مدونة الكبرى (جزء 6) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مدونة الكبرى (جزء 6) - نسخه متنی

مالک بن انس

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید
الكتاب: المدونة الكبرى
المؤلف: الإمام مالك
الجزء: 6
الوفاة: 179
المجموعة: فقه المذهب المالكي
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع: 1323
المطبعة: مطبعة السعادة بجوار محافظة مصر
الناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت - لبنان
ردمك:
ملاحظات: رواية الإمام سحنون بن سعيد التنوخي عن الإمام عبد الرحمن بن القاسم العتقي عن إمام دار الهجرة وأوحد الأئمة الأعلام أبي عبد الله الإمام مالك بن أنس الأصبحي
المدونة الكبرى
لامام دائر الهجرة الامام مالك بن انس الأصبحي
رواية الامام سحنون بن سعيد التنوخي عن الامام
عبد الرحمن بن القاسم العتقي عن الامام مالك بن
أنس رضي الله تعالى عنهم أجمعين
الجزء الخامس عشر
أول طبعة ظهرت على وجه البسيطة لهذا الكتاب الجليل
حقوق الطبع محفوظة للملتزم
الحاج محمد أفندي ساسي المغربي التونسي
التاجر بالفحامين بمصر
تنبيه
قد جرى طبع هذا الكتاب الجليل على نسخة عتيقة جدا ينيف تاريخها عن
ثمانمائة سنة مكتوبة في رق غزال صقيل ثمين وفق الله سبحانه وتعالى بفضله
للحصول عليها بعد بذل المجهود وصرف باهظ النفقات ووجد في حواشي هذه
النسخة خطوط لكثير من أئمة المذهب كالقاضي عياض وأضرابه وقد نسب له
فيها أن المدونة فيها من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف حديث ومن الآثار ستة وثلاثون ألف أثر ومن المسائل أربعون ألف مسألة آه
طبعت بمطبعة السعادة بجوار محافظة مصر سنة 1323 ه‍ - لصاحبها محمد إسماعيل

1
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده
وصلى الله على سيدنا محمد النبي الامامي وعلى آله وصحبه وسلم
كتاب الوصايا الأول
في الرجل يوصى بعتق عبد من عبيده فيموتون كلهم أو بعضهم
(قلت) أرأيت أن أوصى بعتق عبد من عبيده فمات عبيده كلهم ما قول مالك في ذلك
هل تبطل وصيته أم لا (قال) سألنا مالكا عن الرجل يوصى بعشرة من عبيده أن
يعتقوا ولم يسمهم بأعيانهم وكان عدة عبيده خمسين عبدا فلم يقوموا وغفل الورثة عن
ذلك حتى مات منهم عشرون (قال) قال مالك يعتق ثلثهم بالسهم يسهم بينهم
فان خرج عدة ذلك أقل من عشرة أو أكثر من عشرة عتقوا ومن مات منهم قبل
القسم قبل أن يقوموا لم يدخل على الباقين من العبيد منهم شئ ولم يكن للورثة فيهم
قول وإنما يعتق منهم ممن بقي عشرة أجزاء من ثلاثين جزأ بالسهام ومن مات منهم قبل
القسم فكأن الميت لم يتركه (قال) ولا تسقط وصية العبيد لمكان الذين ماتوا (قلت)
فان أوصى بعتق عشرة أعبد من هؤلاء الخمسين فمات أربعون منهم وبقي عشرة
(قال) قال مالك ان حملهم الثلث عتقوا (قال) وقال لي مالك إنما تصير الوصية لمن بقي
منهم على حال ما وصفت لك ولو هلكوا كلهم الا خمسة عشر عتق ثلثاهم ولو هلكوا
كلهم الا عشرين منهم عتق نصفهم في ثلث الميت (قال مالك) وكذلك الذي يوصي
بعشرة من إبله في سبيل الله وله إبل كثيرة فذهب بعضها وبقي بعضها فإنه بحال
ما وصفت لك يقسم بالسهام على حال ما وصفت لك * وكذلك الرقيق إذا أوصى بها

2
الرجل ثم هلك بعضها كانت بحال ما وصفت لك عند مالك تقسم بالسهام وإن لم يبق
منها الا مقدار الوصية وكان الثلث يحملها كان ذلك للموصى له عند مالك وأما
مسألتك فإذا ماتوا كلهم فقد بطلت لا وصية لان مالكا قال من أوصى له بعبد
فمات العبد فلا حق له مال الميت (وقال غيره) لان المال إنما ينظر إليه يوم ينظر في
الثلث فما مات أو تلف قبل ذلك فكان الميت لم يتركه وكأنه لم يكن أوصى فيه بشئ
لأنه لا يقوم ميت ولا يقوم على ميت قال ذلك ابن عباس ذكره سحنون عن ابن
نافع عن عمرو بن قيس عن عطاء بن أبي رياح عن ابن عباس (ابن وهب) عن
عبد الجبار عن ربيعة أنه قال في الرجل يوصي للرجل بالشئ بعينه فيما يوصى من ثلثه
فيهلك ذلك الشئ قال ليس للذي أوصى له به أن يحاص أهل الثلث بشئ وقد
سقط حقه (ابن وهب) عن رجال من أهل العلم منهم مالك بن أنس وأنس بن
عياض وابن أبي ذئب وعمرو بن الحارث أن رجلا في زمان رسول الله صلى الله عليه
وسلم أعتق أعبدا له ستة عند موته ولم يكن له مال غيرهم فأسهم رسول الله صلى الله
عليه وسلم بينهم فأعتق ثلث تلك الرقيق (ابن وهب) عن جرير بن حازم عن ابن نبهان
عن أيوب بن أبي تيمية عن محمد بن سيرين وأبى قلابة الجرمي عن عمران بن الحصين
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله (الليث بن سعد) عن يحيى بن سعيد قال
أدركت مولى لسعد بن بكر يدعى دهورا أعتق ثلث رقيق له هم قريب من العشرين
فرفع أمرهم إلى أبان بن عثمان فقسمهم أثلاثا ثم أقرع بينهم فأخرج ثلثهم فأعتقهم
(ابن وهب) عن يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد قال كان لرحل غلامان فأعتق
أحدهما عند موته فلم يدر أيهما هو فأسهم أبان بن عثمان بينهما فطار السهم لأحدهما
وغشى على الآخر
في الرجل يوصى للرجل بثلث عبيده فيهلك بعضهم
(قلت) أرأيت أن قال ثلث عبيدي هؤلاء لفلان وله ثلاثة أعبد فهلك منهم اثنان
وبقي واحد (قال) ثلث لا باقي للموصى له ولا يكون له جميع الباقي وإن كان ثلث الميت

3
يحمله وإن كان هذا الباقي هو ثلث العبيد فإنه لا يكون للموصى له منه الا ثلثه وهذا
قول مالك وقد قال في رجل قال ثلث رقيقي أحرار قال مالك يعتق ثلثهم بالسهم
ولا يعتق من كل واحد منهم ثلثه. فهذا يدلك على أنه شريك للورثة فيما بقي من العبيد
فإن كان ما بقي من العبيد ينقسمون أخذ الموصى له ثلث العبيد ان أرادوا القسمة وان
كانوا لا ينقسمون فمن دعا إلى البيع منهم أجبر صاحبه على البيع بحال ما وصفت لك
في البيوع إلا أن يأخذ الذي أبى البيع بما يعطى صاحبه (ابن وهب) عن رجال
من أهل العلم منهم مالك بن أنس ويونس بن يزيد عن ابن شهاب حدثهم عن
عامر بن سعد بن أبي وقاص أنه أخبره عن أبيه سعد أنه قال جاءني رسول الله صلى الله
عليه وسلم عام حجة الوداع يعودني من وجع اشتد بي قال فقلت يا رسول الله قد بلغ
بي من الوجع ما ترى وأنا ذو مال ولا يرثني الا ابنة لي أفأتصدق بثلثي مالي قال لا
قلت فالشطر يا رسول الله قال لا قلت فالثلث قال الثلث والثلث كثير انك أن تدع
ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس وانك لن تنفق نفقة تبتغى بها
وجه الله الا أجرت فيها حتى ما تجعل في في امرأتك قال فقلت يا رسول الله أأخلف
بعد أصحابي قال إنك لن تخلف فتعمل عملا صالحا تبتغى به وجه الله الا ازددت به درجة
ورفعة ولعلك لن تخلف حتى ينتفع بك أقوام ويضر بك آخرون اللهم أمض لأصحابي
هجرتهم ولا تردهم على أعقابهم لكن البائس سعد بن خولة يرثى له رسول الله صلى
الله عليه وسلم أن مات بمكة (قال يونس) قال ابن شهاب فكان قول رسول الله صلى
الله عليه وسلم سية في الثلث لكل موص بعده (ابن وهب) عن موسى بن علي عن
أبيه علي بن رباح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم معاد سعدا في مرض مرضه
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أوص فقال مالي كله لله قال ليس ذلك لك
ولا لي قال فثلثاه قال لا قال فنصفه قال لا تخيبن وارثك قال فثلثه قال الثلث والثلث
كثير قال ثم دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اللهم أذهب عنه البأس
رب الناس اله الناس أنت الشافي لا شافي إلا أنت أرقيك من كل شئ

4
يأتيك من حسد وعين اللهم أصح قلبه وجسمه واكشف سقمه وأجب دعوته قال
سعد فسألني أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنهما من بعده عن
قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوصية فحدثتهما بذلك فحملا الناس عليه في
الوصية (ابن وهب) قال وسمعت طلحة بن عمرو الملكي يقول سمعت عطاء بن أبي
رباح يقول سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله أعطاكم
ثلث أموالكم عند وفاتكم زيادة في أعمالكم (مسلمة بن علي) عن زيد بن واقد
عن مكحول قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله أعطاكم اثنتين لم تكونا
لكم صلاة المؤمنين بعد موتكم وثلث أموالكم زيادة في أعمالكم عند موتكم
(ابن وهب) عن رجال من أهل العلم منهم عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن
عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمر ويونس بن يزيد وغيرهم أن نافعا حدثهم عن
عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب سئل عن الوصية فقال عمر الثلث وسط من
المال لا نجس ولا شطط
في الرجل يوصى للرجل بثلث غنمه فيستحق بعضها
(قلت) أرأيت أن قال ثلث غنمي لفلان وله مائة شاة فاستحق رجل ثلثي الغنم وبقي
ثلثها والثلث الباقي من الغنم يحمله الثلث الموصى به أيكون هذا الثلث الباقي من الغنم
جميعه للموصى له (قال) لا ويكون له ثلث ما بقي (قلت) ويجعل الضياع في الغنم
من الورثة ومن الموصى له (قال) نعم بمنزلة ما قال لي مالك في الميراث (قلت) فان
قال جميع غنمي لفلان فهلك نصفها أو استحق نصفها أيكون جميع ما بقي لفلان إذا
كان الثلث يحمل ما بقي منها (قال) نعم (قلت) ولم لا يكون إذا أوصى بثلث
الغنم فذهب منها ثلثاها وبقي الثلث لم لا يكون الثلث الباقي للموصى له إذا حمل ذلك
الثلث (قال) لأنه إنما أوصى له بثلثها ولم يوص له بكلها

5
في الرجل يوصى للرجل بعشر شياه من غنمه
فتهلك غنمه الا عشر شياه
(قلت) فان أوصى له بعشرة من هذه الغنم وهي مائة شاة فهلكت كلها الا عشرة
منها والثلث يحمل هذه العشرة (قال) فله العشرة كلها عند مالك (قلت) فإن كانت
هذه العشرة تعدل نصف الغنم لأنها أفضل الغنم أيعطيه إياها إذا كان الثلث يحملها
في قول مالك (قال) نعم (قلت) فإن لم يهلك من الغنم شئ كيف يعطيه العشرة
(قال) بالسهام يدخل في تلك العشرة ما دخل (قلت) فإذا سمى فقال عشرة من
غنمي لفلان فهو خلاف ما إذا قال عشر هذه الغنم (قال) نعم إذا سمى عشرة وهي مائة
شاة فهلكت كلها الا العشرة كانت العشرة كلها للموصى له وإذا أوصى بعشرها
فهلكت كلها الا عشرة لم يكن للموصى له الا عشر ما بقي (قال) وهو قول مالك
في الرجل يوصى باشتراء رقبة تعتق عنه
(قلت) أرأيت أن أوصى رجل فقال اشتروا نسمة فأعتقوها عنى فاشتروها أتكون
حرة حين اشتروها أم لا تكون حرة حتى تعتق (قال) لا أقوم على حفظ قول
مالك في هذا ولا أراه حرا حتى يعتق لأنه لو قتله رجل كانت قيمته قيمة عبد فهو
ما لم يعتقوه عندي بمنزلة العبد في حدوده وخدمته وجميع حالاته (قلت) فان
مات كان عليهم أن يشتروا آخر ان وسع ثلث الميت (قال) نعم (علت) أرأيت أن
أوصى فقال اشتروا رقبة فأعتقوها عنى وثلث ماله مائة دينار والورثة يجدون رقبة
بخمسين دينارا ولم يسم الميت الثمن (قال) قال مالك إنما ينظر في هذا إلى ما ترك
الميت من المال فإن كان كثير المال نظر إلى قدر ما ترك وإن كان قليل المال نظر في
ذلك فإنما ينظر في ذلك إلى ماله فيشترى له على قدر المال يجتهد له في ذلك بقدر
ما يرى أن يشتري له في كثرة المال وقلته ليس من ترك مائة دينار في هذا بمنزلة
من ترك ألف دينار (قلت) أرأيت أن أوصى أن يعتق عنه نسمة بألف درهم

6
والثلث لا يبلغ ذلك أيعتق عنه مبلغ الثلث في قول مالك (قال) نعم إذا كان في ذلك
قدر ما يشترى به رقبة وهو قول مالك بن أنس (قلت) فإن لم يكن فيها (قال)
يشرك بينه وبين آخر فإن لم يجدوا إلا أن يعينوا بها مكاتبا في آخر كتابته فعلوا وهذا
قول مالك (ابن وهب) عن محمد بن عمرو عن ابن جريح عن الحسن أنه قال
إذا أوصى رجل بمال يبتاع له به رقبة فلم يوجد له رقبة فليعن به في رقبة (قلت)
أرأيت أن أوصى أن تشترى رقبة فتعتق عنه بألف درهم وذلك ثلثه فاشتراها
الوصي فأعتقها عنه ثم لحق الميت دين كيف يصنع (قال) ان لحق الميت دين يغترق
جميع ماله رد العبد في الرق وان لحقه دين لا يغترق جميع المال رد العبد وأعطى صاحب
الدين دينه ثم يعتق من العبد مقدار ثلث ما بقي من مال الميت بعد الدين وهذا رأيي
لان مالكا قال لا يضمن الوصي شيئا إذا لم يعلم بالدين (قلت) أرأيت أن قال
أعتقوا عني نسمة عن ظهار ولم يسم لهم الثمن (قال) ينظر في ذلك كما وصفت لك
في ناحية المال في قلته وكثرته فيعتق من المال نسمة على قدر ما يرى السلطان
الرجل يوصى أن يشترى عبد فلان فيعتق
أو يباع عبده ممن أحب أو من فلان
(قلت) أرأيت أن أوصى أن يشترى عبد فلان لفلان فمات الموصى فأبى سادات
العبد أن يبيعوه (قال) قال مالك إذا أوصى أن يشترى عبد فلان فيعتقوه أو قال
بيعوا عبدي من فلان رجل سماه أو قال بيعوا عبدي ممن أحب ان هؤلاء كلهم يزاد
في ثمن الذي قال اشتروه فأعتقوه الثلث ثلث ثمنه ويوضع من ثمن الذي قال بيعوه
من فلان الثلث ثلث ثمنه ويوضع من ثمن الذي قال بيعوه ممن أحب ثلث ثمنه وهذا
إنما يوضع من ثمنه إذا لم يشتره الذي قال الميت بيعوه منه جميع ثمنه فأبى أن يأخذه
بذلك والذي قال بيعوه ممن أحب كذلك أيضا إنما يوضع ثلث ثمنه إذا لم يشتره
الذي أحب العبد بجميع الثمن فإنه يوضع عنه الثلث ثلث ثمنه وكذلك العبد الذي قال
اشتروه فأعتقوه فإنما يزاد في ثمنه مثل ثلث ثمنه إذا قال سيده لا أبيعه بثمنه (قلت)

7
ولا يزاد في هذا ولا يوضع عن هؤلاء الآخرين مبلغ ثلث مال الميت في قول مالك
(قال) قال مالك لا (قلت) لم (قال) كذلك قال مالك مثل ما أخبرتك (قلت)
فان أبى السيد سيد العبد الذي أمر الميت أن يشترى فيعتق عنه أن يبيعوه كيف
يصنعون وكيف ان أبى هذا الذي قال بيعوا فلانا منه أن يشتريه أو أبى هذا الذي
قال العبد بيعوني منه أن يشتريه بثلثي ثمنه كيف يصنعون (قال) أما الذي قال اشتروه
فأعتقوه فإنه يستأنى بثمنه فان أبوا أن يبيعوه رد ثمنه ميراثا بعد الاستيناء بذلك
(قال سحنون) وقد روى ابن وهب وغيره عن مالك أن المال يوقف ما كان يرجى
أن يشترى هذا العبد الذي أمر إلا أن يفوت بعتق أو موت وعليه أكثر الرواة
وأما الذي قال بيعوه من فلان فان قال فلان لست آخذه بهذا الثمن إلا أن يضعوا
أكثر من ثلث ثمنه فان الورثة يخيرون بين أن يعطوه بما قال وبين أن يقطعوا له
بثلث العبد بتلا وأما الذي قال بيعوه ممن أحب وليس من رجل بعينه فلم يجد العبد
من يشتريه بثلثي ثمنه ممن أحب فان الورثة يخيرون بين أن يبيعوه بما أعطوا وبين
أن يعتقوا ثلثه (قال سحنون) وقد روى أشهب عن مالك وغير واحد أن الورثة
إذا بذلوه بوضيعة الثلث ولم يوجد من يشتريه الا بأقل ان ذلك ليس عليهم لأنهم
قد أنفذوا وصية الميت فليس عليهم أكثر من ذلك (قال ابن وهب) قال
مالك وهذا الامر عندنا * وأما قوله اشتروا عبد فلان لفلان فأبى ساداته أن يبيعوه
فانى لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى أن يزاد على ثمنه مثل ثلث ثمنه ان حمل ذلك
الثلث فان باعه لسيده أنفذت وصية الميت وان أبوا الا بزيادة أعطى الذي أمر أن
يشتري له العبد قيمة العبد وزيادة ثلث ثمنه لأنه كان بما يشترى إذا لم يحب الورثة
أن يزيدوا على ذلك شيئا وان أبى أصحابه أن يبيعوه بشئ ولم يكن من شأنهم أن
يزيدوا فان أبوا أن يبيعوه أصلا ضنا منهم بالعبد لم يكن للذي أوصى له به شئ من
الوصية (قال سحنون) وقد قال غيره من الرواة انه إذا زيد في الذي أمر أن
يشترى لفلان مثل ثلث قيمته فلم يرد أهله أن يبيعوه الا بزيادة أو أبوا أصلا ضنا

8
منهم بالعبد لم يكن للورثة أكثر من زيادة ثلث الثمن وليكن ثمنه موقوفا حتى
يؤيس من العبد فان أيس من العبد رجع الثمن ميراثا ولم يكن للذي أوصى الميت أن
يشترى له قليل ولا كثير لان الميت إنما أوصى له برقبة ولم يوص له بما (قال ابن
القاسم) وقال مالك قي الرجل يقول في وصيته بيعوا عبدي ممن يعتقه فلا يجدون من
يأخذه بوضيعة الثلث من ثمنه انه يقال للورثة اما أن تبيعوه بما وجدتم والا أعتقتم من
العبد ثلثه وهذا مما لا يخلف فيه قول مالك (قال سحنون) وقد بينا هذا الأصل
باختلاف الرواة قبل هذا (قلت) أرأيت أن قال بيعوا عبدي من فلان ولم يقل حطوا
عنه ولم يذكر الحط (قال) يحط عنه وإن لم يذكر الحط عند مالك لأنه إذا لم يؤخذ
بقيمته صارت وصيته بحال ما وصفت لك
في الرجل يوصى بعتق عبده أو بيعه ممن يعتقه فيأبى العبد
(قلت) أرأيت أن أوصى بعتق عبده في مرضه فيأبى العبد أن يقبل ذلك (قال)
هذا حر إذا مات سيده من الثلث والا فما حمل منه الثلث (قلت) أتحفظه عن مالك
(قال) نعم هذا قول مالك (قال) وقال مالك في رجل أوصى أن تباع جاريته ممن
يعتقها فقالت الحارية لا أريد ذلك (فقال) ينظر في حالها فإن كانت من جواري
الوطئ ممن يتخذ كان ذلك لها وإن لم تكن منهن بيعت ممن يعتقها ولا ينظر في قولها
(قال سحنون) وقد قيل لا ينظر لأي قول الجارية وتباع للعتق إلا أن لا يوجد من يشتريها بوضيعة الثلث إن كان للميت مال يحمل الجارية
في المريض يشترى ابنه في مرضه
(قلت) أرأيت لو أن رجلا اشترى ابنه في مرضه (قال) بلغني عن مالك أنه قال
إن كان الثلث يحمله جاز وعتق وورث بقية المال إذا كان وحده وإن كان معه غيره
أخذ حصته من الميراث (قال) ولم أسمع هذا من مالك وأخبرني به غير واحد
(قلت) أرأيت أن أعتق عبدا له واشترى ابنه فأعتقه وقيمته الثلث (قال) أرى

9
الابن مبدأ إذا حمله الثلث ويكون وارثا لان مالكا لما جعله وارثا إذا خرج من الثلث
كان بمنزلة ما لو اشتراه صحيحا (وسئل) عن الرجل يوصى أن يشترى أبوه من
بعد موته (قال) أرى أن يشترى ويعتق من بعد موته في الثلث وإن لم يقل اشتروه
فاعتقوه فهو حر إذا قال اشتروه
في الوصية بالعتق
(قلت) أرأيت أن قال لعبده ان مت من مرضى هذا أو هلكت في سفري هذا
فأنت حر أتجعل هذه وصية أم لا في قول مالك (قال) هذه وصية عند مالك وله أن
يغيرها فان مات قبل أن يغيرها جازت في ثلثه ان مات في سفره أو مات في مرضه
(قلت) فان برأ من مرضه أو قدم من سفره فلم يغير ما كان قال في عبده ذلك
حتى مات أيعتق أم لا في قول مالك (قال) قال مالك لا يعتق إلا أن يكون كتب
ذلك في قرطاس فوضعه وأقره بعد صحته أو بعد قدومه من سفره على حاله وقد كان
وضعه على يد رجل وأقره على تلك الحال فهذه وصية تنفذ في ثلثه (قلت) أرأيت أن
قال إن مت في سفري هذا أو من مرضى هذا فعبدي حر فأراد أن يبيعه (قال)
نعم يبيعه ولا يكون هذا تدبيرا عند مالك (قال سحنون) قال مالك الامر المجتمع
عليه عندنا أن الموصي إذا وصى في صحته أوفي مرضه بوصية فيها عتاقة رقيق من رقيقه
فإنه يغير في ذلك ما بدا له ويصنع في ذلك ما شاء حتى يموت وان أحب أن يطرح
تلك الوصية ويبدل غيرها فعل وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حق امرئ مسلم
له شئ يوصي فيه يبيت ليلتين الا ووصيته عنده مكتوبة (قال) وإن كان الموصى
لا يقدر على تغيير وصيته وما ذكر فيها من العتق كان كل موص قد حبس ماله الذي
أوصى فيه من العتاقة وغيرها وقد يوصى الرجل في صحته وعند سفره (قال ابن وهب)
وبلغني عن عبد الرحمن بن القاسم وأبى بكر بن حزم ويحيى بن سعيد وابن قسيط وعبد
الله بن يزيد بن هرمز من أن الموصى مخير في وصيته يمحو ما يشاء ويثبت منها ما يشاء
ما عاش قال ابن قسيط ويحيى بن سعيد هذا الذي عليه قضاء الناس (ابن وهب)

10
عن الخليل بن مرة عن قتادة عن عمرو بن شعيب عن الحارث بن ربيعة عن عمر بن
الخطاب قال ملاك الوصية اخراجها (ابن وهب) عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب
أنه قال من أوصى بوصية ان حدث به حدث من وجعه ثم صح فبدا له أن يعود
في وصيته عاد فيها إذا استثنى ان حدث به حدث الموت وان أبت ذلك فقد أبته
وان قال المريض بعد أن صح إنما أردت ان حدث بي حدث أعتقهم فأنا أرى أن
يدين (قال يونس بن يزيد) وقال ربيعة ان استثنى أو لم يستثن فهو يقال ما فعل وينزع
إذا شاء وإذا صح ترك كل ما قال ولم يؤخذ به فهو حسيب نفسه (وقال ربيعة) ان
الموصى لا يوصي في ماله إنما ولى شئ نفسه فهو يتخير في موضعه فلا يؤخذ فيه بزلته
ولا ما سبق منه فالموصى ينزع ويحدث في العتاقة وغيرها وان مع العتاقة أشباهها
الرجل يعطي الرجل عند الموت ان حدث به حدث الموت المال فينزل بمنزلة الصدقة
ثم ينقله إلى غيره أو يصرف عنه بعضه فيكون ذلك بمنزلة العتاقة ولو كانت العتاقة
تلزم لزمت الصدقة فصاحب الوصية ينتقل في العتاقة وغيرها (يحيى بن أيوب)
عن عمرو بن الحارث عن أبي الزبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يؤخذ
من المعاهد آخر أمره إذا كان يعقل (الحارث بن نبهان) عن أيوب السختياني عن
ابن سيرين عن أنس بن مالك أنه كان يشترط في وصيته ان حدث بي حدث الموت
قبل أن أغير وصيتي هذه (قال يحيى بن أيوب) وأخبرني نافع مولى ابن عمر أن ابن عمر
كان يشترط في وصيته ان حدث بي حدث قبل أن أغير كتابي (رجال) من أهل
العلم عن ابن شهاب وربيعة بن أبي عبد الرحمن وعطاء وغيرهم من أهل العلم أنهم كانوا
يقولون يعاد في كل وصية (عمرو بن الحارث والليث بن سعد) عن يحيى بن سعيد
ان أبا الزبير المكي أخبره أن أبا عمرو بن دينار أعتق في وصية له غلامين له ثم بدا
له فأعتق غيرهما فرفع ذلك لأي عبد الملك بن مروان فأجاز له ما صنع وقال إنما هو
مخير حتى يفرغ من وصيته (أخبرني) ابن وهب عن رجال من أهل العلم عن
عطاء بن أبي رباح وطاوس ومجاهد وربيعة وأبي الزناد وابن شهاب أنهم كانوا يقولون

11
الآخرة حق من الأولى وان الموصى مخير في وصيته يمحو منها ما يشاء ويثبت منها
ما يشاء ما عاش (قال) وقال مالك في رجل أوصى في وصيته فقال إن مت فكل
مملوك لي مسلم فهو حر وله عبيد مسلمون ونصارى فأسلم قبل أن يموت بعض رقيقه
ثم يموت قال مالك لا يعتق منهم الا من كان منهم مسلما يوم أوصى لأني لا أراه أراد
غيرهم (ابن وهب) عن يونس عن ابن شهاب أنه قال في رجل قال كل مملوك لي
مسلم حر ان حدث بي تحدث الموت فلما كتب الكتاب أسلم بعض رقيقه قبل أن
يموت قال نرى ذلك انتهى إلى الذين كانوا مسلمين يوم قال ذلك القول (قال يونس
ابن يزيد) وقال نافع مولى ابن عمر مثله (قلت) أرأيت لو أن رجلا أوصى بعتق
عبده من بعد موته أو قال هو حر بعد موتى أو قال أعتقوه بعد موتى بشهر ثم مات
سيده أيكون هذا الكلام قوله أعتقوه وقوله هو حر بعد موتى بشهر سواء
(قال) نعم وهو قول مالك (قلت) أرأيت أن أوصى فقال هو حر بعد موتى
بشهر فمات السيد والثلث لا يحمله (قال) يقال للورثة أجيزوا الوصية والا فأعتقوا
منه الثلث بتلا (قلت) فان أجاز الورثة الوصية (قال) ان أخذ منهم تمام الشهر خرج
بجميعه وهذا قول مالك
التشهد في الوصية
(قلت) أرأيت أن أراد أن يكتب وصيته هل سمعت من مالك أنه يقول يشهد
في الكتاب فيكتب ذلك قبل الوصية (قال) نعم سمعته يقول يشهد في الكتاب
فيكتب إذا أراد أن يكتب الوصية (قلت) فهل ذكر لكم هذا التشهد كيف هو (قال)
لم يذكره لنا (ابن وهب) عن أشهل بن حاتم عن عبد الله بن عون في وصية
محمد بن سيرين قال هذا ذكر ما أوصى به محمد بن أبي عمرة بنيه وأثله أن يتقو الله
ويصلحوا ذات بينهم ويطيعوا الله ورسوله ان كانوا مؤمنين وأوصاهم بما أوصى به
إبراهيم بنيه ويعقوب يا بنى ان الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن الا وأنتم مسلمون
ولا ترغبوا أن تكونوا إخوانا للأنصار ومواليهم فان العفة والصدق خير وأبقى

12
وأكرم من الرياء والكذب ثم أوصى مما ترك ان حدث به حدث الموت مقبل أن تغير
وصيته هذه فذكر حاجته (قال ابن عون) فذكرناه لنافع مولى ابن عمر فقال كانت
أم المؤمنين توصى بهذا (وسمعت) من يحدث عن أنس بن مالك قال كانوا يوصون
أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأوصى من
ترك من أهله أن يتقوا الله ربهم ويصلحوا ذات بينهم ان كانوا مؤمنين وأوصاهم بما
أوصى به إبراهيم بنيه ويعقوب يا بنى ان الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن الا وأنتم
مسلمون وأوصى ان مات من مرضه هذا
في الرجل يكتب الوصية ولا يقرؤها على الشهود
(قلت) أرأيت رجلا كتب وصيته ولم يقرأها على الشهود ودفعها إليهم مكتوبة وقال
اشهدوا على بما فيها (قال) قال مالك ذلك جائز إذا عرفوا أنه الكتاب بعينه فليشهدوا
عليه (وقال ابن وهب) عن مالك مثله إذا طبع عليها و دفعها إلى نفر وأشهدهم أن
ما فيها عنه وأمرهم أن يكفلوا خاتمه حتى يموت قال ذلك جائز إذا أشهدهم ان ما فيها
منه (عبد الله بن عمر بن حفص) عن سعيد بن زيد عن حفص بن عاصم بن عمر بن
الخطاب أنه كان إذا أراد سفرا كتب وصيته وطبعها ثم دفعها إلى سالم بن عبد الله
ابن عمر وقال اشهدوا على بما فيها ان حدث بي حدث فإذا قدم قبضها منه
في الرجل يكتب وصيته ويقرها على يديه حتى يموت
(قال ابن القاسم) قلت لمالك الرجل يوصي عند سفره وعند موته فيكتب وصيته
ويجعلها على يدي رجل ثم يقدم من سفره أو يبرأ من مرضه فيقبضها ممن هي عنده
فهلك فتؤخذ الوصية بحالها أو تقوم عليه البينة أنها هي أنرى إن تنفذ (قال)
لا وكيف تجوز وهي في يديه قد أخذها فلعله أن يكون إنما أخذها ليؤامر نفسه فيها
وليس ممن يريد أن يجيز وصيته فأخذها ولا يضعها على يدي نفسه وإنما تنفذ إذا جعلها

13
على يدي رجل (قلت) أرأيت أن كتب وصيته وهو مريض وأقرها عند نفسه
وأشهد عليها ثم مات أتجوز هذه الوصية في قول مالك (قال) نعم (قلت) أرأيت أن
كتب وصيته وأشهد عليها وهو صحيح فأمسكها عنده حتى مات أتجوز وصيته
هذه أم لا في قول مالك (قال) قال لي مالك وصيته جائزة (قال ابن القاسم)
وأنا أرى أن الوصية جائزة إذا كتب وصيته ولم يقل ان حدث بي حدث من
مرضي هذا أو في سفري هذا انها جائزة وان كانت عنده إذا كانت الوصية مبهمة
لم يذكر فيها موته من مرضه هذا ولا ذكر سفرا أنها جائزة وسواء إن كان كتبها
في صحته أو مرضه فهي جائزة إذا كتب فيها متى ما حدث بي حدث أو ان حدث
بي حدث أخرجها من يديه أو كانت على يديه فهي جائزة إذا شهد عليها الشهود
وإنما اختلف الناس في السفر والمرض (قلت) أرأيت أن أوصى فقال إن حدث
بي حدث من مرضى هذا أو سفري هذا فلفلان كذا وكذا وفلان عبدي حر
فكتب ذلك وبرأ من مرضه أو قدم من سفره فأقر وصيته بحالها (قال) هي وصية
بحالها ما لم ينقضها فمتى مات فهي جائزة وان برأ من مرضه وقدم من سفره وإن لم
يكن كتب ذلك وإنما أوصى بغير كتاب فقال إن حدث بي حدث في سفري هذا
أو في مرضى هذا وأشهد على ذلك فإنه إذا صح من مرضه ذلك أو قدم من
سفره ذلك ثم مات بعد ذلك فان ذلك باطل لا يجوز ولا ينفذ منه شئ وإن لم يكن غير
ما أشهد عليه من ذلك ولا نقضه بفعل ولا غيره فإنه لا يجوز منه شئ على حال
وكذلك قال مالك يريد بذلك إذا لم يكن كتب بذلك كتابا ووضعه على يدي غيره ولم
يقبضه ولم يغيره حتى مات (ابن وهب) عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب أنه قال
في رجل كتب وصيته فكتب فيها ان حدث بي حدث من وجعي هذا أو سفري
هذا ثم برأ من وجعه ذلك أو قدم من سفره ذلك وبقيت وصيته كما هي لا يذكر
فيها شيئا (قال ابن شهاب) هي وصية إذا لم يغيرها وان سالم بن عبد الله أخبرني
عن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله نعليه وسلم قال ما حق امرئ مسلم يمر عليه

14
ثلاث ليال الا ووصيته عنده مكتوبة (سحنون) وقال مالك من أوصى بوصية
فكتب فيها ان أصابني قدر في مرضى هذا فصح ولم يقبض الوصية من صاحبها
الذي وضعها عنده حتى مرض مرضا آخر فمات فأراها جائزة
في الوصية إلى الوصي
(قلت) أرأيت الوصي إذا أوصى إليه أرجل فقال اشهدوا أن فلانا وصى ولم يزد
على هذا القول أتكون وصية في جميع الأشياء ويكون له أن يزوج بناته وبنيه الصغار
وإن لم يكن الوالد أوصى إليه ببضع البنات ولا قال له زوج بنى (قال) نعم إذا قال
فلان وصي ولم يزد على ذلك فهو وصيه في جميع الأشياء وفي بضع بناته وفي أنكاح
بنيه الصغار (قلت) فإن كان للصفار أولياء حضور (قال) نعم وإن كان لهم أولياء
حضور فهذا الوصي أولى بانكاحهم في قول مالك (قلت) فإن كانت البنات قد بلغن
أيكون للوصي أن يزوجهن أيضا (قال) نعم وهو أولى من الأولياء فيهن إلا أنه
ليس له أن يزوجهن الا برضاهن (قلت) وهذا قول مالك (قال) نعم (قال
سحنون) وقد كتبنا آثار هذا في كتاب النكاح الأول (قلت) أرأيت ما كان
للميت من ابنة ثيب أيكون لهذا الوصي أن يزوجها إذا رضيت ولها أولياء حضور
(قال) لم يقل لنا مالك إذا كن أبكارا أو إذا كن ثيبات (قال) إنما سألنا مالكا وكان معنى
قوله عندنا على الأبكار فقال ما أخبرتك وهو عندنا سواء الوصي ولى في الثيب وفي
البكر إذا رضيت ولو ولت الثيب الولي يزوجها جاز نكاحه وان كره الوصي ذلك
وإنما هذا في الثيب ولا يكون في البكر وذلك لأنا سألنا مالكا عن المرأة الثيب توكل
أخاها يزوجها ولها والد حاضر فكره أبوها النكاح وأراد أن يفسخه فقال مالك
أثيب هي قلنا نعم قال مالك ما للأب ومالها ورأي أنكاح الأخ جائزا وان كره ذلك
الأب وكذلك الوصي إذا رضيت الثيب فولت أمرها الولي جاز انكاحه إياها وان
وان كره ذلك الوصي والبكر مخالفة للثيب في هذا (قال) وقال مالك بن أنس وصي
الوصي بمنزلة الوصي في النكاح وغيره (قلت) أرأيت أن مات الوصي فأوصى إلى

15
غيره أيجوز هذا في قول مالك (قال) نعم كذلك قال مالك يكون وصى الوصي مكان
الوصي في البيع وغيره (قلت) أرأيت الميت إذا أوصى إلى رجل فقال فلان وصي
أيكون هذا وصيا في انكاح بناته وجميع تركته في قول مالك (قال) نعم إلا أن يخصه
بشئ فلا يكون وصيا الا على ذلك الشئ (قلت) ووصى الوصي بهذه المنزلة (قال)
نعم وهو قول مالك (قال) وقال مالك ووصى الوصي بمنزلة الوصي (قال) وقال يحيى
ابن سعيد فيمن ولى وصية وان كانا رجلين أو ثلاثة فحضر أحدهم الموت فأوصى بما
أوصى به إليه من تلك الوصية إلى غير شريكه في الوصية جاز ذلك له على ما فيها
(سحنون) ولسنا نقول بذلك إلا أنه نزع من يزعم أن الوصي لا يوصي بما أوصى
به إليه (مسلمة بن علي) عن هشام بن حسان وغيره عن محمد بن سيرين عن شريح
أنه أجاز وصية وصى الوصي (وبلغني) عن علي بن أبي طالب أنه أجاز وصية وصى
الوصي (قال مسلمة بن علي) وقال الأوزاعي يرجع إلى الأول فالأول وسمعت مالكا
يقول في الرجل يوصي إلى القوم أن ماله لا يقتسمونه بينهم بل يكون عند أفضلهم
هذه الآثار لابن وهب
وصى المرأة
(قلت) أرأيت لو أن امرأة هلكت وعليها دين فأوصت بوصايا وأوصت إلى رجل
أيكون هذا الرجل وصيها ويبيع مالها حتى يقضي دينها وينفذ وصاياها أم لا يجوز له
أن يبيع من ذلك الا مقدار الدين والوصايا (قال) إن كان لها ورثة فأدوا دينها
وقاسموا أهل الوصايا فذلك لهم جائز والوصي هو وصي إذا أوصى إليه رجل أو امرأة
في قضاء الدين وانفاذ وصيته فوصى الرجل ووصى المرأة في ذلك سواء (قلت)
أرأيت المرأة إذا لم يكن عليها دين ولم تكن وصية وأوصت لي رجل أتجوز وصيتها
في قول مالك (قال) لا تجوز وصيتها في مال ولدها إذا كانوا صفارا ولهم أب فإن لم
يكن لهم والد جازت وصيتها في مال نفسها (وقال ابن القاسم) كنت يوما عند
مالك فأتاه قوم فذكروا له أن امرأة أوصت إلى رجل بتركتها ولها أولاد صغار

16
قال مالك كم تركت قالوا نحو ستين دينارا قال ما أرى إذا كان الوصي عدلا
إلا أن ينفذ ذلك (قال ابن القاسم) وذلك الامر عندي فيمن لم يكن له أب ولا
وصي (وقد قال غير) من الرواة ان وصية المرأة بمال ولدها لا تجوز (قال سحنون)
وهذا عندنا أعدل
في وصى الأم والأخ والجد
(قلت) أرأيت وصى الأم هل يكون ويا فيما تركت الأم إذا أوصت إليه في
قول مالك (قال) سمعت مالكا يخفف ذلك ويجعله وصيا في الشئ اليسير وذلك رأيي
وأما في الشئ الكثير فلا أرى ذلك وأرى أن ينظر السلطان له في ذلك (قلت)
أرأيت وصى الأخ إذا كان أخوه وارثه وأخوه صغير فأوصى بتركته التي يرثها أخوه
منه وبأخيه إلى رجل وليس للأخ أب ولا وصى أيجوز ذلك في قول مالك (قال)
أرى أن الأخ إذا كان وصيا لأخيه جاز ذلك والا لم تكن وصيته تلك وصية وذلك
إلى السلطان فان رأى أن يقره أقره والا جعله إلى من يرى (قلت) فما فرق ما بين
وصى الأخ ووصى الأم (قال) الأم والدة يجوز لها في ولدها أشياء كثيرة ولا تجوز
للأخ ولو أجزته للأخ لأجزته لمن هو أبعد من الأخ للعم أو لعصبة (قلت)
أرأيت الجد إذا هلك وفي حجره ولد ابنه أصاغر ليس لهم أب ولا وصى فأوصى الجد
بهم إلى رجل أيكون ذلك الرجل وصيا لهم أم لا في قول مالك (قال) أرى إن لم يكن
الجد لهم وصيا لم يجز ذلك ألا ترى أنه لا ينكح الابكار من بنات ابنه حتى يبلغن
ويرضين ولا يلزم الجد نفقة أحد من ولد ابنه ذكرا كان أو أنثى ولا يلزم ذلك الولد
نفقة جدهم فإذا كأن لا يملك بعضهن بعضا صغارا كانوا أو كبارا فليس له أن يوصى
بهم إلى أحد وان كانوا هم وراثة

17
في الرجل يوصى بينه إلى رجل وبماله
إلى آخر وببضع بناته إلى آخر
(قلت) أرأيت أن قال فلان وصي على قضاء ديني وتقاضي ديني وفلان وصي على
مالي وفلان وصي على بضع بناتي (قال) هذا جائز (قال) ولقد سئل مالك وأنا عنده
عن رجل أوصى إلى رجل أن يتقاضى دينه ويبيع تركته ولم يوص إليه بأكثر من
هذا أيجوز له أن يزوج بناته (قال) قال مالك لو فعل ذلك لرجوت أن يكون جائزا
ولكن أحب إلى أن يرفع ذلك إلى السلطان حتى ينظر في ذلك السلطان
في الرجل يقول فلان وصي حتى يقدم فلان فإذا قدم فهو وصي
(قلت) أرأيت أن أوصى إلى رجل فقال فلان وصي حتى يقدم فلان فإذا قدم
فلان ففلان القادم وصي أيجوز هذا (قال) نعم هذا جائز
في عزل الوصي عن الوصية إذا كان خبيثا
(قلت) أرأيت إذا كان الوصي خبيثا أيعزل عن الوصية (قال) قال مالك بن أنس
نعم إذا كان الوصي غير عدل فلا تجوز الوصية إليه (قال) وقال مالك وليس للميت
أن يوصي بمال غيره وورثته إلى من ليس بعدل
في الوصي يبدو له في الوصية بعد موت الموصى
(قلت) أرأيت أن قبل الوصي وصية في مرض الموصى ثم بدا له بعد موت
الموصى أن يتركها (قال) أراها قد لزمته وليس له أن يدعها بعد ما مات الموصي
في الوصية إلى الذمي والذمي إلى المسلم
(قلت) أرأيت مسلما أوصى إلى ذمي أيجوز ذلك أم ملا (قال) قال مالك المسخوط
لا تجوز الوصية إليه (قال مالك) فالذمي أحرى أن لا تجوز الوصية إليه (قلت)
أرأيت أن أوصى إلى نصراني أيجوز ذلك أم لا في قول مالك (قال) قال مالك لا يجوز

18
ذلك إذا أوصى إلى غير عدل فالنصراني غير عدل (قلت) أرأيت أن أوصى ذمي
إلى مسلم (قال) قال مالك إن لم يكن في تركته الخمر أو الخنازير أو خاف أن يلزم
بالجزية فلا بأس بذلك
في الوصيين يبيع أحدهما أن يبيع أو يشترى دون صاحبه
(قلت) أرأيت الوصيين هل يجوز لأحدهما أن يبيع ويشترى لليتامى دون صاحبه
(قال) قال مالك في الوصيين انه لا يجوز لأحدهما أن يزوج دون صاحبه إلا أن
يوكله صاحبه (قال مالك بن أنس
فان اختلفا نظر في ذلك السلطان وقال البيع
عندي بمنزلته (وقال غيره) لان إلى كل واحد منهما ما إلى صاحبه وكأنهما في فعلهما
فعل واحد
في الوصيين يختلفان في مال الميت
(قلت) أرأيت إذا اختف الوصيان في ما الميت عند من يكون (قال) قال مالك
يكون المال عند أعدلهما ولا يقسم (قلت) فإن كانا في العدالة سواء (قال) لم أسمع
من مالك فيه شيئا وأرى أن ينظر السلطان في ذلك فيدفع المال إلى أحرزهما
وأكفاهما (قلت) أرأيت الوصيين إذا كان الورثة صغارا فأخذ أحدهما بعض
الصبيان عنده وقسما المال فأخذ كل واحد منهما حظ من عنده من الصبيان أيجوز
هذا في قول مالك (قال) قال مالك لا يقسم المال ولكن يكون عند أعدلهما وقد
أخبرتك بهذا عن مالك
في الوصية إلى العبد
(قلت) أرأيت أن أوصى إلى عبد نفسه أو مكاتب نفسه أيجوز ذلك في قول مالك
(قال) نعم (قلت) فإن كان في الورثة أكابر وأصاغر فقالوا نحن نبيع العبد ونأخذ
حقنا (قال) ينظر إلى قدر حظوظ الكبار من ذلك فإن كان للأصاغر مال يحمل أن
يؤخذ لهم العبد فيكون العبد وصيا لهم القائم لهم وأعطوا الأكابر قدر

19
حظوظهم منه وإن لم يكن في مالهم ما يحمل ذلك وكان ذلك مضرا بالأصاغر باع
الأكابر نصيبهم وترك حظ الأصاغر في العبد يقوم عليهم إلا أن يكون في بيع
الأكابر أنصباءهم على الأصاغر ضرر في بيعهم هذا العبد ويدعون إلى البيع فيلزم
الأصاغر البيع مع اخوتهم الأكابر
في بيع الوصي عقار اليتامى وعبدهم الذي قد أحسن القيام عليهم
(قلت) أرأيت الوصي هل له أن يبيع عقار اليتامى (قال) قال مالك لهذا وجوه أما
الدار التي لا يكون في غلها ما يحملهم وليس لهم مال ينفق عليهم منه فتباع ولا أرى
بذلك بأسا أو يرغب فيها فيعطى الثمن الذي يرى أن ذلك له غبطة مثل الملك يجاوره
فيحتاج إليه فيثمنه وما أشبه ذلك فلا أرى بذلك بأسا وأما على غير ذلك فلا أرى
ذلك (قال) وسمعت مالكا يقول في عبد لليتامى قد أحسن عليهم القيام وحاط عليهم
فأراد الوصي بيعه (قال) قال مالك لا يكون له أن يبيعه إذا كان على هذه الحال
في الوصي يشترى من تركة الميت
(قال عبد الرحمن بن القاسم) أتى إلى مالك رجل من أهل البادية فسأله عن حمارين
من حمر الاعراب هلك صاحبهما فأوصى إلى رجل من أهل البادية فتسوق الوصي
بهما في البادية وقدم بهما المدينة فلم يعط بهما الا ثمنا يسيرا نحوا من ثلاثة دنانير فأتى
إلى مالك فاستشاره في أخذهما لنفسه وقال قد تسوقت بهما في المدينة والبادية فأنا
أريد أن آخذهما بما أعطيت (قال مالك) لا أرى به بأسا وكأنه خففه لقلة الثمن ولأنه
تافه وقد اجتهد الوصي (قال ابن القاسم) وأما الوصي فقد قال مالك فيه لا يشترى
لنفسه ولا يشترى له وكيل له ولا يدس من يشتري له ولكن مالكا وسع لهذا
الاعرابي لأنه تافه يسير (قلت) أرأيت الوصي إذا ابتاع عبدا لنفسه من اليتامى
أيجوز ذلك (قال) لا يجوز ذلك عند مالك (قال) وكان مالك ينكر ذلك انكارا شديدا
(قال) وقال مالك ينظر فيما ابتاع الوصي من مال اليتامى فإن كان فيه فضل كان

20
لليتامى وإن كان فيه نقصان ترك بيد الوصي
في الوصي يبيع تركة الموصى وفي ورثته كبار وصغار
(قلت) أرأيت الوصي إذا كان في الورثة أصاغر وأكابر فأراد أن يبيع الوصي
الميراث دون الأكابر (قال) إذا كانوا حضورا فليس له ذلك إلا أن يحضر هم لان
مالكا قال لي إذا كان للميت دين على رجل فأوصى إلى رجل وله ورثة كبار فأخر
الوصي الغريم بالدين لم يكن تأخيره جائزا عليهم (قال) وان كانوا صغارا وأخر الوصي
الغريم على وجه النظر للأصاغر جاز ذلك وذلك أنى سألته عن الرجل يحلف للرجل
بطلاق امرأته البتة ليقضينه حقه مالي أجل إلا أن يشاء أن يؤخره فيموت الذي له
الحق أفترى للورثة صغار فأخره الوصي جاز ذلك له إلا أن يكون عليه دين فلا يجوز
تأخير الأكابر ولا تأخير الوصي (وقد قال غيره) لا يجوز تأخير الوصي لان تأخيره
من المعروف ومعروفه لا يجوز (قلت) أرأيت أن كانوا كبارا غيبا (قال) لا أقوم
على حفظ قول مالك ولكن أرى ان كانوا بأرض بعيدة نائية وترك حيوانا ورفيقا
وثيابا رأيت للوصي أن يبيع ذلك ويجمعه فذلك جائز عليهم ويرفع ذلك إلى الامام
حتى يأمر من يبيعه نظرا للغائب
في الرجل يوصي ويقول قد أوصت إلى فلان فصدقوه
(قلت) أرأيت أن قال قد أوصيت بثلثي وقد أخبرت به الوصي فصدقوا الوصي
أيجوز ذلك (قال) قال مالك في رجل قال قد كتبت وصيتي وجعلتها عند فلان
فصدقوه ونفذوا ما فيها انه يصدق وينفذ ما فيها فكذلك مسألتك (قلت)
أرأيت أن قال الوصي إنما أوصى بالثلث لابني (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا الا
ما أخبرتك ولا أرى أن يقبل قوله لان مالكا سئل عن رجل أوصى بثلثه لرجل يجعله حيث يريد فأعطاه ولد نفسه يعنى ولد الوصي أو أحدا من ذوي قرابته (قال) قال

21
مالك لا أرى ذلك جائزا إلا أن يكون لذلك وجه يعرف به صواب فعله فهذا شاهد
لابنه فلا أرى أن يجوز (وقد قال غيره) يقبل قول الوصي الذي قال الميت صدقوه
في شهادة الوصي لرجل أنه وصى معه
(قلت) أرأيت أن أوصى إلى رجلين فشهد الوصيان بعد موت الموصي أنه أوصى
إلى فلان أيضا معنا أيجوز أم لا (قال) قال مالك نعم يجوز (وقال غيره) إذا لم يكن
لهما فيما شهدا به منفعة
في الوالدين يشهدان لرجل أنه وصى أبيهما
(قلت) أرأيت أن شهد رجلان من الورثة أن أباهما أوصى إلى فلان (قال)
لم أسمع من مالك فيه شيئا وأراه جائزا لان مالكا قال لو شهد الوارثان على نسب
يلحقانه بأبيهما أو بوصية لرجل بمال أو بدين على أبيهما جاز ذلك فكذلك الوصية
(قال) ولقد سئل مالك عن الوارثين يشهدان على عتق عبد أن أباهما أعتقه ومعهما
أخوات (قال) إن كان من الرقيق الذي لا يتهمان على جر الولاء إليها في دناءة الرقيق
وضعتهم جاز ذلك وعتق الرقيق من رأس المال وإن كان من العبيد الذين يرغب في
ولائهم ويتهمان على جر ولاء هؤلاء الرقيق دون أخواتهم أو امرأة أبيهم وما أشبه
ذلك لم يجز ذلك (وقال غيره) في الوارثين اللذين شهدا على الوصية إن لم يجرا بذلك
نفعا إلى أنفسهما جاز وان جرا بذلك نفعا لم يجز
في شهادة الوصي للورثة
(قلت) أرأيت أن شهد الوصي بدين للميت على الناس أيجوز ذلك في قول مالك
ابن أنس (قال) لا (قلت) لم قال مالك لا يجوز (قال) لأنه يجر إلى نفسه (قلت)
أرأيت أن كان الورثة كلهم كبارا أتجوز شهادة الوصي (قال) إن كان الورثة عدولا
وكأن لا يجر بشهادته شيئا يأخذه فشهادته جائزة (قلت) أرأيت أن شهد الوصي
لورثة الميت بدين لهم على أحد من الناس أيجوز ذلك في قول مالك (قال) قال مالك

22
لا يجوز ذلك لأنه هو الناظر لهم (قلت) فإن كانوا كبارا (قال) إذا كانوا كبارا أو
كانوا عدولا يلون أنفسهم فأرى شهادته جائزة لهم لأنه ليس يقبض الوصي لهم شيئا
إنما يقبضون هم لأنفسهم إذا كانت حالتهم مرضية
في شهادة النساء للوصي في الوصية
(قلت) أرأيت أن شهد النساء للوصي أنه أوصى إليه هذا الميت أتجوز شهادتهن
مع الرجل (قال) لا أقوم على حفظ قول مالك في هذا ولكن إن كان في شهادتهن عتق
وأبضاع النساء فلا أرى أي تجوز (وقال غيره) لا تجوز شهادة النساء على الوصية على
حال لان الوصية ليست بمال (قلت) أرأيت أن شهدن أنه أوصى لهذا الرجل بكذا
وكذا أتجوز شهادتهن في قول مالك (قال) نعم شهادتهن جائزة وإن لم يكن غيرهن حلف
معهن واستحق حقه (قال) وامرأتان ومائة امرأة في ذلك سواء يحلف معهن ويستحق
حقه (قلت) ويحلف مع المرأة الواحدة (قال) لا (قلت) فان شهدت امرأتان
لعبد أو لامرأة أو لصبي أيحلفون (قال) من حلف منهم فإنه
يستحق مقدار حقه ولا يستحق الأصاغر شيئا فإنما يستحق كل من حلف مقدار
حقه من ذلك (قلت) وهذا قول مالك (قال) نعم (قلت) فان نكل الأكابر
عن اليمين وبلغ الأصاغر كان لهم أن يحلفوا ويستحقوا حقوقهم في قول مالك (قال)
نعم (قلت) أرأيت الذمي إذا شهدت له امرأتان بحق من الحقوق على رجل مسلم
أيحلف الذمي مع شهادة هؤلاء النساء ويستحق حقه في قول مالك (قال) نعم (قال
ابن القاسم) وأرى في رجل مات وشهد على موته رجل وامرأتان أنه إن لم يكن له
زوجة أو يكون أوصى بعتق عبيد يعتقون بعد موته ولم يكن له الا مال يقسم فأرى
شهادتهن جائزة (قال سحنون) وقد أعلمتك ما قال غيره في شهادة النساء (ابن
وهب) عن سليمان بن بلال عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن سهيل بن أبي صالح

23
عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد الواحد
(ابن وهب) عن عمر بن قيس عن عمرو بن دينار عن محمد بن علي عن النبي صلى
الله عليه وسلم مثله (مالك بن أنس) وعمرو بن محمد وأنس بن عياض أن جعفر بن
محمد أخبرهم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد
الواحد (سحنون) عن أنس بن عياض وأخبرني جعفر بن محمد أنه سمع أباه يقول
للحكم بن عتيبة وأشهد لقضى بها علي بن أبي طالب بين أظهركم بالكوفة (ابن
وهب) عن مالك وابن أبي الزناد أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عبد الحميد
ابن أبي عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب وهو عامل على الكوفة أن اقض باليمين
مع الشاهد
في الرجل يوصى إلى الرجلين فيخاصم أحدهما في خصومة للموصي
دون صاحبه ويخاصم أحدهما في دين على الميت
(قلت) أرأيت لو أن رجلا أوصى إلى رجلين وقد كانت بين الموصى وبين رجل
خصومة أيجوز أن يخاصم أحد الوصيين في قول مالك (قال) لا يجوز أمر أحد الوصيين
دون صاحبه ولم نوقفه على مسألتك هذه ولكن ذلك رأيي أنه لا يجوز (قلت)
فلو أن مدعيا ادعى قبل هذا الميت دعوى فأصاب أحد الوصيين أيكون له أن
يخاصمه دون الآخر (قال) قال مالك يقضى على الغائب فهذا الذي ادعى على الميت
دعوى تقبل بينته ويثبت حقه قدر على أحد الوصيين أو لم يقدر (وقال مالك) يقضى
على الغائب فان جاء الوصي الغائب بعد ما قضى القاضي على هذا الوصي الحاضر فكانت
له حجة على الميت جهلها هذا الوصي الذي خاصم نظر القاضي في ذلك فان رأى
ما يدفع به حجة هذا المستحق دفعها ورد الحق إلى ورثة الميت وإن لم ير ذلك أنفذه
في الرجل يوصى لأم ولده على أن لا تتزوج
(قلت) أرأيت أن أوصى لأم ولده بألف درهم على أن لا تتزوج فقالت لا أتزوج

24
وقبضت الألف ثم إنها تزوجت بعد ذلك (قال) شهدت مالكا وسئل عن امرأة
هلك عنها زوجها وأوصى إليها على أن لا تنكح فتزوجت قال مالك أرى أن تفسخ
وصيتها فأرى مسألتك مثل هذه تنزغ منها الألف ان تزوجت
في الرجل يوصي لجنين امرأة فتسقطه بعد موت الموصي
(قلت) أرأيت أن أوصى لما في بطن هذه المرأة بوصية فمات الموصى ثم أسقطت
بعد ما مات الموصى (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى له من الوصية شيئا
إلا أن يخرج حيا ويستهل صارخا وإلا فلا شئ له
في الرجل يدعى أنه قد أنفق مال اليتيم عليه أو دفعه إليه
(قلت * أرأيت الوصي إذا بلغ اليتامى فقال قد دفعت إليهم أموالهم بعد ما بلغوا
وأنكروا أن يكونوا قبضوا أموالهم أيصدق الوصي عليهم أم حتى يقيم البينة الوصي
(قال) لا يصدق الوصي حتى يقيم البينة والا غرم قال وهذا قول مالك (قال) وقال
مالك أيضا انه ان قال قد أنفقت عليهم وهم صغار فإن كانوا في حجره يليهم كان
القول قوله ما لم يأت بأمر يستنكر أو يسرف من النفقة فإن كان يليهم غيره مثل
أمهم أو أخيهم أو غير هؤلاء ثم قال قد دفعت النفقة إلى من يليهم أو أنفقته عليهم
فأنكروا لم يقبل قوله منه الا بينة يأتي بها والا غرم (سحنون) وقد قال الله
تبارك وتعالى فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم
في اقرار الوارث لأجنبي بوصية أو بوديعة
(قلت) أرأيت أن أقر الوارث بوصية الثلث لرجل أجنبي (قال) يحلف الأجنبي
مع هذا الوارث ويستحق حقه فان أبى أن يحلف أخذ مقدار حقه من نصيب الذي
أقر له (سحنون) إن كان غير مولى عليه (قلت) أرأيت أن هلك والدي وترك
أموالا ورقيقا فأقررت بعبد من الرقيق أنه كان في يدي أبى وديعة لفلان وأنكر بقية

25
الورثة كيف يقتسمون هذا العبد الذي أقربه لفلان وقد ترك والده رقيقا كثيرا (قال)
يحلف صاحبه ويستحق حقه مع شاهده إن كان عدلا (قلت) فان أبى أن
يحلف (قال) يكون له قدر مورثه منه
في الرجل يوصى بعتق أمته إلى أجل فتلد
قبل مضي الاجل أو تجنى جناية
(قلت) أرأيت لو أن رجلا قال أعتقوا أمتي من بعد موتي بسنة في وصيته ثم مات
فولدت الأمة قبل مضي السنة أو جنت جناية قبل مضى السنة أو جنى عليها قبل مضي
السنة (قال) إذا مات الميت فهذه الأمة لا ترد إلى الرق على حال لأنها قد صارت
بعد موته معتقة إلى أجل إذا كان الثلث يحملها فان ولدت ولدا بعد موت سيدها فولدها
بمنزلتها لان المعتقة إلى أجل ولدها بمنزلتها يعتق بعتقها (قال) وأما ما جنت من جناية
فإنما يقال للورثة ابرأوا من خدمتها أو افتكوا الخدمة بجميع الجناية فان برئوا من
خدمتها كانت الخدمة للمجني عليه ويقاص من خدمتها من جراحاته فان أدت قيمة
الجراحة قبل مضى السنة رجعت إلى الورثة فخدمت بقية السنة وان مضت السنة وقد
بقي من أرش الجناية شئ عتقت وكان ما بقي عليها من أرش الجناية دينا تتبع به وأما
إذا جنى عليها فإنما يلزم الذي جنى عليها جناية أمة ويكون ذلك لورثة سيدها وليس
لها منه قليل ولا كثير لان الأمة المعتقة إلى أجل إذا جنى عليها فإنما هو لسيدها
ولا يكون ذلك لها وكذلك لو قلت إنما تكون قيمتها لسيدها (قلت) وهذا قول
مالك (قال) نعم هو قوله (قلت) أرأيت ما اكتسبت من الأموال بعد موت
سيدها قبل مضي السنة أو وهب لها لمن يكون في قول مالك (قال) ذلك لها عند
مالك (وقال غيره) ان للورثة أن ينتزعوا ذلك منها ما لم يقرب الاجل
في الرجل يوصي بعتق أمة إلى أجل فيعتقها الوارث
(قلت) أرأيت أن ترك وارثا واحدا ولم يدع وارثا غيره وأوصى بعتق أمته بعد

26
موته بخمس سنين والثلث يحملها فأعتقها الوارث بعد موته مضي الخمس سنين
ممن يكون هذا العتق أمن الميت أم من وراثه (قال) قال مالك العتق من الميت ولا
يكون العتق من الوارث (قلت) فهل يكون للوارث أن يردها تخدمه حتى
يستكمل الخمس سنين بعد ما أعتقها (قال) لا ليس له أن يردها لان عتقه إياها هبة
منه لها خدمتها (قلت) أرأيت أن هلك وترك ابنين فأوصى بعتق أمة له بعد خمس
سنين من بعد موته فأعتقها أحد الوارثين بعد موته (قال) إنما عتقه ها هنا وضع
خدمة فيوضع غن الأمة حق هذا من الخدمة ويكون نصيبه منها حرا وتخدم الباقي
نصف خدمتها فإذا انقضى أجل الخدمة خرجت حرة (قلت) ولا يضمن الوارث
الذي أعتق نصيبه منها لصاحبه قيمة خدمته منها (قال) لا
في الرجل يوصى لعبده بثلث ماله والثلث يحمل رقبة العبد
(قلت) أرأيت لو أن رجلا أوصى في مرضه لعبده بثلث ماله والثلث يحمل جميع
رقبة العبد (قال) قال مالك هو حر (قلت) فإن كان في الثلث فضل عن رقبة العبد
(قال) قال مالك يعطى ما فضل من الثلث بعد قيمة رقبته (قلت) فإن كان الثلث
لا يحمل رقبته (قال) قال مالك يعتق منه ما حمل الثلث (قال) مالك وذلك أنى
رأيت أن يعتق جميعه في الثلث لان العبد إذا كان بين الرجلين فأعتق أحدهما
نصيبه قوم عليه ولو كان عبد الرجل فأعتق منه جزأ أعتق عليه كله (قال) مالك
فالعبد في نفسه إذا عتق منه جزء أحرى أن يستكمل ما بقي منه على نفسه (قال
ابن القاسم) وإن لم يحمله الثلث وللعبد مال رأيت أن يؤخذ منه ويعتق لان ما بقي له
من ثلث سيده الذي بعد رقبته من مال سيده بمنزلة ماله يعتق في ذلك ولو لم يكن
يعتق فيما بقي في يديه من ماله لم يعتق ما بقي منه فيما بقي من ثلث سيده ألا ترى أن
مالكا قال إنما أعتقه فيما بقي من ثلث سيده بعد رقبته بمنزلة العبد بين الرجلين فيعتق
أحدهما نصيبه فيقوم عليه (قال) مالك فهو أحرى باستكمال عتقه من غيره وهذا
وجه ما سمعت واستحسنت (قال ابن وهب) وقول ربيعة أنه يقوم في مال نفسه حتى

27
يتم بذلك عتقه وكذلك قال الليث بن سعد ويحيى بن عبد الله بن سالم (وقال ابن
وهب) عن مالك انه إذا أوصى للعبد بسدس المال أو بثلثه فان ذلك يجعل في رقبة
العبد فإن كان العبد برقبته سدس المال خرج حرا (فقلت) لمالك فإنه لم يترك الا
العبد بعينه فأوصى للعبد بثلث ماله وفي يدي العبد ألف دينار (قال مالك) لا يعتق من
العبد الا ثلثه ويكون المال بيديه على هيئته (قال سحنون) وكذلك يقول بعض كبار
أصحاب مالك بقول مالك هذا (قلت) أرأيت إذا أوصى لعبده بمال أيجوز (قال)
قال مالك إذا كان الثلث يحمله جاز ذلك له (قال مالك) ولا يكون للورثة أن ينتزعوه
منه (قلت) فان أوصى له بثلث ماله (قال) قال ذلك جائز ويعتق ويتم له ثلث
الميت ان حمله الثلث فإن لم يحمل الثلث رقبته عتق من رقبته مبلغ الثلث (ابن وهب)
عن عامر بن مرة بن معدان أنه سمع ربيعة يقول في رجل أوصى لعبده ولامرأة
له حرة وله منها أولاد صغار أحرار ولولده منها بثلث ماله قال ربيعة يعتق العبد وذلك
لان ولده من امرأته الحرة لهم نصيب في ثلث الموصى فقد ملكوا من أبيهم بعضه
فهو حر وما ملك العبد من نفسه أيضا فهو حر
في الرجل يوصى للرجل بخدمة عبده سنة ثم يبيع الورثة العبد
(من رجل وهو يعلم أن للموصى له فيه الخدمة)
(قلت) أرأيت أن أوصى لي بخدمة عبده سنة فباعت الورثة العبد من رجل
والمشترى يعلم أن للموصى له فيه الخدمة فرضى بذلك المشترى أن يأخذه بعد السنة
أيجوز هذا في قول مالك أم لا (قال) قال مالك لا يحل ذلك لأنه إنما اشتراه على أن يدفعه إليه إلى سنة فلا يجوز
في الرجل يوصى للرجل بخدمة عبده سنة أينظر
(إلى قيمة الخدمة أم قيمة العبد)
(قلت) أرأيت أن أوصى لي رجل بخدمة عبده سنة أينظر إلى قيمة الخدمة أم إلى

28
قيمة العبد في قول مالك (قال) إنما ينظر إلى قيمة العبد فان حمله الثلث جاز ما أوصى
به وخدم الموصى له سنة وإن لم يحمله الثلث خير الورثة بين أن يسلموا الخدمة كما
أوصى الميت أو يبرؤوا من ثلث الميت في كل ما ترك وكذلك الدار يوصى لرجل
بسكناها سنة فإنما تقوم الدار بحال ما وصفت لك (قلت) ولم قال ما لك تقوم الدار
ولا تقوم الخدمة والسكنى (قال) لأني إذا قومت الخدمة والسكنى حبست الدار
عن أربابها والعبد عن أربابه وهم يحتاجون إلى بيعه فهذا لا يستقيم (قلت) أرأيت أن
أوصى بالغلة أو بالخدمة أهما سواء في قول مالك (قال) الذي سمعنا من ممالك إنما
سمعنا بالخدمة فأراه كله سواء إذا أوصى بالغلة فقد أوصى بالخدمة وإذا وصى بالخدمة
فقد أوصى بالغلة هو عندي سواء
في الرجل يوصى بعتق الأمة فتلد قبل موت الموصى أو بعده
(قلت) أرأيت أن أوصي رجل بعتق أمة له ثم ولدت قبل موت الموصى أيكون
ولدها رقيقا في قول مالك (قال) نعم (سحنون) لأنها ولدتها وله أن يغير وصيته
ويردها (قلت) فان ولدت بعد موت الموصى قبل أن تقوم (قال) قال مالك يقوم
ولدها معها في الثلث فان حملهما الثلث خرجا جميعها والا عتق منهما جميعا ما حمل الثلث
(قال) وكذلك المدبرة ما ولدت بعد التدبير فإنه يقوم معها كذلك قال لي مالك (قال
ابن القاسم) ولا يشبه التدبير في هذا الموصى بعتقها لان المدبرة لا يستطيع سيدها
ردها فكل ولد حملت به بعد التدبير فهو بمنزلتها مدبر معها والموصي بعتقها لا يكون
ولدها معها في الوصية إذا ولدته قبل موت السيد وإنما يكون ولدها معها في الوصية
إذا ولدته بعد موت السيد لان الوصية لا يستطاع الرجوع فيها بعد موت السيد وقد
ثبتت وكذلك قال مالك (قال ابن القاسم) وإذا أوصى بعتق أمته فولدت فلم يحملها
الثلث وولدها لم يقرع بينهما كما يقرع بين الذين يوصى بعتقهم لان الولد ها هنا إنما
جاءه العتق من قبل أمه فإنما يعتق منه مثل ما يعتق من أمه

29
في الرجل يوصى بما في بطن أمته لرجل فيعتق الورثة الجارية
(قلت) أرأيت الرجل يوصى بما في بطن أمته لرجل فيعتق الورثة الأمة أيكون
ما في بطنها حرا أم لا (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أنه بلغني عن مالك في
الرجل يتصدق بما في بطن جاريته على رجل ثم يبت عتق الأمة (قال) ما في بطنها
حر لأنه قد بت عتق الأم (قال) وبلغني عن ربيعة أنه قال ذلك (قلت) أرأيت أن
أوصى رجل لرجل بما في بطن أمته فمات الموصي فأعتق الورثة الأم أيعتق الولد
معها أم لا (قال) عتقهم جائز ويعتق ما في بطنها بعتقها وتسقط وصية الموصى له بما
في بطنها بمنزلة ما لو أن السيد وهب ما في بطنها لرجل ثم أعتقها السيد بعد ذلك
كانت هي وما في بطنها حرين وسقطت الهبة أو لا ترى لو أن رجلا وهب ما في بطن
جاريته لرجل ثم فلس بيعت وكان ما في بطنها لمن اشتراها (قلت) أرأيت أن
وهبت لرجل ما في بطن أمتي ثم أعتقتها قبل أن تضع ما في بطنها (قال) بلغني عن
مالك وغيره أنه قال هي حرة وما في بطنها حر (قال) وقال مالك في الرجل يخدم
عبده رجلا عشر سنين ثم هو بعد ذلك هبة لرجل فقبضه المخدم ثم مات السيد في
العشر سنين قبل أن يقبض العبد الموهوب له قال العبد للموهوب له وقبض المخدم
العبد قبض لنفسه وللموهوب له وسواء إن كان وهب العبد وأخدمه في صفقة
واحدة في صحته أو أخدمه فقبضه المخدم في صحته ثم وهبه بعد ذلك لرجل فإذا انقضت
الخدمة ومات السيد قبل انقضاء الخدمة فان العبد للموهوب له لان سيد العبد حين وهبه لهذا الرجل وهو في يد المخدم فقبض المخدم قبض للموهوب له لأنه حين وهب
العبد وهبه والعبد خارج من يد السيد قد قبض منه وهذا قول مالك (قلت)
أرأيت أن أوصى رجل بما في بطن أمته لرجل فهلك والمال واسع أو غير واسع فأعتق
الوارث الأمة قبل أن تضع الولد لمن ولاء ما في بطنها (قال ابن القاسم) أخبرني
الليث بن سعد عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال في رجل تصدق على رجل بما
في بطن أمته ثم أعتق السيد الأم قبل أن تضع ولدها (قال) قال ربيعة هي حرة

30
و ولدها حر معها وليس للمتصدق عليه شئ (قال ابن القاسم) وبلغني عن مالك أنه
قاله أيضا وهو رأيي
في الرجل يوصى بخدمة عبده لرجل سنة ثم هو حر فيأبى أن يقبل
(قلت) أرأيت رجلا قال في مرضه يخدم عبدي هذا الرجل سنة ثم هو حر
فمات الموصي فأبى الموصي له بالخدمة أن يقبل الوصية (قال) قال مالك الوصية إذا لم
يقبلها الذي يوصى له بها رجعت إلي الورثة (وقال مالك) في العبد يخدمه الرجل
سنة ثم هو حر فيهب الموصى له بالخدمة للعبد خدمته أو يبيعها منه انه حر تلك
الساعة (قال) وقال مالك ولا حجة للسيد ولا للورثة في شئ من هذا فأرى هذا
حين أبى أن يقبل الوصية أن العبد لورثة الميت إلا أن يهبها الموصى له بالخدمة
للعبد فيكون قد قبلها إذا وهبها ويخرج العبد حرا مكانه
في الرجل يوصى للرجل بخدمة عبده سنة ثم هو حر
(والموصى له بالخدمة غائب ببلد نائية)
(قلت) أرأيت أن قال يخدم عبدي فلانا سنة ثم هو حر وذلك في مرضه فمات فنظر
فإذا فلان الذي أوصى له بالخدمة ببلد نائية عن الميت وعن العبد (قال) لم أسمع من
مالك فيه شيئا أقوم على حفظه وأرى للسلطان أن يؤاجره للغائب ويأخذ له عمل
هذا العبد إن كان ممن يؤاجر ويخدم ثم هو حر إذا أوفت السنة وإن كان ممن
لا يؤاجر وإنما أريد منه ناحية الكفالة والحضانة انتظر به وكتب إلى الرجل أو خرج
إليه العبد فإذا أوفت السنة من يوم مات السيد فهو حر (قلت) خدم أو لم يخدم
(قال) نعم لأني سألت مالكا عن الرجل يقول لعبده أخدمني سنة ثم أنت حر فيأبق
منه حتى تنقضي أيام السنة (قال) قال مالك هو حر إذا انقضت السنة قال مالك وإنما
ذلك عندي بمنزلة ما لو مرضها (قال) وإنما رأيت أن يعتق إذا مضت السنة من

31
يوم مات السيد لأنا سألنا مالكا عن الرجل يوصى وهو صحيح ويقول في وصيته
عبدي حر بعد خمس سنين من أين تضرب له الخمس سنين من يوم أوصى أو من
يوم مات (قال مالك) بل من يوم مات يحسب له خمس سنين (قلت) ويكون
له أن يرده (قال) نعم يكون له أن يرده وإنما هي وصية ولا يكون الاجل الا
من بعد موته وإنما هذا رجل قال إذا أنامت فعبدي حر بعد موتى بخمس سنين
كذلك تقع الوصايا
في الرجل يوصى بخدمة أمته لرجل وبرقبتها الآخر فتلد ولدا
(قلت) أرأيت أن أوصى في أمة له تخدم فلانا حياته وجعل رقبتها بعد خدمتها
لفلان لرجل آخر فولدت الجارية أولادا في حال خدمتها أيخدم أولادها معها أم لا
في قول مالك (قال) قال لي مالك من أخدم أمته رجلا حياته أو عبده فولد للعبد
من أمته ولدان ولد العبد من أمته وولد الأمة يخدمان إلى الاجل الذي جعل في
أبيه وفي أمه إن كان سمى لها عددا وإن كان سمى حياته فكذلك أيضا (قلت)
أرأيت نفقة العبد على من هي أعلى المخدم أو على الموصى له برقبة العبد (قال) سألت
مالكا عن الرجل يوصى بخدمة جاريته أو عبده لأم ولده لأجنبي من الناس
على من نفقته (قال) على الذي أخدم
في الرجل يوصى لوارثه بخدمة عبده سنة ثم هو حر
(قلت) أرأيت أن قال يخدم ميمون هذا ابني سنة ثم هو حر (قال) قال مالك
يدخل جميع الورثة يفي هذه الخدمة إذا لم يسلموا ذلك وان مضت السنة فهو حر إذا
كان الثلث يحمله
في وصية المحجور عليه والصبي
(قلت) أرأيت المحجور عليه إذا حضرته الوفاة فأوصى بوصايا أيجوز ذلك (قال)
نقم قال مالك الامر المجتمع عليه عندنا أن الأحمق والسفيه والمصاب الذي يفيق

32
أحيانا ان وصاياهم تجوز إذا كان معهم من عقولهم ما يعفرون به الوصية (قال) وأما من
ليس معه من عقله ما يعرف به ما يوصى به أو كان مغلوبا على عقله فلا وصية له (قال)
وبلغني عن ربيعة أنه قال في المجنون يوصى عند موته قال لا يجوز عليه شئ من ذلك
الا في صحته (قلت) أرأيت الصبي هل تجوز وصيته في قول مالك (قال) قال مالك
إذا أوصى وهو ابن عشر سنين أو احدى عشرة سنة أو اثنتي عشرة سنة جازت وصيته
(قلت) فهل كان يجيز وصية ابن أقل من عشر سنين (قال ابن القاسم) إذا كان ابن
أقل من عشر سنين بالشئ اليسير رأيته جائزا إذا أصاب وجه الوصية (قلت) ما معنى
قولك إذا أصاب وجه الوصية (قال) ذلك إذا لم يكن في وصيته اختلاط (مالك) عن
عبد الله بن أبي بكر حزم عن أبيه أن عمرو بن سليم الزرقي أخبره عن أمه أنها
قالت قيل لعمر بن الخطاب ان هاهنا غلاما يفاعا من غسان لم يحتلم وهو ذو مال ووراثه
بالشام وليس له هاهنا الا ابنة عم له فقال عمر فليوص لها فأوصى لها بمال يقال له بئر
جشم قال عمرو بن سليم فبعت أنا ذلك المال بعد ذلك بثلاثين ألفا وابنة عمه التي أوصى
لها أم عمرو بن سليم (وأخبرني) رجال من أهل العلم عن عبد الله بن مسعود وعمر
ابن عبد العزيز وابن شهاب وغيرهم من أهل العلم مثله (وقال) عبد الله بن مسعود
من أصاب وجه الحق أجزناه (ابن وهب) عن ابن لهيعة ويحيى بن أيوب عن ابن
الهاد أن بنت عم له جارية لثمان سنين أو تسع أوصت لعمة لها بثلث مالها واختصموا
فيه فأجاز أبان بن عثمان وصيتها لها (وأخبرني) ابن أبي الزناد عن أبيه أن عمر بن
عبد العزيز أجاز وصية غلام في ثلثه ابن ثلاث عشرة سنة
في الرجل يوصى لعبد وارثه أو لعبد نفسه
(قلت) أرأيت أن أوصى لعبد رجل هو وارثه في مرضه أتجوز هذه الوصية في
قول مالك (قال) سألت مالكا عن الرجل يوصي أن يشترى غلام ابنه في مرضه
فيعتق عنه أترى أن يزاد عليه مثل ثلث ثمنه كما يزاد في ثمن عبد الأجنبي (قال)
لا هذا إذا يكون وصية لوارث فمسألتك تشبه هذا ولا أرى أن تجوز (قال ابن

33
القاسم) إلا أن يكون الشئ التافه مثل الثوب يكسوه إياه في وصيته أو الشئ
الخفيف الذي يعلم أنه لم يرد به وجه المحاباة والوصية لسيده وإنما أراد به العبد لعله أن
يكون قد كانت من العبد له خدمة وصحبة ومرفق فمثل هذا يجوز وهذا قول مالك
(قلت) أرأيت أن أوصى لعبد ابنه بوصية من ماله ولا وارث له غير ابنه (قال)
سألت مالكا عن الرجل يوصى لعبد نفسه بوصية دنانير (قال) قال مالك أراها جائزة
ولا أرى للورثة أن ينتزعوا ذلك منه ولو جاز لهم أن ينتزعوه لكانت وصية الميت إذا
غير نافذة (قال) قال مالك وأرى ان باعه الورثة أن يبيعوه بماله الذي أوصى له به فإذا
باعوه فالوصية له فان أراد الذي اشتراه أن ينتزع ما في يديه من تلك الوصية كان
ذلك له (قال ابن القاسم) فعبد ابنه إذا كأن لا وراث له غير ابنه بمنزلة عبد نفسه إذا
كان له ورثة (قلت) أرأيت أن أوصى رجل أجنبي لعبد رجل أيكون لهذا
الرجل أن ينتزع ذلك المال من عبده في قول مالك (قال) لا أقوم على حفظ قول
مالك ولا أرى به بأسا أن ينتزعه وإنما منع من الأول لان سيد العبد في تلك المسألة
وارث (قلت) أرأيت أن أوصى لعبد ابنه في مرضه بوصية أيجوز ذلك (قال)
لا يجوز إلا أن يكون الشئ التافه اليسير وقد فسرت ذلك لك (قلت) فلم جوز مالك
وصيته لعبد نفسه ولا تجيز أنت وصيته لعبد ابنه فقد حابى بعض الورثة فلا يجوز
(قلت) أرأيت أن أوصى لمكاتب نفسه بوصية أيجوز ذلك في قول مالك (قال)
نعم ذلك جائز لان مالكا أجاز الوصية لعبده
في الوصية للقاتل
(قلت) هل يجيز مالك الوصية للقاتل (قال) الوصية في قول مالك في قتل الخطأ
بمنزلة الميراث يرث من المال ولا يرث من الدية (قلت) فان قتله عمدا (قال) ان قتله
عمدا لم تجز له الوصية التي أوصى له بها إذا كانت وصيته له قبل اقتل في مال ولا في

34
دية إلا أن يكون قد علم أنه قتله عمدا فأوصى له بعد عمله فان ذلك جائز ألا ترى أن
الوارث إذا قتل من يرث عمدا لم يرث من المال ولا من الدية فكذلك الموصى له إذا
قتل عمدا ان أوصى له بعد الضرب بمال فذلك جائز في ثلثه وان عفى له عن دمه
فذلك جائز ولا يحسب ذلك في ماله (قلت) أرأيت الوصية للقاتل هل تجوز إذا
أوصى بها ثم مقتله الموصى له عمدا أو خطأ (قال) الوصية لقاتل الخطأ تجوز في ماله
ولا تجوز في ديته وقاتل العمد لا تجوز له وصية في مال ولا في دية انظر أبدا من
أوصى له بوصية فكان هو قاتل صاحبه الذي أوصى له بعد ما أوصى له عمدا فلا
وصية له من ماله ولا من ديته بمنزلة الوارث الذي يقتل وارثه عمدا فلا يرث من ماله
ولا من ديته وقاتل الخطأ يرث من المال ولا يرث من الدية شيئا فكذلك الوصية
في القاتل إذا كانت قبل القتل خطأ وإذا كانت الوصية له بعد الضرب عمدا
كان أو خطأ جاز له كل ما أوصى له به في المال وفي الدية جميعا إذا علم بذلك منه
(قال سحنون) إنما ذلك في الخطأ
في الرجل يوصى له بالوصية فيموت الموصى له قبل موت الموصي
(قلت) أرأيت أن أوصى لرجل بوصية فمات الموصى له قبل موت الموصي ولم يعلم
الموصى له بالوصية (قال) قال مالك الوصية لورثة الموصى له (قال) ولقد سألت
مالكا عن رجل أوصى لرجل غائب فماتا جميعا ولم يعلم الغائب بوصيته وقد مات
الموصي قبل موت الموصى له (قال) قال مالك ورثة الموصى له مكانه والوصية لهم
(قلت) هل لهم أن يردوها ولا يقبلوها (قال) نعم ذلك لهم (قلت) أسمعته من
مالك (قال) لا ولكن ذلك لهم أن يردوا أو يقبلوا لان مالكا قال في الشفعة إذا
مات من له الشفعة فان ورثته مكانه لهم الشفعة فان أرادوا أن لا يأخذوها فذلك لهم
وكذلك الخيار في البيع

35
في الرجل يوصي لوراثه ثم يولد له ولد فيحجب الموصى له
(قلت) أرأيت أن أوصيت لأخي بوصية وهو وارثي ثم ولد لي ولد فحجبه والوصية
منى له إنما كانت في المرض أو في الصحة (قال) الوصية جائزة لأنه قد تركها بعد
ما ولد له فصار مجيزا لها بعد الولادة والأخ غير وارث فهي جائزة (قلت) وهذا
قول مالك (قال) نعم فيما بلغني (وقال غيره) الوصية جائزة علم الموصى له أو لم يعلم
(قلت) أرأيت أن أوصى لامرأة بوصية في صحته ثم تزوجها بعد ذلك أتجوز وصيته
لها أم لا (قال) وصيته باطل
في الرجل يوصي لصديقة الملاطف
(قلت) أرأيت أن أوصى لصديق ملاطف أيجوز ذلك أم لا في قول مالك (قال) نعم
ذلك جائز عند مالك إذا كان الثلث يحمله وإن كان أكثر من الثلث لم يجز في ذلك
الا الثلث إلا أن يجيز الورثة (قلت) فان أقر له بدين (قال) هذا لا يجوز إذا
كان الورثة عصبة وما أشبههم لأنه يتهم إذا كان ورثته أباعد فيما أقر به للصديق
الملاطف عند مالك (قال) وإن كان ورثته ولده لم يتهم وجاز ما أقر به للصديق الملاطف
(قلت) وهذا قول مالك (قال) نعم (قلت) فإن كان ورثته أبويه أو زوجته أو
ولد ولده (قال) أرى الأبوين من ذوي قرابته فلا يجوز ولم أسمعه من مالك وولد ولده
بمنزلة ولده يجوز اقراره للصديق الملاطف معهم بالدين
في الرجل يوصى فيعول على ثلثه
(قلت) أرأيت أن أوصى في مرضه فعال على ثلثه أيجوز من ذلك الثلث في قول
مالك (قال) نعم (قلت) فما فرق ما بينه وبين المرأة ذات الزوج أجزت للمريض
إذا عال على الثلث في قول مالك والمرأة إذا عالت على ثلثها لم تجز منه شيئا (قال) لان
المريض لا يريد الضرر إنما يريد بذلك البر لنفسه فلا يجوز الا الثلث والمرأة صنيعها
كله إذا زادت على ثلثها فذلك ضرر كله عند مالك فما كان ضررا لمك يجز منه شئ فلا

36
ينبغي أن يجاز بعض الضرر ويترك بعضه (قلت) أرأيت أن أوصى لرجل بعبد وهو
قيمة ألف درهم وأوصى لرجل آخر بداره وقيمة الدار ألف درهم وترك ألف درهم
سوى ذلك وأبت الورثة أن يجيزوا ذلك (قال) يقال لهم أسلموا إلى صاحب الدار
مبلغ وصيته من الثلث في الدار وأسلموا إلى الموصى له بالعبد مبلغ وصيته في العبد
ويقال للورثة احبسوا ما بقي من العبد والدراهم والدار. وتفسير ذلك أن الدراهم ألف
درهم والدار قيمتها ألف درهم والمعبد قيمته ألف درهم فيكون للموصى له بالعبد
نصف العبد وللموصى له بالدار نصف الدار فهذا ثلث الميت ويبقى في أيدي الورثة ألف
درهم ونصف العبد ونصف الدار فهذان ألفان ألف درهم ناضة وخمسمائة في العبد
وخمسمائة في الدار فهذان ألفان تمام الثلثين وهذا آخذ به
في الرجل يوصي بوصايا ثم يفيد مالا بعد الوصايا
(قلت) أرأيت أن أوصى لرجل بثلث ماله ولا مال له يوم أوصى ثم أفاد مالا فمات
(قال) ان علم الميت بما أفاد فللموصى له ثلثه وهذا قول مالك وإن لم يعلم فلا شئ له
(قلت) أرأيت أن أوصى وله مال ثم نفد ماله ذلك الذي كان عنده يوم أوصى ثم
أفاد مالا بعد ذلك فمات أتكون وصاياه في هذا المال في قول مالك (قال) نعم إذا
أقر وصيته فهي في ماله الذي كان في يديه يوم أوصى وفي كل مال يفيده بعد ذلك
مما علم به قبل موته (قلت) أرأيت أن كان أوصى بوصايا فورث مالا لم يعلم به أو
علم به أيكون لأهل الوصايا في ذلك المال شئ أم لا في قول مالك (قال) قال مالك
كل من أوصى بعتق أو غيره وله مال لم يعلم به مثل الميراث يكون بأرض قد ورثه
ولم يعلم به فمات فان ذلك لا تدخل فيه الوصايا لا عتق ولا غيره (قال مالك)
إلا أن يكون قد علم به بعد ما أوصى قبل أن يموت فان الوصايا تدخل فيه علم به في
مرضه أو غير مرضه فذلك سواء تدخل فيه الوصايا (قال ابن القاسم) قال مالك الا المدبر
في الصحة فإنه يدخل فيما علم به وفيما لم يعلم به في الحاضر والغائب (قال) وكذلك كل
دار أعمرها أو أرض حبسها في صحته فرجعت بعد موته فان الوصايا تدخل فيها إذا

37
كانت ترجع غير حبس فان الوصايا تدخل في ذلك (قال) وهذا قول مالك
(قلت) فإن كانت إنما رجعت إليه هذه الاحباس مالا بعد موته بعشرين سنة وقد
اقتسموا المال أن أهل الوصايا لم يستكملوا وصاياهم (قال) يرجعون في هذا
الذي رجع من هذا الحبس لأنه إنما رجع مالا للميت فيأخذون ثلثه وهذا الحبس
إذا كان عمري أو سكنى هو الذي يرجع ميراثا وترجع فيه الوصايا فأما الحبس المبتل
فلا يرجع ميراثا ولا ترجع فيه الوصايا (ابن وهب) عن عبد الرحمن بن أبي الموالي
المدني يحدث عن عبد الحكم بن عبد الله أن رجلا أوصى بثلث ماله فقال على ثلثه
ثم وجد للرجل مال ورثه من نسيب له لم يعلم به فقال صاحب الثلث لي في هذا حصة
فقال رجل من القوم هل لك أن أعطيك ثلاثين دينارا فأبى فاختصما إلى عمر بن عبد
العزيز وأبان بن عثمان عنده فقال له أبان خذ الثلاثين قال أصلحك الله المال أكثر من
ذلك فقال أبان فلا ثلاثين لك ولا غيرها إنما أوصى الرجل فيما عرف وليس له حق فيما لم
يعرف (قال) وأخبرني يزيد بن عياض عن الأسود بن عبد الله بن هشام أن عمر بن
عبد العزيز قضى عليه بمشورة أبان بن عثمان قال أبان وهو الذي نوى حين أوصى
(رجال من أهل العلم) من عمر بن عبد العزيز ويحيى بن سعيد وربيعة ومكحول أن
وصيته لا تجوز الا فيما علم عن ماله (ابن وهب) عن مسلمة بن علي عن عبد الرحمن
ابن يزد عن مكحول أنه قال في رجل أوصى بالثلث ثم قتل قال ليس لأهل الوصايا من
الدية شئ (وقال ربيعة) في رجل أوصى فقال كل مملوك لي حر وقد ورث رقيقا
باليمين حين قال ذلك لم يعلم بهم قال ربيعة هم مملوكون (وسألت) مالكا عن ذلك فقال
لا يعتق عليه الا من علمه منهم ومن غاب علمه عنه فلا يعتق وقال لان الناس إنما
يوصون فيما علموا من أموالهم (وقال) ذلك أبان بن عثمان وغيره
في الرجل يوصى بالزكاة وله مدبر وأوصي
(بزكاة وبعتق بتل وباطعام مساكين)
(قال) وسئل مالك بن أنس عن الرجل يهلك ويوصى بزكاة عليه ويترك مدبرا

38
له في صحته ولا يسع الثلث ذلك (فقال) لا يفسخ التدبير شئ وان التدبير في
الصحة على الزكاة وعلى العتق الواجب وغيره لان التدبير لا يفسخه شئ
وليس للميت أن يرجع في تدبيره قبل موته والوصية بالعتق للميت أن يرجع فيها
قبل موته لأنها وصية ولم يره مثل ما أعتق وبتله في مرضه وقال الزكاة مبدأة على
العتق المبتل في المرض وغيره والمدبر في الصحة مبدأ على الزكاة (قال) وقال
مالك والزكاة في الثلث إذا أوصى بذلك مبدأة على العتق وغيره الا التدبير في
الصحة وهي مبدأة على التدبير في المرض (قال) فقلت لمالك فلو أن رجلا
مرض مرضا فجاءه مال كان غائبا عنه أو حلت زكاة مال له يعرف ذلك وهو مريض
فأمر بأداء زكاته أترى أن ذلك في ثلثه (فقال) لا إذا جاء مثل هذا الامر وإن كان
مريضا فأراه من رأس ماله وإنما يكون في ثلث ماله كل ما فرط فيه في صحته حتى يوصى
به فيكون في ثلث ماله كذلك سمعت مالكا يقول (قلت) أرأيت أن أوصى بزكاة
عليه وبأن يطعم عنه المساكين من نذر واجب أو أوصى أن يطعم عنه من صوم
رمضان أو أوصى بشئ من الواجب أيكون في الثلث أم في رأس المال في قول مالك
(قال) بل في الثلث عند مالك (قلت) أرأيت من أوصى فقال حجوا عنى حجة
الاسلام وأوصى بعتق نسمة ليست بعينها وأوصى بأن يشتروا عبدا بعينه فيعتقوه
عنه وأعتق عبدا في مرضه فبتله ودبر عبدا وأوصى بعتق عبد له آخر بعد موته وأوصى
بكتابة عبد له آخر وأوصى بزكاة بقيت عليه من ماله وأمر بديون للناس في مرضه
(قال) قال مالك الديون مبدأة كانت لمن يجوز له اقراره أو لمن لا يجوز اقراره له ثم
الزكاة ثم العتق المبتل والمدبر جميعا معا لا يبدأ أحدهما قبل صاحبه (قال)
ثم المكاتب ثم الحج والرقبة بغير عينها سواء فإن كانت الديون لمن يجوز اقراره له
أخذها وان كانت لمن لا يجوز له اقراره رجعت ميراثا إلا أنه يبدأ بها قبل الوصايا ثم
تكون الوصايا في ثلث ما بقي بعدها (ابن وهب) وقال ربيعة في الرجل يقتل الرجل

39
خطأ فيموت القاتل وعليه رقبة فتلك الرقبة من الثلث (قال مالك) وان أوصى بها يبدأ
الدين عليها (وقال) النخعي إبراهيم فيمن أوصى بزكاة أو حج قال هو من ثلثه
في الرجل يوصى بشراء عبد بعينه أن يعتق وهو قد أعتق عبده
(قلت) أرأيت أن قال اشتروا عبد فلان بعينه فأعتقوه عنى وقال أعتقوا عبدي
فلانا بعد موتى بأيهما يبدأ (قال) بهما جميعا في الثلث لا يبدأ أحدهما قبل صاحبه عند
مالك (قلت) فان قال أعتقوا فلانا لعبد له بعد موتي وقال اشتروا نسمة فأعتقوها
عنى بأيهما يبدأ في قول مالك (قال) بالعبد الذي بعينه
في الرجل يوصى بنفقة في سبيل الله
(قال) وسألت مالكا عن الرجل يوصي بالنفقة في سبيل الله فقال يبدأ بأهل
الحاجة الذين في سبيل الله (قال) وكلمته في ذلك غير مرة فرأيت قول أنه يبدأ في جميع
ذلك بالفقراء
في الرجل يوصي بثلث ماله لفلان وللمساكين
(قلت) أرأيت رجلا قال ثلث مالي لفلان وللمساكين (قال) بلغني عن مالك
في رجل أوصى بثلث ماله في سبيل الله والفقراء واليتامى قال مالك يقسم عليهم على
وجه الاجتهاد ولم يره أثلاثا وذلك رأيي (قلت) هذا لا يشبه مسألتي لان مسألتي
قد أوصى بثلثه لرجل بعينه وللمساكين فلم لا تجعل لهذا الرجل نصف الثلث (قال)
لا يكون له عندي نصف الثلث لأنه جعله له وللمساكين فلا أرى له نصف الثلث
ولم أسمعه من مالك ولكني أرى أن ينظر في ذلك على قدر الاجتهاد
في الرجل يوصي بعتق عبده إلى أجل ولرجل بثلثه أو بمائة دينار
(قلت) أرأيت أن أوصى رجل بعتق عبده بعد موته بستة أشهر أو بشهر أو
ما أشبه ذلك وأوصى لرجل آخر بثلث ماله أو بمائة دينار من ماله (قال) قال مالك ثلث

40
الميت في العبد لأنه جعل عتقه إلى أجل ويقال للورثة إن شئتم فادفعوا المائة إلى الموصى
له أو الثلث الذي أوصى به وأخروا خدمة العبد إلى الاجل فان أبوا كانت الخدمة
لصاحب الوصية إلى الاجل وان مات العبد قبل الاجل كان ما ترك لأهل الوصايا
الذين أوصى لهم بالمال وقد صار العتق هاهنا مبدأ على الوصايا إلا أنه لا يعتق الا إلى
الاجل وصارت الخدمة التي في ثلث الميت وهو العبد لأهل الوصايا لا أن يجيز الورثة
وصية الميت فيدفعوا وصية الميت كلها وتكون لهم الخدمة إذا كان العبد يخرج من
الثلث (قال) عبد الرحمن بن القاسم وان كانت قيمة العبد أكثر من الثلث خير
الورثة بين أن ينفذوا ما أوصى به الميت وبين أن يعتقوا ما حمل الثلث من العبد بتلا
وتسقط الوصايا لان العتق مبدأ على الوصايا (قال سحنون) وهذا قول أكثر
الرواة لا أعلم بينهم فيه اختلافا
في الرجل يدبر عبده في مرضه ويعتق آخر ان حدث به حدث
(قلت) أرأيت أن دبر عبدا له في مرضه وقال لآخر ان حدث بي حدث الموت
فهو حر (قال) قال مالك يبدأ المدبر وهو قول الرواة ولا أعلم بينهم فيه اختلافا
الا أشهب فإنه يأباه
في رجل يبيع عبده في مرضه ويحابي في بيعه ويعتق آخر
(قلت) أرأيت أن باع عبدا في مرضه وحابى فيه وقيمة العبد الثلث وأعتق عبدا له
آخر وقيمة العبد المعتق الثلث بأيهما يبدأ (قال) قال مالك في الذي يوصى بوصية في
مرضه ويوصى بعتق ان العتق مبدأ ولم أسمع في البيع شيئا أقوم على حفظه وأرى
البيع مثل الوصية وما حابى به في البيع فهو بمنزلة الوصية لان ما حابى به إنما هو هبة (قال)
وقال مالك في المحاباة في المرض إنما هي من الثلث (قال سحنون) وهو قول
الرواة ولا أعلم بينهم فيه اختلافا

41
في الرجل يوصى بعتق عبده في مرضه ويعتق آخر على مال
(قلت) أرأيت أن قال عبدي ميمون حر بعد موتى وعبدي مرزوق حر على أن
يؤدي إلى ورثتي ألف درهم والثلث لا يحملهما جميعا أو يحملهما كيف يصنع بهما في
قول مالك (قال) قال مالك في الذي يوصي بعتق عبد له ويوصي بكتابة عبد له آخر ان
الموصى بعتقه يبدأ به على الموصى بكتابته فأرى هذا أوصى بعتقه على أن يؤدى
إلى الورثة ألف درهم أو يعطى لآخر ألف درهم ان عجلها تحاصا في الثلث هو
والموصي بعتقه بغير مال وإن لم يعجل المال بدئ بالذي أعتق بغير مال فإن كان في
الثلث فضل لا يسع الباقي قيل للورثة اما أمضيتم لهذا ما قال الميت واما أعتقتم منه
ما بقي من ثلث الميت (قال) وإنما رأيت أن يتحاصا في الثلث إذا عجل الموصى له بعتقه
بمال يؤديه إذا عجل المال لان مالكا سئل عن أجل أوصى بعتق عبد له وأوصى بعتق
عبد له آخر إلى شهر (قال) قال مالك إذا قرب هكذا رأيت أن يتحاصا جميعا (قال)
قال مالك وان قال إلى أجل بعيد إلى سنة أو ما أشبهه قال مالك رأيت أن يبدأ
بالمبتل وقد قيل إن الموصى بعتقه مبدأ على غيره ممن أمر أن يؤخذ منه مال ويعتق
في الرجل يوصي بحج وبعتق رقبة
(قلت) أرأيت أن أوصى أن يحج عنه حجة الاسلام وأوصى أن يعتق عنه رقبة
(قال) قال لي مالك الرقبة مبدأة على الحج لان الحج ليس عندنا أمرا معمولا به وقد
قال أيضا انهما يتحاصان وإذا أوصى لرجل بمال وأوصى بعتق رقبة تحاصا وإذا أوصى
بمال وأوصى بالحج تحاصا (قلت) أرأيت أن حمل الثلث الرقبة وبعض الحج ولا يحمل
أن يحج عنه من بلاده ولكن يحمل بقية الثلث أن يحج عنه من مكة (قال) أرى أن
يحج عنه بقية الثلث من حيثما بلغ أن يحج به عنه (وقال مالك) في الرجل يوصى أن
يحج عنه فلم يبلع ثلثه الا ما يحج به عنه من المدينة أو من مكة قال أرى أن ينفذ ذلك
(قال ابن القاسم) وهذا رأيي أن ينفذ وصيته إذا أوصى به وإن لم يوص فلا أرى

42
أن يحج عنه (قلت) وكان مالك يكره أن يتطوع الولد من مال نفسه فيحج عن
أبيه (قال) نعم هذا لم يزل قوله وكأن يقول لا يعمل أحد عن أحد (ابن وهب)
عن خالد بن حميد عن خالد بن يزيد عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال في رجل
أوصى بثلاثين دينارا في رقبة تعتق عنه وأوصى بثلاثين دينارا بين ثلاثة نفر وأوصى
بثلاثين دينارا للغزاة فكانت الوصية أكثر من الثلث (قال ربيعة) يتحاصون في
الثلث وذلك لأنه أوصى في رقبة تشترى فتعتق عنه وليست الوصية في الرقاب كنحو
المملوك في يديه يعتقه والمملوك إذا أعتقه صاحبه في وصيته وكان العول في الوصايا فان
أدخل عليه شئ من العول كان مملوكا كله في حرمته وأمره إذا دخل في رقبته
شئ من الرق كان مملوكا وانه إذا أوصى بالرقبة وأدخل العول فإنما يؤخذ من الثمن
ويباع بما بقي فيتم وإن لم يبلغ ثمن رقبة لم تدخل على أحد مظلمة وأعين بما بقي في
رقبة إذا لم يبلغ الثمن رقبة تعتق عنه
في الرجل يوصي بوصايا ويعتق عبده
(قلت) أرأيت أن أوصى بوصايا وأعتق عبده في مرضه أو قال هو حر بعد موته
(قال) قال مالك إن كان عبدا بعينه يملكه فهو حر مبدأ وان أوصى أن تشترى رقبة
بعينها في أيضا مبدأة مثل ما يقول اشتروا عبد فلان بعينه فأعتقوه وان أوصى بدنانير
في رقبة فهو يحاص أهل الوصايا ولا يبدأ (ابن وهب) عن سفيان الثوري عن رجل
حدثه عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه قال إذا أوصى الرجل بوصايا وبعتاقة بدئ
بالعتاقة (رجال من أهل العلم) عن ابن شهاب ويحيى بن سعيد وشريح وربيعة أنهم
كانوا يقولون فيمن يوصي بعتق وبصدقة انه يبدأ بالعتاقة قبل الصدقة والوصية فما
فضل بعد العتاقة كان فيما بينهما بالحصص (وسمعت) حياة بن شريح يقول حدثني
السكن بن أبي كريمة أنه سأل يحيى بن سعيد الأنصاري عن الرجل يوصي بوصايا
كثيرة وعتاقة أفضل من الثلث (قال) بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر
بأن يبدأ بالعتاقة (قال) وقد صنع ذلك أبو بكر وعمر رضى الله تعالى عنهما

43
في الموصى يقدم في لفظه ويؤخر
(قلت) أرأيت الرجل الميت إذا أوصى بوصايا فقدم في اللفظ بعضها قبل بعض
هل ينظر في لفظه فيقدم ما قدم بلفظه في الثلث أو ينظر إلى الذي هو أو كد فيقدمه
بالثلث وإن كان لفظ به وتكلم به في آخر الوصايا (قال) نعم إنما ينظر في هذا إلى
الا وكد فيقدم في الثلث وان تكلم به في آخر الوصايا ولا ينظر إلى لفظه إلا أن
يكون أوصى فقال ابدأوا بكذا ثم كذا فإنما يبدأ بما قال وإن كان الذي لم يبده الميت
هو أو كد فإنه لا يقدم في الثلث لان الميت قد قدم غيره وهذا قول مالك وذلك
أن الرجل يقول اشتروا لي غلاما بخمسين دينارا فأعتقوه مبدأ وأعتقوا فلانا لعبد
له بعينه فهذا الذي ليس بعينه يبدأ هاهنا على الذي بعينه لان الميت بدأه ولو لم يبده
الميت كما وصفت لك لكان المعتق بعينه أولى بالثلث فان فضل شئ كان للآخر ولا
يلتفت إلى لفظة في الكلام إلا أن يبديه الميت كما وصفت لك وقد قال الله تبارك
وتعالى من بعد وصية يوصي بها أو دين فاجتمع أهل العلم على أن الدين مبدأ على الوصايا
تم كتاب الوصايا الأول بحمد الله وعونه
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
ويليه كتاب الوصايا الثاني

44
بسم الله الرحمن الرحيم
(الحمد لله وحده)
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
كتاب الوصايا الثاني
في الرجلين يشهد ان بالثلث لرجل ويشهد وارثان
(بعتق عبد والعبد هو الثلث)
(قلت) لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت أن شهد شاهدان أن الميت أوصى لهذا الرجل
بثلث ماله وشهد وارثان من ورثة الميت أن والدهما أعتق هذا العبد في مرضه والعبد
هو الثلث (قال) إن كان العبد ممن لا يتهمان بجر ولائه إليهما صدقا في ذلك كما وصفت
لك وبدئ بالعتق وإن كان العبد ممن يتهمان بجر ولائه لم يصدقا على ورثة الميت من
النساء فإذا لم يصدقا على النساء لم تجز شهادتهما وكانت الشهادة على الوصية جائزة وان
شهدا وليس معهما من الورثة نساء وإنما الورثة أولاد ذكور كلهم فأرى شهادتهما
على العتق جائزة ويبدأ بالعتق على الموصى له بالثلث إذا كان اللذان شهدا بعتقه ليس
ممن يتهمان في مجر ولائه لأنهما لا يتهمان أن يبطلا وصية الموصى له بالثلث إذا كان ولاء
العبد المشهود له بالعتق لا يرغب فيه ولا يتهمان عليه جر ولائه جازت شهادتهما
فشهادتهما مع النساء ومع الموصى له بالثلث بمنزلة واحدة إذا لم يتهما (قلت) وهذا
قول مالك (قال) هذا قول مالك في النساء وهو رأيي في الوصية

45
في الرجل يوصي بخدمة عبدة لرجل سنة ثم هو حر ولا مال له غيره
(قلت) أرأيت أن قال في وصيته يخدم عبدي فلانا سنة ثم هو حر ولم يترك مالا
غيره (قال) يقال للورثة أتجيزون فان أبوا كان ثلثا العبد رقيقا للورثة وثلثه حرا
الساعة وتسقط الخدمة لان الخدمة والعتق لما اجتمعا ولم تتم الوصية فقطع به لهما كان
العتق مبدأ على الخدمة (قال سحنون) وعلى هذا أكثر الرواة
في الرجل يوصى بخدمة عبده سنة ولا مال له غيره
(قلت) أرأيت إذا أوصي أجل لرجل بخدمة عبده سنة وليس له مال غيره أوله
مال لا يخرج العبد من ثلثه (قال) قال مالك الورثة بالخيار ان أحبوا أن يسلموا خدمته
سنة ثم يدفع إليهم العبد بعد السنة والا أسلموا إليه ثلث مال الميت بتلا (قال) وكذلك
لو أوصي لرجل بسكنى داره سنة (قال) وهذا وخدمة العبد سواء وكذلك قال
مالك اما أسلموا إليه سكنى داره سنة واما قطعوا له بثلث الميت وهذا مخالف له إذا
أوصى له برقبة العبد والدار كذلك إذا لم يحمله الثلث قطع له نفيهما وإذا كان خدمة
أو سكني فلم يجيزوا قطع له بالثلث ثلث الميت وهذا قول مالك وأكثر الرواة إذا
أوصي بخدمة العبد أو سكنى الدار وليس له مال غير ما أوصى به أوله مال لا يخرج منه
ما أوصى له به من الثلث فهذا أصل من أصول قولهم
في الرجل يوصى بخدمة عبده لرجل سنة أو حياته ولآخر برقبته
(قلت) أرأيت أن أوصى لرجل بخدمة عبده سنة وبرقبته لآخر والثلث يحمله أولا
يحمله (قال) ان حمله الثلث فالخدمة مبدأة وإن لم يحمله الثلث فأرى أن يقطع من
العبد بقدر ما حمل الثلث فيخدم الذي جعلت له الخدمة السنة إن كان الذي حمل
الثلث النصف خدم الورثة يوما و خدم الموصي له بالخدمة يوما حتى إذا مضت السنة
صار نصفه للذي أوصى له به بتلا (قال سحنون) وهذا قول الرواة لا أعلم بينهم فيه
اختلافا إذا حمله الثلث (قلت) أرأيت لو أن رجلا هلك وترك ثلاثة أعبد قيمتهم

46
سواء وقد أوصى لرجل بخدمة أحدهم ولآخر برقبة آخر ولم يدع مالا سواهم (قال)
يقال للورثة أنفذوا وصية الميت فان أبوا قيل لهم فابرؤا من ثلث الميت إلى أهل الوصايا
يتحاص فيه أهل الوصايا بقدر وصاياهم (قلت) وكيف يتحاص هذان (قال) إذا
كانت الوصية بالخدمة حياته فإنه يعمر هذا المخدوم فينظر ما تسوى الخدمة حياته على
غررها أو حياة العبد إن كان العبد أقلهما تعميرا وينظر إلى قيمة العبد الذي أوص به
للآخر يتحاصان في ثلث الميت هذا بقيمة الخدمة وهذا بقيمة العبد (قلت) أفيكون
للذي أوصى له بالخدمة قيمة خدمته بتلا من ثلث مال الميت يحاص به الموصى له بالرقبة
ويأخذه لنفسه (قال) نعم (قلت) وهذا كله قول مالك (قال) نعم (قلت)
وما معنى قول مالك في الخدمة انها تقوم على غررها (قال) على الرجاء والخوف انه
يؤاجر على ذلك بمنزلة أن لو قيل لهم بكم يتكارى هذا إلى انقضاء مدة هذا الرجل ان
حيى إلى ذلك الاجل فهو لكم وان مات قبل ذلك فقد بطل حقكم ويحاص له بأقلهما
تعميرا المخدم أو العبد (قلت) أرأيت أن كان أوصى في مسألتي التي سألتك عنها مع
ذلك بالثلث أيضا (قال) يقال للورثة أجيزوا الوصية والا فأخرجوا من ثلث مال الميت
إلى أهل الوصايا فيكون بين أهل الوصايا بحال ما وصفت لك وهذا قول مالك
ويضرب صاحب الخدمة بقيمة خدمته في الثلث بتلا (قلت) أرأيت أن أوصى
برقبة عبده لرجل وبخدمته لآخر والثلث لا يحمل المعبد (قال) يقال للورثة أجيزوا
وصية الميت فان أبوا قيل لهم فابرؤا من ثلثه فيكون ثلثه في العبد الذي أوصى بخدمته
فيخرج من ذلك العبد مبلغ ثلث الميت فيعطاه الموصى له بخدمته فيخدمه بقدر ما حمل
الثلث من العبد ان حمل الثلث نصفه خدمه يوما وخدم الورثة يوما وللورثة أن يبيعوا
حصتهم وأن يصنعوا بها ما شاؤوا فإذا انقضى أجل الخدمة ان كانت إلى سنين وقتها
الميت أو إلى موت المخدم فإذا انقضت الخدمة رجع ما حمل الثلث من العبد إلى
الموصي له بالرقبة لأنه إنما جعل الميت الرقبة لصاحب الرقبة بعد خدمة المخدم لأنه إذا
كانت الخدمة ووصية الرقبة في عبد بعينه فالخدمة مبدأة لأنه كأنه قال له أخدم فلانا

47
كذا وكذا سنة أو حياته ثم أنت بعده لفلان (قلت) أرأيت هذا الذي
أوصي برقبته لرجل وبخدمته لآخر فقلت الخدمة مبدأة في قول مالك أرأيت إذا
انقضت الخدمة وقد كان يوم قاسم الورثة أهل الوصايا كان العبد هو الثلث أيحتاج
إلى أن يقوم اليوم أيضا إذا انقضت الخدمة ليعرف أهو ثلث الميت أم لا إذا أردت أن
تدفعه إلى هذا الموصى له بالرقبة (قال) لا لأنه إنما كانا اجتمعا جميعا في هذا العبد
وكانت وصيتهما فيه فأسلم إليهما يومئذ وهو مبلغ الثلث فلا أبالي زادت قيمته بعد
ذلك أو نقصت (قال) وسمعت مالكا يقول في رجل أوصى لرجل بمائة دينار
ولآخر بخدمة عبده حياته ثم هو حر فكان العبد كفاف الثلث (قال) قال مالك
يعمر الذي أوصى له بالخدمة حياته أو العبد إن كان أقصرهما تعميرا على قدر ما يرى
الناس فينظر كم ذلك فتقوم خدمته تلك السنين ذهبا ثم يتحاص هو وصاحب المائة في
خدمة العبد فإذا هلك الذي أوصي له بالخدمة فالعبد حر إذا حمله الثلث وكانت قيمة
العبد والثلث سواء (قلت) أرأيت أن قال في وصيته لفلان مائة دينار ولفلان خدمة
عبدي هذا حياته ولفلان لرجل آخر أيضا رقبة العبد الذي أوصى بخدمته حياته
والثلث لا يحمل وصية الميت (قال) مالك يقال للورثة أسلموا وصية الميت وأجيزوها فان
أبوا قيل لهم ابرأوا من ثلث الميت فيتحاصون في الثلث الموصى له بالمائة والموصى له
بالخدمة والموصى له بالرقبة ولا يضرب صاحب الخدمة وصاحب الرقبة الا بقيمة العبد
لا يضربان بأكثر من ذلك لان وصيتهما واحدة وإنما هي رقبة العبد فينظر ما صار
للموصى له بالخدمة وللموصى له برقبة العبد في الثلث إذا حاص صاحب المائة أخذا
ذلك في العبد فيخدم الموصى له بالخدمة يبدأ على صاحب الرقبة فإذا مات صاحب
الخدمة الموصى له بالخدمة صار العبد لصاحب الرقبة ويكون صاحب المائة شريكا
للورثة بمبلغ وصيته من الثلث في جميع مال الميت وفيما بقي من العبد في يدي الورثة
مما لم يحمله الثلث (قلت) ولا تشبه هذه الوصية التي قبلها التي قال فيها الميت
يخدم عبدي فلانا حياته ثم هو حر ولفلان مائة دينار (قال) نعم لا تشبهها وهما مختلفان

48
لان الموصى له بعتقه بعد الخدمة ليس هاهنا مال إنما أوصى الميت بخدمة وبمائة دينار
فإنما يعمر الموصى له بالخدمة فيشرع مع الموصى له بالمائة في الثلث بمبلغ قيمة الخدمة
التي أوصي له بها وهذا لذي أوصى برقبته لرجل وبخدمته لآخر وبمائة دينار فقد
أوصى الميت هاهنا برقبة العبد وبخدمته فرقبة العبد هاهنا في هذه المسألة وقيمة الخدمة
إنما هي وصية واحدة لا يضرب صاحب الخدمة وصاحب الرقبة مع أهل الوصايا
الا بقيمة العبد فما خرج لهما من العبد في المحاصة من الثلث بدئ به الموصى له بالخدمة
فإذا انقضت الخدمة رجع ما كان من العبد في الخدمة للموصى له بالرقبة ولا يعمر
المخدم في هذه المسألة ويعمر في المسألة الأولى التي فيها العتق (قلت) وفي مسألة
العتق إذا أوصى بعتقه وبخدمته ما عاش لفلان وبمائة دينار لفلان لم لم يبد مالك العتق
على المائة وعلى الخدمة والعتق مبدأ في قول مالك على الوصايا (قال) لان العتق هاهنا
لم يسقط ولا يعتق العبد هاهنا الا إلى الاجل الذي جعل عتقه إليه وهو قبل الاجل
عليه الخدمة فيتحاص صاحب المائة والموصى له بالخدمة في تلك الخدمة فتكون
خدمة العبد بين الموصى له بالخدمة وبين الموصى له بالخدمة وبين الموصى له بالمائة الدينار إذا كان العبد هو الثلث
فإذا انقضت الخدمة خرج العبد حرا وليس للعبد حجة في العتق قبل محل الاجل
لان الوصايا حالت ورجعت إلى المحاصة فكان العتق حينئذ مبدأ على ما سواه (قلت)
أرأيت أن قال رجل في وصيته عبدي يخدم فلانا ولم يقل حياته ولم يوقت شيئا
من السنين وأوصى أن رقبته لفلان لرجل آخر ولم يقل من بعده كيف يصنع بهذا
أتكون الوصية هاهنا بالخدمة إنما هي حياة المخدم فقط ثم يرجع العبد إذا مات المخدم
إلى الموصى له بالرقبة أم لا في قول مالك (قال) لا أعرف هذا في شئ من قول مالك
إنما قول مالك على وجهين الذي سمعت أنا منه اما أن يقول غلامي يخدم فلانا عشر
سنين أو يقول حياة المخدم فإذا انقرض المخدم أو انقضت العشر السنين فهو لفلان

49
فهذا الذي نعرف وأما إذا جعل لواحد خدمته ولم يوقت وجعل لآخر رقبته فأري
أن يتحاصا تقوم الرقبة وتقوم الخدمة على غررها حياة الذي أخدم ثم يتحاصان فيها جميعا
على قدر ذلك (قال) وقال مالك من أخدم رجلا عبدا إلى أجل من الآجال فمات
المخدم قبل أن ينقضي الاجل فان العبد يخدم ورثة المخدم بقية الاجل إذا كان على
ما وصفت لك ليس من عبيد الحضانة والكفالة وإنما هو من عبيد الخدمة ولو أن
رجلا قال لرجال اشهدوا أنى قد وهبت خدمة هذا العبد لفلان ثم مات الذي أخدم
كان لورثته خدمة العبد ما بقي إلا أن يكون إنما أراد حياة المخدم ويستدل على ذلك
في مقالته انه إنما أراد حياة المخدم (قال سحنون) وقال أشهب إذا أوصى في عبد
يخدم فلانا ولم يقل حياته ولم يوقت شيأ من السنين وأوصى برقبة العبد لرجل آخر
ولم يقل من بعد موت الموصى له بالخدمة فهذه وصية واحدة في العبد فالخدمة هي حياة
الموصى له بالخدمة وقال أيضا لو أن رجلا قال لرجال اشهدوا أني قد وهبت خدمة
هذا العبد لفلان فإنما هو حياة فلان ولو كان أراد حياة العبد لكانت الرقبة للموهوب له
بالخدمة لأنه لما لم يكن له مرجع إلى سيده فقد انبت منه الموهوب له
في الرجل يوصى لرجل بخدمة عبده حياته
(وبما بقي من ثلثه لآخر)
(قلت) أرأيت إذا أوصى لرجل بخدمة عبده حياته وقال ما بقي من ثلثي فلفلان
فأصابوا العبد الذي أوصى الميت بخدمته هو الثلث (قال) أرى إذا نفذت الخدمة
فأراه للذي أوصى له ببقية الثلث زادت قيمة العبد أو نقصت لأنه كان ثلث الميت
يوم أخرج وإنما القضاء فيه يوم أخرج وقوم (وسمعت) مالكا وسئل عن رجل قال
داري حبس على فلان حياته وما بقي من ثلثي فلفلان فكان الثلث كفاف الدار أترى
لمن أوصى له ببقية الثلث إذا رجعت الدار أن يرجع في الدار (قال) نعم أرى أن
يرجع في الدار فيأخذها كلها لان الدار بقية الثلث (قال) وقال مالك إذا قال غلامي
يخدم فلانا حياته وما بقي من ثلثي فلفلان (قال) قال مالك يعطى صاحب الخدمة

50
الغلام كله فان رجع الغلام يوما ما رجع الموصى له ببقية الثلث فيأخذ بقية الثلث (قلت)
ويأخذ الغلام كله أم لا (قال) نعم أرى أن يأخذه كله (قلت) ويكون العبد لهذا
الذي أوصى له بما بقي من الثلث إذا كان قيمة العبد الثلث (قال) نعم أرى أن يأخذه
كله إذا رجع
في الرجل يوصى بوصايا وبعمارة مسجد
(قلت) أرأيت أن أوصى بوصايا وبعمارة مسجد (قال ابن القاسم) بلغني عن
مالك في رجل أوصى فقال أوقدوا في هذا المسجد مصباحا أقيموه له وأوصى مع ذلك
بوصايا فكيف ترى أن يعمل فيه (قال) قال مالك ينظر كم قيمة ثلث الميت والى
ما أوصى به من الوصايا ثم يتحاصون في ثلث الميت يحاص للمسجد بقيمة الثلث وللوصايا
بما سمى لهم في الثلث فما صار للمسجد من ذلك في المحاصة أوقف له فيستصبح به فيه حتى
ينجز ونزلت هذه المسألة فقال مالك فيها هذا وكذلك قال أكثر الرواة (قال سحنون)
وكذلك إذا أوصى الميت بشئ ليس له غاية ولا أمد مثل أن يقول أعطوا المساكين
كل يوم خبزة أو قال اسقوا كل يوم راوية ماء في السبيل فهذا كأنه إنما أوصى بثلث ماله فإنما
يحاص لهذا بالثلث إذا كان الميت قد أوصى مع هذا بوصايا (قال سحنون)
وكذلك كل ما كان إلى الناس بغير أجل مثل أن يقول أعطوا المساكين درهما كل يوم
أو كل شهر ولم يؤجل فإنهم يضرب لهم بالثلث إذا كان الميت قد أوصى معهم بوصايا
في خلع الثلث من الورثة إذا لم يجيزوا
(قلت) أرأيت أن أوصى بسكنى داره ولا مال له سواها (قال) يقال للورثة أسلموا
إليه سكناها والا فاقطعوا له بثلثها بتلا (قلت) وهذا قول مالك (قال) نعم كذلك قال
مالك (قال ابن القاسم) وبلغني عن عبد العزيز بن أبي سلمة مثله (سحنون)
وهذا قول الرواة كلهم لا أعلم بينهم فيه اختلافا (قلت) لابن القاسم أرأيت أن
أوصى رجل بأن تؤاجر أرضه من فلان سنين مسماة بكذا وكذا فنظروا إلى الأرض

51
فكانت قيمة الأرض أكثر من ثلث الميت (قال) فإنه يقال للورثة أسلموا ما أوصى
له به الميت بالكراء الذي قال فان أبوا قيل لهم فأخرجوا له من الثلث ثلث الميت بتلا
بغير ثمن (قلت) أرأيت أن أوصى بوصايا وللميت مال حاضر ومال غائب ويوصي
بالثلث لرجل وبالربع لرجل آخر والسدس لآخر (قال) يقال للورثة أجيزوا فان
أبوا كان ذلك لهم ويقال لهم ابرأوا إليهم من ثلث الميت من العين والدين إذا خرج فيتحاص
أهل الوصايا في ثلث هذه العين بقدر وصاياهم فإذا خرج الدين أخذوا ثلثه فيتحاصون
فيه أيضا بقدر وصاياهم (قلت) وهذا قول مالك (قال) قال لي مالك في الرجل
يوصى لرجل بمائة دينار وله ديون وليس فيما ترك من المال الحاضر ما تخرج المائة من
ثلثه (قال) قال مالك يخير الورثة فان أحبوا أن يعطوه المائة ويعجلوها له والا قطعوا
له بثلث الميت حيثما كان في العين والدين فكذلك مسألتك إذا أبوا أن يجيزوا قيل
لهم ابرأوا إليهم من ثلث مال الميت حيثما كان (قلت) أرأيت أن ترك مائة دينار دينا
ومائة دينار عينا وأوصى لرجل بخمسين دينارا من العين وأوصى لرجل آخر بأربعين
دينارا من الدين ما قول مالك في هذا (قال) يقال للورثة أجيزوا فان أبوا أن يجيزوا
قيل لهم اخرجوا لأهل الوصايا من ثلث الميت في العين والدين وينظر إلى قيمة
الأربعين الدينار العين التي كان أوصى بها الميت لهذا الرجل ما تسوى الساعة نقدا
فان قالوا تسوى الساعة نقدا عشرين دينارا كان الثلث بينهما على سبعة أسهم للموصى
له بالخمسين من ثلث المال الحاضر والدين خمسة أسهم وللموصى له بالأربعين من ثلث
الدين والمال الحاضر سهمان وهذا رأيي فكذلك مسألتك يقتسمون ثلث الميت في
العين والدين على سبعة أسهم لان مالكا قال لو أن رجلا أوصى لرجل بدين له فلم
يحمل ذلك الثلث وأبى الورثة أن يجيزوا قطعوا له من الدين والعين مبلغ الثلث (قال
مالك) ولو أن رجلا أوصى له بنقد فلم يكن له فيما ترك الميت من النقد ما يخرج
وصيته من ثلث النقد وقالت الورثة قد عال وليس له أخذ العين ويلغينا (3) في أخذ
العرض خير الورثة فان أجازوا له ما أوصى له به من النقد والا قيل لهم اخرجوا له

52
من ثلث مال الميت حيثما كان (قلت) وأصل هذا من قول مالك ان الرجل إذا
أوصى بوصية عال فيها على ثلثه وأوصى بأكثر من ثلث ماله في العين الحاضر فأبت
الورثة أن تجيز ذلك فإنه يقال للورثة اخرجوا لأهل الوصايا من ثلث مال الميت حيثما
كان فيكون لأهل الوصايا ثلث ما ترك الميت من عين أو دين أو عرض أو قرض
أو عقار أو غير ذلك (قال) نعم الا في خصلة واحدة فان مالكا قد اختلف قوله فيها
قال لنا فيها قولين إذا أوصى له بعبد بعينه أو دابة بعينها والثلث لا يحمله فأبت الورثة
أن يجيزوا فإنه يقال لهم ادفعوا إليه مبلغ ثلث مال الميت في الدابة أو في العبد لان
وصيته وقعت فيه وقد قال مرة أخرى يبرؤون إليه من ثلث مال الميت حيثما كان هو
أكثر ما سمعت منه وأحب قوله إلى أن يقطع له بثلث الميت في ذلك الشئ الذي
أوصى له به الميت
في الرجل يوصى بثلث ماله العين وبثلث ماله الدين
(قلت) أرأيت أن ترك مائة دينار عينا ومائة دينار دينا فأوصى لرجل بثلث العين
وأوصى لرجل آخر بثلث الدين (قال) هذا عند مالك جائز (قلت) ألا ترى هذا
الميت هاهنا قد أوصى لهذا الذي قد أوصى له بثلث العين أكثر مما أوصي للموصى
له بثلث الدين (قال) وما يبالي كان أكثر أو أقل لأنه إنما يعطيه وصيته ألا ترى
أنه يعطى صاحب العين وصيته من العين ويعطى صاحب الدين وصيته من الدين
وهو ثلث الميت
في الرجل يوصى بعتق عبده وله مال حاضر ومال غائب
(قلت) أرأيت أن أوصى بعتق عبد له وله مال حاضر ومال غائب والعبد لا يخرج
من المال الحاضر كيف يصنع في قول مالك (قال) قال مالك يوقف العبد حتى يجتمع
المال الحاضر والمال الغائب فإذا اجتمع المال قوم العبد فان خرج من الثلث عتق والا
عتق منه مبلغ الثلث (قلت) أرأيت أن قال العبد المال الغائب بعيد عنا أو أجله

53
أجل بعيد فأعتقوا منى مبلغ ثلث هذا المال الحاضر وأوقفوا ما بقي منى حتى ينظر في
المال الغائب فان خرج أعتقتم منى ما يحمل الثلث وإن لم يخرج كنت قد عتق منى
مبلغ ثلث المال الحاضر لأني أتخوف أن يتلف المال الحاضر (قال) ما سمعت من مالك
فيه شيئا ولا أرى له ذلك (قال سحنون) إلا أن يكون في ذلك ضرر على الموصى
والموصى له فيما يشتد وجه مطلبه ويعسر جمع المال ويطول ذلك
في الرجل يوصي بوصايا ولا يحمل ذلك الثلث
(قال) وسألت مالكا عن ثلاثة رجال أوصى لهم رجل بثلاثين دينارا ثلاثين دينارا
لكل واحد منهم والثلث لا يحمل ذلك فقال أحدهم لا أقبل الوصية (قال) قال
مالك يحاص ورثة الميت بوصية الرجل الذي رد وصيته أهل الوصايا فيأخذون وصيته
فيقتسمونها مع ميراثهم (قلت) أفيكون للرجلين ثلثا الثلث (قال) نعم (قال
سحنون) وقال غيره لأنه أدخل كل واحد منهم على صاحبه ومات ودرج والوصية
عنده على ذلك فلما رد واحد منهم رجع ما كان له إلى الميت فكان للورثة محاصة
الباقين لان الورثة دخلوا مدخل الراد وقد كان الراد لو لم يرد لحاصهم فلما رد وقعت
موقعه لان الميت أدخل كل واحد منهم على صاحبه وهذا قول الرواة لا أعلم
بينهم فيه اختلافا (ابن وهب) عن عبد الجبار بن عمر عن ربيعة وأبى الزناد أنهما
قالا في الرجل يوصى للرجل بثلث الثلث أو بربع الثلث ولآخرين بعدة دنانير أو
دراهم انهم يتحاصون فيها جميعا في الثلث (قلت) أرأيت أن أوصى لرجل بثلث ماله
ولآخر بربع ماله ولآخر بخمس ماله ولآخر بنصف ماله ولآخر بعشرين دينارا
ولآخر بجميع ماله (قال) قال مالك إذا أوصى لرجل بربع ماله ولآخر بخمس ماله
ولآخر بنصف ماله ولآخر بعشرين دينار فانظر ما تبلغ وصية كل رجل منهم وما
تبلغ العشرون دينارا من مال الميت كم هو فيضرب بها في جميع ثلث مال الميت
ويضرب أهل الوصايا بمبلغ وصاياهم في ثلث مال الميت (قال) وكذلك جميع المال
انه يضرب في ذلك بالثلث وتفسير ذلك أنه إذا أوصى لرجل بجميع ماله ولآخر

54
بالثلث ولآخر بالنصف ولآخر بعشرين دينارا فإنك تأخذ للجميع ستة أسهم والنصف
ثلاثة أسهم والثلث سهمان وتنظر كم ماله فإن كان ماله ستين دينارا كان قد أوصى
بالثلث أيضا للموصى له بالدنانير لأنها عشرون دينارا فيضرب معهم في الثلث بسهمين
أيضا فيقتسمون الثلث بينهم على ثلاثة عشر سهما فيكون للموصى له بالجميع ستة أسهم
وللموصى له بالثلث سهمان وللموصى له بالدنانير أيضا سهمان وللموصي له بالنصف
ثلاثة أسهم وحساب هذا على حساب عول الفرائض سواء (قال) وقال لي مالك
وما أدركت الناس الا على هذا (قال سحنون) ألا ترى أنه أدخل كل واحد منهم
على صاحبه وانتقص كل واحد منهم بما دخل عليه من صاحبه وفضلهم في عطيته فهو
لو كان ماله مائة دينار فأوصى لرجل بمائة دينار ولآخر بخمسين ولآخر بعشرين
فقد فضل بعضهم على بعض وأدخل بعضهم على بعض وانتقص بعضهم ببعض
(قال سحنون) وهذا قول الرواة لا أعلم بينهم فيه اختلافا
في الرجل يوصى بعبده لرجل وبثلث ماله لآخر فيموت العبد وقيمته الثلث
(قلت) أرأيت أن قال في وصيته غلامي مرزوق لفلان ولفلان ثلث مالي
ومرزوق ثلث ماله فمات مرزوق قبل أن يقوم في الثلث بكم يضرب للموصى له
بالثلث في المال (قال) بثلث المال في قول مالك لان مرزوقا حين مات بطلت وصية
الموصي له بمرزوق ووصية هذا الموصى له بالثلث ثابتة فما بقي من مال الميت له ثلث
مال الميت لان مرزوقا لما مات فكأن الميت لم يوص بشئ الا بثلث ماله لهذا الموصى
له بالثلث (قلت) وهذا قول مالك (قال) نعم (قال سحنون) وقد أعلمتك في
صدر الكتاب انه لا يقوم ميت ولا يقوم على ميت وقول ربيعة فيه أن حقه قد سقط
وان الذي مات كأن الموصى لم يوص فيه بشئ وكأنه لم يكن له بمال قط
في الرجل يوصى بثلث ماله لرجل وبأشياء بأعيانها لقوم شتى
(قلت) أرأيت إذا أوصى بثلث ماله أو بربع ماله وأوصى بأشياء بأعيانها لقوم شتى

55
(قال) ينظر إلى قيمة هذه الأشياء التي كانت بأعيانها والى ثلث جميع ماله والى ربع
جميع ماله فيضربون في ثلث مال الميت يضرب أصحاب الأعيان في الأعيان كل
واحد منهم في الذي جعل له الميت بمبلغ وصيته ويضرب أصحاب الثلث والربع في
بقية الثلث يكونون شركاء مع الورثة بمبلغ وصاياهم (قلت) وهذا قول مالك قال
نعم هو قوله (قلت) فان هلكت الأعيان التي أوصى بها كلها بطلت وصايا أصحاب
الأعيان وكان ثلث ما بقي من مال الميت بين أصحاب الثلث والربع يتحاصون في ذلك
في قول مالك (قال) نعم
في الرجل يوصى بعبده لرجل وبسدس ماله لآخر
(قلت) أرأيت أن أوصى بعبده لرجل وأوصى بسدس ماله لآخر كيف يكون
هذا (قال) ينظر إلى قيمة العبد فإن كان العبد هو ثلث مال الميت كان للموصى له بالعبد
ثلث الثلث في هذا العبد وكان للموصى له بالسدس ثلث الثلث فيما بقي من العبد وبجميع
مال الميت يكون شريكا للورثة بالسبع (قلت) أرأيت أن كانت قيمة العبد الذي
أوصى به نصف الثلث وقد أوصي لآخر بالسدس (قال) يكون للموصى له بالعبد
جميع العبد ويأخذ الموصى له بالسدس وصيته فيما بقي يكون شريكا للورثة بخمس المال
وهذا قول مالك (قال سحنون) قال علي بن زياد يكون شريكا للورثة بالخمس ورواه
على عن مالك وعلى ذلك قول ابن القاسم
في الرجل يوصى لوارث ولأجنبي
(قلت) أرأيت أن أوصى رجل بعبده لوارث وأوصى لأجنبي بوصية كيف يصنع
(قال) قال مالك في رجل أوصى لأجنبي بوصية وأوصى لوارث أيضا (قال) قال
مالك يتحاصان يحاص الوارث لأجنبي بالوصية فكذلك مسألتك (قلت) أرأيت أن
أوصى لوارث وغير وارث فقال ثلث مالي لفلان ولفلان وأحدهما وارث ومعه
ورثة (قال) قال مالك أما نصيب الوراث من ذلك فباطل يرد إلى جميع الورثة الا

56
أن يجيزوا له ذلك وأما غير الوارث فله نصيبه (قال) وقال مالك من أوصى بوصيه
لوارث وأوصى بوصايا لأجنبيين ولم يسع ذلك الثلث (قال) فإن كان الميت لم يترك
وارثا غير الذي أوصى له بدئ بالأجنبيين في الثلث ولم يحاصهم الوارث بشئ ء من
وصيته وإن كان مع الوارث وارث غيره تحاص الوارث الذي أوصى له والأجنبيون
في الثلث فما صار للأجنبيين في المحاصة أسلم إليهم وما صار للوارث من ذلك فان
شريكيه في مال الميت يخيرون فان أحبوا أن ينفذوا ذلك له أنفذوه وان أبوا ردوا
ذلك فاقتسموه بينهم على فرائض الله عز وجل (سحنون) عن ابن وهب قال
أخبرني رجال من أهل العلم منهم ابن سمعان وعبد الجليل بن حميد اليحصبي ويحيى
ابن أيوب أن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين الفرشي حدثهم أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال عام الفتح في خطبته لا تجوز وصية لوارث إلا أن يشاء الورثة
(ابن وهب) عن عمر بن قيس عن عطاء بن أبي رباح عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم بذلك وقال فان أجازوا فليس لهم أن يرجعوا (ابن وهب) عن ابن لهيعة عن
عبد الله بن حبان الليثي عن رجل حدثه عن رجل منهم أنه سمع النبي صلى الله عليه
وسلم يقول يا أيها الناس ان الله قد فرض لكل ذي حق حقه فلا وصية لوارث (ابن
وهب) عن شبيب بن سعيد انه سمع يحيى بن أبي أنيسة الجزري يحدث عن أبي
إسحاق الهمداني عن عاصم بن ضمرة عن علي بن أبي طالب قال قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم الدين قبل الوصية وليس لوارث وصية (قال ابن وهب) وبلغني عن
يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد أنه قال في رجل أوصى بثلثه في سبيل الله فأراد
بعض الورثة أن يغزو به قال ليس بذلك بأس فإنه وإن كان وارثا لمن أحق من خرج
به إذا أذن الورثة وطيبوا (ابن وهب) عن يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد أنه
قال في رجل أوصى بثلثه في سبيل الله عز وجل قال فان وليه يضعه حيث يرى في
سبيل الله عز وجل فان أراد وليه أن يغزو به وله ورثة غيره يريدون الغزو فإنهم
يغزون فيه بالحصص فإن لم يكن له وارث غيره وهو يريد الغزو فليس به بأس أن

57
يستنفق منه بالمعروف فيما وضع فيه (قال ابن وهب) وبلغني عن ربيعة في رجل
توفيت امرأته وأوصت بوصية لبعض من يرثها وأوصت بوصية في سبيل الله عز
وجل فسلم زوجها الوصية للورثة رجاء أن يعطوه الوصية التي في سبيل الله عز
وجل لأنه غاز فمنع الوصية التي في سبيل الله عز وجل فأراد أن يرجع فيما أجاز للورثة
من الوصية (قال) لا يرجع فيما أجاز ولا يحتج في طلب رد ما أعطى لرجاء شئ لم
يقطع إليه ولم بقر له به
في الرجل يوصى أن يحج عنه
(قلت) ما قول مالك في رجل أوصى عند موته أن يحج عنه أصرورة أحب إليه
أن يحج عن هذا الميت أم من قد حج (قال) إذا أوصى بذلك أنفذ ذلك ويحج عنه
من قد حج أحب إلى (قال ابن القاسم) وأحب إلى إذا أوصى أن ينفذ ما أوصى
به ولا يستأجر له الا من قد حج وكذلك سمعت أنا منه (قال) وان استأجروا
من لم يحج أجزأ ذلك عنهم (قلت) أرأيت أن دفعوا وصية هذا الميت إلى عبد
ليحج عن هذا الميت أيجزئ عن الميت (قال) لا ولم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن
العبد لا حج له فمن ثم رأيت أن لا يحج عن هذا الميت وكذلك الصبيان (قلت)
فالمرأة تحج عن الرجل والرجل عن المرأة (قال) لا بأس بذلك (قلت) وهذا قول
مالك (قال) نعم (قلت) والمكاتب والمعتق بعضه وأم الولد والمدبر في هذا عندك
بمنزلة العبيد لا يحجون عن ميت أوصى (قال) نعم (قلت) فمن يضمن هذه النفقة
التي حج بها هذا العبد عن الميت (قال) الذي دفع إليهم المال (قلت) وهل يجوز
أن يدفعوا إلى عبد أو إلى صبي أن يحج عن الميت في قول مالك (قال) لم أسمع من
مالك فيه شيئا ولا أرى أن يجوز وأرى ان دفعوا ذلك إلى عبد أو صبي ضمنوا ذلك
إلا أن يكون عبدا ظنوا أنه نحر ولم يعرفوه واجتهد الدافع (قال سحنون) وقال
غيره ليس جهلهم بالذي يزيل عنهم الضمان (قلت) أرأيت أن أوصى أن يحج عنه
هذا العبد نفسه أو هذا الصبي نفسه (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن أرى

58
أن يدفع ذلك إليهما فيحجا عن الرجل إذا أذن السيد لعبده أو أذن الوالد لولده
ولا ترد وصيته ميراثا لان الحج بر وان حج عنه صبي أو عبد لان حجة العبد والصبي
تطوع فالميت لو لم يكن صرورة فأوصى بحجة تطوعا أنفذ ذلك ولم ترد وصيته إلى
الورثة فذلك هذا (قلت) أرأيت الصبي إن لم يكن له أب وأذن له الوالي أن
يحج عن الميت أيجوز اذنه (قال) لا أرى بذلك بأسا إلا أن يخاف عليه في ذلك ضيعة
أو مشقة من السفر فلا أرى ذلك يجوز ولم أسمع من مالك فيه شيئا وإنما قلته لان
الولي لو أذن له أن يتجر وأمره بذلك جاز ذلك ولو خرج في تجارة من موضع إلى
موضع بإذن الولي لم يكن بذلك بأس فإذا كان هذا له جائزا فجائز له أن يحج عن الميت
إذا أوصى إليه الميت بذلك إذا أذن له الولي وكان قد قوى على الذهاب وكان له ذلك
نظرا ولم يكن عليه ضررا (قال سحنون) وقال غيره لا يجوز للوصي أن يأذن
لليتيم في هذا (قلت) أرأيت إن لم يأذن له الولي (قال) أرى أن يوقف المال حتى
يبلغ الصبي فان حج به الصبي والا رجع ميراثا (قلت) أتحفظه عن مالك (قال) لا
(قال ابن القاسم) وهذا الذي أوصى أن يحج عنه هذا الصبي علمنا أنه إنما أراد
التطوع ولم يرد الفريضة (قال) ولو أنه كان صرورة وقصد قصد رجل بعينه فقال يحج عنى
فلان فأبى فلان أن يحج عنه (قال) يحج عنه غيره (قال) وهذا قول مالك وقال وليس
التطوع عندي بمنزلة الفريضة (قال) وهذا إذا أوصى بحجة تطوع أن يحج عنه رجل
بعينه فأبى ذلك الرجل أن يحج عنه ردت إلى الورثة (سحنون) وقال غيره لا يرجع
إلى الورثة والصرورة في هذا وغير الصرورة سواء لان الحج إنما أراد به نفسه
وليس مثل الصدقة على المسكين بعينه ولا هذا العبد بعينه لان تلك لأقوام بأعيانهم
(قال ابن القاسم) ومثل ذلك مثل رجل قصد قصد مسكين بعينه فقال تصدقوا
عليه بمائة دينار من ثلثي فمات المسكين قبل الموصي أو أبى أن يقبل رجعت ميراثا
إلى ورثته أو قال اشتروا عبد فلان بعينه فأعتقوه عنى في عتق عليه واجب
وأبى أهله أن يبيعوه رجعت الوصية ميراثا للورثة بعد الاستيناء والا ياس من العبد

59
(قلت) أرأيت لو أن رجلا قال أحجوا فلانا حجة في وصيته ولم يقل عنى أيعطى
من الثلث شيئا في قول مالك (قال) يعطى من الثلث بقدر ما يحج به ان حج فان أبى أن
يحج فلا شئ له ولا يكون له أن يأخذ المال ثم يقعد ولا يحج فان أخذ المال ولم يحج
أخذ منه ولم يترك له إلا أن يحج
في الرجل يوصي أن يحج عنه وارث
(قلت) أرأيت أن أوصى أن يحج عنه وارث (قال) سمعت مالكا يقول الوصية
جائزة ويعطى هذا الوراث قدر النفقة والكراء فإن كان فيما أوصى به الميت فضل عن
كرائه ونفقة مثله لم يعط الفضل ورد الفضل إلى الورثة (قلت) متى سمعت هذا
من مالك أراك هاهنا تخبر عن مالك أنه يجيز الوصية في الحج ويأمر بأن تنفذ وقد
أخبرتني أن مالكا كان يكره ذلك (قال) إنما كان يكرهه ولا يرى أن يفعل به ويقول
إذا أوصي به أنفذت الوصية ولم ترد ويحج عنه فهذا قول مالك الذي لا نعلمه اختلف
فيه عندنا (قلت) أرأيت هذه الوصية في الحج التي تذكر عن مالك أفريضة هي
أم نافلة (قال) الذي سمعنا من مالك في الفرائض (قال ابن القاسم) وان أوصى
بذلك في غير فريضة رأيت أن تجوز وصيته (قلت) أرأيت أن أوصى هذا الميت
فقال يحج عنى فلان بثلثي وفلان ذلك وارث أو غير وارث كيف يكون هذا في
قول مالك (قال) قال مالك إن كان وارثا دفع إليه قدر كرائه ونفقته ورد ما بقي على
الورثة (قال) وإن كان غير وارث دفع إليه الثلث يحج به عن الميت فان فضل من المال
عن الحج شئ فهو له يصنع به ما شاء (قلت) لم جعل مالك لهذا الرجل ما فضل
عن الحج (قال) سألنا مالكا عن الرجل يدفع إليه النفقة ليحج عن الرجل فيفضل عن
حجه من النفقة فضلة لمن تراها قال مالك إذا كانوا استأجروه فله ما بقي وإن كان
أعطى على البلاغ رد ما بقي (قلت) فسر لي ما الإجارة وما البلاغ (قال) إذا
استؤجر بكذا وكذا دينارا على أن يحج عن فلان فهذه الإجارة له ما زاد وعليه
ما نقص وإذا قيل له خذ هذه الدنانير فحج منها عن فلان على أن علينا ما نقص عن

60
البلاغ أو يقال له هذه الدنانير فحج منها عن فلان فهذا على البلاغ وليست هذه
إجارة (قال) والناس يعرفون كيف يأخذون ان أخذوا على البلاغ فهو على البلاغ
وان أخذوا على أنهم قد ضمنوا الحج
في المريض تحل عليه زكاة ماله
(قلت) أرأيت أن أخرج رجل زكاة ماله ثم مات قبل أن ينفذها (قال) سألت
مالكا عن الرجل تحل عليه زكاة ماله يقدم عليه المال الغائب من البلد ويعرف أنه قد
حلت عليه زكاة ماله فيخرجها وهو مريض من أين تراها أمن رأس المال أم من الثلث
(قال) قال مالك أماما تبين هكذا حتى يعلم أنه قد أخرج ماحل عليه مثل أن يكون يأتيه المال الغائب أو اقتضى الدين وهو مريض وقد حلت فيه الزكاة فأراها من رأس المال
وليست من الثلث (قلت) أرأيت أن قدمت عليه أموال قد عرف الناس أن زكاتها قد حلت
عليه واقتضى ديونا قد حلت زكاتها عليه فمات من يومه قبل أي يخرج زكاتها أتجبر الورثة أم يؤمرون باخراج زكاته أم لا (قال) لا أرى أن يجبروا على ذلك إلا أن يتطوعوا بذلك
في الرجل يوصى بدينار من غلة داره كل سنة
(قلت) أرأيت أن أوصى لرجل بدينار من غلة داره كل سنة والثلث يحمل ذلك
فأكراها الورثة بعشرة دنانير في أول السنة فدفعوا إلى الموصى له دينارا ثم بارت الدار
تسع سنين فلم يجدوا من يكتريها أو أكروها بأقل من دينار بعد ذلك أو انهدمت
الدار (قال) يرجع الموصى له بالدينار على الورثة في تلك الدنانير التي أخذوها من كراء
الدار أول سنة فيأخذ منها لكل سنة دينارا حتى يستوفيها لأنها من كراء الدار
ولان كراء الدار لا شئ للورثة منه الا بعد ما يستوفى الموصى له ديناره وكذلك
لو أكروها بعشرة دنانير في السنة فضاعت الدنانير الا دينار واحدا كان هذا الدينار
للموصى له بالدينار (قال) ولو قال أعطوا فلانا من كراء كل سنة دينارا لم يكن له من تلك
العشرة التي أكروها تلك السنة الا دينار واحد فان بارت الدار بعد ذلك أو

61
انهدمت لم يكن للموصى له من تلك الدنانير شئ لأنه إنما جعل له الميت من كراء كل سنة دينارا (قال) وقد بلغني عن مالك أنه سئل عن رجل حبس علي رجل
خمسة أوسق من ثمرة حائطه في كل سنة فمضى للنخل سنتان يصيبها الجوائح
لا يرفعون منها شيئا ثم أثمرت في السنة الثالثة فجدوا منها ثمرا كثيرا (قال) قال مالك
يعطى لما مضى من السنتين لكل سنة خمسة أوسق يبدأ بها على الورثة فإن كانت
كفافا أخذها وان أوصى فقال أعطوه من غلة كل سنة خمسة أوسق فمضى للنخل
سنتان يصيبها الجوائح لا يرفعون منها شيئا ثم أثمرت في السنة الثالثة (قال) قال مالك
يبدأ على الورثة فيأخذ لسنة واحدة وإن كان كفافا أخذه وإن كان أقل لم يكن له في
ثمرة العام الثاني قليل ولا كثير من نقصان العام الأول وإن كان في العام الأول فضل
عن خمسة أوسق كان للورثة ولم يكن على الورثة من نقصان العام الثاني شئ مما أخذوا
من الفضلة في العام الأول
في الرجل يوصى بغلة داره للمساكين
(قلت) أرأيت أن أوصى بغلة داره أو بغلة جنانه للمساكين أيجوز هذا في قول مالك (قال) مالك نعم
في الرجل يوصي بخدمة عبده حياته فيريد
(أن يبيعه من الورثة بنقد أو بدين)
(قلت) أرأيت أن أوصى لي بخدمة عبده حياتي أيجوز لي أن أبيع ذلك من الورثة
في قول مالك (قال) قال مالك من أخدم رجلا عبدا حياته أو حبس عليه مسكنا فإنه
يجوز له أن يشتريه منه ولا يجوز لأجنبي أن يشتريه منه (قال) إلا أن مالكا قال فان
أكل من صار له ذلك ممن يرجع إليه مثل الورثة انه جائز له أن يشتريه كما كان
لصاحبه (قال) ولقد قال لي مالك في الرجل يعرى الرجل العرية ثم يبيع بعد ذلك
حائطه أو يبيع ثمرته انه يجوز لمشتري الثمرة أن يشتريه كما كان يجوز لصاحبه أن

62
يشتريه (قلت) وكذلك هذا في المساكن إذا سكن الرجل حياته في وصيته أو
غير وصيته (قال) نعم (قلت) أرأيت هذا الذي أوصى لرجل بخدمة عبد له أيجوز
له أن يبيعه من الورثة بدين في قول مالك (قال) لا أرى بذلك بأسا ولا أقوم على
حفظه عن مالك (قلت) ولا يجوز لي أن أبيع خدمته من أجنبي مثل ما كان يجوز
فيما بيني وبين الورثة (قال) قال مالك لا ينبغي له أن يبيع خدمته من أجنبي لأنه غرر
لا بدري كم يعيش إلا أن يوقت وقتا قريبا وليس بالبعيد (قلت) وما هذا القريب
(قال) السنة والسنتان والامر المأمون ولا يكريه إلى الاجل البعيد الذي ليس بمأمون
وهذا قول مالك (قلت) أرأيت لو أنى اكتريت من رجل عبدا عشر سنين
أيجوز هذا في قول مالك (قال) سألت مالكا عنه فقال ما رأيت أحدا يفعله وما أرى
به بأسا (قلت) فما فرق ما بين الخدمة التي أوصى بها وهذا الذي ابتدأ إجارة
العبد جوزته لهذا ولم تجوزه لذلك الاجل البعيد (قال) لان سيد العبد إذا مات
ثبت الكراء لمن تكاراه على الورثة حتى يستكمل سنيه ولان الموصى له بالخدمة
إذا مات بطل فضل ما تكارى إليه لأنه يرجع إلى الورثة ولا يجوز من ذلك الا الامر
المأمون (قلت) فلو أوصى لرجل بخدمة عبده عشر سنين فاكراه الموصى له
بالخدمة اكراه عشر سنين أيجوز هذا في قول مالك (قال) نعم ولا يشبه هذا الموصي
له بالخدمة حياته لان من أوصى بخدمة عبده سنين ثم مات الذي أوصى له بخدمة
العبد فورثته يرثون خدمته بقية تلك السنين (قلت) أرأيت الذي أوصى له بخدمة
عبده حياته فصالح الورثة من خدمته على مال أخذه فمات العبد وبقي المخدم حيا أيرجع
عليه الورثة بشئ مما أخذ منهم أم لا (قال) لا يرجعون عليه بشئ (قلت) وهذا
قول مالك (قال) نعم وهو بيع تام لأنهم إنما أخذوه ليجوز فعلهم فهو كالشراء التام
في الرجل يوصى بسكنى داره أو بخدمة
(عبده لرجل يريد أن يؤاجرها)
(قلت) أرأيت أن أوصى لي بسكنى داره أيكون لي أن أؤاجرها أم لا (قال) نعم

63
(قلت) وهذا قول مالك (قال) نعم (قلت) وكذلك أن أوصى لي بخدمة عبده
(قال) نعم له أن يؤاجره إلا أن يكون عبدا قال له أخدم ابني ما عاش ثم أنت حر
أو أخدم ابن أخي أو ابنتي أو ما أشبه هذا ثم أنت حر فيكون من العبيد الذين لا يراد
بهم الخدمة وإنما ناحيتهم الحضانة والكفالة فليس له أن يؤاجره لأني سألت مالكا
عن الرجل يقول لعبده أخدم ابني أو ابنتي أو ابن أخي عشر سنين ثم أنت حر أو
يقول أخدمه حتى يحتلم أو حتى تتزوج الجارية ثم أنت حر يقول ذلك لعبده أو لجارية
له ثم يموت الذي قيل له أخدمه قبل الاجل ما يصنع بالعبد والوليدة (قال) قال مالك
إن كان ممن أريد به الخدمة خدم ورثة الميت إلى الاجل الذي جعل له ثم هو حر
وإن كان العبد ممن لا يراد به ناحية الخدمة لفراهيته وإنما أريد به ناحية الكفالة
والحضانة والقيام عجل له العتق الساعة ولم يؤخره (قال) وقال مالك فهذا أمر قد
نزل ببلدنا وحكم به وأشرت به (قال ابن القاسم) فانظر فإن كان هؤلاء العبيد في
مسألتك من العبيد الذين يراد بهم الخدمة فله أن يؤاجرهم وان كانوا ممن لا يراد بهم
الخدمة وإنما أريد بهم الحضانة فليس له أن يؤاجرهم مثل الذي أخبرتك عن مالك
(ابن وهب) عن يونس عن ربيعة أنه قال في رجل له عبد وله ابن فقال لعبده إذا
تزوج ابني فلان فأنت حر فبلغ ابنه فتسرى أو قال الابن لا أتزوج أبدا وله مال كثير
(قال) العبد عتيق وذلك لأنه لم يكن لأبيه فيما اشترط لابنه حاجة طلبها لابنه إلى
العبد في تزوجه ولكن أراد أن يبلغ أشده وأن يستعين بالعبد فيما دون ذلك من
السنين في حاجاته
في الرجل يوصي للرجل بثمرة حائطه حياته
(فيصالحه الورثة من وصيته على مال)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا أوصى لرجل بثمرة حائطه في حياته فمات الموصى والثلث
يحمل الحائط فصالح الورثة الموصى لها بثمرة الحائط على مال دفعوه إليه وأخرجوه من
وصيته في الثمرة (قال) سمعت مالكا يقول في الرجل يسكن الرجل داره حياته فيريد

64
بعد ذلك أن يبتاع السكنى منه (قال) قال مالك لا بأس بذلك فكذلك مسألتك
وأرى لصاحب النخل أن يشتريها ولورثته لان الأصل لهم وإنما أراؤهم ثمرة النخل
ما لم يثمر النخل كشرائهم السكنى التي أسكن في الغرر سواء فلا أرى به بأسا لان
كل من حبس على رجل حائطا حياته أو دارا حياته فأراد أن يشتريهما جميعا لم يكن
بذلك بأس فهذا يدلك على مسألتك لأنه لا بأس بها لمن تصير الدار إليه (قال ابن
وهب) وابن نافع وقال عبد العزيز بن أبي سلمة في الدار مثله (قال سحنون) والرواة كلهم في الدار على ذلك لا أعلم ينهم فيه اختلافا
في الرجل يوصى بجنانه لرجل فيثمر الحائط
(قبل موت الموصى أو بعد موته)
(قلت) أرأيت رجلا أوصى بجنانه لرجل في مرضه فأثمر الحائط قبل موت
الموصي بسنة أو سنتين فمات الموصي والثلث يحمل الحائط وما أثمر في تلك السنين
لمن تكون تلك الثمرة التي أثمرت النخل بعد الوصية وقبل موت الموصي في قول
مالك (قال) قال مالك في رجل أوصى بخادمة لرجل فولدت قبل موت الموصى ان
ولدها للورثة وليس للموصى له في ولدها شئ (قال) وقال مالك ولو أوصى بعتقها
بعد موته ثم ولدت قبل موته فولدها رقيق فهذا يدلك على أن الثمرة التي أثمرت النخل
قبل موت الموصي انها لا تكون للموصى له بالحائط وكذلك إذا أبرت النخل أو
ألقحت الشجر قبل موت الموصي (قلت) أرأيت ما أثمر الحائط قبل أن يقتسموا
أو يجمعوا المال ثم جمعوا المال فحمل الثلث الحائط لمن تكون الثمرة (قال ابن القاسم)
في الرجل يدبر عبده ثم يموت فيوقف مال المدبر حتى يجمع مال الميت فيكتسب المدبر
مالا قبل أن يجمع مال الميت فان مال المدبر الذي مات السيد عنه وهو في يديه
يقوم في ثلث مال الميت ولا يقوم في ثلث الميت ما أفاد من مال كسبه بعد موت
السيد ويكون ذلك موقوفا فان حمله الثلث بماله الذي مات السيد وهو في يديه كان
ما كسب أو أفاد للمدبر وللعبد الموصى بعتقه وللموصى له بالعبد إن كان أوصى به

65
لاحد (قال) وليس له أن يبيع ولاس يشترى فان فعل فريح مالا في ماله الذي تركه
سيده في يديه بعد موت سيده من سلع اشتراها كان ذلك الريح بمنزلة المال الذي
مات السيد عنه وهو في يديه يقوم به مع رقبته والريح هاهنا خلاف للفوائد وللكسب
(قال) وان أعتقه في مرضه بتلا ولا مال للعبد فوقف العبد لما يخاف من تلف المال
فأفاد مالا (قال) فلا يدخل ما أفاد العبد بعد العتق قبل موت سيده ولا بعده في
شئ من ثلثه وكان فيما أفاد بعد عتقه بتلا بمنزلة من أوصى له بالعتق بعد موت سيده
ويجرى مجراه فيما كان في يديه وما أفاد (قال) وان استحدث المريض الذي أعتق
بتلا دينا كان ما استحدث من الدين مضرا بالعبد ويلحقه لان ما استحدث من
الدين بمنزلة ما تلف من المال ولأنه كأن لا يمنع من البيع والشراء (قال) والثمرة إذا
ما أثمرت بعد موت الموصي فهي للموصى له إذا خرجت النخل من الثلث ولا
تقوم الثمرة مع الأصل لأنها ليست بولادة فتقوم معها وإنما تقوم مع الأصل بعد
موت الموصي الولادة وما أشبهها والثمرة هاهنا بمنزلة الخراج والغلة وهو رأيي (قال
سحنون) وقد قال لنا غير هذا القول وهو قول أكثر الرواة ان ما اجتمع في يدي
المدبر بعد موت سيده من تجارة في حال الوقف لاجتماع المال مال السيد من كسبه
أو في مال إن كان له قبل موت سيده من تجارة فيه أو من عمل يديه أو من فوائد
طلعت له من الهبات وغيرها الا ما جنى به عليه فأخذ له أرشا فان ذلك مال لسيده
الميت فجميع ما صار في يد المدبر مما وصفت لك يقوم مع رقبته وهو كماله الذي مات
سيده عنه وهو في يديه فان خرجت الرقبة به من الثلث خرج حرا وكان المال
له وإن لم تخرج فما خرج منه ان خرج نصفه عتق نصفه وبقي المال في يديه موقوفا
لأنه صار له شرك في نفسه فالعبد الموصى بعتقه بعد الموت أو ما أعتق بتلا في مرضه
والعبد الموصى به لرجل والنخل الموصى بها مثل ما وصفت لك في المدبر ان خرجت
النخل وثمرها الموقوف والعبد الموصى به لرجل وكسبه الموقوف فإنه يقوم مع رقبته
وتقوم الثمرة مع رقاب النخل فان خرج جميع ذلك من الثلث كإن لمن أوصي له به وان

66
خرج نصف ذلك فللموصى له به نصف ذلك فللموصى به نصف النخل والثمرة
وللموصى له بالعبد نصف العبد ويبقى المال موقوفا في يد العبد للشرك الذي في العبد
بين الورثة والموصى له بالعبد فخذ هذا الباب على هذا إن شاء الله تعالى وهو
أعدل أقاويل أصحابنا
في الرجل يوصى للمساكين بغلة داره في صحته أو مرضه ويلي
(تفرقتها ويوصى ان أراد وارثه ردها فهي للمساكين)
(قلت) أرأيت أن قال غلة داري في المساكين صدقة وأنا أفرقها عليهم وهي في
يدي حتى أموت وهو صحيح سوى يوم قال هذا القول وقال فان أراد أحد من
ورثتي من بعدي أن يردها فهي وصية من ثلثي تباع فيعطى للمساكين بثمنها (قال)
ذلك نافذ ولو قال هي على بعض ورثتي إلى أنا قسمتها فان مت فرد ذلك ورثتي بيعت
وتصدق بثمنها على المساكين لم ينفذ وكانت ميراثا للورثة وذلك أن بعض من أثق به
من أهل العلم سئل عن الرجل يوصى فيقول غلامي هذا لفلان ابني وله ولد غيره
فإن لم ينفذوا ذلك له فهو حر فلم ينفذوه فلا حرية له وهو ميراث ولو قال هو حر أو
في سبيل الله إلا أن يشاء ورثتي أن ينفذوه لابني كان ذلك كما أوصى إلا أن ينفذوه
لابنه فاشتراط الصحيح مثل هذا ما أقره في يديه لورثته مثله ويشترط عليهم إن لم
ينفذوه فهو في سبيل الله فلا يجوز وما اشترط للمساكين فان هم لم ينفذوه فهو في وجه
من وجوه الخير فهي جائزة وهي وصية (قال) ولقد قال مالك في رجل أوصى لوارث
بثلث ماله أو بشئ من ماله وقال إن لم يجز الورثة ذلك فهو في سبيل الله (قال) مالك
فهذا الضرر فلا يجوز ذلك للوارث ولا في سبيل الله ويرد ذلك إلى الورثة (قال)
وقال مالك ومن قال داري أو فرسي في سبيل الله إلا أن يشاء ورثتي ان يدفعوا ذلك
لابني فلان فان ذلك جائز ينفذ في سبيل الله إن لم ينفذوه للابن وليس لهم أن يردوه

67
في الرجل يوصى للرجل بالوصيتين إحداهما بعد الأخرى
(قلت) أرأيت أن أوصى فقال لفلان ثلاثون دينارا ثم قال ثلث مالي لفلان لذلك
الرجل بعينه أيضرب بالثلث وبالثلاثين مع أهل الوصايا في قول مالك أم لا (قال) يضرب
بالأكثر عند مالك (قلت) أرأيت أن قال لفلان دار من دوري ثم قال بعد
ذلك لفلان ذلك الرجل بعينه من دوري عشرة دور وللميت عشرون دارا (قال)
سمعت مالكا وسئل عن رجل قال لفلان من أرضى مبذر عشرين مديا في وصيته
(قال) ينظركم الأرض كلها مبذركم هي فإن كانت مبذر مائتي مدى قسمت فأعطى
الموصى له عشر ذلك يضرب له بالسهم فان وقعت وصيته وكانت مبذر خمسة أمداء
لكرم الأرض وارتفاعها أو وقع في ذلك مبذر أربعين مديا لرداء الأرض كان ذلك
له (قال) فالدور عندي بهذه المنزلة وهذا كله إذا حمل الثلث الوصية فإن لم يحمل
الثلث فمقدار ما حمل بحال ما وصفت لك وإن لم يحمل الثلث ذلك فأجازت الورثة كان
ذلك جائزا بحال ما وصفت لك (قلت) وان كانت الدور في بلدان شتى (قال)
نعم وان كانت في بلدان شتى يعطى عشر كل ناحية (قال ابن القاسم) قلت لمالك
فان أوصي له في الأولى بعدة دنانير ثم أوصي لذلك الرجل بعينه بعدة دنانير هي أقل من
الأولى (قال) قال مالك يؤخذ له بالذي هو أكثر (قال) وبلغني عن مالك أنه قال
وان أوصى له في الوصية الآخرة بغير الدنانير جازتا جميعا (قال) وقال لي مالك وان
أوصى له في الأولى بدنانير هي أكثر من الآخرة أخذ له بالأكثر من ذلك
ولا يجمعان له إذا كانت دنانير عليها (قال ابن القاسم) قال مالك ويؤخذ له
بالأكثر كانت من الأولى أو من الآخرة كلها (قلت) فإن كانت دراهم أو حنطة
شعيرا أو صنفا من الأصناف مما يكال أو يوزن فقال لفلان وصية في مال عشرة
أرادب حنطة ثم قال لفلان ذلك الرجل بعينه مرة أخرى في مالي وصية خمسة عشر
أردبا من حنطة (قال) هذه بمنزلة الدنانير (قلت) فان قال لفلان من غنمي عشر
شياه وصية ثم قال لفلان ذلك الرجل بعينه مرة أخرى في غنمي عشرون شاة

68
أكنت تجعل هذه بمنزلة الدنانير (قال) نعم أجعلها بمنزلة الدنانير كما أخبرتك في
الدنانير عن مالك وأنظر إلى عدة الغنم فإن كانت مائة أعطيته خمسها بالسهم فان وقع
له في سهمه ثلاثون أو عشرون أو عشرة لم يكن له غيرها وكذلك فسر لي مالك في
الذي يقول لفلان عشرون شاة من غنمي وهي مائة شاة ان له خمسها يقسم له بالسهام
يدخل في ذلك الخمس ما دخل منها (قلت) أرأيت أن قال لفلان عبد ان من
عبيدي ثم قال بعد ذلك لفلان ذلك الرجل بعينه عشرة أعبد من عبيدي (قال) أجعلها
وصية واحدة وآخذ له بالأكثر بمنزلة العين (قال) وإنما الوصيتان إذا اجتمعتا من
نوع واحد مثل وصية واحدة آخذ للموصى له بالأكثر كانت وصية الميت الآخرة
هي الأكثر أو الأولى فهو سواء ويعطى الموصى له الأكثر ولا يجتمعان له جميعا
لان مالكا قال في الدنانير يعطى الذي هو أكثر فعلى هذا رأيت ذلك
في الرجل يوصى للرجل بالوصية ثم يوصي بها لرجل آخر
(قلت) أرأيت أن قال داري لفلان ثم قال بعد ذلك داري لفلان لرجل آخر
والدار التي أوصي بها هي دار واحدة أيكون قوله الآخر نقضا لقوله الأول إذا قال
داري أو دابتي أو ثوبي لفلان ثم مقال بعد ذلك لدابته تلك بعينها دابتي لفلان أو قال
في ثوبه ذلك ثوبي لفلان يريد رجلا آخر أتكون وصيته الآخرة نقضا لوصيته
الأولى في قول مالك (قال) الذي سمعت من قول مالك وبلغني عنه بينهما
نصفين. ومما يبين لك قول مالك هذا ان الذي يقول ثلثي لفلان ثم يقول بعد ذلك
جميع مالي لفلان انهما يتحاصان في الثلث على أربعة أجزاء فهذا يدلك على مسألتك
ألا ترى أنه حين قال ثلث مالي لفلان ثم قال بعد ذلك جميع مالي لفلان لم يكن قوله
هذا مالي لفلان نقضا للوصية الأولى حين قال ثلث مالي لفلان (قلت) وإذا
أوصى بثلث ثلاث دور له فاستحق منها داران أو أوصى بثلث داره فاستحق منها الثلثان
(قال) لا ينظر إلى ما استحق وإنما يكون للموصى له ثلث ما بقي وهذا قول مالك
(قلت) أرأيت أن قال الرجل العبد الذي أوصيت به لفلان هو وصية لفلان لرجل

69
آخر (قال) قال لي مالك إذا كان في الوصية الآخرة ما ينقض الأولى فان الآخرة
تنقض الأولى فأرى هذا نقضا للوصية الأولى (قلت) وكذلك أن قال عبدي
فلان هذا ان مت من مرضى هذا فهو حر ثم أوصى بذلك العبد لرجل أتراه قد
نقض ما كان جعل له من العتق (قال) إذا قال عبدي فلان حر هذا هو ثم قال بعد
ذلك هو لفلان فأراه ناقضا لوصيته وأراه كله لفلان وإذا قال عبدي لفلان ثم قال
بعد ذلك هو حر فإنه أيضا يكون حرا ولا يكون لفلان الموصى له به فيه قليل ولا
كثير ولا يشبه هذا الذي أوصى به لرجل ثم يوصى به بعد ذلك لآخر لان تلك عطية
يجوز أن يشتركا فيها وهذا عتق لا يشترك فيه فهذا رأيي (سحنون) عن ابن وهب
عن يحيى بن أيوب عن المثني بن الصباح عن عمرو بن دينار أنه قال في رجل حضره سفر
فكتب وصيته فلما حضره الموت كتب وصية أخرى وهو في سفره ذلك (قال) كلتاهما
جائزة إن لم يكن نقض في الآخرة من الأولى شيئا (ابن وهب) عن يحيى بن
أيوب عن يحيى بن سعيد أنه قال في رجل اشتكى وقد كان أوصى في حياته بوصية ان
حدث به حدث الموت فصح من ذلك المرض فمكث بعد ذلك سنين ثم حضرته
الوفاة فأوصى بوصايا أخر أعتق فيها (قال) إن كان علم بوصيته الأولى فأقرها فان
ما كان في الوصية الآخرة من شئ ينقض ما كان في الأولى فان الآخرة أولى
بذلك وما كان في الأولى من شئ لم يغيره في الوصية الآخرة فإنهما ينفذان جميعا على
نحو ذلك (ابن وهب) عن عبد الجبار عن ربيعة أنه قال في الرجل يوصى بوصية
بعد وصيته الأولى ان الآخرة تجوز مع الأولى إن لم يكن في الآخرة نقض لما في
الأولى (قال ابن وهب) وقال مالك مثله
في الرجل يوصى للرجل بمثل نصيب أحد بنيه
(قلت) أرأيت أن أوصى رجل لرجل بمثل نصيب أحد بنيه وله ثلاثة بنين (قال)
سمعت مالكا وسئل عن رجل يقول عند موته لفلان مثل نصيب أحد ورثتي ويترك
رجالا ونساء (قال) قال مالك أرى أن يقسم ماله على عدة من ترك من الورثة الرجال

70
والنساء لا فضل بينهم الذكر والأنثى فيه سواء ثم يؤخذ حظ واحد منهم ثم يدفع
إلى الذي أوصى له به ثم يرجع من الورثة فيجمعون ما ترك لميت بعد الذي
أخذ الموصى له فيقتسمون ذلك على فرائض الله عز وجل للذكر مثل حظ الأنثيين
(قال) فأرى أن يكون للموصى له الثلث في مسألتك وهو رأيي
في الرجل يوصي لغنى وفقير
(قلت) أرأيت أن مقال ثلث مالي لفلان وفلان وأحدهما غنى والآخر فقير (قال) الثلث بينهما نصفين
في الرجل يوصي لولد ولده فيموت بعضهم ويولد لبعضهم
(قلت) أرأيت أن قال ثلث مالي لولد ولدى (قال) قال مالك ذلك جائز إذا كانوا
غير ورثته (قلت) أرأيت أن مات بعد موت الموصي من ولد ولده بعضهم وولد
غيرهم وذلك قبل أن يجمعوا المال ويقسم (قال) قال مالك في رجل أوصي لأخواله
وأولادهم أو لمواليه بثلثه فمات منهم بعد موته نفر وولد لآخرين منهم وذلك قبل
القسمة (قال) قال مالك إنما يكون الثلث على من أدرك القسم منهم ولا يلتفت إلى من
مات منهم بعد موت الموصي قبل أن يقسم المال (قال مالك) لا شئ لأولئك فمسألتك
مثل هذا (قلت) أرأيت أن قال أجل ثلث مالي لهؤلاء النفر وهم عشرة رجال
فمات أحدهم بعد موت الموصي قبل قسمة المال (قال) أرى أن نصيب هذا الميت
لورثته (قلت) فما فرق بين هذا وبين الأول (قال) لان الأول إنما قال لولد
ولدى أو لأخوالي وأولادهم أو لبنى عمي أو لبني فلان فهذا لم يسم قوما بأعيانهم ولم
يخصصهم فإنما يقسم هذا على من أدرك القسم ومن لم يدرك القسم فلا حق له وأما إذا
ذكر قوما بأعيانهم فمن مات منهم بعد موت الموصي فورثته يرثون ما كان أوصى
له به الموصي

71
في الرجل يوصى لولد رجل
(قلت) أرأيت أن قال ثلث مالي لولد فلان وولد فلان ذلك الرجل عشرة ذكور
وإناث (قال) الذي سمعت من مالك أنه إذا أوصى بحبس داره أو ثمرة حائطه على ولد
رجل أو على ولد ولده أو علي بنى فلان فإنه يؤثر به أهل الحاجة منهم في السكنى والغلة
وأما الوصايا فانى لا أقوم على حفظ قول مالك فيها الساعة إلا أنى أراها بينهم بالسوية
(قال سحنون) وهذه المسألة أحسن من المسألة التي قال في الذي يوصي لأخواله
وأولادهم (قال سحنون) وقد روى ابن وهب في الأخوال مثل رواية ابن القاسم
إلا أن قول ابن القاسم في هذه المسألة أحسن (قال سحنون) وكذلك يقول غيره
وليست وصية الرجل لولد رجل أو لأخواله بمال يكون لهم ناجزا يقتسمونه بينهم
بمنزلة وصيته لولد رجل أو لأخواله بغلة نخل يقسم عليهم محبسة عليهم موقوفة لان
معنى الحبس إنما قسمته إذا حضرت الغلة كل عام فإنما أريد بذلك مجهول قوم وإذا
أوصي بشئ يقسم ناجزا يؤخذ مكانه فكان ولد الرجل معروفين لقلتهم وانه يحاط بهم
أو لأخواله فكانوا كذلك فكأنه أوصي لقوم مسمين بأعيانهم وإذا كانت الوصية
لقوم مسمين على قوم مجهولين لا يعرف عددهم لكثرتهم مثل قوله علي بني زهرة
أو علي بني تميم فان هذه الوصية لم يرد بها قوما بأعيانهم لان ذلك مما لا يحصى ولا
يعرف وإنما ذلك بمنزلة وصيته للمساكين فإنما يكون ذلك لمن حضر القسم لأنه
حين أوصي لبنى زهرة أو لبنى تميم أو للمساكين قد علم أنه لم يرد أن يعمهم وقد
أراد أن ينفذ وصيته فيكون على من حضر (قلت) أرأيت أن أوصى رجل فقال
ثلث مالي لولد فلان وليس لفلان يومئذ ولد وهو يعلم بذلك أو لا يعلم (قال) قال
مالك من حبس دارا على قوم حبس صدقة فمات من حبسها عليه رجعت إلى أقرب
الناس من المحبسين إلى غيره ولا يرجع إليه (قلت) فإن لم يكن له قرابة الا امرأة
واحدة (قال) ترجع الدار إليها أو إلى عصبة الرجل ويؤثر أهل الحاجة ولا يرجع

72
إلى الذي حبس وإن كان حيا فأرى هذا حين مات ولده أن يرجع إلى قرابته حبسا
في أيديهم لأنها قد حيزت (قال) وأما الوصية بثلث ماله فأراها حائزة لولد فلان
ذكورهم وإناثهم فهما سواء وينتظر بها حتى ينظر أيولد لفلان أم لا يولد له إذا أوصى
وهو يعلم بذلك أنه لا ولد له فان أوصى وهو لا يعلم بأنه لا ولد له فان الوصية باطل
لان مالكا قال في رجل أوصى بثلثه لرجل فإذا الرجل الموصى له قد مات قبل الوصية
(قال) قال مالك إن كان علم بموته حين أوصى فهي للميت يقضى بها دينه ويرثها ورثته
وإن لم يكن عليه دين وان كإن لم يعلم الموصى بموته فلا وصية له ولا لورثته ولا لأهل
دينه فأرى مسألتك مثل هذا (قلت) وسواء عندك إن كان أوصى لهذا الرجل ثم
مات بعد ما أوصى له أو أوصى له وهو ميت (قال) إذا أوصى له وهو حي ثم مات
الموصى له قبل موت الموصى فقد بطلت وصيته كذلك قال لي مالك وان علم الموصى
بموته فوصيته باطل (قال) وقال لي مالك ويحاص بها ورثة الموصي أهل الوصايا إذا
لم يحمل الثلث وصاياهم ويكون ذلك لهم دون أهل الوصايا (قال سحنون) وقد
قال مالك إذا علم الموصى بموت الموصى له فوصيته باطل ولا يحاص به أهل الوصايا
(سحنون) وعلى هذا القول أكثر الرواة وإنما يحاص أهل الوصايا الورثة لوصية
الموصى له إذا مات الموصى له قبل موت الموصى والموصى لا يعلم بموته لان الموصى
مات وقد أدخله على أهل الوصايا فمات الموصى والامر عنده ان وصيته لمن أوصي
له جائزة فلما بطلت بموت الموصى له قبل موت الموصى رجع ما كان له إلى الميت
ووقف الورثة موقفه ودخلوا مدخله يحاصون أهل الوصايا بوصيته لأنه كذلك كان
يحاصهم بوصيته (ابن وهب) عن ابن لهيعة عن جعفر بن ربيعة القرشي عن ابن
شهاب أنه قال في رجل أوصى لرجل بوصية فتوفى الموصى له قبل الموصى قال يرجع إلى الموصى لان الموصى له لم يستوجبها (ابن وهب) عن عبد الجبار بن عمر
عن ربيعة مثله أنه لا شئ له إذا علم أنه مات قبله (ابن وهب) عن يحيى بن أيوب
عن يحيى بن سعيد أنه قال ليس للميت قبل أن يقبض وصيته شئ

73
في رجل أوصى لبنى رجل
(قلت) أرأيت أن قال ثلث مالي لبني تميم أو ثلث مالي لقيس أتبطل وصيته أم
تجيزها في قول مالك (قال) هي جائزة عند مالك (قلت) فلمن يعطيها (قال) على قدر الاجتهاد لأنا نعلم أنه لم يرد أن يعم قيسا كلهم (قال) ولقد نزلت بالمدينة أن رجلا
أوصى لخولان بوصية فأجازها مالك ولم ير مالك للموالي فيها شيئا
في الرجل يوصى الموالي رجل
(قلت) أرأيت أن قال ثلث مالي لموالي فلان فمات بعضهم قبل أن يقسم المال
وأعتق فلان آخرين أو مات بعضهم وولد لبعضهم أولاد وذلك قبل القسمة (قال)
هذا عندي بمنزلة ما وصفت لك في ولد الولد أراه لمن أدرك القسمة منهم (قال
سحنون) وقد بينا هذا الأصل (قلت) أرأيت أن قال ثلث مالي لموالي فلان ولفلان
ذلك الرجل موال من العرب أنعموا عليه وله موال هو أنعم عليهم (قال) لم أسمع من
مالك فيه شيئا ولم أسمع أن مالكا قال في شئ من مسائله أو جوابه أنه يكون لمواليه
الذين أنعموا عليه شئ وإنما محمل هذا الكلام على مواليه الذين هم أسفل
في الرجل يوصى لقوم فيموت بعضهم
(قلت) أرأيت أن قال ثلث مالي لفلان وفلان فمات أحدهما قبل موت الموصي
(قال) لفلان الباقي نصف الثلث وترجع وصية الميت إلى الورثة (قلت) أرأيت أن
قال لفلان عشرة دراهم من مالي ولفلان أيضا عشرة دراهم من مالي والثلث إنما
هو عشرة دراهم فمات أحدهما قبل موت الموصى (قال) قد اختلف قول مالك فيها
كان أول زمانه يقول إن علم بموته أسلمت العشرة إلى الباقي منهما وإن لم يعلم بموته
حاص الورثة بها هذا الباقي فيكون للباقي خمسة دراهم (سحنون) وهذه الرواية
التي عليها أكثر الرواة (قال ابن القاسم) ثم كلمناه فيها بعد ذلك بزمان فقال أرى أن
تسلم العشرة إلى الباقي علم بموته أو لم يعلم ثم سألته بعد ذلك بسنين أيضا في آخر زمانه

74
فقال أرى أن يحاص بها الورثة علم الموصى بموته أو لم يعلم (قال ابن القاسم) وقد
ذكر ابن دينار أن قوله هذا الآخر هو الذي يعرف من قوله قديما فهذه ثلاثة
وجوه قد أخبرتك بها أنه قالها وكل قد حفظناه عنه وأنا أرى أن الورثة يحاصون
بها علم الميت بموت الموصى له أو لم يعلم وهو قوله الآخر (قلت) أرأيت أن
قال ثلث مالي لفلان وثلثا مالي لفلان فمات أحدهما قبل الموصى (قال) هذا عندي مثل
ما وصفت لك من الوصية في العشرة لهذا والعشرة لهذا فإن كان الذي مات منهما
صاحب الثلث كان للباقي منهما ثلثا الثلث في قول مالك الآخر وفى قوله الأول ان
علم وإن لم يعلم فذلك مختلف لحال ما وصفت لك فقس عليه وفى قوله الأوسط يسلم
إليه جميع الثلث أيهما مات منهما أسلم إلى الباقي جميع الثلث فعلى هذا فقس جميع ما يرد
عليك من هذه الأقاويل والذي آخذ به أنه ليس له الا ثلثا الثلث ويحاصه الورثة به علم
أو لم يعلم (قلت) أرأيت أن قال ثلث مالي لفلان وفلان فمات الموصى ثم مات أحد
الرجلين الموصى لهما قبل قسمة المال (قال) قال مالك نصيب الميت لورثته
في إجازة الورثة للموصى أكثر من الثلث
(قلت) أرأيت أن أوصى في مرضه بأكثر من الثلث فأجازت الورثة ذلك من
غير أن يطلب إليهم الميت ذلك أو طلب إليهم فأجازوا ذلك فلما مات رجعوا عن ذلك
وقالوا لا نجيز (قال) قال مالك إذا استأذنهم فكل وارث بائن عن الميت مثل الولد
الذي قد بان عن أبيه أو أخ أو ابن عم الذين ليسوا في عياله فإنه ليس لهؤلاء أن
يرجعوا وأما امرأته وبناته اللائي لم يبن منه وكل ابن في عياله وإن كان قد احتلم فان
أولئك ان رجعوا فيما أذنوا له كان ذلك لهم (قال) وقد قال لي مالك في الذي
يستأذن في مرضه أرى ذلك غير جائز على الولد والمرأة الذين لم يبينوا عنه (قال)
وكل من كان يرثه مثلث الاخوة الذين هم في عياله أو بنى العم ويحتاجون إليه وهم
يخافون ان هم منعوه ان صح أن يكون ذلك ضررا بهم في رفقه بهم كما يخاف على
المرأة والابن الذي قد احتلم وهم في عياله وأرى أن اجازتهم ذلك خوف منه ليقطع

75
منفعته عنهم ولضعفهم ان صح فلم ير مالك إجازة هؤلاء إجازة وكذلك كل من كان
ممن يرثه ممن هو في الحاجة إليه مثل الولد (قلت) أرأيت ابنته البكر وابنه السفيه
أيجوز ما أذنوا للوالد قبل موته وإن لم يرجعوا بعد موته (قال) قال مالك لا تجوز
عطية البكر فأرى عطيتها هاهنا لا تجوز وكذلك السفيه (قلت) ولم لا يكون
للابن الذي هو بائن عن أبيه مستغن عنه أن يرجع فيما أجاز من وصية والده وهو
لا يملك المال يوم أجاز (قال) قال مالك لو جاز ذلك لهم لكانوا قد منعوا الميت أن
يوصى بثلثه لأنه كف عن ذلك للذي أجازوا (سحنون) ولان المال قد حجر عن
المريض لمكان ورثته (قلت) فالذين في حجره من ولده الذكور الذين قد بلغوا
وليسوا بسفهاء وامرأته لم قال لهم أن يرجعوا (قال) لأنهم في عياله وليس اجازتهم
ذلك بإجازة لموضع أنهم يخشون إن لم يجيزوا اعتداءه عليهم ان صح من مرضه ذلك
فلذلك كان لهم ما أخبرتك (قلت) أرأيت المرأة والابن الذي ليس بسفيه وقد بلغ
إلا أنه في عيال الأب أرأيت ما أجازوا في حياة صاحبهم أليس ذلك جائزا ما لم
يرجعوا فيه بعد موته (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا أكثر من أنه قال لهم أن
يرجعوا في ذلك وأرى ان أنفذوا ذلك ورضوا به بعد موته لم يكن لهم أن يرجعوا
وكان ذلك جائزا عليهم ماذا كانت حالهم مرضية (أين وهب) وأخبرني يونس عن
أين شهاب أنه قال في ورثة أذنوا للموصى بعد أن أوصى بالثلث بعتق عبد فأذنوا
فأعتقه ثم نزع بعضهم (قال) ليس للوارث بعد أن يأذن أن يرجع (ابن وهب)
قال أخبرني الخليل بن مرة عن قتادة عن الحسن مثله (وقال) عطاء بن أبي رباح ذلك
جائز ان أذنوا (ابن وهب) عن عبد الجبار عن ربيعة مثله
إجازة الوارث المديان للموصى بأكثر من الثلث
(قلت) أرأيت لو أن رجلا أوصى بماله كله وليس له الا وارث واحد والوارث
مديان فأجاز الوصية فقام عليه غرماؤه فقالوا ليس لك أن تجيز وصية والدك وإنما
يجوز من ذلك الثلث ونحن أولى بالثلثين لأنه قد صارت اجازتك إنما هي هبة منك

76
فنحن أولى بذلك وليس لك أن تهب حتى نستوفي حقنا (قال) ذلك لهم في رأيي
ويرد إليهم الثلثين فيقبضونه من حقهم
في اقرار الوارث المديان بوصية لرجل أو بدين على أبيه
(قلت) أرأيت أن هلك والده وعلى الابن دين يغترق جميع ما ورث عن أبيه فأقر
الابن ان والده كان أوصى لهذا الرجل بثلث ماله وكذبه غرماؤه وقالوا لم يوص
والدك لهذا بشئ (قال) إن كان اقراره قبل أن يقام عليه بالدين جاز ذلك وإن كان
اقراره بعد ما قاموا عليه لم يجز لان مالكا قال لي في الرجل يكون عليه الدين فيقر
لرجل بدين عليه (قال) إن كان اقراره قبل أن يقام عليه جاز ذلك وكان من أقر له
يحاص الغرماء وإن كان اقراره بعد ما قاموا عليه فلا يجوز ذلك الا ببينة فكذلك
ما أقر به الوارث ولا يتهم لأنه لو أقر به على نفسه جاز وكذلك لو هلك والده فقال
هذه ودائع عند أبي أو أقر لرجل بدين على أبيه وكذبه غرماؤه (قال) إن كان من
أقر له حاضرا حلف وكان القول قوله إذا كان اقراره قبل أن يقام عليه فإن كان
اقراره بعد أن يقام عليه لم يقبل قوله الا ببينة وذلك أن مالكا سئل عن الرجل يشهد
للرجل في الشئ في يده فيقول إن فلانا تصدق به على فلان ووضعه على يدي وينكر
الذي يهو له (قال) إن كان المشهود له حاضرا حلف مع شاهده وكان له وإن كان
غائبا لم يقبل قوله لأنه يتهم أن يكون إنما أقر به لإقراره في يده
في الرجل يوصي للرجل بوصية فيقتل الموصى له الموصى عمدا
(قلت) أرأيت أن أوصى رجل لرجل بوصية فقتل الموصى له الموصى عمدا أتبطل
وصيته أم لا (قال) أراها تبطل ولا شئ له من الوصية (قلت) أرأيت أن قتلني
رجل خطأ فأوصيت له بعد ما ضربني بثلث مالي أو أوصيت له بدابتي أو ببعض
متاعي والثلث يحمل ذلك (قال) قال مالك ذلك جائز (قلت) لم أليس قد قلت
لا وصية له لأنه يتهم أن يكون طلب تعجيل ذلك (قال) إن كان قتله خطأ جعلت

77
الوصية في ثلث المال غير الدية ولا تدخل وصيته في الدية ألا ترى أن الوارث لو قتله خطأ ورث من المال ولم يرث من الدية فكذلك هذا
في الرجل يوصي بدار لرجل والثلث يحمل
(فقالت الورثة لا نجيز ونعطيه ثلث الميت
(قلت) أرأيت لو أوصى بداره لرجل والثلث يحمل ذلك فقالت الورثة لا نعطيه
الدار ولكنا نعطيه ثلث مال الميت حيث كان (قال) ليس ذلك للورثة وله أن يأخذ
الدار إذا كان الثلث يحمل الوصية وهذا قول مالك ألا تري أن الدار لو غرقت حتى
صارت بحرا بطلت وصية الموصى فهذا يدلك على أنه أولى بها
(تم كتاب الوصايا الثاني بحمد الله وعونه وصلى الله على سيدنا محمد)
(النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
(ويليه كتاب الهبات)

78
بسم الله الرحمن الرحيم
(الحمد لله وحده)
كتاب الهبات
(تغيير الهبة)
(قلت) لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت لو أن رجلا وهب لرجل هبة على أن يعوضه
فتغيرت الهبة في يد الموهوب له بزيادة بدن أو نقصان بدن قبل أن يعوضه فأراد هذا
الموهوب له أن لا يعوضه وأن يرد الهبة (قال) قال مالك ليس ذلك له وتلزم الموهوب
له قيمتها (قلت) فان حالت أسواقها (قال) لا أدرى ما يقول مالك في حوالة أسواقها
ولا أرى له شيئا الا هبته إلا أن تفوت في بدنها بنماء أو نقصان
في الرجل يهب حنطة فيعوض منها حنطة أو تمرا
(قلت) أرأيت لو أن رجلا وهب لرجل حنطة فعوضه منها بعد ذلك حنطة أو تمرا
أو شيئا مما يؤكل أو يشرب مما يكال أو يوزن (قال) لا خير في ذلك لان مالكا قال
في الهبة إذا كانت حليا فلا يعوضه منها الا عرضا فهذا يدلك على أن مالكا لا يجيز في
عوض الطعام طعاما (قلت) فان عوضه قبل أن يتفرقا (قال) لا بأس بذلك (قلت)
لم (قال) لان الهبة على العوض إنما هي بيع من البيوع عند مالك إلا أن يعوضه مثل
طعامه في صفته وجودته وكيله فلا بأس بذلك (قلت) أرأيت أن وهب لرجل
أثوابا فسطاطية فعوضه منها بعد ذلك أثوابا فسطاطية أيجوز ذلك أم لا في قول مالك (قال
ابن القاسم) لا يجوز هذا عند مالك إذا كانت أكثر منها لان الهبة على العوض بيع

79
في الرجل يهب دارا فيعوض منها دينا على رجل فيقبل ذلك
(قلت) أرأيت أن وهبت لرجل هبة دارا أو غير ذلك فعوضني من الهبة دينا له
على رجل وقبلت ذلك أو عوضني خدمة غلامه سنين أو سكنى دار له أخرى سنين
أيجوز هذا في قول مالك (قال) لا يجوز هذا عند مالك في الخدمة والسكنى لان هذا
من وجه الدين بالدين ألا ترى أن الموهوب له وجبت عليه القيمة فلما فسخها في
سكنى دار أو في خدمة فلام لم يجز لأنه إذا فسخها في سكنى دار أو في خدمة عبد
لم يقدر على أن يقبض ذلك مكانه فلا يجوز ذلك إلا أن تكون الهبة لم تتغير بنماء ولا
نقصان فلا بأس بذلك لأنه لو أبى أن يثيبه لم يكن له عليه الا هبته يأخذها فإذا لم
تتغير فكأنه بيع حادث باعه إياها بسكنى داره هذه أو خدمة هذا الغلام وأما في
الدين فذلك جائز إن كان الدين الذي عوضه حالا أو غير حال فذلك جائز لان مالكا
قال افسخ ما حال من دينك إذا كان دنانير أو دراهم فيما حل وفيما لم يحل فلا بأس بهذا
في مثله لان القيمة التي وجبت له على الموهوب له حالة سفلا بأس أن يفسخها في دين لم
يحل أوفى دين قد حل إذا كان من صنفه وفى مثل عدد قيمة أو أدنى فإن كان أكثر
فلا يحل لأنه يفسخ شيئا قد وجب له عليه بالقد في دين أكثر منه إلى أجل فازداد
فيه بالتأخير وذلك إذا تغيرت الهبة فأما إذا لم تتغير فلا بأس به (قلت) فما قول
مالك في رجل لي عليه دين لم يحل فبعت ذلك الدين قبل حلوله (قال) قال مالك لا بأس به إذا بعت ذلك الدين بعرض تتعجله ولا تؤخره إذا كان دينك ذهبا أو ورقا وكان
الذي عليه الدين حاضرا مقرا (قلت) فإن كان الدين عرضا من العروض (قال) فبعه
عند مالك بعرض مخالف له أو دنانير أو دراهم فتعجلها ولا تؤخرها (قلت) أرأيت
لو أنى وهبت دارا لي لرجل فتغيرت بالأسواق فعوضني بعد ذلك عرضا له على رجل
آخر موصوف إلى أجل وأحالني عليه أيجوز هذا أم لا في قول مالك (قال) لا أرى به
بأسا (قلت) فانى تغيرت بهدم مأو بناء (قال) فلا خير فيه (قلت) ولم لا تجيز هذا
في العروض وقد أجزته في الدين في قول مالك إذا أحاله به (قال) لان القيمة التي

80
وجبت للواهب على الموهوب له صارت القيمة في ذمة الموهوب له حالة فان فسخها
في دنانير له على رجل آخر حلت أو لم تحل فإنما هذا معروف من الواهب صنعه
للموهوب له حين أخره إذا أبرأ ذمته وتحول بالقيمة في ذمة غيره وإن كان إنما يفسخ
ما في ذمة الموهوب له في عرض من العروض في ذمة رجل فهذا بيع من البيوع
ولا يجوز ألا ترى أنه اشترى العروض إلى أجل بالقيمة التي كانت له على الموهوب
له فلا يجوز لان هذا قد صار دينا بدين فلا يجوز ألا ترى أنه اشترى بدين له لم يقبضه
وهو القيمة التي على الموهوب له هذا العرض الذي للموهوب له على هذا الرجل إلى
أجل فلا يجوز وهذا رأيي (قلت) وكذلك لو كان لرجل على رجل دين دراهم
فحلت فأحاله على غريم له عليه دنانير قد حلت أو لم تحل والدنانير هي في صرف تلك
الدراهم لم يجز في قول مالك لان هذا بيع الدنانير بالدراهم مثل ما ذكرت لي في
الدراهم إذا فسخها في طعام لا يقبضه (قال) نعم (قلت) فإن كان لي يعلى رجل طعام
من قرض أقرضته إياه وله على رجل آخر طعام من قرض أقرضه إياه فحل القرض
الذي لي عليه فأحالني بطعامي على الرجل الذي له عليه الطعام وطعامه لم يحل (قال)
لا بأس بذلك عند مالك إذا كان الطعامان جميعا قرضا الذي لك عليه والذي له على
صاحبه فحل دينك ولم يحل دينه فلا بأس أن يحيلك على غريمه لان التأخير هاهنا إنما
هو معروف منك وليس هذا ببيع ولكنك أخذته بطعام لك عليه قد حل وأبرأت
ذمته وجعلت الطعام في ذمة غيره فلا بأس بهذا وهذا في الطعام إذا كان من قرض
فهو والدنانير والدراهم محمل واحد عند مالك (قال) وأصل هذا أن مالكا قال افسخ
ماحل من دينك فيما حل وفيما لم يحل إذا فسخته في مثل دينك (قال) وكذلك هذا
في العروض إذا كانت من قرض أو من بيع إذا حل دينك عليه ودينك من قرض
أقرضته وهو عروض أقرضتها إياه أو من شراء اشتريت منه عروضا فحل دينك
عليه فلا بأس أن تفسخه في عرض له على رجل آخر مثل عرضك الذي لك عليه
ولا تبالي كان العرض الذي يحيلك به غريمك من شراء اشتراه غريمك أو من قرض

81
أقرضه وهذا أيضا محمل الدنانير والدراهم فإن كان العرض الذي يحيلك به على غريمه
مخالفا للعرض الذي لك عليه فلا يجوز ذلك في قول مالك لأنه تحول من دين إلى دين
(قلت) فإن كان لي عليه طعام من قرض أقرضته إياه وله طعام على رجل من سلم أسلم فيه
فحل قرضي ولم يحل سلمه فأحالني عليه وهو مثل طعامي أيجوز هذا في قول مالك
(قال) لا يجوز هذا لأنه يدخله بيع الطعام من قبل أن يستوفى (قلت) فإن كان قد حل
الطعامان جميعا (قال) ذلك جائز إذا كان أحدهما من قرض فذلك جائز (قلت)
وإذا كان أحدهما من قرض والآخر من سلم فيحلا جميعا فأحالكه فذلك جائز ولا نبالي
إذا كان الذي يحتال طعامه هو السلم وطعام الآخر هو القرض أو كان طعام الذي يحتال
بدينه هو القرض وطعام الآخر هو السلم فذلك جائز عند مالك (قال) نعم إذا حل
أجل الطعامين جميعا وأحدهما من قرض والآخر من سلم فأحاله فذلك جائز ولا تبال
أيهما كان القرض أو أيهما كان السلم (قلت) فان حل الطعامان جميعا في مسألتي
فأحالني فأخرت الذي أحالني عليه أيجوز هذا أم لا في قول مالك (قال) لم أوقف مالكا
على هذا ولكني أرى أنه لا بأس أن تؤخره (قلت) فإن كان الطعامان جميعا من
سلم فحلا جميعا فأحاله به أيجوز هذا (قال) لا يجوز هذا عند مالك لان هذا بيع الطعام
قبل أن يستوفى (قلت) ومن أي وجه كان بيع الطعام قبل أن يستوفى (قال) لان
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه وأنت إذا
أسلمت في طعام وقد أسلم إليك في طعام فحل الأجلان جميعا فان أحلته بطعامه الذي
له عليك على الذي لك عليه الطعام كنت قد بعته طعامك قبل أن تستوفيه بالذهب
الذي أخذت من الذي له عليك الطعام وإذا كان من قرض وسلم فليس هذا بيع الطعام
قبل أن يستوفى لأنك ان كنت أنت الذي أسلمت في طعام والذي له عليك هو قرض
فحلا جميعا فأحلته فلم تبع الطعام الذي اشتريته ولكنك قضيت الطعام الذي اشتريت
رجلا كان له عليك طعام من قرض وإن كنت أنت الذي أقرضت وكان هو الذي
أسلم إليك فإنما هو أيضا لما حل الاجل قضيته طعاما كان له عليك من قرض كان لك

82
قد حل أجله فليس يدخل هاهنا بيع الطعام قبل استيفائه في واحد من الوجهين إذا
حل أجل الطعامين جميعا
القرض في جميع العروض والثياب
(والحيوان وجميع الأشياء)
(قلت) أرأيت قرض الثياب والحيوان وجميع الأشياء أيجوز ذلك في قول مالك
(قال) نعم الا الإماء وحدهن فان مالكا يحرمهن (قلت) أرأيت أن أقرضت رجلا
ثوبا فسطاطيا موصوفا واشتريت منه ثوبا فسطاطيا إلى أجل موصوف أيجوز أن أبيعه
من غيره بثوب فسطاطي أتعجله قبل حلول أجل ثوبي (قال) هذا ليس يبيع إنما هذا
رجل عجل للذي له الدين سلعة كانت له على رجل على أن يحتال بمثلها على الذي عليه
الدين فإن كانت المنفعة فيه للذي يأخذ الثوب ليعجله الذي كان له الدين وإنما أراد
الذي عجل الثوب أن ينفعه بذلك وأن يسلفه وأن يحتال بدينه على رجل آخر فلا بأس
بذلك وذلك جائز للذي يحيل لان الثوب الدين الذي له على صاحبه إنما هو قرض
أو من شراء فلا بأس أن يبيعه قبل أن يستوفيه في رأيي (قلت) فإن كانت المنفعة
هاهنا للذي يعجل الثوب هو الذي طلب ذلك وأراده (قال) لا خير في ذلك في رأيي
وإنما أسلفه سلفا واحتال به لمنفعة يرجوها لأسواق يرجوا أن يتأخر إلى ذلك ويضمن
له ثوبه فهذا لا خير فيه لان هذا سلف جر منفعة وإنما يجوز من ذلك أن يكون الذي
له الحق هو الذي طلب إلى هذا الرجل ذلك وله فيه المنفعة والرفق فإن كان على غير
هذا فلا خير فيه (قلت) وكذلك هذا في قرض الدنانير لو أقرضته دنانير على أن
يحيلني على غريم له بدنانير مثلها إلى أحل من الآجال وإنما أردت أن يضمن لي دنانيري
إلى ذلك الاجل بلغني عن مالك أنه قال أراه بيع الذهب إلى أجل (قال سحنون)
قال ابن القاسم لا بأس بهذا إذا كانت المنفعة للذي يقبض الدنانير وهو سهل إن شاء الله
تعالى (قال سحنون) وهو عندي أحسن (قلت) أرأيت أن أقرضت رجلا ثوبا

83
فسطاطيا أو اشتريته من رجل إلى أجل فبعته من رجل قبل حلول أجله بثوب مثله إلى
أجل من الآجال أيجوز هذا أم لا (قال) لا يجوز هذا لان هذا دين بدين وخطر في
رأيي (قلت) وأي شئ معنى قولك وخطر وأين الخطر هاهنا (قال) ألا ترى أنهما
تخاطرا في اختلاف الأسواق لأنهما لا يدريان إلى ما تصير بالأسواق إلى ذينك الأجلين
في العبد المأذون له في التجارة يهب الهبة
(قلت) أرأيت العبد المأذون له في التجارة أيجوز له أن يهب الهبة على العوض (قال)
إنما هو بيع من البيوع فذلك جائز في رأيي
الرجل يهب لابن لي فعوضته في مال ابني
(قلت) أرأيت أن وهب رجل لابن لي صغير هبة فعوضته من مال ابني أيجوز أم
لا (قال) ذلك جائز في رأيي إن كان إنما وهبها الواهب للعوض لان هذا بيع من
البيوع (قلت) وكذلك أن وهب لي مال ابنه وهو صغير على عوض فذلك جائز
(قال) نعم لان هذا كله بيع من البيوع وبيع الأب جائز على ابنه الصغير في رأيي
الرجل يهب لي الهبة فتهلك عندي قبل أن أعوضه
(قلت) أرأيت أن وهب لي هبة فهلكت عندي قبل أن أعوضه أتكون على قيمتها
أم لا في قول مالك (قال) عليك قيمتها عند مالك (قلت) أرأيت أن وهبت لرجل
هبة فعوضني منها عوضا ثم أصاب بالهبة عيبا أيكون له أن يردها ويأخذ عوضها
(قال) نعم في رأيي لان الهبة على العوض بيع من البيوع (قلت) فان عوضني فأصبت
بالعوض عيبا (قال) إن كان العيب الذي أصبت به ليس مثل الجذام والبرص ومثل
العيب الذي لا يثيبه الناس فيما بينهم فإن كان العيب في العوض يكون قيمة العوض به
قيمة الهبة فليس لك أن ترجع عليه بشئ لان الزيادة على قيمة هبتك كانت تطوعا منه
لك (قلت) فإن كان العوض قيمته وقيمة الهبة سواء فأصبت به عيبا فصارت قيمته
بالعب أقل من قيمة الهبة (قال) ان أتم لك الموهوب له قيمة الهبة لم يكن لك عليه سبيل

84
وليس لك أن ترد المعوض إلا أن يأبى أن يتم لك قيمة هبتك (قلت) وهذا قول
مالك (قال) هذا رأيي لأنه لو أعاضك إياه وهو يعلم بالعيب ولم يكن عيبا مفسدا وقيمته
مثل ثمن هبتك لم يكن لك أن ترده عليه ويلزمك ذلك (قلت) وكل شئ يعوضني
من هبتي من العروض والدنانير وغير ذلك من السلع إذا كان فيه وفاء من قيمة
هبتي فذلك لازم لي آخذه ولا سبيل لي على الهبة (قال) نعم إذا كانت السلعة مما يتعامل
الناس بها في الثواب بينهم (قلت) وهذا قول مالك (قال) هذا رأيي لان مالكا قال
إذا أثابه بقيمة هبته فلا سبيل له على الهبة ولا يبالي أي العروض أثابه إذا كانت
عروضا يثيبها الناس فيما بينهم مما يعرفها الناس (قلت) فان أثابه حطبا أو تبنا أو ما
أشبه ذلك (قال) هذا مما لا يتعاطاه الناس بينهم في الثواب ولا أراه جائزا وما سمعته
من مالك
في الرجل يهب شقصا من دار أو أرض على عوض سمياه أو لم يسمياه
(قلت) أرأيت أن وهبت لرجل شقصا من دار أو أرض على عوض سميناه أو لم
نسمه ولها شفيع فأراد الشفيع أن يأخذ بالشفعة قبل أن يثاب الواهب أيكون ذلك
له أم لا أو أراد أن يأخذ بالشفعة قبل أن يقبض الموهوب له الهبة أيكون ذلك
له أم لا (قال) ليس له أن يأخذ بالشفعة حتى يثاب وقد فرغت لك من تفسير هذا في
كتاب الشفعة (قلت) أرأيت أن وهبت لرجل عبدين في صفقة واحدة فأثابني من
أحدهما ورد على الآخر أيكون ذلك له أم لا في قول مالك (قال) ما سمعت من مالك
فيه شيئا وأرى للواهب أن يأخذ العبدين إلا أن يثيبه منهما جميعا لأنهما صفقة واحدة
في الرجل يهب حنطة فيطحنا الموهوب له
(فيعوض من دقيقها)
(قلت) أرأيت أن وهبت لرجل حنطة فطحنها فعوضني من دقيقها (قال) لا يجوز
هذا في رأيي لان مالكا قال من باع حنطة فلا يأخذ في ثمنها دقيقا وان كانت مثل

85
كيلها أولم تكن لان الطعام لا يصلح الا يدا بيد وقد فسرت لك هذا قبل هذا
في موت الواهب أو للموهوب له قبل قبض الهبة أو بعدها
(قلت) أرأيت أن وهبت لرجل هبة يرى أنها للثواب فمت قبل أن يقبض
الموهوب له هبته (قال) فورثة الواهب مكانه يأخذون الثواب ويسلمون الهبة لان
هذا بيع من البيوع وهذا رأيي (قلت) فان وهبت له هبة يرى أنها لغير الثواب
فأبيت أن أدفع إليه هبته فخاصمني فيها فلم يحكم له على بدفع الهبة حتى مت أتكون
لورثتي أم يأخذها الموهوب له إذا أثبت ببينة وزكيت (قال) إن كان قام على الواهب
والواهب صحيح فخاصمه في ذلك فمنعه الواهب الهبة فرفعه الموهوب له إلى السلطان
فدعاه القاضي ببينة وأوقف الهبة حتى ينظر في حجتهما فمات الواهب فأراها
للموهوب له إذا أثبت ببينة لأني سمعت من مالك وكتب إليه من بعض البلدان
وأراه بعض القضاة في رجل باع من رجل عبدا بثمن إلى أجل ففلس المبتاع فقام
الغرماء عليه وقام صاحب الغلام فرفع أمره إلى السلطان فأوقف السلطان الغلام
لينظر في أمورهم وبيناتهم فمات المفلس قبل أن يقبض الغلام البائع فكتب إليه مالك
أما إذا قام يطلب العبد له لينظر القاضي في بينته فمات المشترى فأرى البائع
أحق به وإن لم يقبضه حتى مات المشترى فكذلك مسألتك في الهبة ان له ان يأخذ
هبته إذا كان قد أوقفها السلطان (قلت) أرأيت أن وهبها وهو صحيح فلم يقم الموهوب
له على أخذها حتى مرض الواهب (قال) قال مالك لا أرى له فيها شيئا ولا يجوز
قبضه الآن حين مرض الواهب لأنه قد منعه هبته حتى أنه لما مرض أراد أن يخرجها
من يد صاحبها بلا وصية فيها وهو يستمتع بها في الصحة فيريد أن يخرجها الآن في
مرضه من رأس المال فهذا لا يجوز ألا ترى أن أبا بكر الصديق رضى الله تعالى عنه
قال لعائشة رضى الله تعالى عنها حين مرض لو كنت حزتيه كان لك وإنما هو اليوم
مال الوارث فلم ير أبو بكر قبضها في المرض جائزا لها ولم ير أن يسعه أن يدفع ذلك
إليها إذ لم تقبضها في صحة منه (قلت) أرأيت أن وهب رجل جارية يرى أنه إنما

86
وهبها للثواب فأعتقها الموهوب له أو دبرها أو وهبها أو تصدق بها أو كاتبها (قال) قال
مالك إن كان له مال جاز هذا كله وكانت عليه القيمة وإن لم يكن له مال منع من ذلك
كما يمنع صاحب البيع
في الرجل يهب للرجل دارا فيبنى فيها أو أرضا فيغرس فيها
(فأبى الموهوب له أن يثيب منها)
(قلت) أرأيت أن وهبت لرجل دارا فبنى فيها بيوتا أو وهبت له أرضا فغرس فيها
شجرا فأبى الموهوب له أن يثيبني أترى ما صنع فيها فوتا في قول مالك وتكون له
الأرض وتكون عليه القيمة (قال) نعم أراه فوتا وتلزمه الهبة بقيمتها لان مالكا قال في
البيع الحرام في الأرضين والدور قال مالك لا يكون فيها فوت إلا أن تهدم أو يبنى فيها
أو يغرس في الأرضين (قلت) فان قال الموهوب له أنا أقلع بنياني أو غرسي وأدفع
إليه أرضه وداره (قال) ليس ذلك له وعليه قيمتها (قلت) وكذلك مشترى الحرام
إذا قال أنا أنقض بنياني أو أقلع غرسي ولا أريد الدار وأنا أردها أيكون ذلك له (قال)
ليس ذلك له ويكون عليه قيمتها ولا كيون عليه بالخيار في أن شاء هدم بنيانه وان شاء
أعطاه القيمة وهذا أمر قد فات بمنزلة النماء والنقصان في الثياب والحيوان والهبة مثل
البيع سواء وإنما رأيت ذلك فوتا لان صاحب الهبة للثواب حين بنى وغرس قد رضى
بالثواب لأنه قد حولها عن حالها فليس له أن يرجع فيها بعد أن حولها عن حالها
ورضى بذلك (قلت) أرأيت أن وهبت له ثوبا فصبغه بعصفر أو قطعه قميصا ولم
يخطه (قال) هذا فوت في رأيي لان مالكا قال إذا دخله نماء أو نقصان فهو فوت
في الرجل يهب دينا له على رجل فيأبى الموهوب له أن يقبل
(أيكون الدين كما هو)
(قلت) أرأيت أن وهبت لرجل دينا لي عليه فقال لا أقبل أيكون الدين كما هو أم لا
(قال) الدين كما هو (قال) ولقد سألت مالك عن رجل أعار رجلا ثوبا فضاع الثوب

87
عند المستعير فقال المستعير للمعير ان الثوب قد ضاع فقال له المعير فأنت في حل فقال
المستعير امرأتي طالق ثلاثا إن لم أغرمه لك وقال المعير امرأته طالق ثلاثا ان قبلته
منك (قال) قال مالك إن كان المستعير حين حلف يريد بيمينه ليغرمنه له يقول لأغرمنه
لك قبلته أو لم تقبله ولم يرد بيمينه لتأخذنه منى فلا أرى عليه حنثا إذا غرمه فلم يقبله
منه ولا على الآخر حنثا أيضا لأنه لم يقبله وان كانت يمينه على وجه لتأخذنه مني فإن لم
يأخذه منه فهو حانث ولا يكره صاحب الثوب على أخذ الغرم ويبر صاحب الثوب
(قال مالك) وإن كان ذلك من دين كان له عليه فأتى بالدين فحلف صاحب الحق أن
لا يأخذه وحلف الذي عليه الحق أن يأخذه منه فإنه يحنث الذي له الحق ويجبر على
أخذ الدين ولا يحنث الذي عليه الحق (قلت) فما الفرق فيما بينهما في قول مالك
(قال) لان العارية ليست كالدين إلا أن يشاء المعير أن يضمنه قيمتها إذا ضاعت ألا ترى
أنه لو أعار عارية فضاعت لم يكن على المستعير شئ إلا أن يشاء المعير أن يضمن المستعير
فيما يغيب عليه والدين ليس بهذه المنزلة
في الرجل يهب للرجل الهبة يرى أنها للثواب
(فباعها الموهوب له أتكون عليه القيمة)
(قلت) أرأيت أن وهبت لرجل هبة يرى أنها للثواب فباعها الموهوب له أتكون
عليه القيمة ويكون بيعه إياها فوتا في قول مالك (قال) نعم (قلت) فان وهبت لعبد
رجل هبة فأخذها سيده من العبد وللعبد مال فيه وفاء لقيمة الهبة أترى أخذ السيد
الهبة من العبد فوتا في قول مالك (قال) أرى أن يحكم على العبد بقيمة الهبة في ماله
ولم أسمع من مالك فيه شيأ
في الرجل يهب دار الثواب فباع الموهوب له نصفها
(قلت) أرأيت أن وهبت لرجل دارا للثواب فباع الموهوب له نصفها (قال) يقال
للموهوب له أغرم القيمة فان أبى قيل للواهب أنت بالخيار إن شئت أخذت نصف

88
الدار الذي بقي وضمنته نصف القيمة وإن شئت أسلمت الدار كلها وأخذت قيمة الدار كلها
(قلت) وهذا قول مالك (قال) هذا رأى مثل ما قال مالك في البيع إذا استحق نصف
الدار وبقي نصفها في يد المشترى (قلت) فان وهبت له عبدين للثوب فباع أحدهما
وأبى أن يثيبني (قال) إن كان الذي باعه الموهوب له هو وجه الهبة وفيه كثرة الثمن
فالموهوب له ضامن لقيمتهما جميعا وإن كان ليس هو وجه الصفقة أخذ الواهب
الباقي ويتبعه بقيمة الذي باع يوم قبضه وهذا رأيي مثل ما قال مالك في البيع إذا استحق
أحدهما أو وجد به عيب قال ابن القاسم أو باع أحدهما (قلت) أرأيت لو وهب لرجل
دارا هبة للثواب فباعها الموهوب له ثم اشتراها فقام الواهب عليه فأبى أن يثيبه وقال
خذ هبتك (قال) قد لزمته القيمة حين باع ولا يأخذ الهبة ولكن على الموهوب له
القيمة يغرمها (قلت) وهذا قول مالك (قال) لا أحفظه عنه وهو رأيي
في الرجل يهب للرجل جارية للثواب فولدت
(عنده فأبى أن يثيبه منها الواهب)
(قلت) أرأيت أن وهبت لرجل جارية فولدت عنده ولدا فأبى أن يثيبني (قال) قد
لزمته القيمة لان هذا فوت لان مالكا قال إذا فاتت بنماء أو نقصان في الهبة فقد لزمت
الموهوب له القيمة
في الرجل يهب الهبة فلم يقبضها الموهوب له وهي
(لغير الثواب فأتي رجل فادعى أنه اشتراها منه)
(وأقام البينة وأقام الموهوب له بينة)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا وهب لي هبة فلم أقبضها منه وهي لغير الثواب فأتى
رجل فادعى أنه اشتراها منه وأقام البينة وقمت أنا على الهبة لا قبضها منه قال صاحب
الشراء أولى (قلت) أتحفظه عن مالك (قال) قال مالك من حبس على ولد له
صغار حبسا فمات وعليه دين لا يدرى الدين كان قبل أو الحبس فقام الغرماء فقالوا

89
نبيع هذا فنستوفي حقنا وقال ولده قد حبسه علينا وقد حازه لنا أبونا ونحن صغار في
حجره (قال) بلغني أن مالكا قال إن أقام ولده البينة ان الحبس كان قبل الدين فالحبس
لهم وإن لم يقيموا البينة أن الحبس كان قبل الدين بيع للغرماء وبطل حبسهم فالهبة إذا
كانت لغير الثواب بمنزلة ما وصفت لك في الحبس
في الرجل يقول غلة داري هذه المساكين صدقة وهو صحيح
(قلت) أرأيت أن قال غلة داري هذه في المساكين صدقة وهو صحيح فمات ولم
يخرجها من يديه وكان هو في حياته يقسم غلتها في المساكين (قال) مالك إن لم يخرجها
من يديه حتى مات وإن كان يقسمها للمساكين فالدار لورثته لأنه لم يخرجها من يديه
في الرجل يقول غلة داري هذه المساكين صدقة وهو مريض
(قلت) أرأيت أن قال غلة داري هذه في المساكين صدقة في مرضه فمات قبل
أن يخرجها من يديه (قال) تخرج من ثلثه عند مالك وما كان في المرض من صدقة
أو حبس فهو في الثلث بمنزلة الوصية يجوز من ذلك ما يجوز من الوصية (قال ابن
القاسم) ما كان في المرض على الوصية أو البتات فهو جائز كله في الثلث إلا أن البتات
في المرض لا يمكن من تبت له من قبضها الا بعد الموت إلا أن تكون له أموال مأمونة
من دور أو أرضين فبتت له ولا يشبه ذلك من تبت له في الصحة لان من بتت له في
الصحة ان قام على صدقته أخذها وان المريض إذا قام الذي بتت له على أخذها
لم يكن ذلك له حتى يموت المريض إلا أن يكون ذا أموال مأمونة من دور أو أرضين
فذلك بمنزلة العتق (قلت) أرأيت أن قال داري في المساكين صدقة وهو صحيح
أيجبره السلطان على أن يخرجها إلى المساكين أم لا في قول مالك (قال) أماما كان من
ذلك على وجه اليمين للمساكين أو لرجل بعينه فلا يجبره السلطان على أن يخرجها
وما كان من ذلك على غير اليمين وإنما بتله لله فليخرجها السلطان إن كان لرجل بعينه
أو للمساكين

90
في الرجل يقول كل ما أملك في المساكين صدقة
(أيجبر على اخراج ماله أم لا)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا قال كل ما أملك في المساكين صدقة أيجبر على اخراج
ماله أم لا (قال) لا يجبر على ذلك ولكن يؤمر بأن يتصدق بثلث ماله (قلت) وهذا
قول مالك (قال) نعم (قلت) ولم قال مالك يتصدق بثلث ماله (قال) لحديث أبى لبابة
الأنصاري (قلت) فإن كانت له عروض من دور وحيوان ومدبرين ومكاتبين أيقومهم
(قال) لا أرى أن يخرج ثلث المدبرين لأنه لا يملك بيعهم ولا هبتهم ولا يشبهون
المكاتبين لان المكاتبين يملك بيع كتابتهم وهبة ذلك فإذا أخرج ثلث ذلك فقد
أخرج ثلث ما يملك فيهم إلا أن يرق المكاتبون يوما فان رقوا نظر إلى قيمة رقابهم فإن كان
ذلك أكثر من قيمة كتابتهم يوم أخرج ذلك أخرج ثلث الفضل وأما أمهات
الأولاد فليس عليه فيه شئ في رأيي لأنهن لا يملكن ملك البيع (قال سحنون)
ليس يخرج الا قيمة الكتابة فقط لأنه إنما يملك ذلك يوم حنث (قلت) أرأيت أن
قال ثلث مالي في المساكين فلم يخرجه من يديه حتى ضاع المال كله (قال) لا شئ عليه في
رأيي فرط أولم يفرط لان مالكا سئل عن الرجل يقول مالي كله في سبيل الله في يمين
فحنث فلا يخرج ذلك حتى يهلك جل ماله أو يذهب قال مالك أرى عليه ثلث ما بقي في يده
في الرجل يعمر الرجل داره عبده أو دابته
(قلت) أرأيت أن قال قد أعمرتك هذه الدار حياتك أو قال هذا العبد أو هذه
الدابة (قال) هذا جائر عند مالك وترجع بعد موته إلى الذي أعمرها أو إلى ورثته
(قلت) فان أعمر ثوبا أو حليا (قال) لم أسمع من مالك في الثياب شيأ وقد أخبرتك
بقول مالك وأما الحلي فأراه بمنزلة الدور
في الرجل يقول داري صدقة سكنى
(قلت) أرأيت أن قال داري هذه لك صدقة سكنى (قال) فإنما له سكناها صدقة

91
وليس له رقبتها (قلت) أتحفظه عن مالك (قال) هذا رأيي (قلت) أرأيت أن
قال قد حسبت عبدي هذا عليكما ثم يقول هو للآخر منكما (قال) هذا جائز عند
مالك وهو للآخر منهما يبيعه ويصنع به ما يشاء لأنه إنما حبس عليهما ما داما حيين
فإذا مات أحدهما فهو هبة للاخر يبيعه ويصنع به ما يشاء
في الرجل يقول قد أسكنتك هذه الدار وعقبك فمات ومات عقبه
(قلت) أرأيت أن قلت لرجل قد أسكنتك هذه الدار وعقبك من بعدك فمات ومات
عقبه من بعده أترجع إلى أم لا (قال) نعم ترجع إليك إلا أن يقول قد حبستها على فلان
وعلى عقبه حبسا صدقة فإذا قال ذلك ولم يقل سكنى لك ولو لدك فإنه إذا انقرض الرجل
وقبه رجعت إلى أقرب الناس بالمحبس حبسا عليه (قلت) فإن كان المحبس حيا
(قال) لا ترجع إليه على حال من الحالات ولكن ترجع إلى أقرب الناس منه حبسا
عليهم (قلت) رجالا كانوا أو نساء (قال) نعم ترجع إلى أولى الناس بميراثه من ولده أو
عصبته ذكورهم وإناثهم يدخلون في ذلك (قلت) وهذا الذي سألتك عنه من هذه
المسائل كلها قول مالك (قال) نعم (قلت) فان قال داري هذه حبس على فلان
وعقبه من بعده ولم يقل حبسا صدقة ثم مات فلان ومات عقبه من بعده والذي
حبس محي أترجع إليه في قول مالك (قال) لم أسمع من مالك في هذا شيئا أقوم على
حفظه ولكنه إذا قال حبسا فهو بمنزلة قوله حبس صدقة لان الاحباس إنما هي صدقة
فلا ترجع إليه ولكن ترجع إلى أولى الناس به بحال ما وصفت لك (قلت) فان
قال هذه الدار لك ولعقبك سكنى (قال) إذا انقرض هذا الذي جعلت له هذه الدار
سكنى ولعقبه وانقرض عقبه رجعت إلى الذي أسكن إن كان حيا يصنع فيها ما يصنع
في ماله فإن كان قد مات رجعت ميراثا إلى أولى الناس به يوم مات أو إلى ورثتهم لأنهم
هم ورثته وأصل الدار كانت في ماله يوم مات (قلت) وهذا قول مالك (قال) نعم
(قلت) فان قال حبسا فهلك الذي حبست عليه وهلك عقبه الذين حبست عليهم
وقد هلك أيضا الذي حبس ولم يدع الا ابنة واحدة ولم يترك عصبة (قال) إنما قال لنا

92
مالك إذا انقرض الذين حبست عليهم رجعت إلى أولى الناس بالمحبس يوم ترجع
عصبته كانوا أو ولد ولده وتكون حبسا على ذوي الحاجة منهم وليس للأغنياء منهم
فيها شئ ء عند مالك (قلت) فإن كانوا ولده (قال) فإن كانوا ولده فليس للأغنياء منهم
فيها شئ عند مالك وكذلك العصبة وكذلك كل من ترجع إليهم إنما هي لذوي
الحاجة منهم (قلت) فإن كان الذين رجعت إليهم الدار ورثة هذا المحبس أغنياء كلهم
(قال) لم أسمع من مالك فيها شيئا ولكني أرى أنها تكون لأقرب الناس من هؤلاء
الأغنياء ان كانوا فقراء
في الرجل يهب للرجل عبدا للثواب وفي عينيه بياض أو به صمم ثم يبرأ
(قلت) أرأيت وهبت له عبدا للثواب وفي عينيه بياض أو به صمم فبرأ أتراه فوتا
وتلزمه القيمة (قال) أراه فوتا (قلت) تحفظه عن مالك (قال) الصمم قد سئل مالك
عنه فقال أراه عيبا مفسدا فإذا كان عيبا مفسدا فهو إذا ذهب فهو نماء وأما البياض
إذا ذهب فلست أشك أنه نماء وتلزمه القيمة
في المريض يهب عبدا للثواب أيجوز ذلك أم لا
(قلت) أرأيت المريض ان وهب عبدا فله للثواب أيجوز أم لا (قال) ذلك جائز
عند مالك وهذا والبيوع سواء (قلت) فان باع المريض عبدا فقبضه المشترى
فباعه أو أعتقه وهو عديم لا مال له أيجوز هذا في قول مالك أم لا (قال) أما عتقه
فلا يجوز عند مالك إلا أن يكون له مال فيجور وأما بيعه فانى لم أسمع من مالك فيه
شيئا إلا أنى أرى للورثة إن كان الذي وهب له عديما فلهم أن يمنعوا الموهوب له من
بيع الهبة حتى يعطيهم قيمتها
في الرجل يهب عبدا للثواب فيجنى العبد جناية عند الموهوب له
(قلت) أرأيت أن وهبت لرجل عبدا للثواب فجنى العبد عند الموهوب له جناية
أتراه فوتا وتكون القيمة على الموهوب له (قال) نعم لان مالكا قال في النماء والنقصان

93
انه فوت فهذا حين جنى أشد الفوت لأنه قد دخله النقصان
في الرجل يهب ناقته للثواب أو يبيعها فيقلدها الموهوب له أو أشعرها
(قلت) أرأيت أن وهبت لرجل ناقة للثواب أو بعته ناقة فقلدها أو أشعرها ولم
يعطني الثمن ولا مال له (قال) قال مالك العتق يرد فهذا أحرى أن يرد وتحل
قلائدها وتباع في دين المشترى في البيع وأما في الهبة فإنها ترجع إلى ربها (قلت)
أرأيت لو أن رجلا وهب في مرضه لرجل هبة أو تصدق على رجل بصدقة فلم
يقبض صدقته الموهوب له ولا المتصدق عليه حتى مات الواهب في مرضه أتجعلها
وصية أو هبة أو صدقة غير مقبوضة وتبطلها (قال) أجعلها وصية لان مالكا قال ما
تصدق به المريض أو أعتق فهو في ثلثه
في المريض يهب الهبة فيبتلها أو يتصدق بصدقة فيبتلها أيقبض ذلك
(الموهوب له أو المتصدق عليه قبل أن يموت المواهب)
(قلت) أرأيت ما وهب المريض فبتله في مرضه أو تصدق به فبتله أيقدر الموهوب
له أو المتصدق عليه أن يقبض ذلك قبل موت المريض (قال) لا يجوز ذلك له وللورثة
أن يمنعوه (قلت) وهذا قول مالك (قال) نعم إلا أن تكون له أموال مأمونة مثل
ما وصفت لك في الأموال المأمونة فيكون له أن يقبض ذلك وكذلك هذا في
العتق ألا ترى أنه يعتق عبده في مرضه فيبتله فإذا كانت له أموال مأمونة من دور
أو أرضين تمت حرية العبد مكانه فكذلك الهبة والصدقة
في الرجل يوصى بوصية لرجل فيقتل الموصي له الموصي عمدا
(قلت) أرأيت لو أوصى بوصية لرجل فقتل الموصي له الموصى عمدا أتبطل
وصيته أم لا (قال) أراها تبطل ولا شئ له من الوصية (قلت) أرأيت أن قتلني
خطأ فأوصيت له بعد ما ضربني بثلث مالي أو أوصيت له بديتي أو ببعض مالي
والثلث يحمل ذلك (قال) قال مالك ذلك جائز (قلت) له أليس قد قلت لا وصية

94
لقاتل (قال) إنما ذلك إذا كانت الوصية أولا فقتله بعد الوصية عمدا فلا وصية له لأنه
يتهم أن يكون طلب تعجيل ذلك (قال) فإن كان قتله خطأ فحملت الوصية ثلث المال
غير الدية فذلك جائز له ولا تدخل وصيته في الدية ألا ترى أن الوارث لو قتله خطأ
ورث من المال ولم يرث لدية فكذلك هذا
في الرجل يوصى بدار له لرجل والثلث يحمل ذلك
(فقال الورثة لا نجيز ولكنا نعطيه ثلث مال الميت)
(قلت) أرأيت أن أوصى له بدار والثلث يحمل ذلك فقال الورثة لا نجيز ذلك ولكنا
نعطيه ثلث مال الميت حيثما كان (قال) ليس ذلك للورثة وله أن يأخذ الدار إذا كان
الثلث يحمل الوصية وهذا قول مالك ألا ترى أن الدار لو غرقت حتى تصير بحرا
بطلت وصية الموصى له فهذا يدلك على أنه أولى بها
في المسلم أو النصراني يهب أحدهما لصاحبه أو يتصدق
(قلت) أرأيت ما كان بين المسلم والنصراني من صدقة أو هبة تصدق بها أحدهما
على صاحبه أو وهبها أحدهما لصاحبه أتحكم بينهما بحكم الاسلام في قول مالك (قال)
قال مالك كل أمر يكون بين المسلم والنصراني فأرى أن يحكم بينهما بحكم الاسلام فأرى
مسألتك بتلك المنزلة
في العبد توهب له الهبة
(قلت) أرأيت العبد توهب له الهبة يرى أنها للثواب أيكون على العبد الثواب أم لا
في قول مالك (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى إن كان مثله يثيب ويرى أنه
إنما وهبها للثواب فأرى عليه الثواب إذا كان ممن قد خلى سيده بينه وبين التجارة
في الرجل يهب لذي رحم أيرجع في هبته
(قلت) أرأيت أن وهب لذي رحم أيكون له أن يرجع في قول مالك (قال) قال
مالك ليس بين الرجل وامرأته ثواب في الهبة إلا أن يكون يعلم أنها أرادت منه

95
بذلك ثوابا مثل أن يكون الرجل الموسر والمرأة لها الجارية فيطلبها منها فتعطيه إياها
يريد بذلك أن يستغزر صلته وعطيته والرجل مثل ذلك يهب الهبة لامرأته أو الابن
لأبيه يرى أنه إنما أراد بذلك استغزار ما عند أبيه فإذا كان مثل هذا فيما يرى الناس
أنه وجه ما طلب بهبته تلك رأيت بينهما الثواب فان أثابه والا رجع كل واحد منهما
في هبته فإن لم يكن على وجه ما ذكرت لك فلا ثواب بينهما فعلى هذا فقس ما يرد
عليك من هذا
في الرجل يهب لعمه أو لعمته أو لجده أو لجدته أو لذي قرابته
(قلت) أرأيت أن وهبت لعمى أو لعمتي أو جدي أو جدتي أو أخي أو ابن عمي
هبة أو وهبت لقرابتي ممن ليس بيني وبينهم محرم أو لقرابتي ممن بيني وبينهم محرم
أيكون لي أن أرجع في هبتي (قال) ما وهبت من هبة يعلم أنك إنما وهبتها تريد بها
وجه الثواب فان أثابوك والا رجعت في هبتك وما وهبت من هبة يعلم أنك لم ترد
بها وجه الثواب فلا ثواب لك مثل أن تكون غنيا فتصل بعض قرابتك الفقراء فتزعم
أنك أردت بها الثواب فهذا لا يصدق على ذلك ولا ثواب لك ولا رجعة لك في هبتك
(قال) وهذا كله قول مالك (قلت) وكذلك هذا في الأجنبيين في قول مالك
(قال) نعم لو وهب لأجنبي هبة والواهب غنى والموهوب له فقير ثم قال بعد ذلك
الواهب إنما وهبتها للثواب لم يصدق على ذلك ولم يكن له أن يرجع في هبته وهذا قول
مالك (قال) وإن كان فقيرا فوهب لغنى وقال إنما وهبتها للثواب فان هذا يصدق
ويكون القول قوله فان أثابه والا رد عليه هبته (قلت) أرأيت أن كانا غنيين أو فقيرين
فوهب أحدهما لصاحبه هبة ولم يذكر الثواب حين وهب له ثم قال بعد ذلك الواهب
إنما وهبتها له للثواب وكذبه الآخر أيكون القول قول الواهب أم لا في قول مالك
(قال) لا أقوم على حفظ هذا ولكن لا أرى لمن وهب لفقير ثوابا وإن كان فقيرا
إذا لم يشترط في أصل الهبة الثواب وأما غنى وهب لغنى فقال إنما وهبتك للثواب
فالقول قول الواهب ان أثيب من هبته والا رجع في هبته (قلت) أرأيت هذا الذي

96
وهب الهبة للثواب إذا اشترط الثواب أو يرى أنه إنما أراد الثواب فأثابه الموهوب له
أقل من قيمة الهبة (قال) قال مالك ان رضى بذلك والا أخذ هبته (قلت) فان
أثابه قيمة الهبة أو أكثر من ذلك فأبى أن يرضى والهبة قائمة بعينها عند الموهوب له
(قال) قال مالك إذا أثابه قيمة الهبة أو أكثر من ذلك فليس للواهب على الهبة سبيل
(قلت) فإن كانت الهبة قد تغيرت في يد الموهوب له بزيادة أو نقصان فأثابه
الموهوب له أقل من قيمة الهبة (قال) قال مالك إذا تغيرت في يد الموهوب له
بزيادة أو نقصان فالقيمة له لازمة
(تم كتاب الهبات بحمد الله وعونه)
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
(ويليه كتاب الحبس)

97
بسم الله الرحمن الرحيم
(الحمد لله وحده)
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
كتاب الحبس
في الحبس في سبيل الله
(قلت) لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت إذا حبس في سبيل الله فأي سبيل الله (قال)
قال مالك سبل الله كثيرة ولكن من حبس في سبيل الله شيئا فإنما هو في الغزو
(قلت) فالرباط مثل الإسكندرية وما أشبهها من مواحيز أهل الاسلام أهي غزو
يجوز لمن حبس في سبيل الله فرسه أو متاعه أن يجعله فيه في قول مالك (قال) نعم
ولقد أتى رجل مالكا وأنا عنده قاعد فسأله عن رجل جعل ماله في سبيل الله أوصى به
فأراد وصيه أن يفرقه في جدة فنهاه مالك عن ذلك وقال لا ولكن فرقه في السواحل
(قال ابن القاسم) يريد سواحل الشام ومصر (قلت) وما بال جدة أليست ساحلا
(قال) ضعفها مالك (فقيل) لمالك انهم قد نزلوا (قال) فقال مالك إذا كان ذلك
شيئا خفيفا. فضعف مالك ذلك (قال) ولقد سأله قوم وأنا عنده قاعد انه كان من
دهلك (1) ما كان وكانوا قوما قد تجهزوا يريدون الغزو إلى عسقلان والإسكندرية أو
بعض هذه السواحل فاستشاروه أن ينصرفوا إلى جدة فنهاهم عن ذلك وقال لهم
الحقوا بالسواحل (قال ابن وهب) قال يونس قال ربيعه كل ما جعل صدقة حبسا
أو حبس ولم تسم فيه صدقة فهو كله صدقة تنفذ في مواضع الصدقة وعلى وجه ما ينتفع



(1) (دهلك) وزان جعفر جزيرة بين بر اليمن وبر الحبشة أي من أهل دهلك الخ كتبه مصححه
98
بذلك فيه أن كانت دواب ففي الجهاد وان كانت غلة أموال فعلى منزلة ما يرى الوالي
من وجه الصدقة (قال ابن القاسم) وسئل مالك عن رجل أوصى بوصية وأوصى
فيها بأمور فكان فيما أوصى به أن قال داري حبس ولم يجعل لها مخرجا فلا ندري
أكان ذلك منه نسيانا أو جهل الشهود أن يذكروه ذلك فقال مالك أراها حبسا في
الفقراء والمساكين (فقيل) له فإنها بالإسكندرية وجل ما يحبس الناس بها في سبيل
الله (قال) ينظر في ذلك ويجتهد فيه فيما يرى الوالي وأرجو أن تكون له سعة في
ذلك أن شاء الله تعالى
في الرجل يحبس رقيقا في سبيل الله
(قلت) أرأيت أن حبس رقيقا له في سبيل الله أتراهم حبسا (قال) نعم (قلت)
وما يصنع بهم (قال) يستعملون في سبيل الله (قلت) ولا يباعون (قال) لا
(قلت) تحفظه عن مالك (قال) لا أقوم على حفظه
في الرجل يحبس ثيابا في سبيل الله
(قلت) أرأيت الثياب هل يجوز أن يحبسها رجل على قوم بأعيانهم وعلى المساكين
أو في سبيل الله في قول مالك (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أرى به بأسا
أن يحبس الرجل الثياب والسروج (قلت) أرأيت ما ضعف من الدواب المحبسة
في سبيل الله أو بلى من الثياب كيف يصنع بها في قول مالك (قال) قال مالك
أما ما ضعف من الدواب حتى لا يكون فيه قوة للغزو فإنه يباع ويشترى بثمنه غيره
من الخيل فيجعل في سبيل الله (قال ابن القاسم) فإن لم يكن في ثمنه ما يشترى به
فرس أو هجين أو برذون رأيت أن يعان به في ثمن فرس والثياب إن لم تكن فيها
منفعة بيعت واشترى بثمنها ثياب ينتفع بها وإن لم يكن في ثمنها ما يشترى به شئ ينتفع
به فرق في سبيل الله (قال ابن وهب) وسمعت مالكا يقول في الفرس المحبس في
سبيل الله إذا كلب وخبث انه لا بأس أن يباع ويشترى فرس مكانه (قال سحنون)

99
وقد روى غيره أن ما جعل في سبيل الله من العبيد والثياب لا تباع (قال) ولو بيعت
لبيع الربع المحبس إذا خيف عليه الخراب وهذه جل الاحباس قد خربت فلا شئ
أدل على سنتها منها ألا ترى أنه لو كان البيع يجوز فيها لما أغفله من مضى ولكن
بقاؤه خرابا دليل على أن بيعه غير مستقيم وبحسبك حجة في أمر قد كان متقادما
بأن تأخذ منه ما جرى منه فالاحباس قديمة ولم تزل وجل ما يوجد منها بالذي به لم
يزل يجرى عليه فهو دليلها فبقاء هذه خرابا دليل على أن البيع فيها غير مستقيم لأنه
لو استقام لما أخطأ من مضى من صدر هذه الأمة وما جهله من لم يعمل به حتى
تركت خرابا وإن كان قد روى عن ربيعة خلاف لهذا في الرباع والحيوان إذا رأى
الامام ذلك (ابن وهب) عن الليث أنه سمع يحيى بن سعيد يسئل عن فرس
حبس دفعت إلى رجل فباعها قال يحيى لم يكن ينبغي له أن يحدث فيها شيئا غير
الذي جعلت له فيه إلا أن يخاف ضعفها وتقصيرها فلعل ذلك يخفف بيعها ثم يشترى
مكانها فرسا تكون بمنزلتها حبسا
في الرجل يحبس الخيل والسلاح في سبيل الله
(فلا يخرجها من يديه حتى يموت)
(قلت) أرأيت من حبس الخيل فلم ينفذها ولم يخرجها من يديه إلى أحد حتى مات أيجوز ذلك في قول مالك (قال) لا يجوز هذا وهي ميراث كذلك قال مالك (قال)
وقال مالك في السلاح أيضا إذا حبسه وهو صحيح ولم ينفذه بحال ما وصفت لك ولم
يخرجه من يديه حتى يموت فهو ميراث بين الورثة (قال) مالك وإذا حبس سلاحا
كان يخرج ويرجع إليه فهو جائز وما لم يكن كذلك لم يخرجه حتى مات فهو ميراث
وان أخرج بعضه فأنفذه وبقي بعضه فما أخرج منه فهو جائز وما لم يخرج منه فهو
ميراث (قال ابن القاسم) وقد قال مالك من حبس حبسا من عرض أو حيوان
في سبيل الله ثم وليه حتى مات ولم يوجهه في الوجوه التي سمى غير أنه كان يقوم عليه
ويليه حتى مات قال أما كل حبس له غلة فإنه إن وليه حتى مات وهو في يديه رأيته

100
ردا في الميراث لأنه لو شاء رجل لانطلق إلى ماله فحبسه وأكل غلته فإذا جاء الموت
قال قد كنت حبسته ليمنعه من الوارث فلا أرى أن يجوز مثل هذا من الاحباس حتى
يستخلف عليها الذي حبسها رجلا غيره ويتبرأ إليه منها. وأما كل حبس لا غلة له مثل
السلاح والخيل وأشباه ذلك فإنه إذا وجهه في تلك الوجوه التي سمى وأعمله فيها
فقد جاز وإن كان يليه حتى مات وهو من رأس المال وإن لم يكن وجهه في شئ من
تلك الوجوه فلا أراه الا غير جائز
في الرجل يحبس على الرجل وعلى عقبه ولا يذكر
(في حبسه صدقة وكيف مرجع الحبس)
(قال) وقال مالك في الرجل يحبس على الرجل وعقبه أو عليه وعلى ولده وولد
ولده أو يقول رجل هذه الدار على ولدى ولم يجعل لها مرجعا بعدهم فانقرضوا
ان هذا الحبس موقوف ولا يباع ولا يوهب ويرجع إلى أولى الناس بالمحبس يكون
حبسا (قال ابن القاسم) قال مالك إذا تصدق الرجل بدار له على رجل وولده
ما عاشوا ولم يذكر لها مرجعا الا صدقة هكذا لا شرط فيه فيهلك الرجل وولده
(قال) أرى أي ترجع حبسا على أقاربه في المساكين ولا تورث (ابن وهب)
عن الليث عن يحيى بن سعيد أنه قال من حبس دارا أو تصدق بها قال الحبس
والصدقة عندنا بمنزلة واحدة فإن كان صاحب ذلك الذي حبس الدار لم يسم شيئا
فإنها لاتباع ولا تورث يسكنها الأقرب فالأقرب به (قال سحنون) وقد قال بعض
رجال مالك كل حبس أو صدقة على مجهول من يأتي فهو الحبس الموقوف مثل أن
يقول على ولدي ولم يسمهم فهذا مجهول ألا ترى أن من يحدث من ولده بعد هذا
القول يدخل فيه وكذلك لو قال على ولدي وعلى من يحدث لي بعدهم فهذا أيضا
على مجهول من يأتي وإذا سمى فإنما هم قوم بأعيانهم وقد فسرنا ذلك (قال ابن
وهب) وقال بعض من مضى من أهل العلم إذا تصدق الرجل على الرجل وعلى
عقبه من بعده فهو الحبس الذي لا يباع ولا يوهب يحوزه صاحبه حياته فإذا مات

101
كان الحبس لعقبه ثم لعقب عقبه ما بقي منهم أحد ثم يرجع إذا انقرض العقب إلى
ما سمى المتصدق بها وسلبها عليه (وقال) رجال من أهل العلم منهم ربيعة إذا تصدق
الرجل على جماعة من الناس لا يدرى كم عدتهم ولا يسمهم بأسمائهم فهي بمنزلة الحبس
وقال ربيعة والصدقة الموقوفة التي تباع إذا شاء صاحبها إذا تصدق بها الرجل على
الرجل أو الثلاثة أو أكثر من ذلك إذا سماهم بأعيانهم ومعناة ما عاشوا ولم يذكر
عقبا فهذه الموقوفة التي يبيعها صاحبها ان شاء إذا رجعت إليه (قلت) لابن القاسم
أرأيت الرجل يقول داري هذه حبس على فلان وعلى عقبه من بعده ولم يقل صدقة
فهي حبس كما يقول صدقة (قال) أصل قوله الذي رأيناه يذهب إليه أنه إذا قال حبسا
ولم يقل صدقة فهي حبس إذا كانت على غير قوم بأعيانهم وإذا كانت على قوم
بأعيانهم فقد اختلف فيه قوله قد كأن يقول إذا قال حبسا على قوم بأعيانهم ولم يقل
صدقة أو قال حبسا ولم يقل لاتباع ولا توهب فهذه ترجع إلى الذي حبسها إذا كان
حيا أو إلى ورثته الذين يرثونه فتكون مالا لهم وقد قال لا ترجع إليه ولكنها تكون
محبسة بمنزلة الذي يقول لاتباع وأما ان قال حبسا لاتباع أو قال حبسا صدقة وان كانوا
قوما بأعيانهم فهذه الموقوفة التي ترجع بعد موت المحبس عليه إلى أقرب الناس بالمحبس
ولا ترجع إلى المحبس وإن كان حيا وهو الذي يقول أكثر الرواة عن مالك وعليه
يعتمدون ولم يختلف قوله في هذا قط إذا قال حبسا صدقة أو قال حبسا لاتباع وان كانوا
قوما بأعيانهم إنما الموقوفة التي ترجع إلى أقرب الناس بالمحبس إن كان ميتا أو كان حيا
ولا ترجع إلى المحبس على حال (عبد الله بن وهب)
عن مخرمة بن بكير عن أبيه
قال يقال لو أن رجلا حبس حبسا على أحد لم يقل لك ولعقبك من بعدك فإنها ترجع
إليه فان مات قبل الذين حبس عليهم الحبس ثم ماتوا كلهم أهل الحبس فإنها ترجع
ميراثا بين ورثة الرجل الذي حبسها على كتاب الله (ابن وهب) عن يونس عن
ربيعة أنه قال من حبس داره على ولده وولد غيره فجعلها حبسا فهي حبس عليهم
يسكنونها على مرافقهم فان انقرضوا أخذها ولاته دون ولاة من كان ضم مع ولده

102
إذا كانوا ولد ولد أو غيرهم (قال) قال ربيعة وكل من حبس دارا على ولده فأولادهم
بمنزلة الولد والذي يحدث منهم بمنزلة من كان يوم تصدق إلا أن يأخذ قوم بفضل اثره
وكثرة عيال في سعة المساكين وقوة المرافق ليس بينهم أثرة الا بتفضيل حق يرى
(وأخبرني) يونس بن يزيد عن ربيعة أنه قال في الرجل يترك المال حبسا على ولده
ثم يموت بعض ولده من صلبه وله ولد قال ربيعة تلك الصدقة والحبس الذي يجرى
فيها الولد وولد الولد تكون قائمة لاتباع وأما ما ذكرت من ولد الولد مع الولد فإنما
يقع فيه الاجتهاد يكون في المال فلا يحصى وذلك الولد مع أعمامهم يكون المال قليلا
مستوفى فتكون الأعمام أحق به من ولد أخيهم ويكون العسر وليسر فينظر الناس في ذلك
كله (وقال يحيى بن سعيد) من حبس داره على ولده وولد ولده ذكورهم
وإناثهم إلا أن ولده أولى من ولد ولده ما عاشوا إلا أن يكون فضل فيكون لولد الولد
فذلك حق لحاجتهم (وقال) يحيى بن سعيد من حبس داره على ولده وولد ولده فهي
على ما وضعها عليه إلا أن يبدأ بولده قبل ولد ولده وليس لولد البنات فيها حق (وقال)
مالك من قال حبسا على ولدى فان ولد الولد يدخلون مع الآباء ويرثون الآباء فان
قال ولدى وولد ولدى دخلوا أيضا وبدئ بالولد وكان لهم الفضل إن كان فضل (قال
سحنون) وكان المغيرة وغيره يسوى بينهم (وقال مالك) ليس لولد البنات شئ إذا
قال الرجل هذه الدار حبس على ولدى فهي لولده وولد ولده وليس لولد البنات
شئ قال الله تبارك وتعالى يوصيك الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فاجتمع
الناس أنه لا يقسم لولد البنات شئ من الميراث إذا لم يكن له بنات لصلبه وان بنى
البنين الذكور والإناث يقسم لهم الميراث ويحجبون من يحجبه من كان فوقهم إذا لم
يكن فوقهم أحد (ابن وهب) عن يونس بن يزيد أنه سأل أبا الزناد عن رجل
حبس على رجل وولده ما عاشوا حبسا لا يباع ولا يوهب ولا يورث فقال أبو الزناد
هي على ما وضعها عليه ما بقي منهم أحد فان انقرضوا صارت إلى ولاة الذي حبس
وتصدق (وقال) ربيعة وابن شهاب ويحيى بن سعيد ان الحبس إذا رجع إنما يرجع إلى

103
ولاة الذي حبس وتصدق
في الرجل يحبس داره في مرضه على ولده ولد ولده
(ثم يهلك ويترك زوجته وأمه وولده وولد ولده)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا حبس في مرضه على ولده وولد ولده دارا والثلث
يحملها وهلك وترك زوجته وأمه وولده وولد ولده (قال) تقسم الدار على عدد الولد
وعلى عدد ولد الولد فما صار لولد الأعيان دخلت معهم الأم والزوجة فكان ذلك بينهم
على فرائض الله تعالى حتى إذا انقرض ولد الأعيان رجعت الدار كلها على ولد الولد
(قلت) فان انقرض واحد من ولد الأعيان (قال) يقسم نصيبه على من بقي من
ولد الأعيان وعلى ولد الولد لأنهم هم الذين حبس عليهم ثم تدخل الأم والزوجة
وورثة الميت من ولد الأعيان في الذي أصاب ولد الأعيان من ذلك على فرائض الله
(قلت) فان هلكت الأم أو الزوجة أو هلكتا جميعا أيدخل ورثتهما في حظوظهما
ما دام أحد من ولد الأعيان حيا (قال) نعم قال وهذا قول مالك (قلت) أرأيت أن
انقرضت الأم والزوجة أولا أيدخل ورثتهما مكانهما (قال) نعم (قلت) فان
انقرض واحد من ولد الأعيان بعد ذلك (قال) يقسم نصيبه على ولد الولد وعلى من
بقي من ولد الأعيان ويرجع من بقي من ورثة الهالك من ولد الأعيان وورثة الزوجة
وورثة الأم في الذي أصاب ولد الأعيان فيكون بينهم على فرائض الله فان مات ورثة
الزوجة والأم وبقي ورثة ورثتهم (نقال) يدخل في ذلك ورثة ورثتهم أبدا ما بقي من
ولد الأعيان أحد بحال ما وصفت لك (قلت) وهذا قول مالك (قال) هذا قوله
(قلت) فان انقرض ولد الولد رجعت حبسا على أولى الناس بالمحبس في قول مالك
(قال) نعم
في الرجل يحبس الدار ويشترط على المحبس عليه مرمتها
(قلت) أرأيت الرجل يحبس داره علي رجل وعلى ولده وولد ولده ويشترط على

104
الذي يحبس عليه أن ما احتاجت الدار من مرمة فعلى المحبس عليه أن ينفق في
مرمتها من ماله (قال) لا يصلح ذلك وهذا كراء وليس بحبس (قلت) أتحفظه
عن مالك (قال) لا إلا أن مالكا قال في الفرس يحبس على الرجل ويشترط علي
المحبس عليه حبسه سنة وعلفه فيها قال مالك لا خير فيه وقال أرأيت أن هلك قبل
أن تستكمل السنة كيف يصنع أيذهب علفه باطلا (قلت) فما يصنع أيجعل الفرس
والدار حبسا إذا وقع مثل هذا الشرط أم يبطل (قال) لا أدرى إلا أن مالكا قال
لي في الفرس لا خير فيه ووجه كراهية ذلك عنده أنه غرر وقال أرأيت لو مات قبل
السنة أكان تذهب نفقته (قال مالك) في الرجل يبيع عبده على أنه مدبر على المشترى
انه لا خير فيه (قال ابن القاسم) وأنا أرى أنه يجوز تدبيره لأنه بيع قد فات بالتدبير
ويرجع البائع على المشترى بتمام المثن إن كان البائع هضم له من الثمن لذلك شيئا وهذا
قول مالك في التدبير فأرى في الفرس أن يخير صاحبه الذي حبسه فان أحب إن لم
يفت الاجل أن يضع الشرط ويبتله لصاحبه فعل أو يدفع إليه ما أنفق ويأخذ فرسه
وان فات الاجل لم أر أن يرد وكان الذي بتل له بعد السنة بغير قيمة. وأرى في الدار
أن تكون حبسا على ما جعل ولا تلزمه المرمة وتكون مرمتها من غلتها لأنها فاتت
في سبيل الله ولا يشبهه البيوع إلا أن ذلك يكرهه مالك له
في الحبس على الولد واخراج البنات واخراج بعضهم
(عن بعض وقسم الحبس)
(قال ابن وهب) أخبرني حياة بن شريح أن محمد بن عبد الرحمن القرشي أخبره قال
حبس عثمان بن عفان والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله التيمي دورهم (وأخبرني)
غيره من أهل العلم عن علي بن أبي طالب وعمرو بن العاص وغيرهم مثله (قال) سعيد بن
عبد الرحمن وغيره عن هشام بن عروة ان الزبير بن العوام قال في صدقته علي بنيه لاتباع
ولا تورث وان للمردودة من بناته أن تسكن غير مضرة ولا مضار بها (ابن وهب)
عن يزيد بن عياض عن عياض عن أبي بكر بن حزم أن عمر بن عبد العزيز كتب له أن يفحص

105
له عن الصدقات وكيف كانت أول ما كانت (قال) فكتبت إليه أذكر له صدقة
عبد الله بن زيد وأبي طلحة وأبي الدحداحة وكتبت إليه أذكر له أن عمرة ابنة عبد
الرحمن ذكرت لي عن عائشة أنها كانت إذا ذكرت صدقات الناس اليوم واخراج
الرجال بناتهم منها نقول ما وجدت للناس مثلا اليوم في صدقاتهم الا ما قال الله وقالوا
ما في بطون هذه الانعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا وان يكن ميتة فهم فيه
شركاء قالت والله انه ليتصدق الرجل بالصدقة العظيمة على ابنته فترى غضارة صدقته
عليها وترى ابنته الأخرى وانه لتعرف عليها الخصاصة لما حرمها من صدقته. وان عمر
ابن عبد العزيز مات حين مات وانه ليريد أن يرد صدقات الناس التي أخرجوا منها
النساء وان مالكا ذكر لي أن عبد الله بن عمرو وزيد بن ثابت حبسا على أولادهما
دورهما وانهما سكنا في بعضها فهذا يدل على قول عائشة ان الصدقات فيما مضى إنما
كانت على البنين والبنات حتى أحدث الناس اخراج البنات وما كان من عزم عمر
ابن عبد العزيز على أن يرد ما أخرجوا منه البنات يدل على أن عمر ثبت عنده أن
الصدقات كانت على البنين والبنات (وقال مالك) من حبس على ولده دارا فسكنها
بعضهم ولا يجد بعضهم فيها سكنا فيقول الذين لم يجدوا منهم سكنا أعطوني من
الكراء بحساب حقي (قال) لا أرى ذلك له ولا أرى أن يخرج أحد لاحد ولكن
ان غاب أحد أو مات سكن فيه وهكذا حبس ابن عمر وزيد بن ثابت لا يخرج أحد
لاحد ولا يعطى من لم يجد مسكنا كراء (قال بن القاسم) قال مالك ان غاب
أي إن كان يريد المقام في الموضع الذي غاب إليه وأما إن كان رجلا يريد أن يسافر
إلى موضع ليرجع فهو على حقه (وقال) علي بن زياد في روايته ان غاب مسجلا ولم يذكر
ما قال ابن القاسم (ابن وهب) عن محمد بن عمرو عن ابن جريج عن عطاء بن أبي
رباح أنه قال في صدقة الرباع لا يخرج أحد من أهل الصدقة عن أحد إلا أن يكون
عنده فضل من المساكن (وسئل) مالك عن رجل حبس على ولده حبسا وعلى
أعقابهم وليس له يومئذ عقب فأنفذه لهم في صحته ثم هلك بعد ذلك وهلك ولده فبقي

106
بنو بنيه وبنو بنى بنيه هل لبنى بني بنيه مع آبائهم في الحبس شئ (قال) أرى أن يعطى
بنو بني بنيه من الحبس كما يعطى بنو بنيه إذا كانوا مثلهم في الحال والحاجة والمؤنة
إلا أن الأولاد ما داموا صغارا لم يبلغوا ولم يتزوجوا ولم تكن لهم مؤنة فإنما يعطى
الأب بقدر ما يمون ومن بلغ منهم حتى يتزوج وتكون حاجته ومؤنته مثل البنين
فهم فيه شرعا سواء إذا كان موضعا وان كانوا صغارا فإنه لا يقسم لهم ويعطى آباؤهم
على قدر عيالهم
في المحبس عليه يرم في الحبس مرمة
(ثم يموت ولم يذكرها أو ذكرها)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا حبس دارا له على ولده وولد ولده ثم إن أحد البنين بنى
في الدار بناء أو أدخل خشبة في بناء الدار أو أصلح فيها بيتا ثم مات ولم يذكر
لما أدخل في الدار ذكرا (قال) قال مالك لا أرى لورثته فيها شيئا (قلت) فإن كان
قد ذكر الخشبة التي أدخل فيها أو ما أصلح فقال خذوه فهو لورثتي أو أوصى به
أيكون ذلك له (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا وذلك له (قلت) فإن كان قد
بني بنيانا كثيرا ثم مات ولم يذكر ذلك (قال) الذي أخبرتك عن مالك أنه قال إذا
بنى وأدخل خشبة وأرى مالكا قد ذكر البناء (3) وذلك كله عندي سواء وقد قال
المخزومي ولا يكون من ذلك محرما ولا صدقة الا الشئ اليسير من الستور وأشباهها
من الميازيب
ومما لا يعظم خطره ولا قدره وأما البناء الذي له القدر فهو مال من ماله
يباع في دينه ويأخذه ورثته
في رجل يحبس حائطه في مرضه فلا يخرج
(من يديه حتى يموت)
(قلت) أرأيت أن حبس رجل حائطه على المساكين في مرضه ولم يخرج من يديه
حتى مات أيجوز ذلك في قول مالك (قال) نعم إذا كان الثلث يحمله لأن هذه وصية

107
كأنه قال إذا مت فحائطي على المساكين حبس عليهم تجرى عليهم غلتها ولان كل فعل
فعله في مرضه من بت صدقة أو بت عتق ليس يحتاج فيه إلى أن يقبض من يديه
ولأنه لو قبض من يديه كان موقوفا لا يجوز لمن قبضه أكل غلته ان كانت له ولا
أكله إن كان مما يؤكل حتى يموت فيكون في الثلث أو يصح فينفذ البتل كله وإن كان
لرجل بعينه أو كان للمساكين أو في سبيل الله أمر بإنفاذ ذلك وان فعل
الصحيح ليس يجوز منه الا ما قبض وحيز قبل أن يموت المتصدق أو يفلس وقد كان
له قول في فعل المريض إذا كانت له أموال مأمونة
في الرجل يحبس حائطه في الصحة
(فلا يخرجه من يديه حتى يموت)
(قلت) أرأيت من حبس نخل حائطه أو تصدق بها على المساكين في الصحة فلم
يخرجها من يديه حتى مات (قال) لا يجوز لان هذا غير وصية فإذا كان غير وصية لم يجز إلا أن يخرجها من يديه قبل أن يموت أو يوصى بانفاذها في مرضه فتكون
من الثلث (قلت) وهذا قول مالك (قال) نعم (قال) ومن تصدق بصدقة أو وهب
هبة على من يقبض لنفسه فلم بقبضها حتى مرض المتصدق أو الواهب كان المتصدق
عليه وارثا أو غير وارث لم يجز له قبضها وكانت مال الوارث وكذلك العطايا والنحل
(قال ابن وهب) ألا ترى أن الحارث بن نبهان ذكر عن محمد بن عبد الله عن عمرو
ابن شعيب عن سعيد بن المسيب ومحمد بن عبيد الله عن ابن أبي ملكية وعطاء بن أبي
رباح أن أبا بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعبد الله بن عمر وعبد
الله بن عباس قالوا لا تجوز صدقة حتى نقبض وقال شريح ومسروق لا تجوز صدقة
الا مقبوضة ذكره أشهل وان يونس ذكر عن ابن موهب أنه قال ما تصدق به
وهو صحيح فلم يقبضه من تصدق به عليه إلا أن يكون صغيرا فهو للورثة ولا تجوز
صدقة الا بقبض وان مالكا ويونس بن يزيد ذكرا عن ابن شهاب عن سعيد بن
المسيب عن عثمان بن عفان أنه قال من نحل ولدا له صغيرا لم يبلغ أن يجوز نحله فأعلن

108
بها وأشهد عليها فهي جائزة وان وليها أبوه (ابن وهب) وان رجالا من أهل العلم
ذكروا عن عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز وشريح الكندي وابن شهاب
وربيعة وبكير بن الأشج مثله وقال شريح هو أحق من وليه وان مالك بن أنس
ويونس بن يزيد ذكرا عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن
عبد القارى عن عمر بن الخطاب أنه قال ما بال رجال ينحلون أبناءهم نحلا ثم يمسكونها
فان مات ابن أحدهم قال مالي بيدي لم أعطه أحدا وان مات هو قال هو لابني قد
كنت أعطيته إياه من نحل نحله ثم لم يحزها الذي نحلها حتى تكون ان مات لوارثه
فهو باطل أولا ترى أن أبا بكر الصديق نحل عائشة ابنته أحدا وعشرين وسقا فلم
تقبض ذلك حتى حضرت أبا بكر الوفاة فلم يجز لها ذلك وإنما أبطل عمر النحل التي
لم تقبض في الكبير الذي مثله يقبض ألا ترى أنه جوزه للصغير وجعل الأب قابضا
(ابن وهب) عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن علي بن أبي طالب قال
المواهب ثلاثة موهبة يراد بها وجه الله وموهبة يراد بها الثواب وموهبة يراد بها
وجه الناس فموهبة الثواب يرجع فيها صاحبها إذا لم يثب (ابن وهب) قال عمر بن
الخطاب من وهب هبة لصلة رحم أو على وجه الصدقة فإنه لا يرجع فيها ومن وهب هبة
يرى أنه إنما أراد بها الثواب فهو على هبته يرجع فيها إن لم يرض منها ذكره مالك وان
سعيد بن المسيب ذكر عن عمر بن الخطاب قال من وهب هبة لوجه الله فذلك له
ومن وهب هبة يريد ثوابها فإنه يرجع فيها إذا لم يرض منها ذكره أيضا مالك
في الرجل يحبس داره على المساكين
(فلا تخرج من يديه حتى يموت)
(قلت) أرأيت إذا حبس غلة دار له على المساكين فكانت في يديه يخرج غلتها
كل عام فيعطيها المساكين حتى مات وهي في يديه أتكون غلتها للمساكين بعد
موته أو تكون ميراثا (قال) قال مالك إذا كانت في يديه حتى يموت لم يخرجها من
يديه حتى يموت فهي ميراث وإن كان يقسم غلتها إلا أن مالكا قال لنا في الخيل

109
والسلاح انه مخالف للدور والأرضين إذا كان له خيل وسلاح قد جعلها في سبيل الله
فكان يعطى الخيل يغزى عليها أيام غزوها فإذا قفلت ردت إليه فقام عليها وعلفها
والسلاح مثل ذلك (قال مالك) إذا أنفذها في حياته هكذا وان كانت ترجع إليه
عند القفل فأراها من رأس المال وهي جائزة ولا يشبه هذا عندي النخل ولا الدور
ولا الأرضين
في الرجل يحبس ثمرة حائطه على رجل فيموت المحبس
(عليه وفى النخل ثمر قد أبر)
(قلت) أرأيت أن حبست ثمرة حائطي على رجل بعينه حياته فأخذ النخل فكان
يأكل ثمرتها ثم إن المحبس عليه مات وفى رؤس النخل ثمر لم يبد صلاحه لمن تكون
الثمرة الورثة المحبس عليه أم لورثة رب النخل (قال) سئل مالك عن رجل حبس
حائطا له على قوم بأعيانهم فكانوا يسقون ويقومون على النخل فمات بعضهم وفى
رؤس النخل ثمر لم يبد صلاحه وقد أبرت (قال) قال مالك أراها للذين بقوا منهم يتقوون
به على سقيه وعمله وليس لمن مات منهم فيها شئ ولو طابت الثمرة قبل أن يموت
أحد كان نمحق من مات منهم فيها ثابتا يرثه ورثته فمسألتك مثل هذا ان مات المحبس
عليه قبل أن تطيب الثمرة فهي ترجع إلى المحبس وان مات بعد ما تطيب الثمرة
كانت لورثة الميت المحبس عليه (وقال بعض الرواة) هذا إذا كانت صدقة محبسة
وهم يلون عملها (قال) ولقد سئل مالك عنها غير مرة ونزلت بالمدينة فقال مثل
ما أخبرتك وان كانت ثمرة تقسم غلتها فقط وليسوا يلون عملها فنصيب من مات منهم
رد على صاحبه المحبس (قال ابن القاسم) وقد كان مالك رجع فقال يكون على
من بقي وليس يرجع نصيب من مات إلى المحبس (وروى) الرواة كلهم عن مالك
ابن القاسم وابن وهب وابن نافع وعلي بن زياد والمخزومي وأشهب أنه قال من
حبس غلة دار أو ثمرة حائط أو خراج غلام على جماعة قوم بأعيانهم فإنه من مات
منهم رجع نصيبه إلى الذي حبس لان هذا مما يقسم عليهم وان كانت دارا

110
لا يسكنها غيرهم أو عبدا يخدم جميعهم فمن مات منهم فنصيبه رد على من بقي منهم
لان سكناهم الدار سكنى واحد واستخدامهم العبد كذلك (قال سحنون)
فثبت الرواة كلهم عن مالك على هذا وقاله المخزومي فيما يقسم وفيما لا يقسم على
ما وصفنا الا ابن القاسم فإنه أخذ برجوع مالك في هذا بعينه فقال يرجع على من
بقي كان يقسم أو لا يقسم وما اجتمعوا عليه أحج إن شاء الله (وقال بعضهم) وان
مات منهم ميت والثمر قد أبر فحقه فيها ثابت قاله غير واحد من الرواة
في الرجل يسكن الرجل مسكنا على أن عليه مرمته
(قلت) أرأيت لو أن رجلا أسكن رجلا منزله سنين معلومة أو حياته على أن عليه
مرمته أيجوز هذا في قول مالك (قال) لا لان هذا قد صار كراء غير معلوم
في الرجل يسكن الرجل دارا له على أن ينفق عليه حياته
(قال) وسئل مالك عن رجل أعطى رجلا دارا له على أن ينفق على الرجل حياته
(قال) مالك ما استغلها فذلك له وترد الدار على صاحبها والغلة له بالضمان وما
أنفق على الرجل غرمه الرجل له وأخذ داره
تم كتاب الحبس بحمد الله وعونه وصلى الله على سيدنا محمد
(النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
ويليه كتاب الصدقة

111
بسم الله الرحمن الرحيم
(الحمد لله وحده)
وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم
كتاب الصدقة
(في الرجل يتصدق بالصدقة فلا تقبض منه حتى يبيعها)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا تصدق على رجل بدار فلم يقبض المتصدق عليه حتى
باعها المتصدق ما قول مالك في ذلك (قال) قال مالك إذا كان الذي تصدق بها عليه
قد علم بصدقته فلم يقبضها حتى باعها المتصدق نفذ البيع ولم يرد وكان له الثمن يأخذه
وان كإن لم يعلم فالبيع مردود إذا كان الذي تصدق بها حيا والمتصدق عليه أولى
بالدار وان مات المتصدق قبل أن يعلم الذي تصدق بها عليه فلا شئ له ولا يرد البيع
لأنه لو لم يبعها حتى مات ولم يعلم الذي تصدق بها عليه لم يكن له شئ (وقال أشهب)
ليس للمتصدق عليه شئ إذا خرجت من ملك المتصدق بوجه من الوجوه وحيزت عليه
في الرجل يتصدق على الرجل في المرض
(فلم يقبضها منه حتى مات المتصدق)
(قلت) أرأيت كل هبة أو عطية أو صدقة في المرض فلم يقبضها الموهوب له
ولا المعطى ولا المتصدق عليه حتى مات الواهب من مرضه ذلك أتكون هذه وصية
أم تكون هبة أو عطية أو صدقة لم يقبضها صاحبها حتى مات الواهب فتبطل وتصير
لورثة الواهب (قال) قال مالك هي وصية (قال مالك) وكل ما كان مثل هذا مما ذكرت

112
في المرض فإنما هي وصية من الثلث (قال سحنون) وقد بينا هذا في الرسم الذي قبله
في الرجل يبتل صدقته في مرضه ثم يريد أن يرجع في صدقته
(قلت) أرأيت المريض إذا بتل هبته أو عطيته أو صدقته في مرضه وقبضها
الموهوب له فأراد المريض أن يرجع فيها بعد ما قبضها الموهوب له أيكون ذلك له
في قول مالك (قال) قال مالك ليس له أن يرجع فيها بعد ما قبضها الموهوب له
ولكن لورثته أن يأخذوها ويوقفوها إلا أن يكون له مال مأمون من العقار بحال
ما وصفت لك (قلت) لم لا يكون له أن يرجع فيها وأنت تجعلها وصية (قال) لأنه
بتل شيئا وليس له أن يبتل على الورثة أكثر من ثلثه وليس له أن يرجع في الثلث الذي
بتله في مرضه لأنه لو صح لم يستطع الرجوع في ذلك (قلت) ولا يكون للذي
وهبت له الهبة في المرض أن بقبض هبته في قول مالك (قال) لا إلا أن يكون
للمريض مال مأمون من العقار والدور مثل ما وصفت لك
في الرجل يتصدق على ابنه الصغير بالصدقة
(ثم يشتريها من نفسه)
(قلت) أرأيت الرجل يتصدق بالجارية على ابنه وهو صغير فيتبعها نفسه أيكون له أن
يشتريها (قال) قال مالك نعم يقومها على نفسه ويشهد ويستقصى للابن (قلت)
أرأيت لو أن أجنبيا تصدق على أجنبي بصدقة أيجوز له أن يأكل من ثمرتها أو يركبها
ان كانت دابة أو ينتفع بشئ منها في قول مالك (قال) لا (قلت) فإن كان الأب
(قال) نعم إذا احتاج وقد وصفت لك ذلك (قلت) والأم تكون بمنزلة الأب
(قال) نعم في رأيي ولم أسمعه من مالك لأنهما إذا احتاجا أنفق عليهما (سحنون)
عن ابن وهب عن جرير بن حازم عن أيوب عن محمد بن سيرين أن رجلا تصدق على
ابنه بغلام ثم احتاج الرجل إلى أن يصيب من غلة الغلام شيئا فسئل عمران بن
حصين صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال ما أكل من غلته فليس

113
له فيه أجر (ابن وهب) وقال عبد الله بن مسعود دعوا الصدقة والعتاقة ليومها
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد بن حارثة في الفرس التي تصدق بها على
المساكين فأقاموها للبيع وكانت تعجب زيدا فنهاه رسول الله صلى الله عليه وسلم
أن يشتريها وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب في الفرس الذي
حمل عليه في سبيل الله فأضاعه صاحبه وأضربه وعرضه للبيع فسأل عمر بن الخطاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال إنه يبيعه برخص أفأشتريه فقال
لا وان أعطاكه بدرهم ان الذي يعود في صدقته كالكلب يعود في قيئه (وقال مالك)
لا يشترى الرجل صدقته لا من الذي تصدق بها عليه ولا من غيره
في الرجل يتصدق بالصدقة على الرجل فيجعلها على
(يدي رجل فيريد المتصدق عليه أن يقبضها)
(قلت) أرأيت أن تصدقت على رجل بدراهم والرجل الذي تصدقت بها عليه
مرضي في نفسه ليس بسفيه ولا محجور عليه فتصدقت عليه بدراهم وجعلتها على يدي
رجل وهو ملى حاضر معي حيث تصدقت فجعلتها على يدي من أعلمتك والمتصدق
عليه يعلم بذلك فلم يقم على صدقته حتى مت أنا أيكون له أن يقبضها بعد موتى أم
قد صارت لورثتي لأنه لم يحز صدقته (قال) إذا لم يشترط المتصدق على الذي جعلها
على يديه أن لا يدفعها إلى المتصدق عليه الا باذنه فللمتصدق عليه أن يقبض صدقته
بعد موت المتصدق لان المتصدق عليه لو شاء أخذ صدقته وإنما تركها في يدي
رجل قد حازها له ولو أراد المتصدق أن يأخذها بعد ما تصدق بها وجعلها على يدي
هذا الذي حازها للمتصدق عليه لم يكن لرب الصدقة أن يأخذها إن لم يشترط على
الذي جعلها على يديه أن لا يدفعها الا باذنه فإن كان اشترط ما أخبرتك فلا صدقة
له (قلت) وهذا قول مالك (قال) سئل مالك عن الرجل يدفع إلى الرجل
الدنانير يفرقها في سبيل الله أو يدفعها إلى المساكين والدافع صحيح سوى فلا يقسمها
الذي يعطاها حتى يموت الذي أعطاها (قال) قال مالك إذا كان أشهد حين دفعها

114
إلى من أمره بتفرقتها فقد جازت وهي من رأس المال فهذا يدلك على مسألتك (قال
ابن القاسم) وان كإن لم يشهد حين دفعها إليه وأمره بتفرقتها فما بقي منها يوم يموت
المعطى رده إلى الورثة ولا ينفعه فيها ما أمره بها فان فعل ضمن لأنها قد صارت
للورثة * ومن ذلك أيضا أن الرجل يحبس الحبس فيجعله على يد رجل وإن كان
الذين حبس عليهم كبارا فيجوز ذلك ألا ترى أن أحباس من مضى عمر وغيره إنما
كانت في يدي من جعلوها على يديه يجرون غلتها فيما أمروا بها فكانت جائزة
وكانت مقبوضة (قال ابن القاسم) قلت لمالك فما يشتري الناس في حجهم من
الهدايا لأهليهم مثل الثياب كسوة لأهله ثم يموت قبل أن يصل إلى بلده (قال) إن كان
أشهد على شئ من ذلك رأيته لمن اشتراه له وإن لم يشهد فهو ميراث (قال) فقلت
لمالك فالرجل يبعث بالهدية أو بالصلة إلى الرجل وهو غائب فيموت الذي بعث
بها أو الذي بعثت إليه قبل أن تصل إلى المبعوث إليه (قال) إن كان أشهد على ذلك
حين بعث بها على أنفاذها فمات الباعث بها فهي للذي بعثت إليه وان مات الذي بعثت
إليه بعد ما أنفذها وأشهد عليها فهي لولد المبعوث بها إليه وإن لم يكن أشهد عليها الباعث
حين بعثها فأيهما مات قبل أن تصل فهي ترجع إلى الباعث أو ورثته (ابن وهب)
عن الليث عن يحيى بن سعيد أنه قال في الرجل يرسل إلى صاحبه بألف دينار يتصدق
بها عليه وأشهد عليها فألفاه رسوله قد مات وقد كان حيا يوم تصدق بها عليه فطلبها
ورثته وقال المتصدق إنما أردت بها صلته (قال) إن كان تصدق بها وأشهد على صدقته
والمتصدق عليه يومئذ حي ثم توفى قبل أن تبلغه الصدقة فقد ثبتت للذي تصدق بها
عليه وليس للذي تصدق بها فيها رجوع وقد أنبتت منه
في الدعوى في الرجل يتصدق على الرجل
(بالحائط وفيه ثمرة قد طابت)
(قلت) أرأيت الرجل يتصدق على الرجل بالحائط وفيه ثمرة قد طابت فقال
المتصدق إنما تصدقت عليه بالحائط دون الثمرة (قال) قال مالك القول قول رب

115
الحائط من حين تؤبر الثمرة (قلت) فهل يحلف (قال) لا وما سمعت من مالك فيه
شيئا (قال ابن القاسم) وسألت مالكا عن الرجل يهب النخب للرجل وفيها ثمر
(قال) قال مالك ان كانت الثمرة لم تؤبر فهي للموهوب له وان كانت قد أبرت
رأيت القول فيها قول الواهب فان قال إنما وهبت النخل وحدها واحتبست الثمرة
فذلك له وهو مصدق (قلت) فكيف يكون وجه الحيازة المعروفة التي إذا حاز النخل
فهي حيازة وإن كان ربها يسقيها لمكان ثمرته (قال) إن كان خلى بين الموهوب له وبينها
ليسقيها فان حيازة الموهوب له النخل حيازة ولم أسمع من مالك يحد في هذه
المسألة في الحيازة شيئا
في الرجل يهب النخل للرجل ويشترط ثمرتها لنفسه سنين
(قلت) أرأيت لو أن رجلا وهب نخلا لرجل واشترط لنفسه ثمرتها عشر سنين
أيجوز ذلك أم لا في قول مالك (قال) إن كان أسلم النخل للموهوب له ليسقيها بماء نفسه
وللواهب ثمرتها فان هذا لا يصلح لأنه كأنه قال له اسقها إلى عشر سنين ثم هي لك
وهو لا يدرى أتسلم النخل إلى ذلك الوقت أم لا (قال) ولقد سألت مالكا عن الرجل
يدفع إلى الرجل الفرس يغزو عليه سنتين أو ثلاثا وينفق عليه المدفوع إليه الفرس
من عند نفسه ثم هو للمدفوع إليه بعد الاجل ويشترط عليه أن لا يبيعه قبل الاجل
(قال) قال مالك لا خير فيه وكرهه وبلغني عنه أنه قال أرأيت أن مات الفرس قبل
السنتين أتذهب نفقته باطلا قال لي مالك فهذا غرر لا خير فيه فهذا يدلك على مسألتك
في النخل (قال ابن القاسم) وان كانت النخل في يد الواهب يسقيها ويقوم عليها
ولم يخرجها من يده فإنما هذا رجل وهب نخله بعد عشر سنين فذلك جائز للموهوب
له ان سلمت النخل إلى ذلك الاجل ولم يمت ربها ولم يلحقه دين فله أن يقوم عليها
فيأخذها وان مات ربها أو لحقه دين فلا حق له فيها (ابن وهب) عن يونس بن
يزيد عن ابن شهاب في رجل أتى قوما فأعطوه إلى العطاء وكتبوا له ودفعوا إليه
الكتاب فبلغ ما أعطي فنزع رجال (قال ابن شهاب) قضى عمر بن عبد العزيز أن

116
الصدقة جائزة وليس لصاحبها أن يرجع فيها وقد قال أشهب في الفرس ان شرطه
ليس مما يبطل عطيته له ألا ترى لو أن رجلا قال لرجل خذ هذه الفرس عارية لك
سنين تركبه ثم هو لفلان بعدك بتلا فيترك المعار عارية لصاحب البتل ان حقه يجب
ويصير الفرس له فهو إذا جعله عارية له ثم صيره إليه سقطت العارية ووجبت الرقبة له
ولم يكن فيها خطر
في صدقة البكر
(قلت) أرأيت الجارية التي قد تزوجت ولم يدخل بها زوجها أتجوز لها صدقتها
أو عتقها في ثلثها في قول مالك (قال) قال مالك لا يجوز لها شئ حتى يدخل بها زوجها
فإذا دخل بها زوجها جاز لها ذلك إذا علم منها صلاح (قلت) أرأيت أن دخل بها
زوجها هل يوقت لها مالك وقتا في ذلك يجوز إليه صنيعها في ثلثها (قال) لا إنما وقتها
دخوله بها إذا كانت مصلحة (قلت) وهذا قول مالك (قال) نعم إنما قال لنا مالك إذا
دخل بها وعرف من صلاحها (قال ابن وهب) وأخبرني ابن لهيعة عن يزيد بن أبي
حبيب أن عمر بن الخطاب قال لا تجوز لامرأة موهبة لزوجها ولا لغيره حتى تعلم
ما ينقصها وما يزيدها (ابن وهب) عن يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد أنه سئل
عن المرأة تعطى زوجها أو تتصدق عليه ولم تمر بها سنة أو تعتق قال يحيى بن سعيد
ان كانت المرأة ليست بسفيهة ولا ضعيفة العقل فان ذلك يجوز لها (ابن وهب)
عن يونس بن يزيد قال قال ربيعة وكل امرأة أعطت وهي في سترها فهي بالخيار إذا
برزت فان أقامت على التسليم والرضا لما أعطت بعد أن يبرز وجهها فعطاؤها جائز
وان أنكرت رد عليها ما أعطت
تم كتاب الصدقة بحمد الله وعونه وصلى الله على سيدنا محمد النبي
(الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
ويليه كتاب الهبة

117
بسم الله الرحمن الرحيم
(الحمد لله وحده)
وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم
كتاب الهبة
في الرجل يهب الهبة من مال ابنه الصغير
(قلت) أرأيت من وهب من ماله ابن له شيئا والابن صغير أيجوز هذا في قول
مالك أم لا (قال) لا يجوز ذلك في قول مالك (قلت) فان تلفت الهبة أيكون الأب
ضامنا في قول مالك (قال) نعم
في الرجل يهب للرجل نصف دار له أو نصف عبد له
(قلت) أرأيت لو أن رجلا تصدق على رجل بنصف دار له بينه وبين رجل أو
وهب له نصف داره غير مقسومة أتجوز هذه الهبة أم لا في قول مالك (قال) قال
مالك الهبة جائزة وإن لم تكن مقسومة (قلت) فكيف يقبض هذا هبته أو صدقته
(قال) يحل محل الواهب ويحوز ويمنع مع شركائه ويكون هذا قبضه (قلت)
وكذلك هذا فيما لا ينقسم في العبد إذا وهب نصفه لرجل فهو جائز في قول مالك (قال)
نعم (قلت) ويكون قبضه مثل ما ذكرت في الدار (قال) نعم (قلت) وهذا قول
مالك (قال) نعم إذا حاز ما وهب له دون صاحبه فقد قبض
في الرجل يهب للرجل دهنا مسمى من جلجلان بعينه
(قلت) أرأيت أن وهبت لرجل عشرة أقساط من دهن جلجلاني هذا (قال) الهبة

118
جائزة لان مالكا قال يجوز أن يهب الرجل للرجل ثمرة نخله قابلا قال ذلك جائز فهذا الذي
ذكرت من دهن الجلجلان أحرى (قلت) أرأيت أن قال رب الجلجلان لا أعصره
(قال) يلزمه عصره ذلك (قلت) فان قال أنا أعطيك من غيره زيتا مثل زيته بمكيلته
(قال) لا يعجبني ذلك لأني أخاف أن يدخله طعام بطعام مستأخر ولعل ذلك
الجلجلان الذي وهب له من زيته يتلف قبل أن يعصره فيكون قد أعطاه زيته باطلا
فلا يعجبني إلا أن يكون من زيت ذلك الجلجلان الذي وهب له من زيته (وقال ربيعة)
في رجل قال اشهدوا أن لفلان في مالي صدقة مائة دينار ثم بدا له فرجع فيها بعد
يومين فخاصمه الذي تصدق عليه قال ربيعة يؤخذ بذلك أن كان في ماله محمل لذلك
أنفذ عليه وإن لم يدرك ذلك في ماله أبطل ولم ينزله منزلة الدين (ابن وهب)
عن يونس عن ابن شهاب أنه قال في رجل أتى قوما فأعطوه إلى العطاء وكتبوا له
ودفعوا الكتاب إليه فبلغ ما أعطي فنزع رجال فقال ابن شهاب قضى عمر بن عبد
العزيز أن الصدقة جائزة ليس لصاحبها أن يرجع فيها (ابن لهيعة) عن عبيد الله
ابن أبي جعفر أن حميد بن أبي الصعبة تصدق على ابنه بداره ثم أراد أن يرتجعها
فخاصمه إلى بعض قضاة مصر فأبى أن يجيز له ارتجاعه بعد أن تصدق
في الرجل يهب للرجل مورثه من رجل لا يدرى كم هو
(قلت) أرأيت أن وهبت لرجل مورثي من رجل ولا أدرى كم هو مورثي من
ذلك الرجل سدسا أو ربعا أو خمسا أتجوز الهبة (قال) من قول مالك أن ذلك جائز
في الرجل يهب للرجل نصيبه من دار أو جدار لا يدرى كم هو
(قلت) أرأيت أن وهبت لرجل نصيبي من هذه الدار ولا أدرى كم هو أيجوز أم لا
(قال) هذا والأول سواء أراه جائزا (قلت) أرأيت أن وهبت نصيبا لي من جدار
أيجوز أم لا في قول مالك (قال) ذلك جائز

119
في الرجل يهب للرجل نصيبا له من دار ولا يسميه له
(قلت) أرأيت أن وهبت لرجل نصيبا من داري ولم أسمه ثم قام الموهوب له
(قال) يقال للواهب أقر له بما شئت مما يكون نصيبا ولم أسمعه من مالك
في الرجل يهب للرجل الزرع والثمر الذي لم يبد صلاحه
(قلت) أرأيت هبة ما لم يبد صلاحه من الزرع والثمر هل يجوز ذلك في قول مالك
(قال) نعم إذا لم يكن للثواب
في المديان يموت فيهب رب الدين دينه لبعض ورثة المديان
(قلت) أرأيت لو كان لي على رجل دين فمات الرجل الذي لي عليه الدين فوهبت ديني
لبعض ورثته أيكون ما وهبت له جائزا ويكون ذلك له دون جميع الورثة (قال) نعم
في الرجل يهب للرجل الهبة فيموت الموهوب له قبل أن يقبض
(قلت) أرأيت إذا وهب رجل لعبدي هبة فمات العبد أيكون لي أن أقوم على الهبة
فاخذها في قول مالك (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى لك أن تقوم عليها
فتأخذها لان مالكا قال كل من وهب هبة لرجل فمات الموهوب له قبل أن يقبض
فورثته مكانه يقبضون هبته وليس للواهب أن يمتنع من ذلك وكذلك سيد العبد
عندي
في الرجل يهب للرجل عبده المديان أو الجاني
(قلت) أرأيت عبدا لي مأذونا له في التجارة اغترقه الدين فوهبته لرجل أتجوز
هبتي فيه أم لا في قول مالك (قال) هبتك جائزة وبيعك إياه جائز في قول مالك إذا
بينت أن عليه دينا حين تبيعه (قلت) أرأيت أن جنى عبدي جناية أو أفسد مالا
لرجل فوهبته أو بعته أو تصدقت به أيجوز ذلك أم لا في قول مالك (قال) ما سمعت من
مالك في هذا شيئا ولا أرى أن يجوز إلا أن يشاء سيده أن يحتمل الجناية فان أبي

120
أحلف بالله ما أراد أن يحتمل الجناية فان حلف رد وكانت الجناية أولى به في رقبته
(سحنون) وهذا إذا كانت هبته أو بيعه بعد علمه بالجناية فلذلك أحلف
في الرجل يبيع عبده بيعا فاسدا ثم يهبه البائع لرجل آخر
(قلت) أرأيت لو أن رجلا باع عبدا له من رجل بيعا فاسد ثم وهبه البائع لرجل
أجنبي أيجوز أم لا (قال) ان وهبه بعد البيع بيوم أو يومين قبل أن تحول أسواقه وقام
الموهوب له على قبض هبته ورد البائع الثمن فذلك جائز ويجبر البائع على رد الثمن
ويقال للموهوب له خذ هبتك وان كانت أسواقه قد تغيرت لم تجز الهبة فيه لأنه قد
صار للمشترى ولزمت المشترى فيه القيمة لان مالكا جعل البيع بينهما فيه مفسوخا
ما لم يتغير فالبيع الفاسد إذا فسخ فإنما يرجع العبد إلى البائع على المالك الأول فالهبة فيه
جائزة لأنه ملك واحد (قال) ولو أن البائع أعتق العبد قبل أن تتغير أسواقه بنماء
أو نقصان جاز عتقه في العبد إذا رد الثمن
لان البيع بينهما مفسوخ قبل أن تحول
أسواقه أو يتغير بنماء أو نقصان إلا أن يموت البائع قبل أن تحول أسواق العبد أو
يتغير ولم يقم الموهوب له على قبضه فلا يكون له شئ بمنزلة من تصدق بصدقة فلم
تقبض منه حتى مات المتصدق
في الرجل يرهن عبده ثم يهبه لرجل
(قلت) أرأيت أن رهنت عبدا لي ثم وهبته لرجل أتجوز الهبة فيه أم لا في قول
مالك (قال) الهبة جائزة ان افتككته لان الموهوب له متى ما قام على هبته فله أن
يأخذها ما لم يمت الواهب فهو إذا افتكها كان للموهوب له أن يأخذها فان قام على
هبته قبل أن يفتكها أجبر الواهب على افتكاكها إن كان له مال وقبضها الموهوب له
(قلت) فهل يكون قبض المرتهن قبضا للموهوب له ان مات الواهب (قال) لا يكون
قبض المرتهن قبضا للموهوب له (قلت) لم وقد قال مالك في العبد المخدم ان قبضه
قبض للموهوب له (قال) لان المخدم لم يجب له في رقبة العبد حق والمرتهن إنما حقه في

121
رقبة العبد فلا يكون قبض المرتهن قبضا للموهوب له وقد وافقه أشهب في كل ما قال
من أمر قبض المرتهن وقبض المخدم
في الرجل يغتصب عبده ثم يهبه لرجل وهو عند الغاصب
(قلت) أرأيت أن غصبني رجل عبدا فوهبته لرجل آخر والعبد مغصوب أتجوز
الهبة في قول مالك (قال) نعم ان قبضها الموهوب له قبل أن يموت الواهب (قلت)
ولا يكون قبض الغاصب قبضا للموهوب له (قال) لا يكون ذلك قبضا (قال سحنون)
وقال غيره هو قبض مثل الدين (قلت) لابن القاسم لم والهبة ليست في يد
الواهب (قال) لان الغاصب لم يقبض للموهوب له ولم يأمره الواهب أن يحوزها
للموهوب له فيجوز إذا كان غائبا فإن كان الموهوب له حاضرا غير سفيه وأمر
الواهب رجلا يقبض ذلك له ويحوز له لم يجز هذا فالغاصب ليس بحائز لهذا فهذا
يدلك على ما فسرت لك ألا ترى لو أن رجلا استخلف على دار له خليفة ثم تصدق
بها على رجل آخر وهي يد الخليفة ان قبض الخليفة ليس بحيازة للموهوب له ولا
للمتصدق عليه
في المسلم يهب الذمي الهبة أو الذمي للمسلم أو الذمي للذمي
(قلت) أرأيت إذا وهب المسلم للمشرك هبة أهما بمنزلة المسلمين في الهبة
(قال) نعم (قلت) أرأيت أن وهب ذمي لمسلم هبة فأراد المسلم أن يقبضها
فأبى الذمي أن يدفعها إليه أيقضى له على الذمي بالدفع أم ملا في قول مالك (قال) قال
مالك إذا كان بين المسلم والذمي أمر حكم عليهما بحكم أهل الاسلام فأرى أن يحكم
بينهما بحكم أهل الاسلام ويقضى عليه بالدفع (وقال غيره) إذا كان من أهل العنوة
لم يجبر على إتلاف ماله وإن كان من أهل الصلح وكان موسرا لا يضر ذلك به في
جزيته حكم عليه بالدفع (قلت) أرأيت أن وهب ذمي لذمي هبة فأبى أن يدفعها إليه
أيقضى بينهما في قول مالك أم لا (قال) لا يقضى بينهما (قلت) لم ذلك أليس قد

122
قال مالك إذا تظالموا بينهم حكمت بينهم (قال) إنما ذلك أن يأخذ ماله فأما الهبة فليست
بمنزلة أخذ ماله ألا ترى أن مالكا قال لا أحكم بينهم إذا أعتق أحدهم نصيبه من عبد
بينه وبين آخر فكذلك الهبة عندي
في الرجل يهب للرجل صوفا على ظهور الغنم
(أو اللبن في الضروع أو الثمر في رؤس النخل)
(قلت) أرأيت أن وهبت لرجل صوفا على ظهور غنمي أيجوز أم لبنا في ضروعها
أيجوز أو ثمرا في رؤس النخل أيجوز (قال) نعم ذلك جائز كله في قول مالك (قلت)
وكيف يكون قبضه اللبن في الضروع أو الصوف على الظهور أو الثمر في رؤس النخل
(قال) ان حاز الماشية ليجز أصوافها أو ليحلبها أو حاز النخل حتى يصرمها فهذا
قبض (قلت) وعلى ما قلته من قول مالك لم جعلته قبضا وهو لم يبن بما وهب له
ولم يتخلصه من مال الواهب (قال) قلته على المرتهن من قول مالك أن الرجل إذا
ارتهن الثمرة في رؤس النخل فحاز الحائط ان ذلك قبض كذلك قال مالك والرهن
في قول مالك لا يكون الا مقبوضا فكذلك الهبة والصدقة بهذه المنزلة (قال) وقال
مالك في الرجل يرتهن الزرع قبل أن يبدو صلاحه ان ذلك جائز إذا قبض وقبضه
أن تسلم إليه الأرض فإذا حاز الأرض التي فيها الزرع فقد قبض فعلى هذا قلت لك
مسألتك وأما قولك في الهبة لم يتخلصها من الواهب فهذا مما لا يضره ألا ترى أنه قد
قبض هبته وقبض معها مالا هو للواهب فإنما يؤمر أن يتخلص هبته ويرد مال الواهب
إلى الواهب (قال) وأما اللبن فان من قول مالك ان الرجل إذا منح الرجل لبن
غنمه شهرا أو أكثر من ذلك فقبض الغنم حيازة لها ألا ترى أيضا لو أنه
أخدمه عبده شهرا فقبض الغلام فهو قابض للخدمة وكذلك لو أسكنه داره
سنة فقبض الدار فقبضه الدار قبض للسكنى

123
في الرجل يهب للرجل ما في بطون غنمه أو جاريته
(قلت) أرأيت أن وهبت لرجل ما في بطون غنمي أو ما في بطن جاريتي أتجوز هذه
الهبة (قال) هي جائزة في قول مالك (قلت) فكيف يكون قبضه (قال) ان حاز الجارية
وأمكنه منها حتى تلد فيأخذ ولدها وأمكنه من الغنم حتى تضع فيأخذه أولادها
فهذه حيازة وقبض مثل النخل إذا وهب ثمرتها قبل أن يبدو صلاحها فحاز الموهوب
له الحائط حتى يجد ثمرته وكان يسقيه ويقوم عليه أو وهب له زرعا لم يبد صلاحه
فحاز الزرع وكان يسقيه ويقوم عليه حتى يرفع زرعه فهذا قبض وكذلك ما سألت
عنه مما في بطن الجارية وما في بطون الحيوان (قلت) أرأيت الذي وهب الثمرة
في رؤس النخل والزرع قبل أن يبدو صلاحه لو أراد أن يمنع من النخل ويمنع
من الأرض التي فيها الزرع (قال) ليس ذلك له وله أن يحوز الثمرة والسقي على
الموهوب له والزرع بهذه المنزلة يسقى ويقوم على زرعه وليس له أن يحول بينك وبين
ذلك ويكون هذا قبضا (قلت) فالغنم والجارية أيكون له أن يحول بيني وبين ذلك
(قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى ذلك له (قلت) أرأيت أن وهب
لرجل ما تلد جاريته عشر سنين أتجوز هذه الهبة أم لا (قال) لم أسمع من مالك في
هذا شيئا ولكني سمعت مالكا يقول في الذي يهب ثمرة نخله لرجل عشرين سنة أو
أقل أو أكثر ان ذلك جائز إذا حاز الموهوب له النخل أو جعلت له على يدي من يحوز
له فالجارية إن كان قد قبضها أو حازها أو جعلت له على يدمن حازها له فذلك جائز مثل
النخل وإن لم يحزها حتى يموت ربها أو تحاز له فالهبة باطل (قلت) فالهبة في هذا
والصدقة والحبس والنخل سواء أي ذلك كان فهو جائز (قال) نعم إذا قبض فهو جائز
في الرجل يهب للرجل الجارية ويشهد له بالقبض
(ولم يعاين الشهود القبض فيموت وفى يديه الجارية)
(قلت) أرأيت لو أنى وهبت جاريتي لرجل وأشهدت له أنه قد قبضها منى ولم يعاين

124
الشهود القبض ثم مت والجارية في يدي فأنكر الورثة أن يكون الموهوب له قبض
الجارية (قال) وسألت مالكا عن الرجل يتصدق على ولد له كبار بعبد وكتب لهم
كتابا وكتب في كتابه أنه قد دفعه إليهم وقبضوه وكان الولد كبارا قد بلغوا الحيازة
ومثلهم يحوز فهلك الأب وقد كانت صدقته في صحته فلما هلك الأب قال بقية ورثة الأب
لم تقبضوا وقال المتصدق عليهم قد قبضنا واحتجوا عليهم بشهادة الشهود واقرار
المتصدق بالذي في الكتاب فسئل الشهود أعلمتم أنهم قد حازوا فقالوا لا علم لنا الا ما في
هذا الكتاب من الاقرار ولا ندري أحازوا أولم يحوزوا (فقال) لي مالك إن لم تكن
لهم بينة أنهم قد حازوا في صحة منه في موروثة على فرائض الله فكذلك مسألتك
في الرجل يهب لابنه الصغير ولرجل أجنبي عبدا له
(ويشهد لهما بذلك فلم يقبض الأجنبي حتى مات الواهب)
(قلت) أرأيت أن وهبت لابني وهو صغير ولرجل أجنبي عبدا لي وأشهدت لهما
بذلك فلم يقبض الأجنبي الهبة حتى مت أيجوز نصف العبد لابني أم لا (قال) قال
مالك في رجل حبس على ولده حبسا وأشهد لهم بذلك وهم صغار وكبار فلم يقبض
الكبار الحبس حتى مات الأب (قال مالك) الحبس باطل ولا يجوز للكبار ولا
للصغار لان الكبار لم يقبضوا الحبس (وقال مالك) لا نعرف إنفاذ الحبس للصغار
هاهنا الا بحيازة الكبار فكذلك الهبة وليس هذا عنده مثله إذا حبس عليهم وهم
صغار كلهم فان هذا جائز لهم إذا مات فالحبس لهم جائز (وقال) ابن نافع وعلي بن
زياد عن مالك انه إذا تصدق على ابن له صغير أو كبير أو أجنبي فنصيب الصغير
جائز ونصيب الكبير غير جائز وإذا حبس فالحبس باطل من قبل أن الصدقة تقسم
إذا كانت لهم وتصير مالا من أموالهم فمن هنالك تم للصغير ما يصير له لأنه قد قبض
عليه من هو له جائز القبض وان الحبس لو أسلم إلى من يقبضه لهم أو أسلم إلى
الكبير لم تجز فيه المقاسمة وإنما يبقى في أيديهما ينتفعان به فمن هنالك لم يتم قبض
الأب للصغير لأنه مما لا يقسم ولا يجزأ أو يكون ذلك داعية إلى أن يحبس الرجل

125
الحبس على البالغ فيكون في يديه حتى يموت ثم ينفذ من رأس المال ولا يكون ابقاء
الحبس ولا قبضه إذا كان من حبس عليه يقبض لنفسه وهو مما ليس من سنته
أن يقسم ويجزأ فيصير مالا لهم يتوارثونه ويباع الا بأن يخرج من يد الذي حبسه
ويقبض منه ويبين
في الرجل يهب الأرض للرجل
(قلت) أرأيت أن وهبت لرجل أرضا كيف يكون القبض في قول مالك (قال) الحيازة
إذا حازها فقد قبضها عند مالك (قلت) فان تصدقت عليه بأرض لي بإفريقية وأنا وهو
بالفسطاط فقال اشهدوا وأنى قد قبلت وقبضت أيكون هذا قبضا في قول مالك أم لا
(قال) لا يكون قبضا الا بالحيازة وقوله قد قبضت وهو بالفسطاط لا يكون هذا
قبضا لأني سألت مالكا عن الحبس يحبسه الرجل ويكتب في حبسه قد قبضوا ذلك
ويشهد الشهود على الكتاب وعلى قوله فيهلك صاحب الحبس فيسئل الشهود هل
قبضوا فقالوا إنما شهدنا على اقراره ولا ندري هل قبضوا أو لم يقبضوا (قال) قال
مالك لا ينفعهم ما يشهد به الشهود حتى يقيموا البينة على أنهم قد قبضوا وحازوا
في الرجل يهب للرجل الدين له عليه أو على غيره
(قلت) أرأيت أن وهبت لرجل دينا لي عليه كيف يكون قبضه (قال) إذا قال قد
قبلت فذلك جائز له وهذا قبض لان الدين عليه وهذا قول مالك وإذا قبل سقط
(قلت) فان وهبت لرجل دينا لي على رجل آخر (قال) قال مالك إذا أشهد له وجمع
بينه وبين غريمه ودفع إليه ذكر الحق فهو قد قبض (قلت) فإن لم يكن كتب عليه
ذكر حق كيف يصنع (قال) إذا أشهد له وأحاله عليه فهذا قبض في قول مالك (قلت)
فإن كان الغريم غائبا فوهب لرجل ماله على غريمه وأشهد له بذلك ودفع إليه ذكر
الحق وأحاله عليه أيكون هذا قبضا في قول مالك (قال) نعم (قلت) أرأيت الدين
إذا كان على الرجل وهو بأفريقية وأنا بالفسطاط فوهبت ذلك الدين الذي لي بأفريقية

126
لرجل معي بالفسطاط وأشهدت له وقبل أترى ذلك جائزا (قال) نعم (قلت)
لم أجزته في قول مالك (قال) لان الديون هكذا تقبض وليس هو شيئا بعينه يقبض
إنما هو دين على رجل فقبضه أن يشهد له ويقبل الموهوب له الهبة
في الرجل يؤاجر الرجل الدابة تكون له أو يعيره إياها ثم يهبها لغيره
(قلت) أرأيت أن آجرت دابتي من رجل ثم وهبتها لرجل آخر أو أعرتها لرجل
ثم وهبتها لرجل آخر فقبضها هذا المستعير أو هذا المستأجر أيكون قبضه قبضا
للموهوب له وهل تكون الهبة للموهوب له إذا انقضى الاجل أجل الإجارة وأجل
العارية في قول مالك أم لا وكيف ان مات الواهب قبل انقضاء الأجل أجل الإجارة
وأجل العارية أيكون الموهوب له أحق بالهبة لان قبض المستأجر والمستعير قبض له
(قال) سألت مالكا عن الرجل يخدم الرجل الجارية سنين ثم يقول بعد ذلك هي لفلان
بعد خدمة فلان هبة بتلا وقد كان قبضها المخدم (قال مالك) قبض المخدم للخادم قبض
للموهوب له وهي من رأس المال ان مات قبل ذلك وكذلك مسألتك في العارية وأما
الإجارة فلا تكون قبضا إلا أن يكون أسلم الإجارة له معه فيكون ذلك قبضا ولا فلا
شئ له لان الإجارة كأنها في يدي الواهب إلا أن تكون بحال ما وصفت لك وأرى أن
كل من تصدق على رجل بأرض فكانت الأرض حين تصدق بها تحاز بوجه من
الوجوه من كراء تكراه أو حرث تحرثه أو غلق يغلق عليها ولم يفعله حتى مات وهو
لو شاء أن يحوزها بشئ من هذه الوجوه حازها فلا شئ له وان كانت أرضا قفارا
من الأرض وليست تحاز بغلق ولا في كراء يكريه ولم يأت إبان زرع فيزرعها أو يمنحها
بوجه من الوجوه معروف حتى مات الذي وهبها قبل أن يبلغ شيئا من ذلك فهي
للذي وهبت له وهذا أحسن ما سمعت فيه وكل من وهب دارا حاضرة أو غائبة فلم
يحزها الذي وهبت له أو تصدق بها عليه فلا حق له وان كإن لم يفرط في قبضها لان
لهذه حيازة تحاز بها وكذلك قال عمر بن الخطاب فإن لم يحزها فهي مال الوارث
وكذلك قال لي مالك (ابن وهب) عن يونس بن يزيد أنه سأل ابن شهاب عن

127
الرجل يقول للرجل قد أعمرتك هذا العبد حياتك (قال) ابن شهاب تلك المنحة وهي
مؤداة إلى من استثنى فيها (قال ابن شهاب) وان قال ثم لفلان بعدك فإنه ينفذ
ما قال إذا كانت هبة للآخر (قال ابن شهاب) وان قال ثم هو حر بعدك قال ينفذ ما قال
ثم هو حر (ابن لهيعة) عن محمد بن عبد الرحمن القرشي أنه قال من قطع من ماله
قطيعا فسماه لناس ثم إذا انقرضوا فهو لفلان جاز ذلك لا يباع ولا يملك حتى يصير
إلى آخرهم كما سمى ولا ينكر هذا (قال الليث) سمعت يحيى بن سعيد يقول إن
أعمر رجل رجلا عبدا وجعله من بعده حرا ثم عجل هذا الذي جعل له العبد عمره
عتقه كان ولاؤه للذي أعتق أول مرة وإنما ترك له خدمته
في الرجل يؤاجر الرجل دابته أو يعيره إياها ثم يهبها له
(وهما غائبان عن موضع العارية أو الوديعة)
(قلت) أرأيت أن استودعني رجل ودائع أو آجر دورا أو دواب أو رقيقا أو أعارني
ذلك وأنا وهو بأفريقية والشئ الذي أعارني واستودعني وآجرني بأفريقية ثم خرجنا
أنا وهو إلى الفسطاط فوهب لي ذلك كله بالفسطاط فقبلت ذلك أيكون قولي قد
قبلت ذلك قبضا لان ذلك الشئ في يدي في قول مالك (قال) نعم قبولك قبض لذلك
كله (قلت) أرأيت لو أن رجلا استودعني وديعة ثم وهبها لي فلم أقل قد قبلت
حتى مات الواهب (قال) القول في هذا أن تكون الهبة لورثة الواهب لأنه لم يقبض
هبته (وقال أشهب) ذلك قبض إذا كانت في يديه لان كونها في يديه أحوز الحوز
(قلت) لابن القاسم أرأيت النحل والعمرى والعطية والهبة والصدقة والحبس
بمنزلة واحدة في قول مالك في القبض (قال) نعم هذا كله بمنزلة واحدة في قول مالك
في القبض
في الهبة للثواب يصاب بها العيب
(قلت) أريت ان وهبت هبة للثواب فأخذت العوض فأصاب الموهوب له بالهبة

128
عيبا أله أن يرجع في عوضه ويرد الهبة (قال) نعم لان الهبة على العوض بيع من البيوع
يصنع فيها وفى العوض ما يصنع بالبيع (قلت) وهذا قول مالك (قال) نعم الهبة على
العوض في قول مالك مثل البيوع محمل واحد إلا أن الهبة على العوض إن لم يثبه ولم
تتغير الهبة بنماء ولا نقصان وكانت على حالها فللذي وهبها أن يأخذها إلا أن لم يثبه ولم
تتغير الهبة بنماء ولا نقصان وكانت على حالها فللذي وهبها أن يأخذها إلا أن يثيبه
ولا يلزم الذي قبلها الثواب على ما يحب أو يكره (قال مالك) ولو أثابه الموهوب له بما
يعلم أنه ثمن لتلك الهبة أجبر الواهب علي أخذ ذلك على ما أحب أو كره (قال مالك)
ولو أثابه بما يعلم أنه ليس ذلك للهبة بثمن ثم قام صاحب الهبة يطلبه بعد ذلك فانى
أرى أن يحلف بالله الذي لا إله الا هو ما قبل ذلك الا انتظارا لتمام ثواب الهبة فإذا
حلف كان له أن يأخذ تمام الثواب من الموهوب له وان أبى أن يحلف رد الهبة وأخذ
عوضه ان كانت الهبة لم تتغير قال كذلك قال لي مالك (قال) وقال مالك والشفعة
كذلك إذا وهب الرجل شقصا للثواب لم يكن للشفيع أن يأخذها أبدا إن كان
وهبها للثواب حتى يثاب من هبته فان أبى أن يثيبه أخذ الواهب داره ولم يكن فيها
شفعة لاحد (قلت) فان استحق العوض أيكون لي أن أرجع في هبتي (قال) نعم
إلا أن يعوضك عوضا آخر يكون قيمة الهبة أو أكثر مكان العوض الذي استحق
فليس لك أن ترجع في الهبة ان أعطاك عوضا مكان العوض الذي استحق (قلت) فان
عوضني منها عوضا ضعف قيمة الهبة ثم استحق العوض فأردت أن أرجع في هبتي
فقال الموهوب له أنا أعطيك قيمة الهبة ثم استحق العوض فأردت أن أرجع في هبتي
فقال الموهوب له أنا أعطيك قيمة الهبة عوضا من هبتك وقلت لا أرضى إلا أن تعطيني
قيمة العوض وقيمة العوض الذي استحق ضعف قيمة الهبة (قال) لا أرى لك الا قيمة
الهبة لان الذي زادك أولا ف ي عوضه على قيمة هبتك إنما كان ذلك معروفا منه
تطاول به عليك فلما استحق لم يكن لك عليه الا قيمة هبتك (قلت) أرأيت أن
تصدقت بصدقة للثواب أيبطل الثواب وتجوز الصدقة أو يجعلها مالك هبة (قال)
أجعلها هبة ان تصدق بها للثواب (قلت) فان وهبت لرجل دينا لي على رجل فلم
يقبضها الموهوب له حتى رجع الواهب في ذلك (قال) قال مالك إذا وهب دينه ذلك

129
لغير الثواب فهو جائز وليس له أن يرجع في ذلك فإن كان وهبه للثواب فلا يجوز
الا يدا بيد لان ذلك بيع ويدخله الدين بالدين
في الرجل يهب لرجلين حاضر وغائب
(قلت) أرأيت أن وهبت أرضا لرجلين أجنبيين أحدهما حاضر والآخر غائب
فقبض الحاضر جميع الأرض أيكون قبض الحاضر قبضا للغائب ولم يستخلفه الغائب
على القبض ولم يعلم الغائب بالهبة (قال) قال مالك نعم قبض الحاضر قبض للغائب علم
أولم يعلم (قلت) أرأيت أن وهبت لرجل هبة وهو غائب فأمرت رجلا أن يقبضها
للغائب أيكون هذا قبضا للغائب (قال) قال مالك من تصدق بصدقة على غائب
فأخرجها فجعلها على يدي رجل لذلك الغائب فحازها هذا الذي جعلت على يديه لذلك
الغائب المتصدق عليه فذلك جائز وحيازة هذا حيازة للمتصدق عليه فكذلك الهبة
(سحنون) ويدلك على جواز ذلك وصحته ما مضى من أمر الناس وأصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم وغير هم في تجاوز الاحباس أن قابض الاحباس يجوز
قبضه على الكبير الحاضر البالغ المالك لامره والطفل الصغير والغائب ومن لم يأت من
ولد الولد ممن يحدث ويولد (قلت) أرأيت العبيد والحيوان والعروض والحلي كيف
يكون قبضه (قال) بالحيازة
في حوز الهبة للطفل والكبير
(قلت) أرأيت الطفل الصغير إذا كان له والد أو وصى فوهب له رجل هبة بتلها له
وجعلها على يدي رجل من الناس أيكون هذا حوزا للصبي ووالده حاضر أو وصيه
(قال) نعم أراه حوزا له إذا كان إنما وضعه له إلى أن يبلغ وترضى حاله وأشهد له بذلك
ويدفع ذلك إليه إذا بلغ (قلت) فما فرق ما بين الصغير إذا كان له والد وبين الكبير
إذا وهب له هبة وجعلها الواهب على يدي هذا الرجل (قال) خوفا من أن يأكلها
الوالد أو يفسدها فيجوز ذلك إلى أن يبلغ الصغير فيقبضها وأما الكبير المرضى فعلى

130
أي وجه حازها هذا له أو إلى أي أجل يدفع إليه إلا أن يكون على وجه الحبس تجري
عليه غلتها فهذا فرق ما بينهما (قال) ولقد سألت مالكا عن الرجل يهب الهبة للرجل
على أن لا يبيع ولا يهب (قال مالك) لا تجوز هذه الهبة (قال) فقلت لمالك فالأب في
ابنه إذا اشترط هذا الشرط (فقال) مالك لا يجوز إلا أن يكون صغيرا أو سفيها فيشترط
ذلك عليه ما دام الولد في تلك الحال فأما أن يشترط عليه أن لا يبيع ولا يهب ان كبر أو
يشترط على السفيه أن لا يبيع وان حسنت حاله فان ذلك لا يجوز وإنما يجوز شرطه إذا
اشترطه ما دام سفيها أو صغيرا (قال) وأخبرني ابن وهب عمن حدثه عن ابن عمر
أنه سئل عن الرجل يهب الهبة للرجل على أن لا يبيعها ولا يهبها فكره ذلك ابن عمر
(قال ابن وهب) وأخبرني الليث أيضا انه كرهها مع مالك إلا أن مالكا فسر لي التفسير
الذي فسرت لك فهذا يدلك على أن الهبة للكبير إذا جعلها على يدي غيره وهو مرضى
ولم يحبسها عنه لسوء حاله ولا لغلة أجراها عليه وحبس الأصل فهذا يدلك على أن
حوز هذا الذي جعلت على يديه ليس بحوز له ألا ترى أن الصغير والسفيه لهما وقت
يقبضان إليه الهبة وهو البلوغ في الصغير مع حسن الحال وحسن الحال في السفيه وإنما
يراد من الصدقة أن تخرج من يد المعطى إلى يدي غيره فيكون الذي قد صارت إليه قابضا
لها كما يقبض الحبس يقبض على من لم يأت ممن هو آت وأن هذا الرجل البالغ الذي
قد أعطى عطية تكون له مالا تراثا منع من قبضها لغير شئ عقد فيها مما مثله يعقد
في الصدقات يدل على أنه لم يرد أن يبتلها له ويعطيه إياها
في حوز الأم
(قلت) أرأيت لو أن الأم وهبت لولدها الصغار هبه وهم في حجرها وأشهدت لهم
أهي في الحيازة مثل الأب في قول مالك (قال) قال مالك لا تكون حائزة لهم إلا أن
تكون وصية لهم فإن كانت وصية فذلك جائز (قلت) فإن كانت وصية للوالد أو
وصية وصى الوالد فذلك جائز (قال) نعم لان وصى الوصي بمنزلة الوصي وهو وصى عند
مالك (قلت) فالأم تكون حائزة صدقتها وهبتها على أولادها الصغار قي قول مالك

131
(قال) لا إلا أن تكون وصية وقد أخبرتك بذلك (قلت) أرأيت الجارية إذا حاضت
وليس لها والد ووهبت لها أمها هبة والأم وصيتها وهي في حجر أمها أتكون الأم
حائزة لها هبتها أم لا في قول مالك (قال) نعم (قلت) وكذلك الوصي (قال) نعم
(وقال غيره) ألا ترى أن أفعالها لا تجوز في هبتها وصدقتها حتى يبرز وجهها ويؤنس
منها الرشد وهي فيما يقبض لها كغيرها ممن لا يجوز أمره على نفسه وقد قال عمر بن
الخطاب وربيعة ويحيى بن سعيد في صدر هذا الكتاب ما قالوا
في حوز الأب
(قال) وقال لي مالك في الأب انه يحوز لابنته وان طمثت إذا تصدق هو عليها
بصدقة فهو الحائز لها (قلت) فان تزوجت فلم تقبض صدقتها حتى مات الأب
أيبطل ذلك أم لا في قول مالك (قال) قال مالك ان كانت حسنت حالتها في بيت
زوجها وجاز أمرها فلم تقبض حتى مات الأب فلا شئ لها وان كانت بحال سفه جاز
ذلك لها لان مالكا قال الأب يحوز لابنه الكبير إذا كان سفيها (سحنون) ألا
ترى أن الله تبارك وتعالى قال وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فان آنستم منهم
رشدا فادفعوا إليهم أموالهم وبلوغ النكاح بالاحتلام والحيض فقد منعهم الله تعالى من
أموالهم مع الأوصياء بعد البلوغ الا بالرشد فكيف مع الآباء الذين هم أملك بهم من
الأوصياء وإنما الأوصياء بسبب الآباء (ابن وهب) وقد قال ابن عباس انه يتيم بعد
البلوغ إذا كان سفيها وقال شريح اليتيمة تستشار في نفسها ولا تستشار في نفسها الا
بالغ وقد سماها شريح يتيمة وهي بالغة وقاله رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفى بقوله
حجة من حديث ابن وهب عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
اليتيمة تستشار في نفسها (قلت) أرأيت أن كانت سفيهة في عقلها أو في مالها وقد
طمثت ودخلت على زوجها أولم تطمث ودخلت على زوجها وقد كانت ولدت أولادا
فتصدق الأب عليها بصدقة وأشهد لها وهي في بيت زوجها أيكون الأب هو الحائز
علبها صدقتها في قول مالك أم لا (قال) قد أخبرتك أن مالكا قال الأب يحوز لولده

132
صدقة نفسه إذا كان الولد سفيها فهذه عندي وان كانت ذات زوج فان الأب يحوز
صدقة نفسه عليها في قول مالك لان الزوج لا يقطع حيازة الأب عنها إذا تصدق الأب
عليها بصدقة وإنما يقطع أن يكون الأب حائزا صدقته التي تصدق بها عليها إذا كانت
هي التي تحوز لنفسها فإذا صارت في حال تحوز لنفسها فلا تجوز حيازة الأب عليها
صدقة نفسه وهي ما دامت في بيت أبيها وان كانت مرضية فالأب يحوز لها صدقة
نفسه ولكن إذا دخلت في بيت زوجها وأنس منها الرشد فهاهنا تنقطع حيازة الأب
صدقة نفسه عليها لها فلا تحوز حتى تقبض (قلت) فان وهب الأب لولده وهم صغار
ثم أشهد لهم أهو الحائز في قول مالك (قال) نعم (قلت) فان بلغوا فلم يقبضوا حين
بلغوا هبتهم أو صدقتهم حتى مات الأب أيكون أولى بها في قول مالك وتكفيهم
حيازة الأب لهم إذا كانوا صفارا أم لا (قال) قال لي مالك إذا بلغوا وأنس منهم
الرشد فلم يقبضوا حتى مات الأب فلا شئ لهم (قال) وأما ما داموا في حال السفه وان
بلغوا فحوز أبيهم حوز ملهم وكذلك قال لي مالك لان السفيه وان احتلم بمنزلة الصغير
يحوز له أبوه أو وصيه
في حوز الأب لابنه العبد
(قلت) أرأيت أن كان ابني عبدا لرجل وهو غائب صغير فوهبت له هبة وأشهدت
له أتكون حيازتي له حيازة أم لا في قول مالك (قال) لا لان الصبي له من يحوز له
دونك لان سيده يحوز له ماله دون والده ولاني سمعت مالكا يقول في رجل
تصدق على صغير بصدقه ان حيازته ليست بحيازة إلا أن يكون وصيا أو أحدا يحوز
له ولا تكون صدقة مقبوضة إلا أن تزول من يد صاحبها إلا أن يكون والدا أو
وصيا لمن يلي (قلت) فان أخرج الهبة والد الصبي العبد إلى رجل غير مولى الصبي
فجعلها على يديه يحوزها للصبي أتجوز الهبة في قول مالك (قال) نعم رضى بذلك
سيده أولم يرض وقد قال مالك من وهب هبة لغائب فأخرجها من يديه فجعلها على
يدي رجل يحوزها له فهي حيازة لهذا الغائب وكل من حبس حبسا على كبار أو صغار

133
أو وهب هبة لغائب إذا كان كبيرا أو وهب هبة لصغير والصغير ليس هو والده ولا
وصيه فجعل ذلك كله على يدي غيره حتى يكبر الصغير فيعطيه الذي جعل له أو يقدم
الغائب فيأخذه. أو كبار حضور تجرى عليهم غلة الحبس فان ذلك جائز عندي فيما
حملت عن مالك فأما أن يهب رجل لرجل هبة والموهوب له حاضر مرضى ليس
بسفيه ولا صغير ويأمره أن لا يدفعه إليه فلا أرى هذا حيازة لأنه قد قبلها الموهوب
له والموهوب له حاضر مرضى ولم يسلمها إليه إنما يحوز مثل هذا إذا كان قد حبس
الأصل وجعل الغلة له واستخلف من يجرى ذلك عليه
في حوز الزوج
(قلت) أرأيت لو أن رجلا تزوج جارية بكرا قد طمثت أولم تطمث وهي في بيت أبيها فتصدق الزوج عليها بصدقة أو وهب لها هبة وأشهد عليها إلا أنه لم يخرجها من
يده أيكون حائزا لها في قول مالك (قال) لا يكون حائزا لها إلا أن يخرجها من
يده فيضعها له على يدي من يحوزها له (قلت) أرأيت أن كان دخل بها وهي
سفيهة أو مجنونة جنونا مطبقا فابتنى بها زوجها ثم تصدق عليها زوجها بصدقة أو
وهب لها زوجها هبة وأشهد لها بذلك أيكون هو الحائز لها في قول مالك (قال) لم أسمع
من مالك فيه شيئا إلا أنه لا يكون هو الحائز لها لما تصدق به عليها (قلت) لم قلت
ذلك (قال) لان من تصدق بصدقة على غيره أو وهب هبة لا يكون هو الواهب
وهو الحائز إلا أن يكون والدا أو وصيا أو ممن يجوز أمره عليه في قول مالك وقد
فسرت لك ذلك ولا أرى الزوج هاهنا ممن يجوز أمره عليها ألا ترى أنه لو باع مال
امرأته لم يجز بيعه ولا أراه يجوز أمره عليها ولا يكون حائزا لها ما تصدق هو عليها
به وأبوها الحائز لها وان دخلت بيت زوجها ما دامت سفيهة وفى حال لا يجوز لها
أمر ولا يكون زوجها الحائز لها ما وهب لها إلا أن يضع لها ذلك على يدي أجنبي
يقبضه لها فأما صدقته هو أو هبته لها فلا

134
في اعتصار الأم له
(قلت) أرأيت ما وهبت الأم لولدها أيجوز لها أن تعتصر منه شيئا أم لا إذا كانت
هي الوصي والولد صغار في حجرها (قال) قال لي مالك إذا وهبت الأم لولدها أو
نحلتهم ولهم أب فان الأم تعتصر ذلك كما يعتصر الأب ما لم يستحدثوا دينا أو
ينكحوا وما نحلت أو وهبت الأم لولدها الصغار ولا أب لهم فإنها لا تعتصر ذلك
وليس يعتصر ما يوهب لليتامى ولا ما ينحلون (قال) لي مالك إنما ذلك عندي بمنزلة
الصدقة وما نحل الأب أو وهب لولده الصغار فإنه يعتصر ذلك ولو لم تكن لهم أم
لان اليتم إنما هو من قبل الأب إلا أن ينكحوا أو يحدثوا دينا (قتل) أرأيت أن
وهبت الأم لولدها وهم كبار هبة أيجوز لها أن تعتصرها قبل أن يحدثوا فيها شيئا
أم لا في قول مالك (قال) نعم يجوز لها أن تعتصرها في قول مالك لان مالكا قال
لي في الأب له أن يعتصر والأم مثله (قال) وإنما منع مالك الأم أن تعتصر إذا كان
الولد يتامى وإذا لم يكونوا يتامى فلها أن تعتصر ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال أنت ومالك لأبيك فدرئ عن أبيه الحد في مال ابنه إذا سرقه وبذلك
الحديث درئ عن الأم في مال ابنها إذا سرقته الحد (قلت) أرأيت أن وهبت
الأم لولدها هبة وهم صغار لا والد لهم فبلغوا رجالا ولم يحدثوا في الهبة شيئا أيكون
للأم أن تعتصر الهبة أم لا (قال) ليس لها أن تعتصر الهبة لأنها وقعت يوم وقعت لهم
وهم يتامى وهي بمنزلة الصدقة (قتل) أرأيت الصغير إذا كان له والد مجنون جنونا
مطبقا وله والدة فوهبت الأم له هبة أهذا بمنزلة اليتيم أم لا يكون بمنزلة اليتيم ويجوز
لها أن تعتصره (قال) لا أراه بمنزلة اليتيم ولم أسمع من مالك في هذا شيئا وأرى
لها أن تعتصر هبتها ان شاءت
في اعتصار الأب
(قلت) أرأيت أن وهب لهم الأب وهم صغار فبلغوا رجالا ولم يبلغوا دينا ولم ينكحوا

135
فأراد الأب أن يعتصر هبته أيجوز ذلك في قول مالك (قال) قال مالك في الرجل
يهب لولده الكبار هبة ثم يريد أن يعتصرها ان ذلك له ما لم يستحدثوا دينا أو ينكحوا
فكذلك إذا وهب لهم وهم صغار ثم بلغوا فله أن يعتصر هبته ما لم يحدثوا دينا أو
ينكحوا أو تتغير عن حالها (قال مالك) ولو أن رجلا نحل ابنا له جارية فوطئها ابنه
لم يكن له اعتصارها (قلت) أرأيت ما وهب للصبي إذا وهب له رجل أجنبي
أيجوز للأب أن يعتصره (قال) لا يجوز له ذلك (قلت) وهو قول مالك (قال)
نعم ألا ترى أنه مال من مال الصبي لا يجوز له أن يعتصره وإنما يجوز له أن يعتصر
ما وهبه هو بحال ما وصفت لك (قلت) فان تصدق والد على ولده وهم صغار أو
كبار بصدقة أيجوز له أن يعتصرها (قال) قال مالك الصدقة مبهمة ليس يجوز لاحد
فيها اعتصار لا والد ولا والدة (قلت) أرأيت العطية والعمرى والنحل إذا فعله
الرجل بابنه أيجوز له أن يعتصره كما يجوز له في الهبة أم يجعله بمنزلة الصدقة (قال)
العطية بمنزلة الهبة والنحل بمنزلة الهبة (قال مالك) ليس له أن يعتصر في الصدقة
وحدها (قلت) فالحبس أيكون له أن يعتصره في قول مالك (قال) إن كان
الحبس على وجه الصدقة فليس له أن يعتصره وإن كان على غير وجه الصدقة فله أن
يعتصره (قلت) ويكون حبسا أو عمري على غير وجه الصدقة (قال) نعم يحبس
الدار على ولده الصغار أو يعمر شهرا أو شهرين ثم مرجعها إليه فان هذا ليس على
وجه الصدقة وهذا سكنى (قلت) مرجعها إليه في قول مالك مال من ماله (قال)
نعم (قال ابن وهب) قال ابن جريج عن طاوس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يحل
لاحد أن يهب هبة ثم يعود فيها الا الوالد (قال طاوس) وبلغني أنه قال صلى الله عليه
وسلم إنما مثل الذي يهب الهبة ثم يعود فيها كالكلب يعود في قيئه (قال ابن وهب) عن
سفيان الثوري عن أبيه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم ان الذي يعود
في هبته كالعائد في قيئه ليس لنا المثل السوء (ابن وهب) عن ابن لهيعة عن عبد
لله بن هبيرة عن عمر بن عبد العزيز أنه قال أيما رجل نحل ولدا له كان في حجره فهو

136
حائز له وإن كان له أهل فلا يجوز إلا أن يحوز وان نحل ابنه أو ابنته قبل أن ينكحا
ثم نكحا على ذلك فليس له أن يرجع فيه وإن كان نحله بعد أن نكح فان الأب
يرجع فيما أعطى ابنه (ابن لهيعة) عن يزيد بن أبي حبيب أن موسى بن سعد
حدثه أن سعدا مولى آل الزبير نحل ابنته جارية له فلما تزوجت أراد ارتجاعها فقضى عمر
أن الوالد يعتصر ما دام يرى ماله ما لم يمت صاحبها فتقع فيه المواريث أو تكون
امرأة فتنكح (قال يزيد) وكتب عمر بن عبد العزيز أن الوالد يعتصر ما وهب لابنه
ما لم يداين الناس أو ينكح أو يموت ابنه فنقع فيه المواريث وقال في ابنته مثلث إذا هي
نكحت أو ماتت (مخرمة بن بكير) عن أبيه قال سمعت سليمان بن يسار يقول
يعتصر الوالد من ولده ما دام حيا وما رأى عطيته بعينها وما لم يستهلكها وما لم يكن
فيها ميراث (محمد بن عمرو) عن ابن جريج عن عطاء بمثل قضا عمر بن عبد العزيز
(الليث بن سعد) أن نافعا مولى ابن عمر أخبره أن عمر بن الخطاب قال الصدقة
لا يرتد فيها صاحبها (وقال) عمر بن عبد العزيز وربيعة وأبو الزناد وعبد الرحمن بن
القاسم ونافع مولى ابن عمر ويزيد بن قسيط مثله (ابن لهيعة) عن يزيد بن أبي حبيب
عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب إلى أيوب بن شر حبيل أن الصدقة عزمة بتة بمنزلة العتاقة
لا رجع فيها ولا مثنوية (ابن وهب) عن يونس بن يزيد عن أبي الزناد أنه قال في
رجل تصدق على ولده ثم عقه أله أن يرجع في ذلك (قال) لا يرجع في صدقته (وقال
ربيعة) لا يعتصر الرجل صدقته على ابنه وان عقه وقاله مالك
في اعتصار ذوي القربى
(قلت) هل يجوز لاحد من الناس أن يعتصر هبته في قول مالك جد أو جدة أو
خال أو خالة أو عم أو عمة أو غيرهم أيجوز لهم أن يعتصروا (قال) لا أعرف الاعتصار
يجوز في قول مالك لاحد من الناس الا والدا أو والدة ولا أرى ذلك لاحد غيرهما
(يونس بن يزيد) عن ابن شهاب قال كان رجال من أهل العلم يقولون ليس للولد
أن يعتصر من والديه شيئا من أجل فضيلة حق والديه على فضيلة حقه (قال يونس)

137
وقال ربيعة لا يعتصر الولد من الوالد
في الهبة للثواب
(قلت) أرأيت أن وهبت هبة لرجل فقبضها بغير أمرى أيجوز قبضه (قال) نعم
في قول مالك لأنك لو منعته ثم قام عليك كان له أن يقبضها منك إذا كانت لغير ثواب
(قلت) فإن كانت للثواب فله أن يمنعه هبته حتى يثيبه منها (قال) نعم وهذا مثل
البيع (قلت) أرأيت أن وهب لي سلعة للثواب فقبضتها قبل أن أثيبه أيكون على
أن أردها إليه حتى أثيبه في قول مالك (قال) يوقف الموهوب له فاما أثابه واما أن يرد
سلعته إليه ويتلوم في ذلك لهما جميعا مما لا يكون عليهما في ذلك ضرر (عبد الجبار
ابن عمر) عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن قال الهبة للثواب عندنا مثل البيع يأخذها
صاحبها إذا قام عليها فان نمت عند الذي وهبت له فليس للواهب الا القيمة قيمتها
يوم وهبها
في الثواب في هبة الذهب والورق
(قلت) أرأيت الدراهم والدنانير إذا وهبها فقير لغنى أيكون فيها الثواب في قول
مالك (قال) قال مالك ليس في الدنانير والدراهم ثواب (قلت) وان وهبها وهو
يرى أنه وهبها للثواب (قال) قال مالك إذا وهب دنانير أو دراهم ثم ادعى أنه وهبها
للثواب قال مالك لا يقبل قوله ولا ثواب له (قلت) فان وهب له دنانير أو دراهم
فاشترط الثواب (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا الا ما أخبرتك وأرى له فيه
الثواب إذا اشترطه عرضا أو طعاما (قال) وسئل مالك عن هبة الحلي للثواب (قال)
مالك أرى للواهب قيمة الحلي من العروض في الثواب ولا يأخذه دنانير ولا دراهم
(قلت) فإن كان وهب حلى فضة فلا يأخذ في الثواب دنانير (قال) نعم عند
مالك (قال) وسمعت مالكا يقول في الرجل الغنى يقدم من سفره فيهدى له جاره
الفقير الهدية الرطب والفاكهة وما أشبههما حين يقدم فيقول بعد ذلك ما أهديت إليك

138
الا رجاء لثوابي أن تكسوني أو تصنع بي خيرا (قال) مالك لا شئ له (قلت) له
فإن كانت هديته (قال) قائمة فلا شئ له وان كانت بعينها ألا ترى أنه لا ثواب له فيها
قال مالك وان طلب الفقير ثوابها فلا أرى له ثوابا فيها ولا يقضى له فيها بشئ (قال
ابن وهب) وكان ربيعة وغيره من أهل العلم يقولون إذا كانت الهبة على وجه الإثابة
ابتغاء العوض فصاحبها أحق بها ما لم يعوض منها فأما الرجل يقدم من السفر مستعرضا
أو الرجل تدخل عليه الفائدة وهو مقيم لم يشخص فيعرض له صاحبه الثوب أو الثوبين
أو يحمله على الدابة أو نحو ذلك فهذا لا يرجع فيها
في الثواب فيما بين القرابة وبين المرأة وزوجها
(قلت) أرأيت من وهب لذي رحم هبة أيكون له ان يرجع فيها في قول مالك
(قال) قال مالك ليس بين الرجل وامرأته ثواب في الهبة إلا أن يكون يعلم أنها
أرادت بذلك ثوابا مثل أن يكون الرجل الموسر والمرأة لها الجارية فيطلبها منها فتعطيه
إياها تريد بذلك استقرار صلته وعطيته والرجل مثل ذلك يهب الهبة لامرأته والابن
لأبيه يرى أنه إنما أراد بذلك استقرار ما عند أبيه فإذا كان مثل ذلك مما يرى الناس
انه وجه ما طلب بهبته تلكم رأيت بينهما الثواب فان أثابه والا رجع كل واحد منهما
في هبته وإن لم يكن وجه ما ذكر ذلك فلا ثواب بينهم فعلى هذا فقس ما يرد عليك من
هذا (قلت) أرأيت أن وهبت لعمتي أو لعمى أو لجدي أو لجدتي أو أختي أو ابن
عمي هبة أو وهبت لقرابتي ممن ليس بيني وبينهم محرم أو لقرابتي ممن بيني وبينهم
محرم أيكون لي أن أرجع في هبتي (قال) أما ما وهبت من هبة يعلم أنك أردت
بها وجه الثواب فان أثابوك والا رجعت في هبتك وما وهبت من هبة يعلم أنك لم
ترد بها وجه الثواب فلا ثواب لك مثل أن تكون غنيا فتصل بعض قرابتك فتزعم
أنك أردت به الثواب فهذا لا تصدق على ذلك ولا ثواب لك ولا رجعة لك في هبتك
(قال) وهذا كله قول مالك (يونس بن يزيد) عن ربيعة أنه قال ليس بين الرجل
وامرأته فيما كان من أحدهما إلى صاحبه من عطاء أو صدقة بت ليس بينهما في ذلك

139
ثواب وليس لأحدهما أن يرتجع ما أعطى صاحبه وذلك لأنه من الرجل إذا أعطى
امرأته حسن صحبة فيما ولاه الله من أمرها وأوجب عليه من نفقتها وافضائه من
المعروف إليها ولأنه من المرأة إلى زوجها مواساة ومعونة له على صنيعته وصنيعتها
فليس بينهما ثواب فيما أعطى أحدهما صاحبه ولا عوض إلا أن يشترط أحدهما على
صاحبه شرطا (وأخبرني) ابن وهب عن رجال من أهل العلم عن سعيد بن المسيب
وغير واحد من أهل العلم مثله (وقد) قال مالك والليث مثله
في الثواب بين الغنى والفقير والغنيين
(قلت) لابن القاسم وكذلك هذا في الأجنبيين في قول مالك (قال) نعم لو وهب
لأجنبي هبة والواهب غنى والموهوب له فقير ثم قال بعد ذلك الواهب إنما وهبتها
له للثواب لم يصدق على ذلك ولم يكن له أن يرجع في هبته (قال) وهذا قول مالك
(قال) وإن كان فقيرا وهب لغنى فقال إنما وهبتها للثواب قال هذا يصدق ويكون
القول قوله فان أثابه والا رد إليه هبته (قلت) أرأيت أن كانا غنيين أو فقيرين
وهب أحدهما لصاحبه هبة ولم يذكر الثواب حين وهب له ثم قال بعد ذلك أنما
وهبتها للثواب فكذبه الآخر أيكون القول قول الواهب أم لا في قول مالك (قال)
لا أقوم على حفظه في هذا ولكني لا أرى لمن وهب لفقير ثوابا وإن كان الواهب
فقيرا إذا لم يشترط في أصل الهبة ثوابا وأما غنى وهب لغني فقال إنما وهبت للثواب
فالقول قول الواهب ان أثيب من هبته والا رجع في هبته (قال مالك) وقال عمر بن
الخطاب من وهب هبة لصلة رحم أو على وجه الصدقة فإنه لا يرجع فيها ومن وهب
هبة يرى أنه إنما أراد بها الثواب فهو على هبته يرجع فيها إن لم يرض منها (قال ابن
وهب) وسمعت حنظلة بن أبي سفيان الجمحي يقول سمعت سالم بن عبد الله بن عمر
يقول عن أبيه عن عمر بن الخطاب مثل ذلك (قال ابن وهب) وحدثني عبد الله بن
عمر عن نافع عن ابن عمر عن عمر بن الخطاب بذلك (وأخبرني) غيرهم عن ابن
شهاب عن سعيد بن المسيب وغيره عن عمر بن الخطاب بذلك وقال عمر وان هلكت

140
أعطاه شرواها بعد أن يحلف بالله ما وهبها الا رجاء أن يثيبه عليها (ابن لهيعة) عن
يزيد بن أبي حبيب أن علي بن أبي طالب قال المواهب ثلاثة موهبة يراد بها وجه
الله وموهبة يراد بها وجه الناس وموهبة يراد بها الثواب فموهبة الثواب يرجع فيها
صاحبها إذا لم يثب
الرجوع في الهبة
(قلت) أرأيت أن وهبت لرجل هبة فعوضني منها أيكون لواحد منا أن يرجع في
شئ مما أعطاه في قول مالك (قال) لا (قلت) أرأيت لو أن رجلا وهب لرجلين
عبدا فعوضه أحدهما عوضا من حصته أيكون له أن يرجع في حصة الآخر (قال) نعم له أن يرجع في حصة الآخر وما سمعت ذلك من مالك ولكنه مثل البيوع من
قول مالك إذا باع العبد من رجلين صفقة واحدة فنقده أحدهما وأفلس الآخر كان
له أن يأخذ نصيب الآخر ويكون أولى به من الغرماء وهذا قول مالك (قلت)
أرأيت لو أن رجلا وهب لرجل هبة فعوضه رجل أجنبي عن الموهوب له عن تلك
الهبة عوضا فأراد المعوض أن يرجع في عوضه أيكون ذلك له أم لا (قال) لا يكون
له ذلك ولكن ينظر فإن كان المعوض إنما أراد بالعوض حين عوض الواهب عن
الموهوب له أراد بذلك العوض هبة للموهوب له يرى أنه إنما أراد بها الثواب فأرى
له أن يرجع على الموهوب له بقيمة العوض إلا أن يكون العوض دنانير أو دراهم
فليس له أن يرجع عليه بشئ وإن كان إنما أراد بعوضه السلف فله أن يتبع الموهوب
له (قلت) وإن كان بغير أمر الموهوب له (قال) نعم وإن كان بغير أمره (قال) وإن كان
أراد بعوضه هبة عن الموهوب له يرى أنه لم يرد بها وجه الثواب ولا وجه يرى
أنه إنما عوضها ليكون سلفا على الموهوب له فليس له أن يرجع على الموهوب بشئ
(قلت) أرأيت الهبة إذا تغيرت بزيادة بدن أو بنقصان بدن فليس أن يرجع
فيها (قال) لا ليس أن يرجع فيها وان نقصت ولا للموهوب له أن يردها وان زادت
وقد لزمته القيمة فيها (قلت) أرأيت إذا وهبت هبة فحالت أسواقها أيكون لي أن

141
أرجع فيها (قال) نعم إلا أن يعوضك (قال ابن وهب) قال مالك ان شاء أن يمسكها
وان شاء أن يردها (قال ابن وهب) قال أخبرني من أثق به عن ابن شهاب أن عمر
ابن الخطاب أتى برجل وهب جارية فولدت أولادا صغارا فرجع فيها (قال) يرجع
في قيمتها يوم وهبها ونماؤها للذي وهبت له (قال) إسماعيل بن أمية وقضى عمر بن
عبد العزيز في رجل وهب غلاما فزاد عند صاحبه وشب (قال) له قيمته يوم وهبه
في الثواب بأقل من قيمة الهبة أو أكثر وقد نقصت
(الهبة أو زادت أو حالت أسواقها)
(قلت) أرأيت هذا الذي وهب هبة للثواب إذا اشترط الثواب أو يرى أنه إنما
أراد الثواب فأثابه الموهوب له أقل من قيمة الهبة (قال) قال مالك ان رضى بذلك
والا أخذ هبته (قلت) فان أثابه قيمة هبته فأبى أن يرضى والهبة قائمة بعينها عند
الموهوب له (قال) قال مالك إذا أثابه قيمة الهبة أو أكثر من ذلك فليس للواهب
على الهبة سبيل (قلت) فإن كانت الهبة قد تغيرت في يد الموهوب له بزيادة أو
نقصان فأثابه الموهوب له بأقل من قيمة الهبة (قال) قال مالك إذا تغيرت في يد
الموهوب له بزيادة أو نقصان فالهبة لازمة (قلت) فان أراد أن يأخذ هبته ناقصة
وقال لا أريد القيمة (قال) ليس له ذلك أن يأخذها إذا نقصت إنما تكون له القيمة
على الذي وهب له إلا أن يشاء الموهوب له ذلك (قلت) فان أبى أن يثيبه ورضى
بأن يدفعها إليه (قال) ليس ذلك للموهوب له إلا أن يشاء الواهب (عمر بن
قيس) عن عدى بن عدي الكندي قال كتب إلى عمر بن عبد العزيز من وهب
هبة فهو بالخيار حتى يثاب منها ما يرضى فان رضى منها بدرهم واحد فليس له الا ما رضى
به (قال) وسمعت عبد الرحمن بن زياد بن أنعم المعافري يحدث أن عمر بن عبد
العزيز كتب أيما رجل وهب هبة ثم لم يثب منها فأراد أن يرجع في هبته فان أدركها
بعينها عند من وهبها له لم يتلفها أو تتلف عنده فليرجع فيها علانية غير سر ثم ترد
عليه إلا أن يكون وهب شيئا مثيبا فحبس عند الموهوب له فليقض له شرواها يوم

142
وهبها له الا من وهب لذي رحم فإنه لا يرجع فيها أو الزوجين أيهما أعطي لصاحبه
شيئا طيبة به نفسه فلا رجعة له في شئ منها وإن لم يثب منها وان عطاء بن أبي رباح سئل
عمن وهب لرجل مهرا فنمى عنده ثم عاد فيه الواهب فقال عطاء تقام قيمته يوم وهبه
(وقال سليمان بن عيسى) فعل ذلك رجل بالشام فكتب عمر بن عبد العزيز أن اقضه قيمته
يوم وهبه أو شروى المهر يوم وهبه فليدفعه الموهوب له إليه. من حديث ابن وهب
في الموهوب له يموت أو الواهب قبل أن يثاب من هبته
(قلت) فان مات الموهوب له قبل أن يثيب الواهب من هبته فورثته مكانه في
قول مالك يكون لهم من ذلك في هذه الهبة ما كان للموهوب له وعليهم من الثواب
ما كان على الموهوب له (قال) نعم (قلت) وهذا قول مالك (قال) نعم (قلت)
وكذلك أن مات الواهب قبل أن يقبض الموهوب له هبته والهبة فيها شرط للثواب
أولا شرط فيها ولكن يرى أنه إنما وهبها للثواب أتنتقض الهبة وتكون الهبة لورثة
الواهب أم لا تنتقض الهبة لأنها للثواب ويكون محملها محمل البيع في قول مالك (قال)
محملها محمل البيع لأنها إذا كانت للثواب فإنما هي بمنزلة البيع (قال ابن القاسم) فإذا
وهب هبة للثواب فلم تتغير في بدنها أنه لا يكون لصاحبها الا سلعته إذا لم يثبه الذي
قبضها قدر قيمتها لان عمر بن الخطاب قال إن لم يرض من ثوبة هبته فهو على هبته
يرجع فيها إن لم يرض منها وهذا قول مالك فالهبة في هذا الموضع مخالفة للبيع (يونس
ابن يزيد) عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال كل من وهب هبة للثواب فالثواب
واجب له معلى الذي وهب له ان عاش أو مات وان وهب رجل هبة على غير الثواب
فليس له ثواب ان عاش الذي وهبت له أو مات فليس له أن ينزع ان عمر الموهوب
له وإن لم يعمر وليس لورثة الواهب الميت أن يتعقبوا عطاءه
(تم كتاب الهبة بحمد الله وعونه)
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
(ويليه كتاب الوديعة)

143
بسم الله الرحمن الرحيم
(الحمد لله وحده)
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
كتاب الوديعة
في الرجل يستودع الرجل المال فيدفعه إلى امرأته
(أو أجيره أو جاريته أو أم ولده)
(قلت) لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت الرجل إذا استودع الرجل مالا فوضعه في
بيته أو في صندوقه أو عند زوجته أو عند عبده أو خادمه أو أم ولده أو أجيره أو
من هو في عياله أو وضعه عند من يثق به ممن ليس في عياله فضاع منه أيضمن أم لا
(قال) قال مالك في الرجل يستودع الوديعة فيستودعها غيره قال إن كان أراد سفرا
فخاف عليها فاستودعها ثقة فلا ضمان عليه وإن كان لغير هذا الذي يعذر به فهو ضامن
فكل ما علم أنه إنما كان من عورة يخافها على منزله أوما أشبه ذلك فلا ضمان عليه (قال)
ولقد سئل مالك عن رجل استودع رجلا مالا في السفر فاستودعه غيره في السفر
فهلك المال فرآه ضامنا ورأي أن السفر ليس مثل البيوت لأنه حين دفعه إليه في السفر
إنما دفعه إليه ليكون معه وفى البيوت إنما تدفع الوديعة إلى الرجل ليحرزها في البيت
فأرى على هذا القول أنه ان استودع امرأته أو خادمه ليرفعاها في بيته فان هذا
لابد للرجل منه ومن يرفع للرجل الامرأة أو خادمه وما أشبههما إذا رفعوها له على
وجه ما وصفت لك فلا ضمان عليه ألا ترى أن مالكا قد جعل له إذا خاف فاستودعها
غيره أنه لا يضمن فكذلك امرأته وخادمه اللتان يرفعان له انه لا ضمان عليه إذا

144
دفعها إليهما ليرفعاها له في بيته (قال) وأما العبد والأجير فهما على ما أخبرتك وقد
بلغني أن مالكا سئل عن رجل استودع مالا فدفعه إلى امرأته ترفعه له فضاع فلم ير
عليه ضمانا وأما الصندوق والبيت فانى أرى ان رفعه فيه أو في مثله فلا ضمان عليه
في قول مالك (قلت) ويصدق في أنه دفعه إليها أو أنه استودعه ان ذكر أنه
استودعه على هذه الوجوه التي ذكرت أنه لا يضمن فيها أيصدق في ذلك وإن لم
يقم على ما ذكر من ذلك بينة (قال) نعم (قلت) ويصدق أنه أخاف عليها أو أراد
سفرا فخشي عورة فاستودعها لذلك (قال) لا إلا أن يكون سافر أو عرف من منزله
عورة فيصدق كذلك قال مالك وإلا فلا
فيمن استودع وديعة فخرج بها معه في سفره
(قال) ولقد سئل مالك عن امرأة هلكت بالإسكندرية وكان ورثتها بالمدينة
فأوصت إلى رجل فكتب الرجل وصى المرأة إلى ورثتها فلم يأته منهم جواب وطلب
فلم يأته منهم أحد ولا خبر فخرج الرجل حاجا وخرج بالنفقة معه ليطلب ورثتها ليدفعها إليهم
فضاعت منه في الطريق (قال) مالك أراه ضامنا حين أخرجها بغير أمر أربابها قالوا إنه
خرج بها ليطلبهم فيدفعها إليهم (قال) مالك هو عرضها للتلف ولو شاء لم يخرجها
الا بأمرهم (قلت) فلو أن رجلا استودعني وديعة فحضر مسيري إلى بعض
البلدان فخفت عليها فحملتها معي فضاعت أأضمن في قول مالك (قال) نعم (قلت)
وكيف أصنع بها (قال) تستودعها في قول مالك ولا تعرضها للتلف (قلت) أرأيت
أجلا استودع رجلا ألف درهم فخلطها المستودع بدراهمه فضاعت الدراهم كلها أيكون
عليه ضمان أم لا (قال) لا ضمان عليه في رأيي لان وديعته قد ضاعت (قال) ولو أن
رجلا خلط دنانير كانت عنده وديعة في دنانير عنده فضاعت الدنانير كلها فإنه لا يضمن
فيمن استودع حنطة فخلطها بشعير
(قلت) فلو استودعت رجلا حنطة فخلطها بشعير له فضاع جميع ذلك أيكون

145
ضامنا للحنطة في قول مالك (قال) نعم لأنه خلط الحنطة بالشعير فقد ضمن لك
حنطتك حين خلطها (قلت) ولا يشبه هذا الدراهم إذا خلطها (قال) لا لان الحنطة
التي خلطها بالشعير لا يقدر على أن يتخلصها من الشعير والدراهم التي خلطها إنما هي
دراهم ودراهم فلهذا منها بقدر دراهمه ولهذا منها بقدر دراهمه (قال أشهب) هذا إذا
كانت معتدلة في الجودة والحال (قلت) أرأيت أن استودعت رجلا حنطة فخلطها
بحنطة مثلها فضاعت الحنطة واحدة يشبه بعضها بعضا وخلطها على وجه الرفع
والحرز فلا أرى عليه في قول مالك ضمانا (قلت) فإن كانت الحنطة لا تشبه حنطته
(قال) أراه ضامنا في قول مالك لأنه قد أتلفها حين خلطها بما لا يشبهها لأنها قد تلفت
بمنزلة الحنطة في الشعير
فيمن خلط دراهم فضاعت
(قلت) أرأيت الدراهم إذا خلطها فضاع بعضها أيكون الضياع منهما جميعا ويكونان
فيما بقي لهما شريكين بقدر ما لهذا فيها وبقدر ما لهذا فيها (قال) نعم إذا كأن لا يقدر
على أن يتخلص دراهم هذا من دراهم هذا (قال) وان كانت دراهم هذا تعرف من
دارهم هذا فمصيبة كل واحد منهما منه لان دراهم كل واحد منهما معروفة
فيمن استودع رجلا حنطة فخلطها صبي بشعير
(قلت) أرأيت أن استودعت رجلا حنطة فخلطها صبي بشعير للمستودع أيضمن
أم لا (قال) قال مالك في الصبي ان ما استهلك الصبي من متاع أو أفسده فهو ضامن
فإن كان له مال أخذ من ماله وإن لم يكن له مال فهو في ذمته دينا يتبع به. فالجواب في
مسألتك أن الصبي ضامن لشعير مثل شعير المستودع وضامن لحنطة مثل حنطة المودع إلا أن يشاءا أن يتركا الصبي ويكونا في الحنطة والشعير شريكين هذا بقيمة
حنطته وهذا بقيمة شعيره (قلت) أبقيمة حنطته بالغة ما بلغت (قال) لا ولكن

146
ينظر إلى كيل حنطة هذا فتقوم والى وكيل شعير هذا فيقوم فيكونان شريكين
(قلت) أرأيت أن قال أحدهما لصاحبه أنا أغرم لك مثل شعيرك هذا أو مثل
حنطتك وآخذ هذا كله أيكون ذلك له أم لا (قال) لا يكون ذلك له ولا يحل هذا
إلا أن يكون هو الذي خلطه فيكون ذلك له ويكون ضامنا لمثل الحنطة التي خلطها
(قلت) ولم أحللته هاهنا إذا كنت أنا الذي خلطته ولم تحله في الوجه الآخر
(قال) لان هذا قد قضاه حنطة وجبت عليه وفى الوجه الآخر إنما هو بيع فلا يحل
(قلت) وهذا قول مالك (قال) هذا رأيي
فين استودع دراهم أو حنطة فأنفقها ثم تلفت
(وقد رد مثل ما أنفق أو لم يرد)
(قلت) أرأيت لو أني استودعت عند رجل دراهم وحنطة فأنفق بعض الدراهم
أو أكل بعض الحنطة أيكون ضامنا لجميع الحنطة وجميع الدراهم أم لا في قول مالك
(قال) لا يكون ضامنا الا لما أكل أو لما أنفق وما سوى ذلك لا يكون ضامنا له
(قلت) فان رد مثل الحنطة التي أكلها في الوديعة ومثل الدراهم التي أنفقها في
الوديعة أيسقط عنه الضمان أم لا في قول مالك (قال) قال مالك نعم يسقط عنه
الضمان في الدراهم والحنطة عندي بمنزلتها (قلت) أفيكون القول قوله في أنه قد رد
ذلك في الوديعة (قال) نعم كذلك قال مالك (قلت) ولم جعل مالك القول قوله ألا
ترى أنه لو قال لم آخذ منها قليلا ولا كثيرا أو قال قد تلف كان القول قوله (قلت)
أرأيت أن كان قد تسلف الوديعة كلها فرد مثلها مكانها أيبرأ من الضمان في قول مالك
(قال) نعم كذلك قال لي مالك في الدراهم فالودائع كلها مثل هذا إذا رد مثلها إذا كان
يقدر على مثلها مثل الكيل أو الوزن في رأيي
فيمن استودع ثيابا فلبسها أو أتلفها ثم رد مثلها في موضعها فضاعت
(قلت) أرأيت أن استودعني ثيابا فلبستها فأبليتها أو بعتها أو أتلفتها بوجه من

147
الوجوه ثم اشتريت ثيابا مثل صفتها ورفعتها وطولها فرددتها إلى موضع الوديعة
أيبرئني ذلك من الضمان أم لا (قال) لا يبرئك ذلك من الضمان (قلت) وهذا
قول مالك (قال) هذا رأيي لان رجلا لو استهلك لرجل ثوبا فإنما عليه قيمته فلما
ضمن هذا المستودع باستهلاكه القيمة لم يجز أن يخرج ثيابا مكان القيمة ولا يبرأ بذلك
في رجل استودع رجلا وديعة أو قارضه
(فزعم أنه ردها إليه أو قال ضاعت منى)
(قلت) أرأيت أن استودعت رجلا وديعة أو قارضته فلما جئت أطلبها منه قال
قد دفعتها إليك أيصدق ويكون القول قوله أم لا في قول مالك (قال) قال مالك
في الرجل يستودع الرجل وديعة أو يقارضه قال إن كان إنما دفع إليه المال ببينة فإنه
لا يبرئه من المال إذا قال قد دفعته إلا أن تكون له بينة وإن كان رب المال إنما دفع
إليه المال بغير بينة فالقول قول المستودع والمقارض إذا قال قد دفعته إليك (قلت)
أرأيت أن دفعت إليه المال قراضا أو استودعته ببينة فقال قد ضاع المال منى أيكون
مصدقا في ذلك أم لا (قال) قال مالك هو مصدق في ذلك (قلت) وكذلك أن قال قد سرق منى (قال) نعم
فيمن دفع إلى رجل مالا ليدفعه إلى آخر
(قال) ولقد سألنا مالكا عن الرجل يدفع إلى الرجل المال ليدفعه لرجل ببعض
البلدان فيقدم الذي بعث معه المال فيقول له صاحب المال ما فعلت بالمال فيقول قد
دفعته إلى الذي أمرتني وينكر الذي بعث بالمال إليه أن يكون هذا دفع إليه شيئا
(قال) قال مالك إن لم يكن للمأمور بالدفع بينة أنه قد دفع إليه المال غرم (قلت)
ببينة دفع إليه أو بغير بينة أهو سواء عند مالك في هذا (قال) نعم (قال ابن القاسم)
فقلت لمالك أرأيت أن كان حين أخذه منه قال له أنا أدفعه إليه بغير بينة وأنا أستحي
أن أشهد عليه ثم زعم أنه قد دفعه إليه وأنكر الآخر (قال) ان صدقه رب المال على هذه

148
المقالة أو كانت له بينة على رب المال بهذه المقالة فالقول قوله ولا ضمان عليه (قال)
فقلت لمالك أرأيت أن قال المأمور قد رجعت بها ودفعتها إليك ولم أجد صاحبك الذي
بعثت بها معي إليه وأنكر رب المال أن يكون ردها إليه (قال) القول قول المأمور مع
يمينه ولا شئ عليه (قلت) فإن كان قبضها منه بغير بينة أو كان قبضها منه ببينة
أهو سواء في هذا (قال) إن كان قبضها من ربها ببينة فإنه لا يبرأ إلا أن تكون له بينة
على أنه قد ردها إلى ربها والا غرم وإن لم يكن قبضها من ربها ببينة فالقول قوله وهذا
رأيي (قال ابن الماجشون) الورثة ضامنون ويلزمهم ما كان يلزم أباهم من بينة تقوم
أو تصديق المبعوث إليه
في الرجل يبعث بمال لرجل فيهلك الرسول قبل أن يبلغ أو بعد ما بلغ
(قال) ولقد سئل مالك عن رجل بعث إلى رجل بمال إلى بلد فقدم البلد فهلك
الرسول بذلك البلد بعد ما قدمه ثم إن مصاحب البضاعة كتب إلى الرجل يسأله
هل قبضتها فكتب إليه أنه لم يدفع إلى شيئا (قال) يحلف ورثة الرسول إن كان
فيهم كبير بالله ما يعرف له سببا ولا شئ لرب المال في مال الرسول (قال)
فقلت لمالك أرأيت أن هلك الرسول في الطريق ولم يوجد له أثر (فقال) مالك ما أحراه
أن يكون في ماله ثم كلمته بعد ذلك في الرسول إذا مات في الطريق (قال) أراه في ماله
وضمانه عليه إذا هلك قبل أن يبلغ البلد الذي فيه المبعوث إليه بالمال
في الرجل يهلك وقبله ودائع وقراض ودين
(فيقول في مرضه هذه ودائع فلان وهذا مال فلان)
(قال) وقال مالك ولو أن رجلا هلك ببلد وقبله قرض دنانير وقراض وودائع فلم
يوجد للودائع ولا للقراض سبب ولم يوص بشئ من ذلك (قال) أهل القراض
وأهل الودائع والقرض يتحاصون في جميع ماله على قدر أموالهم (قال) فقلنا لمالك فان
ذكر فيما قبله عند موته ان هذا مال فلان الذي قارضني به وهذه وديعة لفلان (قال)

149
إن كان ممن لا يتهم فالقول قوله في ذلك وذلك للذي سمى له
الرجل يبعث معه بالمال صلة لرجل أو صدقة فقال قد دفعته
(قال) ولقد سألت مالكا عن الرجل يبعث بالمال مع رجل صلة لرجل ليدفعه إليه
فيقول قد دفعته إليه ويقول المبعوث إليه لم يدفعه إلى (قال) إن لم يكن للرسول بينة
على دفعه غرم (قال) والصدقة إذا بعث بها إلى رجل أو بعث معه بمال إلى رجل ليدفعه
إليه وليس بصدقة فهو سواء لا يبرأ يقوله انه قد دفع إلا أن يكون له بينة إلا أن يكون
أمره أن يفرقها على وجه الصدقة يقسمها لم يأمره أن يدفعها إلى رجل بعينه فالقول
قوله أنه قد فرقها ويحلف وإنما سألت مالكا عن ذلك لان بعض الناس ذكروا
أن الصدقة وان كانت مبعوثة إلى رجل فهي مخالفة للقضاء والقرض والشراء والبيع
وما أشبه (قال) قال مالك الصدقة إذا كانت إنما بعثت إلى رجل والقرض والاشتراء
والبيع كله سواء إلا أن يكون أمره أن يفرقها في غير قوم بأعيانهم فيكون القول
قول الرسول مع يمينه (قلت) أرأيت أن بعثت معه بمال صدقة وأمرته أن يدفعه
إلى عشرة رجال بأعيانهم فأنكروا (قال) الواحد والعشرة إذا كانوا بأعيانهم سواء
في قول مالك (قلت) أرأيت أن صدقه بعضهم وكذبه بعضهم (قال) يبرأ في
قول مالك من حظ من صدقه ويضمن حظ من كذبه
فيمن دفع إلى رجل مالا قراضا أو وديعة ببينة أو بغير بينة
(قلت) أرأيت ما ذكرت عن مالك أنه قال إذا دفع إليه المال وديعة أو قراضا
ببينة فقال الذي أخذ المال بعد ذلك قد رددته انه لا يبرأ بقوله اني قد رددته إلا أن
يكون له بينة (قلت) لم قال مالك ذلك أليس أصل أخذه هذا المال أمانة فلم لا يبرأ
بقوله انى قد دفعته وقد قلت قد قال مالك إذا قال قد ضاع مني انه مصدق وان
كانت عليه بينة فلم لا يصدق إذا قال قد رددته (قال) لأنه حين دفع إليه المال
قد استوثق منه الدافع فلا يبرأ حتى يستوثق هو أيضا إذا هو دفع وإن كان أصل

150
المال أمانة فإنه لا يبرأ الا بالوثيقة (قلت) فلم قال مالك إذا بعث بالمال معه ليدفعه
إلى رجل فقال قد دفعته إلى من أمرني انه لا يصدق الا ببينة أنه قد دفعه وإن كان
رب المال حين بعث بالمال معه دفعه إلى الرسول ببينة أو بغير بينة فهو سواء لا يبرأ
الرسول حتى يدفع المال إلى المبعوث إليه ببينة لم قال مالك هذا أوليس هذا المبعوث
معه المال أمينا (قال) قال مالك ليس له أن يتلف ماله الا ببينة تقوم له أنه قد دفعه
ألا ترى أن المبعوث إليه بالمال إن كان ذلك المال دينا له على الذي أرسله إليه ان هذا
الرسول إن لم يشهد عليه حين دفعه إليه فقد أتلفه وكذلك لو كان أرسل إليه بهذا
المال ليشتري له به سلعة فأعطاه الرسول المال من غير أن يشهد فقد أتلفه (قلت)
أرأيت أن قال المقارض أو المستودع قد بعثت إليك بالمال مع رسولي أيضمن أم لا في
قول مالك (قال) نعم يضمن في قول مالك الا مأن يكون رب المال أمره بذلك
فيمن استودع رجلا مالا فاستودعه غيره فضاع عنده
(قلت) أرأيت أن استودع رجلا مالا فاستودعه غيره ثم أخذه منه فضاع
عنده أيضمن أم لا في قول مالك (قال) قال مالك إذا أنفق منها ثم رد ما أنفق في
الوديعة انه لا ضمان عليه فكذلك هذا في مسألتك لا يضمن
فيمن استودع رجلا فجحده فأقام عليه البينة
(قلت) أرأيت أن استودعت رجلا ببينة فجحدني وديعتي ثم أقمت عليه البينة أتضمنه
أم لا في قول مالك (قال) نعم هو ضامن في قول مالك لان مالكا قال إذا دفع إليه
المال ببينة وزعم المستودع أنه قد رد المال على رب المال ولا بينة له فهو ضامن
فالجحود أبين عندي في الضمان
في الدعوى في الوديعة ادعى أحدهما أنها وديعة وقد ضاعت
(وادعى الآخر أنه قرض وأنه سلف)
(قلت) أرأيت أن قال رجل لرجل استودعتني ألف درهم فضاعت منى وقال رب

151
المال بل أقرضتكها قرضا (قال) قال مالك القول قول رب المال (قلت) فان قال
رب المال ما استودعتكها ولكنك غصبتنيها (قال) الغصب عندي لا يشبه القرض
لأن الغصب من وجوه التلصص (قال) وهذا يدعى عليه في الغصب باب فجور فلا يصدق
عليه (قلت) أفلا يصدقه في ضمان المال (قال) لا إذا قال غصبتني لأني إذ أبطلت
قوله في بعض أبطلته في كله (قلت) أتحفظ هذا عن مالك (قال) لا (قلت)
فان قال استودعتني ألف درهم فضاعت منى وقال رب المال بل أوفيتكها من قرض
كان لك على (قال) القول قول رب المال في رأيي (قلت) فان قال رب المال لم
أستودعك ولكني رددتها عليك من مال المقارضة الذي كان لك عندي (قال) القول
قوله في رأيي (قلت) أرأيت أن قال لم أستودعك ولكنك سرقتها منى (قال) لا أرى
أن يقبل قوله إنه سرقها منه لان في هذا باب فجور يرميه به ولم أسمعه من مالك
(قلت) أرأيت أن كان لي على رجل ألف درهم من قرض ولى عنده ألف درهم
وديعة فأعطاني ألف درهم أو بعث بها إلى ثم لقيني بعد ذلك فقال الألف التي بعثت
بها إليك هي من السلف الذي كان لك على وقد ضاعت الوديعة وقال رب المال بل
إنما بعثت إلى بالوديعة التي كانت لي عندك والسلف لي عليك على حاله (قال) القول
قول المستودع ألا ترى أنه مصدق في ذهاب الوديعة وهو يقول قد ذهبت الوديعة
عندي ولم أبعث بها إليك فهو مصدق فالألف التي قبضها رب المال تصير هي الدين
الذي كان على المستودع
فيمن استودع صبيا وديعة فضاعت عنده
(قلت) أرأيت لو أن رجلا استودع صبيا صغيرا وديعة فضاعت أيضمن الصبي
أم لا (قال) لا يضمن (قلت) بأمر أربابه أو بغير أمر أربابه (قال) ذلك سواء
عندي (قلت) وهو قول مالك (قال) قال مالك في الرجل يبيع الصبي السلعة
فيتلفها الصبي انه لا شئ له على الصبي من ثمن السلعة ولا يضمن له الصبي قيمة السلعة
وان باع الصبي منه السلعة فأخذ الصبي منه الثمن فأتلفه ان الرجل ضامن للسلعة

152
ولا يضمن الصبي الثمن الذي أتلف لأنه هو الذي سلط الصبي على ذلك وأتلف
ماله فكذلك الوديعة
فيمن استودع عبدا محجورا عليه أو مأذونا له وديعة فأتلفها
(قلت) أرأيت أن استودع رجل عبدا محجورا عليه وديعة فأتلفها أيضمن أم لا
في قول مالك (قال) ان فسخها عنه السيد سقطت عنه ولم تعد عليه أبدا وان أعتق
لان السيد قد فسخها عنه وإن لم يفسخها السيد عنه حتى يعتق فهي دين عليه يتبع بها
في ذمته ان عتق يوما ما وهذا إذا لم يبطلها السيد وهذا رأيي
في العبد المأذون له في التجارة يستودع الوديعة فيتلفها
(قلت) أرأيت العبد المأذون له في التجارة إذا استودع وديعة فأتلفها أيكون ذلك
في ذمته في قول مالك أم في رقبته (قال) بل ذلك في ذمته في قول مالك لان أرباب
هذه السلعة استودعوه وائتمنوه عليها (قلت) أفيكون لسيد العبد المأذون له أن
يفسخ ذلك الدين من ذمته مثل ما لسيد العبد المحجور عليه (قال) لا لان مالكا قال
في العبيد الصناع القصارين والصواغين والخياطين ما أفسدوا مما دفع إليهم ليعملوه
فأتلفوه (قال) مالك غرم ذلك عليهم في أموالهم وذمتهم لا يلحق ذلك ساداتهم ولا
شئ مما يأتيه هؤلاء العبيد فيما بينهم وبين الناس إذا دفعوا ذلك إليهم وهم طائعون
وائتمنوهم عليه أو أسلفوهم أو استعملوهم فما كان من ذلك من شئ فلا يلحق رقبة
العبد ولا ما في يديه من مال سيده. فهذا يدلك على مسألتك أن الوديعة لا تكون في
رقبته إذا أتلفها العبد لان سيد الوديعة دفعها إليه وقد قال مالك في الصناع ان ذلك
في ذمتهم فالمأذون له في التجارة والصناع سواء فيما ائتمنهم الناس عليه وليس لساداتهم
أن يفسخوا ذلك عنهم في قول مالك (قلت) فإن كان غير مأذون له في التجارة
فاستودعه رجل وديعة فأتلفها فأسقطها عنه سيده أتسقط عنه (قال) نعم تسقط عنه
إذا أسقطها السيد (قلت) أرأيت قيمة العبد إذا قتله رجل أهي على عاقلته أم في

153
ماله في قول مالك (قال) في ماله في قول مالك ولا تحمله العاقلة (قلت) أحال أم لا في
قول مالك (قال) حال في قول مالك
في العبد والمكاتب وأم الولد والمدبر والصبي تتدفع إليهم الودائع
(قلت) أرأيت العبد والمكاتب وأم الولد والصبي والمدبر إذا قبضوا الودائع باذن
ساداتهم فاستهلكوها أيكون ذلك في ذمتهم أم في رقاب العبيد (قال) قال مالك
كل شئ قبضوه باذن أربابهم فأتلفوه فإنما هو دين في ذمتهم ولا يكون في رقابهم
(قلت) والصبي ما دفع إليه من الودائع باذن أبيه فاستهلكها أيكون ذلك دينا عليه
أم لا (قال) أما الصبي فلا يلزمه من ذلك شئ ولم أسمع من مالك في الصبي شيئا
في هذه المسألة وليس مما ينبغي للأب أن يفعله بابنه ولا يلزمه الأب مثل هذا ولا
أرى أن يلزمه
في الرجل يستودع الوديعة فيتلفها عبده أو ابنه في عياله
(قلت) أرأيت أن استودعت رجلا وديعة فأتلفها عبده أو ابنه الصغير في عياله
(قال) ان استهلكها عبده فهي جناية في رقبة العبد وليس في ذمته في قول مالك إلا أن
يفتكه سيده وان استهلكها ابنه فذلك دين في مال الابن إن كان له مال والا
اتبع بها دينا عليه
فيمن استودع رجلا وديعة فجاء يطلبها فقال أمرتني أن أدفعها إلى فلان
(قلت) أرأيت أن استودعني رجل وديعة فجاء يطلبها فقلت له انك أمرتني أن
أدفعها إلى فلان وقد دفعتها إليه وقال رب الوديعة ما أمرتك بذلك (قال) هو ضامن
إلا أن كيون له بينة أنه أمره بذلك وكذلك سمعت مالكا (قال) وسئل مالك
عن الرجل يبعث بالمال إلى الرجل فيقول المبعوث إليه انك تصدقت به على ويقول
الرسول لرب المال بذلك أمرتني ويجحد صاحب المال ويقول ما أمرتك بالصدقة
(قال) مالك يحلف المبعوث إليه بالمال مع شهادة الرسول ويكون المال له صدقة

154
(قال) فقلنا لمالك كيف يحلف المبعوث إليه بالمال وهو غائب يوم بعث به إليه ولم يسمع
قول رب المال يوم بعث إليه المال ولم يحضر ذلك (قال) كيف يحلف الصبي الصغير
إذا بلغ على دين كأن لأبيه يقوم عليه به شاهد واحد (قال مالك) فهذا مثله
في رجل باع ثوبا فقال البزاز لغلام له أو أجير له اقبض منه الثمن
(فرجع فقال قد دفع إلى وضاع منى)
(قتل) أرأيت لو أن رجلا باع من رجل ثوبا فقال البزاز لغلام له أو لأجيره
اذهب مع هذا الرجل فخذ منه الثمن وجئني به فذهب الغلام معه فرجع فقال قد دفع
إلى الثمن وضاع منى وقال مشترى الثوب قد دفعت إليه الثمن وقال البزاز أقم البينة
أنك دفعت إليه الثمن وقال الرجل أنت أمرتني فما أصنع بالبينة والغلام يصدقني
(قال) سألت مالكا عنها فقال لي إن لم يقم المشترى البينة أنه قد دفع الثمن إلى
الرسول فهو ضامن للثمن ولا يبرأ ولم أر فيها شكا عند مالك (قلت) أليس قد
قال مالك في الرجل يبعث مع الرجل بالمال ويأمره أن يدفعه إلى فلان فيدفعه إلى
فلان بغير بينة ويصدقه فلان بذلك أنه لا ضمان عليه (قال) نعم قد قال هذا مالك
(قلت) فما فرق ما بين هذه المسألة والمسألة الأولى (قال) ليس ما دفع إليك من
المال فأمرت أن تدفعه إلى غيرك بمنزلة ما أمر غيرك أن يدفعه إليك من دين كان
عليه فصدقته فإنك لا تصدق على الذي كان له الدين
فيمن استودع رجلا وديعة في بلد فحملها إلى عياله
(في بلد آخر فتلفت عنده)
(قلت) أرأيت أن استودعت رجلا وديعة بالكوفة فحملها إلى عيال له بمصر فوضعها
عندهم فضاعت أيضمن أم لا (قال) هو ضامن في قول مالك لان مالكا قال إن
سافر بالوديعة ضمن أن تلفت فكذلك هذا وهذا لن أستودعك بالكوفة فأنت
ان أخرجتها إلى مصر ضمنتها إن لم تردها (قلت) أرأيت أن استودعني رجل

155
وديعة بالفسطاط فأردت أن أنتقل إلى أفريقية (قال) أرى أن صاحبها إن لم يكن
حاضرا فتردها عليه أنك تستودعها ولا تحملها
في رجل استودع رجلا جارية فوطئها فأحبلها المستودع
(قلت) أرأيت أن استودعت رجلا جارية فحملت منه فولدت أيقام عليه الحد
ويكون ولده رقيقا في قول مالك (قال) نعم
فيمن استودع رجلا وديعة فجاءه رجل فقال ادفع إلى
(وديعة فلان فقد أمرني أن أقبضها)
(قلت) أرأيت لو أنى استودعت رجلا وديعة ثم جاءه رجل فقال له ان فلانا أمرني
أن آخذ هذه الوديعة منك فصدقه ودفعها إليه فضاعت أيضمن في قول مالك أم لا
(قال) نعم يضمن ولا أقوم على حفظ قول مالك فيه (قلت) لم أليس قد قلت إذا
أمره أن يدفع المال إلى فلان فدفعه وصدقه المدفوع إليه المال انه يبرأ (قال) هذا
لا يشبه ذلك إذا أمره أن يدفع لا يشبه إذا جاءه رسول فقال ادفع إلى وصدقه
(قلت) فإذا ضمنه رب المال الوديعة يضمن هذا الذي أخذها منه (قال) نعم
أرى له أن يضمنه
(فيمن استودع رجلين وديعة عند من تكون)
(قلت) أرأيت الرجل يستودع الرجلين أو يستبضع الرجلين عند من يكون
ذلك منهما وهل يكون ذلك عندهما جميعا (قال) قال مالك في الوصيين ان المال يجعل
عند أعدلهما ولا يقسم المال (قال مالك) فإن لم يكن فيهما عدل وضعه السلطان عند
غيرهما وتبطل وصيتهما إذا لم يكونا عدلين (قال مالك) ولا يجوز الوصية إليهما
إذا لم يكونا عدلين (قال) ولم أسمع من مالك في البضاعة والوديعة شيئا وأراه مثله

156
في الرجل يستودع الرجل إبلا أو غنما فينفق عليها
(قلت) أرأيت أن استودعني رجل إبلا أو بقرا أو غنما فأنفقت عليها بغير أمر
السلطان أيلزم ذلك ربها أم لا (قال) سئل مالك عما يشبه هذا عن رجل استودع
رجلا دابة فغاب عنها صاحبها وقد أنفق عليها المستودع (قال مالك) يرفع ذلك إلى
السلطان فيبيعها ويعطيه نفقته التي أنفق عليها إذا أقام على ذلك بينة أنه استودعها إياه
(قلت) أرأيت إن لم يكن له بينة على النفقة ولكن له بينة على أنها عنده منذ سنة
فادعى أنه كان ينفق عليها سنته تلك (قال) له النفقة إذا قامت له بينة عنده
فيمن استودع ماشية فأنزى عليها أو إبلا فأكراها
(قلت) أرأيت لو أن رجلا استودع رجلا نوقا أو أتنا أو بقرات أو جواري فحمل
على الأتن وعلى النوق وعلى البقرات أنزى عليهن فحملن فمتن من الولادة وزوج
الجواري فحملن الجواري فمتن من الولادة أيضمن في قول مالك أم لا (قال) أراه
ضامنا في ذلك كله (قلت) أرأيت أن حمل الفحل عليها فعطبت تحت الفحل أيضمن
أم لا (قال) نعم (قلت) أتحفظه عن مالك (قال) لا (قلت) أرأيت أن استودعني
إبلا فأكريتها إلى مكة أيكون لربها من الكراء شئ أم لا (قال) كل ما كان أصله
أمانة فأكراه فربه مخير ان سلمت الإبل ورجعت بحالها في أن يأخذ كراءها ويأخذ
الإبل وفى أن يتركها له ويضمنه قيمتها ولا شئ له من الكراء إذا كان قد حبسها
عن أسواقها ومنافعه بها وهذا بمنزلة رجل أعاره رجل دابة أو أكراه دابة إلى موضع
من المواضع فتعدى عليها لان أصل هذا كله لم يضمنه الا بتعديه فيه فهذا كله
باب واحد وهذا في الوديعة وفى الدين على نحو قول مالك في الذي يستعير الدابة
فيتعدى وعلى الذي يتكارى الدابة فيتعدى عليها وهذا في الكراء والعارية قول مالك
(قلت) أرأيت أن استودعت رجلا وديعة فقدمت أطلبها منه فقال قد أنفقتها على
أهلك وولدك وصدقه أهله وولده (قال) أراه ضامنا للوديعة ولا ينفعه اقرار أهله

157
وولده بالنفقة إلا أن يقيم على ذلك البينة فيبرأ إذا كان ما أنفق عليهم يشبه ما قال ولم
يكن صاحب الوديعة يبعث إليهم بالنفقة
فيمن استودع جارية أو ابتاعها فزوجها بغير أمر صاحبها
(قلت) أرأيت أن استودعني رجل جارية فزوجتها بغير أمر صاحبها فنقصها التزويج
أترى أنى ضامن لما نقصها (قال) نعم (قلت) فان ولدت ولدا فكان في الولد وفاء
لما نقصها التزويج أأضمن أم لا في قول مالك ما نقصها التزويج (قال) لا لان مالكا
قال في الرجل يشترى الجارية فيجد بها عيبا وقد زوجها بعد ما اشتراها فأراد ردها
قال مالك يردها ويرد معها ما نقصها التزويج (قال مالك) وربما ردها وهي خير منها
يوم اشتراها قد ولدت أولادا فلا يكون عليه شئ لنقصان التزويج فهذا يدلك على
أن مالكا جعل الولد إذا كان فيه وفاء بما نقصها التزويج أنه لا شئ عليه ويردها ولا
يغرم ما نقصها فكذلك مسألتك (قلت) ويثبت هذا النكاح إذا ردها بالعيب في
قول مالك (قال) نعم (قال) وقال مالك أرأيت أن زوجها من رجل حر أكان يفسخ
ذلك فعبده بمنزلة ذلك إلا أنى أرى في مسألتك ان أحب أخذها وولدها وان أحب
أن يضمنه إياها إذا نفست ويأخذ قيمتها بلا ولد فذلك له (قلت) ولم أثبت هذا
النكاح (قال) لان الذي اشتراها فأصاب بها العيب كان لها مالكا قبل أن يردها ألا
ترى أنه لو أعتقها قبل أن يردها جاز عتقه فيها في قول مالك (قلت) فإن كان أعتقها
وهو يعلم بالعيب (قال) قال مالك إذا اشتراها فظهر على عيب فتسوق بها بعد العيب
انها لازمة له وليس له أن يردها بعد ما تسوق بها إذا كان قد علم بالعيب فكذلك
العتق إذا علم بالعيب فأعتقها فليس له أن يرجع بما نقصها العيب بعد ذلك (قلت)
فان أعتقها وهو لا يعلم بالعيب كان له أن يرجع بقيمة العيب على البائع في قول مالك
(قال) نعم (قلت) أرأيت أن اشتريت جارية وبها عيب ولا أعلم بالعيب فزوجتها
فنقصها التزويج فزادت في قيمتها فكان ما زاد في قيمتها فيه وفاء لما نقصها عيب التزويج
فأردت أن أردها بالعيب
أيكون على لما نقصها التزويج شئ أم لا (قال) لا شئ عليك

158
في ذلك كذلك قال لي مالك (قلت) أرأيت أن استودعت رجلا وديعة فعمل فيها
فريح أيكون الريح للعامل أم لرب المال في قول مالك (قال) للعامل كذلك قال
مالك (قلت) ولا يتصدق بشئ من الريح في قول مالك (قال) نعم لا يتصدق
بشئ من الريح (قلت) ويبرأ من الضمان هذا المستودع إذا كان قد رد المال في
موضع الوديعة بعدما ربح في المال ويكون الريح له في قول مالك (قال) نعم يبرأ من
الضمان في قول مالك ويكون الريح له
فيمن استودع طعاما فأكله ورد مثله
(قلت) أرأيت أن استودعني رجل طعاما فأكلته فرددت في موضع الوديعة
طعاما مثله أيسقط عنى الضمان أم لا (قال) يسقط عنك الضمان في رأيي مثل قول
مالك في الدنانير والدراهم لأني سمعت مالكا يقول في الرجل يستودع
الدنانير والدراهم فيتسلف منها بعضها أو كلها بغير أمر صاحبها ثم يرد في موضع
الوديعة مثلها انه يسقط عنه الضمان فكذلك الحنطة (قلت) وكذلك كل شئ
يكال أو يوزن (قال) نعم كل شئ إذا أتلفه الرجل للرجل فإنما عليه مثله فهو إذا رد
مثله في الوديعة سقط عنه الضمان وإذا كان إذا أتلفه ضمن قيمته فان هذا إذا
تسلفه من الوديعة بغير أمر صاحبها فهو لقمته ضامن ولا يبرئه من تلك القيمة إلا أن
يردها على صاحبها لا يبرئه منها أن يخرج القيمة فيردها في الوديعة (قلت)
أرأيت قولك إذا استودعها فتسلفها بغير أمر صاحبها انه إذا ردها في الوديعة يبرأ
أرأيت أن أخذها على غير وجه السلف فأتلفها فردها بعد ذلك أيبرأ في قول مالك
(قال) إنما سألنا مالكا عنها إذا تسلفها بغير أمر صاحبها ثم رد مثلها مكانها أنه يبرأ
ولم نسأله عن هذا الوجه الذي سألت عنه وهو عندي مثل السلف سواء

159
فيمن استودع رجلا مالا أو أقرضه
(فجحده ثم استودعه الجاحد مثله)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا استودعته ألف درهم أو أقرضته إياها قرضا أو بعته بها
سلعة فجحدني ذلك ثم إنه استودعني بعد ذلك ألف درهم أو باعني بها بيعا فأردت
أن أجحده لمكان حقي الذي كان جحدني ويستوفيها من حقي الذي لي عليه (قال)
سئل مالك عنها غير مرة فقال لا يجحده (قال) فقلت لم قال ذلك مالك (قال)
ظننت أنه قاله للحديث الذي جاء أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك
(قلت) أرأيت لو أن رجلا استودعني وديعة ثم غاب فلم أدر أحي هو أم ميت
ولا أعرف له موضعا ولا أعرف من ورثته (قال) قال مالك إذا طال زمانه أو أيس
منه تصدق بها عنه (قلت) أرأيت لو أن وديعة استهلكتها كان قد استودعنيها
رجل ثم جاء يطلبها فادعيت أنه وهبها لي وهو يجحد أيكون القول قوله أم قولي
(قال) القول قول رب الوديعة (قلت) أتحفظه عن مالك (قال) هذا رأيي
(قلت) أرأيت لو أن رجلا استودعني عبدا فبعثته في حاجة لي في سفر أو في
غير ذلك فذهب فلم يرجع (قال) ان بعثته في سفر أو في أمر بعثته يعطب في مثله
فأنت ضامن في رأيي وإن كان أمرا قريبا لا يعطب في مثله تقول له اذهب إلى باب
الدار اشتر لنا نقلا أو نحو هذا (قال) هذا لا يضمن لان الغلام لو خرج في مثل هذا
لم يمنع منه
في العبد يستودع الوديعة فيأتي سيده فيطلبها
(قلت) أرأيت أن استودعني عبد لرجل وديعة فأتى سيده فأراد أخذ الوديعة
والعبد غائب أيقضى له بأخذ الوديعة أم لا (قال) نعم يقضى له بأخذ الوديعة لان مالكا
قال لي في متاع وجد في يد عبد غير مأذون له في التجارة فأتى رجل فزعم أن المتاع
متاعه وقال السيد المتاع متاعي وأقر العبد أن المتاع متاع الرجل دفعه إليه ليبيعه وكذلك

160
ادعى الرجل قال إنما دفعته إليه ليبيعه لي (قال) قال مالك القول قول سيده حين قال
هو متاعي لان العبد عبده (قلت) أرأيت إن لم يقل السيد في مسألة مالك هذه ان
هذا المتاع متاعي ولكن قال المتاع متاع غلامي وقال العبد ليس هو لي (قال) هو سواء
القول قول السيد ولم يكن محمل قول مالك عندنا في مسألة مالك إلا أن السيد ادعى
أن المتاع متاع عبده وكل ذلك سواء لان العبد عبده ومتاع عبده هوله (قال ابن
القاسم) وسمعت مالكا يقول في المأذون له في التجارة يقر بالمتاع يكون في يديه أنه
لقوم أو يقر لقوم بدين وينكر ذلك السيد ان القول قول العبد لأنه قد خلى بينه وبين
الناس يداينهم ويتاجرهم وبأمنونه وأما مسألتك في الوديعة فللسيد أن يأخذ متاع
عبده مأذونا كان أو غير مأذون لان العبد غائب ولم يقر العبد بالمتاع أنه لاحد من
الناس فلسيده أن يأخذ متاع عبده في مسألتك
(تم كتاب الوديعة بحمد الله وعونه)
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
(ويليه كتاب العارية)

161
بسم الله الرحمن الرحيم
(الحمد لله وحده)
وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم
كتاب العارية
فيمن استعار دابة يركبها إلى سفر بعيد
(قلت) لابن القاسم أرأيت لو أن رجلا استعار من رجل دابة ليركبها حيث شاء
ويحمل عليها ما شاء وهو بالفسطاط فركبها إلى الشام أو إلى إفريقية (قال) ينظر في
عاريته فإن كان وجه عاريته إنما هو إلى الموضع الذي يركب إليه والا فهو ضامن
ومن ذلك أنه يأتي إلى الرجل فيقول أسرج لي دابتك لأركبها في حاجة لي فيقول
له اركبها حيث أحببت فهذا يعلم الناس أنه لم يسرجها له إلى الشام ولا إلى إفريقية
(قلت) تحفظه عن مالك (قال) هذا رأيي (قال) ووجدت في مسائل عبد الرحيم
أن مالكا قال فيمن استعار دابة إلى بلد فاختلفا فقال المستعير أعرتنيها إلى بلد كذا وكذا
وقال المعير إلى موضع كذا وكذا (قال) إن كان يشبه ما قال المستعير فعليه اليمين فهذا
يدلك على ما فسرت لك
فيمن استعار دابة ليحمل عليها حنطة فحمل عليها غير ذلك
(قلت) لابن القاسم أرأيت لو أن رجلا استعار دابة ليحمل عليها حنطة فحمل
عليها حجارة فعطبت أيضمن أم لا في قول مالك (قال) قال مالك في رجل اكترى
دابة من رجل ليحمل عليها أو ليركبها فأكراها من غيره فعطبت (قال) ان

162
كان أكراها في مثل ما تكاراها له وكان الذي اكتراها عدلا أمينا لا بأس به
فلا ضمان عليه وإن كان ما حمل على الدابة مما يشبه أن يكون مثل الذي استعارها له
فعطبت فلا ضمان عليه وإن كان ذلك أضر بالدابة فعطبت فهو ضامن (قال) ومما
يبين لك ذلك أنه لو استعارها ليحمل عليها بزا فحمل عليها كتانا أو قطنا أو
استعارها ليحمل عليها حنطة فحمل عليها عدسا انه لا يضمن في قول مالك وإنما
يضمن إذا كان أمرا مخالفا فيه ضرر على الدابة فهذا الذي يضمن أن عطبت (قلت)
أرأيت أن استعرت دابة لاحمل عليها حنطة فركبتها أنا ولم أحمل عليها فعطبت هل
أضمنها أم لا (قال) ينظر في ذلك فإن كان ركوبك أضر بالدابة من الحنطة وأثقل
ضمنتها وإلا فلا ضمان عليك (قلت) أرأيت أن استعرت من رجل دابة لأركبها إلى
موضع من المواضع فركبتها وحملت خلفي رديفا فعطبت الدابة ما على (قال) ربها
مخير في أن يأخذ منك كراء الرديف ولا شئ له غير ذلك وفى أن يضمنك قيمتها
يوم حملت عليها الرديف (قلت) أجميع قيمتها أو نصف قيمتها (قال) جميع قيمتها
(قلت) وهذا قول مالك (قال) سئل مالك عن رجل تكارى بعيرا ليحمل عليه
وزنا مسمى فتعدى فحمل عليه أكثر مما شرط في الوزن فعطب البعير فهلك أو أدبره
أو أعنته (قال مالك) ينظر في ذلك فإن كان الذي زاد عليه الرطلين والثلاثة وما أشبه
ذلك مما لا يعطب في مثل تلك الزيادة كان له كراء تلك الزيادة ان أحب ولا ضمان
على المتكارى في البعير ان عطب (قال) فإن كان في مثل ما زاد عليه ما يعطب في مثله
كان صاحب البعير مخيرا فان أحب فله قيمة بعيره يوم تعدى عليه وان أحب فله
كراء ما زاد على بعيره مع الكراء الأول ولا شئ له من القيمة فكذلك مسألتك
في العارية
فيمن استعار من رجل ثوبا أو عرضا فضاع عنده أيضمن أم لا
(قلت) أرأيت لو استعرت ثوبا من رجل فضاع عندي أأضمنه أم لا في قول
مالك (قال) قال مالك هو ضامن (قلت) وكذلك العروض كلها (قال) قال مالك

163
من استعار شيئا من العروض فكسره أو خرقه أو ادعى أنه سرق منه أو احترق
(قال) مالك فهو ضامن له (قال) وان أصابه أمر من قبل الله بقدرته وتقوم له
على ذلك بينة فلا ضمان عليه في شئ من ذلك إلا أن يكون ضيع أو فرط فإنه يضمن
إذا جاء التفريط أو الضيعة من قبله كذلك وجدت هذه المسألة في مسائل عبد الرحيم
(قال ابن القاسم) وقال ومالك فيما تلف من عارية الحيوان عند من استعارها ان الامر
عندنا أنه لا ضمان على الذي استعارها فيما أصابها عنده إلا أن يتعدى أمر صاحبها أو
يخالف إلى غير ما أعاره إياها عليه (قال ابن القاسم) وقال لي مالك ومن استعار
دابة إلى مكان مسمى فتعدى ذلك المكان فتلفت الدابة (قال) أرى صاحبها مخيرا بين
أن يكون له قيمتها يوم تعدى بها وبين أن يكون له كراؤها في ذلك التعدي
(قلت) أرأيت أن استعار ثوبا فحرق أيضمن (قال) هذا يضمن في قول مالك في
العروض إذا تحرقت أو أصابها خرق أو سرقت (قال) قد أمليت عليك قول مالك أولا
أنه ضامن لما نقصه إلا أن يكون فسادا كثيرا فيضمنه كله وذلك إذا لم تكن له بينة
على ما ادعى من ذلك
في الرجل يأمر الرجل أن يضرب عبدا له فضربه فمات
(قلت) أرأيت أن أمرت رجلا أن يضرب عبدي عشرة أسواط فضربه عشرة
أسواط فمات العبد منها أيضمن الضارب أم لا (قال) قال مالك لا ضمان عليه (قال مالك)
وأستحب له أن يكفر كفارة الخطأ (قلت) أرأيت أن أمرته أن يضربه عشرة
أسواط فضربه أحد عشر سوطا أو عشرين سوطا فمات من ذلك (قال) ما سمعت من
مالك فيه شيئا ولكنه إن كان زاده زيادة يخاف أن تكون أعانت على قتله فأراه ضامنا
فيمن اذن لرجل أن يغرس أو يبنى أو يزرع
(في أرضه ففعل ثم أراد اخراجه)
(قلت) أرأيت أن أذنت لرجل أن يبنى في أرضي أو يغرس فبنى غرس فلما

164
بنى وغرس أردت اخراجه مكاني أو بعد ذلك بأيام أو بزمان أيكون ذلك لي فيما قرب
من ذلك أو بعد في قول مالك أملا (قال) بلغني أن مالكا قال أماما قرب من ذلك
الذي يرى أن مثله لم يكن ليبنى على أن يخرج في قرب ذلك وهو يراه حين يبنى فلا
أرى له أن يخرجه إلا أن يدفع إليه ما أنفق والا لم يكن له ذلك حتى يستكمل
ما يرى الناس أنه يسكن مثله في قدر ما عمر وأما إذا كان قد سكن من الزمان فيما
يظن أن مثله قد بنى على أن يسكن مثل ما سكن هذا فأرى له أن يخرجه ويعطيه
قيمة نقضه منقوضا ان أحب وإن لم يكن لرب الأرض حاجة بنقضه قيل للآخر
اقلع نقضك ولا قيمة له على رب الأرض (قال) وهذا قول مالك (قلت) أرأيت
لو أنى أعرت رجلا يبنى في أرضى أو يغرس فيها وضربت له لذلك أجلا فبنى وغرس
فلما مضى الاجل أردت اخراجه (قال) قال مالك يخرجه ويدفع إليه قيمة نقضه
منقوضا ان أحب رب الأرض وان أبى قيل للذي بنى وغرس اقلع نقضك
وغراسك ولا شئ لك غير ذلك (قلت) وما كأن لا منفعة له فيه إذا نقضه فليس
له أن ينقضه في قول مالك (قال) نعم (قلت) أرأيت أن كنت قد وقت له وقتا
فبنى وغرس أيكون لي أن أخرجه قبل مضى الوقت وأدفع إليه قيمة بنيانه وغراسه
في قول مالك (قال) لا (قلت) فان أعرته على أن يبنى ويغرس ثم بدا لي أن أمنعه
ذلك وآخذ أرضى وذلك قبل أن يبنى شيئا وقبل أن يغرس (قال) ان كنت ضربت
لذلك أجلا فليس لك ذلك في قول مالك لأنك قد أوجبت ذلك له (قلت) فإن لم
أضرب له أجلا وأعرته أرضى على أن يبنى فيها ويغرس فأردت اخراجه قبل أن
يبني ويغرس (قال) ذلك لك ألا ترى أن مالكا قال في الذي أذن له أن يبنى
ويغرس فبنى وغرس ولم يكن ضرب لذلك أجلا فأراد اخراجه بحد ثان ذلك أن
ذلك ليس له إلا أن يدفع إليه قيمة ما أنفق فهو إذا لم يبن ولم يغرس كان له أن يخرجه
فهذا يدلك على ذلك (قلت) أرأيت أن أعرته أرضى يبنى فيها ويغرس ولم أسم ما يبنى
فيها ولا ما يغرس وقد سميت الاجل فأردت اخراجه (قال) ليس ذلك لك في قول

165
مالك وليس لك ان تمنعه مما يريد أن يبني ويغرس إلا أن يكون شئ من ذلك يضر
بأرضك (قلت) أرأيت أن أراد الذي بنى أو غرس ان يخرج قبل الاجل أله ان
يقلع نقضه وغراسه قبل الاجل في قول مالك (قال) نعم ذلك له الا ان لرب الأرض
ان يأخذ البناء والغرس بقيمته ويمنعه نقضه إذا دفع له قيمة ماله فيه منفعة ويمنعه ان
ينقض مال بيس له فيه منفعة وهذا قول مالك (قلت) أرأيت كل ما ليس للذي بنى
وغرس فيه منفعة إذا قلعه فأراد رب الأرض ان يعطيه قيمة عمارته ويمنعه من القلع
أيعطيه قيمة هذا الذي ان قلعه لم يكن له فيه منفعة في قول مالك (قال) لا لا يعطيه
قيمة هذا الذي لا منفعة له فيه على حال من الحالات لأنه لا يقدر على قلعه صاحب
العمارة فكيف يأخذ له ثمنا (قلت) أرأيت أن أعرته أرضي يزرعها فلما زرعها
أردت أن أخرجه منها أيكون ذلك لي أم لا (قال) ليس ذلك لك حتى يتم زرعه
لان الزرع لا يباع حتى يبدو صلاحه فتكون فيه القيمة فلذلك خالف البناء والغرس
(قلت) فهل تجعل لرب الأرض الكراء من يوم قال للمستعير اقلع زرعك في قول
مالك (قال) لا الا ترى أنه ليس لرب الأرض ان يقلع زرعه فلما لم يكن له ان يقلع
زرعه لم يكن له ان يأخذ عليه كراء إلا أن يكون إنما اعاره الأرض للثواب فهذا بمنزلة
الكراء (قلت) أرأيت أن استعرت من رجل دابة فركبتها إلى موضع من المواضع
فلما رجعت قال صاحبها إنما أعرتكها إلى ما دون الموضع الذي ركبتها إليه وقد تعديت
في ركوبك دابتي (فال) قد أخبرتك بقول مالك الذي وجدته في مسائل عبد الرحيم
إن كان يشبه القول قول المستعير كان القول قوله مع يمينه (قلت) وكذلك أن
اختلفا فيما حمل عليها (قال) كذلك ينبغي أن يكون وذلك رأيي الا ترى ان المستعير
لو استعار مهرا فحمل عليه عدل بز انه لا يصدق انه إنما استعاره لذلك ولو كان بعير
صدق فهذا هكذا ينبغي أن يكون (قلت) أرأيت أن استعرب من رجل أرضا على أن
أبنيها وأسكنها عشر سنين ثم اخرج منها ويكون البناء لرب الأرض (قال) إن كان بين
البنيان ما هو وضرب الاجل فذلك جائز لان هذا من وجه الإجارة وإن لم يكن بين

166
البنيان ما هو فهذا لا يجوز لأنه غرر (قلت) فان بين البنيان ما هو إلا أنه قال
اسكن ما بدا لي فإذا خرجت فالبناء لك (قال) إذا لم يضرب الاجل فهو مجهول لا يجوز
لان هذا في الإجارة لا يجوز (قلت) أرأيت أن بني على هذا وأنت لا تجيزه
ما يكون لرب البنيان وما يكون على صاحب الأرض (قال) يكون النقض لرب النقض
وإن كان قد سكن كان عليه كراء الأرض (قلت) أتحفظه عن مالك (قال) لا
(قلت) فلو قال له أعرني أرضك هذه عشر سنين على أن اغرسها شجرا ثم
هي بعد العشر سنين لك بما غرست فيها (قال) هذا لا يستقيم ليس للشجر حد
يعرف به وإنما يجور من الشجر ان يغرس له شجرا على وجه الجعل يقول صاحب
الأرض للغارس اغرسها أصولا نخلا أو تينا أو كرما أو فرسا أو ما أشبه ذلك
ويشترط رب الأرض في ذلك إذا بلغت الشجر كذا وكذا فهي بيننا على ما شرطنا
نصفا أو ثلثا أو أقل من ذلك أو أكثر فهذا هو الجائز واما ان تقول أعطيكها سنتين
أو ثلاثا فإذا خرجت من الأرض فما فيها من الغراس فهو لي فهذا لا يشبه البنيان لان
الغراسة غرر لا يدي ما ينبت منه وما يذهب منه وهذا رأيي (قال) ومما يبين لك
انه لو استأجره ان يبني له بنيانا مضمونا يوفيه إياه إلى أجل من الآجال جاز ذلك وان
شرط عليه ان يغرس له كذا وكذا شجرة مضمونة عليه يوفيه إياها إلى أجل لم يجز
ذلك لان ذلك ليس مما يضمنه أحد لاحد (قلا) أرأيت الرجل يعير الرجل
المسكن عشر سنين فيقبضه فيموت المعار أيكون ورثته مكانه في قول مالك (قال) نعم
(قلت) وكذلك أن مات المعار قبل أن يقبض عاريته فورثته مكانه في قول مالك
(قال) نعم (قال) ولد سالت مالكا عن الرجل يعير الرجل المسكن أو يخدمه
الخادم عشر سنين فيموت قبل أن يتمها (قال) قال مالك ورثته مكانه (قلت) وإن لم
يقبض (قال) وإن لم يقبض (قلت) فان مات الذي اعاره قبل أن يقبض المعار
عاريته (قال) لا شئ له في قول مالك (قلت) فإن كان قد قبض ثم مات رب الأرض
(قال) فلا شئ لورثة رب الأرض حتى يتم هذا سكناه لأنه قد قبض وهذا قول

167
مالك وكذلك العارية والهبة والصدقة.
(ما جاء في العمرى والرقبى)
(قلت) أرأيت العمرى أيعرفها مالك (قال) نعم قال مالك ومن أعمر رجلا حياته
فمات المعمر رجعت إلى الري أعمرها (قال) وقال مالك الناس عند شروطهم
(قلت) أرأيت أن أعمرا عبدا أو دابة أو ثوبا أو شيئا من العروض (قال) إنما
الدواب والحيوان كلها والرقيق فتلك التي سمعنا فيها العمرى (قال) واما الثياب فلم
اسمع فيها شيئا ولكنها عندي على ما اعاره (قلت) أرأيت الرقبى هل يعرفها مالك
(قال) سأله بعض أصحابنا ولم اسمعه منه عن الرقبى فقال لا أعرفها ففسرت له فقال
لا خير فيها (قلت) وكيف سألوه عن الرقبى (قال) قالوا له الرجلان يكون بينهما الدار
فيحبسانها على أيهما مات فنصيبه للحي حبسا عليه (قال) فقال لهم مالك لا خير في هذا
(يزيد بن محمد) عن إسماعيل بن علية عن ابن أبي يحيى عن طاوس
قال قال رسول الله صلى عليه وسلم لا رقبى ومن أرقب شيئا فهو لورثة المرقب
(قال ابن القاسم) وسألناه عن العبد يحبسانه جميعا على أنه حر بعد آخرهما موتا على أن
أولهما موتا نصيبه من العبد يخدم الحي حبسا عليه إلى موت صاحبه ثم هو حر
(قال) قال مالك لا خير في هذا (قلت) فهل ترى العتق قد لزمهما (قال) قال
مالك العتق لازم لهما ومن مات منهما أو لا فنصيبه من العبد يخدم ورثته فإذا مات
الاخر منهما خرج العبد حرا وإنما يخرج نصيب كل واحد منهما من ثلثه (قلت)
لم جعلتم نصيب كل واحد منهما من ثلثه إلى هذا عتقا إلى أجل حيث قال إذا
مات فلان فنصيبي من هذا العبد حد أليس هذا فارعا من رأس المال في قول مالك
(قال) انه لم يقل كذلك أنما قال كل واحد منهما إذا انا مت فنصيبي يخدم فلانا حياته
ثم هو حد فإنما هو رجل أوصى إذا مات ان يخدم عبده فلانا حياته ثم هو حر فهذا
من الثلث ولو كان إنما قال هو حر إلى موت فلان لعتق على الحي منهما نصيبه
حين مات صاحبه من رأس المال أولا ترى ان أحدهما إذا مات فنصيب الحي الذي

168
كان حبسا على صاحبه تسقط الوصية فيه ويصير نصيبه مدبرا يعتق بعد موته (قال)
وإذا مات الأول أيضا سقطت وصيته بالخدمة لصاحبه لأنها كانت من وجه الخطر
(قلت) وهذا قول مالك (قال) نعم يشبه قوله وهو رأيي كله.
(في عارية الدنانير والدراهم والطعام والإدام)
(قلت) أرأيت أن استعار رجل دنانير أو دراهم أو فلوسا (قال) لا تكون في الدنانير
والدراهم عارية ولا في الفلوس لأنا سألنا مالكا عن الرجل يحبس على الرجل المائة
الدينار السنة أو السنتين فيأخدها فيتجر فيها فينقص منها (قال مالك) فهو ضامن لما
نقص منها وإنما هي قرض فإن شاء قبضها على ذلك وان شاء تركها (قلت) وتكون
هذه الدنانير حبسا في قول مالك أم يبطل الحبس فيها (قال) هي حبس إلى الاجل
الذي جعلها إليه حبسا وإنما هي حبس قرض (قلت) فان أبي الذي حبست عليه
قرضا ان يقبلها (قال) ترجع إلى الورثة ويبطل الحبس فيه (قلت) وهذا قول مالك
(قال) نعم (قال) ولقد سئل مالك عن امرأة هلكت وأوصت لبنت بنت لها بان
تحبس عليها الدنانير وأوصت ان ينفق عليها منها إذا أرادت الحج أو في نفاس ان
ولدت فأرادت الجارية بعد ذلك أن تأخذها فتصرفها في بعض ما ينتفع به تنقلب
بها وتقول اشترطوا علي اني ضامنة لها حتى أنفقها في الذي قالت جدتي (قال) قال
مالك لا أرى ان تخرج الدنانير عن حالها وارى ان ينفق عليها فيما أوصت به حدتها
(قلت) أرأيت أن استعار رجل طعاما أو أداما أيكون هذا عارية أو قرضا (قال)
كل شئ لا ينتفع به الناس الا للأكل أو الشرب فلا أراه الا قرضا (قال) ولقد
سألت مالكا عن الرجل يستعير من الرجل عشرة دنانير (فقال) هو ضامن لها ولم
يره من وجه العارية.

169
(فيمن اعترف دابة فأقام البينة على ذلك)
(هل يسأله القاضي انه ما باع ولا وهب)
(قلت) أرأيت أن اعترفت دابة لي فأقمت البينة انها دابتي أيسألني القاضي البينة
اني لم أبع ولم أهب (قال) يسألهم انهم لم يعلموا انه باع ولا وهب ولا تصدق وإنما
يسألهم عن علمهم فان شهدوا انهم لا يعلمون انه باع ولا وهب ولا تصدق قضى
له بالدابة بعد أن يحلف الذي اعترف الدابة في يديه بالله الذي لا إله إلا هو انه ما باع
ولا وهب ولا تصدق ولا أخرجها من يديه بشئ مما يخرج به الشئ من ملك الرجل
ثم قضى له بها (قلت) فإن لم يشهد الشهود على أنهم لا يعلمون انه باع ولا وهب
ولا تتصدق ولكنه يشهدون على أنها دابته أتحلفه انه ما باع ولا وهب ولا تصدق
ثم تقضي له بالدابة (قال) نعم (قلت) وهذا قول مالك (قال) إنما سمعته يقول إنه
يسألهم عن علمهم انه ما باع ولا وهب (قال مالك) ولا يشهدون على البتات إنما
يسألهم عن عملهم (قال مالك) ولو شهدوا على البتات لرأيت شهادتهم شهادة غموس
ورأيت أنهم قد شهدوا بباطل وانهم قد شهدوا بزور وما يدريهم انه ما باع ولا وهب
(قال) وقال مالك ويستحلف هو البتة انه ما باع ولا وهب ثم يقضي له بالدابة
(قلت) أرأيت أن استأجرت دابة من رجل إلى بعض المواضع فعطبت تحتي ثم
جاء ربها فاستحقها أيكون له ان يضمنني ويجعلني إذا عطبت تحتي بمنزلة رجل اشترى
في سوق المسلمين طعاما ثم جاء رجل فاستحقه ان له ان يضمنه فهل يكون الذي ركب
الدابة بهذه المنزلة (قال) لا.
(في العبد المأذون له أو غير المأذون له يعير شيئا)
(أو يدعو إلى طعامه بغير إذن مولاه)
(قلت) أرأيت العبد المأذون له في التجارة وغير المأذون له في التجارة أيجوز له ان
يعير الدابة من ماله أو غير الدابة أيجوز له ذلك أم لا (قال) لا أرى ان يجوز ذلك له

170
الا باذن سيده (قلت) أرأيت العبد يدعو إلى طعامه ايجاب أم لا (قال) سئل مالك
عن العبد يولد له فيريد أن يعق عن ولده ويدعو عليه الناس (قال) مالك لا يعجبني
ذلك الا باذن سيده فكذلك مسألتك.
(فيمن استعار سلاحا ليقاتل له فتلف أو انكسر)
(قلت) أرأيت أن استعرت من رجل سلاحا أو استعرت منه سيفا لأقاتل به
فضربت به فانقطع أأضمن أم لا (قال) لا يضمن في قول مالك إذا كانت له بينة انه كان
معه في القتال لأنه فعل ما اذن له فيه فانقطع السيف من ذلك وإن لم تكن له
بينة ولا يعرف أنه كان معه في القتال فهو ضامن.
(فيمن استعار دابة إلى موضع فتعدى ذلك الموضع بقليل)
أو كثير ثم ردها فعطبت في الطريق هل يضمن أم لا)
(قلت) أرأيت أن استعرت دابة إلى موضع من المواضع فلما بلغت ذلك الموضع
تعديت على الدابة إلى موضع قريب مثل الميل أو نحوه ثم رددتها إلى الموضع الذي
استعرتها إليه ثم رجعت وانا أريد ردها على صاحبها فعطبت في الطريق وقد رجعت
إلى الطريق الذي اذن لي فيه أأضمن أم لا في قول مالك (قال) سمعت مالكا وسئل
عن رجل تكارى دابة إلى ذي الحليفة فتعدى بها ثم رجع فعطبت بعد ما رجع إلى ذي
الحليفة والى الطريق (قال) إن كان تعديه ذلك مثل منازل الناس فلا أرى عليه
شيئا وإن كان جاوز ذلك مثل الميل والميلين فأراه ضامنا.
(فيمن بعث رجلا يستعير له دابة إلى)
(موضع فاستعارها إلى غير ذلك)
(قلت) أرأيت أن بعثت رسولا إلى رجل ليعيرني دابته إلى برقة فجاءه الرسول
فقال يقول لك فلان أعرني دابتك إلى فلسطين فأعطاه الدابة فجاءني بها فركبتها
فعطبت أو ماتت تحتي فقال الرسول قد كذبت فيما بينهما (قال) الرسول ضامن ولا

171
ضمان على الذي استعارها لأنه لم يعلم ما تعدى به الرسول (قلت) فان قال الرسول
لا والله ما أمرتني ان استعير لك الا إلى فلسطين وقال المستعير بل أمرتك ان تقول
له إلى برقة (قال) لا يكون الرسول هاهنا شاهدا في قول مالك لان مالكا قال في
رجل امر رجلين ان يزوجاه امرأة فأنكر ذلك وشهدوا عليه بذلك (قال) لا تجوز
شهادتهما عليه لأنهما خصمان له (قال ابن القاسم) وكذلك لو اختلفوا في الصداق
فقالا أمرتنا بكذا وكذا وقال الزوج بل أمرتكما بكذا وكذا لما دون ذلك لم يجز
قولهما عليه لأنهما خصمان ويكون المستعير هاهنا ضامنا الا أن تكون له بينة على
ما زعم أنه امر به الرسول (قلت) أرأيت لو أن رجلا ركب دابتي إلى فلسطين
فقلت أكريتها منك وقال بل أعرتنيها (قال) القول قول صاحب الدابة إلا أن يكون
ممن ليس مثله يكرى الدواب مثل الرجل الشريف المنزلة والذي له القدر والغنى
وهذا رأيي والله سبحانه وتعالى اعلم.
(تم كتاب العارية بحمد الله وعونه)
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
(ويليه كتاب اللقطة).

172
بسم الله الرحمن الرحيم
(الحمد لله وحده)
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
(كتاب اللقطة والضوال والآبق)
(قلت) لابن القاسم أرأيت لو أن رجلا التقط لقطة دراهم أو دنانير أو ثيابا أو
عروضا أو حليا مصوغا أو شيئا من متاع أهل الاسلام كيف يصنع بها وكم يعرفها في
قول مالك (قال) قال مالك يعرفها سنة فان جاء صاحبها والا لم آمره بأكلها (قلت)
والقليل والكثير عند مالك في هذا سواء الدهم فصاعدا (قال) نعم الا ان يحب بعد
السنة ان يتصدق بها ويخير صاحبها إذا هو جاء في أن يكون له اجرها أو يغرمها له
(قال) وهذا قول مالك (قلت) افكان مالك يكره ان يتصدق بها قبل السنة
(قال) هذا رأيي إلا أن يكون الشئ التافه اليسير.
(العبد يلتقط اللقطة يستهلكها قبل السنة أو بعد السنة)
(قلت) أرأيت العبد إذا التقط اللقطة فاكلها أو تصدق بها قبل السنة أيكون
ذلك في ذمته أم في رقبته (قال) قال مالك إذا استهلكها قبل السنة فهي في رقبته
لا في ذمته (قلت) فان استهلكها بعد السنة (قال) قال مالك إذا استهلكها بعد
السنة فإنما هي في ذمته (قلت) لم قال مالك إذا استهلكها بعد السنة فإنما هي في
ذمته وهو لا يرى له ان يأكلها (قال) للذي جاء فيها من الاختلاف ولأنه قد جاء فيها
يعرفها سنة فإن لم يجئ صاحبها فشأنه بها فلذلك جعلها في ذمته بعد السنة (قلت)
هل سمعت مالكا يقول في اللقطة أين تعرف وفي اي المواضع تعرف (قال)

173
ما سمعت من مالك فيها شيئا ولكني أرى ان تعرف في الموضع الذي التقطت فيه
وحيث يظن أن صاحبها هناك * وحديث عمر بن الخطاب أنه قال له رجل اني نزلت
منزل قوم بطريق الشام فوجدت صرة فيه ثمانون دينارا فذكرتها لعمر بن الخطاب
فقال له عمر عرفها على أبواب المساجد واذكرها لمن يقدم من الشام سنة فإذا مضت
سنة فشانك لها فقد قال له عمر عرفها على أبواب المساجد فأرى ان يعرف اللقطة من
التقطها على أبواب المساجد وفي موضعها وحيث يظن أن صاحبها هناك (قلت)
أرأيت ما أصيب من أموال أهل الجاهلية لقطة على وجه الأرض يعلم أنه من أموال
أهل الجاهلية أيخمس أم تكون فيه الزكاة في قول مالك (قال) يخمس وإنما الزكاة
في المعادن في قول مالك وما أصيب في المعادن بغير كبير عمل مثل الندرة وما أشبهها
فذلك بمنزلة الركاز فيه الخمس (قلت) أرأيت دفن الجاهلية وما نيل منه بعمل ومؤنة
(قال) فيه في قول مالك الخمس والركاز كله فيه في قول مالك الخمس ما نيل منه بعمل
وما نيل منه بغير عمل (قال) ولقد سئل مالك عن تراب على ساحل البحر يغسل فيوجد
فيه الذهب والفضة وربما أصابوا فيه تماثيل الذهب والفضة (قال) مالك اما التماثيل
ففيها الخمس واما تراب الذهب والفضة الذي يخرج من ذلك التراب ففيه الزكاة وهو
بمنزلة تراب المعادن (قلت) أرأيت أن التقطت لقطة فأتى رجل فوصف عفاصها
وقرابها ووكاءها وعدتها أيلزمني ان ادفعها إليه في قول مالك أم لا (قال) لم اسمع من
مالك فيه شيئا ولا أشك ان هذا وجه الشأن فيها وتدفع إليه (قلت) أرأيت أن جاء
آخر بعد ذلك فوصف له مثل ما وصف الأول أو جاء فأقام البينة على تلك اللقطة انها
كانت له أيضمن الذي التقط تلك اللقطة وقد دفعها إلى من ذهب بها (قال) لا لأنه
قد دفعها بأمر كان ذلك وجه الدفع فيها وكذلك جاء في حديث اعرف عفاصها
ووكاءها ثم عرفها فان جاء طالبها اخذها الا ترى أنه إنما قيل له اعرف العفاص والوكاء
اي حتى إذا جاء طالبها ادفعها إليه والا فلماذا قيل له اعرف العفاص والوكاء
(قلت) وترى ان يجبره السلطان على أن يدفعها إذا اعترفها هذا ووصف

174
صفتها وعفاصها ووكاءها (قال) نعم أرى ان يجبره وقاله اشهب وزاد عليه اليمين فان
أبى عن اليمين فلا شئ له.
(التجارة في اللقطة والعادية)
(قلت) أرأيت رجلا حرا وجد لقطة أو مكاتبا أو عبدا تاجرا أيتجر بها في السنة
التي يعرفها فيها في قول مالك (قال) قال مالك في الوديعة لا يتجر فيها فأرى اللقطة
بمنزلة الوديعة في السنة التي يعرفها فيها انه لا يتجر بها ولا بعد السنة أيضا لان مالكا قال
إذا مضت السنة لم آمره بأكلها (قلت) أرأيت تعريفه إياها في السنة أبأمر الامام
أم بغير امر الامام (قال) لا اعرف الامام في قول مالك إنما جاء في الحديث يعرفها
سنة فامر الامام وغير امره في هذا سواء.
(في لقطة الطعام)
(قلت) أرأيت أن التقطت ما لا يبقي في أيدي الناس من الطعام (قال) قال مالك
يتصدق به أعجب إلي (قلت) وإن كان شيئا تافها (قال) التافه وغير التافه يتصدق
به أعجب إلى مالك (قلت) فان اكله أو تصدق به فأتى صاحبه أيضمنه أم لا
(قال) لا يضمنه مثل قول مالك في الشاء يجدها في فيافي الأرض الا ان يجدها في
غير فيافي الأرض (قلت) وهل كان مالك يوقت في الطعام الذي كان يخاف عليه
الفساد وقتا في تعريفه (قال) لا لم يكن مالك يوقت فيه وقتا (قلت) أرأيت من
التقط شاة في فيافي الأرض أو فيما بين المنازل (قال) سالت مالكا عن ضالة الغنم
يجدها الرجل (قال) قال مالك اما ما كان قرب القرى فلا يأكلها وليضمها إلى أقرب
القرى إليها يعرفها فيها (قال) واما ما كان في فلوات الأرض والمهامه فان تلك يأكلها ولا
يعرفها فان جاء صاحبها فليس له عليه من ثمنها قليل ولا كثير وكذلك قال مالك قال
الا ترى ان النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث هي لك أو لأخيك أو للذئب

175
(قلت) أرأيت البقر أهي بمنزلة الغنم في قول مالك (قال) اما إذا كانت بموضع
يخاف عليها فنعم وان كانت بموضع لا يخاف عليها السباع ولا الذئاب فهي بمنزلة الإبل
(قلت) وما قول مالك في الإبل إذا وجدها الرجل ضالة في فلوات الأرض (قال)
ان اخذها عرفها وان أراد اكلها فليس ذلك له ولا يعرض لها (قال مالك) وان اخذها
فعرفها فلم يجد صاحبها فليخلها في الموضع الذي وجدها فيه (قلت) أرأيت الخيل
والبغال والحمير أهي بمنزلة الإبل (قال) الخيل والبغال والحمير لا تؤكل (قلت) فان
التقطها (قال) يعرفها فان جاء ربها اخذها (قلت) فان عرفها سنة فلم يجئ ربها (قال)
أرى ان يتصدق بها ولم اسمعه من مالك (قلت) فان جاء ربها وقد أنفق على هذه
الدواب أيكون عليه نفقتها (قال) قال مالك نعم على صاحبها ما أنفق هذا عليها ولا
يأخذها حتى يعطيه ما أنفق عليها (وقال مالك) في الإبل إذا اعترفها صاحبها وقد كان
أسلمها وقد أنفق عليها ان له ما أنفق عليها ان أراد صاحبها ان يأخذها وان أراد أن
يسلمها فليس عليه شئ (قلت) وكذلك البقر والغنم إذا التقطها في فلوات الأرض
أو في غير فلوات الأرض فأنفق عليها فاعترفها ربها أيكون له نفقتها التي أنفق عليها
في قول مالك (قال) قال مالك في المتاع يلتقطه الرجل فيحمله إلى موضع من المواضع
ليعرفه فيعرفه ربه (قال مالك) أراه لصاحبه ويدفع إلى هذا الكراء الذي حمله له
فكذلك الغنم والبقر إذا التقطها رجل فأنفق عليها ثم أتى ربها فإنه يغرم ما أنفق عليها
الملتقط الا ان يشاء ربها ان يسلمها (قلت) أرأيت ما أنفق هذا الملتقط على هذه
الأشياء التي التقطها بغير امر السلطان أيكون ذلك على رب هذه الأشياء ان أراد
اخذها في قول مالك (قال) نعم إذا أراد صاحبها اخذها لم يكن له ان يأخذها حتى
يغرم لهذا ما أنفق عليها بأمر السلطان أو بغير امر السلطان.
(في الآبق ينفق عليه من يجده وفى بيع السلطان الضوال)
(قلت) أرأيت الآبق إذا وجده الرجل ما يصنع به في قول مالك (قال) قال مالك

176
يرفعه إلى السلطان فيحبسه السلطان سنة فان جاء صاحبه والا باعه وحبس له ثمنه
(قلت) فمن ينفق عليه في هذه السنة (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولكن
أرى ان ينفع عليه السلطان ويكون فيما أنفق بمنزلة الأجنبي الا ان السلطان إن لم
يأت ربه باعه واخذ من ثمنه ما أنفق عليه وجعل ما بقي في بيت المال (قلت)
أرأيت الإبل الضوال إذا رفعا إلى الوالي هل كان مالك يأمر الوالي ان يبيعها ويرفع
أثمانها لأربابها كما صنع عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه في ضوال الإبل باعها وحبس
أثمانها على أربابها (قال) قال مالك لا تباع ضوال الإبل ولكن تعرف فإن لم توجد
أربابها ردت إلى الموضع الذي أصيبت فيه (قال) وكذلك جاء عن عمر بن الخطاب
رضي الله تعالى عنه أنه قال أرسلها في الموضع الذي وجدتها فيه وإنما كان مالك يأخذ
بحديث عمر في هذا (قال) مالك ولقد استشارني بعض الولاة فأشرت عليه بذلك
(قلت) لم قال مالك في الإباق انهم يباعون بعد السنة إذا حبسهم الامام ولم يجعلهم
بمنزلة ضوال الإبل يدعهم يعملون ويأكلون حتى يأتي أربابهم (قال) الإباق في هذا
ليسوا بمنزلة الإبل لأنهم يأبقون ثانية (قلت) أرأيت الآبق إذا اصابه الرجل في
المصر أو خارجا من المصر أفيه جعل عند مالك أم لا (قال) سألنا مالكا عن الرجل
الآبق إذا وجده الرجل فاخذه وطلب جعله أترى له فيه جعلا (قال) قال مالك اما
من طلب ذلك أن كان ذلك شانه وطلبه وهو عمله فأرى ان يجعل له جعل (قال مالك)
وعندنا قوم شانهم هذا وفي هذا منافع للناس واما من ليس ذلك شانه وإنما وجده
فاخذه فإنما له فيه نفقته ولا جعل له (قلت) هل كان مالك يوقت في الجعل
شيئا (قال) ما سمعت انه وقت فيه شيئا وارى ان يعطى على قدر بعد الموضع
الذي اخذه فيه بالاجتهاد (قلت) أرأيت أن كان رجلا هذا شانه يطلب الإباق
والدواب الضوال والأمتعات فيردها على أربابها أيكون له في قول مالك شئ (قال) لم
اسمعه من مالك وينبغي أن يكون له جعله لان في ذلك منافع للناس (قال) ولم يوقت
لنا مالك في الآبق شيئا في المصر ولا خارجا من المصر إلا أنه قال لنا ما أخبرتك

177
(قال ابن القاسم) سألنا مالكا عن هذه السفن التي تنكسر في البحر فيلقى البحر
متاعهم فيأخذه بعض الناس ثم يأتي بعد ذلك أصحاب المتاع (قال مالك) يأخذون
متاعهم ولا شئ لها (3) ولا الذين أصابوه (قلت) أرأيت إذا التقط لقطة فعرفها
سنة ثم باعها بعد السنة فأتى ربها أيكون له ان يفسخ البيع وإنما باعها الذي التقطها بغير
امر السلطان (قال) معني شأنكم بها انه مخير في أن يحبسها أو ان يتصدق بها فأرى ان
البيع جائز ويكون له الثمن ممن قبضه (قلت) أرأيت من التقط لقطة فضاعت
منه فأتى ربها أيكون عليه شئ أم لا (قال) لا شئ عليه (قلت) فان قال له رب المتاع
إنما التقطتها لتذهب بها وقال الذي التقطها إنما التقطتها لأعرفها (قال) القول
قول الذي التقطها (قلت) أسمعته من مالك (قالا) لا (قلت) أرأيت لو أن
رجلا التقط لقطة ليعرفها ثم بدا له فردها في موضعها فضاعت أيضمن أم لا في قول
مالك (قال) سال رجل مالكا عن رجل التقط كساء وبين يديه رفقة فصاح بهم
فقال الكم الكساء فقالوا لا فرده في موضعه (قال) مالك لا أرى عليه شيئا وقد
أحسن حين رده في موضعه فأرى انا ان من اخذ من ذلك مما ليس هو على هذا
الوجه حتى يستتر به من ذلك الموضع الذي التقطه فيه ثم أتى به فوضعه في موضعه
الذي اخذه منه أو في غير موضعه الري اخذه منه بعد أن ذهب به ومكث في يديه
فهو ضامن له والذي أراد مالك انه رده مكانه من ساعته وانه صاح بالقوم يظنه لهم مثل
الرجل يمر في اثر الرجل فيجد الشئ فيأخذه ويصيح به ألك هذا فيقول له لا فيتركه
فهذا لا ضمان عليه واما من اخذه فأحرزه ثم بدا له فرده فهو ضامن وكذلك سمعت
من مالك فيما يشبهه.
(في السارق يسرق من دار فيها ساكن أو لا ساكن فيها)
(ثم يدع الباب مفتوحا)
(قلت) أرأيت لو أني اتيت إلى دواب رجل مربوطة في مداودها فحللتها فذهبت
الدواب أأضمن أم لا (قال) قال مالك في السارق يسرق من الحانوت وهو مغلق

178
لا يسكن فيه أحد فيفتحه ثم يدعه مفتوحا وليس ربه فيه فيذهب ما في الحانوت ان
السارق ضامن لما ذهب من الحانوت لأنه هو فتحه فكذلك الدواب بهذه المنزلة
على مثل هذا في قول مالك (قلت) أرأيت أن كانت الدواب في دار ففتح الباب
رجل فذهبت الدواب أيضمنها أم لا في قول مالك (قال) ان كانت دار الدواب
مسكونة فيها قومة الدواب فلا ضمان عليه وهو بمنزلة ما لو سرق منه وترك بقيته
مباحا للناس فإن لم يكن رب الدواب في الدار ضمن (قلت) أرأيت أن كان رب
الدواب في الدار وهو نائم أيضمن أم لا (قال) لا يضمن (قلت) لم وهو نائم (قال)
الا ترى لو أن سارقا دخل بيت قوم وهم نيام ففتح بابهم وقد كانوا أغلقوه فسرق
بعض متاعهم ثم خرج وترك الباب مفتوحا ثم سرق ما فيه بعده انه لا يضمن ذلك في
قول مالك كذلك قال مالك لان أرباب البيت إذا كانوا في البيت نياما كانوا أو غير نيام
فان السارق لا يضمن ما ذهب بعد ذلك وإنما يضمن من هذا إذا ترك الباب مفتوحا
وليس أرباب البيت في البيت (قلت) فلو كان البيت تسكنه امرأة فخرجت إلى
جارة لها زائرة وأغلقت على متاعها الباب فأتى سارق ففتح الباب فسرق ما فيه وتركه
مفتوحا فسرق ما بقي في البيت بعده أيضمن أم لا (قال) يضمن في قول مالك
(قلت) والحوانيت ان سرق منها رجل بالليل وترك الباب مفتوحا فسرق ما في
الحوانيت بعده أيضمنه السارق أم لا في قول مالك (قال) نعم (قلت) والحوانيت
مسكونة أم لا (قال) ليست بمسكونة.
(في الرجل يفتح قفصا فيه طير أو قيدا فيه عبد وفي الآبق)
(يأخذه الرجل ثم يهرب منه أو يرسله هو)
(قلت) أرأيت لو أني اتيت إلى قفص فيه طير ففتحت باب القفص فذهب الطير
أأضمن أم لا (قال) نعم أنت ضامن في رأيي (قلت) أرأيت لو أن رجلا أتى إلى
عبد لي قد قيدته أخاف إباقه فحل قيده فذهب العبد أيضمنه أم لا في قول مالك (قال)
يضمنه في رأيي (قلت) أرأيت لو أن رجلا التقط لقطة فعرفها سنة فلم يجد صاحبها

179
فتصدق بها على المساكين فأتى صاحبها وهي في يد المساكين أيكون لصاحبها ان
يأخذها من أيدي المساكين أم لا (قال) نعم (قلت) أتحفظه عن مالك (قال) لا
(قلت) أرأيت أن اكلها المساكين فأتى ربها فأراد أن يضمنه (قال) لا أرى
ذلك له (قلا) أيش قد قال مالك في الهبة إذا استحقها صاحبها عند الموهوبة له
وقد اكلها ان له انى يضمنه إياها (قال) ليست اللقطة بمنزلة الهبة الا ترى أنهم قد
قالوا في اللقطة يعرفها سنة ثم شانه بها (قال) ولم اسمع من مالك في هذا شيئا
(قلت) أرأيت أن اخذت عبدا آبقا فابق مني أيكون على شئ أم لا في قول
مالك (قال) قال مالك لا شئ عليك (قال) وقال مالك وان أرسله بعدما اخذه
ضمنه كذلك قال مالك (قلت) أرأيت أن اعترفت عبدا لي آبقا عند السلطان
فاتيت بشاهد واحد أأحلف مع شاهدي وآخذ كالعبد في قول مالك (قال) نعم
(قلت) فهل كان مالك يرى أن يستحلف طالب الحق مع شاهدين (قال) لا إذا
أقام شاهدين لم يستحلف (قلت) أرأيت أن ادعى هذ الآبق رجل فقال هو
عبدي وقال العبد صدق انا عبده ولا بينة للسيد أيعطى العبد بقوله وبإقرار العبد له
بالعبودية (قال) نعم (قلت) وهذا قول مالك (قال) هكذا ينبغي أن يكون قوله
من قبل أن مالكا قال في اللصوص إذا اخذوا ومعهم الأمتعة فأتى قوم فادعوا ذلك
المتاع ولا يعلم ذلك الا بقولهم وليست لهم بينة (قال) مالك يتلوم لهم السلطان فإن لم
يأت غيرهم دفعه إليهم (فلت) أرأيت الآبق إذا حبسه الامام سنة ثم باعه ثم جاء
سيده والعبد قائم عند المشتري أيكون للمستحق ان ينقض البيع ويأخذ عبده
(قال) ليس ذلك له كذلك قال مالك إنما له ان يأخذ ثمنه (قلت) لم (قال)
لان السلطان باعه عليه وبيع السلطان جائز.
(في بيع السلطان الإباق)
(قلت) أرأيت لو أن السلطان باع هذا الآبق بعد ما حبسه سنة ثم أتى سيده
فاعترفه فقال قد كنت أعتقته بعدما ابق أو قال قد كنت دبرته بعدما ابق (قال)

180
لا يقبل قوله على نض البيع الا ببينة تقوم له لان بيع السلطان بمنزلة بيع السيد الا ترى
ان السيد لو باع العبد ثم أقر بعد ذلك أنه قد كان أعتقه لم يقبل قوله على نقض
البيع الا ببينة وهذا رأيي (قلت) أرأيت أن قال قد كنت أعتقته قبل أن يأبق
مني أو دبرته قبل أن يأبق (قال) اما التدبير فلا يصدق فيه واما العتق فلا أرى
أيضا ان يقبل قوله لأنه لو باعه هو نفسه ثم قال قد كنت أعتقته لم يقبل قوله
(قلت) أرأيت إذا أتى سيدها وهي أمة له وقد كان باعها السلطان بعدما حبسها
سنة فقال سيدها قد كانت ولدت مني وولدها قائم (قال) أرى ان ترد إلى سيدها
إذا كان ممن لا يتهم عليها لان مالكا قال في رجل باع جارية له وولدها ثم قال
بعد ذلك هذا الولد الذي بعت معها هو مني (قال مالك) إذا كان ممن لا يتهم على
مثلها ردت عليه وقال في العتق ان أقر انه قد كان أعتقها فلا يصدق ولا ترد عليه الا
ببينة (قلت) فإن لم يكن معها ولد فقال بعد ما باعها قد كانت ولدت مني (قال) لا ترد
(وقال غيره) (1) في الجارية ليس يقبل قوله ولا يرد البيع به كما لا يرد إذا قال قد
أعتقت الا ان يكن مع الجارية ولد بيعت به أو كانت الجارية حاملا يوم بيعت منه
فيقبل قوله ولا ترد لأنه يستلحق نسب الولد الذي معها وهذا أحسن من قول ابن
القاسم.
(فيمن اغتصب عبدا فمات)
(قلت) أرأيت لو أن رجال اغتصب عبدا فمات عند الغاصب موتا ظاهرا أيضمن
الغاصب قيمته في قول مالك (قال) قال مالك هو ضامن لقيمته (قلت) أرأيت
العبد الآبق أيجوز تدبير سيده فيه وعتقه (قال) نعم لأنه لم يزل ملكه عنه بإباق العبد
(قلت) أرأيت العبد الآبق أيبيعه سيده وهو ابق (قال) قال مالك لا يجوز
(قلت) أرأيت من وهب عبدا له آبقا أتجوز فيه الهبة أم لا (قال) إذا كانت الهبة



(1) (قوله وقال غيره في الجارية إلى قوله أحسن من قول ابن القاسم) ثبت في نسخة الأصل
المغربية فقط ومحلق عليه ومكتوب فوقه متروك فأثبتناه لما فيه من الفائدة وليحرر ا ه‍ مصححه.
181
لغير الثواب جازت في قول مالك وان كانت للثواب لم تجز في قول مالك لان الهبة
للثواب بيع من البيوع وبيع الآبق لا يجوز لأنه غرر فكذلك الهبة للثواب.
(في إقامة الحد على الآبق)
(قلت) أرأيت العبد الآبق إذا زنى أو سرف أو قذف أيقام عليه الحد في قول
مالك (قال) قال مالك ان الآبق إذا سرق قطع فالحدود عندي بمنزلة السرقة
(قلت) أرأيت لوان رجلا أتى إلى قاض بكتاب من قاض انه قد شهد عندي
قوم ان فلانا صاحب كتابي إليك قد هرب منه عبد صفته كذا وكذا فجلاه ووصفه
في الكتاب وعند هذا الفاضي عبد ابق محبوس على هذه الصفة التي كتب بها إليه
القاضي أترى ان يقبل كتاب القاضي وشهادة الشهود الذين شهدوا فيه على الصفة التي
كتب بها القاضي إليه ويدفع العبد إليه أم لا (قال) نعم أرى ان يقبل الكتاب والبينة
التي فيه ويدفع العبد إليه (قلت) وترى للقاضي الأول ان يقبل منه البينة على
الصفة ويكتب بها إلى قاض آخر (قال) نعم (قلت) أتحفظ شيئا من هذا عن
مالك (قال) لا الا ان مالكا قال لنا في الأمتعات التي تسرق بمكة إذا أتى الرجل
فاعترف المتاع ولم يكن له بينة ووصف المتاع استأنى الامام به فان جاء من يطلبه والا
دفعه إليه الامام فكذلك العبد الذي أقام البينة على صفته فهو أحرى ان يدفع إليه
(قلت) فان ادعى العبد ووصفه ولم يقم البينة عليه (قال) أرى انه مثل قول مالك
في المتاع انه ينتظر به الامام ويتلوم فان جاء أحد يطلبه والا دفعه إليه وضمنه إياه
(قلت) ولا يلتفت هاهنا إلى العبد وإن كان منكرا ان هذا سيرده الا انه مقر انه
عبد لفلان في بلد آخر (قال) يكتب السلطان إلى ذلك الموضع وينظر في قول العبد
فإن كان كما قال والا ضمنه هذا وأسلمه إليه مثل قول مالك في المتعة.
(في الرجل يعترف الدابة في يد رجل)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا اعترف دابة له في يد رجل وأقام البينة انها دابته وحكم

182
له بها السلطان فادعى الذي في يديه انه اشتراها من بعض البلدان وأراد أن لا
يذهب حقه (قال) قال مالك يؤمر هذا الذي كانت الدابة في يديه ان يخرج قيمة
الدابة فتوضع القيمة على يدي عدل ويمكنه الفاضي من الداية ويطبع له في عنق الدابة
ويكتب إلى قاضي ذلك البلد كتابا اني حكمت بهذه الدابة لفلان فاستخرج له ماله من
بائعه إلا أن يكون للبائع حجة (قال) وقال مالك وان تلفت الدابة في ذهابه أو مجيئه
أو انكسرت أو اعورت فهي من الذاهب بها والقيمة التي وضعت على يدي عدل
للذي اعترفها (قلت) أرأيت أن نقصها في ذهابه ومجيئه (قال) كذلك أيضا في قول
مالك القيمة لهذا الذي اعترفها الا ان ترد الدابة بحالها (قلت) وكذلك الرقيق (قال)
قال مالك نعم كذلك الرقيق الا أن تكون جارية فإن كانت جارية فكان الذي يذهب
بها أمينا لا يخاف على مثله اعطيها وذهب بها وإن كان على غير ذلك كان عليه ان
يستأجر أمينا يذهب بها والا لم تدفع إليه (قلت) أرأيت أن اعترفها رجل وهو على
ظهر سفر يريد إفريقية فاعترف دابته بالفسطاط فأقام عليها البينة فاستحقها فقال الذي
هي في يديه اشتريتها من رجل بالشام أتمكنه من الدابة يذهب بها إلى الشام ويعوق
هذا عن سفره في قول مالك (قال) هذا حق من الحقوق المسافر في هذا وغير المسافر
سواء ويقال لهذا المسافر ان أردت أن تخرج فاستخلف من يقوم بأمرك (قلت)
أرأيت أن قال هذا المسافر اني قد استحققت دابتي وقول هذا الذي وجدت دابتي
في يديه انه اشتراه من الشام باطل لم يشترها ولكنه أراد أن يعوقني أيقبل قول
الذي اعترف الدابة في يديه انه اشتراها أم لا يقبل قوله الا ببينة (قال) سألنا مالكا
عنها (قال) إذا قال صاحبها اشتريتها أمكن مما وصفت لك ولم بيقل لنا مالك انه يقال
له أقم البينة ولو كان ذلك عند أهل العلم أنه لا يقبل قوله الا ببينة ليبينوا ذلك (قلت)
ارات قول مالك يحبس الآبق سنة ثم يباع من أين اخذ السنة (قال) قال مالك لم
أزل اسمع ان الآبق يحبس سنة (قلت) أرأيت أهذا القاضي الذي جاءه البغل
مطبوعا في عنقه وجاء بكتاب القاضي أيأمر هذا الذي جاء بالبغل ان يقيم البينة ان

183
هذا البغل هو الذي حكم به عليه وهو الذي طبع القاضي في عنقه (قال) لم اسمع
هذا ولكن إذا كان البغل موافقا لما في كتاب القاضي من صفته وخاتم القاضي على
عنقه وأتى بشاهدين على كتاب القاضي جاز ذلك ولا أرى ان يسأله البينة ان هذا
البغل هو الذي حكم به عليه القاضي.
(في شهادة الغرباء وتعديلهم)
(قلت) أرأيت لو أن قوما غرباء شهدوا في بعض البلدان على حق من الحقوق
لرجل منهم غريب معهم أو شهدوا شهادة لغير غريب والشهود لا يعرفون في تلك
البلدة أيقبل القاضي شهادتهم في قول مالك أم ماذا يصنع (قال) لا يقبل شهادتهم
لان البينة لا تقبل في قول مالك الا بعدالة ولقد سمعت مالكا وسئل عن قوم
شهدوا في حق فلم يعدلهم قوم يعرف تعديلهم فعدل المعدلين آخرون أترى ان يجوز في
ذلك تعديل على تعديل (قال) قال مالك إذا كان الشهود غرباء رأيت ذلك جائزا وان
كانوا غير غرباء وهم من أهل البلد لم يجز ذلك حتى يأتوا بمن يزكيهم فبهذا
يستدل على أنهم وان كانوا غرباء لم يحكم بشهادتهم الا بعد العدالة (قلت) أرأيت
قولك إن لم يعرف المعدلين الأولين القاضي (قال) ليس القاضي يعرف كل الناس
(قال) وإنما يعرف القاضي بمعرفة الناس وإنما قلت لك في قول مالك لأنه لا يقبل
القاضي عدالة على عدالة إذا كانوا من أهل البلد حتى تكون العدالة على الشهود
أنفسهم عند القاضي.
(فيمن وجد آبقا أيأخذه وفي الآبق يؤاجر نفسه والقضاء فيه)
(قلت) أرأيت من وجد آبقا أو آبقة أيأخذه أم يتركه في قول ملك (قال) سألت
مالكا عن الآبق يجده الرجل أترى ان يأخذه أم يتركه (قال) إن كان لجار أو لأخ
أو لمن يعرف رأيت له ان يأخذه وان كإن لمن لا يعرفه فلا يقربه ومعنى قوله رأيت أن
يأخذه إذا كأن لأخ أو لجار فإنه إن لم يأخذه أيضا فهو في سعة ولكن مالكا

184
كان يستحب له ان يأخذه (قلت) أرأيت الآبق إذا لم اعرف سيده الا ان سيده
جاءني فاعترفه عندي أترى ان ادفعه إليه أم أرفعه إلى السلطان في قول مالك (قال) لم
اسمع من مالك فيه شيئا وارى لك ان ترفعه إلى السلطان إذا لم تخف ظلمه (قلت)
أرأيت عبدا آبقا آجر نفسه من رجل في بعض الاعمال فعطب في ذلك العمل والرجل
الذي استأجره لا يعلم أنه آبق فأتى مولاه فاستحقه أيكون له ان يضمنه هذا الرجل
الذي استأجره (قال) نعم لأنه بلغني عن مالك أنه قال في عبد استأجره رجل في
السوق يبلغ به كتابا إلى بعض القرى وهو لا يعلم أنه عبد فعطب الغلام في الطريق
(قال) قال مالك أراه ضامنا. ومما يبين لك انه ضامن الا ترى لو أن رجلا اشترى
سلعة في سوق المسلمين فأتلفها هو نفسه ثم أتى ربها كان له ان يضمنه لأنه هو
أتلفها فكذلك العبد إذا عطب في عمله فهو بمنزلة الذي اشترى في سوق المسلمين
ثم استهلكه انه يضمن (قلت) أرأيت لو أني اخذت عبدا آبقا فاستعملته أو اجرته
أيكون لسيده علي قيمة ما استعملته أو بالإجارة التي اجرته بها في قول مالك (قال)
نعم لان ضمانه من سيده (قلت) ولا يشبه هذا الرجل يغصب الدابة فيركبها وقد
قلت فيها ان مالكا قال ليست الإجارة على الغاصب (قال) لان ضمان هذه الدابة من
الغاصب الذي اخذها ولا يلزم صاحبها نفقتها والآبق ضمانه من سيده يوم اخذه هذا
الذي وجده ونفقته على سيده لان من وجد آبقا فلا يضمنه في قول مالك إذا اخذه
(قلت) ولا ترى هذا الذي اخذ الآبق حين استعمله ضامنا له بما استعمله (قال)
نعم إذا استعمله عملا يعطب في مثله فهو ضامن له ان عطب فيه وان سلم فعليه قيمة ذلك
العمل لسيد العبد (قلت) لوم جعلته ضامنا ثم جعلت عليه الكراء (قال) لان أصل
ما اخذ العبد عليه لم يأخذه على الضمان ولان مالكا قال في عبد لرجل اتاه رجل
فاستعمله عملا يعطب في مثله فعطب الغلام ان الذي استعمله ضامن فان سلم الغلام
فلمولاه قيمة العمل إن كان عملا له بال فهذا يدلك على مسألتك وإنما صار هاهنا له

185
قيمة العمل لأنه ليس بغاصب للعبد إذا سلم العبد من أن يعطب وإنما يضمن أن
عطب فكذلك مسألتك والذي غصب الدابة هو ضامن لها استعملها أو لم يستعملها
الا ترى أنه يضمنها ان ماتت وهذا الذي اخذ الآبق لا يضمنه ان مات فهذا فرق
ما بينهما في قول مالك.
(في إباق المكاتب والعبد الرهن وهل يجوز)
(بيع الآبق أو عتقه عن ظهاره)
(قلت) أرأيت المكاتب إذا باق أيكون ذلك فسخا لكتابته أم لا في قول مالك
(قال) لا يكون ذلك فسخا لكتابته في قول مالك الا ان يغيب عن نجم من نجومه
فيرفعه سيده إلى السلطان فيتلوم له فإن لم يجئ عجزه فإذا عجزه السلطان كان ذلك
فسخا لكتابته (قلت) أرأيت عبدا آبقا أعتقه سيده عن ظهاره أيجزئه في قول
مالك (قال) ما سمعت ان أحدا يقول إن الآبق يجزئ في الظهار الا ترى ان سيده
لا يعلم أحي هوام ميت أم صحيح أم أعمى أم مقطوع اليد أم الرجل وهذا لا يجزئ في
الظهار إلا أن يكون قد عرف موضعه وصحته فيجوز وما سمعت من مالك فيه شيئا
أقوم لك على حفظه ولو أعتقه عن ظهاره ثم وجده بعد ذلك بحال صحة على ما يجوز في
الظهار أجزأ ذلك وكان كفارة له (قلت) أرأيت العبد الآبق إذا جاء رجل فقال
هو عبدي فبعه مني فيبيعه منه (قال) الآبق إذا عرف عند من هو فباعه منه وقد أخبر
السيد بحاله التي حال إليها من صفته أو قيل له هو على صفة ما تعرف جاز البيع فيما
بينهما ولا يجز النقد إن كان بعيدا وهو بمنزلة عبد الرجل يكون غائبا عنه فباعه فهذا
وذلك سواء في قول مالك (قلت) ويحتاج لي معرفة السيد ان يعرف إلى ما صارت
صفته عنده كما يحتاج إلى معرفة المشتري كيف صفة العبد في قول مالك (قال) نعم
لان العبد إذا غاب فكبر أو زاد في الصفة ونقص أو كان أعجميا فتفصح فلا بد من أن
يعرف سيده إلى ما حالت إليه حاله فيعرف ما يبيع (قلت) أرأيت لو أني رهنت

186
عبدا لي عند رجل فابق منه أيبطل من حقه شئ أم لا في قول مالك (قال) لا يبطل
من حقه شئ والمرتهن مصدق في إباقته في قول مالك ويحلف (قلت) فان ابق
هذا المرهون فاخذه سيده وقامت الغرماء على السيد أيكون هذا العبد في الرهن في
قول مالك أم لا (قال) هو في الرهن إذا أكان قد جازه المرتهن قبل الإباق وليس
إباقه بالذي يخرجه من الرهن الا ان يقبضه سيده ويعلم به المرتهن فيتركه المرتهن في
يد السيد الراهن حتى يفلس فهو أسوة الغرماء.
(في الآبق إلى دار الحرب يشتريه رجل مسلم)
(قلت) أرأيت لو أن آبقا ابق من رجل من المسلمين فدخل إلى دار المشركين
فدخل رجل من المسلمين بلادهم فاشتراه (قال) قال مالك يأخذه سيده بالثمن الذي
اشتراه به (قلت) وسواء إن كان سيده امره بالشراء أو لم يأمره فإنه لا يأخذه
منه الا ان يدفع إليه الثمن الذي اشتراه به في قول مالك (قال) نعم (قلت) وعبيد
أهل الذمة في هذا وعبيد المسلمين سواء في قول مالك (قال) نعم لان مالكا جعل
الذمي إذا أسر بمنزلة الحر إذا ظفر به المسلمون ردوه إلى جزيته (قال مالك) وقع
في المقاسم أو لم يقع فإنه يرد إلى جزيته لأنه لم ينقض عهده ولم يحارب فلما جعله مالك
بمنزلة المسلم في هذا كان ماله بمنزلة مال المسلمين (قلت) أرأيت لو أن عبدا هرب
إلى دار الحرب فدخل رجل فاشتراه من أهل الحرب ثم أعتقه أيجوز عتقه في قول
مالك أم لا (قال) نعم عتقه جائز ولا أرى ان يد عتقه فان أراد سيده ان يأخذه
بالثمن فليس ذلك له وليس هو بمنزلة رجل اشترى عبدا في سوق المسلمين ولا يعلم أن
له سيدا غير الذي باعه فاعتقه فأتى سيده فاستحقه انه يأخذه لان هذا يأخذه
بغير ثمن والذي اشترى من العدو لا يأخذه الا بثمن وكان مخيرا فيه فالعتق أولى به لأنه
لا يدري إن كان يأخذه سيده أم لا (قلت) وكذلك أن كان هذا الذي اشترى
من دار الحرب جارية فوطئها فولدت منه ثم أتى سيدها فاستحقها (قال) أرى انها

187
أم ولد للذي اشتراها في أر الحرب فوطئها وليس لسيدها الأول إليها سبيل
وكذلك بلغني عن بعض أهل العلم.
(تم كتاب اللقطة والآبق بحمد الله وعونه)
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
(ويليه كتاب حريم الآبار)

188
بسم الله الرحمن الرحيم
(الحمد لله وحده)
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
(ما جاء في حريم الابار والمياه)
(قال سحنون بن سعيد) قلت لابن القاسم هل للبئر حريم عند مالك بئر ماشية
أو بئر زرع أو غير ذلك من الابار (قال) لا ليس للآبار عند مالك حريم محدود ولا
للعيون الا ما يضر بها (قال مالك) ومن الابار آبار تكون في ارض رخوة وأخرى
تكون في ارض صلبة أو في صفا فإنما ذلك على قدر الضرر بالبئر (قلت) أرأيت أن
كانت في ارض صلبة أو في صفا فأتى رجل ليحفر قربها فقام أهلها فقالوا هذا
عطن لإبلنا إذا وردت ومرابض لأغنامنا وأبقارنا إذا وردت أيمنع الحافر من الحفر
في ذلك الموضع وذلك لا يضر بالبئر (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا الا اني
أرى ان يمنع من ذلك لان هذا حق للبئر ولأهل البئر إذا كان يضر بمناخهم فهو
كالاضرار بمائهم (قلت) فان أراد رجل ان يبني في ذلك الموضع أكان لهم ان
يمنعوه كما كان لهم ان يمنعوه من الحفر فيه (قال) نعم ولم اسمع هذا من مالك ولكن
لما قال مالك إذا كان يضر بالبئر منع من ذلك فهذا كله ضرر بالبئر وأهله.
(في منع أهل الابار الماء المسافرين)
(قلت) أرأيت لو أن قوما مسافرين وردوا ماء فمنعهم أهل الماء من الشرب

189
أيجاهدونهم في قول مالك أم لا (قال) ينظر في ذلك فإن كان ماؤهم مما يحل لهم بيعه مثل
البئر يحفرها الرجل في داره أو في ارضه قد وضعا لذلك يبيع ماءها كان لهم ان
يمنعوه الا بثمن إلا أن يكونوا قوما لا ثمن معهم وان منعوا إلى أن يبلغوا ماء غيره
خيف عليهم فلا يمنعوا وان منعوا جاهدوهم واما إن لم يكن في ذلك ضرر يخاف
عليهم فلم أر ان يأخذوه منهم الا بثمن (قال) وكل بئر كانت من آبار الصدقة مثل
بئر المواشي والشفة فلا يمنعون من ذلك بعد ري أهلها فان منعهم أهل الماء بقدرتهم
فقاتلوهم لم يكن عليهم في ذلك حرج لان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
لا يمنع نفع بئر وقال صلى الله عليه وسلم لا يمنع فضل الماء (قال ابن القاسم) ولو
منعوهم الماء حتى مات المسافرون عطشا ولم يكن بالمسافرين قوة على مدافعتهم رأيت
أن يكون على عاقلة أهل الماء دياتهم والكفارة عن كل نفس منهم على كل رجل من
أهل الماء مع الأدب الموجع من الامام لهم في ذلك.
(في فضل آبار الماشية وفي منع الكلام)
(قلت) أرأيت الحديث الذي جاء لا منع فضل الكلأ والناس فيه شركاء هل كان
يعرفه مالك واو كان يأخذ به (قال) سمعت مالكا يقول في الأرض إذا كانت للرجل
فلا بأس ان يمنع كلاها إذا احتاج إليه والا فليخل بين الناس وبينه (قلت)
أرأيت الحديث الذي جاء لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ (قال) لما سمع من مالك
فيه شيئا ولا حسبه الا في الصحارى والبراري واما في القرى وفي الأرضين التي قد
عرفها أهلها واقتسموها وعرف كل انسان حقه فلهذا ان يمنع كلأه عن مالك إذا
احتاج إليه.
(في فضل آبار الزرع)
(قلت) أرأيت لو أن لي بئرا أسقى بها أرضي وفي مائي فضل عن أرضي والى
جانبي ارض لرجل ليس لها ماء فأراد أن يسقى ارضه بفضل مائي فمنعته (قال) ليس

190
لصاحب الأرض ان يأخذ فضل مائك الا ان يشتريه منك اشتراء إلا أن يكون لك
جار وقد زرع زرعا على بئر له فانهارت بئره فخاف على زرعه الهلاك قبل أن يحيا بئره
فهذا الذي يقضى له عليك بان يشرب فضل مائك إن كان في مائك فضل والا فأنت
أحق به وهذا قول مالك (قلت) أفيقضى عليه بثمن أو بغير ثمن (قال) قال مالك
يقضى عليه. وذلك عندي بغير ثمن وغيره يقول بثمن (قال) ولقد سألناه عن ماء
الاعراب يرد عليهم أهل المواشي يسقون فيمنعهم أهل ذلك الماء فقال مالك أهل
ذلك الماء أحق بمائهم حتى يرووا فإن كان فضلا سقى هؤلاء بما يفضل عنهم (قال
مالك) اما سمعت الحديث لا يمنع فضل ماء فإنما هو ما يفضل عنهم ولو كان الناس
يشاركونهم ما انتفعوا بمائهم دون غيرهم.
(في فضل ماء بئر الماشية والزرع)
(قلت) فلم قال مالك في بئر الماشية الناس أولى بالفضل وقلت أنت في بئر الزرع
ان صاحب البئر أولى بالفضل فما فرق ما بينهما وقد قال مالك أيضا في الذي يغور
ماءه أو ينهار بئره انه يقضى له بفضل ماء جاره حتى يصلح بئره فلم قلت أنت فيمن
زرع ولا بئر له إلى جانب من له بئر وفي مائه فضل لم لا يجعل ما فضل من الماء لهذا
الذي زرع إلى جانبه (قال) لان هذا الذي زرع فانهارت بئره إنما زرع على أصل
ماء كان له فلما ذهب ماؤه شرب فضل ماء صاحبه لئلا يهلك زرعه لان النبي صلى الله
عليه وسلم قال لا ضرر ولا ضرار الا انا لما خفنا موت زرعه جعلنا له فضل ماء جاره
بمنزلة بئر الماشية أنه يكون للأجنبيين فضلة ماء أهل الماء يسقون بذلك ماشيتهم فكذلك
زرع هذه البئر إذا انهارت وان الذي زرع إلى جانب رجل على غير أصل ماء إنما
يريد أن يجتر بذلك فضل ماء جاره فهذا مضار فليس ذلك له الا ان يشتري الا ترى
أن البئر يكون بين الرجلين أو العين فتنهار أو تنقشع العين فيعملها أحدهما ويأبى
الأخرى ان يعمل فلا يكون للذي لم يعمل من الماء قليل ولا كثير وإن كان فيه فضل
ولا يسقى به ارضه الا ان يعطى شريكه نصف ما أنفق وهذا قول مالك فهذا يدلك

191
على أن الذي زرع على غير أصل ماء لا يجبر جاره على أن يسقيه بغير ثمن.
(في بيع شرب يوم أو يومين)
(قلت) أرأيت أن اشتريت شرب يوم أو يومين بغير أصله الا اني اشتريت الشرب
ويوما أو يومين والأصل لرب الماء (قال) قال مالك ذلك جائز (قلت) فان اشتريت
أصل شرب يوم أو يومين من كل شهر أيجوز هذا في قول مالك (قال) نعم (قلت)
أرأيت أن اشتريت شرب يوم من كل شهر بغير ارض من قناة أو من بئر أو من
عين أو من نهر أيجوز ذلك أم لا في قول مالك (قال) قال مالك ذلك جائز (قال)
وهذا الذي قال مالك لا شفعة فيه لأنه ليس معه ارض (قال) وقال مالك إذا
قسمت الأرض وترك الماء فباع أحدهم نصيبه الذي صال له من ارضه بغير ماء ثم
باع نصيبه بعد ذلك من الماء فان مالكا قال لي هذا الماء لا شفعة فيه والأرض أيضا
لا شفعة فيها وإنما الشفعة في الماء إذا كانت الأرض بين النفر لم يقتسموها فباع
أحدهم ماءه بغير ارضه فقال مالك ففي هذا الشفعة إذا كانت الأرض لم تقسم
(قلت) أرأيت أن باع أحدهم حصته من الماء ثم باع اخر بعده حصته من الماء
أيضرب البائع الأول معهم في الماء بحصته من الأرض (قال) لا وكذلك لو باع حصته
من الأرض وترك حصته من الماء ثم باع بعد ذلك بعض شركائه حصته من الأرض
لم يكن له فيه شفعة لمكان ما بقي له في الماء (قلت) أرأيت لو أن قوما اقتسموا
أرضا وكان بينهم ماء يسقون به وكان لهم شركاء في ذلك الماء فباع أحد من أولئك الذين
لهم الماء حصته من الماء أيضرب مع شركائه في الشفعة بحصته من الأرض (قال) لا
(في الرجل يسوق عينه إلى ارضه في ارض رجل)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا له ماء وراء أرضي وارضه دون أرضي فأراد أن يجري
ماءه إلى ارضه في أرضي فمنعته (قال) قال مالك ذلك لك (قال مالك) وليس
العمل على حديث عمر بن الخطاب في هذا (قال) ولقد سئل مالك عن الرجل يكون

192
له مجرى ماء في ارض رجل فأراد أن يحوله في ارض ذلك الرجل إلى موضع هو
أقرب من ذلك المجرى إلى ارضه (قال) قال مالك ليس ذلك له وليس له ان يحوله
عن موضعه (قال مالك) وليس العمل على حديث عمر بن الخطاب (قال) وإنما جاء
حديث عمر بن الخطاب في هذا بعينه انه كان له مجرى في ارض رجل فأراد أن يحوله
إلى موضع اخر هو أقرب إلى ارضه من ذلك الموضع فأبى عليه الرجل فأمره عمر
ابن الخطاب ان يجزيه.
(ما جاء في اكتراء الأرض بالماء)
(قلت) أرأيت أن اكتريت منك شرب يوم في كل شهر في هذه السنة من
قناتك هذه بأرضي هذه تزرعها سنتك هذه (قال) لا بأس بهذا لأنه لو اكراه ارضه
بدين لم يكن يذلك بأس فكذلك إذا اكراها بشرى يوم من القناة في كل شهر
(في العين والبئر بين المشكاة يقل ماؤهما)
(قلت) أرأيت أن كنت قناة بيننا ونحن اشراك فاحتاجت القناة إلى الكنس فقال
بعضنا نكنس وقال بعضنا لا نكنس وفي ترك الكنس الضرر بالماء وانتقاص ما حالهم
(قال) إن كان في مائهم ما يكفيهم امر الذين يريدون الكنس كإن لمن أرادوا الكنس ان
يكنسوا ويكون لهم فضل الماءة الذي زاد بالكنس دون الذين لم يكنسوا وذلك أنى سمعت
مالكا وسئل عن قوم بينهم ماء فقل ماؤهم فكأن لأحدهم نخل يسيرة فقال الذي له هذه
النخل اليسيرة في مائي ما يكفيني ولا اعمل معكم (قال مالك) يقال للآخرين اعملوا
فما جاء من فضل ماء عن قدر ما كان له كان لكم أن تمنعوه إلا أن يعطيكم حصته من النفقة
ويكون له من فضل الماء على قدر حصته (قلت) أرأيت بئر الماشية إذا قل ماؤها
فقال بعضهم نكنس وقال بعضهم لا نكنس (قال) لم اسمع من مالك فيه شيئا الا
انه مثل بئر الزرع ان الذين كنسوا أولى بفضل ما زاد الكنس في الماء حتى يرووا
فإذا رووا كان شركاؤهم الذين أبوا الكنس والأجنبيون في ذلك سواء حتى يعطوهم

193
ما كان يصيبهم من النفقة فان أعطوهم كانوا شركاء في جميع الماء على قدر ما كان لهم
من الماء ثم الناس في الفضل شرعا سواء وليس لهم ان يمنعوا الناس من الفضل
واما ما كان من الماء قبل الكنس فهم كلهم فيه شرعا سواء على قدر حظوظهم (قال)
وقال مالك ولا شفعة في بئر ماشية ولا تباع (وقال مالك) في بئر الزرع فيها الشفعة
إذا لم تقسم الأرض.
(في بئر الماشية إذا بيعت وبئر الزرع)
(وفيما أفسد الماء أو النار من الأرض)
(قلت) أيصلح بيع بئر الماشية في قول مالك (قال) قال مالك لا تباع بئر الماشية
وان احتاج أهلها إلى بيعها ولا بأس ببيع بئر الزرع (قلت) أرأيت لو أني أرسلت
مائي في أرضي فخرج الماء من أرضي إلى ارض جاري فأفسد زرعه وما في ارضه
أيكون علي شئ أم لا أو أرسلت النار في أرضي فأحرقت ما كان في ارض جاري
أيكون علي شئ أم لا (قال) أخبرني بعض أصحابنا عن مالك أنه قال إذا أرسل النار
في ارضه وذلك عند الناس انه إذا أرسل النار في ارضه كانت ارض جاره مأمونة
من هذه النار بعيدة منها فتحاملت هذه النار أو حملتها الريح فأسقطتها في ارض جاره
هذا فأحرقت لا شئ على الذي أرسل النار ان كانت النار إذا أرسلها في ارضه علم أن
ارض جاره لا تسلم من هذه النار لقربها فهو ضامن فكذلك الماء هو مثل النار
وهو رأيي (قلت) أرأيت أن أحرقت هذه النار ناسا أيكون ذلك في مال الذي
أرسل النار أم على عاقلته (قال) على عاقلته.
(ما جاء في ممر الرجل إلى مائه في ارض غيره)
(قلت) أرأيت لو أن لي أرضا والى جانب ارض ارض لغيري وعين لي خلف
ارض جاري وليس لي ممر الا في ارض جاري فمنعني من الممر إلى العين (قال)
سمعت مالكا يقول وسئل عن رجل له ارض وحواليه زرع للناس في أرضهم فأراد

194
صاحب تلك الأرض ان يمر بماشيته إلى ارضه في زرع القوم (قال) إن كان ذلك يفسد
زرعه فلهم ان يمنعوه.
(في بيع صيد السمك من غدير الرجل أو من ارضه)
(قلت) أرأيت أن أكان في أرضي غدير فيه سمك أو عين لي فيها السمك فأردت أن
امنع الناس من أن يصيدوا ذلك (قال) سالت مالكا عن بحيرات تكون عندنا
بمصر لأهل قرى يبيعون سمكها ممن يصيد فيها سنة (قال) قال مالك لا يعجبني ان
يبيعوها لأنها تقل وتكثر ولا يدري كيف تكون ولا أحب لاحد من أهل
البحيرات أو البرك ان يمنعوا أحدا يصيد فيها ممن ليس له فيها حق.
(ما جاء في بيع الخصب والكلأ)
(قلت) أرأيت لو أن لي خصبا في ارض أيصلح لي ان أبيعه ممن يرعاه في قول مالك
مالك (قال) نعم (قال مالك) لا بأس به ان يبيعه عامه ذلك ولا يبيعه عامين ولا ثلاثة
(قلت) وإنما جوز مالك بيعه بعد مات ينبت (قال) نعم.
(ما جاء في احياء الموات)
(قلت) أرأيت من أحيى أرضا ميتة بغير امر الامام أتكون له أم لا تكون له
حتى يأذن له الامام في قول مالك (قال) قال مالك إذا أحياها فهي له وإن لم يستأذن
الامام (قال مالك) واحياؤها شق العيون وحفر الابار وغرس الشجر وبناء البنيان
والحرث فإذا فعل شيئا من ذلك فقد أحياها (قال) ولا يكون له ان يحيى ما قرب من
العمران وإنما تفسير الحديث من أحيى أرضا مواتا إنما ذلك في الصحارى والبراري
فاما ما قرب من العمران وما يتساح الناس فيه فان ذلك لا يكون له ان يجيبه الا بقطيعة
من الامام (قلت) أرأيت مالكا هل كان يعرف هذا الذي يتحجر الأرض انه يترك
ثلاث سنين فان أحياها والا فهي لمن أحياها (قال) ما سمعت من مالك في التحجير
شيئا وإنما الاحياء عندما وصفت لك (قال مالك) ولو أن رجلا أحيى أرضا مواتا

195
ثم أسلمها بعد حتى تهدمت آبارها وهلكت أشجارها وطال زمانها حتى عفت بحال
ما وصفت لك وصارت إلى حالها الأول ثم أحياها اخر بعده كانت لمن أحياها بمنزلة
الذي أحياها أول مرة (قال ابن القاسم) وإنما قول مالك في هذا لمن أحيى في غير
أصل كان له فاما أصول الأرضين إذا كانت للناس تخطط أو تشرى فهي لأهلها وان
أسلمت فليس لأحد ان يحييها وهو تأويل حديث حميد بن قيس الذي ذكره عن
عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه (قلت) أرأيت لو أن قوما أتوا أرضا من ارض
البرية فنزلوا فجعلوا يرعون ما حولهم أيكون هذا إحياء (قال) لا يكون هذا احياء
(قلت) فان حفروا بئرا لماشيتهم أيكون هذا احياء لمراعيهم (قال) لا أرى أن يكون
هذا احياء وهم أحق بمائهم حتى يرووا ثم يكون فضله للناس وهم والناس في
المرعى سواء الا ترى أنه قد جاء في الحديث انه لا يمنع فضل ماء ليمنع به الكلأ فالكلأ
لا يمنعه الا رجل له ارض قد عرفت له فهذا الذي يمنع كلاها ويبيع كلاها إذا احتاج
إليه فيما سمعت من مالك واما ما ذكرت فلا يكن احياء ولكنهم أولى ببئرهم
وليس لهم ان يمنعوها ولا يمنعوا فضل مائها (قلت) أرأيت لو أن أرضا في فلاة قد
غلب عليها الماء فسيل رجل ماءها أيكون هذا احياء لها (قال) ما سمعت من مالك
فيه شيئا وأراه احياء لها (قلت) أرأيت لو أن رجلا أتى أرضا وقد غلب عليها
الغياض والشجر فقطعه ونقاه أيكون هذا احياء لها (قال) قال مالك هذا احياء لها
(فيمن حفر بئرا إلى جنب بئر جاره)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا حفر بئرا بعيدة عن بئر جاره وكان أحياها قبل ذلك
فانقطع ماء البئر الأولى وعلم أنه إنما انقطع من حفر هذه البئر الثانية أيقضى له على هذا
بردم البئر الثانية أم لا في قول مالك (قال) قال مالك للرجل ان يمنع ما يضر ببئره فإذا
كان له ان يمنع فله ان يقوم على هذا فيردم البئر التي حفرها (قلت) أرأيت من
حفر بئرا في غير ملكه في طريق المسلمين أو حفرها في ارض رجل بغير امر رب
الأرض أو حفرها إلى جنب بئر ماشية وهي تضر ببئر الماشية بغير امر رب البئر فعطب

196
رجل في تلك البئر أيضمن ما عطب فيها هذا الذي حفرها من دابة أو انسان (قال)
قال مالك من حفر بئرا حيث لا يجوز له فهو ضامن لما عطب فيها (قلت) أرأيت
الابار التي تكون في الدور أيكون لي ان امنع جاري من أن يحفر في داره بئر أتضر
ببئري التي في داري أم لا (قال) سمعت مالكا يقول في الرجل أكون له في داره
بئر إلى جنب جداره فحفر جاره في داره بئرا إلى جنب جداره من خلفه (قال) ن كان
ذلك مضرا ببئر جاره منع من ذلك (قلت) وكذلك لو أحدث كنيفا يضر ذلك
ببئري منع من ذلك في قول مالك (قال) نعم (قلت) وكذا لو كانت بئري في
وسط داري فحفر جاري في وسط داره بئرا يضر ببئري منع من ذلك (قال) نعم
ووسط الدار وغير وسطها سواء يمنع جاره من أن يحدث في داره بئرا يضر ببئر
جاره عند مالك.
(في الرجل يفتح كوة في دار يطل منها على جاره)
(قلت) فلو أن رجلا بنى قصرا إلى جانب داري رفعها علي وفتح فيها أبوابا وكوى
يشرف منها على عيالي أو على داري أيكون لي ان امنعه من ذلك في قول مالك (قال)
نعم يمنع من ذلك وكذلك بلغني عن مالك (قال ابن القاسم) وقد قال ذلك عمر بن
الخطاب أخبرنا به ابن لهيعة انه كتب إلى عمر بن الخطاب في رجل أحدث غرفة
على جاره ففتح عليه كوى فكتب إليه عمر بن الخطاب ان يوضع وراء تلك
الكوى سرير ويقوم عليه رجل فإن كان ينظر إلى ما في دار الرجل منع من ذلك وان
كأن لا ينظر لم يمنع من ذلك واما مالك فرأى أنه ما كان من ذلك ضررا منع وما كان
من ذلك مما لا يتناول النظر إليه لم يمنع من ذلك (قلت) وكذلك لو لم يفتح فيها أبوابا
ولا كوى ولكنه منعني الشمس التي كانت تسقط في داري ومنعني الريح التي كانت
تهب في داري أيكون لي ان امنعه من أن يرفع بنيانه إذا كان ذلك مضرا بي في شئ
من هذه الوجوه التي سألتك عنها في قول مالك (قال) لا يمنع من هذا وإنما
يمنع إذا أحدث كوى أو أبواب يشرف منها فهذا الذي يمنع منها ويقال سدها ولم

197
اسمع من مالك في الريح والشمس شيئا ولا أرى ان يمنع من ذلك.
(ما جاء في قسمة العين)
(قلت) أرأيت لو أن أرضا بين قوم قد عرف كل واحد منهم حصته من الأرض
ولهم غيرهم فيها شركاء هي شرب لأرضهم أراد أحد ان يصرف شربه إلى ارض له
أخرى أيكون ذلك له أم لا في قول مالك (قال) قال مالك في الرجلين تكون بينهما
الأرض قد اقتسماها ولهما بئر تشرب الأرض منها فاقتسما الأرض فأراد أحدهما ان يبيع
ماءه من رجل يسوقه إلى ارض له أخرى (قال) ذلك له ولا شفعة لصاحب البئر
فهذا يدلك على أنه إذا أراد أن يسقى بها أرضا أخرى أو يؤاجر الشرب ممن يسقى
به أرضا له ان ذلك جائز له (قلت) أرأيت لو أن رجلا غصبني أرضا لي فزرعها
أو بئرا فسقى منها ارضه وزرعه أو دورا فسكنها أيكون عليه كراء ما سكن وما زرع
من الأرض أو ما شرب من المئة في قول مالك (قال) قال مالك في الأرض عليه كراء
ما زرع فالدور والبئر عندي بتلك المزلة عليه كراء ذلك (قلت) فلم قلت في الحيوان انه
إذا غصب فركب انه لا كراء عليه (قال) كذلك سمعت مالكا يقول (قلت)
أرأيت لو أني ارتهنت عينا أو قناة أو جزأ من شرب بئر أو جزأ من شرب عين أو
جزأ من شرب نهر أيكون لرب البئر أو لرب النهر أو رب العين أو رب القناة ان
يكرى ذلك أم لا (قال) لا يكون لرب الأرض ان يكريها ولا يكون هذا الري
ذكرت رهنا حتى يقبض فإذا قبض صار رهنا (قلت) وكيف يكون قبض هذا
لهذا الذي سألتك عنه (قال) قبضه ان يحوزه ويحول بين صاحبه وبينه فإذا قبضه
وحازه صار مقبوضا (قلت) أفيكون للمرتهن ان يكرى ماء هذه البئر أو ماء هذه
العين أو ماء هذه القناة من غير أن يأمره ربها بذلك (قال) إن لم يأمره ربها بان
يكرى ترك ولم يكره وان امره بذلك اكراه وكان الكراء لرب الأرض (قلت)
وهذا قول مالك (قال) قال مالك في الرجل يرتهن الدار قال مالك فليس لرب الدار
ان يكريها ولكن للمرتهن ان يكريها بأمر صاحب الدار ويلي المرتهن الكراء ويكون

198
الكراء لصاحب الدار (قلت) ولا يكون الكراء رهنا في حقه (قال) قال مالك
لا يكون رهنا الا ان يشترطه المرتهن فسكون رهنا مع الدار إذا اشترطه (قال مالك)
وان اشترط ان يكريها ويأخذ كراءها في حقه قال مالك فإن كان دينه ذلك من بيع
فلا يجوز شرطه هذا وإن كان دينه من قرض فذلك جائز (قلت) ولم قال مالك
إذا كان من بيع لم يكن جائزا (قال) لأنه لا يدري ما يقبض أيقل أم يكثر ولعل
الدار ان انهدم قبل أن يقتضى (قلت) فإنما كره مالك هذا هذا كان البائع وقعت
صفعته على أن يرتهن هذه الدار أو يكريها ويأخذ حقه من كرائها (قال) نعم
(قلت) فإن لم تقع صفقة البيع على أن ارتهن الدار أو أكريها واخذ حقي من كرائها
ولكني بعته بيعا ثم ارتهنت منه الدار بعد ذلك فأمرني ان أكريها واخذ كراءها حتى
استوفى حقي (قال) لا بأس بهذا عند مالك (قلت) أرأيت أن ارتهنت قناة أو بئرا
والى جانبها ارض فيها زرع لصاحب البئر فأراد أن يسقى فمنعه من ذلك المرتهن أيكون
له ذلك أم لا (قال) نعم ذلك للمرتهن لأنه إن لم يكن له ان يمنعه من ذلك فليس هذا
الرهن بمقبول وهذا رأيي (قلت) أرأيت أن اذن المرتهن للراهن ان يسقى زرعه
أيكون خارجا من الرهن في قول مالك (قال) قال مالك في الدار يرتهنها الرجل فيأذن
لربها ان يسكن فيها (قال) مالك إذا اذن له في ذلك فقد خرجت من الرهن فكذلك
مسألتك (قلت) وكذلك الدار إذا اذن له ان يكريها فأكراها (قال) نعم لان من
قول مالك إذا سكنها فقد خرجت من الرهن بكراء كانت أو بغير كراء (قلت)
فمتى يخرج من الرهن إذا سكن أو إذا اذن له (قال) لم اسمع من مالك فيه شيئا
ولكن إذا اذن له في أن يسكن أو يكري فقد خرجت من الرهن.
(في الرجل يشتري البئر على أنه بالخيار عشرة أيام)
(فانخسفت البئر في ذلك)
(قلت) أرأيت أن اشتريت بئرا على أني بالخيار فيها عشرة أيام ثم انخسفت البئر
في أيام الخيار (قال) قال مالك ما كان من مصيبة في أيام الخيار فذلك من البائع

199
(قال مالك) ولا يصلح النقد في بيع الخيار (قال مالك) وسواء إن كان الخيار للبائع
أو للمبتاع فالمصيبة من البائع (قلت) أرأيت أن اشتريت عبدا على أني بالخيار أياما
فقتل العبد رجلا أيكون لي ان أرده في قول مالك (قال) نعم (قلت) أرأيت أن
اشتريت من رجل سلعة ثم لقيته بعد يوم أو يومين فجعلت له الخيار أو جعل لي
الخيار أيلزم هذا الخيار أم لا (قال) نعم إذا كان امرا يجوز في مثله الخيار (قلت)
تحفظه عن مالك (قال) لا وهو رأيي.
(تم كتاب حريم الابار بحمد الله وعونه. وبه يتم الجزء الخامس عشر)
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
(ويليه كتاب الحدود في الزنا والقذف)
(وهو أول الجزء السادس عشر)

200
المدونة الكبرى
لامام دار الهجرة الامام مالك بن انس الأصبحي
رواية الامام سحنون بن سعيد التنوخي عن الامام
عبد الرحمن بن القاسم العتقي عن الامام مالك بن
انس رضي الله تعالى عنهم أجمعين
الجزء السادس عشر
(أول طبعة ظهرت على وجه البسيطة لهذا الكتاب الجليل)
(حقوق الطبع محفوظة للملتزم)
الحاج محمد أفندي ساسي المغربي التونسي
(التاجر بالفحامين بمصر)
(تنبيه)
قد جرى طبع هذا الكتاب الجليل على نسخة عتيقة جدا ينيف تاريخها عن
ثمانمائة سنة مكتوبة في رق غزال صقيل ثمين وفق الله سبحانه وتعالى بفضله
للحصول عليها بعد بذل المجهود وصرف باهظ النفقات ووجد في حواشي هذه
النسخة خطوط لكثير من أئمة المذهب كالقاضي عياض واضرابه وقد نسب له
فيها ان المدونة فيها من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف حديث
ومن الآثار ستة وثلاثون الف اثر ومن المسائل أربعون الف مسألة اه‍
(طبعت بمطبعة السعادة بجوار محافظة مصر سنة 1323 ه‍ لصاحبها محمد إسماعيل)

201
بسم الله الرحمن الرحيم
(الحمد لله وحده)
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى اله وصحبه وسلم)
(كتاب الحدود في الزنا والقذف والأشربة)
الحدود في الزنا والقذف)
(قلت) أرأيت لو أن قوما شهدوا على رجل انه وطئ هذه المرأة وقالت الشهود
لا ندري أهي امرأته أو أمته أو غير ذلك أيقيم عليه القاضي الحد أم لا يقيم عليه في قول
مالك (قال) أرى ان يقيم عليه الحد الا ان يقيم البينة انها امرأته أو جاريته إلا أن يكون
قدم بها من بلد غير ذلك البلد فلا أرى عليه شيئا إذا قال هي امرأتي أو أمتي
وأقرت له بذلك فلا شئ عليه الا ان تقوم البينة على خلاف ما قال (قلت) أرأيت
أهل الذمة إذا افتروا على المسلمين أتجلدهم حد الفرية في قول مالك (قال) نعم
يجلدون حد الفرية ثمانين (قال) وأخبرني به من أثق به عن ابن شهاب انه كأن يقول
في النصراني انه إذا قذف المسلم ضرب الحد ثمانين (قلت) أرأيت ن تزوج خامسة
أو امرأة قد طلقها ثلاثا البتة قبل أن تنكح زوجا غيره أو أخته من الرضاعة أو من
النسب أو نساء من ذوات المحارم عامدا عارفا بالتحريم أيقام عليه الحد في قول مالك
(قال) نعم يقام عليه الحد (قلت) فان جاءت بولد (قال) إذا تعمد كما وصفت لك
لم يلحق به النسب لان مالكا قال لا يجتمع الحد واثبات النسب (قلت) والذي يتزوج
المرأة في عدتها عامدا يعاقب ولا يحد وكذلك الذي يتزوج المرأة على خالتها أو

202
على عمتها وكذلك نكاح المتعة عامدا لا يحدون في ذلك ويعاقبون (قال) نعم (قلت)
أرأيت في قول ملك أليس كل وطئ درأت فيه الحد عن الرجل وإن كان ذلك الوطئ
لا يحل أليس من قذفه يضرب الحد (قال) نعم ذلك في رأيي.
(فيمن وطئ جارية لرجل أو امرأة وقال قد اشتريتها أو تزوجتها)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا وطئ أمة رجل وقال الواطئ اشتريتها من سيئها
وقال سيدها لم أبعها منك ولا بينة بينهما (قال) يحد إذا لم تكن له بينة على الشراء
وتحد الجارية معه (قال) ولو جاز هذ للناس لم يقم حد ابدا لان مالكا قال في الرجل
يوجد مع امرأة يزنى بها فيقول تزوجتها وتقول تزوجني وهما مقران بالوطئ ولا بينة
له ان عليهما الحد فكذلك مسألتك في الأمة (قلت) أرأيت لو أن الذي وطئ
الأمة ادعى ان سيدها باعها مه وسيردها ينكر فقال لك استحلف لي سيدها انه لم
يبعها مني فاستحلفته فنكل عن اليمين أتجعل الجارية للمشتري (قال) أرد اليمين في
قول مالك على الذي ادعى الشراء إذا نكل المدعى عليه الشراء عن اليمين فإذا حلف
المدعي جعلت الجارية جاريته ودرأت عنه الحد لأنها قد صارت ملكا له وثبت شراءه
(قلت) فالذي وطئ المرأة فادعى انه تزوجها وقالت المرأة زوجني وقال الولي زوجتها
منه برضاها الا انا لم نشهد بعد ونحن نريد ان نشهد أيدفع الحد عن هؤلاء في قول مالك
أم لا (قال) لا يدفع الحد عن هؤلاء الا ان يشهد على النكاح غيرهم (قال) وكذلك
بلغني عن مالك ان مالكا قال إذا شهد عليهما بالزنا ثم زعم أبوها أو أخوها انه زوجها
لم يقبل قوله الا ان تقوم بينة على اثبات النكاح (قلت) أرأيت أن حددتهما
وهما بكران ثم قالا نحن نقر على نكاحنا الذي حددتنا فيه وقال الولي قد كنت
زوجتها ولم اشهد وانا اشهد لها الآن أيجوز ذلك في قول مالك (قال) لم اسمع من
مالك فيه شيئا وارى انه لا يجوز الا ان يجددا نكاحا بعد الاستبراء (قلت) لم
(قال) من قبل أنهما قد حدا في ذلك الوطئ (قلت) هل يستحلف الرجل مع
امرأتين ويستحق حقه (قال) نعم في الأموال كلها التي تجوز فيها شهادة النساء من

203
الديون والوصايا فإنه يحلف معهما ويستحق حقه (قلت) أرأيت أن وطئ جارية
ثم قال اشتريتها من سيدها وأقام امرأة تشهد على الشراء أيقيم الحد على الواطئ أم لا
(قال) نعم يقام عليه الحد لأنه لم يأت بمر يقطع به شيئا وشهادة المرأة الواحدة
ولا شئ سواء عند مالك لان مالكا حدثني ان امرأة أتت عمر بن الخطاب فقالت
يا أمير المؤمنين ان زوجي يطأ جاريتي فأرسل إليه عمر فاعترف بوطئها وقال إنها
باعتنيها فقال عمر لتأتيني بالبينة أو لأرجمنك بالحجارة فاعترفت المرأة انها باعتها منه
فخلى سبيله فهذا يدلك على أن من ادعى انه اشترى هذه الجارية التي وطئها وسيدها
ينكر البيع انه يقام عليه الحد إذا شهدوا على الرؤية واعترف انه وطئها وادعى الشراء
وأنكر سيدها البيع.
(فيمن دفع إلى امرأته نفقة سنة ثم مات أحدهما)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا دفع إلى امرأته نفقة سنة وقد فرض عليه القاضي نفقتها
أو لم يفرض عليه لكنه هو دفع ذلك إليها أو كساها كسوة السند بفريضة من
القاضي أو بغير فريضة ثم ماتت المرأة أو الرجل بعد ذلك بيوم أو يومين أو شهر أو
شهرين (قال) قال مالك أيهما مات فإنه يرد بقدر ما بقي من السنة ويكون له قدر
ما مضى من السنة الا الكسوة فاني رأيت مالكا يستحسن في الكسوة أن لا تتبع
المرأة بشئ منها إذا ماتت المرأة أو مات الرجل بعد أشهر ولم تجعل الكسوة بمنزلة القمح
والزيت ولا غير ذلك من النفقة (قال مالك) في هذا كله يرده على حساب ما بقي
من السنة (قال مالك) فاما الكسوة فلا أرى فيها شيئا لا دراهم ولا غيرها ونزلت
بالمدينة وانا عنده فحكم فيها بما أخبرتك وكان من آخر ما سمعت منه (قلت)
أرأيت أن ماتت بعد ما دفع إليها الكسوة بعشرة أيام أو نحو ذلك (قال) لم اسمع
من مالك فيه شيئا الا ان هذا قريب والوجه الذي قال مالك إنما ذلك إذا مضي
للكسوة الا شهر.

204
(فيمن له شقص في جارية فوطئها) (قلت) أرأيت الرجل يكون له الشقص في الجارية فيطؤها ويقرر انه وطئها وهو
يعلم أنها لا تحل له أيقام عليه الحد في قول مالك (قال) لا حد عليه عد مالك وتقوم
عليه إلا أن لا يحب شريكه ان يقوم عليه ويتماسك بحصته فذلك له فان هي حملت
قومت عليه وكانت أم ولد له (قلت) فهل يكون عليه إذا قومت عليه من الصداق
شئ (قال) لا ليس عليه من الصداق شئ عند مالك الا انه إن كان أتى ذلك
وهو غير جاهل أدب (قلت) أرأيت أن هي لم تحمل وتماسك شريكه بحصته منها
ولم يرض ان يقومها عليه أتجعل له عليه من الصداق شيئا أم لا (قال) لا يكون لهذه
عند مالك من الصداق شئ (قلت) ولا ما نقص من ثمنها (قال) نعم لا ما نقص
من ثمنها لان القيمة كانت له فتركها وتماسك بنصيبه ناقصا (قلت) ولم جعلت لشريكه
ان يقومها عليه في قول مالك إذا هي لم تحمل وهذه لم تفت (قال) لأني درأت فيه
الحد فجعلت شريكه مخيرا ان شاء قومها عليه وان شاء تماسك بحصته منها وكذلك
قال مالك (قلت) رأيت الجابرية تكون بين الشريكين فيعتق أحدهما حصته ولا
مال له أو له مال فيطؤها المتماسك بالرق من قبل أن تقوم على شريكه إن كان له مال
أتقيم عليه الحد في قول مالك أم لا (قال) لا لمكان الرق الذي له فيها لأنها لو ماتت
قبل تقوم عليه وإن كان شريكه موسرا فلا شئ له على شريكه وأدرأ الحد عنه بالشبهة
(قلت) أرأيت أن طاوعته أيكون عليه من الصداق شئ أم لا أو مما نقصها (قال) لا
يكون عليه في الوجهين جميعا شئ إذا طاوعته الا ترى أنه إن كان وطؤه إياها عيبا
دخل فيها فإنما ذلك على السيد الذي وطئ لان الرق له فيها وهي طاوعته فلا شئ لها
عليه في النصف الذي كأن يكون لها مما ينقصها من قيمتها وان هو استكرهها كان عليه
نصف ما نقص من ثمنها لا شئ عليه من الصداق لان مالكا قال لي في الأمة يكون
نصفها حرا ونصفها مملوكا فيجرحها رجل ان عقل ذلك الجرح بينه وبين سيدها
الذي له فيها الرق وإنما قيمة جرحها قيمة جرح أمة (قال) وقال لي مالك أيما رجل

205
اغتصب أمة فوطئها فإنما عليه ما نقصها مع الحد فهذه وإن كان كبعضها حرا فالذي
وطئها ليس عليه الا ما نقصها إذا كان استكرهها لأنه لو كان أجنبيا غصبها لم يكن
عليه أيضا الا ما نقص من ثمنها لان الحر منها تبع للرق منها فإذا اخذت ذلك كان
لها النصف وللسيد المتمسك بالرق النصف وإنما أعطينا السيد المتمسك بالرق النصف
لأنها لو جرحت جرحا ينقصها كان له نصفه ولو جرحت هي كان عليه نصف ما
جرحت أو يسلم نصفه وكذلك ما وجب لها في اغتصابها نفسها ما نقصها وفي الجراحات
إنما فيها ما نقصها ولا يشبه ما قضى به لها في الاغتصاب مهرها الذي تتزوج به باذن
سيدها لان مهرها بمنزلة الأموال التي تستفيدها وهو موقوف في يديها بمنزلة ما
استفادت من الأموال (قلت) ومن يزوج هذه لامة في قول مالك (قال) سيدها
المتمسك بالرق وليس للاخر في تزويجها قليل ولا كثير (قال مالك) ولا يزوجها
هذا المتمسك بالرق الا برضاها (قلت) أرأيت هذه الأمة لو أن أحدهما أعتق
جميعها فوطئها الباقي وللمعتق مال أو لا مال هل (قال) إن لم يكن له مال لم يحد للرق
الذي فيها لأنه لا عتق لشريكه إذا كان معدما وإن كان المعتق موسرا نظر فإن كان
الواطئ ممن يعذر بالجهالة ولا يرى أن عتق الموسر يلزمه لم يكن عليه حد وإن كان
ممن يعلم أن ذلك يلزمه وكان المعتق موسرا رأيت عليه الحد وذلك أني سالت مالكا
عن الجارية بين الرجلين يعتقها أحدهما كلها (قال مالك) ذلك يلزم شريكه إذا كان
للمعتق مال وليس لشريكه ان يأبى ذلك عليه (قال ابن القاسم) ولو أعتق الشريك
الباقي حصته بعد عتق المعتق الجميع لم يكون له فيها عتق فلذلك رأيت عليه الحد (قلت)
فلو أن الذي أعتق جميعها وهو موسر لم يقم عليه بتضمين نصف القيمة حتى أعسر
وصار معدما (قال) إن كان السيد المتمسك علم بعتقه فتركه ولو شاء ان يقوم ذلك
عليه فيأخذه اخذه فالعتق ماض ويصير نصف القمة دينا عليه وإن كان غائبا أو لم يعلم
بالعتق حتى أعسر المعتق رايته على حقه منها وإنما الذي لا يكون له شئ إذا ترك ان
يأخذ حقه ولو شاء ان يقوم على ذلك فيأخذه اخذه فتركه حتى أعسر فالعتق ماض

206
ونصف القيمة دين عليه.
(في الرجل يطأ مكاتبته طوعا أو غصبا)
(قلت) أرأيت الرجل يطأ مكاتبته يغصبها أو طاوعته أيكون عليه الحد في قول
مالك أم لا (قال) قال مالك لا حد عليه وينكل إذا كان ممن لا يعذر بالجهالة
(قلت) أفيكون عليه ما نقص من ثمنها ان غصبها أو صداق مثلها في قول مالك
(قال) أرى عليه ما نقصها إذا كان غصبها وقال لي مالك ولا أرى لها في ذلك صداقا
(قال ابن القاسم) ولم أسأله عن الاعتصار وإنما سألته عن رجل يطأ مكاتبته فقال لا
صداق لها (قلت) أرأيت المكاتبة بين الرجلين يطؤها أحدهما أيكون عليه الحد
في قول مالك (قال) لا حد عليه (قلت) أرأيت الرجل يطلق امرأته ثلاثا فيطؤها
في العدة ويقول ظننت أنها تحل لي أو تعتق أم ولده فيطؤها في العدة ويقول ظننت
انها تحل لي (قال) قال مالك في الرجل يطلق امرأته تطليقة قبل البناء بها فيطؤها
بعد التطليقة ويقول ظننت أن الواحدة لا تبينها مني وانه لا يبرئها مني الا الثلاث
(قال) قال مالك لها صداق واحد (قال ابن القاسم) وليس عليه الحد إذا عذر
بالجهالة فأرى في مسألتك إذا كان ممن يعذر بالجهالة ان يدرأ عنه الحد لان مالكا
قال في الرجل يتزوج الخامسة إن كان ممن يعذر بالجهالة ممن يظن أنه لم يعرف ان
ما بعد الأربع ليس مما حرما الله أو يتزوج أخته من الرضاعة على هذا الوجه فان
مالكا درأ الحد عن هؤلاء (قلت) أرأيت الذي وطئ في العدة بعد الطلاق
ثلاثا أو بعد عتق أم ولده وطئها في عدتها أيكون عليه صداق سوى الصداق الأول
ويجب لأم ولده عليه الصداق أم لا (قال) أرى أن لا يكون عليه الا الصداق
الأول الا ترى لو أن رجلا حلف بطلاق امرأته البتة ثم حنث ونسي حنثه ثم وطئها
بعد الحنث زمانا ثم ذكر أنه قد حنث منذ زمان وأقر بذلك (قال مالك) إنما عليه
صداق واحد الصداق الذي سمى فكذلك مسألتك (قلت) هذا في الطلاق
أدخلت الوطئ الثاني في الصداق المسمى أولا أرأيت الذي أعتق أم ولده أيدخل

207
وطئ الحرية في الملك (قال) نعم إذا عذر بالجهالة أو لا ترى لو أن رجلا حلف بعتق
جارية له أو أم ولد فحنث وهو لا يعلم أو نسي يمينه فحنث ثم وطئها بعد ذلك زمانا ثم ذكر أنه
قد كان حنث انه لا صداق عليه تعتق عليه ولا شئ عليه فكذلك مسألتك في أم
الولد (قلت) أرأيت الرجل ترتد أم ولده فيطؤها وهو فقيه عالم لا يجهل انها
لا تحل له في حال ارتدادها أتقيم عليه الحد في قول مالك أم لا (قال) لا يحد في
رأيي لان ما ملكت اليمين عند مالك لا حد على السيد في ذلك وان كانت لا تحل له
ولو كانت أمه أو أخته من الرضاعة أو كانت خالته فوطئها بملك اليمين عامدا عارفا
بالتحريم (قال) قال مالك لا حد عليه ويلحق به الولد وانا دفع لحد عنه هاهنا للملك
الذي له في ذلك ولكن ينكل عقوبة موجعة.
(فيمن شهد عليه بالزنا ثلاثة وواحد على شهادة غيره)
(قلت) أرأيت أن شهد ثلاثة على الزنا على الرؤية وواحد على شهادة غيره أيحد
هؤلاء الشهود في قول مالك (قال) نعم لان الشهادة لم تتم (قلت) فان شهد ثلاثة
على الرؤية واثنان على شهادة غيرهما أيحد هذا المشهود عليه حد الزنا (قال) نعم إذا
كانت شهادتهم كلهم على وطئ واحد ووصفوه وعرفوه في موضع واحد (قلت)
أرأيت أن شهد على المرأة أربعة بالزنا أحدهم زوجها (قال) قال مالك يضرب الثلاثة
ويلاعن الزوج (قلت) لم أليس الزوج شاهدا (قال) لا الزوج عند مالك قاذف
وكذلك قال مالك الزوج قاذف (قلت) أرأيت أن قذف رجل رجلا فقال القاذف
حين قدم إلى القاضي انا آتى بالبينة انه زان أيمكنه مالك من ذلك (قال) نعم ولكن
لا يجوز في ذلك الا أربعة شهداء عند مالك وهو رأيي (قلت) أرأيت الرجل يقول
زنيت بفلانة عند الامام أو عند غير الامام يقر بذلك (قال) قال مالك ان أقام على
قوله ذلك ضرب للمرأة حد الفرية وأقيم عليه حد الزنا إذا قامت عليه بذلك بينة
(قلت) ويقبل رجوعه (قال) نعم إذا قال إنما قررت لوجه كذا (قلت) أرأيت أن
نزع ولم يقل لوجه كذا وكذا (قال) قال مالك إذا نزع عن قوله قبل منه ولم

208
يحد (قلت) أرأيت الاقرار بالزنا أيقيم مالك الحد في قراره مرة واحدة أو حتى
يقر أربع مرات (قال) قال مالك إذا أقر مرة واحدة أقيم عليه الحد في اقراره ان
ثبت على ذلك ولم يرجع (قلت) والرجم والجلد في ذلك سواء يقام عليه باقراره
مرة واحدة في قول مالك (قال) نعم (قلت) أرأيت إذا أقر على نفسه بالزنا هل
يكشفه عن الزنا كما يكشف البينة في قول مالك (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا
ولكن الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم انه لم يسأله إلا أنه قال أبصاحبكم جنة
(قلت) أرأيت إذا رجع المرجوم عن اقراره بعد ما اخذت الحجارة ماخذها أو
رجع عن اقراره إذا كان بكرا بعدد ما اخذت السياط ماخذها أو بعد ما ضرب أكثر
الحد أيقبل منه رجوعه (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا وارى ان يقال (قلت)
أرأيت لو أن امرأة ظهر بها حمل فقالت هذا الحمل من فلان تزوجني (قال) قال مالك
ان أقامت البينة على ذلك والا أقيم عليها الحد (قلت) وكذلك أن قال الزوج
صدقت قد تزوجتها (قال) لا يقبل قول الزوج في ذلك عند مالك حتى تكون البينة
بينهما (قلت) أفيثبت نسب هذا الولد (قال) قال مالك إذا أقيم الحد لم يثبت مع
الحد النسب.
(في الذي يزنى بأمه أو عمته أو خالته)
(قلت) أرأيت الذي يزنى بأمه التي ولدته أو بعمته أو بأخته أو بذات رحم محرم
منه أو بخالته (قال) أرى انه زنا إن كان ثيبا رجم وان بكرا جلد مائة وغرب عاما
وهو رأيي وهو أحسن ما سمعت (قلت) أرأيت أن زنى بأمة انسان ذي رحم
محرم منه أيقام عليه الحد وان كانت أمة أمه أو أمة أبيه (قال) قال مالك نعم يقام عليه
الحد الا الأب في أمة ابنه أو ابنته (قلت) فالجد أيحد في أمة ولد ولده (قال)
ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أرى ان يحد الجد في أمة ولد ولده لان مالكا قال
في الجد لا أرى ان يقاد منه في ولد ولده إذا قتله كما لا يقاد في الأب إذا فعل به الجد
مثل ما فعل الأب وتغلظ الدية عليه كما تغلظ على الأب فأحب إلي ان يدرأ عنه الحد

209
(فيمن أحل جاريته لرجل فوطئها) (قلت) أرأيت لو أن امرأة ذات رحم محرم من رجل أو رجلا ذا رحم محرم منه أو
أجنبيا من الناس أحل جاريته لرجل منه بقرابة أو أحل جاريته لأجنبي من الناس
فوطئها هذا الذي أحلت له (قال) كل من أحلت له جارية أحلها له أجنبي أو قرابة له
أو امرأته فإنها تقوم عليه إذا وطئها ويدرأ عنه الحد جاهلا كان الذي وطئ أو عالما
حملت أو لم تحمل لوان كان له مال اخذ منه قيمتها وإن لم يكن له مال وحملت منه كان
دينا عليه وإن لم تحمل منه بيعت في ذلك فإن كان فضلا كان له وإن كان نقصانا كان
عليه (قلت) أرأيت أن أحلت له امرأته جاريتها فلم يطأها فأدركت قبل الوطئ
(قال) لم اسمع من مالك فيه شيئا الا ان الفوت عندي لا يكون حتى يقع الوطئ
لان وجه تحليل هذه الأمة عند مالك إنما هو عارية فزجها وملك رقبتها للذي أعارها
ولم يكن على وجه الهبة فهي ترد إلى الذي أعار الفرج ابدا ما لم يطأها الذي أحلت له
فإذا وطئها درئ عند الحد بالشبهة ولزمته القيمة فيها (قلت) فان رضي سيدها
الذي أحاله ان يقبلها بعد الوطئ (قال) ليس ذلك له ولا يشبه هذا الذي يطأ الجارية
بين الشريكين لان هذا وطئ باذن من سيدها على وجه التحليل فلما وقع الوطئ
صارت بمنزلة البيع ولزمته القيمة وان الشريك الذي وطئ إنما وقع الخيار فيه للشريك
إذا لم تحمل لأنه لم يحلها له ويقول لشريكه ليس لك ان تتعدى علي بأمر فيخرجها
من يدي ولي الخيار عليك وهذا ما لم يقع الحمل فإذا وقع الحمل لم يكن بد من أن تقوم
على الذي وطئها (قلت) فهل يكون على هذا الشريك الذي وطئ ولا مال له فحملت
منه من قيمة ولده في قول مالك شئ (قال) إن كان موسرا قومت عليه يوم حملت
ولم يكن عليه من قيمة الولد شئ وإن كان معسرا رأيت أن يباع نصفها بعد ما تضع
حملها فيما لزمه من نصف قيمتها يوم حملت فإن كان في الثمن الذي بيع به النصف وفاء
بما لزمه من نصف قيمته يوم حملت اتبع بنصف قيمة لولدها دينا عليه وان نقص ذلك
عن نصف قيمته يوم حملت اتبعه بما نقص من نصف قيمتها يوم حملت مع نصف قيمة

210
ولدها ولو ماتت هذه الأمة قبل أن يحكم فيها كان ضمان نصف قيمتها عليه على كل
حال ويم يضع موتها عنه ما لزمه ويتبع بنصف قيمة ولدها ولو أراد الشريك الذي لم
يطأ إذا كان الذي وطئ معسرا ان يتماسك بالرق ويبرئه من نصف قيمتها فذلك له
ويتبعه ينصف قيمة ولدها ويترك نصف هذه الأمة وهو نصيب الذي وطئ منها
فيكون بمنزلة أمة أعتق بعضها ويلحق الولد بأبيه وهذا قول مالك وقول مالك أيضا ان
يباع حظ الذي لم يطأ ويتبعه بما نقص من نصف قيمتها وبنصف قيمة الولد وهو قول مالك
(في المسلم يقر بأنه زنى في كفره والمسلم يزني بالذمية والحربية)
(قلت) أرأيت الرجل يسلم ثم يقر انه قد كان زنى في حال كفره (قال) قال مالك
في الكافر إذا زنى انه لا يحد في كفره فان أسلم لم يكن عليه في ذلك حد فكذلك اقراره
لاحد عليه في ذلك إذا أقر انه زنى في حال كفره (قلت) أرأيت لو أن أربعة
مسلمين شهدوا على مسلم انه زنى بهذه الذمية أيحد المسلم وترد الذمية إلى أهل دينها
أم لا ففي قول مالك (قال) نعم ترد إلى أهل دينها عند مالك ويحد المسلم (قلت)
أرأيت لو أن مسلما دخل دار الحرب بأمان فزنى بحربية فقامت عليه بذلك بينة من
المسلمين أو أقر بذلك على نفسه (قال) يحد في رأيي (قلت) أرأيت العبد إذا أقر
بشئ من حدود الله التي يحكم فيها في بدنه أيقيمها عليه الامام في قول مالك باقراره
(قال) نعم الا ان يقر بأنه جرح عبدا أو قتل حرا أو عبدا فان أحب سيد العبد
المجروح ان يقتص اقتص وليس لسيد العبد المجروح أن يقول أنا أعفو وآخذ العبد
الذي أقر لي إذا كان لي ان اقتص لأنه حينئذ يتهم العبد انه إنما أراد أن يخرج من
يد سيده إلى هذا فلا يصدق هاهنا وكذلك أن أقر انه قتل عبدا أو حرا عمدا فأراد
أولياء المقتول المقر بقتله أن لا يقتلوه وان يستحيوه ويأخذوه فليس ذلك لهم إنما لهم
ان يقتلوه بقتله أو يتركوه في يد سيده ولا يأخذوه وإنما جاز لهم ان يقتصوا منه
باقراره لان هذا في بدن العبد فكل ما أقر به العبد مما يقام به عليه في بدنه فذلك
لازم للعبد عند مالك مما هو قصاص أو حد لله

211
(قلت) أرأيت إذا وجب على الرجل القصاص في بدنه للناس وحدود الله اجتمع
ذلك عليه بأيهم يبدأ (قال) يبدأ بما هو لله فإن كان فيه محتمل ان يقام عليه ما هو
للناس مكانه أقيم عليه ذلك أيضا وان خافوا عليه أخروه حتى يبرأ ويقوى ثم يقام عليه
ما هو للناس لان مالكا قال في الرجل يسرق ويقطع يد رجل انه يقطع في السرقة
لان القصاص ربما عفي عنه والذي هو لله لا عفو فيه فمن هناك يبدأ به (قلت)
أرأيت الرجل يسرق ويزني وهو محصن فاجتمع عليه ذلك عند الامام (قال) قال
مالك يرجم ولا تقطع يمينه لان القطع يدخل في القتل (قلت) فان رجمه وكان
عديما لا مال له فثاب له مال علم أنه مما استفاد أو مما وهب له أو تصدق به عليه بعد
سرقته أيكون للمسروق منه في هذا المال قيمة سرقته أم لا وأنت لم تقطع يمينه
للسرقة (قال) لا أرى أن يكون له في هذا المال شئ إلا أن يكون هذا المال قد كان
له يوم سرق السرقة لان اليد لم يترك قطعها ولكنها دخل قطعها في القتل ولم اسمع
هذا من مالك وهو رأيي (قلت) فهل يقيم الامام الحدود والقصاص في المساجد
(قال) قال لي مالك لا تقم الحدود في المساجد (قال) والقصاص عندي بمنزلة
الحدود (قال) وقال لي مالك ولا بأس ان يضرب القاضي الرجل الأسواط اليسيرة
في المسجد على وجه الأدب والنكال (قلت) أرأيت أن أقر أو شهدت عليه الشهود
انه زنى بعشر نسوة واحدة بعد واحدة (قال) قال مالك حد واحد يجزئه (قلت)
أرأيت أن شهدوا عليه انه زنى وهو بكر ثم أحصن ثم زنا بعد ذلك (قال) قال مالك
كل حد اجتمع مع القتل لله أو قصاص لا حد من الناس فإنه لا يقام مع القتل والقتل
يأتي على جميع ذلك الا الفرية فان الفرية تقام ثم يقتل ولا يقام عليه مع القتل غير حد
الفرية وحدها لأنه إنما يضرب حد الفرية لئلا يقال لصاحبه مالك لم يضرب لك
فلان حد الفرية يعرض له بأن يقول له لأنك كذلك

212
(قلت) أرأيت أن تزوج امرأة في عدتها وادعى انه عارف بتحريم ذلك لم يجهله
أتقيم عليه الحد في قول مالك أم لا (قال) لا أقوم الساعة على حفظ قول مالك
الا اني أرى انه يدرأ الحد لأنه لا يشبه من تزوج خامسة لان عمر بن الخطاب
ضرب في هذا ولم يقم الحد ولم يقل حين خطب من تزوج امرأة في عدتها لا يدعى
الجهالة أقيم عليه الحد إنما قال من تزوج امرأة في عدتها فرق بينهما ولا تحل له ابدا
وإنما ضربهما عمر بالمخفقة ضربا (قلت) أرأيت من أتى امرأة في دبرها وليست
له بامرأة ولا بملك يمين أيحد في قول مالك حد الزنا (قال) نعم يحد حد الزنا لان
مالكا قال هو وطئ (قلت) أرأيت أن اغتصبها فجامعها في دبرها أيوجب عليه مع
الحد المهر أم لا (قال) نعم في رأيي (قلت) أرأيت أن فعل ذلك رجل بصبي
أو بكبير ما حدهم (قال) قال مالك من فعل ذلك بصبي رجم ولا يرجم الصبي وان فعل
ذلك كبير بكبير رجما جميعا أحصنا أو لم يحصنا (قال مالك) ولا يرجم حتى يشهد عليه
أربعة انهم نظروا إليه كالمرود في المكحلة من الثيب والبكر ويرجمان جميعا (قلت)
أرأيت أن اغتصب المفعول به (قال) لا شئ عليه لأنه مغتصب (قلت)
فيكون له الصداق لأنه مغتصب (قال) لا لان هذا ليس من النساء وإنما الصداق
للنساء والنساء اللاتي يجب لهن الصداق في النكاح وليس يجب لهذا الصداق في
النكاح وهذا لا يعقد نكاحه في المهر كما يعقد نكاح النساء وإنما رجم بالفاحشة التي
أذنبها (قلت) أرأيت الرجل يأتي البهيمة ما يصنع به في قول مالك (قل) أرى
فيه النكال ولا أرى فيه الحد (قلت) فهل تحرق البهيمة في قول مالك (قال)
لم اسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى ان تحرق لان مالكا سئل عن حديث يذكره
بعض أهل الشام عن غير واحد ان من غل احرق رحله فأنكر ذلك انكارا
شديدا وأعظم ان يحرق رحل رجل من المسلمين (قلت) فهل يضمن هذا الرجل
البهيمة التي جامعها (قال) لا يضمن ولم اسمع من مالك فيه شيئا وهو رأيي

213
(قلت) فهل يؤكل يحمها (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أرى بذلك بأسا
وليس وطؤه إياها مما يحرم لحمها
(فيمن قذف رجلا بعمل قوم لوط أو بهيمة)
(قلت) أرأيت الرجل يقول لرجل يا لوطي أو يا عامل عمل قوم لوط (قال) قال
مالك إذا قال الرجل للرجل يا لوطي جلد حد الفرية (قلت) أرأيت من قذف رجلا
ببهيمة (قال) لم اسمع من مالك فيه شيئا ولم يبلغني عنه الا اني أرى انه لا يضرب
الحد ويؤدب قائل ذلك أدبا موجعا لان من قول مالك ان الذي يأتي البهيمة لا يقام
عليه فيه الحد (قال ابن القاسم) وكل ما لا يقام فيه الحد فليس على من رماه بذلك
حد الفراية (قال ابن القاسم) ولك ما لا يقام فيه الحد فليس على م رماه بذلك
حد الفراية * (قلت) فهل كان مالك يستحب للقضاة ان يستشيروا العلماء (قال)
سمعته يقول إن عمر بن العزيز قال لا ينبغي للقاضي أن يكون قاضيا حتى يكون عارفا
بما مضى مستشيرا لذوي الرأي (قلت) أرأيت لو أن رجلا قذف رجلا فلما قدمه
ليأخذ منه حد الفرية قال القاذف للقاضي استحلفه لي انه ليس بزان (قال) لم اسمع من
مالك فيه شيئا ولا تكون عليه اليمين ولا سمعت ان أحدا يقول يحلف في هذا ولكن
يضرب القاذف الحد ولا يحلف المقذوف ولكن بلغني عن مالك ممن أثق به انه
سئل عن الرجل يقال له يا زاني وهو يعلم من نفسه انه كان زانيا أترى ان يحل له ان
يضربه أم يتركه (قال) بل يضربه ولا شئ عليه وهو رأيي * (قلت) أرأيت أن أتى
بشاهد واحد على السرقة أيستحلفه مع شاهده ويقطع يمينه في قول مالك (قال)
يحلف ويستحق حقه ولا تقطع يمينه (قلت) أرأيت القصاص هل فيه كفالة في
قول مالك أو الحدود (قال) قال مالك لا كفالة له في الحدود ولا في القصاص
(قلت) أرأيت أن شهد شاهد أنه قال لفلان يوم الخميس يا زاني وشهد الاخر أنه قال لفلان ذلك الرجل يوم الجمعة يا زاني (قال) قال مالك يحد لان الشهادة إنما هي
ها هنا واحدة لم تختلف شهادة هذين لأنه كلام (قلت) وكذلك الطلاق
والعتاق (قال) قال مالك وكذلك الطلاق والعتاق هو مثل ذلك ما لم يكن

214
في يمين فإن كانت في يمين فاتفقت الشهادة واختلفت الأيام مثل ما يقول إن دخلت
دار فلان فهي طالق البتة فشهد عليه بذلك رجل يوم السبت وشهد عليه آخر
يوم الاثنين انه حلف بتلك اليمين فإنه إن حنث طلقت عليه بشهادتهما (قال) وقال
مالك فلو شهد عليه رجل انه طلق عنده امرأته في رجب وآخر في رمضان طلقت
عليه ولو شهد رجل انه حلف ان دخل دار فلان فامرأته طالق البتة وشهد الاخر انه
حلف ان ركب دابة فلان فامرأته طالق البتة فشهد عليه شهود انه دخل الدار
وركب الدابة (قال) قال مالك لا تطلق عليه وكذلك العتق هاهنا مثل هذا سواء
(قلت) أرأيت أن شهد شاهد على رجل انه شج فلانا موضحة وشهد آخر عليه
انه أقر انه شجه موضحة (قال) يقضى بشهادتهما لان الاقرار هاهنا والفعل إنما هو شئ
واحد ولكن لو اختلف الفعل والاقرار لم يقض بشهادتهما لو قال هذا اشهد أنه ذبح
فلانا ذبحا وقال الآخر اشهد أنه أقر عند انه أحرقه بالنار رأيت الشهادة باطلا وإنما
اقراره على نفسه شهادة بمنزلة ما لو عاين الشهود ذلك فلما أقر به وشهد الشهود على
اقراره بذلك فوافق الاقرار الشاهد الذي شهد على الفعل فذلك الذي يؤخذ به وما
اختلف من ذلك مثلم ما لو اختلفت البينة نفسها فأبطلتها كان ذلك في الاقرار
والبينة باطلا أيضا وهذا قول مالك في البينة والاقرار والشهادات وهو رأيي
(صفة ضرب الحدود والتجريد)
(قلت) أيجرد الرجل في الحدود والنكال حتى يكشف ظهره بغير ثوب في قول
مالك (قال) نعم كذلك قل مالك واما المرأة فلا تجرد (قلت) فهل تضرب الأمة
وعليها قميصان (قال) قال مالك لا تجلد المرأة فما من ثيابها مما اتخذت عليها ما يدفع
الجلد عنها أو يكون عليها من الثياب ما يدفع الجلد فان ذلك في قول مالك ينزع وما
كان غير ذلك فلا ينزغ (قلت) أرأيت القاذف إذا قذف ناسا شتى في مجالس شتى
فضربته لأحدهم ثم رفعه أحدهم يبعد ذلك (قال) قال مالك ذلك الضرب لكل قذف
كان قبله ولا يضرب لاحد منهم ان قام بعد ذلك جميعا كان قذفهم أو مفترقين في

215
مجالس شتى (قال) أرأيت القذف أتصلح فيه الشفاعة بعدما ينتهي إلى السلطان
(قال) قال مالك لا تصلح فيه الشفاعة إذا بلغ السلطان أو الشرط أو الحرس (قال)
ولا يجوز فيه العفو إذا بلغ الامام الا ان يريد سترا (قال مالك) والشرط والحرس
عندي بمنزلة الامام إذا وقع في أيديهم لم تجز الشفاعة بعد ولا يجوز لهم ان يحلوه وان
عفا المقذوف عن ذلك بعد بلوغ السلطإن لم يجز عفوه عند مالك الا ان يريد سترا
(قلت) أرأيت الشفاعة في التعزير أو النكال بعد بلوغ الامام أيصلح ذلك أم لا
(قال) قال مالك في الذي يجب عليه التعزير أو النكال فيبلغ به إلى الامام (قال)
قال مالك ينظر الامام في ذلك فإن كان الرجل من أهل المروءة والعفاف وإنما هي
طائرة اطارها تجافى السلطان عن عقوبته وإن كان قد عرف بذلك وبالطيش والأذى
ضربه النكال فهذا يدلك على أن العفو والشفاعة جائزة في التعزير وليست بمنزلة
الشفاعة في الحدود
(فيمن عفا عن قاذفه ثم أراد أن يقوم عليه)
(قلت) أرأيت أن عفا عن قاذفه ثم أتى به بعد زمان فأراد أن يحده ولم يكن كتب
عليه بذلك كتابا (قال) قد أخبرتك عن مالك أنه قال لا يحد له والعفو جائز عليه
(قال) وقال مالك في رجل قال لرجل يا مخنث انه يجلد الحد ان رفعه إلى الامام الا
ان يحلف القائل يا مخنث بالله انه لم يرد بذلك قذفا فان حلف عفى عنه بعد الأدب
ولا يضرب حد الفرية وان هو عفا عنه قبل أن يأتي السلطان ثم طلبه بعد ذلك فإنه
لا يحد له (قال) وقد بلغني عن مالك في رجل قذف رجلا فعفا عنه قبل أن يبلغ
به إلى السلطان ثم بدا له ان يقوم به (قال مالك) ليس ذلك له ولا حد عليه وقد
أخبرني به من أثق به وهو رأيي (قلت) أرأيت القذف أيقوم به من قام به من
الناس (قال) لا يقوم به عند مالك الا المقذوف (قلت) فلو أن قوما شهدوا على
رجل انه قذف فلانا وفلان يكذبهم ويقول ما قذفني (قال) لا يلتفت إلى شهادة الشهود
عند مالك (قلت) أرأيت أن ادعى المقذوف ان القاذف قذفه وأقام على ذلك

216
البينة عند السلطان ثم إن المقذوف قال للسطان بعد ما شهدت شهوده انهم شهدوا
بزور (قال) هذا قد بلغ الامام وقد شهد الشهود عند الامام بالحدود وهو مدع
للقذف فلما وجب الحد قال كذبت بنيتي فلا ينظر في قوله لان الحد قد وجب فهذا
يريد ابطاله الا ترى أنه لو عفا لم يجزه عفوه فكذلك اكذابه البينة لا ينظر في ذلك
بعدما وجب الحد عند السلطان ويضرب القاذف الحد ولم اسمعه من مالك وهو رأيي
(قلت) أرأيت أن قال لم يقذفني (قال) هذا وما فسرت لك سواء (قلت)
أرأيت أن قال الشهود بعد ما وجب الحد ما شهدنا الا بالزور (قال) يدرأ الحد عنه
(قلت) لم درأته بشهادة الشهود برجوع الشهود ولم تدرأه بتكذيب المدعى إياهما
(قال) لان هذا الامر كان للمدعى حتى يبلغ السلطان فإذا بلغ السلطان وقامت البينة
انقطع ما كان لهذا المقذوف فيه من حق وصار الحد لله فلا يجوز له هاهنا قول والبينة
ان رجعت عن شهادتهما لم أقدر ان أقيم الحد ولا بينة ثابتة على الشهادة (قلت) أتحفظ
هذا كله عن مالك (قال) لا وهو رأيي (قلت) أرأيت القصاص الذي هو للناس ان
عفوا عن ذلك بعد بلوغهم السلطان أيجوز ذلك أم لا في قول مالك (قال) نعم
(باب في الرجل يشهد على الرجل بالحد ويأتي بمن يشهد معه)
(قلت) أرأيت الرجل يشهد على الرجل بشرب الخمر أو بالزنا فيقول للقاضي انا
آتيك بالشهود أيضا على ذلك (قال) إن كان امرا قريبا في الخمر حبسه القاضي وإن كان
امرا بعيد لم يحبسه القاضي واما الزنا فلا يخرجه الا أربعة شهداء سواء ولا
يخرجه ثلاثة وإن كان رابعهم لأنه قد صار الآن قاذفا ويجلد الحد إن لم يأت بأربعة
شهداء سواء وينكل إذا رماه بشرب الخمر (قال) وقال مالك في الرجل يقول
للرجل يا سارق على وجه المشاتمة ان ذلك ينكل فإن قال له سرقت متاعي ولم يكن له
بينة وكان الذي قيل ذلك له من أهل التهمة فان ذلك لا شئ عليه من قبل أنه لم يرد
بقوله ذلك الشتم (قلت) أرأيت من قال لرجل يا زاني ثم جاء بثلاثة يشهدون معه
على الزنا (قال) الأول قاذف عند مالك ولا يخرجه من حد القذف الا ان يأتي بأربعة

217
سواه يشهدون على الزنا لأنه قد صار خصما حين كان قاذفا ويضرب الحد وتضرب
الشهود الثلاثة أيضا (قلت) أرأيت هذا الذي شهد بالحد وحده وقال إنا آتيك
بالبينة أيوقف هذا المشهود عليه (قال) نعم ان ادعى امرا قريبا حضرا أوقف هذا
المشهود عليه والشاهد أيضا وقيل للشاهد ابعث إلى من تزعم أنه يشهد معك فان
أتى بهم أقيم الحد على المشهود عليه وإن لم يأت بهم أو ادعى شهادة بعيدة أدب أدبا
موجعا الا في الزنا فإنه إن قال رأيته يزني قيل له ائت بأربعة شهداء سواك والا
ضربت الحد ويتوثق منه كما يتوثق من الأول فان جاء بهم بحضرة ذلك والا ضرب
الحد (قلت) وتوقفه ولا تأخذ منه كفيلا (قال) نعم (قلت) أرأيت كتب
القضاة إلى القضاة هل تجوز في الحدود التي هي لله وفي القصاص وفي الأموال في
الطلاق وفي العتاق في قول مالك (قال) نعم في رأيي ذلك جائز لان الشهادة على الشهادة
عند مالك في هذا كله جائزة فلما كانت الشهادة على الشهادة في هذا جائزة جازت
كتب القضاة في ذلك
(فيمن قال لامرأته زنيت وأنت مستكرهة)
(أو صبية أو نصرانية أو أمة)
(قلت) أرأيت أن قال لامرأته زنيت وأنت مستكرهة أيلاعن أم لا وهل يكون
من قال لامرأة أجنبية زنيت وأنت مستكرهة أو زنيت وأنت صبية أو زنيت وأنت
نصرانية أو قال ذلك لرجل هل يكون هذا قاذفا في قول مالك أم لا (قال) يلاعن
الزوج امرأته ويجلد لهؤلاء كلهم الحد لأنه لا يخلو من أن يكون قاذفا أو يكون
معرضا الا في الأمة أو العبد إذا عتقا ثم قال زنيتما في حال العبودية فإنه لا يضرب إذا
أقام البينة انهما زنيا وهما عبدان فإن لم تقم البينة على ذلك ضرب الحد (قال) فان قال
لهما أيضا يا زانيان ولم يقل لهما زنيتما في العبودية وقد كانا زنيا في العبودية فإنه لاحد
عليه في فريته لأنهما قد زنيا ووقع عليهما اسم الزنا (قال) ومن قال لنصراني أسلم
يا زان وقد كان زنى في نصرانيته ضرب له الحد حد الفرية لان من زنى في النصرانية

218
لا يعد ذلك زنا لأنه لا يضرب فيه الحد وكذلك الصبي لا يكون بفعله زانيا وان
فعل ذلك في صباه (قال) والذي قال زنيت وأنت مستكرهة إن لم تقم البينة ضربته
الحد وان أقام البينة لم اضربه الحد وإن كان اسم الزنا بالاستكراه غير واقع عليها فاني
لا اضربه الحد أيضا لأني اعلم أنه لم يرد الا ان يخبر بأنها قد وطئت غصبا ولم يرد
أن يقول لها انها زانية فهذا يخالف النصراني والصبي (وقال) في رجل شهد على رجل
بالسرقة وقال رايته يسرق متاع فلان (قال) يحلف صاحب المتاع ويستحق متاعه
ولا تقطع يد السارق بشهادة واحد ولو أن شاهدا شهد على رجل بالسرقة وليس
للسرقة من يطلبها ولا من يدعيها وكان الشاهد من أهل العدالة مثل ما يقول رايته
دخل دار فلان فاخذ منها شيئا لم تكن عليه عقوبة وإن كان الذي زعم أنه رآه وشهد
عليه رجلا ليس من أهل العدالة وليس للمتاع طالب رأيت أن يعاقب الشاهد الا ان
يأتي بالمخرج من ذلك (قلت) أرأيت من عرض بالزنا لامرأته الا انه لم يصرح
بالقذف أتضربه الحد أم يلتعن في قول مالك (قال) لم اسمع من مالك فيه شيئا الا انه
يضرب الحد إن لم يلتعن (قلت) ويكون الذي قذف التي أسلمت والتي عتقت أو
الصغيرة التي قد بلغت أو امرأته قاذفا حين تكلم بذلك (قال) نعم (قلت) أرأيت أن
قال رأيتك تزنين وأنت نصرانية (قال) أراه قاذفا الساعة (قلت) وهذا عندك
سواء قوله زنيت وأنت نصرانية وقوله رأيتك تزنين وأنت نصرانية (قال) نعم
(قلت) تحفظه عن مالك (قال) لا الا ان الذي فسرت لك في قول الرجل للمرأة
النصرانية التي أسلمت قوله لها يا زانية بعد أن أسلمت وقد كانت زنت في نصرانيتها
فقال الرجل إنما أردت زناها في نصرانيتها (قال مالك) نضربه الحد ولا نخرجه من
القذف وان كانت زنت في نصرانيتها لان الله تبارك وتعالى قال في كتابه العزيز قل
للذين كفروا ان ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف (قلت) أرأيت إن قال لامرأة وقد
أسلمت قد كنت قذفتك بالزنا وأنت نصرانية (قال) أرى ان ينظر في ذلك فإن كان
أتى ممتحنا يسألها ان تغفر ذلك له أو يخبر بذلك أحدا على وجه الندم على ما مضى

219
من ذلك فلا أرى عليه شيئا وإن لم يكن لذلك وجه يرى أنه قاله له رأيت أن يضرب
الحد لان من قول مالك من عرض بالقذف أكمل له الحد.
(في القيام بحد الميت أو الغائب ومن أولى بذلك)
(قلت) أرأيت الميت إذا قذف من يقوم بحده من بعد وله أولاد وأولاد أولاد
وآباء وأجداد (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا الا اني أرى لولده وولد ولده وأبيه
وأجداده لأبيه وأمه ان يقوموا بذلك من قام منهم اخذ بحده وإن كان ثم من هو
أقرب منه لان هذا عيب يلزمهم (قلت) أفتقوم العصبة لحده مع هؤلاء (قال) لا
(قلت) فإن لم يكن من هؤلاء أحد أتقوم العصبة بحده (قال) نعم (قلت)
ويقمن البنات بحده والأخوات والجدات (قال) نعم (قلت) ويقوم الأخ والأخت
بحده وثم ولده وولد ولده (قال) نعم (قلت) أرأيت إن لم يكن لهذا الميت المقذوف
وارث ولا قرابة فقام بحده رجل من المسلمين أيمكن من ذلك أم لا (قال) لا
(قلت) أرأيت لو أن رجلا قذف رجلا وهو غائب وولده حضور فقام ولده بحد
أبيهم وهو غائب (قال) لم اسمع من مالك فيه شيئا وما علمت أن أحدا من أصحابنا
حكى عن مالك في هذا شيئا بعينه ولا أرى ان يمكن أحد من لذلك (قلت) أرأيت
لو أن رجلا قذف رجلا فمات المقذوف وقام ولده لحده أيكون ذلك لهم في قول
مالك وهل يورث المحدود في قول مالك (قال) نعم (قلت) أرأيت أن قذف
ومات ولا وارث له فأوصى في وصيته ان يقام بحده (قال) ذلك له يقوم به الوصي
(قلت) أسمعته من مالك (قال) لا ولكنه رأيي (قلت) أرأيت من وطئ أمة
له مجوسية أو امرأة له وهي حائض فقذفه رجل أيحد قاذفه في قول مالك (قال)
نعم يحد قاذفه في رأيي.
(في قذف الصبي والصبية)
(قلت) أرأيت الصبي إذا بلغ الجماع ولم يحتلم بعد فقذفه رجل بالزنا أيقام على قاذفه

220
الحد في قول مالك (قال) لا يقام على قاذفه الحد قال مالك لا يقام على الصبية تزني
أو الصبي يزني الحد حتى يحتلم الصبي أو تحيض الجارية أو ينبتان الشعر أو يبلغان من
حد الكبر حتى يعلم الناس ان أحدا لا يجاوز تلك السنين الا احتلم (قلت) أرأيت أن
انبت الشعر وقال لم احتلم ومثله من الصبيان في سنه يحتلم ومنهم من هو في سنه
لا يحتلم أتقيم عليه الحد بنبات الشعر أم لا تقيمه وان انبت حتى يبلغ من السن
ما لا يجاوزه صبي الا احتلم (قال) أرى انه وان انبت الشعر فلا حد عليه حتى يحتلم
أو يبلغ من السن ما يعلم أن مثله لا يبلغه حتى يحتلم فيكون عليه الحد ولقد كلمت مالكا
غير مرة في حد الصبي متى يقام عليه الحد فقال لي الاحتلام في الغلام والحيضة
في الجارية.
(فيمن قذف نصرانية أو أمة ولها بنون مسلمون)
(قلت) أرأيت من قذف ذميا أو عبدا بالزنا (قال) قال مالك من قذف عبدا بالزنا
أدب أو قذف نصرانية ولها بنون مسلمون أو زوج مسلم نكل بإذاية المسلمين لان
أولادها وزوجها مسلمون وللنصراني الذي ذكرت ان يزجر عن اذى الناس كلهم
(قلت) أرأيت من افترى على أم الولد (قال) قال مالك ينكل (قلت) أرأيت أن
قال لرجل مسلم وأبوه نصراني وأمه نصرانية لست لأبيك (قال) قال مالك
يضرب ثمانين (قال مالك) وكذلك أن كان أبوه عبدا (قال) قال مالك يحد هذا
لنفيه من أبيه ولقطع النسب (قلت) ولم جلده ملك هاهنا الحد وإنما وقعت الفرية
على أمه الكافرة (قال ابن القاسم) قال مالك لم يقع الحد على أمه وإنما وقع الحد عليه لقوله
لست لأبيك لأنه نفاه من نسبه (قلت) أرأيت من قال لرجل من أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم لست لأبيك أكان يسقط الحد عنه وإنما كانوا أولاد المشركين وبدأوا
الحدود فبهم كانت وهم أقاموها (قال) وقال مالك ولكن لو أن رجلا قال لرجل
كافر يا ولد زنا أو لست لأبيك وله أولاد مسلمون لم يكن على قائله الحد لولده المسلم
وإنما الحد أن يقول لولده المسلم لست لأبيك (قلت) أرأيت المدبر وأم الولد

221
والمكاتب والمعتق إلى سنين والمعتق منه شقص إذا زنوا (قال) حدهم عند مالك
حد العبيد (قلت) وكذلك لو افتروا (قال) كذلك أيضا حدهم عند مالك في
الفرية حد العبيد أربعون.
(المحارب يقذف في حرابة والحربي يدخل بأمان فيقذف)
(قلت) أرأيت لو أن محاربا في حال حرابته قذف رجلا من المسلمين ثم تاب وأصلح
فقام المقذوف بحد أتحده له أم لا في قول مالك (قال) نعم نحده له لان حقوق الناس
تؤخذ منه عند مالك إذا تاب وأصلح (قلت) أرأيت الرجل من المشركين
حربيا في دار الحرب قذف رجلا من المسلمين بالزنا ثم أسلم بعد ذلك أو أسر فصار
عبدا أيحد لهذا الرجل حد الفرية في قول مالك أم لا (قال) القتل هو موضوع
عنه في قول مالك لا يؤخذ بما قال فهذا يدلك على أن الفرية لا يؤخذ بها أيضا ولا
أرى ان يؤخذ بها (قلت) لم قال مالك في النصراني انه إذا سرق تقطع بيده لا
يقام عليه حد الزنا (قال) لان السرقة والحرابة من الفساد في الأرض (قلت)
أرأيت لو أن رجلا حربيا دخل بأمان فقذف رجلا من المسلمين أتحده أم لا في
قول مالك (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا وما أعطيناهم الأمان على أن يسرقونا
ولا على أن يشتمونا فأرى عليهم الحد
(في الرجل يقول للمرأة يا زانية وتقول زنيت بك)
(والذي يقول يا خبيث يا فاسق يا فاجر)
(قلت) أرأيت امرأة قال لها رجل يا زانية فقالت زنيت بك (قال) تضرب الحد
للرجل ويقام عليها حد الزنا الا ان تنزع عن قولها فتضرب للرجل ويدرأ عنها حد الزنا
ويدرأ حد القذف عن الرجل لأنها قد صدقته وهذا قول مالك (قلت) أرأيت
الرجل يقول للرجل يا فاسق يا فاجر يا خبيث (قال) ينكل في قوله يا فاجر يا فاسق
واما في قوله يا خبيث فيحلف بالله انه ما أراد القذف ثم ينكل (قلت) فان نكل

222
عن اليمين في قوله يا خبيث أيجلد الحد (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أرى
ان يجلد الحد فان أبى ان يحلف نكل (قلت) وكذلك لو قال رجل لرجل يا ابن
الفاجرة أو يا ابن الفاسقة أو يا بن الخبيثة (قال) ليس عليه في قوله يا ابن الفاسقة
ولا يا ابن الفاجرة الا النكال واما قوله يا ابن الخبيثة فإنه يحلف انه ما أراد قذفا فان
أبى ان يحلف رأيت أن يحبس حتى يحلف وان طال حبسه نكل (قلت) فكم
النكال عند مالك في هذه الأشياء (قال) على قدر ما يراه الامام وحالات الناس
في ذلك مختلفة فمن الناس من هو معروف بالأذى فذلك الذي ينبغي ان يعاقب العقوبة
الموجعة قود يكون الرجل تكون منه الزلة وهو معروف بالصلاح والفضل فان
الامام ينظر في ذلك فإن كان قد شتم شتما فاحشا أقام عليه السلطان في ذلك قدر
ما يؤدب مثله في فضله وإن كان شتما خفيفا فقد قال مالك يتجافى السلطان عن الفلتة
التي تكون من ذوي المروآت.
(فيمن قال له رجل يا شارب الخمر أو يا حمار أو يا فاجر)
(قلت) أرأيت الرجل يقول للرجل يا شارب الخمر أو يا خائن أو يا آكل الربا (قال)
ينكله السلطان عند مالك (قلت) أرأيت أن قل له يا حمار يا ثور أو يا خنزير (قال)
ينكله السلطان على قدر ما يراه الامام في رأيي قد سمعت ذلك من مالك في الحمار
(قلت) أرأيت أن قال له يا فاجرا بفلانة (قال ما سمعت من مالك فيه شيئا وارى
انه يحلف انه لم يرد القذف (قال سحنون) وقال لي أيضا وارى ان يضرب ثمانين
إلا أن يكون له بينة على امر صنعه بها على وجه الفجور أو امر يدعيه يكون فيه
مخرج لقوله مثل ما عسى أن يكون قد خاصمته المرأة في مال ادعته قبله فجحدها
ولم يقر لها به فتقول له لم تفجر بي وحدي وقد فجرت بفلانة قبلي للامر الذي كان
بينهما فهذا وما أشبهه من الوجوه التي تخرج إليها ويعرف بها صدقه فأرى ان يحلف
ويكون القول قوله فإن لم يكن على ما وصفت لك رأيت أن يجلد

223
(فيمن قال لرجل جامعت فلانة حراما أو باضعتها حراما) (قلت) أرأيت أن قال رجل لرجل جامعت فلانة حراما أو باضعتها حراما أو قال
وطئتها حراما قم قال لم أرد بقولي انك زنيت بها ولكني أردت أنك قد كنت تزوجتها
تزويجا حراما أو قال ذلك لنفسه اني قد جامعت فلانة حراما أو وطئت فلانة حراما
أو باضعت فلانة حراما فقامت فلانة تطلبه بحد فريته فقال إني لم أرد الافتراء عليك
إنما أردت أني قد كنت تزوجتك تزويجا فاسدا فوطئتك (قال) عليه الحد حد الفرية
في ذلك كله الا ان يعلم أنه قد كان نكحها في عدة أو تزوجها تزويجا حراما كما قال
فيقيم على ذلك البينة فان أقام البينة على ذلك احلف بالله الذي لا إله إلا هو انه لم يرد
الا ذلك ودرئ عنه الحد (قلت) أرأيت الرجل يقول للرجل اني قد كنت
جامعت أم الاخر أيكون عليه حد الفرية أم لا (قال) نعم عليه حد الفرية في رأيي
(قلت) أرأيت أن قال تزوجتها فجامعتها ولم أرد القذف (قال) يقيم البينة على
التزويج فان أقام البينة على التزويج لم يكن عليه الحد والا ضرب الحد
(في التعريض بالقذف)
(قلت) أرأيت الرجل يقول ما انا بزان ويقول قد أخبرت انك زان (قال) يضرب
الحد في رأيي لان مالكا قال في التعريض الحد كاملا (قلت) أرأيت الرجل يقول
للرجل عند الامام وعند غير الامام أشهدني فلان انك زان (قال) يقال له أقم البينة
ان فلانا أشهدك والا ضربت الحد لأنه بلغني عن مالك أنه قال في الرجل يقول
للرجل ان فلانا يقول إنك زان (قال) يقيم البينة والا ضرب الحد وهذا عندي
يشبهه (قلت) أرأيت الرجل الحر يقول للعبد يا زان فيقول له العبد لا بل أنت زان
(قال) ينكل الحر عند مالك ويجلد العبد حد الفرية (قلت) أرأيت الرجل يقول
للرجل زنى فرجك (قال) عليه الحد عند مالك (قلت) أرأيت أن قال زاني فوك
أو زنت رجلك (قال) أرى فيه الحد

224
(قلت) أرأيت الرجل يقول للرجل لست بابن فلان لجده وجده كافر (قال)
يضرب الحد عند مالك لأنه قد قطع نسبه (قلت) أرأيت لو أن رجلا نظر إلى رجل
من ولد عمر ين الخطاب رضي الله تعالى عنه فقال لست بابن الخطاب (قال) يضرب
الحد كاملا عند مالك (قلت) فلو قال ليس أبوك الكافر ابن أبيه ولم يقل هذا
القول لهذا المسلم الذي من ولد الكافي (قال) لا يضرب الحد عند مالك (قال)
وأخبرني به من أثق به من أصحاب مالك وأفضلهم عندي ان مالكا قال لو أن رجلا
قال لرجل كافر وله ولد مسلمون فقال للكافي أبى المسلم ليس أباك فلأن لأب له كافر
أو يا بن زنية لم يكن عليه حد وإن كان للمقذوف أولاد مسلمون حتى يقول ذلك
لولده المسلمين فإذا قال ذلك لولده المسلمين ضرب الحد (قلت) أرأيت أن قال
لابنه المسلم لست بابن فلان لجده ثم قال لم أرد بهذا قطع نسبك إنما أردت بهذا
انك لست بابنه لصلبه لان دون جدك والدك (قال) لا يصدق أحد في هذا
وارى على من قال ذلك الحد ولو جاز لهذا له لجاز أن يقول ذلك في كل جد مسلم
وبينه وبينه أب فلا يصدق أحد في هذا كان جده كافرا أو مسلما ويضرب الحد
ثمانين (قلت) أرأيت أن قال أنت ابن فلان نسبه إلى جده أتحده أم لا (قال)
لا حد عليه (قلت) كان في مشاتمة أو غير مشاتمة (قال) نعم لا حد عليه (قلت)
أرأيت أن نسب رجل رجلا إلى عمه فقام عليه الرجل بالحد أتضربه الحد (قال) نعم
يضرب الحد (قلت) وكذلك الخ (قال) نعم اضربه الحد (قلت) أرأيت أن
قال له أنت ابن فلان نسبه إلى زوج أمه (قال) أرى ان يضرب الحد لأنه قد قطع
نسبه (قلت) وفي العمل والخال رايته قد قطع نسبه (قال) نعم (قلت) فلو قال
له أنت ابن فلان نسبه لجده من أمه (قال) لا يجلد هذا والجد ها هنا بمنزلة الأب
وقد قال الله تبارك وتعالى ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء فما نكح الجد للأم
فلا يصلح لابن الابنة ان ينكحه من النساء.

225
(ما جاء في النفي) (قلت) أرأيت الرجل يقول للرجل من العرب لست من بني فلان لقبيلته التي هو
منها (قال) إن كان من العرب جلد الحد وإن كان من الموالي لم يضرب الحد بعد أن
يحلف انه لم يرد النفي لأنه من عرض بقطع نسب رجل فهو كمن عرض بالحد فان
قال لرجل من الموالي لست من موالي بني فلان وهو منهم ضرب الحد وكذلك قال
مالك لأنه قد قطع نسبه (قلت) وعلى من أوقعت القذف إذا قال له لست من بني
فلان وهو رجل من العرب أعلى أمه دنية أم على امرأة هذا الجاهلي (قال) إنما يقام
الحد لهذا المسلم لقطع نسبه (قلت) أرأيت الرجل يقول للرجل لست ابن فلان
وأمه أم ولد (قال) قال مالك يضرب الحد (قلت) أرأيت أن كان أبواه عبدين
فقال لست لأبيك (قال) يضرب الحد عند مالك.
(في الرجل يقذف عبده وأبواه حران مسلمان)
(قلت) أرأيت الرجل يقول لعبده وأبواه حران مسلمان يا بن الزانية أو يا ابن
الزاني (قال) قال مالك يضرب سيده الحد (قلت) فإن كان أبوا العبد قد ماتا ولا
وارث لهما أو لهما وارث فقام هذا العبد على مولاه بحد أبويه أيكون ذلك له ويقيم
الحد على سيده أم لا في قول مالك (قال) نعم يكون للعبد ذلك ويقام على سيده الحد
(قلت) أرأيت أن قال لعبده لست لأبيك وأبواه حران مسلمان (قال) يضرب
الحد (قلت) أرأيت أن قال لعبده لست لأبيك وأبوه مسلم وأمه كافرة أو أمه نصرانية
أتضربه الحد أم لا (قال) سألت مالكا عنها فأبى ان يجبني فيه بشئ وارى ان يضرب
الحد لأنه إذا قال ذلك للعبد فقد حمل أباه على غير أمه فقد صار قاذفا لأبيه
(فيمن قال للميت ليس فلان أباه)
(قلت) أرأيت الرجل يقول لرجل ميت ليس فلأن لأبيه وأبو الميت حي فقام

226
الأب بالحد وقال قطع نسب ولدي مني أيكون له ذلك أم لا (قال) نعم عليه الحد
(قلت) أرأيت لو أن رجلا قال لرجل على وجه السباب والغضب أنت ابن فلان
نسبه إلى غير أبيه أيضرب الحد في قول مالك (قال) نعم يضرب الحد (قلت)
فان قال ذلك له على غير وجه الغضب ولا على وجه السباب أيضرب الحد في قول
مالك (قال) نعم يضرب الحد إلا أن يكون استخبره.
(فيمن نسب رجلا من العرب أو من الموالي إلى غير قومه)
(قلت) أرأيت الرجل يقول للرجل من العرب يا نبطي أيضرب الحد في قول
مالك (قال) قال نعم يضرب الحد (قلت) فان قال ذلك لرجل من الموالي يا نبطي
(قال) يستحلف عند مالك بالله الذي لا إله إلا هو ما أراد نفيه من آبائه ولا قطع نسبه
فإذا حلف نكل فان أبى ان يحلف لم يكن عليه حد ونكل بالعقوبة (قلت) أرأيت أن
قال لرجل من العرب يا حبشي أو يا فارسي أو يا رومي أو يا بربري أيضرب الحد في
قول مالك (قال) نعم (قلت) فلو قال لرجل من الموالي يا فارسي وهو رومي
أو قال لبربري يا حبشي أو يا فارسي أو قال لفارسي يا رومي أو يا حبشي أو نحو هذا فإنه
لا حد على قائل هذا. وقد اختلف عن مالك في الذي يقول لبربري أو لرومي
يا حبشي ان عليه الحد أو لا حد عليه وارى أن لا حد عليه إلا أن يقول له يا ابن
الأسود فإن لم يكن من آبائه اسود ضرب الحد فاما ان ينسبه إلى حبشي فيقول
يا ابن الحبشي وهو بربري فالحبشي والرومي والفارسي في هذا سواء إذا كان بربريا
وهو أحسن ما سمعت من قول مالك وثبت عندي إلا أن يقول له يا ابن الأسود
فيكون قذفا بينا إذا لم يكن أحد من آبائه اسود (قلت) أرأيت أن قال لرجل من
العرب يا فارسي أو قال لرجل من مضر يا يماني أو قال لرجل من اليمن يا مضري (قال)
أرى هذا كله قطعا للنسب وارى فيه الحد كما قال مالك في قطع الأنساب لان العرب
إنما تنسب إلى الاباء فمن نسبها إلى غير ابائها فقد أزال النسب فعليه الحد وكذلك
لو قال لرجل من قيس يا كلبي أو لرجل من كلب يا تميمي فقد أزال النسب فعليه الحد

227
(قلت) فان قال لرجل من قريس يا عربي أو لرجل من كلبي يا قيسي (قال) لا
يضرب الحد لا العرب مضرها وتميمها وقريش معها يجمعها هذا الاسم وقد قال الله
جل ثناؤه بلسان عربي مبين وقال وما أرسلنا من رسول الا بلسان قومه فسمى قريشا
هاهنا عربا (قلت) فان قال لرجل من العرب لست من العرب أليس يجلد في قول مالك
(قال) نعم (قلت) أرأيت أن قال لرجل من الموالي لست من الموالي أيحد (قال)
ما سمعت من مالك فيه شيئا وارى عليه الحد إن كان له أب معتق بمنزلة ما لو قال
لرجل من موالي بني فلان لست من موالي بني فلان (قلت) أرأيت لو قال لرجل
معتق ليس مولاك فلان (قال) ليس عليه شئ في رأيي (قلت) فإن كان له أب
وإنما أعتق فلان جده فقال له لست من موالي فلان أترى هذا قطع نسبه أم لا في
قول مالك (قال) قال مالك عليه الحد (قلت) فإذا قال للمعتق ذلك إذا لم يكن له
أب فقال له لست من موالي فلان (قال) هذا ليس له أب يقطع نسبه فلا أرى عليه
الحد (قال) ولم اسمع هذا من مالك (قال سحنون) نرى عليه الحد لأنه نفاه
(في الرجل يقذف ولده أو ولد ولده)
(قلت) أرأيت الرجل يقذف ولده أو ولد ولده بالزنا من قبل الرجال أو النساء أتحده
لهم في قول مالك (قال) اما ابنه فان مالكا كان يستثقل ان يحده فيه ويقول ليس
ذلك من البر (قال ابن القاسم) وان أقام على حقه فان ذلك له وعفوه عنه جائز
عند الامام واما ولد ولد فاني لم اسمعه من مالك ولكني أرى أن يكون مثل ولده
(قلت) أرأيت الأب أيقتقص منه لولده أو لولد ولده في قول مالك (قال) سئل
مالك عن الرجل يقتل ابنه أيقتل به (قال) اما ما كان من العمد الذي يكون فيه
القصاص من غير الأب الذي يكون بين الناس مثل ان يضرب الرجل الرجل
بالعصا أو يرميه بالحجر أو يحذفه بالسيف أو بالسكين فيموت منه فيكون على الأجنبي
القصاص فانى لا أرى ان يعتق من الأب في شئ من هذا الا ان يعمد الأب لقتل
ابنه مثل ان يضجعه فيذبحه ذبحا أو يشق جوفه فهذا وما أشبهه مما يعلم الناس انه إنما

228
أراد القتل بعينه عامدا له فهذا يقتل بابنه إذا كان هكذا واما ما كان من غير هذا مما
وصفت لك مما لو فعله غير الأب به كان فيه القصاص أو القتل فان ذلك موضوع
عن الأب وعليه فيه الدية مغلظة وارى الجرح بمنزلة القتل ما كان من رمية أو ضربة فلا
قصاص على الأب فيه ويغلظ عليه فيه الدية مثل النفس وما كان مما يتعمد مثل ان
يضجعه فيدخل إصبعه في عينه أو يأخذ سكينا فيقطع اذنه أو يده فأرى ان يقتص
منه وكذلك قال مالك في النفس فأرى الجد في ولد ولده بمنزلة الوالد في ولده
وكذلك بلغني عن مالك في الجد وهو رأيي (قلت) أرأيت إذا قال لابنه يا ابن
الزانية فقام بحد أمه أيحد له الأب في قول مالك أم لا (قال) نعم يحد له لان الحد هاهنا
ليس له إنما الحد لامه وإنما قام هو بحد هو لامه (قال ابن القاسم) وهذا إذا
كانت الأم ميتة فاما إذا كانت حية فليس للوالد ان يقوم بذلك الا ان توكله
(قال) ولقد سمعت مالكا وسأله قوم عن امرأة كانت لرجل ففارقها ولها منه ولد
فتزوجت رجلا فولدت له أولادا فكان بينه وبين ولده منها كلام فقال أشهدكم بأنهم
ليسوا بولدي فقام اخوتهم لأمهم بنو المرأة من غيره فقالوا نأخذك بحد أمنا لأنك
قذفتها وقامت الأم بذلك (قال مالك) أرى ان يحلف بالله الذي لا إله إلا هو ما أراد
قذفا وما قال لهم ذلك الا كما يقول الرجل لولده لو كنتم ولدي لأطعتموني وما أشبه
هذا مما يقوله الرجل لولده فان حلف سقط عنه الحد (قال ابن القاسم) وارى إن لم
يحلف جلد الحد (قلت) أرأيت أن قذفت المرأة وهي ميتة أو غائبة فقام بحدها ولد
أو ولد ولد أو أخ أو أخت أو ابن أخ أوجد أو عم أو أب أيمكن هؤلاء من ذلك
(قال) اما في الموت فنعم واما في الغيبة فلا
(في الرجل يقذف الرجل عند القاضي)
(قلت) أرأيت الرجل يقذف الرجل بين يد القاضي وليس له عليه شاهد الا
القاضي أيحده القاضي أم لا في قول مالك (قال) قال مالك لا يقيم الحدود القاضي إذا
لم يكن شاهد غيره وإذا كان معه شاهد آخر أيضا لم يقم الحد هو ولكن يرفع ذلك

229
إلى من هو فوقه فيقيم الحد (قلت) أرأيت القاضي إذا نظر إلى رجل اغتصب
من رجل مالا ولم يره غير أيحكم له عليه أم لا في قول مالك (قال) لا أرى ان
يحكم به وإنما هو شاهد فليرفع ذلك إلى من هو فوقه ولم اسمع من مالك فيه شيئا الا
ان مالكا سئل عما يختصم الناس فيه فيما بينهم عند القضاة ثم يقر بعضهم للبعض ثم يجحدون
ولا بحضر ذلك أحد الا القاضي أترى ان يقضي بما أقروا به ويمضي ذلك عليهم (قال)
لان ما أقر به مما يعلمه غيره بمنزلة ما اطلع عليه من حدود الناس فلا يجوز له في اقرار
بحق ولا في حد يشهد عليه وحده الا بشهود غيره أو بشاهد يكون معه فيرفعه إلى
من هو فوقه وذلك أن ناسا ذكروا عن أهل العراق انهم فرقوا بين الحدود
والاقرار فقالوا ينفذ الاقرار في ولايته ولا ينفذ فيما أقروا به عنده قبل أن يلي أو
يشهد عليه أحد فسئل مالك عنه فلم ير ذلك الا واحدا كله.
(في الرجل يقول للرجل يا ابن الزانيين أو ينفي الولد من أمه)
(قلت) أرأيت الرجل يقول للرجل يا ابن الزانيين كم يضرب أحدا أم حدين في قول
مالك (قال) حدا واحدا في قول مالك (قلت) أرأيت أن قال لست لفلانة لامه أيكون
عليه الحد أم لا في قول مالك (قال) قال مالك لا حد عليه (قلت) أرأيت إذا قال الرجل
لامرأته في ولدها منه لم تلدي هذا الولد مني وقالت المرأة بل قد ولدته منك (قال) أرى
إن كان أقربه قبل ذلك كان ولده ولم يكن له ان يلاعن منه وليس بقاذف لان مالكا
قال إذا قال الرجل للرجل لست لامك لم يكن عليه شئ (قلت) ترى أنه قد قطع
نسب ابنه هذا حين قال لست لامك (قال) لا ليس فيه قذف ولا قطع نسب ولو كان
هذا يكون فينسب ابنه قاطعا لنسب ابنه كان من قال لرجل أجنبي لست لامك
قاطعا لنسبه من أبيه فلما كان في الأجنبي لا يكون قاطعا لنسبه من أبيه ولا قاذفا لامه إذا
قال لست لامك فكذلك الأب في ولده (قلت) أرأيت إن لم يقر به قط ولم يعلم
بالحمل فلما ولدته قال ليس هذا ولدك أو لم تلديه وقالت المرأة الولد ولدي ولدته على
فراشك (قال) الولد ولده الا ان ينتفي منه لان من أقر بالوطئ في قول مالك فالولد

230
ولده فان نفاه التعن فإن نكل عن اللعان كان الولد ولده ولم يجلد الحد وكان بمنزلة
ما وصفت لك في الذي يقول لرجل لست لامك (قلت) أرأيت لو أن رجلا وطئ
أمته وأقر بوطئها ثم إنها جاءت بولد فقال لها السيد لم تلديه وليس هذا الولد ولدك وقالت
الأمة بلى قد ولدته منك وهو من وطئك إياي وأنت مقر لي بالوطئ (قال) قال مالك من
أقر بوطئ أمته فجاءت بولد فالولد لازم للسيد ولا يستطيع ان ينفيه الا ان يدعى الاستبراء
قبل الحمل فإنما إذا قال لم تلديه ولم يدع الاستبراء ليلتفت إلى قوله لان الجارية مصدقة
في الولادة حين أقر السيد بالوطئ لان ولده في بطنها فلما قالت هو هذا قد ولدته كان
ولده لان من أقر بالوطئ فالولد ولده والقول قول المرأة في الولادة الا ان يدعي الاستبراء
قبل الحمل (قلت) أرأيت لو أن امرأة نظرت إلى رجل فقالت هذا ابني ومثله يولد
لمثلها فقال صدقت هي أمي أتثبت نسبه منها في قول مالك أم لا (قلت) لم اسمع من مالك
فيه شيئا الا اني لا أرى ان يثبت نسبه لأنه ليس ها هنا أب يلحق به وهذا خلاف
مسألتك الأولى لان المسألة الأولى هناك أب يلحق به ووطئ يثبت فيه النسب وليس
هاهنا أب وإنما على ولدا لغير أب فلا تصدق ولا يثبت نسبه منها
(فيمن قال لرجل يا ابن الأقطع أو يا ابن الأسود)
(قلت) أرأيت لوان رجلا قال لرجل يا ابن الأقطع ووالده ليس بأقطع أتحده أم لا في
قول مالك (قال) بلغني ان مالكا قال إن لم يكن في آبائه اقطع ضرب الحد وإن كان
في ابائه اقطع فلا شئ عليه (قلت) أرأيت أن قال له يا ابن الحجام أو يا ابن الخياط
(قال) قال مالك إن كان من العرب ضرب الحد إلا أن يكون من ابائه أحد عمل ذلك
العمل (قال مالك) فإن كان من الموالي رأيت أن يحلف بالله الذي لا إله إلا هو ما
أرد به قطع نسبه ولا حد عليه وعليه التعزير (قلت) لم فرق في هذا بين العرب
والموالي (قال) لأنها من اعمال الموالي (قلت) فان قال له يا بن الأسود (قال)
يضرب الحد عند مالك عربيا كان أو مولى إلا أن يكون في آبائه اسود (قلت)
أرأيت أن قال له يا ابن المقعد أو يا ابن الأعمى (قال) هذا وقوله يا ابن الأقطع سواء

231
(قال ابن القاسم) وسمعت مالكا وسئل عن رجل قال لرجل يا ابن المطوق يعني
الراية التي تجعل في الأعناق (قال مالك) ممن هو قالوا من الموالي فلم ير عليه الحد وكأني
رايته ذلك اليوم يرى أن لو كان من العرب لضربه الحد ولكنه لما قيل له انه من
الموالي قال لا حد عليه وسكت عن العرب (قلت) أرأيت أن قال له يا ابن
الأحمر أو يا ابن الأزرق أو يا ابن الأصهب أو يا ابن الآدم وليس أبوه كذلك (قال)
لم اسمع هذا من مالك الا انه إن لم يكن في آبائه أحد كذلك ضرب الحد
(فيمن قال لرجل ابيض يا اسود أو يا أعور وهو صحيح)
(قلت) أرأيت رجلا نظر إلى رجل ابيض فقال يا حبشي فقال أنت كان من العرب
ضرب الحد عند مالك لان الحبشة جنس (قلت) فإن كان من الموالي (قال)
بلغني ان مالكا قال في الموالي كلهم من قال لبربري يا فارسي أو يا رومي أو يا قبطي أو
دعاه بغير جنسه من البيض كلهم فلا حد عليه فيه أو قال له يا بربري وهو حبشي فلا
حد عليه وهو قول مالك وقد أخبرتك قبل هذا بالاختلاف عن مالك في الحبشي أو قال
لبربري يا حبشي لم يكن عليه شئ في رأيي (قلت) أرأيت أن قال رجل لرجل يا أعور
وهو صحيح أو يا مقعد وهو صحيح على وجه المشاتمة (قال) لا يكون عليه في شئ من
هذا الا الأدب لان مالكا قال من آذى مسلما أدب (قلت) أرأيت الرجل يقول
للعربي يا مولى أيحد أم لا في قول مالك (قال) نعم (قلت) أرأيت الرجل يقول
للعربي يا عبد أيحد في قول مالك (قال) نعم (قلت) فان قال لمولى يا عبد أيجلد
الحد أم لا في قول مالك (قال) لا احفظه الا ان رأيي أن لا حد عليه (قلت) أرأيت
الرجل يقول للرجل يا أبي أو يا بتي (قال) لا شئ عليه
(فيمن قال لرجل يا يهودي أو يا مجوسي أو يا نصراني)
(قلت) أرأيت الرجل يقول لرجل يا يهودي أو يا نصراني أو يا مجوسي أو يا عابد
وثن (قال) لا احفظه عن مالك وهذا أولى من ينكل وقد قال مالك فيما هو أدنى من

232
هذا النكال (قلت) أرأيت رجلا قال لرجل يا ابن اليهودي أو يا ابن النصراني أو
يا ابن المجوسي أو يا بن عابد وثن (قال) أرى فيه الحد إلا أن يكون كان أحد من ابائه
على ما قيل له فإن كان أحد من ابائه كذلك نكل (قلت) أرأيت الرجل يقول للرجل
يا حمار أو يا ابن الحمار (قال) لا شئ عليه في هذا عند مالك الا النكال (قلت) له فهل
كان مالك يحد لكم في هذا النكال كم هو (قال) لا
(فيمن قال جامعت فلانة في دبرها أو بين فخذيها)
(قلت) أرأيت أن قال لرجل جامعت فلانة بين فخذيها أو في أعكانها (قال) أخاف
أن يكون هذا من وجه التعريض الذي يضرب فيه حد الفرية كاملا وإنما أراد أن
يستتر بفخذيها أو بأعكانها ولم اسمع من مالك في هذا بعينه هذا شيئا الا ان مالكا
قال لا حد عندنا الا في نفي أو قذف أو تعريض يرى أن صاحبه أراد به قذفا فلا
تعريض أشد من هذا (قال ابن القاسم) وارى فيه الحد (وقال غيره) لا حد فيه
لأنه قد صرح بما رماه به وقد ترك عمر زيادا الذي قال رايته بين فخذيها (قلت)
أرأيت أن قال فعلت بفلانة في دبرها فقامت فطلبت حدها (قال) ذلك لها (قلت)
فان ثبت هذا على اقراره حددته حد الزاني (قال) نعم (قلت) وهذا قول مالك
(قال) نعم
(فيمن قذف فارتد عن الاسلام)
(قلت) أرأيت أن قذفت رجلا فارتد المقذوف ثم رجع إلى الاسلام فطلبني بالحد
أيضربني له أم لا (قال) لا حد له على قاذفه (قال ابن القاسم) فان قذف ثم ارتد أو
قذف وهو مرتد أقيم عليه الحد في حال ارتداده وان تاب أقيم عليه الحد أيضا وان
قذفه أحد وهو مرتد ثم تاب فلا حد عليه وان قذفه أحد قبل أن يرتد ثم ارتد فلا حد
له على من قذفه وان تاب وإنما هو بمنزلة رجل قذفه بالزنا ولم يؤخذ له بحده حتى
زنى فلا حد على من قذفه

233
(قلت أرأيت من قذف ملاعنة ومعها ولد وإنما التعنت بغير ولد أيحد قاذفها في
قول مالك (قال) نعم إذا قذف ملاعنة التعنت بولد أو بغير ولد أو كان معها ولد أولم
يكن ضرب الحد (قلت) أرأيت أن قال لولد الملاعنة لست لأبيك أيحد القائل
له هذا (قال) فان قال له ذلك في مشاتمة ضرب الحد وإن كان إنما يخبر خبرا فلا حد
عليه (قلت) وهذا قول مالك (قال) كذلك قال مالك في المشاتمة مثل ما أخبرتك
(قلت) أرأيت الرجل يستعير الجارية أو يستودعها أو يرهنها فيطؤها أتحده أم لا
(قال) قال مالك من ارتهن جارية فوطئها انه يقام عليه الحد فما سألت عنه بهذه المنزلة
(تم كتاب الحدود في الزنا والقذف بحمد الله وعونه)
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وآله وصحبه وسلم)
(ويليه كتاب الرجم)

234
بسم الله الرحمن الرحيم
(الحمد لله وحده)
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
(كتاب الرجم)
(في كشف الشهود عن الشهادة في الزنا)
(قال سحنون) قلت لابن القاسم أرأيت أربعة شهدوا على رجل بالزنا أينبغي للقاضي
ان يسألهم هل زنى بامرأة أم لا في قول مالك (قال) قد أخبرتك بما قال مالك في
ذلك ولم اسمعه يذكر المرأة إلا أنه قال يكشفهم عن شهادته فان رأى في شهادتهم
ما يبطل به الشهادة أبطلها (قلت) أرأيت أربعة شهدوا عليه بالزنا وهم أربعة عدول
والقاضي لا يعرف أبكر هو أم ثيب أيقبل قوله إنه بكر ويجلده مائة جلدة (قال) نعم
(قلت) أتحفظه عن مالك (قال) لا احفظه عن مالك ولكنه رأيي لان رسول الله
صلى الله عليه وسلم سأل الذي أقر أبكر أنت أم ثيب
(في الشهادة على الاحصان)
(قلت) فان قام عليه شاهدان بالاحصان رجمته في قول مالك (قال) نعم (قلت)
فهل تجوز شهادة النساء مع رجل في الاحصان في قول مالك (قال) لا تجوز لان
شهادتهن في النكاح لا تجوز

235
(في الرجل يزني وقد كان تزوج امرأة ودخل بها فأنكر مجامعتها)
(واحصان الصغيرة والمجنونة والذميين)
(قلت) أرأيت أن تزوج امرأة وتقادم مكثه معها بعد الدخول لها فشهدوا بالزنا
عليه فقال الرجل ما جامعتها منذ دخلت عليها (قال) لم اسمع من مالك فيه شيئا لا
ان مالكا قال لي في شئ كلمته فيه أنه يقال ادرؤا الحدود بالشبهات فهذا إذا لم يعلم أن
ه قد جامعها بولد ظهر أو باقرار أو بأمر سمع من الزوج من الاقرار بالوطئ فلا أرى
ان يقام عليه الرجم وإن كان قد سمع ذلك منه قبل ذلك أنه مقر بوطئها رأيت أن يقام
عليه الحد (قلت) أرأيت أن تزوج جارية لم تبلغ المحيض فجامعها ثم زنى أترجمه
في قول مالك (قال) قال مالك يحصنه ولا يحصنها (قلت) فالمجنونة تحصنه إذا
جامعها في قول مالك (قال) نعم في رأيي لأنها زوجة والزوج لا يحصنها إذا كانت ممن
لا تفيق (قلت) أرأيت الذميين إذا أسلما وهما زوجان ثم زنيا بعد الاسلام قبل أن
يطأها أيرجمان في قول مالك أم لا (قال) لا يرجمان في قول مالك حتى يطأ بعد الاسلام
(في الذي تجمع عليه الحدود ونفي الزاني)
(قلت) هل يجتمع الجلد والرجم في الزنا على الثيب في قول مالك (قال) لا يجتمع
عليه والثيب حده الرجم بغير جلد والبكر حده الجلد بغير رجم بذلك مضت السنة
(قلت) أرأيت جلد حد الزنا في البكر وجلد حد شرب الخمر وجلد حد الفرية أين
يضرب في قول مالك على الظهر وحده أم على جميع الأعضاء (قال) بل على الظهر
ولا يعرف مالك الأعضاء (قلت) أرأيت البكرين إذا زنيا هل ينفيان جميعا الجارية
والفتى في قول مالك أم لا نفي على النساء في قول مالك وهل يفرق بينهما في النفي
ينفي هذا إلى موضع وهذا إلى موضع آخر وهل يسجنان في الموضع الذي ينفيان
إليه في قول مالك أم لا (قال) قال مالك لا نفي على النساء ولا على العبيد ولا تغريب
(قلت) فهل يسجن الفتى في الموضع الذي ينفى إليه في قول مالك (قال) نعم

236
يسجن ولولا أنه يسجن لذهب في البلاد (قال) وقال مالك لا ينفي الا زان أو
محارب ويسجنان جميعا في الموضع الذي ينفيان إليه يحبس الزاني سنة والمحارب
حتى تعرف له توبة.
(فيما لا يحصن من النكاح وما يحصن)
(قلت) أرأيت النكاح الذي لا يقر على حال هل يكون الزوجان به محصنين في
قول مالك أم لا (قال) كل نكاح حرام لا يقر على حال أو نكاح يكون للولي ان
يفسخه أو وطئ لا يحل وإن كان في نكاح حلال يقر عليه مثل وطئ الحائض
والمعتكفة والمحرمة فهذا كله سمعت مالكا يقول في بعضه وبلغني عنه في بعضه انهما
لا يكونان به حصنين الا بنكاح ليس لأحد فسخه أو اثباته ووطئ بوجه ما يحل
إلى أحد ويجوز (قلت) أرأيت أن تزوج أمة بغير إذن سيدها ودخل بها فوطئها
ثم زنى أيكون هذا النكاح محصنا أم لا (قال) ما سمعت من مالك في هذا شيئا وقد
بلغني من قوله إنه لا يكون محصنا (قلت) أرأيت المرأة الحرة أيحصنها العبد في
قول مالك (قال) نعم إذا كانت مسلمة (قلت) وكذلك المجنون الذي يجامع
(قال) نعم في رأيي.
(في الرجوع عن الشهادة في الزنا بعد الرجم)
(قلت) أرأيت أن شهدوا على رحل بالزنا فرجمه الامام ثم رجعوا عن شهادته
(قال) لم اسمع من مالك في هذا شيئا وارى ان يحدوا ويضمنوا ديته في أموالهم
(في القذف وما تقادم فيه)
(ق لت) أرأيت لو أن رجلا قذف رجلا فخاصمه إلى القاضي في القذف فأراد أن
يوقع عليه البينة بالقذف فمات المقذوف قبل أن يوقع البينة أيكون لورثته ان يقوموا
بالحد عليه ويوقعوا البينة في قول مالك أم لا (قال) نعم ذلك لهم فإذا قاموا فاثبتوا
القذف أقيم لهم الحد عليه (قلت) فان قذف رجل رجلا فلم يقم عليه بالحد ولم يسمعوا

237
منه العفو فتركه سنة أو قل أو أكثر ثم مات المقذوف فقام ورثته يطلبون قذفه
أيكون لهم ذلك أم لا في قول مالك (قال) لم اسمع من مالك فيه شيئا وارى ما لم
يتطاول ذلك ويرى ان صاحبه قد تركه فأرى ذلك لورثته واما إذا تطاول ذلك حتى
يرى أنه كان تاركا له فلا أرى لورثته شيئا ولا يشبه قيام الورثة بذلك قيام المقذوف
بعد طول الزمان لان المقذوف بعد طول الزمان يحلف بالله ما كان تاركا لذلك وما كان
وقوفه الا على أن يقوم بحقه ان بدا له فأرى ان تطاول ذلك من امره حتى يموت
لم أر لورثته فيه دعوى ولا يؤخذ له به الا ما كان قريبا مما يتبين من المقذوف ترك
لذلك فهذا الذي أرى أن يكون لورثته بعد موته (قال) ولقد سمعت مالكا وسأله قوم
وانا عنده قاعد عن رجل قتل وله أم وعصبة فماتت الأم فقال مالك أرى ان ورثة
الأم ان أحبوا ان يقتلوا قتلوا ولم يكن للعصبة ان يعفوا دون أمرهم كما لو كانت الأم
باقية فجعلهم مالك في ذلك مكانها بعد موتها
(في قاذف المحدود ومن زنى بعض جداته)
(قلت) أرأيت من افترى على رجل مرجوم في الزنا أو مجلود في الزنا أيحد حد
الفرية أم لا في قول مالك (قال) قال مالك لا حد عليه (قال) وقال مالك في رجل
قذف رجلا فقال له يا ابن الزانية وفي أمهاته من جداته من قبل أمه امرأة قد زنت
فقال إنما أردت جدتك لامك تلك التي زنت (قال مالك) إذا كان امرا معروفا
احلف انه ما أراد غيرها ولا حد عليه وعليه العقوبة (قلت) فهل ينكل في قذفه
هؤلاء الزناة في قول مالك (قال) إذا آذى مسلما نكل
(في الشهود على الزنا يرجعون أو بعضهم)
(أو يكون بعضهم مسخوطا أو عبدا)
(قلت) أرأيت لو أن أربعة شهدوا على رجل بالزنا فرجع واحد منهم قبل أن يقيم
الامام الحد أيجلده الحد ويجلد الثلاثة معه في قول مالك أم لا يجلد الا الراجع وحده

238
(قال) نعم يجلد الراجع والثالثة يجلدون كلهم حد الفرية (قلت) أرأيت أن رجع
أحدهم بعد إقامة الحد (قال) قد أخبرتك اني لم اسمعه من مالك (قال ابن القاسم)
وانا أرى ان يجلد الراجع وحده ولا يجلد الذين بقوا الثلاثة (قلت) أرأيت أن شهد
أربعة على الزنا فإذا أحدهم مسخوطا أو عبدا أيحدهم القاضي كلهم (قال) قال لي مالك
نعم يحدهم كلهم حد الفرية (قلت) أرأيت أن شهد عليه أربعة بالزنا أحدهم مسخوط
أو عبد فلم يعلم الامام بذلك حتى أقام على المشهود عليه الحد رجما أو جلدا ثم علم بعد ذلك
(قال) أرى ان يحد هؤلاء الشهود كلهم إذا كان أحدهم عبدا وإذا كان أحدهم
مسخوطا لم يجلد أحد من الشهود والمسخوط في هذا مخالف للعبد لأنه حر وقد
اجتهد الامام في تعديله وتزكيته فلا أرى عليه ولا عليهم حدا ولا يشبه العبد هؤلاء
الذين رجع واحد منهم بعد إقامة الحد وقد كانوا عدولا لان الشهادة أولا قد ثبتت
بعدالة وان الذين كان فيهم العبد لم تثبت لهم شهادة إنما كان ذلك خطأ من السلطان
(قلت) أفيكون لهذا المرجوم على الامام دية أم لا (قال) إن كان الشهود علموا
بذلك رأيت الدية عليهم وإن لم يعلموا رأيت ذلك من خطأ السلطان ورايته على
عاقلته ولا يكون على العبد في الوجهين شئ ء
(في شهادة الأعمى وخطأ الامام في الحدود)
(قلت) أرأيت الأعمى هل تجوز شهادته على الزنا في قول مالك (قال) لا تجوز
الشهادة عند مالك في الزنا الا على الرؤية (قلت) أفيجلد هذا الأعمى (قال) نعم
(قلت) أرأيت ما أخطأ به الامام من حد هو الله أيكون في بيت المال أم على الامام
في ماله أم يكون ذلك هدرا (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا بلغني فيه شئ
وارى ذلك من الخطأ وتحمل العاقلة من ذلك الثلث فصاعدا وما كان دون الثلث ففي
مال الإمام خاصة (قلت) أرأيت لو أن رجلين شهدا على رجل بمال لرجل فحكم القاضي
بشهادتهم ثم تبين ان أحد الشاهدين عبد أو ممن لا تجوز شهادته أيرد القاضي ذلك المال
إلى المحكوم عليه في قول مالك (قال) أرى ان يحلف مع شهادة الباقي ويترك له المال

239
قال فان نكل حلف الاخر ما عليه شئ ويرد المال عليه وقد بلغني عنه ما يشبهه
(قلت) أرأيت أن كانوا شهدوا عليه بقطع يد رجل عمدا فقضى القاضي بشهادتهم
فقطع يد المشهود عليه ثم تبين له ان أحد الشاهدين عبد أو ممن لا تجوز شهادته
أيكون لهذا الذي اقتص منه على هذا الذي اقتص له شئ أم لا (قال) لم اسمع
من مالك فيه شيئا ولا أرى عليه فيه شيئا (قلت) أفيكون له على الذي اقتص له
دية يده دية مثل ما قلت في المال (قال) لا وارى هذا من خطأ الامام (قلت)
أرأيت أربعة شهدوا على رجل بالزنا فرجمه الامام ثم أصابوه مجبوبا أيحد الامام
الشهود أم لا في قول مالك (قال) بلغني عن مالك أنه قال من قال لمجبوب يا زإن لم
يحد لأنه ليس عنده متاع الزنا فهؤلاء الشهود الذين ذكرت لا حد عليهم (قلت)
فما تصنع في رجمه وديته (قال) أرى عليهم العقل في أموالهم مع الأدب الموجع
والسجن الطويل ولا يقصر في عقوبتهم
(في تزكية الشهود وقد غابوا أو ماتوا)
(قلت) أرأيت الشهود إذا شهدوا على الزنا فماتوا أو غالوا أو عموا أو خرسوا ثم
زكوا بعد ذلك أتقيم الحد على المشهود عليه في قول مالك وهل هذا في حقوق الناس
أيضا بهذه المنزلة (قال) لم اسمع من مالك يحد لنا في هذا الحد وارى ان يقيم الحد
إذا زكوا وهذا إذا استأصل الشهادة لان مالكا قال ينبغي للامام ان يكشفهم عن
الشهادة لعل فيها ما يدرأ به عن المشهود عليه الحد (قال) وقد قال مالك في الغائب في
الفرية والحدود ان الشهادة على شهادة هذا الغائب جائزة فلما جوز الشهادة على
الشهادة في الحدود علمنا أن شهادة هؤلاء الذين ذكرت أولا جائزة إذا زكوا بعد
ما ذكرت لك من استقصاء الشهادة (قال) وما علمت أن مالكا فرق بين الحدود
وبين الحقوق فهذا يدلك على ذلك أن الشهادة فيه على الشهادة جائرة إذا خرسوا
أو عموا أو غابوا

240
(في هيئة الرجم والصلاة على المرجوم والحفر للمرجوم)
(قلت) فهل ذكر لكم مالك ان الامام يبدأ فيرحم ثم الناس إذا كان اقرار أو حبل
فإذا كانت البينة فالشهود ثم الامام ثم الناس (قال) لم يكن مالك يعرف هذا وقال مالك
يأمر الامام برجمه وإنما الرجم حد مثل القتل والقطع يأمر الامام بذلك (قلت)
فهل يحفر للمرجوم في قول مالك (قال) سئل مالك فقال ما سمعت عن أحد ممن مضى
يحد فيه حدا انه يحفر له أو لا يحفر له أو لا يحفر له الا ان الذي أرى انه لا يحفر له (قال)
وقال مالك ومما يدلك على ذلك الحديث قال فرأيت الرجل يحني على المرأة يقيها
الحجارة فلو كان في حفرة ما حنى عليها ولا أطاق ذلك (قلت) فهل يربط المرجوم
في قول مالك (قال) لم اسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى ان يربط (قلت) فهل
يحفر للمرجومة في قول مالك أم لا (قال) لم اسمع من مالك فيه شيئا وما هي
والرجل الا سواء (قلت) لابن القاسم هل يصلى على المرجوم ويغسل ويكفن
ويدفن (قال) قال مالك نعم الا ان الامام لا يصلى عليه (قال) وقال مالك وسمعت
ربيعة بن أبي عبد الرحمن يقول في المقتول في القود لا يصلى عليه الامام ويصلى عليه
أهل بيته والناس.
(في المرأة تقر بوطئ رجل زنا ويقول الرجل تزوجتها)
(قلت) لابن القاسم أرأيت لو أن امرأة أقرت على نفسها بالزنا انها زنت بهذا
الرجل وقال الرجل تزوجتها ولا بينة بينهما وأقر بوطئها (قال) قال مالك وسئل عن
رجل وامرأة وجدا في بيت واحد فزعم أنه تزوجها ويقران بالوطئ (قال) قال مالك
إن لم يأتيا ببينة أقيم عليهما الحد فأرى مسألتك مثل هذا
(في الزاني بالصبي والصبية والمجنون)
(قلت) أرأيت الذي يزني بالصبية التي يجامع مثلها أو المجنونة أيقام عليه الحد في
قول مالك (قال) نعم (قال) وقال مالك في الصبية إذا كان مثلها يجامع أقيم الحد على من

241
زنى بها (قال) ولم اسمع منه في المجنونة شيئا والمجنونة عندي مثل الصبي وأشد
(قلت) أرأيت امرأة زنت بصبي مثله يجامع الا انه لم يحتلم (قال) قال مالك ليس
هو زنا (قلت) أرأيت المرأة تزني بالمجنون أيقام عليها الحد في قول مالك (قال)
نعم في رأيي (قلت) أفيحد قاذف المجنون في قول مالك (قال) نعم
(في المسلم يزني بالذمية)
(قلت) أرأيت المسلم يزني بالذمية (قال) قال مالك يحد الرجل وترد المرأة إلى أهل
دينها (قلت) أرأيت أن أراد أهل دينها ان يرجموها أيمنعهم مالك من ذلك (قال) لم
أسمع من مالك فيه شيئا الا ان مالكا قال يردون إلى أهل دينهم فأرى انهم يحكمون
عليها بحكم دينهم ولا يمنعون لان ذلك من الوفاء لهم بذمتهم عند مالك.
(في الرجل يغتصب امرأة أو يزني بمجنونة أو نائمة)
قلت) أرأيت لو أن رجلا غصب امرأة أو زنى بصبية مثلها يجامع أو زنى بمجنونة
أو أتى نائمة أيكون عليه الحد والصداق جميعا في قول ملك (قال) قال مالك في
الغصب ان الحد والصداق يجمعان جميعا على الرجل وارى المجنونة التي لا تعقل والنائمة
بمنزلة المغتصبة (وقد قال) مثل قول مالك في الحد والغرم علي بن أبي طالب وابن
مسعود وسليمان بن يسار وربيعة وعطاء وقال عطاء إن كان عبدا ففي رقبته (وقال
ربيعة) في النائمة ان على من أصابها الحد
(في الرجل يرتهن الجارية فيطؤها ويدعى الجهالة)
(قلت) أرأيت الرجل يرتهن الجارية فيطؤها ويقول ظننت أنها تحل لي (قال)
قال مالك من وطئ جارية هي عنده رهن انه يقام عليه الحد (قال ابن القاسم) ولا يعذر
في هذا أحد ادعى الجهالة (قال) وقال مالك في حديث التي قالت زنيت بمرعوش
بدرهمين انه لا يؤخذ به (وقال مالك) أرى ان يقام الحد ولا يعذر العجم بالجهالة

242
(في هيئة جلد الحد وتجريد الرجل)
(قال ابن القاسم) سئل مالك عن الجلد في الحدود هل يجلد في الأعضاء (قال)
ما سمعت ذلك (قال) وما أدركت أحدا من أهل العلم يعرفه (قال ابن القاسم) وقال
مالك لا يضرب الا في الظهر (قال) وقال مالك يجرد الرجل في الحدود في
النكال ويقعد (قال مالك) لا يقام ولا يمد وتجلد المرأة ولا تجرد وتقعد (قال) وقال
مالك وقد كان بعض الأئمة يجعل قفة تجعل فيها المرأة فرأيت مالكا يعجبه ذلك (قال)
مالك ولقد كانت ها هنا امرأة اخذت وقد جعلت على ظهرها قطيفة أو لبدا (قال)
فقلت لمالك افترى ان ينزع مثل هذا (قال) نعم (قال ابن القاسم) إنما رايته يرى أن
يترك عليها ثوبها وما لا يقيها من الثياب فاما ما يمنع الضرب منها فلا يترك
(في الرجل يشترى الحرة فيطؤها وهو عالم)
(قلت) لابن القاسم أرأيت رجلا اشترى حرة فوطئها وهو يعلم أنها حرة (قال)
فال مالك من اشترى حرة وهو يعلم أنها حرة فوطئها أقيم عليه الحد إذا أقر بوطئها
(في الشهود في الزنا يختلفون في المواضع
(قلت) أرأيت لو أن أربعة شهدوا على رجل بالزنا فشهد اثنان منهم انه زنى بها في
قرية كذا وكذا وشهد اثنان انه زنى بها في قرية كذا وكذا (قال) قال مالك إذا
شهدوا على الزنا فاختلفوا في المواضع أقيم على الشهود حد الفرية ولا يقام الحد على
المشهود عليه حد الزنا
(في الرجل يأمره الامام بإقامة حد)
(قلت) أرأيت أن دعاني امام جائر من الولاة إلى الرجم وقال إني قد قضيت عليه
بالرجم أو دعاني إلى قطع يده وقال إني قد قضيت عليه بقطع يده في سرقة أو في
حرابة دعاني إلى قطع يده أو رجله أو إلى قتله وانا لا أعلم ذلك الا بقوله (قال) لم اسمع

243
من مالك فيه شيئا وارى لهذا الذي امر ان علم أنهم قضوا بحق ان يطيعهم في ذلك
إذا علم أنهم قد كشفوا عن الشهود وعدلوا وعلم أنهم لم يجوروا فأرى ان يطيع وان
علم غير ذلك فلا يطيع (قلت) فإن كان الامام عدلا ممن يوصف بالعدل من الولاة
أترى ان يطيعه إذا امره ويقبل قوله (قال) نعم الا ترى ان عمر بن الخطاب أو عمر
ابن عبد العزيز لو قال لرجل اقطع يد هذا فانا قد قضينا عليه بالسرقة أكان يسعه
أن لا يفعل وقد عرف عدالتهما الا تريان علي بن أبي طالب قد كان يضرب الحدود
بأمر عمر بن الخطاب يأمره فيضرب ويقيمها ويأمر أبو بكر وعمر وعثمان بالرجم
فيرجم الناس ولا يكشفونهم عن البينة وإنما ذلك على الولي فإذا كان الوالي يعدل قد
عرف الناس ذلك منه مع معرفتهم بمعرفة الامام بالسنة فلا يسع الناس ان يكفوا عما
أمرهم به من إقامة الحدود والكشف في البينات على الامام دون الناس ففي هذا
ما يكتفى به من معرفتهم وإنما من عرف جوره فان اتضح لك انه حكم بحق في حد الله
في صواب مع البينة العادلة التي قامت فافعل ولا ينبغي ابطال الحدود وينبغي ان يطيعه
في ذلك الا ترى انك تجاهد معهم.
(في كشف الامام الشهود عن الشهادة في الزنا)
(قلت) أرأيت أربعة شهدوا على رجل بالزنا فقال لهم القاضي صفوا الزنا فوصفه
ثلاثة منهم وشهدوا على رؤيته وقال الرابع رايته بين فخذيها ولم يشهد على الرؤية
أيحدون كلهم أم لا في قول مالك (قال) نعم يحدون كلهم ويعاقب الذي قال رايته
بين فخذيها لأنه لم يشهد على الزنا (قلت) أرأيت أن شهد أربعة على رجل بالزنا
فقال لهم القاضي صفو الزنا فقالوا لا نزيد على هذا القول أيقبل شهادتهم (قال) قد
أخبرتك بقول مالك أنه قال يكشفهم الامام فان وجد في شهادتهم ما يدرأ به الحد
درأه (قلت) فان أبوا ان يكشفوا شهادتهم (قال) لا يقام الحد الا بعد كشف
الشهادة وذلك رأيي (قلت) فان درأ الامام الحد عن المشهود عليه هاهنا حين أبوا
ان يكشفوا شهادته (قال) لم اسمع من مالك فيه شيئا الا اني أرى انه إنما إذا درأ الحد

244
عن المشهود عليه أقيم على الشهود حد الفرية
(في الشهادة على الشهادة في الزنا)
(قلت) أرأيت أربعة شهدوا على شهادة أربعة في الزنا أتقبل شهادتهم في قول مالك
(قال) نعم (قلت) فان شهد على شهادة الأربعة رجلان أو ثلاثة (قال) لا أرى ان
تقبل شهادتهم لان الحد إنما يقام بشهادتهم فلا يقام الحد بأقل من أربعة (قلت)
فان شهدوا على شهادته وهم اثنان أو ثلاثة كما ذكرت لك أتجلدهم حد الفرية أم لا
في قول مالك (قال) نعم أحدهم حد الفرية لأنهم قذفه في رأيي (قال) وان شهد
اثنان على اثنين واثنان على اثنين رجمته ولو شهد ثلاثة على ثلاثة واثنان على واحد
رجمته لان الحد قد تم بأربعة شهود في الامرين جميعا فلا يرجم حتى تستكمل
الشهادة أربعة بأبدانهم أو شهد أربعة شهدوا على جميعهم فان تفرقوا كما وصفت لك
فال تجوز شهادة واحد على واحد ولا ثلاثة على ثلاثة حتى يشهد على الواحد اثنان
(في شهادة السماع في الزنا والحدود)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا قال لرجل سمعت فلانا يشهد انك زان أيحد في قول
مالك (قال) قال مالك وغير واحد من أهل العلم لو أن رجلا قال لرجل ان فلانا
يقول لك يا زان انه ان أقام البينة ان فلانا قال له ذلك برئ والا أقيم على هذا القائل
الحد (قال ابن القاسم) واما هذا الذي يقول سمعت فلانا يشهد انك زان فإنه
يضرب الحد عندي الا ان يقيم البينة على ما قال وذكر (قلت) والبينة الذين
شهدوا على شهادة غيرهم ان قالوا نحن نقيم البينة على أن القوم أشهدونا (قال) ان
أقاموا البينة أربعة سواهم على شهادة أربعة أشهدوهم سقط الحد عن الشهود الأولين
ويرجم المشهود عليه أو يجلد إن كان بكرا (قلت) أرأيت شهادة السماع هل يجيزها
مالك (قال) سئل مالك عن رجل سمع رجلا يقذف رجلا والمقذوف غائب أترى
ان يشهد له (قال) نعم يشهد به إذا كان معه غيره (قلت) ليس هذه الشهادة على

245
السماع إنما الشهادة على السماع الشهادة على الشهادة يمر الرجل بالرجل فيسمعه يقول
اشهد ان لفلان على فلان كذا وكذا درهما ولم يشهده ثم يحتاج إلى شهادة هذا المار
الذي سمع ما سمع ولم يكونوا أشهدوه (قال) لا أرى ان يشهد إلا أن يكون
أشهده الرجل (قلت) أتحفظه عن مالك (قال) سمعت مالكا وسئل عن الرجلين
يتنازعان في الامر فيقر بعضهم لبعض بشئ فيمر رجل بهما فيسمعهما يتكلمان في
ذلك ولم يحضران للشهادة ولم يشهداه أرى ان يشهد عليهما (قال) قال مالك لا
يشهد عليهما (قال) فقيل لمالك فالرجلين يحضرهما الرجلان في الامر بينهما يقولان
لهما لا تشهدا علينا بشئ فانا نتقارر بأشياء فيتكلمان فيما بينهما ويقران بأشياء ثم
يتفرقان ويجحد كل واحد منهما صاحبه وأحدهما فيريدان ان يشهدا فيما بينهما
أترى لهما ان يشهدا (قال) أرى أن لا يعجلا وان يكلماهما فان اصرا على ذلك وجحدا
رأيت أن يشهدا عليهما (قال) فقلت لمالك فالرجل يسمع الرجل يقذف الرجل
أترى ان يشهد له (قال) نعم إذا كان معه غيره فهذا ما قال لنا مالك في هذا. ومما
يدلك على أن مالكا لا يرى شهادة السماع التي وصفت إذا لم يشهدوه ان مالكا قال في
الذي مر فسمع رجلا ينازع رجلا فيقر بعضهما لبعض بشئ ولم يحضراه لذلك ولم
يشهداه انه امره أن لا يشهد وكذلك إذا سمع رجلا يشهد على رجل فهو سواء
(قال ابن القاسم) وانا أرى لو أن رجلا استقصى في مثل هذا سماع ما يتقار
به الرجلان بينهم أو يتذاكرانه من أمرهما فشهد ذلك من أمرهما واستقصاه
وإن لم يشهداه فأرى ان يشهد لذلك إذا كان على مثل ما وصفت لك وإنما الذي كره
من ذلك ولم يجز ما مر به الرجل من كلام الرجل فسمعه فلا يدري ما كان قبله ولا
ما كان بعده وإنما بعض ذلك كله من بعض فهذا الذي كره ولا ينبغي له ان يشهد في
مثل هذا ولا ينبغي للقاضي ان يجيز شهادة مثل هذا إذا شهد بها عنده (قال)
ولقد سئل مالك عن رجل شهد على رجلين في حق فنسي بعض الشهادة وذكر
بعضها أترى ان يشهد (فقال مالك) لا إذا لم يذكرها كلها فلا يشهد فهذا مما يدلك

246
على أن المار الذي يسمع ولم يشهداه لا يشهد لان الرجل قد يتكلم بالشئ ويكون
الكلام قبله أو بعده مما لا تقوم الشهادة الا به أو تسقط الشهادة عن المشهود عليه
به وان أفرد هذا الكلام وحده كانت شهادة فهذا مما يدلك على أنه لا يجوز الا
ان يشهد على ذلك ويحضر لذلك.
(في اختلاف الشهادة في الزنا)
(قلت) أرأيت أربعة شهدوا على رجل بالزنا الا انهم مقرون ان شهادتهم ليست
على فعل واحد أيحد الشهود في قول مالك (قال) نعم يحدون عند مالك إذا لم يشهدوا
على فعل واحد لأنهم لو شهد كل واحد منهم على زنا على حدة لحدوا كلهم وإنما يقام
الحد على المشهود عليه إذا شهدوا على زنا واحد
(في القاذف يقذف وهو يحد)
(قلت) أرأيت الذي يقذف رجلا فلما ضرب أسواطا قذف اخر أو قذف الذي
يجلده (قال) لم اسمع من مالك فيه شيئا وارى ان يضرب الحد ثمانين مبتدأ ذلك
من حين يقذف ولا يعتد بما مضى من الأسواط (قلت) وافتراؤه عندك على هذا
الذي يجلد له وافتراؤه على غيره سواء يعد ما قد ضرب أسواطا (قال) نعم وهو على
ما وصفت لك في هذا كله (قال) وقال مالك ولو أن رجلا قذف رجلا بحد فضرب
له ثم إذا قذفه فبعد ذلك ضرب له أيضا فكذاب هذا عندي يبتدأ به
(في شهادة القاذف والكتاب عليه بالقذف)
(قلت) أرأيت القاذف متى تسقط شهادته عند مالك إذا قذف أم حتى يجلد (قال)
قال مالك في القاذف إذا عفا المقذوف عن القاذف جاز عفوه إذا لم يبلغ السلطان فان
أراد المقذوف ان يكتب عليه بذلك كتابا متى ما أراد أن يقوم عليه بذلك فذلك له
(قلت) أفيكون العفو على أنه متى ما بدا لي قمت في حدى في قول مالك (قال) نعم
الا ترى ان مالكا قال يكتب بذلك كتابا انه متى ما شاء ان يقوم به قام به وشهادته

247
جائزة حتى يقوم به وهو رأيي (قلت) فان مات والكتاب عليه فأراد ولده ان
يقوموا عليه بحد أبيهم بعده أيكون ذلك لهم في قول مالك (قال) لم اسمع من مالك
فيه شيئا ولكن أرى لهم ان يقوموا بذلك (قال) ويدلك على أنه لا تسقط شهادته
الا بعد الضرب الا ترى أنه لو عفا عنه ولم يضربه وكان القاذف رجلا صالحا كانت
شهادته جائزة وإنما ترد شهادته لو ضرب الحد فذلك الذي لا تقبل شهادته حتى
يحدث توبة وخير مثل ما وصفت لك من قول مالك
(جامع اجتماع الحدود وكيف يضرب)
(قلت) لابن القاسم اي الحدود أشد ضربا في قول ملك الزاني أم الشارب أم حد
الفرية (قال) قال مالك ضربهم كلهم سواء (قال) وقال مالك ويضرب في هذا كله ضربا
غير مبرح ضربا بين الضربين ليس بالموجع ولا بالخفيف (قال) وقال مالك إذا
قذف وسكر أو شرب الخمر ولم يسكر جلد الحد حدا واحدا وإن كان قد سكر جلد
حدا واحدا لان السكر حده حد الفرية لأنه إذا سكر افترى فحد الفرية يجزئه منها
الا ترى أنه لو افترى ثم افترى وضرب حدا واحدا كان هذا الحد لجميع تلك الفرية
وكذلك السكر والفرية إذا اجتمعا دخل حد السكر في الفرية والخمر يدخل في حد
السكر الا ترى أنه لا يسكر منها حتى يشربها فلما كان حد السكر داخلا في حد
الفرية علمنا أن حد الخمر أيضا داخل في حد السكر لأنه لا يسكر منها الا بعد أن
يشربها (قال) قال مالك وان اجتمع عليه حد الزنا وحد الفرية أقيم عليه حد الزنا وحد
الفرية جميعا (قال) وان اجتمع عليه جلد حد الزنا وحد الخمر أقيما عليه جميعا (قلت)
أيتابع الامام بين الحدين أم يحبسه بعد ضرب حد الزنا حتى إذا خف من ضربه ذلك
ضربه حد الفرية (قال) قد أخبرتك ان ذلك إلى الامام عند مالك يرى في ذلك
رأيه ويجتهد ان رأى أن يجمعهما عليه جمعهما وان رأى أن لا يجمعهما عليه ورأي أن
يفرقهما فذلك إليه وإنما هذا على اجتهاد الامام لان مالكا قال في المريض الذي يخاف
عليه ان أقيم عليه الحد انه يؤخر حتى يبرأ من مرضه فهذا إذا ضرب أول الحدين

248
إن كان يخاف عليه ان ضرب الحد الثاني ان يموت أخره الامام ولم يضربه وكذلك
ذكر مالك في الذي يخاف عليه من البرد ان هو أقيم عليه الحد فإنه يؤخره ولا
يضرب ويسجن وإنما قال في البرد في القطع وليس في الضرب (قال) والضرب
عندي بمنزلة القطع في البرد ان خيف عليه والحر عندي بمنزلة البرد في ذلك
كله (قلت) ويضر حد الزنا عند مالك قبل ضرب حد الفرية إذا اجتمعا على
الرجل جميعا ان حد الزنا لا عفو فيه على حال وحد الفرية فيه العفو قبل أن ينتهي
به صاحبه إلى الامام (قال) أحب ذلك إلي ان يبدؤا بحد الزنا (قال) ولم اسمع
من مالك فيه شيئا لان حد الفرية قد جاء فيه بعض الاختلاف ان العفو فيه جائز وان
انتهى إلى الامام وقد كان مالك يقوله مرة ثم نزع عن ذلك (قلت) أرأيت حد
الفرية إذا عفا فيه المقذوف فقام عليه رجل من الناس فأقام البينة عند الامام انه قد قذف
فلانا أتحده في قول مالك (قال) لا
(في القذف يقوم به أجنبي)
(قلت) أرأيت أن قذف رجل رجلا والمقذوف غائب فقام أجنبي من الناس يطلب
ان يأخذ للغائب بالقذف ورفعه إلى الامام أيضربه الامام الحد في قول مالك أم لا
(قال) قال مالك لا ولا يمكن من ذلك (قلت) لم أليس هذا حدا من حدود الله
وقد بلغ الامام (قال) هذا حد للناس لا يقوم به عند الامام الا صاحبه
(في هيئة ضرب الحدود)
(قلت) أرأيت الضرب في الحدود والتعزير هل يرفع يده أو يضم عضده إلى جنبه
في قول مالك (قال) قد أخبرتك ان مالكا قال ضربا غير مبرح ولا أدرى ما رفع
اليد ولا ضم العضد إلى جنبه ولم اسمع من مالك فيه شيئا (قلت) فهل يجزئ
القضيب أو الدرة أو الشراك أو نحو ذلك مكان السوط في قول مالك (قال) لم اسمع
مالكا يقول في الحدود الا السوط (قلت) فدرة عمر بن الخطاب (قال) إنما كان

249
يؤدب بها الناس فإذا وقعت الحدود قرب السوط
(في الحامل يجب عليها الحد)
(قلت) أرأيت البكر الحامل من الزنا أتحدها وهي حامل أم تؤخر حتى تضع
حملها في قول مالك (قال) يؤخرها حتى تضع حملها عند مالك (قلت) فإذا
وضعت أتضربها أم حتى يجف دمها وتتعالى من أنفاسها في قول مالك (قال) قد
أخبرتك ان مالكا قال في المريض إذا خاف عليه أن لا يعجل عليه ويؤخر ويسجن
فأرى النفاس مرضا من الأمراض وارى أن لا يعجل عليها (قلت) أرأيت إذا كان
حدها الرجم وهي حامل (قال) قال مالك تمهل حتى تضع ما في بطنها (قلت) فإذا
وضعت ما في بطنها (قال) قان أصابوا للصبي من يرضعه أقيم عليها الحد ولم تؤخر
وإن لم يصيبوا للصبي من يرضعه لم يعجل عليها حتى ترضع ولدها الا ترى أنهم إن لم
يصيبوا للصبي من يرضعه انهم ان رجموها وتركوا الصبي مات فتكون قد كففت
عنها وهي حامل لمكان الصبي وقد قتلته بعد الولادة بتركك إياه بلا رضاع (قلت)
أرأيت امرأة زنت فقالت انا حبلى أيعجل عليها بالرجم أو بالجلد أم لا في قول مالك
وكيف إن كان الشهود بالزنا أربعة عدول شهدوا انهم رأوها تزني منذ شهرين أو
ثلاثة أشهر أو أربعة أشهر فقالت انا حبلى فلا تعجلوا علي (قال) لم اسمع من مالك
فيه شيئا ولكن أرى ان ينظر إليها النساء فإن كانت على ما قالت لم يعجل عليها
والا أقيم عليها الحد
(في المرأة يشهد عليها بالزنا فتقول انا عذراء أو رتقاء)
(قلت) أرأيت المرأة إذا شهد عليها بالزنا أربعة عدول فقالت انا عذراء أو رتقاء
أتريها للنساء في قول مالك أم لا وكيف ان نظر إليها النساء فقلن هي عذراء أو رتقاء
(قال) يقام عليها الحد ولا يلتفت إلى قولهن لان الحد قد وجب (قال) وقد قال مالك
في الجارية البكر يتزوجها الرجل فتقول قد مسني ويقول لم أمسها ويشهد النساء انها

250
بكر (قال مالك) إذا أرخيت عليهما الستور صدقت عليه ولا يكشف الحرائر عن مثل
هذا ولا تورى الحرة في مثل هذا (قلت) ولا يرى مالك ان يدفع حدا قد وجب
بشهادة النساء إذا كان ذلك الشئ مما تجوز شهادة النساء فيه وهن لم يشهدن على
أحد إنما شهدن على أنها رتقاء أو بكر وهذا مما لا يشهد عليه الا النساء وهل يشهد
هاهنا غيرهن فكيف يقيم الحد وشهادة النساء هاهنا فيما تجوز شهادتهن فيه تبطل
الحد (قال) لا اعرف ان شهادتهن تجوز هاهنا
(في المرأة يشهد عليها بالزنا فتدعي الحمل وزوجها غائب)
(أو تزني وهي حامل وفي نفي الولد بلا لعان ولا استبراء)
(قلت) أرأيت أربعة شهدوا على امرأة بالزنا فقالوا نشهد انها زنت منذ أربعة أشهر
فقالت انا حامل وشهد النساء انها حامل فاخرها الامام حتى وضعت ما في بطنها ثم
رجمها فقدم زوجها فانتفي من ولدها أيكون ذلك له أم لا في قول مالك (قال) ان
كانت هي قد قالت قبل أن ترجم ان الولد ليس لزوجي صدق الزوج عند مالك ودفع
الولد عن نفسه بلا لعان إذا قالت المرأة قد كان استبرأني قبل أن احمل هذا الحمل وإنما
هذا الحمل من غيره لأنه كف عني وحضت حيضا وادعى الزوج مثل ما قالت المرأة
فهذا الولد يدفعه الزوج عن نفسه بلا لعان وإن لم تقل المرأة قبل موتها ما ذكرت لك
من الاستبراء وادعى الزوج الاستبراء أو نفاه فلا بد للزوج من اللعان لينفي به الولد
عن نفسه ولا ينفيه ها هنا الا باللعان لان مالكا سئل عن الرجل يتزوج المرأة فيظهر
بها حمل قبل أن يدخل فيقول الزوج ليس مني وتصدقه المرأة أنها زنت وانه لم يطأها
(قال) قال مالك لا لعان بينهما ولا يلحق به الولد ويقام عليها الحد (قال ابن القاسم)
وإن كنت بكرا جلدت الحد وكانت امرأته ولم يكن الولد ولده وهي امرأته ان شاء
طلق وان شاء امسك (قلت) أرأيت أن قدم الزوج في مسألتي التي سألتك عنها
وقد رجمت المرأة ولم تقل شيئا فقال الزوج ليس الولد ولدي ولم يدع الاستبراء (قال)
يلتعن وينفي الولد (قال) أوليس من قول مالك ان من لم يدع الاستبراء فنفي

251
الولد ضرب الحد والحق به الولد (قال) لا ولكن قال لي مالك إذا رأى الرجل امرأته
تزني وإن كان في ذلك يطؤها لاعن ونفى الولد عنه ولم يضره ما أقر به من الوطئ قبل
ذلك الا ان يطأ بعد لرؤية فإنه ن وطئ بعد لرؤية أكذب قوله وجلد الحد والحق
به الولد (قلت) فإن كانت حاملا من زوجها فكانت في تسعة أشهر ثم زنت فقال
رايتها تزني اليوم وما جامعتها منذ رايتها تزني (قال) يلتعن ويلحق له الولد إذا كان
حبلها بينا مشهودا عليه أو مقرا به قبل ذلك لأنه لا ينتفي من الحمل وإنما رآها تزني
اليوم فقد صار إن لم يلتعن قاذفا لها وألحق به الولد فهذا الذي أخبرني عنه غير واحد
من أصحابه ممن أثق به
(في العبد تجب عليه الحدود ويشتغل ثم)
(يعلم أنه قد كان عتق قبل ذلك)
(قلت) أرأيت أن أعتقت عبدي ولم يعلم بعتقي إياه وكنت عنه غائبا أو حاضرا
إذا شهدت الشهود على عتقه فزنى أيقام عليه حد الحر أم حد العبد (قال) قال مالك
يقام عليه حد الحر ولا يلتفت في ذلك إلى معرفة العبد (قلت) وكذلك أن شرب
الخمر أو افترى أقيم عليه حد الحر (قال) نعم (قلت) وحد العبد في الخمر والمسكر
والفرية أربعون جلدة في قول مالك (قال) نعم (قلت) فان افترى عليه رجل هو
لا يعلم بعتق سيده إياه (قال) قال مالك يضرب قاذفه الحد (قلت) وكذلك
القصاص له وعليه (قال) نعم (قلت) أرأيت شهادة النساء على عتق هذا العبد
أتجوز (قال) قال مالك لا تجوز شهادة النساء في العتق (قلت) فهل تجوز شهادة
النساء في الأنساب (قال) سالت مالكا عن ذلك فقال لا تجوز شهادة النساء في
الأنساب (قلت) أرأيت إذا شهد الشهود ان هذا الرجل قد أعتق عبده هذا منذ
سنة وكان الشاهدان غائبين وقد قذفه رجل والسيد ينكر عتقه (قال) تجوز شهادتهم
ويجلد قاذفه لان عتق العبد قد كان منذ سنة وبذلك شهدت البينة (قلت) أوليس
إنما يعتقه الساعة (قال) إنما أحول بين السيد وبينه الساعة واجعل عتقه يوم أعتقه

252
سيده (قلت) فإن كان قد طلق امرأته تطليقتين جعلت له عليها تطليقة أخرى
إذا كان طلاق إياها من بعد العتق (قال) نعم الا في كسبه وحده فإنه إن كان عمل
للسيد بعد العتق أو خارج له أو كاتبه فاخذ السيد منه مالا ثم قامت البينة انه أعتقه
منذ سنة كان للسيد ما اخذ قبل ذلك إذا كان السيد منكرا للعتق وسقط عنه ما بقي
عليه من يوم يقضى له بالعتق (قلت) ولم جعل مالك كسبه هكذا ولم يجعل ما سوى
ذلك بمنزلة كسبه (قال) سئل مالك عنها فقال في كسبه مثل ما قلت لك لان كسبه
بمنزلة خدمته لو لم يجعل كسبه كما أخبرتك لجعل له ان يرجع على سيده بخدمته
(قلت) أرأيت الذمي يقتل الذمي أيقتل به في قول مالك (قال) نعم (قلت)
أرأيت أن جرحه أو قطع يده أو رجله أيقتص له في قول مالك (قال) قال مالك
ما تظالم به أهل الذمة بينهم اخذ ذلك من بعضهم لبعض (قلت) ولا يقبل في ذلك
شهادة أحد من أهل الكفر (قال) نعم لا تقبل شهادة أحد من أهل الكفر (قلت)
أرأيت النصراني يسرق النصراني أو من المسلم فتقوم عليه بينة من المسلمين
(قال) قال مالك يقطع
(في الرجل يفضي امرأته أو أمته)
(أو يغتصب حرة أو يزني بها فيفضيها)
(قلت) أرأيت الرجل يأتي امرأته فيفضيها ماذا عليه (قال) قال مالك في الرجل
يدخل بامرأته البكر فيفتضها ومثلها يوطأ فتموت من جماعه (قال) إذا علم أنها ماتت
من جماعه كانت عليه الدية تحملها العاقلة (قال) فأرى في مسألتك أن يكون على
الزوج الذي أفضاها ما شأنها به (قال) وقد جعل بعض الفقهاء فيها ثلث الدية والذين
جعلوا فيها ثلث الدية إنما جعلوها بمنزلة الجائفة (قلت) أفتحملها العاقلة في قول مالك
(قال) من رأى أن في ذلك ثلث الدية حملتها على العاقلة وانا أرى في ذلك الاجتهاد
فان بلغ الاجتهاد في ذلك ثلث الدية فصاعدا حملتها العاقلة (قلت) أرأيت أن كان
قد زنى بها فأفضاها أو اغتصبها فأفضاها (قال) اما التي أمكنته من نفسها فلا شئ لها

253
واما التي اغتصبت فعليه صداقها وما شأنها به (قلت) أرأيت رجلا جامع أمته
فأفضاها أتعتق عليه و (قال) سالت مالكا عن الرجل يضرب عبده على وجه الأدب
فيفقأ عينه أيعتق عليه (قال) قال مالك لا يعتق عليه فمسألتك مثل هذا وإنما يعتق
على سيده ما كان على وجه العمد (قلت) أوليس قول مالك فين أفضى زوجته انه
ان شاء امسك وان شاء طلق (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا وما كنا نشك
انها زوجة من الأزواج ان شاء طلق وان شاء امسك (قلت) أرأيت الرجل يأتي
المرأة في دبرها زنا ولم يجامعها في فرجها (قال) قال مالك هو وطئ يغتسل منه (قال)
عبد الرحمن بن القاسم) وارى فيه الحد قال الله تبارك وتعالى انكم لتأتون الفاحشة قال
فقد جعله الله وطأ وقال الله تعالى انكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء وقال تعالى واللاتي
يأتين الفاحشة من نسائكم وقال تعالى واللذان يأتيانها منكم فجعله هاهنا فاحشة وهاهنا
فاحشة فأراه قد سمى هذا كما سمى هذا (قلت) أرأيت أن جامعها فأفضاها وهي
مغتصبة أيكون عليه مع الصداق ما أفضاها يدخل بعض ذلك في بعض في قول مالك
(قال) قال مالك إذا أفضاها وقد اغتصبها فعليه الصداق وعليه ما يجب عليه في الافضاء
مع الصداق ولا يدخل بعض لك في بعض لان مالكا قال في رجل أوضح رجلا
فسقطت عينه من ذلك أنه عليه ما عليه في الموضحة وعليه دية العين فلا يدخل بعض
ذلك في بعض وكذلك الافضاء
(فيمن قذف صبية لم تحض)
(قلت) أرأيت لو أن صبية لم تحض ومثلها يجامع وأمكنت نفسها من رجل فجامعها
حراما فأقمت الحد على الرجل ثم إن الجارية حاضت فقذفها رجل بعد ما حاضت أيجلد
قاذفها أم لا في قول مالك (قال) نعم يجلد قاذفها لان الفعل الذي فعلته في الصبا لم يكن
بزنا (قلت) أرأيت أن قذف صبية مثلها يجامع الا انها لم تحض فقذفها رجل بالزنا
(قال) قال مالك إذا كان مثلها يجامع فعلى قاذفها الحد وإن لم تحض (قلت) فإن كان
غلاما قد بلغ الجماع الا انه لم يحتلم فقذفه رجل أيقام على قاذفه الحد في قول مالك

254
(قال) ليس عليه الحد
(في المولى يجامع فيما دون الفرج)
(قلت) أرأيت الرجل يولى من امرأته فيجامعها في دبرها أو فيما دون الفرج أيحنث
أم لا (قال) اما من جامع في الدبر فقد حنث لان مالكا جعله جماعا وإذا حنث
وجبت الكفارة وسقط الايلاء واما من جامع فيما دون الفرج فان مالكا سئل عن
رجل حلف أن لا يطأ جاريته شهرا أيجامعها فيما دون الفرج فسئل مالك عنها وانا بالمدينة
فقال له ان كانت لك نية انك أردت الفرج بعينه فلا أرى عليك شيئا والا فاني أراك
حانثا لان الرجل إذا حلف على هذا إنما وجه ما يحلف عليه ان يجتنبها فإن كانت له نية
فهو ما نوى والا فهو حانث (قال) وبلغني عن مالك أنه قال في رجل حلف بطلاق
امرأته أن لا يجامعه شهرين أو ثلاثة فجامعها فيما دون الفرج أتراه قد حنث فقال له
مالك كما فسرت لك عنه في الجارية التي سمعت منه (قلت) أرأيت هذا الذي جامع
فيما دون الفرج وقد كان آلى ولم يكن له نية حين آلى فأوجبت عليه الكفارة في قول
مالك أيسقط عنه الايلاء أم لا (قال ابن القاسم) نعم ان كفر سقط عنه الايلاء. ومما
يبين ذلك أنه لو كفر قبل أن يطأ لسقط عنه الايلاء فكيف إذا كفر للايلاء (قلت)
فلو أن رجلا آلى من امرأته ثم كفر ولم يجامع أيسقط عنه الايلاء أم لا في قول مالك
(قال) سألت مالكا عنها فقال لي نعم (قال) وقال مالك ولكن الصواب من ذلك
أن لا يكفر حتى يجامع فان كفر قبل الاجتماع أجزأه وسقط عنه الايلاء (قلت) أرأيت
هذا الذي جامع في دبرها أيسقط عنه الايلاء وهو لم يكفر أم لا (قال) نعم لان
هذا جماع عند مالك لا شك إلا أن يكون نوى الفرج بعينه حين حلف فلا تكون
عليه كفارة في التدبر وهو مول لحاله
(في إقامة الحدود على أهل الكفر)
(قلت) أرأيت الكافرين إذا زنيا أيقيم عليهما مالك الحد حد الزنا (قال) لا وارى

255
ان يردهما إلى أهل دينهما وينكلهما الامام إذا أعلنا بذلك (قال) وقال مالك إذا وجد
الامام أهل الكتاب سكارى أو على زنا تركوا الا ان يظهروا ذلك فيعاقبوا
(في الشهود على الزنا يقولون أثبتنا النظر وتعمدنا ذلك)
(والمشهود عليه يزعم أن الشهود عبيد)
(قلت) أرأيت أربعة شهدوا على رجل بالزنا فقالوا تعمدنا النظر إليهما لنتثبت
الشهادة (قال) لم اسمع من مالك فيه شيئا ثم قال وكيف يشهد الشهود الا هكذا
(قلت) أرأيت أربعة شهدوا على رجل بالزنا فقال الشهود عليه هم عبيد وقال
الشهود بل نحن أحرار على من البينة انهم أحرار (قال) قال مالك وسئل عن رجل
قذف رجلا فقال له يا زان أو يا بن الزانية فقال القاذف لا تعجل علي لعله عبد فسأله
البينة على أنه حر أو أمه حرة ولا رجل المقذوف لا يعرف ولا تعرف أمه (قال)
قال مالك يضرب القاذف الحد ولا يلتفت إلى قوله الا أن تكون له بينة ثم قال لي
ومن يعرف البصري أو الشامي أو الإفريقي هاهنا بالمدينة (قال) قال مالك والظالم
أحق ان يحمل عليه وكذلك مسألتك في الزنا (قلت) واصل الناس عند مالك في
الشهادات كلها أحرار الا ان يقيم المشهود عليه البينة انهم عبيد (قال) نعم أصلهم
أحرار فيما قال لي مالك في الزنا الا ان يدعى مدع انهم عبيد فعليه ان يقيم البينة انهم
عبيد إذا ادعى الشهود انهم أحرار (قال) والناس أصلهم أحرار في كل شئ فان ادعى
القاذف امرا قريبا من بينته ان المقذوف عبد أو أمه أمة لم يعجل عليه وان ادعى بينة
بعيدة جلد الحد ولم يلتفت إلى قوله فان أقام بعد الضرب البينة سقط عنه الجرحة
وجازت شهادته (قلت) ولا يكون للمضروب من أرش الضرب شئ (قال) لم
اسمع من مالك في هذا شيئا ولا أرى له في الأرش شيئا
(في القاضي يتعمد الجور أو يخطئ في القضية)
(قلت) أرأيت القاضي إذا قطع أو رجم وقطع الأيدي وضرب الرجال فقال بعد

256
ذلك حكمت بالجور (قال) قال مالك ما تعمد الامام من جور فجار به على الناس انه
يقاد منه (قال) وقال مالك أقاد رسول الله صلى الله عليه وسلم من نفسه وأبو بكر
الصديق وعمر بن الخطاب من أنفسهما (قلت) أرأيت القاضي إذا قضى بقضية
فتبين للقاضي انه قد أخطأ فيها أترى ان يردها أم لا (قال) قال مالك نعم يردها
وينقض قضيته تلك ويبتدئ النظر فيها (قال مالك) وقد فعل عمر بن عبد العزيز
(قال) فقيل لمالك فلو ولى غيره بعده القضاء أيردها أم لا يردها (قال مالك) اما
ما اختلف الناس فيه فلا ينقضه واما ما كان من جور بين أو خطا بين لم يختلف الناس
في خطئه فإنه يرده ولا يمضيه
(في السيد يقيم على عبيده الحدود والقصاص والامام يشهد على الحدود)
(قلت) أرأيت الحر هل يقيم على مملوكه حد الزنا والقذف والسرقة وشرب الخمر
(قال) قال مالك نعم يقيم ذلك كله عليهم الا السرقة فان السرقة لا يثبتها على العبد
الا الوالي ولا يقيم سيده عليه حد الزنا حتى يشهد على زنا العبد أربعة سواه (قلت)
فإن كان مع السيد ثلاثة شهدوا على العبد والسيد رابعهم عاينوا ذلك أيقيم عليه السيد
حد الزنا في قول مالك (قال) لا يقيم عليه حد الزنا سيده الا ان يرفع ذلك إلى السلطان
فيكون السلطان هو الذي يقيم الحدود ويكون السيد هاهنا شاهدا (قال) وقال
مالك في الامام إذا شهد على حد من الحدود فكانت الشهادة لا تتم الا بشهادة الامام
لم يقم الامام ذلك الحد ولكن يرفع ذلك إلى الوالي الذي هو فوقه حتى يقيم ذلك
عليه فيكن هو شاهدا (قال) وقال مالك في العبد إذا سرق وسيده شاهد عليه
مع رجل اخر (قال) إذا كانا عدلين قطع الامام يده ولا يقطعه سيده دون ان يأتي
الامام فالزنا عندي أيضا بمنزلة الوالي في القطع (قال) وقال مالك في الرجل تزني
جاريته ولها زوج انه لا يقيم عليها الحد وان شهد على ذلك أربعة سواه حتى يرفع
ذلك إلى السلطان (قلت) أرأيت السيد إذا شهدت عنده الشهود على عبده
بالسرقة فأقام الحد على عبده أيكون عليه شئ أم لا (قال) لا ينبغي له ان يفعل فان

257
فعل وكنت البينة عادلة وأصاب وجه القطع فأرى ان يعاقب على ذلك (قلت)
أرأيت الامام إذا شهد على حد من الحدود أيرفع ذلك إلى قاض تحته فيقضى
بشهادته أم لا (قال) سمعت مالكا يقول يرفع ذلك إلى من هو فوقه إن كان فوقه
أحد وانا أرى إن لم يكن فوقه أحد ان يرفعه إلى القاضي (قلت) أرأيت القصاص
في العمد أيقيمه السيد على عبده في قول مالك (قال) قال مالك لا يقيم السيد على
عبده القصاص ولكن يرفعه إلى السلطان فيكون السلطان هو الذي يقتص وذلك أن
ي سألت مالكا عن العبدين يكونان لرجل فيقطع أحدهما يد صاحبه أللسيد ان
يقطع يد الآخر الجاني أم ليس له ذلك وهما له جميعا (قال) قال مالك ذلك له ان
يأخذ من عبده لعبده ولكن لا يقتص هو دون السلطان ولكن يرفع ذلك إلى
السلطان فيكون السلطان هو الذي يأخذ لعبده من عبده ولا يقتص هو دون
السلطان وان كانا له جميعا (قال ابن القاسم) وذلك أن ناسا قالوا إذا كان العبدان
له فإنه إنما يجرح ماله لماله فليس فيما بين العبدين إذا كان سيدهما واحدا قصاص فأبى
مالك ذلك وقال ما أخبرتك
(في الشهود وما يجرحون به)
(قلت أرأيت لو أن قوما شهدوا عند القاضي على رجل بحد من الحدود أو بحق
للناس فأقام المشهود عليه البينة أن هؤلاء الشهود يلعبون بالشطرنج ما قول مالك فيه (قال)
قال مالك اما المدمن على لعب الشطرنج فلا أرى ان تقبل شهادته (قلت) ويمكن
المشهود عليه من إقامة البينة على الشهود انهم يلعبون بالشطرنج في قول مالك (قال)
إذا قال إنا أجرحهم أمكن من ذلك فإذا أمكن من ذلك فان أقام البينة عليه بشئ
انه فيه مما لو شهد به عند القاضي ابتداء فعلمه القاضي منه أبطل به شهادته فان هذا
المشهود عليه ان جرحه بذلك بطلت شهادته (قلت) فلو أن رجلا شهد على رجل
وهو آكل ربا أو شارب خمر أو انه يلعب بالحمام أيبطل مالك شهادته (قال) نعم إذا
كان يقامر بالحمامات فشهادته باطل والذي يعصر الخمر ويبيعها وان كأن لا يشربها شهادته

258
لا تجوز (قلت) أرأيت لو أراد أن يجرحهم وادعى ان الذي يريد أن يجرح الشهود
بمعرفتهم هم غيب بموضع بعيد (قال) لا ينظر في قوله لان حق هؤلاء قد وجب
وإنما يتلوم له القاضي في التجريح بقدر ما يرى فان جرحهم والا أمضى الحكم
(ما جاء في تجريح بعض الشهود على الزنا)
(قلت) أرأيت أن جرح واحدا من الشهود وقد شهدوا عليه بالزنا وهم أربعة أيحد
جميعهم حد الفرية في قول مالك (قال) نعم في رأيي لان مالكا قال إذا كان أحدهم
مسخوطا جلد وحد الثلاثة معه
(في المشهود عليه بالزنا يقذف الشهود)
(قلت) أرأيت لو أن أربعة شهدوا على رجل بالزنا فقذفهم بالزنا المشهود عليه
فطلبوا حدودهم قبله حد الفرية أتقيم عليه حد الفرية في قول مالك وتقيم عليه حد
الزنا بشهادتهم أم تقيم حد الفرية وتجعلهم خصماء وتبطل شهادتهم عنه في الزنا
(قال) لا احفظ عن مالك فيه شيئا ولكن لا أرى ان أبطل شهادتهم وارى ان
يقام بشهادتهم حد الزنا ويضرب لهم حد الفرية
(في كتاب القاضي إلى قاض في الشهادة على الحدود والحقوق)
(وتعتد كتب القضاة ان ماتوا أو عزلوا)
(وما انكسر من طوابع الكتب)
(قلت) أرأيت القاضي إذا كتب إلى قاض بشهادة شهود شهدوا عنده وعدلوا
فشهدوا على فلان بن فلان حقا أو بحد أو قصاص أو غير ذلك أيقبل هذا القاضي
الذي جاءه الكتاب البينة الذين في الكتاب على هذا الرجل الشهود عليه ويقيم عليه
تلك الأشياء ويقضى بها عليه في قول مالك (قال) قال مالك وسمعناه يقول في
القاضي يكتب بالكتاب إلى قاض اخر فيه الشهود على ما يقضي به وكتب بعدالة

259
الشهود ان القاضي الذي جاءه الكتاب يقضي به وينفذه ولم يفسر لنا مالك حدا ولا
قصاصا ولا حقا ولا غير ذلك وما شككنا ان ذلك كله سواء (قال) وقال مالك
فان عزل القاضي الذي كتب بالكتاب إليه أو مات فولى غيره في موضعه (قال)
ان هذا الذي ولى بعده ينبغي له ان ينفذ ما فيه وإن كان الذي كتب به قد عزل أو
مات فإنه ينبغي للقاضي الذي جاءه الكتاب ان ينفذ ذلك ولا ينظر في عزل الذي
كتب إليه ولا في موته (قلت) أرأيت كتاب القاضي إلى القاضي أيجوز عند مالك
بغير خاتم القاضي إذا شهد الشهود على الكتاب بأنه كتاب القاضي (قال) ما أقوم
على حفظ قول مالك الساعة ولكن ان شهدوا على الكتاب بعينه وان انكسر الطابع
وإن لم يكن طبعه القاضي الذي كتب به فإنه جائز إذا شهدوا على ما فيه لان مالكا
قال في الطابع إذا لم يشهد الشهود على ما في كتاب القاضي فلا يلتفت إلى الطابع
(فيمن تجوز له إقامة الحدود في القتل من الولاة
(قلت) فهل يقيم الحدود في القتل والى بعض المياه (قال) قال مالك يجلب إلى
بعض الأمصار (قلت) فمصر كلها لا يقام القتل فيها الا بالفسطاط (قال) نعم أو
يكتب إلى والى الفسطاط فيكتب إليه يأمره بإقامة ذلك
(تم كتاب الرجم بحمد الله وعونه)
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
(ويليه كتاب الأشربة)

260
بسم الله الرحمن الرحيم
(الحمد لله وحده)
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
(كتاب الأشربة)
(قلت) لابن القاسم هل كان مالك يكره المسكر من النبيذ (قال) قال مالك كل
ما أسكر من الأشربة كلها فهو خمر يضرب صاحبه فيه ثمانين وفي رائحته إذا شهد
عليه بها انها رائحة مسكر نبيذا كان أو غيره فإنه يضرب فيه ثمانين (قلت) من
حنطة كان هذا النبيذ أو من شعير (قال) نعم السكركة وغيرها فإنها عنده خمر
إذا كانت تسكر (قلت) أرأيت عكر المسكر أيجعل في شئ من الأشربة أو من
الأطعمة في قول مالك (قال) سألت مالكا عن دردي النبيذ المسكر فقال مالك لا يحل
ان يجعل في شراب يضر به فكذلك الطعام عندي لا يجعل فيه (قلت) أرأيت النبيذ
إذا انتبذته أيصلح لي ان اجعل فيه العجين أو الدقيق أو السويق أو ما أشبهه ليشتد
به النبيذ قليلا أو يتعجل به النبيذ (قال) سألنا مالكا عنه فأرخص فيه وقال لا أرى به
بأسا فسألناه بعد فنهى عنه (قال) وقال لي مالك وقد قال لي أهل المغرب ان ترابا
عندهم يجعلونه في العسل وان هذه أشياء يريدون بها إجازة الحرام فكرهه (قال ابن
القاسم) ولا أرى انا به بسا ما لم يسكر (قلت) أرأيت البسر والتمر أو الرطب
والتمر أو الزبيب والتمر أيجمعان في النبيذ جميعا في قول مالك (قال) قال لي مالك لا ينبذان
جميعا وان نبذا مختلفين شربا حلالا ولا أحب ان يخلطا في إناء واحد ثم يشربا لان
النبي صلى الله عليه وسلم نهى ان ينبذ البسر والتمر جميعا أو يشرب الزهر والتمر جميعا

261
(قال) فهذه الأشياء كلها لا يجمع منها شيئان في الانتباذ ولا يجمع منها شيئان في إناء واحد
فيخلطان فيشربان جميعا وان كانا حلالين كلاهما لنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي
جاء فيه (قلت) وكذلك الحنطة والشعير لا يجمعان في الانتباذ ولا في الشرب
(قال) نعم في رأيي (قلت) أرأيت أن مزج نبيذه بالماء أيكون هذا قد جمع
شيئين في إناء واحد (قال) لا لأن الماء ليس بنبيذ وإنما يكره ان يخلط به كل ما
كان نبيذا أو شرابا ينبذ منه وإن لم يكن نبيذا وإنما النبيذ من غير الماء وبالماء يكون
ولا بأس بالماء ان يخلطه بشرابه فيشربه (قلت) أرأيت أن خلط العسل بنبيذه
أيصلح ان يشربه في قول مالك (قال) لا يصلح ان يشربه (قال) وهذا لان العسل
هو نبيذ وهو شراب قبل أن ينبذ وليس هو بمنزلة الماء لأن الماء لا ينبذ كما ينبذ العسل
وقد وصفت لك ذلك (قلت) أفيؤكل الخبز بالنبيذ (قال) نعم لا بأس بذلك لان
الخبز ليس بشراب (قلت) أفيخلط في نبذه الخبز ويدعه يوما أو يومين فيشربه
قبل أن يسكر (قال) قد أخبرتك عن الجذيذة (1) وما أشبهها ان مالكا كرهه في قوله
الاخر فهذا أشبه ما وصفت لك من قوله في الجذيذة في أول قوله وآخر قوله (قلت) لم
كره مالك ان يجمع بين الزبيب التمر أو التمر والرطب أو الرطب والبسر في الانتباذ
(قال) للأثر الذي جاء (قلت) فهل كان مالك يكره ان ينبذ البسر المذنب الذي
قد أرطب بعضه (قل) ما سمعت من مالك فيه شيئا الا الحديث نهى ان ينبذ
الزهو والرطب جميعا فلا يعجبني الا أنت يكون بسرا كله أو رطبا كله
(طبخ الزبيب)
(قلت) أرأيت الزبيب أكان مالك يوسع في أن ينبذ نقيعا ولا يطبخه (قال)
ما سعت من مالك في مطبوخ الزبيب ولا نقيعه شيئا الا ان نبيذ الزبيب وغيره
حلال عنده ما لم يسكر (قلت) أرأيت الزبيب إذا كان نقيعا فغلا اما يخاف ان



(1) (الجذيذة) قال الأبهري الجذيذة (بذالين معجمتين خليل السويق حكاه عنه أبو إسحاق
في السلم الثالث وقال غيره الجذيذة قطعة من عجين انتهى من هامش الأصل
262
يكون هو الخمر (قال) قال لنا مالك في عصير العنب انه يشرب ما لم يسكر (قال)
فقلنا لمالك ما حده (قال) حده إذا أسكر (قال) فأرى الزبيب بهذه المنزلة يشرب
ما لم يسكر وان غلا (قلت) فالعصير أتشربه وان غلا إذا كأن لا يسكر (قال)
قال مالك حده إذا لم يسكر ولم أر حده عند مالك الغليان ولم يقل لي مالك غلا أو
لم يغل إنما قال لنا مالك ما لم يسكر فهو عندي بمنزلة نبيذ التمر وهو عند مالك كله
العصير ونبيذ التمر وجميع الأنبذة حلال ما لم تسكر فإذا أسكرت فهي خمر كلها
والعصير وجميع الأنبذة سواء ليس تحرم بغليانها إنما تحرم إذا كانت تسكر لان
العصير حلال عند مالك حتى يسكر والنبيذ حلال عند مالك حتى يسكر فإذا أسكر
كان خمرا فهما قبل أن يسكر سبيلهما واحد لا يحرمان بالغليان وإنما يحرمان إذا
خرجا إلى ما يسكر (قلت) أرأيت الظروف هل كان مالك يكره ان ينبذ في
شئ منها (قال) سألت مالكا عنها (فقال) الذي ثبت عندنا والذي اخذ به ان الدباء
والمزفت لا يصلح النبيذ فيهما ولا ينبذ فيهما (قلت) فهل كان مالك يكره شيئا من
الفخار غير المزفت (قال) لا إنما كان يكره الدباء والمزفت (قلت) هل كان يكره
مزفت الدباء وغير مزفته (قال) نعم كره المزفت من كل شئ الا الزقاق المزفتة والفخار
المزفت وكل ظرف إذا كان مزفتا فإنه كان يكرهه (قلت) اي شئ المزفت (قال)
الناس يعرفون المزفت هو الذي يزفتون به قلالهم وظروفهم (قلت) فهل كان مالك
يكره من الظروف شيئا سوى ما ذكرت لي (قال) لا (قلت) أرأيت الظروف
أليس قد ذكر مالك فيها عن ربيعة عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم
نهى عن الظروف ثم وسع فيها (قال) قال مالك ثبت عندنا ان النبي صلى الله عليه وسلم
نهى عن الدباء والمزفت (قلت) أرأيت المطبوخ ما يكره منه مالك وما لا يكرهه
(قال) سألنا مالكا عنه فقال الذي كنت اسمع به إذا ذهب ثلثاه وبقي ثلثه (قال)
فقلت لمالك فما حده عندك (قال) حده عندي إذا طبخ حتى لا يسكر (قال) فلم أر
مالكا يلتفت إلى ثلث ولا إلى ثلثين (قلت) أرأيت ما سألتك عنه من هذه الأشربة

263
كلها إذا فسدت وصات خمرا أيحل اصلاحها وهي عند مسلم يخللها أم لا في قول
مالك (قال) قال مالك في الخمر إذا ملكها مسلم فليهرقها فان اجترأ عليها وخللها فصارت
خلا اكلها وبئس ما صنع (قال) وسألنا مالكا عن الخمر يجعل فيها الحيتان فتصير مربى
(قال) قال مالك لا أرى اكله وكرهه
(تم كتاب الأشربة بحمد الله وعونه)
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
(ويليه كتاب السرقة)

264
بسم الله الرحمن الرحيم
(الحمد لله وحده)
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
(كتاب السرقة)
(قال سحنون) قلت لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت الرجلين يشهدان على الرجل
بالسرقة أيسألهما الحاكم عن السرقة ما هي وكيف هي في قول مالك ومن أين اخذها
والى أين أخرجها (قال) لم اسمع مالكا يحد في هذا حدا ولكن أرى للامام ان
يسألهما لان مالكا سئل عن القوم يشهدون على الرجل بالزنا فقال ينبغي للامام ان
يسألهم عن شهادتهم يريد بذلك كيف رأوه وكيف صنع فإن كان في ذلك ما يدرأ عنه به
الحد درأه فهذا يدلك على مسألتك في السرقة لأنهم ان شهدوا بالسرقة فإن كانت
قيمتها ما يقطع في مثله فعسير أن يكون في سرقته امر لا يجب فيه القطع وإنما القطع
حد من حدود الله فينبغي للامام ان يكشف فيه الشهود كما يكشفهم في الزنا
(في رجل سرق ما يجب فيه القطع فظفر به وقيمته ما لا يجب فيه القطع)
(قلت) أرأيت أن سرق ما يساوى ثلاثة دراهم ذلك اليوم وهو لا يساوى ربع دينار
اليوم لارتفاع صرف الدينار أيقطع فيه في قول مالك (قال) قال مالك نعم يقطع إذا
سرق قيمة ثلاثة دراهم ذلك اليوم (قال مالك) لان النبي صلى الله عليه وسلم قطع في
ثلاثة دراهم وان عثمان بن عفان قطع في ثلاثة دراهم وان عمر قوم الدية على اثني عشر ألف درهم
فلا ينظر إلى الصرف في هذه الأشياء ان ارتفع أو انخفض وإنما ينظر في هذا

265
إلى ما مضت به السنة (قلت) أرأيت أن اتضع الصرف صرف الذهب فسرق
ربع دينار من ذهب وهو لا يساوى ثلاثة دراهم أتقطع يده لأنه ربع دينار (قال)
نعم وإنما تقوم الأشياء كلها بالذهب والفضة (قلت) أرأيت أن سرق سلعة فأنت
ان قومتها بالذهب لم تبلغ ربع دينار وان قومتها بالفضة بلغت ثلاثة دراهم أتقطع يده
في قول مالك (قال) نعم تقطع يده عند مالك وإنما تقوم الأشياء بالدراهم (قلت)
وكذلك أن كانت السلعة ان قومتها بالذهب بلغت ربع دينار وان قومتها بالفضة لم تبلغ
ثلاثة دراهم (قال) قال مالك في السلع لا يقطع فيها الا ان تبلغ ثلاثة دراهم قل الصرف
أو كثر (قال) فقيل لمالك أرأيت لو أن رجلا سرق سرقة فقومت بدرهمين وهو
ربع دينار لانخفاض الصرف يومئذ أتقطع يده (قال) قال مالك لا تقطع يده حتى تبلغ
سرقته ثلاثة دراهم (قال ابن القاسم) وإنما قال مالك القطع في وزن ربع دينار فصاعدا
إذا سرق الذهب بعينه وان كانت قيمته أقل من ثلاثة دراهم لأنه جاء عن النبي صلى
الله عليه وسلم القطع في ربع دينار فصاعدا وان عمر بن عبد العزيز كتب من بلغت
سرقته ربع دينار فصاعدا قطع وان عائشة قالت ما طال علي وما نسيت القطع في
ربع دينار فصاعدا (قال ابن القاسم) لو لم اقطعه في وزن ربع دينار ذهبا إذا سرق
الذهاب ما قطعته لا في ثلث ولا في نصف ولا في دينار كله إذا كانت قيمته أقل من
ثلاثة دراهم ولقد أتى على الناس زمان وصرف الناس ثلث دينار أقل من ثلاثة دراهم
إنما صرفهم سبعة دراهم أو ثمانية دراهم (قلت) أرأيت أن سرق رجل سرقة فرفعه
رجل أجنبي من الناس إلى السلطان والمسروق متاعه غائب أيقطعه السلطان في
قول مالك أم ينتظر رب المتاع حتى يقدم (قال) إذا شهد الشهود انه سرقه قطعت يده
عند مالك (قال) ولقد أخبرني أوثق أصحابي عندي ان مالكا سئل عن رجل كان
يسكن الشام وله متاع بمصر فأتى رجل فسرق متاعه الذي بمصر فقامت له عليه البينة
بان السارق اخذ المتاع سرا فقال السارق صاحب المتاع أرسلني فقال مالك أرى
ان تقطع يده (فقيل) لمالك فان سئل صاحب المتاع فقال إنا أرسلته (قال) لا ينظر إلى

266
قول صاحب المتاع وتقطع يده ولقد سألنا مالكا عن الرجل يلفى من جوف الليل
ومعه متاع فيؤخذ فيقول فلان أرسلني إلى منزله فأخذت له هذا المتاع فال مالك
أرى ان ينظر في ذلك فإن كان الرجل الذي معه المتاع يعرف له انقطاع إلى رب
المتاع ويشبه ما قال لم يقطع وإن لم يعرف منه مثل ما ذكرت لك قال مالك رأيت أن
تقطع يده ولا يقبل قوله (قال) ولقد سألنا مالكا عن الرجل يسرق فيعفو
عنه صاحب المتاع ثم يرفعه بعد ذلك غيره أي السلطان (قال) أرى ان تقطع يده
وليس إلى الوالي ان يعفو إذا انتهت إليه الحدود وليس عفو المسروق منه شيئا
(قلت أرأيت إذا شهد على السارق بالسرقة هل يحبس السارق حتى يزكي
الشاهدان إن لم يعرفهما القاضي أم يكفله القاضي عند مالك (قال) لا يكفله عند
مالك ولكن يحبسه وليس في الحدود والقصاص كفالة عند مالك (قلت) أرأيت
إذا شهد الشهود على سرقة أو زنا فغابوا قبل أن يزكوا ثم زكوا أيقيم القاضي الحد
أم لا يقيمه حتى يحضر الشهود فيقيمه بحضرة الشهود (قال) يقيم الحد ولا يلتفت
إلى مغيب الشهود إذا شهدوا واثبتوا الشهادة أقام الحد وان غابوا (قلت) أرأيت أن
شهد قوم ثم ماتوا فزكوا وهم موتى أيقيم الحدود والقصاص بشهادتهم في قول
مالك (قال) نعم (قلت) وان خرسوا أو عموا أو جنوا (قال) نعم هذا كله يقيم الامام
فيه الحد ولا يلتفت إلى الذي أصابهم من ذلك في رأيي (قلت) فان ارتد الشهود عن
الاسلام وقد حبسه القاضي أيقيم الحدود في قول مالك (قال) لا تقام الحدود ان
ارتدوا لأنهم هاهنا قد عادوا إلى حال لا تجوز فيه شهادتهم وفي مسائلك الأولى لم
يعودوا إلى حال فسق ولا إلى حال ارتداد وإنما ابتلوا بغير ذلك (قلت) أرأيت أن
فسق هؤلاء الشهود أو وجدوا يشربون الخمر وما أشبه هذا أو فسدت حالهم بعد
ما زكوا أو امر القاضي بإقامة الحد الا ان الحد لم يقم بعد (قال) يقام عليه الحد إذا
كانت الشهادة قد ثبتت وقضي بها (قلت) فكيف هذا في حقوق الناس (قال) إذا
قضى القاضي بالحقوق للناس ثم صاروا إلى ما ذكرت من الحال السيئة إلى الارتداد

267
أو إلى الفسق فأرى القضاء قد نفذ هاهنا (قلت) أتحفظه عن مالك (قال) لا
(قلت) فكيف هذا في القصاص إذا قضى القاضي في القصاص ثم ارتد الشهود
عن الاسلام قبل أن يقتص المجروح (قال) لم اسمع من مالك فيه شيئا وارى ان
يقتص منه لأنه من حقوق الناس إذا كان قد قضى به وأنفذه (قلت) أرأيت أن
غاب المسروق منه وشهد الشهود على السرقة أيقطعه والمسروق منه غائب (قال) أرى
ان تقطع يده ولا يلتفت إلى غيبة المسروق منه المتاع الا ترى ان مالكا قال في المتاع
الذي أخبرتك انه بمصر وصاحبه بالشام ان السارق يقطع (قلت) أرأيت أن قال
المسروق منه المتاع لم يسرق مني شئ وشهد الشهود انه سرق أيقطع أم لا (قال)
نعم يقطع في رأيي
(تفرقة الشهود في الشهادة والقوم يجتمعون على حمل السرقة)
(والوديعة والسارق يسرق من السارق)
(قلت) فهل يفرق الوالي بين الشهود إذا شهدوا على الحدود (قال) لا يفرق بينهم
الا ان يستنكر الامام شيئا إذا كانوا عدولا بينة عدالتهم الا ما أخبرتك من حد الزنا
فان مالكا قال ينبغي للامام ان يسألهم عن تحقيق شهادتهم فان وجد فيها ما يدرأ به
الحد درأه فلا أدري أراد بذلك تفرقتهم أم يسألهم عن تحقق الزنا ولا أرى ان يفرقهم
ولكن يسألهم عن تحقق الزنا (قلت) أرأيت لو أن مسلما أقام شاهدين كافرين
على كافر انه سرق منه متاعا يقطع في مثله (قال) لا يقضي له بالمتاع ولا بشئ ولا
يقضى على الكافر بالحد لان مالكا قال لا تجوز شهادة النصراني ولا المشركين كلهم
على شئ من الأشياء (قلت) أرأيت الشاهدين إذا شهدا على رجلين انهما سرقا هذا
المتاع جميعا والمتاع قيمته ثلاثة دراهم أيقطعان أم لا في قول مالك (قال) قال مالك نعم
يقطعان جميعا وإن لم يكن في قيمة المتاع الا ثلاثة دراهم قطعا وان كانوا عشرة إذا حملوه
جميعا أو حملوه جميعا على واحد منهم ولم يكله بعضه إلى بعض فإنهم يقطعون جميعا
(قال) وان دخلوا جميعا للسرقة فحمله واحد مهم فخرج به وهم معه ولم يحملوه جميعا

268
ولم يحملوه عليه لم يقطع الا من حمله وحده وان دخلوا للسرقة جميعا (قال) فان خرجوا
جميعا وقد اخذ كل انسان مهم شيئا يحمله وهم شركاء فيما خرجوا به فمن خرج منهم
بقيمة ثلاثة دراهم قطعت يده ومن خرج منهم بقيمة أقل من ثلاثة دراهم لم يقطع
لان هؤلاء لم يتعاونوا على ما حمل كل واحد منهم إنما حمل كل واحد ما حمل وحده ولم
يمل عليه صاحبه ولم يحمل معه (قلت) وهذا كله قول مالك (قال) نعم (قال
مالك) وإنما مثل ذلك مثل القوم يدخلون جميعا فيحملون السرقة على واحد منهم
فيخرج بها واحد منهم يحملها وهم الذين حملوها عليه فيقطعون جميعا بمنزلة ما لو حملوا
المتاع في حرزه على دابة بعسر أو جمار فخرجوا به الا انهم اجتمعوا في حمله على دابة
انهم يقطعون جميعا (قال ابن القاسم) وإنما ذلك في كل ما يحتاج إلى حمله لثقله أو
لكثرته فاما ما يحمله منهم واحد فلا قطع على من أعانه منهم مثل الثوب وما أشبهه
والصرة ونحوها وإنما يقطع في هذا الذي خرج بها واعين على حملها ولا قطع على من
أعان (قلت) أرأيت الثوب إذا كان بين الرجلين سرقه رجل وقيمته ثلاثة دراهم
في قول مالك أيقطعه أم لا (قال نعم يقطع عند مالك (قلت) أرأيت أن أبي أرباب
المتاع ان يقوموا على السارق ورفعه أجنبي من الناس أيقيم عليه الامام الحد أم لا في
قول مالك (قال) نعم يقيم عليه الحد قلت) أرأيت أن سرق متاعا من رجل
والمتاع مستودع عند المسروق منه أو عارية أو بإجارة أيقطع السارق في قول مالك
أم لا (قال) نعم يقطع عند مالك (قاتل) لم (قال) لان الذي كان المتاع في بيديه كان
حرزا للمتاع (قلت) أرأيت أن سرق رجل متاعا فسرقه منه سارق اخر ثم سرق
من ذلك السارق ذلك المتاع سارق اخر أتقطعهم جميعا في قول مالك (قال) نعم ولو
كانوا سبعين قطعوا كلهم كذلك قال مالك (قلت) أرأيت لو يسرق رجل متاعا فقطع
فيه ثم سرق ثانية أيقطع الثانية في ذلك المتاع وقد قطعته مرة في قول مالك (قال)
نعم يقطع فيه أيضا

269
(في الزناة يرفعهم الأجنبي والقائم على القاذف بعد العفو)
(والعفو إذا أراد سترا)
(قلت) أرأيت الزناة من رفعهم إلى السلطان أيقيم السلطان الحد عليهم في قول
مالك (قال) نعم مثل السرقة واما القذف فليس ذلك عنده كذلك (قال ابن القاسم)
ولقد أتى مالكا قوم وانا عنده في رجلين قال أحدهم لصاحبه يا مخنث فأراد أن يرفعه
إلى السلطان فطلب إليه حتى عفا عنه ثم إنه وقع بينهما بعد ذلك شر فأراد أن يرجع فيما
عفا عنه فاتوا مالكا فسألوه فقال لا أرى له ان يرجع في ذلك (قال ابن القاسم)
وأخبرني من أثق به انه سمع مالكا يقول في رجل يقذف الرجل بالزنا ثم يعفو عنه
قبل أن ينتهي به إلى الامام ثم يريد أن يقوم عليه بذلك (قال) ليس ذلك له (قال مالك)
ولو أن قوما سمعوا رجلا يقذف رجلا فاتوا به إلى الامام فرفعوا ذلك إليه لم ينبغ للامام
ان يأخذه به حتى يكون صاحبه الذي يطلبه به (قال مالك) ولو أن الامام سمع
رجلا يقذف رجلا بالزنا ومعه من تثبت شهادته عليه أقام الامام عليه الحد (قال
ابن القاسم) وسألته غير مرة عن الرجل يقذف رجلا بالزنا ثم يريد أن يعفو قبل أن
يأتي السلطان اله ذلك (قال) نعم وقد كأن يقوله قبل ذلك وقال لي غير مرة وان أبى
السلطان فله ان يعفو في نفسه وقد كان يأخذ بقول عمر بن عبد العزيز في ذلك ثم
رجع عن رأيه في ذلك وقال إذا بلغ السلطان فلا عفو له الا ان يريد به سترا
(في الذي يسرق ويزني وينقب البيت فيدخل يده ويلقى المتاع)
(خارجا ثم يؤخذ والشهادة على السرقة والشفاعة للسارق)
(قلت) أرأيت أن شهدوا على رجل من أهل الذمة بالسرقة أتقطع يده أم لا في
قول مالك (قال) نعم تقطع يده (قال ابن القاسم) لان السرقة من الفساد في الأرض
ليست مما ينبغي ان يترك أهل الذمة عليها (قال) وليست السرقة في أهل الذمة
بمنزلة شرب الخمر والزنا الا ان مالكا قال لا يقطع ذمي ولا مسلم سرق خمرا ولا

270
خنزيرا وان كانت الخمر والخنزير لذمي لم يقطع فيها ذمي ولا مسلم (قلت) أرأيت
الذمي إذا زنى أيقيم مالك عليه الحد أم لا (قال) لا يقيمه عليه وأهل دينه اعلم به
(قلت) أرأيت أن أراد أهل الذمة ان يرجموه في الزنا أيتركون في ذلك (قال)
قال مالك يردون إلى أهل دينهم فأرى انهم يحمون بما شاؤوا ولا يمنعون من ذلك
ويتركون على ذمتهم (قلت) أرأيت أن شهدوا على أنه نقب البيت فادخل يده
فأخرج ثوبا أيقطع أم لا في قول مالك (قال) قال مالك يقطع (قال) مالك ولو ادخل
قصبة فأخرجه قطع (قلت أرأيت أن دخل حرزا فألقى المتاع خارجا ثم خرج في
طلب المتاع (قال) قال مالك يقطع (قيل) فان رؤى بالمتاع خارجا من الحرز ولم يخرج
هو حتى اخذ في داخل الحرز أيقطع (قال) شك فيها مالك وانا أرى ان يقطع
(قلت) أرأيت الشاهدين إذا شهدا على السرقة استحسن مالك لهما ان يشهدا على
المتاع انه متاع المسروق منه ولا يشهدان انه سرق حتى لا يقام على هذا الحد (قال) لم
اسمع من مالك فيه شيئا الا اني أرى انه لا حل لهما إذا رفع السارق إلى الامام ان يكفا
عن شهادتهما على السرقة (قال) ولقد سألنا مالكا عن السارق يشفع له قبل أن يصل
إلى الامام أترى ذلك (قال) اما كل من لم يعرف منه اذى للناس وإنما كانت لتلك منه
زلة فاني لا أرى به بأسا ان يتشفع له ما لم يبلغ الامام أو الشرط أو الحرس (قال)
مالك والشرط الحرس بمنزلة الامام عندي ولا ينبغي إذا وقع هذا بيد الشرط ان يتشفع له
أحد من الناس (قال مالك) وامام من قد عرف شره وفساده فلا أحب لاحد ان يتشفع
له ولكن يترك حتى يقام عليه الحد (قلت) أرأيت أن شهدوا على سارق انه نقب بيت
هذا الرجل ودخل فأخرج هذا المتاع من هذا البيت ولا يدري لمن هذا المتاع الرب
الدار أم لا (قال) يقطع ويجعل المتاع لرب البيت (قيل) خ ولا يسعهم ان يشهدوا
ان المتاع لرب الدار (قال) لا ولكن يشهدون بما عاينوا وما عرفوا والحكم يجعل
المتاع لرب الدار (قلت) وهذا قول مالك (قال) هذا رأيي

271
(الشهود على السرقة والغصب) (قلت) أرأيت أن نظر رجل إلى رجل عليه ثوب فاتاه رجل فغصبه منه أيسع
الشاهد ان يشهد ان الثوب للمغصوب منه (قال) يشهد ان الثوب غصبه هذا من
هذا (قلت) ولا يشهد ان الثوب ثوب المغصوب منه (قال) لا يشهد الا بما
عاين وعرف قبل هذا (قلت) وهذا قول مالك (قال) ما سمعت من مالك فيه
شيئا والامام يرد الثوب إلى المغصوب منه (قلت) أرأيت أن ابتاع رجل من
رجل سلعة ففلس المبتاع أيسع الشهود ان يشهدوا ان هذا المتاع متاع البائع أم لا
(قال) يشهدون ان هذه السلعة بعينها اشتراها هذا المفلس من هذا الرجل ولا
يشهدون الا بما عاينوا وعلموا
(في السارق يوجد في الحرز والدار مشتركة)
(قلت) أرأيت أن جمع المتاع وحمله فأدرك في الحرز قبل أن يخرجه أيقطع في
قول مالك (قال) قال مالك لا يقطع (قلت) فان أخرجه من البيت إلى الدار والدار
مشتركة مأذون فيها والبيت محجوز عن الناس (قال) قال مالك إذا أخرجه إلى
موضع من الدار وهال الدار فيه شركاء قطع لأنه قد صيره إلى غير حرزه (قلت)
أرأيت أن كانت دارا مأذونا فيها أم بيتا مأذونا فيه وفيه تابوت فيه متاع لرجل قد أغلقه
فأتى رجل ممن اذنه له فكسره أو فتحه فأخرج المتاع منه فاخذ بحضرة ما اخرج
المتاع من التابوت قبل أن يبرح به الا انه قد أخرجه من التابوت (قال) لا تقطع
يد هذا (قال) وإن كان من لم يؤذن له لم يقطع أيضا لأنه لم يبرح بالمتاع ولم يخرج
من حرزه وهذا قول مالك (قال) ولقد سئل مالك عن رجل أضاف رجلا فأدخله داره
وبيته فيها فعمد الرجل من جوف الليل إلى بعض منازل الدار وقد كان صاحب الدار
خزن فيها متاعا وأغلقه فكسر الضيف غلقه وسرق منه (قال) لا قطع عليه لأنه
ادخله داره وائتمنه وهو قول مالك (قال) وقال مالك في البيت يكون في الدار قد

272
أغلقه أهله والدار مأذون فيها فأخرج من هذا البيت شيئا واخذ في الدار انه لا تقطع
يده وكذلك التابوت (قلت) أرأيت الرجل يدخل الحرز فيأخذ المتاع فيناوله
رجلا خارجا من الحرز أيقطع الداخل أم الخارج أم يقطعان جميعا وكيف ان اخذ بعد
ما تناول المتاع صاحبه الخارج فاخذ قبل أن يخرج من الحرز أيقطعه أم لا (قال) قال
لي مالك ان خرج به من حرزه إلى خارج قطعت يده وان رمى بالمتاع خارجا واخذ
قبل أن يخرج هو فقد شك مالك فيه أن يقطع وقال مالك لي قبل ذلك يقطع ثم
توقف عنه وقال قد نزل بالمدينة ما يشبهه (قيل) ما هو (قال) رجلان دخلا بيتا
لرجل فكان أحدهما داخلا في البيت فربط المتاع بحبل واخذ يجره حتى أخرجه فقلت
لمالك أهو مثله قال نعم (قال مالك) ولكن لا أحب ان أتكلم فيه بشئ وقد
سمعته قبل هذا يقول في صاحبي الحبل انهما يقطعان جميعا وهو رأيي واما الذي ناول
صاحبه المتاع وهم في الدار فاني لا أرى ان يقطع الا الذي أخرجه من الدار (قلت)
أرأيت الخارج في مسألتي هل يقطع في قول مالك (قال) لا إلا أن يكون ادخل
يده في الحرز فأخرجه أو ربط له في الحرز فاجتره فإنه يقطع وكذلك لو أن أحدهما
دخل بيتا فأخرج مه متاعا إلى باب البيت فاخذه الذي هو خارج البيع (قال) إن كان
الداخل قد أخرجه من حرزه فتناوله الخارج قطع الداخل ولم يقطع الخارج وإن كان
لم يخرجه من حرزه وأخرجه الخارج من حرزه قطع الخراج ولم يقطع الداخل بمنزلة
ما قال مالك في النقب وذلك أن مالكا سئل عن السارقين ينقبان البيت فيدخل أحدهما
فيقرب المتاع إلى باب النقب فيتناوله الخارج (قال) إن كان الداخل لم يخرجه من
حرزه والخارج هو الذي ادخل يده إليه حتى أخرجه قطع الخارج ولم يقطع الداخل
فإن كان الداخل أخرجه من حرزه فتناوله الخارج قطع الداخل ولم يقطع الخارج
(قال ابن القاسم) ولو أنهما اجتمعت أيديهما في النقب بموضع لم يخرجه الداخل من
الحرز ولم يخرجه الخارج من الحرز كان فيما بين ذلك فيتناوله في وسط ذلك منه قطعا
جميعا وكان بمنزلة ما يتعاونان جميعا عليه فيخرجانه من حرزه فالباب الذي سألت عنه

273
عندي مثله (قلت) أرأيت لو أن رجلا أقام على رجل البينة انه سرق هذا المتاع منه
وقال الذي قبله السرقة المتاع متاعي فاحلف لي هذا الذي يدعي المتاع ان المتاع متاعه
وليس بمتاعي (قال) أرى ان تقطع يده ويحلف مدعى المتاع ان المتاع ليس للسارق
فان نكل حلف السارق ودفع إليه المتاع ولم تقطع يده (قلت) أرأيت أن سرق باب
الدار أيقطع أم لا (قال) نعم (قال) وقال مالك في المتاع يوضع في أفنية الحوانيت يبيعونه
هناك بالنهار (قال مالك) من سرق منه قطع فكذلك باب الدار عندي (قلت)
أرأيت مثل الموقف الذي لا حوانيت فيه يضع الناس أمتعتهم فيه للبيع فسرق من
ذلك المتاع رجل (قال) تقطع يده وهو قول مالك ولقد سألت مالكا عن الشاة يسرقها
الرجل من سوق الغنم يوقفها صاحبها للبيع فتكون مربوطة أو غير مربوطة الا انه قد
أوقفها (قال) أرى ان تقطع يده مربوطة كانت أو غير مربوطة (قلت) أرأيت
هذا الذي وضع متاعه في الموقف للبيع فقام عن المتاع وذهب وترك متاعه فسرقه
رجل أيقطع في قول مالك (قال) نعم لان مالكا قال في الذي يبيع متاعه في أفنية
الحوانيت ان هو قام عن متاعه وذهب فسرق رجل عنه انه يقطع (قال) مالك وكذلك أن
سرقه ليلا أو نهارا قطع (قلت) أرأيت أن شهدا على رجل انه جر هذا الثوب وهو
منشور على الحائط بعضه وفي الدار بعضه خارجا من الدار (قال) لا أرى ان يقطع إذا
كان إلى الطريق (قلت) فان ادخل قصبة أو عودا فأخرج به متاعا من الحرز أيقطع
أم لا في قول مالك (قال) بلغني عن مالك في هذا أنه قال يقطع ولم اسمعه انا منه (قلت)
أرأيت أن سرق متاعا من الحمام أيقطع أم لا (قال) قال مالك إذا كان مع المتاع من يحرزه
قطع وإن لم يكن مع المتاع من يحرزه لم يقطع الا ان يسرقه أحد ممن لم يدخل الحمام
فيقطع (قلت) فما فرق ما بين هذا المتاع وبين المتاع الذي يوضع للبيع وقد قلتم في
المتاع الذي يوضع للبيع ان صاحبه إذا قام عنه فسرق منه رجل قطع (قال) ذلك حرزه
وموضعه وفناؤه ولا يشركه في مجلسه أحد واما الحمام فإنما هو مشترك لمن دخله والموضع
الذي فيه الثياب مشترك بمنزلة الصنيع الذي يصنع في البيت فيدخله القوم فيسرق مما

274
في ذلك البيت فليس على من سرق منه شيئا قطع (قال مالك) وان سرق هذا المتاع
الذي في الحمام الذي ليس عنده أحد رجل ممن لم يدخل الحمام نقب فأخرجه فإنه يقطع
(قلت) وكيف يسرق هذا (قال) ينقب من خارج أو يحتال له حتى يخرج المتاع ولم
يدخل الحمام (قلت) أرأيت لو أني أذنت لرجل ان يدخل بيتي أو دعوته إلى الطعام
فسرق أيقطع أم لا في قول مالك (قال) لا يقطع عند مالك وهو خائن (قلت)
والحوانيت من سرق منها أيقطع في قول مالك (قال) نعم (قلت) أرأيت أن شهدوا
انه دخل دار هذا الرجل ليلا فكابره بالسلاح فاخذ متاعه (قال) قال مالك تقطع
يده ورجله (قال مالك) وهو محارب (قيل) أفيقتله (قال) قال مالك الامام مخير
في المحارب إذا اخذ المال ولم يقتل ان شاء قتله وان شاء قطع يده ورجله وخلى عنه
(قلت) أرأيت أن شهدوا عليه انه كابره نهارا في الزقاق بالسلاح على متاعه أتجعله
محاربا في قول مالك (قال) إن كان شيئا على وجه المحاربة لقيه في موضع فكابره بالسلاح
وإن كان في مصر فهو محارب عند مالك (قلت) أرأيت أن اختلس منه أتقطع يده
في الخلسة أم لا (قال) قال مالك لا تقطع في الخلسة (قلت) أرأيت أن شهدوا على
أمة أو حرة أو ذمية أو أم ولد أو مدبرة أو عبد بالسرقة أيقطع هؤلاء في قول مالك
(قال) نعم (قلت) فالحربي إذا دخل بأمان فسرق أيقطع (قال) نعم لأنه لو قتل
قتلته وان تلصص قطعت يده ورجله أو صلبته (قلت) أرأيت أن شهدوا على صبي
أو مجنون مطبق أو على من يجن ويفيق انهم سرقوا أيقطع هؤلاء (قال) اما الصبي
والمجنون المطبق فلا يقطع هؤلاء في قول مالك واما الذي يجن ويفيق فان سرق
في حال إفاقته فان يقطع وان سرق في حال جنونه فلا يقطع (قلت) أرأيت أن
سرق في حال إفاقته ورفعه إلى السلطان في حال جنونه أيقطعه أم ينتظر حتى يكشف
ذلك عنه وهو ممن يجن في رأس كل هلال ثلاثة أيام أو يومين (قال) لا يقطع حتى
يفيق وهو قول مالك (قتل) أرأيت الدار المشتركة المأذون فيها تربط فيها الدواب
فيسرق منها رجل (قال) إن كان ذلك الموضع مربطا للدابة معروفا قطع الذي سرقها

275
(قلت) وكذلك لو كان لها مربط معروف في السكة فسرقها رجل من ذلك الموضع
أيقطع أم لا في قول مالك (قال) نعم إذا كان بفنائه ومعتلف له معروف فأرى ان
تقطع يده (قال) وقال مالك في الدابة تكون عند باب المسجد واقفة فيسرقها رجل
انه يقطع إذا كان مع الدابة من يحفظها (قلت) فإن لم يكن مع الدابة من يحفظها لم
يقطع (قال) نعم (قلت) ولم لا يقطع (قال) لأنها قد صارت مخلاة فلا قطع على
من اخذها والتي معها من يحفظها ويمسكها فهو حرز لها ومرابطها المعروفة حرز لها فمن
احتلها من مرابطها لمعروفة لها فاخذها فهذا يقطع أيضا (قلت) أرأيت
الدار المشتركة إذا كان فيها بيوت لقوم شتى والدار مأذون فيها فينشر رجل ثيابه
على ظهر بيته وبيته محجور عن الناس فيسرق رجل ثيابه التي على ظهر بيته (قال)
يقطع في هذا (قال) وان نشره في صحن الدار لم يقطع إذا كان سارقها من أهل
الدار وإن كان سارقها من غير أهل الدار قطع إلا أن تكون دارا مباحة لا يمنع منها
أحد فإذا كانت كذلك لم يقطع سارق ذلك كان من أهل الدار أو من غيرها
(قلت) أرأيت الأب والأم أيقطعان ان سرقا من مال الولد (قال) لا (قلت)
وتحفظه عن مالك (قال) نعم (قلت) فالأجداد للآباء والأمهات (قال)
أحب إلي ان يدرأ عنه الحد لأنه أب ولكن مالكا جعل في الجد إذا قتل ابن ابنه
التغليظ من الدية ولم يقتله وجعله أبا فان قال رجل يقطع لأنه لا تلزمه نفقته فالوالد
لا تلزمه نفقة ابنه الكبير ولا ابنته الثيب ولا قطع عليه فيما سرق من أموالهما
ولا حد في وطئ جواريهما وكذلك هذا لا حد عليه ولا قطع عليه فيما سرق من
أموالهما ولا نفقة وقد قيل ادرؤا الحدود بالشبهات (قلت) أرأيت الولد إذا
سرق من مال الأب أيقطع أم لا (قال) نعم (قلت) أتحفظه عن مالك (قال) نعم
وقد قال مالك إذا زنى الابن بجاريته حد فكذلك السرقة (قلت) أرأيت المرأة
إذا سرقت من مال زوجها هل تقطع (قال) نعم إذا سرقت من مال زوجها في غير
بيتها الذي تسكن فيه وكذلك خادمها إذا سرقت من مال الزوج من بيت الزوج

276
وقد حجره عليهم أو سرق خادم الزوج من مال المرأة من بيت قد حجرته عليهم
قطعوا أيضا (قلت) أرأيت أبي ورجلا أجنبيا هل يقطعان جميعا إذا سرقا مني سرقة
قيمتها ثلاثة دراهم (قال) لا يقطعان (قال ابن القاسم) وكل من لو سرق منى ممن قد
بلغ الحد إذا سرق منى ومعه أجنبي شركه فيها مثل عبدي وأجيري الذي ائتمنته على
دخوله بيتي فلا قطع على واحد منهما وان تعاونا في السرقة (قال ابن القاسم) وهذا
الذي سمعته عمن أرضى من أهل العلم (قلت) فان سرق رجل وصبي صغير أو
مجنون سرقة قيمتها ثلاثة دراهم أيقطع الرجل (قال) نعم (قلت) أرأيت الشريك
يسرق من متاع بينه وبين شريكه (قال) سئل مالك عن شريك سرق من متاع
بينه وبين شريك له قد أغلقا عليه (قال مالك) لا أرى ان يقطع (قال ابن
القاسم) وبلغني عن مالك انه كأن يقول لو أن شريكين استودعا رجلا متاعا فسرقه
أحدهما منه رأيت أن يقطع إذا كان فيما سرق من حظ صاحبه فضل عن جميع حصته
ربع دينار فصاعدا ولم يجعل هذا عنده مثل الذي يغلقان عليه الباب (قلت) أرأيت أن
شهد اخوان لأخيهما ان هذا السارق سرق متاعه (قال) قال مالك إذا كان
الاخوان صالحين مبرزين في العدالة جازت شهادتهما لأخيهما ولم اسمعه يذكر في
السرقة شيئا الا اني سمعته يذكر ان شهادتهما لأخيهما جائزة وارى انهما في السرقة
بمنزلة الحقوق (قلت) أرأيت أن شهدوا اني سرقت من مكاتبي (قال) قال مالك إذا
شهدوا ان المكاتب سرق من مال سيده لم يقطع فالسيد مثله (قلت) أرأيت أن
شهدوا على الأب انه سرق من مال مكاتب ابنه (قال) لا أرى ان يقطع لان الأب
لو سرق من مال عبد ابنه مالا لم يقطع فكذلك مكاتب ابنه
(فيمن سرق مصحفا أو شيئا من الطعام والفواكه)
(قلت) أرأيت أن سرق مصحفا (قال) يقطع (قلت) أرأيت الطعام البطيخ والقثاء
واللحم وما أشبه هذا من الطعام الذي لا يبقي في أيدي الناس إذا سرق رجل منه ما يبلغ
ربع دينار (قال) قال مالك نعم يقطع (قال) وقال مالك ان الأترجة التي قطع فيها

277
عثمان إنما كانت أترجة تؤكل ولم تكن ذهبا (قلت) أرأيت قول النبي صلى الله
عليه وسلم لا قطع في ثمر معلق ولا في حريسة جبل فإذا آواه المراح أو الجرين فالقطع
فيما بلغ ثمن المحجن هل أريد بالثمر المعلق انه طعام لا يبقى في أيدي الناس فمن ثم دفع
الحد (قال) ليس هكذا إنما أريد بذلك الحرز الا ترى ان الحريسة في الجبال لا قطع فيها
فإذا أواها المراح قطع سارقها فهذا يدلك على أنه إنما أراد الحرز ولم يرد الطعام الذي
يبقى في أيدي الناس أو لا يبقي وقد قال مالك في جذع من النحل قائم في النخل قد
ذهب رأسه فقطعه رجل فسرقه انه لا يقطع وإن كان في حرز. فإن كان صاحبه قد
قطعه ووضعه في حائطه وآواه إليه وأحرزه فسرقه رجل قطع (قلت) أرأيت أن سرق
بغلا أيقطع في قول مالك (قال) نعم إذا كان قد آواه الحرز ما لم يكن قائما (قلت)
أرأيت إذا سرق رجل زرنيخا أو نورة أو نطرونا أو حجارة وقيمة ذلك ثلاثة دراهم
أيقطع في قول مالك (قال) نعم إذا سرق ما قيمته ثلاثة دراهم قطع عند مالك في جميع
ذلك (قلت) أرأيت أن سرق الماء وقيمة الماء ثلاثة دراهم أيقطع في قول مالك
(قال) نعم في رأيي
(فيمن سرق خمرا أو شيئا من مسكر النبيذ)
(قلت) أرأيت أن سرق خمرا أو خنزيرا من أهل الذمة أو من غير أهل الذمة (قال)
قال مالك لا يقطع سارق الخمر والخنزير وان سرقه من أهل الذمة لم يقطع واغرم ثمنه
لهم إن كان سرقه من ذمي أو معاهد (قلت) أرأيت أن سرق مسكر النبيذ (قال) هذا
خمر عند مالك (قلت) أرأيت أن سرق شيئا من الطير بازيا أو غيره (قال) قال مالك
من سرق شيئا من الطير قطع (قلت) أرأيت أن سرق السباع التي لا تؤكل لحومها
أيقطع في قول مالك (قال) أرى ان ينظر فإن كان في جلودها ما لو ذكيت كان
فيها قيمة ما يقطع فيه رأيت أن يقطع ان مالكا قال لا بأس بجلود السباع إذا
ذكيت ان يصلى عليها وبها وبان تؤكل أثمانها فإذا كانت كذلك فقد كان له ان
يذكيها ويبيع جلودها وليست مثل جلود الميتة (قال) وقال مالك في جلود الميتة

278
انه لا يقطع فيها (فقيل) له فان دبغت ثم سرقت (قال) إن كان فيها من صنعتها ما تكون
قيمته ثلاثة دراهم سوى جلودها رأيت أن يقطع (قال ابن القاسم) فكذلك جلود
السباع مع لحومها مثل ما قال مالك في جلود الميت المدبوغة (قلت) أرأيت لو
سرق كلبا (قال) بلغني عن مالك ممن أثق به أنه قال لا يقطع في الكلب (قلت)
صائدا كان أو غير صائد (قال) نعم وهذا رأيي لان النبي صلى الله عليه وسلم حرم ثمنه
(قلت) أرأيت الرجل يسرق النخلة بأصلها فيها ثمرة أيقطع في قول مالك (قال)
قال مالك لا يقطع إذا كانت قائمة ثابتة. والشجر كلها قال مالك بهذه المنزلة فإن كان
صاحبها قد قطعها ووضعها في الجنان فكان ذلك حرزا لها قطع سارقها (قلت)
أرأيت الجرين إذا جمع فيه الحب والتمر فغاب عنه صاحبه ولى عليه باب ولا حائط
ولا غلق فسرق منه سارقا يقطع في قول مالك (قال) نعم يقطع في قول مالك الا ترى
ان الأمتعات التي في الأفنية التي تباع ان سارقها يقطع كان صاحبها عندهما أو لم يكن
عندها ليلا كان أو نهارا الا ترى ان الماشية إذا آواها المراح وإن كان مراحها في
غير الدور وليس عليها حيطان ولا اغلاق وبات أهلها في بيوتهم فسرق منها سارق
انه يقطع في قول مالك وكذلك الدواب التي في مرابطها المعروفة وإن لم يكن دونها
أبواب ولا اغلاق ولا أهلها عندها فان سارقها يقطع وكذلك قال مالك (قلت)
أرأيت المسافر إذا سافر فوضع متاعه في خبائه أو خارجا من خبائه وذهب لاستقاء
الماء أو لحاجة وترك متاعه فسرقه سارق أيقطع أم لا (قال) قال مالك يقطع والإبل
إذا كانت في رعيها لم يقطع سارقها فإذا آواها إلى مراحها قطع من سرقها من هناك
(قلت) فلو ضرب فسطاطه في سفر فسرق الفسطاط سارق أيقطع أم لا في قول
مالك (قال) نعم يقطع في المتاع الموضوع الا ترى أنه يقطع في المتاع الموضوع في غير
خبائه فكذلك الخباء (قلت) أرأيت أن أتى إلى قطار فاحتمل منه بعيرا أو سرق
من محمل شيئا (قال) قال مالك يقطع من حل بعير من القطار أو اخذ من المحمل
شيئا على وجه الاستسرار (قلت) أرأيت أن اخذ غرائر على البعير أو شقها

279
فاخذ منها المتاع أيقطعه في الوجهين جميعا في قول مالك (قال) نعم (قال)
وقال مالك وان اخذ ثوبا ملقى على ظهر البعير مستسرا لذلك قطع (قلت) فان اخذه
غير مستسر (قال) وإذا اخذه مختلسا لم يقطع عند مالك (قلت) لم لا يقطع عند
مالك المختلس (قال) مضت به السنة وقد قاله زيد بن ثابت لا يقطع المختلس (قلت)
أرأيت النباش أيقطع في قول مالك (قال) نعم إذا أخرجه من القبر قطع (قلت)
أرأيت الرفقاء في الاسفار ينزل كل قوم على حدة فيسرق بعضهم من بعض (قال)
سالت مالكا عنها فقال يقطعون قال مالك وإنما ذلك عندي بمنزلة الدار فيها المقاصير
والسكان متحاجزين فيسرق بعضهم من بعض انه يقطع (قلت) أرأيت لو أن رجلا
طرح ثوبا له في الصحراء وذهب لحاجته وهو يريد الرجعة إليه فيأخذه فسرقه سارق
مستسرا أيقطع أم لا في قول مالك (قال) لم اسمع من مالك فيه شيئا لا انه إن كان
منزلا نزله في ذلك الموضع الذي وضع فيه ثوبه قطع في رأيي وإن لم يكن منزلا
نزله لم يقطع سارقه (قلت) اما ينظر في هذا المنازل والبيوت والدور وهي
الحرز فمن سرق منها قطع (قال) نعم (قلت) ان غاب أربابها أو حضروا (قال)
نعم وإنما ينظر في هذا إلى المواضع التي جعلت هذه الأشياء حرزا لها فمن سرق من
هناك قطع وظهور الدواب إذا وضع عليها المتاع حرز لذلك المتاع عند مالك
وكذلك القطار يقاد فيأخذ منه رجل بعيرا فذلك حرزه (قلت) فان احتل البعير
فاخذ مكانه أيقطع أم حتى ينحيه وكيف إن كان إنما نحاه قليلا (قال) لم يحد لنا مالك
في ذلك حدا الا انه إذا احتله عن مربطه وسار به وصار في يديه قطع (قلت)
أرأيت النباش ما فرق ما بينه وبين الذي طرح ثوبه في الصحراء (قال) لان القبر
حرز لما فيه (قلت) أرأيت الطرار (1) ان طر من كم رجل أو من ثيابه ثلاثة دراهم
من داخل الكم أو من خارج الكم أيقطع في قول مالك أم لا (قال) قال مالك يقطع



(1) ا (الطرار) قال في المصباح طررته طرا من باب قتل شققته ومنه الطرار وهو الذي يقطع
النفقات ويأخذها على غفلة من أهلها أهم كتبه مصححه.
280
(قلت) وكذلك أن اخرج من خفه ثلاثة دراهم أيقطع أم لا (قال) نعم في رأيي
(قلت) أرأيت الصبي الحر إذا سرقه رجل أيقطع في قول مالك (قال) قال مالك
إذا سرقه من حرزه قطع (قلت) والحر والعبد في هذا سواء في قول مالك (قال)
نعم (قلت) أرأيت أن سرق ثوبا لا يسوى ثلاثة دراهم أو خرقة لا تسوى ثلاثة
دراهم وفي ناحية الثوب أو الخرقة ثلاثة دراهم مصرورة أيقطعه مالك أم لا (قال)
قال مالك من سرق ثوبا أو ما أشبهه مما يعلم الناس ان في مثله يسترفع الذهب
والورق وان كإن لم يعلم أن ذلك فيه حتى سرقه قطع ولا ينفعه جهالته وما كان من
شئ مثله لا يرفع فيه الذهب ولا الورق مثل الخشبة والحجر والعصا فيسرقه سارق
وفيه ذهب أو فضة وقيمة الذي سرق ليس يقطع في قيمته إلا أن يكون فيه ذهب
كثير أو فضة كثيرة فإنه لا يقطع حتى يكون قيمة الذي سرق بعينه سوى ما فيه ربع
دينار فصاعدا (قلت) أرأيت أن سرق عبدا كبيرا أعجميا أيقطع في قول مالك
(قال) نعم (قلت) وإن كان كبيرا فصيحا أيقطع أم لا في قول مالك إذا سرقه
(قال) لا يقطع (قلت) أرأيت أن شهد أحد الشاهدين انه سرق نعجة وشهد الاخر
انه سرق كبشا أيقطع (قال) لا يقطع لان شهادتهما قد اختلفت (قيل) ولا تراهما
قد اجتمعت شهادتهما على السرقة وان اختلفت في الذي سرق الا ترى أنهما قد شهد ا
انه سارق اجتمعا في ذلك وافترقا في الذي سرق (قال) إذا افترقا في الذي سرق عند
مالك رحمه الله لم اقطعه لأنهما لم يشهدا عل عمل واحد والسرقة عمل من الاعمال ليس
باقرار ولا يقطع بشهادة واحد (قيل) وكذلك أن شهد أحدهما انه سرق يوم الخميس
وشهد الاخر انه سرق يوم الجمعة (قال) نعم لا يقطع (قلت) وهذا كله قول مالك
(قال) نعم (قلت) أرأيت أن دخل سارق فسرق طعاما فأكله قبل أن يخرج من
حرزه فخرج وقد اكله أيقطع في قول مالك (قال) قال مالك لا يقطع (قلت)
أرأيت أن اخذ دهنا قيمته ثلاثة دراهم فردهن به رأسه أو لحيته في الحرز ثم خرج
به وقد استهلكه في رأسه ولحيته أيقطع في قول مالك أم لا (قال) إن كان خرج وفي

281
لحيته ورأسه من الدهن ما ان سلت بلغ ربع دينار فإنه يقطع والا لم يقطع (قلت)
أرأيت أن دخل الحرز فذبح شاة فأخرجها مذبوحة أو دخل الحرز فخرق ثيابا ثم أخرجها
مخرقة أو أفسد طعاما في الحرز وأخرجه وقد أفسده (قال) قال مالك ينظر قيمته خارجا
من الحرز حين أخرجه فإن كانت قيمته ربع دينار فصاعدا قطع ولا ينظر إلى قيمته
داخل الحرز (قلت) أرأيت أن اخذ وقيمة المتاع الذي أخرجه من الحرز ثلاثة
دراهم وكان قيمته يوم أخرجه من الحرز درهمين أيقطعه أم لا في قول مالك (قال)
قال مالك إنما ينظر إلى قيمة السرقة يوم سرقها ولا ينظر إلى قيمتها بعد ذلك غلت
أو رخصت فان أنت قيمتها يوم أخرجها من حرزها ما يقطع في مثله قطع وإن لم
يكن في قيمتها يوم أخرجها ما يقطع في مثله لم يقطع (قلت) أرأيت من سرق
مرة بعد مرة أتقطع يده اليمني ثم رجله اليسرى ثم يده اليسر س ثم رجله اليمني في قول
مالك (قال) نعم (قال) وقال مالك فان سرق بعد ذلك ضرب وحبس (قلت)
أرأيت إن سرق وليس له يمين (قال) قال مالك تقطع رجله اليسرى ولم اسمعه انا منه
ولكن بلغني عنه بعد ذلك ممن أثق به أنه قال تقطع يده اليسرى وقد كان وقف عن
قطع رجله بعدما قاله ثم قال تقطع اليد وقوله في الرجل أحب إلي هو الذي آخذ به
(قلت) أرأيت الذي لا يدين له ولا رجلين إذا سرق وهو عديم لا مال له
فاستهلك سرقته فاخذ أيضربه ويجنه ويضمنه السرقة في قول مالك (قال) نعم
ولم اسمعه انا منه (قال) وقال مالك إذا سرق وهو عديم لا مال له فاستهلك
الرجل السرقة وهو موسر ثم اخذ فقطعت يده وقد استهلك السرقة فإن كان يوم
قطعت يده معسرا لم يتبع بها وإن كان يسره ذلك قد ذهب عنه ثم أعسر ثم قطعت
يده وقد أيسر ثانية بعدد العسر لم يؤخذ منه شئ وان سرق وهو معسر ثم اخذ وهو
موسر قطعت يده ولم يؤخذ منه شئ وإنما يؤخذ منه إذا سرق وهو موسر فنما به
ذلك اليسر إلى أن قطع فهذا الذي يضمن السرقة في يسره ذلك فاما إذا انقطع يسره
ثم أيسر بعد ذلك فقطع لم يضمن تلك السرقة إذا كان قد استهلكها وكذلك لو سرق

282
وهو معسر ثم أيسر بعد ذلك قطع ولم يضمن إذا كان قد استهلك السرقة
(الرجوع عن الشهادة وخطأ الامام)
(قلت) أرأيت الرجل يشهد عليه شاهدان انه سرق ثم أتى بآخر قبل أن يقطع
القاضي هذا المشهود عليه الأول فقالا وهمنا هو هذا الآخر (قال) لا رأى أن يقطع
هذا ولا هذا (قيلت) أتحفظه عن مالك ان ما أخطأ به الامام ان ذلك في بيت المال
(قال) حرصنا على أن نسمع من مالك فيه شيئا فأبى ان يجيبنا وارى أن يكون ذلك
على عاقبته مثل خطأ الطبيب والمعلم والخاتن (قلت) أرأيت أن شهدا على رجل
بالسرقة ثم رجعا عن شهادتهما قبل أن يقضي القاضي بشهادتهم (قال) ذلك لهما عند
مالك (قلت) وكذلك كل من شهد شهادة فرجع عنها قبل أن يقضي بها فله ذلك في
قول مالك ولا يكون عليه شئ في قول مالك (قال) نعم واما الشاهدان إذا رجعا ان
كانا عدلين بينة عدالتهما واتيا من أمرهما بأمر يعرف به صدق قولهما وانهما لم يتعمدا
فيه حيفا لم أر ان يقال لهما شئ وأقيلا وجازت شهادتهما بعد ذلك إذا تبين صدق
ما قالا فإن كانا على غير ذلك من بيان ومعرفة لم أر ان قبل شهادتهما فيما يستقبلان ولو
أدبا لكانا لذلك أهلا (قلت) أرأيت أن رجعا عن شهادتهما بعد ما قضى القاضي
بشهادتهما وقد شهدا في دين أو طلاق أو حد من الحدود أو عتاق أو غير ذلك
(قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا وما سمعت أحدا من أصحابنا يحكي عن مالك فيه
شيئا الا اني أر ان يضمنا ذلك في الدين ويكون عليهما العقل في القصاص في
أموالهما وتكون عليهما قيمة العتق والطلاق إن كان دخل لها فلا شئ عليهما ان
كإن لم يدخل لها فعليهما نصف الصداق وقد بلغني عن عبد العزيز بن أبي سلمة أنه قال
في الأموال فأرى عليهم غرم ذلك في أموالهم أخبرني به من أثق به من أصحابي
(قلت) أرأيت المشهود عليه إذا زكيت البينة الذين شهدوا عليه عند القاضي أيقول
القاضي للمشهود عليه انهم قد شهدوا وقد زكوا فعندك ما تدفع به شهادتهم عنك
(قال) لم اسمع من مالك فيه شيئا الا ان مالكا قال ينبغي للامام أن يسأل عن

283
الشهود في السر (قال ابن القاسم) فأرى إن كان الذي شهدتا عليه الشهود يعرف
وجه التجريح ولا يجهل ذلك لم أر للامام أن يقول جرج إن شئت فإن كان يجهل ذلك
وهو ممن لا يعرف ان له ان يجرحهم مثل المرأة الضعيفة أو الرجل الجاهل رأيت أن يقول
له القاضي ذلك ويخبره ان له ان يجرحهم ويدفع شهادتهم عن نفسه لعل
عندهم ما يدفع به عن نفسه من عداوة بينه وبينهم أو شوكة مما لا يعلمه المعدلون وذلك أن
ي سألت مالكا عن الرجل يدعى على الرجل حقا وقد كانت بينه وبينه مخالطة فيقال
للمدعى عليه احلف وابرأ فينكل عن اليمين أترى ان يقضى عليه بالحق أم يقول
الامام للمدعى احلف واستحق والمدعى عليه لم يطلب يمنى المدعى (قال مالك)
فأرى للامام أن لا يقضي بالحق على المدعى عليه حتى يقول للمدعى احلف ان الحق حقك
فإن حلف والا لم يقض له بشئ (قال مالك) لان الناس ليس كلهم يعرف ان اليمين
ترد على المدعى فلا ينبغي للامام ان يقضى على المدعى عليه إذا نكل عن اليمين حتى
يستحلف المدعى فكذلك مسألتك في التجريح إن كان ممن يجهل ذلك رأيت أن يعلمه
الامام الذي له في ذلك قبل أن يقضى عليه (قال مالك) وإذا أراد القاضي ان يقضي
على رجل بقضية فوجه ذلك أن يقول القاضي للمقضى عليه أبقيت لك حجة فان
قال لا قضى عليه وان جاء بعد ما قضى عليه يطلب بعض ذلك لم يقبل القاضي ذلك
منه الا ان يأتي بأمر يستدل له على ما قال مثل أن يكون لم يعلم ببينة هي له أو ما أشبه
ذلك والا لم يقبل منه (قلت) أرأيت أن أقام المشهود عليه البينة على الشهود بعد
ما زكوا انهم شربة الخمر أو اكلة الربا أو مجانين أو نحو هذا وانهم يلعبون بالشطرنج
أو بالنرد أو بالحمام أيكون هذا مما تجرح به شهادته في قول مالك (قال نعم (قلت)
أرأيت أن قال المشهود عليه انا أقيم البينة انهم قد حدوا في القذف (قال) سئل مالك
عن الرجل المحدود في القذف الذي يعرف بالصلاح والحالة الحسنة قبل القذف كيف
يعدف من توبته حتى تقبل شهادته (قال) إذا زاد خير على حالته التي كان عليها والناس
تريدون في الخير وقد كان عمر بن عبد العزيز عندنا بالمدينة رجلا صالحا ثم ولى الخلافة

284
فزاد على حالته التي كان عليها وزهد في الدنيا فبهذا يعتبر وإن كان داعرا حين ضرب
في الحد في القذف فعرفت توبته فهذا تقبل شهادته فأرى ان أقام على الشهود البينة
انهم قد جلدوا في القذف فان القاضي ينظر إلى حالتهم اليوم والى حالتهم قبل اليوم فان
عرف منهم تزيدا في الخير أو توبة عن حالة كانت لا ترضى قبل شهاداتهم (قلت)
فهل يحد النصراني في القذ في قول مالك (قال) نعم إذا قذف مسلما حد (قيل)
والعبد (قال) نعم (قلت) وكم حدودهما في قول مالك في الفرية (قال) قال لي مالك
النصراني حده ثمانون في الفرية والعبد حده أربعون في الفرية (قلت) أرأيت أن
أسلم هذا النصراني أتقبل شهادته وقد كان حد في الفرية ثم أسلم بحضرة ما حد وشهد
(قال) نعم تقبل شهادته وهذا رأيي لان الله تبارك وتعالى قال في كتابه قل للذين كفروا
ان ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف (قلت) فهل تجوز شهادة العبد في شئ من الحدود أو
الجراحات أو شئ من الحقوق قل أو كثر (قال) قال مالك لا تجوز شهادة العبد في شئ
من الأشياء (قلت) أرأيت أن شهد رجل وامرأتان ان هذا الرجل سرق متاع
فلان أتقبل شهادة النساء في الحدود ويضمنه السرقة عديما كان أو موسرا في قول مالك
(قال) قال مالك في الشاهد الواحد يشهد على الرجل انه سرق متاع فلأن لان الحد
لا يقام بشهادة الشاهد الواحد ولكن يحلف المشهود له مع شاهده فيستحق متاعه ويدفع
القطع فالرجل والمرأتان تجوز شهادتهم لرب المتاع فيضمن السارق قيمة ذلك ولا قطع
عليه ولا يمين على صاحب المتاع فإذا حلف مع شاهده فإن كان المتاع قائما بعينه اخذه
وإن كان مستهلكا ضمن ذلك المشهود له (قلت) رأيت أن كان عالما أيضمن
أم لا (قال) نعم يضمن في رأيي (قلت) لابن القاسم أتجوز شهادة الشهود على
شهادة الشهود في السرقة (قال) قال لي مالك تجوز شهادة الرجلين على الرجل في
الفرية والحدود كلها والسرقة حد من الحدود (قلت) أرأيت أن شهد الشهود على
رجل غائب انه سرق فقدم ذلك لرجل الغائب وغاب الشهود أو كانوا حضورا فقدم
هذا الذي شهد عليه بالسرقة وهو غائب أيقطعه الامام أم لا يقطعه حتى يعيد عليه البينة

285
(قال) لم اسمع من مالك فيه شيئا وارى انه يقطع إذا كان الامام قد استأصل البينة
في اتمام الشهادة لان مالكا يجيز الشهادة على الغائب (قلت) أرأيت أن شهد الشهود
على رجل بشئ من الحقوق التي للناس والحدود التي هي لله فلم يطعن المشهود عليه
على الشهود بشئ أيحكم مالك على المشهود عليه مكانه إذا لم يطعن الشهود عليه في
شهادة الشهود أم لا يحكم حتى يسأل عن الشهود (قال) أرى أن لا يحكم حتى يسأل
عن الشهود (قلت) أرأيت أن تقادمت السرقة فشهدوا عليه بعد حين من الزمان
أيقطع في قول مالك أم لا (قال) نعم يقطع عند مالك وان تقادم (قلت) وكذلك
الحدود كلها شرب الخمر والزنا (قال) نعم لا يبطل الحد في شئ مما ذكرت لك وان
تقادم ذلك وطال زمانه أو تاب السارق وحسنت حاله وهذا الذي سمعت وهو رأيي
(قلت) وكذلك أن أقر بعد طول من الزمان (قال) نعم (قلت) أرأيت أن
شرب الخمر وهو شاب في شبيبته ثم تاب وحسنت حاله وصار فقيها من الفقهاء عابدا
فشهدوا عليه أيحد أم لا في قول مالك (قال) نعم يحد (قلت) أرأيت السكران
يؤتى به إلى الامام أيضربه مكانه أم يؤخره حتى يصحو في قول مالك (قال) قال
مالك حتى يصحو (قلت) أرأيت السرقة إذا سرقها السارق فباعها فاخذ السارق
ولا مال له فقطعت يده ثم أصابوا السرقة التي باع قائمة عند مشتريها (قال) قال مالك
تؤخذ السرقة من المشتري ويتبع المشترى السارق بالثمن الذي دفع إليه (قلت)
أرأيت المسروق منه أيكون له ان يتبع المشترى بقيمة السرقة إن كان المشتري قد
أتلفها في قول مالك (قال) نعم إذا كان هو أتلفها كلها أو حرقها أو باعها فإن كان إنما أصابها
تلف من أسماء فلا شئ عليه وهو قول مالك (قلت) أرأيت لو أن رجلا سرق من
رجل ثوبا فصبغه احمر فاخذ السارق ولا مال هل غير الثوب فقطع أيكون لرب الثوب
ان يأخذ الثوب أم لا (قال) ان أحب صاحب الثوب ان يعطي السارق قيمة الصبغ
ويأخذ ثوبه فذلك له وان أبي بيع الثوب فإن كان في ثمنه وفاء بقيمة الثوب يوم سرقه
السارق كان ذلك لرب الثوب المسروق منه الثوب وإن كان أكثر من ذلك أعطى

286
السارق الفضل وإن كان أقل لم يكن للمسروق منه على السارق شئ إذا لم يكن للسارق
مال (قلت) فان قال رب الثوب المسروق منه انا اخذ ثوبي وادفع إليه قيمة صبغه
(قال) ذلك له وكذلك الغاصب (قلت) أرأيت أن سرق ثوبا فجعله ظهارة جبة أو
ظهارة قلانس أو بطائن للجباب ثم اخذ السارق ولا مال له غير ذلك فقال ربل الثوب
انا آخذ ثوبي وإن كان مقطوعا وأفتقه (قال) ذلك له في رأيي لان مالكا قال لو
سرق خشبة فأدخلها في بنيانه أو عمودا فأدخله في بنيانه ان لربه ان يأخذه وإن كان
فيه خراب بنيانه هذا فكذلك الذي سألت عنه (قلت) فان أبى ان يأخذ ثوبه
فاسدا (قال) يصنع به إذا كما وصفت لم في الذي صبغ الثوب (قلت)
أرأيت أن سرق حنطة فطحنها سويقا ولتها ثم اخذ ولا مال له غيرها فقطعت يده
فقال رب الحنطة انا اخذ هذا السويق (قال) هو كما وصفت لك يباع هذا السويق
ويعطى حنطة مثل حنطته تشرى له من ثمن السويق (قلت) أرأيت أن سرق نقرة
فضة فصاغها حليا أو ضربها دراهم ثم اخذ ولا مال له غيرها فقطع كيف يصنع بهذا
في قول مالك (قال) لم اسمع من مالك فيه شيئا الا اني أرى أن لا شئ له الا وزن
فضته لأني ان أجزت له اخذها بلا شئ كنت قد ظلمت السارق عمله وان قلت
للمسروق منه اعطه قيمة عمله كانت فضة بفضة وزيادة فهذا الربا (قلت) أرأيت أن
سرق مي نحاسا فصنعه قمقما أو قدرا فاخذ وقطعت يده ولا مال له غير ذلك (قال)
هذا يكون بمنزلة الفضة ويكون له مثل وزن نحاسه وقد سالت مالكا عما استهلك من
النحاس والحديد والتبر والفضة مما يوجد مثله أهو مثل الذهب والورق والطعام
(قال) قال مالك نعم ليس له في هذه الأشياء الا مثل ما استهلك له (قلت) أرأيت أن
سرق من رجل خشبة فصنعها بابا (قال) لم اسمع من مالك فيه شيئا وارى أن يكون
عليه في الخشبة قيمتها (قلت) أرأيت أن سرق من رجل غنما فقدمه فقطعت
يده ولا مال له وقد باع الغنم ثم أصابها المسروق منه عند رجل قد ولدت الغنم عنده أولادا
(قال) قال مالك يأخذ الغنم وأولادها المسروق منه ويرجع المشترى بالثمن على السارق

287
(قلت) أرأيت أن سرق واليمين شلاء (قال) عرضناها على مالك فمحاها وأبي ان
يجيبنا فيها بشئ ثم بلغني عن مالك أنه قال تقطع يده اليسرى يبتدأ بها (قال ابن
القاسم) وكأنه ذهب إلى هذه الآية والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما (قال ابن
القاسم) وقوله الأول الذي ترك أحب إلي وهو الذي آخذ به انه تقع رجله اليسرى
(قلت) فان سرق واليدان والرجلان جميعا شلل (قال) يضرب ويحبس ولا يقطع
منه شئ لان مالكا قال لا يقطع شئ من الشلل (قلت) فان سرق وأصبعه اليمنى
الابهام ذاهبة أو إصبعان أو ثلاثة أو جميع أصابع كفه اليمنى ذاهبة أيقطع في قول مالك
كفه أو رجله اليسرى (قال) اما الإصبع إذا ذهبت فأرى ان يقطع لأني سالت
مالكا عن الرجل يقطع يد الرجل اليمنى وابهام يده اليمنى مقطوعة (قال) أرى ان
تقطع يده (قال مالك) والإصبع اليسرى. فأرى ان تقطع يده على ما قال مالك (قال)
واما إذا لم يبق الا إصبع أو إصبعان فلا أرى ان تقطع يده لان من لم تبق له الا إصبع
أو إصبعان فهو مثل الأشل فتقطع رجله اليسرى إذا كان أشل اليدين بحال ما وصفت لك
(قلت) وكذلك لو كانت أصابع يده ورجله بحال ما وصفت لك لم يقطع وضرب
وسجن ضمن السرقة (قال) نعم مثل الأشل اليدين (قلت) أرأيت أن سرق فحبسه
القاضي ليقطع يده بعدما زكيت البينة فوثب عليه رجل من السجن فقطع يده اليمنى
(قال) قال مالك ينكل الذي قطع يده ولا شئ على السارق ولا على القاطع الا ان
السلطان يؤدبه فيما صنع (قلت) فان سجنه القاضي وقد شهدوا عليه بسرقة ولم تزك
البينة فوثب عليه رجل وهو في السجن فقطع يده أتقطع يده في قول ملك أم لا (قال
ابن القاسم) أرى ان الفاضي يكشف عن شهادة هؤلاء الشهود فان زكوا درأ عن القاطع
القصاص وأدبه ولم يقطع من السارق شيئا لأنه قد قطعت يده وإن لم تزك البينة
وبطلت أمكنته من القصاص من صاحبه (قلت) أرأيت أن امر القاضي بقطع
يمينه فأخطأ القاطع فقطع شماله (قال) قال مالك يجزئه ولا تقطع يمينه (3) (قال سحنون)



(3) (قوله قال سحنون وكذلك ذكر أخ) كذا في نسخة وفي نسخة أخرى وكذلك بلغني
عن علي الخ باسقاط نسبته إلى سحنون فحرر ا ه‍ كتبه مصححه
288
وكذلك ذكر عن علي بن أبي طالب (قلت) فهل يكون على القاطع شئ
(قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أرى على القاطع شيئا ولو كأن يكون على
القاطع عقل السارق لقطعت يد السارق اليمنى لسرقته
(باب رد السارق السرقة وتركه ثم رفعه بعد ذلك)
(قلت) أرأيت أن سرق فاخذه أرباب السرقة فرد عليهم سرقتهم فتركوه ثم رفعه
قوم أجنبيون أو هم إلى السلطان بعد ذلك بزمان وقد رد السرقة (قال) يقطع وقد
أخبرتك ان مالكا قال في الذي يعفو عنه أولياء المتاع عند القاضي ثم يرفعه أجنبي فإنه
يقطع فهذا مثل ذلك (قلت) فان ذلك لم يذكر فيه عن مالك انه رد المتاع وهذا قد
رد المتاع أفيقطع بعد رد المتاع (قال) نعم يقطع رد المتاع أو لم يرده وذلك عنده سواء
ويقطع (قلت) أرأيت أن قطعه في سرقة أيكون هذا القطع لما كان قبله من كل
سرقة سرقها (قال) قال مالك نعم ولكل قصاص وجب عليه في يمينه من قطع في سرقة
أو جناية على أحد وكذلك لو ضرب في شرب خمر أو أقيم عليه حد الزنا فهذا لما كان
قبله فان فعل لعد ذلك شيئا أقيم ذلك عليه واما ما كان قبل ذلك فالقطع والضرب لذلك
كله ولا شئ عليه في الحد لما كان قبل ذلك (قلت) أرأيت أن رفعه هذا المسروق
منه فقطعه ولا مال عنده الا قيمة سلعته التي سرق وقد كان سرق قبل ذلك من ناس
شتى فلما قطع لهذا الذي رفعه واخذ منه قيمة متاعه قدم الذين سرق منهم قبل ذلك
فقاموا على هذه القيمة التي اخذها هذا الذي قطع يد السارق (قال) أرى ان ذلك
الشئ الذي وجد عنده إن لم يزل دائما منذ سرق منهم كلهم فإنهم شركاء في تلك القيمة
وإن كان يسرا حدث نظر إلى كل سرقة سرقها في يسره ذلك الذي حدث وكانوا في
هذه القيمة شركاء يضرب كل واحد منهم بقيمة سرقته وليس للذين سرق منهم قبل
هذا اليسر في هذه القيمة قليل ولا كثير لان هذا يسر حدث بعد سرقته لأنه لو قطع
له وحده لم يكن له من هذا اليسر قليل ولا كثير وإنما كان يدخل مع هؤلاء في
هذه القيمة لو أن يسره تمادى به من يوم سرق منه إلى يوم قطع (قلت) ولا ينظر

289
إلى من قضى له بالقيمة وأصحابه غيب فجعلها له دونهم لأنه قد حكم له بها دونهم (قال)
لا لأنه بمنزلة رجل فلس ولرجال غائبة عليه دين فقضى هؤلاء الحضور وترك
الغائب فقدم فإنه يدخل فيما اخذ هؤلاء الحضر يضرب في ذلك بمقدار دينه ولو
داينه قوم آخرون بعد افلاسه لم يكن للغائب في ماله قليل ولا كثير وإنما يتبع
الأولين الذين فلسوه وقسم لهم ماله وكذلك السارق
(الاختلاف في السرقة)
(قلت) أرأيت إذا سرق سرقة فاختلف الناس في قيمة السرقة فقال بعضهم ثلاثة
دراهم وقال بعضهم درهمان (قال) قال مالك إذا شهد رجلان عدلان من أهل المعرفة
بقيمة تلك السلعة ان قيمتها ثلاثة دراهم قطع (قلت) أيقطع بقيمة برجل واحد (قال)
لا يقطع حتى يقومها رجلان عدلان لأن مالكا قال إذا شهد على قيمتها رجلان عدلان
من أهل المعرفة بقيمة تلك السلعة قطعت يده (قلت) أرأيت الشهود إذا شهدوا
عند القاضي أيأمر القاضي ان يسئل عنهم في السر فان زكوا سال عنهم في العلانية
(قال) نعم يسئل عنه فان زكوا جازت شهادتهم ولا أبالي في السر سال عنهم أو في
العلانية إذا زكوا ان شاء في السر وان شاء في العلانية ويحكم بشهادتهم إذا كان من
يزكيهم علا الا ان يجرحهم المشهود عليه (قيل) وهذا في حقوق الناس وفي
الحدود التي هي لله وفي القصاص سواء في قول ملاك (قال) نعم ولا يجوز في التزكية
في السر والعلانية الا رجلان عدلان ولو أن القاضي اختار رجلا يسأل له عن الشهود
جاز قوله وقبل ما رفع إليه ولا ينبغي له ولا للقاضي ان يقبل منه الا ما زكاه عنده رجلان
عدلان (قال ابن القاسم) وهذا الذي سمعت (قلت) أرأيت من سرق من السفن
أيقطع في قول مالك (قال) نعم لان مالكا قال في المواضع حرز لما كان فيها والسفينة عند
مالك حرز لما فيها (قلت) أرأيت من سرق سفينة أيقطع أم لا (قال) لم اسمع
من مالك فيه شيئا الا انى أرى انه مثل من يسرق دابة لأنها تحبس وتربط والا ذهبت
فإن كان معها من يمسكها فسرقها سارق فهي بمنزلة الدابة عند باب المسجد أو في

290
السوق إذا كان معها من يمسكها قطع سارقها وإن لم يكن معها من يمسكها لم يقطع
(قيل) وكذلك السفينة إذا سافروا فيها فنزلوا منزلا فربطوا السفينة فسرقها رجل
فإنه يقطع كان معها صاحبها أو ذهب عنها صاحبها في حاجته (قال) نعم (قلت)
أرأيت كل ما درات به الحد في السرقة أيضمن السارق قيمة السرقة وإن كان عديما في
قول مالك (قال) نعم (قلت) أرأيت مسلما سرق من حربي دخل بأمان أيقطع أم لا
في قول مالك (قال) نعم يقطع (قلت) أرأيت الحربي إذا دخل بأمان فسرق
أفيقطع في قول مالك (قال) نعم في رأيي
(إقامة الحدود في ارض الحرب ومن اكل لحم الخنزير)
(والشرب في رمضان والاقرار بالزنا والسرقة)
(قلت) أرأيت أمير الجيش إذا دخل ارض الحرب فسرق بعضهم من بعض
في ارض الحب أو شربوا الخمور أو زنوا أيقيم عليهم أميرهم الحدود في قول مالك
(قال) قال لي مالك يقم عليهم الحدود في ارض الحرب أمير الجيش وهو أقوى له
على الحق كما تقام الحدود في ارض الاسلام (قلت) أرأيت لو أن تجارا من المسلمين
دخلوا ارض الحرب بأمان فسرق بعضهم من بعض ثم شهدوا على السارق بالسرقة
حين خرجوا الينا أيقام الحد على السارق أم لا في قول مالك (قال) قال مالك في
الجيش إذا كانوا في ارض الحرب انه يقام على السارق الحد فكذلك هؤلاء الذين
دخلوا بأمان ولان مالكا لا يلتفت إلى اختلاف الدارين وهؤلاء مسلمون مقرون
باحكام الاسلام ليسوا بمنزلة المشركين الذين لا يقرون باحكام المسلمين (قلت)
وكذلك أن زنى في دار الحرب بعض هؤلاء التجار أو شرب الخمر فشهدوا عليه بعد
ما خرج أيقيم عليه الامام الحد (قال) نعم في رأيي (قلت) أرأيت من اكل لحم
الخنزير من المسلمين أيكون عليه العقوبة أم ماذا عليه في قول مالك (قال) قاتل
مالك ذلك عليه ان يعاقبه الامام لا اجترا في اكله (قال) وقال مالك ومن شرب الخمر
في رمضان جلد ثمانين ثم يضربه لافطاره في رمضان (قلت) وكم يضربه لافطاره

291
في رمضان (قال) سالت مالكا عن ذلك فقال ذلك إلى الامام (قلت) ويجمع
الامام ضرب حد الخمر والضرب الذي يضربه لافطاره في رمضان جميعا أم إذا جف ضرب
الحد ضربه لافطاره في رمضان (قال) سألنا مالكا عن ذلك فقال ذلك إلى الامام ان
شاء جمع الضرب ان شاء فرقه (قال) ويؤدبه لاكله الخنزير على ما يرى الامام ويجتهد
فيه (قلت) أرأيت أن شهدوا عليه انه أقر بالسرقة أو بالزنا وهو ينكر أيقيم عليه
الامام الحد في الوجهين جميعا في قول مالك أم لا (قال) قال مالك ان أتى بأمر
يعذر به مثل أن يقول أقررت لكذا وكذا فيقال (قلت) أرأيت أن جحد ذلك
الاقرار أصلا أيقال (قال) أرى ان أيقال (قلت) أرأيت العبيد أو المكاتبين
والمدبرين وأمهات الأولاد إذا أقروا السرقة أتقطع أيديهم أم لا في قول مالك
(قال) تقطع أيديهم إذا عينوا (قلت) فإن كانت السرقة التي أقروا بها في
أيديهم وزعموا انهم سرقوها من هذا الرجل وقال سيدهم كذبتم بل هذا متاعي (قال)
سئل مالك عن سلعة كانت مع جارية أتت بها لترهنها فقال رجل انا دفعت إليها هده
السلعة لأرهنها لي وقالت الجارية صدق هو دفع ذلك إلي وقال سيدها السلعة سلعتي
(قال) قال مالك إن كان للمدعى بينة أنه دفع إلى الجارية السلعة لترهنها فهي له والألم
يكن له من السلعة شئ وكانت السلعة لسيد الجارية (قلت) فهل يحلف سيد الجارية
لهذا الرجل (قال) نعم ولم اسمعه من مالك
(باب القطع مما يجب على الصبي وفيمن أقر بسرقة بتهديد)
(والشهادة على السرقة وإقامة القطع والضرب في البرد)
(قلت) أرأيت الصبي إذا سرق أو زنى أو أصاب حدا وقد بلغ سن من يحتلم
ومن الصبيان من يبلغ ذلك السن ولا يحتلم ويحتلم بعد ذلك بسنة أو سنتين أو ثلاث
أينتظر حتى يبلغ من السن ما لا يجاوزه أحد من الغلمان الا احتلم أم يقام عليه الحد إذا
بلغ أول سن الاحتلام في قول مالك (قال) لا أقيم عليه الحد حتى يبلغ من السن ما
لا يجاوزه غلام الا احتلم إذ لم يحتلم قبل ذلك (قلت) والجارية إذا لم تحض كذلك

292
(قال) نعم (قلت) أرأيت أن انبت الغلام ولم يحتلم ولم يبلغ أقصى سن الاحتلام أيحد
في قول ملك أم لا (قال) قال مالك يحد إذا انبت وأحب إلي أن لا يحد وان انبت
حتى يحتلم أو يبلغ من السن ما لا يجاوزه غلام الا احتلم (قال ابن القاسم) وقد كلمته
في الانبات فرأيته يصغي إلى الاحتلام (قلت) أرأيت إذا أقر بشئ من الحدود
بعد التهديد أو القيد أو الوعيد أو الضرب والسجن أيقام عليه الحد أم لا في قول
مالك (قال) قال مالك من أقر بعد التهديد أقيل. فالوعيد والقيد والتهديد والسجن
والضرب تهديد عندي كله وارى ان يقال (قلت) والوعيد والتهديد عند
مالك بمنزلة السجن والضرب (قال) قد أخبرتك بقوله في التهديد فما سالت عنه
عندي مثله (قلت) أرأيت أن أقر بعد القيد والضرب ثم ثبت على اقراره أيقيم
عليه مالك الحد وإنما كان أصل اقراره غير جائز عليه (قال) لم اسمع من مالك في هذا
الا ما أخبرتك أنه قال يقال وانا أرى انه ما كان من اقراره بعد أمن من عقوبة يعرف
ذلك فأرى ان يقام عليها الحد أو يخبر بأمر يعرف به وجه صدق ما أقر به وعين والا
لم أر ان يقطع لان الذي كان من اقراره أول مرة قد انقطع وهذا كأنه اقرار حادث
بل هو اقرار حادث (قلت) أيخلى عنه إذا كان اقراره إنما كان خوفا منه في قول
مالك وهو لم يرجع عن اقراره (قال) لم اسمع من مالك فه شيئا ولا أرى ان يحبس
حتى يستبرأ امره (قلت) فان ضرب وهدد فأقر فأخرج القتيل أو خرج المتاع
الذي سرق أيقيم عليه الحد فيما قد أقر له أم لا وقد اخرج ذلك (قال) لا أقيم عليه
الحد الا ان يقر بذلك آمنا لا يخاف شيئا (قلت) فان جاء ببعض المتاع وأتلف
بعض المتاع أتضمنه بقية المتاع إذا جاء بوجه يعذر به (قال) لا (قلت) أفتضمنه
الدية إذا جاء بوجه يعذره به السلطان (قال) لا أضمنه الدية (قلت) أتحفظه عن
مالك (قال) لا وهو رأيي (قلت) أرأيت السارق إذا شهدوا عليه بالسرقة أيستحسن
للامام أن يقول له قل ما سرقت (قال) لم اسمعه من مالك ولم اسمع أحدا يذكر
هذا عنه ولا أرى للامام أن يقول له شيئا من ذلك (قلت) أرأيت إذا كان

293
البرد الشديد أو الحر الشديد فأتى لا سارق فشهدوا عليه بالسرقة فخاف الامام ان قطعه
ان يموت لشدة الحر والبر أيرى مالك ان يؤخره الامام (قال) بلغني ان مالكا كأن
يقول في البرد الذي يخاف منه ان يكز منه ان الامام يؤخره فأرى إن كان الحر امرا
يعرف خوفه لا شك فيه أنه بمنزلة البرد فأراه مثله (قلت) أرأيت أن شهدوا عليه
بالسرقة فأراد الامام قطعه فشهد آخرون عليه بالقتل أيأتي القتل على السرقة في قول مالك
(قال) نعم (قلت) فان شهدوا عليه السرقة وشهد عليه آخرون بقتل عمدا فعفا أولياء القتيل
أيقطعه أم لا في قول مالك (قال) نعم يقطع في رأيي (قلت) أرأيت أن قطع يمين رجل
وسرق لم تقطع يمينه (قال) قال مالك للسرقة (قلت) فهل يكون للذي قطعت يمينه
الدية في ماله أم لا (قال) قال مالك من قطع يمين رجل فأصاب القاطع بلاء من السماء
فذهبت يمينه انه لا شئ للمقطوعة يمينه على القاطع لا من دية ولا غيرها لان الذي
كان حقه فيه قد ذهب فكذلك الذي سرق وقطع يمين رجل إذا قطع في السرقة فلا شئ
للذي قطعت يمينه (قلت) لم قطع مالك يمينه للسرقة ولم يقطعها ليمين المقطوعة يده
(قال) قال مالك إذا اجتمع حد العباد وحد الله يكون للعباد ان عفو عنه وحد الله لا
يجوز للعباد العفو عنه فإنه يقام الحد الذي هو لله الذي لا يجوز العفو عنه (قلت) أرأيت
لو أن رجلا سرق وقطع شمال رحل فرفع للسطان أيقطعه للسرقة ويقتص من شماله
(قال) نعم (قلت) وهذا قول مالك (قال) هو رأيي لان من سرق عند مالك أقيم
عليه حد السرقة ومن قطع متعمدا اقتص منه (قلت) فهل يجمع القطعان عليه
جميعا أم يقطع يمينه ثم يؤخره حتى إذا برأ قطع شماله في القصاص (قال) سألت مالكا
عن الحد والنكال يجمعان على الرجل (قال) قال مالك ذلك إلى الامام على ما يرى أن
رأى أن يجمعهما جميعا جمعهما وان رأى أن يفرق فرق (قال) قال مالك وما سمعت
في هذا حدا (قلت) أرأيت أن اجتمع على رجل القصاص والحدود التي هي لله بأيها
يبدأ (قال) لم اسمع من ملك فيه شيئا الا ما أخبرتك في القطع والسرقة إذا اجتمعا
في اليد الواحدة اخذ الحد الذي هو لله فأرى ان يبدأ بما هو لله فيؤخذ فان عاش اخذ

294
ما للعباد وان مات كان قد اخذ منه ما هو لله لان الحدود التي هي لله لا عفو فيها فلذلك
ينبغي ان يبدأ بها ويعجل قبل القصاص وإن لم يخف الامام عليه شيئا جمع ذلك عليه وان
خاف عليه الموت فرق ذلك عليه مثل ما مقال لي مالك في الضرب والنكال (قلت) أرأيت أن
قال سرقت من فلان وقال فلان ما سرق مني شيئا (قال) أقيم عليه الحد (قلت)
أرأيت أن أقمت الحد عليه أيقول للذي أقر بالسرقة احمل متاعك يجعل المتاع متاعه
ويقطعه (قال) نعم الا ان يدعيه رب المتاع فيكون ذلك له (قلت) أرأيت أن قال
سرقت هذا المتاع من فلان وقال فلان بل المتاع متاعك ولم تسرق مني أو قال له
انه كان استودعنيه وقوله انا سرقته إنما اخذ متاعه أو قال إنما بعث بهذا المتاع معي
إليه وهو يقر على نفسه بالسرقة (قال) الذي سمعت من مالك وهو رأيي
انه يقطع ولا يلتفت إلى قوله الاخر لان هذا مقر بالسرقة (قلت) أرأيت من
سرق من بيت المال هذا يقطع (قال) قال لي مالك نعم يقطع (قلت) أرأيت من
سرق من مغنم وهو من أهل ذلك المغنم (قال) قال لي مالك يقطع (قلت) لم
قطعه مالك وله فيه نصيب (قال) قال لي مالك كم حصته من ذلك (قلت) أرأيت
المكاتب يسرق من مال سيده (قال) قال لي مالك لا قطع عليه (قلت) فلو سرق
السيد من مال مكاتبته أيقطع أم لا (قال) قال مالك اما ما أخبرتك في المكاتب انه
إذا سرق من مال سيده لم يقطع فالسيد إذا سرق من مال مكاتبه أحرى أن لا يقطع
(قلت) فأم الولد إذا سرقت من مال سيدها (قال) قال مالك لا يقطع العبد
إذا سرق من مال سيده ولا المكاتب فأم الولد بهذه المنزلة (قلت) أرأيت الرجل
والمرأة في القطع ولا اقرار بهذه المنزلة بالسرقة سواء عند مالك (قال) نعم (قلت)
أرأيت الأخرس أيقطع إذا سرق أو أقر بالسرقة (قال) إذا شهدت عليه الشهود بسرقة
قطع وإذا أقر فإن كان اقراره امرا يعرف وعين قطع والا لم يقطع (قلت) أرأيت من
سرق سرقة فلم يرفع إلى السلطان حتى ورثها السارق ثم رفع إلى السلطان والسرقة له
من ميراث ورثه بعد السرقة أيقطع في قول مالك أم لا (قال) يقطع إذا رفع إلى

295
السلطان وإن كان قد ورث السلعة قبل ذلك أو وهبت له أو تصدق بها عليه أو اشتراها
فن هذا كله وما أشبهه لا يدرأ به عنه الحد في رأيي
(فيمن سرق وديعته التي جحدها المستودع)
(وفيمن سرق من رجلين وأحدهما غائب)
(قلت) أرأيت لو أني استودعت رجلا متاعا فجحدني فسرقت هذا المتاع وكانت
عندي بينة اني كنت استودعته هذا المتاع نفيسه (قال) لم اسمع من مالك فيه شيئا
وارى ن لا يقام الحد هاهنا (قلت) أرأيت لو أن رجلا سرق من رجلين سلعة
قيمتها ثلاث دراهم واحد الرجلين المسروق منهما غائب أيقطع أم لا (قال) نعم
يقطع في رأيي (قلت) أفيقضى لهذا الحاضر بنصف قيمة السرقة إذا كانت مستهلكة
في قول مالك (قال) نعم (قلت) فان قدم الغائب وأصاب السارق عديما (قال) إن كان
يوم قطعت يده مليا ثم أعدم بعد ذلك فإنه يأخذ نصف ما اخذ الشريك ويتبعان
جميعا السارق بنصف قيمة السلعة الباقي وإن كان يوم قطعت يده لم يكن له من المال
الا مقدار ما اخذ شريكه رجع عليه فشاركه ولم يرجع على السارق بشئ ولم يتبع به
وهذا مثل ما قال مالك في الشريكين يكون لهما الدين على الرجل فيطلبه أحدهما
بحصته فيأخذ بحصته ثم يقدم صاحبه الغائب فيصيب الذي كان عليه الدين عديما انه
يرجع على شريكه بنصف ما قبض فيأخذه منه
(فيمن ادعى السرقة على رجل وفيمن أقر بالسرقة ثم نزع)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا ادعى على رجل انه سرق منه ولا بينة له فقال استحلفه
لي استحلف له في قول مالك (قال) إن كان المدعى عليه متهما بذلك موصوفا به
استحلف وامتحن وهدد وإن كان على غير ذلك لم يعرض له ولم يصنع به من ذلك شئ
(قال) ولقد قال مالك في المرأة تزعم أن فلانا استكرهها فجامعها ولا يعرف ذلك الا بقولها
(قال) قال مالك تضربا المرأة الحد ان كانت قالت ذلك لرجل لا يشار إليه بالفسق

296
وإن كان ممن يشار إليه بالفسق نظر في ذلك وارى في هذا ان هو قاله لرجل لا يشار
إليه بذلك وهو من الفضل والدين ربت ان يؤدب أدبا موجعا ولا يباح لأهل
السفه شتم أهل الفضل والدين (قلت) أرأيت لو أن رجلا أقر انه سرق من رجل
ألف درهم بغير محنة ولا شئ ثم جحده بعد ذلك والمسروق منه يدعى ذلك (قال)
يقال في ذلك ولا يقطع ويقضى عليه بالألف درهم (قلت) وهذا قول مالك
(قال) نعم
(تم كتاب السرقة بحمد الله وعونه)
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وبه وسلم)
(ويليه كتاب المحاربين)

297
بسم الله الرحمن الرحيم
(الحمد لله وحده)
وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى اله وصحبه وسلم)
(كتاب المحاربين)
(ما جاء في المحاربين)
(قلت) لابن القاسم أرأيت أهل الذمة وأهل الاسلام إذا حاربوا فأخافوا ولم يأخذوا
مالا ولم يقتلوا فاخذوا كيف يصنع بهم الامام في قول مالك (قال) قال مالك إذا أخافوا
السبيل كان الامام مخيرا ان شاء قتل وان شاء قطع (قال مالك) ورب محارب لا يقتل
وهو أخوف وأعظم فسادا في خوفه ممن قتل (قلت) فان اخذه الامام وقد أخاف
ولم يأخذا مالا ولم يقتل أيكون الامام مخيرا فيه يرى في ذلك رأيه ان شاء قطع يده
وان شاء قطع رجله وان شاء قتله وصلبه أم لا يكون ذلك للامام (قال) قال مالك إذا
نصب وأخاف وحارب وإن لم يقتل كان الامام مخيرا وتأول مالك هذه الآية قول الله
تبارك وتعالى في كتابه انه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس
جميعا قال فقد جعل الله الفساد مثل القتل (قلت) وكذلك أن أخاف ولم يأخذ
المال (قال) إذا أخاف ونصب ولم يأخذ المال فان الامام مخير وقد قال مالك وليس
كل المحاربين سواء (قال مالك) منهم من يخرج بعصاه أو بشئ فيؤخذ على تلك الحال
لم يخف السبيل ولم يأخذ المال ولم يقتل (قال مالك) فهذا لو اخذ فيه بأيسره لم أر بذلك
بأسا (قلت) وما أيسره عد مالك (قال) أيسره واخفه ان يجلد وينفي ويسجن
في الموضع الذي نفي اله (قلت) والى اي موضع نفي هذا المحارب إليه إذا اخذ

298
بمصر (قال) قد نفى عمر بن عبد العزيز من مصر إلى شقب (3) ولم اسمع من مالك فيه
شيئا إلا أنه قال قد كان ينفي عندنا إلى فدك أو خيبر وقد كان لهم سجن يسجنون فيه
(قلت) وكم يسجن حيث ينفى (قال مالك) يسجن حتى تعرف له توبة (قلت)
أرأيت أن اخذه الامام وقد قتل واخذ الأموال وأخاف السبيل كيف يحكم فيه (قال)
يقتله ولا يقطع يده ولا رجل عند مالك (قلت) ويصلبه (قال) قال مالك لم اسمع
أحدا صلب الا عبد المالك بن مروان فإنه كان صلب الذي كان يقال له الحارث الذي
كان تنبأ صلبه عبد الملك (قال) قال مالك وذلك إلى الامام يجتهد في ذلك (قلت) وكيف
يصلبه في قول مالك أحيى أم ميتا (قال) لم اسمع من مالك الا ما أخبرتك ما ذكر
عن عبد الملك بن مروان فإنه صلب الحارث وهو حي وطعنه بالحربة بيده (قال)
وانا أرى ان يصلب حيا ويطعن بعد ذلك (قلت) أرأيت الذي اخذه الامام ولم
يقتل ولم يفسد ولم يخف السبيل الا انه قد حارب خرج بخشبة أو ما أشبه هذا أيكون
للامام ان يعفو عن هذا (قال) لا يكون لامام ان يعفو عن هذا عند مالك ولا عن
أحد من المحاربين (قلت) فكم يضربه في ول مالك (قال) يجتهد الامام برأيه
في ضربه ونفيه (قلت) أرأيت المحاربين من أهل الذمة وأهل الاسلام في قول
مالك أهم سواء (قال) نعم والنصارى والعبيد والمسلمون في ذلك الحكم فيهم واحد
عند مالك الا انه لا نفي على العبيد (قلت) أرأيت أن اخذ وقد أخاف السبيل
واخد المال (قال) قال مالك إذا خرج ولم يخف السبيل ولم يأخذ المال ولم يقتل واخذ
بحضرة ما خرج أو خرج بخشبة أو ما أشبه ذلك ولم ينصب ولم يعل امره فان الامام
يجلد مثل هذا وينفيه (قال مالك) وان هو خرج وأخاف السبيل ونصب وعلا
امره ولم يأخذ المال فالامام مخير ان شاء قتله وان شاء قطع يده ورجله (قلت) فهل
يجتمع مع القطع والقتل الضرب (قال) لم اسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى
ذلك (قلت) أرأيت أن هو قتل واخذ المال وأخاف أيكون للامام ان يقطع يده
ورجله ولا يقتله (قال) لا يكون ذلك إلى الامام إذا قتل واخذ المال (قال مالك)

299
فأرى ان يقتل ان رأى ذلك الامام إذا اخذ المال ولم يقتل ان يقتله قتله لان الله يقول
في كتابه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا فاخذ المال
من الفساد في الأرض وإنما يجتهد الامام في الذي يخيف ولا يقتل ولا يأخذ مالا
ويؤخذ بحضرة ذلك قبل أن يطول زمانه (قال مالك) والذي تقطع يده ورجله
لا أرى ان يضرب إذا قطعت يده ورجله (قلت) فان قتل واخذ المال أتقطع يده
ورجله وتقتله أم تقتله ولا تقطع يده ورجله في قول مالك (قال) القتل يأتي على ذلك
كله (قال) وإنما يخير الامام عند مالك إذا أخاف ولم يأخذ مالا ولم يقتل فاخذ
بحضرة ذلك فاما من طال زمانه ونصب نصبا شديدا فهذا لا يكون الامام فيه مخيرا
ويقتله الامام. واما الذي اخذ بحضرة الخروج فان مالكا قال في هذا لو أن الامام
اخذ بأيسره لم أر بذلك بأسا وقد فسرت لك يذلك فهذا أصل قول مالك في هذه
الأشياء (قلت) أرأيت أن اخذ المحاربون من المال أقل مما تقطع فيه اليد أقل من
ثالثة دراهم (قال) ليس حد المحاربين مثل حد السارق والمحارب إذا اخذ المال قليلا
كان أو كثيرا فهو سواء السارق لا يقطع الا في ربع دينار (قلت) أرأيت أن
قطعوا على المسلمين ولى أهل الذمة أهو سواء في قول مالك (قال) نعم ولقد بلغني
عن مالك أخبرني عنه من أثق به عن غير واحد انه عثمان قتل مسلما قتل ذميا على وجه
الحرابة قتله على مال كان معه فقتله عثمان (قلت) أرأيت أن تابوا من قبل أن يقدر
عليهم وقد كانوا قتلوا وأخافوا واخذوا الأموال وجرحوا الناس (قال) قال مالك يضع
عنهم حد الامام كل شئ إلا أن يكونوا قتلوا فيدفعوا إلى أولياء القتلى وان اخذوا
المال أغرموا المال (قلت) وكذلك الجراحات (قال) نعم (قلت) ويدرأ عنهم القتل
والقطع في الذي كان يجب عليهم لو اخذوا قبيل ان يتوبوا فاما ما صنعوا في أموال الناس
وفي دمائهم وفي أبدانهم فهم يؤخذون بذلك عند مالك الا ان يعفى عنهم (قال) نعم
(قلت) أرأيت أن كانوا محاربين فقطعوا على الناس الطريق فقتلوا رجلا قتله واحد
منهم الا انهم كانوا أعوانا له في تلك الحال الا ان هذا الواحد منهم ولى القتل

300
حين زاحفوهم ثم تابوا وأصلحوا فجاء ولى المقتول يطلب دمه أيقتلهم كلهم أم يقتل
الذي قتل وليه وحده (قال) قال مالك يقتلون كلهم إذا اخذوا على تلك الحال
(قال ابن القاسم) فان تابوا قبل أن يؤخذوا فأتى أولياء القتيل يطلبون دمه رفعوا
كلهم إلى أولياء المقتول فقتلوا من شاؤوا وعفوا عمن شاؤوا واخذوا الدية ممن شاؤوا
وقد ذكر مالك عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه حين قال لو تمالا عليه أهل
صنعاء لقتلتهم جميعا فهذا يدلك على أنهم شركاء في قتله فذلك إلى أولياء المقتول يقتلون
من شاؤوا منهم ويعفون عمن شاؤوا منهم (قال) ولقد قال لي مالك في قوم خرجوا فقطعوا
الطريق فتولى رجل منهم اخذ مال كان مع رجل ممن اخذ اخذه منه والآخرون
وقوف الا انه بهم قوي واخذ المال فأراد بعض من لم يأخذ المال التوبة وقد اخذ
المال الذي اخذ ودفع إلى الذي لم يأخذ حصته ماذا ترى عليه حين ذلك أحصته التي
اخذ أم المال كله (قال) بل أرى المال كله عليه لأنه انا قوى الذي اخذ المال بهم
والقتل أشد من هذا فهذا يدلك على ما أخبرتك به من القتل ولقد ذكروا عن
مالك عن عمر بن الخطاب ان بعضهم كان ربيئة (1) للذين قتلوا فقتله عمر معهم (قلت)
أرأيت أن كانوا قد اخذوا المال فلما تابوا كانوا عدما لا مال لهم أيكون ذلك لأصحاب
المال دينا عليهم في قول مالك (قال) نعم (قلت) فان اخذوا قبل أن يتوبوا أقيم
عليهم الحد فقطعوا أو قتلوا ولهم أموال اخذت أموال الناس من أموالهم وإن لم يكن
لهم يومئذ مال لم يتبعوا بشئ مما اخذوا بمنزلة السرقة (قال) نعم وهو قول مالك فيما
بلغني عمن أثق به وهو رأيي (قلت) أرأيت أن اخذهم الامام وقد قتلوا وجرحوا
واخذوا الأموال فعفا عنهم أولياء القتلى وأولياء الجراحات وأهل الأموال أيجوز عفوهم
في قول مالك (قال) قال مالك لا يجوز العفو هاهنا ولا يجوز للامام ان يعفو لان
هذا حد من حدود الله قد بلغ السلطان فلا يجوز فيه العفو ولا يصلح لاحد ان يشفع
فيه لأنه حد من حدود الله (قلت) فان تابوا وأصلحوا وقد قتلوا أناسا من أهل



(1) (ربيئة) قال في القاموس ربأهم وربأ لهم كمنع صار ربيئة لهم اه‍ اي طليعة اه‍ كتبه مصححه
301
الذمة ولم يقتلوا أحد غيرهم (قال) أرى ان الدية في أموالهم لأولياء القتلى لان المسلم
لا يقتل بالذمي عند ملك (قلت) فإن كانوا ذميين أكان عليهم القود في قول مالك
(قال) نعم لان مالكا قال يقتل النصراني بالنصراني (قلت) وكيف تعرف توبة
هؤلاء النصارى المحاربين في قول مالك (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا وارى ان
تركوا ما كانوا عليه قبل أن يقدر عليهم فلا أرى ان يقام عليهم حد المحاربين (قلت)
أرأيت أن كانت فيهم امرأة أيكون سبيلها في قول مالك سبيل الرجال أم لا وهل
يكون النساء محاربات في قول مالك أم لا (قال) أرى ان النساء والرجال في ذلك
سواء (قلت) فالصبيان (قال) لا يكونون محاربين حتى يحتلموا عند مالك لان
الحدود لا تقام عليهم عند مالك والحرابة حد من الحدود والنساء إنما صرن محاربات
لان مالكا قال تقام عليهن الحدود والحرابة حد من الحدود (قلت) أرأيت أن
قطعوا الطريق في مدينتهم التي خرجوا منها فاخذوا أيكونون محاربين في قول
مالك (قال) نعم (قلت أرأيت أن خرج مرة فاخذه الامام فقطع يده ورجله ثم
خرج ثاني فاخذه الامام أيكون له ان يقطع يده الأخرى ورجله الأخرى (قال)
نعم ان رأى أن يقطعه قطعه (قلت) وسمعته من مالك (قال) لا الا اني أراه مثل
السارق الا ترى أنه يقطع يده ثم رجله ثم يده ثم رجله فكذلك المحارب تقطع يده
ورجله فان خرج ثانية فان رأى الامام ان يقطعه قطع يده الباقية ورجله (قلت)
أرأيت أن اخذ الامام هذا المحارب وهو اقطع اليد اليمنى فأراد قطعه ورأي أن يقطعه
كيف يقطعه (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا الا ان قول مالك في السارق إذا
كان اقطع اليد اليمنى أو أشل اليد اليمنى قطع رجله اليسرى وترك يده اليمنى فكذلك
المحارب إذا لم تكن يده اليمنى قائمة قطعت يده اليسرى ورجله اليسرى وهذا عندنا
بين لان الله تبارك وتعالى قال إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في
الأرض فسادا ان يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من
الأرض. فالقطع في المحارب في يده ورجله جميعا إنما هما جميعا شئ واحد بمنزلة

302
القطع في يد السارق أو رجله إنما هو شئ واحد فإذ أصاب احدى اليدين شلل أو قطع
رجع إلى اليد الأخرى والرجل التي تقطع معها لأنهما في القطع بمنزلة الشئ الواحد في
المحارب الا ترى ان السارق إذا أصيب اقطع اليد اليمنى أو أشل اليد اليمنى رجع
الامام إلى رجله اليسرى فان اصابه أيضا اقطع أصابع اليمنى قطع رجله اليسرى ولم
يقطع بعض اليد دون بعض فكذلك إذا كانت اليد ذاهبة في المحارب لم تقطع الرجل
التي كانت تقطع معها ولكن تقطع اليد الأخرى والرجل التي تقطع معها حتى يكون
من خلاف كما قال الله تعالى (قلت) أرأيت المحارب يخرج بغير سلاح أيكون محاربا
أم لا (قال) لم اسمع من مالك فيه شيئا وارى ان فعل ما يفعل المحارب من تلصصهم
على الناس واخذ أموالهم مكابرة منه لهم فأراه محاربا (قلت) أرأيت الرجل الواحد
هل يكون محاربا في قول مالك (قال) نعم وقد قتل مالك رجلا واحدا كان قد قتل
على وجه الحرابة واخذ مالا وانا بالمدينة يومئذ (قلت) أرأيت القوم يشهدون على
المحاربين انهم قد قطعوا الطريق عليهم وقتلوا منهم ناسا واخذوا أموالهم منهم (قال)
سألت مالكا عنهم فقال مالك ومن يشهد على المحاربين إلا الذين قطع عليهم
الطريق (قال) نعم تجوز شهادتهم عليهم فيما شهدوا به عليهم إذا كانوا عدولا من
قتل أو اخذ مال أو غير ذلك (قلت) ويعطيهم هذه الأموال التي شهدوا عليها
ان هؤلاء المحاربين قطعوا عليهم السبيل واخذوها منهم أيعطيهم مالك هذا المال
بشهادتهم (قال) نعم في رأيي إذا شهد بعضهم لبعض ولا تقبل شهادة أحد في
نفسه في مال اخذ منه (قلت) أرأيت المحاربين اللصوص إذا اخذوا ومعهم
الأموال فجاء قوم يدعون تلك الأموال وليست لهم بينة (قال) سالت مالكا عنها
فقال مالك أرى للامام ان يقبل قولهم في أن المال لهم ولكن لا أرى ان يعجل بدفع
ذلك المال إليهم ولكن ليستأن قليلا ولا يطول حتى ينتشر ذلك فإن لم يجئ للمال طالب
سواهم دفعه إليهم وضمنهم (قال) فقلت لمالك الحميل (قال) لا ولكن يشهد عليهم
ويضمنهم في أموالهم بغير حميل ان جاء لذلك طالب (قلت) أفيستحلفهم في قول

303
مالك (قال) لم اسمعه من مالك وارى ان يحلفهم (قلت) أرأيت القوم يخرجون
تجارا إلى ارض الحرب فيقطع بعضهم على بعض وكلهم مسلمون الا انهم
قد قطعوا في دار الحرب على مسلمين مثلهم وذميين دخلوا دار الحرب بأمان (قال)
قال مالك في هؤلاء الخناقين الذين يخرجون مع الجيش إلى ارض الحرب فيخنقون
الناس على أموالهم في دار الحرب في الصوائف (قال) بلغني عن مالك أنه قال
يقتلون (قلت) والخناق محارب عند مالك (قال) نعم الخناق محارب إذا خنق على
اخذ مال
(في الذين يسقون الناس السيكران)
(قال) وقال مالك وهؤلاء الذين يسقون الناس السيكران انهم محاربون إذا سقوهم
ليسكروا فيأخذوا أموالهم (قال) قال مالك هم محاربون يقتلون (قلت) هذا يدلني
على قول مالك ان من حارب وحده بغير سلاح انه محارب (قال) نعم يستدل بهذا
(قلت) أرأيت محاربين اخذوا وقد اخذوا أموالا وأخافوا ولم يقتلوا فرأى الامام
ان يقطع أيديهم وأرجلهم ولا يقتلهم فقطع أيديهم وأرجلهم ولم يقتلهم أيضمنهم المال
الذي اخذوا وقد استهلكوه في أموالهم أم لا (قال) بلغني عن مالك أنه قال هو
مثل السرقة وانهم يضمنون إن كان لهم مال يومئذ ولا يتبعون به دينا إذا لم يكن لهم
مال (قلت) أرأيت من قتل قتل غيلة ورفع إلى قاض من القضاة فرأى أن لا يقتله
وان يمكن أولياء المقتول منه ففعل فعفوا عنه ثم استقضى غيره فرفع إليه افترى ان
يقتله القاضي الثاني أم لا يقتله لأنه قد حكم به قاض قبله في قول مالك (قال) لا أرى
ان يقتله لأنه مما اختلف الناس فيه (قال) وقال لي مالك من دخل على رجل في
حريمه على اخذ ماله فهو عندي بمنزلة المحارب يحكم فيه كما يحكم في المحارب (قلت)
أرأيت قوما محاربين شهد عليهم الشهود بالحرابة فقتلهم رجل قبل أن تزكى البينة وقبل أن
يأمر القاضي بقتلهم كيف يصنع مالك بهذا الذي قتلهم (قال) قال مالك ان
زكيت البينة أدب هذا الذي قتلهم ولم يقتل (قلت) أرأيت إن لم تزك البينة

304
وبطلت الشهادة أتقتله (قال) نعم في رأيي (قلت) أرأيت المحاربين أجهادهم عند
مالك جهاد (قال) قال مالك نعم جهادهم جهاد (قلت) فان شهدت الشهود
باقراره بالحرابة وهو منكر أيقيم الامام عليه الحد حد الحرابة أم لا (قال) لا يقام
ذلك عليه ويقال
(تم كتاب المحاربين)
(بحمد الله وعونه) (وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى اله وصحبه وسلم)
(ويليه كتاب الجراحات)

305
بسم الله الرحمن الرحيم
(الحمد لله وحده)
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
(كتاب الجراحات)
(باب تغليظ الدية)
(قال سحنون) قلت لابن القاسم هل كان مالك يعرف شبه العمد في الجراحات
أو في قتل النفس (قال) قال مالك شبه العمد باطل وإنما هو عمد أو خطا ولا اعرف
شبه العمد (قلت) ففي اي شئ يري مالك الدية مغلظة (قال) قال مالك في مثل
ما صنع المدلجي بابنه فلا يراه الا في الوالد في ولا ولده إذا قتله فحذفه بحديدة أو بغير
ذلك مما لو كان غير الواد فعل ذلك به قتل به فان الوالد يدرأ عنه في ذلك القود
وتغلظ عليه الدية على الوالد ثلاثون حقة وثلاثون جذعة وأربعون خلفة (قال ابن
القاسم) والخلفة التي في بطونها أولادها (قلت) فهل ذكر لكم مالك ان أسنان
هؤلاء الخلفات ما بين ثنية إلى بازل عامها (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا يبالي
اي الأسنان كانت (قلت) فهل تؤخذ هذه الدية حالة أم في ثلاث سنين (قال) بل
حالة الا ترى ان عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال لسراقة بن جعسم (3) المدلجي
أعدد لي على قديد عشرين ومائة بعير (قال) وقال مالك ولا تغلظ الدية في أخ ولا
زوج ولا زوجة ولا في أحد من الأقارب (قال) وبلغني عمن أثق به عن مالك في الجد
انه يراد مثل الأب تغلظ عليه الدية (قال بن القاسم) وانا أرى ذلك وارى الأم مثل
ذلك أيضا في التغليظ وهي أقعدهما (قلت) لابن القاسم فهل تغلظ الدية في ولد الولد

306
(قال) نعم كذلك بلغني عن مالك أنه قال أراه مثل الأب (قال) وقال مالك لا تغلظ
الدية في الشهر الحرام (قال) ولا تغلظ الدية على من قتل خطأ في الحرم (قال) وقال مالك
لا ولا تغلظ الديد عليه (قلت) أرأيت التغليظ في قول مالك على أهل الورق والذهب
كيف هو (قال) ينظركم قيمة الثلاثين جذعة والثلاثين حقة والأربعين خلفة فيعرف كم
قيمتهن ثم ينظر إلى دية الخطأ أخماسا من الأسنان عشرين بنت مخاض وعشرين ابن لبون
ذكور وعشرين بنت لبون وعشرين حقة وعشرين جذعة فينظركم قيمة هذه ثم ينظركم
فضل ما بين القيمتين ما بين قيمة دية التغليظ ودية الخطأ فيزاد في الدية على قدر
ذلك أن كان خمسا أو سدسا أو ربعا (قلت) ولم يذكر لكم مالك ان هذا شئ قد
وقت يما مضى ولا يكون لأهل زماننا ان ينظروا في زيادته اليوم (قال) لا لم يذكر
لنا مالك ذلك (قال) وارى ان ينظر إلى ذلك في كل زمان فيزاد في الدية قدما بين
القيمتين على ما وصفت لك وتفسير قول مالك ان ينظركم دية المغلظة فإن كان قيمتها
ثمانمائة دينار ودية الخطأ ستمائة دينار فالعقل من دية الخطأ الثلث حمل على أهل
الدية المغلظة (قلت) فالدية من الورق فانظر ابدا ما زادت دية المغلظة على دية
الخطأ كم هو من دية الخطأ فاحمله على أهل الذهب والورق وينظركم هو من دية
المغلظة وهذا تفسير قول مالك (قال ابن القاسم) وكذلك في الجراحات فيما تغلظ
فيه (قلت) فان غلت أسنان المغلظة حتى صارت تساوى مثلي دية الخطأ أيزاد في
الدية دية أخرى مثلها وإن كان أكثر من ذلك زدت عليه (قال) نعم وهو رأيي (قال)
وقال مالك في جراحات الوالد ولده إن كان بحال ما صنع المدلجي بابنه في التغليظ مثل
ما في النفس وإذا قطع الرجل يد ابنه وعاش الولد كانت نصف الدية مغلظة خمس عشرة
جذعة وخمس عشرة حقة وعشرون خلفة في بطونها أولادها فعلى هذا فقس جراحاتها
كلها (قلت) وما بلغ من جراحات الوالد ابنه الثلث حملته العاقلة مغلظة وما لم يبلغ
الثلث ففي مال الوالد مغلظا على الوالد (قال) لا أرى ان تحمله العاقلة على حال واراه في
مال الوالد ولا تحمل العاقلة منه شيئا فإن كان أكثر من ثلث الدية فهو في مال الأب

307
مغلظا على الوالد (قلت) ولا يرث الأب من ديته شيئا في قول مالك (قال) نعم الا
ترى ان عمر بن الخطاب قال أين أخو المقتول فدفع إليه الدية دون الوالد (قلت)
أفيرث من ماله وقد قلته يحال ما صنع المدلجي بابنه (قال ابن القاسم أرى أن لا يرث
من ماله قليلا ولا كثيرا لأنه من العمد وليس من الخطأ ولو كان من الخطأ لحملته العاقلة
وهو مما لو كان من غيره لم يرث من ماله فهو والأجنبيون في الميراث سواء وان
صرف عنه القود والأب ليس كغيره في القود ولقد قال ناس وان عمد للقتل فلا يقتل
فهذا يدلك على هذا ولو أن رجلا عمد لقتل ابنه فذبحه ذبحا ليس مثل ما صنع المدلجي
والدة فعلت ذلك بولدها متعمدة لذبحه أو لتشق بطنه مما يعلم الناس انها تعمدت للقتل
نفسه لا شك في ذلك فأرى في ذلك القود يقتلان به إذا كان كذلك الا ان يعفو من
له العفو والقيام بذلك (قلت) والوالدة في ولدها إذا صنعت بذلك مثل ما صنع المدلجي
بابنه فهي في ذلك بمنزلة الوالد لا قود عليها والدية مغلظة في قول مالك (قال) نعم
وهي أعظم حرمة
(تفسير العمد والخطأ)
(قلت) أرأيت ما تعمدت من ضربة بلطمة أو بلكزة أو بندقة أو بحجر أو بقضيب
أو بعصا أو بغير ذلك أفيه القود إذا مات من ذلك عند مالك أم لا (قال) قال مالك
في هذا كله القود إذا مات من ذلك (قال مالك) وقد تكون أشياء من وجه العمد
لا قود فيها مثل الرجلين يصطرعان فيصرع أحدهما صاحبه أو يتراميان بالشئ على
وجه اللعب أو يأخذ برجله على حال اللعب فيسقط يموت من هذا كله فإنما في هذه
الدية دية الخطأ أخماسا على العاقلة (قال) وقال مالك ولو تعمد هذا على غير وجه اللعب
ولكن على وجه القتال فصرعه فمات أو اخذ برجله فسقط فمات كان في هذا كله القصاص
(دية الأنف)
(قلت) أرأيت الانف ما قول مالك فيه (قال) قال مالك فيه الدية كاملة (قلت)

308
فان قطع من المارن (قال) قال مالك إذا قطع من العظم وهو تفسير المارن ففيه الدية
كاملة (قلت) فمن قطع المارن أو من أصله إذا قطعه الرجل من أصله أو قطعه من
المارن فذلك سواء (قال) نعم إنما فيها الدية كاملة بمنزلة رجل قطع حشفة رجل ففيها
الدية كاملة وان قطع ذكر رجل من أصله ففيه الدية كاملة فدية الحشفة ودية الذكر
كله سواء عند مالك وكذلك المارن والأنف إذا قطع من أصله فذلك في الدية سواء
(قلت) أرأيت أن خرم انفه أفيه شئ أم لا في قول مالك (قال) الذي سمعت
من مالك أنه قال في كل فاقدة في عضو من الأعضاء إذا برأ ذلك وعاد لهيئته على
غير عثل (3) فلا شئ فيه لا حكومة ولا غير ذلك وان برأ على عثل فيه الاجتهاد وأرمي
في الانف ان برأ على غير عقل انه لا شئ فيه أن برأ على عثل ففيه الاجتهاد (قلت)
ولا يعرف مالك في هذا القول في كل فاقدة في كل عضو من الأعضاء ثلث دية
ذلك العضو (قال) قال مالك ليس عليه العمل عندنا
(عقل الموضحة)
(قلت) أرأيت الموضحة إذا برأت على غير عثل ونبت الشعر في موضع الشجة
أيكون فيها نصف عشر الدية عند مالك (قال نعم) وان برأت على غير عثل (قلت)
وان برأت على عثل (قال) قال مالك وان برأت على شين كان في ذلك الشين الاجتهاد
مع نصف عشر الدية أيضا (قلت) فما فرق ما بين الموضحة إذا برأت على غير عثل
وبين الانف إذا خرمه فبرأ على غير عثل (قال) لان الموضحة قد جاءت فيها دية
مسماة اثر عن النبي صلى الله عليه وسلم واما الانف حين خرمه فليس فيه عقل مسمي
وليس فيه شئ الا بعد البرء فعند ذلك ينظر إليه فإن كان يجب فيه شئ جعل ذلك
على الجاني وان كأن لا يجب فيه شئ لم يكن على الجاني شئ وإنما يجب فيه إذا برأ
على عثل فهذا فرق ما بين الموضحة والأنف وقد قال ملك في الانف انه ليس من
الرأس وإنما هو عظم ناتئ فلذلك لا يكون على من أوضح الانف فبرأ على غير عثل



(3) (عثل) في القاموس وعثلت يده جرت على غير استواء كعثمت اه‍ كتبه مصححه.
309
موضحة (قلت) فالخد أفيه موضحة أم لا في قول مالك (قال) نعم (قلت) فاللحى
الأسفل أهو من الرأس وموضحته كموضح الرأس في قول مالك (قال) لا (قلت)
فما سوى الرأس من الجسد إذا أوضح على العظم فليس فيه عقل الموضحة في قول
مالك (قال) لا (قلت) أرأيت موضحة الوجه أهي مثل موضحة الرأس (قال) نعم
الا ان تشين الوجه فيزاد فيها لشينها (قال) فقيل لمالك فحديث سليمان ين يسار حين
قال يزاد في موضحة الوجه ما بينها وبين نصف عقل الموضحة (قال) قال مالك
لا أرى ذلك ولكن يزاد فيها على قدر الاجتهاد إذا شانت الوجه فإن لم تشن الوجه
فلا يراد فيها شئ
(دية اللسان)
(قلت) أرأيت اللسان ما منع منه الكلام أفيه الدية كاملة في قول مالك (قال) نعم
(قلت) فان قطع اللسان من أصله فإنما فيه دية واحدة في قول مالك (قال) نعم
(قلت) أرأيت ما قطع من اللسان مما لا يمنع الكلام (قال) إنما الدية في الكلام
ليس في اللسان بمنزلة الاذنين إنما الدية في السمع وليس في الاذنين فكذلك اللسان
إنما تكون الدية فيه إذا قطع منه ما يمنع الكلام (قلت) فان قطع من لسانه ما نقص
من حروفه (قال) ينظر فيه فيكون عليه من الدية بقدر ذلك ولا أقوم على حفظ
الحروف عن مالك (قلت) فما ترى في الباء والتاء والثاء والراء والزاي اكل هذا
سواء وينظر إلى تمام الحروف العربية فيحصيها فما نقص من لسان هذا الرجل
إذا كان لسانه يتكلم بالحروف كلها جعلت على الجاني بقدر ذلك فان بلغ الثلث حملته
على العاقلة إذا كان خطأ وإن كان أقل من الثلث جعلته في ماله (قال) لا أدري
ما هذا ولكن إنما ينظر إلى ما نقص من كلامه لان الحروف بعضها أثقل من بعض
فيكون عليه ما نقص (قلت) فهل يقول مالك في عمد اللسان القود (قال) قال مالك
إذا كان يستطاع القود منه ولم يكن متلفا مثل الفخذ والمنقلة وما أشبه ذلك أقيد
منه وإن كان متلفا مثل الفخذ والمنقلة لم يقد منه

310
(قلت) أرأيت الحشفة أفيها الدية في قول مالك (قال) قال مالك نعم (قلت)
فان قطع الذكر من أصله ففيه الدية في قول مالك دية واحدة (قال) قال مالك
نعم (قلت) فان قطعت حشفة رجل خطا فاخذ الدية ثم فقطع رجل آخر بعد ذلك
عسيبه (قال) قال مالك فيه الاجتهاد (قلت) فان قطع رجل حشفة رجل خطأ
أينتظر به أم لا ينتظر به (قال) ينتظر به حتى يبرأ (قال) لأني سمعت مالكا يقول
لا يقاد من الجارح عمدا الا بعد البرء وحتى يعرف إلى ما صارت جراحاته إليه ولا يعقل
الخطأ الا بعد البرء وحتى يعرف إلى ما صارت إليه جراحاته (قلت) أرأيت هذا
المقطوع حشفته ان قال لم تحبسني عن أن تفرض لي ديتي من اليوم وإنما هي دية كاملة
ان انا مت أو عشت وأنت إنما تحبسني خوفا من هذا القطع ان تصير نفسي فيه (قال)
لأني لا أدري إلى ما يؤل هذا القطع لعل أنثييه أو رجليه أو بعض جسده سيذهب
من هذا القطع فلا أعجل حتى انظر إلى ما تصير إليه شجته الا ترى ان الموضحة ان
طلب المجني عليه ديتها وقال لا يحبسني بها اني لا أعجلها له حتى انظر إلى ما تصير
شجته الا ترى ان المجني عليه موضحة ان قال عجل لي دية موضحتي فان الت إلى
أكثر من ذلك زدتني وإن لم تؤل إلى ما هو أكثر من ذلك كنت قد اخذت
حقي انه لا يعجل له ولا يلتفت إلى قوله هذا وإنما في هذا الاتباع والتسليم للعلماء أو
لعله ان يموت فتكون فيه القسامة ولقد سمعت أهل الأندلس سألوا مالكا عن
اللسان إذا قطع وزعموا أنه ينبت فرأيت مالكا يصغي إلى أن لا يعجل له فيه حتى
ينظر إلى ما يصير إليه إذا كان القطع قد منعه الكلام (قلت) في الدية أو في
القود (قال) في الدية (قال) وبلغني عن مالك أنه قال القود في اللسان إن كان يستطاع
قود ذلك ولا يخاف منه ففيه القود يريد مثل خوف المأمومة والجائفة فان هؤلاء
لا قود فيهن لما يخاف فيهن فان اللسان مما يخف فلا قود فيه (قلت) أرأيت
ما قطع من طرف الحشفة اي شئ فيه أبحساب الذكر أم إنما يقاس من الحشفة

311
فيجعل على الجاني بحساب ما يصيب ما قطع من الحشفة من الدية (قال) إنما تقاس
الحشفة فينظر إلى ما قطع منها فيقاس فما نقص من الحشفة كان عليه بحسب ذلك
من الدية (قلت) ولا يقاس من أصل الذكر (قال) لا (قلت) وهذا قول مالك
(قال) نعم الا ترى ان اليد لو قطعت من المنكب كان عقلها قد تم فان قطع منها أنملة
من الأنامل إنما هي على حساب الأصابع ولا ينظر إلى اليد كلها وكذلك الحشفة
(قلت) أرأيت ما قطع من الانف من أين يحسب إذا كان من طرفه أو من أصله
أم من المارن (قال) قال مالك يحسب بحساب ما ذهب منه من المارن بمنزلة الحشفة
(ما جاء في الصلب والهاشمة والباضعة وأخواتها)
(قلت) أرأيت الصلب إذا ضربه الرجل فحدب أتكون فيه الدية (قال) قال مالك
في الصلب الدية (قال ابن القاسم) إنما تكون الدية ففي الصلب إذا أقعده فلم يقدر
على القيام مثل اليد إذا شلت فاما إذا مشى فاصابه في ذلك عثل أو حدى فإنما يجتهد
له فيه (قلت) أرأيت الصلب إذا كسره رجل فبرأ وعاد لهيئته أتكون فيه الدية
أم لا (قال) ليس فيه دية عند مالك لان مالكا قال في كل كسر خطأ انه إذا برأ وعاد
لهيئته انه لا شئ فيه إلا أن يكون عمدا يستطاع القصاص فيه فإنه يقتص منه وإن كان
عظما إلا في المأمومة والمنقلة والجائفة ومالا يستطاع ان يقتص منه فلا شئ
فيه من القود الا الدية في عمد ذلك مع الأدب في العمد (قلت) أرأيت الهاسشمة
أفيها أقود عند مالك في الرأس كانت أو في عظم الجسد (قال) قال مالك اما
عظام الجسد ففيها القود من الهاشمة الا ما كان مخوفا مثل الفخذ وما أشبهه فلا قود
فيه واما الرأس قال ابن القاسم فلم اسمع فيه شيئا ولا أرى فيه قودا لأني لا أجد
هاشمة تكون في الرأس الا كانت منقلة واما الباضعة والملطأة والدامية وما أشبهها
وما يستطاع منه القود ففيه القود فالعمد كذلك قال لي مالك (قال ابن القاسم)
والهاشمة في الرأس مما لا يستطاع منه القود

312
(ما جاء في دية العقل والسمع والاذنين) (قلت) أرأيت مالكا هل كأن يقول إن في العقل الدية (قال) قال مالك نعم
العقل الدية قال ملك وقد تكن الدية فيما هو أيسر من العقل (قلت) له ما يقول
مالك في الاذن إذا اصطلمت أو ضربت فشدخت (قال) قال مالك ليس فيها الا
الاجتهاد (قلت) فان ضربه ضربة فذهب سمعه واصطلمت أذناه أتكون فيها دية
وحكومة في قول مالك (قال) قال مالك في الاذنين إذا ذهب سمعهما ففيهما الدية
اصطلمتا أو لم تصطلما (قلت) أرأيت الاذنين إذا قطعهما رجل عمدا فردهما صاحبهما
فثبتتا أو السن إذا أسقطها الرجل عمدا فردها صاحبها فبرأت وثبتت أيكون القود
على قاطع الاذن أو القالع السن (قال) سمعتهم يسألون عنها مالكا فلم يرد عليهم فيها
شيئا (قتال) وقد بلغني عن مالك أنه قال في السن القود وان ثبتت وهو رأيي والاذن
عندي مثله ان يقتص منه والذي بلغني عن مالك في السن لا أدري أهو في العمد
يقتص منه أو في الخطأ ان فيه العقل الا ان ذلك كله عندي سواء في العمد وفي الخطأ
(باب ما جاء في الأسنان والأضراس)
(قلت) أرأيت الأسنان والأضراس عند مالك سواء (قال) نعم (قلت) فكم
في كل سن عند مالك (قال) خمس من الإبل (قلت) وان كانت سنا سوداء (قال)
فيها خمس من الإبل وهي كالصحيحة الا أن تكون تضطرب اضطرابا شديدا وان
كانت كذلك فليس فيها الا الاجتهاد (قلت) فإن كانت سنا مأكولة قد ذهب
بعضها فقلعها رجل عمدا أو خطا (قال) لم اسمع من مالك فيها شيئا الا اني أرى في
هذا على حساب ما بقي منه لأنه ناقص غير تام
(ما جاء في الأليتين والثديين وحلق الرأس والحاجبين)
(قلت) أرأيت أليتي الرجل والمرأة أفيهما الدية عند مالك (قال) لا أقوم على حفظ
قوله في هذا والذي أرى ان في هذا الحكومة (قلت) لم وهذا زوج من الانسان

313
وعلى ما قاله (قال) لان مالكا قال ليس في ثديي الرجل الا الاجتهاد وكذلك هذا
عندي (قلت) أرأيت الرأس إذا حلق فلم ينبت اي شئ فيه في قول مالك (قال)
ما سمعت فيه شيئا (قلت) فاللحية (قال) ما سمعت من مالك فيها شيئا وارى فيهما
جميعا حكومة على الاجتهاد (قلت) أرأيت أن حلقهما عمدا حلق الرأس واللحية
عمدا يكون فيهما القصاص (قال) لا الا الأدب والحاجبان مثل ذلك في رأيي (قلت)
أرأيت العين إذا ابيضت أو انخسفت أو ذهب بصرها وهي قائمة (قال) قال مالك
إن كان هذا كله خطأ ففيه الدية وإن كان عمدا فخسفها خسفت عينه وإن لم تنخسف
وكانت قائمة وذهب بصرها كله فان مالكا قال إن كان يستطاع منه القود أقيد
والا فالعقل (قال) والبياض عندي مثل القائم العين إن كان يستطاع منه القود أقيد
والا فالعقل (قلت) أرأيت أن ضربها فنزل الماء فاخذ الدية أو ابيضت فاخذ الدية
فبرأت بعد ذلك أترد الدية إليه (قال) أرى ذلك وما سمعته من مالك (قلت) فكم
ينتظر بالعين (قال) قال مالك سنة (قلت) فان مضت السنة والعين منخسفة لم
يبرأ جرحها (قال) أرى ان ينتظر حتى يبرأ الجرح لأنه لا قود الا بعد البرء ذلك
في الدية أيضا إنما هي بعد البرء (قلت) وهل كان مالك يقول في العين إذا ضربت
فسال دمعها فلم يرقا (قال) لم اسمعه الا في العين إذا ضربت فدمعت انه ينتظر بها سنة
(قلت) فإن لم يرقا دمعها (قال) أرى فيها حكومة
(ما جاء في شلل اليد والرجل)
(قلت) أرأيت اليد إذا شلت أو الرجل إذا شلت ما قول مالك فيهما (قال) قال مالك قد
تم عقلهما (قلت) فإن كانت الضربة عمدا فشلت يده هل فيها القصاص في قول مالك
(قال) نعم في اليد والرجل القود ويضرب الضارب كما ضرب يقتص لهذا المضروب
من الضارب (قال ابن القاسم) فان شلت يد الضارب والا كان عقل اليد في مال
الضارب وليس على العاقلة من ذلك شئ (قلت) من يستقيد المضروب أو غير المضروب
(قال) قال مالك لا يمكن الذي له القود من أن يقتص لنفسه إنما يدعى له من يعرف

314
القصاص فيقتص له ولا يمكن المجروح من ذلك (قلت) لابن القاسم أرأيت الإصبع
إذا شلت أفيها دية كاملة في قول مالك (قال) نعم (قلت) أرأيت من قطع هذه
الأصابع بعد ذلك خطأ (قال) فيها حكومة كذلك قال مالك (قلت) فإن كان عمدا
(قال) فلا قود فيها وفيها الحكومة في مال الجاني عند مالك (قلت) أرأيت الأنثيين
أفيهما الدية في قول مالك (قال) النعم (قلت) أرأيت أن اخرج البيضتين أو
رضهما أفيهما الدية في قول مالك (قال) قال مالك في الأنثيين الدية وإنما يراد
من الأنثيين البيضتان فإذا أهلكت البيضتان فقد تمت الدية (قلت) أرأيت أن
كان أخرجهما عمدا أو رضهما عمدا أتجعل فيهما القصاص في فول مالك (قال) قال
مالك في الأنثيين القصاص ولا أدري ما قول مالك في الرض إلا أنه قال في الفخذ
إذا كسر فلا قود فيه لأنه يخاف على صاحبه منه أن لا يحيا منه فانا أخاف أن يكون
قد رض الأنثيين بهذه المنزلة فإن كان يخاف على الأنثيين وكانتا متلفتين فلا قود
فيهما لان مالكا قال في كل ما كان متلفا من فخذ أو رجل أو صلب إذا علم أنه متلف
فلا قود فيه مثل الجائفة والمأمومة وكذلك فسره ملك (قلت) أرأيت من لا ذكر
له وله أنثيان فقطع رجل أنثييه (قال) قال مالك فيمن قطع ذكر رجل وأنثييه
جميعا ان عليه ديتين فإن كان قطع أنثييه ولم يقطع الذكر ففيه الدية كامل وان قطع ذكره
بعد ذلك ففيه الدية كاملة وان قطع ذكره ثم قطع أنثييه بعد ذلك ففي الذكر الدية
وفي الأنثيين أيضا بعد ذلك الدية كاملة (قلت) فمن لا ذكر له ففي أنثييه الدية
كاملة في قول مالك (قال) كذلك قال مالك (قلت) ومن لا أنثيين له أفي ذكره
الدية كاملة (قال) نعم (قلت) أرأيت البيضتين أهما سواء عند مالك اليمنى واليسرى
(قال) نعم في كل واحدة منهما تصف الدية عند مالك
(باب دية الشفتين والجفون وثديي المرأة والصغيرة)
(قلت) أرأيت الشفتين أهما سواء عند مالك (قال) نعم هما سواء في كل واحدة
نصف الدية ولس يأخذ بحديث سعيد بن المسيب (قلت) أرأيت جفون

315
العينين أفيها الدية في قولك (قال) ليس في الجفون الا الاجتهاد (قلت) وأشفار
العينين كذلك في قول مالك إنما فيهم الاجتهاد (قال) نعم (قلت) أرأيت الحاجبين
فيهما الدية أم لا (قال) قال مالك ليس فيهما الا الحكومة إذا لم ينبتا (قلت) أرأيت
طرف ثديي المرأة أفيهما الدية في قول مالك (قال) نعم (قلت) ففي حلمتيهما الدية
أيضا (قال) لم اسمع من مالك فيهما شيئا لكن إن كان قد أبطل مخرج اللبن أو فسده
ففيه الدية كاملة في رأيي (قلت) أرأيت الصغيرة إذا قطع ثدياها والكبيرة أهما
سواء في قول مالك (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا الا اني أرى ان ينظر في ذلك
فإن كان قد استيقن انه قد أبطل ثدييها ولا يكون لها ثدي ابدا رأيت عليه الدية وان
شك في ذلك رأيت أن يوضع لها العقل ويستأني بها مثل السن فان نبتت فلا عقل لها
وإن لم تنبت ففيها الدية وان انتظر فيبست ففيها الدية أيضا وان ماتت قبل أن يعلم
ذلك كانت فيهما لها الدية (قلت) أرأيت ثديي الرجل ما فيهما في قول مالك
(قال) حكومة
(باب حد الموضح والمنقلة والمأمومة والجائفة)
(قلت) صف لي ما حد الموضحة في قول مالك (قال ما أفضى إلى عظم وإن كان
مثل مدخل إبرة وإن كان ما هو أكثر من ذلك فإنما هي موضحة (قلت) فما
حد المنقلة في قول مالك (قال قال مالك ما اطار فراش العظم وان صغر فهي منقلة
(قلت) فما حد المأمومة في قول مالك (قال) ما يخرق العظم إلى الدماغ وان مدخل
إبرة فهي مأمومة (قلت) فما حد الجائفة (قال) ما أفضى إلى الجوف وان مدخل
إبرة (قلت) أرأيت الجائفة إذا أنفذت أيكون فيه ثلثا الدية أم ثلث الدية (قال)
اختلف قول مالك في ذلك وأحب إلي أن يكون فيها ثلثا الدية
(دية الابهام والكف وتقطيع اليد)
(قلت) أرأيت المفصلين من الابهام كم فيهما (قال) عقل الإصبع تماما في كل مفصل

316
من الابهام نصف عقل الإصبع وهو قول مالك (قلت) فان قطع رجل ابهام رجل
فاخذ دية الإصبع ثم قطع رجل بعد ذلك العقدة التي بقيت من الابهام في الكف
(قال) قال مالك ليس فيه الا الحكومة (قلت) أرأيت الكف إذا لم يكن فيها
أصابع فقطعت ما فيها في قول مالك (قال) الحكومة (قلت وكذلك أن قطع
بعض الكف (قال) نعم (قلت) أرأيت أن قطع إصبعين مما يليهما من الكف
(قال) إن كان في ضربة واحدة فخمسا دية الكف عند مالك (قلت) ولا يكون
له مع ذلك حكومة (قال) لا
(باب هل تؤخذ في الدية البقر والغنم والخيل)
(قلت) أرأيت البقر والغنم والخيل هل تؤخذ في الدية في قول مالك (قال) قال
مالك لا يؤخذ في الدية الا الإبل والدنانير والدراهم (قلت) ففي كم تؤخذ الدية
في قول مالك (قال) في ثلاث سنين (قلت) من الإبل والدنانير والدراهم في ثلاث
سنين (قال) نعم (قلت) فإن كانت ثلث الدية (قال) ففي سنة وكذلك قال مالك
(قلت) فإن كانت أقل من الثلث (قال) هذا في مال الجاني حالا (قلت) فإن كان
الثلثين (قال) قال مالك في سنتين (قال) فقيل لمالك فالنصف (قال) أرى ان
يجتهد الامام في ذلك (قلت) وما معنى قوله يجتهد الامام في ذلك (قال) ان
رأى أن يجعله في سنتين جعله وان رأى أن يجعله في سنة ونصف جعله (قال) قد كان
مالك يقول مرة في نصف الدية انها في سنتين (قال ابن القاسم) والسنتان أعجب إلي
ويقول ذلك للحديث الذي جاء ثلاث سنين أو أربع (وأخبرني) مالك ان ربيعة
ابن أبي عبد الرحمن الرسل إلى عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم يسأله في كم تقطع
الدية (قال) فأرسل إليه في ثلاث سنين أو أربع سنين (قلت) فإن كانت ثلاثة أرباع
الدية (قال في ثلاث سنين (قلت) فإن كانت خمسة أسداس الدية (قال) أرى اجتهاد
الامام في السدس الباقي (قلت) فمن أهل الدنانير الدية في قول مالك (قال) أهل الشام
وأهل مصر (قلت) فمن أهل الورق (قال) أهل العراق (قلت) فمن أهل

317
الإبل (قال) قال مالك هم أهل العمود وهم أهل البوادي (قلت) أرأيت أن قال
أهل البوادي نحن نعطى الذهب والورق أو قال أهل الورق نحن نعطى الذهب (قال)
قال مالك لا يقبل من أهل الذهب الا الذهب ولا من أهل الورق الا الورق ولا
من أهل الإبل الا الإبل
(عقل جراح المرأة)
(قلت) أرأيت المرأة إلى كم توازي الرجل إلى ثلث ديتها هي أم إلى ثلث دية الرجل
(قال) قال مالك إلى ثلث دية الرجل ولا تستكملها اي إذا انتهت إلى ثلث دية
الرجل رجعت إلى عقل نفسها. وتفسير ذلك أن لها في ثلاثة أصابع ونصف أنملة أحدا
وثلثين بعيرا وثلثي بعير فان أصيب هذا منها كانت فيه والرجل سواء فان أصيب
منها ثلاثة أصابع وأنملة رجت إلى عقل نفسها وكان لها في ذلك ستة عشر بعيرا
وثلثا بعير وكذلك مأموتها وجائفتها إنما لها في ذلك ستة عشر بعيرا وثلثا بعير في كل
واحدة منهما لأنها قد وازنت الرجل في هذا كله إلى الثلث فترد إذا بلغت الثلث إلى
ديتها (قال) وقال لي ملك وذا قطعت أصلع من كف المارة اخذت عشرا من الإبل
فان قطعت لها أخرى بعد ذلك من تلك الكف أيضا اخذت عشرا أخرى فان
قطعت لها أخرى بعد ذلك من تلك الكف أيضا اخذت عشرا أيضا فان قطعت
أرخى بعد ذلك من تلك الكف لم يكن فيها الا خمس من الإبل وان قطعت الخامسة
بعد ذلك لم يكن لها الا خمس من الإبل (قال مالك) وان قطعت ثلاثة أصابع
مرة واحدة من كف واحدة كان لها فيها ثلاثون بعيرا فان قطعت بعد ذلك من تلك
الكف الإصبعان الباقيان جميعا معا أو مفترقين لم يكن لها في ذلك الا خمس خمس في
كل إصبع (فقلنا) لمالك فان قطع لها ثلاثة أصابع من كف واحدة فأخذت الثلاثين من
الإبل ثم قطعت بعد ذلك من الكف الأخرى إصبع أو إصبعان أو ثلاثة أصابع
مفترقة أو قطعت جميعا معا (قال) يبتدأ فيها الحكم كما ابتدئ في اليد الأخرى وتفسيره
ان لها في الكف الثانية في الثلاثة أصابع ثلاثين بعير كما فسرت لك في الكف الأولى

318
(قال) قال مالك وان قطع لها إصبعان من كل يد في ضربة واحدة كان لها على حساب
عقلها خمس خمس من عقلها في كل إصبع لأنها أربعة أصابع فقد جاوزت الثلث والقطع
معا (قال ابن القاسم) وتفسير ما قال لنا مالك فان قطعت إصبع من احدى اليدين
بعد ذلك أعطيت عشرا من الإبل وان قطعت من اليد الأخرى إصبع اخذت عشرا
من الإبل وان قطعتا جميعا هاتان الإصبعان في ضربة واحدة كان لها عشر عشر فما زاد
بعد ثلاثة أصابع من كل كف كان لها خمس خمس كان القطع معا أو كان مفترقا فان
قطعت من يد إصبع ومن يد أخرى ثالثة أصابع في ضربة واحدة اخذت خمسا
خمسا فان قطع بعد ذلك من الكف الذي قطع منها ثلاثة أصابع إصبع ومن الكف
التي قطع منها الإصبع الواحدة إصبع أخرى في ضربة واحدة اخذت للإصبع التي
قطعت من الكف التي كانت قطعت منها ثلاثة أصابع خمسا في الإصبع الرابعة
واخذت للإصبع التي قطعت من الكف التي كانت قد قطعت منها إصبع واحدة عشرا
وان اجتمعتا في ضربة واحدة أو تفرقتا فذلك سواء ما لم يقطع في ضربة واحدة من
اليدين أربعة أصابع (قال) ولو قطعت من الكف التي قطعت منها ثلاثة أصابع إصبع
ومن الكف التي قطع منها إصبع إصبعان في ضربة واحدة اخذت للإصبعين عشرا عشرا
من الإبل واخذت للإصبع خماس ورجلاها بهذه االمنزلة على ما فسرت من اليدين
وهذا كله قول مالك وتفسيره (قال ابن القاسم) ولو قطع منها إصبعان عمدا فاقتصت
أو عفت ثم قطع من تلك الكف إصبعان أيضا خطأ فان يأخذ لها عشرين بعيرا ولا
يضاف هذا إلى ما قطع قبله لان الذي قطع أولا لم يكن له دية وإنما كان عمدا وإنما
يضاف إلى بعض الأصابع إلى بعض في الخطأ
(شجاج المرأة)
(قلت أرأيت أن ضرب رجل رجلا فشجه مأمومات ثلاثا في ضربة واحدة كم
فيهن في قول مالك (قال) مأمومات ثلاث فيهن الدية كاملة (قلت) فان ضرب رجل
امرأة فشجها ثلاث منقلات بضربة واحدة (قال) لها في ذلك على قدر عقلها نصف

319
كل منقلة من عقل الرجل لأنها قد جاوزت الثلث (قلت) فان ضربها فشجها
منقلة ثم ضربها بعد ذلك ضربة أخرى فشجها منقلة أخرى ثم ضربها بعد ذلك
ضربة أخرى فشجها منقلة أخرى (قال) هي في جميع هذا في قول مالك بمنزلة الرجل
لها في كل ذلك مثل دية الرجل لا ينقص من ذلك إذا لم يكن في فور واحد فإن كان
في فور واحد فهو على حساب ما فسرت لك وترجع إلى حساب عقلها فيكون لها
نصف كل منقلة من عقل الرجل وهو قول مالك (قال) ولو ضربها رجل فأوضحها
سبع مواضح في ضربة واحدة أو أكثر من ذلك في فور واحد مواضح أو جراحات
كثيرة تكون مع المواضح فإنها ترد في ذلك إلى عقلها إذا كان جميع ما أصابها به يبلغ
ثلث دية الرجل رجعت إلى عقلها وان ضربها ضربة بعد ضربة في غير فور واحد
كانت في عقلها في جميع ذلك بمنزلة عقل الرجل ولو ضربت منقلة فبرأت واخذت
عقلها ثم ضربت عليها أيضا كانت ديتها منقلة أخرى بمنزلة منقلة الرجل وكذلك أن
ضربت الثالثة عليها بعد برئها فشجت منقلة ثالثة كان لها عقل منقلة الرجل (قال)
وكذلك المواضح (قال) وهذا قول مالك قال وليس للمواضح والمنقلات منتهى عند
مالك (قال) وإذا أصاب مبلغ الثلثا من المرأة فضربة واحدة فهو خلاف ما إذا
اصابه منها في ضربات مفترقات الا ما وصفت لك في الأصابع فإنه إذا قطع منها ثلاثة
أصابع من كف واحدة معا أو مفترقة ثم قطع منها الإصبع الرابعة بعد ذلك فليس
لها في الإصبع الرابع الا الخمس من الإبل وهذا قول مالك
(لسان الأخرس والرجل العرجاء واليد والعين الناقصة والسن)
(قلت) ما قول مالك في لسان الأخرس (قال) الاجتهاد (قلت) فكم في
الرجل العرجاء (قال) العرج عند مالك مختلف ولم اسمع منه في الأعرج بعينه شيئا
الا اني سمعته يقول في كل شئ من الانسان مما له فرض مسمى إذا أصيب منه
شئ فانتقص ثم أصيب بعد ذلك الشئ فإنما له على حساب ما بقي من ذلك العضو (قال
مالك) وما كان من خلقة خلقها الله ولم ينتقص منها شئ مثل استرخاء البصر أو ضعف

320
بصر مثل العين الرمدة يضعف بصرها واليد يكون فيها ضعف الا انه يبصر بالعين
ويستمتع باليد ويبطش بها والرجل يستمتع بها وفيها ضعف (قال مالك) في هذا كله
الدية كاملة واما لو كان ذلك من شئ أصيب به حتى نقص له البصر أو ضعفت له اليد أو
الرجل حتى اخذ لذلك عقلا ثم أصيب بعد ذلك فإنما له ما بقي من العقل (قال مالك)
والرجل كذلك والعرج عندي مثل هذا (قلت) فالذي يصيبه امر من
السماء مثل العرق يضرب في رجل الرجل فيصيبه منه عرج أو يصيبه رمد فيضعف
البصر الا انه يمشي على الرجل ويبصر بالعين وقد مسها ضعف ففيها الدية كاملة ان
أصيبت رجله أو عينه (قال) نعم كذلك قال لي مالك (قلت) ولو أن هذا كان إنما
اصابه به انسان خطأ فاخذ لذلك عقلا ثم أصيب بعد ذلك بعينه أو برجله خطأ اخذ
على حساب ما ذهب من العين واليد وما بقي (قال) ونعم وهو قول مالك
(ذكر العين والسن)
(قلت) أرأيت العين القائمة. ما قول مالك فيها (قال) قال مالك الاجتهاد (وقال)
وليس يأخذ مالك بقول زيد بن ثابت الذي ذكر عنه ان فيها مائة دينار (قلت) كم
في السن السوداء عند مالك إذا طرحها رجل (قال) قال ملك العقل فيها كامل (قلت)
وان كانت حمراء أو صفراء (قال) السوداء أشد من هذا كله وفيها العقل كاملا عند
مالك ففي الحمراء أو الصفراء إذا أسقطها رجل فعليه العقل تاما (قلت) فان ضربه
رجل فاسودت سنه أو احمرت أو اصفرت أو اخضرت ما قول مالك في ذلك (قال)
ما سمعنا من مالك الا إذا اسودت فان عقلها قد تم ولا أدري ما الخضرة أو الحمرة
أو الصفرة إن كان مثل ذلك السواد فقد تم العقل والا فعلى حساب ما نقص (قلت)
أرأيت السن إذا تحركت من ضربة رجل (قال) قال مالك إذا كانت تضطرب
اضطرابا شديدا فقد تم عقلها وإن كان تحريكا خفيفا عقل لها بقدر ذلك (قلت)
وكم ينتظر بهذه السن التي تضطرب اضطرابا شديدا في قول مالك (قال) قال
مالك ينتظر بها سنة

321
(جامع جراحات الجسد) (قلت) أرأيت الدامية كم فيها في قول مالك (قال) الاجتهاد إذا برأت على عثل
إن كان خطا وان برأت على غير عثل فلا شئ فيها فإن كان عمدا كان فيها القصاص
مع الأدب وهو قول مالك (قلت) فقول مالك ان في كل عمد القصاص والأدب
مع القصاص (قال) نعم (قلت) أرأيت الباضعة والسمحاق والملطأة أهؤلاء مثل
الدامية في قول مالك (قال) لا عقل فيها إذا برأت على غير عثل (قال) نعم في الخطأ واما
في العمد ففيها كلها القصاص إذا كان يستطاع القصاص فيها (قلت) كم في الضلع
إذا انكسر في قول مالك (قال) الاجتهاد إذا برأ على عثل وإذا برأ على غير عثل فلا
شئ فيه (قال) ولم اسمع من مالك في القصاص من الضلع شيئا الا انه إن كان يخاف
منه مثل عظم الفخذ فلا قصاص فيه وإن كان مثل اليد والساق ففيه القصاص
(قلت) أرأيت الترقوة إذا كسرت أفيها عقل مسمى عند مالك (قال) لا
(قلت) فان برأت على غير عثل (قال) فلا شئ عليه فيها إذا كانت خطا (قلت)
فان برأت على عثل كان فيها الاجتهاد (قال) نعم (قلت) فان كسرها رجل عمدا
أيقتص منه في قول مالك أم لا (قال) لم اسمع من مالك فيه شيئا (قال ابن القاسم)
وارى فيها القصاص لان أمرها يسير فيما سمعت ولا يخاف منها فإن كان يخاف فهي
مثل ما يخاف من العظام (قلت) أرأيت اليد والرجل وجميع عظام الجسد إذا كسرت
فبرأت على غير عثل وان كسرت خطا فلا شئ فيه في قول مالك (قال) نعم (قلت)
وما كان منه عمدا ففيه القصاص الا الفخذ فإنه لا قصاص في الفخذ (قال) نعم لا
قصاص في الفخذ في قول مالك. واما ما ذكرت من عظام الجسد كله ان فيه القصاص
فلا أدرى ما عظام الجسد كلها وإنما قال مالك في كسر الذراعين والعضدين والساقين
والقدمين والكفين والأصابع إذا كسرت ففي هذا كله القصاص عند مالك واما
عظام الصلب فقد سمعته عن مالك أنه قال الصلب مما لا يستطاع القصاص منه وانا أرى
ذلك واما عظام الصدر والأضلاع فلم اسمع من مالك فيه شيئا (قال ابن القاسم)

322
يسئل فإن كان يخاف منه فلا قصاص فيه وان كأن لا يخاف فهي القصاص (قلت)
فما فما يقول مالك في كسر عظام العتق أفيها القصاص (قال) ما سمعت من مالك فيها
شيئا ولا أرى فيها القصاص (قلت) أرأيت عظم الرأس من حيث ما اصابه
فأوضحه أهي موضحة ولك ناحية منه سواء في قول مالك (قال) نعم (قلت) فأين
منتهى ما هو من الرأس ما يلي العنق اي عظم هو قول مالك (قال) لم
اسمع من ملك فيه شيئا ولكنه إلى منتهى جمجمة الرأس فإذا أصاب ما هو أسفل من
جمجمة الرأس فإنما ذلك من العتق ليس فيه موضحة عند مالك الآن عظم العنق إنما هو
مثل عظام الجسد (قلت) أرأيت أن كسر احدى الزندين وها قصبتا اليد أيقتص
منها في قول مالك (قال) نعم (قلت) فإن كان خطأ فلا شئ فيه الا ان يبرأ لي
عثل فيكون فيه الاجتهاد في قول مالك (قال) نعم (قلت) أرأيت اليد إذا قطعت من
أصل الأصابع فصاعدا إلى المنكب فإنما فيها دية واحدة كل ذلك سواء في الدية
(قال) نعم إذا قطعت الأصابع من أصلها فقد تم عقل اليد عند مالك والري يقطع
اليد من المنكب فإنما عليه من العقل عند مالك مثل ما على الذري قطع الأصابع
من أصلها وتحمل ذلك العاقلة إذا كان خطا وإن كان عمدا كان في جميع ذلك القصاص
وهو قول مالك (قلت) ويقتص من اليد من المنكب (قال) نعم في رأيي
(قلت) أرأيت الانف إذا كسر اي شئ فيه عند مالك (قال) إذا برأ على غير
عثل فلا شئ فيه وان برأ على عثل ففيه الاجتهاد إذا كان خطأ وإن كان عمدا اقتص
منه فان برأ المقتص منه وصار مثل المجروح الأول أو أكثر فلا شئ للأول وإن كان
في الأول عثل وبرأ المقتص منه على غير عثل أو عثل هو دون العثل الأول اجتهد
للأول من الحكومة على قدر ما زاد شينه وهذا قول مالك
(ما جاء في دية الكف)
(قلت) أرأيت الكف إذا ذهب منه إصعبان ذهبتا من امر الله أو قطعهما رجل
عمدا أو خطأ فاقتص منه أو اخذ لذلك عقلا ثم قطع رجل كفه بأصابعه الثلاثة عمدا

323
أيقتص له في قول مالك أم لا (قال) قال ملك في الإصبع الواحدة إذا قطعت من
الكف ثم قطع رجل بعد ذلك كفه هذه المقطوعة إصبعها عمدا (قال) قال مالك أرى
له القصاص وارى ان تقطع يد قاطعه (قلت) لابن القاسم الابهام كانت المقطوعة
أو غير الابهام (قال) ما وقفت مالكا عليه الا ان ذلك عندي وسواء (قال) واما
الإصبعان والثلاثة فقول مالك الذي سمعت فيه وبلغني عنه في الإصبعين والثلاثة انه
لا يقتص له من قاطعه ولكن يكون له العقل على قاطعه في ماله (قلت) فلو أن
رجلا قطع كف رجل وليس فيها الا إصبع أو إصبعان خطا ما على القاطع من العقل
أعليه خمسا الدية أم أكثر من ذلك أم أقل فإن كانت إصبع واحدة فكم عقلها أخمس
الدية أم أكثر أم أقل (قال) إذا قطع م الأصابع شئ فإنما له بحساب ما بقي من
الأصابع ي الكف فأما إذا لم يبق الا إصبع واحدة فلم اسمع من مالك فيه شيئا واني
لأستحسن أن يكون له فيما بقي من الكف حكومة وفي الإصبع الدية (قلت)
أرأيت أن قطع رجل يمين رجل ولا يمين للقاطع أيكون العقل فيه مغلظا في قول
مالك أم لا (قال) فيه العقل غير مغلظ مثل عثل دية العمد إذا قبلت في الانسان مع
الأدب والعقل في ماله ليس على عاقلته منه شئ وهو قول مالك (قلت) أرأيت
المأمومة والجائفة إذا كانتا عمدا أهما في مال الجاني أم على العاقلة (قال) كان مالك مرة
يقول هي في ماله إن كان له مالك فإن لم يكن له مال فعلى العاقلة ثم رجع فرأى أنه على
العاقلة فإن كأنه له مال وهو مما تحمله العاقلة (قال ابن القاسم) وكلمته فيه غير مرة
فقال لي مثل ما أخبرتك وثبت مالك على ذلك وهو رأيي انه على العاقلة (قلت)
فما يقول مالك في رجل قطع يمين رجل عمدا ولا يمين للقاطع ولا مال أيكون ذلك
على العاقلة في قول مالك أم لا (قال) قال مالك لا يكون ذلك على العاقلة ولكن يكون
في مال القاطع يتبع به دينا عليه (قلت) فما فرق ما بين اليد والمأمومة والجائفة وقد قال
مالك في الجائفة المأمومة انهما على العاقلة وإن كان للجاني مال وقد قال في اليد ان القاطع
إذا قطع يمين رجل ان ذلك في مال القاطع غنيا كان أو عديما (قال) قال مالك كل شئ

324
يجنيه الانسان على عمد فلا يكون فيه القصاص وفي جسد الجاني مثل الذي جنى عليه
فلا يكون للمجني عليه ان يقتص منه فعقل ذلك على العاقلة وعلى هذا الجاني الأدب
وتفسير هذا إنما هو في مثل المأمومة والجائفة وما لا يستطاع منه القود فإنه يكون على
العاقلة إذا بلغ من الحكم ما فيه ثلثا الدية الا ترى أنه لا يقتص فيهما من الجاني وفي
جسده وفي رأسه موضع المأمومة والجائفة وغير ذلك مما لا يستطاع منه القود وما
جنى الرجل من جناية فيها القصاص ان لو كانت قائمة في الجاني الا انها قد ذهبت من
الجاني ولا يجد المجني عليه ما يقتص منه لأنه قد ذهب ذلك من الجاني ولو كان ذلك
قائما فيه لاقتص منه وإنما منه من القصاص ان ذلك الشئ ليس في الجاني فهذا فيه العقل
على الجاني في ماله ولا تحمله العاقلة (قال) وتفسير هذا مثل الرجل يقطع يمين الرجل
عمدا ولا يمين للقاطع فالقاطع لو كانت يمينه قائمة لقطعها هذا المقطوعة يده مكان يده
ولكنها ذاهبة فلا يجد ما يقطع فهذا الذي يكون العقل في ماله ولا تحمله العاقلة في
قول مالك فهذا فرق ما بينهما
(ما تحمل العاقلة وما لا تحمل)
(قلت) أرأيت العاقلة في قول مالك هل تحمل أقل من الثلث (قال) لا تحمل أقل
من الثلث في قول مالك ولا تحمل الا الثلث فصاعدا (قلت) وكل شئ سكون في
الجسد يبلغ الثلث من ذهاب بصر أو سمع أو لسان أو شلل أو غير ذلك مما هو في
الجسد فإذا بلغ الثلث حملته العاقلة في قول ملك (قال) نعم إذا كان ذلك خطأ (قال)
وقال مالك ولو ضربه فشجه ثلاث منقلات في ضربة واحدة حملته العاقلة لان هذا قد
بلغ أكثر من الثلث (قلت) فان شجه ثلاث منقلات في ثلاث ضربا في مقام
واحد أتحمله العاقلة أم تجعل ذلك في مال الجاني (قال) إن كان ضربا يتبع بعضه بعضا
لم يقلع عنه فهو بمنزلة الضربة الواحدة تحمله العاقلة وإن كان شيئا متفرقا في غير فور واحد لم
تحمله العاقلة وكذلك بلغني عن مالك (قلت) أرأيت أن أصبت إصبع رجل خطا فاخذ
عقلها ثم قطع رجل بعد ذلك كفه خطا ما يكون من العقل على القاطع (قال) له

325
أربعة أخماس الدية على العاقلة لأنه قد اخذ عقل الإصبع (قلت) فإن كانت الإصبع إنما
ذهبت بأمر من السماء ولم يأخذ لها عقلا (قال) هو كذلك ليس له الا أربعة أخماس
الدية لان العقل إنما هو في الأصابع الا ترى لو أن رجلا قطع أصابعه الأربعة الباقية
بغير كف لم يكن له الا أربعة أخماس الدية فالاصبع إذا ذهبت بعقل اخذه فيها
أو ذهبت بأمر من الله فعقل ما بقي من الأصابع في الخطأ واحد (قلت) فإن
كانت الإصبع إنما قطعت عمدا فاقتص من قاطعه ثم قطعت كفه من بعد ذلك خطا
أيأخذ ديتها كاملة أم لا (قال) ليس له ان يأخذ الا على حساب ما بقي له (قال) وقال
لي مالك في العين يصيبها الرجل بشئ فينقص بصرها أو اليد يضعفها ذلك وبصر
العين قائم واليد يبطش بها ولم يأخذ لها عقلا (قال مالك) أرى على من أصابها بعد
ذلك العقل كاملا (قال) قال مالك وقد قال سعيد بن المسيب في السن إذا اسودت فقد
تم عقلها وان أصيبت بعد ذلك ففيها أيضا عقلها كاملا (قال مالك) فالسن قد
اخذا لها عقلها ومنفعتها قائمة (قال) فقلت لمالك فإن كان اخذ لذلك شيئا في نقصان
اليد والعين (قال) قل مالك ذلك أشكل يريد أنه ليس له الا ما بقي ويقاص بما اخذ
وقد قال لي قبل ذلك ليس له الا على حساب ما بقي (قال ابن القاسم) ولو أن رجلا
أصاب يد رجل خطأ فضعفت واخذ لها عقلا وكان يبطش بها ويعمل بها ثم أصابها
بعد ذلك رجل عمدا تقتص منه وكذلك العين لو أصابها رجل خطا بشئ فاخذ لها
عقلا وقد كان يبصر بها ثم أصابها بعد ذلك رجل عمدا اقتص له منه فالقصاص والدية
في هذا مختلفان واما الكف التي يقطع بعضها عمدا كان أو خطا ثم تصاب خطا بعد
ذلك فليس له الا على قدر ما بقي منها قل ذلك أو كثر
(في سن الصبي إذا لم يثغر)
(قال ابن القاسم) وقال مالك في الصبي إذا لم يثغر ينزع سنه خطا قال يؤخذ له
العفل كاملا فيوضع على يدي ثقة فان عادت لهيئتها رد العقل إلى أهله وإن لم تعد
أعطى العقل كاملا فان هلك الصبي قبل أن تنبت فالعقل للورثة فان نبتت أصغر من

326
قدرها الذي قلعت منه كان له من العف قدر ما نقصت (قال) وان كانت إنما نزعت
عمدا فإنه يوضع له العقل أيضا ولا يعجل بالقود حتى يستبرأ أمرها فان عادت لهيئتها
فلا عقل فيها ولا قود وإن لم تعد اقتص منه وان عادت أصغر من قدرها أعطى ما
نقصت (قال ابن القاسم) وانا أرى فيها إن لم تعد لهيئتها حتى مات الصبي ان فيها
القصاص ولى فيها عقل لأنه إنما استؤني به النبات فدفع القود فإذا مات الصبي فهو
بمنزلة ما لم تنبت ففيه القصاص (قال ابن القاسم) في المرأة لو قطعت لها إصبعان
عمدا فاقتصت أو عفت لم قطع من ذلك الكف أيضا إصبعان فإنه يؤخذ لها عشرون
بعيرا ولا يضاف هذا إلى ما قطع قبله لان الذي قطع أولا لم يكن له دية وإنما كان
عمدا وإنما يضاف بعض الأصابع إلى بعض في الخطأ
(تم كتاب الجراحات بحمد الله وعونه)
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
(ويليه كتاب الجنايات)

327
بسم الله الرحمن الرحيم
(الحمد لله وحده)
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى اله وصحبه وسلم)
(كتاب الجنايات)
(في العبد يقتل رجلا له وليان فيعفوا أحدهما على أن يكون له جميع العبد)
(قلت) لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت لو أن عبدا قتل رجلا له وليان فعفا أحدهما
عن العبد على أن يأخذ جميعه في بذلك سيد العبد ودفعه إليه أيجوز له جميع العبد
أم لا (قال) لم اسمع من مالك فيه شيئا وارى ان دفع سيده نصف الدية إلى أخيه
جاز له ما صنع وان أبي كان الذي عفا بالخيار وان أحب أن يكون العبد بينهما كان ذلك
له وان أبي دره فان أحبا ان يقتلا قتلا وان أحبا ان يعفوا عفوا فان عفوا كان السيد
بالخيار ان شاء ان يفتديه بالدية فعل وان شاء ان يسلمه لهما أسلمه (قال سحنون)
وقد قال عبد الرحمن بن القاسم ان الولي يدخل على أخيه في نصف العبد فيكون
بينهما لشركتهما في الدم
(في العبد يقتل رجلا له وليان فيعفو أحدهما)
(على أن يكون له العبد وزيادة عبد اخر)
(قلت) أرأيت لو أن عبد ي قتل رجلا له ووليان فعفا أحدهما عن العبد على أن
دفعت إليه العبد القاتل وزدته عبدا اخر معه من عني أيكون للذي لم يعف ان
يدخل في هذا العبد الذي لم يجن (قال) يخير السيد فان دفع إلى الذي لم يعف نصف

328
الدية تم ما صنع وان أبي خير الذي عفا فان أحب ان يسلم إلى أخيه نصف العبد القاتل فقط
فيكون بينهم تم ذلك وان أبى رد العبد وقتل القاتل ان أحبا (قال سحنون) وقد قيل إن
الولي يدخل على أخيه في العبدين جميعا لأنهما ثمن الدم الذي بينهما وهو جل قول الرواة
(في العبد يقتل رجلا خطأ فيعتقه سيده وقد علم بالقتل)
(قلت) أرأيت لو أن عبدا لي قتل قتيلا خطأ فأعتقته وان اعلم بالقتل أيكون مجبورا
على غرم الدية في قول مالك أم لا (قال) قال مالك يسئل السيد فإن كان إنما أراد حين
أعتقه حمل الجناية عن العبد فذلك له وان قال ما أعتقته الا وانا أظن أن ذلك يخرجه
من الرق وتكون الجناية عليه يحملها هو فإنه يحلف على ذلك فإذا حلف ذلك أنه
ما أعتقه الا وهو يظن أن الجناية على العبد وما أراد أن يحمها عنه رد العتق فإن كان
للعبد مال يكون قدر الجناية اخذ المال منه في جنايته وعتق العبد وإن لم يكن له مال
وقد العبد على من يعينه من ذوي قرابته أو غيرهم فإنه لا يرد عتقه إذا أعانوه بمال
قدر الجناية (قال) وقال مالك في العبد يجرح رجلا حرا ثم يعتقه سيده بعدما جرح
فيريد المجروح ان يعقل السيد الجرح فيقول السيد ما علمت أن دية الجرح تلزمني
إذا أعتقته وما أردت الا حرز رقبته (قال) يحلف بالله الذي لا اله لا هو ما أراد
حمل الجناية عنه فإذا حلف رأيت أن ينظر في العبد فإن كان له مالك يكون فيه كفاف
دية الجرح رأيت أن يؤخذ في ذلك ماله ويعتق وإن لم يكن له مال ووجد أحدا يعينه
في ذلك ويحمل ذلك عنه تلوم له في ذلك فان جاء له عتق وإن لم يكن له مال ولا
اخذ من ذوي قرابته ولا ممن يرجى عونه وكان في رقبته فضل عن الجرح بيع بقدر
الجرح وعتق ما بقي وإن لم يكن في ثمنه فضل أسلم إليه كله وبطل العتق فهذا الذي
فسر لي مالك
(في العبد يجني جناية ثم يبيعه سيده وقد علم بجنايته)
(قلت) أرأيت لو أن عبدا جنى جناية ثم باعه سيده وهو يعلم بالجناية أو لا يعلم

329
بها (قال) لم اسمع من مالك فيه شيئا ولكن أرى لأولياء الجناية إذا أبى السيد البائع
بعدان يحلف بالله ما أراد حمل الجناية ان يدفع إليهم دية الجناية ان يجيزوا البيع
ويأخذوا الثمن الذي بيع به والا فسخوا البيع واخذوا العبد الا ان السيد ان هو
افتكه بدية الجناية فان له ان يلزم المشترى البيع إذا كان المشترى قد اعلمه السيد
بجناية العبد حين باعه (قال) وإن لم يعلم فلا يلزمه ذلك (قال سحنون) وقال
غيره وهذا إذا كانت الجناية عمدا لان هذا عيب في العبد وان كانت خطأ فهو كعيب
ذهب قبل أن يرده المشترى وان يجز أولياء الجناية البيع بعد أن يحلف السيد ولم
يفتكه السيد وأرادوا فسخ البيع فقال المشتري انا أعطى أرش الجناية وأتمسك
ببيعتي كان لك له وكان له ان يرجع على البائع بالأقل مما افتكه به أو من الثمن
(وكان) رجل من أصحاب مالك يقول إذا لم يفتك البائع بالجناية في رقبة العبد والعبد
بها مرهون فان أهل الجناية أولى بفضلها كالسيد إذا أعتقه والجناية فيه وحلف
انه لم يرد حمل الجناية كان للمجني عليهم لأنه رهن له بالجناية والسيد لم يكن يلزمه
الافتكاك فصارت رقبته ومله لأهل الجناية وهم أولى بفضله (قال عبد الرحمن بن
القاسم) في هذا المعنى وذكره عن مالك ان أبى السيد افتكاك العبد وقد أعتق
اخذ ماله إن كان فيه وفاء للجناية وعتق وإن لم يكن فيه وفاء وكان له أحد يعينه من
قرابته أو من غيرهم بما يتم به أرش الجناية عتق والا بيع منه إن كان يبق من رقبته
شئ بعد تمام الجناية فيعتق وإن لم يكن له شئ من هذا فهو لأهل الجناية رقيق لهم
(في عبد جنى على عبد أو على حر فلم يقم ولى الجناية حتى قتل)
(قلت) لابن القاسم أرأيت أن جنى عبدي على عبد أو على حر فلم يقم ولى الجناية على
عبدي حتى قتل عبدي فأخذت قيمته أيكون لهؤلاء الذين جنى عليهم عبدي في هذه
القيمة شئ أم لا (قال) نعم لهم قيمته كلها الا ان يفتك القيمة قبل الجناية وقيمة العبد
المقتول لان مالكا قال في الرجل يقتل الرجل عمدا ثم يقتل القاتل خطأ ان أولياء
المقتول عمدا أولى بديته من أوليائه

330
(في عبد قتل عبد رجل عمدا فقتل العبد خطأ قتله عبد لرجل)
(قلت) لابن قاسم أرأيت أن كان عبدي قتل عبد رجل عمدا فقتل عبدي خطأ
قتله عبد لرجل (قال) سيد العبد الذي قتله عبدك عمدا أولى بقيمة عبدك الا ان تفتكه
بقيمة العبد المقتول عمدا فيكون لك قيمة عبدك وإن كان الذي قتل عبدك قتله عمدا
أيضا كإن لم لك ان ترضى سيد العبد الذي قتله عبدك عمدا وتقتل قاتل عبدك وإن شئت
استحييته وأخذته الا ان يفتكه سيده بقيمة عبدك فان أبيت ان تعطى سيد الذي
قتله عبدك عمدا قيمة عبده أو أبى هو ان يقبل القيمة كان أولى بقيمة عبدك ان شاء قتله
وان شاء استحياه فان استحياه كان الامر إلى عملا الخطأ (قلت) وهذا قول مالك
(قال) قال مالك في الأحرار ان الحر إذا قال رجلا عمدا فقتل القاتل عمدا أيضا انه
يقال لأولياء القاتل الأول ارضوا أولياء المقتول الذي قتله وليكم فان أرضوهم كانوا
أولى بقاتل صاحبهم إن شاؤوا قتلوه وان شاؤوا استحيوه وإن لم يرضوهم أسلموا قاتل
صاحبهم وبرئوا منه وكان أولياء المقتول الأول أولى به ان شاؤوا قتلوه وان شاؤوا
استحيوه فهكذا العبيد عندي مثل الأحرار
(في العبد يقتل قتيلا عمدا له وليان فعفا أحدهما)
(والعبد يقتل قتيلين عمد فعفا أولياء أحد القتيلين)
(قلت) أرأيت لو أن عبدا قتل قتيلا عمدا وله وليان فعفا أحدهما (قال) يقال لسيده
ادفع نصف العبد أو افده بنصف الدية (قلت) وهذا قول مالك (قال) هذا رأيي
(قلت) أرأيت لو أن عبدا في يدي عارية أو وديعة أو رهن بإجارة جنى جناية
ومولاه غاب ففديته من الجناية ثم قدم مولاه (قال) يقال لمولاه إن شئت فادفع
إلى هذا جميع ما فدى به وخذ عبدك وإن شئت فأسلمه إليه ولا شئ عليك لأنه لو لم يفده
ثم جاء سيده لقيل له هذا القول وهو رأيي (قلت) أرأيت لو قتل عبدي قتيلين
عمدا فعفا أولياء أحد القتيلين اي شئ يقال لسيد العبد القاتل أيقال له ادفع جميع العبد

331
إلى أولياء المقتول الاخر أم يقال له ادفع نصفه أو افده بالدية كلها ولا احفظه عن مالك
(في العبد يجرح رجلا حرا فبرأ من جراحته ففداه سيده)
ثم انتقضت الجراحات فمات)
(قلت) أرأيت أن جرح عبدي رجلا حرا فبرأ من جراحته ففديت عبدي ثم
انتقضت جراحات الرجل فمات من ذلك (قال) إذا مات منها اقسم ورثة المقتول فإذا
اقسموا فإن كانت الجراحات عمدا قيل لهم إن شئتم فاقتلوه وإن شئتم فاستحيوه فان
استحيوه كان بمنزلة ما لو كانت الجراحات خطأ يقال لمولى العبد ادفع عبدك ان افده
فان دفعه اخذ ما كان دفع إلى المقتول وان فداه صار له في الفداء بما دفع إلى المقتول
(قلت) وهذا قول مال (قال) قاله لي مالك في الحر وهذا في العبد عندي مثله
(في عبدين لرجل قتلا رجلا خطا فقال إنا ارفع أحدهما وافدي الاخر)
(قلت) أرأيت لو أن عبدين لي قتلا رجلا خطا فقال إنا ادفع أحدهما وافدي
الاخر (قال) قال مالك في العبيد إذا قتلوا حرا خطا أو جرحوا انسانا انهم مرتهنون
بدية المقتول أو المجروح وتقسم الديد على عددهم ودية الجرح على عددهم فمن
شاء من أرباب العبيد ان يسلم أسلم ومن شاء ان يفتك افتك بقدر ما يقع عليه من
نصيبه من الدية كان أقل من ثمنه أو أكثر لو كانت قيمة العبد خمسمائة والذي
وقع عليه عشر الدية غرم عشر الدية وحبس غيره ان كانت قيمته عشرة دنانير والذي
وقع عليه من الدية النصف لم يكن له ان يحبس عبده حتى يدفع نصف الدية ولم يقل
لنا مالك في الأرباب أرباب العبيد إذا كانوا شتى أو كان ربهم واحدا ولم يختلف ذلك
عندنا انه إن كان أربابهم واحدا فان له ان يحبس من شاء مهم ويدفع من شاء بحال
ما وصفت لك وقد تمكل فيه مالك غير مرة ولم يختلف قوله فيه قط

332
(في العبد تفقأ عيناه أو تقطع يداه)
(قلت) أرأيت أن فقئت عينا عبدي أو قطعت يداه ما يقال للجارح (قال) يضمنه
الجارح ويعتق عليه إذا أبطله هكذا فإن كان جرحا لم يبطله مثل فق ء عين واحدة أو
جدع اذن أو قطع إصبعا ما أشبهه كان عليه ما نقص من ثمنه ولم يكن عليه غير
ذلك ولم يعتق عليه (قلت) وهذا قول مالك (قال) هو رأيي وقد سمعت أنه قال
يسلم إلى الذي صنع به ذلك فيعتق عليه وذلك رأيي إذا أبطله
(في الأمة لها ولد صغير فيجني أحدهما جناية)
(قلت) أرأيت أن كانت عندي أمة وولدها صغير فجنى الولد جناية فأردت أن
ادفعه أيجوز ذلك في قول مالك (قال) نعم يجوز الا انه في قول مالك قال للمجني عليه
ولسيد الأمة ان يبقيا الأم والولد جميعا ولا يفرقا بينهما ويكون للمجني عليه قيمة الولد
على سيد الأمة قيمة العبد يقسم الثمن على قيمتها (قلت) فإن كانت لي جارية وولدها
صغير فجنى ولدها أو جنت هي جناية فأردت أن ادفع لي جنى بجنايته (قال) ذلك
لك ويجبران على أن يجمعا بينهما كما وصفت لك من الجمع بينهما فيقسمان الثمن على قدر
قيمتها (قلت) وهذا قول مالك (قال) هذا رأيي (قلت) أرأيت لو أن عبدي
جرح رجلا فقطع يده وقتل اخر خطأ (قال) قال مالك ان أسلمه سيده فالعبد بينهم
أثلاثا (قال) قال مالك وإذا أسلم العبد فهو بينهم على قدر جراحاتهم (قلت) فان
استهلك أموالا حاصوا أهل الجراحات في العبد بقيمة ما استهلك لهم من الأموال
(قال) نعم في قول مالك
(في عبد قتل رجلا خطا أو فقأ عين آخر خطأ)
(والعبد يقتل رجلين وليهما واحد)
(قلت) أرأيت أن قتل عبدي رجلا خطأ أو فقأ عين اخر فقال السيد انا أفديه
من جنايته في العقل فادفع إلى صاحب العين الذي يكون له من العبد ولا أفديه

333
(قال) يقال له ادفع إلى صاحب العين ثلث العبد وأقر ثلثي العبد بجميع الدية ويكون
شريكا في العبد هو والمجني على في العين يكون لصاحب العين ثلث العبد ويكون
لسيده ثلثا العبد وهو رأيي وقد بلغني عن مالك (قلت) أرأيت أن قتل عبدي
رجلين وليهما واحد فأراد السيد ان يفدى نصفه بدية أحدهما ويسلم نصفه (قال)
ليس ذلك له الا ان يفدى جميعه بالدين أو يسلمه لان وارث الديتين جميعا واحد فهي
كلها جناية واحدة
(في العبد يقتل رجلا له وليان وفي أم الولد إذا)
(جنت ثم جنى عليها قبل أن يحكم فيها)
(قلت) أرأيت أن قتل عبدي رجلا له وليان فقلت إن أفدي حصة أحدهما وادفع
حصة الاخر أيكون ذلك لي في قل مالك (قال) أرى له ان يفدى نصيب من شاء
منهما (قلت) أرأيت أم ولد ي إذا جنت جناية فجنى عليها قبل أن يحكم فيها
فأخذت لها أرشا ما يكون علي أقيمتها معيبة أم قيمتها صحيحة (قال) بل قيمتها معيبة يوم
ينظر فيها مع الأرش فإن كانت قيمتها أكثر من أرش الجناية كان عليه أرش الجناية
وان أرش الجناية أكثر كان عليه قيمتها معيبة مع ما اخذ من الأرش. ومما يبين ذلك أن
العبد إذا جنى ثم جنى عليه فاخذ له سيده أرشا انه يخير في أن يسلمه وما اخذ
له أو يفتكه بما جنى فكذلك أم الولد الا ان أم الولد لا تسلم وإنما يكون عليه الأقل
من قيمتها معيبة وأرش الجناية معها أو قيمة الجناية التي في رقبتها بمنزلة العبد سواء
لان أم الولد لا يستطيع سيدها ان يسلمها فيكون عليه الذي هو أقل لأنها لو هلكت
ذهبت جناية المجروح وكذلك العبد لو هلك قبل أن يحكم عليه ذهبت جناية المجروح
أمرهما واحد (قلت) أرأيت لو أن أمة جنت جناية أيمنع سيدها من وطئها حتى
ينظر أيدفع أم يفدي (قال) نعم يمنع من وطئها (قلت) ولم قلت هذا (قال) لأنه
مرتهنة بالجرح حتى يدفعها أو يفديها (قلت) أرأيت أن رهن رهنا عبدا له فأقر
الراهن ان عبده هذا الرهن قد جنى جناية أو استهلك مالا وهو عند المرتهن والسيد

334
موسر أو معسر (قال) إن كان معسرا لم يصدق على المرتهن وإن كان موسرا قيل للسيد
ادفع أو افد فان قال إنا أفديه فداه وكان رهنا على حاله وان قال لا أفدي وانا ادفع
العبد لم يكن له ان يدفعه حتى يحل الاجل فإذا حل الاجل أدى الدين ودفع العبد
بجنايته التي أقر بها وان فلس قبل أن يحل الاجل كان المرتهن أولى به من الذين أقر لهم
بالجناية ولا يشبه اقراره هاهنا البينة إذا قامت على الجناية (قلت) وهذا قول مالك
(قال) لا أقوم على حفظه ولكن قد قال مالك في جناية العبد إذا كان رهنا فقامت
عليه البينة على الجناية ما قد أخبرتك وهو رأيي
(في رجل رهن عبدا فجنى العبد جناية على رجل)
(فقامت على ذلك بينة)
(قلت) أرأيت أن ارتهنت عبدا بحق لي على رجل فجنى العبد جناية على رجل
(قال) قال مالك يقال لرب العبد افد عبدك فان فداه كان على رهنه كما هو وان
أبى ان يفديه قيل للمرتهن افده لان حقك فيه فان افتداه وأراد سيده اخذه
لم يكن له ان يأخذه حتى يدفع ما افتداه به من الجناية مع دينه وان أبى سيده ان
يأخذه بيع بما فداه المرتهن من الجناية فان قصر ثمنه عنون الذي افتداه به المرتهن من
الجناية لم يكن للمرتهن على السيد في ذلك شئ الا الدين الذي ارتهنه به وحده لأنه
افتداه بغير امره وان زاد ثمنه على ما افتداه به من الجناية قضى بالزيادة في الدين على
الرهن وهذا قول مالك (قال ابن القاسم) ولا يباع حتى يحل أجل الدين ولم اسمع
من مالك في الاجل شيئا (قلت) أرأيت أن قالا جميعا الراهن والمرتهن نحن
نسلمه فأسلماه أيكون دين المرتهن لحال في قول مالك كما هو (قال) نعم هو قول مالك
(قلت) أرأيت أن أبى الراهن ان يفديه وقال للمرتهن افتده لي (قال) قال مالك
إذا امره ان يفتدى اتبعه المرتهن بالدين والجناية جميعا (قال مالك) وان أسلماه
جميعا وله مال كان ماله مع رقبته في جنايته وان افتكه المرتهن لم يكن ماله مع رقبته
فيما افتكه به ولا يراد على ما كان في يديه من رهن رقبة العبد إذا لم يكن مال العبد

335
رهنا معه أولا
(في العبد يقتل رجلا له وليان فيعفو أحدهما ولا يذكر شيئا)
(قلت) أرأيت لو أن عبدا قتل رجلا عمدا وله وليان فعفا أحدهما ولم يذكر أنه
يعفو على أن نصيبه من العبد له (قال) إذا عفا واستحياه ولم يذكره انه يعفو على أن
له نصف العبد إلا أنه قال ذلك أنما أردت أن أستحييه على أن اخذه (قال)
لا يكون
القول قوله الا ان يأتي بأمر يستدل له على ما قال فان أتى بما يستدل به على قوله
كان العبد بينهما نصفين الا ان يفتديه سيده بجميع الجناية أو يفتدى نصفه من أحدهما
بنصف الجناية ويسلم النصف الآخر إلى الولي الاخر (قلت) أرأيت أن قتلني
عبد عمدا أو خطأ وقيمة هذا العبد أكثر من ثلثي فعفوت عن العبد (قال) اما في
العمد فعفوك جائز والعبد لمولاه لا ينزع منه إلا أن يكون المقتول قد استحياه على
أن يكون له فيكون سيد العبد بالخيار ان أحب ان يدفع دية المقتول ويحبس عبده
فذلك له. واما أسلمه واما في الخطأ فان عفا عنه وقيمته أكثر من الثلث لم يجز الا قدر
الثلث (قلت) أتحفظ هذا عن مالك (قال) نعم هذا قول مالك (قال سحنون)
فيه اختلاف ويقال إنما ينظر إلى الأقل من قيمته ومن الدية فيحسب في الثلث
(في العبد يجني جناية فيبيعه سيده قبل)
(ان يؤدي إلى المجني عليه دية الجرح)
(قلت) أرأيت العبد يجني جناية فيبيعه سيده أيجوز بيعه (قال) سمعت مالكا
وسألناه عن العبد يجني جناية فيقول سيده اتركوه في يدسي أبيعه وادفع إليكم دية
جنايتكم (قال مالك) ليس ذلك له إلا أن يكون ثقة مأمونا فيضمن ذلك أو يأتي
بحميل ثقة فيؤخر اليوم واليومين وما أشبهه فإن لم يأت بذلك لم يكن ذلك له الا ان
يأتي بدية الجرح أو يسلم عبده في البيع ان أعطى المجني عليه دية الجرح جاز بيعه
والا لم يجز وقد فسرت هذا قبل هذا

336
(قلت) أرأيت لو كان أمة جنت جناية فولدت ولدا من بعد الجناية أيكون ولدها
معها ويقال للسيد ارفعها وولدها أو افدهما في قول مالك (قال) بلغني عنه أنه قال
لا يدفع ولدها معها (وقال) وانا أرى أن لا يدفع ولدها معها مثل ما بلغني عنه أنه قال
(قلت) وما حجة من قال لا يدفع ولدها معها أليس قد استحقها المجني عليه يوم
جنت عليه (قال) لا إنما يستحقها المجني عليه يوم يقضي له بها فالولد قد زايلها قبل ذلك
(قلت) أرأيت الأمة إذا قتلت ولها مال أتدفع بمالها في قول مالك (قال) نعم تدفع
بمالها (قال سحنون) وهو قول اشهب في الولد والمال
(في العبد يجنى جناية ويركبه الدين من تجارة قد اذن له فيها)
(ثم ياسره العدو فيشتريه رجل من المغنم فيسلمه سيده)
(قلت) أرأيت العبد يجني جناية ويركبه الدين من تجارة قد كان اذن له فيها سيده
فيأسره أهل الحرب ثم يغنمه المسلمون فيشتريه رجل من المغانم فيسلمه سيده ولا
يريد اخذه (قال) إذا أسلمه سيده لم يكن للذين جنى عليهم العبد شئ الا ان يأخذوه
بالثمن الذي صال لهذا الذي اخذه من المغانم واشتراه من المغانم (قلت) لم (قال) لأنه
لو أسلمه سيده قبل أن يؤسر لم يكن عليه شئ من الجناية وإنما كان يقال لمن صار له
أنت أولى به بالثمن وكذلك هو وإن لم يأخذه (قال ابن القاسم) وذلك رأيي واما
الدين الذي على البعد فان ذلك في ذمته وإنما يسقط عن العبد والذي يصير له العبد
ما كان قبل أن يؤسر العبد في رقبته واما ما كان في ذمته فهو ثابت عليه يؤخذ به
وهذا رأيي
(في العبد يجني جناية بعد جناية)
(قال) وقال مالك في العبد إذا جنى ثم جنى خير سيده اما ان يدفع قيمة ما جنى
لكل واحد منهما واما أسلمه فان أسلمه تحاصا بقدر جناية كل واحد منهما وان

337
جنى ثم افتداه ثم جنى بعد ذلك خير أيضا اما ان يفتديه واما ان يسلمه بجريرته وإنما
يجتمع في قربته ما يتحاصون فيه إذا لم يفتده حتى جنى جناية بعد جنايته الأولى فإنما
ان يفتديه ثم يجني فان على السيد ان يفتديه ثانية أو يدفعه
(في جناية المعتق نصفه)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا أعتق نصف عبد له ثم جنى جناية قبل أن يقوم عليه العبد
(قال) قال مالك من أعتق شقصا له في عبد فمات قبل أن يعتق السلطان عليه النصف
الباقي فان النصف الذي لم يعتقه رقيق للورثة وكذلك قال مالك (قال مالك) إذا أعتق
الرجل شقصا له في عبد فلحق السيد دين قبل أن يقضي السلطان على السيد عتق
جميعه فان النصف الذي لم يعتقه السلطان رقيق يباع في الدين فأرى في مسألتك ان
تقسم الجناية نصفين فيكون نصفها على النصف الذي أعتق ويكون النصف الباقي
في النصف الذي فيه الرق ثم ينظر اي ذلك كان أقل نصف الجناية أو نصف قيمة
العبد فيدفع ذلك إلى المجني عليه لأنه ان كانت الجناية أقل اخذه ولم يكن له على سيده
الا نصف الجناية ولأنه ان كانت الجناية أكثر أسلم إليه النصف فلم يكن على سيده
أكثر مما أسلم ويقوم عليه في س الامرين جميعا ثم يعتق لأنه إذا أسلم النصف الذي لم
يعتق لم يكن بد من أن يعتق عليه ذلك النصف إذا كان له مال لأنه شريك (قلت)
فان أعتق سيده نصفه ثم جنى العبد جناية ثم مات السيد (قال) أرى على النصف
الذي أعتق نصف الجناية ونصف الجناية على النصف الذي لم يعتقه السيد ويقال
للورثة افتكوه رقيقا لكم أو ادفعوه رقيقا للمجروح وقد أخبرتك من قول مالك ما
يستدل به على هذا
(في العبد بين الرجلين يعتق أحدهما حصته وهو موسر)
(فجنى العبد جناية قبل أن يقوم عليه)
(قلت) أرأيت لو أن عبدا بين رجلين أعتق أحدهما حصته وهو موسر فجنى

338
العبد جناية قبل أن يقوم على المعتق (قال) يقال للمتمسك بالرق إن شئت فأسلم
نصف العبد بنصف دية الجناية وإن شئت فافده بنصف دية الجناية فان فداه كان له
ان يضمن الذي أعتق ويقوم عليه وان أسلمه كان للذي أسلم إليه العبد بالجناية
ان يلزم المعتق بنصف قيمته ويكون نصف الجناية على النصف المعتق من العبد
يتبع به (وقال) ولا تتبع العاقلة بشئ مما صار على النصف المعتق وإن كان أكثر
من الثلث (قلت) ولا يضمن المعتق حصة صاحبه ثم يقال للمعتق ادفع أو افد
(قال) لا لان الجناية كنت في ملك المتمسك بالرق فلزمت رقبة العبد قبل أن
يقوم نصيبه على صاحبه فإنما يقوم نصيبه على صاحبه بالعيب الذي لزم نصيبه لان
مالكا قال ينظر إلى قيمة النصيب يوم يقوم العبد بنمائه ونقصانه (قال) وإنما ضمنت
المعتق للمدفوع إليه العبد بالجناية لان هذا لما أعتق كان ضامنا فالمدفوع إليه بالجناية
هو بمنزلة شريك المعتق الدافع العبد بجنايته (قال) ولو أن هذا العبد لما أعتق نصفه
وهب شريكه هذا المعتق نصيبه لرجل لضمنت المعتق للذي وهب له الشقص ولا
يشبه هذا الذي قال ملك في البيع انه يرد ولا يجوز بيع نصيبه إذا كان الذي أعتق
موسرا لان البيع إنما هو غرر وليست الهبة غررا لان البائع كأنه باعه بكذا وكذا
دينارا على أن يأخذ بدنانيره قيمة العبد لأنه قد علم أنه يقوم على المعتق وهذا المشترى
لا يدري أيأخذ أقل من الدنانير التي أعطى أو أكثر وان باعه بعروض كان كذلك
أيضا إنما باع عروضه بدنانير لا يدرى ما هي
(في الجناية على المعتق نصفه)
(قلت) أرأيت العبد يكون نصفه حر ونصفه رقيقا يجرح (قال) قال مالك نصفه
لسيده يأخذه ونصفه للعبد يقر في يديه وكذلك لو جرح العبد كان نصف دية
الجرح على العبد ونصفه على السيد (قال سحنون) وهو قول أصحاب مالك جميعا
وقد كإن لمالك فيها قو ل إذا جرح ان جرحه للسيد ثم قال هو بينهما (وقال مالك) في
العبد يكون نصفه حرا ونصفه رقيقا يجنى جناية وفي يده مال فيفتك سيده نصفه

339
ان ماله يؤخذ منه في نصف الجناية التي وجبت على المعتق منه
(في جناية الموصى بعتقه)
(قلت) أرأيت أن أوصى فقال هو حر بعد موتي بشهر فمات السيد والثلث لا يحمله
(قال) يقال للورثة أجيزوا الوصية والا فاعتقوا أم منه ما حمل الثلث؟؟ (قلت) فلو
أجازوا الوصية (فقال) إذا خدمهم تمام الشهر خرج جميعه حرا وهو قول نما لك وان
قال الميت هو حر بعد موتي بشهر فأجازت الورثة الوصية ثم جنى العبد جناية قبل أن
يمضى الشهر (قال) يقال للورثة افتكوا خدمته أو أسلموها (قلت) فان
افتكوها أو أسلموها أيعتق العبد بجميعه إذا مضى الشهر (قال) نعم وهو قول مالك
(قلت) أفإن أعتق العبد بعد مضي الشهد وقد كانوا أنفذوا ما أوصى به الميت
وأسلموه (قال) يكون ما بقي من الجناية في ذمة العبد يتبع بها (قلت) وهذا قول
مالك (قال) نعم (قلت) فان الورثة افتكوه فخدمهم بقية الشهر ثم عتق هل
يتبع بشئ (قال) لا وقد بلغني ذلك عن مالك ممن أرضى (قلت) فإن كانت
الورثة حين مات المبيت لم يجيزوا الوصية فأعتقت عليهم الثلث بتلا ثم جنى جناية
(قال) تقسم الجناية أثلاثا فيكون ثلث الجناية على الثلث المعتق ويقال للورثة افتكوا
ثلثيكم بثلثي الجناية أو أسلموه فيكون ثلثاه رقيقا لأولياء الجناية وهو قول مالك
(قلت) أرأيت أن أعتق رجل عبدا له في مرضع فجنى العبد جناية أيدفع بها
أم لا (قال) إذا أوصى بعتقه كان له ان يدفعه ان يفتديه (قال سحنون) إذا
اعتدلت قيمته وجنايته فان فداه كان على الوصية واما إذا أبت عتقه في مرضه
فإنه يكون مثل المدبر تكون الجناية في ذمته إذا حمله الثلث وكذلك بلغني عمن
أرضى به ولا يكون في رقبته وإن كان لسيده أموال مأمونة من دور أو أرضين فهو
حر حين أعتقه والجناية على العاقلة ان كانت خطا وان كانت عمدا اقتص منه
(قلت) أرأيت أن أوصى بعتقه إلى شهر ولا يحمله الثلث فجنى العبد جناية قبل أن
يجيز الورثة الوصية (قال) لم اسمع من مالك فيه شيئا الا اني أرى ان يقال للورثة

340
اختاروا فاما أعطيتم أرش الجناية كلها وكان لكم خدمة العبد فتكونون قد أجزتم
وصية صاحبكم فذلك لكم ويخدمكم إلى الاجل فإذا انقضت الخدمة خرج العبد حرا
بجميعه ولم تتبعوه بشئ وان أبيتم عتق من العبد ثلثه وقيل لكم افتدوا الثلثين اللذين
صارا لكم بثلثي الدية والا فأسلموهما لأولياء الجناية ويكون ثلث الجناية على الثلث
الذي عتق منه
(في جناية الموصى بعتقه يجني قبل موت سيده)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا أوصى بعتق عبده فجنى قبل موت السيد أتنتقض
الوصية فيه أم لا في قول مالك (قال) لم اسمع من مالك فيه شيئا ولكن يخير
السيد فان رفعه بطلت الوصية وان فداه كانت الوصية كما هي (وقال مالك) هو عبد
بعد يغير وصيته ويبيعه ويصنع به ما شاء فلما قال مالك ذلك علمنا أنه يجوز له ان يسلمه
فإن لم يسلمه وفداه فالوصية له ثابتة لان الوصية تقع بعد الموت إذا لم يغيرها قبل موته
وكذلك بلغني عمن أثق به من بعض أهل العلم (قلت) أرأيت أن أوصى فقال
إذا مت فهو حر فجنى العبد قبل أن يقوم في الثلث والثلث يحمله (قال) يعتق وتكون
الجناية دينا عليه يتبع بها (قلت) وهذا قول مالك (قال) هذا مثل ما قال مالك
في المدبر لأنه عند مالك عبد ما لم يقوم وإن كان الثلث يحمله الا أن تكون له أموال
مأمونة من دور أو أرضين بحال ما وصفت لك فيكون ذلك على العاقلة والا فان مالكا
قال حدوده وحرمته وقذفه بمنزلة العبد حتى يقوم في الثلث ويخرج من الثلث لان
المال لو أصيب بشئ قبل أن يقوم في الثلث حتى ينقص ذلك من عتقه نقص من عتقه
ورق منه بقدر ما يرق فهذا يدلك على أنه عبد وان العاقلة لا تتحمل عن عبد وان ما جنى
بمنزلة ما جنى عليه وإنما قال لنا مالك هذا في المدبر فإذا أوصى بعقته بعد موته ثم مات فجنى
بعد الموت فسبيله سبيل المدبر سواء لأنه قد ثبت له ما ثبتت للمدبر وكذلك بلغني عمن
أثق به (قال سحنون) وقد أعلمتك باختلافهم في المال المأمون (قلت) أرأيت أن
أوصى بعتقه ثم جنى العبد جناية ولم يقم عليه ولى الجناية حتى مات السيد والثلث

341
يحمله أو لم يدع مالا سواه أترى للورثة ما كأن لأبيهم من الخيار في أن يسلم العبد أو
يفتكه أم ترى الحرية قد جرت فيه لما مات السيد وتجعل سبيله سبيل من جنى بعد
الموت (قال) الجرح أولى به وهو في رقبته فان أسلم كان عبدا للمجروح وان افتكوه
رجع العبد إلى مال سيده فاعتق في ثلثه بمنزلة ما لو افتكه سيده قبل أن يموت فيكون
الورثة فيه بعد الموت بمنزلة السيد قبل أن يموت لان الجرح كان في رقبته قبل موت
سيده (قلت) أرأيت أن أعتقه بتلا في مرضه ولا مال له فجنى العبد جناية ثم أفاد
أموالا مأمونة كثير في مرضه (قال) يعتق العبد حين أفادها وتكون الجريرة في
ذمته يتبع بها ولا تحمله العاقلة لأنه يوم جنى كان ممن لا تحمل العاقلة جريرته (قلت)
أسمعت هذا من مالك (قال) الذي سمعت من مالك في هذا قد أخبرتك به في
المسائل الأولى لان مالكا قال لنا إذا كانت له أموال مأمونة ما قد أخبرتك به فهو
إذا أفادها في مرضه صنعت به حين أفادها في العتق مثل ما كنت اصنع به إذا أعتقته
وله أموال مأمونة
(في رجل أعتق عبدا له في مرضه وبتل عتقه فجرح العبد قبل موت سيده)
(قلت) أرأيت أن أعتق رجل عبده في مرضه فبتل عتقه فجرح العبد
قبل موت السيد (قال) عقله عقل عبد إلا أن يكون للسيد أموال مأمونة لا يخاف
عليها متل الدور والأرضين والنخل فتكون جراحه جراح حر لان حرمته
قد تمت هاهنا وقذا قول مالك انه لا يكون حرا ولا تكون حرمته حرمة حر حتى
تكون له هذه الأموال المأمونة لا يخاف عليها وان كانت كثيرة (قال) والذي قال
مالك في المال المأمون انه النخل والأرضون والدور (قلت) أرأيت لو أني أعتقت
عبدا لي في مرضي بتلا ثم جنى جناية وبرئت من مرضي ذلك أو مت منه (قال) لم
اسمع من مالك فيه شيئا الا ما أخبرتك من الدور والأرضين في المسائل الأولى
فإذا كان العبد ممن يوقف إذا كان سيده ممن ليست له الأموال المأمونة من الدور
والأرضين مثل ما وصفت لك مان من فتل هذا المعتق في المرض فإنما عليه قيمة عبد

342
وجراحاته جراحات عبد وحدوده حدود عبد فإذا كان بهذه الحال فان العاقلة لا تحمل
ما جنى من جنايته لان جنايته جناية عبد لأنه لا تحمل له جريرة حتى يحمل هو مع
العاقلة ما لزم العاقلة من الجرائر فقس على هذا ما يرد عليك من هذا الوجه (قلت)
فإذا اتقه السيد في مرضه بتلا فجر جريرة يم مات السيد ولا مال له غيره (قال) يعتق
ثلثه عليه ويرق ثلثاه ويكون ثلث الجناية على الثلث العتيق ويقال للورثة ادفعوا الثلثين
أو افتكوه بثلثي الجناية لان سبيل هاهنا سبيل المدبر (قال مالك) والمدبر مثل ما
وصفت لك في هذا سواء (قلت) فلو أن رجلا أعتق عبده في مرضه بتلا ولا مال
للسيد غيره فجنى العبد جناية بعد ما أعتقه قبل أن يموت سيده (قال) يوقف العبد حتى
ينظر إلى ما يصير إليه السيد فان برأ السيد من مرضه وصح كانت الجناية في ذمة العبد
ويخرج العبد حرا بجميعه وان مات السيد من مرضه رق ثلثاه وعتق ثلثه وكانت حاله
في الجناية على ما وصفت لك في المدبر (قلت) فهل يقال للسيد إذا أوقفت العبد في
العتق بتلا أسلمه أو افده (قال) لا (قلت) لم (قال) لأنه ليس له فيه رق ولا خدمة
وإنما قيل له في المدبر أسلم أو افد إنما يقال له ذلك في الخدمة لان له في المدبر
الخدمة إلى الموت (قال سحنون) وقد قال غيره من كبار أصحابنا مثل ما قال إنه
موقوف لأنه ليس للسيد فيه خدمة فيسلمها فكل قول تحده له أو لغيره على خلاف
هذا فأصلحه على هذا فان هذا أصل قولهم وأحسنه وقد كان عبد الرحمن ربما قال غير
هذا ثم قال هذا وتبين له وثبت عليه (قلت) لابن القاسم أهذه المسائل التي سألتك
عنها في المعتق بتلا في المرض أسمعتها من مالك (قال) لا وهو رأيي (قلت)
أرأيت أن أعتقت عبدي في مرضي بتلا ولا مال لي سواه وللعبد مال كثير أيؤخذ
مال العبد أم يوقف معه (قال) يوقف معه ماله (قلت) فان أوقفت معه ماله فجنى
جناية ما حال ماله (قال) يوقف ماله معه ولا يدفع إلى أولياء الجناية (قلت) فلم
أوقفت ماله معه (قال) لأنه ان مات السيد ولا مال له غيره عتق ثلثه ورق ثلثاه فان
اختارت الورثة ان يفتكوا الثلثين بثلثي الدية لم يكن لهم في مال العبد شئ وكان المال

343
موقوفا مع العبد ليس للورثة ان يأخذوه أيضا لأنهم ان أسلموا الثلثين إلى أهل
الجناية لم يكن لأهل الجناية ان يأخذوا من ماله شيئا وكان المال موقوفا معه لان
من دخله شئ ء من الحرية وقف ماله معه ولم يكن لساداته الذين لهم بقية الرق فيه أن
يأخذوا المال منه ولا شيئا من المال في قول مالك (قال سحنون) هذه المسألة أصل
مذهبهم فال نعدوها إلى غيرها (قلت) ولم أوقف مالك جميع مال العبد معه إذا أعتق
منه شقصا (قال) لأنه شريك في نفسه وكل عبد بين اثنين فليس لأحدهما ان
يأخذ من مال العبد قدر نصيبه الا ان يرضيا جميعا فيأخذا المال (قلت) فإن كان
عبد بين رجلين له مال فقال أحدهما انا آخذ حصتي من المال واذن له صاحبه
وأوقف صاحبه ماله في يد العبد أيجوز ذلك (قال) لم اسمع من مالك فيه شيئا واراه
جائزا لأنه ان كانت هبة منه فهي جائزة وان كانت مقاسمة فهي جائزة (قلت)
أرأيت إذا باعاه كيف يصنع هذا الذي ترك نصيبه في يد العبد وقد اشترط المشتري
المال أيضرب بنصف العبد في الثمن وبقيمة المال الذي ترك في يد العبد ويضرب
الاخر بنصف العبد (قال) لم اسمع من مالك فيه شيئا واره بينهما نصفين لان
المال لا يقع عليه حصة من الثمن والمال ملغى (قلت) أرأيت إذا أعتق عبده بتلا
في مرضه وله مال غير مأمون وللعبد مال (قال) سبيل هذا العبد سبيل من لا مال له
إذا لم يكن للسيد مال مأمون (قلت) أرأيت أن قال أعتقوا عبدي فلانا بعد موتى
فجنى العبد جناية بعد موته وقبل أن يعتقوه أيدفع بالجناية أم تكون الجناية في ذمته
(قال) هو بمنزلة المدبر ما جنى بعد ما مات سيده فإنما الجناية فيما لم يحمل الثلث من
رقبته في رقبته وفيما حمل الثلث في ذمته وقبل للورثة ادفعوا ما بقي لكم في العبد بما
بقي من الجناية أو افدوه بأرش ما بقي من الجناية (قلت) فان قال اشتروا عبد
فلان نسمة واعتقوها عنى لعبد بعينه فاشتروه فجنى جناية قبل أن يعتقوه بعد
ما اشتروه (قال) هذا والذي أوصى بعتقه سواء يكون دينا في ذمته (قلت)
فان قال اشتروا نسمة فأعتقوها عني ولم يذكر عبدا بعينه فاشتروا نسمة عن الميت

344
فجنى جناية قبل أن يعتقوه (قال) هذا لا يشبه عندي ما ذكرت لك من الرقبة
بعينها لان هذا لو أراد الورثة بعدما اشتروه أن لا يعتقوه ويستبدلوا به غيره إذا
كان ذلك خيرا للميت كان ذلك لهم (قلت) تحفظ هذه المسائل كلها عن مالك
(قال) نعم منها ما سمعته ومنها ما بلغني عنه
(في الرجل يوصي بخدمة عبده لرجل حياته)
(فيجني العبد جناية)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا أوصى له بخدمة عبد حياته فجنى العبد جناية لمن يقال ادفع
أو افد اللذين لهم الرقبة أو للموصى له بالخدمة (قال) سألنا مالكا عن الرجل يخدم
الرجل عبده سنين معلومة فجرح العبد رجلا جرحا (قال) قال مالك يخير سيده
الذي له الرقبة فان اختار ان يفتديه كان ذلك له ويستكمل هذا المخدم خدمته فإذا
قضى خدمته رجع إلى سيده وان أبى قيل للمخدم ان أحببت ان تفتكه فافتكه فان
افتكه خدمه فان انقضت سنوه لم يكن لسيده إليه سبيل الا ان يدفع ما افتكه بله
المخدم والا كان للمخدم بتلا فمسألتك مثل هذا (قلت) ولم قال مالك يبدأ بصاحب
الرقبة أو لا فيقال له افتحه (قال) لان مرجعه إليه (قلت) أرأيت أن أوصى
لرجل بخدمة عبده سنة وبرقبته لاخر والثلث يحمله ثم جنى جناية ما يقال لهما (قال)
يقال لصاحب الخدمة افتكه فان افتكه خدمه إلى الاجل ثم أسلمه إلى الذي بتل له ولم
يكن عليه قليل ولا كثير فان أبي قيل لصاحب الرقبة افتك أو أسلم فان افتكه كان
له ولم يكن للمخدم فيه شئ وهذا الذي سمعت وبلغني عن مالك (قال سحنون) وقد
كان منه في هذا الأصل اختلاف وأحسن قوله مما جامعه عليه غيره من كبار أصحاب
مالك انه إذا أخدم رجل عبدا له رجلا سنين أو أوصى بان يخدم فلانا سنين وبرقبته
لاخر والثلث يحمله فجنى العبد جناية في يد المخدم بعد الوصية أو في العطية في حياة
صاحب الرقبة ان العبد جنى يوم جنى والجناية في رقبته ليس في خدمته المقدم الذي هو
بيده للحق الذي له في الخدمة على صاحب الرقبة وانه لا سبيل لصاحب الرقبة إليه

345
الا بعد تمام الخدمة فيقال له افتك أو تسلم ما كان لك فيه مما أنت مقدم فيه فان أسلم
سقط حقه وقيل لصاحب الرقبة أسلم أو افتك فان أسلمه صار لصاحب الجناية وان
افتكه صار له وبطل حق المخدم لتركه إياه وان صاحب الخدمة افتكه بالجناية اختدمه
فإذا تمت خدمته لم يكن لصاحب الرقبة إليه سبيل حتى يعطيه ما افتكه يه لأنه إنما
افتك الرقبة والجناية في الرقبة فإن لم يعطه ما افتكه به صار مملوكا للذي افتكه وصار
موقفه موقف المجني عليه فكل ما جاءك من هذا الأصل فرده إلى أعلمتك فإنه
أصح مذهبهم وقد أعلمتك بمجامعة غيره له (قلت) أرأيت أن أوصى رجل لرجل
بخدمة عبده سنة وبرقبته لاخر والثلث يحمله فمات السيد وقبضه صاحب الخدمة
فقتله رجل خطأ فأخرج قيمته لمن تكون القيمة (قال) بلغني عن مالك أنه قال قيمته
للذي أوصى له برقبته بتلا وهو رأيي (قال سحنون) وقال بعض أصحابنا ان قيمة
العبد المخدم تؤخذ من القاتل ويشترى بها رقبة فتدفع إلى المخدم تختدمه حتى ينقضى
الأمد الذي إليه أخدم العبد ثم رجع العبد إلى الذي أوصى له بالرقبة (وقال بعضهم)
بل يؤاجر بقيمة العبد المقتول للمخدم عبد يخدمه إلى انقضاء السنين فان بقي من
القيمة شئ بعد انقضاء السنين دفع إلى الموصى له بالرقبة وقول مالك به يقول سحنون
(في الجرل يوصى بخدمة عبده سنين فيقتل العبد أو يجرح)
(قبل انقضاء السنين وجناية المعتق إلى أجل)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا أوصى لرجل بخدمة عبده سنين معلومة فقتل العبد
قبل انقضاء السنين ثم اخذ قيمته كيف يصنع بالقيمة (قال) قال مالك القيمة للذي
له الرقبة وليس للموصى له بالخدمة شئ ء وكذلك لو قطعت يده فاخذ لها دية فإنما ذلك
للذي له الرقبة وليس للموصى له بالخدمة شئ (قال سحنون) اما مالك فهذا قوله
لم يزل وأصحابه اختلفوا فيه فكل ما سمعت خلاف هذا فرده إلى هذا فان هذا هو
أصل مذهبهم مع ثبوت مالك عليه

346
(في جناية المعتق إلى أجل)
(قلت) أرأيت المعتق إلى سنين إذا جنى جناية ما يقال لسيده في قول مالك (قال)
يقال لسيده ادفع خدمته أو افد الخدمة فان رفع الخدمة خدم حتى إذا حل الاجل
عتق العبد وينظر إلى ما بقي من أرش الجناية فيكون ذلك على العبد إذا عتق وإن كان
استوفى قيمة جنايته من الخدمة قبل أجل العتق رجع العبد إلى سيده فإذا
حل الاجل عتق العبد وان افتكه سيده خدمه بقية الاجل ثم إذا عتق لم يتبعه السيد
بشئ مما افتكه به من أرش الجناية
(في المدبر يجنى على رجل فيدفع إليه يختدمه ثم يجنى على آخر)
(قال) وقال مالك في المدبر إذا جنى ثم أسلمه سيده إلى الذي جرحه يختدمه ثم
جرح آخر وهو عند الذي اخذه يختدمه دخل معه بقدر جنايته يتحاصون في خدمته
هذا بقدر ما بقي له من جنايته وهذا بجميع جنايته وليس يخير صاحب المدبر ولا من
أسلم إليه المدبر يختدمه في جنايته كما كان يخير في العبد من اخذه بجريرته ليس اسلامه
خدمة المدبر في جنايته بمنزلة اسلام رقبة العبد. المدبر كلما جنى يدخلون جميعهم في خدمته
والعبد كلما جنى دفع بجنايته ثم ما جنى بعد ذلك فان يدفع بجنايته أيضا لان العبد إذا
أسلم إلى المجروح كان مالا من ماله ان شاء باع وان شاء وهب (قال) ابن وهب
وابن نافع قال مالك وعبد العزيز بن أبي سلمة في المدبرة انها إذا جنت فان سيدها
بالخيار ان شاء بان يخرج ما جنت فيفتدى بذلك خدمتها فعل وان هو لم يفعل أسلمت
بجنايتها فخدمت ويحسب ذلك فان أدت جنايتها رجعت إلى سيدها الذي دبرها وان
مات سيدها فعتقت في ثلثه كان ما بقي من جنايتها دينا عليها (قال مالك) وعبد العزيز
قضى بذلك عمر بن عبد العزيز (ابن وهب وابن نافع) قال مالك وعبد العزيز فان
أدركها دين يفها إذا مات سيدها فالذي جرحت أحق بها الا ان يفدوها بما بقي من
خراجها إذا كان الدين والجرح يغترق القيمة فإن لم يغترق القيمة بيع منها للجناية وللدين

347
ثم عتق ثلث ما بقي
(في جناية المدبر وله مال وعليه دين)
(قلت) أرأيت المدبر إذا جنى جناية وله مال (قال) قال مالك يبدأ بماله فيعطاه
أهل الجناية فإن لم يكن فيه وفاء قيل لسيده اسم خدمته أو افتد الخدم بما بقي
من ارض الجناية (قلت) فإن كان عليه مع هذا دين (قال) قال مالك في العبد يجنى
الجناية وعليه دين ان دينه أولى بماله وجنايته في رقبته يقال لسيده ادفع أو افد فكذلك
المدبر دينه أولى بمال ه وجنايته أولى بخدمته (قلت) أرأيت لو أن مدبرا جنى جناية
وعليه دين (قال) فالجناية يدفع بها في خدمته في قول مالك والدين يتبعه في ذمته
(قلت) فلو أن مدبرا مات سيده وعلى سيده دين يغترق قيمة المدبر وعلى المدبر
دين (قال) قال مالك يباع في دين سيده ويكون دينه في ذمته أو في ماله إن كان
له مال أو يتبع به في ذمته إن لم يكن له مال
(في المدبر يجني جناية وعلى سيده دين)
(يعترف قيمة المدبر أو لا يغترقها)
(قلت) أرأيت لو أن مدبرا جنى جناية وسيده حي لم يمت وعلى السيد دين يغترق
قيمة المبر أو لا يغترق قيمته (قال) يدفع إلى صاحب الجناية فيختدمه بقدر جنايته
الا ان يشاء الغرماء ان يدفعوا إليه قدر الجناية ويأخذوا المدبر فيؤاجروه لأنفسهم
حتى يوفى دينهم فإن لم يأخذه الغرماء وأسلم إلى أولياء الجناية ثم مات السيد فإنه
يصنع في امره كما إذا كان عليه من الدين وفي رقبته من الجناية ما يغترق رقبة المدبر
فقد تسلط البيع على المدبر بعد الموت لان التدبير وصية ولا تكون الوصية مع الدين
فالدين يرد التدبير والجناية أولى من المدبر لأنها في رقبة العبد الا ان يزيد أهل الدين
على أرش الجناية فيحط ذلك عن الميت فيكونون أولى بالعبد لان هل الجناية إذا
استوفوا جنايتهم فلا حجة لهم (قلت) فلو أن رجلا لا مال له عليه دين وله مدبر

348
فأراد الغرماء ان يأخذوا المدبر فيؤاجروه حتى يستوفوا دينهم (قال) ذلك لهم في
قول مالك (قلت) أرأيت عبدا دبره سيده ثم لحق السيد دين يغترق قيمة العبد
المدبر فجنى المدبر جناية ثم مات السيد (قال مالك) إن كان الدين يغترق قيمة العبد
المدبر فإنه يقال للغرماء هل الجناية أولى منكم لان الجناية أولى برقبته وهي في رقبة
العبد الا ان يزيدوا على قيمة الجناية فيأخذوه ويحط عن الميت بقدر الذي زدتم فذلك
لكم وان أبوا فالجناية أولى يبدأ بها وإن كان إذا بيع من المدبر قد جنايته وقدر الدين
بعد ذلك فيفضل منه فضل بيع منه قدر الجناية ويبدأ بها فيعطى صاحب الجناية حقه
ثم يباع لأهل الدين فيعطوا حقوقهم ثم يعتق من المدبر ثلث ما بقي بعد ذلك ويكون
ثلثا ما بقي بعد ذلك رقيقا للورثة (قلت) أرأيت أن كان العبد إذا بيع منه مقدار
الجناية ثم بيع منه مقدار الدين أتى ذلك على جميع قيمته ولم يفضل منه فضلة بعد
ذلك (قل) فأصحاب الجناية أولى به إذا لم يكن فيه فضال الا ان يزيد أصحاب الدين
على ما وصفت لك وإنما يباع منه لأهل الجناية ثم لأهل الدين إذا كان فيه فضل
يعتق لأنه لو كانت الجناية وحدها ولا دين على سيده عتق ثلثه وكان ثلثاه رقيقا للورثة
ثم خير الرثة في ثلثيهم ان يسلموه أو يفتدوه بثلثي الدية ولو كان على سيده دين أقل
من قيمة رقبته ولم يكن في رقبته جناية بيع منه بقدر الدين ثم عتق منه ثلث ما بقي بعد
ذلك الدين وكان الثلثان رقيقا للورثة فلما اجتمعت الجناية والدين جميعا وكان فيهما
ما يغترق قيمته كان صاحب الجناية أولى واما إذا كان في قيمته فضل عما يجب لهما
جميعا فعل به الذي فسرت لك لان كل واحدة منهما لو خلت له كان فيه العتق
(في المدبر يجنى على سيده)
(قلت) أرأيت مدبرا جني على سيده فقطع يد سيده (قال) يختدمه سيده في
الجناية (قل) أوليس قد كان يختدمه قبل الجناية (قال) أخبرني عبد الرحمن بن
أعين انه سال مالكا عنها فقال مالك يختدمه ويقضى له ذلك من الجناية وتبطل
خدمة التدبير لأنه قد حدث خدمة هي أولى من الخدمة الأولى لأنه يختدمه في

349
الجناية حتى يستوفى جنايته فان مات وبقي على المدبر شئ من الجناية فإنه يعتق منه
مبلغ ثلث مال الميت فان حمل ثلث مال الميت جميعه كان ما بقي من الجناية في ذمته
وان أعتق ثلثاه اتبع بثلثي الجناية ويسقط بقيتها لأنه رقيق لهم (قلت) فما له حين
جنى على السيد لم تبطل جنايته على سيده وهو عبد للسيد وحين ورث ورثته الذي
صار لهم من العبد بطلت الجناية عن الذي صار لهم من العبد (قال) لان السيد حين
جنى عليه مدبره كان فيه عتق وحين صار للورثة نصفه رجع الذي ورثوا منه رقيقا
لا عتق فيه وسقطت الجناية عن الذي ورث منه وما عتق منه كان فيه من
الجناية بقدر ذلك يتبع به الا ترى لو أن عبدا جنى على سيده لم يكن لسيده عليه
شئ لأنه لا عتق فيه واما جعل ذلك في المدبر لان الجناية أولى من الخدمة فلا
ينبغي ان يختدمه سيده بالجناية ثم يعتق ويبيعونه بجميع الجناية وهو رأيي (قال
سحنون) وقال غيره لا يختدمه السيد بجنايته لا له عظم رقبته الا ترى أنه إذا جنى
جناية على أجنبي ثم افتكه سيده انه لا يختدمه بما افتكه به لا يحاسبه به فالجناية على
السيد أولى أن لا يحاسب بها الذي لم يخرج فيها شيئا وقد كان المجروح لو لم يفتكه منه
اختدمه فإن لم يستوف حتى مات السيد وعتق المتدبر في الثلث اتبع المدبر في ذمته
بما بقي منه فلم يحل السيد حين افتك محل المجروح ولم ينزل منزلته فكذلك
لا يكون ما جرح السيد مثل ما جرح الأجنبي (قلت) لابن القاسم أرأيت المدبر إذا
جنى على سيده وعلى أجنبي (قال) يختدمانه بقدر جنايتهما وذلك أن مالكا قال إن
جنى على سيده فذلك لازم له وان جنى على أجنبي فذلك لازم له فلما ألزمه مالك
الجنايتين ألزمته إياهما إذا اجتمعتا عليه (قلت) فلم لم يلزم عبدي ما جني علي (قال)
لان عبدك ليس فيه عتق والمدبر فيه عتق (قال سحنون) وهذه مثل الأولى
(في المدبر ورجل حر يجنيان جناية خطأ)
(قلت) أرأيت لو أن مدبرا ورجلا حرا لا قتيلا خطأ (قال) يلزم المدبر نصف
الدية في خدمته ونصف الدية على عاقلة الرجل الحر وهذا قول مالك (ابن نافع) عن

350
ابن أبي الزناد ان أباه حدثه عن سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير والقاسم بن محمد
وأبى بكر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام وخارجة بن زيد وعبيد الله بن عبد الله
ابن عتبة بن مسعود وسليمان بن يسار في مشيخة سواهم من نظرائه أهل فقه وفضل
وربما اختلفوا في الشئ فآخذ بقول أكثرهم وأفضلهم رأيا فكان الذي وعت عنهم
على هذه الصفة انهم كانوا يقولون في المدبر يجرح انه يخير سيده بين ان يسلم ما يملك
منه من الخدمة وبين ان يفتديه بدية الجرح فان أسلمه اختدمه المجروح وقاصه
بجراحه في خدمته فان أدى إليه دية جرحه في خدمته قبل أن يموت سيده رجع إلى
سيده على ما كان عليه وان مات سيده قبل أن يستوفي المجروح دية جرحه عتق
المدبر وكان ما بقي من دية الجرح دينا عليه يتبعه به المجروح (قال) وقال مالك انه
بلغه ان عمر بن عبد العزيز قضى في المدبر إذا جرح ان سيده يسلم ما يملك منه إلى
المجروح فيختدمه المجروح ويقاصه بجراحه من دية جرحه فان أدى قبل أن يموت
سيده رجع إلى سيده (اشهب وبن نافع) عن المنذر بن عبد الله الخزامي عن
عبد العزيز بن أبي سلمة عن عمر بن عبد العزيز انه قافل إذا جرح المدبر جرحا أو قتل
خطأ اخذ من سيده فآجره الذي له العقل حتى يستوفي عقله فان مات سيد المدبر
وعتق ولم يستوف صاحب العقل كتب عليه ما بقي من العقل دينا وان استوفى
صاحب العقل عقله والسيد حي رجع المدبر إلى سيده فكانت له خدمته حتى يموت
(قال المنذر) فقلت لعبد العزيز رأى هذا عمر فقال رآه لأنه لا يؤخذ من السيد
الا ما له إذ لو كان عبد ما كان على السيد ان يؤخذ منه الا هو فإذا لم يكن له الا
خدمته فليس عليه ان يؤخذ منه غيرها
(في المدبر يقتل عمدا فيعفى عنه على أن يأخذوا خدمته)
(قلت) أرأيت المدبر إذا قتل عمدا فعفا أولياء القتيل على أن يأخذوا خدمته أيكون
ذلك لهم (قال) نعم الا ان يفتدى السيد خدمته بجميع الجناية (قلت) وهذا قول
مالك (قال) قال مالك في العبد ما أخبرتك وخدمة المدبر عندي بمنزلة رقبة العبد

351
(قلت) أرأيت المدبر يقتل أجنبيا عمدا أيكون لأولياء الأجنبي ان يستحيوه على أن
يأخذوه (قال) لا ولكن لهم ان يستحيوه ويأخذوا خدمته (قلت) وهذا قول
مالك (قال) نعم
(في المدبر يجني جناية ثم يعتقه سيده)
(قلت) أرأيت المدبر إذا جنى جناية فاعتقه سيده أيجوز عتقه وتكون الجناية في
ذمته يتبع بها (قال) لم اسمع من مالك فيه شيئا ويحلف السيد ما أعتقه وهو يريد أن
يحمل عنه الجناية وهو عندي مثل العبد إذا كان حين أعتقه أراد أن يضمن
الجناية والا حلف بالله ما أعتقه وهو يريد أن يضمن عنه الجناية فان حلف ردت
خدمة المدبر وخير بين ان يسلمه أو يفتديه مدبرا فان أسلمه وكان للمدبر مال اخذ
من المدبر المال فأعطي المجروح ثم خرج حرا إذا كان في مال المدبر وفاء بجنايته وإن لم
يكن في ماله وفلاء اخذ منه ما كان له وخدم المجروح بما بقي له ثم خرج حرا وإن لم
يكن له مال اختدمه المجروح فان أرى إليه عقل جرحه والسيد حي خرج المدبر حرا
وان مات السيد قبل أن يستوفى المجروح عقل جرحه وترك مالا يخرج المدبر من
ثلثه عتق واتبعه المجروح بما بقي من الجناية وإن لم يترك مالا الا المدبر وحده عتق ثلثه
واتبعه بثلث ما بقي من الجناية فإن كان ما بقي من رقبته مثل ما بقي من الجناية كان ثلثاه
رقيقا للمجروح لأنه أسلمه حين ان له الخيار وليس للورثة فيه شئ لان صاحبه قد
تبرأ منه وأعتقه وإن لم يحلف السيد انه ما أعتقه وهو يرد ان يحمل جنايته جاز عتق
العبد وكانت الجناية على السيد إن كان للسيد مال فيه وفاء بجنايته وإن لم يكن له مال
ورد عتق العبد وأسلم العبد إلى المجروح يختدمه فان أدى في حياة سيده عتق ولم يلحقه
دين استحدثه السيد إذا انقضت خدمة المجروح لان الذي رد عتق العبد من اجله
ليس هو هذا الدين وإن لم يؤد حتى مات السيد وعليه دين يغترق قيمة المدبر من
دين استحدثه بعد عتقه في الجناية أعتق ثلث المدبر وكان عليه ثلث ما بقي من الجناية
في ذمته فإن كان ما بقي من رقبته مثل ما بقي من الجناية كان مملوكا للذي جرحه

352
وإن كان الذي بقي من رقبته أكثر مما بقي من أرش الجناية فكان له أحد من قربته يعينه
أو غيرهم يعينونه بأرش الجناية الذي على الثلثين عتق والا بيع من ثلثي رقبته بقدر ما
بقي من الجناية وعتق منه ما بقي (وقال غيره) يصير الثلثان رقيقا للمجروح وجد
من يعينه أو لم يجد أو كان ما بقي مما يصير على ثلثي الرقبة أقل من ثلثي الرقبة فذلك رقيق
للمجروح (قال ابن القاسم) وان مات سيده وله مال عتق واتبع بما بقي من الجناية
إن كان يخرج من ثلث سيده وإن لم يترك السيد مالا غيره عتق ثلثه ورق ثلثاه
للمجروح بلا وإن كان دين السيد قبل العتق وقبل الجناية فهو بمنزلة المدبر الذي
لم يعجل له عتق سواء لان ذلك العتق ليس بشئ وليس بعتق حين كان على السيد
دين يغترقه
(في المدبر بين رجلين يجنى جناية)
(قلت) أرأيت لو أن عبدا بين رجلين دبره أحدهما فرضي صاحبه بذلك أيكون
نصفه مدبرا على حاله ونصفه رقيقا (قال) نعم (قلت) وهذا قول مالك (قال)
كذلك بلغني ان مالكا قال إنما الكلام فيه للذي لم يدبر فإذا رضي فذلك جائز
(قلت) أرأيت أن جنى جناية (قال) يقال للمتمسك بالرق أتدفع نصيبك في
نصف الجناية أو تفترس ويقال للمدبر أتدفع خدمة نصف العبد في نصف الجناية
أو تفتدي
(فيما استهلك المدبر)
(قلت) أرأيت ما استهلك المدبر من الأموال أيكون ذلك في خدمته (قال) قال
مالك ما استهلك العبد من الأموال فذلك في رقبته فالمدبر بمنزلته الا ان ذلك يكون
في خدمته لان استهلاك الأموال عند مالك والجنايات سواء (قلت) أرأيت
ما استهلك المدبر من الأموال أو جنى أهو سواء في قول مالك (قال) نعم (قلت)
وما يقال للسيد في قول مالك في ذلك (قال) يقال له في قول مالك ادفع إليهم جنايتهم

353
وما استهلك من أموالهم أو ادفع إليهم خدمته فتكون جنايتهم وما استهلك من أموالهم
في خدمته يتحاصون في ذلك فإذا مات السيد فان حمله الثلث عتق وكان ما بقي لهم عليه
دينا يتبعونه به وإن لم يحمله الثلث فضت الجنايات وما استهلك من الأموال على الذي
عتق منه وعلى الذي بقي منه في الرق فما أصاب العتق من ذلك اتبعوا به العبد وما
أصاب الرق من ذلك خير الورثة بين ان يسلموا مارق من العبد في الذي أصاب
حصة الرق من الجنايات وما استهلك من الأموال وفي أن يدفعوا إليهم قد ما أصاب
الرق من ذلك أن كان نصفا فنصف وإن كان ثلثا فثلث وهذا كله قول ملك
(في المدبرة تجنى جناية ولها مال)
(قلت) أرأيت المدبرة إذا جنت ولها ما لم ما يصنع بمالها (قال) يؤخذ مالها في
قول ملاك فإن كان فيه وفاء بالجناية رجعت إلى سيدها والا خدمته بقية أرش الجناية
(في الجناية على المدبر)
(قلت) أرأيت ما جنى على المدبر لمن هو في قول مالك (قال) للسيد وكذلك قال
مالك (قلت) ولا يكون هذا بمنزلة ماله في قول مالك (قال لا (قلت) فلم قلت
في مهر المدبرة انه بمنزلة مالها وجعلتها أحق به ان مات السيد من الورثة (قال) لأنه
استحل به فرج الأمة (قال) ومما يدلك على ذلك لو أن رجلا زوج عبد هامته لم
يزوجها الا بصداق يدفعه إليها
(في مدبر الذمي يجني جناية)
(قلت) أرأيت لو أن مدبر الذمي جنى جناية (قال) إذا كان العبد والسيد ذميين
جميعا فان يخير سيده النصراني فان أحب ان يسلمه عبدا أسلمه وكان عبدا لمن جنى
عليه وهذا قول مالك لان النصراني لو أراد بيعه لم يحل بينه وبين ذلك ولم يمنع لأنه قال
في عبده الذي أعتق إذا لم يخرجه من يديه فله ان يتبعه وكذلك المدبر فان افتداه
فهو على تدبيره ولكن ان أسلم مدبر الذمي ثم جنى جناية فإنه يسلم خدمته في قول مالك

354
أو يفتكه الذمي فيؤاجر له (قلت) ولم قلت هذا انه يؤاجر للذمي إذا افتكه أو
يسلم خدمته (قال) لأنه إذا أسلم مدبر الذمي فاني احكم بين المسلمين والنصارى بحكم
الاسلام فلما أسلم العبد كانت سنته سنة مدبر المسلمين الا انه يؤاجر للسيد ولا يترك
وخدمته (قلت) ولم لا تعتقه عليه (قال) لا الا ترى لو أن نصرانيا حلف بعتق
رقيقه فأسلم ثم حنث لم يعتق عليه رقيقه الذي حلف بعتقهم في نصرانيته في قول مالك
(قال مالك) وهو بمنزلة طلاقه (قلت) فان حلف بعتق رقيقه وفيهم مسلمون فحنث
أكنت تعتقهم عليه (قال) نعم لان مالكا قال إذا أعتق النصراني عبده المسلم لزمه
ذلك فالحنث عندي بمنزلته وكذلك إذا دبر النصراني عبده النصراني ثم أسلم العبد
أنفذت تدبيره
(في مدبر النصراني يسلم ثم يجرح)
(قلت) أرأيت مدبر النصراني إذا أسلم وسيده نصراني فقتل أو جرح هذا المدبر
لمن يكون عقله (قال) لسيده النصراني (قال) وهذا رأيي لان العبد لو مات كان
ماله لسيده
(في أم الولد تجرح رجلا بعد رجل)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا قتلت أم ولده رجلا خطأ فلم يدفع قيمتها حتى قتلت
رجلا اخر خطأ (قال) يدفع قيمتها فيكون ذلك بينهما نصفين وهذا قول مالك فيما
بلغني (قلت) فإن كان دفع قيمتها ثم قتلت اخر خطأ (قال) يخرج قيمتها ثانية
فيدفعها إلى أولياء المقتول الثاني في قول مالك واصل هذا انها إذا جنت جناية فأخرج
السيد قيمتها ثم جنت بعد ذلك أيضا ان على السيد ان يخرج قيمتها ثانية بمنزلة العبد
إذا جنى ثم يفتكه سيده بالدية ثم جنى بعد ذلك أنه يقال للسيد ادفع أو افد فكذلك
أم الولد إذا قتلت قتيلا بعدما اخرج السيد قيمتها انه يقال للسيد اخرج قيمتها إلا أن
يكون عقل الجناية أقل من قيمتها فعليه الأقل من قيمتها أو الجناية وهو قول مالك

355
(قلت) فان هي جنت جناية فلم يخرج سيدها قيمتها حتى جنت بعد ذلك فقام
عليها أحدهما ولم يقم الاخر كان غائبا أيخير السيد على أن يدفع القيمة أو الأقل منها ومن
الجناية إلى هذا الذي قام على جنايته (قال) لا ولكن يضرب لهذا الحاضر في ذلك
بقدر جنايته في قيمتها لان مالكا قال إذا جنت ث جنت قبل أن يخرج سيدها
قيمتها اشترك في قيمتها كل من جنت عليه (قلت) وكيف يضربون في ذلك
أبقدر جناية كل واحد مهم في قول مالك (قال) نعم (قال سحنون) قال ابن
وهب وقال ربيعة في أم الولد تجرح الحر يفديها سيدها وتكون على هيئتها (قال)
وسمعت رجالا من أهل العلم يقولن ذلك (وقال مالك) الامر عندنا في أم الولد
انها إذا جنت جناية ضمن سيدها ما بينه وبين قيمتها وليس له ان يسلمها وليس
عليه ان يحمل من جنايتها أكثر من قيمتها (قال) وهذا أحسن ما سمعت (قال)
وذلك أن رب العبد أو الوليدة إذا أسلم وليدته أو غلامه بجرح اصابه واحد منهما
فليس عليه أكثر من ذلك وان كثر العقل فإذا لم يستطيع سيد أم الولد ان يسلمها
لما مضى في ذلك من السنة فنه إذا اخرج قيمتها فكأنه قد أسلمها فليس عليه أكثر
من ذلك (قال مالك) وقل جرح أم الولد لسيدها (قلت فان جنت على رجل
أقل من قيمها ثم جنت على اخر أكثر من قيمتها ثيل للسيد اخرج قيمتها فإذا
اخرج ذلك اشتركا في ذلك كل واحد منهما بقدر جنايته (قال) نعم وهو قول مالك
(قال) وقال مالك والعبد إذا جنى ثم جنى خير سيده اما ان يدفع قيمة ما جنى لكل
واحد منهما واما أسلمه فان أسلمه تحاصا بقدر جناية كل واحد منهما وان جنى ثم
افتداه ثم جنى بعد ذلك خير أيضا اما ان افتداه واما ان أسلمه بجريرته وإنما يجتمع في
رقبته ما يتحاصون فيه إذا لم يفتده حتى جنى جناية بعد جنايته الأولى واما ان يفديه ثم
يجنى فان على السيد ان يفديه ثانية أو يدفعه (وقال مالك) في المدبر إذا جنى ثم أسلمه
السيد إلى الذي جرحه يختدمه ثم جرح اخر وهو عند الذي اخذه يختدمه دخل معه بقدر
جنايته يتحاصون في خدمته هذا بقدر ما بقي له من جنايته وهذا بجميع جنايته وليس

356
يخير صاحب المدبر ولا من أسلم إليه المدبر يختدمه في جنايته كما كان يخير في العبد
من اخذه بجريرته ليس اسلامه خدمة المدبر في جنايته بمنزلة اسلامه رقبة العبد والمدبر
كلما جنى يخلون جميعهم في خدمته والعبد كلما جنى يدفع بجنايته ثم ما جنى بعد ذلك فإنه
يدفع بجنايته أيضا (قلت) أرأيت جناية أم الولد على من هي في قول مالك (قال)
على سيدها ان يخرج قيمتها الا أن تكون الجناية أقل من قيمتها فيخرج الأقل
(قلت) فان جنت أم الولد خثم جنت ثم جنت فلم يحكم على السيد بشئ من ذلك
حتى قاموا عليه جميعهم وجناية كل واحد منهم مثل قيمة أم الولد أو أكثر من قيمتها
(قال) بلغني ان مالكا قال على السيد ان يخرج قيمتها ليس عليه أكثر من ذلك
ثم يتحاصون في قيمتها يضرب كل واحد منهم في قيمتها بقدر ما كان له من الجناية
(قلت) فان جنت أم الولد ثم حكم على السيد بالجناية فأخرج قيمتها ثم جنت أيضا
(قال) قال مالك على السيد ان يخرج جنايتها أيضا عند مالك مرة أخرى الا أن تكون
الجناية أكثر من قيمتها (قلت) فإن كانت جنت جناية ثم جنت ثم جنت
فقام واحد من أهل الجناية فحكم القاضي على السيد بقدر الذي يصير له في قيمة أم
الولد مع اشتراكه ثم قام الثاني عليه (قال) يحكم له أيضا يوم يقوم بقدر الذي كان يصير
له من قيمة أم الولد يوم يقوم (قلت) وكل جناية كانت جنتها قبل أن يحكم على
سيدها بالجناية فجميعهم يشتركون في قيمتها في قول مالك وكل جناية كانت جنتها
بعدما حكم السلطان بالقيمة على السيد فجنايتها بعد ذلك على السيد أيضا في قول مالك
(قال) نعم كذلك هذا عند مالك (وقال مالك) ليس على السيد ان يخرج الا قيمة
واحدة ما لم يحكم عليه (قلت أرأيت أم ولدي إذا جنت جناية ثم جنى عليها قبل أن
يحكم فيها فأخذت لذلك أرشا ما يكون علي أقيمتها معيبة أو قيمتها صحيحة (قال)
بل قيمتها معيبة يوم يحكم فيها مع الأرش الذي اخذه السيد الا أن تكون دية الجناية
التي جنت أقل من قيمتها معيبة مع الأرض الذي اخذه السيد مما جنى عليها فيكون عليه
الأقل كالعبد إذا جنى جناية ثم جنى عليه فاخذ سيده له أرشا انه يخير في اسلامه وما

357
اخذ من أرشه أو يفتديه بما جنى وهذا إذا كان ما اخذ لها من الأرش أو اخذ في
أرش العبد أقل من دية ما جنوا فإن كان ما اخذ لهم في دية جناياتهم مثل ما جنوا أو
أكثر من ذلك سقط خيار السيد وقيل للمجني عليه خذ من دية جنايتهم مثل
دية ما جنى عليك ويبقوا وما بقي من دية جناياتهم لسيدهم رقيقا
(في أم الولد تقتل رجلا عمدا له وليان فيعفو عنها أولياء الدم)
(على أن يأخذوا القيمة)
(قلت) أرأيت لو أن أم الولد قتلت رجلا عمدا فعفا أولياء الدم عن أم الولد على أن
يأخذوا القيمة من السيد (قال) لم اسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى لهم على السيد
شيئا إذا أبى ذلك لان مالكا قال لي في الحر إذا عفى عنه على أن يتبعوه بالجناية فأبى
فان ذلك له فان أحبوا ان يقتلوه قتلوه وان أحبوا ان يعفوا عنه عفوا وهذا عندي بمنزلة
مسألتك (قلت) فان عفوا عن أم الولد على أن يأخذوا قيمتها من السيد فأبى السيد
ان يدفع إليهم القيمة أيكون لهم ان يقتلوها في قول مالك (قال) لا احفظ قول
مالك فيها وارى لهم ان يقتلوها لأنهم إنما عفوا على أن يعطى السيد قيمتها فلما لم يفعل
رجعوا على حقوقهم من الدم الا ترى إلى قول مالك في الذين عفوا عن القاتل على أن
يدفع إليهم الدية فأبى ان لهم ان يقتلوه (قال سحنون) وقال غيره ليس أم الولد كالحر
إنما حكمها حكم العبد فعلى السيد ان يخرج الأقل من قيمتها أو أرش الجناية (وكان
اشهب) يقول في الحر ان الدية تلزمه على ما أحب أو كره ولا يقتل
(في أم الولد تجرح رجال عمدا فيعفو عنها أولياء الدم على أن يكون)
(لهم رقبتها أو المدبرة وأم الولد تجرح رجلا خطأ ثم تلد بعد ما جنت)
(قلت) فان جنت أم الولد أو المدبرة جناية عمدا فثم عفا عنها أولياء الدم على أن
يكون لهم رقبة المدبرة أو أم الولد لم يكن لهم ذلك وان رضي السيد لان السيد لا يقدر
على أن يدفع رقبة المدبرة في جنايتها ولا رقبة أم الولد (قال) نعم وهذا قول مالك

358
(قال ابن القاسم) الا ان المدبر إذا مات سيده ولم يترك مالا غيره فقد وصفت لك
قول مال فيه (قلت) أرأيت المدبر إذا قتل عمدا فعفا أولياء القتيل على أن يأخذوا
خدمته أيكون ذلك لهم (قال) نعم الا ان يفتدى السيد خدمتهم بجميع الجناية
(قلت) وهذا قول مالك (قال) قال مالك في العبد ما أخبرتك وخدمة المدبر
عندي بمنزلة العبد
(في أم الولد تقبل رجلا خطأ ثم تلد بعد ما قتلت)
(قلت) أرأيت أم الولد إذا قتلت قتيلا خطا فولدت بعدما قتلت ثم قام ولى الجناية
أيكون على السيد ان يخرج قيمتها وقيمة ولدها أو قيمتها وحدها (قال) قد أخبرتك
بقول مالك في الأمة الذي بلغني عنه وهذا عندي مثل الأمة انه ليس على السيد الا
قيمة الأم
(في أم الولد تجنى جناية ثم تموت أو يموت)
(السيد قبل أن يحكم على السيد)
(قلت) أرأيت أم الولد إذا جنت جناية فماتت قبل أن يحكم على السيد أيكون على
السيد شئ أم لا (قال) لا يكون على السيد من ذلك شئ (قلت) أرأيت أم الولد
ما جنت من جناية فمات السيد ولا مال له أيكون على أم الولد من ذلك شئ أم لا
(قال) قال مالك لا شئ على أم الولد من ذلك (قلت) وكذلك كل ما غصبت من
الأموال (قال) نعم مثل قول مالك في الجنايات انه لا شئ على أم الولد إذا مات سيدها
(قال سحنون) وقال غيره إنما ذلك إذا قاموا على السيد وهو حي وإلا فلا شئ لهم
عليه الا ترى أنه إنما يكون على السيد يوم يقام عليه وهي عنده فلو أقاموا وقد ماتت
لم يكن لهم عليه شئ فكذلك إذا مات قبل أن يقوموا عليه فلا شئ عليه وعليها هي
إذا قاموا بعد الموت لاها هي الجانية فذلك عليها

359
(في اخراج قيمة أم الولد بأمر القاضي أو بغير امره)
(قلت) أرأيت السيد إذا اخرج قيمة أم الولد ان أخرجها بأمر قاض أو بغير
امر قاض أهو سواء (قال) نعم ولم اسمعه من مالك ولم يقل لنا مالك بأمر قاض ولا
بغير امر قاض وهذا كله عندنا سواء (قلت) وكيف يخرج السيد قيمة أم الولد
(قال) قال مالك يخرج قيمتها أمة (قلت) أقيمة أم الولد أو قيمة أمة (قال) أمة
ان لو كانت تباع ليس قيمتها أم ولد (قلت) وهذا قول ملك (قال) نعم (قلت)
وكيف تقوم أبمالها أم بغير مالها (قال) بل قيمتها بغير مالها وكذلك بلغني عن مالك
انها تقوم بغير مالها (سحنون) ومن أصحابنا من يقول تقوم بمالها (وأشهب) يقول إن
ما تقوم بغير مالها
(في إلزام سيد أم الولد ما وطئت بدابتها أو حفرت حيث لا ينبغي لها)
(قلت) أرأيت أم الولد ما أصابت بيدها أو وطئت بدابتها أو حفرت حيث لا ينبغي
لها فعطب بذلك أحد أيكون جميع ذلك على السيد (قال) نم (قلت) وهذا قل
مالك (قال) قال مالك إذا جنت أم الولد فذلك على السيد يخرج قيمتها فهذا كله
جناية عند مالك من العبيد فهو في أمهات الأولاد جناية أيضا عندي
(في أم الولد تجنى جناية وعلى سيدها دين)
(قلت) أرأيت أم الولد إذا جنت وعلى السيد دين أيتحاص في مال السيد الذين
جنت عليهم أم الولد وغرماء السيد (قال) نعم ولا أقوم على حفظه عن مالك وهو
رأيي لان مالكا قال ما جنى الرجل الحر فأهل جنايته وأهل دينه يتحاصون في ماله
فكذلك أم الولد
(في الجناية على أم الولد والمدبر والمدبرة والمكاتبة)
(قلت) أرأيت جراحات أم الولد إذا جنى عليها لمن تكون (قال) للسيد وكذلك

360
المدبرة (قلت) وهذا قول مالك (قال) نعم (قلت) أرأيت لو أن رجلا غصبت
أمة أو أم ولد رجل غصبها نفسها أتجعل على الغاصب الصداق في قول مالك (قال)
قال مالك كل من غصب حرة أو أمة أو أم ولد أو مدبرة أو مكاتبة فعليه صداقها ان
كانت حرة وان كانت أمة فعليه ما نقصها وان كانت أم ولد أو مدبرة أو مكاتبة فإنما هن
مجمل الإماء عند مالك عليه ما نقصها (قلت) أرأيت ما جعلت على هذا الغاصب من
نقصان أم الولد أو المدبرة أو المكاتبة لمن تجعله أللسيد أم لها في قول مالك (قال) للسيد
الا في المكاتبة لان أم الولد لو جنى عليها جناية كان ذلك لسيدها عند مالك فكذلك المدبرة
لو جنى عليها لكان ذلك لسيدها عند مالك فكذلك هذا الذي نقصها من وطئ هذا
الغاصب إنما يحمل محمل الجناية عليها فيكون ذلك للسيد فإن كانت مكاتبة اخذه
سيدها وقاصها به في اخر نجومها وكذلك قال لي مالك فيما جنى على المكاتبة ان
سيدها يأخذه ونقصها بما اخذ في آخر نجم من كتابتها وكذلك المكاتب في الجناية
إذا جنى عليه وإنما يجعل مالك لسيد المكاتب اخذ ما جنى عليه لأنه يخاف عليه
استهلاكه فيرجع معيبا إلى سيده وقد أتلف ما اخذ من أرش جنايته (قال) وقال لي
مالك في المدبر إذا قتل أو جرح أو اصابه ما يكون لذلك عقل فان ذلك يقوم قيمة
عبد ولا يقوم قيمة مدبر وكذلك قال مالك في أم الولد وكذلك قال مالك في المعتقة
إلى سنين (قال) وقال مالك في الأمة إذا غصبها رجل نفسها فلم ينقصها ذلك أنه
لا شئ على الغاصب الا الحد (قال) وكذلك أم الولد والمدبرة والمكاتبة مثل ما قال
مالك في الأمة لان مالكا قال جراح أم الولد والمكاتبة والمدبرة جراح أمة وكذلك
في كل حالاتها يكون على غاصبهن ما يكون على غاصب الأمة (ابن وهب) عن عبد
الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه أنه قال في عبد افتض أمة فذهب بعذرتها قال يغرم
لأهلها ما بين ثمنها بكرا وثمنها ثيبا (وقال أبو الزناد) رأيت عبدا اسود افتض
جارية حرة في عهد أبان بن عثمان فقضى ابان بالعبد للجارية

361
(في جناية أم الولد على سيدها والمعتق إلى سنين والمدبر)
(قلت) أرأيت أم الولد إذا جنت على سيدها ما قول مالك في ذلك (قال) لا أقوم
على حفظ قوله ولا أرى عليها شيئا (قلت) فالمعتق إلى سنين إذا جنى على سيده
(قال) سبيله عندي ما وصفت لك في المدبر ولم اسمعه منه (قلت) أرأيت المدبر إذا
جنى على سيده وعلى أجنبي (قال) يختدمانه بقدر جنايتهما وذلك أن مالكا قال إن
جنى على سيده فذلك لازم له وان جنى على أجنبي فذلك لازم له فلما ألزمه مالك
الجنايتين ألزمته إياهما إذا اجتمعتا عليه (قلت) فلم لم يلزم عبدي ما جنى علي (قال)
لان عبدك ليس فيه عتق والمدبر فيه عتق (قلت) فأم الولد فيها عتق فما يقول
في جنايتها على سيدها (قال) أم الولد ليست عندي بمنزلة المدبرة الا ترى ان أم الولد
إذا جنت على أجنبي إنما يلزم السيد جنايتها والمدبر لا يلزم السيد جنايته إنما يكون ذلك
في خدمته وما بقي ففي ذمته إذا عتق (قال سحنون) وقد بينا امر المدبر
(فيما استهلكت أم الولد وما جنت)
(قلت) أرأيت ما استهلكت أم الولد من الأموال وما جنت أهو سواء عند مالك
يكون ذلك على سيدها (قال) نعم (قلت) أرأيت ما استهلكت أم الولد من
الأموال فكان أكثر من قيمتها أو جنت جناية تكون أكثر من قيمتها أيكون
الفضل على سيدها أم لا في قول مالك (قال) لا يكون على السيد الا قيمتها لان مالكا
قال في جناية أم الولد إذا كانت أكثر من قيمتها لم يلزم السيد الا قيمتها لأنها لو كانت
أمة إنما يكون عليه ان يسلمها فإذا اخرج قيمتها فكأنه قد أسلمها (قلت) فهل
يكون على أم الولد الفضل إذا أعتقت (قال) لا أليس عليها شئ لأنها لو كانت أمة
أسلمت ولم يكن عليها ان أسلمت فضل الجناية فكذلك أم الولد إذا أسلم قيمتها
فكأنه قد أسلمها فلا شئ عليها في الفضل (قلت) أرأيت ما استهلكت أم الولد من
الأموال غصبته أو اختلسته أيكون ذلك في ذمتها أو في رقبتها ويقال للسيد اخرج

362
قيمتها إلا أن يكون ما وجب في رقبتها من ذلك أقل من قيمتها في قول مالك (قال)
ذلك في رقبتها عند مالك على السيد يقال له اخرج قيمتها إلا أن يكون ذلك أقل من
قيمتها فيخرج الأقل وهذا وجنايتها عند مالك سواء
(في جناية ولد أم الولد)
(قلت) فان جنى ولد أم الولد جناية أيقال للسيد اخرج قيمته أيضا (قال) لا
وليس هو كأمه ويخير السيد بين ان يفتكه أو يسلمه فيختدم بدية جنايته ان يفتكه
فان أسلمه اختدمه المجروح فان أدى وسيده حي رجع إليه وإن لم يؤد حتى يموت
سيده عتق وبيع بما بقي من دية جنايته (قلت) أرأيت أم الولد إذا ولدت ولدا
من غير السيد بعد ما صارت أم ولد فجنى ولدها جناية ما قول مالك في ذلك والجناية
أكثر من قيمته أو أقل (قال) قال مالك يخير سيده فان افتكه كان بحالته الأولى
فان أسلم اختدمه المجروح بدية جرحه وقاصه بخدمته من دية جرحه فان مات سيده
قبل أن يستكمل دية جرحه عتق وكان ما بقي دينا عليه وان استوفى المجروح دية
جرحه رجع إلى سيده فاختدمه بحالته الأولى (قال مالك) وليس هو بمنزلة أمه فيما
جنت (قلت) أرأيت أن قال صاحب الجناية الذي جنى عليه ولد أم الولد أسلموا
إلي خدمة هؤلاء حتى اقتضى حقي أيكون ذلك له في قول مالك أم لا (قال) نعم
يسلمهم أو يفتكهم سيدهم بدية الجناية
(في جناية أم ولد الذمي)
(قلت) أرأيت أم ولد الذمي إذا جنت ما القول فيها (قال) أرى ان يعرض عليه
ان يفتكها بقسمتها إذا كانت الجناية أكثر من قيمتها وان كانت أقل لم يكن عليه الا
الذي هو أدنى فان أبي أسلمها بجنايتها وكانت أمة للذي أسلمت إليه لأنه لو باعها لم
امنعه من بيعها (قلت) وتكون رقيقا للذي أسلمت إليه وللذي اشتراها من الذمي
(قال) نعم (قلت) ويحل له وطؤها (قال) نعم إذا كانت له حل وله وطؤها

363
(في دين أم الولد)
(قلت) أرأيت أن اذن لأم ولده في التجارة فاتجرت فلحقها دين يغترق قيمتها
أيكون فذلك على السيد أو في ذمتها في قول مالك (قال) قال مالك في العبد المأذون
له في التجارة ما لحقه من دين في تجارته تلك ان ذلك في ذمته ليس في رقبته فكذلك
أم الولد
(في القود بين الحد والعبد)
(قال) وقال مالك ليس يقاد العبد من الحد ولا تقاد الأمة من الحرة ولا يقاد الحر
من العبد والا الحرة من الأمة الا ان يقتل العبد الحر فيقتل به ان شاء ولاة الحر وان
استحيوه فسيده بالخيار ان شاء اسمه وان شاء فداه بالدية (ابن وهب) عن يونس
عن ابن شهاب أنه قال لا قود بين الحر والعبد في شئ الا ان العبد إذا قتل الحر عمدا
قتل به (قال يونس) وقال ربيعة ولا يقاد حر من عبد ولا واحد منهما من صاحبه
وأيهما قتل صاحبه قتل حرابة أو تلصص أو قطع سبيل قتل له كان امر ذلك على منزلة
المحاربة (ابن وهب) عن محمد بن عمرو عن ابن جريج قال قلت لعطاء العبد يشج الحر
أو يفقأ عينه فيريد الحر ان يستقيد من العبد (قال) لا يستقيد حر من عبد (قال ابن
جريج) وقال ذلك مجاهد وسليمان ين موسى (أين أبي الزناد) عن أبيه قال اما
الحر فإنه لا يقاد من العبد في شئ الا ان يقتله العبد فيقتل له (قال) ولا يقاد العبد من
الحر في شئ (ابن وهب) عن الحرث بن نبهاب عن سليمان بن عمرو عن ابن
المسيب عن عمر الخطاب قضى انه ليس بين العبد والحر قصاص في الجراح وان
العبد مال فعقل العبد قيمة رقبته وجراحه من قيمة رقبته وإذا جرح الحر العبد انتظر به
حتى يبرأ فيقوم وهو صحيح ويقوم وهو مجروح فيرد الجارح على صاحبه ما نقص
من قيمة رقبته (ابن وهب) عن يونس عن أبي الزناد وأنه قال اما الحر فإنه لا يقاد
من العبد في شئ الا ان يقتله العبد فيقتل له ولا يقاد العبد من الحر في شئ وما

364
جرح العبد الحر من جرح فان فيه العقل ما بينه وبين ان يحيط برقبة العبد ليس
على سيد العبد سوى رقبة عبده شئ وان جرح العبد العبد خطأ فان عليه العقل
ما بينه وبين ان يحيط برقبة العبد الجارح فان قتله عمدا فانا لا نعلم الا ان سيد المقتول
يقتل القاتل ان شاء الا ان يصطلح هو وسادة العبد على ما رضوا به كلهم (ابن وهب)
قال يونس وقال ابن شهاب ولا يقاد العبد من الحر ولا يقاد الحر من العبد الا في القتل
ولا يقاد الحر من العبد في الجراح ولا يقاد العبد من الحر في الجراح (ابن وهب)
عن محمد بن عمرو عن ابن جريج قال أخبرني حسن ان أمة عضت إصبع مولى
لبني أبي زيد فضمرت فمات واعترفت الجارية بعضتها إياه فقضى عمر بن عبد العزيز
بان يحلف بنو أبي زيد خمسين يمينا تردد عليهم لمات من عضتها ثم الأمة لم وإلا فلا
حق لهم ان أبوا ان يحلفوا. لابن وهب هذه الآثار
(في الأمة تجني جناية ثم يطؤها سيدها بعد الجناية فتحمل)
(قلت) أرأيت أمة جنت ثم وطئها سيدها فحملت ولا مال له الله مال علم بالجناية
أو لم يعلم (قال) إن لم يعلم كان على سيدها الأقل من قيمتها أو دية الجرح فان علم
وكان له مال اخذ منه دية الجرح وإن لم يكن له مال أسلمت إلى المجروح ولم يكن
عليه في ولدها شئ لأنها لو ولدت من غير سيدها بعد ما جرحت لم يتبعها ولدها في
دية الجرح ولم يكن للمجروح في الولد قليل ولا بكثير وكذلك قال مالك في ولد
الأمة إذا جرحت ان ما ولدت بعد الجرح فلا يدخل في جنايتها (قلت) أرأيت
كان جنت جارية على رجل جناية ثم وطئها السيد بعد ذلك فحملت منه (قال) إن كان علم
بالجناية وكان له مال غرم قيمة الجناية على ما أحب أو كره وإن كان أكثر من قيمتها
لان ذلك منه رضا فإن لم يكن له مال أسلمت إلى أهل الجناية وكان الولد ولده وإن لم
يعلم بالجناية رأيت أن تكون أم ولد ويتبع بقيمتها الا أن تكون الجناية أقل فيتبع بذلك
دينا وذلك لو أن رجلا هلك وعليه دين يغترق ماله وترك جارية وترك ابنا فوطئ
الابن الجارية فحملت منه انه كان علم بدين أبيه وبادر الغرماء رأيت أن كان له مال ان

365
يكون له عليه قيمتها في قول ملك في ماله وإن لم يكن له مال أسلمت إلى الغرماء فباعوها
وإن لم يعلم بدين أبيه رايتها أم ولد للابن ورأيت أن يتبع بقيمتها فهذا مثل مسألتك
(قلت) أرأيت هذه الجارية التي ولدت من سيدها متى تلزمه قيمتها إذا لزمته قيمتها
(قال) يوم حملت (قال سحنون) وقال غيره ليست الجارية إذا جنت فكانت مرتهنة
بجنايتها لان الجناية في رقبتها كالجارية إذا هلك سيدها وعليه دين إذا وطئها السيد
والجناية في رقبتها ولا علم له ولا مال له ان الجناية أملك بها وتسلم إلى المجني عليه لأنها
لو بيعت ولا علم لهم بالجناية فأعتقها المشتري لم يكن ذلك فوتا يبطل بذلك حق
المجني عليه ولو أن الورقة باعوا ولا علم لهم لان على أبيهم دينا يغترق ماله ففاتت عند
المشتري بعتق أو باتخاذها أم ولد لم يكن لهم إلى رد العتق سبيل وإنما لهم الثمن أن
وجدوه والا اتبعوا به من اخذه
(القصاص في جراح العبيد)
(قال) وقال مالك الامر عندنا في القصاص في المماليك بينهم كهيئته في الأحرار
نفس الأمة بنفس العبد وجرحها بجرحه (قال) واقادة العبيد بعضهم من بعض في
الجراح يخير سيد المجروح ان شاء استقاد وان شاء اخذ العقل (ابن وهب) عن
يونس عن ابن شهاب أنه قال في مملوكين قتلا مملوكا عمدا فأراد ولي المملوك المقتول
ان يسترقهما ولا يقتلهما (قال بن شهاب) ان قتلهما قودا خلى بينه وبين قتلهما وان
أراد استرقاقهما واستحياءهما فليس له فيها الا ثمن ما أصابا (ابن وهب) عن الليث
قال كان ربيعة يقول في مائة عبد لرجل وقعوا على رجل حر فقتلوه فمنهم الباطش
ومنهما الامر وقد قامت بذلك البينة فدفعوهم إليه ليقتلهم فأراد استحياءهم
واسترقاقهم (قال ربيعة) إن كان أراد أن يستحييهم فليس له الا الدية يستوفيها منهم
فقط وان أراد قتلهم فله دماؤهم بما اجتمعوا عليه من قتل صاحبهم وذلك لان الدم تعلق
به من اصابه وان الدية لا يتعلق بها المال كله ولا يكون لمن لم يكن له في دم صاحبه
الا العفو الا دية معلومة مسماة (سحنون) عن ابن وهب عن شمر بن نمير يحدث

366
عن حسين بن عبد الله عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب أنه قال إذا جنى العبد
فليس على سيده غرم فوق رقبته وان أحب ان يفتديه افتداه وان أحب ان يسلمه أسلمه
(ابن وهب) عن يزيد بن عياض عن عبد الملك بن عبيد عن مجاهد عن ابن عباس
انه كأن يقول العبد لا غرم سيده فوق نفسه شيئا وان كانت دية المجروح أكثر من
رقبة العبد فلا زيادة له (ابن وهب عن محمد بن عمرو عن ابن جريج قال كتب عمر بن
عبد العزيز ان العبدين قصاص في العمد أنفيهما فما دون ذلك من جراحهما (قال ابن جريج)
وقال ذلك سلم بن عبد الله بن عمر (قال ابن جريج) وأخبرني عبد العزيز بن عمر بن
عبد العزيز ان في كتاب لعمر بن عبد العزيز عن عمر بن الخطاب أنه قال يقاد للملوك
من المملوك في كل عمد يبلغ نفسه فما دون ذلك من الجراح فان اصطلحوا فيه على
العقل فقيمة المقتول على أهل القاتل أو الجارح (ابن وهب) عن يونس عن ابن
شهاب أنه قال يقاد العبد من العبد في القتل عمدا ويقاد العبد من العبد في الجراح عمدا
فان قبل العقل من العبد كان عقل جراح مملوك كل واحد منهما في ثمنه بقيم عدل
وان قتل عبد عبدا عمدا أقيد منه في القتل فان أراد صاحبه ان يستحيى العبد أعطى
قيمة عبده المقتول في ثمن العبد القاتل لا يزاد على ذلك الا ان يحب أهله ان يسلموه
بجريرته وأهل العبد القاتل أملك بان يفتدوه بعقل العبد المقتول أو يسلموا العبد
القاتل بجريرته ان شاؤوا (ابن وهب) عن ابن أبي الزناد عن أبيه قال في عبد قتل
عبدا عمدا انه يسلم القاتل إلى سيد العبد المقتول فيقتله فان أراد د ان يستحييه فيكون
عبدا له لم يكن له ذلك إلا عن طيب نفس من سيده. لابن وهب هذه الآثار
(في عبدي الرجل يجرح أحدهما صاحبه أو يقتله)
(قال) وسمعت مالكا يقول في الرجل يكون له العبدان فيجرح أحدهما صاحبه فيريد أن
يقتص من عبده لعبده (قال مالك) ذلك له ولكن لا يكون ذلك إلا عند سلطان
(قال) ولم اسمع من مالك يجيز شيئا من الحدود عند غير السلطان الا السيد في أمته
وعبده ان زنيا أو سرقا فان سرقا لم يقطعهما الا السلطان كذلك قال مالك (قال)

367
وسالت مالكا عن الرجل يكون له العبدان فيقتل أحدهما الاخر اله ان يقتص من
(قال) نعم ولكن لا يقتص منه إلا عند السلطان يريد لذلك حتى تثبت البينة وان
القتل ليس بقتل الا السلطان قال مالك ولا يقطع الا السلطان (قلت) فان قطع
السيد عبده في سرقة دون السلطان أيعتقه عليه ويراه مثلة (قال) لا يعتق عليه إذا
كانت له بذلك بينة لان بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعض أزواج
النبي صلى الله عليه وسلم قد قطعوا دون السلطان فلا يعتق العبد وان قطع دون السلطان
وإنما زجر الناس عن ذلك لئلا يمثل أحد بعبده فيدعى السرقة فيجترئ الناس من هذا
على شئ عظيم فأرى ان يعاقب عقوبة موجعة الا ان يعذر بجهالة (قال) ولقد سألت
مالكا عن الرجل يقتل وليه فيعدو على قاتله فيقتله (قال) إن كان هو الذي له العفو ان
عفا والقتل ان أحب ان يقتل فلا أرى عليه شيئا وارى للامام ان يؤدبه لئلا
يجترئ الناس على القتل فالقطع بهذه المنزلة
(في العبد يقتله العبد أو الحر)
(قال مالك) بلغني ان مروان بن الحكم كان يقضي في العبد يصاب بالجراح ان على
الذي اصابه قدر ما نقص منه (ابن وهب) عن الليث ويونس عن ابن شهاب أنه قال
سمعت رجالا من أهل العلم يقولون تقام سلعة من السلع ثم عقله في ثمنه يوم يصاب
ان قتل أو جرح وبعضهم يزيد على بعض في الحديث (ابن لهيعة) عن خالد بن أبي
عمران عن القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله مثله (ابن وهب) عن مخرمة عن أبيه
عن عبد الرحمن بن القاسم وابن قسيط مثله (ابن وهب) عن الليث ويونس عن
ربيعة مثله (ابن وهب) عن يونس عن ابن شهاب مثله (ابن وهب) عن الحرث
ابن نبهان عن محمد بن سعيد عن عبادة بن بشر عن عبد الرحمن بن غنم الأشعري عن
معاذ بن جبل مثله (ابن وهب) عن جرير بن حازم عن الحسن بن عمارة عن
علي بن أبي طالب مثله (ابن لهيعة) عن بكير بن الأشج عن عمر بن عبد العزيز عن
علي بن أبي طالب مثله (ابن وهب) عن شبيب بن سعيد التميمي عن يحيى بن أبي

368
أنيسة عن ابن شهاب عن ابن المسيب عن عمر بن الخطاب انهم كانوا يقولون الرقيق
مال قيمته بالغة ما بلغت في نفسه وجراحه (وقال ابن غنم) قلت لمعاذ انهم كانوا
يقولون لا يجاوز ديد الحر فقال سبحان الله ان قتل فرسه كانت قيمته إنما غلامه
مال فهو قيمته (ابن وهب) عن إسماعيل بن عياش عن علي بن أبي طالب قال
قيمته بالغة ما بلغت إنما هو مال وان بلغ ثلاثين ألفا (ابن وهب) عن الليث بن
سعد عن ربيعة أنه قال يرد على السيد وإن كان الثمن أربعة آلاف دينار أو أكثر من
ذلك (محمد بن عمرو) عن ابن جريج عن عبد الكريم عن علي وابن مسعود وشريح
في دية العبد ثمنه وان خلف دية الحر (أين وهب) عن مخرمة بن بكير عن أبيه
عن ابن المسيب وسليمان بن يسار انهم كانا يقولان إذا شج العبد موضحة فله
فيها نصف عشر ثمنه (قال مالك) وبلغني عن ابن المسيب وسليمان ين يسار انهما كأن يقول إن
في موضحة العبد نصف عشر ثمنه (قال مالك) والجائفة والمأموم والمنقلة
والموضحة في ثمن العبد بمنزلتهن في دية الحر (قال) عبد العزيز بن أبي سلمة
وجراح العبد بقيمته يقام صحيحا ويقام مجروحا ثم ينظر إلى ما بين ذلك فيغرمه الجارح
لا يعلم شيئا أعدل من ذلك وذلك من أجل ان اليد من العبد والرجل إذا قطعت
تدخل مصيبتها بأعظم من نصف ثمنه ثم لا يكون له بعد ثمن. وان اذنه تدخل مصيبتها
بأدنى من نصف ثمنه إذا كان غلاما ينسج الديباج أو الطراز وكان غلاما يعمل غير
ذلك ما يرتفع به ثمنه فإذا أقيمت المصيبة ما بلغت فلم يظلم السيد ولم يظلم الجاني ان
كانت تلك المصيبة قليلا فقليلا وان كانت كثيرا فكثيرا الا ان موضحة العبد
ومنقلته ومأمومته وجائفته لا بد لهن من أن يكون فيهن شئ فان أخذن بالقيمة
لم يكن لهن قيمة لأنهن لا يرجعن بمصيبته ولا يكون فيهما عيب ولا نقص الا
ما لا ذكر له ولهما موضع من الرأس والدماغ فربما أفضى من العظم منه إلى النفس فيرى أن
يجعله في ثمنه على مثل حسابه من عقل الحر (قال ابن وهب) قال يونس قال
أبو الزناد أنه قال إن شج الحر العبد موضحة فلسيد العبد على الحر الجارح نصف

369
عشر قيمة العبد يوم يصاب
(في العبد يجرح أو يقذف فيقر سيده انه قد كان أعتقه)
(قلت) أرأيت عبدا جرحه رجل أو قذفه فأقر سيده انه قد كان أعتقه عام الأول
قبل الجراحة أو قبل القذف (قال) لا يصدق على الجارح ولا على القاذف عند مالك
ويكون جرحه جرح عبد وتكون دية الجرح للعبد لان السيد مقر انه لا شئ له فيه
(قلت) فان قامت البينة على أنه أعتقه عام الأول والسيد جاحد وقد جرح العبد أو
قذف بعد ذلك (قال) قال مالك في العبد يجرح أو يقذف فتقوم له بينة ان سيده قد
كان أعتقه قبل الجراحة وقبل القذف ان دية جراحاته دية حر وحد قذفه حد قذف
الحر (قلت) فإن كان السيد جاحدا أو غير جاحد (قال) إنما سمعت من ملك
ما أخبرتك ولم اسمعه يقول جاحدا أو غير جاحد وارى أن لا يلتفت إلى جحود السيد ها
هنا ولا إلى اقراره وكل ذلك عندنا سواء
(في السيد يعتق عبده ثم يكتمه ذلك حتى يستغله ويجرحه)
(ثم يقر بعد ذلك أو تقوم له بينة وهو جاحد)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا أعتق عبدا له فجحده العتق فاستغله أو استخدمه أو
كانت جارية فوطئها ثم أقر لذلك بعد زمان أو قامت عليه البينة بذلك ما القول في
هذا (قال) قال مالك اما الذي قامت عليه البينة وهو جاحد فليس عليه شئ وهذا
قول مالك في الذي يجحد (وقال مالك) في رجل اشترى جارية وهو يعلم أنها حرة
فوطئها انه ان أقر بذلك على نفسه انه قد وطئها وهو يعلم بحريتها فعليه الحد فمسألتك مثل
هذه إذا أقر وأقام على قوله ذلك ولم ينزع فان الحد يقام عليه والغلة مردودة على العبد
وله عليه قيمة خدمته (قلت) أرأيت الصداق هل يجب لها عليه مع الحد إذا أقمت
عليه الحد إذا أقر انه وطئه بعد علمه بحريتها (قال) نعم يجب عليه الصداق لها مثل
ما قال مالك في المغتصبة لان المغتصبة لها عليه الصدق مع الحد (قلت) أرأيت أن

370
كان السيد نفسه هو الذي جرحه أو قذفه فقامت على السيد البينة انه أعتقه قبل
قذفه إياه وقبل جراحه إياه والسيد جاحد (قال) لم اسمع من مالك فيه شيئا في
جراحة السيد وقذفه إياه ولكن مالكا قال في الجراح إذا استغله فقامت البينة انه
أعتقه قبل أن يستغله ان الغلة للسيد وقال ملاك انه إذا وطئ هذه التي قامت عليه
البينة بعتقها وهو جاحد أو شهدوا انه وطئها بعد عتقه إياها وهو جاحد العتق انه لا حد
عليه وكذلك مسألتك في هذا انه لا حد عليه في قذفه ولا دية له في الجراح (قال)
وسئل مالك عن رجل حلف بعتق عبد له في سفر من الاسفار ومعه قوم عدول على
شئ أن لا يفعله فقدم المدينة بعبده ذلك وتخلف القوم الذين كانوا معه فحنث في
عبده تم هلك وقد استغل عبده بعد الحنث وكاتبه ورثته بعد موته وهم لا يعلمون
بحنث صاحبهم فأدى نجوما من كتابته ثم قدم الشهود بعد ذلك فأخبروا بالذي كان
من فعل الرجل من اليمين وانه حنث فرفعوا ذلك إلى القاضي فسئل عن ذلك مالك
عن عتق العبد وعما استغله سيده وعما أدى من كتابته إلى ورثته فقال مالك اما
عتقه فأمضيه واما ما استغله سيده فلا شئ على السيد من ذلك واما الكتابة فلا
شئ له من ذلك أيضا على ورثة سيده مما اخذوا منه أيضا وإنما ثبت عتقه اليوم (قال
ابن القاسم) وهذا مما يبين لك ما قلت لك في مسألتك في الذي يطأ جاريته أو
يقذف عبده أو يجرحه ثم تقوم على السيد البينة انه أعتقه قبل ذلك وهو جاحد انه
لا شئ على السيد إذا كان السيد هو الجارح أو القاذف ولا شئ عليه في الوطئ لاحد
ولا غيره (قلت) فما فرق ما بين السيد هاهنا وبين الأجنبي في قول مالك (قال)
لان السيد إذا جحد أن يكون العبد حرا وقد شهد له بالحرية فإنه إنما يكون فيما بينه
وبين سيده حرا في فعله له يوم شهد له وفيما بينه وبين الأجنبي هو حر يوم أعتقه
السيد ليس من يوم شهد له بالحرية الا ترى أنهم ان شهدوا على السيد انه أعتقها وقد
جرحت أو قذفت بعد عتقها أو شهدت كان حالها حال حرة في الحدود والقذف وفي
أمورها كلها وهذا قول مالك (قال سحنون) وقد قال غيره من الرواة وهو قول

371
أكثر الرواة ان سيده والأجنبيين سواء وانه يقاد من السيد في الجراح وفي القذف
ويغرم الغلة وقيمة الخدمة (قال سحنون) هذا الذي به نقول
(في جناية العبد في رقبته أو في ذمته)
(قلت) أرأيت لو أن عبدا غصب حرة نفسها أتجعل صداقها في رقبته أم في ذمته
في قول مالك (قال) قال مالك ما اغتصب العبد من حرة أو من أمة غصبهن أنفسهن
ان ذلك في رقبة العبد في الإماء ما نقصهن كما وصفت لك وفي الحرائر صداق مثلهن
يقال للسيد ادفع العبد أو افده بصداق مثلها أو بما نقص الأمة يفديه بجميع ذلك أو
يسلمه (قلت) وهذا قول مالك (قال) نعم (قلت) أرأيت أن باع عبدا سارقا
كتمه لك فسرق من المشترى الذي ابتاعه أيكون ذلك في ذمة العبد أم في رقبته
إذا رد على سيده بالعيب (قال) يكون في ذمة العبد ان أعتق يوما ما لأنه كان مأذونا
له فلي الدخول في بيت المشترى وكان مؤتمنا على ذلك وكذلك قال مالك ان ذلك
في ذمته (قلت) فإن كانت سرقته إنما سرقها من أجنبي سرقة لا قطع فيها كان لهذا
المشترى ان يرده بالعيب ويقال لسيده البائع ادفع أو افد بحال ما وصفت لك
(قال) نعم ولم اسمع من مالك فيه شيئا (قال) ولا تشبه سرقته من المشترى سرقته
من الأجنبي لان سرقته من المشتري لا قطع عليه فيها وسرقته من الأجنبي عليه فيها
القطع وإنما يلزم المشترى ما حدث من العيوب عنده من غير العيب الذي دلس
له فيه وهذا لاخر قول مالك (قال ابن القاسم) وما سرق العبد من سيده فليس
عليه فيه شئ يتبع به عتق أو رق قل ما سرق من ذلك أو كثر (قال) وقال مالك
في العبد يجني جناية ان ماله ورقبته في جنايته ويقال للسيد ادفعه وماله أو افده بعقل
جميع جنايته (فقيل) لماك فإن كان عليه دين (قال) دينه أولى بماله وجنايته في رقبته (قال)
وقال مالك في العبد يجر الجريرة وله مال وعليه دين ان ماله في دينه وجريرته في رقبته
(ابن وهب) عن يونس بن يزيد عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال في الذي يقع
على الصبية فيفتضها ولعله حر أو مملوك قال ربيعة إن كان حرا أو مملوكا فعليهما الحد

372
وإن كان الحر محصنا فارجمه وإن كان بكرا فعليه مع الحد العوض لها مما أصابها بقدر
رأس السلطان فيما أفسد من كفاءتها وموضعها لم أرادها وإن كان عبدا فهو بعينه لها
إلا أن يكون خطرها فيما أصاب منها أيسر من أن تحيط برقبته فيباع بغير أرضها
وتعطى من الثمن عوض ما رأى المسلمون لها ويرد على سيد العبد فضل ان فضل من
ذلك شئ وكان الحد على الحر والعبد لأنهما أصابا محرما وعلى من اصابه من كبيرة أو
صغيرة الحد وكان العوض لها بما استحلاه من حرمتها ولما ادخلا من الشين عليها
(ابن وهب) عن عميرة بن أبي ناجية وغيره عن يحيى بن سعيد ان عمر بن عبد
العزيز أتى بعبد افتض جارية وهي كارهة فجلده عمر ثم باعه بأرض غير ارض المرأة
وأعطيت ثمنه (ابن وهب) عن ابن لهيعة والليث عن عبيد الله بن أبي جعفر عن
محمد جعفر ن الزبير قال قضى عمر بن الخطاب فيمن استكره امرأة بكرا بالغرم مع
الحد وإن كان عبدا فكان ثمنه أكثر من ذلك فداه أهله ان أحبوا وإن كان ثمنه أقل
من ذلك فليس لهم الا العبد (قال ابن وهب) قال ابن أبي الزناد وقال أبو الزناد في
عبد افتض أمة فذهب بعذرتها قال يغرم لأهلها ما بين ثمنها بكرا وثمنها ثيبا
لابن وهب هذه الآثار
(في اقرار العبد على نفسه بالجناية)
(قلت) أرأيت أن أقر العبد انه غصب هذه المرأة نفسها فجامعها وهي أمة أو حجرة
لا يعلم ذلك الا بقول العبد أيصدق العبد أم لا في قول مالك (قال) لا يصدق العبد
الا ان تأتي وهي مستغيثة أو متعلقة به وهي تدمى ان كانت بكرا وان كانت ثيبا
أدركت وهي تستغيث متعلقة به فإنه يصدق ان زعم أنه غصبها لأني سمعت مالكا
وسئل عن عبد أتى به وقد قطع إصبع صبي من رجله وإصبع الصبي يدمى فأدرك
الصبي متعلقا به فأقر العبد انه وطئ إصبعه (قال) قال مالك اما ما كان مثل هذا إذا
أدرك على مثل هذا الحال وإصبع الصبي تدمى بحدثان ما قطعت وهو متعلق به فانى
أرى ان يقبل اقراره ويكون ذلك في رقبته يسلمه يسده أو يفتكه بالجناية لأنه لا يتهم

373
أن يكون أقر إلى شئ فكذلك مسألتك في الوطئ ان أقر على مثل ما وصفت لك
(قال مالك) وما كان على غير هذا مما يقر العبد انه فعله مما يكون في رقبته ولا يدري
أحق ذلك أم لا ولم يكن على مثل ما وصفت لك فلا يقبل قوله الا ببينة تقوم
(قلت) فان أعتق العبد يوما ما وكان اقراره اقرارا لم يقم عليه بينة ولم يكن بحال
ما وصفت لي من تعلقها به أيكون ذلك دينا على العبد أن أعتق يوما ما في قول مالك
(قال) لم اسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى أن يكون على العبد شئ من هذا الوطئ
ان عتق وكذلك قال مالك في رجل حر أقر بقتل رجل خطأ ان ذلك على عاقلته
ولا يكون في ماله خاصة مع قسامة أولياء المقتول إن كان الذي أقر له ممن لا يتهم أن يكون
أراد غنى ولد المقتول فإن كان أراد عنى ولد المقتول لصداقة بينهما أو لقرابة بينهما
وهو ممن يتهم أن يكون أراد غناه لم يكن على العاقلة شئ ولا يكون عليه من اقراره
شئ عليه ان عتق بعد ذلك (قلت) أرأيت أن أبت الورثة ان تقسم مع اقراري
أيبطل اقراري ولا يلزم عاقلتي من الدية شئ في قول مالك (قال) نعم كذلك قال
مالك (قال ابن القاسم) والذي فسرت لك مما لا يلزم العبد من اقراره إذا أعتق يوما
ما إنما ذلك فيما غصب من النساء أو جرح أو قتل خطأ أقر بذلك كله ولم يكن له بينة
ولم يكن بحال ما وصفت لك من التعلق بالعبد بحضرة ذلك فان هذا لا يكون عليه
شئ ان أعتق يوما ما أو أقر العبد باستهلاك مال ولا يعلم ذلك الا بقوله أو باختلاس
مال ولا يعلم ذلك الا بقوله أو بسرقة لا قطع فيها ولا يعلم ذلك الا بقوله انه لا يصدق
على سيده وان أعتق يوما ما لم يكن ذلك دينا عليه ولم يتبع منه بعد العتق بشئ واصل
هذا كله ان ينظر إلى ما يلزم رقبته من فعله فإذا هو أقر به ولم يكن على ذلك بينة فلم
يجز اقراره فإنه لا يتبع من ذلك بقليل ولا بكثير لأنه إنما أقر بما كان يلزم السيد فان ثبت
ذلك عليه ثبت على السيد وإن لم يثبت لم يكن على العبد شئ (قلت) أرأيت لو أن
عبدا أقر انه قتل ولى رجل عمدا فقال الذي له الدم انا أعفو عن هذا العبد وأستحييه

374
(قال) ليس ذلك له إنما له ان يقتل فان عفا على أنه يستحييه لم يكن له من رقبة العبد
شئ وكذلك بلغني عن مالك (قلت) ويكون له ان يقتله بعد ذلك يقول إذا
كنتم لا تجيزون لي هذا فانا لي حقي اقتله (قال) نعم إذا كان ممن يظن أن
ذلك له وإنما هو بمنزلة الحر يقتل الحر فيعفو وليه على أن يعطيه الدية فيأبى ان
يعطيه الدية فيكون لولي المقتول ان يقتله وكذلك قال ملك (قلت) أرأيت أن
أقر بسرقة فقال المسروق منه انا أعفو عن قطع يده ولا أرفعه إلى السلطان واخذ
الدراهم التي أقر بي بها (قال) ليس ذلك له ولا يكون له شئ من ذلك (ابن وهب)
عن يونس بن يزيد عن أبي الزناد أنه قال في اعتراف العبد على نفسه بالسرقة والقتل
إن كان استرهب أو امتحن فكان اعترافه بعد ذلك فانا لا نرى عليه في ذلك قطعا
ولا قتلا فاما ما اعترف به طائعا غير مخوف ولا مسترهب فاعترف انه أتى ذلك عمدا
فنه تقطع يه بسرقته ويقتل بمن قتل إن كان قتل عمدا وانه هو قال قتلته خطأ فانا
لا نرى ان يصدق بذلك (ابن وهب) قال يونس وقال ربيعة كل مترف لا يرى
منه ما يصدق به اعترافه فهو موقوف يستأنى به حتى ينظر في اعترافه ثم لا يؤخذ بشبهة
ولا يترك بعد يقين إلا أن يكون دما أو جرحا يستحقه أهل الدم مع الاعتراف
بايمانهم أو صاحب الجرح بيمينه فإنه ليس الدم والجرح فيما يدعى عند العبد كالسرقة
(قال ابن وهب) قال يونس وقال ابن شهاب في المملوك أو المكاتب يعترف على
نفسه بقتل عمد (قال) ان جاء يأمر بين يعلم أنه قد صدق اخذ بذلك وأقيم عليه
الحد وإن كان اعترف على امتحان امتحنه أو تفريق فرقه أو امر زل عن لسانه
لم يؤخذ في امر ذلك بشئ حتى يتبين عليه ولم يؤخذ بشئ من ذلك وما اعترف في
ذلك على نفسه مما يغرم أهله فيه فهو نحو ذلك وقال السرقة مثل ذلك إذا لم يوجد
ما قال حقا فلا سبيل عليه الا ان يوجد ما دل عليه من نفسه واعترف به على ما وصفت
لك فيؤخذ بذلك (قال ابن وهب) وخبرني من أثق به قال سمعت رجالا
من أهل العلم يقولون مضت السنة على أنه لا يجوز اعتراف المملوك على نفسه بشئ

375
إذا ادخل على سيده غرما حتى تقوم بينة مع قوله الا الحد يلفظه ثم يقربه فإنه يؤخذ له
ويقام عليه واعترافه بالشئ يعاقب به في جسده من قود أو قطع أو قتل في قول مالك
(القضاء في جناية المكاتب)
(قلت) أرأيت المكاتب إذا جنى جناية أيقضى عليه بالجناية كلها أو بقدر قيمته
(قال) يقضى عليه بالجناية كلها لأنه بمنزلة العبد إذا جنى فيقال لسيده أد الجناية
كلها أو أسلمه فكذلك المكاتب اما ان يؤدي جميع الجناية والا عجز وخير سيده في أن
يفتكه بالجناية أو يسلمه بها (قلت) أرأيت المكاتب إذا جنى جناية فقضى القاضي
عليه بالجناية ان يؤديها فعجز بعد ما قضى عليه القاضي أيكون ذلك وعجزه قبل أن
يقضي عليه سواء (قال) نعم ولم اسمع مالكا يذكر القاضي بشئ من هذا إنما قال
يقال للمكاتب أد والا عجزت وإنما يقضي القاضي أن يقول له أد والا عجزت
(قلت) أرأيت مكاتبا جنى على سيده (قال) يقال له أد الجناية فان عجز عن ذلك
فسخت كتابته (قلت) والأجنبي في هذا وسيده سواء (قال) نعم لان مالكا قال
إذا جنى المكاتب قيل له أد الجناية والا فارجع رقيقا
(في المكاتب يجني جناية عمدا فيصالحه أولياء الجناية)
(على مال فيعجز قبل أن يؤدى المال)
(قلت) أرأيت المكاتب إذا جنى جناية عمدا فصالحه أولياء الجناية على مائة دينار
فعجز قبل أن يؤدى المائة أيقال لسيده ادفعه أو افداه بالمائة (قال) إذا كانت الجناية
معروفة فإنه يقال لسيد المكاتب ادفعه أو افده بالمائة الا أن تكون المائة أكثر من دية
الجرح لان مالكا قال في المكاتب إذا جنى جناية فإنه يقال له أد الجناية وأقم على
كتابتك فان هو قوى على ذلك والا فسخت كتابه ثم يخير سيده فإن شاء فداه
بعقل الجناية وان شاء دفعه (قلت) أرأيت أن قال إنا أقوى على أداء الكتابة ولا
أقوى على أداء الجناية أيكون ذلك له في قول مالك (قال) إذا قال لا أقوى على

376
أداء الجناية كان عاجزا مكانه ولا ينظر به في قول مالك (قال ابن وهب) قال
يونس وقال أبو الزناد إذا جرح هو جرحه فانا نرى عقله على المكاتب في ماله فان
هو عجز عن ذلك محيت كتابته وخير سيده فإن شاء ان يعقل عنه عقل الجرح
الذي جرح وان شاء ان يسلمه إلى المجروح عبدا له أسلمه (قال يونس) قال
ربيعة ان أصاب المكاتب جرحا فعتق فإنما أدى عن نفسه فان رقق فإنما أدى من مال
سيده (قال مالك) أحسن ما سمعت في المكاتب إذا جرح الرجل جرحا يقع عليه
فيه العقل ان المكاتب ن قوى على أن يؤدى عقل ذلك الجرح مع كتابته أداه
وكان على كتابته ولا ينجم عليه كما ينجم على الحر وان هو لم يقو على ذلك فقد عجز عن
كتابته وذلك أنه ينبغي له ان يؤدي عقل ذلك الجرح قبل كتابته وكذلك حقوق
الناس هي أيضا تؤدى قبل الكتابة لأنه لا يؤدى خراجا والكتابة خراج وعليه
أموال الناس فان عجز المكاتب عن أداء عقل ذلك الجرح خير سيده فان أحب ان
يؤدى عقل ذلك الجرح فعل وامسك غلامه وصار عبدا مملوكا له وان أحب ان
يسلم عبده للمجروح أسلمه وليس على السيد أكثر من اسلام عبده (قال
سحنون) وحدثنا ابن وهب عن ابن شهاب أنه قال في العبد يكاتبه سيده وعليه
دين للناس فكأن يقول يبدأ بدين الناس فيؤدى قبل أن يؤخذ من نجومه شئ
إذا كان دينه يسيرا بدأ بقضائه وأقر على كتابته وإن كان دينه كثيرا تحبس
نجومه وما شرط عليه من تعجيل منفعته فسيده بالخيار ان شاء أقره على كتابته حتى
يقضى دينه ثم يستقبل نجومه وان شاء محا كتابته (ابن وهب) عن يونس عن
ربيعة أنه قال اما دين المكاتب فيكسر كتابته وينزل في دينه بمنزلة العبد المأذون له
في التجارة (ابن وهب) عن محمد بن عمرو عن ابن جريج عن عبد الكريم قال قال
زيد بن ثابت المكاتب لا يحاص سيده الغرماء يبدأ بالذي لهم قبل كتابة سيده
(قال ابن جريج) وقيل لسعيد بن المسيب كان شريح يقول يحاصهم بنجمة الذي حل
قال ابن المسيب أخطأ شريح (قال) قال زيد بن ثابت يبدأ بالذي للديان (وكان) ابن

377
شهاب ومجاهد وعطاء يقولون مضت السنة إذا وجب على المملوك عقل فلا يؤخر
ولا ينجم كما ينجم المعاقل ولكنه عاجل. لابن وهب هذه الآثار
(في المكاتب يقر بقتل خطا أو عمد فيصالح من ذلك على مال)
(قلت) أرأيت لو أن مكاتبا أقر بقتل خطا أو عمد فصالح من ذلك على مال دفعه
من ماله إلى الذي أقر له بالجناية أيجوز هذا في قول مالك قال) لم اسمع من مالك
فيه شيئا الا اني أرى انه لا يجوز له اعطاء ماله الا ان في العمد لهم ان كانت نفسا ان
يقتصوا وان أبوا ان يقتصوا لم ين لهم في مال المكاتب شئ ولا في رقبته ان عجز
(قلت) وهذا قول مالك (قال) قال مالك في العبد يقر بأنه قد قتل عمدا ولا بينة
عليه (قال مالك) ان أحبوا ان يقتلوه قتلوه وان استحيوه فليس لهم ان يأخذوا
العبد فكذلك مسألتك في المكاتب
(في المكاتب يقتل رجلا خطأ)
(قلت) أرأيت المكاتب إذا قتل قتيلا خطأ اي شئ يكون عليه في قول مالك الدية
أم الأقل من قيمته ومن الدية (قال) عليه الدية كاملة في قول مالك وكذلك الجراحات
عليه قيمة ما جرح ولا يلتفت فيه إلى قيمة المكاتب
(في المكاتب يقتل رجلا عمدا له وليان)
(فيعفو أحدهما ويتماسك الاخر)
(قلت) أرأيت لو أن مكاتبا قتل رجلا عمدا له وليان فعفا أحدهما عن المكاتب
وتماسك الاخر (قال) يقال للمكاتب أد إلى هذا الباقي نصف الدية وأقم على
كتابتك (قلت) فان أدى لي هذا نصف الدية أيكون للاخر الذي عفا شئ أم لا
(قال) لا الا ان يزعم أنه إنما عفا للدية ويستدل على ما قال بأمر معروف والا فال
شئ له (قلت) فإن لم يؤد إلى الذي يم يعفو عنه شيئا وعجز فرجع رقيقا (قال)
يقال للسيد ادفع نصف الدية إلى هذا الذي لم يعف أو أسلم إليه نصف العبد (قلت)

378
فان أسلم إليه نصف العبد أو نصف الدية أيكون للاخر الذي عفا فيه شئ أم لا (قال)
لا أرى له شيئا (قلت) أتحفظه عن مالك (قال) لا الا ان مالكا قال في العبد يجرح
الرجلين عمدا جميعا ان لسيده ان يفتديه بدية جرحهما أو يفتديه من أحدهما بدية
جرحه ويسلم للاخر قد ما يصيبه فيه من الجناية فكذلك هذا
(في المكاتب يجني جناية فيؤدي كتابته)
(قبل أن يقوم عليه ولى الجناية)
(قلت) أرأيت مكاتبا جنى جناية وادى كتابته إلى أسيده قبل أن يقوم عليه ولى
الجناية وخرج حرا (قال) أرى ان يقال للمكاتب أد عقل الجناية ويمضى عتقك والا
رد رقيقا ويخير سيده فإن شاء فداه وان شاء دفعه إلى أولياء الجناية وما اخذ من نجومه
بعد الجناية يردها معه ولا يكون له ان يحبسها إذا أسلمه
(في المكاتب يجني جناية ثم يموت عن مال)
(قلت) أرأيت المكاتب يجني جناية ثم يموت عن مال من أولى بماله أسيده أم ولى
الجناية (قال) قال مالك في العبد يجني جناية ان مال العبد لصاحب الجناية وهو أولى به
من السيد فكذلك المكاتب عندي الا ان يدفع سيد العبد أو سيد المكاتب إلى
المجني عليه دية جنايته (قلت) أرأيت المكاتب يموت عن مال ليس فيه وفاء بكتابته
وعلى المكاتب جناية وليس في المال وفاء بالجناية (قال) قال مالك في العبد يجنى جناية
ان أهل الجناية أولى بماله فكذلك المكاتب عندي لأنه ان مات عبد فماله لأهل الجناية
دون سيده حتى يستوفوا جنايتهم (قلت) أرأيت أن كان للسيد على عبده دين أو
على مكاتبه دين من غير الكتابة أيضرب به مع الغرماء (قال) نعم
(في المكاتب يجني جناية وله أم ولد فيريد أن يدفعها في جنايته)
(قلت) أرأيت المكاتب يجني جناية وله أم ولد فأراد أن يدفع أم ولده (قال) ان
خاف العجز فله ذلك لان مالكا قال في المكاتب إذا خالف العجز فله ان يبيع أم ولده

379
فكذلك هو في الجناية إذا خاف العجز
(في المكاتب يجني جناية له أولاد حدثوا في كتابته من أم ولد له)
(قلت) أرأيت المكاتب إذا حدث له ولد في الكتابة من أم ولد له فجنى المكاتب
جناية وعليه دين أيكون على الابن شئ أم لا (قال) أم الدين فلا يلزم الابن من ذلك
شئ واما الجناية فإنها تلزمه لان الأب والابن لا يعتقان الا بأداء الجناية (وقال مالك)
إذا جنى المكاتب قيل له أد فإن لم يقو قيل للابن أد فإن لم يقو رجعوا رقيقا ثم يخير
السيد في الذي جنى وحده بين ان يدفعه أو يفديه (قلت) أرأيت أن مات المكاتب
الجاني أيكون على الابن الذي معه في الكتابة من جنايته شئ أم لا (قال) ما سمعت
فيه شيئا ولا أرى عليه شيئا من جناية الأب إذا مات لأنه إنما كانت جنايته في رقبته
ان عجز عنها فقد ذهبت رقبته فلا يكون على الابن شئ (قال سحنون) وقال غيره
الجناية والدين لا يعتق المكاتب الا بعدهما والدين يرق العبد ويبطل كتابته كما تبطلها
الجناية فإذا كان على الأب دين فلم يقدر على أداء النجوم لمكان الدين صار الدين
كالجرح إذا لم يقدر على أداء النجوم لمكان الجرح قيل للمكاتب وللابن لا سبيل لكما
الا بحمالة كل واحد منكما بصاحبه إلى أداء غلته والدين والجناية قبلكما وان قويتما
على أداء الدين والجناية فالكتابة قائمة والا فسخت الكتابة خير في الجاني وحده
في اسلامه أو افتكاكه وفي الدين فيصيران رقيقين والدين في ذمة الذي كان في
ذمته وحده وان أديا الدين جميعا أو الجناية جميعا أو أداهما الابن الذي لم يجن ولم يداين ثم
أديا الكتابة لم يرجع على أبيه مما أدى عنه من أرش الجناية أو دين لأنه إنما أعتق الأب
بما أدى عنه فصار ذلك كالكتابة التي أداها بعضهم عن بعض لان العتق إنما كان
بأدائهما لو لم يؤديا رقا وكذلك كل ما أرقهما من دين أو جناية كما ترقهما الكتابة فإذا
أديا الدين والكتابة كان كأداء الكتابة فخذ هذا الأصل على هذا إن شاء الله تعالى
(في المكاتب يموت وعليه دين ويترك عبدا فيجنى العبد جناية)
(قلت) أرأيت لو أن مكاتبا مات وترك عبدا وعلى المكاتب دين فجنى العبد جناية

380
بعد موت المكاتب أو قبل موت المكاتب من أولى بهذا العبد الغرماء أو أولياء الجناية
الذين جنى عليهم هذا العب (قال) أولياء الجناية أولى به الا ترى ان حرا لو جنى على
عبده جناية وعلى الحر دين ان الجناية أولى بالعبد من دين السيد الآن ان يفتكه أهل
الدين بدية الجناية لان الجناية إنما لرمت رقبة العبد ودين السيد إنما هو في ذمة السيد
فهذا يدلك على أن الجناية أولى بالعبد من غرماء السيد وللغرماء ان يفتكونه لأنه
مال للسيد وقد كان للسيد ان يفتكه فكذلك غرماؤه ذلك لهم (قلت) أرأيت أن
كان سيد العبد هو الذي جنى وجنايته مما لا تحمله العاقلة وعليه دين وليس له مال
غير ثمن هذا العبد (قال) يضرب في ثمن هذا العبد الغرماء وأولياء الجناية بالحصص
لان الجناية في ذمة السيد والدين في ذمته أيضا وهو قول مالك
(في الجناية على المكاتب)
(قلت) أرأيت لو أني كاتبت عبدي فحدث له أولاد في الكتابة من أم ولده ثم
قتلته خطا أو عمدا (قال) يقاص الولد السيد بقيمة رقبة المكاتب في آخر نجومهم
(قلت) فإن كان في قيمة رقبته وفاء بالكتابة وفضل (قال) يكون لهم ان يأخذوا
الفضل من السيد فيكون ميراثا بيون ولده الذين كانوا في كتابته كانوا ممن كاتب عليهم
أو ممن حدثوا معه في الكتابة وهو قول مالك لان مالكا قال في السيد إذا شج مكاتبه
موضحة انه يقاصه بها المكاتب في اخر نجومه وقال في المكاتب إذا قتل فاخذ
السيد قيمته ان ولده يقاصونه بذلك في أخرى كتابتهم فإن كان في قيمته فضل كان لهم
فان بقي شئ سعوا في بقية ذلك وعتقوا فسيده عندي بمنزلة غيره (قال) وإنما يكون
على السيد في موضحة المكاتب في قول مالك نصف عشر قيمته مكاتبا على حاله
في أدائه وقوته (قلت) أرأيت المكاتبة تلد ولدا في كتابتها فيقتله السيد (قال) ب
سمعت مالكا يقول في مكاتب كاتبه سيده فشجه موضحة (قال مالك) أرى ان
يقاص له من آخر كتابته نصف عشر قيمته فمسألتك مثل هذا ان السيد يغرم قيمة
الولد فإن كان فيه وفاء بالكتابة كان قصاصا وإن كان فيه فضل عن الكتابة اخذت

381
الأم من فضل القيمة قدر مورثها من ذلك (قال) وقال مالك وإذا قتل المكاتب قوم
على هيئته في حله وملائه والحال التي كان عليها قال مالك وكذلك لو وضع عنه ما عليه عند
الموت وضع في الثلث الأقل من قيمته على حال وملائه وهيئته التي هو عليها من جنس
أدائه وقلة ذلك وكثرته أو الأقل مما عليه فيهما كان أقل وضع في ثلث الميت (قلت)
أرأيت لو قتلت عبدي أو مكاتبي وعليه دين أيلزمني منه شئ أم لا (قال) قال مالك
الدين في ذمتهم فلما قتل لم يلزم القاتل شئ لان الذمة قد ذهبت (قلت) والعبد إذا كان
عليه دين فقتله رجل أجنبي فاخذ السيد قيمته أيكون الدين في هذه القيمة أم لا (قال)
لا وقد قال مالك ليس للغرماء غرماء العبد من خراجه شئ فكيف يكون لهم من ثمن
رقبته لو جعلت لهم في مسألتك قيمة رقبته التي اخذها السيد من القاتل لجعلت لهم
الثمن إذا باعه السيد (قال) فان قتل المكاتب وقد أدى جميع كتابته الا دينارا
واحد ا كيف يقوم (قال يقال هذا مكاتب كانت قوته على أداء كتابته كذا وكذا فما
يسوى عبدا مكاتبا كانت قوته على الأداء كذا وكذا فيلزم قاتله تلك القيمة (قال) ولا
ينظر في هذا إلى ما أدى المكاتب من الكتابة ولا إلى ما بقي عليه منها (قال) ولو أن
مكاتبا أدى جميع كتابته الا درهما واحدا واخر لم يؤد من كتابته شيئا قتلهما رجل وكانت
قوتهما على الأداء سواء وقيمة رقابهما سواء الا ان أحدهما قد أدى جميع الكتابة الا دينارا
واحدا والاخر لم يؤد من كتابته شيئا (قال) لا يلتفت إلى ما أديا من الكتابة التي
أديا وقيمتهما للسيد على قاتلهما سواء (قلت) أرأيت أن اختلفت قيمة رقابهما
وكانت قوتهما على الأداء سواء فقتلهما رجل ولم يؤديا شيئا بعد (قال) هذان مختلفا
القيمة فإنما يقوم على قدر بقوته على الأداء مع قيمة رقبته يقال ما يسوى اخذا المكاتب
قيمة رقبته كذا وكذا وقوته على أداء كتابته كذا وكذا فعلى هذا يقوم المكاتب
(قلت) وكذلك الذي سألتك عنه في الذي يترك جميع الكتابة لعبده فقلت يعتق
بالأقل من قيمته ومن قيمة الكتابة في ثلث الميت (قال) نعم انا تقوم الكتابة
بالنقد وقيمة رقبته على قدر قوته على أداء الكتابة بمنزلة ما وصفت لك في المكاتب

382
إذا قتله رجل فيعتق بالأقل من ذلك وهذا الذي قال في قيمته إذا قتل وفي كتابته
كيف يقوم في الوجهين جميعا كما فسرت لك (وقال غيره) لا تقوم الكتابة إنما ينظر
إلى الأقل من قيمة رقبته مما بقي عليه من الكتابة فيجعل في الثلث ليس قيمة الكتابة
إنما ينظر إلى عدد ما بقي من الكتابة من كان هو أقل فيجعل في الثلث وإن كان قيمة
الرقبة أقل جعلت في الثلث
(في الأبوين يكاتبان فيولد لهما ولد فاكتسب)
(الولد مالا وجنى عليه جناية)
(قلت) أرأيت أن كاتب الرجل عبده أو أمته وهما زوجان كتابة واحدة فحدث
بينهما ولد فاكتسب الولد مالا وجنى على الولد جنايات (قال) اما الجنايات فذلك
للسيد عند مالك يحسب ذلك في اخر كتابتهم إلا أن يكون في الجناية وفاء فيكون
ذلك للسيد ويعتق هؤلاء كلهم مكانهم فإن كان في الجناية فضل فهو للابن ولا
يرجع الولد على الأبوين بما اخذ السيد من جنايته في كتابة الأبوين لان ذوي الأرحام
لا يرجع بعضهم على بعض بما أدوا واما الذي اكتسب الابن فهو للابن وليس
للأبوين ان يأخذا منه ماله وعليه ان يسعى معهما ويؤدى الكتابة على قدر قوته
أداء مثله فإن كان للابن مال وخاف الأبوان العجز كان لهما ان يؤديا الكتابة من
مال الولد وكذلك أن كان للأبوين مال فقال لا نؤدى وخاف الولد العجز فان الكتابة
تؤدى من مال الأبوين ولا يرجع بعضهم على بعض بشئ مما أدى عن أصحابه لان
مالكا قال ليس له ان يعجز نفسه إذا كان له مال ظاهر فالأبوان إذا كان لهما مال
ظاهر فليس لهما ان يعجزا أنفسهما وكذلك الولد (قلت) فان عدا السيد علي
الولد فقتله وفي قيمته فضل عن كتابة هؤلاء (قال) يعتق الأبوان ولا يكون عليهما
من الكتابة شئ لان قيمة الولد تكون قصاص بالكتابة ويرجع الأبوان المكاتبان
على السيد بالفضل فيكون لهما (قال) وهذا قول مالك لان مالكا قال فيمن قتل ولد
المكاتب أو المكاتب نفسه فان السيد يأخذ من ذلك كتابته فإن كان فيه فضل كان

383
لأبويه اللذين معه في الكتابة وإن كان قتل الأبوان فان السيد يأخذ من كذلك كتابته
وما بقي عن كتابتهم فللولد وكذلك السيد إذا قتلهم فهو بمنزلة غيره من من الناس إذا
قتلهم وقيمتهم قد صارت هاهنا بمنزلة أموالهم وقد سمعت مالكا يقول في مكاتب
جرحه سيده ان جرحه على سيده يحسبه من اخر كتابته (وقد قال ملك) في ابن
المكاتب إذا قتل ان عقله للسيد إذا كان فيه وفاء بجميع كتابتهم ويعتقون وان كانت
الجناية ليس فيها وفاء بجميع كتابتهم اخذه أيضا وحسب ذلك لهم في آخر كتابتهم
والجناية على المكاتب إذا لم يكن فيها وفاء بجميع كتابتهم اخذ ذلك السيد
وحسب ذلك لهم من آخر كتابتهم وإن كان فيها وفاء اخذه أيضا وحسب لهم ذلك
في اخر كتابتهم والمال إذا مات أحدهم اخذه السيد إن كان فيه وفاء بكتابتهم وإن لم
يكن فيه وفاء بكتابتهم ترك في أيديهم ان كانوا مأمونين وهذا في الولد في قول مالك
وان كانوا غير ولد فهذا المال في الموت بمنزلة الجناية يأخذ السيد ما قل منه أو كثر
ويحسب ذلك لهم من آخر كتابته م فإذا أعتقوا اتبعهم السيد بما يصير له عليهم مما حسب
لهم من مال الميت إلا أن يكونوا أخذوه فلا يتبعهم (سحنون) وقد كان ربيعة بن أبي
عبد الرحمن يقول ذكره يونس إذا كاتب على نفسه وولده وأم ولده ثم توفي وكان
فيمن كاتب قوة على الاستسعاء سعوا وسعى الكبير على الصغير وذلك لأنهم دخلوا
معه في الكتابة فليس لهم ان يعجزوا حتى لا يرجى عندهم سعي وإن كان أبوهم قد
ترك مالا ليس فيه وفاء فقد كانت لهم معونة ماله وليس لهم أصله ان أفلسوا أو
أجرموا جريمة فالمال يدفع إلى سيده فيتقاصون به من آخر كتابتهم ولا يدفع إليهم
لأنهم ليس لهم أصله وهو لا يؤمن عليه التلف إذا كان بأيديهم وان كانوا صغارا
لا يقوون فهم أرقاء ولسيدهم ذلك المال (قال سحنون) وكان مالك يقول إذا كانوا
صغارا لا يستطيعون السعي لم ينتظر بهم ان يكبروا وكانوا رقيقا لسيدهم (قال مالك)
إلا أن يكون فيما ترك أبوهم ما يؤدى عنهم نجومهم إلى أن يبلغوا السعي ويقووا على
السعي فيفعل ذلك بهم (سحنون) قال مالك وإن كان الولد صغار وكانت معهم

384
أم ولد لأبيهم فأرادت السعي فإنه يدفع إليها مال الميت إذا لم يكن فيه وفاء إن كان
يرى أنها مأمونة على ذلك قوية على السعي لأنهم ان اخذ المال منهم لم يقووا على السعي
والأداء فعجزوا فصاروا عبيدا فهم بمنزلة أبيهم لهم ماله وعليهم ما عليه وكذلك إذا
كان ولده يحتملون السعي وليس معهم أم ولد أعطوا المال يقوون به على السعي وإن لم
تكن مأمونة ولا قوية على ذلك رجعت هي وولد المكاتب رقيقا للسيد إلا أن يكون
فيما ترك المكاتب أو في ثمن أم الولد إذا بيعت ما يؤدى عنهم فإنها تباع
ويعتقون ويكون فيما ترك وفي ثمنها إذا بيعت ما يؤدى عنهم إلى أن يبلغوا السعي
(ابن وهب) عن ابن لهيعة عن بكير انه سمع سليمان بن يسار يقول إذا كاتب
الرجل عبده على نفسه وبنيه فمات وعليه كتابة فان آنس منهم رشدا دفع إلى بنيه
ماله واستسعوا فيما بقي وإن لم يؤنس منهم رشد لم يدفع إليهم مال أبيهم (ابن وهب)
عن مخرمة بن بكير عن أبيه قال سمعت عروة بن الزبير واستفتى في مكاتب توفى
وعليه فضل من كتابته وترك مالا وترك بنين له أيأخذون ماله ان شاؤوا ويقضون
كتابته ويكون على نجومه (قال) نعم ان استقلوا بذلك فان ذلك لهم ان شاؤوا وقال
ذلك سليمان بن يسار ان كانوا صالحين دفع إليهم وان كانوا ناس سوء لم يدفع إليهم
(ابن لهيعة) عن خالد بن أبي عمران انه سال القاسم وسالما عن مثل ذلك فقال إن
ترك مالا قضوا عنه وهم أحرار وإن لم يترك مالا وقد انس منهم الرشد سعوا في
كتابة أبيهم بلغوا من ذلك ما بلغوا وان كانوا صغارا لم يستأن بالذي للرجل كبرهم
يخشى ان يموتوا قبل ذلك فهم لله عبيد (ابن وهب) قال يونس قال أبو الزناد إن كان
ولده صغارا لا قوة لهم على الكتابة ولم يترك أبوهم مالا فإنهم يرقون وان ترك
أبوهم مالا ليس فيه وفاء أدوا نجومهم عاما بعام (قال سحنون) قال مالك الامر
الذي لا اختلاف فيه عندنا ان المكاتب إذا أصيب بجرح له فيه عقل أو أحد من
ولده الذين معه في كتابته فان عقلهم عقل العبيد في قيمتهم وان ما وجب لهم في
عقلهم يدفع إلى سيدهم الذي له الكتابة ويحسب للمكاتب في اخر كتابته ويوضع

385
عنه ما اخذ سيده من دية جرحه ولا ينبغي ان يدفع إلى المكاتب شئ من دية
جرحه فيأكله أو يستهلكه فان عجز رجع إلى سيده أعود أو مقطوع اليد أو
معضوب الجسد وإنما كاتبه على ماله وكسبه ولم يكاتبه على أن يأخذ ثمن ولده ولا ما
أصيب من جسده فيستهلكه (ابن وهب) عن يونس عن ربيعة أنه قال في
المكاتب له عقل جراح ان أصبته فان جرح المكاتب فالعقل فيه يأخذه سيده فإذا
بقي على المكاتب من اخر كتابته مثل ذلك العقل قاصه به سيده وعتق وان عجز ان
ذلك المال لسيده وذلك لان جرح العبد ليس من ماله إنما هو لسيده (وقال ابن
شهاب وربيعة) ان أصيب المكاتب بحرج له عقل فعقل ذلك الحرج لسيده يقبضه
ويقاضه به من اخر كتابته (قال ابن وهب) قال إنس بن عياض وقال ابن أبي
سلمة مثل قول ملك. هذه الآثار ككلها عن ابن وهب
(في جناية عبيد المكاتب)
(قلت) أرأيت عبيد المكاتب إذا جنوا أيكون المكاتب فيهم مخيرا بمنزلة الحر
يفتكهم بفعل الجرح أو يدفعهم (قال) لم اسمع من مالك في هذا شيئا ولكنه رأيي
إذا كان على وجه النظر
(في جناية عبد المكاتب على المكاتب فيريد ولده القصاص ويأبى سيده)
(القصاص أو يرى سيده القصاص ويأبى ولده القصاص)
(قلت) أرأيت المكاتب إذا قتله عبده (قال) قال مالك في العبدين يكونان للرجل
فيقتل أحدهما صاحبه أو يجرحه ان السيد يقتص من العبد لان العبدين جميعا عبدان
له فأرى هذا مثله ان هل ان يقتص إلا أن يكون للمكاتب أولا معه في الكتابة فاني
أرى انه ليس للسيد ان يقتص إذا أبى الولد لان المال قد صار لهم ليستعينوا به في كتابتهم
(قال) ولا أرى للأولاد ان يقتصوا أيضا إذا أبى السيد لان السيد يقول لا تتلفوا علي
المال فترجعوا إلي وقد أتلفتم المال وهذا رأيي لان مالكا قال ليس لهم ان يتلفوا المال

386
خوفا من أن يرجعوا إلى السيد عبيدا وقد أتلفوا المال فإذا اجتمع السيد وأولاد المكاتب
على القتل فان ذلك لهم مثل ما قال مالك في العبدين لأنهم حين اجتمعوا إن كان العبد
للسيد جاز له القتل وإن كان للولد جاز لهم القتل وان أبي السيد القتل وأراد الولد القتل
ثم عتقوا فأرادوا ان يقتلوا بعد العتق كان ذلك لهم وإن كان السيد هو الذي أراد القتل
وأبى ذلك الأولاد ثم عجزوا كان ذلك له وان أبى السيد ان يقتل وأراد الولد القتل ثم
عجزوا لم يكن للسيد هاهنا قول ولا يقتله لان ملكه كان عليهم جميعا فلما ترك ذلك
لم يكن له ان يرجع إلى قتله وكذلك لو تركوا القتل وأراد السيد القتل ثم أدوا لم يكن
لهم القتل ليس لمن ترك منهم القتل إذا رجع العبد إليهم يوما ما ان يقتلوا لا السيد
ولا الولد ومن لم يترك القتل منهم إذا رجع العبد إليه فله ان يقتله (قال) وقال مالك
في المكاتب يجني جناية عمدا فيقفوا أولياء الجناية عنه على أن يكون المكاتب لهم رقيقا
(قال) يقال للمكاتب إذا عفوا عنه ادفع إليهم الدية فان عجز عن ذلك قيل لسيده
ادفع إليهم الدية أو أسلم إليهم العبد وكذلك أيضا قال مالك في العبد يقتل رجلا عمدا
فيعفو عنه أولياء القتيل على أن يكون لهم العبد (قال) قال مالك يقال للسيد افتكه
بجميع الدية أو أسلمه لأنهم حين عفوا عن العبد على أن يكون لهم صارت الجناية
مالا وهو في رقبة العبد والعبد ملك لسيده فيقال للسيد ادفعه بما صار في رقبته أو
افده بجميع الدية (قال) وما وجب في رقبة المكاتب من دية جنايته فإنه يقال له أدها
حالة وأقم على كتابتك فان أبى وعجز كان رقيقا للسيد ثم خير السيد بين افتكاكه
بلك الحر وبين اسلامه إلى أهل الجناية
(في جناية المكاتب على عبد سيده أو مكاتب سيده)
(قلت) أرأيت لو أن مكاتبا جنى على عبد لسيده (قال) يكون للسيد على المكاتب
قيمة العبد (قال) وكذلك لو جنى هذا المكاتب على مكاتب اخر لسيده ليس معه في
الكتابة وإنما فرق بين المكاتب يجني على عبد سيده وبين العبد يجنى على عبد سيده
لان المكاتب لو استهلك مالا لسيده كان عليه غرمه ولو استهلك عبد مالا السيدة لم

387
يكن عليه غرم ولان المكاتب قد أحرز ماله ورقبته عن السيد وكذلك لو أن هذا
المكاتب جني على مكاتب معه في كتبه فقتله كأن يكون للسيد عيه قيمة المقتول فان
عجز رجع رقيقا وسقط ذلك عنه
(في العبدين يكاتبان كتابة واحدة فيجنى أحدهما على صاحبه)
(قلت) أرأيت لو أن أخوين في كآبة بواحدة قتل أحدهما صاحبه عمدا أو خطأ
(قال) للسيد ان يقتص في العبد فان عفا السيد على أن يأخذ قيمة المكاتب المقتول
فذلك له ويعتق هذا القاتل فيما اخذ السيد منه من قيمة المقتول (قلت) فلو أن
أجنبيين في كتابة واحدة قتل أحدهما صاحبه عمدا أو خطأ (قال) يكون في العمد
للسيد القصاص ان أحب فان استحياه على أن يتبعه بقيمة المقتول فان ذلك له يأخذ
منه قيمة المقتول ويعتق هذا القاتل في قيمة المقتول إن كان فيها وفاء بالكتابة ثم يرجع
السيد على هذا القاتل بحصته من الكتابة وإن لم يكن في قيمة المقتول وفاء بالكتابة
اخذ السيد ذلك وحسب ذلك له من آخر الكتابة فان أدى وعتق هذا القاتل رجع
السيد بما كان يصيب حصة هذا القاتل مما حسب له من قيمة المقتول في الكتابة
(قلت) أرأيت لو أن مكاتبين كوتبا جميعا كتابة واحدة فجنى أحدهما على صاحبه
خطأ أو عمدا كانا ذوي قربة أو أجنبيين ما حالهما في قول مالك (قال) على العاقلة قيمة
المقتول ويعتق القاتل فيها ويرجع السيد عليه بحصته (قال) وسواء ان قتله هذا الذي
معه في الكتابة عمدا أو خطأ كانوا ذوي قرابة أو أجنبيين فذلك سواء ويعتق القاتل في
قيمة المقتول ويرجع السيد عليهما جميعا بما عتقا به من قيمة المقتول بما ينوبه في رأيي
لأنه لا تهمة على القاتل أن يكون إنما قتله ليتعجل عتقا وهو قد كان يقدر على أن يعجل
ما أغرمه سيده من قيمة المقتول ويعتق فليس هاهنا تهمة اتهمه بها فلذلك أعتقته وإنما
الذي سمعت انه لا يعتق ان لو كان المقتول له مال يعتق به القاتل فاستحيى لم يعتق ان
قتله عمدا في تركته لما اتهم عليه من تعجيل عتقه في مال المقتول ويكون عليه قيمة
المقتول فإن كان في ذلك كفاف لكتابته عتق وتبعه السيد بما ينوبه منها وإن لم يكن

388
عنده قيمة المقتول عجز ورجع رقيقا وعتق في المال ان قتله خطأ لان الحر يرث من
المال ولا يرث من الدية فكذلك المكاتب في مال المقتول لا يعتق في ملاه إن كان قتله
عمدا فيما ترك ويعتق إن كان قتله خطأ فيما ترك لأنه لا تهمة عليه وهذا أحسن ما سمعت
ويكون عليه قيمة المقتول وكذلك الأجنبيان الا ان السيد في الأجنبيين يتبعه بما
أدى عنه من المال الذي تركه المكاتب إذا كان قتله خطأ ويرجع عليه السيد أيضا بقيمة
المقتول ولا يتبع إذا كانا أخوين بما أدى عنه من قيمة الكتابة لان أحدهما لم يكن
يتبعه لو أدى عنه وإنما يتبع السيد من كان يتبعه هو ممن كان معه ويسقط عمن
كأن لا يتبعه لو أدى عنه في الخطأ ويكون على الأخ قيمة أخيه لأنه لا يرث من القيمة
فلذلك يكون عليه
(في ذوي القرابة يكاتبون كتابة واحدة ثم يجني بعضهم)
(قلت) أرأيت جنايات ذوي القرابات إذا جنى أحدهم وجميعهم في الكتابة فعجز
الجاني عن أداء تلك الجناية (قال) يقال للذين معه في الكتابة أدوا الجناية والا رجعتم
رقيقا فان رجعوا رقيقا قيل للسيد ادفع الجاني وحده بجنايته أو افده (قلت) أرأيت أن
أدى عن الجاني قرابته الذين معه في الكتابة وهم اخوته أو والده فعتقوا هل
يرجعون عليه بما أدوا عنه من الجناية (قال) لا لأنه ملك افتكه حين أدوا عنه
الا ترى أنه لو اشتراه وهو مكاتب فعتق لعتق عليه ولم يتبعه بشئ من ثمنه فكذلك
ما افتكه به لا يتبعه بشئ منه (قلت) أرأيت لو أن مكاتبين كوتبا جميعا كتابة واحدة
فجنى أحدهما على صاحبه جناية خطأ أو عمدا وكانا ذوي قرابة أو أجنبيين ماذا عليهما في
قول مالك (قال) على القاتل قيمة المقتول ويعتق القاتل فيها ويرجع السيد عليه بحصته من
الكتابة (قال) وسواء ان قتله الذي معه في الكتابة أو قتله أجنبي كانوا ذوي قرابة
أو أجنبيين فذلك سواء ويعتق القاتل في قيمة المقتول (سحنون) ولا يتبع الذي
أعتق بالذي أدى عنه إذا كان ممن لا يجوز له ملكه وكانت الجناية من أجنبي

389
(قلت) أرأيت المكاتبين إذا جنى أحدهم جناية (قال) يقال للجاني افتك رقبتك
بدية جنايتك فان عجز قيل لأصحابه افتكوه بدية الجناية فان أبوا صاروا رقيقا كلهم
وإن لم يحل شئ من نجومهم ثم قيل للسيد ادفع الجاني وحده لان الجناية إنما هي في
رقبته فحيث ما زال زالت معه أو افده بدية الجناية
(في جناية المكاتبة على ولدها)
(قلت) أرأيت مكاتبة حدث لها ولد في الكتابة فقتلت ولدها عمدا فقال السيد انا
اقتلها أيكون ذلك له (قال) قال مالك في الوالد يقتل ولده انه لا يقاد منه إلا أن يكون
عمد لقتله مثل ما يضجعه فيذبحه فاما ما رماه به أو ضربه به أو حذفه به فإنه لا يقاد
منه فكذلك مسألتك على هذا
(في عبد المكاتب يجرح فيريد المكاتب ان يقتص)
(وأبى سيده الا العفو أو اخذ العقل)
(قلت) أرأيت لو أن مكاتبا قتل عبدا له عمدا فأراد أن يقتص وأبى سيد المكاتب
الا العفو ويأخذ العقل من القاتل أو قيم عبده (قال) أرى أن يكون ذلك للسيد
لان السيد يمنعه من هبته ماله ومن صدقته ولو أراد المكاتب ان يعفو عن قاتل
عبده في عمد أو خطأ لم يكن ذلك له إذا أبى السيد ولكن يقال لسيد العبد القاتل إذا
عفا السيد ادفع عبدك إلى المكاتب أو افده بقيمة عبد المكاتب المقتول (قال) ولقد
سالت مالكا عن العبد يجرح العبد عمدا فيقول سيد العبد المجروح لا اقتص ولكن آخذ
هذا الجاني على عبدي أو يدفع إلي دية جرح عبدي فيقول سيد الجارح ليس ذلك
لك ولكن اقتص ان القول في ذلك قول سيد العبد المجروح ويخير سيد العبد الجارح
فاما أسلم عبده بجنايته واما افتكه بثمن جرح العبد المجروح (قال مالك) وكذلك
هذا في القتل هو مثل ما وصفت لك فأرى مسألتك تشبه هذا وليس للمكاتب ان

390
يترك مالا قد وجب له من دية عبد كان له لأنه لا يجوز له معروف في ماله إذا منعه
سيده في قول مالك الا ان يؤدي المكاتب جميع ما عليه من الكتابة ويكون له ان
يعفو أو يقتل (قال سحنون) وقد كتبنا آثار هذا الأصل قبل ذلك
(في سيد المكاتب يجني على مكاتب مكاتبه)
(قلت) أرأيت لو أن مكاتبا كاتب عبدا له فولد للمكاتب الثاني أولاد حدثوا في
الكتابة ثم قتل السيد الأعلى المكاتب الثاني (قال) يقال للسيد ادفع قيمة المكاتب
الثاني إلى المكاتب الأعلى فإن كان في قيمته وفاء بالكتابة كتابة الثاني عتق أولاد
المكاتب الثاني وإن لم يكن فيه وفاء سعى أولاد المكاتب الثاني فيما بقي على أبيهم ويكون
المكاتب الأول على حاله يسعى في بقية كتابته (قلت) ولا يكون للسيد الأول
ان يحبس قيمة الكاتب الثاني عن المكاتب الأول (قال) لا لان المكاتل الثاني وولده
مال للمكاتب الأول وليس هو بمنزلة المكاتب الأول ولا بمنزلة ولده لان المكاتب المكاتب
الأول وولد المكاتب الأول مال للسيد لان المكاتب لا يملك ولده ولأنه لو كان له عبد
فجنى عليه أحد جناية كانت الجناية للمكاتب ولم يكن للسيد الأول من ذلك شئ وإنما
هذا بمنزلة البيع كأنه باعه وكذلك مكاتب المكاتب إنما هو عبد للمكاتب الأول الا ترى
ان السيد بعينه لو جنى على عبد لمكاتبه كان على سيده قيمة جناية العبد يدفعه إلى
المكاتب فكذلك مسألتك (قال) وهو قول مالك
(في قرار المكاتب بالجناية والدين)
(قلت) أرأيت لو أن مكاتبا أقر بجناية خطأ أو أقر بدين أيلزمه ذلك (قال) اما
الدين فلازم له عند مالك في ذمته واما الجناية فلا تلزمه لان مالكا قال اقرار العبد
بالجناية لا يلزمه ذلك فكذلك المكاتب لا يلزمه اقراره بالجناية فان عجز فرجع
رقيقا لم يكن على السيد من اقراره بالجناية شئ ويتبعه أصحاب الدين في ذمته فان عتق

391
بعد ما عجز لم يلزمه اقراره بالجناية (قلت) وكذلك لو أن عبدا أقر بجناية فاعتقه
سيده لم يلزمه عقل الجناية في قول مالك (قال) لا
(في المكاتب يموت وعليه دين وجناية)
(قلت) أرأيت لو أن مكاتبا مات وترك مالا وعليه دين للناس وجناية خطأ كان
جناها (قال) أهل الدين أولى بماله من أهل الجناية لان الجناية في رقبته والدين ليس
في رقبته (قلت) فان مات المكاتب ولا دين عليه وقد جنى جناية خطأ (قال)
أهل الجناية أولى بماله من سيده لان جنايته في رقبته وفي ماله فإن كان جنى وعليه
دين فإنما جنايته في رقبته والدين في ماله (وقال مالك) في العبد يجنى جناية ان ماله ورقبته
في جنايته يقال للسيد ادفعه وماله أو افداه بجميع عقل جنايته (فقيل) لمالك فإن كان
عليه دين (قال) دينه أولى بماله وجنايته في رقبته (قلت) فان عجز المكاتب عن
أداء العقل فاده عنه سيده أيكون على كتابته أم يكون عبدا في قول مالك (قال)
إذا لم يقو على أداء الجناية رد رقيقا وخير سيده فإن شاء افتكه وان شاء دفعه (وقال
مالك) في العبد يجز الجريرة وله مال وعليه دين ان ماله في دينه وجريرته في رقبته
فكذلك كان ما قلت لك (قلت) فان مات المكاتب وترك ولدا حدث معه في الكتابة
ولم يترك مالا وعلى المكاتب دين للناس وجناية كان جناها (قال) قال مالك الجناية
في رقبة المكاتب والمكاتب فان مالكا قال إنه في ماله فن مات هذا المكاتب ولا
مال له فلا شئ للغريم وقد بطل دينه (قلت) ولا يكون لغريم المكاتب فيما بقي
في يدي الابن من المال قليل ولا كثير (قال) نعم لا شئ له مما في يدي الابن إذا لم
يكن ذلك المال للأب ولا يلزمه من دينه قليل ولا كثير لان مالكا قال دين
المكاتب في ماله والابن ليس بماله فما اكتسب الابن الذي حدث في الكتابة من
مال فليس لأبيه ان ينزعه منه الا ان يعجز ولابنه مال ظاهر فيؤخذ من مال الابن

392
الكتابة إذا كانت قد حلت والا فما حل منها فهذا يدلك على أن دين المكاتب لا
يكون على أبيه وهذا كله منه قول مالك ومنه رأيي ولا يكون على الابن من جناية
أبيه شئ وإذا اجتمعت الجناية والدين على المكاتب وقد مات وله مال فديته أولى
بماله وان فضلت فضلة كانت لأهل الجناية حتى يستوفوا الجناية لان مالكا قال كل
عبد جنى جناية فان سيده مخير فيها فإذا مات العبد قبل أن يخير السيد بطلت الجناية
فالولد في هذا الوجه بمنزلة السيد يخيرون إن كان أبوهم حيا إذا لم يكن فيه قوة على
أداء الجناية في أن يؤدوا أو يعجزوا فإذا مات أبوهم سقط عنهم ما كان لأولياء الجناية
من الجناية كما يسقط عن السيد ما كان لهم من جنايتهم حين مات المكاتب إلا أن يكون
له مال ولو قام بذلك ولى الجناية في جناية الأب فاختاروا المضي على الكتابة
فان مات الأب قبل أن يؤدي الجناية لم يسقط عنهم منها قليل ولا كثير (قال مالك)
ولو أن سيد المكاتب عجل له عتقه أو أعتق رجل عبده فكتب السيد عليهما مالا
يدفعانه إلى السيد دينا له عليهما وعجل لهما العتق وثبتت حرمتهما ثم ماتا أو فلسا لم
يدخل السيد على الغرماء وكان أهل الدين أولى بمالهم من السيد لان السيد اما يتبعه
بثمن رقته فليس له فيما في يدي العبد قليل ولا كثير وان بقي به من ماله بقية بعد
تأديته حين فلسه اخذه السيد الذي عجل له العتق وإن كان مكاتبا لم يكن للسيد ان
يدخل على العبد فيما بقي له وكان على نجومه الأولى وليس يقدر السيد ان يفلس مكاتبه
إلا عند محل النجم فإنه يقوم عليه عند محلها فينظر في حال العبد في العجز والأداء
(في المكاتبة تجنى جناية ثم تلد ولدا ثم تموت الأم)
(قال ابن القاسم) في مكاتبة جنت جناية ثم ولدت أولادا فماتت انه لا يكون على
الولد من الجناية شئ إذا ماتت الأم (قال) وبلغني عن مالك أنه قال في الأمة إذا جنت
جناية ثم ولدت بعد الجناية وماتت الأم انه لا شئ لولي الجناية على الولد ولا على
السيد واما حقه في رقبة الأم فقد ذهبت الأم (قال مالك) والولد ليس بمال لها فيتبعها

393
فيه أولياء الجناية فيكون ذلك في رقبته (قال مالك)
ولو لم تكن ماتت لم تكن الجناية الا في
رقبتها ولا يكون ولدها في جنايتها وان
كانت الجناية قبل أن تلد أخبرنيه
عن مالك غير واحد
ممن أثق به
(تم كتاب الجنايات بحمد الله وعونه)
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى اله وصحبه وسلم)
(ويليه كتاب الديات)

394
بسم الله الرحمن الرحيم
(الحمد لله وحده) (وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
(كتاب الديات)
(ما جاء في ديات أهل الكتاب ونسائهم)
(والعاقلة تغرم الدية في ثلاث سنين)
(قلت) لابن القاسم كم ديات أهل الكتاب في قول مالك ودية نسائهم (قال) دية
أهل الكتاب على النصف من دية المسلمين رجالهم على النصف من دية رجال
المسلمين ونساؤهم على النصف من نساء المسلمين واما المجوس فان دية رجالهم ثمانمائة
درهم ودية نسائهم أربعمائة درهم وجراحهم في دياتهم على قدر جراحات المسلمين
في دياتهم (قال) وهذا كله قول مالك (قلت) أرأيت المسلم إذا قتل الذمي خطأ
هل تحمله العاقلة (قال) نعم تحمله العاقلة (قلت) ففي كم تحمله العاقلة أفي ثلاث
سنين أم في أقل من ذلك أو أكثر في قول مالك (قال) لم أوقف مالكا على هذا
ولكن رأيي ان العاقلة تحمله في ثلاث سنين لان مالكا قال في الدية تحملها العاقلة
في ثلاث سنين (قلت) ودية المرأة المسلمة في كم تحملها العاقلة (قال) ما سمعت
من مالك فيه شيئا إلا أنه قال تحمل العاقلة الدية في ثلاث سنين وانا أرى الديات
كلها دية الرجل ودية المرأة ودية النصراني ودية النصرانية إذا وقعت انها تنجم في
ثلاث سنين (قلت) أرأيت دية المجوسي ودية المجوسية أتنجم على العاقلة أيضا في

395
ثلاث سنين ودية نساء أهل الكتاب كذلك أيضا (قال) نعم ولم اسمع من مالك
فيه شيئا الا ما أخبرتك ان مالكا قال الدية تحملها العاقلة في ثلاث سنين
(ما جاء في المسلم يجني على المسلمة ثلث ديتها)
(أو على المجوسي أو المجوسية)
(قلت) أرأيت المجوسية إذا جنى عليها الرجل المسلم جناية خطأ تبلغ ثلث ديتها
أتحملها العاقلة (قال) نعم تحملها العاقلة إذا بلغت الجناية ثلث دية المجني عليه أو ثلث دية
الجاني في قول مالك لان مالكا قال لي في الرجل يجني على المرأة فيبلغ ثلث دية المرأة
ان عاقل الرجل تحمل ذلك وتفسير ذلك لو أن رجلا قطع من امرأة إصبعين خطأ
حمل ذلك على العاقلة لان عشرين من الإبل أكثر من ثلث دية المرأة (قلت)
أرأيت لو أن امرأة جنت على رجل فقطعت من الرجل إصبعين خطأ (قال) قال مالك
تحمله العاقلة لأنه أكثر من ثلث دية المرأة وإنما ينظر في هذا إلى الجاني إذا جنى
فإن كان قد جنى ما يبلغ ثلث ديته فان ذلك على العاقلة وان كانت جنايته لا تبلغ ثلث
ديته نظرت فإن كانت تبلغ ثلث دية المجني عليه حملته على العاقلة وان كانت جنايته لا تبلغ ثلث
ديته نظرت فإن كانت تبلغ ثلث دية المجني عليه حملته على العاقلة أيضا (قلت) واصل
هذا ان كانت الجناية تبلغ ثلث دية الجاني وثلث دية المجني عليه حملته العاقلة في قول
مالك (قال) نعم
(ما جاء في المجوسي والمجوسية يجنيان على المسلم ثلث دية)
(والنصراني يجنى على المسلم ثلث دية)
(قلت) فلو أن مجوسية جنت على رجل من المسلمين فكانت جنايتها تبلغ ثلث
ديتها أيحملها أهل خراجها أو رجل من المجوس جنى على رجل من المسلمين ما يبلغ
ثلث المجوسي أيحمل أهل خراجه هذه الجناية أم لا وقد قلت إن مالكا قال إن لهم
عواقل وهم أهل خراجهم (قال) أرى في المرأة ان أهل خراجها يحملون جنايتها
(قلت) يحملون جناية نسائهم إذا جنت المرأة منهم فكان في جنايتها ما يبلغ ثلث

396
ديتها (قال) نعم ويحمل الرجال ذلك منهم ولا يكون من ذلك على النساء شئ وكذلك
قال مالك (قال ابن القاسم) فقلت لمالك والنصراني إذا جنى جناية من يحمل ذلك
(قال) أهل جزيته وهم أهل كورته الذي خراجه معهم
(ما جاء في قيمة عبيد النصارى والمجوس)
(قلت) أرأيت عبيدهم إذا هم قتلوا ما على القاتل (قال) عبيدهم عند مالك سلعة من
السلع على القاتل مبلغ قيمته ما بلغت وان كانت مائة الف بمنزلة عبيد المسلمين على
قاتل العبد من عبيدهم قيمته بالغة ما بلغت وان كانت مائة الف لان العبد سلعة من
السلع وهذا قول مالك الا ان في مأمومته وجائفته في كل واحدة ثلث ثمنه وفي
منقلته عشر ثمنه ونصف عشر ثمنه وفي موضحته ونصف عشر ثمنه وفيما بعد هذه
الأربع خصال مما يصاب به العبد ما نقص من ثمنه وهو قول مالك
(ما جاء في أهل الذمة إذا جنى بعضهم على بعض أتحمله العاقلة)
(قلت) أرأيت أهل الذمة إذا قتل بعضه م بعضا أتحمله عواقلهم ويحكم السلطان بينهم
أم لا (قال) أرى ان ذلك على عواقلهم إذا كان خطأ لان مالكا قال إذا قتل النصراني
رجلا من المسلمين خطأ ان عاقلة النصراني تحمل ذلك (قال) وقال مالك وما
تظالموا به بينهم فان السلطان يحكم بينهم فيه فإذا أرى ان عاقلته تحمل ذلك أيضا
(قال) وقال مالك إذا جنى الرجل على المرأة جناية تبلغ ثلث ديتها فان العاقلة تحمل
ذلك أيضا (قال مالك) وهذا أبين عندي من المرأة إذا جنت على الرجل جناية تبلغ
ثلث ديته فان العاقلة تحملها أيضا (قال مالك) والأول أبين عندي (قلت) فما يقول
مالك في الدية أعلى أهل الديوان أم على أهل القبائل (قال) قال مالك إنما العقل على
القبائل أهل ديوان كانوا أو غير أهل ديوان (قلت) فلو أن رجلا من قبيلة من قبائل
العرب جنى جناية بأرض مصر وليس بمصر من قومه أحد وقمه بالعراق أو باليمن
فجنى جناية أيضم إليه أقرب القبائل إليه من قومه بمصر فيحملون جنايته أم تجعل

397
جنايته على قومه حيث كانوا في قول مالك (قال) قال مالك إذا انقطع البدوي إلى
الحضر فسكن الحضر عقل معهم ولا يعقل أهل الحضر مع أهل البدو ولا أهل
البدو مع أهل الحضر والذي يعرف من قول مالك ان أهل مصر لا يعقلون مع أهل الشام
وأهل الشام لا يعقلون مع أهل مصر ولكن إن كان من أهل مصر وهي
مسكنه عقل عنه أهل مصر (قال مالك) وإذا جرح الرجل الرجل ولم يكن في قومه
من يحمل عقله لقلتهم ضم إليهم أقرب القبائل إليهم فإن لم يكن فيهم قوة يحملون
العقل ضم إليهم أيضا أقرب القبائل إليهم حتى يكون فيهم ما يحمل العقل (قال) فقلت
لمالك فكيف يحمل العقل (قال مالك) على الغنى قرده وعلى من هو دونه بقدره
(قال مالك) وإنما ذلك على قدر طاقة الناس في يسرهم (قلت) فهذا الذي يحول إلى
مصر فيسكنها أهو بمنزلة المصري (قال) نعم ان تحول إلى مصر رجل من أهل البادية
أو من أهل الشام أو من أهل العراق فسكن مصر أو انقطع إليها فهو بمنزلة رجل من
أهل مصر (قال) وقد قال مالك في البدوي ما أخبرتك انه يصير مصريا وقد قاله في
الشامي إذا تحول إلى مصر انه يصير مصريا ويعقل معهم (قلت) فان جنى هذا الرجل
الذي تحول إلى مصر جناية وقومه بالشام ومنهم بمصر لا يحملون الجناية لقلتهم ولسعة
الدية أيضم إليهم أقرب القبائل منهم أو يحمل قومه الذين بالشام الدية وإنما كان تحول
من الشام إلى مصر (قال) إذا تحول من الشام إلى مصر فسكنها فهو من أهل مصر كما
أخبرتك (وقال مالك) في أهل الشام لا يحملون جناية أهل مصر وأهل مصر
لا يحملون جناية أهل الشام لان مالكا قال في أهل البدو لا يحملون جناية أهل الحضر
وأهل الحضر لا يحملون جناية أهل البدو فأرى ان يضم إليه أقرب القبائل فيحملون
الدية بحال ما وصفت لك (قلت) فإن لم يكن لهذا الرجل بمصر من قومه أحد يحمل
جنايته ضممت إليه أقرب القبائل إلى قوم فيحملون جريرته (قال) نعم (قلت) لم
قال مالك ان أهل البدو لا يحملون مع أهل الحضر وأهل الحضر لا يحملون مع أهل
البدو (قال ابن القاسم) لأنه لا يستقيم أن يكون في دية واحدة دنانير أو إبل ودراهم

398
أو دراهم ودنانير فهذا تفسيره وما سمعت من مالك فيه شيئا واما أهل الشام وأهل
مصر فهم أجناد قد جندت فكل جند عليهم جرائرهم دون ومن سواهم من الأجناد
(ما جاء في الصبي والمجنون إذا جنوا وفي دية الجنين إذا كان ذكرا)
(قلت) أرأيت الصبي والمجنون ما جنيا من عمد أو خطأ بسيف أو غير ذلك أهو
خطأ (قال) قال مالك نعم وتحمله العاقلة إذا كان بلغ الثلث فصاعدا وإن كان أقل من
الثلث ففي أموالهم وإن لم يكن لهم مال كان ذلك دينا عليهم يتبعون به وإن كان المجنون
يفيق ويجن فما أصاب في حال جنونه فهو بمنزلة ما وصفت لك وما أصاب في حال
افافته فهو والصحيح سواء يقام ذلك عليه كله إن كان عمدا وإن كان خطأ حملته العاقلة
(قلت) أرأيت المجنون الذي يجن ويفيق إذا قطع يد الرجل أو افترى على رجل
أو فقأ عينه وذلك في حال إفاقته ثم انتظر به برء الجرح فلما برأ الجرح رفع ذلك إلى
السلطان وهو معتوه في حال جنونه وهو يجن في رأس كل هلال ثلاثة أيام أيقيم عليه
جرائره هذه أم ينتظر به حتى يفيق ثم يقام عليه ما جنى (قال) أرى ان يؤخر حتى
يفيق وهو قول مالك (قلت) أرأيت الجنين في الدية إذا كان الجنين جارية (قال)
الذكر والأنثى في ذيك سواء عند مالك في الدية فيه الغرة جارية كانت أو غلاما
(قلت) أرأيت أن ضربها رجل فألقته ميتا مضغة أو علقة ولم يستبن من خلقه إصبع
ولا عين ولا غير ذلك أيكون فيه الغرة أم لا (قال) قال مالكا إذا ألقته فعلم أنه حمل
وإن كان مضغة أو علقة أو دما ففيه الغرة وتنقضي به العدة من الطلاق وتكون به
الأمة أم ولد (قلت) أرأيت الجنين إذا ضربه رجل فألقته أمه ميتا أتحمله العاقلة في
قول مالك أم لا (قال) قال مالك لا تحمله العاقلة إنما هو في مال الجاني
(ما جاء في امرأة من المجوس أو رجل من المجوس)
(ضرب بطن امرأة مسلمة فألقت جنينها ميتا)
(قلت) أرأيت لو أن امرأة من المجوس أو رجلا من المجس ضرب امرأة من

399
المسلمين فألقت جنينا ميتا أيكون ذلك على عاقلتهم لأنه أكبر من ثلث دية الجارح
(قال) لم اسمع من مالك فيه شيئا الا انى أرى إن كان خطأ حملته عواقلهم لأنه أكثر
من ثلث دية الجارح وإن كان عمدا كان في مال الجارح لان مالكا قال في المرأة
تجرح الرجل فيبلغ ذلك ثلث ديته ان العاقلة تحمل ذلك عنها فكذلك المجوس
ما أصابوا مما يكون ذلك في ثلث ديتهم رجلا كان الذي جنى ذلك أو امرأة فان
عاقلتهم تحمل ذلك عنهم (قلت) أرأيت أن ضرب رجل بطنها فألقت جنينا ميتا
أيكون على الضارب الكفارة أم لا (قال () قال مالك الذي جاء في كتاب الله في
الكفارة إنما ذلك في الرجل الحر إذا قتله خطأ ففيه الكفارة (قال مالك) وانا
استحسن ان كيون في الجنين الكفارة (قال مالك) وكذلك في الذمي والعبد إذا
قتلا أرى فيه الكفارة وارى في جنينهما الكفارة (قلا) أرأيت أن ضربها رجل
خطأ فماتت فخرج جنينها من بعد موتها ميتا أيكون في الجنين غرة (قال) ما سمعت
من مالك فيه شيئا ولا أرى فيه غرة لأنه اما خرج ميتا بعد موت أمه فإنما على قاتلها
الدية لأنه مات بموت أمه (قلت) فكم ترى عليه أكفارتين أم كفارة واحدة
(قال) لم اسمع من مالك فه شيئا وارى فيه كفارة واحدة (قلت) فان ضرب
رجل بطنها فألقت جنينا حيا ثم مات وفي بطنها جنين آخر ثم مات الجنين الذي خرج
حيا بعد موتها أو قبل موتها (قال) في الأم نفسها وفي ولدها الذي لم يزايلها عند مالك
الدية دية واحدة والكفارة لان الذي في بطنها لم يزايلها فلا شئ عليه فيه لا دية ولا
كفارة ولم اسمع في الذي في بطنها من مالك في كفارته شيئا فلا أرى عليه فيه
الكفارة اما الذي خرج حيا فمات فإن كان استهل صارخا ففيه القسامة والدية وان
كإن لم يستهل صارخا ففيه ما في الجنين
(ما جاء في الرجل يأتي بعبد أو وليدة وهبة)
(دية الجنين هل يجبرون على ذلك)
(قلت) أرأيت ما جاء في الجنين من الحديث ان فيه غيرة أرأيت أن جاءهم بعبد

400
أو بأمة أيجبرون على اخذ ذلك في قول مالك (قال) نعم إذا كان قيمة العبد أو الأمة
خمسين دينارا أو ستمائة درهم فإن كان قيمة ذلك أقل من خمسين دينارا أو أقل من
ستمائة دراهم لم يكن لك له الا ان يشاء المجني عليه ن يأخذ ذلك منه (قلت)
أرأيت الذي يخرج قبل موت أمه ميتا أو حيا فمات قبل موتها ثم ماتت هي بعده
أترث الأم من ديته شيئا أم لا وكيف إن كان حيا فماتت الأم قبله ثم مات هو من
بعدها وقد استهل صارخا أترث هذا أمه أم لا (قال) نعم يرث بعضهم بعضا في
مسائلك هذه (قلت) أرأيت أن ضرب رجل بطن امرأة فألقت جنينا ميتا
وقد مات أبوه قبل ذلك ولأبيه امرأة أخرى حال فولدت بعد خروج الجنين ولدا حيا
أترث من دية هذا الجنين في قول مالك أم لا (قال قال لي مالك دية الجنين موروثة
على فرائض الله فأرى لهذا الولد من هذا الأخ الجنين ميراثه منه لأنه كان حيا يوم
خرج الجنين ميتا ووجبت فيه الدية الا ترى لو أن رجلا مات ولأبيه امرأة حامل
ولا ابن للميت ان للحمل ميراثه من هذا الميت إذا خرج حيا فكذلك مسألتك في
الجنين (قلت) وكذلك لو ضرب رجل بطنها فألقت جنينا ميتا ثم خرج اخر حيا
فعاش أو استهل صارخا فمات مكانه كان لهذا الذي خرج حيا ميراثه من هذا الذي
خرج ميتا في قول مالك (قال) نعم لان مالكا قال دية الجنين موروثة على فرائض
الله (قلت) وسواء إن كان خرج الجنين ميتا قبل أخيه الحي أو بعده (قال) نعم
هو سواء وهو يرثه إذا كان خروجه بعده وهو حي (قال) وقال مالك ولو أن
الوالد ضرب بطن امرأته فألقت جنينا ميتا فان الأب لا يرث من دية الجنين شيئا
ولا يحجبه وهي موروثة على فرائض الله وليس للأب من ذلك شئ (قلت) أرأيت
جنين الذمية كم فيه (قال) عشر دية أمه أو نصف عشر دية أبيه وهو سواء (قلت)
والذكر والأنثى في ذلك سواء (قال) نعم (قلت) وهذا قول مالك (قال)
نعم (قلت) أرأيت الذي يضرب بطن المرأة فألقت جنينا ميتا أعمده وخطؤه
سواء في قول مالك (قال) نعم (قلت) فان ضرب رجل بطنها عمدا فألقت جنينا

401
حيا فمات بعد ما استهل صارخا (قال) الذي سالت مالكا عنه إنما هو في الخطأ وانا أرى
فيه الدية بقسامة إذا كانت الأم مسلمة والأب مسلم وان ضرب رجل بطنها عمدا فألقت
جنينا حيا ثم استهل صارخا فمات فان فيه القسامة يقسمون على من فعل ذلك ويقتلونه
(قال ابن القاسم) ولا يكون العمد في المارة الا ان يضرب بطنها خاصة بعمده فذاك
الذي يكون فيه القصاص بقسامة (قلت) أرأيت أن أسلمت امرأة النصراني وهي
حامل فضرب رجل بطنها فألقت جنينا ميتا (قال) لا قسامة في هذا وفيه نصف
عشر دية أبيه لان مالكا قال في النصرانية إذا أسلمت وفي بطنها جنين ان في جنينها
ما في جنين النصرانية وكذلك قال لي مالك (قال ابن القاسم) ولو استهل صارخا
ثم مات حلف فيه ورثته يمينا واحدة واستحقوا ديته وذلك أن مالكا قال في النصراني
يقتل فيأتي ولاة النصراني بشاهد من أهل الاسلام عدل انهم يحلفون يمينا واحدة
ويستحقون الدية على من قتله مسلما كان أو نصرانيا فكذلك جنين النصرانية إذا
استهل صارخا فإنما فيه يمين واحدة لمات مما فعل به واستحقوا ديته
(ما جاء في قيمة جنين الأم وأم الولد وفي الأب يجني على ابنه بخطأ)
(قلت) أرأيت قيمة الغرة في الدراهم إنما هو ستمائة درهم في قول مالك (قال)
نعم (قلت) أرأيت الأمة كم في جنينها (قال) في جنينها عشر قيمتها كجنين الحرة
من دية أمه وهو قول مالك (قلت) فإن كان لجنين الأمة أب وهو عبد أو حر
هل يلتفت إلى قيمته أو يجعل فيه نصف عشر قيمة الأب إذا كان عبدا (قال)
لا يلتفت في جنين الأمة إلى والده عبدا كان أو حرا إنما فيه عشر قيمة أمه وهو قول
مالك الا ان مالكا قال في جنين أم الولد إذا كان من سيدها ان فيه ما في جنين الحرة
(قلت) أرأيت أن قتل الأب ابنه خطأ أيكون ذلك على العاقلة في قول مالك (قال)
نعم (قلت) ولا يرث من ديته شيئا (قال) نعم لا يرث من ديته شيئا عند مالك
ويرث من ماله (قلت) وإذا كان عبدا لم يرث من ديته شيئا ولا من ماله (قال)
نعم كذلك قال مالك (قلت) لابن القاسم فما فرق بين الجنين إذا ضربت أمه

402
فألقته ميتا قاف مالك فيه دية الجنين بغير قسامة خطأ كان أو عمدا فإذا ضربها فألقته
حيا فاستهل صارخا ثم مات بعد ذلك قال مالك ففيه القسامة وديته على العاقلة (قال)
لان الجنين حين خرج ميتا بمنزلة من ضرب فمات ولم يتكلم وانه إذا خرج حيا فمات بعد
ما استهل فهو بمنزلة رجل ضرب فتكلم وعاش أياما ثم مات ففيه القسامة والذي لم
يتكلم حتى مات فلا قسامة فيه وكذلك الجنين إذا خرج ميتا فلا قسامة فيه واما
إذا خرج حيا فاستهل ثم مات فإنه لا يدرى أمن ضربته مات أو من غير ذلك من شئ
عرض له بعد خروجه ففيه القسامة (قلت) فإن كان ضربها عمدا فألقته حيا فاستهل
ثم مات (قال) إنما سألت مالكا عن المرأة إذا ضربها رجل خطا فألقته حيا فاستهل
صارخا ثم مات فقال مالك فيه القسامة والعقل وارى في العمد في مسألتك ان فيها
القسامة والقود
(ما جاء في رجل وصبي قتلا رجال عمدا)
(وضربه الصبي خطأ والرجل عمدا)
(قلت) أرأيت إذا اجتمع في قتل رجل حر صبي ورجل فقتلاه عمدا (قال) قال
مالك على عاقلة الصبي نصف الدية ويقتل الرجل (قلت) وكذلك لو كانت رمية
الصبي خطأ ورمية الرجل عمدا فمات منهما جميعا (قال) الدية أرى واستحسن أن تكون
الدية عليهما جميعا لأني لا أدري من أيهما مات وإنما قال مالك إذا كان العمد
منهما جميعا (قال ابن القاسم) قال مالك كل من قتل عمدا فعفى عنه وكان القتل ببينة
أثبتت عليه أو بقسامة استحق بها الدم قبله عمدا فعفى عنه (قال) قال مالك يضرب
مائة ويحبس عاما (قال ابن القاسم) وبلغني عن مالك أنه قال إذا قتل رجل مسلم ذميا
عمدا أو عبدا عمدا فإنه يضرب مائة ويحبس سنة (قبت) وكذلك لو أقر انه قتل
ولي هذا الرجل عمدا فعفا عنه هذا الرجل أيضرب مائة ويحبس عاما (قال) نعم كذلك
قال مالك انه يضرب مائة ويحبس عاما (قلت) أرأيت لو أن رجلا من أهل الذمة
أو عبدا لرجل من المسلمين أو لرجل من أهل الذمة قتلا رجلا من المسلمين

403
أو من أهل الذمة أتضربهما مائة وتحبسهما عاما في قول مالك (قال) قال لي مالك
في الذي يقتل عمدا فيعفو أولياء الدم عنه انه يضرب مائة ويحبس عاما فأرى في هذا
انهما يضربان مائة ويحبسان عاما كل من قتل عمدا إذا عفى عنهم عبيدا كانوا أو إماء
أو أحرار أمسلمين كانوا أو ذميين أو عبيدا لأهل الذمة فهم في ذلك سواء (قلت)
فان قتل عبد لرجل وليالي عمدا فعفوت عنه ولم اشترط اني إنما عفوت عنه على
أن يكون لي أو لسيده (قال) سالت مالكا عن الرجل يعفو عن الدم في العمد
والقاتل حر ولا يشترط الدية ثم يطلب الدية بعد ذلك (قال) قال مالك لا شئ له الا
ان يعرف له سبب اراده فيحلف بالله الذي لا إله إلا هو ما عفوت عنه الا على اخذ
الدية وما كنت عفوت عنه تركا للدية ثم يكون ذلك له وكذلك العبد ليس له فيه شئ
الا ان يعرف أنه إنما عفا على أن يستحييه لنفسه فان عرف ذلك كان ذلك له وكان
سيده بالخيار (قلت) فلو عفا ولى الدم إذا كن عمدا عن العبد على أن يأخذه وقال
سيد العبد لا ادفعه إليك اما ان يقتل واما ان يترك (قال) لا ينظر إلى قول سيد العبد
ويأخذه هذا الذي عفى عنه على أن يكون له العبد كذلك قال لي مالك الا ان يشاء
رب العبد ان يدفع إليه الدية ويأخذ العبد فذلك له (قلت) أرأيت أن عفوت عن
هذا العبد على أن يكون العبد لي وقد قتل وليي عمدا فاخذته أيضرب مائة ويحبس
عاما في قول مالك (قال) نعم وذلك رأيي
(ما جاء في رجل من أهل البادية ضرب)
(بطن امرأة فألقت جنينا ميتا)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا من أهل البادية من أهل الإبل ضرب بطن امرأة
من اله البادية فألقت جنينا ميتا أتكون فيه الإبل أم الدنانير على الضارب أم الغرة
أم الدراهم (قال) قال ملك في الغرة التي قضى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم
الحمران من الرقيق أحب إلي من السودان الا أن تكون الحمران من الرقيق قليلا في
الأرض التي يقضي فيها بالغرة فيؤخذ من السودان (قال) قال مالك والقيمة في ذلك

404
خمسون دينارا أو ستمائة درهم وليست القيمة عندنا كالسنة التي لا اختلاف فيها وانى
لأرى ذلك حسنا (قال بان القاسم) ففي هذا من قول مالك ما يدلك على
الجنين إذا وقعت ديته على أهل الإبل ان عليهم غرة ليست بابل وقد قضى فيها
رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغرة والدية يومئذ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم
الإبل فإنما قضى بالغرة على أهل الإبل ولم يجعل عليهم الإبل وإنما قوم عمر بن الخطاب
الدية من الإبل على أهل الذهب والورق حين صارت أموالهم ذهبا وورقا وترك دية
الإبل على أهل الإبل على حالها والغرة إنما هي سنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم
قائمة عبد أو وليدة الا ترى ان مالكا قال ليست الخمسون الدينار في الغرة ولا الستمائة
درهم كالسنة القائمة واستحسنه والدية فيه أنما هو عبد واو وليدة الا ترى ان في
حديث ابن شهاب الذي يذكر عنه مالك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى
فيه بغرة عبد أو وليدة وفي حديث ابن المسيب الذي يذكر مالك عنه ان رسول الله
صلى الله عليه وسلم قضى في الجنين يقتل في بطن أمه بغرة عبد أو وليدة (وفى) حديث
مالك عن ربيعة ان الغرة تقوم خمسين دينارا أو ستمائة درهم (وقال مالك) في الغرة
التي قضى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم الحمران أحب إلي من السودان ورخص
في السودان على حال ما وصفت لك إذا كان الحمران بتلك البلدة قليلا ان يؤخذ
السودان وذكر في التقويم انه ليس كالسنة وإنما الدية في الجنين عبد أو وليدة أينما
وقعت من بلاد المسلمين وعلى من وقعت ولا يلتفت فيه إلى أهل الإبل من غيرهم
وكذلك قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغرة على أهل الإبل في الجنين ولو
كانت على أهل الإبل في الجنين إبل لكان على أهل الورق الورق وعلى أهل
الذهب الذهب ولكنها على ما قضى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال) ومما
يبين لك ذلك أن الدية إنما كانت إبلا عندما قضى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم
قضى في الأنصاري الذي قتل بخيبر فإنما وداه رسول الله صلى الله عليه وسلم بابل
وهو في المدينة وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغرة بعبد أو وليدة وهو

405
يومئذ بالمدينة
(ما جاء في الرجل يقر على نفسه بالقتل خطأ)
(وفي الجماعة يشتركون على القتل خطأ)
(قلت) أرأيت أن أقر الرجل بالقتل خطأ أتجعل في ماله في قول مالك أم على
العاقلة (قال) سألت مالكا عن الرجل يقر بالقتل خطأ فقال لي مالك أرى ان ينظر
في ذلك فإن كان الذي أقر له ممن يتهم أن يكون إنما أراد غنى ولده مثل الأخ
والصديق لم أر ان يقبل قوله وإن كان الذي أقر بقتله من الأباعد ممن لا يتهم فيه
رأيت أن يقبل قوله إذا كان ثقة مأمونا ولم يخف أن يكون أرشي على ذلك ليحابى به
أحدا (قال) فقلت لمالك فعلى من عقله (قال) على عاقلته (قال) فقلت لمالك أفبقسامة
أم بغير قسامة (قال) بل بقسامة يقسم ولاة الدم ثم يستحقون الدية قبل العاقلة (قلت)
فان أبى ولاة الدم ان يقسموا أتجعل الدية في مال هذا المقر (قال) لا ولا أرى لهم
شيئا (قال) وسئل مالك عن الرجل يضرب فيقول فلان قتلني خطأ أترى ان يقبل
قوله (قال) قال مالك نعم (قلت) والعقل على من هو أعلى القاتل في ماله أم على
عاقلته (قال) قال مالك بل ذلك على عاقلته ان اقسموا والا لم يكن لهم في مال الذي
ادعى عليه شئ فكذلك اقرار هذا بالخطأ لان الدية لا تجب في قول مالك على المقدر
باقراره إنما تجب على عاقلته ولا تثبت الا بقسامة فكذلك قال لي مالك لا شئ ة عليه
في ماله (قلت) أرأيت هذا الذي أقر بالقتل خطأ واقسم الذين أقر لهم فوجبت
الدية لهم على عاقلة هذا الذي أقر بها أتجعلها علهم في ثلاث سنين في قول مالك (قال)
نعم إذا وجبت عليهم فإنما هي في ثلاث سنين عند مالك (قلت) أرأيت أن اشترك
عشرة رجال في قتل رجل خطأ وهم من قبائل شتى أتجعل على كل قبيلة عشر الدية
في ثلاث سنين (قال) نعم كذلك قال مالك (قال) وقال مالك إذا وقع ثلث الدية
على عشرة رجال من قبائل شتى حملته عنهم عواقلهم (قال) وقال مالك وان جنى
رجل واحد أقل من الثلث لم تحمله العاقلة لان الجناية أقل من الثلث اما تحمل العاقلة

406
الجناية إذا كانت الجناية الثلث فصاعدا وقعت على واحد أو على جماعة فان العاقلة
تحمله بحال ما وصفت لك
(ما جاء في الرجلين يقران بقتل رجل عمدا أو خطأ)
(ويقولان قتله فلان معنا (3))
(قلت) أرأيت أن أقر رجلان بقتل رجل عمدا أو خطأ وقالا قتله فلان معنا (قال)
اما في العمد فلا يقبل قولهما لأنهما غير عدلين لأنهما إنما أقرا ولا تحمل العاقل اعترافا
الا بقسامة من ولاة الدم (قلت) أفيقسم ولاة الدم على الذي قال فيه قتله معنا وهو
ينكر (قال) نعم (قلت) لم (قال) لان قول هذين قتله فلان معنا لوث بينة ولو كانت
شهادة تامة لجعلتها بغير قسامة وأجزتها كلها (قلت) أرأيت أن قال ولاة الدم نحن
نقسم عليكما وندع هذا المنكر أيكون ذلك لهم (قال) لا (قلت) فان قالوا نحن نقسم
على ثلثي الدية أيكون ذلك لهم (قال) لا اعرف القسامة تكون الا في الدية كاملة
(قال سحنون) اختلف في هذه المسألة أصحابنا على قولين المخزومي وغيره قال بعضهم
لا يحمل العاقلة اعترافا ولا اقرارا وتكون الدية على المقرين في أموالهما ولا يقبل
قولهما ان فلانا قتله معنا خطأ لأنهما يريدان ان يدفعا عن أنفسهما بعض المغرم بشهادتهما
وقال بعضهم ان العاقلة تحمل الاعتراف من غير قسامة لان الدية قد ثبتت بشاهدين
(وقال المخزومي) إذا أقر رجل واحد انه قتل رجلا خطأ فإنما تكون الدية في ماله
ولا يقبل قوله إن فلانا قتله معي فإن كان مع اقراره شاهد واحد يشهد على القتل



(3) (قوله ما جاء في الرجلين يقران بقتل رجل الخ) هذا المبحث كله إلى قوله فأدركته صلاة
المغرب فاذن لنفسه ليس موجودا في النسخة المغربية أصلا ولكنه مثبت في النسخة المصرية
مذيل به باب الجراحات بدون ترجمة مع أنه ليس بينه وبين الموضع الذي هو مذكور فيه مناسبة
بالمرة فاستشرنا بعض العلماء في حذفه تبعا للنسخة المغربية أو اثباته تبعا للنسخة المصرية فأشار علينا
ان نثبته في أنسب المواضع له لما فيه من الفائدة الجليلة فأثبتناه هنا بحروفه تحت هذه الترجمة التي
اخذناها من صدر المبحث غير أنه لم يظهر لنا وجه مناسبة ذكر الأثرين المذكورين في آخره عن
ابن مهدي ولكن للحرص على الفوائد ذكرناهما فليحرر اه‍ كتبه مصححه
407
خطأ أخرجه الشاهد من الغرم والاقرار وكانت القسامة لأولياء المقتول مع الشاهد
(ابن مهدي) عن مبارك بن فضالة ان الحسن قال في قوله ولقاهم نضرة وسرورا
قال نضرة حسنا في الوجوه وسرورا في القلوب (ابن مهدي) عن مهدي بن ميمون
عن غيلان بن جرير عن مطرف بن عبد الله بن الشهير قال صلاح قلت صلاح عمل
صلاح عمل صلاح فيه موسى بن معاوية عن يوسف بن عطية عن قتادة عن أنس بن
مالك قال كنا مع رسول الله صلى لله عليه وسلم في سفر فسمع مناديا ينادى الله أكبر
الله أكبر اشهد أن لا إله إلا الله قال النبي صلى الله عليه وسلم خرج من النار
فابتدرناه فإذا هو شاب حبشي يرعى غنما له في بطن واد فأدركته صلاة المغرب فاذن
لنفسه
(ما جاء في أعور العين اليمنى يفقأ عين رجل اليمنى)
(وفي القصاص في اليد وفي الأسنان)
(قلت) أرأيت أعور العين اليمنى فقأ عين رجل اليمنى خطأكم يكون عليه (قال)
نصف الدية على عاقلته وهذا قل مالك (قلت) أرأيت أن فقأها عمدا (قال ابن
القاسم) سالت مالكا عنها فقال لي إنما هي عندي بمنزلة اليد والرجل مثلها لو أن
رجلا اقطع اليد اليمنى قطع يمين رجل أو اقطع الرجل اليمنى قطع رجل رجل اليمنى
انه لا قصاص فيه ولكنه فيه الدية في ماله (قال) فقلت لمالك فالعين مثل ذلك (قال) نعم
واليد والرجل مما لا اختلاف فيه من قوله إنه لا يقتص العين اليسرى باليمنى ولا
اليمنى باليسرى ففي الذي قال لي مالك دليل على أن العين كذلك أيضا لا يقتص عين
يمنى بيسرى ولا يسرى بيمنى والأسنان كذلك أيضا الثنية بالثنية والرباعية بالرباعية
والعليا بالعليا والسفلى بالسفلى ولا تقاد سن الا بمثلها سواء في صنفها وموضعها لا غير
ذلك ويرجع ذلك إلى العقل إذا لم يكن له مثل الذي طرح فه فيقتص له منه
(قلت) لابن القاسم فإن كأن لا قصاص فيه فكم العقل فيه وعلى من العقل (قال)
العقل خمسمائة دينار في مال هذا الأعور الجاني وهو قول مالك

408
(ما جاء في الأعور يفقأ عين الصحيح) (قال) وسألنا مالكا عن الأعور يفقأ عين الصحيح فقال لنا ان أحب الصحيح
اقتص من أحب فله دية عينه ثم رجع بعد ذلك فقال إن أحب ان يقتص اقتص
وان أحب فله دية عين الأعور ألف دينار وثله الاخر أعجب إلي وهذا إنما هو في
الأعور إذا فقأ عين رجل وعين الأعور الباقية هي مثل تلك العين تكون عين الأعور
اليمنى باقية فيفقأ عين رجل اليمنى أو تكون اليسرى باقية فيفقأ عين رجل اليسرى
واما رجل أعور العين اليمني فقأ عين رجل اليمنى فهذا لا قصاص له فيما سمعت من
مالك وفيما بلغني عنه وليس له الا دية عينه إن كان المفقوءة عينه صحيحة عينه
فخمسمائة دينار وإن كان أعور فألف دينار لأنه لا قصاص له في عين الجاني ولان دية
عين الأعور عند مالك ألف دينار (أرأيت لو أن رجلا أعمى فقأ عين رجل
عمدا أتحمله عنه العاقلة أم يكون ذلك في ماله في قول مالك (قال) ذلك في ماله عند
مالك ولا تحمله العاقلة (قلت) أرأيت ل ان رجلا ذهب سمع احدى أذنيه فضربه
رجل أفذهب سمع اذنه الأخرى أتكون عليه الدية كاملة أم نصف الدية في قول
مالك (قال) بل عليه نصف الدية في قول مالك (قال) ولا تكون الدية عند مالك في
شئ واحد مما هو زوج في الانسان الا في عين الأعور وحدها فان فيها الدية كاملة عند
مالك (قلت) فما فرق بين السمع والبصر وقد قال مالك في عين الأعور الباقية
الدية كاملة وقال في الذي قد ذهب سمع أحد أذنيه ان في سمع اذنه الباقية نصف
الدية فما فرق ما بينهما (قال) السنة التي جاءت في عين الأعور وحده ان في عينه الدية
كاملة ألف دينار وما سوى ذلك مما هو زوج في الانسان مثل اليدين والرجلين
والسمع وما أشبه هذا فان في كل واحدة نصف الدية ما ذهب منه أول وآخر
فهو سواء

409
(ما جاء في الرجل يشج موضحة خطأ أو مأمومة أو جائفة)
(قلت) أرأيت لو ضرب رجل رجلا فشجه موضحة خطأ لم قلت لا يحكم له بدية
الموضحة حتى ينظر إلى اما يصير إليه ولم قال مالك ذلك لا يقضى له بالدية الا بعد البرء
وهذا المشجوج موضحة يقول أعطني حق موضحتي فان زادت موضحتي زدتني
(قال) الا ترى أنه لو مات منها كانت الدية على عاقلته بعد القسامة عند مالك وانكم
لا تدرى على من وجبت دية الموضحة (قلت) فإن كانت مأمومة خطأ أليس
العاقلة تحمل ذلك (قال) نعم (قلت) فان قال لك أعطني عقل مأمومتي وتحملها
العاقلة فان مت منها حملت العاقلة تمام الدية (قال) لا يكون له ذلك الا ترى ان الدية
لا تجب ان مات منها الا بقسامة فلا بد ان ينتظر بالعاقلة حتى يعرف ما تصير إليه
مأمومته (قلت) أرأيت هذا المشجوج مأمومة أليس من أن مات وقد انتظرت حتى
تعرف إلى ما تصير إليه مأمومته فأبى ورثته ان يقسموا جعلت على العاقلة ثلث الدية
لمأمومته (قال) نعم (قلت) قد أوجبت في الوجهين جميعا ان مات أو عاش على العاقلة
ثلث الدية في قول مالك فلم تجيبه بذلك (قال) هذا الذي سمعت وإنما هو الاتباع
(قلت) أرأيت من قلع سن صبي خطأ (قال) قال ملك ينتظر بها فان نبتت والا كان
عليه عقل السن (قال) قال مالك ويؤخذ العقل فيوضع على يدي عدل حتى ينظر إلى
ما تصير إليه السن فان عادت لهيئتها لم يكن فيها شئ (قلات) أرأيت أن قلع رجل
ظفر رجل خطأ ما عليه في قول مالك (قال) ان برأ وعاد لهيئته فلا شئ عليه وان
برأ على عثم كان فيه الاجتهاد (قلت) فإن كان عمدا اقتص منه (قال) نعم
(قلت) أرأيت هذا الصبي الذي قلعت سنه فانتظرت به ان مات قبل أن يخرج
سنه أو مات قبل أن يثغر هل يجب عقل السن على الذي قلعها أم لا (قال) نعم قد
وجب عقلها وهو قول مالك

410
(ما جاء في رجل شج رجلا موضحة خطأ أو عمدا)
(فذهب منها سمعه وعقله)
(قلت) أرأيت أن ضرب رجل رجلا خطأ فشجه موضحة فذهب سمعه وعقله
أيكون على العاقلة ديتان ودية الموضحة أيضا في قول مالك (قال) نعم لان هذا كله
في ضربة واحدة فقد صارت جناية وفي هذه الضربة الواحدة أكثر من الثلث
فالعاقلة تحمل ذلك عند مالك الا ترى أنه لو ضرب رجل رجلا ضربة واحدة فشجه
موضحة ومأمومة ان عقل الموضحة والمأمومة جميعا على العاقلة لان هذا قد زاد على
الثلث (قلت) أرأيت أن ضربه عمدا فشجه موضحة ومأمومة في ضربة واحدة
أو ضربه عمدا فشجه موضحة فذهب منها سمعه وعقله كيف يكون هذا في قول
مالك (قال) إذا شجه موضحة ومأمومة في ضربة واحدة عمدا اقتص له من
الموضحة وعقلت العاقلة المأمومة وان ضربه ضربة فشجه موضحة فاذهب سمعه
وعقله فإنه ينتظر بالمضروب فان برأ وجب على الضارب القصاص في الموضحة إذا
اقتص منه حتى ينتظر هل يذهب منها سمعه وعقله فان برأ المقتص منه ولم يذهب
سمعه ولا عقله من ذلك كان في ماله عقل سمع الأول وعقله (قلت) ويجتمع في
قول مالك في ضربة واحدة قصاص وعقل (قال) نعم كذلك قال مالك انه يجتمع
قصاص وعقل في ضربة واحدة وذلك أن مالكا قال في الرجل يقطع إصبعه فيبرأ
فيها فتشل من ذلك يده أو إصبع أخرى انه يقتص له منه للإصبع ويستأنى بالمقتص
منه فان برأ المقتص منه لوم تشل يده عقل ذلك في ماله (وقال) لي مالك وهذا امر
قد اختلف فيه وهذا الذي استحسنت وهو أحب إلي
(ما جاء في قياس النقصان في بصر العين وسمع الاذن)
(قلت) أرأيت العينين والاذنين كيف يعرف ذهاب السمع والبصر منهما في قل
مالك (قال) قال مالك في العينين إذا أصيبت فينقص بصرها انه تغلق الصحيحة

411
وتقاس التي أصيبت بأمكنة يختبر بها فإذا اتفق قوله في تلك الأمكنة قيست تلك
الصحيحة ثم ينظركم انتقصت هذه المصابة من الصحيحة فيعقل له قدر ذلك (قال)
وقال لي مالك والسمع كذلك (قلت) وكيف يقيسون بصره (قال) سمعت انه
توضع له البيضة أو الشئ ة في مكان فان أبصرها حولت له إلى موضع اخر ثم إلى
موضع اخر ثم إلى موضع اخر فإن كان قياس ذلك سواء أو يشبه بعضه بعضا صدق
وكذلك قال لي مالك (قلت) والسمع كيف يقاس (قال) يختبر بالأمكنة أيضا
حتى يعرف صدقه من كذبه (قلت) أرأيت أن ضربه رجل ضربة فادعى المضروب
ان جميع سمعه قد ذهب أو قال قد ذهب بصرى ولا أبصر شيئا يتصامم ويتعامى
أيقبل ذلك منه (قال) لم اسمع من مالك فيه شيئا الا ان مالكا قال الظالم أحق ان
يحمل عليه فأرى إذا لم يعلم ذلك أن يكون القول قول المضروب مع يمينه
(ما جاء في الرجل يضرب رجلا ضربة خطأ)
(فقطع يده أو كفه وشل الساعد)
(قلت) أرأيت أن ضربه ضربة خطأ فقطع كفه فشل الساعد ما عليه في قل مالك
(قال) عليه دية اليد ولا شئ عليه غير ذلك لأنها ضربة واحدة فدخل الشلل والقطع
جميعا في دية اليد إذا كانت ضربة واحدة (قلت) أرأيت إذا كان من أهل الإبل
فجنى جناية لا تحملها العاقلة لأنها أقل من الثلث أفيكون على الجاني من الإبل شئ
أم لا (قال) نعم كذلك قال مالك في الإصبع ان الجناية على الجاني في ماله في الإبل
بنتا مخاض وابنتا لبون وابنا لبون وحقتان وجذعا ان (قلت) وكذلك لو جنى ما هو
أقل من بعير كان ذلك عليه في الإبل (قال) نعم عند مالك (قلت) أرأيت إذا
قتل قتيلا عدا والجاني من أهل الإبل أو من أهل الدنانير فصالحوه على أكثر من
الدية أيجوز ذلك في قول مالك (قال) قال مالك ذلك جائز على ما اصطلحوا عليه كان
ذلك بديتين أو أكثر من ذلك فهو جائز على ما اصطلحوا عليه (قلت) أرأيت أن
جنى رجل من أهل الإبل جناية خطأ فصالح عاقلته أولياء الجناية على أكثر من الف

412
دينار (قال) ان ذلك جائز ان قدموا الدنانير ولم يؤخروها كي لا تصير دينا بدن إذا
أخروها ولا أقوم على حفظ قول مالك في هذا ولكن هذا رأيي في الدين بالدين
(قلت) أرأيت أن كانت الجناية عمدا فصالحوه على مال إلى أجل (قال) هذا جائز
لان هذا ليس بمال واما كان دما وهذا رأيي (قلت) أرأيت أن جنى جناية فصالح
الذي جنى أولياء الجناية والجناية خطأ وهي مما تحمل العاقلة فقالت العاقلة لا نرضى
بهذا الصلح ولكنا نحمل ما علينا من الدية (قال) لم اسمع من مالك فيه شيئا وذلك
لهم لان الدية عليهم وجبت
(ما جاء في الرجل يقول قتلني فلان خطأ أو عمدا)
(وقالت الورثة خلاف ما قال المقتول)
(قلت) أرأيت أن قال المقتول دمى عند فلان قتلني عمدا أيكون لولاة الدم ان
يقسموا ويقتلوا في قول مالك (قال) نعم (قلت) وكذلك لو قال المقتول دمى عند
فلان قتلني خطأ فلولاة الدم ان يقسموا ويأخذوا الدية من العاقلة في قول مالك (قال)
نعم وقد سألت مالكا عن ذلك فقال لي مثل ما قلت لك (قلت) أرأيت أن قال
المقتول دمى عند فلان قتلني خطأ أو عمدا وقالت الورثة خلاف ما قال المقتول أيكون
لهم ان يقسموا على خلاف ما قال المقتول (قال) ليس لهم ان يقسموا الا على ما قال
المقتول ولم اسمعه من مالك (قلت) أرأيت ما أصاب النائم من شئ أعلى العاقلة
هو (قال) نعم إذا بلغ الثلث فهو على العاقلة عند مالك (قال) وسئل مالك عن امرأة
نامت على صبيها فقتلته (قال) قال مالك أرى ديته على العاقل وتعتق رقبة (قلت)
أرأيت أن شهد على اقرار رجل انه قتل فلانا خطأ رجل واحد وشهد عليه رجل
آخر انه قتله خطأ أيكون على المشهود عليه شئ أم لا في قول مالك (قال) سمعت
مالكا يقول في الرجل يشهد عليه الرجل الواحد انه قتل فلانا خطأ ان أولياء القتيل
يقسمون ويستحقون الدية قبل العاقلة وكذلك لو أقر انه قتل فلانا خطأ ان أولياء
المقتول يقسمون ويستحقون الدية قبل العاقلة (قلت) فان شهد رجل واحد على

413
رجل انه أقر انه قتل فلانا خطأ أيكون لولاة الدم ان يقسموا ويستحقوا الدية وإنما
شهد على اقراره رجل واحد (قال) لا يثبت ذلك من اقراره الا بشاهدين عدلين
على اقراره ويقسمون ويستحقون ولو أن رجال شهد على رجل ان لفلان عليه مالا
ولو أن رجلا شهد على رجل انه أقر ان لفلان عليه كذا وكذا ثم جحد كان للذي أقر
له بذلك أنه يحلف مع الشاهد على الاقرار ويستحق حقه وهذا عندي مخالف لدم
الخطأ وهو رأيي (قال ابن القاسم) وسمعت مالكا يقول في العبد يجرح وله مال
ان العبد مرتهن بماله في جرحه فإن كان عليه دين فدينه أولى بماله من جرحه لأنه إنما
جرحه في رقبته (قال ابن القاسم) وسمعت مالكا يقول في المدبر إذا جرح رجلا
فأسلم سيده خدمته ثم جرح اخر بعد ما أسلم سيده خدمته انهما جميعا يتحاصان في
خدمته بقدر ما بقي للأول وبقدر جراحة الثاني (قلت) أرأيت المحدود في قذف
إذ حسنت حاله أتجوز شهادته في الدماء في قول مالك (قال) قال مالك إذا حسنت
حالة المحدود في قذف جازت شهادته وارى شهادته في الدم وغير الدم جائزة لأنه لم
يردها في شئ من الأشياء حين قال إذا حسنت حاله جازت شهادته (قلت) لابن
القاسم أرأيت شهادة النساء في الجراحات الخطأ والقتل الخطأ أتجوز في قول مالك
(قال) نعم (قلت) لابن القاسم أرأيت شهادة النساء مع الرجل على منقلة عمدا أو
مأمومة عمدا أتجوز أم لا (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا وانا أراها جائزة في
رأيي لان مالكا قد أجاز شهادة المرأتين في الخطأ وهو دم الا ترى ان مآلها أن تكون
مالا إذ المأمومة والمنقلة عمدها وخطؤهما إنما هو مال ليس فيه قود
(ما جاء في الرجل يقول قتلني فلان ولم يقل خطأ ولا عمدا)
(قلت) أرأيت أن قال المقتول دمى عند فلان وقمل يقل خطأ ولا عمدا (قال) ان
قال ولاة لدم كلهم عمدا أو خطأ فالقول قولهم ويقسمون ويستحقون ما ادعوا من
ذلك فان اختلفوا فقال بعضهم عمدا وقال ببعضهم خطأ فحلفوا كلهم كانت لهم دية
الخطأ بينهم كلهم الذين ادعوا العمد والذين ادعوا الخطأ وان أبى بعضهم ان يحلف

414
ونكل عن اليمين فان نكل مدعو الخطأ وقال مدعو العمد نحن نحف على العمد
بطل دعواهم ولم يكن لهم ان يقسوا ولم يكن لهم إلى الدم سبيل ولا إلى الدية سبيل
وان قال بعضهم قتل عمدا وقال بعضهم لا علم لنا فكذلك أيضا تبطل دعواهم ولا يكن
لهم ان يقسموا وان قال بعضهم قتل خطأ وقال بعضهم لا علم لنا أو نكلوا احلف الذين
ادعوا الخطأ واخذوا نصيبهم من الدية ولم اسمع هذا من مالك الا انه رأيي (قال)
وبلغني ان مالكا قال فيمن قتل قتيلا فادعى بعض ولا ة الدم انه قتل عمدا وقال بعضهم
لا علم لنا به ولا نحلف (قال مالك) فان دمه يبطل وان قال بعضهم قتل خطأ وقال
بعضهم لا علم لنا بذلك ولا نحلف كان للذين حلفوا أنصباؤهم من الدية بايمانهم ولم سكن
للذين لم يحلفوا شيئا وان قال بعضهم قتل عمدا وقال الآخرون بل قتل خطأ وحلفوا
كلهم كان له جميع الدية ان أحب الذين ادعوا العمد اخذوا أنصباءهم فاما القتل فلا
سبيل لهم إليه وهذا رأيي والذي بلغني (قلت) فما قول مالك إذا ادعى بعض ولاة
الدم الخطأ وقال بعضهم لا علم لنا لم قتله فحلف الذين ادعوا الخطأ فاخذوا حظوظهم
من الدية ثم أراد هؤلاء الذين قالوا لا علم لنا لمن قتله ان يحلفوا ويأخذوا حظوظهم
أيكون ذلك لهم (قال مالك) إذا نكل مدعو الدم عن اليمين وأبوا ان يحلفوا وردوا
الايمان على المدعى عليهم ثم أرادوا ان يحلفوا بعد ذلك لم يكن ذلك لهم فأرى انه
ليس لهم ان يحلفوا إذا عرضت عليهم الايمان فأبوها (قال) وكذلك قال لي مالك في
الحقوق إذا شهد له شاهد فأبى ان يحلف مع شاهده ورد اليمين على المدعى عليه ثم
أراد أن يحلف بعد ذلك ويأخذ لم يكن ذلك له (قلت) أرأيت إذا أقمت شاهدا
واحدا وأبيت ان احلف معه ورددت اليمين على الذي ادعيت قبله فنكل عن اليمين
ماذا يكون عليه عند مالك (قال) عليه ان يحلف عندم مالك أو يغرم (قلت) ولا
يرد اليمين على الذي أقام شاهدا واحدا (قال) لا لأنه إذا ردت اليمين على المدعى
عليه لم يرجع اليمين على المدعى بعد ذلك ابدا أيضا

415
(ما جاء في قسامة الوارث الواحد في القتل عمدا أو خطأ)
(قلت) والقسامة في هذا والدين سواء في رد اليمين في قول مالك (قال) نعم هو
سواء عند مالك (قلت) أرأيت إن لم يكن للمقتول الا وارث واحد أيحلف هذا
الوارث وحده خمسين يمينا ويستحق الدية أو القتل ان ادعى العمد في قول مالك
(قال) قال مالك اما في الخطأ فإنه يحلف خمسين يمينا ويستحق الدية كلها فاما العمد
فلا يقتل الا بقسامة قسامة رجلين فصاعدا فان نكل واحد من ولاة الدم الذين يجوز
عفوهم ان عفوا فلا سبيل إلى العتل وان كانوا أكثر من اثنين وإن كان ولاة الدم
رجلين فنكل أحدهما فلا سبيل إلى الدم (قلت) أرأيت إن لم يكن للمقتول الا
ولى واحد فادعى الدم عمدا ما يصنع به في قول مالك (قال) ان حلف معه أحد من
ولاة المقتول وإن لم يكونوا في العدد مثل هذا وإن لم يحلف معه أحد من ولاة
المقتول فان الايمان ترد على المدعى عليه فإذا حلف خمسين يمينا بطل عنه ما ادعى عليهم
من الدم (قلت) فان نكل هذا المدعى عليه عن اليمين أيقتل في قول مالك أم لا
(قال) لم اسمع من مالك فيه شيئا الا ان مالكا قال لي إذا جرح الرجل رجلا عمدا
فأتى المجروح بشاهد على جرحه حلف واقتص فان نكل عن اليمين قيل للجارح
احلف وابرأ فإن لم يحلف حبس حتى يحلف وكذلك القتل عندي (قال) وقال
مالك في التهم بالدم إذا ردت اليمين عليه لا انه لا يبرأ دون ان يحلف خمسين يمينا فأرى
ان يحبس حتى يحلف خمسين يمينا
(ما جاء في الرجل يقيم شاهدا واحدا على جرح عمدا)
(قلت) أرأيت الذي أقام شاهدا واحدا على جرحه عمدا وأراد القصاص وأقام
شاهدا واحدا على جرحه خطأ وأراد العقل كم يحلف مع شاهده أيمينا واحدا أم
خمسين يمينا في قول مالك (قال) يمينا واحدة عند مالك وإنما تكون خمسين يمينا في
النفس وليس في الجراحات خمسون يمينا عند مالك إنما ذلك في الدم (قال) وقال
لي مالك ليس في شئ من الجراحات قسامة (قيل) لابن القاسم لم أجاز مالك شهادة

416
رجل واحد في جراحات العمد مع يمين الطاب وليس الجراحات عمدا بمال وقد قال
مالك لا تجوز شهادة الرجل الواحد مع يمين الطالب الا في الأموال لا تجوز في فرية
وقد قال مالك في الدم إذا كان ولى الدم واحدا وأقام شاهدا واحدا لم يكن له ان
يقسم مع شاهده (قلت) فلم قال مالك ذلك في جراحات العمد وما حجته في ذلك
(قال) كلمته في ذلك فقال إنه لامر ما سمعت فيه شيئا من أحد ممن مضى وإنما
هو شئ استحسناه (قلت) فلم قال مالك في الدم العمد لا يقسم أقل من رجلين
(قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا إلا أنه قال هو الامر المجتمع عليه ولا أراه اخذه
الا من قبل الشهادة لأنه لا يقتل أحد الا بشاهدين
(ما جاء في الرجل يقتل وله وليان أحدهما كبير والاخر صغير)
(قلت) أرأيت أن كان لهذا المقتول ولى رجل كبير وله ولي اخر صبي صغير فأراد
الرجل ان يحلف وقال إنا احلف وانتظر حتى يكبر الصبي فيحلف فيستحق الدم
جميعا (قال) سالت مالكا عن الرجل يقتل وله ولد صغار كف ترى في امره أينتظر
بالقاتل إلى أن يكبر ولده (قال) إذا بطل الدماء ولكن ذلك إلى أولياء المقتول
ينظرون في ذلك فان أحبوا القتل قتلوا وان أرادوا العفو فإنه بلغني عن مالك ان
ذلك لا يجوز لهم الا بالدية ولا يجوز عفوهم بغير دية لان ولاة الدم هؤلاء الصغار
دونهم فكذلك أن كانوا اثنين صغارا أو كبارا فقال الكبار نحن نقسم ونقتل ولا ينتظر
الصغار (قال مالك) إن كان الكبار اثنين فصاعدا فذلك لهم لان الصغار منهم ليسوا
بمنزلة من نكل عن اليمين وان استؤني به إلي ان يكبر الصغار بطلت الدماء (قال
مالك) فلهؤلاء الكبار ان يحلفوا ويقتلوا وان عفا هؤلاء الأكابر بعدما استحقوا الدم
جاز عفوهم على أنفسهم وكان للباقين الأصاغر حظوظهم من الدية ومن لم يعف من الأكابر
فلهم نصيبهم في ما سألتك (قال) فأرى إذا كان كبيرا أو صغيرا فأراد الكبير ان يحلف
ووجد أحد من ولاة الدم يحلف معه وإن لم يكن ممن له العفو حلف معه وقتل ولم
يستأن بالصغير أن يكبر فإن لم يجد أحدا يحلف معه حلف خمسة وعشرين يمينا وانتظر

417
الصغير حتى يكبر فإذا بلغ حلف خمسة وعشرين يمينا ثم استحق الدم (قلت) وإنما
يحلف ولاة الدم في الخطأ على قدر مواريثهم من الميت في قول مالك (قال) نعم
(قلت) فهل يقسم النساء في قتل العمد في قول مالك (قال) لا (قلت) فهل
يقسم النساء في القتل الخطأ في قول مالك (قال) نعم (قلت) فلو كان القتل خطأ
ولم يدع الميت الا بنتا وليست له عصبة (قال) قال مالك تحلف هذه البنت خمسين يمينا
ثم تأخذ نصف الدية ان جاءت وحدها وان جاءت مع عصبة حلفت خمسة وعشرين
يمينا واخذت نصف الدية إذا حالفت العصبة خمسة وعشرين يمينا وان نكل العصبة
عن اليمين لم تأخذ نصف الدية حتى تحلف خمسين يمينا وهذا قول مالك
(قلت) ولم استحلفها مالك هاهنا خمسين يمينا وإنما لها نصف الدية (قال) لأنها
لا تستحق الدم بأقل من خمسين يمينا (قلت) فلو كان للمقتول بنت حاضرة
وابن بالمغرب فقالت البنت انا احلف وآخذ حقي كم تحلف (قال) تحلف خمسين يمينا
ثم تأخذ ثلث الدية فإذا قدم الاخذ الغائب حلف ثلثي الايمان واخذ ثلثي الدية وهو
قول مالك (قلت) ومن رقع في حظه كسر يمين جبرت عليه اليمين في قول مالك
(قال) قال مالك تجبر اليمين على الذي يصيبه من هذه اليمين أكثرها إن كان
نصيب أحدهم من هذه اليمين السدس ونصيب الاخر منها الثلث ونصيب الاخر
منها النصف حملها صاحب النصف لأنه أكثرهم حظا في هذه اليمين فتجبر عليه
(ما جاء في عفو الجدود دون الاخوة عن دم العمد)
(قلت) أرأيت أن كان للمقتول أخ وجد وأتوا بلوث من بينة وادعوا الدم عمدا
أو خطأ (قال) يحلفون ويستحقون لان مالكا قال ولاة الدم يحلفون فهؤلاء ولاة
الدم (قلت) فإن كانوا عشرة اخوة وجدا والدم خطأ احلف الجد ثلث الايمان
وفرق ثلثا الايمان على الاخوة في قول مالك (قال) نعم (قلت) فان عفا الجد عن
القتيل دون الاخوة (قال) أرى عفوه جائزا واراه بمنزلة الأخ لأنه أخ مع الاخوة
(قلت) أرأيت أن كان للمقتول ورثة بنون وبنات فاقسم البنون على العمد أيكون

418
للبنات هاهنا عفو (قال مالك) لا عفو لهن ولا يقسمن (قلت) فإن كان للمقتول
ابنان وابنة فاقسم الابنان فاستحقا الدم ثم عفا أحدهما ما يكون للابن الذي لم يعف
وللابنة (قال) للابن الذي لم يعف خمسا الدية وللبنت خمس الدية ويسقط خمسا
الدية حق الذي عفا إلا أن يكون عفا على الدية فان عفا على أن يأخذ الدية كان ذلك
له وكذلك قال مالك في الذي يقتل عمدا وله ورثة بنون رجال ونساء ان النساء ليس
لهن من العفو قليل ولا كثير فان عفا الرجال على أن يأخذوا الدية فهي موروثة على
فرائض الله يدخل في ذلك ورثة المقتول رجالهم ونساءهم وكذلك القسامة أيضا
والقتل عمدا ببينة تقوم سواء إذا استحقوا الدم فليس للنساء عفو فان عفا واحد ممن
يجوز عفوه من الرجال صارما بقي من الدية موروثا على فرائض الله يدخل في ذلك
النساء وإنما قال لي مالك إذا عفا الرجال كلهم وقبلوا الدية دخل في ذلك النساء وانا
أرى إذا عفا واحد منهم فهو بمنزلة عفوهم كلهم (قلت) وتدخل امرأته في الدية
إذا وقع العفو في قول مالك واخوته لامه (قال) نعم لان مالكا قال إذا وقع العفو
وقبلوا الدية فقد صال ما بقي من الدية موروثة على فرائض الله ويقضي منها دينه
(قلت) أرأيت أن عفا الرجال من غير أن يشترطوا الدية أيكون للنساء
حظوظهن من الدية أم لا (قال) لا الا ان يعفو بعض الرجال ويبقى بعضهم فان بقي
بعضهم كان للنساء مع من بقي نصيبهن من الدية فان عفا الرجال كلهم لم يكن للنساء
فيه دية وهذا الذي سمعت فيه وهو الذي فسرت لك في هذه المسألة كلها في البنين
والبنات والاخوة والأخوات واما إذا كان بنات وعصبة أو أخوات وعصبة فإنه
لا عفو للبنات ولا للأخوات الا بالعصبة ولا عفو للعصبة الا بالبنات ولا للأخوات
الا ان يعفو بعض البنات وبعض العصبة فيقضي لمن بقي من البنات والعصبة بالدية
وكذلك الأخوات والعصبة وهذا الذي سمعته واستحسنته (قلت) أرأيت دم
العمد هل تجوز فيه الشهادة على الشهادة (قال) قال مالك الشهادة على الشهادة تجوز في
الحدود والقتل عندي حد من الحدود (قلت) أرأيت الشاهد الواحد إذا شهد

419
لرجل على دم عمد أو دم خطأ أيكون فيه قسامة أم يحلف ولاة الدم مع شاهدهم يمينا
واحدا ويستحقون (قال) بل تكون فيه القسامة كذلك قال مالك (قلت) أرأيت أن
شهد شاهد على القتل خطأ أو عمدا أتحبس هذا المشهود عليه حتى تسأل عنه
(قال) اما في الخطأ فلا يحبس لأنه إنما تجب الدية على العاقلة واما في العمد فإنه يحبسه
حتى يسأل عن الشاهد فإذا زكى كانت القاسمة وما لم يزك لم تكن فيه قسامة (قلت)
وهذا قول مالك (قال) قال لي مالك لا يقسم الا مع الشاهد العدل ولا كفالة في
القصاص ولا في الحدود (قلت) أرأيت القتل خطأ هل فيه تعزير وحبس في قول
مالك (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا علمت أن أحدا يعزر في الخطأ أو
يحبس فيه وارى انه ليس عليه حبس ولا تعزير
(ما جاء في القتيل يوجد في دار قوم أو في محلة قوم)
(أو في أرضهم أو في فلوات المسلمين)
(قلت) أرأيت القتيل إذا وجد في دار قوم أو في محلة قوم أو ارض قوم أتكون
فيه القسامة أم لا (قال) لا (قلت) أرأيت أن وجد قتيل في ارض المسلمين أو
في فلوات المسلمين لا يدرى من قتله أتكون ديته على المسلمين في بيت مالهم أم لا
(قال) الذي قال مالك في كتابه الموطأ انه لا يؤخذ به أحد إذا وجد في قرية قوم
أو دارهم فإذا قال مالك لا يؤخذ به أحد فأراه قد أبطله ولم أوقفه عليه وذلك رأيي
انه يبطل ولا يكون في بيت المال ولا على أحد (قلت) فالحديث الذي جاء لا يبطل
دم المسلم (قال) لم اسمع من مالك في هذا شيئا
(ما جاء في المسخوط يقول دمى عند فلان)
(قلت) أرأيت أن كان المقتول مسخوطا فقال دمى عند فلان أيقبل قوله أم لا ويكون
فيه القسامة أم لا في قول مالك (قال) قال مالك فيه القسامة إذا قال المقتول دمى
عند فلان ولم يذكر لنا مالك مسخوطا من غير مسخوط ولكن قال ذلك لنا مجملا

420
فأرى ان المسخوط وغير المسخوط في ذلك سواء وهذا الذي سمعت من قوله
(قلت) فما فرق ما بين الشاهد إذا كان مسخوطا وبين المقتول (قال) لان المقتول
لا يتهم (قلت) أرأيت أن كانت امرأة فقالت دمى عند فلان (قال) قال ملك
المراء والرجل في هذا سواء وتكون القسامة في هذا في العمد والخطأ (قال ابن
القاسم) وهذا أيضا مما يدلك على الفرق بين الشاهد إذا كان مسخوطا وبين المقتول
إذا كان مسخوطا وتكون القسامة في هذا في العمد والخطأ وقد جعل مالك الورثة
يقسمون بقول المرأة والمرأة ليست بتامة الشهادة ولا يقسم مع شهادتها في عمد الا
ترى ان المسخوط يأتي بشاهد على حقه فيحلف مع شاهده ولو أتى بشاهد مسخوط
لم يحلف معه ولم يثبت له شئ وكذلك الدم (قلت) أرأيت أن قتل صبي فقال دمى
عند فلان (قال) سمعت مالكا وانا عنده وأتاه قوم فقالوا ان صبيين كان بينهما
قتال فقتل أحدهما صاحبه فأتى بالمقتول فقالوا من بك فقال فلان للصبي الذي كان
معه وشهد على قول الصبي المقتول رجال عدوا فأقر الصبي القاتل انه فعل ذلك
به فقال مالك لا أرى ان يؤخذ بقول الصبي الميت ولا باقرار الصبي الحي القاتل ولا
يجوز في ذلك الا رجلا ن عدلان على أنه قتله (قلت) لمالك ولا تكون في هذا
قسامة (قال) لا (قلت) فما فرق ما بين الصبي والمرأة والمسخوط وقد قلت إن
مالكا قال في المرأة والمسخوط إذا قالا دمنا عند فلان ان في ذلك القسامة وقلت لي
في الصبي ان مالكا قال لا قسامة فيه (قال) لان الصبي في قول مالك إذا أقام شاهدا
واحدا على حقه لم يحلف مع شاهده ولو أن امرأة أو مسخوطا أقاما شاهدا واحدا
على حقهما حلفا مع شاهدهما عند مالك وثبت حقهما فهذا فرق ما بينهما (قلت) فلو أن
نصرانيا أقام شاهدا واحدا له على حق له أيحلف مع شاهده في قول مالك
ويستحق حقه في قول مالك (قال) نعم (قلت) وكذلك العبد (قال) نعم (قلت)
وهذا قول مالك (قال) نعم

421
(ما جاء في النصراني يقول دمى عند فلان)
(قلت) أرأيت أن قتل هذا النصراني فقال دمى عند فلان أتكون فيه القسامة
أم لا في قول مالك (قال) قال مالك لا يقسم النصراني ولا يقسم الا المسلمون ولا
يكون مع قوله قسامة ولا سكون ذلك الا بشاهد على القتل فيحلفون معه يمينا يمينا
لأنه لا يقسم مع النصراني فكذلك لا يحلف مع قوله فهذا فرق ما بين النصراني
والمسلم أو شاهدين فيستحقان الدية بلا ايمان هذا في العمد والخطأ (قلت) أرأيت أن
قال المقتول دمي عند فلان قصد بدمه قصد رجل هو أورع أهل البلاد ممن
لا يتهم في الدماء ولا غير ذلك وليس بمتهم في شئ من الشر (قال) لم اسمع ملكا
يحاشى أحدا من أحد وارى انه مصدق في كل ما ادعي عليه ويقسم مع قوله وذلك
رأيي (قلت) أرأيت أن قصد بدمه قصد صبي أيكون لورثته ان يقسموا ويأخذوا
الدية من عاقلة الصبي (قال) نعم (قلت) أرأيت من قصد بدمه قصد ذمي أو ذمية
أو عبد أو أمة أيكون لورثته ان يقسموا ويقتلوا وان ادعوا الخطأ اقسموا وقيل للسيد
ادفع أو افد وقيل لأهل جزية هذا الذمي احملوا عقل هذا الرجل (قال) نعم وهو رأيي
(ما جاء في ابن الملاعنة يقول دمى عند فلان)
(قلت) أرأيت ابن الملاعنة إذا قال دمى عند فلان كيف يصنع به (قال) ان كانت
أمه من الموالي فلموالي أمه ان يقسموا ويستحقوا الدم إن كان عمدا أو الدية إن كان
خطأ وهو رأيي (قلت) فإن كانت أمه من العرب (قال) هو عندي بمنزلة من لا
عصبة له ولا ولاء لأنه إذا كان من العرب لا يرثه أحد الا أمه واخوته لامه إذا لم يكن
له ولد ولا ولد ولد ويكون ما بقي لبيت المال وهذا بمنزلة من لا وارث له من الرجال
ولا عصبة له وماله لبيت المال فسبيل ابن الملاعنة وهذا واحد وما سمعت ذلك الا
اني أرى أن لا يقتل الا ببينة ولا يكون في هذا قسامة في عمد وإن كان خطأ أقسمت
أمه واخوته لامه وأخواته واخذوا حقوقهم من الدية واما اخوة ابن الملاعنة لامه

422
فليس لهم من الدم في العمد شئ (قلت) أرأيت أن قتل ابن الملاعنة عمدا ببينة
قامت أيكون لامه ان تقتل قاتله في قول مالك (قال) سمعت مالكا وسئل عن رجل
قتل وله أم وعصبة فصالحوا العصبة وأبت الأم الا ان تقتل (قال مالك) ذلك لها
(فقيل) لمالك فإنها قد ماتت (قال) فورثتها على ما كان لها من القتل ان شاؤوا قتلوا
وان شاؤوا عفوا وكذلك ابن الملاعنة
(ما جاء في تقسيم اليمين في القسامة)
(قلت) أرأيت أن شهد شاهدان على رجل بالقتل أتكون في هذا قسامة في
قول مالك (قال) لا (قلت) لابن القاسم وكيف يقسم الورثة في قول مالك (قال)
يحلفون بالله الذي لا إله إلا هو ان فلانا فتله أو لمات من ضربه إن كان بعد ضربه
حيا (قلت) ولا يذكر مالك في ايمانهم الرحمن الرحيم (قال) نعم لا يرى ملك
في الايمان كلها الا بالله الذي لا إله إلا هو ولا يبلغ بالحالف أكثر من هذا لا يقال
له الرحمن الرحيم وذلك أن أرى ان المدنيين يحلفون عند المنبر فما يزيدون على ما أخبرتك
عن مالك فسألنا مالكا عن ذلك فقال الذي أخبرتك عنه (قلت) أرأيت القسامة
أعلى البتة أم على العلم في قول ملك (قال) على البتة (قلت) أرأيت أن كان بعض
الورثة غيبا يوم قتل هذا القتيل بأرض إفريقية فأتى بعد ذلك أيقسم على البتة في قول
مالك (قال) نعم (قلت) أرأيت أن كان المقتول مسخوطا فقال دمى عند فلان
وورثة المقتول كلهم مسخوطون أيكون لهم ن يقسوا ويقتلوا إن كان عمدا وإن كان
خطأ أقسموا واخذوا الدية في قول مالك (قال) نعم ذلك لهم وهذا خلاف الشهادة
لا يقسم الا مع الشاهد العدل عند مالك ولا يقسم مع الشاهد المسخوط (قلت)
أرأيت الأعمى أيكون له ان يقسم في قول مالك (قال) نعم (قلت) أرأيت ما وجب
على العاقلة من الدية إنما هو على الرجال ليس على الناس ولا على الذرية من ذلك شئ
عند مالك (قال) نعم لا شئ على الذرية ولا على النساء في قول مالك (قلت)
أرأيت الدية إذا حملتها العاقلة قد كم يؤخذ من الرجل (قال) قد أخبرتك ان مالكا

423
لم يحد لنا في هذا حدا (قال) ولكن الغنى على قدره ومن دونه على قدره وقد كان
يحمل على الناس في أعطياتهم من كل مائة درهم درهم ونصف
(ما جاء في القسامة على الجماعة في العمد)
(قلت) أرأيت أن ادعوا الدم على جماعة رجال ونساء (قال) قال مالك إذا ادعوا
الدم على جماعة اقسموا على واحد مهم وقتلوا إذا كان لهم لوث من بينة أو تكلم
بذلك المقتول أو قامت البينة على أنهم ضربوه ثم عاش بعد ذلك ثم مات (قلت)
فللورثة ان يقسموا على أيهم شاؤوا ويقتلوه (قال) نعم عند مالك (قلت) فان ادعوا
الخطأ وجاؤا بلوث من بينة على جماعة اقسم الورثة عليهم كلهم بالله الذي لا إله إلا هو
انهم قتلوه ثم تفرق الدية على قبائلهم في ثلاث سنين (قال) نعم وكذلك سألت مالكا فقال لي
مثل ما قلت لك وقال لي مالك ولا يشبه هذا العمد (قلت) أرأيت اللوث من البينة
اي شئ هو أيكون العبد أم أم الولد أم المولى أم الرجل المسخوط أم المرأة لوثة بينة
(قال) قد قال مالك اللوث من البينة الشاهد الواحد إذا كان عدلا الذي ترى أنه كان
حاضرا الامر (قتل) أرأيت أن قال دمى عند فلان وفلان عبد أيقسمون ويستحقون
دمع في قول مالك (قال) نعم فإن كان عمدا كان لهم ان يقتلونه وان استحيوه خير سيده
فإن شاء فداه بالدية وان شاء أسلمه (قال ابن القاسم) قال مالك في العبد إذا أصيب عمدا
أو خطأ فجاء سيده بشاهد واحد حلف مع شاهده يمينا واحدة وكان له ثمن عبده إن كان
الذي أصاب عبده حرا لان العبد مال من الأموال وإن كان الذي اصابه مملوكا
خير سيد العبد القاتل فإن شاء ان يسلم عبده أسلمه وان شاء ان يخرج ثمن العبد المقتول
ويمسك عبده فذلك فان أسلمه فليس على العبد أن يقتل لأنه لا يقتل بشهادة رجل واحد
لأنه ليس في العبيد قامة إذا قتلوا في عمد ولا خطأ ولم أسمع أحد من أهل العلم
قال ذلك (قلت) فان قتل عبد عبدا عمدا أو خطأ لم يكن لصاحب العبد المقتول أن
يحلف ويستحق بقسامة الا بينة عادلة أو بشاهد واحد فيحلف مع شاهده
يمينا واحدة ويستحق العبد القاتل (قال مالك) في العبد يقتل الحر فيأتي ولاة الحر

424
بشاهد واحد يشهد أن العبد قتله (قال) قال مالك ان شاء ولاة الحر المقتول
يحلفون خمسين يمينا ويستحقون دم صاحبهم فذلك لهم فإذا حلفوا خمسين يمينا أسلم
العبد إليهم فان شاؤوا قتلوه وان شاؤوا استحيوه (قال) ولا يحب لهم العبد حتى يحلفوا
خمسين يمينا فان قالوا الحر يحلف يمينا واحدة ونأخذ العبد فنستحييه فليس ذلك لهم
دون ان يحلفوا خمسين يمينا ولأنه لا يستحق دم الحد الا ببينة عادلة أو بشاهد فيحلف
ولاة الحر المقتول خمسين يمينا مع شاهده (قتل) أرأيت أن قال المقتول دمى
عند فلان وشهد شاهد على أنه قتله أيجتزئ ولاة الدم بهذا في قول مالك (قال) لا
ولكن فيه القسامة عندي
(ما جاء في امرأة ضربت فقالت دمى عند فلان)
(فخرج جنينها ميتا)
(قلت) أرأيت أن ضربت امرأة فقالت دمى عند فلان فخرج جنينها ميتا ما القول
في ذلك (قال) في المرأة القسامة وليس في الجنين شئ الا ببينة تثبت لان مالكا قال
ليس في الجراح قسامة والجنين جرح من جراحها فلا يثبت الا ببينة أو بشاهد عدل
فيحلف ولاته معه يمينا واحدة ويستحقون الدية (قال) وقال لي مالك وليس فيمن
قتل بين الصفين قسامة (قلت) أرأيت أن قالت امرأة دمى عند فلان فخرج
جنينها حيا فاستهل صارخا ثم مات أتكون فيه القسامة وفي أمه (قال اما في أمه ففي
أمه القسامة عند مالك واما الولد فما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أرى في الولد
قسامة لأنها لو قالت قتلني وقتل فلانا معي لم يكن في فلان قسامة وكان فيها هي القسامة
وكذلك لو قالت وهي حية ضربني فلان فألقت جنينها فاستهل صارخا ثم مات
وعاشت الأم لم يكن فيه قسامة وكذلك لو قالت وهي حية قتل ابني لم يقبل قولها ولم
يكن في ابنها القسامة (قلت) أرأيت أن قال أمي عند أبي (قال) لم اسمع من مالك
فيه شيئا الا ان مالكا قال إذا قال دمى عند فلان كانت فيه القسامة مجملا ولم يذكر لنا
مالك الأب في ذلك فأرى ان يقبل قوله وتكون فيه القسامة فان اقسموا كانت

425
فيه الدية فإن كان خطأ كانت على العاقلة وإن كان عمدا كان ذلك في ماله (قلت)
أرأيت أن حلف الورثة في القسامة في العمد وهم رجال عدد فأكذب واحد منهم
نفسه بعد ما حلف واستحق الدم ما يصنع في ذلك (قال) لم اسمع من مالك فيه شيئا
واراه إذا أكذب نفسه قبل أن يقتلوه بمنزلة من إذا عرضت عليه اليمين فأباها فلا
يقتل إذا أكذب نفسه أحد من الورثة بعد اليمين إذا كان ممن لو أبى اليمين لم يقتل
المدعى قبله الدم
(ما جاء في الرجل يقتل الرجل بالحجر أو بالعصى)
(قلت) أرأيت أن قتلت رجلا بحجر بم تقتلني (قال) قال لي ملك يقتل بالحجر
(قلت) فان قتلني بعصا (قال) قال مالك اقتله بالعصا (قلت) أرأيت أن خنقه
حتى قتله أتقتله خنقا (قال) نعم عند مالك (قلت) فان غرقه (قال) أغرقه أيضا في
قول مالك (قال) وقال مالك اقتله بمثل ما قتل به (قلت) أرأيت أن ضربه
عصاوين فماتت منهما فضربت القاتل عصاوين فلم يمت مهما (قال) اضربه ابدا بالعصى
حتى يموت لأنه إنما قتله بالعصى (قلت) وليس في هذا عدد (قال) ليس في هذا
عدد (قلت) وهذا قول مالك (قال) قال مالك يقتل بالعصى كما قتل بالعصى ولم
يذكر العدد (قلت) أرأيت أن قطع يده ثم رجله ثم قطع عنقه أتقع يديه ورجليه
وتضرب عنقه في قول ملك (قال) لا ولكن يضرب عنقه ولا يقطع يداه ولا
رجلاه (قلت) لم قلت هاهنا هكذا وقد قال مالك يقتل بالقتلة التي قتل بها (قال)
لان مالكا قال كل قصاص يكون عليه فان القتل يأتي على ذلك كله (قلت)
أرأيت أن كتفته وطرحته في نهر وغرق أتكتفني وتطرحني في النهر كما طرحته
(قال) نعم (قلت) وهذا قول مالك (قال) هذا رأيي
(ما جاء في دم العمد إذا صالحوا عليه)
(قلت) أرأيت أولياء الدم العمد إذا صالحوا على أكثر من الدية أيجوز ذلك لهم

426
في قول مالك (قال) نعم (قلت) فان رضى أولياء العمد بالدية أيكون ذلك على
العاقلة أو في مال القاتل (قال) بل في مال القاتل عند مالك (قلت) أرأيت المرأة
إذا قتلها الرجل عمدا أيقتل بها الرجل في قول مالك (قال) نعم (قلت) فان قطع
يدها عمدا قطعت يده (قال) نعم في قول مالك (قلت) وتقتص المرأة من الرجل
والرجل من المرأة (قال) نعم
(ما جاء في النفر إذا اجتمعوا على قتل امرأة)
(قلت) أرأيت النفر إذا اجتمعوا على قتل امرأة أيقتلون بها في قول مالك (قال)
نعم (قلت) وكذلك لو اجتمعوا في قتل صبي أو صبية عمدا أيقتلون بذلك (قال)
نعم (قلت) وكذلك أن اجتمعوا على قتل عبد أو نصراني قتل غيلة قتلوا به في قول
مالك (قال) نعم (قلت) رأيت الحر يقتل المملوك عمدا أيكون بينهما القصاص في
قول مالك (قال) لا (قلت) أرأيت المسلم أيقتل بالكافر إذا قتله عمدا في قول
مالك (قال) لا (قلت) ولا قصاص بينهما في الجراحات (قال) نعم لا قصاص بينهما
في الجراحات ولا في النفس الا ان يقتله قتل غيلة (قلت) فان قطع يديه أو رجليه
غيلة (قال) هذا لص يحكم عليه السلطان بحكم المحارب ان رأى أن يقتله قتله وقد بينت
لك ذلك في كتاب السرقة (قلت) أرأيت المسلم إذا قتل الكافر عمدا أيضرب
في قول مالك مائة جلدة ويحبس عاما (قال) نعم
(ما جاء في النفر من المسلمين يقتلون رجلا من أهل الذمة)
(قلت) أرأيت أن اجتمع نفر من المسلمين فقتلوا رجلا من أهل الذمة خطأ أتحمل
الدية على عواقلهم في قول مالك (قال) قال مالك إذا قتل رجل من المسلمين رجلا من
أهل الذمة خطأ كانت الدية على عاقلته (قلت) وكذلك أيضا إذا كانوا جماعة
كانت الدية على عواقلهم (قال) نعم (قلت) أرأيت إذا جرح رجل مسلم رجلا
من أهل الذمة فقطع يديه ورجليه عمدا أتجعل ذلك على عاقلة الرجل المسلم أم تجعل

427
ذلك في ماله (قال) بل في ماله (قلت) لم جعلت هذا في مال الجاني ولم لا تجعله على
العاقلة وقد قلت لي في المأمومة والجائفة عن مالك ان العاقلة تحمل ذلك إذا كانت بين
المسلمين لأنها حين وقعت وقعت ولا قصاص فيه فهذا أيضا وقع حين وقع ولا قصاص
بينهما فلم لا تجعل هذا على العاقلة أرأيت أن أصاب هذه المسلم هذا المسلم هذا الدم بمأمومة عمدا
أتجعلها على العاقلة أيضا أم لا والمأمومة ثلث الدية دية النصارى وقد قلت إنما ينظر إلى
المجروح والجارح فيهما بلغت الجناية ثلث ديته حملتها العاقلة (قال) المأمومة والجائفة
لم يكن ذلك عند مالك بالأمر البين كالسنة ان كالسنة ان العاقلة لا تحمل عمد ذلك ولكنه
استحسنه (قال ابن القاسم) وقد اجتمع امر الناس ان العاقلة لا تحمل العمد (قال)
فاما المأمومة والجائفة فقد قال مالك فيهم ما قلا وقد كان مالك أكثر دهره يقول
فيهما انهما في ماله إن كان له مال وإن لم يكن له مال حملت ذلك العاقلة ويقول إنما
رأيت ذلك لئلا يبطل حرجه لأنه لا قود فيه فلما كان هذ الجاني عديما وكانت الجناية
لا قود فيها حملها على العاقلة ثم رجع فجعلها على العاقلة بضعف (قال) وقال مالك
آخر ما كلمته فيها ما هو عندي بالأمر البين انه على العاقلة فأرى مسائلك هذه كلها
في جراحة المسلم النصراني أو في ونفسه ان ذلك فسي ماله الا في مأمومته وجائفته فذلك
على العاقلة في رأيي (قلت) أرأيت العبيد هل بينهم القصاص في النفس وفيما دون
النفس عند مالك في جراحاتهم (قلت) والذكر والأنثى معهم بينهم القصاص في
النفس وفيما دون النفس في قول مالك سواء (قال) نعم (قلت) أرأيت أن قال
سيد العبد المقتول إذا كان القتل عمدا انا أستحييه على أن اخذه (قال مالك) إذا استحياه
على أن يأخذه كان ذلك له وقيل لولى العبد القاتل ادفع عبدك وافده بقيمة العبد
المقتول (قلت) فإن كان المقتول حرا فقال وليه انا أستحييه على أن اخذه (قال)
يقال لسيد العبد القاتل ادفع عبدك أو افده بالدية (قلت) أرأيت لو أن نفرا
اجتمعوا على قتل رجل فقطعوا يده عمدا أيقتص له من جميعهم وتقطع أيديهم في
قول مالك (قال) نعم قال مالك يقتص من جميعهم وتقطع أيديهم بمنزلة القتل إذا

428
اجتمعوا على قتل رجل قتلوا به جميعا (قلت) أرأيت العينين بهذه المنزلة (قال) نعم
(قلت) أرأيت أن قطع من نصف الساعد عمدا أيقتص منه في قول مالك (قال)
نعم لان مالكا يرى القصاص في العظام الا في الفخذ وما وصفت لك مما يخاف
عليه فيه
(ما جاء في قود من طع بضعة من رجل)
(وفي القود من اللطمة أو السوط)
(قلت) أرأيت أن قطع بضعة من لحمه أيقتص منه (قال) نعم (قلت) أرأيت
الضربة بالسوط أو اللطمة هل فيهما قود في قول مالك (قال سحنون) كل مالا
يدمى فلا يقتص منه (قال) وأخبرني علي بن زياد عن مالك أنه قال ليس في
اللطمة والسوط قود وهو أيضا قول اشهب (قال) وقال مالك اللطمة لا قود
فيها (قال) وما أقوم على حفظ قول مالك في السوط وارى فيه القود (قلت)
أرأيت شهادة الصبيان على الجنايات أتجوز في قول مالك (قال) نعم ما لم يفترقوا
فيما بينهم ولا تجوز على غيرهم من الكبار (قلت) أرأيت أن كانوا ثلاثة فجرح
أحدهم صاحبه فشهد الباقي على ذلك قبل أن يفترقوا أتقبل شهادتهم أم لا (قال)
لا أقوم على حفظ قول مالك فيه ولا أرى ان تقبل شهادة صبي واحد (قلت)
أرأيت أن كانوا صبيانا جماعة وفيهم رجل فقتل صبي منهم ذلك الرجل فشهد بقية
الصبيان على ذلك الصبي انه جرح ذلك الرجل أو قتله وذلك قبل أن يتفرقوا أتجوز
شهادتهم أم لا في قول مالك (قال) قال مالك لا تجوز شهادتهم (قال) وإنما جوزها
مالك في الصبيان فقط فيما بينهم (قلت) أرأيت المرأة إذا اغتالت رجلا على مال
فقتلته أتكون محاربة في الحكم عليها أم لا (قال) نعم يحكم عليها بحكم المحارب (قلت)
وهذا قول مالك (قال) نعم (قلت) أرأيت أن اغتال رجل رجلا على مال
فقطع يده أيكون للمقطوعة يده قود على هذا الذي اغتاله فقطع يده في قول مالك
(قال) قال مالك ليس لمن قطعت يده أو فقئت عينه على غيلة قصاص وإنما

429
ذلك إلى السلطان الا ان يتوب قبل أن يقدر عليه فيكون فيه القصاص (قلت)
وهذا قول ملك (قال) هذا رأيي
(ما جاء في رجل قتل رجلا قتل غيلة فصالحه ولي المقتول على مال)
(قلت) أرأيت أن قتل رجل وليالي قتل غيلة فصالحته على الدية أيجوز هذا في قول
مالك (قال) لا إنما ذلك إلى السلطان ليس لك هاهنا شئ وترد ما اخذت منه ويحكم
عليه السلطان بحكم المحارب فيقتله السلطان يضرب عنقه أو يصلبه ان أحب حيا فيقتله
مصلوبا (قلت) وهذا قول مالك (قال) اما في القتل فكذلك قال لي مالك وفي
الصلب. واما في الصلح فإنه لا يجوز وهو رأيي لان مالكا قال ليس لولاة الدم فيه قيام
بالدم مثل العمد وإنما ذلك إلى الامام يرى فيه رأيه يقتله على ما يرى من أشنع ذلك
(قلت) أرأيت المجنون الذي يجن ويفيق أحيانا ما أصاب في حين إفاقته أيحكم عليه
بذلك في قول مالك (قال) نعم (قلت) أرأيت الرجل يقطع يمين رجلين عمدا أتقطع
يمينه لهما ويجعل عليه نصف الدية لهما في قول مالك (قال) لا قال مالك إذا قطع
رجل يد رجل اليمنى ثم قطع يمين آخر بعد ذلك أيضا قطعت يمينه لجميعهم ولم يكن
له غير ذلك (قال) مالك وكذلك العين والرجل وكل شئ ء إذا كان شيئا واحدا
(قلت) أرأيت أن قام عليه واحد منهم الأول أو الاخر أو الأوسط أتمكنه من
القصاص في قول مالك (قال) نعم (قلت) فان اقتص ثم جاء الذين جنى عليهم
يطلبون ما جنى عليهم كيف يصنع في قول مالك (قال) لا شئ لهم لان مالكا قال
في الرجل يقذف القوم متفرقين في أيام شتى فيقوم عليه واحد منهم فيضربه
الحد كان أولهم أو أوسطهم أو آخرهم فما كان قبل ذلك من فرية فهذا الضرب لجميعهم
ولا شئ لمن قام عليه منهم بعد الضرب (قلت) هذا لا يشبه اليد لان اليد لها دية
والقذف لا دية فيه (قال) قد أخبرتك بقوله (قال) وقال مالك وهذا عندي بمنزلة
رجل قتل رجلا عمدا ثم قتل رجلا بعد ذلك أيضا عمدا فقتل فإنه لا شئ لهم (قال ابن
القاسم) الا ترى ان العين التي وجب لهم فيها القصاص واليد التي قد وجب لهم فيها

430
القصاص قد ذهب فلا شئ لهم (قلت) أرأيت أن جنى رجل على رجل فقطع يمينه
ثم ذهبت يمين القاطع بأمر من السماء أيكون عليه شئ أم لا (قال) قال مالك
لا شئ عليه (قلت) فان سرق فقطعت يمينه (قال) قال مالك لا شئ للمقطوعة
يمينه (قال) قال مالك إذا سرق وقطع يمين رجل قطعت يمينه في السرقة وكانت
السرقة أولى بيمينه من القصاص (قال مالك) وإنما رأيت السرقة أولى لان القصاص
ربما عفى عنه والسرقة لا عفو فيها
(ما جاء في رجل اقطع الكف اليمنى قطع يمنى رجل صحيح من المرفق)
(قلت) أرأيت اقطع الكف اليمنى قطع يمنى رجل صحيح اليد من المرفق فأراد
المقطوعة يده ان يقتص من يمين هذا الأقطع وان قطع ذراعه من المرفق وليست
للقاطع كف أيكون بينهما القصاص في قول مالك (قال) نعم وهو بالخيار ان أحب ان
يقتص ولا عقل له فذلك له وان أحب ان يأخذ العقل فذلك له. وقد بلغني ان مالكا
سئل عن رجل ليس له في كفه الا إصبعان وقد قطعت الثلاث فقطع يد رجل أترى
للمقطوعة يده الصحيحة ان يقتص من الذي قطع يده (قال) نعم هو الخيار ان
أحب ان يقتص ولا عقل له وان أبي فله العقل وهذا عندي مثله (قلت) لابن
القاسم أرأيت لو أنى شججت رجلا موضحة فأخذت ما بين قرنيه وهي لا تبلغ
منى الا نصف رأسي (قال) أرى انه لا يشق من رأس هذا الا بقدر طول الشجة
(قلت) فإن كان المشجوج إنما اخذت الموضحة نصف رأسه وهي من الشجاج
التي تبلغ ما بين قرنيه (قال) يقاس له عليه بقدره فيشق منه بقدره كان ذلك أطول من
قدر ذلك من رأس الجارح أو أكثر (قلت أرأيت ما دون الموضحة في العمد
أفيه القصاص في قول مالك (قال) نعم (قلت) تفان قطع رجل يمنى رجل والقاطع
يمينه شلاء أيكون للمقطوعة يمينه ان يقتص أم لا (قال ليس له الا العقل (وقال ابن
القاسم) سألت مالكا عن الأعور يفقأ عيني رجل جميعا عمدا (قال) قال لي مالك له
ان يفقأ عين الأعور بعينه ويأخذ الدية في عيه الأخرى خمسمائة دينار (قلت)

431
أرأيت لو أن رجلا قطع يمين رجل عمدا فوثب رجل على القاطع فقطع يمينه خطأ
أيكون في يده عقل أم لا (قال مالك) نعم في يده العقل نصف الدية (قلت) فلمن
يكون ذلك العقل (قال) قال مالك يكون للمقطوعة يده عمدا لأنه كان أولى بعد
هذا من نفسه (قلت) فان قطعت يد هذا القاطع عمدا فقطعها رجل آخر عمدا
أيكون فيه القصاص أم لا (قال) قال مالك فيه القصاص (قلت) فلمن يكون
أللمقطوعة يده أم لهذا الثاني (قال) قال مالك القصاص للأول (قال ابن القاسم) لأنه
كان أحق بيد هذا المقطوع الثاني من نفسه (قلت) أرأيت لو أن رجلا قتل وليا
لي عمدا فوثب على هذا القاتل رجل فقتله عمدا أيضا (قال) قال مالك يقال لأولياء
المقتول الاخر ارضوا أولياء المقتول الأول (وخذوا) قاتل وليكم فاصنعوا به ما شئتم وان
ارضوا أولياء المقتول الأول والا دفع القاتل الثاني إلى أولياء المقتول الأول فيصنعون
به ما أرادوا (قلت) أرأيت أن قال أولياء القاتل الأول لأولياء المقتول الأول خذوا
منا الدية أو خذوا منا أكثر من الدية وكفوا عن هذا القاتل الاخر
الذي قتل ولينا فنقتله أو نستحييه وقال أولياء المقتول الأول لا نأخذ منكم مالا ولكنا
نأخذه فنقتله نحن أيكون ذلك لهم في قول مالك (قال) قال مالك ان أرضوهم والا
أسلم إليهم فأرى إذا أبوا فلهم ذلك ولهم ان يقتلوا لأنهم لم يرضوا
(ما جاء في الرجل يجب عليه القتل فيثب عليه رجل فيفقأ عينه)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا قتل رجلا عمدا فحبس ليقتل فوثب عليه رجل في
السجن ففقأ عينه عمدا أو خطأ (قال) قال مالك هذا رجل من المسلمين يستقاد
منه وله وتعقل جراحاته ما لم يقتل (قال ابن القاسم) فأرى انه أولى بجراحات نفسه
كان عمدا أو خطأ إن كان عمدا كان له القصاص ان شاء اقتص وان شاء عفا وإن كان
خطأ كان له الأرش ولى لولاة المقتول في ذلك شئ إنما لهم نفسه وهم أولى
بمن قتله واما جرحه فليسوا بأولى منه (قلت) أرأيت القاضي إن كان قد حكم بقتله
وأمكنه منه فانطلقوا به ليقتلوه فوثب عليه رجل فقطع يده عمدا (قال) يقتص منه

432
وهو بمنزلة الأول كما وصفت لك فيه (قلت) أرأيت أن قطع يد رجل وقتل اخر
كل ذلك عمدا (قال) قال مالك القتل يأتي على ذلك كله (قلت) أرأيت أن قتل
رجل وليالي عمدا فقطعت يده أيقتص منى (قال) نعم يقتص منك في قول مالك لان
مالكا قال هو رجل من المسلمين ما لم يقد منه يستقاد له وتحمل عاقلته ما أصاب من
الخطأ وما أصيب به م الخطأ حملته عاقلة من اصابه ومما يبين لك ذلك أن لو أن
ولى الدم اصابه ففقأ عينه أو قطع يده خطأ حملته العاقلة عاقلة الفاعل ولى المقتول
فالعمد والخطأ فيما يجب له في ذلك
(في الرجل يكسر بعض سن رجل أيقتص منه)
(وفيمن يقتل ولى رجل عمدا أو يجرحه)
(قلت) أرأيت أن كسر بعض سنه أيجب فيه القصاص في قول مالك (قال) نعم
(قلت) وكيف يقتص (قال) يسئل عن ذلك من يعرفه فيقتص منه (قلت)
أرأيت أن قتل رجل ليا عمدا ضرب عنقه بالسيف كيف يصنع به أيسلم إلى قاتله
بالسيف أو يأمر السلطان رجلا فيضرب عنقه (قال) قد أخبرتك بقول مالك في
الجراحات ان السلطان يأمر رجلا يقتص واما في القتل فأرى ان يدفع إلى ولى
المقتول فيقتله ولا يمكن من الغيب عليه (قلت) فلم لا تمكنه من أن يقتص من
الجراحات كما أمكنته من النفس (قال) لم أزل اسمع ان القاتل يدفع إلى أولياء المقتول
وقد سمعت عن مالك أنه قال يدفع القاتل إلى أولياء المقتول فأرى النفس خلاف
الجراحات لأنه ليس كل أحد يحسن ان يقتص في الجراحات ولأنه لا يؤمل المجروح
إذا أمكن من ذلك أن يتعدى في القصاص
(ما جاء في الرجل يسقى للرجل سما أو سيكرانا)
(قلت) أرأيت من سقى رجلا سما فقتله أيقتل به (قال) نعم يقتل به عند مالك (قلت)
وكيف يقتل به في قول مالك (قال) على قدر ما يرى الامام وسألت مالكا عن هؤلاء

433
الذين يسقون الناس السيكران فيموتون منه ويأخذون أمتعاتهم (قال مالك) سبيلهم
سبيل المحاربين (قلت) أرأيت أن يقطع رجل يد رجل عمدا أو خطأ فعفا المقطوعة
يده عن القاطع ثم مات المقطوعة يده أيكون لولاته ان يقتلوا القاطع في العمد وهل
يكون له في الخطأ الدية (قال) قال مالك في رجل شج رجلا موضحة خطأ فصالحه
المجروح على شئ اخذه منه ثم نزى منها فمات (قال مالك) يقسم ولاته انه مات منها
فيستحقون الدية على العاقلة وترك هذا ما اخذ من الجارح على الجارح ويكون الجارح
كرجل من قومه (قال) قال العمد بهذه المنزلة إذا عفا عن اليد ثم مات أرى لهم
القصاص في النفس إذا كان إنما عفا عن اليد ولم يعف عن النفس (قلت) أرأيت أن
قتلني رجل عمدا فعفوت عنه أيجوز عفوي (قال) نعم ذلك جائز عند مالك (قلت)
وانا أولى بدمي من الورثة في قول مالك في الخطأ والعمد (قال) نعم أنت أولى به كله
في العمد والخطأ ان حمل ذلك الثلث في الخطأ (قلت) أرأيت أن شققت بطن
رجل فتكلم واكل وعاش يومين أو ثلاثة ثم مات من ذلك أتكون فيه القسامة
أم لا (قال) لم أوقف مالكا على هذا ولكن مالكا قال من ضربه ثم مات تحت الضرب
أو بقي بعد الضرب مغمورا لم يأكل ولم يشرب ولم يتكلم ولم يفق حتى مات فهذا
الذي لا قسامة فيه (قال مالك) ومن اكل وشرب وعاش ثم مات بعد ذلك فأرى
فيه القسامة لأنه لا يؤمن أن يكون إنما مات من امر عرض له مرض أو غير ذلك
واما ما ذكرت من شق الجوف فانى لم اسمع من مالك فيه شيئا الا انى أرى إن كان
قد انفذ مقاتله حتى يعلم أنه لا يعيش من مثل هذا وإنما حياته إنما هي خروج نفسه
فلا أرى في مثل هذا وما أشبهه القسامة (قال) ولقد قال لي مالك في السبع الذي
يخرق بطن الشاء فيشق أمعاءها فسره انها لا تؤكل قال لأنها ليست تذكية لان
الذي صنع السبع بها كان قتلا لها وإنما الذي فيها من الحياة خروج نفسها لأنها لا تحيا
على حال (قلت) والخطأ والعمد فيه القسامة في قول مالك لا بد من ذلك إذا عاش
بعد الضرب ثم مات (قال) نعم (قلت) أرأيت أن مكث يوما أو يومين أو ثلاثة

434
أيام من بعد الجراحة مصروعا من الجراحة الا انه يتكلم ولم يأكل ولم يشرب ثم مات
أتكون فيه القسامة أم لا (قال) فد فسرت لك قول مالك إذا عاش حياة تعرف ففيه
القسامة (قلت) أرأيت أن قطع فخذي فعشت يوما وأكلت في ذلك اليوم وشربت
ثم مت في اخر النهار أيكون في هذا القسامة في قول مالك (قال) لم اسمع من مالك
في هذا بعينه شيئا الا انى أرى في هذا القسامة (قلت) أرأيت لو أن جماعة رجال
قتلوا رجلا فعفا المقتول عن رجل منهم أيكون للورثة ان يقتلوا الباقين في قول مالك
(قال) قال مالك في النفر يقتلون رجلا عمدا ان لولى الدم ان يقتل من أحب ويعفو
عمن أحب وقول مالك يقتل من أحب قال مالك ولولى الدم ان يصالح من أحب
منهم وان يعفو عمن أحب منهم ويقتل الآخرين ويصنع بهم ما شاء من ذلك
فكذلك المقتول نفسه إذا عفا عن أحدهم فللورثة ان يقتلوا من بقي
(ما جاء في الرجل يقتل عمدا وله اخوة فعفا أحدهم)
(قلت) أرأيت إذا قتل الرجل عمد وله اخوة وجد فمن عفا من الاخوة أو الجد
فعفوه جائز في ذلك (قال) نعم ذلك جائز في رأيي (قلت) أرأيت الاخوة للأم
أيكون لهم ن يعفوا عن الدم (قال) قال مالك ليس لهم في العفو عن الدم نصيب
(قلت) أرأيت إذا قتل الرجل عمدا وله ورثة رجال ونساء فقال الرجال نحن نعفوا
وقال النساء نحن نقتل (قال) ان كانوا بنين وبنات فعفو البنين جائز على البنات ولا عفو
للبنات مع البنين وهذا قول مالك (قال ابن القاسم) والاخوة الأخوات إذا كانوا
مستوين في قربتهما إلى الميت فهم عندي بمنزلة البنين والبنات وإذا كانوا اخوة
وبنات فعفا الاخوة وقال البنات نحن نقتل فذلك لهن وان عفا البنات وقال الاخوة
نحن نقتل فذلك لهم وان كانوا أخوة وعصبة فهم كذلك أيضا بحال ما وصفت لك
ولا عفو الا باجتماع منهم ومن قام بالدم كان أولى به (قيل) له وإن كان أخوات لأب
وأم واخوة لأب فعفا الإخوة للأب وقال الأخوات للأب والأم نحن نقتل (قال)
الأخوات أولى بالقتل ولا عفو الا باجتماع منهم لان الإخوة للأب مع الأخوات

435
للأب والأم عصبة (قلت) وهذا كله قول مالك (قال) لا هذا رأيي
(ما جاء في الرجل يوصى بثلثه لرجل وفي الرجل يقتل عمدا)
(قلت) أرأيت أن أوصى المقتول بثلثه لرجل وفي الرجل يقتل عمدا)
(قلت) أرأيت أن أوصى المقتول بثلثه لرجل أتدخل الدية في ثلثه (قال) قال مالك
إن كان القتل خطأ أدخلت الوصية في ماله وفي ديته لأنه قد علم أن قتل الخطأ مال
وإن كان قتله عمدا فقبل الأولياء الدية لم يكن لأهل الوصايا منها شئ وكانت بين
الورثة على فرائض الله تعالى إلا أن يكون عليه دين فيكون أهل الدين أولى بذلك
(قلت) أرأيت أن أوصى لرجل بثلث ماله وهو صحيح أو مريض فوثب عليه رجل
فقتله خطأ أيكون لأهل الوصايا الذين أوصى لهم بالثلث قبل القتل في الدية شئ أم لا
(قال) قال مالك في رجل أوصى بوصايا ولا يحمل ثلثه الوصايا ثم ورث مالا (قال)
قال مالك إن كان علم بالميراث فالوصية في ماله وفي الميراث وان كإن لم يعلم فلا شئ لأهل
الوصايا من هذا الميراث وكذلك المقتول إن كان عتله خطأ بشئ ة اختلس نفسه
اختلاسا لم يكن بعد الضربة له حياة يعرف بها شيئا قلا شئ لأهل الوصايا في ديته
وكذلك قال مالك في الدية إذا قتل خطأ فعلم بالدية فان أهل الوصايا يدخلون في
الدية (قلت) أرأيت أن قتل رجل عمدا وليس له الا بنت وأخت فقالت البنت
انا اقتل وقالت الأخت انا أعفو أو قالت الأخت انا اقتل وقالت البنت انا أعفو
وكيف إن كان هذا المقتول قد اكل وشرب وتكلم أيكون للأخت والبنت ان
يقسما ويستحقا دمه فإن لم يكن لهن ذلك أيبطل هذا دم المقتول (قال) اما إذا
مات مكانه وقالت البنت انا اقتل وقالت الأخت انا أعفو فالبنت أولى بالقتل وإذا
قالت البنت انا أعفو وقالت الأخت انا اقتل فالبنت أولى بالعفو لان الأخت ليست
بعصبة من الرجال وإنما كان هكذا من قبل أن العصبة لا ميراث لهم هاهنا وأما مسألتك
فيه إذا اكل وشرب ثم مات فليس لهما ان يقسما لان مالكا قال لا يقسم النساء في العمد
(قلت) فيبطل دم هذا (قال) يقسم عصبته ان أحبوا فيقتلون (قلت) فان اقسم
عصبته وقالت البنت انا أعفو (قال) ليس ذلك لها لان الدم إنما استحقه العصبة هاهنا

436
(قلت) فان عفت العصبة وهم الذين استحقوا الدم وقالت الابنة لا أعفو (قال)
فذلك لها ولا عفو الا باجتماع منها ومنهم أو منها ومن بعضهم (قلت) فإن لم يكون
له عصبة وكان رجلا من أهل الأرض (قال) إن كان قتله خطأ أقسمت الأخت
والابنة وأخذتا الدية وإن كان عمدا لم يقتل الا ببينة
(ما جاء في رجل من أهل الذمة أسلم ثم قتل عمدا)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا من أهل الذمة أسلم أو رجلا لا تعرف عصبته قتل عمدا
فمات مكانه وترك بنات فأردن ان يقتلن (قال) ذلك لهن عند مالك (قلت) فان
قال بعض البنات نحن نقتل وقال بعضهن نحن نعفو (قال ابن القاسم) فأرى للسلطان
ان ينظر في ذلك يرى في ذلك رأيه ان رأى أن يقتل قتل إذا كان عدلا لان السلطان
هو الناظر للمسلمين وهذا ولاؤه للمسلمين فإن كان الولي عدلا كان نظره مع أي
الفريقين كان إذا كان ذلك على وجه الاجتهاد (قلت) أرأيت أن قتل رجل رجلا
وللمقتول عصبة وبنات فعفا بعض البنات وقال بعضهن نحن نقتل (قال) ينظر إلى
قول العصبة فان قالوا نحن نقتل كان القتل أولى وان قالوا نحن نعفو كان العفو أولى
وكذلك رأيي لان العصبة قد عفت وعفا بعض البنات فليس لمن بقي من البنات
القتل لان العصبة ذ إذا عفت جميعا فإنما للبنات ان يقتلن إذا اجتمعن علي القتل فان
افترقت البنات وقال بعضهن نحن نقتل وقال بعهن نحن نعفو كان العفو أولى بمنزلة
الاخوة إذا كانوا ولاة الدم فعفا بعضهم لم يكن لمن بقي ان يقتل فكذلك البنات
حين عفت العصبة كان لهن ان يقتلن إذا اجتمعن علي القتل فإذا افترقن فليس
لهن ان يقتلن مثل ما كان للاخوة لان الدم قاد صار لهن حين عفت العصبة مثل
ما وصفت لك في البنين (قلت) فان افترقت العصبة والبنات وقال بعض العصبة
نحن نقتل وقال بعضهم نحن نعفو أو افترق البنات أيضا مثل ذلك (قال) لا سبيل إلى
القتل ولم اسمع هذا من مالك ولكنه رأيي (قلت) أرأيت أن ادعى القاتل ان
ولى الدم قد عفا عنه اله ان يستحلفه (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا وارى ان

437
يستحلفه (قلت) فان نكل عن اليمين ولى الدم أيرد اليمين على القاتل (قال) نعم
أرى ان يرد اليمين عليه
(ما جاء نفي الأب يصالح عن ابنه الصغير عن دم)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا وجب لابنه دم قبل رجل خطأ أو عمدا وابنه صغير في
حجره أيجوز للأب ان يعفو (قال) قال مالك في رجل قتل وله ابن صغير وعصبة
والقتل خطأ أو عمدا ان للعصبة ان يقتلوا ان أحبوا أو يأخذوا الدية ويعفو ولا يجوز لهم
ان يعفو بغير دية ويجوز ما صنعت العصبة من ذلك على الصغير (قال) قال مالك لأنه
ان ترك الدم إلى أن يكبر كان في هذا تلف لحق هذا الصغير (قال مالك) وان عفت
العصبة عن الدم على غير مال لم يجز عفوهم على الصغير فكذلك مسألتك ان عفا
الأب على مال جاز عفوه وان عفا على غير مال لم يجز (قلت) فان عفت العصبة أو
الأب على أقل من الدية أيجوز في قول مالك أم لا يجوز عفوه على أقل من الدية
(قال) لا يجوز له العفو عند مالك في العمد والخطأ على أقل من الدية والخطأ (3) الا ان
يتحمل بالدية في ماله وكذلك قال لي مالك (قال ابن القاسم) ويكون بها مليا يعرف
ملاؤه فان عفا وليس بملي لم يجز عفوه (قال) والعصبة في ذلك بمنزلة الأب وإن لم
يكونوا أوصياء (قلت) أرأيت لو أن رجلا قتل وله ابنان أحدهما حاضر والاخر
غائب فأراد الحاضر ان يقتل (قال) قال مالك ليس له ذلك أنما له ان يعفو فيجوز
العفو على الغائب واما ان يقتل فليس ذلك له حتى يحضر الغائب (قلت) أفتحبس
هذا القاتل حتى يقدم الغائل ولا يقتل له (قال) نعم (قلت) أرأيت أن ادعى القاتل
بينة غائبة على العفو (قال) أرى ان يتلوم له السلطان (قلت) أرأيت أن وجب
لهم القتل في الدم فقتلوه قبل أن ينتهوا به إلى السلطان (قال) قال مالك يؤدبون
ولا شئ عليهم

438
(ما جاء في الرجل يعفو عن دمه ولا مال له)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا قتل رجلا خطأ ولا مال له فعفا المقتول عن العاقلة
وأوصى بوصايا (قال) قال مالك في الرجل يقتل خطأ انه ان عفا عن ديته فإنما عفوه
في ثلثه فأرى أن يكون للعاقلة ولأهل الوصايا وصاياهم يتحاصون في ثلث ديته
(قلت) أرأيت ما ذكرت من قول ملك ان الذي يجب له الدم إذا عفا عن القاتل
على الدية ان ذلك له أرأيت أن قال القاتل لا أعطيك الدية ولكن ها أنا ذا فإن شئت
فاقتل وإن شئت فاترك (قال) قال مالك ذلك له ولا يأخذ منه الدية الا ان يرضى
(قلت) أرأيت أن ضربه ضرية واحدة فأوضحه موضحتين (قال) قال ملاك له عقل
موضحتين (قلت) فان ضربه ضربة واحدة فأوضحه من قرنه إلى قرنه (قال) قال
مالك هي موضحة واحدة لأنها ضربة واحدة (قلت) أرأيت لو أن شاهدا شهد
ان هذا الرجل ضرب فلانا حتى قتله أيكون لأولياء الدم ان يقسمون ويقتلوا (قال) نعم
عند مالك إذا كان الشاهد عدلا (قلت) فان شهد انه ضربه فأجافه فعاش الرجل
وتكلم واكل وشرب ولم يسألوه أين دمك حتى مات أيكون في هذا القسامة أم لا
في قول مالك (قال) أرى ان في هذا القسامة إذا كان الشاهد عدلا (قلت) أرأيت
الذي قلت إن مالكا قال يأتي القتل على جميع الجراحات أذلك إذا كانت الجراحات
والقتل في نفس واحدة أو في أنفس شتى (قال) الذي يحفظ عن مالك إذا كان ذلك
في أنفس شتى إذا قطع يد هذا وفقأ عين هذا وقتل اخر فان القتل يأتي على ذلك
كله (قلت) أرأيت أن شهد شاهد انه قطع يه خطأ وانه قتله بعد ذلك عمدا
(قال) دية يده عند مالك على العاقلة ويقتل به القاتل عند مالك ويستحقون دية اليد
بيمين واحدة ولا يستحقون النفس اللا بالقسامة (قلت) وكذلك لو أن رجلا قتل
أجذم أو أبرص أو اقطع اليدين والرجلين عمدا والقاتل صحيح أيقتل به في قول مالك
(قال) نعم إنما هي النفس بالنفس وليس ينظر في هذا إلى نقصان الأبدان ولا إلى
عيوبها (قلت) أرأيت الخطأ أليس لولاة الدم ان يقسموا على الذين ضربوه وان

439
كانوا جماعة فيقسمون على جميعهم وتفرق الدية على قبائلهم في ثلاث سنين في قول
مالك (قال) سالت مالكا عنها فقال لي نعم ولا يشبه هذا قتل العمد (قلت) أرأيت
لو أن ثلاثة نفر أتوا رجلا فحملوا صخر جميعا ليضربوا بها رأسه ضربة واحدة فرضوا
بها رأسه فعاش بعد ذلك أياما اكل وشرب وتكلم ثم مات من ذلك فقالت الورثة
نحن نقسم على جميعهم ونقتلهم (قال) ليس لهم ان يقسموا الأعلى واحد ويقتلوه وان
كانت الضربة منهم جميعا فليس لهم ان يقسموا الا على واحد ويقتلوه لان مالكا
قال لا يقسمون في العمد الا على واحد (قلت) أرأيت أن اجتمعت جماعة رجلا
على جراحات رجل خطأ فعاش بعد ذلك أياما فتكلم واكل وشرب ثم مات فقالت
الورثة نحن نقسم على واحد منهم ونأخذ الدية من عاقلته (قال) لم اسمع من مالك
في هذا شيئا ولا أرى ذلك لهم لأنه لا يدرى أمن ضربة هذا مات أو من ضربة
أصحابه فلا يكون لهم ان يقسموا على هذا وحده لأنه إن كان مات من ضربة جميعهم
فإنما الدية على جميعهم مفرقة في القبائل وإنما لهم ان يقسموا على جميعهم وإنما قال لي
مالك في الخطأ حين قلت له كيف يقسمون في الخطأ فقال لي يقسمون على جميعهم
(قلت) أرأيت العمد أليس قد قال مالك فيه أنما يقسمون على واحد وإن كان الذين
ضربوه جماعة فما فرق ما بين العمد في هذا والخطأ قلت في الخطأ لا يقسمون الا على
جماعتهم وقلت في العمد لا يقسمون الا على واحد (قال) لأنهم في العمد لو اقسموا
على جميعهم لم يجب الدم على جميعهم فهذا الذي قصدوا إليه ليقسموا عليه لا حجة له
ان قال لا تقسموا علي دون أصحابي لأنه يقال له لا منفعة لك هاهنا ان اقسموا على
جماعتهم وجب لهم دمك فأنت لا منفعة لك هاهنا فيكون لهم ان يقسموا عليه دون
أصحابه وفي الخطأ ان قصدوا قصدا واحدا ليقسموا عليه كانت له الحجة ان يمنعهم
من ذلك لأنه يقول هذا الضرب منا جميعا فالدية تجب به إذا مات من ضربنا في قبائلنا
كلنا فليس لكم ان تقصدوا بالدية قصدي وقصد عاقلتي فهذا فرق ما بينهما (قلت)
أرأيت الوكالات في الخصومات كلها والموكل حاضر أيجوز ولم يرض خصمه بالوكالة

440
في قول مالك (قال) نعم الوكالة جائزة وان كره خصمه ولكل واحد منهما ان يوكل
وإن كان حاضرا إلا أن يكون ذلك رجلا فد عرف أذاه وإنما أراد بذلك أذاه فلا
يكون ذلك له كذلك قال مالك
(ما جاء فيمن قتل رجلا وله أولياء فمات أحد الأولياء)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا قتل رجلا عمدا وله أولياء فقاموا على القاتل ليقتلوه
فلم يقتلوه حتى مات واحد من ورثة المقتول وكان القاتل وارثه أيكون لهم ان يقتلوه
في قول مالك (قال) ليس لهم ان يقتلوه في رأيي لان مالكا قال إذا مات وارث المقتول
الذي له الدم والقيام به فورثته مكانه يجوز عفوهم ولهم ان يقتلوه بمنزلة ما كان لصاحبهم
الذي ورثوه فهذا القاتل إذا كان هو وارث الميت الذي له القصاص فقد بطل القصاص
في رأيي ووجب عليه لأصحابه حظوظهم من الدية ولأنهم لم يعفو على مال فيقول هذا
القاتل لا اقبل عفوك على مال فلا يجل عليه المال ولكنه لما وقع له في دم بعضه لم
يستطيعوا القصاص منه فصار عليه حظوظهم من الدية وكان بمنزلة من عفا فيقضى
لشركائه بحظوظهم من الدية (قلت) أرأيت هذا الذي مات من ولاة الدم إن كان
ورثته نساء ورجالا أيكون للنساء في العفو عن الدم شئ أم لا (قال) نعم يكون لهم
العفو هاهنا لان مالكا قال لورثة ولى الدم إذا مات ما كان لولى الدم فإنما ورث النساء
والرجال ما كان لصاحبهم وقد كان لصاحبهم ان يقتل أو يعفو فذلك لهم رجالهم
ونسائهم (قلت) فان قتل رجل عمدا وله بنون وبنات فماتت احدى البنات وتركت
أولادا ذكورا (قال) لا شئ لأولادها في العفو عن هذا الدم ولا القيام به لأنه لم
يكن لأمهم في هذا الدم ان تعفو عنه ولا ان تقوم بالقصاص فيه عند مالك وإنما كان
لأمهم ان عفا بعض البنين الذكور من أولياء الدم فصارت دية ان تدخل في الدية
فتأخذ حصتها فإنما لولدها ما كان لها ان عفا بعض البنين الذكور عن الدم كان لولدها
ان يأخذوا حصتها من الدية وليس لهم غير ذلك (قلت) أرأيت أن قتلت رجلا
عمدا وولى الدم ابني أيكون لابني ان يقتص منى (قال) لا وقد سمعت عن مالك

441
انه كره ذلك وقال كره ان يحلفه في الحق فكيف يقتله (قلت) أرأيت إذا قتلت
رجلا وله أولياء صغار وكبار أيكون للكبار ان يقتلوا ولا ينتظروا الأصاغر في قول
مالك (قال) نعم (قلت) أرأيت إذا قتل رجل وله أولياء صغار أو كبار كلهم
وبعضهم غيب (قال) قال مالك لا يقتلون حتى يقدم الغائب فان عفا الحاضرون قبل
قدوم الغيب جاز ذلك على الغيب واخذوا حظوظهم من الدية (قلت) فما فرق
ما بين الصغار الغيب والكبار (قال) لان الغيب قد بلغوا رجالا ووجب هذا الدم لمن
يجوز عفوه فيه يوم قتل والغائب يكتب إليه فيصنع في نصيبه ما أحب والصغير ينتظر
به زمانا طويلا فيبطل الدم
(ما جاء في الرجل يقتل وله وليان أحدهما صحيح والاخر مجنون)
(قلت) أرأيت أن قتل رجل عمدا وله وليان أحدهما صحيح والاخر مجنون أيكون
لهذا الصحيح ان يقتص في قول مالك (قال) نعم في رأيي إذا كان جنونا مطبقا وهذا
مما يدلك على أن الولي له ان يقتل ولا ينتظر بالقتل بلوغ الصغير إذا كان في أولياء المقتول
صغير لان الصغير لو انتظرناه فبلغ مجنونا كان ينبغي في قول من قال لا يقتص من
القاتل حتى يبلغ الصغير أن يقول إن بلغ الصبي مجنونا لم يقتص من القاتل حتى يبرأ
هذا المجنون لان المجنون بمنزلة الصغير فيبطل الدم بل المجنون أبين من الصغير لان
الصغير يكبر والمجنون لا يكاد يفيق (قلت) أرأيت أن كان في ورثة المقتول كبير
مغمى عليه أو مبرسم قول مالك فيه (قال) الذي لاشك فيه والذي أرى انه
ينتظر برؤه لأنه هذا مرض من الأمراض (قلت) أرأيت لو حم يوما فهذي أو
أغمي عليه يومه ذلك أكنت تعجل عليه بالقتل (قال) لا أعجل به ولكن انتظره حتى
يصح فيعفو أو يقتل (قلت) أرأيت لو أن يتيما في حجر وصى له جرحه رجل
أو قتله أيكون للوصي ان يقتص له من الجارح القاتل (قال) اما في الجرح فله ان
يقتص لليتيم لان مالكا قال لولى اليتيم إذا قتل والد اليتيم أو أخوه وكان اليتيم وارث
الدم ان لوليه ان يقتص له فالوصي عندي بتلك المنزلة أو أقرب (قال ابن القاسم) واما

442
في القتل فولاة الدم دم اليتيم عند ى أحق من الوصي وليس للوصي هاهنا شئ وما
سمع هذا من مالك (قلت) أرأيت أن جرح اليتيم عمدا أيكون للوصي ان يصالح
الجارح على مال ويجوز ذلك على الصغير في قول مالك (قال) سمعت مالكا يقول
في الرجل يجرح ابنه فيريد أن يعفو عن جرح ابنه (قال مالك) ليس ذلك للأب الا
ان يعوض له من ماله فإذا لم يكن للأب ان يعفو بغير شئ فليس للوصي ان يعفو
الا على مال وعلى وجه النظر (قلت) والعمد في هذا والخطأ سواء (قال) نعم الا
ان للأب والوصي ان يصالحا في العمد والخطأ ولا يأخذا أقل من أرش الجرح لأنه
لو باع سلعة لابنه بثمن ألف دينار بخمسمائة دينار محاباة تعرف لم يجز ذلك وكذلك الدم
إذا صالح على أقل من الدية في جراحات ابنه الا ان يكن صالحه على وجه النظر لولده
على أقل من دية الجرح لان الجارح عديم فيرى أن يأخذ منه أقل من الدية فأرى
ان يجوز هذا ولم اسمعه من مالك (قلت) أرأيت الوصي في هذا أهو بمنزلة الأب
(قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا وأراه مثله عندي (قلت) أرأيت الوصي إذا
قتل عبد اليتيم عمدا أيكون له ان يقتص (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا وأحب
ان يأخذ المال في ذلك لان اخذ المال نظر لليتيم وليس لليتيم في القصاص منفعة
(ما جاء في الرجل يقتل رجلا ثم يهرب القاتل)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا قتل رجلا وهرب فأراد ولاة الدم ان يقيموا البينة
عليه وهو غائب أيكون ذلك لهم في قول مالك (قال) نعم في رأيي لان مالكا يرى أن
يقضى على الغائب وان توقع البينة عليه فإذا قدم قيل له ادفع عن نفسك إن كان
عندك ما تدفع به ولا تعاد البينة عليه (قلت) أرأيت أن كنت دفعت دابتي أو
سلاحي إلى صبي يمسكه لي فعطب الصبي بذلك أتضمن عاقلة الرجل دية الصبي في
قول مالك (قال) نعم عليهم الضمان لان مالكا قال في الصبي يعطيه الرجل الدابة
يحمله عليها ليسقيها أو يمسكها فيعطب الصبي (قال مالك) أرى الدية على عاقلة الرجل
(قلت) افترى عليه الكفارة أم لا (قال) نعم (قلت) أرأيت أن حملت صبيا على

443
دابتي ليسقيها أو يمسكها فوطئت الدابة رجلا فقتلته فعلى من ديته (قال) قال مالك على
عاقلة الصبي (قلت) فهل ترجع عاقلة الصبي على عاقلة الرجل الذي حمل الصبي على
الدابة بالعقل الذي حملت (قال) لا (قلت) أرأيت الرجلين يترادفان على الدابة
فوطئت رجلا بيدها أو برجلها فقتلته (قال) قال مالك أرى ذلك على المقدم الا ان
يعلم أن ذلك من الدابة كان من سبب المؤخر مثل أن يكون حركها أو ضربها
فيكون عليهما جميعا لان المقدم بيده لجامها أو يأتي من سبب فعلها بأمر يكون من
المؤخر إذا لم يكن يقدر المقدم على دفع شئ منه فيكون على المؤخر بمنزلة ما لو
ضربها المؤخر فرمحت لضربه فقتلت انسانا فهذا وما أشبهه على العاقلة عاقلة المؤخر
لأنه يعلم ن المقدم لم يعنفها بشئ ولم يشد لها لجاما ولم ينلها تحريك من رجل ولا غيرها
فيكون شريكا فيما فعل (قلت) أرأيت الرجل يكون راكبا على دابته فكدمت (1)
انسانا فأعطبته أيكون على الراكب شئ أم لا (قال) سمعت مالكا يقول في الرجل
يكون على الدابة راكبا فتضرب برجلها رجلا فتعطبه (قال) لا شئ على الراكب إلا أن
يكون ضربها فنفحت (3) برجلها فيكون عليه ما أصابت وارى الفم عندي بمنزلة
الرجل إذا كدمت من شئ فعله الراكب بها فعليه وإلا فلا شئ عليه (قلت) فما
وطئت بيديها ورجليها (قال) هو ضامن لما وطئت بيديها أو رجليها عند مالك لأنه
هو يسيرها وقاله اشهب (قلت) أرأيت أن كان الصبي امام والرجل خلف فوطئت
الدابة انسانا (قال) أراه على الصبي إن كان قد ضبط الركوب لان ما وطئت الدابة في
قول مالك فهو على المقدم إلا أن يكون المردوف قد صنع بالدابة شيئا على ما وصفت
لك فيكون ذلك عليهما جميعا على المقدم والمؤخر لان اللجام في يد المقدم (قال ابن
القاسم) وان كانت ضربت من فعل الرديف برجلها فأصابت انسانا فلا شئ على المقدم
من ذلك لان المقدم لا يضمن النفحة بالرجل إلا أن يكون ذلك من فعله عند مالك



(1) (فكدمت) قال في المختار الكدم العض بأدنى الفم (2) (فنفحت) في المختار أيضا
نفحت الناقة ضربت برجلها اه‍ كتبه مصححه
444
(قال ابن القاسم) وارى إن كان فعل بها الرديف شيئا فوثبت الدابة من غير أن يعلم
المقدم بذلك فوطئت انسانا فالضمان على الرديف إذا كان يعلم أن المقدم لم يكن
يستطيع حبسها فهو على الرديف (قلت) أرأيت قولك في اللجام في يد المقدم فلم
لا تضمنه لما كدمت الدابة (قال) لان الدابة تكدم وهو غافل لا يعلم بذلك (قال)
فإن كان شيئا يستيقن انه من غير سببه فليس عليه شئ وإن كان يعلم أنه من سببه
فهو له ضامن (قلت) أرأيت أن اجتمع في قتل رجل عبد وحر قتلاه جميعا خطأ
(قال) على عاقلة الحر نصف الدية ويقال لسيد العبد ادفع عبدك أو افده بنصف الدية
(قلت) وهذا قول مالك (قال) نعم
(ما جاء في رجل حفر بئرا على طريق المسلمين)
(قلت) أرأيت من حفر بئرا على طريق المسلمين أو في ملك غيره بغير إذن رب
الأرض أيضمن أم لا في قول مالك ما تلف فيها (قال) قال مالك من حفر شيئا مما
يجوز له في طريق للمسلمين أو في غير ذلك أو في داره فعطب في ذلك انسان فلا
ضمان عليه (قال مالك) وان حفر رجل في داره حفيرا لسارق يرصده ليقع فيه أو يضع
له حبالات أو شيئا يقتله له فعطب فيه السارق فهو ضامن (قلت) ولم وإنما وضعه
حيث يجوز له (قال) لأنه تعمد بما صنع حتف السارق (قلت) فان عطب فيه غير
السارق (قال) كذلك أيضا يضمن (قلت) أسمعته من مالك (قال) نعم هو قوله
(قلت) فما يجوز للرجل ان يحفره في طريق المسلمين في قول مالك (قال) مثل بئر
المطر وبئر المرحاض يحفره إلى جانب حائطه وما أشبه هذا الوجه فلا ضمان عليه وما
حفر في الطريق مما لا يجوز له حفره فهو ضامن لما عطب فيه (قلت) أرأيت أن
حفر رجل في داري بئرا بغير إذني فعطب فيه انسان أيضمن الحافر في قول مالك
(قال) نعم (قلت) أرأيت من أوقف دابته في طريق المسلمين حيث لا يجوز له
أيضمن ما أصابت في قول مالك (قال) نعم (قلت) أرأيت من قاد دابة فوطئت
بيدها أو برجلها أيضمن القائد ما أصابت في قول مالك (قال) نعم (قلت) فان

445
ضربت الدابة برجلها فنفحت الدابة فأصابت رجلا فأعطبته أيضمن ذلك القائد أم لا
في قول مالك (قال) لا يضمن في رأيي الا أن تكون نفحت من شئ فعله لها (قلت)
أرأيت السائق أيضمن ما أصابت الدابة في قول مالك (قال) نعم يضمن ما وطئت
بيديها أو برجليها بحال ما وصفت لك في قائد الدابة (قلت) أرأيت دابة كنت
أقودها وعليها سرجها ولجامها أو غرائر فوقع متاعها عنها فعطب به انسان أيضمن
القائد أم لا (قال) سألت مالكا عن حمال حمل عدلين على بعيره فسار بهما وسط
السوق فانقطع الحبل فسقط أحد العدلين على جارية فقتلها والحمل لغيره ولكنه أجير
حمال (قال مالك) أراه ضامنا ولا يضمن صاحب البعير شيئا (قلت) أرأيت أن
سقطت عن دابتي فوقعت على انسان فمات أأضمن أم لا (قال) لم اسمع من مالك
فيه شيئا ولكن ضمان ذلك عند مالك على العاقلة (قلت) أرأيت الكلب العقور
ما أصاب في الدار أو في غير الدار أيضمن ذلك أهله أم لا (قال) بلغني ان مالكا قال
إذا تقدم إلى صاحب الكلب العقور فهو ضامن لما عقر بعد ذلك فانا أرى انه إذا
اتخذه في موضع يجوز له اتخاذه فيه أن لا ضمان عليه حتى يتقدم وان اتخذه في موضع
لا يجوز له اتخاذه فيه فأراه ضامنا لما أصاب مثل ما يجعله في داره وقد عرف أنه عقور
فيدخل الصبي أو الخادم أو الجار الدار فيعقرهم وقد علم أنه عقور فأراه ضامنا وإنما
قال مالك في الكلب العقور عندي إذا تقدم إليه ان تلك المواضع التي يجوز له اتخاذه
فيها وليس ذلك فيما يتخذ في الدور وما أشبهها مما لا يجوز له اتخاذه فيها
(ما جاء في الفارسين يصطدمان أو السفينتين)
(قلت) أرأيت أن اصطدم فارسان فقتل كل واحد منهما صاحبه (قال) عقل
كل واحد منهما على قبيل صاحبه وقيمة كل فرس منهما في مال صاحبه (قلت)
أرأيت لو أن سفينة صدمت سفينة أخرى فكسرتها فغرق أهلها (قال) قال مالك
إن كان ذلك من ريح غلبهم أو من شئ لا يستطيعون حبسها منه فلا شئ عليهم وان كانوا
لو شاؤوا ان يصرفوها صرفوها فهم ضامنون (قلت) أرأيت لو أن حرا وعبدا

446
اصطدما فماتا جميعا (قال) بلغني عن مالك أنه قال ثمن العبد في مال الحر ودية الحر
في رقبة العبد فإن كان في ثمن العبد فضل عن دية الحر كان في مال الحر والا لم يكن
لسيد العبد شئ (قلت) أرأيت أن نخس رجل دابة فوثبت الدابة على انسان فقتلته
على من تكون دية هذا المقتول (قال) على عاقلة الناخس (قلت) وهذا قول مالك
(قال) نعم (قلت) أرأيت الدابة إذا جمحت براكبها فوطئت انسانا فعطب أيضمن
ذلك أم لا في قول مالك (قال) قال مالك هو ضامن
(ما جاء في تضمين القائد والسائق والراكب)
(قلت) هل كان مالك يضمن القائد والسائق والراكب ما وطئت الدابة إذا
اجتمعوا أحدهم سائق والاخر راكب والاخر قائد (قال) ما سمعت من مالك
فيه شيئا إذا اجتمعوا اجتماعا وما أقوم لك على حفظه وارى ما أصابت الدابة على القائد
والسائق إلا أن يكون الذي فعلت الدابة من شئ كان من سبب الراكب ولم يكن
من السائق ولا من القائد عون في ذلك فهو له ضامن (قلت) أرأيت الرجل يقود
القطار فيطأ بالبعير من أول القطار أو من اخره على رجل فيعطب أيضمن القائد
(قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا واراه ضامنا (قلت) أرأيت ما أشرع الرجل
في طريق المسلمين من ميزاب أو ظلة أيضمن ما عطب من ذلك الميزاب أو تلك الظلة
في قول مالك (قال) قال ملك لا يضمن (قلت) أرأيت الحائط المائل إذا اشهد على
صاحبه فعطب به انسان أيضمن أم لا (قال) أخبر مني من أثق به عن مالك أنه قال
يضمن ما عطب به إذا اشهدوا عليه وكان مثله مخوفا (قلت) أرأيت إن لم يشهدوا
عليه وكان مثله مخوفا (قال) لم اسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى عليه فيه ضمانا
(قلت) أرأيت إذا مال الحائط وفي الدار سكان وليس رب الدار بحاضر أو الدار
مرهونة أو مكتراة على من يشهدون (قال) إذا كان رب الدار حاضرا فلا ينفعهم
الاشهاد الا عليه وإن كان غائبا رفعوا أمرها إلى السلطان ولا ينفعهم الاشهاد على
السكان (قلت) أتحفظه عن مالك (قال) لا وهذا رأيي الا ترى ان السكان ليس لهم

447
ان يهدموا الدار (قلت) أرأيت شهادات النساء في الجراحات الخطأ أجائزة هي في
قول مالك (قال) نعم (قلت) أرأيت الصغير إذا شهد عند القاضي قبل أن يحتلم أو
النصراني أو العبد فردت شهادتهم فكبر الصبي وأسلم النصراني واعتق العبد ثم شهدوا
بعد ذلك عند القاضي (قال) قال مالك لا تجوز شهادته لأنها قد ردت (قلت)
أرأيت لو أن رجلا جرح رجلا جرحين خطأ وجرحه آخر جرحا خطأ فمات من ذلك
فأقسمت الورثة عليهما كيف تكون الدية على عواقلهما أنصفين أم الثلث والثلثين
(قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا الا ما أخبرتك أن الدية على عواقلهما فلو كانت
الدية عند مالك الثلث والثلثين لقال لنا ذلك ولكنا لا نشك ان الدية عليهما نصفين
(ما جاء في الرجل يستأجر عبدا لم يأذن له سيده في التجارة)
(قلت) أرأيت لو أنى استأجرت عبدا لم يأذن له سيده في الإجارة ولا في العمل
استأجرته على أن يحفر لي بئرا فعطب في البئر أأضمنه أم لا في قول مالك (قال) نعم
تضمنه عند مالك وقد بلغني ان مالكا سئل عن عبد استأجره رجل يذهب له بكتاب
إلى موضع في سفر فعطب فيه وذلك بغير إذن سيده قال مالك هو ضامن (قلت)
أرأيت لو أن عبدا لرجل قتل قتيلا عمدا له وليان فعفا أحدهما (قال) يقال لسيد
العبد ادفع العبد أو افده بنصف الدية (قلت) وهذا قول مالك (قال) هذا
رأيي (قلت) أرأيت أن قتل عبدي قتيلين عمدا فعفا أولياء أحد القتيلين اي شئ
يقال لسيد العبد أيقال له ادفع جميع العبد إلى أولياء هذا القتيل الاخر أم يقال له ادفع
نصفه أو افده بالدية (قال) ان أحب أولياء المقتول الاخر ان يقتلوا قتلوه وان
استحيوه على أن يأخذوه قيل له ادفع نصفه أو افده بالدية ولا احفظه عن مالك
(قلت) أرأيت أن جرح عبدي رجلا فبرأ من جراحه ففديت عبدي ثم انتقضت
جراحات الرجل فمات من ذلك (قال) إذا مات منها اقسم ورثة المقتول فإذا اقسموا
فإن كانت الجراحات عمدا قيل لهم إن شئتم فاقتلوه وإن شئتم فاستحيوه على أن
تأخذوه فإذا استحيوه كان بمنزلة ان لو كانت الجراحات خطأ ويقال لمولى العبد ادفع

448
عبدك أو افده فان دفعه اخذ ما كان دفع إلى المقتول وان فداه نقص له في الفداء
بما دفع إلى المقتول من أرش الجنايات (قلت) وهذا قول مالك (قال) هذا قوله في
الحر هو عندي في العبد مثله (قلت) أرأيت لو أن أمة جنت جناية وهي حامل
أو غير حامل فحملت بعد الجناية فوضعت ولدها بعد الجناية وقام عليها أولياء الجناية
أتدفع ولدها معها في الجناية ان قال سيدها انا ادفعها (قال) بلغني عن مالك أنه قال
لا يدفع ولدها (قال) ولم اسمعه انا منه ولكنه رأيي (قلت) أرأيت الأمة تجنى
جناية ولها مال قد اكتسبته قبل الجناية أو بعد الجناية أيدفع معها في قول مالك
(قال) قال مالك كل مل كان لها قبل أن تجنى فإنه يدفع معها وكل شئ اكتسبته
بعد الجناية فذلك أحرى ان يدفع معها (قلت) أرأيت أم ولدى إذا جنت جناية
ثم جنى عليها قبل أن يحكم فيها فأخذت لها أرشا ما يكون علي أقيمتها صحيحة أو
قيمتها معيبة (قال ابن القاسم) بل قيمتها معيبة مع الأرش الذي يأخذ السيد الا
أن تكون دية الجناية التي جنت هي أقل من قيمتها معيبة مع الأرش الذي اخذ
سيدها مما جنى عليها فلا تكون عليه الا دية الجناية وإنما عليه الأقل ابدا (قال ابن
القاسم) ولو أن عبدا قتل قتيلين وليهما واحد لم يكن له ان يسلم نصفه بدية أحدهما
ويفتك النصف الآخر بدية أحدهما الا ان يفتكه بديتهما جميعا أو يسلمه كله وهذا
رأيي (قال ابن القاسم) ومما يبين لك ان العبد إذا جنى ثم جنى عليه فاخذ له سيده
أرشا انه يخير في أن يسلمه وما اخذ له من الأرش أو يفتكه بما جنى فكذلك أم
الولد الا ان أم الولد لا تسلم وإنما يكون عليه الأقل من قيمتها معيبة وأرش الجناية
معها أو قيمة الجناية التي في رقبتها بمنزلة العبد سواء لان أم الولد لا يستطيع ان
يسلمها فيكون عليه الذي هو أقل لأنها لو هلكت ذهبت جناية المجروح وكذلك
العبد لو هلك قبل أن يحكم عليه ذهبت جناية المجروح أحدهما واحد إلا أن يكون
الأرش مثل الجناية فلا يكلف أكثر من الأرض (قلت) أرأيت لو أن أمة
جنت جناية أيمنع سيدها من وطئها حتى ينظر أيدفع أم يفدى في قول مالك

449
(قال) ما سمعته من ومالك ولكنه يمنع من وطئها حتى ينظر أيدفع أم يفدى
(قلت) ولم قلت هذا (قال) لأنها مرهونة بالجرح حتى يفديها أو يدفعها
(قلت) أرأيت لو أن عبدين لي قتلا رجلا خطأ فقلت إنا ادفع أحدهما وأقر الاخر
(قال) قال مالك في العبيد إذا قتلوا رجلا حرا خطأ أو جرحوا انسانا انهم مرتهنون
بدية المقتول أو المجروح وتقسم الدية على عددهم ودية الجرح على عددهم فمن شاء
من أرباب العبيد ان يسلم أسلم ومن شاء ان يفتك افتك بقدر ما يقع عليه من نصيبه
من الدية كان أقل من ثمنه أو أكثر لو كان قيمة العبد خمسمائة والذي وقع عليه عشر الدية
غرم عشر الدية وحبس عبده وان كانت قيمته عشرة دنانير والذي وقع عليه من الدية
النصف لم يكن له ان يحبس عبده حتى يدفع نصف الدية (قال) لم يقل لنا مالك في
باب أرباب العبيد إذا كانوا شتى أو كان ربهم واحدا ولم يختلف ذلك عندنا وله إن كان
ربهم واحدا ان له ان يحبس من شاء منهم ويدفع من شاء بحال وما وصفت لك وقد
سئل فيه غير مرة فلم يختلف قوله في ذلك (قلت) أرأيت أن فقئت عينا عبدي
جميعا أو قطعت يداه جميعا ما يقال للجارح (قال) يضمنه الجارح ويعتق عليه إذا
أبطله هكذا فإن كان جرحا لم يبطه مثل فق ء عين واحدة أو جدع اذن أو ما أشبهه كان
عليه ما نقص من ثمنه ولم يعتق عليه (قلت) وهذا قول مالك (قال) هذا رأيي (قال)
وقد سمعت أنه قال يسلم إلى الذي صنع ذلك فيه ويعتق عليه وذلك رأيي إذا أبطله
(قال) وقال مالك إنما في العبيد على جارحهم ما نقصهم الا المأمومة والمنقلة والجائفة
والموضحة فإنما في قيمته مثل موضحة الحر ومأمومته ومنقلته وجائفته من ديته
(قلت) أرأيت أن جرح عبدي رجلا فقطع يده خطأ وقتل اخر خطأ (قال)
قال مالك ان أسلمه سيده فالعبد بينهم أثلاثا (قال مالك) وإذا أسلم العبد فهو بينهم
على قدر جراحاتهم (قلت) وان استهلك مع الجراحات أموالا تحاص أهل
الجراحات في العبد بقيمة ما استهلك لهم من الأموال في قول مالك (قال) نعم
(قلت) أرأيت أن قتل عبدي رجلا خطأ وفقأ عين آخر خطأ فقال السيد انا أفديه

450
من جنايته في القتل وادفع إلى صاحب العبن الذي يكون له من العبد ولا أفديه
(قال) يقال له ادفع إلى صاحب العين ثلث العبد وافد ثلثي العبد بجميع الدية ويكون
شريكا في العبد هو والمجني عليه في العبن يكون لصاحب العين ثلث العبد ويكون
لسيد العبد ثلثا العبد (قال) وهذا رأيي وقد بلغني ذلك عن مالك (قلت) أرأيت
العبد إذا جنى جناية خطأ ففداه مولاه ثم جنى بعد ذلك جناية أخرى أيقال لسيده
أيضا ادفعه أو افده (قال) نعم (قلت) وهذا قول مالك (قال) نعم (قلت)
أرأيت أن جنت أم ولد رجل جناية فأخرج قيمتها فدفعها إلى ولى الجناية ثم جنت
بعد ذلك جناية أخرى (قال) يقال لسيدها اخرج قيمتها أيضا مرة أخرى إذا كانت
الجناية منها بعد الحكم (قلت) وهذا قول مالك (قال) نعم (قلت) أليس قد
قال مالك إذا جنت أم الولد فعلى سيدها قيمتها الا أن تكون الجناية أقل من
قيمتها (قال) نعم (قلت) فان جنت جناية أخرى قبل أن يحكم على سيدها بالجناية
الأولى (قال) عليه القيمة بينهم الا أن تكون الجناية أقل من قيمتها وإن كان ذلك
يكون أكثر من قيمتها فليس عليه الا قيمتها لان السيد إذا اخرج قيمتها مكانه قد
أسلمها إليهما (قلت) فما جنت بعد الحكم هل سمعت من مالك فيه شيئا (قال) هو
قوله إن عليه ان يخرج قيمتها ثانية كلما جنت بعد الحكم (قال) (3) وسألت مالكا عن
خير الناس بعد نبيهم صلوات الله وسلامه عليه فقال أبو بكر ثم قال أو في ذلك شك (قال
ابن القاسم) فقلت لمالك فعلى وعثمان أيهما أفضل (فقال) ما أدركت أحدا ممن اقتدى
به يفضل أحدهما على صاحبه يعنى عليا وعثمان ويرى الكف عنهما (قلت) أرأيت
المدبر إذا جنى جناية فدفع مولاه خدمته ثم جنى بعد ذلك (قال) قال مالك يدخل
في الخدمة مع الأول يتحاصون فيه على قدر ما بهم من الجناية (قلت) فان مات
سيده وعتق جميعه في الثلث كان ما بقي لهم من جناياتهم دينا على المدبر يتبعونه به وإن لم يحمله



(3) (قوله قال وسألت مالكا عن خير الناس أي قوله ويرى الكف عنهما) كذا بالأصل وانظر
ما وجه مناسبة ذكره هنا ولعله مما كان قبل ترتيبها وتهذيبها ترك هنا سهوا اه‍ كتبه مصححه
451
الثلث عتق منه مبلغ الثلث وقسم ما بقي لهم من جناياتهم على العبد فما أصاب ما عتق منه
كان ذلك دينا عليه وما أصاب مارق منه قيل للورثة ادفعوا هذا الذي رق في أيديكم
أو افدوه يما اصابه من الجناية وهو قول مالك (قلت) أرأيت هذا الذي عتق
من المدبر فجعلت عليه حصة ذلك من الجناية كيف يقتصون منه أيأخذون منه
كل شئ كسبه حتى يستوفوا جنايتهم التي صارت على ما عتق منه أم لا وهل يأخذون
منه ما في يديه من المال حتى يقتصوا جنايتهم في قول مالك (قال) لا أقوم على حفظ
قول مالك في هذا ولكن مالكا قال في العبد يكون نصفه حرا ونصفه رقيقا
يجنى الجناية وفي يديه مال فيفتك سيده نصفه ان ماله يؤخذ منه في نصف
الجناية التي وجبت على العتيق منه (قال) وكذلك المدبر إن كان بيده مال اخذه منه
أهل الجنايات فاقتسموه على قدر جناياتهم واما ما كسب فإنه لا يؤخذ منه من الجزء
العتيق الا ما فضل عن عيشه وكسوته والذي اخذ من العبد في جنايته إنما هو قضاء
لنصيبه الذي عتق منه فإن كان فيه كفاف لم يتبع بشئ وإن كان فيه فضل أوقف
في يديه وان قصر عن ذلك اتبع به في حصة الجزء فإن كان في ذلك ما يفضل عن
عيشه وكسوته كان ذلك لهم بمنزلة الدين واما ما رق لهم منه فإنهم لا يتبعونه فيه بشئ
من الجناية لأنه قد صار عبدا لهم بمنزلة الدين واما ما رق لهم منه فإنهم لا يتبعونه فيه بشئ
من الجناية لأنه قد صار عبدا لهم وعليهم ان يطعمونه ويكسوه بقدر الذي رق لهم منه
وهو رأيي (قلت) أرأيت أن جاء رجل فتعلق بعبدي والرجل يدمى فقال جنى علي
عبدك خطأ أو عمدا وأقر العبد بذلك (قال) سمعت مالكا وأتاه قوم وانا عنده في
عبد كان على برذون راكبا فوطئ على غلام فقطع إصبعه فتعلق به الغلام فأتى على ذلك
والغلام متعلق به فقيل للغلام من فعل بك فقال هذا وطئني وأقر العبد بذلك (فقال)
مالك اما ما كان مثل هذا يؤتى وهو يدي وهو متعلق به فيقر العبد على مثل هذا
فأراه في رقبته يدفعه سيده أو يفديه وما كان على غير هذا الوجه فلا يقتل الا ببينة مثل
العبد يخبر انه قد جنى فلا يقبل قوله في قول مالك الا على ما وصفت لك (قلت)
أرأيت أن أقر العبد بقتل رجل عمدا أيجوز اقراره أم لا في قول مالك (قال) قال

452
مالك ان أرادوا ان يقتلوه فذلك لهم وان أرادوا ان يستحيوه فليس لهم ذلك لأنه
يتهم حين استحيوه أن يكون فر بنفسه إليهم (قلت) أرأيت لو أن عبدا في يدي
عارية أو وديعة أو رهنا أو بإجارة جنى جناية ومولاه غائب ففديته من الجناية ثم
قدم مولاه (قال) يقال لمولاه إن شئت فادفع إلى هذا جميع ما فداه به وخذ عبدك
وإن شئت فأسلمه إليه ولا شئ ة عليك لأنه لو لم يفده ثم جاء سيده لقيل له هذا القول
وهذا رأيي (قلت) أرأيت أن قتل عبدي رجلا له وليان فقلت إنا أفدي حصة
أحدهما وادفع حصة الاخر أيكون ذلك لي في قول مالك (قال) أرى ان يفتك
نصيب من شاء منهما ويسلم نصيب من شاء منهما (قلت) أرأيت لو أن عبدا لي
قتل رجلين وليهما واحد فأراد السيد ان يفتك نصفه بدية أحدهما ويسلم نصفه
(قال) ليس ذلك له الا ان يفتك جميعه بالديتين أو يسلمه لان وارث الديتين جميعا
واحد فهي كلها جناية واحدة (قلت) أرأيت المكاتب يستدين ديونا ثم يعجز
فيرجع رقيقا (قال) الدين في ذمته عند مالك الا ان يكن له مال حين عجز فيكون
الدين في ذلك المال إن كان ذلك المال مما اصابه من تجارة أو هبة وهبت له أو من غير
ذلك إلا أن يكون من كسب يده فإن كان من كسب يده فليس للغرماء ان يأخذوا
ذلك منه وإنما لهم ان يأخذوا منه ما كان في يديه من مال الا ما كان في يديه من
كسبه (قلت) وكذلك كل ما أفاد المكاتب بعد ما عجز فللغرماء ان يأخذوه في
دينهم الا ما كان من كسب يده (قال) نعم (قلت) وكسب يده إنما هي اجارته
وعمله بيده في الأسواق في الخياطة وغير ذلك (فقال) نعم (قلت) أرأيت المكاتب
إذا قتل نفسين أو ثلاثا أتأمره ان يؤدى ديتين أو ثلاثا حالة في قول مالك ويسعى
في كتابته فان عجز رجع رقيقا (قال) نعم (قلت) أرأيت المكاتبة إذا جنت جناية
ثم ولدت ولدا بعد الجناية فماتت أيكون على الولد من الجناية شئ أم لا (قال) لا شئ
على الولد من الجناية في رأيي لان مالكا قال ذلك في الأمة فالمكاتبة مثله عندي
سواء (قال) وقد قال مالك في الأمة إذا جنت ثم ولدت ولدا بعد الجناية انه

453
إنما يدفعها وحدها ولا يدفع ولدها (قلت) ولا ترى ولد المكاتبة بمنزلة مالها فتكون
فيه الجناية (قال) لا (قلت) أرأيت أن استدانت المكاتبة دينا ثم ولدت ولدا
فماتت المكاتبة أيكون على ولدها من الدين شئ أم لا (قال) لا شئ على ولدها من
الدين لان الدين إنما كان في ذمتها فلما ماتت لم يتحول من ذمتها في ولدها شئ (قال)
وهذا رأيي (قلت) أرأيت إذا جنى المكاتب جناية فقضى عليه بالجناية ثم عجز أيكون
ذلك دينا عليه في رقبة المكاتب أم يقال لسيده ادفعه أو افده بالجناية (قال) إذا جنى
المكاتب عند مالك فالسلطان يقول للمكاتب أد الجناية كلها حالة واسع في كتابتك
فان عجز عن ذلك قيل لمولاه خذ عبدك وافسخ كتابته وادفعه أو افده بجميع الجناية
(قلت) أرأيت المكاتب إذا جنى على عبد قد اذن له في التجارة فرهق العبد المأذون
له في التجارة دين وعلى المكاتب دين وقام الغرماء (قال) يباع العبد في دين المكاتب
ويكون عند مالك دين العبد في ذمته يتبع به ويبينون إذا باعوه ان عليه دينا (قلت)
أرأيت العبد المعتق إلى أجل إذا جنى جناية أيكون عليه الأقل من قيمته أو من أرش
الجناية في قول مالك (قال) لا ولكن عليه عند مالك ان يتم الجناية بالغة ما بلغت
وان كانت نفسا فعليه الدية وان عجز عن ذلك رجع رقيقا وقيل لسيد العبد ادفع أو افد
مثل المدبر في قول مالك يقال لسيده ادفع خدمته أو افتكه بجميع الجناية (قال) نعم
وهو قول مالك
(ما جاء فيمن حفر بئرا أو سربا للماء أو نصب حبالة)
(قال) وقال مالك من حفر بئرا أو سربا للماء أو للريح مما مثله يعمل الرجل في داره أو
في ارضه فسقط فيه انسان (قال) لا ضمان عليه (قال) وان جعل حبالة في داره يتلف
بها سارقا فعليه ضمانه (قال ابن القاسم) السارق وغير السارق إذا وقع فيه سواء يضمنه
(قلت) أرأيت أم الولد إذا جنت جناية فزادت قيمتها أو نقصت ما على سيدها
(قال) أرى على سيدها قيمتها يوم يحكم عليها ولا يلتفت إلى الزيادة والنقصان في
ذلك أن كانت أقل من قيمتها. ومما يبين ذلك أنها لو ماتت لم يكن على سيدها شئ

454
(قلت) له فكيف تقوم أبمالها أم بغير ماله (قال) بل قيمتها بغير مالها وكذلك
بلغني عن مالك انها تقوم بغير مالها (قلت) أرأيت المدبرة إذا قتلت قتيلا خطأ
فولدت بعد ذلك أيكون على ولدها من هذه الجناية شئ أم لا (قال) هي مثل الخادم
ان ولدها لا يدخل في الجناية وكذلك بلغني عن مالك فكذلك هذه المدبرة
(قلت) أرأيت لو أن أم ولد جنت جناية قتلت رجلا عمدا وللمقتول وليان فعفا
أحدهما أيكون على سيد أم الولد شئ أم لا (قال) عليه للذي لم يعف نصف قيمتها إلا أن
يكون نصف دية الجناية أقل من نصف قيمتها (قلت) فان قال السيد لا ادفع
إليكم شيئا وإنما كان لكم ان تقتلوا وليس لكم ان تغرموني (قال) ذلك له لازم ولا
يلتفت إلى قوله الا ترى لو أن رجلا قتل قتيلا عمدا له وليان فعفا أحدهما ان القاتل
يجبر على دفع نصف الدية إلى ولي المقتول الذي لم يعف فكذلك هذا في سيد أم
الولد (قلت) فان قتل رجل قتيلا ليس له الأولى واحد فعفا عنه على أن يأخذ
الدية وأبى القاتل وقال لا ادفع إليك شيئا إنما لك ان تقتلني فإن شئت فاقتلني وإن شئت
فدع (قال) إذا لم يكن الولي الا واحدا فليس له الا ان يعفو أو يقتل وليس
له ان يعفو على الدية الا ان يرضى بذلك القاتل واما إذا كان للمقتول وليان فعفا
أحدهما صار نصيب الباقي منهما على القاتل لان الباقي لم يعف ولأنه لا يقدر ان يقتص
فلا يبطل حقه وهو يطلبه ولكن يقال للقاتل ادفع إليه حفه مالا لأنه قد صار يشبه
عمد المأمومة التي لا يستطاع القصاص منها ولا يشبه إذا كان ولى المقتول واحدا إذا
كان وله وليان (قلت) وهذا قول مالك (قال) نعم (قلت) أرأيت شهادة امرأتين
مع رجل على العفو عن الدم أتجوز أم لا (قال) لا تجوز شهادتهما على العفو عن الدم
(قلت) لم (قال) لان شهادتهما لا تجوز في العمد فكذلك لا تجوز في العفو عن الدم
(قلت) أرأيت إذا قطع رجل أصابع يمين رجل عمدا ثم قطع كفه تلك التي قطع
منها أيقطع أصابعه ثم كفه أم لا يكون له الا ان يقطع الكف وحدها (قال)
ليس له الا ان يقطع الكف وحدها إلا أن يكون فعل ذلك به على وجه العذاب

455
فإنه يقتص له من الأصابع ثم من الكف (قلت) أرأيت شهادة الجواري أهي بمنزلة
شهادة الغلمان تقبل شهادتهن في الجراح (قال) لا وكذلك بلغني عن مالك ولم
اسمعه منه (قلت) أرأيت أن طرحت رجلا في نهر وهو لا يحسن العوم ولم أدر
انه لا يحسن العوم فمات من ذلك (قال) إذا كان ذلك على وجه العذاب في القوم
والقتال قتل به وإن كان على غير وجه القتال لم يقتل به وارى ان فيه الدية (قلت)
أرأيت أن شهد رجلان على قتل رجل شهد أحدهما ان فلانا قتل فلانا بسيف وشهد
الاخر انه قتله بحجر (قال) شهادتهما باطل في رأيي (قلت) ولا يكون لأولياء
الدم ان يقسموا هاهنا (قال) لا (قلت) له وقد قال مالك إذا أتوا بلوث من بينة
ان لهم ان يقسموا (قال) لا لان هذين قد تبين ان أحدهما كاذب (قلت) أرأيت الرجل
يقول دمى عند فلان ولم يقل عمدا ولا خطأ اي شئ تجعل قوله دمى عند فلان عمدا
أو خطأ في قول مالك (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا الا انى أرى القول قول
ولاة المقتول ان ادعوا انه خطأ أو عمد (قلت) أرأيت أن قال المقتول دمى عند
فلان وقال ولاة الدم نحن نقسم ونقتل لأنه قتله عمدا أو قالوا نحن نقسم ونأخذ الدية
لأنه قتله خطأ (قال) ذلك لهم ان ادعوا كما قلت وما كشفنا مالكا عن هذا هكذا
(قلت) أرأيت أن وضع سيفا في طريق المسلمين أو في موضع من المواضع يريد
به قتل رجل فعطب به ذلك الرجل فمات (قال) يقتل به (قلت) أتحفظه عن مالك
(قال) لا ولكنه رأيي (قلت) فان عطب بالسيف غير الرجل الذي وضع له (قال)
لا يقتل له ولا احفظه عن مالك ولكنه رأيي
(تم كتاب الديات من المدونة الكبرى بحمد الله وحسن عونه)
(وبتمامه تم عقد نظامها وفاح مسك ختامها)
والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)

456
(يقول الفقير إلى الله تعالى عبد المجيد الأزهري الشرنوبي نظر الله)
(بعين عنايته إليه وأعلى درجته في درجات المقربين زلفى لديه)
بسم الله الرحمن الرحيم
حمدا لمن أبدع الأشياء من العدم إلى الوجود * وأفاض الاحسان من سحائب
الافضال على كل موجود * وصلاة وسلاما على واسطة عقد النبيين * القائل من يرد
الله به خيرا يفقهه في الدين * سيدنا محمد المخصوص بجوامع الكلم وباهر الآيات
وعلى آله وأصحابه واتباعه الذي دونوا شريعته فاستمرت على مدى الدهور وتوالى
الأوقات (وبعد) فلما كان علم الشريعة أولى ما يتنافس في تحصيله المتنافسون
وكتبه القديمة النفيسة أحق ما يدخره المدخرون * وكانت المدونة الكبرى لها
الشهرة العظمى بين أهل المشارق والمغارب * والشأن الا رفع والمقام الأكبر فوق
جميع كتب المذاهب * والصيت الأشهر في سائر الأقطار والممالك * كيف لا وهي التي
رواها الامام سحنون عن الامام عبد الرحمن بن القاسم عن امام الأئمة مال * لكنها
عزيزة الوجود * بل صارت في حكم المعدون والمفقود * حتى تعسر الوقوف عليها * بل
كاد يتعذر مع بذل المجهود الوصول إليها (قام) مشمرا عن ساعد الجد والاجتهاد
(حضرة الحاج مجمد أفندي الساسي المغربي) بلغه الله المراد * وبذل في سبيل
الحصول عليها كل مرتخص وغال * وأنفق في طريق الوصول إليها كل نفيس من
الوقت والجد والمال * حتى ساعدته من الله سبحانه وتعالى العناية * وأدركته منه جل
جلاله امدادات التوفيق والرعاية * واحضر نسخة عظيمة من المغرب الأقصى * مكتوبة
على رق غزال ولها مزايا جمد لا تحصى * فان عليها تقييدات بخط بعض الأئمة الاعلام * كالإمام ابن
رشد والقاضي عياض وغيرهما من ذوي الشهرة الفائقة ورسوخ الاقدام * فهي
الدرة اليتيمة * التي التقطتها هذه اليد الكريمة * وقد ساعدت على احضارها المقادير

457
وأكبر ظني انها ليس لها على وجه البسيطة نظير * وقد صار اجراء هذه الطبعة
وتصحيحها عليها * لأنها من النسخ المهمة التي يرجع عند الاشكال إليها * خصوصا وان من
اعتنى بتصحيحها * وتهذيبها وتنقيحها * العالم النحرير * الدراكة الشهير * المحقق المدقق
الأستاذ الفاضل والشيخ الكامل الشيخ سيد حماد الفيومي العجماوي مصحح جريدة
المؤيد الغراء وقد شاركه في ذلك جماعة من أفاضل أهل العلم. وكانت طريقته في تحريرها
انه مهما أشكل عليه شئ منها عرضه على أعيان علماء السادة المالكية بالأزهر الشريف
وقد طرز بعض حواشيها الزاهرة * ووشى كثيرا من طررها الباهرة * بهوامش
وجدت بالأصل المذكور بخطوط من تقدم ذكرهم من أئمة السلف كما شرح كثيرا
من غريب ألفاظها ونبه على ما يحتاج إلى التنبيه. مما لا يخفى على كل ذي فطنة نبيه
(فجاءت) بحمد الله ترفل في حلل التحرير والاتقان وبهاء الرونق والجمال * وتفتخر
بظهورها في هذا العصر السعيد عصر الفضائل والكمال * فلا غرو إذا اقبل عليها
المحبون لنشر كتب الدين وتعميم المعارف * واستظلوا في رياض العرفان بظلها الوارف
وتنافسوا في اقتناء هذا الكتاب * الذي يعجز عن حصر أوصافه الجميلة بلغاء
الكتاب وقد قتل فيه * وإن كنت أقل واصفيه
مدونة الامام الحبر مالك * لها التعظيم في كل الممالك
وكيف وانها أبهى كتاب * أضاءت من كواكبه الحوالك
ومنه شريعة المختار صارت * موضحة مسهلة المسالك
لان امامنا بجوار طه * امام الدار ليس له مشارك
وشاهد تابعين لخير صحب * فكان له بذا أقوى المدارك
فيا هذا عليك بما حواه * كتاب قد أتى لك من امامك
وقاله لحسن قبول هذى * لتحظى بالمسرة في زمانك
فهذا فيه خيرات حسان * من الشرع الشريف لحسن حالك
وهذا فيه من أقوال طه * ألوف قد أتت لشفاء دائك

458
فداء الجهل ليس له طبيب * سوى علم يبالغ في دوائك
فخذ هذا الكتاب بكل عزم * ليمنحك الزيادة في بهائك
وأنفق في حيازته نفيسا * من الأموال لا تبخل لمالك
فقبل الآن كان أعز شئ * وجودا وهو لم يخطر ببالك
إلى أن قيض الرحمن شهما * به وافى فاضحي في جوارك
فقل لمحمد الساسي تمتع * بأنواع النعيم على الأرائك
فان ثواب هذا الصنع يبقى * بجنات لكي ترقى هنالك
وقد تمت وبالخيرات عمت * مدونة الامام الحبر مالك
وكان تمام طبعها الجميل الفائق. واكمال تحسين شكلها البهي الرائق. بدار الطباعة
العامرة. ذات الأدوات الكاملة والآلات الباهرة. المسماة بمطبعة السعادة. التي
مركزها بمصر امام دار المحافظة بأول درب سعادة. المنسوبة انشاء وإدارة لحضرة
ذي الأدب الوافر والطبع الزاهر والخلق الجميل. الفاضل الكامل محمد أفندي
إسماعيل. أدام الله له القبول. وبلغه غاية المأمول. وذلك في ظل من أفاض على
رعاياه سيل احسانه وفضله. وغمرهم بسابغ امتنانه وأنامهم في ظلال عدله. عزيز
مصر الأكرم. ومليكها الداوري الأعظم. من سعدت الأيام في عهده. وأوتى من
خلاصة الأخلاق الكريمة الانسانية قسطا لا ينبغي لاحد من بعده. الملحوظ بعين العناية
الصمدانية والمحروس بالسبع المثاني. مولانا الخديو المعظم (عباس حلمي الثاني)
لا زال مرعيا برعاية ذي الجلال والاكرام. مسرورا باتجاله وأشباله الأمراء الفخام
وقد فاح مسك الختام. وبدر بدر التمام. في العشر الأخير من شهر رمضان المعظم. ومن
العام الرابع والعشرين بعد الف وثلاثمائة من هجرة النبي الأعظم. صلى الله وسلم
عليه وعلى آله وأصحابه. وعترته وتابعيه وسائر أحزابه آمين

459
ولما نجز من هذه المدونة الطبع. وراق رقمها على هذا الوضع. قرظها شاعر
الاسلام. في بلاد الشام. صاحب (كتاب أبدع ما نظم في الأخلاق والحكم)
الشيخ يوسف بن عبد الغنى سنو الحسيني بهذه الأبيات الأبية. الآتية على بعض
محاسنها الكمالية. زاد الله (مالكها) شيخ الأمة. وأعظم الأئمة. المجتهد الأول. فيما
عليه من العبادات والمعاملات المعول. وقربا من جواره. في دار قراره. ما شرح الله
للمطالع صدرا. في فهم مدونته الكبرى. بجاه أشرف أنبياه. عليه في كل حين
صلاة وسلام عززا بآمين
ان المدونة الكبرى لمالكها * عن (مالك) العلم أفتى ذي جدي وجدا
امام طيبة أولى الناس أولهم * لسنة المصطفى والصحب مجتهدا
توحى درايتها عقبى الرواية ما * بالطبع مثلها الطبع السليم ندى
لي مرجع الكتب الست الصحيحة (لا * تستفت) عنى (فيهم منهم أحدا)
دونت مع أربعين الف مسألة * الفي حديث صحيح ضوعفت عددا
تتلو ثلاثين ألفا بعد ستتها * اثار صدق لها التحقيق قد شهدا
انى لناشرها الساسي معترف * بالفضل في الفصل ذي مجد سما وجدي
محمد نجل موسى التونسي فتى * لطبع كل نفيس العلم مد يدا
شرقية من أقاصي غربها طلعت * كالشمس (بينة من ربكم وهدى)
بعيد عشرة أجيال زكت كذ كا احكام احكامها ما زال معتمدا
لم أدر لما بدت مشكاة نور هدى * أضاء (أم جنة الخلد التي وعدا)
بها تغالوا قضاة العالمين ولا * والله (لن تفلحوا) في غيرها (ابدا)
في فهم ما استنبطته من أدلتها * أصلا وفرعا وترجيحا ومستندا
ما دون اللب تاريخا يناسبه * (يا رب هئ لنا من أمرنا رشدا)
128 * 213. 15. 81. 90. 292. 505
سنة 1324

460
(تنبيه) بعد أن انتهى طبع الجزء المشتمل على كتاب الحج الأول بمدة طويلة طبع فيها كثير
من الاجزاء وجد بعض من تصفحها للوقوف عليها من ذوي الدراية والعرفان هذا
السماع الآتي وكان ذلك بحضرة جماعة من أكابر العلماء فاطلعوا كلهم عليه فأشاروا
باثباته حرصا على الفوائد فأثبتناه عملا بإشارتهم وهذا نصه
سمع جميعه عبد العزيز بن عامر من الفقه أبى عمران موسى بن علي حدثني به عن أبي
الحسن علي بن محمد بن خلف القابسي عن أبي الحسن علي بن محمد بن مسرور
الدباغ عن أحمد عن سحنون. وعن أبي الحسن القابسي أيضا عن أبي محمد عبد الله بن
مسرور عن عيسى بن مسكين عن سحنون بن سعيد وكان سماعي على أبي عمران في
ذي القعدة سنة ثمان وعشرين وأربعمائة من الهجرة بالقيروان انتهى

461
بسم الله الرحمن الرحيم
(ترجمة الامام أبى عبد الله مالك بن انس رضي الله تعالى عنه)
هو امام الأئمة أبو عبد الله مالك بن انس بن مالك بن أبي عامر بن عمرو بن الحارث
ينتهي نسبه إلى يعرب بن يشجب بن قحطان الأصبحي نسبة لذي أصبح بفتح الهمزة
وسكون الصاد المهملة وفتح الباء واسمه الحارث بن عوف ومن ولد يعرب فهو من
بيوت الملوك لان القاعدة عند العرب إذا جاءا في النسب بذي يكون من ذلك. جده
الأدنى مالك بن أبي عامر من كبار التابعين وعلمائهم يروي عن عمر وعثمان وطلحة
وعائشة وأبي هريرة وحسان وغيرهم رضي الله تعالى عنهم وهو من الأربعة الذين
حملوا عثمان رضي الله تعالى عنه ليلا إلى قبره وغسلوه ودفنوه واختلف في جده
الأعلى أبي عامر فقال القاضي عياض انه صحابي جليل وقال غيره انه كان في زمن النبي
صلى الله عليه وسلم ولم يلقه وقد سمع من عثمان بن عفان فهو تابعي مخضرم قال الحافظ
الذهبي لم أر أحدا ذكره في الصحابة (واما الامام رضي الله تعالى عنه) فهو عالم
المدينة وامام دار الهجرة وأوحد الأئمة الاعلام وصدر صدور الاسلام وأكمل العقلاء
واعقل الفضلاء قد ورث حديث الرسول ونشر في أمته الاحكام والفصول. اخذ
العلم عن تسعمائة شيخ فأكثر وما أفتى حتى شهد له سبعون اماما انه أهل لذلك
وكتب بيده مائة الف حديث وجلس للدرس وهو ابن سبعة عشر عاما وصارت
حلقته أكبر من حلقات مشايخه في حياتهم. وقد قال رضي الله تعالى عنه قل رجل
كنت أتعلم منه ما مات حتى يجيئني ويستفتيني وكان الناس يزدحمون على بابه لاخذ
الحديث والفقه كازدحامهم على باب السلطان وكان له حاجب يأذن للدخول عليه
فيأذن أولا للخاصة فإذا فرغوا أذن للعامة. وكان رضي الله تعالى عنه إذا أراد أن

463
يجلس للحديث اغتسل وتطيب ولبس ثيابا جددا وتعمم وسرح لحيته وصلى ركعتين
قعد على منصته بخشوع ووقار ومنع الناس ان يرفعوا أصواتهم وأمر ان يبخر
المجلس بالعود من أوله إلى فراغه تعظيما للحديث حتى بلغ من تعظيمه له انه لدغته عقرب
ست عشرة مرة وهو يحدث فصار يصفر ويتلوى حتى تم المجلس ولم يقطع كلامه أدبا
مع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان إذا أكثر أصحابه سؤاله كفهم وقال
حسبكم من أكثر فقد أخطأ ومن أحب ان يجيب عن مسألة فليعرض نفسه على
الجنة والنار ثم يجيب وقد أدركناهم إذا سئل أحدهم فكأن الموت أشرف عليه
وكان رضي الله تعالى عنه يقول بلغني ان العلماء يسئلون يوم القيامة عما يسئل عنه
الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. وكأن يقول ليس العلم بكثرة الرواية إنما هو نور يضعه
الله تعالى في القلب. وقيل له ما تقول في طلب العلم فقال حسن جميل ولكن انظر
ما يلزمك من حين تصبح إلى أن تمسى فالزمه وكان رضي الله تعالى عنه يقول لا ينبغي
للعالم ان يتكلم بالعلم عند من لا يطيعه فإنه ذلك وإهانة للعالم (ومن وصيته) للامام
الشافعي رضي الله تعالى عنهما عند فراقه له ان قال له لا تسكن الريف فيضيع علمك
واكتسب الدرهم ولا تكن عالة على الناس واتخذ لك ذا جاه ظهرا لئلا تستخف
بك العامة ولا تدخل على ذي سلطنة الا وعنده من يعرفك وإذا جلست عند كبير
فليكن بينك وبينه فسحة لئلا يأتي إليه من هو أقرب منك فيدنيه ويبعدك فيحصل
في نفسك شئ. وسئل رضي الله عنه عن ثمان وأربعين مسألة فقال في ثنتين وثلاثين
منها لا أدرى وقال ينبغي للعام ان يورث جلساءه لا أدرى ليكون أصلا في أيديهم
يفزعون إليه * وكان رضي الله عنه مهيبا جدا يقام بين يديه الرجل كما يقام بين يدي
الأمراء وكانت العلماء تقتدي بعلمه والأمراء تستضئ برأيه والعامة منقادة إلى قوله
فكان يأمر فيمتثل امره لغير سلطان ويقول فلا يسئل عن دليل على قوله ويأتي
بالجواب فما يجسر أحد على مراجعته لشدة هيبته * وقد دخل على الخليفة المنصور
العباسي وهو على فراشي وصبي يدخل ويخرج مترددا إلى مجلس الخليفة فقال له الخليفة

464
أتدري من هذا هو ابني وإنما يفزع من هيبتك (وفيه أنشد)
يأبى الجواب فلا يراجع هيبة * والسائلون نواكس الأذقان
أدب الوقار وعز سلطان التقى * فهو المطاع وليس ذا سلطان
(وكان) رضي الله تعالى عنه يقول في فتياه ما شاء الله لا قوة الا بالله. والرواة عنه فيهم
كثرة جدا بحيث لا يعرف لاحد من الأئمة رواة كرواته وقد الف الخطيب كتابا
في الرواة عنه (وسئل) رضي الله عنه عن معنى قوله تعالى الرحمن على العرش استوى
فعرق وأطرق وصار ينكت بعوده في يده ثم رفع رأسه وقال الكيف منه غير
معقول والاستواء منه غير مجهول والايمان به واجب والسؤال عنه بدعة وأظنك
صاحب بدعة وأمر بالسائل فأخرج كذا في طبقات الشعراني * وقد اثنى عليه كثير
من الأئمة (قال) الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه إذا جاء الأثر فمالك النجم وإذا ذكر
العلماء فمالك النجم الثاقب ولم يبلغ أحد مبلغ مالك في العلم لحفظه واتقانه وصيانته وما
أحد آمن على في علم الله من مالك وجعلت مالكا حجة بيني وبين الله تعالى (وقال)
سفيان بن عيينة رحم الله مالكا ما كان أشد انتقاده للرجال وكأن لا يبلغ من
الحديث الا ما كان صحيحا ولا يحدث إلا عن ثقات الناس (وقال) عبد الرحمن بن مهدي
ما بقي على وجه الأرض آمن على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من
مالك بن انس ولا اقدم عليه في صحة الحديث أحدا وما رأيت اعقل منه وقال يحيى
ابن سعيد القطان ويحيى بن معين مالك أمير المؤمنين في الحديث زاد ابن معين كان
مالك من حجج الله على خلقه وهو امام من أئمة المسلمين مجمع على فضله. وقال حماد بن
زيد لرجل جاءه في مسألة اختلف الناس فيها يا أخي ان أردت السلامة لدينك فسل
عالم المدينة واصغ إلى قوله فإنه حجة مالك بن انس امام الناس (وقال) حماد بن سلمة لو
قيل لي اختر لامة محمد صلى الله عليه وسلم اماما يأخذون عنه دينهم لرأيت مالكا
لذلك موضعا وأهلا ورأيت ذلك صلاحا للأمة. وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل
لأبيه من أثبت أصحاب الزهري قال مالك أثبت في كل شئ وقال أبو قدامة مالك

465
احفظ أهل زمانه (وقال) الليث بن سعد والله ما على وجه الأرض أحب إلي من مالك
وقال اللهم زد من عمري في عمره وقال الليث بن سد أيضا علم مالك علم نقى علم
مالك أمإن لمن اخذ به من الأنام. وكان يحيى بن سعيد يقول مالك رحمة لهذه الأمة
وقال ابن وهب سمعت مناديا ينادى بالمدينة الا لا يفتى الناس الا مالك بن انى
وابن أبي ذئب وروى الحافظ بن عبد البر انه مكث يفتى الناس ويعلمهم نحوا من
سبعين سنة وشهد له التابعون بالفقه والحديث (وقال الشافعي رضي الله تعالى عنه) قال
لي محمد بن الحسن أيهما اعلم صاحبنا أم صاحبكم يعنى أبا حنيفة ومالكا رضي الله تعالى
عنهما قال قلت على الانصاف قال نعم قال قلت ناشدتك الله من اعلم بالقرآن صاحبنا
أم صاحبكم قال اللهم صاحبكم قال قلت ناشدتك الله من اعلم بالسنة صاحبنا أم
صاحبكم قال اللهم صاحبكم قال قلت ناشدتك الله من اعلم بأقاويل أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وسلم المتقدمين صاحبنا أم صاحبكم قال اللهم صاحبكم قال الشافعي
فلم يبق الا القياس والقياس لا يكون الا على هذه الأشياء فعلى اي شئ نقيس
(وكان) الأوزاعي إذا ذكر مالكا قال قال عالم العلماء وعالم أهل المدينة ومفتى الحرمين
وقال ابن عيينة لما بلغته وفاه ما ترك على الأرض مثله وقال ملك امام وعالم أهل الحجاز
ومالك حجة في زمانه ومالك سراج الأمة وإنما كنا نتبع اثار مالك وقدمه أحمد بن حنبل
على الثوري والليث والحكم وحماد والأوزاعي في العلم وقال هو امام في الحديث
والفقه وسئل عمن تريد أن تكتب الحديث وفي رأى من تنظر فقال حديث مالك
ورأي مالك (وقال) سفيان بن عيينة في حديث (يوشك ان يضرب الناس أكباد
الإبل يطلبون العلم فلا يجدون عالما اعلم من عالم المدينة. أخرجه مالك والترمذي
وحسنه النسائي والحاكم وصححه عن أبي هريرة مرفوعا) نرى انه مالك بن انس وفي
رواية كانوا يرونه مالك بن انس قال ابن مهدي يعنى سفيان بقوله كانوا التابعين وقال
غيره هو اخبار عن غيره من نظرائه أو ممن هو فوقه. وفي رواية عن سفيان كنت
أقول هو بن المسيب حتى قلت كن في زمانه سليمان بن يسار وسالم وغيرهما ثم

466
أصبحت اليوم أقول إنه مالك وذلك أنه عاش حتى لم يبق له نظير بالمدينة قال القاضي
عبد الوهاب لا ينازعنا في هذا الحديث أحد من أرباب المذاهب إذ ليس منهم من له
امام من أهل المدينة فيقول هو امامي ونحن نقول إنه صاحبنا بشهادة السلف له وبأنه
إذا أطلق بين العلماء قال علم المدينة وامام دار الهجرة فالمراد به مالك دون غيره من
علمائها (قال عياض) فوجه احتجاجنا بهذا الحديث من ثلاثة أوجه. الأول تأويل
السلف ان المراد به مالك وما كانوا ليقولوا ذلك إلا عن تحقيق. الثاني شهادة السلف
الصالح له واجماعهم على تقديمه يظهر انه المراد إذ لم تحصل الأوصاف التي فيه لغيره
ولا أطبقوا على هذه الشهادة لسواه. الثالث ما نبه عليه بعض الشيوخ ان طلبة العلم
لم يضربوا أكباد الإبل من شرق الأرض وغربها إلى عالم ولا رحلوا إليه من الآفاق
رحلتهم إلى مالك (شعر)
فالناس أكيس من يحمدوا رجلا * من غير أن يجدوا آثار احسان
(وروى) أبو نعيم عن المثنى بن سعيد قال سمعت مالكا يقول ما بت ليلة الا رأيت
فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم (واخرج) ابن عبد البر وغيره عن مصعب بن عبد
الله الزبيري عن أبيه قال كنت جالسا بمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم مع مالك فجاء
رجل فقال أيكم أبو عبد الله مالك فقالوا هذا فجاء فسلم عليه واعتنقه وقبله بين عينيه
وضمه إلى صدره وقال والله لقد رأيت البارحة رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا
في هذا الموضع فقال هاتوا مالكا فأتى بك ترع فرائصك فقال ليس عليك بأس
يا أبا عبد الله وكناك وقال اجلس فجلست فقال افتح حجرك ففتحت فملأه مسكا
منثورا وقال ضمه إليك وبثه في أمتي فبكى مالك طويلا وقال الرؤيا تسر ولا تغر وان
صدقت رؤياك فهو العلم الذي أو دعني الله تعالى (وعن الدراوردي رحمه الله) قال
رأيت في المنام اني دخلت مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيت النبي صلى الله
عليه وسلم يعظ الناس إذ دخل مالك فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم قال إلي إلي
فأقبل حتى دنا منه صلى الله عليه وسلم فنزع رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتمه من

467
إصبعه ووضعه في خنصر مالك رضي الله تعالى عنه قال فأولته العلم قد أودعه النبي صلى
الله عليه وسلم إليه (وعن الشافعي رضي الله تعالى عنه) قال رأيت على باب مالك
دواب من أفراس خراسان جاءته هديد وقيل من مصر ما رأيت أحسن منها فقلت له
ما أحسن هذه فقال هي هدية منى إليك فقلت دع لنفسك منها دابة تركبها فقال إني
لأستحي من الله تعالى ان أطأ تربة فيها نبي الله صلى الله عليه وسلم بحافر دابة (وقال)
الواقدي كان مالك رضي الله تعالى عنه يأتي المسجد ويشهد الصلوات والجمعة والجنائز
ويعود المرضى ويقضي الحقوق ويجلس في المسجد ويجتمع إليه أصحابه ثم ترك الجلوس
في المسجد فكان يصلى وينصرف إلى مجلسه وترك حضور الجنائز فكان يأتي أهلها
فيعزيهم ثم ترك ذلك كله فلم يكن يشهد الصلوات في المسجد ولا الجمعة ولا يأتي أحدا
يعزيه واحتمل الناس له ذلك لاجتهاده مدة خمس وعشرين سنة حتى مات عليه وكان
ربما قيل له في ذلك فيقول ليس كل الناس يقدر ان يتكلم بعذره * وقد سعى به إلى حعفر
بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس رضي الله عنهما وهو عم أبي جعفر المنصور وقالوا
له انه لا يرى ايمان بيعتكم هذه بشئ فغضب جعفر ودعا به وجرده وضربه بالسياط ومدت
يده حتى انخلعت كتفه وارتكب منه جعفرا امرا عظيما فلم يزل بعد ذلك الضرب في
علو ورفعة وكأنما كانت تلك السياط حليا حلى به * وبالجملة فترجمته رضي الله تعالى
عنه تحتمل عدة أسفار كبار وقد أفردها جماعة من المتقدمين والمتأخرين بالتصانيف
العديدة قال ابن عبد البر الف الناس في فضائله كتبا عديدة * وقد ولد رضي الله تعالى
عنه سنة ثلاث وتسعين على الأشهر وقيل سنة تسعين وقيل غير ذلك وحملت له أمه
وهي العالية بنت شريك بن عبد الرحمن الأزدية وقيل إنها طلحة مولاة عبيد الله بن
معمر ثلاث سنين على المعروف وقيل سنتين قال ابن سعد أنبأنا مطرف بن عبد الله
اليساري قال كان مالك بن انس طويلا عظيم الهامة أصلع ابيض الرأس واللحية ابيض
شديد البياض إلى الشقرة وكان يلبس الثياب العدنية الرفيعة ويكره حلق الشارب
ويعيبه ولا يغير شيبه وقال مصعب الزبيري كان مالك من أحسن الناس وجها

468
وأحلاهم عينا وأنقاهم بياضا وأتمهم طولا في جودة بدن وقيل كان ربعة والمشهور
الأول ومرض مالك رضي الله عنه يوم الأحد فأقام مريضا اثنين وعشرين يوما ومات
يوم الأحد لعشر خلون وقيل لأربع عشرة خلت من ربيع الأول سنة تسع وسبعين
ومائة وقال سحنون عن عبد الله بن نافع توفى مالك وهو ابن سبع وثمانين سنة وقال
الواقدي بلغ تسعين سنة وترك من الأولاد يحيى ومحمد وحمادا وأم أبيها قال ابن شعبان
ويحيى يرى عن أبيه نسخة من الموطأ ويروى عنه باليمن روى عنه محمد بن مسلمة.
وابنه محمد بن يحيى قدم مصر وكتب عنه حدث عنه الحارث بن مسكين * وقد
بلغت تركة الامام رضي الله عنه ثلاثة آلاف دينار وثلاثمائة دينار وقال بكر بن سليم
الصواف دخلنا على مالك في العشية التي قبض فيها فقلنا كيف تجدك قال لا أدرى
ما أقول لكم الا انكم ستعاينون غدا من عفو الله ما لم يكن في حساب قال ثم ما برحنا
حتى أغمضناه رحمه الله تعالى رواه الخطيب وقيل إنه تشهد ثم قال لله الامر من قبل
ومن بعد. ورأي عمر بن يحيى بن سعيد الأنصاري ليلة مات الامام مالك رضي الله
تعالى عنه قائلا يقول
لقد أصبح الاسلام زعزع ركنه * غداة ثوى الهادي لدى ملحد القبر
امام الهدى ما زال للعلم صائنا * عليه سلام الله في آخر الدهر
قال فانتبهت وكتبت البيتين في السراج وإذا بصارخة على مالك رحمه لله تعالى وأوصى
رضي الله عنه ان يكفن في بعض ثيابه ويصلى عليه بموضع الجنائز فصلى عليه عبد الله
ابن محمد من ذرية عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما وهو يومئذ والى المدينة
المشرفة وصلى عليه معه أكثر الناس ودفن بالبقيع وقبره مشهور وعليه قبة ونزل في
قبره جماعة من الأكابر (قال ابن القاسم) كنا عند مالك في مرضه الذي مات فيه
فدخل ابن الدراوردي فقال يا أبا عبد الله رأيت البارحة رؤيا أتسمعها منى فقال قل قال
رأيت رجلا ينزل من السماء عليه ثياب بيض وبيده سجل ينشره ما بين السماء والأرض
ثلاث مرات يقول هذه براءة لمالك من النار فبينا انا أحدثه إذ دخل عليه رسول

469
الأمير فقال يا أبا عبد الله ان مؤذن مسجد المدينة رأى البارحة رؤيا فسمعتها منه فقص
عليه مثل ذلك فقال مالك الله المستعان ما شاء الله كان (وعن أبي زكريا) قال سمعت
الشافعي رضي الله تعالى عنه يقول قالت لي عمتي ونحن بمكة رأيت في هذه الليلة رؤيا
قلت وما هي قالت رأيت قائلا يقول مات الليلة اعلم أهل الأرض فحسبنا ذلك اليوم
فكان اليوم الذي مات فيه مالك رضى الله تعالى عنه (ورأي) بعض الصالحين مالكا
رضي الله تعالى عنه بعد موته في المنام فقال له ما فعل الله بك قال غفر لي قال بماذا قال
بكلمة سمعتها عن عثمان رضي الله تعالى عنه انه كان إذا رأى ميتا قال الله لا إله إلا هو
الحي القيوم سبحان الحي الذي لا يموت فأدمت قولها فأدخلني الله الجنة (وعن)
يونس بن عبد الأعلى قال سمعت بشر بن بكر يقول رأيت الأوزاعي في المنام مع
جماعة من العلماء في الجنة فقلت له أين مالك فقيل رفع فلت بماذا قال بصدقه (ورثاه)
أبو محمد جعفر بن أحمد بن الحسين السراج بقوله
سقى جدثا ضم البقيع لمالك * من المزن مرعاد السحائب مبراق
امام موطأه الذي طبقت به * أقاليم في الدنيا فساح وآفاق
أقام به شرع لنبي محمد * له حذر م ان يضام واشفاق
له سند عال صحيح وهيبة * فللكل منه حين يرويه اطراق
وأصحاب صدق كلهم علم فسل * بهم انهم ان أنت ساءلت حذاق
ولو لم يكن الا ابن إدريس وحده * كفاه الا ان السعادة ارزاق
والله سبحانه وتعالى اعلم
(ترجمة الامام عبد الرحمن بن القاسم رضي الله تعالى عنه)
هو أبو عبد الله عبد الرحمن بن القاسم بن خالد بن جنادة العتقي بالولاء الفقيه المالكي
جمع رضي الله تعالى عنه بين الزهد والعلم وتفقه بالامام مالك رضي الله تعالى عنه
ونظرائه وصحب مالكا عشرين سنة وانتفع به أصحاب مالك بعد موت مالك وهو

470
صاحب المدونة وهي من أجل كتبهم وعنه اخذ سحنون وقد اثنى عليه العلماء الأعلام
ففي الديباج قال النسائي ابن القاسم رجل صالح ثقة سبحان الله ما أحسن حديثه
وأصحه عن مالك ليس يختلف في كلمة ولم يرو أحد الموطأ عن مالك أثبت من ابن
القاسم وليس أحد من أصحاب مالك عندي مثله قيل له فأشهب قال ولا اشهب
ولا غيره وهو أعجب من العجب الفضل والزهد وصحة الرواية وحسن الحديث
يشهد له انتهى * وكنت ولادته رضى الله تعالى عنه في سنة اثنتين وقيل سنة ثلاث
وثلاثين ومائة وقيل سنة ثمان وعشرين ومائة * وتوفى سنة احدى وتسعين ومائة ليلة
الجمعة لسبع ليال مضين من صفر بمصر ودفن خارج باب القرافة الصغرى قبالة قبر
اشهب الفقيه المالكي وقبراهما بالقرب من السور * وجناده بضم الجيم وفتح النون
وبعد الألف دال مهملة مفتوحة ثم هاء ساكنة. والعتقي بضم العين المهملة وفتح التاء
المثناة من فوقها وبعدها قاف وهذه النسبة إلى العتقاء وليسوا من قبيلة واحدة بل هم
من قبائل شتى قال أبو عبد الله القضاعي كانت القبائل التي نزلت الظاهر العتقاء وهم
جماع من القبائل كانوا يقطعون الطريق على من أراد النبي صلى الله عليه وسلم
فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فأتى بهم أسرى فأعتقهم فقيل لهم العتقاء
ولما فتح عمرو بن العص رضي الله عنه مصر وكان ذلك يوم الجمعة مستهل المحرم
سنة عشرين للهجرة كان العتقاء معه معدودين في أهل الراية وإنما قيل لهم أهل
الراية لان العرب كانوا يجعلون لكل بطن منهم راية يعرفون بها * ولما فتح عمرو بن
العاص رضي الله تعالى عنه الإسكندرية ورجع عمرو إلى الفسطاط اختط الناس بها
خططهم ثم جاء العتقاء بعدهم فلم يجدوا موضعا يختطون فيه عند أهل الراية فشكوا
ذلك إلى عمرو فقال لهم معاوية بن خديج وكان يتولى امر الخطط أرى لكم ان
تظهروا على هذه القبائل فتتخذوا منزلا وتسموه الظاهر ففعلوا ذلك فقيل لهم
أهل الظاهر لذلك ذكر هذا كله أبو عمرو محمد بن يوسف بن يعقوب التجيبي في
كتاب خطط مصر وهي فائدة غريبة يحتاج إليها ا ه‍ ملخصا من ابن خلكان

471
(ترجمة الامام سحنون رضي الله تعالى عنه)
هو أبو سعيد عبد السلام بن سعيد التنوخي الملقب بسحنون الفقيه المالكي قرأ على
الامام عبد الرحمن بن القاسم وابن وهب وأشهب ثم انتهت إليه الرياسة في العلم
بالمغرب وكان رحمه الله تعالى يقول قبح الله الفقر أدركنا مالكا وقرأنا على ابن القاسم
وولى القضاء بالقيروان وعلى قوله المعول بالمغرب وصنف كتاب المدونة في مذهب
الامام مالك رضي الله تعالى عنه وأخذها عن ابن القاسم وعليها يعتمد أهل القيروان
وكان أول من شرع في تصنيف المدونة أسد بن الفرات الفقيه المالكي بعد رجوعه
من العراق وأصلها أسئلة سال عنها ابن القاسم فأجابه عنها وجاء بها أسد إلى القيروان
وكتبها عنه سحنون وكانت تسمى الأسدية ثم رحل بها سحنون إلى ابن القاسم في
سنة ثمان وثمانين ومائة فعرضها عليه وأصلح فيها مسائل ورجع بها إلى القيروان في
سنة احدى وتسعين ومائة وهي في التأليف على ما جمعه أسد ابن الفرات أو لا وبوبه
على ترتيب التصانيف غير مرتبة المسائل ولا مرسمة التراجم فرتب سحنون أكثرها
واحتج لبعض مسائلها بالآثار من روايته من موطأ ابن وهب وغيره وبقيت منها
بقية لم يتم فيها سحنون هذا العمل المذكور ذكر هذا كله القاضي عياض وغيره
(وذكر) بعض الفقهاء المالكية ان الشيخ جمال الدين أبا عمرو المعروف بابن الحاجب
الفقيه المالكي النحوي واسمه عثمان قال إن أسد الدين بن الفرات الفقيه المالكي جاء
من المغرب إلى مصر وقرأ على ابن القاسم واخذ عنه المدونة وكانت مسودة وعاد بها
إلى بلاده فحضر إليه سحنون وطلبها منه لينقلها فبخل عليه بها فرحل سحنون إلى ابن
القاسم واخذ عنه المدونة وقد حررها ابن القاسم فرحل سحنون بها إلى المغرب وعلى
يده كتاب ابن القاسم إلى أسد بن الفرات يقول ففيه يقابل نسخته بنسخة سحنون
فالذي تتفق عليه النسختان يثبت والذي يقع فيه الاختلاف فالرجوع إلى نسخة
سحنون ويمحى من نسخة ابن الفرات فهذه هي الصحيحة فلما وقف ابن الفرات على

472
كتاب ابن القاسم عزم على العمل به فقال له اصحبه ان عملت هذا صار كتاب سحنون
هو الأصل وبطل كتابك وتكون أنت قد اخذته عن سحنون فلم يعمل بكتاب
يا بن القاسم فلما بلغ ابن القاسم الخبر قال اللهم لا تنفع أحدا بابن الفرات ولا بكتابه
فهجره الناس لذلك وهو الآن مهجور وعلى كتاب سحنون يعمل أهل القيروان
وحصل له من الأصحاب والتلامذة ما لم يحصل لاحد من أصحاب مالك مثله وعنه
انتشر مذهب مالك رضي الله تعالى عنه وعلمه بالمغرب * وكانت ولادته رحمه الله
تعالى أول ليلة من شهر رمضان سنة ستين ومائة * وتتوفى يوم الثلاثاء لتسع خلون
من رجب سنة أربعين ومائتين رحمه الله تعالى * وسحنون بفتح السين المهملة
وضمها وسكون الحاء المهملة وضم النون وبعد الواو نون ثانية وفي فتح
السن وضمها كلام من جهة العربية يطول شرحه وليس هذا
موضعه وقد صنف فيه أبو محمد بن السيد البطليوسي جزأ
وقد استوفى الكلام فيه كما ينبغي * ولقب سحنون باسم
طائر حديد الذهن بالمغرب يسمونه سحنونا
لحدة ذهنه وذكائه ذكر ذلك أبو العرب
محمد بن أحمد بن تميم القيرواني في
كتاب طبقات من كان بإفريقية
من العلماء والله سبحانه
وتعالى اعلم اه‍ من
ابن خلكان

473
شهادة
(شيخ المالكية بالديار المصرية)
(ومعه جملة من أكابر فضلاء الأزهر الشريف)
قد اطلع كل من صاحبي الفضيلة الأستاذ الأوحد والجهبذ الأمجد العلم الشهير
والبدر المنير علامة العصر وشيخ مصر مولانا الشيخ سليم البشرى شيخ الشادة
المالكية بالديار المصرية والعلامة الفاضل والفهامة الوحيد الكامل والعالم العامل
الدراكة المحقق المدقق مولانا الأستاذ الشيخ محمد السملوطى أحد أكابر علماء
السادة المالكية بالجامع الأزهر على نسخة المدونة الكبرى راوية الامام سحنون عن
الإمام ابن القاسم المستحضرة من المغرب الأقصى المكتوبة في رق الغزال التي قد جرى
الطبع والتصحيح عليها. وتصفحا كثيرا من اجزائها وأطالا النظر فيها وفيما بحواشيها
من الكتابات التي نمقتها أيدي كثير من أئمة السلف فأعجبا بها كل الاعجاب وكتبا الجملة
الآتية شهادة ما اطلعا عليه من مزايا تلك النسخة الجليلة واظهارا لما شاهدا بها من
المحاسن البديعة والمرجحات العالية فتأيد بذلك الوثوق بها والاعتماد عليها فجزاهما
الله على هذا الصنع المشكور. والعمل المبرور. أحسن الجزاء. وأعلى مقامهما لديه
في مقامات المقربين لديه زلفى من الصالحين والأولياء * وهذا نص ما كتبا نفع الله
بهما وبعلومهما
بحمد الله تعالى قد اطلعنا على نسخة المدونة راوية الامام سحنون بن سعيد
التنوخي عن الامام عبد الرحمن بن القاسم عن عالم المدينة الامام مالك بن انس
الأصبحي رضي الله تعالى عنه التي استحضرها من المغرب الأقصى وطبع عليها بنفقته

475
حضرة الحاج محمد أفندي الساسي المغربي التونسي الشهير فإذا هي مظنة الصحة
والضبط جديرة بالاعتماد عليها. والركون في اجراء الطبع والتصحيح إليها. دون سواها
لقدم عهد كتابتها وكثرة تدوالها بأيدي علماء المالكية المتقدمين ولما على هوامشها
من التقارير والفوائد لبعض أكابر المالكية كالقاضي عياض وابن رشد وغيرهما من
الأئمة الاعلام المتقدمين وهي مكتوبة في رق غزال بخط مغربي واضح كتبها عبد
الملك بن مسرة بن خلف اليحصبي في اجزاء كثيرة جدا وتاريخ كتابتها سنة 476
أربعمائة وست وسبعين من الهجرة النبوية على صاحبها وعلى اله وأصحابه أفضل الصلاة
وأزكى التحية فجزاه الله عن المسلمين خيرا
الفقير إليه تعالى * كتبه الفقير إليه تعالى * كتبه الفقير إلى الله تعالى
سليم البشري * محمد بن إبراهيم السمالوطى * عبد البر احمد منه
شيخ السادة المالكية * المالكي بالأزهر * المالكي في الأزهر
بالأزهر * * عفى الله عنه
كتبه الفقير إلى الله تعالى * كاتبه
عبد الرحمن محمد عليش * محمد محمد عليش
المالكي عفي عنه * المالكي بالأزهر
الامضاء
ناظر الكتبخانة الخديوية المصرية
الحالي

476
/ 1