضع سجودك فإذا ركعت فصف في ركوعك بين قدميك تجعل بينها قدر شبر وتمكن راحتيك
من ركبتيك وتضع يدك اليمنى على ركبتك اليمنى قبل اليسرى وبلع بأطراف أصابعك عين الركبة وفرج أصابعك إذا
وضعتها على ركبتيك فان وصلت أطراف أصابعك في ركوعك إلى ركبتيك أجزأك ذلك [؟] إلى أن تمكن كفيك من
ركبتيك فتجعل أصابعك في عين الركبة وتفرج بينهما وأقم صلبك ومد عنقك وليكن نظرك إلى ما بين قدميك فإذا
أردت ان تسجد فارفع يديك بالتكبير وخر ساجدا وابدأ بيديك تضعهما على الأرض قبل ركبتيك تضعهما معا ولا
تفترش ذراعيك افتراش السبع ذراعيه ولا تضعن ذراعيك على ركبتيك وفخذيك ولكن تجنح بمرفقيك ولا
تلزق كفيك بركبتيك ولا تدنهما من وجهك بين ذلك حيال منكبيك ولا تجعلهما بين يدي ركبتيك ولكن
تحرفهما عن ذلك شيئا وابسطهما على الأرض بسطا واقبضهما إليك قبضا وان كان تحتهما ثوب فلا يضرك وان
أفضيت بهما إلى الأرض فهو أفضل ولا تفرجن بين أصابعك في سجودك ولكن اضممهن جميعا قال فإذا قعدت
في تشهدك فالصق ركبتيك بالأرض ففرج بينهما شيئا وليكن ظاهر قدمك اليسرى على الأرض وظاهر قدمك اليمنى على باطن قدمك اليسرى وأليتاك على الأرض وطرف ابهامك اليمنى على الأرض وإياك والقعود على قدميك فتتأذى
بذلك ولا تكون قاعدا على الأرض فتكون انما قعد بعضك على بعض فلا تصبر للتشهد والدعاء ب حماد بن عيسى
قال قال لي أبو عبد الله عليه السلام يوما يا حماد تحسن ان تصلي قال فقلت يا سيدي انا احفظ كتاب حريز في الصلاة قال لا
عليك يا حماد قم فصل قال فقمت بين يديه متوجها إلى القبلة فاستفتحت الصلاة فركعت وسجدت فقال يا حماد
لا تحسن ان تصلي ما أقبح بالرجل منكم يأتي عليه ستون سنة أو سبعون سنة فلا يقيم صلاة واحدة بحدودها
تامة قال حماد فأصابني في نفسي الذل فقلت جعلت فداك فعلمني الصلاة فقام أبو عبد الله عليه السلام مستقبل القبلة
منتصبا فأرسل يديه جميعا على فخذيه قد ضم أصابعه وقرب بين قدميه حتى كان بينهما قدر ثلث أصابع منفرجات

211
واستقبل بأصابع رجليه جميعا القبلة لم يحرفها عن القبلة وقال بخشوع الله أكبر ثم قرأ الحمد بترتيل وقل هو الله
أحد ثم صبر هنية بقدر ما يتنفس وهو قائم ثم رفع يديه حيال وجهه وقال الله أكبر وهو قائم ثم ركع وملا كفيه من ركبتيه
منفرجات ورد ركبتيه إلى خلفه ثم استوى ظهره حتى لو صب عليه قطرة من ماء أو دهن لم تزل لاستواء ظهره ومد
عنقه وغمض عينيه ثم سبح ثلثا بترتيل فقال سبحان ربي العظيم وبحمده ثم استوى قائما فلما استمكن من القيام
قال سمع الله لمن حمده ثم كبر وهو قائم ورفع يديه حيال وجهه ثم سجد وبسط كفيه مضمومتي الأصابع بين يدي ركبتيه
حيال وجهه فقال سبحان ربي الأعلى وبحمده ثلث مرات ولم يضع شيئا من جسده على شئ منه وسجد على ثمانية أعظم
الكفين والركبتين وأنامل إبهامي الرجلين والجبهة والأنف وقال سبع منها فرض يسجد عليها وهي التي ذكرها الله
عز وجل في كتابه وقال وان المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا وهي الجبهة والكفان والركبتان والابهامان و
وضع الأنف على الأرض سنة ثم رفع رأسه من السجود فلما استوى جالسا قال الله أكبر ثم قعد على فخذه الأيسر قد وضع
قدمه الأيمن على بطن قدمه الأيسر وقال استغفر الله ربي وأتوب إليه ثم كبر وهو جالس وسجد السجدة الثانية وقال كما قال
في الأولى ولم يضع شيئا من بدنه على شئ منه في ركوع ولا سجود وكان مجنحا ولم يضع ذراعيه على الأرض فصلى ركعتين
على هذا ويداه مضمومتا الأصابع وهو جالس في التشهد فلما فرغ من التشهد سلم فقال يا حماد هكذا صل ج
زرارة عن أبي جعفر عليه السلام انه (قال) إذا قمت إلى الصلاة فعليك بالاقبال على صلاتك فإنما يحسب لك ما أقبلت عليه
ولا تعبث فيها بيدك ولا برأسك ولا بلحيتك ولا تحدث نفسك ولا تتثاب ولا تمتخط ولا تكفر فإنما يفعل ذلك المجوس
ولا تلثم ولا تقع على قدميك ولا تفترش ذراعيك ولا تفرقع أصابعك فان ذلك كله نقصان في الصلاة ولا تقم
إلى الصلاة متكاسلا ولا متناعسا ولا متثاقلا فإنهن من خلال النفاق فان الله تعالى نهى المؤمنين ان يقوموا إلى الصلاة
وهم سكارى يعني سكر النوم وقال للمنافقين وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس ولا يذكرون الله الا
قليلا د عيص بن القاسم قال قال أبو عبد الله عليه السلام والله انه ليأتي على الرجل خمسون سنة ما قبل الله منه صلاة
واحدة فأي شئ أشد من هذا والله انكم لتعرفون من جيرانكم وأصحابكم من لو كان يصلي لبعضكم ما قبلها منه لاستخفافه
بها ان الله لا يقبل الا الحسن فكيف يقبل ما استخف به ه‍ من الحسان زرارة قال إذا قامت المرأة في الصلاة جمعت بين
قدميها ولا تفرج بينهما وتضم يديها إلى صدرها لمكان ثدييها فإذا ركعت وضعت يديها فوق ركبتيها على فخذيها
لئلا تطأطأ كثيرا فترتفع عجيزتها فإذا جلست فعلى أليتيها كما يقعد الرجل فإذا سقطت للسجود بدأت بالقعود بالركبتين قبل
اليدين ثم تسجد لاطئة بالأرض فإذا كانت في جلوسها ضمت فخذيها ورفعت ركبتيها من الأرض فإذا نهضت انسلت
انسلالا لا ترفع عجيزتها أولا أقول ما تضمنه الحديث الأول من أن أقل مقدار الفصل بين القدمين حال
القيام إصبع لعل المراد به طول الإصبع لا عرضه وقد يؤيد بما يجئ في الحديث الآتي من قول حماد وقرب بين قدميه
حتى كان بينهما قدر ثلث أصابع منفرجات إذ طول الإصبع قريب من ذلك المقدار والحق انه لا تأييد فيه أصلا ونصب إصبعا
على البدلية من قوله فصلا وأقل بالرفع خبر مبتدأ محذوف اي هو أقل ذلك وأكثر مرفوع بفاعلية الظرف كما في قوله

212
تعالى وعلى أبصارهم غشاوة أو مبتدأ والظرف خبره والمراد باسدال المنكبين ان لا يرفعهما إلى فوق والمنكب مجموع (مجمع) عظم
العضد والكتف والمراد بالصف بين القدمين في الركوع ان لا يكون أحدهما أقرب إلى القبلة من الآخر وبلغ في قوله عليه
السلام وبلع أطراف أصابعك عين الركبة باللام المشددة والعين المهملة من البلع أي اجعل أطراف أصابعك كأنها بالعة
عين الركبة وهذا كما سيجئ في بحث الركوع من قوله عليه السلام وتلقم بأطراف أصابعك عين الركبة اي تجعل عين
الركبة كاللقمة لأطراف الأصابع وربما يقرء وبلغ بالغين المعجمة وهو تصحيف وقوله عليه السلام فان وصلت أطراف
أصابعك صريح في عدم وجوب الانحناء إلى أن تصل الراحتان إلى الركبتين وفي كلام شيخنا الشهيد الثاني طاب ثراه ان
الظاهر الاكتفاء ببلوغ الأصابع واستند إلى هذا الخبر ومعلوم ان المراد بأطراف الأصابع الأنامل واما حملها على أطرافها
المتصلة براحة الكف فبعيد جدا والضمير في قوله عليه السلام وتفرج بينهما يعود إلى الركبتين والمراد بإقامة الصلب تسويته
وعدم تقويسه وبوضع اليدين معا على الأرض وضعهما عليها دفعة واحدة وبالتجنيح بالمرفقين ابعادهما عن البدن بحيث
يصيران كالجناحين وبعدم الصاق الكفين بالركبتين مباعدة طرفيهما المتصلين بالزندين عنهما والظرف أعني بين
ذلك متعلق بمحذوف والتقدير واجعلهما بين ذلك أي بين الركبتين والوجه وقوله عليه السلام ولا تجعلهما بين يدي
ركبتيك اي لا تجعلهما في نفس قلة الركبتين بل احرفهما عن ذلك قليلا ولا ينافي هذا ما في حديث حماد من أنه عليه
السلام بسط كفيه بين يدي ركبتيه لان المراد بكون الشئ بين اليدين كونه بين جهتي اليمين والشمال وهو أعم من المواجهة
الحقيقية والانحراف اليسير إلى أحد الجانبين ويستعمل ذلك في كل من المعنيين فاستعمل في هذا الحديث في الأول
وفي الآخر في الثاني قال صاحب الكشاف في تفسير قوله تعالى " يا أيها الذين امنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله " حقيقة
قولهم جلست بين يدي فلان ان تجلس بين الجهتين المسامتتين ليمينه وشماله قريبا منه فسميت الجهتان يدين لكونهما
على سمت اليدين مع القرب منهما توسعا كما يسمى الشئ باسم غيره إذا جاوزه وداناه انتهى ولعل المراد بقبض الكفين في
قوله عليه السلام واقبضهما إليك قبضا انه إذا رفع رأسه من السجدة الأولى ضم كفيه إليه ثم رفعهما بالتكبير لا انه يرفعهما بالتكبير وعن
الأرض برفع واحد وفي كلام الشيخ الجليل علي بن بابويه قدس الله روحه ما يفسر ذلك فإنه قال إذا رفع رأسه من السجدة
الأولى قبض يديه إليه قبضا فإذا تمكن من الجلوس رفعهما بالتكبير انتهى وقد دل قوله عليه السلام وان أفضيت إلى آخره
على استحباب مماسة الكفين الأرض حال السجود من دون حائل وفي التهذيب عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال ضعوا
اليدين حيث تضعون الوجه فإنهما يسجدان كما يسجد الوجه وقوله عليه السلام ولا تفرجن بين أصابعك في سجودك ولكن
اضممهن جميعا يعطي شمول الضم للأصابع الخمس وفي كلام بعض علمائنا انه يفرق الابهام عن البواقي ولم نظفر بمستنده
ولعل المراد بالصاق الركبتين بالأرض حال التشهد الصاق ما يتصل منهما بالساقين بها وقوله عليه السلام وليكن ظاهر
قدمك اليسرى على الأرض إلى اخره مما يحصل مع الجلوس على الورك الأيمن والأيسر لكنه محمول على الجلوس على الأيسر ونهيه
عليه السلام عن القعود على القدمين اما ان يراد به ان يجعل ظاهر قدميه على الأرض ويجلس على عقبيه أو ان يجعل
باطن قدميه إلى الأرض غير موصل أليتيه إليها رافعا فخذيه وركبتيه إلى قرب ذقنه ولعل الأول أقرب وقوله عليه

213
السلام ولا تكون قاعدا على الأرض اي لا تكون موصلا أليتيك إليها ومعتمدا بهما عليها واسم لا النافية للجنس في
قوله عليه السلام في الحديث الثاني لا عليك محذوف وحذفه في مثل هذا التركيب شايع والتقدير لا بأس عليك
وقد فصل عليه السلام (بين) فعل التعجب ومعموله والخلاف فيه مشهور بين النحاة فمنعه الأخفش والمبرد وجوزه المازني
والفراء إذا كان الفاصل ظرفا ونقلا عن العرب انهم يقولون ما أحسن بالرجل ان يصدق ووقوع الفصل به في
كلامه عليه السلام أقوى الحجج على جوازه والجار في قوله عليه السلام منكم حال من الرجل أو وصف له فان المعرف بلام
العهد الذهني في حكم النكرة والمراد ما أقبح بالرجل من الشيعة أو من صلحائهم وقوله عليه السلام تامة اما حال من
حدودها أو نعت ثان لصلاة
والترتيل تبيين الحروف وعدم ادماج بعضها في بعض مأخوذ من قولهم ثغر رتل ومرتل
إذا كان مفلجا وعن أمير المؤمنين عليه السلام انه حفظ الوقوف وبيان الحروف وهنية بضم الهاء وتشديد الياء بمعنى
الوقت اليسير مصغر هنة بمعنى الوقت وربما قيل هينهة بابدال الياء هاء واما هنيئة بالهمز فغير صواب نص عليه
في القاموس ومعنى سبحان ربي العظيم وبحمده أنزه ربي عن كل ما لا يليق بعز جلاله تنزيها وانا متلبس بحمده على ما
وفقني له من تنزيهه وعبادته كأنه لما أسند التسبيح إلى نفسه خاف ان يكون في هذا الاسناد نوع تبجح بأنه مصدر لهذا
الفعل فتدارك ذلك بقوله وانا متلبس بحمده على أن صيرني اهلا لتسبيحه وقابلا لعبادته على قياس ما قاله جماعة من
المفسرين في قوله تعالى حكاية عن الملائكة ونحن نسبح بحمدك فسبحان مصدر بمعنى التنزيه كغفران ولا يكاد يستعمل الا
مضافا منصوبا بفعل مضمر كمعاذ الله وهو هنا مضاف إلى المفعول وربما جوز كونه مضافا إلى الفاعل والواو في وبحمده
حالية وربما جعلت عاطفة وسمع الله لمن حمده بمعنى استحباب لكل من حمده وعدى باللام لتضمنه معنى الاصغاء والاستجابة
والظاهر أنه دعاء لا مجرد ثناء كما يستفاد مما رواه الفضل عن الصادق عليه السلام قال قلت له جعلت فداك علمني دعاء جامعا
فقال لي احمد الله فإنه لا يبقى أحد يصلي الا دعا لك يقول سمع الله لمن حمده وتفسيره عليه السلام المساجد في الآية بالأعضاء
السبعة التي يسجد عليها مروي عن الجواد عليه السلام أيضا لما سأله المعتصم عن هذه الآية ومعنى لا تدعوا مع الله أحدا
والله أعلم لا تشركوا معه غيره في سجودكم عليها واما ما في بعض التفاسير من أن المراد بالمساجد الأماكن المعروفة
التي يصلى فيها فبما لا تعويل عليه بعد هذا التفسير المنقول عن أصحاب العصمة سلام الله عليهم أجمعين وقول حماد وسجد
السجدة الثانية وقال كما قال في الأولى الظاهر أن مراده انه عليه السلام قال فيها ما قاله في السجدة الأولى من الذكر أعني سبحان ربي الأعلى
وبحمده ثلث مرات فاستدلال شيخنا في الذكرى بهذه العبارة على أنه عليه السلام كبر بعد رفعه من السجدة
الثانية فيه ما فيه والمراد من الاقبال على الصلاة في الحديث الثالث رعاية آدابها الظاهرة والباطنة وصرف الأعمال (البال)
عما يعتري في أثنائها من الأفكار الدنية والوساوس الدنيوية وتوجه القلب إليها لا من حيث إنها أقوال وافعال بل من حيث إنها
معراج روحاني ونسبة شريفه بين العبد والحق جل شأنه وعظم برهانه والمراد من التكفير في قوله عليه السلام ولا تكفر
وضع اليمين على الشمال وهو الذي يفعله المخالفون والنهي فيه للتحريم عند الأكثر واما النهي عن الأشياء المذكورة قبله من
العبث باليد والرأس واللحية وحديث النفس والتثائب والامتخاط فللكراهة ولا يحضرني الان ان أحدا من
الأصحاب قال بتحريم

214
شئ من ذلك وهل تبطل الصلاة بالتكفير أكثر علمائنا رضوان الله عليهم على ذلك بل نقل الشيخ والسيد المرتضى رضي
الله عنهما الاجماع عليه واستدلوا أيضا بأنه فعل كثير خارج عن الصلاة وبان أفعال الصلاة متلقاة من الشارع وليس هذا
منها وبالاحتياط وذهب أبو الصلاح إلى كراهته ووافقه المحقق في المعتبر قال طاب ثراه الوجه عندي الكراهة لمخالفته
ما دل عليه الأحاديث من استحباب وضع اليدين على الفخذين والاجماع غير معلوم لنا خصوصا مع وجود المخالف من أكابر
الفضلاء والتمسك بأنه فعل كثير في غاية الضعف لان وضع اليدين على الفخذين ليس بواجب ولم يتناول النهي وضعهما
في موضع معين فكان للمكلف وضعهما كيف شاء وعدم تشريعه لا يدل على تحريمه والاحتياط معارض بان الأوامر
المطلقة بالصلاة دالة باطلاقها على عدم المنع أو نقول متى يحتاط إذا علم ضعف مستند المنع أو إذا لم يعلم ومستند المنع هنا
معلوم الضعف اما الرواية فظاهرها الكراهة لما تضمنه من التشبه بالمجوس وامر النبي صلى الله عليه وآله
بمخالفتهم ليس على الوجوب لأنهم قد يفعلون الواجب من اعتقاد الإلهية وانه فاعل الخير فلا يمكن حمل الحديث على
ظاهره ثم قال فاذن ما قاله الشيخ أبو الصلاح من الكراهية أولى هذا كلامه وقد ناقشه شيخنا في الذكرى بأنه
قائل في كتبه بتحريمه وابطاله الصلاة والاجماع وان لم نعلمه فهو إذا نقل بخبر الواحد حجة عند جماعة من الأصوليين
واما الروايتان فالنهي فيهما صريح وهو للتحريم كما اختاره معظم الأصوليين وخلاف المعين لا يقدح في الاجماع
والتشبه بالمجوس فيما لم يدل (دليل) على شرعيته حرام وأين الدليل الدال على شرعية هذا الفعل والامر بالصلاة مقيد بعدم
التكفير الثابت في الخبرين المعتبري الاسناد اللذين عمل بهما معظم الأصحاب ثم قال فح؟ الحق ما صار إليه الأكثر وان لم يكن اجماعا
انتهى كلامه زيد اكرامه والنهي في قوله عليه السلام ولا تلثم بالتشديد محمول على التحريم ان منع اللثام شيئا من القراءة والا
فعلى الكراهة وقد مر الكلام فيه في الفصل الرابع من مباحث اللباس ونهيه عليه السلام عن الاقعاء شامل لما بين السجدتين
وحال التشهد وغيرهما وهو محمول على الكراهة عند الأكثر وقال الصدوق وابن إدريس لا باس بالاقعاء بين السجدتين
ولا يجوز في التشهدين وذهب الشيخ في المبسوط والمرتضى إلى عدم كراهته مطلقا والعمل على المشهور وصورة الاقعاء ان يعتمد
بصدور قدميه على الأرض ويجلس على عقبيه وهذا هو التفسير المشهور بين الفقهاء ونقل المحقق في المعتبر والعلامة
في المنتهى عن بعض أهل اللغة ان الاقعاء هو ان يجلس على أليتيه ناصبا فخذيه مثل اقعاء الكلب وربما يؤيد هذا
التفسير بصحيحة الحلبي ومحمد بن مسلم ومعوية بن عمار انهم قالوا قال لا تقع في الصلاة بين السجدتين كاقعاء الكلب ووجه التأييد
ظاهر من التشبيه باقعاء الكلب فإنه بالمعنى الثاني لا الأول وما تضمنه الحديث الخامس من قوله عليه السلام فإذا ركعت وضعت
يديها فوق ركبتيها على فخذيها لئلا تطأطأ كثيرا يعطي ان انحناء المرأة في الركوع أقل من انحناء الرجل وقال [شيخنا في؟]
الذكرى يمكن ان يكون الانحناء مساويا ولكن لا تضع اليدين على الركبتين حذرا من أن تطأطأ كثيرا بوضعهما على الركبتين
وتكون بحالة تمكنها وضع اليدين على الركبتين هذا كلامه ولا يخفى ما فيه فإنها إذا كانت بحالة يمكنها وضع اليدين
على الركبتين كان تطأطؤها مساويا لتطأطئ الرجل فكيف يجعل عليه السلام وضع اليدين فوق الركبتين احترازا عن
عدم التطأطئ الكثير اللهم الا ان يقال إن امره عليه السلام بوضع يديها فوق ركبتيها انما هو للتنبيه على أنه لا

215
يستحب لها زيادة الانحناء على القدر الموظف كما يستحب ذلك للرجل والجلوس في قوله عليه السلام فإذا جلست فعلى
أليتيها كما يقعد الرجل الظاهر أن المراد به الجلوس قبيل السجود وبين السجدتين كما قاله والدي قدس الله روحه في بعض
تعليقاته فيكون التورك مستحبا لها في هذين الحالين وما يتراءى من أن جلوسها في هذين الحالين كجلوسها
في التشهد مما لم يثبت بل هذا الحديث صريح في أن جلوسها قبيل السجود مخالف لجلوسها في التشهد لقوله عليه السلام
بدأت بالقعود بالركبتين قبل اليدين وليس في جلوسها في التشهد قعود بالركبتين هذا وقد يوجد في بعض نسخ
التهذيب بدأت بالقعود بالركبتين بالواو وحينئذ لا تصريح بالمخالفة بين الجلوسين الا ان الحديث على ما نقله شيخنا في الذكرى والعلامة
في المنتهى خال عن هذه الواو واعلم أن هذا الحديث في التهذيب على ما نقلناه وفي كثير من نسخ الكافي هكذا فإذا
جلست فعلى أليتيها ليس كما يقعد الرجل وهذه النسخة هي التي اثرها شيخنا طاب ثراه في الذكرى وقال إن حذف
لفظة ليس في التهذيب سهو من الناسخين ثم قال ويرى هذا السهو في التصانيف كالنهاية للشيخ وغيرها وهو مع
كونه لا يطابق المنقول في الكليني لا يطابق المعنى إذ جلوس المرأة ليس كجلوس الرجل لأنها في جلوسها تضم فخذيها وترفع
ركبتيها من الأرض بخلاف الرجل فإنه يتورك انتهى كلامه طاب ثراه ولا يخفى ما فيه بعد ما قدمناه وقوله عليه السلام ثم
تسجد لاطئة بالأرض أي لاصقة بها وماضيه لطا كضرب ولطي كعلم ومصدره على الأول لطأ كضرب وعلى الثاني لطوء
كقعود وقوله عليه السلام لا ترفع عجيزتها كالبيان لمعنى الانسلال والله أعلم المقصد الثاني في القيام وآدابه و
انتقال المضطر عنه إلى القعود وعنه إلى الاضطجاع أحد عشر حديثا أ من الصحاح حماد في وصف صلاة أبي عبد الله
عليه السلام انه قام مستقبل القبلة منتصبا فأرسل يديه جميعا على فخذيه قد ضم أصابعه وقرب بين قدميه حتى كان
بينهما قدر ثلث أصابع منفرجات واستقبل بأصابع رجليه جميعا القبلة لم يحرفها عن القبلة الحديث ب زرارة
عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا قمت في الصلاة فلا تلصق قدمك بالأخرى ودع بينهما فصلا إصبعا أقل ذلك
إلى
شبر أكثره وأسدل منكبيك وأرسل يديك ولا تشبك أصابعك وليكونا على فخذيك قبالة ركبتيك وليكن
نظرك إلى موضع سجودك الحديث وقد مر مع سابقه في الفصل السابق ج ابان ومعوية بن وهب قالا قال أبو عبد
الله عليه السلام إذا قمت إلى الصلاة فقل اللهم إني أقدم إليك محمدا صلى الله عليه وآله بين يدي حاجتي وأتوجه إليك
فاجعلني بها وجيها عندك في الدنيا والآخرة ومن المقربين اجعل صلاتي مقبولة وذنبي مغفورا ودعائي به مستجابا
انك أنت الغفور الرحيم د ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا تمسك بخمرك وأنت تصلي ولا تستند إلى جدار
الا أن تكون مريضا ه‍ علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الرجل هل يصلح له ان يستند إلى حائط
المسجد وهو يصلي أو يضع يده على الحائط وهو قائم من غير مرض ولا علة فقال لا بأس وعن الرجل يكون في صلاة فريضة
في الركعتين الأوليين هل يصلح له ان يتناول جانب المسجد فينهض يستعين به على القيام من غير ضعف ولا علة قال
لا باس ومحمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل والمرأة يذهب بصره فيأتيه الأطباء فيقولون نداويك
شهرا أو أربعين ليلة مستلقيا كذلك فرخص في ذلك وقال فمن اضطر غير باغ ولا عاد ز محمد بن مسلم عن أحدهما

216
عليهما السلام قال قلت له الرجل يضع يده في الصلاة اليمنى على اليسرى قال ذاك التكفير فلا تفعل ج من الحسان
أبو حمزة عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل الذين يذكرون الله قياما وقعودا قال الصحيح يصلي قائما وقعودا والمريض
يصلي جالسا وعلى جنوبهم الذي يكون أضعف من المريض الذي يصلي جالسا ط جميل بن دراج قال سألت أبا عبد الله
عليه السلام ما حد المرض الذي يصلي صاحبه قاعدا قال إن الرجل ليوعك ويجرح ولكنه اعلم بنفسه ولكن إذا قوى فليقم
ى من الموثقات عبد الله بن بكير عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الرجل يصلي متكئا على عصا أو على حائط فقال
لا بأس بالتوكي على عصا والاتكاء على الحائط يا سماعة قال سألته عن الرجل يكون في عينيه الماء (فينزع الماء) فيستلقي على ظهره
الأيام الكثيرة أربعين يوما أو أقل أو أكثر فيمتنع من الصلاة الأيام وهو على حال فقال لا بأس بذلك وليس شئ مما حرم الله
الا وقد أحله لمن اضطر إليه
أقول أطبق علماء الاسلام على وجوب القيام في الصلاة وانه ركن فيها قاله
المحقق في المعتبر والعلامة في المنتهى ومعلوم ان الركن ليس مجموع القيام الواقع في الصلاة ولا كل جزء منه لصحة صلاة
ناسي القراءة وقد جعله شيخنا الشهيد رحمه الله في بعض فوائده على انحناء فالقيام في النية شرط كالنية والقيام في
التبكير تابع له في الركنية والقيام في القراءة واجب غير ركن وكذا القيام من الركوع إذ لو تركه سهوا وسجد لم تبطل صلاته
والقيام في القنوت مستحب كالقنوت والقيام المتصل بالركوع ركن فلو ركع جالسا بطلت صلاته وان كان سهوا والمراد من
القيام المتصل بالركوع هو جزؤه الأخير الذي يركع عنه زيادته أو نقصانه وان كانت لا يتحقق الا [بزيادة؟] الركوع أو نقصانه
الا ان ذلك غير قادح في ركنيته لجواز تعليل بطلان الصلاة بأمرين فصاعدا فان علل الشرع [؟] فان قلت
إذا اتصل قيام القنوت بالركوع لزمه اتصاف الجزء الأخير منه بالوجوب والاستحباب معا قلت تمحض الجزء الذي يركع عنه في
الوجوب وانسلاخه عن الاستحباب غير بعيد على أنه يجوز اتصاف الفعل الواجب بالوجوب والاستحباب من جهتين مختلفتين كما في الجمع
بين الصلاة على البالغ ستا والناقص عنها وكما لو كبر المأموم المسبوق للاحرام وقصد بها تكبير الركوع أيضا فقد نقل
الشيخ في الخلاف الاجماع على صحته ورواه معاوية بن شريح عن الصادق عليه السلام وما تضمنه الحديث الأول والثاني من آداب
القيام تقدم الكلام فيها في المقصد السابق وقوله عليه السلام في الحديث الثالث إذا قمت إلى الصلاة يراد به التلبس بالقيام
لها بالفعل وحمله على إرادة القيام على وتيرة قوله تعالى إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم خلاف الظاهر وما تضمنه
الحديث الرابع من المنع من الاستناد في الصلاة يراد به الاستناد الذي معه اعتماد بحيث لو زال السند وهو غافل لسقط
والخمر بالخاء المعجمة والميم المفتوحتين ما وارك من شجر ونحوه واما ما في الحديث الخامس والعاشر من جواز الاستناد إلى
حائط المسجد والتوكي على عصا فالمراد به استناد ليس معه اعتماد وحمل أبو الصلاح رحمه الله هذين الخبرين على ظاهرهما
فعد اعتماد المصلي على ما يجاوره من الأبنية من المكروهات وقد دل الحديث السادس والحادي عشر على جواز العمل
بقول الأطباء في ترك القيام في الصلاة واطلاق الأطباء [يشمل؟] الفسقة والعدول والكفرة والمسلمين بل صرح جماعة
من علمائنا بجواز العمل بقول الطبيب الواحد وان كان كافرا وكأنهم حملوا اللام في الأطباء على الجنسية كما ذكره علماء
المعاني في نحو زيد يركب الخيل والظاهر أن جواز التعويل على كلام الأطباء في ذلك وأمثاله مما لا خلاف فيه بين علمائنا و

217
كلامهم يعطي تخصيص آية التثبت عند خبر الفاسق بما إذا لم يفد خبره الظن واما ما روى من أن ابن عباس رضي
الله عنه لما كف بصره اتاه رجل فقال له ان صبرت على سبعة أيام لا تصلي الا مستلقيا داويت عينيك ورجوت ان تبرأ
فأرسل إلى بعض الصحابة كأم سلمة وغيرها يستفتيهم في ذلك فقالوا لو مت في هذه الأيام ما الذي تصنع الصلاة فترك
المعالجة فهذا خبر عامي لا تعويل عليه مع أنه يحتمل عدم حصول الظن بخبر ذلك الرجل أو ان تركه رضي الله عنه للمعالجة
كان من باب الاحتياط لا لعدم جوازها وقد فسر الباغي في الآية بالخارج على الامام والعادي بقاطع الطريق وهو مروي
عن الصادق عليه السلام وربما يلوح من تلاوته عليه السلام هذه الآية عقيب الرخصة في الصلاة مستلقيا ان الباغي
والعادي غير مرخصين في ذلك فيحرم عليهما الاستلقاء في الصلاة للمداواة ويتحتم القيام وان أوجب استمرار المرض كما
يحرم عليهما تناول الميتة عند الاضطرار ويتحتم لهما الكف عنها وان أدى ذلك إلى الهلاك ولا يحضرني الان تعرض أحد
من الأصحاب لذلك ولو قيل به لم يكن فيه كثير بعد أن لم يكن انعقد الاجماع على خلافه وما تضمنه الحديث السابع من
النهي عن التكفير تقدم الكلام فيه في الحديث الثالث من الفصل السابق وما تضمنه الحديث الثامن من انتقال المريض
إلى القعود ومنه إلى الاضطجاع مما لا كلام فيه انما الكلام في أن من فرضه الاضطجاع هل يجب عليه تقديم الجانب الأيمن
على الأيسر أم هو مخير في الاضطجاع على أي الجانبين شاء ظاهر اطلاق هذا الحديث هو الثاني واليه ذهب العلامة طاب ثراه
في النهاية والتذكرة لكنه جعل الاضطجاع على الأيمن أفضل وشيخنا الشهيد واتباعه على الأول ويدل عليه ما رواه عمار عن الصادق
عليه السلام المريض إذا لم يقدر ان يصلي قاعدا يوجه كما يوجه الرجل في لحده وينام على جانبه الأيمن ثم يؤمي بالصلاة فإن لم
يقدر على جانبه الأيمن فكيف ما قدر فإنه جائز وبما رواه ابن بابويه مرسلا عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال المريض
يصلي قائما فإن لم يستطع صلى جالسا فإن لم يستطع صلى على جانبه الأيمن فإن لم يستطع صلى على جانبه الأيسر فإن لم يستطع
استلقى وأومأ ايماء وجعل وجهه نحو القبلة وجعل سجوده اخفض من ركوعه وقوله عليه السلام في الحديث التاسع ان الرجل
ليوعك ويجرح إلى اخره في قوة قوله ان الأمراض مختلفة والقوة فيها متفاوتة وصاحب المرض اعلم بأنه هل يقوى على القيام أم لا
ويوعك بالعين المهملة بمعنى يحم وقوله عليه السلام ولكن إذا قوي فليقم يقتضي باطلاقه وجوب الانتقال إلى القيام كلما قدر
عليه والآتيان بما تيسر منه وان كان قليلا ولو تمكن من القيام للركوع فقط وجب عليه أيضا بل هو أولى اجزاء القيام بالوجوب
ان به يتحصل ما هو الركن منه وهو القيام المتصل بالركوع قال شيخنا في الذكرى وهل يجب الطمأنينة في هذا القيام قبل
الهوى قال الفاضل لا يجب بناء على أن القيام انما يجب الطمأنينة فيه لأجل القراءة وقد سقطت ويحتمل الوجوب اما
أولا فلضرورة كون الحركتين المتضادتين في الصعود والهبوط بينهما سكون فينبغي مراعاته ليتحقق الفصل بينهما واما ثانيا فلان
ركوع القائم يجب ان يكون عن طمأنينة وهذا ركوع قائم واما ثالثا فلان معه تيقن الخروج عن العهدة هذا كلامه و
ناقشه شيخنا المحقق الشيخ علي أعلى الله قدره في الوجه الأول بان الكلام ليس في ذلك السكون الضروري فإنه خارج عن محل
النزاع انما الكلام في الطمأنينة العرفية وهي امر زايد على ذلك السكون وهو كلام جيد وقول السائل في الحديث الحادي عشر
فيمتنع من الصلاة اي من القيام فيها أو من صلاة الأصحاء بجعل اللام للعهد الخارجي وجملة قوله وهو على حال حالية اي يمتنع

218
من الصلاة حال كونه على حال واحد من الاستلقاء في تلك المدة وقوله عليه السلام وليس شئ مما حرم الله إلى اخره يستفاد منه
جواز تناول الخمر لغير التداوي عند الاضطرار كإساغة اللقمة وشدة العطش ومنع الشيخ في المبسوط من ذلك ضعيف و
اما التداوي به من الأمراض فربما يظن جوازه من هذا الحديث وليس بشئ فان صحيحة الحلبي عن الصادق عليه السلام صريحة
في المنع منه فهي مخصصة لعموم هذا الحديث على انا لو أبقيناه على عمومه لما تم الاستدلال به على ذلك أيضا لما رواه
عمر بن أذينة في الحسن عن الصادق عليه السلام ان الله عز وجل لم يجعل في شئ مما حرم دواء ولا شفاء فان هذه الرواية
تعطي عدم تحقق الاضطرار إلى التداوي بشئ من المحرمات الا ما خرج بدليل خاص وللكلام في هذا المقام مجال واسع
ليس هذا محله وستقف عليه انشاء الله في مباحث الأطعمة والأشربة من هذا الكتاب الذي نرجو من الله سبحانه ان يوفقنا
لاتمامه بمنه وكرمه
المقصد الثالث في تكبيرة الاحرام وسائر تكبيرات الصلاة سبعة عشر حديثا أ من الصحاح
زرارة قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل ينسى تكبيرة الافتتاح قال يعيد ب محمد عن أحدهما عليهما السلام
فيمن ذكر انه لم يكبر في أول صلاته قال إذا استيقن انه لم يكبر فليعد ولكن كيف يستيقن ج الحلبي عن أبي عبد الله عليه
السلام قال سألته عن رجل نسي ان يكبر حتى دخل في الصلاة فقال أليس كان من نيته ان يكبر قلت نعم قال فليمض على صلاته
د الفضل بن عبد الملك وابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يصلي ولم يفتتح بالتكبير هل يجزيه تكبير الركوع
قال لا ه‍ البزنطي عن الرضا عليه السلام قال قلت له رجل نسي ان يكبر تكبيرة الافتتاح حتى كبر للركوع قال أجزأه وصفوان
بن مهران الجمال قال رأيت أبا عبد الله عليه السلام إذا كبر في الصلاة يرفع يديه حتى يكاد يبلغ اذنيه ز منصور بن حازم قال
رأيت أبا عبد الله عليه السلام افتتح الصلاة فرفع يديه حيال وجهه واستقبل القبلة ببطن كفيه ح معاوية بن عمار قال رأيت
أبا عبد الله عليه السلام حين افتتح الصلاة يرفع يديه أسفل من وجهه قليلا ط ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله
عز وجل " فصل لربك وانحر " قال هو رفع يديك حذاء وجهك ى زيد الشحام قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام الافتتاح
فقال تكبيرة تجزيك قلت فالسبع قال ذلك الفضل يا محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال التكبيرة الواحدة
في افتتاح الصلاة تجزي والثلث أفضل والسبع أفضل يب الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام عن أخف ما يكون من التكبير
في الصلاة قال ثلث تكبيرات فان كانت قراءة قرأت بقل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون وإذا كنت إماما فإنه يجزيك
ان تكبر واحدة تجهر فيها وتستر ستا يج زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال خرج رسول الله صلى الله عليه وآله إلى
الصلاة وقد كان الحسين عليه السلام أبطأ عن الكلام حتى تخوفوا ان لا يتكلم وأن يكون به خرس فخرج به عليه السلام حامله
على عاتقه وصف الناس خلفه فأقامه على يمينه فافتتح رسول الله صلى الله عليه وآله فكبر الحسين عليه السلام فلما سمع
رسول الله صلى الله عليه وآله تكبيره عاد فكبر الحسين عليه السلام حتى كبر رسول الله صلى الله عليه وآله سبع تكبيرات
وكبر الحسين عليه السلام فجرت السنة بذلك يد زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال يجزيك في الصلاة من الكلام
في التوجه إلى الله عز وجل ان يقول وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض على ملة إبراهيم حنيفا مسلما وما انا من
المشركين ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وانا من المسلمين ويجزيك تكبيرة

219
واحدة يه من الحسان الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا افتتحت الصلاة فارفع يديك ثم ابسطهما بسطا ثم كبر
ثلث تكبيرات ثم قل اللهم أنت الملك الحق لا إله إلا أنت اني ظلمت نفسي فاغفر لي ذنبي انه لا يغفر الذنوب الا أنت ثم
كبر تكبيرتين ثم قل لبيك وسعديك والخير في يديك والشر ليس إليك والمهدي من هديت لا ملجأ ولا منجا منك الا
الا إليك سبحانك وحنانيك تباركت وتعاليت سبحانك رب البيت ثم تكبر تكبيرتين ثم تقول وجهت وجهي
للذي فطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة حنيفا مسلما وما انا من المشركين ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي
لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وانا من المسلمين ثم تعوذ من الشيطان الرجيم ثم اقرأ فاتحة الكتاب يو
معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال التكبير في صلاة الفرض في الخمس صلوات خمس وتسعون منها تكبيرة تكبيرة القنوت خمس
يز من الموثقات زرارة قال رأيت أبا جعفر عليه السلام أو قال سمعته استفتح الصلاة بسبع تكبيرات ولاء أقول
ربما يختلج ببال من تصفح كتابنا هذا السؤال عن وجه تعقيبنا مباحث القيام بمباحث تكبيرة الاحرام من دون التعرض بينهما
لمباحث النية والخوض في بيان حقيقتها ومستند أحكامها المذكورة في كتب الفروع فليعلم ان بعض فقهائنا
المتأخرين رضي الله عنهم وان أطنبوا فيها وطولوا زمام الكلام في بيان حقيقتها الا أنه ليس في أحاديث أئمتنا سلام الله عليهم من
تلك الأمور عين ولا اثر بل المستفاد من تتبع ما ورد عنهم عليهم السلام في بيان الوضوء والصلاة وسائر العبادات التي
علموها شيعتهم سهولة امر النية جدا وانها غنية عن البيان مركوزة في أذهان كل العقلاء عند صدور أفعالهم
الاختيارية عنهم من العبادات وغيرها ولذلك لم يتعرض قدماء فقهائنا قدس الله أرواحهم لمباحث النية أصلا وانما
خاض فيها جماعة من المتأخرين وقد ساقوا الكلام على وجه أوهم تركبها من اجزاء متكثرة وأوجب ذلك صعوبتها على
كثير من الناس حتى أداهم ذلك إلى الوقوع في الوسواس وليست النية في الحقيقة الا القصد البسيط إلى ايقاع الفعل المعين
لعلة غائية وهذا القدر لا يكاد ينفك عنه عاقل يفعل الفعل ملاحظا غايته التي تترتب عليه ولذلك قال بعض علمائنا
لو كلفنا بايقاع الفعل من دون نية لكان تكليفا بما لا يطاق وليس في النية تركب أصلا وانما يوجد التركب في المنوي و
احضاره في الذهن بوجه مميز له من غيره عند الناوي مما لا كلفة فيه أصلا فان
صلاة الظهر التي نحن مكلفون بأدائها في هذا اليوم مثلا متصورة لنا بهذا الوصف العنواني الذي تمتاز به عن جميع ما عداها
من العبادات وغيرها والقصد إلى ايقاعها امتثالا لامره تعالى وتحصيلا لرضاه جل وعلا في غاية السهولة كما يشهد
به الوجدان ومن استصعب ذلك فليتهم وجدانه ويتعوذ بالله من الشيطان الرجيم إذا انتقش هذا على صفحة خاطرك
فنقول أطبق علماؤنا رضوان الله عليهم على أن تكبيرة الاحرام ركن في الصلاة تبطل بتركها عمدا وسهوا وقد تضمن
الحديث الأول البطلان بتركها سهوا وقوله عليه السلام في الحديث الثاني ولكن كيف يستيقن من قبيل الاستفهام
الانكاري يتضمن استبعاد تيقن المكلف وقد تلبس بالصلاة انه لم يفتتحها بتكبيرة الاحرام وما تضمنه الحديث الثالث
من أن من كان نيته ان يكبر فليمض في صلاته يراد به ان من قام إلى الصلاة قاصدا افتتاحها بالتكبير ثم لما تلبس
بها خطر له انه نسي التكبير فإنه لا يلتفت لأن الظاهر جريانه على ما كان قاصدا له وعدم افتتاحه الصلاة بغير التكبير فيكون

220
هذا من المواضع التي ترجح فيها الظاهر على الأصل وما تضمنه الحديث الرابع من عدم اجزاء تكبير الركوع عن تكبيرة الاحرام
لا ينافيه ما تضمنه الحديث الخامس من اجزائه عنه لأنا نحمل الخامس على المأموم إذا نسي ان يكبر للافتتاح حتى إذا اخذ
المأموم في الركوع فكبر ناويا بها تكبيرة الافتتاح والركوع معا فان صلاته صحيحة كما مر في المقصد السابق والشيخ طاب
ثراه حمله على من لم يتيقن الترك بل شك فيه وما تضمنه الحديث السادس والسابع والثامن والتاسع من رفع اليدين
حال التكبير مما لا خلاف في رجحانه انما الخلاف في وجوبه واستحبابه فقد أوجبه السيد المرتضى رضي الله عنه في تكبيرات الصلاة
كلها محتجا على ذلك باجماع الفرقة واما حد الرفع فهذه الأحاديث الأربعة متقاربة فيه وروى أبو بصير عن
الصادق عليه السلام إذا افتتحت الصلاة فكبرت فلا تتجاوز اذنيك وعبارات علمائنا أيضا متقاربة فيه فقال ابن بابويه يرفعهما
إلى البخر ولا يتجاوز بهما الاذنين حيال الخد وقال ابن أبي عقيل يرفعهما بحذو منكبيه أو حيال خديه لا يتجاوز بهما
اذنيه وقال الشيخ يحاذي بيديه شحمتي اذنيه وربما يظن منافاة كلام الشيخ لما تضمنه الحديث السادس من عدم بلوغ
الاذنين وليس بشئ إذ لا بلوغ في المحاذاة أيضا وينبغي استقبال القبلة ببطن الكفين كما في الحديث السابع ولتكونا
مضمومتي الأصابع سوى الابهامين كما ذكره جماعة من علمائنا وقيل يضم الخمس وفي كلام بعض الأصحاب ان ضم الأصابع
يستفاد من رواية حماد في وصف صلاة الصادق عليه السلام وهو كما ترى فإنها انما تضمنت ضم الأصابع عند ارسال
اليدين على الفخذين حال القيام وعند السجود وحال التشهد لا حال التكبير وينبغي أيضا ان يكون ابتداء التكبير عند
ابتداء الرفع وانتهاؤه عند انتهائه قاله جماعة من الأصحاب وربما استنبط ذلك مما تضمنه الحديث الثامن من رفعه
عليه السلام يديه حين افتتاح الصلاة لكن عطف التكبير على رفع اليدين بلفظة ثم في الحديث الرابع عشر لا يساعد على
ذلك اللهم الا ان تجعل منسلخة عن معنى التراخي والتأخير وما تضمنه الحديث العاشر والحادي عشر والثاني عشر والرابع
عشر والسادس عشر من افتتاح الصلاة بسبع تكبيرات مما لا خلاف فيه بين علمائنا رضوان الله عليهم انما الخلاف في
عموم الاستحباب جميع الصلاة فالمحقق وابن إدريس وشيخنا في الذكرى وجماعة على العموم وبعضهم نص على شمول
النوافل أيضا ولا باس به لاطلاق الاخبار وقال المرتضى رضي الله عنه في المسائل المحمدية باختصاصها بالفرائض دون النوافل
وقال علي بن بابويه رحمه الله باختصاصها بستة مواضع أول كل فريضة وأول ركعة من صلاة الليل وفي المفردة من
الوتر وأول ركعة من نافلة الزوال وأول ركعة من نوافل المغرب وأول ركعتي الاحرام وزاد الشيخان على هذه الستة سابعا وهو
الوتيرة وما تضمنه الحديث الثاني عشر من أن العلة في جريان السنة بالتكبيرات السبع هي قصة الحسين عليه السلام
مشهور بين الطائفة وروى هشام بن الحكم عن الكاظم عليه السلام سببا اخر وهو ان النبي صلى الله عليه وآله لما أسري
به إلى السماء قطع سبعة حجب فكبر عند كل حجاب تكبيرة حتى وصل إلى منتهى الكرامة ولا خلاف بين الأصحاب في أن
المصلى مخير في جعل اي السبع شاء تكبيرة الافتتاح وذكر الشيخ في المصباح ان الأولى جعلها الأخيرة وتبعه في ذلك
جماعة ولم أظفر له بمستند صالح بل المستفاد من الحديث الثالث عشر ان النبي صلى الله عليه وآله جعلها الأولى
وما تضمنه الحديث الرابع عشر من دعاء التوجه وقته بعد التكبيرة التي ينوي بها الافتتاح كذا قاله العلامة ولو

221
قيل إن وقته بعد اكمال السبع سواء قدم تكبيرة الافتتاح أو اخرها كما يظهر من الحديث الخامس عشر لم يكن بعيدا فان
الافتتاح يحصل بالسبع كما يرشد إليه الحديث العاشر والحادي عشر وقد زاد الشيخ رحمه الله في المصباح بعد قوله على
ملة إبراهيم قوله ودين محمد ومنهاج علي وذكره في النهاية أيضا وما تضمنه الحديث الخامس عشر من الامر بالتعوذ محمول
على الاستحباب وقد تفرد الشيخ أبو علي ولد الشيخ رحمهما الله تعالى بالقول بوجوب التعوذ لورود الامر به وهو غريب فان
والده قدس الله روحه نقل في الخلاف الاجماع منا على استحبابه ووقته قبل القراءة ومحله الركعة (الأولى) خاصة ولا تكرر فيه
وصورته أعوذ بالله من الشيطان الرجيم أو أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم وعن ابن البراج بزيادة ان الله هو
السميع العليم ويستحب الاسرار به ولو في الجهرية قاله أكثر الأصحاب وحملوا ما روي من أن الصادق عليه السلام جهر به على بيان
الجواز وما تضمنه الحديث السادس عشر من أن تكبيرات الصلاة خمس وتسعون تكبيرة منها تكبيرة القنوت هو الذي عليه
الأكثر ورواه أيضا الصباح المزني عن أمير المؤمنين عليه السلام وقد تضمن خبر عبد الله بن المغيرة تفصيلها بان في كل من
الظهر والعصر والعشاء إحدى وعشرين تكبيرة وفي المغرب ست عشرة وفي الفجر إحدى عشر وخمس للقنوت في الخمس والمفيد
قدس الله روحه أسقط تكبيرات القنوت وقال باستحباب التكبير للقيام من التشهد فمجموع تكبيرات الصلاة عنده
أربع وتسعون والروايات لا تساعده وقال الشيخ طاب ثراه لست اعرف بقوله هذا حديثا أصلا وذكر أيضا انه قد وردت
روايات كثيرة بأنه ينبغي ان يقوم الانسان من التشهد الأول إلى الثالثة بقوله بحول الله وقوته أقوم واقعد فلو كان
القيام بالتكبير لكان يقول ثم يكبر ويقوم إلى الثالثة كما أنه لما ذكروا الركوع والسجود قالوا ثم يكبر ويركع ويكبر ويسجد و
يرفع رأسه من السجود ويكبر فلو كان هيهنا تكبير لكان يقول مثل ذلك انتهى كلامه وقد وافقه عليه بعض المتأخرين وأنت
خبير بأنه كلام اقناعي ولبيك وسعديك أي إقامة على طاعتك بعد إقامة مساعدة على امتثال امرك بعد مساعدة
والحنان بفتح الحاء وتخفيف النون الرحمة وبتشديدها ذو الرحمة وحنانيك أي رحمة منك بعد رحمة ولعل المراد من
سبحانك وحنانيك أنزهك تنزيها وانا سائلك رحمة بعد رحمة قالوا وللحال كالواو في سبحان الله وبحمده والحنيف المائل عن
الباطل إلى الحق والله أعلم
المقصد الرابع في القراءة والقنوت وفيه خمسة فصول الفصل الأول في قراءة
الحمد والسورة وتحريم قول آمين تسعة عشر حديثا أ من الصحاح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته عن الذي
لا يقرأ فاتحة الكتاب في صلاته قال لا صلاة له الا ان يقرء بها في جهر أو اخفات ب محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما
السلام قال إن الله عز وجل فرض الركوع والسجود والقراءة سنة فمن ترك القراءة متعمدا أعاد الصلاة ومن نسي القراءة فقد
تمت صلاته ج محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن السبع المثاني والقرآن العظيم هي الفاتحة
قال نعم قلت
بسم الله الرحمن الرحيم قلت فإذا قرأت فاتحة الكتاب من السبع قال نعم هي أفضلهن د معاوية بن عمار قال قلت لأبي عبد
الله عليه السلام إذا قمت إلى الصلاة اقرأ بسم الله الرحمن الرحيم قال نعم قلت فإذا قرأت فاتحة الكتاب اقرأ بسم الله الرحمن الرحيم مع السورة قال نعم
ه‍ محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته عن الرجل يفتتح القراءة في الصلاة يقرء بسم الله الرحمن الرحيم
قال نعم إذا افتتح الصلاة فليقلها في أول ما يفتتح ثم يكفيه ما بعد ذلك وعبيد الله بن علي (وأخوه محمد بن علي) الحلبيان عن أبي عبد الله

222
عليه السلام انهما سألاه عمن يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم حين يريد يقرأ فاتحة الكتاب قال نعم ان شاء سرا وان شاء جهرا
فقالا أفيقرأها مع السورة الأخرى فقال لا ز محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يكون إماما
فيستفتح بالحمد ولا يقرء بسم الله الرحمن الرحيم فقال لا يضره ولا بأس به ح الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا بأس
ان يقرأ الرجل في الفريضة بفاتحة الكتاب إذا ما أعجلت به حاجة أو تخوف شيئا ط معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه
السلام قال من غلط في سورة فليقرء قل هو الله أحد ثم ليركع ى علي بن يقطين قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن تبعيض
السورة قال أكره ولا بأس به في النافلة يا علي بن رئاب عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول فاتحة الكتاب تجوز
وحدها في الفريضة يب الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن فاتحة الكتاب تجوز وحدها وتجزئ في الفريضة
يج إسماعيل بن الفضل قال صلى بنا أبو عبد الله عليه السلام فقرأ فاتحة الكتاب واخر سورة المائدة فلما سلم التفت إلينا و
قال انما أردت ان أعلمكم يد عمر بن يزيد قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام أيقرأ الرجل السورة الواحدة في الركعتين
فقال لا باس إذا كانت أكثر من ثلث آيات يه سعد بن سعد عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال سألته عن رجل قرء
في ركعة الحمد ونصف سورة هل يجزيه في الثانية ان لا يقرأ الحمد ويقرأ ما بقي من السورة قال يقرأ الحمد ثم يقرأ ما
بقي من السورة يو زرارة قال قلت لأبي جعفر عليه السلام رجل قرأ سورة في ركعة فغلط أيدع المكان الذي غلط
فيه ويمضي في قراءة أو يدع تلك السورة ويتحول منها إلى غيرها فقال كل ذلك لا بأس به وان قرأ آية واحدة فشاء
ان يركع بها ركع يز معاوية بن وهب قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام قول امين إذا قال الامام غير المغضوب عليهم
ولا الضالين قال هم اليهود والنصارى يح جميل عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن قول الناس في الصلاة جماعة
حين يقرأ فاتحة الكتاب امين قال ما أحسنها واخفض الصوت بها يط من الحسان جميل عن أبي عبد الله عليه السلام
قال إذا كنت خلف امام فقرأ الحمد ففرغ من قراءتها فقل أنت الحمد لله رب العالمين ولا تقل امين أقول
ما تضمنه الحديث الأول من أنه لا صلاة الا بقراءة الفاتحة مما أطبق عليه علماؤنا في الصلوات المفروضة واما المسنونة
فالأصح اشتراطها بها أيضا والعلامة طاب ثراه في التذكرة على عدم وجوبها فيها محتجا بالأصل قال شيخنا في
الذكرى ان أراد رحمه الله الوجوب بالمعنى المصطلح عليه فهو حق لان الأصل إذا لم يكن واجبا لا تجب اجزاؤه وان أراد به
الوجوب المطلق ليدخل فيه الوجوب بمعنى الشرط بحيث تنعقد النافلة من دون الحمد فممنوع انتهى كلامه ولا باس به وما
تضمنه الحديث الثاني من أن الركوع والسجود فرض والقراءة سنة يراد بالفرض فيه ما ثبت وجوبه بالكتاب وبالسنة ما ثبت وجوبه
بالسنة وقد دل الحديث الثالث على أن البسملة من الفاتحة وقد أطبق أصحابنا على أنها جزء منها ومن كل سورة سوى
براءة وعلى بطلان الصلاة بتركها من الفاتحة واما العامة فأقوالهم فيها مختلفه وآراؤهم متشعبة وقد أوردتها
مفصلة في كتاب العروة الوثقى (في التفسير) ولنا في هذا المقام بحث أوردناه في الكتاب المذكور أيضا وهو انه لا خلاف بين فقهائنا
رضي الله عنهم في أن كلما تواتر من القرآن يجوز القراءة به في الصلاة ولم يفرقوا بين تخالفها في الصفات أو في اثبات
بعض الحروف والكلمات كملك ومالك وقوله تعالى تجري من تحتها الأنهار باثبات لفظة من وتركها فالمكلف مخير في

223
الصلاة بين الترك والاثبات إذ كل منهما متواتر وهذا يقتضي الحكم بصحة صلاة من ترك البسملة أيضا لأنه قد قرأ
بالمتواتر من قراءة حمزة وأبي عمرو وابن عامر وورش عن نافع وقد حكموا ببطلان صلاته فقد تناقض الحكمان فاما ان
يصار إلى القدح في تواتر الترك وهو كما ترى أو يقال بعدم كلية تلك القضية وان عقدوها كلية ويجعل حكمهم هذا
تنبيها على تطرق الاستثناء إليها فكأنهم قالوا كلما تواتر يجوز القراءة به في الصلاة الا ترك البسملة قبل السورة وللكلام
في هذا المقام مجال واسع والله أعلم بحقايق الأمور وما دل عليه الحديث الخامس والسادس من كفاية تلاوة البسملة
في الفاتحة عن تلاوتها مع السورة لا اشكال فيه على القول بعدم وجوب قراءة السورة فإنه إذا جاز تركها جاز تبعيضها
ويمكن حملهما على التقية كما يحمل الحديث السابع المتضمن جواز تركها في الفاتحة عليها وما تضمنه الحديث الثامن من جواز
الاقتصار على الفاتحة إذا أعجلت به حاجة أو تخوف شيئا يدل بمفهومه الشرطي على ما أطبق عليه جمهور المتأخرين من وجوب
السورة كما هو مذهب الشيخ وابن أبي عقيل وابن إدريس والمرتضى رضي الله عنهم وكذا ما تضمنه الحديث
التاسع من
الامر بقراءة سورة التوحيد والحديث العاشر من اشتمال التبعيض في الفريضة على الباس وكذلك أحاديث اخر غير نقية
الأسانيد كرواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال يجوز للمريض ان يقرأ فاتحة الكتاب وحدها ويجوز للصحيح
في قضاء صلاة التطوع بالليل والنهار ورواية منصور بن حازم قال قال أبو عبد الله عليه السلام لا يقرء في المكتوبة بأقل
من سورة ولا بأكثر ورواية يحيى بن عمران الهمداني انه كتب إلى أبي جعفر عليه السلام جعلت فداك ما تقول في رجل
ابتدأ ببسم الله الرحمن الرحيم في صلاته فلما صار إلى غير أم الكتاب من السورة تركها فقال العياشي ليس بذلك بأس فكتب
بخطه يعيدها مرتين على رغم انف العياشي وربما يستدل أيضا بقوله تعالى فاقرأوا ما تيسر من القرآن خرج ما عدا الحمد
والسورة بالاجماع فبقيتا وذهب الشيخ في النهاية وابن الجنيد وسلار والمحقق في المعتبر إلى استحباب السورة ومال إليه
العلامة في المنتهى ويدل عليه الحديث الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر والسادس
عشر والحديث التاسع من الفصل الآتي وأحاديث أخرى غير نقية الأسانيد كما رواه أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام
انه سئل عن السورة أيصلي الرجل بها في ركعتين من الفريضة فقال نعم إذا كانت ست آيات قرء بالنصف منها في الركعة
الأولى والنصف الآخر في الركعة الثانية وما رواه أبان بن عثمان عمن اخبره عن أحدهما عليهما السلام قال سألته هل يقسم
السورة في ركعتين فقال نعم اقسمها كيف شئت ووجه الدلالة ظاهر فان جواز التبعيض نص في الاستحباب وأدلة الوجوب و
ان اعتضدت بالشهرة انها لا تخلو من ضعف بحسب الدلالة أو بحسب السند اما الأول فلان تجويز الاقتصار
على الفاتحة لاعجال مطلق الحاجة الشاملة للضرورية وغيرها لا يجامع الوجوب وثبوت الباس أعم من التحريم واما الثاني
فلدلالته على وجوب قراءة سورة التوحيد للغالط ولا قائل به فلا مندوحة عن حمل الامر فيه على الاستحباب واما
الثالث فلان الكراهة فيه أعم من التحريم كثبوت البأس واما الرابع فلضعف دلالة المفهوم واما الخامس فلان النهي
فيه عن قراءة ما نقص عن سورة وما زاد عليها والنهي عما زاد محمول على الكراهة جمعا بين الاخبار على ما سيجئ في الفصل
الآتي انشاء الله تعالى فكذا ما نقص تفصيا عن استعمال النهي في حقيقته ومجازه معا واما السادس فلكونه مكاتبة والكاتب

224
وهو يحيى بن عمران مجهول الحال فكيف يعارض الأحاديث الصحيحة واما الاستدلال بالآية الكريمة فإنما يتم لو
ثبت كون لفظة ما فيها موصولة ليفيد العموم لا موصوفة بان يكون المعنى فاقرؤوا شيئا تيسر من القرآن فإنه يتحقق بقراءة الفاتحة
وحدها على أن الآية وردت في التهجد والمراد بالقراءة صلاة الليل كما ذكره شيخنا الشيخ أبو علي الطبرسي وصاحب
الكشاف وغيرهما من المفسرين قالوا عبر سبحانه عن صلاة الليل ببعض اجزائها كما عبر عن الصلاة بالقيام والركوع
والسجود والمراد صلوا ما تيسر عليكم ولم يتعذر من صلاة الليل وعلى هذا فلا دلالة في الآية على وجوب السورة بوجه
واعلم أن الأحاديث الدالة على الاستحباب وان كانت أصح سند أو أوضح دلالة الا ان الأولى عدم الخروج عما عليه
معظم الأصحاب ويستثنى من قولنا أحاديث الاستحباب أوضح دلالة الحديث الثالث عشر فإنه كما يحتمل ارادته عليه السلام
تعليم جواز تبعيض السورة يحتمل ارادته تعليم طريق التقية في القراءة أيضا وكذا الحديث الرابع عشر فإنه كما يحتمل ان يراد
به جواز تبعيض السورة في الركعتين يحتمل ان يراد به جواز تكريرها فيهما وقول شيخنا في الذكرى انه لو أريد تكريرها لم يكن
للتقييد بزيادتها على ثلث آيات فائدة ربما يناقش بجواز كراهة التكرار وإذا كانت ثلث آيات ثم لا يخفى ان هذا
الحديث يقتضي بظاهره خروج البسملة عن السورة إذ ليس في السور ما يكون مع البسملة ثلث آيات فان أقصرها سورة
الكوثر هي مع البسملة أربع والقول بعد البسملة فيها جزء مما بعدها يخالف ما انعقد عليه اجماعنا من أن البسملة في
أول كل سورة آية برأسها فلعله عليه السلام أراد بالسورة ما عدا البسملة من قبيل تسمية الجزء باسم الكل وقد تضمن
الحديث السابع عشر عدم مشروعية قول امين في الصلاة فان عدوله عليه السلام عن جواب السؤال عن قولها إلى تفسير
المغضوب عليهم ولا الضالين يعطي التقية وان بعض المخالفين كان حاضرا في المجلس فأوهمه عليه السلام ان سؤال معاوية انما هو
عن المراد بالمغضوب عليهم ولا الضالين وربما حمل قوله عليه السلام هم اليهود والنصارى على التشنيع على المخالفين و
المراد ان الذين يقولون امين في الصلاة هم يهود ونصارى أي مندرجون في عدادهم ومنخرطون في الحقيقة في
سلكهم وقوله عليه السلام في الحديث الثامن عشر ما أحسنها محمول على التقية وربما فهمت التقية من طرز الكلام كما لا
يخفى وما تضمنه الحديث التاسع عشر من النهي عن قولها محمول عند الأكثر على التحريم وكذا ما تضمنته رواية الحلبي عن
الصادق عليه السلام انه سأله أقول امين إذا فرغت من فاتحة الكتاب قال لا ونقل الشيخ والمرتضى وابن زهرة الاجماع على تحريم
قولها بل نقل الشيخ في الخلاف الاجماع على بطلان الصلاة بقولها ومال المحقق في المعتبر إلى الكراهة محتجا بالحديث
الثامن عشر ورده شيخنا في الذكرى بان استحبابها على سبيل التعجب ينفي كراهتها ورجح الحمل على التقية وكلام ابن
الجنيد يساعد المحقق فإنه قال يستحب ان يجهر الامام بالقنوت في جميع الصلاة ليؤمن من خلفه على دعائه
الفصل
الثاني في حكم القرآن بين السورتين وقراءة السور العزائم في الصلاة تسعة أحاديث أ من الصحاح محمد بن مسلم عن
أحدهما عليهما السلام قال سألته عن الرجل يقرأ السورتين في ركعة فقال لا لكل سورة ركعة ب علي بن يقطين قال
سألت أبا الحسن عليه السلام عن القران بين السورتين في المكتوبة والنافلة قال لا باس ج زيد الشحام قال صلى بنا
أبو عبد الله عليه السلام فقرأ الضحى والم نشرح في ركعة د محمد بن القاسم قال سألت عبدا صالحا هل يجوز ان يقرأ

225
في صلاة الليل بالسورتين والثلث فقال ما كان من صلاة الليل فاقرء بالسورتين والثلث وما كان من صلاة النهار
فلا تقرء الا بسورة سورة ه‍ محمد عن أحدهما عليهما السلام قال سألته عن الرجل يقرء بالسجدة فينساها حتى يركع و
يسجد قال يسجد إذا ذكر إذا كانت من العزائم وعلي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن امام قرأ السجدة
فأحدث قبل ان يسجد كيف يصنع قال يقدم غيره فيتشهد ويسجد وينصرف وقد تمت صلاتهم ز من الحسان الحلبي عن
أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الرجل يقرء السجدة في آخر السورة قال يسجد ثم يقوم فيقرأ فاتحة الكتاب ثم يركع
ويسجد ح من الموثقات زرارة قال قال أبو عبد الله عليه السلام انما يكره ان يجمع بين السورتين في الفريضة اما النافلة
فلا بأس ط عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يقرء في المكتوبة سورة فيها سجدة من العزائم فقال
إذا بلغ موضع السجدة فلا يقرءها وان أحب ان يرجع فيقرء سورة غيرها ويدع التي فيها السجدة فيرجع إلى غيرها وعن الرجل يصلي
مع قوم لا يقتدى بهم فيصلي لنفسه وربما قرأوا آية من العزائم فلا يسجدون فيها فكيف يصنع قال لا يسجد أقول
ما تضمنه الحديث الأول من المنع من قراءة سورتين في ركعة مما يستدل به على ما ذهب إليه المرتضى والشيخ في النهاية و
المبسوط من تحريم القران بين السورتين ويؤيده روايات غير نقية السند كما رواه منصور بن حازم قال قال أبو عبد الله
عليه السلام لا تقرء في المكتوبة بأقل من سورة ولا بأكثر وما رواه عمر بن يزيد عن الصادق عليه السلام قلت له اقرأ سورتين في
ركعة قال نعم قلت أليس يقال اعط كل سورة حقها من الركوع والسجود فقال ذاك في الفريضة فاما في النافلة فلا بأس و
الأولى حمل المنع فيها على الكراهة كما اختاره المتأخرون جمعا بينها وبين الحديث الثاني والثامن ان حملت الكراهة فيه على
المعنى الأصولي وعلى القول بتحريم القران فهل هو مفسد للصلاة ذهب الشيخ في النهاية والمرتضى رضي الله عنهما إلى ذلك واحتج
عليه في المختلف ان القارن بين السورتين غير آت بالمأمور به على وجهه فيبقى في عهدة التكليف وربما يناقش بتحقق
الامتثال بقراءة الواحدة والثانية خارجة عن الصلاة فالنهي عنها لا يستلزم الفساد كالنظر إلى الأجنبية في الصلاة
وهل يتحقق القران بتكرار السورة الواحدة حكم بعض المتأخرين من علمائنا بذلك وللنظر فيه مجال وما تضمنه الحديث
الثالث من قراءة الصادق عليه السلام الضحى والم نشرح في ركعة ربما يستدل به على ما ذكره أكثر فقهائنا من أنهما سورة واحدة
فلا يجوز الاقتصار في الصلاة على أحديهما كما لا يجوز تبعيض السورة وذكروا ان الفيل ولايلاف أيضا كذلك لما رواه المفضل
قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول لا يجمع بين سورتين في ركعة واحدة الا الضحى والم نشرح وسورة الفيل ولايلاف
ولا يخفى انه لا دلالة في شئ من هاتين الروايتين على الوحدة ولا على عدم جواز الاقتصار على إحديهما في الصلاة بل رواية
المفضل ظاهرة في التعدد إذ الظاهر أن الاستثناء فيها متصل ويؤيده الفصل بين كل وأختها في المصاحف كسائر السور و
اما الارتباط المعنوي بين كل وصاحبتها وقول الأخفش والزجاج ان الجار في قوله عز وعلا لإيلاف قريش متعلق بقوله
جل شأنه فجعلهم كعصف مأكول وعدم الفصل بينهما في مصحف ابن مسعود فلا حجة فيه على الوحدة وهو ظاهر هذا وقد ذكر
جماعة من أعيان علمائنا قدس الله أرواحهم كالشيخ في التبيان وأبي علي الطبرسي في مجمع البيان انه روى عن أئمتنا
عليهم السلام ان كلا من تينك السورتين مع أختها سورة واحدة حتى أن الشيخ في التبيان نفى إعادة البسملة بينهما قضاء لحق

226
الوحدة ولعلهم قدس الله أرواحهم اطلعوا على رواية أخرى في هذا الباب غير هاتين الروايتين واما نحن فلم
نطلع في شئ من الأصول المتداولة في زماننا على ما توهم الوحدة سواهما والله أعلم بحقيقة الحال وما تضمنه الحديث الرابع
من القران في صلاة الليل دون صلاة النهار الظاهر أن المراد بها النوافل لا الفرائض وقد يستفاد مما يعطيه ظاهر الحديث
الخامس والسادس والسابع إباحة قراءة العزائم في الصلاة كما هو ظاهر ابن الجنيد والمشهور بين أصحابنا التحريم في الواجبة ويدل
عليه رواية زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال لا يقرء في المكتوبة بشئ من العزائم فان السجود زيادة في المكتوبة و
هذه الرواية وان كانت ضعيفة السند الا ان ضعفها منجبر باشتهار العمل بها بين الأصحاب وربما استدلوا أيضا بان
تلاوة العزيمة مستلزم لاحد محذورين اما الاخلال بالواجب ان نهيناه عن السجود عند التلاوة واما زيادة سجدة
في الصلاة متعمدا ولمانع ان يمنع فورية السجود في تلك الحال فيأتي به بعد الفراغ وان يمنع بطلان الصلاة بسجدة التلاوة
مستندا إلى الحديث الخامس والسابع ولا يخفى ان في قول محمد بن مسلم فينساها استخداما فإنه أراد بالسجدة
سورتها وبضميرها السجود ويحتمل ان يكون في كلامه مضاف محذوف أي سورة السجدة فلا استخدام حينئذ وما تضمنه الحديث
التاسع من قوله عليه السلام إذا بلغ موضع السجدة فلا يقرأها يدل على جواز تبعيض السورة وهو يدور مع استحبابها
وقد مر الكلام فيه والله أعلم
الفصل الثالث في نبذ متفرقة من احكام القراءة ستة عشر حديثا أ من الصحاح
محمد بن مسلم قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام القراءة في الصلاة فيها شئ موقت قال لا الا الجمعة فيقرء؟ بالجمعة والمنافقين
قلت فأي السورة تقرء في الصلوات قال اما الظهر والعشاء الآخرة فيقرء فيهما سواء والعصر والمغرب سواء واما الغداة
فأطول فاما الظهر وعشاء الآخرة فسبح اسم ربك الاعلى والشمس وضحيها ونحوهما واما العصر والمغرب فإذا جاء نصر
الله والهيكم التكاثر ونحوهما واما الغداة فعم يتساءلون وهل اتيك حديث الغاشية ولا أقسم بيوم القيامة وهل اتى
على الانسان حين من الدهر ب علي بن يقطين قال سألت أبا الحسن الأول عليه السلام عن الرجل يقرء في صلاة
الجمعة بغير سورة الجمعة متعمدا قال لا باس بذلك ج عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول
في صلاة الجمعة لا بأس بان تقرأ فيها بغير الجمعة والمنافقين إذا كنت مستعجلا د صفوان قال صليت خلف أبي عبد
الله عليه السلام أياما فكان يقرء في فاتحة الكتاب بسم الله الرحمن الرحيم فإذا كانت صلاة لا يجهر فيها بالقراءة جهر ببسم
الله الرحمن الرحيم وأخفى ما سوى ذلك ه‍ زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في رجل جهر فيما لا ينبغي الاجهار فيه وأخفى فيما
لا ينبغي الاخفاء فيه قال اي ذلك فعل متعمدا فقد نقض صلاته وان فعل ذلك ناسيا أو ساهيا أو لا يدري فلا شئ
عليه وقد تمت صلاته وعلي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن رجل يصلي من الفرائض ما يجهر فيه
بالقراءة هل له ان لا يجهر قال إن شاء (جهر وان شاء) لم يجهر ز صفوان الجمال قال صلى بنا أبو عبد الله عليه السلام فقرأ المعوذتين
في الركعتين ح علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام في الرجل يقرء فاتحة الكتاب وسورة أخرى في النفس الواحد
قال إن شاء قرأ في نفس وان شاء غيره ط عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال إن الله فرض من الصلاة
الركوع والسجود الا ترى لو أن رجلا دخل في الاسلام لا يحسن ان يقرأ القرآن أجزأه ان يكبر ويسبح ويصلي ى من الحسان

227
زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال لا يكتب من القراءة والدعاء الا ما اسمع نفسه يا عمر بن يزيد قال قال أبو عبد الله
عليه السلام من صلى الجمعة بغير الجمعة والمنافقين أعاد الصلاة في سفر أو حضر يب الحلبي قال سألت أبا عبد الله
عليه السلام عن القراءة في الجمعة إذا صليت وحدي أربعا اجهر القراءة قال نعم وقال اقرأ بسورة الجمعة والمنافقين يوم الجمعة
يج معاذ بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا تدع ان تقرء قل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون في سبع مواطن
في الركعتين قبل الفجر وركعتي الزوال وركعتين بعد المغرب وركعتين في أول صلاة الليل وركعتي الاحرام والفجر إذا
أصبحت بها وركعتي الطواف يد عبد الله بن يحيى الكاهلي قال صلى بنا أبو عبد الله عليه السلام في مسجد بنى كاهله
فجهر مرتين ببسم الله الرحمن الرحيم يه الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الرجل يكون مع الامام فيمر
بالمسألة أو باية فيها ذكر جنة أو نار قال لا بأس بان يسأل عند ذلك ويتعوذ من النار ويسأل الله الجنة يو من الموثقات
سماعة قال قال أبو عبد الله عليه السلام ينبغي لمن يقرء القرآن إذا مر بآية من القرآن فيها مسألة أو تخويف ان يسأل عند
ذلك خير ما يرجو ويسأل العافية من النار ومن العذاب أقول المراد بالموقت في الحديث الأول ما هو
موظف بشخصه لا بنوعه فلا ينافيه التوقيت النوعي بعد ذلك وقد اشتهر بين أصحابنا رضوان الله عليهم وسيما المتأخرين
استحباب قراءة سور المفصل في الصلاة وهي ثمان وستون سورة من سورة محمد صلى الله عليه وآله إلى آخر القرآن وانه
يستحب تخصيص الصبح بمطولاته وهي من محمد إلى عم والعشاء بمتوسطاته وهي من عم إلى الضحى والظهرين والمغرب بقصاره وهي
من الضحى إلى آخر القرآن وهذا شئ ذكره الشيخ رحمه الله ولم نطلع في ما وصل إلينا من الأحاديث المروية من طرقنا
على ما يتضمن ذلك بل أصولنا المتداولة في زماننا خالية عن هذا الاسم أيضا وهذا التفصيل انما هو مذكور في
كتب الفروع وقد رواه العامة بطريق فيه عمر بن الخطاب ولعل وجه ذكر أصحابنا له في كتب الفروع ان من عادتهم قدس
الله أرواحهم التسامح في دلائل السنن والعمل فيها بالاخبار الضعيفة تعويلا على الحديث الحسن المشهور الدال على جواز
العمل في السنن بالأحاديث الضعيفة وكيف كان فالأولى التعويل على ما تضمنه هذا الحديث الصحيح وربما يستفاد
مما دل عليه من توظيف الجمعة والمنافقين لصلاة الجمعة وجوب قراءتهما فيها كما ذهب إليه السيد المرتضى رضي الله عنه
والأولى حمل التوظيف على الاستحباب كما يرشد إليه الحديث الثاني وفي الحديث الثالث اشعار بتأكده وقد دل
الحديث الرابع والرابع عشر على استحباب الجهر بالبسملة في الاخفاتية وأكثر علمائنا على ذلك من غير فرق بين الحمد
والسورة ولا بين الركعتين الأوليين والأخيرتين ولا بين الامام والمنفرد وذهب ابن البراج إلى وجوب الجهر بها
فيما يخافت فيه وأطلق أبو الصلاح إلى وجوب الجهر بها في أوليي الظهر والعصر من الحمد والسورة وابن إدريس إلى أن المستحب
انما هو الجهر في الركعتين الأوليتين من الاخفاتية دون الأخيرتين إذ لا خلاف في وجوب اخفات القراءة فيهما فعلى مدعى
استحباب الجهر في بعضها أعني البسملة اثبات جواز التبعيض وجوابه شمول الدليل موضع النزاع وخص ابن الجنيد
الجهر بالبسملة بالامام ومورد هذين الحديثين يساعده غير أن المعروف من شعار هذه الطائفة رضوان الله عليهم
الجهر بالبسملة مطلقا روى الشيخ في المصباح عن أبي الحسن الثالث عليه السلام أنه قال إن علامات المؤمن خمس صلاة الإحدى

228
الخمسين وزيارة الأربعين والتختم في اليمين وتعفير الجبين والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم وقال ابن أبي عقيل رحمه الله
تواترت الاخبار عنهم عليهم السلام ان لا تقية في الجهر بالبسملة وقد يستفاد من الحديث الخامس وجوب الجهر في بعض
الصلوات والاخفات في بعض وان جاهل الحكم معذور والمشهور بين أصحابنا وجوب الجهر في الصبح وأوليي المغرب والعشاء
والاخفات فيما عداها ونقل الشيخ الاجماع على ذلك في الخلاف وعليه العمل وذهب المرتضى رضي الله عنه إلى أن ذلك من السنن
المؤكدة ووافقه ابن الجنيد في أصل الاستحباب ويساعده الحديث السادس والشيخ حمله على التقية لموافقته مذهب
العامة وقال المحقق في المعتبر هذا تحكم من الشيخ فان بعض الأصحاب لا يرى وجوب الجهر بل يستحبه مؤكدا هذا
كلامه وهو كما ترى وربما يستدل على عدم وجوب شئ من الجهر والاخفات بعينه في شئ من الصلوات بقوله
تعالى ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا ويجاب بجواز ان يكون المراد والله أعلم جهرا واخفاتا
زائدين على ما هو المعتاد ولعل المراد عدم الجهر في الكل والاخفات في الكل والله أعلم بمراده والمعوذتين في
الحديث السابع بكسر الواو ولا خلاف بين أصحابنا في أنهما من القرآن ولا عبرة بما ينقل عن ابن مسعود من أنهما ليستا
من القرآن وانما أنزلت التعويذ الحسن والحسين عليهما السلام وما تضمنه الحديث الثامن من جواز قراءة الحمد والسورة
في نفس واحد مما لا ريب في جوازه فان الترتيل مستحب وما يتراءى من قصر الفرض في الحديث التاسع على الركوع والسجود
لا ريب انه إضافي بالنسبة إلى القراءة وقد دل هذا الحديث على أن العاجز عن القراءة يتعوض بالتكبير والتسبيح واطلاقه يقتضي عدم وجوب مساواة مقدار ذلك لمقدار القراءة وعدم وجوب ما زاد على قول الله أكبر وسبحان الله بل لو قيل بالاكتفاء بالتسبيح
وحده لم يكن بذلك البعيد بان يحمل التكبير في قوله عليه السلام أجزأه ان يكبر ويسبح على تكبيرة الاحرام وقال شيخنا
في الذكرى ولو قيل بتعيين ما يجزي في الأخيرتين من التسبيح كان وجها لأنه قد ثبت بدليته عن الحمد في الأخيرتين
ولا يقصر بدل الحمد في الأوليين عنهما هذا كلامه ولا بأس به هذا وقد ذكر بعض علمائنا ان العاجز عن القراءة انما
ينتقل إلى الذكر إذا لم يحسن شيئا من القرآن أصلا والا قدمه عليه وربما جعل بعض الأصحاب في هذا الحديث دلالة على
ذلك وهو انما يتم لو تعين كون اللام في القرآن للحقيقة لكن حملها على العهد بمعونة المقام ممكن ثم الانتقال إلى الذكر
معلوم انه انما يجوز مع العجز عن التعلم ولو أمكنه الايتمام والحال هذه تعين وقدمه على القراءة في المصحف وهل هي
جائزة للقادر على التعلم حكم شيخنا في الذكرى بالعدم لان المأمور به القراءة عن ظهر القلب فإنه المتبادر إلى الافهام وجوزها المحقق والعلامة وان أمكنها الحفظ معللين بان الواجب مطلق القراءة ويؤيدهما اطلاق رواية
الحسن الصيقل عن الصادق عليه السلام قال قلت له ما تقول في الرجل يصلي وهو ينظر في المصحف يقرأ ويضع السراج
قريبا منه قال لا بأس وما تضمنه الحديث الحادي عشر من إعادة من صلى الجمعة سفرا بغير الجمعة والمنافقين ربما
يستفاد منه وجوب قراءة تينك السورتين في ظهر يوم الجمعة كما ذهب إليه ابن بابويه فان الواجب في السفر انما هو الظهر
لا الجمعة والشيخ في التهذيب حمله على الترغيب لرواية علي بن يقطين قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الجمعة في
السفر ما اقرأ فيهما قال اقرأ فيهما بقل هو الله أحد وما تضمنه الحديث الثاني عشر من الجهر في ظهر الجمعة وقد
ذهب الشيخ وجماعة إلى استحبابه وقيده بعضهم بما إذا صلت جماعة وقيل بعدم الاستحباب مطلقا وهو مختار المحقق

229
في المعتبر والروايات في هذا الباب متخالفة وسيجئ الكلام فيها في بحث صلاة الجمعة انشاء الله تعالى وما تضمنه الحديث
الثالث عشر من قراءة سورتي الاخلاص والجحد في المواطن السبعة لا دلالة فيه على تقديم إحدى السورتين على الأخرى
إذ الواو لمطلق الجمع على الأصح لكن قال الشيخ في التهذيب وفي رواية أخرى انه يقرء في هذا كله بقل هو الله وفي الثانية
بقل يا أيها الكافرون الا في الركعتين قبل الفجر فإنه يبدء بقل يا أيها الكافرون ثم يقرء في الثانية قل هو الله أحد ثم
لا يخفى ان إرادة الصلوات بالمواطن سوغ حذف التاء من لفظ السبع في قوله عليه السلام سبع مواطن ولعل المراد بالاصباح
بالفجر عدم الاتيان بها في أول وقتها وما تضمنه الحديث الخامس عشر من تسويغ السؤال والتعويذ من النار للمصلي عند آية
فيها مسألة أو ذكر جنة أو نار مشهور بين الأصحاب وروى عبد الله البرقي مرسلا عن الصادق عليه السلام ينبغي للعبد إذا صلى ان
يرتل قراءة وإذا مر بآية فيها ذكر الجنة أو النار سأل الله الجنة وتعوذ بالله من النار ويدل عليه أيضا عموم الاذن في الدعاء
في أثناء الصلاة ويجب تقييده بما إذا لم يطل أو يتكرر بحيث يخل بنظم القراءة فان أخل بنظمها أبطل الصلاة كما قاله المحقق طاب ثراه في
المعتبر والمستتر في قول السائل فيمر بالمسألة يعود إلى الامام ويحتمل عوده إلى الرجل المؤتم واما المستتران في قوله عليه السلام
يسأل الجنة ويتعوذ فيعودان إلى الرجل ولعل المراد بالمسألة موضع الامر بالسؤال كقوله تعالى ادعوني استجب لكم وما هو من ذلك
القبيل والله أعلم الفصل الرابع في التخيير في الركعة الثالثة والرابعة بين القراءة والتسبيح ثمانية أحاديث أ
من الصحاح زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال لا تقرء في الركعتين الأخيرتين من الأربع الركعات المفروضات شيئا إماما
كنت أو غير امام قلت فما أقول فيهما قال إن كنت إماما أو وحدك فقل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ثلث
مرات تكمل تسع تسبيحات ثم تكبر وتركع ب عبيد الله بن علي الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا قمت في الركعتين
الأخيرتين لا تقرء فيهما فقل الحمد لله وسبحان الله والله أكبر ج زرارة قال قلت لأبي جعفر عليه السلام ما تجزي من
القول في الركعتين الأخيرتين قال تقول سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله أكبر وتكبر وتركع د عبيد بن زرارة
قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الركعتين الأخيرتين من الظهر قال تسبح وتحمد الله وتستغفر لذنبك وان شئت فاتحة
الكتاب فإنها تحميد ودعاء ه‍ منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا كنت إماما فاقرء في الركعتين الأخيرتين
بفاتحة الكتاب وان كنت وحدك فيسعك فعلت أو لم تفعل وابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال يجزيك التسبيح في
الأخيرتين قلت أي شئ تقول أنت قال اقرأ فاتحة الكتاب ز معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت الرجل
يسهو عن القراءة في الركعتين الأوليين فيذكر في الركعتين الأخيرتين انه لم يقرء قال أتم الركوع والسجود قلت نعم قال إني
أكره ان اجعل اخر صلاتي أولها ح زرارة عن أبي جعفر عليه السلام فيمن أدرك الامام في الأخيرتين فجعلهما الأوليين
قال فإذا سلم الامام قام فصلى ركعتين لا يقرء فيهما لان الصلاة انما يقرء فيها في الأوليين في كل ركعة بأم الكتاب و
سورة وفي الأخريين لا يقرء فيهما انما هو تسبيح وتكبير وتهليل ودعاء ليس فيهما قراءة الحديث أقول أجمع
علماؤنا رضي الله عنهم على عدم تعين قراءة الفاتحة في الركعة الثالثة والرابعة من اليومية وان المكلف الغير الناسي
الفاتحة في الأوليين مخير بينها وبين التسبيحات واما من نسي قراءة الفاتحة فيهما فالشيخ في الخلاف على أنه يتعين عليه

230
قراءتها في الأخيرتين محتجا بقوله عليه السلام لا صلاة الا بفاتحة الكتاب والجواب انه مخصوص بالذاكر اما الناسي فباق
على التخيير كما ستعرفه إذا تقرر هذا فنقول قد اختلفوا في عدد المجزي من التسبيحات فقيل ثلث وقيل أربع وقيل تسع
وقيل عشر وقيل اثنتا عشرة واما عددها الأفضل فلم يتجاوز أحد من علمائنا فيه عن الثمانية والعشرين وقد تضمن الحديث
الأول التسع بتكرار سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله ثلث مرات وهو الذي ذكره الثقة الجليل حريز بن عبد الله رحمه الله
في كتابه الذي الفه في الصلاة واليه ذهب ابن بابويه وأبو الصلاح رحمهما الله وذهب السيد المرتضى في المصباح
والشيخ في المبسوط والجمل وابن البراج وسلار وابن إدريس إلى زيادة التكبير بعد التسع فيقول سبحان الله والحمد لله و
لا إله إلا الله ثلثا وفي آخر الثالثة والله أكبر فيكمل له عشر تسبيحات ولم نظفر لهم في ذلك بمستند واما قوله عليه السلام
في هذا الحديث ثم تكبر وتركع فمعلوم انه لا يصلح مستندا لظهور ان المراد بهذا التبكير تكبير الركوع لا عاشر التسبيحات
وقال الشيخ في النهاية والاقتصاد انها اثنتا عشرة تسبيحة صورتها سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله أكبر ثلث
مرات وبه قال ابن أبي عقيل غير أنه (قال) يقولها سبعا أو خمسا وأدناه ثلث ومستند هذا القول كسابقه غير معلوم
فان ما بأيدينا من كتب الأحاديث خالية عما يصلح مستندا لشئ منهما وما تضمنه الحديث الثاني من أنها ثلث تسبيحات
هو مختار ابن الجنيد غير أنه لم يعتبر الترتيب قال رحمه الله والذي يقال مكان القراءة تحميد وتسبيح وتكبير يقدم ما يشاء وجملة
قوله عليه السلام لا تقرء فيهما في موضع الحال من الضمير في قمت أي إذا قمت غير قارئ كما قاله العلامة في المنتهى وجملة
فقل بالفاء جواب الشرط وابدال الفاء بالواو لتصير جملة لا تقرء جواب الشرط من سهو الناسخين وما تضمنه الحديث
الثالث من أنها أربع تسبيحات هو مختار المفيد في المقنعة وجماعة من المتأخرين وجعل المحقق في المعتبر العمل بهذا الحديث
أولى من العمل بالأحاديث الاخر والأولوية غير ظاهرة وما تضمنه الحديث الرابع من ضم الاستغفار إلى التسبيح والتحميد لا
يحضرني الآن ان أحدا من الأصحاب قال بوجوبه وقد يلوح من قول العلامة في المنتهى الأقرب انه غير واجب ان بوجوبه
قولا ولو ضم إلى التسبيحات الأربع وكرر المجموع ثلث مرات لكان أولى وقوله عليه السلام في اخر هذا الحديث فإنها تحميد
ودعاء وفي الحديث الثامن انما هو تسبيح وتكبير وتهليل ودعاء مما يؤيد تحتم الاتيان به تأييدا ظاهرا إذ ليس في شئ
من العبارات المنقولة في هذا الباب ما يتضمن الدعاء سواه والسيد الجليل جمال الدين بن طاوس صاحب البشرى قدس
الله روحه مال إلى اجزاء كل ما روى في عدد التسبيحات وأورد على نفسه ان التخيير بين الوجود والعدم غير معهود وأجاب بالتزامه
كالمسافر في مواضع التخيير والى الاجتزاء بكل ما روى ذهب المحقق في المعتبر أيضا وان جعل العمل بالحديث الثالث أولى كما مر
وربما يستفاد من بعض الروايات الغير النقية السند الاجتزاء بمطلق الذكر كما في رواية علي بن حنظلة ان شئت فاقرء
فاتحة الكتاب وان شئت فاذكر الله واختلفوا في المفاضلة بين القراءة والتسبيح على أقوال فالمستفاد من كلام الشيخ
في النهاية والمبسوط انهما سواء للمنفرد والامام وذهب في الاستبصار إلى أن الأفضل للامام القراءة وان التسوية أنما هي
بالنسبة إلى المنفرد ووافقه العلامة في المنتهى واحتج الشيخ على الأول بالحديث الخامس وعلى الثاني برواية
علي بن حنظلة
السابقة وهي ما رواه عن الصادق عليه السلام قال سألته عن الركعتين الأخيرتين ما اصنع فيهما فقال إن شئت فاقرء فاتحة

231
الكتاب وان شئت فاذكر الله فهو سواء قال قلت فأي ذلك أفضل فقال هما والله سواء ان شئت سبحت وان شئت قرأت و
ظاهر علي بن بابويه رحمه الله ان التسبيح أفضل للامام وغيره فإنه قال وسبح في الأخروين إماما كنت أو غير امام وأطلق ابن
أبي عقيل وابن إدريس أفضليته وصرح ابن أبي عقيل بشمول ذلك من نسي القراءة في الأوليين محتجا بالحديث السابع
فان قوله عليه السلام أكره ان اجعل آخر صلاتي أولها بمعنى قوله أكره ان اقرأ في الأخيرتين والحديث الثامن يساعده
أيضا مساعدة قوية وقال ابن الجنيد يستحب للامام التسبيح إذا تيقن انه ليس معه مسبوق وان علم دخول المسبوق أو جوزه
قرأ ليكون ابتداء صلاة الداخل بقراءة والمأموم يقرء فيهما والمنفرد يجزيه مهما فعل هذا كلامه ولم اطلع على قائل
بأفضلية القراءة للمنفرد غير أن بعض الأصحاب المعاصرين مال إلى ذلك واستدل عليه بالحديث الخامس والسادس و
برواية جميل عن الصادق عليه السلام المتضمنة ان من صلى وحده يقرء في الأخيرتين فاتحة الكتاب وبما رواه محمد بن حكيم قال
سألت أبا الحسن عليه السلام أيما أفضل القراءة في الركعتين أو التسبيح فقال القراءة أفضل والذي يظهر لي ان الأفضل
للمنفرد التسبيح كما يشهد به الحديث الأول والسابع والثامن فان هذه الثلاثة تنادي بكراهة القراءة وفي الحديث الرابع
دلالة على أفضليته أيضا فان قوله عليه السلام فإنها تحميد ودعاء يعطي ان التسبيح الذي هو تحميد ودعاء هو الأصل والحري
بان يأتي به المصلي في الأخيرتين وان الفاتحة انما أجزأت عنه لاشتمالها على التحميد والدعاء ويدل أيضا على أفضلية التسبيح
ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال كان أمير المؤمنين عليه السلام إذا صلى يقرء في الأوليين من صلاته الظهر سرا ويسبح
في الأخيرتين من صلاته الظهر على نحو من صلاته العشاء وكان يقرء في الأوليين من صلاة العصر سرا ويسبح في الأخيرتين
على نحو من صلاته العشاء وكان يقول أول صلاة أحدكم الركوع وما رواه محمد بن حمران عن الصادق عليه السلام قال صار
التسبيح أفضل من القراءة في الأخيرتين لان النبي صلى الله عليه وآله لما كان في الأخيرتين ذكر ما رأى من عظمة الله عزو
جل فدهش فقال سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله أكبر فلذلك صار التسبيح أفضل من القراءة واما الأحاديث
المستدل بها على أفضلية القراءة للمنفرد فظني انها لا تنهض بالدلالة على ذلك اما الحديث الخامس فلان قوله عليه
السلام وان كنت وحدك فيسعك فعلت أو لم تفعل لا يدل على ترجيح القراءة بوجه نعم لو قال عليه السلام فيسعك ان لا تفعل
من دون قوله فعلت لأمكن ان يكون فيه نوع ايماء إلى ترجيحها عليه كما ربما يلوح بحسب العرف من هذه العبارة و
اما الحديث السادس فإنما يتم الاستدلال به لو تعين ان يكون قول السائل اي شئ تقول أنت بمعنى أي شئ تفتي وتحكم به
ليصير قوله عليه السلام اقرأ فاتحة الكتاب فعل امر وهو غير متعين كما لا يخفى لجواز ان يكون المراد ما الذي تفعله أنت و
تتلوه في صلاتك ويكون قوله عليه السلام اقرأ فاتحة الكتاب فعلا مضارعا ومعلوم انهم عليهم السلام كانوا
يواظبون على الصلاة بالجماعة والشيعة كانوا يواظبون على الاقتداء بهم فلا يتعين ان يكون السؤال عما يتلوه عليه السلام
إذا صلى وحده وإذا قام الاحتمال سقط الاستدلال واما روايتا جميل ومحمد بن حكيم فغير نقيتي السند فلا تصلحان لمعارضة
الأحاديث الصحيحة مع أنه ليس في رواية محمد بن حكيم تصريح بالمنفرد والشيخ طاب ثراه حملها على صلاة الامام جمعا بين
الاخبار على أنهما معارضتان بروايتي ابن قيس وابن حمران السالفتين هذا واعلم أنه إذا ضم الاستغفار إلى التسبيح فينبغي

232
القطع لصيرورته أفضل من القراءة لاشتماله حينئذ على الدعاء الذي هو أفضل من القراءة كما تضمنه الحديث التاسع عشر
من الفصل الآتي والله سبحانه اعلم بحقايق احكامه
الفصل الخامس في القنوت سبعة وعشرون حديثا
أ من الصحاح زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال القنوت في كل صلاة في الركعة الثانية قبل الركوع ب عبد
الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن القنوت فقال في كل صلاة فريضة ونافلة ج صفوان (الجمال)
قال صليت خلف أبي عبد الله عليه السلام أياما فكان يقنت في كل صلاة يجهر فيها ولا يجهر فيها د محمد بن مسلم قال
سألت أبا جعفر عليه السلام عن القنوت في الصلوات الخمس جميعا فقال اقنت فيهن جميعا قال فسألت أبا عبد الله عليه السلام
بعد ذلك فقال اما ما جهرت فيه فلا شك ه‍ زرارة قال قلت لأبي جعفر عليه السلام ما فرض الله من الصلاة
فقال الوقت والطهور والركوع والسجود والقبلة والدعاء والتوجه قلت فما سوى ذلك قال سنة في فريضة و
معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال ما اعرف قنوتا الا قبل الركوع ز سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام
قال القنوت يوم الجمعة فضل في الركعة الأولى ح معاوية بن عمار قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول في قنوت
الجمعة إذا كان إماما قنت في الركعة الأولى وان كان يصلي أربعا ففي الركعة الثانية قبل الركوع ط محمد بن مسلم قال
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن القنوت ينساه الرجل فقال يقنت بعد ما يركع وان لم يذكر حتى ينصرف فلا شئ عليه ى
محمد بن مسلم وزرارة بن أعين قالا سألنا أبا جعفر عليه السلام عن الرجل ينسى القنوت حتى يركع قال يقنت بعد الركوع فإن لم يذكر فلا
شئ عليه يا زرارة قال قلت لأبي جعفر عليه السلام رجل نسي القنوت فذكره وهو في بعض الطريق فقال يستقبل
القبلة ثم ليقله ثم قال إني لأكره للرجل ان يرغب عن سنة رسول الله صلى الله عليه وآله أو يدعها يب معاوية بن
عمار قال سألته عن الرجل ينسى القنوت حتى يركع أيقنت قال لا يج أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا
عليه السلام قال قال أبو جعفر عليه السلام في القنوت ان شئت فاقنت وان شئت فلا تقنت قال أبو الحسن عليه السلام
وإذا كان التقية فلا تقنت وانا أتقلد هذا يد الحلبي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن القنوت فيه قول معلوم
فقال اثن على ربك وصل على نبيك واستغفر لذنبك يه إسماعيل بن الفضل قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن
القنوت وما يقال فيه فقال ما قضى الله على لسانك ولا اعلم فيه شيئا موقتا يو زرارة عن أبي جعفر عليه السلام
قال القنوت كله جهار يز عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال تدعو في الوتر على العدو وان شئت
سميتهم وتستغفر وترفع يديك حيال وجهك وان شئت تحت ثوبك يح علي بن مهزيار قال سألت أبا جعفر
عليه السلام عن الرجل يتكلم في صلاة الفريضة بكل شئ يناجي به ربه قال نعم يط معاوية بن عمار قال قلت لأبي
عبد الله عليه السلام رجلين افتتحا الصلاة في ساعة واحدة فتلا هذا القرآن فكانت تلاوته أكثر من دعائه ودعاء
هذا فكان دعاؤه أكثر من تلاوته ثم انصرفا في ساعة واحدة أيهما أفضل قال كل فيه فضل كل حسن قلت
اني قد علمت أن كلا حسن وان كلا فيه فضل فقال الدعاء أفضل اما سمعت قول الله وقال ربكم ادعوني استجب
لكم ان الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين هي والله العبادة هي والله أفضل أليست هي العبادة هي

233
والله العبادة هي والله العبادة أليست هي أشدهن هي والله أشدهن هي والله أشدهن ك سعد بن سعد الأشعري
عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال سألته عن القنوت هل يقنت في الصلوات كلها أم فيما يجهر فيها بالقراءة قال ليس
القنوت الا في الغداة والجمعة والوتر والمغرب كا من الحسان سعد بن أبي خلف عن الصادق عليه السلام قال
يجزيك في القنوت اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا في الدنيا والآخرة انك على كل شئ قدير كب الحلبي
عن أبي عبد الله عليه السلام عن القنوت في الوتر هل فيه شئ موقت يتبع فقال لا اثن على الله عز وجل وصل على النبي صلى
الله عليه وآله وسلم واستغفر لذنبك العظيم ثم قال كل ذنب عظيم كج من الموثقات سماعة قال سألته عن القنوت في
الجمعة فقال اما الامام فعليه القنوت في الركعة الأولى بعد ما يفرغ من القراءة قبل ان يركع وفي الثانية بعد ما يرفع
رأسه من الركوع قبل السجود وانما صلاة الجمعة مع الامام ركعتان فمن صلى من غير امام وحده فهي أربع ركعات بمنزلة الظهر
فمن شاء قنت في الركعة الثانية قبل ان يركع وان شاء لم يقنت وذلك إذا صلى وحده كد عمار عن أبي عبد الله عليه
السلام قال إن نسي الرجل القنوت في شئ من الصلاة حتى يركع فقد جازت صلاته وليس عليه شئ وليس له ان يدعه
متعمدا كه زرارة قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام الرجل ذكر انه لم يقنت حتى ركع قال فقال يقنت إذا رفع رأسه
كو سماعة قال سألته عن القنوت في أي صلاة هو فقال كل شئ يجهر فيه بالقراءة فيه قنوت والقنوت قبل
الركوع وبعد القراءة كز يونس بن يعقوب قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن القنوت في اي الصلوات اقنت قال
لا تقنت الا في الفجر أقول القنوت يطلق في اللغة على معان خمسة الدعاء والطاعة والسكون والقيام
في الصلاة والامساك عن الكلام
وفي الشرع على الدعاء في أثناء الصلاة في محل معين سواء كان معه رفع اليدين
أم لا ولذلك عدوا رفعهما من مستحبات القنوت وربما يطلق على الدعاء مع رفع اليدين وعلى رفع اليدين حال
الدعاء وما روى من نهيهم عليهم السلام عن فعله حال التقية يراد به ذلك والا فالتقية لا توجب ترك الدعاء سرا
وما تضمنه الحديث الأول من أن محل القنوت في كل صلاة هو الركعة الثانية قبل الركوع يعطي بعمومه انه لا فرق في
ذلك بين الجمعة وغيرها وهو مذهب الصدوق ره والمشهور بين الأصحاب رضوان الله عليهم ان في الجمعة قنوتين
في الأولى قبل الركوع وفي الثانية بعده وذهب المفيد وجماعة إلى أنه ليس فيها الا قنوت واحد في الأولى قبل الركوع
وسيجئ تحقيق ما هو الحق في ذلك في صلاة الجمعة انشاء الله تعالى وقد دل الحديث الثاني على عموم القنوت للفرائض و
النوافل والظاهر أن هذا مما لا خلاف فيه وما تضمنه الحديث الرابع من قوله عليه السلام اما ما جهرت فيه فلا تشك
محمول عند من قال بوجوب القنوت في الجهرية على النهي عن الشك في وجوبه إذ لا يمكن حمله على النهى عن الشك في
استحبابه لاقتضائه بمعونة المقام وذكر اما التفصيلية عدم استحباب القنوت في الاخفاتية وهو خلاف الاجماع لكنك
خبير بان الحمل على النهى عن الشك في تأكد استحباب لا محذور فيه وقول زرارة في الحديث الخامس ما فرض الله من
الصلاة سؤال عما ثبت من أفعالها بالكتاب وقد سبق مثله مرارا ولفظ فرض مصدر مضاف إلى لفظ الجلالة ويجوز
ان يكون فعلا ماضيا ويلوح من كلام الصدوق ان المراد بالدعاء في هذا الحديث هو القنوت وان فرضه في القرآن في

234
قوله تعالى وقوموا لله قانتين واما التوجه فالمراد به افتتاح الصلاة بتكبيرة الاحرام فكان بعض التكبير المأمور به في
القرآن العزيز أريد به والله أعلم تكبيرة الاحرام وقد دل الحديث السادس على أن القنوت في الجمعة أيضا قبل الركوع
والسابع والثامن على أن قنوتها في الركعة الأولى وما تضمنه الحديث التاسع والعاشر من تلافي القنوت بعد الركوع
لناسيه قبله مما لا خلاف فيه بين أصحابنا وهل هو حينئذ أداء أو قضاء حكم الشيخ واتباعه بالقضاء وتردد
في ذلك العلامة في المنتهى من كون محله قبل الركوع وقد فات فيتعين القضاء ومن كون الأحاديث لم تدل على كونه
قضاء مع أنه قد روى إسماعيل الجعفي ومعمر بن يحيى عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال القنوت قبل الركوع وان شئت بعده
ثم رجح طاب ثراه انه قضاء ولا باس به وهذه الرواية مع ضعف سندها محمولة على القضاء أو التقية اما لو تلافاه بعد
الفراغ من الصلاة كما تضمنه الحديث الحادي عشر فلا مرية في كونه قضاء واحتمال الأداء ضعيف جدا وقوله عليه
السلام ثم ليقله يعطي بظاهره انه عليه السلام أراد بالقنوت في قوله نسي القنوت الدعاء لا رفع اليدين بالدعاء ولا المركب
منهما ويجوز ان يكون عليه السلام سلك طريقة الاستخدام والمراد بالموقت في قوله عليه السلام في الحديث الخامس عشر
لا اعلم فيه شيئا موقتا الموظف المنقول عن النبي صلى الله عليه وآله فلا ينافيه ما في الحديث الحادي والعشرين ولا
ما رواه الصدوق في عيون الأخبار من أن الرضا عليه السلام كان يقنت في صلاته بقوله رب اغفر وارحم وتجاوز عما
تعلم انك أنت الأعز الأكرم وما تضمنه الحديث السادس عشر من أن القنوت جهار كله يدل على عموم رجحان الجهر به
في الجهرية والاخفاتية وما في بعض الروايات من التخيير فيه بين الجهر والاخفات محمول على عدم تعين أحدهما
بحيث لا يجوز خلافه وذهب المرتضى رضي الله عنه إلى تبعيته للصلاة في الجهر والاخفات لاطلاق قوله عليه السلام
صلاة النهار عجماء وصلاة الليل جهرا وأجيب بان الدال بخصوصه مقدم وظاهر هذا الحديث يعطي ان استحباب الجهرية
يعم الإمام والمأموم والمنفرد ولكن رجح بعض علمائنا أسرار المأموم به لرواية أبي بصير عن الصادق عليه السلام ينبغي
للامام ان يسمع من خلفه كلما يقول ولا ينبغي لمن خلفه ان يسمعه شيئا مما يقول وما تضمنه الحديث الثامن عشر من
جواز تكلم المصلي بكل شئ يناجي به ربه مما استدل به ابن بابويه على جواز القنوت بالفارسية واختاره الشيخ في النهاية
وتبعهما جماعة من المتأخرين لصدق اسم الدعاء عليه ومنع منه الثقة الجليل سعد بن عبد الله (رحمه الله) ولعله نظر إلى أن
أفعال الصلاة واجبها ومندوبها متلقاة من الشارع ولم يعهد من النبي صلى الله عليه والأئمة الطاهرين سلام الله عليهم
القنوت بغير العربية والأحوط المنع وقد تضمن الحديث التاسع عشر كون الدعاء أفضل من تلاوة القرآن ولعل المراد
به الدعاء بقلب حاضر وتوجه كامل وانقطاع تام إلى الحق جل شأنه كما يرشد إليه قوله عليه السلام هي والله أشدهن والظاهر
عود ضمير هي إلى الدعاء بمعنى الدعوة وضمير أشدهن إلى الأمور التي يتكلم بها في الصلاة والله أعلم بمقاصد أوليائه
وقد اختلف الأصحاب في وجوب القنوت واستحبابه فالأكثر على الاستحباب وذهب ابن بابويه إلى وجوبه وبطلان الصلاة
بتركه عمدا وابن أبي عقيل إلى وجوبه في الجهرية والمراد بالقنوت هنا نفس الدعاء في المحل المقرر من الصلاة واما
رفع اليدين فلا كلام في استحبابه واستدل العلامة في المنتهى والمختلف على عدم وجوب القنوت بما رواه عبد الملك بن عمرو قال سألت

235
أبا عبد الله عليه السلام عن القنوت قبل الركوع أو بعده قال لا قبله ولا بعده وبما تضمنه الحديث الثالث عشر من قوله عليه
السلام ان شئت فاقنت وان شئت فلا تقنت وزاد شيخنا في الذكرى الاستدلال بالحديث العشرين والسابع والعشرين
المتضمنين نفيه عليه السلام القنوت في غير الفجر والجمعة والوتر والمغرب قال (رحمه الله) نفى عليه السلام القنوت في غيرها وهذان
الشيخان لا ينفيانه ثم استدل لهما بما تضمنه الحديث الخامس من وجوب الدعاء في أثناء الصلاة وقال لا ريب ان
القنوت دعاء ولا قائل بوجوب دعاء في الصلاة سواه وبما تضمنه الحديث الرابع والعشرون من قوله عليه السلام وليس له ان
يدعه متعمدا وبما رواه وهب عن الصادق عليه السلام من ترك القنوت رغبة عنه فلا صلاة له وبقوله جل وعلا قوموا لله
قانتين وقد ذكر جماعة ان المراد داعين وأجاب عن الأول بجواز حمل الدعاء على القراءة وباقي الأذكار الواجبة فأين
فيها معنى الدعاء وعن الثاني بالحمل على المبالغة في تأكد الاستحباب وعن الثالث بان المنفي كمال الصلاة والرغبة عنه
أخص من الدعوى وعن الاحتجاج بالآية الكريمة بان معنى قانتين مطيعين ولو سلم انه بمعنى القنوت فلا دلالة فيه على
الوجوب لأنه امر مطلق ولو دل لم يدل على التكرار ولأن الصلاة مشتملة على القراءة والأذكار وفيها معنى الدعاء
فيتحقق الامتثال بدون القنوت فهذا ما وصل إلينا من كلام القوم في الاستدلال على عدم وجوب القنوت ويمكن ان
يستدل لهم بالحديث الثالث والعشرين أيضا وأنت خبير بان لمن حاول الانتصار لذينك الشيخين الجليلين قدس الله
روحهما ان يقول إن شيئا من تلك الأحاديث الأربعة لا ينهض دليلا على عدم وجوب القنوت اما الأول ففيه انه غير
نقي السند وقول العلامة طاب ثراه في المختلف انه صحيح محل بحث فانا لم نظفر بما يدل على توثيق عبد الملك بن عمرو وما روي
من أن الصادق عليه السلام قال له اني لأدعو لك حتى اسمي دابتك لا تفيد توثيقه فإنه هو الراوي لهذه الرواية فهو مزكي لنفسه وأيضا
فلقائل ان يقول إنه انما دل على نفي وجوب القنوت مقيدا بقبلية الركوع وبعديته وهو لا يقتضي نفي أصل الوجوب
الذي هو المتنازع واما الحديث الثاني فلانا لا نسلم ان المراد بالقنوت في قوله عليه السلام ان شئت فاقنت وان شئت
لا تقنت القنوت بمعنى الدعاء لم لا يجوز ان يكون بمعنى رفع اليدين والقرينة على ذلك قوله عليه السلام وإذا كان التقية
فلا تقنت فان المراد بالقنوت فيه رفع اليدين فإنه هو الذي يظهر للمخالفين ولا يجامع التقية واما الدعاء فلا يظهر
لهم وسيما مع الاسرار به فالتقية غير مانعة منه إذا لم ترفع فيه اليدان وقد روى عنهم عليهم السلام ترك رفع اليدين
في القنوت للتقية ونحوها فعن علي بن محمد بن سليمان قال كتبت إلى الفقيه أسأله عن القنوت فكتب إذا كان ضرورة شديدة
فلا ترفع اليدين وقل ثلث مرات بسم الله الرحمن الرحيم وروي أيضا الاجتزاء من رفع اليدين بما يوهم المخالفين انه للركوع
روى عمار الساباطي قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام أخاف ان أقنت وخلفي مخالفون فقال رفعك يديك يجزي يعني
رفعهما كأنك تركع وهذا التفسير أعني تفسير رفع اليدين بالرفع الموهم كونه للركوع الظاهر أنه صدر من عمار لما لاح له من
قرينة حالية أو مقالية تدل على أنه عليه السلام أراد ذلك فقوله أخاف ان أقنت يريد به الخوف من رفع اليدين لا من
أصل الدعاء وقوله عليه السلام رفعك يديك يجزى لعل المراد به ان رفع اليدين في كل الدعاء غير لازم بل تتأدى السنة
برفعهما في الجزء الأخير منه عند الركوع واما الحديث الثالث والرابع فظاهرهما متروك بالاجماع إذ أصحابنا رضي الله

236
عنهم على أقوال ثلاثة قائل بوجوبه (في الخمس وقائل باستحبابه فيها وقائل بوجوبه) في الجهرية لا غير ولا قائل بما تضمنه هذان الحديثان وحملهما على ضرب من التقية
أيضا ممكن كما قاله الشيخ طاب ثراه وبالجملة فلا شئ من تلك الأحاديث الأربعة بسالم من الخدش سندا أو دلالة فلم يبق
لهم الا الحديث الثالث والعشرون وهو لا يصلح لمعارضة الأحاديث الدالة على خلافه كالحديث الخامس والتاسع والعاشر
والرابع والعشرين اما الخامس فقد مر تقريره واما التاسع فلان قوله عليه السلام وان لم يذكر حتى ينصرف فلا شئ
عليه يعني لا اثم عليه يعطي بمفهومه الشرطي انه لو ذكر ولم يقنت كان عليه اثم وهو نص في الوجوب وقس عليه الحديث العاشر
والرابع والعشرين مع زيادة التأكيد بقوله عليه السلام وليس له ان يدعه متعمدا واما ما أجاب به شيخنا رحمه الله عن الدلائل
الأربعة ففيه ما لا يخفى اما الأول فلان شيئا من القراءة وأذكار الركوع والسجود لا يسمى في العرف دعاء لينصرف اسم الدعاء
عند الاطلاق إليه وحينئذ يتألف قياس هكذا كلما فرضه الشارع في الصلاة باسم الدعاء فهو دعاء حقيقة ولا شئ من القراءة ولا
ذكر الركوع والسجود بدعاء حقيقة فينتج بالضرب الأول من الشكل الثاني لا شئ مما فرضه الشارع في الصلاة باسم الدعاء قراءة
ولا ذكر ركوع وسجود وأيضا فقد دل الحديث على أن الدعاء الواجب في الصلاة قد ثبت وجوبه بالقرآن لان المراد بالفرض
المقابل للسنة ذلك كما مر مرارا ووجوب القراءة وذكر الركوع والسجود بالقرآن مما لم يثبت واما ما أجاب به عن الثاني والثالث
فلا يخفى ما فيه من التكلف واما الجواب عن الاحتجاج بالآية فيمكن ان يقال فيه انه قد دل الحديث على تضمن القرآن المجيد الامر
بالدعاء في الصلاة أعني القنوت ولا دلالة في شئ من الآيات على وجوب القنوت سوى هذه الآية فيكون القنوت فيها بمعنى
الدعاء وقوله طاب ثراه ان الامر فيها مطلق فلا يدل على الوجوب لا يخفى ما فيه واما قوله لو دل على الوجوب لم يدل على التكرار ففيه
ان كل من قال بالوجوب من دون تكرار هنا قال بالتكرار فالقول بالوجوب من دون تكرار خرق للاجماع المركب واما قوله ان امتثال
الامر بالدعاء يحصل بالقراءة والأذكار فقد عرفت ما فيه وبما تلوناه عليك يظهر ان القول بما قال به ذانك الشيخان الجليلان
غير بعيد عن جادة الصواب وان الاحتياط في الدين يقتضي عدم الاخلال بالقنوت في شئ من الصلوات المفروضات والله سبحانه
اعلم بحقايق احكامه
المقصد الخامس في الركوع والسجود وفيه فصول الفصل الأول في الركوع أربعة
عشر حديثا أ من الصحاح رفاعة قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل نسي ان يركع قال يستقبل ب حماد
بن عيسى في وصف ركوع الصادق عليه السلام ثم رفع يديه حيال وجهه فقال الله أكبر وهو قائم ثم ركع وملا كفيه من ركبتيه
منفرجات ورد ركبتيه إلى خلفه ثم سوى ظهره حتى لو صب عليه قطرة من ماء أو دهن لم تزل لاستواء ظهره ومد عنقه
وغمض عينيه ثم سبح ثلاثا بترتيل فقال سبحان ربي العظيم وبحمده الحديث ج زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال
فإذا ركعت فصف في ركوعك بين قدميك تجعل بينهما قدر شبر وتمكن راحتيك من ركبتيك وتضع يدك اليمنى على
ركبتك اليمنى قبل اليسرى وبلع بأطراف أصابعك عين الركبة وفرج أصابعك إذا وضعتها على ركبتيك فان وصلت
أطراف أصابعك في ركوعك إلى ركبتيك أجزأك ذلك وأحب ان تمكن كفيك من ركبتيك فتجعل أصابعك في عين الركبة
وتفرج بينهما وأقم صلبك ومد عنقك وليكن نظرك إلى ما بين قدميك الحديث وقد مر مع سابقه في المقصد الأول
د زرارة عن أبي جعفر عليه السلام إذا أردت ان تركع فقل وأنت منتصب الله أكبر ثم اركع وقل رب لك ركعت ولك

237
أسلمت وبك امنت وعليك توكلت وأنت ربي خشع لك سمعي وبصري وشعري وبشري ولحمي ودمي ومخي وعصبي و
عظامي وما أقلته قدماي غير مستنكف ولا مستكبر ولا مستحسر سبحان ربي العظيم وبحمده ثلث مرات في ترسل و
تصف في ركوعك بين قدميك تجعل بينهما قدر شبر وتمكن راحتيك من ركبتيك وتضع يدك اليمنى على ركبتك قبل اليسرى وتلقم
بأطراف أصابعك عين الركبة وفرج أصابعك إذا وضعتها على ركبتيك وأقم صلبك ومد عنقك وليكن نظرك بين قدميك
ثم قل سمع الله لمن حمده وأنت منتصب قائم الحمد لله رب العالمين أهل الجبروت والكبرياء والعظمة لله رب العالمين تجهر
بها صوتك ثم ترفع يديك بالتكبير وتخر ساجدا ه‍ زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت له ما يجزي من
القول في
الركوع والسجود فقال ثلث تسبيحات في ترسل وواحدة تامة تجزي ومعوية بن عمار قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام أخف
ما يكون من التسبيح في الصلاة قال ثلث تسبيحات مترسلا تقول سبحان الله سبحان الله سبحان الله ز مسمع عن أبي عبد الله
عليه السلام قال لا يجزي الرجل في صلاته أقل من ثلث تسبيحات أو قدرهن ح الحسين بن علي بن يقطين عن أبي الحسن الأول عليه
السلام قال سألته عن الرجل يسجد كم يجزيه من التسبيح في ركوعه وسجوده فقال ثلث ويجزيه واحدة ط هشام بن الحكم عن أبي
عبد الله عليه السلام قال قلت له يجزى ان أقول مكان التسبيح في الركوع والسجود لا اله إلا الله والحمد لله والله أكبر فقال نعم
كل هذا ذكر الله ى هشام بن سالم عن أبي عبد الله مثله يا ابن مسكان عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يرفع يديه
كلما أهوى للركوع والسجود وكلما رفع رأسه من ركوع أو سجود قال هي العبودية يب معاوية بن عمار قال رأيت أبا عبد الله
عليه السلام يرفع يديه إذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع وإذا سجد وإذا رفع رأسه من السجود وإذا أراد ان يسجد الثانية يج
جميل بن دراج قال سألت أبا عبد الله عليه السلام ما يقول الرجل خلف الامام إذا قال سمع الله لمن حمده قال يقول الحمد
لله رب العالمين يد من الحسان الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال الصلاة ثلثه أثلاث ثلث طهور وثلث ركوع وثلث
سجود أقول قد دل الحديث الأول على أن الركوع ركن في الصلاة تبطل بتركه ولو سهوا فان قوله عليه السلام
يستقبل بمعنى يستأنف الصلاة والقول بركنيته في الجملة هو المعروف بين الأصحاب وقال الشيخ في المبسوط هو ركن في
الأوليين من كل صلاة وفي الثالثة من المغرب واما في الأخيرتين من الرباعيات فلا تبطل الصلاة بتركه سهوا بل يحذف
السجدتين أو إحديهما ويعود إليه وروى في التهذيب عن محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام فيمن تيقن ترك الركوع حتى
سجد انه يلقى السجدتين ويبنى وان تيقن بعد الفراغ صلى ركعة وسجدتين ولا شئ عليه وستسمع الكلام في هذا في مباحث
الخلل الواقع في الصلاة انشاء الله تعالى وقد مر الكلام في الحديث الثاني والثالث في المقصد الأول وما أقلته قدماي في الحديث
الرابع بالقاف واللام المشددة بمعنى ما حملتاه والاستحسار بالحاء والسين المهملتين بمعنى الكلال والاعياء والمراد بكون
التسبيحات الثلث في ترسل الاتيان بها بتأن من غير اسراع وقد مر في الحديث الأول من المقصد الأول تفسير المراد بالصف
بين القدمين وقوله عليه السلام يجعل بينهما قدر شبر بيان لأكثر ما يجعل من الفصل بينهما كما تضمنه ذلك الحديث من أن
أقل الفصل بين القدمين إصبع وأكثره شبر وقوله عليه السلام وليكن نظرك بين قدميك مع ما تضمنه حديث حماد السابق من أن
الصادق عليه السلام غمض عينيه حال الركوع يعطي تخيير المصلي بين الامرين فلا منافاة بين الحديثين وقد أشار الشيخ رحمه الله

238
في النهاية إلى ذلك حيث قال وغمض عينيك فإن لم تفعل فليكن نظرك إلى ما بين رجليك وقال شيخنا في الذكرى
لا منافاة لان الناظر إلى ما بين قدميه يقرب صورته من صورة المغمض وكلامه هذا يعطي ان اطلاق حماد التغميض على هذه
الصورة الشبيهة به مجاز وربما يتراءى من كلامه (رحمه الله) معنى آخر وهو ان صورة الناظر إلى ما بين قدميه لما كانت شبيهه بصورة
المغمض ظن حماد رحمه الله ان الصادق عليه السلام كان مغمضا وهذا المعنى لا يخلو من بعد والأظهر هو الأول وقوله عليه السلام
ثم قل سمع الله لمن حمده قد مر تفسيره في المقصد الأول والامر بهذا القول يشمل باطلاقه الإمام والمأموم والمنفرد وبه صرح
المحقق في المعتبر لكن ما تضمنه الحديث الثالث عشر من أن المأموم يقول الحمد لله رب العالمين يقتضي عدم شمول المأموم
وكذلك ما تضمنه هذا الحديث من قوله عليه السلام تجهر بها صوتك لما رواه أبو بصير عن الصادق عليه السلام ينبغي للامام
ان يسمع من خلفه كلما يقول ولا ينبغي لمن خلفه ان يسمعه شيئا مما يقول ومما يدل على عدم شمول ذلك المأموم ما نقله شيخنا في الذكرى
عن الحسين بن سعيد باسناده إلى محمد بن مسلم عن الصادق عليه السلام إذا قال الامام سمع الله لمن حمده قال من خلفه ربنا لك الحمد
واعلم أن النسخ في هذا الحديث مختلفة والموجود في التهذيب الذي بخط والدي قدس الله روحه وهو نقله من نسخة الأصل
التي بخط المؤلف نور الله مرقده هكذا الحمد لله رب العالمين أهل الجبروت والكبرياء والعظمة لله رب العالمين باسقاط
الألف من لفظة الله وفي الذكرى هكذا الحمد لله رب العالمين أهل الجبروت والكبرياء والعظمة رب العالمين من دون
لفظة لله وذكر شيخنا الشهيد الثاني (رحمه الله) انه وجد في النسخة النفلية التي بخط المؤلف طاب ثراه هكذا الله رب العالمين
باثبات الألف فعلى النسخة الأولى وهي التي نقلتها هنا يجوز ان يجعل لفظة العظمة مرفوعا بالابتداء وما بعده خبره وان
يقرء بالجر عطفا على ما قبله ويجعل ما بعده خبر مبتدأ محذوف تقديره ذلك لله رب العالمين وعلى الثانية يجوز ان يجعل
أهل الجبروت مرفوعا بالابتداء ورب العالمين خبرا عنه وان يجعل مجرورا بالبدلية مما قبله ورب العالمين خبرا عن
محذوف وعلى الثالثة يجوز رفع أهل بالابتداء على أن يكون الله رب العالمين خبرا عنه وجره بالبدلية بان يكون جملة
الله رب العالمين جملة برأسها منقطعة عما قبلها وقد يستفاد من الحديث الخامس والسادس والثامن تعين التسبيح في الركوع
والسجود كما هو مذهب أكثر علمائنا وبه اخبار أخرى نقية السند غير صريحة الدلالة وصريحة الدلالة غير نقية السند والى
الاجتزاء بمطلق الذكر ذهب الشيخ في المبسوط والحليون الأربعة ابن إدريس وسبطه يحيى والمحقق والعلامة قدس الله أرواحهم
ويدل عليه الحديث السابع والتاسع والعاشر وستسمع الكلام في ذلك في الفصل الآتي انشاء الله تعالى وقد تضمن الحديث
الحادي عشر والثاني عشر رفع اليدين عند الهوي للركوع والسجود وعند الرفع من غير تقييد بالاتيان بالتكبير وظاهرهما استحباب رفع
اليدين وان ترك التكبير كما قاله شيخنا في الذكرى وقد تضمنا أيضا رفعهما عند رفع الرأس من الركوع قال شيخنا في
الذكرى لم أقف على قائل باستحباب رفع اليدين عند الرفع من الركوع الا ابني بابويه وصاحب الفاخر ونفاه ابن أبي عقيل
والفاضل وهو ظاهر ابن الجنيد ثم قال والظاهر استحبابه لصحة سند الحديثين وأصالة الجواز وعموم ان الرفع زينة الصلاة واستكانة
من المصلي وحينئذ يبتدى بالرفع عند ابتداء رفع الرأس وينتهي بانتهائه وعليه جماعة من العامة انتهى كلامه طاب ثراه و
لا بأس به والطهور فيما تضمنه الحديث الرابع عشر من انقسام الصلاة إلى الا ثلاث الثلاثة يمكن ان يراد به أحد أنواع

239
الطهارة الثلاثة من الوضوء والغسل والتيمم وان يراد به الأثر الحاصل من ذلك أعني ارتفاع الحدث واستباحة الصلاة
ولعل الثاني أولى لتقدم الأول على الصلاة فهو بعيد عما يعطيه الحديث من جزئيته لها وتقومها به بخلاف الثاني لمقارنته
لها والله أعلم الفصل الثاني في السجود تسعة وعشرون حديثا أ من الصحاح زرارة قال قال أبو جعفر عليه السلام
قال رسول الله صلى الله عليه وآله السجود على سبعة أعظم الجبهة واليدين والركبتين والابهامين وترغم بانفك ارغاما فاما
الفرض فهذه السبعة واما الارغام بالأنف فسنة من النبي صلى الله عليه وآله ب زرارة عن أحدهما عليهما السلام
قال قلت الرجل يسجد وعليه قلنسوة أو عمامة فقال إذا مس شئ من جبهته الأرض فيما بين حاجبيه وقصاص شعره فقد
أجزأ عنه ج علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن المرأة تطول قصتها فإذا سجدت وقع بعض جبهتها
على الأرض وبعض يغطيه الشعر هل يجوز ذلك قال لا حتى تضع جبهتها على الأرض د زرارة عن أبي جعفر عليه السلام
أنه قال اسجد على المروحة أو على عود أو سواك (ابن أبي عمير عن أبي جعفر قال سألته عن المريض
فقال يسجد على الأرض أو على المروحة أو على سواك يرفعه هو أفضل من الايماء
انما كره من كره السجود على المروحة من اجل الأوثان التي تعبد من دون الله وانا لم نعبد غير الله فنسجد
على المروحة أو على عود أو على سواك) ه‍
زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال فإذا أردت ان تسجد فارفع يديك
بالتكبير وخر ساجدا وابدء بيديك تضعهما على الأرض قبل ركبتيك تضعهما معا ولا تفترش ذراعيك افتراش السبع ذراعه ولا تضعن
ذراعيك على ركبتيك وفخذيك ولكن تجنح بمرفقيك ولا تلزق كفيك بركبتيك ولا تدنهما من وجهك بين ذلك حيال منكبيك
ولا تجعلهما بين يدي ركبتيك ولكن تحرفهما عن ذلك شيئا وابسطهما على الأرض بسطا واقبضهما إليك قبضا وان كان
تحتهما ثوب فلا يضرك وان أفضيت بهما إلى الأرض فهو أفضل ولا تفرجن بين أصابعك في سجودك ولكن اضممهن إليك
جميعا وقد مر هذا الحديث وتاليه في المقصد الأول وحماد بن عيسى في وصف سجود الصادق عليه السلام ثم كبر وهو قائم و
رفع يديه حيال وجهه ثم سجد وبسط كفيه مضمومتي الأصابع بين يدي ركبتيه حيال وجهه فقال سبحان ربي الأعلى و
بحمده ثلث مرات ولم يضع شيئا من جسده على شئ منه وسجد على ثمانية أعظم الكفين والركبتين وأنامل إبهامي الرجلين و
الجبهة والأنف وقال سبعة منها فرض يسجد عليها وهي التي ذكرها الله في كتابه وقال وان المساجد لله فلا تدعوا مع الله
أحدا وهي الجبهة والكفان والركبتان والإبهامان ووضع الانف على الأرض سنة ثم رفع رأسه من السجود فلما استوى
جالسا قال الله أكبر ز علي بن يقطين عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال سألته عن الركوع والسجود كم يجزي فيه من التسبيح
فقال ثلث ويجزيك واحدة إذا مكنت جبهتك من الأرض ح أبان بن تغلب قال دخلت على أبي عبد الله عليه السلام
وهو يصلي فعددت له في الركوع والسجود ستين تسبيحة ط مسمع عن أبي عبد الله عليه السلام قال يجزيك من القول في
الركوع والسجود ثلث تسبيحات أو قدرهن مترسلا وليس له ولا كرامة ان يقول سبح سبح سبح ى ابن سنان قال سألت أبا عبد
الله عليه السلام عن موضع جبهة الساجد يكون ارفع من مقامه قال لا ولكن ليكن مستويا يا محمد بن مسلم قال رأيت
أبا عبد الله عليه السلام يضع يديه قبل ركبتيه إذا سجد وإذا أراد ان يقوم رفع يديه قبل ركبتيه يب عبد الله بن سنان
عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا قمت من السجود قلت اللهم ربي بحولك وقوتك أقوم واقعد وان شئت قلت واركع
واسجد يج محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا قام الرجل من السجود قال بحول الله أقوم واقعد يد الحلبي عن أبي عبد الله
عليه السلام قال لا بأس بالاقعاء بين السجدتين يه معاوية بن عمار قال قال أبو عبد الله عليه السلام إذا وضعت جبهتك

240
على نبكة فلا ترفعها ولكن جرها على الأرض يو محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له الرجل ينفخ في
الصلاة موضع جبهته قال لا يز محمد بن إسماعيل بن بزيع قال رأيت أبا الحسن الرضا عليه السلام إذا سجد يحرك ثلث
أصابع من أصابعه واحدة بعد واحدة تحريكا خفيفا كأنه يعد التسبيح يخ من الحسان زرارة عن أبي جعفر عليه
السلام قال
بينا رسول الله صلى الله عليه وآله جالس في المسجد إذ دخل رجل فقام فصلى فلم يتم ركوعه ولا سجوده فقال صلى الله عليه
وآله نقر كنقر الغراب لئن مات هذا وهكذا صلاته ليموتن على غير ديني وقد مر هذا الحديث في صدر الكتاب يط الحلبي
عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا سجدت فكبر وقل اللهم لك سجدت وبك امنت ولك أسلمت وعليك توكلت وأنت ربي سجد
وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره والحمد لله رب العالمين تبارك الله أحسن الخالقين ثم قل سبحان ربي الأعلى ثلث مرات
فإذا رفعت رأسك فقل بين السجدتين اللهم اغفر لي وارحمني واجرني وادفع عني وعافني اني لما أنزلت إلي من خير فقير
تبارك الله رب العالمين ك الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا سجد الرجل ثم أراد ان ينهض فلا يعجن بيديه في الأرض
ولكن يبسط كفيه من غير أن يضع مقعدته على الأرض كا زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال الجبهة كلها من قصاص
شعر الرأس إلى الحاجبين موضع السجود فأيما سقط من ذلك إلى الأرض أجزأك مقدار الدرهم ومقدار طرف الأنملة كب
عبد الحميد بن عواض عن أبي عبد الله عليه السلام قال رأيته إذا رفع رأسه من السجدة الثانية من الركعة الأولى جلس حتى
يطمئن ثم يقوم كج من الموثقات سماعة قال سألته عن الركوع والسجود هل نزل في القرآن فقال نعم قول الله عز وجل يا
أيها الذين امنوا اركعوا واسجدوا فقلت له كيف حد الركوع والسجود فقال اما ما يجزيك من الركوع فثلث تسبيحات يقول سبحان
الله سبحان الله سبحان الله ثلثا ومن كان يقوى ان يطول الركوع والسجود فليطول ما استطاع يكون ذلك في تسبيح الله وتحميده
وتمجيده والدعاء والتضرع فان أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فاما الامام فإنه إذا قام بالناس فلا ينبغي ان يطول
بهم فان في الناس الضعيف ومن له الحاجة فإن رسول الله صلى الله عليه وآله كان إذا صلى بالناس خفف بهم كد عمار
عن أبي عبد الله عليه السلام عن آبائه عن علي عليهم السلام قال لا تجزى صلاة لا يصيب الانف ما يصيب الجبين كه بريد
عن أبي جعفر عليه السلام قال الجبهة إلى الانف أي ذلك أصبت به الأرض في السجود أجزأك والسجود عليه كله أفضل كو
حمزة بن حمران والحسين بن زياد قالا دخلنا على أبي عبد الله عليه السلام وعنده قوم فصلى بهم العصر وقد كنا صلينا فعددنا
له في ركوعه سبحان ربي العظيم أربعا أو ثلثا وثلثين مرة وقال أحدهما في حديثه وبحمده في الركوع والسجود كز عمار عن
أبي عبد الله عليه السلام في المريض يقوم على فراشه ويسجد على الأرض فقال إذا كان الفراش غليظا قدر آجرة أو أقل استقام
له ان يقوم عليه ويسجد على الأرض وان كان أكثر من ذلك فلا كح أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا تقع بين
السجدتين اقعاء كط زرارة قال رأيت أبا جعفر وأبا عبد الله عليهما السلام إذا رفعا رؤسهما من السجدة الثانية نهضا ولم يجلسا
أقول ما تضمنه الحديث الأول و (السادس) من أن السجود على الأعضاء السبعة مما أطبق الأصحاب على وجوبه
غير أن المرتضى رضي الله عنه ذهب إلى الاجتزاء عن الكفين بمفصل الزندين ووافقه ابن الجنيد وحجتهما على ذلك غير معلومة
والمراد بالفرض في قوله عليه السلام فاما الفرض فهذه السبعة ما ثبت بالكتاب كما مر مرارا من أن المراد بالفرض

241
المقابل للسنة ذلك وبالسنة ما ثبت بالسنة فقوله عليه السلام واما الارغام بالأنف فسنة ليس نصا
في استحباب
الارغام كما قد يظن فان السنة بهذا المعنى لا تنافي الوجوب وهو ظاهر وينظر إلى هذا ما ذكره الصدوق في الفقيه من أن
الارغام سنة في الصلاة فمن تركه متعمدا فلا صلاة له انتهى لكن المعروف من مذهب الأصحاب استحبابه ولعل مراد الصدوق
(رحمه الله) من نفي الصلاة نفي كمالها كما حمل الاجزاء في قول أمير المؤمنين عليه السلام في الحديث الرابع والعشرين لا يجزي صلاة
لا يصيب الانف ما يصيب الجبين على الاجزاء الكامل والارغام الصاق الانف بالرغام بالفتح وهو التراب واعتبر المرتضى
رضي الله عنه الصاق الطرف الأعلى منه وهو ما يلي الحاجبين وقال ابن الجنيد يماس الأرض بطرف الانف وخديه سواء الرجل و
المرأة انتهى وهل يتأدى سنة الارغام بوضع الانف على ما يصح السجود عليه وان لم يكن ترابا مال شيخنا الشهيد الثاني
(رحمه الله) في شرح النفلية إلى ذلك واستدل عليه بما تضمنه الحديث الرابع والعشرون وفيه نظر لا يخفى على المتأمل وقد دل ما
تضمنه الحديث الثاني من قوله عليه السلام إذا مس شئ من جبهته الأرض الخ على أنه يكفي ان يضع من الجبهة ما يصدق
عليه الاسم وهو مذهب الأكثر كما قالوه في بقية المساجد وقال ابن بابويه وابن إدريس وشيخنا في الذكرى يجب ان يضع من الجبهة
مقدار الدرهم وجعل بعض الأصحاب الحديث الحادي والعشرين صالحا لاثبات تلك الدعوى وهو كما ترى فإنه قد تضمن
اجزاء مقدار طرف الأنملة وهو أقل من سعة الدرهم فالحديث المذكور شاهد ببطلان تلك الدعوى لا باثباتها هذا
ثم على تقدير ثبوتها هل يشترط في مقدار الدرهم كونه متصلا أم يكفي كونه متفرقا كما لو سجد على السبحة والحصا الصغار
ونحوهما لا يحضرني الان كلام في ذلك لاحد من أصحاب هذا القول ولا ريب ان الاتصال أحوط وما تضمنه الحديث الثالث
من عدم الاكتفاء بوقوع بعض جبهة المرأة على الأرض يدل بظاهره على ما يعطيه كلام ابن الجنيد من وجوب
وضع كل الجبهة
على الأرض فإنه قيد اجزاء مقدار الدرهم بما إذا كان بالجبهة علة والأولى حمل هذا الحديث على استحباب السجود على
كل الجبهة ونقصان الفضل في السجود على بعضها كما تضمنه الحديث الخامس والعشرون واما الحمل على كون الواقع على
الأرض أقل مما يصدق عليه الاسم كما احتمله شيخنا في الذكرى فهو كما ترى والقصة بضم القاف وتشديد الصاد المهملة
شعر الناصية وما تضمنه الحديث الرابع من جواز السجود على السواك ونحوه ربما يستدل باطلاقه على عدم اشتراط مقدار
الدرهم وقد مر الكلام في الحديث الخامس والسادس في المقصد الأول وقد يستفاد من الحديث السابع والثالث و
العشرين الدلالة على تعين التسبيح في الركوع والسجود وعدم الاكتفاء بمطلق الذكر كما هو مقتضى لفظ الاجزاء وكذلك الحديث
الخامس والسادس والثامن من الفصل السابق وقد ذكرنا الخلاف فيه في ذلك الفصل والحق انه لا دلالة في تلك الأحاديث
على تعين التسبيح واما السابع فلانه عليه السلام لم يحصر المجزي في التسبيح بل السائل انما سأله عن التسبيح فاجابه عليه السلام
بالمجزي منه ليطابق سؤاله واما البواقي فغاية ما تدل عليه اجزاء التسبيحات وذلك لا يستلزم المطلق؟ كيف وقوله عليه السلام
في الحديث التاسع والعاشر من الفصل السابق في الجواب عن اجزاء التهليل والتحميد والتكبير نعم كل هنا ذكر وفي
الحديث السابع منه والتاسع من هذا الفصل ثلث تسبيحات أو قدرهن صريح فيما ذهب إليه الشيخ في المبسوط وعلماؤنا الحليون
الأربعة قدس الله أرواحهم من اجزاء مطلق الذكر ولعله أقوى دليلا الا ان المحافظة على التسبيح هو الأولى لوروده في

242
أكثر الاخبار وينبغي ان لا ينقص عن ثلث تسبيحات كبرى لما رواه أبو بكر الحضرمي قال قلت لأبي جعفر عليه السلام أي شئ حد
الركوع والسجود قال يقول سبحان ربي العظيم وبحمده ثلثا في الركوع وسبحان ربي الاعلى وبحمده ثلثا في السجود فمن نقص
واحدة نقص ثلث صلاته ومن نقص اثنتين نقص ثلثي صلاته ومن لم يسبح فلا صلاة له وقد دل الحديث العاشر
على عدم جواز ارتفاع موضع الجبهة عن موضع القيام وظاهره المنع من كلما يصدق عليه الارتفاع لكن روى عبد
الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن السجود على الأرض المرتفعة فقال إذا كان موضع جبهتك مرتفعا
عن موضع يديك قدر لبنة فلا بأس وهذه الرواية مع كونها غير نقية السند فهي غير دالة على جواز ارتفاع الجبهة عن
موضع القيام بقدر اللبنة لكن المعروف بين علمائنا رضي الله عنهم جواز ارتفاعه عنه بذلك القدر فما دونه
وعدم جواز الزائد ولا فرق بين الأرض المنحدرة وغيرها لاطلاق النص وقوله عليه السلام ولكن ليكن مستويا قد
استدل به بعض الأصحاب على استحباب مساواة المسجد للموقف وهو كما ترى فان الظاهر أن مراده عليه السلام باستواء موضع
الجبهة كونه خاليا عن الارتفاع والانخفاض في نفسه لا كونه مساويا للموقف وقد روي ما يدل على استحباب استوائه
روى يونس بن يعقوب قال رأيت أبا عبد الله عليه السلام يسوي الحصا في موضع سجوده بين السجدتين هذا و
قد الحق جماعة من الأصحاب انخفاض موضع الجبهة بارتفاعه في عدم جواز تجاوز قدر اللبنة والحديث السابع و
العشرون يدل عليه والمراد بالآجرة ما عهد في زمنه عليه السلام وقدر غلظها بأربع أصابع مضمومة والحق بعضهم
بذلك كل المساجد ولا ريب انه أحوط وما تضمنه الحديث الرابع عشر مع الثامن والعشرين يعطي كراهة الاقعاء
وقد مر الكلام في تفسيره وحكمه في شرح الحديث الثالث من المقصد الأول وما تضمنه الحديث الخامس عشر من امره
عليه السلام بجر الجبهة إذا وقعت على نبكة ونهيه عن رفعها يعطي وجوب الجر وتحريم الرفع والنبكة بالنون والباء
الموحدة واحدة النبك وهي اكمة محددة الرأس والنباك التلال الصغار والظاهر أن الامر بجر الجبهة للاحتراز عن تعدد
السجود وذهب جماعة من علمائنا إلى جواز رفع الرأس عن النبكة ثم وضعه على غيرها لعدم تحقق السجود الشرعي
بالوضع عليها ولما رواه الحسن بن حماد قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام اسجد فيقع جبهتي على الموضع المرتفع قال
ارفع رأسك ثم ضعه وسند هذه الرواية غير نقي ويمكن الجمع بينها وبين هذا الحديث بحملها على مرتفع لا يتحقق السجود
الشرعي بوضع الجبهة (عليه) لمجاوزة ارتفاعه قدر اللبنة وحمله على نبكة لم تبلغ ارتفاعها ذلك القدر وما تضمنه الحديث
السادس (عشر من المنع من نفخ موضع السجود محمول على الكراهة ومعلوم ان ذلك بشرط عدم اشتماله على حرفين) والحديث السابع عشر رواه الصدوق في عيون أخبار الرضا عليه السلام وقد يستفاد منه تثليث تسبيحات السجود
واستحباب عدها بالأصابع وهذا غير مشهور بين الأصحاب
وما تضمنه الحديث الثامن عشر من قوله صلى الله عليه وآله
نقر كنقر الغراب لئن مات هذا هكذا صلاته ليموتن على غير ديني يدل على وجوب الطمأنينة في الركوع والسجود ولا
أدري كيف لم يستدل به الأصحاب قدس الله أرواحهم على ذلك والتجأوا تارة إلى الاستدلال بما تضمنه الحديث
الخامس من قوله عليه السلام وأقم صلبك ومد عنقك ودلالته؟ على ذلك كما ترى وأخرى إلى الاستدلال بحديث
ضعيف عامي وهو ما رووه من أن رجلا دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وآله جالس في ناحية المسجد فصلى ثم جاء فسلم عليه صلى

243
الله عليه وآله فقال صلى الله عليه وآله وعليك السلام ارجع فصل فإنك لم تصل فرجع فصلى فقال له مثل ذلك
فقال له الرجل في الثالثة علمني يا رسول الله فقال صلى الله عليه وآله إذا قمت إلى الصلاة فاسبغ الوضوء ثم استقبل
القبلة فكبر ثم اقرأ بما تيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع رأسك حتى تعتدل قائما ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا
ثم ارفع حتى تستوي قائما افعل ذلك في صلاتك كلها وقد دل الحديث التاسع عشر على عدم وجوب لفظة وبحمده في
ذكر السجود والقول بوجوبه ان لم نقل بالاكتفاء بمطلق الذكر أولى والعجن المنهي عنه في الحديث العشرين يراد به الاعتماد على
ظهور الأصابع حال كونهما مضمومة إلى الكف كما يفعله العجان حال العجن وقوله عليه السلام من غير أن يضع مقعدته على
الأرض لعل المراد به ترك الاقعاء وقد دل الحديث الثاني والعشرون على رجحان جلسة الاستراحة والمشهور استحبابها و
يدل عليه ما تضمنه الحديث التاسع والعشرون من ترك الامامين عليهما السلام لها وأوجبها السيد المرتضى رضي الله عنه محتجا
بالاجماع ويشهد له الامر بها في رواية أبي بصير قال قال أبو عبد الله عليه السلام إذا رفعت رأسك من السجدة الثانية من الركعة
الأولى حين تريد ان تقوم فاستو جالسا ثم قم لكن هذه الرواية مع ضعف سندها معارضة بالحديث التاسع والعشرين و
غيره من الأحاديث الدالة على جواز تركها كما رواه رحيم عن الرضا عليه السلام انه كان يجلس في الرفع من الركعة الأولى و
الثالثة فقال له أفنصنع كما تصنع فقال لا تنظروا إلى ما اصنع انا انظروا إلى ما تؤمرون وقوله عليه السلام في الحديث
الثالث والعشرين ومن كان يقوى على أن يطول الركوع والسجود فليطول ما استطاع قيده بعض علمائنا بما إذا لم يخرج في العرف
عن كونه مصليا ولا باس به وقد تضمن اخر الحديث ان استحباب التطويل مختص بغير الامام واما هو فيستحب له التخفيف
ويستثنى من ذلك ما إذا علم من حال من خلفه الرغبة في التطويل وعليه يحمل ما تضمنه الحديث السادس والعشرون من
تطويل الصادق عليه السلام بالجماعة والله أعلم الفصل الثالث في سجود الشكر والتلاوة سبعة أحاديث أ من الصحاح
مرازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال سجدة الشكر واجبة على كل مسلم تتم بها صلاتك وترضى بها ربك وتعجب الملائكة
منك وان العبد إذا صلى ثم سجد سجدة الشكر فتح الرب تعالى الحجاب بين العبد وبين الملائكة فيقول يا ملائكتي انظروا إلى
عبدي أدى فرضي وأتم عهدي ثم سجد لي شكرا على ما أنعمت به عليه ملائكتي ماذا له فيقول الملائكة يا ربنا رحمتك ثم
يقول الرب تعالى ثم ماذا له فيقول الملائكة يا ربنا وجنتك فيقول الرب تعالى ثم ماذا فيقول الملائكة يا ربنا كفاية مهمه فيقول
الرب ثم ماذا فلا يبقى شئ من الخير الا قالته الملائكة فيقول الله تعالى يا ملائكتي ثم ماذا فيقول الملائكة يا ربنا لا علم لنا
فيقول الله تعالى لأشكرنه كما شكرني واقبل إليه بفضلي وأريه وجهي ب عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه
السلام أنه قال من سجد سجدة الشكر وهو متوض كتب الله له عشر صلوات ومحى عنه عشر خطايا عظام ج محمد بن مسلم
عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته عن الرجل يعلم السورة من العزائم فتعاد عليه مرارا في المقعد الواحد قال عليه ان يسجد
كلما سمعها وعلى الذي يعلمه أيضا ان يسجد د عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا قرأت شيئا من العزائم التي
يسجد فيها فلا تكبر قبل سجودك ولكن تكبر حين ترفع رأسك والعزائم أربعة حم السجدة وتنزيل والنجم واقرأ باسم ربك ه‍ أبو
عبيدة الحذاء عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا قرء أحدكم السجدة من العزائم فليقل في سجوده سجدت لك تعبدا ورقا لا

244
مستكبرا عن عبادتك ولا مستنكفا ولا متعظما بل انا عبد ذليل خائف مستجير ومحمد عن أحدهما عليهما السلام قال
سألته عن الرجل يقرء السجدة فينساها حتى يركع ويسجد قال يسجد إذا ذكرها إذا كانت من العزائم وقد مر هذا الحديث
في بحث القراءة ز من الحسان عبد الله بن جندب قال سألت أبا الحسن الماضي عليه السلام عما أقول في سجدة الشكر فقد اختلف
أصحابنا فيه فقال قل وأنت ساجد اللهم إني أشهدك واشهد ملائكتك وأنبياءك ورسلك وجميع خلقك انك الله
ربي والاسلام ديني ومحمد نبيي وعلي وفلان وفلان إلى آخرهم أئمتي بهم أتولى ومن أعداؤهم أتبرء اللهم إني أنشدك دم
المظلوم ثلثا اللهم إني أنشدك بإيوائك على نفسك لأوليائك لتظفرنهم بعدوك وعدوهم ان تصلي على محمد وآل محمد
وعلى المستحفظين من آل محمد اللهم إني أسئلك اليسر بعد العسر ثلثا ثم ضع خدك الأيمن بالأرض وتقول يا كهفي حين
تعييني المذاهب وتضيق علي الأرض بما رحبت ويا بارئ خلقي رحمة بي وكان عن خلقي غنيا صل على محمد وآل محمد
وعلى المستحفظين من آل محمد ثم تضع خدك الأيسر وتقول يا مذل كل جبار ويا معز كل ذليل قد وعزتك بلغ بي مجهودي
ثلثا ثم تقول يا حنان يا منان يا كاشف الكرب العظام ثلثا ثم تعود للسجود فتقول ماءة مرة شكرا شكرا ثم تسأل الله حاجتك
انشاء الله أقول أطبق علماؤنا رضي الله عنهم على ندبية سجود الشكر عند تجدد النعم ودفع النقم وقد روي أن
النبي صلى الله عليه وآله كان إذا جاءه شئ يسره خر ساجدا وروي انه صلى الله عليه وآله سجد يوما فأطال فسئل
عنه فقال اتاني جبرئيل فقال من صلى عليك مرة صلى الله عليه عشرا فخررت شكرا لله وروي ان أمير المؤمنين عليه السلام
سجد يوم النهروان شكرا لما وجدوا ذا الثدية قتيلا وكما يستحب السجود لشكر النعمة المتجددة فالظاهر كما قاله شيخنا في
الذكرى انه يستحب عند تذكر النعمة وان لم تكن متجددة وقد روى إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا
ذكرت نعمة الله عليك وقد كنت في موضع لا يراك أحد فالصق خدك بالأرض وإذا كنت في ملاء بين الناس فضع يدك على
أسفل بطنك واحن ظهرك وليكن تواضعا لله فان ذلك أحب وتري ان ذلك غمز وجدته في أسفل بطنك وقد
أجمع علماؤنا على استحباب السجود أيضا عقيب الصلاة شكرا على التوفيق لأدائها ويستحب ان يكون عقيب التعقيب بحيث
يجعل خاتمته واطالته أفضل فقد روى الصدوق (رحمه الله) ان الكاظم عليه السلام كان يسجد بعدما يصلي الصبح
فلا يرفع رأسه حتى يتعالى النهار وروى في عيون أخبار الرضا عليه السلام ان دار السندي بن شاهك التي كان عليه
السلام محبوسا فيها كانت قريبة من دار الرشيد وكان الرشيد إذا صعد سطح داره أشرف على الحبس فقال يوما للربيع
يا ربيع ما ذاك الثوب الذي أراه كل يوم في ذلك الموضع فقال له الربيع ما ذاك بثوب وانما هو موسى بن جعفر له كل
يوم سجدة بعد طلوع الشمس إلى وقت الزوال ويستحب فيه افتراش الذراعين والصاق الصدر والبطن بالأرض روى
يحيى بن عبد الرحمن قال رأيت أبا الحسن الثالث عليه السلام سجد سجدة الشكر فافترش ذراعيه والصق صدره وبطنه فسألته
عن ذلك فقال كذا يجب (وهل يشترط السجود على الأعضاء السبعة أم يكتفى بوضع الجبهة كل محتمل وقطع
شيخنا في الذكرى بالأول وعلله بان مسمى السجود يتحقق بذلك واما وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه
فالأصل عدم اشتراطه) واما ما يقال في سجود الشكر فقد اختلفت لروايات عنهم عليهم السلام فيه فروى
الأصحاب ان أدنى ما يجزى فيها ان يقول ثلث مرات شكرا شكرا وعن سليمان بن حفص المروزي قال كتبت إلى أبى الحسن
عليه السلام في سجدة الشكر فكتب إلي مأة مرة شكرا شكرا وان شئت عفوا عفوا وروى محمد بن سليمان عن أبيه قال خرجت مع أبي الحسن موسى

245
عليه السلام إلى بعض أمواله فقام إلى صلاة الظهر فلما فرغ خر لله ساجدا فسمعته يقول بصوت حزين ويغرغر دموعه
رب عصيتك بلساني ولو شئت لأخرستني وعصيتك ببصري ولو شئت لكمهتني وعصيتك بسمعي ولو شئت و
عزتك لأصممتني وعصيتك بيدي ولو شئت وعزتك لكنعتني وعصيتك برجلي ولو شئت وعزتك لجذمتني
وعصيتك بفرجي ولو شئت وعزتك لعقمتني وعصيتك بجميع جوارحي التي أنعمت بها علي وليس هذا جزاؤك
مني قال ثم أحصيت له الف مرة وهو يقول العفو العفو قال ثم الصق خده الأيمن بالأرض وسمعته وهو يقول بصوت حزين
بؤت إليك بذنبي عملت سوء وظلمت نفسي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب غيرك مولاي ثلث مرات ثم الصق خده
الأيسر بالأرض فسمعته يقول ارحم من أساء واقترف واستكان واعترف ثلث مرات ثم رفع رأسه وما تضمنه الحديث
الأول من وجوب سجدة الشكر على كل مسلم يراد به تأكد الاستحباب وصلواتك في قوله عليه السلام تتم بها صلاتك
اما فاعل تتم أو مفعوله على أنه من تم أو أتم وكذلك المعطوفان عليه وقوله عليه السلام فتح الرب تعالى الحجاب بين العبد و
الملائكة يدل على أن الانس محتجبون عن نظر الملائكة وانهم لا يطلعون على أحوالنا الا يرفع الله سبحانه الحجاب بيننا وبينهم
وقد دل الحديث الثالث على وجوب السجود في العزائم على المستمع والتالي ولا دلالة فيه على وجوبه على السامع
كما ظنه بعض الأصحاب فان المتعلم مستمع لا سامع فالسماع هنا بمعنى الاستماع ووجوب السجود على المستمع والتالي مما
لا خلاف فيه بين علمائنا انما الخلاف في وجوبه على السامع فالأكثر على الوجوب بل نقل ابن إدريس اجماع الأصحاب عليه
ويدل على ذلك ما رواه أبو بصير قال قال الصادق عليه السلام إذا قرئ شئ من العزائم الأربع فسمعتها فاسجد وان كنت
على غير وضوء وان كنت جنبا وان كانت المرأة لا تصلي وسائر القرآن أنت فيه بالخيار ان شئت سجدت وان شئت
لم تسجد وقال الشيخ في الخلاف لا يجب ووافقه العلامة في المنتهى وسكت في المختلف عن ترجيح أحد القولين والتوقف في
ذلك في محله واستدل الشيخ باجماع الفرقة وبما رواه عبد الله بن سنان قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل سمع
السجدة تقرء قال لا يسجد الا ان يكون منصتا لقراءته مستمعا لها أو يصلي بصلاته فاما ان يكون يصلي في ناحية وأنت
في أخرى فلا تسجد إذا سمعت وهذه الرواية وان عدها العلامة في المختلف من الصحاح الا ان في طريقها محمد بن عيسى عن يونس
وما نقله ابن بابويه عن شيخه محمد بن الحسن بن الوليد من عدم الاعتماد على ما تفرد به محمد بن عيسى عن يونس مشهور قال
شيخنا في الذكرى مع أنها أي هذه الرواية يتضمن وجوب السجود إذا صلى بصلاة التالي لها وهو غير مستقيم إذ لا يقرء
عزيمة على الأصح ولا يجوز القدوة في النافلة اجماعا انتهى كلامه وهو كما ترى إذ الحمل على الصلاة خلف المخالف ممكن و
المصلي خلفه وان قرء لنفسه الا ان صلاته بصلاته في الظاهر والقدوة في بعض النوافل كالاستسقاء والغدير والعيدين مع
اختلال الشرائط سائغة وما تضمنه الحديث الرابع من أن العزائم التي يجب السجود فيها هي هذه الأربع أعني حم السجدة و
تنزيل والنجم واقرء لا غير مما أطبق عليه علماؤنا كما اطبقوا على الاستحباب في أحد عشر موضعا من عشر سور سواها وهي
الأعراف والرعد والنحل وبنى إسرائيل ومريم والحج في موضعين والفرقان والنمل وص وإذا السماء انشقت وقد
استدل شيخنا في الذكرى على وجوب سجود التلاوة فيما عدا تنزيل من هذه الأربع كون السجود فيها بصيغة الامر والامر للوجوب ووافقه

246
في ذلك شيخنا المحقق الشيخ علي أعلى الله قدره في شرح القواعد وفيه ما فيه فان الامر بالسجود في الآية انما يقتضي
وجوبه في الجملة لا كلما تليت الآية واستمعت ووجوب السجود في الجملة مما لا كلام فيه إذ منه سجود الصلاة وليس في شئ
من آيات العزائم ما يدل على وجوب السجود إذا تليت أو استمعت بل انما تضمنت مطلق الامر بالسجود كقوله جل ثناؤه في حم السجدة
لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن وفي سورة النجم واسجدوا لله واعبدوا وفي سورة اقرأ واسجد واقترب
ولا فرق في تضمن الامر بالسجود بين هذه الآيات وبين قوله تعالى يا أيها الذين امنوا اركعوا واسجدوا مثلا والحاصل ان
مجرد تلاوة الآية المتضمنة للامر بشئ أو استماعها لا يوجب الاتيان بذلك الشئ كلما تليت أو استمعت فان حكاية الامر
ليست أمرا وهذا ظاهر لا سترة فيه ثم استدل طاب ثراه على وجوب السجود في سورة تنزيل بأنه تعالى حصر المؤمن
بآياته في الذي إذا ذكر بها سجد وهو يقتضي سلب الايمان عند عدم السجود وسلب الايمان منهي عنه فيجب السجود لئلا
يخرج عن الايمان ثم قال فان قلت المراد هنا بالمؤمنين الكمل بدليل الاجماع على أنه لا يكفر تارك هذه السجدة
متعمدا فهو كقوله تعالى انما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم الآية قلت يكفينا انتفاء كمال الايمان عند انتفاء السجود
ويلزم منه المطلب لان تكميل الايمان واجب ثم قال فان قلت لا نسلم وجوب تكميل الايمان مطلقا بل انما يجب تكميله إذا كان
بواجب فلم قلتم ان ذلك واجب فإنه محل النزاع واما تكميله بالمستحب فمستحب كما في وجل القلب
قلت الظاهر أن فقد الكمال
نقصان في حقيقة الايمان وخروج غير الوجل منه بدليل خارج لا يقتضي اطراد التكميل في المندوبات انتهى كلامه أعلى
الله مقامه وفيه ما لا يخفى على المتأمل هذا ثم موضع السجود في هذه العزائم الأربع بعد الفراغ من الآية واما ما ذهب إليه
المحقق طاب ثراه في المعتبر ونقله عن الشيخ في الخلاف من أن موضع السجود في حم السجدة عند قوله تعالى واسجدوا لله فعجيب
قال شيخنا في الذكرى ليس كلام الشيخ صريحا فيه ولا ظاهرا بل ظاهره ما قلناه يعني وجوب السجود عند تعبدون لأنه
ذكر في أول المسألة ان موضع السجود في حم عند قوله واسجدوا لله الذي خلقهن امر والامر يقتضي الفور عندنا وذلك
يقتضي السجود عقيب الآية ومن المعلوم ان آخر الآية تعبدون ولأن تخلل السجود في أثناء الآية يؤدي إلى الوقوف على المشروط
دون الشرط إلى ابتداء القاري بقوله تعالى ان كنتم إياه تعبدون وهو مستهجن عند القراءة ولأنه لا خلاف فيه بين
المسلمين ان الخلاف في تأخير السجود إلى يسامون فإن ابن عباس والثوري وأهل الكوفة والشافعي يذهبون إليه و
الأول هو المشهور عند الباقين ثم قال في الذكرى فاذن ما اختاره في المعتبر لا قائل به فان احتج بالفور قلنا
هذا القدر لا يخل بالفور والا لزم وجوب السجدة في باقي الآي العزيمة عند صيغة الامر وحذف ما بعده من اللفظ ولم يقل
به أحد انتهى كلامه والعجب من العلامة في المنتهى كيف وافق المحقق على هذا النقل فكأنه طاب ثراه لم يراجع الخلاف واكتفى
بالنقل من المعتبر وما تضمنه الحديث الرابع من عدم التكبير لهذا السجود يشمل التحريمة وتكبير الهوى وظاهر النهي عدم
مشروعية التكبير له وأوجب له بعض العامة تكبيرة الاحرام لأنه صلاة وضعفه ظاهر وما تضمنه من التكبير للرفع منه
لا كلام في استحبابه وما تضمنه الحديث الخامس من الامر بالذكر فيه محمول على الاستحباب ويحصل الفضيلة بمطلق
الذكر وان كان المأثور أفضل وهل يشترط السجود على الأعضاء السبعة ووضع الجبهة على ما يصح السجود عليه في الصلاة

247
أم يكفي وضع الجبهة وحدها ولو على الملبوس مثلا وجهان مبنيان على أن السجود شرعا هل هو مجرد وضع الجبهة على
الأرض ليكون مشاركة بقية أعضاء السبعة لها في ذلك ووضعها على ما يصح وضعها عليه في الصلاة خارجا عن مفهومه
الشرعي أو انه حقيقة في المجموع المركب اما الطهارة بنوعيها والستر والاستقبال فالظاهر أنه لا يشترط شئ منها وهل
يجب مقارنة النية لابتداء وضع الجبهة أم تشرع في حال استدامة الوضع أيضا الظاهر الأول وما تضمنه الحديث السادس
من وجوب سجود التلاوة على الناسي إذا ذكره لا كلام فيه انما الكلام في أن من أخره ناسيا أو عامدا هل ينوي فيه القضاء
أم هو أداء وانما حكم المحقق في المعتبر والعلامة في المنتهى بالثاني لعدم التوقيت فيه وقال شيخنا في الذكرى فيه منع
لأنه واجب على الفور فوقته وجود السبب فإذا فات فقد فعل في غير وقته ولا نعني بالقضاء الا ذلك هذا كلامه
وهو كما ترى لجريانه في الحج المؤخر عن عام الاستطاعة فيلزم ان يكون قضاء مع أنه أداء وانشد في الحديث السابع
على وزن اقعد يقال نشدت فلانا أنشده نشدا إذا قلت له نشدتك أي سألتك بالله والمراد هنا أسألك بحقك
ان تأخذ بدم المظلوم (يعني) الحسين عليه السلام وينتقم له من أعدائه ومن أسس أساس الظلم والجور عليه وعلى أبيه وأخيه
وأولاده الطاهرين سلام الله عليهم أجمعين والمراد بالايواء بالياء المثناة من تحت والمد العهد والمستحفظين يقرأ
بالبناء للفاعل والمفعول أي استحفظوا الإمامة اي حفظوها أو استحفظهم الله تعالى إياها وتعييني بياءين مثناتين من تحت أو بنونين
بينهما ياء مثناة من تحت بمعنى تعجزني أو تتعبني وبما رحبت أي برحبها وما مصدرية والرحب السعة
المقصد السادس
في التشهد والتسليم ويتبعهما التعقيب وفيه فصول الفصل الأول في التشهد تسعة أحاديث أ من الصحاح زرارة في حديثه الطويل عن أبي جعفر عليه السلام فإذا قعدت في تشهدك فالصق ركبتيك بالأرض وفرج بينهما شيئا
وليكن ظاهر قدمك اليسرى على الأرض وظاهر قدمك اليمنى على باطن قدمك اليسرى وأليتاك على الأرض وطرف ابهامك
اليمنى على الأرض وإياك والقعود على قدميك فتتأذى بذلك ولا يكون قاعدا على الأرض فيكون انما قعد بعضك على
بعض فلا تصبر للتشهد والدعاء ب محمد بن مسلم قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام التشهد في الصلاة قال مرتين
قال قلت وكيف مرتين قال إذا استويت جالسا فقل اشهد ان لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا
عبده ورسوله ثم ينصرف قال قلت قول العبد التحيات لله والصلوات الطيبات لله قال هذا اللطف من الدعاء يلطف
العبد بربه ج زرارة قال قلت لأبي جعفر عليه السلام ما يجزي من القول في التشهد في الركعتين الأوليين فقال إن
تقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له قلت فما يجزي من تشهد الركعتين الأخيرتين قال الشهادتان د
أبو بصير وزرارة قالا قال أبو عبد الله عليه السلام ان من تمام الصوم اعطاء الزكاة كما أن الصلاة على النبي صلى الله عليه
وآله تمام الصلاة لان من صام ولم يؤد الزكاة فلا صوم له إذا تركها عمدا ولا صلاة له إذا ترك الصلاة على النبي وآله ه‍
علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الرجل له ان يجهر بالتشهد والقول في الركوع والسجود والقنوت
قال إن شاء جهر وان شاء لم يجهر وحفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه السلام قال ينبغي للامام ان يسمع من خلفه التشهد ولا
يسمعونه شيئا ز محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا جلست في الركعتين الأوليين فتشهدت ثم قمت فقل بحول

248
الله أقوم واقعد ح رفاعة بن موسى قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول كان علي عليه السلام إذا نهض من
الركعتين الأوليين قال بحولك وقوتك أقوم واقعد ط من الموثقات أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا جلست
في الركعة الثانية فقل بسم الله وبالله والحمد لله وخير الأسماء لله اشهد ان لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده
ورسوله أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة اشهد انك نعم الرب وأن محمدا نعم الرسول اللهم صل على
محمد وآل محمد وتقبل شفاعته في أمته وارفع درجته ثم تحمد الله مرتين أو ثلثا ثم تقوم فإذا جلست في الرابعة قلت
بسم الله وبالله والحمد لله وخير الأسماء لله اشهد ان لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة اشهد انك نعم الرب وأن محمدا نعم الرسول التحيات لله والصلوات
الطاهرات الطيبات الزاكيات الغاديات الرائحات السابغات الناعمات لله ما طاب وزكا وطهر وخلص وصفا
فلله واشهد ان لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين
يدي الساعة اشهد ان ربي نعم الرب وأن محمدا نعم الرسول واشهد ان الساعة آتية لا ريب فيها وان الله يبعث من في
القبور الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله الحمد لله رب العالمين اللهم صل على محمد وآل
محمد وبارك على محمد وآل محمد وسلم على محمد وآل محمد وترحم على محمد وآل محمد كما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم و
آل إبراهيم انك حميد مجيد اللهم صل على محمد وآل محمد واغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل
في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا انك رؤوف رحيم اللهم صل على محمد وآل محمد وامنن علي بالجنة وعافني من النار
اللهم صل على محمد وآل محمد واغفر للمؤمنين والمؤمنات ولمن دخل بيتي مؤمنا ولا تزد الظالمين الا تبارا ثم قل السلام
عليك أيها النبي ورحمه الله وبركاته السلام على أنبياء الله ورسله السلام على جبرئيل وميكائيل والملائكة المقربين
السلام على محمد بن عبد الله خاتم النبيين لا نبي بعده والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ثم تسلم أقول
قد مر الكلام في الحديث الأول في المقصد الأول وما تضمنه الحديث الثاني من أن التشهد مرتان يراد به انه مرة بالتوحيد
ومرة بالرسالة وقوله عليه السلام هذا اللطف من الدعاء يدل على استحباب التحيات والظاهر من سوق الكلام ان السؤال انما
هو عن قول التحيات في التشهد الثاني فقد أجمع علماؤنا قدس الله أرواحهم على أنه لا تحيات في التشهد الأول حتى
قال شيخنا في الذكرى لو اتى بالتحيات في الأول معتقدا شرعيتها مستحبا اثم واحتمل البطلان ولو لم يعتقد استحبابها
خلا عن اثم الاعتقاد وفي البطلان وجهان وقد اختلف كلام أصحابنا فيما يجب ان يقال في التشهد فالمشهور الاجتزاء
بالشهادتين والصلاة على النبي وآله وقال ابن الجنيد يجزي الشهادتان إذا لم تخل الصلاة من الصلاة على محمد وآل محمد
في أحد التشهدين وهو صريح في أن الصلاة على النبي وآله انما تجب عنده في أحد التشهدين لا فيهما معا ولم يذكر الصدوق في الفقيه
ولا والده في الرسالة الصلاة في التشهد الأول قال الصدوق إذا رفعت رأسك من السجدة الثانية تشهد وقل بسم
الله وبالله والحمد لله والأسماء الحسنى كلها لله أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا
عبده و
رسوله أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة ثم انهض إلى الثالثة وهو صريح في عدم وجوب الصلاة على النبي

249
وآله عنده وهذا الحديث وما بعده يعطيان ذلك أيضا لكن وجوب الصلاة على النبي وآله في التشهد
الأول والثاني مما انعقد عليه الاجماع بعد أولئك المشايخ الثلاثة وجعلها الشيخ في الخلاف ركنا فلعل الوجه في
خلو هذين الحديثين عنها ان التشهد هو النطق بالشهادتين فإنه تفعل من الشهادة وهي الخبر القاطع واما الصلاة على النبي
وآله فليست في الحقيقة تشهدا وسؤال محمد بن مسلم وزرارة انما هو وقع عن التشهد فأجابهما الامامان عليهما السلام
عما سألا عنه فليس في الحديثين ما يدل على عدم وجوب الصلاة على النبي وآله كما قد يظن وسكوته عليه السلام في
الحديث الثالث عن الشهادة بالرسالة في التشهد الأول مقتصرا على الشهادة بالوحدانية لعله لظهور الحال من
التلازم العادي بينهما في التلفظ فاستغنى عليه السلام عن ذكر أحدهما بذكر الآخر وذكره عليه السلام لهما معا في
التشهد الثاني لا ينافي ذلك أن لم يؤيده وما تضمنه الحديث الرابع من أنه لا صلاة لمن ترك الصلاة على النبي وآله
مما استدل به المحقق في المعتبر والعلامة في المنتهى على وجوب الصلاة في التشهد وأنت خبير بان غاية ما يدل عليه
هو مذهب ابن الجنيد من وجوبهما في أحد التشهدين ولا دلالة فيه على وجوبها في التشهدين معا بل العمدة فيه الاجماع
المنقول وقد يستدل أيضا على ذلك بما تضمنه الحديث السابع وبما رواه عبد الملك بن عمرو عن أبي عبد الله
عليه السلام قال التشهد في الركعتين الأوليين الحمد لله اشهد ان لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده
ورسوله اللهم صل على محمد وآل محمد وتقبل شفاعته وارفع درجته مع ما رواه البزنطي عن الرضا عليه السلام انه
يجزي التشهد الذي في الثانية في الرابعة إذ المعروف استعمال الاجزاء في أقل ما يجب وما تضمنه الحديث السابع
والثامن من القول عند النهوض من التشهد الأول مما استدل به الشيخ واتباعه على أنه لا تكبير عند النهوض منه و
ردوا بذلك على المفيد (ره) حيث قال بالتكبير عنده وأنت خبير بضعف هذا الاستدلال فان اثبات الشئ لا يوجب
نفي ما عداه وقد أشرنا إلى ذلك في آخر المقصد الثالث وما تضمنه الحديث التاسع مما يقال في التشهد قد ذكر
الأصحاب (ره) انه أفضل ما يقال فيه والظرف أعني بين يدي الساعة متعلق بارسله أو بشيرا ونذيرا على سبيل التنازع
والمراد ببين يدي الساعة امامها وقريبا منها والتحية ما يحيى به من سلام وثناء ونحوهما وقد يفسر التحيات هنا بالعظمة
والملك والبقاء والغاديات الكائنة في وقت الغدو والرايحات الكائنة في وقت الرواح وهو من زوال الشمس إلى الليل وما قبله
غدو والمراد بالسابغات الكاملات الوافيات وبالناعمات ما يقرب من معنى الطيبات والتبار الهلاك وخلص بفتح اللام
ثم في تشبيه الصلاة على نبينا صلى الله عليه وآله مع المعطوفات الثلث بالصلاة على إبراهيم وآل إبراهيم مع المعطوفات
اشكال مشهور هو ان المشبه به ينبغي ان يكون أقوى وأشد من المشبه والامر هنا بالعكس فان درجة نبينا صلى الله عليه
وآله لا ريب انها أعظم من درجة إبراهيم عليه السلام فالصلاة عليه صلى الله عليه وآله أقوى وأكمل وأتم وأكثر من الصلاة
على إبراهيم وآل إبراهيم سلام الله عليهم وقد يجاب بان أشدية المشبه به أغلبيته وليست أمرا لازما بل قد يتحقق التشبيه
بدونها كما يقول أحد الأخوين لأبيه أعطني دينارا كما أعطيت أخي دينارا وقد يعد منه قوله تعالى كتب عليكم الصيام كما كتب
على الذين من قبلكم أو بان الأشدية حاصلة ويقرر ذلك بوجهين الأول انه لما كان نبينا صلى الله عليه وآله من جملة

250
آل إبراهيم كما أن جماعة من الأنبياء أيضا كذلك كانت الصلاة على نبينا وآله صلوات الله عليهم حاصلة في ضمن الصلاة على آل إبراهيم على
الوجه الأكمل الأتم والمطلوب بقولنا اللهم الخ ان يخصوا من الله سبحانه بصلاة أخرى على حدة مماثلة للصلاة التي
عمتهم وغيرهم والصلاة العامة للكل من حيث العموم أقوى من الخاصة بالبعض الثاني ان إبراهيم على نبينا وآله وعليه
السلام كان أفضل من الأنبياء قبله كانت الصلاة عليه أفضل من الصلاة على جميع من قبله وإذا كانت الصلاة على نبينا و
آله صلوات الله عليهم مثل تلك الصلاة فلا جرم تكون أفضل من الصلاة على جميع من قبله من الأنبياء وغيرهم ومنهم إبراهيم و
آله وأنت خبير بان هذا الأخير لا يحسم مادة الاشكال الا إذا ثبت ان فضل الصلاة (على إبراهيم على من قبله أزيد من فضل الصلاة) على نبينا صلى الله عليه وآله على من
قبله واثباته متعسر أو متعذر والله أعلم وقد يجاب بان المشبه في قولنا اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم
انما هو الصلاة على آل محمد فقولنا اللهم صل على محمد (وآل محمد) كلام تام غير متصل بما بعده وقولنا وآل محمد كما صليت كلمة
ابتداء كلام وهذا الجواب مع ما فيه من التكلف لا يجري في العبارة التي نحن فيها الا مع تكلف آخر لتوسط الجمل المتعاطفة والله أعلم
الفصل الثاني في التسليم وصيغته المخرجة من الصلاة وكونه جزء منها أو خارجا عنها والكلام في وجوبه
واستحبابه سبعة وعشرون حديثا أ من الصحاح علي بن جعفر قال رأيت اخوتي موسى واسحق ومحمدا بني جعفر عليه السلام
يسلمون في الصلاة على اليمين والشمال السلام عليكم ورحمة الله السلام عليكم ورحمة الله ب الحلبي قال قال أبو عبد الله
عليه السلام كلما ذكرت الله عز وجل به فهو من الصلاة وان قلت السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فقد انصرفت ج
زرارة وابن مسلم قالا قلنا لأبي جعفر عليه السلام رجل صلى في السفر أربعا أيعيد قال إن كان قرئت عليه آية التقصير وفسرت
فصلى أربعا أعاد وان لم يكن قرءت عليه ولم يعلمها فلا إعادة عليه د عبد الله بن علي الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال
إذا لم تدر أربعا صليت أو خمسا أم نقصت أم زدت فتشهد وسلم واسجد سجدتين بغير ركوع ولا قراءه ويتشهد
فيهما تشهدا خفيفا ه‍ سليمان بن خالد قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل نسي ان يجلس في الركعتين الأوليين
فقال إن ذكر قبل ان يركع فليجلس وان لم يذكر حتى يركع فليتم الصلاة حتى إذا فرغ وليسلم وليسجد سجدتي السهو وابن
أبي يعفور قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل صلى الركعتين من المكتوبة فلا يجلس فيها حتى يركع فقال يتم صلاته
ثم يسلم ويسجد سجدتي السهو وهو جالس قبل ان يتكلم ز محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل صلى
ركعتين فلا يدري ركعتان هي أو أربع قال يسلم ثم يقوم فيصلى ركعتين بفاتحة الكتاب ويتشهد وينصرف وليس عليه شئ
ح زرارة وفضيل ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام إذا كان صلاة المغرب في الخوف فرقهم فرقتين فيصلي بفرقة
ركعتين ثم جلس بهم ثم أشار إليهم بيده فقام كل انسان منهم فيصلي ركعة ثم سلموا وقاموا مقام أصحابهم وجاءت الطائفة
الأخرى فكبروا ودخلوا في الصلاة وقام الامام فصلى بهم ركعة ليس فيها قراءة فتمت للامام ثلث ركعات وللأولين ركعتان
في جماعة وللآخرين وحدانا فصار للأولين التكبير وافتتاح الصلاة وللآخرين التسليم ط عبد الله الحلبي عن أبي عبد الله
عليه السلام في الرجل يكون خلف الامام فيطيل الامام التشهد فقال يسلم من خلفه ويمضي في حاجته ان أحب ى
زرارة عن أبي جعفر عليه السلام انه سأله عن الرجل يصلي ثم يجلس فيحدث؟ قبل ان يسلم قال تمت صلاته يا الفضيل وزرارة

251
ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا فرغ من الشهادتين فقد مضت صلاته فإن كان مستعجلا في امر يخاف
ان يفوته فسلم وانصرف وأجزأ يب زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته عن رجل صلى خمسا قال إن كان جلس
في الرابعة قدر التشهد فقد تمت صلاته يج علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الرجل يكون
خلف الامام فيطول الامام التشهد فيأخذ الرجل البول أو يتخوف على شئ أو يعرض له وجع كيف يصنع قال يتشهد هو
وينصرف ويدع الامام يد محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال إذا استويت جالسا فقل اشهد ان لا اله إلا الله
وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ثم ينصرف وقد مر هذا الحديث في الفصل السابق يه عبد الحميد
بن عواض عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن كنت تؤم قوما أجزأك تسليمة واحدة عن يمينك وان كنت مع امام فتسليمتين وان كنت وحدك
فواحدة مستقبل القبلة يو من الحسان ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله في رجل صلى فلم يدر اثنتين صلى أم
ثلثا أم أربعا قال يقوم فيصلي ركعتين من قيام ويسلم ثم يصلي ركعتين من جلوس ويسلم فان كانت الركعتان نافلة والا تمت
الأربع يز زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث طويل قال إن كنت قد ذكرت انك لم تصل العصر حتى دخل وقت المغرب
ولم تخف فوتها فصل العصر حتى دخل وقت المغرب ولم تخف فوتها فصل العصر ثم صل المغرب وان كنت صليت المغرب فقم
فصل العصر وان كنت قد صليت من المغرب ركعتين ثم ذكرت العصر فانوها العصر ثم سلم ثم صل المغرب وان كنت قد صليت
العشاء الآخرة ونسيت المغرب فقم فصل المغرب وان كنت ذكرتها وقد صليت من العشاء الآخرة ركعتين أو قمت في الثالثة
فانوها المغرب ثم سلم ثم قم فصل العشاء الآخرة يح الحلبي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن صلاة الخوف قال يقوم الامام
ويجئ طائفة من أصحابه فيقومون خلفه وطائفة بإزاء العدو فيصلي بهم الامام ركعة ثم يقوم ويقومون معه فيمثل قائما و
يصلون هم الركعة الثانية ثم يسلم بعضهم على بعض ثم ينصرفون فيقومون في مقام أصحابهم ويجئ الآخرون فيقومون خلف
الامام فيصلي بهم الركعة الثانية ثم يجلس الامام ويقومون هم فيصلون ركعة أخرى ثم يسلم عليهم فينصرفون بتسليمه يط
زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال قلت له رجل لا يدري أواحدة صلى أم اثنتين قال يعيد قلت رجل لا يدري اثنتين صلى
أم ثلثا قال إن دخله الشك بعد دخوله في الثالثة مضى في الثالثة ثم صلى الأخرى ولا شئ عليه ويسلم ك الحلبي عن
أبي عبد الله عليه السلام قال إذا التفت في صلاة مكتوبة من غير فراغ فأعد الصلاة إذا كان الالتفات فاحشا وان كنت قد تشهدت
فلا تعد كا ميسر عن أبي جعفر عليه السلام قال شيئان يفسد الناس بهما صلاتهم قول الرجال تبارك اسمك وتعالى جدك
ولا اله غيرك وانما هو شئ قالته الجن بجهالة فحكى الله عنهم وقول الرجل السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين كب من
الموثقات عمار بن موسى قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن التسليم ما هو فقال اذن كج أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام
قال إذا لم تدر أربعا صليت أم ركعتين فقم واركع ركعتين ثم سلم واسجد سجدتين وأنت جالس ثم سلم بعدهما كد عمار بن
موسى قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل صلى ثلث ركعات وهو يظن أنها أربع فلما سلم ذكر انها ثلث قال يبني على
صلاته متى ما ذكر ويصلي ركعة ويتشهد ويسلم ويسجد سجدتي السهو وقد جازت صلاته كه أبو بصير قال سمعت أبا عبد الله
عليه السلام يقول في رجل صلى الصبح فلما جلس في الركعتين قبل ان يتشهد رعف قال فليخرج فليغسل أنفه ثم ليرجع فليتم

252
صلاته فان آخر الصلاة التسليم كو غالب بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الرجل يصلي المكتوبة فينقضي
صلاته ويتشهد ثم ينام قبل ان يسلم قال تمت صلاته وان كان رعافا فاغسله ثم رجع فسلم كز يونس بن يعقوب قال قلت
لأبي عبد الله عليه السلام صليت بقوم صلاة فقعدت للتشهد ثم قمت ونسيت ان أسلم عليهم (فقالوا)؟ ما سلمت علينا فقال ألم؟
تسلم وأنت جالس قلت بلى قال فلا باس عليك ولو نسيت حتى قالوا لك ذلك استقبلتهم بوجهك فقلت السلام عليكم أقول
الكلام في مسألة التسليم اما في عبارته التي بها يتحقق الخروج من الصلاة واما في كونه جزء من الصلاة أو خارجا عنها واما في
كيفية الاتيان به وعدده للمنفرد والجامع واما في وجوبه أو استحبابه اما عبارته فالتي تضمنها الحديث الأول أعني السلام
عليكم ورحمة الله وبركاته مما لا ريب في تحقق الخروج بها من الصلاة ونقل المحقق في المعتبر على ذلك الاجماع ولا خلاف في
عدم وجوب ضم وبركاته كما قاله العلامة في المنتهى ولو أسقط قوله ورحمة الله جاز أيضا عند غير أبي الصلاح رحمه الله
واما العبارة الأخرى التي تضمنها الحديث الثاني أعني السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فأكثر القائلين بوجوب التسليم
لا يجعلونها مخرجة بل هي من التشهد وقوله عليه السلام في الحديث التاسع من المقصد السابق بعد ذكرها ثم تسلم ربما يعطي
عدم الخروج من الصلاة بها وذهب جماعة من علمائنا كالمحقق في المعتبر والشرايع والنافع والعلامة في المنتهى
إلى التخيير
في الخروج بينها وبين العبارة الأولى ووافقهم شيخنا في الرسالة مع أنه أنكر هذا التخيير في الذكرى وقال إنه قول محدث
في زمن المحقق أو قبله بيسير وقال في البيان ان العبارة الثانية لم يوجبها أحد من القدماء وان القائل بوجوب التسليم
يجعلها مستحبة كالتسليم على الأنبياء والملائكة غير مخرجة من الصلاة والقائل بندب التسليم بجعلها مخرجة هذا وأنت
خبير بان الحديث الثاني نص في تحقق الخروج بالعبارة الثانية ولا سبيل إلى طرحه الا إذا تحقق الاجماع على خلافه والأحوط الاتيان
بالعبارتين معا خروجا من خلاف الشيخ في المبسوط حيث أوجب الاتيان بالعبارة الثانية وجعلها أمرنا لصلاة ومن خلاف الفاضل
يحيى بن سعيد في الجامع حيث أوجب الخروج بها على التعيين وان قال شيخنا في الذكرى ان في هذا القول خروجا عن الاجماع
من حيث لا يشعر قائلة وهيهنا عبارة ثالثة وهي السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ولا كلام في عدم كونها
مخرجة من الصلاة بل قال العلامة في المنتهى انه لا يعرف فيه خلافا بين القائلين بوجوب التسليم
واما الكلام في أن التسليم
هل هو جزء من الصلاة أو خارج عنها فالروايات التي يمكن ان يستنبط منها ذلك متخالفة فان قوله عليه السلام في الحديث
الخامس حتى إذا فرغ فليسلم وفي الحديث السادس يتم صلاته ثم يسلم يعطي خروجه وقوله عليه السلام في الحديث الخامس و
العشرين فان آخر الصلاة التسليم يعطي كونه جزء منها وكذا قوله عليه السلام في الحديث الثامن فصار للأولين التكبير و
افتتاح الصلاة وللآخرين التسليم واما كلام علمائنا قدس الله أرواحهم فقد قال السيد المرتضى رضي الله عنه انه لم يجد لهم
نصا في ذلك ثم قوى كونه جزء من الصلاة بل قال إنه ركن من أركانها ويلوح من كلام بعض القائلين بوجوبه الحكم بخروجه
عنها حيث اشترطوا في صحة الصلاة بظن دخول الوقت دخوله في أثنائها وقيدوه بما قبل التسليم ولم يعتبروا دخوله في
أثنائه وقد يتراءى انه لا طائل في البحث عن ذلك لرجوع هذا البحث في الحقيقة إلى البحث عن وجوب التسليم و
استحبابه فعلى القول بوجوبه لا معنى لخروجه وعلى القول باستحبابه لا معنى لدخوله وليس بشئ إذ على القول باستحبابه

253
يمكن ان يكون من الأجزاء المندوبة كبعض التكبيرات السبع وكالسلام على النبي والملائكة في آخر التشهد وعلى القول
بوجوبه يمكن ان يكون من الأمور الخارجة عن حقيقة الصلاة كالنية عند بعض بل جوز صاحب البشرى السيد جمال
الدين بن طاوس قدس الله روحه ان يكون الخروج من الصلاة بالسلم علينا وعلى عباد الله الصالحين ويكون قول
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بعد ذلك واجبا أيضا وان كان المخرج غيره ويتفرع على الحكم بجزئيته أو خروجه فروع
منها ما لو ظن دخول الوقت فصلى ثم تبين دخوله في أثناء التسليم مثلا فان قلنا بجزئيته صحت صلاته عند من يكتفي
بدخول الوقت في أثناء الصلاة كالشيخ والمحقق واتباعهما عملا برواية إسماعيل بن رياح وان قلنا بخروجه بطلت لوقوع
الصلاة بأجمعها خارج الوقت ومنها احتياجه إلى نية مستقلة فان قلنا بجزءيته لم يحتج إليها لاندراجه تحت نية
الصلاة كسائر اجزائها المستحبة والواجبة وان قلنا بخروجه افتقر إلى النية لا محالة ومنها ما لو نذر لمن كان متلبسا
بالصلاة في الوقت الفلاني فصادف اشتغاله في ذلك الوقت بالتسليم فإن كان جزء استحق المنذور والا فلا والحاصل ان كلا
من احتمالي جزئية التسليم وخروجه يتمشى على تقديري وجوبه واستحبابه واما ما يلوح من كلام بعض المتأخرين من استلزام
القول باستحبابه الحكم بخروجه عن الصلاة فمحل تأمل فان زعم اطباق القائلين باستحبابه على انقطاعها قبله وان الخروج منها رأسا
يحصل بالفراغ من الصلاة على النبي وآله لم تقبل منه هذه الدعوى ما لم تقترن باثبات كيف والشيخ مع قوله باستحبابه
قائل بان انقطاعها والخروج عنها يحصل به وهو الظاهر من كلام المفيد كما قاله شيخنا في الذكرى نعم قد يورد
هنا ان في كلام القائل بانقطاع الصلاة به ما يدل على انقطاعها بالصلاة على النبي وآله وهو تناقض ويجاب بان ما
يأتي به المصلي من الأذكار بعد التشهد الواجب وقبل التسليم فهو من مستحبات الصلاة واجزائها المندوبة واما ما يأتي به
بعد التسليم فهو تعقيب لا صلاة لانمحاء اثر الصلاة بعده بالكلية وهذا معنى انقطاعها به وهو لا ينافي انقطاع واجباتها
بغيره قال شيخنا في الذكرى وبهذا يظهر عدم المنافاة بين القول بندبيته وانه مخرج من الصلاة الا انه يلزم بقاء المكلف
في الصلاة بدون الاتيان به وان طال ولا استبعاد فيه حتى يخرج عن كونه مصليا أو يأتي بمناف ثم قال فان قلت البقاء
في الصلاة يلزمه تحريم ما يجب تركه ووجوب ما يجب فعله والأمران منفيان هنا فينتفي ملزوماتهما وهو البقاء في الصلاة
قلت لا نسلم انحصار البقاء في هذين اللازمين على الاطلاق انما ذلك قبل فراغ الواجبات اما مع فراغها فينتفي هذان
اللازمان ويبقى باقي اللوازم من المحافظة على الشروط وثواب المصلي واستجابة الدعاء هذا كلامه ره وهو بالتأمل حقيق و
اما الكلام في كيفية الاتيان بالتسليم وعدده للامام والمأموم والمنفرد فالمذكور في كتب الفروع ان كلا من الامام و
المنفرد يسلم تسليمة واحدة لكن الامام يؤمي فيها بصفحة وجهه إلى يمينه والمنفرد يستقبل فيها القبلة ويؤمي بمؤخر عينيه
إلى يمينه واما المأموم فإن لم يكن على يساره أحد سلم واحدة مؤميا بصفحة وجهه إلى يمينه كتسليمة الامام وان كان على
يساره أحد سلم أخرى مؤميا بصفحة وجهه إلى يساره والذي تضمنه الحديث الخامس عشر هو تسليم الامام
واحدة عن يمينه
والمأموم اثنتين والمنفرد واحدة مستقبل القبلة وفي رواية معمر بن يحيى عن الباقر عليه السلام تسليمة واحدة للامام
وغيره وفي رواية منصور عن الصادق عليه السلام ان المأموم ان لم يكن عن شماله أحد سلم واحدة وفي رواية أبي بصير عنه عليه

254
السلام ان الامام يستقبل بتسليمه القبلة وفي الحديث الأول ان الكاظم عليه السلام سلم على اليمين والشمال لكن
كونه عليه السلام في ذلك الوقت جامعا أو منفردا غير معلوم واما الإمام والمأموم بصفحة الوجه والمنفرد بمؤخر
العين فلم نظفر في الاخبار التي وصلت إلينا بما يصلح مستندا له وقد جعل الصدوقان ره الحائط عن يسار المأموم
كافيا في الاتيان بالتسليمتين قال شيخنا في الذكرى ولا باس باتباعهما لأنهما جليلان لا يقولان الا عن ثبت و
اما الكلام في وجوب التسليم واستحبابه فالأحاديث التي أوردناها في هذا الكتاب هي غاية ما يمكن ان نستدل
به من الجانبين ولا باس باطلاق عنان القلم في هذا المقام فإنه من المعارك العظام بين فقهائنا قدس الله أرواحهم
فأقول قد ذهب السيد المرتضى والشيخ في المبسوط وابن أبي عقيل والقطب الراوندي وصاحب البشرى وسلار
والحلبيون كأبي الصلاح وابن زهرة والحليون كالمحقق في كتبه الثلاثة ويحيى بن سعيد في الجامع والعلامة في المنتهى
وولد فخر المحققين في الايضاح إلى الوجوب ووافقهم شيخنا الشهيد وقال المفيد والشيخ فيما عدا المبسوط والعلامة
في المنتهى وابن البراج وابن إدريس بالاستحباب ووافقهم مشايخنا المتأخرون عن عصر شيخنا الشهيد قدس الله
أرواحهم والذي يظهر لي ان القول بالوجوب أقرب لنا ما تضمنه الحديث الثالث من إعادة المسافر إذا صلى أربعا
ومعلوم ان ذلك للزيادة في الصلاة ولو كان التسليم مستحبا لانقطعت باتمام التشهد فلم تحصل الزيادة فيها و
الحمل على من نوى الأربع ابتداء فالفساد سابق لا لاحق حتى بعيد مخالف لاطلاق الحديث فان منعوا انقطاع الصلاة
ركونا إلى أن التسليم من اجزائها المستحبة نقضوا ما هو عمدتهم في الاستدلال على استحبابه أعني ما تضمنه الحديث
العاشر من صحة صلاة من أحدث قبل التسليم وكفونا مؤنة الكلام فيه ولنا أيضا ما تضمنه الحديث الرابع من
امره عليه السلام من شك بين الأربع والخمس بالتسليم ولا خصوصية له بالشاك فيعمه وغيره أو لا قائل بالفصل
وما تضمنه الحديث الخامس من قوله عليه السلام حتى إذا فرغ فيسلم والتقريب ما مر وهذا الحديث كما يدل على
وجوب التسليم يدل على خروجه عن الصلاة والحمل على الفراغ من الواجبات لا يخلو من تكلف مع أن التسليم بعد
الفراغ من مندوبات التشهد ولنا أيضا ما تضمنه الحديث السادس والسابع والثامن والتاسع فان الخبر فيها
بمعنى الامر ودلالة الثامن أبلغ فان أمرهم بالتسليم في ذلك الوقت المناسب للتخفيف؟ ظاهر في المراد وفي السادس
دلالة على خروج التسليم كالخامس ولنا أيضا ما تضمنه الحديث السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر والتاسع
عشر وما تضمنه الحديث الثاني والعشرون فان حكمه عليه السلام بان التسليم اذن يعطي بظاهره عدم جواز الخروج من
الصلاة بدون الاذن ولنا أيضا ما تضمنه الحديث الثالث والعشرون والرابع والعشرون والخامس والعشرون من
الامر الصريح وما في حكمه وفي الحديث الخامس والعشرين دلالة على الجزئية فان قالوا بها لزمهم نقض العاشر كما
قلناه في الثالث ولنا أيضا ما رواه الشيخ وابن بابويه والمرتضى رضي الله عنه عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال قال رسول
الله صلى الله عليه وآله مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم وقد وقع التسليم خبرا عن التحليل
والخبر اما مساو للمبتدأ أو أعم منه فلو حصل التحليل بغير التسليم للزم الاخبار بالأخص عن الأعم على أن المصدر المضاف

255
يفيد العموم فيستفاد من الخبر ان كل محلل تسليم وأورد عليه ان خبر مرسل فلا يجوز التعويل عليه في اثبات الأحكام الشرعية
وذب عنه العلامة في المنتهى بان الأمة تلقته بالقبول ونقله الخاص والعام وما هو بهذه المثابة من الشهرة
قد يحذف رواته اعتمادا على شهرته وهؤلاء المشايخ الثلاثة هم العمدة في ضبط الأحاديث ولولا علمهم بصحته لما أرسلوه
وحكموا بأنه من قوله صلى الله عليه وآله هذا ملخص كلامه وقد يؤيد أيضا بان مذهب السيد قدس الله روحه في العمل
باخبار الآحاد معروف فلو لم يكن اشتهار هذا الحديث في زمنه بالغا جدا يخرجه عن تلك المرتبة لم يحسن تعويله عليه فتأمل
ولنا أيضا مواظبة النبي صلى الله عليه وآله على الخروج به من الصلاة بحيث لم ينقل إلينا خروجه بغيره أصلا وقد قال صلى
الله عليه وآله صلوا كما رأيتموني أصلي و (كذا) مواظبة أئمتنا صلوات الله عليهم وقد قال الصادق عليه السلام بعد الاتيان به
يا حماد هكذا صل خرج ما عداه مما علم استحبابه بدليل خاص فبقي الباقي وكذا مواظبة السلف من الصحابة والتابعين
وغيرهم عليه حتى ادعى بعض علمائنا ان قول سلف الأمة السلام عليكم عقيب الصلاة داخل في ضروريات الدين و
لنا أيضا أحاديث متكثرة أخرى سوى ما مر متضمنة للامر بالسلام وبعضها لا يخلو من اعتبار كما رواه أبو بكر الحضرمي
قال قلت له أصلي بقوم فقال سلم واحدة ولا تلتفت قل السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام عليكم وما
رواه الحسين بن أبي العلا قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلي الركعتين من المكتوبة فلا يجلس بينها حتى يركع في الثالثة
قال فليتم صلاته ثم ليسلم ويسجد سجدتي السهو وهو جالس قبل ان يتكلم وما رواه ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام
قال إذا نسي الرجل سجدة وأيقن انه قد تركها فليسجدها بعد ما يقعد قبل ان يسلم وان كان شاكا فليسلم ثم ليسجدها
وليتشهد تشهدا خفيفا ولا يسميها نقرة فان النقرة نقرة الغراب وما رواه عبد الرحمن بن سيابة وأبو العباس عن
أبي عبد الله عليه السلام قال إذا لم تدر ثلثا صليت أو أربعا ووقع رأيك على الثلث فابن على الثلث وان وقع رأيك على الأربع فسلم و
انصرف وان اعتدل رأيك فانصرف وصل ركعتين وأنت جالس والروايات في هذا الباب كثيرة جدا وقد
يستدل أيضا بان شيئا من التسليم واجب ولا شئ من التسليم في غير الصلاة بواجب فشئ منه واجب في الصلاة اما
الصغرى فلقوله تعالى وسلموا تسليما واما الكبرى فبالاجماع وهذا الدليل مما أورده العلامة وغيره وهو مشهور
على السنة
القائلين بوجوب التسليم فان قلت الحد الأوسط في هذا القياس ان كان لفظ واجب ليكون ضربا ثالثا من الشكل
الثاني لم يستقم لان النتيجة فيه موجبة وهذا لا يكون في شئ من ضروب الشكل الثاني وان كان شئ من التسليم ليكون
ضربا خامسا من الشكل الثالث فكذلك أيضا لان نتيجة هذا الضرب سالبة جزئية على أن الباقي من هذا القياس بعد
اسقاط الحد الأوسط ليس هو المطلوب بل هو عنه بمراحل وبالجملة فهو قياس مختل إذ ليس على وتيرة شئ من الاشكال الأربعة
قلت خروجه عن وتيرة الاشكال الأربعة لا يوجب خلله الا إذا لم يستلزم النتيجة والاستلزام هنا ظاهر فإنه إذا
ثبت وجوب التسليم وثبت عدم وجوبه في حال من الأحوال في غير الصلاة لزم وجوبه فيها البتة وكم من قياس ليس
على النمط المألوف في الاشكال الأربعة لتغير ما في الحد الأوسط أو ما شابه ذلك وهو منتج نحو قولنا زيد مقتول
بالسيف والسيف آلة حديدية فإنه ينتج انه مقتول بآلة حديدية بل ربما لا يوجد الحد الأوسط أصلا فيلزم عنه قول

256
ثالث نحو قولنا كل ممكن حادث وكل واجب قديم فإنه يلزم منه لا شئ من الممكن بواجب وأجاب العلامة في المختلف عن هذا
الاستدلال بمنع كون الامر في قوله تعالى وسلموا تسليما للوجوب وعلى تقدير كونه للوجوب فهو لا يقتضي التكرار فيكفي المرة وعلى تقدير اقتضائه التكرار فهو لا يقتضي وجوب ما يدعونه من
تسليم الصلاة لان المأمور به هو التسليم على النبي صلى الله عليه وآله وهو غير تسليم الصلاة فما تدل عليه الآية لا يقولون به و
ما تقولون به لا تدل عليه الآية هذا حاصل كلامه ره وناقشه بعضهم بان كون الامر للوجوب مما ثبت في الأصول وقد شيد
طاب ثراه أركانه في كتبه الأصولية وانه متى ثبت وجوب التسليم في الصلاة مرة ثبت التكرار إذ لا قائل بالفصل وبأن الامر في
الآية مطلق وعطف المطلق على المقيد لا يوجب تقييده وللكلام في هذه المناقشات مجال والله أعلم بحقيقة الحال واحتج
القائلون باستحباب التسليم بوجوه الأول ما تضمنه الحديث العاشر من صحة صلاة من أحدث قبل التسليم ولو كان واجبا
لبطلت إذ لا خلاف في بطلان الصلاة بتخلل الحدث في أثنائها الثاني ما تضمنه الحديث الحادي عشر من انقضاء الصلاة
بالفراغ من الشهادتين فلو كان واجبا لم ينقض الصلاة الا بالفراغ منه الثالث ما تضمنه الحديث الثاني عشر من صحة
صلاة من زاد خامسة إذا جلس في الرابعة بقدر التشهد ولو كان التسليم واجبا لكان الزيادة في أثناء الصلاة فتبطل الرابع
ما تضمنه الحديث الثالث عشر من أن المضطر للانفراد عن الامام يتشهد وينصرف ولو كان التسليم واجبا لقال يتشهد ويسلم
وينصرف الخامس ما تضمنه الحديث الرابع عشر من الانصراف بعد التشهد من غير ذكر للتسليم السادس ما تضمنه
الحديث العشرون من أن الالتفات في المكتوبة قبل الفراغ منها مبطل وان كان بعد التشهد لم يبطل فإنه يدل على حصول الفراغ من الصلاة
بالتشهد لا بالتسليم السابع ما تضمنه الحديث السادس والعشرون من أن الذي نام قبل التسليم فقد تمت صلاته الثامن
ما تضمنه الحديث السابع والعشرون من قوله عليه السلام لمن لم يسلم لا بأس عليك التاسع ما نقل من قوله عليه السلام
انما صلاتنا هذه تكبيرة وقراءة وركوع وسجود ولم يذكر التسليم ولو كان واجبا لذكره والا لاختل الحصر واما الذكر في
الركوع والسجود فداخل تحتهما العاشر ان النبي صلى الله عليه وآله لم يعلمه الرجل المسئ في صلاته وقد مر خبره في بحث السجود
ولو كان واجبا لبينه له لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة فهذه الدلائل العشرة أجود ما استدل به الذاهبون
إلى الاستحباب وأنت خبير بان للكلام فيها مجالا واسعا اما الأول ففيه انه انما يدل على أن التسليم ليس جزء من الصلاة وهو
لا يستلزم المطلق فان كونه واجبا خارجا عنها كما ذكره بعضهم ودلت عليه الاخبار المتكثرة محتمل على أن الحكم ببطلان
الصلاة بتخلل الحدث من غير خلاف ان أريد تخلله قبل استيفاء الأركان فسلم لكن لا ينفعكم وان أريد تخلله بعد استيفائها
فالخلاف فيه مشهور والصدوق ره قائل بعدم البطلان به كما تضمنه صحيحة زرارة وموثقته وبما قلناه يظهر الكلام على الدليل
الثاني والثالث بل لعل في الثاني دلالة على وجوب التسليم كما يستفاد من تعليقه عليه السلام الاجزاء على قوله فسلم و
اما الدليل الرابع فلان مجرد السكوت عن ذكر التسليم لا يدل على عدم وجوبه فلعل سكوته عليه السلام لظهور ان الانصراف من الصلاة لا يكون الا به مع أن الصادق عليه السلام لم يسكت عنه في الحديث التاسع على أن السكوت الكاظم عليه السلام عنه ممنوع؟ فان
الانصراف في قوله عليه السلام وينصرف الظاهر أنه عبارة عن التسليم كما يعطيه قوله عليه السلام في الحديث الثاني وان قلت
السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فقد انصرفت ومما يشهد لمجئ الانصراف بمعنى التسليم ما رواه أبو كهمش عن الصادق عليه السلام

257
انه سأله عن السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته انصراف هو قال لا ولكن إذا قلت السلام علينا وعلى عباد الله
الصالحين فهو انصراف وبهذا يظهر الكلام على الدليل الخامس واما السادس والسابع فالكلام فيهما كالكلام في
الأول واما الدليل الثامن فهو في الحقيقة لنا لا علينا فان قول يونس بلى في جواب قول الإمام عليه السلام ألم تسلم وأنت
جالس صريح في وقوع التسليم منه فان لفظة بلى في جواب الاستفهام عن النفي تفيد الاثبات وبهذا تمتاز عن نعم فإنها
تفيد تقرير النفي ولهذا قالوا في قوله تعالى الست بربكم قالوا بلى انهم لو قالوا نعم لكفروا وقوله عليه السلام بعد ذلك فلا
بأس عليك بالفاء في قوة قوله عليه السلام إذا كنت قد سلمت فلا بأس عليك كما لا يخفى على من له انس
بالعربية وهو يعطي
انه لو لم يسلم لكان عليه بأس والذي يظهر من هذا الحديث ان يونس كان قد اتى بصيغة السلام علينا وعلى عباد الله
الصالحين ولكن لما لم يسلم عليهم بالعبارة التي جرت العادة بسلم الناس بعضهم على بعض بها أعني السلام عليكم قالوا له
ما سلمت علينا واما التاسع فبعد الاغماض عن سنده انما يتم لو ثبت كون الحصر فيه حقيقيا وكونه إضافيا بالنظر إلى
ما لا يجوز فعله فيها من الكلام والاكل ونحوهما غير ممتنع على أنه انما يدل على عدم جزئية التسليم وهو لا يستلزم مطلوبكم وأيضا فكما
لم يذكره عليه السلام لم يذكر التشهد أيضا وما هو جوابكم فهو جوابنا واما الدليل العاشر ففيه ان ذلك الرجل لعله لم يسئ
في التسليم كما هو الظاهر فان عبارة التسليم متعارفة يعرفها كل أحد وقلما يقع الخطاء فيها أو لعل وقوع هذه القصة قبل فرض
التسليم مع أن ما قلناه في التاسع من عدم ذكر التشهد جار هنا أيضا والله الهادي ولم نتعرض لما تضمنه أحاديث هذا الفصل
من الاحكام واقتصرنا منها على احكام السلام لأنه هو المقصود من ايرادها في هذا المقام وسنعيدها في باب الخلل الواقع في
الصلاة ونتكلم فيها هناك بما يقتضيه الحال انشاء الله تعالى
الفصل الثالث في التعقيب عشرة أحاديث أ من الصحاح
محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال الدعاء دبر المكتوبة أفضل من الدعاء دبر التطوع كفضل المكتوبة على التطوع
ب معاوية بن عمار قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام رجلين افتتحا الصلاة في ساعة واحدة فتلا هذا القرآن فكانت
تلاوته أكثر من دعائه ودعا هذا فكان دعاؤه أكثر من تلاوته ثم انصرفا في ساعة واحدة أيهما أفضل قال كل فيه فضل
كل حسن قلت قد علمت أن كلا حسن وان كلا فيه فضل فقال الدعاء أفضل اما سمعت قول الله عز وجل وقال ربكم ادعوني
استجب لكم ان الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين هي والله العبادة هي والله أفضل هي والله أفضل أليست
هي العبادة هي والله العبادة هي والله العبادة أليست هي أشدهن هي والله أشدهن هي والله أشدهن وقد مر هذا الحديث
في مبحث القنوت ج أبو خالد القماط عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال تسبيح فاطمة عليها السلام في كل يوم دبر كل
صلاة وأحب لي من صلاة الف ركعة في كل يوم د ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال من سبح تسبيح فاطمة الزهراء
عليها السلام قبل ان يثني رجليه من صلاة الفريضة غفر له ويبدء بالتكبير ه‍ محمد بن عذافر قال دخلت مع أبي على أبي عبد
الله فسأله أبي عن تسبيح فاطمة عليها السلام فقال الله أكبر حتى أحصى أربعا وثلثين مرة ثم قال الحمد لله حتى بلغ سبعا وستين
ثم قال سبحان الله حتى بلغ مأة يحصيها بيده جملة واحدة ومن الحسان زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال الدعاء بعد الفريضة
أفضل من الصلاة تنفلا ز زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال أقل ما يجزيك من الدعاء بعد الفريضة ان تقول اللهم إني

258
أسألك من كل خير أحاط به علمك وأعوذ بك من كل شر أحاط به علمك اللهم إني أسألك عافيتك في أموري كلها و
أعوذ بك من خزي الدنيا وعذاب الآخرة ح محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن التسبيح فقال ما علمت شيئا
موظفا غير تسبيح فاطمة صلوات الله عليها وعشر مرات بعد الغداة تقول لا اله إلا الله وحده لا شريك له له الملك
وله الحمد يحيي ويميت ويميت ويحيى بيده الخير وهو على كل شئ قدير ولكن الانسان يسبح ما شاء تطوعا ط زرارة قال
قال أبو جعفر عليه السلام لا تنسوا الموجبتين أو قال عليكم بالموجبتين في دبر كل صلاة قلت وما الموجبتان قال تسأل الله
الجنة وتعوذ بالله من النار ى من الموثقات أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال قل بعد التسليم الله أكبر لا اله إلا الله
وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيى ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شئ قدير لا اله إلا الله وحده صدق
وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق باذنك انك تهدي من تشاء إلى صراط
مستقيم أقول لم أظفر في كلام أصحابنا قدس الله أرواحهم بكلام شاف فيما هو حقيقة التعقيب شرعا بحيث
لو نذر التعقيب لانصرف إليه ولو نذر لمن هو مشتغل بالتعقيب في الوقت الفلاني لاستحق المنذور إذا كان مشتغلا به فيه
وقد فسره بعض اللغويين كالجوهري وغيره بالجلوس بعد الصلاة لدعاء أو مسألة وهذا يدل على أن الجلوس داخل
في مفهومه وانه لو اشتغل بعد الصلاة بالدعاء قائما أو ماشيا أو مضطجعا لم يكن ذلك تعقيبا وفسره بعض فقهائنا
بالاشتغال عقيب الصلاة بدعاء أو ذكر وما أشبه ذلك ولم يذكر الجلوس ولعل المراد بما أشبه الدعاء؟ والذكر البكاء من
خشية الله تعالى والتفكر في عجائب مصنوعاته والتذكر لجزيل آلائه وما هو من هذا القبيل وهل يعد الاشتغال لمجرد تلاوة
القرآن بعد الصلاة تعقيبا لم أظفر في كلام الأصحاب بتصريح في ذلك والظاهر أنه تعقيب اما لو ضم إليه الدعاء فلا كلام في صدق التعقيب
على المجموع المركب منهما وربما يلوح ذلك من بعض الأخبار وربما يظن دلالة بعضها على اشتراط الجلوس في التعقيب
كما روى عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله انما أيما امرئ مسلم جلس في مصلاه الذي
صلى فيه الفجر يذكر الله حتى تطلع الشمس كان له من الاجر كحاج رسول الله صلى الله عليه وآله فان جلس فيه حتى يكون
ساعة تحل فيه الصلاة فصلى ركعتين أو أربعا غفر له ما سلف وكان له من الاجر كحاج بيت الله وما روي عن الصادق عليه السلام
عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال من صلى فجلس في مصلاه إلى طلوع الشمس كان له سترا من النار وغيرهما
من الأحاديث المتضمنة للجلوس بعد الصلاة والحق انه لا دلالة فيها على ذلك بل غاية ما يدل عليه كون الجلوس
مستحبا أيضا اما انه معتبر في مفهوم التعقيب فلا وقس عليه عدم مفارقة مكان الصلاة وفي رواية الوليد بن صبيح
عن أبي عبد الله عليه السلام قال التعقيب أبلغ في طلب الرزق من الضرب في البلاد يعنى بالتعقيب الدعاء بعقب الصلاة و
هذا التفسير أعني تفسير التعقيب بالدعاء عقيب الصلوات لعله من الوليد بن صبيح أو من بعض رجال السند وأكثرهم من
أجلاء أصحابنا وهو يعطي باطلاقه عدم اشتراطه بشئ من الجلوس والكون في المصلى والطهارة واستقبال القبلة و
هذه الأمور انما هي شروط كماله فقد ورد ان المعقب ينبغي ان يكون على هيئة المتشهد في استقبال القبلة والتورك
واما ما رواه هشام بن سالم قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام إني اخرج وأحب ان أكون معقبا فقال إن كنت على وضوء

259
فأنت معقب فالظاهر أن مراده عليه السلام ان لمستديم الوضوء مثل ثواب المعقب لا انه معقب حقيقة وهل يشترط في صدق
اسم التعقيب شرعا اتصاله بالصلاة وعدم الفضل الكثير بينه وبينها الظاهر نعم وهل يعتبر في الصلاة كونها واجبة
أم يحصل حقيقة التعقيب بعد النافلة أيضا اطلاق التفسيرين السابقين يقتضي العموم وكذلك اطلاق رواية ابن صبيح وغيرها و
التصريح بالفرائض في بعض الروايات لا يقتضي تخصيصا بها والله أعلم وقد ورد في فضل التعقيب والترغيب فيه أحاديث
متكثرة عن أصحاب العصمة سلام الله عليهم ففي مرسلة منصور بن يونس عن الصادق عليه السلام أنه قال من صلى صلاة فريضة
وعقب إلى أخرى فهو ضيف الله وحق على الله ان يكرم ضيفه وقد ورد في تفسير قوله تعالى فإذا فرغت فانصب والى
ربك فارغب عن الباقر والصادق عليهما السلام إذا فرغت من الصلاة المكتوبة فانصب إلى ربك في الدعاء وأرغب إليه في
المسألة يعطك وروى أبو بصير عن الصادق عليه السلام ان أمير المؤمنين عليه السلام قال إذا فرغ أحدكم من الصلاة فليرفع
يديه إلى السماء (ولينتصب) في الدعاء فقال ابن سبا يا أمير المؤمنين أليس الله في كل مكان قال بلى قال فلم يرفع يديه إلى السماء
قال اما تقرء وفي السماء رزقكم وما توعدون فمن أين يطلب الرزق الا من موضعه وموضع الرزق وما وعد الله السماء
وقد تضمن الحديث الأول أفضلية الدعاء بعد الفريضة عليه بعد النافلة وهذا لا يقتضي كون الدعاء بعد النافلة
تعقيبا كما قد يتوهم وما تضمنه الحديث من تفضيل الفريضة على النافلة مما لا كلام فيه وان كانت الفريضة أقل مشقة
فصلاة ركعتي الصبح مثلا أفضل من صلاة الف ركعة نافلة ولا اختصاص لذلك بالصلاة بل الواجب أفضل من الندب
مطلقا الا موارد يسيرة ربما استثنيت من ذلك قد دل على تفضيل الواجب على الندب الحديث القدسي المشتهر بين
الخاصة والعامة ما يتقرب إلي عبدي بشئ أحب مما افترضت عليه الحديث وقد رواه حجة الأسلم محمد بن يعقوب الكليني قدس
الله روحه في الكافي بسند صحيح ورواه العامة أيضا في صحاحهم وبالجملة فهو من الأحاديث المتفق على صحتها من الطرفين
وقد بسطت الكلام فيه في كتاب الأربعين حديثا وبه يتخصص ما روى عن النبي صلى الله عليه وآله من أن أفضل الأعمال
أحمزها وقد استثنى بعض علمائنا من قاعدة تفضيل الواجب على الندب مواضع ذكروا ان الامر بالعكس كالابراء من
الدين فإنه مستحب وهو أفضل من الانظار وهو واجب وكابتداء السلام فإنه أفضل من رده وكالصلاة المعادة بالجماعة
بالنسبة إلى الأولى وكالصلاة في البقاع الشريفة بالنسبة إلى الصلاة في غيرها وأنت خبير بأنه يمكن المناقشة في
الأول بان الواجب عدم مطالبة المعسر سواء حصلت في ضمن الانظار أو الابراء لكن حصوله في ضمن الابراء أفضل الواجبين و
قس عليه المناقشة في الرابع بل هي فيه أظهر وما تضمنه الحديث الثاني من تفضيل الدعاء على قراءة القرآن في الصلاة
لا يدل على تفضيل المستحب على الواجب فلعل المراد بالقراءة ما عدا القراءة الواجبة ان قلنا باستحباب السورة أو
المراد بالدعاء القنوت ان قلنا بوجوبه ولو أريد بالقراءة والدعاء الواقعان بعد الصلاة في تعقيبها فلا اشكال و
ما تضمنه الحديث الثالث من تفضيل تسبيح الزهراء عليها السلام على صلاة الف ركعة مما يوجب تخصيص حديث أفضل الأعمال
أحمزها اللهم إلا أن يفسر بان أفضل كل نوع من أنواع الأعمال أحمز ذلك النوع وبه يندفع الاشكال المشهور في
قوله صلى الله عليه وآله نية المؤمن خير من عمله هذا والأحاديث عن أئمتنا سلام الله عليهم في الحث على تسبيح الزهراء

260
عليها السلام كثيرة روى أبو هارون المكفوف عن الصادق عليه السلام أنه قال انا نأمر صبياننا بتسبيح فاطمة عليها السلام
كما نأمرهم بالصلاة فالزمه فإنه لم يلزمه عبد فشقي وروى صالح بن عقبة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال ما عبد الله
بشئ من التحميد أفضل من تسبيح فاطمة عليها السلام ولو كان شئ أفضل منه لنحله رسول الله صلى الله عليه وآله فاطمة
عليها السلام وقد ورد في وجه نسبة هذا التسبيح إليها سلام الله عليها وهو يدل على استحباب التسبيح به عند النوم
أيضا ما رواه ابن بابويه عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال لرجل من بني سعد الا أحدثكم عنى وعن فاطمة انها كانت
عندي فأسقت بالقربة حتى اثر في صدرها وطحنت بالرحا حتى مجلت يداها وكسحت البيت حتى اغبرت ثيابها وأوقدت تحت
القدر حتى دكنت ثيابها فأصابها من ذلك ضرر شديد فقلت لها لو اتيت أباك فسألته خادما يكفيك حر ما أنت فيه
من هذا العمل فاتت النبي صلى الله عليه وآله فوجدت عنده احداثا فاستحيت فانصرفت فعلم صلى الله عليه وآله انها عليها
السلام جاءت لحاجة فندا علينا ونحن في لحافنا فقال السلام عليكم فسكتنا واستحيينا لمكاننا ثم قال السلام عليكم فخشينا
ان لم نرد عليه ان ينصرف وقد كان صلى الله عليه وآله يفعل ذلك فان اذن له والا انصرف فقلت وعليك السلام يا رسول الله ادخل فدخل
وجلس عند رؤسنا فقال يا فاطمة ما كانت حاجتك أمس عند محمد فخشيت ان لم نجبه ان يقوم فأخرجت رأسي
فقلت انا والله أخبرك يا رسول الله انها استقت بالقربة حتى اثر في صدرها وجرت الرحا حتى مجلت يداها وكسحت البيت
حتى اغبرت ثيابها وأوقدت تحت القدر حتى دكنت ثيابها فقلت لها لو اتيت أباك فسألته خادما يكفيك حر ما أنت
فيه من هذا العمل قال أفلا أعلمكما ما هو خير لكما من الخادم إذا أخذتما منامكما فكبرا أربعا وثلثين تكبيرة وسبحان الله ثلثا و
ثلثين مرة واحمدا ثلثا وثلثين فأخرجت فاطمة عليها السلام رأسها فقالت رضيت عن الله وعن رسوله رضيت عن الله
وعن رسوله وما تضمنه الحديث الرابع من قوله عليه السلام قبل ان يثني رجليه لعل المراد به قبل ان يحول ركبتيه عن جهة
القبلة وينصرف عنها من قولهم ثنى عنان مركبه إذا حوله إلى غير الجهة التي كان إليها وقد دل هذا الحديث على تقديم
التكبير والحديث الخامس على توسيط التحميد وقد تضمنت ذلك رواية أبي بصير عن الصادق عليه السلام أيضا وذهب ابن
بابويه ره إلى توسيط التسبيح بين التكبير والتحميد ومستنده الحديث السابق المروي عن أمير المؤمنين عليه السلام ولكن
عمل جمهور الأصحاب على توسيط التحميد وما تضمنه الحديث السادس من أن الدعاء بعد الفريضة أفضل من الصلاة تنفلا
لعل المراد بصلاة التنفل فيه ما عدا الرواتب كنافلة المغرب مثلا وقد يؤيد ذلك بما ذكره شيخنا في النفلية من استحباب
تقديم نافلة المغرب على تعقيبها وفاقا للمفيد وهو كما ترى والأصح تأخيرها عنه فانا لم نظفر في الاخبار بما يدل على
استحباب تقديمها عليه وما أورده الشيخ في التهذيب في معرض الاستدلال على ذلك لا ينهض به وما تضمنه الحديث
السابع من أن الدعاء المذكور فيه أقل ما يجزي بعد الفريضة ربما يعطي عدم حصول حقيقة التعقيب بالاتيان بما دونه من
الدعاء ويستفاد من قوله عليه السلام أقل ما يجزيك من الدعاء ان هذا يجزى عن الأدعية التي يعقب بها لا عن بعض
الآيات التي ورد قراءتها في التعقيب ولا عن التسبيحات كتسبيح الزهراء عليها السلام وذلك لأنه ثناء لا دعاء والموجبين
في قوله عليه السلام في الحديث التاسع لا تنسوا الموجبتين يقرء بصيغة اسم الفاعل والمفعول أي اللتان يوجبان حصول مضمونهما

261
من دخول الجنة والخلاص من النار أو اللتان أوجبهما الشارع أي استحبهما استحبابا مؤكدا فعبر عن الاستحباب بالوجوب
مبالغة وقوله عليه السلام وتعوذ بالله من النار على صيغة المضارع لا الامر واحدى التاءين محذوفة وقوله عليه السلام
في الحديث العاشر قل بعد التسليم الله أكبر وان كان بحسب منطوقه شاملا لما إذا توسط بين التسليم والتكبير شئ من
الأدعية والتسبيحات وغيرها أو لم يتوسط لكن اللائح المتبادر من الامر بقول كذا بعد كذا في أمثال هذه المقامات عدم
الفصل بشئ من ذلك بينهما والمشهور انه إذا فرغ من التسليم كبر ثلث تكبيرات رافعا بها يديه واضعا لهما في كل مرة على
فخذيه أو قريبا منهما وهذه التكبيرات الثلث هي مفتتح التعقيب وليكن اختتامه بسجدة الشكر ويأتي فيما بينهما بالأدعية
والتسبيحات وما يستحب تلاوته في التعقيب من القرآن كالتوحيد وآية الكرسي وشهد الله وقل اللهم وآية السخرة وليكن في
جميع ذلك جالسا متوركا مستقبلا للقبلة ملازما لمصلاه مستديما طهارته مجتنبا كل ما يبطل الصلاة أو ينقص ثوابها فقد ورد
ان كل ما يضر بالصلاة يضر بالتعقيب ثم التعقيبات المأثورة عن أئمتنا عليهم السلام كثيرة ولا بأس هنا بايراد شئ منها
تيمنا روى أمير المؤمنين عليه السلام من أحب ان يخرج من الدنيا وقد تخلص من الذنوب كما يتخلص الذهب الذي لا
كدر فيه ولا يطلبه أحد بمظلمة فليقل في دبر كل صلاة نسبة الرب تبارك وتعالى اثنتي عشرة مرة ثم يبسط يديه
فيقول اللهم إني أسألك باسمك المكنون المخزون الطهر الطاهر المبارك وأسألك باسمك العظيم وسلطانك القديم ان
تصلى على محمد وآل محمد يا واهب العطايا يا مطلق الأسارى يا فاك الرقاب من النار أسألك ان تصلي على محمد وآل محمد
وان تعتق رقبتي من النار وتخرجني من الدنيا آمنا وتدخلني الجنة سالما وان تجعل دعائي أوله فلاحا وأوسطه نجاحا
وآخره صلاحا انك علام الغيوب ثم قال أمير المؤمنين عليه السلام هذا من المخبيات مما علمني رسول الله صلى الله عليه
وآله وأمرني ان اعلمه الحسن والحسين وعن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام قال اتى رجل إلى النبي صلى الله عليه
وآله يقال له شيبة الهذيلي فقال يا رسول الله اني شيخ قد كبر سني وضعفت قوتي عن عمل كنت قد عودته نفسي من صلاة
وصيام وحج وجهاد فعلمني يا رسول الله كلاما ينفعني الله به وخفف علي يا رسول الله فقال أعد فأعاد ثلث مرات فقال له
رسول الله صلى الله عليه وآله ما حولك شجرة ولا مدرة الا وقد بكت من رحمتك فإذا صليت الصبح فقل عشر مرات سبحان
الله العظيم وبحمده ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم فان الله يعافيك بذلك من العمى والجنون والجذام والفقر والهرم
فقال يا رسول الله هذا للدنيا فما للآخرة فقال تقول في دبر كل صلاة اللهم اهدني من عندك وأفض على من
فضلك و
انشر علي من رحمتك وانزل علي من بركاتك قال فقبض عليهن بيده ثم مضى قال فقال رجل لابن عباس ما أشد ما قبض عليها
خالك قال فقال النبي صلى الله عليه وآله اما انه ان وافى بها يوم القيامة لم يدعها متعمدا فتح له ثمانية أبواب الجنة فيدخل
من أيها شاء وعن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام لما امر الله تعالى هذه الآيات ان يهبطن إلى الأرض تعلقن بالعرش
وقلن أي رب العالمين إلى أين تهبطنا إلى أهل الخطايا والذنوب فأوحى الله عز وجل إليهن ان اهبطن فوعزتي وجلالي لا
يتلوكن أحد في دبر ما افترضت عليه الا نظرت إليه بعيني المكنونة في كل يوم سبعين نظرة أقضي له مع كل نظرة سبعين حاجة
وقبلته على ما فيه من المعاصي وهي أم الكتاب وشهد الله وآية الكرسي وآية الملك وآية السخرة وعن أبي عبد الله عليه السلام ان رسول الله

262
صلى الله عليه وآله قال لأصحابه ذات يوم أرأيتم لو جمعتم ما عندكم من الثياب والآنية ثم وضعتم بعضه على بعض ترونه يبلغ السماء
قالوا لا يا رسول الله فقال يقول أحدكم إذا فرغ من صلاته سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله أكبر ثلثين مرة وهن
يدفعن الهدم والغرق والحرق والتردي في البئر واكل السبع وميتة السوء والبلية التي نزلت على العبد في ذلك اليوم و
مما أورده بعض علمائنا في التعقيبات وهو من الأدعية المشهورة ويناسب جعله خاتمة لهذا المجلد يا من أظهر
الجميل وستر القبيح يا من لا يؤاخذ بالجريرة ولم يهتك الستر يا كريم الصفح يا عظيم المن يا حسن التجاوز يا واسع المغفرة يا باسط
اليدين بالرحمة يا سامع كل نجوى ويا منتهى كل شكوى يا مبتدئا بالنعم قبل استحقاقها يا رباه يا رباه يا رباه يا سيداه
يا سيداه يا سيداه يا غاية رغبتاه يا ذا الجلال والاكرام أسألك بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن
الحسين ومحمد الباقر وجعفر الصادق وموسى الكاظم وعلي بن موسى الرضا ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي و
محمد بن الحسن صاحب الزمان سلام الله عليهم أجمعين ان تصلي على محمد وآل محمد وان تكشف كربتي وتغفر ذنبي وتنفس
همي وتفرح غمي وتصلح شأني في ديني ودنياي وان تدخلني الجنة ولا تشوه خلقي بالنار وان تطيل عمري في طاعتك
ومرضاتك في صحة وسلامة بدنية ونفسية برحمتك يا ارحم الراحمين وليكن هذا آخر الكلام في المجلد الأول
من كتاب الحبل المتين ونسأل الله سبحانه التوفيق لاتمامه والفوز بسعادة اختتامه وكان الفراغ من تأليفه في مشهد سيدي
ومولاي وكهفي ورجائي امام الأبرار وثامن الأئمة الأطهار أبي الحسن علي بن موسى الرضا سلام من الرحمن نحو جنابه فان
سلامي لا يليق ببابه واتفق اختتام كتابة هذه النسخة المباركة التي هي نسخة الأصل داخل القبة المقدسة المنورة الرضوية
وانا متوجه إلى الضريح المقدس جاعلا له بيني وبين القبلة متوسلا إلى الله سبحانه بصاحب الضريح وآبائه وأولاده الطاهرين سلام
الله عليهم أجمعين ان ينفع به الطالبين وان يثبت لي به قدم صدق يوم الدين وان يتقبله بلطفه العميم
ويجعله نورا يسعى بين يدي إلى جنة النعيم وان يجعل بقية العمر مقصورة على الطاعات
وتدارك ما فات مجنبة عن التدنس بأدناس السيئات مصروفة في
اكتساب أسباب السعادات الحقيقية بمحمد وآله
أشرف البرية وكتب مؤلف
الكتاب
محمد الشهير ببهاء الدين العاملي تجاوز الله عنه بعد الفراغ من تعقيب صلاة صبح الجمعة الثامن عشر من شهر شوال ختم بالسعادة والاقبال
سنة الف وسبع من هجرة سيد المرسلين سلام الله عليه وآله الطاهرين والحمد لله
أولا وآخرا وظاهرا وباطنا تم
تحرير الكتاب بعون الله
الملك الوهاب في السبت الحادي عشر من شهر شعبان المعظم سنة تسع عشرة وثلاثمأة بعد الألف من الهجرة النبوية على
هاجرها أفضل الصلاة وأتم التحية سنة 1319

263
هذه رسالة عزيزة وجيزة الموسومة بالفرايض البهائية
بسم الله الرحمن الرحيم
الباب الثالث من المنهج الرابع من الحبل المتين في المواريث وفيه مقدمة وخمسة مطالب اما المقدمة
أذكر فيها قبل الشروع في نقل الأحاديث إشارات وجيزة إلى جمل مهمة لابد لمن أراد الخوض في هذا الفن من
اتقانها ليصير على بصيرة من امره ولا يكون خابطا خبط العشواء إشارة إلى السهام وأصحابها المفروض
في كتاب الله ستة النصف والربع والثمن والثلثان والثلث والسدس وقد يعبر عنها بالنصف ونصفه
ونصف نصفه والثلثين ونصفه ونصف نصفه أو بالربع والثلث وضعف كل ونصفه فالنصف للزوج
بدون الولد وللبنت والأخت الاعيانية أو الإضافية مع عدمها إذا لم يكن ثمة ذكر والربع للزوج مع الولد
وللزوجة وان تعددت بدونه والثمن لها أو لهن معه والثلثان لما زاد على الواحدة من البنات أو الأخوات
على قياس ما مر والثلث الأم مع عدم الحاجب من الولد والإخوة وللاثنين فصاعدا من ولدها والسدس
لكل من الأبوين مع الولد والأم مع الإخوة وللواحد من ولدها وتركيباتها الثنائية بعد سقوط المكرر أحد و
عشرون بعضها ممكن وبعضها ممتنع فالممكن اجتماع النصف مع مثله وكل من البواقي ستة والربع مع كل من
الثلاثة الأخيرة تسعة والربع والأخيرة أحد عشر والثلثين مع الخامس والسادس ثلاثة عشر والسدس مع مثله
أربعة عشر وما سواه ممتنع وهذا الشكل متكفل بتفصيل هذا الاجمال إشارة النسب العددية أربع فان
تساوى العددان فمتماثلان والا فان افنى الأقل الأكثر فمتداخلان والا
فان عدهما ثالث فمتوافقان في أدق كسوره والا فمتباينان فإذا
قسمت الأكثر على الأقل فإن لم يبق شئ فمتداخلان و
ان بقي قسمنا المقسوم عليه على الباقي و
هكذا فإن لم يبق شئ فمتوافقان
والمقسوم عليه
الأخير عادلهما
ومخرج جزء وفقهما وان بقي واحد فمتباينان إشارة ربما يسمى الفقهاء رضوان الله عليهم المتداخلين
متوافقين لتوافقهما في كسر لا محالة ويطلقون عليه التوافق بالمعنى الأعم وهو معتبر عندهم فيما بين الرؤس والسهام
فيردون الرؤس إلى جزء الوفق وهو الكسر الأدق ويكملون العمل كما ستعرفه فتخرج الفريضة من الأقل كما في أبوين و
ثمان نبات وبين رؤوسهن وسهمهن توافق بالربع فتضرب الاثنين في الستة لتصح من اثني عشر ولو عملت بمقتضى
التداخل لبلغت اضعاف ذلك إشارة الكسر اما مفرد أو مكرر أو مضاف وهو متحد ومتعدد أو مركب

264
ويسمى المعطوف وهو اما ثنائي أو أزيد ومخرج المفرد سميه وكذا المكرر ومخرج المضاف مضروب مخارج مفرداته
بعضها في بعض من غير نظر إلى النسبة بينهما فمخرج ثلث الثمن أربعة وعشرون ومخرج نصف سدس الربع ثمانية
وأربعون والمركب الثنائي مخرجه مضروب مخرج أحد مفرديه في الآخر ان تباينا وفي جزء وفقه ان توافقا و (هكذا)
الأكثر ان تداخلا وفيما زاد عليه ننظر النسبة بين مخرجي ثنائي ومفرد الثالث وتعمل بما يقتضيه كما عرفت ثم بين
مخرجي الثلاثي ومفرد الرابع وهكذا ففي تحصيل مخرج الثلث والربع والسدس تضرب الثلاثة في الأربعة
للتباين وتكتفي بالحاصل للتداخل ولو كان التركيب رباعيا بإضافة الثمن لضربت الاثني عشر من جزء وفق الثمانية
ليحصل أربعة وعشرون إشارة ولك ان تلاحظ مخارج المفردات فالمتداخل تسقط وتكتفي بالأكثر والمتوافق
تستبدل به وفقه وكذا تعمل بالوفق ليؤل التوافق إلى التباين فاضرب بعضها في بعض والحاصل هو المخرج المشترك
ففي تحصيل مخرج الكسور التسعة تسقط الخمسة فما تحتها للتداخل وتستبدل بالستة نصفها لموافقتها
الثمانية فيدخل في التسعة فتسقط والثمانية توافق العشرة بالنصف فاضرب خمسة في الثمانية والحاصل في السبعة والحاصل في
التسعة ليحصل الفان وخمسمأة وعشرون وهو مخرج التسعة إشارة الوارث ان كان له حصة بخصوصه في
كتاب الله سمى ذا فرض (أو) بعمومه فقرابة واقتسام الورثة أنصباءهم من التركة اما بان يأخذ كل فريق حصة منها بالفرض
لا غير أو بالفرض والرد معا أو لا بشئ منهما بل بالقرابة أو فريق بالأول وفريق بالثاني أو فريق بالأول وفريق بالثالث
فالأول كأخت وزوج والثاني كأب وبنت والثالث كابن وبنت والرابع كأب وأم محجورة وبنت و
الخامس كأبوين وابن وبنت ثم أصناف الورثة ثلاثة صنف يأخذ الفرض دائما بمعنى انه لا ينفك
عنه ولا يرث بالقرابة أصلا وهم الأم والأخ والأخت ومتعددهما منها والزوج والزوجة وصنف يرث تارة
بالقرابة وأخرى بغيرها فرضا وحده أو فرضا وردا وهم الأب والبنت ومتعددها والأخت للأب ومتعددها
وصنف لا يرث الا بالقرابة وهم من عدا هؤلاء إشارة إذا اشتملت الفريضة على فرض مع رد فمن
عادة الفقهاء قدس الله أرواحهم قسمة الفرض أولا ثم الرد بحسب الحصص ولو قسمت الفريضة ابتداء على
ما يقتضيه الرد الأرباعي والأخماسي كما سلكه سلطان المحققين نصير الملة والدين في فرائضه لكان أخصر
ففريضة أب وأربع بنات يصح على المشهور من ثلثين وعلى ما سلكه قدس الله روحه من خمسة وفريضة زوجة
وخمس أخوات على الأول من ستين وعلى الثاني من عشرين وهذا الطريق مذكور في الأحاديث الصحيحة كما
رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام انه اقرأه صحيفة الفرائض التي هي املاء رسول الله صلى الله عليه وآله و
خط أمير المؤمنين عليه السلام بيده فوجد فيها رجل مات وترك ابنته وأمه للابنة النصف وللأم السدس يقسم
المال على أربعة أسهم فما أصاب ثلاثة أسهم فهو للابنة وما أصاب سهما فهو للأم ووجد فيها رجل ترك ابنته
وأبويه للابنة النصف ثلاثة أسهم وللأبوين لكل واحد منهما السدس فلكل منهما سهم يقسم المال على خمسة أسهم
فما أصاب ثلاثة فهو للابنة وما أصاب سهمين فللأبوين والحديث طويل وستقف عليه انشاء الله تعالى

265
إشارة ان صحت الفريضة فلا كلام وان انكسرت على فريق واحد فاضرب عدد رؤوسهم في الأصل ان
باينت سهمهم وجزء وفقها ان وافقت كأبوين وثلث بنات فتضرب الثلاثة في الستة لمباينة الأربعة فالمسألة
من ثمانية عشر ولو كن ثمانية فمن اثني عشر كما مر للموافقة في الربع ولو انكسرت على أكثر من فريق فأما ان يستغرق
الانكسار جميع الفرق أو يختص بالبعض وكيف كان فأما ان يكون بين رؤس كل فرقة منكسرة وسهمها وفق فرد
الرؤس إلى جزء الوفق أو لا يكون ثمة وفق أصلا فتتركها بحالها أو يكون في البعض فتلك التبعيض برد ذات
الوفق وترك عديمته على حالها وبعد العمل بما يقتضيه أحد هذه الأحوال تنظر ما آل إليه حال الرؤس فان تماثلت
فاضرب أحدها في الأصل أو تداخلت فأكثرها أو توافقت فمضروب جزء وفق في عدد الأخرى والحاصل في الثالث
وهكذا (ان تباينت فمضروب عدد فرقة في الأخرى والحاصل في عدد الثالثة وهكذا) فقد لاح من هذا أربع وعشرون صورة عليها تدور مسائل الانكسار والاثني عشرة المستغرقة منها هي
الأمهات في هذا الباب وهذا الجدول كاف في توضيح هذا الاجمال وتنقيح هذه الأعمال ومن الله (العصمة) و
التوفيق واليه المرجع والمآب لأنه هو ارحم الراحمين وخير الناصرين والحمد لله رب العالمين

266
توضيح لما في المربع الأول الزوجات ست والإخوة للأم ثمانية والإخوة للأب عشرة فللزوجات الربع ولاخوة
الأم الثلث والباقي لاخوة الأب فالفريضة من اثنى عشر فالثلث للزوجات والأربعة لاخوة الأم والباقي أعني الخمسة
لاخوة الأب فينكسر على الفرق الثلث سهامهم وبين عدد رؤس الزوجات وهو ستة وبين سهمهن أعني ثلاثة توافق
بالثلث فترد عدد رؤوسهن إلى جزء الوفق فيكتفى بواحد منه وتضرب في أصل الفريضة أعني اثني عشر تبلغ أربعة وعشرون
فتصح الفريضة منها فللزوجات ستة وللإخوة للأم ثمانية وللإخوة للأب عشرة فإذا ظهر رموز مربع في هذا الجدول
سهل لك رموز المربعات الباقية فيه والله أعلم إشارة لو شارك الخنثى المشكل فالمشهور اعطاؤها نصف
النصيبين بتصحيح الفريضة على الذكورية تارة والأنوثية أخرى ثم إن تماثلتا اكتفيت بأحدهما أو تداخلتا فبأكثرهما أو تباينتا
ضربت إحديهما في الأخرى أو توافقتا ففي وفقهما ثم ضعفت الحاصل (كان) غالبا فلو كان مع الأبوين خنثيان اكتفيت بالستة
أو ذكر وخنثى فبالثمانية عشر لها خمسة وله سبعة ولهما ستة أو خنثى لا غير ضعفت مضروب الستة فريضة الذكورية في
الخمسة فريضة الأنوثية فلها من الستين ثمانية وثلاثون ولهما اثنان وعشرون وان سلكت الطريقة المشهورة في الرد ففريضة
الأنوثية ثلاثون تداخلها الأخرى فتضعف أكثرهما ليحصل ستون وأيضا لو كان الخنثى مع أحد الأبوين ضعفت مضروب
الأربعة في وفق الستة فلها تسعة عشر وله خمسة وان سلكت الطريقة المشهورة تداخلت الفريضتان ولم تحتج (
إلى) التضعيف
فان جامعهما أنثى ضعفت مضروب الخمسة في الثمانية عشر لها ستة وثمانون ولأختها أحد وستون وله ثلاثة وثلاثون
وقد سقط من سهمه نصف الرد وهذه صورة العمل في الثلاثة الأخيرة
تم تحرير الرسالة الشريفة الوجيزة الموسومة بالفرائض البهائية
في تاسع عشر شهر شعبان المعظم سنة تسع عشرة
وثلاثمأة بعد الألف سنة 1319

267
/ 1