حاشية الدسوقي (جزء 3) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

حاشية الدسوقي (جزء 3) - نسخه متنی

محمد عرفه دسوقی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید
الكتاب: حاشية الدسوقي
المؤلف: الدسوقي
الجزء: 3
الوفاة: 1230
المجموعة: فقه المذهب المالكي
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر: دار إحياء الكتب العربية - عيسى البابي الحلبي وشركاه
ردمك:
ملاحظات: روجعت هذه الطبعة على النسخة الأميرية وعدة نسخ أخرى
حاشية الدسوقي على الشرح الكبير
للعالم العلامة شمس الدين الشيخ محمد عرفه الدسوقي
على الشرح الكبير لأبي البركات سيدي أحمد الدردير
وبهامشه الشرح المذكور مع تقريرات للعلامة المحقق سيدي الشيخ محمد عليش
شيخ السادة المالكية رحمة الله
الجزء الثالث

1
باب ينعقد البيع بما يدل على الرضا
قوله: (أي يحصل ويوجد) إنما فسر ينعقد بما ذكر لان انعقاد الشئ عبارة عن تقومه بأجزائه ولا
يصح أن يفسر بيصح أو يلزم لأنه قد يحصل البيع بالمعاطاة أو غيرها من الصيغ ولا يكون صحيحا
أو لازما والحقائق الشرعية تشمل الصحيح والفاسد. قوله: (عقد معاوضة) أي عقد محتو على عوض
من الجانبين. قوله: (على غير) أي على ذوات غير منافع وغير تمتع أي انتفاع بلذة. قوله: (وتدخل هبة
الثواب الخ) أي ويدخل فيه أيضا التولية والشركة والإقالة والاخذ بالشفعة وتخرج من الأخص
بقوله ذو مكايسة. قوله: (والصرف) هو بيع النقد بنقد مغاير لنوعه وأما المراطلة فهي بيع النقد
بنقد من نوعه. قوله: (أي لأنه الخ) هذا التفسير من عند الشارح ولما كان مأخوذا من كلام ابن عرفة
قال الشارح كما قال أي ابن عرفة. قوله: (قال) أي ابن عرفة والغالب عرفا أي والغالب إطلاقه في
عرف الفقهاء بمعنى أخص منه أي من المعنى الأعم المتقدم بسبب أن يزاد في التعريف السابق
ذو مكايسة الخ. قوله: (ذو مكايسة) أي صاحب مغالبة ومشاحة خرج هبة الثواب فإنه ليس فيها
مشاححة لأنه متى دفعت القيمة لزم الواهب قبولها ولا يجاب لأزيد والمراد أن شأنه المكايسة والمغالبة
وحينئذ فلا يضر تخلفها في بعض الافراد كبيع الاستئمان. قوله: (أحد عوضيه غير ذهب ولا فضة) أي
وأما العوض الآخر فصادق بأن يكون ذهبا أو فضة أو غيرهما بأن يكون عوضا وخرج بهذا القيد
الصرف والمراطلة فإنه ليس أحد العوضين فيهما غير ذهب ولا فضة بل العوضان ذهب أو فضة في
المراطلة أو أحدهما ذهب والآخر فضة في الصرف. قوله: (معين غير العين فيه) إضافة غير فيه للعموم

2
أي معين فيه كل ما خالف العين خرج السلم فإن غير العين فيه ليس معينا بل في الذمة والمراد بالمعين
ما ليس في الذمة فيشمل الغائب فبيع الغائب ليس سلما لان غير العين فيه معين والحاصل أن العين
لا يجب أن تكون معينة في البيع والسلم وأما غير العين فيجب أن يكون معينا في البيع وغير معين
في السلم. فإن قلت ظاهر كلامه أن رأس المال في السلم لا بد أن يكون عينا مع أنه يجوز أن يكون
عرضا. قلت المراد بالعين رأس المال نقدا كان أو عرضا وإنما آثر العين بالذكر نظرا للشأن ا ه‍
عدوي. قوله: (بما يدل على الرضا) أي بسبب وجود ما يدل على الرضا من العاقدين وأشار الشارح
بقوله أي بشئ الخ إلى أن ما في كلام المصنف يصح أن تكون نكرة وأن تكون معرفة وهو أولى
لان الموصول يعم دائما وهو المراد هنا وأما النكرة في سياق الاثبات فقد تعم وقد لا تعم. قوله: (بما يدل)
أي عرفا سواء دل على الرضا لغة أيضا أو لا فالأول كبعت واشتريت وغيره من الأقوال والثاني
كالكتابة والإشارة والمعاطاة. قوله: (منهما أو من أحدهما) راجع للقول وما بعده أي من قول من
الجانبين أو كتابة منهما أو قول من أحدهما وكتابة من الآخر أو إشارة منهما أو من جانب وقول أو
كتابة من الآخر. قوله: (وإن بمعاطاة) أي هذا إذا كان دال الرضا غير معاطاة بأن كان قولا أو
كتابة أو إشارة بل وإن كان دال الرضا معاطاة وفاقا لأحمد وخلافا للشافعي القائل لا بد من القول
من الجانبين مطلقا أي كان البيع من المحقرات أم لا ولأبي حنيفة في غير المحقرات فلا بد فيها من
القول عنده من الجانبين وتكفي المعاطاة في المحقرات. قوله: (ولزوم البيع فيها) أي في المعاطاة
بالتقابض أي بالقبض من الجانبين فمن أخذ رغيفا من شخص ودفع له ثمنه فلا يجوز له رده وأخذ
بدله للشك في التماثل بخلاف ما لو أخذ الرغيف ولم يدفع ثمنه فيجوز له رده وأخذ بدله لعدم لزوم البيع.
قوله: (ولا يتوقف العقد) أي صحة العقد وقوله: فيجوز أن يتصرف فيه بالأكل ونحوه أي كالصدقة
قبل دفع ثمنه أي إن وجد من الآخر ما يدل على الرضا وإلا لم ينعقد بيع بينهما وأكله غير حلال انظر بن.
قوله: (وإن حصل الرضا بقول المشتري للبائع بعني) أشار الشارح إلى أن قول المصنف وببعني الخ
مدخول للمبالغة فهو عطف على بمعاطاة وليس من أفرادها وهو من ذكر الخاص بعد العام
لاندراج هذا تحت قوله بما يدل على الرضا كما أن كل مبالغة ذكرها بعد المبالغ عليه كذلك وحاصله
أنه كما ينعقد البيع بالمعاطاة ينعقد بتقدم القبول من المشتري على الايجاب من البائع بأن يقول
المشتري بعني فيقول له البائع بعتك خلافا للشافعي في هذه وفيما قبلها ولهذا أتى بهذه عقب قوله وأن
بمعاطاة لدخولها معها في حيز المبالغة. قوله: (ويقول المشتري اشتريت ونحوه) أي كأخذتها أو
رضيت بها بكذا. قوله: (وقع في محله) أي لان الأصل في الايجاب أن يقع من البائع أو لا ويقع القبول
من المشتري ثانيا. قوله: (انعقاد البيع) أي لزومه وليس لأحدهما الانفكاك عنه أي بقول المشتري
أولا بعني فيقول له البائع بعتك. قوله: (وهو قول راجح) هو قول مالك في كتاب محمد وقول ابن
القاسم وعيسى في كتاب ابن مزير واختاره ابن المواز ورجحه أبو إسحاق واقتصر عليه ا ه‍ خش
والحاصل أن الماضي ينعقد به البيع اتفاقا ولا عبرة بقول من أتى به أنه لم يرد البيع أو الشراء ولو
حلف والمضارع إن حلف من أتى به أنه لم يرد البيع أو الشراء قبل قوله ولألزم وأما الامر فهل هو
كالماضي وهو قول مالك وابن القاسم في غير المدونة أو كالمضارع وهو قول ابن القاسم في المدونة.
قوله: (ولكن الأرجح والمعمول عليه أن عليه اليمين) لأنه قول ابن القاسم في المدونة كذا قال عج

3
لكن كلام بن نقلا عن ح يقتضي اعتماد ظاهر المصنف من انعقاد البيع ولو قال المشتري لا أرضى
أو كنت هازلا ولو حلف ونصه من المعلوم أن قول ابن القاسم في المدونة مقدم على قوله
وقول غيره في غيرها لكن لما كان ابن القاسم في المدونة استند في هذه المسألة للقياس على مسألة
التسوق وكان قياسه هذا مطعونا فيه اعتمد المصنف البحث فيه فجزم باللزوم ولو رجع المشتري
وحلف وهو المعتمد ا ه‍. قوله: (كما في مسألة التسوق الآتية) مراده بها قول المصنف الآتي وحلف
وإلا لزم أن قال إلى قوله أخذتها بدليل ما يأتي. قوله: (وإلا لم يلزمه الشراء) أي وإلا بأن حلف أنه لم يرض
وإنما كان هازلا لم يلزمه الشراء. قوله: (لان دلالة المضارع على البيع) أي في المسألة الآتية أقوى من
دلالة الامر عليه أي في هذه المسألة أي وقد قالوا يطلب اليمين من الراجع في المسألة الآتية مع كونه
آتيا بالمضارع الأقوى دلالة فليكن طلب اليمين من الراجع في هذه المسألة التي عبر فيها الراجع بالأمر
بالطريق الأولى كذا قال الشارح تبعا لعبق وتعقبه بن قائلا فيه نظر لان المطلوب في انعقاد
البيع ما يدل على الرضا ودلالة الامر على الرضا أقوى من دلالة المضارع عليه لان صيغة الامر تدل
على الرضا عرفا وإن كان في أصل اللغة محتملا بخلاف المضارع فإنه لا يدل عليه والحاصل أن المطلوب
في انعقاد البيع ما يدل على الرضا عرفا وإن كان محتملا لذلك لغة فالماضي لما كان دالا على الرضا
من غير احتمال انعقد البيع به من غير نزاع والامر كبعني إنما يدل لغة على الامر بالبيع له أو التماسه منه
إلا أنه محتمل لرضاه به وعدمه لكن العرف دل على رضاه به وحينئذ فيستوي الامر مع الماضي.
قوله: (كذلك) أي بصيغة الماضي. قوله: (في الصورتين) أي المصدرتين بالماضي أعني ابتعت وبعتك.
قوله: (بأي شئ يدل الخ) أي من قول أو كتابة أو إشارة. قوله: (مثلا) أي ولو حلف أنه لم يرد البيع.
قوله: (وهو كذلك عند ابن القاسم) أي وقبله ابن يونس وأبو الحسن وابن عبد السلام والمؤلف وابن
عرفة. قوله: (حيث فرق بين الماضي) أي فقال بلزوم البيع به ولو حلف أنه لم يرض وقوله والمضارع
أي فقال أنه يلزم به البيع ما لم يحلف أنه لم يرد البيع وأنه لم يرض به. قوله: (ولا ترد) أي اليمين على
الثاني. قوله: (إن قال أبيعكها بكذا الخ) أي وأما لو عرض رجل سلعته للبيع وقال من أتاني بعشرة
فهي له فأتاه رجل بذلك إن سمع كلامه أو بلغه فالبيع لازم وليس للبائع منعه وإن لم يسمعه ولا بلغه فلا
شئ له ذكره في نوازل البرزلي ومثله في المعيار ا ه‍ بن. قوله: (أنه ما أراد البيع) أي وإنما أراد الوعد
أو المزح. قوله: (لم أرد الشراء) أي وإنما أردت الوعد به أو المزح والهزل لان هزل البيع ليس جدا
وإنما يكون الهزل جدا في النكاح والطلاق والرجعة والعتق كما مر. قوله: (فمحل الحلف فيهما الخ)
أي ومحله أيضا ما لم يكن في الكلام تردد وإلا فلا يقبل منه يمين ويلزم من تكلم بالمضارع أولا اتفاقا
لان تردد الكلام يدل على أنه غير لاعب وذلك كأن يقول المشتري يا فلان بعني سلعتك بعشرة
فيقول لا فيقول له بأحد عشر فيقول لا ثم يقول البائع أبيعكها باثني عشر فيقول المشتري قبلت
فيلزم البيع ولا رجوع للبائع بعد ذلك ولو حلف أنه لم يرد بيعا. قوله: (فإن كان عدم الرضا قبل رضا
الآخر فله الرد ولا يمين) هذا لا يخالف ما لابن رشد من أنه إذا رجع أحد المتبايعين عما أوجبه لصاحبه
قبل أن يجيبه الآخر لم يفده رجوعه إذا أجابه صاحبه بعد بالقبول لأنه في صيغة يلزمه بها الايجاب
أو القبول كصيغة الماضي وكلام المصنف في صيغة المضارع كما هو لفظه فإذا أتى أحدهما بصيغة الماضي
ورجع قبل الرضا الآخر لم يفده رجوعه إذا رضي صاحبه بعد ذلك. قوله: (أي وحلف البائع وإلا لزمه

4
البيع إن تسوق بها الخ) هذا مذهب المدونة وقيل يلزم البيع ولا عبرة بدعواه عدم الرضا ولو حلف
وهو قول مالك في العتبية وفصل الأبهري فقال إن أشبه ما سماه أن يكون ثمنا للسلعة لزم البيع وإلا
حلف وهذه الأقوال الثلاثة جارية في صورة المنطوق والمعتمد أولها وهو الحلف عند عدم القرينة
وإلا لزم وأما في صورة المفهوم فليس فيها إلا القول الأول كما قال ابن رشد قال وذهب بعض الناس
إلى أن الخلاف موجود أيضا فيما إذا كانت غير موقوفة للسوم انظر بن وعلى هذا فيزاد في المفهوم
قول رابع وهو ما ذكره خش. قوله: (مفهوم موافقة) أي كما قال ابن رشد وهو المعتمد كما قاله شيخنا
العدوي والعلامة بن خلافا لخش حيث ضعفه واعتمد أن المفهوم مفهوم مخالفة وأن غير الموقوفة
للسوم يقبل قول ربها أنه لاعب بلا يمين. قوله: (إن قامت قرينة الخ) إنما عمل بالقرينة لان اليمين للتهمة
وهي تنتفي بالقرينة كما قاله بن. قوله: (إذا حصل تماكس وتردد بينهما) أي بأن قال المشتري اشتريتها
بخمسين فقال البائع لا فقال له بستين فقال البائع لا فقال له المشتري بكم تبيعها فقال بمائة فقال
المشتري أخذتها. قوله: (وإن لم تقم الخ) هذه الحالة محمل كلام المصنف. تنبيه: لا يضر في البيع الفصل
بين الايجاب والقبول إلا أن يخرجا عن البيع لغيره عرفا وللبائع إلزام المشتري في المزايدة ولو طال
الزمان أو انفض المجلس حيث لم يجر العرف بعدم إلزامه كما عندنا بمصر من أن الرجل إذا زاد في
السلعة وأعرض عنه صاحبها أو انفض المجلس فإنه لا يلزمه بها وهذا ما لم تكن السلعة بيد ذلك
المشتري وإلا كان لربها إلزامه بها. قوله: (وشرط صحة عقد عاقده) إنما قدر المضاف الثاني لان الذي
يتصف بالصحة وعدمها هو العقد لا العاقد وإنما قدر المضاف الأول لقوله الآتي ولزومه تكليف فإن
الذي يقابل اللزوم الصحة وقد يقال الأولى حذفه لان التمييز شرط في وجود العقد لا في صحته فالمراد
شرط وجود عقد عاقده لان فقد التمييز يمنع انعقاد البيع بحيث لا توجد حقيقته لفقد ما يدل على
الرضا لا صحته مع وجود حقيقته تأمل ا ه‍ بن. قوله: (فلا ينعقد من غير مميز) خلافا لما في طفى من
صحة العقد من غير المميز إلا أنه غير لازم فجعل التمييز شرطا في لزومه وما ذكره الشارح هو ظاهر
المصنف تبعا لابن الحاجب وابن شاس ويشهد له قول القاضي عبد الوهاب في التلقين وفساد البيع
يكون لأمور منها ما يرجع إلى المتعاقدين مثل أن يكونا أو أحدهما ممن لا يصح عقده كالصغير والمجنون
أو غير عالم بالبيع وقول ابن بزيرة في شرحه لم يختلف العلماء أن بيع الصغير والمجنون باطل لعدم
التمييز وقول أبي عبد الله المقري في قواعده أن العقد من غير تمييز فاسد عند مالك وأبي حنيفة
لتوقف انتقال الملك على الرضا لقول النبي (ص): لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب
نفس فلا بد من رضا معتبر وهو مفقود من غير المميز نظر بن. قوله: (واستثنى من المفهوم الخ) أي
فكأنه قال فلا ينعقد بيع غير المميز إلا أن يكون عدم تمييزه بسكر أدخله على نفسه ففي عدم انعقاد
بيعه تردد. قوله: (وطريقة ابن شعبان) أي وابن شاس وابن الحاجب. قوله: (إذ يوهم أنه في الصحة
وعدمها) أي يوهم أن أحد الترددين قائل بصحة البيع والآخر قائل بعدم صحته مع أنه ليس كذلك كما
علمت. قوله: (ما غيب العقل) أي مطلقا سواء كان مع نشأة وطرب أو لا غيب الحواس أيضا أولا.
قوله: (لكنه لا يلزم) أي فله إذا أفاق أن يرده وأن يمضيه وكذا يقال في إقراراته وسائر عقوده. قوله: (كسائر
العقود) أي وهي كل ما يتوقف على إيجاب وقبول وأما غيرها من الطلاق وما بعده فهي اخراجات

5
ولا تتوقف على إيجاب وقبول. قوله: (كسائر العقود والاقرارات بخلاف الطلاق الخ) ظاهره
يقتضي أن هذا التفصيل جار في الطافح ومن عنده نوع من التمييز وليس كذلك بل الطافح كالمجنون
لا يؤاخذ بشئ أصلا لا جنايات ولا غيرها وإنما التفصيل فيمن عنده من نوع من التمييز قال ابن رشد في
كتاب النكاح إذا كان السكران لا يعرف الأرض من السماء ولا الرجل من المرأة فلا خلاف أنه
كالمجنون في جميع أحواله وأقواله إلا فيما ذهب وقته من الصلوات فإنه لا يسقط عنه بخلاف المجنون
وإن كان السكران عنده بقية من عقله فقال ابن نافع يجوز عليه كل ما فعل من بيع وغيره وتلزمه
الجنايات والعتق والطلاق والحدود ولا يلزمه الاقرار والعقود وهو مذهب مالك وعامة أصحابه وهو
أظهر الأقوال وأولاها بالصواب ا ه‍ فتبين أن التفصيل إنما هو في النوع الثاني لا في كليهما وما
ذكره ابن رشد نحوه للباجي والمازري على ما في ح عنه ا ه‍ بن وقد يجاب عن الشارح بأن أل
في العقود والاقرارات عوض عن المضاف إليه أي كسائر عقوده وإقراراته أي من عنده نوع تمييز
فإنها لا تلزمه بخلاف طلاقه وعتقه فيلزمه. قوله: (على تقدير الثالث) أي وهو الطوع أي وأما الدليل
على تقدير الثاني وهو الرشد فهو قول المصنف في باب الحجر وللولي رد تصرف مميز أي غير رشيد ولا
يضر بعد موضع القرينة لان الكتاب كالشئ الواحد. قوله: (على المذهب) ومقابله أنه إذا أكره
على سبب البيع فباع كان البيع لازما للمصلحة وهي الرفق بالمسجون لئلا يتباعد الناس من الشراء
فيهلك المظلوم وهذا القول لابن كنانة قد اختاره المتأخرون وأفتى به اللخمي والسيوري ومال إليه
ابن عرفة وأفتى به ابن هلال والعقباني وجرى به العامل بفاس كذا في بن وفيه أيضا أن من أكره
على سبب البيع إذا سلفه انسان دراهم كان له الرجوع بها عليه بخلاف ما إذا ضمنه انسان فدفع
المال عنه لعدمه فإنه لا رجوع له عليه وإنما يرجع على الظالم وذلك لان للمكره أن يقول للحميل
أنت ظلمت ومالك لم تدفعه لي بخلاف المسلف وهذا هو الصواب خلافا لما في عبق من عدم رجوع
المسلف كالحميل على المكره بل على الظالم. قوله: (جبرا حراما) أي وأما لو أجبر على البيع جبرا حلالا
كان البيع لازما كجبره على بيع الدار لتوسعة المسجد أو الطريق أو المقبر أو على بيع سلعة لوفاء
دين أو لنفقة زوجة أو ولد أو الأبوين ومن الجبر الحلال الجبر على البيع لأجل وفاء ما عليه من الخراج
الحق كما قاله شيخنا العدوي. قوله: (فيصح ولا يلزم) أي وحينئذ فيخير البائع إن شاء دفع الثمن للمشتري
وأخذ سلعته التي أكره على بيعها وإن شاء تركها للمشتري وأمضى البيع فقوله ورد عليه أي على
البائع أي إن أراد البائع الرد وله أن يمضيه. قوله: (بلا ثمن الخ) أي ويرجع المشتري على الظالم أو وكيله
بالثمن وسواء علم المشتري بأنه مكره أم لا تولى المكره بالفتح قبض الثمن بيده أو قبضه غيره. قوله: (هذا
خاص الخ) وقد اعتمد بعضهم أن الاكراه على سبب البيع كالاكراه على البيع في أن البائع إنما
يرد المبيع إذا رد الثمن للمشتري والحاصل أن الاكراه على سبب البيع فيه أقوال ثلاثة قيل أنه لازم
وبه العمل وفيه أنه غير لازم وعليه إذا رد المبيع فهل يرد بالثمن وهو المعتمد أو بلا ثمن وهو ما مشى
عليه المصنف وبقي قول رابع لسحنون وحاصله أن المضغوط إن كان قبض الثمن رد المبيع بالثمن
وإلا فلا يغرمه وأما الاكراه على البيع فهو غير لازم ويرد المبيع إن شاء البائع بالثمن قولا واحدا.
قوله: (إلا لبينة) تشهد بتلفه من البائع بلا تفريط منه أي فلا يلزمه رد الثمن حينئذ وظاهره أن البائع
إذا ادعى التلف من غير تفريط ولم يكن له بينة بذلك لم يصدق وهو قول وقيل أنه يصدق بيمين كالمودع.
قوله: (في جبر عامل) المراد به من يلتزم بالبلد أو الإقليم ويظلم الناس وكذا كل حاكم ظلم في حكمه كقائم
مقام الذي ينزل البلد من طرف الملتزم. قوله: (لكان أحسن) أي لان قوله مضى يوهم أن جبر

6
العامل على بيع ما بيده لوفاء ما ظلم فيه غيره غير جائز ابتداء وإن كان يمضي البيع بعد الوقوع
والنزول مع أنه جائز بل واجب وأجاب بن بأن معنى قوله ومضى في جبر عامل أي ومضى عمل
القضاة بجواز البيع في جبر عامل وهو إشارة لقول ابن رشد الذي مضى عليه عمل القضاة أن من
تصرف للسلطان في أخذ المال وإعطائه أنه إذا ضغط له فبيعه جائز ولا رجوع له فيه وإن كان لم
يتصرف في أخذ المال وإعطائه فلا يشتري منه إذا ضغط فإن اشترى منه فله القيام وهو صحيح
لأنه إذا ضغط فيما خرج عليه من المال الذي تصرف فيه وتبين أنه حصل عنده شئ منه فلم يضغط
إلا فيما صار عنده من أموال الناس. قوله: (ومحل بيع الخ) يعني أن محل جبر السلطان للعامل على البيع
لأجل أن يوفي من ثمنه ما ظلم فيه إذا لم يكن العامل غصب أعيانا واستمرت باقية عنده وعلم ربها وإلا
أخذها ربها. قوله: (ومصحف) أي ولو كان بقراءة شاذة كمصحف ابن مسعود لأنه ككتب العلم
وقول الشارح وكتب حديث لا مفهوم له بل يمنع بيع كتب العلم لهم مطلقا وظاهره ولو كان
الكافر الذي يشتري ما ذكر يعظمه وهو كذلك لان مجرد تملكه له إهانة ويمنع أيضا بيع التوراة
والإنجيل لهم لأنها مبدلة ففيه إعانة لهم على ضلالهم واعلم أنه كما يمنع بيع ما ذكر لهم تمنع أيضا هبته لهم
والتصدق به عليهم ويمضي الهبة والصدقة عليهم من المسلم بذلك بعد الوقوع ولكن يجبرون على
اخراجه من ملكهم كالبيع لهم. قوله: (كبيع جارية لأهل الفساد) أي أو بيع أرض لتتخذ كنيسة
أو خمارة والخشبة لمن يتخذها صليبه والعنب لمن يعصره خمرا والنحاس لمن يتخذه ناقوسا وكذا يمنع
أن يباع للحربيين آلة الحرب من سلاح أو كراع أو سرج وكل ما يتقون به في الحرب من نحاس
أو خباء أو ماعون ويجبرون على اخراج ذلك وأما بيع الطعام لهم فقال ابن يونس عن ابن حبيب
يجوز في الهدنة وأما في غير الهدنة فلا يجوز والذي في المعيار عن الشاطبي أن المذهب المنع مطلقا
وهو الذي عزاه ابن فرحون في التبصرة وابن جزى في القوانين لابن القاسم وذكر في المعيار
أيضا عن الشاطبي أن بيع الشمع لهم ممنوع إذا كانوا يستعينون به على إضرار المسلمين فإن كان
لأعيادهم فمكروه انظر بن. قوله: (واجبر المشتري من غير فسخ للبيع على اخراجه) هذا هو
المشهور كما قال المازري وهو مذهب المدونة ومقابله أنه يفسخ البيع إذا كان المبيع قائما
ونسبه سحنون لأكثر أصحاب مالك قال ابن رشد والخلاف مقيد بما إذا علم البائع أن المشتري
كافر أما إذا ظن أنه مسلم فإنه لا يفسخ بلا خلاف ويجبر على اخراجه من ملكه ببيع ونحوه ا ه‍ بن.
قوله: (ببيع) لم يذكره المصنف لعلمه بالأولى مما ذكره من العتق والهبة والذي يتولى بيعه
الامام لا السيد الكافر لان فيه إهانة للمسلم بخلاف العتق والهبة والصدقة فإن السيد الكافر
يتولاها وليس توليته لها كتولية البيع في إهانة المسلم فإن تولى الكافر بيعه نقضه الامام وباعه
هو كما قاله بعضهم. قوله: (ولو لولدها الصغير) هذا مبالغة في الاكتفاء في الاخراج عن الملك بالهبة أي
ولو كانت تلك الهبة صادرة من كافرة اشترته ووهبته لولدها الصغير أي أو من كافر اشتراه ووهبه
لولده الصغير فالأب كالأم والأنثى فرض مسألة. قوله: (على الأرجح الخ) ما رجحه ابن يونس هو
قول ابن الكاتب وأبي بكر بن عبد الرحمن ورد المصنف بلو قول ابن شاس أن هبتها لولدها الصغير
لا تكفي في الاخراج وإنما ذكر المصنف الصغير مع أن الصغير والكبير سواء في الاعتصار منهما
لان فيه فرض الخلاف والترجيح عند ابن يونس وأما الهبة للكبير فإنها تكفي في الاخراج اتفاقا
لقدرته على إفاتة الاعتصار بالتصرف بخلاف الصغير فإنه محجور عليه ا ه‍ بن. قوله: (ولا رهن)

7
أي ولا يكفي الاخراج برهن. قوله: (فيؤخذ الرهن) أي الذي هو العبد المسلم الذي رهنه الكافر في
الدين الذي عليه ويباع ويدفع ثمنه لمالكه الكافر ولا يبقى العبد رهنا لان فيه استمرار ملك
الكافر على المسلم. قوله: (وأتى برهن ثقة) أي إذا لم يرض المرتهن ببقاء دينه بلا رهن. قوله: (إن كان
موسرا) أي أن محل كون الرهن يباع ويأتي الراهن برهن ثقة بالشرطين المذكورين وإلا عجل
الدين إن كان الراهن موسرا الخ وقوله فإن كان عرضا من بيع أي والموضوع أن الراهن موسر.
قوله: (بأن كان عينا) أي مطلقا من بيع أو من قرض. قوله: (بقي) أي بقي العبد الذي أسلم رهنا.
قوله: (بشرطه) أي المتقدم وهو قوله إن كان أي ذلك المعتق موسرا والدين مما يعجل فإن كان مما لا يعجل
خير المرتهن في تعجيل الدين وفي الاتيان له برهن مكان العبد وإن كان المعتق معسرا تحتم رد العتق
وبقاء العبد رهنا. قوله: (وجاز للمشتري رده) أي رد العبد المسلم وفرض بن المسألة فيما إذا طرأ
إسلام العبد بعد بيعه قال وحينئذ فلا يرد البحث بأن البيع هنا من السلطان وبيع السلطان بيع
براءة ولا موجب لتخصيص عبق القاعدة ببيع المفلس ا ه‍ فعلى هذا لو كان الاسلام سابقا على
البيع لم يكن للمشتري رده بالعيب خلافا للشارح حيث قال وإذا باع الكافر عبده المسلم الخ فقد
فرض الكلام في عبد إسلامه سابق على بيعه فتأمل. قوله: (بخيار لمسلم) أي لمشتر مسلم وقوله أو كافر
صادق بأن يكون ذلك الكافر الذي جعل له الخيار مشتريا أو كان هو البائع. قوله: (وفي خيار الخ)
الجار والمجرور متعلق بيمهل ولما قدمه عليه أوقع الظاهر موقع المضمر والعكس والأصل ويمهل
مشتر مسلم في خياره لانقضائه ا ه‍ بن. قوله: (فإن رده الخ) أي وإن أجاز المشتري المسلم البيع فالامر
ظاهر. قوله: (وإن أسلم في خيار الكافر الخ) أشار المؤلف لقول المدونة لو باع نصراني عبدا نصرانيا
من نصراني بخيار للمشتري أو للبائع فأسلم العبد في أيام الخيار لم يفسخ البيع وقيل لمالك الخيار
اختر أو رد ثم بع على من صار إليه ا ه‍ وظاهر كلام المصنف أن الكافر يستعجل سواء كان العاقد
معه مسلما أو كافرا والذي في نص ابن يونس أن محل ذلك إذا كان العاقدان كافرين أما إن كان
أحدهما مسلما لم يعجل إذ قد يصير للمسلم منهما وقد نقل كلامه في التوضيح واعتمده مقتصرا عليه
وليس فيه ما يشير إلى ضعفه فقول عبق أن كلام ابن يونس ضعيف كما في التوضيح وغيره والمعتمد
إطلاق المصنف فيه نظر انظر بن والحاصل أنه إذا كان المشتري مسلما وكان الخيار له وحصل
إسلام العبد في مدة خياره فإنه يمهل لانقضاء أمد خياره اتفاقا وإن كان المشتري مسلما وكان الخيار
لبائعه الكافر فظاهر المصنف أنه يستعجل والمعتمد ما قاله ابن يونس من الامهال لانقضاء أمد الخيار
لاحتمال أن البائع صاحب الخيار يجيز البيع لذلك المسلم. قوله: (بالامضاء) أي بإمضاء البيع أو رده
فإن أمضى البيع أجبر المشتري على اخراجه من ملكه بما مر وإن رد البيع أجبر البائع على اخراجه
بما مر. قوله: (كبيعه إن أسلم وبعدت غيبة سيده) محل الاستعجال ببيعيه في الحالة المذكورة إذا كان
لا يرجى قدوم سيده فإن رجى قدومه انتظر كما في أبي الحسن على المدونة انظر بن. قوله: (بأن
يكون على عشرة أيام) أي مع أمن الطريق. قوله: (على الخوف) أي مع الخوف في الطريق.

8
قوله: (فإن أجاب) أي باخراجه بواحد مما مر فالامر ظاهر. قوله: (وفي البائع يمنع من الامضاء) ذكر
ابن الحاجب في هذا قولين وهما مخرجان كما نقله ابن شاس عن المازري على أن بيع الخيار هل هو
منحل فيمنع من الامضاء لأنه كابتداء بيع أو منبرم فيجوز قال في التوضيح والمعروف من المذهب
انحلاله ثم قال والظاهر المنع ولو قلنا أنه منبرم إذ لا فرق بين أن يكون بيد السيد رفع تقريره وبين
ابتدائه بجامع تملك الكافر للمسلم في الوجهين ا ه‍ وحاصله أنه لا فرق في حرمة الامضاء سواء قلنا أنه
منبرم وأن الذي بيد السيد رفع تقريره أو قلنا أنه منحل وأن بيد السيد ابتداء تقريره لملك الكافر
للمسلم في الوجهين فقد اعتمد المصنف ما هو مخرج على المعروف من المذهب مع أن المنصوص لابن
محرز خلافه ونصه ولو كان البائع مسلما والخيار له وأسلم العبد فواضح كون المسلم على خياره ولو كان
الخيار للمشتري احتمل بقاء الخيار لمدته إذ الملك للبائع وتعجيله إذ لا حرمة لعقد الكافر ا ه‍ ونقله
ابن عرفة وأقره وبه نظر المواق في كلام المصنف ا ه‍ بن. قوله: (استعجل) أي في إمضاء البيع أو رده
فإن رده فلا كلام وإن أمضاه أجبر على اخراجه من ملكه بواحد مما مر. قوله: (وفي جواز الخ) يريد
أن الكافر إذا أسلم عبده وقلنا أنه يجبر على بيعه فهل يجوز للامام أن يبيعه على خيار لمالكه أو
للمشتري لما فيه من طلب الاستقصاء للكافر في الثمن وفي العدول عنه تضييق على الكافر ولا يدفع
ضرر العبد لضرر السيد الكافر أو لا يجوز لبقاء المسلم في ملك الكافر زمن الخيار طريقتان
فقوله تردد أي طريقتان لبعض المتأخرين الأولى لعياض والثانية لابن رشد كما في أبي الحسن
وعلى الثاني إذا بيع بخيار فالظاهر فسخ البيع وعلى الأول فهل أمد الخيار جمعة هنا كغيره
أو ثلاثة أيام طريقتان. قوله: (فلا يجوز الخ) أي بل يجب بيعه بتا. قوله: (أو كان الأب عند المشتري)
أي قبل شراء الولد. قوله: (وإلا جاز) أي وإلا بأن كان معه أبوه جاز مطلقا كان على دين مشتريه أم لا.
قوله: (وهو قيد في قوله مطلق) قال بن فيه نظر بل الظاهر أنه شرط في كل من التأويلين فلو قدمه عليهما
فقال وهل منع الصغير إذا لم يكن معه أبوه مطلق أو إذا لم يكن على دين مشتريه تأويلان كان أولى ويدل
لذلك كلام عياض انظر التوضيح و ح ومفهوم القيد أنه إذ كان معه أبوه فلا كلام بالنسبة للابن
لأنه تابع لأبيه وإنما ينظر للأب فإن كان على دين مشتريه جاز وإلا فلا كما قال المصنف وجاز شراء بالغ
على دينه فقول شارحنا تبعا لعبق وإلا بأن كان معه أبوه جاز أي مطلقا غير صحيح كما علمت ا ه‍.
قوله: (وأما المجوسي) أي وأما الصغير المجوسي يمنع بيعه لكافر اتفاقا كان معه أبوه أم لا؟ قوله: (على المشهور)
أي كما أن كبار المجوس يمنع بيعهم لكافر على المشهور سواء كان المشتري موافقا لذلك المبيع في الاعتقاد
أم لا. قوله: (مقابلان لظاهر المدونة) أي فهما ضعيفان وقوله من المنع مطلقا بيان لظاهر المدونة السابق
الراجح. قوله: (من المنع مطلقا) أي منع البيع الصغير لكافر سواء كان ذلك الصغير كتابيا أو مجوسيا كان
على دين مشتريه أم لا كان معه أبوه أم لا لان الصغير يجبر على الاسلام ولو كتابيا فهو مسلم حكما.
قوله: (مطلقا) أي صغيرا أو كبيرا. قوله: (وقدم الأول) أي وهو التهديد أي التخويف بالضرب والمراد بالثاني
الضرب بالفعل. قوله: (وله شراء بالغ) أي شراؤه من مسلم أو من كافر. قوله: (إن أقام) أي إن شرط عليه

9
حين البيع الإقامة به. قوله: (كما هو أحد التأويلين) أي السابقين في كلام المصنف. قوله: (خالف
ما تقدم) أي لما مر أن الراجح مذهب المدونة وهو منع بيع الصغير للكافر مطلقا كان مجوسيا
أو كتابيا على دين مشتريه أم لا كان معه أبوه أم لا. قوله: (وهو عين قوله فيما مر وصغير لكافر) أي
فيكون مكررا وأجاب بعضهم باختيار عطفه على النفي وهو وإن كان عين قوله فيما مر وصغير
لكافر لكنه كرره للتنبيه على ما فيه من الترجيح نعم الترجيح هنا ليس لابن يونس بل لعياض
فكان على المصنف أن يقول على الأصح. قوله: (وعدم نهي) أي عن بيعه. قوله: (وجهل به) أي وعدم
جهل به. قوله: (أي أصلية باقية الخ) فيه أنه يرد على مفهومه الخمر إذا تحجر أو خلل فلو قال عوض
أصلية باقية أو عوض الخ حالية أو مالية أو يقول حاصلة أو مستحصلة لكان ظاهرا ويدخل الثوب
المتنجس ولا يدخل الخمر في قولنا أو مالية لأنه إذا تحجر أو خلل لا يبقى خمرا فهو ما دام خمرا لا يطهر
أبدا تأمل. قوله: (أو عرض لها) لعل الأولى له أي للمعقود عليه المتصف بالطهارة الأصلية.
قوله: (ويجب تبيينه) أي ما ذكر من النجاسة ولو قال تبيينها كان أوضح. قوله: (وجب للمشتري الخيار)
أي ولو كان لا يصلي ولا ينقص الثوب الغسل على ما استظهره ح. قوله: (أو لا يمكن طهارته) أي
أو كانت نجاسته عارضة ولكن لا يمكن طهارته والأنسب أن يقول أو لا يمكن زوالها. قوله: (كزبل الخ)
مشى المصنف على قياس ابن القاسم له على العذرة بناء على قول مالك يمنع بيعها فدل كلام
المصنف على أن العذرة ممنوعة بالأولى وقد حصل ح في بيع العذرة أربعة أقوال المنع لمالك على
فهم الأكثر للمدونة والكراهة على ظاهرها وفهم أبي الحسن لها والجواز لابن الماجشون والفرق
بين الضرورة لها فيجوز وعدمها فيمنع وهو لأشهب في كتاب محمد وأما الزبل فذكر ابن عرفة
فيه ثلاثة أقوال المنع وهو قياس ابن القاسم له على العذرة في المنع عند مالك وقول لابن القاسم
بجوازه وقول أشهب بجوازه عند الضرورة وتزاد الكراهة على ظاهر المدونة وفهم أبي الحسن
وفي التحفة: ونجس صفقته محظوره ورخصوا في الزبل للضرورة
وهو يفيد أن العمل على جواز بيع الزبل دون العذرة للضرورة ونقله في المعيار عن ابن لب
وهو الذي به العمل عندنا اه‍ بن. قوله: (ولو مكروها) أي هذا إذا كان غير المباح محرما
كالخيل والبغال والحمير بل ولو كان مكروها كسبع وضبع وثعلب وذئب وهر. قوله: (وزيت
تنجس) ما ذكره من أنه لا يصح بيعه هو المشهور من المذهب ومقابله رواية وقعت لمالك جواز
بيعه كان يفتي بها ابن اللباد قال ابن رشد في سماع القرينين في كتاب الصيد ما نصه والمشهور عن
مالك المعلوم من مذهبه في المدونة وغيرها أن بيعه لا يجوز والأظهر في القياس أن بيعه جائز
ممن لا يغش به إذا بين لان تنجيسه بسقوط النجاسة فيه لا يسقط ملك ربه عنه ولا يذهب جملة المنافع
منه ولا يجوز أن يتلف عليه فجاز له أن يبيعه ممن يصرفه فيما كان له هو أن يصرفه فيه وهذا في
الزيت على مذهب من لا يجيز غسله وأما على مذهب من يجيز غسله وروى ذلك عن مالك فسبيله
في البيع سبيل الثوب المتنجس ا ه‍ بن. قوله: (اختيارا) راجع لقوله فلا يصح بيع الخ.

10
قوله: (لكن رجح بعضهم) هو ابن عرفة. قوله: (والمصنف) أي حيث قيد المشرف بالمحرم. قوله: (في بحثه)
أي استظهاره. قوله: (فلا) أي فلا يجوز بيعه سواء كان محرم الأكل أو مباحه. قوله: (لا ككلب
صيد) أي لأنه نهى عن بيعه ففي الحديث: نهى النبي (ص) عن ثمن الكلب ومهر البغي
وحلوان الكاهن وقوله وككلب صيد أي خلافا لسحنون حيث قال: أبيعه وأحج بثمنه، وكلام
التوضيح وغيره يفيد أن الخلاف في مباح الاتخاذ مطلقا سواء كان كلب صيد أو حراسة وأما قول
التحفة: واتفقوا أن كلاب الماشية يجوز بيعها ككلب البادية
فقد انتقد ولده عليه في شرحه حكاية الاتفاق في كلب الحراسة بل الخلاف فيه مثل كلب الصيد.
قوله: (للجلد) الصواب أن قوله للجلد قيد في بيع السبع فقط وأما الهر فيجوز بيعه لينتفع به حيا
وللجلد على ظاهر المدونة وبه شرح المواق خلافا لظاهر المصنف ا ه‍ بن. قوله: (وحامل مقرب)
ومثلها ذو المرض المخوف وما ذكره من جواز بيع ما ذكر نقله ابن محرز وابن رشد عن المذهب
وقطع ابن الحاجب وابن سلمون بأنه الأصح ونقل الباجي عن ابن حبيب منع بيع ذي المرض
المخوف والحامل بعد ستة أشهر. قوله: (أي على تسليمه) أي على تسليم البائع له وعلى تسلم المشتري له.
قوله: (ولم تعلم صفته) منع البيع في هذه الحالة للجهل بصفته لا لعدم القدرة على تسليمه الذي هو
الموضوع تأمل. قوله: (وإلا جاز) نحوه للمتيطي ونصه ويجوز بيع العبد الآبق إذا علم المبتاع موضعه
وصفته وكان عند من يسهل خلاصه منه فإن وجد هذا الآبق على الصفة التي علمها المبتاع قبضه وصح
البيع وإن وجده قد تغير أو تلف كان ضمانه من البائع ويسترجع المبتاع الثمن ا ه‍ بن. قوله: (فإن
كان) أي الغاصب الذي تأخذه الاحكام مقرا. قوله: (جاز) أي بيعه للغاصب من غير رد بالفعل وأولى
إذا رده لربه بالفعل. قوله: (منع) أي منع بيعه للغاصب إذا لم يحصل رده بالفعل. قوله: (فقولان) أي هل
يجوز بيعه للغاصب إذا لم يعزم على عدم رده لربه بأن رده لربه بالفعل أو عزم على رده له أو جهل الحال
فإن عزم على عدم رده لربه لم يصح البيع له. قوله: (لا إن اشتراه) ابن عاشر انظر كيف يتصور مع
فرض بيعه وجود شرط شرائه الذي هو العزم على رده أو رده بالفعل وأجيب بأن محل الشرط
المتقدم إذا كان الغاصب غير مقدور عليه بحيث لا تناله الاحكام وإلا جاز بيعه للغاصب من غير شرط
وعليه ما هنا ا ه‍ بن. تنبيه: من فروع هذه المسألة شريك في دار باع كلها تعديا ثم ملك حظ
شريكه فإن ملكه بإرث رجع فيه ويأخذ نصيبه بالشفعة وإن ملكه بشراء أو هبة أو صدقة فلا رجوع
له. قوله: (أي وقف بيعه) أي إمضاء بيعه فالبيع صحيح والموقوف على رضا المرتهن إمضاؤه ولزومه.

11
قوله: (إن بيع) أي وإنما يكون له الرد إن بيع الخ وحاصله أنه إنما يكون للمرتهن رد بيع الرهن وبقاؤه
رهنا بأحد أمور ثلاثة الأول أن يباع الرهن بأقل من الدين ولم يكمل الراهن للمرتهن دينه فإن كمله له فلا
رد له الثاني أن يباع الرهن بغير جنس الدين ولم يأت الراهن برهن ثقة بدل الأول فإن أتى برهن ثقة
بدل الأول فلا رد للمرتهن ويبقى الدين لأجله والثالث أن يكون الدين مما لا يعجل كعرض من بيع
وإلا فلا رد له ويعجل دينه. قوله: (وبعده) أي وإن باعه الراهن بعد قبضه أي قبض المرتهن له.
قوله: (ووقف ملك غيره) تكلم المصنف على حكم بيع الفضولي بعد الوقوع وأما القدوم عليه فقيل بمنعه
وقيل بجوازه وقيل بمنعه في العقار والجواز في العروض. قوله: (ويطالب الفضولي فقط بالثمن)
أي إذا أجاز المالك بيعه فإنما يطالب بالثمن الفضولي البائع ولا يطالب به المشتري لأنه بإجازته بيعه
صار وكيلا له أي والموكل إنما يطالب بالثمن وكيله لا المشتري من وكيله. قوله: (وكذا) أي يكون لازما
إذا كان البيع بغير حضرة المالك إذا بلغه ذلك البيع وسكت عاما أي من حين علمه أي والحال
أنه ليس هناك مانع يمنعه من القيام وأما لو سكت بعد العلم أقل من عام أو أكثر من عام وكان هناك
مانع يمنعه من قيامه لم يلزم البيع. قوله: (سقط حقه) أي وصار الثمن ملكا للبائع الفضولي. قوله: (وإن
بيع بغيرها) أي وعلم وسكت العام فلا يسقط حقه من الثمن ما لم تمض مدة الحيازة وقوله عشرة أعوام
ظاهره كان المبيع عقارا أو عرضا مع أن الحيازة في العرض مدتها سنة فتأمل ذلك انتهى مؤلف.
تنبيه: محل كون المالك له نقض بيع الفضولي غاصبا أو غيره إن لم يفت المبيع فإن فات بذهاب
عينه فقط كان على الفضولي الأكثر من ثمنه وقيمته غاصبا أو لا. قوله: (فللمشتري الغلة الخ) حاصل
كلامه أن الغلة للمشتري في جميع صور بيع الفضولي إلا في صورة واحدة فالغلة فيها للمالك وهي
إذا علم المشتري أن البائع غير مالك ولم تقم شبهة تنفي عنه العداء وأولى إذا علم بتعدي البائع.
قوله: (والعبد الجاني الخ) لم يذكر حكم الاقدام على بيعه مع علم الجناية وقال ابن عرفة وفي هبتها لابن القاسم
من باع عبده بعد علمه بجنايته لم يجز إلا أن يحمل الأرش ونقل أبو الحسن عن اللخمي الجواز
واستحسنه وهو ظاهر ا ه‍ بن وحاصل فقه المسألة على ما ذكره المصنف والشارح أن العبد الجاني
إذا باعه سيده كان بيعه صحيحا لكنه غير ماض فيتوقف مضيه ولزومه على رضا مستحق الجناية به
لتعلق الجناية برقبة العبد الجاني فإن شاء مستحق الجناية أمضى ذلك البيع وأخذ الثمن وإن شاء رده
وأخذ العبد في الجناية ومحل تخييره على الوجه المذكور إذا لم يدفع له البائع أو المشتري أرش الجناية
وإلا فلا كلام له واعلم أن سيد العبد إذا باعه فإنه يخير أولا بين دفع أرش الجناية وعدم دفعه فإن أبى من
دفعه خير المشتري بين دفعه وعدم دفعه فإن أبى خير المستحق بين إجازته
البيع وأخذ الثمن ورد البيع وأخذ العبد وإذا دفع البائع الأرش فالامر ظاهر وإن دفعه المشتري رجع به على البائع إن كان
أقل من الثمن أو بالثمن إن كان أقل من الأرش وإذا ادعى على البائع العالم بالجناية أنه قد رضي بتحمل
الأرش بسبب بيعه وقال ما رضيت بتحمله طولب باليمين فإن نكل غرم الأرش وإن حلف أنه ما رضي
بتحمله كان لمستحق الجناية رد البيع وأخذ العبد أو إمضاء البيع وأخذ الثمن إن لم يدفع له البائع أو
المشتري الأرش على ما مر. قوله: (على رضا الخ) أي لتعلق الجناية برقبة العبد الجاني. قوله: (فله الرد)

12
أي وأخذ العبد في جنايته إن لم يدفع السيد أو المشتري لرب الجناية أرشها وقوله والامضاء أي إمضاء
بيعه وأخذ الثمن من المشتري. قوله: (وحلف سيده) أي حلف سيد الجاني للمجني عليه وقوله راضيا
بتحملها أي الجناية أي بتحمل أرشها. قوله: (إن ادعى الخ) ينبغي ضبطه بالبناء للمفعول ليشمل ما إذا
ادعى المجني عليه وما إذا ادعى المشتري لماله من الحق ثم محل الحلف إذا باعه بعد علمه بالجناية كما في
المدونة ا ه‍ بن. قوله: (إن لم يدفع له السيد الخ) أي ومحل كون المستحق للجناية له رد البيع وأخذ
العبد أو له إمضاؤه وأخذ الثمن إن لم الخ. قوله: (فالخيار للسيد) أي في دفع الأرش وعدم دفعه أولا فإن
أبى خير المشتري في دفعه وعدم دفعه فإن أبى من دفعه خير المستحق للجناية في رد البيع وأخذ العبد
وفي إمضائه وأخذ الثمن. قوله: (لتعلق حقه بعين العبد) الأولى أن يقول لأنه أسقط له ما كان يملك
بالبيع وإلا فهذه العلة موجودة في مستحق الجناية فلا تنتج تقديم المبتاع. قوله: (فظاهر) أي في أنه
يمضي البيع ولا خيار للمستحق. قوله: (إن كان أقل من الأرش) أي وضاع عليه بقية الأرش.
قوله: (وللمشتري) أي حيث افتكه السيد وقوله إن تعمدها أي الجناية وإلا فلا رد له ويحمل عند جهل
الحال على التعمد كما قال شيخنا. قوله: (لأنها عيب) أي لأنه لا يؤمن من عوده لمثلها وقوله ولم يعلم
المشتري بها حال الشراء أي وأما لو علم بها حال الشراء فلا رد له لدخوله على ذلك العيب. قوله: (ورد
البيع) أي حكم الحاكم برده وقوله في حلفه لأضربنه الخ أي كما إذا قال لعبده إن لم أضربك عشرة
أسواط فأنت حر وإنما أتى المصنف بهذه المسألة في سلك اشتراط القدرة لان البائع لا قدرة له على
تسليمه للمشتري فيحكم الحاكم برد البيع ثم إن فرض المصنف المسألة في الحالف على الضرب تبع
للمدونة وإلا فالمدار على كون الحلف بحريته وكون اليمين على حنث كما في ح وغيره كان المحلوف
عليه الضرب أو غيره ولذا قال شارحنا في حلفه بحرية عبده لأضربنه مثلا أو أحبسنه الخ وأما لو
حلف بالطلاق فإنه ينجز عليه إذا باع ولا يرد البيع عند ابن دينار ومذهب المدونة أنه إذا باعه يضرب
له أجل الايلاء لعله يملكه. قوله: (فلما منع من البيع) أي فلما منع شرعا من البيع وقوله حينئذ أي
حين إذ حلف بحريته. قوله: (ارتفعت) أي انحلت عنه اليمين ولم يلزمه عتق لكونه الاجل قد
انقضى وهو في غير ملكه بمنزلة ما إذا مات قبل انقضاء الأجل لا يقال أنه يلزم من بيعه له العزم على
الضد وحينئذ فيعتق عليه بمجرد البيع لأنا نقول لا يلزم من بيعه له عزمه على الضد لاحتمال أن يكون
ناسيا أو ظن أن المشتري لا يمنعه من ضربه وأن ذلك يفيده. قوله: (ولا يستمر) أي لأنه يعتق عليه
بالحكم وإنما يكون العتق بعد رده لمالكه. قوله: (ودفع بقوله الخ) حاصله أنه إنما صرح بقوله ورد
لملكه مع أنه معلوم من قوله ورد البيع دفعا لما يتوهم من أنه يرد البيع ليضربه ثم يرد للمشتري قال
شيخنا العدوي الأحسن أن يقال إنه إنما ذكر قوله ورد لملكه أي المستمر ردا على ابن دينار القائل
أنه يرد البيع ولكن لا يرد العبد لملكه المستمر بل يعتق بالحكم بعد رده لملكه مثل الحلف على
ضربه ما لا يجوز. قوله: (ورد لملكه) أي المستمر عليه بالحكم. قوله: (مثلا) أي أو خشبة أو حجرا. وله:

13
(قوله أو غيره) أي كمن استأجره أو استعاره مدة وأراد المالك بيعه قبل مضي تلك المدة. قوله: (ودفع
بهذا) أي بالتصريح بجواز بيع هذا ما يتوهم من أن كون البناء عليه يمنع من القدرة على تسليمه
أي وحينئذ فلا يجوز بيعه. قوله: (ولذا عرفها) أي فاللام للكمال. قوله: (لأنها) أي إضاعة المال الكثير
هي التي يشترط في جواز البيع انتفاؤها وذلك لان اخراج العمود من تحت البناء لا بد فيه من
إضاعة المال فلو كان الشرط في جواز البيع انتفاء إضاعة المال مطلقا لما كان البيع المذكور
جائزا لأنه لا بد من إضاعة مال في اخراج العمود من تحت البناء. قوله: (وذلك) أي انتفاء إضاعة المال
الكثير مصور بأن الخ. قوله: (لا كبير ثمن له) أي فيهدم ذلك البناء ويخرج العمود ولا شك أن في ذلك
إضاعة مال إلا أنه مال قليل. قوله: (أو مشرفا على السقوط) أي أو يكون للبناء الذي عليه كبير ثمن إلا
أنه مشرف على السقوط. قوله: (أو يكون المشتري أضعف الخ) هذا ذكره اللخمي واعترضه ح
بأنه لا يخلو عن إضاعة المال إلا أن يكون له في ذلك غرض صحيح لان الثمن يتبع الرغبات. قوله: (وعدم
الجواز) أي عدم جواز القدوم على البيع. قوله: (إذا لم تكن في نظير شئ أصلا) أي بأن رمى في البحر
أو النار وأما إذا كان في مقابلة شئ ولو يسيرا جاز بدليل جواز بيع الغبن. قوله: (فهذا الشرط) أي
الذي ذكره المصنف لجواز القدوم على البيع غير معتبر. قوله: (وأمن كسره) أي اعتقد عدم كسر
العمود عند اخراجه من البناء ليحصل التسليم الحسي ويرجع في أمن كسره لأهل المعرفة.
قوله: (ونقضه الخ) جملة مستأنفة لبيان حكم المسألة لا أنه معطوف على الشروط السابقة وإنما كان نقض
البناء الذي على المعمود على البائع لأنه من تمام التسليم فإن انكسر العمود قبل نقض البناء
فضمانه من البائع. قوله: (على البائع أيضا) أي وهو ما صدر به في الشامل وقوله أو على المشتري أي
وهو الذي صدر به القرافي وذكره صاحب النكت عن بعضهم وعزاه ابن يونس للقابسي قال
شيخنا العدوي أن كلا من القولين قد رجح والظاهر منهما الأول. قوله: (فضمانه إن تلف حال القلع
من البائع) أي لأنه إذا كان قلعه على البائع يصير مثل ما فيه حق توفية وهو لا يضمنه المشتري إلا
بالقبض. قوله: (فوق هواء) أي وأما هواء فوق أرض كأن يقول انسان لصاحب الأرض بعني
عشرة أذرع من الفراغ الذي فوق أرضك أبني فيها بيتا فيجوز ولا يتوقف الجواز على وصف
البناء إذ الأرض لا تتأثر بذلك ويملك المشتري باطن الأرض كما هو المعتمد وأحرى من كلام المصنف
هواء فوق بناء إن وصف بناء الأعلى. قوله: (إن وصف البناء) أي إن وصف ذات البناء من العظم
والخفة والطول والقصر ووصف متعلق البناء أيضا من حجر أو آجر. قوله: (والغرر) أي لان
صاحب الأسفل يرغب في خفة بناء الأعلى وصاحب الأعلى يرغب في ثقل بناء الأسفل فرغبتهما
مختلفة فإذا وصف كل بناءه انتفى الغرر. قوله: (ثم إنه يجري هنا قوله الآتي وهو مضمون) أي لازم
البناء محمول على التأبيد فلا ينفسخ البيع لهدم الأسفل وحينئذ فيلزم البائع صاحب السفل أو
وارثه أو المشتري منه إعادة الأسفل إن هدم وإذا هدم الأعلى كان لصاحبه أو وارثه أو المشترى منه
إعادته. قوله: (بيعا أو إجارة) أي حالة كون ذلك العقد بيعا أو إجارة فالأول كأن يقول انسان لجاره
اشتري منك مغرز هذه الجذوع العشرة من حائطك بكذا أو الثاني كأن يقول له استأجر منك

14
مغرز هذه الجذوع العشرة من حائطك مدة سنتين مثلا بكذا. قوله: (فيلزم البائع الخ) أي لان مشتري
محل الجذوع بمثابة من اشترى علوا على سفل فيلزم صاحب الأسفل إذا انهدم إعادته لأجل أن
يتمكن صاحب الأعلى بالانتفاع. قوله: (إلا أن يذكر مدة الخ) فإن جهل الامر حمل على البيع كما في بن.
قوله: (فإجارة) الأولى فكراء لان أصل الإجارة العقد على منافع العاقل. قوله: (تنفسخ بانهدامه)
أي لتلف ما يستوفي منه. قوله: (مستغنى عنه بقوله وعدم نهي) قد يجاب بأن المراد فيما سبق النهي عن
بيعه الخاص به وإن كان يجوز تملكه لكونه طاهرا منتفعا به ككلب الصيد وقوله هنا وعدم حرمة
أي لتملكه لأنه كان تملكه حراما كخمر وخنزير. قوله: (ولو لبعضه) أي وعدم حرمة ببيعه أو لتملكه
كله بل ولو لبعضه فالأول وهو ما يحرم بيع أو تملك كله ككلبين أو خنزيرين والثاني كثوب وخمر أو
ثوب وكلب بيعا صفقة وكما ذكره الشارح وقوله ولو لبعضه المشار له بلو ما ذكره ابن القصار تخريجا
وهو إبطال الحرام وإمضاء الحلال بما يقابله من الثمن أي والفرض أنهما أو أحدهما علم بحرمة
الحرام. قوله: (ويقيد الخ) أي ويقيد امتناع البيع إذا كان المبيع منهيا عن بيع بعضه بما إذا علما
أو أحدهما بحرمة البعض وإلا فلا يمتنع البيع. قوله: (وإلا فلا) أي وإن لم يدخلا على ذلك أو أحدهما إن
لم يعلما بحرمة البعض فلا يضر وقوله كما إذا اشترى الخ مثال لما إذا لم يعلما بحرمة البعض. قوله: (فإن له
التمسك بالباقي) أي بما يخصه من الثمن ولا يرد على هذا قولهم الصفقة إذا جمعت حلالا وحراما بطلت
كلها لأجل الحرام لأنه محمول على ما إذا دخلا أو أحدهما على ذلك الحرام أي علما أو أحدهما بحرمته
وأما إذا لم يدخلا أو أحدهما على ذلك فإنه يكون من باب العيوب فيفرق بين وجه الصفقة وغيره. قوله: (على
تفصيل سيأتي) وحاصله أن محل جواز التمسك بالباقي بما يخصه من الثمن إذا كان ذلك الباقي
وهو الحلال وجه الصفقة وكان الحرام أقلها أما إن كان الحرام أكثر الصفقة وجب رد الجميع أو
التمسك بالحلال بجميع الثمن ولا يجوز التمسك به بما يقابله من الثمن فقط. تنبيه: قد علم
أنه إذا اشترى قلتي خل فوجد إحداهما خمرا ولم يعلم بذلك واحد منهما فإنه يجوز له أن يتمسك بالخل
بما ينو به من الثمن حيث كان وجه الصفقة ويرجع على البائع بما يخص الخمر من الثمن لفساد بيعه
وهذا ظاهر إذا استمر الخمر على حالته فلو تخلل أو تحجر قبل رده فإنه لا يمنع من رد بيعه والرجوع على
البائع بما يخصه من الثمن لعدم ملك البائع له حين البيع وهل يرد للبائع أو هو رزق ساقه الله للمشتري
قولان الأول لابن أبي زيد والثاني للقابسي انظر بن. قوله: (عدم جهل الخ) أي فلا بد من كون
الثمن والمثمن معلومين للبائع والمشتري وإلا فسد البيع وجهل أحدهما كجهلهما على المذهب سواء
علم العالم منهما بجهل الجاهل أو لا وقيل يخير الجاهل منهما إذ لم يعلم العالم بجهله فإن علم بجهله فسد
البيع كجهلهما معا وقوله وجهل عطف على حرمة. قوله: (كبيع بزنة حجر) أي فلا يصح البيع
للجهل بكمية المثمن وقدره. قوله: (ضر) أي هذا إذا كان الجهل بالجملة والتفصيل معا بل ولو كان
الجهل بالتفصيل فقط ورد بلو قول أشهب وهو قول لابن القاسم أيضا. قوله: (وأما إن تعلق الجهل
بالجملة فقط وعلم التفصيل فلا يفسد البيع) أي بل هو صحيح كما إذا كان كل من الجملة والتفصيل
معلوما كشراء صبرة أو شقة معلومة القدر كل ذراع أو أردب منها بكذا والحاصل أن الأحوال
أربع علم الجملة والتفصيل وجهلهما وجهل الجملة فقط وجهل التفصيل فقط فيفسد البيع
في حالتين ويصح في حالتين. قوله: (ومثل للتفصيل الخ) أي للجهل به أي وأما جهل الجملة والتفصيل معا

15
فكأن يشتري شقة بتمامها غير معلومة القدر بقياس خشبة مجهولة كل خشبة بكذا. قوله: (بالتفاوت)
أي وأما لو كانت الشركة بنسبة واحدة جاز البيع لأنه لا جهل في الثمن في هذه الصورة وحينئذ فلا
تدخل في كلام المصنف إذ تمثيله للجهل بالتفصيل وهذه لا جهل فيها. قوله: (فالثلاث فاسدة) ظاهره
علم المشتري باشتراكهما أم لا وهو كذلك. قوله: (فإن فات) أي المبيع بمفوت من مفوتات البيع
الفاسد الآتية مضى بالثمن أي لأنه بيع مختلف فيه لما علمت من خلاف أشهب. قوله: (كما إذا سميا) أي
عند البيع لكل عبد ثمنا كأشتري هذا بكذا وهذا بكذا. قوله: (أو قوما) أي قبل البيع لأجل فض
الثمن على قيمتهما بأن قوم أحدهما بعشرة والآخر بخمسة واشتراهما المشتري بثمن واحد. قوله: (أو
دخلا على المساواة) أي أو دخلا على تساوي العبدين في الثمن سواء كان لم يحصل منهما تقويم أو بعد
أن حصل منهما تقويم. قوله: (أو جعلا لأحدهما بعينه جزءا معينا الخ) أي بأن اتفقا على أن يجعلا لهذا
العبد ثلث الثمن الذي يباع به العبدان ويجعل للآخر ثلثاه مثلا. قوله: (وكرطل الخ) كما إذا رأيت
الجزار قابضا على شاة قبل ذبحها أو بعده وقبل السلخ فقلت له أشتري منك رطلا منها بدرهم أو
أشتريها منك كلها كل رطل بكذا فيمنع إن كان البيع على البت وأما شراؤها كلها بعد السلخ
كل رطل بكذا فهو جائز وكذا شراء رطل بكذا. قوله: (إذا لم يكن المشتري للرطل) أي أو للشاة كلها
كل رطل بكذا. قوله: (ولو قبل الذبح) أي هذا إذا كان قبل السلخ بل ولو قبل الذبح فيجوز أي لعلم
البائع بصفة لحم شاته أي ومحله أيضا إذا كان البيع على البت وأما لو وقع البيع على أن للمشتري
الخيار كان صحيحا. قوله: (إن رئ) أي قبل العقد وكذا يقال فيما بعده. قوله: (ولو خلصه) رد بلو ما قاله
ابن أبي زيد أنه إذا خلصه فإنه لا يرد ويبقى لمشتريه وغرم قيمته على غرره إن لو جاز بيعه. قوله: (إن لم يزد
على قيمة الخارج) أي بأن كانت الأجرة أقل من قيمة الخارج أو مساوية لها وأما لو كانت الأجرة
أزيد من قيمة الخارج فليس له إلا ما خلصه أو قيمته. قوله: (لا يمنع بيع تراب معدن) أي وأما نفس
المعدن بتمامه فلا يجوز بيعه لما تقدم أن حكمه للامام يقطعه لمن شاء وإنما جاز بيع تراب المعدن دون
تراب الصواغين لخفة الغرر في الأول دون الثاني. وقوله لا يمنع بيع تراب معدن ذهب أو فضة بغير
صنفه أي سواء كان البيع جزافا أو كيلا كما في بن. قوله: (وأما وزنا) أي وأما شراؤها كلها قبل
السلخ وزنا كل رطل بكذا. قوله: (لما فيه من بيع لحم وعرض وزنا) مراده بالعرض الجلد والصوف
وكلامه يقتضي الجواز إذا استثنى ذلك وليس كذلك فالأولى ما قاله غيره أن علة المنع أن الالتفات
للوزن يقتضي أن المقصود اللحم وهو مغيب بخلاف الجزاف فإن المقصود الذات بتمامها وهي مرئية
وعبارة خش وإنما جاز بيعها جزافا لأنها تدخل في ضمان المشتري بالعقد لأن المبيع الذات المرئية
بتمامها كشاة حية بخلاف ما إذا وقع البيع للشاة بتمامها قبل السلخ على الوزن فالمقصود حينئذ
ما شأنه الوزن وهو اللحم فيرجع إلى بيع اللحم المغيب المجهول الصفة ا ه‍ وهي ظاهرة. قوله: (وحنطة
في سنبل وتبن إن بكيل) اعلم أن أحوال الزرع خمسة لأنه إما قائم أو غير قائم والثاني إما قت
وإما منفوش وإما في تبن وإما مخلص والمبيع إما الحب وحده وإما السنبل بما فيه من الحب فإن كان
المبيع الحب وحده فيجوز بالكيل في الأحوال كلها ويجوز جزافا في المخلص فقط دون غيره وإن
كان المبيع السنبل بما فيه من الحب جاز بيعه جزافا في ألقت والقائم دون المنفوش ودون ما في

16
تبنه ما لم يكن رآه وهو في سنبله قائما وحزره وإلا جاز فيهما. قوله: (وبيع حنطة) أي وحدها. قوله: (أو
بعده) أي سواء كانت قتا أو منفوشا. قوله: (إذا لم يتأخر) أي وإلا منع لئلا يكون سلما في معين.
قوله: (وتبن) عطف على سنبل والواو بمعنى أو أي أو في تبن بعد درسها. قوله: (إن وقع بكيل) أي كأشتري كل
هذه الحنطة كل أردب بكذا. قوله: (وجاز بيع قت جزافا) أي وأولى بيع القائم جزافا. قوله: (لا نحو
فول) أي فلا يجوز بيع قته جزافا ولو رآه قائما لعدم إمكان حزره. قوله: (لا منفوشا) أي بيع جزافا
وأولى إذا كان في تبنه وهذا قسيم قوله وقت. قوله: (إن لم يختلف) أي إن كان خروجه عند الناس
لا يختلف في الجودة والصفاء والخضورية والبياض وليس المراد الاختلاف بالقلة والكثرة إذ
لا ينظر لذلك مع كون المبيع الكل أو قدرا معلوما واعلم أنه إذا كان لا يتأخر عصره أكثر من نصف
شهر ولم يختلف خروجه عند الناس جاز بيعه بتا واشتراط النقد فيه وإن كان يختلف خروجه امتنع
بيعه بتا وجاز إن اشترط الخيار للمشتري ولا يجوز فيه النقد حينئذ بشرط لتردده بين السلفية والثمنية
وما قيل في مسألة الزيت يقال في مسألة الدقيق الآتية. قوله: (وأن لا ينقد بشرط) أي بأن لا ينقد أصلا
أو ينقد تطوعا فإن نقد بشرط أو شرط النقد وإن لم يحصل نقد بالفعل فسد البيع. قوله: (أو كل صاع)
أي أو بعني جميع دقيق هذا القمح كل صاع بكذا. قوله: (إن لم يختلف خروجه) أي في النعومة
والخشونة. قوله: (وأن لا يتأخر الخ) أي لئلا يلزم السلم في معين. قوله: (وصاع أو كل صاع من صبرة) أي
أن المشتري إذا قال للبائع أشتري منك صاعا من هذه الصبرة أو أشتري منك كل صاع من هذه
الصبرة بكذا وأراد في الصورة الثانية شراء جميعها كان البيع جائزا سواء كانت الصبرة معلومة
الصيعان أو لا لأنها إن كانت معلومة الصيعان كانت معلومة الجملة والتفصيل وإن كانت مجهولتها
كانت مجهولة الجملة معلومة التفصيل وقد علمت أن جهل الجملة فقط لا يضر. قوله: (لا منها الخ)
كقوله أبيعك من هذه الصبرة أو أشتري منك من هذه الصبرة كل أردب بدينار، وأراد بمن
التبعيض وأن المعنى أشتري منك بعض هذه الصبرة كل أردب بدينار. والحاصل أنه إذا أتى بمن
كقوله أشتري من هذه الصبرة كل أردب بدينار، أو أشتري من هذه الشقة كل ذراع بكذا، أو أشتري
من هذه الشمعة كل رطل بكذا، فإن أريد بها التبعيض منع وإن أريد بها بيان الجنس والقصد أن
يقول أبيعك هذه الصبرة كل أردب بكذا فلا يمنع. وأما إن لم يرد بها واحد منهما فطريقتان المنع لتبادر
التبعيض منها وهو ما يفيده كلام ابن عرفة والجواز لاحتمال زيادتها وهذه الطريقة متبادرة من
المصنف لأنه قيد المنع بإرادة البعض وأقوى الطريقتين الأولى، كما يفيده كلام بن نقلا عن
الفاكهاني فانظره. ومثل الاتيان بمن وإرادة البعض في المنع ما إذا قال أشتري منك ما يحتاج له الميت
من هذه الشقة كل ذراع بكذا أو أشتري منك ما يكفيني قميصا من هذه الشقة كل ذراع بكذا

17
أو أشتري منك ما توقده النار من هذه الشمعة في الزفاف كل رطل بكذا. قوله: (للجهل الخ) أي لان
البعض صادق بالقليل والكثير والثمن يختلف بحسب ذلك. قوله: (وجاز بيع شاة الخ) بناء على أن
المستثنى مبقي لا مشترى وإلا كان من باب شراء اللحم المغيب وهو ممنوع للجهل بالصفة بمنزلة اشتراء
رطل أو كل رطل منها قبل سلخها كذا قيل لكن مقتضى العلة الجواز ولو بلغت الأرطال المستثناة
الثلث تأمل. قوله: (مثلا) أي أو بقرة. قوله: (واستثناء أربعة أرطال) إنما خص المصنف الأربعة
أرطال بالذكر لأنه فرض المسألة في شاة والأربعة أرطال أقل من ثلثها بحسب الشأن. قوله: (فله
استثناء قدر الثلث) أي من الأرطال سواء قلنا إن المستثنى مبقي أو مشترى لان الشاة المسلوخة بمنزلة
الصبرة ويأتي أنه لا يجوز أن يستثني منها ما زاد على الثلث والحاصل أن الفرق بين المسلوخة وغيرها
إنما هو في جواز استثناء الثلث في المسلوخة ومنعه في غيرها وأما استثناء ما زاد على الثلث فهو
ممنوع فيهما واستثناء الأقل من الثلث فهو جائز فيهما هذا هو التحقيق خلافا لما في عبق من أنها
إذا بيعت بعد السلخ فلبائعها استثناء ما شاء. قوله: (فإن استثنى جزءا شائعا) أي كربع أو خمس
أو سدس قبل السلخ أو بعده وقوله فله استثناء ما شاء أي من الاجزاء ولو كان أكثر من ثلثها مثل
نصفها وثلثيها. قوله: (ولا يأخذ) أي لا يجوز أن يأخذ البائع المستثنى من المشتري أرطالا عوضا عن
الأرطال التي استثناها من لحم شاة أخرى غير الشاة المستثنى منها. قوله: (بناء على أن المستثنى مشتري)
أي فالبائع قد اشترى الأرطال المستثناة وباعها باللحم أو الدراهم قبل أن يقبضها من المشتري. قوله: (وأما
على أنه مبقي) أي لما استثناه على ملكه وهذا القول هو الراجح كما أفاده بعض الأشياخ نفلا. قوله: (من
بيع اللحم المغيب) أي وبيع اللحم المغيب لا يجوز سواء كان بلحم أو دراهم. قوله: (وصبرة وثمرة
واستثناء قدر ثلث) مثل الثمرة المقاثئ والخضر ومغيب الأصل فيجوز في ذلك كله أن يستثني قدرا
معلوما بالكيل أو الوزن أو العدد بشرط كونه الثلث فأدنى ا ه‍ قال ابن رشد في البيان أجمعوا
على أن من باع جزافا فلا يجوز له أن يستثنى منه كيلا إلا الثلث فأقل فإذا باع جزافا ولم يستثن منه
شيئا فلا يجوز أن يشتري منه إلا ما كان يجوز أن يستثنيه منه وذلك
الثلث فأقل فإن اشترى منه الثلث فأقل مقاصة من الثمن جاز وإن اشترى منه ذلك بنقد ولم يقاصه جاز إن كان البيع نقدا ولم
يكن لأجل. قوله: (وثمرة) الواو بمعنى أو. قوله: (فلو كان جزءا شائعا) أي كأبيعك هذه الصبرة بكذا إلا
ربعها مثلا. قوله: (بكل حال) أي سواء كان ذلك الجزء ثلثا أو أقل أو أكثر. قوله: (فيجري فيها الخ) أي
فيقال إن حصل البيع استثناؤها قبل الذبح أو قبل السلخ جاز إن كانت أقل من الثلث وإن كانت
بعد السلخ جاز ولو كانت الثلث لا أكثر. قوله: (بسفر فقط) أي وكره ذلك مالك في الحضر وأبقى
أبو الحسن الكراهة على بابها فلا يفسخ البيع عند استثناء ما ذكر في الحضر وظاهر كلام المصنف في
التوضيح أنها محمولة على المنع وأن البيع يفسخ ويوافقه نقل المازري المنع عن المذهب انظر بن.
قوله: (كما هو مفاد النقل) أي خلافا لما في خش وعبق من رجوع قوله بسفر فقط للجلد فقط
وأما السقط وهي الرأس والأكارع فيجوز استثناؤها في السفر والحضر على حكم قليل اللحم ولا
كراهة فيه وهذه طريقة لابن يونس وما مشى عليه شارحنا طريقة المدونة ونصها وأما استثناء الجلد
أو الرأس فقد أجازه مالك في السفر إذ لا ثمن له هناك وكرهه في الحضر وقوى بن طريقة المدونة.
قوله: (لخفة ثمنهما فيه دون الحضر) أي فلو انعكس الحال فهل ينعكس الحكم وهو الظاهر لمقتضى

18
العلة أو لا والمعتبر سفر البائع فيما يظهر ولو كان المشتري مقيما. قوله: (أو غيره) أي كصبرة أو ثمرة.
قوله: (وتولاه المشتري) قال طفي انظر ما معنى هذا الكلام فإنه مشكل سواء عاد الضمير على الذبح أو على
المبيع لأنهما في مسألة الجزء والأرطال شريكان وأجرة الذبح عليهما قال ولم أر هذا الفرع بعينه
لغير المؤلف ا ه‍. قلت: وقد يقال يصح أن يعود الضمير على الذبح ويجعل هذا الفرع خاصا بمسألة
الجلد والساقط بناء على ما صوبه ابن محرز من أن أجرة الذبح على المشتري وعلى هذا حمله المواق،
وأيضا لما كان المشتري لا يجبر على الذبح في الجلد والساقط وأن له أن يدفع المثل أو القيمة للبائع
صارا كأنهما في ذمته وكأن البائع لا حق له في المبيع فصح كلامه حينئذ بعود الضمير للمبيع، فهذا
الفرع على هذا وإن لم يذكروه صريحا فهو لازم من كلامهم ا ه‍ بن. وإذا علمت هذا فقول شارحنا
وتولاه أي المبيع الخ مراده المبيع المستثنى منه الجلد أو الجلد والساقط وليس المراد المستثنى منه
مطلقا أرطالا أو جزءا شائعا أو جلدا أو ساقطا كما هو ظاهره. قوله: (بخلاف الأرطال فيجبر على الذبح)
اعلم أن أجرة الذبح وكذلك السلخ في استثناء الجلد مع الساقط على المشتري لأنه غير مجبور على
الذبح إذ لو شاء أعطى القيمة أو المثل من عنده على ما صوبه ابن محرز لا عليهما بقدر ما لكل كما قال
ابن يونس وأما أجرة الذبح والسلخ في مسألة استثناء الجلد وحده فهي على البائع بناء على أن
المستثنى مبقي وأما على أنه مشترى فقيل على البائع وقيل على المشتري واختار بعضهم أنها عليهما وأما
في مسألة استثناء الساقط وحده فهي على المشتري بناء على القول بضمان المشتري له في الموت هذا
ما نقله ابن عاشر عن ابن عرفة انظر بن وأجرة الذبح والسلخ في استثناء الأرطال وكذلك في
استثناء الجزء عليهما على قدر الأنصباء لأنهما شريكان. قوله: (إذ ليس له أخذ غيرها) أي والمشترى
داخل على أن يدفع للبائع لحما من المبيع ولا يتوصل إليه إلا بالذبح. قوله: (وخير في دفع رأس) لما قدم
أن المشتري لا يجبر على الذبح في مسألة استثناء الجلد والرأس ذكر أنه يخير بين أن يدفع مثل المستثنى
من جلد ورأس أو قيمته، وهي أعدل لموافقته القواعد وما ذكره من التخيير مبني على أن المستثنى
مبقي لا مشترى وإلا منع أخذ شئ عوضا عنه ثم إن محل التخيير حيث لم يذبحها المشتري فإن ذبحها
تعين للبائع ما استثناه من جلد وساقط إلا أن يفوت فالقيمة كذا قيل وقيل يخير بين دفع المثل
والقيمة سواء ذبحت أم لا فهما طريقتان ورجح بعضهم الطريقة الثانية كما قال شيخنا. قوله: (وبقية
ساقط الخ) لو قال المصنف في دفع كرأس كان أشمل لدخول ما ذكره الشارح. قوله: (وهل التخيير
للبائع أو للمشتري قولان) قال ح قال الرجراجي والقولان تؤولا على المدونة والقول بأنه للمشتري
أليق بظاهرها قال ابن عرفة وصوبه ابن محرز وهو ظاهرها ا ه‍ والخلاف وإن كان مفوضا في
الجلد في كلام عياض وابن يونس وغيرهما لكن كلام المدونة الذي تؤول عليه القولان صريح في
تسوية الجلد والرأس في الحكم فلا يقال كان على المصنف أن يذكر الخلاف في محله وهو الجلد ا ه‍ بن.
قوله: (لا ضمير المشتري) أي أو أن نائب الفاعل ضمير عائد على المشتري وذكر القول المعتمد
أولى ثم ذكر ما في المسألة من الخلاف كما هو عادته. قوله: (ما استثنى منه معين) أراد بالمعين ما قابل
الشائع فيدخل فيه استثناء الجلد والساقط والأرطال كما أشار لذلك الشارح. قوله: (ضمن المشتري
جلدا وساقطا) أي فيضمن مثلهما أو قيمتهما كذا قال الشيخ سالم، وقال طفى أطلق المصنف في
الضمان سواء كان الموت بتفريط من المشتري أم لا، وهو مرتضى ابن رشد قال وليس معنى الضمان
أنه يغرم للبائع قيمته أو جلدا مثله وإنما معناه أنه يغرم ما يخص ذلك من قيمة الشاة وذلك بأن ينظر إلى

19
مثله، فإن كانت قيمته درهمين وكانت الشاة تباع بلا جلد بعشرة دراهم رجع البائع على المشتري
بسدس قيمة الشاة، كمن باع شاة بعشرة دراهم وعرض قيمته درهمان فاستحق العرض من يد
البائع وقد فاتت الشاة عند المشتري وهذا بين لا إشكال فيه ا ه‍. قلت وقد نقل كلامه ابن عبد السلام
وابن محرز والمصنف في التوضيح وقبلوه فهو مراد المصنف بالضمان فقول الشيخ سالم وله دفع
مثلهما أو قيمتهما خلافه ا ه‍ بن. قوله: (لا لحما) أي فلا يضمنه المشتري لتفريط البائع كما قال
الشارح وهذا ما لم يأكلها المشتري وإلا ضمن مثل الأرطال لأنه مثلي. قوله: (وجاز بيع جزاف)
الجزاف فارسي معرب وهو بيع الشئ بلا كيل ولا وزن ولا عدد والأصل منعه ولكنه خفف فيما
شق علمه من المعدود أو قل جهله في المكيل والموزون إذ لا تشترط المشقة فيهما كما يأتي. قوله: (إن
رئ حال العقد أو قبله واستمرا الخ) هذا مبني على ما اختاره ابن رشد، وهو قول ابن حبيب أنه
لا يشترط في الجزاف الحضور مطلقا سواء كان زرعا قائما أو صبرة طعام أو غيرهما وإنما يشترط فيه
الرؤية بالبصر، سواء كانت مقارنة للعقد أو سابقة عليه وعلى ما في المدونة ورواية ابن القاسم عن مالك
يشترط في بيع الجزاف كله أن يكون حاضرا حين العقد لكن يستثني منه الزرع القائم والثمار في
رؤوس الأشجار فقد اغتفر فيهما عدم الحضور إن تقدمت الرؤية، وبالثاني قرر ح كلام المصنف
فقال مرادهم بالمرئي الحاضر كما يفيده كلام التوضيح ويلزم من حضوره رؤيته أو رؤية بعضه لان
الحاضر لا يكتفى فيه بالصفة على المشهور إلا لعسر الرؤية كقلال الخل المختومة إذا كان في فتحها
مشقة وفساد فيجوز بيعها بدون فتح هذا محصل كلامه فحمل قول المصنف إن رئ على اشتراط
الحضور وأخذ منه شرط الرؤية باللزوم انظر بن. قوله: (واستمرا) أي البائع والمشتري وقوله على
المعرفة أي معرفة ذلك المبيع. قوله: (وإلا جاز) أي عدم رؤيتها. قوله: (إن كثر الخ) حاصله أن ما كثر
جدا يمنع بيعه جزافا سواء كان مكيلا أو موزونا أو معدودا لتعذر حزره وما كثر لا جدا يجوز بيعه
جزافا مكيلا كان أو موزونا أو معدودا لامكان حزره وأما ما قل جدا يمنع بيعه جزافا إن كان
معدودا لأنه لا مشقة في علمه بالعدد ويجزر إن كان مكيلا أو موزونا أي وجهلا قدر كيله أو وزنه
ولو كان لا مشقة في كيله أو وزنه. قوله: (وجهلاه) أي وجهل المتبايعان قدر ذلك المبيع من كيل أو
وزن أو عدد. قوله: (عما إذا علمه أحدهما فقط) أي فإذا علم أحدهما قدره كيلا أو وزنا أو عددا وجهله
الآخر فإنه لا يجوز العقد سواء علم صاحبه بعلمه أم لا لان الذي علم قصد خديعة من لم يعلم لكن إن
أعلمه حال العقد بعلمه بقدره فسد وإلا فلا. قوله: (وحزراه بالفعل) أي مع كونهما من أهل الحزر بأن
اعتاداه وإلا فلا يصح فلو وكلا من يحزره وكان من أهل الحزر كفى كانا من أهل الحزر أم لا فالشرط
حزر المبيع بالفعل من أهل الحزر كان الحزر منهما أو ممن وكلاه. قوله: (واستوت أرضه) أي في
علمهما أو ظنهما. قوله: (وإلا فسد) أي وإلا بان علم أحدهما عدم الاستواء فسد. قوله: (ولم يعد بلا مشقة)
سالبة معدولة المحمول أي جعل فيها السلب جزأ من مدخوله وقد صرحوا بأنها لا تقتضي وجود
الموضوع وحينئذ فمنطوقها صادق بما إذا كان المبيع يعد بمشقة وبكونه لا يعد أصلا بأن كان مكيلا
أو موزونا ولو لم يكن في كيله أو وزنه مشقة، إذا علمت هذا تعلم أن الشارح لو ذكر هذا وأسقط قوله
ونبه بلفظ العد لكان صوابا، وقول عبق وتبعه الشارح ولم يعد بلا مشقة بأن عد بمشقة وهذا
منطوقه لان نفي النفي إثبات ففيه نظر لما علمت أن منطوقه ثلاثة أمور أن يعد بمشقة وأن لا يعد أصلا
لكونه مكيلا أو موزونا ولو لم يكن في كيله أو وزنه مشقة. والحاصل أن المعدود لا يباع جزافا إلا إذا

20
كان في عده مشقة بخلاف المكيل والموزون فإنه يباع كل منهما جزافا ولو لم يكن مشقة في كيله
ووزنه، وذلك لأنهما مظنة للمشقة لاحتياجهما لآلة وتحرير لا يتأتى لكل الناس بخلاف العد
لتيسره لغالب الناس فالجزاف يتعلق بكل من الثلاثة لكن بشروط سبعة في المعدود وخمسة في
غيره بإسقاط ولم يعد بلا مشقة ولم تقصد إفراده لان هذين الشرطين مختصان بالمعدود. قوله: (ولو لم
يكن مشقة) أي في كيله أو وزنه. قوله: (وهذا كالمستثنى الخ) أي ومفهوم هذا الشرط كالمستثنى
من منطوق الشرط قبله لا إن منطوق هذا كالمستثنى مما قبله كما هو واضح من تقريره وزاد
الكاف في قوله كالمستثنى لعدم أداة الاستثناء ولا خصوصية لهذا الشرط بهذا الحكم بل كل
شرط هو باعتبار مفهومه كالمستثنى من منطوق ما قبله لان حقيقة الشرط تقتضي ذلك. قوله: (إلا
أن تقصد أفراده) أي إلا أن تكون أفراده مقصودة وكان التفاوت بينهما كثيرا فلا يجوز بيعه
جزافا فإن قل التفاوت جاز وهو قوله بعد إلا أن يقل الخ. قوله: (إلا أن يقل ثمنه) أي ثمن
أفراد ما تقصد أفراده بأن كان التفاوت بين أفراده قليلا وهذا استثناء من مفهوم ما قبله أي فإن قصدت أفراده فلا
يباع جزافا. ولا بد من عده إلا أن يقل ثمن تلك الافراد فإنه يجوز حينئذ بيعه جزافا ولا يكون قصد
الافراد مضرا في بيعه جزافا، فعلم من المصنف أن ما يباع جزافا إما أن يعد بمشقة أو لا وفي كل إما أن
تقصد أفراده أم لا وفي كل إما أن يقل ثمنها أم لا فمتى عد بلا مشقة لم يجز جزافا، قصدت أفراده أم لا، قل
ثمنها أم لا، ومتى عد بمشقة فإن لم تقصد أفراده جاز بيعه جزافا قل ثمنها أم لا وإذا قصدت جاز جزافا إن قل
ثمنها ومنع إن لم يقل فالمنع في خمسة أحوال والجواز في ثلاثة. قوله: (وبطيخ) قال بعضهم لعل المراد
بطيخ كله كبير أو كله صغير لا ما بعضه صغير وبعضه كبير وهذا الترجي قصور قال في القباب ما نصه:
والجواز في المعدود، إنما يكون إذا تحققت المشقة في عدده لكثرته وتساوي أفراده كالجوز والبيض
أو يكون المقصود مبلغه لا آحاده كالبطيخ فإنه يجوز الجزاف فيه وإن اختلفت آحاده والنصوص
بذلك في العتبية والموازية. قوله: (وبقي الخ) أي وأما عدم الدخول عليه فقيل أنه شرط لا بد منه وعليه
فلا يجوز أن تدفع درهما لعطار ليعطيك به شيئا من الابزار من غير وزن ولا لفوال ليدفع لك بها
فولا حارا أو مدمسا ولا أن تأتي لجزار وتتفق معه على أن يكوم لك كوما لمن اللحم لتشتريه جزافا
بل لا بد في الجواز أن يكون مجزفا عنده قبل طلبك وأن تراه عند الشراء وقيل أنه لا يشترط عدم
الدخول عليه بل يجوز الدخول عليه وهو فسحة واختار شيخنا هذا القول الثاني. قوله: (لا غير
مرئي) أي لا غير مبصر حين العقد ولا قبله ولو كان حاضرا أو المراد لا غير حاضر ولو أبصر قبل
العقد على ما مر ثم إن ظاهره منع بيع غير المرئي ولو بيع على الخيار للخروج عن الرخصة ويستثنى
من قوله لا غير مرئي جواز الخل بناء على أن المراد بالرؤية الرؤية بالبصر وثمر الحائط والزرع القائم
بناء على أن المراد بها الحضور. قوله: (ولم يتقدم لهما بيع ملئه جزافا) أي بل دخلا على ذلك من غير
حصول ملئه قبله. قوله: (غير مرئي حال العقد) أي ولا قبله وإن رئ بعده. قوله: (إلا أن يكون الخ)
كلام الشارح يقتضي أن قول المصنف إلا في كسلة تين مستثنى من المبالغتين معا وهو كذلك كما في بن
خلافا لما يوهمه صدر كلام عبق من رجوعه للثانية فقط. قوله: (مما يتداخل من الطير) أي مما

21
يدخل بعضه تحت بعض. قوله: (إن كثرت) أي بأن كان في عدها مشقة. قوله: (ولا حمام في برج) أي
وقع العقد عليه بدون البرج. قوله: (وإلا جاز) أي وإلا بأن أحاط بها معرفة بالحزر في وقت هدوها
أو نومها جاز شراؤها جزافا وما قيل هنا يقال في العصافير. قوله: (واحترز الخ) هذا يقتضي أن
الصورتين مختلفتان في الحكم وليس كذلك بل هما عند ابن القاسم سواء في الجواز إن أحاط بالحمام
معرفة وعدم الجواز إن فقد القيد ففي العتبية من سماع أصبغ من ابن القاسم أنه أجاز بيع البرج بما
فيه إذا رآه وأحاط به معرفة وحزرا ا ه‍. وحكى ابن عرفة عن محمد عن ابن القاسم مثل ما روي عنه
أصبغ ونص محمد عن ابن القاسم لا بأس ببيع ما في البرج من حمام أو بيعه بحمامه جزافا إن رآه وأحاط
به معرفة ا ه‍ بن. قوله: (لتفاوت الخ) الأوضح أن يقول لقصد أفرادها مع تفاوت آحادها.
قوله: (لا مفهوم له) أي بل المدار على التعامل بالعدد فمتى تعومل بها عددا فلا يجوز بيعها جزافا كانت
مسكوكة أم لا وإن لم يتعامل بها عددا بل تعومل بها وزنا جاز بيعها جزافا مسكوكة أم لا هذا هو المعتمد.
قوله: (فهذا راجع الخ) هذا الكلام أصله لعج وتبعه عبق نقله شارحنا ثم اعترضه. قوله: (وفيه
نظر) أي وفي هذا الاقتضاء نظر والصواب رجوعه للقيدين معا أي وألا يجتمع الشرطان بأن
فقدا أو أحدهما جاز، فيدخل تحت إلا ثلاث صور. وحاصله أن عج وتبعه عبق ذكر أن قوله وإلا جاز
يتعين رجوعه للقيد الثاني، ولا يصح رجوعه للقيدين معا لأنه ينحل المعنى وإلا بأن كان غير
مسكوك ولم يكن التعامل به عددا جاز فيقتضي أن الجواز إنما هو إذا كان غير مسكوكة وكان
التعامل بها وزنا لانتفاء القيدين، وأما لو كانت مسكوكة والتعامل بها وزنا فلا يجوز بيعها جزافا
لانتفاء القيد الثاني دون الأول، فرده شارحنا بما حاصله أنا لا نسلم أنه إذا رجع النفي للقيدين يقتضي
المنع في هذه الصورة، أعني ما إذا كان مسكوكا والتعامل به وزنا بل يقتضي الجواز في صور ثلاث
هي إحداها لان المعنى وإلا يجتمع الشرطان بأن فقدا أو أحدهما جاز، فشمل كلامه ثلاث صور من
جملتها الصورة المذكورة وحينئذ فالأولى رجوع النفي للقيدين نعم يعترض على المصنف من جهة
أخرى وهي أن إحدى هذه الصور الثلاث ممنوعة على المعتمد وهي ما إذا كان غير مسكوك وكان
التعامل به عددا فكان على المصنف أن يحذف قوله إن سك. قوله: (وهي غير المسكوك المتعامل به
وزنا) هذه الصورة مأخوذة من توجه النفي للقيدين والصورة الثانية مأخوذة من توجه النفي
للقيد الأول فقط والثالثة مأخوذة من توجه النفي للقيد الثاني فقط. قوله: (أو لا) أي بقوله لا مفهوم
لقوله إن سك. قوله: (منع) أي مطلقا مسكوكا أو لا. قوله: (وإلا جاز مطلقا) أي مسكوكا أو لا.
قوله: (ثم أشار إلى أن في مفهوم قوله وجهلاه تفصيلا) أي فإن مفهومه حصول العلم بقدره لأحدهما وهذا
صادق بأن يعلم الجاهل حين العقد بعلم ذلك العالم أو لا يعلم به إلا بعد العقد. قوله: (أي أعلم أحدهما الآخر
بعلمه) أي بأنه عالم بقدره أي ولم يبين له الكمية وإلا لم يكن بيع جزاف. قوله: (لتعاقدهما على
الغرر) أي لدخولهما على الغرر الكائن من العالم من حين العقد لأنه لما علم أحدهما بالقدر وعلم
الآخر بعلمه وتركا الدخول على الوزن أو الكيل وارتكبا الجزاف صار كل واحد قصده غرر

22
صاحبه وغلبته. قوله: (أي إن من باع جارية مغنية) أي في الواقع وشرط على المشتري أنها مغنية كما هو
الواقع. قوله: (فإن قصد التبري جاز) أي وأما العبد المغني فليس كالأمة فلا يوجب اشتراط كونه مغنيا
فسادا ولا يوجب وجوده مغنيا بدون شرط خيارا ولعل وجهه مع أن المنفعة غير شرعية فيه أيضا
أنه لا يخشى من غنائه تعلق الناس به بحسب الشأن والعادة بخلاف الجارية. قوله: (كقمح وشعير) أي
كأشتري منك هذه الصبرة التي لم يعلم قدرها وهذه الصبرة المعلومة القدر من كونها عشرة أرادب
بثمن واحد أو بثمنين والحال أن العقد وقع على الصبرتين معا. قوله: (أو مع مكيل من أرض) أي
كأشتري منك هذه الصبرة جزافا بكذا ومائة ذراع أو فدان من هذه الأرض بكذا أو بعني هذه
الصبرة ومائة ذراع من أرضك بكذا فالثمن إما متعدد أو متحد. قوله: (مع مكيله) بتذكير الضمير العائد
على أرض نظرا للجنس وبالتأنيث مع التنوين صفة لأرض محذوفة أي أو مع أرض مكيلة. قوله: (فهذه
ثلاث صور) أي وهي اجتماع جزاف من حب مع مكيل منه واجتماع جزاف من حب مع مكيل
من أرض واجتماع جزاف من أرض مع مكيل منها وقوله ممنوعة أي للجهل بما يخص المكيل من
الثمن تأمل. قوله: (لا مع حب) أي كأشتري منك هذه الصبرة المعلومة القدر وهذه الأرض المجهولة
القدر بمائة. قوله: (سواء كان أصلهما البيع جزافا) كقطعتي أرض مجهولتي القدر يشتريهما جزافا
بدينار أو إحداهما بدينار والأخرى بدينارين. قوله: (أو كيلا) أي كصبرتي حب مجهولتي القدر
اشتراهما جزافا بدينار أو إحداهما بدينار والأخرى بدينارين ووقع العقد عليهما معا. قوله: (والآخر
جزافا) أي وسواء كان الثمن واحدا أو متعددا. قوله: (كحب وأرض) أي كل منهما مجهول القدر
واشتراهما جزافا بدينار أو أحدهما بدينار والآخر بدينارين. قوله: (ومكيلان) كأشتري منك عشرة
أرادب قمحا من هذه الصبرة وعشرة أرادب شعيرا من هذه الصبرة بكذا، اتفق الثمن في المكيلين أو
اختلف. وكأشتري منك عشرة أذرع من هذه الأرض وعشرين ذراعا من أرض أخرى بكذا
وكأشتري منك عشرة أرادب حب وعشرة أذرع من هذه الأرض بكذا. فقول الشارح ومكيلان
كذلك أي سواء كان أصلهما البيع جزافا أو كيلا أو أحدهما كيلا والآخر جزافا. قوله: (وجزاف
مع عرص) كأشتري منك هذه الصبرة أو القطعة الأرض المجهولة القدر مع هذا العبد أو الثوب
بكذا. قوله: (وجزافان على كيل) كأشتري منك هاتين الصبرتين من التمر أو القمح كل أردب بكذا فقد
اتحد ثمن الكيل واتحدت صفة المبيع أيضا. قوله: (ثلاثة أرادب) أي منها وقوله بدينار أي وذلك
لاتحاد ثمن المكيل فيهما. قوله: (احترازا من صبرتي قمح وشعير) أي سواء اتحد ثمن الكيل ككل
إردب منهما بدينار أو اختلف ككل إردب من صبرة القمح بدينارين ومن الشعير بدينار.

23
قوله: (والاختلاف بالجودة والرداءة) أي كما لو كانت الصبرتان من القمح وإحداهما جيدة والأخرى
رديئة واشتراهما معا كل إردب منهما بدينار أو الأردب من هذه بدينارين ومن الأخرى بدينار.
قوله: (كصبرة الخ) أي كبلاصي سمن كل رطل بدرهم على أن مع المبيع ثوبا وكذلك شقة قماش كل
ذراع بكذا على أن مع المبيع سلعة كذا من غير تسمية ثمن لها وككوم بطيخ كل بطيخة بدرهم على
أن مع المبيع سلعة كذا من غير تسمية ثمن لها. قوله: (من غير تسمية ثمن لها) تبع في ذلك عبق
قال بن انظر من أين له هذا القيد وظاهر كلام ابن رشد الاطلاق ومن خط شيخ شيوخنا أبي العباس ابن
الحاج هنا ما نصه سواء سمى لذلك الغير ثمنا أم لا بدليل صور المنع الثلاث في مفهوم ما قبله اه‍.
والحاصل أن الحق أن المنع مطلقا سواء سمي لتلك السلعة ثمنا بأن قال أشتري منك هذه الصبرة كل
إردب بدينار وهذا الثوب بدينار أو لم يسم للثوب أصلا لأنه مع التسمية قد يساوي الثوب أكثر مما
سمي له فاغتفر لأجل هذا الجزاف فصارت التسمية كلا تسمية ومع عدم التسمية لا يدري ما يخص
الثواب من الثمن. قوله: (وجاز البيع برؤية بعض المثلي) أي بسبب رؤية بعض المثلي سواء كان البيع
بتا أو على الخيار ولو جزافا لما مر أن رؤية البعض كافية فيه. قوله: (بخلاف المقوم) أي كعدل مملوء
من القماش وقوله: فلا يكفي رؤية بعضه أي على ظاهر المذهب كما قال في التوضيح. وقال ابن عبد السلام
الروايات تدل على مشاركة المقوم للمثلي في كفاية رؤية البعض إذا كان المقوم من صنف واحد.
والراجح الأول قال شيخنا إلا أن يكون في نشره إتلاف كالشاش وإلا اكتفى برؤية البعض.
قوله: (والصوان) عطف على مدخول رؤية وهو بعض. قوله: (للضرورة) أي لما في حل العدل من الحرج
والمشقة على البائع من تلويثه ومؤونة شده إن لم يرضه المشتري فأقيمت الصفة مقام الرؤية. قوله: (وإلا
خير المشتري) أي وأما لو وجد الصفة بحالها ولكن وجد في العدل زيادة في العدد على ما في البرنامج
كما لو اشترى عدلا ببرنامجه على أن فيه خمسين ثوبا فوجد فيه أحدا وخمسين فقال مالك يكون البائع
شريكا معه في الثياب بجزء من أحد وخمسين جزءا من الثياب، ثم قال مالك يرد منها ثوبا كيف وجده
فيه أي يرد أي ثوب شاء رده قال ابن القاسم وقوله الأول أحب إلي وإن وجد في العدل تسعة
وأربعين ثوبا وضع عنه من الثمن جزءا من خمسين جزءا كما قاله في المدونة، فإن وجد فيها أربعين ثوبا مثلا،
قال مالك إن وجد من الثياب أكثر مما سمى لزمه بحصته من الثمن وإن كثر النقص لم يلزمه ورد البيع
أي إن شاء ولا يتعين الرد وليس هذا من قبيل قوله الآتي ولا يجوز التمسك بأقل استحق أكثره لان
هذا في المعين وما هنا غير معين. قوله: (وجاز البيع أو الشراء من الأعمى) أي إذا كان المبيع غير
جزاف لان الجزاف يعتبر فيه الرؤية كما مر. قوله: (ويعتمد في ذلك) أي فيما ذكر من البيع والشراء على
أوصاف المبيع فتذكر له الأوصاف ليعتمد عليها في البيع والشراء وهذا فيما لا يمكن فيه معرفته
للمبيع بغير وصف وأما ما يمكن معرفته للمبيع بدون وصف فيجوز شراؤه وإن لم يوصف له المبيع
كالسمن في الشاة وكالأدهان والمشمومات لأنه يدركها باللمس والذوق والشم. قوله: (وجاز البيع
برؤية) أي جاز البيع بتا وعلى الخيار بسبب رؤية. قوله: (لا يتغير بعدها) أي إذا ظن أو جزم أنه
لا يتغير بعدها. قوله: (ولو حاضرا مجلس العقد) إذ لا يشترط الغيبة عن مجلس العقد إلا فيما بيع على
الوصف. قوله: (فإن كان يتغير) أي جزما أو ظنا أو شكا بعدها أي وقبل وقت العقد. قوله: (وحلف
بائع مدع عدم المخالفة) أشار الشارح بما ذكره إلى أن صلة مدع محذوفة وأن اللام في البيع ليست

24
صلة مدع إذ البيع على البرنامج متفقان عليه لا مدع له أحدهما فقط وأنها بمعنى في. وحاصل ما ذكره
المصنف أن المشتري على البرنامج إذا ادعى بعد ما قبض المتاع وغاب عليه أو بعد ما قبض المتاع وتلف
البرنامج عدم موافقة ما في العدل لما في البرنامج وادعى البائع الموافقة فإن البائع يحلف أن ما في
العدل موافق للمكتوب في البرنامج، وهذا إذا قبضه على تصديق البائع، فإن قبضه على أن المشتري
مصدق كان القول قوله وكذا إذا قبضه ليقلب وينظر قاله أبو الحسن عن اللخمي ا ه‍ بن.
قوله: (وقد تلف) أي البرنامج. قوله: (أن موافقته) أي أن موافقة ما في العدل للمكتوب في البرنامج
حاصلة فخبر أن محذوف إن قلت القاعدة أن الذي يحلف المدعى عليه لا المدعي وهنا قد حلف البائع
وهو مدع للموافقة قلت البائع وإن ادعى الموافقة إلا أنه في المعنى مدعى عليه لان المدعى عليه من
ترجح قوله بمعهود أو أصل وهذا كذلك إذ الأصل الموافقة. قوله: (حلف المشتري) أي أنها مخالفة
لما في العدل. قوله: (وعدم دفع الخ) عطف على قوله لبيع برنامج أي حلف مدع عدم دفع ردئ أو
ناقص أنه لم يدفع رديئا ولا ناقصا فمفعول حلف محذوف. قوله: (أو غيرهم) كمشتر دفع الثمن للبائع.
قوله: (أنه وجدها الخ) أي أو ادعى أنه وجدها ناقصة العدد. قوله: (فادعى آخذها) أي بعد أن غاب عليها.
قوله: (ويحلف في نقص العدد على البت) أي أنه يحلف أنه دفع القدر الفلاني بتمامه جزما وقوله:
مطلقا أي سواء تحقق أن هذه الدراهم الناقصة العدد دراهمه أم لا. قوله: (على نفي العلم) أي بأن يحلف
أنه ما دفع إلا كاملا أو جيادا في علمه وما ذكره من أنه يحلف في نقص الوزن على نفي العلم كالغش،
خلاف ما اعتمده شيخنا في حاشيته من أنه يحلف في النقص مطلقا سواء كان نقص وزن أو عدد على
البت ويحلف في الغش على نفي العلم إلا أن يتحقق أن تلك الدراهم المغشوشة ليست دراهمه وإلا
حلف على البت. قوله: (وإن اشترى على رؤية الخ) أي وأما ما بيع على الصفة وادعى المشتري أنه ليس
على الصفة التي بيع عليها وادعى البائع أنه عليها فإنه في حالة الشك يحمل على عدم بقاء الصفة فيكون
القول قول المشتري كما في خش وغيره. قوله: (أنه) أي المبيع. قوله: (ولم يتغير) تفسير لبقائه على
الصفة التي رآه عليها. قوله: (حصل شك) أي من أهل المعرفة. قوله: (فالقول للمشتري كذلك) أي
بلا يمين. قوله: (وإن رجحت لواحد منهما) أي بأن قال أهل المعرفة الذي في ظننا أنه تغير أو أنه لم يتغير
والحاصل أنه إذا قطعت أهل المعرفة بأحدهما فالقول قوله بلا يمين، وإن رجحت لواحد منهما بأن
ظنت التغير أو عدمه فالقول له بيمين وإن أشكل الامر فالقول للبائع بيمين ولا يشترط كون
القطع أو الترجيح حاصلا من جماعة من أهل المعرفة بل يكفي واحد منهم على المعتمد كما قال شيخنا.
قوله: (وجاز بيع غائب) أعلم أن بيع الغائب فيه ست صور لأنه إما أن يباع على الصفة أو بدونها وفي
كل منهما إما أن يباع على البت أو على الخيار أو على السكوت، وكلها جائزة إلا ما بيع بدون صفة على
اللزوم أو السكوت، فقول المصنف وجاز بيع غائب أي على البت أو على الخيار أو السكوت هذا إذا وصف
ذلك المبيع الغائب بل وإن بلا وصف إن كان البيع على الخيار للمشتري لا إن كان بتا أو على السكوت
فإنه لا يجوز، فقوله على خياره بالرؤية قيد فيما بعد لو فقط وهو المبيع بلا وصف وما ذكره هو المشهور.
ومذهب المدونة كما عزاه له غير واحد وأشار بلو لرد القول بأن الغائب لا يباع إلا بالصفة أو رؤية
متقدمة ولا يجوز بيعه بلا وصف مطلقا ولو كان على الخيار ونسب هذا القول لبعض كبراء أصحاب

25
الإمام قال ح قال في المقدمات وهو الصحيح. قوله: (ولو بلا وصف لنوعه أو جنسه) يحتمل أن المراد
أنه لم يذكر الجنس أو النوع بناء على ما لابن عبد السلام فإنه قال وظاهر سلمها الثالث أنه لا يحتاج
لذكر جنس السلعة أهي عبد أو ثوب مثلا ويحتمل أن مراد الشارح أن المنفي وصف الجنس
أو النوع وأما هما فلا بد من ذكره بناء على ما قاله ح. قوله: (على شرط خياره) أي لكن بشرط
أن يجعل الخيار للمشتري إذا رأى المبيع. قوله: (إذ فيها لا يضر) يعني أنه إذا قال له وليتك ما اشتريت
بما اشتريت بدون وصف لما اشتراه، فيجوز إذا جعل الخيار للمولى أو دخلا على السكوت ويكون
للمولى في هذه الحالة الخيار وأما على اللزوم فيمنع للجهالة. قوله: (شرط في المبالغ عليه) أي وهو الذي
لم يوصف وأما الذي وصف فيجوز بيعه على البت وعلى الخيار وعلى السكوت فالصور ست المنع في
اثنتين والجواز في أربع. قوله: (ولو على يوم) أي هذا إذا كان غائبا غيبة بعيدة بل ولو كان غائبا
على يوم وحاصله أن ما بيع على الصفة باللزوم لا بد في جواز بيعه من كونه غائبا عن مجلس العقد
ولو كانت مسافة الغيبة يوما، وأما ما بيع على الصفة بالخيار أو بيع على الخيار بلا وصف أو بيع على
رؤية متقدمة بتا أو على الخيار فلا يشترط في جواز بيعه غيبته بل يجوز بيعه ولو كان حاضرا في
المجلس إذا علمت هذا تعلم أن قول المصنف ولو كان غائبا على يوم فيما بيع على الصفة باللزوم كما قال
الشارح. قوله: (للرد على من قال) أي وهو ابن شعبان. قوله: (كالحاضر) أي في كونه لا يجوز بيعه
على الصفة بتا بل لا بد من حضوره في مجلس العقد ورؤيته. قوله: (وإلا كان حقه الخ) أي وإلا يكن
ذكره هنا في حيز المبالغة للرد فلا وجه لذكره هنا وكان حقه أن يذكره بعد قوله الآتي ولم تمكن
رؤيته بلا مشقة المفروض في بيع الغائب بالصفة على اللزوم بأن يقول ولم تمكن رؤيته بلا مشقة
وهو على يوم. قوله: (واعترض على المصنف) المعترض له بذلك الاعتراض ح وقوله بأنه يقتضي
الخ أي لأنه قال ولو كان غائبا على يوم فمفاده أنه إذا كان على دون يوم الصادق بالحاضر في البلد لا بد
من إحضاره بمجلس العقد ولا يجوز بيعه على الصفة باللزوم. قوله: (مع أن الذي يفيده النقل) مراده
به المدونة فقد ذكر بعضهم أن هذا يؤخذ منها من خمس مواضع وتحصل من كلام الشارح أولا
وآخرا أن ما بيع على الصفة بالخيار أو بلا وصف على الخيار بالرؤية أو بيع على رؤية متقدمة، سواء
كان بتا أو على الخيار، لا يشترط فيه أن يكون غائبا بل يجوز بيعه ولو كان حاضرا في مجلس العقد
أو بالبلد. وأما ما بيع بالصفة على اللزوم فمفاد المصنف أنه لا بد أن يكون غائبا يوما فأكثر ولا يجوز
بيعه إن كان حاضرا بالبلد إلا إذا حضر مجلس العقد ورئ ومفاد النقل أنه إن كان حاضرا في
مجلس العقد فلا بد من رؤيته إلا إذا كان في رؤيته ضرر وإن كان حاضرا بالبلد دون مجلس العقد
صح بيعه على اللزوم وإن لم يكن في إحضاره في مجلس العقد مشقة. قوله: (أي ولو وصفه) أشار الشارح
إلى أنه عطف على قوله بلا وصف فهو في حيز المبالغة. قوله: (وإنما الخلاف في وصف البائع) ففي
الموازية والعتبية لا يجوز أن يباع الشئ بوصف بائعه لأنه لا يوثق بوصفه إذ قد يقصد الزيادة في الصفة
لانفاق سلعته، وهو خلاف ما ارتضاه ابن رشد واللخمي من جواز البيع بوصف البائع نعم لا يجوز
النقد فهو أي كون الوصف من غير البائع شرط في النقد عندهما لا في صحة البيع ا ه‍ فمتى كان
الوصف من البائع منع النقد كان تطوعا أو بشرط كان المبيع عقارا أو غيره كما ارتضاه شيخنا.

26
قوله: (ولو بلا وصفه) أي ولو انتفى وصف غير البائع له. قوله: (ويجري هذا الشرط أيضا فيما بيع على
رؤية سابقة الخ) تلخص من هنا ومما مر أن ما بيع على رؤية سابقة يشترط فيه شرطان أن لا يتغير
بعدها أي أن يعلم أو يظن أنه لم يحصل فيه تغير بين الرؤية والعقد وأن لا يبعد جدا بحيث لا يتغير بين
العقد والقبض وهذا إذا بيع على اللزوم وأما على الخيار فلا يشترط قرب ولا عدم تغير. قوله: (أن
ما بيع على الخيار) أي سواء بيع بوصف أو بلا وصف أو برؤية سابقة. قوله: (لا يشترط فيه ذلك)
أي بل يجوز ولو بعد جدا على ما عند ابن عبد السلام خلافا لظاهر كلام المصنف في توضيحه ا ه‍ خش.
قوله: (ولم تمكن رؤيته بلا مشقة) المنفي بلا مشقة أي وإن انتفى إمكان رؤيته من غير مشقة
وإذا انتفى إمكان رؤيته من غير مشقة ثبت إمكانها مع المشقة فكأنه قال ولا بد أن يكون في رؤيته
مشقة. قوله: (بأن أمكنت بمشقة) أي وذلك كالغائب على مسافة يوم ذهابا. قوله: (وأما على الخيار) أي
وأما الغائب الذي بيع على الخيار سواء كان موصوفا أو غير موصوف. قوله: (أو رؤية سابقة) أي أو
بيع برؤية سابقة سواء كان بتا أو على الخيار. قوله: (ولو كان حاضرا مجلس العقد) أي بين يدي
المتعاقدين بأن يكون بينه وبينهما حائل كجدار أو في صندوق مثلا فلا منافاة بين كونه حاضرا وبين
كونه غائبا لان المراد بغيبته غيبته عن البصر فلا ينافي أنه حاضر. قوله: (وتقدم أن هذا الشرط
ضعيف) وأن المعتمد ما أفاده النقل وهو أن الحاضر في مجلس العقد لا بد من رؤيته إلا لضرر
وغير الحاضر في مجلس العقد يجوز بيعه على الصفة ولو كان في البلد وإن لم يكن في إحضاره مشقة.
قوله: (وجاز النقد تطوعا فيه) إنما قيد جواز النقد بالتطوع لقوله بعد ومع الشرط الخ. وحاصل
فقه المسألة أن المبيع الغائب يجوز النقد فيه تطوعا بشرط، وهو كون البيع على اللزوم سواء
كان المبيع عقارا أو غيره قريبا أو بعيدا. فإن كان البيع على الخيار منع مطلقا كان المبيع عقارا
أو غيره قريبا أو بعيدا، وهل يشترط أيضا في جواز النقد تطوعا إذا بيع على الصفة أن يكون
الواصف له غير البائع لان وصفه يمنع من جواز النقد ولو تطوعا، كما في عبق، وارتضاه شيخنا أولا
يشترط ذلك وهو المأخوذ من كلام بن، فإنه نازع في كون وصف البائع يمنع من جواز النقد
تطوعا وأما النقد بشرط فإن كان المبيع عقارا قريبا أو بعيدا فيجوز بشرطين أن يكون البيع
على اللزوم وأن يكون الواصف له إذا كان بيعه بالصفة غير البائع، فإن تخلف شرط منهما امتنع النقد
بالشرط وإن كان المبيع غير عقار فيجوز اشتراط النقد بأربعة شروط أن تقرب غيبته كيومين
وأن يكون البيع على اللزوم وأن يكون الواصف له إذا بيع بالوصف غير البائع وأن لا يكون في
المبيع حق توفية فإن تخلف شرط منها منع النقد بشرط. قوله: (في المبيع الغائب) أي سواء كان
بيعه بالوصف أو برؤية متقدمة لكن محل جواز النقد تطوعا إذا بيع بالصفة إن كان الواصف له غير
البائع وإلا فلا يجوز على ما علمت فيما مر. قوله: (عقارا أو غيره) أي سواء كان ذلك المبيع الغائب
قريبا أو بعيدا. قوله: (أو الاختيار) أي كأن يقول له بعتك سلعة من سلعتي كذا الغائبتين بمحل كذا
بدينار على الاختيار أي على أنك تختار واحدة منهما بعد رؤيتهما. قوله: (ومع الشرط في العقار)
قيده في التوضيح بما إذا بيع العقار جزافا فإن بيع مذارعة فلا يصح النقد فيه، قاله أشهب في العتبية،
وكذا قاله مالك، وتبعه في الشامل واعترض طفي تقييد التوضيح قائلا الظاهر أن قول أشهب
هذا وما روى عن مالك خلاف المعتمد ولذا أطلق غير واحد جواز النقد في العقار كالمدونة وابن
الحاجب وابن عرفة وغيرهم. إذا علمت هذا تعلم أن قول الشارح ولو بيع مذارعة على المعتمد الأولى
له أن يقدمه قبل قوله وضمنه مشتر ويذكره بعد قوله وجاز النقد مع الشرط في العقار لان العقار

27
إذا بيع مذارعة النزاع فيه من جهة النقد فيه بشرط أولا لا من جهة دخوله في ضمان المشتري
بالعقد وعدم دخوله، كما هو ظاهر الشرح، لان العقار لا يدخل في ضمان المشتري بالعقد إلا إذ بيع
جزافا وأما إذا بيع مذارعة لم يكن من ضمانه بل قبضه من المشتري لان فيه حق توفية وما كان كذلك
لا يدخل في ضمان المشتري إلا بالقبض لا بالعقد. قوله: (وأما بوصف البائع فلا يجوز النقد فيه
بالشرط) ظاهره أنه يجوز النقد تطوعا إذا بيع بوصف البائع وهو ما قاله بن فانظره. قوله: (وضمنه
المشتري بالعقد) أي وضمن المشتري العقار الذي بيع وهو غائب بوصف أو برؤية بمجرد
العقد حيث كان البيع وقع على البت. قوله: (أي غير العقار) أي الذي بيع وهو غائب. قوله: (كاليومين)
أي ذهابا والكاف استقصائية لا تدخل شيئا لان المروي عن ابن القاسم يومان وعن مالك
يوم ونحوه وهو يوم ثان وإلى هذا يشير الشارح بقوله كاليومين فأقل تأمل. قوله: (فيعمل بالشرط)
هذا ظاهر إذا كان الشرط في صلب العقد وأما إذا تطوع به أحدهما للآخر بعده ففي المسألة
قولان وظاهر المصنف اعتباره، لان قوله إلا لشرط يشمل الواقع في العقد وبعده قاله شيخنا.
قوله: (أو منازعة) قال أبو علي المسناوي المشتري على رؤية سابقة إذا هلك قبل أن يقبضه المشتري
ضمانه من البائع، كما في المدونة، وتبعه المصنف وقالت في بقاء الصفة وتبعها المصنف القول للبائع فيه
وكلاهما على خلاف الأصل إذ الأصل عدم الهلاك وعدم النقص فلم فرقوا بينهما قلت الهلاك ثبت
وقوعه والصفة البائع يقول هي باقية لم تتغير أصلا والمشتري يزعم تغيرها فعليه البينة ولو سلم البائع
نقصها أو ثبت ببينة لكان القول للمشتري كالمسألة الأولى ا ه‍ بن. قوله: (لعدم صحة تفريعه عليه)
أي وذلك لان المنازعة لا توجب الضمان على المشتري وإنما توجبه على البائع والحاصل أن العقار
المبيع غائبا على الصفة أو على رؤية سابقة ضمانه من المشتري إلا لشرط أو منازعة، وإلا كان ضمانه
من البائع وغير العقار المبيع غائبا ضمانه من البائع إلا لشرط وإلا كان الضمان من المشتري. قوله: (إلا
بأمر محقق) أي وهو مصادفة العقد له سليما. قوله: (يفسد العقد) أي لأنه لما شرط عليه المشتري
الاتيان به صار كوكيله فانتفى عنه الضمان اللام له بمقتضى العقد فصار اشتراط الاتيان به موجبا
للفساد لأنه كالشرط المناقض لمقتضى العقد. قوله: (لا إن كان ضمانه من المشتري فجائز) أي وإن
كان فيه بيع وإجارة. قوله: (وحرم كتابا وسنة الخ) أي بالكتاب والسنة والاجماع أما الأول فقد قال
الله تعالى: * (وأحل الله البيع وحرم الربا) * وأما الثاني فقد قال في الصحيح: لعن رسول الله آكل الربا
وموكله وكاتبه وشاهده وقال هم سواء وأما الاجماع فقد أجمع علماء الأمة على حرمته وقد صح
رجوع ابن عباس عن القول بإباحة ربا الفضل. قوله: (لان النقد خاص بالمسكوك) هذه طريقة
وقيل إن النقد لا يختص بالمسكوك وعلى هذا القول يظهر قول المصنف في نقد. قوله: (والحرمة
لا تختص به) أي فتجري في المسكوك وغيره. قوله: (أي زيادة) يعني في الكيل أو الوزن أو العدد
لا في الصفة إذ لا حرمة في زيادتها. قوله: (ولا بأس به) أي بربا الفضل في مختلف الجنس فيجوز بيع
ذهب بفضة متفاضلا إذا كان يدا بيد وبيع قمح بأرز أو فول متفاضلا إذا كان يدا بيد. قوله: (مطلقا)

28
أي اتحد الجنس أو اختلف، فلا يجوز بيع ذهب بذهب قدره لأجل ولا فضة بفضة قدرها لأجل ولا
بيع ذهب بفضة قدرها أو أكثر منها أو أقل لأجل. قوله: (وكذا في الطعام) أي مطلقا اتحد الجنس
أو اختلف فلا يجوز بيع إردب قمح بمثله أو بإردب فول لأجل. قوله: (ولو غير ربوي) أي كخوخ
وتفاح فلا يجوز بيع قنطار من أدهما بقنطار من الآخر لأجل. قوله: (فكل ما يدخله ربا الفضل)
أي وهو النقد والطعام الربوي. قوله: (دون عكس) أي وليس كل ما يدخله ربا النساء يدخله ربا
الفضل أي لان الطعام غير الربوي يدخله ربا النساء ولا يدخله ربا الفضل، فيجوز بيع الخوخ
بالخوخ متفاضلا إذا كان يدا بيد. قوله: (ومثله طعام) أي سواء كان ربويا أو غير ربوي.
قوله: (إن جنس كل توحدا) أي إن توحد جنس كل من النقد والطعام الربوي. قوله: (مجمل) أي لان ظاهره
أن كلا من ربا النساء وربا الفضل يحرم في النقد اتحد الجنس أو اختلف ويحرم في الطعام سواء اتحد
الجنس أو اختلف كان الطعام ربويا أو غير ربوي وليس كذلك. قوله: (فيؤخذ مما يأتي) أي في الربويات.
قوله: (هذا كالترجمة) أي لما بعده وكأنه قال باب حرمة الربا في النقود والطعام. قوله: (لا يجوز
دينار ودرهم) أي لأنه لم يسلم من الربا بل فيه ربا الفضل كما بينه الشارح. قوله: (احتمال كون الخ)
فيدفع ذلك الراغب لأجل رغبته أكثر من دينار وأكثر من درهم. قوله: (وجهل التماثل كتحقق
التفاضل) أشار بهذا إلى أن محل المنع في الصورة الأولى إذا لم يتحقق مساواة الدينار للدينار
والدرهم للدرهم بل شك في تساويهما أو توهم ذلك أما لو جزمنا بالمساواة لجاز ويكون هذا من قبيل المبادلة
لا من قبيل الصرف. قوله: (ووجهه في الثانية الخ) حاصله أن ما صاحب أحد النقدين من العرض
يقدر أنه من جنس النقد المصاحب له فيأتي الشك في التماثل والمنع في هذه مطلق ولو تحقق تماثل
الدينارين وتماثل قيمة العرضين ا ه‍ وإذا منع البيع لأجل هذا التفاضل المتوهم، فأحرى المنع
للتفاضل المحقق كبيع دينار أو درهم باثنين. واعلم أن مالكا قد منع الصورتين وأبا حنيفة أجازهما
والشافعي قد فرق بينهما فأجاز الأولى ومنع الثانية وتسمى المسألة الثانية عند الشافعية بمسألة
درهم ومد عجوة. قوله: (ولا يجوز صرف مؤخر) أي لوجود ربا النساء. قوله: (ولو قريبا) أي هذا
إذا كان التأخير منهما أو من أحدهما بعيدا مع تفرق الأبدان، بل ولو كان التأخير منهما أو من
أحدهما مع تفرق الأبدان قريبا هذا إذا كان التأخير البعيد أو القريب اختيارا بل ولو كان
غلبة وما ذكره من منع التأخير القريب مع المفارقة هو المشهور، ومقابله المشار إليه بلو مذهب العتبية
من جواز التأخير القريب مع تفرق الأبدان اختيارا. قوله: (ولو
بأن يدخل الخ) أي ولو كان التأخير بأن يدخل الخ. قوله: (فلا يضر إلا إذا طال) حاصله أنه إذا حصل التأخير اختيارا فإن حصلت مفارقة
الأبدان منهما أو من أحدهما ضر ذلك اتفاقا إن كان التأخير كثيرا وإن كان التأخير قليلا ضر أيضا
لكن على المشهور، خلافا لما في العتبية، وإن لم تحصل مفارقة أبدان ضر إن كان التأخير كثيرا على
المشهور وإن كان قليلا فلا يضر اتفاقا وذلك كاستقراضه ممن بجانبه من غير قيام وأما إن حصل التأخير
غلبة ضر مطلقا قليلا كان أو كثيرا، خلافا لابن رشد القائل بعدم الضرر مطلقا كان
التأخير غلبة قليلا أو كثيرا. قوله: (كما يأتي) أي في قوله أو غاب نقد أحدهما وطال فإنه
محمول على عدم المفارقة. قوله: (أو كان التأخير غلبة) أي فيضر قليلا كان التأخير أو كثيرا.

29
قوله: (مطلقا) أي في قرب التأخير وبعده. قوله: (أي وبطل الصرف الخ) أي لأنهم أجروا التوكيل على
القبض مظنة التأخير وأجروا عليه حكمه وما ذكره من بطلان الصرف أن تولي القبض غير
عاقده هو المشهور خلافا لمن قال بالصحة وهو المردود عليه بلو في كلام المصنف لان قوله أو عقد الخ
واقع في حيز المبالغة لان المعنى ولو كان التأخير قريبا ولو عقد ووكل في القبض. قوله: (ولو شريكه) أي
لأنه لا فرق بين أن يوكل أجنبيا أو يوكل شريكه وهذا هو الراجح وفي سماع أصبغ أنه يجوز أن
يقبض إذا كان الموكل شريكا ولو في غيبة الموكل. قوله: (على الأرجح) أي خلافا لما في الشامل من
المنع مطلقا أي سواء قبض بحضرة الموكل أم لا والحاصل أن المسألة ذات أقوال أربعة قيل أن
التوكيل على القبض لا يضر مطلقا، سواء كان الوكيل شريكا أو أجنبيا قبض بحضرة موكله أو في
غيبته، وقيل أنه يضر مطلقا وقيل إن كان شريكا فلا يضر. ولو قبض في غيبة موكله وإن كان غير
شريك ضر إن قبض في غيبة موكله وإن قبض بحضرته فلا يضر وقيل إن قبض بحضرة موكله
فلا يضر مطلقا سواء كان شريكا أو أجنبيا وإن قبض في غيبته ضر مطلقا وهذا هو الراجح كذا قرر
شيخنا. قوله: (فيفسد) أي على المشهور خلافا لمن قال بالصحة وهو المشار إليه بلو في المصنف وأشار
الشارح بقوله بلا فرقة بدن لدفع ما يقال أن بين مفهوم قوله هنا وطال وبين قوله سابقا ولو قريبا
تناقضا، وحاصل الجواب أن ما هنا لم تحصل مفارقة وما تقدم في قوله ولو قريبا محمول على ما إذا
حصل تفرق. قوله: (وإن لم يحصل طول الخ) أي بأن تسلف هذا الدينار من رجل بجانبه وتسلف
الآخر الدراهم من رجل بجانبه وأما لو حل كل منهما صرته فلا منع ا ه‍ شيخنا عدوي. واعلم أن
قوله أو غاب نقداهما هي مسألة الصرف على الذمة أي على استحداث شئ في الذمة، وأما قوله فيما يأتي
أو بدين، فهي مسألة صرف ما في الذمة أي صرف ما هو متقرر في الذمة وهو جائز إذا حل الدينان
فإن كانا مؤجلين أو إحداهما منع الصرف. والحاصل أن الصرف على الذمة لم تكن الذمة مشغولة
بشئ قبل الصرف والصرف هو الذي أحدث شغلها بخلاف صرف ما في الذمة فإن الذمة مشغولة
فيه قبل الصرف. قوله: (أو كان التأخير) أي تأخير الصرف. قوله: (كاذهب بنا إلى السوق إلى
قوله وقال له الآخر نعم) أي ويجعلا ذلك القول نفس العقد. قوله: (ولكن يسير معه) أي ولكن
المطلوب أن يسير معه الخ. قوله: (للصرف) أي لأجل أن اصرف منك هذه الدنانير وقوله فيذهب
معه أي من غير أن يتفقا على أن يأخذ منه قدر كذا في مقابلة كل دينار وقوله ثم يجدد إن عقدا بعد
النقد أي ثم بعد وصولهما للسوق ونقدهما للدنانير يجددان عقد الصرف بأن يتفقا على أن كل دينار
صرفه كذا من الدراهم. قوله: (إن تأجل الخ) أي إن كان الدينان أو أحدهما مؤجلا. قوله: (اقتضى)
أي قبض وأخذ من نفسه وقوله لنفسه متعلق باقتضى أي أخذ من نفسه لنفسه ما أسلفه. قوله: (فكأن
الذي له الدينار أخذه من نفسه الخ) أي إذا حل الاجل. قوله: (المتروكة لصاحبه) أي التي تركها
لصاحبه. قوله: (وكذا الآخر) أي الذي له الدراهم كأنه إذا جاء الاجل أخذ من نفسه لنفسه
الدراهم في نظير الدينار الذي تركه لصاحبه وحاصله أن الذي في ذمته الدينار حين تصار فاقد عجل
الدينار الذي في ذمته فسلفه لصاحبه إلى أن يأتي الاجل يصرفه بالدراهم التي في ذمته فظهر

30
الصرف المؤخر وكذا يقال في الجانب الآخر. قوله: (فلو حلا معا جاز) لا يقال هذا مقاصة لا صرف
لأنا نقول قد تقرر أن المقاصة إنما تكون في الدينين المتحدي الصنف فلا تكون في دينين من
نوعين كذهب وفضة ولا صنفي نوع كإبراهيمي ومحمدي. قوله: (أخذ عنها دينارا) أي من ذلك الأحد
المدين. قوله: (إن لم يحصل تأخير) أي في دفع الدينار عن تلك الدراهم. قوله: (أو قبله) أي حيث رضي
المرتهن بصرفه وبقاء الدين من غير رهن. قوله: (وغاب الخ) مفهومه أنه لو كان حاضرا في مجلس
الصرف جاز صرفه. قوله: (ولو شرط الضمان) أي ضمان الدينار المرهون أو المودع وقوله بمجرد
العقد أي عقد الرهن والوديعة خلافا للخمي القائل بالجواز إذا شرط الضمان على المرتهن والمودع
وقت عقد الرهن أو الوديعة ولو قامت على هلاكهما بينة لأنه لما دخل في ضمان المرتهن أو المودع صار
كأنه حاضر في مجلس الصرف. قوله: (ولو سك) أي هذا إذا كان كل من الرهن والوديعة غير
مسكوك بل ولو كان مسكوكا. فيمنع صرفه في غيبته عن مجلس الصرف لعدم المناجزة على المشهور.
ورد المصنف بلو ما رواه محمد من جواز صرف المرهون أو المودع المسكوك الغائب عن مجلس العقد
لحصول المناجزة بالقول. قال ح: وظاهر كلام المصنف أن الخلاف في المسكوكين لا في المصوغين وليس
كذلك بل الخلاف في الجميع كما في التوضيح عن الجواهر ا ه‍ بن. قوله: (كل من الرهن والوديعة)
أي لعدم المناجزة وإنما لم يقل المصنف ولو سكا بالمطابقة لان العطف إذا كان بأو تجوز فيه المطابقة
وعدمها وهو الأكثر. قوله: (خلافا لمن قال) أي وهو محمد بن المواز. قوله: (جاز الصرف في غيبتهما)
أي لحصول المناجزة بالقول ولأنه كالحاضر لأنه يمكن تعلقه بذمة المرتهن أو المودع على تقدير
عدم البينة على هلاكه فلما كان يمكن تعلقه بالذمة فكأنه حاضر. قوله: (كمستأجر وعارية) تشبيه
بما قبله من المنع إن غاب عن مجلس الصرف والصحة إن حضر لا فيهما وفي سك لعدم تأتي العارية
والإجارة في المسكوك على المذهب لانقلابه صرفا في العارية وعدم جواز إجارته لانقلابه سلفا
بزيادة الأجرة لان القاعدة أن الغيبة على المثلي تعد سلفا. قوله: (ومغصوب) أي أنه يحرم صرفه
إذا كان غائبا عن مجلس العقد لغاصبه أو لغيره. قوله: (إن صيغ) أي كالحلي. قوله: (وكل ما لا يعرف
بعينه) أي كالسبائك. قوله: (لتعلقه بالذمة) هذا إشارة للفرق بين المصوغ وغيره وحاصله أن المصوغ
إذا هلك تلزم فيه القيمة لدخول الصنعة فيه وقبل هلاكه يجب على الغاصب رده بعينه فيحتمل عند
غيبته أنه هلك ولزمته قيمته وما يدفعه في صرفه قد يكون أقل من القيمة أو أكثر فيؤدي للتفاضل
بين العينين. وأما غير المصوغ فبمجرد غصبه ترتب في ذمته مثله فلا يدخل في صرفه في غيبته احتمال
التفاضل. قوله: (لأنه) أي المصوغ وكان الأولى أن يقول لان المثلي إذا دخلته صنعة الخ. قوله: (ولا يجوز
الصرف) أي في حال كونه ملتبسا بتصديق فيه فالباء للملابسة وهو عطف على قوله في نقد أي
وحرم في نقد وحرم الصرف ملتبسا بتصديق فيه لأنه قد يختبره بعد التفرق فيجده ناقصا أو
رديئا فيرجع به فيؤدي إلى الصرف بتأخير. وإن اشترط عدم الرجوع عند العقد لزم أكل أموال
الناس بالباطل. قوله: (كمبادلة ربويين) أي لئلا يوجد نقص فيدخل التفاضل إن شرطا عدم الرجوع
بالنقص أو التأخير إن شرطا الرجوع به بعد الاطلاع عليه. قوله: (فالمراد) أي بالربويين وقوله
ولو ربا النساء أي ما يدخله ولو ربا النساء. قوله: (يحرم التصديق فيهما) ما ذكره المصنف من

31
حرمة التصديق في هذه المسألة وهي مبادلة الشيئين الربويين هو أحد قولين فيها والآخر جواز
التصديق فيها قال بن ولا ترجيح لأحدهما على الآخر. قوله: (لان المعجل مسلف) قال خش ثم إن الذي يفيده كلام الغرياني في حاشيته على المدونة أن الحكم في التصديق إذا وقع في القرض
الفسخ على ظاهر المدونة، خلافا لمن قال بعدمه، وأن الحاكم في التصديق في البيع لأجل عدم الفسخ
على ظاهرها كما قال عبد الحق أنه الأشبه بظاهرها. وحكى أبو بكر بن عبد الرحمن أنه يفسخ ثم إن
الظاهر أن رأس مال السلم كالمبيع لأجل في جريان الخلاف وأن المعجل قبل أجله يرد ويبقى حتى
يأتي الاجل وأن الصرف يرد وكذلك مبادلة الربويين كما قال ابن يونس وقال ابن رشد بعدم
فسخها. قوله: (وحرم بيع وصرف) أي خلافا لأشهب حيث قال بجواز جمعهما نظرا إلى أن العقد
قد احتوى على أمرين كل منهما جائز على انفراده وأنكر أن يكون مالك حرمه قال وإنما الذي
حرمه الذهب بالذهب مع كل منهما سلعة والورق بالورق مع كل منهما سلعة ابن رشد. وقول أشهب
أظهر من جهة النظر وإن كان خلاف المشهور وكما يمنع مصاحبة الصرف للبيع يمنع أن يصاحبه
شئ من العقود التي يمتنع اجتماعها مع البيع التي أشار لها بعضهم بقوله:
عقود منعناها مع البيع ستة ويجمعها في اللفظ جص مشنق
فجعل وصرف والمساقاة شركة نكاح قراض منع هذا محقق
قوله: (لتنافي أحكامهما) أي أحكام البيع والصرف ومن المعلوم أن تنافي اللوازم يدل على تنافي
الملزومات. قوله: (ولأنه) أي اجتماع البيع والصرف. قوله: (لترقب الحل) أي حل الصرف. قوله: (بوجود
عيب) الباء سببية. قوله: (أو لتأديته) أي اجتماع البيع والصرف. قوله: (فيها) أي في السلعة. قوله: (فلا يعلم
ما ينو به) أي الصرف بمعنى الدينار المصروف. قوله: (إلا في ثاني حال) أي بعد تقويم
السلعة المستحقة ثم لا يخفى أن ترقب حل الصرف يكون بوجود العيب والاستحقاق والتأدية
للصرف المؤخر تكون بهما أيضا. وعبارة الشارح توهم خلاف ذلك فلو قال الشارح ولأنه يؤدي
لترقب الحل بوجود عيب أو استحقاق وذلك يؤدي للصرف المؤخر لأنه إذا ظهر بها عيب أو
استحقت لا يعلم ما ينوب الصرف إلا في ثاني حال لكان أظهر. قوله: (واستثنى أهل المذهب) أي من
منع اجتماع البيع والصرف. قوله: (أي ذو الجميع) إنما قدر ذلك لأجل صحة الاخبار لان الدينار
ليس هو البيع والصرف وإنما هو صاحبهما لاجتماعهما فيه. قوله: (كأن يشتري شاة) أي تساوي
خمسة دراهم أو تساوي أربعة والدراهم التي معها ستة أو تساوي ثلاثة والدراهم التي معها تساوي
سبعة. قوله: (بأن يأخذ الخ) أي بأن تكون الدراهم التي مع السلعة أقل من صرف دينار كما مثله
الشارح أو ثمن السلعة أقل من صرف دينار. قوله: (وصرف الدينار الخ) أي والحال أن قيمة الأثواب
تساوي مائتي درهم وعشرة دراهم فالعشرة دنانير وقعت في بيع ليس إلا والحادي عشر بعضه في
مقابلة العشرة دراهم وبعضه في مقابلة بعض الأثواب فقد اجتمع البيع والصرف في الدينار
الحادي عشر فآل الامر إلى أن كل ثوب خصه دينار ودرهم. قوله: (فلو كان صرفه يساوي عشرة)
أي والأثواب تساوي مائة درهم. قوله: (لعدم اجتماعهما فيه) أي لان الدينار الحادي عشر في مقابلة
الدراهم وهذا صرف والدنانير العشرة في مقابلة الأثواب كل دينار في مقابلة ثوب وهذا بيع فلم
يجتمع البيع والصرف في دينار وليس الجميع دينارا بل اجتمع البيع والصرف في غير دينار.
قوله: (لان السلعة كالنقد) أي لأنها لما صاحبت الدراهم صارت كأنها من جملة الدراهم المدفوعة

32
في مقابلة الدينار في الصورة الأولى أو الدنانير في الصورة الثانية. قوله: (أو تأجلت السلعة من البائع)
أي وعجل الدينار من المشتري والدرهمان من البائع. قوله: (لأنه بيع وصرف تأخر عوضاه) علة
للحرمة إذا تأجل الجميع وقوله أو بعضهما علة للحرمة إذا تأجلت السلعة. قوله: (وتأجيل بعضها) أي
السلعة وكذا تأجيل بعض أحد النقدين كتأجيل أحدهما بتمامه. قوله: (إلا بقدر خياطتها) أي إلا أن
يكون تأجيلها بقدر خياطتها. قوله: (وهي معينة) أي لأنها حينئذ كالمقبوضة بالفعل بخلاف غير
المعينة فلا يجوز التأخير فيها مطلقا. قوله: (أو تأجل أحد النقدين) أي كما لو تأجل الدينار من المشتري
وعجلت السلعة والدرهمان من البائع أو عجل الدينار من المشتري والسلعة من البائع وأجل
الدرهمان منه. قوله: (وإنما المقصود البيع) أي لان الاعتناء بتقديم المقوم يدل على أنه هو المقصود ولا
يرد على هذا التعليل ما إذا تعجل النقدان وتأجلت السلعة فكان القياس الجواز، لان الصرف
حينئذ مقصود وقد حصلت المناجزة، لان السلعة لما كانت كالجزء من الدراهم كان تأجيلها
كتأجيل بعضها وقد علمت أن تأجيل بعض أحد النقدين كتأجيل كله. قوله: (فذكره) أي فذكر
هذا القسم مع علمه مما قبله بالأولى. قوله: (لتتميم الأقسام) أي الخمسة. قوله: (لكن الجواز حينئذ) أي
حين عجل الجميع لا يتقيد بالدرهمين بل الجوار حينئذ ولو كانت الدراهم المستثناة أكثر من
درهمين لان هذا من جملة البيع والصرف في دينار. وأما في صورة تأجيلهما بأجل واحد وتعجيل
السلعة فالجواز مقيدا بما إذا كانت الدراهم المستثناة درهمين فأقل لا إن كانت أكثر لان الصرف
حينئذ مراعي بخلاف الدرهمين فإنهما لقلتهما تسومح فيهما وعلم أن الصرف غير مراعي فأجيز
تأجيل النقدين لأجل واحد وتعجيل السلعة. والحاصل أنه إذا كان المستثنى درهمين فأقل كان
المنع في ثلاث صور والجواز في صورتين وأما لو كان المستثنى ثلاثة أو أربعة فالمنع في أربع صور
والجواز في واحدة وهي ما إذا تعجل الجميع. قوله: (لما استثنى من القاعدة) أي وهي قوله وحرم
اجتماع بيع وصرف. قوله: (فهل هذا) أي الاستثناء أي هل جواز هذا المستثنى على إطلاقه.
قوله: (تفصيلا وتقييدا) أي وأجاب بأن محل الجواز إذا لم يترتب على اجتماع البيع والصرف في الدينار
محظور كالصرف المؤخر كما في هاتين المسألتين الأخيرتين وإلا فالمنع كما في المسائل الثلاث الأول.
قوله: (وشبه في مطلق الجواز لا يقيد الخ) أي بل هو تشبيه في الجواز مطلقا وحاصله أنه إذا تعددت
السلع والدنانير والدراهم المستثناة ووقع البيع على شرط المقاصة فإن ذلك يجوز إذا لم يفضل من
الدراهم شئ كانت الدراهم المستثناة صرف دينار أو دينارين أو أكثر سواء تأجلت السلع والدنانير
أو تعجلا أو تأجل أحدهما وتعجل الآخر. قوله: (كأن يشتري عشرة أثواب الخ) أي وكما لو اشترى
ستة عشر ثوبا كل ثوب بدينار إلا درهما على شرط المقاصة وصرف الدينار ستة عشر درهما فيكون
ثمن الأثواب خمسة عشر دينارا ويسقط عنه واحد في نظير الستة عشر درهما للمقاصة. قوله: (وإلا
فلا) أي وإلا بأن تأجل الجميع أو تأجلت السلعة فقط أو تأجل أحد النقدين فقط فلا يجوز.

33
قوله: (في المثال المتقدم) أي بأن اشترى عشرة أثواب كل ثوب بدينار إلا درهمين وعشر درهم وصرف
الدينار عشرون ودخلا على المقاصة فإن المشتري يعطيه تسعة دنانير ويحط عنه العاشر للمقاصة
ويأخذ من البائع الأثواب العشرة ودرهما. قوله: (درهمين وعشر درهم) راجع لقوله قبل والحكم
في فضل الدرهم وقوله أو خمسه راجع لقوله أو الدرهمين. قوله: (أو خمسه) أي فإذا اشترى منه عشرة
أثواب كل ثوب بدينار إلا درهمين وخمس درهم وصرف الدينار عشرون درهما ودخلا على
المقاصة، فإن المشتري يدفع للبائع تسعة دنانير ويحط عنه دينارا للمقاصة ويدفع البائع عشرة أثواب
ودرهمين. قوله: (عشرون منها في نظير دينار) أي وحينئذ فيغرم المشتري للبائع تسعة دنانير ويحط
الدينار العاشر للمقاصة ويدفع البائع له عشرة أثواب وأربعة دراهم. قوله: (كالبيع والصرف) أي
المدخول عليه وبه يندفع ما يقال إن هذا بيع وصرف حقيقة فكيف يشبه الشئ بنفسه.
قوله: (وفسرها بقوله الخ) فيه أن المعاقدة ليست نفس الاعطاء فتأمل. قوله: (ويدفع له السبيكة الخ) أي
فآل الامر للبدل المؤخر. قوله: (ويزيده الأجرة) أي سواء كانت نقدا أو غيره. قوله: (والأولى تمنع)
أي لعدم المناجزة في بيع الفضة بالفضة. قوله: (امتنعت الأولى) أي سواء دفع له أجرة أم لا.
قوله: (وجازت الثانية) أي سواء دفع له أجرة أم لا. قوله: (وكزيتون الخ) أدخل بالكاف الجلجلان وبزر
الفجل الأحمر والقمح يدفعه لمن يطحنه ويأخذ الآن منه دقيقا قدر ما يخرج منه بالتحري. قوله: (وإن
لم يدفع أجرة) أي فلا مفهوم لقول المصنف وأجرته لمعصره إذ المنع حاصل وإن لم يدفع له أجرة لما
فيه من بيع الطعام بالطعام نسيئة وللشك في التماثل. قوله: (ومسكوك بسكة لا تروج الخ) يفيد أنه
لا مفهوم للتبر وهو كذلك وإنما عبر به تبعا لابن الحاجب وقد عبر في العتبية بالمال وعبر المازري
وابن عرفة والتوضيح بالذهب والفضة وكذا غيرهم من أهل المذهب وبه تعلم أن قول عبق وانظر
لو كان مع المسافر مصوغ إلى قوله والظاهر المنع غير صواب ا ه‍ بن. قوله: (يعطيه المسافر المحتاج)
أي وأما غير المحتاج فيمنع اتفاقا كما أن غير المسافر يمنع كذلك اتفاقا وأما دار الضرب فالظاهر أنه
غير خاص بهم فلو أعطاه لاحد من الناس غير أهل دار الضرب فالظاهر الجواز فذكر المصنف لدار
الضرب لمجرد التمثيل بما هو الشأن كما قاله شيخنا العدوي. قوله: (وإلا ظهر خلافه) أي خلاف ما مر
من الجواز وهو المنع. قوله: (وبخلاف الخ) هذا مما أجيز لضرورة وهو أن يدفع الشخص درهما لآخر
ليأخذ منه بنصفه طعاما أو عرضا أو فلوسا والنصف الآخر فضة وذكر المصنف لجوازه شروطا تبعا
للمتأخرين كابن أبي زمنين وابن لب، وإنما توقف الجواز على هذه الشروط لان الأصل المنع بسبب
أن الدرهم مثلا بيع بعضه ببعض معه سلعة والسلعة بجعل من جنس ما انضمت إليه فيكون هناك
تفاضل مشكوك. قوله: (بنصف) أي في نصف درهم. قوله: (أي فيما يروج رواج النصف) أي مثل
الفضة العددية والزلاطة الخمساوية والمراد بكونه يروج رواجه أن يكون مثله في النفاق بفتح النون
بأن تكون السلعة التي تشترى بهذا تشترى بالآخر. قوله: (وإن زاد وزنه) أي وزن ذلك الرائج عن

34
نصف درهم أو نقص عنه فالأول كتسعة أنصاف فضة والثاني كالزلاطة الخمساوية أو خمسة أنصاف فضة
عددية. قوله: (كون المبيع درهما) أي شرعيا أو ما يروج رواجه زاد وزنه عنه كثمن ريال أو نقص
كزلاطة بثمانية ويستفاد من هذه الشروط عدم الجواز إذا كان المبيع ريالا أو نصف ريال أو ربع
ريال ولكن قد أجاز بعضهم ذلك في الريال الواحد أو نصفه أو ربعه للضرورة كما أجيز صرف الريال
الواحد بالفضة العددية، وكذا نصفه وربعه للضرورة. وإن كانت القواعد تقتضي المنع للشك في
التماثل وأما ما زاد على الواحد فلا يجوز كذا قرر شيخنا العدوي والعلامة الشارح. قوله: (لا أكثر)
أي فلو اشترى بدرهم ونصف لم يجز أن يدفع درهمين ويأخذ نصفا وكذا لو اشترى بدرهمين ونصف
ويدفع ثلاثة ويأخذ نصفا. قوله: (هو المقصود) أي بالذات وأما الصرف والمبادلة فغير مقصودة.
قوله: (في بيع لذات) أي كأن يشتري سلعة بنصف درهم فتدفع للبائع درهما ليرد لك نصفه. قوله: (أو منفعة)
أي كإجارة أو كراء كدفعك للصانع نعلا أو دلوا يصلحه فبعد إصلاحه دفعت له درهما كبيرا نصفه في
مقابلة أجرته ورد عليك الصانع نصف درهم حالا، فلو دفعت له الدرهم وأخذت منه نصفه وتركت
شيئك عنده ليصلحه، لم يجز لان من شروط الجواز انتقاد الجميع ولا يكون ذلك إلا بعد تمام العمل
واحترز بالبيع من القرض والصدقة كأن يكون عليه فلوس مثلا أو عرض من قرض فيدفع درهما
ويأخذ نصف درهم وكأن يدفع لآخر درهما على أن يكون له نصفه صدقة ويرد له نصفه فضة.
قوله: (كأن أوضح) أي لان الشرط التعامل بهما لا كونهما سكة سلطان واحد كما يوهمه كلام المصنف.
قوله: (أي عرف الخ) أي إن عرف أن هذا يشتري به قدر ما يشتري بالآخر مرتين. قوله: (وإن اختلفا
وزنا) أي بأن كان النصف المردود أكثر في الوزن من الدرهم فلا يضر ذلك اعتبارا بالنفاق والرواج
والحاصل أنه متى جرى العرف أن هذا نصف هذا فلا عبرة بزيادة وزنه مع تحقق الضرورة للرد
وبعضهم منع ذلك اعتبارا بالوزن قال ابن ناجي والظاهر الجواز كما قال شارحنا انظر حاشية شيخنا
وإنما اشترط معرفة الوزن لئلا يلزم بيع الفضة بالفضة جزافا ولا خفاء في منعه. قوله: (صوابه تقديم الخ)
إنما صوبه بما ذكر لان ظاهر المصنف أنه تشبيه في الانتقاد وأن المعنى يشترط في الجواز هنا
انتقاد الجميع كما يشترط ذلك في مسألة شراء سلعة بدينار إلا درهمين. فيفيد أن مسألة دينار إلا
درهمين لا تجوز إلا إذا انتقد الجميع مع أنه قد مر أنه في تلك المسألة لا يتوقف الجواز على انتقاد
الجميع بل يجوز البيع أيضا إذا عجلت السلعة فقط. قوله: (وإلا فلا) أي وإلا بان فقط شرط من هذه
الشروط فلا تجوز وصرح بالمفهوم للايضاح. قوله: (ليأخذ درهما وبالثاني سلعة) الأولى ليأخذ
بنصفهما فضة وبنصفهما الثاني سلعة تأمل ولا يقال أن الصورة الأولى من هاتين الصورتين وهي
صورة الدينار جائزة لأنها من أفراد قوله سابقا إلا أن يكون الجميع دينارا أو يجتمعا فيه لان
ما هنا ليس مما اجتمع فيه بيع وصرف في دينار وإنما فيه بيع نصف الدينار بالسلعة وأخذ نصفه
الثاني ذهبا والصرف بيع الذهب بالفضة وأما الذهب بالذهب فهو ليس بصرف حتى يقال
يجتمعان فيه. قوله: (وردت الخ) صورتها رجل صرف من رجل دينارا ثم بعد أيام لقيه فقال له قد
استرخصت مني الدينار فنقصتني عن صرف الناس فزدني فزاده دراهم، فهذا جائز ولا ينقض
الصرف فإذا اطلع على عيب في الدراهم الأصلية فردها فإن تلك الزيادة ترد مع الأصلية.
قوله: (استرخصت مني الدينار) أي ونقصتني عن صرف الناس. قوله: (فزدني) أي فزاده دراهم ثم

35
اطلع على عيب في الدراهم الأصلية التي صرف بها الدينار فردها على صاحبها بسبب العيب الذي
وبعده فإنه يرد معها الدراهم المزيدة بعد الصرف. قوله: (للبيع) أي لأجل البيع وقوله فترد أي
تلك الهبة لواهبها حيث ردت السلعة لصاحبها بسبب العيب. قوله: (لا ترد الزيادة) أي الحاصلة
بعد العقد لعيبها وأما الزيادة في صلب الصرف فترد لعيبها كما ترد لعيب غيرها. قوله: (عينها) أي
دافعها بأن كانت حاضرة وأشار له بأخذها إشارة حسية. قوله: (أوجبها) أي الصيرفي على نفسه
أم لا. قوله: (فترد وحدها) أي لعيبها ويأخذ بدلها. قوله: (وإن لم يقل نعم أزيدك) الواو للحال
لا للمبالغة وإلا لتكرر قوله الآتي وأولى الخ مع ما قبل المبالغة تأمل. قوله: (فإن عدما) كأن يقتصر
على دفعها له عقب قوله نقصتني عن صرف الناس من غير نطق بطلب الزيادة ولم يقل الصيرفي
أزيدك. قوله: (وعليهما فما في الموازية الخ) أي لان ما في الموازية محمول على ما إذا أوجبها الصيرفي
على نفسه وما في المدونة على ما إذا لم يوجبها أو أن ما في الموازية محمول على ما إذا لم تعين الزيادة
وما في المدونة على ما إذا عينت. قوله: (تأويلات) أي ثلاثة الأول بالخلاف والأخيران بالوفاق والأول
ظاهر والثاني للقابسي والثالث لعبد الحق، واعترضه المازري بأن فيها ما يمنعه لقولها فزاده درهما
نقدا أو إلى أجل والمؤجل غير معين ورد بأن التعيين لا ينافيه التأجيل بل المعين قد يؤجل. قال في
التوضيح وفي كلام عبد الحق إشارة إلى الجواب لأنه تأويل قولها إلى أجل على أنه قال أنا أزيدك لو
تأتيني عند أجل كذا وكذا ثم عند الاجل أتاه وأعطاه درهما فوجده زائفا فليس عليه بدله لأنه رضي
بما دفع له ولم يلتزم غيره بخلاف قوله أزيدك درهما فإنه يحمل على الجيد ا ه‍ بن. قوله: (على شرط
المناجزة) أي لما تكلم على أنه يشترط في الصرف المناجزة وهو عدم افتراق المتصارفين لان
افتراقهما يؤدي للصرف المؤخر وهو يؤدي لربا النساء. قوله: (وإن رضي الخ) حاصله أن العيب
الذي اطلع عليه أحد المتصارفين بعد العقد إما نقص عدد أو وزن أو رصاص أو نحاس خالص أو
مغشوش بأن كان فضة مخلوطة بنحاس مثلا، فإن اطلع الآخذ على ذلك بحضرة العقد من غير مفارقة
أبدان ولا طول ورضي بذلك مجانا صح العقد وكذا إن لم يرض الآخذ بذلك ورضي الدافع بإبدالها
فإن العقد يصح في الجميع مطلقا عينت الدراهم والدنانير أم لا، ويجبر على إتمام العقد من أباه منهما إن لم
تعين الدراهم والدنانير فإن عينت فلا يجبر. قوله: (أي في حضرة الاطلاع الخ) هذا الحل الذي حل
به الشارح أصله للقاني ونصه قول المؤلف بالحضرة أي حضرة الاطلاع ولما كانت قد تبعد من
العقد قيد ذلك الحضرة الثانية أي حضرة العقد ا ه‍ والأحسن كما في بن وغيره أن المراد
بالحضرة الأولى والثانية حضرة العقد ويلزم من القرب بالنسبة للعقد القرب بالنسبة للاطلاع فإن
الاطلاع بعد العقد ولو حذف المصنف الثانية كان أولى لان الأولى منصبة على الجميع ا ه‍ بن.
قوله: (فهذا قيد للحضرة الأولى) أي فكأنه قال وإن رضي بحضرة الاطلاع الكائنة في حضرة
العقد. قوله: (ليكون راجعا للجميع) أي ليكون قوله بالحضرة راجعا لكل من رضا الآخذ

36
ورضا الدافع. قوله: (وهو) أي قوله مطلقا راجع للجميع. قوله: (وأجبر الممتنع منهما عليه) أي
فإذا رضي الآخذ للمعيب به مجانا وطلب الدافع له أن يفسخ العقد أجبر الدافع على إمضائه وكذا إذا
رضي الآخذ للمعيب بإبداله وامتنع الدافع من البدل فإنه يجبر عليه أو أراد الآخذ للمعيب فسخ العقد
وطلب الدافع البدل فإن الآخذ للمعيب يجبر على قبول البدل وعدم الفسخ. قوله: (وإن طال الخ)
حاصله أنه إذا اطلع على ما ذكر من نقض الوزن أو العدد أو الرصاص أو النحاس أو المغشوش بعد
مفارقة الأبدان أو بعد طول، فإن رضي آخذ المعيب به مجانا صح الصرف في الجميع إلا في نقص
العدد فليس له الرضا به مجانا على المشهور، ولا بد من نقض الصرف فيه سواء قام بحقه فيه وطلب
البدل أو رضي به مجانا أو ألحق اللخمي به نقص الوزن فيما إذا كان التعامل بها وزنا وإن لم يرض
بأخذ المعيب مجانا بل قام بحقه بحيث طلب البدل نقض الصرف في الجميع لا في المغشوش المعين
من الجهتين كهذا الدينار بهذه العشرة دراهم ثم اطلع على غش في الدينار أو في العشرة دراهم
ففيه طريقتان: الطريقة الأولى: أن المذهب كله على إجازة البدل ولا ينتقض الصرف لأنهما لم
يفترقا عن العقد وفي ذمة أحدهما للآخر شئ ولم يزل المعين مقبوضا لوقت البدل فلم يلزم على البدل
صرف مؤخر بخلاف غير المعين فإنهما يفترقان وذمة أحدهما مشغولة لصاحبه ففي البدل صرف
مؤخر. والثانية: أن المغشوش المعين فيه قولان والمشهور منهما نقض الصرف وعدم إجازة البدل.
قوله: (ما بين العقد والاطلاع) أي سواء حصل افتراق أبدان وانفضاض لمجلس الصرف أم لا.
قوله: (أو حصل افتراق) أي بالأبدان. قوله: (وهذا في المغشوش غير المعين) الأولى وهذا في غير
المغشوش المعين الشامل للرصاص والنحاس والمغشوش غير المعين وشامل لنقص العدد والوزن
إلا أنه أخرجهما بعد. واعلم أن الذي عليه أكثر الأشياخ أن الرصاص ونحوه مثل المغشوش غير
المعين في أنه يجوز الرضا به مجانا وإن قام به فسخ الصرف. واختار ابن الحاجب أن الرصاص ونحوه
مثل نقص العدد يتعين فيه فساد الصرف سواء رضي به مجانا أو قام به وظاهر الشارح موافقته ولو
قال الشارح وهذا في غير المغشوش المعين لكان جاريا على مختار أكثر الشيوخ ونص المازري
انظر بن. قوله: (بدليل ما بعده) أي وهو قوله وهل معين ما غش الخ. قوله: (إن قام به) أي وأما
إن رضي به مجانا فلا نقض. قوله: (فأرضاه بشئ من عنده) أي ولم يبدل له ذلك المعيب وكما أنه
لا ينقض في هذه الحالة لا ينقض أيضا فيما إذا قام به بعد الطول ولم يأخذ شيئا بل رضي به بعد القيام
بلا شئ على ما استظهره بعضهم. قوله: (كنقص العدد الخ) الفرق بين نقص العدد وغيره حيث قلتم
إن نقص العدد يوجب نقض الصرف ولو رضي الآخذ به مجانا وأما غيره إن رضي به مجانا فلا
ينقض فإن قام به وأخذ البدل نقض أن ناقض العدد لم يقبض لا حسا ولا معنى بخلاف غيره فقد
قبض حسا أو معنى. قوله: (وإن لم يقم به) أي بل رضي به مجانا. قوله: (وهل معين ما غش) أي
كهذا الدينار بهذه العشرة دراهم فيجد أحدهما مغشوشا بعد المفارقة أو الطول. قوله: (تردد) أي
طريقتان الأولى لابن الكاتب والثانية للخمي وأبي بكر بن عبد الرحمن وعلى الطريقة الأولى
فالمعين كغير المعين وأما على الثانية فليس المعين كغيره. قوله: (صغار) أي كأنصاف محابيب.
قوله: (وكبار) أي مثل المحابيب الكاملة. قوله: (إلا أن يتعداه) فالذي ينقض أكبر منه أي ولا

37
ينقض الأصغر وتقطع حبة من الأكبر في نظير ما زاد على الأصغر لان الدنانير المضروبة لا تقطع
لأنه من الفساد في الأرض ومحل نقض الأكبر إذا تعدى موجب النقض الأصغر ما لم يكن هناك
أصغر ثان وإلا فالنقض للأصغر الثاني. قوله: (لا الجميع) مقابل لقوله فأصغر دينار إلا أن يتعداه
فأكبر منه وقوله: على المشهور أي لان كل دينار كأنه مفرد بنفسه إذ لا تختلف قيمته من قيمة
مصاحبه ومقابله ما روي عن ابن القاسم أنه ينقض الجميع بناء على أن المجموع مقابل للمجموع.
قوله: (مطلقا ولو لم يسم الخ) أي سواء سموا عند العقد لكل دينار عددا من الدراهم أو لم يسموا
لكل دينار عددا بل جعلوا كل الدراهم في مقابلة كل الدنانير. قوله: (فكان الأولى حذف
التردد) أي أن الأولى للمصنف ذكر الحكم من غير ذكر التردد لان ذكره فيه تشويش على
الفهم إذ ربما يتوهم أن المراد به التحير في الحكم وأجيب بأن مراد المصنف بالتردد طريقتان وهما
محتويتان على بيان المشهور وحينئذ فلا ضرر في ذكره. قوله: (في السكة) أي فيما إذا كانت
الدنانير الكبار والصغار سكتها واحدة بحيث كانت كلها متحدة في النفاق والرواج. قوله: (المختلفة
النفاق) أي الرواج بسبب العلو والدناءة كمحبوب وجنزرلي. قوله: (أعلاها) أي لان العيب
الذي في الدراهم المردودة إن كان دافعها عالما به فهو مدلس وإن كان غير عالم به فهو مقصر في
الانتقاد فأمر برد أجود ما في يده من الدنانير وعلى هذا القول إن زاد ما به العيب من الدراهم عن
صرف الأعلى وكان هناك متوسط وأدنى فسخ المتوسط لأنه أعلى من الأدنى. قوله: (لاختلاف
الأغراض في السكة المختلفة) أي ولا يتأتى جمع الأغراض في واحد فوجب فسخ الجميع. قوله: (قولان)
الأول لأصبغ، والثاني لسحنون. وظاهر كلام ابن يونس وابن رشد والباجي ترجيحه انظر ح
ا ه‍ بن. قوله: (حيث أجيز) أي بأن اطلع على العيب بالحضرة ولم يرض ذلك الآخذ بالمعيب
وأراد الدافع إبداله والحال أن الدراهم معينة. قوله: (أي نوعيه) أشار بهذا إلى أن مراد المصنف
بالجنس النوع لا الجنس الحقيقي لان الذهب والفضة نوعان مندرجان تحت جنس واحد وهو
النقد وحينئذ فالفضة من أفراد جنس الذهب فلو كان المراد بالجنسية حقيقتها لاقتضى جواز
دفع الذهب بدلا عن الفضة والعكس وليس كذلك. قوله: (عن ذهب) أي والفضة المصاحبة للذهب
تقدر ذهبا فيأتي الشك في تماثل الذهبين. قوله: (ولا أخذ عرض عنه) أخذ العرض ليس فيه
تفاضل وإنما العلة في منعه اجتماع البيع والصرف كما قال الشارح بعد وحينئذ فيجري على حكمه
فإن كان يسيرا لا تساوي قيمته دينارا جاز لاجتماع البيع والصرف حينئذ في دينار وإن كانت
قيمة العرض كثيرة منع. والحاصل أن قول المصنف وشرط للبدل جنسية معناه أنه يشترط في
البدل أن يكون من جنس المبدل منه لا من غيره من عين وعرض فإن كان غير الجنس عينا منع
للتفاضل المعنوي وإن كان عرضا جاز إن كانت قيمته يسيرة وإلا منع. قوله: (فيجوز أن يرد عن
الدرهم الزائف الخ) أي ما لم يؤد اختلاف الصنفية لدوران الفضل من الجانبين وإلا منع كصرف
دينار بدراهم متوسطة في الجودة اطلع في بعضها على زائف وأخذ عنه درهما أجود وأنقص في
الوزن أو أدون في السكة وأرجح في الوزن. قوله: (وكذا غير معين على الراجح) ما ذكره من

38
تسوية المسكوك غير المعين بالمعين في التفصيل الذي ذكره المصنف هو مذهب ابن القاسم في
المدونة، وخالفه أشهب فيها وسحنون ففرقا بين المعين ينتقض وغيره لا ينتقض واختلف الأشياخ
في فهمها على تأويلات، أحدها لابن رشد وابن يونس أن اختلافهما فيما بعد الافتراق أو الطول
ويتفقان على الصحة إذا استحق بالحضرة مطلقا، الثاني لابن الكاتب أن خلافهما إذا استحق
بالحضرة فعند ابن القاسم يصح مطلقا وعند أشهب ينتقض في المعين ويصح في غيره ويتفقان على
النقض بعد الافتراق أو الطول مطلقا الثالث للخمي حمل الاطلاق في كلام ابن القاسم على تفصيل
أشهب وخصه بما استحق في الحضرة فجعله وفاقا. هذا محصل كلام أبي الحسن فابن القاسم على
التأويلين الأولين يسوي ين العين وغيره في التفصيل بين الحضرة وغيرها وقال ابن عبد السلام
كما في ح أنه المشهور وأشهب على التأويلين الأخيرين يقول إذا حصل التعيين ينتقض الصرف
ولو مع الحضرة وإنما التفصيل في غير المعين ووافقه ابن القاسم على التأويل الأخير ا ه‍ بن. وحاصل
فقه المسألة على ما قال الشارح: إن الصرف إذا وقع بمسكوكين أو بمسكوك ومصوغ فاستحق
المسكوك والمراد به ما قابل المصوغ فيشمل التبر والمكسور بعد مفارقة أحدهما المجلس أو بعد
طول، فإن عقد الصرف ينقض سواء كان المستحق معينا حين العقد أم لا على المشهور وإن كان
المستحق مصوغا نقض عقد الصرف كان استحقاقه بحضرة العقد أو بعد مفارقته معينا أم لا لان
المصوغ يراد لعينه فغيره لا يقوم مقامه، وإن كان المستحق مسكوكا بحضرة العقد صح عقد الصرف
سواء كان المستحق معينا حال العقد أم لا إلا أن غير المعين لا يشترط في صحة العقد فيه التراضي على
البدل وحينئذ فيجبر فيه على البدل من أراد نقض الصرف لمن أراد إتمامه بدفع البدل. وأما المعين
فقيل أن صحة العقد فيه مقيدة بما إذا تراضيا على البدل كما قال ابن يونس ومن أبى لا يجبر عليه وقيل
غير مقيدة كغير المعين فيجبر على البدل من أباه وأراد نقض الصرف، وهو ظاهر إطلاق كلام أبي
عمران وأبي بكر بن عبد الرحمن ا ه‍. ولو قال المصنف: وإن استحق مصوغ نقض صرفه مطلقا ولو
بالحضرة كغيره من تبر ومسكوك إن طال والأصح وهل إن تراضيا أو يجبر الآبي تردد كان أوضح.
قوله: (وأما غير المعين فلا يشترط الخ) أي بل يجبر فيه من طلب نقص الصرف لمن أراد إتمامه بدفع
البدل وقوله لقوله في المعيب الخ أي ويقاس الاستحقاق على العيب وجعل التردد في المعين دون
غيره طريقة للشيخ سالم، وقد اعترضه طفي بأن الصحة عند ابن القاسم في الحضرة مطلقة في المعين
وغيره وكذا التردد في قوله وهل إن تراضيا الخ فتخصيص الشيخ سالم له بالمعين وإن غير المعين لا يشترط
فيه التراضي مستدلا بقول المصنف في المعيب وأجبر عليه إن لم تعين فيه نظر لمخالفته لكلامهم كما
يظهر من التوضيح وغيره، والاستحقاق يخالف العيب فلا يقاس عليه لأنه في الاستحقاق لا فرق بين
المعين وغيره عند ابن القاسم ا ه‍. وإلى طريقة طفي أشار الشارح بقوله وقيل بل التردد جاز الخ
وهي التحقيق والمعول عليه كما يفيده بن فقد ذكر أن نقل ح يدل على أن التردد في المعين
وغيره ا ه‍. قوله: (وللمستحق إجازته) أي وله نقضه وهذا قول ابن القاسم وهو المشهور بناء على
أن الخيار الذي جر إليه الحكم كما هنا ليس كالخيار الشرطي وأما على الخيار الذي جر إليه
الحكم كالشرطي فليس للمستحق الإجازة في الحالة التي ينقض فيها. قوله: (التي لا ينقض صرف
المسكوك فيها) أي وهي ما إذا استحق المسكوك في الحضرة. قوله: (لم يكن للمستحق إجازة) أي

39
بل يتعين له رده أي لأنه كصرف على خيار شرطي وهو ممنوع وذلك لان المصطرف لما أخبر
بتعدي من صارفه كان داخلا على عدم إتمام الصرف فهو مجوز لتمامه وعدم تمامه كالصرف على
خيار. قوله: (فيباع بما فيه نقدا الخ) ومن باب أولى أنه يباع بغير ما فيه نقدا أو إلى أجل وكذا يجوز
بيعه بالعرض نقدا أو إلى أجل. وحاصل فقه المسألة أن المحلى بأحد النقدين إن كان لا يخرج منه
شئ إذا سبك فإنه يجوز بيعه بالعرض وبالنقد سواء كان من صنف ما فيه أو من غيره،
وسواء كان الثمن في الأحوال الثلاثة حالا أو مؤجلا، وإن كان يخرج منه شئ إذا سبك فإن بيع
بعرض جاز بلا شرط حالا أو مؤجلا وإن بيع بنقد فإن كان مخالفا لصنف ما فيه اشتراط في صحة
البيع شرط ثلاثة وإن كان من صنف ما فيه اشترط شروط أربعة فإن لم تتوفر الشروط جرى
على البيع والصرف. قوله: (ولجواز بيع المحلى) أي الذي يخرج منه شئ على تقدير سبكه وقوله
بيع المحلى أي بيعه بأحد النقدين وأما بيعه بالعرض فلا يشترط فيه ما ذكر. قوله: (إن أبيحت) لما
كان الأصل في بيع المحلى المنع لان في بيعه بصنفه بيع ذهب وعرض بذهب أو بيع فضة وعرض
بفضة وفيه بغير صنفه بيع وصرف في أكثر من دينار وكل منهما ممنوع لكن رخص فيه للضرورة،
كما ذكره أبو الحسن عن عياض شرطوا لجواز بيعه هذه الشروط فما كان ليس مباح الاتخاذ
فليس من محل الرخصة فلذا لا يباع بالنقد إلا على حكم البيع والصرف ا ه‍ بن. قوله: (كسيف)
أي سواء كانت الحلية على نصله أو على جفنه أو على حمائله كما في التوضيح و ح عن الباجي
ومنه يؤخذ جواز تحلية الحمائل. قوله: (لم يجز بيعه بأحدهما) أي لا بجنس الحلية ولا بغير جنسها.
قوله: (إلا أن يقل ما بيع به الخ) الأولى إلا إن تقل الحلية أو الدواة عن صرف دينار لان هذا هو
الشرط. قوله: (بأن يكون في نزعها فساد الخ) أي سواء كانت مسمرة أو مخيطة أو منسوجة أو
مطرزة أو نحو ذلك فليس المراد بقوله إن سمرت خصوص التسمير. قوله: (مطلقا) في بعض
النسخ بغير صنفه مطلقا وهذا هو الملائم لما بعده وينبغي تقديره على نسخة سقوطه ليناسب الكلام
وعلى كل فلا يصح التنازع الذي ادعاه الشارح في قوله بأحد النقدين لتعين كونه معمولا لمحلي
ا ه‍ بن. قوله: (لكن يزاد إن بيع بصنفه الخ) حاصله أنه إذا بيع بغير صنف الحلية تكفي
الشروط الثلاثة السابقة سواء كانت الحلية كثيرة أو قليلة وإن بيع بصنفها فلا بد من شرط
رابع وهو أن تكون الحلية قدر الثلث فأقل. قوله: (ثلث القيمة) أي قيمة المحلى بحلية.
قوله: (خلاف) الأول قول ابن يونس هو ظاهر الموطأ والموازية وظاهر ابن الحاجب ترجيحه والثاني قال
الباجي هو ظاهر المذهب قياسا على السرقة والزكاة لعدم اعتبار الصياغة فيهما ا ه‍ بن.
قوله: (على الأول) أي في كلام المصنف وكذا المراد بالثاني وقوله لم يجز على الأول أي لان قيمة الحلية
ثلاثون وهي أكثر من ثلث قيمة المحلى بحليته لأنها سبعون وثلثها ثلاثة وعشرون وثلث. قوله: (وجاز
على الثاني) وذلك لان قيمة ذلك السيف بحليته سبعون ووزن الحلية عشرون وهي أقل من ثلث
القيمة المذكورة. قوله: (لم يجز بيعه بأحدهما) لأنه إذا امتنع بيع سلعة وذهب بذهب فأحرى
بيع فضة وذهب بذهب أو بيع فضة وذهب بفضة. قوله: (إن تبعا الجوهر) أي بأن لم يزيدا على

40
الثلث كما قال ابن حبيب. قوله: (فلا يجوز على ما تقتضيه قواعد المذهب) أي لأنه بيع ذهب بذهب
وفضة وبيع فضة بفضة وذهب. قوله: (وجازت مبادلة القليل) أي النقد القليل فالقليل صفة
لمحذوف وقد أشار الشارح لذلك حيث قال من أحد النقدين بيانا للقليل. قوله: (بشروط) أي ستة.
قوله: (وأن تكون معدودة) أي وأن تكون الدراهم أو الدنانير التي وقعت المبادلة فيها معدودة أي
يتعامل بها عددا لا وزنا فلا تجوز المبادلة في الدراهم أو الدنانير المتعامل بها وزنا ولا في أوقية تبر
كاملة بأوقية ناقصة. قوله: (وأن تكون قليلة) أي وأن تكون الدراهم أو الدنانير المبدلة قليلة.
قوله: (وأن تكون الزيادة) أي التي في أحد البدلين في الوزن لا في العدد أي أن تكون زيادة كل واحد
على ما يقابله في الوزن لا في العدد وحينئذ فلا بد أن يكون واحدا بواحد لا واحدا باثنين. قوله: (وأن
يكون) أي المزيد في كل دينار أو درهم سدسا فأقل قال بن هذا الشرط ذكره ابن شاس وابن
الحاجب وابن جماعة، لكن قال في القباب أكثر الشيوخ لا يذكرون هذا الشرط وقد جاء لفظ
السدس في كلام المدونة وهو محتمل للتمثيل والشرطية وقال ابن عرفة أطلق اللخمي والصقلي
والمازري والجلاب والتلقين وغير واحد القول في قدر النقص وهو ظاهر ما نقله الشيخ وعزا ابن
عبد السلام اشتراط كون النقص سدسا للمدونة وفيه نظر لأنه لم يذكره تحديدا بل فرضا. قوله: (وأن
تقع على قصد المعروف) أي لا على وجه المبايعة ولا بد في جواز المبادلة من كون الدراهم أو الدنانير
مسكوكة وهل يشترط اتحاد السكة أو لا يشترط في ذلك قولان والمعتمد عدم اشتراط اتحادهما ا ه‍
وذكر بعضهم أن ما يتعامل به عددا من غير المسكوك حكمه حكم المسكوك. قوله: (وصرح المصنف
بثلاثة شروط) الأولى بأربعة شروط إذ قد أشار إلى اشتراط القلة بقوله القليل وإلى اشتراط كون
التعامل بها عددا بقوله المعدود وأشار إلى اشتراط كون الزيادة في الوزن لا في العدد بقوله بأوزن
منها وأشار إلى اشتراط كون الزيادة في كل واحد سدسا فأقل بقوله بسدس سدس. قوله: (المعدود)
أي المتعامل به عددا فلا تجوز المبادلة في المتعامل به وزنا كمبادلة أربعة أواق تبر كاملة بأربعة ناقصة
وكذلك الدنانير إذا تعومل بها وزنا. قوله: (بسدس سدس) كرر لفظ السدس لئلا يتوهم أن الزيادة
سدس في الجميع، ومثله إذا كانت الزيادة في كل دينار أو درهم أقل منه، كما يرشد له التعليل بسماحة
النفس، وكذا لو كانت الزيادة في بعضها السدس وفي البعض الباقي دون السدس وأما لو كانت
الزيادة في كل واحد أكثر من السدس أو كانت الزيادة في بعضها سدسا وفي بعضها أكثر من سدس
أو كانت في بعضها أقل من سدس وفي البعض الآخر أكثر منه، فإنها تمنع وسدس الثاني عطف على
سدس الأول بحذف العاطف وهو جائز نثرا ونظما عند بعض النحاة. قوله: (من غير شرط الخ) ظاهره
جواز إبدال واحد كامل باثنين موازنين له وهو كذلك كإبدال ريال بأربعة أرباع ريال موازنة له
وما تقدم من أنه يشترط في المبادلة أن تكون واحدا بواحد لا واحدا باثنين مفروض فيما إذا كان
هناك زيادة في أحد الجانبين لا مساواة، كذا قرر شيخنا العدوي رحمه الله. والحاصل أن المبادلة إما
أن تكون الدراهم والدنانير فيها من أحد الجانبين مساوية للجانب الآخر وإما أن تكون غير
مساوية بل فيها زيادة من أحد الجانبين فإن كانت مساوية جازت المبادلة مطلقا بلا شرط وإن كان
فيها زيادة من أحد الجانبين فلا يجوز إلا بالشروط السبعة المتقدمة. قوله: (ولما كان السبب في
الجواز) أي في جواز المبادلة المعروف أي لان القواعد تقتضي منعها لطلب الشارع المساواة في
النقود المتحدة الجنس. قوله: (ومنع دورانه من جهتين) ظاهره ومنع دوران المعروف وليس كذلك
فالأولى أن يقول بشرطه وهو تمحض الفضل من جهة ويمنع دورانه من جهتين لان ذلك يؤدي

41
لقصد المغالبة فينتفي المعروف من أصله تأمل. والحاصل أن القواعد تقتضي منع المبادلة لكن
الشارع أجازها للمعروف بشرطه وهو تمحض الفضل من جهة فإن دار الفضل من الجانبين انتفى
المعروف الذي هو السبب في الجواز فتمنع المبادلة حينئذ فعلمت أن الذي يدور من الجانبين إنما
هو الفضل لا المعروف تأمل. قوله: (أشار إلى منعه) أي إلى منع دوران المعروف من الجانبين هذا
ظاهره. قوله: (فحذفه) أي الحال وهو قوله أنقص من هنا لدلالة الأول عليه أي وحيث قدرنا الحال
فلا إشكال في الاخبار بقوله ممتنع بالنسبة للثاني وحاصل الاشكال أن قوله أو أجود سكة ممتنع
ظاهره منع إبدال الأجود سكة بالأردأ سكة إذا كانا كاملين في الوزن وليس كذلك بل ذلك جائز
لوجود الفضل من جانب واحد. وحاصل الجواب أن المصنف حذف الحال من هنا لدلالة ما قبله عليه
والأصل والأجود سكة حالة كونه أنقص وزنا ممتنع إبداله بردئ السكة الكامل وزنا، والحاصل
أن المصنف حذف من الأول التمييز وهو جوهرية وذكر الحال الذي هو أنقص وحذف من الثاني
الحال وهو أنقص وذكر التمييز الذي هو سكة ففيه احتباك ولو لم تقدر الحال في المعطوف لأشكل
الاخبار بالامتناع وذلك لكون الفضل من جانب ولما قدرنا الحال ظهر أن الفضل من الجانبين
فظهر الامتناع فصح الاخبار. قوله: (ممتنع) إنما لم يقل ممتنعان مع أنه خبر عن الامرين لان العطف
بأو. قوله: (وتكون في المسكوك وغيره) أي أخذا من قول المصنف عين لأنها تشمل المسكوك
وغيره بخلاف النقد فإنه قاصر على المسكوك كما مر وقوله وتكون في المسكوك وغيره أي وسواء
كان المسكوكان متحدي السكة أم لا وسواء كان التعامل بالوزن أو بالعدد. قوله: (إما بصنجة أو كفتين)
أو في كلام المصنف لحكاية الخلاف كما في عبق والقولان في الأولوية كما يدل له قول التوضيح
تبعا لابن عبد السلام أنه لا خلاف في جواز المراطلة بصنجة وكفتين وإنما الخلاف في الأرجح منهما.
وقيل إن الخلاف في الجواز ويدل له قول عياض في الاكمال اختلف في جواز المراطلة بالمثاقيل
فقيل لا تجوز المراطلة إلا بكفتين وقيل تجوز بالمثاقيل أيضا وهو أصوب ا ه‍. قال طفي وما
صوبه عياض سبقه إليه المازري وصرح به ابن شاس تبعا لهما والمراد بالمثاقيل كما قال الآبي الصنجة
ا ه‍ بن وعلى هذا فمعنى قول المصنف بصنجة أي وأولى بكفتين وقوله أو كفتين يعني فقط.
قوله: (بصنجة) أي سواء كانت معلومة القدر أم لا والصنجة بفتح الصاد وبالسين وهو أفصح كما في القاموس.
قوله: (ولو لم يوزنا على الأرجح) مبالغة في جوازها بكفتين. قوله: (مثل عينه) ظاهر هذا عدم
اغتفار الزيادة في المراطلة ولو قليلة وهو كذلك كما في المواق، بخلاف المبادلة إن قلت: إذا كان كل
واحد إنما يأخذ مثل عينه فأي غرض في ذلك الفعل، قلت: يمكن أن يكون الفرض اعتبار الرغبة في
الانصاف دون الكبار أو بالعكس إذا كانت المراطلة من كبار وصغار أو عند الاختلاف بالجودة
فيرغب في ذهب صاحبه لكونه جيدا مثلا. قوله: (لئلا يؤدي إلى بيع المسكوك جزافا) أي وهو
لا يجوز ويؤخذ من تعليله بالجزاف جريان الخلاف في المراطلة إذا كانت بصنجة مجهولة القدر
وهو ظاهر انظر بن. واعلم أن محل الخلاف في ذهب أو فضة يمنع بيعه جزافا للتعامل بهما عددا
وأما المتعامل بهما وزنا فيتفق على جواز المراطلة فيهما بصنجة مجهولة وبكفتين ولو لم توزن العينان
قبل المراطلة بهما لجواز بيع النقد المتعامل به وزنا جزافا كما مر. قوله: (وإن كان أحدهما أجود)
أي هذا إذا كان العينان متساويين في الجودة بل وإن كان أحدهما أجود. قوله: (كدنانير مغربية الخ)

42
أي والفرض أن المغربية أجود من المصرية والمصرية أجود من الإسكندرية. قوله: (أو بعضه
أجود الخ) أي كمراطلة دنانير بعضها مصرية وبعضها إسكندرية بدنانير كلها إسكندرية. قوله: (لدوران
الفضل من الجانبين) أي فرب المصرية يغتفر جودتها بالنسبة لرداءة السكندرية نظرا لجودة
المغربية ورب المغربية يغتفر جودتها على المصرية نظرا لمصاحبة السكندرية لها. قوله: (والأكثر
على تأويل السكة) أي والأكثر على تأويل المدونة السكة في المراطلة كالجودة فكما لا يجوز
مراطلة جيد ناقص بردئ كامل ولا مراطلة سكتين جيدة ورديئة بسكة متوسطة لا يجوز
مراطلة الردئ المسكوك بتبر جيد لدوران الفضل من الجانبين. قوله: (فما قيل في السكة يجري
في الصياغة) أي فيقال كما لا يجوز مراطلة جيد ناقص بردئ كامل ولا مراطلة جيد وردئ
بمتوسط لا يجوز مراطلة ردئ مصوغ بجيد غير مصوغ بل مكسر لدوران الفضل من الجانبين.
قوله: (عدم اعتبارهما) أي وحينئذ فيجوز مراطلة ردئ مسكوك بجيد تبر ومراطلة ردئ
مصوغ بجيد مكسور. قوله: (إن الأكثر على عدم اعتبارهما) أي والذي يعتبرهما كالجودة إنما
هو الأقل. قوله: (فصوابه أنهما ليسا كالجودة) أي أن الصواب لو قال المصنف والأكثر على تأويل
أن السكة والصياغة ليسا كالجودة فلا يدور بهما الفضل لعدم اعتبارهما. قوله: (ومغشوش بمثله)
أي بمغشوش مثله وظاهره تساوي الغش أم لا وهو ظاهر ابن رشد وغيره كما في ح ولم يلتفت
المصنف لقول ابن عبد السلام ولعل ذلك مع تساوي الغش لأنه لم يجزم به لكن في المواق عن
أبي عمر بن عبد البر أنه لا يجوز بيع المغشوش بمثله إلا إذا علم أن الداخل فيهما سواء انظر بن.
قوله: (بمثله) أي وأولى بعرض. قوله: (راجع للثاني) أي وهو بيع المغشوش بالخالص وأما بيعه بمثله
فهذا لا خلاف في جوازه. قوله: (أو لا يغش به) أي أو يبقيه من غير كسر لكن لا يغش به.
قوله: (بتحلية) أي بأن يتصرف فيه بتحلية. قوله: (وكره لمن لا يؤمن أن يغش) مثله ابن رشد بالصيارفة
ونازعه ابن عرفة بأن التمثيل بهم وقع في الروايات لمن يغش لا لمن لا يؤمن أنظر ح ا ه‍ بن.
قوله: (أي يتجدد ملكه) أي بعد الفوات وأما قبله فلا يدخل الثمن في ملكه لفساد البيع. قوله: (أو يتصدق
بالجميع) وذلك لان البيع غير منعقد والمغشوش باق على ملك البائع فيجب عليه رد الثمن للمشتري
أن علمه والتصدق به عنه إن لم يعلمه. قوله: (أو بالزائد) وجه ذلك القول أن البيع لا يفسخ ولو عثر عليه
قبل الفوات بل يباع ذلك على المشتري لمن لا يغش به. قوله: (وجاز قضاء قرض) حاصل ما في المقام
ستون صورة وذلك لان الدين المترتب في الذمة إما من قرض أو من بيع وفي كل إما أن يكون عينا
أو عرضا أو طعاما، فهذه ستة. وفي كل إما أن يكون قضاؤه بمساو في القدر والصفة أو بأفضل صفة أو
قدرا أو بأقل صفة أو قدرا، فهذه ثلاثون. وفي كل إما أن يكون القضاء بعد حلول الأجل أو قبله. فهذه
ستون صورة ثلاثون في القرض وثلاثون في البيع، أما الثلاثون التي في القرض فاثنا عشر منها

43
ممنوعة والثمانية عشر الباقية جائزة، أما الجائزة فهي ما إذا كان القضاء بمساو قدرا وصفة أو بأفضل
صفة حل الاجل فيهما أم لا أو بأقل صفة أو قدرا إن حل الاجل فيهما سواء كان المقضي والمقضى
عنه في هذه السنة طعاما أو عرضا أو عينا، وأما الاثنا عشر الممنوعة فهي القضاء بأزيد قدرا حل
الاجل أو لا أو بأقل صفة أو قدرا ولم يحل الاجل سواء كان المقضي والمقضى عنه في هذه الأربعة
طعاما أو عرضا أو عينا وأما الثلاثون التي في البيع فسيأتي الكلام عليها. قوله: (وبأفضل صفة)
أي سواء حل الاجل أم لا كان الدين عينا أو طعاما أو عرضا ولا يقال أنه إذا لم يحل الاجل في
القضاء بأفضل صفة حط الضمان وأزيدك لان الحق في الاجل في القرض لمن عليه الدين وحينئذ
فلا يدخله ما ذكر. قوله: (جيد) راجع للدينار وما بعده. قوله: (عن مثله ردئ) أي كإردب قمح
عن شعير إذ لا فرق بين ما اتحد نوعه أو اختلف. قوله: (أو دينار أو ثوب) أي أو نصف دينار ردئ أو نصف
ثوب وقوله ردئ راجع للثلاثة قبله أي نصف إردب قمح ردئ أو نصف دينار أو نصف
ثوب ردئ. قوله: (وأولى بأقل صفة فقط أو قدرا فقط) أي فيجوز إن حل الاجل فإن لم يحل
لم يجز كقضاء إردب شعير عن إردب قمح وقضاء نصف دينار أو نصف ثوب عن دينار أو ثوب، وإنما
منع ذلك قبل الاجل لما فيه من ضع وتعجل وقوله أو قدرا فقط أي سواء كان الدين عينا أو
عرضا أو طعاما. قوله: (لا بأزيد عددا) أي حل الاجل أم لا. قوله: (وسواء كان ما يقابله) أي يقابل
ما ذكر من العشرة والمقابل لها هو الثمانية. قوله: (يلغى فيه جانب العدد) الذي في خش أنه إذا
كان التعامل بهما يلغي الوزن كما هو ظاهر المدونة وعليه حملها أبو الحسن ونقل الباجي أنه يلغى
العدد وقد علمت أنه خلاف ظاهرها ا ه‍ بن. والحاصل أن العين إذا كان يتعامل بها عددا فلا
يجوز قضاء قرضها بأزيد عددا باتفاق لأنه سلف بزيادة وأما إن كان التعامل بها وزنا فلا يضر فيها
زيادة العدد حيث اتحد الوزن وإنما المضر الزيادة في الوزن وأما إن كان التعامل بالوزن مع العدد
كما في مصر فهل يلغى الوزن أو العدد خلاف والمعتمد الأول وعليه فلا يجوز قضاء نصفي ريال أو
أربعة أرباعه عن كامل ولو اتحد الوزن وعلى مقابله يجوز. قوله: (أو أزيد وزنا) أي ولا يجوز
القضاء بأزيد وزنا. قوله: (حل الاجل أم لا) أي وسواء كان الدين عينا أو طعاما كسمن أو عرضا
كحرير. قوله: (كرجحان ميزان) أي إذا كان هذا الرجحان باعتبار اختلاف الموازين كأن
يكون راجحا في ميزان صيرفي ومرجوحا أو مساويا في ميزان آخر أما الرجحان في كل الموازين
فلا يغتفر. قوله: (أو دار فضل الخ) هذا كالتقييد لقوله وإن حل الاجل بأقل صفة وقدرا أي
أن محله ما لم يدر الفضل من الجانبين إذا علمت هذا فصواب المثال كما في التوضيح كقضاء تسعة محمدية
عن عشرة بزيدية ا ه‍ بن علي أن المثال الأول ليس المنع فيه لخصوص دوران الفضل من الجانبين
لان فيه القضاء بزيادة في القدر أيضا. قوله: (كعشرة يزيدية) أي فالمقترض تساهل في دفع العشرة
المذكورة وإن كان فيها زيادة لرغبته في جودة التسعة المحمدية التي أخذها والمقرض يرغب
في أخذ العشرة لزيادتها وإن كانت رديئة بالنسبة لتسعته التي أقرضها. قوله: (وعكسه) أي
كتسعة محمدية عن عشرة يزيدية. قوله: (وكعشرة أنصاف مقصوصة) الأولى في التمثيل عكسه
كما قيل فيما قبله. قوله: (فيجوز بالمساوى والأفضل صفة حل الاجل أم لا وبأقل صفة وقدرا إن حل) الخ

44
الاجل فهذه ست صور جائزة. وقوله جاز بأكثر أي سواء حل الاجل أم لا فهما صورتان جائزتان
فجملة الصور الجائزة ثمانية ومفهوم وبأقل صفة أو قدرا إن حل أنه إن لم يحل الاجل فهو ممنوع
فيهما فتكون الصور عشرة فيما إذا كان الثمن عينا ثمانية جائزة واثنتان ممنوعتان كما علمت وإذا
كان الثمن عرضا أو طعاما ففيهما عشرون صورة تأتي. قوله: (أم لا) لا يقال إذا لم يحل الاجل كان فيه
قضاء العين بأفضل منها صفة ففيه حط الضمان وأزيدك لان الحق في الاجل في العين مطلقا أي
كانت من بيع أو من قرض لمن عليه الدين فلا يأتي ما ذكر. قوله: (لا قبله) أي فلا يجوز لما فيه
من ضع وتعجل. قوله: (وأولى صفة) أي وأولى أكثر بمعنى أعلى صفة كإردب قمح عن شعير.
قوله: (أنه لو كان) أي ثمن المبيع. قوله: (لما فيه من حط الضمان وأزيدك) اعلم أن هذه العلة إنما تدخل
قضاء ثمن المبيع إذا كان عرضا أو طعاما لان الحق في الاجل لرب الدين ولا تأتي في القرض مطلقا
ولا في ثمن المبيع إذا كان عينا لان الحق لمن عليه الدين إن شاء عجل أو بقي للأجل وأما ضع وتعجل
فإنها تجري في قضاء القرض وثمن المبيع كان القرض أو الثمن عينا أو طعاما أو عرضا. قوله: (في
قضاء القرض الخ) فيه نظر بل لا فرق بين قضاء دين القرض وغيره كدين الصداق فلو قال
الشارح في قضاء الدين كان أخصر وأشمل لشموله لقضاء دين القرض والصداق وثمن المبيع
انظر بن. قوله: (أي أو صياغة) أشار إلى أن الواو الأولى بمعنى أو والثانية بمعنى مع أي ودار الفضل
بسكة أو صياغة مع جودة. قوله: (فلا يقضى) أي اتفاقا وأما قضاء المسكوك عن المصوغ وعكسه
ففيه خلاف حكاه ابن عبد السلام وغيره ومذهب ابن القاسم كما في المواق عن أبي محرز الجواز
وهذه الصورة خارجة عن كلام المصنف على التقرير الذي قرر به شارحنا تبعا لتت من جعل
الواو الأولى بمعنى أو والثانية بمعنى مع. قوله: (ولا العكس) أي ولا يقضي عشرة دنانير رديئة مسكوكة
أو مصوغة عن عشرة تبرا جيدة. قوله: (إلا بالجودة خاصة) ولا يدور بالسكة أو الصياغة مع الجودة.
قوله: (وإن بطلت فلوس فالمثل أو عدمت فالقيمة) أي ولا عبرة بشرط غير ما ذكر كما في ح قاله
في المج. قوله: (ترتبت لشخص على غيره) أي بقرض أو بيع أو نكاح أو كانت عنده وديعة
وتصرف فيها وكذا لو دفعها لمن يعمل فيها قراضا كما وقعت الفتوى بذلك فانظره مع قول الشارح
كغيره فالواجب المثل على من ترتبت في ذمته قبل قطع التعامل بها أو التغير، فإن مال القراض لم
يترتب في ذمة العامل، وإلا كان في ضمانه لكن رأيت في شرح الموطأ للزرقاني نقلا عن الباجي
أن المال القراض بعض تغلق بذمة العامل إذ لو ادعى الخسارة ولم يبين وجهها فقال بعض أصحابنا
يضمن وحينئذ فلا إشكال. قوله: (على ما يشمل غيرها) أي غير الفلوس بأن أراد بها ما يتعامل به
الشامل للدنانير والدراهم. قوله: (نظرا للعرف) أي فإن العرف إطلاق الفلوس على كل ما يتعامل به.
قوله: (ولو كانت) أي الفلوس حين العقد مائة بدرهم ثم صارت ألفا به وكذا لو كان الريال حين
العقد بتسعين ثم صار بمائة وستين أو كان حين العقد بمائة وستين ثم صار بتسعين. قوله: (على من
ترتبت عليه مما تجدد) أي يدفعها مما تجدد وظهر من المعاملة أي بأن يقال ما قيمة العشرة دراهم التي

45
عدمت بهذه الدراهم التي تجددت فيقال ثمانية دراهم مثلا فيدفع المدين ثمانية من تلك الدراهم التي
تجددت وإذا قيل قيمتها اثنا عشر دفع اثني عشر منها وهكذا وتعتبر القيمة في بلد المعاملة وإن
كان القبض في غيرها كما ذكره ح عن البرزلي. قوله: (فالعبرة) أي فإن كان العدم والاستحقاق
حصلا في وقت واحد فالامر ظاهر وإن تقدم أحدهما على الآخر فالعبرة بالمتأخر منهما إذ لا يجتمعان
إلا وقت المتأخر منهما فإن استحقت ثم عدمت اعتبرت القيمة يوم العدم وإن عدمت ثم استحقت
اعتبرت القيمة يوم الاستحقاق. قوله: (فأشبه وقت الاتلاف) أي للسلعة. قوله: (يوم الحكم) أي الذي هو
متأخر عن يوم العدم وعن يوم الاستحقاق وانظر على هذا القول إذا لم يقع تحاكم والظاهر أن طلبها
بمنزلة التحاكم وحينئذ فتعتبر القيمة يوم طلبها ثم على ما قال المصنف من أن القيمة تعتبر وقت اجتماع
الاستحقاق والعدم، وكذا على المعتمد من أنها تعتبر يوم الحكم ظاهره ولو حصلت مماطلة من المدين
حتى عدمت تلك الفلوس وبه قال بعضهم وقال بعض كل من القولين مقيد بما إذا لم يكن من المدين
مطل وإلا كان لربها الأحظ من أخذ القيمة أو مما آل إليه الامر من السكة الجديدة الزائدة على
القديمة وهذا هو الأظهر لظلم المدين بمطله قال عج كمن عليه طعام امتنع ربه من أخذه حتى غلا
فليس لربه إلا قيمته يوم امتناعه وتبين ظلمه. قوله: (وتصدق بما غش) أي جوازا لا وجوبا خلافا لعبق
لما يذكره المصنف آخرا من قوله ولو كثر فإن هذا قول مالك والتصدق عنده جائز لا واجب وما
ذكره المصنف من التصدق هو المشهور وقيل يراق اللبن ونحوه من المائعات وتحرق الملاحف
والثياب الرديئة النسج قاله ابن العطار وأفتى به ابن عتاب وقيل إنها تقطع خرقا خرقا وتعطى
للمساكين وقيل لا يحل الأدب بمال امرئ مسلم فلا يتصدق به عليه ولا يراق اللبن ونحوه ولا تحرق
الثياب ولا تقطع الثياب ويتصدق بها وإنما يؤدب الغاش بالضرب، حكى هذه الأقوال ابن سهل. قال
ابن ناجي: واعلم أن هذا الخلاف إنما هو في نفس المغشوش هل يجوز الأدب فيه أم لا وأما لو زنى
رجل مثلا فلا قائل فيما علمت أنه يؤدب بالمال وإنما يؤدب بالحد وما يفعله الولاة من أخذ المال فلا شك
في عدم جوازه وقال الوانشريسي أما العقوبة بالمال فقد نص العلماء على أنها لا تجوز وفتوى
البرزلي بتحليل المغرم لم يزل الشيوخ يعدونها من الخطأ ا ه‍ بن. قوله: (ويفسخ) أي فإن باعه فإنه
يفسخ وقوله إن كان قائما أي فإن فات أو تعذرت معرفة المشتري ففي الثمن الأقوال الثلاثة
المتقدمة هل يتجدد ملك البائع لذلك الثمن فلا يجب عليه التصدق به أو يجب التصدق بكل الثمن أو بالزائد
على من لا يغش ثم ما ذكره الشارح من فسخ البيع أحد قولين وقيل إن بيعه صحيح لا يفسخ ويأتي في
باب الخيار والمرابحة ما يدل لذلك وأن المشتري إذا اطلع على الغش بعد الشراء فهو مخير إن شاء
تماسك به فإن فات لزم المشتري بالأقل من الثمن والقيمة. قوله: (لا ليبيعه) أي بل لينتفع به في نفسه أو في
منزله. قوله: (فإن لم يبين للمشتري) أي الغش أي والفرض أنه غش ليبيعه مبينا. قوله: (فله التمسك) أي
فللمشتري التمسك أي وله الرد وحاصل العبارة أن المشتري إذا كان وقت العقد لا يعلم بأنه مغشوش
ثم علم به فإن علم بقدره خير بين الرد والتماسك لكن إن تماسك رجع بما بين الصحة والغش وإن رد
فالامر ظاهر، وأما إن لم يعلم قدره فإنه يتعين الرد هذا كلامه وما ذكره من التخيير على الوجه
المذكور في القسم الأول فهو غير مسلم بل يخير إما أن يرد ولا شئ عليه أو يتماسك ولا شئ له مع القيام
لان هذا شأن الغش وما ذكره في القسم الثاني من تعين الرد وفساد البيع فهو مأخوذ من قول عج
إلا أنه غير صواب بل الحق أنه يخير أيضا بين الرد والتماسك. قوله: (ويرد الخبز لربه) أي بحيث
يتملكه. قوله: (إن كسر) أي لأنه يؤمن أن يغش به بعد كسره وقوله: ويرد الخبز أي إذ تجرأ عليه

46
وكسره ولم يتصدق به فإنه يرد لربه. قوله: (لا يتصدق بالكثير) أي بخلاف القليل فإنه يتصدق به عنه على ما قال
الحطاب وقال عج أنه يطرح عنده. قوله: (ليبيعه) أي إذا اشتراه ليبيعه ممن يغش به فحكمه حكم من أحدث الغش
ليغش به وحينئذ فيتصدق به عليه قبل بيعه. قوله: (فالتصدق به محمول الخ) هذا جواب عما يقال أن بين قوله
هنا يتصدق به على مشتريه العالم بغشه ليغش به وبين ما مر في قول المصنف وفسخ ممن يعلم أنه يغش به تناف. درس: فصل علة طعام الربا اقتيات وادخار
قوله: (حرمة) إنما قدر حرمة دفعا لما يقال أن الذوات كالطعام لا تعلل وإنما تعلل الاحكام. قوله: (أي
الطعام المختص بالربا) أشار بذلك إلى أن الإضافة للاختصاص فورد عليه أن الطعام الربوي لا يتصف
بالحرمة فأجاب بأن في الكلام قلبا والأصل علة حرمة الربا في الطعام أو أن فيه حذف مضاف
ثان أي علة حرمة ربا الطعام الربوي تأمل والمراد بالعلة العلامة لا الباعث لأنه يستحيل أن يبعث
المولى أمر من الأمور على أمر اللهم إلا أن يراد الباعث الذي يبعث المكلف على الامتثال. قوله: (أي
ربا الفضل) أشار الشارح بذلك إلى أن المراد بالربا هنا ربا الفضل وأما ربا النساء فسيأتي أن علة
حرمته مجرد الطعمية وجد الاقتيات والادخار أو وجد الاقتيات فقط أو لم يوجد واحد منهما.
قوله: (على ظاهر المذهب) أي كما قال ابن ناجي وحكى التادلي حده بستة أشهر فأكثر. قوله: (بل هو
في كل شئ بحسبه) أي فالمرجع فيه للعرف ولا بد من كون الادخار معتادا فلا عبرة بادخار الرمان
في بعض البلاد لأنه نادر. قوله: (لغلبة العيش) أي للعيش غالبا. قوله: (أو أن لو استعلم) أي أو
يكون غالبا استعماله اقتيات الآدمي إن لو استعمل. قوله: (تأويلان) الأول قول القاضيين وتأول ابن
مرزوق المدونة عليه والثاني تأويل ابن رشد والأكثر وهو المعول عليه والمشهور من المذهب
ا ه‍ بن. قوله: (فتدخل الفاكهة) أي فتدخل الفاكهة وما بعدها في علة ربا النساء المذكورة
اتحد الجنس أو اختلف ولو قال فتدخل أي العلة المذكورة في الفاكهة وما بعدها أي تتحقق فيهما
كان أولى فتأمل. قوله: (كبطيخ وقثاء) أي وليمون ونارنج. قوله: (ونحو ذلك) أي ونحو الخس
ككراث وجزر وقلقاس وكرنب. قوله: (البر) هو القمح خاصة. قوله: (لكان أحسن) أي

47
لسلامته مما أورد على كلام المصنف وحاصله أنه أطلق الحب فيشمل القمح والشعير والسلت وغيرها
فكيف يقول وهي جنس. قوله: (جنس واحد على المعتمد) أي خلافا للسيوري وتلميذه عبد الحميد
الصائغ حيث قالا أن الثلاثة المذكورة أجناس فيجوز التفاضل فيما بينها إذا وقع البيع
على سبيل المناجزة. قوله: (لتقارب منفعتها) أي في القوتية. قوله: (فيحرم بيع بعضها ببعض
متفاضلا) ولو مناجزة وظاهره ولو قل التفاضل جدا كبيع حبة بحبتين وهو الصحيح واعلم أن نخالة القمح مثله بخلاف
نخالة الشعير فإنها كالتبن. قوله: (يجوز التفاضل بينها) أي ويحرم بيع بعضها
ببعض لأجل اتفق القدر أو اختلف للنساء. قوله: (وقطنية) هي كل ما له غلاف من الحبوب وهو
الأصناف السبعة المذكورة. قوله: (أنها) أي القطنية. قوله: (يضم بعضها لبعض) أي لأجل تكميل
النصاب. قوله: (وهي هنا أجناس) أي على المشهور وقيل أنها هنا جنس واحد كالزكاة. قوله: (وتمر)
أي وهو جنس واحد فلا يجوز بيع بعضه ببعض متفاضلا ولو من صنفين كبرني
وصيحاني وعجوة وكذا يقال في الزبيب. قوله: (وبحري) المراد بالطير البحري الطير الذي يألف
البحر كالغطاس فإنه يغطس في البحر ويخرج منه بالسمك فهو من جنس الطير البري وأما الذي
في داخل الماء ولا يخرج منه فهو من دواب الماء ولا يصح إدخاله هنا انظر بن. قوله: (ولو اختلفت
مرقته) لا محل لهذا هنا والأولى تأخيره بعد ذوات اللحوم ويقول والمطبوخ من جنس جنس ولو
اختلفت مرقته كما في المدونة ا ه‍ بن. قوله: (ولا يخرجه ذلك) أي طبخه بالأبزار. قوله: (إنما هو
في نقله عن اللحم) حاصل كلامه هنا وفيما يأتي أن الطبخ بالأبزار إنما ينقل اللحم المطبوخ عن النيئ
فيصير المطبوخ بالأبزار جنسا والنيئ جنسا آخر يجوز فيهما التفاضل يدا بيد وأما اللحم المطبوخ
من جنس كالطير فكله جنس واحد ولا فرق بين ما طبخ بأبزار وما طبخ بغيرها كما أن النيئ والمطبوخ
بغير إبزار جنس واحد. قوله: (كدواب الماء) تشبيه في قوله وهي جنس وقوله وذوات الأربع أي
وكذوات الأربع تشبيه في قوله وهو جنس أيضا. قوله: (حتى آدمية) وأولي السمك المملح كالفسيخ
فتمليح السمك لا يصيره جنسا غير جنس السمك والبطارخ في حكم المودع في السمك وليس من
جنسه فيباع منفردا عن السمك بالسمك متفاضلا كما يباع لحم الطير ببيضه متفاضلا كذا في عبق.
قوله: (وذوات الأربع) أي كلها جنس واحد فيحرم بيع لحم بعضها ببعض متفاضلا. قوله: (بالخيل
وسائر الدواب) أي كالبغال والحمير يعني الحية. قوله: (وبهيمة غير الانعام) مراده بها البغال والحمير.
قوله: (فمكروه بيع لحم الانعام بها) أي سواء كانت حية أو مذبوحة والتفاضل بين لحم المباح ولحم
المكروه مكروه فقط كما في المج. قوله: (خلاف) الأول قال سند والجلاب هو المذهب والثاني قال
المازري هو المعروف من المذهب فكل من القولين قد شهر ولكن الراجح أنه ربوي لما تقدم
أن الذي عليه الأكثر وهو المعول عليه أن العلة في حرمة ربا الفضل في الطعام الاقتيات والادخار
ولا يشترط الاقتيات غلبة. قوله: (ناقلة لكل منهما) أي ناقلة لكل واحد من المطبوخين عن النيئ

48
من جنسه. قوله: (رجح كل منهما) أي لان الأول قال في الجواهر أنه المذهب والثاني اختاره ابن
يونس واللخمي ا ه‍ بن قال شيخنا وكل من القولين وإن كان قد رجح إلا أن الظاهر الثاني
وهو بقاء الجنسين على حالهما. قوله: (فالأولى خلاف) أي لأجل أن يكون جاريا على قاعدته من أنه
يعبر بالقولين عند عدم التشهير لهما وبالخلاف عند التشهير لكل منهما. قوله: (كهما) أي كما يباع لحم
ومرق بمثلهما أي بلحم ومرق. قوله: (في الصور الأربع) أي وهي بيع مرق بمرق وبيع مرق بلحم
وبيع مرق بمرق ولحم وبيع مرق ولحم بمرق ولحم فلا بد من التماثل في القدر في الجميع وإلا منع البيع.
قوله: (حيث لم ينفصل) أي العظم عن اللحم. قوله: (وإلا فيباع) أي وإلا بأن انفصل عن اللحم وكان
ذلك العظم لا يؤكل. قوله: (فتباع شاة مذبوحة بمثلها) أي بشاة مذبوحة وأما بيع الشاة الحية بشاة
أخرى حية فيجوز من غير استثناء وأما بيع الحية بالمذبوحة فهو بيع اللحم بالحيوان وسيأتي.
قوله: (بمثلها تحريا) أي إذا كانت المماثلة بينهما بالتحري والتخمين. قوله: (لأنه عرض مع طعام) أي ولا يجوز
بيع عرض مع طعام بعرض مع طعام لان العرض مع الطعام يقدر طعاما فيأتي الشك في التماثل.
قوله: (كالعرض) أي فيجوز بيعه باللحم نقدا ولأجل. قوله: (وذو زيت) مبتدأ والزيوت عطف
عليه وقوله: أصناف خبر عنهما. قوله: (أي أصناف) أي وحينئذ فيجوز بيع بعضها ببعض متفاضلا
مناجزة. قوله: (على التحقيق) أي خلافا لمن قال أنه كزيته غير ربوي لأنه لا يؤكل وأكله عرف
طارئ. قوله: (أي أجناس) فيجوز بيع بعضها ببعض متفاضلا مناجزة. قوله: (لا الخلول) بالجر
عطف على العسول والأنبذة والأخباز عطف على الخلول. قوله: (والأنبذة) كماء الزبيب والتين
والخروب والعرق سوس والتمر والمشمش والقراصية. قوله: (جنس واحد على المعتمد) أي فيحرم
التفاضل بينهما وأما النبيذ مع أصله كالتمر فلا يجوز مطلقا لأنه بيع رطب بيابس من جنسه وهو
مزابنة وأما بيع الخل بالتمر فيجوز ولو متفاضلا لأنهما جنسان. قوله: (على المعتمد) أي وهو الذي
يفيده كلام ابن رشد ونصه يحتمل أن يقال النبيذ لا يصح بالتمر لقرب ما بينهما ولا بالخل إلا مثلا بمثل
لان الخل والتمر طرفان بعيد ما بينهما فيجوز التفاضل بينهما والنبيذ واسطة تقرب من كل واحد
منهما، فلا يجوز بالتمر على كل حال ولا بالخل إلا مثلا بمثل وهذا أظهر ا ه‍ بن. والحاصل أن النبيذ
واسطة بين التمر والخل فلا يجوز بيعه بالتمر مطلقا ولو متماثلا ويجوز بيعه بالخل إذا تماثلا قدرا وأما
التمر بالخل فيجوز مطلقا ولو مع تفاضل أحدهما. قوله: (إلا الكعك بأبزار) أي مثل محلب
وسمسم وشيبة وكافورة وأولى من الابزار ما إذا كان بدهن كسمن أو زيت كالفطير
واستظهر بعض الأشياخ إن ما كان بأبزار من الكعك صنف وما كان بدهن منه صنف آخر
واختاره شيخنا. قوله: (فهو ربوي على المشهور) أي بناء على أن علة الربا في الطعام الاقتيات

49
والادخار وإن لم يكن الاقتيات غالبا كما مر. قوله: (وكله صنف) أي لا فرق بين البتع منه والمكرر
والعوام والنبات فلا يجوز بيع صنف منها بآخر متفاضلا. قوله: (لأنها لا تكون أصنافا الخ) هذا
جواب عما يقال لا نسلم التكرار لأنه فيما تقدم حكم عليها بأنها أصناف وهنا حكم عليها بأنها ربوية
والحكمان متغايران. قوله: (لما لم يكن صريحا) أي الحكم عليه بأنه أصناف. قوله: (صنفان) أي فيجوز
بيع العسل بالسكر متفاضلا وليس هذا من باب بيع رطب بيابس الممنوع لان المنع في الجنس الواحد
ويجوز بيع السكر بالقصب وبمائة قبل طبخه وبربه وهو مائة المطبوخ ولا يجوز بيع
القصب بعسله ولا بربه لأنه من الرطب باليابس إلا أن يدخل ربه أبزار. قوله: (ومنه) أي من اللبن.
قوله: (وقيل الخضراء طعام) أي واليابسة دواء وهذا قول أصبغ. قوله: (فعلم أنها الخ) اعلم أن ظاهر
المصنف هنا كظاهر ابن الحاجب في أن التردد في كونها ربوية أم لا واعترضه في التوضيح بما
ذكره شارحنا من أن هذا خلاف النقل واعترض الشارح بهرام على المصنف هنا بمثل اعتراضه
في التوضيح. وأجاب عج بأن كلام الجزولي في شرحه الكبير يدل لابن الحاجب والمصنف من
كونها طعاما قطعا، والخلاف في ربويتها وعدم ربويتها، أي في كونها يدخلها ربا الفضل أو لا يدخلها
وقال ح بعد ما ذكر اعتراض الشارح ويظهر من كلام ابن عبد السلام أنه يستفاد من الخلاف
المذكور الخلاف في كونها ربوية أم لا وذكر كلامه فانظره والظاهر أن المصنف اعتمد ذلك انظر بن.
قوله: (ليست ربوية قطعا) أي لا يدخلها ربا الفضل قطعا بل يجوز فيها التفاضل من غير خلاف.
قوله: (أو لا) أي أو ليست بطعام فلا يحرم فيها ربا النساء. قوله: (كفلفل) أي وزنجبيل. قوله: (وهي
أجناس) الضمير لما ذكره من المصلح والتوابل أي فيجوز بيع بعضها ببعض متفاضلا يدا بيد ثم إن
ما ذكره من أنها أجناس هو ما استظهره الباجي ونقل الشيخ أبو محمد عن محمد بن المواز عن ابن
القاسم أن الشمار والأنيسون جنس والكمونين جنس وهو المعتمد كما قرر شيخنا. قوله: (بل ولا
طعام) أي فلا يدخله لا ربا الفضل ولا ربا النساء. قوله: (كخس) أي وقلقاس وسلق وباذنجان وبامية
وملوخية وبطيخ وقثاء وخيار. قوله: (ودواء) لا يدخل فيه الأشربة كشراب الورد والبنفسج
والحماض وشراب الجلاب مثلا لأنها ربوية وهي جنس واحد لان منفعتها متقاربة فلا يجوز
التفاضل فيها انظر بن. قوله: (كصبر) أي ومر ولبان ومحلب وغير ذلك من العقاقير العطرية.
قوله: (والمعتمد أنه ربوي) لأنه يقتات ويدخر وإن لم يتخذ للعيش غالبا. قوله: (وفاكهة) أي ما عدا
العنب فإنه ربوي وإن لم يتزبب كما ذكره شيخنا في حاشيته خلافا لخش. قوله: (ولو ادخرت بقطر)
رد بلو على ما اختاره اللخمي من ربوية ما ادخر بقطر. قوله: (والكمثري) أي وكذلك الرمان
والمشمش. قوله: (بضم الفاء الخ) قال في القاموس فستق كقنفذ وجحدب معروف. قوله: (مما يدخر ولا
يقتات) فيه أن الجوز واللوز والبندق والفستق يقتات ويدخر فالحق أن القول بأنها غير ربوية
مبني على أنه يعتبر في الاقتيات أن يكون غالبا وأما على القول بعدم اعتبار ذلك فهي ربوية ومذهب
المدونة امتناع التفاضل فيها وظاهر الباجي اعتماد ما مشى عليه المصنف انظر بن. قوله:

50
(لتركب العلة منهما) أي لتركب علة الربا من أمرين وقد انتفى أحدهما فيما ذكر فتكون العلة غير موجودة
فيه هذا كلامه وقد علمت ما فيه. قوله: (بأن انعقد) أي ولم يبلغ حد الرامخ وهو الصغير جدا.
قوله: (فأحرى الإغريض والطلع) الحاصل أن مراتب البلح سبعة طلع فإغريض فبلح صغير وهو المسمى
بالنيني فبلح كبير وهو المسمى بالزهو فبسر فرطب فتمر، ويجمعها قولك طاب زبرت وكل واحد من
هذه إما أن يباع بمثله أو بغيره، فالجملة تسعة وأربعون صورة المكرر منها إحدى وعشرون صورة
والباقي من غير تكرار، بما فيه عشرون صورة وهي بيع الطلع بمثله وبالستة بعده وبيع
الإغريض بمثله وبالأربعة بعده وبيع البلح الصغير بمثله وبالأربعة بعده وبيع الكبير بمثله والثلاثة
بعده وبيع البسر بمثله والاثنين بعده وبيع الرطب بمثله وبالتمر وبيع التمر بالتمر والجائز من هذه
أربع وعشرون صورة وهي بيع كل بمثله بشرط المماثلة والمناجزة في الأربعة الأخيرة وأما في
الثلاثة الأول فالجواز ولو مع التفاضل ولو مع عدم المناجزة وبيع الطلع بكل واحد من الستة بعده
وبيع الإغريض بكل واحد من الخمسة بعده وبيع البلح الصغير بكل واحد من الأربع بعده ولو
متفاضلا ولو لأجل إن كان البيع على شرط الجذاذ أو مجذوذا وأما على التبقية في شجره حتى يراد
لاكله فيمنع كما يمنع بيع التمر برطب أو ببسر أو بكبير بلح، وكذا يمنع بيع كبير البلح برطب لا ببسر
لأنهما كشئ واحد وكذا يمنع البسر بالرطب على أي حال لا مثلا بمثل ولا متفاضلا فصور المنع خمسة.
قوله: (على المعروف) أي وإلا لمنع بيعه بطعام لأجل واللازم باطل. قوله: (والعذب جنس) المراد به
كل ما يشرب ولو عند الضرورة والمراد بالملح ما لا يشرب أصلا ولو عند الضرورة ا ه‍ عدوي.
قوله: (أنه لا يدخل بينهما سلف جر منفعة) أي وحينئذ فيجوز بيع أحدهما بالآخر متفاضلا ومناجزة
أو لأجل أما الأول فلأنهما جنسان وأما الثاني فلانه ليس بطعام حتى يدخله ربا النساء وحيث كانا
جنسين كان ذلك سلما. قوله: (بخلاف الجنس الواحد) أي فإنه يجوز بيع بعضه ببعض ولو متفاضلا
إذا كان يدا بيد ولا يجوز متفاضلا إذا كان لأجل لان سلم الشئ في نفسه سلف جر نفعا وهو واضح
إن كان المعجل إنما هو القليل وأما إن كان المعجل الكثير فظاهر المدونة منعه أيضا ولعله مبني على أن
تهمة ضمان بجعل توجب المنع وإلا فلا وجه لمنعه. قوله: (إلا الترمس) أي فإن صلقه ينقله عن جنسه
وألحق بصلق الترمس تدميس الفول وصلق الفول الحار للكلفة أي المشقة وحينئذ فيجوز بيع
الفول المدمس والفول الحار بالفول اليابس ولو متفاضلا إذا كان مناجزة. قوله: (فالدقيق ليس
جنسا منفردا عن أصله) أي وحينئذ فيجوز بيعه بالحب متماثلا لا متفاضلا وسيأتي أن المماثلة هنا تعتبر
بالوزن لا بالكيل وقيل تعتبر بكل منهما. قوله: (والعجين مع الدقيق أو القمح جنس واحد) أي فلا
يباع العجين بواحد منهما إلا إذا كان متماثلا وتعتبر المماثلة في قدر الدقيق تحريا من الجانبين في بيع
العجين بالقمح وفي جانب العجين إذا بيع بالدقيق كما يأتي. قوله: (على المعتمد) وحاصله أن النبيذ مع
التمر جنس واحد وكذلك مع الخل جنس واحد إلا أنه يمنع بيعه بالتمر مطلقا ويجوز بيعه بالخل متماثلا
لا متفاضلا وأما الخل مع التمر فهما جنسان فالتمر طرف والخل طرف والنبيذ واسطة بينهما فهو مع
كل طرف جنس والطرفان جنسان. قوله: (وطبخ لحم بأبزار) أي وأما طبخ أرز بأبزار فإنه لا ينقل

51
كذا في عبق وفيه نظر فإن ظاهر كلام ابن بشير كما في المواق أن كل ما طبخ بأبزار نقل عن أصله
بذلك سواء اللحم والأرز وغيرهما ا ه‍ بن. قوله: (وبخلاف شيه وتجفيفه بها) أي بالأبزار أي أو
بغيرها من المصلح كالبصل أو الثوم مع الملح. قوله: (لا بدونها) أي لا إن كان التجفيف بدون أبزار فإنه
لا ينقل عن النيئ. قوله: (وسويق وسمن) الظاهر كما لح أن الواو في قوله وسمن بمعنى مع وأن
مراده أن السويق إذا لت بسمن ينتقل عن السويق غير الملتوت وبهذا يسلم من اعتراض
ابن غازي في قوله وسمن بأنه يقتضي أن السمن جنس غير الزبد والحليب، وإن أجيب عنه أيضا بما قال
شارحنا. وحاصله أن المراد بالسويق التسويق والمراد بالسمن التسمين أي أن التسويق ينقل
السويق عن أصله وهو القمح والتسمين ينقل السمن عن اللبن الذي أخرج زبده. قوله: (ومشوي
بمثله وقديد بمثله) نقل المواق عن ابن حبيب أنه لا يباع واحد منهما بمثله ونقل عقبه عن
ابن رشد أنه لا يباع المشوي بالمشوي ولا القديد بالقديد إلا بتحري أصولهما وإذا اعتبرت المماثلة
بينهما بتحري الأصول فلا عبرة بالشئ والتقديد استوى أو اختلف ا ه‍ بن. قوله: (وقديد) أي
مقدد ومشمش بالشمس ثم إن شارحنا تبعا لعج حمله على أن المراد قديد من اللحم وعفن من
اللحم، وفيه أنه يصر تكرارا مع قول المصنف بعد ولحم، فالأولى أن يحمل قوله قديد وعفن أي من
البلح. قوله: (واعلم الخ) أشار بذلك إلى أن صور بيع اللحم باللحم ست عشرة صورة لان اللحم
إما قديد أو مشوي أو مطبوخ أو نئ فهذه أربعة وكل واحد منها إما أن يباع بمثله أو بغيره، فالجملة
ست عشرة صورة من ضرب أربعة في أربعة المكرر منها ستة والباقي بلا تكرار عشرة وقد
ذكر الشارح أحكامها مستوفاة. قوله: (إن كان) أي كل واحد بأبزار. قوله: (مطلقا) أي متماثلا
ومتفاضلا. قوله: (بأحدهما) أي بأحد المبيعين. قوله: (مستحجر) أي بعد اخراج زبده. قوله: (أي
كل واحد منها بمثله) اعلم أن اللبن وما تولد منه سبعة أنواع حليب وزبد وسمن وجبن وأقط
ومخيض ومضروب وبيع كل واحد من هذه السبعة إما بنوعه أو بغير نوعه، فالصور تسع وأربعون
صورة المكرر منها إحدى وعشرون والباقي بعد اسقاط المكرر ثمانية وعشرون الجائز منها قطعا
ست عشرة صورة وهي بيع كل واحد بمثله وبيع المخيض بالمضروب فهذه ثمانية، وكذلك بيع
كل من المخيض والمضروب بالحليب أو الزبد أو السمن أو الجبن، فهذه ثمانية أيضا. وأما بيع
المخيض أو المضروب بالأقط فقيل بالجوز بشرط المماثلة وقيل بالمنع واستظهر لان الأقط إما مخيض
أو مضروب، فهو بيع رطب بيابس من جنسه، وكذا اختلف في بيع الجبن بالأقط والظاهر المنع
كذا قالوا وظاهره سواء كان الجبن من حليب أو من مخيض أو مضروب والظاهر المنع إذا كان من
مخيض أو مضروب، وأما إن كان من حليب فإنه يجوز لان المقصود منهما مختلف فهذه صور ثلاثة
مختلف فيها وأما الصور الممنوعة اتفاقا فتسعة بيع الحليب بزبد أو سمن أو جبن أو أقط وبيع
زبد بسمن أو جبن أو أقط وبيع السمن بجبن أو أقط. قوله: (لا رطبهما بيابسهما) أي لا رطب الزيتون

52
واللحم بيابسهما. قوله: (لعطفه على المرفوعات) أي وهو التمر وما بعده. قوله: (ولا لبن حليب بزبد) أي
أو سمن وقوله إلا أن يخرج زبده أي بحيث يصير مخيضا أو مضروبا. قوله: (وظاهر كلامهم ولو كان الخ)
أي ظاهر كلامهم جواز البيع إذا استوى الخبزان دقيقا بالتحري ولو كان وزن أحد الخبزين
أكثر من الآخر. قوله: (اعتبر وزن الخبزين فقط لا الدقيق) أي فإن استوى وزنهما جاز وإلا فلا
لما مر أن الأخباز كلها جنس ولو من قطنية وقمح فإن كانا منن صنفين غير ربويين كبزر برسيم
وبزر غاسول أو كان أحدهما ربويا والآخر غير ربوي لم يعتبر وزن ولا غيره لجواز المفاضلة حينئذ
انظر بن. قوله: (فيكفي العدد) أي رد العدد ولو زاد الوزن على العدد أو نقص. وما ذكره
الشارح من الاكتفاء برد العدد هو ما نقله الطخيخي عن ابن شعبان وذكر المواق أن القرض
إنما يعتبر فيه الوزن لا قدر الدقيق ولا العدد، سواء كان الخبزان من صنف واحد ربوي أو من جنسين
ربويين. واستظهر شيخنا العدوي ما لابن شعبان والحاصل أنه يعتبر في بيع الخبز بمثله تحري قدر
الدقيق إن اتحدا أصلا وألا يتحدا أصلا فلا بد من التساوي في الوزن كالقرض مطلقا عند المواق
وعند غيره يكفي العدد وإن زاد أحدهما في الوزن. قوله: (ويقضون مثله) أي في العدد. قوله: (من غير
تحر) أي لدقيقهما لكن لا بد من علم قدر العجين ومقابله ولو بالتحري فيما يكون فيه التحري
لأجل أن يقع العقد على معلوم. قوله: (غير ناقل) أي حتى أنه يجوز التفاضل. قوله: (وهل إن وزنا الخ)
قال ابن شاس اختلف في بيع القمح بالدقيق فقيل بالجواز وقيل بنفيه وقيل بجوازه بالوزن
لا بالكيل وبعض المتأخرين يرى أن هذا تفسير للقولين ويجعل المذهب على قول واحد، وبعضهم
ينكر ذلك وإلى الطريقتين أشار المصنف بالتردد بقوله وهل إن وزنا أي وهل الجواز مثله إن وزنا
وإما أن كيلا فالمنع بناء على أن المذهب على قول واحد وقوله أو مطلقا أي والجواز مطلقا سواء كيلا
أو وزنا بناء على أن المذهب ذو أقوال ثلاثة والراجح أولها. قوله: (بمعيار الشرع) أي بالمعيار الذي
اعتبره الشارع في ذلك النوع من كيل أو وزن ولا يشترط خصوص المعيار الذي كان في زمنه
(ص)، فما ورد عنه أنه يكال كالقمح فلا تصح المبادلة فيه إلا إذا حصل التماثل بالكيل أي كيل
كان وكذا يقال فيما ورد عن الشارع أنه يوزن كالنقد. قوله: (فلا يجوز بيع قمح بقمح وزنا) أي
كقنطار قمحا بقنطار قمحا. قوله: (ولا نقد بنقد كيلا) أي كربع فضة عددية بربع مثله.
قوله: (باختلاف البلاد) أي فبعض البلاد تستعمل الكيل فيما ذكر دون الوزن وبعض البلاد بالعكس.
قوله: (فيعمل في كل محل بعادته) أي فلا يجوز بيع سمن بسمن ولا زيت بزيت ولا عسل بعسل
كيلا في بلد عادتهم وزنه ولا وزنا في بلد عادتهم كيله. قوله: (فإن عسر الوزن جاز التحري) حاصل
ما لابن رشد في سماع عيسى أن كل ما يباع وزنا ولا يباع كيلا مما هو ربوي تجوز فيه المبادلة والقسمة
على تحري الوزن وهو ما في المدونة وكل ما يباع كيلا لا وزنا مما هو ربوي فلا تجوز فيه المبادلة ولا
القسمة بالتحري لكيله بلا خلاف، بل لا بد من كيله بالفعل وأما ما ليس بربوي فاختلف في جواز
القسمة فيه والمبادلة على التحري على ثلاثة أقوال أحدها الجواز فيما يباع وزنا لا كيلا وهو مذهب

53
ابن القاسم فيما حكى ابن عبدوس، والثاني الجواز مطلقا وهو قول أشهب وابن القاسم في العتبية
وابن حبيب والثالث عدم الجواز مطلقا وهو الذي في آخر كتاب السلم الثالث من المدونة ونقل
ابن عرفة عن الباجي أن المشهور جواز التحري في الموزون سواء كان ربويا أو غيره وإن لم
يكن في وزنه عسر وهو ظاهر المدونة خلافا للمصنف فإنه قيد جواز تحري الوزن بعسره بالفعل
فتأمل انظر بن. قوله: (إن لم يقدر على تحريه) أي إن انتفت القدرة على تحريه بأن عجز عنه.
قوله: (فالصواب) أي لان ظاهره أن جواز التحري عند عدم القدرة على التحري مع أن العجز
عن التحري إنما ينتج منعه لا جوازه. قوله: (أو يزيد لا قبل أن) أي ويكون عطفا على محذوف أي
فإن عسر الوزن جاز التحري إن قدر عليه لا إن لم يقدر على تحريه. قوله: (إن أمكن) أي لعدم
الكثرة جدا. قوله: (لجواز الكيل بغير المكيال المعهود) المراد لجواز الكيل بغير المعهود في
هذا الموضع الذي يحصل فيه التعذر وهو البادية ومحل السفر وليس المراد أن الكيل الغير
المعهود جائز مطلقا لما مر عند قوله وجهل بثمن أو مثمن أن شراء كل قفة من القمح بكذا ممنوع للجهل
بقدر المبيع. قوله: (بغير المكيال المعهود) أي كالقفة والطاقية والاناء والمخلة والغرارة. قوله: (ثم
تقييده بالعسر) أي ثم إن تقييد جواز التحري بعسر الوزن. قوله: (وفسد منهي عنه) أي منهي
عن تعاطيه وهذه قضية كلية شاملة للعبادات والمعاملات وهي العقود سواء كان العقد عقد نكاح
أو بيع كما مثل لذلك الشارح واعلم أن النهي عن الشئ إما لذاته كالدم والخنزير أو لوصفه كالخمر وهو
الاسكار أو لخارج عنه لازم له كصوم يوم العيد، لان صومه يستلزم الاعراض عن ضيافة الله، فإن كان
النهي لواحد مما ذكر كان مقتضيا للفساد وإن كان النهي عن الشئ لخارج عنه غير لازم له كالصلاة
في الدار المغصوبة فلا يقتضي الفساد فقول الشارح ومحل القاعدة أي فساد المنهي عنه إذا لم يكن
النهي لامر خارج عنه غير لازم أي بأن كان لذات الشئ أو لوصفه أو لامر خارج عنه لازم له.
قوله: (لان النهي الخ) علة لقول المصنف وفسد منهي عنه. قوله: (إلا لدليل)
أي شرعي يدل على الصحة أي على صحة المنهي عنه فلا فساد وسواء كان الدليل المذكور متصلا بالنهي أو منفصلا عنه ويكون
ذلك الدليل مخصصا لتلك القاعدة. قوله: (كالنجش والمصراة) يعني العقد معهما لأنه هو الذي
يوصف بالفساد لولا وجود الدليل على صحته. قوله: (ولا دلالة الخ) لجواز أن يكون المعنى ترك
التلبس بهذا الامر الغير المنعقد تأمل. قوله: (كحيوان) أي حي وإنما قيد بقوله مباح الأكل لأجل
صحة التعليل بعد ذلك بالمزابنة إذ بيع الخيل ونحوها باللحم جائز لعدم المزابنة وسواء كان البيع نقدا
أو لأجل. قوله: (لأنه معلوم) أي وهو اللحم وقوله بمجهول أي وهو الحيوان. قوله: (ولو بغير أبزار)
أي كما أفاده الأقفهسي وهو المعول عليه فنقل اللحم عن الحيوان يكون بأدنى ناقل بخلاف نقل
اللحم عن اللحم فإنه لا يكفي فيه مجرد الطبخ خلافا لمن قال أن اللحم لا ينتقل عن الحيوان إلا بالطبخ

54
بأبزار. قوله: (ما فيه منفعة كثيرة) أي كالبقر والإبل وإناث الضأن وفحولها وكذا إناث المعز
وفحولها. قوله: (وما لا تطول حياته) أي كطير ماء. قوله: (أو لا منفع فيه إلا اللحم) أي كخصي المعز.
قوله: (أو قلت) أي منفعته كخصي ضأن إذ منفعته وهي الصوف يسيرة. قوله: (فهذه أربع صور)
أي كلها ممنوعة. قوله: (جوازه) أي الحيوان بلحم غير جنسه بأن بيع الحيوان الحي
بلحم طير أو بلحم سمك. قوله: (مطلقا) أي سواء كان مناجزة أو لأجل والمراد بالصورة الأولى ما إذا كان
الحيوان المبيع بلحم من غير جنسه منفعته كثيرة ويراد للقنية. قوله: (وبشرط المناجزة في الثلاثة
بعدها) أي ما إذا كان الحيوان الذي بيع بلحم من غير جنسه لا تطول حياته أو لا منفعة فيه إلا
اللحم أو كانت منفعته قليلة. قوله: (طعام حكما) أي وبيع الطعام بالطعام تجب فيه المناجزة ولو كانا
جنسين. قوله: (وكحيوان مطلقا) أي سواء كان كثير المنفعة أو لا تطول حياته أو لا منفعة له إلا اللحم
أو قلت منفعته. قوله: (وإذا ضربتها) أي الأربعة وقوله فيما بعده وهو ما لا منفعة فيه إلا اللحم.
قوله: (في الأخير) أي وهو ما قلت منفعته. قوله: (بما قلت) أي إذا بيع كل منهما بما قلت منفعته.
قوله: (تضم الخ) والحاصل أن المصنف شمل كلامه ست عشرة صورة كلها ممنوعة، وهي بيع الحيوان
بأقسامه الأربعة بلحم جنسه وبيع الحيوان بأقسامه الأربعة بما لا تطول حياته وبيع الحيوان
بأقسامه الأربعة بما لا منفعة فيه إلا اللحم وبيع الحيوان بأقسامه الأربعة بما قلت منفعته، فهذه ست
عشرة صور المكرر منها ثلاث يبقى ثلاث عشرة صورة. قوله: (على تفصيله المتقدم) أي فإن كان
اللحمان من جنس واحد وجبت المناجزة والمماثلة في الوزن والجفاف أو الرطوبة وإن كانا من
جنسين جازت المفاضلة ووجبت المناجزة. قوله: (وإنما منع) أي بيع الحيوان بأقسامه الأربعة.
قوله: (لان الثلاثة طعام حكما) أي فإذا بيعت بما فيه منفعة كثيرة كان من بيع الحيوان بلحم جنسه وإذا
بيعت بمثلها كان من بيع الطعام بالطعام المشكوك في تماثله. قوله: (فلذا ثنى) أي فلأجل
اعتبار أن ما لا تطول حياته قسم وما بعده قسم ثني الضمير الخ. قوله: (فلا تجوز) أي الثلاثة
بطعام لأجل أي ولا يؤخذ منها كراء أرض ولا تؤخذ قضاء عن دراهم أكريت بها الأرض ولا
يؤخذ قضاء عن ثمنها طعام بخلاف الحيوان الذي يراد للقنية لكثرة منفعته، فإنه يجوز بيعه بطعام
ولو لأجل ويجوز كراء الأرض به وأخذه قضاء عما أكريت به الأرض وأخذ الطعام قضاء عن ثمنه،
وذلك لأنه لما كان مقتنى لمنافع غير الأكل صار ليس طعاما لا حقيقة ولا حكما واعلم أنه كما لا يجوز
بيع ما ذكر من الحيوانات الثلاثة بطعام نسيئة لا يجوز أن يباع اللحم بطعام نسيئة ولا الاقتضاء عن
ثمن الطعام طعاما فلا يجوز بيع شاة للجزار بدراهم ثم يأخذ بدل الدراهم لحما أو قمحا لالغاء
الدراهم المتوسطة بين العقد والقبض فكأنه باعها أولا بطعام. قوله: (فإن كان) أي خصي
الضأن يقتنى لصوفه وقوله جاز أي جاز بيعه بالطعام لأجل لان اقتناءه لأجل صوفه نزله منزلة
ذي المنفعة الكثيرة ومثله خصي المعز إذا كان يقتني لشعره كما يفيده المغنى ونص عليه في التبصرة.
قوله: (وكبيع الغرر) أي البيع الملابس للغرر لا إن الغرر مبيع والغرر التردد بين أمرين أحدهما
على الغرض والثاني على خلافه. قوله: (للجهل بالعوض) أي حين العقد وإن كان يعلم بعد ذلك.
قوله: (أو بيعها على حكمه) أي بأن يقول البائع للمشتري بعتك هذه السلعة بما تحكم به أو بما ترضى به أنت
من الثمن فيقول المشتري اشتريتها بذلك ثم يفرض المشتري الثمن بأن يقول رضيت أن الثمن كذا أو

55
حكمت بأن الثمن كذا أو يقول المشتري اشتريت تلك السلعة منك بما تحكم به أنت يا بائع أو بما يحكم به
فلان الأجنبي أو بما ترضى به أنت أو بما يرضى به فلان الأجنبي فيقول له البائع بعتك بذلك ثم يحكم
البائع أو الأجنبي بثمن يذكره أو يقول رضيت أن الثمن كذا. قوله: (من ذكر) أي من البائع
والمشتري والأجنبي. قوله: (يرجع للالزام) بمعنى أن المحكم يلزمهما الثمن الذي حكم به جبرا عليهما
بخلاف الرضا فإنه لا يلزمهما الثمن الذي رضيه بل إن رضيا به فيها ونعمت وإلا رجعا عن ذلك الثمن
لما يرضيان به وليس له الالزام به وهذا لا ينافي قول المصنف بإلزام لان مراده بإلزام لأصل العقد وأما
الثمن فقد يكون موقوفا على ما يرضيان به، وإنما جمع المصنف بين الحكم والرضا نظرا لكون العاقد
قد يعبر بهذا وقد يعبر بهذا فاندفع ما يقال كان الأولى حذف الرضا لان الحكم أخص منه فيلزم من
الحكم بشئ الرضا به فتأمل. قوله: (لم يذكرها المولى ولا غيره لمن ولاه) أي وإنما ذكر له ثمنها وقوله
أو لم يذكر ثمنها أي أو ذكرها له ولكن لم يذكر ثمنها. قوله: (بإلزام) اعلم أن المضر الدخول على لزوم
البيع لهما أو لأحدهما في مسألة بيعها بقيمتها أو على حكم غير المتبايعين أو رضاه وأما على حكم أحد
المتبايعين أو رضاه فالمضر إلزام غير من له الحكم أو الرضا منهما وأما في التولية فالمضر إلزام الجاهل
منهما بالثمن. قوله: (وكملامسة الثوب) أي وكالبيع المحتوى على ملامسة الثوب أو منابذته بأن يتفق
معه على أن يبيع له الثوب قبل تأمله فيها بكذا وأنه بمجرد لمس المشتري لها ينعقد البيع من غير أن
ينشرها ويعلم ما فيها أو أنه بمجرد أن يأتي بها البائع ويطرحها للمشتري لزم البيع فاللمس من المشتري
وأما النبذ فهو من البائع فقوله وكملامسة الثوب أي ملامسة المشتري الثوب أي ويكتفيا في لزوم
البيع وتحققه بذلك من غير أن ينشرها ويعلم ما فيها وأما لو باعها له قبل التأمل فيها على شرط أن
ينظر فيها بعد ذلك فإن أعجبته أمسكها وإلا ردها كان قوله: (ولا ينشره) أي والحال أن المشتري
لا ينشره الخ وقوله ولا يتأمله جائزا بل يكتفي في لزوم البيع بلمسه أي بلمس المشتري له هذا من تتمة
تصوير مسألة الملامسة فكان الأولى للشارح أن يقدمه قبل قوله أو بليل مقمر لأنه إشارة لمسألة
أخرى. وحاصلها أن بيع الثوب الذي لا يعلم ما فيها بالليل ولو كان مقمرا ممنوع ومثل الثوب في عدم
جواز بيعه بالليل ولو مقمرا الحيوان غير مأكول اللحم وكذا مأكوله عند ابن القاسم. وقال
أشهب: شراء ما يؤكل لحمه في الليل جائز سواء كان الليل مقمرا أو غير مقمر لان الخبرة باليد تبين
المقصود منه من سمن أو هزال وأما الدابة لغير المأكولة فيجوز بيعها في الليل المقمر دون المظلم
والظاهر أن الحوت كبهيمة الانعام وانظر هل شراء الحبوب في الليل المقمر يجري على الخلاف أم لا؟
قوله: (وتنبذه إليه) أي بلا تأمل فيها والحال أنهما دخلا على لزوم البيع بمجرد حصول نبذها من
البائع. قوله: (وهل هو بيع) أي بأن يقول البائع للمشتري أبيعك على البت قدرا من أرضي هذه
مبدؤه من محل وقوفي أو من محل وقوف فلان إلى ما ينتهي رمية الحصاة مني أو من فلان بكذا فيمنع
ذلك للجهل بقدره لاختلاف الرمي ومحل الفساد إذا وقع البيع على اللزوم. قوله: (أو هو بيع يلزم
بوقوعها) بأن يقول له أشتري منك هذه السلعة بكذا وانعقاد البيع إذا وقعت الحصاة مني أو منك أو
من فلان باختيار ممن هي معه ويأخذ الحصاة في يده أو جيبه فإذا أوقعها لزم البيع فقد علق الانعقاد
على السقوط في زمن غير معين فالبيع فاسد للجهل بزمن وقوعها ففيه تأجيل بأجل مجهول فلو
عين لوقوعها باختياره أجلا معلوما وكان قدر زمن الخيار كأن وقعت الحصاة من طلوع الشمس
إلى الظهر أو من اليوم إلى غد قصدا كان البيع لازما لم يفسد. قوله: (ممن هي معه) أي في زمان غير

56
معين. قوله: (أو على ما تقع عليه الخ) أي بأن يكون في المجلس سلع كمقاطع قماش فيشتري مقطعا بدينار
وقال البائع للمشتري بشرط أن يكون المقطع الذي تأخذه هو الذي تقع عليه الحصاة فيأخذ حصوة
ويرميها فكل ما جاءت عليه كان هو المبيع والفرض أنه ليس هناك قصد لمقطع معين. قوله: (إن كان)
أي ذلك القصد. قوله: (بأن يقول) أي البائع للمشتري. قوله: (فما خرج) أي من أجزاء تلك الحصاة التي
تكسرت وقوله فما خرج أي وجد. قوله: (كان لك) أي أيها البائع. قوله: (للحديث) أي وهو ما في
مسلم من نهى النبي (ص) عن بيع الحصاة. قوله: (وكبيع ما في بطون الإبل) أي من الجنين
قال أبو إسحاق الشاطبي: بيع الأجنة لا يجوز ويفسخ وإن قبضها المشتري ردت فإن فاتت كانت عليه
القيمة وأجبرا على أن يجمعا بينهما أو يبيعا. قوله: (وخصها بالذكر) أي مع أنه ينهى عن بيع الجنين
مطلقا سواء كان جنين إبل أو غيرها. قوله: (تبعا للامام في الموطأ) وذلك لأنه روي في الموطأ عن سعيد
بن المسيب مرسلا: لا ربا في الحيوان وإنما نهى فيه عن ثلاثة المضامين والملاقيح وحبل الحبلة فقال مالك:
المضامين بيع ما في بطون إناث الإبل والملاقيح بيع ما في ظهور الفحول وحبل الحبلة بيع الجزور
إلى أن ينتج نتاج الناقة. قوله: (أو بيع ما في ظهورها) الضمير عائد على الإبل المتقدمة لكن في
الكلام حذف مضاف أي أو ما في ظهور فحولها أو الضمير عائد على الإبل لا بالمعنى المتقدم ولا حاجة
للمحذوف. قوله: (إلى أن تلد الأولاد) أي التي هي في بطون أمهاتها كأشتري منك سلعة كذا بدينار
مؤجل إلى أن يولد للجنين الذي في بطن ناقتي ولد. قوله: (بفتح الحاء والباء) أي وكل منهما مصدر
بمعنى اسم المفعول أي ومحبول المحبولة لا أن الأول اسم مفعول والثاني جمع حابل كظالم وظلمة وإلا
كان عين الأول وهو المضامين فالحبل الأول مصدوقه الولد الثاني والحبلة مصدوقه الولد الأول الذي
في بطن أمه وفي جعل الولد الثاني محبولا مجاز الأول. قوله: (حياته) أما لو كان بالنفقة عليه مدة معلومة
جاز إن كان على أنه إن مات البائع قبل تمامها رجع ما بقي للوارث أو لبيت المال فإن كان على أنه هبة
للمشتري لم يجز ا ه‍ عدوي. قوله: (إن كان مقوما) أي مطلقا معلوم القدر أو مجهوله وذلك كما لو كان كل
يوم يعطيه دجاجة وكان ما أعطاه له منضبطا معلوم القدر أو كان غير منضبط وحين الجهل تكون
القيمة بالتحري العادي. قوله: (فالصور أربع) أي لان ما دفعه المشتري للبائع إما مقوم أو مثلي وفي كل
إما أن يكون معلوم القدر أو مجهوله. قوله: (ولو سرفا) أي ولو كان ما أنفقه المشتري على البائع من
مقوم ومثلي سرفا بالنسبة للبائع. قوله: (في مسألة الإجارة) أي لكن الرجوع بالسرف في مسألة
الإجارة مطلقا. قوله: (كان) أي السرف قائما أو فات وهذا بيان للاطلاق. قوله: (لم يرجع ببدله)
أي ببدل السرف والحاصل أن غير السرف يرجع به مطلقا قائما أو فائتا وأما السرف
فيرجع به في الإجارة مطلقا وأما في البيع فيرجع به إن كان قائما فإن فات لم يرجع به وهذه التفرقة التي

57
ذكرها الشارح بين الإجارة والبيع هي ما في المواق، وفي بن تحقيق أنه لا فرق بينهما وأن البيع
كالإجارة في الرجوع بالسرف مطلقا كان قائما أو فات إلا أنه إن كان قائما أخذه بذاته وإن فات رجع
ببدله من قيمة أو مثل على ما مر ومن فروع المسألة ما يقع كثيرا يخدم الشخص عند آخر والآخر يطعمه
فيرجع عليه بأجرة مثله ويرجع الآخر عليه بما أنفقه عليه. قوله: (ويقاصصه بما أنفق) أي ويقاصص
المشتري البائع بما أنفقه عليه. قوله: (وكعسيب الفحل) تطلق العسيب على الذكر وعلى ضراب
الفحل وهو المراد وقوله على عقوق الأنثى أي حملها أي يستأجر الفحل للضراب إلى حمل الأنثى
فعلى بمعنى إلى واعترض على المصنف في تعبيره بعقوق بأن المسموع اعقاق وسيقول المصنف فإن
أعقت رباعي وعقاق كسحاب وكتاب انظر بن. قوله: (لأنها قد لا تحمل) أي فيغبن رب الفحل وقد
تحمل في زمن قريب فيغبن رب الأنثى. قوله: (وجاز زمان) أي جاز الاستئجار على ضرابة زمانا معينا
أو مرات معينة فإن جمع بينهما كثلاث مرات في يوم لم يجز. قوله: (فإني أعقت) أي حملت قبل تمام
الزمان أو المرات. قوله: (انفسخت الإجارة فيهما) أي عند ابن عرفة وهو المعتمد وقال ابن عبد
السلام تنفسخ في المرات دون الزمان بل يأتي المستأجر بعد ذلك أي بعد أخذها بأنثى تستوفي بها
المنفعة أو يؤدي جميع الأجرة. قوله: (وعليه) أي من الأجرة فإذا آجره ثلاث مرات بدينار وحملت
من أول مرة لزمه ثلث الدينار. قوله: (في السلعتين) أي في مسألة ما إذا كان المبيع سلعتين وقوله
في السلعة أي في مسألة ما إذا كان المبيع سلعة. قوله: (أي عقد واحد) أشار بهذا إلى أن المراد
بالبيعة العقد وحينئذ ففي إما للظرفية أو السببية. قوله: (يبيعها) أي وهي أن يبيع السلعة بتا بعشرة الخ.
قوله: (لأجل) أي معين ويأخذها المشتري على السكوت ولم يعين أحد الامرين.
قوله: (ويختار بعد ذلك) أي بعد أخذها الشراء بعشرة نقدا أو بأكثر لأجل وإنما منع للجهل بالثمن حال
البيع. قوله: (فإن وقع لا على الالزام) أي بل وقع على الخيار. قوله: (فلا منع) أي كما أنه لا منع في
عكس مثال المؤلف وهو أن يبيعها بأحد عشر نقدا أو بعشرة ولأجل وذلك لعدم تردد المشتري
غالبا لان العاقل إنما يختار الأقل لأجل. قوله: (فيما عداهما) أي من الجنس والثمن. قوله: (الواو
للحال) أي لان القيمة دائما تختلف باختلاف الجودة والرداءة فلا معنى للمبالغة على اختلافهما.
قوله: (في غير طعام) أي بأن كانا ثوبين أو غيرهما من العبيد والبقر والشجر الذي لا ثمر فيه. قوله: (لا في طعام)
أي لا إن كان السلعتان المختلفتان بالجودة والرداءة فقط كل واحدة منهما طعاما وأشار الشارح بقوله
ومحل الجواز الخ إلى أن قول المصنف لا طعام بالجر عطف على مقدر أي إلا بجودة ورداءة فيجوز ذلك
في غير الطعام لا في طعام. قوله: (فلا يجوز بيع أحد طعامين) أي متحدي الجنس والكيل مختلفين
في الجودة والرداءة كما هو الموضوع. قوله: (لأنه قد يختار الخ) الأوضح فإذا اختار
واحدة بعد أن اختار قبلها غيرها وانتقل ثمنها لهذه فالمنتقل إليه يحتمل أن يكون أقل من
المنتقل عنه أو أكثر أو مساويا والشك في التماثل كتحقق التفاضل. قوله: (أو مع أحدهما ثوب)

58
أي كما إذا كان صبرتان من الطعام مع كل واحدة ثوب أو مع إحداهما ثوب دون الأخرى ويقول
المالك لهما للمشتري أبيعك إحدى الصبرتين مع الثوب الذي معها بدينار على اللزوم ولك الخيار في
التعيين أو أبيعك إما هذه الصبرة مع الثوب بدينار وإما هذه الصبرة وحدها بدينار على اللزوم، ويخير
المشتري في تعيين ما يأخذه وعلة المنع فيهما ما في ذلك من بيع الطعام قبل قبضه، ولان من خير بين
شيئين يعد منتقلا فيؤدي إلى بيع طعام وعرض بطعام وعرض أو بيع طعام وعرض بطعام وكل
منهما ممنوع لدخول الشك في التماثل. قوله: (فيما عداهما) أي من الجنس والكيل والثمن.
قوله: (لأنه لو أسلم الخ) أي وحينئذ فيقاس هذا المختلف فيه على المتفق عليه. قوله: (في أنه لا يضر
اختلافهما بالجودة والرداءة) أي فقط مع اتفاقهما في النوع والكيل والثمن. قوله: (بما عداهما)
بأن كان اختلافهما في الجنس أو الكيل والحاصل أن الأقسام ثلاثة إذا اتحد الطعامان نوعا
وكيلا وصفة أي جودة أو رداءة فأجز اختلفا في النوع أو الكيل فامنع اتحدا في النوع والكيل
واختلفا في الصفة فهو محل الخلاف والمعتمد الجواز. قوله: (ومثل للطعام مع غيره الخ) أي
لان البلح طعام والليف والجريد والخشب غير طعام. قوله: (من نخلات) المراد بالجمع ما فوق
الواحد. قوله: (ثم انتقل إليها) أي وهذه المنتقل إليها يحتمل أن يكون بلحها أقل من المنتقل عنها
أو أكثر أو مساويا والشك في التماثل كتحقق التفاضل. قوله: (إن كانا مكيلين) أي إن دخلا على
كيلهما أو على كيل أحدهما ثم لا يخفى أن قوله وإلى بيع الطعام قبل قبضه إن كانا مكيلين أو
أحدهما إنما يتأتى في بيع إحدى صبرتين على اللزوم يختار واحدة منهما، ولا يتأتى في بيع نخلة
مثمرة من نخلات مثمرات فالأولى للشارح أن يقتصر على قوله فيؤدي للتفاضل بين الطعامين
ويحذف ما بعده تأمل. قوله: (موجودة) أي ظاهرا فلا ينافي جوابيه الآتيين بقوله أما لان
المستثنى مبقي الخ ثم إن العبارة لا تخلو عن حذف والأصل ولما كانت العلة المذكورة موجودة
في من باع الخ مع أنه جائز أشار لجوازه بقوله الخ. قوله: (يستثنى خمسا الخ) أي بأن يقول أبيعك هذا
البستان المثمر بمائة إلا خمس نخلات اختارها منه وأعينها على حدة فالمستثنى هنا الثمرة مع
الأصول لان الكلام هنا في الطعام مع غيره وحينئذ ينتفي التكرار مع قوله سابقا وصبرة وثمرة واستثناء
قدر ثلث لأن المبيع هناك الثمرة فقط. قوله: (إما لان المستثنى مبقى) أي لا مشترى وقوله أو لان الخ
أي أو أنه مشترى لكن لما كان البائع يعلم جيد حائطه الخ. قوله: (ثمر المستثنى) أي ثمر النخل لمستثنى.
قوله: (قدر ثلث الثمر) أي الذي في البستان. قوله: (أو أقل) أي سواء زاد عدد المستثنى منه على خمس
نخلات أو نقص أو كان قدرها. قوله: (ولا ينظر لعدد النخل) أي المستثنى فلا يقال أنه لا بد من كونه
خمس نخلات كما هو ظاهر المصنف ولا يقال أن عدد النخل المستثنى أو قيمته لا بد أن يكون ثلث عدد
نخل البستان أو ثلث قيمة نخله. قوله: (وكبيع حامل) أي فهو فاسد للنهي عنه فإن فات المبيع بشرط
الحمل مضى بالثمن لان البيع المذكور مختلف في صحته لان الشافعية يقولون بشحته كذا في حاشية
شيخنا العدوي بحثا وظاهره أنه يمضي بالثمن عند الفوات ظهر أنها حامل أو ظهر عدم الحمل
والصواب قصره على ما إذا تبين أنها حامل فإن تبين عدم الحمل فإنه يمضي بالقيمة
لا بالثمن كذا في المج وهو وجيه لان الحامل يزاد في ثمنها فأخذ ما زيد من الثمن
من أكل أموال الناس بالباطل تأمل. قوله: (إن قصد) أي البائع باشتراطه الحمل استزادة
الثمن بأن كان مثلها لو كانت غير حامل تباع بأقل مما بيعت به وهذا يتأتى في الدواب والأمة الوخش

59
لا في العلية لان الحمل لا يوجب زيادة ثمنها بل نقصه. قوله: (فإن قصد التبرئ) كأن يقول البائع
للمشتري أخاف أن أبيعها لك فتردها علي بالحمل فأنا لا أبيعها لك إلا على أنها حامل لأجل أن لا تقدر على
ردها لو ظهر بها حمل فقوله فإن قصد التبرئ أي من عيب الحمل واشتراط الحمل للتبرئ لا يتأتى في
الدواب وإنما يتأتى في الإماء لان البراءة من العيوب إنما تجوز في الرقيق لا في الدواب. قوله: (جاز في
الحمل الظاهر) أي سواء كانت الأمة المبيعة من علي الرقيق أو وخش. قوله: (دون الرائعة) وذلك للغرر
في الخفي، لان المشتري يجوز وجوده وعدمه بخلاف الظاهر فإنه قادم عليه محقق لوجوده وأما الوخش
فالحمل يزيد في ثمنها. والحاصل أنها إذا كانت وخشا وكان الحمل خفيا يجوز اشتراط الحمل لأجل البراءة
لان المشتري على فرض إذا لم يصدق البائع لا يضره وجود الحمل لأنه يزيد في ثمنها بخلاف العلية فإنه إذا كان
خفيا ربما جوز المشتري أنها غير حامل ولم يصدق البائع فتظهر أنها حامل فيعود عليه الضرر. قوله: (فإن
لم يصرح بما قصد الخ) الحاصل أنه إما أن يصرح بما قصد من اشتراط الحمل بأن يقول أردت باشتراط ذلك
الشرط البراءة أو الاستزادة في الثمن وإما أن لا يصرح بما قصد فإن صرح بما قصد فحكمه ظاهر مما تقدم
وإن لم يصرح فقد أشار له الشارح هنا بقوله فإن لم يصرح بما قصده باشتراط الحمل الخ. قوله: (غرر يسير)
أي وهو ما شأن الناس التسامح فيه. قوله: (كأساس الدار) أي كالغرر بالنسبة لأساس الدار المبيعة وإلا
فالأساس ليس غررا وكذا يقال فيما بعد. قوله: (وكجبة محشوة أو لحاف) أي وأما حشو الطراحة فلا بد
من نظره ولا يغتفر الغرر فيه لأنه كثير. قوله: (فلا يغتفر إجماعا) أي بل يفسد البيع. قوله: (بشرط الحمل)
أي فإنه يقصد في البيع عادة وهو غرر إذ يحتمل حصوله وعدم حصوله وعلى تقدير حصوله فهل تسلم أمه
عند الولادة أو تموت. قوله: (بالتنوين) هذا غير متعين لجواز قراءته بالإضافة وتكون الإضافة للبيان.
قوله: (من الزبن وهو الدفع) من قولهم ناقة زبون إذا منعت من حلابها والمنع الدفع ومنه الزبانية لدفعهم الكفار
في النار. قوله: (مجهول بمعلوم) بدل مما قبله أو عطف بيان أو خبر لمبتدأ محذوف. قوله: (ربوي أو غيره)
أي كبيع إردب قمح بغرارة مملوءة لا يدري قدر ما فيها من القمح وكقنطار خوخا بقفص مملوء خوخا
لا يعلم وزن ما فيه. قوله: (أو بيع مجهول بمجهول) أي كبيع غرارة مملوءة قمحا بغرارة مملوءة منه ولا يعلم قدر
ما فيهما أو بيع قفص خوخا بمثله لا يعلم قدر ما فيهما. قوله: (فيهما) أي في المعلوم بالمجهول والمجهول بالمجهول أي أنه
راجع لهما. قوله: (وأما الربوي الخ) هذا محترز قول المصنف في غير ربوي. قوله: (فلا يجوز) أي بيع المعلوم
بالمجهول منه أو بيع المجهولين منه إذا كثر أحدهما كثرة بينة كما لا يجوز إذا كانت الكثرة غير بينة. قوله: (فإن
اختلف الجنس) أي كبيع إردب أرز بصبرة قمح مجهولة القدر أو صبرتين منهما مجهولتي القدر. قوله: (جاز)
أي بشرط المناجزة كما مر. قوله: (ونحاس) هو مثلث النون أي غير مصنوع وقوله بتور هو في اللغة إناء من
نحاس يشرب فيه والمراد هنا مطلق نحاس مصنوع سواء كان تورا أو حلة أو إبريقا فمراد المصنف أنه
يجوز بيع النحاس غير المصنوع بالنحاس المصنوع وهذه إحدى مسائل أربعة الثانية بيع النحاس

60
الغير المصنوع بالفلوس المتعامل بها وهذه هي الآتية للمصنف، والثالثة بيع النحاس المصنوع بالفلوس،
وقد ذكرها الشارح بقوله وكذا يجوز بيع أواني النحاس بالفلوس إلى آخره والرابعة بيع الفلوس
المتعامل بها بمثلها وسنذكرها وإنما جاز بيع النحاس غير المصنوع بالتور ولم يمنع للمزابنة لانتقاله
بالصنعة. قوله: (وسواء كانا جزافين) أي مجهولي الوزن أو أحدهما مجهولا وزنه والآخر معلوما وأما
لو كانا معلومي الوزن لجاز مطلقا من غير قيد كقنطار نحاس بإناء نصف قنطار. قوله: (وكذا مؤجلا وقدم الخ)
حاصل فقه المسألة أنه إذا علم قدر كل من النحاسين جاز من غير شرط وإن جهل قدر كل منهما أو
أحدهما فالجواز إن كان المبيع نقدا وإن كان المبيع مؤجلا ففيه تفصيل فإن كان المقدم النحاس
فلا بد أن يكون الاجل قريبا بحيث لا يمكن أن يعمل فيه ذلك النحاس تورا وإلا منع وإن كان المقدم
التور فأجز مطلقا كان الاجل يمكن أن يكسر التور فيه ويعمل نحاسا أم لا وقال بعضهم لا بد أن
يكون الاجل قريبا بحيث لا يمكن أن يكسر التور فيه ويعاد نحاسا ا ه‍ عدوي. قوله: (حيث لم يمكن
أن يعمل فيه) أي في الاجل لقصره. قوله: (إن علم عدد الفلوس) حاصله أنه إذا علم عدد الفلوس
ووزن النحاس فالجواز كثر أحدهما كثرة تنفى المزابنة أم لا؟ وأما إن علم عدد الفلوس وجهل وزن
النحاس فإن كثر أحدهما كثرة تنفى المزابنة جاز وإلا فإن وجدت شروط الجزاف جاز أيضا، وإن لم
توجد منع كما أنه إذا لم يعلم عدد الفلوس علم وزن النحاس أو لا فإنه يمنع كثر أحدهما كثرة تنفي المزابنة
أم لا. قوله: (منها) أي من أواني النحاس. قوله: (وهما داخلان تحت قوله لا فلوس) أي لان المعنى لا يجوز
بيع نحاس غير مصنوع بفلوس وهذا صادق بكون النحاس مكسرا أو فلوسا بطل التعامل بها وقوله:
بفلوس أي متعامل بها. قوله: (ومحل المنع حيث جهل عددها) أي الفلوس وإنما منع ذلك ولو مع الكثرة
التي تنفي المزابنة لان المنع لكون الفلوس لاتباع جزافا كما سبق لا لمجرد المزابنة وإلا لجاز في حال
الكثرة المذكورة. قوله: (كما إذا علم عددها ووزن النحاس) أي فإنه يجوز سواء كثر أحدهما كثرة تنفي
المزابنة أم لا فعلم أن أقسام هذه المسألة وهي مسألة بيع النحاس بالفلوس ثلاثة أقسام قسم يمتنع فيه
البيع مطلقا وقسم يجوز فيه البيع مطلقا وقسم يمتنع فيه البيع إن لم يكثر أحدهما كثرة تنفي المزابنة
وإلا جاز. تنبيه: سكت المصنف والشارح عن المسألة الرابعة وهي بيع الفلوس السحاتيت المتعامل
بها بالفلوس الديوانية فعلى المعتمد من أن الفلوس غير ربوية فإن تماثلا عددا فأجز وإن جهل عدد كل
فإن زاد أحدهما زيادة تنفي المزابنة فأجز وإلا فلا وأما على أن الفلوس ربوية فلا يجوز البيع إلا إذا
تماثلا وزنا أو عددا. قوله: (من الكلاءة بكسر الكاف وهي الحفظ) استشكل ذلك بأن الدين
مكلوء لا كالئ والكالئ إنما هو صاحبه فهو الذي يحفظ المدين وأجيب بأنه مجاز في إسناد معنى
الفعل للملابسة فحق الكلاءة وهي الحفظ أن تسند للشخص بأن يقال وكدين كالئ صاحبه فأسندت
للدين للملابسة التي بين الدين وصاحبه أو أن كالئ بمعنى مكلوء فهو مجاز مرسل من إطلاق اسم
الفاعل وإرادة اسم المفعول لعلاقة اللزوم لأنه يلزم من الحافظ المحفوظ وعكسه. قوله: (وهو) أي
بيع الدين بالدين ثلاثة أقسام فيه أن من جملتها بيع الدين بالدين فيلزم تقسيم الشئ إلى نفسه وإلى
غيره وهو باطل وأجيب بأن بيع الدين بالدين يشمل الأقسام الثلاثة لغة التي هي فسخ ما في الذمة
في مؤخر وبيع الدين بالدين وتأخر رأس مال السلم فكل واحد منها يقال له بيع الدين بالدين لغة إلا أن
الفقهاء سموا كل واحد منها باسم يخصه. قوله: (لكونه ربا الجاهلية) أي فتحريمه بالكتاب بخلاف
الأخيرين فتحريمهما بالسنة. قوله: (فسخ ما في الذمة) هو بالجر بدل أو عطف بيان أو بالنصب مفعول
لمحذوف أو بالرفع خبر لمحذوف. قوله: (في مؤخر) أي في شئ يتأخر قبضه. قوله: (حل الدين) أي المفسوخ.

61
قوله: (إن كان المؤخر) أي الذي فسخ فيه. قوله: (من غير جنسه) أي من غير جنس الدين كما لو كان
الدين عينا ففسخه في طعام يتأخر قبضه أو بالعكس أو كان الدين دراهم ففسخها في دنانير يتأخر قبضها.
قوله: (أو من جنسه بأكثر منه) أي من الدين كما لو كان الدين عشرة دنانير ففسخها في خمسة عشر
يتأخر قبضها وأما تأخير الدين أجلا ثانيا من غير زيادة أو مع حطيطة بعضه فهو جائز ولو كان الدين
طعاما من بيع أو كان نقدا من بيع أو من قرض خلافا لعبق، إذ ليس هذا من فسخ الدين في الدين
بل هو سلف أو مع حطيطة ولا يدخل في قول المصنف فسخ ما في الذمة، لان تأخير ما في الذمة أو بعضه
ليس فسخا لان حقيقة الفسخ الانتقال عما في الذمة إلى غيره كما قاله عج. ثم إن قول المصنف فسخ
ما في الذمة أي ولو اتهاما فدخل فيه حينئذ ما إذا أخذ منه في الدين شيئا ثم رده إليه بشئ مؤخر من
غير جنس الدين أو من جنسه وهو أكثر منه لان ما خرج من اليد وعاد إليها يعد لغوا ودخل أيضا
ما لو قضاك دينك ثم رددته له سلما، وهاتان الصورتان يقعان بمصر كثيرا للتحيل على التأخير
بزيادة. قوله: (ولو كان المفسوخ الخ) أي هذا إذا كان المفسوخ فيه مضمونا في الذمة بل
ولو كان المفسوخ فيه معينا. قوله: (يتأخر قبضه) أي يتأخر ضمانه وإن حصل قبض ذلك المعين بالفعل
كما في الأمة التي شأنها أن تتواضع أو المراد يتأخر قبضه حسا أو شرعا فالأول كالغائب والثاني كالأمة
المتواضعة إذ لا يقبضها شرعا بحيث تدخل في ضمانه إلا برؤية الدم. قوله: (كغائب) أي سواء كان أخذه
لذلك الغائب في الدين على وصف أو رؤية سابقة. قوله: (أو غيره) أي كعرض لأنه لا يدخل في ضمانه
إلا بالقبض مع بقاء الصفة المعينة حين الفسخ. قوله: (بيع العقار مذارعة) كما لو طلبت الدين من المدين
عند حلول الأجل فأعطاك دارا غائبة كل ذراع بكذا وقوله أو جزافا أي كما لو طلبت الدين من المدين
بعد حلوله فأعطاك دارا غائبة في الدين جزافا. فإن قلت: العقار المبيع جزافا يدخل في ضمان المشتري بالعقد
فليس فيه بيع معين يتأخر قبضه. قلت: هو وإن كان مقبوضا شرعا لكن قبضه متأخر حسا ومتى تأخر
القبض شرعا أو حسا فالمنع ولا يحصل الخلاص منه إلا بالقبضين كما يفيده ابن يونس واللخمي وما ذكره
من المنع في الجزاف كالمذارعة هو تأويل ابن يونس واللخمي وابن محرز وهو المعتمد كما في شب خلافا
لما في خش من الجواز في الجزاف تبعا للشيخ سالم والشارح بهرام وهو تأويل فضل وابن أبي زمنين
وعليه اقتصر المصنف في التوضيح تبعا لابن عبد السلام. قوله: (أو أقر بوطئها) أي سواء كانت رائعة
أو وخشا. قوله: (أو منافع عين) عطف على قوله معينا يتأخر قبضه فهو داخل في حيز المبالغة أي هذا
إذا كان المفسوخ فيه منافع مضمونة بل ولو كان منافع عين أي ذات معينة ورد بلو على أشهب
القائل أن فسخ ما في الذمة في منافع الذات المعينة غير ممنوع بل هو جائز ومثل الفسخ في منافع
الذات المعينة في عدم الجواز الفسخ في ثمار يتأخر جذها أو سلعة فيها خيار أو رقيق فيه عهدة ثلاث
أو ما فيه حق توفية بكيل أو وزن أو عدد. قوله: (كركوب دابة) أي كأن يفسخ ما عليه من الدين في
ركوب دابة معينة جمعة أو خدمة عبد معين شهرا أو سكنى دار معينة سنة. قوله: (لتأخر أجزائها) أي
فقبض الأوائل ليس قبضا للأواخر عند ابن القاسم وعند أشهب إن قبض الأوائل قبض للأواخر.
قوله: (وصحح) قد كان عج يعمل به فكانت له حانوت ساكن فيها مجلد يجلد الكتب فكان إذا
ترتب له أجرة في ذمته يستأجره بها على تسفير كتب وكأن يقول هذا قول أشهب وصححه المتأخرون
وأفتى به ابن رشد. قوله: (لغير من هو عليه) أي وأما بيعه لمن هو عليه فلا يكون من بيع الدين بالدين
وإنما هو من فسخ الدين في الدين. قوله: (والثاني في ثلاثة) أي ولا يتصور بيع الدين بالدين في أقل

62
من ثلاثة كما أن فسخ الدين في الدين لا يتصور إلا في اثنين. قوله: (ولا يمتنع في هذا القسم بيعه) أي
لغير من هو عليه وقوله بمعين يتأخر قبضه أي سواء كان عقارا أو غيره أي فإذا كان لزيد دين على
عمرو فيجوز له بيعه لخالد بمعين يتأخر قبضه أو بمنافع ذات معينة، وإذا علمت أن الدين يجوز بيعه بما
ذكر ولا يجوز فسخه تعلم أن هذا القسم أوسع مما قبله. إن قلت: سيأتي أن الدين لا يجوز بيعه إلا إذا
كان على حاضر أو كان الشراء بالنقد والمعين الذي يتأخر قبضه ومنافع الذات المعينة ليست نقدا.
قلت: المراد بالنقد ما ليس مضمونا في الذمة ولا شك أن المعين ومنافعه ليست مضمونة في الذمة لأنها
لا تقبل المعينات فهي نقد بهذا المعنى وليس المراد بالنقد المقبوض بالفعل فقط. قوله: (وهو عين)
أي وأما لو كان رأس المال غير عين جاز تأخيره أكثر من ثلاثة أيام إن لم يكن بشرط كما يأتي.
قوله: (على منع الدين بالدين) أي على منع بيع الدين بالدين وقوله ذكر بيعه أي ذكر حكم بيعه ففي
كلامه حذف مضافين واحد في الأول وواحد في الآخر. قوله: (أي عليه) ظاهره ولو علم المشتري
تركته وهو كذلك لان المشتري لا يدري بما يحصل له منها بتقدير دين آخر. قوله: (أو علم ملاؤه) أي
بخلاف الحوالة عليه فإنها جائزة. قوله: (إلا أن يقر الخ) حاصله أنه لا يجوز بيع الدين إلا إذا كان الثمن
نقدا وكان المدين حاضرا في البلد وإن لم يحضر مجلس البيع وأقر بالدين وكانت تأخذه الاحكام
وبيع بغير جنسه أو بجنسه وكان مساويا لا أنقص وإلا كان سلفا بزيادة ولا أزيد وإلا كان فيه حط
الضمان وأزيدك وليس عينا بعين، وليس بين المشتري والمدين عداوة وأن يكون الدين مما يجوز
أن يباع قبل قبضه احترازا من طعام المعاوضة، فإن وجدت تلك الشروط جاز بيعه وإن تخلف شرط
منها منع البيع وإنما اشترط حضوره ليعلم حاله من فقر أو غنى إذ لا بد من علم ذلك لاختلاف مقدار
عوض الدين باختلاف حال المدين من فقر أو عنى، والمبيع لا يصح أن يكون مجهولا واعلم أن من
اشترى دينا أو وهب له وكان برهن أو حميل لم يدخل فيه الرهن أو الحميل إلا بشرط دخولهما وحضور
الحميل وإقراره بالحمالة وإن كره التحمل لمن ملكه ولرب الرهن إذا شرط دخوله وكره ذلك الثاني
وهو المشتري للدين أو الموهوب له وضعه عند أمين وهذا بخلاف من ورث دينا برهن أو حميل فإنه
يكون له بهما وإن لم يشترط ذلك وللراهن وضعه عند أمين إذا كره وضعه عند الوارث. قوله: (اسم
مفرد) أي لا جمع ولا اسم جمع. قوله: (وفتحه) إلا أنه إذا ضم أوله سكن ثانيه وإذا فتح أوله فتح ثانيه كذا
رأيته في بعض التقاييد. قوله: (وهو أن يشتري أو يكتري الخ) أشار بذلك إلى أن منع العربان
يجري في البيع والإجارة لا في البيع فقط كما هو ظاهر المصنف والظاهر منعه في جميع العقود لأنه
من أكل أموال الناس بالباطل وأولى منه في المنع للعلة المذكورة المراهنة التي تقع من عوام الناس.
قوله: (أو تركه مجانا) كقول البائع للمشتري لا أبيعك السلعة إلا إذا أعطيتني دينارا آخذه مطلقا
سواء أخذت السلعة أو كرهت أخذها. قوله: (جاز) أي ويختم عليه إن كان لا يعرف بعينه قاله
المواق لئلا يتردد بين السلفية والثمنية. قوله: (وكتفريق أم) أي فهو منهي عنه لقوله عليه الصلاة
والسلام من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة. قوله: (أي والدة) أي وأما
الأم من الرضاع فلا تحرم التفرقة بينها وبينه. قوله: (غير حربية) أي وأما لو كانت حربية بأن ظفر بالأم
دون ولدها أو بالعكس جاز أن يأخذ أحدهما من ظفر به ويبيعه وإن لزم عليه التفريق.
قوله: (أو مجنونة) عطف على كافرة أي هذا إذا كانت عاقلة بل ولو كانت مجنونة.

63
قوله: (وإن بقسمة) أي هذا إذا حصل التفريق ببيع بل وإن حصل بقسمة أو بدفع أحدهما أجرة أو صداقا
خلافا لما في خش وإنما تجوز التفرقة في الإجارة والنكاح بإجارة أحدهما أو إنكاحه لا بدفع أحدهما
أجرة أو صداقا كما في بن. قوله: (وإن اشترطوا عدم التفرقة) أي في الجواز بأن اشترطوا جمعهما عند
واحد من الشركاء بعد القسم. قوله: (أو بيع أحدهما الخ) هذا داخل في حيز المبالغة وبالغ عليه لئلا
يتوهم جوازه لان العبد وما ملك لسيده وحاصله أنه لا يجوز لمن ملك أما وولدها أن يبيع الأم لرجل
وولدها لعبد ذلك لرجل. قوله: (ما لم يثغر) أي مدة عدم إثغاره أي مدة عدم إتيان زمن إثغاره المعتاد
فإن جاء زمن الاثغار المعتاد فلا تمنع التفرقة سواء حصل إثغار بالفعل أم لا لان شدة احتياج الولد
لامه وظهور آثار المحبة تنتهي لزمن الاثغار والظاهر أن المراد بزمن الاثغار زمن نبات بدل الرواضع
كلها لا بعضها ولو المعظم. قوله: (بدل رواضعه) أي بدل أسنانه التي نبتت في زمن الرضاع.
قوله: (وصدقت المسبية الخ) اعلم أن البنوة المانعة من التفريق تثبت بالبينة وبإقرار مالكيهما ودعوى
الأم مع قرينة صدقها لا مع قرينة كذبها وتصديق الأم إنما ينفع في منع التفريق لا في غيره من
أحكام البنوة فلا يختلي بها ولا توارث بينهما بخلاف شهادة البينة بالبنوة وإقرار المالكين بها فإن
ذلك ينفع في منع التفرقة ويثبت به الميراث وجواز الخلوة بها. قوله: (فلا يفرق بينهما) أي في الملك
وقوله اتحد سابيهما أو اختلف أي صدقها السابي أو كذبها وقوله وصدقت أي بيمين إن اتهمت وإلا
صدقت بدونه. قوله: (فكذلك) أي لا يرثها قطعا إن كان لها الخ أي فإن لم يكن لها وارث أصلا أو
وارث لا يجوز جميع المال فإنه يرثها على أحد القولين وقيل لا يرثها والأول هو المعتمد ومبني القولين
هل بيت المال وارث أو حائز فعلى الأول لا يرث وعلى الثاني يرث وخص اللخمي الخلاف بما إذا لم
يطل إقرارها بأمومته وإلا ورثها قولا واحدا والطول بمضي ثلاث سنين فأكثر. قوله: (ويجري هنا
وخصه المختار الخ) أي وخص اللخمي الخلاف بما إذا لم يطل الاقرار وأما إذا طال الاقرار ورثها
اتفاقا وكان الأولى حذف هذا من هنا لأنه متى كان لها وارث ثابت النسب حائز فلا يرثها اتفاقا ولو
طال زمن الاقرار فكان الأولى أن يؤخر هذا بعد قوله فإن لم يكن لها وارث على الوجه المذكور
ورثها فيقول وقيل لا يرثها ويجري هنا وخصه المختار بما إذا لم يطل الاقرار. قوله: (فإن رضيت
طائعة غير مخدوعة جاز على المشهور) أي بناء على المشهور من أن منع التفريق حق للأم وقيل أنه
حق للولد وعليه فيمنع ولو رضيت. قوله: (وقيل به في البهائم) وهو رواية عيسى عن ابن
القاسم والأول هو ظاهر المذهب كما قال ابن ناجي. قوله: (فلو فرق بينهما بالبيع لم يفسخ) أي
ويجبران على جمعهما في حوز. قوله: (إذا كان عقد معاوضة) دخل فيه هبة الثواب ودفع أحدهما
صداقا والمخالعة به ودفع أحدهما عوضا في إجارة أو بيع فترد الهبة والخلع ويلزمها قيمته ويقع
الطلاق ويفسخ النكاح والبيع. قوله: (أو عكسه) أي بأن أبى مشتري الولد أن يشتري الأم.
قوله: (فإن جمعاهما) أي بعد التفرقة بأن اشترى أحدهما من صاحبه أو باعا معا لغيرهما.
قوله: (صح البيع) الأولى مضي العقد أي الذي حصلت به التفرقة قبل جمعهما سواء كان بيعا أو غيره.
قوله: (وأما إجارة أحدهما أو رهنه) أي وكذا تزويج الأم وقوله فلا يوجب الفسخ أي لعدم
التفرقة في الملك وهذا ما قاله اللقاني واختاره خش وعبق وقال عج أنه يفسخ ذلك واختاره شب.

64
قوله: (أو هبتهما لشخصين) أي بأن وهبهما مالكهما لشخصين وكذا لو ورثهما شخصان.
قوله: (كذلك) أي كالتفرقة الحاصلة بعوض فلا بد من جمعهما في ملك ويجبران على ذلك إن أبيا.
قوله: (راجع لما قبل الكاف) أي وأما ما بعد الكاف فهو تشبيه بالتأويل الثاني ولم يعلم من كلام
المصنف حكم ما يجب إذا وجد الولد في ملك شخص والأم في ملك شخص آخر ولم يعلم هل صار إليهما
بمعاوضة أو بغيرها؟ والحكم في هذا وجوب جمعهما بملك، ولا يكفي جمعهما في حوز كما في عبق.
قوله: (وجاز بيع نصفهما) أي لاتحاد المالك وسواء كان مشتري ذلك الجزء الذي اشتراه للعتق أم لا.
قوله: (مثلا) أو ثلثهما أو نصف أحدهما وربع الآخر مثلا وبقي بيع أحدهما من جزء الآخر
فنص في المدونة على منعه خلافا لأبي الحسن القائل بجوازه كذا قال شيخنا. قوله: (وجاز بيع أحدهما
للعتق) أي وإبقاء الآخر قنا ويجب حينئذ جمعهما في حوز ولا يجوز تفرقتهما. قوله: (الناجز)
أي وأما بيع أحدهما للعتق المؤجل فلا يجوز وكذلك الكتابة والتدبير بالأولى وينبغي أن يكون
التحبيس كالعتق كما في شب ا ه‍ شيخنا. قوله: (وجاز بيع الولد الخ) أشار الشارح إلى أن الولد
يقرأ بالجر عطف على نصفهما لا بالرفع على أنه نائب فاعل فعل محذوف أي وبيع الولد لان هذا ليس
من المواضع التي يحذف فيها الفعل. قوله: (الاذن) أي الصادق بالوجوب واعلم أنه إذا بيع الولد
مع كتابة أمه فيجب أن لا يفرق بينهما إذا عتقت الأم إلى وقت الاثغار ويجبر المشتري على جمع أمه
معه في حوزه إن أبى. قوله: (وجاز لمعاهد التفرقة بينهما) أي ببيع أو غيره فإذا باع أحدهما فلا
يفسخ بيعه ولا نتعرض له خلافا لابن محرز القائل بفسخ البيع إن لم يجمعاهما في ملك وأفهم قوله
معاهد أن الذمي ليس له التفرقة ولا يمكن منها وهو كذلك وسواء كانت ممنوعة في شريعتهم أم لا.
قوله: (ويجبر البائع) أي وهو المعاهد وقوله على الجمع في ملك مسلم أي غيرهما أو ملك المشتري وحاصله
أن المعاهد إذا وقع ونزل وباع مفرقا لهما فإنه لا يفسخ بيعه لكن يجبر المشتري والمعاهد على جمعهما في
ملك مسلم. قوله: (وكبيع وشرط) أعلم أن الشرط الذي يحصل عند البيع إما أن لا يقتضيه العقد
وينافي المقصود منه أو يخل بالثمن أو يقتضيه العقد أو لا يقتضيه ولا ينافيه فالمضر الأولان دون
الأخيرين. وقد ذكر المصنف مثال الأولين، وأما الثالث كشرط تسليم المبيع للمشتري والقيام
بالعيب ورد العوض عند انتقاض البيع، فهذه الأمور لازمة دون شرط لاقتضاء العقد لها
فشرطها تأكيد والرابع كشرط الاجل والخيار والرهن فهذه أمور لا تنافي العقد ولا يقتضيها
بل إن اشترطت عمل بها وإلا فلا هذا تفصيل الامام مالك. وذهب أبو حنيفة إلى تحريم البيع مع
الشرط مطلقا لما ورد من أن رسول الله (ص): نهى عن بيع وشرط وذهب ابن شبرمة
إلى الجواز مطلقا عملا بما في الصحيح من أن جابرا باع ناقة رسول الله (ص) واشترط
حلابها وظهرها للمدينة وذهب ابن أبي ليلى إلى بطلان الشرط مع صحة البيع مطلقا لحديث عائشة
رضي الله تعالى عنها: أمرني رسول الله (ص) أن أشتري بريرة وأعتقها وإن اشترط
أهلها الولاء فإن الولاء لمن أعتق فجاز البيع وبطل الشرط وعرف مالك الأحاديث كلها
فاستعملها في مواضعها وتأولها على وجوهها ولم يمعن غيره النظر ولا أحسن تأويل الآثار قاله ابن رشد.

65
قوله: (أن لا يبيع) أي لاحد أي أصلا أو إلا من نفر قليل. قوله: (على شرط إن بعتها لغيري فأنا أحق
بها بالثمن فيجوز) أي ويعمل بذلك الشرط إن باعها بالقرب وإلا فلا. قوله: (إلا شرطا الخ) أشار الشارح
بهذا إلى أن الاستثناء من محذوف أي وكبيع وشرط ملتبس بكل كيفية إلا شرطا ملتبسا الخ تأمل. قوله: (فإنه
لا يجوز) أي فإن اشتراط ذلك لا يجوز ويفسد البيع. قوله: (وجوها أربعة) أي أقساما أربعة البيع
فيها صحيح وإنما يفترق الجواب في صفة وقوع العتق من افتقاره لصفة وعدم افتقاره لها وفي
الجبر على العتق وعدمه وفي شرط النقد. قوله: (بشرط أن تعتقه) أي فإذا قال له أبيعك هذا العبد بشرط
أن تعتقه كان البيع صحيحا ولا يجبر المشتري على عتقه بل إن شاء أعتقه وإن شاء ترك عتقه وإذا ترك
عتقه خير البائع في إمضاء البيع ورده. قوله: (ولم يقيد ذلك بإيجاب) أي بأن يقول له أبيعك هذا العبد بشرط
أن تعتقه والعتق لازم لك. قوله: (ولا خيار) أي بأن يقول للمشتري أبيعك هذا العبد بشرط أن تعتقه
أو ترده علي. قوله: (لتردده بين السلفية والثمنية) وذلك لتخيير المشتري في العتق فيتم البيع ويمضي
وفي عدمه فيخير البائع في رد البيع وفي إمضائه فإن حصل الرد قبل الفوات رد الثمن للمشتري وإن
رد بعد الفوات فعلى المشتري القيمة. قوله: (على أن المشتري مخير بين أن يعتق أو يرد البيع) أي بأن قال
له البائع أبيعك هذا العبد بشرط أن تعتقه أو ترده علي. قوله: (فلا يجبر على العتق) أي بل إما أن يعتق
أو يرد العبد لبائعه فإن رده له خير البائع بين إمضاء البيع ورده. قوله: (وشرط النقد يفسده أيضا)
أي لتردد المنقود بين السلفية والثمنية. قوله: (فليس مراده التخيير الخ) أي تخيير المشتري بين العتق
وعدمه بل مراده تخييره بين العتق ورد البيع. قوله: (على إيجاب العتق) أي إلزامه. قوله: (فإنه يجبر
على العتق) أي فالبيع صحيح ويجبر على العتق أي وشرط النقد فيه لا يفسده والعتق هنا يتوقف
على صيغة بخلاف ما بعده. قوله: (كأنها) أي الرقبة حرة بالشراء وحاصله أنه إذا قال له أبيعك هذا
العبد بعشرة على أنه حر بمجرد الشراء كان البيع صحيحا ولا يفسده اشتراط النقد ولا يتوقف
العتق على صيغة لحصوله بمجرد الشراء. قوله: (إن كان شرط السلف من المشتري) أي صادرا من المشتري
لأنه إذا كان الشرط منه يشتري السلعة بثمن غال لأنه المتسلف أما لو كان الشرط صادرا من
البائع فإنه يبيعها بنقص لأنه حينئذ متسلف. قوله: (كبيع وسلف) مثال للشرط الذي يخل بالثمن
وقوله لان الانتفاع بالسلف من جملة الثمن أي إن كان شرط السلف صادرا من البائع وقوله أو
المثمن أي إن كان شرط السلف صادرا من المشتري وقوله وهو مجهول أي والانتفاع بالسلف
مجهول. قوله: (لان الانتفاع الخ) علة لمحذوف أي وإنما لم يجز لان الخ ولا يخفى أن مفاد
هذا مغاير لمفاد قوله بأن يؤدي الخ لان حاصل الأول الجهل بالثمن وحاصل الثاني الجهل إما بالثمن

66
أو بالمثمن. قوله: (أو لما فيه من سلف جر نفعا) أي للمقرض لان المقترض إن كان هو المشتري صار المقرض له
وهو البائع منتفعا بزيادة الثمن وإن كان المقترض هو البائع صار المقرض له وهو المشتري منتفعا بنقص
الثمن تأمل. قوله: (وصح البيع إن حذف شرط السلف) أي وليس فيه إلا الثمن الذي وقع البيع به وهذا
مع قيام المبيع فإن فات فسيأتي في قول المصنف فإن فات الخ. قوله: (المؤثر في العقد خللا) أي سواء كان
يناقض المقصود أو يخل بالثمن. قوله: (كشرط رهن وحميل وأجل) أي أن البيع يصح مع اشتراط هذه
الأمور مثل أن يبيعه السلعة بثمن مؤجل على شرط رهن أو حميل أو لأجل معلوم للثمن من غير رهن ولا
حميل وهذه الأمور المشترطة يقضي بها مع الشرط ولا يقضي بها دون شرط. قوله: (ولو غاب الخ) أي هذا
إذا لم يغب المتسلف على العين التي تسلفها بل ولو غاب عليها بحيث يمكنه الانتفاع بها وحاصله أنه إذا رد
السلف لربه والسلعة قائمة صح العقد ولو بعد غيبة المتسلف على السلف غيبة يمكنه الانتفاع به، وقوله
ولو غاب هذا هو المشهور من المذهب وهو قول ابن القاسم وتأول الأكثر المدونة عليه ومقابله المشار
له بلو قول سحنون وابن حبيب أن البيع ينقض مع الغيبة على السلف ولو أسقط شرط السلف لوجود
موجب الربا بينهما وهو الانتفاع، وعلى هذا القول تأول المدونة الأقلون وإليه أشار المصنف بقوله
وتؤولت بخلافه ولولا قول المصنف وتؤولت بخلافه لأمكن رجوع المبالغة من قوله ولو غاب إلى الرهن
والحميل أي أنه يصح اشتراط الرهن والحميل الغائبين أما شرط الرهن الغائب ففيها أنه جائز قربت غيبته
أو بعدت وتوقف السلعة حتى يقبض الرهن الغائب. وأما شرط الحميل الغائب ففيها أنه جائز إن قربت غيبته
لا إن بعدت والفرق بين الرهن والحميل أن الحميل قد يرضى بالحمالة وقد لا يرضى فلذلك اشترط فيه القرب.
قوله: (والمعتمد الأول) أي كما في التوضيح والذي حكى طفي تشهيره القول الثاني ففي المج نقلا عنه
المشهور أن حذف شرط السلف بعد الغيبة عليه لا ينفع. قوله: (وفيه إن فات الخ) حاصله أنه إذا
وقع البيع بشرط السلف وفاتت السلعة عند المشتري سواء أسقط مشترط الشرط شرطه أولا فإن كان
المشتري أسلف البائع، فإن المشتري يلزمه الأكثر من الثمن والقيمة، فإذا اشتراها بعشرين والقيمة
ثلاثون أو بالعكس لزمه ثلاثون وإن كان المسلف هو البائع فعلى المشتري البائع الأقل من الثمن
والقيمة فيلزمه في المثال المذكور عشرون، وهذا التفصيل الذي ذكره المصنف مذهب المدونة
ومقابله لزوم القيمة مطلقا سواء كان المسلف البائع أو المشتري وقيل أن محل كون المشتري يغرم
الأقل إذا تسلف من البائع إذا لم يغب على ما تسلفه وانتفع به وإلا لزمه القيمة بالغة ما بالغت فهو قول
ثالث في المسألة كما قال طفي لا تقييد للأول خلافا لخش. قوله: (والقيمة الخ) هذا إذا كان مقوما
فإن كان مثليا فإنما فيه المثل لأنه كعينه فلا كلام لواحد فهو بمثابة ما لو كان قائما ورد بعينه. قوله: (ولم
يتعرض لحكم ما وقع) أي لحكم ما إذا فات ما وقع فيه الشرط المناقض سواء أسقط ذلك الشرط
أم لا. قوله: (أو الثمن) المناسب أن يعبر بالواو لا بأو. قوله: (لان هذا من جملة البياعات المنهي عنها) أي

67
لما في الموطأ عن ابن عمر أن رسول الله (ص) نهى عن بيع النجش وقوله لان هذا الخ
تعليل لتقدير بيعه أي وإنما قدرنا ذلك لان هذا الخ ثم إن هذا التقدير مع الالتفات لقوله بعد يزيد ليغر
يؤذن بأن النجش مراد به الناجش وأن المراد بالبيع المقدر الزيادة ولو حمل النجش على حقيقته
أعني الزيادة ورجع ضمير يزيد للفاعل المستفاد من الحديث كان في غنية عن تقدير بيع.
قوله: (أيضا) أي كالناجش. قوله: (حيث علم بالناجش) أي وأقره على فعله. قوله: (على ثمنها) أي الذي شأنه
أن تباع به تلك السلعة وهو القيمة وعلى هذا فإذا بلغها بزيادته قيمتها فلا حرمة عليه بل قال ابن العربي
هو مندوب. قوله: (فلم يقيده بالزيادة على الثمن) أي الذي شأنه أن تباع به. قوله: (
فظاهره العموم) أي فظاهره سواء زاد على الثمن الذي شأنه أن تباع به أو زاد على أقل منه بلغها القيمة بزيادته أم لا.
قوله: (وعليه) أي على العموم حمله ابن عرفة وهو المعول عليه. قوله: (الذي وقع في المناداة) أي سواء كان
ذلك الثمن قيمتها وزود الناجش عليها أو أقل من قيمتها وبلغها الناجش قيمتها بزيادته أم لا والحاصل
أنه إذا زاد على قيمتها فالمنع اتفاقا وإذا لم يزد على القيمة بل ساواها بزيادته أو كانت زيادته أنقص منها
فهو ممنوع على ظاهر كلام المازري، وجائز على ظاهر كلام الامام، ومندوب على كلام ابن العربي
وعلى تأويل كلام الامام وكلام المازري فهو ممنوع كالزيادة على القيمة تأمل. قوله: (والمدار) أي
في الحرمة. قوله: (على أنه لم يقصد الشراء) أي سواء قصد أن يغر غيره أم لا. قوله: (فإن علم البائع
بالناجش) أي وسكت حتى حصل البيع فللمشتري رده الخ وأما إن لم يعلم فلا كلام للمشتري ولا
يفسد البيع والإثم على من فعل ذلك انظر المواق. قوله: (فللمشتري رده وله التماسك) هذا ظاهر في
أن البيع صحيح وحينئذ فالقيمة إذا فات تعتبر يوم العقد لا يوم القبض وفي إيراد هذه المسألة مع أمثلة
الفاسد شئ ومثلها مسألة التلقي الآتية وشارحنا تبع عج في قوله القيمة يوم القبض انظر حاشية شيخنا.
قوله: (فالقيمة يوم القبض إن شاء وإن شاء أدى بمن النجش) كذا قال ابن حبيب قال ابن
يونس قول ابن حبيب إن شاء يريد إن كانت القيمة أقل يدل على ذلك قوله وإن شاء أدى الثمن
إذ لا يشاء أحد أن يؤدي أكثر مما عليه فظهر أن الذي يلزمه الأقل من الثمن الذي اشتراها به والقيمة
ا ه‍ بن والحاصل أن المشتري يخير في حالة قيام المبيع وحالة فواته ففي حالة قيامه يخير إما أن يجيز
البيع أو يرده، فإن فات فإنه يلزمه الأقل من الثمن والقيمة وليس المراد أنه يخير بينهما في حالة الفوات
كما هو ظاهر العبارة. قوله: (ولو بعوض) مبالغة في سؤاله عن الكف وقوله بعوض أي من غير
السلعة. قوله: (ويلزمه العوض اشتراها أم لا) كذا لابن رشد قال ابن غازي في تكميل التقييد في
أول باب المرابحة كان ابن هلال يستشكل ذلك ويقول أنه من أكل أموال الناس بالباطل لا سيما إذا
كان ربها لم يبعها وقال العبدوسي لا إشكال لأنه عوض على تركه وقد ترك ا ه‍ بن. قوله: (فيمن
أراد تزويج امرأة) أي فيجوز سؤال البعض ليكف عن الزيادة فيها ولو بعوض ويلزمه ذلك
العوض أخذها أم لا وكذلك إذا مات انسان عن بلد كان ملتزما بها أو عن رزقة أو وظيفة وانحلت
عنه فيجوز لمن سعى في أخذها من نائب السلطان سؤال البعض ليكف عن الزيادة في حلوانها
ليأخذها ولو بعوض يجعله لهم ويلزمه ذلك العوض أخذها أم لا. قوله: (على وجه الشركة جاز) أي
بحيث يغرم ذلك المسؤول من الثمن ما ينوب البعض الذي جعله له السائل له. قوله: (فإن وقع هذا) أي
سؤال الجميع أو الأكثر أو الواحد الذي في حكم الجماعة. قوله: (أو إقرار) أي من المشتري. قوله: (في قيام)

68
أي في حال قيام السلعة. قوله: (وعدمه) أي عدم ردها أي يخير بين إمضاء البيع وفسخه.
قوله: (فله الأكثر من الثمن والقيمة) أي على حكم الغش والخديعة في البيع. قوله: (فإن
أمضى) أي فإن أمضى البائع البيع في حال قيام السلعة وقوله فلهم أي لمن سألهم الكف أن يشاركوه إن كان فيها
ربح وهذا ظاهر في أن الاشتراك إنما هو في حال قيام السلعة وإجازة البيع وأما إن فاتت ولم يحصل
إمضاء ولزم المشتري الأكثر من الثمن والقيمة فإنه لا اشتراك بينه وبينهم ويختص بها المشتري ا ه‍ خش.
قوله: (وله أن يلزمهم الشركة) أي إن حصل فيها تلف أو خسر وظاهره كان الاشتراء في سوق
السلعة أم لا أرادها للتجارة أو لغيرها كان المشتري من أهل تلك التجارة أم لا، وإنما لم يجعلوا هذه
كمسألة شركة الجبر الآتية في قول المصنف وأجبر عليها إن اشترى شيئا بسوقه لا لكسفر أو قنية
وغيره حاضر لم يتكلم من تجاره لاستواء الجميع هنا في الظلم، لان السائل ظالم بسؤاله الجميع ولو
حكما وهم ظالمون بإجابته بخلاف مسألة الجبر فإنه لا ظلم فيها من أحد هذا وما ذكره الشارح
من أن للمشتري إلزام المسؤولين الشركة إن أبوا قد رده بن بأن هذا كلام لا صحة له لان الضرر
في سؤالهم إنما كان على البائع وهو قد رضي حيث أمضى البيع وأما المشتري فقد سلموا له لما سألهم
وأسقطوا حقهم ورضي هو بالشراء وحده وحينئذ فلا يجبر واحد منهم على الشركة بحال.
قوله: (سلعا) أي كسمن وعسل وفحم وحنظل وبابونج وشيح وسنامكي. قوله: (ولو لتجارة) أي هذا إذا
حصلها بغير ثمن بل ولو حصلها بثمن بأن كانت للتجارة وهذا هو المعتمد خلافا لمن خص المنع بالسلع
التي حصلوها بلا ثمن اه‍ شيخنا عدوي. قوله: (للنهي عن ذلك) أي وهو قوله عليه الصلاة
والسلام: دعوا الناس في غفلاتهم يرزق الله بعضهم من بعض رواه مسلم وقوله عليه الصلاة
والسلام أيضا: لا يبيع حاضر لباد رواه مسلم. قوله: (بخلاف ما لو باع) أي الحاضر لبدوي مثله أي
فإنه يجوز لان البدوي لا يجهل أسعار هذه السلع فلا يأخذها إلا بأسعارها سواء اشتراها من
حضري أو من بدوي فبيع الحضري له بمنزلة بيع بدوي لبدوي. قوله: (أو كان العمودي يعرف
ثمنها) وذلك لان النهي لأجل أن يبيعوا للناس برخص وهذه العلة إنما توجد إذا كانوا جاهلين
بالأسعار فإذا علموا بالأسعار فلا يبيعون إلا بقيمتها كما يبيع الحاضر فبيع الحاضر حينئذ بمنزلة
بيعهم وما في خش من المنع مطلقا سواء كان العمودي عالما بالأسعار أو جاهلا لها فهو ضعيف كذا
قال شيخنا العدوي. وفي بن ما يقتضي اعتماد ما في خش فإنه أيده بالنقل عن الباجي وغيره
انظره. قوله: (فيجوز تولي بيعها له) أي فيجوز للحاضر أن يتولى بيعها له فله متعلق بيجوز.
قوله: (ولو بإرساله) هذا من إضافة المصدر لفاعله والمفعول محذوف أي ولو بإرسال العمودي السلعة
للحاضر وحذف المفعول لعدم تعلق الغرض به ورد بلو على الأبهري القائل بجواز البيع
في هذه الحالة لأنها أمانة اضطر إليها. قوله: (أي لساكن قرية صغيرة) هذا يفيد أن المدني يجوز أن
يبيع له الحاضر اتفاقا وبه قيل وقيل أن المراد بالقروي ما ليس بعمودي فيشمل المدني وحينئذ
فيجري الخلاف في البيع له. قوله: (أظهرهما الجواز) بل جعله بعضهم هو المذهب كما قال شيخنا في حاشيته.
قوله: (وفسخ) أي بيع الحاضر لمن يمنع البيع له وهو البدوي والقروي على أحد القولين.
قوله: (وإلا مضى بالثمن) هذا هو المعتمد وقيل بالقيمة. قوله: (إن لم يعذر بجهل) أي بأن علم بالحرمة
ولا أدب على الجاهل لعذره بالجهل وقوله وهل وإن لم يعتده أي وهل الأدب مطلقا وهو الظاهر
لقول المصنف وأدب الامام لمعصية الله أو إن اعتاده قولان. قوله: (على أحد القولين) أي وهو القول
بمنع البيع له والأولى حذف ذلك لأنه يجوز الشراء له على كل من القولين تأمل. قوله: (بالنقد

69
أو بالسلع) متعلق بالشراء له أي جاز الشراء له بالنقد وبالسلع مطلقا سواء حصلها بمال أو بغير مال كما
هو ظاهر المصنف، واختاره شيخنا وخص عبق السلع بالتي حصلها بمال وأما التي حصلها بغير مال
فلا يجوز أن يشتري له بها سلعا وقال بن ظاهر كلام الأئمة أن لا يجوز الشراء له إلا بالنقد لا بالسلع
مطلقا وإلا كان بيعا لسلعه وهو ممنوع مطلقا على المعتمد كما تقدم وهو وجيه. قوله: (وكتلقي السلع)
يعني أنه ينهي عن تلقي السلع الواردة لبلد مع صاحبها قبل وصولها للبلد واختلف هل النهي عن
التلقي مقيد بما إذا كان على أقل من ستة أميال فإذا كان على ستة أميال فلا يحرم لان هذا سفر لا تلقى،
وقيل أن النهي إذا كان التلقي على مسافة فرسخ أي ثلاثة أميال فلا يحرم التلقي إذا كان على مسافة
أكثر منها وقيل أن النهي إذا كان التلقي على مسافة ميل فإن كان التلقي على مسافة أزيد من الميل
فلا يحرم والأول أرجحها. قوله: (كأخذها) أي كشرائها على الصفة من صاحبها المقيم أو القادم
والحال أنه في البلد قبل وصولها. قوله: (ولو طعاما) أي هذا إذا كان الشراء للتجارة بل ولو كان
ما يشتريه طعاما لقوته وهذه المبالغة راجعة لقوله وكتلقي السلع أو صاحبها ولقوله كأخذها في البلد
من صاحبها بصفة. قوله: (بل هو صحيح يدخل في ضمان المشتري بالعقد) أي ما لم يكن ذلك المبيع فيه
حق توفية وإلا فلا يدخل في ضمانه إلا بالقبض وينهي المتلقي عن تلقيه فإن عاد أدب ولا ينزع منه شئ
لعدم فساد البيع. قوله: (وهل يختص بها) أي وهل يختص المتلقي بالسلعة التي تلقاها أو تلقى صاحبها.
قوله: (أو يعرضها على أهل السوق) أي أو يجبر على عرضها على أهل السوق إن كان لها سوق
وإلا فعلى أهل البلد. قوله: (قولان) الأول منهما شهره المازري والثاني شهره القاضي عياض وأشعر
قول المصنف وكتلقي السلع جواز تلقي جمال السقائين من البحر والخبز من الفرن وكذلك تلقي الثمار
وهو كذلك كما في عبق. قوله: (من السلع) أي وليس هذا من التلقي المنهي عنه لان المتلقي يخرج
من البلد التي يجلب إليها وهذا مرت عليه وهو في منزله أو قريته الساكن بها. قوله: (مطلقا) أي
سواء كانت لقوته أو للتجارة كان للسلعة المجلوبة سوق في البلد المجلوب إليها أو كان لا سوق لها بل
تباع في البيوت. قوله: (ولكن المعتمد الخ) أي وهو قول ابن سراج كما في بن. قوله: (له الاخذ
مطلقا) أي سواء كان لها سوق في البلد المجلوب إليها أم لا كان الشراء للتجارة أو للقوت وحينئذ
فقول المصنف وجاز لمن على كستة أميال أخذ محتاج إليه ضعيف لان له الاخذ مطلقا. قوله: (أخذ
لقوته) أي مما مر عليه من السلع. قوله: (فلا يجوز) أي كان الشراء للقوت أو للتجارة. قوله: (وإلا جاز
بمجرد الوصول) أي كان الاخذ للقوت أو للتجارة. قوله: (متفقا عليه) أي على الفساد أم لا.
قوله: (بالقبض) أي لا بتمكين المشترى منه ولا بإقباضه الثمن للبائع خلافا لأشهب القائل أن الضمان ينتقل
بواحد من هذه الثلاثة واعلم أن المنتقل بالقبض عند ابن القاسم ضمان أصالة لا ضمان الرهان
المفصل فيه بين ما يغاب عليه وغيره وبين قيام البينة وعدم قيامها، خلافا لسحنون القائل أنه لا يضمن
المشتري إلا إذا كان مما يغاب عليه ولم تقم على هلاكه بينة، لان المشتري لم يقبضه إلا لحق نفسه على
نحو ما يقبضه المالك لا توثقه كالرهان ولا للانتفاع به مع بقاء عينه على ملك المالك كالعواري ولا
دخل على احتمال رده كالخيار قال بن ولا يتوقف القبض على الحصاد وجذ الثمرة حيث كان

70
البيع بعد استحقاقهما فقوله وإنما ينتقل ضمان الفاسد بالقبض أي وأما ملكه فإنما ينتقل للمشتري
بالفوات. وأعلم أن محل انتقال ضمان الفاسد بالقبض إذا كان ذلك المبيع الفاسد منتفعا به شرعا
فخرج شراء الميتة والزبل فإن ضمانه من بائعه ولو قبضه المشتري كما قاله شيخنا العدوي وأما نحو كلب
الصيد وجلد الأضحية فالقيمة بإتلافه للتعدي لا للقبض حتى لو تلف بسماوي كان ضمانه من البائع.
قوله: (بالعقد) أي وهو ما ليس فيه حق توفية أي لا يكال ولا يوزن ولا يعد كالثياب والعبيد.
قوله: (أو بالقبض) أي وهو ما فيه حق توفية بأن كان يكال أو يوزن أو يعد كالطعام وكالغائب وما فيه
مواضعة. قوله: (وأخذها) أي البائع ليستوفي الركوب المدة التي استثناها. قوله: (فاسدا) أي
شراءا فاسدا. قوله: (على البائع) أي لا على المشتري لعدم انتقال الضمان إليه لأنه لم يقبضها قبضا
مستمرا. قوله: (ورد الخ) أي من غير احتياج لحكم برده إن كان مجمعا على فساده وأما إن كان
مختلفا في فساده فلا بد من فسخ الحاكم أو من يقوم مقامه كالمحكم والعدول يقومون مقام الحاكم
عند تعذره إما لعدم أمانته أو لعدم اعتنائه بالأمور فإن غاب أحد المتبايعين رفع الآخر الامر للحاكم
أو للعدول وفسخه. قوله: (ولا غلة) أي إلا أن يشتري موقوفا على غير معين واستغله عالما بوقفيته
فيرد الغلة وكذلك إذا كان موقوفا على معين وعلم بوقفيته عليه والحال أنه لم يرض ببيعه بخلاف
ما إذا ظهر أنه وقف على معين سواء كان هو البائع أو غيره راضيا ببيعه فإن المشتري يفوز بالغلة ولو
علم أنه وقف وإنما يعتبر رضا الرشيد دون غيره. قوله: (بل يفوز بها المشتري) أي إلى حين الحكم
برد المبيع لكونه في ضمانه إلى ذلك الوقت، لان الخراج بالضمان ولو علم بالفساد لان علمه بالفساد
وبوجوب الرد لا ينفي عنه الضمان. وأعلم أن المشتري يفوز بالغلة في البيع الفاسد ولو في بيع
الثنيا الممنوعة على الراجح وبيع الثنيا هو المعروف بمصر ببيع المعاد بأن يشترط البائع على
المشتري أنه متى أتى له بالثمن رد المبيع له فإن وقع ذلك الشرط حين العقد أو تواطأ عليه قبله كان
البيع فاسدا ولو أسقط الشرط لتردد الثمن بين السلفية والثمنية، وهذا مستثنى مما مر من أن
اسقاط الشرط الموجب لخلل المبيع يصححه. وإذا قبض المشتري ذلك المبيع واستغله قبل الرد
كانت الغلة له على ما على ما قاله ح وهو الراجح لأن الضمان منه خلافا للشيخ احمد الزرقاني القائل انها
للبائع وإن لم يقبضه بل بقي عند البائع فالغلة له لا للمشترى ولو كان المشترى أبقاه عند البائع بأجرة
كما يقع بمصر لأنه فاد ولم يقبضه واما إذا تبرع المشترى للبائع بذلك بعد البيع بأن قال له بعد التزام
البيع متى رددت إلى الثمن دفعت لك المبيع صحيحا ولا يلزم المشترى الوفاء بذلك الوعد
بل يستحب فقط (قوله ولا يرجع على البائع بالنفقة) أي حيث كانت قدر الغلة أو كانت الغلة أزيد
منها (قوله فان اتفق على ما لا غلة له) أي كسقي وعلاج في زرع وثمر لم يبد صلاحه وحصل الرد قبل
بدو صلاحه (قوله وان أنفق على ماله غلة لا تفي الخ) الذي في المواق في الخيار وغيره انه إذا أنفق
على ماله غلة فالنفقة في الغلة رأسا برأس كانت النفقة قدر الغلة أو أزيد منها أو أنقص وعليه اقتصر
في المج (قوله مضى المختلف فيه بالثمن) هذه قاعدة أغلبية إذ قد يأتي ما هو مختلف فيه ولكنه
يمضى إذا فات بالقيمة فقوله مضى المختلف فيه بالثمن أي إلا ما استثنى كالبيع وقت نداء الجمعة فإنه
مختلف فيه ومع ذلك إذا فات يمضى بالقيمة (قوله وإلا ضمن قيمته حينئذ) هذا إشارة لقاعدة
وهي كل فاسد متفق على فساده إذا فات فإنه يمضى بالقيمة وتعتبر القيمة يوم القبض وهذه أغلبية
أيضا لما يأتي قريبا في مسألة وان باعه قبل قبضه فتأويلان من أن القيمة تعتبر يوم البيع
(قوله وإلا ضمن قيمته يوم القضاء) أي وإلا بأن بيع جزافا أو بكيل أو وزن أو عد ولكن نسي ذلك

71
وقت القضاء بالرد أو علم ذلك في الوقت المذكور ولكن تعذر وجوده يوم القضاء بالرد فإنه يضمن
قيمته يوم القضاء بالرد وقوله ضمن قيمته يوم القضاء بالرد أي ولا ينتظر لوقت وجوده إذا تعذر
رده بخلاف الغاصب فإنه إذا تعذر عليه وجوده المثلى فإنه يصير عليه لوقت الوجود ويؤخذ منه
المثلى لا القيمة يوم القضاء بالرد (قوله بعد) أي بعد البيع (قوله والفوات بتغير سوق الخ) هذا
حل معنى لا حل اعراب فلا ينافي أن قوله بتغير سوق متعلق بقوله فان فات لا أنه متعلق بعامل
محذوف وقد يقال إن تقدير العامل أولى لئلا يلزم الفصل بين العامل ومعموله بأجنبي (قوله فلا
يفيتهما تغير السوق) أي لان غالب ما يراد له العقار القنية فلا ينظر فيه لكثرة الثمن ولا لقلته
وحينئذ فلا يكون تغير الأسواق فيه فوتا ولان الأصل في ذوات الأمثال القضاء بالمثل والقضاء فيهما
بالقيمة كما لو عدم المثلى كالفرع فلا يعدل إليها مع امكان الأصل ثم إن كون المثلى لا يفيته حوالة
السوق مقيد بما إذا لم يبع جزافا والآفات بحوالة السوق وغيرها كما في النوادر انظر بن
(قوله وبطول زمان حيوان) يعنى ان مجرد طول إقامة الحيوان بيد المشترى من غير ضميمة نقل
ولا تغير في ذات أو سوق مفيت له لان الطول مظنة التغير في الذات وإن لم يظهر وإذا كان التغير مع
المظنة مفيتا فالتغير مع التحقق أولى (قوله وفيها) أي في المدونة في كتاب البيوع الفاسدة وقوله
وفيها أيضا أي في كتاب السلم شهران أي ليسا بطول هذا مراده والا لم يكن له فائدة مع ما قبله ولم
يصح قوله واختار انه خلاف وكأنه قال وفى حد الطول قولان فينبغي للقارئ أن يسكت سكتة لطيفة
على قوله شهر ثم يبتدئ بقوله وشهران وكان ينبغي للمصنف أن يقول وشهران أو ثلاثة أو يقتصر
على الثلاثة ويستفاد الشهران بطريق الأولى إذ ما ذكره يفيد أن الثلاثة طول باتفاق المحلين
وليس كذلك (قوله انه خلاف معنوي) أي ان ما وقع بين المحلين خلاف حقيقي راجع للمعنى
لان المحل الذي حكم فيه بان الشهر طول ظاهره مطلقا كان الحيوان كبيرا أو صغيرا والمحل الثاني
الذي حكم فيه بان الشهر والشهرين والثلاثة ليست طولا ظاهره مطلقا والمعتمد منهما الأول
(قوله بل هو خلاف لفظي في شهادة) أي ان ما حكم به الامام أولا من أن الشهر طول بالنظر لمشاهدة
ومعاينة أي بالنظر لحيوان صغير حضر عنده وعاينه وشاهده كغنم فان الشهر فيه مظنة التغير
وحكمه ثانيا بأن الشهرين والثلاثة ليس طولا بالنظر لما حضر عنده وشاهده من حيوان كبير
كبقر وإبل فان الشهرين والثلاثة فيها ليس مظنة للتغير ومن المعلوم أن الحكمين المختلفين
لاختلاف محلهما ليسا مختلفين حقيقة إنما الاخلاف الحقيقي عند تحاد المحل كذا قرر شيخنا وهو
المناسب لكلام المصنف لأنه لما قابل الخلاف الحقيقي بالشهادة يعلم أنه أراد بها الخلاف اللفظي
ويوجه بما ذكر (قوله والحق أن المازري قائل الخ) نص كلام المازري بعد ما ذكر ما في
الموضعين من المدونة اعتقد بعض أشياخي يعنى اللخمي أنه اختلاف قول على الاطلاق وليس
كذلك إنما هو اختلاف في شهادة بعادة لأنه أشار في المدونة إلى أن المقدار من الزمان الذي لا يمضى
إلا وقد تغير الحيوان بتغيره في ذاته أو سوقه معتبرا اتفاقا وإنما الخلاف في قد الزمان الذي يستدل به
على التخير اه‍ قال ابن عرفة في رده على اللخمي تعسف واضح لأنه حاصل كلامه أن الخلاف
بين المحلين إنما هو في قدر الزمان الذي هو مظنة لتغير الحيوان وهذا هو مقتضى كلام اللخمي لمن
تأمله وأنصف اه‍ وحاصله ان المازري اعترض على اللخمي من جهة ان كلامه يقتضى ان

72
الخلاف بين المحلين ولو وجد التغير بالفعل مع أنه لا خلاف عند وجود التغير بالفعل وإنما الخلاف
في قدر الزمان الذي هو مظنة لتغيره فرد عليه ابن عرفة بأنه ليس في كلامه اللخمي ما يفيد أن
الخلاف ولو وجد التغير بالفعل قال بن والصواب اتفاق كلام المازري واللخمي على أن
الخلاف الواقع في المدونة خلاف في شهادة لأنهما يتفقان على أن ما هو مظنة للتغير فيكون فوتا أولا
فلا يكون فوتا وليس الخلاف الذي فيها لفظيا وهو الخلاف في حال ويتبين ذلك بالفرق بين
الخلاف في حال والخلاف في شهادة فان الأول يقال حيث يكون للشئ حالان فيقول القائل بجوازه
باعتبار احدى الحالتين وهي الحاضرة في ذهنه حين القول ويقول الاخر بمنعه باعتبار الحالة
الأخرى لأنها هي التي حضرت في ذهنه حين القول ولو حضر في ذهن كل واحد من القائلين
ما حضر في ذهن الاخر لوافقه فهذا ليس خلاف في الحقيقية وأما الخلاف في شهادة فيقال حيث
يكون القول من كل منهما مرتبا عل أحد الحالين وهو مع ذلك ينفى الاخر بأن يقول كل منهما
مثلا المشاهدة تقضى بكذا وينفى غيره فهو خلاف حقيقي مثلا الخلاف في ماء جعل في الفم هل
يصح التطهير به أم لا فإن كان هذا الخلاف من أجل أن الماء قد ينضاف بالريق فمن منع تكلم على
حالة الإضافة ومن أجاز تكلم على حالة عدمها وكل يسلم وقوع الحالين فهو خلاف في حال وإن كان
هذا الخلاف من أجل أن القائل بالمنع يرى أنه ينضاف ولابد ولا يمكن عادة عدم اضافته والقائل
بالجواز يرى نقيض هذا فهو خلاف في شهادة والخلاف في مسألتنا من هذا الثاني لان من قال إن
الثلاثة وما دونها فوت يرى أنها مظنة للتغير ولابد ومن قال إنها ليست بفوت يرى أنها ليست
مظنة للتغير ولابد وهذا ما يفيده ابن عرفة كما يفيده ما تقدم وأما قول شارحنا أي ان الامام رأى الخ
فتوفيق لم يقله المازري ولا هو معنى كلامه على أن ما بين به الخلاف معنى الخلاف في حال لا معنى
الخلاف في شهادة اه‍ كلام بن ثم قال بعد ذلك واعترض الصقلي على اللخمي والمازري ومن
تبعهما في المعارضة بين كلامي المدونة بأن قولها الثلاثة أشهر ليست فوتا إنما هو في الإقالة من
السلم إذا كان طعاما ورأي المال حيوان فان وقعت الإقالة على عين رأس ماله جاز وان تغير بمفوت
منع لأنه بيع الطعام قبل قبضه قال فيها والثلاثة أشهر لا تفيته حيث لم يتغير في ذاته ولا يلزم من
ذلك أنها لا تفيت البيع الفاسد حتى يتعارض الموضعان لان الإقالة معروف يخفف فيه ألا ترى
أنهم عدوا حوالة الأسواق فيها غير مفتية مع القطع هنا بأنها مفيتة وهذا اعتراض ظاهر اه‍ كلامه
(قوله في محلها) أي في المحل الذي قبضهما فيه فلو كان النقل غير مفوت لرد العرض بذاته
ودفع المثلى في المحل الذي نقل له (قوله فيرد) أي ورده على البائع لكن الضمان من المشترى
حتى يسلمه البائع (قوله وبالوطء) أي وبوطئه وإنما عدل عن قوله
وبوطء لصدقه بما إذا وطئها الغير عند المشترى وهو لا يفيتها وأفهم قوله وبالوطء أن المقدمات
لا تفيت وأما الخلوة بها فان ادعى الغير عند المشترى وهو لا يفيتها وأفهم قوله وبالوطء أن المقدمات
لا تفيت وأما الخلوة بها فان ادعى وطأها صدق علية أو وخشا صدقه البائع أو كذبه فتفوت في
هذه الأربع صور فان ادعى عدمه صدق في الوخش صدقه البائع أو كذبه وترد ولا استبراء
كعلية ان صدقه البائع فترد ولكن تستبرأ فان كذبه فاتت (قوله لامة) أي لا لمملوك ذكر فلا
يكون فوتا وقوله لامة أي ولو بدبرها (قوله وإلا فلا) أي والا يكن بالغا بل صغيرا فلا يكون
وطوء فوتا (قوله ويفتضها) أي غير البالغ (قوله فلو حذف غير مثلي كان أحسن) أي لان رد
المثل اعتراف بفواته نعم التقييد بغير المثلى يظهر على القول بأن المثلى مع الفوات يضمن بالقيمة فإذا

73
كان تغير الذات لا يفيته فالواجب في هذه الحالة رد مثله لقيامه مقامه والخلاف مذكور في طفى
ونصه اعتمد المصنف قوله في توضيحه الذي للخمى والمازري وابن بشير ان المثلى لا يفوت بتغير الذات
لان مثله يقوم مقامه لكنه غير ملتئم مع ما قدمه من قوله والا ضمن قيمته ومثل المثلى إذ المثل هو
المرتب على الفوات عنده وتلك طريقة ابن شاس وابن الحاجب وتبعهما المصنف هناك واصلها
لابن يونس فهما طريقتان إحداهما لابن يونس ومن تبعه ان اللازم في الفوات القيمة في المقوم
والمثل في المثلى إلا أن يعدم كثمر في غير إبانة فقيمته وعلى هذه الطريقة مشى المصنف سابقا في قوله
ومثل المثلى والثانية لابن رشد وابن بشير واللخمي والمازري أن اللازم مع الفوات هو القيمة
مطلقا في المقوم والمثلي واختارها ابن عرفة وغيره من المتأخرين وعليهما يأتي التفريع والخلاف
في حوالة الأسواق والنقل والتغير هل يفيت المثلى أو لا فمن أوجب فيه المثل وهو المشهور قال بعدم
الفوات ومن أوجب فيه القيمة قال بالفوات وأما رده مع أرش النقص كما توهمه عج فلا قائل به اه‍
(قوله عن يد) أي عن يد مشتريه (قوله أو تحبيس من المشترى عن نفسه) ليس المراد أنه
حبسه عن نفسه بأن قال هذا حبس عن نفسي بل المراد انه حبس متعلق بنفسه كأن حبس دارا
على الفقراء أو طلبة العلم احترازا عما إذا أوصى الميت بشراء دار أو بستان وأن يحبس فاشترى
ذلك الوصي شراء فاسد وحبسه فان المبيع يرد ولا يكون التحبيس مفيتا له (قوله كبيع الكل)
أي في كونه فوتا وقوله كبيع أكثر ما ينقسم أي فإنه فوت والمراد بالأكثر ما زاد على النصف
(قوله وإلا) أي بأن باع بعض ما ينقسم فات ما بيع الخ (قوله وأرض ببئر وعين) أي ولو كان كل
من البئر والعين بدون ربع الأرض (قوله لغير ماشية) أي بأن كان حفر للزراعة (قوله لان
شأنهما ذلك) أي عظم المؤنة من هذا يعلم وجه خروج بئر الماشية لأنه ليس شأنه عظم المؤنة فعلى هذا
لو كان عظيم المؤنة بالفعل كان مفيتا كالبناء والغرس قاله شيخنا (قوله ومثل الغرس والبناء الخ)
أي وأما الزرع فلا يفيت كما قاله محمد فيفسخ البيع ثم إن كان الفسخ في الا بان أي زمن زراعة
الأرض فعلى المشترى كراء المثلى ولا يقلع زرعه وإن كان بعد فواته فلا كراء عليه وفاز بذلك الزرع
لأنه غلة (قوله ومثل الغرس والبناء القلع والهدم) أي في كونهما مفوتين إذا كان كل واحد
منهما عظيم المؤنة كما قاله شيخنا (قوله فيما أحاط الغرس أو البناء بها أي كالسور والحاصل
أنهما ان أحاطها بها كالسور فإن كانا عظيمي المؤنة أفاتا وإلا فلا يفيتان شيئا وإن عما الأرض كلها
أو معظمها فإنهما يفيتان الأرض بتمامهما سواء كانا عظيمي المؤنة أم لا (قوله عند أبي الحسن) أي
خلافا لمن قال إن غرس النصف وعمه بالغرس كان مفيتا للأرض بتمامها كما لو عم كلها أو معظمها وعلى
هذا القول مشى ابن عرفة فحد اليسر عنده الثلث فما زاد عليه كثير مفيت لها بتمامها ومثلي ما لأبي
الحسن لابن رشد إذ كلامه يفيد ان النصف كالأربع لأنه قال وإذا كان الغرس بناحية فيها وجلها
لأغرس فيه وجب ان يفوت منها ما غرس ويفسخ البيع في سائرها إذ لا ضرر على البائع وذلك إذا
كان الغروس من الأرض يسيرا كما لو استحق من يد المشترى في البيع الصحيح ولزمه البيع ولم
يكن له ان يرده فأنت تراه أحال القدر الذمي يفوت بالغرس دون ما لم يغرس على القدر الذي لو
استحق من يد المشترى في البيع الصحيح لزمه الباقي وقد قال المصنف ورد بعض المبيع بحصته إلا
أن يكون الأكثر ثم قال وتلف بعضه واستحقاقه كعيب به اه‍ بن (قوله بالقيمة) أي فيقال ما قيمة

74
تلك الجهة وما قيمة الجهة الباقية فان قيل قيمة الجهة المغروسة مائة وقيمة الجهة الأخرى مائتان أو
ثلاثمائة فاتت تلك الجهة ورد الباقي وقاص بتلك القيمة من الثمن (قوله وله القيمة) أي لا الرجوع بما
أنفق كما خرج بعضهم ونسبه للعتيبة وقوله قائما أي لا مقلوعا يوم جاء به كما هو قول ابن رشد
(قوله والمصحح) أي وهو المعتمد فتحصل أن المسألة ذات أقوال ثلاثة قيل يرجع المشترى على البائع
بما أنفق وقيل بقيمة البناء والغرس قائما وقيل مقلوعا يوم جاء به المشترى (قوله بتغير
السوق) أي وهو العروض والحيوان (قوله أم لا) أي وهو المثلى والعقار (قوله تأويلان)
الأول لابن محرز وجماعة والثاني الفضل وابن الكاتب (قوله لزمه قيمته) أي مضى البيع ولزمه
المشترى الأول قيمته للبائع يوم بيع ذلك المشترى له ولا يقال هذا يخالف ما مر من أن المشترى
يضمن قيمة المبيع فاسدا إذا فات يوم القبض لأنا نقول بيع المشترى للسلعة ينزل منزلة قبضها وقول
المصنف والا ضمن قيمته حينئذ أي حين القبض حقيقة أو حكما (قوله ويكون نقضا للبيع الفاسد)
أي وهذا هو المراد بالفوات تسمحا والحاصل انه لا معنى لكون مضى بيع البائع قبل قبضه
من المشترى فوتا للبيع الفاسد وإنما هو نقض وفسخ له فكان المراد بالفوات مضى بيع البائع قبل قبضه من
المشترى فوتا للبيع الفاسد وإنما هو نقض وفسخ له فكان المراد بالفوت في هذا فوت المبيع على
المشترى تفسير مراد (قوله ويرد) أي ذلك البائع الثمن للمشترى أي الأول (قوله إن كان قبضه) أي
إن كان ذلك البائع قبضه منه قبل أن يبيعه ثانيا (قوله رد) أي ذلك المبيع وكان الأوضح أن يقول بقي
بيد بائعه الأصلي لان الفرض أن المشترى لم يقبضه من ذلك البائع إلا أن يقال المراد رده المشترى
الثاني إن كان قبضه بعد البيع له وهذا لا ينافي ان المشترى الأول باعه له قبل قبضه من بائعه
(قوله لبائعه الأصلي) أي ونقض ذلك البيع الثاني (قوله ولم يحصل من بائعه فيه بيع) هذا محط الكأنية
أي وحينئذ فيرد ذلك البيع الثاني وضمانه ان حصل فيه ما يوجب الضمان من ذلك المشترى
(قوله لا ان قصد الخ) أي ان المشترى إذا علم بالفساد فباعه بيعا صحيحا قبل قبضه أو بعده وقصد بالبيع
الإفاتة فان البيع الأول الفاسد لا يمضى ولا يفيته البيع الثاني اتفاقا ولا مفهوم للبيع بل الهبة
والصدقة كذلك لا العتق فإنه فوت لتشوف الشارع للحرية (قوله بالبيع) أي بعد أن قبضه من بائعه
قوله الإفاتة) أي لشرائه الفاسد (قوله وهو عدم رده لبائه) أي ويثبت رده لبائه (قوله ان عاد
المبيع) أي فيما يمكن عوده كالسمن والهزال ونقل العرض والمثلي لا مالا يمكن عوده كالوطء
والعتق وطول الزمان والموت وذهاب العين (قوله سواء كان عوده اختياريا) أي بالشراء كما لو
اشترى سلعة شراء فاسد وباعها بيعا صحيحا ثم اشتراها من هذا الذي باعها له أو أن من باعها وهبها له
أو تصدق بها عليه أو باعها لوارثة ثم ورثها منه وقوله أضروريا أي كالإرث قوله ما لم يحكم حاكم
بعدم الرد) أي وإلا فلا يرد قطعا (قوله الا بتغير السوق) أي لان تغير السوق الذي أوجب الفوات

75
ليس من سبب المشترى ولا بقدرته فلا يتهم على أنه حصله لأجل أن يفوت السلعة على ربها بحيث لا ترد له
فلذا إذا عاد السوق الأول ما زال فواتها على ربها باقيا لأنه أمر من الله بخلاف المبيع والصدقة والنقل فإنه
يتهم على أنه فعل ذلك لأجل فواتها على ربها فإذا حصل شئ من ذلك حكمنا بالفوات نظر الظاهر الحال فإذا زال
ذلك المفيت حكمنا بزوال حكمه وعدم الرد نظرا للاتهام ولا يقال إن تغير الذات ليس من سببه لأنا تقول
قد يحصل منه بتجويع أو تفريط في صونه وحمل الغالب على غيره طردا على وتيرة واحدة (قوله فلا
يرتفع) أي حكم المفيت الذي هو عدم الرد بل هو باقي على حاله (قوله ما وجب في غير مثلي وعقار) أي وهو
الحيوان والعروض وأما المثلى والعقار فقد مر أنهما لا يفوتان بتغير الأسواق
(فصل في بيوع الآجال) قوله تؤذى إلى ممنوع) أي وهو اجتماع بيع وسلف أو سلف جر منفعة
أو ضمان بجعل (قوله ومنع للتهمة) اما عطف على قوله وفسد منهى عنه بناء على ما صرح به السعد في شرح
تصريف العزى وغيره من أن الفصل بالترجمة ليس مانعا من العطف فوجوده لا يضر لأنه جملة معترضة بين
المعطوف والمعطوف عليه أو ان الواو لاستئناف لما صرح به ابن هشام في شرح بانت سعاد من أن أكثر
ما تقع واو الاستئناف في أوائل الفصول والأبواب ومطالع القصائد (قوله ما كثر الخ) نائب فاعل منع
أي منع البيع الذي كثر قصد الناس إليه لأجل التهمة وظاهره وإن لم يقصده فاعله وفى المواق عن ابن رشد
أنه لا اثم على فاعله فيما بينه وبين الله حيث لم يقصد الامر الممنوع وقوله كبيع الخ مثال لما كثر قصده وفى
الكلام حذف أي كبيع يؤدى لبيع وسلف (قوله كبيع وسلف) أدخلت الكاف الصرف المؤخر والدين
بالدين والمبادلة المتأخرة فالبيع المؤدى لشئ مما ذكر ممنوع لكثرة قصد الناس إليه للتوصل للممنوع
المذكور (قوله فإنه يمنع للتهمة على أنهما قصدا المبيع والسلف الممنوع) أي لان التهمة على قصد ذلك
تنزل
منزلة اشتراط ذلك والنص عليه بالفعل (قوله فآل امر البائع إلى أنه خرج من يده سلعة ودينارا) أي لان
السلعة التي خرجت من يده ثم عادت إليها ملغاة (قوله كذا قيل) قائله عبق قال ح اعلم أنه لا خلاف في منع
صريح بيع وسلف وكذلك ما أدى إليه وهو جائز في ظاهره لا خلاف في المذهب في منعه صرح بذلك
ابن بشير وتابعوه وغيرهم انتهى فقول عبق وما ذكره هنا ضعيف الخ غير صحيح لما علمت ولا
منافاة بين ما هنا وما تقدم وذلك لان الصور ثلاث بيع وسلف بشرط ولو بجريان العرف وهذه هي
التي تكلم المصنف على منعها سابقا وبيع وسلف بلا شرط لا صراحة ولا حكما وهذه هي التي
أجازوها وقد ذكرها الشارح فيما مر وتهمة بيع وسلف وذلك حيث يتكرر البعى وهي التي
تكلم على منعها المصنف هنا فما أجازوه سابقا غير ما منعوه هنا لان ما هنا فيه التهمة بالدخول على
شرط بيع وسلف انظر بن. قوله: (وسلف بمنفعة) هذا مثال ثان لما كثر قصد الناس إليه لأجل
التوصل للممنوع فإن قلت البيع إنما منع لأدائه لسلف جر نفعا فكان يغني عن قوله
كبيع وسلف قوله وسلف بمنفعة قلت الشئ قد يكون مقصودا لذاته كسلف بمنفعة وقد يكون
وسيلة كالبيع والسلف فبين المصنف أن كلا منهما يقتضي المنع فلو اقتصر على ما يقصد لذاته لم يعلم
حكم كثرة القصد لما يكون وسيلة ضرورة إن قصد المقاصد أقوى من قصد الوسائل. قوله: (فآل
أمره لدفع الخ) أي فآل أمر البائع إلى أن شيئه رجع إليه ودفع الآن خمسة يأخذ عنها بعد ذلك عشرة.
قوله: (لا ما قل) أي لا يمنع بيع جائز في الظاهر قل قصد الناس إليه للتوصل إلى ممنوع لضعف التهمة

76
وقوله كضمان بجعل الخ مثال لما قل وفي الكلام حذف أي كبيع جائز مؤد لضمان بجعل
وأشار الشارح بتقدير ما إلى أن المعطوف بلا محذوف وهو الموصول الاسمي وحذفه مع بقاء صلته
جائز ومثلوا له بقوله تعالى * (آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم) * أي والذي أنزل إليكم لاختلاف المنزلين.
قوله: (كضمان بجعل) إطلاق الضمان هنا تجوز لأنه ليس فيه شغل ذمة أخرى بالحق وإنما المراد
الحفظ كذا قال عبق وفيه نظر لان للضمان عند الفقهاء إطلاقين أخص وهو شغل ذمة أخرى
بالحق وأعم وهو الحفظ والصون الموجب تركه للغرم، ومنه قولنا وإنما ينتقل ضمان الفاسد بالقبض
ومنه ضمان الرهان وضمان المبيع ومن هذا الاطلاق الضمان هنا فهو حقيقة لا مجاز ا ه‍ بن. قوله: (فيجوز
ولا ينظر الخ) حكى ابن بشير وابن شاس في البيع المؤدي لضمان بجعل قولين مشهورين
قال في التوضيح والجواز ظاهر المذهب ولذا اقتصر عليه المصنف هنا ا ه‍ بن. قوله: (ليضمن له
أحدهما) أي ليحفظ له أحدهما. قوله: (بالآخر) أي بالثوب الآخر. قوله: (وأما صريح ضمان بجعل)
أي سواء كان الضمان بالمعنى الأخص أو بالمعنى الأعم فالأول ظاهر وذلك كأن يكون عليك دين
لإنسان فيضمنك شخص في ذلك الدين والثاني كأن تسلفه اثني عشر على شرط أن يرد لك عشرة
كما في الصور الآتية. قوله: (سحت) فسروه بأنه كسب ما لا يحل. قوله: (بقطع الهمزة المفتوحة)
إنما فتحت الهمزة في الأول وضمت في الثاني لأنه من باب الأفعال وباب الأفعال تفتح همزة أمره
وتضم همزة مضارعه نحو أكرمني وأكرمك. قوله: (ونصب الفعل) أي بأن مضمرة بعد واو المعية
في جواب الامر أي ليكن مني سلف مع سلف منك أي ليكن من كل منهما سلف للآخر. قوله: (فآل
أمر البائع الخ) أي لان السلعة التي خرجت من يده وعادت إليها ملغاة فكأنه لم يحصل لها بيع
أصلا. قوله: (سلف منه) أي من المشتري للبائع وقوله يدفع أي البائع للمشتري مقابله. قوله: (لا يقصدون
إلى السلف الخ) أي أن الشأن أنهم يقصدون السلف حالا بما يدفعونه. قوله: (لا بعد مدة)
أي ولا يقصدون أن ما يدفعونه قد يؤول أمره إلى كونه سلفا كما في دفع المشتري الأول الدينارين
عند رأس الشهر. قوله: (ولما كان ما تقدم فاتحة لبيوع الآجال) أي إن ما تقدم قاعدتان لبيوع
الآجال يتفرع عليها جميع مسائل الباب الآتية فقوله يمنع ما كثر قصده يشمل جميع مسائل
الباب الممنوعة وقوله لأقل يشمل جميع مسائل الباب الجائزة فالأمثلة التي ذكرها المصنف فيما
يأتي مفصلة للقاعدتين المذكورتين إجمالا. قوله: (فما اشتمل على إحدى العلتين المتقدمتين) أي
وهما بيع وسلف وسلف جر منفعة. قوله: (فمن باع لأجل الخ) أشار المصنف بهذا إلى أن شروط
بيوع الآجال المتطرق إليها التهمة خمسة أن تكون البيعة الأولى لأجل فلو كانت
نقدا كانت الثانية نقدا أو لأجل فليستا من هذا الباب وأن يكون المشتري
ثانيا هو المبيع أولا وأن يكون البائع ثانيا هو المشتري أولا أو من تنزل
منزلته والبائع أولا هو المشتري ثانيا أو من تنزل منزلته والمنزل منزلة كل واحد وكيله سواء علم الوكيل ببيع الآخر أو شرائه أو جهله وأن يكون صنف ثمن الشراء
الثاني من صنف ثمنه الأول الذي باع به أولا. قوله: (مقوما أو مثليا) أعلم أن الكلام هنا في المقوم فقط
وسيأتي الكلام على المثلى في قول المصنف والمثلي قدرا أو صفة بمثله فمن عمم هنا فقط أخطأ كذا
قال ح. قوله: (ثم اشتراه) ليس المقصود من ثم التراخي أو أنه نص على التراخي لأنه المتوهم جوازه
على الاطلاق وفاعل اشتراه هو فاعل باع والضمير المنصوب عائد على المفعول المحذوف أي باع شيئا
وحذفه للعموم وقوله اشتراه المتبادر منه اشتراه لنفسه وأما لو اشتراه لغيره كمحجوره مثلا فهو

77
مكروه فقط. وقوله فإما نقدا علة لمحذوف هو الجواب والتقدير ففي شرائه بجنس ثمنه من أي
واحد مما ذكر اثنتا عشرة صورة لأن الشراء إما نقدا الخ. قوله: (أو مأذونه) أي عبده الذي أذن له
في التجارة والحال أنه يتجر لسيده أما إن اشترى لنفسه جاز مطلقا وقيل يكره وقيل يمنع كالوكيل.
قوله: (ويجري مثل ذلك في قوله وعرض) أي والمراد عرض متفق الصنفية في البيعتين سواء
اتفقت صفتهما أو اختلفت والمراد بالعرض ما قابل العين والطعام فيشمل الحيوان. قوله: (يحصل
اثنتا عشرة صورة) أي من ضرب ثلاثة أحوال الثمن الثاني وهو كونه مثل الأول أو أقل أو أكثر
في أربع أحوال الشراء الثاني من كونه نقدا أو للأجل الأول أو لدونه أو لأكثر منه، وإن شئت قلت
وفي كل إما أن تكون العقدة الثانية في مجلس العقدة الأولى أو لا وفي كل إما أن تكون السلعة قد
قبضها المشتري الأول أم لا فهذه أربعة أحوال مضروبة في اثني عشر تكون الصور ثمانية
وأربعين صورة، وإن شئت قلت وفي كل إما أن يكون الثمن الأول والثاني عينا أو عرضا أو طعاما أو
حيوانا لكن المصنف فرض الكلام في العين وسيأتي الكلام في الطعام والعرض والحيوان.
قوله: (بأن يشتري بأقل الخ) كأن يشتري ما باعه بعشرة لأجل بثمانية نقدا أو لدون الاجل أو
باثني عشر لأبعد من الاجل الأول لان البائع الأول يدفع ثمانية في الأوليين الآن أو بعد نصف
شهر ويرجع له بدلها عشرة بعد شهر والبائع الثاني هو المشتري الأول في الأخيرة يدفع بعد شهر
عشرة يأخذ عنها بعد شهرين اثني عشر. قوله: (إلا أنه) أي دفع القليل في الكثير. قوله: (وأما التسع
صور الباقية) أي وهي شراؤه ما باعه بعشرة لأجل بعشرة نقدا أو للأجل أو لدونه أو لأبعد منه
وشراؤه بثمانية ما باعه بعشرة للأجل أو أبعد منه وشراؤه باثني عشر ما باعه بعشرة نقدا أو لدون
الاجل أو للأجل نفسه. قوله: (أو الثمنان) أي أو تساوي الثمنان فأجز وإن اختلف الاجلان وهذا
صادق بثلاث صور وذلك بأن باع بعشرة لأجل ثم اشترى بعشرة نقدا أو لأجل دون الأول أو
لأبعد منه وقوله إن تساوى الاجلان الخ أي فأجز ولو اختلف الثمنان وهذا صادق بثلاث صور لأنه
إما أن يكون الثمن الثاني قدر الأول أو أكثر منه أو أقل. قوله: (فالمنع) أي وذلك في ثلاث صور بأن
يشتري ما باعه بعشرة لأجل بثمانية نقدا أو لدون الاجل أو باثني عشر لأبعد من الاجل الأول. قوله: (وإلا
فالجواز) وذلك في ثلاث صور أن يشتري ما باعه بعشرة لأجل باثني عشر نقدا أو لدون الاجل
أو بأقل من عشرة لأبعد من الاجل الأول. قوله: (وكانت) أي أحوال تأجيل الثمن الثاني كله
أو تعجيل كله أربعة وهي تأجيله إلى الاجل الأول أو لدونه أو لأبعد منه فهذه ثلاث تضم لتعجيله كله
فهي أربعة، وقوله في ثلاثة أي كون الثمن الثاني قدر الثمن الأول أو أقل أو أكثر. قوله: (في كل
الصور) أي كان هذا الثمن الثاني قدر الثمن الأول أو أقل أو أكثر. قوله: (مضروبة في أحوال قدر
الثمن) أي قدر الثمن الثاني وهي كونه قدر الثمن الأول أو أقل منه أو أكثر منه. قوله: (وكذا لو أجل بعضه) أي كما يمنع فيما مضى ما تعجل فيه الأقل كذلك لو
أجل من الثمن الثاني بعضه يمتنع في
صورة ما تعجل فيه الأقل كله على كل الأكثر أو على بعضه. قوله: (ممتنع) خبر مقدم وما تعجل مبتدأ
مؤخر ويجوز أن يكون ممتنع مبتدأ وما بعده فاعل على مذهب من لا يشترط في وقوع الوصف
مبتدأ الاعتماد وكذا مفعول مطلق مؤكد عامله ممتنع أي ممتنع ما تعجل فيه الأقل كالامتناع السابق

78
في علته وهو سلف جر نفعا. قوله: (أي كله على كل الأكثر) أي تعجل فيه كل الأقل على كل الأكثر
وقوله أو بعضه أي أو تعجل فيه كل الأقل على بعض الأكثر. قوله: (الأولى) أي وهي ما إذا تعجل كل
الأقل على الأكثر. قوله: (ثم يشتريها بثمانية أربعة نقدا وأربعة لدون الاجل) أي فقد دفع قليلا
في كثير فهو سلف جر نفعا وتوضيحه أن السلعة لما خرجت من يد البائع الأول ثم عادت إليه صارت
ملغاة فآل أمره إلى أنه خرج من يده ثمانية بعضها نقدا وبعضها مؤجلا يأخذ عنها عند الاجل الثاني
عشرة فهو سلف جر نفعا. قوله: (والثانية) أي وهي ما إذا تعجل كل الأقل على بعض الأكثر.
قوله: (في الفرض المذكور) أي بيعها بعشرة لأجل. قوله: (لان البائع) أي الثاني وهو المشتري الأول
ولو قال لان المشتري كان أوضح. قوله: (وخمسة يأخذ عنها بعد ذلك سبعة) أي وهذا سلف بمنفعة.
قوله: (الأولى) أي وهي ما إذا عجل بعض الأقل على كل الأكثر. قوله: (والثانية) أي وهي ما إذا
عجل بعض الأقل على بعض الأكثر وقوله أن يشتريها بثمانية أربعة نقدا الخ هذه الصورة لا يصح
التمثيل بها لما تعجل فيه بعض الأقل على بعض الأكثر كما ذكره بل هي مما تجعل فيه بعض الأقل على
كل الأكثر فقول المصنف أو بعضه المراد به أو تعجل بعضه على كل الأكثر وهو يشمل الصورتين
اللتين ذكرهما الشارح ولا حاجة لقوله أو على بعضه. قوله: (أن يشتريها) أي السلعة التي باعها بعشرة
لأجل. قوله: (فالممنوع) أي من الصور التسع وقوله والجائز خمسة أي وهي أن يشتري السلعة التي
باعها بعشرة لأجل بعشرة خمسة منها نقدا وخمسة لدون الاجل أو للأجل أو لأبعد منه أو يشتريها
باثني عشر خمسة نقدا وسبعة لدون الاجل أو للأجل نفسه. وحاصل هذه الصور التسع أن تقول إذا
كان الثمن الثاني أقل منع مطلقا كان البعض المؤجل أجله أبعد من الاجل الأول أو مساويا له
أو دونه وإن كان الثمن الثاني قدر الأول جاز مطلقا في الأحوال الثلاثة وإن كان أكثر منعت
واحدة وهي ما إذا كان البعض مؤجلا لأبعد. قوله: (مشبها في المنع) هو بصيغة اسم الفاعل
حال من فاعل نبه. قوله: (كتساوي الأجلين) أي سواء كان الثمن الثاني قدر الأول أو أقل أو
أكثر. قوله: (إن شرطا) كان الأولى أن يقول إن شرط كان الشرط منهما أو من أحدهما
فالتثنية ليست شرطا. قوله: (جاز) أي لان الأصل المقاصة لأنه يقضي بها عند تساوي الأجلين
فإذ أسقط المتماثلان فلم يبق إذا كان الثمن الثاني أقل أو أكثر غير الزائد في إحدى الذمتين فليس
فيه إلا تعمير ذمة واحدة. قوله: (صح) أي البيع في مسألة شرائها بأكثر من الثمن الأبعد من
الاجل ولا مفهوم لقوله في أكثر لأبعد إذ باقي الصور الممنوعة كذلك وهي شراؤها ثانيا بأقل
نقدا أو لدون الاجل كما في ح وحينئذ فاقتصار المصنف على الأكثر فرض مثال. قوله: (بقي المنع على
أصله) أي لوجود العسلة وهي سلف جر نفعا فظهر الفرق بين الصور التي أصلها المنع والتي أصلها
الجواز والحاصل أن التي أصلها الجواز لا يفسدها إلا شرط نفي المقاصة لا السكوت لان التهمة فيها

79
ضعيفة فإذا شرط نفيها تحققت التهمة وأما ما أصلها المنع فتجوز إذا
شرطاها لان التهمة فيها قوية فإذا شرطاها بعدت التهمة فلذا قيل بالمنع إذا سكت عن اشتراطها. قوله: (والرداءة والجودة كالقلة
والكثرة) مقتضى التشبيه أن الصور اثنا عشر بأن تقول إذا باع بجيد واشترى بردئ أو بالعكس
فذلك الشراء إما نقدا أو لأقل من الاجل الأول أوله أو لأبعد منه وفي كل إما أن يكون الثمن الثاني أقل
عددا من الأول أو مساويا له أو أزيد منه، فهذه اثنتا عشرة صورة. وفي كل إما أن يبيع بجيد ويشتري
بردئ أو العكس فهذه أربع وعشرون صورة وأن الصور التي تمنع ما عجل فيها الأقل وهي أن
يشتري بأقل نقدا أو لدون الاجل أو بأكثر لأبعد من الاجل فيمنع تعجيل الأردأ فيها وإذا اشترى
بأردأ نقدا أو لدون الاجل أو بأجود لأبعد من الاجل فإنه يمنع هذا مقتضى التشبيه وليس كذلك
لان صور الاجل كلها ممنوعة كما قال الشارح. قوله: (فحيث يمنع الخ) أي فالصور الثلاث التي يمنع فيها تعجيل الأقل يمنع
فيها تعجيل الردئ فحيث ظرف مكان مجازا. قوله: (وحيث جاز الخ) ظاهره
أن ضمير جاز راجع لتعجيل الأقل مع أن تعجيل الأقل دائما ممنوع ولا يتأتى هنا مقاصة لاختلاف
الصفة وقد يجاب بأن ضمير جاز راجع للتعجيل لا بقيد الأقل أو أنه راجع للعقد المفهوم من السياق.
قوله: (فيما إذا استوى الاجلان) أي كان الثمن الثاني أجود من الأول أو أردأ منه كان الثاني أقل عددا
من الأول أو مساويا له أو أزيد منه. قوله: (فعاد إليها أردأ) أي سواء كان ذلك الأردأ الذي عاد إليه
أزيد عددا مما دفعه أو مساويا في العدد لما دفعه أولا وأقل منه في العدد. قوله: (لما سيأتي له قريبا في
اختلاف السكتين الخ) أي فاختلاف السكتين من جملة الاختلاف بالجودة والرداءة. قوله: (من منع
صور الاجل كلها) أي وهي ثمانية عشر لان الاجل الثاني إما دون الأول أو مساو له أو أبعد منه وفي
كل إما أن يكون الثمن الثاني مساويا للأول في القدر أو أقل منه أو أكثر منه وفي كل إما أن
يكون البيع بجيد والشراء بردئ أو العكس، فهذه ثمانية عشر صورة كلها ممنوعة لاشتغال
الذمتين ولا يتأتى هنا المقاصة لاختلاف الصفة. قوله: (ويجاب بأن التشبيه هنا بالنسبة لوقوع الثمن
الثاني معجلا) أي فكأنه قال والجودة والرداء في الجواز والمنع كالقلة والكثرة حيث
كان الثمن الثاني معجلا أي والفرض اتحاد الثمنين في القدر وقد مر أنه إذا كان الثمن الثاني معجلا
إن كان أكثر من المؤجل جاز، وإن كان أقل منع فكذا هنا إن كان المعجل الأجود جاز، وإن
كان الأردأ منع وقوله بالنسبة الخ أي بدليل ذكره المنع في اختلاف السكتين حيث كان الثمن
الثاني مؤجلا مطلقا، واختلاف السكتين من جملة الاختلاف بالجودة والرداءة. قوله: (والمسألة
مفروضة الخ) أي لأنه لو كان الثمنان غير متحدي القدر بأن كان أحدهما أزيد من الآخر كان هناك قلة
وكثرة حقيقة فلا يصح التشبيه. قوله: (في اتحاد القدر) أي قدر الثمن الثاني للأول أي أنهما
متساويان في القدر والعدد وإن كان أحدهما جيدا أو الآخر رديئا. قوله: (وصورها ثمانية) أي
وصور المسألة ثمانية وذلك لأنه إذا كان الثمنان متحدي القدر وباع بجيد واشترى بردئ أو
العكس، فإما أن يكون الثمن الثاني نقدا، أو مؤجلا لدون الاجل الأول أوله أو لأبعد منه، فهذه
ثمانية أربعة فيما إذا باع بجيد واشترى بردئ وأربعة فيما إذا باع بردئ واشترى بجيد، فمتى كان
الثمن الثاني مؤجلا لدون الاجل الأول أو للأجل الأول أو لأبعد منه منع لابتداء الدين بالدين
وللبدل المؤخر وإن كان الثمن الثاني معجلا فإن عجل الأردأ منع للسلف لمنفعة وإن عجل الأجود
جاز لانتفاء الدين بالدين والبدل المؤخر والسلف بمنفعة. قوله: (فهي أخص من الآتية) أي أن
مسألة الجودة والرداءة أخص من مسألة السكتين لفرض هذه في اتحاد الثمنين قدرا وأما

80
الآتية فهي أعم من اتحادهما قدرا أو كون الثاني أقل من الأول أو أكثر منه. قوله: (في الصور الاثني
عشر) حاصلها أنه إذا باع بفضة لأجل ثم اشتراها بذهب فلا يخلو إما أن يكون الذهب قيمة الفضة
أو أقل من قيمتها أو أكثر وفي كل إما أن يكون الشراء الثاني نقدا أو لدون الاجل الأول أوله أو
لأبعد منه فهذه اثنتا عشرة صورة، ومثلها يقال فيما إذا باع أولا بذهب لأجل ثم اشترى بفضة فالصور
أربعة وعشرون كلها ممنوعة لتهمة الصرف المؤخر إلا ما استثناه المصنف فإنه جائز لانتفاء التهمة
المذكورة. قوله: (إلا أن يعجل أكثر الخ) انظر لو عجل أقل من قيمة المتأخر جدا كأن يبيع ثوبا
بستين درهما لشهر ثم اشتراها بدينارين نقدا وصرف الدينار عشرون هل هو جائز كذلك لان
تهمة الصرف المؤخر منتفية بالكثرة المذكورة أم لا وينبغي الثاني لان المحتاج قد يأخذ القليل
لحاجته ويدفع بعد ذلك الكثير جدا ففيه دفع قليل في كثير كذا نظر الشيخ أحمد الزرقاني قال بن
وهو قصور فقد نص في المدونة على المنع وذكر نصها فانظره فيه. قوله: (وصرف الدينار عشرون)
أشار بهذا إلى أن القلة والكثرة والمساواة هنا أي في هذه المسألة باعتبار صرف المثل لا باعتبار
الذات لان القلة والمساواة والكثرة باعتبار الذات إنما تتأتى في الجنس الواحد. قوله: (وبسكتين إلى
أجل) حاصله أنه إذا باع بسكة لأجل ثم اشترى بسكة أخرى لأجل فإما أن يتساوى الاجلان أو يكون
الاجل الثاني أقل من الأول أو أبعد منه وفي كل إما أن يتساوى الثمنان في القدر أو يكون الثاني
أقل أو أكثر، فهذه تسعة. وفي كل إما أن يبيع بسكة جيدة ويشتري برديئة أو العكس فهذه
ثمان عشرة صورة ممنوعة لابتداء الدين بالدين لاشتغال الذمتين كل هذا إذا كان البيع الثاني
مؤجلا كالأول أما إن كان نقدا فصوره ستة لان الثمن الثاني إما قدر الأول أو أقل أو أكثر وفي كل إما
أن يكون الشراء بالأجود أو الأردأ يجوز منها اثنتان ما إذا اشترى بأجود أكثر أو مساويا والأربعة
ممنوعة والمفهوم إذا كان فيه تفصيل لا يعترض به. وأعلم أن الاختلاف بالسكتين كالاختلاف
بالجودة والرداءة وأخذ مما هنا المنع في صور الاجل كلها وهي ثمانية عشر كما علمت وأخذ مما تقدم
التفصيل في صور النقد وهي ستة كما علمت. قوله: (بمحمدية الخ) أي وأولى عكسه فقد نبه بالمثال
الأخف تهمة على منع الأشد تهمة. قوله: (تساوي الدينين) أي في القدر والصفة. قوله: (بعرض مخالف ثمنه) الضمير في
مخالف راجع لعرض لأنه نعت له وضمير ثمنه للمبيع فهو منصوب على
المفعولية بمخالف أي وإن اشترى بعرض مخالف ذلك العرض الثمن الذي بيع به أولا أعم من أن
يكون بيع أولا بعرض أو بعين والمراد بالعرض ما قابل العين فيشمل الطعام والحيوان. ولو
قال المصنف: وإن اشترى بعرض مخالف لصنف الثمن الأول كان أظهر ومفهوم قوله مخالف ثمنه أنه لو
اشتراه بعرض موافق لثمنه الأول في الصنفية كما لو باع سلعة بثوب لشهر ثم اشتراه بثوب فالشراء
إما نقدا أو لدون الاجل أو للأجل أو لأبعد منه وفي كل إما أن تكون قيمة الثوب الثاني مساوية
لقيمة الأول أو أقل أو أكثر، فهي اثنتا عشرة صورة يمنع منها ما عجل فيه الأقل اتفاقا وذلك ثلاث صور
ما إذا كانت قيمة الثوب الثانية أقل وكان الشراء نقدا أو لدون الاجل أو كانت قيمة الثوب الثانية
أكثر من قيمته الأولى وكان الشراء لأجل أبعد من الاجل وما عداها فالجواز اتفاقا في الجميع
وذلك إذا كانت قيمة الثوب الثاني مساوية لقيمة الأولى كان البيع الثاني نقدا أو لدون الاجل
أوله أو لأبعد منه أو كانت قيمة الثانية أكثر من قيمة الأولى وكان البيع الثاني نقدا أو لدون الاجل أوله أو كانت قيمة الثانية أقل من قيمة الأولى وكان البيع الثاني للأجل أو أبعد
منه وأما قول عبق إذا عجل الأكثر ففي جوازه ومنعه قولان فقد رده بن بأن هذا جائز اتفاقا

81
وليس هذا من محل الخلاف لان هذا المفهوم داخل في قول المصنف أول الباب ثم اشتراه بجنس ثمنه
من غير طعام وعرض وحينئذ فما عجل فيه الأقل من الصور ممنوع اتفاقا وما عدا ذلك جائز اتفاقا.
قوله: (جازت ثلاث النقد) أي وهي ما إذا كان العرض الذي اشترى به ثانيا نقدا سواء كانت قيمته قدر
الثمن الأول أو قدر قيمته أو أقل منه أو أكثر. قوله: (وهي ما أجل فيه الثمنان) أي سواء كان أجل
الثمن الثاني لأجل الأول أو لأقل منه أو لأزيد منه سواء كانت قيمة العرض المشتري به ثانيا قدر
الثمن الأول أو قدر قيمته أو أقل أو أكثر فهذه تسعة كلها ممنوعة لابتداء الدين بالدين. قوله: (والمثلي
صفة) هذا مفهوم الضمير في قوله سابقا ثم اشتراه الخ. قوله: (التي عجل فيها الأقل) أي وهي شراؤه ثانيا
بأقل نقدا أو لدون الاجل أو بأكثر لأبعد من الاجل. قوله: (إن غاب الخ) أي وأما إن لم يغب عليه
جازت هاتان الصورتان فتكون صور الجواز تسعة وهي الشراء بمثل الثمن نقدا أو لدون الاجل
أو للأجل أو لأبعد منه وبأكثر نقدا أو لدون الاجل أو للأجل وبأقل للأجل أو أبعد. قوله: (للسلف
بمنفعة) علة للمنع في الصور الخمسة. قوله: (لان المشتري الخ) هذا التعليل إنما يظهر في الصور الأربع
الأول في كلام الشارح وأما الخامسة فوجه وجود السلف بمنفعة فيها أن المشتري الأول دفع عند
الاجل الأول قليلا يعود إليه عند الاجل الثاني كثيرا. قوله: (فيجوز مطلقا) أي في الصور الاثني
عشر أعني ما إذا كانت قيمة الثاني مساوية لقيمة الأول أو أقل منها أو أكثر وقع البيع الثاني نقدا أو
لدون الاجل الأول أوله أو لأبعد منه. قوله: (تردد) الأول لعبد الحق عن بعض القرويين والثاني
لغيره ويدخل في التردد كما في ابن الحاجب وابن شاس وغيرهما المخالف في الصفة كالسمراء
والمحمولة انظر بن. قوله: (كتغيرها كثيرا حال شرائها) أي عن حالها وقت بيعه لها.
قوله: (لوجود التهمة) أي وحينئذ فيمنع من الصور الاثني عشر ثلاث ما عجل فيه الأقل ويجوز
الباقي. قوله: (وإن اشترى الخ) حاصله أنه إذا اشترى بعض ما باعه ففيه اثنتا عشرة صورة
لأنه إما أن يشتري ذلك البعض بمثل الثمن أو أقل أو أكثر، وفي كل إما نقدا أو لدون الاجل أو
للأجل أو لأبعد منه الممتنع منها خمس صور، وهي أن يشتري بمثل الثمن أو أقل أو أكثر
لأبعد من الاجل أو بأقل نقدا أو لدون الاجل والجائز سبع صور وهي أن يشتريه بمثل الثمن نقدا أو لدون الاجل أو بأكثر نقدا
أو لدون الاجل أو بمثل الثمن أو أقل أو أكثر للأجل. قوله: (لما في
المساوي وإلا كثر) أي الأبعد من الاجل. قوله: (من سلف جر نفعا) أي والمسلف هو المشتري
لأنه يدفع بعد شهر عشرة يأخذها بعينها إذا حل الاجل الثاني ومعه زيادة الثوب هذا إذا اشترى

82
بالمثل لأبعد وأما إذا اشترى بأكثر لأبعد فيدفع المشتري بعد شهر عشرة يأخذ عنها اثني عشر ومعه
الثوب الثاني زيادة. قوله: (ولما في الأقل نقدا أو لدون الاجل أو لأبعد من بيع وسلف) أما إذا
كان الشراء نقدا أو لدون الاجل فلان البائع الأول يدفع الآن خمسة سلفا للمشتري فإذا جاء الاجل
رد إليه عشرة خمسة في نظير الخمسة التي أخذها وهي سلف وخمسة ثمن الثوب، وأما في الأبعد فلانه
عند حلول الأجل يدفع المشتري للبائع عشرة خمسة ثمن السلعة وخمسة سلفا فإذا جاء الاجل الثاني
دفع البائع الأول خمسة بدل الخمسة التي أخذها سلفا. قوله: (وامتنع بغير صنف ثمنه الخ) هذا فيما
إذا اشترى بعض ما باعه وما مر من قوله ومنع بذهب وفضة فيما إذا اشترى كل ما باعه فلا تكرار.
قوله: (أو عكسه الخ) أي وسواء كان الثمن الثاني نقدا أو للأجل الأول أو لأقل منه أو لأبعد منه كان الثمن
الثاني قيمة الأول أو أقل منها أو أكثر، وعلة المنع فيما إذا باع بذهب واشترى بفضة أو العكس
تهمة الصرف المؤخر وفيما إذا باع بمحمدية واشترى بيزيدية أو العكس البدل المؤخر. قوله: (إلا
أن يكثر المعجل) أي بأن يكون المعجل زائدا على جميع الثمن الأول بربعه كما في المثال الآتي أو بأكثر
وكلام المصنف شامل لما إذا كان المعجل نقدا أو لدون الاجل ولما إذا اشترى البائع بأقل لأبعد فقد
عجل المشتري الأول الأكثر ا ه‍ خش. ورده شيخنا بأن الصواب أن المراد بالمعجل في قوله إلا
أن يكثر المعجل ما كان نقدا في الحال فهو محمول على صورة واحدة كما قرره به شب ونص عليه
اللخمي وإليه يشير قول شارحنا ثم يشتري أحدهما بخمسين درهما نقدا. قوله: (ثم يشتري أحدهما
بخمسين درهما نقدا) أي فهذا جائز لبعد تهمة الصرف حينئذ بزيادة ذلك المعجل على جميع الثمن
بالربع. قوله: (لان المذهب فيها المنع) فيه نظر لان المدونة أطلقت المنع في شراء بعض المبيع
بغير صنف الثمن الأول الشامل للبيع بذهب والشراء بفضة وعكسه وللبيع بمحمدية والشراء
بيزيدية وعكسه فقيد اللخمي المدونة بما إذا لم يكثر المعجل وإلا جاز وتبعه ابن الحاجب وارتضاه
المصنف، وحينئذ فالقيد جار في مسألة الذهب والفضة والمحمدية واليزيدية وفي الشارح بهرام ما يفيد
ذلك. قوله: (ذكر ما إذا كان مع المبيع الخ) أي ذكر ما إذا اشترى البائع من المشتري الأول
المبيع الأول مع سلعة أخرى. قوله: (ولو باعه بعشرة) حاصله أن البائع إذا اشترى ما باعه مع سلعة
أخرى من عند المشتري الأول كثوب أو شاة مثلا فإنه يتصور فيها اثنتا عشرة صورة لان الثمن في
الشراء الثاني أما مثل الأول أو أقل أو أكثر وفي كل إما أن يكون نقدا أو لدون الاجل أو للأجل أو
لأبعد منه يمتنع منها سبع، وهي ما إذا كان الشراء الثاني نقدا أو لدون الاجل كان الثمن في السلعتين
مثل الأول أو أقل منه أو أكثر منه، والسابعة ما إذا كان الثمن الثاني أكثر من الأول لأبعد من
الاجل والجائز من تلك الصور الاثني عشر خمسة صور الاجل الثلاث أي إذا اشترى للأجل نفسه
بمثل الثمن أو أقل أو أكثر أو اشترى مبيعه مع السلعة الأخرى بمثل الثمن الأول أو أقل لأبعد. قوله: (في
شرائه بمثل أو أقل الخ) وجه ذلك أنه آل الامر إلى أن البائع الأول ثوبه قد رجعت إليه وقد دفع للمشتري
الأول عشرة أو ثمانية يأخذ عنها بعد الاجل عشرة وزاده المشتري أيضا ثوبا أو شاة والحاصل أن
المسلف هنا البائع الأول المشتري ثانيا وانتفاعه بالسلعة الثانية فقط إن كان الشراء بمثل الثمن نقدا
أو لدون الاجل أو بها وبزيادة الثمن الأول إن كان قد اشترى بأقل من الثمن الأول نقدا أو لدون
الاجل. قوله: (في شرائه بأكثر نقدا أو لدون الاجل) وجه ذلك أن البائع الأول قد رجعت له
سلعته فكأنها لم تخرج من يده وخرج من يده عشرة خمسة منها في مقابلة السلعة الثانية وخمسة

83
سلفا فإذا جاء الاجل رد المشتري له الخمسة التي أخذها سلفا. قوله: (أو لأبعد) وجه ذلك أن البائع قد رجعت
له سلعته والمشتري الأول قد دفع له عند الاجل الأول عشرة فهي سلف فإذا جاء الاجل الثاني دفع له البائع
بدلها اثني عشر عشرة عوضا عن السلف واثنين ثمنا للسلعة الأخرى والحاصل أن المسلف هنا المشتري
وفيما قبله البائع. قوله: (للبيع والسلف) بيانه أنه آل أمر البائع إلى أنه خرج منه خمسة وسلعة فيما إذا كان
نقدا أو لدون الاجل يأخذ عند الاجل عشرة خمسة في مقابلة الخمسة وهي سلف وخمسة في مقابلة السلعة
وهي الثمن. وأما إذا كان لأبعد من الاجل فالمسلف نفس المشتري وذلك لأنه إذا جاء الاجل يدفع عشرة
للبائع خمسة عوضا عن السلعة وهي بيع وخمسة أسلفها للبائع يقبضها منه بعد ذلك. قوله: (معطوف على مع
سلعة) أي لكن السلعة فيما مر من المشتري الأول وهنا من البائع الأول. قوله: (ووجه كونها تسعا الخ)
أي وأما وجه كونها ثلاثا أن الشراء الثاني إما نقدا أو لدون الاجل أو لأبعد منه. قوله: (إما أن تقرض الخ)
الأوضح أن يقول أن قيمة السلعة مع الخمسة إما أن تكون مثل الثمن الأول أو أقل أو أكثر والحاصل
أنك إذا بعت سلعة بعشرة لشهر ثم اشتريتها بخمسة وسلعة، فإما أن تكون قيمة السلعة مع الخمسة قدر الثمن الأول أو أقل أو أكثر وفي كل إما أن يكون البيع الثاني نقدا أو لأجل دون الأول أوله أو لأبعد منه
فهي اثنتا عشرة صورة يجوز منها صور الاجل الثلاثة ويمتنع منها الباقي وهو تسعة للبيع والسلف.
قوله: (لا بعشرة وسلعة) هذا مرتبط بما قبله كأنه مقابل خمسة وسلعة وحاصله أنه إذا باع سلعة بعشرة لأجل
ثم اشتراها بثمن آخر مع سلعة فإن كان ذلك الثمن الذي مع السلعة أقل من الثمن الأول فقد تقدم الكلام
عليه، وإن كان الثمن الذي مع السلعة قدر الثمن الأول بأن كان عشرة أو كان أكثر منه كاثني عشر فلا يخلو
إما أن يكون الشراء نقدا أو لدون الاجل الأول أوله أو لأبعد منه فهذه ثمانية يجوز في ستة وهي ما إذا
كان الشراء الثاني نقدا أو لدون الاجل أوله كان الثمن الذي مع السلعة عشرة أو أكثر ويمتنع في اثنتين
إذا كان الشراء الثاني لأبعد من الاجل كان الثمن الذي مع السلعة عشرة أو أكثر، ووجه الجواز في
الستة المذكورة أن البائع آل أمره إلى أنه دفع شاة وعشرة دنانير أو أكثر نقدا أو قبل الاجل يأخذ
عوضا عنها عشرة دنانير إلى شهر ولا تهمة فيه وأما في صورة الاجل فالجواز لوقوع المقاصة إلا أن يشترطا
نفيها وأما لأبعد فالمنع عملا بقوله أولا يمتنع ما تعجل فيه الأقل. قوله: (للأجل) أي ما إذا كان الشراء الثاني
للأجل الأول بمثل الثمن أو أقل أو أكثر. قوله: (ولو اشترى بأقل الخ) يعني أنه إذا باع سلعة بعشرة لأجل ثم
اشتراها بثمانية للأجل الأول أو لأبعد منه ثم رضي بتعجيل الثمن فهل يستمر الجواز على حاله لا سيما إذا
كان الثمن عينا لان الاجل من حق من هو عليه أو يمنع من التعجيل لأنها مهما على السلف بزيادة قولان
قال ابن وهبان وينبغي أن يكون المنع هو الراجح لعلته المذكورة، وكذلك الخلاف إذا اشترى
بأكثر للأجل ثم تراضيا على التأخير أو اشترى بأكثر نقدا أو لدون الاجل ثم رضيا بالتأخير
لأبعد. فلو قال المصنف وفيما آل للمنع وقد وقع جائزا قولان لشمل جميع ما ذكر.
قوله: (كتمكين) أي إن من باع سلعة بعشرة لأجل ثم أتلفها على المشتري وكانت قيمتها حين الاتلاف
ثمانية ودفع له قيمتها حين الاتلاف وهو الثمانية فإذا جاء الاجل هل يمكن البائع من أخذه من
المشتري ما زاد الثمن على القيمة وهو الدرهمان فيأخذ العشرة بتمامها أو لا يمكن وإنما يأخذ
الثمانية التي دفعها ويسقط عن المشتري الدرهمان قولان. قوله: (متلف) بأن أحرق الثوب أو ذبح
الحيوان فالحكم جار فيما ينتفع به بعد الاتلاف وفيما لا ينتفع به، وهو واضح في الأول دون الثاني
إذ كان مقتضاه أنه لا يأخذ الزائد قولا واحدا إلا أنهم أجروا الباب على سنن واحد. قوله: (أي الزائد)
جواب عما يقال أن الزيادة معنى من المعاني فلا يتعلق الاخذ بها فلو عبر بالمزيد كان أولى وحاصل

84
الجواب أن الزيادة بمعنى المزيدة أو أنها تعورفت في المزيد فلا اعتراض. قوله: (لبعد التهمة) أي
لاستحقاقه تلك الزيادة قبل الاتلاف. قوله: (للاتهام على سلف بزيادة) أي فالبائع قد سلف المشتري
ثمانية وأخذ منه عند الاجل عوضها عشرة. قوله: (وإن أسلم فرسا الخ) قال في التوضيح مسألتا الفرس
والحمار ليستا من بيوع الآجال ولكنهما شبيهتان بها لبنائهما على سد الذرائع وقد ذكرهما في المدونة
في هذ الباب ا ه‍ وبحث فيه الناصر اللقاني بأن بيع الاجل حقيقة بيع سلعة بثمن لأجل ولا شك أن كلا
من الفرس والحمار بيع بالأثواب لأجل ولا مانع من كون رأس المال مبيعا لنصهم على أن كلا من العوضين
مبيع بالآخر فتأمله ا ه‍ بن. قوله: (مثلا) أشار بهذا إلى أن مراد المصنف مجرد التمثيل فلا مفهوم لفرس
ولا لعشرة ولا لا ثواب ولا لخمسة وإنما المراد أنه أسلم مقوما فرسا أو غيره في مقوم كان ذلك المسلم
فيه ثيابا أو غيرها كانت الثياب عشرة أو أقل أو أكثر كان المردود خمسة أثواب أو أقل أو أكثر. قوله: (ثم
استرد) أي المسلم إليه. قوله: (مع خمسة) ليس المراد مع تعجيل خمسة وإلا نافى بعض صور الاطلاق
بل المراد مع الموافقة على رد خمسة ومفهوم قوله مع خمسة أمران الأول ما لو استرد مثله فقط فتجوز
الصور الاثنتا عشرة المتقدمة وهي ما إذا كانت قيمة المثل المردود مساوية لقيمة الأول أو أقل أو
أكثر سواء كان رد المثل نقدا أو لأجل دون الأول أو لمثله أو لأبعد منه وذلك لان هذا استئناف بيع
غير الأول وهذا عين قوله سابقا وإن باع مقوما فمثله كغيره والثاني ما لو استرد مثله مع غير جنس المسلم
فيه كشاة فتمنع الصور كلها كالمنطوق لما فيه من سلف جر نفعا، والحاصل أن رد مثل الفرس مع غير المسلم
فيه كرد مثلها مع بعض المسلم فيه في أن كلا منهما يمنع للسلف بزيادة كما بينه الشارح بقوله لأنه آل أمره
أي المسلم إلى أنه أسلفه أي المسلم إليه الخ. قوله: (كما لو استرده) أي كما يمنع لو استرده بعد الغيبة عليه وقبل
الاجل مع خمسة أبواب معجلة أو لدون الاجل أو لأبعد منه لأجل اجتماع البيع والسلف كما بينه الشارح بعد.
قوله: (وأما للأجل فيجوز الخ) حاصله أنه إذا رد قبل الاجل فرسا مماثلة لما أسلمه مع خمسة فالمنع
في الأحوال الأربعة، وأما لو رد الفرس بذاتها قبل الاجل مع خمسة فالمنع في ثلاثة أحوال والجواز في حالة
إن قلت إذا كانت الأثواب الخمسة مؤجلة للأجل الأول ما وجه الجواز إذا كان المردود عين الفرس

85
والمنع إذا كان المردود مثلها قلت إذا كان المردود مثلها علم أنهما قصدا السلف بالسلعة المدفوعة أولا
وسموه سلما تحيلا، بخلاف ما إذا كان المردود عينها فكأنهما اشترطا رد العين فخرجا عن حقيقة السلف
إذ الشأن فيه عدم رد العين فلذا جرى السلف بزيادة في الأول دون الثاني فتأمل. قوله: (في الثلاثة التي
قبل الاستثناء) أي ما إذا رد الفرس بعينه قبل الاجل مع خمسة معجلة أو مؤجلة لدون الاجل أو لأبعد
منه. قوله: (لان المعجل الخ) حاصله أنه إذا عجل خمسة الأثواب أو أخرها لدون الاجل فيقال أنه ترتب
للبائع في ذمة المشتري عشرة أثواب للأجل عجل منها خمسة مع الفرس قبل الاجل فهذه الخمسة التي عجلها سلف
أسلفها للبائع يقبضها من نفسه لنفسه عند تمام الاجل والخمسة الأثواب الأخرى التي أسقطها عنه البائع مبيعة
بالفرس فقد اجتمع البيع والسلف وأما إذا أخر تلك الخمسة بعد الاجل، فيقال إن البائع ترتب له في ذمة المشتري
عشرة أثواب أسقط عنه منها خمسة في مقابلة الفرس وهو بيع فإذا جاء الاجل وأخره بالخمسة الثانية كان ذلك
سلفا من البائع للمشتري فقد اجتمع البيع والسلف. قوله: (في الأول) أي في القسم الأول وهو أن المعجل
لما في الذمة يعد مسلفا. قوله: (وفي الثاني) وهو أن المؤخر على الاجل يعد مسلفا. قوله: (الباقية) التي أبرأه
منها. قوله: (وإن باع حمارا الخ) حاصله أنه إذا باع حمارا بعشرة لأجل ثم استرده ودينارا فالدينار إما نقدا أو
مؤجلا لدون الاجل الأول أوله أو لأبعد منه وفي كل إما أن يكون من جنس الثمن الأول أي موافقا له في صفته
أولا فهذه ثمانية ممنوعة إلا إذا كان الدينار موافقا للثمن في صفته وكان مؤجلا للأجل نفسه. قوله: (كان الدينار
من جنس الثمن) أي من صنفه بأن وافقه سكة وجوهرية ووزنا. قوله: (أو من غيره) أي بأن كان الدينار المردود
محمديا وكان البيع بيزيدية أو عكسه أو كان البيع بفضة والمردود ذهبا أو العكس وأما لو باعه بعشرة أثواب
ثم استرده ودينارا نقدا لجاز كما يأتي. قوله: (مبيعان بالأثواب) أي لان البائع للحمار قد باع للمشتري ما في ذمته
من الأثواب بدينار وحمار. قوله: (لفسخ الدين الخ) هذا التعليل لا يظهر إلا لو كان باع الحمار بعشرة
أثواب لأجل ثم استرده ودينارا مؤجلا فيقال أنه قد باع الحمار بتسعة أثواب وفسخ الثوب العاشر وهو مؤجل
في الدينار المؤجل فهو فسخ دين وهو الثوب العاشر في دين وهو الدينار المؤجل مع أن الموضوع أن الحمار
باعه بعشرة من العين فالأولى التعليل باجتماع بيع وسلف، كما علل به ابن يونس لان الدينار المزيد إذا لم يبق
لأجله فهو محض سلف قارنه ببيع. قوله: (للأجل) حال لا استثناء والحال وإن كانت قيدا لعاملها إلا أن الاستثناء
محطة الأول مقيدا بالثاني وليس الثاني مقصودا بالذات بل بالتبع فلا يلزم استثناء شيئين بأداة
واحدة وهو غير سائغ ا ه‍ عدوي. قوله: (فيجوز) أي إذا لم يشترطا نفي المقاصة كذا قال عبق وفيه أن هذا
القيد لا معنى له هنا لعدم تأتي المقاصة إذ ليس للمشتري في ذمة البائع شئ. قوله: (إلى أنه اشترى الحمار بتسعة) أي من
الدنانير التي في ذمة المشتري. قوله: (وإن زيد مع الحمار المردود غير عين) أي والفرض أنه باع الحمار أولا بغير عرض
بأن باعه بعين لأجل كما لو باعه بعشرة دنانير لأجل ثم استرده مع عرض. قوله: (لفسخ الخ) علة لمحذوف أي فلا يجوز
لفسخ الخ. قوله: (بالنسبة للمزيد) مثلا لو باع الحمار بعشرة دنانير موجلة ورده وعرضا مؤجلا للأجل الأول

86
أو دونه أو أكثر فقد فسخ دينارا مثلا في العرض المؤخر وبيع الحمار بتسعة حين رده ا ه‍.
قوله: (وبيع الحمار بنقد) يعني أنه إذا بيع الحمار بذهب أو فضة على التعجيل ولم
يقبض ذلك الثمن حتى وقع التقايل بزيادة من المشتري كان المزيد عينا أو عرضا أو
حيوانا فإنه يجوز إن عجل المزيد مع الحمار. قوله: (ويشترط أيضا) أي بالنسبة للمسألة
الثانية لان هذا الشرط إنما يتأتى فيها ولا يتأتى في الأول لان المزيد فيها غير عين. قوله: (أن يكون المزيد أقل
من صرف دينار) أي وإلا منع للصرف المؤخر. قوله: (لان المزيد) أي مع الحمار إن كان من جنس الثمن هذا
بالنسبة للمسألة الثانية أعني قوله وبيع بنقد وقوله تأخير في بعض الثمن أي الأول وقوله وذلك سلف أي
من البائع الأول لأنه قد أخر ما هو معجل، وتوضيحه أنه إذ باع الحمار بعشرة نقدا ولم تقبض حتى تقايلا
على أن يدفع المشتري دينارا مؤجلا لكان البائع قد أخذ الحمار من المشتري بتسعة وقد أسلفه الدينار
العاشر الحال يأخذ منه بدله الدينار المؤجل. قوله: (وهو الحمار المشتري) أي الذي اشتراه البائع من المشتري
حين الإقالة. قوله: (وإن كان) أي المزيد وقوله فإن كان عينا والثمن عين هذا أيضا بالنسبة للمسألة الثانية.
قوله: (فهو صرف مؤخر) فإذا كان الثمن عشرة دنانير وزاده عشرين درهما فقد صرف البائع الدينار العاشر بتلك
الدراهم. قوله: (وإن كان غير عين) أي والحال أنه ليس من جنس الثمن وهذا بالنسبة للمسألة الأولى والثانية
وتوضيحه أنه إذا باع الحمار بعشرة لأجل ثم استرده مع عرض لأجل كان الحمار مأخوذا عن تسعة والعاشر
قد فسخ في العرض، وكذا إذا باع الحمار بعشرة نقدا وتقايلا قبل القبض على زيادة شئ مع الحمار مؤجل
فالحمار مأخوذ في مقابلة تسعة والعاشر فسخ في الشئ المؤجل المزيد مع الحمار. قوله: (ومفهوم لم يقبض) أي
كما لو باع الحمار بعشرة وقبضها ثم تقايلا بزيادة فالجواز مطلقا كان المزيد عينا أو غيرها كان من جنس الثمن
أو لا عجل المزيد أو أجل لأنها بيعة ثانية لا تعلق لها بالأولى. قوله: (واحترز بالنقد) أي بما إذا كان الثمن عينا
وهو حال وقوله عن بيعه بعرض أي حال وتقايلا قبل قبضه. قوله: (فيجوز مطلقا) أي كان المزيد عينا أو
غيرها عجل المزيد أو أجل وكذا يقال في الاطلاق بعده. قوله: (إن كان الثمن معينا) أي عرضا معينا.
قوله: (وإلا منع) أي للبيع والسلف إن كان المزيد من جنس الثمن وفسخ الدين في الدين إن كان من غير جنسه بيانه
أنه إذا باعه الحمار بعشرة أثواب حالة غير معينة ثم تقايلا قبل قبضها على أن يرد مع الحمار ثوبا لأجل فالحمار
مأخوذ في مقابلة تسعة، وهذا بيع والثوب العاشر سلف من البائع للمشتري ويأخذها منه إذا حل الاجل
وإن رد مع الحمار شاة فقد فسخ الثوب العاشر في الشاة. قوله: (وأما زيادة البائع فجائزة مطلقا) أي سواء
كانت الزيادة معجلة أو مؤجلة والموضوع بحاله وهو أن البيع الأول بحال لم يقبض حتى تقايلا بزيادة من
البائع إلا في صورة واحدة وهي أن يكون المزيد مؤجلا وهو من صنف المبيع فيمتنع لأنه سلف بزيادة
كما في أبي الحسن انظر بن. قوله: (وصح أول) هو بغير تنوين لأنه بمعنى أسبق فهو ممنوع من الصرف
للوصفية ووزن الفعل بخلاف أول بمعنى واحد وما ذكره من صحة الأول فقط هو الأصح وخالف
ابن الماجشون وقال يفسخان معا وهذا الخلاف عند قيام السلعة. قوله: (بمفوت من مفوتات
الفاسد) ظاهره أي مفوت كان وهو قول سحنون والذي صححه ابن رشد في البيان أنه لا يفوت هنا
إلا العيوب المفسدة ونص ابن رشد في البيان واختلفوا بم تفوت به السلعة فقيل أنها تفوت بحوالة
الأسواق فأعلى وهو مذهب سحنون والصحيح أنها لا تفوت إلا بالعيوب المفسدة إذ هو ليس بيع

87
فاسد لثمن ولا مثمن وإنما فسخ لأجل أنهما تطرقا به إلى استباحة الربا وإلى هذا ذهب أبو إسحاق التونسي
وغيره من المتأخرين ا ه‍ بن. قوله: (قدر الثمن الأول) أي كعشرة وقوله: أو أقل أي كثمانية أو أكثر
أي كاثني عشر. قوله: (أو أقل) أي لأنا لو لم نفسخ الأول حينئذ يلزم دفع القيمة معجلة وهي أقل ويأخذ
عنها عند الاجل أكثر وهو عين الفساد الذي منعنا منه ابتداء بخلاف ما إذا تلفت أو فاتت وكانت
القيمة مساوية للثمن الأول أو أكثر منه، فإننا إذا فسخنا الثانية ودفعنا القيمة عشرة أو اثني عشر
وبقيت الأولى على حالها فلا محذور فيه لأنا ندفع عشرة أو اثني عشرة ونأخذ عشرة. قوله: (خلاف)
الأول قول ابن القاسم وشهره ابن شاس لأنهما لما ارتبطا صارا كالعقد الواحد والقول الثاني
لسحنون وقال ابن الحاجب أنه الأصح وعبر عنه بعضهم بالمشهور ا ه‍ بن. قوله: (وكانت القيمة
مساوية للثمن الأول أو أكثر) أي فعلى الأول لا رجوع لأحدهما على الآخر بشئ وعلى الثاني يرجع
بالزيادة من له زيادة. قوله: (وإن كانت القيمة أقل من الثمن الأول) هذا محترز قوله وكانت القيمة مساوية
للثمن الأول أو أكثر وقوله فسخا معا باتفاق أي وحينئذ فلا رجوع لأحدهما على الآخر بشئ.
فصل ذكر فيه حكم بيع العينة
قوله: (ووجه مناسبته) أي بيع العينة وقوله لما قبله أي وهو بيوع الآجال وقوله التحيل أي في
كل منهما. قوله: (فياء تحتية) أي منقلبة عن واو لان أصلها العون. قوله: (لاستعانة البائع بالمشتري الخ)
أراد بالبائع المطلوب منه السلعة وبالمشتري الطالب بها، وحينئذ فتسميته بائعا باعتبار المآل لأنه
حين طلبت منه السلعة لم يكن بائعا بل مطلوب منه فقط والأحسن أن يقال إنما سميت عينة لإعانة
أهلها للمضطر على تحصيل مطلوبه على وجه التحيل بدفع قليل في كثير. قوله: (لأنه المقصود في هذا
الفصل) أي وعلى نسخة بثمن يقال لا ثمرة لذكر ذلك إلا التوصل للمبالغة وإلا فمن المعلوم أن كل من
باع لا يبيع إلا بثمن. قوله: (فهو متعلق ببيعها) أي لا بقوله يشتريها لان شراء المطلوب منه
لا خلاف في جوازه سواء عجل كل الثمن أو أجل الكل أو عجل البعض وأجل البعض وحينئذ
فلا يناسبه التعبير بلو والخلاف إنما هو في بيع المطلوب منه للطالب بثمن مؤجل بعضه وبعضه
معجل. ثم إن قول المصنف جاز لمطلوب منه سلعة أي والحال أنه من أهل العينة أي الذين يتحيلون
على دفع قليل في كثير لأنه محل الخلاف المشار إليه بلو وموضوع الصور الآتية بعد. قوله: (لأنه
كأنه الخ) أي لان المطلوب منه كأنه قال للطالب حين باعها له خذها الخ ولا يتأتى هذا إلا إذا كان
الطالب من أهل البياعات وكانت السلعة يمكن بيع بعضها. قوله: (منها لحاجتك) أي وهو ما يدفعه
معجلا للمطلوب منه. قوله: (لا يفي الخ) الأولى لا يفي ببقية الثمن الذي اشتريت به أي والشراء
بغلو والبيع برخص مكروه. قوله: (فليتأمل) أي في رد المصنف على العتبية بلو فإنه

88
غير صحيح فإن كلام المصنف مسألة وكلام العتبية مسألة أخرى لان كلام العتبية فيمن كان من أهل
العينة يشتري السلعة من التجار ويبقيها عنده حتى يأتيه من يشتريها منه بثمن بعضه مؤجل وبعضه
معجل، فظاهر المدونة والأمهات جواز ذلك لأهل العينة وظاهر العتبية الكراهة ومحل الخلاف إذا
دخلا أي البائع والمشتري على أن المشتري لاحتياجه ببيع من تلك السلعة بقدر ما ينقده للبائع ويبقى
بقيتها عنده للأجل في مقابلة ما بقي من الثمن وإلا فلا كراهة، وكلام المصنف فيمن طلبت منه سلعة
فيشتريها من مالكها ثم يبيعها لمن طلبها منه فيجوز له أن يبيعها له بثمن كله معجل أو كله مؤجل أو بعضه
معجل وبعضه مؤجل، فإذا علمت هذا تعلم أن على المصنف الدرك من وجهين إتيانه بالمبالغة في مسألة
المطلوب منه سلعة وليست عنده وليست هذه محلا لها الثاني أنه على تقدير أنه لا فرق بين الشراء من
المطلوب منه سلعة وليست عنده والشراء ممن هي عنده فمحل المبالغة مقيد بما إذا اشترى ليبيع
للحاجة وقد أخل بالقيد انظر بن. قوله: (وكره خذ بمائة الخ) ظاهر المصنف أن الكراهة إذا
كان الفاعل لذلك من أهل العينة كما يقتضيه ذكره هنا ولكن ظاهر النقل الاطلاق كما قال عبق
وأما إن أعطى رب مال لمريد سلف منه بالربا ثمانين ليشتري بها سلعة على ملك رب المال ثم يبيعها له
فهو ممنوع كما نقله ح عن ابن رشد في آخر الفصل لأنها لما لم تكن عنده السلعة كان المقصود
بشرائها ولو على وجه الوكالة صورة إنما هو دفع قليل ليأخذ عنه كثيرا. قوله: (وأجيب بأن
مراده الخ) الأولى أن يقال أنه أراد بالايماء لتربيحه عدم التصريح بقدر الربح سواء أومأ للتربيح أو صرح
به إجمالا وأما ما ذكره الشارح من الجواب فناظر فيه لتطبيق كلام المصنف على ما في التوضيح.
قوله: (فإن صرح بقدره حرم) أي إذا كان الشراء الثاني لأجل وأما إذا كان نقدا ففي الجواز
والكراهة قولان كما سيذكره المصنف، فلا معارضة بين كلام الشارح هنا، وما يأتي للمصنف من
أنه إذا قال له اشترها بعشرة نقدا وأنا آخذها منك باثني عشر نقدا ففي الجواز والكراهة قولان.
قوله: (جاز) أي كما هو مفاد التوضيح وهو الحق خلافا لظاهر كلام المصنف هنا من الكراهة.
قوله: (وللتصريح بالرد على من قال الخ) في ح أنه أتى به ليرد قول فضل يجب أن يفسخ لحمله الكراهة في
المدونة على التحريم لما فيه من التحيل على دفع قليل في كثير. قوله: (بخلاف اشترها) حاصل صور
هذه المسألة وهي ما إذا أمره أن يشتريها بثمن ويأخذها منه بثمن آخر أن الثمنين إما أن يكونا نقدا
أو مؤجلين أو الأول نقدا والثاني لأجل أو بالعكس، وفي كل من الأربعة إما أن يقول لي أم لا فهذه

89
ثمانية وفي كل إما أن يكون الثمن الثاني قدر الأول أو أقل أو أكثر، فهذه أربعة وعشرون والمصنف لم
يذكر منها إلا ست صور لأنه ذكر لفظ بخلاف ثلاث مرات وفي كل منها صورتان لأنه في كل منها إما
أن يقول لي أولا. قوله: (وآخذها) إما بالرفع أي وأنا آخذها فهو استئناف أو أنه منصوب بأن مضمرة
بعد واو المعية في جواب الامر. قوله: (فلا يجوز) أشار به إلى أن قول المصنف بخلاف الخ مخرج من
قوله جاز الخ لا من قوله وكره الخ. قوله: (ثم تارة يقول الآمر لي) أي تارة يقول الآمر اشتراها لي
بعشرة نقدا وأنا آخذها الخ. قوله: (خلاف الخ) ومشى المصنف فيما يأتي على القول الثاني ونقل أيضا
عن ابن رشد أنه لا جعل له. قوله: (وفي الفسخ إن لم يقل لي الخ) حاصله أنه إذا لم يقل لي والفرض أنه أمره بشرائها بعشرة واتفق معه على أن يشتريها منه باثني عشر لأجل ووقع ذلك فقيل يفسخ البيع
الثاني وهو أخذ الآمر لها باثني عشر لأجل ثم إن كانت السلعة قائمة في يد الآمر ردت للمأمور
بعينها وإن فاتت في يد الآمر بمفوت البيع الفاسد رد قيمتها يوم القبض حالة بالغة ما بلغت زادت على
الاثني عشر أو نقصت، وقيل أن البيع الثاني يمضي مع الآمر باثني عشر للأجل ولا يفسخ كانت
السلعة قائمة أو فائتة، وإذا علمت ذلك ظهر لك أن الاستثناء في قول المصنف وفي الفسخ إن لم يقل لي
إلا أن يفوت فالقيمة فيه نظر من وجهين أحدهما أن مقتضاه أن المبيع إذا فات لا يفسخ مع أنه يفسخ
على هذا القول ما تقدم من أن المختلف في فساده يمضي إذا فات الثمن والجواب عن الأول أن الاستثناء
من مقدر أي وترد عينه إلا أن يفوت فالقيمة وإلى هذا الجواب أشار الشارح والجواب عن الثاني
إن ما تقدم أكثري لا كلي وإنما لم يمض هنا بالثمن لما فيه من سلف جر نفعا. قوله: (أو بمعنى الواو) أي
لان الخلاف إنما هو في الفسخ والامضاء لا في أحدهما كما يستفاد من أو. قوله: (لان ضمانها من المأمور)
أي لو هلك قبل شراء الثاني. قوله: (لأنها لم تلزمه) أي لعدم قوله لي. قوله: (وليس للمأمور منعها) هذا
مرتبط بما قبل التفريع أعني قوله ولو شاء الآمر الخ. قوله: (لكونه كوكيل الآمر) يقدح في هذا
جعله ضامنا لها وقد يقال لا منافاة بين كون ضمانها من المأمور وبين كون الآمر مخيرا في الشراء
وعدمه ألا ترى أن ما بيع بالخيار للمشتري، كذلك فإن ضمانه من بائعه مدة الخيار والمشتري مخير في
إمضاء الشراء وعدمه فقد وجد نظير لما هنا. قوله: (والمعتمد الثاني) قال ح وكان على المصنف أن
يقتصر على القول الثاني لأنه قول ابن القاسم وروايته عن مالك والقول الأول لابن حبيب ا ه‍ بن.
قوله: (على القولين) أي القول بفسخ البيع الثاني وإمضائه إن لم يقل لي ثم إنه لا حاجة لقوله ولا تجعل
له على القولين لأنه إذا فسخ البيع الثاني على القول به فظاهر عدم الجعل وإذا مضى على القول
الثاني فقد أخذ الدرهمين. قوله: (وهو يفيد الخ) الضمير للتعليل المذكور ووجه الإفادة إن هذا شأن
الإجارة والسلف، لأنه لا فرق بين الإجارة والسلف والبيع والسلف في حصول الصحة إذا أسقط
الشرط. قوله: (وإن شرط النقد) أي من الآمر على المأمور أي والحال أنه لم يحصل منه نقد وقوله
كالنقد أي كالنقد بالفعل من المأمور بشرط الآمر عليه. قوله: (ولزمت السلعة الآمر في هذه أيضا)
أي مراعاة لقوله إلى المفيد أنه وكيل عنه. قوله: (ويفسخ الثاني إن وقع) أي مراعاة لعلة اجتماع
السلف والإجارة بشرط. قوله: (فلا جعل له كما تقدم) قد سبق ما فيه من أنه لا حاجة لذلك لأنه إن

90
فسخ فظاهر عدم الجواز وإن أمضى فقد أخذه. قوله: (والأظهر والأصح أنه لا جعل له) أي وهو قول ابن
المسيب واختاره ابن رشد وابن زرقون ولاختيار ابن زرقون أشار المصنف بالأصح وبهذا يسقط تعقب
المواق على المؤلف بقوله لعل الواو في قوله والأصح أقحمها الناسخ وذلك لان اعتماد المواق على ابن
عرفة وهو لم يذكر كلام ابن زرقون، ثم اعلم أن المسألة الثانية ذات أقوال ثلاثة ذكر المصنف منها قولين
والثالث أن له أجر مثله بخلاف الأولى ففيها قولان له الأقل أو أجر مثله وليس فيها الثالث الذي استظهره
ابن رشد وحينئذ فلا يصح قول المصنف فيهما بالنسبة للأولى لأنه يقتضي أن القولين المذكورين جاريان
في المسألة الأولى والثانية كذا اعترضه المواق ورده بن بأن ابن رشد ذكر هذا القول في المسألة الأولى
أيضا ونقل ح كلامه فانظره. قوله: (يجوز) ظاهره الجواز ولو كان نقد الآمر بشرط اشترطه المأمور
عليه وهو كذلك كما في عبق. قوله: (محلهما الخ) هذا غير صحيح وفي التوضيح لما ذكر المسألة قال ما نصه
واختلف فيها قول مالك فمرة أجاز إذا كانت البيعتان نقدا وانتقد الآمر ومرة كرهه للمراوضة التي
وقعت بينهما في السلعة قبل أن تصير في ملك المأمور ا ه‍ وهذا يدل على أن محل القولين إذا نقد
الآمر ا ه‍ بن. قوله: (لأنه) أي الآمر يسلفه الخ هذا التعليل أصله لتت والشيخ سالم وكأنهما
رأيا أن الآمر سلف عشرة للمأمور ليدفع له عنها عند الاجل اثنا عشر وهو بعيد لان السلف لم يكن
للزيادة المذكورة بل لأجل تولية الشراء، فالأحسن عبارة ابن رشد في المقدمات والبيان لأنه استأجر
المأمور على أن يبتاع له السلعة بسلف عشرة دنانير يدفعها إليه ينتفع بها إلى الاجل ثم يردها إليه والآمر
يدفع الاثني عشر عند الاجل للبائع الأصلي ونحوه في التوضيح والمواق ا ه‍ بن. قوله: (فهل لا يرد) أي فهلا
يرد البيع الثاني إذا فات السلعة وتلزم القيمة وإن كانت قائمة ردت بذاتها ويفسخ البيع. قوله: (عنده)
أي عند الاجل. قوله: (أي وترد بعينها الخ) أي وهذا الثاني أحسن.
فصل إنما الخيار بشرط قوله: (عندنا) أي خلافا للشافعية فإنه معمول به عندهم ووافقهم
ابن حبيب من أئمتنا والسيوري وعبد الحميد الصائغ وعلى المشهور من عدم العمل به فاشتراطه مفسد
للبيع لأنه من المدة المجهولة الآتية. قوله: (وإن ورد به الحديث) أي وهو قوله عليه الصلاة والسلام:
البيعان بالخيار ما لم يتفرقا وهذا الحديث وإن كان صحيحا لكن صحته لا تنافي أنه خبر آحاد وعمل أهل
المدينة مقدم عليه عند مالك وذلك لان عمل أهل المدينة كالمتواتر لأنه من قبيل الاجماعيات والمتواتر
يفيد القطع بخلاف خبر الآحاد فإنما يفيد الظن. ونقل ابن يونس عن أشهب أن الحديث منسوخ وبعض
المالكية حمل التفرق في الحديث على تفرق الأقوال لا على تفرق الأبدان كما حمل الشافعي.
قوله: (خيار ترو) أي ويقال له خيار شرطي وهو الذي ينصرف له لفظ الخيار عند الاطلاق.
قوله: (ولما كانت مدة الخيار تختلف الخ) أي لما كانت مدة الخيار تختلف عندنا الخ أي
خلافا لأبي حنيفة والشافعي القائلين بأن مدة الخيار ثلاثة أيام في كل شئ. قوله: (كشهر)
أي أنه إذا شرط الخيار في دار فإن مدته لا تكون أكثر من شهر وستة أيام فلا ينافي أنها قد تكون أقل
من شهر وأشار الشارح بتقدير مدته إلى أن قول المصنف كشهر مثال لمقدر ويصح أن يكون من

91
مدخول الحصر وهو أحسن ويكون رادا بالأول على عبد الحميد وابن حبيب وبالثاني على الشافعي
وأبي حنيفة. قوله: (بقية أنواع العقار) أي كأرض وضيعة وحانوت وخان وغير ذلك ثم إن ظاهر
المصنف إن أمد الخيار في العقار شهر وما ألحق به سواء كان الخيار لاختبار حال المبيع أو للتروي في الثمن وهو ظاهر كلام أهل المذهب وقيل أنه قاصر على الأول وأن الثاني ثلاثة أيام وهو ما نقله
ابن عرفة عن التونسي وكذا يقال فيما يأتي في الرقيق والدابة والثوب. قوله: (سواء كان) أي الاسكان
وليس الضمير للخيار. قوله: (ويفسد البيع باشتراطه) أي كان للاختبار أم لا. قوله: (في الأربعة)
أي كان بشرط أم لا لاختبار حالها أم لا. قوله: (وإلا) أي وإلا يكن بأجرة فلا يجوز فيهما أي
كان الاسكان بشرط أو بغيره. قوله: (في الأربع) أي سواء كان بشرط أو بغيره كان بأجرة
أو كان بغيرها. قوله: (فهذه ثمانية أيضا) أي فيكون صور سكنى المشتري في مدة الخيار ست عشرة
صورة وحاصلها أنه إما أن يسكن كثيرا أو يسيرا وفي كل إما أن تكون السكنى بشرط أو بغيره
وفي كل من هذه الأربعة إما أن تكون لاختبار حالها أم لا وفي كل من هذه الثمانية إما أن تكون
السكنى بأجرة أم لا، فهذه ست عشرة صورة علم حكمها من الشارح. وحاصل ما ذكره الشارح أنه
إن سكن بأجر جاز مطلقا في صورها الثمان كانت بشرط أو بغيره كانت كثيرة أو يسيرة للاختبار
أو لغيره وإن سكن بغير أجر منع في الكثير في صوره الأربع بشرط وبغيره للاختبار وغيره
ومنع في اليسير في صورتي غير الاختبار، أي ما إذا سكن لغير الاختبار بشرط وبغيره وجاز في
صورتي الاختبار. قوله: (فالممنوع ست) أي وهي ما إذا كان الاسكان كثيرا بشرط أو بغيره
لاختبار حالها أم لا وكان ذلك بلا أجرة وكذا إن كان يسيرا لغير اختبار كان بشرط أو بغيره وهو
بلا أجرة. قوله: (الفاسد منها ثلاثة) أي وهي ما إذا كان الاسكان كثيرا بشرط من غير أجرة
سواء كان لاختبار حالها أم لا أو كان يسيرا بلا أجر لغير اختبار. قوله: (وكجمعة في رقيق) فلو
بيعت دار به أي بالرقيق وكل بالخيار فالظاهر أن الخيار إن قصد به كل منهما اعتبر أمد الأبعد منهما
وإن قصد به أحدهما اعتبر أمد المقصود منهما بالخيار انظر بن. قوله: (أي جاز استخدامه) أي في
مدة الخيار أي جاز استخدام المشترى له. قوله: (أو كثيرة) أي بغير أجرة. قوله: (فيرجع الاستخدام
لسكني الدار) أي في جريان الست عشرة صورة فيه وحاصلها أن الاستخدام إما أن يكون كثيرا أم لا وفي كل إما بشرط
أم لا وفي كل من الأربعة إما لاختبار حاله أم لا وفي كل من هذه الثمانية إما
بأجرة أم لا، فهذه ست عشرة صورة. وحاصل حكمها أنه إذا كان بأجرة جاز في ثمانية وإن كان بغير
أجرة إن كان يسيرا لاختبار حاله جاز بشرط وبدونه وإلا منع فالممنوع ست والفاسد منها ثلاث ولو قال
المصنف: ولا يسكن مجانا وإلا جاز كاختبارها في اليسير والاستخدام في الرقيق كذلك لكان حسنا.
قوله: (يوهم خلاف المراد) أي وذلك لان وظاهره أن السكنى ممنوعة في الصور كلها والاستخدام جائز
في الصور كلها هذا خلاف المراد. قوله: (وكثلاثة في دابة) قال طفي ظاهر كلامه في توضيحه
ومختصره تبعا لابن عبد السلام أن مدة الخيار في الدابة تختلف باختلاف ما يراد من ها فإن كان ليس
شأنها الركوب فمدة الخيار فيها ثلاثة أيام وإن كان شأنها الركوب فإن اشترط الخيار فيها لأجل
اختبارها بالركوب في البلد كان أمد الخيار فيها يوما وإن كان لأجل اختبارها بالركوب خارجها
فبريد أو بريدان وهو خلاف ما لعبد الحق وابن يونس وعياض وابن شاس من أن اليوم ليس أمدا
للخيار وإنما هو أمد للركوب مع بقاء أمد الخيار ثلاثة أيام مطلقا سواء كانت تراد للركوب أم لا، وهذا
هو التحقيق ولولا ما في التوضيح لأمكن حمل قوله كيوم لركوبها عليه أي كيوم لاشتراط ركوبها
لأجل اختبارها به داخل البلد مع بقاء الخيار إلى ثلاثة أيام ا ه‍. وعلى هذا حمل ابن غازي واستدل له
بكلام عبد الحق وابن يونس وحاصله أنه يجوز بيع الدابة بالخيار ثلاثة أيام سواء اشترط اختبار
حالها بغير الركوب أو بالركوب في البلد أو خارجها إلا أنه إذا شرط اختبارها بالركوب في البلد

92
لا يركب إلا يوما واحدا مع كون الخيار إلى ثلاثة أيام وإن شرط اختبارها بالركوب خارجها فليس له
ركوبها إلا بريدا أو بريدين مع بقاء الخيار ثلاثة أيام. قوله: (ليس شأنها الركوب) أي كالبقر والغنم
ودخل فيها الطير والإوز والدجاج كذا قرر وقال اللقاني إن جرى عرف فيها بشئ عمل به وإلا فلا
خيار فيها فيما يظهر ا ه‍ عدوي. قوله: (أو لم يشترط الخ) أي أو كان شأنها الركوب ولم يشترط
الخيار فيها للركوب بل لقوتها الخ. قوله: (فإن اشترط الركوب) أي فإن كان شأنها الركوب
واشترط الخيار لاختبارها بالركوب فإما أن يشترط اختبارها بالركوب في البلد كالحمير والبغال
بمصر أو في خارجها كحمير التراسين. قوله: (فيوم) أي فأمد الخيار يوم فقط لا ثلاثة هذا ظاهر
المصنف. قوله: (أي لشرطه) أي لشرط اختبارها به فقط. قوله: (فإن اشترطه وغيره) أي فإن
اشترط اختبارها به وبغيره كأكلها. قوله: (وليس قصده) أي وليس قصد المشتري الاختبار
بالركوب بدون شرط كشرط اختبارها به على الراجح، وما ذكره من أن قصد الركوب ليس
كاشتراطه قول أبي بكر بن عبد الرحمن ومقابله إن قصد الركوب كاشتراطه قول أبي عمران وصححه
عياض، فإذا اشترى دابة على الخيار ثلاثة أيام ولم يشترط ركوبها لأجل اختبارها به فلا يجوز له
ركوبها في أيام الخيار على الأول ويجوز على الثاني ونص عياض ذهب أبو بكر بن عبد الرحمن
إلى أنها لا تركب أيام الخيار إلا بشرط وذهب أبو عمران إلى أنه إذا لم يشترط ركوبها فله من ذلك
ما يجوز اشتراطه إذا كان العرف عند الناس الاختبار بالركوب وهو الصحيح، ثم إن قول الشارح
وليس قصده الخ هذا إنما يناسب طريقة عبد الحق من أن أمد الخيار في الدابة مطلقا ثلاثة أيام فإن
كان شأنها الركوب وشرط اختبارها بالركوب في البلد جاز له ركوبها يوما فإن لم يشرط ذلك فهل
يجوز له ركوبها أم لا فيه ما علمته من الخلاف وأما على طريقة المصنف من أن دابة الركوب إذا
اشترط فيها الخيار لأجل اختبارها بالركوب داخل البلد فأمد الخيار فيها يوم فلا يتأتى فيها
ذلك الخلاف فتأمل. قوله: (ولا بأس بشرط سير البريد) هو سفر نصف يوم بالسير المعتاد أي وإذا
شرط اختبارها بالركوب خارج البلد فلا بأس باشتراط سير البريد. قوله: (الأولى تأويلان)
لان هذا اختلاف من شراح المدونة في فهمها والأول لأبي عمران والثاني لعياض. قوله: (وعرض)
من جملته الكتب وهل السفن كذلك أو كالدور قولان وأما الخضر والفواكه فأمد الخيار فيها
بقدر الحاجة مما لا يتغير فيه كذا في المج. قوله: (وجاز) أي ابتداء لا أنه يصح بعد الوقوع مع منعه
ابتداء. قوله: (بعد بت) أي وأما الجمع بين البت والخيار في عقد واحد فهو ممنوع كما نقله بن
عن التوضيح لخروج الرخصة عن موردها لان إباحة الخيار رخصة وذلك لان الخيار محتو على
غرر إذ لا يدري كل من المتبايعين ما يحصل له هل الثمن أو المثمن لجهله بانبراء العقد ومتى يحصل
فكان مقتضاه أن يكون ممنوعا لكن رخص الشارع فيه فأباحه عند انفراده. قوله: (أن يجعل
أحدهما لصاحبه أو كل منهما للآخر الخيار) قال في المدونة وهو بيع مؤتنف بمنزلة بيع المشتري
لها من غير البائع وما أصاب السلعة في أيام الخيار فهو من المشتري لأنه صار صار بائعا. قوله: (فقد فسخ
البائع الخ) حاصله أن البائع قد تقرر له بالبت الواقع أو لا ثمن عند المشتري أوجب ذلك الثمن

93
للمشتري عند البائع سلعة فيها الخيار فقد فسخ البائع ماله من الثمن في ذمة المشتري في معين يتأخر قبضه
لان تلك السلعة في ضمان البائع لتمام مدة الخيار فالمراد بالقبض القبض الشرعي وهو دخولها في ضمان
المشتري. قوله: (فالمنع لمظنة التأخير) أي تأخير رد السلعة فكأنه إذا اختار الرد إنما ردها بعد
يومين فقد فسخ البائع ما في ذمة المشتري في معين وقد تأخر قبضه له بالنظر لآخرة الامر.
وحاصله أن الثمن الذي تقرر في ذمة المشتري لا البت فقد فسخه البائع في سلعة يتأخر قبضه لها
لان المشتري يحتمل أن يمضي البيع وأن يرده وعلى احتمال رده له يظن أنه أخر ردها للبائع يوما أو
يومين، فقوله لاحتمال اللام بمعنى مع، وقد علمت أن العلة في المنع عند عدم النقد فسخ البائع ما في ذمة
المشتري وفي معين يتأخر قبضه سواء كان الخيار للبائع أو للمشتري إلا أنه إن كان الخيار للبائع
فتأخير القبض بالنسبة لمشتري وإن كان الخيار للمشتري فتأخير القبض بالنسبة للبائع وعلى كل حال
فالفاسخ لما في الذمة هو البائع إذا علمت هذا فالأولى للشارح أن يقول لأنه إذا لم ينقد فقد فسخ
البائع ماله في ذمة المشتري في معين يتأخر قبضه وهو ظاهر إن كان الخيار للبائع وإن كان
للمشتري فبالنظر لمظنة التأخير مع احتمال اختيار المشتري رد البيع. قوله: (أو الصحة والجواز مطلقا)
أي سواء نقد المشتري الثمن للبائع أو لم ينقده كما هو ظاهر المدونة وذلك لان جعل الخيار لأحدهما
ليس عقدا حقيقة إذ المقصود منه تطييب نفس من جعل له الخيار لا حقيقة البيع فلا يلزم المحذور
المذكور. قوله: (تأويلان) الأول لبعض شيوخ ابن يونس والثاني للخمي. قوله: (لأنه صار بائعا) وذلك
لان المشتري لما اتفق مع البائع على ما جعل لكل منهما من الخيار عد بائعا لأنه أخرج السلعة عن ملكه
بعد وقوع البيع على البت. والحاصل أن تراضيهما على الخيار بعد البت بيع مؤتنف بمنزلة بيع المشتري لها
من غير البائع والضمان في مدة الخيار من البائع. قوله: (ولو جعل البائع الخيار للمشتري) هذا مبالغة
في قوله وضمنه المشتري أي هذا إذا جعل المشتري الخيار للبائع اتفاقا بل ولو جعل البائع الخيار للمشتري
بناء على المذهب من أن اللاحق للعقود ليس كالواقع فيها أما على مقابله من أن اللاحق للعقود كالواقع فيها
فالضمان من البائع في تلك الحالة. قوله: (وفسد الخيار) أي فسد البيع المحتوى على الخيار بشرط مشاورة الخ
وضمانه من بائعه كما في بيع الخيار الصحيح على الراجح وقيل من المشتري إذا قبضه حكم البيع الفاسد وحاصل
ما ذكره الشارح أنه قد تقدم أن أمد الخيار في العقار شهر ويلحق به ستة أيام فإذا بعتك الدار على مشاورة
زيد وكان في مكان بعيد على أكثر من أمد الخيار كأربعين يوما كان البيع باطلا أما لو كان على

94
مسافة ثمانية وثلاثين يوما فلا يضر لان اليومين يلحقان بأمد الخيار، وكذا لو كان على مسافة تسعة
وثلاثين لان المضر كما قال الشارح أن لا يعلم ما عنده إلا بعد فراغ أمد الخيار وما ألحق به كما في خش بأمد
فاليوم الواحد ليس بأمد بعيد وأعلم أنهم لم يتعرضوا لقدر الأمد البعيد ولا القريب وحينئذ فيرجع
فيهما للعرف ا ه‍ تقرير عدوي. قوله: (أو بشرط مدة زائدة على مدته بكثير) أي وأما الزيادة
بيوم أو بعض يوم لم يضر اشتراطها لقول المصنف ورد في كالغد. قوله: (أو مجهولة) اعترض بأن
في كلام المصنف تكرارا لان المشترط مشاورته إما أن يعلم وقت الاجتماع به لكن بمدة تزيد على أمد
الخيار الشرعي فهو راجع لشرط مدة زائدة أو لا يعلم وقت الاجتماع به فهو راجع لمدة مجهولة.
وأجاب بعضهم بأن مشاورة البعيد يلاحظ فيها البعد ولا يلاحظ فيها الزمان والمدة الزائدة يلاحظ
فيها الزمان لا البعد والمدة المجهولة يلاحظ فيها الجهالة لا الزمن فلا تكرار. قوله: (أو غيبة على ما لا
يعرف بعينه الخ) حاصله أن من اشترى ما لا يعرف بعينه بخيار كالمكيل والموزون والمعدود وشرط
البائع أو المشتري الغيبة مدة الخيار، فإن ذلك يوجب فساد البيع لتردد المبيع بين السلفية والثمنية
لأنه بتقدير الامضاء مبيع وبتقدير الرد سلف لامكان الانتفاع به ومفهوم شرط أن الغيبة إذا كانت
بغير شرط كما لو تطوع البائع بإعطاء السلعة للمشتري وغاب عليها في زمن الخيار وكانت مثلية فإنه
لا يضر بل ذلك جائز، ومفهوم ما لا يعرف بعينه جواز اشتراط الغيبة على ما يعرف بعينه فإذا تنازع
البائع والمشتري في تسليم ما يعرف بعينه المبيع بالخيار قضى للمشتري بتسليمه إن كان الخيار لاختبار
حال المبيع وإن كان للتروي في ثمنه مع علمه بحاله لم يقض له بأخذه، فإن وقع البيع على الخيار ولم
يعين وقوعه لماذا بأن اتفقا على الاطلاق لفظا وقصدا حمل على أنه للتروي في الثمن ولا يلزم تسليمه
للمشتري وإن اتفقا على وقوعه مطلقا في اللفظ وادعى كل واحد منهما قصدا يناقض قصد الآخر فسخ البيع قاله ح.
قوله: (لان من غير المثلى) أي لان بعض العروض المقومة لا تعرف بعينها كالطواقي والشيلان
والبوابيج والأواني الصيني. قوله: (وأخفاه) أي أخفى ذلك الالتزام في نفسه. قوله: (إن لم يرده) أي
المشتري لنفسه بأن رد البيع وضمير يرده للمثلي وقوله إن رده أي لنفسه بأن أمضى البيع. قوله: (أو
لبس ثوب) يعني أنه يفسد البيع الواقع على خيار بشرط لبس الثوب في مدة الخيار إذا كان
اللبس منقصا وأما إن كان يسيرا بأن شرط لبسه لقياسه فلا يضر. قوله: (لان الغلة في بيع
الخيار للبائع) أي زمن الخيار وذلك لأن الضمان منه والحاصل أن الأجرة والغلة للبائع في
بيع الخيار زمنه سواء كان صحيحا أو فاسدا، ولو كان الخيار في الصحيح للمشتري وأمضى البيع
لنفسه لان الملك للبائع زمنه ولم يدخل في ضمان المشتري. وما تقدم من أن الغلة للمشتري في البيع
الفاسد والضمان منه محمول كما تقدم على ما إذا كان البيع بتا فبيع البت الفاسد ينتقل فيه الضمان
بالقبض فيفوز المشتري بالغلة وأما بيع الخيار فالملك فيه للبائع ولا ينتقل الضمان فيه بالقبض
كان صحيحا أو فاسدا، فلذا كانت الأجرة والغلة فيه للبائع. قوله: (وما في حكمه) أشار إلى أن في
كلام المصنف حذف الواو مع ما عطفت وحينئذ فلا تنافي بين قوله ولزم بانقضائه وبين قوله ورد في
كالغد. قوله: (بعد انقضاء زمن الخيار) أي وبعد انقضاء ما ألحق به كالغد وهو اليوم واليومان
فقول المصنف ورد في كالغد أي بعد شهر في دار وبعد كجمعة في رقيق وبعد كثلاث في دابة وبعد
كيوم في ثوب أي له أن يرد الدار بعد مضي يومين واقعين بعد الشعر، وما ألحق به وهو ستة أيام كما مر،
فالجملة ثمانية وثلاثون يوما وله أن يرد الرقيق بعد مضي يومين واقعين بعد الجمعة وما ألحق بها وهو ثلاثة

95
أيام كما مر فالجملة اثنا عشر يوما، وله أن يرد الدابة بعد مضي يومين واقعين بعد الثلاثة الأيام وما ألحق
بها وهو يوم، فالجملة ستة أيام وكذا يقال في الثوب فالكاف في قوله كالغد أدخلت اليوم والكاف
في كشهر أدخلت الستة بالنسبة للدار والثلاثة بالنسبة للرقيق واليوم بالنسبة للدابة والثوب
ا ه‍ تقرير شيخنا عدوي. قوله: (ولو كانت مدة الخيار يوما) أي كالدابة تشتري بالخيار لأجل اختبارها
بالركوب داخل البلد على ما مر للمصنف والحاصل أن له الرد في كالغد ولو كانت مدة الخيار يوما لا إن
كانت أقل كما تقدم في الفواكه والخضر. قوله: (وهذا حيث وقع النص على المدة الخ) تبع فيه
عج وظاهر المدونة كما في المواق الاطلاق وعزا شب ذلك التقييد لأبي الحسن انظر بن.
قوله: (وبشرط نقد) أي ولو أسقط الشرط على المعتمد فليس كشرط السلف المصاحب للبيع وقوله
وبشرط نقد الخ وأما النقد تطوعا فلا يضر لضعف التهمة كما لو أسلفه بعد عقد البيع. قوله: (من غير
العقار) أي فلو كان المبيع عقارا مطلقا وغيره وهو قريب الغيبة كالثلاثة الأيام فلا يفسد شرط
النقد فيه كما مر في بابه. قوله: (ومع الشرط) أي وجاز النقد مع الشرط وقوله إن قرب راجع لغير
العقار وأما العقار فيجوز فيه اشتراط النقد مطلقا. قوله: (وعهدة ثلاث) أي ثلاثة أيام يرد فيها العبد
المبيع بكل حادث من العيوب وأما اشتراط النقد في عهدة السنة فلا يفسد العقد لقلة الضمان فيها
لندرة أمراضها فاحتمال الثمن فيها للسلف ضعيف بخلاف عهدة الثلاث فهو قوي لأنه يرد فيها بكل
حادث. قوله: (ومواضعة) أي وأمة بيعت على البت بشرط المواضعة لاحتمال أن تظهر حاملا
فيكون سلفا أو تحيض فيكون ثمنا لا إن اشترط عدم المواضعة أو كان العرف عدمها كما في بياعات
مصر فلا يضر شرط النقد، لكن لا يقران على ذلك بل تنزع من المشتري وتجعل تحت يد أمينة
ومفهوم بيعت على البت أنه لو بيعت على الخيار امتنع النقد فيها مطلقا ولو تطوعا كما يأتي. قوله: (بخلاف
المستبرأة) أي وهي الأمة الوخش التي لم يقر البائع بوطئها إذا اشتراها انسان بقصد الوطئ فإنه
يجب استبراؤها واشتراط النقد لا يفسد بيعها. قوله: (وأرض لزراعة) أي أجرها ربها على البت
وقوله لم يؤمن ريها بأن كانت من أراضي النيل العالية أو من الأراضي التي تروى بالمطر وقوله:
فإن شرط النقد يفسدها أي لتردد المنقود بين الثمنية إن رويت والسلفية إن لم ترو فإن أمن ريها
كأرض النيل المنخفضة جاز النقد فيها ولو بشرط. قوله: (فإن شرط نقد الكراء يفسد إجارتها)
أي وأما النقد تطوعا فهو جائز والموضوع أن الإجارة على البت وأما على الخيار فالنقد فيها ممنوع ولو
تطوعا والحاصل أن كراء الأرض إن كان على الخيار منع النقد فيه مطلقا تطوعا وبشرط كانت
الأرض مأمونة أو غير مأمونة وإن كان على البت جاز النقد تطوعا وبشرط إن كانت الأرض
مأمونة وإن كانت غير مأمونة جاز النقد إن كان تطوعا ومنع إن كان بشرط، وسيأتي في الإجارة
إن مأمونة الري بالنيل إذا رويت بالفعل يجب النقد فيها وحينئذ فالنقد في كراء الأرض على ثلاثة
أقسام جائز وممتنع وواجب. قوله: (وجعل الخ) أي إن من جاعل شخصا على الاتيان بعبده الآبق
مثلا واشترط المجعول له انتقاد الجعل في العقد فإنه يكون فاسدا لا إن كان النقد تطوعا فلا يضر على
المعتمد كما ذكر ذلك بن وأيده بالنقول خلافا لمن قال أن النقد يمتنع في الجعل مطلقا ولو تطوعا.
قوله: (وإجارة لحرز زرع) أي أو لرعي غنم أو لخياطة ثوب وقوله فتنفسخ الإجارة أي لتعذر

96
الخلف وما ذكره المصنف من أن النقد بشرط في مسألة الإجارة لحرز الزرع مفسد لها بناء على أنه
لا يجب خلف الزرع إذا تلف. وأما على أنه يجب خلفه وهو المذهب فيجوز شرط النقد فيه فالمصنف
مشى على ضعيف لأجل جمع النظائر نعم إذا كان الزرع المستأجر على حراسته معينا فلا يجب الخلف
اتفاقا وحينئذ فيمتنع اشتراط النقد. قوله: (عاقلا أو غيره) أي كمن اكترى سفينة بعينها على أن يركبها
وقت صلاح البحر للركوب فالكراء جائز ثم إن كان وقت صلاح البحر للركوب قريبا مثل نصف
شهر جاز شرط النقد وإن كان بعد نصف شهر كعشرين يوما فأكثر لم يجز اشتراط النقد. قوله: (فكان
عليه) أي على المصنف أن يقول وأجيز تأخر شروعه بعد نصف شهر ويعلم المنع عند تأخر شروعه
شهرا بالأولى وأما عبارته فتوهم عدم المنع عند تأخر شروعه بعد نصف شهر وليس كذلك.
قوله: (فالعلة في الكل التردد بين السلفية والثمنية) يؤخذ من هذا أن امتناع اشتراط النقد في المسائل
المذكورة إذا كان الثمن مما لا يعرف بعينه، لان الغيبة عليه تعد سلفا فإن كان مما يعرف بعينه جاز النقد
مطلقا ولو بشرط لعدم وجود هذه العلة حينئذ، لان الغيبة على ما يعرف بعينه لا تعد سلفا.
قوله: (يتعين فيه تعجيل النقد) أي وإلا كان فسخ دين في دين وقوله أو الشروع أي بناء على أن قبض
الأوائل قبض للأواخر. قوله: (ولا خصوصية للأربع المذكورة) أي لا خصوصية للمسائل الأربع التي
ذكرها في منع النقد فيها بشرط وغيره بل هذا الحكم ثابت لمسائل أخر غيرها ولذا زاد بعضهم عهدة
الثلاث بخيار لان عهدة الثلاث إنما تكون بعد أيام الخيار ولا تدخل في أيامه وإلا لم يكن لاشتراطها
فائدة. قوله: (كل ما) أي كل مبيع. قوله: (يمنع النقد فيه) أي تطوعا وبشرط. قوله: (مما لا يعرف بعينه) أي
وهو المثلى مكيلا كان أو موزونا أو معدودا بأن يجعل ذلك رأس مال السلم وأجرة الكراء وثمن الأمة
المواضعة أو الغائب فلو كان الثمن من المقومات فإنه لا يمنع نقده في هذه المسائل سواء كان البيع بتا أو على
الخيار ولو بشرط، لان ما يعرف بعينه من المقومات لا يترتب في الذمة حتى يفسخ في غيره والغيبة عليه
لا تعد سلفا فلا يتأتى فيه فسخ ما في الذمة في مؤخر ولا التردد بين السلفية والثمنية. قوله: (فسخ ما في
الذمة) أي وهو هنا الثمن الذي قبضه البائع وصار في ذمته وقوله في مؤخر أي وهو المبيع الذي
يتأخر قبضه بعد أيام الخيار. قوله: (في مواضعة) يعني أن من ابتاع أمة بخيار وهي ممن
يتواضع مثلها فإنه لا يجوز له النقد فيها في أيام الخيار ولو تطوعا حيث كان الثمن مما
لا يعرف بعينه لأنه يؤدي لفسخ ما في الذمة في معين يتأخر قبضه بيانه أن البيع إذا تم بانقضاء
زمن الخيار فقد فسخ المشتري الثمن الذي له في ذمة البائع في شئ لا يتعجله الآن وكذا من باع
ذاتا غائبة على الخيار فلا يجوز النقد فيها ولو تطوعا حيث كان الثمن مما لا يعرف بعينه للعلة
المذكورة لان البيع إذا تم بانقضاء أمد الخيار، فقد فسخ المشتري الثمن الذي له في ذمة البائع
في شئ لا يتعجله الآن وفرضنا المسألة في وقوع البيع على الخيار لأنه لو كان بتا كان الممنوع
إنما هو شرط النقد. وأما التطوع بالنقد فلا يضر وفرضنا أن الثمن مما لا يعرف بعينه لأنه لو
كان يعرف بعينه جاز نقده ولو بشرط كان البيع على البت أو على الخيار وكذا يقال في بقية المسائل
الأربع ونحوها. قوله: (ضمن بخيار) أي في إمضائه ورده والظاهر إن قدر أمد الخيار في
الكراء ثلاثة أيام كما في الدابة التي تباع بشرط الخيار لاختبار ثمنها قاله شيخنا العدوي. قوله: (أو غير
معينة) أي وهي التي كراؤها يقال له مضمون. قوله: (ليركبها) أي بمجرد انقضاء أمد الخيار.
قوله: (مطلقا) أي ولو تطوعا وذلك لان الكراء إذا عقده بانقضاء أمد الخيار فقد فسخ

97
المكتري الثمن الذي له في ذمة المكرى في شئ لا يتعجله الآن بل بعد مضي أيام الخيار لان قبض
الأوائل ليس قبضا للأواخر. قوله: (وسلم بخيار) أي أن من أسلم شيئا لا يعرف بعينه في شئ بخيار
لأحدهما فإنه لا يجوز له النقد فيه مطلقا لما فيه من فسخ ما في الذمة في مؤخر لان ما تعجل من النقد في
زمن الخيار سلف في ذمة المسلم إليه ولا يكون ثمنا إلا بعد مضي مدة الخيار وانبرامه فإذا مضت مدة الخيار
فقد فسخ المسلم ما له من الدين في دمة المسلم إليه في مؤخر وهو المسلم فيه. قوله: (وهذه المسألة ذكرها
المصنف) أي في باب السلم. قوله: (وجاز) أي السلم بخيار لما يؤخر أي لما يؤخر إليه رأس المال وهو ثلاثة
أيام وقوله إن لم ينقد أي إن انتفى النقد بشرط وتطوعا فإن حصل نقد مطلقا فسد وهو ما ذكره هنا.
قوله: (واستبد بائع) متعلقه محذوف أي استقل بائع بإمضاء البيع أو رده إذا باع على مشورة غيره
كان ذلك الغير واحدا أو متعددا أو استقل مشتر بإمضاء البيع أو رده إذا اشترى على مشورة غيره وكذلك
يستقل البائع والمشتري إذا كان كل من البيع والشراء على مشورة غيرهما فأوفى كلام المصنف مانعة
خلو تجوز الجمع. وحاصله أن من باع سلعة أو اشتراها على مشورة غيره كزيد ثم أراد البائع أو المشتري
أن يبرم البيع أو يرده دون مشورة زيد، فإن له أن يستقل بذلك ولا يفتقر في إبرام البيع أو رده إلى
مشورته لأنه لا يلزم من المشاورة الموافقة لخبر شاوروهن وخالفوهن. وقوله على مشورة غيره أي
والحال أن الثمن والمثمن معلومان كأشتري منك سلعة كذا بكذا وكذا على مشورة فلان وما مر من
قوله أو على حكمه أو حكم غيره أو رضاه أي في الثمن فلم يكن الثمن معلوما فلا منافاة، ثم إن ما ذكره من
إن من باع أو أشتري على مشورة غيره فله الاستبداد هذا في المشورة المطلقة وأما إذا قال على مشورته
إن شاء أمضى وإن شاء رد فكالخيار والرضا ليس له الاستبداد لان هذا اللفظ يقتضي توقف البيع
على إمضاء فلان انظر خش. قوله: (فليس له الخ) أي ولا بد من رضا فلان أو اختياره لامضاء البيع
أو رده. قوله: (على نفيه فيهما) أي على نفس الاستبداد في البائع والمشتري في الخيار أي فيما إذا باع على
خيار فلان أو أشتري على خياره. قوله: (أي في الخيار والرضى) فإذا قال بعت بكذا على خيار فلان أو
رضاه أو اشتريت بكذا على خيار فلان أو رضاه ففلان هذا كالوكيل. قوله: (والمعتمد الأول الخ).
وحاصله أن من اشترى سلعة على خيار فلان أو رضاه أو باع سلعة على خياره أو رضاه ففي المسألة أقوال
أربعة. الأول: وهو المعتمد أنه لا استقلال له سواء كان بائعا أو مشتريا وهو المشار له بقول المصنف
لا خياره أو رضاه والقول الرابع له الاستقلال بإبرام البيع أو رده بائعا كان أو مشتريا ما لم يسبقه
فلان لغير ما حصل منه. والقول الثاني: له الاستقلال إن كان بائعا في الخيار والرضا وإن كان مشتريا
فليس له الاستقلال لا في الخيار ولا في الرضا. والقول الثالث: له الاستقلال في الرضا بائعا كان أو مشتريا
وليس له الاستقلال في الخيار بائعا كان أو مشتريا. قوله: (إلى رافع الخيار الخ) الحاصل على أن الخيار
المشترط لأحدهما يرتفع إما بقول أو فعل فأشار هنا لما يرفعه من الفعل وسيأتي يتكلم على ما يرفعه

98
من القول. قوله: (ورضى مشتر الخ) يعني أن من اشترى عبدا أو أمة على الخيار له وكاتبه أو دبره أو أعتقه
في زمن الخيار كان العتق ناجزا أو مؤجلا أعتق كله أو بعضه فإن هذا يدل على رضاه بالمبيع ويلزمه
ذلك وكذا إذا زوج الأمة في زمن الخيار فإنه يعد رضا منه ولا خلاف في ذلك، وأما العبد إذا زوجه
في أيام الخيار ففيه خلاف والمشهور أنه يعد رضا به خلافا لأشهب وإلى الرد على أشهب أشار المصنف
بلو في قوله ولو عبدا. قوله: (رضي فعل ماض) أي والواو للاستئناف لا أنها للعطف ورضا مصدر
معطوف على بانقضائه لإيهامه أنه لا بد من الرضا مع الكتابة وما معها وليس كذلك بخلاف الفعل
فإنه لا يوهم ذلك لان معناه وعد المشتري راضيا بالكتابة وما معها وإنما خص الكتابة بالذكر دون
غيرها من أنواع العتق، لأنه رجح فيها القول بأنها بيع فربما يتوهم أنها لا تدل على الرضا كما أن البيع
لا يدل عليه كما يأتي فدفع هذا التوهم بالنص على أنها مفوتة بناء على ما رجح فيها أيضا من أنها عتق.
قوله: (أو زوج) ظاهره أن العقد كاف في عد المشتري راضيا بالبيع ولو كان ذلك العقد فاسدا وهو كذلك
ما لم يكن مجمعا على فساده. قوله: (أو قصد بفعل غير صريح تلذذا) حاصله أنه إذا فعل فعلا ليس
موضوعا لقصد التلذذ بها مثل تجريد بعضها كصدر وساق مثلا فإن قال قصدت به التلذذ عد ذلك
رضا منه وإن لم تحصل لذة بالفعل وإن قال قصدت بذلك الفعل تقليبها فلا يعد ذلك رضا بها ولو
حصلت له لذة بها. وأما إن كان الفعل موضوعا لقصد اللذة مثل كشف الفرج والنظر إليه فهو محمول
على قصد التلذذ والرضا أقر أنه قصد اللذة أم لا. قوله: (أو رهن) المشهور وهو مذهب المدونة أن
المشتري لها رهن الأمة أو العبد أو غيرهما في أيام الخيار فإن ذلك يكون رضا منه وظاهره وإن لم
يقبضه المرتهن من الراهن الذي هو المشتري وهو كذلك لكن ينبغي أن يقيد ذلك بما إذا كان الراهن
قبضه من البائع أما إذا لم يقبضه من البائع ورهنه فلا يعد ذلك رضا مفوتا لخياره. قوله: (أو آجر) أي ولو
كانت الإجارة مياومة وقوله أو أسلم للصنعة أي ولو كانت هينة. قوله: (أو حلق رأسه) أي لان الأسير
لا يحلق رأسه عادة إلا المشتري. قوله: (أي أوقفه في السوق للبيع) أي ولو مرة فلا يشترط في عده رضا
تكراره كما في بن. قوله: (أو جني المشتري على المبيع إن تعمد) كما لو اشترى عبدا على الخيار ثم إنه قطع
يد ذلك العبد أو رجله أو فقأ عينه في مدة الخيار عمدا فيعد ذلك رضا منه. قوله: (وسيأتي الخطأ) أي
أنه لا يدل على الرضا بل له أن يرده مع أرش الجناية. قوله: (لفرج الذكر) أي فلا يعد رضا. قوله: (أو
العبد) أي فإنه لا يعد رضا إذ لا يحل بحال. والحاصل أن قول المصنف أو نظر الفرج محمول على
ما إذا كان المبيع أنثى والحال أنها تشتهى وكان المشتري لها ذكرا وكان نظره للفرج قصدا، لان النظر
للفرج الذي يدل على الرضا هو النظر الذي يحل بالملك فنظر الذكر لفرج الذكر لا يحصل به الرضا،
إذ لا يحل بحال وكذا نظر المرأة لفرج امرأة ولفرج ذكر اشترته بالخيار لا يدل على الرضا لأنه لا يحل
بالملك. تنبيه: واشترط المشتري بالخيار أن لا يكون شئ مما ذكر رضا فالظاهر إعمال الشرط في غير
قصد التلذذ ونظر الفرج للتحريم كما في المج عن عج. قوله: (ودجها) بتشديد الدال. قوله: (إلا الإجارة)
زاد اللخمي والإسلام للصنعة. قوله: (لان الغلة له) أي غلة المبيع زمن الخيار له. قوله: (ما لم تزد مدتها على
مدة الخيار) أي وإلا كانت ردا من البائع وهذا القيد يجري فيما إذا أسلمه البائع للصنعة بعمله
مدة لان هذا من الإجارة في الحقيقة. قوله: (ولا يقبل الخ) هذا من تتمة قوله السابق ويلزم

99
بانقضائه وهو يشمل من له الخيار من بائع أو مشتر وليس بيده المبيع ويشمل ما إذا كان الخيار
لأحدهما وغاب الآخر ثم قدم بعد انقضاء أمد الخيار فادعى من له الخيار إن كان بائعا أنه أمضاه في زمنه
أو مشتريا أنه رد في زمنه فلا يقبل منه إلا ببينة، قال ابن يونس قال بعض أصحابنا إذا كان الثوب بيد
البائع والخيار له لم يحتج بعد أمد الخيار إلى الاشهاد إن أراد الفسخ إن أراد إمضاء البيع فليشهد على
ذلك، وإن كان الثوب بيد المشتري فأراد إمضاء البيع لم يحتج لاشهاد وإن أراد فسخه فليشهد وهذا
بين ا ه‍. فمعنى كلام المؤلف على هذا ولا يقبل من البائع ذي الخيار أنه اختار الامضاء والمبيع بيده
أو اختار الرد والمبيع بيد المشتري إلا ببينة، ولا يقبل من المشتري ذي الخيار أنه اختار الرد والمبيع
بيده أو اختار الامضاء والمبيع بيد البائع إلا ببينة، فهذه أربع صور يفتقر فيها إلى البينة، فإن أراد البائع
ذو الخيار الرد والمبيع بيده أو الامضاء والمبيع بيد المشتري أو أراد المشتري ذو الخيار الرد والمبيع
بيد البائع أو الامضاء والمبيع بيده لم يحتج إلى بينة كما تقدم فالجموع ثمان صور وقد حصلها
أبو الحسن هكذا ا ه‍ بن. والحاصل أنه قد تقدم أن المبيع يلزم من كان في يده أيام الخيار من بائع أو
مشتر بانقضاء أمده وما ألحق به وهو كالغد كما مر، فإذا كان المبيع بيد البائع حتى انقضى أمد الخيار وما
ألحق به، فإنه يلزمه رد البيع كان الخيار له أو للمشتري، ولو كان بيد المشتري حتى نقضي أمد الخيار وما
ألحق به كان البيع لازما له كان الخيار له أو لغيره فلو كان المبيع بيد البائع وكان الخيار للمشتري وادعى
المشتري بعد انقضاء أمد الخيار وما ألحق به أنه اختار إمضاء البيع قبل انقضاء أمد الخيار
ليأخذه من البائع فلا تقبل دعواه إلا ببينة، أو كان الخيار للبائع والمبيع بيده فبعد انقضاء أمد الخيار وما
الحق به ادعى أنه كان اختار إجازة البيع لأجل إلزام المشتري، فلا تقبل دعواه إلا ببينة وكذلك لو كان
المبيع بيد المشتري والخيار له وادعى بعد أمد الخيار وما ألحق به أنه كان اختار الرد ليلزمه للبائع فلا
تقبل دعواه إلا ببينة، أو كان الخيار للبائع والمبيع بيد المشتري وادعى بعد انقضاء أمد الخيار وما ألحق
به أنه اختار الرد لأجل انتزاعه من المشتري فلا تقبل دعواه إلا ببينة. قوله: (بعد أمد الخيار) أي
وما ألحق به. قوله: (تشهد له بما ادعاه) أي من اختياره الامضاء والرد. قوله: (فإن فعل الخ) أي إن
من اشترى سلعة على الخيار ثم باعها في زمن الخيار ولم يخبر البائع باختياره إمضاء البيع ولم يشهد به
وادعى أنه اختار الامضاء قبل البيع وخالفه البائع وأراد نقض البيع أو أخذ الربح فهل يصدق البائع
في دعواه اختيار الامضاء قبل البيع بيمين وحينئذ فلا يكون للبائع سلاطة على المشتري لا بأخذ
ربح ولا بنقض بيع، وهذا ما حكاه ابن حبيب عن مالك وأصحابه وهو قول ابن القاسم في بعض
روايات المدونة وفي الموازية، ولا يصدق المشتري أنه اختار الامضاء قبل بيعه وحينئذ فيخير
البائع بين نقض بيع المشتري وبين إجازته وأخذ ربحه وهذه رواية علي بن زياد. قوله: (أو لا يصدق
ولربها نقضه) كذلك قال ابن الحاجب وتعقبه في التوضيح بأن سحنون طرح التخيير في هذا القول
وقال أن ما في رواية على أن الربح للبائع لأنه لا فائدة في نقض بيعه لأنه لو نقضه لكان للمشتري أخذ
السلعة لان أيام الخيار لم تنقض وإنما للبائع الربح فقط لأنه يتهم المشتري على أنه باع قبل أن يختار فيقول
له أنت بعت السلعة وهي في ضماني فالربح لي فالصواب أن لو قال المصنف أو لربها ربحه أي ربح
المشتري الحاصل في بيعه قولان. والحاصل أن بيع المشتري لما كان لا يسقط خياره يوم البيع
بإقراره أنه باع بعد الاختيار ولم يكن للبائع نقضه على القولين لكنه من أجل الربح يتهم على البيع قبل
الاختيار صدق بيمين على القول الأول وكان الربح للبائع على القول الثاني هذا ما يفيده كلام التوضيح

100
والناصر اللقاني، ثم قال في التوضيح وإنما يتم تضعيف التخيير في القول الثاني إذا كان النزاع في أيام الخيار
وهي باقية أما لو كان النزاع بينهما بعد أيام الخيار ووقع البيع في أيام الخيار فالقول بتخيير البائع بين
نقض البيع وإمضائه وأخذ ربحه ظاهر لان المشتري لا يمكنه أخذ السلعة بعد النقض لأنه لم يبق له
اختيار فحمل المصنف على هذا الفرض ظاهر انظر بن. واعلم أن محل الخلاف إذا وقع البيع في
زمن الخيار ووقع النزاع فيه أو بعده والحال أن الخيار للمشتري وأما لو كان للبائع وباع المشتري
زمنه ما بيده فللبائع رد المبيع قطعا إن كان قائما، فإن فات بيد المشتري الثاني لزم المشتري للبائع الأكثر من
الثمن الأول والثاني والقيمة، فإن باعه بعد مضي زمنه والخيار للبائع أيضا فليس عليه إلا الثمن فقط
فإن باعه البائع والخيار للمشتري كان للمشتري الفسخ أو الأكثر من فضل القيمة والثمن الثاني
على الأول. قوله: (وأخذ الثمن) أي ربحه. قوله: (والمعول عليه قول ابن القاسم) أي في المدونة
من أن التسوق وأحرى البيع دال على الرضا وحاصل ما في المسألة أن مذهب ابن القاسم في المدونة أن
كلا من التسوق والبيع من المشتري يدل على رضاه وقال غيره: أن كلا منهما لا يدل على رضاه وإن
وقع وباع قبل انقضاء زمن الخيار وادعى أنه إنما باع بعد اختياره الرضا فإن كان نزاعهما بعد
مضى أيام الخيار فقولان الأول يقبل قوله بيمين، والثاني أن البائع يخير في نقض البيع وإمضائه وأخذ
الربح وإن كان نزاعهما قبل فراغ أمد الخيار فقولان أيضا الأول أنه يقبل قول المشتري بيمين
والثاني لا يقبل قوله وللبائع أخذ الربح والمعتمد طريقة ابن القاسم وأما الطريقة الثانية مع ما انبنى
عليها من الخلاف فضعيفة. قوله: (وانتقل لسيد مكاتب) أي أن المكاتب إذا باع سلعة بخيار له
أو اشترى سلعة بخيار له ثم عجز عن أداء نجوم الكتابة قبل انقضاء زمن الخيار فإنه ينتقل ما كان له
من الخيار لسيده فإن شاء السيد أمضى البيع وإن شاء رده ولا كلام للمكاتب بعد عجزه لان
اختياره بعد عجزه يؤدي لتصرف الرقيق بغير إذن سيده. قوله: (وانتقل خيار مدين الخ) أشار
الشارح إلى أن قوله ولغريم متعلق بمقدر ويكون من عطف الجمل وليس عطفا على لسيد مكاتب
المعمول لانتقل الأول لان فاعله خيار المكاتب وكذا يقال في قوله ولوارث. قوله: (وقام الغريم
عليه الخ) أشار بهذا إلى أن مجرد إحاطة الدين لا تكفي في انتقال الخيار الذي للمدين للغريم
بل لا بد من تفليسه ولو بالمعنى الأعم. قوله: (ولا يحتاج الانتقال إلى حكم الخ) أي الذي هو التفليس
بالمعنى الأخص بل ينتقل خيار المدين لغرمائه بمجرد تفليسه بالمعنى الأعم وهو قيام الغرماء عليه وإن
لم يحكم الحاكم بخلع ماله للغرماء. قوله: (وإذا اختار) أي الغريم الاخذ أي للسلعة التي اشتراها المدين
بخيار. قوله: (بخلاف ما إذا أدى الخ) أي بخلاف السلعة التي اشتراها المدين على البت وفلس قبل
أن يؤدي ثمنها فأداه الغريم فإن ربحها للمفلس وخسارتها عليه، والفرق بينهما أن ما اشتراها المدين
على البت ثمنها لازم له فلذا كان له ربحها وخسارتها عليه وأما التي اشتراها بخيار فإنه لا يلزمه ثمنها
إلا بمشيئة الغرماء لان الخيار صار لهم فليس لهم أن يدخلوا عليه ضررا. قوله: (ولا كلام لوارث)
أي أن من مات وعليه دين محيط بماله. وقد اشترى بخيار ومات زمن الخيار فالكلام في ذلك لغرمائه
ولا كلام لوارثه وقوله قام الغريم قبل الموت أو بعده هذا هو الصواب خلافا لما في عج من
أن محله حيث قام الغرماء عليه قبل الموت انظر بن. قوله: (إلا أن يأخذ الوارث شيئا بماله)
حاصله أن المدين إذا اشترى سلعة بخيار له وأدى ثمنها لبائعها ومات قبل انقضاء زمن الخيار
فرد الغرماء تلك السلعة فأراد الوارث أخذ تلك السلعة بماله ويؤدي ثمنها للغرماء فإنه يمكن
من ذلك وكذلك إذا كان الميت باع بخيار له ومات ورد الغرماء بيعه وراد الوارث أخذها ودفع الثمن
لهم فإنه يمكن من ذلك فصح قول الشارح ويؤدي ذلك أي الثمن للغرماء وأما لو كانت السلعة

101
التي اشتراها المدين بخيار ولم يؤد الثمن لبائعها ورد الغريم البيع وأخذها الوارث بثمن من ماله، فإنه يؤدي
الثمن لبائعها ولا يؤديه للغرماء، ويحتمل أن يكون مراده ويؤدي الربح للغرماء وهو صواب لقول ابن
عرفة إذا أخذ الوارث بماله فالربح للميت ونقلة ابن غازي. قوله: (وانتقل لوارث) أي فإن اتفقوا على
الإجازة أو الرد فالامر ظاهر وإن اختلفوا فالقياس الخ. قوله: (والقياس رد الجميع) أي يقتضي رد الجميع
أي قياس الوارث على المورث وأن ما كان للمورث يكون للوارث يقتضي رد الجميع فكما أن
المورث إذا اشترى بالخيار، ثم إنه في زمن الخيار أجاز البيع في البعض ورد البيع في البعض فإنه يجبر على رد
الجميع حيث لم يرض البائع بالشركة فكذلك ورثته إذا رد بعضهم البيع وأجازه بعضهم، فإن المجيز يجبر على
الرد كغيره قياسا على مورثه لأنه لما كان الخيار للمشتري وانتقل الحق في الخيار لورثته وقد أسقط
بعضهم حقه منه وطلب الرد فللبائع أن يقول للمجيز أن صاحبك أسقط حقه وصار الآن لاحق لاحد
في السلعة إلا أنا وأنت لان نصيب الراد يعود لملك البائع وقيامك أنت بحقك موجب لضرري من
تبعيض السلعة، وليس لك أخذها كلها لان صاحبك لم ينتقل حقه لك بل أسقطه وانتقل لي فحينئذ
يقضي برد الجميع. قوله: (حمل معلوم) أي علم تصور لا علم تصديق إذ لو كان هناك حكم معلوم لم يصح
القياس. قوله: (وإن خص) أي التعريف بالقياس الصحيح وقوله حذف الأخير أي القيد الأخير
وهو قوله عند الحامل لأن الصحيح مساو في الواقع. قوله: (على الرد) أي على رد ما بيده لأجل أن يكمل
جميع المبيع لبائعه. قوله: (من ضرر الشركة) أي بين البائع وبين الذي لم يرد السلعة للبائع. قوله: (والحكم الخ)
الأولى والحكم عند التبعيض. قوله: (والاستحسان) أي والذي يقتضيه الاستحسان أخذ المجيز الجميع.
قوله: (معنى ينقدح) كأن يصرح المجتهد بالحكم وتنقدح العلة في ذهنه ولكن لا يقدر على التعبير عنها
وقوله: تقصر عنه عبارته أي أو لا ينافي ذكر التوجيه في قوله بعد والفرق الخ فإن هذا دليل للحكم
الذي استحسنه لان المراد بالدليل العلة قاله شيخنا. قوله: (أخذ المجيز الجميع) أي ولو لم يرض البائع بمضي
البيع لان للمجيز أن يقول للبائع الخيار كان لمورثي وأنت ليس لك إلا ثمن سلعتك فأنا أوفيه لك.
قوله: (إن شاء المجيز ذلك) شرط في قوله أخذ المجيز الجميع. قوله: (كذلك) أي كورثة المشتري المتقدم
فيدخلهم القياس والاستحسان إذا اختلفوا في الإجازة والرد. قوله: (وينزل المجيز منهم) أي من ورثة
البائع منزلة الراد أي لان المجيز هنا أراد عدم أخذ السلعة والمراد للبيع من ورثة المشتري أراد أيضا عدم
أخذها. قوله: (فالقياس إجازة الجميع) أي فقياس ورثة البائع على مورثهم يقتضي إجازة الجميع إن
أجاز بعضهم وذلك لان المورث إذا باع بخيار له ثم إنه في زمن الخيار أجاز البيع في البعض وامتنع
المشتري لضرر الشركة، فإنه يمضي البيع في الجميع وتدفع السلعة بتمامها للمشتري لدفع ضرر
الشركة فكذلك ورثته إذا أجاز بعضهم البيع ورده بعضهم. قوله: (بين ورثة البائع
والمشتري) أي حيث كان ورثة المشتري يدخلهم الاستحسان كما يدخلهم القياس وأما ورثة
البائع فلا يدخلهم الاستحسان بل القياس فقط. قوله: (نصيب غيره) أي الذي هو الراد

102
وقوله: وهو البائع بيان لمن يصير له نصيب الراد. قوله: (ولا يمكن الراد) أي الذي هو من ورثة البائع
وقوله عنه أي عن المجيز وقوله لانتقال الملك عنه علة لصيرورة حصة المجيز للمشتري.
قوله: (تأويلان) الأول لابن أبي زيد والثاني لبعض القرويين. قوله: (ثم المعتمد القياس في ورثة المشتري)
وهو رد الجميع السلعة للبائع إن رد بعضهم وإن من طلب إمضاء البيع يجبر على أن يرد مع غيره.
قوله: (والبائع) أي وفي ورثة البائع وهو إجازة الجميع للبيع ودفع السلعة للمشتري إن أجاز بعضهم. قوله: (وإن
جن من له الخيار) أي قبل اختياره. قوله: (أو يفيق بعد طول) أي أو يفيق بعد أيام الخيار بطول وأما
إن أفاق بعد أيام الخيار وما ألحق بها بقرب بحيث لا يضر الصبر إليه على الآخر فإنه تنتظر إفاقته ولا
ينظر السلطان. قوله: (نظر السلطان) أي ذو السلطنة فيشمل نواب السلطان فلو نظر السلطان وحكم
بالأصلح من الرد أو الامضاء، ثم إنه أفاق المجنون فلا يعتبر ما اختاره بل ما نظره السلطان هو المعتبر
ولو لم ينظر السلطان ومضى يوم أو يومان من أيام الخيار فزال الجنون فهل تحسب تلك المدة من أيام
الخيار لقيام السلطان مقامه وهو الظاهر أو تلغي وتبتدأ أيام الخيار؟ ولو لم ينظر السلطان حتى أفاق بعد
أمد الخيار فلا يستأنف له أجل على الظاهر والمبيع لازم لمن هو بيده كذا قرر شيخنا. قوله: (أي انتظر
المغمى عليه لافاقته) أي على المشهور ومقابله قول أشهب أنه ينظر له السلطان كالمجنون. قوله: (وإن طال
إغماؤه بعد الخ) أي وإن مضى زمن الخيار وطال إغماؤه بعده بما يحصل به الضرر للآخر. قوله: (فسخ)
أي فإن لم يفسخ حتى أفاق بعده استؤنف له الاجل ومفهوم طال أنه لو أفاق بعد أيام الخيار بقرب
فإنه يختار لنفسه وهل يختار فورا أو يؤتنف له أجل طريقتان وهذا بخلاف المجنون إذا تكاسل
السلطان ولم ينظر حتى أفاق بعد أيام الخيار فإنه لا يستأنف له الاجل على الظاهر. وأعلم أن المفقود
كالمجنون على الراجح وقيل كالمغمى عليه فإن طال فسخ وأما الأسير فانظر هل هو كالمفقود يجري فيه
الخلاف أو يتفق على أنه كالمجنون، وأما المرتد فإن مات على ردته نظر السلطان وإن تاب نظر بنفسه
لقصر المدة ا ه‍ شيخنا عدوي. قوله: (والملك للبائع) أي والملك للمبيع بخيار في زمنه للبائع وهذا هو
المعتمد وعليه فلا امضاء نقل المبيع من ملك البائع لملك المشتري. وقيل أن الملك للمشتري فالامضاء
تقدير لملك المشتري وأوصل ملكه حصل بالعقد وهذا معنى قولهم أن بيع الخيار منحل أي أن المبيع
على ملك البائع أو منعقد أي أنه على ملك المشتري لكن ملكه غير تام لاحتمال رده ولذلك كان ضمان
المبيع من البائع على القولين اتفاقا، فثمرة الخلاف في الغلة الحاصلة في زمن الخيار وما ألحق بها
فقط فهي للبائع على الأول وللمشتري على الثاني إلا أن كون الغلة للمشتري على القول الثاني
مخالف لقاعدة الخراج بالضمان، ومن له الغنم عليه الغرم فإن الغنم هنا للمشتري والغرم أي الضمان
على البائع فتأمل. قوله: (وما يوهب للعبد) هذا وما بعده من ثمرات كون الملك للبائع وما يوهب
مبتدأ والغلة وأرش ما جنى أجنبي عطف عليه والخبر قوله له. قوله: (إلا أن يستثني ماله) أي إلا أن يشترط
المشتري ماله أي لنفسه أو للعبد. وأعلم أن استثناءه للعبد جائز مطلقا كان الثمن من جنس مال العبد
أم لا وأما لو كان الاستثناء للمشتري فإن كان الثمن مخالفا لمال العبد جاز الاشتراط وإن كان موافقا له منع
وأجازه بعضهم أيضا لان الربا لا يراعي بين مال العبد وثمنه وهذا هو الظاهر كما قاله شيخنا والطريقة
الأولى طريقة ابن يونس وابن رشد وأبي الحسن والطريقة الثانية ظاهر التوضيح وابن ناجي وغيرهما.
قوله: (فيتبعه) أي لان المشتري إذا استثنى أي اشترط مال العبد فإنه يدخل فيه المال المعلوم

103
والمجهول كالذي يوهب له في زمن الخيار. قوله: (والغلة له) أي وحينئذ فتكون النفقة مدة الخيار عليه
لازمة للبائع. قوله: (وأرش ما جنى أجنبي له) أي للبائع ولو كان الخيار لغيره وإذا أخذ البائع أرش
الجناية فيخير المشتري حينئذ إما أن يأخذه معيبا مجانا وإما أن يرد ولا شئ عليه. قوله: (ولو استثنى
المشتري ماله فيهما) أي كما يدل على ذلك تقديم المصنف قوله إلا أن يستثني ماله عليهما. قوله: (لأنه
كجزء المبيع) أي أن الولد كالجزء الباقي بخلاف ما تقدم من أرش الجناية فإنه كجزء فات وهو على ملك
البائع. قوله: (ومثله الصوف التام وغيره) أي وغير التام وعلى هذا فالصوف التام مخالف للثمرة المؤبرة
وقيل أنه مثلها على القاعدة. قوله: (وسواء كان الخيار له الخ) هذا تعميم في قول المصنف والضمان منه أي
وسواء كان البيع صحيحا أو كان فاسدا وما تقدم من انتقال ضمان الفاسد بالقبض فهو في بيع البت
والكلام هنا في بيع الخيار. قوله: (متهما أم لا) أي بخلاف المودع والشريك فلا يحلف إلا إذا كان
متهما والمراد المتهم عند الناس لا عند من قام عليه فقط قاله شيخنا. قوله: (إلا أن يظهر كذبه) استثناء
من مقدر أي وحلف مشتر ولا ضمان عليه إلا أن يظهر كذبه فإنه يضمن وليس استثناء من قوله
وحلف مشتر وقوله إلا ببينة راجع ليغاب عليه لا لقوله إلا أن يظهر كذبه أيضا، ورجعه بعضهم لهما
معا فإذا شهدت بينة بكذبه وشهدت أخرى بصدقه والحال أنه مما لا يغاب عليه قدمت بينة صدقه بناء
على أن الاستثناء منهما معا وقيل تقدم بينة الكذب بناء على أن الاستثناء من الثاني فقط وهما قولان في
المسألة والمعتمد الثاني وهو تقديم بينة الكذب ا ه‍ شيخنا عدوي. قوله: (أو يغاب عليه) ظاهره
أنه لا يمين على المشتري مع ضمانه وهو كذلك ويدل على أنه لا يمين عليه مع الضمان قول المصنف بعد إلا
أن يحلف بالثمن فإنه صريح أو كالصريح في أنه إذا غرم القيمة وهي أكثر أو غرم الثمن وهو مساو أو
أكثر لا يكلف باليمين وهو ظاهر ا ه‍ بن. قوله: (كان الضمان منه) أي بأن كان المبيع بخيار مما لا يغاب عليه
وظهر كذبه أو لم يظهر كذبه لكن نكل عن اليمين أو كان مما يغاب عليه ولا بينة له بالتلف أو الضياع
فالضمان من المشتري في ثلاث حالات كما أن الضمان من البائع في حالتين. قوله: (وضمن المشتري الأكثر الخ)
هذا يجري فيما لا يغاب عليه إن نكل عن اليمين أو ظهر كذبه وفيما يغاب عليه إذا لم تقم له بينة،
وأما قوله إلا أن يحلف فهو خاص بالأخير إذ لا يمين مع ظهور الكذب قاله ابن عاشر. قوله: (أو القيمة)
أي وتعتبر يوم قبض المشتري لمبيع. قوله: (إن كان الثمن أكثر) لا يقال كيف يتأتى الامضاء في
معدوم لأنا نقول العدم غير محقق فكأنه في موجود. قوله: (أنه ما فرط) أي أنه ضاع بغير تفريط أو
يحلف أنه تلف بغير سببه. قوله: (فالثمن يضمنه الخ) هذا إذا كانت القيمة أكثر من
الثمن فإن كان الثمن أكثر من القيمة أو مساويا لها ضمن الثمن من غير يمين. وحاصله أن المبيع إذا كان مما يغاب
عليه وادعى المشتري ضياعه أو تلفه ولم تقم له بينة فإنه يلزمه الأكثر من الثمن والقيمة كما مر فإن كان
الثمن أكثر أو مساويا للقيمة غرمه ولا كلام وإن كانت القيمة أكثر وغرمها فلا كلام وإن أراد أن
يغرم الثمن الذي هو أقل منها حلف اليمين، علم أن المشتري لا يكلف باليمين مع الضمان كما تقدم.
قوله: (وادعى ضياعه أو تلفه) أي فإنه يضمن الثمن فقط لأنه يعد راضيا وسواء كان الثمن أقل من القيمة أو
أكثر ما لم يحلف عند أشهب أنه لم يرد الشراء وإلا كان عليه القيمة إن كانت أقل. قوله: (تغليب جانب
البائع) أي وحينئذ فيضمن المشتري الأكثر من الثمن والقيمة إن لم يحلف ما فرط وإلا ضمن

104
الثمن فقط. قوله: (وكغيبة بائع على المبيع بالخيار) أي سواء كان مما يغاب عليه أم لا. قوله: (فإنه يضمن
الثمن) أي بعد حلفه لقد ضاع كما في المواق عن اللخمي ا ه‍ بن وذكر بعضهم أنه لا يمين عليه
لان الملك للبائع كما مر. قوله: (وإلا فلا شئ له) أي لأنهما يتقاصان إن وجدت شروط المقاصة بأن
كان الثمنان متفقين حلولا، وأما لو كان المشتري اشتراها بمؤجل وقد تلفت عند البائع والخيار للمشتري
فإن البائع يغرم الثمن حالا فإن حل الاجل غرم المشتري ما عليه من الثمن قاله شيخنا تبعا لعبق
وفي بن الظاهر أنهما يتقاصان مطلقا، لان البائع يضمن الثمن على الوجه الذي وقع عليه البيع من
أجل أو حلول، ولذا قال اللخمي كما في المواق فعلى ابن القاسم يحلف البائع لقد ضاع ويبرأ وظاهره
مطلقا. قوله: (أي ففعله دال على رد البيع) أي دال على أنه رد البيع قبل جنايته لان هذا تصرف شأنه
لا يفعله الانسان إلا في ملكه ثم إن هذا مكرر مع قوله سابقا وهو رد من البائع إلا الإجارة كرره
لأجل تتميم الصور. قوله: (وخطأ) أي وإن جنى بائع والخيار له خطأ والحال أنه لم يتلفه. قوله: (إن
أجاز البائع) أي البيع وأمضاه بسبب ماله في ذلك المبيع من خيار التروي فإن رد البائع البيع فلا كلام
للمشتري وإنما لم تكن جنايته خطأ ردا كجنايته عمدا لان الخطأ مناف لقصد الفسخ إذ الخطأ لا يجامع
القصد. قوله: (إن شاء تمسك) أي بذلك المبيع المجني عليه. قوله: (وإن تلف المبيع) أي وإن جنى
بائع والخيار له عمدا أو خطأ وتلف المبيع انفسخ البيع فيهما. قوله: (فيهما) أي في صورتي الجناية
عمدا أو خطأ. قوله: (بجناية البائع) أي عمدا. قوله: (ضمن للمشتري الأكثر من الثمن) أي لان
للمشتري أن يختار الرد إن كان الثمن أكثر أو الامضاء إن كانت القيمة أكثر. قوله: (فله رده وما نقص)
الأولى التعبير بأرش الجناية لما تقدم في قوله أو أخذ الجناية. قوله: (والذي نقله ح عن ابن عرفة الخ)
الحاصل أن المشتري إذا جنى عمدا أو خطأ على المبيع بخيار للبائع جناية غير متلفة، ففي المسألة
طريقتان طريقة للمصنف أن البائع يخير، إما أن يرد البيع ويأخذ أرش الجناية، وإما أن يمضي
البيع ويأخذ الثمن كانت الجناية عمدا أو خطأ. وطريقة لابن عرفة أن الجناية إن كانت عمدا
خير البائع على الوجه المذكور وإن كانت الجناية خطأ خير المشتري بين أخذ المبيع ودفع الثمن وأرش
الجناية، وأما أن يترك المبيع للبائع ويدفع أرش الجناية فأرش الجناية يدفعه في كل من حالتي تخييره،
فقول الشارح مع دفع أرش الجناية في الحالتين أي حالتي تخييره وليس المراد حالة العمد أو الخطأ
واعتمد بعضهم ما لابن عرفة واقتصر عليه في المج. قوله: (وفي ترك) أي رد المبيع للبائع. قوله: (وإن
تلفت ضمن الأكثر) هذا تكرار مع قوله وضمن المشتري أن خير البائع الأكثر أعاده لتتم الأقسام
ا ه‍ بن. قوله: (الأكثر من الثمن والقيمة) أي لأنه إذا كان الثمن أكثر كان للبائع أن يجيز البيع لما له فيه

105
في زمن الخيار وإن كانت القيمة أكثر من الثمن فللبائع أن يرد البيع لما له فيه من الخيار ويأخذ القيمة.
قوله: (فالأقسام ثلاثة) أي بيع خيار فقط وبيع اختيار فقط وبيع خيار واختيار فبيع الخيار فقط
هو البيع الذي جعل فيه الخيار أي التروي لاحد المتبايعين في الاخذ والرد كأبيعك هذين الثوبين
بكذا على الخيار مدة ثلاثة أيام في الاخذ والرد، وبيع الاختيار فقط بيع جعل فيه البائع للمشتري
التعيين لما اشتراه كأبيعك أحد هذين الثوبين على البت بدينار وجعلت لك يوما أو يومين تختار فيه
واحدا منهما. وبيع الخيار والاختيار بيع جعل فيه البائع للمشتري الاختيار في التعيين وبعده هو
فيما يعينه بالخيار في الاخذ والرد كأبيعك هذين الثوبين بدينار على أن تختار واحدا منهما وبعد اختيار
واحد لك الخيار في الاخذ والرد ثلاثة أيام، وفي كل من هذه الثلاثة إما أن يضيع الثوبان أو أحدهما أو
تمضي أيام الخيار ولم يختر فهذه تسع والمصنف تكلم على حكمهما. وحاصله أن الثوبين في بيع الخيار
فقط كلاهما مبيع فيضمنهما المشتري إذا قبضهما ضمان الخيار إن ادعى ضياعهما أو ضياع أحدهما، فإن
مضت مدة الخيار ولم يختر لزماه معا، فهذه ثلاثة. وفي بيع الاختيار فقط إن ادعى ضياعهما معا أو ادعى
ضياع أحدهما أو مضت مدة الاختيار ولم يختر لزمه النصف من كل منهما بكل الثمن فهذه ثلاثة أيضا
وفي بيع الخيار والاختيار إن ادعى ضياعهما معا ضمن واحدا بالثمن وإن ادعى ضياع واحد ضمن
نصفه وله اختيار الباقي وإذا مضت المدة ولم يختر لم يلزمه شئ فهذه ثلاثة أيضا فقد علمت أحكام
التسع. قوله: (وإن اشترى أحد ثوبين) الكاف مقدرة في كلامه أي أحد كثوبين أي أحد شيئين مما
يغاب عليهما. قوله: (من شخص واحد) احترازا عما إذا اشتراهما من شخصين فسيأتي حكم ذلك.
قوله: (إلا أن يحلف) أي لقد ضاعا وما فرطت. قوله: (ويجري مثل ذلك في قوله أو ضياع واحد ضمن نصفه)
أي نصف الثمن الذي بيع به فيقال هذا إذا كان الخيار للمشتري فإن كان للبائع فيضمن له
نصف الأكثر من الثمن والقيمة. قوله: (راجع الخ) أي لا لقوله بالثمن لئلا يتوهم أنه يضمن الآخر
بغير الثمن. قوله: (بدفعهما) أي للمشتري ليختار واحدا منهما. قوله: (ولو سأل في إقباضهما الخ) رد المصنف
بلو على أشهب القائل إن سأله فإنه يضمنها أحدهما بالقيمة لأنها غير مبيعة والآخر بالأقل من الثمن
والقيمة وتضمينه القيمة إذا كانت أقل بعد أن يحلف لقد ضاعا وانظره فإنه إذا كان غير مبيع فما وجه
ضمانه لقيمته. قوله: (ضمن نصفه) أي نصف الثمن الذي وقع البيع به. قوله: (فأعملنا الاحتمالين) أي
احتمال كون الضائع هو المبيع واحتمال كونه غيره أي أننا ارتكبنا حالة وسطى لأنه على احتمال كون
الضائع هو المبيع يلزمه كله وعلى احتمال كونه غير المبيع يحكم بعدم اللزوم أصلا لأنه وديعة عنده فعملنا
بكل من الاحتمالين وأخذنا من كل طرفا. قوله: (على المشهور) أي وهو قول ابن القاسم وقال محمد بن
المواز القياس أن له اختيار نصف الباقي لا جميعه وذلك لأن المبيع ثوب واحد فإذا اختار جميع الباقي
لزم كون المبيع ثوبا ونصفا وهو خلاف الفرض. وأجيب بأن هذا أمر جرت إليه الاحكام لدفع
ضرر الشركة. قوله: (ضمنه بتمامه) أي وليس له بعد ذلك اختيار الباقي كما في ح عن الرجراجي
وابن يونس. قوله: (وشبه في مطلق الضمان) أي في ضمان الاشتراك وهو ضمان جزء بحسب

106
ما لكل مطلقا أي لا بقيد كونه قبض ليختار ثم هو فيما يختاره بالخيار ولا بقيد كون المضمون نصفا.
قوله: (فيعطي ثلاثة) أي على أن له من حين القبض واحدا منها غير معين ليختار منها واحدا.
قوله: (وأولى إن قامت له بينة بذلك) أي كما قال ابن يونس لأنه قبضها على وجه الالزام أي إلزام له واحدا
منها من حين قبضها خلافا لسحنون حيث قال معنى المدونة إن تلف الدينارين لا يعلم إلا من قوله.
قوله: (فيكون شريكا) هذا تصريح بوجه الشبه لخفائه في المسألة السابقة فلا يقال أن هذا ضائع لأنه قد
استفيد من التشبيه. والحاصل أن وجه الشبه بين المسألتين مطلق الشركة وهو خفي في المشبه بها لان
قوله فيها ضمن النصف يتضمن الشركة فيها. قوله: (ويحلف على الضياع إن كان متهما) أي لأجل أن
يبرأ من ضمان الثلثين ومحل حلفه إذا عدم البينة. قوله: (فإن لم يحلف ضمن الثلثين أيضا) أي ضمن الثلثين
من الباقي ومن التالفين كما يضمن الثلث الثالث وحينئذ فيضمن الدينارين التالفين ولا شئ له مما بقي
والحاصل أنه إذا لم يكن متهما أو متهما وحلف على الضياع حسب له ديناران أخذه قضاء ويكون عليه
إن أخذه قرضا وإن كان متهما ولم يحلف حسب له الديناران التالفان إن أخذا قضاء وحسبا عليه إن
أخذا قرضا. قوله: (فإن قبضها على أن ينقدها الخ) هذا محترز قولنا فيعطى ثلاثة على أن له واحدا منها من
حين القبض. قوله: (فلا شئ عليه لأنه أمين فيها) فلو ادعى الدافع على الآخذ أنه اختار منها واحدا بعد
نقدها ووزنها وادعى الآخذ أنها ضاعت قبل أن يختار كان القول قول الآخذ بيمينه فلا يلزمه شئ.
قوله: (ليختارهما) أي ليتروى في أن يأخذهما معا أو يردهما معا. قوله: (أو يردهما) هذا يشير إلى أن في العبارة
حذفا تقديره أو يردهما وقوله بعد فالمراد بالاختيار الخ يؤذن بأن العبارة لا حذف فيها لان كونه فيهما
بالخيار صادق بالطرفين الرضا والرد فالتفريع لا يناسب فلو قال أو المراد الخ كان أولى. قوله: (فكلاهما
مبيع) يؤخذ منه أنه إذا ادعى ضياعهما معا لزماه بالثمن وإن ادعى ضياع واحد فقط لزمه بحصته من
الثمن وهو كذلك كما في المدونة ابن يونس. قال بعض فقهائنا القرويين ولو كان الهالك منهما وجه
الصفقة لوجب أن يلزماه جميعا كضياع الجميع ويحمل على أنه غيبه قال في تكميل التقييد حكى ابن
محرز هذا التقييد عن بعض المذاكرين قال وهو غلط والصواب أن له رد الباقي كان الوجه أو التبع
وذلك لان ضمانه إياه بثمنه إنما هو من أجل التهمة ولم يحكم عليه بأنه احتبسه لنفسه ولو كان الضمان عليه
بذلك لم يكن له رد الباقي كان الوجه أو التبع ا ه‍ بن. قوله: (أتى به لتتميم الخ) الحاصل إن ذكر
المصنف لهذا القسم وهو ما إذا اشترى الثوبين معا على الخيار إنما هو لأجل استيفاء أقسام الثوبين
المذكورة في كلام غيره وإلا فهذا مكرر مع ما مر من أحكام الخيار من أنه إذا ادعى المشتري الضياع أو
التلف كان الضمان منه، وإن كانا باقيين بيده حتى انقضى أمد الخيار لزماه لقوله سابقا ولزماه بانقضائه.
قوله: (كما قرره به بعضهم) قال بن وهذا التقرير هو الظاهر من ح ومقابله أنه إن ادعى
ضياعهما ضمن واحدا فقط بالثمن وإن ادعى ضياع واحد أو مضت المدة من غير اختيار لزمه
النصف من كل منهما بالثمن، فلزوم النصف من كل بالثمن في صورتين على التقرير الثاني وفي
ثلاث على الأول. قوله: (مما يغاب عليه أم لا) قامت بينة على الضياع أم لا لان البيع على اللزوم.

107
قوله: (ورد) بالبناء للمفعول. قوله: (لما طرأ له) أي للمشتري المفهوم من السياق وقوله بعدم الباء سببية.
قوله: (كان فيه مالية) أي بأن كان الثمن يزيد عند وجوده ويقل عند عدمه. قوله: (أن عليه يمينا) أي ولو
لم تقم له بذلك بينة خلافا لما يفيده كلام ابن سهل من أنه لا يصدق فيما دعاه من اليمين كما لا يصدق فيما
ادعاه من غيره وأنه لا بد من ثبوت ذلك. قوله: (في غيره) أي كما لو اشترى جارية بشرط كونها
نصرانية فوجدها مسلمة فأراد ردها وادعى أنه إنما اشترط كونها نصرانية لكونه أراد أن يزوجها من
نصراني عنده فلا يصدق إلا ببينة أو وجه ولعل الفرق بين اليمين وغيرها حيث صدق في اليمين دون
غيرها أن اليمين مظنة الخفاء ولا كذلك غيرها. قوله: (وأن بمناداة) أي هذا إذا حصل الشرط من
المشتري بل وإن حصل بمناداة ولو استند لزعم الرقيق كأن يقول السمسار يا من يشتري من تزعم
أنها طباخة ولا يعد ما يقع في المناداة من تلفيق السمسار، حيث كانت العادة أنهم لا يلفقون مثل
ذلك، فإن كانت العادة أنهم يلفقون مثل ذلك فلا رد عند عدم ما ذكره في المناداة على الظاهر لدخول
المشتري على عدم ذلك كذا قرر شيخنا. قوله: (ويلزم منه انتفاء المالية) أي لان المشترط للغرض إما أن
يكون فيه مالية أم لا فالغرض أعم من المالية ويلزم من انتفاء الأعم انتفاء الأخص. قوله: (فيلغي الشرط)
أي لكونه لا غرض فيه ولا ينفع المشتري قوله لا أهين العالم بخدمتي نعم ذكر بعضهم أنه إذا اشترط
في عبد الخدمة أن يكون غير كاتب فوجده كاتبا أن له الرد وأن هذا الشرط لغرض وهو خوف اطلاع
العبد على عورات السيد قاله شيخنا. قوله: (وبما العادة السلامة منه) أي ولو لم يشترط السلامة منه. قوله: (ثم
شرع في أمثلة ذلك) أي أمثلة الشئ الذي جرت العادة بالسلامة منه المنقص للثمن أو المبيع أو للتصرف
أو يخاف عاقبته. قوله: (أو المبتاع الخ) أي أو كان حاضرا لكن كان المشتري لا يبصر وقوله حيث كان الخ
شرط في المفهوم أي، فلو كان المبيع حاضرا والمشتري مبصرا فلا رد له بالعمي ولا بالعور حيث كان
ظاهرا لحمله على الرضى به حال العقد فإن كان خفيا لا يظهر إلا بتأمل كان له الرد به. قوله: (كغناء الأمة)
أي فإنه موجب لردها وإن كان قد يزيد في ثمنها لأنه منفعة غير شرعية. قوله: (احترازا من الموضوعة
للاستبراء) قال في الشامل إن حاضت حيضة استبراء ثم استمر بها الدم فهو من المبتاع ولا رد ا ه‍
ومحله إذا قبضها وهي نقية من الحيض أما إن قبضها في أول الدم ثم تمادى استحاضة فإن له أن يرد
نقله ابن عرفة عن اللخمي. وهذا محمل قول المصنف واستحاضة وقوله احترازا من
الموضوعة للاستبراء أي أو للمواضعة أو مراده بالاستبراء ما يشمل المواضعة. قوله: (ورفع
حيضة استبراء) أي فيمن تتواضع كما قال الشارح وبهذا قيد ابن سهل في نوازله ونصه الذي في
المدونة ارتفاع الحيض إنما هو عيب في التي فيها المواضعة لا في الوخش التي لا مواضعة فيها وكذلك
في المقرب، ثم ذكر أن ابن عتاب أفتى بأنه عيب حتى في الوخش التي لا مواضعة فيها لان
للمشتري وطأها ومن حجته أن يقول لا أصبر على ارتفاع حيضتها كما أن الحمل فيها عيب

108
وأن كانت وخشا، وإلى هذا ذهب ابن القصار وقد رأيت لأصبغ عن ابن القاسم ما قاله ابن عتاب ا ه‍ منه.
وهذا إذا ارتفع حيضها بين الاستبراء ولم يعلم قدم ذلك أما إذا علم أنها لا تحيض من قبل فهو عيب
مطلقا قال ابن يونس قال ابن القاسم وإذا علم أنها لا تحيض وقد بلغت ست عشرة سنة وشبه ذلك
فهو عيب في جميع الرقيق فارهة ودنيئة ا ه‍ بن. والحاصل أن من اشترى أمة فتأخر حيضها زمنا
لا يتأخر الحيض لمثله كان ذلك عيبا موجبا لردها باتفاق إن كانت تتواضع، فإن كانت تستبرأ فطريقتان
طريقة ابن سهل أنه لا يكون ذلك التأخير عيبا يوجب ردها وطريقة ابن عتاب أنه عيب ومحل الخلاف
إن لم يعلم أنها لا تحيض من قبل، فإن قال البائع أنها كانت تحيض عندي واحتمل صدقه وكذبه فإن علم
أنها كانت لا تحيض عنده كان عيبا اتفاقا ترد به. قوله: (لا يتأخر الحيض لمثله) أي بأن تأخر شهرين
أو ثلاثة قال في المدونة وإن تأخر حيضها شهرين أو ثلاثة فذلك عيب ا ه‍. وإذا علمت أنها ترد
بتأخر الحيض لما يضر بالمشتري فترد ببقية عيوب الفرج بالأولى قال في الجلاب إلا العنة والاعتراض.
قوله: (وزنا) أي سواء كان فاعلا أو مفعولا وشمل اللواط إذا كان فاعلا لا مفعولا وإن كان عيبا أيضا
لذكره بعده في قوله وتخنث عبد. قوله: (أو أكل نحو أفيون) أي فمتى ثبت عليه أنه يفعل ذلك فإنه يرد
سواء كان من على الرقيق أو من وخشه. قوله: (بفم) أي ولو لذكر كما في ح لتأذي سيده بكلامه.
قوله: (لدلالته على المرض) أي لان الشعر يشد الفرج وعدمه يرخيه. قوله: (إلا لدواء) أي أن محل كون
الزعور عيبا يرد به إذا كان ذلك الزعر لغير دواء بأن كان خلقة وأما إذا كان لدواء استعمله فلا يكون عيبا.
قوله: (عدم نبات شعر غيرها) أي مما هو دليل على المرض. قوله: (بمقدم الفم الخ) تنازعه كل من زيادة سن
وطول إحداها. قوله: (لحم نابت على بياض العين) عبارة عج ابن عرفة عن ابن حبيب الظفر لحم نابت
في شفر العين. قوله: (ومثله الشعر النابت في العين) أي فيرد به وإن لم يمنع البصر ولا يحلف المشتري أنه لم
يره كما في رواية عيسى عن ابن القاسم كذا في حاشية شيخنا خلافا لما في عبق من حلفه. قوله: (وبجر) في
الصحاح البجر بالتحريك خروج السرة ونتوءها وغلظ أصلها. قوله: (ووجود أحد الوالدين) أي
بمكان قريب يمكن إباقه إليه لا إن كان بمكان بعيد جدا أو انقطعت طريقه. قوله: (لا جد) أي لا وجود
جد في بلد قريب، فلا يكون ذلك عيبا يرد به وذلك لما جبل عليه العبد والأمة من شدة الألفة والشفقة
للأبوين والأولاد فيحملهما ذلك على الإباق لهما دون غيرهما من أقاربهما. قوله: (المراد به ما لا دخل
لمخلوق فيه) أي المراد بالجنون الطبيعي ما لا دخل الخ بأن كان من غلبة خلط السوداء بغيره من الاخلاط
الثلاثة الصفراء والدم والبلغم على ما ذكره أهل الطب، وهذا أظهر من قول ابن نقلا عن شيخه ابن
مبارك أن الجنون الطبيعي ما يكون من جن يسكن في الشخص من أول الخلقة فمتى خلق الله الانسان
خلق سكانه معه فصار صرعهم ووسوتهم له بالطبع أي من أصل الخلقة. ومس الجن هو الصرع
العارض من الجن الأجنبي الذي لا يسكن في المصروع بل يعرض له أحيانا ا ه‍ كلامه. قوله: (لا بمس
جن) قال ابن عاشر تأمل كيف جعلوا هنا مس الجن ليس بعيب مع أن عيوب الرقيق يرد بقليلها وكثيرها
وجعلوا الجنون في الزوجين ولو مرة في الشهر عيبا مع أن عيوبهما التي يرد بها ما كانت كثيرة لا قليلة ا ه‍
وأجيب عنه بأن ما في النكاح في نفس الزوج بخلاف ما هنا فإنه في أصل الرقيق وهو أضعف كما هو

109
ظاهر ا ه‍ بن. قوله: (التي لا يشيب مثلها) صفة لمحذوف أي بالرائعة الشابة التي لا يشيب مثلها ومحل الرد
بالشيب وما بعده إذا لم يعلم المشتري بذلك وقت العقد، وإلا فلا لدخوله على الرضا بذلك العيب.
قوله: (وجعودته) قال في المدونة: من اشترى جارية فوجد شعرها قد سود أو جعد فإنه عيب ترد اه‍ اللخمي
إن فعل بشعرها فعل وكان ذلك مما يزيد في ثمنها ردت به أبو الحسن والتجعيد أن يكون شعرها أسبط
فيلف على عود لان الأجعد أحسن من الا سبط وعليه فكان على المصنف لو قال وتجعيده. قوله: (ولو
وخشا) قال ح الظاهر رجوعه للمسائل الثلاث قبله أي الجعودة والصهوبة وكونه ورد وزنا ا ه‍
وفيه نظر ففي أبي الحسن قال عياض مفهوم المدونة أن الصهباء لو سود شعرها لكان له القيام لان هذا
غش وتدليس. قال أبو محمد بن حبيب وذلك في الرائعة وليس في غيرها عيبا ثم قال ابن القاسم ولا أرى
أن يردها إلا أن تكون رائعة أو يكون ذلك يضع من ثمنها ا ه‍ وبه يعلم أن ما ذكره عبق التابع
له شارحنا من التقييد بالرائعة هو الصواب انظر بن. قوله: (في وقت) أي إذا حصل ذلك البول في
وقت وقوله ينكر فيه البول أي منه وقوله أنها أي الذات المبيعة ذكرا أو أنثى. قوله: (إن أقرت) شرط في
قوله وحلف. وحاصله أنه إذا لم يثبت حصول البول عند البائع وأنكر البائع حصول البول منه فإنه
يوضع عند أجنبي فإذا أخبر ببوله حلف البائع أنه لم يبل عنده، فإن حلف كانت مصيبته من المشتري،
وإن نكل رد ذلك المبيع على البائع والنفقة في زمن وضعها عند الأجنبي على المشتري لا يقال قول المصنف
وحلف أي البائع إن أقرت الخ يخالف قوله الآتي. والقول للبائع في نفي العيب أي بلا يمين لأنا نقول
أن النسمة لما أقرت عند الغير وبالت كان في ذلك ترجيح لقول المشتري فلذلك حلف البائع ا ه‍ خش.
قوله: (كما هو الموضوع) الأولى كما هو المقصود أي أن المقصود من وضعه عند الغير أن يبول عنده
فيحلف البائع أنه ليس بقديم. والحاصل أنه لا يحلف المشتري بائعه على عدم قدمه بمجرد دعواه
ولا بمجرد الوضع عند الغير بل لا بد من البول عند من وضعت عنده لأنها حينئذ تتأتى المنازعة
بينهما فيحلف البائع. قوله: (وليس بمراد) أي لان البائع لا توضع عنده أصلا كما لا توضع عند
المشتري بل توضع عند غيرهما أما أنها لا توضع عند المشتري فلانه يتهم في قوله بالت عندي وأما
أنها لا توضع عند البائع فلاحتمال أن تبول عنده وينكر ذلك. قوله: (من امرأة أو رجل ذي زوج) هذا
إذا كان المبيع أمة وأما لو كان عبدا فإنه يوضع عند رجل وإن لم يكن له زوج. قوله: (ببولها) أي الأمة
المبيعة. قوله: (فلو قال الخ) هذا مفرع على ما مر من أنه لا بد في حلف البائع من إقرارها تحت يد أمين
غير المشتري وأنه لا بد من بولها عنده. قوله: (إذ لا يحسن حينئذ أن يقال الخ) أي لان البول ثابت
باتفاق كل من البائع والمشتري ونزاعهما إنما هو في كونه قديما عند البائع أو حادثا عند المشتري

110
فلا يتأتى أن يقال أن البائع يحلف ما بالت عنده إن وضعت عند أمين وأخبر بأنها بالت. قوله: (لمن شهدت
العادة له) أي شهدت له البينة مستندة للعادة. قوله: (أو رجحت بلا يمين) فيه نظر لقول المصنف الآتي
وحلف من لم يقطع بصدقه. والحاصل أن من شهدت له البينة قطعا فالقول قوله بلا يمين وإن شهدت له
ظنا فالقول قوله بيمين وإن لم تقطع ولم تظن لواحد بل حصل الشك فالقول لا يمين وإنما حلف مع
أن القول قوله في نفي العيب وحدوثه لان الشأن في البول الشك في قدمه وحدوثه. قوله: (بكل منهما)
أي وليس المراد اشتهرت الأمة فقط بتلك الصفة كما هو ظاهره. قوله: (فكان حقه أن يقول اشتهرا
بألف التثنية) أي فالاشتهار لا بد منه في تخنث العبد وفي فحولة الأمة وهو كذلك في نقل المواق
عن الواضحة لكنه خلاف ظاهر المدونة كما في المواق أيضا عنها فإن ظاهرها أن الشهرة شرط في رد الأنثى
بالفحولة وأما العبد فيرد بالتخنث اشتهر بذلك أم لا. قال في التوضيح أبو عمران: وإنما اختصت الأمة
بهذا القيد ولم يجعل الرجل مشاركا لها فيه لان التخنث في العبد يضعفه عن العمل وينقص نشاطه
والتذكير في الأمة لا يمنع جميع الخصال التي تراد منها ولا ينصها فإذا اشتهرت بذلك كان عيبا لأنها
ملعونة في الحديث وجعل في الواضحة الاشتهار قيدا في العبد والأمة ا ه‍ عياض فتبين بهذا أن الافراد
في الاشتهار كما في المصنف هو الصواب الموافق لظاهر المدونة ولابن الحاجب ا ه‍ بن. قوله: (بأن يؤتى
الذكر) أي في دبره وقوله فعل شرار النساء أي من المساحقة وقوله وإلا لم يرد أي وإلا يحصل ما ذكر من
الفعل فلا رد ولو حصل التشبه منهما. قوله: (أو التشبه) أي وإذا حصل الرد بالتشبه فالرد بالفعل أولى.
قوله: (وما هنا في المفعول الخ) علم من كلامه أن الفاعل يرد بالزنى وإن لم يشتهر بذلك ولو كان ذلك الفاعل لائطا
وأما المفعول فلا يرد إلا إذا اشتهر بتلك الصفة على ما في ذلك من الخلاف كما مر. قوله: (تأويلان) الأول لعبد
الحق والثاني لابن أبي زيد وسببهما أن المدونة قالت يرد بتخنث العبد وتذكر الأمة إن اشتهرت وفي
الواضحة أنهما يردان بالفعل دون التشبه، فجعله عبد الحق تفسيرا لها وجعله ابن أبي زيد خلافا، واحتج
له أبو عمران بأنه لو رأى الفعل لكان عيبا ولو مرة واحدة ولا يحتاج لقيد الاشتهار في الأمة فلذا حمل
التخنث والفحولة على التشبه ا ه‍ بن. قوله: (أو طويل الإقامة) أي أو كان ليس مولدا ببلد الاسلام
لكنه طالت إقامته بينهم. قوله: (وفات وقته فيهما) أي وفات وقت الختان في كل من الذكر والأنثى.
قوله: (فالمصنف أخل بقيود ثلاثة) أي لان شرط الرد بعدم الختان إذا ولد ببلد الاسلام أن يولد في ملك
مسلم وأن يكون مسلما وأن يفوت وقت ختانه، وشرط الرد فيمن لم يولد ببلد الاسلام أن يكون مسلما
وأن تطول إقامته في ملك مسلم وأن يفوت وقت ختانه والمصنف لم يتعرض لشئ من تلك القيود
وظاهره أن ما ولد ببلد الاسلام أو ولد بغيرها وطالت إقامته فيها يرد بترك الختان مطلقا وليس كذلك.
قوله: (وكون المولود منهما) أي وكون المولود الذي ولد في بلاد الاسلام حالة كونه منهما أي ذكرا
أو أنثى ولد في ملك مسلم. قوله: (وختن مجلوبهما) أي المجلوب منهما أي من الذكور والإناث
والنص يفيد أن الختان إنما يكون عيبا في المجلوب إذا كان نصرانيا أو كافرا غيره لا يختتن فإن كان
ممن يختتن كاليهود فلا يكون وجوده مختونا عيبا ا ه‍ شيخنا عدوي. قوله: (ثم شبهه الخ)

111
كذا في نسخة المؤلف بخطه والأولى ثم شبه في قوله. قوله: (كبيع بعهدة الخ) أي وأما عكسه وهو بيعه
ببراءة ما اشتراه بعهدة ففيه قولان فقيل كذلك للمشتري الرد لان ذلك داعية للتدليس بالعيوب وهو
المعتمد وقيل ليس له الرد. قوله: (أي بعدم براءة) أشار بهذا إلى أن المراد بالعهدة هنا ضمان المبيع من عيب
أو استحقاق لا ضمانه من الاستحقاق فقط لأن عدم البراءة عبارة عن الضمان من العيب والاستحقاق.
قوله: (من عيوب لا يعلمها) أعلم أن البراءة من العيب الذي يوجد في المبيع لا تجوز إلا في الرقيق ولا تجوز
في غيره فإذا باع عرضا أو حيوانا غير رقيق على البراءة من العيوب، ثم اطلع المشتري على عيب قديم فيه كان
له رده ولا عبرة بشرط البراءة بخلاف الرقيق إذا بيع على البراءة، ثم اطلع المشتري على عيب فلا رد له وإنما
تجوز البراءة في الرقيق إذا طالت إقامته عند البائع وأن يجهل العيوب التي تبرأ منها ولذا قال
الشارح تبرأ له من عيوب لا يعلمها مع طول إقامته عنده. قوله: (كشرائه من الحاكم) أي الذي يبيع
تركة الميت أو مال المفلس لأجل وفاء ما عليه من الديون. قوله: (ثم باعه بالعهدة) أي الضمان من العيب
والاستحقاق، والحال أن البائع لم يعلم المشتري حين باعه أن هذا العبد الذي باعه له بالعهدة كان اشتراه
على البراءة. قوله: (وكرهص) أدخل بالكاف الدبر وهو القرحة والنطاح والرفس إن كان كل منهما ينقص
الثمن وتقويس الذراعين وقلة الأكل والنفور المفرطين وأما كثرة الأكل فليست عيبا في الحيوان
البهيمي وعيب في الرقيق إن كانت خارجة عن المعتاد ا ه‍ عدوي وفي بن وجدت بخط ابن غازي
ما نصه قيل العمل اليوم أن من اشترى فرسا فأقام عنده شهرا لم يمكن من رده بعيب قديم فانظر هل
يصح هذا ا ه‍ قلت وقد اشتهر بهذا العمل في فاس ففي نظم العمليات:
وبعد شهر الدواب بالخصوص بالعيب لا ترد فافهم النصوص
قوله: (شهدت العادة) الأولى شهدت البينة بقدمه بأن شهدت بأنه كان بها وهي عند البائع. قوله: (على
قدمه) أي بأن كان بقوائمها أو بغيرها أثره وقال أهل النظر أنه لم يحدث بعد بيعها. قوله: (فالقول للبائع
بيمينه) أي على أنه ما علمه عنده فإن نكل حلف المشتري أنه قديم ورد هذا إن كانت الدعوى دعوى
تحقيق وإلا كان للمشتري الرد بمجرد نكول البائع. قوله: (وعدم حمل معتاد) المراد بالحمل ما يحمل على
الدابة لا الولد كما أشار لذلك الشارح ولا يصح أن يصور بما إذا شرط المشتري عند الشراء حمل الدابة
فوجدها غير حامل، فله الرد حيث اعتيد حملها لأنه لما اشترط المشتري حملها جعل للجنين ثمنا وذلك
مفسد للبيع فلا يتأتى الخيار في الرد. قوله: (حيث لم تنقص قوة اليمين) أي فإن نقصت كان للمشتري
الرد بذلك ولا يجبر ضعف اليمين زيادة قوة اليسار كما في ابن شاس. قوله: (ولا رد في ثيوبة) يعني أنه إذا
اشترى أمة يفتض مثلها لكونها كبيرة فوجدها ثيبا والحال أنه لم يشترط بكارتها فإنه لا يردها
سواء كانت علية أو وخشا لان العادة عدم سلامتها من الافتضاض وتحمل على أنها قد وطئت لا على أنها
زنت لان الأصل في الإماء اقتناؤهن للوطئ. قوله: (فعيب) أي ترد به. قوله: (مطلقا) أي اشترط أنها غير مفتضة
أم لا لقول المصنف وبما العادة السلامة منه. قوله: (إن اشترط) أي وأما إن لم يشترط ذلك فلا ترد

112
بالثيوبة. قوله: (وعدم فحش الخ) أي أنه إذا اشترى أمة فوجد قبلها ضيقا ضيقا غير متفاحش فلا رد له
لان هذا ممدوح. قوله: (فعيب) أي فترد به إن كانت تلك الجارية من جواري الوطئ لأنه كالنقص في
الخلقة وإلا فلا فإن تنازع البائع والمشتري في فحش ضيقه أو في فحش اتساعه وعدم فحشه نظرها النساء
وتجبر الأمة على تمكينهن من الاطلاع، بخلاف الحرة فإنها لا تجبر على نظرهن لها لكن لو مكنت جاز لهن
النظر ا ه‍ تقرير شيخنا عدوي. قوله: (وكونها زلاء) عطف على ضيق فالقيد وهو عدم الفحش مستفاد
من كلامه بمعونة العطف أي أنه إذا اشترى أمة فوجدها صغيرة الأليتين صغيرا غير متفاحش فإنه
لا يردها أما لو جعل عطفا على عدم فلا يكون كلامه مفيدا لذلك القيد. وأعلم أن التقييد بهذا القيد هو
الصواب كما في ح لأنه وإن أطلق في المدونة أن كونها زلاء ليس عيبا لكن أولها المتأخرون بما إذا كان
يسيرا كما قال المازري. قوله: (لم ينقص الثمن) ظاهره ولو نقص الجمال وهو مفاد الشامل كما في ح
وكلام المواق يخالفه فيفيد أنه متى نقص الثمن أو الجمال أو الخلقة فهو عيب وهو الظاهر ا ه‍ بن. فالأولى
أن يعمم في كلام المصنف بأن يقال قوله لم ينقص أي لم يحصل به نقص للثمن ولا للجمال ولا للخلقة والمراد
بالثمن هنا القيمة. قوله: (وأولى إن لم يحبس) أي والحال أنه غير مشهور بالعداء. قوله: (وأما لو كان متهما
في نفسه) أي بالسرقة لكونه مشهورا الخ. قوله: (ولا رد فيما الخ) أي لا رد بالعيب الذي لا يمكن
الاطلاع عليه إلا بتغير ذات المبيع على المشهور ورواية المدنيين الرد به. قوله: (والعادة كالشرط) أي فإذا
جرت العادة بالرد بذلك العيب بعد الاطلاع عليه عمل بها. قوله: (بعد تغييرها) أي إذا اطلع على عيبها بعد
تغيرها. قوله: (ثم ذكر ما يمكن الاطلاع عليه قبل تغييره) أي ثم بعد ذكر العيب الذي لا يمكن الاطلاع عليه
إلا بعد تغيير المبيع ذكر العيب الذي يمكن الاطلاع عليه قبل تغيير المبيع. قوله: (ورد البيض الخ) الحاصل
أن البيض إما أن يطلع المشتري على كونه مذرا أو ممروقا وفي كل إما أن يكون البائع مدلسا أولا وفي كل
إما أن يكسره المشتري أو يشويه أو لا يفعل به فعلا، فالصور اثنتا عشرة فمتى اطلع المشتري على كونه مذرا
فإنه يرد لبائعه ويرجع المشتري بجميع الثمن سواء كان البائع مدلسا أم لا كسره أو شواه أو لم يفعل به
فعلا أصلا وذلك لفساد بيعه وإن اطلع على كونه ممروقا، فإن دلس البائع كان المشتري بالخيار إما أن يتماسك
ولا شئ له أو يرد ويأخذ جميع الثمن ولا شئ عليه وهذا إذا كسره أو لم يفعل به فعلا أصلا وأما إن شواه
رجع بالأرش وفات البيع وإن لم يكن البائع مدلسا فإن اطلع على عيبه قبل الكسر والشئ خير المشتري بين
التماسك والرد ولا شئ له ولا عليه وإن اطلع عليه بعد شيه أو قليه رجع بقيمة النقص وفات البيع وإن
اطلع عليه بعد كسره لم يشوه ففيه طريقتان المعتمد منهما أنه يخير بين رده ودفع أرش الحادث بالكسر
والتماسك به وأخذ أرش القديم بأن يقوم على الكيفية التي ذكرها الشارح، والطريقة الثانية أنه ليس
للمشتري الرد بل يتعين التماسك وأخذ أرش العيب القديم. قوله: (إن كسره) أي أو شواه.

113
قوله: (فإن كسره) أي فإن لم يدلس وكسره. قوله: (ما لم يفت بنحو قلي) المراد بنحو القلي الشئ. قوله: (وما
نقصه) أي وله التماسك به وأرش العيب القديم. قوله: (لم يرد) أي سواء أظهر أنه مذر أو ممروق.
قوله: (بالعيب القليل والكثير) فلذا قيل أن الكتاب يرد بنقص ورقة كما في البدر القرافي. قوله: (إلا الدار)
أي وكذلك غيرها من بقية العقار كالفرن والحمام والطاحون والخان، فلا ترد كغيرها بالقليل والكثير
بل بالكثير فقط وقوله فإن عيبها الخ هذا إشارة للفرق بين الدار وغيرها. وحاصله أن الدار يسهل
إصلاح عيبها وزواله بحيث لا يبقى منه شئ بخلاف غيرها ولان الدار لا تخلو عن عيب فلو ردت بالقليل
لأضر بالبائع فتسوهل فيها ولأنها لا تراد للتجارة بل للقنية فتسوهل فيها. قوله: (ولا قيمة) أي
ولا رجوع على البائع بقيمته. قوله: (وكسر عتبة) أي أو رف أو خلع بلاطة أو ضبة. قوله: (أي القليل)
يعني من العيب لا جدا وأشار الشارح بهذا إلى أن في كلام المصنف استخداما لان التردد فيما فيه الأرش
وهو المتوسط وهو غير اليسير المتقدم. قوله: (هل يرد للعرف) أي فما قضى العرف بقلته فهو قليل وما
قضى بكثرته فهو كثير. قوله: (أو ما دون الثلث) أي ما نقص من القيمة أقل من الثلث وهذا قول
أبي بكر بن عبد الرحمن وقوله ما دون الربع أي أو ما نقص من القيمة أقل من الربع وهذا قول
ابن عتاب. قوله: (أو ما نقص عن معظم الثمن) المراد بالثمن القيمة أي أو ما نقص عن معظم القيمة
بأن نقص نصف القيمة فأقل، وهذا قول أبي محمد فإذا اشتريت دارا فوجدت بها عيبا أرشه إذا
طرح من قيمتها يكون أقل من معظمها بأن كان نصفها أو أقل منه كان ذلك العيب متوسطا.
قوله: (أو عن عشرة) أي أو ما نقص القيمة عن عشرة بالنسبة لما إذا كانت القيمة مائة أما المنقص
للعشرة فكثير، فإذا اشتريت دارا فوجدت بها عيبا ينقص تسعة دنانير من مائة قيمتها فهو قليل
وإن كان ينقص عشرة فهو كثير. وهذا قول ابن رشد ولعله تفسير لقول ابن العطار أن اليسير ما نقص
عن العشرة وما نقص العشرة كثير ولم يبين من كم. قوله: (ورجع بقيمته) أي ورجع المشتري على البائع
بقيمته ولا رد للمشتري به أيضا إلا أن يقول البائع أردد على ما بعته لك وخذ الثمن وإلا كان له الرد
إلا أن يفوت المبيع فيتعين أخذ قيمة العيب كذا في المواق نقلا عن نوازل ابن الحاج وفي التحفة
أن المتوسط كالكثير في الرد به قال فيها:
وبالكثير المتوسط لحق فيما من العيب الخيار قد يحق
قال الشيخ ميارة في شرحها وهذا هو الذي جرى به العمل بفاس. قوله: (سواء خيف على الجدار
الهدم أم لا) هكذا في الأمهات قال في التوضيح وصرح به اللخمي وعياض خلافا لما اختصرها عليه
أبو سعيد ونصه ومن ابتاع دارا فوجد فيها صدعا فإن كان يخاف منه على الجدار فليرد به وإلا فلا ا ه‍
وقد تعقب عليه ا ه‍ بن. قوله: (فإن خيف عليها منه) أي فإن خيف عليها الهدم من ذلك الصدع.
قوله: (وفي قدره تردد) أي فقيل أنه ما نقص القيمة الثلث وقيل ما نقصها الربع وقيل ما نقصها عشرة

114
إذا كانت مائة وقيل إنه معتبر بالعرف وقيل ما قوله: (إلا أن يكون الخ) يصح أن
يكون استثناء من قوله كصدع نقص معظم القيمة جدار لم يخف عليها السقوط منه أي إلا أن يكون الجدار الذي فيه
الصدع ولم يخف عليها السقوط منه في واجهتها أي حائط بابها، فإنه لا يرجع بقيمته بل إما أن يردها
به أو يتماسك ولا شئ له ويصح أن يكون استثناء من قوله ولا رد بعيب قل أي إلا أن يكون العيب
لا بقيد كونه قليلا في واجهتها أي حائط بابها، فله أن يرد به وإن تماسك فلا شئ له وإلى كلا الاحتمالين
أشار الشارح. قوله: (أو العيب) أي لا بقيد كونه متوسطا لان العيب الذي يكون في واجهتها لا يكون
متوسطا. قوله: (ونقص الثلث) أي ثلث القيمة أو ربعها. قوله: (أو يكون) أي العيب متعلقا الأوضح
مصورا أو ملتبسا بقطع منفعة وأشار الشارح بما ذكره إلى أن قوله أو بقطع منفعة متعلق بمحذوف
معطوف على خبر يكون. قوله: (بمحل الحلاوة) أي حالة كون الدار بمحل الحلاوة. قوله: (أو كونه على
بابها) أي مواجها لبابها أو كان في دهليزها أو كان مرحاضها بقرب البيوت أو بقرب الحائط.
قوله: (أو شؤمها) أي بأن كان يترقب المكروه بسكناها كأن يكون من سكنها يموت أو يحصل له الفقر أو
تموت ذريته. قوله: (أو جنها) أي أو سوء جنها. قوله: (أو بقها) أي أو كثرة بقها فبق الدار إنما يرد به إذا
كان كثيرا كالنمل وأما قول التحفة:
والبق عيب من عيوب الدور ويوجب الرد على المشهور
فقد تعقبه ابن الناظم في شرحه بأنه لا بد من قيد الكثرة وأصلحه بقوله:
وكثرة البق تعيب الدور أو توجب الرد لأهل الشورى
قوله: (أو أنا حرة) أي بعتق أو أنا حرة الأصل من البلد الفلانية وغار العدو على بلدنا وأخذني منها ا ه‍
وقال بعضهم إذا قالت ذلك فإنها تصدق إذا شاعت الغارة على أحرار بلدهم والمعتمد الأول
ولكن الأحوط أن يعقد عليها ولا يطؤها بالملك. قوله: (لم تحرم) أي لحملها على عدم الصدق فيما
قالته واتهامها على الرجوع للبائع. قوله: (في زمن العهدة أو المواضعة) أي أو في زمن الخيار والمراد
بالعهدة عهدة الثلاث لأنها هي التي تكون فيها في ضمان البائع والمراد أن المشتري اطلع على أنها ادعت
على البائع بذلك. قوله: (لا إن قالته بعد دخولها في ضمانه) أي فلا يكون له الرد بذلك لان شرط الرد
بالعيب ثبوته في زمن ضمان البائع. قوله: (بين ذلك وجوبا) أي لان هذا مما تكرهه النفوس. قوله: (ولو في
الصورة الثالثة) أي وهي ما إذا قالت ذلك بعد دخولها في ضمانه بانقضاء أمد الخيار والمواضعة، خلافا
لظاهر المتن لأنه يقتضي أنه لا يجب عليه البيان إلا حيث يكون له الرضا وهو أن يصدر منها ذلك وهي
في ضمان البائع وليس كذلك، فلو قال المصنف لكنه عيب ولو باعها بين كان أحسن. قوله: (الذاتية)
أي القائمة بالذات. قوله: (تكلم على ما هو) أي شرع يتكلم على ما هو كالذاتي وقوله وهو أي العيب الذي
هو كالذاتي التغرير الفعلي أي ظهور الحال بعد التغرير الفعلي لا نفس التغرير الفعلي كما هو ظاهر عبارته.
قوله: (وأنه كالمشترط) أي وبين أنه كالمشترط وهو عطف على تكلم الخ. قوله: (وتصرية الحيوان)
أي ولو حمارة لان زيادة لبنها يزيد في ثمنها لتغذية ولدها. قوله: (كالشرط) أي كشرط المشتري كثرة اللبن
صراحة ثم يتخلف ذلك المشروط. قوله: (وهو يعلم خلاف ذلك) أي فلا يضمن ذلك الشخص
القائل ما عامل به الآخر فلانا على المشهور ومحل عدم الضمان ما لم يقل عامله وأنا ضامن له وإلا

115
ضمن ما عامله فيه ومن الغرور القولي صيرفي نقد دراهم بغير أجر هي طيبة وهو يعلم خلاف ذلك
وإعارة شخص لآخر إناء مخروقا وهو يعلم به وقال إنه صحيح فتلف ما وضع فيه بسبب الخرق فلا ضمان في
جميع ذلك على المشهور، ومحل عدم الضمان بالغرور القولي ما لم ينضم له عقد إجارة فيما يمكن فيه وإلا ضمن
كصيرفي نقد بأجرة وأخبر أنه جيد مع علمه برداءته وكإجارة إناء فيه خرق وأخبر المؤجر أنه سالم مع
علمه بخرقه فتلف ما وضع فيه قاله عج. وتلخص من كلامه أن الصيرفي إذا نقد بغير أجرة فلا ضمان عليه غر
أم لا وكذا إن كان بأجرة ولم يغر بأن أخطأ مثلا بخلاف ما إذا كان بأجرة وغر بأن علم أنه زائف وقيل إنه
جيد فإنه يضمن والذي ذكره خش في كبيره أن الصواب عدم ضمانه مطلقا ونقل ذلك في باب الإجارة عند
قول المصنف ولم يغر بفعل انظر حاشية شيخنا. قوله: (ثم شبه في الحكم) أي وهو ثبوت الخيار للمشتري
إن شاء رد أو تماسك إذا ظهر الحال وهذا يشير إلى أن الكاف في قوله كتلطيخ ثوب عبد للتشبيه ويصح
أن تكون للتمثيل وأنه مثل للغرور الفعلي بمثالين الأول التصرية وهذا هو الثاني إشارة إلى أنه لا فرق
بين أن يكون الفعل متعلقا بالمبيع أو بملابسه. قوله: (كتلطيخ ثوب عبد) أي حين بيعه وقوله
أو بيده أي أو يبيعه وبيده الخ فيظن أنه كاتب والحال أنه ليس كذلك. قوله: (إن فعله الخ) شرط في قول المصنف
فيرده أي يثبت للمشتري الرد إن فعله السيد، أي إن ثبت أن السيد فعله أو أمر العبد بفعله وذلك لأنه بمنزلة
من اشترى عبدا بشرط الكتابة ثم تخلف المشروط فإن لم يثبت أن السيد فعله ولا أمر العبد بفعله فلا رد
للمشتري لاحتمال فعل العبد ذلك بغير علم سيده لكراهة بقائه في ملكه فإن تنازع البائع والمشتري في
كون البائع أمره بفعله أولا فالقول قول البائع أنه لم يأمره. قوله: (فيرده الخ) أتى به مع استفادته من
قوله كالشرط ليرتب عليه ما بعده. قوله: (من الحيوان) أي سواء كان بهيميا أو كان آدميا. قوله: (بصاع)
أي مع صاع وقوله خاص بالانعام أي وأما لورد أمة أو يرد حمارة فلا يرد معها صاعا. قوله: (على الرضا) أي
فقدر الصاع متعين فلا يزاد عليه لكثرة اللبن ولا ينقص عنه لقلته ولا يلتفت لغلو الصاع ولا لرخصه.
قوله: (وتعدد بتعددها) أي تعدد الصاع بتعدد الذات المصراة فهذا يفيد أن لكل ذات صاعا ولو تعدد
حلبها. قوله: (من غالب القوت) أي ولا يتعين كونه من تمر على المذهب وقيل يتعين لوقوعه في الحديث
حيث قال: إن شاء أمسكها وإن شاء ردها وصاعا من تمر وحمله المشهور على أنه كان غالب قوت أهل المدينة
ثم إن قوله من غالب القوت يشعر بأن هناك غالبا وغيره أما إن لم يكن هناك غالب بل كان هناك صنفان
مستويان أو ثلاثة مستوية في القوتية، فإنه يخير في الاخراج من أيها شاء سواء كان من الأعلى أو من
الأدنى أو من الأوسط، قاله البساطي وهو ظاهر كلامهم وقال الشيخ علي السنهوري يتعين الاخراج من
الأوسط ا ه‍ تقرير عدوي. قوله: (عوضا عن اللبن) معمول لقوله فيرده مع صاع. قوله: (وحرم رد
اللبن) أي غاب عليه المشتري أم لا. قوله: (بيع الطعام) أي وهو الصاع. قوله: (وجب الصاع) أي من
غالب القوت فأل للعهد. قوله: (وهذا التعليل) أي قوله لأنه يرد المصراة الخ. قوله: (وإنما اقتصر)
أي المصنف. قوله: (وكذا يفيد) أي هذا التعليل السابق يفيد الخ ويفيد أيضا أنه لو رد الحيوان
بعيب التصرية قبل أخذ اللبن فلا صاع عليه وأنه لورد اللبن مع الصاع فلا حرمة وذلك لان الصاع
بدل اللبن والممنوع عدم رد البدل وهذا رد البدل وإن كان قد رد المبدل أيضا. وأعلم أن رد المشتري
للصاع أمر تعبدي أمرنا به الشارع ولم نعقل له معنى وذلك لان القاعدة أن الخراج بالضمان
والضمان على المشتري فمقتضاه أنه يفوز باللبن ولا شئ عليه كما قال بذلك بعضهم على أنه لو كان
عوضا عن اللبن وأن اللبن لا يستحقه المشتري ففيه بيع الطعام بالطعام نسيئة هذا وقد قال
بعض أهل المذهل كأشهب أنه لا يؤخذ بحديث المصراة وهو لا تصر الإبل والغنم فمن اشتراها بعد

116
ذلك فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها إن شاء أمسكها وإن شاء ردها وصاعا من تمر لنسخه بحديث
الخراج بالضمان لأنه أثبت منه. وقال بعضهم كابن يونس لا نسخ لان حديث المصراة أصح وإنما حديث
الخراج بالضمان عام وحديث المصراة خاص والخاص يقضي به على العام انظر بن. قوله: (لا إن علمها
مصراة) أي أنه إذا اشتراها وهو يعلم أنها مصراة فلا رد له قال اللخمي ما لم يجدها قليلة الدر دون المعتاد
من مثلها وإلا كان له الرد كذا في بن وأما لو علم أنها مصراة بعد شرائها وقبل حلبها حلف أنه لم يرد
إمساكها رضا بها وكان له ردها ولو أشهد أنه أمسكها للاختبار لم يحلف، وكذا لو علم بعد حلابها
وأمسكها ليحلبها ثانيا لأجل أن يعلم عادتها، وكذا لو سافر فحلبها أهله زمانا فله إذا قدم ردها وصاعا قاله
ابن محرز ا ه‍ عدوي. قوله: (ولكن ظن كثرة اللبن) أي ظن أنه أكثر من لبن مثلها عادة هذا هو
المراد. قوله: (فتخلف ظنه) أي بأن وجدها تحلب حلاب أمثالها. قوله: (لا غير) أي من عمل أو لحم.
قوله: (أو قرب ولادتها) أي أو بعد ولادتها بقرب. قوله: (بأن لم يخبر الخ) أي لم يخبره بقلة لبنها عما ظنه مع
حلابها حلاب أمثالها. قوله: (أن يجدها مصراة) أي وهذه له ردها مع صاع. قوله: (عن معتاد مثلها) أي
فتخلف ظنه وقوله فلا يردها إلا بالشروط أي وإذا ردها فلا يرد معها صاعا. قوله: (بغير عيب التصرية) أي
كما لو ردها لرهص ونحوه. قوله: (على الأحسن) أي على ما استحسنه التونسي وهو قول ابن القاسم وروى
أشهب يرد معها صاعا لأنه صدق عليه أنه رد مصراة. قوله: (على المختار) أي عند اللخمي والأرجح
عند ابن يونس وهو قول الأقل أي من أهل المذهب. قوله: (وقال الأكثر) أي وهو المعتمد قال خش في
كبيره وحكى هذا القول ابن العطار على أنه المذهب فكان ينبغي للمصنف أن يحكيه إما مساويا لما قبله أو
يقدمه ولعله إنما تركه لقول ابن زرقون ليس العمل عليه قاله شيخنا في حاشيته. قوله: (فإن كان) أي الشراء
للمتعدد من المصراة بعقود وقوله تعدد أي الصاع. قوله: (وإن حلبت الخ) حاصله أن المشتري إذا حلب
المصراة أول مرة فلم يتبين له أمرها فحلبها ثانية ليختبرها فوجد لبنها ناقصا عن لبن التصرية فله ردها
اتفاقا فلو حلبها في اليوم الثالث فهو رضا بها ولا رد له ولا حجة عليه في الثانية إذ بها يختبر أمرها كذا
لمالك في المدونة، وفي الموازية عن مالك له حلبها ثالثة ويردها بعد حلفه أنه لم يرض بها ولم يصرح في الموازية
بأنه حصل له الاختبار بالحلبة الثانية، فاختلف الأشياخ هل بين الكتابين خلاف أو وفاق فذهب
المازري واللخمي إلى أن بينهما خلافا بحمل ما في الموازية على إطلاقه أي سواء حصل الاختبار بالثانية
أو لا، وذهب ابن يونس إلى أن بينهما وفاقا بحمل ما في المدونة على ما إذا حصل الاختبار بالثانية وما في
الموازية على ما إذا لم يحصل الاختبار بالثانية، وهو أحسن كما قال شيخنا فيحمل كلام الموازية على ما إذا لم
يحصل اختبار بالثانية وقوله تأويلان أي متعلقان بكلام الموازية لا المدونة وأما لو حلبها رابعة فهو رضا
باتفاق. قوله: (في يوم ثالث) فيه أن الذي يفيده النقل كما في طفي أن المراد بالحلبات المرات لا الأيام
ا ه‍ عدوي وفي بن تقييده بالحلبات المعتادة كبكرة وعشية. قوله: (وفي الموازية له ذلك)

117
ظاهر المصنف أن الموازية تقول له الرد بعد الحلبة الثالثة ولو حصل له الاختبار بالثانية وليس كذلك
إذ لو صرحت بذلك لما تأتي قوله، وفي كونه خلافا أو وفاقا تأويلان فالمراد أن في الموازية أن يردها بعد
الثالثة بقطع النظر عن القيد السابق وهو حصول الاختبار بالثانية. فرع: لو اشترى ثورا للحرث
فحرث به أول يوم فرقد فلم يرده ثم حرث به ثاني يوم فرقد فليس الحرث ثاني يوم رضا لان له أن يدعي
الاختبار كما ذكره الوانوغي أخذا من قول المدونة في هذه المسألة فإن حصل الاختبار بالثانية فهو
أي حلبها ثالثا رضا. قوله: (ولو حلبت مرارا) أي ولو حلبها أهله وهو غائب مرارا. قوله: (لان الغلة فيه)
أي في زمن الخصام. قوله: (أي من الرد بالعيب) أي وأما الاستحقاق فلا يمنع من الرد به بيع الحاكم
ولا الوارث ولو بينا أنه إرث. قوله: (لقضاء دين أو تنفيذ وصية) أي وأما بيع الوارث لأجل القسم
بينهم فظاهر المصنف أنه كذلك مانع من الرد وهو قول عياض وظاهر الشارح أنه ليس بيع براءة
وللمشتري الرد وهو قول الباجي وهو الظاهر كما في شب ا ه‍ عدوي. قوله: (فلا يشترط فيه ذلك)
وحينئذ فبيعه بيع براءة مطلقا بين أو لم يبين وما قاله الشارح تبع فيه عج والصواب أن قول المصنف
بين أنه إرث راجع لكل من الوارث والحاكم فإن بينا كان بيعهما للرقيق بيع براءة وإن لم يبينا
كان المشتري بالخيار بين أن يرد أو يتماسك كما في طفى ا ه‍ عدوي. قوله: (لم يكن بيع براءة) أي
فللمشتري رده بالعيب عليه. قوله: (إلا أن يعلم الخ) أي فالمدار على علم المشتري أن ذلك البائع وارث سواء
كان بإعلام الوارث نفسه أو غيره فإن لم يعلم خير ويمكن أن يقال أن قول المصنف بين أنه إرث ليس
مقصودا لخصوصه بل هو كناية عن علم المشتري أن البائع وارث كذا قرر شيخنا. قوله: (ثم محل كون
بيع الحاكم والوارث مانعا من الرد) أي بشرطه وقوله إن لم يعلم الخ إن انتفى علم كل منهما بالعيب
المصاحب لكتمانه وانتفى علم المدين له أي والحال أنه لم يعلم به الحاكم. قوله: (وإلا فلا) أي وإلا بأن
علم به كل من الحاكم والوارث وكتمه أو علم به المدين وحده فلا يكون مانعا من الرد بالعيب لان
كتمه تدليس. قوله: (وخير الخ) يعني أن من اشترى رقيقا من آخر ظن أنه غير الوارث والحاكم ثم تبين
أنه أحدهما وأولى لو اعتقد أنه غيرهما ثم تبين أنه أحدهما فإنه يخير بين الإجازة والرد ولو لم يطلع
على عيب وتنفعه دعوى جهله. قوله: (ظنه الخ) الأولى أن يقول جهلهما ليشمل ما إذا ظنه غيرهما أو لم
يظن شيئا انظر بن. والحاصل أنه يخبر إن ظن أن البائع غيرهما أو جزم بأنه غيرهما فتبين أنه واحد
منهما أو لم يظن شيئا فتبين أنه واحد منهما وأما إذا ظن حين البيع أنه أحدهما أو جزم بذلك فظهر
أنه كذلك فلا رد له. قوله: (وتنفعه دعوى جهله) أي بأن قال ليس عندي علم أن البائع وارث أو حاكم
خلافا لابن حبيب القائل ليس له الرد لان الجهل في متعلق الاحكام لا يمنع من توجه الحكم
ابن عبد السلام وهو أقرب. قوله: (واعترض الخ) لا يخفى عليك أنه لا ورود لهذا السؤال لما مر أن المدار
على حصول العلم للمشتري وأنه يخير عند نفي العلم. قوله: (من أن شرطه) أي شرط كون بيعه بيع براءة.
قوله: (وإلا فلا رد له) أي وإلا بان ظنه وارثا فلا رد له. والحاصل أنه إن بين أنه إرث فلا رد وإن
لم يبين أنه إرث، فإن ظنه المشتري غير وارث خير، وإن ظنه وارثا فلا رد مثل ما إذا بين أنه
إرث، فقول المصنف وخير مشتر ظنه غيرهما راجع لمفهوم قوله أن بين أنه إرث فالسائل نظر
لرجوعه للمنطوق والمجيب نظر لرجوعه للمفهوم وبعد هذا كله فالأولى حذف هذا الاعتراض
وجوابه كما في بن وحاشية شيخنا، وذلك لان الشارح بناه على ما قاله سابقا من أن القيد وهو قوله إن بين
أنه إرث خاص بالوارث وأن المراد حقيقة التبيين وعلى ما علمت من أن الصواب أنه كناية عن العلم وهو
مشترك بين الوارث والحاكم ليكون قول المصنف وخير مشتر الخ مفهوم القيد فيهما ولا ورود لهذا

118
الاشكال أصلا. قوله: (ليس بيع براءة) أي وحينئذ فللمشتري الرد بالعيب القديم. قوله: (وتبري غيرهما)
يعني أن البائع إذا كان غير وارث وحاكم وتبرأ مما يظهر في الرقيق من العيب فإنه تنفعه تلك البراءة من رد
المشتري له إذا اطلع على عيب قديم بشرطين أن يتبرأ من عيب لم يعلم به والثاني أن تطول إقامته عند بائعه
بحيث يغلب على الظن أنه لو كان به عيب لظهر له. قوله: (وإن طالت إقامته الخ) حد بعضهم الطول بستة
أشهر. تتمة: قال المازري والباجي ولا يجوز التبري في عبد القرض لأنه إذا أسلفه عبدا وتبرأ من
عيوبه دخله سلف جر منفعة وأما رد القرض فلا وجه لمنع البراءة فيه إلا إذا وقع الرد قبل الاجل لتهمة
ضع وتعجل وتقدم منع التصديق في معجل قبل أجله ا ه‍ بن. قوله: (فلا يرده المشتري) أي فإذا وجد
الشرطان فلا يرده المشتري إذا وجد به عيبا قال ابن عرفة ولا يرد في بيع البراءة بما ظهر من عيب قديم
إلا ببينة أن البائع كان عالما به فإن لم يكن له بينة وجب حلفه ما كان عالما به، وإن لم يدع المبتاع علمه وفي حلفه
على البت في الظاهر وعلى نفي العلم في الخفي وعلى نفي العلم مطلقا قولا ابن العطار وابن الفخار. وحكى
ابن رشد الاتفاق على الثاني ا ه‍ بن. قوله: (العيب) أي لذي في المبيع سواء كان رقيقا أو غيره. قوله: (بين
وجوبا أنه) أي العيب به أي كأن يقول له هذا العبد يأبق أو يسرق أو هذه الدابة تعثر فلو قال أبيعك
بالبراءة من عيب كذا كالإباق أو السرقة، والحال أنه يعلم أن هذا العيب به ولم يقل له هو به لم يفده.
قوله: (وصفا شافيا) أي كاشفا عن حقيقته بأن يقول أنه يأبق لموضع كذا أو شأنه سرقة ما قدره كذا ولا
يجمل في البيان بحيث يقول أنه يأبق أو أنه سارق لأنه قد يغتفر الإباق لموضع دون موضع وقد يغتفر
سرقة شئ دون شئ انتهى. فالمراد بالاجمال أن يذكر أمرا كليا يدل على العيب الجزئي القائم بالعبد وعلى
غيره كسارق فإنه شامل لسرقة دينار وأكثر وأقل وشامل لسرقة كل شهر أو كل يوم أو كل أسبوع
أو كل سنة ولا شك أن القائم به واحد من تلك الأشياء. قوله: (أو أراه له) الضمير المنصوب راجع للعيب
والمجرور للمشتري وكان الأولى أن يقول أو أراه إياه لان أرى البصرية تتعدى بنفسها لمفعولين بهمزة
النقل وقال اللقاني اللام هنا مقحمة للتقوية. قوله: (ولم يجمله) أي في البيان. قوله: (فيحمل على ما ذكرنا)
أي فيحمل كلام المصنف في المواضع التي عبر فيها بلم المفيدة للمضي على الحال أو الاستقبال كما في قوله هنا
ولم يجمله. قوله: (فإن أجمله مع غيره) أي فإن ذكر ما فيه مجملا وذكره مع غيره كقوله سارق زان فلا يخفى
أن الاجمال من حيث سارق. قوله: (وإن أجمله في جنسه) أي وإن أجمل في بيان العيب الذي فيه بأن ذكر
جنسه كقوله سارق. قوله: (مع تفاوت أفراده) أي مع تفاوت أفراده فيه بأن كان بعض أفراد الجنس
يأخذ منه أكثر من البعض الآخر مثلا سرقة دينار يأخذ من مطلق سرقة أكثر مما يأخذ منه سرقة
درهم. قوله: (فهل ينفعه ذلك في يسير السرقة) أي في البراءة من يسير السرقة دون المتفاحش منها أو لا ينفعه
ذلك مطلقا لان بيانه مجملا كلا بيان والأول للبساطي والثاني لبعض معاصريه وفي بن أن كلام
المدونة والنوادر كالصريح فيما قال البساطي كما في نقل المواق و ح وأعلم أن محل الخلاف إذا أتى بلفظ
محتمل للقليل والكثير من ذلك العيب والحال أنه عالم أن فيه قليل ذلك العيب وأما لو أتى
بلفظ محتمل للعيوب كلها كثيرها وقليلها وهو يعلم أن بعضها فيه كأبيعك عظما في قفة
أو أبيعك هذا الحيوان جزاري، فانظر هل يجري فيه خلاف البساطي وغيره
أو يتفقان على أن البراءة لا تنفع في هذا وفي شب الظاهر أن البراءة لا تنفع في هذا

119
لان ما علمه لم يبين أنه به ا ه‍ عدوي وهو ظاهر المدونة كما في بن. قوله: (أي العيب) يعني القديم وهو
الكائن حين البيع أو قبله وقوله قبل الرد متعلق بزواله. قوله: (أو بعده وقبل الحكم) أي بأن زال
في زمن الخصام. قوله: (عند ابن القاسم) أي خلافا لأشهب القائل أن زواله بعد القيام وقبل الحكم بالرد
لا يمنع من رده. قوله: (كأن يكون للرقيق ولد أو والد فيموت) وكأن يكون به حمى أو بياض على سواد
عينه فيزولان أو نزول ماء من عينه فيبرأ. قوله: (وفي زواله الخ) يعني أنه وقع خلاف فيما إذا لم يطلع
المشتري على تزويج الرقيق المشترى إلا بعد زوال العصمة بموت أو طلاق كما لو اشترى عبدا فظهر له
أنه كان تزوج امرأة وماتت أو أنه طلقها أو اشترى أمة وظهر له أنها كانت قد تزوجت برجل
وأنه مات أو طلقها فقيل لا رد له لزوال عيب التزويج بزوال العصمة بالموت والطلاق، وقيل لا رد له
إن زالت العصمة بالموت لا بالطلاق وذلك لان عيب التزويج إنما يزول العصمة بالموت لأنه
قاطع للعلة لا بالطلاق، وقيل له الرد بزوالها بكل من الموت والطلاق لان عيب التزويج باق ولم يزل
بزوال العصمة لا بالموت ولا بالطلاق. قوله: (إذ الأقوال الثلاثة الخ) فلو قال المصنف وفي زواله بموت
الزوج أو طلاقة لكان أحسن لشمول الزوج للرجل والمرأة. قوله: (وطلاقها الخ) ظاهر كلام المواق
أن الخلاف إنما هو في طلاق الزوجة المدخول بها وكذا موتها وأما طلاق غير المدخول بها وكذا موتها
فإنه يمنع من الرد اتفاقا ولذا قيد الشارح بالمدخول بها. قوله: (بائنا) أي لا رجعيا لأنها زوجة. قوله: (وهو
المتأول) أي تأويل فضل على المدونة، واستحسنه التونسي وذلك لان العصمة إذا ارتفعت بموت أو
طلاق لم يبق إلا اعتبار الوطئ وهو لو وهبها لعبده فوطئها ثم انتزعها منه وأراد بيعها لا يجب عليه بيان
ذلك قاله المواق، والثاني قول ابن حبيب وأشهب واستظهره ابن رشد والثالث رواية ابن القاسم عن
مالك ا ه‍ بن. قوله: (أو يزول) أي عيب التزويج. قوله: (دون الطلاق) أي وحينئذ فزوال العصمة
بالطلاق لا يمنع من الرد بالعيب بخلاف زوالها بالموت فإنه يمنع من الرد. قوله: (لكن في موتها مطلقا)
أي لكن في موت الزوجة يزول عيب التزويج من الرجل مطلقا سواء كان من على الرقيق أو من
وخشه وفي موت الزوج يزول عيب التزويج من الأمة إذا كانت وخشا لا إن كانت من على الرقيق
فقول الشارح علية أو وخشا الأولى عليا أو وخشا. قوله: (أولا بزول) أي عيب التزويج بموت ولا
طلاق أي وحينئذ فللمشتري الرد بذلك العيب ولو زالت العصمة بموت أو طلاق. قوله: (فعيب
مطلقا) الأولى فالعيب باق مطلقا وحينئذ فله الرد باتفاق ولو زالت العصمة بموت أو طلاق والمراد
بتسلط العبد على سيده بطلبه تشفعه بجماعة وسياقهم على سيده أن يزوجه. قوله: (ومنع من الرد ما يدل
على الرضا) هذا إذا كان المشتري حاضرا في بلد البائع بدليل قوله الآتي فإن غاب بائعه. قوله: (من قول)

120
أي كرضيت وقوله أو فعل كركوب واستخدام ولبس ثوب وإجارة وإسلام للصنعة ونحوها من
كل ما ينقص المبيع سواء كان قبل زمن الخصام أو فيه. قوله: (إلا ما لا ينقص الخ) ظاهره أنه يدل على
الرضا وإن كان لا يمنع من الرد لأنه استثناء مما يدل على الرضا والأصل في الاستثناء الاتصال مع أن
ما لا ينقص لا يدل على الرضا كما صرح به ابن الحاجب فيجعل الاستثناء منقطعا أي لكن الفعل
الذي لا ينقص فإنه لا يدل على الرضا فلا يمنع من الرد. قوله: (زمن الخصام) أي مخاصمة البائع مع
المشتري وتنازعهما في الرد وعدمه. قوله: (ولو في غير زمن الخصام) أي بأن كان قبله. قوله: (فالأقسام
ثلاثة ما يدل على الرضا مطلقا) أي كاستعمال الدابة والعبد والثوب والإجارة وإسلام العبد للصنعة.
قوله: (ما لا يدل مطلقا) أي وهو الغلة الناشئة من غير تحريك كاللبن والصوف ما لم يطل سكوته بعد
العلم بالعيب وإلا كان استغلاله دالا على الرضا وعلى هذا القسم يحمل قولهم الغلة للمشتري للقضاء
المفيد أنه يأخذ الغلة ثم يرد كذا قال عج. وقال أنه ظاهر كلامهم وكتب الشيخ أحمد النفراوي بطرته
تأمله مع قول المصنف سابقا وإن حلبت ثالثة فإن حصل الاختبار بالثانية فهو رضا فإنه يفيد أنه
متى استغلها بعد علمه بعيبها فإنه يدل على الرضا حيث لم يكن في زمن الخصام فلعل الغلة الناشئة من غير
تحريك كاللبن مثل ما لا ينقص كسكنى الدار وإسكانها واغتلال الحائط، فإن كان بعد الاطلاع على
العيب في زمن الخصام لم يدل على الرضا وإن كان قبل زمن الخصام دل على الرضا ولو لم يطل ا ه‍ كلامه.
قوله: (وهو ما مثل به المصنف) أعني سكنى الدار وإسكانها للغير. قوله: (بعد العلم بالعيب) أي
وأما حصولها قبل العلم به فلا يمنع من الرد بعد العلم به. قوله: (والمطالعة في الكتب) أي فحكمها حكم
سكنى الدار فيدلان على الرضا قبل زمن الخصام لا فيه. قوله: (وحلف إن سكت بلا عذر) حاصله أنه
إذا اطلع على العيب وسكت. ثم طلب الرد فإن كان سكوته لعذر رد مطلقا طال أم لا بلا يمين، وإن كان
سكوته بلا عذر فإن رد بعد يوم ونحوه أجيب لذلك مع اليمين، وإن طلب الرد قبل مضي يوم أجيب
لذلك من غير يمين، وإن طلب الرد بعد أكثر من يومين فلا يجاب ولو مع اليمين وحيث قيل يحلف
المشتري ونكل فلا رد ويحلف البائع إن كانت دعواه على المشتري الرضا دعوى تحقيق لا إن كانت
دعوى اتهام فلا يحلف. قوله: (في كاليوم) أي في اليوم ونحوه وهو أقل من يوم كما في شب والظاهر
أن الكاف أدخلت يوما آخر كما قاله شيخنا. قوله: (ولما قدم) أي في قوله وما يدل على الرضا وقوله
أن التصرف أي بالركوب والاستخدام واللبس والإجارة والإسلام للصنعة وقوله اختيارا يعني عمدا
وإن كان مضطرا ولو حذف اختيارا كان أحسن وقوله أولاهما أي أخرج أولاهما بقوله. قوله: (لا
كمسافر الخ) ظاهر المصنف أن الكاف داخلة على مسافر وأنها مدخلة لغيره والظاهر أنها داخلة
في المعنى على لفظ دابة محذوف فيشمل العبد والأمة والتقدير لا كدابة مسافر، فالرقيق سواء كان
ذكرا أو أنثى كالدابة في أن استعمال كل في السفر لا يعد رضا بخلاف الحضر فإن استعمالهما
فيه يعد رضا سواء كان في زمن الخصام أو قبله كما مر وأما لبس الثوب ووطئ الأمة فإنه يدل
على الرضا اتفاقا كان في الحضر أو السفر. قوله: (ولا شئ عليه في ركوبها بعد علمه) أي لا يكون
ذلك الركوب مانعا له من الرد ولا يلزمه أجرة لها. قوله: (ولا ردها) أي ولا يجب عليه الرجوع بها.

121
قوله: (ولا مفهوم لاضطر) أي لان ركوب المسافر لها اختيارا كذلك لا يسقط ردها وقوله على
المعتمد أي لأنه قول ابن القاسم وروايته عن مالك في العتبية، وبه أخذ أصبغ وابن حبيب ومقابله كما
في البيان قول ابن نافع أن المشتري إذا اطلع على العيب وهو مسافر لا يركبها ولا يحمل عليها إلا إذا
اضطر لذلك فليشهد على ذلك ويركبها أو يحمل إلى الموضع الذي لا يجوز له أن يركبها فيه فإن ركبها من
غير اضطرار عد رضا منه، والمراد بالاضطرار مطلق الحاجة سواء كانت شديدة أم لا وهذا الثاني هو
ظاهر المصنف لكن يجب حمله على الأول لأنه الراجح انظر بن. قوله: (وثانيتهما) أي وأخرج
ثانيتهما بقوله الخ. قوله: (أو تعذر قودها) يعني أنه إذا كان المشتري حاضرا في بلد البائع ثم إنه اطلع على
عيب قديم في الدابة ثم إنه ركبها في حال ذهابه لموضعه ليرسلها لربها فلا يكون ذلك رضا بها حيث كان
يتعذر قودها لكونها لا تسير غير مركوبة أو لكونه ذا هيئة لا يليق به أن يسوقها ويمشي خلفها.
قوله: (لحاضر) اللام بمعنى على وأصل هذا الكلام أو حاضر تعذر قودها عليه. قوله: (ولو اختيارا) أي ولو من
غير اضطرار للركوب. قوله: (فإن غاب بائعه) أي سواء قربت غيبته أو بعدت كما هو ظاهره.
قوله: (أشهد) ظاهره أن الاشهاد واجب حيث عبر بالفعل وهو ضعيف كما قال الشارح إذ المعتمد أنه
مندوب وقوله بعدم الرضا أي ولا يشترط إشهادهما بالرد. قوله: (ثم رد عليه بعد حضوره) أي إن لم يكن
له وكيل حاضر وإلا رد عليه قبل أن يحضر البائع من غيبته وسيأتي قريبا أنه إذا كان قريب الغيبة
يرسل له الحاكم إما أن تحضر وإلا رددناها عليك فقد اقتصر الشارح في العبارة هنا فقريب الغيبة
لا يقضي عليه من أول الأمر، فقول الشارح ثم رد عليه بعد حضوره أي إن انتظر من غير رفع للقاضي
أو بعد حضوره بعد إرسال القاضي له وإذا حضر وادعى رضا المشتري كان له تحليفه ولا يكون
الاشهاد مانعا من اليمين. قوله: (فإن عجز عن الرد) أي المفهوم من رد المقدر وليس المراد عجز عن الاشهاد
لأنه لا يتعذر مع وجود القاضي. قوله: (والمعتمد أنهما غير شرط الخ) في بن أن أصل هذا الاعتراض
لابن عرفة على ابن شاس وابن الحاجب إلا أنه إنما يتوجه على الاشهاد وأما إعلام القاضي فلا بد منه
إن أراد المشتري القيام في غيبة البائع والرد عليه لأنه لا بد فيه من حكم كما قال المصنف وأما إذا أراد
انتظاره ليرد عليه إذا حضر فلا يشترط إعلام القاضي فقول المصنف فإن عجز أعلم القاضي أي إذا أراد
القيام على البائع في غيبته والرد عليه وكلام ابن عرفة محمول على ما إذا انتظره حتى يحضر وحينئذ فلا
اعتراض. قوله: (أنهما) أي الاشهاد وإعلام القاضي بعجزه عن الرد. قوله: (نعم يستحب الاشهاد) أي
كما قال ابن رشد. وحاصل ما في المقام أن المشتري إذا اطلع على عيب ووجد البائع غائبا فيستحب له أن
يشهد على عدم الرضا بالمبيع سواء كان قريب الغيبة أو بعيدها، وبعد الاشهاد المذكور يفصل فإن كان
قريب الغيبة رد على وكيله إن كان له وكيل حاضر فإن لم يكن له وكيل حاضر فإن شاء انتظر حضوره
فإذا حضر رد عليه وإن شاء رفع للقاضي فيرسل له إما أن تحضر وإلا رددناها عليك فإن لم يشهد بعدم
الرضا ورد على وكيله وانتظر حضوره حتى حضر ورد عليه كان له ذلك غايته أنه فاته المستحب وإن
كان بعد الغيبة فإن كان له وكيل حاضر رده عليه وإن لم يكن وكيل حاضر يرد عليه وعجز عن رده
لبعد غيبة البائع أو عدم علم محله فإما أن ينتظر قدومه فإذا قدم رد عليه وإما أن يقوم فيعلم القاضي
بعجزه فيتلوم له فإذا مضت مدة التلوم حكم برده عليه هذا إذا علم موضعه ورجى قدومه وكذا إن لم
يعلم موضعه ورجى قدومه عند ابن سهل وإن كان لا يرجى قدومه حكم برده من غير تلوم. قوله: (فله
انتظاره عند بعد غيبته) أي وكذا عند قربها له انتظاره والرد عليه من غير إشهاد بالأولى.
قوله: (وعدم وكيل) أي وعند عدم وكيل. قوله: (ولا أعلم الحاكم) أي بعجزه عن الرد. قوله: (وعلله)

122
أي علل عدم وجوب الاشهاد وعدم وجوب الاعلام بالعجز. قوله: (في بعيد الغيبة) أي المعلوم
الموضع بدليل قوله بعده كأن لم يعلم موضعه. قوله: (إن رجى قدومه) أي إن غلب على الظن قدومه.
قوله: (على الأصح) أي عند ابن سهل خلافا لابن القطان القائل أنه كقريب الغيبة لا يتلوم له.
قوله: (وفيها الخ) أي أنه في موضع آخر منها لم تذكر التلوم بل قالت وإن كان بعيد الغيبة أو لم يعلم موضعه
حكم عليه بالرد فظاهره أنه لا يتلوم له. قوله: (أي انتفاء) أشار بذلك إلى أنه أطلق المصدر وهو النفي
وأراد الحاصل به وهو الانتفاء وقوله أي عدم ذكره بيان لانتفاء التلوم. قوله: (لا أن فيها) أي كما هو
المتبادر من قوله وفيها نفي التلوم إبقاء للمصدر على حاله. قوله: (إذ لا يتأتى له حينئذ الوفاق الآتي) أي
بجميع أوجهه فلا ينافي أنه يمكن الموضع الذي ذكر فيه التلوم على ما إذا كان مرجوا قدومه
والموضع الذي نفى فيه التلوم على من كان غير مرجو قدومه على أن بن نقل أن فيها التصريح بعد
التلوم وحينئذ فالأولى إبقاء المصنف على ظاهره ولا داعي لما ذكره الشارح من التكلف. قوله: (على
الخلاف) أي بأن يقال المحل للأول وذكر فيه أن بعيد الغيبة ومن لا يعلم موضعه لا يرد الحاكم عليهما
إلا بعد التلوم والمحل الثاني ذكر فيه أنه يرد عليهما بدون تلوم. قوله: (بحمل المسكوت فيه على
المذكور فيه) أي بأن يقال قولها في المحل المسكوت فيه وإن كان بعيد الغيبة أو لم يعلم موضعه حكم عليه بالرد
أي بعد التلوم أخذا من الموضع الأول. قوله: (ما إذا خيف على العبد الهلاك) أي في مدة التلوم.
قوله: (إن أثبت الخ) هذا شرط في قوله ثم قضى وفي قوله قبله فتلوم في بعيد الغيبة الخ لان التلوم إنما
يكون بعد إثبات تلك الموجبات، ثم إن ظاهر المصنف أن إثبات العهدة المؤرخة وما بعدها متأخر
عن التلوم لان إن الشرطية إذا دخلت على ماض قلبته للاستقبال وليس كذلك وجوابه أن المراد
إن كان أثبت عهدة والمعنى يرشد لذلك وكان لتوغلها في المضي لا تقلبها أن للاستقبال، ثم إن ثبوت
العهدة يكون بالبينة المثبتة للأموال كما في عج. قوله: (على حقه في الرد) الأولى أي أثبت أنه
اشترى على العهدة أي على الرد بالعيب القديم وليس المراد بالعهدة هنا عهدة الثلاث أو السنة أو
الاسلام وهو درك المبيع من الاستحقاق أي ضمانه منه لان اشتراط عهدة الثلاث أو السنة لا يوجب
الرد بالعيب القديم لجواز أن يكون البائع تبرأ منه براءة تمنع من الرد به والبراءة من عهدة الاسلام
لا تنفع، فإذا استحق رد ولا يعمل بتبريه منه ويسقط الشرط ويصح البيع وحينئذ فلا يحتاج المشتري
إلى إثباتها فتعين أن المراد بالعهدة هنا ما قلناه وهو ضمان المبيع من العيب. قوله: (وهذا إنما الخ)
أي إثبات اشترائه على العهدة. قوله: (في الرقيق) أي فيما إذا كان المبيع الذي اطلع فيه المشتري
على عيب قديم رقيقا أما لو كان المبيع غيره فلا يحتاج لاثبات ذلك فيه لان البراءة من
العيب لا تنفع فيه. قوله: (بالشرطين) هما طول إقامته عنده وعدم علمه بالعيب الذي تبرأ
منه. قوله: (وإنما المؤرخ حقيقة الخ) أي فالأصل الحقيقي مؤرخ زمنها الذي هو يوم
البيع وإثبات تاريخ زمنها بأن تقول البينة عند القاضي نشهد أنه اشتراها في يوم كذا من شهر
كذا على العهدة، أي الضمان من العيب والرد به على البائع. قوله: (ليعلم الخ) علة لاثبات التاريخ.
قوله: (هل العيب) أي الذي يدعي المشتري قدمه قديم في الواقع كما يدعي المشتري أوليس قديما
بل حادث عنده. قوله: (خوف دعوى البائع الخ) أي ففائدة إثبات صحة الشراء بالبينة وإن كان

123
البيع محمولا على سلامة العقد من الفساد السلامة من اليمين إذا حضر التي كان يستظهر بها عليه، والذي
في الحاشية أنه إنما احتاج لاثبات صحة الشراء لاحتمال أن يكون فاسدا وحصل مفوت فيمضي
بالقيمة يوم القبض ولو مختلفا في فساده لان الثمن الذي حصل فيه إنما هو لاعتقاد سلامته من العيب
وهنا لم يعتقد سلامته للاطلاع على العيب. والحاصل أن قولهم البيع المختلف في فساده إذا فات يمضي
بالثمن محمول على ما إذا كان المبيع سالما وإلا مضى بالقيمة. قوله: (إثبات هذين الامرين) أي العهدة
وصحة الشراء. قوله: (إن لم يحلف) أي المشتري. قوله: (على عدم اطلاعه عليه بعد البيع) لعل الأولى
قبل البيع. قوله: (وعدم الرضا) أي بالمبيع حين اطلع على العيب. قوله: (إذ لا يعلم إلا من جهته) أي
فالأقسام ثلاثة منها ما لا بد من ثبوته بالبينة وهو التاريخ وملك البائع له لوقت البيع ومنها ما لا بد
من الحلف فيه وهو عدم الاطلاع على العيب قبل البيع وعدم الرضا بالمبيع حين الاطلاع على العيب
ومنها ما يكفي فيه اليمين أو الاثبات بالبينة وهو العهدة وصحة الشراء. قوله: (فوته) أي فوت المبيع
عند البائع أو عند المشتري قبل اطلاعه على العيب. قوله: (كتلفه) أي سواء كان التلف باختيار المشتري
كقتله للعبد المبيع عمدا أو بغير اختياره كقتله له خطأ أو قتل غيره له أو موته حتف أنفه.
قوله: (ككتابة) أي فلو أخذ المشتري أرش العيب ثم عجز المكاتب فلا رد للمشتري فإن لم يأخذ له أرشا ثم عجز
كان له رده ا ه‍ عدوي. قوله: (ويرجع المشتري بالأرش في الجميع) حتى في صورة ما إذا وهبه المشتري
أو تصدق به قبل الاطلاع على العيب فيكون الأرش للواهب والمتصدق لا المعطي بالفتح
لأنه لم يخرج عن ملك المعطي إلا المعيب والأرش لم يتضمنه عقد العطية ومحل رجوع المشتري
بالأرش إذا فات المبيع بذهاب عينه أو بخروجه من يد المشتري وكان خروجه بلا عوض كما
مثل، وأما خروجه من يده بعوض فلا أرش فيه وسيقول وإن باعه الخ. قوله: (وإذا وجب للمبتاع الأرش)
أي كما لو فات المبيع بيد المشتري قبل الاطلاع حسا أو حكما فيقوم وأشار الشارح إلى أن
الفاء في قوله فيقوم واقعة في جواب شرط مقدر وقوله فيقوم أي ولو كان محبوسا عند
البائع للثمن وتعتبر القيمتان يوم دخوله في ضمان المشتري. قوله: (ولو مثليا) أي هذا إذا كان
مقوما بل ولو كان مثليا لان التقويم لما كان لمعرفة النقص كان المثليات أيضا. قوله: (أو إجارة)
أي أو إعارة أو إخدام. قوله: (قبل علمه) أي المشتري أي وحصل ذلك من المشتري قبل علمه
بالعيب وقف الخ أي وأما لو حصل ذلك بعد علمه بالعيب فإنه يعد رضا. قوله: (ووقف) أي المبيع
أي بقي في رهنه الخ. قوله: (ورد على بائعه) ظاهره ولو لم يشهد حين الاطلاع على العيب أنه ما رضي
به وهو كذلك. قوله: (جرى الخ) أي لان تغيره إما قليل أو متوسط أو كثير فيجري على ما يأتي.
قوله: (أي للمشتري) أي الأول الذي هو البائع الثاني. وحاصله أن الانسان إذا اشترى سلعة من
آخر ثم خرجت عن ملكه ببيع غير عالم بالعيب ثم إن المشتري الثاني رده على بائعه وهو المشتري
الأول بعيب قديم فقط أو بعيب قديم وعيب حدث عنده في زمن العهدة حيث اشترى بهما
فللمشتري الأول أن يرده على بائعه الأول بالعيب القديم إن لم يتغير ذلك المبيع.

124
قوله: (كان هو) أي ذلك العيب الذي رد به على المشتري الأول وقوله أو حدث عند المشتري أي الثاني.
قوله: (زمن العهدة) أراد بها ما يشمل عهدة الثلاث وعهدة السنة. قوله: (فيرده) أي ذلك
المشتري الأول على بائعه. قوله: (أو عوده له) أي للمشتري بملك مستأنف كما لو اشترى سلعة من
انسان ثم باعها لآخر قبل اطلاعه على العيب القديم الذي فيها ثم إنها عادت للمشتري الأول بملك مستأنف
فله ردها على البائع الأول بالعيب القديم، وظاهره ولو كان ذلك المشتري الأول اشتراها ممن اشترى
منه عالما بالعيب وهو كذلك لان من حجته أن يقول اشتريته لأرده على بائعي، وظاهره ولو اشتراه
بعد تعدد الشراء كما لو اشترى عمرو من زيد ثم باعه عمرو لخالد ثم باعه خالد لبكر ثم يشتريه عمرو من بكر
وهو قول ابن القاسم، وقال أشهب له أن يرد على من اشترى منه وله أن يرد على بائعه الأول كما قال
ابن القاسم فإن رد على بائعه الأول أخذ منه الثمن الأول وإن رده على البائع الأخير أخذ منه الثمن ويخير
ذلك البائع الأخير إما أن يتماسك أو يرد على بائعه وهكذا بائعه إلى أن يحصل تماسك أو يرد على البائع
الأول. قوله: (كبيع أو هبة أو إرث) أشار بهذا إلى أنه لا فرق بين أن يعود له بمعاوضة أو غيرها ولا بين ما عاد
له اختيارا أو جبرا. قوله: (ولما قدم الخ) أي ولما قدم الكلام على الفوات الحكمي في قوله ككتابة وكان
فيه إذا كان بعوض تفصيل أشار الخ. قوله: (أي لغير البائع) أي ولو كان ابنا لذلك المشتري أو أبا له.
قوله: (بعد اطلاعه على العيب أو قبله) أي وفي كل إما أن يعود ذلك المبيع إليه أو لا فالصور اثنتا عشرة.
قوله: (فلا رجوع له بشئ) أي من الأرش فهذه ست. وحاصلها أن المشتري إذا باع ما اشتراه لأجنبي، والحال
أنه معيب بعيب قديم ولم يعد ذلك المبيع للمشتري فلا رجوع له على بائعه بأرش العيب سواء باعه بمثل
الثمن الذي اشترى به أو بأقل منه أو بأكثر وسواء باعه بعد اطلاعه على العيب أو قبله وهذا
الاطلاق في الثمن قول ابن القاسم، وقال ابن المواز: إن باعه بمثل ما اشترى به أو بأكثر فلا رجوع له
وإن باعه بأقل مما اشترى به فإن كانت تلك القلة لحوالة الأسواق فكذلك وإن علم أن القلة من أجل العيب
كأن يبيعه أو وكيله ظانا أن العيب حدث عنده فإنه يرجع على بائعه بالأقل مما نقصه من الثمن أو قيمته.
وجعل ابن رشد وابن يونس وعياض قول ابن المواز تفسيرا لقول ابن القاسم فكان على المصنف أن
ينبه على ذلك. قوله: (رده في الأخير) أي في أحوال الثمن الثلاثة وأما في الأول فلا رد له في أحوال
الثمن الثلاثة لان بيعه بعد الاطلاع على العيب يعد رضا بالمبيع. قوله: (أو باعه المشتري له) أي قبل
اطلاعه على العيب وقوله أو بأكثر أي أو باعه قبل اطلاعه على العيب لبائعه بأكثر من ثمنه الأول
وقوله إن دلس إن علمه حين البيع وكتمه. قوله: (فلا رجوع للمشتري) أي بشئ من
الأرش وقوله فيما قبل هذه المسألة أعني ما إذا باع المشتري لبائعه بأكثر من الثمن وكان البائع
مدلسا وما قبلها ما إذا باع المشتري لأجنبي أو باع لبائعه بمثل الثمن. قوله: (وليس له رد المبيع)
أي ليس للبائع الأول الذي اشتراه ثانيا رده على المشتري الذي باعه له. قوله: (ولقد أحسن في
حذف صلة فلا رجوع لاختلاف مرجع الضمير) أي لأنه بالنسبة للأولى والثانية أعني ما إذا
باع لأجنبي أو لبائعه بمثل الثمن لا رجوع للمشتري الأول على بائعه بالأرش وفي المسألة الثالثة
وهي ما إذا باعه لبائعه بأكثر من الثمن لا رجوع للبائع الأول المشتري ثانيا على بائعه
وهو المشتري الأول بما أخذه من الزيادة، وليس المراد أنه لا رجوع للمشتري الأول على
بائعه بأرش العيب كما في المسألتين قبل إذ لا يتوهم هنا رجوع بأرش لكون الفرض أن
المبيع بأكثر من الثمن الأول. قوله: (مدلسا) أي والموضوع أن المشتري باعه لبائعه بأكثر من

125
الثمن الذي اشترى به. قوله: (ثم رد عليه) أي ثم رده المشتري على البائع الأول. قوله: (ويفضل للبائع
الأول درهمان) يدفعهما له المشتري الأول وفي بن أن ما ذكره من رجوع البائع الأول بزائد الثمن فيه
نظر بل الظاهر أن البائع الأول يخير بين أن يرد أو يتماسك وإذا رد فليس للبائع الثاني أن يرد عليه لأنه
باع بعد علمه بالعيب فقد رضي به ا ه‍. وقد يقال كلام المصنف مفروض فيما إذا كان البائع الثاني لم
يطلع على العيب وإنما اطلع عليه البائع الأول بعد شرائه من المشتري الأول تأمل. قوله: (وإن باعه
المشتري الأول قبل اطلاعه على العيب له بأقل كمل) أي وأما لو باعه له بأقل بعد اطلاعه على العيب لم
يكمل سواء دلس البائع أم لا. قوله: (ثم اشتراه منه بثمانية) أي ثم بعد شرائه بثمانية اطلع فيه على عيب قديم.
قوله: (كمل له) إن قلت قد تقدم أنه إذا باع المشتري لأجنبي ولم يعد المبيع له فلا رجوع للمشتري
على البائع ولو كان المشتري باع للأجنبي بأقل مما اشترى وهنا قد قلتم أنه إذا باع المشتري للبائع بأقل مما
اشترى به ومنه ولم تعد السلعة له فإن المشتري يرجع على البائع بكمال الثمن فما الفرق بين البيع للأجنبي
والبائع. قلت: قال أبو علي المسناوي يمكن الفرق بينهما بأنه لا ضرر على البائع إذا كان البيع له لرجوع
سلعته إليه فليرجع لذلك ثمنه كله بخلاف ما لو باع المشتري لأجنبي فإنه لو رجع المشتري على بائعه
بكمال الثمن لتضرر من حجته أن يقول النقص إنما هو لحوالة الأسواق لا للعيب فلذا لم يكمل له
انظر بن. قوله: (وأنها) أي وذكر أنها ثلاثة. قوله: (فله التمسك به الخ) إنما خير المشتري دون البائع
لان الملك له. قوله: (ما لم يقبله الخ) أي أن محل كون المشتري إذا حدث عنده عيب متوسط وفي المبيع
عيب قديم يخير على الوجه المذكور ما لم يقبله البائع بالحادث من غير أرش ومحله أيضا ما لم يكن البائع
مدلسا فإن كان مدلسا وحدث عند المشتري عيب ففيه تفصيل يأتي في قوله إلا أن يهلك بعيب
التدليس الخ. وقوله ما لم يقبله البائع بالحادث أي من غير أرش فإن قبله بالحادث من غير أرش صار
ما حدث عند المشتري كالعدم، وحينئذ فيخير المشتري بين أن يتماسك ولا شئ له أو يرد ولا شئ عليه.
قوله: (ومعيبا) أي بالعيب القديم ثم بالعيبين معا وما ذكره من أنه يقوم ثلاث تقويمات إذا أراد الرد
هو ما قاله عياض وهو الصواب، خلافا لقول الباجي أنه إذا أراد الرد إنما يقوم تقويمتين
إحداهما تقويمه بالعيب القديم والأخرى بالحادث عند المشتري وأشعر كلام المصنف أن التخيير
على الوجه المذكور قبل التقويم، وهو ظاهر المدونة كما في عبق وفي المتيطي نقلا عن بعض القرويين
أنه إنما يخير المبتاع بعد التقويم والمعرفة بالعيب القديم وما نقصه العيب الحادث وأما قبل ذلك فلا
يجوز لان المبتاع يدخل في أمر مجهول لا يعلم مقداره ا ه‍. ولعل ثمرة هذا الخلاف أنه إذا
التزم شيئا قبل التقويم هل يلزمه أم لا. قوله: (وبالتقديم بثمانية وبالحادث معه) أي مع القديم
بستة فيكون كل من القديم والحادث قد نقصه خمس القيمة. قوله: (دفع الثمن) أي سواء كان
قليلا أو كثيرا فإذا كان الثمن عشرين وأراد الرد دفع أربعة أرش الحادث لان الحادث قد نقص
خمس القيمة فيرد أربعة خمس الثمن فالقيمة ميزان للرجوع في الثمن. قوله: (وإن تماسك أخذ خمسه) أي

126
خمس الثمن أرش العيب القديم. قوله: (صحيحا) أي بعشرة مثلا وقوله ومعيبا بالقديم أي بثمانية.
قوله: (ليعلم الخ) أي ففي المثال المذكور العيب القديم نقص قيمته صحيحا الخمس فيرجع على البائع بخمس الثمن
وقوله ليرجع بأرشه أي إن كان دفع الثمن أي أو يسقط عنه إن كان لم يدفعه. قوله: (فتأمل) أمر
بالتأمل لدفع ما يرد على ما ذكر من أنه إذا اختار الرد فإنه يقوم ثلاث تقويمات وحاصله ما الموجب
لتقويمه صحيحا وهلا اكتفى بتقويمه بالقديم والحادث فقط وحاصل الجواب أنه إنما قوم صحيحا
لأجل الرفق بالمشتري، وذلك لأنه إذا كانت قيمته صحيحا عشرة وبالقديم ثمانية وبالحادث ستة
فالحادث نقصه اثنين فلو نسبت للثمانية لزمه أن يدفع ربع الثمن وإن نسبناهما للعشرة كانا خمسا فلزمه
خمس الثمن. قوله: (يوم ضمنه المشتري) وضمان المشتري يختلف بحسب البيع والمبيع فإذا كان البيع
فاسدا كان ضمانه بالقبض وإن كان صحيحا فبالعقد إلا إذا كان فيه حق توفية أو غائبا فبالقبض وإن
كان فيه مواضعة فبرؤية الدم وإن كان ثمارا فبالأمن من الجائحة وإن كان محبوسا للثمن فبدفعه
وإن كان محبوسا للاشهاد فبالاشهاد. قوله: (إن زاد المبيع المعيب) أي عنده قبل اطلاعه على العيب
وقوله ولم يحدث الخ أي وإلا فهو قوله الآتي وجبر به الحادث. قوله: (بكسر الصاد ما يصبغ به)
أي وهو مراد المصنف لأجل أن يشمل إلقاء الريح واختار ابن عاشر ضبطه بفتح الصاد أي وإن زاد
بسبب كصبغ، وحينئذ يكون موافقا لكلام المدونة وهو وإن كان لا يشمل إلقاء الريح لان
المتبادر من المصدر الفعل الاختياري لكنه داخل تحت الكاف. قوله: (أو ينفصل بفساد) أي وأما
ما ينفصل عنه بغير فساد فكالعدم فيكون بمثابة ما إذا لم يحدث شئ. قوله: (أو يرد) أي ويأخذ جميع
ثمنه وقوله يشترك بما زاد أي بقدر ما زاد أي إن امتنع البائع من دفع ما زاده الصبغ. قوله: (معيبا)
حال من ضمير قيمته وإنما نظر لقيمته معيبا ولقيمته بالزيادة ولم ينظر لقيمته سليما لان الشركة بما
زاده الصبغ عن قيمته يوم خروجه من يد بائعه وهو لم يخرج من يد بائعه إلا معيبا. قوله: (وسواء دلس)
أي البائع على المشتري. قوله: (والتقويم يوم البيع) أي واعتبار قيمته معيبا وزيادة الصبغ يوم البيع
وأشار الشارح بتقدير التقويم إلى أن قوله يوم البيع خبر لمبتدأ محذوف لا متعلق بزاد لان الزيادة
ليس بلازم أن تكون يوم البيع نعم اعتبار قيمتها يوم البيع. قوله: (يوم ضمان المشتري) أي الذي
هو أعم من يوم البيع وحينئذ فالمصنف أطلق الخاص وأراد العام. قوله: (وإن حدث عنده)
أي عند المشتري مع الزيادة أي بكصبغ. قوله: (فإن ساواه) أي فإن ساوت قيمة الزائد أرش الحادث
الذي حدث عنده فواضح أنه لا شئ له الخ تبع في ذلك عج وفيه نظر بل المنصوص كما في المواق
عن ابن يونس أنه إن تماسك فله أخذ أرش القديم وإن رد فلا شئ عليه وهو الذي يفيده كلام التوضيح
هنا وكلام ابن عرفة عن اللخمي ا ه‍ بن. والحاصل أن الصواب أنه إذا ساوت قيمة الزائد أرش
العيب الحادث عنده وتماسك به فإنه يرجع بأرش قديم لتجري حالة المساواة والزيادة والنقص
على وتيرة واحدة بل ربما كانت حالة المساواة أولى بذلك من حالة الزيادة المذكورة بعد وحينئذ
فمعنى الجبر المحاسبة بما زاد من أرش الحادث لا تنزيله منزلة العدم من كل وجه. قوله: (وإن نقص) أي
قيمة الزائد عن أرش ما حدث عنده أي وأما إن زادت قيمة ما زاده على أرش ما حدث عنده فله أن
يرده ويشترك بما زاد وله أن يتماسك ويأخذ أرش القديم. قوله: (لساوى الزائد النقص) أي لساوى
قيمة الزائد أرش النقص فلا رد فلا شئ عليه وإن تماسك ففيه ما علمت من كلام عج وبن.
قوله: (فإن كان خمسة وثمانين) أي فإن كان قيمته بالزيادة خمسة وثمانين. قوله: (غرم إن رد نصف

127
عشر الثمن) أي وإن تماسك أخذ أرش القديم وهو عشر الثمن. قوله: (وخمسة وتسعين) أي وإن كانت
قيمته بالزيادة خمسة وتسعين. قوله: (بمثل ذلك) أي بمثل نصف عشر الثمن إن رد وإن تماسك أخذ
أرش القديم. قوله: (مخففا) أي لان التفريق هنا في المعاني وأما في الأجسام فهو بالتشديد وهذا في
الغالب ومن غير الغالب بعكس ما ذكر. قوله: (وفرق بين مدلس الخ) هذا مفهوم قوله أو زاد بكصبغ
أي وإن نقص بكصبغ فرق بين مدلس وغيره كما يدل عليه تقرير التوضيح وبه قرر عبق أولا
وهو ظاهر، ولا يصح تعميمه فيكل نقص حصل بسبب فعل المشتري لان كلامه هنا إنما هو في
معرض الكلام على الزيادة وتفصيلها وسيأتي يتكلم على التغير الحادث بسبب فعله انظر طفي
و ح ا ه‍ بن. قوله: (بين بائع مدلس) أي وهو العالم بالعيب وكتمه حين البيع وغيره هو الذي لم يعلم
بالعيب أصلا أو علم به ونسيه حين البيع. قوله: (لا يصبغ به مثله) إنما قال ذلك لأجل أن يصح النقص
بسبب الصبغ وسواء غرم لذلك الصبغ ثمنا أم لا على مذهب ابن القاسم. قوله: (للنقص) أي
الحاصل بسبب الصبغ. قوله: (وإن كان غير مدلس) أي فإن رد أعطى أرش الحادث وإن تماسك أخذ
أرش القديم هذا قول ابن القاسم وقال أصبغ وابن المواز إن تماسك لا شئ له إن كان الامر الذي
حصل به النقص عنده كالصبغ لم يغرم له ثمنا وإلا كان له الأرش وشهره ابن رشد وكلاهما له وجه من
النظر انظر ح وعلى الثاني اقتصر المواق عن اللخمي ا ه‍ بن. قوله: (كهلاكه) أي كما فرق بين المدلس
وغيره في هلاك المبيع وقطعه من أجل التدليس واعترض بأنه إذا كان الهلاك بسبب التدليس
فقط فليس هناك غير مدلس حتى يفرق بينهما. وأجاب الشارح بأن في الكلام حذف الواو مع
ما عطفت. واعلم أن ما هلك بسماوي في زمن عيب التدليس فهو بمثابة ما هلك بعيب التدليس وليس
هذا داخلا في الغير ويدل لهذا ما يأتي. واعلم أن البائع محمول على عدم التدليس حتى يثبت
ذلك أو يقر به كما قال ابن رشد ويصدق المشتري في دعواه إباقه بيمين كما هو رواية ابن القاسم
وأشهب عن مالك كما في المتيطية. قوله: (وأخذ منه بأكثر) أي وفرق بين مدلس وغيره في أخذ البائع
المبيع المعيب من المشتري بأكثر من ثمنه الأول وهذه المسألة قد تقدمت في قوله أو بأكثر إن دلس
وإلا رد ثم رد عليه أعادها المصنف لجمع النظائر. قوله: (وتبر مما لم يعلم) أي وفرق بين مدلس وغيره
في صورة البيع على التبري من عيب لم يعلم به في زعمه. قوله: (لكان أحسن) أي لان التبري المطلق
هو الذي يفترق فيه المدلس من غيره وأما إذا تبرأ مما لم يعلم فلا يتصور فيه تدليس. قوله: (أو يجاب)
عطف على قوله في زعمه. قوله: (ورد الخ) أي وفرق في رد السمسار جعلا أخذه من البائع بين
مدلس وغيره. قوله: (إذا كان رد السلعة بحكم حاكم) أي كما لو كان الرد بعيب قديم قامت البينة على
قدمه وحكم الحاكم بالرد. قوله: (فلا يرد الجعل) أي كان البائع مدلسا أولا وهذا كله إذا لم يعلم
السمسار بالعيب أما إن علم به وكتمه فلا جعل له مطلقا وهذا كله إذا رد المبيع وأما إذا تم البيع
فابن يونس يقول له الجعل المسمى له إذا لم يتفق مع البائع على التدليس وإلا فجعل مثله والقابسي

128
يقول له جعل مثله إذا علم مطلقا اتفق مع البائع أم لا، فإن لم يعلم فله الجعل المسمى انظر بن. واعلم أن
الأصل في جعل السمسار أن يكون على البائع عند عدم الشرط أو العرف فلو اشترطه البائع أو السمسار
على المشتري أو تبرع به المشتري على السمسار ابتداء فإن المشتري إذا رد المبيع على البائع يرجع به على
البائع ثم البائع إذا كان غير مدلس يرجع به على السمسار وإن كان مدلسا فلا يرجع عليه وإنما رجع
به المشتري على البائع لان أصله عليه فالمشتري دفعه عنه كجزء من الثمن. قوله: (ومبيع لمحله) عطف
على سمسار أي ورد مبيع الخ أي وفرق بين مدلس وغيره في رد مبيع لمحله الذي اشتراه منه وفي
الكلام حذف والأصل، فإن كان مدلسا رده لمحله إن رد بعيب وإلا رد إن قرب وإلا فات. وحاصله أن
البائع المدلس عليه رد المبيع نقله المشتري للمحل الذي قبضه منه المشتري وعليه أيضا أجرة نقل
المشتري له لبيته فيرجع المشتري عليه بها ولا يرجع عليه بأجرة حمله إذا سافر به إلا أن يعم البائع المدلس أن
المشتري ينقله لبلده وإلا لزمه أجرة الحمل لسفره وإحضاره بمحل قبضه، وأما البائع غير المدلس فلا
يلزمه رد المبيع لمحل قبضه بل رده لمحل قبضه على المشتري إن قرب ذلك المحل فإن بعد فات الرد.
قوله: (وإلا رد إن قرب الخ) ما ذكره المصنف من التفرقة بين القب والبعد إذا كان البائع غير مدلس تبع فيه
المتيطي والذي لابن يونس وابن رشد أنه إذا نقله والحال أن البائع غير مدلس فهو كعيب حدث عنده
فيخير بين أن يرده لمحله أو يتماسك ويرجع بأرش العيب القديم، ولا فرق بين قرب وبعد ا ه‍ عدوي.
قوله: (راجع للمسائل الستة) أي وهو من التصريح بما علم التزاما كما قاله شيخنا. قوله: (فهو ليس من
المتوسط الخ) أي فهو ليس بعيب أصلا وانظر ما وجه أخذه أرش القديم إذا تماسك حيث كان
السمن غير عيب أصلا مع أن مقتضاه أنه إذا تماسك لا شئ له وإن رد فلا شئ عليه لما مر من أن من
اشترى سلعة واطلع فيها على عيب قديم فإنه يخير بين ردها ولا شئ عليه أو يتماسك بها، ولا شئ له
ولا يأخذ أرش القديم إلا إذا فات الرد أو حدث عنده عيب متوسط. قوله: (في مطلق التخيير) أي
وإن كان التخيير فيه مغايرا للتخيير في المتوسط. قوله: (وعمي الخ) أي أن العمى وما بعده إذا حدث منه
شئ عند المشتري فهو من المتوسط يوجب للمشتري الخيار بين الرد ودفع أرش الحادث والتماسك
وأخذ أرش القديم. قوله: (وتزويج أمة) أي بحر أو بعبد حصل دخول أو لا. قوله: (وكذا عبد) أي
فتزويجه عيب متوسط على الراجح كما يفيده ح. قوله: (وإن لم يكن عيب تزويج) أي بأن زنت
الأمة أو حصل لها عمى ثم ولدت. قوله: (وإن تماسك فلا شئ له الخ) الذي لابن عاشر أنه إذا
تماسك أخذ أرش القديم وإذا رد فلا شئ عليه، وهذا هو الموافق لما مر عن ابن يونس في قوله
وجبر به الحادث لكن ما في الشارح هو الذي نقله ابن عرفة ومثله في تكميل التقييد ونص
التكميل قال أبو إسحاق وابن محرز والمازري صفة التقويم أن يقال قيمتها سالمة مائة
وبالعيب القديم ثمانون وبالقديم وعيب النكاح الحادث عند المشتري ستون، فإن كانت قيمتها
بالقديم وبعيب النكاح وزيادة الولد ثمانين أو تسعين فقد جبر الولد عيب النكاح فللمشتري
أن يحبسها ولا شئ له أو يردها ويأخذ جميع ثمنه، وإن كانت قيمتها بما ذكر سبعين خير في
إمساكها مع رجوعه بأرش العيب القديم وهو خمس الثمن وردها مع ما نقص عنده وهو عشر
الثمن اه‍ كلام التكميل. وذكر ابن عرفة في سماع ابن القاسم لو اشترى جارية فزوجها فولدت ثم وجد
بها عيبا قديما ردها بولدها أو حبسها ولا شئ له إذا جبر الولد عيب التزويج ا ه‍ بن. قوله: (تجبر
النقص) أي أرش النقص الحادث عنده. قوله: (أي تساويه أو تزيد) أي كما لو كانت قيمتها سالمة
مائة وبالعيب القديم تسعين وبالعيبين ثمانين وبالنظر للولد تساوي تسعين أو خمسة وتسعين فيخير

129
المشتري فيهما إما أن يرد ولا شئ عليه أو يتماسك ولا شئ له على ما قال الشارح. وهذا صريح في
أنه إذا كانت قيمة الولد أكثر من أرش الحادث أنه لا يشارك البائع بالزائد إذا رد بخلاف
الصبغ ولعل الفرق أن الصبغ يشينه بخلاف الولد. قوله: (فإن نقصت الخ) أي كما لو كانت قيمة
الأمة سالمة مائة وبالعيب القديم ثمانين وبالعيبين ستين وبالنظر للولد تساوي سبعين فإنه إذا رد الأمة
يرد عشر الثمن وإن تماسك يرجع بخمسة. قوله: (إلا أن يقبله بالحادث) أي بدون أرش. قوله: (أو يقل)
بالجزم عطف على توسط من قوله إن توسط أي وتغير المبيع إن قل فكالعدم ولا يصح عطفه على
يقبله لأنه استثناء من المتوسط فيكون المعطوف منه مع أنه قسيمه قاله شيخنا. قوله: (بل إنما له التماسك
ولا شئ له أو الرد ولا شئ عليه) وذلك لأنه إنما كان له التماسك وأخذ القديم لخسارته بغرم أرش
الحادث إذا رد فحيث سقط عنه حكم العيب الحادث انتفت العلة وإنما اعتبر العيب القليل إذا كان
قديما فيرد به كما مر بخلاف القليل إذا كان حادثا فإنه غير معتبر إذ ليس له أن يتماسك معه ويأخذ
أرش القديم، لان البائع يتوقع تدليسه فلذا رد عليه بالقديم مطلقا قليلا كان أو كثيرا بخلاف
المشتري وهذا استحسان والقياس التسوية بإلغاء القليل فيهما أو اعتباره فيهما. قوله: (يخف ألمها) أي
لمدافعة بعضها لبعض. قوله: (والظاهر أن ما زاد على الواحد متوسط في الرائعة) أي وأما في غيرها
فهو غير متوسط بخلاف الإصبع فإنه من المتوسط مطلقا وذهاب الأنملة من المتوسط في الرائعة
لا في الوخش وانظر ذهاب ما زاد على الأنملة فيها هل هو يسير كالأنملة أو من المتوسط. قوله: (أو للبلد
التي يتجر بها) أي يتجر بالسلعة فيها. قوله: (وأما غير المعتاد) أي كتفصيل الشقة قلع مركب سواء
كانت الشقة من حرير أو من كتان أو من صوف كما قال شيخنا لا من خصوص الحرير كما هو ظاهر عبق.
قوله: (فمفوت) أي للرد ويرجع المشتري بأرش القديم. قوله: (والمخرج عن الغرض المقصود)
أي والتغيير المخرج عن المنافع المقصودة ومن البيع لا ذهابه لها. قوله: (فالأرش) أي فالأرش القديم
متعين للمشتري على البائع فيقوم سالما ومعيبا بالقديم ويأخذ المشتري من الثمن النسبة وظاهره
فوات الرد وأخذ الأرش ولو رضي البائع بقبوله بالحادث الذي لا يذهب عينه، وظاهره أيضا
تعين الأرش ولو حدث عند المشتري جابر لما حدث عنده ولا يأتي هنا قول المصنف سابقا في العيب
الحادث المتوسط وجبر به الحادث أي وجبر بما حصل عند المشتري من الأمور الموجبة لزيادة ثمنه
كخياطة وصبغ وطرز وكمد العيب الحادث كما قال عج. وقال الشيخ سالم القياس أن يجري ذلك هنا
فإذا جبر بخياطة ونحوها صار متوسطا ولا يقال ذلك العيب بالجبر كالعدم في حق المدلس لان هذا
في المتوسط ابتداء ا ه‍ شيخنا عدوي. قوله: (ككبر صغير الخ) عاقل أم لا أما الصغير العاقل فلانه يراد
منه الدخول على النساء فإذا كبر أي بلغ فقد زال المقصود منه وأما غير العاقل فصغيره يراد للحمه
وبكبره يزول ذلك الامر المقصود منه. قوله: (وهو ما) أي كبر أضعف القوى أي السمع والبصر
وأضعف المنفعة المقصودة منه أي أضعفه عنها. قوله: (وافتضاض بكر) أي فإذا افتضها ثم اطلع على
عيب قديم تعين التماسك بها وأخذ أرش العيب القديم وظاهره كان البائع مدلسا أم لا وهذا القول
حكاه ابن راشد في كتابه المسمى بالمذهب في تحرير المذهب وهو أحد أقوال ثلاثة في المسألة ثانيها
قول مالك أن الافتضاض من المتوسط فإن شاء تماسك وأخذ أرش القديم وإن شاء رد ودفع أرش البكارة

130
ولو كان مدلسا، وقيده الباجي بالعلية وارتضى ح ما لبهرام وابن غازي من الاطلاق كما قال شارحنا.
وثالثها قول ابن الكاتب إن كان البائع غير مدلس فهو متوسط كما قال مالك وإن كان مدلسا إن تماسك
أخذ أرش القديم وإن رد فلا شئ عليه والمعتمد من هذه الأقوال ثانيها. قوله: (وقطع غير معتاد) أي
سواء كان البائع مدلسا أم لا وما مر من قول المصنف وفرق بين مدلس وغيره إن نقص أي المبيع
بفعل المشتري فمحمول على الفعل المعتاد وأما غير المعتاد فهو مفيت مطلقا كان مدلسا أو غيره.
قوله: (كجعل الشقة برانس أو قلاعا) أي سواء كانت حريرا أو قطنا أو كتانا. قوله: (إلا أن يهلك بعيب
التدليس) أي أنه إذا حدث فيه عند المشتري مفوت للرد ثم هلك عنده بسبب عيب التدليس وكذلك
إذا لم يحدث فيه عند المشتري مفوت وهلك بسبب عيب التدليس فإنه يرجع بجميع الثمن ثم إن قوله
إلا أن يهلك بعيب التدليس مكرر مع قوله سابقا كهلاكه من التدليس، وذكره هناك لجمع النظائر
وذكره هنا لأنه محله وأما قول عبق أنه غير مكرر لأنه فيما تقدم لم يحدث فيه عند المشتري عيب مفيت
وإنما هلك بالقديم فقط وما هنا حدث فيه عند المشتري عيب مفيت وهلك بالقديم أيضا فلما توهم
أنه لا يرجع هنا إلا بالأرش نظرا لما حدث عنده نبه على أنه يرجع بالثمن في هذه الصورة المذكورة
ففيه نظر، والحق التعميم فيما هنا وفيما مر أي لا فرق بين أن يكون حدث عند المشتري مفيت ثم مات
بعد ذلك بالقديم أولا. قوله: (كتدليسه بحرابته الخ) أي وكما لو باعه أمة حاملا ودلس عليه بحملها
فماتت من الولادة فيرجع على البائع بجميع الثمن لموتها بعيب التدليس. قوله: (بأن اقتحم) أي دخل.
قوله: (أو تردى) أي سقط من محل عال كجبل لأسفل فمات. قوله: (بجميع الثمن) أي لا بأرش
القديم فقط ولا شئ على المشتري فيما حدث عنده من الهلاك. قوله: (عما لو مات بسماوي في غير حال
تلبسه بعيب التدليس) أي كما لو دلس البائع بإباقه فمات من غير أن يحصل إباق. قوله: (ما إذا هلك به)
أي بعيب التدليس. قوله: (منه) أي من المشتري. قوله: (فإن ساوى) أي الثمن الذي أخذه من المدلس.
قوله: (ما خرج من يده) أي ما خرج من يد المشتري الثاني كما لو باعه المدلس بعشرة وباعه المشتري منه
بعشرة. قوله: (وإن زاد) أي كما لو باعه المدلس باثني عشر وباعه المشتري منه لآخر
بعشرة وقوله فالزائد للبائع الثاني وهو المشتري الأول يحفظه له أي إذا سلمه الأول ذلك
الزائد برضاه وإلا فللأول منع الثالث من أخذ تلك الزيادة، لان الثالث غير وكيل للثاني
حتى يقبض له من الأول قهرا عنه وقد يبرئ الثاني الأول من تلك الزيادة. قوله: (وإن نقص)
كما لو باعه المدلس بعشرة وباعه المشتري منه لآخر باثني عشر. قوله: (فهل يكمله الخ) وهذا
القول حكاه المازري وابن شاس. قوله: (أو لا يكمله له) وهو ما حكاه في النوادر وفي كتاب ابن يونس.
قوله: (لأنه ما رضي الخ) إن قلت أنه إنما رضي باتباعه لضرورة أنه لم يمكنه الرجوع على
الثاني والجواب أنه كان يمكنه أن يصبر حتى يحضر الثاني أو يحصل له يسار فلما لم يصبر لحضوره لم
يكن له رجوع عليه. قوله: (وإنما يرجع على بائعه بالأرش) أي بأرش العيب القديم وفيه أن بائعه ليس
مدلسا حيث يأخذ منه أرش العيب إلا أن يقال أن يده كيد بائعه المدلس كذا قيل وتأمله.

131
قوله: (ثم هو) أي بائعه وهو المشتري الأول. قوله: (بالأقل من الأرش) أي الذي دفعه أو بما يكمل الثمن
الأول وذلك لان من حجة المدلس أن يقول إن كان الأرش أقل لم ينقص عليك بتدليسي سوى
ما دفعته من الأرش فخذه وإن كان الثمن أقل يقول له لا رجوع لك علي لو هلك بيدك إلا بما دفعته لي
فخذه هذا، والأولى للشارح أن يقول بالأقل من الأرش والثمن الأول كما يشهد له التوجيه الذي
قد علمته وأما قول عبق ثم يرجع هو على المدلس بالأقل من الأرش أو كمال الثمن الأول فمراده كما
قال شيخنا العدوي الثمن الأول بكماله، وليس مراده تتمته ا ه‍، فإذا باعه المدلس بعشرة لزيد ثم باعه
زيد لعمرو بمائة فاطلع عمرو فيه على عيب قديم ورجع على زيد الذي باعه وأخذ منه أرش العيب فإن
أخذ منه خمسة تعين أن يرجع بها على بائعه المدلس فإن أخذ عمرو من زيد أرش العيب خمسة عشر رجع
بائعه المدلس بعشرة التي هي الثمن الأول بكماله. قوله: (الثابت) أي الذي يثبت للمشتري به الرد.
قوله: (على تنازع المتبايعين في العيب) أي وهو المشار له بقوله ولا بائع أنه لم يأبق وقوله أو في سبب الرد به هو
المشار له بقوله ولم يحلف مشتر الخ. قوله: (ولم يحلف الخ) يعني أن المشتري إذا اطلع على عيب قديم
وأراد الرد فقال له البائع أنت رأيته وقت الشراء وأنكر رؤيته فطلب البائع يمينه فإن المشتري
لا يلزمه يمين ويرد المبيع بلا يمين. وقول المصنف ولم يحلف يصح فيه ضم الياء وفتح الحاء وتشديد
اللام أي ليس للبائع تحليفه ويصح فتح الياء وسكون الحاء وكسر اللام أي لم يقض الشرع بتحليفه.
قوله: (ما إذا أشهد) أي المشتري أنه قلب المبيع وعاينه أي ثم بعد مدة قال أنا لم أطلع على هذا
العيب القديم وقت التقليب وقال له البائع بل اطلعت عليه فليس له أن يرده إلا إذا
حلف، فإن نكل حلف البائع أنه اطلع عليه حين البيع ولزم المشتري المبيع. قوله: (ولا يحلف أيضا
إن ادعى) أي البائع عليه الرضا يعني أن البائع إذا ادعى على المشتري أنه حين اطلع على العيب رضي
به وأنكر المشتري الرضا به فإنه لا يلزمه يمين وله أن يرد المبيع من غير يمين. قوله: (ولم يسمه) أي لم
يسم البائع ذلك المخبر. قوله: (فله تحليفه) أي بعد أن يحلف البائع أو لا لقد أخبرني مخبر بأنك رضيت
به حين اطلاعك عليه كما نقله ابن عرفة عن ابن القاسم، واختاره ابن أبي زمنين وظاهر المدونة
كظاهر الشارح الاطلاق أي أن المشتري يحلف مطلقا إذا لم يسم البائع له المخبر سواء
حلف البائع لقد أخبرني مخبر أو لم يحلف. قوله: (فإن سماه) حاصله أن المخبر إذا سماه البائع
يسئل فإن صدق البائع على أنه أخبر وكان أهلا للشهادة وقد قام بها البائع حلف البائع
معه لأنه شاهد عدل وسقط الرد عليه وإن كان مسخوطا أي فاسقا أو أهلا ولم يقم البائع
بشهادته حلف المشتري أنه ما رضي ورد وإنما وجبت عليه اليمين وإن كان المخبر مسخوطا لان
تصديقه مما يرجح دعوى البائع في الجملة، فإن كذب المخبر البائع فالظاهر أنه لا يمين على المشتري أنه
ما رضي سواء كان المخبر عدلا أو مسخوطا كما قاله المسناوي خلافا لما ذكره عبق
من اليمين ا ه‍ بن. قوله: (حلف المشتري أيضا) أي وسقطت اليمين عن البائع حيث سماه.

132
قوله: (ولم يشهد للبائع شاهد عدل) أي بأن لم يكن له شاهد أصلا أو له شاهد مسخوط وقوله إن ادعى الخ
أي ولم يحقق عليه الدعوى وقوله: وبيمين إن ادعى الخ أي إن حقق عليه الدعوى بأن ادعى الخ.
قوله: (عند الاطلاع في الخفي) أي عند الاطلاع على العيب إذا كان العيب خفيا. قوله: (كما أن القول
قول البائع بلا يمين الخ) أي لأنه لو مكن المشتري من تحليف البائع لحلفه كل يوم على ما شاء من عيب
يسميه أنه لم يبعه وهو به قاله في المدونة. قوله: (يجوز فتح الهمزة) أي بناء على أن في الكلام حذف
حرف الجر أي لم يحلف بأنه لم يأبق أي لم يحلف حلفا مصورا بذلك وقوله وكسرها أي على الحكاية
أي حكاية الصيغة التي تصدر من البائع لو كان يحلف. قوله: (أنه لم يأبق الخ) فرض مثال أي
ولم يسرق ولم يزن ولم يشرب ونحو ذلك. قوله: (لإباقه) علة للمنفي وهو يحلف أي أن الحلف من البائع لأجل
إباق العبد بالقرب منفي. قوله: (إلا أن يحقق عليه الدعوى) هذا قول اللخمي وصححه في الشامل وهو
ظاهر المصنف حيث قال لإباقه بالقرب فإن ظاهره إن عدم تحليف المشتري للبائع لكونه اتهمه بإباقه
عنده بسبب إباقه عند المشتري بالقرب، فمفهومه أنه لو حقق عليه الدعوى كان له تحليفه وظاهر المدونة
أن المشتري ليس له تحليف البائع سواء اتهمه بأنه أبق عنده أو حقق عليه الدعوى بأن قال أخبرني مخبر
بإباقه عندك وهو ظاهر ما لأبي الحسن والمعتمد ما قاله اللخمي من التقييد. قوله: (فله تحليفه) أي بعد
أن يحلف أنه أخبره مخبر بذلك فإن صرح باسمه كان له تحليفه أيضا وسقطت اليمين عنه وهذا إذا كان
المخبر الذي سماه مسخوطا أو عدلا ولم يقم المشتري بشهادته وإلا حلف معه ورد العبد على البائع.
قوله: (يرجع بالزائد) أي على ما بينه وهو ما كتمه البائع. قوله: (ما قيمته سليما) أي من عيب الإباق وما
ذكره الشارح من تقويمه سليما ثم بالعيب الذي كتمه نحوه في عبق وخش وهو غير صواب
والصواب أنه يقوم معيبا بما بين فقط ثم يقوم معيبا بما بين وبالزائد على ما بين وهو ما كتمه ويرجع
بما بينهما فإذا قال البائع أنه يأبق خمسة عشر يوما عشرين يوما فإذا قيل ثمانية رجع بخمس
الثمن ولا يقوم سليما لما فيه من الظلم على المبتاع كذا في بن وغيره. ويمكن تمشية كلام الشارح على ذلك
بأن يقال أراد بقوله ما قيمته سليما أي مما كتم وليس المراد ما قيمته سليما أي من عيب الإباق من أصله.
قوله: (كأنه لم يبين شيئا) أي وسكت هذا القول عما إذا بين النصف وكتم النصف كما لو قال أنه يأبق عشرة
وهو يأبق عشرين وينبغي على هذا القول أنه يرجع بأرش الزائد على ما بين أي يرجع بأرش ما كتمه
مثل ما إذا بين الأكثر وكتم الأقل كذا في خش وعبق قال شيخنا بل وكذا ينبغي أن يقال ذلك
على القولين الآتيين. قوله: (ولا بين المسافة) أي كما إذا كان شأنه يأبق عشرين ميلا فيبين البائع
بعضها ويكتم بعضها وقوله والأزمنة كما إذا كان شأنه يأبق عشرين يوما فيبين البائع بعضها ويكتم
بعضها. قوله: (أو بالزائد) أي بأرش الزائد على ما بين وهو ما كتمه. قوله: (أو يفرق بين هلاكه الخ)

133
حاصله أنه يفرق بين أن يهلك المبيع فيما بينه البائع فيرجع المشتري بأرش ما كتمه على البائع كان هو
الأقل أو الأكثر وبين أن يهلك فيما كتمه فيرجع على البائع بجميع الثمن سواء بين الأكثر أو الأقل،
فلو ادعى البائع أنه هلك فيما بينه وادعى المشتري أنه هلك فيما لم يبينه فالظاهر العمل بقول المشتري.
قوله: (أو لا يهلك الخ) لو عبر المصنف بقوله وغيره بدل قوله أولا كان أحسن إذ ربما يوهم أن قوله
أولا قول رابع وأنه قسيم قوله هل يفرق ولأجل أن يسلم من عطفه بأو مع أن البينة لا تكون إلا بين
شيئين. قوله: (أقوال ثلاثة) الأول لابن يونس عن غير أهل بلده والثاني قول بعض أهل بلد ابن
يونس والثالث قول أبي بكر بن عبد الرحمن. قوله: (كعشرة أثواب) أي معينة. قوله: (فاطلع على
عيب ببعضه) أي أو استحق بعضه لان استحقاق بعض المعين المتعدد كالعيب. قوله: (ولزمه التمسك
بالباقي) أي بما يخصه من الثمن وليس للمشتري رد الجميع إلا برضا البائع وليس للبائع أن يقول إما أن
ترد الجميع أو تأخذ الجميع كما قاله ابن يونس وقال ابن عرفة هو ظاهر المدونة خلافا للتونسي انظر ح.
قوله: (بأن كان ينويه) تفسير لما إذا كان المعيب ليس وجه الصفقة أما لو كان المعيب وجه
الصفقة فسيأتي في قوله إلا أن يكون المعيب أكثر من النصف. قوله: (فإذا كان الخ) حاصله أنه يقوم
كل سلعة بمفردها على أنها سليمة وينسب قيمة المعيب على أنه سليم إلى الجميع ويرجع بما يخص المعيب
من الثمن كما وضح ذلك بقوله فإذا كان الخ وللتقويم طريقة أخرى غير هذه. وحاصلها أن تقوم
الأثواب كلها سالمة ثم تقوم ثانيا بدون المعيب وتنسب القيمة الثانية للأولى وبتلك النسبة يرجع بما
يخص المعيب من الثمن. قوله: (وأما المثلى) أي وأما لو كان المبيع مثليا أو كان مقوما غير معين
كالموصوف في الذمة ثم اطلع على عيب في بعضه بعد قبضه فسيأتيان أنهما يرجعان فيهما بمثل ما ظهر
معيبا أو استحق سواء كان أقل الصفقة رد بعض المبيع بحصته من الثمن ظاهر الخ وقوله إن كان الثمن
عينا أي كمائة دينار. قوله: (أو مثليا) أي مكيلا أو موزونا أو معدودا كما إذا كان الثمن مائة أردب
أو مائة قنطار. قوله: (ورجع بالقيمة أي قيمة ما يقابل المعيب من السلعة) الأولى أن يقول أي ورجع
بنسبة قيمة المعيب إلى جميع المبيع من قيمة السلعة ليوافق قوله الآتي ورجع بعشر قيمة العبد أو
الدار. قوله: (ورجع بعشر قيمة العبد) أي على المعتمد خلافا لمن قال يرجع بقيمة عشر العبد ولا شك
أن قيمة عشر العبد أقل من عشر قيمته. وحاصل فقه المسألة أن الثمن إن كان مقوما كدار أو عبد أو
كتاب أو ثوب واطلع المشتري على عيب في بعض المبيع، فقال أشهب يرجع شريكا في الثمن المقوم
بما يقابل المعيب وقال ابن القاسم لا يرجع شريكا للبائع في الثمن لضرر الشركة وإنما يرجع بالقيمة من
الثمن وعلى هذا القول فاختلف فقيل معناه أنه يرجع بنسبة قيمة المعيب لقيمة المبيع من قيمة
المقوم الواقع ثمنا وهو ما في التوضيح والمواق، فإذا كان المعيب ثوبا فيقال قيمته عشرة نسبتها للمائة
قيمة الأثواب المبيعة العشر فيرجع بعشر قيمة الدار الواقعة ثمنا وهذا هو المعتمد وعليه مشى
شارحنا هنا، وقيل معناه أن المشتري يرجع بقيمة ما يقابل المعيب من الثمن فإن كان المعيب ثوبا
رجع بقيمة عشر الدار وعلى هذا مشى شارحنا أولا حيث قال ورجع بقيمة ما يقابل المعيب من
السلعة فتأمل. قوله: (وهكذا) أي وإن كان المعيب ثوبين رجع بخمس قيمة العبد أو الدار لا بقيمة
خمسهما وإن كان المعيب ثلاثة أثواب رجع بثلاثة أعشار قيمتهما لا بقيمة ثلاثة أعشارهما وإن كان
أربعة رجع بخمسي قيمتهما لا بقيمة خمسهما، وإن كان خمسة رجع بنصف قيمتهما لا بقيمة نصفهما.
قوله: (ولا يرجع بجزء من السلعة) أي فلا يرجع شريكا بعشرها إذا كان المعيب ثوبا ولا بخمسها

134
إذا كان المعيب ثوبين وهكذا. قوله: (إما أن يتماسك بالجميع) أي بجميع المبيع سليما ومعيبا بكل الثمن.
قوله: (أو يرد الجميع) أي جميع المبيع السالم والمعيب ويأخذ كل الثمن. قوله: (أو يتماسك بالبعض) أي
وهو السليم بكل الثمن ويرد البعض المعيب مجانا أي وأما التماسك بالبعض السليم بما يقابله من الثمن ورد
المعيب بما يخصه من الثمن فهو ممنوع ولو تراضيا على ذلك لحق الله وسيأتي في الشرح علة المنع من أن
التماسك بالباقي في القليل كإنشاء عقدة بثمن مجهول، إذ لا يعرف ما ينوب الأقل إلا في ثاني حال بعد
التقويم. قوله: (هذا) أي ومحل هذا أي محل منع التمسك بالأقل ورد المعيب الأكثر بما ينوبه من الثمن
إن كان السليم كله باقيا وكذلك المعيب وقوله فإن فات أي السليم بأن حصل فيه هلاك وقوله فله رد
المعيب أي والتماسك بالسليم من العيب الهالك بحصته من الثمن وقوله مطلقا أي سواء كان وجه
الصفقة أم لا وهذا إذا كان الثمن عينا أو عرضا وفات وذلك لأنه لو رد الجميع في تلك الحالة رد قيمة
الهالك عينا ورجع في عين وهو الثمن العين وقيمة العرض الذي قد فات عند البائع ورد العين
والرجوع فيها لا فائدة فيه، وأما لو كان الثمن عرضا لم يفت فإنه يتعين رد الجميع لأنه لو تمسك بالسليم من
المعيب الذي هلك عنده بحصته من العرض القائم والفرض أن المعيب وجه الصفقة لكان كإنشاء
عقدة بثمن مجهول إذ لا يعلم ما يخص السليم من ذلك العرض القائم إلا بعد التقويم. قوله: (فليس له
رد المعيب) أي من أحد المزدوجين بحصته من الثمن والتمسك بالسليم أي بما يخصه من الثمن بل إما أن
يتماسك بالجميع أو يرد الجميع. وظاهر الشارح عدم جواز رد المعيب والتماسك بالسليم من المزدوجين
ولو تراضيا على ذلك وهو ما في خش وعبق تبعا لعج لما في ذلك من الفساد الذي منع الشرع منه،
ولكن رد ذلك طفي وقال الصواب جواز ذلك عند التراضي كما ذكروه في القسمة من جوازها
مراضاة في الخفين ونحوهما لامكان شراء كل واحد من الشريكين فردة الآخر ليكمل انتفاعه
انظر بن. قوله: (وجب ردهما معا أو التماسك بهما معا) أي ولا يجوز رد المعيب منهما بحصته من الثمن
لان الشارع منع من التفرقة بينهما قبل الاثغار وهذا حيث لم ترض الأم بذلك وإلا جاز رد المعيب
بحصته من الثمن إلا أن يكون وجه الصفقة بناء على أن الحق في عدم التفرقة للأم لا للولد وإلا منع ولو
رضيت الأم بذلك ولو كان المعيب أقل من وجه الصفقة. قوله: (أو تعيب) أي عند البائع
أو تلف عند البائع أكثره كما إذا اشترى عشرة أثواب فحبسها البائع لأجل الثمن أو الاشهاد
فتعيب أو تلف أكثرها عنده فلا يجوز للمشتري أن يتماسك بالأقل الباقي بما يخصه من الثمن.
قوله: (بل يتعين رد الباقي) أي ما لم يرض بالتماسك بذلك الباقي بجميع الثمن. قوله: (لان التمسك بالباقي القليل)
أي بما يخصه من الثمن. قوله: (كإنشاء عقدة الخ) إن قلت هذا التعليل موجود فيما إذا استحق الأقل أو
تعيب ورده وتمسك بالأكثر بحصته من الثمن قلت لما كان الحكم للغالب انفسخت العقدة برد الأكثر
أو استحقاقه وكان التمسك بالأقل كابتداء عقد بمجهول الآن بخلاف رد غير الأكثر أو استحقاقه.
والحاصل أن العقدة الأولى انحلت من أصلها حيث استحق الأكثر أو تعيب لان استحقاق
الأكثر أو تعييبه كاستحقاق الكل وإذا تعيب الأكثر أو استحق وانحلت عقدة البيع كأن تمسك
المشتري بالأقل السالم، كإنشاء عقدة بثمن مجهول الآن بخلاف رد غير الأكثر أو استحقاقه وأجاز
ابن حبيب ذلك أي رد الأكثر بحصته قائلا هذه جهالة طارئة. قوله: (ثم تقويم كل جزء الخ) أي ونسبة
قيمة الباقي إلى قيمة جميع المبيع. قوله: (وأما إن كان متحدا) أي وأما لو كان المبيع مقوما معينا متحدا.
قوله: (وأما الموصوف) أي وأما المقوم الموصوف والحاصل أن كلام المصنف هنا في المقوم المعين المتعدد وأما
المثلى والمقوم والمتحد والموصوف فلا يحرم فيه ذلك. قوله: (ولو فرع بالفاء لكان أولى) أي لان التعبير

135
بالواو يوهم الاستئناف واعلم أن تفريع هذه المسألة على ما تقدم مبني على أن حرمة التمسك بأقل استحق
أكثره مطلقا سواء كان الثمن عينا أو عرضا باقيا أو فائتا وسيأتي ما فيه. قوله: (وإن كان درهمان وسلعة الخ)
اسم كان ضمير الشأن ودرهمان مبتدأ وقوله بيعا بثوب خبره والجملة خبر لكان الثانية أو إن كان
غير ثانية ودرهمان اسمها وخبرها محذوف دل عليه متعلقه بكسر اللام أي بيعا بثوب وفي بعض النسخ
وإن كان درهمين فاسم كان ضمير يعود على المبيع ودرهمين خبرها وسلعة بالرفع على الأول وبالنصب
على الثاني. قوله: (فاستحقت السلعة) أي من يد المشتري وهو عطف على بيعا المقدر. قوله: (فأعلى) أي
من حوالة السوق كتغير الذات. قوله: (فله قيمة الثوب بكماله) أي يأخذها من البائع ولا يجوز له أن
يتماسك بالدرهمين فيما يقابلهما من سدس الثوب بحيث يكون شريكا بسدسها أو سدس قيمتها، وأما
تمسكه بالدرهمين في مقابلة الثوب بتمامها فجائز وإنما أتى بقوله بكماله لأجل المبالغة في الرد على ابن
حبيب القائل له أن يرضى بالدرهمين في مقابلة سدس الثوب فيشتركان فيها وإلا فلا حاجة لقوله
بكماله لان هذا قد علم من قوله قيمة الثوب. قوله: (أي لمن استحقت الخ) أشار إلى أن ضمير لمن
استحقت منه السلعة واللام للاستحقاق أو بمعنى على وقوله ورد الدرهمين يقرأ رد بصيغة الفعل
الماضي والدرهمين مفعوله والفعل يفيد وجوب الرد فسقط الاعتراض بأن قوله فله المفيد للتخيير مع
التفريع على حرمة التمسك بالأقل مشكل. والجواب من وجهين أولهما أن قسيم ما ذكر أن له أن يرضى
بالدرهمين في نظير الثوب كله لا في مقابلة سدسه فقط الثاني أن اللام في قوله فله إما بمعنى على أو
للاستحقاق لا للتخيير وقوله رد يقرأ فعلا ماضيا فيفيد الوجوب أي من حقه أن يأخذ قيمة الثوب
ويجب عليه رد الدرهمين، ولا يجوز أن يأخذ الدرهمين في مقابلة سدس الثوب وهذا لا ينافي جواز
تماسكه بهما في مقابلة الثوب بتمامها هذا، وقد اعترض طفي حرمة التمسك هنا بالدرهمين بما
ينو بهما من الثوب عند فواتها بأنه خلاف ما ذكره الشراح فقد أطبق من وقفت عليه من الشراح
على تقييد حرمة التمسك بأقل استحق أو تعيب أكثره بما إذا كان الثمن عينا أو عرضا وكان باقيا،
فإن كان عرضا وفات فهو كاستحقاق أو تعيب الأقل في جواز التمسك بالسالم بما يخصه من الثمن اه‍.
ومقتضى هذا أن اللام في كلام المصنف على حالها للتخيير ولا يجعل قول المصنف وإن كان الخ
مفرعا على ما مر من حرمة التماسك بأقل استحق أكثره بل هو مستأنف. قوله: (وجاز رد أحد
المشتريين غير الشريكين) أي في التجارة بأن كان شراؤهما للقنية ولو كان شيئا واحدا. وحاصله
أنه لو اشترى شخصان سلعة واحدة كعبد لخدمتهما أو سلعا متعددة في صفقة واحدة لا على سبيل
الشركة بل على أن كل واحد يأخذ نصفها مثلا ثم اطلعا على عيب قديم، فأراد أحد المشتريين أن يرد
نصيبه على البائع وأبى غيره من الرد فالمشهور أن له أن يرد نصيبه على البائع، ولو قال البائع لا أقبل إلا جميعه
بناء على أن العقد يتعدد متعلقه ومشتريه وإلى هذا رجع مالك واختاره ابن القاسم. وكان مالك
يقول أولا إنما لهما الرد معا أو التماسك لأحدهما أن يرد دون الآخر والقولان في المدونة.
قوله: (وأما الشريكان) أي في التجارة. قوله: (وأراد أحدهما) أي دون الآخر. قوله: (وعلى أحد
البائعين الخ) حاصله أن البائع تعدد بأن باع شخصان عبدا واحدا كأن اتخذاه للخدمة مثلا
واشتراه منهما واحد فاطلع فيه على عيب قديم، فيجوز له أن يرد على أحد البائعين نصيبه من المبيع
دون الآخر ما لم يكن البائعان شريكين في التجارة وإلا فلا لأنهما كالرجل الواحد فالرد على أحدهما
رد على الآخر. قوله: (والقول للبائع في نفي العيب الخفي كالزنى والسرقة) أي فإذا ادعى المشتري
أن به عيبا قديما كالزنى والسرقة وقال البائع لا عيب به أصلا فالقول قول البائع ولا عبرة بدعوى

136
المشتري وجودهما أو وجود أحدهما فيه. قوله: (أو نفي قدمه) أي بأن وافق البائع المشتري على وجود
العيب لكن البائع يدعي حدوثه عند المشتري والمشتري يدعي قدمه ليرد المبيع على بائعه فالقول قول
البائع. ثم اعلم أنه إنما يكون القول قول البائع في حدوث العيب المشكوك فيه إذا لم يصاحبه عيب قديم
ثابت وأما إن صاحبه عيب قديم فالقول قول المشتري أنه ما حدث عنده مع يمينه، وبه أخذ ابن القاسم
واستحسنه في التوضيح ومثله في ابن عرفة عن ابن رشد قائلا لان المبتاع قد وجب له الرد بالقديم
وأخذ جميع الثمن والبائع يريد نقصه من الثمن بقوله حدث عندك فهو مدع اه‍ بن. قوله: (بأن قال
المشتري قديم) أي هذا العيب الموجود فيه قديم قبل الشراء. قوله: (والبائع حادث) أي وقال البائع
أنه حادث أي بعد الشراء. قوله: (كما قدمه الخ) حاصل ما تقدم أن المشتري إذا ادعى أن العبد يبول في
الفرش وأنكر البائع بوله فإنه يوضع عند أمين فإذا قال الأمين أنه بال عندي حلف البائع أنه لم
يحصل منه بول عنده ويمنع المشتري من رده لحمله على الحدوث فقول الأمين فقد أضعف قول البائع
أنه لا يبول في الفرش أصلا. قوله: (كما يأتي قريبا) حاصل ما يأتي أنه إذا شهدت له بينة بحدوث العيب فإن
قطعت بذلك كان القول قوله بلا يمين وإن رجحت ذلك أو شكت كان القول قوله بيمين. قوله: (إلا بشهادة عادة)
أسند الشهادة للعادة مع أن الشاهد أهل المعرفة لاستنادهم في شهادتهم لما دلت عليه العادة غالبا.
قوله: (قيد الخ) أي وحينئذ فكان الأولى للمصنف أن يقول بدل قوله أو قدمه كقدمه وحاصله أنهما إذا
تنازعا في قدم العيب وحدوثه فالقول قول البائع في نفي قدمه إلا أن تشهد العادة للمشتري بقدمه
وإلا كان القول قوله وحينئذ فيثبت له الرد. واعلم أنه يعمل بشهادة البينة بقدمه سواء استندوا
في قولهم ذلك للعادة أو للمعاينة أو لاخبار العارفين أو لاقرار البائع لهم بذلك. قوله: (وحلف من لم يقطع
بصدقه) فإن اختلف أهل المعرفة في قدمه وحدوثه وشهدت بينة للبائع بالحدوث وشهدت بينة
للمشتري بالقدم عمل بقول الأعراف إن استويا في المعرفة عمل بقول الأعدل، فإن تكافأ في العدالة
سقطا لتكاذبهما وإذا سقطا كان كالشك على ما استظهره بعضهم. قوله: (ومفهومه) أي مفهوم قول
المصنف من لم يقطع بصدقه. قوله: (في عيب خفي) أي كالزنا والسرقة والإباق تنازعا في حدوثه وقدمه.
قوله: (الذي شأنه أن لا يخفى) أي ككونه مقعدا أو أعمى فاقد الحدقتين. قوله: (فلا قيام به) أي لحمله
على أنه علمه ورضي به أي وحينئذ فلا ينفع المشتري شهادة العادة بقدمه ولو قطعت بذلك. قوله: (وقبل في
معرفة العيب) أي المتنازع في قدمه وحدوثه فقول الشارح وأنه قديم الخ عطف تفسير. قوله: (لا مفهوم
له على المعتمد) أي بل الترتيب بين العدل والمسلم غير العدل عند وجودهما على وجه الكمال فقط وأما
الكافر فلا يقبل مع وجود المسلم ولو كان غير عدل اتفاقا. قوله: (وإن مشركين) أي هذا إذا كان غير
العدول مسلمين بل وإن كانوا مشركين. قوله: (ويكفي الواحد) أي إن أرسله القاضي وكان المبيع
حاضرا حيا لا يخفى عيبه وإلا فلا بد من عدلين. قوله: (إذا توجهت عليه في حدوث العيب) أي عند
التنازع في حدوث العيب وقدمه وذلك بأن شهدت له بينة بحدوثه ظنا. قوله: (وعدمه) أي أو توجهت
عليه عند التنازع في وجود العيب وعدمه، وذلك بأن وجد ما يضعف دعوى البائع عدمه أو قام
للمشتري شاهد واحد على وجود العيب ونكل عن اليمين معه وتوجهت على البائع فاندفع ما يقال
أن القول قول البائع في نفي العيب بلا يمين فكيف يعمم في قول المصنف ويمينه تأمل. قوله: (ويزيد)

137
أي بعد قوله بعته وأقبضته وما هو به واعترض بأن قوله وما هو به ليس نقيض دعوى المشتري قدمه ومتعلق
اليمين يجب أن يكون نقيض الدعوى كما هو مقتضى القواعد، وأجيب بأنه متضمن لنقيضه لان نقيض
القدم عدم القدم وقول البائع أقبضته وما هو به يتضمن عدم القدم وتضمن اليمين لنقيض الدعوى
كاف مثل الحلف على نقيضها. قوله: (إذا توجهت عليه) أي كما لو شهدت البينة له بقدم العيب ظنا.
قوله: (فيهما) أي في الظاهر والخفي فيقول في كل منهما والله الذي لا إله إلا هو لقد اشتريته وهو بذلك
العيب في علمي. قوله: (وقيل على البت) أي فيقول بالله الذي لا إله إلا هو لقد اشتريته وفيه هذا العيب قطعا.
قوله: (وقيل كالبائع) هذا القول رواية يحيى عن ابن القاسم واختارها ابن حبيب. قوله: (أي الدخول في
ضمان البائع) تفسير للفسخ أي أن المراد به ما ذكر لا خصوص حكم الحاكم بالرد. قوله: (بأن نشأت الخ) أي سواء
كان استغلها قبل الاطلاع على العيب أو بعده في زمن الخصام أو قبله. قوله: (أو عن تحريك قبل الاطلاع الخ)
أي كركوب الدابة واستخدام العبد فإن هذا إنما يكون للمشتري إذا استوفاه قبل الاطلاع على العيب، أما
إن حصل شئ من ذلك بعد الاطلاع على العيب فهو رضا بالمبيع سواء كان قبل زمن الخصام أو فيه. قوله: (لكن
في زمن الخصام) أي وأما قبله فرضا فإذا سكن المشتري الدار واطلع على العيب وقام به حالا فالغلة وهي
السكنى الحاصلة في زمن الخصام تكون له للفسخ ولو طال زمن الخصام وأما لو سكن بعد الاطلاع وقبل
الخصام فذلك رضا ولو قل الزمن. والحاصل أن الغلة التي تجامع الفسخ ما كانت قبل الاطلاع على العيب
سواء نشأت عن تحريك منقض كالركوب والاستخدام أو عن تحريك غير منقص كالسكنى أو نشأت
لا عن تحريك كاللبن والصوف، وكذلك ما كانت بعد الاطلاع على العيب ونشأت لا عن تحريك سواء
كانت في زمن الخصام أو قبله ولم يطل أو نشأت عن تحريك غير منقص كالسكنى إذا كانت في زمن الخصام
لا قبله، وأما الغلة التي لا تجامع الفسخ أي لا يحصل معها لدلالتها على الرضا فهي الحاصلة بعد الاطلاع على
العيب ونشأت عن تحريك منقض كالركوب والاستخدام سواء كان في زمن الخصام أو قبله أو نشأت عن
تحريك غير منقص كالسكنى، وكان ذلك قبل زمن الخصام أو كان ذلك ليس ناشئا عن تحريك أصلا وكان
ذلك قبل زمن الخصام وطال. قوله: (بخلاف ولد) أي لامة أو لإبل أو بقر أو غنم أو نحوها وقوله فيرده
مع أمه أي لأنه ليس بغلة خلافا للسيوري حيث جعل الولد غلة ولا شئ على المشتري في ولادتها إذا ردها
إلا إذا نقصتها الولادة فيرد معها ما نقصها إلا أن يجبر ذلك النقص الحاصل بالولادة بالولد فلا شئ عليه حينئذ
إذا ردها كما قال ابن القاسم. قوله: (وبخلاف ثمرة أبرت) أي وأما غير المؤبرة حين الشراء فإنها غلة يفوز بها
المشتري إذا حصل الرد بعد أن جذها فلا يردها للبائع حينئذ وأما إن حصل الرد قبل جذها ردها للبائع ما لم
تزه فإن أزهت فاز بها المشتري. قوله: (فإن فات) أي بأكل أو ببيع أو بسماوي. قوله: (وقيمته إن لم يعلم)
هذا إذا كان الفوات بغير البيع وأما إن كان الفوات بالبيع ولم تعلم المكيلة فإنه يرد ثمنه
إن علم كما قال أو ثمنه إن علم الخ. قوله: (وإلا رد الغنم بحصتها من الثمن) أي ويكون له الصوف في مقابلة بقية الثمن ولا يلزمه أن
يرد مع الغنم ثمن الصوف إن باعه أو قيمته إن انتفع به في نفسه كما قيل في الثمرة. إن قلت: لم فرق بين الثمرة
والصوف عند انتفاء علم المكيلة والوزن. قلت: لأنه لو رد الأصول بحصتها من الثمن مثل الغنم لزم بيع الثمرة مفردة
قبل بدو صلاحها وهو لا يجوز إلا بشروط تأتي وهي منتفية هنا وأخذ القيمة ليس بيعا بخلاف رد الغنم بحصتها
من الثمن فإنه لا محظور فيه لان الصوف سلعة مستقلة يجوز شراؤه منفردا عن الغنم، وإنما كان يلزم على رد
الأصول بحصتها من الثمن بيع الثمرة مفردة قبل بدو صلاحها لأن العقد إنما وقع على الأصول بعد الآبار

138
وقبل بدو الصلاح والمنظور له هذا الزمن لا زمن جذ المشتري لها لأنه لا يجذها غالبا إلا بعد
بدو صلاحها لكن لا ينظر لهذا وإنما ينظر لوقت العقد. قوله: (ومحل رد الصوف الخ) أي وأما الثمرة
المؤبرة فهل كذلك قياسا على الصوف وهو الظاهر أو ترد مطلقا ولو لم ترد أصولها حتى ظهر فيها
أخرى وهو ظاهر المصنف. قوله: (ثم شبه بقوله ولم ترد) أي وليس هذا راجعا لقوله بخلاف الولد
وما بعده وذلك لان الولد لا تتأتى الشفعة في أمه وفي الاستحقاق يأخذه المستحق مع أمه وكذا
في الفلس وأما في البيع الفاسد فالولد مفوت له وموجب للقيمة. قوله: (كشفعة الخ) يعني أن مثل الرد
بالعيب القديم الاخذ بالشفعة والاستحقاق والرد للفلس والفساد فكما أن المشتري إذا رد بعيب
قديم يفوز بالغلة، ولا ترد للبائع كذلك من أخذ منه الشقص بالشفعة يفوز بالغلة ولا ترد للآخذ
بها وكذلك يفوز بها المستحق منه ولا ترد للمستحق وكذلك يفوز بها من أخذ منه الشئ المبيع لأجل
تفليسه أو لفساد بيعه ولا ترد لبائعه وهذا إذا كانت الغلة غير ثمرة أو كانت ثمرة غير مأبورة يوم
الشراء وفارقت الأصول بالجذ فإن لم تجذ واستمرت على أصولها ففي العيب والفساد يجب ردها
للبائع ما لم تزه فإن أزهت استحقها المشتري وفي الشفعة والاستحقاق يجب ردها للمستحق والآخذ
بالشفعة ما لم تيبس وإلا فاز بها المأخوذ منه الشقص بالشفعة والمستحق وفي الفلس يجب ردها للبائع
ما لم تجذ بالفعل وإلا فاز بها المشتري المفلس وإلى هذا أشار ابن غازي بقوله:
والجذ في الثمار فيما انتقيا * يضبطه تجذ عفزا شسيا
فالتاء في تجذ للتفليس والجيم وحدها أو مع الذال للجذ أي تفوت الثمار على البائع في التفليس بالجذ
والعين والفاء في عفزا للعيب والفساد والزاي للزهو والشين والسين في شسيا للشفعة والاستحقاق
والياء لليبس ا ه‍ وقال بعضهم:
الفائزون بغلة هم خمسة لا يطلبون بها على الاطلاق الرد في عيب وبيع فاسد
وبشفعة فلس مع استحقاق فالأولان لزهوها فازا بها والجذ في فلس ويبس الباقي
وإنما قلنا أو كانت ثمرة غير مأبورة لان المأبورة حين الشراء أو حين الاستحقاق ليست غلة فترد
للبائع في الفلس والعيب والفساد مطلقا ولو أزهت أو يبست أو جذت وفي الشفعة والاستحقاق
يأخذها الشفيع والمستحق مطلقا. قوله: (وللمشتري الذي فسخ شراؤه) ولو علم المشتري بالفساد إلا
في الوقف على غير معين إذا علم المشتري بوقفيته فإنه يرد الغلة. قوله: (ولا للبائع) أي الذي باع لمفلس
ولا الذي باع بيعا فاسدا. قوله: (أو فيها الخ) أي وكذا في الثمرة إن فارقت الأصول أي والحال أنها
غي مأبورة حين البيع وإلا فهي للبائع كما مر. قوله: (وإلا رد في الشفعة) أي وألا تفارق الأصول بل
كانت عليها فإنها ترد للمستحق وللآخذ بالشفعة مدة كونها لم تيبس ولو أزهت فإن يبست فاز بها
المستحق منه والمأخوذ منه بالشفعة. قوله: (وفي البيع) أي وترد للبائع في البيع الفاسد وفي العيب مدة
كونها لم تزه فإن أزهت فاز بها المشتري فيهما. قوله: (ما لم تجذ) أي ولو يبست فإن جذت فاز بها المفلس.
قوله: (بالقبض) متعلق برضي لا بدخلت. قوله: (وإن لم يقبضها) أي سواء كان عدم
قبضها مع مضي زمان يمكن قبضها فيه أولا وظاهر قوله إن رضي بالقبض أنه لو وافقه على أن العيب
قديم ولم يرض بقبضها أنها لا تدخل في ضمانه لأنه قد يدعي عليه أنه تبرأ له من ذلك العيب.
قوله: (أي جهل اسم المبيع الخاص) أشار بهذا إلى أن المراد بالغلط في ذات المبيع جهل
اسمه الخاص فالغلط واقع في الاسم الخاص والتسمية واقعة بالاسم العام فلا تناقض

139
بين قوله غلط وبين قوله إن سمي باسمه. قوله: (ولا كلام للبائع) أي لتفريطه إذ لو شاء لتمسك.
قوله: (وأولى إن لم يسمه أصلا) أي كأشتري منك هذا بدرهم أو يقول البائع أبيعك هذا بدرهم
ويرضى الآخر فيوجد ياقوتة ووجه الأولوية أنه لم يقع غلط يحتج به. قوله: (بالمعنى المذكور) وهو
الجهل لذات المبيع وعدم معرفة اسمه الخاص به. قوله: (أنه لو سماه بغير اسمه) أي أنه لو سماه باسم
خاص غير اسمه الخاص الأصلي. قوله: (وكذا لو سمي باسم خاص) أي فظهر أنه غير مسمى به
وإنما هو مسمى بعام. قوله: (كتسمية الحجر ياقوتة) أي فإذا سمي الحجر ياقوتة فوجده المشتري
حجرا فله الرد. والحاصل أن البائع إذا جهل ذات المبيع أي لم يعلم اسمه الخاص به فإن سماه
باسم عام فلا رد وإن سماه باسم خاص فإذا هو ليس المسمى بذلك الاسم الخاص فله الرد سواء كان
مسمى باسم خاص آخر أو كان مسمى بالاسم العام. قوله: (ولا يرد المبيع بغبن) أي ما لم يكن البائع
بالغبن أو المشتري به وكيلا أو وصيا وإلا رد ما صدر منهم من بيع أو شراء فإن باعا بغبن وفات المبيع
رجع الموكل والمحجور عليه على المشتري بما وقع الغبن والمحاباة به، فإن تعذر الرجوع على المشتري رجع على
البائع وهو الوكيل والوصي بذلك وإن اشتريا بغبن وفات ذلك المشتري رجع الموكل والمحجور على البائع بما
وقعت المحاباة والغبن به، فإن تعذر الرجوع على البائع رجعا على المشتري وهو الوكيل والوصي كما صرح به ابن
عتاب في طرره وغيره. وهل يتقيد الغبن في بيع الوكيل والوصي بالثلث كالغبن في بيعهما ما لأنفسهما وهو ظاهر
قول أبي عمران أو لا يتقيد به بل ما نقص عن القيمة نقصا بينا أو زاد عليها زيادة بينة وإن لم يكن الثلث قال
ابن عرفة وهو الصواب وهو مقتضى الرويات في المدونة ا ه‍ بن. قوله: (ولو خالف العادة) أي
هذا إذا كان الغبن بما جرت به العادة في مغالبة الناس بل ولو كان الغبن بما خالف العادة وقوله
بأن خرج عن معتاد العقلاء أي في المغالبة وهذا تفسير للمبالغة الغير المعتادة وأما المغالبة
المعتادة فهي الزيادة على الثلث، وقيل الثلث ورد المصنف بلو قول ابن القصار أنه يجب الرد
بالغبن إذا كان أكثر من الثلاث قال ابن رشد وهو غير صحيح لقوله عليه الصلاة والسلام:
لا يبع حاضر لباد دعوا الناس في غفلاتهم يرزق الله بعضهم من بعض ا ه‍، وقال المتيطي قال
بعض البغداديين إن زاد المشتري في المبيع على قيمته الثلث فأكثر فسخ البيع وكذلك إن
باع بنقصان الثلث من قيمته فأعلى إذا كان جاهلا بما صنع وقام قبل مجاوزة العام وبهذا
أفتى المازري وابن عرفة والبرزلي وابن لب ومشى عليه ابن عاصم في متن التحفة حيث قال:
ومن بغبن في مبيع قاما * فشرطه أن لا يجوز العاما * وأن يكون جاهلا بما صنع
والغبن للثلث فما زاد وقع * وعند ذا يفسخ بالاحكام * وليس للعارف من قيام ا ه‍.
قلت والعمل به مستمر عندنا بفاس ا ه‍ بن. قوله: (فإني لا أعلم القيمة) أي فيقول له بعت للناس
بكذا والحال أنه يكذب بل باع بأقل قوله: (كما تشتري من غيري) أي فيقول له قد اشتريت من غيرك
بكذا وهو يكذب بل اشترى بأكثر. قوله: (فهو تنويع ظاهري) أي تنويع لعطف التفسير فقوله
أو يستأمنه عطف على قوله ويخبره بجهله لا أنه مقابل لقوله وهل إلا أن يستسلم والمقابل محذوف
كما بينه الشارح بقوله أولا يرد مطلقا. قوله: (والمؤدى واحد) أي وهو أن موجب الرد
جهل البائع أو المشتري وكذب الآخر عليه فمتى كان هناك جهل من أحدهما وكذب عليه الآخر
فالرد وإن لم يكن جهل فلا رد. قوله: (فله الرد حينئذ) أي حين أخبره بجهله أو استأمنه فكذب عليه
ولو كان الغبن بأقل من الثلث وأما لو وقع البيع على وجه المكايسة فلا رد بالغبن لكن ما ذكره
من القطع أي الاتفاق على الرد إذا كان هناك استسلام بأن أخبره بجهله أو استأمنه مخالف لما ذكره
بعد ذلك من قوله أو لا يرد مطلقا. وأجيب بأن المراد اتفقا بحسب ما ظهر لذلك القائل كذا

140
ذكر شيخنا. قوله: (أو لا يرد مطلقا) أي سواء وقع البيع على وجه الاستسلام أو المكايسة.
قوله: (تردد) أي طريقتان وقد علمت الطريق المردود عليها بلو فجملة ما في الغبن علي المأخوذ من المصنف
ثلاث طرق. قوله: (والمعتمد منه الأول) أي وهو ما ذكره المصنف من أن محل عدم الرد بالغبن إذا
وقع البيع على وجه المكايسة وأما إن وقع على وجه الاستسلام بأن أخبره بجهله أو استأمنه فإنه يرد
للرجوع للغش والخديعة حتى أن بعضهم أنكر القول الثاني القائل بعدم الرد مطلقا انظر بن.
قوله: (في عهدة الثلاث) متعلق بحادث وبكل حادث متعلق برد وباؤه للسببية أي ورد بسبب وجود كل
عيب حادث حدث في زمن عهدة الليالي الثلاث لكن لا بد من إثبات أنه عيب وإنما قدرنا
الموصوف الليالي لأجل تذكير العدد والليالي تستلزم الأيام قاله شيخنا. قوله: (وهو الالزام) أي
إلزام الغير شيئا والالتزام لغيره بشئ. قوله: (قليلة الزمان كثيرة الضمان). واعلم أن البيع فيما هي فيه
لازم لا خيار فيه لكن إن سلم المبيع في مدة العهدة تم لزومه من المتبايعين معا وإن أصابه نقص ثبت
الخيار للمشتري كعيب قديم ظهر له فيه ويلغى اليوم الأول منها إن سبق بالفجر. قوله: (في دينه)
أي بأن يحدث فيه فسق. قوله: (ولو موتا بسماوي) أي أو غرقا أو حرقا أو سقوطا من عال أو قتلا بغيلة
ويستثنى من الكلية ذهاب المال فمن اشترى عبدا واشترط ماله للعبد ثم ذهب في زمن العهدة فلا
يرد به ولو كان جل الصفقة لأنه لاحظ له من ماله فلما كان المشتري لا شئ له في المال صار غير منظور له
ولو تلف العبد المشترط ماله في العهدة وبقي ماله انتقض بيعه ورد المال لبائعه وليس للمشتري
حبس ماله بثمنه وأما لو اشترط المال لنفسه وذهب المال في زمن العهدة فله رده بذهابه وما ذكره
من الاستثناء، فهو بالنظر لظاهر كلام المصنف وأما بعد حل الشارح له بقوله بكل حادث حدث في
دينه أو بدنه أو خلقه فلا استثناء. قوله: (فلا رد به إن حدث مثله) أي وأولى لو اطلع على عيب
قديم مثله وظاهره سواء كانت تلك العهدة مشترطة أو معتادة أو حمل الناس السلطان عليها وخص
شمس الدين اللقاني قوله إلا أن يبيع ببراءة بالمعتادة فقط وأما لو كانت مشترطة أو حمل السلطان
الناس عليها فيرد معها بالحادث دون القديم ويفهم من كلام عج اعتماده. قوله: (مع بقاء العهدة) أي
الضمان فيما عداه فإذا تبرأ له من إباقه وقد باعه بالعهدة فأبق في زمنها ولم يتحقق هلاكه بل سلم فلا رد
له بالإباق لأنه تبرأ منه فتنفعه البراءة منه أما إذا تحقق هلاكه زمنها فضمانه من البائع لأنه إنما تبرأ له
من الإباق فقط لا منه ومما يترتب عليه. قوله: (ويحتمل الخ) فإذا باع بشرط البراءة من كل عيب فإنه
لا يرد بما حدث في زمن العهدة وظاهره كانت البراءة مشترطة أو معتادة أو حمل السلطان الناس عليها
وخصه اللقاني بالمعتادة وأما المشترطة أو التي حمل السلطان الناس عليها فيرد فيهما بالحادث دون القديم
فقد علمت أن اللقاني خصص كلام المصنف بالمعتادة على كلا الاحتمالين فيه انظر بن. قوله: (وعلى
الأول فالاستثناء متصل) قال بن والتقرير الأول قرر به تت والثاني قرر به بعضهم وهو الموافق
للمدونة قال الشيخ أحمد بابا وهذا الثاني أولى لان الأول يدخل في الثاني ولا عكس انظر بن.
قوله: (أي المواضعة) إنما فسر الاستبراء هنا بالمواضعة لان التداخل إنما يكون فيما إذا كان الضمان من البائع
والاستبراء الضمان فيه من المشتري.
قوله: (انتظرت الثاني والثالث) أي وتداخلا في الأول. قوله: (ولا تدخل مع شئ) أي لا من الاستبراء كما مر ولا تدخل أيضا في الخيار بل ابتداؤها من وقت مضى
أمد الخيار ولا تدخل أيضا في عهدة السنة لأنه تؤتنف عهدة السنة بعد الثلاث وكذا بعد

141
الخيار والمواضعة ودخل الاستبراء في عهدة السنة. قوله: (مما يقيه الحر والبرد) أي لا ما يستر عورته
فقط كما قيل. قوله: (والغلة) ما ذكره من أن الغلة زمن عهدة الثلاث للبائع هو المعول عليه لان الخراج
بالضمان وقال ابن شاس وابن الحاجب إنها للمشتري وقد اعترضه في التوضيح بأن المنصوص أنها
للبائع. قوله: (لا صلة الموهوب) أي لا أنه صلة للموهوب أي بل صلته مقدرة بلفظ له على أنها مفعول
ثان ونائب الفاعل ضمير راجع لأل. قوله: (بمعنى على) أي فهي مستعملة في حقيقتها ومجازها. قوله: (والخبر
محذوف) أي لكنه يقدر بالنسبة للنفقة عليه وبالنسبة لما بعدها له. قوله: (بجذام وبرص) أي بحدوث
جذام وبرص محققين وفي مشكوكهما قولان فقيل أن المشكوك كالمحقق وهو قول ابن القاسم ومقابله
لابن وهب والأول هو المعتمد. تنبيه: قال ابن شاس إنما اختصت عهدة السنة بهذه الأدواء
الثلاثة لأن هذه الأدواء تتقدم أسبابها ويظهر منها ما يظهر في فصل من فصول السنة دون فصل بحسب
ما أجرى الله العادة من حصول ذلك الداء في فصل دون فصل. قوله: (وجنون) ولا يرد في عهدة السنة
بغير هذه الأدواء الثلاثة فلو أصاب الرقيق شئ من تلك الأدواء في السنة، ثم ذهب قبل انقضائها لم يرد
إلا أن يقول أهل المعرفة بعوده. قوله: (بطبع) أي بفساد الطبيعة كغلبة السوداء وقوله أو مس جن أي
بأن كان بوسواس ويرد به هنا دون النكاح بخلاف الجنون الطبيعي فإنه يرد به في البيع والنكاح، وأما
ما كان بضربة ونحوها كطربة فلا يرد به فيهما وقد اعترض عج قول المصنف لا بكضربة بأن الحق أنه
لا فرق بين كون الجنون طبيعيا أو بمس جن أو حدث بكضربة في الرد بكل منها في عهدة السنة والثلاث
فانظره. قوله: (إن شرطا أو اعتيدا) فإن انتفيا لم يعمل بهما في الرد بحادث واعلم أن رواية المصريين
أنه لا يقضي بالعهدة في الرقيق إلا بشرط أو عادة أو حمل السلطان الناس عليها فإن انتفى ما ذكر لم يعمل
بها في الرد بحادث ولو قال المشتري اشتريت على عهدة الاسلام لاختصاصها بدرك المبيع من
الاستحقاق فقط دون العيب وروى المدنيون أنه يقضي بها في كل بلد وإن لم يكن شرط ولا عادة وفي
البيان قول ثالث لابن القاسم في الموازية لا يحكم بينهم بها وإن اشترطوها. قوله: (ولو بحمل السلطان الخ)
أي فالمراد بالشرط ولو حكما وجرد المصنف الفعلين من علامة التأنيث نظرا إلى أن العهدة في معنى
الزمان أو الضمان أي إن شرط الزمانان أو الضمانان أو اعتيد. قوله: (إذا وقع البيع عليهما بشرط أو
عادة) مراده بالشرط ولو حكما كحمل السلطان عليها فلو أسقط حقه في أثناء عهدة الثلاث ثم اطلع
على عيب حادث قبل الاسقاط، فقال ابن عبد السلام حكمه حكم من اطلع على عيب قديم فله الرد به ولا
يكون بإسقاط حقه في باقي العهدة مسقطا لما مضى منها قاله شيخنا. قوله: (فمن البائع) أي بدون يمين من
المشتري في القطع وبه عند الظن وبخلاف ما إذا قطعت البينة بأنه بعدهما فمن المشتري بدون يمين على البائع
فإن ظنت أو شكت فمن المشتري لكن مع يمين البائع على قياس ما مر. قوله: (ورد بما مر) أي ورد بكل حادث
في عهدة الثلاث وبالأدواء الثلاثة في عهدة السنة في رقيق غير منكح به لا في منكح به. قوله: (فإن اشترطت
عمل بها) أي في المنكح به وما بعده ويستثني منه المأخوذ عن دين فهو شرط فاسد للدين بالدين.
قوله: (لان طريقه) أي الخلع المناجزة أي والعهدة تنافي ذلك وفي هذا التعليل نظر لان المخالع به يكون حالا

142
ومؤجلا كما تقدم في الخلع فالأولى التعليل بالتساهل فيه ولذا أجازوا فيه الغرر انظر بن. قوله: (وإن
وقع إقرار أو ببينة فالعهدة) صريحه أنه إذا أقر بما فيه المال من دم العمد أو الخطأ أو ثبت ببينة
فصالح عنه بعبد ففيه العهدة وهو غير صحيح لان العبد حينئذ يكون مأخوذا عن دين ولا عهدة في
المأخوذ عن دين مطلقا كما يأتي فالأولى إبقاء كلام المصنف على إطلاقه وأن العبد المصالح به عن دم
العمد لا عهدة فيه، وسواء كان فيه قصاص أو مال وسواء كان الصلح على إقرار أو إنكار ولا مفهوم لدم
العمد بل كذلك المصالح به عن دم الخطأ لا عهدة فيه سواء كان الصلح عن إنكار أو إقرار. فالحاصل
أن العبد المصالح به عن الدم لا عهدة فيه مطلقا سواء كان دم خطأ أو عمد فيه القصاص أو المال كان
الصلح على إقرار أو إنكار، وذلك لان العبد المدفوع في صلح الانكار كالهبة والمدفوع في صلح
الاقرار مدفوع عن دين، وهذا ظاهر في الدم الموجب للمال كان عمدا أو خطأ وأما الموجب
للقصاص فعدم العهدة فيه إن كان الصلح عن إنكار لان العبد المدفوع كالهبة وإن كان
عن إقرار فالقصد بدفع العبد قطع الخصومة وقطعها يقتضي المناجزة والعهدة تقتضي عدمها
وأما المصالح به عن غير الدم، فإن كان الصلح عن إنكار فلا عهدة فيه لأنه كالهبة وإن كان
عن إقرار فإن كان ذلك المقر به معينا ففيه العهدة لأنه مبيع وإن كان غير معين فلا عهدة فيه لأنه
مأخوذ عن دين. إذا علمت هذا فقول ابن رشد أن المصالح به على الاقرار فيه العهدة محمول
على ما إذا كان الصلح على الاقرار بمعين لا بما في الذمة كما يدل عليه كلامه في نوازل سحنون ونصه
وأما المصالح به الذي لا عهدة فيه فمعناه المصالح به على الانكار، وأما المصالح به على الاقرار فهو بيع
من البيوع يكون فيه العهدة وإنما لم يكن في المصالح به على الانكار عهدة لأنه أشبه الهبة في حق الدافع
ولأنه يقتضي المناجزة لأنه أخذه على ترك خصومة فلا يجوز لهما فيه عهدة وأما المأخوذ عن دين أو
دم فإنما لم يكن في ذلك عهدة لوجوب المناجزة في ذلك انتفاء للدين بالدين فما علل به سقوط العهدة في
المأخوذ عن دين دليل على أنه لا فرق فيه بين الاقرار والانكار كما أطلق المصنف وما ذكره من ثبوت
العهدة أولا في المصالح به على الاقرار يحمل على الاقرار بمعين كما ذكرنا ا ه‍ بن. فتحصل من هذا
كله أن المصالح به إن كان عن إنكار فلا عهدة فيه مطلقا كان الصلح عن دم أو عن غيره وإن كان عن
إقرار بمعين ففيه العهدة وإلا فلا. قوله: (بخلاف المبيع على الرؤية) أي سواء كان حاضرا مرئيا أو
بيع على رؤية سابقة ففيه العهدة. قوله: (لان بيع الحاكم على البراءة) أي ولا يشترط هنا علم المشتري
أن البائع حاكم بخلاف ما مر في العيب القديم من أن بيع الحاكم إنما يمنع من الرد به إذا علم المشتري أن
البائع حاكم. قوله: (السفيه والغائب لدين) أي إذا بيع عليهما العبد لدين الخ. قوله: (على وجه الصلح)
أي عن إقرار أو إنكار وما ذكره الشارح من التفرقة بين المأخوذ صلحا عن الدين والمأخوذ على وجه
البيع بالدين تبع فيه بعضهم، وبعضهم أبقى المصنف على ظاهره فجعل المأخوذ عن الدين لا عهدة فيه
مطلقا أخذ على وجه الصلح أو على وجه البيع والمشاحة لما يلزم على العهدة من فسخ ما في الذمة في معين
يتأخر قبضه شرعا. قوله: (بخلاف المأخوذ) أي عن الذين على وجه المشاحة الخ. قوله: (لأنه حل للبيع)
أي لان الرد بالعيب حل للبيع الأول. قوله: (ومثله الإقالة) أي عند سحنون في أحد قوليه وهذا القول
اقتصر عليه ابن رشد في النقل عنه ونصه واختلف في العهدة في العبد المقال منه فقال ابن حبيب
وأصبغ فيه العهدة، وقال سحنون لا عهدة فيه وهذا عندي إذا انتقد وأما إذا لم ينتقد فلا عهدة في ذلك
قولا واحدا لأنه كالعبد المأخوذ عن دين ا ه‍ من نوازل سحنون، وقال ابن عرفة عن ابن زرقون
وحكى فضل عن سحنون كمقول أصبغ في الإقالة خلاف قول ابن رشد عنه ا ه‍ فثبت أن له

143
القولين ا ه‍ بن. قوله: (وكذا ما بيع في الميراث) وظاهره سواء علم المشتري أنه إرث أم لا ولا يخالف
هذا ما مر من أن بيع الوارث بيع براءة إن بين أنه إرث لان ذاك بالنسبة للعيب القديم وهذا بالنسبة
لما يحدث ا ه‍ خش. قوله: (لأنها معروف) أي بقسميها ولعدم المشاحة فيها والعهدة تقتضي المشاحة.
قوله: (للمودة السابقة بينهما) أي فإنها تقضي عدم ردها بما يحدث فيها في ثلاث أو سنة وله ردها بقديم
كما في عبق. قوله: (لحصول المباعدة بينهما بفسخ النكاح) لأنه بمجرد شرائها له انفسخ النكاح وصار
لا يطؤها بخلاف ما إذا اشتراها فإنه وإن انفسخ النكاح إلا أنه يطؤها بالملك فلم تحصل المباعدة بينهما
بشرائه لها بخلاف شرائها له. قوله: (فلا عهدة) أي لأجل تنفيذ غرض الميت. قوله: (إذا علم الخ) أي لأنه
حينئذ داخل على تنفيذ غرض الموصي. قوله: (حيث عين) أي وأما إن لم يعين فالعهدة لأنه إذا رد
بحادث في زمن العهدة يشتري غيره فلم يفت غرض الميت. قوله: (لأنه نقض للبيع من أصله) أي لا أنه
بيع مؤتنف حتى يكون على المشتري العهدة للبائع. قوله: (والأرجح أن له) أي للمشتري وقوله الرجوع
أي على البائع وقوله بقيمته أي بأرش ذلك العيب الحادث في زمن العهدة بعد صدور العتق وما معه
ويمنع من رده ومقابل الأرجح قولان لا رجوع للمشتري على البائع بأرش العيب الحادث بعد العتق
وقبل انقضاء مدة العهدة، وقيل ينقض العتق ويرد بذلك الحادث والأقوال الثلاثة لابن القاسم
والمعتمد منها ما ذكره الشارح لموافقة سحنون لابن القاسم على ذلك القول، وقد اشتهر على ألسنة
الشيوخ أنه متى وجد قول لابن القاسم وسحنون فلا يعدل عنه لخلافه. قوله: (على موجبات الضمان)
أي كالخيار الشرطي والحكمي والعهدة والغلط والغبن علي أحد القولين فيهما. قوله: (ما فيه حق توفية)
الإضافة بيانية وتوفية الشئ تأديته. قوله: (لقبضه) أي إلى أن يقبضه مشتريه فاللام بمعنى إلى.
قوله: (متعلق بمكيلا) فيه أنه لا معنى لتعلقه بمكيلا كما كتب شيخنا فالأولى تعلقه بضمن وقوله في حال كيله
أراد بالكيل الفعل لا الآلة وإلا لتكرر مع قوله واستمر بمعياره. قوله: (تفريغه الخ) أي فإذا هلك
بعد التفريغ في أوعية المشتري كان الضمان منه وأما إذا هلك حال تفريغه فيها فضمانه من البائع إن كان
التفريغ منه وإن كان المشتري كان الضمان منه كما يأتي قريبا وحينئذ فالمراد بقبض المشتري له
ما يشمل تسليمه، له وتفريغه في أوعيته لا خصوص التفريغ في أوعيته المقتضى أنه إذا تلف في حال
التفريغ يكون الضمان من البائع مطلقا وهذا يخالف ما يأتي. قوله: (متعلقة بقبضه) أي وهي داخلة
على مضاف محذوف أي لقبضه بسبب تمام كيله وتمام كيله خروجه من معياره ولك أن تجعل الباء
في بكيله بمعنى بعد متعلقة بقبضه. قوله: (كموزون ومعدود) أي كما أن ضمان الموزون
والمعدود من البائع حتى يقبضه المشتري بوزن أو عد فلو فرغه المشتري على زيته مثلا ثم
وجدت فأرة ولم تعلم من أيهما فعلى المشتري كما في ح. قوله: (والأجرة عليه) أي على
البائع لان التوفية واجبة عليه ولا تحصل إلا بذلك وفي ح اختلف هل يلزم البائع القمع
أيضا لان التوفية تتوقف عليه أو يأتي المشتري بإناء واسع ا ه‍. وانظر لو تولى المشتري الكيل
أو الوزن أو العد بنفسه هل له طلب البائع بأجرة ذلك أم لا والظاهر كما قال شيخنا أن له الأجرة
إذا كان شأنه ذلك أو سأله البائع في ذلك. قوله: (كما أن أجرة الثمن) أي أجرة كيله أو وزنه أو عده.

144
قوله: (على فاعلها) أي وهو البائع أعني المقيل والمولى والمشرك بالكسر. قوله: (لأنه فعل معروفا) أي
فلا يضر بإلزامه الأجرة. قوله: (على سائل ما ذكر) أي سائل الإقالة والتولية والشركة وهو المقال
والمولى والمشرك بالفتح. قوله: (لا مسؤولها) أي وهو المقيل والمولى والمشرك بالكسر. قوله: (أي فلا أجرة
عليه) أي على فاعلها. قوله: (بجامع المعروف) أي وفاعل المعروف لا يغرم. قوله: (فأجرة كيله على المقترض)
أي لا على المقرض لأنه فعل معروفا وفاعل المعروف لا يغرم. قوله: (ومحل التوهم الأول) لعله لان دفع
الأجرة صورة زيادة معجلة. قوله: (بمعياره) حال أي ما دام المبيع بمعياره وقوله حتى يقبضه المشتري
أو نائبه منه أي من المعيار بأن يخرجه منه وسواء كان ذلك النائب غير البائع أو كان هو البائع. قوله: (ولو
تولاه المشتري) هذا مبالغة في قوله وضمن بائع مكيلا لقبضه كموزون ومعدود أي هذا إذا تولى
البائع ما ذكر من الكيل والوزن والعد بل ولو تولاه المشتري نيابة عنه، فإذا تولاه البائع وسقط المكيال
فتلف ما فيه قبل قبض المشتري فضمانه من البائع، وكذلك إذا تولاه المشتري نيابة عن البائع وسقط
المكيال من يده فهلك ما فيه قبل وصوله لغرائره أو أوانيه فمصيبته من البائع عند مالك وابن القاسم
خلافا لسحنون. وسواء كان المكيال له أو للبائع إلا أن يكون المكيال هو الذي يتصرف فيه المبتاع
إلى منزله وليس له إناء حاضر غيره فضمان ما فيه من المشتري ولو استعاره من البائع وضمان الاناء
من ربه. والحاصل أن الصور هنا أربع: الأولى أن يتولى البائع الوزن مثلا ثم يأخذ الموزون ليفرغه
في ظرف المشتري فيسقط من يده فالمصيبة من البائع اتفاقا، الثانية مثلها ويتولى المشتري التفريغ أي
يأخذه من الميزان ليفرغه في ظرفه فيسقط من يده فالمصيبة من المشتري اتفاقا حكاه ابن رشد فيهما
ونازعه ابن عرفة في الأولى فقال قوله في هلاكه بيد البائع أنه منه اتفاقا خلاف محصل قول المازري
واللخمي أنه من بائعه أو من مبتاعه، الثالثة أن يتولى المشتري الوزن والتفريغ فيسقط من يد فقال
ابن القاسم ومالك المصيبة من البائع لان المشتري وكيل عن البائع ولم يقبضه لنفسه حتى يصل إلى
ظرفه، وقال سحنون المصيبة من المشتري لأنه قابض لنفسه ولم يجر هذا الخلاف في الثانية لان
البائع لما تولى بنفسه الوزن دل على أن قبض المشتري منه ليفرغ قبض لنفسه، الرابعة أن لا يحضر
ظرف المشتري ويريد المشتري حمل الموزون في ظرف البائع ميزانا أو جلودا أو أزيارا فالضمان من
المشتري بمجرد الفراغ من الوزن لأنه قابض لنفسه في ظرف البائع ويجوز له بيعه قبل بلوغه إلى
داره لأنه قد وجد القبض حقيقة فليس فيه بيع الطعام قبل قبضه فعليك بهذا التحرير فإنه من زبدة الفقه
ا ه‍ بن. قوله: (لغرارة المشتري) إظهار في محل الاضمار. قوله: (بخلاف ما لوكالة الخ) هذا إشارة للصورة
الثانية. قوله: (وقبض العقار بالتخلية) عطف على المعنى أي قبض المثلى بالكيل أو بالوزن وقبض العقار
بكذا. قوله: (ويمكنه الخ) أي بأن يخرج منه ويمكنه من التصرف فيه. قوله: (بتسليم المفاتيح) الباء سببية.
قوله: (إن وجدت) أي فإن لم يكن له مفاتيح كفى تمكينه من التصرف وانظر لو مكنه من التصرف
ومنعه من المفاتيح كما لو فتح له الدار وأخذ المفاتيح معه هل يكون ذلك قبضا أو لا وهو ظاهر كلام الشارح
بهرام وشارحنا أيضا لأنه لا معنى للتمكين من التصرف مع عدم أخذ المفاتيح. قوله: (فإن قبضها بالاخلاء)
أي إخلاء الأمتعة منها. قوله: (ولا يكفي التخلية) أي تمكينه من التصرف فيها بتسليم المفاتيح. قوله: (كاحتياز
الثوب) أي حيازتها. قوله: (وإنما تظهر الخ) هذا إشارة للجواب عن اعتراض المواق على قول المصنف وقبض
العقار الخ بأن بيان كيفية القبض لا تظهر له فائدة في البيع الصحيح لدخوله في ضمان المشتري بالعقد وإنما تظهر

145
فائدته في الفاسد وفي كل ما يحتاج لحوز كالوقف والهبة والرهن فلو أتى المصنف بهذا عند قوله وإنما
ينتقل ضمان الفاسد بالقبض كان أولى. وحاصل الجواب أنا لا نسلم أن بيان كيفية القبض لا تظهر
له فائدة إلا في البيع الفاسد بل تظهر فيه وفي بعض أفراد البيع الصحيح فتأمل. قوله: (إذا كان البيع
فاسدا) أي لأن الضمان فيه إنما ينتقل من البائع للمشتري بالقبض وكذلك العقار إذا بيع مذارعة
لا يدخل في ضمان المشتري إلا بالقبض وكذلك الغائب إذا بيع بالصفة أو على رؤية سابقة لا يدخل
في ضمان المشتري إلا بالقبض. قوله: (وإلا فالبيع الخ) أي وإلا نقل إن فائدة القبض تظهر فيما ذكر بل
قلنا إن فائدته تظهر فيما ذكر وغيره فلا يصح لان البيع الصحيح الخ. قوله: (يدخل) أي متعلقه وهو
المبيع ولو قال لأن المبيع بيعا صحيحا يدخل الخ كان أولى ومحل الدخول في ضمان المشتري بالعقد إذا
كان ذلك المبيع حاضرا ولم يكن فيه حق توفية ولا مواضعة ولا عهدة ولا محبوسا للثمن أو للاشهاد
على ما قال بعد. قوله: (المبيع الحاضر الخ) أي وأما الغائب وما فيه حق توفية فلا يدخل في ضمان المشتري
بالعقد الصحيح اللازم بل بالقبض وكذلك المبيع على العهدة لا يدخل في ضمان المشتري بمجرد العقد
بل يتوقف دخوله في ضمانه على انقضاء العهدة كما يأتي. قوله: (واستثنى من ذلك) أي من قوله
وضمن المشتري ما اشتراه بمجرد العقد اللازم خمس مسائل ويزاد عليها ما فيه حق توفية وما فيه عهدة
ثلاث وما بيع بخيار، فتكون جملة المسائل المستثناة ثمانية ولم يذكر هذه الثلاثة المزيدة اتكالا على
ما تقدم له من أن الضمان في مدة الخيار والعهدة من البائع وأن ما فيه حق توفية ضمانه من البائع حتى يقبضه
المشتري بكيل أو وزن أو عد. قوله: (ضمان الرهان) أي فيفرق بين ما يغاب عليه وما لا يغاب عليه فما لا يغاب
عليه لا ضمان عليه فيه إذا ادعى تلفه أو هلاكه إلا أن يظهر كذبه وما يغاب عليه هو في ضمانه إلا أن
يقيم بينة أنه تلف بغير سببه فإنه لا ضمان عليه حينئذ. قوله: (وهو مسلم في الثانية الخ) تفريقه بين
المسألتين غير ظاهر بل ما جرى في إحدى المسألتين من الخلاف يجري في الأخرى لقول ابن شاس
وفي معنى احتباسه لأجل الثمن احتباسه حتى يشهد عليه نقله المواق ا ه‍ بن. ثم اعلم أنه على ما ذكره
المصنف من أن البائع يضمن ضمان الرهان لا يحسن الاستثناء في الصورتين الأوليين لان كون ذلك
كالرهن لا يخرجه عن ضمان المشتري إذ البائع إذا ضمنه إنما يضمنه ضمان تهمة فقط وهذا لا ينافي
أن ضمانه أصالة على المشتري، ألا ترى أن الضمان ينتفي عن البائع بالبينة نعم يحسن الاستثناء على
القول بضمان البائع مطلقا. قوله: (أن ضمانها من البائع) أي مطلقا لأنه لم يكن المشتري منها فليس كالرهن
وقوله وهو الأرجح أي كما قاله طفى ولا يلزم من كون مقابله مشهورا من قولي ابن القاسم أن
يكون مشهورا في المذهب لان معنى كونه مشهورا من قوليه أنه معلوم من قوله فهو يشير إلى أن
الرواية الأخرى غير معلومة من قوله وفي بن أن القولين لمالك. قوله: (أنها بمجرد رؤية الدم تخرج من ضمان
البائع) أي وتدخل في ضمان المشتري سواء قبضها أم لا وهذا في البيع الصحيح وأما الفاسد فلا
تدخل في ضمان المشتري إلا إذا رأت الدم وقبضها المشتري لقول المصنف سابقا وإنما ينتقل ضمان
الفاسد بالقبض. قوله: (خلافا لظاهر المصنف) أي التابع لابن عبد السلام وهو قول ضعيف ويمكن
الجواب عن المصنف بجعل من بمعنى إلى أي فبخروجها من الطهر الذي بيعت فيه إلى الحيضة.
قوله: (المبيعة بيعا صحيحا) أي وأما الثمار المبيعة بيعا فاسدا فإن اشتريت بعد طيبها فضمانها من المشتري
بمجرد العقد لأنه لما كان متمكنا من أخذها كان بمنزلة القبض. ويلغز بها فيقال لنا فاسد يضمن بالعقد
وإن اشتريت قبل طيبها فضمانها من البائع حتى يجذها المشتري كذا في عج وتبعه عبق وخش
وكتب عليه الشيخ أحمد النفراوي لي فيه وقفة مع ما سبق من أن الفاسد لا بد فيه من القبض بالفعل

146
ولا يكفي فيه التمكن فلينظر. قوله: (أي إلى وقت الخ) أشار إلى اللام بمعنى إلى وأن في الكلام
حذف مضاف. قوله: (وأمنها بتناهي الطيب) أي سواء جذها المشتري بعد ذلك أم لا فمتى تناهي طيبها
انتقل الضمان لمشتريها. قوله: (بالنسبة للجائحة) أي كما إذا تساقطت الثمار بريح أو مطر أو برد أو
أخذ الجيش لها وأما المعين كالغاصب والسارق فليس بجائحة. قوله: (ولو قال كل الخ) حاصله أنه
إذا تنازع البائع والمشتري في التسليم أولا بأن قال البائع للمشتري لا أدفع المبيع حتى أقبض الثمن
وقال المشتري للبائع لا أدفع لك الثمن حتى أقبض المبيع، فإن المشتري يجبر على تسليم الثمن أولا لان من
حق البائع أن لا يدفع ما باع حتى يقبض ثمنه لان الذي باعه في يده كالرهن في الثمن فمن حقه أنه لا يدفعه
إليه حتى يقبض ثمنه. قوله: (وإلا لم يجبر الخ) أي وإلا بأن كان بيع دراهم بدراهم أو دنانير بدنانير مراطلة
أو مبادلة أو دراهم بدنانير على وجه الصرف أو بيع عرض بعرض أو مثلي بمثلي أو عرض بمثلي لم يجبر
واحد الخ. قوله: (وإن كانا مثليين الخ) أراد بهما ما يشمل بيع المثلى بالمثلي والمثلي بالعرض والعرض
بالعرض. قوله: (فإن كانا الخ) أي أن محل كونهما في الصرف والمراطلة يقال لهما ما ذكر وفي العرضين
والمثلين يتركان إذا لم يكونا بحضرة القاضي فإن كانا الخ. قوله: (من يتولى ذلك لهما) أي أنه يوكل
شخصا يمسك الميزان في المراطلة ويضع كل واحد عينه في كفة ليدفع لكل منهما مناجزة ويأخذ
العين منهما في الصرف ليدفع كل منهما مناجزة ويقبض منهما في المثلين ليدفع لكل منهما مناجزة.
قوله: (والتلف بسماوي) أي والحال أنه ثبت بالبينة أو تصادقا عليه. قوله: (بأن كان مما فيه حق توفية) أي وتلف
بسماوي قبل قبض المشتري له بكيل أو وزن أو عدد وأما المحبوسة للثمن أو للاشهاد فلا يدخلان
هنا بناء على ما قاله المصنف من أن ضمانهما كالرهن لأنه متى ثبت التلف بسماوي انتفى عنه الضمان
وأما على القول بأن ضمانهما من البائع مطلقا فيكونان داخلين هنا. قوله: (أو ثمارا) أي تلفت بسماوي
قبل أمن جائحتها وقوله أو غائبا أو تلف بسماوي قبل قبضه. قوله: (وقد تقدم حكمه) أي من أنه إذا
تلف بسماوي كان ضمانه من البائع ويفسخ البيع وإن ادعى البائع ضياعه وكان الخيار للمشتري ضمن
البائع الثمن كما مر في قوله، وكغيبة بائع والخيار لغيره فمخالفة بيع البت لبيع الخيار إنما هو بالنسبة
لما يأتي أعني قوله وخير إن غيب فإذا غيبه البائع وادعى ضياعه وكذبه المشتري ففي بيع البت يخير
المشتري كما قال المصنف هنا وفي بيع الخيار إذا كان للمشتري يغرم البائع الثمن كما مر وأما الفسخ
إذا هلك بسماوي فلا يفترقان فيه. قوله: (وخير المشتري الخ) حاصله أن البائع إذا أخفى المبيع وقت ضمانه
منه وادعى هلاكه والفرص أن البيع على البت ولم يصدقه المشتري بل ادعى أنه أخفاه وأن دعواه
الهلاك لا أصل لها ونكل ذلك البائع عن اليمين فإن المشتري يخير بين الفسخ عن نفسه لعدم تمكنه من
قبض المبيع أو التماسك ويطالب البائع بمثله أو قيمته وأما لو كان البيع على الخيار لزم البائع الثمن
ولا خيار للمشتري وإنما خير المشتري هنا أي في البت دون الخيار مع أن ضمان السلعة في المسألتين من
البائع لأن العقد هنا منبرم فتعلق المشتري بها أقوى من تعلق البائع لكون السلعة على ملكه
وما تقدم كانت على ملك البائع. قال طفي ولا يدخل في كلام المصنف هنا المحبوسة للثمن
أو الاشهاد بناء على ما درج عليه المصنف من أنها كالرهن إذ لا تخيير للمشتري فيها وإنما له القيمة بالغة
ما بلغت نعم له التخيير بناء على القول الآخر من أن البائع يضمنها ضمان أصالة. قوله: (بين الفسخ)

147
أي وأخذ ثمنه. قوله: (ولم يصدقه الخ) أي بأن ادعى أنه أخفاه وأن دعواه الهلاك لا أصل لها.
قوله: (وإلا فليس له إلا الفسخ) هذه طريقة أبي محمد وعليها يكون ما هنا موافقا لكلام المصنف الآتي في
السلم وقال ابن عبد السلام يثبت التخيير للمشتري مطلقا عند النكول وبعد الحلف وهو الذي يفهم
من كلام ابن رشد وبهرام وتت حملا كلام المصنف على هذه الطريقة انظر طفي. قوله: (أو عيب)
قال طفي ينبغي أو يتعين أن يقرأ عيب بالبناء للمفعول أي يخير المشتري إن تعيب بسماوي زمان ضمان
البائع إما أن يرد ويأخذ الثمن أو يتماسك ولا شئ له وهكذا فرض المسألة في الجواهر وابن الحاجب
وابن عرفة وتقرير المصنف على كون البائع عيبه يوجب التناقض مع ما يأتي من قوله، وكذلك تعييبه
أي يوجب غرم الأرش ويفوت الكلام على العيب السماوي ا ه‍ وحمل بعضهم التعيب هنا على
تعييب البائع وقال أنه لا منافاة بين ما ذكره هنا من تخيير المشتري، وما ذكره فيما يأتي من لزوم البائع
الأرش لأنه يغرم الأرش إذا اختار المشتري التماسك إن كان التعييب عمدا وأما إن كان خطأ فينبغي
أن يكون كالسماوي فيخير المشتري، إما أن يرد ويأخذ الثمن أو يتماسك ولا شئ له، ورد بأن ظاهر
كلامهم أن تعييب البائع له يوجب الأرش كان عمدا أو خطأ ولا تخيير والتخيير إنما هو في السماوي
وحينئذ فكلام الشارح تبعا لعبق غير مسلم. قوله: (أو استحق من المبيع) أي سواء كان في ضمان
البائع أو المشتري. قوله: (وإن قل) دفع بالمبالغة ما يتوهم أنه إن قل المستحق يتعين التماسك بالباقي بما
يخصه من الثمن ولا خيار وينبغي أن يقيد ذلك القليل المبالغ عليه بما إذا كان غير منقسم وغير متخذ
للغلة كما قال الشارح. قوله: (انقسم) الضمير للمبيع الذي استحق بعضه وكذا الضمير في قوله اتخذ
للغلة. قوله: (ولم ينقسم) أي لم يمكن قسمه. قوله: (فإن انقسم الخ) الأولى فإن انقسم كان متخذا للغلة
أولا أو اتخذ للغلة وكان لا يمكن قسمه فلا خيار الخ وهذه ثلاثة تضم للخمسة السابقة فالجملة ثمانية.
وحاصلها أن المبيع إما أن يكون قابلا للقسمة أولا وفي كل إما أن يتخذ للغلة أو لا فهذه أربعة وفي كل
إما أن يكون الجزء المستحق كثيرا كالثلث فأكثر أو قليلا فهذه ثمانية، فإن كان كثيرا كان للمشتري
الخيار سواء كان المبيع يمكن قسمه أولا متخذا للغلة أو لا، وكذا إن كان قليلا وكان المبيع لا يمكن
قسمه ولم يتخذ للغلة فإن كان يمكن قسمه متخذا للغلة أولا أو كان لا يمكن قسمه وهو متخذ للغلة فلا
خيار للمشتري ويلزمه الباقي بحصته من الثمن. قوله: (فإنه قدمه في قوله ولا يجوز التمسك بأقل استحق
أكثره) أي بأن كان ذلك المستحق ينوبه من الثمن أكثر من النصف فمفهومه أنه لو استحق أقله وهو
ما ينوبه من الثمن النصف فأقل فإنه يتعين التماسك به بما يخصه من الثمن. قوله: (وتلف بعضه) هذا
في المتعدد كما يفيده عج. وحاصله أن التفصيل السابق في حل قوله أو استحق شائع وإن قل من
الصور الثمانية في المستحق من الدار والأرض مطلقا شائعا ومعينا وفي المتعدد الشائع وأما المتعدد
والمستحق منه معين فهو قول المصنف وتلف بعضه قاله شيخنا. قوله: (بسماوي) أي وذلك كما لو كان
المبيع ثمارا وتلف بعضها بسماوي والحال أنها لم تؤمن من الجائحة أو غائبا وتلف بعضه بسماوي قبل
أن يقبضه المشتري واحترز بقوله بسماوي عما لو كان بفعل البائع عمدا أو خطأ فيلزمه الأرش من
غير تخيير كما مر. قوله: (فإن كان النصف) أي فإن كان الباقي النصف. قوله: (لزم الباقي) أي لزم التمسك بذلك
الباقي بحصته من الثمن ويرجع بحصة ما تلف أو استحق من الثمن وقوله لزم الباقي الخ لان بقاء النصف
كبقاء الجل فيلزم المشتري. قوله: (فإن اتحد) أي المبيع كعبد أو دابة والموضوع أن الباقي بعد التلف

148
أو الاستحقاق النصف فأكثر. قوله: (خير المشتري) أي في رد المبيع وأخذ ثمنه والتماسك بالباقي بحصته
من الثمن ويرجع بحصة ما تلف أو استحق. قوله: (وإن كان أقل) أي وإن كان الباقي بعد التلف أو
الاستحقاق أقل من النصف حرم التمسك بذلك الأقل الباقي ووجب رد المبيع وأخذ جميع ثمنه.
قوله: (إلا المثل الخ) حاصله أن المبيع إذا كان فيه حق توفية وتلف بعضه بسماوي وهو في ضمان البائع
أو استحق بعضه كان في ضمان البائع أم لا أو تعيب بعضه بسماوي وهو في ضمان البائع فإن كان الباقي بعد
التلف أو الاستحقاق والسالم من التعييب النصف فأكثر تعين التمسك بذلك الباقي بحصته من الثمن،
إن كان الباقي بعد التلف أو الاستحقاق والسالم من التعييب أقل من النصف ففي التلف والاستحقاق
يخير المشتري بين فسخ البيع والرجوع بثمنه وإما أن يتماسك بذلك الباقي القليل بحصته من الثمن
ويرجع بحصة ما تلف أو استحق، وإما في التعييب فيخير بين فسخ البيع أي رد جميع المبيع وأخذ ثمنه،
وإما أن يتماسك بجميع المبيع سالما ومعيبا بكل الثمن ولا يجوز أن يتماسك بذلك السالم فقط بحصته من
الثمن وهذا التخيير هو الثابت في المقوم إذا وجد العيب بأكثره وبقي الأقل كما مر في قوله إلا أن يكون
الأكثر فالممنوع فيه التمسك بالباقي بحصته من الثمن فإن تمسك بالباقي بجميع الثمن جاز وحينئذ
فيتحد في العيب حكم المستثني والمستثنى منه وهو لا يصح لضياع فائدة الاستثناء فالأولى رجوع
الاستثناء للتلف والاستحقاق فقط ويدل عليه عبارة ابن الحاجب إذ قال بخلاف المثلى فيهما فقال
في التوضيح أي في التلف والاستحقاق فيخير المشتري في أخذ الباقي وفي الفسخ انظر بن. قوله: (فلا
يحرم التمسك بالأقل) أي الباقي بعد التلف أو الاستحقاق أو التعييب. قوله: (بحصته من الثمن) أي
لان المثلى منابه من الثمن معلوم فليس التمسك بالباقي القليل كإنشاء عقدة بثمن مجهول وإنما يأتي هذا
في المقوم. قوله: (ولا كلام لواجد الخ) هذا شروع فيما إذا قبض المشتري المثلى فوجده متغيرا بعضه وهذه
الجملة مستأنفة جوابا لسؤال نشأ من قوله وحرم التمسك بالأقل إلا المثلى فلا يحرم التمسك فيه بالأقل
بل يخير المشتري فكأنه قيل وهل هذا الحكم مطرد فأجاب بأن فيه تفصيلا. قوله: (لواجد) صلة
لكلام وقوله في قليل خبر لا وقليل نعت لمحذوف قدره الشارح وقوله عيبه بالرفع فاعل قليل أي
لا كلام لواجد عيبا في مثلي قليل عيبه وكان حقه أن يقول ولا كلاما لأنه شبيه بالمضاف لان كلاما
بمعنى تكلم عامل النصف في قوله لواجد إلا أن يقال أنه جرى على طريقة البغداديين الذين يجوزون
نصب الشبيه بالمضاف من غير تنوين وجعلوا من ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: اللهم لا مانع لما
أعطيت ولا معطي لما منعت. وحاصل ما في المسألة أن من اشترى شيئا من الطعام أو نحوه جزافا أو كيلا
فوجد تغيرا في أسفله مخالفا لأعلاه فلا يخلو إما أن يكون ذلك التغير بما ينفك عن الطعام عادة أو لا فإن
كان بما لا ينفك عن الطعام كالبلل الذي يوجد في قعر المخزن فلا كلام للمشتري والمبيع كله لازم له
ولا يحط عنه من الثمن شئ كان المعيب قليلا أو كثيرا، وإن جرت العادة بانفكاك ذلك العيب عن
الطعام فإن كان المعيب أقل من الثلث خير البائع بين أن يرد البيع وبين أن يلتزم المعيب بحصته من
الثمن ويلزم المشتري السليم بما ينوبه من الثمن لان ما دون الثلث قليل لا يوجب للمشتري ردا،
فلو طلب المشتري أن يتمسك بالسليم بحصته من الثمن وأبى البائع وطلب رد البيع فلا يجاب
المشتري لما طلب فإن طلب أن يتماسك بالسليم بجميع الثمن أجيب لذلك وإن كان المعيب
الثلث فأكثر فلا كلام للبائع حينئذ ويخير المشتري إما أن يرد الجميع أو يتماسك بالجميع وليس

149
للمشتري أن يلتزم السليم بحصته ويلزم البائع المعيب بحصته وإن طلب التماسك بالسليم بجميع الثمن
أجيب لذلك وإذا علمت هذا تعلم أن قول المصنف في قليل لا مفهوم له ا ه‍ عدوي. قوله: (كقاع)
أي كبلل قاع مخزن أو أندر. قوله: (فللبائع التزام الربع) أي وله رد البيع. قوله: (
وأما بجميع الثمن) أي وأما التزامه السليم بجميع الثمن فله ذلك. والحاصل أنه يخير بين أمور ثلاثة رد الجميع أو التماسك
بالجميع أو بالسليم فقط بكل الثمن وأما التماسك بالسليم بحصته من الثمن وإلزام البائع المعيب بحصته من
الثمن فليس له ذلك إلا أن يتراضيا على ذلك كما قال الشارح. قوله: (ورجع للقيمة) أي أن من اشترى مقوما
متعددا كعشرة أثواب أو شياه مثلا بمائة وسمي لكل واحدة عشرة فاستحق بعضها أو اطلع فيه على
عيب وليس وجه الصفقة وجب التمسك بباقي الصفقة بما يخصه من الثمن فالتسمية لغو لجواز
اختلاف الافراد بالجودة والرداءة ولا بد من الرجوع للقيمة بأن يقوم المستحق أو المعيب وبقية
أجزاء الصفقة وتنسب قيمة المعيب أو المستحق إلى مجموع القيمتين ويرجع بتلك النسبة من الثمن
فإذا كان المعيب أو المستحق من تلك العشرة أربعة وقومت بعشرين وقومت الستة السالمة بستين
فتنسب قيمة المعيب وهي عشرون إلى مجموع القيمتين وهو ثمانون يكون ذلك ربعا فيرجع على البائع
بربع المائة التي هي الثمن. قوله: (ويتسامح) أي في التسمية. قوله: (إن شرطا عند عقد البيع الرجوع للقيمة) أي
إن حصل استحقاق لبعضها أو ظهر في بعضها عيب ولم يكن وجه الصفقة. قوله: (بل ولو سكتا عن بيان
الرجوع لها وللتسمية) أي ويرجع حينئذ للقيمة. قوله: (فلا يصح) أي عقد البيع. قوله: (كان أولى) أي
لان هذا من تتمة ما تقدم. قوله: (وإتلاف المشتري) أي لما اشتراه وسواء كان الاتلاف لكل المبيع أو
لبعضه والفرض أن البيع وقع على البت لأن المبيع بالخيار قد تقدم الكلام على الجناية عليه في قوله وإن
جنى بائع الخ وقوله فيلزمه الثمن أي ثمن ذلك المبيع الذي أتلف كله أو بعضه. قوله: (وإتلاف
البائع والأجنبي) أي لمبيع على البت كان في ضمان البائع أو في ضمان المشتري كان الاتلاف
لكل المبيع أو لبعضه كان الاتلاف عمدا أو خطأ. قوله: (لمن الضمان منه) أي سواء كان بائعا
أو مشتريا وهذا ظاهر بالنسبة لاتلاف الأجنبي. والحاصل أن إتلاف الأجنبي يوجب
غرم قيمة المقوم وغير مثل المثلى لمن كان الضمان منه بائعا أو مشتريا وأما بالنسبة للبائع فيراد لمن
الضمان منه خصوص المشتري أي أن جناية البائع عمدا أو خطأ توجب غرم القيمة أو المثل
للمشتري سواء كان الضمان منه أو من البائع خلافا لمن قال أن محل تقويم البائع إذا جنى على
المبيع، حيث كان ضمانه من المشتري وأما لو كان الضمان من البائع فإنه لا غرم عليه وظاهره اختار
المشتري الامضاء أو الرد وقال تت إن اختار الامضاء غرم البائع أيضا وإلا فلا وتبعه
على ذلك خش. قال بن ولا سلف لهما فيما ذكر من تخيير المشتري بل كلام المدونة صريح في خلافه
ففيها في كتاب الاستحقاق ما نصه ومن ابتاع من رجل طعاما بعينه ففارقه قبل أن يكتاله فتعدى
البائع على الطعام فأتلفه فعليه أن يأتي بطعام مثله ولا خيار للمبتاع في أخذ دنانيره ولو هلك الطعام
بأمر من الله انتقض البيع، وليس للبائع أن يأتي بطعام مثله ولا ذلك عليه ا ه‍ والحاصل أن إتلاف
الأجنبي يوجب الغرم لمن الضمان منه سواء كان بائعا أو مشتريا كان الاتلاف عمدا أو خطأ وإتلاف

150
البائع يوجب الغرم للمشتري كان الضمان منه أو من البائع كان الاتلاف عمدا أو خطأ كان الاتلاف
لكله أو لبعضه هذا هو الصواب. قوله: (وأراد الخ) دفع بهذا ما يقال أن قول المصنف وكذا إتلافه
فيه تشبيه الشئ بنفسه لان إتلاف الكل والبعض قد مر الكلام عليه. قوله: (أي تعييب المشتري) يعني
وقت ضمان البائع كان التعييب عمدا أو خطأ. قوله: (قبض) أي للمبيع فيلزمه ثمنه كله وما في خش
أنه يغرم ثمن البعض وأنه يقوم سالما ومعيبا إلى آخر ما قاله مخالف لذلك ولم أر ما قاله صرح به أحد ا ه‍ بن.
قوله: (وتعييب الأجنبي) أي لما هو في ضمان البائع أو المشتري كان التعييب عمدا أو خطأ وقوله يوجب
الغرم لمن منه الضمان أي سواء كان بائعا أو مشتريا وقوله وتعييب البائع أي عمدا وخطأ وقوله ما في
ضمان المشتري أي أو البيع. والحاصل أن تعييب البائع يوجب غرمه للمشتري المثل أو القيمة كان
التعييب عمدا أو خطأ كان المبيع في ضمان البائع أو المشتري، وما مر من أن المبيع إذا تعيب وهو في ضمان
البائع يخير المشتري بين رد البيع والتماسك فهو فيما إذا كان التعييب بسماوي هذا هو الصواب كما مر.
قوله: (وإن أهلك بائع الخ) أي عمدا أو خطأ وأما لو أهلك المشتري الطعام المجهول قبل كيله فذكر ابن
الحاجب أن إتلاف المشتري له كإتلاف الأجنبي يوجب القيمة للبائع لا المثل وهو تابع في ذلك لابن
بشير وفصل المازري فجعل هذا أي لزوم القيمة في الأجنبي فقط، وأما المشتري فيعد إتلافه قبضا لما
يتحرى فيه من المكيلة فيلزمه ثمنه والذي في ابن عرفة نقلا عن اللخمي أن المذهب أنه إن أتلف طعاما
ابتاعه على الكيل قبل كيله وعرف كيله فهو قبض له وإن لم يعرف كيله فالقدر الذي يقال أنه كان فيها
أن كيل يغرم ثمنه ومثله المازري انظر بن. قوله: (فالمثل يلزمه) أي فيلزم البائع أن يأتي بصبرة مثلها
ليوفي للمشتري منها حقه. قوله: (أو أجنبي) أي أو أهلكها أجنبي عمدا أو خطأ فالقيمة أي فيلزمه أن
يدفع قيمتها للبائع. قوله: (وإلا فمثلها) أي فيلزمه أن يدفع صبرة مثلها في الكيل للبائع. قوله: (وإن نقص
فكالاستحقاق) قال ابن عرفة قال التونسي فإن لم يوجد المتعدي لكان للمبتاع المخاصمة في فسخ البيع
عنه لضرره بتأخره لوجود المتعدي ا ه‍ المازري وكذا لو كان المتعدي معسرا لكان للمبتاع الفسخ
أو انتظار اليسر فلو تطوع البائع بما لزم المتعدي ارتفع خيار المشتري ا ه‍ بن. قوله: (سقط عنه حصته
من الثمن) أي ووجب التماسك بالقدر الذي اشترى بالقيمة بحصته من الثمن ولا غرم على البائع.
قوله: (شيئا) تنازعه مشتر وموهوب سواء كان ذلك الشئ طعاما أو غيره لان الاستثناء معيار العموم وفي
كلام الشارح إشارة إلى أن قول المصنف إلا مطلق طعام المعاوضة استثناء من محذوف والأصل
وجاز البيع قبل القبض لكل شئ ملكه بشراء أو هبة إلا مطلق الخ. قوله: (إلا مطلق طعام المعاوضة)
أي إلا الطعام الذي حصل بمعاوضة مطلقا أي سواء كان ربويا أو غير ربوي. قوله: (فلا يجوز بيعه
قبل قبضه) أي لما ورد في الموطأ والبخاري ومسلم عن أبي هريرة من النهي عن ذلك وهو أن رسول الله (
ص) قال: من اشترى طعاما فلا يبعه حتى يكتاله قال في التوضيح والصحيح عند أهل
المذهب أن هذا النهي تعبدي وقيل أنه معقول المعنى لان الشارع له غرض في ظهوره فلو أجيز
بيعه قبل قبضه لباع أهل الأموال بعضهم من بعض من غير ظهور بخلاف ما إذا منع من ذلك
فإنه ينتفع به الكيال والحمال ويظهر للفقراء فتقوى به قلوب الناس لا سيما في زمن المسغبة

151
والشدة. قوله: (في مقابلة شئ) أي دراهم أو غيرها قال عبق ضابط منع بيع الطعام قبل قبضه أن
تتوالى في الطعام عقدتا بيع لم يتخللهما قبض. قوله: (كرزق قاض) أي كطعام جعل للقاضي من بيت المال
في نظير حكمه لان حكمه بمنزلة العوض ورد المصنف بلو على القول بجوازه لأنه عن فعل غير محصور
وهو الحكم فأشبه العطية. قوله: (مما جعل الخ) أي ونحوهم مما جعل الخ والأولى ممن جعل له في بيت المال
في نظير قيامه بمصلحة من مصالح المسلمين. قوله: (على وجه الصدقة) أي وإلا جاز بيعه قبل قبضه.
والحاصل أن كل من له شئ من الطعام في بيت المال في مقابلة قيامه بمصلحة من مصالح المسلمين
لا يجوز له أن يبيعه قبل قبضه ومن له شئ من الطعام فيه على وجه الصدقة جاز له بيعه قبل قبضه. قال
عبق ودخل بالكاف في قوله ولو كرزق قاض أيضا طعام جعل صداقا أو خلعا فلا يجوز بيعه قبل قبضه
لا مأخوذ عن مستهلك عمدا أو خطأ فيجوز بيعه قبل قبضه والمثلي المبيع فاسدا إذا فات ووجب
مثله فالصواب كما لبن أنه كالمأخوذ عن متلف بجامع أن المعاوضة ليست اختيارية بل جر إليها الحال
في كل وحينئذ فيجوز بيعه قبل قبضه خلافا لعبق. قوله: (ومحل المنع) أي منع بيع الطعام قبل قبضه.
قوله: (أخذ بكيل) جملة حالية من طعام المعاوضة أو صفة له وقوله بكيل أي كل إردب بكذا. وحاصله
أن محل منع بيع الطعام قبل قبضه إذا كان بائعه اشتراه بكيل وباعه قبل أن يقبضه سواء باعه جزافا
أو على الكيل وأما لو كان بائعه اشتراه جزافا ثم باعه قبل قبضه كان بيعه جائزا باعه جزافا أو على
الكيل. قوله: (فيمنع بيعه قبل قبضه) أي فإذا اشترى لبن شاة مدة شهر وكان حلابها معلوما له بالتحري
وكانت من جملة شياه معينة كثيرة فلا يجوز له أن يبيع لبن تلك الشاة قبل قبضه. والحاصل أنه يجوز
أن يقول لرب أغنام أو بقر اشترى منك لبن واحدة أو اثنتين مثلا شهرا أو شهرين بكذا بشروط أن
تكون الشاة التي وقع العقد على لبنها غير معينة، وأن تكون الأغنام التي منها الشاة أو الشاتان معينات
وأن تكون كثيرة كعشرة وأن يكون الشراء لأجل وأن يكون الاجل لا ينقص اللبن قبله وأن يعرف وجه
حلاب تلك الأغنام بالتحري وأن تكون متقاربة اللبن وأن يكون الشراء في إبان اللبن فإن وجدت
هذه الشروط الثمانية جاز البيع ولا يجوز للمشتري بيع لبن تلك الشياه قبل قبضه عند ابن القاسم، وهو
المشهور نظرا إلى كونه في ضمان البائع إلى أن يقبضه المشتري وأجازه أشهب نظرا إلى كونه جزافا وقد
دخل في ضمان المشتري بالعقد. قوله: (ولم يقبض من نفسه) ليس هذا عطفا على الحال المتقدمة لأنها شرط
في المنع وما هنا شرط في الجواز بل هي حال من مقدر بعد الاستثناء أي إلا مطلق طعام المعاوضة
فيمنع بيعه قبل قبضه حيث أخذ بكيل ويجوز بيعه بعد قبضه حال كونه لم يقبض من نفسه لنفسه
فإن قبض من نفسه لنفسه منع بيعه لان هذا القبض الواقع بين العقدين كلا قبض. قوله: (كما إذا وكل الخ)
أي وكما لو اشترى طعاما رهنا أو وديعة عنده فلا يجوز بيعه معتمدا على قبضه المعنوي بل حتى
يكيله بحضرة ربه لان قبضه الأول ضعيف. قوله: (فباعه لأجنبي) راجع للصورة الثانية فقط أي وقبل
قبض الأجنبي له اشتراه الوكيل منه لنفسه فقد باعه الأجنبي قبل قبضه وقبضه الوكيل من نفسه
لنفسه وأما في الصورة الأولى وهي ما إذا وكله على شراء طعام فاشتراه وصار في يده ثم باعه
لنفسه فقد قبضه من نفسه لنفسه هكذا قيل، وهو ظاهر الشارح أيضا وفيه أنه يلزم على هذا التصوير
للمسألة الأولى أنه لم يتوال فيها عقدتا بيع لم يتخللهما قبض بل تخللهما القبض لان يد الوكيل
كيد الموكل فالأولى أن تصور المسألة الأولى بما إذا وكله على شراء طعام فاشتراه وقبضه ثم
باعه لأجنبي واشتراه منه قبل أن يقبضه ذلك الأجنبي منه، فقول الشارح فباعه لأجنبي راجع

152
لكل من الصورتين أما إذا وكله على شرائه فاشتراه ثم باعه لنفسه فليس هذا من صور بيع الطعام قبل
قبضه لان الوكيل قد قبضه قبل بيعه لنفسه ويد الوكيل الموكل فالحق الجواز في هذه كما في طفي وبن.
والحاصل أن في كل من المسألتين إن باعه الوكيل لأجنبي ثم اشتراه منه قبل أن يقبضه فإنه يمنع
وأما إن اشتراه من موكله فإنه يجوز فقد صرحوا بجواز شراء الوكيل إذا كان بإذنه ومنعه مع عدمه.
قوله: (ويمتنع أن يقبضه) أي ويمتنع أن يقبض الوكيل الطعام لنفسه أيضا في دين له على موكله أي الذي
وكله على بيعه أو على شرائه وما ذكره من منع أخذ الوكيل له في دين على موكله فيه نظر لان الوكيل
وإن كان يقبض من نفسه لنفسه إذا أخذه في الدين لكن ليس هنا توالي عقدتي بيع أصلا فليس
هذا من صور بيع الطعام قبل قبضه، وشارحنا تبع فيما قاله من المنع التوضيح واعترضه طفي
بما تقدم ثم قال واستدلال التوضيح على المنع بمسألة المدونة، وهو أن من له دين الطعام إذا وكله
المدين على شرائه وقبضه لنفسه لم يجز لان بيع الطعام قبل قبضه لا يدل له لان من له دين الطعام إذا
وكله المدين على شرائه وقبضه لنفسه يتهم على عدم الشراء وأخذ الثمن لنفسه فيكون قد باع به الدين
قيل قبضه فليست علة المنع فيها قبضه من نفسه بل اتهامه على بيع ما في ذمة الموكل من الطعام قبل
قبضه. قوله: (ثنتان في وكيل البيع الخ) أي لأنه إذا وكله على البيع وقبضه من موكله إما أن يبيعه لأجنبي
ثم يشتريه من ذلك الأجنبي قبل قبضه له وإما أن يأخذه في دين على موكله وإذا وكله على شرائه فاشتراه
وقبضه فإما أن يشتريه بعد ذلك من موكله أو يأخذه في دين على موكله وظاهر الشرح المنع في الصور
الأربعة وقد علمت ما فيه. قوله: (فتأمله) أشار بهذا لقول بعضهم في النفس شئ من جواز هذه المسألة
لا سيما والصحيح عند أهل المذهب أن النهي عن بيع الطعام قبل قبضه تعبدي فإن لم يكن اتفاق
في المسألة على الجواز فالأقرب منعها ا ه‍ لكن تعقب ابن عرفة قوله الأقرب منعها بأن ما ذكره ابن الحاجب
وابن شاس من الجواز هو ظاهر السلم الثالث من المدونة انظر بن. قوله: (جزاف) أي جاز بيع طعام
اشتراه جزافا بمجرد العقد عليه قبل أن يقبضه. والحاصل أنه إذا اشترى طعاما فإن اشتراه على
على الكيل فلا يجوز له بيعه قبل قبضه لا جزافا ولا على الكيل وإن اشتراه جزافا جاز له بيعه قبل
أن يقبضه سواء باعه جزافا أو على الكيل. قوله: (وكصدقة) أي أن طعام الصدقة والهبة والقرض
وما أشبه ذلك من كل طعام ليس معاوضا عليه يجوز بيعه قبل قبضه قال بن ويقيد الجواز بما إذا
لم يكن المتصدق اشتراه وتصدق به قبل أن يقبضه وإلا فالمتصدق عليه لا يبيعه حتى يقبضه انظر المواق، وكذا
يقال في طعام الهبة والقرض قال في الجلاب من ابتاع طعاما بكيل ثم أقرضه رجلا أو وهبه له أو قضاه
لرجل عن قرض كان له عليه فلا يبيعه أحد ممن صار إليه ذلك الطعام حتى يقبضه. قوله: (وجاز للسيد الخ)
أي سواء قلنا أن الكتابة عتق أو قلنا أنها بيع لأنه يغتفر بين السيد وعبده ما لا يغتفر بين
غيرهما قاله شيخنا. قوله: (أي طعام) جعل ما واقعة على طعام وإن كانت من صيغ العموم مأخوذ
من قرينة كون البحث في بيع الطعام قبل قبضه. قوله: (كاتبه به) أي لأجل معلوم. قوله: (لأنه
يغتفر الخ) أي وأما بيع ما على المكاتب من الطعام قبل قبضه منه لغيره فلا يجوز لأنه يغتفر الخ.
قوله: (وهل محل الجواز إن عجل العتق) أي لان العتق لكونه أمرا عظيما محترما يتشوف الشارع
إليه اغتفر لأجله بيع الطعام قبل قبضه. قوله: (بأن يبيعه جميع ما عليه من النجوم) أي لأنه إذا باع له جميعها
خرج حرا بمجرد البيع ولا يتوقف العتق على صيغة. قوله: (أو بعضها) أي أو باعه بعض
النجوم وأبقى النجوم الباقية لأجلها وعجل عتقه على ذلك بأن يقول للعبد أنت حر على أن تأتيني بكذا من الدراهم

153
عوضا عن النجم الأول وباقي النجوم في ذمتك حتى تحل وعلى هذا التأويل فلا يجوز للسيد أن يبيع
نجما من نجوم الكتابة للمكاتب قبل قبض ذلك النجم والحال أنه لم يعجل العتق الآن لأنه من باب
بيع الطعام قبل قبضه ولم توجد حرمة العتق التي اغتفر ارتكاب المحظور لمراعاتها. قوله: (أو الجواز
مطلقا) أي سواء باعه جميع نجوم الكتابة أو باعه نجما منها وأبقى الباقي لأجله عجل عتقه حين باعه
النجم أو لم يعجله. قوله: (ليست دينا ثابتا في الذمة) أي في ذمة العبد حتى يلزم بيع الطعام قبل قبضه.
قوله: (ولا يحاصص بها السيد الغرماء) أي غرماء المكاتب في موته ولا في فلسه وهذا كالعلة لما
قبله كذا ما بعده. قوله: (ويجوز بيعها للمكاتب بدين) أي فلو كانت دينا في ذمته لمنع ذلك لما فيه
من فسخ الدين في الدين. قوله: (لا لأجنبي) أي ولا تباع بدين لأجنبي لأنه بيع دين بدين وهذا
مجرد إفادة حكم وإلا فالمناسب للغرض الذي نحن بصدده ما قبله فقط. قوله: (أو وفاؤه عن قرض)
أي أنه يجوز لمن اشترى طعاما أن يحيل على البائع قبل أن يقبضه منه شخصا بطعام له عليه من قرض
وأما عكسه وهو أن يحيل بطعام عليك من بيع على طعام لك على شخص من قرض، فقد نص ابن المواز
على عدم جوازه لان المشتري منك إذا أحلته فقد باع لك الطعام الذي له في ذمتك من بيع بغيره قبل
قبضه منك وهو ظاهر ا ه‍ بن. قوله: (وأما وفاؤه عن دين) أي غير قرض بأن كان عن مبايعة.
قوله: (وجاز بيعه لمقترض) الجار والمجرور متعلق بجاز المدلول عليه بالعطف أي جاز لمن اقترض
طعاما بيعه قبل قبضه وهذا عكس قوله وجاز لمن اشترى طعاما أقراضه ثم إن الجواز مقيد بأن يكون ذلك
المقترض اقترضه من ربه وأما لو اقترضه ممن اشتراه قبل أن يقبضه المشتري فلا يجوز للمقترض أن
يبيعه قبل أن يقبضه من البائع لمقرضه، كما في المدونة ونصها وإن ابتعت طعاما فلم تقبضه حتى
أسلفته رجلا فلا يعجبني أن تبيعه قبل أن تقبضه. قوله: (أي جميع طعام المعاوضة) فيه نظر والأولى
أن يقول أي جميع المبيع ويدل لذلك ما ذكره من المفهوم بعد. والحاصل أن معنى المتن أن من
اشترى طعاما من شخص يجوز لهما أن يوقعا الإقالة في جميعه قبل قبضه سواء كان الثمن
عينا أو عرضا غاب عليه البائع أم لا. قوله: (لأنها حل للبيع) أي لا بيع مؤتنف وإلا منعت لما فيها
من بيع الطعام قبل قبضه. قوله: (ويشترط كون الطعام) أي الذي وقعت الإقالة فيه ببلد الإقالة
والأولى حذف ذلك إذ لم نر من ذكر ذلك الشرط هنا لان كلام المصنف في الإقالة في الطعام
قبل قبضه وهو في ضمان البائع سواء كان في بلد الإقالة أو غيرها، فكيف يشترط فيه ما ذكر
وإنما ذكر هذا الشرط ابن يونس فيما إذا كان الطعام رأس مال السلم فإذا أسلمك طعاما في
عرض فلا تصح الإقالة من ذلك العرض إلا إذا كان الطعام في بلد الإقالة، فإن نقلت ذلك
الطعام لمحل بعيد فأقالك صارت الإقالة على تأخير فلا تجوز لأنه في ضمانه إلى أن يصل
انظر بن. قوله: (وجب فيه تعجيل رأس مال السلم) أي تعجيل رده للمسلم وقوله لفسخ دين
أي وهو المسلم فيه وقوله في دين أي وهو رأس المال المؤخر. قوله: (فيجوز ثلاثة أيام) أي ولو
بالشرط لان اللازم فيه ابتداء دين بدين وهو أخف من فسخ الدين في الدين الذي هو لازم لما هنا.
قوله: (وهو مسلم إن غاب البائع على الثمن المثلى) أي سواء كان عينا أو طعاما لان فيه بيعا وسلفا

154
فالبيع ما كان من الثمن في مقابلة البعض الذي لم تقع الإقالة فيه والسلف ما كان في مقابلة البعض
الذي وقعت فيه الإقالة. قوله: (فإن لم يغب عليه) أي إما لعدم قبضه أو أنه قبضه ولكنه لم يغب عليه
وقوله أو كان مما يعرف بعينه كعرض أي سواء غاب عليه أم لا. والحاصل أنه إذا كان رأس المال
عرضا يعرف بعينه غاب عليه المسلم إليه أم لا أو كان عينا أو طعاما لا يعرف بعينه ولم يقبضه المسلم إليه
أو قبضه ولم يغب عليه جازت الإقالة في البعض وإن كان عينا وطعاما وقبضه المسلم إليه وغاب
عليه لم تجز الإقالة في البعض. قوله: (دفعها ثمنا) أي في الطعام الذي أريد الإقالة منه. قوله: (بخلاف
تغير الأمة) أي المدفوعة ثمنا في الطعام الذي أريد الإقالة منه وظاهره كانت أمة وطئ أم لا.
قوله: (وفرق الخ) فيه أن هذا إنما يقتضي مخالفة الدواب المأكولة اللحم للرقيق مع أن الدابة ولو كانت
غير مأكولة تغيرها يمنع من الإقالة وما ذكره المصنف من مخالفة الرقيق للدابة طريقة من
طرق ثلاث والثانية، إنما يراد من الرقيق الخدمة كالدابة وهي طريقة ابن عرفة، والثالثة
طريقة يحيى الرقيق والدواب سواء في أن تغيرها بالسمن والهزال مانع من الإقالة قال ابن يونس
وهذا هو الصواب. قوله: (ومثل مثليك) عطف على بدنه من حيث المعنى لا من حيث اللفظ لأنه
لا يصح تسلط تغير على المعطوف فكأنه قيل لا تجوز الإقالة على رد متغير بدنه ولا مثل مثليك
وقيده ح وتبعه عبق بالسلم قال وأما في البيع فتجوز الإقالة على مثل المثلى، قاله في أواخر السلم
الثاني من المدونة. قال بن قلت وفيه نظر بل لا فرق بين السلم والبيع وما استدل به من كلام المدونة
فلا دلالة فيه لان الإقالة فيما استدل به مفروضة بعد القبض وكلامنا في الإقالة من الطعام قبل
القبض وأيضا المردود مثله في كلام المدونة المبيع وفي مسألتنا هو الثمن. وحاصل المسألة
أنك إذا أسلمت قنطارا من الكتان أو من القطن في إردب قمح أو اشتريت بالكتان أو
القطن إردبا من القمح حالا فلا تجوز الإقالة من القمح قبل قبضه على أن يرد إليك المسلم إليه
كتانا مثل كتانك، وإنما تجوز إذا كان يرد إليك كتانك بذاته حالا وأما لو أسلمت إليه
الكتان في غير طعام جازت الإقالة من ذلك المسلم فيه ولو قبل قبضه على أن يرد عليك
مثل كتانك. قوله: (ولا الإقالة عليه) أي ولا تجوز الإقالة على رد ثمنك المثلى ثم يقع التراضي بعد
ذلك على أخذ غيره عوضا عنه. قوله: (ولا مع زيادة أو تأخير) أي ولا تجوز الإقالة مع زيادة
على ثمنك أو على تأخير لرد ثمنك يا مشتري ولو يوما ولو برهن أو حميل. قوله: (تتعين في حقه) أي
وحينئذ فلا تجوز الإقالة من الطعام قبل قبضه على رد مثلها سواء كانت بيده أم لا. قوله: (إن وقعت)

155
أي وإلا كانت بيعا وقوله في البلد أي ولا بد أن يكون الطعام الذي وقعت الإقالة فيه في البلد والأولى
حذفه لما علمت سابقا وإبداله بقوله وأن تقع بلفظ الإقالة لا البيع وإلا منعت. قوله: (بل هي لاغية)
أي فهي باطلة شرعا كالمعدومة حسا. قوله: (والشفعة ثابتة) أي وليست مرتبة على كون الإقالة بيعا
بل على البيع الأول. قوله: (ويكتب عهدته على من أخذ ببيعه) أي بحيث يرجع عليه بالعيب
والاستحقاق. قوله: (فلا يبيع مرابحة على الثمن) أي ولو كانت بيعا لجاز له أن يبيع مرابحة على الثمن
الثاني من غير بيان. قوله: (وتولية) عطف على جزاف من قوله وجاز بالعقد جزاف والتولية تصيير
مشتر ما اشتراه لغير بائعه بثمنه وهو في الطعام غير الجزاف رخصة وشرطها كون الثمن عينا كما يأتي.
قوله: (وشركة الخ) المراد بالشركة هنا جعل مشتر قدرا لغير بائعه باختياره مما اشتراه لنفسه بمنابه من
ثمنه كذا قال ابن عرفة، وقوله هنا احترازا من الشركة المترجم عنها بكتاب الشركة والإشارة بقوله هنا
إلى مبحث الإقالة والتولية وقوله قدرا أخرج به التولية، وقوله لغير بائعه أخرج به الإقالة في بعض
المبيع، وقوله باختياره أخرج به ما إذا اشترى شيئا ثم استحق جزء منه فإنه يصدق عليه أن المشتري
جعل قدرا لغير بائعه لكن بغير اختياره، وقوله بمنابه من ثمنه أخرج به ما إذا اشترى سلعة بدينار
ثم جعل لأجنبي منها الربع بنصف دينار فلا يصدق على ذلك شركة هنا. قوله: (كالقرض) خبر عن أن
وقوله كالإقالة حال أي لأنهما في حال كونهما مماثلين للإقالة كالقرض من جهة المعروف أي وطعام
القرض يجوز بيعه قبل قبضه. قوله: (إن لم يكن على شرط أن ينقد عنك) أي إن لم يكن على شرط في
صلب العقد أن ينقد عنك. قوله: (الثمن) بالنصب مفعول لينقد وهو راجع للمولى وقوله أو حصتك
راجع للمشرك. قوله: (لأنه بيع وسلف) أما في الشركة فواضح لان المشرك بالفتح إذا دفع الثمن كله
فقد سلف المشرك نصف الثمن ونصف الثمن الآخر بيع فقد اجتمع البيع والسلف وأما في
التولية فلان البائع الأول قد يشترط النقد على المشتري وقد لا يكون معه نقد فإذا اشترط المشتري
ذلك على من ولاه أن ينقد الثمن عنه ثم ولاه بعد ذلك كان ذلك سلفا ابتداء من حيث شرط النقد
وبيعا انتهاء من حيث أخذ المبيع في نظير الثمن كذا وجه. قوله: (منه) أي من المولى والمشرك
بالفتح. قوله: (لم تظهر إلا في الشركة) أي ولا تظهر في التولية لأنه قد يوليه من أول الأمر ويشترط
عليه أن ينقد عنه ولا سلف إلا إذا كان يرجع المولى بالفتح بما دفع وهو لا يرجع هنا فما هنا من قبيل
الحوالة لا السلف. قوله: (فهذا الشرط) أي قوله إن لم ينقد عنك خاص بها وهو الذي في ح والمواق
والمدونة وابن عرفة وغير واحد وما في تت من رجوعه للتولية أيضا لا يساعده نقل وما
وجهه به غير صحيح ا ه‍ بن. قوله: (خاص بها) أي وأما التولية فجائزة مطلقا ولو شرط المولى
على المولى نقد الثمن كله عنه قال عبق ولا يخفى أن التعليل بالبيع والسلف يجري في الشركة
في غير الطعام وإن كان المصنف قد ذكر هذا الشرط وهو قوله إن لم يكن على شرط أن ينقد
عنك في خصوص الشركة في الطعام. قوله: (قدرا) أي في قدر الثمن وفي أجله إن كان مؤجلا وفي
حلوله إن كان حالا. قوله: (أي في التولية والشركة) أي وحكم الإقالة في هذا الشرط حكمهما كما مر
من أنه لا بد فيها من اتفاق العقدين في قدر الثمن، نعم لا يتأتى فيها اتفاقهما في الاجل والرهن والحميل لان
شرطها التعجيل. قوله: (خاصة) أي وأما بعد قبضه فلا يشترط أو كانا في غير الطعام قبل القبض أو بعده
فكذلك لا يشترط هذا الشرط وهو استواء العقدين. قوله: (وبقي شرط ثالث) أي لجواز التولية
والشركة وأما في الإقالة فلا يشترط إذ لا فرق فيها بين كون الثمن عينا أو عرضا. قوله: (وهو أن يكون
الثمن عينا) أي فإن كان عرضا منعا لاختلاف العقدين لعدم انضباط العرضين في القيمة وإن كان الثمن

156
مكيلا أو موزونا منعا عند ابن القاسم، لأنهما في الطعام قبل قبضه رخصة والرخصة يقتصر فيها على ما
ورد وأجازهما أشهب فتحصل مما تقدم أن شرط الإقالة في الطعام قبل قبضه اتفاق الثمنين قدرا
ووقوعهما في كل المبيع ووقوعها بلفظ الإقالة لا البيع وتعجيل رد الثمن إن كان قد قبضه البائع وشرط
التولية فيه قبل قبضه استواء العقدين في قدر الثمن وأجله أو حلوله وفي الرهن والحميل إن كان وكون
الثمن عينا وشرط الشركة فيه قبل قبضه أن لا يشترط المشرك بالكسر على المشرك بالفتح أن ينقد عنه
وأن يتفق عقداهما وأن يكون الثمن عينا والاتفاق في قدر الثمن شرط في الثلاثة وكون الثمن عينا
شرطا في التولية والشركة فقط دون الإقالة واشتراط عدم النقد عنه شرط في الشركة فقط. قوله: (وإلا
بأن اختل شرط) أي بأن اشترط المشرك بالكسر النقد على المشرك أو اختلف العقدان في النقد
والتأجيل أو غير ذلك من وجوه الاختلاف أو كان الثمن في التولية والشركة غير عين أو اختلف
قدر الثمنين في الإقالة كان كل من الإقالة والتولية والشركة بيعا مؤتنفا. قوله: (ولا على غير طعام) أي ولا
إن كان كل من الإقالة والتولية والشركة في غير طعام قبل قبضه أو بعده. قوله: (إن لم يكن على أن ينقد
عنه) أي لما مر من أن علة المنع وهي اجتماع بيع وسلف تجري في غير الطعام أيضا. قوله: (وضمن
المشرك) أي وكذلك المولى. قوله: (المشتري المعين) أشار بهذا لقول المدونة في كتاب السلم وإن
ابتعت سلعة بعينها فلم تقبضها حتى أشركت فيها ثم هلكت السلعة قبل قبض الشريك وابتعت طعاما
فاكتلته ثم أشركت فيه رجلا فلم تقاسمه حتى هلك الطعام فضمان ذلك منكما وترجع عليه بنصف الثمن.
قوله: (وهو الحصة) الضمير راجع للشئ المشتري المعين وحينئذ، فالأولى للشارح حذف قوله كعبد
وقوله بنصف الثمن أي لا بكله إذ لا يضمن المشرك بالفتح حصة المشرك بالكسر. قوله: (ولو طعاما)
يفرض ذلك في الجزاف، وإلا فما فيه حق توفية ضمانه من بائعه الأصلي لا من المشرك بالفتح ولا من
المشرك بالكسر لعدم قبضهما. قوله: (كلته) أي من بائعه قبل أن تولى أو تشرك فيه. قوله: (وصدقك من
شركته) أي صدقك في وفاء الكيل من بائعك واعترض بأنه لا يشترط في ضمان المولى والمشرك بالفتح
تصديقه، ولذا لم يذكره في المدونة كما علمت نصها وحمل الطخيخي والشيخ سالم كلام المصنف على
ما إذا اشترى شخصا طعاما وصدق البائع في كيله ثم ولى غيره أو شركه فيه ضمنه المولى والمشرك بالفتح
بمجرد التولية والشركة وعلى هذا فالخطاب لبائع المولى والمشرك بالكسر وهذا بعيد من المصنف
وسيأتي في السلم انتقال الضمان من المسلم إليه للمسلم إذا قال المسلم إليه للمسلم كلت الطعام على ذمتك
ووضعته في ناحية البيت تعال خذه وصدقه فتلف لكن ليس الكلام فيه فحمل كلام المصنف
عليه كما فعل خش وغيره بعيد. قوله: (حمل وإن أطلق على النصف) أي لأنه الجزء الذي لا ترجيح فيه لاحد
الجانبين. قوله: (الواو حالية) أي وإن أشرك حمل على النصف والحال أنه أطلق وهذا أولى من
قول بعضهم أن المصنف حذف متعلق حمل أي وإن أشركه حمل على ما قيد به وقوله وإن أطلق على
النصف شرط وجواب لا مبالغة لبعد ذلك مع ما فيه من حذف فاء الجواب اختيارا وهو شاذ وإنما
لم تجعل الواو للمبالغة لأنه إن كان ما قبل المبالغة التقييد بالنصف فهذا لا يقال فيه حمل وإنما الحمل عند
الاطلاق والاحتمال وإن كان ما قبل المبالغة التقييد بغير النصف فهذا لا يقول فيه أحد بالحمل على
النصف. قوله: (وإن سأل ثالث شركتهما) أي سألهما مجتمعين وقال لهما أشركاني فقالا له أشركناك.
قوله: (فإن اختلف نصيبهما) أي كما لو كانا شريكين بالثلث والثلثين فإذا قالا له أشركناك كان
له نصف الثلث ونصف الثلثين وحينئذ فيكون له النصف وللأول السدس وللثاني الثلث.

157
قوله: (كما لو سألهما بمجلسين) أي وقال لكل واحد على انفراده أشركني فقال له أشركتك فله نصف
ما لكل سواء اتفق نصيبهما أو اختلف فالصور أربع. قوله: (جاز إن لم تلزمه) أي والفرض أنها
حصلت بصيغة التولية وأما لو كانت بلفظ البيع فسد في صورتي الالزام والسكوت وصح إن شرط
الخيار. قوله: (وسواء كان الثمن الخ) إن قلت تقدم أن شرط التولية أن يكون الثمن عينا قلت ذلك في
التولية في الطعام قبل قبضه وأما فيه بعد القبض أو في غيره مطلقا فتجوز وإن كان الثمن غير عين.
قوله: (إن كان المثل حاضرا عنده) أي إن محل الجواز إذا كان الثمن حاضرا عند المولى بالفتح وإلا لم يجز
لئلا يدخله بيع ما ليس عندك لان المولى بالفتح قد باع مثل الثمن الذي ليس عنده بالسلعة التي حصلت
التولية فيها. قوله: (وإن رضي) أي وإن علم حين التولية بأنه أي بأن المبيع الذي ولاه له مبتاعه
عبد. قوله: (ولم يعلم بثمنه) أي حين التولية. قوله: (فذلك له) أي الخيار وذلك لان التولية من ناحية
المعروف تلزم المولى بالكسر ولا تلزم المولى بالفتح إلا برضاه. قوله: (المفارقة) أي مفارقة المتصارفين
معا أو أحدهما ليأتي بدراهمه. قوله: (أو طول المجلس) أي بعد العقد وقبل الاصطراف. قوله: (ثم
إقالة طعام من سلم) أي ثم يلي الصرف في الضيق الإقالة في الطعام إذا كان من سلم ظاهر تقييده الإقالة
المذكورة بكون الطعام من علم أن الإقالة في الطعام إذا كان من بيع سواء وقعت قبل قبضه أو بعده
يجوز فيها تأخير رد الثمن ولو سنة وليس كذلك بل ما ذكره المصنف في الإقالة من الطعام
والتولية والشركة فيه قبل قبضه سواء كان الطعام الذي لم يقبض من سلم أو من بيع، فلو حصلت
الإقالة بعد القبض أو التولية أو الشركة بعد القبض فلا يجري فيها ما قاله المصنف بل يجوز
تأخير الثمن في كل من غير تحديد بزمن، وأما الإقالة في العروض فيشترط أن تكون من سلم لأنه هو
الذي يتأتى فيه التعليل بفسخ الدين في الدين، وأما لو كانت من بيع فيجوز تأخير رد الثمن ولو
سنة كذا ذكر شيخنا في حاشيته. قوله: (من نحو البيت) أي وأما تأخير الاتيان به يوما وما قاربه
فهو ممنوع لما فيه من فسخ الدين في الدين وإنما لم يكن في المرتبة الآتية لتقويه هنا بانضمام بيع الطعام
قبل قبضه له فارتفعت مرتبته في الأضيقية ولا يقال الإقالة في الطعام ليست بيعا فكيف يكون
فيه بيع الطعام قبل قبضه لأنا نقول هذه الإقالة لما قارنها التأخير عدت بيعا لخروجها عن
مورد الرخصة. قوله: (والإحالة) أي إحالة المسلم على المسلم إليه بالثمن الذي أخذه وقوله
والتوكيل أي على قبض رأس المال منه. قوله: (قبل الافتراق) أي افتراق المسلم إليه
من مجلس الإقالة. قوله: (أي في طعام السلم) أي المولى فيه أو المشرك فيه قبل قبضه. قوله: (فيما قارب
اليوم) أي ويمنع تأخيره أزيد من ذلك لما فيه من بيع الدين بالدين مع بيع الطعام قبل قبضه.
قوله: (لغير من هو عليه) أي بثمن مؤجل وأما لو بيع لمن هو عليه بدين فهو فسخ الدين في الدين.
قوله: (والمشهور الخ) قال ح الترتيب في قول المصنف والأضيق الخ إنما هو بين الصرف وبين الدين
بالدين فشددوا في الصرف وخففوا في الأخير وأما ما بينهما من المسائل فلا ترتيب بينهما من هذه

158
الحيثية وإنما هو من جهة قوة الخلاف وضعفه وأم من هذه الحيثية فهي مستوية في عدم جواز التأخير إلا بقدر
نقل الثمن. قوله: (ما علمت) أي من أنه يضر في الصرف المفارقة وطول المجلس ويغتفر في ابتداء الدين بالدين
التأخير ثلاثة أيام ويضر التأخير فيما زاد عليها. قوله: (وهو التأخير) أي اغتفار التأخير للذهاب الخ وأما
التأخير لأكثر من ذلك فلا يغتفر على المعتمد. قوله: (باعتبار قوة الخلاف الخ) أي فالخلاف في إقالة العروض
وفسخ الدين في الدين أقوى من الخلاف فيما قبله وهكذا وإن كان المشهور أنه لا يجوز التأخير في الجميع
إلا في ابتداء الدين بالدين.
فصل في المرابحة قوله: (وزيادة ربح الخ) هذا يقتضي أن البيع على الوضيعة والمساواة لا يقال
له مرابحة والظاهر أن إطلاق المرابحة عليهما حقيقة عرفية وأجيب بأن هذا تعريف للنوع الغالب
في المرابحة الكثير الوقوع لا أنه تعريف لحقيقة المرابحة الشاملة للوضيعة والمساواة، وقد عرف
ابن عرفة المرابحة بأنها بيع مرتب ثمنه على ثمن بيع تقدمه غير لازم مساواته له فقوله غير لازم
مساواته له صادق بكون الثاني مساويا للأول أو أزيد أو أنقص منه قال فخرج بالأول المساومة.
والمزايدة والاستئمان وخرج بالثاني الإقالة والتولية والشفعة والرد بالعيب على القول بأنها بيع
واعلم أن إطلاق المرابحة على الوضيعة والمساواة إما مجرد اصطلاح في التسمية أي اصطلاح مجرد
عن المناسبة، أو أن الوضيعة ربح لمشتري كما أن الزيادة ربح للبائع وإطلاق المرابحة على المساواة
باعتبار ربح البائع بالثمن لانتفاعه به، إذ قد يشتري به سلعة أخرى يربح فيها وانتفاع المشتري
بالسلعة إذ قد يبيعها فيربح فيها. قوله: (وجاز) الأولى جعل الواو للاستئناف لما ذكره ابن هشام من
أن الأنسب بالواو الواقعة في أول التراجم الاستئناف ويجوز أن تكون عاطفة للجملة بعدها على
جملة جاز لمطلوب منه سلعة، والضمير في جاز للبيع المفهوم من السياق وقوله حال كونه مرابحة أي ذا ربح.
وظاهر المصنف الجواز ولو افتقر لفكرة حسابية وهو المذهب كما في ابن عرفة غاية الأمر أنه خلاف
الأولى كما قاله بعد خلافا لتقييد المازري الجواز بما إذا لم يفتقر إدراك أجزاء جملة الربح لفكرة حسابية
تشق على المتبايعين أو أحدهما حتى يغلب الغلط وإلا منع. قوله: (والأحب خلافه) أي وأما هو فهو غير
محبوب لكثرة احتياج البائع فيه إلى البيان. قوله: (فالمراد بالجواز خلاف الأولى) أي بقرينة قوله
والأحب خلافه لا المستوى الطرفين وإلا ناقضه ما بعده وليس المراد بالجواز الكراهة لأنه خلاف
اصطلاح المصنف. قوله: (ومراده بخلاف بيع المرابحة بيع المساومة فقط) أي فيكون قوله والأحب
خلافه من قبيل العام الذي أريد به الخصوص أو الإضافة للعهد. قوله: (بيع المساومة) كأن تأتي لرب
السلعة وتقول له بعني هذه السلعة بكذا فيقول لك يفتح الله فتزيد له شيئا فشيئا إلى أن يرضى فتأخذها
ولم يبين لك الثمن الذي اشتراها به وليس هناك من يزيد عليك، ولذا عرفها ابن عرفة بقوله بيع لم يتوقف
ثمن مبيعه المعلوم قدره على اعتبار ثمن في بيع قبله إن التزم مشتريه ثمنه لا على قبول زيادة عليه فقوله لم
يتوقف الخ أخرج به بيع المرابحة وقوله إن التزم الخ أخرج به بيع المزايدة. قوله: (لا ما يشمل
المزايدة) أي وهي أن تعطي السلعة للدلال ينادي عليها في السوق فيعطي زيد فيها عشرة فيزيد عليه
عمرو وهكذا إلى أن تقف على حد فيأخذها به المشتري. قوله: (والاستئمان) كأن تأتي لرب السلعة
وتقول له أنا أجهل ثمنها بعني كما تبيع الناس فيقول له أنا أبيع لهم بكذا فتأخذ منه بما قال وعرفها ابن
عرفة بأنها بيع يتوقف صرف قدر ثمنه على علم أحدهما. قوله: (لما في الأول) أي وهو بيع المزايدة وقوله
من السوم على سوم الأخ أي قبل الركون وهو موجب للشحناء وإنما قلنا قبل الركون لأنه بعده حرام.

159
قوله: (ولما في الثاني) أي بيع الاستئمان وقوله من جهل المشتري بالثمن أي جهله به من غير جهة البائع
فلا ينافي أنه عالم به من جهته وليس المراد أنه جاهل به من سائر الجهات وإلا كان فاسدا فالمراد ولما في
الثاني من نوع من الجهالة فتأمل. قوله: (ولو على مقوم) أي هذا إذا كان ثمن السلعة المبيعة مرابحة عينا
ذهبا أو فضة بل ولو كان مقوما. قوله: (موصوف) الأولى إسقاطه لان كون الثمن في البيع الأول
موصوفا ليس بلازم بل ولو كان معينا، وسيأتي في التأويلين التعرض للمعين في البيع الثاني فالمراد أنه
اشترى السلعة بمقوم سواء كان معينا أو موصوفا فإذا أراد بيعها مرابحة على ذلك المقوم فلا بد أن يبيعها
بمقوم مماثل للمقوم الأول في صفته ويزيده المشتري عليه ربحا معلوما ولا يجوز له بيعها مرابحة على
قيمة المقوم الذي اشتريت به. قوله: (ومنعه أشهب) أي إذا كان ذلك المقوم الموصوف ليس عند
المشتري مرابحة لما فيه من السلم الحال أي الذي لم يكن أجله خمسة عشر يوما وذلك لان دخول البائع
على أن المشتري يدفع له ذلك المقوم الآن وهو مضمون في الذمة هو عين السلم الحال وهو باطل عندنا.
قوله: (فيوافق أشهب على هذا التأويل) أي لان قول ابن القاسم بالجواز محمول على ما إذا كان المعين
في ملك المشتري وقول أشهب بالمنع محمول على ما إذا كان ليس في ملكه فلا خلاف بينهما. قوله: (فمحلها الخ)
أي أن ثمرة الخلاف بين التأويلين تظهر في هذه الحالة. قوله: (فالصور خمس) أي لان المقوم
المشترى به مرابحة، إما مضمون أو معين في ملك المشتري فيجوز اتفاقا فيهما، وإما معين في ملك الغير
فلا يجوز اتفاقا، وإما مضمون ليس في ملك المشتري فإن كان لا يقدر على تحصيله منع اتفاقا وإلا فخلاف.
قوله: (وحسب ربح ماله الخ) أي وحسب ربح أجرة الفعل الذي لاثره عين قائمة وكما يحسب ربح تلك
الأجرة تحسب تلك الأجرة من باب أولى. وحاصله أنه إذا وقع البيع على ربح العشرة أحد عشر فإنه
يحسب على المشتري ثمن السلعة وربحه ويحسب عليه أيضا أجرة الفعل الذي لاثره عين قائمة وربحها. واعلم
أن قول المصنف وحسب الخ في حالتين ما إذا بين البائع جميع ما لزم تفصيلا إما ابتداء أو بعد الاجمال
كأن يقول قامت علي بمائة ثم يفصل ولم يبين ما يربح له وما لا يربح له ولم يشترط ضرب الربح لا على
الكل ولا على البعض، بل غاية ما قال أبيع على المرابحة العشرة أحد عشر مثلا وبقي صور الشرط وهي
أربعة لأنه إما أن يشترط ضرب الربح على الكل أو على البعض وفي كل إما أن يكون ذلك بعد
تفصيل ما لزم ابتداء أو بعد تفصيله بعد الاجمال فيعمل بما اشترط في الصور الأربع كما يأتي قاله
شيخنا. قوله: (من غير بيان ما يربح) أي ما يربح له وما لا يربح له وقوله بل وقع على ربح الخ أي والحال
أن البائع قد بين ما لزم تفصيلا إما ابتداء أو بعد الاجمال كما مر. قوله: (محسوسة بحاسة البصر) لعل
المراد أو ما في حكمها كالليونة في التطرية ولو قال الشارح أي مدركة بإحدى الحواس بدل قوله أي
مشاهدة الخ كأن أظهر. قوله: (كصبغ) بفتح الصاد مصدرا ليناسب ما بعده وهو مثال للفعل الذي لاثره
عين قائمة ويصح قراءته بالكسر أي الأثر، وعلى هذا يحتاج لتقدير في الكلام أي كعمل صبغ وتقدير
الشارح أجرة وعمل يقتضي أنه مثال للأجرة المقدرة في قوله وحسب ما له عين قائمة وأن المراد بالصبغ
الأثر ولا داعي لتقدير كل منهما. قوله: (فيحسب) أي الصبغ أي أجرته. قوله: (فإنه لا يحسب هو) أي
قيمته ولا ربحه أي أنه لا يجوز البيع مرابحة إذا دخلا على ذلك لأنه حينئذ إنما ينظر للقيمة ولا يصح
النظر في بيع المرابحة للقيمة فإن ألغى ذلك صح البيع مرابحة. قوله: (وإلا حسبا) أي ثمن ما ذكر وربحه.
قوله: (وكذا يقال الخ) أي فإذا استأجر على الطرز والخياطة وما بعدها حسب الأجرة وربحها ولو كان

160
شأنه عمل ذلك بنفسه فإن عمل شيئا من ذلك بنفسه أو عمل له مجانا فلا يحسب له أجرة ولا ربحا لها.
قوله: (وأصل ما زاد) أي وحسب أجرة الفعل الذي زاد في الثمن وليس لاثره عين قائمة فيعطي للبائع تلك
الأجرة مجردة عن الربح. قوله: (بضم الحاء الأحمال) أي فقول المصنف كحمولة بالضم مثال لما زاد في
الثمن وإن قدرت مضافا أي ككراء حمولة كان مثالا لأصل ما زاد في الثمن. قوله: (وبفتحها الإبل)
أي وعليه فيقدر مضاف أيضا كأجرة حمولة إن جعل مثالا لأصل ما زاد في الثمن أو كحمل
حمولة إن جعل مثالا لما زاد في الثمن. قوله: (وقد تطلق) أي الحمولة بالفتح. قوله: (على نفس الأجرة الخ)
انظر في ذلك إذ ليس في القاموس والصحاح أن الحمولة تطلق على أجرة الحمل تأمل. قوله: (أي إن
كانت تزيد في الثمن) أي أن محل حساب أجرة الحمولة إن كانت الحمولة تزيد في الثمن أي وكانت
مما لا يتولاه بنفسه كما في المواق عن ابن رشد، فإن كان شأنه أن يتولاه بنفسه وآجر عليه فإنه لا يحسب
له أجرة كما لا يحسب لها ربحا ومن باب أولى إذا تولاه بنفسه، وكذا يقال في الشد والطي، ولو قال
المصنف اعتيد أجرتها بلفظ الافراد ليرجع للحمولة والشد والطي كان أولى ا ه‍ بن. قوله: (بأن تنقل
من بلد أرخص الخ) أي فلو كان سعر البلدين سواء لم يحسب أجرة الحمولة وكذا لو كان سعرها في البلد
الذي نقلت إليه أرخص ولا يبيع في هذه الحالة مرابحة حتى يبين للمشتري أنها في هذه البلد أرخص
من بلد الشراء إن كان المشتري لا يعلم بذلك وإلا لم يحتج للبيان، وكما أنه لا يبيع مرابحة في هذه الحالة
إلا إذا بين كذلك في حالة المساواة لا يبيع مرابحة إلا إذا بين لان النقل على هذا الوجه مظنة العيب
فهو من بيان ما يكره كما قرر شيخنا. قوله: (بأن تنقل من بلد أرخص إلى بلد أغلى) إنما كان نقلها
على الوجه المذكور موجبا لزيادة الثمن لرغبة المشتري فيها إذا علم أنها نقلت من محل فيه رخص.
قوله: (ولا لهما) أي ولا يحسب أجرة بيت لهما هذا إذا كانت السلعة تابعة بل ولو كانت غير تابعة
وإنما لم تحسب الأجرة إذا كان الكراء لهما لأنه إنما يكون لها بعض الكراء وهو رجوع
للتوظيف وهو لا يعمل به هنا. قوله: (معتادين) الأولى معتاد أجرتهما بأن كان شأنه تعاطي
ذلك بنفسه. والحاصل أنه متى كان شأنه تعاطيهما بنفسه وآجر عليهما فإنه لا يحسب أجرتهما
ولا ربحهما وأولى لو تعاطاهما بنفسه، وهذا بخلاف الفعل الذي لاثره عين قائمة فإنه متى أجر عليه حسب
الأجرة وربحها ولو كان شأنه أن يتولى ذلك بنفسه والفرق أن ما لا عين له قائمة لا يقوي قوة ماله عين
قائمة كما قرر شيخنا. قوله: (كسمسار لم يعتد) حاصل ما ذكروه أن السمسار إذا لم يعتد بأن كان
من الناس من يتولى الشراء بنفسه دونه ففيه ثلاثة أقوال قيل تحسب أجرته وربحها وقيل لا يحسبان وقيل
تحسب أجرته دون ربحها ومذهب المدونة والموطأ لا يحسب أصلا لا هو ولا ربحه كذا في التوضيح
وعليه مشى المصنف هنا وإن اعتيد بأن كان المتاع لا يشتري مثله إلا بسمسار فقال أبو محمد وابن
رشد يحسب أصله دون ربحه وقال ابن محرز يحسب هو وربحه كما في المواق ا ه‍ بن.
قوله: (إلا بواسطة) أي إلا بواسطة السمسار وقوله كان أي ذلك السمسار من الجلاس
أي في أماكنهم وقوله أو غيرهم أي بأن كان من الطوافين. قوله: (ما لزم السلعة) أي ما غرمه فيها
من ثمن وأجرة صبغ وطرز وخياطة وأجرة حمل وطي وغير ذلك وقوله مع الربح أي مع دخولها
على البيع بالربح. قوله: (الأول أن يبين ما يحسب) أي ما شأنه أن يحسب أصله وربحه أو أصله
دون ربحه فالأول كالثمن وأجرة الصبغ والطرز والخياطة والفتل والكمد والثاني كأجرة

161
الحمل والشد والطي إذا استأجر على ذلك وقوله وما لا يحسب أي وبين ما شأنه أنه لا يحسب لا أصله ولا
ربحه كأجرة السمسار وأجرة صبغ وما معه إذا تعاطاه بنفسه وذلك، كأن يقول البائع اشتريتها بكذا
ودفعت أجرة الصبغ كذا وأجرة الخياطة كذا وأجرة الطرز كذا وأجرة الحمل كذا وأجرة الطي
والشد كذا وأجرة السمسار كذا ويشترط ضرب الربح على جميع ذلك. قوله: (الثاني أن يبين ما يحسب
ويربح له) أي ما شأنه أن يحسب ويربح له كالثمن وأجرة الصبغ والطرز والخياطة والفتل والكمد
وقوله وما لا يربح له أي ويبين ما شأنه أنه لا يربح له كأجرة الحمل والشد والطي وقوله وما لا يحسب
أصلا أي ويبين ما شأنه أنه لا يحسب أصلا كأجرة الدلال الغير المعتاد. قوله: (ويضرب الربح على
ما يربح له فقط) أي أو يضرب الربح على شئ معين وإن كان الشأن أنه لا يربح له فيعمل بذلك الشرط.
والحاصل أن الوجه الثاني أنه يبين جميع ما غرمه على السلعة ويشترط ضرب الربح على شئ معين
سواء كان ما يربح له أو غيره. قوله: (والعرف كالشرط) أي وجريان العرف بضرب الربح على الجميع أو
على ما يربح له فقط كاشتراط البائع ذلك على المشتري في العمل به ولزومه. قوله: (لوجه ثالث) أي من
أوجه الجواز وفيه أن الوجهين المتقدمين يجريان هنا أيضا لأنه إذا أجمل أولا ثم فسر المؤونة بعد ذلك
فإما أن يشترط ضرب الربح على الجميع أو على ما يربح له بحسب الشأن خاصة فتكون الصور أربعة،
قاله شيخنا وشارحنا حمل كلام المصنف تبعا لعبق على ما إذا أجمل أولا ثم فسر المؤونة بعد ذلك ولم يبين
ما يربح له وما لا يربح له ولا كون الربح يضرب على جميع ما بينه أو على بعضه وهو صحيح أيضا،
وقوله فيفض الربح على ما يحسب أي على ما شأنه أن يحسب أي ويربح له وقوله ويسقط ما لا يحسب
أي ويسقط عن المشتري ما شأنه أن لا يحسب فلا يحسب عليه من الثمن الذي يشتري به وذلك كأجرة
الدلال غير المعتاد وقيمة الصبغ الذي من عنده وأجرته إن تعاطاه بنفسه، وأما ما شأنه أن يحسب ولا
يربح له فلا يفض عليه الربح ولا يسقط عن المشتري. قوله: (وهذا محل التفصيل الخ) المشار إليه الوجه
الثالث بحالتيه فتحصل أنه إذا بين المؤونة ابتداء أو بعد الاجمال ولم يبين ما يربح له وما لا يربح له فإنه
يجري على قول المصنف وحسب ربح ماله عين قائمة الخ. قوله: (وأنه من تتمته) أي لأنه إذا أجمل ابتداء
ثم فسر المؤونة له حالتان هذا أي قوله أو على المرابحة حالة وقوله هي بمائة الخ حالة أخرى فكما أنه إذا بين
ابتداء له وجهان كذلك إذا أجمل ابتداء ثم فسر له وجهان فمحصله أنه إذا لم يبين الجميع ابتداء بل أجمل
ثم فسر المؤونة فإما أن يقول هي بمائة أصلها كذا وحملها كذا وشدها كذا وطيها كذا ولم يبين ماله
من الربح من غيره ولا كون الربح على جميع ما بينه ولا على بعضه، وإما أن يقول أبيع على
المرابحة العشرة أحد عشر ثم يبين الثمن والكلف ولم يبين كون الربح على ما بينه ولا على بعضه.
قوله: (ويحتمل الخ) هذا مقابل لقوله أولا وبين الثمن والكلف. قوله: (وعلى هذا التقرير) أي على جعل
مفعول بين الربح وقوله راجعا لقوله فقال بمائة الخ أي ولا يرجع لقوله أو على المرابحة وبين لأنه
إذا لم يبين الثمن والكلف لا يتأتى تفصيل ماله ربح من غيره، لان التفصيل المذكور فرع
عن بيان الثمن والكلف أما على جعل مفعول بين الثمن والكلف فهو راجع لقوله فقال هي بمائة الخ
ولقوله أو على المرابحة الخ. قوله: (وبه يسقط الخ) أي بهذا التقرير وهو قوله سابقا فقال
هي بمائة أصلها كذا وحملها كذا ولم يبين ماله ربح من غيره المفيد أن هذه مسألة مستقلة وأن
قوله أو على المرابحة أي أو قال أبيع على المرابحة وبين مسألة أخرى مستقلة يسقط قول

162
ابن غازي المناسب اسقاط، أو من قوله أو على المرابحة لأنه من تتمة قوله أو فسر المؤونة على ما يفيده عياض
وأن المعنى أو فسر المؤنة بعد الاجمال فقال هي بمائة أصلها كذا وحملها كذا وباع على المرابحة وبين
كربح العشرة أحد عشر. وقد يقال الوجه ما قاله ابن غازي لأنه إذا جعل مفعول بين الثمن والكلف كما
هو الاحتمال الأول فعطف قوله أو على المرابحة على قوله هي بمائة لا يصح لأنه إذا قال هي بمائة الثمن
كذا وشدها كذا وطيها كذا لا يربح له إلا إذا دخلا على المرابحة وبين قدر الربح فلا تصح المقابلة،
وإن جعل مفعول بين الربح وأن المعنى أو قال أبيع على المرابحة وبين الربح فلا يصح عطف هذا على
قوله هي بمائة لأنه ليس في هذا إجمال ابتداء ثم تفسير للمؤونة فتأمل. قوله: (وهكذا) الحاصل أنه ينسب
ذلك الزائد على الأصل كالعشرة إليه وبتلك النسبة يزاد على الثمن فإذا قال أبيع بربح العشرة
أحد عشر فالأحد عشر تزيد على العشرة بواحد ينسب إليها يكون عشرا فيزاد على الثمن عشره،
فإذا كان الثمن مائة زيد عليها عشرة وإذا قال أبيعك بربح العشرة اثني عشر فالاثنا عشر تزيد
على العشرة باثنين نسبتهما للعشرة خمس فيزاد على الثمن خمسة فإذا كان الثمن مائة زيد عليها خمسها وذلك
عشرون وهكذا. قوله: (وليس معناه أن يزيد على العشرة أحد عشر) أي أن يزيد لكل عشرة من الثمن
أحد عشر بحيث يبقى إذا كان الثمن عشرة أحدا وعشرين فإذا كان الثمن عشرين يصير اثنين
وأربعين لان هذا ليس بمراد ولذا بين المصنف المراد بقوله وزيد الخ. قوله: (والوضيعة) أي ووضيعة
العشرة أحد عشر. قوله: (كذلك) أي كالمرابحة أي كمرابحة العشرة أحد عشر في زيادة عشر الأصل
إلا أنه في مرابحة العشرة أحد عشر تجعل العشرة أحد عشر بزيادة واحد على العشرة ويأخذه
البائع، وفي وضيعة العشرة أحد عشر تجعل العشرة أحد عشر لكن لا بزيادة واحد بل
باعتبار أن العشرة تجزأ لاحد عشر ويسقط منها واحد عن المشتري. والحاصل أنه في كل منهما
تجعل العشرة أحد عشر إلا أن الاعتبار مختلف. قوله: (والضابط الخ) هذا ضابط لما إذا زادت
الوضيعة على الأصل وأما إذا كانت الوضيعة تساوي الأصل أو تنقص عنه فضابطه أن تضم الوضعية
للأصل وتنسب الوضيعة للمجموع ويحط من الثمن بتلك النسبة، فإذا باعه بوضيعة العشرة عشرة
فتزيدها على الأصل. فالجملة عشرون تنسب الوضيعة للمجموع تكون نصفا فيسقط عن المشتري نصف
الثمن، وإذا باع بوضيعة العشرة خمسة زيدت الوضيعة على العشرة، فالجملة خمسة عشر نسبة الوضيعة للمجموع
ثلث فيسقط عن المشتري ثلث الثمن لكن هذا خلاف عرفنا الآن فإن عرفنا الآن في وضيعة العشرة خمسة وضع
النصف والمعول عليه في الفتوى العرف كما في بن عن ابن عبد السلام. قوله: (أن تجزئ الأصل) أي الذي هو العشرة
مثلا. قوله: (فإذ أقال بوضيعة العشرة ثلاثون الخ) أي وإذ أقال بوضيعة العشرة أحد عشر تجزئ العشرة
أحد عشر جزاء وتنسب ما زاد على الأصل وهو واحد للأحد عشر يكن جزأ من أحد عشر جزأ، فإذا كان الثمن مائة جعل
مائة وعشرة أجزاء وحط منها عشرة، وإذا قيل بوضيعة العشرة خمسة عشر جعلت العشر خمسة عشر
جزأ ونسبت الخمسة للخمسة عشر كانت ثلثا فيحط عن المشتري ثلث الثمن، وإذا قيل بوضيعة العشرة
عشرين جعلت العشرة عشرين جزأ ونسبت العشرة للعشرين تكن نصفا فيحط عن المشتري نصف
الثمن، وعلى هذا فوضيعة العشرة عشرين كوضيعة العشرة عشرة ولم تقع هذه العبارات في عرفنا الآن.
قوله: (ولم يفصل) أي لم يبين قدر الثمن ولا أجرة كل واحد من الأفعال التي فعلت بها ولا ماله الربح
من غيره. قوله: (فلا يجوز الخ) اعلم أنه إذا أبهم وأجمل الأصل مع المؤونة فلا يجوز كذا في المدونة

163
قال ابن رشد ويفسخ البيع. ونقله عياض عن أبي إسحاق وغيره كما في المواق وقال إنه ظاهر المدونة ونص
ابن بشير على أن البيع لا يفسخ لعدم التبيين، وعلى هذا ينبني التأويلان في كلام المصنف. والحاصل
أنه لا ينبغي حمل كلام المصنف على كلام ابن رشد القائل بالفساد لأنه ذكر التأويلين وهما إنما يجريان
على أن البيع صحيح، وبهذا تعلم أن قول الشارح وعلى الثاني لا تلزمه فيفسخ البيع ليس المراد أنه يتحتم
فسخه بل المراد أن المشتري يخير بين الفسخ والامضاء كذا في ح. وأما قول عج أنه يتحتم
الفسخ ففيه نظر انظر بن. قوله: (وهو) أي قول المصنف ولم يفصل راجع لما قبله أيضا. قوله: (فيهما)
أي في الصورتين اللتين ذكرهما المصنف. قوله: (لزيادته في الثمن) يعني باعتبار ظاهر عموم اللفظ وقوله
وجعله الربح على ما لا يحسب جملة أي على ما لا يحسب أصلا. قوله: (تأويلان) الأول لعبد الحق وابن
لبابة وابن عبدوس وهو قول سحنون والثاني تأويل أبي عمران وإليه نحا التونسي والباجي
وابن محرز. قوله: (إن حط عند الزائد) أي الذي لا يحسب أصلا وربحه أي وحط عنه أيضا ربح مالا
يحسب له ربح. قوله: (لا تلزمه) أي لا تلزم السلعة المشتري ولو حط عنه الزائد وربحه. قوله: (فيفسخ
البيع) أي وهذا إذا كانت السلعة قائمة. قوله: (فإن فاتت السلعة مضت) أي مضى بيعها ولزمت
المشتري بما بقي أي من الثمن بعد حط ما يجب حطه، وهذا ظاهر على القول بالغش وأما على الكذب
فيجري على قول المصنف وفي الكذب يخير بين الثمن الصحيح وربحه وقيمتها ما لم تزد على
الكذب ربحه. قوله: (لأنه لم يذكر أنه مع القيام يتحتم الفسخ) أي بل ذكر أنه يخير المشتري بين
الامضاء والفسخ وقوله وهنا يتحتم فيه نظر لما علمت من أن تحتم الفسخ إنما هو قول ابن رشد وهو
خارج عن التأويلين، فالحق أنه على تأويل الغش يخير المشتري بين الامضاء والفسخ عند قيام المبيع.
قوله: (فقوله أو غش فيه نظر) أي لأنه على التأويل الثاني لا تكون المسألة جارية على حكم الغش
وحينئذ فالتعبير بالغش فيه نظر. قوله: (فلو قال الخ) أصل هذا الكلام لعبق قال بن ولا يخفى
سقوط هذا الكلام فإن المصنف تابع لأصحاب التأويلين في التعبير هنا بالكذب وبالغش فإصلاح
كلامه على خلاف ذلك إفساد له لعدم موافقته لكلام الأئمة وذلك مصرح به في كلام عياض وأبي
الحسن ونقل التوضيح والمواق. قوله: (لطابق ما ذكر) أي وعلم منه أن هذه المسألة على هذا التأويل
الثاني لا تجري على حكم الغش ولا على حكم الكذب ولا على حكم العيب. قوله: (ووجب تبيين ما يكره)
بالبناء للفاعل أي ما يكرهه المشتري ولا يصح قراءته بالبناء للمفعول لأنه يوهم أنه إذا لم يكرهه
المشتري ويكره غيره يجب البيان وليس كذلك. قوله: (في ذات المبيع) أي كأن يكون الثوب
محرقا أو الحيوان مقطوع عضو وقوله أو وصفه أي ككون العبد يأبق أو يسرق وكما مثل الشارح.
قوله: (فإن لم يبين) أي ما يكره في ذات المبيع أو وصفه كأن عدم بيانه تارة كذبا وتارة غشا كما يأتي
بيانه. واعلم أن مسائل باب المرابحة ثلاثة أقسام غش وكذب وواسطة فالغش في ست مسائل وكلها
في المتن عدم بيان طول الزمان وكونها بلدية أو من التركة وجز الصوف الذي لم يتم واللبس عند
المصنف وارث البعض والكذب في ست أيضا عدم بيان تجاوز الزائف والركوب واللبس
وهبة أعتيدت وجز الصوف التام والثمرة المؤبرة والواسطة في ست أيضا ثلاثة لا ترجع
للغش ولا للكذب وهي عدم بيان ما نقده وعقد عليه وما إذا أبهم وعدم بيان الاجل على
كلام ابن رشد وثلاث مترددة بينهما على خلاف عدم بيان الإقالة والتوظيف والولادة
ا ه‍ بن. قوله: (كما نقده وعقده) أي كما يجب عليه بيان الثمن الذي نقده والذي عقد عليه فإن لم
يبين فإن كان المبيع قائما خير المشتري بين رده وبين التماسك به بما نقده هو من الثمن وإن فات المبيع
عند المشتري لزمه الأقل مما عقد عليه البائع وما نقده كما في ح وعلى هذا فليس له حكم الغش ولا الكذب.

164
قوله: (مطلقا) حال من البيان المقدر أي حالة كون البيان مطلقا أي غير مقيد بحال. قوله: (لان اللاحق)
أي للبيع كالواقع فيه فإن ترك بيان الاجل كان غشا فيخير المشتري بين الرد والامضاء بما دفعه من
الثمن مع قيام السلعة وأما مع فواتها فيلزمه الأقل من القيمة والثمن الذي اشتراها به ا ه‍ خش.
وما مر عن بن يقتضي أنه مثل ما نقده وعقد عليه إذا كتمه في كونه ليس غشا ولا كذبا ولذا ذكر
عج أنه إذا كتم الاجل وباع مرابحة، فإن كان المبيع قائما رد مطلقا سواء أراد المشتري رده أم لا على
ظاهر المدونة فلم يكن حكمه حكم الغش، وإن فات فعلى المشتري الأقل من الثمن والقيمة نقدا من غير
ربح. والحاصل أنه إذا لم يبين الاجل وباع مرابحة فقيل بصحة البيع ويكون عدم بيانه من الغش
وهو ما مشى عليه خش وقيل بفساده وهو ظاهر المدونة وهو ما مشى عليه بن وعليه فيتعين الرد
مطلقا قائما أو فائتا والمردود في القيام السلعة وفي الفوات دفع الأقل من الثمن والقيمة وعلى هذا القول
فهذه الجزئية ليست جارية على الغش ولا على الكذب ولا يجوز للمشتري أن يتمسك بالمبيع بالثمن
الذي أخذ به للأجل مطلقا لا في حالة القيام ولا في حالة الفوات، لأنه في حالة القيام سلف جر نفعا إلا أن البائع الثاني سلف المشتري حيث أخره للأجل بالثمن وقد انتفع بما زيد له مرابحة وفي حالة
الفوات يلزم عليه الصرف المؤخر إن كان الثمن والقيمة من صنفين، فإن كان من صنف لزم السلف
بزيادة إن كانت القيمة أقل، وإن كان الثمن أقل ففيه سلف جر نفعا وقال شيخنا والظاهر الجواز في
هذه الحالة لان تأجيل الأقل محض معروف لا نفع فيه. قوله: (وطول زمانه) أي وأما لو مكث
عنده مدة يسيرة وأراد البيع مرابحة فلا يجب البيان. قوله: (ولو عقارا) أي وسواء تغير المبيع في ذاته
أو في سوقه أو لم يتغير أصلا لكن قلت الرغبة فيه خلافا للخمي حيث قال إنما يجب بيان طول
إقامته عنده إذا تغير في ذاته أو تغير سوقه، وإلا فلا يجب البيان فإن مكث عنده كثيرا وباع مرابحة
ولم يبين كان غشا فيخير المشتري بين الرد والتماسك بجميع الثمن إن كان المبيع قائما فإن فات لزمه الأقل
من الثمن والقيمة. قوله: (وتجاوز الزائف) أي والتجاوز عن الزائف وهو المغشوش الذي خلط
ذهبه أو فضته بنحاس أو رصاص. قوله: (والمراد بتجاوزه الرضا به) أي وليس المراد تركه وترك
بدله لان هذا داخل في الهبة. قوله: (ولو لم يعتد) أي ولو إذا كان تجاوز الزائف معتادا بل ولو كان
غير معتاد كما هو ظاهر المدونة وابن عرفة خلافا لما في الشامل من تقييده بالمعتاد وإلا فلا يجب البيان.
قوله: (فإن لم يبين فكذب) أي فإن كانت السلعة قائمة فإن البيع يلزم إن حط البائع عن المشتري الزائد
وربحه فإن لم يحط عنه ذلك خير المشتري في الرد والامضاء بما دفعه من الثمن وإن فاتت السلعة خير
المشتري في دفع الثمن الصحيح أو القيمة ما لم تزد على الكذب. قوله: (كما يفيده النقل) أي نقل أبي
الحسن وابن عرفة عن سحنون وابن محرز وابن يونس وأبي بكر بن عبد الرحمن وهو ظاهر لان الزائف
أنقص فما في عبق وخش إن ترك بيانه من الغش فيه نظر ونص ح عن ابن محرز، فإن كان الثمن
عشرة ودفع من جملتها واحدا زائفا ولم يبين التجاوز عنه فللبائع أن يلزم المشتري البيع بالتسعة وقيمة
الزائف فإن فات المبيع لزم فيه القيمة ما لم تزد على العشرة وما لم تنقص عن التسعة وقيمة الزائف.
قوله: (ووجب بيان هبة أعتيدت) أي فإن ترك البيان فكذب فإن كانت قائمة وحط البائع عن المشتري
ما وهب له من الثمن وربحه لزم البيع كما قال أصبغ وقال سحنون أنه يلزم إذا حط عنه ما وهب له وإن
لم يحط عنه ربحه والظاهر الأول، وما قاله سحنون مشكل حيث جعل عدم بيان الهبة كذبا، وسيأتي
أني الكذب يحط فيه الزائد وربحه، فإن فاتت عند المشتري خير في دفع القيمة أو الثمن الصحيح

165
وربحه ما لم تزد القيمة على الكذب وربحه. قوله: (ووجب بيان أنها ليست بلدية) أي فإن ترك البيان
كان غشا فيخير المشتري بين الرد والتماسك بما نقد من الثمن إن كان المبيع قائما فإن فات لزمه بالأقل من
الثمن والقيمة. قوله: (في المسألتين) أي قوله إنها ليست بلدية أو من التركة. قوله: (وولادتها) أي أن من
اشترى ذاتا سواء كانت من نوع ما لا يعقل أو من نوع ما يعقل فولدت عنده سواء حملت عنده أو
كان اشتراها حاملا ولو بقرب ولادتها فإنه لا يبيعها مرابحة حتى يبين ذلك ولو باع ولدها معها وأشعر
قوله ولدت أن وطئ السيد لا يجب بيانه إلا أن تكون بكرا رائعة وافتضها، فإن لم يبين افتضاض الرائعة
فكذب فيلزم المشتري إن حط عنه ما ينوب الافتضاض وربحه إن كانت قائمة، فإن فاتت قيل
للبائع أعطه ما نقصه الافتضاض وربحه وإلا فله أن يسترجع بقيمتها يوم قبضها مفتضة ما لم تزد على
الثمن الأول فلا يزاد أو ينقص عنه بعد الافتضاض فلا تنقص. واعلم أن الولادة عند البائع في
مسألة المصنف عيب وطول إقامتها عنده إلى أن ولدت غش وما نقصها التزويج والولادة من قيمتها
كذب في الثمن، فإن ولدت عند البائع بإثر شرائها وباعها مرابحة ولم يبين فقد انتفى الغش لعدم طول
الزمان وانتفى الكذب في الثمن لعدم التزويج ووجد العيب فللمشتري القيام به، فإما أن يرد ولا شئ
عليه، وإما أن يتماسك ولا شئ له، هذا إذا كانت قائمة فإن فاتت تعين التماسك والرجوع بأرش عيب الولادة،
وإن وجدت الأمور الثلاثة وباع مرابحة ولم يبين وكانت قائمة فله القيام بأي واحد من هذه الثلاثة
شاء فلو أسقط عنه البائع الكذب وربحه كان له القيام بالغش والعيب فيخير، إما أن يرد أو يتماسك
بما نقده من الثمن ولا يكون حط البائع الكذب وربحه عنه ملزما له بالمبيع لان له أن يحتج بالغش
والعيب، فإن لم تكن قائمة وفاتت عند المشتري بمفوت فإن كان من مفوتات الرد بالعيب ومن لوازمه
أن يكون مفوتا من الغش والكذب وذلك كبيعها وإهلاكها ونحوهما مما يفوت المقصود، فإن
شاء قام بالعيب فحط عنه أرشه وما ينوبه من الربح وإن شاء رضي بالعيب وإذا رضي به كان له القيام
بالغش أو الكذب، وقيامه بالأول أنفع له، وإن كان من مفوتات الغش دون الرد بالعيب كحوالة سوق
وحدوث قليل عيب أو حدوث عيب متوسط فله الرد بالعيب وله الرضا به ويقوم بالغش فيغرم الأقل
من القيمة والمسمى لأنه أحسن من قيامه بالكذب لأنه يغرم الأكثر من الثمن الصحيح
وربحه والقيمة ما لم تزد على الكذب وربحه. قوله: (وأما غير المأبورة) أي وقت الشراء إذا جذها
قبل طيبها عنده أو بعده وأراد بيع الأصل مرابحة فلا يجب البيان وقوله إلا أن يطول الزمان أي حتى
طابت وجذها. قوله: (فيجب لطوله) أي فيجب البيان لطول الزمان ولا يحتاج لبيان جذ الثمرة التي
كانت وقت الشراء غير مأبورة فقوله إلا أن يطول الخ استثناء منقطع تأمل. قوله: (ووجب بيان جز
صوف تم) أي فإن ترك البيان كان كذبا كترك بيان جذ الثمرة المؤبرة كما قال الشارح. قوله: (ولو لم يكن
تاما وقت الشراء) أي سواء حصل طول في الزمان أولا والفرق بين الثمرة حيث لم يجب البيان
إذا لم تكن مأبورة وأما الصوف فيجب فيه البيان إذا أخذه ولو كان غير تام أن الثمرة غير المأبورة
إذا جذت الشأن أنه لا ينتفع بها بخلاف الصوف غير التام فإنه ينتفع به ولو في حشو نحو طراحة،
فإن ترك بيان جز الصوف غير التام كان غشا كما في عبق وما ذكره من وجوب بيان
جز الصوف إذا كان غير تام فخلاف النقل والنقل أن غير التام يكون غلة ولا يجب بيانه إذا لم
يطل الزمان، نعم إذا طال الزمان وجب البيان لا لذاته بل لطول الزمان فلو بين طول الزمان
كفى، ونص المدونة كما في المواق ومن ابتاع حوانيت أو دورا أو حوائط أو رقيقا أو حيوانا
أو غنما فاغتلها أو حلب الغنم فليس عليه أن يبين ذلك في المرابحة لان الغلة بالضمان إلا أن يطول الزمان

166
أو تحول الأسواق فليبين ذلك وأما إن جز صوف الغنم فليبينه كان عليها يوم الشراء أم لا لأنه إن
كان يومئذ تاما فقد صار له حصة من الثمن فهذا نقصان من الغنم وإن لم يكن تاما فلم ينبت إلا بعد مدة تتغير
فيها الأسواق ا ه‍. فقد عللت بيان غير التام بأنه لم ينبت إلا بعد مدة تتغير فيها الأسواق وحينئذ
فإذا بين طول الزمان لم يحتج لبيان جز ذلك الغير التام قاله شيخنا العدوي. قوله: (فلا بد من بيان الإقالة
عليها) أي لنفرة النفوس مما وقعت فيه الإقالة فإن لم يبين كان كذبا على المعتمد وقيل هو غش وعلى أنه
كذب فإذا حط البائع الزائد وهو الخمسة وربحها لزم البيع للمشتري وإن لم يحطه البائع خير المشتري
بين أرد والامضاء بما نقده من الثمن، هذا إذا كانت السلعة قائمة، فإن فاتت خير المشتري بين الثمن
الصحيح وربحه والقيمة ما لم تزد على الكذب وربحه. قوله: (بزيادة) أي ملتبسة بزيادة أو نقص
كأن تقع الإقالة على ستة عشر أو أربعة عشر في المثال المذكور في الشارح. قوله: (لأنها بيع ثان) أي فلا
يلتفت لعدم الرغبة فيما تقع فيه الإقالة. قوله: (ومثلهما) أي في عدم وجوب البيان. قوله: (إذا وقعت مع بعد) أي
إذا وقعت بالثمن الذي حصل الشراء به من غير زيادة ولا نقص وهو الخمسة عشر لكن مع بعد من
البيع. قوله: (والركوب للدابة) أي كأن يقول اشتريتها بمائة وركبتها المسافة الفلانية فإن ترك بيان
الركوب أو اللبس كان كذبا. قوله: (إذا كانا منقصين) ولا يشترط كون الركوب في السفر وقول المدونة
وركوب الدابة في السفر إنما قيد به لكونه مظنة لعجفها وتنقيصها كما قال أبو الحسن فالمدار على
التنقيص كان الركوب في سفر أو حضر. قوله: (ووجب بيان التوظيف) أي بيان أنه منه كأن يشتري
مقوما متعددا كعشرة أثواب مثلا صفقة واحدة بعشرة دراهم مثلا ويوظف على كل ثوب
منها درهما، فإذا أراد أن يبيع مرابحة فإنه يجب عليه أن يبين ذلك التوظيف منه إذ قد يخطئ
نظره في التوظيف ومحل البيان إذا أراد بيع بعض الصفقة، وأما لو أراد بيعها بتمامها صفقة
على المرابحة فلا يجب البيان. قوله: (ولو متفقا) أي هذا إذا كان المبيع مختلفا في الصفة بل
ولو كان متفقا فيها ورد بلو قول ابن نافع بعدم وجوب البيان عند الاتفاق قال لان من
عادة التجارة الدخول عليه. قوله: (على الراجح) أي وقيل إنه كذب قال عج وينبغي كما وقع في
مجلس المذاكرة التوفيق بين القولين فيقال إن ترك البيان غش إذا كان الموظف عليه متفق الصفة
لايهام شرائه كذلك وكذب في مختلف الصفة لاحتمال خطئه. قوله: (واستثنى من المبالغ عليه)
أي وهو وجوب البيان إذا كان المبيع الموظف عليه متفقا. قوله: (فلا يجب البيان) أي بخلاف بيع
النقد فإنه يجب فيه البيان. قوله: (وإنما المقصود الصفة) أي بخلاف بيع النقد فإن القصد فيه إلى
الآحاد. قوله: (بخلاف المبيع في غير السلم) أي فإنه يرجع بقيمته. قوله: (ومحله) أي محل عدم وجوب
البيان للتوظيف إذا كان المبيع المتفق عليه من سلم. قوله: (بأخذ أدنى) أي ووظف الثمن على هذه السلع
التي أخذها فإنه يجب عليه البيان إذا أراد أن يبيع بعضها مرابحة ومحله أيضا ما لم يدفع المسلم إليه بعض
المسلم فيه أجود مما في ذمته والبعض الآخر على حاله ووظف قيمة الأجود عليهما وإلا وجب البيان
عليه إذا أراد أن يبيع البعض مرابحة، لان أخذه الأجود بمنزلة ما لو وهبه البائع شيئا وقد
سبق أنه إن وهبه شيئا وجب أن يبين. قوله: (فلا يجب البيان) أي بيان الاستغلال
لعدم حدوث ما يؤثر نقصا في المبيع. قوله: (والربع) أي في الأصل وقوله والمراد الخ أي فهو
هنا مجاز من إطلاق الخاص وإرادة العام. قوله: (ومثله الحيوان) أي لقول المدونة ومن ابتاع دورا

167
أو حوائط أو حيوانا أو رقيقا واغتلها وحلب الغنم فليس عليه أن يبين ذلك في المرابحة لان الغلة
بالضمان ا ه‍. واعترض أبو الحسن تعليل عدم وجوب البيان بالتعليل المذكور بعدم صلاحيته لما
ذكر إذ لا يلزم من كون الغلة له شرعا أنه لا يبين ألا ترى اللبس والركوب فإن له ذلك ويبين فلذا قال
الوانوغي: الصواب أن يعلل عدم البيان بعدم حدوث ما يؤثر نقصا في المبيع ولا ما تختلف به الأغراض.
قوله: (ما لا يحتاج إليه الربع) أي فإذا كان ما لا يحتاج إلى نفقة لا يجب بيان أخذ غلته فما بالك بما يحتاج
إلى نفقة فلا يجب بيان أخذ غلته بالطريق الأولى. قوله: (ولا يبين أنه اشترى أولا بكذا وثانيا بكذا)
قيد اللخمي عدم وجوب البيان بما إذا لم تكن الزيادة في شراء البعض الثاني لدفع ضرر الشركة بل لحوالة
سوق ونحوه وإلا بين والمصنف لوح لهذا القيد بقوله كتكميل شرائه ا ه‍ شيخنا عدوي. قوله: (لا إن
ورث بعضه) مخرج من قوله كتكميل شرائه. قوله: (وأراد بيع البعض المشتري مرابحة) هذا هو
موضوع المسألة في المدونة وفيه وقع التأويلان للقابسي وأبي بكر بن عبد الرحمن وبه شرح ح
وغيره خلافا لعبق حيث فرض الموضوع أنه أراد أن بيع الجميع مرابحه إذ هذا لا يجوز ولو بين ا ه‍ بن.
قوله: (فيجب البيان) أي فيجب أن يبين للمشتري أن ثمن النصف المشترى عشرة ولا بد أن يقول
له والنصف الآخر موروث وعلله في المدونة بأنه إذا لم يبين أن النصف الآخر موروث دخل في
ذلك ما ابتاع وما ورث، فإذا بين فإنما يقع البيع على ما ابتاع وذلك لان الفرض أن النصف شائع وقوله
فيجب البيان الخ أي فإن باع النصف المشترى ولم يبين أن النصف الثاني ميراث، فإن كانت السلعة قائمة
خير المشتري بين الرد والتماسك بما وقع العقد عليه، وإن فات المبيع وهو النصف بفوات السلعة فنصفه
مشترى يمضي بنصف الثمن ونصف الربح ونصفه الآخر موروث فيمضي بالأقل من القيمة أو ما
يقع عليه من الثمن والربح لسريان الموروث في إجزاء ما اشترى ا ه‍ خش. وحاصله أن النصف
الموروث على حكم الغش لأنه مع قيام المبيع يخير المشتري ومع الفوات يلزمه في النصف الموروث
الأقل من الثمن والقيمة وأما النصف المشترى فالبيع فيه ماض مع القيام والفوات بنصف الثمن
ونصف الربح تأمل. قوله: (بخلاف ما لو تقدم) أي فلا يجب البيان لعدم زيادته في الثمن. قوله: (أو
أثبت ذلك بالبينة) أي أو لم يصدقه المشتري ولكن أثبت البائع ذلك. قوله: (أي له ذلك) أي للمشتري
ردها وأخذ ثمنه وله أن يمضي البيع ويدفع ما تبين أنه ثمن صحيح وربحه على حساب ما أربح للثمن
الذي غلط فيه وإنما كان الخيار للمشتري لان خيرته تنفي ضرر البائع له حيث يدفع له الصحيح وربحه
مع أن البائع عنده نوع تفريط حيث لم يثبت في أمره. قوله: (لا بحوالة سوق) أي لان حوالة السوق
وإن أفاتت السلعة في الغش والكذب لا تفيتها في الغلط. قوله: (أيضا) أي كما ثبت له الخيار في
حال قيام السلعة. قوله: (فلا ينقص عنهما) أي عن الغلط وربحه بحيث يدفع القيمة لأنه قد رضي
بدفع الغلط وربحه ومعلوم أن الغلط وربحه أقل من الصحيح وربحه والعاقل إذا خير بين دفع
أحد أمرين إنما يختار دفع أقلهما، وحينئذ فيتعين دفعه للغلط وربحه حيث نقصت القيمة عنهما.
قوله: (أي زاد في اخباره) أي على ما هو ثمنه في الواقع وقوله كأن يخبر الخ أي أو يترك بيان تجاوز
الزائف أو الركوب أو اللبس أو هبة أعتيدت أو جز الصوف التام أو الثمرة المؤبرة فكل هذا
داخل في تعريف الكذب المذكور. قوله: (كأن يخبر أنه اشتراها بخمسين) أي وباعها مرابحة

168
بخمسة وخمسين. قوله: (وسواء كان عمدا) أي سواء كان اخباره بالزيادة عمدا على جهة العمد أو
السهو. قوله: (أي حط البائع الزائد المكذوب به وربحه) هو في المثال المذكور أحد عشر. قوله: (بين
التماسك) أي بجميع ما دفع من الثمن وهو الخمسة والخمسون وقوله والرد أي ويأخذ ثمنه من البائع.
قوله: (بخلاف الغش فلا يلزمه) أي فلا يلزم المشتري البيع وإن حط عنه البائع ما غش به كما إذا اشتراها
بثمانية مثلا ويرقم عليها عشرة ثم يبيعها مرابحة على الثمانية بعشرة ليوهم المشتري أنه غلط على نفسه
فهو غش فالمشتري مخير في حالة الغش إذا كانت السلعة قائمة بين أن يتماسك بجميع الثمن الذي نقده
وهو الثمانية وربحها أو يردها على البائع ويرجع بثمنه ولو حط البائع ثمن ما غش به وهو الدرهمان
وقد علم من هذا أن الغش موافق للعيب في حال القيام ومخالف له في حال الفوات وأما الكذب فهو
مخالف للعيب في الحالين. قوله: (أن يوهم وجود مفقود مقصود وجوده في المبيع) مثاله أن تبيع
سلعة ورثتها وتوهم أنك اشتريتها فقد أوهمت وجود مفقود وهو شراؤها وشراؤها في بيعها مرابحة
مقصود للمشتري ومثال صورة الكتم أن يشتري سلعة وتطول إقامتها عنده ثم يبيعها مرابحة ولم يبين
طول إقامتها عنده فهذا قد كتم وجود موجود مقصود فقده ا ه‍ شيخنا. قوله: (أو يكتم فقد موجود)
هكذا يلفظ ابن عرفة، وصوابه أو يكتم وجود موجود مقصود فقده لان المكتوم هو وجود ما يكون
المقصود فقده مثل أن يكتم طول إقامته عنده ويظهر جدته قاله طفي، وزاد ابن عرفة بعد قوله
مقصود فقده منه لا تنقص قيمته لهما ا ه‍. وضمير لهما للمقصود والموجود واحترز به عن العيب وذلك
أنهم فرقوا في باب المرابحة بين الغش والعيب فما كان يكره ولا تنقص القيمة لأجله يسمى غشا كطول
إقامة السلعة عنده وكونها غير بلدية أو من التركة وما تنقص القيمة لأجله يسمى عيبا كالعيوب المتقدمة
والمراد بكون القيمة لا تنقص للغش باعتبار ذات المبيع فقط بقطع النظر عن ذلك بخلاف ذات
العيب فإن ذات المبيع ناقصة غالبا فافهم قاله طفي ا ه‍ بن. قوله: (كأن يرقم الخ) أي كأن يشتريها
بثمانية ويرقم عليها عشرة ويبيعها مرابحة على الثمانية. قوله: (وكأن يكتم الخ) هذا مثال للشق الثاني
من التعريف وجميع ما قبله مثال للشق الأول منه وقوله وكأن يكتم طول إقامتها عنده أي أو يكتم
كونها بلدية أو أنها من التركة وارث البعض. قوله: (أقل الثمن والقيمة) أي الأقل من الثمن والقيمة.
قوله: (يوم قبضها) هذه رواية ابن القاسم وروى علي بن زياد يوم بيعها والراجح الأولى وعليها
فالفرق بين الغش والكذب حيث اعتبرت القيمة فيهما يوم القبض وبين الغلط حيث اعتبرت
القيمة فيه يوم البيع، كما مر أن الغش والكذب أشبه بفساد البيع من الغلط والضمان في الفساد
بالقبض كما مر. قوله: (هو الصواب) وفي خش وعبق تبعا لبهرام أن الخيار للبائع فيخير بين أخذ
الثمن الصحيح وربحه وقيمتها يوم القبض ما لم تزد القيمة على الكذب وربحه وإلا غرم المشتري
الكذب وربحه فقط ولا يزاد عليه لان البائع قد رضي بذلك قال عبق ويدل على أن التخيير في كلام
المصنف للبائع قوله ما لم تزد على الكذب وربحه إذ لو كان الخيار للمشتري لم يكن لهذا التقييد معنى إذ
له دفع القيمة ولو كانت زائدة على الكذب وربحه لأنه يدفعها باختياره وله دفع الصحيح وربحه الذي
هو أقل من القيمة ولأنه لا يختار إلا الأقل وحينئذ فلا فائدة في التقييد في كلام المصنف، وقد رد شارحنا
ذلك بقوله فإن زادت خير بين الصحيح وربحه والكذب وربحه فالتقييد حينئذ ظاهر ولكن ما ذكره
عبق وخش من أن الخيار للبائع هو ما في ابن الحاجب واقتصر عليه ح وكذلك المج. قوله: (لان
من طال الخ) أي وكذا من كتم كونها بلدية أو كونها من التركة أو إرث بعضها فإنه يقال له غاش

169
ولا يقال له مدلس. قوله: (ولم يبين الخ) لعل الأولى أو نقد غير ما عقد عليه وباع مرابحة ولم يبين.
قوله: (غاش عند سحنون) أي حكمه حكم المغاش وهذا ضعيف والمعتمد رواية عيسى عن ابن القاسم
أنه عند قيام البيع يخير المشتري بين الإجازة والرد وإن فات فإنها تلزمه بأقل مما عقد عليه البائع ونقده
وظاهر كلام الشارح أن غير سحنون وهو ابن القاسم يقول أن من نقد غير ما عقد عليه وأراد أن يبيع
مرابحة وكتم ذلك ولم يبينه يكون مدلسا مع أن ابن القاسم يقول أنه ليس بمدلس كما أنه ليس بغاش
ولا كاذب بل هو واسطة كما مر. قوله: (ومدلس المرابحة الخ) المراد بمدلس المرابحة من بسلعته
عيب سواء علم به وكتمه كما هو حقيقة المدلس أو لم يعلم به وهذا على الاحتمال الأول أما على الثاني
فالمراد به من علم بسلعته عيبا وكتمه. قوله: (إلا أن يدخل عنده عيب) أي فإن حدث عنده عيب
فإما أن يكون قليلا جدا أو متوسطا أو مفيتا للمقصود فما تقدم في بيع المساومة يأتي في المرابحة فإن
كان العيب الحادث عند المشتري يسيرا كان بمنزلة العدم وخياره على الوجه المذكور ثابت له وإن كان
متوسطا خير إما أن يرد ويدفع أرش الحادث أو يتماسك ويأخذ أرش القديم وإن كان مفيتا
للمقصود تعين التماسك وأخذ أرش القديم. قوله: (ويحتمل كغيرها مما مر من المسائل الستة) أي أن
المدلس وهو الذي يعلم أن بالسلعة عيبا ويكتمه يفرق بينه وبين غير المدلس في المسائل الستة
السابقة كل من بيع المرابحة والمزايدة والمساومة. قوله: (إن نقص) أي بعيب التدليس. قوله: (لأنه
قال فيها) ظاهره أن ضمير فيها للمدونة وليس كذلك بل للمرابحة عند الكذب والغش وضمير
لأنه لابن يونس وأصل العبارة كما في عبق وتفترق المرابحة من غيرها كما قال ابن يونس فيما لو هلكت
السلعة في مسألة الكذب بزيادة في الثمن قبل قبض المشتري فضمانها من البائع لأنه قال فيها أي لان
ابن يونس قال فيها، أي في المرابحة عند الكذب والغش، إنها تشبه البيع الفاسد أي والبيع الفاسد إنما
يضمن فيه بالقبض. وحاصله أن المرابحة إذا وقعت محتوية على الكذب بزيادة في الثمن أو على غش
أو كتمان عيب فإنها تكون شبيهة بالبيع الفاسد فلا ينتقل الضمان للمشتري إلا بقبضه بخلاف ما لو اشترى
سلعة شراء مزايدة أو مساومة وكان في السلعة عيب كتمه البائع أو غش أو كذب بزيادة في
الثمن وتلفت عند البائع قبل قبض المشتري فإن الضمان من المشتري بمجرد العقد.
فصل تناول البناء والشجر الأرض الخ قد اشتمل هذا الفصل على أربعة أشياء المداخلة وبيع
الثمار والعرايا والجوائح. قال ابن عاشر: ولم يحضرني وجه مناسبة بعضها لبعض كما لم يظهر لي وجه مناسبة
هذا الفصل لما قبله ا ه‍ وقد بين خش المناسبة بينهما وحاصل ما ذكره أن المرابحة تارة تكون زيادة في
الثمن وتارة تكون نقصا منه والتداخل المذكور في هذا الباب يشبه المرابحة من جهة أنه زيادة في المبيع
تارة ونقص منه أخرى، والزيادة هي المشار لها بقوله تناول البناء والشجر الأرض الخ والنقص
هو المشار له بقوله لا الزرع ولا الشجر المؤبر فإذا عقد على شجر وفيه ثمر مؤبر أو على أرض وفيها زرع
فلا يتناوله فهو نقص بحسب الظاهر. قوله: (تناول البناء والشجر الأرض) أي تناول العقد
عليهما الأرض تناولا شرعيا وإن لم يجر عرف بذلك التناول ما لم يجر عرف بخلافه كما سيقول
الشارح. قوله: (التي هما بها) أي لا أزيد أي وهو ما يمتد فيه جريد النخلة وجدرها المسمى بحريم
النخلة إلا أن يشترط دخوله وعدم دخول حريم النخلة طريقة للشيخ سالم وتت والشيخ خضر
ورجحها شب تبعا لعج، واستظهر الشيخ أحمد الزرقاني دخوله في العقد على الشجرة وهو ما في الذخيرة
ورجحه بعض وشارحنا قد مشى على الطريقة الأولى. قوله: (أي تناول العقد على الأرض) أي سواء
كان العقد بيعا أو رهنا أو وصية أو هبة أو صدقة أو حبسا. قوله: (ما فيها من بناء وشجر) وإذا كان على

170
الشجر الذي دخل تبعا للأرض ثمر مؤبر فهو للبائع للسنة خلافا لابن عتاب محتجا بأنه حيث
تناولت الأرض الشجر وهو أصل الثمر المؤبر فتتناوله بالأولى أما إن كان غير مؤبر فهو للمشتري
اتفاقا. قوله: (ومحل ذلك) أي ومحل تناول العقد على البناء والشجر للأرض وتناول العقد على الأرض
ما فيها من بناء وشجر كان ذلك العقد بيعا أو غيره إن لم يكن شرط أو عرف بخلافه وإلا عمل بذلك
الشرط أو العرف، فإذا اشترط البائع أو الراهن أو نحوهما أفراد البناء أو الشجر عن الأرض أو جرى
العرف بأفرادهما عن الأرض في البيع أو الرهن أو نحوهما فلا تدخل الأرض في العقد عليهما،
كذلك لو اشترط البائع أفراد الأرض عن البناء والشجر أو جري العرف بذلك فإنهما لا يدخلان
في العقد على الأرض. تنبيه: ليس من الشرط تخصيص بعض أمكنة بالذكر بعد قوله جميع
ما أملك مثلا، فإذا قال بعته جميع أملاكي بقرية كذا وهي الدار والحانوت مثلا وله غيرهما فذلك الغير
للمبتاع أيضا ولا يكون ذكر الخاص بعد العام مخصصا له لان ذكر الخاص بعد العام إنما يخصصه
ويقصره على بعض أفراده إذا كان منافيا له وهنا ليس كذلك. قوله: (صوابه والبذر) أي عطفا على
الضمير البارز في تناولتهما أي تناول العقد على الأرض ما فيها من بناء وشجر وتناول أيضا البذر
المغيب فيها لا الزرع البارز على وجهها وإنما كان هذا الصواب لان البذر إن جعل عطفا على الزرع
كان ماشيا على خلاف المشهور من عدم تناول الأرض للبذر وإن جعل البذر عطفا على المثبت يلزم
عليه الفصل بين المفنيين بمثبت لان قوله ومدفونا عطف على الزرع فيكون فيه تشتيت في العطف
حيث عطف على المثبت تارة وعلى المنفي أخرى. قوله: (لان إباره) أي المفيت لدخوله تبعا خروجه
من الأرض أي ظهوره على وجهها وما ذكره من أن إبار الزرع خروجه من الأرض هو المشهور
ويترتب عليه ما ذكر من تناول العقد على الأرض البذر الكائن فيها وعدم تناوله للزرع الظاهر على
وجهها، وقيل أن إبار الزرع بخروج البذر من يد باذره وعليه فلا يتناول العقد على الأرض البذر ولا
الزرع، وقيل إباره بافراكه وعلى هذا فالعقد على الأرض يتناول البذر المغيب فيها والزرع الظاهر على
وجهها. قوله: (فلا تتناوله) أي لما يأتي من أن المؤبر لا يدخل تبعا. قوله: (ولا تتناول) أي الأرض أي
العقد عليها مدفونا الخ. قوله: (أو ادعاه) أي شخص فليس الفاعل ضميرا عائدا على المالك. قوله: (فهو
لقطة) أي يعرفها واجدها سنة وبعدها توضع في بيت المال هذا مقتضى نص بن خلافا لما في عبق من أن
المراد بكونه لقطة أنه يوضع في بيت المال ابتداء من غير تعريف سنة لان شأن المدفون طول
العهد فهو مال جهلت أربابه محله بيت المال. قوله: (فركاز) أي فيخمس والباقي لواجده. قوله: (وإلا
فهي لقطة) أي وإلا بأن علم أنه جرى عليها ملك الغير بأن وجدت مثقوبة فهي لقطة فمحل كونها
للمشتري إذا علم أو ظن أو شك أنها تخلقت في بطنه وما ذكره من أنها إذا لم يعلم أنه جرى عليها ملك
لاحد تكون للمشتري أحد أقوال ثلاثة واختاره الشيخ أحمد الزرقاني، وقيل أنها للبائع وصوبه
بعضهم وقيل أن بيع الحوت وزنا فالجوهرة الموجودة في بطنه للمشتري وإن بيع جزافا فهي للبائع.
قوله: (أو أكثره) بالرفع عطف على الضمير المستتر في المؤبر أي المؤبر هو أو أكثره من غير فصل
بضمير أو غيره وإلى هذا أشار الشارح بقوله المؤبر هو أو أكثره. وحاصله أن من اشترى أصولا
عليها ثمرة قد أبرت أو أكثرها فإن العقد على الأصول لا يتناول تلك الثمرة وحينئذ فهي للبائع
والقول قوله في أن التأبير كان قبل العقد إن نازعه المشتري وادعى حدوثه بعده كما قاله ابن المواز وقيل
القول قول المشتري وهو قول القاضي إسماعيل. قوله: (والتأبير خاص) أي التأبير بالمعنى الآتي خاص
الخ فلا ينافي قوله بعد والتأبير في غيره الخ كذا قيل وقرر شيخنا العدوي أن المسألة

171
ذات طريقتين فهذه طريقة لبعضهم وقوله وأما التأبير في غيرها هذه طريقة للباجي
ولو مشى على الأول لقال وفي معنى التأبير بروز الثمرة الخ. قوله: (وهو تعليق طلع الذكر على الأنثى)
المراد بتعليقه عليها وضعه عليها. قوله: (وتميزها عن أصلها) عطف تفسير. قوله: (أو دخل ضمنا) أي
في العقد على الأرض. قوله: (فيه ثمر مؤبر) أي فلا يكون الثمر المؤبر للمشتري بل للبائع كما في الجلاب
خلافا لابن عتاب كما مر. قوله: (وهو تبع الخ) أي فإذا اشترى نخلا وكان فيها ثمر أقله مؤبر وأكثره
غير مؤبر فإن ذلك المؤبر القليل يكون تبعا للكثير الغير المؤبر في تناول العقد على النخلة له
وحينئذ يكون الثمر كله للمشتري. قوله: (ومثله غير المنعقد) أي مثل الكثير غير المؤبر في تبعية
الأقل المؤبر له غير المنعقد الأكثر في تبعية المنعقد الأقل له في تناول العقد على الشجر له فإذا اشترى
شجرا وفيه ثمر منعقد وغير منعقد وكان غير المنعقد أكثر فإن المنعقد القليل يكون تبعا لغير المنعقد
الكثير في تناول العقد على الشجر له فيكون الثمر كله للمشتري. قوله: (على المشهور) أي بناء على أن
المستثنى مشتري خلافا لما صححه اللخمي من الجواز بناء على أن المستثنى مبقي. قوله: (إلا بشرط) أي
أن محل عدم تناول العقد على الشجر لثمر المؤبر كله أو أكثره ما لم يشترط المشتري دخوله فإن شرط
دخوله كان العقد متناولا له. قوله: (ولا يجوز شرط بعضه) أي ولا يجوز للمشتري اشتراط بعض
المؤبر وقوله لأنه قصد الخ أي لان شرط بعضه قصد الخ وذلك لان التبعيض دليل على المشاحة
فيه والاعتناء به. قوله: (بخلاف شرط بعض المزهي) أي بخلاف اشتراط المشتري بعض المزهي فإنه
جائز لأنه بيع للثمرة بعد بدو صلاحها. قوله: (فإنه لا يدخل في البيع لأصله) أي إذا كان منعقدا كله
أو أكثره. قوله: (ومال العبد) إضافة المال للعبد تقتضي أنه بملك وهو كذلك لكن ملكه غير تام لا
يشكل بقوله تعالى * (ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ) * لان ضرب المثل بعبد لا يقدر على شئ
لا يقتضي أن كل عبد كذلك. قوله: (أي لا يندرج في العقد على العبد ماله) أي بل هو لبائعه.
قوله: (وسواء اشترطه المشتري لنفسه أو للعبد) أي أو اشترطه مبهما بناء على القول بصحة البيع ويكون
للمشتري. قوله: (ويبقى بيده الخ) هذا استئناف أي والحكم فيما إذا استثناه المشتري للعبد أن يبقى الخ
واعلم أن اشتراط المال للعبد جائز مطلقا كان المال معلوما أو مجهولا اشترطه كله أو بعضه كان
الثمن أكثر من المال أم لا، كان مال العبد عينا أو عرضا أو طعاما، كان الثمن عينا أو غيره كان نقدا
أو لأجل وأما اشتراطه للمشتري فلا يجوز إلا إذا كان المال معلوما قبل البيع، وهل يشترط أن يكون
الثمن مخالفا للمال في الجنس أو لا يشترط قولان والمعتمد عدم الاشتراط وهل يشترط في الجواز أيضا
أن يشترط كل المال فإن اشترط بعضه منع وهو ما في عبق أو لا يشترط ذلك الشرط بل يجوز للمشتري
أن يشترط لنفسه بعضه كما يجوز أن يشترط كله، وهو ما اختاره بن وأما اشتراطه مبهما ففي صحة البيع
وفساده خلاف وعلى الصحة فهو للمشتري والقول بالفساد لأبي محمد صالح كما في البدر القرافي
والقول بالصحة للخمي وظاهر بن ترجيحه. قوله: (وهذا) أي عدم اندراج مال العبد في العقد
على العبد. قوله: (فإن كان مشتركا الخ) هذا إذا بيع لغير أحد الشركاء بأن بيع لأجنبي وأما إذا
بيع لأحدهم فإن استثنى المشتري ماله فالامر ظاهر وإلا كان بعضه للبائع وبعضه للمشتري كذا في بن

172
نقلا عن سحنون، وما ذكره الشارح من أن العبد المشترك إذا بيع لأجنبي ولم يشترط البائع المال له فإنه
يكون للمشتري هو ما في البدر القرافي وغيره نقلا عن اللخمي، ونقل بن عن ابن رشد أنه إذا كان البيع
لأجنبي ولم يشترط المشتري المال قيل يفسخ البيع لفساده وهو قول مالك من سماع أشهب وقيل يفسخ
إلا أن يرضى البائع بتسليم المال للمبتاع، وهو رواية يحيى من سماع ابن القاسم، واقتصر في المجموع على
ما للخمي. قوله: (إلا لشرط) أي لان خلفة القصيل كالبطن الثاني والبطن الثاني لا يتناولها العقد على
البطن الأول. قوله: (ويجوز اشتراطها) أي الخلفة بأربعة شروط. اعلم أن هذه الشروط في اشتراط
الخلفة حين العقد على الأصل وأما شراؤها بعد أن يشتري أصلها وقبل جذه فإنما يشترط الشرط الأول
كذا في عبق ورده بن قائلا هذا غير صحيح بل لا بد من اشتراط جميعها لان الآخرين شرطان
في جواز شراء القصيل وجواز شراء الخلفة فرع منه وما كان شرطا في الأصل يعتبر في الفرع، وأما
الأولان فاشتراطهما في الخلفة ظاهر وأما شراؤها بعد شراء أصلها وبعد جذه فهو ممنوع لأنه غرر غير
تابع له مقصوده. قوله: (كبلد) أي كزرع بلد يسقي الخ. قوله: (وأن يشترط جميعها) أي لان التبعيض
يدل على قصدها بالعقد فيمنع. قوله: (وأن لا يشترط تركها) أي في الأرض وقوله حتى تحبب أي لأنه
حينئذ بيع للحب قبل وجوده وهو لا يجوز. قوله: (وأن يبلغ الأصل) أي حين العقد عليه.
قوله: (لاشتراط هذين الشرطين في بيع الأصل) أي الذي هو في القصيل قال في المدونة وإذا خرج القصيل
من الأرض ولم يبلغ أن يرعى أو يحصد لم يجز شراؤه حتى يبلغ أن يرعى أو يحصد ولا يجوز شراء
قصيل أو قرط أو قصب، قد بلغ أن يرعى أو يحصد على أن يترك حتى يحبب أو يتركه شهرا إلا أن
يبتدأ الآن في قصله فيتأخر شهرا وهو دائم فيه. قوله: (ففي الخلفة الأول) في بن أن هذين الشرطين
كما جعلهما في المدونة شرطين لاشتراط الخلفة كذلك جعلهما شرطين في جواز شراء القصيل ا ه‍.
لكن جعلهما شرطين في اشتراط الخلفة غير ظاهر لان اشتراط الخلفة فرع جواز شراء القصيل
فالقصيل الذي اشتراه على الجذ إن بلغ حد الانتفاع به بأن بلغ أن يرعى فهو الذي يجوز اشتراط خلفته
وإن كان لم يبلغ أن يرعى فلا يجوز شراؤه أصلا فضلا عن اشتراط خلفته، لان في قطعه حينئذ فسادا
وكذلك إذا بلغ حد الانتفاع به وأراد شراءه على التبعية في أرضه حتى يحبب فإنه لا يجوز شراؤه أصلا
فضلا عن اشتراط خفته، فالحق أن الشرطين الأخيرين ليسا معتبرين أصالة في شراء الخلفة بل
في شراء الأصل بخلاف الشرطين الأولين تأمل. قوله: (وإن أبر المصنف فلكل حكمه) هذا
إذا كان النصف معينا بأن كان ما أبر في نخلات بعينها ولم يؤبر في نخلات بعينها وأما إن كان النصف
المؤبر شائعا بأن كان ما أبر شائعا في كل نخلة وكذلك ما لم يؤبر شائعا فاختلف فيه على خمسة أقوال، وقيل
كله للبائع وقيل كله للمبتاع وقيل يخير البائع في تسليمه جميع الثمرة وفي فسخ البيع وقيل البيع مفسوخ
وقال ابن العطار الذي به القضاء أن البيع لا يجوز إلا برضا أحدهما بتسلم الجميع للآخر وهو الراجح
كما قال شيخنا العدوي. قوله: (ومقابله للمبتاع إلا بشرط) أي والنصف الذي لم يؤبر للمبتاع إلا إذا شرطه
البائع لنفسه وإلا كان له وهذا مبني على جواز اشتراط البائع غير المؤبر وأن المستثنى مبقي وهو قول
اللخمي وتقدم للشارح أن المشهور امتناع اشتراط البائع غير المؤبر، وإن ما قاله اللخمي ضعيف
وإن صدر به في الشامل. قوله: (ولكليهما السقي) هذا عند عدم المشاحة وأما عند المشاحة
فالسقي على صاحب الأصل أخذا مما يأتي في القسمة في قوله وسقي ذو الأصل أي أن الشريكين
إذا اقتسما الثمرة ثم اقتسما الأصول فوقع ثمر هذا في أصل هذا فالسقي على ذي الأصل.
قوله: (إذا كان الأصل لأحدهما) أي كما لو وقع البيع على أصول عليها ثمار مؤبرة كلها وقوله

173
أو بينهم كما لو باعه أصولا عليها ثمار مؤبر نصفها. قوله: (ما لم يضر الخ) أي فإن ضر سقي أحدهما بالآخر
منع من السقي. قوله: (لا غيره) أي لا غير الثابت. قوله: (لا مخلوعين أو مهيأين لدار جديدة قبل التركيب)
ما ذكره من عدم تناول العقد على الدار للباب والرف المخلوعين أو المهيأين لدار جديدة قبل تركيبهما هو
ما يفيده ابن عرفة وهو المعتمد خلافا لاستظهار بعض مشايخ الشيخ أحمد الزرقاني من تناول العقد على
الدار لهما. قوله: (ولا ما ينقل) من جملته الدكك ما لم تكن مسمرة بحيث لا يتأتى نقلها ومن جملة ما ينقل
الأزيار فهي للبائع ما لم تكن مبنية بها وإلا فهي للمشتري كذا في بن. قوله: (وصخر) أي أحجار مطروحة
فيها وكذا عمد وأخشاب وأما الأخشاب والعمد المبني عليه والبلاط المبني فهي داخلة. قوله: (معد
لاصلاحها) أي كالذي تستوي به الأرض أو البناء. قوله: (ورحى مبنية الخ) قد أطلق المصنف الرحى
على السفلى تجوزا وإلا ففي الحقيقة الرحى اسم للسفلى والعليا وعليه فقوله بفوقانيتها غير محتاج إليه إلا
أن يقال قصد بالتصريح به الرد على القول المفصل بين العليا والسفلى. قوله: (قولان) فالقول بأنه
للمشتري وأن العقد يتناوله لابن زرب وابن العطار والقول بأنه للبائع وأن العقد لا يتناوله إلا بشرط
لابن عتاب وبهذا تعلم أن المحل للتردد لان الخلاف للمتأخرين ومحل الخلاف إذا كان السلم لا بد منه
لرقي غرفها كما صرح به ابن عرفة نقلا عن المتيطي وإلا فلا يتناوله العقد اتفاقا انظر بن. تنبيه: يجب
كما في ح على البائع أن يسلم للمشتري وثائق العقار والأخير المشتري ولا يدخل في العقد على الدار
حانوت بجوارها حيث كان لم تتناوله حدودها وحد المبيع سواء كان دارا أو أرضا منه إذا كان ملكا
للبائع، فإذا قيل حدها الشرقي شجرة كذا دخلت الشجرة إن لم يصرح بضده وإذا قيل حدها القبلي دار
فلان فلا تدخل تلك الدار، ولو وقع العقد على دار وفيها ما لا يتناوله العقد عليها كحيوان أو أزيار
غير مبنية وكان لا يمكن اخراجه من بابها إلا بهدمه. فقال ابن عبد الحكم: لا يقضي على المشتري بهدمه
ويكسر البائع أزياره ويذبح حيوانه وظاهره كان المشتري عالما بذلك حين الشراء أم لا وقال أبو عمران
الاستحسان هدمه ويبنيه البائع إذا كان لا يبقى به بعد البناء عيب ينقص الدار، وإلا قيل للمبتاع
أعطه قيمة متاعه، فإن أبى قيل للبائع اهدم وابن وأعط قيمة البيع فإن أبى نظر الحاكم والذي اختاره
عج وهو الأوفق بالقواعد أنه إن كان الضرر إن مختلفين ارتكب أخفهما وإن تساويا فإن اصطلح المتبايعان
على شئ فالامر ظاهر وإن لم يصطلحا فعل الحاكم باجتهاده ما يزيل ذلك وعلى هذا اقتصر في المج.
قوله: (وهل يوفي للبائع بشرط عدمها) بأن قال البائع عند عقد البيع أبيعك العبد أو الأمة ما عدا ثبات المهنة.
قوله: (لا يستلزم بيعه مكشوف العورة) أي بل يباع لابسا لها فإذا أخذه المشتري كساه ورد ثياب المهنة
للبائع. قوله: (وبه مضت الفتوى) أي وإلى ذلك أشار المصنف بقوله فيما يأتي وصح فهو راجع لقوله
أولا وما بينهما نظائر ترجع لقوله أو لا. واعلم أن القول الأول القائل أنه يوفي للبائع بشرط عدمها
هو قول عيسى بن دينار وروايته عن ابن القاسم واستظهره ابن رشد والقول الثاني القائل بأنه
لا يوفي بشرط عدمها بل الشرط باطل هو قول أشهب قال ابن مغيث وهو الذي جرت به الفتوى،
وبهذا تعلم أن المحل ليس للتردد لان الخلاف للمتقدمين فلو عبر المصنف بخلاف لاختلاف الترجيح
كان أقرب لاصطلاحه ا ه‍ بن. وقول الشارح ابن حبيب وبه مضت الفتوى الأولى ابن مغيث
كما علمت. قوله: (كمشترط) أي أنه إذا اشترى الأصول مع ثمارها التي لم يبد صلاحها صفقة
أو الأرض وما فيها من الزرع قبل طيبه صفقة واحدة واشترط المشتري زكاة الثمر أو

174
الحب على البائع إذا طاب فالبيع صحيح والشرط باطل. قوله: (لأنه غرر الخ) أي ولذلك لو اشترطها
البائع على المشتري جاز لأنه إن كان حصل سبب الوجوب فقد علم المقدار وإلا فالشرط مؤكد انظر بن.
قوله: (لحدوث سبب الوجوب عنده) أي الذي هو إفراك الحب وطيب الثمر. قوله: (مع أصله)
راجع لكل من الثمر والزرع. قوله: (وأن الذي في كلام أهل المذهب فساد البيع) أي كما يدل عليه كلام
العتبية والنوادر وابن يونس وأبي الحسن وصاحب الطراز وصرح بالفساد أيضا ابن رشد، وقد
يقال إنه لا يلزم من عدم رؤيته القول بصحة البيع عدم وجوده فالمصنف قد نقل صحة البيع وفساد
الشرط عن المتيطي فغاية الامر أن المسألة ذات قولين انظر بن. قوله: (إذ لا يدري) أي البائع ما
يفضل له منه أي من الثمن. قوله: (وشرط أن لا عهدة) أي وكشرط البائع على المشتري أنه لا يقوم
عليه بعهدة الاسلام. قوله: (درك) أي ضمان. قوله: (بأن أسقط الخ) أي حين الشراء كما لو قال البائع
للمشتري أبيعك هذه السلعة بكذا على أنها إذا استحقت من يدك وأظهر بها عيب قديم فلا قيام لك
بذلك علي ورضي المشتري بذلك وأسقط حقه، وأما لو أسقط ذلك بعد الشراء ففي التزامات ح عن
أبي الحسن وإذا أسقط المشتري حقه من القيام بالعيب بعد العقد وقبل ظهور العيب فإنه يلزمه سواء
كان مما يجوز فيه البراءة أم لا انظر بن. قوله: (بما ذكر) أي من الاسقاط والعيب القديم.
قوله: (اسقاطها عند العقد) أي ويعمل بذلك الاسقاط وأما إذا حصل اسقاطها بعد العقد فيعمل به
أيضا إذا كان من المشتري لا من البائع. قوله: (أو شرط أن لا جائحة) هو نحو قول ابن عرفة سمع ابن
القاسم اسقاط الجائحة لغو وهي لازمة ابن رشد لأنه لو أسقط القيام بها بعد العقد لم تلزمه لأنه اسقاط
حق قبل وجوبه فكذا في العقد ولا يؤثر فسادا لأنه لاحظ له في الثمن لان الجائحة أمر نادر ا ه‍ قال
عج وظاهر المصنف ولو اشترط هذا الشرط فيما عادته أن يجاح، وفي أبي الحسن أنه يفسد فيه العقد
لزيادة الغرر ا ه‍، وقد يقال أن أصل النص الذي تبعه المصنف فيه التعليل بندور الجائحة وحينئذ
فيمكن أن يقال كلام المصنف مقيد بما إذا كان المبيع ليس من عادته أن يجاح اعتمادا على الأصل
المتابع له، قاله شيخنا في حاشية عبق، وفي حاشية الشيخ الأمير عليه أن ابن رشد اقتصر في البيان
والمقدمات على ما للمصنف من صحة البيع وبطلان الشرط لكنه علل فيهما بقوله لندرة الجائحة
فمقتضاه أن المبيع إذا كان من عادته أن يجاح فلا يكون الحكم كذلك، ولذا قال أبو الحسن بالفساد
في تلك الحالة ا ه‍. وهذا يقتضي أن كلام أبي الحسن ليس مقابلا لما مشى عليه المصنف بل هو تقييد له
وقد مشى في المج على هذا القول حيث قال وفسد العقد بإسقاط جائحة ما يجاح على الظاهر
وفاقا لأبي الحسن وإلا يكن يجاح عادة لغا الشرط ا ه‍ لكن هذا يعكر على ما ذكره شيخنا في حاشية
خش من أن قول أبي الحسن بالفساد ليس خاصا بهذه الحالة حيث قال قوله، وقال أبو الحسن
أن البيع فيه يفسد أي أن البيع في هذا الفرع وهو عدم اشتراط القيام بالجائحة بقطع النظر عن
كون المبيع تندر فيه الجوائح أو تكثر فإن هذا يقتضي أن كلام أبي الحسن مقابل لما قاله المصنف
ويوافقه قول بن هذا القول الذي قاله أبو الحسن نقله اللخمي عن السليمانية وما عند المصنف
من صحة البيع وبطلان الشرط، هو قول مالك في كتاب ابن المواز وفي سماع ابن القاسم وعليه اقتصر
ابن رشد في البيان والمقدمات. قوله: (أو إن لم يأت الخ) صورتها كما قال بعضهم أن يقول البائع بعتك
بكذا لوقت كذا وعلى أن تأتيني بالثمن في وقت كذا فإن لم تأت به في ذلك الوقت فلا بيع بيننا مستمر
قال في توضيحه ذكر ابن لبابة عن مالك في هذه المسألة ثلاثة أقوال صحة البيع وبطلان الشرط وصحتهما

175
وفسخ البيع والذي اقتصر عليه في المدونة الأول ومشى عليه المصنف هنا، ونص المدونة آخر البيوع
الفاسدة ومن اشترى سلعة على أنه إن لم ينقد ثمنها إلى ثلاثة أيام وفي موضع آخر إلى عشرة أيام فلا بيع
بينهما فلا يعجبني أن يعقدا على هذا. فإن نزل ذلك جاز البيع وبطل الشرط وغرم الثمن ا ه‍. فدل كلامها
على أن البيع انعقد على هذا الشرط لا قبله فقول عبق إذ البيع بينهما انعقد قبل ذلك ليس مراده أن
الشرط وقع بعد انعقاد البيع كما يوهمه بل مراده أن البيع انعقد على ذلك الشرط قبل مجئ الاجل.
قوله: (ويكون الثمن الخ) قال عياض على هذا حمل أكثرهم المدونة وإن كان ظاهرها أن المشتري يجبر على
نقد الثمن في الحال. والحاصل أن الثمن يكون مؤجلا للأجل المذكور فلا يطالب المشتري به قبل
الاجل فإذا جاء الاجل ولم يأت به طولب به ولا يفسخ البيع إذا لم يأت به فيه. قوله: (وصح بيع ثمر)
أي جزافا. وحاصل ما ذكره المصنف أن الثمار أي الفواكه والحبوب والبقول لا يصح بيعها إلا إذا
بدا صلاحها أو بيعت مع أصلحها أو ألحقت بأصلها المبيع أولا أو بيعت على الجذ بقرب إن نفع
واحتيج له ولم يكثر ذلك بين الناس وإن تخلف شرط من هذه الثلاثة منع بيعه على الجذ كما يمنع بيعه على
التبقية أو الاطلاق. قوله: (بدا صلاحه) بلا همز لأنه من البدو بمعنى الظهور لا من البدء وإنما عبر
المصنف بالصحة ليعلم بالصراحة عدم الصحة في المفهوم أو المخرج ولو عبر بالجواز لم يستفد منه ذلك
صراحة وإن كان الأصل فيما يمتنع الفساد. قوله: (بيبس حب) أي وزهو بلح وحصول الحلاوة في
غيره من الثمار. قوله: (إن لم يستتر) أي كالبلح والتين والخوخ والعنب والفجل والكرات والجزر
والبصل. وحاصل ما ذكره الشارح أنه إن استتر بغلافه ولم يكن له ورق كالقمح في سنبله لا يجوز بيعه
وحده جزافا ويجوز كيلا وأما بيعه بقشره أي تبنه فيجوز جزافا وأولى كيلا والفرض أنه بدا
صلاحه وأما لو استتر بورقه كالفول فلا يجوز بيعه جزافا لا منفردا ولا مع تبنه ويجوز كيلا.
والحاصل أن ما ليس مستترا في أكمامه ولا في ورقه يجوز بيعه جزافا وأولى على الوزن وما استتر في أكمامه
إن بيع وحده يمنع بيعه جزافا ويجوز كيلا وإن بيع مع تبنه جاز جزافا وكيلا وما استتر بورقه يمنع بيعه
جزافا بيع وحده أو مع تبنه وجاز كيلا. قوله: (ويصح كيلا) أي كأشتري منك هذا الزرع بتمامه
كل أردب بكذا. قوله: (وقبله) عطف على بدا صلاحه كما أشار لذلك الشارح. قوله: (بقرب أو بعد)
أي والحال أن الأصل لم يخرج من يد المشتري. قوله: (أو ألحق الزرع أو الثمر الخ) أي وأما عكس
ذلك وهو بيع الثمر أو الزرع أولا ثم ألحق أصله به فممنوع لفساد البيع الأول ولا يتبع الثاني
لتأخره عنه. قوله: (فيجوز) أي بيعه بثلاثة شروط أنت خبير بأن المصنف قد جعل قوله إن نفع
شرطا في الصحة وظاهر الشارح أنه شرط في الجواز فنقول إنما ذكر الشارح ذلك للإشارة إلى أنه
شرط فيهما لأنه لا يلزم من كونه شرطا في الصحة أن يكون شرطا في الجواز قاله شيخنا. قوله: (إن نفع)
ذكر المصنف هذا الشرط مع أنه معلوم من شرط البيع لئلا يتوهم أنه مما يرخص فيه كعدم بدو الصلاح.
قوله: (واضطر له) أي للبيع قبل بدو صلاحه. قوله: (الحاجة) أي لا بلوغ الحد الذي ينتفي معه الاختيار.

176
قوله: (أي على قطعه) أي وبيعه قبل الطيب. قوله: (فاتفاق البائع والمشتري على ذلك) أي على قطعه وبيعه
قبل الطيب. قوله: (فإن تمالا عليه الأكثر) أي فإن تمالا أكثر أهل البلد على قطعه قبل صلاحه منع
البيع وإن لم يقطعوا إلا بعده. قوله: (لا على التبقية أو الاطلاق) أي فلا يصح مطلقا كان الضمان من
البائع أو من المشتري اشتراه بالنقد أو بالنسيئة هذا ظاهره وهو المعتمد كما في حاشية شيخنا العدوي
نقلا عن ح. وقيد اللخمي والسيوري والمازري المنع هنا بكون الضمان من المشتري أو من البائع والحال
أنه قد باع بالنقد للتردد بين السلفية والثمنية فإن كان الضمان من البائع والبيع بالنسيئة جاز انظر المواق
واختار بن هذا التقييد ووافقه على ذلك في المج وقد ذكر المواق هنا فروعا عن ابن رشد من سماع
عيسى ونصه إذ اشترى الثمرة على الجذ قبل بدو الصلاح ثم اشترى الأصل جاز له إبقاؤها بخلاف
ما إذا اشتراها على التبقية ثم اشترى الأصل، فلا بد من فسخ البيع فيها لان شراءها كان فاسدا فلا
يصلحه شراء الأصل، فإن صار إليه الأصل بميراث من بائع الثمرة لم ينفسخ شراؤها إذ لا يمكن أن يردها
على نفسه فإن ورثه من غير بائع الثمرة وجب الفسخ فيها ولو اشترى الثمرة قبل الابار على البقاء ثم
اشترى الأصل فلم يفطن لذلك حتى أزهت فالبيع ماض وعليه قيمة الثمرة لأنه بشراء الأصل كان
قابضا للثمرة وفاتت بما حصل فيها عنده من الزهو، فلو اشترى الثمرة قبل الابار ثم اشترى الأصل
قبل الابار أيضا فسخ البيع فيهما لأنه بمنزلة من اشترى نخلا قبل الابار على أن تبقى الثمرة للبائع وهو
لا يجوز فلو اشترى الأصل بعد الابار فسخ البيع في الثمرة فقط. قوله: (ما دامت في رؤوس الشجر) أي
فإن جذها المشتري رطبا والموضوع أنه اشتراها على التبقية رد قيمتها وثمرا رده بعينه إن كان باقيا
وإلا رد مثله إن علم وإلا رد قيمته وأما لو اشتراها على الاطلاق وجذها فإنه يمضي بالثمن على قاعدة
المختلف فيه كما في تت وغيره ا ه‍ بن. وذلك لان ما لم يبد صلاحه بيعه منفرد على التبقية إلى أن يطيب
فاسد إجماعا وأما على الاطلاق فقد اختلف في فساده والقاعدة أن المختلف في فساده إذا فات يمضي
بالثمن والمتفق على فساده يمضي بالقيمة إن كان مقوما أو كان مثليا وجهلت مكيلته وإلا فمثله كما مر.
قوله: (في بعض حائط) أي في بعض شجر حائط وقوله ولو في نخلة أي ولو في بعض عراجين نخلة وقوله
كاف في صحة بيع جنسه الكائن في ذلك الحائط أي ولو اختلفت أصنافه وقوله وفي مجاوره أي وكاف في صحة
بيع جنسه الكائن في الحوائط المجاورة لتلك الحائط التي بدا الصلاح في بعض شجرها وقوله مما يتلاحق الخ
أي فإن كان لا يتلاحق طيبه بطيبه بل يتأخر طيبه عنه عادة فلا يكون بدو الصلاح في أحد الحائطين كافيا
في صحة بيع ذلك الجنس في الحائط الآخر على المعتمد خلافا لابن كنانة، وقوله لا في جميع حوائط البلد أي
خلافا لابن القصار وأفهم قوله وبدوه في بعض حائط أن هذا خاص بالثمار كما يؤخذ من قول الرسالة وأن
نخلة من نخلات كثيرة فلا يجوز بيع الزرع ببدو صلاح بعضه بل لا بد من يبس جميع الحب لان حاجة
الناس لاكل الثمار رطبة لأجل التفكه بها أكثر ولان الغالب تتابع طيب الثمار وليست الحبوب كذلك
لأنها لقوت لا للتفكه وهذا الكلام يفيد أن نحو المقثأة كالثمار فلو قال وبدوه في بعض كحائط كاف في
جنسه لشمل نحو المقثأة. قوله: (فلا يباع تين ببدو صلاح خوخ الخ) أي خلافا لابن رشد حيث أجاز ذلك إن
كان ما لم يطب تبعا لما طاب انظر بن. قوله: (إن لم تبكر) بفتح التاء والكاف لقول القاموس بكر كفرح إذا
كان صاحب باكور أي سبق بالزمن الطويل. قوله: (غيرها) أي طيب غيرها. قوله: (لعارض كمرض) علة
لقوله يسبق طيبها غيرها وقوله وهي كافية في نفسها أي فتباع وقوله وفيما ماثلها أي مما هو مريض عادته أن
يبكر لمرضه واختلفت عادته ولم يبكر بالفعل في هذا العام. قوله: (لا بطن ثان الخ) حاصله أن الشجر إذا كان
يطعم في السنة بطنين متميزين فلا يجوز أن يباع البطن الثاني بعد وجوده وقبل صلاحه ببدو صلاح

177
البطن الأول وهذا هو المشهور، وحكى ابن رشد قولا بالجواز بناء على أن البطن الثاني يتبع الأول في إصلاح
وفي المواق سمع ابن القاسم الشجرة تطعم بطنين في السنة بطنا بعد بطن فلا يباع البطن الثاني مع الأول بل
كل بطن وحده ابن رشد ظاهر قوله لا يجوز أن تباع إلى آخره وإن كان لا ينقطع الأول حتى يبدو طيب
الثاني ا ه‍. قوله: (ثم بعد انتهائه) أي فراغه ولا مفهوم لهذا بل ولو كانت البطن الأولى لا تفرغ إلا بعد طيب
الثانية فلا تجوز أن تباع البطن الثانية ببدو صلاح البطن الأول كما مر عن ابن رشد، والفرض أن البطون
متميزة بعضها عن بعض كالنبق والجميز فإن كلا منهما يطرح في السنة مرتين مرة في الشتاء ومرة في الصيف فكل
بطن متميزة عن الأخرى، وأما ما لا تتميز بطونه فإنه يجوز أن يباع ببدو صلاح البطن الأولى لان طيب الثانية
يلحق طيب الأولى عادة وهو المراد بقول المصنف فيما يأتي، وللمشتري بطون كياسمين وحينئذ فلا منافاة
بين ما هنا وما يأتي، وكما أنه لا يجوز أن يباع البطن الثانية المتميزة ببدو صلاح البطن
الأولى لا يجوز لمن اشترى الأولى اشتراط دخول البطن الثانية ولا يعارض هذا ما مر من جواز اشتراط خلفة القصيل لان
خلفة القصيل إنما تخلفت مما بقي من القصيل بخلاف البطن الثانية. قوله: (الزهو) بفتح الزاي وسكون الهاء
وبضمهما وتشديد الواو. قوله: (وما في حكمهما) أي وما في حكم الاحمرار والاصفرار وقوله كالبلح الخضراوي
أي كظهور الحلاوة في البلح الخضراوي فهو دائما أخضر لا يحمر ولا يصفر فزهوه بظهور الحلاوة
فيه. قوله: (نحو التبن) بالمثناة الفوقية ثم باء موحدة ونحوه كالنخالة. قوله: (وفي ذي النور) متعلق بمبتدأ
محذوف وقوله بانفتاحه متعلق الخبر أي وبدو الصلاح في ذي النور كائن بانفتاحه. قوله: (والخربز)
بخاء معجمة فراء مهملة فباء موحدة فزاي معجمة المهناوي. قوله: (ولم يذكر بدو صلاح البطيخ الخ)
أي وكذا لم يذكر بدو الصلاح في قصب السكر ولا في الحب ولا في المرعى. وحاصل ما في ذلك أن بدو
الصلاح في قصب السكر بطيبه بحيث لم يكن في قلعه فساد والبر والفول والجلبان والحمص وغيرها من
الحبوب بدو صلاحها باليبس وكذلك الجوز واللوز والبندق والفستق وأما القرط والبرسيم فبدو
صلاحه أن يرعى دون فساد وبدو الصلاح في القثاء والفقوس والخيار أن ينعقد ويوجد له طعم
وكذلك القرع والباذنجان ا ه‍ شيخنا عدوي. قوله: (كياسمين) هو منون ولا علمية فيه لأنه يقبل أل والإضافة
فهو اسم جنس خلافا لما في عبق من أنه ممنوع من الصرف للعلمية الجنسية والعجمة. قوله: (وكجميز الخ)
أي وباذنجان إن قلت هذا يقتضي أن بطون الجميز غير متميزة وأنه يجوز بيع كلها بصلاح البطن الأول
وأنه لا يجوز بيع بعضها منفردا عن بعض كما يفيده قول المصنف، ولا يجوز بكشهر وهذا يخالف ما تقدم
من أن بطونه متميزة ولا يباع كل من بطونه إلا منفردا ولا يباع الثاني ببدو صلاح الأول وأجيب بأن
الجميز يطرح في السنة مرتين متميزتين كل مرة محتوية على بطون غير متميزة فتوجد بطون في آن ثم
تنقطع ثم توجد بطون في آن آخر فهو بالنظر للمرتين المتميز طرحه فيهما كمرة الشتاء والصيف من أفراد
قول المصنف لا بطن ثان بأول وبالنظر للبطون الآتية في آن من أفراد قوله وللمشتري بطون كياسمين.
قوله: (ومضى الخ) يعني أن الحب إذا بيع قائما مع سنبله جزافا بعد إفراكه وقبل يبسه على التبقية أو الاطلاق
فإن بيعه لا يجوز ابتداء وإذا وقع مضى بقبضه بحصاده وقولنا إذا بيع قائما احترازا مما إذا جذ

178
كالفول الأخضر وكالفريك فإن بيعهما جزافا جائز بلا نزاع لأنه ينتفع به وقولنا مع سنبله احترازا
مما إذا بيع وحده، والحال أنه أفرك ولم ييبس فلا يصح بيعه جزافا لأنه مغيب ولا يجوز بيعه على الكيل
لعدم بدو صلاحه باليبس. فإن وقع وبيع على الكيل فإنه يمضي بقبضه بالكيل كما قال الشارح ومفهوم
قولنا وقبل يبسه أنه إذا بيع بعد اليبس فإما أن يباع وحده أو مع سنبله فإن بيع وحده جاز على الكيل
لا جزافا لكونه غير مرئي، وإن كان مع سنبله جاز على الكيل ككل إردب بكذا وجزافا.
قوله: (وهي محتملة للمنع) أي فتوافق ما قبله من عدم الجواز ابتداء وقوله ولابقائها على ظاهرها أي من
كون الكراهة للتنزيه وحينئذ فتكون مخالفة لما تقدم لكن بقية كلام المدونة يفيد أن المراد بالكراهة
فيها الحرمة ونصها وبيع الحب بعد إفراكه وقبل يبسه أكرهه فإن وقع وفات فلا أرى أنه يفسخ
ا ه‍. قال عياض اختلف في تأويل الفوات هنا فذهب أبو محمد إلى أنه القبض بالحصاد وعليه اختصر
المدونة ومثله في كتاب ابن حبيب وذهب غير أبي محمد إلى أن الفوات بالعقد، نقله أبو الحسن، والذي في
سماع يحيى عن ابن القاسم أنه باليبس وقيل أنه لا يفوت بالقبض بل بمفوت بعده فهي أربعة أقوال
ومحل منع البيع المذكور ومضيه بالفوات إن اشترى الحب على أن يتركه حتى ييبس أو كان العرف
ذلك أما إن لم يشترط تركه ولم يكن العرف ذلك فبيعه جائز وكان لمشتريه تركه حتى ييبس كما في سماع
يحيى وكذا في ابن رشد لكن في التوضيح فرض المسألة في البيع على السكوت وتبعه شارحنا فانظره مع
كلام ابن رشد انظر بن. قوله: (وأما بيعه مجردا عن سنبله) أي على الكيل كما علمت. قوله: (ممنوع) أي إذا
كان على التبقية أو الاطلاق كما مر. قوله: (ذكر ما استثنى من ذلك) أي من ربا الفضل والنساء وذلك لان
شراء الثمرة الرطبة بخرصها يابسا يدفع عنه الجذاذ فيه ربا نساء تحقيقا وربا فضل شكا لان الخرص ليس
قدر الثمرة قطعا. قوله: (ورخص) أي والأصل فيها المنع للربا بن. قوله: (لمعر الخ) قال تت العرية ثمر نخل
أو غيره ييبس ويدخر يهبها مالكها ثم يشتريها من الموهوب له بثمر يابس إلى الجذاذ. قوله: (من
وارث) أي للأصول والثمرة بعد إعراء مورثه بعض الثمرة. قوله: (وموهوب) أي له الأصول والثمرة
بعد إعراء بعض الثمرة. قوله: (مع الثمرة) أي الباقية بعد العرية. قوله: (أو للأصل فقط) أي مع بقاء
بقية الثمرة للبائع. قوله: (اشتراء ثمرة الخ) فيه إن رخص إنما يتعدى للمرخص فيه بفي يقال رخص
الشرع لنا في كذا فكان الأولى للمصنف أن يقول في اشتراء ثمرة الخ إلا أن يقال إنه ضمن رخص
معنى أبيح أو أنه عداه للمرخص فيه بنفسه توسعا كما في: * (واختار موسى قومه) * أي من قومه. قوله: (أي
اشتراؤها) أي الثمرة التي منحت. قوله: (أو ممن قام مقامه) أي وهو وارثه الذي ورث تلك
العرية منه والمشتري الذي اشتراها منه والموهوب الذي وهبها له. قوله: (كما يدل عليه) أي على
تقدير شأنها أنها تيبس ولم تكن الآن يابسة إن قلت المضارع يدل على الحال والاستقبال فما
معنى ذلك قلت عدوله عن صيغة الماضي للمضارع قرينة على أن المراد من المضارع الاستقبال.
قوله: (ولا يكفي يبس جنسها) أي بل لا بد من يبس شخصها. قوله: (بشروط ثمانية) هذا عدد لا مفهوم
له لان الشروط عشرة الثمانية المذكورة هنا والتاسع فهم من قوله لمعر وقائم مقامه فلا
يجوز بيعها بخرصها لأجنبي والعاشر فهم من قوله ثمرة تيبس. قوله: (إن لفظ بالعرية) أي بمادتها.

179
قوله: (لئلا يتوهم عدم اشتراطه لأجل الرخصة) لا سيما وقد ذكر الباجي عدم اشتراطه. قوله: (فإن
المذهب الجواز) لكن إذا بيعت بالعرض أو بالعين فلا يشترط إلا بدو الصلاح وأما إذا بيعت بثمر
فلا بد أن يكون قدر كيلها لا أزيد ولا أنقص مع بقية الشروط. والحاصل أن موضوع المسألة
اشتراء الثمرة الممنوحة رطبة بمكيل يابس فلا يجوز إلا بشرط من جملتها أن يكون المكيل خرصها
أي قدر كيلها لا أزيد ولا أنقص، وهذا لا ينافي جواز شرائها بالعين والعرض وإذا علمت أن موضوع
المسألة اشتراء الثمرة الممنوحة بمكيل تعلم أن قول المصنف اشتراء ثمرة تيبس فيه حذف أي بمكيل.
قوله: (لا على شرط التعجيل) أشار بهذا إلى أن المراد بوفاء الخرص عند الجذاذ أن لا يشترط تعجيله
على جذ العرية فشرط تعجيله مفسد سواء عجل بالفعل أم لا وأما التعجيل بالفعل من غير شرط فلا يضر
سواء اشترط التأجيل أو سكت عنه فلو قال غير مشترط تعجيله لطابق النقل. قوله: (فإنه مفسد) أي أنه
إذا وقع البيع على شرط تعجيل الخرص فإنه يفسخ فإن جذ العرية رطبا مثلها إن وجد وإلا رد
قيمتها هذا إذا فاتت بعد الجذ، وأما لو كانت موجودة بعد جذها لردها بذاتها كما هو الموافق للقواعد
قاله شيخنا. قوله: (في الذمة) أي ولا بد أن يكون ذلك الخرص في ذمة المعري لا في حائط معين وإلا
فسد البيع اتباعا للرخصة وهذا هو المعتمد خلافا لما في المبسوط من صحة البيع وبطلان شرط التعيين
ويبقى في الذمة. قوله: (فأقل) أي وأما لو كانت العرية أكثر من ذلك وأراد شراءها بتمامها فيمنع
بناء على أن علة الرخصة المعروف وأما على أنها دفع الضرر فإنه يجوز فقول الشارح بناء الخ علة للمفهوم
أي لا أكثر بناء الخ. قوله: (ولا يجوز أخذ زائد عليه) أي مما أعراه أما لو كان الزائد سلعة كما لو
اشترى منه خمسة أوسق بخرصها وسلعة بعين أو عرض فالمشهور الجواز كذا في خش، قال بن وهو غير
صحيح لأن علة المنع موجودة فيه على أنا لم نر من ذكر ما قاله فضلا عن مشهوريته ا ه‍ والحاصل أن
الحق أن المعرى لا يجوز له أن يأخذ مع القدر المرخص في شرائه وهو الخمسة أوسق زيادة عليه بعين أو
عرض، سواء كان ذلك الزائد من جملة ما أعراه أو كان سلعة أخرى، لخروج الرخصة عن موضعها.
وأشار المصنف بقوله ولا يجوز أخذ زائد عليه معه بعين على الأصح لقول ابن يونس قال بعض أصحابنا
إذا عري أكثر من خمسة أوسق فاشترى منها خمسة بالخرص والزائد عليها بالدنانير أو الدراهم
أو بعرض فقال بعض شيوخنا أنه جائز ومنع منه بعضهم والصواب المنع لأنها رخصة خرجت
عن حدها كما لو أقاله من طعام ابتاعه قبل قبضه وباعه المشتري سلعة في عقد واحد وكمساقاة وبيع
وإقراض وبيع ونحو ذلك من الرخص، فإنه لا يجوز مع البيع وكذلك هذا ا ه‍ كلامه وإنما عبر
المصنف بالأصح دون الأرجح لان ابن يونس حاك للتصويب عن غيره. قوله: (لأنها أصرح الخ)
أي لأنها تفيد جواز الشراء من كل عارية خمسة أوسق كانت العارية في ذاتها خمسة أوسق أو أكثر
وأما نسخة الواو فتوهم إن كل عريه لا بد أن تكون خمسة أوسق ولا يعلم عين الحكم لأنه إذا كانت
كل عرية خمسة أوسق فما وراء ذلك فيحتاج إلى أن يقدر أي فيأخذ جميعها بخلاف نسخة فمن كل فلا
تحوج لتقدير حينئذ. قوله: (إن كان بألفاظ) اعلم أن محل اشتراط الألفاظ إذا كان المعري بالفتح واحدا
فإن تعدد لم يشترط تعدد الألفاظ أي العقود كما في التوضيح والمواق ونحوه للرجراجي وهو المتعين
انظر ح. والحاصل أنه إذا تعدد المعري بالفتح فلا يشترط تعدد العقد اتفاقا والخلاف بين القابسي
وابن أبي زمنين إن كان المعري واحدا فالقابسي يقول يجوز أن يشتري من كل عرية خمسة أوسق إن

180
كانت العرايا بألفاظ مختلفة في أوقات وابن أبي زمنين ظاهر كلامه عدم الجواز. قوله: (على الأرجح)
هو قول القابسي ورجحه ابن الكاتب ونقله ابن يونس وأقره، وقد اعتراض ابن غازي على المصنف
بأنه لو قال على الأصح لكان أولى لان ابن يونس لم يرجحه وأجاب تت بأنه لما نقله ابن يونس وأقره
صحت نسبته إليه ومقابل الأرجح ما لابن أبي زمنين إن أعرى عرايا لرجل واحد فلا يشتري من
جميع تلك العرايا بالخرص إلا خمسة أوسق وظاهره ولو كانت تلك العرايا بألفاظ في أوقات مختلفة.
قوله: (ببيان) أي مع بيان أو حال كون الشرط الثامن ملتبسا ببيان الخ. قوله: (لدفع الضرر) أي ولا بد
أن يكون شراء الثمرة لأجل دفع الضرر أو للمعروف لا إن كان شراؤها للتجر فلا يجوز شراؤها بالخرص
بل بالعين أو العرض. والحاصل أنه لا بد أن يكون الباعث للمعري على الشراء أحد الامرين المذكورين
وأولى هما معا وهذا مذهب مالك وابن القاسم، وعلل عبد الملك بالأول فقط، وعلل اللخمي بالثاني
فقط، فإذا كان الشراء للتجارة منع باتفاق الطرق الثلاثة وإن كان الشراء لدفع الضرر جاز على الطريقة
الأولى والثانية دون الثالثة وإن كان للمعروف جاز على الطريقة الأولى والثالثة دون الثانية.
قوله: (لكفايته المؤونة) المراد بها غير السقي مثل التقليم والتنقية والحراسة وأما السقي فهو على المعري كما يأتي
للمصنف. قوله: (وفرع على الثانية) أي فرع على أن العلة في جواز شراء العرية بخرصها المعروف.
قوله: (فيشتري بعضها) أي فبسبب أن العلة المعروف يجوز للمعري بالكسر إذا باع الأصل للمعري بالفتح أو لغيره شراء عريته بخرصها إلا أنه إن باع الأصل دون شراء بعض عريته وأما على أن
العلة دفع الضرر فلا يجوز إذ لا يزول الضرر بشراء البعض الدخول المعري بالفتح للحائط لما بقي من
العرية بلا بيع فشراء بعض العرية جائز على طريقة مالك وابن القاسم وكذا على طريقة اللخمي لا على
طريقة عبد الملك ابن الماجشون. قوله: (ككل الحائط) أي كما يجوز للمعري بالكسري شراء ثمر كل الحائط
بخرصه إذا أعراه جميعه وكان خمسة أوسق فأقل بناء على أن العلة المعروف وأما على أن العلة دفع الضرر
فلا يجوز إذ لا ضرر على رب الحائط مع كون جميع الثمرة لغيره كذا قيل وتوقف في ذلك شيخ مشايخنا
الشيخ سالم النفراوي بأن الضرر ليس قاصرا على الثمرة، إذ قد يلحق الأصول أو البناء مثلا فالحق
أن شراء كل الحائط جائز على كل من العلتين. قوله: (وبيعه الأصل) أي يجوز للمعري بالكسر
إذا باع الأصل للمعرى بالفتح أو لغيره شراء عريته بخرصها إلا أنه إن باع الأصل دون
الثمرة فيعلل بكل من العلتين، وإن باع الثمر مع الأصل فيعلل بالمعروف فقط كما نقله ابن يونس
ونصه إذا باع المعري أصل حائطه وثمرته جاز له شراء العرية لأنه رفق بالمعري. وعلى ذلك حمل ابن
غازي والمواق كلام المصنف قائلا في كلام المصنف نقص والأصل وبيعه الأصل مع ثمرته ا ه‍ بن
وإنما حملاه على هذا لاقترانه بالمثالين قبله المبنيين على العلة الثانية، وإذا باع المعرى بالكسر الأصل
لغير المعرى بالفتح وباقي الثمر لآخر وكان ذلك قبل شراء المعرى العرية فإنما يشتري العرية
من صار له بقية الثمرة لا من صار له الأصل فإن لم يشتر اشترى من صار له الأصل ويجوز
للمعري بالكسر في هذه الحالة شراؤها بخرصها إذا امتنعا لأنه ثبتت له الرخصة بالعرية نعم
لا يقدم عليهما. قوله: (على حذف مضاف) أي بدليل قوله بخرصه. قوله: (في حائطك) نعت
لأصل. قوله: (لا يتأتى هنا) أي والمتأتي هنا ستة بدو الصلاح وكون الخرص من نوعها وعدم اشتراط
تعجيل ذلك الخرص وأن يكون في الذمة وأن يكون الثمر المشتري خمسة أوسق فأقل وأن يكون
الشراء بقصد المعروف فقط واعتبار هذه الشروط كلها إذا وقع البيع بخرصها كما هو الموضوع
وأما إذا وقع البيع بعين أو عرض فإنما يشترط في الجواز بدو الصلاح فقط. قوله: (فقط) راجع لقوله

181
وجاز لك ولقوله إن قصدت المعروف فلا يجوز شراؤه لغير رب الحائط بخرصه قصد المعروف أو
دفع الضرر ولا لرب الحائط إن قصد دفع الضرر أو التجر. قوله: (وهل هو أي الحوز) الذي تتم به
العرية للمعري إن مات المعري أو قام به مانع من فلس أو جنون أو مرض متصلين بموته حوز
الأصول فقط الخ. واعلم أن ابن حبيب قال أن الحيازة التي تصح بها العرية للمعري إن مات المعري هي
أن يكون قد قبض الأصل وطلع فيها الثمر قبل موته، واختلف الأشياخ في تأويل قول المدونة
وبطلت العرية إن مات المعري قبل حوزها، فقال ابن القطان قول ابن حبيب تفسير لما في المدونة في
العرية والهبة والصدقة، وقال ابن مروان ما قاله ابن حبيب خلاف لما في المدونة لصحة الحيازة للمعري
والموهوب له بقبض الأصول في حياة المعري وإن لم تطلع فيها الثمرة على ما هو ظاهر كلامها في كتاب
الهبة والصدقة، وقال ابن زرب كلام ابن حبيب مفسر لما في المدونة في العارية وخلاف لما فيها في الهبة
والصدقة وهو أظهر التأويلات على ما في المدونة، وقال أشهب إذا أبرت النخل قبل موت المعري
صحت للمعري لأنه لا يمنع من لدخول لعريته وإن قبض الأصول وحازها فهي له وإن لم تؤبر فالذي
يعتبر التأبير إنما هو أشهب، وقوله مقابل للتأويلين لأنه يقول يكفي أحد الامرين التأبير أو حوز
الأصل وأما قول المصنف أو أن يطلع ثمرها فيتعين تفسير يطلع بيظهر سواء ضبط بضم الياء مع
تخفيف اللام المكسورة أو بفتح الياء مع ضم اللام ثلاثيا من باب أكرم أو نصر لقول القاموس طلع
الكوكب والشمس طلوعا ظهر كأطلع ا ه‍. وأما قول الشارح أي يصير طلعا ففيه نظر ا ه‍ انظر بن
ثم نقل عن طفي أن ما ذكر من أن المراد ظهور الثمرة هو ظاهر عبارات أهل المذهب وساق عباراتهم
بعد ذلك فانظرها فيه، وذكر أن المراد بظهور الثمرة تميزها عن الأصل وهو سابق على الابار لا ظهور
صلاحها خلافا لما في عبق. قوله: (أو لا بد الخ) أشار بهذا إلى أن التأويل الثاني يشترط في الحوز
الامرين معا خلافا لظاهر المصنف فكان الأولى للمصنف أن يقول أو وأن يطلع وإن كان الشارح
قد حله بحل حسن لكنه خلاف ظاهره. قوله: (بخلاف الواهب الخ) أي لان مادة العرية تقتضي بقاء
تعلق له بها ولذا رخص للمعري ما لم يرخص لغيره كما سبق. قوله: (فعلى الواهب) أي كل من الزكاة
والسقي لوجوب زكاتها عليه قبل الهبة ولأنه لا كبير منفعة لموهوب له في السقي حينئذ. قوله: (وتوضع
جائحة الثمار) الجائحة مأخوذة من الجوح وهو الهلاك واصطلاحا ما أتلف من معجوز عن دفعه عادة
قدرا من ثمر أو نبات بعد بيعه كذا عرفها ابن عرفة وقوله من معجوز بيان لما وقوله قدرا مفعول
تلف وأطلق في القدر لأجل أن يعم الثمار وغيرها لان الثمار وإن اشترط فيها كون التالف ثلثا لكن
البقول لا يشترط فيها ذلك. وإنما وضعت جائحة الثمار عن المشتري لما بقي على البائع في الثمرة من حق
التوفية. قوله: (والمراد بها) أي بالثمار. قوله: (وما كان بطونا) الأولى وما كان بطنا واحدا كما مر وما كان الخ.
قوله: (والباذنجان) أي والبامية والفول الأخضر وأشار بهذا إلى أن المراد بالمقاثي ما يشمل
ما ذكر. قوله: (إلا إذا أريد بالثمار حقيقتها العرفية) أي وأما إذا أريد بها ما ينبت الصادق بالمعنى
العرفي وغيره فالكاف للتمثيل. قوله: (وإن بيعت على الجذ) أي هذا إذا بيعت على التبقية
لأجل أن ينتهي طيبها بل وإن بيعت على الجذ أي القطع وعدم التأخير لانتهاء طيبها، فإن قلت هذا
يعارض قول المصنف الآتي وبقيت لينتهي طيبها ووجه المعارضة أنه اشترط في وضع

182
الجائحة التبقية فيفيد أنها إذا بيعت على الجذ لا توضع جائحتها وهذا ينافي المبالغة هنا. وحاصل
الجواب أن في المسألة أعني ما إذا وقع البيع على الجذ قولين مشى هنا على قول وهو وضع الجائحة وفيما
يأتي على قول وهو عدم وضعها والراجح ما هنا ا ه‍ عدوي. واعلم أن محل الخلاف فيما إذا بيعت بعد
انتهاء طيبها على الجذ فأبقاها المشتري فأجيحت بعد أيام الجذ المعتاد مع تمكنه من جذها فيها كما يأتي
وأما لو بيعت على الجذ وأجيحت في مدته المعتادة أو بعدها وقد منع مانع من جذها فيها فلا خلاف
في وضعها. قوله: (عادة) أي على ما جرت به العادة وقوله أو بعدها أي أو حصلت الجائحة بعد انقضاء
المدة التي تجذ فيها بحسب العادة والحال أنه منع الخ. قوله: (فتوضع عنه) أي من الخرص كما توضع
عمن اشترى ثمرا بدراهم إن بلغت الجائحة ثلث المكيلة. قوله: (عن ذلك) أي عن كونها مبيعة
وقوله خلافا لأشهب أي القائل بأنها لا توضع جائحتها لان العرية مبنية على المعروف ومحل الخلاف
إذا أعراه ثمر نخلات ثم اشترى عريته بخرصها، أما لو اشتراها بعين أو عرض فإن الجائحة من المعري
بالفتح وحينئذ فتحط عن المشتري وهو المعري بالكسر اتفاقا، وإن أعراه أوسقا من حائطه ثم
اشتراها منه ثم أجيح ثمر الحائط فلم يبق إلا مقدار تلك الأوسق فلا قيام للمعري بالجائحة ولا تحط
عنه اتفاقا فالمسألة ذات صور ثلاث طرفان وواسطة. قوله: (ولكن المعتمد الخ) ونص ابن عرفة
وفي لغوها في النكاح لبنائه على المعروف وثبوتها لأنها عوض قولا العتبي عن ابن القاسم وغير واحد
عن ابن الماجشون وصوبه الصقلي واللخمي ا ه‍. وقوله لأنها عوض أي للبضع ومحل الخلاف إذا
كان المهر ثمرا وأما لو كان المهر غير ثمر ثم عوضت فيه ثمرا ففيه الجائحة اتفاقا. تنبيه: لا جائحة
في الثمرة المدفوعة خلعا ولو على القول بثبوتها في المهر وذلك لضعف الخلع عن الصداق بجواز
الغرر فيه دون الصداق. قوله: (إن بلغت الجائحة) أي بمعنى الهالك. قوله: (ثمرا) أي حالة كون
المجاح ثمرا. قوله: (في موزون) أي كالعنب والتين وأشار الشارح بقوله أو ثلاث الوزن أو العد إلى أن
في كلام المصنف قصورا ولو قال إن بلغت ثلث كيل المجاح أو وزنه أو عده كان أولى. قوله: (ولو من
كصيحاني وبرني) أي هذا إذا كان المبيع صنفا واحدا بل ولو كان المبيع صنفي نوع بيعا معا
فأجيح واحد منهما فإنها توضع إن بلغت ثلث مكيلة الجميع كما رواه ابن المواز عن مالك وابن القاسم
وعبد الملك خلافا لأشهب القائل باعتبار ثلث القيمة، فإن بلغت الجائحة ثلث قيمة الجميع وضعت
وإلا فلا ولو بلغت ثلث مكيلة النوعين وهذا هو الذي رد عليه المصنف بلو. والحاصل أنه لا خلاف
في اعتبار كون ما أتلفته الجائحة من أحد الصنفين ثلث المبيع لكن هل المعتبر ثلث قيمته أو
ثلث الثمرة خلاف بين الشيخين والخلاف بينهما على الوجه المذكور في صورتين ما إذا كان المبيع نوعا
لا يحبس أوله على آخره كالمقاثي أو كان المبيع صنفي نوع خلافا لما يوهمه كلام المصنف من قصره على
الصورة الثانية، وأما لو كان المبيع نوعا يحبس أوله على آخره كالثمر والعنب فهذا لا خلاف في اعتبار
ثلث مكيلته انظر بن. قوله: (بيعا معا) أي وأما لو بيع كل واحد على حدته فإنه ينظر للذاهب من
كل واحد بانفراده. قوله: (وكانت ثلث المجموع) أي ثلث مكيلة المجموع وإن لم يكن قيمة ذلك
الذاهب ثلث قيمة الجميع. قوله: (ولا ينظر لثلث المجاح وحده) هذا يقتضي أن القول المقابل
المردود عليه بلو يقول أنه ينظر لثلث مكيلة المجاح وحده مع أنه لا يقول ذلك كما علمت فالأولى
أن يقول ولا ينظر لثلث قيمة الجميع فتأمل. قوله: (وبقيت لينتهي طيبها) من أيام الطيب حكما أيام
الجذاذ المعتادة كما قال الشارح، فقول المصنف وبقيت لينتهي طيبها أي ولتجذ في أيام الجذاذ
المعتادة الكائنة بعد الطيب. قوله: (لا لذلك) أي كما لو انتهى طيبها واشتراها على الجذ وأبقاها

183
وأجيحت بعد أيام الجذاذ مع تمكنه من جذها وكما لو اشتراها بعد تناهي طيبها وأخر جذها لوجود
رطوبة فيها كالعنب وقوله فلا جائحة فيها قال الباجي وهو مقتضى رواية أصبغ عن ابن القاسم.
قوله: (والراجح) أي وهو رواية سحنون عن ابن القاسم. والحاصل أن الثمرة إذا بيعت بعد بدو
صلاحها فإما أن تكون قد تناهى طيبها حين الشراء أولا فإن كانت لم يتناه طيبها وبقيت على رؤوس الشجر
لينتهي طيبها فأجيحت فإن جائحتها توضع عن المشتري اتفاقا وكذا لو اشتراها على الجذ بعد أن تناهى
طيبها وأجيحت في المدة التي تجذ فيها عادة أو بعدها وقد منع مانع من جذها فيها، وإن كانت متناهية
الطيب حين الشراء واشتراها على الجذ وأخر جذها فأجيحت بعد مضي أيام كان يمكن الجذ
فيها، فهذه فيها خلاف والمعتمد وضع الجائحة أيضا. قوله: (لا عكسه أو معه) أي فلا جائحة في الأول على
المشهور ولا في الثاني اتفاقا وإنما ذكر المصنف العكس وما معه مع أنه مفهوم شرط لأجل تتميم الصور.
قوله: (ونظر الخ) أي ونسب قيمة ما أصيب إلى قيمة ما بقي وما أجيح وحط عن المشتري من الثمن
بتلك النسبة ففي كلامه حذف مضافين وحذف الواو مع ما عطفت. قوله: (أو ما في حكمها) أي كصنف
من صنفين برني وصيحاني اشتراهما معا وأجيح أحدهما. قوله: (ما بقي سليما) أي مع انضمام قيمة
ما أجيح إليها. قوله: (في زمنه) أي ملحوظا قيمة كل من المجاح والسالم في زمنه. قوله: (ويستأني بغيره)
أي لزمه ولا يستعجل على الظن والتخمين فإذا أجيح البطن الأول انتظر لفراغ البطن الثاني والثالث
ثم يقال ما قيمة المجاح في زمنه فإذا قيل ثلاثون وما قيمة البطن الثاني في زمانه قيل عشرون وما قيمة
الثالث في زمانه قيل عشرة فيرجع بنصف الثمن لأنك إذا نسبت الثلاثين للستين قيمة مجموع
المجوح والسالم يكون نصفا. وقوله ويستأني بغيره أي خلافا لمن قال إنه يعتبر قيمة المجاح يوم الجائحة
ويستعجل بتقويم غيره على الظن والتخمين ففي يوم الجائحة يقال ما قيمة المجاح في ذلك الوقت
فيقال كذا ثم يقال وما قيمة السالم في ذلك الوقت لو كان موجودا فيقال كذا، وإلى رد هذا أشار
المصنف بقوله ولا يستعجل بتقويم السالم يوم الجائحة على الأصح. والحاصل أن الأقوال أربعة
قيل يعتبر قيمة كل في وقته ولا يستعجل بالتقويم وقيل يعتبر قيمة كل يوم البيع على تقدير وجود
البطون، فإذا أجيحت بطن مثلا قيل ما قيمتها يوم البيع وما قيمة السالم لو كان موجودا يوم البيع فيقال
كذا وقيل تعتبر قيمة كل يوم الجائحة وعلى هذا القول فقيل يستعجل بالتقويم بحيث يقال يوم
الجائحة ما قيمة المجاح في ذلك الوقت فيقال كذا وما قيمة السالم لو كان موجودا فيه فيقال كذا، وقيل
لا يستعجل بتقويم السالم على الظن والتخمين بل بعد انتهاء البطون ينظر كم تساوي كل بطن زمن
الجائحة على أنها تقبض بعد شهر مثلا، وهذا القول هو المعتمد وقد رد المصنف القول الثاني
والثالث بقوله لا يوم البيع ولا يستعجل بتقويم السالم يوم الجائحة على الأصح ولم يتعرض
للقول الرابع الذي هو المعتمد. هذا محصل كلام المصنف والشارح وفي بن عن أبي الحسن
أن الأول لم يقل به أحد من أهل المذهب وإنما اختلفوا هل يراعي في التقويم يوم البيع أو يوم
الجائحة وعلى الثاني فقيل يستعجل بتقويم السالم على الظن والتخمين وقيل لا يستعجل بتقويمه وهو
الأصح. قوله: (زمنين) هو بفتح الميم. قوله: (ما قيمة ذلك) أي المجاح والسالم يوم البيع أي على تقدير
وجود السالم. قوله: (هذا على ما هو المعتمد) فيه نظر بل المعتمد أنه بعد انتهاء البطون ينظر ما قيمة كل
بطن زمن الجائحة على أن يقبض في أوقاته فالأولى للشارح أن يقول ثم يقال ما قيمة كل بطن
على تقدير أنها تجذ وتقبض وقت كذا ولا شك أن قيمة ما يقبض في أوقات وجوده إذا
كانت تعجل الآن أقل من قيمة ما اعتبر وجوده الآن أعني يوم الجائحة لان الاجل له

184
حصة من الثمن. قوله: (ولو قلت) أي ولو كانت قيمة المجاح أقل من ثلث قيمة المبيع.
قوله: (وفي المزهية الخ) يعني أن من اكترى دارا أو أرضا فيها نخلة مثلا مزهية وهي تبع للدار أي
قيمة ثمرتها ثلث الكراء فأقل واشترط إدخالها في عقد الكراء فأجيحت تلك النخلة فذهب
ثلث مكيلتها فهل توضع جائحتها لأنها ثمرة مبتاعة وقع العقد عليها مفردة فهي كغيرها
أو لا جائحة ولو ذهب جميعها لأنها تبع والجائحة إنما تكون في ثمرة مقصودة بالبيع قولان
قوله: (في النخل) أي حالة كونها من النخل وقوله في غيره أي حالة كونها من غير النخل. قوله: (فلا
جائحة اتفاقا) أي سواء كانت تابعة أو غير تابعة ويفسد الكراء في الثاني كما قال الشارح بعد لا في
الأول إذا اشترط إدخالها فيه. قوله: (فإن لم تكن تابعة) أي والحال أنها مزهية. قوله: (وإنما يجوز
اشتراط غير المزهية) أي اشتراط إدخالها في عقد الكراء. قوله: (فإن أزهت جاز اشتراطها مطلقا).
وحاصله أنها إن كانت مزهية جاز اشتراطها مطلقا كانت تابعة للكراء أو لا، ولا يدخل في عقد
الكراء إلا بالشرط ثم إن كانت غير تابعة وضعت جائحتها اتفاقا وإن كانت تابعة ففي وضع جائحتها
وعدم وضعها تأويلان، وإن كانت غير مزهية فإن كانت غير تابعة فاشتراطها مفسد للعقد وإن كانت
تابعة فلا جائحة فيها اتفاقا ولا يجوز اشتراطها إلا بشروط ثلاثة كما قال الشارح. قوله: (كسماوي) أي
كالأمر المنسوب للسماء وقوله كالبرد هو والثلاثة بعده أمثلة للسماوي، وقوله والجراد هو والثلاثة
بعده داخلة تحت الكاف وقوله ونحو ذلك أي كالدود. قوله: (عطف على مقدر معطوف على ما) أي
والتقدير أو ما لا يستطاع دفعه وسارق. قوله: (خلاف) القول الأول لابن نافع وعزاه الباجي لابن
القاسم في الموازية قال في التوضيح وعليه الأكثر وأشار ابن عبد السلام إلى أنه المشهور ا ه‍.
والقول الثاني لابن القاسم في المدونة وصوبه ابن يونس واستظهره ابن رشد قائلا لا فرق بين فعل
الآدمي وغيره في ذلك لما بقي على البائع في الثمرة من حق التوفية ا ه‍ بن. قوله: (فيتبعه المشتري)
أي ولا يحط البائع شيئا عن المشتري من الثمن وقوله فيتبعه أي سواء كان مليا أو معدما والحال أنه
يرجى يساره عن قرب وإلا كان جائحة على كل من القولين ومحل كون السارق المعين الموسر أو
المرجو اليسار عن قرب جائحة على القول الثاني دون الأول إذا كانت تناله الاحكام وإلا كان جائحة
اتفاقا. واعلم أن محل كون الجيش جائحة إذا لم يعرف منه أحد أو عرف منه أحد وكان لا تناوله
الاحكام أو كان معسرا ولا يرجي يساره عن قرب، أما لو عرف منه أحد وكانت تناله الاحكام وهو
موسر أو يرجي يساره عن قرب فلا يكون ما أخذه الجيش جائحة توضع بل يضمن جميعه ذلك
المعروف كما هو ظاهر المدونة. قوله: (وتعييبها كذلك) يعني أن الثمرة إذ لم تهلك بل تعيبت بغبار
وشبهه فإن ذلك جائحة تحط بالشروط السابقة في قوله إن بلغت ثلث المكيلة الخ لكن يعتبر هنا نقص
ثلث القيمة لا نقص ثلث المكيلة كما في ذهاب العين. قال في التوضيح فإن لم تهلك الثمار بل تعيبت
فقط بكغبار يصيبها أو ريح يسقطها قبل أن يتناهى طيبها فينقص ثمنها ففي البيان المشهور أن ذلك
جائحة ينظر لما نقص هل ثلث القيمة أم لا. وقال ابن شعبان وهو أحد قولي ابن الماجشون ليس
ذلك جائحة وإنما هو عيب والمبتاع بالخيار بين أن يتمسك أو يرد ا ه‍ بن. قوله: (وتوضع) أي جائحة
الثمار من العطش وقوله وإن قلت أي هذا إذا بلغت قدر الثلث فأكثر بل وإن قلت. قوله: (أي كالبقول)

185
أي كما توضع جائحة البقول، وإن قلت سواء كانت جائحتها من العطش أو من غيره. والحاصل أن
الجائحة من العطش توضع وإن قلت كان المجاح ثمارا أو بقلا وإن كانت من غير العطش، فإن كان المجاح
بقلا وضعت، وإن قلت وإن كان المجاح ثمارا وضعت إن كانت ثلث المكيلة فليست البقول كالثمار وذلك
لان البقول لما كانت تجذ أولا فأولا لم ينضبط قدر ما يذهب منها. قوله: (ما لم يكن) أي التالف بالجائحة
تافها. قوله: (والزعفران) أي والورد والياسمين والعصفر. قوله: (ما يرعى) أي كالجلبان والبرسيم.
قوله: (أي لعلفه) أي فتوضع جائحته قليلة أو كثيرة. قوله: (والفجل واللفت) أي والكرنب والقلقاس
فتوضع جائحتها وإن قلت كانت من العطش أو غيره. واعلم أن جعله مغيب الأصل كالبقول هو
نحو قول المدونة وأما جائحة البقول كالسلق والبصل والجزر والفجل والكراث وغيرها فيوضع
قليل ما أجيح منه وكثيره ا ه‍. وقال المتيطي وأما المقاثي والبطيخ والباذنجان والقرع والفجل والجزر
والموز والورد والياسمين والعصفر والفول الأخضر والجلبان، فحكم ذلك كله حكم الثمار يراعى فيه
ذهاب الثلث. وروى محمد عن أشهب أن المقاثي كالبقول يوضع قليلها وكثيرها وما قدمناه أشهر وبه
القضاء ا ه‍ منه فانظره مع ما تقدم ا ه‍ بن. والحاصل أن الثمار لا بد من وضع جائحتها من ذهاب
الثلث والبقول توضع جائحتها وإن قلت والمقاثي ملحقة بالثمار ومغيب الأصل ملحق بالبقول
عند المصنف وهو مذهب المدونة وألحقهما المتيطي بالثمار وألحق أشهب المقاثي بالبقول. قوله: (ويجوز
بيعه) أي بيع مغيب الأصل كما أشعر بذلك قول المصنف وتوضع الجائحة من مغيب الأصل وإن
قلت لكن الجواز بشروط ثلاثة أي يرى المشتري ظاهره وأن يقلع شئ منه ويرى فلا يكفي في الجواز
رؤية ما ظهر منه بدون قلع خلافا للناصر اللقاني، والشرط الثالث أن يحزر إجمالا ولا يجوز بيعه من غير
حزر بالقيراط أو الفدان أو القصبة. قوله: (فإنه يعرف بذلك ولا يكون مجهولا) أي خلافا لما قاله بعضهم
من أن مغيب الأصل لا يجوز أن يباع منه إلا ما كان مقلوعا بالفعل لان ما لم يقلع مجهول. قوله: (أي ما بقي
بعد الجائحة) أي بما يخصه من الثمن سواء كان الباقي كثيرا أو قليلا. قوله: (فقد يخير) أي إذا كان المستحق
جزأ شائعا كجزء من دار سواء كان قليلا أو كثيرا وأما لو كان معينا كما لو كان المبيع أثوابا واستحق شئ
منها معين، فإن كان قليلا وجب التمسك بالباقي بما يخصه من الثمن، وإن كان كثيرا حرم التمسك بالباقي بما
يخصه من الثمن ووجب رده لبائعه وأخذ الثمن كله منه. قوله: (بخلاف الاستحقاق) أي فإنه لندوره لم
يدخل عليه. قوله: (فأجيح بعضها) أي فذهب بالجائحة بعضها وقوله من جنس حال أي حالة كون ذلك
البعض المجاح بعضا من جنس أو بعضا من كل جنس أي أو جنسا وبعض جنس آخر. قوله: (إن بلغت إلخ)
اعلم أن ما ذكره المصنف من الشرطين إنما هو فيما إذا أجيح جنس من أجناس وأما لو أجيح كل واحد من
الأجناس قومت كلها سالمة ومجاحة ونسب قيمة المجاحة لقيمة السالمة ونظر للنقص فإن كان قدر
الثلث وضعت الجائحة وإلا فلا ولا يشترط أن يكون المجاح من كل ثلث مكيلته نعم يشترط أن يكون
الذاهب ثلث قيمة الجميع ومثل هذا يقال فيما إذا كان المجاح جنسا وبعض جنس كذا قال شيخنا العدوي،
وبهذا تعلم أن الأولى للشارح أن يقتصر على قوله من جنس ويحذف قوله أو من كل جنس. قوله: (فإن
عدما أو أحدهما لم توضع) أي ولو أذهبت الجائحة الجنس بتمامه. قوله: (وإن تناهت الثمرة الخ) لما ذكر
إن شرط وضع الجائحة أن تصيب الثمرة قبل انتهاء طيبها ذكر مفهوم ذلك بقوله وإن تناهت الخ
وحاصله أن الثمرة المبيعة إذا أصابتها الجائحة بعد تناهي طيبها فإنها لا توضع وسواء بيعت بعد بدو

186
الصلاح وتناهي طيبها عند المشتري أو بيعت بعد تناهي طيبها على الجذ فأخر جذها فأجيحت والمراد
بتناهي طيبها بلوغها للحد الذي اشتريت له من ثمر أو رطب أو زهو، والمراد بالثمرة هنا ما يخرج من الشجر
أو من الأرض فيشمل البقول لا ما قابلها انظر خش. وما ذكره المصنف من عدم وضع الجائحة
حينئذ هو رواية أصبغ عن ابن القاسم كما مر والراجح رواية سحنون عنه من وضعها كما مر أيضا.
قوله: (فتوانى المشتري في الجذ) أي بعد بلوغها الحد الذي اشتريت له اختيارا من غير مانع. قوله: (وأما
لو حصلت الجائحة في مدة جذها على العادة فإنها توضع) أي لان أيام الجذ المعتادة في حكم أيام الطيب
كما مر. قوله: (على المشهور) أي وهو مذهب المدونة سحنون وقد قال ابن القاسم توضع جائحة القصب
الحلو وهو أحسن. ابن يونس هو القياس انظر المواق. وفيه أيضا عن ابن يونس قال ابن حبيب
وجائحة القصب غير الحلو توضع إذا بلغت الجائحة الثلث ا ه‍ ونقله ابن عرفة أيضا وانظر هل هو
القصب الفارسي ا ه‍ بن. وقال البدر القرافي الحق أن مراده قصب السكر قبل دخول الحلاوة فيه
إذا بيع على الجذ أي وأما الفارسي فلا جائحة فيه. قوله: (يمنع اعتبار الجائحة فيه) أي فهو وإن صح بيعه
لكنه لا جائحة فيه بمنزلة ما تناهى طيبه من غيره وسواء بيع وحده أو بأرضه أو تبعا لها وأما إن بيع
قبل ظهور الحلاوة فيه فلا يصح إلا على شرط الجذ وحينئذ توضع جائحته إذا حصلت في أيام جذه
أو تأخر جذه لعدم التمكن منه. قوله: (لزمه سقي الجميع مطلقا) هذه طريقة ابن يونس وطريقة
المتيطي عن محمد بن المواز أنه إنما يلزمه سقي السالم إذا كان معينا. قوله: (فالأقسام ثلاثة) أي لان
المجاح إما أن يكون الثلثين أو الثلث أو أقل منه. وحاصل ما في المسألة أن المجاح تارة يكون الثلثين
فأكثر وتارة يكون أقل من الثلث وتارة يكون الثلث فأكثر ولم يبلغ الثلثين فإن كان المجاح الثلثين
فأكثر خير بين سقي الكل أو فك العقدة لا فرق بين كون المجاح شائعا أم لا وإن كان الثلث فأكثر ولم يبلغ
الثلثين، فإن كان المجاح شائعا خير أيضا بين سقي الكل ويأخذ الجزء الذي جعل له أو يفك العقد عن
نفسه، وإن كان معينا لزمه سقي السالم وحده، وإن كان المجاح أقل من الثلث لزمه سقي الكل كان شائعا
أم لا. وهذا حاصل ما ذكره الشارح، ولكن كلام المواق عن المتيطي صريح في أنه إذا كان المجاح أقل
من الثلث إنما يلزمه سقي الجميع إذا كان المجاح شائعا وأما إن كان معينا قائما يلزمه سقي السالم دون
المجاح ونص المتيطي وأما إن أجيحت جهة واحدة وأخرى سلمة فإنه يلزمه مساقاة السالمة إذا
كانت الجائحة يسيرة الثلث فأقل قاله محمد ا ه‍ مواق. وفيه عن ابن يونس نحو ما ذكره الشارح
فالحاصل أن في اليسير وهو ما دون الثلث طريقتين وكلام البدر القرافي يقتضي اعتماد ما قاله ابن يونس.
قوله: (نجاح بما يوضع الخ) أي وأما لو أجيحت تلك الثمرة المبيعة بأقل من الثلث فإنه لا يخط عن المشتري
شئ من الثمن ويأخذ البائع جميع مكيلته من المشتري بخلاف ما إذا كان المجاح الثلث فأكثر فإنه يضع
عن المشتري بتلك النسبة من الثمن ويوضع من المكيلة بتلك النسبة عند ابن القاسم فإن نقصت
الثمرة الثلث حط عن المشتري في مثال الشارح خمسة من الثمن ووضع من المكيلة ثلثها ثلاثة وثلث وإن
نقصت الثمرة النصف حط من الثمن نصفه سبعة ونصف ومن المكيلة نصفها خمسة. قوله: (بناء على أن
المستثنى مشترى) أي وهو المعتمد أما على أنه مبقي فلا يوضع من القدر المستثنى شئ وإنما يوضع من الثمن
وهو رواية ابن وهب. تنبيه: لو تنازعا في حصول الجائحة فالقول قول البائع لان الأصل
السلامة حتى يثبت المشتري ما يدعيه فإن تصادقا عليها واختلفا في قدر ما أذهبته هل هو الثلث
أو أقل فالقول قول المشتري على المعتمد.

187
فصل إن اختلف المتبايعان في جنس الثمن الخ كما إذا قال بعتك هذا الحمار بدينار نقدا أو لأجل
فقال بل بعته لي بثوب محلاوي مثلا. قوله: (لذات أو منفعة) شار بهذا إلى أن اختف المستأجرين
والمكترين يجري فيه ما ذكر هنا وقوله أو غيره المراد به النسيئة فحاصله أنهما تبايعا بالحلول أو بالأجل
واختلفا في جنس الثمن أو نوعه أو قدره. قوله: (أي العوض) قال بن يحتمل أن يريد بالثمن
ما قابل المثمن فيكون قوله بعد كمثمونه تشبيها في الجميع أي في الجنس والنوع والقدر، ففي الأولين
يفسخ مطلقا، وفي الأخير يفسخ بشرط القيام، ويحتمل أن يريد بالثمن العوض الصادق بالثمن
والمثمن وعليه فقوله كمثمونه تشبيه في قوله وقدره فقط وفيه بعد لان ضمير قدره يرجع للثمن
الشامل للثمن فيكون قوله كثمونه ضائعا فالظاهر الاحتمال الأول كما قال ح وسيأتي الجواب بارتكاب
الاستخدام. قوله: (فيشمل المثمن) أي كما إذا قال بعتك هذا الحمار بدينار فقال بل الذي بعته لي
بالدينار هذا العبد. تنبيه: من الاختلاف في جنس المثمن كما قال المازري ما لو انعقد السلم أو بيع
النقد على خيل فقال أحدهما على ذكران والآخر على إناث وذلك لتباين الأغراض لان الإناث تراد
للنسل بخلاف ما لو كان الاختلاف في ذكران البغال وإناثها فإن هذا من الاختلاف في صفة المثمن
لان البغال لا تراد للنسل، إذا اختلفا فيها فالقول قول البائع بيمينه إن انتقد وإلا فالقول للمشتري
بيمينه. قوله: (كذهب وفضة) بأن قال البائع بعته بعشرة محبوب وقال المشتري بعشرة ريال.
قوله: (أو قمح وشعير) أي قال أسلمت في قمح وقال الآخر في شعير أو قال اشتريت هذا الحمار منك بعشرة
أرادب من الشعير وقال البائع بل بعشرة أرادب قمح. قوله: (حلفا) أي حلف كل منهما على نفي
دعوى صاحبه مع تحقيق دعواه ويبدأ البائع باليمين. قوله: (مع القيام والفوات) لكن مع القيام
يرد السلعة بعينها. قوله: (ورد) أي المشتري للبائع مع الفوات أي مع فوات السلعة ولو بحوالة
سوق قيمتها أي وأخذ ثمنه من البائع وتقاصا إذا ساوت القيمة الثمن وأما لو كان أحدهما زائدا فمن
له الزائد يرجع به على صاحبه. تنبيه: مثل الاختلاف في الجنس والنوع في التحالف والفسخ
مطلقا الاختلاف في صفة العقد كمن باع حائطه وقال اشترطت نخلات اختارها بغير عينها وقال
المبتاع ما اشترطت إلا هذه النخلات بعينها ذكره في الشامل. وترك المصنف الكلام على اختلافهما
في أصل العقد لوضوحه وهو أن القول لمنكره بيمين سواء كان هو البائع أو المشتري ومن هنا
مسألة التنازع هل هي أمانة أو بيع أو سلف فالقول لمنكر البيع لان الأصل عدم انتقال الملك.
قوله: (ومثلها إن كانت مثلية) أشار الشارح إلى أن في كلام المصنف قصورا ولو قال المصنف
ورد مع الفوات عوضها كان أشمل. قوله: (يوم بيعها) أي لأنه أول زمن تسلط المشتري على المبيع
وهذا قول أبي محمد وقال ابن شبلون تعتبر القيمة يوم ضمان المشتري. قوله: (بل العبد وهذا
الثوب به) أي أو قال أسلمتك دينارا في ثوبين أو إردبين فقال المسلم إليه بل في ثوب أو إردب فقط وإنما
لم يجعل الاختلاف في قدر المثمن كمنكر العقد بحيث يكون القول قول من أنكر أن العقد وقع على
العبد والثوب بدينار بيمينه لاتفاقهما على وقوع العقد في الجملة. قوله: (كما قال الشارح) أي بهرام
وعلى هذا فيتعين أن يكون الضمير في قدره للثمن لا بمعنى العوض الصادق بالمثمن وإلا كان
قوله كمشمونه ضائعا بل يجعل الضمير في قدره راجعا للثمن بمعنى المقابل للمثمن. قوله: (مطلقا)
أي مع القيام والفوات. قوله: (مع الفوات) أي أنه مع الفوات يمضي البيع بما قاله المشتري إن
كان مشبها وبما قاله البائع إذا انفرد بالشبه وأما مع القيام فإنهما يتحالفان ويتفاسخان ولا ينظر
لشبه ولا لعدمه. قوله: (الخمسة) أي التي هي الاختلاف في قدر الثمن وقدر المثمن وقدر الاجل وفي الرهن

188
والحميل. قوله: (أو في أصل رهن الخ) أشار الشارح بهذا إلى أن قول المصنف أو رهن أو حميل عطف
على المضاف وهو قدرا ويحتمل أن يكون قوله أو رهن أو حميل عطفا على المضاف إليه وهو الاجل أي
أنهما تنازعا في قدر الرهن والحميل وهذا وإن كان هو المتبادر لكن العطف على المضاف أولى من
العطف على المضاف إليه، لأنه لمجرد التقييد كما في المغني ولذا اقتصر الشارح عليه والحاصل أن
اختلافهما في أصل الرهن والحميل أو في قدرهما حكمهما واحد، وهو أن ذلك كالاختلاف في قدر الثمن
وأما الاختلاف في جنس الرهن أو نوعه، فذكر عبق وخش أن الذي ينبغي أن يكون الحكم فيه
كالحكم في الاختلاف في جنس الثمن أو نوعه وهو الفسخ بعد التحالف مع القيام والفوات، والذي
ذكره بن أن الظاهر أنه كالاختلاف في قدر الثمن وحينئذ فالتحالف والتفاسخ في حالة القيام فقط
واختاره شيخنا العدوي في حاشيته على خش. قوله: (أو في حميل) أي بأن قال البائع وقع البيع
على أنك تأتيني بحميل وقال المشتري بل وقع البيع بلا حميل. قوله: (حلفا) أي حلف كل على تحقيق دعواه
ونفى دعوى صاحبه وقضى للحالف منهما على الناكل. قوله: (وسيأتي حكم فواتها) أي في قول المصنف
وصدق مشتر ادعى الأشبه وحلف إن فات. قوله: (إن حكم به) أي بالفسخ أي أو تراضيا عليه وتعود
السلعة على ملك البائع حقيقة ظالما أو مظلوما واشتراط الحكم في الفسخ إذا لم يتراضيا على الفسخ قول
ابن القاسم وقوله وقيل الخ هو قول سحنون وابن عبد الحكم. قوله: (في الفسخين) الفسخ الأول ما كان
في حالة القيام والفوات وذلك في مسألتين وهما اختلافهما في الجنس والنوع والفسخ الثاني ما كان عند
القيام فقط وذلك في خمس مسائل تقدمت. قوله: (فيما لو رضي أحدهما قبل الحكم) أي بالفسخ أي
وبعد تحالفهما. قوله: (لا عند مقابله) أي لحصول الفسخ عنده بمجرد التحالف. قوله: (إذا لم يتراضيا
عليه) أي إذا استمر التنازع موجودا ولم يتراضيا على الفسخ بغير حكم. قوله: (ظاهرا وباطنا) ابن
الحاجب وينفسخ ظاهرا وباطنا على الأصح. قال في التوضيح ما صححه المصنف ذكر سند أنه ظاهر
المذهب ورجح الثاني وهو أنه ينفسخ في الظاهر فقط بأن أصل المذهب إن حكم الحاكم لا يحل حراما
وذكر المازري القولين، وزاد ثلثا لبعض الشافعية إن كان البائع مظلوما فسخ ظاهرا وباطنا ليصح
تصرفه في المبيع بالوطئ وغيره وإن كان ظالما فسخ ظاهرا فقط لأنه حينئذ غاصب للمبيع ا ه‍ بن.
قوله: (من نائب فاعل فسخ) فيه أن نائب فاعله ضمير يعود على العقد ولا يصح جعل قوله ظاهرا
وباطنا حالا منه فالأول أن يقول أنه حال من الفسخ المفهوم من فسخ والمعنى حالة كون الفسخ ظاهرا
وباطنا أو في الظاهر والباطن. قوله: (فيجوز الخ) أي ولا يجوز للمبتاع وطئ الأمة إذا ظفر بها
وأمكنه وطؤها كان ظالما أو مظلوما وهذا ثمرة كون الفسخ في الباطن وثمرة كونه ظاهرا أنه يمنع
التعرض للبائع الذي أراد التصرف بعد الحكم. قوله: (أي إن أشبه في دعواه) أشار بهذا إلى أن أفعل
ليس على بابه لان بقاءه على حاله يوهم أن البائع إذا كان أشبه أي أقوى شبها من المشتري أو
تساويا فالقول قوله وليس كذلك. قوله: (تحالفا وقضى بالقيمة الخ) أي وهذا معنى الفسخ
فكأنه قال فإن لم يشبها تحالفا وفسخ ونكولهما كحلفهما ويقضي للحالف على الناكل. قوله: (والمثل
في المثلى) هذا هو المعتمد واقتصر عليه شب وهو الموافق للقواعد خلافا لما في عبق من أنه

189
يقضي بالقيمة في المقوم والمثلي إلا السلم فسلم وسط ا ه‍ تقرير شيخنا عدوي. قوله: (إن فات المبيع) أي
بيد المشتري ولو بحالة سوق وكذا إن فات بيد البائع على أحد قولين. قوله: (وهو) أي الشرط أعني
قوله إن فات راجع الخ. قوله: (فهو ما تقدم) أي من تحالفهما والفسخ إن حكم به أو تراضيا عليه. وحاصل
ما ذكره المصنف أنه في المسائل الخمسة المذكورة يتحالفان ويتفاسخان عند قيام السلعة وأما مع فواتها
فإن المشتري يصدق بيمينه إن ادعى شبها أشبه البائع أيضا أم لا ويلزم البائع ما قال المشتري، فإن انفرد
البائع بالشبه كان القول قوله بيمين ويلزم المشتري ما قال، فإن لم يشبه واحد منهما حلفا وفسخ وردت قيمة
السلعة يوم بيعها إن كانت مقومة ورد مثلها إن كانت مثلية ونكولهما كحلفهما ويقضي للحالف
على الناكل. قوله: (ومنه تجاهل الثمن) ظاهر المصنف ومن المفيت الجاهل الثمن وإذا كان كذلك
ففيه القيمة سواء فاتت السلعة أم لا وليس كذلك، وأجاب الشارح بقوله ومنه أي من التحالف
والتفاسخ أي من متعلقهما تجاهل الثمن. قوله: (لا أعلم ما وقع به البيع) أي فإذا ادعى كل منهما أنه لا
يعلم قدر ما وقع به البيع فإنه يحلف على أنه لا يعلم قدره ويفسخ البيع وترد السلعة إن كانت قائمة فإن فاتت
ولو بحوالة سوق رد قيمتها إن كانت مقومة ومثلها إن كانت مثلية وعلم مما قلناه إن كلا منهما إنما
يحلف على تحقيق دعواه فقط ولا يتصور حلفه على نفي دعوى خصمه لقول كل منهما لا أدري. وأعلم
أن نكولهما كحلفهما في الفسخ وكذا نكول أحدهما فيما يظهر، فإذا حلفا أو نكلا أو أحدهما فسخ البيع
وردت السلعة والظاهر أن الفسخ هنا لا يتوقف على حكم الحاكم به كذا قيل ورده شيخنا بأنه لا يقطع
النزاع إلا الحكم. قوله: (وقيمتها) أي وترد قيمتها يوم البيع هذا إن كانت مقومة وإلا رد مثلها
وقوله: إن فاتت أي بيد المشتري ولو بحوالة سوق. قوله: (بل وإن كان من وارث لهما) أي بأن ادعى وارث كل
أنه لا يعلم ما وقع به البيع وقوله أو لأحدهما أي إن وارث أحدهما ادعى الجهل وأحد البائعين ادعى
الجهل أيضا. وحاصل الفقه أن وارث كل إذا ادعى الجهل بالثمن أو ادعاه أحد المتبايعين ووارث
الآخر فإنهما يتحالفان أي يحلف كل بالله الذي لا إله إلا هو أنه لا يعلم القدر الذي وقع به البيع فإذا حلفا
أو نكلا أو حلف أحدهما دون الآخر فسخ البيع وردت السلعة للبائع أو لوارثه إن كانت قائمة فإن
فاتت لزم رد قيمتها يوم البيع إن كانت مقومة أو مثلها إن كانت مثلية. قوله: (فإن ادعى أحدهما) أي
أحد المتبايعين أو أحد الوارثين فهذا يجري في العاقدين وكذا بين ورثتهما أو ورثة أحدهما مع
العاقد. قوله: (فإن وافقه الآخر فظاهر) أي فإن وافقه الجاهل على ما ادعاه فظاهر أنه يعمل بما
اتفق عليه من غير يمين أشبه قول مدعي العلم أم لا. قوله: (وإن لم يوافقه) أي على ما ادعاه من المعلوم له.
قوله: (وإن فاتت الخ) أي وإن فاتت صدق مدعي العلم إن أشبه مع يمينه. قوله: (فإن نكل) أي مدعي
العلم وقوله ردت السلعة أي لبائعها وقوله والقيمة أي وردت له القيمة الخ. قوله: (ويبدأ المشتري هنا)
أي عند تجاهل الثمن من المتبايعين وإنما بدأ المشتري باليمين عند التجاهل لان تجاهل الثمن عندهم
كالفوات فأشبه ما لو فاتت السلعة في ملكه، والقاعدة أن الفوات يوجب تبدئة المشتري لأنه
الذي يصدق أو لا إذا ادعى ما يشبه أشبه البائع أم لا. قوله: (وكذا بورثته) أي وكذا يبدأ بورثته
أي المشتري إذا حصل تجاهل في الثمن من ورثة المتبايعين. قوله: (وهذا إذا كان الاختلاف في الثمن)
أي في جنسه أو نوعه أو قدره مع القيام أو الفوات في الجنس والنوع ومع القيام في القدر ومن
الاختلاف في قدره الاختلاف في أصل الرهن والحميل وكذا في قدرهما لان لهما حصة من الثمن وإنما بدأ
البائع باليمين في هذه الأحوال لان الأصل استصحاب ملكه والمشتري يدعي اخراجه بغير ما رضي به.

190
قوله: (فإن كان في المثمن) أي في جنسه أو نوعه أو قدره مع قيام السلعة وفواتها في الجنس والنوع ومع
قيامها في القدر. قوله: (فإن وقع الاختلاف فيهما) أي كما لو قال المشتري اشتريت منك هذه الدابة بعشرة
والبائع يقول إنما بعت لك هذا الثوب بخمسة فيتحالفان ويتفاسخان ويبدأ البائع باليمين.
قوله: (مع تحقيق دعواه) أي دعوى نفسه. قوله: (ويقدم النفي على الاثبات) أي فلو قدم الاثبات على النفي فلا
تعتبر يمينه ولا بد من إعادتها كما قال ابن القاسم واعلم أن قول المصنف مع تحقيق دعواه مبني على ضعيف
وهو أن اليمين ليست على نية المحلف وإلا فلا حاجة إلى حلفه على تحقيق دعواه أفاده البدر القرافي ا ه‍ عدوي.
قوله: (ولقد بعتها بعشرة) أي لأنه لا يلزم من نفي البيع بثمانية البيع بعشرة لجواز أن يكون باع
بتسعة. قوله: (ولقد اشتريتها بثمانية) أي لأنه لا يلزم من نفي الشراء بعشرة
أن يكون اشتراها بثمانية لجواز أن يكون اشتراها بتسعة. قوله: (وجاز الحصر) أي فيقوم مقام النفي والاثبات ومثل الحصر لفظ فقط
في القيام مقامهما. قوله: (مع اتفاقهما عليه) أي على قدره. قوله: (فالقول لمنكر التقضي) أي فالقول لمن
ادعى بقاء الاجل وأنكر انقضاءه سواء كان بائعا أو مشتريا كان مكريا أو مكتريا والفرض عدم البينة
فإن كان لأحدهما بينة عمل بها فإن كان لكل بينة على دعواه عمل بأسبقهما تاريخا. قوله: (وفسخ إن كانت
السلعة قائمة) أي فترد السلعة للبائع إن كانت قائمة وترد قيمتها له مع فواتها ويبدأ البائع باليمين. والحاصل
أن الفسخ برد السلعة أو رد قيمتها فقول الشارح إن كانت الخ شرط في مقدر أي وترد السلعة إن كانت
الخ لا في الفسخ تأمل. قوله: (عمل بالعرف باليمين) أي سواء كانت السلعة قائمة أو فاتت. قوله: (وتفاسخا
إن كانت قائمة) أي فترد السلعة لبائعها. قوله: (وإن اختلفا في قبض الثمن) أي وإن اختلف البائع
والمشتري في قبض الثمن، وكذا إذا اختلف البائع وورثة المشتري في قبض الثمن فالأصل بقاؤه، فإذا ادعى
البائع على ورثة المشتري أن ثمن السلعة التي باعها لمورثهم لم يقبضه وادعى الورثة أنه قبضه من مورثهم قبل
موته فلا يقبل دعواهم، لان الأصل بقاء الثمن عند المشتري ما لم تقم لهم بينة بأن مورثهم أقبض ذلك قبل
موته وهذا إذا اعترفت الورثة بأن مورثهم اشترى تلك السلعة من المدعي وإنما وقع المتنازع في قبض
الثمن وعدمه وأما إذا أنكرت الورثة شراء مورثهم من ذلك المدعي فلا تقبل دعوى ذلك المدعي أن له
على مورثهم كذا ثمن سلعة كذا إلا ببينة ويمين فإن ادعى المدعي على من يظن به العلم من الورثة أنه يعلم
بدينه كان له تحليفه فإن حلف وإلا غرم كذا قرر شيخنا العدوي. قوله: (أو في تسليم السلعة) أي مع الاتفاق
على تسليم الثمن. قوله: (كلحم أو بقل الخ) هذا مثال لما وافقت دعوى المشتري فيه العرف فإذا قبض
المشتري اللحم أو البقل وما أشبهه كالفاكهة وبان به أي ذهب به عن بائعه ثم اختلفا في قبض الثمن فقال البائع
ما دفعت إلي ثمنه وقال المشتري دفعت إليك ثمنه فإن القول قول المشتري لشهادة العرف له لأنه قاض بأن
ذلك لا يأخذه المشتري إلا بعد دفع ثمنه ولا فرق بين القليل والكثير. قوله: (وإلا فلا) أي ادعى دفعه
بعده أي وإن لم يكن بان بما ذكر بل وقع الاختلاف بينهما بالحضرة لكن بعد أن قبض المشتري المبيع فقال

191
المشتري دفعت ثمنه بعد أن قبضه وأنكر البائع ذلك سواء جرت العادة والعرف بدفع
الثمن قبل أخذ المثمن أو اعتيد دفعه قبل أخذه وبعده معا فلا يصدق المشتري لدعواه ما يخالف العرف في الحالة
الأولى لان العرف دفع الثمن قبل أخذ المثمن وهو قد ادعى الدفع بعد أخذ المثمن ولانقطاع شهادة
العرف له في الحالة الثانية لجريانه بالدفع قبل الاخذ وبعده. قوله: (وإلا بأن ادعى دفعه قبل الاخذ) أي
والفرض أنه لم يبن بالمبيع. قوله: (والعرف الدفع) أي والموضوع أن العرف أن المشتري يدفع الثمن قبل
أن يبين من البائع أعم من أن يكون دفعه قبل أخذه المثمن أو بعده. قوله: (فهل يقبل) هذا القول رواية
ابن القاسم في الموازية. قوله: (سواء كان الدفع قبل الاخذ) أي قبل أخذ المبيع من البائع وقوله هو
الشأن أي العرف وقوله أولا أي بأن كان الشأن دفع الثمن بعد الاخذ ووجه قبول قول المشتري على
هذا القول شهادة العرف له في الحالة الأولى أعني ما إذا جرى العرف بدفع الثمن قبل أخذ المبيع ودلالة
تسليم البائع له السلعة على أخذه الثمن في الحالة الثانية، لان من حق البائع أن لا يدفع السلعة للمشتري
حتى يقبض ثمنها فدفعها له دليل على أخذ ثمنها. قوله: (أو فيما هو الشأن) أي أو يقبل قوله فيما كان العرف
فيه الدفع قبل أخذ المبيع لا غيره وهذا قول ابن القاسم في الموازية. قوله: (وهذا لا يشكل الخ) أي
لان الدفع قبل البينونة صادق بكونه قبل أخذ المبيع أو بعده. قوله: (جرى عرف بالدفع) أي بدفع
الثمن قبل أخذ المبيع الخ وهذا قول مالك في العتبية قال شيخنا العدوي وهو أظهر الأقوال. قوله: (لأنه
مقر بقبض المبيع الخ) أي لان المشتري مقر بالقبض ومدع لدفع الثمن فهو معترف بعمارة ذمته
فادعاؤه دفع الثمن لا يبريه حتى يثبت. قوله: (أقوال ثلاثة) اعلم أن ما ذكره المصنف بعد قوله إلا لعرف
من التفصيل بأنه تارة يبين المشتري بالمبيع وتارة لا يبين به وفي هذه الحالة، تارة يدعي دفع الثمن قبل
قبض المبيع، وتارة يدعي الدفع بعد أخذه مخالف لما في اللباب من قوله إذا اختلف في القبض فالأصل
بقاء كل عوض بيد صاحبه، فإن قامت بينة أو ثبت عرف عمل به وهو المطابق لما تجب به الفتوى
فكان على المصنف الاقتصار عليه وترك ما ذكره من التفصيل الذي بعضه مخالف لهذا بأن يقول
بعد قوله إلا لعرف فيعم بدعوى موافقه ويحذف ما عداه، كذا قاله عبق ورده بن بأن هذا كلام
غير صحيح إذ ما ذكره المصنف هو عين ما في اللباب وقد ساق ح كلام اللباب شاهدا لكلام المصنف
وفيه التمثيل للعرف باللحم ونحوه وتفريع التفصيل والخلاف عليه مثل ما فعله المصنف. قوله: (كما هو
ظاهر من كلامه) أي لان قوله إن ادعى دفعه بعد الاخذ الخ يفيد أن المشتري قبض السلعة. قوله: (لم
يقبل قوله اتفاقا) هذا مقيد بما إذا لم يجر العرف بدفع الثمن قبل قبض المثمن وإلا قبل قوله كما في عبق.
قوله: (وإشهاد المشتري بالثمن الخ) يعني أن المشتري إذا أشهد بأن ثمن السلعة التي اشتراها من فلان باق
في ذمته فإن هذا مقتض لقبضه السلعة فإن ادعى بعد ذلك أن السلعة المبيعة بذلك الثمن لم يقبضها لم يقبل
قوله وله أن يحلف البائع أنه أقبضها له إن بادر وأما لو أشهد أنه دفع الثمن للبائع ثم ادعى أنه لم يقبض
المثمن، فإن كان التنازع بعد شهر حلف البائع أنه أقبضه المبيع، وإن كان كالجمعة فالقول قول المشتري
بيمينه أنه لم يقبض المبيع وهذه الصورة لا تدخل في كلام المصنف بحال كذا في خش و ح،
وهذا يفيد أن حكم إشهاد المشتري بدفع الثمن مخالف لمسألة المصنف وهي إشهاد المشتري بالثمن
في ذمته ولكن ابن رشد في سماع أصبغ سوى بين المسألتين في جريان القولين والمعتمد منهما القول
الذي مشى عليه المصنف على ما قاله أبو إسحاق التونسي ونصه الأشبه إذا أشهد على نفسه بالثمن
أن البائع مصدق في دفع السلعة إذ الغالب أن الانسان لا يشهد على نفسه بالثمن إلا

192
وقد قبض العوض ا ه‍. فإن قوله أشهد على نفسه بالثمن صادق بأن يكون أشهد أنه في ذمته أو أشهد على
نقده وبهذا تعلم أنه يصح حمل قول المصنف وإشهاد المشتري بالثمن على ما يشمل الشهادة به على أنه
في ذمته وإشهاده بدفعه انظر بن. قوله: (مقتض لقبض مثمنه) أي لان الغالب أن أحدا لا يشهد على
نفسه بالثمن إلا وقد قبض المبيع وقيل إن كان التنازع بعد طول صدق البائع بيمينه في دفع السلعة وإن
كان بالقرب صدق المشتري بيمينه. قوله: (كإشهاد البائع بقبضه) هذا تشبيه في الحكم وهو أنه يلزم
المشتري اليمين للبائع إن بادر. وحاصله أن البائع إذا أشهد على نفسه بقبض الثمن من المشتري ثم قام
يطلبه منه وقال إنما أشهدت له به ثقة مني ولم يوفني جميعه وطلب يمينه على ذلك وقال المشتري وفيتك
ولي بينة ولا أحلف فإن قام البائع على المشتري بالقرب فله تحليف المشتري وإلا فلا لان البينة رجحت
قوله ومثل إشهاد البائع بقبض الثمن ما إذا أشهد المشتري بقبض المثمن ثم ادعى أنه لم يقبضه فلا
يقبل قوله وله تحليف البائع إن بادر وإلا فلا. قوله: (ثم ادعى أنه لم يقبضه) أي وأنه إنما أشهد بقبضه ثقة
منه به. قوله: (فالقول قول مدعيه) وهذا ما لم يجر عرف بخلافه كأن جرى العرف بالخيار فقط وإلا كان
القول قول مدعي الخيار، وأما إن اتفقا على وقوع البيع على الخيار لكن ادعاه كل منهما لنفسه فقيل
يتفاسخان بعد أيمانهما وقيل يتحالفان ويكون البيع بتا والقولان لابن القاسم والظاهر الأول كما
قرر شيخنا وهذا ما لم يجر العرف بأن الخيار لأحدهما وإلا عمل به فيكون القول قوله. قوله: (كقول
أحدهما وقع البيع الخ) أي وكقول أحدهما وقع البيع فاسدا ولم يبين وجه الفساد وقال الآخر وقع
صحيحا فلا فرق بين كون مدعي الفساد بين وجهه كما مثل الشارح أو لم يبين وجهه. قوله: (وظاهره فات
المبيع أم لا) هذا قول بعض القرويين واقتصر عليه شب واعتمده بعضهم وقال أبو بكر بن عبد
الرحمن القول قول مدعي الصحة إن كانت السلعة قد فاتت وإلا تحالفا وتفاسخا، وعليه اقتصر عبق
لكن قد علمت أن ظاهر المصنف الاطلاق وهو مبين لما به الفتوى قاله شيخنا العدوي. قوله: (إن لم
يغلب الفساد) أي في ذلك العقد الذي وقع التنازع في صحته وفساده وإلا كان القول قول مدعي
الفساد ما لم يتقاررا على صحة العقد قبل تنازعهما وإلا فالقول قول مدعي الصحة. قوله: (كالصرف)
أي كمدعي فساد الصرف سواء بين وجه الفساد أم لا. قوله: (والمغارسة) بحث فيه البدر القرافي بأن
القول في القراض والمغارسة لمدعي الصحة ولو غلب الفساد فيهما وانظر ما وجهه. قوله: (وهل القول
لمدعي الصحة إن لم يغلب الفساد مطلقا الخ) هذا الحل يقتضي أن التردد في منطوق قوله لمدعي
الصحة إن لم يغلب الفساد مع اختلاف الثمن بهما وعدمه، وأما مفهوم الشرط وهو ما إذا غلب
الفساد فالقول لمدعيه اتفاقا سواء اختلف بهما الثمن أم لا وهو كذلك كما هو ظاهر كلامهم.
قوله: (أم لا) كأن يدعي أحدهما أن البيع وقت نداء الجمعة بعشرة ويدعي الآخر أنه وقع بعشرة قبل
النداء. قوله: (أي بالصحة) ومن المعلوم أن اختلاف الثمن لا يكون بالصحة فقط بل بالصحة والفساد
فلا بد من تقدير الفساد على هذه النسخة. قوله: (كدعوى أحدهما وقوعه على الأم الخ) اعترض
التمثيل بذلك لاختلاف الثمن بالصحة. والفساد بأن التفريق منهي عنه من غير فساد وإنما يفسخ
العقد إذا لم يجمعاهما في ملك فالفسخ لأجل عدم الجمع لا لأجل الفساد فالأولى للشارح حذف
هذا المثال والاقتصار على ما بعده تأمل. قوله: (وكدعوى البائع أن البيع بمائة الخ) أي وكدعوى
أحدهما بيع عبد حاضر بعشرة والآخر بيع عبد حاضر مع عبد آبق بعشرتين فقد اختلف الثمن.

193
قوله: (وهذا) أي ما ذكر من أن القول قول المشبه. قوله: (والغرم) أي لأنها إذا فاتت غرم المشتري
الثمن إن لم يفسخ البيع والقيمة إذا فسخ وعطف الغرم على الضمان للتفسير. قوله: (والمسلم إليه الخ)
حاصل فقه المسألة أنه قد عبق أنهما إذا تنازعا في جنس الثمن أو المثمن أو في نوعهما تحالفا وتفاسخا
في حالة القيام والفوات ولا فرق في ذلك بين بيع النقد والسلم، وأما إذا تنازعا في قدر الثمن أو المثمن
أو في قدر الاجل أو في الرهن أو الحميل فمع القيام يتحالفان ويتفاسخان لا فرق في ذلك بين بيع النقد
والسلم، وأما مع الفوات فينعكس السلم مع بيع النقد ففي بيع النقد يصدق المشتري بيمينه إن
أشبه أشبه البائع أم لا فإن انفرد البائع بالشبه صدق بيمينه فإن لم يشبه واحد منهما تحالفا وتفاسخا وفي السلم
إذا فات رأس المال عينا أو غيرهما الذي يصدق بيمينه البائع وهو المسلم إليه إن أشبه أشبه المسلم أيضا
أم لا وإن انفرد المسلم بالشبه فالقول قوله بيمينه فإن لم يشبها تحالفا وتفاسخا إذا كان التنازع في غير
قدر المسلم فيه ورد المسلم ما يجب رده من قيمة رأس المال أو مثله وإن كان التنازع في قدر
المسلم فيه لزم المسلم إليه سلم وسط. قوله: (الذي هو مظنة التصرف فيها والانتفاع بها) فطول الزمان الذي هو مظنة
لما ذكر على العين وهو بيد المسلم إليه منزل منزلة فوات السلعة المقبوضة في بيع النقد وقيل إن فوات
العين بالغيبة عليها. قوله: (أو به) فيه أنه بعد فوات رأس المال كيف يعقل الاختلاف في قدر
المسلم به وقد يقال يمكن أن المسلم إليه يدعي بعد يوم أو يومين من القبض أن ما قبضه بعض رأس المال
والباقي لم يقبضه والمسلم يدعي أن المقبوض رأس المال كله تأمل. قوله: (فسلم وسط) أي فيلزم
المسلم إليه سلم وسط وظاهره من غير يمين ا ه‍ عدوي فإذا كان بعض الناس من أهل البلد يسلم عشرة
دنانير في عشرة أرادب مثلا وبعضهم يسلمها في ثمانية وبعضهم يسلمها في اثني عشر يلزم الوسط وهو
العشرة. قوله: (وهذا الخ) علم من كلام الشارح أن قول المصنف والمسلم إليه مع فوات رأس
المال كالمشتري فيقبل قوله إن ادعى مشبها عام فيما إذا اختلفا في قدر المسلم به أو فيه
أو في قدر الاجل أو في الرهن أو الحميل وأن قوله وإن ادعيا ما لا يشبه فسلم وسط خاص بما إذا تنازعا في قدر المسلم
فيه فيعمم في أول الكلام ويخصص في آخره. قوله: (وغيرها) أي وهو المثل. قوله: (وإن اختلفا
في موضعه) أي في موضع المسلم فيه. قوله: (صدق مدعي موضع عقده) أي لأنهما لو سكتا عن
ذكر موضع القبض لحكم بموضع العقد وقوله صدق مدعي موضع العقد أي سواء كان المسلم
أو المسلم إليه. قوله: (وإلا فالبائع يصدق إن أشبه) أي لأنه غارم فقد ترجح جانبه بالغرم.
قوله: (تحالفا) أي وبدأ البائع وهو المسلم إليه باليمين. قوله: (قولان) ظاهر المدونة الثاني منهما وانظر
ما حكاه من الخلاف فيما يحصل به الفوات هنا فإن ظاهره أنه جار في رأس المال عينا كان أو غيرها
وقد تقدم في المسألة السابقة التفرقة بين ما تفوت به العين وما يفوت به غيرها قاله شيخنا. قوله: (فإن
تنازعا) أي في محل قبضه قبل فواته وقوله مطلقا أي ادعى أحدهما موضع عقده أو ادعيا
غيره أشبه أحدهما أم لا. قوله: (واحتاج الفسخ لحكم) أي فلا يحصل بمجرد تحالفهما ما لم
يتراضيا عليه. قوله: (كالآجال) أي في أن لهما حصة من الثمن. قوله: (وتقدم احتياج الفسخ فيها لحكم)

194
أي تقدم أنهما إذا تنازعا في قدر الاجل حلفا وفسخ إن حكم به. قوله: (كفسخ ما يقبض بمصر) يعني
أن العقد إذا وقع بينهما على أن المسلم يقبض المسلم فيه في مصر وأريد بها القطر بتمامه فإن العقد
يفسخ للجهل بالموضع الذي يقبض فيه السلم. قوله: (أي القطر بتمامه) وحده طولا من أسوان إلى
الإسكندرية وعرضه من عقبة أيلة لبرقة. قوله: (بالفسطاط) أي أو بمصر القاهرة لعدم الجهل،
والفسطاط بضم الفاء وكسرها، وسميت مصر القديمة بذلك لضرب عمرو بن العاص بها فسطاطه أي
خيمته حين فتحها وأرسل يستشير عمر بن الخطاب في سكناه بها أو في الإسكندرية لأنها دار
الملك إذ ذاك فقال عمر للرسول أيهما تبلغه راحلتي في أي وقت شئت فقال له: يا أمير المؤمنين لا تصل
إلى الإسكندرية إلا في السفن وتصل إلى المحل الذي هو فيه في أي وقت شئت فقال عمر: لا يسكن
أميري حيث لا تصل إليه راحلتي قل له يسكن حيث هو نازل. قوله: (وقضى بسوقها) حاصل كلام
الشارح أنه إذا اشترط المسلم قبض المسلم فيه بالفسطاط كان جائزا فإن حصل تنازع بين المسلم والمسلم
إليه في محل القبض من الفسطاط قضي بالقبض في سوق تلك السلعة من الفسطاط إن كان لتلك السلعة
سوق بالفسطاط وقال بعضهم: إن جعل الضمير راجعا للبلد كان مرتبطا بما قبله خاصا به أي وقضي بسوق
البلد المعد لتلك السلعة، وإن جعل الضمير راجعا للسلعة كما قال الشارح كان عاما لصدقه بما إذا أكريت
حمارا على حمل إردب مثلا للفسطاط فيلزم الحمار حمله على حماره لسوق تلك السلعة. قوله: (وإلا) أي وإلا يكن
لتلك السلعة سوق في تلك البلد ففي أي مكان منها أي من تلك البلد قضاه برئ من عهدته ويلزم المشتري
قبوله منه في ذلك المكان. قوله: (إلا لعرف خاص) أي إلا أن يكون العرف بالقضاء بمحل خاص وإلا عمل به.
باب السلم
قوله: (وهي سبعة) فيه إشارة إلى أن قول المصنف شرط السلم مفرد مضاف يعم جميع شروطه.
قوله: (قبض رأس المال) من إضافة المصدر لمفعوله أي قبض المسلم إليه رأس المال وإنما أكد بكله لفساد
جميعه بتأخير قبض شئ منها ولو يسيرا. قوله: (أصلا للمسلم فيه) أي لأنه لولا هو ما حصل وقوله سمي
أي ذلك المعجل. قوله: (فالمراد بالمال) أي المضاف إليه رأس. قوله: (أو تأخيره) أي رأس المال وذكر
الضمير لاكتساب المضاف التذكير من المضاف إليه. قوله: (ولو بشرط) أي هذا إذا كان تأخيرها
من غير شرط بل ولو كان تأخيرها بشرط ورد بلو قول ابن سحنون وغيره من البغدادين بفساد السلم
إذا أخر رأس المال ثلاثة أيام بشرط لظهور قصد الدين بالدين مع الشرط وعدم قصده مع عدم الشرط،
واختاره عبد الحق وابن الكاتب وابن عبد البر اه‍ بن. قوله: (لأنه عين الكالئ بالكالئ) أي ابتداء
الدين بالدين يعني في غير محل الرخصة لان السلم رخصة مستثناة من ذلك ومن بيع الانسان ما ليس
عنده. قوله: (ومعنى الخ) جواب عما يقال إن ظاهر المصنف أن التأخير المذكور من شروط السلم وليس
كذلك. وحاصل الجواب أن كلام المصنف في قوة قولنا شرط السلم أن لا يتأخر رأس المال أكثر
من ثلاثة أيام وهذا صحيح، أو يجاب بأن الشرطية منصبة على الأحد الدائر بين الامرين أي إن شرط
السلم أحد شيئين إما القبض أو التأخير ثلاثا فدون فإن فقدا بأن تأخرا أكثر فقد فقد الشرط. قوله: (أن لا
يتأخر الخ) أي بأن يقبض بالفعل أو يؤخر ثلاثة أيام تأمل. قوله: (أي معجلا الخ) أي فالشرطية
منصبة على الأحد الدائر بين الامرين وهذا يرجع في المعنى لما قاله الشارح. قوله: (وفي فساده الخ) حاصل
ما في المقام أنه إذا أخر رأس المال عن ثلاثة أيام فإن كان التأخير بشرط فسد السلم اتفاقا كان

195
التأخير كثيرا جدا بأن حل أجل المسلم فيه أو لم يكثر جدا بأن لم يحل أجله وإن كان التأخير بلا شرط
فقولان في المدونة لمالك بفساد السلم وعدم فساده سواء كثر التأخير جدا أو لا. إذا علمت هذا
تعلم أن في كلام المصنف أمورا أربعة: الأول: أن ظاهره سواء كانت الزيادة بشرط أم لا مع أن محل
الخلاف إذا كانت بلا شرط وإلا فسد العقد اتفاقا، الثاني: أن قوله إن لم تكثر جدا الأولى إسقاطه
لان ظاهره أن الزيادة إن كثرت جدا لا يختلف في الفساد وليس كذلك بل الخلاف في الزيادة بلا
شرط ولو كثرت جدا وحل أجل السلم، الثالث: أن تعبيره بالتردد ليس جاريا على اصطلاحه
فقد قال ح القولان كلاهما لمالك في المدونة، الرابع: كان من حق المصنف الاقتصار على القول
بالفساد لتصريح ابن بشير بأنه المشهور كما في نقل ح عنه انظر بن وإذا علمت هذا تعلم ما في عبارة
الشارح تبعا لعج. قوله: (أو كثر جدا) أي وكان التأخير بلا شرط. قوله: (فسد اتفاقا) أي فالاتفاق
في ثلاثة أحوال والخلاف في حالة واحدة وهي ما إذا حصلت الزيادة على ثلاثة أيام بلا شرط ولم
تبلغ أجل المسلم فيه. قوله: (وأن التأخير) أي مطلقا ولو من غير شرط. قوله: (وليس كذلك) أي بل
التأخير إذا كثر جدا إن كان بشرط كان مفسدا مطلقا حل الاجل أو لم يحل باتفاق وإن كان بغير
شرط أفسد اتفاقا إن حل الاجل وإلا فمن محل التردد هذا كلامه وقد علمت عدم صحته. قوله: (وجاز
بخيار) أي حال كونه ملتبسا بخيار وقوله لما يؤخر إليه اللام بمعنى إلى وما واقعة على زمان أو أجل
وضمير يؤخر راجع لرأس المال لا على ما فكان الواجب إبراز الضمير أي لما يؤخر هو إليه.
قوله: (ولو في رقيق ودار) ولو كان رأس المال رقيقا أي أو دارا وليس مراده أن الدار مسلم فيها لما سيأتي
من منع ذلك. قوله: (على المعتمد) اعلم أن ما ذكره من أن أمد الخيار هنا ثلاثة أيام في الأنواع كلها
هو ظاهر المدونة وذهب ابن محرز إلى أن الخيار يختلف هنا باختلاف جنس رأس المال من دار ورقيق
وغيرهما مثل ما تقدم في باب الخيار ورده عياض وابن عرفة انظر ح. قوله: (فيجوز نقده) الأولى
اشتراط الخيار مع نقده تطوعا. قوله: (مفسد) أي للسلم الواقع على الخيار. قوله: (كان مما يعرف بعينه
أم لا) إن قلت: إذا كان مما يعرف بعينه كثوب وحيوان فلا يلزم في نقده بشرط سلف فما وجه
منعه قلت: وجه المنع أن فيه دخولا على غرر لأنه على تقدير إذا تم البيع كان ثمنا وعلى تقدير عدم
تمامه كان المسلم إليه قد انتفع به باطلا، قاله أبو الحسن في كتاب الخيار. وكما لا يجوز للبائع اشتراط
النقد لينتفع به أمد الخيار كذلك لا يجوز للمبتاع اشتراط الانتفاع بالمبيع أمد الخيار لأنه غرر أيضا
لأنه إن لم يتم البيع كان قد انتفع بالسلعة باطلا من غير شئ ا ه‍ بن. قوله: (جائز) أي في السلم الواقع على
الخيار. قوله: (كسكنى دار) أي كأسلمك سكنى داري هذه أو خدمة عبدي فلان أو ركوب دابتي هذه
شهرا في إردب قمح آخذه منك في شهر كذا. قوله: (إن قبضت) أي المنفعة أي إن شرع في قبضها
وأشار بهذا إلى أن منفعة المعين سواء كان حيوانا أو عقارا أو عرضا كسفينة مثلا ملحقة بالعين
فلا بد من قبضها حقيقة أو حكما وقبضها بقبض أصلها ذي المنفعة والشروع في استيفائها منه فلا
بد من قبض أصلها حين العقد أو قبل مجاوزة أكثر من ثلاثة أيام والشروع في قبضها منه ويكتفي
بذلك في سلم المنفعة، ولو قلنا أن قبض الأوائل ليس قبضا للأواخر لان غاية ما يلزم عليه ابتداء الدين
بالدين وقد استخفوه في السلم. قوله: (ولو تأخر استيفاؤها عن قبض المسلم فيه) كأسلمك سكنى هذه
الدار سنة في إردب قمح آخذه منك بعد مضي شهر من هذه السنة. قوله: (بناء على أن قبض الأوائل
قبض للأواخر) هذا مرتبط بقوله ولو تأخر استيفاؤها عن قبض المسلم فيه أي وأما
على أن قبض الأوائل ليس قبضا للأواخر فلا يجوز إذا تأخر استيفاؤها عن قبض المسلم فيه.

196
قوله: (وإنما منعت عن دين) أي وإنما منع أخذ منفعة المعين عن الدين أي عند ابن القاسم وأما أشهب
فيجيز ذلك كما تقدم بناء على أن قبض الأوائل قبض للأواخر واستظهره ابن رشد وعمل به عج في
نازلة وهي أنه كان له حانوت فيه مجلد فترتب في ذمته أجرة فدفع له كتبا يجلدها له بما في ذمته من الدين.
قوله: (فلا يجوز) محل منع السلم بالمنافع المضمونة ما إذا لم يشرع المسلم إليه في استيفائها وإلا جاز كما في
خش تبعا للقاني قال بن وهو الظاهر، وعلى هذا فتقييد المصنف المنفعة بالمعين لا مفهوم له لان المعين
شرط في جواز السلم بمنافعه الشروع أيضا وإذا كان كذلك فلا فرق بينه وبين المنافع المضمونة ا ه‍ بن.
وقال عج لا يجوز السلم بالمنافع المضمونة مطلقا ولو شرع فيها متمسكا بظاهر النقل واقتصر
عليه عبق وهو ظاهر شارحنا واعتمده بعضهم كما قال شيخنا العدوي. تنبيه: لو وقع السلم
بمنفعة معين وتلف ذو المنفعة المعين قبل استيفائها رجع المسلم إليه على المسلم بقيمة المنفعة التي لم تقبض
ولا يفسخ العقد قياسا للمنفعة على الدراهم الزائفة انظر عبق. قوله: (وتأخير حيوان الخ) لما تكلم على
أن تأخير رأس المال عن الثلاثة الأيام إن كان عينا لا يجوز ذكر حكم تأخير رأس المال عن الثلاثة الأيام
إذا كان غير عين فقوله وتأخير حيوان أي عن الأيام الثلاثة. قوله: (بلا شرط) أي وأما مع الشرط
فلا يجوز التأخير إلا ثلاثة أيام فقط. قوله: (لأنه بيع معين يتأخر قبضه) لا يقال هذا التعليل موجود
فيما إذا كان التأخير بلا شرط لان محل منع بيع معين يتأخر قبضه إذا كان التأخير بشرط فقوله يتأخر
قبضه أي بالشرط تأمل. قوله: (إن كيل الطعام وأحضر العرض) أي والحال أنه لم يأخذه المسلم إليه
لحوزه بل تركهما في حوز المسلم. قوله: (لا يجوز الخ) أي لأنهما لما كانا يغاب عليهما أشبها العين فيؤدي
لابتداء الدين بالدين بخلاف الحيوان فإن تأخيره لا يؤدي لذلك لأنه يعرف بعينه فلا يقال له دين.
قوله: (والنقل أنه يكره) أي النقل أن القول الثاني يقول بالكراهة مطلقا لا بالحرمة مطلقا وظاهر
التشبيه بالعين أن ذلك القول قائل بالحرمة مطلقا، وأجاب الشارح بقوله فالمراد الخ أي أن مراد المصنف
التشبيه في عدم الجواز المستوى أو أنه تشبيه في مطلق النهي. والحاصل أن تأخير العرض والطعام
إذا كانا رأس مال عن الثلاثة الأيام إن كان بشرط منع مطلقا، وإن كان بلا شرط فالجواز إن كيل الطعام
وأحضر العرض في مجلس العقد وإلا كره وقيل بكراهة تأخيرهما بلا شرط مطلقا ولو كيل الطعام أو
أحضر العرض هذا حاصل النقل. قوله: (وجاز رد زائف) أي وجاز للمسلم إليه رد زائف ومن
المعلوم أن الزائف هو المغشوش بأن يكون الذهب أو الفضة مخلوطا بنحاس أو رصاص وأما لو وجد
المسلم إليه في رأس المال نحاسا أو رصاصا خالصا فلا يجوز للمسلم إليه رده على المسلم وأخذ بدله بل
يفسد مقابله حيث لم يرض به كما قاله سحنون، وهو المعتمد وظاهر المدونة عند أبي عمران أن ذلك
مثل المغشوش فيجوز للمسلم إليه رده على المسلم وأخذ بدله ويجب على المسلم أن يعجل له البدل وإلا
فسد ما يقابله. قوله: (ولو بعد شهرين) بل ولو بعد حلول الأجل. قوله: (وعجل بدله) أي ووجب على
المسلم أن يعجل بدله. قوله: (فيغتفر الثلاثة) أي فيغتفر تأخير رد البدل الثلاثة أيام ولو بالشرط وأما
التأخير أكثر منها فلا يجوز ولو من غير شرط ويفسد السلم فيما قابل الزائف. قوله: (وهذا) أي
وجوب تعجيل رد البدل حقيقة أو حكما وعدم اغتفار ما زاد على الثلاثة. قوله: (جاز التأخير) أي
لرد البدل وقوله ما شاء ولو بشرط أي بأن شرط عليه عند العقد أنه إذا رد زائفا ظهر له لا يدفع
له بدله إلا بعد جمعة مثلا. قوله: (وألا يعجل) أي بدل الزائف. قوله: (فسد ما يقابله) أي الزائف
وصح الباقي إعطاء للتابع حكم نفسه وهذا قول أبي عمران الفاسي واستحسنه ابن محرز فقوله على

197
الأحسن راجع لقوله فسد ما يقابله. قوله: (لا الجميع) أي ولا يفسد الجميع خلافا لما قاله أبو بكر بن
عبد الرحمن. قوله: (إذا كان الخ) ظرف لقوله فسد ما يقابله. وحاصله أن فساد ما يقابل الزائف
فقط مقيد بقيود أن يكون رأس المال عينا وأن يقوم المسلم إليه بالزائف وأن يكون الباقي من الاجل
عند قيامه ثلاثة أيام فأكثر وأما لو قام بعده أو قبله بيومين فلا يفسد ما يقابله ويجب إبداله وأن
لا يدخلا عند العقد على تأخير بدل ما يظهر زائفا تأخيرا كثيرا. قوله: (فإن لم يقم بالبدل) أي فإن لم يقم
المسلم إليه ببدل الزائف أي فإن لم يطالب به. قوله: (وكذا إن كان الخ) أي وكذا يفسد العقد إن كان
رأس المال غير عين ووقع عقد السلم على عينه ثم ظهر فيه كلا أو بعضا عيب وأما إن كان رأس المال غير
عين ولم يقع العقد على عينه بل كان موصوفا فلا يفسد العقد إذا ظهر فيه أو في بعضه عيب بل يلزم المسلم
أن يأتي ببدل ذلك المعيب. قوله: (بمعنى المسلم فيه) أي لا بمعنى المسلم به لما مر أنه لا يجوز التصديق في
رأس مال السلم. قوله: (لما قدمه من منعه) أي من منع التصديق في معجل قبل أجله أي خوفا من ظهور
نقص فيلزم عليه ضع وتعجل وظهور زيادة فيلزم عليه حط الضمان وأزيدك. قوله: (كطعام من بيع)
أي على الحلول. قوله: (الزيد والنقص) لف ونشر مرتب على قوله لك وعليك أي فلك الزيادة وعليك
النقص سواء قامت عليه بينة أم لا وحكى ح هنا الخلاف إذا اشترى دارا على أنها ثلاثون ذراعا مثلا
فوجدت أكثر هل يفوز به المشتري أو يكون شريكا في الزائد وأما إذا وجدها المشتري أنقص
فإنه يخير. قوله: (المعروف فيهما) أي الذي جرى به العرف بين الناس كما لو وجد الأردب ثلاثا
وعشرين ربعا أو خمسا وعشرين ربعا فإن هذا جرت به عادة الناس في الغالب فلا رجوع للمشتري
بعد التصديق على البائع بشئ في النقص ولا رجوع للبائع في حالة الزيادة. قوله: (وترك هذا) أي
الكلام على الزيادة الفاحشة. قوله: (وشهدت بما قال المشتري) أي شهدت بأنه حين الكيل كان ناقصا
لهذا القدر الذي ادعاه المشتري. قوله: (فيرجع بجميع النقص) أي ولا يترك له قدر المتعارف ثم إنه
إن كان الطعام مضمونا كما في السلم رجع بمثل النقص وإن كان الطعام معينا كما في البيع رجع بحصة
النقص من الثمن كما في المدونة ا ه‍ بن. قوله: (عند عدم التصديق) أي تصديق المسلم إليه والبائع على
النقص. قوله: (والبينة) أي وعند عدم البينة التي تشهد للمسلم أو المشتري بالنقص الذي يدعي به.
قوله: (المصدق له) أي على الكيل. قوله: (بل بعث به) أي بالمكيل وقوله إليه أي إلى المسلم أو المشتري وقوله
من دين له أي للمسلم إليه أو البائع وذلك بأن اكتاله وكيل البائع أو مدينه وأرسله للمشتري وكتب ذلك
الوكيل أو المدين ورقة للبائع أخبره بذلك أو أرسل له رسولا أخبره بذلك أو أخبره هو بنفسه بذلك
القدر الذي اكتاله وأرسله إلى المشتري. قوله: (الصواب لقد وصله) أي لان هذا جار في مسألة البيع
والسلم والمشتري والمسلم لا ينازع في البيع لحصوله باتفاقهما وإنما النزاع في أنه هل وصل له أو أرسل له
ما كتب به إليه أم لا فيحلف لقد وصلك أو أرسل إليك القدر الذي كتب لي به وكيلي أو مديني أو القدر
الذي قال لي عليه وكيلي أو مديني أي أخبرني به مباشرة أو مع رسول، وقوله لقد وصله أي وصل للمشتري
أو للمسلم. قوله: (إن أعلم الخ) هذا شرط في اليمين الثانية أي إنما يحلف المسلم إليه أو البائع على هذه الكيفية إذا

198
كان المسلم إليه أعلم المسلم أو البائع أعلم المشتري قبل ذلك حين أخذه للطعام أنه لم يحضر الكيل وأن وكيلي
أو مديني كتب إلي كتابا أن الطعام الذي أرسله إليك قدره كذا وكذا وقبله على هذا الوجه ثم ظهر له
النقص الفاحش. قوله: (بأن لم يحلف) أي وإن لم يحلف لقد أوفاه ما سمي فيما إذا اكتاله بنفسه أو حضر
كيله وقوله أو لم يعلمك يا مشتري أي أو لم يعلمك البائع يا مشتري أن مدينه أو وكيله أعلمه أن الطعام
الذي أرسله إليك قدره كذا وقوله في الثانية أي فيما إذا لم يكتله ولم يحضر كيله. قوله: (ورجعت) أي على
البائع بالطعام إن كان مضمونا كما في السلم أو بحصته من الثمن إن كان الطعام معينا كما في البيع على النقد.
قوله: (وحلف البائع أو المسلم إليه في الثانية الخ) حاصله أن المسلم إليه إذا لم يعلم المسلم في الحالة الثانية
فإن المسلم يحلف فإن حلف رجع بالنقص فإن نكل حلف المسلم إليه أنه وصل إليه الطعام على ما كتب به
إليه، فإن حلف برئ ولا شئ للمسلم، وإن نكل غرم النقص للمسلم أو المشتري، وأما في الحالة الأولى وهي
ما إذا باشر كيل الطعام أو حضره أو لم يحضره، ولكن أعلم المسلم إليه المسلم بذلك إن حلف المسلم إليه فقد
برئ وإن نكل حلف المسلم أو المشتري ورجع بالنقص فإن نكل أيضا فلا شئ وليس له رد اليمين على
المسلم إليه لأنه نكل أولا. قوله: (عرضا يغاب عليه) أي سواء كان طعاما أو غيره. قوله: (فهو) أي ضمانه
منه أي لانتقاله بالعقد الصحيح. قوله: (إن أهمل) أي إن تركه المسلم إليه عند المسلم هملا وكسلا
لتمكنه من قبضه. قوله: (بأن يستثني) أي المسلم وقوله منفعته أي يومين أو ثلاثة فقط. قوله: (أو يستأجره
من المسلم إليه) أي وحينئذ السلم ثابت ويضيع رأس المال على المسلم إليه وهذا إذا كان الهلاك بسماوي
فإن كان بجناية أحد رجع عليه المسلم إليه بمثله إن كان مثليا وبقيمته إن كان مقوما. قوله: (إن لم تقم
بينة لك بهلاكه منك أو من غيرك) أي وادعيت أن هلاكه بسماوي أو من أجنبي. قوله: (وكذا إن تركه
على وجه الخ) أي لان الموضوع أنه مما يغاب عليه ولم تقم بينة بهلاكه. قوله: (وحلف المسلم) أي
ففاعل حلف هو المسلم المخاطب بقوله ومنك الخ وإنما التفت من الخطاب في قوله ومنك إلى
الغيبة في قوله وحلف ولم يقل وحلفت لان قوله وحلف، والأخير ليس من كلام المدونة الذي ذكره
المصنف بقوله وإن أسلمت عرضا الخ وإنما هو تقييد للتونسي. قوله: (لأنه يتهم على تغييبه) أي لأنه يتهم
على أنه أخفاه وادعى هلاكه. قوله: (لكان أظهر في المراد) أي وهو أن محل نقض السلم في الأخير إذا
حلف المسلم على هلاكه. قوله: (وهذا) أي محل ضمان المسلم في الأخير ونقض السلم إن حلف حيث لم
تشهد الخ وهذا مفهوم قول الشارح إن لم تقم بينة ولو جعله الشارح مفهوما للمتن كان أحسن على أنه
سيأتي له أدراج هذا تحت قوله ويتبع الجاني فتأمل. قوله: (فضمانه من المسلم إليه) أي فالسلم ثابت وضاع
رأس المال على المسلم إليه وهذا إذا كان ذلك الأجنبي الذي شهدت البينة بإتلافه غير معلوم وأما إن علم
كان الضمان منه كما يأتي له في قوله ويتبع الجاني. قوله: (فضمانه منه) أي فيغرم قيمته للمسلم
إليه أو مثله. قوله: (وأخذ قيمته) أي إن كان مقوما أو مثله إن كان مثليا والحاصل أن
رأس المال إذا كان مما يغاب عليه وهلك بيد المسلم على وجه العارية أو التوثق، فإن قامت بينة على
أن أحدا أهلكه كان الضمان منه ولا ينقض السلم، وإن لم تقم بينة على هلاكه كان الضمان من المسلم
وينقص السلم إن حلف، فإن نكل خير المسلم إليه في نقضه وإمضائه والرجوع بقيمة رأس المال أو مثله
على المسلم. قوله: (وإن أسلم حيوانا أو عقارا) أي فأفلت الحيوان أو أبق أو انهدم العقار بغير فعل أحد

199
أو بفعل أحد العاقدين أو غيرهما السلم ثابت لكن إن هدمه أو أفلته المسلم إليه فالامر ظاهر، وكذا
إذا هدم أو أبق بنفسه وإن هدمه أو أفلته المسلم أو أجنبي رجع المسلم إليه عليه بقيمته كما قال
المصنف ويتبع الجاني. قوله: (في هذه) أي في هذه المسألة وهي إسلام ما لا يغاب عليه من عقار أو حيوان
والمراد بالسابقة ما إذا أسلم عرضا يغاب عليه. قوله: (وهو) أي الجاني في المسألة السابقة أما المسلم الخ.
قوله: (عند عدم البينة) أي وذلك عند عدم البينة بإتلافه له والحال أنه قد وضع عنده للتوثق أو العارية وهذا
لا يظهر إلا إذا نكل المسلم عن اليمين واختار المسلم إليه بقاء السلم وأما إذا حلف وفسخ السلم فلا
يعقل رجوع المسلم إليه على المسلم الجاني ولو قال الشارح وهو إما المسلم وذلك حيث اعترف أو قامت
عليه بينة بالتلف أو لم تقم عليه بينة به والحال أنه قد وضع عنده للتوثق أو العارية كان أولى.
وحاصل ما في المقام أن الحيوان أو العقار إذا ترك هملا عند المسلم أو وديعة أو للانتفاع فانفلت الحيوان
أو انهدم العقار بنفسه فالضمان من المسلم إليه والسلم ثابت مثل ما لو كان رأس المال عرضا فإن انهدم العقار
أو أفلت الحيوان بجناية أجنبي أو المسلم فالضمان من الجاني والسلم ثابت، وأما لو كان الحيوان أو العقار
عند المسلم للتوثق أو عارية ثم إنه تلف من غير بينة على إتلاف أحد له فضمانه من المسلم والسلم ثابت وليس
كالعرض في أن السلم ينقض إن حلف المسلم على هلاكه لأنه لا يمين هنا على المسلم لان الحيوان والعقار
لا يغاب عليه حتى أنه يطالب باليمين لرد تهمة إخفائه، وإن قامت البينة على تلفه بجناية الأجنبي أو أقر
بذلك كان الضمان منه والسلم ثابت كالعرض، وإن قامت البينة على تلف المسلم له أو أقر بذلك فالضمان منه
والسلم ثابت وليس للعقار والحيوان حالة يخير فيها المسلم إليه بين الفسخ والابقاء كالعرض كما أنهما
ليس لهما حالة يتعين فيها نقض السلم بخلاف العرض. قوله: (وأن لا يكونا طعامين) فلا يجوز أن تقول
لآخر أسلمك أردب قمح في أردب قمح أو فول ولا يجوز أسلمك دينارا في دينار فإن وقع بلفظ
القرض أو السلف جاز. واعلم أن الفلوس الجدد هنا كالعين فلا يجوز سلم بعضها في بعض وإنما امتنع
أن يكونا طعامين أو نقدين لأدائه لربا الفضل والنساء عند تحقق الزيادة أو لأدائه لربا النساء عند
تماثل رأس المال للمسلم فيه، فقوله وأن لا يكونا طعامين ولا نقدين أي سواء تساوى رأس المال
والمسلم فيه أو زاد أحدهما على الآخر، وأما قوله ولا في أكثر منه أو أجود هذا في غير الطعامين والنقدين
ا ه‍ بن ومفهوم قوله ولا في أكثر منه أو أجود جواز سلم الشئ في مثله من غير النقدين والطعامين
كقنطار من الكتان أبيض في مثله كما سيقول المصنف والشئ في مثله قرض. قوله: (ولا شيئا) أي
وأن لا يكون رأس المال شيئا أسلم في أكثر منه من جنسه. قوله: (كثوب في ثوبين) أي وكسلم قنطار
كتانا في قنطارين وكإردب جبس في إردبين. قوله: (أو في أجود منه من جنسه) كثوب ردئ في جيد
وكقنطار كتانا أبيض في قنطار من كتان أسود لان الأبيض أجود. قوله: (لما فيه من ضمان بجعل)
أي من تهمة ضمان بجعل فإذا أسلمت ثوبين في ثوب فكأن المسلم إليه ضمن للمسلم ثوبا منهما للأجل وأخذ
الثوب الآخر في نظير ضمانه وإنما اعتبروها هنا وألغوها في بيوع الآجال لان تعدد العقد هناك
أضعفها. قوله: (إلا أن تختلف المنفعة) أعلم أن المسألة ذات أوجه أربعة لان رأس المال والمسلم فيه إما أن
يختلفا جنسا ومنفعة معا ولا إشكال في الجواز كسلم العين في الطعام والطعام في الحيوان، وإما أن يتفقا معا
ولا إشكال في المنع إلا أن يسلم الثمن في مثله فيكون قرضا، وإما أن يتحد الجنس وتختلف المنفعة وهو المراد
هنا، وإما أن تتحد المنفعة ويختلف الجنس كالبغال والبراذين من الخيل وفيه قولان فمن منع نظر إلى أن
المقصود من الأعيان منافعها ومن أجاز نظر إلى اختلاف الجنس وهو الراجح كما يأتي في قول المصنف ولو
تقاربت المنفعة انظر بن. قوله: (المتعددة) أي فلا بد من سلم الحمار السريع المشي في متعدد غير سريع

200
أو العكس وأما سلم الواحد في الواحد فلا يجوز لقول المصنف أو أجود إلا أن يختلفا بالصغر والكبر
وإلا جاز إن عجل الصغير كما يأتي كذا في خش وعبق. وقال بن تعبير المصنف بالاعرابية المفيد للتعدد
تبع فيه لفظ المدونة وليس المراد اشتراط ذلك كما توهم بدليل أن المدونة عبرت أيضا بالافراد فقالت
كاختلاف الحمار الفارة النجب بالحمار الاعرابي فيجوز ا ه‍. وفي المتيطية ويجوز أن يسلم حمار يراد
للحميل في آخر يراد للركوب ا ه‍. وذكر بن قبل هذا الكلام أن الذي يفيده كلام اللخمي
أنه لا يشترط اختلاف العدد إلا مع ضعف اختلاف المنفعة أما إذا قوي اختلاف المنفعة فيجوز
السلم ولو اتحد العدد وقبله ابن عرفة وابن غازي في تكميل التقييد، واختاره شيخنا قائلا أن هذا هو
الذي يقتضيه قولهم إن اختلاف المنافع يصير الجنس كالجنسين وما قيل هنا يقال فيما يأتي بعد.
قوله: (وهي الضعيفة السير) أشار إلى أن المراد بالاعرابية ضعيفة السير سواء كانت منسوبة للأعراب أي
سكان البادية أو كانت مصرية لا خصوص المنسوبة للأعراب وإلا لاقتضى أنه لا يجوز سلم حمار
سريع السير في متعدد من المصرية ضعيف غير سريع كحمار الجباسة والترابين وليس كذلك بل هو جائز
على المعتمد إذ المدار على الاختلاف في المنفعة. قوله: (سابق الخيل) أي وهو الذي يسبق غيره في حال
الرماحة به. واعلم أن الخيل إما أعرابية وهي ما كان أبواها من الخيل وإما أعجمية وهي البرذونة وهي
ما كان أبوها من الخيل وأمها من البقر والعربية قسمان منها ما كان متخذا للرماحة والجري وحسنها
بكثرة سبقها لغيرها ومنها ما هو غير متخذ للرماحة بل للهملجة أي للمشي درجا كالرهوان وحسنها
بسرعة مشيها وكثرة درجها، وأما الأعجمية فهي ما اتخذ للحمل وهي تارة تكون كثيرة الهملجة
والدرج وتارة لا تكون كذلك أي لا درج ولا جرى فيها فالهملجة يتصف بها كل من الاعرابية
والبرذون. إذا علمت هذا فيجوز سلم أحد النوعين الأعرابيين في الآخر الواحد في اثنين أو في واحد
على ما مر ويجوز سلم كل واحد من النوعين في النوع الثالث الذي هو البرذون الواحد في اثنين
وعكسه ويجوز سلم النوع الأول من الاعرابية وهي التي سبقها كثير في فرسين أعرابيين من
نوعها ليس سبقهما كثيرا، وأما النوع الثاني وهو الذي لا سبق له بل له درج فلا يجوز سلم الواحد في
اثنين من نوعه. إذا علمت هذا فقول المصنف وسابق الخيل أي يجوز سلمه في نوعه الواحد في اثنين
وقوله لا هملاج الهملجة سرعة السير أي السير درجا فالهملاج هو الرهوان أي لا يجوز سلمه في نوعه
الواحد في اثنين إلا أن ينضم للهملجة برذنة فيجوز وذلك كالبرذون المتصف بالهملجة فيجوز
أن يسلم في اثنين عربيين اتصفا بالهملجة بل ويجوز أيضا سلم البرذون الهملاج في برذونين
خاليين عن الهملجة كما هو المتبادر من كلام ابن حبيب اه‍ تقرير شيخنا العدوي. قوله: (أي سريع
المشي) أي عنده سرعة درج في المشي من غير رماحة وقوله منها حال أي حال كونه من الخيل.
قوله: (مما ليس له السرعة) أي والحال أن فيه هملجة. قوله: (ولا يلزم منها) أي من الهملجة. قوله: (أن يكون
سابقا) أي لغيره في الرماحة لما علمت أن الهملاج لا رماحة عنده. قوله: (أبواه أعجميان) لعل المراد أن
أبواه منشؤهما بلاد العجم أي أن أبواه منسوبان لبلاد العجم بحسب الأصل وإلا فالبرذون ما تولد من
الخيل والبقر قرره شيخنا. قوله: (وجمل كثير الحمل) أي أنه يجوز أن يسلم الجمل إذا كان يحمل كثيرا في واحد
أو اثنين معدين للحمل لكن حملهما قليل وقوله وبسبقه أي يجوز سلم المعد للسبق كالهجين في المعد للسبق
من جنسه الذي هو أقل سبقا وأما سلم المعد للحمل في المعد للركوب والسبق والعكس فهو جائز بالأولى
وقوله وصحح وبسبقه أشار به لاختيار ابن عبد السلام اعتبار السبق واعلم أن الإبل صنفان صنف

201
يراد للحمل وصنف يراد للركوب لا للحمل وكل صنف منهما صنفان جيد وردئ فيجوز أن يسلم
ما يراد للحمل فيما يراد للركوب والسير عليه جيد أحدهما في جيد الآخر وفي رديئة والردئ في الجيد
وكذلك في الردئ اتفق العدد أو اختلف، وأما إذا كان كل من رأس المال والمسلم فيه مما يراد للحمل أو
الركوب فلا يجوز أن يسلم الجيد في الردئ ولا عكسه ويجوز أن يسلم جيدا في رديئين فأكثر وعكسه
ولا يجوز أن يسلم واحدا في واحد تقدم الجيد أو الردئ لأنه سلف جر نفعا إن تقدم الردئ وضمان
بجعل إن تقدم الجيد انظر بن. قوله: (وبقوة البقرة) أي فيجوز أن يسلم ثورا قويا على العمل في اثنين
ضعيفين لا قوة لهما مثله على العمل وهذا عطف على المعنى أي إلا أن تختلف المنفعة بالفراهة وبقوة
البقرة. قوله: (ولو أنثى) رد بلو على من قال أن المبتغى من الأنثى اللبن لا القوة وحينئذ فلا يجوز سلم
واحدة في اثنين أقل قوة منها. قوله: (وكثرة لبن الشاة) أي فيجوز سلم شاة كثيرة اللبن في اثنتين ليس
فيهما كثرة لبن وكذا يقال في الجاموس والبقر فظهر أن البقر يعتبر في اختلاف منافعها أمران خلافا
لظاهر المصنف. قوله: (وظاهرها عموم الضأن) أي عموم الشاة للضان لان قولها إلا شاة غزيرة اللبن
يقتضي أن المدار على غزارة اللبن ولا فرق بين معز وضأن ونص المدونة ولا يجوز أن يسلم ضان الغنم
في معزها ولا العكس إلا شاة غزيرة اللبن موصوفة بالكرم فلا بأس أن تسلم في حواشي الغنم فشمول
لفظ شاة للضان إنما هو من جهة العلة وهو غزارة اللبن لان تعليق الحكم بمشتق يؤذن بعلية مأمنه
الاشتقاق وإلا فلفظ شاة لا عموم فيه بل مطلق وحينئذ فمراد المصنف بالعموم العموم اللغوي وهو
الشمول لا الاصطلاحي وهو استغراق اللفظ الصالح له من غير حصر وذلك لان العموم الاصطلاحي
من عوارض الألفاظ العامة وشاة ليس منها، وأما شمول اللفظ لشئ آخر فمنظور فيه للعلة كما
هنا فإن شمول الشاة للضان إنما هو من جهة العلة كما قلنا. قوله: (وصحح خلافه) أي وصحح
ابن الحاجب خلاف ظاهرها من عموم الشاة للضان فلا يجوز سلم النعجة في حواشي الغنم ولو كان لبنها
غزيرا بخلاف المعزة الغزيرة اللبن فإنه يجوز سلمها في حواشي الغنم وذلك لان اللبن في الضان كالتابع
لمنفعة الصوف ولان لبنها غالبا أقل من لبن المعز، وأما المعز فمنفعة شعرها يسيرة ولبنها كثير فهو
المقصود منها. قال اللقاني: وما صححه ابن الحاجب هو المذهب وكتب بعضهم أن قول المصنف
وظاهرها الخ هو المعتمد وأن قوله وصحح ضعيف قاله شيخنا. قوله: (من كل الأجناس) أي إلا
ما يخرجه بعد من الآدمي والغنم. قوله: (فيجوز) أي لان اختلاف المنفعة صيرتهما كالجنسين فصار
مبايعة خالية عن السلف بزيادة والضمان بجعل. قوله: (إن لم يؤدي ما ذكر بعد الكاف) أشار الشارح بهذا إلى
أن الشرط المذكور راجع للأربع صور قبله التي بعد الكاف المتفق عليه منها وهما الأوليان والمختلف
فيه منها وهما الأخيرتان لا أنه راجع للأخيرتين فقط. قوله: (إن لم يؤد إلى المزابنة) أي فإن أدى لها منع
وقوله بأن يطول الخ تصوير للتأدية للمزابنة وفيه إشارة إلى أن المراد هنا بالمزابنة الضمان بجعل في
الأول والجهالة في الثاني وليس المراد بها معناها المتقدم وهي بيع مجهول بمجهول أو بمعلوم من جنسه
وإن كان يمكن أن تكون هنا من الأول أعني بيع مجهول بمجهول نظرا لجهل انتفاع المسلم والمسلم
إليه برأس المال والمسلم فيه. قوله: (إلى ضمان بجعل) لان المسلم كأنه قال للمسلم إليه اضمن لي هذا
لأجل كذا فإن مات ففي ذمتك وإن سلم عاد إلي وكانت منفعته لك والثاني لك في ضمانك. قوله: (فكأنه
قال له خذ هذين الكبيرين) الأولى حذفه والاقتصار على ما بعده إذ ليس في صورة مما سبق يسلم فيها
كبيران لا في صغير ولا في كبير تأمل. قوله: (وتؤولت على خلافه) راجع لمسألة الانفراد

202
أي سلم صغير في كبير وعكسه فهي التي فيها الخلاف فظاهر المدونة جوازه وعليه حملها ابن لبابة وابن
محرز وغيرهما واختاره الباجي. وقال ابن الحاجب أنه الأصح وتأول أبو محمد المدونة على عدم الجواز
وأما سلم صغرين في كبير وعكسه فهو جائز اتفاقا بشرطه وهو عدم طول الاجل جدا بحيث يؤدي
للمزابنة، والتأويل الثاني ضعيف والمعتمد الأول كما قال شيخنا العدوي. قوله: (في جذع أو جذوع) أي
فالمسلم فيه لا يشترط فيه التعدد ومثل ما للشارح لخش وشب قال شيخنا العدوي وظاهر المدونة أنه
لا بد من تعدده والواجب الرجوع له لكن قد علمت مما مر عند فاره الحمر أن المسألة ذات طريقتين
وهما هل يشترط تعدد المسلم فيه إذا أسلم بعض أفراد الجنس المختلفة المنفعة في بعض أو لا يشترط التعدد،
والشارح قد مشى فيما تقدم على اشتراط التعدد ومشى هنا على عدم اشتراطه. قوله: (في غيره) أي من
جنسه وإلا فلا يشترط طول ولا غلظ وهذا على أن الخشب أجناس وهو الراجح. قوله: (خلافا لابن
الحاجب) حيث اكتفى بالغلظ. والحاصل أن ابن الحاجب يقول إن وجدا معا جاز وإن وحد
الطول فقط منع وإن وجد الغلظ فقط جاز فالمدار في الجواز عنده على الغلظ والمعتمد كلام ابن
الحاجب والفرق بين الغلظ والطول أن الغلظ لا يتأتى معه اخراج جذوع من الجذع إلا بمشقة بخلاف
الطول فقط فإنه يمكن ذلك معه بسهولة كقطعه قطعا ا ه‍ عدوي. قوله: (واعترضت هذه المسألة بأن
الكبير) أي وهو الطويل الغليظ المسلم. قوله: (وأجيب الخ) حاصله أن مراد المصنف بالغير المسلم فيه
جذوع مغايرة للطويل الغليظ في وصفيه وإنما تكون جذوعا إذا كانت خلقة ليس فيها نجر ولا نحت
وإلا كانت جوائز لا جذوعا فعلى هذا إذا كان المسلم فيه جوائز منع السلم. قوله: (ما ليس من نوع الصغير الخ)
فيه شئ لأنه إذا كان الخشب أنواعا فلا يشترط الكبر ولا الصغر وقد تقدم أو الكلام اعتبار
ذلك. قوله: (وهو الراجح) مقابله أن الخشب كله جنس فلا يجوز سلم بعضه في بعض ما لم تختلف منفعته
كالألواح للأبواب والجوائز للسقف، وهذا القول هو ظاهر المصنف كالمدونة. قوله: (دونه فيهما) أي
دونه في القطع والجوهرية معا وإنما جاز لتباعد ما بينهما حينئذ. قوله: (لا في أحدهما) أي لا إن كان
السيفان دونه في القطع فقط أو في الجوهرية فقط، فلا يجوز لعدم التباعد فإن استويا معه في القطع
والجوهرية منع اتفاقا لأنه سلم الشئ في أكثر منه من جنسه، وظاهر قوله في سيفين منع سلم سيف
قاطع جيد الجوهرية في سيف واحد دونه فيهما وهو أحد قولين كما تقدم في فاره الحمر. قوله: (وكالجنسين)
ليس في كلامه ما يعطف هذا عليه إلا قوله كفاره الحمر لكن يبعده أن قوله كفاره الحمر مثال للجنس الواحد
الذي اختلفت فيه المنفعة فلا يصح اندراج هذا فيه فلو حذف المصنف الواو من هنا واقتصر على الكاف
كان أولى قال ابن عاشر، وهذه المسألة والتي بعدها مقحمتان بين نظائر من نمط واحد ا ه‍ بن وقال شيخنا
يصح عطف قوله وكالجنسين على معنى قوله إلا أن تختلف المنفعة وكأنه قال الجنس الواحد لا يسلم
بعضه في بعض إلا أن تختلف المنفعة والجنسان يسلم أحدهما في الآخر ولو تقاربت المنفعة. قوله: (ولو
تقاربت المنفعة) أي بخلاف متحد الجنس فلا بد فيه من اختلاف المنفعة كما مر كسلم غليظ ثياب كتان
في رقيقها ورقيق غزل في غليظه وعكسه وأما سلم غليظ ثياب كتان في غليظ مثلها أو رقيقها في مثله
فالمنع لعدم اختلاف المنفعة. قوله: (فأولى الخ) وجه الأولوية اختلافهما بالمنفعة اختلافا قويا
زيادة على اختلاف الجنسية. قوله: (مثله) أي في الصفة أعني السبق والقوة على الحمل.
قوله: (صفة لجملين) أي لان مثل لا تتعرف بالإضافة لتوغلها في الابهام فهي نكرة كموصوفها وشدة إبهامها
وتوغلها فيه منع تثنيتها بدليل الزيدان أو الزيدون مثل عمرو. قوله: (فلا يجوز على المشهور)
مقابله جواز ذلك وفي المواق ما يفيد أن القول بالجواز هو المعتمد لأنه رواية ابن القاسم عن مالك

203
وذكر أن المقابل له القول بالكراهة فقط لا بالمنع كما هو ظاهر المصنف ونص ابن عرفة عن المازري
وفي جمل في جملين مثله أحدهما نقد والآخر مؤجل روايتان بالجواز والكراهة فبالأولى أخذ ابن
القاسم وبالثانية أخذ ابن عبد الحكم وسحنون ا ه‍. قال بن وقد حمل بعضهم الكراهة المروية عن مالك
على المنع ورجحه عبد الحق وأبو إسحاق التونسي وحينئذ فلا اعتراض على المصنف. قوله: (وأولى إذا
أجلا معا) وجه الأولوية أنه سواء تعلق الغرض بهذا أو بهذا فقد تحقق السلف مع النفع بخلاف
مسألة المصنف فإنه لا يتحقق السلف إلا بالنظر لجهة واحدة. قوله: (فإن كانا معا الخ) هذا مفهوم قول
المصنف مثله وقوله أجود أي من الجمل المسلم. واعلم أن ذلك المفهوم فيه تفصيل وحاصله أنه إذا دفع
جملا أدنى في اثنين أجود منه جاز ذلك عجلا أو أجلا أو أجل أحدهما، وكذا لو دفع جملا أجود في اثنين
رديئين فهذه صور ست حكمها الجواز. وقد ذكرها الشارح وأما لو دفع جملا في جملين أحدهما أعلى من
رأس المال والثاني أدنى منه فإن عجلا معا أو عجل الأعلى فأجز وإن أجلا معا أو عجل الأدنى فامنع وإن
دفع جملا في جملين أحدهما مساو للجمل المدفوع رأس مال والآخر أعلى منه فأجز إن عجلا أو عجل
المساوي، وإن أجلا أو أجل المساوي وعجل الأعلى فامنع لأنه لما أجل المساوي صار الغرض ملتفتا
له فهو سلف جر نفعا، وإن دفع جملا في جملين أحدهما أدنى والثاني مساو جاز إن عجلا أو عجل المساوي
وأخر الأدنى وإن أجلا أو أجل المساوي وعجل الأدنى فامنع فالصور إحدى وعشرون صورة
منطوقا، ومفهوما وهذا التفصيل نقله ابن عرفة عن اللخمي ومقتضى كلام التوضيح أنه لا مفهوم
لقول المصنف مثله بل المنع مطلقا إذا أجل أحدهما أو أجلا معا ونحوه قول ح لا مفهوم لقوله مثله
وإنما هو تنبيه بالأخف على الأشد. قوله: (صنعة شرعية) أي كالصيد به وتوصيل الكتب واحترز
بالشرعية من غيرها أي كتعليمه الكلام والصياح فإنه لا يوجب جواز السلم في متعدد غير معلم.
قوله: (فيسلم الواحد) أي المعلم في الواحد أو في الأكثر غير المعلم أي إذا كان من
نوعه وأولى إذا كان من غير نوعه، وأما سلم واحد بلا تعليم في أكثر منه من غير صنعة بلا تعليم فيجوز بناء على ما نقله ابن رشد في
المقدمات من أن الطير أجناس لا على سماع عيسى من ابن القاسم وهو المعتمد أن الطير جنس وحينئذ
فلا يسلم بعضه في بعض إلا إذا اختلفت منفعته بالتعليم. قوله: (وليس كمسألة فاره الحمر الخ) أي لان قوة
الاختلاف بالتعليم كقوة الاختلاف بالصغر والكبر في غير الآدمي ثم ما ذكره من اشتراط التعدد
في فاره الحمر قد علمت أنه أحد قولين والمعتمد عدم اشتراط التعدد فيها كما مر. قوله: (في غيرها) أي في
اثنين غير بيوض لعدم الاختلاف في المنفعة وأما في واحدة غير بيوض فجائز لأنه قرض. قوله: (ولا
الذكورة الخ) أي ولا تختلف المنفعة في الحيوان مطلقا سواء كان طيرا أو غيره بالذكورة والأنوثة فليس
هذا راجعا للطير فقط بدليل قوله ولو آدميا فلا تسلم الدجاجة في ديكين ولا عكسه ولا الذكر من
الآدمي في اثنين وعكسه لان هذا سلف جر نفعا ولا الدجاجة في الديك والأنثى من الآدمي في الذكر
منه لأنه سلم الأجود في الأردأ وأما سلم الذكر في الذكر من الآدمي أو من الطير أو غيرهما والأنثى
في الأنثى فهو جائز لأنه قرض. قوله: (ولاختلاف أغراض الناس) أي فيهما. قوله: (إن لم تبلغ النهاية)
أي فإن بلغتها جاز سلمها في غير بالغة النهاية أعم من كونها لا تغزل ولا تطبخ أو تغزل أو تطبخ ولكنها
غير بالغة النهاية في ذلك كما في عبق. قوله: (وما ذكره المصنف) أي من أن الجواري لا تختلف بالغزل
والطبخ إن لم تبلغ النهاية. قوله: (فلا يسلم حاسب في أكثر منه) أي لا معرفة له بالحساب. قوله: (ولا كاتب
كذلك) أي في أكثر منه لا معرفة له بالكتابة قال اللخمي في التبصرة العبيد عند مالك جنس واحد
وإن اختلفت قبائلهم فالبربري والنوبي والصقلي وغيرهم سواء لا يسلم أحدهم في الآخر إلا أن الصنعة

204
تنقلهم فتصيرهم أجناسا إذا كانا تاجرين مختلفي التجارة كبزاز وعطار أو صانعين مختلفي الصنعة
كخباز وخياط فيسلم الصانع في التاجر لا أحدهما في واحد يراد لمجرد الخدمة ويسلم أحدهما في عدد
يراد منه الخدمة. قوله: (لأنه علم لا صناعة) أي والذي ينقل الرقيق عن جنسه إنما هو الصنعة كما علم
من كلام اللخمي المتقدم. قوله: (والمعتمد أنهما لا ينقلان ولو اجتمعا) أي كما هو قول ابن القاسم خلافا
ليحيى بن سعيد القائل بنقلهما إذا اجتمعا وقوله ولو اجتمعا أي ما لم يبلغ النهاية ولو في أحدهما
وإلا نقلا. قوله: (بخلاف الخياطة والبناية) الظاهر أنه إذا كان أحدهما يبني البناء المعتبر والآخر دونه
أن ذلك بمثابة جنسين وكذا يقال في الخياطة والنجارة ا ه‍ شيخنا عدوي. قوله: (والنجارة)
بالنون ويصح قراءته أيضا بالتاء. قوله: (أو غيرهما) أي كالقرض والسلف أو الاطلاق وقوله في
العرض أي بالنسبة للعرض والحيوان. قوله: (وإلا فلا) أي وإلا بأن قصد نفع المقرض أو نفعهما معا
فلا يجوز. قوله: (إلا إذا وقع بلفظ القرض) أي أو السلف. قوله: (فإن وقع بلفظ البيع الخ) كأبيعك
هذا الدينار بدينار لشهر أو أبيعك هذا الأردب القمح بإردب قمح لشهر أو أسلمك هذا الدينار
في دينار لشهر أو أسلمك هذا الأردب في إردب مثله لشهر. قوله: (أو أطلق) كخذ هذا الدينار في دينار
آخذه منك بعد شهر أو خذ هذا الأردب القمح وآخذ منك بعد شهر إردبا قال شيخنا ويعمل بالقرائن
عند الاطلاق فإذا لم يسموا شيئا وتعورف أنه إذا دفع دراهم في مثلها يكون قرضا كان ذلك جائزا
لا ممنوعا. قوله: (وأن يؤجل) أي لأجل أن يسلم من بيع ما ليس عند الانسان المنهي عنه بخلاف ما إذا
ضرب الاجل فإن الغالب تحصيل المسلم فيه في ذلك الاجل فلم يكن من بيع الانسان ما ليس عنده إذ
كأنه إنما بيع ما هو عنده عند الاجل واشترط في الاجل أن يكون معلوما ليعلم منه الوقت الذي يقع فيه
قضاء المسلم فيه والأجل المجهول لا يفيد للغرر وإنما حد أقل الاجل بخمسة عشر يوما لأنها مظنة
اختلاف الأسواق غالبا واختلافها مظنة لحصول المسلم فيه فكأنه عنده. قوله: (كمن لهم عادة بوقت
القبض) أي فلا يحتاج لضرب الاجل وذلك كأرباب المزارع وأرباب الألبان وأرباب الثمار فإن
عادة الأول القبض عند حصاد الزرع وعادة من بعدهم الوفاء بدفع ما عليهم زمن الربيع وزمن جذ
الثمار. قوله: (وليس كذلك) بل الخمسة عشر كافية في الاجل. قوله: (إلا ما لا يجوز البيع فيه) أي كمدة
التعمير فتأجيل الثمن أو المثمن إليها مفسد للعقد وأما ما أجله عشرون سنة ونحوها فمكروه ولا يفسد
البيع. قوله: (كالنيروز والحصاد الخ) أي والحال أن الباقي من حين العقد لذلك خمسة عشر يوما فلا بد من
ذلك إلا ما يستثنيه. قوله: (إلى أن الأيام المعلومة) أي للمتعاقدين كالمنصوصة فالأول كخذ هذا الدينار
سلما على إردب قمح إلى النيروز أو إلى عاشوراء أو لعيد الفطر أو لعيد الأضحى أو لمولد النبي
(ص) والحال أنهما يعلمان أن النيروز أول يوم من شهر توت وأن عاشوراء عاشر يوم من شهر
المحرم وأن مولد النبي ثاني عشر ربيع الأول وهكذا، والثاني كخذ هذا الدينار سلما في إردب قمح إلى
أول شهر رجب أو آخذه منك بعد عشرين يوما. قوله: (والحصاد الخ) أشار بهذا إلى أن التأجيل بالفعل
الذي يفعل في الأيام المعتادة كالتأجيل بها. قوله: (والصيف والشتاء) أي ولو لم يعرفاه إلا بشدة الحر
أو البرد لا بالحساب. قوله: (واعتبر في الحصاد وما معه) أي من الدراس وقدوم الحاج وقوله ميقات
معظمه أي الوقت الذي يحصل فيه غالب ما ذكر وهو وسط الوقت المعد لذلك وقوله وسواء
وجدت الأفعال أعني الحصاد والدراس في بلد العقد أو لم توجد فيها. قوله: (إلا أن يشترط الخ) أشار بهذا
إلى أن محل اشتراط التأجيل بالخمسة عشر يوما إذا كان قبض المسلم فيه ببلد عقده لأنها مظنة

205
اختلاف الأسواق في البلد الواحد، وأما إذا كان قبضه في غير بلد عقده فالمشترط أن يكون أقل
المسافة الكائنة بين البلدين يومين لأنها مظنة اختلاف الأسواق في البلدين، وإن لم تختلف بالفعل قال
في معين الحكام إذا شرط القبض بغير البلد الذي وقع فيه السلم ولم يضرب أجل ولم يكن للمسلم فيه
وقت لا يوجد إلا فيه جاز ذلك وكانت المسافة التي بين البلدين كالأجل ويجبر المسلم إليه على الخروج
بفور العقد أو التوكيل على الوفاء، فإذا وصل إلى البلد جبر على القضاء هذا هو المشهور ا ه‍ ثم إن الاكتفاء
بمسافة كيومين مقيد بقيود أربعة أشار الصنف لبعضها وأشار الشارح لبعضها. قوله: (بخلاف ما إذا
كانت أقل من اليومين) أي فإنه لا يكفي ولو اختلف السوق بالفعل فلا بد من التأجيل بنصف شهر
فأكثر لان البلدين حينئذ كالبلد الواحدة خلافا للجزولي حيث قال يكفي ولو نصف يوم إذا اختلفت
الأسعار. قوله: (ولا بد من اشتراط الخروج) أي حين العقد فالخروج بالفعل من غير اشتراطه لا يكفي
كما أن اشتراطه من غير خروج بالفعل لا يكفي فالشرط مجموع الامرين من اشتراط الخروج والخروج
بالفعل كما يفيده ابن عرفة. قوله: (بالمجلس) أي أو قربه كما مر أول الباب. قوله: (راجع لقوله كيومين)
أي أنه مرتبط به قال بن وفيه نظر لأنه يقتضي تحديد المسافة بالبر تارة وبالبحر أخرى مع أنها إنما
تقدر بالبر فقط، فالصواب أنه متعلق بقوله إن خرج أي إن خرج في الحال فالواجب أن يكون السير
في البر أو في البحر بغير ريح وإلا فلا بد من ضرب الاجل. تنبيه: لو حصل عائق عن الخروج
ورجى انكشافه انتظره وإلا خير المسلم في البقاء والفسخ قاله البدر القرافي وأما لو ترك الخروج من
غير عائق فسد العقد فإن سافر ووصل قبل مضي اليومين فإن كان السفر ببر أو بغير ريح كان صحيحا
ولكن لا يمكن من القبض حتى يمضي اليومان وإن كان السفر بريح كان فاسدا. قوله: (والحاصل أن
الشروط) أي المعتبرة في عدم التأجيل بنصف شهر. قوله: (خمسة) الأول: اشتراط قبضه بمجرد
الوصول للبلد الثانية وإليه أشار المصنف بقوله إلا أن يقبض الخ أي إلا أن يشترط قبضه بمجرد
الوصول للبلد إذ الشرط اشتراط قبضه فورا لا قبضه بالفعل، الثاني: أن تكون البلد الثانية على مسافة
يومين من بلد العقد وإن لم يلفظ بمسافتها، الثالث: أن يشترط في العقد الخروج فورا وأن يخرجا بالفعل
إما بنفسهما أو بوكيلهما، الرابع: تعجيل رأس المال في المجلس أو قربه، الخامس: أن يكون السفر في يومين
ببر أو بغير ريح. والحاصل أن السلم لا بد أن يؤجل بأجل معلوم أقله نصف شهر إلا إذا اشترط قبضه
بمجرد الوصول لبلد غير بلد العقد وكانت على مسافة يومين من بلد العقد واشترط حين العقد خروجهما
بأنفسهما أو بوكيلهما وخرجا يومه بالفعل وعجل رأس المال في مجلس العقد أو قربه وكان السفر في البر
أو بغير ريح، فإذا وجدت هذه الشروط فلا يشترط التأجيل بنصف شهر ا ه‍. قوله: (والأشهر)
أي وكذلك الشهر والشهران فتجعل أل في الأشهر للجنس. قوله: (وإن كان) أي ذلك الأول.
قوله: (أي بأول جزء منه) أي بآخر أول جزء منه أي بآخر الليلة الأولى وعلى هذا اقتصر المواق وقيل
المراد بأوله رؤية هلاله وثمرة الخلاف تظهر إذا طالب المسلم المسلم إليه وقت رؤية الهلال فامتنع
المسلم إليه من الدفع وقال لا أدفع إلا بعد مضي الليلة الأولى فإن المسلم إليه يجبر على الدفع على القول
الثاني لا على الأول. قوله: (على المقول) أي عند المازري. قوله: (والمعتمد الخ) هذا هو الذي رجحه
ابن رشد في نوازل أصبغ من كتاب النذور ورجحه أيضا ابن زرب وابن سهل وعزاه لمالك في
المبسوط والعتبية قائلا يكون حلول الأجل في وسط الشهر إذا قال في شهر كذا وفي وسط السنة إذا قال
في سنة كذا ا ه‍ بن. قوله: (ومثله) أي مثل في ربيع في العام الفلاني أي مثله في جريان الخلاف وقد
علمت المعتمد منه. قوله: (لخفة الامر) علة لمحذوف أي ولا يضر الجهل لاحتمال أوله ووسطه

206
وآخره لخفة الامر. قوله: (ويحمل) أي قوله أقضيك في اليوم الفلاني على طلوع فجره أي على أن القضاء
وقت طلوع فجره. قوله: (وأن يضبط بعادته) أي إن من شروط صحة السلم أن يضبط المسلم فيه وأن
يكون ضبطه بما جرت العادة بضبطه به في بلد السلم فلا يصح إذا لم يضبط كخذ هذا الدينار سلما على
قمح مثلا من غير ضبط لقدره أو ضبط بغير ما يضبط به كخذ هذا الدينار سلما على قنطار قمح أو إردب
لحم أو إردب بيض أو قنطار بطيخ. قوله: (يصح الخ) الأظهر أنه مثال لما يضبط بالوزن وقوله الآتي
والبيض مثال لما يضبط بالعدد على سبيل اللف والنشر المرتب. قوله: (وقيس بخيط) أي بسعة خيط
ويوضع عند أمين حتى يتم الاجل فإذا حضر الرمان قيست كل رمانة بالخيط. قوله: (ولو بيع وزنا) بأن
يقال أسلمك في قنطار من الرمان دينارا كل رمانة سعة هذا الخيط أو أسلمك دينارا في مائة رمانة
كل رمانة سعة هذا الخيط آخذ ذلك منك في شهر كذا. قوله: (لا أنه يقاس بالفعل) أي عند
العقد. قوله: (أو بحمل) أي كأن يقال أسلمك دينارا في عشرة أحمال برسيم كل حمل ملء هذا الحبل
ويجعل تحت يد أمين. قوله: (أو جرزة) أي واعتبر قياسها أيضا بخيط كأسلمك دينارا في مائة حزمة
من البرسيم أو الكراث أو الكزبرة كل حزمة تملأ هذا الخيط آخذها منك في شهر كذا.
قوله: (لا بفدان) أي أو قيراط أو قصبة ولو اشترط كونه بصفة جودة أو رداءة لأنه يختلف ولا يحاط
بصفته فلا يكون السلم في هذا أي في القصيل والبقول إلا على الأحمال أو الحزم. تنبيه: لو ضاع
الخيط الذي يعتبر عند العقد القياس به جرى على ما يأتي في ذراع الرجل المعين حيث تعذرت
معرفته كذا ينبغي. قوله: (أو بتحر) عطف على بعادته لا على كيل لئلا يقتضي أنه لا بد من جريان العادة
بالتحري. قوله: (وهل الخ) حاصله أنه إذا فقدت آلة الوزن وكنا نعلم قدرها واحتجنا للسلم في اللحم
مثلا فيجوز أن تسلم الجزار في مائة قطعة مثلا كل قطعة لو زنت كانت رطلا أو رطلين أو غير ذلك،
وكذلك إذا عدمت آلة الكيل وعلم قدرها واحتيج للسلم في الطعام فتقول للمسلم إليه أسلمك
دينارا في قمح ملء زكيبتين كل زكيبة لو كيلت كانت إردبا آخذ ذلك القمح في شهر كذا هذا معنى
ضبط السلم بالتحري على التأويل الأول، والتأويل الثاني يقول المراد أن تأتي للجزار بحجر أو بقطعة
لحم مثلا وتقول له أسلمك في مائة قطعة من اللحم كل قطعة لو وزنت كانت قدر هذا الحجر أو قدر هذه
القطعة اللحم والفرض أنه لا يوزن اللحم بعد حضوره بهذا الحجر أصلا بل إذا جاء الاجل أعطى
المسلم إليه مائة قطعة لحم مماثلة لذلك الحجر تحريا بدون أن توزن به وإلا فسد أو تأتي لصاحب القمح
بقفة أو غرارة مثلا لا يعلم قدرها وتقول له أسلمك دينارا في قمح لوكيل بهذه القفة لكان ملأها مرة
أو مرتين آخذه في شهر كذا ولا يكال بها عند حضوره بل يتحرى المماثل لملئها مرة أو مرتين وإلا فسد
للجهل والأول لابن أبي زمنين والثاني لابن زرب. قوله: (وإن نسبه) أي المجهول لمعلوم وقوله ألغى
أي المجهول واعتبر المعلوم وحينئذ يكون العقد صحيحا. قوله: (وجاز بذراع إلخ) كأسلمك دينارا في
ثوب طوله ثلاثون ذراعا بذراع فلان وأراه ذراعه وقوله رجل معين فإن لم يعين الرجل ففي سماع أصبغ
من ابن القاسم يحملا على ذراع وسط أصبغ وهذا مجرد استحسان والقياس الفسخ فإن خيف
غيبة ذي الذراع أخذ قدره وجعل بيد عدل إن اتفقا وإلا أخذ كل منهما قياسه عنده فإن مات أو
غاب ولم يأخذ قياسه وتنازعا في قدره إن قرب العقد بأن لم يفت رأس المال تحالفا وتفاسخا وإن فات

207
فالقول قول المسلم إليه إن أشبه فإن انفرد المسلم بالشبه كان القول قوله فإن لم يشبه واحد منهما حملا على
ذراع وسط ولا ينبش قبره إن دفن ليقاس ذراعه ولو دفن بقرب. تنبيه: قوله وجاز بذراع رجل محل
الجواز ما لم ينصب السلطان ذراعا وإلا فلا فيجوز كما في المواق عن ابن رشد. قوله: (أي عظم ذراعه) أي
وليس المراد ذراعه الحديد أو الخشب الذي يقيس به. قوله: (كويبة وحفنة) كأسلمك دينارا في ويبة
وحفنة بحفنة فلان لشهر كذا فالويبة معلومة والحفنة غير معلوم قدرها إذ لا يعلم هل هي ثلث قدح أو
نصفه والمراد بالحفنة ملء الكفين معا لا ما تقدم في الحج من أنها ملء يد واحدة. قوله: (إذا أراه إياها)
الأولى صاحبها والحاصل أنه لا بد من رؤية صاحبها وأما رؤية الحفنة ففيه الخلاف. قوله: (وفي الويبات الخ)
أراد بها ما زاد على الواحدة وكذلك الحفنات فإذا أسلم في ويبات وحفنات معلومات كثلاث
ويبات وثلاث حفنات بحفنة فلان فهل يجوز ذلك وهو قول أبي عمران وظاهر الموازية أو يمنع كما هو
نقل عياض عن الأكثر وسحنون قولان بناء على تعدد العقد بتعدد المعقود عليه وعدمه. قوله: (وإن تبين
صفاته التي تختلف بها) أي بسببها. قوله: (كان أوضح) أي لان المنظور له اختلاف الأغراض لا القيمة
وقد يقال أن القيمة تتبع الرغبات وتختلف باختلاف الأغراض وحينئذ فالصفات التي تختلف بها
القيمة تختلف بها الأغراض، وحينئذ فعبارة المصنف ظاهرة لا اعتراض عليها. قوله: (كالنوع) خبر
لمبتدأ محذوف أي وذلك كالنوع وما عطف عليه والجملة مستأنفة استئنافا بيانيا كأنه قيل وما تلك
الأوصاف التي تختلف بها القيمة فقال وذلك كالنوع. قوله: (أي الصنف) فلا يصح أن يقول أسلمك
في آدمي مثلا بل لا بد من بيان صنفه. قوله: (واللون) أي ككونه أحمر أو أبيض أو أسود. قوله: (الأظهر
أنه بالجر) أي ويجوز فيه الرفع والنصب أي واللون يزيده على ما تقدم في الحيوان والثوب والعسل
أو ويزيد اللون على ما تقدم في الحيوان والثوب والعسل. قوله: (وأدخلت الكاف) أي الداخلة على
اللون. قوله: (وليس بلازم الخ) أي بل بيان الصنف والجودة أو الرداءة أو التوسط بينهما لازم في كل
مبيع وأما الون وما أدخلته الكاف من الطول والعرض الخ إنما يحتاج لبيانه إذا كانت الأغراض
تختلف باختلافه واللون تختلف الأغراض باختلافه في الثياب والعسل وبعض الحيوان كالآدمي
والخيل والطول والعرض تختلف الأغراض باختلافهما في الثياب والغلظ والرقة تختلف الأغراض
باختلافهما في الثياب والعسل والصغر والكبر تختلف الأغراض باختلافهما في الحيوان. قوله: (وإنما
المراد) أي بقوله وأن يبين كاللون فيما يحتاج لبيان اللون. قوله: (وما أدخلته الكاف) أي ولبيان
ما أدخلته الكاف من الطول والعرض والغلظ والرقة والصغر والكبر. قوله: (ونحوه) أي كالبقر
والجاموس والغنم. قوله: (متعلق بتبيين صفاته) أي وإن تبين في الحيوان والثوب والعسل صفاته
التي تختلف بها القيمة عادة وذلك كالنوع والجودة والرداءة والتوسط بينهما واللون هذا إذا
قرئ اللون بالجر وأما على قراءته بالنصب أو الرفع فقوله في الحيوان متعلق بمحذوف أي ويزيد على
ما تقدم من النوع وما بعده في الحيوان والثياب والعسل اللون أو واللون يزاد على ما تقدم في
الحيوان. قوله: (ومرعاه) اعترضه ابن غازي بأنه لم ير من ذكر وجوب بيان المرعى في العسل والمصنف
مطلع ورده ح بأن المازري في شرح التلقين نص عليه ا ه‍ بن. وإنما وجب بيان المرعى في العسل
لاختلافه بذلك طعما ورائحة وحلاوة. قوله: (يبين ما ذكر) أي من النوع والجودة أو الرداءة أو التوسط.

208
قوله: (الناحية) أي المأخوذ منها ككون التمر مدنيا أو ألواحيا أو برلسيا والحوت من بحر عذب
أو ملح أو من بركة الفيوم أو نحو ذلك. قوله: (كالكبر والصغر) أي فيبين في التمر والحوت كونه كبيرا
أو صغيرا أو متوسطا. قوله: (وكذا في البر) أي وكذا يبين ما ذكر في البر. قوله: (من الأوصاف الخمسة)
أي نوعه وجودته أو رداءته أو كونه متوسطا ولونه من كونه أبيض أو أحمر ولا بد فيه أيضا من
ذكر البلدان اختلفت قيمة البر باختلاف البلاد أخذا من قوله، وأن تبين صفاته التي تختلف بها القيمة
عادة. قوله: (إن اختلف الثمن بهما) أي بكل واحد منهما مع مقابله فالمدار على عرف البلدان اختلف
الثمن فيها بذلك وجب البيان وإلا فلا ولا شك أن هذا المعنى قد أشار له المصنف أولا بقوله وإن
تبين صفاته التي تختلف بها القيمة عادة وحينئذ فلا حاجة لما هنا مع ما تقدم. قوله: (وسمراء) أي ويذكر
كونها سمراء أي حمراء وقوله أو محمولة أي بيضاء وقوله ببلدهما أي إذا وقع عقد السلم ببلدهما به واعترض على
المصنف بأنه إن أريد بالسمراء والمحمولة مطلق سمراء ومحمولة كان ذكر النوع مغنيا عنهما لأنهما
نوعان للبر وإن أريد بها سمراء على وجه خاص أي شديدة الحمرة وبالمحمولة المحمولة على وجه خاص أي
شديدة البياض كانت الجودة والرداءة مغنية عنهما لأنهما حينئذ داخلان في الجودة والرداءة.
والحاصل أن ذكر النوع والجودة والرداءة مغن عن ذكر السمراء والمحمولة. قوله: (ولو بالحمل)
رد بلو على ابن حبيب القائل أنهما إذا كانا يحملان لبلد فلا يجب البيان أي بيان كونهما سمراء أو
محمولة ولا يفسد السلم بترك بيان ذلك. قوله: (والموافق للنقل) أي نقل ابن يونس. والحاصل أن ابن
يونس حكى خلاف ابن حبيب في النبت فقال إذا كانا في البلد نبتا فلا يجب البيان عند ابن حبيب
وأما بلد الحمل فيجب فيها البيان اتفاقا وطريقة ابن بشير كما قال المصنف أن خلاف ابن
حبيب إنما هو في بلد الحمل، وأما بلد النبت فيجب فيها البيان اتفاقا. قوله: (والمحمولة) الفاء واقعة
في جواب شرط مقدر أي بخلاف مصر فلا يجب البيان وإذا أردت معرفة المقضي به فيها فالمحمولة
لأنها هي الموجودة فيها وكذا يقال فيما بعده. قوله: (وهذا) أي كون الموجود بمصر إنما هو
المحمولة والموجود بالشام إنما هو السمراء بالنسبة للزمان المتقدم. قوله: (وإلا) أي وإلا نقل أن هذا
بالنسبة للزمان المتقدم بل قلنا أن هذا حتى بالنسبة لزماننا هذا، فلا يصح لأنهما أي السمراء والمحمولة
في كل من مصر والشام في زماننا هذا. قوله: (ويحمل) أي عند عدم البيان وقوله على الغالب أي
على الأكثر عند أهل البلد في الاطلاق لا الوجود على ما يأتي في المتن. قوله: (ما ذكر) أي من
النوع والجودة أو الرداءة أو التوسط بينهما ولا يحتاج لبيان اللون في الحيوان إلا إذا كان آدميا أو
من الخيل كما مر للشارح. قوله: (ويزيد سنه) أي ففي الرقيق يذكر كونه بالغا أو مراهقا أو يافعا وهو
ما دون المراهق وفي غير الرقيق يبين كونه جذعا أو ثنيا أو يذكر عدد السنين كابن سنة أو
سنتين وقد يستغني عن ذكر السن بذكر الجودة أو الرداءة لان ما صغر سنه من مأكول اللحم
جيد وغير مأكول اللحم ربما يرغب في كبيره ما لا يرغب في صغيره وقد يستغني بالجودة والرداءة
عن ذكر السمن والذكورية وضديهما. قوله: (والسمن) المواق لم أر من ذكر السمن في الحيوان ا ه‍.
قلت ذكره أبو الحسن عن جامع الطرر ونقله المواق عن ابن يونس في اللحم والحيوان مثله ا ه‍ بن.
قوله: (ويبين ما ذكر في اللحم) المراد بما ذكر النوع والجودة أو الرداءة أو التوسط بينهما والذكورة
والسمن وضديهما ا ه‍. قوله: (لا من كجنب) أي أو ظهر أو فخذ. قوله: (الخاص به) دفع بهذا ما يقال إن
ذكر اللون هنا مكرر مع ما مر. وحاصل الجواب حمل ما هنا على اللون الخاص بالرقيق وما تقدم

209
يحمل على اللون العام مثل مطلق حمرة أو سواد وقد يقال إذا حمل ما تقدم على اللون العام كأن يستغني عنه
بذكر الجنس تأمل ابن غازي. وفي أكثر النسخ اسقاط اللون هنا لتقدمه في الحيوان الذي هو أعم من
الرقيق وعلى هذا فيحمل اللون فيما تقدم على الخاص ولا يغني عنه ذكر الجنس. قوله: (الخاص به)
أي فإذا أسلم في عبد رومي فيذكر لونه الخاص به مثل كونه شديد البياض وبياضا مشربا بحمرة وإذا
أسلم في عبد أسود فيذكر لونه الخاص به مثل كونه شديد السواد أو كونه يميل لصفرة أو لحمرة.
قوله: (والكحل) أي ويزيد الكحل وهو داخل تحت الكاف. قوله: (وهو) أي الكحل.
قوله: (وكذا في الثوب) أي وكذا يبين ما تقدم من النوع والجودة أو الرداءة أو التوسط بينهما واللون
في الثوب ولو حذف الثوب فيما مر لكان أولى لا غناء ما هنا عنه أو قال أولا في الحيوان والعسل ومرعاه
وفي الثوب والرقة والصفاقة وضديهما لا غنى عما هنا تأمل. قوله: (وضديهما) ضد الرقة الغلظ
والصفاقة وهي المتانة ضدها الخفة. قوله: (المعصر منه) اعترض بأن المسموع في فعله عصر ثلاثيا
فكان حقه أن يقول المعصور منه كذا بحث ابن غازي وأجاب بعضهم بورود أعصر الرباعي في
قوله تعالى: * (وأنزلنا من المعصرات) * قيل هي الريح لأنها تعصر السحاب. قوله: (من الزيتون) بيان
للنوع المعصر منه. قوله: (وهذا) أي بيان المعصر به والمعصر منه. قوله: (بما تقدم) أي بيان
النوع والجودة والرداءة وفيه أن هذا الاعتراض لا يتوجه على المصنف إلا لو قال وفي الزيت والمعصر
منه بالواو كما قال فيما سبق حتى يفهم منه الاحتياج لبيان الأوصاف السابقة ويزيد عليها بيان المعصر
منه والمعصر به وأن ذلك قدر زائد على ما سبق فيقال أنه ليس كذلك إذ ما هنا مندرج فيما سبق،
والمصنف إنما قال وفي الزيت المعصر منه أي ويبين في الزيت النوع المعصر منه وهذا لا يفيد أنه
يذكر الأوصاف السابقة ويزيد عليها بيان المعصر منه تأمل. قوله: (وحمل الخ) مثلا لو كان أهل
البلد يطلقون الجيد على القمح الذي إذا غربل الأردب منه يأتي نصف إردب وعلى الأردب الذي
إذا غربل يأتي ثلثي إردب وعلى القمح الذي إذا غربل الأردب منه يأتي ثلاثة أرباع الأردب وكان
الغالب في الاطلاق الأخير، فإذا أسلم في قمح وقال بشرط أن يكون جيدا وأطلق قضي بهذا الغالب
في الاطلاق، فلو كان أهل البلد يطلقون الجيد على الثلاثة من غير أغلبية في الاطلاق قضي بالوسط
وهو الذي إذا غربل الأردب منه يأتي ثلثي إردب فقوله على الغالب أي في إطلاق لفظ الجيد عليه
كما يفيده الباجي لا ما يغلب وجوده في البلد كما قاله ابن فرحون في شرح ابن الحاجب، وقوله وإلا فالوسط
أي مما يصدق عليه الجيد والردئ، وليس المراد المتوسط بين الجيد والردئ كما قال الشارح تبعا
لابن فرحون كذا قرر شيخنا تبعا لعبق ولكن ما قاله ابن فرحون من أن المراد بالغالب الغالب
في الوجود أي الأكثر عند أهل البلد وأن المراد بالمتوسط المتوسط بين الجيد والردئ هو ما ارتضاه
طفي وبن. قوله: (وهو مؤد الخ) أي إذا كان ذلك المعين عند المسلم إليه فإن كان عند غيره أدى
لبيع ما ليس عند الانسان وهو منهي عنه لا يقال أن هذا الشرط يغني عنه ما تقدم من قوله
وإن تبين صفاته إذ لا تبيين في الحاضر المعين فتعين أن التبيين إنما هو لما في الذمة وحينئذ فكان ينبغي
الاستغناء عن هذا الشرط بما قبله لأنا نقول أن تبيين الصفات قد يكون في غائب معين موجود
عند المسلم إليه فلهذا احتيج لهذا الشرط. قوله: (وهو ممنوع) أي لأنه يهلك قبل قبضه فيتردد
الثمن بين السلفية إن هلك وبين الثمنية إن لم يهلك. قوله: (معنى شرعي) أي وصف اعتباري يحكم به
الشرع ويقدر وجوده في المحل وهو الشخص من غير أن يكون له وجود فهو نظير قولهم في الطهارة
صفة حكمية وقوله قابل الخ الاسناد فيه مجاز أي يقبل المكلف بسببه أن يلزم بأرش الجنايات

210
وأجور الإجارات وأثمان البياعات ونحو ذلك ويقبل بسببه أيضا الالتزام للأشياء، فإذا التزم شيئا
اختيارا من قبل نفسه لزمه قال القرافي بعد هذا التعريف وصح إناطة الاحكام بهذا الوصف وإن لم
يكن له وجود لارتباط تقديره بأوصاف لها تحقق وهي العقل والبلوغ والرشد فمن بلغ سفيها لا ذمة
له فمن اجتمعت هذه الشروط فيه رتب الشرع عليه هذا المعنى المقدر وهو الذي تقدر الأجناس
المسلم فيها مستقرة فيه حتى يصح مقابلتها بالأعواض المقبوضة وتقدر أثمان المبيعات مستقرة فيه وكذا
صدقات الأنكحة وسائر الديون، ومن لا يكون هذا المعنى مقدرا في حقه لا ينعقد في حقه سلم ولا
ثمن لأجل ولا حوالة ولا شئ من ذلك. قوله: (وقبول الالزام) أي من الغير إذا كان ذلك الغير حاكما.
قوله: (ووجوده عند حلوله) أي أن يكون مقدورا على تحصيله وقت حلول الأجل لئلا يكون الثمن
تارة سلفا وتارة بيعا. قوله: (ولا يشترط وجوده في جميع الاجل) أي بل الشرط وجوده أي
القدرة على تحصيله عند حلول الأجل، ولو انقطع في أثناء الاجل بل ولو انقطع في الاجل بتمامه ما عدا
وقت القبض خلافا لأبي حنيفة المشترط لوجوده في جميع الاجل. قوله: (وإن انقطع قبله) أي هذا
إذا كان موجودا في الاجل بتمامه من حين عقد السلم بل وإن انقطع قبل الحلول ووجد عنده. قوله: (وعطف
على مقدر الخ) إنما لم يجعله عطفا على قوله ووجوده الخ لاقتضائه فسادا إذ هو مخرج من الشرط
أي يشترط كذا لا نسل الخ، فمقتضاه صحة السلم في نسل الحيوان وهو باطل. قوله: (أو مجرور)
هو الأولى لان محقق الوجود هو المسلم فيه والمتصف بالجواز العقد. قوله: (لفقد الشرطين) أي لانتفاء
الأول بحصول التعيين والثاني بعدم وجوده إذ لقلتها قد لا يوجد المسلم فيه عند الاجل. قوله: (وتعقبه
ابن عرفة) أي في شرحه لابن الحاجب. قوله: (المنع مطلقا) فإذا قال خذ هذا الدينار سلما على
عجل من أولاد هذه البقرات وكانت ألفا فإنه يمنع على المعتمد خلافا لظاهر المصنف من الجواز لان
كثرة البقرات صيرها كغير معين، فكأن المسلم فيه في الذمة والغالب حصول الولادة عند الاجل.
قوله: (فحذفه من الثاني الخ) قد تبع الشارح في قيد القلة في الحائط المعين تت، واعترضه ابن عاشر
وطفي بأن المدونة وغيرها ممن وقفت عليه لم يقيد الحائط بالصغر فظاهر كلامهم أو صريحه أن الحائط
قليل وإن كان كثيرا في نفسه، وهذا مراد المصنف ولذا أخره عن قوله وقل ا ه‍ بن. قوله: (فيمتنع
السلم فيه) أي فإذا قال لآخر خذ هذا الدينار سلما على قنطار من بلح هذا الحائط آخذه منك وقت كذا
فإنه يمتنع بمعنى أنه لا يكون سلما حقيقة بحيث يجوز أخذه عند الاجل بدون الشروط الآتية بل هذا
العقد بيع حقيقة وسلم مجازا فلا بد من الشروط الآتية. قوله: (المذكور) أي المعين الصغير. قوله: (غير أنه
تارة يقع العقد) أي على ثمر الحائط المذكور. قوله: (ولكل منهما) أي من الحالين أي ولصحة العقد في كل
من الحالين شروط. قوله: (وحينئذ) أي وحين إذ كان العقد المتعلق بثمر الحائط المعين بيعا حقيقا لا سلما.
قوله: (فالتفرقة) أي بين ما إذا سمي سلما وما إذا لم يسم حيث اعتبر في كل شروط على حدة منظور فيها
لفظ لا للمعنى وإلا نقل أن التفرقة منظور فيها للفظ بل للمعنى فلا يصح لأن العقد على الثمار في الحالتين
بيع لا أنه في أحدهما بيع وفي الآخر سلم لان الفرض الخ. قوله: (وهي إحدى المواضع التي فرقوا فيها
بين الألفاظ) أي وإن كانت المعاني متحدة. قوله: (وشرط لشراء ثمرة الحائط المعين الخ) أي لصحة
شراء ثمرة الحائط المعين. قوله: (لان تسميته الخ) علة لعدم المنافاة وأجاب اللقاني عن المنافاة

211
بجواب آخر. وحاصله أن قوله أو حائط أي أسلم في جميع ثمره كل قنطار أو إردب بكذا فلا يجوز
ذلك ويحرم، وقوله وشرط إن سمي سلما أي وشرط في صحة العقد سلما على بعض ثمر الحائط المعين مثل
قنطار منه أو قنطارين فما مر فيما إذا أسلم في جميع ثمره وهذا فيما إذا أسلم في بعضه وكلاهما على الكيل.
قوله: (فإنه شرط في السلم) أي فيما إذا سمي سلما. قوله: (لا يشترط فيه شئ منها) أي وليس كذلك بل
إن سمي سلما اشترط لصحة المبيع شروط ستة وإن سمي بيعا اشترط شروط خمسة. واعلم أن هذا
هو قول بعض القرويين واعتمده ابن يونس وأبو الحسن وظاهر المدونة اعتبار الشروط كلها سواء
سمي سلما أو بيعا وهو ظاهر ابن الحاجب وابن عرفة انظر طفي ا ه‍ بن. قوله: (الشرط الأول) أي فيهما.
قوله: (إزهاؤه) أي اصفراره أو احمراره وطيب غير النخل كإزهائه وإن كان لا يجري فيه قوله وأخذه
بسرا أو رطبا قاله عبق. قوله: (سعة الحائط) أي وإلا فلا يجوز للغرر. قوله: (وكيفية قبضه) أي وبيان
كيفية القبض حال العقد قال أبو الحسن عن ابن يونس إذا شرط ما يأخذ كل يوم من وقت عقد البيع
أو من بعد أجل ضرباه فذلك جائز وإن لم يضرب أجلا ولا ذكر ما يأخذ كل يوم من وقت عقد البيع
ولا متى يأخذ، فالبيع فاسد لأنهما لما سمياه سلما وكان لفظ السلم يقتضي التراخي علم أنهما قصدا التأخير
ففسد لذلك. قوله: (متواليا) أي كل يوم وقوله أو متفرقا أي يوما بعد يوم أو يوما بعد يومين. قوله: (وهذه
الثلاثة هي معنى كيفية القبض) أي لا أنها شروط ثلاثة زائدة على الخمسة فتكون ثمانية وقوله متواليا
أو متفرقا الخ قضيته أنه إذا وقع العقد على أخذه دفعة واحدة لا يصح والمعتمد الصحة فالمضر إنما هو
السكوت حين العقد عن بيان ما يأخذه كل يوم وعن بيان ابتداء وقت الاخذ ا ه‍. تقرير شيخنا
عدوي. قوله: (وحمل) أي عند السكوت على الحلول أي على أخذه دفعة واحدة حالا وتأخير قبضه لا يضر.
قوله: (لان لفظ البيع الخ) هذا إشارة للفرق بين ما إذا سمي سلما يشترط بيان كيفية القبض وإذا
سمي بيعا لا يشترط بيانها. قوله: (يقتضي المناجزة) لكن لو تأخر القبض لم يضر. قوله: (وإسلامه) أي رأس
المال لمالكه. قوله: (أو بعد زمن قريب كنصف شهر فقط) هذا هو المعتمد وقيل أن العشرين قريب يجوز
تأخير القبض إليها وقيل لا يجوز تأخير القبض عن وقت العقد أصلا. قوله: (فلا يضر) أي إذا كان أجل
الشروع لا يستلزم صيرورته تمرا وإلا فسد. قوله: (والسادس فيهما أخذه الخ) لا يخفى أنه لا معنى
لجعل أخذه بسرا أو رطبا شرطا إذ الشروط معتبرة حال العقد وهو في حالة العقد لم يأخذه بالفعل
فالأولى أن يقال قوله وأخذه بسرا أي واشتراط أخذه بسرا وأما الاخذ بالفعل فيجعل أمرا طارئا أي
أنه إذا وقع العقد على الكيفية المذكورة فإنه يقضي بأخذه بسرا أو رطبا لا تمرا. قوله: (لبعد الخ) أي
فيدخله الخطر وضمير بينه للتمر. قوله: (حيث وقع العقد عليه بمعياره) أي كما إذا قال خذ هذا الدينار سلما
على قنطار من ثمر هذا الحائط أو أشتري منك قنطارا من ثمره بدينار. قوله: (فإن وقع عليه جزافا) كما لو قال
خذ هذا الدينار سلما في ثمر حائطك كله أو أشتري ثمر حائطك هذا كله بدينار. قوله: (لان الجزاف الخ)
أي بخلاف غير الجزاف فإنه لم يدخل في ضمان المشتري بالعقد وإنما يدخل في ضمانه بالتوفية. قوله: (قد
تناوله العقد الخ) هذا كناية عن دخوله في ضمان المشتري بمجرد العقد فقوله وقد دخل الخ عطف
تفسير. قوله: (إلا ضمان الجوائح) أي وهو خلاف الأصل أي الكثير أي أنه أمر نادر. تنبيه:
لا يشترط في صحة العقد على ثمر الحائط المعين تعجيل رأس المال، ولو سمي سلما لأنه مجاز كما مر نعم يشترط
كون رأسه غير طعام فإن كان طعاما منع للنسيئة أو أنه إذا ضبط فلا بد من ضبطه بمعياره

212
المعتاد فيه فإن بيع جزافا فالامر ظاهر. قوله: (فإن كان الخ) أي أنه إذا أسلم في قدر معين من الرطب
والموضوع بحاله أن الحائط معين وكان بلحها حين العقد رطبا واشترط المسلم على المسلم إليه بقاء ذلك
الرطب على أصوله حتى يتتمر فإنه لا يجوز لبعد ما بين التمر والرطب فيدخله الخطر ولقلة أمن الجوائح
فيه فإن قبضه بعد التتمر أو قبله مضى العقد ولا يفسخ. قوله: (لأنه ليس من الحرام البين) أي المتفق عليه.
قوله: (قاله) أي قال هذا التعليل. قوله: (أنه إذا اطلع عليه قبل القبض) أي وقبل اليبس. قوله: (وهل
المزهي الخ) أي أنه إذا أسلم في قدر معين على الكيل من ثمر حائط معين والحال أنه مزه أي أحمر
أو أصفر وشرط المشتري بقاءه على أصل حتى يتتمر فهل يكون حكمه حكم اشتراط تتمر الرطب فيمضي
بقبضه ولو كان قد قبضه قبل التتمر، وعليه الأكثر من الشيوخ كابن أبي زيد وصوبه عبد الحق أو لا
يكون حكمه كذلك بل حكمه حكم البيع الفاسد فيفسخ، ولو قبض وحينئذ فيرجع على المشتري بالمثل
إن علمت مكيلته وإلا فبالقيمة وهذا رأي ابن شبلون. قوله: (بضم الميم وكسر الهاء) عبارة ابن الأثير
في النهاية نهى عن بيع الثمر حتى يزهى وفي رواية حتى يزهو يقال زها النخل يزهو إذا ظهرت
ثمرته وأزهى يزهي إذا احمر أو اصفر وقيل هما بمعنى الاحمرار أو الاصفرار ومنهم من أنكر يزهو
ومنهم من أنكر يزهي ا ه‍. إذا علمت ذلك تعلم أنه يصح ضم ميم المزهي لأنه من أزهى وفتحها لأنه من
زها خلافا لمن اقتصر على الفتح ولمن اقتصر على الضم كالشارح. قوله: (كالبيع الفاسد) أي في غير هذه
الجزئية فلا ينافي أنه فاسد في هذه الجزئية أيضا. قوله: (ما لم يفت) أي بحوالة سوق فأعلى وإلا مضى
بالثمر. قوله: (أو عدمه) أي بسرقته مثلا. قوله: (فإن انقطع ثمر الحائط المعين) أي ومثله ثمر القرية الغير
المأمونة على ما استظهر وسواء كان الانقطاع بجائحة أو بفوات الا بان على الصواب، فقول الشارح
بجائحة أي أو بفوات الا بان قال طفي تعبيره بالانقطاع كالمدونة ظاهر في انقطاع إبانه وكذا لو تلف
بجائحة فالمدار على عدم قبض الكل. قال ابن عبد السلام: وإنما وجب الرجوع بحصة ما بقي لأن المبيع
في هذه المسألة معين فيكون حكمه حكم سائر المعينات من فسخ البيع لتلفه أو عدمه قبل قبضه وليس
من السلم في شئ، ولذا قال في المدونة إذا قبض بعض سلمه ثم انقطع ثمر ذلك الحائط لزمه ما أخذه
بحصته من الثمن ورجع بحصة ما بقي ولا يختلف في هذا كما اختلف في المضمون إذا انقطع إبانه
قبل استيفاء الثمن وهو الآتي في كلام المصنف فقول عج ومن تبعه هذا إذا كان الانقطاع بجائحة وأما
بفوات الا بان فسيأتي حكمه وهم لان ما يأتي في المضمون وما في حكمه وهو القرية المأمونة ا ه‍ بن.
قوله: (بعد قبض بعضه) أي وأما لو انقطع ثمر الحائط بجائحة أو بفوات إبان قبل أن يأخذ شيئا فإنه يتعين
الفسخ أيضا ولا يجوز البقاء لقابل ليأخذ من ثمره. قوله: (ورجع بحصة ما بقي) أي من الثمن. قوله: (عاجلا
اتفاقا) ظاهره أن تعجيل الرجوع بما بقي واجب وأنه من حق الله تعالى وليس كذلك وعبارة ابن يونس
كما في المواق ورجع بحصة ما بقي من الثمن معجلا بالقضاء، ومعناه أنه إن طلب تعجيله يقضي له به وله أن
لا يأخذه عاجلا وينتظره لان ذلك من حقه ولا محذور فيه وإنما منع من البقاء لقابل ليأخذ من
ثمره ا ه‍ بن. والحاصل أنه متى نقطع ثمر الحائط بجائحة أو بفوات إبان فإنه يتعين الفسخ ولا يجوز
البقاء لقابل حصل الانقطاع قبل قبض شئ منه أو بعد أن قبض بعضه إلا أنه في هذه إنما يفسخ
العقد فيما بقي من غير قبض، وكل هذا إذا كان المسلم قد دفع الثمن فإن كان لم يدفعه جاز البقاء لقابل
إذا تراضيا عليه لأنه لا يلزم عليه فسخ دين في دين كذا في خش. قوله: (وله أخذ بدله) أي بدل
ما بقي له من الثمن أي عاجلا ولا يؤخر ما يأخذه من البدل. قال ابن القاسم: فإن تأخر قبض ما يأخذه
بدلا عن ثمن ما بقي له لم يجز لأنه من فسخ الدين في الدين وقوله وله أخذ بدله ولو طعاما لا يقال

213
أنه يلزم عليه بيع الطعام قبل قبضه لأنا نقول العقدة قد انفسخت فيما لم يقبض فما يأخذه من طعام أو غيره
ليس ثمنا عن الطعام وإنما هو عوض عما في الذمة. قوله: (وانقطع) أي ثمر الحائط بجائحة أو بفوات إبانه.
قوله: (فنسبة الباقي للمأخوذ) أي فنسبة قيمة الباقي لقيمة المأخوذ مع قيمة الباقي الثلث وذلك لان
قيمة الباقي تنسب لمجموع القيمتين بدليل قوله الثلث، ولو قال الشارح فتضم قيمة الباقي لقيمة المأخوذ
ثم تنسب قيمة الباقي لمجموع القيمتين تكون ثلثا فيرجع بثلث الثمن قل أو كثر كان أوضح.
قوله: (فيرجع بنسبة ما بقي منها) أي من المكيلة لما أخذه منها وما لم يأخذه ففي المثال السابق تضم الخمسين
المأخوذة للخمسين التي لم تؤخذ يكون المجموع مائة ثم تنسب ما لم يؤخذ للمجموع يكون نصفا فيرجع
بنصف الثمن. قوله: (تأويلان) الأول للقابسي والثاني لابن مزين قال طفي وتعقبه المواق بأنه لم يجد
من ذكر هذين التأويلين على المدونة وهو صواب فكان الأولى أن يعبر بقولان. قوله: (حيث لم يشترط)
أي المسلم وقوله عليه أي على المسلم إليه وقوله أخذه في نحو اليومين أي أخذه في مدة لا تختلف فيها
القيمة فإن اشترط ذلك عليه وأخذ البعض وانقطع ثمر الحائط قبل أخذ الباقي رجع بحسب المكيلة
اتفاقا، ومثل الاشتراط المذكور ما إذا كان الثمر يجني في أوقات مختلفة وكان الشأن أنه لا يباع
إلا جملة واحدة، فإذا قبض المسلم البعض وانقطع ثمر الحائط قبل أخذ الباقي رجع بحسب المكيلة اتفاقا
كما في خش. قوله: (وهل القرية الصغيرة كذلك) أي وهل السلم في قدر من ثمن القرية كالسلم في قدر من
ثمر الحائط المعين من كل وجه فيشترط في السلم فيها الشروط السابقة في الحائط المعين ويدخل
في التشبيه ما لو أسلم في قدر من ثمر قرية صغيرة وقبض البعض ثم فات الباقي بجائحة فيتعين الفسخ
والمحاسبة بالباقي وحيث رجع بحصة ما بقي فهل يرجع على حسب القيمة أو على حسب المكيلة تأويلان
وهذا قول اللخمي وقيل أنه يتعين البقاء لقابل ما لم يتراضيا بالمحاسبة، فإذا رضيا بها جاز الرجوع بثمن
الباقي وهل الرجوع بالثمن على حسب القيمة أو على حسب المكيلة تأويلان، واعتمد عج القول الثاني
فلو تنازعا فطلب أحدهما الفسخ وطلب الآخر البقاء لقابل كان القول قول من طلب البقاء ا ه‍ تقرير
شيخنا عدوي. قوله: (يشترط في السلم فيها الشروط السابقة في الحائط المعين) أي من بدو الصلاح وسقيها
وبيان كيفية القبض وأن يسلم لمالك حائط وأن يشترط الشروع في الاخذ وأن يشترط أخذه بسرا
أو رطبا ولا يجب تعجيل رأس المال. قوله: (لاشتمالها على عدة حوائط) أي فلا يدري المسلم من أيها
يأخذ سلمه فأشبه السلم الحقيقي. قوله: (وفي السلم) أي وفي جواز السلم فيها لمن لا ملك له بخلاف الحائط
المعين فإنه لا يجوز أن يسلم لمن لا ملك له. قوله: (تأويلات) الأول ظاهر المدونة
والثاني لأبي محمد والثالث لبعض القرويين ا ه‍ بن. قوله: (وهذا في السلم الحقيقي) أي وهو السلم في الذمة في غير الحائط
المعين وغير القرية. قوله: (أو من قرية) عطف على مقدر أي وإن انقطع ماله إبان من غير قرية أو من
قرية مأمونة أي وأما القرية غير المأمونة فمسكوت عنها أو داخلة تحت حكم التشبيه في قوله:
وهل القرية الصغيرة الخ، فيتحتم في قطع ثمرها الفسخ كما في الحائط المعين ولو كان بالجائحة كما عند
اللخمي وأما الحائط المعين فلا يدخل هنا بحال خلافا لعج. ومن تبعه بل يتعين فيه الفسخ اتفاقا حكاه اللخمي
وابن يونس وهو داخل في قوله سابقا وإن انقطع رجع بحصة ما بقي الخ، لما علمت أن المراد من انقطاع
الثمرة أعم من أن يكون بجائحة أو بفوات الا بان انظر بن. قوله: (فيجب التأخير) أي ويتعين البقاء لقابل.

214
قوله: (وجب التأخير بالباقي) أي للعام القابل ليأخذ من ثمره. قوله: (إلا أن يرضيا معا بالمحاسبة بحسب
المكيلة لا القيمة فيجوز) هذا ظاهر إذا كان عدم القبض لجائحة أو لهروب المسلم إليه لانتفاء تهمة
قصد البيع والسلف أما إذا كان عدم القبض لتفريط المشتري فلا يجوز تراضيهما على المحاسبة لاتهامهما
على قصد البيع والسلف وإذا تراضيا على المحاسبة فلا يجوز أن يأخذ ببقية رأس ماله عرضا ولا غيره
لما فيه من بيع الطعام قبل قبضه، قاله أبو بكر بن عبد الرحمن والتونسي. قوله: (بحسب المكيلة) أي
وتكون المحاسبة إذا تراضيا عليها بحسب المكيلة لا القيمة. قوله: (ولو كان رأس المال مقوما) هذه
مبالغة في المفهوم أي فإن تراضيا على المحاسبة جاز عدم البقاء لقابل هذا إذا كان رأس المال مثليا بل ولو
كان مقوما كحيوان وثياب فإذا تحاسبا رد منها ما قيمته قدر قيمة ما لم يقبض من السلم، فإذا أسلمه
أربعة أثواب في عشرة قناطير بلح فقبض منها خمسة وانقطع الثمر فإنه يرد ثوبين قيمتها قيمة ما لم يقبض
إذا تراضيا بالمحاسبة ورد بلو قول سحنون، إنما يجوز تراضيهما على المحاسبة إذا كان رأس المال مثليا،
وأما لو كان مقوما فإنه يمنع لعدم الامن من الخطأ في التقويم لأنهما إذا اتفقا على رد ثوب بعينه عوضا
عما لم يقبض احتمل أن يكون ذلك الثوب المردود مساويا لما بقي من المسلم فيه فيجوز أو مخالفا له بالقلة
أو الكثرة فيمتنع لأنها أقاله في ذلك الشئ على خلاف رأس المال وهي بيع فيلزم بيع الطعام قبل قبضه
الهم إلا أن يرد من الأثواب جزأ شائعا يكون المشتري شريكا به للبائع فيسلما من احتمال الخطأ في
التقويم فيجوز باتفاقهما. قوله: (لجوز الإقالة على غير رأس المال) فيه أن الإقالة على غير رأس المال
لا تجوز لأنها حينئذ بيع وبيع الطعام قبل قبضه ممنوع فلعل الأولى أن يقول لجواز الإقالة في بعض
المبيع ولو طعاما إذا كان الثمن مثليا ولم يغب عليه أو كان مقوما كما مر. قوله: (ويجوز فيما طبخ) أشار
بهذا إلى أن المسلم فيه لا يشترط فيه أن يكون ذاتا قائمة بعينها لا فساد لها بالتأخير بل يجوز أن يكون
مستهلكا لا بقاء له لفساده بالتأخير. قوله: (ويجوز فيما طبخ) أي سواء كان لحما أو غيره. قوله: (طبخ)
ليس المراد خصوص ما كان مطبوخا بالفعل حال العقد بل المراد فيما يطبخ في المستقبل كخذ هذا
الدينار سلما على خروف محمر آخذه منك في شهر كذا أو كان مطبوخا بالفعل حال العقد كالمربات التي
لا تفسد بالتأخير. قوله: (كذلك) أي إذا حصرته الصفة. قوله: (إلا أن يندر وجوده) أي لكونه كبيرا
كبرا خارجا عن المعتاد فلا يصح السلم فيه وهذا داخل تحت قول المصنف الآتي وما لا يوجد.
قوله: (وأولى وزنا) أي كخذ هذا الدينار سلما على أربعة أحمال من الحطب كل حمل قنطاران أو كل حمل ملء
هذا الحبل ولا بد من وصف الحطب من كونه حطب سنط أو طرفاء أو غير ذلك. قوله: (أي الجلد) أي
فيجوز السلم في جلود الغنم والبقر والإبل ونحوها إذا شرط شيئا معلوما وإلا دم في الأصل الجلد
بعد الدبغ والمراد هنا مطلق الجلد سواء كان مدبوغا أو غير مدبوغ. قوله: (لا بالجزز) أي عددا كخذ هذا
الدينار سلما في أربع جزز من الصوف فيمنع لاختلافهما بالصغر والكبر. قوله: (فيهما) أي في الجمع
والمفرد. قوله: (وأما شراؤه لا على وجه السلم) أي والحال أنه على ظهر الغنم بدليل ما ذكره من الشروط
وأما شراؤه مجزوزا جزازا وبالوزن من غير شرط. قوله: (وتور ليكمل) صورته وجدت
نحاسا يعمل طشتا أو حلة أو تورا أو غير ذلك فقلت له كمله لي على صفة كذا بدينار فيجوز
إن شرع في تكميله بالفعل أو بعد أيام قلائل كخمسة عشر يوما فأقل وإلا منع لما فيه من بيع
معين يتأخر قبضه ومحل الجواز أيضا إذا كان عند النحاس نحاس بحيث إذا لم يأتي على الصفة
المطلوبة كسره وأعاده وكمله مما عنده من النحاس كما يأتي. وقد جعل عج وعبق وشارحنا هذه
المسألة تبعا لابن الحاجب والتوضيح من باب اجتماع البيع والإجارة وهو مغاير لأسلوب

215
المصنف، ويصح أن يكون من باب السلم بناء على مذهب أشهب المجوز في السلم تعيين المصنوع منه
والصانع وهنا عين المصنوع منه وهذه يمنعها ابن القاسم. وأنت إذا أمعنت النظر وجدتها لها شبه
بالسلم نظرا للمعدوم في حال العقد ولها شبه بالبيع نظرا للموجود وليست من اجتماع البيع والإجارة
ولكن أقرب ما يتمشى عليه كلام المصنف قول أشهب الذي يجيز تعيين المعمول منه انظر بن.
قوله: (مجاز) أي فهو مثل إني أراني أعصر خمرا. قوله: (فهو من أفراد قوله وإن اشترى المعمول منه الخ) كذا قال
عج واعترضه شيخنا بأن بينهما فرقا لأنه هنا وقع العقد على المصنوع ولم يدخل المعمول منه في ملك
المشتري والآتية دخل في ملكه المعمول منه بالعقد عليه ثم استأجره ونحوه لبن كما تقدم حيث قال وليست
هذه المسألة من اجتماع البيع والإجارة بل لها شبه بالسلم وبالبيع كما مر. قوله: (ويضمنه مشتريه بالعقد) أي
إذا لم يكن فيه حق توفية كما يأتي. قوله: (ضمان الصناع) أي فإن كان التلف منه أو ادعى هلاكه ولم تقم بينة
بذلك والحال أنه مما يغاب عليه ضمنه وإلا فلا ضمان عليه. قوله: (فإن اشتراه على الوزن) أي بأن قال له
كمله على صفة كذا وأنا أشتريه منك كل رطل بكذا. قوله: (إلا أن يكون عنده غزل الخ) هذا تقييد
للمنع في مسألة الثوب. قوله: (فإن اشترى جملة الغزل على أن ينسجه منع كما إذا اشترى جملة النحاس الخ)
إنما منع فيهما للنقص إذا نقض لعدم إتيانه على الوصف المطلوب. قوله: (كما إذا اشترى جملة النحاس
ليعمله تورا) هذا تقييد للجواز هنا في مسألة التور. والحاصل أن في كل من التور والثوب ثلاثة
أحوال يتفقان في المنع إذا اشترى جملة ما عند البائع من الغزل والنحاس بدينار مثلا واتفق معه على أن
يصنعه له تورا أو ثوبا ويتفقان على الجواز إذا كان عند البائع جملة من النحاس أو الغزل غير ما اشترى
باق على ملكه بحيث إذا لم يأت ما اشتراه على الصفة المطلوبة يعمل له بدله من ذلك النحاس أو الغزل
الذي في ملكه ويختلفان في حالة وهو المنع في الثوب إذا كان عند البائع غزل لا يأتي ثوبا على تقدير إذا
لم يأت المبيع على الصفة المطلوبة، والجواز في التور إذا كان عنده نحاس لا يأتي تورا لأنه إذا لم يأت على
الصفة المطلوبة يمكن كسره وإعادته وتكميله بما عنده. قوله: (من دائم العمل حقيقة) أي وهو من لا يفتر
عنه غالبا وقوله أو حكما. اعترضه شيخنا العدوي بأنه إن كان من أهل حرفته بالفعل رجع لما قبله وإلا فلا
يكفي قال والذي غر عبق التابع له الشارح أن بعضهم عبر بقوله من أهل حرفته وأراد به نفس المعنى الأول
فتوهم التغاير فجمع بينهما. قوله: (وليس لأحدهما الفسخ في الأولى) أي وهي ما إذا كان الشراء لجملة
يأخذها مفرقة على أيام وذلك للزوم البيع فيها. قوله: (دون الثانية) وهي ما إذا اشترى منه كل يوم
عددا معينا فالبيع فيها وإن كان جائزا لكنه غير لازم فلكل منهما الفسخ. قوله: (كالخباز والجزار)
يتأتى في كل منهما الصورتان المتقدمتان. قوله: (بنقد وبغيره) متعلق بالشراء من دائم العمل والمراد
بالنقد المعجل وبغيره المؤجل أي جاز الشراء من دائم العمل بثمن معجل ومؤجل. قوله: (فلا يشترط الخ)
أي فالشراء من دائم العمل مخالف للسلم في هذين الامرين. قوله: (كما أشار لذلك) أي لعدم اشتراط تعجيل
الثمن وتأجيل المثمن بقوله وهو بيع إذ من المعلوم أن البيع لا يشترط فيه واحد من الامرين.
قوله: (أو حكما) أي بأن يؤخر الشروع في الاخذ خمسة عشر يوما كما أشار له الشارح بقوله وأجازوا الخ.
قوله: (وهو بيع) صرح به مع قوله والشراء لأن الشراء يطلق على السلم ووجه كونه بيعا لا سلما

216
أنهم نزلوا دوام العمل منزلة تعين المبيع والمسلم فيه لا يكون معينا. قوله: (وإن لم يدم) بأن كان انقطاعه
أكثر من عمله أو تساوي عمله وانقطاعه وحاصله أن الشراء من غير دائم العمل جائز وهو سلم يشترط
فيه ما يشترط في السلم من تعجيل رأس المال وضرب الاجل وعدم تعيين العامل والمعمول منه فإن
عينا أو أحدهما كان فاسدا. قوله: (كاستصناع سيف) أي كما أن استصناع السيف والسرج سلم سواء
كان الصانع المعقود معه دائم العمل أم لا كأن تقول لإنسان اصنع لي سيفا أو سرجا صفته كذا بدينار
فلا بد من تعجيل رأس المال وضرب الاجل وأن لا يعين العامل ولا المعمول منه. قوله: (تشبيه) أي بقوله
فهو سلم بقطع النظر عن عدم دوام العمل. قوله: (وإلا لاقتضى أن الصانع) أي صانع السيف
والسرج. قوله: (يمكن فيه البيع) أي إن عين العامل أو المعمول منه كما لو قال له أشتري منك قنطار خبز من
هذا القمح أو من عملك. قوله: (والسلم أخرى) أي إذا لم يعين العامل ولا المعمول منه وفيه أنهم نزلوا
دوام العمل منزلة تعيين المبيع فالمسلم فيه وإن لم يعين حقيقة فهو معين تنزيلا وحينئذ لا يتأتى السلم
عند دوام العمل تأمل. قوله: (وإلا) أي وإلا يكن دائم العمل لا حقيقة ولا حكما بأن كان انقطاعه أكثر
من عمله أو تساوى عمله وانقطاعه. قوله: (فالسلم بشروطه) أي من تعجيل رأس المال وضرب أجل لقبض
المسلم فيه وعدم تعيين العامل والمعمول منه. قوله: (ولو أستديم عمله) الأولى حذفه لان الموضوع
أنه غير دائم العمل فتأمل. قوله: (وفسد) أي السلم وقوله بتعيين المعمول منه أي على ما قاله ابن القاسم
خلافا لأشهب القائل أن تعيين المعمول منه أو العامل لا يضر في السلم. قوله: (أو تعيين العامل) قال في
المدونة فإن شرط عمل رجل بعينه لم يجز وإن نقده لأنه لا يدري أيسلم ذلك الرجل إلى ذلك الاجل
أم لا فذلك غرر ا ه‍. وعلى هذا درج ابن رشد وفي المدونة في موضع آخر ما يقتضي الجواز إذا عين
العامل فقط لقولها من استأجر من يبني له دارا على أن الجص والآجر من عند الأجير جاز وهو
قول ابن بشير ا ه‍ مواق. قوله: (أو هما بالأولى) أي فهذه الصور الثلاثة يفسد فيها السلم، وعلة
الفساد في الأخيرتين دوران المعقود بين الثمنية والسلفية فهو غرر لأنه لا يدري أيسلم العامل إلى
ذلك الاجل أم لا، وفي الأولى أن السلم لا يكون في شئ بعينه بل في شئ في الذمة. قوله: (وهذا) أي
المنع فيما إذا عين المعمول منه أو العامل إذا لم يشتر الخ. قوله: (وإن اشترى المعمول منه الخ) يعني أنه
إذا اشترى منه حديدا مثلا معينا واستأجره على أن يعمل له منه سيفا بدينار فإن ذلك جائز سواء
شرط تعجيل النقد أم لا، لأنه من باب اجتماع البيع والإجارة في الشئ وهو جائز وسواء كان العامل
معينا أم لا، بشرط أن يشرع في العمل وفهم من قوله واستأجره أنه لو استأجر غير البائع لجاز من غير قيد
الشروع. قوله: (وإن اشترى المعمول منه الخ) الفرق بين هذه والتي قبلها وهي قوله وتور ليكمل أن العقد
فيما قبلها وقع على المصنوع على وجه السلم ولم يدخل المعمول منه في ملك المشتري وهذه وقع العقد فيها على
المعمول منه على وجه البيع وملكه المشتري ثم استأجره حال العقد على عمله، وهذه الثانية مسألة ابن
رشد، والتي قبلها مسألة المدونة ففي الأولى أربعة أحوال وهي تعيين المعمول منه والعامل وعدم
تعيينهما وتعيين الأولى دون الثاني والعكس صحة العقد في حالة وفساده في ثلاثة وفي الثانية حالتان فقط
أن يعين العامل أو لا يعين والعقد صحيح في كل منهما. قوله: (لا فيما لا يمكن الخ) عطف على قوله
فيما طبخ. قوله: (ومن ذلك الحناء المخلوطة الخ) أي وأما بيعهما نقدا من غير سلم فجائز إذا تحرى قدر ما فيهما
من الخلط. قوله: (ولا يسلم في الأرض والدور) أي فلا يجوز أن تقول لآخر أسلمك مائة دينار

217
في أربعة فدنة من الطين أو في دار وذلك، لان شرط صحة السلم أن تبين صفاته التي تختلف بها الأغراض
ومن جملتها البقعة التي تكون الدار والأفدنة فيها ومتى عينت البقعة كان ما فيها من الدار والفدادين معينا
والسلم في المعين لا يصح. قوله: (ولا في الجزاف) قيل هذا مخالف لما قدمه من قوله أو بتحر الخ لان المتحري
جزاف قطعا وأجيب بأن الجزاف الذي يمتنع السلم فيه هو الذي لا يمكن فيه التحري لكثرته والسابق الجائز
الذي يمكن فيه التحري، أفاد هذا المعنى كلام المقدمات ا ه‍ بن. قوله: (ولا فيما لا يوجد) أي لعدم القدرة على
تحصيله وقوله أصلا أي كالكبريت الأحمر. قوله: (وبالعكس) أي ولا تسلم سيوف في حديد سواء كان يخرج
منه سيوف أم لا والمنع مذهب ابن القاسم وهو المشهور. وقال سحنون يجوز سلم الحديد الذي لا يخرج منه
سيوف في سيوف، ووجه الأول أن السيوف مع الحديد كشئ واحد فسلم أحدهما في الآخر يؤدي إلى سلم
الشئ في جنسه وإنما كانت السيوف مع الحديد كشئ واحد لان الصفة المفارقة أي التي يمكن إزالتها لغو
بخلاف الملازمة. قوله: (لامكان معالجة الغليظ) أي وحينئذ فسلم الغليظ في الرقيق يؤدي لسلم الشئ في
جنسه وانظر هذا التعليل فإنه لا يجري في عكس كلام المصنف مع أنه ممنوع تأمل. قوله: (لان غليظ الغزل
يراد لغير ما يراد له رقيقه) أي وحينئذ فقد اختلفت منفعتهما واختلاف المنفعة يصير أفراد الجنس كالجنسين
كما مر. قوله: (ولا في ثوب) أي لا يجوز شراء ثوب قد نسج بعضه ليكمله له صاحبه على صفة معينة لان الثوب
إذا لم يأت على الصفة المطلوبة لا يمكن عوده إليها بخلاف التور النحاس وقد تقدم أن كلا من المنع في الثوب
والجواز في التور مقيد بقيد فالجواز في التور مقيد بأن لا يشتري جملة النحاس الذي عنده والمنع هنا في
الثوب مقيد بأن لا يكون عنده غزل كثير وإلا جاز. قوله: (وهو هين الخ) أي والحال أنه هين الصنعة.
وحاصله أنه لا يجوز أن يكون المصنوع هين الصنعة رأس مال سلم في غير المصنوع من جنسه لان الصنعة
الهينة كالعدم، فالغزل لا يخرج الكتان عن أصله الذي هو الكتان، فكأنه أسلم كتانا في كتان ولا مفهوم
لقول المصنف لا يعود لان هين الصنعة لا يسلم في أصله ولا يسلم أصله فيه أمكن عوده أم لا ولا يعتبر الاجل
بحيث يقال إن كان الاجل متسعا بحيث يمكن عود ذلك المصنوع فيه لأصله منع وإلا جاز بل المنع مطلقا اتسع
الاجل أو لا. قوله: (وكذا العكس) أي سلم الصوف أو الكتان في الغزل. قوله: (بالأولى) أي لان الكتان
المجعول رأس مال يمكن غزله. قوله: (يسلم في غزل من جنس أصله) فيجوز أن يسلم الثوب المنسوج من
الكتان في غزل من الكتان أو في كتان بالأولى. قوله: (لان صعوبة صنعته) أي النسج بمعنى المنسوج.
وأشار الشارح بهذا إلى أن قول المصنف بخلاف الخ مفهوم هين الصنعة فكأنه قال وإن كان غير هين
الصنعة جاز كما في النسج بمعنى المنسوج. قوله: (فلا تسلم في خز) أي فالنسج فيها كالغزل في الكتان فكما
لا يسلم الغزل في الكتان لأنه لا ينقل عنه لا يسلم ثياب الخز في الخز والخز ما كان قيامه من حرير ولحمته من وبر.
قوله: (وإن قدم الخ) لما ذكر أن غير هين الصنعة يجوز أن يسلم في أصله ذكر حكم ما إذا أسلم أصله فيه بقوله
وإن قدم الخ. قوله: (وإن عاد المصنوع صعب الصنعة الخ) أشار الشارح إلى أن ضمير عاد راجع للمصنوع
صعب الصنعة المفهوم من قوله بخلاف نسجه وليس مفهوما لقوله سابقا لا يعود بحيث يكون ضمير
عاد للمصنوع الهين الصنعة وحينئذ فلا اعتراض على المصنف. قوله: (فهين الصنعة الخ) حاصله

218
أن هين الصنعة كالغزل سواء كان يمكن عوده لأصله أم لا لا يسلم في أصله ولا يسلم أصله فيه، ولا يعتبر في
ذلك اتساع الاجل ولا ضيقه، فهذه أربعة، وغير هين الصنعة إن كان لا يمكن عوده لأصله كالثياب
المنسوجة جاز سلمه في أصله كالغزل والكتان وإن أسلم أصله فيه اعتبر الاجل وإن كان يمكن عوده
لأصله كأواني النحاس اعتبر الاجل في سلمه في أصله وسلم أصله فيه فهذه أربعة أيضا. قوله: (عاد)
أي أمكن عوده أم لا وقوله: لا يسلم في أصله ولا أصله فيه أي ولا ينظر لأجل ولا لعدمه. قوله: (وإن
عاد) أي أمكن عوده. قوله: (والمصنوعان الخ). حاصله أن المصنوعين إذا أريد سلم أحدهما
في الآخر وهما من جنس واحد سواء أمكن عوده لأصله أم لا، فإنه ينظر للمنفعة إن تقاربت منع لأنه
من سلم الشئ في مثله وإن تباعدت جاز، فقول المصنف والمصنوعان أي سواء كانت صنعتهما هينة
أم لا وقوله يعودان أي وأولى إن لم يعودا كما نبه على ذلك الشارح. قوله: (هانت الصنعة) أي كسلم
غزل في غزل وقوله أم لا أي كسلم طشت نحاس في حلة أو في طشت مثله. قوله: (وأولى إن لم يمكن)
أي لأنه إذا اعتبر النظر للمنفعة عند إمكان العود وأنها إذا تباعدت يجوز فأولى إذا لم يمكن العود.
قوله: (فإن تقاربت كقدر نحاس في مثله) وكسلم ثوب رقيق في مثله. قوله: (منع) أي لأنه من
سلم الشئ في مثله. قوله: (كإبريق في طشت) أي وكثوب رقيق في غليظ. قوله: (وجاز الخ)
هذا شروع في حكم اقتضاء المسلم فيه ممن هو عليه أي وجاز للمسلم قبول الموصوف بصفة المسلم فيه
كان طعاما أو غيره قبل حلول أجله أي وفي محله. قوله: (بلا جبر) أي لان الاجل في السلم حق
لكل منهما ما لم يكن المسلم فيه نقدا وإلا أجبر المسلم على قبوله قبل الاجل، لان الاجل حينئذ حق لمن
عليه الدين وأما في القرض فيجبر المقرض على قبوله قبل أجله كان القرض عينا أو غيرها كحيوان
أو طعام. قوله: (قبل زمانه) أي والحال أنه في محله بدليل ما بعده. قوله: (أي موصوفها) أشار الشارح
إلى أن في كلام المصنف حذف مضاف أي قبول موصوف صفته لان الذي يقبضه المسلم موصوف الصفة لا
الصفة ولو قال المصنف قبول مثله لكان أصرح في الرد أي قبول المماثل له صفة وقدرا سواء
كان طعاما أو غيره لا أجود ولا أردأ. قوله: (لما فيه من ضع الخ) أي إذا كان المدفوع قل أو أردأ
وقوله أو حط الضمان وأزيدك أي إن كان أجود أو أكثر وكل من ضع وتعجل وحط الضمان وأزيدك
ممنوع في السلم والقرض لا يدخله الثاني لان الاجل من حق المقترض ولا حق فيه للمقرض حتى أنه
يحط الضمان عن المقترض. قوله: (كقبل محله) أي كما يجوز له أي للمسلم قبوله قبل محله في العرض مطلقا الخ.
قوله: (في العرض مطلقا وفي الطعام إن حل الخ) اعلم أن في العرض والطعام قولين أحدهما لابن
القاسم وأصبغ الجواز قبل محله بشرط الحلول فيهما والثاني لسحنون واختاره ابن زرقون الجواز قبل
محله وإن لم يحل فيهما ابن عرفة، وهذا أحسن والأول أقيس والمصنف فصل بين العرض والطعام
وانظر ما مستنده في ذلك، ولو جرى على ما لابن القاسم لقال في العرض والطعام إن حل أو على ما
لسحنون لقال في العرض والطعام مطلقا انظر المواق وقوله وفي العرض أي سواء كان ثيابا أو جواهر أو
لآلئ على المشهور وسواء كان للعرض كلفة في نقله لمحله أم لا. قوله: (أنه لا بد) أي في جواز القضاء قبل
المحل. قوله: (لان من عجل الخ) علة لمحذوف أي وإلا منع لان من عجل الخ. قوله: (بسقوط الضمان) أي عنه
للأجل. قوله: (بأن فيه بيعه قبل قبضه) أي لان ما عجله عوض عن الطعام الذي لم يجب الآن وإنما
يجب عليه إذا حل الاجل فقد باع المسلم الطعام الذي له على المسلم إليه قبل قبضه بهذا المأخوذ قبل الاجل.
قوله: (ومحل الجواز) أي جواز القبول قبل المحل في العرض والطعام إذا حل الاجل. قوله: (وإلا منع) أي

219
لما فيه من سلف جر نفعا إن كان المأخوذ من جنس رأس المال لما فيه من بيع وسلف بيان الأول،
أنه إذا أسلمتك عشرة محابيب في عشرة أرادب قمح أو في عشرة أثواب آخذها منك في رشيد فدفعتها
إلي في بولاق وأعطيتني أجرة الحمل دينارا صرت كأني اشتريت منك تسعة أرادب أو تسعة أثواب
بتسعة دنانير، والعاشر كأنه سلف رد إلى الآن والأردب أو الثوب العاشر عاد علي نفعا لأجل سلفي
الدينار وبيان الثاني أن التسعة دنانير الواقعة في مقابلة العشرة أرادب أو العشرة أثواب بيع وما وقع
من الكراء في مقابلة الدينار العاشر سلف. قوله: (ولزم بعدهما) أي لزم المسلم قبول المسلم فيه كان طعاما
أو غيره حيث حل الاجل وكان المسلم والمسلم إليه في بلد الشرط كما يلزم المسلم إليه الدفع إذا طلب منه
وكان مليا فقوله بعدهما أي بعد انقضاء الأجل وبعد الوصول للمحل فبعدية المحل بعدية وصول
وبعدية الاجل بعدية انقضاء. تنبيه: إنما يلزم المسلم قبول المسلم فيه بعدهما إذا أتاه المسلم إليه
بجميعه فإن أتاه ببعضه لم يلزمه قبوله حيث كان المدين موسرا وأما القرض ففي ابن عرفة ما نصه وفي
جبر رب دين حال على قبض بعضه وقبول امتناعه حتى يقبض جميعه والمدين موسر نقلا ابن رشد
ورواية محمد مع ابن أبي زيد عن ابن القاسم، ولعل الفرق أن القرض بابه المعروف والمسامحة.
قوله: (كقاض) تشبيه في لزوم القبول أي إذا غاب المسلم عن موضع القبض ولا وكيل له وأتى المسلم
إليه للقاضي بالشئ المسلم فيه فإنه يلزمه قبوله. قوله: (وجاز أجود وأردأ) أي وجاز للمسلم بعد
الاجل والمحل قبول أجود مما في ذمة المسلم إليه وقبول أردأ مما فيها وعبر المصنف بالجواز لأنه لا يلزمه
قبوله كما لابن عبد السلام وابن هارون والتوضيح. وقال ابن الحاجب وابن عرفة يلزمه القبول وإلا ظهر
أن المسلم إليه إذا دفع ذلك على وجه التفضيل لا يلزم المسلم القبول وإن دفعه لأجل أن يدفع عن نفسه
مشقة تعويضه بمثل ما اشترط لزم قبوله انظر بن. قوله: (لأنه حسن قضاء) أي حسن دفع من المسلم
إليه وقوله لأنه حسن اقتضاء أي قبض من المسلم. قوله: (أي مع الجودة) أي مع الاتفاق في الجودة
أو الرداءة وإنما قيد بذلك لأجل الاستثناء بعده وإلا فأخذ الأقل عن الأكثر ممنوع مطلقا كان
بصفة ما في الذمة أو أجود منه أو أردأ ما عدا صورة الاستثناء، وهذا هو الذي نقله أبو الحسن عن
ابن اللباد ومشى عليه عبق وخش وذكر ابن عرفة أن التهمة في الأقل لا تعتبر إلا مع اختلاف الصفة
فمتى كان الأقل بصفة ما في الذمة جاز أبرأه مما زاد أم لا والتفصيل الذي ذكره المصنف بقوله لا أقل إلا عن مثله
فيما إذا كان الأقل بغير الصفة بأن كان أجود أو أردأ مما في الذمة قال طفي وهو المعتمد واقتصر عليه في المج.
قوله: (وأما غير الخ) هذا مفهوم قوله في طعام أو نقد. قوله: (ولا يجوز دقيق) أي أخذه عن قمح مسلم فيه أي
وأما في القرض فيجوز أخذ أحدهما عن الآخر بتحري ما في الدقيق من القمح وما في القمح من الدقيق.
قوله: (وإن كان ضعيفا) أي فهو مشهور مبني على ضعيف. قوله: (بشروط أربعة) أي وجواز القضاء بغير
الجنس مشروط بشروط أربعة مطلقا أي سواء كان القضاء بغير الجنس قبل الاجل أو بعده. قوله: (ولا لحم)

220
أي ولا يجوز أخذ لحم. قوله: (أي عن حيوان مسلم فيه) فإذا أسلم دراهم أو عرضا في حيوان فلا يجوز
أن يأخذ بدله لحما من جنسه أو أسلم في لحم فلا يجوز أن يأخذ بدله حيوانا من جنس اللحم المسلم فيه.
قوله: (ولا عكسه) أي فلا يجوز أن يؤخذ حيوان عن لحم مسلم فيه إذا كان ذلك الحيوان المأخوذ من
جنس اللحم المسلم فيه ظاهره أنه إذا كان من غير جنسه يجوز وفي بن أن صورة العكس لا يتقيد المنع فيها
بالجنس بل تمنع مطلقا لأنه من بيع الطعام قبل قبضه فهذا خارج بالشرط الأول لان اللحم طعام. قوله: (وبيع
اللحم بالحيوان من غير جنسه جائز) أي فيجوز بيع الطير وحيوانات الماء بلحم ذوات الأربع من
الانعام. قوله: (وأجيب) حاصله أن المراد بقوله لا لحم عن حيوان من جنسه أي جنسه في باب الربويات
وإن كان غير جنسه هنا في باب السلم فالبقر والغنم جنس واحد في الربويات وجنسان في السلم يجوز
أن يسلم أحدهما في الآخر ومع ذلك لا يجوز أخذ لحم أحدهما قضاء عن الآخر. قوله: (ما تقدم في الربويات)
أي من أن ذوات الأربع جنس واحد والطير كله جنس واحد ودواب الماء جنس واحد. قوله: (وإنما
المراد الخ) أي وإنما المراد الجنس في باب السلم وهو ما كانت منفعته متحدة وهو ما يسلم في غيره
لاختلاف منفعتهما. قوله: (ولا ذهب) أي ولا يجوز أخذ ذهب عوضا عن عرض. قوله: (ورأس المال)
جملة حالية وقوله المدفوع فيه أي في العرض أو الحيوان. قوله: (بما إذا باع العرض لغريمه) أي وهو من
عليه العرض. قوله: (الزيادة على رأس المال) أي سواء عجلها أو لا لأنه لا يشترط تعجيل الزيادة على
رأس المال إلا فيما بعد الكاف في كلام المصنف على المعتمد. قوله: (أو عرضا الخ) أشار إلى أنه لا مفهوم
للطول حيث كانت الزيادة بعد الاجل بل العرض والصفاقة كذلك. قوله: (والمراد) أي يكون المسلم
إليه يزيده طولا أو عرضا. قوله: (أنه يدفع له ثوبا أطول) أي سواء كانت تلك الثوب التي يدفعها
المسلم إليه من صنف ما أسلم فيه أو لا أي وليس المراد أنه يزيده طولا يوصل بالطول الأول للزوم
تأخير قبض المسلم فيه وهو ممنوع. قوله: (بشرط تعجيل الثوب) أي التي يدفعها المسلم إليه للمسلم مشتملة
على زيادة الطول أو العرض أو الصفاقة. قوله: (فإن لم يعين) أي وأخذ مقطعا أزيد من الأول بثلاثة
أذرع أو أصفق من الأول. قوله: (لأنه سلم حال) وذلك لأنه إذا لم يعين كانت في الذمة فيؤدي للسلم
الحال. قوله: (وكذا إن لم يعجل) أي وكذا يمنع لم يعجل الثوب المأخوذ المشتمل على الزيادة.
قوله: (بيع وسلف) أي لان الزيادة مبيعة بالدراهم وتأخير ما في الذمة سلف. قوله: (إن كان) أي الثوب
التي يدفعها المسلم إليه. قوله: (وفسخ دين) أي وهو الثوب المسلم فيه وقوله في دين أي وهو الثوب الأطول
أو الأعرض الذي يأخذه من غير صنف الأول. قوله: (كقبله) أي كما يجوز للمسلم أن يدفع للمسلم إليه
قبل الاجل زيادة على رأس المال ليزيده في المسلم فيه لكن بشروط خمسة: الأول: أن يعجل تلك الدراهم
المزيدة لأنه سلم. الثاني: أن تكون الزيادة التي يزيدها المسلم إليه في الطول فقط لا في العرض والصفاقة
لئلا يلزم عليه فسخ الدين في الدين لأنه أخرجه عن الصفقة الأولى إلى غيرها بخلاف زيادة الطول
فإنها لم تخرجه عن الصفقة الأولى وإنما تلك الزيادة صفقة ثانية لان الأذرع المشترطة أولا قد بقيت
على حالها والذي استأنفوه صفقة أخرى. الثالث: أن يبقى من الاجل الأول حين العقد على الزيادة مقدار
أجل السلم فأكثر لان الثاني سلم حقيقي. الرابع: أن لا يتأخر الأول عن أجله لئلا يلزم البيع والسلف.

221
الخامس: أن لا يشترط في أصل العقد أن يزيده بعد مدة ليزيده طولا وإلا فسد العقد. قوله: (وأن
لا يتأخر الأول عن أجله) أي بل بمجرد فراغ الاجل الأول يدفع له الثوب الأول بما فيها من الزيادة.
قوله: (وغزل ينسجه) أي كما جاز قبل الاجل الزيادة للمسلم إليه ليزيده طولا جاز زيادة غزل ودراهم
لمن عاقدته أولا على نسج غزل على صفة معلومة ليزيد ذلك الغزل في طول الشقة أو عرضها إذ لا فرق
بين البيع والإجارة. قوله: (لا لمناسبة) قد يقال إن المصنف ذكر هذه المسألة استدلالا على مسألة الزيادة
قبل الاجل لكن كان الأولى له أن يقول كغزل ينسجه. قوله: (وحط الضمان وأزيدك) هذه العلة
ثابتة في بعض النسخ وهي مشطوب عليها في نسخة الشارح بخطة لما فيها من النظر لان معنى المسألة
أنه زاده دراهم ليأخذ إذا حل الاجل أعرض أو أصفق وعلله بأنه فسخ دين في دين وهو ظاهر ولا يصح
حط الضمان وأزيدك لأنه إنما يتصور في القبض قبل الاجل وقد علمت أن القبض هنا بعده فتأمل.
قوله: (أي لا يقضي عليه بذلك) فإذا ألقى المسلم المسلم إليه بغير بلد القضاء وطلب منه المسلم فيه وامتنع
فلا يقضي عليه بالدفع سواء حل الاجل أو لم يحل. قوله: (ولو خف حمله) قيل المناسب للمبالغة على عدم
لزوم الدفع أن يقول ولو ثقل حمله تأمل. قوله: (فإن رضيا) أي رضي المسلم إليه بدفعه في غير محله ورضي
المسلم بقبوله في غير محله جاز بشرط حلول الأجل في العرض والطعام على المعتمد كما مر. قوله: (وأما
العين) أي أن كلام المصنف إذا كان الدين غير عين وأما لو كان عينا فالقول قول من طلب القضاء
منهما حيث حل الاجل ولو في غير محل القضاء فيلزم ربه القبول إذا دفعه له من هو عليه ويلزم من
هو عليه دفعه إذا طلبه ربه ولو في غير محل القضاء، وأما إن لم يحل الاجل فالحق لمن عليه العين في المكان
والزمان فإذا طلب المدين تعجيل العين قبل انقضاء الأجل أو طلب دفعها في غير محل القضاء فإنه
يجبر ربها على قبولها كانت العين من بيع أو قرض إلا أن يتفق بين الزمانين أو المكانين خوف فلا يجبر
من هي له على قبولها قبل الزمان أو المكان المشترط فيه قبضها، فلو جبره على قبولها وتلفت منه ضاعت
على الدافع ولا فرق بين عين البيع والقرض على المعتمد خلافا لما في خش من التفرقة بينهما.
فصل في القرض هو لغة القطع سمي المال المدفوع للمقترض قرضا لأنه قطعة من مال المقرض
وشرعا عرفه ابن عرفة بقوله دفع متمول في عوض غير مخالف له لا عاجلا تفضلا فقط لا يوجب
إمكان عارية لا تحل متعلقا بذمة فأخرج بقوله متمول دفع غير المتمول كقطعة نار فليس بقرض،
وقوله في عوض أخرج دفعه هبة، وقوله غير مخالف له أخرج السلم والصرف، وقوله: لا عاجلا عطف
على محذوف أي حالة كون ذلك العوض مؤجلا لا معجلا وأخرج بهذا المبادلة المثلية كدفع دينار
أو إردب في مثله حالا. وقوله: تفضلا أي حالة كون ذلك الدفع تفضلا أو لأجل التفضل ولا يكون
الدفع تفضلا إلا إذا كان النفع للمقترض وحده، وقوله لا يوجب إمكان أي لا يقتضي ذلك الدفع
جواز عارية لا تحل واحترز بذلك من دفع يقتضي جواز عارية لا تحل فلا يسمى قرضا شرعا بل
عارية، وقوله: متعلقا بالذمة حال من عوض. قوله: (يجوز قرض ما يسلم فيه) أي ما يقبل جنسه السلم
فيه فلا يرد أنه يجوز القرض في المكيال المجهول ولا يجوز السلم فيه لان منع سلمه لعارض الجهل كما
يمنع السلم في العرض والحيوان لعارض كعدم الاجل وأشار المصنف إلى قاعدة كلية مطردة
منعكسة قائلة كل ما يصح أن يسلم فيه إلا الجواري يصح أن يقرض وبعض ما يصح أن يقرض
يصح أن يسلم فيه فعكسها بالمستوى صحيح، وأما عكسها عكسا لغويا وهو كل ما لا

222
يصح أن يسلم فيه لا يصح أن يقرض وهو معنى قول المصنف فقط فعلى القول بأنه يمتنع قرض جلد
الميتة المدبوغ بمثله، وكذا جلد الأضحية لأنه معاوضة على نجس يكون ذلك العكس مستقيما، وأما على
القول بجواز قرضهما وهو المصحح لإباحة الانتفاع بهما فلا تكون تلك القاعدة منعكسة عكسا لغويا
لأنهما لا يصح السلم فيهما ويصح قرضهما فقول المصنف فقط فيه نظر تأمل. قوله: (والأصل فيه
الندب) أشار بهذا إلى أن المراد بالجواز الاذن لا المستوى الطرفين لان حكمه من حيث ذاته الندب
وقد يعرض له ما يوجبه كالقرض لتخليص مستهلك والكراهة كقرض ممن في ماله شبهة أو لمن يخشى
صرفه في محرم من غير أن يتحققا ذلك أو حرمته كجارية تحل للمقترض ولا يكون مباحا. قوله: (وجوهر
نفيس) أي يتنافس فيه لكبره كبرا خارجا عن العادة. قوله: (إلا جارية تحل للمستقرض) أي الطالب
للقرض والآخذ له فالسين والتاء للطلب. قوله: (لما فيه من إعارة الفروج) أي من احتمال إعارة الفروج
أي لأنه يجوز في القرض رد معين المقترضة ويجوز رد مثلها كما يأتي. ولهذا التعليل أجاز ابن عبد الحكم
قرضها إذا اشترط أن يرد مثلها لا عينها. قال في التوضيح ولا تبعد موافقته للمشهور وفيه أنه يرجع لسلم
الشئ في جنسه إلا أن يفرض فيما إذا كان الشرط من المقترض وتمحض النفع له. ونقل ح في آخر
الفصل منع مثل هذا الشرط من المقرض هذا والمشهور منع قرض الجارية التي تحل سواء كان قرضها
للوطئ أو للخدمة سدا للذريعة سواء شرط رد عينها أو مثلها كما قرره شيخنا. قوله: (إن حرمت عليه)
أي بقرابة أو رضاع أو صهر. قوله: (أو كان المقترض امرأة) أي أو كان شيخا فانيا أو كانت الجارية في سن
من لا تواطأ في مدة القرض أي أو كانت الجارية لا تشتهى مدة القرض. قوله: (وليس الغيبة الخ) حاصله
أن الغيبة عليها فيها ثلاثة أقوال فقيل إنها فوت مطلقا وقيل ليست فوتا مطلقا وقيل أنها فوت إن كان
يمكن فيها الوطئ. الأول لابن يونس عن بعض أصحابه، والثاني ظاهر المعونة، واختار المازري الثالث
بزيادة أن يكون الغائب من يظن به الوطئ ونص ابن عرفة وفي فواتها بمجرد الغيبة عليها ثالثها إن كانت
غيبة يمكن فيها الوطئ للصقلي عن بعض الأصحاب وظاهر نقل المعونة والمازري، وإذا علمت هذا
فكلام الشارح محتمل لارتضاء القول الثاني ويحتمل أن المراد وليس مجرد الغيبة عليها فوتا بل لا بد
أن يمكن فيها الوطئ فيكون مرتضيا للقول الثالث فتأمل. قوله: (إن فاتت بوطئ) وأولى باستيلاد
وتكون بذلك الولد أم ولد خلافا لعبق لان لزوم قيمتها بمجرد الوطئ أو الغيبة يوجب أنها حملت وهي
في ملكه فيلزم أن تكون به أم ولد وقد صرح ابن عرفة بأنه لا حد عليه انظر بن. قوله: (وجاز إن فاتت
بحوالة سوق) أي وليس فيه تتميم للفاسد لان ذاتها عوض عما لزمه من القيمة ولا محذور في ذلك.
إن قلت: ردها بذاتها يعارض قولهم للمقترض أن يرد المثل أو العين إذا لم يتغير القرض وهنا قد تغير فمقتضاه عدم
رد العين. قلت: قولهم المذكور محمول على القرض الصحيح. قوله: (أي كفاسد البيع) أي فيجب رده
إلا أن يفوت بمفوت فإنه يمضي بالقيمة ويحتمل أن المعنى فالقيمة كالقيمة في فاسده أي من كونها تعتبر
يوم القبض هذا ويصح أن يكون المراد كفاسد القرض أي كفاسد جميع مسائل القرض وهذا مفاد
التوضيح. قوله: (إلى فاسد أصله) أي وأصله البيع وإنما كان البيع أصلا للقرض لان كلا منهما دفع متمول في

223
عوض إلا أن الغالب في دفع المتمول في العوض أن يكون على وجه المشاحة وأما كونه على طريق
التفضل فهو خلاف الغالب. قوله: (فيفوت بالقيمة) أي إن كان مقوما وإن كان مثليا فيرد مثله وقوله لا
إلى صحيح نفسه أي بحيث يرد المثل سواء كان مثليا أو مقوما. قوله: (وعلى هذا) أي على جعل الضمير في
فاسده في البيع فلا يستفاد الخ أي وأما لو جعل الضمير في قوله كفاسده أي القرض يعني غير هذا الفرع
فيستفاد من كلامه ذلك ومحصله أنه شبه بقية جزئيات القرض الفاسد بهذا الجزء منه. قوله: (أي هدية
المقترض) أي الهدية الكائنة من المقترض وكذا يقال فيما بعده إلا في ذي الجاه والقاضي فإن المراد
الهدية الواصلة لهما والظاهر أن الحرمة متعلقة بكل من الآخذ والدافع في المسائل كلها قال خش في
كبيره ليس المراد بالهدية حقيقتها فقط بل كل ما حصل به الانتفاع كركوب دابة المقترض والأكل
في بيته على طريق الاكرام أو شرب فنجان قهوة أو جرعة ماء والتظلل بجداره ا ه‍ والمعتمد جواز
الشرب والتظلل وكذلك الأكل إن كان لأجل الاكراه لا لأجل الدين كما قاله شيخنا. قوله: (لرب المال)
إظهار في محل الاضمار لان رب المال هو المقرض. قوله: (مطلقا) أي مقترضا أو غيره فيشمل مدين
القرض والبيع والسلم. قوله: (ثم الحرمة ظاهرا الخ) هذا التفصيل في الحرمة المتعلقة بآخذ الهدية
وأما المتعلقة بالدافع فهي باطنية فقط. قوله: (وإلا فالقيمة) أي وإلا رد القيمة ورد مثل المثلى.
قوله: (وظاهرا فقط) أي فيقضي عليه بردها إن كانت قائمة أو رد قيمتها أو مثلها إن فاتت ولا حرمة عليه
فيما بينه وبين الله. قوله: (إن قصد وجه الله) أي لا مكافأة لرب الدين وإلا حرم أخذها على المعتمد
والمكافأة المطلوبة في حديث من صنع معكم معروفا فكافئوه فإن لم تكافئوه فادعوا له حتى تظنوا أنكم
كافأتموه فالمراد بها المكافأة على قانون الشرع قاله شيخينا. قوله: (أو لم يحدث موجب) أي للهدية من المدين
لرب الدين. قوله: (كرب القراض) أي يحرم عليه إهداء العامل لئلا يقصد بذلك أن يستديم عمله
وكذلك يحرم هدية العامل لرب المال ولو بعد شغل المال أما قبل شغل المال فبلا خلاف لان لرب المال
أخذه منه فيتهم أنه إنما أهدى إليه ليبقى المال بيده، وأما بعد شغل المال فعلى المشهور وقيل يجوز وهما
مبنيان على اعتبار الحال فيجوز لعدم قدرة المال على انتزاعه منه حينئذ أو المآل وهو أن يترقب من
رب المال أنه بعد نضوض المال يعامله ثانيا لأجل هديته له. قوله: (راجع لقوله وعامله فقط) أي هذا إذا
كانت هدية العامل قبل شغل المال بل ولو كانت بعد شغله ورد بلو على القائل بالجواز بعد الشغل لعدم
قدرة رب المال على فسخ القراض حينئذ إنما كانت المبالغة راجعة للعامل فقط لان الخلاف فيه
فقط وكان الأولى للمصنف أن يقول كعامله بالكاف. قوله: (وذي الجاه) قال أبو علي المسناوي محل
منع الاخذ على الجاه إذا كان الانسان يمنع غيره بجاهه من غير مشي ولا حركة وأن قول المصنف
وذي الجاه مقيد بذلك أي من حيث جاهه فقط كما إذا احترم زيد مثلا بذي جاه ومنع من أجل
احترامه فهذا لا يحل له الاخذ من زيد. ولذا قال ابن عرفة يجوز دفع الضيعة لذي الجاه للضرورة إن كان
يحمي بسلاحه فإن كان يحمي بجاهه فلا لأنها ثمن الجاه ا ه‍. وبيانه أن ثمن الجاه إنما حرم لأنه من باب
الاخذ على الواجب ولا يجب على الانسان أن يذهب مع كل أحد ا ه‍. وفي المعيار سئل أبو عبد الله
القوري عن ثمن الجاه فأجاب بما نصه اختلف علماؤنا في حكم ثمن الجاه فمن قائل بالتحريم بإطلاق
ومن قائل بالكراهة بإطلاق ومن مفصل فيه وأنه إن كان ذو الجاه يحتاج إلى نفقة وتعب وسفر فأخذ
أجر مثله فذلك جائز وإلا حرم ا ه‍. قال أبو علي المسناوي وهذا التفصيل هو الحق وفي المعيار أيضا سئل
أبو عبد الله العبدوسي عمن يحرس الناس على المواضع المخيفة ويأخذ منهم على ذلك فأجاب ذلك جائز

224
بشرط أن يكون له جاه قوي بحيث لا يتجاسر عليه عادة وأن يكون سيره معهم بقصد تجويزهم فقط
لا لحاجة له وأن يدخل معهم على أجرة معلومة أو يدخل على المسامحة بحيث يرضى بما يدفعونه له ا ه‍.
وفي المعيار أيضا سئل بعضهم عن رجل حبسه السلطان ظلما فبذل مالا لمن يتكلم في خلاصه بجاهه
أو غيره هل يجوز أم لا فأجاب نعم يجوز صرح به جماعة منهم القاضي أبو الحسين ونقله عن القفال ا ه‍ بن.
تنبيه: لو جاءت مغرمة على جماعة وقدر أحدهم على الدفع عن نفسه لكن حصته تؤخذ من باقيهم
فهل له ذلك. وهو ما قاله الداودي أو يكره، وهو اختيار الشيخين أو يحرم وبه قال ابن المنير وعزاه في
المواق لسحنون فإن تحقق أن حصته لا تؤخذ من باقيهم كان له الدفع عن نفسه قولا واحدا وعمل فيما
يأخذه المكاس من المركب بتوزيعه على الجميع لأنهم نجوا به. قوله: (والقاضي كذلك) أي تحرم الهدية له
إن لم يتقدم مثلها أو يحدث موجب هذا ظاهره وهو مبني على أحد القولين الآتيين له في باب
القضاء من أن في جواز الهدية له بعد الولاية إذا كان معتادا لها قبل الولاية قولين. قوله: (ومبايعته
مسامحة) أي وأما بيعه بغير مسامحة فقيل يجوز وقيل يكره واستظهر الأول وأما عكس كلام
المصنف وهو شراء المدين من رب الدين مسامحة فيكره لاحتمال حمل المدين على زيادة في السلف.
قوله: (معطوفا) الأولى زيادة الواو كما هو الواقع في كلام ابن غازي ولان كونه مصدرا معطوفا على هديته
لم تختلف فيه النسخ وإنما اختلفت بالعطف بأو وبالواو وإنما كان العطف بالواو أحسن لان أو
توهم أن الممنوع أحد الامرين وإن أجيب عنه بأن أو بمعنى الواو أو أنها للتنويع إذ الهدية نوع من
المحرم وهذا نوع آخر وإنما كان جعله مصدرا مضافا أحسن لان جعله فعلا ماضيا ومنفعة مفعولة فهو
إما صلة لمحذوف أي أو ما جر منفعة وحذف الموصوف وإن جاز فلا بد من دليل يدل عليه كما في: * (وقولوا
آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم) * ولا دليل هنا وإما صفة لمحذوف أي أو قرض جر منفعة وحذف
الموصوف بالجملة لا ينقاس إلا إذا كان بعض اسم مجرور بمن أن بفي نحو منا ظعن ومنا أقام أي منا
فريق ظعن وفريق أقام وكما في قوله: إن قلت ما في قومها لم تيثم يفضلها في حسب وميسم
أي أحد يفضلها وهنا ليس كذلك وأما أنا ابن جلا وطلاع الثنايا أي أنا ابن رجل جلا فشاذ.
قوله: (أي وحرم في القرض جر منفعة) أي للمقرض ولو كانت تلك المنفعة قليلة قال في المج ومن ذلك
فرع مالك وهو أن يقول شخص لرب الدين أخر المدين وأنا أعطيك ما تحتاجه لان التأخير سلف نعم
إن قال له أخره وأنا أقضيه عنه جاز. قوله: (أو شرط دفع دقيق) الأولى أن يعبر بقضاء هنا وفيما بعده
لأجل أن يظهر جر المنفعة للمقرض. قوله: (ولو لحاج) أي خلافا لما في الحمديسية من جواز ذلك ولو مع
الشرط للحاج ونحوه. قوله: (أي بخبز ملة) أشار الشارح إلى أنه على هذين القولين في الملة في الكلام
حذف مضاف وقيل أن الملة اسم لما يخبز في الرماد الحار الذي في الحفرة وعلى هذا فلا يحتاج لتقدير خبز
في كلام المصنف. ومفهوم قول المصنف وخبز فرن بملة إن قرض خبز فرن بمثله وخبز ملة بمثله الجواز
مع تحري ما في الخبزين من الدقيق ولا يكفي وزنهما من غير تحر كما مر في قوله واعتبر الدقيق في خبز
بمثله، وذكره ابن عرفة هنا، ثم ذكر عن اللخمي أنه يعتبر وزنهما وقد تقدم أن شيخنا اعتمد الاكتفاء
بالمماثلة في العدد في قرض الخبز لأنه مما يتسامح فيه وهذا كله إذا كانا من جنس واحد
ربوي فإن كانا من جنسين أو من جنس غير ربوي فإنه يعتبر وزنهما فقط. تنبيه: خبز الملة هو
المشهور بالفطير الدماسي. قوله: (والمراد الخ) فيه أنه إذا كان المراد ما ذكر فالمناسب اسقاط
قوله أو دقيق أو كعك ببلد لأنهما من جزئيات قوله أو عين عظم حملها تأمل. قوله: (والمثلي) أي سواء
كان نقدا أو طعاما كالدقيق والكعك. قوله: (معناها الكتاب) أي وهي المسماة الآن بالبالوصة.

225
قوله: (نظير ما أخذه منه ببلده الخ) وإنما منع لان المقرض انتفع بحرز ماله من آفات الطريق.
قوله: (ويحتمل أنه مثال لما جر منفعة) هذا مقابل لقوله ثم شبه الخ ويحتمل أيضا أنه مثال للعين التي عظم حملها
وعلى هذا فقوله كسفتجة فيه حذف مضاف أي كمضمون سفتجة أي ما تضمنته السفتجة وهي العين
العظيمة الحمل تأمل. قوله: (إلا أن يعم الخوف) أي على النفس أو المال جميع طرق المحل التي يذهب
المقرض منها إليه فإن غلب الخوف لا في جميع الطرق فلا يجوز والمراد بالخوف على النفس والمال أن
يغلب على الظن الهلاك أو نهب المال في كل طريق. قوله: (للأمن) أي تقديما لمصلحة حفظ المال والنفس
على مضرة سلف جر نفعا. قوله: (خوف تلف) أي بعثة أو سوس أو عفن. وحاصله أن العين سليمة لكن
طالت إقامتها عند ربها فكره ذلك خوفا من تلفها بطرو ما ذكر فيقرضها بشرط أن يأخذ جديدا.
قوله: (ليأخذ بدلها) لأنه سلف جر منفعة لأنه إنما قصد نفع نفسه. قوله: (إن جرى الخ) شرط في قوله
يحرم تسلفها ليأخذ بدلها يعني أن محل حرمة تسلفها ليأخذ بدلها إن شرط أخذ البدل جديدا أو
جرى العرف بذلك وإلا فلا حرمة. تنبيه: من مثل الحرام الداخل تحت كاف التمثيل في قوله كشرط
عفن الخ قرض شاة مسلوخة ليأخذ عنها كل يوم رطلين مثلا وكدفع قدر معين من دقيق أو قمح لخباز في
قدر معين من خبز على أن يأخذ عنه كل يوم قدرا معينا. قوله: (إلا أن يقوم دليل) أي مع الشرط أو
العادة. قوله: (فقط) أي لا نفع المقرض أو نفعهما معا كقرض الملتزمين بالبلاد فلاحيهم البذر ليزرعوا
ويدفعوا لهم الخراج أو نفع أجنبي من ناحية المقرض بحيث يكون نفعه كنفعه فيمنع في الثلاثة. قوله: (المسائل
الخمس) أي التي أولها قوله كشرط عفن بسالم. قوله: (اسم فاعل احصد) الأولى اسم فاعل استحصد.
قوله: (والمقترض يحصده ويدرسه) أي وضمانه في حال حصده ودرسه من مقرضه. قوله: (والتشبيه يفيده)
هذا يقتضي أن قوله كفدان تشبيه في الجواز إذا كانت المنفعة للمقترض ويصح أن يكون
مثالا لما إذا قام الدليل على أن القصد نفع المقترض. قوله: (وتقدم الكلام الخ) أي تقدم أن المقرض
يجوز له أن يصدق المقترض في قدر القرض إذا أتى له به. قوله: (ملكه المقترض) أي وصار مالا
من أمواله ويقضي له به وقوله: بالعقد أي وإن لم يقبضه. قوله: (ككل معروف) أي فإنه يملك
بالعقد لكن لا يتم ذلك الملك إلا بالقبض والحيازة على ما يأتي. والحاصل أن القرض وغيره من
المعروف كالهبة والصدقة يلزم بالقول ويصير مالا من أموال المعطي بالفتح بمجرد القول ويقضي
له به إلا أن القرض يتم ملكه بالعقد، وإن لم يقبض فإن حصل للمقرض مانع قبل الحوز لم يبطل بخلاف غيره
من المعروف فإنه لا يتم ملكه للمعطي بالفتح إلا إذا حازه، فإن حصل مانع للدافع قبل الحوز بطل هذا
ما يفيده بن خلافا لما يؤخذ من كلام تت من أن القرض كغيره لا يتم ملكه إلا بالحوز، فإن حصل
مانع قبل حوزه بطل. قوله: (ولم يلزم الخ) أي ولا يلزم المقترض أن يرد القرض لمقرضه إن طلبه
قبل أن ينتفع به عادة أمثاله ما لم يشترط المقرض عليه رده متى طلبه منه أو جرت العادة بذلك
وإلا لزمه رده ولو قبل انتفاعه به عادة أمثاله. والحاصل أن المقترض إذا قبض القرض فإن كان له
أجل مضروب أو معتاد لزمه رده إذا انقضى ذلك الاجل وإن لم ينتفع به عادة أمثاله فإن لم يكن ضرب له
أجل ولم يعتد فيه أجل فلا يلزم المقترض رده لمقرضه إلا إذا انتفع به عادة أمثاله. وأعلم أنه يجوز للمقترض
أن يرد مثل الذي اقترضه وأن يرد عينه سواء كان مثليا أو غير مثلي وهذا ما لم يتغير بزيادة أو نقص فإن
تغير وجب رد المثل. قوله: (على الأرجح) أي خلافا لمن قال أن القرض إذا لم يؤجل بشرط أو عادة

226
كان على الحلول فإذا طلبه المقرض قبل انتفاع المقترض به رد إليه. قوله: (لزم المقرض قبوله الخ) أي
لكن يقيد غير العين بما إذا كانا في محل القضاء وإلا فلا يجبر المقرض على قبوله بخلاف العين فإنه
يلزمه قبولها مطلقا كانا في محل القضاء أو غيره كما ذكره المصنف بعد. قوله: (وينبغي إلا لخوف) أي
خلافا لما في خش من أن العين يلزم ربها أخذها مطلقا ولو قبل المحل والأجل ولو كان في الطريق
خوف. قوله: (وإن كانت في الباب السابق كالعروض الخ) حاصل فقه المسألة أن القرض إن كان
عينا وأراد المقترض رده لزم ربه قبوله مطلقا كان في محل القضاء أو في غيره حل الاجل أو لا إلا
لخوف في الطريق أو احتياج إلى كبير حمل، فلا يلزمه قبولها قبل المحل وإن كان القرض غير عين بأن
كان عرضا أو طعاما فيجبر المقرض على القبول إذا أتى به المقترض في محل القضاء حل الاجل أم لا
وإلا فلا يجبر، وأما دين البيع فإن كان عينا فحكمه حكم عين القرض وإن كان غير عين فيجبر رب الدين
على القبول إن كانا في محل القضاء وحل الاجل وإن كانا في غير المحل حل الاجل أم لا أو كانا في المحل
ولم يحل الاجل فلا يجبر ربه على القبول.
فصل في المقاصة قوله: (بيض له المصنف) أي ترك المصنف له بياضا ثم ذكر بعده باب الرهن
وإنما ألف بهرام في هذا البياض فصل المقاصة لقوله أعلم أن عادة الأشياخ في الغالب أن يذيلوا هذا
الباب أي باب القرض بذكر المقاصة والشيخ رحمه الله تعالى لم يتعرض لذلك فأردت أن أذكر شيئا
منها ليكون تتميما لغرض الناظر ا ه‍. قوله: (إما لأنه الغالب) أي فيها فغالب أحوالها الجواز وأما
وجوبها فهو قليل إذ هو في أحوال ثلاثة. قوله: (أو لان المراد به الاذن الصادق بالوجوب) أي وليس
المراد بالجواز المستوى الطرفين القسيم للوجوب لوجوبها إذا حل الدينان الخ واعترضه بن بأن هذا
يقتضي حرمة العدول عنها في صور الوجوب ولو تراضيا على ذلك وليس كذلك بل المراد بالوجوب
هنا القضاء بها لطالبها ا ه‍. أي وحينئذ فالمراد بالجواز في المصنف المستوى الطرفين وهذا لا ينافي
القضاء بها لطالبها في هذه الأحوال الثلاثة فتأمل. قوله: (وفي كل إما أن يكونا عينا أو طعاما أو عرضا الخ)
أي فهذه تسعة أحوال وفي كل إما أن يكون الدينان حالين أو أحدهما حالا والآخر مؤجلا أو يكونا
مؤجلين متفقين في الاجل أو مختلفين فيه فالجملة ست وثلاثون حالة وفي كل إما أن يتحدا قدرا وصفة
أو في القدر فقط أو في الصفة فقط أو في الصفة فقط أو يختلفا فيهما فالجملة مائة وأربع وأربعون حالة. قوله: (إن اتحدا
قدرا وصفة) حاصل ما ذكره المصنف أن ديني العين إن اتفقا قدرا وصفة ففيه اثنتا عشرة صورة كلها

227
جائزة وإن اختلفا صفة ففيه اثنتا عشرة صورة ثلاثة جائزة وتسعة ممنوعة وإن اختلفا قدرا ففيه اثنتا
عشرة صورة واحدة جائزة والباقي ممنوع فجملة ما في دين العين ستة وثلاثون. قوله: (إن اتحدا قدرا وصفة)
أي ويلزم من اتحادهما في الصفة اتحادهما في النوع لان المراد بالصفة الجودة والرداءة والذهبية والفضية.
قوله: (حلا معا) أي ويقضي بها حينئذ إن طلبها أحدهما وقوله أو أحدهما أي ويقضي بها أيضا في هذه
الحالة إذا طلبها من حل أجل دينه لا إن طلبها من لم يحل دينه إذ للذي حل دينه الامتناع منها وأخذه
لدينه لينتفع به حتى يحل دين الآخر فيقضيه له، وقوله: أم لا أي ويقضي بها أيضا في هذه الحالة إذا اتفق
أجل الدينين وطلبها أحدهما وإنما جازت المقاصة في هذه الصور الاثنتي عشرة لان المقصود المعاوضة
والمبارأة. قوله: (ولو حذف هذا) أي قوله حلا الخ. قوله: (وإن اختلفا صفة) هذا مفهوم اتحاد
الصفة فيما مر أي وإن اختلفا صفة والموضوع أنهما متحدان أي الق در أي الوزن أو العدد. قوله: (إن
حلا معا) أي سواء كانا من بيع أو من قرض أو اختلفا. قوله: (صرف ما في الذمة الخ) أي وكلاهما جائز
بشرط التعجيل في الأول والحلول في الثاني. قوله: (وإلا بأن لم يحلا) أي واتفقا أجلا أو اختلفا
أو حل أحدهما فهذه ثلاثة تضرب في أحوال الاطلاق الثلاثة السابقة فالجملة تسعة. وحاصلها أن
العينين إذا اختلفا صفة واتحد نوعهما أو اختلف نوعهما كانا مؤجلين بأجل واحد أو مختلفي
الاجل أو أحدهما حال والآخر مؤجل، فالمنع سواء كانا من بيع أو قرض أحدهما من بيع
والآخر من قرض فهذه تسعة. قوله: (كأن اختلفا زنة) أي كدينار كامل ودينار ناقص وقوله
من بيع حال أي والحال أنهما من بيع ومثل اختلافهما في الزنة اختلافهما في العدد بل هي أحرى
فالمصنف نص على المتوهم فلا حاجة لما قيل إن الأولى أن يقول كأن اختلفا قدرا ثم إن قوله كأن
اختلفا زنة مفهوم قوله سابقا إن اتحدا قدرا وحاصله أن ديني العين إذا اختلفا في الوزن أو في العدد
فإن كانا من بيع جازت المقاصة إن حلا. قوله: (وإلا فلا) أي وإلا بأن حل أحدهما دون الآخر أو كانا
مؤجلين اتفقا أجلا أو اختلفا فلا تجوز فهذه صور أربعة واحدة جائزة والثلاثة ممنوعة نعم إذا حل
أحدهما دون الآخر، فإن كانت الحالة هي العين الوازنة جازت المقاصة كما يفيده ابن عرفة انظر عبق.
قوله: (على المعتمد) أي كما هو قول ابن بشير وارتضاه ابن عرفة وقوله لا في قوله الخ أي لا أنه تشبيه
في قوله فلا فقط أي بحيث يكون ماشيا على طريقة ابن شاس وابن الحاجب وحاصلها المنع إذا كان
الدينان من بيع حلا أو لم يحلا واتفقا أجلا أو اختلفا أو حل أحدهما لما فيها من المبادلة واحد العينين
أكثر، فالخلاف بين القولين فيما إذا حلا فعلى الأول تجوز وعلى الثاني تمنع. قوله: (أنهما إن كانا من قرض
منعت) أي في الأحوال الأربعة حلا أو حل أحدهما أو لم يحلا واتفقا أجلا أو اختلفا. قوله: (وإن كانا
من بيع وقرض منعت إن لم يحلا) أي سواء اتفقا أجلا أو اختلفا أو حل أحدهما فهذه ثلاثة. وأعلم
أن ما ذكره الشارح من التفصيل على الوجه المذكور في العينين المختلفي القدر طريقة ابن بشير واعتمدها
ابن عرفة وطريقة غيره المنع مطلقا من غير تفصيل. قوله: (كذلك) أي كدين أعين في صور الجواز
والمنع وحاصل ما ذكره الشارح أن الطعامين إذا كانا من قرض ففيه اثنتا عشرة صورة فإن اتفقا

228
قدرا وصفة جازت في أربعة وإن اختلفا قدرا منع في أربعة وإن اختلفا صفة جاز في واحدة ومنع
في ثلاثة. فقوله: فتجوز إن اتفقا صفة وقدرا كإردب وإردب من قمح وقوله أم لا أي أو لم يحلا
اتفقا أجلا أو اختلفا، وقوله: وإلا فلا أي وإلا بأن حل أحدهما أو لم يحلا واتفقا أجلا أو اختلفا فلا
تجوز وقوله: كأن اختلفا قدرا أي فتمنع عند ابن بشير وغيره لأنهما من قرض وسواء حلا أو أحدهما
أو لم يحلا واتفقا أجلا أو اختلفا. قوله: (ومنعا من بيع) أي كأن أسلمك على
إردب وتسلمني على إردب أو أكثر وقوله ومنعا من بيع أي سواء أجلهما أو أحدهما أو لم يحلا اتفق أجلهما
أو اختلف فصور الطعامين من بيع أربعة وكلها تمنع المقاصة فيها اتفقا قدرا وصفة أو قدرا فقط أو
صفة فقط فهي اثنتا عشرة صورة. قوله: (ولو متفقين) رد بلو على أشهب القائل بجوازها عند اتفاق
الطعامين في القدر والصفة والحلول بناء على أنها كالإقالة. قوله: (لبيع الطعام قبل قبضه) هذه العلة
تجري في الأحوال الأربعة. قوله: (نسيئة) راجع للامرين قبله لكن يرد أن الدين بالدين لا ينظر له
هنا لان المقاصة مستثناة منه ولا شك أن في بعض صورها عدم الحلول فالأولى الاقتصار على قوله
وطعام بطعام نسيئة. قوله: (في غير الحالين) أي فهي تجري في أحوال ثلاثة إذا كان الطعامان مؤجلين
واتفقا أجلا أو اختلفا فيه أو كان أحدهما حالا والآخر مؤجلا. قوله: (ومن بيع وقرض الخ) يعني
أن ديني الطعام إذا كان أحدهما من بيع والآخر من قرض تجوز المقاصة فيهما بشرطين الأول أن يتفقا
في القدر والصفة والثاني أن يكونا حالين وعلة الجواز أن الذي أسلم كأنه اقتضى عن طعام السلم الذي
له طعام القرض الذي عليه من نفسه ولا محظور في ذلك ولم ينظروا هنا إلى بيع الطعام قبل قبضه
بالنسبة لطعام البيع تغليبا لجانب القرض لأنه معروف وانضم إلى ذلك كون المقاصة معروفا أيضا.
تنبيه: الطعامان إذا كان أحدهما من بيع والآخر من قرض صوره اثنا عشر وذلك
لأنهما إذا اتفقا صفة وقدرا صوره أربعة تجوز في واحدة وهي إذا حلا وتمنع في ثلاثة إذا حل أحدهما
أو لم يحلا واتفقا أجلا أو اختلفا، وإن اختلفا صفة أو قدرا فالمنع في كل من هاتين الحالتين حلا
أو أحدهما أو لم يحلا واتفقا الاجلان أو اختلفا، فهذه ثمانية وقول الشارح إن اتفقا جنسا وصفة
الأولى حذف الجنس والاقتصار على الصفة والقدر لان المراد بالجنس النوع والاتفاق في الصفة
يستلزم الاتفاق فيه. قوله: (إن اتفقا جنسا) المراد بالجنس في مسائل الطعام وكذلك العرض النوع
لان العرض كله جنس واحد وكذلك الطعام جنس واحد وتحت كل منهما أنواع مختلفة. قوله: (لاختلاف
الأغراض باختلاف الاجل) أي وحينئذ فيصح تقدير بيع الطعام قبل قبضه ومقابل ما لابن
القاسم من المنع ما لأشهب من الجواز تغليبا للمعروف. قوله: (وتجوز المقاصة في العرضين)
المراد بالعرض ما قابل العين والطعام فيشمل الحيوان. وحاصله أن الدينين إذا كانا عرضين فإن
اتفقا في النوع والصفة كثوبين هرويين أو مرويين أو ثوبين من القطن جيدين أو رديئين جازت
المقاصة في اثنتي عشرة صورة، وهي ما إذا حل أجلهما أو أجل أحدهما أو لم يحلا واتفقا أجلا
أو اختلفا وسواء كان العرضان من قرض أو من بيع أو أحدهما من بيع والآخر

229
من قرض، وإن اختلفا نوعا كثوب وكساء أو ثوب وجوخة ففيه صور اثنا عشر تجوز المقاصة في
تسعة وهي ما إذا حل أجلهما أو كانا مؤجلين واتفقا أجلا أو حل أحدهما سواء كان العرضان من بيع
أو من قرض أو مختلفين، وتمنع في ثلاثة وهي ما إذا كانا مؤجلين واختلفا أجلا سواء كانا من بيع أو
من قرض أو مختلفين وإن اتحدا نوعا واختلفا في الصفة كثوبين من القطن مختلفين بالجودة والرداءة
وكثوبين إحداهما هروية والأخرى مروية ففيه اثنتا عشرة صورة أيضا تجوز المقاصة في ستة إذا
حل العرضان أو كانا مؤجلين واتفقا أجلا كانا من بيع أو من قرض أو مختلفين فهذه ستة، وتمنع في
ستة إن كانا مؤجلين والأجل مختلف أو حل أحدهما دون الآخر كانا من بيع أو من قرض أو
كانا مختلفين. قوله: (واتفقا أجلا) أي كانا مؤجلين واتفقا أجلا كانا من بيع أو من قرض أو مختلفين
فهذه ثلاثة جائزة. قوله: (وإن اختلفا أجلا) أي وإن كانا مؤجلين واختلفا في الاجل منعت كان العرضان
من قرض أو من بيع أو مختلفين فهذه ثلاثة ممنوعة لما في المقاصة حينئذ من فسخ دين في مؤخر.
قوله: (وإلا جازت) أي وإلا بان حل العرضان أو حل أحدهما جازت كان العرضان من بيع أو من
قرض أو مختلفين، فهذه ست صور جائزة على مذهب المدونة ومقابله ما في الموازية من منع هذه الستة.
قوله: (لانتفاء قصد المكايسة) أي مع حلولهما أو حلول أحدهما أي لان الاتفاق في الاجل يبعد معه
قصد المكايسة والمغالبة كما يبعد مع اتفاقهما في الصفة. قوله: (إن اتفق الاجل) أي إن كانا مؤجلين واتفق
أجلهما. قوله: (بأن اختلف الاجل) أي بأن كانا مؤجلين وأجلهما مختلف أو حل أحدهما دون الآخر.
قوله: (مطلقا) أي في جميع الأحوال سواء كانا من بيع أو من قرض أو أحدهما من بيع
والآخر من قرض. قوله: (وتفسير الاطلاق) أي هنا وقوله بما ذكرنا أي من كون العرضين
من بيع أو من قرض أو أحدهما من بيع والآخر من قرض. قوله: (إذ المعول عليه) أي وهو
قول ابن شاس وقوله لم تجز على تفصيل أي لم تجز مطلقا بل على تفصيل، وقوله إن أدى إلى ضع وتعجل
أو حط الضمان وأزيدك منع أي وإن لم يؤد لذلك جازت وحاصله أن العرضين المختلفين في الصفة إذا
اختلفا في الاجل بأن كانا مؤجلين بأجلين مختلفين أو حل أحدهما دون الآخر فإن كانا من بيع وكان
الحال منهما أو الأقرب حلولا أجود أو أكثر منع لما فيها من حط الضمان وأزيدك وإن كان الحال
أو الأقرب حلولا أدنى أو أقل فامنع أيضا لما في المقاصة حينئذ من ضع وتعجل بخلاف ما إذا اتفقا
أجلا فإنه لا يلزم شئ من ذلك فلذا جازت، وأما إذا كانا من قرض فإن كان الحال أو الأقرب حلولا
أدنى أو أقل فامنع لما فيه من ضع وتعجل وإن كان الحال أو الأقرب حلولا أجود صفة فأجز لان
الاجل من حق من عليه الدين في القرض فلا يدخله حط الضمان وأزيدك وإنما يدخله ضع
وتعجل وسلف جر نفعا، بخلاف دين البيع فإنه يدخله ضع وتعجل وحط الضمان وأزيدك فإن
كان الحال أو الأقرب حلولا أكثر فامنع لما فيه من سلف جر نفعا وأما إن كان أحد العرضين
من بيع والآخر من قرض فأجزه على ما سبق فتقول إن كان الحال أو الأقرب حلولا
من بيع فامنع إن كان أدنى صفة أو أقل قدرا لما فيه من ضع وتعجل، وإن كان أجود صفة
أو أكثر قدرا منع لم فيه من سلف جر نفعا وإن كان الحال أو الأقرب حلولا من قرض فإن كان
أدنى صفة أو أقل قدرا منع لضع وتعجل وإن كان أكثر قدرا منع لما فيه من سلف جر نفعا وأجز
إن كان أجود صفة والحاصل أن العرضين المختلفين في الصفة إذا اختلفا في الاجل أو حل أحدهما إن كانا

230
من بيع منعت المقاصة فيهما مطلقا لضع وتعجل أو حط الضمان وأزيدك وإن كانا من قرض منعت
المقاصة فيهما أيضا إلا أن يكون الأجود أقرب لضع وتعجل أو لسلف جر نفعا وإن كان أحدهما من
بيع والآخر من قرض منعت المقاصة أيضا إلا أن يكون الأجود من بيع أقرب أو حالا. باب في الرهن
قوله: (في الرهن) أي في ذكر حقيقته وقوله وما يتعلق به أي من المسائل. قوله: (اللزوم والحبس) قال
تعالى: * (كل نفس بما كسبت رهينة) *، أي محبوسة. قوله: (كما قال) أي ابن عرفة واعترضه الوانوغي بأنه
لا يشمل من الرهن إلا ما هو مقبوض فظاهره أن غير المقبوض لا يسمى رهنا وليس كذلك إذ
لا خلاف في المذهب أن القبض ليس من حقيقة الرهن ولا شرطا في صحته ولا لزومه بل ينعقد ويصح
ويلزم بمجرد القول ثم يطلب المرتهن الاقباض. قال ابن الحاجب يصح الرهن قبل القبض ولا يتم
إلا به فأنت ترى القبض والاقباض متأخرين عن الرهن والمتأخر عن الشئ غيره ضرورة أنه ليس
عينا وهذا الاعتراض يتوجه على المصنف أيضا، ويمكن الجواب بأنه ليس المراد بالاعطاء في كلام
المصنف والقبض في كلام ابن عرفة الاعطاء أو القبض الحسي بل المعنوي وذلك يحصل بالعقد أي
الايجاب والقبول فتأمل. قوله: (وعرفه المصنف بالمعنى المصدري) أي بناء على الاستعمال القليل وأما
ابن عرفة فعرفه بالمعنى الاسمي بناء على الاستعمال الكثير. قوله: (من له البيع) أي من فيه أهلية البيع
صحة وهو المميز ولزوما وهو المكلف الرشيد فمن يصح بيعه يصح رهنه ومن لا يصح بيعه لا يصح
رهنه فلا يصح من مجنون ولا من صبي لا ميز له ويصح من المميز والسفيه والعبد ويتوقف على إجازة
وليهم أي إن اشترط في صلب عقد البيع أو القرض، وإلا فهو تبرع باطل كما قال شيخنا ويلزم من
المكلف الرشيد كالبيع. فإن قلت: المريض يصح بيعه دون رهنه فلا يتم ما قاله المصنف. قلت: ما قاله
المصنف محمول على ما في الوثائق المجموعة من جواز بيع المريض ورهنه فلا بحث حينئذ لكن ما في
الوثائق من الجواز محمول على رهن في معاملة جديدة ومحل المنع في كلامهم في دين سابق على مرضه.
قوله: (فيجوز من المدين وغيره) أي فيجوز رهنه للمدين ولغيره فمن بمعنى اللام، فالأول كما لو كان لي
دراهم دينا على زيد وله على طعام أو عرض دينا فأجعل الدين الذي على رهنا في الدين الذي عليه،
والثاني كما لو كان لي دين على زيد وزيد له دين على عمرو فيرهنني زيد دينه الذي على عمرو في ديني الذي
عليه بأن يدفع لي وثيقة الدين الذي له على عمرو حتى يقضيني ديني. قوله: (في الأصل) مراد به شرح
الشيخ عبد الباقي الزرقاني. وحاصل ما في المسألة من التفصيل أنه في القسم الأول وهو رهن الدين
للمدين لا بد في صحة الرهن سواء كان الدينان من بيع أو من قرض أن يكون أجل الدين الرهن مثل
أجل الدين الذي فيه ارهن أو يكون أبعد منه فإن كان أجل الدين الرهن أقرب أو كان الدين الرهن حالا
منع الرهن لأدائه لا سلفني وأسلفك إن كان الدينان من قرض ولأدائه لاجتماع بيع وسلف إن كانا من
بيع وذلك لان دين الرهن إذا كان أقرب أجلا بقاؤه بعد حلوله عند المدين حتى يحل الدين المرهون فيه
يعد سلفا، وكذلك إذا كان الرهن حالا فبقاؤه عند المدين إلى حلول أجل المؤجل يعد سلفا وهو مصاحب
للبيع أو القرض، وأما في القسم الثاني وهو رهن الدين لغير المدين فالشرط في صحته قبضه بالاشهاد على
حوزه ودفع الوثيقة للمرتهن وأما الجمع بين من عليه الدين والمرتهن فشرط كمال هذا هو الصواب.
قوله: (أي ذا غرر) أي لان الآبق مثلا إذا كان رهنا كان ذا غرر لأنه يحتمل وجوده وقت الرهن وعدمه
وعلى الأول يحتمل القبض عليه وعدمه وليس العبد نفس الغرر. قوله: (ولو اشترط في العقد) أي
هذا إذا لم يشترط رهنه في صلب العقد بأن وقع الرهن تطوعا بل ولو اشترط رهنه في حال عقد البيع

231
أو القرض ابن رشد المشهور جواز رهن الغرر في عقد البيع، وهو ظاهر قول ابن القاسم في المدونة يجوز
رهن الزرع والثمر قبل بدو صلاحهما ا ه‍ بن. قوله: (لعدم سريانه) أي الغرر لعقد البيع أي أو القرض
المشترط رهنه فيهما وكان الأولى للشارح أن يقول بناء على عدم سريانه الخ لان المقابل المردود عليه
بل يقول بالسريان. قوله: (ولا بد من كونه) أي الحق الذي يتوثق فيه بالرهن. قوله: (ولذا صح في
الجعل) أي لأنه آيل للزوم بالشروع في العمل وقوله ولم يصح في كتابة لأنها ليست لازمة ولا آيلة
للزوم. قوله: (فله) أي للمرتهن وهو قابض الرهن وهذا مفرع على كلام المصنف أي وإذا كان المرتهن
يقبض الرهن لأجل أن يتوثق به في حقه فله إذا لم يدفع له الراهن دينه أن يحبسه حتى يستوفي حقه
منه أي من ثمنه لا من ذاته إذ لا يعقل ذلك. قوله: (ولم يصح في كتابة من أجنبي) أي تحمل ذلك الأجنبي
الكتابة ورهن عليها رهنا فهذا الرهن لا يصح لان العبد الذي تحمل الأجنبي بكتابته إذا عجز لم
يلزمه شئ فلم تكن آيلة للزوم. قوله: (أو غيره) أي كوصي ومقدم قاض. قوله: (لمصلحة) أي تعود على
المحجوز والظاهر أن الولي محمول على النظر والمصلحة في رهن مال الصغير ولو ربعا أي
عقارا، فإذا رهن عقارا فإنه يحمل على المصلحة ولا يكلفه الحاكم بيان السبب بخلاف البيع لعقار الصغير فإنه لا يحمل
على النظر والمصلحة بل حتى يثبتها عند الحاكم. قوله: (لا لمصلحة الولي) أي فإذا رهن الولي مال محجوره
في مصلحته هو كان الرهن باطلا. قوله: (ومكاتب) أي فله أن يرهن إذا تداين أو اشترى بالدين ولا
يرهن لسيده في نجوم الكتابة لأنها غير لازمة ولا آيلة للزوم كما مر. قوله: (لحصول الاشتغال به الخ)
أي لتفتيشهما على المضمون والمحافظة عليه خوفا من هروبه والبحث عن أحواله هل حدث مال
أولا وأما قول الشارح عن مصالح السيد فالأولى حذفه لأنهما لم يلزمهما خدمة لسيدهما وحينئذ
فهما لا يشتغلان بمصالح السيد بل بمصالح أنفسهما، فالأولى في الفرق بين الرهن والضمان أن يقال إن
الرهن معاوضة والضمان تبرع وهما مأذون لهما في المعاملات دون التبرعات ا ه‍ بن. قوله: (فهو راجع
لقوله أو غررا) أي راجع له على أنه مثال له. قوله: (والمصدر فيه) أي والمصدر المقدر فيه وهو قوله
وبذل آبق وقوله: بخلاف الثلاثة قبله أي قوله كبذل ولي ومكاتب ومأذون. قوله: (والمراد بالغرر)
أي الذي يصح رهنه. قوله: (ولذا لا يصح رهن الجنين) أي على المشهور خلافا لابن الماجشون القائل
بصحة رهنه. قوله: (بنحو الآبق) أي بالآبق ونحوه كالبعير الشارد. قوله: (قبل المانع) أي من موت
أو فلس وقوله إن حصله وحازه قبل المانع أي سواء استمر عنده بعد تحصيله وحيازته حتى حصل المانع
أو أبق منه بعد أن حصله وحازه واستمر آبقا حتى حصل المانع، ولا فرق بينه وبين عبد حاضر
رهن وحازه المرتهن ثم آبق عنده واستمر آبقا حتى حصل المانع ولا يضر في المسألتين إلا رجوع
العبد لسيده بعد حوز المرتهن له واستمراره عنده حتى حصل المانع مع علم المرتهن بذلك وسكوته هذا
هو الصواب كما في بن. وأما في عبق وخش من أن المرتهن إذا حصل الآبق وحازه قبل المانع ثم أبق
ثانيا واستمر آبقا حتى حصل المانع فإن المرتهن لا يختص به بل يكون أسوة الغرماء بخلاف ما إذا رهنه
عبدا حاضرا وحازه ثم أبق واستمر آبقا حتى حصل المانع فإنه يختص به فقد رده بن بأن هذه التفرقة
غير صواب والصواب اختصاص المرتهن به في المسألتين. قوله: (وإلا فأسوة الغرماء) أي وألا يحصله
قبل المانع بل بعده فهو أي المرتهن أسوة الغرماء أي مثلهم في المحاصة في ذلك الآبق. قوله: (وكتابة) عطف
على ولي وقوله: ومكاتب أي بناء على صحة رهنه وقيل أنه لا يصح رهنه وعليه فقيل إذا وقع ينتقل الرهن
لكتابته وقيل يبطل الرهن ويصير الدين بلا رهن. قوله: (واستوفى منها) أي من الكتابة أي من نجومها
إن لم يعجز وقوله فيهما أي في رهن الكتابة والمكاتب وقوله: أو من ثمن رقبته إن عجز أن كذلك فيهما.

232
قوله: (قبل الاستيفاء) أي والحال أن المكاتب لم يعجز عن تحصيل نجوم الكتابة. قوله: (عطف على الضمير
المجرور) أي لا على كتابة لئلا يقتضي أن رقبة المكاتب إنما يجوز رهنها إذا عجز لا قبل العجز. قوله: (وخدمة
مدبر الخ) يعني أنه يجوز رهن خدمة المدبر ومن معه في الدين مدة معلومة سواء اشترط ذلك في عقد
الرهن أو بعده ويستوفي المرتهن دينه من ثمن تلك الخدمة إذا لم يدفع له الراهن دينه ولو رهن السيد
خدمة المدبر ومات السيد وعليه دين سابق على التدبير أو لا حق له ورق المدبر أو جزء منه فإن المرتهن
يستوفي دينه من ثمن ذلك الجزء الذي رق. قوله: (ليباع في حياة السيد) أي إذا عجز عن وفاء الدين.
قوله: (بخلاف دين الخ) أي فإنه يصح رهنها لبطلان التدبير وذلك لان التدبير يبطله الدين السابق عليه
كان السيد حيا أو مات وأما الدين المتأخر عنه فلا يبطله إلا إذا مات السيد لا إن كان حيا. قوله: (أو على أن
يباع الخ) أي في دين سابق أو لاحق وعلى هذا يحمل قول المصنف في التدبير وللسيد رهنه فلا منافاة بين
كلامه هنا وما يأتي له ا ه‍. وفي بن أن ما ذكر من أنه إذا رهن ليباع بعد موت السيد مطلقا صح الرهن
ظاهر إذا كان الرهن بعد عقد الدين، وأما لو اشترط في صلب العقد فإنه يجري على الخلاف في رهن
الغرر إذ لا يدري متى يموت السيد. قوله: (على أنه مدبر) أي ودخلا على الاطلاق من غير بيان أنه يباع
في حال حياة السيد أو بعد موته فهذا هو محل القولين. قوله: (وهل ينتقل الرهن لخدمته) أي فيستوفي
دينه من ثمنها بأن تباع له وقتا بعد وقت. قوله: (ويصير الدين بلا رهن) أي ولا ينتقل الرهن لخدمته
لأنه إنما رهنه الرقبة وهي لا ترهن. قوله: (ولذا قال المواق الخ) قال بن لم يقتصر المواق على هذا البحث بل
قال في آخر كلامه ثم بعد حين اطلعت على كلام اللخمي فإذا هو عين ما اختصر خليل أي من جعل قوله
وهل الخ من تتمة وله لا رقبته ا ه‍. وكأن هذا من الملحقات التي ألحقها المواق بها مش نسخته ولذا ترى
نسخ المواق مختلفة بحسب الاطلاع على المخرجات. واعلم أن تت والشارح بهرام قررا كلام المصنف
على ظاهره من جعل قوله وهل ينتقل إلى من تتمة قوله لا رقبته وكذا الشيخ سالم معترضا على المواق
بأنه لا عبرة لما قاله لان المصنف ثقة أمين على العلم. وفي ح عن اللخمي ما يفيد أن قوله وهل ينتقل الخ من
تتمة قوله لا رقبته ويكفي هذا شاهدا للمصنف. قوله: (فثبت حبسها عليه) أي والحال أن كلا من
الراهن والمرتهن لم يكن عالما بالحبس وقت الرهن هذا هو محل الخلاف أما لو كان الراهن عالما بأنها
وقف وغر المرتهن فإنه يتفق على انتقال الرهن للغلة، لو انفرد المرتهن بالعلم بطل الرهن قولا
واحدا ولا ينتقل إلى الغلة معاملة له بنقيض مقصوده كذا ذكر البدر القرافي في شرحه.
قوله: (فهل ينتقل الرهن لمنفعتها وكرائها) أي فيقبضه المرتهن من أصل دينه إن لم يوفه الراهن.
قوله: (ولا يبطل هذا الجزء) أي رهن هذا الجزء وقوله بطلان ما أخذ أي ببطلان رهن الدار التي
أخذ منها هذا الجزء. والحاصل أن رهنه للدار يتضمن رهن منفعتها فإذا ظهر أنها حبس
بطل رهن أحد الامرين ولا يلزم من بطلان رهن أحد الامرين بطلان رهن الامر الآخر هذا
توجيه القول الأول. قوله: (ولا يعود لمنفعتها) أي لأنه إنما رهن الرقبة وهي لا يصح رهنها لأنها لا تباع.
قوله: (وما لا يبدو صلاحه) أي على المشهور لما علمت من أن الغرر جائز في هذا الباب. قوله: (لظاهر
الروايات) أي خلافا لما في خش من أن ما لم يخلق من الزرع أو الثمر لا يصح رهنه كرهن الجنين وهو
ما للمازري ونص ابن عرفة المازري ورهن ثمرة لم تخلق كالجنين. قلت: ظاهر الروايات خلاف ذلك ا ه‍.
وقال ابن حارث اتفق ابن القاسم وابن الماجشون على ارتهان الثمرة التي لم تظهر واختلفا في

233
ارتهان ما في البطن فأجازه ابن الماجشون كالثمرة ومنعه ابن القاسم، وقال المازري في موضع آخر
يجوز إفراد ثمر النخل بالرهن وإن لم يظهر وقد أجازوا ارتهانه سنين والحال أنه لم يظهر في الثانية
انظر بن. قوله: (وانتظر الخ) يعني إذا رهن زرعا أو ثمرا لم يبد صلاحه ومات أو فلس قبل بدو
صلاحه ولا مال له فإنه ينتظر لبدو الصلاح ثم يباع ويوفي دين المرتهن من ثمنه وهو أحق به من
الغرماء، فقوله وانتظر الخ أي وإذا لم يكن له مال غيره انتظر الخ. قوله: (وحاص مرتهنه الخ) يعني
أن من رهن ثمرا أو زرعا لم يبد صلاحه ثم مات أو فلس قبل بدو الصلاح وخلف مالا من نقد أو عرض
أو حيوان غير ذلك الرهن الذي لم يبد صلاحه فإن المرتهن يحاصص الغرماء بجميع دينه في المال الذي
تركه غير الرهن. قوله: (فإن وفى ثمنها بالدين) أي بدين المرتهن كله. قوله: (قدر الخ) تعبيره بقدر ظاهر
وذلك لان المحاصة قد وقعت والذي يقع بعد البيع بتقدير أنه ليس له إلا ما بقي بعد ثمن ما بيع فكأن
المحاصة الواقعة سابقا بالباقي فيرد ما فضل به الغرماء قاله شب. قوله: (والرهن لا يمكن بيعه) أي لان
الرهن لا يمكن الخ فهو عطف علة على معلوم. قوله: (إلا ثلاثون) وذلك لأنك تجمع الديون وتنسب
ما لكل واحد لذلك المجموع وبتلك النسبة يؤخذ له من تركة الميت أو من مال المفلس فمجموع الدين
مائتان وخمسون والمرتهن له منها خمسون نسبتها لمجموع الديون خمس فيعطي خمس مال المفلس وهو
مائة وخمسون يكن ذلك ثلاثين. قوله: (كأحد الوصيين) أي على يتيم وقوله فلا يرهن أي شيئا من مال
اليتيم في دين عليه وقوله إلا بإذن صاحبه أي لان له نصف النيابة عن الموصي فإن اختلفا نظر الحاكم
في ذلك. قوله: (مطلق التصرف) أي من قبل الأب الذي أوصاهما بأن نص على استقلال كل منهما
بالتصرف أو بالرهن والظاهر كما في عبق أن إيصاءهما مترتبين كنصه على الاستقلال بالتصرف.
قوله: (ودخل في كلامه الخ) أي لان الكاف في الحقيقة داخلة على المضاف إليه والمعنى لا أحد
كوصيين. قوله: (والقيمين) أي اللذين أقامهما القاضي للنظر في شأن اليتيم. قوله: (من كل ما توقف الخ)
هذا بيان لمحذوف أي ونحوهما من كل ما توقف الخ وذلك كالناظرين على وقف. قوله: (ولو دبغ) أي هذا
إذا لم يدبغ اتفاقا بل ولو دبغ على المشهور وإنما لم يصح رهن جلد الميتة والأضحية لان كلا منهما
لا يباع لنجاسة جلد الميتة في ذاته ولشرف جلد الأضحية لأنها خرجت قربة لله تعالى. قوله: (وكلب
صيد) أي بناء على المشهور من منع بيعه للنهي عنه وأما على القول بجواز بيعه وأن النهي إنما هو عن
بيع غيره فيجوز رهنه. قوله: (وكجنين) أي فلا يجوز على ما في كتاب الصلح من المدونة وأجاز
ذلك ابن الماجشون وأحمد بن ميسر وهذا الخلاف إنما هو إذا كان ارتهانه في عقد البيع وأما
ارتهان ذلك بعد عقد البيع أو في عقد القرض فلا اختلاف في جوازه قاله ابن رشد، ونحوه
نقل ابن عرفة عن اللخمي يجوز رهن الجنين في عقد القرض وبعد عقد البيع واختلف في جوازه
فيه ا ه‍ بن. قوله: (وأن لذمي) أي هذا إذا كانت ملكا لمسلم ورهنها عند مسلم أو ذمي بل وإن
كانت ملكا لذمي ورهنها عند مسلم. قوله: (إلا أن تتخلل الخمرة الخ) هذا استثناء من محذوف والتقدير

234
وأريقت على المسلم وردت على الذمي إلا أن تتخلل الخ. قوله: (قبل إراقتها على المسلم) هذا راجع لما
قبل المبالغة وقوله: وردها للذمي أي وقبل ردها للذمي راجع للمبالغة وهي ما إذا كانت لذمي ورهنها
عند مسلم وقوله فإنها تكون للمرتهن الأولى فإنها لا تراق ولا ترد ويختص بها المرتهن دون غيره من
الغرماء. قوله: (ونحوه) أي كماء التين والزبيب والعناب وعرق السوس. قوله: (أهراقه المرتهن)
أي وجوبا، وقوله بحاكم أي بعد رفعه للحاكم الذي يرى إراقتها وحكمه بذلك فكل من الإراقة وما
توقفت عليه من الرفع واجب. قال البدر القرافي ويؤخذ من هذا أن حكم الحاكم عندنا لا يتوقف
على سبق دعوى لغيبة المدعى عليه. قوله: (إن كان الخ) أي أن محل وجوب الرفع للحاكم المذكور
إن كان في المحل حاكم حنفي يرى بقاءها وتخليلها دون إراقتها فإن لم يكن في المحل حاكم يرى بقاءها
أراقها المرتهن بدون رفع. قوله: (فإن كان المرهون) أي وهو العصير الذي تخمر وقوله ردت له أي
إن لم يسلم قبل ردها وإلا أريقت ويبقى الدين بلا رهن والظاهر أن الإراقة بحاكم كما مر. قوله: (وصح
مشاع) أي صح رهن جزء مشاع كنصف وثلث وربع خلافا لمن قال لا يصح رهن المشاع ولا هبته
ولا التصدق به ولا وقفة كالحنفية. قوله: (وسواء كان الباقي) أي الجزء الباقي بلا رهن للراهن أو لغيره
لكن إن كان الباقي لغير الراهن اقتصر المرتهن في الحوز على حصة الراهن وإن كان الباقي له حازما له كله
ما رهن وما لم يرهن كما قال المصنف بعد ذلك. قوله: (أي مع الخ) أشار إلى أن الباء بمعنى مع ويصح
جعلهما للسببية وأشار الشارح بجعل ضمير جميعه لما يملكه الراهن لا للمرهون منه الجزء للإشارة إلى
أن الراهن لو كان يملك النصف ورهن الربع فإنه يكتفي بحوز ما يملكه الراهن فقط وهو النصف ولو
جعل الضمير راجعا للمرهون منه الجزء لاقتضى أنه لا بد من حوز الجميع في القرض المذكور وليس
كذلك. قوله: (ولا يستأذن شريكه) أي في رهنه لذلك الجزء المشاع. قوله: (لأنه) أي الشريك
يتصرف مع المرتهن أي ولا يمنعه من التصرف بالبيع وغيره رهن الشريك لعدم الخ. قوله: (هذا قول
ابن القاسم) ومقابله قول أشهب يجب على الشريك إذا أراد رهن الجزء الشائع أن يستأذن شريكه
في رهنه لأنه يمنعه من بيعه ناجزا وابن القاسم يرى أن ذلك لا يمنع الشريك من بيع حظه.
قوله: (نعم يندب الخ) أي كما صرح به المصنف في التوضيح حيث قال ينبغي أن يستأذنه على قول ابن القاسم،
واعترض ابن غازي على المصنف حيث قال تأمل ما هنا مع قوله في توضيحه ينبغي أن يستأذنه ورد
عليه بأن غاية ما نفى المصنف هنا الوجوب وهذا لا ينافي انبغاء استئذانه كما في التوضيح وليس
المنفي هنا الوجوب والندب حتى تحصل المعارضة وإنما ندب استئذان الشريك لعدم تميز الأقسام،
ومن ذكر عج هنا أن ما غصب باسم أحد الشريكين مع الشيوع يوزع عليهما على الأصح ولا
يختص به من غصب باسمه كغصب حصة أحد شريكين في دابة أعبد أو قمح وذكر أيضا خلافا في
براءة مدين أخذه منه ظالما وقوي القول بعدم البراءة لعدم تعيينه وأما لو كان المأخوذ وديعة أو عارية
فالبراءة لتعينها. قوله: (إن يقسم) أي المشترك إن كان مما قبل القسمة ويبقى الرهن كما هو بيد
المرتهن ولا يخرج من يده. قوله: (بإذن الراهن) هذا هو الصواب دون قول عبق بغير إذن
الراهن والمرتهن قال في المدونة إذا كان الشئ مما ينقسم من طعام ونحوه فرهن أحد الشركين حصته
منه جاز ذلك فإن شاء الشريك البيع قاسمه فيه الراهن والرهن كما هو بيد المرتهن لا يخرجه من يده فإن
غاب الراهن أقام الامام من يقسم له ثم تبقى حصة الراهن في الوجهين رهنا ويطبع على كل ما لا يعرف
بعينه ا ه‍ بن. وأجاب شيخنا بأن مراد عبق بقوله بغير إذن الراهن أي بغير رضاه أي أنه لا تتوقف
القسمة على رضاه بل يجبره الحاكم على ذلك وهذا لا ينافي أنه لا بد من حضور الراهن ومقاسمته له ا ه‍
وبن قد التفت لظاهر العبارة فاعترض بما ذكر. قوله: (ويبيع) أي وله أن يبيع منابه أي قبل القسمة ولو

235
بغير إذن شريكه وأن يسلمها للمشتري ولو بغير إذن شريكه ولا يكون رهن الشريك مانعا من ذلك
لان الرهن لم يتعلق بحصته وهذا بخلاف الدابة تكون مشتركة بين شخصين فإنه لا يجوز لأحدهما بيع
حصته منها وتسليمها للمشتري بغير إذن شريكه الحاضر أو اطلاع الحاكم إن غاب، كما في المدونة
وغيرها على ما قاله ابن عرفة، وذلك لأنه تصرف في حصة شريكه بغير إذنه لان كل جزء منها بينهما ولهذا
التعليل قال بعضهم بعدم صحة رهن المشاع وإن كان المشهور ما قاله المصنف من الصحة فإن وقع وباع
أحد الشريكين حصته في الدابة وسلمها للمشتري بغير إذن شريكه وتلفت فقال في الذخيرة مقتضى
القواعد أن يضمن البائع حصة الشريك لان أقل أحوال هذا الشريك البائع أن يكون كالمودع
والمودع إذا وضع يد أجنبي على الأمانة بغير إذن ربها فإنه يضمن لتعديه. قوله: (لكن لا يمكن من
جولان يده عليه) أي على الجزء المستأجر. قوله: (ويقبضه المرتهن له) أي ويقبض أجرته المرتهن
ويسلمها له وكذا يؤاجر له الجزء المرتهن ولا يؤاجره هو لأنه في حكم الجولان. قوله: (ولو أمنا شريكا)
أي الشريك الثاني. قوله: (فرهن الشريك الأمين) أي الذي هو الشريك الثاني. قوله: (للمرتهن) أي
الذي هو الأجنبي. قوله: (أي الأمين) أي وهو الراهن الثاني وقوله والمرتهن أي الذي هو الأجنبي.
قوله: (بطل حوزهما) أي حوز الراهن الأول والثاني قال عبق وفسدت العقدة أي عقدة الرهن
من أصلها وفيه نظر بل الذي بطل إنما هو الحوز فقط لجولان يد كل من الراهنين في حصته التي
رهنها فإذا قام المرتهن بحقه وطلبت حوز الرهن حوزا صحيحا قبل المانع قضى له بذلك، كما يفيده
التوضيح وغيره انظر بن، إلا أن يحمل كلام عبق على ما إذا حصل مانع والحالة هذه.
قوله: (والثاني) أي والراهن الثاني الذي هو الأمين الأول. قوله: (بالاستئمان الأول) أي وهي شائعة فيلزم
منه أن حصته تحت يده. قوله: (بطل رهن الثاني) أي لجولان يده في حصته بالاستئمان على حصة
الأول وهي شائعة فيلزم أن حصته تحت يده. قوله: (وصح الشئ المستأجر أي رهنه) أي فإذا استأجر
زيد دارا من ربها شهرا فيجوز لربها إذا تداين من زيد دينا أن يرهنه تلك الدار قبل انقضاء مدة
الإجارة. قوله: (بأنه رهنه عندهما) أي أن ما ذكر من المستأجر والحائط المساقي رهن عندهما أي عند
المستأجر بالكسر وعامل المساقاة. قوله: (جعل معهما) أي جعل المرتهن مع المستأجر والمساقي أمينا
يلازمهما في البيت المستأجر أو الحائط لأجل حوزه وهل يكتفي بواحد ممن في الحائط أو لا بد
من واحد غيرهم قولان في خش وغيره. قوله: (أو يجعلانه) أي المرتهن والمستأجر أو المساقي
وقوله عند رجل أي غيرهما يرضيانه ليحوزه لهما ولا يكتفي بأمانتهما بحيث يجعل تحت يد المستأجر
أو عامل المساقاة لان قبضهما إنما هو لأنفسهما لا للمرتهن فيلزم عدم حوز المرتهن للرهن. قال ابن
عرفة وفي الجلاب ومن ساقى حائطه من رجل ثم رهنه من غيره فلا بأس وينبغي للمرتهن أن يستخلف
مع العامل في الحائط غيره الصقلي عن الموازية من ساقى حائطه ثم رهنه فليجعل المرتهن
مع المساقي رجلا أو يجعلانه على يد عدل. قال مالك وجعله بيد المساقي أو أجير له يبطل رهنه، ثم قال
ابن عرفة ورهن ما هو مؤجر في تقرر حوزه لمرتهنه لكونه بيد من استأجره ولغوه
ثالثها إن لم يرض المستأجر بحوز مرتهنه جعل المرتهن يده مع المستأجر الأول للخمي عن ابن
نافع والثاني لرواية محمد والثالث لاختياره إذا علمت هذا تعلم أن ما قاله الشارح في المستأجر
مبني على القول الأخير وكذا على القول الثاني. قوله: (والمثلي ولو عينا بيده) الأولى المبالغة على غير

236
العين فيقول والمثلي إن طبع عليه ولو غير عين وتكون المبالغة على مفهوم الشرط لان الخلاف إنما هو في
غير العين إذا لم يطبع عليه وأيضا العين تتسارع الأيدي إليها أكثر فالمتوهم فيه عدم الطبع غيرها.
والحاصل أن المثلى غير العين فيه خلاف بين ابن القاسم وأشهب فابن القاسم في المدونة يقول
بوجوب الطبع، وأشهب يقول بعدم وجوبه واتفقا على أن العين لا يجوز رهنها إلا بالطبع عليها هذه
طريقة المازري وابن الحاجب وأما ابن يونس والباجي وابن شاس فلم يذكروا عن أشهب إلا أن
طبع العين مستحب كما في التوضيح فعلى هذه الطريقة لا وجه للمبالغة إذ لا فرق عنده بين العين وغيرها
في عدم اشتراط الطبع ومذهب المدونة وهو المشهور أن جميع المثليات لا ترهن إلا مطبوعا عليها قاله ح.
والحاصل أن المثلى غير العين فيه خلاف بين ابن القاسم وأشهب فابن القاسم يقول بوجوب
الطبع وأشهب يقول بعدم وجوبه فإن كان عينا وجب الطبع عند ابن القاسم وفي وجوبه أو ندبه
عند أشهب طريقتان ا ه‍ بن. قوله: (حماية) علة لمحذوف أي وإنما اشترط الطبع عليه حماية أي سدا
للذرائع أي لأجل حماية الذرائع وسدها وقوله لاحتمال الخ علة للمعلل مع علته أي وإنما اشترط الطبع
لأجل الحماية لاحتمال الخ. قوله: (والسلف مع المداينة) أي المصاحب لها سواء كان السلف مشترطا في
عقد المداينة أو متطوعا به بعدها ممنوع لأنه إن كان مشترطا في عقد المداينة فهو بيع وسلف إن كان
الدين من بيع وأسلفني وأسلفك إن كانا لدين من قرض وإن كان السلف متطوعا به فهو هدية مديان.
قوله: (كالعدم) أي فلا يكون كافيا في تحصيل الواجب. قوله: (أن الطبع شرط صحة) أي شرط في صحة
الرهن وبه قيل وقيل إنه شرط في اختصاص المرتهن بالرهن وكلاهما ضعيف وعلى هذين القولين
إذا حصل للراهن مانع قبل الطبع فلا يختص به المرتهن. قوله: (ويكون المرتهن أحق به) يدل لهذا
ما في ح عن أبي الحسن ونصه قال الشيخ أبو الحسن انظر لو قامت الغرماء على الراهن قبل أن يطبع
على الرهن، ففي بعض الحواشي يكون المرتهن أسوة الغرماء الشيخ وليس هذا ببين لان هذا رهن محوز
فيكون المرتهن أولى به. قوله: (قبل الطبع) متعلق بقوله إن حصل مانع ولو قال الشارح أحق به إن
حصل مانع قبل الطبع كان أظهر. قوله: (وفضلته) أي وصح رهن قيمة فضلته. قوله: (ثم يرهن الزائد) أي
من قيمة الرهن. قوله: (إن علم الأول) أي إن علم المرتهن الأول برهنها ورضي بذلك وهذا إذا رهن الفضلة بغير
المرتهن الأول، أما لو رهنها له فلا بد أن يكون أجل الدين الثاني مساويا للأول لا أقل ولا أكثر وإلا منع
وذلك لأنه إن كان أجل الثاني أبعد من أجل الأول يباع الرهن عند انقضاء أجل الأول ويفضي
الدينان كما يأتي فيعجل الدين الثاني قبل أجله وهو سلف، وإن كان أجل الثاني أقرب من أجل الأول
يباع الرهن عند انقضاء أجل الثاني ويقضي الدينان فيعجل الدين الأول قبل أجله وهو سلف وإن
كان الدين الأول من بيع لزم اجتماع بيع وسلف وإن كان قرضا لزم أسلفني وأسلفك. والحاصل أن
الفضلة إما أن ترهن للمرتهن الأول وإما أن ترهن لغيره فإن رهنت للأول فلا بد من تساوي الأجلين
وإن رهنت لغيره جاز مطلقا تساوي الاجلان أولا نعم يشترط رضا الحائز له سواء كان هو المرتهن
الأول أو كان أمينا غيره. قوله: (وهذا) أي اشتراط علم الأول ورضاه إذا كان الرهن هو بيده.
قوله: (اشترط رضا الأمين) أي لأجل أن يصير حائزا للثاني وقوله دون المرتهن أي فلا يشترط رضاه لأنه
غير حائز ولا يقال لم لم يشترط رضاه ومن حقه أن يقول أنا لم أرض إلا برهنه كله في ديني لأنا نقول
حيث كان الثاني لا يستحق منه في دينه شيئا إلا بعد أن يستوفي الأول جميع دينه فإن فضل شئ كان للثاني،
وإلا فلا شئ له كما يأتي لم يكن له كلام لان دينه مضمون فيه يأخذه كاملا وإن تغيرت الأسواق ا ه‍ بن.
قوله: (ولا يضمنها الأول) يعني أن الفضلة لا يضمنها الأول إذا كانت بيده وهي مما يغاب عليها وتلفت

237
ولم تقم بينة لأنه فيها أمين وإنما يضمن مبلغ دينه فقط ويرجع المرتهن الثاني بدينه على صاحبه وهو الراهن
إلا أن يأتيه برهن ثقة وهذا إذ رهنت الفضلة لغير المرتهن وأما إذا كان كله عنده في مقابلة دينه وفيه
فضل عن دينه فإنه يضمن جميعه إذا تلف وكان مما يغاب عليه ولم تقم بينة على تلفه. قوله: (وهي مما يغاب
عليها) أي وأما لو كانت مما لا يغاب عليها أو قامت على هلاكها بينة فلا ضمان عليه لا للفضلة ولا لما قابل
بينه. قوله: (إن أحضر الخ) هذا شرط في عدم ضمان المرتهن الأول الفضلة. قوله: (وإلا ضمن الجميع) أي
لأنه يحمل على أنه ضاع بتمامه قبل الرهن الثاني. قوله: (من رهن يغاب عليه) أي وأولى إذا كانت من
رهن لا يغاب عليه كعقار أو حيوان إلا أن يقال قيد بذلك لأجل قوله بعد فلا يضمن إلا ما بقي. قوله: (فلا
يضمن إلا ما بقي) أي من غير استحقاق فإذا كان المستحق النصف فإنه يضمن قيمة النصف الباقي
رهنا من غير استحقاق وأما النصف الذي قد استحق فلا يضمن قيمته. قوله: (فلا يضمنه كله بل نصفه)
أي ولا يمين عليه إلا إذا اتهم كما في المدونة. قوله: (فضمانه من ربه) أي فضمان الدينار كله من ربه
أي لان القابض له أمين فيه قبل الصرف. قوله: (فإن ضاع بعده فمنهما) أي لأنه بعد الصرف قبض لحق
نفسه وحينئذ فيضمن حصته، فإن تنازعا في كونه تلف قبل الصرف أو بعده فالقول قول الآخذ لأنه
وكيل كما قرره شيخنا. قوله: (فإن حل أجل الدين الثاني) لم يتعرض لحكم ما إذا تساوى الدينان في الاجل
أو كان أجل الثاني أبعد لوضوحه وهو أنه يباع ويقضيان معا مع التساوي ولو أمكن قسمه إذ ربما
أدى القسم لنقص الثمن وأما إن بعد أجل الثاني فالحكم أنه إذا حل أجل الأول يقسم الرهن إن أمكن
وإلا بيع وقضيا. قوله: (قسم إن أمكن قسمه) ويدفع لصاحب الدين الأول من الرهن قدر ما يوفيه
ويبقى ذلك رهنا عنده حتى يحل أجله واعترض بأن في القسم إشكالا لان قسم الأول قد يتغير
سوقه فلا يفي بدينه مع أنه إنما دخل على رهن الجميع، وجواب ابن عاشر أن الفضلة رهنت بعلمه ورضاه
فهو داخل على ذلك يرد بأن الرهن إذا كان بيد أمين لا يشترط فيه رضا المرتهن كما تقدم تأمل ا ه‍ بن.
قوله: (ويدفع للأول قدر ما يتخلص منه لا أزيد) أي بأن ينظر لعدد الدين الأول فيعطي من
الرهن مقدار ما يوفيه ويبقى ذلك لحلول أجله. قوله: (والباقي) أي من الرهن للدين الثاني سواء
كان ذلك الباقي يوفيه أم لا. قوله: (وإلا بيع وقضيا الخ) ظاهره أنه يباع ولا يوقف ويقضي
الدينان ولو أتى للدين الأول برهن ثقة، وهو كذلك كما استظهره ابن رشد، ولا يقال أنه إذا أتى
برهن ثقة فإنه لا يقضي الأول لان أجله لم يحل لأنا نقول أن الراهن قد أدخل على المرتهن بيع
رهنه فأشبه ذلك ما لو باع الرهن بغير إذن المرتهن فإنه يعجل الدين كما يأتي. وما قاله ابن رشد هو المعتمد
خلافا لما في سماع القرينين من أن محل كونه يقضي الدينان إذا لم يأت برهن كالأول فإن أتى
برهن كالأول فلا يقضي الدينان. قوله: (الدينان معا) أي من ثمنه وصفة القضاء أن يقضي الدين
الأول كله أولا لتقدم الحق فيه ثم ما بقي للثاني. قوله: (حيث كان فيه فضلة عن الأول) أي كما أشعر
به قوله وقضيا. قوله: (ورجع صاحبه بقيمته يوم الاستعارة) هذا القول هو الأقرب من القول

238
بالرجوع بالثمن كما في المج. قوله: (وقيل يوم الرهن) تظهر فائدة الخلاف فيما إذا كان يوم الرهن متأخرا
عن يوم الاستعارة وكانت القيمة يوم الرهن أزيد أو أنقص من القيمة يوم الاستعارة. قوله: (أو بما
أدى) أي أو بما أداه المستعير في دينه من ثمن الشئ المستعار وأو في كلام المصنف لتنويع الخلاف لا
للشك بدليل قوله بعد نقلت عليهما. قوله: (نقلت المدونة عليهما) أي رويت المدونة على كل من
القولين فرواها يحيى بن عمر يتبعه بقيمته ورواها غيره ويتبع المعير المستعير بما أدى من ثمن سلعته ولما
اختصرها البراذعي اقتصر على القول الثاني. ولما اختصرها ابن أبي زيد اقتصر على القول الأول وهو
الرجوع بالقيمة. قوله: (وعلى الأول) أي وهو رجوع صاحبه بالقيمة فإذا كانت قيمة الشئ المستعار
خمسين وباعه المستعير بمائة وفي بها دينه يرجع صاحبه على القول الأول بخمسين والخمسون الأخرى
تكون للمستعير لأنه إنما أسلفه نفس السلعة وهي حينئذ إنما بيعت على ملك الراهن المستعير، وعلى
القول الثاني يرجع عليه بالمائة بتمامها ولو كانت القيمة مائة وباعه المستعير بخمسين فبالعكس. قوله: (كدراهم)
أي كاستعارته لرهنه في دراهم فرهنه في طعام. قوله: (أي تعلق به الضمان ولو لم يتلف) أي أن للمعير
تضمينه قيمته ولو لم يتلف لتعديه وله أخذه من المرتهن وتبطل العارية، كذا قال عبق ونحوه
للشيخ سالم وعج وابن عاشر، وفيه نظر لأنه على هذا الكلام لا يصح تأويل الوفاق لان أشهب
لا يقول بهذا التخيير وأيضا يكون المعير إذا نكل يخير فله أخذ شيئه وإذا حلف لزمه إبقاؤه في
الدراهم فيكون النكول أنفع له من الحلف وهذا عكس القواعد فالصواب، كما أفاده ح والمواق
وخش وغيرهم، أن المراد أن ضمان العداء يتعلق به حيث إذا هلك أو سرق أو ضاع يضمنه عملا بإقراره
بالتعدي كان مما يغاب عليه أم لا قامت على هلاكه بينة أم لا وأما إذا كان قائما فلا سبيل إلى تضمينه بل
يأخذه ربه وتبطل العارية مثل ما يأتي في الغصب من قوله وضمن بالاستيلاء أي تعلق به الضمان،
وهذا هو الذي يدل عليه كلام ابن عبد السلام وابن عرفة وغيرهما ا ه‍ بن. إذا علمت هذا تعلم أن
الأول للشارح أن يقول أي تعلق به الضمان إذا تلف ولو قامت الخ. قوله: (سواء وافق المرتهن) أي
المعير والمستعير على التعدي وقوله أو خالف أي أو خافهما بأن قال للمعير إنما أعرته ليرهن في عين ما رهن
فيه ولم يتعد. قوله: (كما هو ظاهرها) أي بناء على أن بين ابن القاسم وأشهب خلافا فابن القاسم يقول أن
المستعير يضمن مطلقا وأشهب يقول بعدم ضمانه مطلقا وهذا تأويل أبي محمد. قوله: (إذا أقر المستعير
لمعيره بالتعدي) أي ووافقه المعير على ذلك. قوله: (ولم يحلف المعير) أي ونكل المعير عن اليمين على
ما ادعاه من التعدي. قوله: (فقول أشهب حينئذ وفاق) أي لان قول أشهب لا يضمن ويكون رهنا في
قدر الدراهم من قيمة الطعام محمول على ما إذا وافق المرتهن على المخالفة أو خالفهما وحلف المعير وقول
ابن القاسم أنه يضمن ليس على إطلاقه بل محمول على ما إذا أقر المستعير لمعيره بالتعدي وخالفهما المرتهن
ولم يحلف المعير فكلام ابن القاسم محمول على حالة وكلام أشهب محمول على حالة أخرى. قوله: (تأويلان)
الأول لابن أبي زيد والثاني لابن يونس، وقد صوب ابن عرفة التأويل الأول كما قال الشارح.
قوله: (محلهما حيث وافق الخ) أي وحينئذ فقول المصنف أو محل الضمان حيث أقر المستعير لمعيره لا دخل له
في التوفيق إذ هو موضوع المسألة ومصب التوفيق على الحال بعده وهو قوله وخالف المرتهن الخ فقول
الشارح أو خالف المرتهن الأولى حذفه فتأمل. قوله: (وبطل بشرط الخ) ظاهره ولو أسقط الشرط والفرق
بين الرهن والبيع المصاحب لشرط مناقض لمقتضاه فإنه يصح إذا أسقط الشرط أن قبض الرهن

239
وبيعه إذا احتيج له كل منهما مأخوذ جزء من حقيقة الرهن والامر المناقض لهما مناقض للحقيقة
وأما شرط عدم التصرف في المبيع فهو مناقض لما يترتب على البيع لا لنفس حقيقته. قوله: (بمعنى
الارتهان) الأولى أن يقول بمعنى العقد لان الذي يتصف بالبطلان الرهن بمعنى العقد لا بمعنى الارتهان
ولا بمعنى المدفوع للتوثق في حق الصالح لان يباع. قوله: (لمقتضى العقد) أي لما يقتضيه عقد الرهن من
الاحكام فهو يقتضي أن الرهن يقبض من الراهن وأنه يباع إذا لم يوف الراهن الدين فإذا شرط الراهن
أنه لا يقبض منه أو أنه لا يباع في الدين الذي رهن فيه كان ذلك الشرط مناقضا لما يقتضيه عقد الرهن.
قوله: (أو لا يباع في الدين) أي الذي رهن فيه. قوله: (وباشتراطه في بيع فاسد) يعني أن البيع الفاسد
كالواقع وقت نداء الجمعة أو لأجل مجهول والقرض الفاسد كما لو دفع له عفنا في جيد إذا شرط فيه رهن
فدفعه المشتري أو المقترض ظانا أنه يلزمه الوفاء بذلك الشرط وأولى إذا لم يظن اللزوم بأن دفعه جازما
بلزوم الوفاء بالشرط أو شاكا في ذلك فإن الرهن يكون فاسدا ويسترده المرتهن للراهن، ولو فات المبيع
كما لو ظن أن عليه دينا فدفعه لصاحبه ثم تبين أنه لا دين عليه فإنه يسترده ممن أخذه منه، وأما لو دفعه عالما
بأنه لا يلزمه لفساد البيع أو القرض فإنه يرد إذا كان المبيع قائما، وأما إن فات فإنه يكون رهنا فيما يلزم من
قيمة أو مثل كما يأتي للشارح. قوله: (فدفعه) أي المشتري للبائع رهنا على الثمن ظانا أنه يلزمه الوفاء به أو
دفعه المقترض للمقرض ظانا أنه يلزمه الوفاء به. قوله: (فيرد للراهن) ظاهره ولو فات المبيع ولا يكون
رهنا في عوض المبيع من قيمة أو مثل لان الرهن مبني على البيع الفاسد والمبني على الفاسد فاسد وما مشى
عليه المصنف من بطلان الرهن المشترط في بيع فاسد إذا دفعه المدين ظانا لزومه وأنه يرد لربه فات المبيع
أم لا طريقة لابن شاس، وهي خلاف المعتمد والمذهب أنه إذا فات المبيع يكون ذلك الرهن رهنا فيما
يلزم المشتري من مثل أو قيمة وقد تمحل الشارح فيما يأتي فجعل المصنف ماشيا على ذلك القول.
قوله: (ولا مفهوم لاشتراطه) أي بل المتطوع به كذلك على ظاهر المذهب ظن فيه اللزوم أولا بل ربما
يقال أن المتطوع به أولى بالفساد لأنه ربما يتوهم في المشترط العمل بالشرط بخلاف المتطوع به فإن
البطلان فيه بديهي، كذا في عبق، وبحث فيه بن بأنا لا نسلم أن ظاهر المذهب أن المتطوع به كالمشترط
فإن ابن يونس فرق بين المشترط والمتطوع به. قوله: (فلو علم الخ) هذا مفهوم قوله ظن فيه اللزوم. وحاصله
أنه لو علم بفساد البيع وأنه لا يلزمه الرهن ودفعه فإنه يرد أيضا لربه لكن إن كان المبيع قائما فإن فات
المبيع كان رهنا في القيمة وهذا باتفاق حتى على القول الذي مشى عليه المصنف. قوله: (وحلف المخطئ الخ)
أي وإن لم يحلف كان رهنا في الجميع وقوله ورجع في رهنه راجع الخ الأولى أن يقول وقوله ورجع
أي الرهن راجع الخ لان المتبادر من رجع في رهنه أن المعنى ورجع الراهن في رهنه وهذا إنما يظهر في
المسألة الأولى وكذا في الثانية على ما مشى عليه من الضعيف ولا يظهر في الثالث بخلاف قولنا ورجع
الرهن فإنه صادق برجوعه بتمامه لربه وبرجوعه من جهة لجهة أخرى فيظهر رجوعه للمسائل الثلاث.
قوله: (أي ورجع الرهن) أي لراهنه وقوله وجملة أي بتمامه وقوله في الأولى أي في المسألة الأولى وهي قوله
وبطل بشرط مناف كأن لا يقبض. قوله: (وكذا في الثانية مع قيام المبيع الخ) المراد بالمسألة الثانية قوله
وباشتراطه في بيع فاسد وما ذكره الشارح من أن الرهن فيها يرجع جملة للراهن إن كان المبيع قائما وأما
إن فات فإن الرهن يرجع من جهة لجهة هذا بناء على المعتمد لا على ما هو ظاهر المصنف من

240
القول الضعيف لأنه عليه يرجع الرهن جملة ولا يرجع من جهة لجهة أصلا كان المبيع قائما أو فات.
قوله: (كما يرجع في البيع الفاسد) أي إذا فات المبيع في المسألة الثانية. قوله: (من حصة العاقلة) الأولى
من جميع الدية إي حصته منها فإذا وفى حصته منها أخذ رهنه ولا يبقى رهنا عن العاقلة وهذا إذا خصه
شئ منها بأن كان غنيا كبيرا فإن كان فقيرا أو صغيرا فلا يلزمه شئ منها وحينئذ فله أن يأخذ رهنه
من أول الأمر. قوله: (ومفهوم قوله ظن الخ) الأولى أن يقول ومفهوم قولنا وظن أن الدية تلزمه لان قول
المصنف أنه ظن اللزوم ليس من تصوير المسألة بل المحلوف عليه وإن كان يعلم منه تصوير المسألة تأمل. قوله: (أو
باشتراطه في قرض جديد الخ) اعلم أن محل فساد الرهن إذا كان المدين معسرا به أو كان الدين القديم
مؤجلا حين أخذ الرهن أما لو كان حالا أو حل أجله لصح ذلك إن كان الغريم مليئا لان رب الدين لما كان
قادرا على أخذ دينه كان تأخيره كابتداء سلف، وكذا لو كان الغريم عديما وكان الرهن له ولم يكن عليه
دين محيط لأنه حينئذ كالملئ انظر بن. تنبيه: قول المصنف أو في قرض مفهومه لو كان في بيع جديد
لصح في البيع القديم والجديد كذا في عبق ونحوه قول ح وانظر لو كان الثاني غير قرض بل من ثمن
بيع وشرط أن الأول داخل في رهن الثاني فالظاهر الجواز ا ه‍ وهو قصور فقد صرح ابن القاسم
بالحرمة كما في المواق، وكذا صرح أبو الحسن في كتاب الفلس أن دين البيع مثل القرض في الفساد
انظر بن وعلة المنع إذا كان الدين الأول حالا اجتماع بيع وسلف وإن كان مؤجلا فالغرر إذ لا منفعة له
في الرهن كذا في بن عن ابن رشد وانظر وجهه. قوله: (فالمراد بالصحة الاختصاص) هذا هو الصواب
وبه يندفع قول ح كلام المصنف نص في صحة الرهن ولم أقف على ذلك لغيره ا ه‍ بن. قوله: (فلذا يجب
رده قبل المانع) أي فلأجل كونه فاسدا يجب رده إذا اطلع عليه قبل حصول المانع. قوله: (ولو بالمعنى
الأعم) أي هذا إذا فلس بالمعنى الأخص بأن حكم الحاكم بخلع ماله للغرماء بعد قيامهم عليه بل ولو كان
تفليسه بالمعنى الأعم بأن قام عليه الغرماء ومنعوه من التصرف في المال. قوله: (لا بإحاطة الخ) أي لا يبطل
الرهن بمجرد الإحاطة المذكورة من غير قيام للغرماء عليه. قوله: (وكذا يبطل بمرضه الخ) أي وحينئذ
فالحوز في إحالة المرض والجنون المذكورين لا ينفع. قوله: (فلا يفيده) أي على المشهور ومقابله أنه يفيد
وهو المردود عليه بلو. قوله: (لأنهما خرجا عن ملكه بالقول) أي فاكتفى في حوزهما بأدنى شئ.
قوله: (بخلاف الرهن) أي فإنه لم يخرج عن ملك راهنه فلا بد في حوزه من أمر قوي وهو القبض. قوله: (وبإذنه
في وطئ الخ) اعلم أن الاذن في الوطئ وما بعده قيل أنه مبطل للحوز فقط قيل أنه مبطل للرهن وهو ما مشى
عليه المصنف وعلى الأول للمرتهن بعد الاذن فيما ذكر وقبل فوات الرهن بعتق أو تدبير أو بيع أو
حبس أو قيام الغرماء رد الرهن لحوزه بالقضاء على الراهن، وعلى القول الثاني ليس له رده لبطلانه انظر بن.
وقوله وبإذنه في وطئ لامة مرهونة أي سواء كان الراهن المأذون له في الوطئ بالغا أو غير بالغ لجولان يده
في أمة الرهن وإن كان وطئ غير البالغ ليس معتبرا في غير هذا المحل. قوله: (أو إسكان) أي أو إذن المرتهن
للراهن في أن يسكن غيره الدار المرهونة وفي الكلام حذف أو مع ما عطفت أي أو سكنى أي وبإذنه له في
أن يسكن بنفسه الدار كلها أو بعضها. قوله: (أو إجارة) أي أو إذن المرتهن للراهن في أن يؤاجر الذات
المرهونة أعم من أن تكون عقارا أو حيوانا أو عرضا. قوله: (ولو لم يسكن) رد بلو على أشهب القائل
أنه لا يبطل الرهن بمجرد الاذن فيما ذكر بل حتى يطأ أو يسكن أو يؤاجر بالفعل. قوله: (ولو لم يسكن أو
يؤاجر أو يطأ) أي فالوطئ بالفعل لا يشترط فأولى الاحبال وذلك لان تصرف الراهن في الرهن بإذن المرتهن
يبطل الرهن من أصله كما في أبي الحسن وابن ناجي في شرحيهما على المدونة والاذن في التصرف كالتصرف

241
بالاذن كما في ح وابن الحاجب. قوله: (ويصير الدين بلا رهن) أي وإذا بطل الرهن بمجرد الاذن
في واحد مما ذكر فيصير الدين بلا رهن هذا وما ذكره الشارح من أن مجرد الاذن فيما ذكر مبطل
لرهن، وإن لم ينضم إليه فعل هو ما يفيد التوضيح أنه الراجح ونحوه في المدونة في محل وعليه فالمبالغة
في قول المصنف، ولو لم يسكن في محلها رد بها على أشهب القائل إنه لا بد في بطلان ارهن أن ينضم للاذن
وطئ أو إسكان أو إجارة، وأما مجرد الاذن في ذلك فلا يبطل الرهن وفي محل آخر من المدونة أنه لا بد أن
ينضم للاذن فعل، وأما مجرد الاذن فلا يبطل الرهن وعلى هذا فالمبالغة في المصنف غير ظاهرة ووفق أبو الحسن
بين المحلين بأن ما لا ينقل يكفي فيه الاذن كالإجارة والاسكان وما ينقل كالأمة لا بد أن ينضم للاذن
فعل الوطئ وعلى هذا التوفيق فالمبالغة في محلها لكن يحتاج لتقييد قوله وبإذن في وطئ بقولنا ووطئ
الراهن بالفعل وقد مشى في المج على هذا التوفيق فتأمله. قوله: (وتولاه المرتهن بإذنه) أي فإن ترك
المرتهن إجارته مع إذن الراهن له ففي ضمانه ما فات وعدمه قولان فإن لم يأذن له في ذلك لم يكن
له أن يتولاه قولا واحدا ما لم يشترط أن كراءه رهن مع رقبته وإلا كان له كراؤه بغير إذنه وكان
هذا قرينة على الاذن. قوله: (مما يمكن الخ) بيان لمحذوف أي ونحوهما مما يمكن فيه الاستنابة وذلك
كالإعارة للرهن إذا كانت مقيدة بأجل أو عمل ينقضي قبل أجل الدين وخرج وطئ الأمة المرهونة.
قوله: (إلى استيفاء المنافع) أي مع صحة الرهن. قوله: (أو في بيع) عطف على قوله في وطئ أي وبطل
الرهن بإذن المرتهن للراهن في بيع الرهن والحال أنه قد سلمه له وباعه ويبقى الدين بلا رهن ولا يقبل
قول المرتهن إني لم آذن له في بيعه إلا لاحيائه بثمنه لا ليأخذ ثمنه كما في المدونة، ونقل ابن يونس
عن بعض الفقهاء قبول قوله فلو أذن له في بيعه وسلمه له ولم يبعه فهل يبطل الرهن أو لا يبطل ويقبل
قول المرتهن أنه إنما أذن له لاحيائه قولان على حد سواء فإن أذن له في بيعه ولم يسلمه له أي وباعه
وهو باق تحت يد المرتهن، وقال المرتهن ما أذنت له في بيعه إلا لاحيائه بثمنه لا ليأخذ ثمنه حلف على
ذلك ويبقى الثمن رهنا للأجل إن لم يأت الراهن برهن كالأول في قيمته يوم الرهن. قوله: (وسلم
له الرهن) أي وأما لو سلمه للمشتري فلا يضر كما في حاشية شيخنا. قوله: (وإلا يسلمه له) أي وباعه
الراهن وهو تحت يد المرتهن بأن أخذه من خلفه وباعه. قوله: (حلف) أي فإن نكل بطل الرهن وصار
الدين بلا رهن. قوله: (لاحيائه بثمنه) أي خوفا عليه من عفن أو أكل أو سوس أو عثة. قوله: (في قيمته
يوم الرهن لا يوم البيع) أي لاحتمال حوالة الأسواق بزيادة أو نقص وظاهره أنه لا بد من مماثلته
للأول في القيمة ولو كان الدين أقل وهو كذلك لأنهما تعاقدا عليه أو لا. قوله: (كفوته الخ) هذا
تشبيه في قوله وبقي الثمن إلا أن يأتي برهن كالأول. قوله: (بجناية عليه) أي أتلفت كله أو بغضه. قوله: (وأخذت
قيمته) الواو للحال واحترز بها عما إذا لم يؤخذ للجناية شئ بأن عفا الراهن عن الجاني فإن
الدين يبقى بلا رهن كما في ابن عرفة، ومقتضاه أن عفوه يمضي ولو كان معدما فانظره. واحترز الشارح
بقوله من أجنبي عما لو جنى عليه الراهن فإنه يؤمر بدفع القيمة رهنا وإلا عجل الدين هذا إن كان مليا فإن
كان معسرا فإن أتلفه بالكلية بقي الدين بلا رهن وإن أتلف بعضه بقي الباقي رهنا. قوله: (فالمأخوذ يبقى
رهنا) أي ويجب الطبع عليه إن كان مثليا ووضع تحت يد المرتهن كما مر وإلا فلا. قوله: (وبعارية أطلقت) أي
لان ذلك يدل على أنه أسقط حقه في الرهن. قوله: (أو لغيره بإذنه) أي وإن لم يكن ذلك الغير من ناحيته
لان إذنه كجولان يده. قوله: (أي لم يشترط فيها رد في الاجل) أي في أجل الدين وقوله ولم يكن العرف

242
كذلك أي ردها قبل انقضاء أجل الدين. قوله: (بل وقعت على شرط ردها إليه) أي إلى المرتهن
وقوله في الاجل أي في أجل الدين متعلق بردها وقوله حقيقة أو حكما تعميم في شرط الرد فالشرط
الحقيقي كأن يقول المرتهن لمستعير خذ هذه الدابة مثلا اقض عليها حاجتك وردها إلي والحال أن
فراغ الحاجة قبل أجل الدين أو عنده والشرط الحكمي كأن تقيد بزمن أو عمل ينقضي قبل أجل الدين.
وقوله فله أي المرتهن أخذه أي أخذ ذلك الرهن من الراهن إن كان هو المستعير أو من الأجنبي إن كان
المستعير أجنبيا بإذن الراهن. قوله: (أو رجع اختيارا) أي بغير عارية فصحت المقابلة واندفع ما
يقال إن العارية فيما رد اختيارا فلا تصح المقابلة. قوله: (ونحوها) أي كإجارة انقضت مدتها قبل
أجل الدين. قوله: (إلا بفوته) أي أن الرهن إذا عاد من المرتهن للراهن اختيارا أو بعارية مقيدة
فله أخذه ما لم يفت عند الراهن قبل أخذه منه بكعتق الخ. قوله: (أو تدبير) فيه أن التدبير ليس مانعا
من ابتداء الرهن لما مر أنه يجوز رهن خدمة المدبر فكيف يبطله وأجيب بأنه قد انضم له هنا ما هو
مبطل للرهن في الجملة وهو دفعه للراهن اختيارا. قوله: (فله أخذه مطلقا) أي وإذا أخذه وخلص
من الرهنية فالظاهر أنه يلزم الراهن ما فعله من عتق أو تدبير أو حبس أو نحو ذلك مما ذكره المصنف
كما قال شيخنا العدوي. وقوله فله أخذه أي وله عدم أخذه ويعجل الدين كما أشار لذلك الشارح.
قوله: (فات أو لم يفت) انظر كيف يكون له أخذه بعد فواته بكعتق مع ما ذكره المصنف وغيره من أن
الراهن الموسر إذا أعتق المرهون أو كاتبه فإنه يمضي كما يأتي للمصنف في قوله ومضى عتق الموسر
وكتابته وعجل الدين وإلا بقي قال عبق وقد يفرق بأنه يحمل في أخذه الرهن من المرتهن غصبا على
قصد إبطال الرهنية فعومل بنقيض قصده بخلاف عتق العبد وهو عند المرتهن فإنه لم يحصل منه
ما يوجب الحمل على إبطال الرهنية حتى يعامل بنقيض قصده. قال بن والصواب ما قاله ح من تقييد
ما هنا بما يأتي أي أن الغاصب هنا يحمل على ما إذا كان معسرا وأما لو كان موسرا فلا يؤخذ منه الرهن
بل يمضي ما فعله ويعجل الدين. والحاصل أن الراهن إذا أخذ الرهن غصبا من المرتهن، فإن لم يفت عند
الراهن خير المرتهن بين أخذه وتركه ويعجل له الدين، وإن فاته الراهن بمفوت فإن كان موسرا مضى
فعله وعجل الدين، وإن كان معسرا تأخذه المرتهن فإن حل أجل الدين وخلص الرهن لزم الراهن ما فعله
في الرهن من المفوتات، وإن لم يخلص الرهن من الرهنية بيع في الرهنية. قوله: (إن لم يعجل له الدين)
أي فإن عجل له الدين فليس له أخذه والفرض أنه رد للراهن غصبا وهو معسر وأما لو كان موسرا فلا يؤخذ
منه الرهن أن فوته ويعجل الدين، وإن لم يفوته خير المرتهن إما أن يأخذ أو يتركه ويعجل له الدين.
قوله: (أي عجل الأقل من الأمين) فإن كنت القيمة أقل وعجلها طولب عند الاجل بباقي الدين. قوله: (فتباع)
أي فبعد مضي أقصى الأجلين وهو وضعها أو حلول أجل الدين تباع. قوله: (إن وفى) أي بعضها بالدين
ووجد من يشتري البعض فإن وفى بعضها بالدين ولم يوجد من يشتري بعضها بيعت كلها. قوله: (وهذه
إحدى المسائل الخ) أي وهي ست هذه والأمة التي أحبلها الشريك أو عامل القراض أو وارث المدين
أو سيدها العالم بجنايتها مع الاعسار في الكل أو أحبلها المفلس بعد أن وقفت للبيع والأمة في هذه
المسائل الست قن حاملة بحر فهي مستثناة لا تحمل أمة قن بحر. قوله: (بتوكيل) أي بسبب
توكيل أو مع توكيل المرتهن مكاتب الراهن أو أخاه في حوزه له فهو من إضافة المصدر لمفعوله
لان المكاتب أحرز نفسه وماله فليس للسيد على ما في يده سبيل كما أن أخاه غير محجوره كذلك.
قوله: (وكذا ولده الرشيد) هو قول سحنون لو كان الابن كبيرا بائنا عن الأب جاز للمرتهن قال ابن رشد

243
قول سحنون في الابن صحيح مفسر لقول مالك ا ه‍ بن. قوله: (على الأصح) أي عند الباجي وهو
قول ابن القاسم في المجموعة خلافا له في الموازية والعتبية. قوله: (ورقيقه) شمل المدبر ولو مرض
سيده والمعتق لأجل ولو قرب الاجل. قوله: (ولو مأذونا) أي له في التجارة. قوله: (والقول لطالب
تحويزه لأمين) أي عند أمين وسواء جرت العادة بوضعه عند المرتهن أم لا خلافا لقول اللخمي إذا
كانت العادة تسليمه للمرتهن كان القول لمن دعي إليه لأنه كالشرط وإلا فالقول لطالب الأمين ومحل
هذا الخلاف إذا دخلا على السكوت، وأما لو امتنع المرتهن عبد العقد من قبضه فلا يلزمه قبضه ولو
كانت العادة جارية بوضعه عنده اتفاقا قاله في شرح التحفة ا ه‍ بن. قوله: (عند تنازع الراهن والمرتهن)
أي في كيفية وضع الرهن فقال الراهن مثلا يوضع على يد أمين وقال المرتهن يوضع عندي أو بالعكس
بأن قال المرتهن يوضع عند أمين وقال الراهن يوضع عندك فإن القول قول من طلب وضعه عند الأمين.
قوله: (نظر الحاكم في الأصلح منهما فيقدمه) أي ولا يعدل لغيرهما فيقدمه ولو كان كل منهما لا يصلح
لوضعه عنده لرضاهما بهما. قوله: (وإن استويا) أي في الصلاحية في وضعه عند كل منهما وقوله: خير
أي الحاكم. قوله: (أي تعلق به الضمان) أي بحيث إذا تلف يضمن قيمته وليس المراد أنه يضمنها
بالفعل ولو كان باقيا لأنه إذا تعدى وسلمه للمرتهن وكان الرهن باقيا فإنه يؤخذ منه ويجعل تحت يد
أمين آخر. وقول الشارح أي تعلق الأولى أن يقول أو تعلق الخ لأنه إشارة إلى تقرير ثان. والحاصل
أن قول المصنف وضمن إما أن يحمل على الضمان بالفعل ويقيد بما إذا ضاع الرهن أو يحمل قوله
وضمن الخ على أن المراد تعلق به الضمان فتأمل. قوله: (سقط الدين) أي دين المرتهن لهلاك الرهن بيده.
قوله: (وإن زادت) أي قيمة الرهن وسكت عما إذا كانت القيمة أقل من الدين والحكم أنه يحط عن
الراهن من الدين بقدر قيمة الرهن ولا غرم على الأمين في هذه الحالة كحالة المساواة ثم إن محل
تضمين الأمين الزيادة إذا سلم الرهن للمرتهن بعد الاجل أو قبله ولم يطلع الراهن على ذلك التسليم
حتى حل الاجل، وأما إن علم بذلك قبل الاجل كان للراهن أن يغرم القيمة أيهما شاء لأنهما
متعديان عليه هذا بأخذه وهذا بدفعه وتوقف تلك القيمة على يد أمين غيرهما للأجل وللراهن أن
يأتي برهن كالأول ويأخذ القيمة، ثم إن الراهن إن أخذ القيمة من الأمين فلا رجوع له على المرتهن
لأنه هو الذي سلطه عليه وإن أخذها من المرتهن ففي بن عن اللخمي أنه إن غرم المرتهن القيمة
بالتعدي رجع بها على الأمين. قوله: (إلا لبينة الخ) الحق أن الأمين يغرم تلك الزيادة ويرجع بها على
المرتهن سواء كان الرهن مما يغاب عليه أم لا، قامت بينة على هلاكه بدون تفريط أم لا؟ وذلك لان
الأمين متعد بالدفع للمرتهن والمرتهن متعد بأخذه كذا قرر شيخنا ومثله في بن. قوله: (ضمنها) أي
قيمة الرهن للمرتهن. قوله: (أي ضمن الأقل منهما) أي ضمنه للمرتهن وغرمه له حيث تلف الرهن عند
الراهن ورجع الأمين على الراهن بكل ما غرمه للمرتهن من قيمة أو غيرها وأشار الشارح بقوله أي ضمن
الأقل منهما إلى أن أو في كلام المصنف للتفصيل لا للتخيير أي ضمن القيمة إن كانت أقل من الدين أو الثمن
إن كان أقل منها. وقوله: والأولى أو الدين أي لشموله لما إذا كان الدين من قرض ونحوه بخلاف الثمن
فإنه قاصر على دين البيع. قوله: (واندرج صوف ثم) أي لأنه سلعة مستقلة قصدت بالرهن.
قوله: (وإلا لم يندرج) أي وألا يكن تاما وقت الرهن فلا يندرج فللراهن أخذه بعد تمامه وذلك لان
غير التام بمنزلة الغلة وهي لا تندرج. قوله: (وجنين) أي لأنه كجزء منها فدخل هنا كالبيع ابن المواز
ولو شرط الراهن عدم دخوله لم يجز لأنه شرط مناقض لمقتضى العقد لأنه بمنزلة الجزء من أمه.
قوله: (وأولى بعده) وجه الأولوية أنه بعد الرهن يكون جزءا منها وقد تعلق بها الرهن بخلافه قبل فقد يتوهم

244
أنه ذات مستقلة. قوله: (وفرخ نخل) أي واندرج في رهن النخل فرخ النخل وهو المسمى بالفسيل
وبالودي وبعضهم ضبطه بالحاء المهملة أي اندرج فرخ النخل في رهنه. قوله: (لا غلة) عطف على صوف
أي لا يندرج في الرهن غلة فإذا رهن حيوانا فلا تدخل غلته في الرهن بل للراهن أخذها. قوله: (وإن
وجدت) أي وإن كانت موجودة يوم الرهن ولو أزهت أو يبست. قوله: (ولا تكون بإزهائها
كالصوف) الفرق بينها وبين الصوف أنها تترك لتزداد طيبا فهي غلة لا رهن والصوف لا فائدة
في بقائه بعد تمامه بل في بقائه تلف له فالسكوت عنه دليل على إدخاله ا ه‍ خش وهذا الفرق ذكره
ابن يونس وهو منقوض بالثمرة اليابسة. قوله: (ولا مال عبد) أي ولا يندرج في رهن العبد ماله
إلا بالشرط. قوله: (وارتهن إن أقرض) صورته أنه يقول شخص لآخر خذ هذا الشئ عندك رهنا على
ما اقترضه منك أو على ما يقترضه منك فلان أو على ثمن ما تبيعه لي أو لفلان فالرهن على هذه الكيفية
صحيح لازم لأنه ليس من شرط صحة الرهن أو يكون الدين ثابتا قبل الرهن لكن لا يستمر لزومه
إلا إذا حصل بيع أو قرض في المستقبل، فإن لم يحصل كان له أخذ رهنه فقول المصنف وارتهن أي
واستمر لزوم رهنية الشئ الذي رهنه إن أقرض أو باع في المستقبل، ولو قال المصنف وصح أي الرهن
فيما يحصل في المستقبل من بيع أو قرض ولزم بحصوله كان أوضح. قوله: (استمرت رهنيته) أي
استمر لزوم رهنيته الحاصلة بقبضه الأول. قوله: (من غير احتياج لاستئناف عقد) أي خلافا للشافعية
فإن لم يقرضه في المستقبل كان له أخذ رهنه. والحاصل أن صحة الرهن ولزومه حاصلان من الآن
والمتوقف على القرض أو البيع في المستقبل إنما هو استمرار اللزوم. قوله: (على محل أقرض) أي
لأنه فعل ماض مبني على الفتح في محل جزم لأنه فعل الشرط. قوله: (كخياطة ثوب) أي كأن تستأجر
زيدا على أن يخيط لك هذا الثوب بنفسه أو بغلامه أو على أن ينسج لك بنفسه أو بغلامه هذا الثوب
أو تستأجر دابته مدة معينة بأجرة قدرها كذا وتعطيه رهنا في الأجرة التي تجب له عليك بعد العمل.
قوله: (يكون الرهن في الأجرة) أي بحيث يباع الرهن وتستوفي الأجرة من ثمنه وقوله أو يستأجر
من الرهن أي من ثمنه. قوله: (بل وإن كان) أي العمل في جعل أي في عوض جعل أي في مقابلته والمراد
بالجعل هنا الأجرة لا العقد وقوله لان الجعل أي بمعنى الأجرة وقوله وإن لم يكن لازما أي
حين العقد. قوله: (على أنها) أي الدابة التي اشتراها. قوله: (أتى له بعينها من ذلك الرهن) أي
أخذ الدابة من ذات الرهن. قوله: (لأنه مستحيل عقلا) أي لما فيه من قلب الحقائق.
قوله: (على أن يستوفي قيمة المعين منه) بأن يبيعه ويستوفي من ثمنه قيمة المعين أو قيمة
المنفعة. قوله: (فجائز) الحاصل أنه يشترط في المرهون فيه أن يكون دينا احترازا من الأمانة فلا يجوز
أن تدفع وديعة أو قراضا وتأخذ به رهنا ويشترط فيه أيضا أن يكون في الذمة احترازا من المعينات
ومنافعها، لان الذمة لا تقبل المعينات وأما أخذ رهن على أن يستوفي من ثمنه قيمة المعين
أو قيمة منفعته فذلك جائز لان قيمة ذات المعين وقيمة منفعته في الذمة. قوله: (وفي نجم كتابة) المراد به

245
الجنس الصادق بالواحد والمتعدد. قوله: (من أجنبي) متعلق برهن وكذا قوله للسيد أي لا يصح أن
يرهن أجنبي للسيد رهنا فيما على المكاتب من النجوم ومفهوم قوله أجنبي صحة أخذ الرهن من المكاتب
في نجم أو في الجميع، وهو كذلك كما في المدونة خلافا لابن الحاجب، وعلى الأول إذا بقي على المكاتب
شئ ولم يأت به بيع الرهن فيم بقي من نجوم الكتابة. قوله: (لان الرهن) أي لان صحة رهن الأجنبي
في الشئ فرع عن صحة تحمله وضمانه لذلك الشئ بحيث لو عجز المضمون عن ذلك الشئ لزم الضامن
دفعه والرجوع به على المضمون. قوله: (لا يصح التحمل بها) أي لأن الضمان إنما يكون في دين ثابت
في الذمة لا يسقط بالعجز والكتابة ليست كذلك لأنها تسقط بالعجز. قوله: (لأنه في البيع بيع وإجارة)
أي لان السلعة المبيعة بعضها في مقابلة ما يسمى من الثمن وبعضها في مقابلة المنفعة والأول بيع
والثاني إجارة. ومحصله أن تلك المنفعة لم تضع على الراهن بل وقعت جزأ من ثمن السلعة التي اشتراها.
قوله: (والتطوع بها في القرض عينت أم لا كالتطوع بالمعينة في البيع) أي في المنع لأنها هدية مديان
في كل منهما. قوله: (وكذا يمنع في غير العينة في البيع بشرط) أي لما في ذلك من الجهالة في الإجارة.
قوله: (وهذا مفهوم الشرط) أي وهو قوله إن عينت. قوله: (ثمان صور) حاصلها أن منفعة الرهن إما أن تكون
مدتها معينة أو غير معينة، وفي كل إما أن يشترطها المرتهن أو يتطوع بها الراهن عليه، وفي كل إما أن يكون
الراهن واقعا في عقد بيع أو قرض فأخذ المرتهن لها في رهن القرض ممنوع في صوره الأربعة وهي ما إذا
كانت مدتها معينة أولا مشترطة أو متطوعا بها وفي رهن البيع المنع في ثلاثة وهي ما إذا كانت متطوعا بها
كانت مدتها معينة أم لا، وكذا إذا كانت مشترطة ولم تعين مدتها والجواز في واحدة وهي ما إذا اشترطت
وكانت مدتها معينة، ومحل الجواز فيها إذا اشترطت ليأخذه مجانا كما قال الشارح أو لتحسب من الدين
على أن ما بقي منه يعجل له، وأما إن كان الباقي يدفع له فيه شيئا مؤجلا امتنع لفسخ ما في الذمة في مؤخر،
وإن كان على أن ما بقي منه يترك للراهن جاز إلا إذا كان اشتراط أن الباقي يترك للراهن واقعا في صلب
العقد وإلا منع للغرر إذ لا يعلم ما يبقى وأما الصور السبعة الممنوعة فالمنع فيها مطلقا سواء كان أخذ المرتهن
المنفعة مجانا أو على أن يحسبها من الثمن، وعلة المنع في صور القرض سلف جر نفعا إن اشترطت مجانا وإن
اشترط أخذها لتحسب من الدين اجتماع السلف والإجارة وإن كانت غير مشترطة في صلب العقد بل
أباح له الراهن الانتفاع بها فإن كانت بغير عوض فهدية مديان وإن كانت لتحسب من الدين جرى على
مبايعة المديان فإن كان فيها مسامحة حرم وإلا فقولان بالحرمة والكراهة وعلة المنع في صور البيع أنها إن

246
كانت غير مشترطة فهدية مديان إن كانت مجانا وإن كانت لتحسب من الدين فيجري على مبايعة المديان
وإن كانت مشترطة في عقد البيع والحال أنه لم تعين مدتها، فعلة المنع الجهل بالثمن إذا اشترطت مجانا لأنا
المرتهن لما اشترط أخذها في العقد صارت هي وما سمي من الثمن في مقابلة المبيع وهي غير معلومة للجهل
بمدتها، وإن اشترطت لتحسب من الدين فعلة المنع اجماع البيع والإجارة المجهولة الاجل هذا كله في
أخذ المرتهن المنفعة التي ليست من جنس الدين. وأما لو شرط المرتهن أخذ الغلة التي هي من جنس الدين
من دينه فإن لم يؤجل لذلك أجلا جاز في القرض ومنع في البيع لان لقرض يجوز فيه الجهل بالأجل
دون البيع، وإن أجل ذلك بأجل معلوم فإن دخلا على أنه إن بقي شئ من الدين بعد الاجل ليوفيه
الراهن من عنده أو من ثمن الرهن جاز ذلك في البيع والقرض وإن دخلا على أن الفاضل من الدين
يعطيه به شيئا مؤجلا منع ذلك في البيع والقرض وإن دخلا على أن الفاضل من الدين يترك للمدين جاز
في القرض دون البيع. قوله: (تردد) هذا التردد ذكره ابن يونس وقال ابن رشد الصواب في ذلك أن
يغلب حكم الرهن نقله في التوضيح وابن عرفة فلذا قال الشارح الراجح الضمان وقد علمت من قول
الشارح إذا تلف عنده في المدة المشترطة الخ أن محل التردد إذا تلف في المدة المشترطة منفعتها وأما لو تلف
بعدها فهو كالرهن في الضمان قولا واحدا، ومحله أيضا إذا اشترطت المنفعة ليأخذها مجانا فإن اشترطت
لتحسب من الدين فينبغي أن يترجح القول بعدم ضمانه ضمان الرهن لترجح جانب الإجارة فيه ليكون
المنفعة وقعت في مقابلة عوض صراحة. قوله: (وأجبر الخ) حاصله أن الرهن إذا اشترط في عقد البيع أو
القرض وكان معينا فإن الراهن يجبر على دفعه بعينه للمرتهن. قوله: (إذ القرض كذلك) أي كما نقله المواق
عن ابن عرفة. قوله: (وعين) الجملة حالية أي والحال أنه عين عند العقد. قوله: (بأن وقع) أي عقد البيع أو
القرض. قوله: (فرهن ثقة) أي فيلزمه أن يأتي برهن ثقة فإن هلك الرهن المعين أو استحق قبل أن
يقبضه المرتهن خير المرتهن في إمضاء البيع ويبقى دينه بلا رهن وبين الفسخ فيأخذ المبيع إن كان
قائما وقيمته أو مثله إن فات، فإن حصل الهلاك أو الاستحقاق بعد قبض المرتهن له فلا مقال له إلا
أن يغره الراهن فيخير في الفسخ وعدمه ويبقى الدين بلا رهن. قوله: (والحوز) أي ودعوى المرتهن
الحوز بعد حصول المانع أي دعواه بعد حصول المانع أنه حاز قبل حصوله فهو على حذف مضاف
بدليل قوله ولو شهد الأمين لان الشهادة تقتضي حصول دعوى وبعد متعلق بدعوى المقدرة فحذف
المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه وإبقاء كلام المصنف على ظاهره لا يفيد لان من المعلوم أن الحوز
بعد المانع لا يفيد لان الحكم لا يثبت إذا وجد المانع. قوله: (ونازعه الغرماء في ذلك) أي
وقالوا له أن حوزك لما هو بيدك إنما حصل بعد المانع. قوله: (ولو شهد الأمين) أي أو أقر
الراهن أنه حازه قبل المانع وكذبه الغرماء. قوله: (لأنها شهادة على فعل نفسه) أي وهو
الحوز أي والشهادة على فعل النفس لا تعتبر لأنها دعوى. هذا ويستفاد من التعليل المذكور أن
شهادة القباني بأن وزن ما قبضه فلان كذا لا تقبل لأنها شهادة على فعل نفسه بخلاف ما إذا شهد أن
فلانا قبض ما وزنه فإنه يعمل بشهادته، فإن شهد بهما معا فالظاهر البطلان لان الشهادة إذا بطل
بعضها بطل كلها حيث كان بطلان بعضها للتهمة كما هنا ومحل بطلان شهادة القباني إذا شهد بالوزن
ما لم يكن مقاما من طرف السلطان أو نائبه كالقاضي كما بمصر وإلا عمل بشهادته كما استظهره عج
والظاهر أن تابع المقام من القاضي مثله. قوله: (وهو الأظهر) أي لان الأصل صحة وضع اليد وعدم
اختلاسه مثلا ولا يشترط في الحوز نقل الرهن من دار الراهن بل يصح أن يجعله في موضع منها
ويطبع عليه أو يأخذ مفاتيحه وتقدم بينة الحوز على النافية له لأنها مثبتة والمثبتة تقدم على النافية
لأنها أزيد علما ما لم تؤيد النافية بقرائن كما في فتوى ابن رشد لما سأله عياض عن رهن دار ادعى

247
المرتهن حيازتها ببينة فأقام الغرماء بينة على أن الراهن ساكن فيها فقال المرتهن لم أشعر برجوعه لها وفي
السؤال أن العادة أنه لا يخفى عليه ذلك فأرسل ابن رشد لعياض أن يحكم بالبطلان انظر ح. قوله: (وفيها
دليلهما) قال ح أشار بذلك لظاهر كلام المدونة في كتاب الهبة ونصها ولا يقضي بالحيازة إلا بمعاينة
البينة بحوزه في حبس أو رهن أو هبة أو صدقة، ولو أقر المعطي في صحته أن المعطي قد حاز وقبض
وشهد عليه بإقراره بينة ثم مات لم يقض بذلك إن أنكر الورثة حتى تعاين البينة الحوز اه‍. ووجه
كون كلامها المذكور دالا على القولين ومحتملا لهما أن قولها حتى تعاين البينة الحوز يحتمل أن المراد
حقيقة الحوز أي حتى تعاين البينة أن ذلك الشئ الموهوب أو المتصدق به أو المرهون في حوز
الشخص المعطي بالفتح قبل المانع ويحتمل أن المراد التحويز أي التسليم كما هو المتبادر من المعاينة.
قوله: (المشترط) أي وأما إن كان الرهن متطوعا به بعد العقد وباعه الراهن قبل أن يقبضه المرتهن مضى
بيعه وهل يكون ثمنه رهنا أو يكون للراهن ولا يكون رهنا فيه خلاف مخرج على الخلاف في بيع الهبة
قبل قبضها وبعد علم الموهوب له في مضي البيع ويكون الثمن للمعطي بالكسر أو للمعطي بالفتح كما
سيأتي وهذا كله إذا كان ارهن معينا فإن كان غير معين وكان مشترطا في عقد الدين وقبضه المرتهن
وباعه الراهن بعد قبضه مضى بيعه وللمرتهن منع الراهن من تسليمه للمشتري حتى يأتيه برهن بدله.
قوله: (وفي رده إن لم يفت الخ) حاصل هذا التأويل الثاني أن البيع يرد إذا لم يفت المبيع ويبقى ذلك
المبيع رهنا على حاله وإن فات المبيع فلا يرد البيع ويجعل الثمن رهنا والتأويل الأول لابن أبي زيد
والثاني لابن القصار. واعلم أن محل الخلاف في بيع الراهن الرهن المعين المشترط في عقد البيع أو القرض
كما قال الشارح والحال أن الراهن البائع سلم الرهن المبيع للمشتري فإن لم يسلمه له كان للمرتهن أن
يمنع الراهن من تسليمه، ولو أتاه برهن بدله لأن العقد وقع على رهن معين فلا بد من تسليمه للمرتهن
بعينه فإن خالف الراهن وسلمه للمشتري كان للمرتهن فسخ العقد الأصلي المشترط فيه الرهن.
قوله: (وبعده) حاصله أنه إذا باعه بعده فإما أن يبيعه بأقل من الدين أو بأكثر منه أو بمساو له وفي
كل إما أن يكون الدين عينا مطلقا أو عرضا من بيع أو من قرض، فإن باعه بأقل من الدين ولم
يكمل له ما نقص من الدين خير المرتهن بين أن يرد البيع ويرجع الرهن لما كان عليه من الرهنية
أو يجيزه ويأخذ الثمن ويطالب ببقية دينه سواء كان الدين عرضا من بيع أو من قرض أو كان
عينا مطلقا، وإن كمله له أخذه ولا كلام له فإن باعه بمساو أو أكثر فإن كان الدين عينا مطلقا
أو عرضا من قرض فلا كلام للمرتهن بل البيع لازم ويعجل الدين وإن كان عرضا من بيع خير
المرتهن في رد البيع وإمضائه فإن رد بيعه رجع رهنا وإن أمضاه عجل الدين فالخيار في خمس صور
ولزوم البيع في أربعة. قوله: (أو عرض من قرض) أي أو من بيع. قوله: (وإن أجاز المرتهن البيع)
أي في الصور الخمس التي يخير فيها بين الإجازة والرد وأولى في التعجيل الصور الأربع التي يكون
البيع فيها لازما ولا خيار له. قوله: (وبقي إن دبره) أي بقي على حكم الرهنية للأجل فإن دفع
سيده الدين فالامر ظاهر وإلا بيع فيه وظاهره سواء كان السيد حين التدبير موسرا أو معسرا وهو
كذلك كان التدبير بعد قبض المرتهن له أو قبله، كما قال الشارح، وهو ظاهر المدونة لكن قال أبو الحسن
أن كلام المدونة محمول على ما إذا دبره بعد القبض وأما لو دبره قبله فلا يبقى على حكم الرهنية بل

248
يفوت بتدبيره لحصول التقصير بعدم قبضه ا ه‍. واعتمد بعضهم هذا التقييد وعليه فانظر هل يبقى
الدين بلا رهن كمسألة العارية المطلقة أو يكون التدبير كالكتابة والعتق فيفصل بين كون السيد موسرا
أو معسرا، قاله شيخنا، ولكن الظاهر أن يقال إن فرط المرتهن في القبض حتى دبره لم يكن رهنا وإن
لم يفرط كان رهنا تأمل. إن قلت: قد تقدم أن رهن المدبر جاز ابتداء وحينئذ فلا يتوهم بطلان
الرهن بطرو تدبيره فلا فائدة في النص على هذا قلت: إنما يجوز ورهن المدبر ابتداء إذا دخلا على أنه إنما
يباع بعد موت سيده ولا مال له يستوفي منه الدين وأما إذا كان على أن يباع إذا حل الاجل فهذا ممنوع
بخلاف طرو التدبير فإنه لا يمنع من بيعه إذا حل أجل الدين ولم يدفعه سيده لربه. قوله: (ومضى الخ)
أي ولو كان العتق أو الكتابة قبل قبض المرتهن له. قوله: (إن كان مما يعجل) أي بأن كان عينا من بيع
أو من قرض أو كان عرضا من قرض وأما إن كان لا يعجل كالعرض من بيع فإن رضي المرتهن
بتعجيله فكذلك يعجل وإلا بقي رهنا على حاله وقيل تبقى قيمته رهنا وقيل يأتي سيده برهن مماثل له.
قوله: (بل وتجوز ابتداء) فيه نظر والذي في قول التوضيح على قول ابن الحاجب فإن أعتقه أو كاتبه
أو دبره قبل القبض أو بعده فكالبيع إلى آخر ما نصه لا يريد أنه لا يجوز له ذلك ابتداء لان ذلك لا يجوز
كما نص عليه في المدونة وغيرها وإنما مراده أنه إن فعل ذلك مضي ونحو في ح ا ه‍ بن. قوله: (ولا
يلزمه) أي المرتهن. قوله: (وإلا بيع من العبد) أي وإن لم يحصل له يسار في الاجل بيع من العبد
بمقدار ما يفي بالدين أي فإن كان لا يفي بالدين إلا ثمن كل العبد بيع كله لكن لا يباع إلا إذا حل الاجل
لعله أن يحدث فيه يسار وإن كان يفي بالدين ثمن بعض العبد بيع بعضه وكان الباقي حرا، وهذا
في العتق، وأما في الكتابة فإنه يباع كله إذا حل الاجل ولو وجد من يشتري بعضه ففي التوضيح
عن أشهب أن بيع البعض خاص بالعتق إذ لا يعهد التبعيض في الكتابة وحينئذ إذا حل الاجل
في الكتابة بيع كله ولو وجد من يشتري بعضه والباقي من ثمنه عن الدين للراهن.
قوله: (ومنع الخ) يعني أن السيد إذا رهن أمة عبده وحدها أو رهنهما معا فإن العبد يمنع من وطئها كان مأذونا
له في التجارة أولا لان رهنها وحدها أو معه يشبه الانتزاع من السيد لها لأنه عرض كل واحد
من العبد والأمة للبيع وقد يباعان مجتمعين فيحل له وطؤها بعد البيع أو منفردين فلا يحل له وطؤها
فلما احتمل الامر حل الوطئ وعدمه صار ذلك التعريض شبيها بانتزاعها منه فإن تعدى ووطئها فإنه
لا يحد وقلنا يشبه الانتزاع لأنه ليس انتزاعا حقيقيا لان المشهور أنه إذا أفتكها السيد من الرهن
فللعبد أن يطأها بالملك السابق على الرهن ولو كان انتزاعا حقيقيا لافتقر لتمليك ثان. قوله: (المرهون
هو معها) صفة لامة ولما جرت الصفة على غير من هي له أبرز الضمير ولا يصح جعله صفة لعبد لما يلزم عليه
من الفصل بين الصفة والموصوف كذا قيل ورد بأن محل المنع إذا كان الفاصل أجنبيا من العامل
وهنا ليس كذلك فالحق أنه يجوز رفعه على أنه صفة للعبد وحينئذ فالابراز جائز لا واجب لجريان
الصفة على من هل له فهو مثل زيد هند ضاربته هي. قوله: (وأولى الخ) وجه الأولوية عدم اجتماع العبد
معها في الرهنية. قوله: (كزوجته) أي كما يجوز له وطئ زوجته ولو مملوكة للسيد ومرهونة مع زوجها
العبد لان الرهن لا يبطل النكاح والسيد ليس له انتزاع الزوجة فلا يمنع من وطئها كما لو باعها السيد.
قوله: (إذ لا شبهة له فيها) أي فلذا كان وطؤه لها زنا محضا فيحد ولو ادعى الجهل والولد الناشئ من
وطئه رقيق للراهن ويكون ذلك الولد مع أمه وما نقصها رهنا في الدين ولا يلحق

249
بالمرتهن ولو اشتراهما المرتهن لم يعتق عليه ولدها لأنه لم يثبت نسبه منه لكن لو كان الولد أنثى لحرمت
عليه كما في المدونة عن ابن القاسم ولعله راعى في منع وطئها الزنا بالأم لأنه يحرم على أحد قولي مالك قوله
الباجي وعلى ذلك مشى المصنف فيما تقدم حيث قال وحرم أصوله وفصوله ولو خلقت من مائه. قوله: (وعليه
ما نقصها) أي بوطئه سواء كانت بكرا أو ثيبا إن أكرهها أو طاوعته وهي بكر أما لو طاوعته
وهي ثيب لم يلزمه ما نقصها ما لم تكن صغيرة تخدع وإلا فطوعها كالاكراه. قوله: (إن حملت) أي من
وطئ المرتهن المأذون له في وطئها. قوله: (وهذا) أي عدم الحد إذا أذن له الراهن في وطئها محله إذا كانت
غير متزوجة وألا حد ولا يسقط عنه الحد بإذن السيد له في الوطئ. قوله: (وتقوم الموطوأة بإذن بلا
ولد الخ) أي تقوم على المرتهن يوم الوطئ من غير حمل أي على أنها غير حامل سواء كانت حاملا أم لا
لأجل أن يغرم قيمتها للراهن، وقوله وتقوم الخ مستأنف أو معطوف على مقدر أي فإن أذن فلا حد
وتقوم الخ فقوله وتقوم الخ قاصر على الثانية لا للاثنين لان قوله بلا ولد يبعد رجوعه للأولى لأنها في
الأولى تقوم بولدها لأجل أن يعرف نقصها وترجع لمالكها مع ولدها. وأما في الثانية فتقوم وحدها
لأجل أن تلزم للواطئ بالقيمة فقوله وقومت أي لأجل أن تلزم له بالقيمة لا ليعرف نقصها وترجع
لمالكها. قوله: (لان حملها انعقد على الحرية) أي للحوقه بالمرتهن وقوله: فلا قيمة له أي فلا ثمن له يدفع
للراهن. قوله: (فتقوم بولدها وتقوم ليعرف نقصها) فإذا وطئها وولدت وكان الوطئ ينقصها عشرة
قوم الولد فإن كانت قيمته عشرة جبر النقص به، وإن كانت قيمته أقل رجع على الواطئ بالباقي، وإن
زادت قيمته فلا يرجع المرتهن بزيادة على سيدها وقوله وترجع مع ولدها لمالكها أي بعد وفاء الدين.
قوله: (ولا ترجع للراهن) أي وإنما ترجع للمرتهن لأنها صارت أم ولد له. قوله: (وللأمين بيعه في الدين)
أي سواء كان دين قرض أو بيع. قوله: (بإذن) أي إذا أذن له الراهن في بيعه. قوله: (واقع في عقد
الرهن) أي في وقت عقده. قوله: (لأنه) أي الاذن محض توكيل أي توكيل محض سالم عن توهم الاكراه
فيه. قوله: (وأولى بعده) وجه الأولوية أنه ربما يتوهم أن الاذن الواقع في العقد كالاكراه على الاذن
لضرورته فيما عليه من الحق فإذنه كلا إذن. قوله: (إن لم يقل الخ) أي فإن قاله فلا يستقل الأمين بالبيع
حينئذ بل لا بد من إذن الحاكم لما يحتاج إليه من إثبات الغيبة وغيرها. قوله: (كالمرتهن بعده) أي وأما
أذن الراهن للمرتهن في البيع في حال العقد قولان الجواز أي جواز استقلاله بالبيع لابن رشد وابن
زرقون والمنع لبعض الموثقين قال لأنه هدية مديان. ولما ذكر ابن عرفة القولين في الاذن للمرتهن في أصل
العقد قال بعد ذلك وسوى اللخمي بين شرط توكيل المرتهن والعدل وهو نص المدونة ا ه‍. لكن المصنف
قد مشى على ما قاله بعض الموثقين من منع استقلال المرتهن بالبيع في تلك الحالة أطلق أو قيد. قوله: (وإلا
بأن قال الخ) الأوضح وإلا بأن قيد للأمين في العقد أو بعده أو قيد أو أطلق للمرتهن في العقد أو
قيد له بعد العقد لم يجز بيعه في الصور الخمس بغير إذن الحاكم، والحاصل أن الراهن إما أن يأذن ببيع
الرهن للأمين أو للمرتهن في نفس العقد أو بعده وفي كل إما أن يطلق أو يقيد فالصور ثمانية، فإن وقع
منه الاذن للأمين في العقد أو بعده وأطلق جاز له البيع بلا إذن وإن قيد فلا بد من الرفع، وإن وقع
الاذن للمرتهن بعد العقد وأطلق فله البيع بلا إذن وإن قيد فلا بد من الرفع وإن وقع الاذن منه له في
حالة العقد فلا بد من الرفع قيد أو أطلق على ما قاله المصنف تبعا لبعض الموثقين. قوله: (مطلقا) أي سواء
قال إن لم آت بالدين في وقت كذا أو لم يقل. قوله: (فبحضرة الخ) أي فيبيعه من أذن له في بيعه
سواء كان أمينا أو مرتهنا بحضرة الخ. قوله: (ولم يخش فساده) أي لو بقي. قوله: (وإلا جاز

250
مطلقا) أي تيسر الرفع له أو لا. واعلم أن محل المضي إذا أصاب وجه البيع أما لو باع بأقل من القيمة كان
لربه أخذه من المشتري وإن تداولته الاملاك فله أخذه بأي ثمن شاء كالشفيع كما قاله شيخنا العدوي.
قوله: (أي لا يعزله واحد منهما) أي لا يجوز ذلك ولو إلى بدل أوثق منه كما لا يجوز أن يعز له أحدهما
كذلك ليس له أن يعزل نفسه سواء كان موكلا على حوز الرهن أو على بيعه على ما ظهر كما في عبق.
قوله: (واحد منهما) أي الراهن والمرتهن. قوله: (وليس له إيصاء به) أي ليس له إيصاء بوضعه عند أمين غيره
إذا أراد سفرا أو حضرته الوفاة فإن أوصى بذلك لم تنفذ وصيته، ولو قال المصنف ولا ينفذ الايصاء به
كان أحسن لأنه لا يلزم من عدم جواز الايصاء به عدم نفوذه ا ه‍ خش. وقوله وليس له إيصاء به
أي كما أن القاضي ليس له الايصاء بالقضاء فالقاضي مثل الأمين في ذلك ومثلهما الوكيل ولو مفوضا
إليه ومقدم القاضي المقام على أيتام بخلاف الخليفة والوصي والمجبر وإمام الصلاة المقام من طرف
السلطان وناظر الوقف فلكل واحد أن يوصي بمنصبه ويستحلف عليه والمراد الناظر الذي جعل له
الواقف الايصاء به وإلا فهو كالقاضي كما في عبق. قوله: (إن امتنع الراهن من بيعه) أي والحال أنه
لم يأذن للأمير ولا للمرتهن في بيعه على ما مر. قوله: (ولا يهدد) أي لا يخوف بما ذكر من الحبس
والضرب. قوله: (وكذا يباع) أي يبيعه الحاكم وقوله إذا غاب الراهن أي أو مات. قوله: (والرهن) أي
وثبوت أن الرهن ملك له أو استعارة أي وبعد حلف المرتهن يمين الاستظهار، ففي ح عن ابن رشد
أن الذي جرى به العمل أن القاضي لا يحكم للمرتهن ببيع الرهن إذا غاب الراهن أو مات حتى يثبت
عنده الدين وملك الرهن له وتحليفه مع ذلك أنه ما وهبه دينه ولا قبضه ولا أحال به وأنه باق عليه إلى
حين قيامه. قوله: (ولو كان غيره) أي غير الرهن أولى بالبيع أي لوفاء الدين وذلك لتعلق حق المرتهن
بعينه وهذا ما استظهره ابن عرفة مخالفا لابن يونس في قوله ينظر الحاكم في الأولى بالبيع الرهن أو غيره
فيبيع ما هو الأولى لكن في كلام ابن رشد ما يقتضي ذلك ونصه الرهن لا يباع على الراهن إذا امتنع
من بيعه أو غاب ولم يوجد له ما يقضي منه دينه فيحتاج إلى البحث عن ذلك وعن قرب غيبته من
بعدها ولا يفعل ذلك إلا القاضي فأشبه حكمه على الغائب ا ه‍ فقوله ولم يوجد له ما يقضي منه دينه ربما
اقتضى أنه لو وجد له شئ يقضي منه دينه غير الرهن نظر الحاكم فيوافق ما لابن يونس انظر بن.
قوله: (ورجع مرتهنه بنفقته. في الذمة) ابن عاشر أي التي شأنها الوجوب على المالك لو لم يكن المملوك رهنا
بدليل ما يأتي في قوله وإن أنفق مرتهن على كشجر خيف الخ وقال في قوله وإن أنفق علي كشجر
أي مما يتوقف سلامته على النفقة ولا يلزم مالكه لو لم يكن رهنا نفقته وبعد اللزوم فارقت هذه قوله
ورجع مرتهنه بنفقته في الذمة، قال طفي وهذا الحمل صواب ولعله أخذه من ابن عرفة فيؤخذ من
التقرير المذكور أن العقار كالشجر لا كالحيوان لان نفقته غير واجبة، واختار الشيخ المسناوي
ما أفاده شارحنا من أن العقار كالحيوان لأنه لما رهنه وهو عالم بافتقاره للاصلاح فكأنه أمره بالنفقة
فيرجع بها في ذمته قال وهذا هو الفرق بين ما هنا وبين الأشجار انتهى بن. قوله: (ولو لم يأذن) مبالغة في
قوله في الذمة ورد بلو قول أشهب أن نفقته على الرهن إذا لم يأذن له فيها تكون في الرهن مبدأ بها
في ثمنه. قوله: (لأنه قام عنه بواجب) أما في الحيوان فظاهر وأما في العقار فلتعلق حق المرتهن به فاندفع
ما يقال أن التعليل بقوله لأنه قام عنه بواجب يقتضي قصر الرهن على الحيوان دون العقار لان
الانسان يجب عليه الانفاق على دابته وعلى رقيقه فإن امتنع أجبر على بيعهما ولا يجب عليه
إصلاح عقاره وحينئذ فالأولى للشارح الاقتصار على الحيوان وأما العقار فهو داخل في
قوله الآتي وإن أنفق علي كشجر. وحاصل الجواب أن محل كون العقار لا يجب على صاحبه

251
إصلاحه ما لم يتعلق به حق لغيره كما هنا. قوله: (رهنا به) أي بسببه أو فيه وعلى هذا فالمراد بالانفاق النفقة
أي الشئ المنفق أي وليس الرهن رهنا في النفقة بل بمجرد وفاء الدين انحل الرهن من الرهينة ويكون
المرتهن أسوة الغرماء فيه، واعترض على المصنف بأن الأولى حذف قوله وليس رهنا به لأنه مستفاد
من قوله في الذمة فلا داعي لذكره ورد بأن كونه في الذمة لا ينافي كونه رهنا فيه ألا ترى أن الديون في
الذمة ومع ذلك يرهن فيها وحينئذ فذكر قوله وليس رهنا فيه مضطر لذكره. والحاصل أن فائدة كون
النفقة في الذمة أنه إذا زادت على قيمة الرهن فإنه يتبعه بذلك في ذمته وهذا صادق بكون الرهن رهنه
فيها أو لا فأفاد أنه ليس رهنا فيها بقوله وليس رهنا به. قوله: (فإنه يرجع بها) أي بالنفقة في عين الشئ
الملتقط وقوله ويكون أي المنفق مقدما الخ فإن زادت النفقة على قيمة الضالة فلا يرجع بتلك الزيادة
على ربها وضاعت على المنفق، والفرق بين الضالة والرهن إذا كان حيوانا حيث كانت النفقة عليها
في عينها والنفقة على الرهن في الذمة أن الضالة لا يعرف صاحبها حين الانفاق عليها ولا بد لها من النفقة
عليها فلذا رجع بالنفقة في عين ما أنفق عليه، وأما الرهن فإن صاحبه معروف حين الانفاق عليه فلو شاء
طالبه بالانفاق عليه فإن امتنع أو غاب رفع للحاكم. قوله: (بأن قال) أي الراهن للمرتهن أنفق عليه أي على
الرهن. قوله: (أو لا) أي أو لا يكون الراهن رهنا فيها لأن هذه الصيغة ليست صريحة في أن الرهن رهن
فيها لاحتمال أن المراد أنفق على أن نفقتك بسبب الرهن أو واقعة في مقابلة الرهن فالرهن رهن
فيها على الاحتمال الثاني دون الأول. قوله: (وهل الخ) أي وهل يكون رهنا فيها وإن قال الراهن للمرتهن
أنفق ونفقتك في الرهن أي أو لا يكون رهنا فيها في هذه الحالة تأويلان الأول لابن يونس وجماعة
والثاني لابن رشد وابن شبلون. قوله: (وأجيب بأنه إن سلم ذلك) أي إن سلم أن محل التأويلين
إذا قال على أن نفقتك في الرهن لا في الواو. وحاصل هذا الجواب أنا لا أسلم أن محل التأويلين إذا
قال على أن نفقتك في الرهن، فإن كلام ابن يونس صاحب التأويل الأول يفيد أن الرهن رهن
في النفقة سواء قال على أن نفقتك في الرهن أو قال ونفقتك في الرهن، وكلام ابن رشد يفيد أن
النفقة في الذمة سواء قال على أن نفقتك في الرهن أو قال ونفقتك في الراهن سلمنا أن التأويلين إنما
وقعا في علي أن نفقتك الخ لا في الواو لكن المصنف رأى أنه لا فرق بين على والواو. والحاصل أن
أحوال الانفاق ثلاثة: الأول: أن يقول الراهن للمرتهن أنفق على الرهن فقط ولا يزيد وفي هذه
الحالة النفقة في الذمة فقط. والثاني: أن يقول أنفق عليه وهو رهن في النفقة فالرهن في هذه الحالة
رهن في النفقة اتفاقا. الثالث: أن يقول أنفق على أن نفقتك في الرهن وهو محل التأويلين ومثلها
عند المصنف ما إذا قال أنفق ونفقتك في الرهن خلافا لمن قال أنه رهن في النفقة في هذه الحالة
اتفاقا. قوله: (فالمصنف رأى أنه لا فرق بين علي والواو) أي رأى أنه لا فرق بين الصيغة التي فيها على
والصيغة التي فيها الواو وقوله وهو ظاهر أي وعدم الفرق بينهما ظاهر أي وحينئذ فتقاس الصيغة التي
فيها الواو على التي فيها على في جريان التأويلين ووجه ظهور عدم الفرق إن أنفق ونفقتك في الرهن
يحتمل أن المعنى أنفق ونفقتك واقعة في مقابلة الرهن ويحتمل أن المعنى أنفق ونفقتك بسبب الرهن
أي أنه الحامل لك على الانفاق فهي محتملة للاحتمالين كالمقيس عليه. قوله: (خلافا لمن ادعى الفرق) أي
فقال إن أنفق على أن نفقتك في الرهن قريب من التصريح بأنه رهن في النفقة بخلاق أنفق ونفقتك
في الرهن فإنه بعيد من التصريح بأنه رهن فيها لان المتبادر منه أن النفقة بسبب الرهن وحينئذ فلا يتم
القياس. قوله: (على أن الخ) استدراك على ما يتوهم من تساوي التأويلين. قوله: (ففي افتقار الخ) اعلم أنه قد

252
وقع خلاف هل الرهن يحتاج للفظ مصرح به أو لا يحتاج لذلك، والأول قول ابن القاسم، والثاني
قول أشهب، فإذا دفع المدين لرب الدين سلعة ولم يزد على قوله أمسكها حتى أدفع لك حقك كانت تلك
السلعة رهنا عند أشهب لا عند ابن القاسم وعليهما يتفرع التأويلان السابقان في النفق إذا قال الراهن
للمرتهن أنفق ونفقتك في الرهن، فمن قال إن الرهن لا يكون رهنا في النفقة بل في الدين فقد راعى قول
ابن القاسم بافتقار الرهن للفظ مصرح به، ومن قال لا يكون الرهن رهنا في الدين والنفقة معا فقد راعى
قول أشهب بعدم افتقار الرهن للفظ مصرح به، والمصنف قد عكس في البناء لان التأويلين في النفقة
مفرعان في الواقع على هذا الخلاف لا العكس. وأجاب بعضهم بأني الفاء في قول المصنف ففي افتقار الخ
للتعليل لا للتفريع أي فيه تأويلان لان في افتقار الرهن للفظ مصرح به وعدم افتقاره لذلك قولين
فالتأويلان مفرعان على القولين ومن هذا تعلم أن قول الشارح وفرع على التأويلين الخ لا يظهر وتعلم
أن قول المصنف ثانيا تأويلان صوابه قولان ا ه‍ شيخنا عدوي. قوله: (في النفقة) أي في كون الرهن
رهنا في النفقة. قوله: (وعدم افتقاره) أي بناء على أن كون الرهن رهنا في النفقة لا يشترط فيه التصريح
يكون الرهن رهنا فيها. قوله: (من ماله) أي ولو كان قد تداينه ليوفيه. قوله: (خيف عليه) الظاهر أن المراد
بالخوف هنا الظن فما فوقه ومفهوم خيف عليه أنه إذا لم يخف عليه إذا ترك لا نبغي أنه لا شئ للمرتهن.
قوله: (ولم يأذن) أي وأنفق عليه مع علم الراهن فالشروط أربعة. قوله: (على الدين) متعلق بقوله
بدئ أي بدئ بالنفقة على الدين في ذلك الرهن فإن زادت النفقة على قيمته لم تتعلق بذمته إلا بإذنه.
قوله: (وكذلك العقار) أي لشبهه بالحيوان من حيث استعماله في نحو السكنى فتأمل. قوله: (بدئ به على دين
المرتهن) قال عبق معنى التبدئة بما أنفق أن ما أنفقه يكون في ثمن الزرع والثمرة وفي رقاب النخل فإن
ساوى ما ذكر للنفقة أخذها المرتهن وإن قصر ذلك عن نفقته لم يتبع الراهن بالزائد وضاع عليه وكان
أسوة الغرماء بدينه بخلاف المسألة السابقة المتعلق إنفاقه فيها بذمة الراهن فإن فضل شئ عن نفقته
بدئ بها في دينه فإن فضل شئ كان للراهن. قوله: (على الشجر أو الزرع) أي المرهونين وخيف
عليهما الفساد. قوله: (وهذا) أي قول المصنف وتؤولت الخ. قوله: (بالتطوع بعد العقد) أي فإذا كان
الرهن متطوعا به فلا يجبر الراهن على النفقة عليه والمرتهن مخير فإن أنفق كانت النفقة في الرهن لا في
الذمة وأما إن كان الرهن مشترطا في العقد فإن الراهن يجبر على الانفاق عليه فإن امتنع وأنفق المرتهن
عليه كانت نفقته في الذمة لا في الرهن. قوله: (وضمنه مرتهن) أي ضمن المرتهن مثله إن كان مثليا
وقيمته إن كان مقوما إن ادعى تلفه أو ضياعه أو رده وهل تعتبر القيمة يوم الضياع أو يوم الارتهان؟
قولان ووفق بعضهم بين القولين بأن الأول فيما إذا ظهر عنده يوم ادعى التلف والثاني فيما إذا لم يظهر
عنده من يوم قبضه حتى ضاع ا ه‍ بن نقلا عن المتيطية. قوله: (لا بيد أمين) أي وإلا كان الضمان من
الراهن. قوله: (من كل الخ) بيان لمحذوف أي ونحوها من كل الخ وذلك كالسفينة وقت جريها
رهنت وحدها أو مع آلتها وأما آلتها فهي مما يغاب عليه مطلقا رهنت وقت جرى السفينة أو راسية.

253
قوله: (لا حيوان وعقار) أي وسفينة واقفة في المرسى فإذا ادعى ضياع ذلك الذي لا يغاب عليه أو
تلفه أو رده فإنه يصدق ولا ضمان عليه ومحل تصديقه في دعوى الرد ما لم يكن قبضه ببينة للتوثق وإلا
فلا يصدق كما في ح. واعلم أن مثل الرهن في التفرقة بين ما يغاب عليه وما لا يغاب عليه باب العواري
وضمان الصناع والمبيع بخيار ونفقة المضمون إذا دفعت للحاضن والصداق إذا دفع للمرأة وحصل
فسخ أو طلاق قبل الدخول وما بيد الورثة إذا طرأ دين أو وارث آخر والمشتري من غاصب
ولم يعلم بغصبه والسلعة المحبوسة للثمن أو للاشهاد. قوله: (لأن الضمان الخ) علة لمحذوف أي فإن
شهدت بينة بتلفه أو هلاكه بغير سببه فلا ضمان عليه لأن الضمان هنا ضمان تهمة وهي تنتفي بإقامة البينة.
قوله: (والتهمة موجودة) أي ولان التهمة موجودة عند عدم البينة والأولى حذف هذا التعليل
والاقتصار على ما قبله لان هذا إنما يصلح علة لاشتراط عدم البينة لا لاشتراط عدم الضمان
فتأمل. قوله: (القائل بعدم الضامن عند الشرط) قال اللخمي ونحوه للمازري إنما يحسن خلاف
الشيخين في الرهن المشترط في عقد البيع والقرض، وأما في رهن متطوع به فلا يحسن الخلاف
لان تطوعه بالرهن معروف وإسقاط الضمان معروف ثان فهو إحسان على إحسان فلا وجه لعدم
اعتباره قال شيخنا العدوي وهذا التقييد معمول به. قوله: (أو علم الخ) هذا داخل في حيز المبالغة
على الضمان لاحتمال كذبه خلافا لمن قال أنه إذا علم احتراق محله المعتاد فإنه لا ضمان عليه ولو لم يأت
ببعضه فيه الحرق. قوله: (وادعى حرقه) أي وادعى أنه كان به وأنه حرق مع متاعه. قوله: (إلا ببقاء
بعضه محرقا) قيل الأولى غير محرق إذ البعض المحرق لا يبقى وإنما الذي يبقى البعض غير المحرق
وأجيب بأن المحرق يطلق على ما أذهبته النار بالكلية وعلى ما بقيت آثارها فيه ولم تذهبه بالكلية فأطلقه
المصنف أولا في قوله بكحرقه بالمعنى الأول وأطلقه ثانيا في قوله إلا ببقاء بعضه محرقا بالمعنى
الثاني على طريق شبه الاستخدام. واعلم أن الرهن إن كان متحدا كفى الاتيان ببعض منه محرقا وإن
كان متعددا فلا بد من الاتيان ببعض كل واحد من محرقا. قوله: (فلا ضمان) أي فلا يبرئه من
الضمان إلا مجموع شيئين الاتيان ببعضه محرقا وعلم احتراق محله وأما إن أتى ببعضه محرقا ولم يعلم
احتراق محله أو علم احتراق محله ولم يأت بعضه محرقا فالضمان ثابت على المرتهن، وزاد ابن المواز
قيدا ثالثا. وهو أن يعلم أن النار التي أحرقت المحل ليست من سببه فإن جهل كونها بسبه أولا فالضمان
عليه وهذا التقييد معتبر فلا وجه لاهمال المصنف له. قوله: (أي أفتى الامام الباجي) أي لما
احترقت أسواق طرطوشة وهو وجيه قال بن. وبذلك جرى العمل عندنا ونقل في التوضيح
مثل فتوى الباجي عن المازري ونصه وذكر المازري أنه نزل عندهم سنة ست وثمانين وأربعمائة
لما فتح الروم زويلة والمهدية ونهبوا الأموال وكثرت الخصومات مع المرتهنين والصناع وفي البلد
مشايخ من أهل العلم متوافرون فأفتى بعضهم بتكليف المرتهن والصناع البينة أن ما عنده قد أخذه
الروم وأفتيت بتصديقهم وكان القاضي حينئذ يعتمد فتواي فتوقف لكثرة من خالفني حتى شهد
عنده عدلان أن شيخ الجماعة السيوري أفتى بما أفتيت به ثم قدم علينا كتاب المنتقى فذكر

254
فيه في الاحتراق مثل ما أفتيت به وذكر كلام الباجي ا ه‍. قوله: (المعتاد وضعه فيه) أي والحال أنه لم
يأت ببعضه محرقا إذ هو محل الخلاف. قوله: (وفتوى الباجي ضعيفة) قد علمت أن بن قد اعتمد فتواه وأما
شيخنا في حاشية خش وغيره فقد ضعفوها وصححوا القول بالضمان وتبعهم في ذلك شارحنا. قوله: (وهو
مما لا يغاب عليه كدور وعبيد) أي والحال أنه لم يحصل من المرتهن تعد وإلا ضمن. ومن التعدي أن
يسافر بالرهن أو يبيع الدين فيسلم الرهن للمشتري من غير إذن ربه كما في ح. قوله: (أو علم احتراق المحل
الموضوع فيه الرهن فقط على ما للباجي) فيه أن إدخال هذا تحت إلا لا يناسب لان هذا هو قول المصنف قبله
وأفتى بعدمه فالأولى حذفه فتأمل. قوله: (ولو اشترط ثبوته) مبالغة في عدم الضمان لكن لا بد من حلفه أنه
تلف بلا دلسة متهما كان أو لا كما سيأتي ورد بلو على أشهب القائل إنه يعمل بالشرط. قوله: (إلا أن يكذبه
عدول) أي أن الرهن إذا كان مما لا يغاب عليه وادعى تلفه وكذبه العدول صريحا بأن قالوا إنه باعها ونحوه
أو ضمنا بأن قال جيرانه أو المصاحبون له في السفر لا نعلم موتها فإنه يضمنها ومفهوم يكذبه أنه لو صدقه العدول
كما لو قالوا أن هذا الرجل كانت معه دابة وماتت ولكن لا ندري هل هي دابة الرهن أو غيرها فإنه لا يضمن،
وأولى إذا قالوا إنها دابة الرهن لكن في الأولى لا بد من حلفه أنها هي دون الثانية ومفهوم عدول أنه
لو كذبه غيرهم لم يضمن لتطرق التهمة بكتمهم الشهادة له بموتها. قوله: (وكذا عدل وامرأتان) أي وكذا
يكفي في تضمينه تكذيب عدل وامرأتين، وقوله فيما يظهر أي لأنها دعوى مالية يكفي فيها العدل والمرأتان.
قوله: (في دعواه موت دابة) المراد دعواه تلف ما لا يضمنه فلا مفهوم لدابة ولا لموت وذلك بأن يكذبه
العدول في دعواه سرقة الدابة أو السفينة. قوله: (وحلف أنها الرهن) أي فإن نكل حبس وإن طال سجنه
دين وعلى كل حال لا ضمان عليه. قوله: (وحلف فيما يغاب عليه) أي حيث قلنا بضمان المرتهن فيما
يغاب عليه فلا بد من حلفه سواء كان متهما أو لا فإن حلف غرم القيمة أو المثل وإن نكل حبس فإن
طال سجنه دين وغرم المثل أو القيمة قاله شيخنا. والحاصل أنه إنما أمر بالحلف مع تضمينه مخافة أن
يكون أخفاه فإن حلف غرم القيمة فقط وإن نكل حبس فإن طال سجنه دين وغرم القيمة أو المثل
على ما تقدم. ثم إن القول بحلفه مطلقا قول ابن مزين قال عياض وحمل عليه بعض الشيوخ ظاهر المدونة
ومقابله يقول لا يمين على المرتهن إلا أن يدعي الراهن أنه علم بذلك وإلا حلف له المرتهن كذا في المواق
عن ابن عرفة. قوله: (وأولى الخ) أي لأنه إذا حلف فيما يضمنه فأولى فيما لا يضمنه إلا أنه فيما لا يغاب عليه
يحلف مخافة أن يكون أخفاه فإن نكل حبس فإن طال سجنه دين ولا غرم وما ذكره الشارح من
حلف المرتهن فيما لا يغاب عليه الذي لا يضمنه أحد أقوال ثلاثة وهي حلفه مطلقا متهما أو لا وعدم
حلفه مطلقا ثالثها يحلف المتهم دون غيره. قوله: (واستمر ضمانه إن قبض الدين) يعني أن الرهن إذا
كان مما يضمن بأن كان مما يغاب عليه فإن ضمانه من المرتهن ولو قبض دينه من الراهن أو وهبه له لان
الأصل بقاء ما كان على ما كان إلى أن يسلمه لربه ولا يكون ذلك الرهن عند المرتهن بعد براءة ذمة
الراهن كالوديعة. وقول المصنف أو وهب أي هبة يبرأ بها المدين الذي هو الراهن بأن وهب الدين له
هذا هو المراد وإلا ففي كلامه إجمال لأنه يصدق على هبته غير المدين مع أنه إذا وهب الدين لغير
المدين صار من عنده الرهن أمينا على الرهن لا مرتهنا وحينئذ فلا يضمن. قال ح وإذا وهب المرتهن
الدين للراهن ثم تلف الرهن فضمنه قيمته كان للمرتهن إبطال الهبة إذا حلف أنه إنما وهبه الدين
لأجل أن يبرئ ذمته من الرهن ويلزم الراهن غرم الدين ويتقاصان، فإن فضل عند أحدهما للآخر
شئ دفعه له قاله أشهب، وتردد ح فقال يحتمل أن ابن القاسم يقول بما لأشهب ويحتمل أن يخالف

255
فيقول بلزوم الهبة وإن ضمن المرتهن القيمة أو المثل قال شيخنا وما قاله أشهب أصل يخرج عليه
كل ما فعل لغرض فلم يتم. قوله: (بعد البراءة من الدين) أي بعد براءة الراهن منه بقبضه منه أو هبته له
ومفهوم قوله بعد البراءة أنه لو أحضره له قبلها فأعرض الراهن عنه فإنه لا يسقط ضمانه من المرتهن.
قوله: (فيقول اتركه عندك) أي أو أبقه عندك أو خله عندك أودعه عندك أو امسكه عندك. قوله: (فإذا لم
يقل في الثانية اتركه عندك فالضمان) أي بأن دعاه لاخذه من عنده فأعرض عنه ولم يجب وأما إذا
أحضره له ودعاه لاخذه فأعرض عنه ولم يقل اتركه عندك فلا ضمان فقول المصنف فيقول اتركه عندك
راجع للثانية ولا يحتاج لرجوعه للأولى لأنه حيث أحضره له كفى ذلك في اسقاط الضمان سواء
قال له اتركه عندك أو لا بأن أعرض عنه ولم يجبه. قوله: (بل متى قال بعد قضاء الدين في الثانية) لعل
الأولى حذف قوله في الثانية لأنه متى قال الراهن بعد براءته من الدين للمرتهن اتركه عندك فلا ضمان
عليه سواء كان المرتهن أحضره له أو دعاه لاخذه أو لم يحصل واحد منهما كما أنه إذا أحضره له
فأعرض عنه وتركه عنده ولم يقل اتركه عندك فإنه لا ضمان على المرتهن أيضا إذا تلف أو ضاع. قوله: (وإن
جنى الخ) يعني أن الرهن إذا حازه المرتهن ثم ادعى شخص على الراهن أن الرهن جنى جناية أو استهلك
مالا واعترف راهنه فقط بذلك فإن كان معدما وقت اعترافه ولو ببعض الدين لم يقبل قوله لأنه يتهم
على خلاصه من يد المرتهن ودفعه للمجني عليه نعم إن خلص من الدين تعلقت الجناية برقبته خير سيده
بين إسلامه وفدائه. قوله: (أي ادعى شخص على الراهن جناية الرهن) ظاهره أنه لا فرق بين أن يدعي
جنايته قبل الارتهان أو بعده وهو كذلك لان الفرض أن الراهن المقر بالجناية معدم والمرتهن حائزه
فيهما وإنما يفترقان إذا كان ميا كما يأتي. قوله: (واعترف راهنه بالجناية) أي فقط دون المرتهن والحال
أن تلك الجناية لم تثبت بالبينة. قوله: (حال اعترافه) أي ولو كان في آخر الاجل. قوله: (وأما بالنسبة
للراهن) الأوضح وأما بالنسبة له في نفسه. قوله: (فإن بيع في الدين تبع المجني عليه الراهن) أي في ذمته.
قوله: (بل إما هدر) أي إن لم يكن سائق ولا راكب ولا قائد. قوله: (بل كان مليا) أي من حين
الاعتراف بالجناية للأجل. قوله: (بقي الرهن على رهنيته) أي للأجل ثم بعد ذلك إما أن يفكه سيده
بدفع الدين وإما أن يتراضوا على بيعه وإما أن يتراضوا على بقاء الدين أجلا ثانيا بذلك الرهن أو
برهن بدله فإذا حل الاجل الثاني فكذلك. قوله: (وإلا أسلم بعد الاجل ودفع الدين) أي وإن لم
يفده بقي ذلك الجاني رهنا للأجل فإذا جاء الاجل أجبر على وفاء الدين وإسلام ذلك الجاني للمجني عليه
ابن عرفة انظر لو أبى من فدائه أو لا وهو ملي ثم أراده حين جاء الاجل ونازعه المجني عليه فالأظهر
أنه ليس له ذلك لأنه لو مات كان من المجني عليه وسبق إليه أبو الحسن ا ه‍ بن. قوله: (وقد علم من هذا)
أي التقرير الذي قلناه. قوله: (في المسألتين) أي مسألة الفداء ومسألة عدم الفداء. قوله: (يبقى ساقطا) أي
يبقى رهنا حالة كونه ساقطا حق المجني عليه منه وقوله يبقى معه أي يبقى رهنا مصاحبا له تعلق حق
المجني عليه ومحل قوله وإلا بقي إن فداه إذا اعترف الراهن الملي أنه جنى بعد الرهن، وأما إن اعترف بعد
الرهن أنه جنى قبله ثم رهنه بقي أيضا رهنا إن فداه فإن أبى من فدائه حلف أنه لم يرض بتحمل أرش
الجناية وأجبر على إسلامه مع تعجيل الحق إن كان مما يعجل، فإن كان مما لا يعجل بأن كان عرضا من بيع

256
ولم يرض من هوله بتعجيله ألغى إقراره على المرتهن كما لو كان معسرا في المسألة السابقة ويخير المجني
عليه بين تغريم الراهن قيمته يوم رهنه لتعديه وبين صبره حتى يحل الاجل ويباع ويتبعه بثمنه وهذا
ما لم يكن الأرش أقل وإلا غرمه. قوله: (وإن ثبتت الجناية بعد الرهن) أي وإن ثبتت الجناية ببينة
حالة كونها بعد الرهنية وأشار الشارح بهذا إلى أن محل كلام المصنف إذا جنى بعد رهنه، أما إذا جنى
قبله ففيه تفصيل آخر وحاصله أنه إن ثبتت ببينة وفداه الراهن بقي رهنا على حاله وإن أراد إسلامه
أتى برهن ثقة كالأول لأنه أغر المرتهن وإن اعترفا فإن فداه الراهن بقي رهنا وإن أسلمه فينبغي
أن يبقى الدين بلا رهن. قوله: (فإن فداه الراهن) حاصله أن الجناية بعد الرهنية إذا ثبتت ببينة أو اعتراف
من المتراهنين فقد تعلق بالجاني ثلاث حقوق حق السيد وحق المرتهن وحق المجني عليه فيخير الراهن أولا لأنه
المالك لذاته في دفع فدائه ودفع أرش الجناية وإسلامه للمجني عليه فإن فداه بقي رهنا على حاله، وإن أراد
إسلامه خير المرتهن لتقدم حقه على المجني عليه في فدائه وإسلامه، فإن أسلمه كالراهن بقي الدين بلا
رهن، وإذا اختار فداءه فإما أن يفديه بغير إذن الراهن أو بإذنه، فإن فداه بغير إذنه كان الفداء في رقبته
ويبقى رهنا على حاله، وإن فداه بإذنه كان الفداء دينا في ذمة الراهن والعبد رهنا في الدين وقد ذكر
المصنف كل ذلك إلا فداه الراهن له فإنه تركه للاستغناء عنه بما سبق من التصريح بالفداء لان الحكم
هنا مساو لذلك. قوله: (بماله) أي مع ماله قل أو أكثر. قوله: (وإن فداه المرتهن) أي من مال نفسه لا من
مال العبد قال ابن يونس ليس للمرتهن أن يؤدي أرش الجناية من مال العبد ويبقى رهنا إلا أن يشاء
سيده زاد عبد الحق في النكت وسواء كان مال العبد مشترطا دخوله في الرهن أم لا، لان المال إذا قبضه
أهل الجناية قد يستحق منهم فيتعلق بالسيد غرم مثله لان رضاه بدفعه إليهم كدفعه ذلك من ماله، وأما
إذا أراد الراهن فداء العبد من ماله وأبى المرتهن فلا كلام للمرتهن والقول للرهن سواء كان المال
مشترطا دخوله في الرهن أم لا. قوله: (ولم يبع) أي جبرا على الراهن كما في خش. قوله: (سواء كان
فداؤه في الرقبة فقط) أي لكونه رهنا بغير ماله وقوله أو فيها وفي المال أي إذا كان رهنا بماله. قوله: (وهو)
أي العبد الرهن إنما يباع. قوله: (أي بإذن الراهن) أي الذي أراد إسلامه. قوله: (فليس الرهن) أي
فليس العبد المرهون ولا ماله. قوله: (بل هو سلف في ذمة الراهن) أي إلا أن ينص على كون العبد رهنا
في الفداء. قوله: (وهذا ضعيف) هو قول أشهب ومحمد وقوله والمعتمد الخ هو قول ابن القاسم عن مالك
المتيطي وقد خالف كل من ابن القاسم وأشهب قوله فيمن أمر أن يشتري له سلعة ينقذ ثمنها عنه فقد
قال ابن القاسم لا تكون بيد المأمور رهنا فيما دفع لافتقار الرهن للفظ مصرح به وقال أشهب هي رهن
فيه لعدم افتقاره للفظ مصرح به ابن عرفة، وقد يجاب لابن القاسم بأن الدافع في الجناية مرتهن فانسحب
عليه حكم وصفه ولأشهب بتقدم اختصاص الراهن بمال العبد قبل جنايته فاستصحب وعدم تقدم
اختصاص الآمر بالسلعة قبل الشراء. قوله: (ففداؤه في رقبته الخ) أي إن لم يرهن بماله وإلا ففي رقبته
وماله. قوله: (والمعتمد أنه) أي الرهن يكون رهنا به أي فيه أي في الفداء كما أنه رهن في الدين.
والحاصل أن الراجح أن الفداء في رقبة العبد فقط إن رهن بغير ماله وإلا كان في رقبته وماله سواء فداه
المرتهن من ماله بإذن الراهن أو بغير إذنه. قوله: (وإن قضى) أي الراهن بعض الدين وقوله أو سقط
البعض أي أو سقط بعض الدين عن الراهن بهبة أو صدقة عليه من المرتهن. قوله: (ولو تعدد) أي هذا إذا اتحد
كعبد ودار بل ولو تعدد كثياب. قوله: (لان كل جزء منه) أي من الرهن ولو قال لان جميع الرهن رهن
في كل جزء من أجزاء الدين كان أوضح. قوله: (قد تحول عليه الأسواق) أي فيرخص الرهن ولا يفي

257
بما بقي من الدين إلا الرهن بتمامه. قوله: (فليس للراهن أخذ شئ منه) مفرع على قول المصنف
فجميع الرهن فيما بقي. واعلم أن كلام المصنف فيما إذا كان كل من الراهن والمرتهن متحدا وأما إن
تعدد أو أحدهما فإنه يقضي لمن وفى حصته من الدين بأخذ حصته من الرهن ومثال تعدد كل منهما
كرجلين رهنا دارا لهما من رجلين، فإذا قضى أحدهما حصته من الدين كان له أخذ حصته من الدار،
وإذا تعدد المرتهن واتحد الراهن كما لو رهن زيد عمرا وبكرا رهنا ووفى أحدهما حقه كان له أخذ حصته
من الرهن إذا كان الرهن ينقسم وإلا كانت تلك الحصة أمانة عند المرتهن الثاني أو يجعل الرهن كله تحت
يد أمين ولا يمكن الراهن منه لئلا يبطل حوز رهن الثاني، وإذا اتحد المرتهن وتعدد الراهن كما لو رهن
زيد وعمرو دارا يملكانها من بكر فكل من قضى دينه مكن من حصته ولا يحتاج في هذه لأمين.
قوله: (كاستحقاق بعضه) سواء كان ذلك الاستحقاق بعد قبضه أو قبله بخلاف استحقاق الكل فإنه يفصل
فيه بين كونه قبل القبض أو بعده كما قال الشارح. قوله: (عكس ما قبله) أي لان ما قبلها جميع الرهن رهن
في بعض الدين وهذه بعض الرهن رهن في جميع الدين. قوله: (وإلا بيع جميعه) أي وإلا يمكن قسمه
بيع جميعه وجعل ثمن حصة الراهن رهنا إن لم يأت برهن آخر. قوله: (كغيره من المشتركات) أي كما
لو كان حيوان بين شخصين فرهن أحدهما حصته دون الآخر وطلب الآخر بيع حصته ولم يوجد
مشتر للحصة أو كان بيعه وحدها ينقص من ثمنها فإن الحيوان يباع بتمامه ويجعل ثمن حصة الراهن
رهنا. قوله: (كبعد القبض) أي كما يخير المرتهن بين فسخ البيع وإمضائه إذا استحق الرهن المعين
بعد قبضه إن كان الراهن قد غره وإلا يغره بقي الدين بلا رهن. قوله: (بعد قبضه) أي واستحق بعد
قبضه. قوله: (جبر) أي الراهن على الاتيان برهن بدله وقوله ولا يتصور استحقاقه أي غير المعين.
قوله: (والقول لمدعي نفي الرهنية) الحق في تصوير هذه المسألة ما صور به ح وهو الذي في
المواق عن المدونة وهو أنهما تنازعا في سلعة معينة وعند صاحبها دين لمن هي عنده هل هي
رهن أو وديعة مع اتفاقهما على ثبوت الدين ومدعي نفي الرهنية هو رب السلعة غالبا وقد يدعي
نفيها من بيده ويدعي الايداع لأجل أن يسقط الضمان عن نفسه فيما يضمنه المرتهن، وأما تصوير عبق
لهذه المسألة فهو غير صواب انظر بن، ولذا صورها شارحنا بما صور به ح فقوله بأن قال واضع اليد
على شئ أي معلوم لغيره وعليه دين لربه. قوله: (اعتبار قيمته) أي سواء كان قائما أو فائتا. قوله: (كالشاهد
في قدر الدين) أي الذي رهن فيه لان المرتهن إنما أخذه وثيقة بحقه ولا يتوثق إلا بمقدار دينه
فأكثر قال ح وسواء أنكر الزائد بالكلية أو أقر به وادعى أن الرهن في دونه فإذا أقر
الراهن أن الدين مائة دينار وأن الرهن في خمسين منها والمرتهن يقول أنه رهن في المائة
وقيمته خمسون فالقول قول الراهن بيمين فيدفع الخمسين ويأخذ الرهن وتبقى الخمسون الثانية
بلا رهن وليس القول قول المرتهن إنه رهن في المائة، وإذا قال الراهن الدين المرهون فيه دينار وقال
المرتهن دينار إن صدق من شهد له الرهن بيمينه فإن كانت قيمته دينارا صدق الراهن أو دينارين
صدق المرتهن وانظر لو قال للمرتهن أو للراهن شاهد واحد بقدر الدين هل يضم للرهن ويسقط
اليمين عنه أو لا ولا بد من اليمين مع الشاهد. ونقل بعضهم عن المتيطي أنه لا يضم له وأنه لا بد
من اليمين لان الرهن ليس شاهدا حقيقيا وهو ظاهر ا ه‍ بن. قوله: (لا العكس) عطف على المبتدأ
أي لا يكون الدين كالشاهد في قدر الرهن سواء كان الرهن قائما أو فائتا فإذا دفع له ثوبين وتنازعا في
أن كليهما رهن أو أحدهما وديعة فالقول للمرتهن ولا يكون الدين شاهدا في قدر الرهن على المعتمد.

258
قوله: (على المشهور) هذا قول أشهب قائلا وإن لم يساو الرهن إلا درهما واحدا وروى عيسى عن ابن
القاسم نحوه وبه قال ابن حبيب وابن عبد الحكم ابن عبد السلام وهو المشهور، وعلله القاضي في
المعونة بأنه مؤتمن عليه ولم يتوثق منه بإشهاد على عينه ومقابل هذا القول وهو أن القول للراهن إن
أشبه بناء على أن الدين شاهد في قدر الرهن لأصبغ واختاره ابن رشد اه‍ بن. قوله: (وتنتهي
شهادته) أي شهادة الرهن بالدين إلى قدر قيمته أي إلى قدر بلوغ قيمته يوم الحكم فإذا قال الراهن
الدين خمسة وقال المرتهن عشرة، فإن كانت قيمة الرهن مثل دعوى المرتهن فأكثر صدق مع يمينه
وإن كانت قيمته مثل دعوى الراهن فهو مصدق مع يمينه. قوله: (ولو بيد أمين) أي ولو كان الرهن
بيد أمين فيشهد بقدر الدين على الأصح ابن عرفة وما بيد أمين في كونه شاهدا ولغوه قولا محمد
واللخمي عن القاضي وصوب الأول ا ه‍ وعليه فصواب المصنف على المختار ونسب في التوضيح
التصويب لأبي محمد ا ه‍ بن. قوله: (لأنه جائز للمرتهن) فهو بمثابة ما لو كان في حوزه ووجه القول
الآخر القائل لا يكون الرهن شاهدا بقدر الدين إذا كان بيد أمين أن الشاهد يكون من قبل رب
الحق وإذا كان بيد أمين لم يتمحض كونه للمرتهن فلم يعتبر ومحل كون ما بيد الأمين من الرهن شاهدا
إذا كان قائما، وأما إذا فات فلا يكون شاهدا لأنه فات حينئذ في ضمان الراهن وحيث فات في ضمانه
فلا يكون شاهدا كما أشار له المصنف بقوله ما لم يفت في ضمان الراهن. قوله: (ما لم يفت الخ) ما مصدرية
ظرفية معمولة لما فهم من قوله كالشاهد أي والرهن يشهد في قدر الدين مدة عدم فواته في ضمان
راهنه بأن كان قائما الخ وقوله بأن كان قائما أي مطلقا مما يغاب عليه أو لا بدليل ما بعده. قوله: (لم يكن
شاهدا على قدر الدين الخ) بل القول قول المرتهن لأنه غارم والدين بمنزلة ما لا رهن فيه. قوله: (فالصور
خمس) يكون الرهن شاهدا على قدري الدين في اثنتين منها ولا يكون شاهدا على قدره في ثلاثة
وإنما يكون شاهدا إذا فات في ضمان المرتهن ولم يكن شاهدا إذا فات في ضمان الراهن لأنه إذا فات
في ضمان المرتهن يضمن قيمته وهي تقوم مقامه، وإذا فات في ضمان الراهن لم يضمن المرتهن قيمته فلم
يوجد ما يقوم مقامه فصار الدين الذي عليه كدين بلا رهن فالقول قوله فيه لأنه غارم. قوله: (وكانت
أحواله) أي أحوال الرهن ثلاثة. قوله: (لان الراهن الخ) تعليل لكون الأحوال ثلاثة.
قوله: (فقيمته إما عشرة) الأولى فقيمته إما عشرون فأكثر أو عشرة أو خمسة عشر لأجل قوله أشار للأولى
بقوله الخ. قوله: (وحلف مرتهنه الخ) حاصله أن المرتهن إذا ادعى أن الدين عشرون وادعى الراهن
أنه عشرة فوجدت قيمة الرهن عشرين أو أكثر، فإن المرتهن يحلف بالله الذي لا إله إلا هو أن الدين
عشرون، فإذا حلف خير الراهن بين أن يدفع له العشرين التي حلف عليها أو يدفع له الرهن في دينه
سواء كانت قيمة الرهن عشرين أو أكثر، وإذا دفع له الراهن الرهن فإنه يجبر على قبوله على المشهور
وقيل لا يجبر على قبوله إلا إذا حلف الراهن أن الدين عشرة بعد حلف المرتهن أنه عشرون، فإذا
حلف وأراد أن يدفع للمرتهن الرهن فإنه يجبر على قبوله، وإن لم يحلف أجبر الراهن على دفع العشرين
وذلك لان المرتهن قد يكره أخذ الرهن لما في أخذه من كلفة بيعه وخوفا من استحقاقه من يده، فإن
سلم الراهن الرهن للمرتهن واستحق من يده رجع المرتهن على الراهن بقيمته إن كانت قدر ما ادعاه،
وأما إن كانت أكثر مما ادعاه كما لو كانت قيمته خمسة وعشرين فليس له إلا دينه لأنه هو الذي خرج
من يده خلافا لما يوهمه عبق من الرجوع بالقيمة في هذه أيضا انظر بن. قوله: (وإلا فهو أحق) أي
وإلا بأن أفتكه فهو أي الراهن أحق به. قوله: (وهذا) أي قول المصنف وأخذه إن لم يفتكه صادق الخ.
قوله: (كما ادعى) أي المرتهن. قوله: (وغرم ما أقر به) أي فإن نكل أيضا عمل بقول المرتهن فيعمل بقوله

259
إذا حلف أو نكل. قوله: (حلف الراهن على أنه) أي الدين عشرة وقوله وأخذه أي الرهن وقوله
ودفع أي للمرتهن ما أقر به وهو عشرة. قوله: (وأخذ ما ادعاه) أي وهو عشرون فإن نكل المرتهن
أيضا عمل بقول الراهن فيعمل بقوله في صورتين إذا حلف وحده أو نكلا معا. قوله: (كل على دعواه)
أي يحلف كل واحد على ما يدعيه فيحلف الراهن أن الدين عشرة ويحلف المرتهن أنه عشرون
وإن كان يأخذ قيمة الرهن فقط خمسة عشر، وهذا بخلاف من ادعى على شخص بعشرين وأقام
شاهدا بخمسة عشر فإنه يحلف على ما شهد به الشاهد فقط، والفرق أن المرتهن يدعي أن الرهن في مقابلة
ما يدعيه من الدين وأن شهادته سارية في كل جزء من أجزاء الدين واليمين تابعة للشهادة.
قوله: (ويبدأ المرتهن) أي لان الرهن كالشاهد لقيمته ومن المعلوم أنه لا يبدأ بالحلف إلا من تقوى جانبه
وقيمة الرهن قريبة من دعوى المرتهن فقد تقوى جانبه. قوله: (وأخذه المرتهن) أي فلو أخذه
واستحق من يده رجع على الراهن بقيمته خمسة عشر. قوله: (إن لم يفتكه الراهن بقيمته) أي يوم
الحكم فإن أفتكه بقيمته يوم الحكم وهي الخمسة عشر في المثال المذكور أخذه وهذا هو قول مالك وابن
نافع وابن المواز خلافا لمن قال إذا أراد الراهن أن يفتكه فلا يفتكه إلا بما قال المرتهن وحلف عليه وهو
العشرون والأول هو المعتمد وإنما اعتبر هنا فكه بالقيمة فقط لا بما ادعاه المرتهن وحلف عليه الدعوى
المرتهن الزيادة على قيمته وأخذه فيما مر بما ادعاه المرتهن ولو زادت قيمته على ما ادعاه لشهادة الرهن له.
قوله: (وكفى الواحد) أي في التقويم لان التقويم من باب الاخبار لأنه إعلام بالقيمة لا من باب
الشهادة على ما رجح خلافا لما في خش من أنه لا بد من اثنين لأنه من باب الشهادة. قوله: (وقيل الخ)
هذا قول أشهب وهو ضعيف. قوله: (فإن تجاهلا الخ) يعني أن الرهن إذا هلك أو ضاع عند المرتهن
وجهل الراهن والمرتهن صفته وقيمته بأن قال كل منهما لا أعلم قيمته الآن ولا صفته فإنه لا شئ
لواحد منهما قبل الآخر لان كلا لا يدري هل يفضل له شئ عند صاحبه أم لا وانظر هل لا بد من
أيمانهما كتجاهل المتبايعين الثمن أو لا. قال الشيخ سالم السنهوري لم أر فيه نصا والظاهر أنه مثله
كما قاله شيخنا ومفهوم قوله فإن تجاهلا أنه لو جهله أحدهما وعلمه الآخر حلف العالم على ما ادعى
فإن نكل فالرهن بما فيه. قوله: (فالرهن بما فيه) أي فالرهن يكون في مقابلة الدين الذي رهن فيه.
قوله: (واعتبرت قيمته) الكلام هنا في اعتبار القيمة لتكون شاهدة في قدر الدين لا لتضمن بدليل
قوله إن بقي لأنه إذ كان الرهن باقيا لا تضمن قيمته واعتبار القيمة لتضمن قبل يوم قبض الرهن
وقيل يوم التلف وقيل إن لم ير عنده من حين أخذه فالضمان من يوم القبض وإن رؤي عنده
بعده فمن يوم التلف كما تقدم ذلك وقوله يوم الحكم أي بقدر الدين خلافا لقول الشارح يوم الحكم
بها وذلك لان قدر الدين هو الذي يحكم به لا القيمة. وحاصل المسألة أن الرهن إذا كان
موجود واختلف الراهن والمرتهن في قدر الدين فإن القيمة تعتبر يوم الحكم لتكون شاهدة
لأيهما لا يوم الارتهان. قوله: (وهل يوم التلف الخ) يعني أن الرهن إذا تلف واختلف في قدر الدين
فهل تعتبر قيمته لتكون شاهدة يوم التلف لان قيمة الرهن إنما تعتبر يوم الضياع لان عينه
كانت شاهدة إلى وقت الضياع وحينئذ فتكون قيمته شاهدة وقت الضياع أو تعتبر يوم
قبض المرتهن للرهن لان القيمة كالشاهد يضع خطه ويموت فيرجع لخطه فيقضي بشهادته
يوم وضعها أو تعتبر قيمته يوم الارتهان أي يوم عقد الرهن أقوال ثلاثة والمعتمد منها الأخير.
قوله: (أو الرهن) أي الارتهان أي يوم عقد الرهن ولا شك أن يوم القبض قد يتأخر عن يوم الارتهان.
قوله: (إن تلف) اعترض بأنه لا حاجة له بعد قوله يوم التلف وأجيب بأن قوله إن تلف مدخول

260
هل وهو موضوع المسألة وقوله يوم التلف مرتبط بمحذوف وأصل الكلام وهل إن تلف تعتبر قيمته
يوم التلف الخ وحينئذ فلا زيادة في الكلام أصلا. قوله: (وإن اختلفا في مقبوض الخ) حاصله أنه إذا كان
لزيد عشرون دينارا على عمرو فرهنه عمرو على عشرة منها رهنا ثم قضاه منها عشرة ثم إنهما بعد القضاء
بمدة أو حين القضاء قال الراهن العشرة التي دفعتها لك قد بينت لك وقت دفعها أنها قضاء لدين الرهن،
وقال المرتهن بل بينت أنها قضاء لدين غير الرهن فالحكم أنهما يتحالفان وتقضي العشرة المقبوضة على
العشرين فتصير العشرة الباقية نصفها للرهن ونصفها الآخر بلا رهن، وظاهره سواء حل الدينان
أو حل أحدهما أو لم يحلا اتحد أجلهما أو اختلف تقارب أو تباعد قال عبق وخش وهو كذلك
على المذهب، وتفصيل اللخمي ضعيف وحاصله أن محل توزيع المقبوض على الدينين إن كانا حالين أو
مؤجلين واتفق أجلهما أو تقاربا وأما إن كانا مؤجلين وأجلهما متباعد فالقول قول مدعي الاجل
القريب، وكذا إذا حل أحدهما فالقول لمدعيه ا ه‍. وقد علمت مما قلناه أن موضوع المسألة أن الراهن
قد حصل منه بيان عند الدفع وأن الراهن والمرتهن إنما اختلفا في الذي بينه عند القضاء هل دين الرهن
أو دين غيره كما في بن نقلا عن ابن يونس وأبي الحسن فقول المصنف فقال الراهن عن دين الرهن
أي ادعى أنه بين له ذلك وأما مجرد النية فإنه يوزع المقبوض على قدر الدينين من غير حلف كما في بن
ونصه ابن عرفة ابن رشد ولو اختلفا عند القضاء أي الحقين يبدأ به لجرى على هذا الاختلاف إلا أنه
لا يمين في شئ من ذلك ا ه‍. فلو ادعى أحدهما بيان المدفوع عنه وادعى الآخر إبهامه فنقل محمد عن
أشهب وعبد الملك أن القول لمدعي الابهام لأنه الأصل وقال ابن يونس على قول ابن القاسم لمدعي
البيان ثلاثة أرباع الحق لان المدفوع يقسم بين البيان والابهام والنصف الثاني فيه التنازع فيتشطر
وذكر بن بعد ذلك أن قول عبق وتفصيل اللخمي ضعيف فيه نظر فإن ظاهر كلام ابن عرفة
والتوضيح يقتضي أن تفصيل اللخمي هو المذهب. قوله: (بقدرهما) أي لا على الجهة. قوله: (بعد حلفهما)
أي بعد حلف كل واحد على تحقيق دعواه ونفي دعوى خصمه. قوله: (أو لا) أي أو لم يحل واحد منهما
بأن كانا مؤجلين اتفقا أجلا أو اختلفا كان الاجلان متقاربين أو متباعدين. قوله: (والثانية بحمالة)
أي تحمل بها عن غيره أي ضمنها. قوله: (ادعى القابض أن المقبوض الخ) الأولى أن يقول ادعى القابض
أنه بين له عند الدفع أن هذا المقبوض مائة الحمالة وقال الدافع بل بينت لك أنها مائة الأصالة وكذا يقال
في الصورة الثانية فموضوع المسألتين أنهما اتفقا في حصول البيان ولكن اختلفا في تعلقه بمائة الأصالة
أو الحمالة لان هذا هو محل حلفهما وأما لو اختلفا في أي المائتين يبدأ بها فإن المقبوض يوزع عليهما
من غير حلف كذا قرره شيخنا العدوي رحمه الله تعالى. باب في الفلس
قوله: (بمعنى فاعل) راجع لرب الدين لأنه غارم لماله ودافع له للمدين وقوله أو مفعول راجع لمن
عليه الدين لأنه مغروم ومدفوع له المال فهو لف ونشر مرتب. قوله: (منع من أحاط الدين بماله)
أي منع المدين الذي أحاط الدين بماله أو منع مدين أحاط الدين بماله فمن إما موصولة أو نكرة
موصوفة وعلى كل حال فهي واقعة على المدين. قوله: (ولو مؤجلا) أي هذا إذا كان الدين
حالا بل ولو كان مؤجلا وأشار بذلك لقول المدونة ولا يجوز عتق ولا صدقة ولا هبة لمن أحاط
الدين بماله، وإن كانت الديون عليه لأجل بعيد ا ه‍ خلافا لما في تت من أن الغريم إذا كان دينه
مؤجلا لم يكن له منع المدين الذي أحاط الدين بماله من التبرعات المذكورة وهو تابع في ذلك لشيخه

261
الشيخ علي السنهوري لكن كلام ابن عرفة يفيده بل في كلام بعضهم ما يفيد ترجيحه كما كتب ذلك
بعض تلامذة ابن عبق نقلا عنه. قوله: (وكذا إن ساواه واستظهر) أي لان العلة إتلاف مال الغير وهي
متحققة في الزائد وكذا في المساوي بل النقل أن الدين إذا أحاط ببعض ماله فإنه يمنع من التبرع
إذا كان التبرع ينقص ماله عن الدين، فإذا كانت حمالته التي تحمل بها لا يحملها ما فضل من ماله بعد الدين
الذي عليه فلا تجوز وتفسخ وأما إن كان يحملها ما فضل من ماله بعد ما عليه من الدين فهي جائزة في
الحكم سائغة في فعلها انظر بن. فإذا كان يملك مائة وعليه خمسون دينارا فإن تحمل بأربعين جاز وإن
تحمل بستين منع. قوله: (من تبرعه) متعلق بمنع. قوله: (أو حمالة) أي لأنها من ناحية الصدقة. قوله: (ولا
يجوز له هو) أي من أحاط الدين بماله وقوله ذلك أي التبرع المذكور. قوله: (حيث علموا) أي ولو بعد
طول زمان. قوله: (ومن التبرع قرض لعديم) الأولى حذف قوله لعديم لما يأتي له في الاعطاء قبل الاجل.
قوله: (وأضحية) أي لأنها سنة وليست تبرعا ونفقة ابنه وأبيه أي المعدمين لأنها واجبة فليست
تبرعا وأما إذا كانا موسرين فيمنع من الانفاق عليهما إلا أنه تبرع. قوله: (وخرج بتبرعه تصرفه المالي)
أي فلا يمنع منه بمجرد إحاطة الدين بماله وإنما يمنع من ذلك بالتفليس بالمعنى الأعم وهو قيام الغرماء
عليه وأولى بالمعنى الأخص فيمنع بكل منهما من التصرف المالي بالتبرعات والبيع والشراء ولو بغير
محاباة. قوله: (ومنه) أي ومن التصرف المالي الذي لا يمنع منه. قوله: (أي المدين مطلقا) أي لا بقيد
إحاطة الدين بماله ففي كلامه استخدام لان من واقعة على المدين بقيد كونه أحاط الدين
بماله بدليل الصلة أو الصفة وضمير سفره راجع للمدين الأعم. قوله: (بغيبته) أي وأما إن كان
الدين لا يحل في غيبته فليس له منعه من السفر كما أنه لو كان يحل في غيبته ولكنه ثابت العسر فلا
يمنعه أو كان موسرا ووكل في قضائه إذا حل أو ضمنه موسر فلا يمنعه من السفر ومحل عدم منعه
إذا كان لا يحل في غيبته ما لم يكن معروفا باللدد وإلا كان للغريم منعه لاحتمال أن يتراخى في
الرجوع من السفر لددا. قوله: (وإعطاء غيره قبل أجله) أي وأما دفعه بعض ما بيده لغيره من الغرماء
بعد حلول أجله فلا يمنع منه كما ذكره المصنف بعد. قوله: (لأنه سلف) أي لان من عجل ما أجل عد
مسلفا والسلف من جملة التبرع فيرد كل ما أعطاه للغير وقال بعضهم لا يرد كل ما أعطاه لذلك الغير بل
بعضه لان قيمة المؤجل أقل من قيمته معجلا فالزائد على قيمته مؤجلا هبة ترد اتفاقا. قوله: (أو إعطاء
غيره) أي غير المانع له من الغرماء كل ما بيده ومثل إعطاء الكل ما إذا بقي في يده فضلة لا يعامله الناس
عليها فإن وقع وأعطى جميع ما بيده لبعض الغرماء بعد الاجل كان لغيره رد الجميع على الظاهر ولا
يبقى البعض الجائز مع الحلول من باب صفقة جمعت حلالا وحراما فسدت كلها. قوله: (على المختار) أي على
ما اختاره اللخمي من خلاف حكاه بالجواز وعدمه ثم قال بعد ما حكاه وأن لا يجوز أحسن.
قوله: (والأصح) أي لأنه هو الذي قضى به قاضي الجماعة حين نزلت تلك المسألة بقفصة وقال المتيطي إنه
المشهور. قوله: (وسواء الخ) هذا تعميم في اعتبار إقراره لمن لا يتهم عليه. قوله: (على أحد القولين) أي
وسيأتي القول الآخر وهو الراجح أنه لا فرق بين المفلس ومن أحاط الدين بماله من أن إقرار كل لمن
لا يتهم إنما يمضي إذا كان دين الغرماء ثابتا بالاقرار لا بالبينة كما أن إقرار كل لمن يتهم عليه لا يمضي
سواء كان دين الغرماء ثابتا بالاقرار أو بالبينة. قوله: (والفرق بينه) أي بين من أحاط الدين بماله
حيث جاز إقراره لمن لا يتهم عليه مطلقا كان الدين الذي للغرماء ثبت بالبينة أو بالاقرار وبين المفلس
حيث جاز إقراره لمن لا يتهم عليه دين الغرماء ثابتا بالاقرار لا بالبينة. قوله: (أخف من ذلك) أي

262
لان ذلك قام عليه الغرماء أو حكم الحاكم بخلع ماله فهو أشد. قوله: (إن كان صحيحا لا مريضا) هذا هو
الذي في كتاب المديان من المدونة لان الشأن أن المريض تنقطع معاملته أو أنه مظنة لذلك بالموت وحكى
ابن عرفة قولا لبعضهم مقابلا له وأن المريض كالصحيح في الجواز. قوله: (فشروط عدم المنع) أي من
الرهن ستة مساقها هكذا: أن يكون المرهون بعض ماله، وأن يكون في معاملة حدثت بعد إحاطة الدين
بماله، وأن يكون الرهن قد اشترط في تلك المعاملة، وأن يكون الرهن لمن لا يتهم عليه، وأن يكون الراهن
صحيحا، وأن يصيب وجه الرهن. قال بن لم أر من ذكر هذه الشروط وظاهر المدونة وابن عرفة
والتوضيح وغيرهم أن الجواز مطلق وتعقب شيخنا هذه الشروط بما حاصله أن سياق الكلام فيما بين
الغرماء الأول بعضهم مع بعض فلا يظهر التقييد بالمعاملة الحادثة ويلزم من ذلك عدم التقييد باشتراط
الرهن ولا معنى للتقييد بعدم التهمة لان هذا ليس إقرارا وأما كون الراهن صحيحا فالمريض فيه
الخلاف السابق في إعطاء البعض كما في بن عن ح ا ه‍. والحاصل أنه يجوز للمدين الذي أحاط الدين
بماله أن يرهن بعض ما بيده لبعض غرمائه في معاملة حادثة أو قديمة على الإحاطة إذا أصاب وجه الرهن
وكان ذلك المدين صحيحا أو مريضا على أحد القولين كان المرتهن ممن لا يتهم عليه أم لا. قوله: (أي لمن أحاط
الدين بماله) أي ولم تقم عليه الغرماء وأما المفلس بالمعنى الأعم وهو من قام عليه الغرماء فليس له أن يتزوج
بالمال الموجود كما في المدونة وابن الحاجب ا ه‍ بن. قوله: (وفي تزوجه أربعا الخ) ظاهره أن التردد غير جار
في تزوجه ثانية زائدة على الواحدة التي يحصل بها العفاف وغير جار في تزوجه ثالثة زائدة على الثانية التي يحصل بها
العفاف وليس كذلك بل التردد جار في كل ما زاد على ما يحصل بالعفاف لا في خصوص الأربع كما هو
ظاهره. قوله: (تردد لابن رشد) أي فهو تردد لواحد وحينئذ فمعناه التحير كما مر. قوله:
(تعفه) أي لأنها تعفه عادة ونص ابن عرفة بعد ذكر تردد ابن رشد والظاهر منعه من تزوج ما زاد على الواحدة لعفته بها
عادة ثم إن محل جواز تزوجه بالواحدة إذا كانت ممن تشبه نساءه لا إن كانت أعلى وأن يصدقها مثل
صداقها فإن أصدقها أكثر من صداق مثلها فلغرمائه الزائد يرجعون عليها به وكان ذلك الزائد دينا
لها عليه. قوله: (وقول مالك) أي والمختار قول مالك الخ. قوله: (ولما أنهى الكلام على التفليس بالمعنى الأعم الخ)
هذا غير صحيح لأنه إنما تكلم فيما تقدم على إحاطة الدين بماله وذلك ليس بتفليس بل حالة قبله
وقد يقال إن ما سبق من قوله وللغريم منع من أحاط الدين بماله يشير لقيام الغرماء وهو التفليس
بالمعنى الأعم. والحاصل أن المدين له ثلاثة أحوال الحالة الأولى إحاطة الدين بماله قبل التفليس
فلا يجوز له في هذه الحالة إتلاف شئ من ماله بغير عوض فيما لا يلزمه فلا يجوز له هبة ولا
صدقة ولا عتق ولا حبس ولا إقرار بدين لمن يتهم عليه، وإذا فعل شيئا من ذلك كان للغرماء إبطاله
ويجوز تصرفه إذا كان ذلك التصرف ماليا. وإلى هذه الحالة أشار المصنف بقوله للغريم منع من أحاط
الدين بماله الحالة الثانية قيام الغرماء عليه فيسجنونه أو يقومون عليه فيستتر منهم فلا يجدونه

263
فيحولون بينه وبين ماله ويمنعونه من التبرعات والتصرفات المالية بالبيع والشراء والاخذ والعطاء
ولو بغير محاباة ومن التزوج ولهم قسم ماله بالمحاصة، وهذه الحالة سكت المصنف عنها ولم يذكرها الحالة
الثالثة حكم الحاكم بخلع ماله للغرماء لعجزه عن قضاء ما لزمه ويترتب على هذه الحالة أيضا منعه من
التبرعات والتصرفات المالية وقسم ماله بين الغرماء وحلول ما كان مؤجلا من الدين. وإلى هذه الحالة
أشار المصنف بقوله وفلس حضر أو غاب كما قال الشارح تبعا لغيره ويحتمل أنه أشار بقوله وفلس الخ
للحالة الثانية والثالثة كما قال بعضهم والمعنى حينئذ وحجر عليه بسبب طلبه بدين حل عليه أعم من
أن يكون ذلك الحجر من قيام الغرماء أو من حكم الحاكم بخلع ماله والحالة الثانية تسمى فلسا بالمعنى
الأعم والثالثة تسمى فلسا بالمعنى الأخص، والأعمية والأخصية باعتبار التحقق لان حكم الحاكم بخلع
المال إنما يكون بعد قيام الغرماء فكلما وجد الأخص وجد الأعم ولا عكس إذ قد يقوم الغرماء على
المدين من غير أن يرفعوا الامر للحاكم كذا قرر شيخنا. قوله: (أي فله الحاكم) أي جاز له أن يفلسه
خلافا لعطاء القائل أنه لا يجوز التفليس لان فيه هتكا لحرمة المديان وإذلالا له. قوله: (حضر أو غاب)
أي حال كونه حاضرا أو غائبا مثل اضرب زيدا ذهب أو حبس أي اضربه على كل حال أي فلس على
كل حال. قوله: (فإن علم لم يفلس) أي استصحابا لحاله قبل غيبته. قوله: (وغيبة ماله كغيبته) ظاهره أنه إذا
حضر المدين وغاب ماله فإنه يجوز تفليسه سواء كانت غيبة المال بعيدة أو متوسطة أو قريبة، والذي
في بن عن ابن عاشر الاتفاق على التفليس إن بعد المال جدا كشهر وأما إن غاب غيبة متوسطة
كعشرة أيام، فابن القاسم يقول إنه لا يفلس وأشهب يقول أنه يفلس وأما إذا كانت الغيبة قريبة فإنه
يكشف عن المال ويفحص عنه هل يفي بالدين فلا يفلس أو لا يفي به فيفلس. قوله: (وأشار لشروط
التفليس الثلاثة) أي وهي أن يطلب الغرماء تفليسه كلهم أو بعضهم، وأن يكون الدين الذي عليه
وطلب التفليس لأجله حالا، وأن يكون ذلك الدين الحال يزيد على ما بيد المدين من المال أو كان ما بيد
المدين يزيد على الدين الحال ولكن تلك الزيادة لا تفي بالدين المؤجل. قوله: (بطلبه) متعلق بفلس. قوله: (وإن
أبى غيره) أي غير الطالب أو سكت. قوله: (فيكفي طلب بعض الغرماء) أي فيكفي في تفليس
الحاكم له طلب بعض الغرماء لتفليسه وأشار بهذا لقول المدونة قال مالك إذا أراد واحد من الغرماء
تفليس الغريم وحبسه وقال بعضهم ندعه ليسعى حبس لمن أراد حبسه ونحوه في التوضيح. قوله: (كان
للباقي محاصته) أي كان لمن لم يطلب تفليسه محاصة من طلب تفليسه. قوله: (أنه لا يفلس نفسه) أي
ليس له أن يرفع الامر للحاكم ويثبت عدمه ويفلسه الحاكم من غير طلب الغرماء ذلك. قوله: (دينا)
مفعول لأجله أي لأجل دين أي لأجل إرادة دين لان المفعول لأجله لا بد أن يكون مصدرا. قوله: (زاد
ذلك الدين) أي الحال الذي عليه على ماله الذي بيده سواء كان ذلك الحال كله لطالب تفليسه
أو بعضه له وبعضه لغيره هذا هو الصواب خلافا لما يقتضيه كلام بعضهم من أن المدين لا يفلس إلا
إذا كان دين الطالب لتفليسه لحال زائدا على ما بيده، فعلى هذا إذا كان الدين الحال زائدا على ما بيده
ولكن دين الطالب لتفليسه الذي هو بعض الحال لا يزيد على ما بيده لا يفلس وليس كذلك. قوله: (فلا
يفلس بمساو) أي إذا كان ما بيده مساويا للدين الذي عليه الحال فإنه لا يفلس ولا تهتك حرمته
وهذا لا ينافي أنه يمنع من التبرعات كما مر. قوله: (فيفلس على المذهب) وقيل لا يفلس في هذه الحالة لان
الديون المؤجلة لا يفلس بها والقول الأول للخمي والثاني للمازري. قوله: (فيفلس ولو أتى بحميل)
ظاهره أنه يفلس ي هذه الحالة ولو كانت الفضلة الباقية بيده يعامله الناس بسببها ويرجى من تنميته
لها ما يقضي به الدين المؤجل وقال ابن محرز أنه لا يفلس وظاهر كلام ابن عرفة أن هذا التقييد هو

264
المذهب فيحمل القول بتفليسه على ما إذا كان لا يرجى بتحريكه الفضلة وفاء المؤجل فقول المصنف
لا يفي أي ولو بواسطة التحريك فوافق ما لابن محرز. قوله: (من التصرف المالي) أي وأما من التبرعات
فهذا يحصل بمجرد إحاطة الدين بماله. قوله: (وبيع ماله) أي ما وجد من ماله وقوله وحبسه أي إذا جهل
حاله حتى يثبت عدمه لاحتمال أنه أخفى ماله. واعلم أن هذه الأحكام الأربعة المذكورة كما تترتب على
التفليس بالمعنى الأخص الذي هو حكم الحاكم بخلع ماله للغرماء تترتب أيضا على التفليس بالمعنى الأعم
وهو قيام الغرماء كما يدل على ذلك كلام ابن الحاجب وابن شاس نعم يختص الفلس بالمعنى الأخص
عن الأعم بحلول ما أجل، إذا علمت هذا فقول الشارح ولما كان للحجر أي الحاصل بالفلس الأعم
أو الأخص وقوله الآتي وحل به أي بالفلس لا بالمعنى السابق بل بمعنى الأخص وهذا مبني على أن
قول المصنف سابقا وفلس إشارة للفلس بمعنييه كما مر تأمل. قوله: (بالمعنى الأخص) بل وبالمعنى الأعم
أيضا وهو قيام الغرماء كما تقدم. قوله: (من تصرف مالي) دخل فيه النكاح كما قال ح. قوله: (لم يبطل)
وقال ابن عبد السلام أنه يبطل وقد نقله ابن عرفة ولم يتعرض له برد ولا قبول فكأنه فهمه على
الصواب وإلا لم يقبله على عادته انظر بن. قوله: (على نظر الحاكم) أي عند عدم اتفاق الغرماء
واختلافهم في رده وإمضائه وقوله أو الغرماء أي عند اتفاقهم، وبهذا حصل التوفيق بين قول
ابن عرفة إذا حصل من المفلس تصرف مالي فلا يبطل بل يوقف على نظر الحاكم، إن شاء رده وإن
شاء أمضاه، وقول الجواهر بل على نظر الغرماء وهذا التوفيق لعج واستحسنه بن. قوله: (لا في
ذمته) أي لا يمنع من التصرف في ذمته كما لو التزم شيئا لغير رب الدين إن ملكه ثم ملكه فلا يمنع من دفعه
له حيث ملكه بعد وفاء دينهم، وأشار به لقول ابن الحاجب وتصرفه بشرط أن يقبض في غير
ما حجر عليه فيه صحيح انظر ح. قوله: (فلا يمنع منه) أي من دفع ما التزمه. قوله: (كخلعه) تشبيه في قوله لا
في ذمته وقوله لما فيه الخ هذا التعليل يقتضي أن المرأة إذا فلست لا يجوز لها أن تخالع زوجها على مال
وهو كذلك لان ظاهر كلام ابن يونس أو صريحه أن خلع المرأة المفلسة كتزويج الرجل المفلس ونصه
وما دام المدين قائم الوجه فإقراره بالدين جائز وله أن يتزوج فيما بيده من المال ما لم يفلس وكذلك المرأة
تخالع زوجها بمال والدين محيط بها وليس لها أن تخالع من المال الذي تفلس فيه ا ه‍ بن. قوله: (وطلاقه)
أي لما فيه من تخفيف المؤونة عنه. قوله: (وتحاصص) به أي لأنها تحاصص به مطلقا سواء طلقها أو لا
وهذا جواب عما يقال كيف جعل له الطلاق مع أن الصداق المؤخر يدفعه حالا. وحاصل الجواب
أنها تحاصص به مطلقا طلق أم لا فليس الطلاق موجبا لذلك. قوله: (وقصاصه) أي لا يمنع المفلس
من أن يقتص ممن وجب له عليه قصاص عمد لان الواجب فيه على مذهب ابن القاسم إما القصاص
أو العفو مجانا وليس للمجني عليه أو عاقلته إلزام الجاني بالدية نعم لهم التراضي عليها، وأما على مذهب
أشهب القائل أن المجني عليه يخير بين الدية والقود والعفو مجانا فمقتضاه أن للغرماء منعه من القصاص
ويلزمونه أخذ الدية إلا أن يقال قاعدة المذهب تقتضي جواز قصاصه حتى عند أشهب لقولهم ليس
للغرماء جبر المفلس على انتزاع مال رقيقه فتأمل قاله شيخنا. قوله: (بخلاف الخطأ والعمد الذي فيه مال)
أي مقرر كالمتالف الأربعة فللغرماء منعه من العفو عن ذلك مجانا. قوله: (التي أي أحبلها قبل التفليس الخ)
أي وأما التي أحبلها بعده فإنه يمنع من عتقها لأنها تباع عليه ويعلم كونه أحبلها قبل التفليس بكون الولد معها
أو بشهادة النساء أو شهرة ذلك قبل العتق وأما مجرد دعواه أنه أولدها قبل التفليس فلا يكفي. قوله: (وتبعها
مالها) أي إن لم يستثنه سيدها أما لو استثناه سواء كان قليلا أو كثيرا أخذه الغريم باتفاق. قوله: (لخراب
ذمته فيهما) فلو طلب بعض الغرماء بقاء دينه مؤجلا لم يجب لذلك لان للمدين حقا في تخفيف ذمته بحكم

265
الشرع وأما لو طلب جميع الغرماء بقاء ديونهم مؤجلة كان لهم ذلك ثم إن ما ذكره المصنف من حلول
المؤجل بالموت والفلس هو المشهور من المذهب ومقابله أن المؤجل لا يحل بهما. قوله: (ما لم يشترط
المدين) أي على رب المال. قوله: (وما لم يقتل الدائن المدين) المراد بالدائن رب الدين والمدين من عليه
الدين. قوله: (كموت رب الدين أو فلسه) أي فالدين إنما يحل بموت من عليه الدين لا بموت من له.
قوله: (وجيبة) كما لو استأجر هذه الدابة أو هذه الدار شهرا بعشرة دنانير مؤجلة لسنة ثم فلس أو مات
قبل استيفاء منفعة تلك الدار أو الدابة التي اكتراها فتحل تلك الدنانير بتمامها بمجرد موته أو فلسه.
قوله: (لم يستوف المنفعة الخ) هذا هو محل الخلاف المشار له بلو في كلام المصنف لان ما حمله الشارح عليه من
أن دين الكراء إذا كان مؤجلا ولم تستوف المنفعة يحل بالموت والفلس هو ظاهر المدونة وبه صرح
أبو الحسن في شرحها ومقابله قول ابن رشد في المقدمات والنوازل أنه لا يحل بالموت والفلس بل
يحاصص المكري بأجرة المدة المستأجرة بتمامها ولكن لا يأخذ إلا أجرة البعض المستوفي ويوقف
مقابل ما لم يستوف فكل ما استوفى شئ من المنفعة، أي استوفاه الغرماء، أخذ المكري ما ينوبه مما
وقف ومحل الوقف لمقابل ما لم يستوف إذا لم يفسخ الكراء فيما بقي من المدة لأنه يخير في الفسخ وعدمه
في الفلس لا في الموت. وما في خش من حمل كلام المصنف على ما إذا استوفيت المنفعة ففيه نظر لان
المنفعة إذا استوفيت يحل دين الكراء المؤجل باتفاق. والحاصل أن فرع الاستيفاء يمنع من الحمل
عليه لكونه محل وفاق وخلاف ابن رشد إنما هو عند عدم الاستيفاء ولو لرد الخلاف فتعين حمل المصنف
على عدم الاستيفاء وحمل الكراء على الوجيبة لأنها هي التي يتأتى فيها كون الكراء مؤجلا بخلاف
المشاهرة فإن الكراء فيها حال بنفسه فلا يقال فيها وحل به وبالموت ما أجل لا يقال ما ذكره المصنف
من أن دين الكراء المؤجل يحل بالفلس يخالفه قوله الآتي وأخذ المكري دابته وأرضه لأنا نقول
المراد أخذهما في الفلس إن شاء لا أنه يتعين الفسخ قبل الاستيفاء كما فهمه المواق انظر بن. قوله: (وإن
ترك عين شيئه للمفلس) أي إلى أن تمضي مدة الإجارة ثم يأخذه بعدها وقوله وإن ترك الخ أي
والموضوع بحاله من أنه لم يستوف شيئا من المنفعة. قوله: (للمفلس) هو بفتح الفاء وتشديد اللام
المفتوحة ويقال فيه أيضا بسكون الفاء وكسر اللام. قوله: (وحاصص بها) أي ببعض المنفعة التي استوفاها
وأنت الضمير العائد على البعض لاكتسابه التأنيث من المضاف إليه. قوله: (وإلا) أي وألا يكن قبضه
وقوله حاصص بالجميع أي بجميع الأجرة أي أجرة ما استوفاه المفلس وما لم يستوفه. قوله: (أو قدم)
عطف على دين كراء فهو داخل في حيز المبالغة أي ولو قدم المدين الغائب مليا وهذا ظاهر قول أصبغ
ومقابله اختيار بعض القرويين إذا قدم المدين الغائب مليئا فوجد الحاكم فلسه فلا يحل ما كان مؤجلا عليه
قال لان الغيب كشف خلاف ما حكم به فصار كحكم تبين خطؤه. قال في التوضيح قال ابن عبد السلام
والأول أقرب لان الحاكم حين قضى بتفليسه كان مجوزا لما قد ظهر الآن من الملاء وأيضا فهو حكم
واحد وقد وقع الاتفاق على أن من قبض شيئا من دينه المؤجل لا يرد ذلك إذا قدم مليئا فكذلك من بقي
ا ه‍ بن. قوله: (وليس له أن يدعي) أي ليس للمدين أن يدعي أن الحاكم قد تبين خطؤه في حكمه بخلع مال

266
المدين للغرماء لأن هذه الدعوى لا تنفعه شيئا. قوله: (حلف كل الخ) أي إذا كان كل من الغرماء غير
محجور عليه وأما لو كان منهم محجور عليه فقيل يحلف المحجور عليه أو وصيه وقيل لا يمين على واحد
منهما وقيل يؤخر لرشده ففي ذلك ثلاثة أقوال للأندلسيين وأفتى ابن عتاب بالأخير انظر بن
وقوله حلف كل أي على جميع الحق الذي ادعى به المفلس وقوله أي كحلف المفلس أي أن لو كان يحلف.
قوله: (من الدين فقط) أي أخذ كل حالف منا به فقط من ذلك الدين بالمحاصة هذا إذا حلف كلهم
بل ولو حلف بعضهم ونكل غير الحالف. قوله: (سوى قدر نصيبه) أي بالحصاص من ذلك الدين.
قوله: (على الأصح) هو قول ابن القاسم في رواية عيسى وصححه ابن أبي زيد كما في شب. قوله: (يأخذ
جميع حقه) أي أنه إذا حلف أحد الغرماء ونكل غيره فإن الحالف يأخذ جميع حقه من ذلك الدين
لا نصيبه في الحصاص فقط. قوله: (فلا شئ لهم) أي للغرماء إن حلف المطلوب فإن نكل غرم ويقتسمه
جميع الغرماء. قوله: (فإن نكل غرم بقية ما عليه) أي ويقسمه جميع الغرماء من حلف ومن
لم يحلف فيأخذ الحالف حصة بالحلف وحصة بالحصاص مع الناكلين وهذا هو الظاهر دون قول
خش واختص به الناكل ا ه‍ بن. تنبيه: لو طلب من نكل من الغرماء العود لليمين إن كان
بعد حلف المطلوب فلا يمكن اتفاقا وإن كان قبل حلفه ففي تمكينه قولان الأظهر منهما عدم تمكينه
كما يأتي ذلك آخر الشهادات إن شاء الله تعالى. قوله: (وقبل إقراره بالمجلس) ابن عرفة قال ابن ميسر
إقراره بعد القيام عليه جائز إن كانت ديون القائمين عليه بغير بينة أو بينة وهي لا تستغرق ما بيده
أو تستغرقه وعلم تقدم معاملته لمن أقر له وكلام ابن ميسر هذا هو الذي قرر به شارحنا كلام
المصنف قد رجحه عبق واعترضه بن بأن قوله أو ببينة وعلم تقدم معاملته الخ خلاف مذهب
المدونة فإن مذهبها أن دين الغرماء الذين قاموا عليه متى كان ثابتا بالبينة فلا يقبل إقراره، ولو علم
تقدم معاملته لمن أقر له كما في التوضيح فإنه بعد أن ذكر القول الأول وهو قبول إقراره سواء
كانت الديون ثابتة عليه بإقرار أو ببينة، قال واختاره بعض الشيوخ واستظهره ابن عبد السلام ثم قال
لكن الذي نص عليه محمد وحملوا عليه المدونة أن هذا خاص بما إذا ثبت الدين الذي عليه بإقراره فإن
كان ببينة فلا يقبل وإن كان بالمجلس ولمالك في الموازية قول ثالث أن من أقر له المفلس إن كان يعلم تقدم
مداينة أو خلطة بينه وبين المقر حلف المقر له ودخل في الحصاص من له بينة ا ه‍ فجعل الثالث خلاف
مذهب المدونة ا ه‍. قوله: (وهذا) أي عدم قبول إقراره لغير الغرماء إذا كان دين الغرماء ثابتا بالبينة
إذا كانت الخ. قوله: (وإلا قبل إقراره) أي وإلا بأن كانت الديون الثابتة بالبينة لا تستغرق ما بيده أو
علم تقدم معاملة للمقر له قبل إقراره ودخل ذلك المقر له مع الغرماء في المحاصة. إن قلت: إذا كانت الديون
الثابتة بالبينة لا تستغرق ما بيده لا يفلس كما تقدم قلت: يفرض فيما إذا كان ما بيد الغريم حال القيام عليه
كاسدا لا يساوي الدين ولما فلس حصل للمال الذي بيده غلو وصار الدين لا يستغرقه فإذا أقر له في هذه
الحالة قبل إقراره. قوله: (وقبل من المفلس مطلقا) أي سواء كان بالمعنى الأعم أو الأخص سواء
كان صحيحا أو مريضا كذا قرر الشارح. قوله: (وقبل تعيينه الخ) مفهوم تعيينه أنه إذا لم يعين كما
لو قال لفلان في مالي قراض كذا لم يقبل كما في ابن عرفة آخر القراض ونصه الصقلي عن ابن حبيب ما عينه
في الفلس فربه أحق به وإن لم يعين شيئا فلا يحاصص ربه الغرماء كما لا يصدق في الدين ا ه‍ بن.
قوله: (أو كان بعد المجلس بطول) هذا عطف على قوله لم يعين ربهما فهو داخل في حيز المبالغة أي هذا
إذا كان عين ربهما بل ولو لم يعينه هذا إذا كان التعيين لما ذكر في مجلس التفليس أو قربه بل ولو كان بعد
المجلس بطول والذي في التوضيح تقييده بالمجلس أو قربه لكن نقل البدر القرافي عن الناصر

267
في حاشية التوضيح رد هذا التقييد. قوله: (إن قامت بينة بأصله) أي عند ابن القاسم خلافا لأصبغ حيث
قال يقبل تعيين القراض والوديعة ولو لم تشهد بينة بأصلهما واختاره اللخمي. قوله: (وقبل منه تعيينه)
أي ولو بغير يمين سواء كان ما عينه متهما عليه أم لا. قوله: (فلا عبرة بإقراره) أي خلافا لأصبغ كما علمت.
قوله: (لأنه معين) هذا إشارة للفرق بين هذه المسألة والتي قبلها وهي قوله وهو في ذمته وحاصله أن
المسألة السابقة فيها إقرار بشئ في الذمة وهنا إقرار بشئ معين ولم يقبل منه وقد أعطى ما بيده للغرماء
فلم تبق في ذمته وظاهره ولو ادعاه المقر له. قوله: (وأما إن أقر مريض) أي غير مفلس كذا قرر الشارح
ونحوه في بن خلافا لما في خش وعبق من حمل قوله وقبل الخ على المفلس الصحيح ثم قالا وأما إن
أقر المفلس المريض وهذا تحريف في النقل. قوله: (ولو لم تقم بأصله بينة) لان الحجر على المريض
أضعف من الحجر على المفلس لان للمريض أن يشتري ما يحتاجه بخلاف المفلس كذا فرق ابن يونس
وهذا يدل على أن مراده مريض غير مفلس لا مريض مفلس كما توهمه خش وعبق. قوله: (لمن لا يتهم
عليه) فإن أقر لمن يتهم عليه قبل إقراره إن كان بأصله بينة وإلا فلا يقبل. قوله: (والمختار الخ) أي
والمختار عند اللخمي قبول قول الصانع في تعيين ما بيده لأربابه كما هو قول ابن القاسم. واعلم أن المفلس
إذا كان صانعا وعين المصنوع أو كان غير صانع وعين القراض أو الوديعة فالمسألة ذات أقوال أربعة.
الأول: لمالك في العتبية عدم قبول تعيينه مطلقا خشية أن يخص صديقه، والثاني: يقبل تعيينه القراض
والوديعة إن قامت بأصله بينة ويقبل تعيينه المصنوع مطلقا وهو لابن القاسم، والثالث: يقبل تعيينه
القراض والوديعة والمصنوع مطلقا وهو لأصبغ، والرابع: لمحمد بن المواز يقبل تعيين المفلس
القراض والوديعة والمصنوع إذا كان على أصل الدفع أو على الاقرار قبل التفليس بينة. قال اللخمي
بعد حكاية هذه الأقوال وقول ابن القاسم في الصانع أحسن لان ما بيده أمتعة الناس وليس العرف
الاشهاد عليه عند الدفع له، وكذا قول أصبغ في القراض والوديعة، فاللخمي اختار قول ابن القاسم في
تعيين الصانع وقول أصبغ في تعيين القراض والوديعة ولما كان اختياره في القراض والوديعة
ضعيفا أعرض عنه المصنف ولما كان اختياره في تعيين الصانع قويا مشى عليه المصنف وظهر لك أن
المصنف مشى في كل من المسألتين على قول ابن القاسم كذا قرر شيخنا. قوله: (لان الشأن الخ) مقتضى
هذا التعليل قبول قول الصانع سواء كان الاقرار بالمجلس أو بعده ولو بطول وبذلك صرح عبق.
قوله: (أيضا) أتى به لدفع توهم أن المراد واستمر الحجر عليه إن تجدد له مال مع أنه متى حكم بخلع ماله
وأخذ المال من تحت يده انفك الحجر عنه بمجرد أخذه منه ولو لم يقتسموه فأفاد المصنف بقوله
أيضا أنه حجر ثان. وحاصله أن المفلس إذا حكم الحاكم بخلع ماله وأخذ ماله منه قد انفك الحجر
عنه فإذا تجدد له مال كان له التصرف فيه حتى يحجر عليه غرماؤه الذين حجروا عليه أولا أو غيرهم
بالشروط الثلاثة المتقدمة. قوله: (إن تجدد له مال) أي ولو لم يحصل قسم بين الغرماء للمال الذي
أخذوه منه أولا. قوله: (ومفهوم الشرط) أي وهو إذا فلسه الحاكم ولم يتجدد له مال بعد أخذ
المال منه وقوله عدم الحجر عليه ولو طال الزمان أي زمان عدم تجدد المال. قوله: (وقيل يجدد الخ)
أي أنه يكشف عن حاله كل ستة أشهر لان الغالب تغير الأحوال فيها وحصول الكسب فإن وجد
عنده مال حجر عليه وإلا فلا هذا هو المراد. قوله: (وانفك الحجر عليه بعد قسم ماله) الأولى بعد
أخذ المال منه فالقسم ليس بشرط بل متى أخذ المال من تحت يده زال الحجر عنه ا ه‍ عدوي.
قوله: (ولو بلا حكم) أي وعلى هذا فالحجر على المفلس ليس كالحجر على السفيه لعدم احتياج
فك حجر المفلس لحاكم بخلاف حجر السفيه فإن فكه يحتاج له ورد المصنف بلو على

268
ابن القصار وتلميذه عبد الوهاب القائلين لا ينفك حجر عن محجور عليه إلا بحكم الحاكم.
قوله: (لكان أنسب) أي لان الحجر ثانيا لما تجدد من المال إنما يكون بعد فك الأول. قوله: (ولو مكنهم
الغريم) أي مما بيده وقوله فباعوا الخ مفهومه أنهم لو قاموا عليه فلم يجدوا شيئا فتركوه فداين آخرين ثم
فلسوه دخل الأولون مع الآخرين. قوله: (حيث يسوغ ذلك) أي بأن كان الدين الذي عليه مواقفا
لما بيده جنسا ونوعا وصفة. قوله: (فلا دخول الخ) جواب لو الشرطية في قوله ولو مكنهم أي لان فعلهم
هذا تفليس كتفليس الحاكم ففي سماع أصبغ سمعت ابن القاسم يقول عن مالك في رجل قام عليه
غرماؤه ففلسوه فيما بينهم وأخذوا ماله ثم داينه آخرون أن الآخرين أولى بما في يده بمنزلة تفليس
السلطان. قوله: (في أثمان ما أخذه) أي في أثمان السلع التي أخذها. قوله: (وفيما تجدد) أي ولا فيما تجدد عن
أثمان تلك السلع التي أخذها من الآخرين. قوله: (إلا أن يفضل) أي بيد المفلس عن دين الآخرين فضلة
فيتحاصص فيها الأولون كما لو كانت السلع عند المفلس وقت التفليس قيمتها أقل من الدين لكسادها
ثم بعد التفليس حصل فيها رواج وصارت أكثر من الدين فاندفع ما يقال إنه لا يفلس إذا كان ما بيده
أكثر من الدين. قوله: (كتفليس الحاكم) الكاف داخلة على المشبه به. قوله: (بخلع المال) أي وإن لم يحصل
منه قسم للمال بل وقع القسم منهم. قوله: (إلا أن يفضل فضلة) أي بعد وفاء الآخرين دينهم فإن
الأولين يتحاصون فيها. قوله: (إلا أن يتجدد له مال) هذا استثناء من عدم دخول الأولين مع
الآخرين وهو متصل لان المعنى لا دخول للأولين مع الآخرين في حال من الأحوال إلا إذا استفاد
مالا من غير أموال الآخرين كإرث. قوله: (مع الآخرين) أي فيتحاصون كلهم فيه. قوله: (إلى بقية
أحكام الحجر) أي التفليس. قوله: (وبيع ماله) أي وجوبا إن خالف جنس دينه أو صفته وإلا فلا
يجب والمستحب أن يكون البيع بحضرة المدين لأنه أقطع لحجته وقال المصنف في التوضيح لا يبعد
وجوبه وقوله وبيع ماله ظاهره الشمول للدين الذي له على الغير وهو الذي نص عليه ابن رشد واختاره
إلا أن يتفق الغرماء على إبقائها حتى تقبض وقيل إنها لا تباع وتبقى على آجالها ا ه‍ شب. قوله: (بعد ثبوت
الدين) أي بعد أن يثبت كل غريم دينه بالبينة وبعد إعذار الحاكم للمفلس في كل بينة وبعد إعذاره لكل
واحد من الغرماء في البينة الشاهدة لكل واحد من القائمين والمراد بإعذاره له فيها قطع عذره وحجته بأن
يقول له ألك مطعن في تلك البينة. وإذا علمت أن الاعذار في البينة تعلم أن قول الشارح والاعذار للمفلس
فيما ثبت عنده عن الدين فيه تسامح وكذا قوله ولكل من القائمين في دين صاحبه لان الاعذار ليس في
الدين بل في البينة التي أثبتته فتأمل. قوله: (وبعد حلف كل الخ) قال الشيخ ميارة في بعض طرره تأمل
هل هذه اليمين يمين قضاء وهم إنما أوجبوها على طالب ممن لا يمكنه الدفع عن نفسه أما حالا فقط
كالغائب أو حالا ومآلا كالميت أو هي يمين منكر فلا تتوجه إلا بدعوى كل واحد من الغرماء
على غيره أنه قبض أو أسقط مثلا. وفي كلام ابن رشد ما يؤيد الثاني حيث قال إذا كان المطلوب حاضرا
وادعى قضاء ما ثبت عليه فيمين طالبه يمين منكر لا يمين قضاء ا ه‍ بن. قوله: (فإن باعه بغيره) أي بغير
خيار بأن اشترط البت. قوله: (لطلب الزيادة) فإذا زاد أحد في تلك المدة على ثمن المشتري الأول رد الحاكم
بيعه وباع لهذا الثاني ثم إن بيع الحاكم وإن كان منحلا من جهته فهو لازم من جهة المشتري ولذا تلزمه نفقة
المبيع وإذا كان الضمان منه ا ه‍ عدوي. قوله: (في كل سلعة) متعلق بقوله بالخيار ثلاثا وقوله في كل
سلعة أي سواء كانت عرضا أو حيوانا أو عقارا، وهذا بخلاف خيار التروي فإنه يختلف باختلاف السلع
كما مر والظاهر أن للحاكم البيع بخيار التروي وعليه فيكون خيار الحاكم ثلاثا بعده واعلم أنه لا يختص

269
ما ذكره المصنف من الخيار ثلاثا بسلع المفلس بل كل ما باعه الحاكم على غيره من سلع غائب ومغنم
كذلك. قوله: (إلا ما يفسده التأخير) أي كطري اللحم ورطب الفاكهة فلا يستأني بها إلا ساعة من
الزمان. قوله: (ولو كتبا) رد بلو على من قال إن الكتب لا تباع أصلا واعلم أن الخلاف في الكتب
الشرعية كالفقه والتفسير والحديث وآلة ذلك أما غيرها فلا خلاف في وجوب بيعها. قوله: (وليست
كآلة الصانع) أي المحتاج إليها فإن فيها ترددا. قوله: (لان شأن العلم أن يحفظ) قال شيخنا أن الحفظ قد
ذهب الآن فلذا أجراها بعضهم على آلة الصانع. قوله: (إن كثرت قيمتهما) يحتمل أن المراد إن كانت
قيمتهما كثيرة في نفسها ويحتمل إن كثرت قيمتهما بالنظر لصاحبهما وإذا بيعا فيشتري له دونهما كما
إن دار سكناه تباع عليه إن كان فيها فضل ويشتري له دار تناسبه فإن كان لا فضل فيها فلا تباع.
قوله: (تلك القيمة) أي القيمة المعتبرة. قوله: (والمراد الخ) دفع بهذا ما يقال أنه لا فرق بين الثوب والأثواب
وحينئذ فلا وجه للتثنية وقد أجيب بجواب آخر وحاصله أن التثنية نظرا للغالب إذ الغالب لبس
ثوبين قميص ورداء أو جبة ورداء. قوله: (وهو يختلف باختلاف العرف) أي من لبس ثوب واحد أو
ثوبين أو ثوب وشئ آخر يجعله على الكتفين أو إزار ورداء. قوله: (وفي بيع آلة الصانع القليلة القيمة
المحتاج إليها تردد) حاصله أن عبد الحميد الصائغ تردد في آلة الصانع المحتاج لها هل هي مثل ثياب الجمعة
لا تباع إلا إذا كثرت قيمتها ويشتري له دونها أو تباع مطلقا قلت قيمتها أو كثرت فكثيرة القيمة
مجزوم ببيعها والتردد في قليلة القيمة فقول الشارح وفي بيع آلة الصانع القليلة القيمة أي وعدم بيعها
وإنما تباع إذا كثرت قيمتها كثياب الجمعة تردد. قوله: (لعبد الحميد الصائغ وحده) وحينئذ فمعناه
التحير وأما إذا كان من اثنين فمعناه الاختلاف كأن ينقل ابن رشد عن ابن القاسم قولا جاز ما به وينقل
اللخمي عنه قولا مغايرا له جازما به فإذا عبر المصنف في مثل هذا بتردد كان بمعنى خلاف في النقل من
المتأخرين عن المتقدمين. قوله: (كمدبر قبل الدين ومعتق لأجل) اللخمي تباع خدمة المعتق لأجل وإن
طال الاجل كعشر سنين ويباع من خدمة المدبر السنة والسنتين وإنما قيد الشارح بقوله قبل الدين لان
المدبر بعد الدين تباع رقبته لبطلان التدبير كما تقدم. قوله: (وولد أم ولده من غيره) أي وأما العبد القن
فهذا يباع عليه فهو داخل في قوله وبيع ماله. قوله: (بخلاف مستولدته) أي التي أولدها قبل الحجر عليه
وأما من أولدها بعد الحجر عليه فإنها تباع قال في المقدمات ولو ادعى في أمة أنها سقطت منه لم يصدق
إلا أن تقوم بينة من النساء أو يكون قد فشا ذلك قبل ادعائه وأما لو كان لها ولد قائم فقوله مقبول أنه منه.
قوله: (ولا يلزم الخ) ولو عامله الغرماء على التكسب إذا فلس ولو شرطوا عليه ذلك فلا يعمل بذلك
الشرط وسواء كان صانعا أو تاجرا هذا هو المعتمد خلافا لما في عبق من جبره على التكسب إذا
شرط عليه التكسب في عقد الدين انظر بن. قوله: (أي لا يلزمه أن يتسلف) أي يطلب مالا على وجه
السلف لأجل وفاء غرمائه وقوله ولا قبوله أي من غير طلب. قوله: (فيه فضل) أي زيادة على الشراء.
قوله: (لأنه ابتدء ملك) أي وابتداء الملك واستحداثه لا يلزمه لأنها معاملة أخرى ولو مات المفلس
عن شفعة فالشفعة للورثة لا للغرماء كما في خش. قوله: (ولا عفو) أي ولا يلزم بعفو عن قصاص لأجل
أخذ الدية وهذا ظاهر على مذهب أشهب من أن المجني عليه مخير بين أمور ثلاثة القود والعفو مجانا
وعلى الدية وأما على مذهب ابن القاسم القائل أنه يخير بين القود والعفو مجانا فقط فلا يتأتى إلزامه
على العفو لأجل الدية ومعلوم أن نفي الشئ فرع من صحة ثبوته إلا أن يحمل على ما إذا رضي الجاني

270
والمجني عليه بها تأمل. قوله: (أي ليس لهم أن يلزموه ذلك) ابن عرفة وفيها ليس لغرماء المفلس جبره على
انتزاع مال أم ولده أو مدبره ابن زرقون في سماع ابن القاسم من حبس حبسا وشرط أن للمحبس عليه
البيع فلغرمائه البيع عليه ابن رشد روى محمد ليس للغرماء ذلك وهو الآتي على قول المدونة لا يجبر
المفلس على انتزاع مال أم ولده ولا مدبره. تنبيه: قال في المقدمات فإن كان المفلس امرأة فليس
لغرماء أن يأخذوا معجل مهرها قبل الدخول ولا بعده بأيام يسيرة لأنه يلزمها أن تتجهز به للزوج
ولا يجوز لها أن تقضي منه دينها إلا الشئ اليسير. قال في المدونة الدينار ونحوه وفي الموازية الدينارين
والثلاثة وأما ما تداينته بعد دخول زوجها فإن مهرها يؤخذ فيه هذا نص رواية يحيى عن ابن القاسم
وفيها نظر وسكت عن كالئها كمؤخر الصداق هل للغرماء بيعه في دينهم أم لا الظاهر أن ذلك
لهم وأنه لا يلزمها أن تتجهز به للزوج ا ه‍ بن. قوله: (أي اعتصار الخ) أشار الشارح إلى أن المصنف
استعمل الانتزاع في حقيقته بالنسبة لانتزاع مال رقيقه ومجازه بالنسبة لانتزاع ما وهبه لولده
لأنه إنما يقال فيه اعتصار فإطلاق الانتزاع على هذا مجاز بالنسبة لعرف الفقهاء لا بالنسبة للغة لأنه
يقال له لغة لاخذ السيد مال رقيقه ولاخذ الوالد ما وهبه لولده انتزاع فالمجاز عرفي لا لغوي. قوله: (أي
لا يستأني) أي في المناداة عليه وقوله فلا ينافي أنه يتربص به أي في المناداة عليه وقوله الأيام اليسيرة
أي كثلاثة أيام ونحوها ثم يباع بعد ذلك بالخيار للحاكم ثلاثا كما مر. قوله: (فليس المراد) أي بقوله
وعجل بيع الحيوان أنه يباع بلا تأخير أصلا أي بل المراد أنه لا يستأني به كما يستأني بالعقار، وهذا
لا ينافي أنه يؤخر في المناداة عليه ثلاثة أيام ونحوها ثم يباع بالخيار للحاكم ثلاثة أيام كما مر.
قوله: (واستؤني بعقاره) أي في المناداة على عقاره وعلى عرضه إذا كان كثير القيمة وقوله كالشهرين أي
ثم يباع بعد ذلك بالخيار للحاكم ثلاثة أيام مراعاة لحال المفلس. وقوله: واستؤني أي وجوبا فإن لم
يستأن بذلك خير المفلس في إمضاء البيع ورده ولا يضمن الحاكم الزيادة التي في سلع المفلس حيث
باعها بغير استيناء إذ أمضى المفلس بيع الحاكم لان الزيادة غير محققة والذمة لا تلزم إلا بأمر محقق
ا ه‍ شيخنا عدوي ابن يونس. قال مالك يستأني في بيع ربع المفلس يتسوق به الشهر والشهرين، وأما
الحيوان والعرض فيتسوق بهما يسيرا والحيوان أسرع بيعا وسمع ابن القاسم. يستأني بالعروض
الشهر والشهران مثل الدار ابن رشد لفظه مشكل لاقتضائه أن العرض كالعقار يستأني به
الشهر والشهرين، وهذا مخالف لما قاله الامام فيحتمل أن يكون معنى قوله يستأني بالعروض الشهر
والشهرين أن العروض التي كالدور في كثرة الثمن يستأني بها الشهر والشهران ا ه‍ بن. قوله: (بالنظر)
أي بحسب ما يراه القاضي. قوله: (فلا يستأني به) أي في المناداة عليه. قوله: (وقسم بنسبة الديون) يحتمل
أن المراد بنسبة كل دين لمجموع الديون ويحتمل أن المراد نسبة مال المفلس لمجموع الديون ويأخذ
كل واحد من دينه بتلك النسبة فهو صادق بكل من الطريقتين في عمل المحاصة. قوله: (وهي نسبة
مال المفلس لمجموع الديون) أي وبتلك النسبة يأخذ كل غريم من دينه. قوله: (أي لا يكلف
القاضي الخ) أي بخلاف الورثة فإن الحاكم لا يقسم عليهم حتى يكلفهم ببينة تشهد بحصرهم وموت
مورثهم وتعددهم أي مرتبتهم من لميت اتفاقا وذلك لان عددهم معلوم للجيران وأهل

271
البلد فلا كلفة في إثباته والدين يقصد إخفاؤه غالبا فإثبات حصر الغرماء متعسر ا ه‍ ثم إنه يجب أن يكون
شهادة البينة الشاهدة للورثة على نفي العلم لا على القطع بأن يقول الشاهد لا نعلم له وارثا سوى هذا فلو قال
لا وارث له غير هذا قطعا بطلت شهادته. قوله: (واستؤني به) أي وجوبا وحاصله أن الميت إذا كان
معروفا بالدين فإن الحاكم لا يعجل بقسم ماله بين الغرماء بل يستأني به وجوبا بقدر ما يراه لاحتمال طرو
غريم آخر فتجمع الغرماء، وأما المفلس فلا يستأني بقسم ماله إن كان حاضرا أو غائبا غيبة قريبة أو كان
بعيد الغيبة وكان لا يخشى أن يكون عليه دين غير الحاضرين من الغرماء، فإن كان يخشى أن يكون عليه
دين لغيرهم فإنه يستأني بالقسم باجتهاده ففي مفهوم الموت وهو الفلس تفصيل. قوله: (فقط) مرتبط
بقوله إن عرف بالدين أي إن عرف بالدين لا غير ولا يصح أن يكون مرتبطا بقوله في الموت لان معنى
فقط فحسب فهو صريح في الحصر فكأنه قال واستؤني بالقسم في الموت فحسب أي لا غيره وهذا ينافيه
ما علمت من التفصيل في الفلس وأنه قد يستأني فيه. قوله: (والذمة قد خربت) أي حقيقة وحكما. قوله: (لعدم
خراب الذمة) أي لعدم خرابها حقيقة وإن خربت حكما ولذا عجل ما كان فيها مؤجلا من
الدين فذمة المفلس لما كانت باقية حقيقة فإذا طرأ غريم تعلق حقه بذمته لم يحتج للاستيناء في الفلس
بخلاف الميت، فإن ذمته قد زالت بالمرة فلو طرأ غريم لم يجد من يتعلق حقه بذمته فلذا وجب الاستيناء
في الموت ولان المفلس لو كان له غريم آخر لا علم به بخلاف الميت فإنه لا يمكنه الاعلام به. قوله: (منه) أي
حالة كون ذلك المخالف من جملة الدين. قوله: (من مقوم الخ) بيان لمخالف النقد. قوله: (بأن كان ما عليه
عرضا الخ) أي بأن كان الذي عليه مخالفا للنقد عرضا الخ. قوله: (فليس المراد بالمخالف النقد من مال
المفلس الخ) أي وإنما المراد بمخالف النقد من الدين الذي على المفلس وقوله إذ لا يتعلق به تقويم أي
بل يباع ليقسم ثمنه على الغرماء. وحاصله إذا كان على المفلس ديون مختلفة بعضها نقد وبعضها عرض
وبعضها طعام بأن كان لاحد الغرماء دنانير ولأحدهم عروض ولبعضهم طعام فإن ما خالف النقد من
مقوم ومثلي يقوم يوم قسم المال وهو مراده بيوم الحصاص، فإذا كان لغريم مائة دينار عليه ولغريم عرض
قيمته مائة ولآخر طعام قيمته مائة ومال المفلس مائة فإنها تقسم بين الغرماء أثلاثا فيأخذ صاحب
النقد ثلثها ولكل من صاحبي العرض والطعام الثلث فيعطي لصاحب النقد منابه ويشتري لصاحب
العرض عرضا من صفة عرضه بما نابه وكذلك صاحب الطعام كما أشار له المصنف بقوله واشترى الخ.
واعلم أن محل تقويم مخالف النقد إذا كان مال المفلس نقدا وأما لو كان الدين كله عروضا موافقة لمال
المفلس في النوع والصفة فلا حاجة للتقويم بل يتحاصون بنسب. عرض كل لمجموع العروض. قوله: (ومضى
إن رخص أو غلا) فإذا كان على المفلس مائة دينار لواحد وعشرة أرادب لواحد وعشرة أثواب لواحد
وقوم كل من الأرادب والثياب بمائة فجملة الدين ثلاثمائة وكان مال المفلس مائة فاقتسمها أرباب الديون
فخص كل واحد ثلثها ثلاثة وثلاثون وثلث فلم يشتر لصاحب الطعام أو الثياب بما نابه في الحصاص حتى
رخص السعر فاشترى له خمسة أرادب أو خمسة أثواب أو عشرة فإن ذلك يمضي فيما بين رب ذلك الدين وما
بين الغرماء وليس لهم عليه رجوع في الرخصة بل يفوز بنصف دينه أو كله دونهم وليس لهم أن يقولوا
له نحاصصك فيما زاد على ثلث دينك بل يختص بما زاده الرخص إلا أن يزيد على دينه فيرد الزائد عليهم

272
يتحاصصون فيه، كما لو اشترى أحد عشر ثوبا فالثوب الحادية عشرة كمال طرأ، وكذلك لو أخر الشراء
حتى حصل غلو كما لو اشترى في المثال المذكور خمس دينه كإردبين أو ثوبين فليس لمن له الطعام أو العرض
أن يقول ارجع على الغرماء بما نقص عن ثلث ديني الذي نابني في الحصاص وإنما يكون التحاسب بين
من له الطعام أو العرض وبين المفلس فيسقط عن المفلس ما زاده الرخص من دين من له الطعام أو
العرض ويتبعه في الغلاء بما نقص من دينه فيصير لمن له الطعام أو العرض في الرخص في المثال نصف
الأرادب أو الثياب ويبقى له في ذمة المفلس في الغلاء أربعة أخماس دينه وهو ثمانية أرادب أو أثواب.
قوله: (فلا رجوع للغرماء عليه) أي على صاحب العرض الذي حصل الرخاء أو الغلو عند الشراء له.
قوله: (ويرجع) أي الغريم صاحب العرض على المدين الخ. قوله: (فيهما) أي في الرخص والغلاء
فيسقط ما زاده الرخص عن المفلس من دين من له الطعام أو العرض وفي الغلاء يتبعه بما نقص لأجل
الغلاء من دينه. قوله: (بما بقي له) أي بعد الذي أخذه. قوله: (على الغرماء) أي يتحاصصون فيه.
قوله: (في شرط جيد) أي فيما إذا كان المسلم اشترط على المسلم إليه المفلس عند عقد السلم جيدا بأن أسلمه
في عشرة أرادب سمراء أو محمولة جيدة أو أسلمه في عشرة أثواب محلاوي جيدة. قوله: (أدنى الجيد)
أي من ذلك النوع المسلم فيه. قوله: (وسطه) أي وسط الجيد من ذلك النوع المسلم فيه.
قوله: (لأنه العدل بينهما) أي بين المفلس وصاحب الدين لان الأعلى ظلم على المفلس والأدنى ظلم
على صاحب الدين. قوله: (ولو اشترط) أي رب الدين على المسلم إليه المفلس أدنى أي من النوع
المسلم فيه. قوله: (قولان) إن قلت هذا يخالف ما مر من قوله في السلم وحمل في الجيد والردئ على
الغالب وإلا فالوسط قلت ما مر إذا لم يفلس المسلم إليه وما هنا فيما إذا فلس فللمفلس حكم غير حكم غيره.
قوله: (وجاز) أي عند التراضي وأما عند المشاحة فقد سبق أنه يشتري له صفة طعامه أو مثل
عرضه بما نابه في الحصاص. قوله: (أخذ الثمن الذي نابه في الحصاص) أي بدلا عما ينوبه من
دينه. قوله: (إلا لمانع كالاقتضاء) المواق هذا مبني على أن التفليس لا يرفع التهمة وقيل أن التفليس
يرفع التهمة فيجوز في التفليس ما لا يجوز في الاقتضاء ابن عرفة وهما روايتان ا ه‍ بن. قوله: (وبغير
جنسه) أي وجاز وفاء المسلم فيه بغير جنسه وقوله إن جاز بيعه أي المسلم فيه قبل قبضه.
قوله: (وبيعه) أي وجاز بيع المأخوذ بالمسلم فيه. قوله: (وأن يسلم فيه) أي في المأخوذ. قوله: (لأنه)
أي المسلم آل أمره وقوله إلى أنه أي المسلم دفع له أي للمسلم إليه. قوله: (فلا يجوز أخذ ما نابه) بل يتعين
الشراء له من جنس دينه. قوله: (لأنه يؤدي إلى بيع وصرف متأخر) أي وإلى اجتماع البيع
والصرف. قوله: (وبيع الطعام الخ) أي والبيع والسلف إن كان المسلم فيه العين عرضا كثوبين
والحاصل أن رأس المال إذا كان ذهبا فلا يجوز أخذ ما نابه في الحصاص إن كان فضة لما فيه من الصرف
المؤخر واجتماع البيع والصرف أو كان ذهبا وكان المسلم فيه طعاما أو عرضا كثوبين لما في الأول من
بيع الطعام قبل قبضه ولما في الثاني من اجتماع البيع والسلف. قوله: (إن كان المسلم فيه طعاما) قال في
التوضيح لو أسلم عشرين درهما في إردبين قمحا ونابه في الحصاص عشرة مثلا فلا يجوز أن يأخذها
لأنه يدخله بيع الطعام قبل قبضه ويدخله أيضا البيع والسلف ا ه‍. وهو ظاهر لان العشرة عن مثلها
من العشرين سلف والأردب الباقي بذمته عن العشرة الأخرى بيع ا ه‍ بن. قوله: (بما أنفقت
على نفسها حال يسر زوجها) سواء كان ما أنفقته من عندها أو تسلفته وسواء كان الدين
الذي فلس فيه قبل الانفاق أو بعده لان ما أنفقته حال يسره عوض عما لزمه. قوله: (لا حال عسره)
أي سواء تسلفت أو كان ما أنقته من عندها وسواء كانت تلك النفقة حكم بها أم لا كان الدين الذي

273
فلس بسببه قبل الانفاق أو بعده. قوله: (وبصداقها كله) فلو حاصت بصداقها ثم طلقها الزوج قبل
الدخول بها ردت ما زاد على تقدير المحاصة بنصف الصداق ولا تحاصص فيما ردته على الصواب
مثلا لو كان لرجلين على زوج مائتان وحاصت الزوجة معهما بمائة الصداق ومال المفلس مائة
وخمسون نسبته من الديون النصف وأخذ كل واحد نصف دينه وهو خمسون، فإذا قدرت بعد الطلاق
محاصة بخمسين نصف الصداق، كان لها في الحصاص ثلاثون لتبين أن مجموع الديون مائتان
وخمسون فقط ومال المفلس ثلاثة أخماسها وترد عشرين للغريمين الآخرين ليكمل لكل واحد
منهما ستون هي ثلاثة أخماس دينه ولا دخول لها معهما فيما ردته كما هو ظاهر وما في عبق وخش فهو
غلط في صناعة العمل كما قال شيخنا. قوله: (لا بنفقة الولد) حاصله أن الزوجة إذا أنفقت على ولد
المفلس في حال يسره فإنها لا تحاصص بها مع الغرماء وهذا لا ينافي أنها ترجع بها على الأب في المستقبل
إذا طرأ له مال وهذا ما لم يحكم بها حاكم وإلا حاصت بها سواء كانت تسلفتها أو أنفقتها من عندها
فالمحاصة بها مشروطة بأمرين أن يكون إنفاقها على الولد في حال يسر الأب وأن يحكم بها حاكم.
قوله: (لكن لها الرجوع بها عليه) أي في المستقبل إذا طرأ له مال. قوله: (إن أنفقت حال يسره) وإلا فلا
رجوع لها عليه. قوله: (وكذا لا تحاصص) أي الزوجة بما أنفقته على أبوي زوجها المفلس إلا بشروط
ثلاثة أن يكون قد حكم بتلك النفقة وأن تكون الزوجة قد تسلفت تلك النفقة وأن يكون إنفاقها
عليهما حال يسره. والحاصل أن الانفاق حال اليسر معتبر في المحاصة في المسألتين مسألة الانفاق
على ولد المفلس ومسألة الانفاق على أبويه وكذا الحكم بها ويختلفان في اشتراط التسلف فهو
شرط في الثانية دون الأولى. هذا محصل كلام الشارح وما ذكره من أنها تحاصص بما أنفقته على أبوي
زوجها المفلس بالشروط الثلاثة هو قول أصبغ والمعتمد رواية ابن القاسم عن مالك أنها لا تحاصص
بنفقة الأبوين مطلقا انظر بن وعليه اقتصر في المج. قوله: (وإن ظهر دين الخ) يعني أن المفلس أو
الميت إذا قسم الغرماء ماله ثم طرأ عليهم غريم بعد القسم ولم يعلموا به والحال أنه لم يعلم به الوارث
ولا الوصي ولم يكن الميت مشهورا بالدين فإنه يرجع على كل واحد من الغرماء بالحصة التي تنوبه
لو كان حاضرا ولا يأخذ أحد عن أحد، فلو كان مال المفلس عشرة وعليه لثلاثة كل واحد عشرة
أحدهم غائب اقتسم الحاضران ماله فأخذ كل واحد منهما خمسة ثم قدم الغائب فإنه يرجع على كل واحد
منهما بواحد وثلثين ا ه‍. وقولنا لم يعلموا به احتراز مما إذا اقتسموا عالمين به فإنه يرجع عليهم بحصته
ولكن يأخذ الملئ عن المعدم والحاضر عن الغائب والحي عن الميت كما سيأتي للشارح نقلا عن
المصنف وقولنا والحال الخ احترازا عما لو كانا لوارث أو الوصي عالما بالغريم أو كان الميت مشهورا
بالدين فسيأتي للمصنف أن الغريم الطارئ يرجع بحصته على الوارث أو الوصي وهما يرجعان على
الغريم بما دفعا له واحترز المصنف بقوله ظهر عما لو كان أحد الغرماء حاضرا للقسم ساكتا بلا عذر
له عن القيام بحقه فإنه لا يرجع على أحد بشئ لان سكوته يعد رضا منه ببقاء ما ينوبه في ذمة المفلس، وأما
لو حضر انسان قسمة تركة ميت ولم يدع شيئا من غير مانع يمنعه ثم ادعى بعد ذلك بدين فلا تسمع
دعواه حيث حصل القسم في الجميع فإن بقي بعد القسم ما يفي بدينه لم يسقط حقه إذا حلف أنه ما ترك
حقه كما أشار لذلك ابن عاصم في التحفة بقوله:
وحاضر لقسم متروك له * عليه دين لم يكن أهمله
لا يمنع القيام بعد أن بقي * للقسم قدر دينه المحقق
ويقبض من ذلك حقا ملكه * بعد اليمين أنه ما تركه

274
فإن قال ما علمت بالدين إلا حين وجدت الوثيقة حلف وكان له القيام فإن نكل حلفت الورثة لا يعلمون
له حقا فإن قال كنت أعلم ديني ولكن كنت أنتظر وجود الوثيقة أو البينة فلا قيام له بحقه كما صوبه
ابن ناجي وقاله الجزولي وابن عمر قال ابن ناجي واختار شيخنا أبو مهدي أنه يقبل وذلك عذر ثم رجع
عنه انظر ح. قوله: (وإن بيع الخ) أي هذا إذا كان ذلك المستحق بيع بعد فلسه بل وإن كان قد بيع قبل
فلسه ولكن وقع الاستحقاق من المشتري بعد القسم. والحاصل أن بيع السلعة وقع بعد الموت
أو الفلس أو وقع قبلهما لكن الاستحقاق وقع بعد القسم ا ه‍. وبعد هذا فاعلم أن الصواب
حذف قوله وإن فيقول أو استحق مبيع قبل فلسه لأنه إنما يرجع المستحق فيه على الغرماء بما ينوبه
في الحصاص إذا كانت السلعة قد بيعت قبل الفلس وأما لو بيعت بعده ثم استحقت بعد القسم فإنه
يرجع على الغرماء بجميع الثمن لا بالحصة فقط كما هو ظاهر المصنف اللهم، إلا أن تجعل الواو للحال
وأن زائدة وأما جعلها للمبالغة في البيع أو الاستحقاق فلا يصح. والحاصل أنها إذا بيعت بعد
الفلس يرجع بجميع الثمن وإذا بيعت قبله يرجع بالحصة فقد اختلفا في هذا الحكم وإن اتفقا في أنه
لا يؤخذ ملئ عن معدم ولا حاضر عن غائب انظر بن. قوله: (بالحصة) أي التي تخصه لو كان حاضرا
للقسمة ولا يأخذ مليا عن معدم ولا حاضرا عن غائب. قوله: (فلو أخذ غريم سلعة الخ) هذا بيان لمفهوم
قول المصنف أو استحق مبيع وقوله رجع على بقية الغرماء بما ينوبه أي بالحصاص. قوله: (ولو بيعت
سلعة قبل القسم لأجنبي) هذا حل لمنطوق المتن ولو شرطية جوابها رجع الخ وقوله فاستحقت من
يده أي فاستحقت من يد الأجنبي المشتري بعد القسم. قوله: (ولو باعها المفلس قبل فلسه) أي هذا
إذا بيعت بعد الفلس بل ولو باعها المفلس قبل فلسه وأنت خبير بأن قول الشارح رجع على جميع الغرماء
بالثمن مخالف لقول المصنف رجع بالحصة أي التي تخصه لو كان حاضر القسم، فإن ظاهر المصنف
الرجوع بالحصة سواء باعها المفلس قبل فلسه أو بيعت بعد فلسه، ومخالف لما تقدم تحقيقه عن بن
من أنه يرجع على الغرماء بالحصة إن كان المفلس باعها قبل تفليسه، وإن بيعت بعد تفليسه رجع عليهم
بالثمن فكانا الأحسن لملاقاته لكلام المصنف أن يقول رجع على جميع الغرماء بالحصة التي تنوبه في
الحصاص فيأخذ من كل واحد ما زاد على ما يستحقه لو كان حاضرا ولا يأخذ أحدا عن أحد ولو باعها
المفلس قبل فلسه وإن كان المعتمد في المسألة ما علمته من التفصيل فتأمل. قوله: (ما كان يستحقه) أي وهو
ثمن السلعة المستحقة من يده. قوله: (لأنهم لم يتناولوا من ماله شيئا) أي وإنما الذي اقتسموه مال المفلس.
قوله: (كوارث الخ) لما كان الطارئ ثلاثة إما غريم على غريم وإما وارث أو موصي له على مثله
وإما غريم على وارث ولما أنهى الكلام على الأول شبه به الثاني بقوله كوارث الخ. قوله: (ثم ذكر مفهوم الخ)
فيه أن هذا الآتي ليس مفهوم ما مر نعم هو تقييد لما مر فالأولى أن يقول ثم قيد قوله وإن ظهر الخ. قوله: (رجع
عليه) أي رجع ذلك الطارئ على الوارث أو الوصي فيأخذ منه ما يخصه بالمحاصة لو كان حاضرا ثم يرجع
الوارث أو الوصي على الغرماء الذين قبضوا أولا بقدر ما أخذه هذا الطارئ منه كما يأتي في قول المصنف
ثم رجع على الغريم فهو من تتمة هذا الفرع ولا يأخذ الوارث إذا رجع بما دفعه للطارئ أحدا من الغرماء
عن أحد إلا أن يكون الغرماء عالمين بذلك الغريم الطارئ حين قسمهم وإلا أخذ الملئ منهم عن المعدم
والحاضر عن الغائب والحي عن الميت. وقوله رجع عليه بما ثبت على الميت الأولى رجع عليه بالحصة التي
تخصه أن لو كان حاضرا ومقابل قول المصنف رجع عليه يأتي في قوله وفيها البداءة بالغريم

275
فهو مرتبط بهذا. قوله: (وأخذ ملئ الخ) ما تقدم في قوله وإن ظهر دين الخ وكذا قوله وإن اشتهر ميت
في طرو غريم على غرماء ميت أو مفلس وأما قوله وأخذ الخ في طرو غريم على ورثة. وحاصله أن
الورثة إذا اقتسموا التركة ميراثا سواء كان الميت مشتهرا بالدين أو لا علموا بأن عليه دينا أو لا ثم طرأ
عليهم غريم فإنه يأخذ الحي عن الميت والملئ عن المعدم والحاضر عن الغائب بجميع حقه ما لم يجاوز
حق الطارئ ما قبضه الوارث وإلا فلا يدفع له إلا ما قبضه فقط ويرجع ذلك الطارئ ببقية دينه
على بقية الورثة إن كانوا أملياء أو على الملئ منهم، فإن أعدموا كلهم لم يرجع بذلك الباقي على أحد.
قوله: (عن معدم وغائب وميت) راجع لقوله وأخذ ملئ أو حاضر أو حي على سبيل اللف والنشر
المرتب. قوله: (ما لم يجاوز ما قبضه) أي الوارث لنفسه أي ولا يشترط فيه شهرة الميت بالدين ولا علم
الوارث بالدين. قوله: (فهذا) أي قوله وأخذ ملئ عن معدم ما لم يجاوز ما قبضه خاص بما قبضه الوارث
لنفسه وأما المقبض لغيره فلا يؤخذ ملئ عن معدم وهي قوله وإن اشتهر الخ. قوله: (عليه) أي على
الغريم إذا حصل له يسار. قوله: (تأويلان) الأول للخمي والثاني لابن يونس ا ه‍ بن والظاهر كما في
المج من التأويلين التأويل بالوفاق بين المحلين بحملهما على التخيير لا على التعيين كما هو تأويل الخلاف.
قوله: (قال المصنف) أي في التوضيح. قوله: (إذا علم الغرماء الخ) أي في مسألة طرو الغريم على
الغرماء المشار لها بقوله وإن ظهر دين لغريم بعد القسم. قوله: (أن يكونوا كالورثة) أي القابضين
لأنفسهم إذا طرأ عليهم غريم. قوله: (وكذا ينبغي إذا علم الوارث) أي حين القسم بذلك الغريم الطارئ
وقوله بمبلغ التركة أي إذا كان دينه يستغرقها بتمامها. قوله: (لا بما قبضه لنفسه فقط) أي وحينئذ
فيحمل قول المتن هنا ما لم يجاوز ما قبضه على ما إذا كان الوارث المطرو عليه غير عالم بالغريم الطارئ.
قوله: (فإن تلف الخ) لما كان قسم مال المفلس أو الميت على الغرماء لا يتوقف على حضور جميعهم بل
يقسم ولو غاب بعضهم والحاكم وكيل الغائب فيعزل نصيبه إلى قدومه بين حكم تلف ذلك النصيب
المعزول له بقوله وإن تلف الخ. وحاصله أن ضمان نصيب الغائب المعزول له منه إن عزله الحاكم
أو نائبه لا من الحاكم ولا من المديان وإن عزله الورثة أو الغرماء فضمانه من المديان ومحل كون ضمان
ما عزله الحاكم من الغائب إذا كان ذلك النصيب المعزول من جنس دينه وألا يكن من جنس دينه بل
عزل ليشتري له به من جنس دينه فضاع فضمانه من المفلس. قوله: (فضمانه من المديان) أي فإن كان معدما
اتبعت ذمته في المستقبل وإن كان ميتا ترتب ظهور مال له فيؤخذ منه فإن لم يكن له مال ضاع المال على
أربابه. قوله: (فلا رجوع له على الغائب) أي ولا على غيره أيضا بالحصة التي كانت تؤخذ من نصيب
الغائب لو بقي وما ذكره من عدم الرجوع على الغائب هو ما صححه في الشامل قال وهو خلاف ما عزاه
المازري لمعروف المذهب من رجوع الطارئ على الغائب بحصته مما ضاع كما هو قول ابن المواز لأنه لما
وقف له صار كأنه قبضه وهلك بيده. قوله: (كعين الخ) ابن عرفة عن ابن رشد معنى قول ابن القاسم أن
ضمان العين من الغرماء إن كان دينهم عينا ونحوه في أبي الحسن ا ه‍ بن. فعلى هذا لو وقفت العين
ليشتري لهم بها من جنس دينهم فضاعت كان ضمانها من المدين. قوله: (ووقف لغرمائه) أي وقف
ليقسم على غرمائه. قوله: (لتفريطهم) ظاهره أنه إذا لم يقع منهم تفريط لا يضمنون وظاهر النقل
الضمان مطلقا فالأولى في التعليل أن يقال لأن العين ليست معدة للنماء فلما وقفت للغرماء كان

276
ضمانها منهم بخلاف العرض فإنه معد للنماء فليس بمجرد وقفه يدخل في ملكهم ا ه‍ عدوي.
قوله: (فضاع) أي أو تلف قبل دفعه لهم في الأولى وقبل بيعه في الثانية. قوله: (والمراد بالعرض ما قابل العين)
أي فيشمل الطعام والحيوان والثياب والكتب. قوله: (وهل عدم ضمانهم) أي الغرماء. قوله: (أو إلا
أن يكون الخ) أي أو عدم ضمان الغريم للعرض إلا أن يكون ذلك العرض مماثلا لدين الغرماء وإلا
كان الضمان منه. قوله: (تأويلان) الاطلاق للخمي والمازري والباجي والتقييد لابن رشد وعبد الحق
عن بعضهم. والحاصل أن ابن القاسم قال إن ضمان العين الموقوفة للقسم على الغرماء منهم وضمان
العرض من المدين فاختلف الأشياخ في فهم قوله وضمان العرض من المدين، فقال ابن رشد هذا مقيد
بالعرض المخالف لدين الغرماء ووقف ليباع ويشتري بثمنه مثل دينهم أما لو كان موافقا لدينهم
ووقف ليقسم بينهم فضمانه منهم، وقال غيره ضمان العرض الموقوف من المدين مطلقا. وظاهر المصنف
اعتماده حيث ذكره أولا ثم ذكر بعد ذلك ما في المسألة من الخلاف وإنما كان المعتمد الاطلاق لان
العرض وإن كان موافقا للدين لا يعطي حكم العين لان العرض لو حصل فيه نماء كان ربحه للمفلس
ومن له النماء عليه الضمان قال طفي والتأويلان في كلام ابن القاسم في غير المدونة وقد اعترض المواق
كلام المصنف قائلا انظر قوله تأويلان مع أنهما ليسا على المدونة ا ه‍ بن. واعلم أن الخلاف
محله إذا كان الذي أوقف العرض للغريم القاضي لا الغرماء أو الورثة وإلا كان الضمان من المديان
اتفاقا ا ه‍ خش. قوله: (لا ما يترفه به) أي فإذا كان يقتات بطعام فيه ترفه فلا يترك له ذلك.
قوله: (والنفقة الواجبة عليه لغيره) أي فيترك له ما تقوم به البينة لا ما فيه ترفه. قوله: (الواجبة عليه لغيره) أي
بطريق الأصالة لا بالالتزام لسقوطها بالفلس. قوله: (لظن يسرته) متعلق بقوته لأنه وإن كان جامدا
في معنى المشتق وهو المقتات أي ما يقتات به لظن يسرته يترك له وليس متعلقا بترك على أنه غاية
لان المعنى حينئذ ترك له تركا مستمرا لظن يسرته وهذا غير صحيح لان الترك في لحظة فلا استمرار
فيه. قوله: (بخلاف مستغرق الذمة) اعلم أن من أكثر ماله حلال وأقله حرام المعتمد جواز معاملته
ومداينته والأكل من ماله كما قال ابن القاسم خلافا لأصبغ القائل بحرمة ذلك وأما من أكثر ماله
حرام والقليل منه حلال، فمذهب ابن القاسم كرهة معاملته ومداينته والأكل من ماله وهو المعتمد
خلافا لأصبغ المحرم لذلك، وأما من كان كل ماله حرام وهو المراد بمستغرق الذمة فهذا تمنع معاملته
ومداينته ويمنع من التصرف المالي وغيره خلافا لمن قال أنه مثل من أحاط الدين بماله فيمنع من
التبرعات لا من التصرف المالي وسبيل ماله إذا لم يمكن رده لأربابه سبيل الصدقة على الفقراء ليس إلا
وقيل يصرف في جميع منافع المسلمين كبناء القناطر وسد الثغور، واختلف إذا نزع منه ليصرف في
مصالح المسلمين هل يترك له منه شئ أو لا والمعتمد أنه يترك له منه ما يسد جوعته ويستر عورته فقط ا ه‍
تقرير شيخنا عدوي. قوله: (والمظالم) عطف تفسير. قوله: (إلا ما يسد رمقه) أي جوعته وهذا
هو المعتمد وهو قول ابن رشد وكلام ح في شرح المناسك يفيد أنه لا يترك له شئ ولا ما يسد
جوعته. قوله: (لم يعاملوه على ذلك) أي على الانفاق من مالهم أي بخلاف المفلس فإن أرباب الأموال
عاملوه على ذلك. قوله: (ولو ورث أباه بيع الخ) قول الشارح لو ورث المفلس أي سواء كان بالمعنى
الأعم وهو من قام عليه الغرماء ومنعوه التصرف أو بالمعنى الأخص وهو من حكم الحاكم بخلع ماله
لعجزه عن وفاء ما عليه، وسكت المصنف عن شراء المفلس لمن يعتق عليه. وحاصل ما فيه أن شراءه
ممنوع ابتداء وبعد الوقوع فاسد عند ابن عبد السلام وصحيح موقوف على نظر الحاكم على
نقل ابن عرفة أو على نظر الغرماء وهذا هو محصل ما تقدم في تصرفه المالي فلم يقولوا ذلك في مسألة

277
شرائه لأبيه بخصوصها وتقدم أن الصواب أنه صحيح موقوف على نظر الغرماء ثم إن رده الغرماء
فظاهر وإن أجازوه بيع كما نص عليه المصنف في العتق انظر بن. قوله: (لا إن وهب له) أي للمفلس
مطلقا من يعتق عليه. قوله: (وحبس) عطف على قوله فيمنع من تصرف مالي وقوله المفلس بالمعنى
الأخص فيه نظر بل فاعل حبس ضمير راجع للمديان مفلسا كان بالمعنى الأخص أم لا، كما هو
الظاهر، لان من جملة هذا التقسيم كما يأتي ظاهر الملاء ومعلومه وهما لا يفلسان بالمعنى الأخص. ويستفاد
من ذلك أن التفليس لا يتوقف على ثبوت العسر وهو ظاهر المدونة وظاهر قول المصنف وفلس إلى قوله
بطلبه الخ فإنه يقتضي أن التفليس يحصل بمجرد طلبه بالشروط السابقة وقد يخفى بعد ذلك ما لا فيحتاج
أن يحبس إلى أن يثبت عسره ولم يخف مالا خلافا لما يفيده ابن عبد السلام من توقف التفليس على
ثبوت العدم. قوله: (لثبوت) أي إلى ثبوت. قوله: (إن جهل حاله) أي هل هو ملئ أو معدم لان الناس
محمولون على الملاء وهذا مما قدم فيه الغالب وهو التكسب على الأصل وهو الفقر لان الانسان يولد
فقيرا لا ملك له غالبا. قوله: (لا إن علم عسره) أي فلا يحبس. قوله: (ولم يسأل الصبر) جملة حالية من ضمير
جهل أي إن جهل حاله في حال كونه لم يسأل الخ فلو سأل الصبر عن الحبس لاثبات عسره بحميل
يضمنه حتى يثبت عسره فإنه لا يحبس ثم إن أثبت عسره وحلف أنه لا مال له فالامر ظاهر وإن هرب
قبل أن يثبت عسره أو بعد أن أثبته بالبينة وقبل أن يحلف غرم الحميل الدين، وإليه أشار المصنف بقوله
فغرم الخ. قوله: (بحميل بوجهه) قال في التوضيح لم يبين في المدونة هل الحميل بالوجه أو بالمال والصواب
أن يكون بالوجه وأولى بالمال ولا يتعين أن يكون بالمال قاله أبو عمران وأبو إسحاق وغيرهما من القرويين
والأندلسيين ولا يقضي النظر غيره. ونقل بعضهم عن المتيطي أنه يكلف بإقامة حميل بالمال إلى أن
يثبت العدم فإن عجز عن حميل المال سجن على القول المشهور المعمول به وانظره ا ه‍ بن. قوله: (وإن
أثبت) أي الحميل عدم المدين. قوله: (بعد ثبوت العسر) أي بالبينة وقوله يتوقف عليها ثبوت عسره
أي بالحكم. قوله: (إن أثبت) أي الحميل وقوله عسره أي عسر المدين. قوله: (والمشهور ما للخمي الخ)
قال بن نقلا عن بعضهم وهو الذي جرى به العمل عندنا بفاس. قوله: (مطلقا) أي سواء أثبت
عدمه أم لا. قوله: (أو ظهر ملاؤه) عطف على جهل حاله أي حبس إن جهل حاله أو ظهر ملاؤه
لثبوت عسره ولو كان مقعدا ويحدد من يخشى هروبه وأجرة الحباس كأجرة العون من بيت المال
إن كان وأمكن أخذه منه وإلا فعلى الطالب إن لم يلد المطلوب كما أفاده ح أو المراد بظاهر الملاء من
يظن به ذلك بسبب لبسه الفاخر من الثياب وركوبه لجيد الدواب وله خدم من غير أن يعلم حقيقة
حاله. قوله: (ولم يسأل الصبر) أي لاثبات عسره بحميل أي فإن سأله أجيب وهل يكفي حميل بالوجه
كالمجهول وأولى بالمال وهو لابن القاسم أو لا بد من حميل بالمال ولا يكفي حميل الوجه وهو لسحنون وقيل
أن الأول في غير الملد والثاني في الملد فليس في المسألة قولان بل قول واحد. قوله: (كمعلوم الملاء) أي فإنه

278
يحبس أبدا ولا يقبل منه حميل، كذا قال شارحنا تبعا لعبق وظاهره ولو كان ذلك الحميل حميلا بالمال وفيه
نظر بل الذي في المواق عن ابن رشد ولا ينجيه من السجن والضرب إلا حميل غارم ومثله في التوضيح
عن عياض وكذا في متن العاصمية ا ه‍ بن. قوله: (ومنه) أي من الملد المعاند وقوله للتجارة أي لان
يتجر لهم فيها بجزء من الربح مثلا. قوله: (وليس للحاكم بيعه) أي بيع ماله. قوله:
(قد ضرب على يديه) أي قد ضربه الحاكم على يديه أي منعه من التصرف أي ألزمه ذلك المنع. قوله: (ومنعه من التصرف) أي
بخلاف ظاهر الملاء ومعلومه فإنه لم يمنع من التصرف إذ لا يفلس واحد منهما فكان كل واحد هو الذي
يتعاطى بيع ماله. قوله: (وفي حلفه) أي المدين الذي بيع ماله وقبض ثمنه وقوله ولو مفلسا أي هذا إذا كان
غير مفلس بأن كان معلوم الملاء أو ظاهره بل ولو كان مفلسا لجهل حاله وقوله لم يعلم أي الذي لم
يعلم أن عنده ناضا. قوله: (أي في جبره على الحلف على عدم الناض الخ) قال في التنبيهات واختلف هل يحلف على
إخفاء الناض إذا لم يكن معروفا به فقيل يحلف وهو مذهب ابن دحون. وقيل لا يحلف وهو مذهب
أبي علي الحداد وقيل إن كان من التجار حلف وهو قول ابن زرب. ولا يحلف إن لم يكن تاجرا والخلاف
في هذا مبني على الخلاف في توجه يمين التهمة ا ه‍ بن والظاهر الأول كما في المج. قوله: (فلا يحلف)
أي فلا يجبر على الحلف اتفاقا. قوله: (علم بالناض) أي علم بأن عنده ناضا أم لا. قوله: (لا على لم يؤخر) أي
لاقتضائه أنه لا يضرب إلا من علم بالناض فقط وأما من علم بالملاء ولم يعلم بالناض فلا يضرب وليس
كذلك. قوله: (مرة بعد مرة) أي حتى يؤدي ما عليه. قوله: (ولو أدى الخ) أي من غير أن يقصد الحاكم
ذلك أما لو ضربه قاصدا إتلافه فإنه يقتص منه. قوله: (أي شهدت بينة) أي عدلان فأكثر خلافا لمن قال
لا يثبت العسر إلا بشهادة أكثر من عدلين. قوله: (قائلة الخ) أشار الشارح بهذا إلى أن قول المصنف
أنه لا يعرف الخ بكسر الهمزة على أنها محكية بقول مقدر، وهذا غير متعين بل يجوز فتحها على أنها
مجرورة بجار محذوف متعلق بشهد أي وإن شهد بعسره على أنه الخ وفهم منه أن الشهادة على نفي العلم لا على
البت وإلا بطلت لاحتمال أن يكون له مال في الواقع ولا يعلم الشاهد به وانظر هل يغتفر في ذلك للعوام أم لا.
والظاهر كما قرر شيخنا الاغتفار قياسا على ما قالوه من أن الشاهد إذا شهد وحلف أن ما شهد به حق فإنها
تبطل شهادته ما لم يكن عاميا وإلا اغتفر له ذلك وأما إذا احتملت الشهادة البت ونفي العلم ففي بطلانها
وعدمه قولان لان كما لو قالت إنه فقير عديم لا مال له ظاهر ولا باطن. قوله: (بعسر مجهول الحال وظاهر الملاء)
أي وأما معلوم الملاء فلا ينفعه إلا البينة الشاهدة بذهاب ما بيده ولا يكفي قولها لا نعرف له مالا ظاهرا
ولا باطنا ومثله من يقر بقدرته على دفع الحق وملائه فلا تنفعه البينة الشاهدة بعدمه وأنها لا تعرف له
مالا ظاهرا ولا باطنا لأنه مكذب لها ما لم تقم قرينة على كذبه في ذلك الاقرار. قوله: (إذ يحتمل الخ) علة
لمحذوف أي وإنما حلف على نفي العلم لا على البت لأنه يحتمل الخ. قوله: (والمذهب أنه يحلف على البت)
أي وعليه اقتصر ابن عرفة عن ابن رشد واقتصر عليه أيضا في المفيد ورجح ابن سلمون أنه يحلف على
نفي العلم ومشى عليه المصنف ووجهه بعضهم باحتمال أن يكون له مال لا يعلمه بكإرث أو وصية فتحصل
أن في اليمين قولين وأما الشهادة فهي على نفي العلم على كل من القولين. واعلم أن اليمين لا تتوقف على
قوله ظاهرا وباطنا إذ لو قال والله ما لي مال لكفى فزيادة ذلك مجرد توكيد وذلك لان اليمين على
نية المحلف، كما أن قوله وإن وجدته لأقضين ليس شرطا في صحة اليمين وإنما يزيدها
لأجل دفع اليمين عنه في المستقبل إذا ادعى عليه حدوث مال فزيادتها مجرد استحباب لان
الشارع متشوف لترك الخصومات ا ه‍ تقرير شيخنا عدوي. قوله: (إذا ادعى عليه) أي في المستقبل.

279
قوله: (وأنظر باجتهاد الحاكم) الأولى أن يقول وأنظر يساره أي لثبوت ذلك ولا يلازم رب
الدين الغريم بحيث كلما يأتيه شئ يأخذه منه لان المولى قد أوجب إنظاره لليسر خلافا لأبي حنيفة
القائل أنه بعد إثبات عسر الغريم يلازمه رب الدين. قوله: (وحلف المدين الطالب) أي سواء كان
المدين مجهول الحال أو ظاهر الملاء أو معلوم الملاء وكان غير معروف بالناض لأنه لا يقبل منه دعوى
العدم ويحبس حتى يؤدي أو يخلد في السجن حتى يموت وحينئذ فلا يحلف ولا يحلف أحدا.
قوله: (فإن نكل الطالب حلف المدين) أي حلف أن الطالب يعلم بعدمه وقوله فإن نكل أي المدين كما نكل
الطالب. والحاصل أن المدين سواء كان مجهول الحال أو ظاهر الملاء أو معلومه إذا طالبه رب
الدين بدينه فادعى عليه أنه يعلم بعدمه فإن صدقه على ذلك فلا حلف على واحد منهما ولا سجن،
وإن كذبه رب الدين حلف أنه لا يعلم بعدمه وحبس المدين في الحالتين الأوليين إلى أن يثبت
عسره، وفي الثالثة حتى يؤدي ما عليه أو يقيم حميلا بالمال فإن نكل رب الدين ردت اليمين على
المدين فإن حلف لم يسجن لان حبسه حينئذ ظلم وإن نكل حبس. قوله: (وإن سأل تفتيش داره
ففيه تردد) أي وإن سأل الطالب الحاكم تفتيش دار المدين لعله أن يجد فيها شيئا من متاعه يباع له
ففي إجابته لذلك وعدم إجابته تردد وظاهره أن التردد ولو بعد الشهادة على عدمه وحلفه على ذلك
لان الشهادة على نفي العلم لا على البت والظاهر كما في عبق أنه إذا ثبت العدم فلا تفتيش اتفاقا.
قوله: (ففي إجابته لذلك) أي وعدم إجابته فالقول بالإجابة أفتى به فقهاء طليطلة قال ابن سهل وأنا
أراه حسنا فيمن ظاهره الالداد والمطل والقول بعدم الإجابة لابن عتاب وابن مالك انظر المواق.
وفي بن عن ابن رشد الأظهر أنها تفتش عليه فما وجد فيها من متاع النساء وادعته زوجته كان لها
وما وجد من عروض تجارة بيع لغرمائه ولم يصدق إن ادعى أنه ليس له وأما إن وجد فيها من
العروض التي ليست من تجارته وادعى أنه وديعة عنده أو عارية أو نحو ذلك جرى على ما تقدم من
الخلاف ا ه‍. فكان من حق المصنف الاقتصار على ما رجحه ابن سهل وابن رشد من التفتيش ا ه‍ بن.
وفي البدر القرافي أفتى بعضهم بتفتيش دار من ادعيت عليه سرقة حيث كان متهما وإلا فلا أنظره.
قوله: (والعمل عندنا) أي بتونس. قوله: (ورجحت بينة الملاء إن بينت) يعني أن المدين لو شهد له قوم
بالملاء وقوم بالعدم فإن بينة الملاء تقدم أن بينت سبب الملاء أي إن عينت ما هو ملئ بسببه بأن قالت
له مال باطن أخفاه سواء بينت بينة العدم سبب العدم بأن قالت ماله حرق أو غرق أم لا وإن لم تبين بينة
الملاء ما هو ملئ به رجحت بينة العدم بينت وجه العدم أم لا هذا هو الراجح ولكن الذي به العمل
تقديم بينة الملاء وإن لم تبين سببه والقاعدة تقديم ما به العمل على المشهور، فالأولى للمصنف حذف
قوله إن بينت. فإن قيل شهادة بينة الملاء مستصحبة لان الغالب الملاء وبينة العدم ناقلة وهي مقدمة
على المستصحبة، أجيب بأن الناقلة هنا شهدت بالنفي فقدمت عليها المستصحبة لأنها مثبتة فتقديم
النافلة على المستصحبة مقيد بما إذا لم تشهد النافلة بالنفي والمستصحبة بالاثبات ا ه‍ تقرير شيخنا
عدوي. قوله: (إن طال سجنه) أي ولم تشهد له بينة بالعدم لان طول سجنه ينزل منزلة البينة الشاهدة
بعدمه فإذا حلف مع الطول أخرج. قوله: (وحال الشخص) أي فليس الوجيه كالحقير ولا القوي كالضعيف
ولا الدين الكثير كالقليل. قوله: (بعد حلفه على نحو ما مر) أي أنه لا مال له ظاهر ولا باطن وإن وجد مالا
ليقضين الغرماء حقهم. قوله: (فإنه لا يخرج إلا بشهادة بينة) أي لا بطول سجنه ومعلوم الملاء
لا يخرج حتى يؤدي أو يموت أو تشهد بينة بذهاب ماله وأما لو شهدت له بينة بعدمه فلا يخرج بذلك.
قوله: (عند أمينة) أي لا يخشى على المرأة إذا حبست عندها أي والأمرد البالغ والخنثى المشكل يحبس
وحده أو عند محرم وغير البالغ لا يحبس. قوله: (أو ذات أمين) عطف على محذوف كما قدره الشارح ليفيد

280
اشتراط الأمانة فيها أيضا مع عدم الانفراد ولا يصح عطفه على أمينه لان العطف بأو يقتضي المغايرة
فيقتضي عدم اشتراط أمانتها وليس كذلك. قوله: (والسيد لمكاتبه) كذا في المدونة قال ابن عرفة ابن محرز
عن سحنون هذا إذا كان الدين أكثر مما على المكاتب من الكتابة وأما إن كان الدين مثلها أو أقل منها
لم يحبس لان للسيد بيع الكتابة بنقد ا ه‍ بن وقوله في دين عليه لمكاتبه أي حال وامتنع من أدائه وقوله
لمكاتبه أي لأنه أحرز نفسه وماله والحقوق المتعلقة بالذمة لا يراعي فيها الحرية ولا علو المنزلة ألا ترى أن
المسلم يحبس دين الكافر. قوله: (إذا لم يحل الخ) أي وأما لو كانت قيمة الكتابة توفي بالدين وإن كان الحال
منها لا يفي به أو كان الحال منها يفي بالدين فلا يحبس له ويتقاصان. قوله: (أي لا يحبس الوالد لولده) أي ولو
ألد بدفع الحق والمراد الوالد نسبا لا رضاعا وأما الوالد رضاعا فيحبس لدين ولده قال مالك وإن لم يحبس
الوالدين في دين الولد فلا أظلم الولد لهما أي فيجب على الامام أن يفعل بهما ما يفعل بالملدان ألدا من
الضرب وغيره كالتقريع لان ذلك ليس لحق الولد بل لحق الله تعالى ردعا وزجرا وصيانة لأموال
الناس، ولا يقال أن الضرب أشد من الحبس فمقتضى كون الوالدين لا يحبسان للولد عدم ضربهما لأنا نقول
بل الحبس لدوامه أشد من الضرب وحينئذ فلا يلزم من ترك الأشد ترك ما هو دونه قاله شيخنا. قوله: (فللوالد
أن يحلف ولده لا العكس) أي لأنه عقوق ولا يقضي للولد بتحليف والده إذا شح الولد وطلب تحليفه
وإذا كان الولد ليس له تحليف والده فليس له حده بالأولى لان الحد أشد من اليمين وما ذكر من أنه
ليس للولد تحليف والده في حق يدعيه عليه ولا يمكن من ذلك ولا من حده هو قول مالك في المدونة. وبه
قال مطرف وابن الماجشون وابن عبد الحكم وسحنون وهو المذهب وروي عن ابن القاسم أنه يقضي
للولد أن يحلف والده في حق يدعيه عليه وأن يحده ويكون بذلك عاقا ولا يعذر فيه بجهل وهو بعيد فإن
العقوق من الكبائر، ولا ينبغي أن يمكن أحد من ذلك وعلى هذا القول الضعيف مشى المصنف في باب
الحدود حيث قال وله حد أبيه وفسق. قوله: (ولم يحلف) أي الابن لرد دعوى أبيه وقوله فردت أي
اليمين. قوله: (كدعوى الأب الخ) أي وأما لو ادعى الولد على أبيه بحق وأقام شاهدا ولم يحلف الولد معه فردت
اليمين على الأب فهل يحلف الأب لرد شهادة الشاهد وهو ما قاله عبق وهو غير صواب كما قال بن. فقد
صرح ابن رشد بأن مذهب المدونة أن الأب لا يحلف في شئ مما يدعيه الابن عليه وأما إن ادعى الوالد
عليه فنكل الولد عن اليمين وردها عليه أو كان للأب شاهد على حقه على الولد فلا اختلاف في أنه
لا يقضي له عليه في الوجهين إلا بعد يمينه انظر بن. قوله: (والزوجين إن خلا) هذا قول ابن المواز وقول
المصنف بعد بخلاف زوجة فإنه قول سحنون وجعلهما ابن رشد خلافا واستظهر ما لسحنون. ونقل
ابن عرفة كلامه وقبله وجمع المصنف بينهما لأنهما عنده ليسا بخلاف لعدم تواردهما على محل واحد
انظر ابن غازي وما صنعه المصنف نحوه للباجي في المنتقى ووجه ما لابن المواز بأنه لم يقصد بكونها معه إدخال
الراحة عليه والرفق به وإنما قصد بذلك استيفاء الحق من كل منهما فكل منهما مهموم والتفريق
ليس بمشروع بخلاف بيانها عند المحبوس فإنه تنعيم له ا ه‍ بن. قوله: (ولا يمنع مسلما) أي من حيث أنه يسلم
عليه أما من يخشى بسلامه عليه أن يعلمه الحيلة في خلاصه فيمنع. قوله: (يخدمه في مرض) أي شديد وأما
لو كان صحيحا أو كان مرضه خفيفا فإنه يمنع من خادم يخدمه ولو كان مثله يخدم عادة وهذا هو الذي يفيده
كلام ابن المواز وهو المعتمد خلافا لاطلاق المصنف. قوله: (بخلاف زوجة) أي غير محبوسة معه فإنها
تمنع من سلامها عليه. قوله: (إن قصدت البيات) أي وأما إذا دخلت عليه بقصد السلام فلا تمنع لقول
المصنف ولا يمنع مسلما وهو شامل للزوجة والظاهر أن مثل البيات طول الإقامة. قوله: (وإلا لم
تمنع) أي لأنها إن شاءت لم تحبسه كما أنها لا تمنع إذا حبسا معا في حق عليهما وخلا الحبس عن

281
الرجال كما تقدم. قوله: (وأخرج) أي المدين من السجن بغير كفيل لأجل إقامة حد عليه هذا إذا كان
الحد غير قتل بل ولو كان قتلا. قوله: (أو ذهاب عقله) أي أن المحبوس إذا ذهب عقله فإنه يخرج من السجن
بغير حميل أصلا لا بالوجه ولا بالمال ويستمر خروجه إلى أن يعود له عقله فإن عاد له عقله عاد للسجن.
قوله: (لعوده) أي حال كون الخروج مستمرا إلى أن يعود له عقله وحينئذ فيرجع للسجن فالمستمر هو
الخروج الذي هو صاحب الحال لا الاخراج إذ لا استمرار له. قوله: (واستحسن) أي كما في نقل ابن يونس
عن ابن المواز. قوله: (لمرض أبويه) أي أو لحضور جنازة أحد أبويه إذا كان الآخر حيا وإلا فلا يخرج
كما في الاعتكاف ا ه‍ شيخنا عدوي. قوله: (والقياس المنع) أي منعه من الخروج للسلام على من ذكر ولو
مريضا مرضا شديدا وانظر لم ترك المصنف القياس الذي صوبه الباجي وجرى على استحسان ابن المواز إلا أن
يكون قد استحسنه غيره أيضا فتأمل. قوله: (لا جمعة وعيد) أي ولا لحجة الاسلام فإن كان قد أحرم بحجة أو
عمرة أو نذر أو حنث ثم قيم عليه بالدين حبس وبقي على إحرامه، وإذا بقي على إحرامه وفاته الحج لم يتحلل إلا بفعل
عمرة كما مر في الحصر وإنما ذكر المصنف العيد بعد الجمعة لأنها لا بدل لها فربما يتوهم
خروجه لها فنص على عدم خروجه لها دفعا لذلك التوهم. قوله: (بل لوضوء) أي بل يخرج لوضوء أي إذا كان لا يمكنه فعله في السجن
وإلا فلا يخرج له. قوله: (وللغريم أخذ عين ماله) أي وله إبقاؤه للمفلس ويحاصص مع الغرماء بثمنه وإذا
أراد أخذه فلا يحتاج لحكم إذا لم ينازعه الغرماء. تنبيه: يتعين ضبط لام ماله بالفتح فيكون مركبا
من ما الموصولة ومن له أي له أخذ عين الشئ الذي له سواء كان مالا أو لا فيصح حينئذ اشتراط إمكان
أخذه وأما على جر اللام على أن لفظ مال مضاف لضمير الغريم فلا يصح معه شرط الامكان لان
محترزاته لا تدخل في المال ا ه‍ شب. قوله: (وموهوب له الثمن) أي بخلاف من اشترى الثمن من
بائع السلعة فإنه ليس له إلا محاصة الغرماء بالثمن وليس له أخذ السلعة. قوله: (أو إقرار المفلس قبل
الفلس) يعني أو بعده على أحد الأقوال قال في المقدمات وهو أي مال الغريم يتعين بأحد وجهين، إما
ببينة تقوم عليه أو بإقرار المفلس به قبل التفليس. واختلف إذا لم يقر به إلا بعد التفليس على ثلاثة أقوال:
أحدها: إن قوله مقبول قيل مع يمين صاحب السلعة وقيل بدون يمين. والثاني: أن قوله غير مقبول ويحلف
الغرماء أنهم لا يعلمون أنها سلعته. والثالث: إن كان على الأصل بينة قبل قوله في تعيينها وإلا لم يقبل وهو
رواية أبي زيد عن ابن القاسم ا ه‍ بن. قوله: (من حاز) أي لأنه إنما يقال حاز ثلاثيا واسم المفعول منه محوز
وقوله ولا يقال أحاز أي حتى يكون اسم المفعول منه محاز وأصل محوز محووز وأما محاز فأصله محوز
بضم الميم وسكون الحاء وفتح الواو وتصريفها لا يخفى عليك. قوله: (الواقع بعد البيع ونحوه) أراد
بنحوه هبة الثواب وكذلك القرض على أحد القولين الآتيين فيه. قوله: (فإن وقع قبله) أي فإن وقع
الفلس قبل البيع لكن بعد قبضه الخ. قوله: (فلا يكون أحق به) أي وإن لم يعلم حين البيع بفلسه لعدم
تثبته بأن هذا الذي اشترى منه مفلس، وإذا لم يكن البائع المذكور أحق بسلعته فإنه يتبع بالثمن
ذمة المفلس ولا دخول له مع الغرماء في المال الذي خلعوه من تحت يده سواء وقع البيع بعد قسم ذلك
المال أو قبله لأنه عامله بعد الحكم بخلع ماله لهم، ثم إنه إن كان ثمنه حالا فله حبس سلعته في الثمن أو بيعها
لأجله ولا دخول للأولين معه في ثمنها لأنها معاملة حادثة نعم إن حصل ربح كان للمفلس وإن كان الثمن
مؤجلا لم يكن له إلا المطالبة به وحلول ما على المفلس سابق على هذا فلا يقال أنه حل به. قوله: (لخراب ذمته)
أي الميت وقوله فصار أي ربه بثمنه أسوة الغرماء بخلاف المفلس فإن الذمة موجودة في الجملة ودين الغرماء
متعلق بها فلذا كان للغريم أن يأخذ عين شيئه وله أن يتحاصص معهم بثمنه. قوله: (فهو أحق به فيه) أي

282
في الموت أيضا أي كما أنه أحق به في الفلس. والحاصل أن الشئ غير المحوز ربه أحق به في الفلس
والموت وأما المحوز فربه أحق في الفلس لا في الموت وعند الحنفية ربه أحق به في الفلس والموت
مطلقا سواء كان محوزا أو غير محوز وعند الشافعية ربه ليس أحق به في الموت والفلس. قوله: (ولو
مسكوكا) أي دفع رأس مال سلم ففلس المسلم إليه وعرف ذلك المسكوك عنده بطبع عليه أو ببينة لازمت
المسلم إليه من وقت قبضها لوقت تفليسه ورد المصنف بلو على أشهب حيث قال لا يرجع المسلم في عين
دراهمه المسكوكة بل يحاصص بها لان الموجود في الأحاديث من وجد سلعته أو متاعه والنقدان
لا يطلق عليهما ذلك ا ه‍ وحجة ابن القاسم قياس الثمن على المثمن. قوله: (وآبقا) هذا داخل في
حيز المبالغة وحاصله أنه لو باع عبدا فأبق عند المشتري ثم فلس المشتري فللبائع أن يرضى بعبده الآبق بأن
يتفق البائع مع الغرماء على أخذه وأنه لا شئ له في الحصاص فإن وجده أخذه وإن لم يجده لزمه ولا
يرجع للحصاص ولا شئ له. والحاصل أن لبائع العبد إذا أبق أن يرضى بالمحاصة ولا يطلب العبد
وله أن يرضى بعبده، وإذا رضي به فإن وجده أخذه وإن لم يجده لزمه ولا يرجع للحصاص هذا مذهب
ابن القاسم. ومذهب أشهب الذي رد عليه المصنف بلو لا يجوز لبائع العبد الرضا به ويتعين أن
يحاصص بثمنه، فإن وقع ونزل ورضي به ولم يجده رجع للحصاص ولا عبرة باتفاقه مع الغرماء أنه
لا يرجع للحصاص وهذا الخلاف الواقع بين الشيخين مبني على خلاف آخر وهو أن أخذ السلعة
من المفلس نقض للبيع الأول أو ابتداء فكلام ابن القاسم مبني على الأول وكلام أشهب مبني
على الثاني. قوله: (إن وجده) الأولى حذفه لقول المصنف ولزمه إن لم يجده. قوله: (وأولى بمال المفلس)
أي وأولى إذا كان الفداء بمال المفلس المخلوع منه. قوله: (وأمكن) أي أمكن أخذه واستيفاؤه هذا
مما يدل عليه قراءة قوله سابقا ماله بفتح اللام لان المال لا يكون إلا ممكن الاستيفاء فلا وجه لاشتراط
هذا الشرط فيه بخلاف الشئ الذي ثبت للغريم فإنه تارة يمكن استيفاؤه وتارة لا يمكن.
قوله: (فالزوجة) أي المدخول بها يتعين الخ. قوله: (ولها الفسخ قبل الدخول) أي إذا فلس قبل الدخول وهذه
مسألة استطرادية غير داخلة في المصنف لان الكلام فيما قبض وحيز قبل الفلس والزوج وهو المبتاع لم
يحصل منه قبض للبضع قبل الفلس. قوله: (كما قدمه المصنف) أي من أن للزوجة الطلاق على الزوج قبل
البناء بعد ثبوت عسره بالصداق. قوله: (بنصفه) أي سواء قلنا أنها تملك بالعقد نصف الصداق والدخول
يكمله أو قلنا أنها تملك بالعقد كل الصداق والطلاق يشطره وقوله ولها الفسخ أي ولها الرضا بالإقامة معه
وحينئذ فتحاصص بجميعه بناء على أنها تملك بالعقد كل الصداق والطلاق يشطره وتحاصص بنصفه
بناء على أنها تملك بالعقد النصف والدخول يكمله. قوله: (ثم فلس الجاني) أي فيحاصص المجني
عليه أو ورثة غرماء الجاني بما صالح عليه. قوله: (وفي جعل ما لا يمكن شرطا الخ) الأولى اسقاط هذا
الكلام لان الذي جعل شرطا لاخذ الغريم عين شيئه إمكان استيفائه وهذا ظاهر ولم يجعل عدم
الامكان شرطا تأمل. قوله: (لا إن طحنت الحنطة) عطف على معنى قوله ولم ينتقل أي واستمر لا أن الخ
فاندفع ما يقال أن المصنف قد عطف بلا بعد النفي مع أنها لا تعطف بعده وإنما كان الطحن هنا ناقلا
مع أنه قد تقدم في الربويات أنه غير ناقل على المشهور لان النقل هنا عن العين وهو يكون بأدنى شئ
والنقل فيما تقدم عن الجنس ولا يكون إلا بأقوى شئ فلا يلزم من عدم النقل هناك عدمه هنا
ولا عكسه. قوله: (أو بمسوس) أي أو خلط قمح جيد بمسوس. قوله: (أو قطع الجلد نعالا)

283
ما ذكره من أن هذا مفوت هو ما في التوضيح ا ه‍ بن. قوله: (فلا يفوت إلا بجذها كما تقدم) أي
وأما التتمر فلا يفوت الرجوع في أخذ عين شيئه. قوله: (إن قلنا أن التفليس) الأولى إن قلنا إن أخذ
السلعة من المفلس ابتداء بيع وذلك لان في أخذ التمر بيع رطب بيابس من جنسه وفي أخذ
الكبش بيع الحيوان بلحم من جنسه لأنه اقتضاء عن ثمن الحيوان لحما من جنسه، وهو يرجع لما قلنا
وفي أخذ السمن الاقتضاء عن ثمن الطعام طعاما وأما التراضي على أخذ النعال أو أخذ الثياب فهو
جائز على كلا القولين. قوله: (كأجير رعى) هذا مقيد بما إذا كانت المواشي دائما أو غالبا تبيت
بالليل عند ربها وأما إذا كانت تبيت عنده دائما أو غالبا فإنه يختص بها في أجرته. قوله: (أو صانع
سلعة بحانوت ربها أو بيته) أي بيت ربها فلا يكون أحق بها وأما لو استولى الصانع على السلعة بحيث
صار يصنعها في محله فهو أحق بها من الغرماء في أجرته إذا فلس ربها كما يأتي. قوله: (فيما به) أي بما فيه
ابن عرفة فيها مع سماع أبي زيد من ابن القاسم أرباب الدور والحوانيت فيما فيها من أمتعة أسوة الغرماء
في الموت والفلس ابن رشد اتفاقا ابن عرفة هذا خلاف نقل الصقلي حيث جعل هذا قول الجماعة، إلا
عبد الملك فإنه جعل رب الدور والحوانيت أحق بما فيها من الأمتعة كالدواب تكتري للحمل عليها
ويفلس المكتري فربها أحق بالحمل في أجرته كما يأتي. ونقله أيضا المازري وغيره عن ابن الماجشون
وذكر الجنان أن العمل جرى بفاس في الرحى بقول عبد الملك فصاحبها أحق بما فيها من الآلة كالدواب
ا ه‍ بن. قوله: (ففلس البائع) أي بعد أن ردت عليه بدليل ما ذكره من البناء وأما لو ردها المشتري
بعد الفلس سواء كان عالما بفلس البائع حين ردها عليه أم لا فلا يكون أحق بها مطلقا سواء بنينا على أن
الرد بالعيب نقض للبيع أو ابتداء بيع لان ابتداء البيع حين الفلس يمنع البائع من أخذ عين شيئه كما
في المدونة وكما مر انظر بن. قوله: (فهو أحق بها الخ) أي إلا أن يعطيه الغرماء ثمنه واعلم أن كلا من
القولين أعني محاصة المشتري للغرماء واختصاصه بها منصوص فقد حكى ابن يونس كلا من القولين
انظر بن. قوله: (وأما لو تراضيا الخ) هذا الفرع حمل عليه بهرام كلام المصنف ونحوه لابن عبد السلام
والتوضيح في شرح قول ابن الحاجب والراد للسلعة بعيب لا يكون أحق بها في الثمن. وما حمله
عليه شارحنا قال ابن غازي هو الذي ينبغي أن يحمل عليه كلام المصنف وقال ابن عاشر حمل المصنف
على كل من التقريرين أولى وكلاهما ذكره ابن رشد. قوله: (وإن أخذت عن دين) أي هذا إذا
كانت تلك السلعة المردودة بعيب مأخوذة بثمن بل وإن كانت مأخوذة عن دين وإنما بالغ على
المأخوذة عن دين لدفع توهم أنه أحق بها لان الغالب فيما يؤخذ عن الدين أن رب الدين يتسامح فيما
يأخذه حتى يأخذ ما يساوي عشرة من عشرين مثلا فربما يتوهم أن من حق المدين إذا طلب رب الدين
أخذها أن يمكنه من ذلك لما في ذلك من الرفق به إذ لو ردت لبيعت مثلا بعشرة فتبقى العشرة الأخرى
مخلدة بذمته وبأخذ ذلك تسقط عن ذمته بخلاف بيع النقد فإن الغالب فيه خلاف ذلك ا ه‍ خش.
وبما علمت من صحة المبالغة بالتقرير المذكور تعلم سقوط قول ح قول المصنف وإن أخذت عن
دين لا معنى له لأنه لما حكم بأن الراد لا يكون أحق بالسلعة إذا بيعت بالنقد فمن باب أولى إذا أخذت
عن دين، فلو قال المصنف وإن أخذت بالنقد كان أبين اللهم إلا أن يحمل كلام المصنف على القول
الآخر وهو اختصاص الراد بالسلعة ويكون قوله وراد السلعة الخ عطفا على قوله أو لا وللغريم
الخ أي فتحسن حينئذ المبالغة وبهذا حل ابن غازي المبالغة ا ه‍ كلامه. قوله: (كان على
بائعها) أي للمشتري. قوله: (فيفلس المقترض الخ) أي وأما إن فلس المقرض فإن كان تفليسه قبل
حوز المقترض له بطل القرض كالتبرع وإن كان بعد حوزه فلا كلام للمقرض ولا لغرمائه مع المقترض

284
قبل حلول الأجل كذا قيل وهذا يخالفه ما تقدم في القرض من الفرق بينه وبين الهبة من بطلانها بطرو
المانع قبل الحوز بخلاف القرض. قوله: (لا يكون مقرضه أحق به) أي وهو قول ابن المواز وشهره
المازري. قوله: (أو كالبيع) وهو قول ابن القاسم وروايته عن مالك ورواية عامة أصحابه أيضا. قوله: (هل
ربه أسوة الغرماء مطلقا) هذا هو قول ابن المواز الذي هو أول القولين في كلام المصنف. قوله: (فيه نظر)
أي لان ابن رشد صرح في سماع سحنون بترجيح الثاني في كلام المصنف وكذلك المواق والقول الثاني
المرجح عند عج لم ينقله ابن رشد ولا ابن عرفة ولا في التوضيح انظر بن. قوله: (بدفع ما رهنت فيه)
أي عاجلا لان الدين المرهون فيه وإن كان مؤجلا لكنه يحل بالفلس وهذا حيث لم يشترط الراهن
عدم حلول ما عليه بفلسه، وأما لو اشترط ذلك الراهن عدم حلول ما عليه بالفلس فليس للغريم بائع الرهن
فداؤه بدفع ما رهن فيه حالا وأخذه بل يبقى الرهن على حاله ويحاصص بائعه بثمنه. قوله: (لا بفداء
الجاني) حاصله أنه إذا باع عبدا بثمن مؤجل فجنى ذلك العبد عند المشتري قبل فلسه أو بعده فسلمه
المشتري بعد فلسه في الجناية فبائعه مخير بين أن يسلمه للمجنب عليه ويحاصص بثمنه وبين أن يفديه ولا
يحاصص بما فداه به بل يضيع عليه الفداء بالكلية لان الجناية ليست في ذمة المفلس بل في رقبة الجاني
إذ له تسليمه فيها فصار فداء البائع له محص تبرع منه بخلاف الدين المرهون فيه فإنه كان ذمته والرهن
من سببه، وأما إن سلمه المشتري للمجني عليه قبل التفليس فلا خيار لبائعه وإنما يتعين له المحاصة بثمنه.
قوله: (لا بفداء الجاني) هو بالقصر مصدر فداه وبالمد مصدر فأداه وكل جائز لان المراد من كل المفدي
به وهو المال المدفوع لأنه هو الموصوف بكونه يحاصص به أو لا يحاصص به. قوله: (بل ولا يرجع به
عليه) أي على المفلس خلافا لما يوهمه كلام المصنف من رجوعه به دينا على المفلس لان المصنف إنما نفى
المحاصة التي هي أخص من نفي ترتبه في الذمة ولا يلزم من نفي الأخص نفي الأعم. قوله: (نقض المحاصة)
أي وأخذ تلك السلعة التي باعها للمفلس أي وله البقاء على المحاصة ويسلم تلك السلعة للغرماء ويحاصص
معهم في ثمنها كمال طرأ. قوله: (إن ردت) أي تلك السلعة التي تحاصص بائعها بثمنها لعدم وجودها عند
المفلس وقت المحاصة. قوله: (بعيب) أي قديم عند البائع الأول أو حادث عند المفلس ويأخذها بائعها
بجميع الثمن ولا أرش له في ذلك العيب الذي ردت به إن كان ذلك العيب طرأ عند المفلس وليس هذا
مكررا مع قوله فيما يأتي وله ردها والمحاصة بعيب سماوي الخ لان الكلام هنا فيما إذا خرجت السلعة عن
ملك المفلس وكلامه الآتي فيما إذا لم تخرج عن ملكه. قوله: (لأنها ردت عليه) أي على المفلس بملك جديد
وحينئذ فليس لبائعها نقض المحاصة وأخذها وإنما يحاصص مع الغرماء في ثمنها. قوله: (وردها) بالرفع
عطف على فك الرهن. وحاصله أن البائع إذا وجد عين سلعته عند المشتري المفلس فلما أخذها وجد بها
عيبا سماويا أو ناشئا عن فعل المشتري عاد لهيئته أم لا أو ناشئا من فعل أجنبي وعاد المبيع لهيئته سواء
أخذ المفلس له أرشا أم لا فذلك البائع بالخيار إن شاء رضي بسلعته بجميع الثمن ولا شئ له من أرش
العيب الذي أخذه من الأجنبي وإن شاء ردها للغرماء وحاص بجميع ثمنه. قوله: (أو من مشتريه)
الضمير للبائع أي مشتري سلعة البائع وهو المفلس. قوله: (أو أخذه منه وعاد لهيئته) استشكل
بأنه لا يعقل جرح إلا بعد البرء على شين وحينئذ فلا يتصور العقل إذا عاد لهيئته وقد يجاب بأنه قد يتصور
ذلك في الجراحات الأربعة فإن فيها ما قدره الشارع سواء برئت على شين أو لا. فإن قلت: ما الفرق بين

285
جناية المشتري وجناية الأجنبي حيث جعلتم الخيار للبائع في جناية المشتري عاد المبيع لهيئته أم لا وأما
في جناية الأجنبي فالخيار له على الوجه المذكور إنما هو إذا عاد المبيع لهيئته فقط. قلت: الفرق أن جناية
المشتري جناية على ما في ملكه فليس فيها تعد فأشبهت السماوي بخلاف جناية الأجنبي. قوله: (ولا شئ
لربها من الأرش) أي إذا رضي بها وأخذها. قوله: (مطلقا) أي أخذ المفلس من الأجنبي الجاني أرشا
أم لا. قوله: (فبنسبة نقصه) أي فيحاصص بنسبة نقصه أي إن أخذه وأما إن تركه فإنه يحاصص بجميع
ثمنه فتحصل من كلام المصنف أنه في الفروع الأربعة التي قبل وإلا يخير بائع السلعة بين ردها والمحاصة
بجميع الثمن وبين أخذها بجميع الثمن ولا أرش له وأن الفرع الذي بعد قوله وإلا له فيه الخيار بين أن
يردها ويحاصص بجميع الثمن وإما أن يتماسك بها ويحاصص بنسبة النقص. قوله: (بأن يقوم الخ) فإذا
باعها بمائة وقيمتها سالمة خمسون وبعد الجناية أربعون فقد نقصتها الجناية الخمس فله أن يأخذ
السلعة ويحاصص بعشرين خمس الثمن أو يتركها ويحاصص بجميع الثمن وهو مائة. قوله: (كسلعتين الخ)
هذه المسألة هي المشار لها بقول المصنف وأخذ بعضه وحاصص بالفائت. قوله: (وإن شاء تركه)
أي ترك ذلك المبيع للمفلس وهذا مقابل لقوله فإن شاء أخذه بما ينو به الخ. قوله: (رد بعض ثمن الخ)
أي سواء اتحد المبيع أو تعدد وليس قوله الآتي وأخذ بعضه قسيما لهذا بل مسألة مستقلة.
قوله: (ورد بعض ثمن) هو بالرفع عطف على فك الرهن. وحاصله أنه لو باع سلعة أو سلعتين بعشرة
مثلا فقبض منها خمسة ثم فلس المشتري فوجد البائع مبيعه قائما فهو مخير إما أن يحاصص بالخمسة الباقية
وإما أن يرد الخمسة التي قبضها ويأخذ مبيعه. قوله: (فوجد بعض المبيع) أي قائما والباقي فات أي ببيع
أو موت. قوله: (مفضوضا على القيم) أي على قيم السلع. قوله: (وباع المشتري أحدهما) أي أو مات
عنده أحدهما. قوله: (مفضوضة عليهما) أي على العبدين أي على قيمتهما. قوله: (يوم البيع)
ظرف لقوله قيمة الولد أي تعتبر قيمة الولد يوم بيع أمه أولا على أنه على هذه الحالة التي هو عليها
الآن. قوله: (فإذا قيل خمسة) أي فحملة قيمة الولد وأمه خمسة عشر ونسبة الخمسة قيمة الولد للمجموع
ثلث فإذا أخذ الولد الباقي بلا بيع حاصص الغرماء بثلثي الثمن، وذلك لان لكل واحد من الثمن
بنسبة قيمته إلى مجموع الخمسة عشر. قوله: (ووجه المحاصة الخ) أي ووجه أخذ الولد بما ينوبه من
الثمن والمحاصة بما ينوب الأم من الثمن فيما إذا اشتراها غير حامل ولم نقل إن الولد حينئذ غلة
ليس له أخذه ويحاصص بجميع ثمن الأم. قوله: (نقض للبيع) أي فكأنها ولدته في ملك البائع.
قوله: (من أفراد ما قبلها) أي وهو قول المصنف وأخذ بعضه وحاص بالفائت لتعدد المعقود عليه فلا فرق
بين موت أحدهما وبيعه. قوله: (وإن مات الخ) أي أنه إذا باع أمة مثلا فولدت عند المشتري ثم
مات أحدهما عنده أو باع الولد وأبقى الأم ثم فلس ذلك المشتري فالبائع مخير بين أن يترك الباقي

286
ويحاصص بجميع الثمن أو يأخذ الباقي بجميع الثمن ولا حصة للميت في الأولى باتفاق ولا للولد المبيع
في الثانية على المشهور، والفرق بين بيع الأم وبيع الولد حيث قالوا إذا بيعت الأم وأخذ الولد حاصص
بالأم الفائتة وإذا بيع الولد وأخذ الأم فلا يحاصص بالولد الفائت أن الأم هي المقصودة بالشراء بعينها
فلذا إذا باعها وأخذ الولد حاصص بما بقي من ثمنها، وأما الولد فهو كالغلة فلذا إذا باعه وأخذت الأم
فلا يحاصص بقيمته فلو وجدهما معا أخذهما البائع لان الولد ليس بغلة حقيقة فلا يستحقه المشتري
المفلس. قوله: (وأولى الخ) أي لأنه لم يأخذ فيه عوضا. قوله: (فكالبيع في تفصيله) أي المشار له بقول
المصنف كبيع أم ولدت وإن باع الولد الخ. وحاصله أنه إن كان المجني عليه المأخوذ له عقلا الأم إن
أخذ ولدها حاصص بما بقي من ثمنها وإن كان المجني عليه المأخوذ له عقلا الولد إن أخذت أمه فلا
محاصة بقيمته. قوله: (وإلا فكالموت) أي المشار له بقول المصنف وإن مات أحدهما الخ. قوله: (وأخذ
الثمرة) يعني أنه إذا اشترى أصولا وعليها ثمار غير مؤبرة فطابت تلك الثمار وجذها المشتري ثم إنه فلس
وأخذ البائع أصوله فإن المشتري يفوز بتلك الثمار حيث جذها قبل الفلس وإلا لم يفز بها وتكون
للبائع. قوله: (غير المؤبرة) أي بدليل ما بعده. قوله: (فإن كان باقيا) أي فإن كان الثمر باقيا على أصوله
حين التفليس. قوله: (ورجع عليه المفلس بسقيه وعلاجه) ظاهره ولو زاد ذلك على قيمة الثمرة وهو
كذلك. قوله: (كمال العبد) أي الحادث بعد الشراء وقوله إذا انتزعه أي المشتري قبل أن يفلس. وقوله إذا
حلبه أي قبل أن يفلس وأما الذي لم يحلبه بأن كان في ضرع الحيوان حين التفليس فهو للبائع ومثل
اللبن الاستخدام والسكنى. قوله: (إلا صوفا تم وثمرة مؤبرة) إن كان هذا استثناء من قوله وأخذ الغلة
كان منقطعا لأنهما ليسا غلة وإن كان استثناء من قوله وأخذ الثمرة والغلة كان متصلا بالنسبة للأول
ومنقطعا بالنسبة للثاني. قوله: (فيأخذ البائع أصوله والصوف ولو جزه) هذا قول ابن القاسم في
المدونة ولأشهب في المدونة أن الصوف إذا جزه المشتري غلة ليس للبائع وحينئذ فيخير البائع إما أن
يأخذها أي الغنم مجزوزة بجميع الثمن أو يتركها ويحاصص الغرماء بجميع الثمن، وأما إن اشترى الغنم
ولا صوف عليها ثم فلس فالصوف الذي نبت بعد الشراء تابع للغنم فإن تركها بائعها للغرماء وحاصص
بالثمن كان الصوف لهم، وإن أخذها البائع كان الصوف له ما لم يجز فإن جز كان غلة ولا اختلاف في هذا
انظر بن. قوله: (فإن جزها حاصص البائع بما يخصها من الثمن ولو كانت قائمة) أي ولا يأخذها البائع
أصلا ومحل هذا إذا لم تكن الثمرة يوم البيع قد طابت وإلا أخذها البائع ولو جزها المشتري كالصوف
كما صرح به ابن رشد وذكر أنه لا خلاف في هذا بين ابن القاسم وأشهب انظر بن. قوله: (والفرق الخ)
أي حيث قالوا إن الصوف إذا جز يرد للبائع إذا كان موجودا وأما الثمرة إذا جزت فلا ترد ولو
قائمة بعينها ويحاصص البائع بما يخصها. قوله: (فجزه لا يفيته) أي على البائع وإنما يفيته عليه ذهاب
عينه. قوله: (بخلاف الثمرة) أي المؤبرة يوم البيع فإنها لم تكن مستقلة إذ لا يجوز بيعها منفردة عن
أصلها فجذها يفيتها على البائع ويؤخذ من هذا الفرق أن الثمرة لو كانت طابت يوم بيعها لكانت
كالصوف وهو كذلك كما تقدم عن بن. قوله: (وأخذ المكري دابته وأرضه الخ) حاصله أن
من أكرى دابة أو أرضا أو دارا لشخص وجيبة ثم فلس المكتري قبل دفع الكراء وقبل
استيفاء جميع المنفعة فإن المكري يخير إن شاء أخذ دابته وأرضه وداره وفسخ الكراء فيما بقي وحاص
الغرماء بأجرة المدة التي استوفى المفلس فيها المنفعة قبل الفلس وإن شاء ترك ذلك للغرماء وحاصص
بجميع الكراء كما أنه يتعين محاصصته في الموت وليس له أخذ عين شيئه. فقول المصنف وأخذ المكري
دابته أي أخذ ذلك لا أنه يتعين له الاخذ والمراد أخذ المكري في هذا الباب وهو باب الفلس وقوله

287
دابته أي المكرية كراء وجيبة وحملناه على باب الفلس لأنه في الموت يحاصص مطلقا. قوله: (وفلس
قبل الخ) جملة حالية ولو قال الذي فلس كان أوضح وإنما قيد المكتري بكونه فلس قبل استيفائه
المنفعة لأنه لو فلس بعد استيفائها كان الكراء منقضيا فلا يقال حينئذ أخذ المكري الخ. قوله: (وفسخ الخ)
عطف على قول الصنف أخذ المكري دابته. قوله: (وإن شاء تركه) أي ترك ما ذكر من الدابة
والدار والأرض للمفلس. قوله: (لحلوله) أي الكراء المؤجل. قوله: (فيتعين الترك) أي ترك الشئ
المكتري للغرماء حتى تنقضي مدة الوجيبة. قوله: (كما تقدم) الكاف للتعليل أي لما تقدم من قول
المصنف وحل به وبالموت ما أجل ولو دين كراء وإنما ذكر المصنف قوله وأخذ المكري الخ وإن
فهم من قوله فيما مر وللغريم أخذ عين شيئه المحوز عنه في الفلس لا الموت لأجل التوطئة لما بعده وهو
قوله وقدم في زرعها. قوله: (وبهذا) أي التقرير يعلم أنه لا منافاة الخ. حاصل المنافاة أن المصنف
قد أفاد في مر أن دين الكراء يحل بالموت والفلس وإذا حل الدين المذكور كان الحق في المنفعة للغرماء
وليس للمكري أخذ ما أكراه وقد جعل له هنا الاخذ. وحاصل الجواب أنه لا يلزم من الحلول
كون المنفعة للغرماء لان أخذ المكري دابته وأرضه فرع عن حلول الكراء فالمصنف لما أفاد فيما تقدم
أن دين الكراء يحل بالموت والفلس أفاد هنا أن المكري مخير في الفلس بين أن يأخذ دابته وأرضه
وبين أن يحاصص الكراء بخلاف الموت فإنه يتعين فيه التسليم والمحاصة بالجميع. قوله: (وقدم في
زرعها الخ) حاصله أنك إذا اكتريت أرضا من زيد بمائة دينار عشر سنين فزرعتها ثم اكتريت
شخصا بعشرة يسقي لك الزرع ثم تداينت دينارا ورهنت ذلك الزرع فيه ثم إنك فلست فرب
الأرض يقدم في الزرع لان الزرع له بالأرض اتصال قوي فكأنه جزء منها، فإذا بقيت بقية من ذلك
الزرع بعد أخذ رب الأرض أجرته قدم الساقي يأخذ حقنه منها على المرتهن ثم يليه المرتهن.
قوله: (وقدم رب الأرض بكرائها في زرعها) استشكل تقديمه في زرعها بأنه يلزم عليه كراء الأرض بما
يخرج منها وهو ممنوع وأجاب عبق بأن هذا أمر جر إليه الحال لا أنه مدخول عليه وأجاب
المسناوي بأن معنى تقديم رب الأرض بالكراء في زرعها أن زرعها يكون رهنا بيده فيباع ويؤخذ
من ثمنه الكراء، فإذا بقي من ذلك الثمن بقية قدم الساقي فيها على المرتهن فلا يلزم كراء الأرض
بما يخرج منها وهو ظاهر ولا حاجة لجواب عبق. قوله: (ومثل الزرع الغرس) بل وكذلك البناء
لان القاعدة إلحاق البناء بالغرس كما ذكر شيخنا. قوله: (وأما في الموت فهو والساقي أسوة الغرماء ويقدم
عليهما المرتهن) ما ذكره من التفرقة بين الموت والفلس هو المشهور ومقابله أن رب الأرض في
الموت والفلس كما في التوضيح. قوله: (الذي استؤجر على سقيه) الأولى أن يراد بالساقي الذي
استؤجر على خدمة الأرض وخدمة زرعها سواء كانت بالسقي أو بإصلاحها بالفحت أو
الجرف أو غير ذلك كما قرره شيخنا العدوي، وهذا غير عامل المساقاة لأنه يأخذ حصته قبل رب
الأرض وغيره في الموت والفلس لأنه شريك. قوله: (ثم مرتهنه) أي الزرع أي المرتهن الذي رهن
المكتري الزرع عنده في دين تداينه منه. قوله: (أحق بما بيده) محله كما في التوضيح إذا فلس ربه بعد
تمام العمل أما إذا فلس ربه قبل العمل فيخير الصانع بين أن يعمل ويحاصص بالكراء أو يفسخ
الإجارة بن. قوله: (ولو بموت) لو هنا لدفع توهم أن هذه المسألة مقيدة بالفلس كالتي قبلها لا لخلاف
مذهبي إذ ليس في هذه المسألة خلاف وقوله في الخطبة وبلو إلى خلاف مذهبي

288
أي غالبا كما تقدم وما هنا من غير الغالب ا ه‍ شب. قوله: (بأن سلمه لربه) أي ثم فلس ربه بعد أن
قبضه أو تسلمه ربه بعد تفليسه. قوله: (كالبناء) أي وكالصانع الذي يصنع لرب الشئ في بيته ثم إذا
انصرف يتركه في بيت ربه. قوله: (فلا يكون أحق به بل أسوة الغرماء) أي في الموت والفلس.
قوله: (إن لم يضف الخ) شرط في قوله وإلا فلا يكون أحق به وقوله إلا النسج استثناء مما لم يضف لصنعته
شيئا. وحاصل ما ذكره المصنف أن محل كون الصانع إذا كان مصنوعه ليس بيده يحاصص أجرته
ولا تكون أحق به ما لم يكن ذلك الصانع نساجا وإلا شارك الغرماء بقيمة نسجه كما أنه لو أضاف
الصانع لصنعته شيئا من عنده فإنه لا يحاصص بأجرته إذا كان المصنوع ليس بيده، بل يشارك الغرماء
بقيمة ما خرج من يده والمشاركة في مسألة النسج، وكذا في مسألة الإضافة إنما هي في الفلس وأما
في الموت فإنه يتعين أن يحاصص بما جعل له من الأجرة. قوله: (أي فهو) الضمير للنسج. قوله: (يشارك)
أي الغرماء في الفلس فقط بقيمته ويعلم من بيان حكم المضاف بما ذكر أنه مشارك بقيمة النسج لان
المصنف جعله مشبها به. قوله: (أي قيمة المزيد) أي بقيمة ما زاد من عنده فقط وأما أجرة العمل فهو
فيها أسوة الغرماء كما في بن. قوله: (بأن يقال الخ) أي ولا يقال ما قيمته مصبوغا وما قيمته بلا صبغ
لان الصانع ليس له إلا الصنعة فلا تقوم إلا صنعته ولو قوم بجملته لربما زاد ذلك فيأخذ زيادة على
حقه. قوله: (والشركة بنسبة قيمة كل) فإذا كانت قيمة الصبغ خمسة دراهم وقيمة الثوب أبيض
عشرة كان لصاحب الصبغ ثلث الثوب وللغرماء ثلثاه وإذا كان قيمة الغزل خمسة وقيمة النسج واحدا
كان للناسج سدس الثوب وللغرماء خمسة أسداسه. قوله: (ضعيف الخ) اعلم أن ما ذكره المصنف من أن
النساج كالصباغ هو نص ابن شاس والذي عليه ابن رشد أن النساج ليس كالصباغ. ونصه إن كان
الصانع قد عمل الصنعة ورد المصنوع لصاحبه فإن لم يكن للصانع فيها إلا عمل يده كالخياط والقصار
والنساج فالمشهور أنه أسوة الغرماء. قوله: (بل كعمل اليد) أي فيكون النساج أحق به من الغرماء
حتى يستوفي حقه إن كان الثوب المنسوج بيده وإلا فلا يكون أحق به أسوة الغرماء. قوله: (كما أن
المزيد) أي مثل الصبغ في الموت كعمل اليد يحاصص به الغرماء أي ولا يشاركهم في الثوب بقيمة
المزيد كما في الفلس. قوله: (قبضت) أي قبضها المكتري قبل تفليس ربها أو قبل موته. قوله: (لا بعده)
أي لا إن قبضت بعده فلا يعتبر ذلك القبض وحينئذ فيكون أسوة الغرماء بأجرته. قوله: (ولو أديرت الخ)
بأن كان كلما هزلت دابة أو ماتت أتى له ربها ببدلها فمتى فلس ربها أو مات فإن المكتري
أحق بتلك الدابة التي قبضها. قوله: (وذكر عكس التي قبلها) أي فالمسألة السابقة فلس رب الدابة
وهذه فلس المكتري. قوله: (وربها أحق بالمحمول) مثل الدابة في ذلك السفينة والفرق بين هذه
المسألة والمسألة المتقدمة وهي قوله ولا يختص ذو حانوت بما فيه من حيازة الظهر أقوى من حيازة
الحانوت والدار لما فيها من الحمل والنقل قاله الناصر. قوله: (إذا فلس أو مات) أي إذا فلس المكتري
أو مات. قوله: (يأخذه في أجرة دابته) أي أنه يبدأ بأخذ أجرة الدابة أو السفينة منه فإن بقي
من ثمنه فضلة كانت للغرماء وليس المراد أنه يأخذ المحمول مطلقا ولو كانت قيمته أكثر من
الأجرة. قوله: (فرب الدابة أحق به) أي في الموت والفلس وقوله حال نزول الأحمال في المنازل أي
لان ربها لم يقبضها قبض تسلم. قوله: (وإلا فربها أسوة الغرماء في الموت والفلس) أي وإلا بأن
قبض المحمول ربه قبض تسلم كان رب الدابة أسوة الغرماء في ذلك المحمول وغيره في الموت

289
والفلس. وظاهر التوضيح أن ربها أسوة الغرماء قام لطلب الأجرة بالقرب من التسليم أولا وهو ظاهر
وقياس ما هنا على ما يأتي في الإجارة لا يصح لان ما يأتي إنما هو في الاختلاف في قبض الأجرة وعدمه
ولا يلزم من قبول قول الحمال فيما قرب أن يكون له حكم الحوز ا ه‍ بن. فما في عبق من أنه إذا قام ربها
بالقرب يكون أحق بالمحمول فيه نظر انظر بن. قوله: (وفي كون المشتري الخ) حاصله أن من اشترى
سلعة شراء فاسدا بنقد دفعه لبائعها أو أخذها عن دين في ذمته كما إذا وقع البيع عند الأذان الثاني
للجمعة مثلا ثم فلس البائع قبل فسخ البيع وقبل الاطلاع على الفساد فهل يكون المشتري أحق بها من
الغرماء في الموت والفلس إلى أن يستوفي ثمنه أو لا يكون أحق بها وهو أسوة الغرماء لأنه أخذها عن
شئ لم يتم أو إن كان اشتراها بالنقد فهو أحق بها من الغرماء، وإن كان أخذها عن دين في ذمة البائع فلا
يكون أحق بها أقوال ثلاثة. قوله: (يفسخ) أي التي يفسخ الحاكم عقد شرائها أي التي يستحق عقد
شرائها أن يفسخه الحاكم لفساد البيع هذا هو الأولى مما قاله الشارح. قوله: (وهو) أي القول بأن
المشتري أحق بالسلعة في الموت والفلس سواء اشتراها بالنقد أو بالدين المعتمد. قوله: (أقوال) أي
ثلاثة الأول لسحنون والثاني لابن المواز والثالث لعبد الملك بن الماجشون، ومحلها إذا لم يطلع على
الفساد إلا بعد الفلس وأما لو اطلع عليه قبله فهو أحق بها باتفاق ومحلها أيضا إذا كانت السلعة قائمة وتعذر
رجوع المشتري بثمنه وأما إذا كان قائما وعرف بعينه تعين أخذه ولا علقة له بالسلعة وهذا التقييد إنما
يتأتى إذا اشتراها بالنقد لا بالدين، ومحل الخلاف أيضا مقيد بما إذا كانت السلعة وقت التفليس بيد
المشتري وأما لو ردت للبائع وفلس بعد ذلك فهو أسوة الغرماء وهذا هو الذي يفيده كلام ابن رشد
ومشى على ذلك خش وهو المعتمد خلافا لعج وتبعه عبق حيث عمم في محل الخلاف أي كانت وقت
التفليس بيد المشتري أو بيد البائع. وقد علمت أن الأقوال الثلاثة جارية في الموت والفلس خلافا لمن قال
إنها خاصة بالفلس ولا يكون أحق بها في الموت على جميع الأقوال كذا قرر شيخنا العدوي. قوله: (أنه)
أي المشتري شراء فاسدا وقوله مطلقا أي كانت السلعة قائمة أو فاتت. قوله: (وتارة بالسلعة) أي وتارة
يكون أحق بالسلعة. قوله: (والسلعة إن بيعت الخ) يعني أن عمرا لو اشترى سلعة من زيد شراء صحيحا
وأولى فاسدا ثم فلس زيد أو مات واستحقت السلعة التي خرجت من يده فإن المشتري وهو عمرو
أحق بالسلعة التي خرجت من يده إن وجدها بعينها في الموت والفلس ولا يخالف هنا في الموت
قول المصنف وللغريم أخذ عين ماله المحوز عنه في الفلس لا الموت لان البيع هنا وقع على معين فباستحقاقه
انفسخ البيع فوجب رجوعه في عين شيئه إن كان قائما في الموت والفلس وبعوضه إن فات، بخلاف
مسألة الفلس المشار لها بقول المصنف وللغريم أخذ عين ماله المحوز عنه في الفلس لا الموت فإن البيع فيها
هي على ثمن غير معين كالدنانير. قوله: (لانتقاض البيع) أي لأن المبيع إذا كان معينا ينفسخ البيع لاستحقاقه.
قوله: (ولو حذف الخ) حاصله أن قوله استحقت صفة لسلعة والصفة لا تعطف على الموصوف فلا تقترن
بالواو إلا أن يقال أنها زائدة بناء على ما قاله الزمخشري من جواز زيادة الواو في الصفة لتأكيد
لصوق الصفة بالموصوف ويصح جعل الواو للحال وسوغ مجئ الحال من النكرة وقوعها في
حيز الشرط المشابه للنفي أو يقدر لها صفة أي سلعة أخرى والحال أنها استحقت كما فعله الشارح
ولا يصح جعل الواو عاطفة لجملة استحقت على جملة بيعت لاقتضائه أن المستحق السلعة الخارجة من
يد المشتري لأنها المحدث عنها وليس كذلك. قوله: (وقضى بأخذ المدين الوثيقة) يعني أن من عليه
الدين إذا وفاه لصاحبه وطلب منه الوثيقة التي فيها الدين ليأخذها أو ليقطعها فإنه يجاب لذلك ويقضي
له بذلك لئلا يقوم رب الدين بها مرة أخرى وقد يقال إن أخذ المدين الوثيقة أو تقطيعها لا يفيده فائدة
وحينئذ فلا وجه للقضاء بأخذها أو تقطيعها كما قال المصنف، وذلك لأنه إذا أخذ المدين الوثيقة

290
فادعى من له الدين أنها سقطت منه فالقول قوله كما يأتي فلا فائدة حينئذ في القضاء له بأخذها وإن
أخذها وقطعها لا يفيده أيضا لان من له الدين يخرج عوضها من السجل وقد يجاب بأن المراد قضى
بأخذ الوثيقة أي بعد الخصم عليها وقوله أو تقطيعها أي بعد الاشهاد على وفاء ما فيها أو كتب وثيقة
تناقضها. وقد يقال إن الخصم عليها لا يفيد لجواز أن رب الدين يدعي أنها سقطت منه وأن المدين
أخذها وخصم عليها فالأولى ما قاله ح والجزيري من أنه يقضي بأخذها ليخصم عليها ثم ترد لصاحبها
وهو صاحب الدين. قوله: (على رب الدين) أي الذي اقتضى دينه. قوله: (بأخذ المدين الوثيقة
منه وبالخصم عليها) أي وتبقى بعد ذلك بيد ربها وهو صاحب الدين كما عليه العمل كما في ح عن ابن
عبد السلام ونقله تت عن الخضراوي وهو أبو القاسم الجزيري صاحب الوثائق وكلام الشارح
يقتضي أنه يخصم عليها وتبقى عند المدين وليس كذلك لما علمت أنه لا فائدة فيه إلا أن يحمل على ما إذا
كان الخصم بلا ريبة فيه بأن كان بخط رب الدين وختمه. قوله: (قال صاحب التكملة) هو العلامة
النويري والمراد بالتكملة تكملة شرح شيخه البساطي فإنه قد ترك مواضع من المتن لم يكتب عليها
فكتب عليه للنويري وسماه التكملة. قوله: (الحزم) بالحاء المهملة والزاي المعجمة أي الرأي السديد.
قوله: (وكتابة براءة بينهما) أي بأن يكتب في ورقة أخرى أن فلانا رب الدين وصله دينه من
فلان أو أبرأ المدين منه ويكتب الشهود خطوطهم على تلك الورثة. قوله: (قضى) أي قضاه
الزوج أو وراثه وقوله بأخذ وثيقة صداق أي ليبقيها عنده أو ليقطعها. قوله: (ولحوق
النسب) أي نسب الولد بالزوج إذا اختلفا في ذلك الولد هل هو منه أو لا فإنه يعلم من تلك الوثيقة لحوقه به وعدمه
إذا كتب فيها تاريخ عقد النكاح. قوله: (ولربها) أي وهو صاحب الدين يعني أن وثيقة الدين إذا
وجدت بيد من عليه الدين فطلبها صاحبها وقال: سقطت أو سرقت مني وقال من عليه الدين بل دفعت
ما فيها فالقول قول رب الدين وله أخذ الوثيقة من المدين إن حلف على سقوطها أو سرقتها وأنه لم يأخذ
ما فيها ولا أبرأ منه ولا أحال به. قوله: (وعليه) أي على المدين دفع ما في الوثيقة من الدين. قوله: (وقضى
لراهن الخ) حاصله أن الرهن إذا وجد بيد راهنه فطالبه المرتهن بدين الرهن فادعى الراهن أنه دفعه إليه
فكذبه المرتهن وقال لم تدفع شيئا منه والرهن سقط مني أو سرق مني، فالقول قول الراهن بيمينه ويبرأ
مني الدين هذا إذا قام المرتهن على الراهن بعد طول من حوز الراهن للرهن فإن قام بالقرب كان القول
قول المرتهن بيمينه. قوله: (ولم يصدقه) أي والحال أن المرتهن لم يصدقه في دعواه أنه دفع الدين الذي
عليه. قوله: (بل ادعى سقوطه أو إعارته أو سرقته الخ) في تسويته بين دعوى الإعارة وغيرها نظر بل
التفصيل إنما هو في غير الإعارة كدعوى السرقة أو الغصب أو السقوط وأما في الإعارة فالقول للراهن
مطلقا قام المرتهن عن قرب أو بعد انظر بن. قوله: (بعد طول) أي من حوز الراهن للرهن وقوله فإن قام
بالقرب أي من حوز الراهن لرهنه والقرب عشرة أيام فأقل والبعد ما زاد عليها كذا قرر شيخنا.
قوله: (فالقول للمرتهن) الأولى فالقول لربها مطلقا سواء قام بالقرب أو بعد طول. قوله: (أشد من الاعتناء
بالوثيقة) أي فالشأن أن الوثيقة توضع في الجيب وأما الرهن فشأنه أن يوضع في الصندوق فيندر سقوط
الرهن بالنسبة للوثيقة. قوله: (كوثيقة زعم ربها سقوطها) هذا تشبيه فيما تضمنه قوله وقضى لراهن الخ من
أنه لا شئ للمرتهن وحاصله أن من ادعى على آخر بدين وزعم أن له وثيقة به وأنها سقطت أو تلفت

291
ولم توجد بيد أحد فقال المدعى عليه قد دفعت لك الدين وقطعت الوثيقة فالقول قول المدعى عليه ولا
يلزمه إلا اليمين أنه وفاه جميع الدين وذلك لان فقد الوثيقة من يد المدعي وهو رب الدين بمنزلة شاهد
للمدعى عليه فيحلف معه. قوله: (بدفع الدين لربه) أي بأنه قد دفع الدين لربه. قوله: (وليس على المدعى عليه)
أي الذي هو المدين إلا اليمين وذلك لان فقد الوثيقة من يد رب الدين شاهد للمدين فيحلف معه.
قوله: (لوجود الوثيقة بيد المدين فيها) أي بخلاف ما هنا فلم توجد الوثيقة بيد أحد. قوله: (فهي) أي هذه
المسألة وهي قول المصنف كوثيقة زعم ربها الخ. قوله: (وهي) أي القاعدة التي قالوها مخصوصة بهذه أي
مخرج من عمومها هذه المسألة. قوله: (ولم يشهدها شاهدها إلا بها) جملة مستأنفة لا ارتباط لها بالمسألة قبلها.
قوله: (يعني ولم يكن) أي والحال أنه لم يكن الخ وأشار الشارح إلى أن ما ذكره المصنف من أن شاهد
الوثيقة لا يجوز له أن يشهد بما فيها إلا بعد حضورها مقيد بأمرين: الأول: أن يكون الشاهد غير متذكر
للقضية وأما إن كان متذكرا لها فلا تتوقف شهادته على حضورها. والثاني: أن يكون المدعى عليه منكرا
للحق من أصله أو مدعيا لدفع جميعه والمدعي يدعي دفع بعضه والحال أن الوثيقة مكتتبة بما دفع فإذا
كان الشاهد غير مستحضر لما دفع فلا يشهد إلا بها.
باب في بيان أسباب الحجر
الحجر صفة حكمية توجب منع موصوفها من نفوذ تصرفه فيما زاد على قوته أو تبرعه بزائد على ثلث ماله،
فدخل بالثاني حجر المريض والزوجة ودخل بالأول حجر الصبي والمجنون والسفيه والمفلس
والرقيق فيمنعون من التصرف في الزائد على القوت ولو كان التصرف غير تبرع كالبيع والشراء، وأما
الزوجة والمريض فلا يمنعان من التصرف إذا كان غير تبرع أو كان تبرعا وكان بثلث مالهما، وأما
تبرعهما بزائد عن الثلث فيمنعان منه. قوله: (ومنها الدين) أي ومن أسباب الحجر الدين وأراد به
الفلس لأجل الدين. وقوله والسفه أراد به التبذير وعدم حسن التصرف في المال أي ومنها أيضا الرق
والنكاح بالنسبة للزوجة، فأسباب الحجر سبعة وليس منها الردة لان المرتد ليس بمالك. قوله: (المجنون
بصرع) أي وهو الذي يلبسه الجني وقوله أو وسواس وهو الذي يخيل إليه وسواء كان كل منهما مطبقا
أو متقطعا وحمل الشارح الجنون في كلام المصنف على ما يصرع أو وسواس لان ما بالطبع أي غلبة
السوداء لا يفيق منه عادة فلا يدخل في كلام المصنف. قوله: (إن كان) أي إن كان له أب أو وصي وجن
قبل بلوغه وقوله وإلا أي وإن لم يكن له أب ولا وصي أو وجد أحدهما ولكنه جن بعد البلوغ فالذي يحجر
عليه الحاكم. قوله: (ثم إن كان) أي بعد الإفاقة صغيرا أو كان كبيرا لكنه سفيه. قوله: (وإلا فلا) أي وإلا بأن
كان ليس صغيرا ولا سفيها بل رشيدا فلا يحجر عليه بعد الإفاقة من الجنون. قوله: (من غير احتياج إلى
فك) راجع لقول المصنف للإفاقة أي أنه بمجرد الإفاقة إذا أفاق رشيدا فإن الحجر ينفك عنه ولا يحتاج
لحكم الحاكم بفكه. قوله: (والصبي) أي الذكر محجور عليه أي بالنسبة لنفسه للبلوغ وأما بالنسبة لماله فسيأتي

292
في قوله لحفظ مال الأب بعده والمراد بالحجر عليه بالنسبة لنفسه حجر الحضانة من تدبير نفسه
وصيانة مهجته من الهلاك أو الفساد فيه. قوله: (لمن ذكر) أي من الأب ووصيه والحاكم وجماعة
المسلمين. قوله: (ذهب حيث شاء) أي ولا يمنع من الذهاب لانفكاك الحجر عنه بالنسبة لذاته.
والحاصل أنه متى بلغ عاقلا زال عنه ولاية الأب والوصي والحاكم من حيث تدبير نفسه وصيانة
مهجته إذ يؤمن عليه حينئذ من وقوع نفسه في مهواة أو فيما يؤدي لقتله أو عطبه وحينئذ فلا يمنع
من الذهاب حيث شاء إلا أن يخاف عليه الفساد لجماله مثلا وإلا كان لأبيه أو وصيه أو الناس أجمعين منعه.
قوله: (بالنسبة لنفسها) أي وأما الحجر عليها بالنسبة للمال فسيأتي في قوله وزيد في الأنثى الخ. قوله: (أي
الانزال) أي إنزال المني مطلقا في نوم أو يقظة. قوله: (وإن كان الأصل فيه) أي وإن كان المعنى
الأصلي للحلم الانزال في النوم. قوله: (أو الحيض) أي الذي لم يتسبب في جلبه وإلا فلا يكون علامة ا ه‍ خش.
قوله: (أي النبات الخشن) أي النبات للشعر الخشن وظاهره ولو حصل في زمن لا ينبت فيه عادة
وقوله للعانة متعلق بقول المصنف أو الانبات. قوله: (فإنه يتأخر) أي فإن نبات الشعر في الإبط ونبات
اللحية والشارب يتأخر عن البلوغ وحينئذ فلا يكون علامة عليه لان المراد بالعلامة ما يحصل البلوغ
عندها من غير تأخر عنها. قوله: (إلا في حق الله تعالى) أي فليس علامة على البلوغ. قوله: (تردد) أي
طريقتان الأولى للمازري والثانية لابن رشد. وحاصل ما في المقام أن المازري قال أن الانبات
علامة على البلوغ على المشهور وقيل أنه ليس بعلامة له. فلمالك في كتاب القذف من المدونة أنه ليس علامة
على البلوغ، ونحوه لابن القاسم في كتاب القطع. وظاهره لا فرق بين حق الله وحق الآدمي وقال ابن رشد
هذا الخلاف بالنسبة لما بين الشخص وغيره من الآدميين من قذف وقطع وقتل وأما فيما بينه وبين الله
من وجوب الصلاة ونحوها فلا خلاف أنه ليس بعلامة هذا محصل ما في التوضيح، لكن ما نسبه لابن
رشد خلاف ما في المواق عن ابن رشد من أنه علامة مطلقا فالظاهر أن لابن رشد طريقة أخرى وأن
المصنف أشار بالتردد لتردد ابن رشد لقوله أنه علامة مطلقا على ما نقل عنه المواق، ولقوله ثانيا أنه ليس
بعلامة في حق الله على ما نقله المصنف عنه في التوضيح. قوله: (في شأن البلوغ) أي إثباتا أو نفيا. قوله: (طالبا
أو مطلوبا) أي كان مدعيا أو مدعى عليه. قوله: (ادعى عدمه) أي لأجل عدم وقوع الطلاق
وعدم القصاص منه أي فيصدق لان إنكار البلوغ شبهة والحدود تدرأ بالشبهات. قوله: (ولو بالانبات)
أي هذا إذا كان دعواه البلوغ بالانزال أو الحيض بل ولو بالانبات وفي عبق وخش إن ادعاه بالسن
لا يصدق ولا بد من إثبات ذلك وفيه نظر. والذي في ح عن زروق ويصدق في السن إن ادعى ما
يشبهه حيث يجهل التاريخ. قوله: (إن لم يرب) المحفوظ فيه ضم الياء وفتح الراء مبنيا للمفعول فالريبة
واقعة عليه لا منه أي إن لم يقع منا ريبة فيما قاله وأما على قراءته بكسر الراء مبنيا للفاعل فالمعنى إن لم
يوقع غيره في ريبة. قوله: (فلا ضمان عليه) أي وحينئذ فلا يصدق في دعواه البلوغ لوجود الشك في
صدقه. قوله: (إن ادعى عدم البلوغ) أي وأما إن ادعى البلوغ فإنه يلزمه الطلاق دون الجناية للشبهة.

293
قوله: (ففي مفهوم الشرط تفصيل) تحصل من كلامه أن الصبي يصدق في شأن البلوغ إثباتا أو نفيا إن لم
يرب ولم يشك في صدقه فيما أخبر به، فإن ارتيب فلا يصدق في الأموال ويصدق في غيرها كالطلاق
والجناية إن ادعى عدمه، فإن ادعى وجوده صدق في الطلاق فقط دون الجناية لان الريبة في قوله شبهة
تدرأ الحد عنه. قوله: (وللولي الخ) حاصله أن المميز إذا تصرف في ماله بمعاوضة مالية بغير إذن وليه
وكانت تلك المعاوضة على وجه السداد ولأجل إنفاقه على نفسه فيما لا بد له منه واستوت المصلحة في
إجازتها وردها فإنه يثبت لوليه إذا اطلع عليها الخيار بين إجازتها وردها وهذا هو المشهور، ولا فرق
بين كون المبيع عقارا أو غيره ولو لم يكن عنده غيره. قال في البيان إذا باع اليتيم دون
إذن وصيه أو صغير بدون إذن أبيه شيئا من عقاره أو أصوله بوجه السداد في نفقته التي لا بد له منها وكان لا شئ له غير الذي باع أو
كان له غيره ولكن ذلك المبيع أحق ما يباع من أصوله فاختلف فيه على ثلاثة أقوال: أحدها: أن البيع يرد
على كل حال ولا يتبع بشئ من الثمن لان ذلك المشتري سلطه على إتلافه وهو قول ابن القاسم وهو
أضعف الأقوال. القول الثاني: يرد البيع إن رأى الولي أن الرد هو الوجه والمصلحة ولا يبطل الثمن عن
اليتيم ويؤخذ من ماله الذي صونه بذلك الثمن فإن ذهب ذلك المال الموجود المصون وتجدد له مال غيره
فلا يتبع الثمن فيه وهو قول أصبغ. القول الثالث: أن البيع يمضي ولا يرد فإن كان قد باع بأقل من الثمن أو باع
ما غيره أحق بالبيع منه في نفقته فلا يختلف في أن البيع يرد ولا يبطل الثمن عن اليتيم لادخاله إياه فيما لا بد له
منه. قوله: (أو غيره) أي وهو وصيه والحاكم ومقدمه. قوله: (رد تصرف مميز) أي ولو في عقاره ولو كان
لا شئ له غيره. تنبيه: قول المصنف وللولي رد الخ أي وله إجازته فاللام للتخيير وهذا إذا استوت
المصلحة في الإجازة والرد فإن تعينت في أحدهما تعين ويصح جعل اللام للاختصاص والمعنى وللمولى
لا لغير رد تصرف مميز وهذا لا ينافي أن الرد متعين إذا كانت المصلحة فيه وأن الإجازة كذلك تتعين
إذا كانت المصلحة فيها. قوله: (بمعاوضة) أي على وجه السداد بأن كان البيع بالقيمة أما لو بأقل من
ثمن المثل تحتم الرد ولا بد أن يكون تصرفه لأجل إنفاقه فيما لا بد منه وإلا تحتم الرد ولا يتبع بالثمن اتفاقا.
قوله: (فإذا لم يكن الخ) أي بأن كان أنفقه فيما لا بد له منه. قوله: (وحمل عند جهل الحال على أنه أنفقه فيما لا بد
له منه) فيه نظر بل يحمل عند جهل الحال إنفاقه على التبذير لأنه الغالب على المحاجير كما في نقل ح وابن
عرفة. قوله: (اتبع به في ذمته) صوابه لم يتبع في ذمته انظر بن. قوله: (أي للمميز) أي المحجور عليه
لصغر أو سفه. قوله: (أو علم وسكت) فيه نظر إذ تصرفه في هذه الحالة ماض ليس له رده إذا رشد لان
سكوت الولي مع علمه إمضاء له، ففي المواق وإذا تصرف المحجور برؤية من وصيه وطال تصرفه فأفتى
ابن الحاج وابن عتاب وابن رشد أن ما لحقه من دين فإنه يلزمه وإن تصرفه ماض قال البرزلي في نوازله
وبه العمل. قوله: (رد تصرف نفسه أن رشد) أي سواء كان تصرفه بما يجوز للولي رده كالمعاوضة أو بما
يجب عليه رده كالعتق والهبة وأما وارث المحجور البائع فهل ينتقل له ما كان لمورثه من رد التصرف أم لا
قولان. والحاصل أن المحجور إذا تصرف ببيع أو هبة أو عتق ولم يطلع على ذلك إلا بعد موته فهل لوارثه
أن يرده من بعده كما كان يرده هو لو كان حيا أو لا يرده قولان مرجحان انظر بن. قوله: (إن رشد) ما ذكره
المصنف من تخييره بعد رشده هو الذي صرح به ابن رشد ولم يحك فيه خلافا وعليه اقتصر ابن عرفة وغيره
وخالف في ذلك ابن سلمون وابن عتاب فقالا أن الولي إذا لم يعلم بالنكاح ولا بالبيع حتى رشد المحجور
فإن ذلك يمضي انظر المواق. قوله: (إنما يأتي على قول ابن القاسم الخ) هذا الكلام ربما يوهم أن الخلاف

294
الآتي في كل من الصغير المهمل والسفيه المهمل، وليس كذلك بل ذلك الخلاف إنما هو في السفيه البالغ
المهمل وأما الصغير المهمل فلا خلاف في رد تصرفه، وحينئذ فجعل كلام المصنف شاملا لما إذا لم
يكن ولي للمحجور ظاهر بالنسبة للصغير المميز من غير احتياج للبناء على قول ابن القاسم المرجوح
وإنما يحتاج لذلك البناء بالنسبة للسفيه فتأمل. قوله: (ولو حنث بعد بلوغه) مبالغة في أن له الرد والامضاء
أي هذا إذا كان تصرفه بغير يمين أو بيمين حنث فيه قبل بلوغه بل ولو كان تصرفه بيمين حنث
فيها بعد بلوغه. قوله: (لا يفعل كذا) أي لا يدخل دار زيد مثلا وقوله فله رد ذلك أي الذي حلف به
وهو العتق والصدقة وله إمضاؤه، وهذا هو المشهور خلافا لابن كنانة القائل إذا حنث بعد بلوغه
لزمه ما حلف به من صدقة أو عتق وليس له رده وهذا القول هو المردود عليه بلو في المتن. واعلم
أن محل الخلاف إذا كان الخلاف إذا كان الحنث بعد بلوغه ورشده فلو حنث بعد البلوغ وقبل الرشد كان كما لو حلف
في حال صغره وحنث في حال صغره فإن دخلها قبل بلوغه أو بعده وقبل رشده فلا يلزمه ما حلف به
اتفاقا في الصورتين، ولذا قال ح لو قال المصنف ولو حنث بعد رشده لكان أبين وأوضح وأما لو حلف
السفيه في حال سفهه وفعل المحلوف على تركه بعد رشده فإن كان الحلف بالطلاق لزمه قولا واحدا وإن
كان الحلف بمال كعتق أو صدقة أو نحوهما فظاهر المدونة والمقدمات أنه لا يلزمه واستظهره ابن رشد
وفي سماع ابن القاسم أنه يلزمه. قوله: (واعتبر في ولايته عليه) أي على محل الطلاق حال النفوذ لا حال
التعليق، فإذا قال لزوجته إن دخلت الدار فأنت طالق ثم طلقها ثلاثا وفعل المحلوف عليه وتزوجها
بعد زوج لم يلزمه الطلاق لأنه لم يكن مالكا لمحل الطلاق وهو العصمة حال نفوذ الطلاق، ولو اعتبر
حال التعليق لوقع الطلاق لملكه لمحله حينئذ وتقرير المخالفة بين ما هنا وما مر أن ما مر يقتضي اعتبار
حال النفوذ لا حال التعليق أي وقد اعتبر في هذه المسألة حال التعليق لا حال النفوذ. قوله: (أو وقع الخ)
هذا مبالغة أيضا في أن له الامضاء والرد بعد بلوغه ورشده أي ولو صدر منه ذلك التصرف على وجه
النظر والسداد فلا يلزمه إمضاؤه. قوله: (فلا رد له) أي خلافا لظاهر المصنف من أن له الرد والامضاء
مطلقا سواء استمر الحال على ما هو عليه أو تغير بزيادة فيما باع أو نقص فيما اشترى. قوله: (والتحقيق
الاطلاق) أي كما قاله الشيخ أحمد الزرقاني ورجحه شيخنا. قوله: (وإلا رد الغلة أيضا) أي وإلا بأن
علم ذلك المشتري أن هذا البائع مولى عليه فإنه يرد الغلة كما يرد المبيع ولو كان أمة زوجها المشتري لغيره
فولدت منه فترد هي وولدها، فإن ولدت من المشتري ردها مع قيمة الولد وترد الغنم بنسلها والأرض
ولو بنيت وله قيمة بنائه مقلوعا لأنه كالغاصب. قوله: (فترد الغلة مطلقا الخ) هذا ما اعتمده عبق
وقال الشيخ سالم السنهوري يفوز المشتري من غير المميز بالغلة مطلقا علم أنه مولى عليه أم لا لما تقدم
أن المشتري يفوز بالغلة في البيع الفاسد ليوم الحكم بالرد. قوله: (هذا هو الصواب) نحوه في ابن عرفة عن
ابن يونس وكذا في المدونة ونصها في باب الوديعة ومن أودعته وديعة فاستهلكها ابنه الصغير فذلك
في مال الابن، فإن لم يكن له مال ففي ذمته ا ه‍ وظاهره كان إتلافه بأكله أو بطرحه في البحر أو بغير ذلك صون
به ماله أم لا. وأما قول عبق تبعا لعج ولا يتبع به في ذمته فغير صواب واستدلال عج بقول الرجراجي
ولا خلاف أنه لا يتبع بالثمن في ذمته. قال طفي إنه وهم لان كلام الرجراجي المذكور في الثمن الذي أخذه
الصبي فيما باعه وأنفقه فيما لا بد له منه ولا خلاف أنه لا يتبع به في ذمته كما ذكره ح في التنبيه الثاني

295
انظر بن. قوله: (وضمن الصبي) مثله السفيه فما قيل في الصبي من الضمان إلا أن يؤمن وإلا فلا ضمان ما لم
يصون به ماله يقال في السفيه في إتلافه. قوله: (إن لم يؤمن عليه) نص ابن الحاجب ومن أودع صبيا أو
سفيها أو أقرضه فأتلفها لم يضمن ولو أذن له أهله قال في التوضيح وإنما لم يضمن لان صاحب السلعة
قد سلطه عليها وهو محجور عليه ولو ضمن المحجور لبطلت فائدة الحجر قال اللخمي وغيره إلا أن يصرفا
ذلك فيما لا بد لهما منه ولهما مال فيرجع عليهما بالأقل مما أتلفا وما صوناه من مالهما ا ه‍. قوله: (لم يضمن)
أي لان ربه هو الذي سطله على إتلافه ولو كان إتلافه له بأكله له. قوله: (إلا قدر ما صون) أي صونه فإذا كان
من عادته أنه كل يوم يتغذى بنصف فضة فباع ما أمن عليه وصار يتغذى كل يوم بخمسة أنصاف فلا
يضمن في ماله إلا النصف الفضة لا ما زاد ا ه‍. وقوله إلا قدر ما صون الذي في التوضيح عن اللخمي
وابن عبد السلام أن الرجوع عليه بالأقل مما أنفقه وما صونه من ماله فإذا كان ما صونه أقل كما في المثال
المذكور ضمنه، وإذا كان ما صرفه وصون به ماله أقل لزمه القدر الذي صرفه وصون به ماله. تنبيه:
عكس كلام المصنف وهو ما لو أودع المميز شيئا عند آخر فأتلفه فإنه يضمنه وإن لم يعلم أنه غير جائز
التصرف. قوله: (يرجع على الصبي بما ذكر) أي بما صون به ماله. قوله: (أن المال في ماله) أي إن كان له مال
وإلا ففي ذمته ا ه‍ بن. قوله: (والدية على العاقلة) أي ودية جنايته على نفس أو على عضو على ما عاقلته
إذا كانت دية ذلك قدر ثلث الدية الكاملة فأكثر فإن كانت أقل من ثلث الدية الكاملة ففي ماله فهو
كالمميز في ذلك ا ه‍. وهذا القول الأول هو الراجح لقول المصنف في التوضيح تبعا لابن عبد السلام
والقول الأول أظهر لأن الضمان من باب خطاب الوضع الذي لا يشترط فيه التكليف بل ولا التمييز.
قوله: (وقيل المال هدر) أي والدية على العاقلة. قوله: (وصحت وصيته) أي في حال صحته أو في حال
مرضه. قوله: (تشبيه في صحة الوصية) أي بناء على أن المراد بالمميز فيما مر مطلق المحجور عليه الشامل
للسفيه وقوله أو في جميع الخ أي بناء على أن المراد بالمميز فيما مر خصوص الصغير. قوله: (من ذكر) أي
المميز والسفيه وأشار الشارح بهذا إلى أن الشرط في كلام المصنف راجع لما بعد الكاف ولما قبلها على
خلاف قاعدته الأغلبية وأنه إنما أفرد الضمير باعتبار من ذكر. قوله: (بأن لا يتناقض) أي فيها فمتى لم
يتناقض فيها كانت صحيحة سواء كان لفقير أو غني كان الموصى له صالحا أو فاسقا إما أن تناقض كأن
يقول أوصيت لزيد بدينار أوصيت لزيد بدينارين كانت باطلة ولو كان الموصى له فقيرا. قوله: (بقربة)
أي وأما لو أوصى بغيرها كإيصائه لأهل المعاصي أو للأغنياء كانت باطلة. قوله: (تأويلان) الأول
لأبي عمران والثاني للخمي. قوله: (إلى حفظ) أي مع حفظ الخ أي مع صيرورة ذي الأب حافظا لماله
وحاصله أنه لما قدم أن الحجر على الصبي بالنسبة لنفسه لبلوغه فقط ذكر أن الحجر عليه بالنسبة لماله يكون
لبلوغه مع صيرورته حافظا لماله بعده فقط إن كان ذا أب أو مع فك الوصي والمقدم إن كان ذا وصي أو
مقدم فذو الأب بمجرد صيرورته حافظا للمال بعد بلوغه ينفك الحجر عنه، وإن لم يفكه أبوه عنه
قال ابن عاشر يستثني منه إذا حجر الأب عليه في وقت يجوز له ذلك وهو عنوان البلوغ فإنه لا ينفك الحجر
عنه وإن كان حافظا للمال إلا لفك الأب كما نقله ابن سهل عن ابن القصار. قوله: (مع أنه) أي الأب
الأصل أي والوصي فرع أي ومقتضاه أن يكون حجر الأب أقوى من حجر الوصي وحينئذ

296
فيحتاج للفك بالأولى من حجر الوصي. قوله: (لان الأب لما أدخل الخ) حاصل هذا الجواب أن حجر
الأب لما كان حجر أصالة من غير جعل ولا إدخال أحد كان للولد أن يخرج منه من غير أن يخرجه أحد
وحجر الوصي بالجعل والادخال فلا يخرج منه إلا باخراج الوصي، ألا ترى أن الولد إذا حجر عليه
أبوه للسفه قبل البلوغ أو بعده بالقرب منه بأن قال الأب اشهدوا أني حجرت على ابني فإن الولد
لا يزال باقيا في حجره، ولو صار يحسن التصرف في المال ولا ينفك الحجر عنه إلا إذا قال أبوه فككت الحجر
لا عنه أو يحكم حاكم بإطلاقه. قوله: (ما لو حجر عليه) أي لسفه بأن قال اشهدوا أني حجرت على ولدي
وهل له الحجر عليه للسفه بعد البلوغ أو ولو قبله خلاف، ذكره شيخنا في حاشيته، وقوله لا ينتقل أي
ذلك المحجور عليه من الحجر إلا بإطلاقه، وهذا أقوى طريقتين في المسألة وإنما يحجر عليه الأب
لسفهه بعد بلوغه إذا كان بقربه كالعام فإن زاد فلا بد من حكم الحاكم بالحجر انظر بن. قوله: (وكذا يقال
في المقدم) أي أنه لما أدخل الولد الحاكم الذي هو بمنزلة الأب في ولايته صار بمنزله من حجر عليه الحاكم
ومن حجر عليه الحاكم لا ينتقل من الحجر إلا بإطلاقه. قوله: (فأفعاله بعد ذلك على الحجر) أي
وحينئذ فتصرفه بعد موت الوصي كتصرفه قبل موته قال ح وهذا هو الذي جرى به العمل وذكره
البرزلي أيضا. قوله: (لأنه) أي من مات وصيه قبل فكه الحجر عنه محجور عليه والخلاف الآتي
موضوعه السفيه المهمل. قوله: (وإلى بمعنى مع) أي فالغاية هنا منضمة للغاية السابقة فيكون غاية الحجر
مجموع الغايتين. قوله: (بأن اليتيم المهمل يخرج من الحجر) أي حجر الصغر وهذا لا ينافي أنه إن طرأ له
سفه حين البلوغ فإنه يحجر عليه وقوله بالبلوغ أي إذا كان ذكرا وأما الأنثى فسيأتي أنها لا تخرج
من الحجر إلا إذا عنست أو مضى لها عام بعد البناء بها. قوله: (إلا كدرهم) أي ألا تصرفه بكدرهم
فليس للولي رده بل يكون ماضيا ولا يحجر عليه فيه وانظر لو وهب له مال بشرط أن يتصرف هو فيه
هل يعمل بذلك الشرط أو لا. وفي بن أن الهبة صحيحة والشرط باطل لوجوب حفظ المال.
قوله: (لاطلاقه) هذا اخراج لما يخص السفيه البالغ. قوله: (واستلحاق نسب) أي كاستلحاقه لولد
سواء كان لاعن فيه أو لا. قوله: (وتبعها مالها) أي ما لم يكن استثناه حين العتق وإلا لم يتبعها. قوله: (على
غيره) أي فليس للولي أن يرد ذلك ويدفعه عنه. قوله: (بالعفو عن جان) فإذا جنى شخص جناية عمدا
على محجور عليه أو على ولي ذلك المحجور فليس لوليه رد عفوه عنه بل يمضي ذلك
العفو. قوله: (فليس له العفو) لأنه مال فلو عفا عنه كان للولي رده وله أيضا رده إن رشد كما مر. قوله: (وتصرفه قبل الحجر)
أي سواء كان سفهه أصليا غير طارئ أو طرأ بعد أن بلغ رشيدا فالخلاف المذكور جار في المسألتين كما قال
ابن رشد والراجح منه القول الأول خلافا لعبق حيث جعل موضوع الخلاف المذكور الصورة
الأولى وجعل في الثانية قولين على حد سواء. ونص كلام ابن رشد في الاسمعة، وأما اليتيم الذي لم
يوص به أبوه لاحد ولا أقام السلطان عليه وليا ولا ناظرا ففي ذلك أربعة أقوال: أحدها: أن أفعاله كلها
بعد البلوغ جائزة نافذة رشيدا كان أو سفيها معلنا بالسفه أو غير معلن اتصل سفهه من حين بلوغه أو
سفه بعد حصول الرشد منه من غير تفصيل في شئ من ذلك، وهو قول مالك وكبراء أصحابه ثم قال
الرابع أن ينظر إلى حاله يوم بيعه وابتياعه وما قضى به في ماله فإن كان رشيدا في أحواله جازت أفعاله كلها،
وإن كان سفيها لم يجز منها شئ من غير تفصيل بين أن يتصل سفهه أو لا يتصل وهو قول ابن القاسم
واتفق جميعهم أن أفعاله جائزة لم يرد منها شئ إذا جهلت حالته ولم يعلم برشد ولا سفه وانظر بقية

297
الأقوال في ح ا ه‍ بن. قوله: (عبد الرحمن بن القاسم) أي المصري تلميذ الامام مالك لا المدني شيخ
الامام. قوله: (أن الصبي والأنثى) أي المهملين وقوله ترد تصرفاتهما أي اتفاقا إلى أن يبلغ الصبي وإلى
تعنس الأنثى وتقعد عن المحيض أو تمضي سنة بعد دخول الزوج بها. قوله: (وزيد في الأنثى
المحجورة) أي ذات الأب والوصي والمقدم أي زيد في خروج الأنثى البكر من حجر الأولياء الثلاثة
شرطان دخول الزوج بها وشهادة العدول على صلاح حالها، وعلى هذا فذات الأب لا ينفك الحجر
عنها إلا بأمور أربعة بلوغها وحسن تصرفها وشهادة العدول بذلك ودخول الزوج بها، وأما ذات
الوصي والمقدم فلا ينفك الحجر عنها إلا بأمور خمسة البلوغ وحسن تصرفها وشهادة البينة بذلك ودخول
بها وفك الوصي أو المقدم، فإن لم يفكا الحجر عنها كان تصرفها مردودا ولو عنست أو دخل بها
الزوج وطالت إقامتها عنده. قوله: (من حفظ المال) أي بعد بلوغها. قوله: (وفك الوصي والمقدم) أي بعد
البلوغ. قوله: (وشهادة العدول على صلاح حالها) أي شهادتهم بذلك بعد الدخول. قوله: (ومجرد الدخول
كاف في ذات الأب) أي في فك الحجر عنها يعني مع الشهادة برشدها ولا يحتاج لفك من الأب ولا لمضي
مدة قدرها سنة أو أكثر على ما قيل وقوله ومجرد الخ دخول على كلام المصنف. قوله: (لم يرتب هذا
على القول بالشهادة) أي على القول بخروجها من الحجر بالشهادة على صلاح حالها بعد الدخول.
قوله: (لا ينفك عنها الحجر إلا بعد مضي سنة من الدخول) أي والشهادة على صلاح حالها بعدها، فلو
قال المصنف وزيد في الأنثى مضي سنة بعد الدخول وشهادة العدول بصلاح حالها لكان ماشيا على
ما به العمل ويكون قوله بعد ولو جدد أبوها حجرا على الأظهر واقعا في محله. قوله: (ولا يقبل منه أنها
سفيهة) أي دعواه أنها سفيهة أي دعواه أنه إنما جدد الحجر لسفهها فلا ينفك الحجر عنها إلا إذا فكه.
قوله: (فلا بد من فك بعد الدخول) هذا هو المتعين لما ذكره ابن رشد في المقدمات ونقله ح والتوضيح
من أن المشهور المعمول به في المذهب أن ذات الوصي أو المقدم لا تخرج من الولاية ما لم تطلق من
الحجر، وإن عنست أو دخل بها الزوج وطال زمانها وحسن حالها والقول بأنها كذات الأب
لا يتوقف فك الحجر عنها على إطلاقها لابن الماجشون. قوله: (الدخول) أي مجرد الدخول على المعتمد
والشهادة المذكورة. قوله: (أو مضي عام) أي بعد الدخول وقوله أو أكثر أي ستة أعوام أو سبعة
وهذا على مقابل المعتمد. قوله: (فأفعالها مردودة) أي اتفاقا حيث علم سفهها فإن علم رشدها ففي بن
مضى أفعالها وفي عج عن الناصر ردها حتى ينفك الحجر عنها بمضي سنة بعد الدخول بها أو تعنس
وتقعد عن المحيض. قوله: (وليست داخلة في كلام المصنف) أي لان المصنف قال وزيد أي في الأنثى
المحجورة على ما سبق في الذكر المحجور عليه وهو حفظ مال ذي الأب وفك وصي ومقدم.
قوله: (وللأب ترشيدها) أي بأن يقول لها رشدتك ورفعت الحجر عنك فإذا قال لها ذلك ارتفع الحجر عنها
وصارت تصرفاتها ماضية قال لها ذلك قبل دخولها أو بعده شهدت العدول بصلاح حالها أو لا فمحل

298
توقف فك حجر ذات الأب على الأمور الأربعة السابقة إذا لم يرشدها أبوها وكذا يقال في ذات
الوصي. قوله: (وكذا بعده) أي وكذا له ترشيدها بعد الدخول وبمجرد ترشدها انفك الحجر عنها.
قوله: (كالوصي) اعلم أن الوصي قيل أنه كالأب فله أن يرشد البكر قبل الدخول وبعده وقيل ليس له
ذلك حتى يدخل بها زوجها وعلى كل فهل الوصي مصدق في ذلك وإن لم تعرف البينة رشدها وبه قيل
أوليس له ذلك إلا بعد ثبوت رشدها وقاله ابن القاسم في سماع أصبغ، ونحوه لعبد الوهاب والمعتمد من
هذه الأقوال أنه ليس له ترشيدها إلا بعد الدخول فإذا دخلت كان له ترشيدها ولو لم يعلم ترشدها من
غيره وهو الذي جرى به العمل انظر بن. قوله: (من غيرهما) أي من غير الأب والوصي وهذا ظاهر
في أن قول المصنف ولو لم يعرف رشدها راجع للمسألتين ونحوه لتت واعترضه طفي فقال الصواب
أنه خاص بالثانية إذ هي التي فيها الخلاف المشار له بلو وأما الأولى فلا خلاف فيها وبهذا قرر ح انظر بن.
قوله: (وظاهره أن تصرفها) أي تصرف المرشدة التي رشدها أبوها قبل الدخول ماض أي وهو
كذلك خلافا لخش وعبق حيث قالا برده، وإن كانت لا تزوج إلا برضاها قال بن وهو خروج
عن المذهب لان الترشيد لا يتبعض. قوله: (والراجح لا) أي والراجح أن مقدم القاضي ليس له
ترشيدها بعد الدخول بل كذا قبله وهذا إذا لم يعلم رشدها بالبينة وإلا كان له ترشيدها. والحاصل أن
معلومة الرشد يجوز ترشيدها مطلقا قبل الدخول وبعده لكل من الأب والوصي والمقدم ومجهولة
الرشد يجوز للأب ترشيدها قبل الدخول وبعده وللوصي بعد الدخول لا قبله ولا يجوز للمقدم
ترشيدها لا قبل الدخول ولا بعده ومعلومة السفه ترشيدها لغو مطلقا. قوله: (مطلقا) أي قبل الدخول
وبعده. قوله: (ولو لم يعلم) أي الرشد من غيره. قوله: (لم يطرأ الخ) أي وأماه لو طرأ عليه بعد البلوغ فالحجر
عليه للحاكم لا للأب كما مر. قوله: (الأب الرشيد) أي فإن كان سفيها فلا كلام له ولا لوليه إلا بتقديم
على الابن خاص مغاير للتقديم على أبيه. قوله: (وإن لم يكن له سبب مما يأتي) أي من الأسباب الآتية في
قوله وإنما يباع عقاره الخ، وكلامه يقتضي أن المنفي اشتراطه وجود سبب مما يأتي وهذا لا ينافي أنه لا بد
من وجود سبب أي سبب كان وهو كذلك إذ لا يحل للأب فيما بينه وبين الله أن يبيع بدون سبب
أصلا انظر بن. قوله: (عند كثير من أهل العلم) أي كابن سلمون والمتيطي وقال ابن رشد تصرف الأب
يحمل على غير السداد حتى يثبت خلافه ومحل هذا الخلاف إذا باع الأب متاع ولده من نفسه، وأما لو
باعه لغيره فهو محمول على السداد والنظر اتفاقا حتى يثبت خلافه إذا علمت هذا تعلم أن الأولى للشارح
أن يقول لحمله على السداد ولو باع متاع ولده من نفسه عند كثير من أهل العلم لكان أظهر وأبين
للمراد وإذا كان بيع الأب متاع ولده للأجنبي محمولا على النظر والسداد اتفاقا فلا اعتراض للابن
بعد رشده فيما باعه عليه أبوه. ابن حبيب عن أصبغ يمضي بيعه وإن باع لمنفعة نفسه ثم رجع لقول
ابن القاسم: إن باع لمنفعة نفسه وتحقق ذلك فسخ ا ه‍ وأطلق في الفسخ فظاهره كان الأب موسرا أم لا وهو
كذلك عند ابن القاسم ابن رشد حكم ما باعه الأب من مال ولده الصغير في مصلحة نفسه أو حابى به يرد
مع القيام ويغرم قيمته مع الفوات. قوله: (مطلقا) أي كان المبيع عقارا أو غيره. قوله: (فبيان السبب)
المراد ببيانه إثباته بالبينة لا مجرد ذكره باللسان وإن لم يعرف إلا من قوله كما يعلم ذلك من كلام ابن رشد
والتوضيح انظر بن. والحاصل أن الأشياخ اختلفوا فيما إذا باع الوصي عقار اليتيم هل يصدق
الوصي أنه باعه لذلك السبب ولا يلزمه إقامة البينة عليه أو لا يصدق ويلزمه إقامة البينة عليه قولان،
بخلاف الأب إذا باع عقار ابنه الذي في حجره فإنه لا يكلف إثبات الوجه الذي باع لأجله بل

299
فعله ذلك محمول على النظر. قوله: (خلاف) ظاهر المصنف تشهير القولين معا أما الأول فقد شهره
أبو القاسم الجزيري في وثائقه وأما الثاني فقد فهم أبو عمران وغيره المدونة عليه كما في أبي الحسن وهذا
يقتضي ترجيحه انظر بن. قوله: (والوصي كالحاكم لا يبيع بالقيمة الخ) هو ظاهر إذا كان البيع لغير
حاجة، أما إذا كان لحاجة فللوصي أن يبيع بالقيمة كما نص عليه المتيطي وحينئذ يقال لم لم يكن له في هذا
الغرض أن يهب هبة الثواب. وأجاب الشيخ المسناوي بما حاصله أن هبة الثواب إنما يقضي فيها
بالقيمة بعد الفوات لان الموهوب له قبل الفوات مخير بين الرد وإعطاء القيمة والقيمة التي يقضي بها
بعد الفوات إنما تعتبر يوم الفوات ومن الجائز أن تنقص قيمته يوم الفوات عن قيمته يوم إلهية وهذا
ضرر باليتيم فلذا لم تجز للوصي هبة الثواب بخلاف البيع فإنه بالعقد يدخل في ضمان المشتري يوم البيع
فإذا حصل نقص بعد ذلك فلا ضرر على اليتيم ا ه‍ بن. قوله: (وإهماله) أي من وصي ومقدم. قوله: (وملكه
لما بيع) أي لما قصد بيعه. قوله: (وحيازة الشهود له) أي واطلاع الشهود عليه إن كان عقارا بأن
يرسل القاضي جماعة يطلعون عليه ويطوفون به من داخل ومن خارج ثم يقولون للحاكم هذا
الذي حزناه وأطلعنا عليه هو الذي شهد عندك بأنه ملك للصغير أو يرسل القاضي معهم أحدا من
طرفه فيقولون له بعد الطواف به هذا البيت الذي حزناه وأطلعنا عليه هو الذي شهد به عند القاضي
أنه ملك لليتيم. قوله: (هو الذي شهدنا الخ) هذا إذا كانت بينة الحيازة هي بينة الملك وقوله أو شهد الخ إذا
كانت غيرها. قوله: (خشية الخ) علة للاحتياج لبينة الحيازة. قوله: (والتسوق) أي وثبوت التسوق
للمبيع أي للشئ الذي أريد بيعه وقوله أي إظهاره للبيع والمناداة عليه أي المرة بعد المرة. قوله: (وعدم
إلغاء زائد) أي وعدم وجود من يدفع زائدا على ما أعطى فيه من الثمن. قوله: (والسداد الخ)
لا يقال الوصي لا يبيع إلا لغبطة بأن يكون الثمن زائدا على القيمة بقدر الثلث والوصي مقدم على
الحاكم فهو أقوى منه فمقتضاه أن الحاكم لا يبيع بالسداد لأنا نقول هذا ممنوع بل الوصي يبيع
لغبطة وغيرها من الأسباب الآتية والحاكم لا يبيع إلا لحاجة فصار الوصي بهذا الاعتبار أقوى
ا ه‍ بن. قوله: (وفي لزوم) أي وعدم لزومه أي بل يكفي أن يقول ثبت عندي بالبينة الشرعية أن الولد
الفلاني يتيم مهمل وأنه يملك محلا في جهة كذا الخ. قوله: (تصريحه) أي في السجل الذي يكتب فيه
الوقائع التي حكم فيها. قوله: (بذلك) أي بالأمور المتقدمة بأن يكتب في السجل ثبت عندي بشهادة
فلان وفلان يتمه وبشهادة فلان وفلان إهماله وبشهادة فلان وفلان ملكه لمحل في جهة كذا الخ.
قوله: (قولان) صوابه تردد انظر المواق وعلى القول بلزوم التصريح بأسمائهم فإذا ترك التصريح نقض
حكمه على الظاهر قياسا على ما إذا ترك ذلك في البيع على الغائب. قوله: (وأما الغائب) أي إذا أراد الحاكم
بيع ماله لأجل دين عليه أو لأجل نفقة زوجته أو أولاده فلا بد الخ. قوله: (أي كافل) أشار بهذا إلى أن المراد
بالحاضن الكافل الذي يكفل اليتيم ذكرا كان أو أنثى قريبا أو أجنبيا. قوله: (فلا يبيع متاعه الخ)
حاصل فقه المسألة أن الكافل إذا جرى العرف بتولية أمر اليتيم والنظر في شأنه كان تصرفه صحيحا في
القليل والكثير إذا كان التصرف لحاجة وإن لم يكن عرف بذلك، فالمشهور أنه لا يمضي تصرفه لا في
القليل ولا في الكثير والذي جرى به العمل مضي التصرف في القليل دون الكثير ولا بد من الرفع
للحاكم في الكثير ولا فرق في ذلك بين كون الكافل ذكرا أو أنثى قريبا أو أجنبيا خلافا لما يوهمه تعبير

300
المصنف بحاضن من اختصاص ذلك بالقريب. قوله: (واستحسن أن العرف كالنص) أي أن العرف
الجاري بتولية أمر اليتيم والنظر في شأنه كالنص على وصايته ونقل ابن غازي رواية عن مالك أن الكافل
بمنزلة الوصي بدون هذا العرف، وذكر أبو محمد صالح أن هذه الرواية جيدة لأهل البوادي لأنهم يهملون
الايصاء. قوله: (وغيرهم) أي كأهل القرى الذين لا يعرفون الايصاء على أولادهم الصغار وكل من مات
عن صغار يعتمد في تربيتهم على أخ لهم كبير أو أم أو عم. قوله: (بشروطه) أي وهو أن يكون البيع لواحد
من الأمور الآتية. قوله: (وعمل بإمضاء اليسير) ابن هلال في بيع الحاضن على محضونه اليتيم الصغير
اضطراب كثير والذي جرى به العمل ما لأصبغ في نوازله من التفريق بين القليل والكثير فيجوز
في التافه اليسير ثم قال فعلى ما جرى به العمل لا يبيع إلا بشروط وهي معرفة الحضانة وصغر المحضون
والحاجة الموجبة للبيع وتفاهة المبيع وأنه أحق بالبيع من غيره ومعرفة السداد في الثمن وتشهد بهذه
الشروط كلها بينة معتبرة شرعا، فإذا اختل شرط من هذه الشروط كان للمحضون إذا كبر الخيار في رد
البيع وإمضائه، وقاله أبو الحسن أيضا ونقله في المعيار ا ه‍ بن. قوله: (أي الاخذ لمحجوره بالشفعة) أي
سواء ان ذلك المحجور صغيرا أو سفيها. قوله: (وترك القصاص) أي وللولي سواء كان أبا أو غيره ترك
القصاص الواجب للصغير بسبب الجناية على أطرافه أو على أمه إذا كان ذلك الترك نظرا ومصلحة
للمحجور وترك القصاص بالعفو عن الجاني. قوله: (وأما السفيه فينظر لنفسه) أي فميا وجب له من
القصاص أي وحينئذ فلا يتأتى لوليه أن يترك ما وجب له وإذا نظر فيما وجب له من ذلك وعفا عن
الجاني فليس لوليه رد ذلك العفو كما تقدم في قول المصنف ونفيه. فقول الشارح كما مر في قوله وقصاص
الأولى كما مر في قوله ونفيه أو يزيد قوله الخ لان قوله وقصاص مسألة أخرى مغايرة لهذه.
قوله: (فيسقطان) جواب شرط مقدر أي وإذا حصل ترك ما ذكر من التشفع والقصاص بالنظر فيسقطان
وقد أشار الشارح لذلك. قوله: (ولا يعفو) أي ولا يجوز للولي أن يعفو عن الجناية خطأ مجانا أو على
أقل من الدية وأما عمدا فقد تقدم في قوله والقصاص فقول الشارح عن عمد الأولى إسقاطه وقوله
إلا لعسر أي من الجاني ويحتمل إلا لعسر المجني عليه واحتياجه كما يأتي. قوله: (ومضى عتقه بعوض)
يعني أن ولي المحجور إذا كان غير أب وأعتق رقيق المحجور سواء كان صغيرا أو سفيها فإن عتقه يمضي
أي إذا كان العتق بعوض معين حين العتق، وأما لو كان بغير عوض رد العتق سواء كان الولي موسرا
أو معسرا هذا هو الصحيح والتفرقة بينهما إنما هو إذا كان الولي أبا للمحجور كما في الشارح، وما في
خش مما يخالف هذا فغير صواب. قوله: (من غير مال العبد) أي بأن كان ذلك العوض من الولي
أو من أجنبي فإن كان العوض من مال العبد فإن العتق يرد إذ لا مصلحة فيه للمحجور عليه.
قوله: (أي أبى المحجور الصغير الخ) أي كما يمضي عتق الولي إذا كان أبا للمحجور صغيرا أو سفيها وإن بلا
عوض معين حين العتق. قوله: (إذا كان غير أبيه) أي إذا كان الولي الذي أعتقه غير أبيه. قوله: (وبين
ما إذا كان) أي الولي الذي أعتقه أباه وأشار الشارح بهذا إلى أن التشبيه في كلام المصنف غير تام.
قوله: (وغرم) أي الأب والمراد بثمنه قيمته. قوله: (وإنما يحكم في الرشد الخ) أي إذا احتيج للحكم بأن حصل

301
تنازع وليس المراد أن هذه المذكورات لا بد فيها من الحكم مطلقا. قوله: (من تقديم وصي) أي على
الوارث في الصلاة على الميت وتعاطي أمور تركته ووفاء ما عليه من الدين منها وغير ذلك.
قوله: (ومن صحتها وفسادها) أي فلا يحكم بأن هذه الوصية صحيحة أو فاسدة إلا القاضي. قوله: (وفي الحبس
المعقب) أي صحة وبطلانا وأصلا فلا يحكم بصحة الحبس المعقب أو بطلانه أو بأن هذا الحبس معقب
أو غير معقب أو أن هذا يستحق قبل هذا أو هذا يشارك هذا إلا القاضي، وأما الحبس غير المعقب
كحبس على فلان وفلان مثلا فلا يتقيد بالقضاة لكون الحكم على غير غائب وينبغي أن يكون
مثل المعقب الحبس على الفقراء لأنهم لما كانوا لا ينقطعون صار الوقف عليهم بمنزلة المعقب وحينئذ
فلا يحكم في شأنه إلا القضاة. قوله: (وأمر الغائب) أي غير المفقود لان لزوجته الرفع للقاضي والوالي
ووالي الماء أو يقال مراده بالغائب ما يسمى غائبا في اصطلاح الفقهاء والمفقود لا يسمى غائبا في
اصطلاحهم لان الغائب في اصطلاحهم من علم موضعه والمفقود من لم يعلم موضعه. تنبيه: من
جملة أمر الغائب فسخ نكاحه لعدم النفقة أو لتضرر الزوجة بخلو الفراش فلا يفسخ نكاحه إلا القاضي
ما لم يتعذر الوصول إليه حقيقة أو حكما بأن كان يأخذ دراهم على الفسخ وإلا قام مقامه جماعة المسلمين
كما ذكر ذلك شيخنا العدوي. قوله: (والنسب) أي أنه لا يحكم في النسب إثباتا أو نفيا إلا القضاة فلا
يحكم بأن فلانا من ذرية فلان أوليس من ذريته إلا القاضي. قوله: (ككون فلان له الولاء على فلان الخ)
فإذا أقمت بينة على أن زيدا عتيق لأبي أو لجدي وأن لي الولاء عليه وأرثه إذا مات وحصل تنازع
فالذي يحكم بأن لي الولاء عليه إنما هو القاضي. قوله: (متزوج بغير ملك سيده) أي بأن كان متزوجا بحرة
أو بأمة مملوكة لغير سيده وأما الرقيق المتزوج بملك سيده وكذا إذا كان غير متزوج أصلا فيقيم
الحد عليه سيده إذا ثبت موجب الحد بغير علمه. قوله: (الأولى الخ) قد يقال إن التسفيه والترشيد
هما قول المصنف أولا في الرشد وضده وأما ما بعدهما فكله داخل في قول المصنف ومال يتيم
وحينئذ فلا حاجة لهذا التصويب. قوله: (القضاة) أي أن هذه الأمور العشرة لا يحكم فيها إذا احتيج
للحكم إلا القضاة وزيد على هذه العشرة العتق والطلاق واللعان فإن حكم غير القاضي في هذه
الثلاثة مضى حكمه إن كان صوابا وأدب وأما التقرير في الأطيان المرصدة على البر فإنما يكون للسلطان
أو الباشا لا للقضاة فهم معزولون عن التقرير فيها كما ذكره شيخنا في الحاشية نقلا عن عج، ومحل
كون هذه المسائل الثلاثة عشرة لا يحكم فيها إلا القاضي إن كان ولا يتعذر الوصول إليه حقيقة أو
حكما بأن كان لا يأخذ دراهم على حكمه وإلا قام جماعة المسلمين مقامه فيما ذكر ا ه‍ تقرير شيخنا
عدوي. قوله: (لخطر هذه العشرة) أي لعظمها أي لخطر بعضها كالقصاص وقوله أو لتعلق حق الله
أي بالنظر للنسب وأو مانعة خلو فيجتمع حق الله والخطر في الحدود. قوله: (أو حق من ليس
موجودا) أي كالغائب والحبس المعقب. قوله: (والمراد الخ) أشار بهذا إلى أن الحصر في كلام
المصنف إضافي أي أنه بالنسبة للوالي ووالي الماء والمحكم فلا ينافي أن نائب القاضي والسلطان مثل
القاضي. قوله: (بخلاف المحكم والوالي الخ) أي فلا يجوز أن يحكموا في هذه الأمور المذكورة ابتداء
فإن حكموا مضى حكمهم إن كان صوابا وأدبوا. قوله: (الخوف عليه من ظالم) أي يأخذه غصبا.

302
قوله: (أي اليتيم الذي لا وصي له) وباع الحاكم أو له وصي على أحد المشهورين المتقدمين تبع الشارح
في ذلك عج وأصله لشيخه الشيخ سالم واعترضه طفي قائلا البيع لهذه الوجوه إنما هو في اليتيم
ذي الوصي خاصة كما صرح به في المدونة. وكلام ابن رشد وغير واحد من الأئمة كابن عرفة وغيرهم
أما اليتيم المهمل فقد تقدم أن الحاكم يتولى أمره وأنه إنما يبيع لحاجته فقط وحينئذ فكلام الشيخ
سالم غير مسلم. وقوله على أحد المشهورين يقتضي أن المشهور الآخر يقول أن الوصي له أن يبيع لغير هذه الوجوه، وليس كذلك إذ الوصي لا يبيع عقار اليتيم إلا لوجه من
هذه الوجوه اتفاقا وإنما الخلاف
في كونه يكلف إثبات الوجه الذي يبيع لأجله أو لا يكلف إثباته ويصدق في أن البيع لهذا الوجه
انظر بن. تنبيه: قوله أي اليتيم أي وأما الصغير الذي له أب فقال في التوضيح ظاهر المذهب أن
الأب يبيع على ولده الصغير والسفيه الذي في حجره الربع وغيره لاحد هذه الوجوه ولغيرها وفعله
في ربع ولده كغيره من السلع محمول على الصلاح وإنما يحتاج لاحد هذه الوجوه الوصي وحده ثم
نقل نحوه عن ابن رشد. قوله: (بشروطه المتقدمة) أي من ثبوت يتمه وإهماله وملكه لما قصد بيعه
وأنه الأولى إلى آخر ما مر. قوله: (على أحد المشهورين المتقدمين) أي في قول المصنف وهل هو
كالأب أو إلا الربع فبيان السبب قولان. قوله: (من مال حلال) التقييد بذلك وقع في كلام سحنون
حيث قال ويكون مال المبتاع حلالا طيبا كذا نقل عنه ابن فتوح ا ه‍ ولا يقال أن الحلال وجوده
متعذر لأنا نقول الحلال ما جهل أصله لا ما علم أصله وأصل أصله حتى يتعذر. قوله: (أكثر نفعا) أي
من الخالي عن التوظيف. قوله: (فلا يباع) أي فلو كان نفع الموظف مثل نفع الخالي فالظاهر كما قال
حلو لو التمسك بالأصل وعدم بيعه إلا لمانع آخر انظر شب. قوله: (أو لكونه حصة) أي
أمكن قسمها أم لا أراد شريكه البيع أم لا والحال أن لليتيم مالا. قوله: (أو قلت غلته) أي فيباع
ويستبدل له ماله غلة كثيرة. قوله: (وأولى إذا لم يكن له غلة) أي فيباع ويستبدل له عقار
له غلة. قوله: (فيستبدل خلافه) ظاهره ولو كان ذلك الخلاف غير عقار لكن كلام الشيخ سالم
السنهوري يقتضي تخصيصه بالعقار ا ه‍ خش. قوله: (حتى ما يباع لغبطة) أي فيجب الاستبدال
فيها على ما قاله الغرناطي وهو المعتمد كما قال شيخنا خلافا لمن قال بعدم وجوب الاستبدال فيها كالبيع
لحاجة. قوله: (لغلوه غالبا) أي لغلو كرائه فالمصلحة حينئذ في إبقائه. قوله: (يخشى منهم الضرر في الدين)
أي بأن كانوا خوارج يخشى على الولد أن يعتقد اعتقادهم. قوله: (أو الدنيا) أي أو يخشى منهم على
الولد في دنياه بأن يسرقوا متاعه. قوله: (فيما لا ينقسم) أي وإلا قسم لليتيم حصته ولا تباع
حينئذ. قوله: (وحجر على الرقيق) أي حجرا أصليا كالحجر على الصغير وحينئذ فتصرفاته
مردودة وإن لم يحجر عليه السيد. قوله: (لسيده) وذلك لما ثبت للسيد من الحق في زيادة قيمته بسبب
المال لان العبد الذي له مال قيمته أكثر من قيمة ما لا مال له. قوله: (بمعاوضة أو غيرها) أي فله رد تصرفاته
كانت بمعاوضة أو غيرها. قوله: (إلا إذا أذن له) أي سيده في التصرف في يومه وإلا كان تصرفه فيه
ماضيا. قوله: (إلا بإذن) أي إلا أن يكون ملتبسا بالاذن له في التجارة فلا حجر عليه هذا إذا كان الاذن
في كل نوع بل ولو في نوع واحد وحكمه إذا أذن له في التجارة أنه كوكيل مفوض لا أنه وكيل فإذا تصرف

303
مضى تصرفه إن كان صوابا وإلا فلا. قوله: (ولو ضمنا) أي هذا إذا كان الاذن صريحا كأذنتك في
التجارة بل ولو كان الاذن ضمنا. قوله: (وكشرائه) أي وكشراء السيد للعبد بضاعة ووضعها الخ قال
شيخنا العدوي ولا مانع من أن يجعل من الاذن الحكمي ترشيد السيد له بأن يقول له رشدتك.
قوله: (والمأذون الخ) أشار بهذا إلى أن العبد المأذون له أقسام ثلاثة يكون العبد وكيلا في صورة وكالوكيل
في صورتين فإذا تصرف فيهما مضى تصرفه إن كان نظرا وإلا فلا إلا أن يقول له أمضيت تصرفك
كان نظرا أم لا وأما في الصورة التي يكون فيها وكيلا فتصرفه ماض لا يرد أصلا ولو غير صواب.
قوله: (فوكيل لا مأذون) أي وحينئذ فيكون محجورا عليه في غير ما وكل عليه كما قرره شيخنا.
قوله: (ولو في نوع خاص) أي هذا إذا أذن له في كل نوع بل ولو في نوع خاص. قوله: (فكوكيل مفوض
فيما أذن له فيه وفي غيره) قال في التوضيح هذا مقيد بما إذا لم يشتهر أنه أذنه في النوع الفلاني خاصة
وأعلن ذلك فإن أشهر ذلك وأعلنه اختص به قال شيخنا العدوي وهو خلاف النقل والنقل
الاطلاق. قوله: (وفي غيره) أي فإذا تصرف في غير ذلك النوع الذي أذن فيه كان تصرفه ماضيا بل
وجائزا ابتداء خلافا لما في عبق وتبعه الشارح من مضيه بعد الوقوع وإن كان غير جائز ابتداء
ا ه‍ شيخنا عدوي. والحاصل أن في جواز القدوم على التصرف في غير ما أذن له فيه ولو اشتهر
منعه منه خلافا والمعتمد الجواز كما قال شيخنا. قوله: (في أي الأنواع أقعده) فلو اقتصر على النوع
المأذون فيه فقط كان ذلك غررا للناس. قوله: (بالمعروف) متعلق بيضع أشار به إلى أن محل جواز
الوضيعة من الدين إذا كان ما يضعه قليلا فإن كان كثيرا منعت الوضيعة والقلة والكثرة معتبران
بالعرف. قوله: (ما لم يبعد التأخير) أي وإلا منع والبعد أيضا معتبر بالعرف كما ذكره اللخمي ولم يعدوا
تأخير الدين للاستئلاف سلفا جر منفعة لعدم تحقق النفع كمن يؤخر دينه لحب الثناء عليه والمحمدة
ومنعه سحنون. قوله: (وله الإعارة إن استألف) فيه نظر ففي المدونة لا يجوز للعبد أن يعير من ماله
عارية مأذونا كان أو غير مأذون وكذلك العطية ا ه‍. وقال ابن عرفة وفيها لا يعير شيئا من ماله
بغير إذن سيده الصقلي عن محمد لا بأس أن يعير دابته للمكان القريب ا ه‍ والمنع منها ولو للاستئلاف
هو الصواب ا ه‍ بن. قوله: (استئلافا للتجارة) أي وله أن يعق عن ولده ولو لغير استئلاف ولو قل
المال إذا علم أن سيده لا يكره ذلك كما في المدونة ا ه‍ بن. فإن علم كراهة السيد لذلك منعت وكل
من أكل منها شيئا ضمنه للسيد كما في عبق. قوله: (ويأخذ قراضا ويدفعه) ابن عرفة وفي استلزام
الاذن في التجر أخذ القراض وإعطاءه نقلا الصقلي عن ابن القاسم وأشهب بناء على أنه تجر أو إجارة
وإيداع للغير ا ه‍ بن فمن قال إن العمل في القراض من قبيل التجارة أجاز للمأذون أخذ المال من
غيره ودفعه قراضا لأنه مأذون له في التجارة ومن قال إن عمله في مال الغير قراضا من قبيل الإجارة
ودفعه المال لغيره قراضا من قبيل الوديعة منع من دفعه المال لغيره وأخذه من غيره قراضا لأنه لا يجوز
له أن يودع شيئا من ماله ولا يؤاجر نفسه إلا بإذن سيده. تنبيه: كما يجوز للمأذون ما ذكره
المصنف يجوز له أيضا التسري وهبة الثواب وقبول الوديعة وأخذ اللقطة لا اللقيط والتوكيل
بغير إذن سيده. قوله: (وربحه) أي القراض وقوله كخراجه أي أجرة خدمته وقوله فأشبه ما لو
استعمل نفسه في الإجارة أي وما تحصل من إجارته فهو ليسده. قوله: (ويتصرف في كهبة
بالمعاوضة) أي ولا يتوقف في ذلك على إذن السيد. قوله: (لا بصدقة) أي ولا يتصرف فيما ذكر
بصدقة ولا بهبة لغير ثواب ولا بنحوهما من كل ما ليس بمعاوضة مالية وإنما

304
نص المصنف على جواز تصرفه في الهبة ونحوها بالمعاوضة وإن كان داخلا فيما جعل له من الاذن في التجارة
لان المال الموهوب لما كان طارئا بعد الاذن ربما يتوهم أنه غير داخل في الاذن. قوله: (وأقيم منها الخ)
حاصله أن المدونة قالت وإذا وهب للمأذون مال وقد اغترقه دين فغرماؤه أحق به من سيده
ولا يكون للغرماء من عمل يده شئ ولا من خراجه وأرش جراحه وإنما يكون وفاء الدين من مال وهب
للعبد أو تصدق به عليه أو أوصى له به فقبله العبد ا ه‍. فقال عياض هذا ظاهر في أن السيد لا يمنعه من
قبوله وظاهر أن الغرماء لا يجبرونه على القبول. قوله: (قال المصنف) أي في توضيحه. قوله: (ولغير من
أذن له القبول بلا إذن) أي وإن كان لا يتصرف في تلك العطية إلا بإذن. قوله: (فأولى المأذون) أي
وحينئذ فلا حاجة لقول المصنف وأقيم منها عدم منعه منها لفهمه من قوله ولغير من أذن له القبول
بالأولى. قوله: (ومن استقل بالقبول استقل بالرد) أي وحينئذ فكل من المأذون وغيره له قبول الهبة
وله ردها من غير إذن له في ذلك فإذا ردها فليس للسيد أن يجبره على قبولها وإذا قبلها فليس للسيد جبره
على ردها. قوله: (جبر العبد على الهبة) أي على قبولها إذا ردها ومعلوم أن من يجبر على قبولها يجبر على ردها
إذا قبلها. قوله: (والراجح ما هنا) أي من أنه لا يجبر على قبولها إذا ردها كما أنه لا يجبر على ردها إذا قبلها.
قوله: (من كون القاضي الخ) أي لان الحجر بمعنى خلع المال للغرماء لا يكون إلا للحاكم بالشروط
السابقة المشار لها بقول المصنف سابقا بطلبه دينا حل أي إذا طلب الغرماء تفليسه لأجل عجزه عن
دفع دين حل. قوله: (لا بعده) أي فلا يقبل في المال الذي خلع للغرماء وإن لزمه فيما تجدد فيحاصص
مع الغرماء فيه. قوله: (إسقاطه) أي الدين أي عن المأذون له في التجارة. قوله: (بخلاف غير المأذون) أي
فإنه لا يفلس ولا يعتبر إقراره بدين وللسيد اسقاط الدين عنه بأن يقول له أسقطت الدين عنك
فيسقط ولا يتبع به ولو عتق. قوله: (وأخذ الدين الثابت عليه) أي سواء فلس وحجر عليه أم لا. قوله: (أي
مما له سلاطة عليه) أي سواء كان محوزا بيده حيازة حسية أو لا. قوله: (وأن مستولدته) أي فتباع
لأنها ماله ولا حرية فيها وإلا كانت أشرف من سيدها وكذا له بيعها لغير دين عليه لكن بإذن السيد
لا بغير إذنه مراعاة للقول بأنها تكون أم ولد إن عتق فإن باعها بغير إذن السيد مضى بيعها ومثل مستولدته
في البيع للدين من بيده من أقاربه ممن يعتق على الحر فإن لم يكن عليه دين محيط لم يبع أحدا منهم إلا بإذن
سيده كما في المدونة. وقوله وإن مستولدته أي التي اشتراها من غير خراج وكسب بل من هبة أو صدقة
أو وصية أو من مال تجارة أو ربحه. قوله: (فلا يباع في دينه) لأنه ليس مالا له بل للسيد للاتفاق على
عتقه عليه إن عتق ولو كان مالا لتبعه إن عتق واستمر على الرقية حتى يكون مالا فلو باعه بغير إذن السيد
رد بيعه وإذا علمت أن ما في بطنها لسيده فلا تباع في دينه إلا بعد وضعها وتباع حينئذ بولدها ويقوم
كل واحد بانفراده قبل البيع ليعلم كل واحد ما بيع به ملكه ا ه‍ بن. قوله: (كعطيته) إنما ذكرها وإن
دخلت فيما بيده لبيان ما فيها من الخلاف. قوله: (وهل إن منح) أي وهل محل أخذ العطية في الدين إن
منح لأجل وفائه وإلا فلا تؤخذ فيه بل تكون للسيد. قوله: (أو يقضي دينه منها مطلقا) أي وهو
الظاهر كما قاله شيخنا في حاشيته. قوله: (تأويلان) الأول للقابسي والثاني لابن أبي زيد قال عبق
وخش هما جاريان فيما منح بعد قيام الغرماء وأما ما منح قبل قيامهم فهو للسيد قال بن قد تبعا في
وهذا القيد تت قال طفي ولم أره لغيره ولا سلف له فيه ولا معنى له بل لا فرق بين ما منح قبل قيامهم
بعده في جريان الخلاف كما هو ظاهر إطلاق الأئمة انظر بن. قوله: (لدخولها في المال المأذون) أي الذي

305
أذن له في التجر فيه. قوله: (ورقبته) مثل رقبته في كون الغرماء لا يأخذون دينهم من ثمنها أرش الجناية
عليه فلا يؤخذ في دينه. قوله: (تعلق بذمته) أي ولهذا إذا فضل من دين الغرماء فضلة فإنهم يتبعون بها
ذمته إذا عتق يوما ما. قوله: (وإن لم يكن غريم الخ) أي وأما إذا كان له غريم فليس للسيد أن ينتزع إلا
ما فضل بعد وفاء الدين فإن لم يفضل شئ فلا ينتزع شيئا. قوله: (وله الحجر عليه بغير حاكم) نحوه لعج
وهو غير صواب لما تقدم من أن الحجر عليه كالحر وقد نص في المدونة والجواهر على أنه لا يحجر عليه
إلا عند الحاكم كالحر سواء كان عليه دين مستغرق أم لا فالأولى تقرير كلام المصنف هنا بالانتزاع
فقط كما فعله تت انظر طفي ا ه‍ بن. والحاصل أن الرقيق محجور عليه بالأصالة لسيده فإن أذن
له في التجارة انفك ذلك الحجر عنه فإن أريد الحجر عليه بعد ذلك لدين مستغرق أولا فلا يحجر عليه
إلا الحاكم. قوله: (إن أتجر لسيده) أي بمال السيد أو بمال العبد. قوله: (لان تجارته له بمنزلة تجارة السيد)
أي لأنه وكيل عنه فإن مكنه السيد من ذلك وباع ما ذكر لذمي أو مسلم تصدق بالثمن أدبا للسيد سواء
قبض العبد البائع الثمن أم لا على المعول عليه كما في المج. قوله: (ولا لتجر) عطف على قوله لذمي أي
لا مفهوم لذمي ولا لتجر. قوله: (كالتوكيل على التقاضي والسلم) أي فإذا وكل عبده المسلم أو الكافر
على قبض ماله من الدين أو على سلم دراهم في سلع فإنه لا يمكن من أخذه الخمر أو الخنزير قضاء عن الدين
ولا يمكن من السلم فيهما. قوله: (بماله) أي لا بمال السيد وإلا منع اتفاقا هذا ظاهره والذي في حاشية
شيخنا جريان القولين فيما إذا أتجر العبد لنفسه سواء كان بماله أو بمال السيد وهو ظاهر المصنف.
قوله: (في تمكينه) أي وهو المعتمد بناء على عدم خطاب الكفار بفروع الشريعة فهو مشهور مبني
على ضعيف ويدل لهذا القول قول المدونة في السلم الثاني، ولا يمنع المسلم عبده النصراني من شرب الخمر
وأكل الخنزير أو بيعهما أو شرائهما أو يأتي الكنيسة لان ذلك دينهم ا ه‍ عياض. قيل مراده بعبده هنا
مكاتبه إذ لا تحجير له عليه وقيل هو في مأذون يتجر بمال نفسه وقيل فيما تركه له سيده توسعة له ا ه‍. وإذا
علمت هذا تعلم أن ما حمل عليه طفي كلام المصنف من أن المراد بعدم التمكين منع أخذ السيد ما أتى
به من الثمن وبالتمكين جوازه لا حقيقة التمكين إذ لا يجوز له تمكينه من التجر مطلقا فيه نظر ا ه‍ بن.
قوله: (تناوله) أي أخذ ما أتى به من الثمن إذا أراد انتزاع ما بيده. قوله: (وعدم تمكينه) أي وعليه فلا
يحل للسيد أخذ ما أتى به من الثمن. قوله: (أو من تنزل منزلته) أي كحامل ستة والمحبوس للقتل وحاضر
صف القتال. قوله: (ولو لم يغلب) أي ولو لم يحصل الموت به غالبا. والحاصل أن المدار على كثرة الموت من
ذلك المرض بحيث يكون الموت منه شهيرا لا يتعجب منه ولا يلزم من كثرة الموت منه غلبة الموت به فيقال
في الشئ أنه كثير إذا كان وجوده مساويا لعدمه والغلبة أخص من ذلك. قوله: (فكأن الروح الخ) أي
أن ذلك المرض ينحل به البدن ويضعفه ويتراءى منه أن الروح تنسل الخ. قوله: (مرض معوي الخ)
كذا في القاموس والذي ذكره داود الحكيم في النزهة أنه ريح غليظ يحتبس في المعي. قوله: (نسبة
للمعي) بكسر الميم واحد الأمعاء أي المصارين بحلوله فيها لا في المعدة. قوله: (وحمى قوية) أي
وهي الحمى المطبقة بكسر الباء ويسميها أهل مصر بالنوشة. قوله: (ودخلت في السابع ولو بيوم) أي
فلو تبرعت بعد الستة وقبل تمام اليوم الذي هو من السابع بأن كان في أثنائه كان تبرعها ماضيا خلافا
لظاهر المصنف من أنها بمجرد تمام الستة تمنع من التصرف، ولو لم تدخل في السابع لان قوله وحامل
ستة معناه حامل منسوب للستة ومتى أتت على جميعها تنسب إليها ويكفي في العلم ببلوغها
الستة أشهر إخبارها بذلك ولا يسئل النساء. قوله: (فالمعطوف محذوف) لا يقال إن عطف العامل

306
المحذوف الذي بقي معموله من خصوصيات الواو كما قال ابن مالك: وهي انفردت بعطف عامل
مزال قد بقي معموله لأنا نقول ذكر غير ابن مالك أن أو مثل الواو في ذلك. قوله: (وخيف بالقطع
موته) فيه أنه متى خيف بالقطع موته ترك القطع فما ذكره من الشرط مشكل وأجيب بأنه يفرض
في المقطوع للحرابة فإنه يجوز أن يقطع، ولو خيف موته لان القتل أحد حدوده فإذا قرب للقطع وخيف
موته من القطع فإنه يحجر عليه حينئذ. قوله: (صف القتال) أي حضر صف القتال فهو معمول لمحذوف
أو هو مجرور بإضافته لحاضر واحترز بصف القتال عمن حضر صف النظارة بكسر النون وتخفيف
الظاء أو صف الرد فإنه لا يحجر عليه وصف النظارة هم الذين ينظرون المغلوب من المسلمين
المجاندين فينصرونه وصف الرد هم الذين يردون من فر من المسلمين أو يردون أسلحتهم إليهم.
قوله: (ملجج) بكسر الجيم الأولى مشددة اسم فاعل. قوله: (أحسن العوم) أي وأما من لا يحسن العوم
فإنه يحجر عليه إذا كان بغير سفينة لا إن كان بها. قوله: (ولو حصل الهول) رد بلو على من قال بالحجر عند
حصول الهول. قوله: (على المريض المخوف) أي المخوف عليه الموت من ذلك المرض وقوله على مريض
أي ومن تنزل منزلته. قوله: (في غير مؤنته الخ) الحاصل أن المريض لا يحضر عليه في تداويه ومؤونته
ولا في المعاوضة المالية ولو بكل ماله وأما التبرعات فيحجر عليه فيها إذا كانت بزائد عن الثلث، وأما
تبرعه بالثلث فلا يحجر عليه فيه ومن قبيل التبرعات النكاح والخلع فيمنع من ذلك كمنع التبرعات
وكذلك صلح القصاص، فإذا جنى جناية ومرض وأراد أن يصالح بالدية فلا يمكن من ذلك إذا كانت
أزيد من الثلث ويمكن أرباب الجناية من القصاص. قوله: (فمن ثلثه) أي فتنفذ تلك المحاباة من ثلثه فإن
وسعها مضت بتمامها وإن لم يسعها نفذ منها محمل الثلث فقط وتعتبر المحاباة يوم فعلها لا يوم الحكم فحوالة
السوق بعد فعلها بزيادة أو نقص لغو. قوله: (وإلا بطلت) أي ولو حملها الثلث لأنها عطية لوارث في
المرض. قوله: (ووقف الخ) حاصله أن المريض مرضا مخوفا إذا تبرع في مرضه بشئ من ماله بأن أعتق
أو تصدق أو وقف فإن ذلك يوقف فإن مات قوم بعد موته ويخرج كله من ثلثه إن وسعه كله وإلا
أخرج ما وسعه الثلث فقط وإن صح ولم يمت مضى جميع تبرعه هذا إذا كان ماله الباقي بعد التبرع غير
مأمون كالحيوان والعروض، وأما لو كان ماله الباقي بعد التبرع مأمونا وهو الأرض وما اتصل بها من
بناء أو شجر فإن ما بتله من عتق أو صدقة لم يوقف وينفذ ما حمله ثلثه عاجلا ووقف منه ما زاد ثم إن صح
نفذ الجميع وإن مات لم يمض غير ما نفذ. قوله: (لأنه معروف الخ) أي وكل معروف صنع في المرض
فإنه إنما ينفذ من الثلث. قوله: (وإلا مضى تبرعه) أي ولو كان زائدا على الثلث وقوله ولا رجوع له فيه
أي لأنه بتله ولم يجعله وصية الذي فيه التفصيل) أي بين كونه تارة يوقف لموته أو صحته وتارة لا يوقف
وينفذ حالا. قوله: (لأنها) أي الوصية توقف مطلقا أي سواء كان مال الموصي مأمونا أو غير مأمون.
قوله: (وعقبه بالخامس) أي وذكره عقب الخامس وهو المرض. قوله: (وحجر على الزوجة) أي وحجر
الشرع على الزوجة لزوجها لا لأبيها ونحوه. قوله: (أو ولي السفيه) أي أو لولي الزوج السفيه. قوله: (ولو كان
الزوج عبدا) أي فالحجر له لا لسيده بخلاف الزوج السفيه وكذلك الصغير فإن الحجر على زوجته لوليه لا له.

307
قوله: (لان الغرض) أي المقصود من مالها التجمل به أي لزوجها والزوج ولو عبدا له حق في التجمل
بمالها دون السيد إن قيل يلزم على هذا أن الزوج إذا كان سفيها أن يكون الحق له في الحجر دون
وليه، وقد مر أنه لوليه فجوابه أن السفيه قد تموت زوجته فيرثها فلذا كان الحجر والنظر في تبرعها
للولي بخلاف العبد فإن زوجته إذا ماتت لا يرثها وإنما له التجمل حال حياتها فلذا كان الحجر له دون
سيده تأمل. قوله: (في تبرع) احترز به عن الواجبات عليها من نفقة أبويها فلا يحجر عليها فيه كما
لو تبرعت بالثلث فأقل ولو قصدت بذلك ضرر الزوج عند ابن القاسم خلافا لما روي عن مالك من
رد الثلث إذا قصدت به ضرر الزوج واختاره ابن حبيب ومحل الحجر عليها في تبرعها بزائد الثلث
إذا كان التبرع لغير زوجها وأما له فلها أن تهب جميع مالها له، ولا اعتراض عليها في ذلك لاحد انظر
شب. قوله: (ولو بعتق) أي ولو كان تبرعها بأزيد من الثلث بعتق. قوله: (لأنه لا يحجر على نفسه
لنفسه) أي فإذا ضمنت ما يزيد على ثلثها فإن كان المضمون غير الزوج موسرا كان أو معدما كان
للزوج رد الضمان من أصله وإن كان المضمون زوجها كان الضمان لازما وليس للزوج رد ضمانها له،
وهذا هو المعتمد وما يأتي في باب الضمان من أن ضمانها لزوجها كضمانها لأجنبي وحينئذ فللزوج أن
يرد كفالتها له بما زاد على ثلثها كما يرد كفالتها لأجنبي إذا كفلته فيما زاد على الثلث فهو ضعيف ا ه‍
تقرير شيخنا عدوي. قوله: (فإن قالت) أي الزوجة أكرهني أي الزوج على ضمانه لم تصدق.
قوله: (وهذا) أي التفصيل بين كون المضمون زوجها أو غيره وكون ما ضمنته قدر الثلث أو أكثر.
قوله: (في غير ضمان الوجه والطلب) أي وهو ضمان المال. قوله: (فله منعها) أي وأما هما فله منعها منهما
لأنهما يؤديان للخروج والزوج يتضرر بذلك وقد تحبس. قوله: (مطلقا) أي للزوج أو الأجنبي.
قوله: (وفي جواز إقراضها) أي وحينئذ فليس لزوجها رده. قوله: (أو منعه) أي وحينئذ فلزوجها
الحر أو العبد أن يحجر عليها في ذلك. قوله: (قولان) قال بعضهم وينبغي أن يكون إقراض المريض
مرضا مخوفا كإقراض الزوجة في جريان الخلاف المذكور. قوله: (فليس فيه الخ) أي بل هو جائز
اتفاقا. قوله: (وهو جائز حتى يرد الخ) حاصله أن تصرف الزوجة والعبد والمدين محمول على
الإجازة حتى يرد وحينئذ فيمضي تبرع الزوجة بزائد الثلث إذا لم يعلم به الزوج حتى زالت الزوجية
بطلاق بائن أو موت أحدهما، وكذا يمضي تبرع العبد إذا لم يعلم به السيد إلا بعد عتقه وكذا
يمضي تبرع المدين إذا لم يعلم به الغرماء إلا بعد وفاء الدين. قوله: (فمضى الخ) هذا من ثمرات
ما قبله. قوله: (وسكت) أي لم يرد ولم يمض حتى تأيمت وقوله حتى تأيمت بطلاق أي بائن أو رجعي
وانقضت العدة لا إن لم تنقض لان الرجعية زوجة ما دامت في العدة ا ه‍ شب. قوله: (كعتق العبد
رقيقه) هذا يقتضي إن عتق مصدر متعد مع أنه مصدر عتق الثلاثي وهو لازم لان المتعدي إنما هو
أعتق الرباعي ومصدره الاعتاق وكأن الشارح جعل عتق اسم مصدر الرباعي بمعنى إعتاق فيضاف
للمفعول والأولى أن يجعل من إضافة المصدر لفاعله وأنه لازم لا يطلب مفعولا أي كأن يقع
العتق على العبد بعد أن تبرع بتبرعات من عتق ونحوه ولم يعلم سيده بها فإنها تمضي ولذا قال ابن غازي
كما يمضي تبرع العبد إذا لم يعلم سيده حتى عتق انظر بن. قوله: (فيمضي الخ) هذا صريح في
أن أفعال العبد محمولة على الإجازة حتى يردها السيد. قوله: (كتبرع مدين) أي بصدقة أو عتق
أو وقف. قوله: (حتى وفى دينه) أي فلو علم الغرماء بتبرعات المدين وردوها وبقيت بيده حتى أوفاهم
ديونهم فإن تلك التبرعات تكون ماضية لان رد الغرماء رد إيقاف لا إبطال وأما لو تلفت بيده قبل وفاء
الدين فلا يلزم بدله. قوله: (وله رد الجميع) هذا مبين لاجمال قوله وعلى الزوجة الخ فلا معاوضة ا ه‍ شب.

308
قوله: (رد الجميع) أي لأنها لما تبرعت بالزائد حملت على أن قصدها إضرار الزوج فعوملت بنقيض
قصدها فاندفع ما يقال أنه قد مر أن الزوج ليس له رد الثلث فمقتضاه أنه لا يرد إلا الزائد ا ه‍ تقرير
عدوي وظاهر قوله وله رد الجميع أي ولو بعد مدة طويلة وهو كذلك كما قرر شيخنا، وما ذكره
المصنف من أن للزوج رد الجميع هو المشهور من المذهب خلافا لمن قال ليس له إلا رد الزائد على الثلث أو
إجازته ولا كلام له في الثلث كورثة المريض. تنبيه: رد الزوج رد إيقاف على المعتمد كما هو
مذهب المدونة ورد إبطال عند أشهب وأما رد الغرماء فهو رد إيقاف باتفاق ورد الولي الشامل للسيد
لأفعال محجوره فهو رد إبطال باتفاق قال ابن غازي رحمه الله تعالى:
أبطل صنيع العبد والسفيه برد مولاه ومن يليه
وأوقفن رد الغريم واختلف في الزوج والقاضي كمبدل عرف
أي للقاضي حكم من ناب عنه فإن رد على المدين بإيقاف أو على المحجور فإبطال. قوله: (إن تبرعت بزائد على
ثلثها) ظاهره ولو كانت الزيادة يسيرة وهو كذلك. قوله: (رد الزائد فقط) وهذا بخلاف المريض إذا تبرع
بزائد عن ثلثه فليس للوارث رد الجميع بل رد الزائد عن الثلث فقط أو إجازة الجميع والفرق بين المرأة
والمريض أن المرأة قادرة على إنشاء ما أبطله الزوج بعد مدة بخلاف المريض. قوله: (على قول) أي على قول
ابن سهل وقوله على آخر أي، وهو قول أصبغ وابن عرفة وحكى عج ترجيح الأول حيث قال قيل وهو
الأرجح ورجح الثاني الشيخ إبراهيم اللقاني. قال شيخنا والظاهر أن المعتمد قول أصبغ لأنه تلميذ
أصحاب الإمام كابن القاسم وأشهب وابن وهب فهو أدرى بأقوالهم خصوصا وقد قبله ابن عرفة وأما
ابن سهل فهو من المتأخرين.
باب الصلح
قوله: (وهو) أي الصلح من حيث هو. قوله: (أما بيع الخ) لان المصالح به إن كان مغايرا للمدعى به
وكان ذاتا فهو بيع، وإن كان منفعة فهو إجارة وإن كان ببعض المدعى به فهو هبة، وهذه الأقسام الثلاثة
تجري في الصلح على الاقرار وعلى الانكار وعلى السكوت. أما جريانها في الاقرار فظاهر وأما في
الانكار فبالنظر للمدعى به والمصالح به، وأما في السكوت فلانه راجع لأحدهما أي الاقرار أو الانكار
لان المدعى عليه في الواقع، إما مقر أو منكر، فقول الشارح بين هذه الأقسام الثلاثة في الصلح على الاقرار
أي وإن كانت تجري أيضا في الصلح على السكوت وعلى الانكار وإنما أفرد المصنف الانكار
والسكوت بالذكر فيما يأتي حيث قال أو السكوت أو الانكار، ولم يقتصر على ما هنا ويعمم في قوله هنا
الصلح الخ أي كان على إقرار أو سكوت أو إنكار لانفرادهما عن صلح الاقرار بشروط ثلاثة ذكرها
المصنف. قوله: (به) أشار بهذا إلى أن كلام المصنف من باب الحذف والايصال لا أنه من باب حذف
نائب الفاعل إذ لا يجوز وقوله بيع لذات المدعى به أي إن كان المأخوذ عوضا عنه ذاتا وسواء كان المدعى
به معينا أم لا فهذا مجمل سيأتي تفصيله بقوله وجاز عن دين الخ فكان ينبغي أن يفرعه بالفاء فكأن يقول
بيع أو إجارة فلا بد في الجواز أن يكون المأخوذ تصح المعاوضة به عن المدعى به بأن يكون به في
البيع معلوما وفي الإجارة معينا حاضرا. قوله: (فيشترط فيه شروط البيع) أي من كون كل من المدعى به
والمأخوذ عوضا ظاهرا منتفعا به مقدورا على تسليمه إلى آخر ما مر من الشروط. قوله: (نقدا) اعلم أنه إنما
يحتاج لهذا إذا كان المصالح عنه في الذمة لئلا يلزم فسخ الدين في الدين وأما إن كان المدعى به معينا فلا
يشترط كون المصالح به نقدا. قوله: (كذلك) أي نقدا وأما لأجل فيمنع لربا النساء. قوله: (فهو معاوضة) أي

309
جائزة إذ هو كبيع عرض أو حيوان أو طعام بنقد أو بعرض مخالف له أو بطعام مخالف له نقدا.
قوله: (أو إجارة) أي بالمدعى به أي إجارة للمنافع المصالح بها بالذات المدعى بها. قوله: (فإن كان المدعى به معينا الخ)
حاصله أن المصالح به إذا كان منافع فلا بد أن يكون المدعى به معينا حاضرا ككتاب مثلا تدعيه على
زيد وهو بيده فيصالحك بسكنى دار أو خدمة عبد، فلو كان المدعى به دينا في الذمة كدراهم فلا يجوز
الصلح عليها بمنافع لأنه فسخ دين في دين، وأما إن كان المصالح به ذاتا فلا بد أن يكون المدعى به معلوما
وإلا كان بيع مجهول فقول الشارح فإن كان المدعى به معينا أي حاضرا بيد المدعى عليه.
قوله: (كهذا العبد وهذه الدابة) أي أو هذا الكتاب الحاضر. قوله: (بمنافع معينة) أي كسكنى هذه الدار أو
خدمة هذا العبد سنة وقوله أو مضمونة أي كسكنى دار أو خدمة عبد سنة. قوله: (لأنه فسخ دين في
دين) أي لان الذمة وإن لم تقبل المعين تقبل منافعه كما مر وقبض الأوائل ليس قبضا للأواخر
كما هو قول ابن القاسم. قوله: (وأما الصلح الخ) مقابل لمحذوف أي ولا يشترط في كل من الصلح على
الاقرار والسكوت غير شروط البيع إن كان بيعا وغير شروط الإجارة إن كان إجارة، وأما الصلح
على الانكار الخ. قوله: (وإبراء منه) أشار بذلك إلى أنه ليس المراد بالهبة حقيقتها حتى يحتاج فيها
للقبول من المدعى عليه قبل موت الواهب الذي هو المدعي بل المراد بها الابراء وحينئذ فلا يشترط
قبول ولا تجدد حيازة على المعتمد، فإذا أبرأت زيدا مما عليه صح وإن لم يقبل خلافا لما في خش من أن
الابراء يحتاج لقبول وإن لم يحتج لحيازة والهبة تحتاج لهما معا ا ه‍ تقرير عدوي. قوله: (وجاز عن دين)
الأنسب فيجوز بقاء التفريع بدل الواو لان هذا مفصل لاجمال قوله بيع وموضح له.
قوله: (أي بما تصح به المعاوضة) أي عن الدين وإنما تصح المعاوضة عن الدين إذا انتفت أوجه
الفساد من فسخ الدين في الدين والنساء وبيع الطعام قبل قبضه والصرف المؤخر وضع تعجل كما
ذكره الشارح وعرف المدعي قدر ما يصالح عنه، فإن كان مجهولا لم يجز وهذا شرط في كل صلح كان
بيعا أو إجارة، ولذا اشترط في المدونة في صلح الزوجة عن إرثها معرفتها لجميع التركة ا ه‍. لكن إذا أمكن
معرفة ذلك فإن تعذرت جاز على معنى التحلل إذ هو غاية المقدور كما نقله ح عن أبي الحسن.
قوله: (كدعواه عرضا أو حيوانا أو طعاما) أي كدعواه بأن ما ذكر دين عليه من قرض أو سلم.
قوله: (ويمنع الخ) أي ويمنع الصلح عن الدين بما لا يباع به كصلحه بمنافع أو بمؤخر مما ذكر من الدراهم
والدنانير أو العرض أو الطعام المخالف عن دعواه بعرض أو حيوان أو طعام من بيع أو قرض
وهذا بيان لمفهوم المتن. قوله: (لئلا يؤدي إلى فسخ دين في دين) أي إذا صالحه عما يدعيه
عليه من المال أو العرض أو الحيوان أو الطعام الدين بسكنى دار أو خدمة عبد. قوله: (أو صرف
مؤخر) أي كما لو صالحه عما يدعيه عليه من الدنانير التي في ذمته من قرض أو من بيع بفضة مؤجلة.
قوله: (أو نساء) كما لو صالحه عما يدعيه عليه من القمح الدين بشعير مؤجل. قوله: (ورد الممنوع الخ)
ما ذكره من رد الصلح الممنوع إن كان قائما ورد قيمته أو مثله إن فات والرجوع للخصومة هو الذي
يفيده كلام ولد ابن عاصم في شرح تحفة أبيه ونصه الصلح بالحرام مفسوخ فيرد إن عثر عليه قبل أن
يفوت، فإن فات ردت قيمته أو مثله كما في البيع الحرام ثم رجع على صاحبه في دعواه الأولى إلا أن
يصطلحا صلحا آخر بما يجوز به الصلح. قوله: (ورد) أي الصلح بمعنى الشئ المصالح به وقوله الممنوع
أي الذي يمنع الصلح به وقوله إن كان قائما أي إن كان ذلك الصلح بمعنى المصالح به قائما وقوله وقيمته أي
وردت قيمة الصلح بمعنى المصالح به أو مثله إن فات وسكت الشارح عن الصلح إذا وقع بمختلف فيه
بالجواز والمنع. والمعتمد أنه ينفذ ولو أدرك بحدثان قبضه وهو قول مطرف خلافا لعبد الملك بن الماجشون

310
حيث قال ينفسخ إن أدرك بحدثان قبضه وينفذ مع الطول وذلك كما لو صالحه عن دين بثمرة حائط
معينة قد أزهت واشترط أخذها تمرا فقد سبق أن العقد على ذلك فيه خلاف فقيل أنه سلم فاسد وهو
الراجح، وحينئذ فيكون الصلح ممنوعا وقيل إنه بيع وحينئذ فيكون الصلح جائزا وأما الصلح بمكروه
فهو نافذ اتفاقا أدرك بحدثان قبضه أو بعد طول. قوله: (أي المصالح عنه) حلوله بحسب زعم المدعى به.
قوله: (وعجل) أي المصالح به ولم يشترط تعجيل المصالح عنه لأنه تحصيل الحاصل تأمل ثم إن مفهوم
كلام المصنف عدم اشتراط الحلول والتعجيل في صلحه عن ذهب بمثله وعن ورق بمثله كصلحه عن مائة
بخمسين وإنما يشترط أن يكون الصلح عن إقرار وإلا كان فيه سلف جر نفعا فالسلف من حيث إن
من أجل ما عجل عد مسلفا والنفع لمدعي بإسقاط اليمين عنه على تقدير لو ردت عليه من المدعى عليه.
قوله: (ادعى بهما) أي حالة كونهما حالين وأما لو كانا مؤجلين منع الصلح بالمائة دينار والدرهم لما فيه من ضع
وتعجل. قوله: (مطلقا) أي كان الصلح عن إقرار أو عن إنكار. قوله: (على ظاهر الحكم) أي لان الصلح
على ذلك الوجه يؤدي لسلف من المدعي جر نفعا ووجه ذلك أن المائة دينار والدرهم المأخوذين صلحا
مؤجلان وتأجيلهما عين السلف منه لان المدعى به حال وقد انتفع هو بسقوط اليمين عنه بتقدير رد
اليمين عليه بنكول المدعى عليه. قوله: (أي يجوز الافتداد بمال الخ) أشار بهذا إلى أن المصالح عنه اليمين
لا الافتداء منه كما هو ظاهر كلام المصنف وحينئذ فمن داخلة على المصالح عنه وهي بمعنى عن. قوله: (ولو
علم براءة نفسه) رد بذلك على ابن هشام الخضراوي في قوله إن علم براءة نفسه وجبت اليمين ولا يجوز له
أن يصالح لأربعة أمور منها أن فيه إذلال نفسه وقد قال رسول الله (ص): من أذل نفسه أذله
الله ومنها أن فيه إضاعة المال ومنها أن فيه إغراء للغير ومنها أن فيه إطعام ما لا يحل ورد بأن ترك اليمين وترك
الخصام عز لا إذلال وحينئذ فبذل المال فيه ليس إضاعة له لأنه لمصلحة، وأما أكل الغير الحرام فلا
سبيل على المظلوم فيه إنما السبيل على الذين يظلمون الناس الآية ا ه‍ وجعل الشارح بهرام ما قاله ابن
هشام تقييدا وجزم به في شامله. قال ح هو غير ظاهر إذ لم أر ما يعارض هذا الاطلاق ولم أر إلا ما يقويه
ا ه‍ بن. قوله: (أو السكوت) كأن تدعي على شخص بشئ معين فيسكت ثم يصالحك بشئ عما يقتضيه
السكوت ويترتب عليه من حبس وتعزير حتى يقر المدعى عليه أو ينكر فيعامل بمقتضى كل منهما.
قوله: (كالاقرار والانكار) أي فيعتبر فيه حكم المعاوضة في الاقرار ويعتبر فيه من الشروط ما يعتبر في
الانكار، وظاهر كلام ابن غازي أن ما قاله ابن محرز مقابل الراجح والراجح ما قاله عياض من أن حكم
السكوت حكم الاقرار على قول مالك وابن القاسم، وقد شهر الفاكهاني ما قاله عياض من أن حكم السكوت
حكم الاقرار فقط من اعتبار حكم المعاوضة فيهما على دعوى المدعي ولا يعتبر في الصلح على السكوت
ما اعتبر في الانكار من الشروط الثلاثة. قال طفي وهو ظاهر إذ لا معنى لاشتراط الشروط الثلاثة فيه على أنه
كالانكار إذ لا يمكن أن يقال فيه يمنع على دعوى المدعي دون المدعى عليه انظر بن. قوله: (فيعتبر فيه) أي في
الصلح على السكوت وقوله الشروط المعتبرة في الانكار. قوله: (لم يجز الخ) أي لأنه لا يجوز أخد الدراهم
عن الدنانير مؤجلة لأنه صرف مؤخر. قوله: (فيجوز لاحتمال إنكاره) أي والدراهم إنما دفعها افتداء عن
يمينه فلم يلزم الصرف المؤخر وقد يقال إنه يحتمل أيضا إقراره وقد قال أولا أنه يعطي حكمهما فالحق
المنع حتى بالنظر للمدعى عليه. قوله: (وأنه من بيع) أي ففيه بيع الطعام من بيع قبل قبضه وهو ممنوع وأما

311
بالنظر لدعوى المدعي فهو جائز لان غاية ما فيه بيع طعام القرض قبل قبضه وهو جائز وما ذكره من عدم
الجواز بالنظر للمدعى عليه لاحتمال إقراره وأنه من بيع ففيه نظر، لأنا إذا نزلنا السكوت منزلة الاقرار
فالمدعى عليه موافق للمدعي وطعام القرض يجوز بيعه قبل قبضه وإن نزلناه منزلة الانكار كما قال ابن
محرز واعتبر فيه الشروط الثلاثة فلا دعوى للمدعى عليه بحال ولا منع من جهته وأما مجرد احتمال
إقراره بأنها من بيع فلا عبرة به ولا أثر له لأنه مجرد تجويز عقلي كالوسوسة لا يبنى عليه حكم، فالحق أن
المدعى عليه إذا لم يجب بشئ فالشرط في الصلح أن يجوز على دعوى المدعي فقط فإن لم يجز على دعواه منع
انظر بن. قوله: (وإلا فحلال) أي وإلا يكن الصادق في الواقع المنكر بل المدعي فما أخذه من المنكر حلال.
قوله: (ويشترط للصلح على السكوت أو الانكار الخ) هذا بناء على ما لابن محرز من أن الصلح على السكوت
يشترط فيه ما يشترط في الصلح على الانكار وقد علمت أنه مقابل للمشهور. قوله: (ويدخل فيه الافتداء
من يمين) أي وحينئذ فالشرط راجع للثلاثة كما يدل له وقوعه في كلام المصنف عقبها وإعادة الجار في قوله
وعلى الافتداء من يمين، وكأن المصنف أفرد الافتداء من اليمين بالذكر مع أنه داخل في الانكار كما قال
نظرا إلى أن الصلح تارة يلاحظ في نظير أصل الدعوى وتارة يلاحظ لاسقاط اليمين المترتبة عليها.
قوله: (ثلاثة شروط) وهي أن يكون الصلح جائزا على دعوى المدعي وعلى دعوى المدعى عليه وعلى ظاهر
الحكم والحق أن هذه الشروط الثلاثة إنما هي معتبرة في الصلح على الانكار وأما في الصلح على السكوت
فالمشترط فيه إنما هو جوازه على دعوى المدعي كما تقدم. قوله: (إن جاز) أي الصلح وقوله على دعوى
كل أي على مقتضى دعوى كل من المدعي والمدعى عليه. إن قلت: إن الفرض أن الصلح على الانكار
أو السكوت وفي السكوت لم يحصل من المدعى عليه جواب وفي الانكار إذا أجاب بغير ما ادعى به عليه
كان إقرارا لا دعوى. وأجيب بأن المراد أنه لا بد من جوازه على دعوى المدعى عليه سواء قال المدعى
عليه ليس عندي ما ادعى به علي وأجاب بغيره أو سكت ولم يجب لكن على تقدير لو أجاب لأجاب بغير
ما ادعى به عليه وتسمية هذا دعوى مجاز إذ هو إقرار فتأمل. قوله: (وعلى ظاهر الحكم الشرعي) ليس
المراد به خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين كما قال عبق إذ لا معنى لهذا لأنه لا اطلاع لنا عليه وعلى
تسليمه، فنقول إن فرضنا أنه الجواز صار الشرط جوازه على ظاهر الجواز ولا معنى له وإن فرضناه غيره
فلا معنى له أيضا إذ لا يكون الجواز على ظاهر المنع مثلا بل المراد بظاهر الحكم ما ظهر من الأحكام الشرعية
وهي النسب التامة في قولنا تهمة سلف جر نفعا توجب الحرمة تهمة بيع الطعام قبل قبضه
توجب الحرمة والمراد بكون الصلح جائزا على ما ظهر لنا من تلك الأحكام أن يكون ذلك الصلح ليس فيه
شئ من تلك الأحكام التي ظهرت لنا المقتضية للمنع كذا قرر شيخنا العدوي. قوله: (وأصبغ)
أي واعتبر أصبغ. قوله: (ثم صالحه عنها بثمانية معجلة أو بعرض حال) فالصلح جائز لان الدراهم الحالة
يجوز الصلح عنها بدراهم حالة أقل منها على ظاهر الحكم وكذلك يجوز بيع الدراهم الحالة بالعرض
الحال على ظاهر الحكم لعدم وجود ما يقتضي المنع وكذلك على دعوى كل من المدعي والمدعى عليه
أن لو أقر أن تلك الدراهم عليه إذ غاية ما فيه هبة البعض وأخذ الباقي أو أقر أنها ليست عليه لان غاية ما فيه
أن ما دفعه فداء عن اليمين. قوله: (أن يدعي بمائة درهم حالة) أي فينكرها المدعى عليه أو يسكت فيصالحه الخ.
قوله: (فالسلف التأخير) أي من المدعي وقوله سقوط اليمين أي عن المدعي وعلم من هذا المثال
أنه لا يلزم من جوازه على دعواهما جوازه على ظاهر الحكم بل قد يجوز على دعواهما ويمتنع على ظاهر
الحكم. قوله: (أو حلفه) عطف على اليمين وقوله: فيسقط مفرع على الحلف وهذا تنويع في المنفعة العائدة
على المدعي وضمير حلفه للمدعى عليه يعني لو حلف المدعى عليه لسقط دين المدعى عنه فتأخير المدعى له

312
مسقط لذلك فقد جر إليه نفعا. قوله: (فيسقط) منصوب بأن مضمرة بعد الفاء العاطفة على مصدر
صريح وهو حلف على حد. ولبس عباءة وتقر عيني قوله: (ما يمتنع على دعواهما) أي وكذا على
ظاهر الحكم فتكون هذه الصورة ممنوعة عند الامام وعند ابن القاسم وعند أصبغ. قوله: (فيعترف
بالطعام الخ) لا يقال الصلح على الاقرار المختلط بالانكار كالصلح على الاقرار المحض فلا وجه لادراجه
في صلح الانكار واعتبار شروطه فيه لأنا نقول لما كان المقر به غير المدعى به وأمكن أن يجوز على دعوى
أحدهما دون الآخر أدرجوه لذلك في صلح الانكار وجعلوا فيه شروطه بخلاف الاقرار المحض، فإن
المعتبر فيه جوازه على دعواهما وإن كان يلزم من جوازه على دعواهما في الاقرار المحض جوازه على ظاهر
الحكم لكنه حاصل غير مقصود فتأمل. قوله: (أكثر من طعامه) أي ففيه سلف بزيادة على دعوى كل
من المدعي والمدعى عليه وعلى ظاهر الحكم. قوله: (بدنانير مؤجلة) أي ففيه صرف مؤخر على دعوى
كل وعلى ظاهر الحكم. قوله: (أو بدراهم أكثر) أي ففيه سلف بزيادة على دعوى كل وعلى ظاهر الحكم.
قوله: (فحكى ابن رشد الاتفاق) أي بين الأئمة الثلاثة مالك وابن القاسم وأصبغ. قوله: (ومثال ما يمتنع
على دعوى المدعي وحده) أي ويلزم امتناعه على ظاهر الحكم فالمحترز عنه بقوله وحده الامتناع على
دعوى المدعى عليه ونظير هذا يقال في قوله الآتي. ومثال ما يمتنع على دعوى المدعى عليه وحده أي
لا دعوى المدعي وإن كان ممتنعا على ظاهر الحكم أيضا. والحاصل أنه متى امتنع على دعواهما أو دعوى
أحدهما كان ممتنعا على ظاهر الحكم ولا يلزم من جوازه على دعواهما جوازه على ظاهر الحكم في الانكار
فتأمل. قوله: (فهذا ممتنع عند مالك وابن القاسم) أي ويجوز عند أصبغ لعدم اتفاق دعواهما على فساد.
قوله: (ولا يحل الصلح) أي بمعنى المصالح به سواء كان مأخوذا أو متروكا فإن كان الظالم هو المدعي حرم
عليه الشئ المأخوذ وإن كان الظالم هو المدعى عليه حرم عليه الشئ المتروك وقوله في نفس الامر أي فيما
بينه وبين الله وظاهره أن الصلح لا يحل للظالم ولو حكم له حاكم يرى حله للظالم وهو الموافق لقوله الآتي
في القضاء لا أحل حراما. قوله: (وفرع الخ) حاصله أنه فرع على قوله ولا يحل للظالم فروعا ثمانية ستة يسوغ
للمظلوم فيها نقض الصلح اتفاقا أو على المشهور واثنان لا ينقض فيهما اتفاقا أو على المشهور، فالتي
للمظلوم نقض الصلح فيها اتفاقا ثلاثة المسألة الأولى والثالثة والرابعة في كلام المصنف والتي له نقضه
فيها على المشهور ثلاثة الثانية والخامسة والسادسة والتي لا ينقض فيها على المشهور واحدة وهي
السابعة والتي لا ينقض فيها اتفاقا واحدة وهي الثامنة. قوله: (فلو أقر الظالم منهما بالحق) حاصله أن الظالم
إذا أقر ببطلان دعواه بعد الصلح بأن أقر المدعى عليه أن ما ادعى به عليه حق أو أقر المدعي ببطلان
دعواه كان للمظلوم وهو المدعي في الأول والمدعى عليه في الثانية نقض ذلك الصلح اتفاقا. قوله: (أو
شهدت بينة الخ) هذا مقيد بأن يقوم له على الحق شاهدان فإن قام له به شاهد واحد وأراد
أن يحلف معه لم يقض له بذلك قاله الاخوان وابن عبد الحكم وأصبغ نقله القليشاني

313
وابن ناجي في شرح الرسالة ا ه‍ بن. قوله: (وكذا إن لم يعلن) الأولى حذفه لأن هذه ستأتي آخر الصور،
وصورة المسألة أن يقول المظلوم وهو عند الحاكم بحضرة جماعة يا أيها الجماعة إن فلانا جحد حقي الذي
لي عليه وصالحني على كذا ولي بينة تشهد بذلك الحق إلا أنها غائبة فاشهدوا على أنها إذا حضرت قمت
بها ولست ملتزما لذلك الصلح، فإذا حضرت كان له نقضه اتفاقا بشرط بعدها جدا كإفريقية من
المدينة أو من مكة لا إن قربت أو بعدت لا جدا. قوله: (الأول) أي المذكور في قول المصنف فلو أقر
بعده. قوله: (فله نقضه) أي باتفاق في الأولى والثالثة والرابعة وعلى المشهور في الثانية. ثم إن ظاهر قوله
فله نقضه ولو وقع بعد الصلح إبراء وهو ما قاله الناصر وشيخه البرهان اللقاني وحينئذ فيقيد قول
المصنف الآتي وإن أبرأ فلانا مما له قبله برئ مطلقا الخ بما إذا كان الابراء مطلقا غير مطلق، وأما إذا
أبرأه مع الصلح على شئ ثم ظهر خلافه فلا يبرأ لأنه إبراء معلق على دوام صفة الصلح لا إبراء مطلق
فلما لم يتم الصلح وجعل الشارع له نقضه لم ينفعه إبراؤه قاله عبق. قال العلامة بن وما قاله الناصر من
أن له نقضه ولو وقع بعد الصلح إبراء ظاهر إذا وقع مع الصلح إبراء فقط وأما إذا أبرأه مع الصلح
والتزم عدم القيام عليه، ولو وجد بينة فلا قيام له كما ذكره ابن عاشر ونصه قوله فله نقضه ينبغي تقييده
بما ذكره ابن هارون في اختصار المتيطي ونصه: فإذا أشهد عليه في وثيقة الصلح أنه متى قام عليه فيما ادعاه
فقيامه باطل وحجته داحضة والبينة التي تشهد له زور والمسترعاة وغيرها سواء فلا تسمع للمدعي بعد
هذا الابراء ببينة سواء كان عارفا بها حين الصلح أم لا وإن أسقط هذا التفصيل من الوثيقة فله القيام ببينة
لم يعرفها ا ه‍ بن. قوله: (أو يقر) هو بالرفع عطفا على لم يعلن أي وكمن يقر له المدعى عليه سرا لا على مدخول لم
ولم يبال المصنف بتشتيت الفاعل فإن ضمير يعلن عائد على من الواقعة
على المدعي وضمير يقر عائد على المدعى عليه اتكالا على الموقف. قوله: (وأشهد بينة الخ) أي والحال أن المدعي قد أشهد قبل الصلح
وبعد الاشهاد على الانكار بينة أخرى أنه إنما يصالحه على التأخير لأجل أن يقر له بالحق علانية
وتكفي بينة واحدة تشهد بالجحد وبأنه إنما صالحه على التأخير لأجل أن يقر له بحقه علانية، وإن لم
يذكر لها أنه غير ملتزم للتأخير عند إقراره بحقه علانية لان إشهاده على أنه إنما صالحه على التأخير
ليقر بالحق علانية يتضمن كونه غير ملتزم للتأخير عند إقراره بحقه علانية. قوله: (ويأخذ حقه عاجلا)
أي ولا يلزم ما التزمه من تأخيره به لاقرار المدعى عليه. قوله: (على الأحسن فيهما) أي في المسألتين
اللتين بعد الكاف وأشار بقوله على الأحسن بالنسبة للثانية لفتوى بعض أشياخ شيخه بذلك وهو
قول سحنون ومقابله لمطرف كما في التوضيح، وأما بالنسبة للصورة الأولى ففيه نظر فقد قال ابن غازي
ذكر الخلاف فيها ابن يونس وغيره ولكن استظهر فيها ابن عبد السلام عدم القيام عكس
قول المصنف على الأحسن، وأجاب شب بأن الاستحسان في الثانية للمصنف لا لغيره وهذا
يشمله قوله وأشير بصحح أو استحسن إلى أن شيخا غير الذين قدمتهم صحح هذا أو استحسنه فإن
المصنف نفسه من جملة غير الذين قدمتهم. قوله: (وتسمى هذه البينة) أي التي أشهدها المدعي بعد إنكار
المدعى عليه وقبل الصلح بالتأخير. قوله: (وشرط الاسترعاء) أي وشرط إفادته في نقض الصلح.
قوله: (فيجب ضبط وقته) أي فيجب على الشهود تعيين وقته الحاصل فيه خوفا من اتحاد وقته أي
الاسترعاء ووقت الصلح فلا يفيد. قوله: (وإلا لم يفد) أي وألا يرجع بأن ثبت إنكاره وتمادى عليه وصالح
لم يفد استرعاؤه شيئا وقول العوام صلح المنكر إثبات لحق الطالب جهل منهم. قوله: (فليس له القيام بها)

314
أي إذا حضرت مع غيبتها. قوله: (ولو غائبة الخ) الجملة حالية وذلك لان البينة العالم بها إذا كانت حاضرة
أو غائبة غيبة قريبة أو بعيدة لا جدا لا قيام له بها ولو أشهد وأعلن كما مر، وأما إذا كانت غائبة غيبة بعيدة
جدا أن أشهد قبل الصلح أنه يقوم بها إذا حضرت قام بها وإن لم يشهد فلا قيام لها بها. قوله: (أو ادعى
ضياع الصك) صورته ادعى على شخص بحق فقال له المدعى عليه حقك ثابت إن أتيت بالوثيقة التي
فيها الحق فقال المدعي ضاعت مني فصالحه ثم وجد الوثيقة بعد فلا قيام له بها ولا ينقص الصلح اتفاقا
لأنه إنما صالح على اسقاط حقه. قوله: (فهو منكر في الحقيقة) أي فالمدعى عليه في الحقيقة منكر أي كما
أنه في المسألة السابقة كذلك إلا أنهما يفترقان من جهة أن المدعي هنا ادعى ضياع الوثيقة وصالح على
اسقاط حقه وما سبق المدعي قد أشهد سرا أنه إنما صالح لضياع وثيقته، وإن وجدها قام بها فهو بمنزلة
من صالح لغيبة بينة الغيبة البعيدة فله القيام بها عند قدومها والمأخوذ من كلام ابن يونس أن صورة
المسألة أن يدعي انسان على آخر بحق فيقول له حقك ثابت فأت بالوثيقة التي فيها الحق وامحها وخذ
ما فيها، فقال المدعي ضاعت مني وأنا أصالحك فصالحه ثم وجد الوثيقة بعد ذلك فلا قيام له بها ولا ينقض
الصلح اتفاقا. ففي التوضيح عن ابن يونس الفرق بين هذه المسألة والتي قبلها أن غريمه في هذه معترف
وإنما طلبه بإحضار صكه ليمحو ما فيه فقد رضي هذا بإسقاطه واستعجال حقه والأول منكر للحق
وقد اشتهر أنه إنما صالحه لضياع صحة وهو ظاهر. قوله: (صلح أحد الورثة) أي إذا صولح بشئ من غير
التركة وأما إذا صولح بشئ من التركة فهو داخل في قوله وعلى بعضه هبة وحينئذ فقوله على غير المدعى
به بيع في الكلام حذف أي الخ. قوله: (بما يخصه) أي عما يخصه. قوله: (وعن إرث زوجة) حاصله أن
الميت إذا ترك دنانير ودراهم وعروضا وعقارا فإنه يجوز لابن الميت مثلا أن يصالح الزوجة أو غيرها
من الورثة على ما يخصها من التركة فإن أخذت ذهبا من التركة قدر مورثها من ذهب التركة فأقل أو أخذت دراهم من التركة قدر مورثها من دراهم
التركة فأقل كان ذلك جائزا
إن كان المصالح عنه حاضرا كما لو صالحها الولد بعشرة دنانير فأقل والذهب ثمانون لأنها أخذت
بعض حقها من التركة وتركت الباقي. قوله: (والذهب حاضر) أي والحال أن الذهب المتروك المصالح
عنه حاضر فلا بد من حضوره كله وكذا إذا كان المصالح منه الورث فلا بد من حضوره كله سواء
كان غير المصالح منه حاضرا أيضا أو غائبا وهذا إذا صولحت بقدر ما يخصها من الذهب أو الورث أو
بأقل مما يخصها، وأما إذا صولحت بأكثر من ذلك فلا بد من حضور جميع المتروك من ذهب
وورق وعرق ا ه‍. وإنما شرطوا في النوع الذي أخذت منه أن يكون حاضرا لأنه لو كان بعضه
غائبا لزم النقد بشرط في الغائب نعم إن أخذت حصتها من الحاضر فقط جاز لاسقاط الغائب ا ه‍ بن.
قوله: (لم يجز) أي وإنما يجوز مصالحتها بقدر ما يخصها من الذهب الحاضر حيث صولحت بذهب.
قوله: (كذلك) أي صرف دينار أو أكثر. قوله: (فإن حازوها الخ) وذلك لان الهبة هنا لشئ
موجود في الخارج بخلاف ما في الذمة فهبته إبراء لا يحتاج لحيازة كما مر. قوله: (ولو كثرت الدراهم) أي
هذا إذا قلت الدراهم التي تخصها من التركة بل ولو كثرت. قوله: (فقد اجتمع الصرف والبيع في دينار)

315
من هذا يعلم أنه ليس المراد بقلة الدراهم في كلام المصنف أن يكون حظها منها قليلا كما حل به الشارح
أولا بل المراد أن يأخذ في مقابلتها مع العرض دينارا بحيث يجتمع البيع والصرف فيه. قوله: (وأولى
إذا قلا معا الخ) فتحصل من كلامه أن الصور الجائزة أربع أن تقل الدراهم التي تنوبها عن صرف
الدينار أو يقل قيمة العرض الذي ينوبها عن صرف دينار أو يقلا معا عن صرف دينار أو تأخذ
عن الدراهم والعرض دينارا فقط وإن كثر. قوله: (لا من غيرها مطلقا) يعني إذا وقعت المصالحة على
شئ يعطيها إياه من غير التركة ذهب أو فضة أو عروض فإن كان بدنانير أو دراهم لم يجز مطلقا
لما فيه من التفاضل بين العينين العين المدفوعة صلحا والعين المصالح عنها لأنها باعت حظها من
النقدين والعرض بأحد النقدين ففيه بيع ذهب وفضه وعرض بذهب أو بفضة والقاعدة أن العرض
إذا كان مصاحبا للعين فإنه يعطي حكم العين وإن كان بعرض جاز بشروط. قوله: (إن عرفا جميعها)
هذا الشرط وما بعده معتبران أيضا في قوله أو أكثر بخلاف الصلح بعين قدر مورثها فأقل أو بعرض
من التركة فإنه لا يشترط معرفتها ولا حضورها. قوله: (ليكون الصلح على معلوم) لأنها بائعة لنصيبها
من ذلك. قوله: (وحكما في العرض) الأولى ولو حكما في العرض وقوله بأن كان قريب الغيبة أي كيومين.
قوله: (وعلة الشرط الثاني الخ) أي إنما اشترط حضور التركة لأجل السلامة من النقد في الغالب
بشرط وفيه أنه لا شرط هنا فكأن الشارح جعل عقد الصلح على التعجيل شرطا في المعنى فتأمل.
قوله: (وأقر المدين بما عليه وحضر) زاد بعضهم ولا بد أن يكون العرض الذي أعطاه المصالح مخالفا للعرض
الذي على الغريم وإلا لم يجز لأنه حينئذ يكون سلفا بمنفعة لان الغالب أنها لا تأخذ إلا أقل من حقها
ا ه‍ بن. قوله: (وعن دراهم الخ) يعني أن التركة إذا لم يكن فيها إلا دراهم وعرض فصولحت الزوجة
عما يخصها بذهب أو لم يكن فيها إلا ذهب وعرض فصولحت عما يخصها بدراهم من غير التركة فهو
جائز كجواز اجتماع البيع والصرف. فقوله بذهب أي إذا كان المتروك عن الميت دراهم وعرضا أو
بدراهم إن كان المتروك ذهبا وعرضا. قوله: (فإن كان حظها من الدراهم قليلا) هذا إذا كان في التركة
دراهم وأما إذا كان فيها دنانير فيقال له إن كان حظها من الدنانير أقل من دينار. قوله: (منع) أي
إن كانت قيمة العرض أكثر من دينار وإلا جاز. والحاصل أنه إذا قلت الدراهم التي تخصها أو قيمة
العرض الذي يخصها بأن نقصت أو نقصت قيمة العرض عن دينار جاز الصلح لأنه بيع وصرف
اجتمعا في دينار. قوله: (وإن كان فيها دين فكبيعه) لا يغني عن هذا قوله فيما مر وأقر المدين وحضر وذلك
لاختلاف الموضوع فيهما لان قوله فإن كان فيها دين موضوعه أن التركة عروض ودراهم فصالح
بدنانير من عنده وأما قوله سابقا وأقر المدين وحضر فموضوعه أن التركة دراهم ودنانير وعروض
والصلح فيها بعرض من عنده. قوله: (فكبيعه) أي فالصلح حينئذ مماثل لبيع الدين في الجواز وعدمه

316
وقوله يجوز أي الصلح وقوله حيث يجوز أي بيع الدين وذلك حيث لم يكن الدين عينا ولا طعاما من
بيع بأن كان حيوانا أو عرضا أو طعاما من قرض وكان المدين حاضرا مقرا تأخذه الاحكام. وقوله ويمتنع
أي الصلح حيث يمتنع بيع الدين بأن كان الدين عينا أو طعاما من بيع أو لم يحضر المدين أو حضر ولم
يقر أو لم تأخذه الاحكام. قوله: (فيمتنع) أي لما فيه من التفاضل بين العينين تقديرا والصرف المؤخر.
قوله: (إن كان الدين) أي الذي هو من جملة التركة دراهم أو دنانير حالة أو مؤجلة. قوله: (فإن كان الدين
حيوانا الخ) ظاهره أن الموضوع أن التركة دراهم وعروض والدين حيوان أو عرض فيجوز الصلح
في هذه الحالة بدراهم أو دنانير حالة وفيه أنه يمتنع الصلح حينئذ لما فيه من التفاضل بين العينين فيتعين أن
يحمل كلام الشارح على أن الدين حيوان أو عرض والتركة كلها عروض فيجوز الصلح حينئذ بدراهم
أو دنانير وإن كان هذا خلاف السياق. قوله: (أو كان طعاما من قرض) أي لا من بيع فيمنع لما فيه من
بيع طعام المعاوضة قبل قبضه. قوله: (وهذا يجري الخ) المشار إليه مرعاة بيع الدين أي أن ما ذكره
المصنف من مرعاة بيع الدين جوازا ومنعا يجري في جميع صور المصالحة من غير التركة. قوله: (من
غيرها) أي من غير التركة. قوله: (وجاز الصلح عن دم العمد) ظاهره جواز الصلح عما ذكر ولو قبل
ثبوت الدم وهو كذلك. قوله: (بما قل عن الدية) أي دية الخطأ وقوله لان دم العبد لا دية له أي وليس
فيه إلا ما اصطلحوا عليه. قوله: (لا غرر) عطف على ما يفيده الكلام السابق أي جاز الصلح بما استوفى
الشروط لا بغرر أو أنه عطف على ما من قوله بما قل ونبه على منع الصلح بالغرر لان دم العمد لما كان للولي
العفو عنه مجانا ربما يتوهم جواز الصلح عنه بالغرر فنص على ذلك دفعا لذلك التوهم وغير دم العمد
يفهم المنع فيه بالطريق الأولى. قوله: (على غرر) على بمعنى الباء أي بذي غرر. قوله: (دين أو غيره)
تعميم في قوله ولا عن غيره وحينئذ فكان الأولى تقديمه قبل قوله على غرر. قوله: (كما في المدونة) نصها
وإذا ادعيت على رجل بدين فصالحك عنه بعشرة أرطال من لحم شاة وهي حية لم يجز قال أبو الحسن
لا مفهوم لقوله وهي حية بل لو كانت مذبوحة غير مسلوخة فكذلك يمتنع. قوله: (فإن وقع الصلح) أي
عن دم العمد وقوله بالغرر أي كرطل من شاة أو ثمرة لم يبد صلاحها. فرع: لو وقع الصلح على أن
يرتحل القاتل من بلد الأولياء فقال ابن القاسم الصلح منتقض ولصاحب الدم أن يقوم بالقصاص
ولو ارتحل الجاني. وقال المغيرة يجوز ويحكم على القاتل أن لا يساكنهم أبدا كما شرطوه وهذا هو
المشهور المعمول به. واستحسنه سحنون وعليه فإن لم يرتحل القاتل أو عاد وكان الدم قد ثبت كان لهم
القود في العمد والدية في الخطأ وإن لم يثبت كان لورثة المقتول العود للخصام ولا يكون الصلح قاطعا
لخصامهم لانتقاضه. قوله: (لاسقاط القصاص عن نفسه) متعلق بالصلح أي إن من يصالح بمال
لأجل اسقاط الخ. قوله: (لما فيه) علة لمنعه من الصلح بالمال. قوله: (لما فيه من إتلاف ماله الخ) أي
لما فيه من إتلاف ماله في شئ لم يعامله الغرماء عليه لأنه أعتق نفسه من القتل والقطع بذلك وهم
لم يعاملوه على إتلاف ماله في صون نفسه وليس هذا كتزويجه وايلاد أمته لان الغرماء عاملوه
على ذلك كما عاملوه على الانفاق على زوجته وأولاده الصغار. قوله: (مطلقا) أي على
إقرار أو إنكار. قوله: (أو ثوب معين) أي أو حصة في دار معينة. قوله: (أو أخذ بشفعة)
أي أو أخذ من يد المجني عليه بشفعة كما لو جنى انسان جناية على زيد وصالحه بشقص

317
في دار باقيها لعمرو فلعمرو أن يأخذ ذلك الشقص بالشفعة من زيد ويرجع زيد بقيمة الشقص
يوم الصلح على الشفيع وهو عمرو، فالرجوع بقيمة المقوم المعين على الدافع في خصوص الاستحقاق
والرد بالعيب وأما في الاخذ بالشفعة فالرجوع بالقيمة إنما هو على الشفيع. قوله: (إذ ليس للدم الخ)
هذا راجع للصلح عن الدم في العمد مطلقا وقوله ولا للخصام راجع للصلح عن الدم خطأ على إنكار.
قوله: (وأما على إقرار) أي وأما الصلح عن دم الخطأ في الاقرار وقوله ففي غير الدم الخ هذا خروج
عن الموضوع لان الكلام في الدم والجناية ومعنى كلامه أنه إذا ادعى على انسان بكتاب مثلا فأقر به
وصالحه بثوب مثلا فإن استحق ذلك الثوب أو رد بعيب، فإن كان الكتاب باقيا رجع به وإن كان قد
فات رجع بقيمته. قوله: (بما ذكر) أي من العبد المعين أو الثوب المعين أو الحصة في الدار المعينة.
قوله: (وخلع على مقوم) أي معين كعبد معين أو ثوب معين أو شقص في دار معينة وقوله فوجد
الزوج به عيبا أي فرده لذلك أو استحق من يده أو أخذ منه بالشفعة. قوله: (بالقيمة) أي بقيمة
المقوم الذي وقع به النكاح والخلع. قوله: (لا بما خرج منا ليد إذ لا قيمة له) أي ولا يرجع أيضا
بصداق المثل وخلع المثل لان طريق النكاح المكارمة فقد يتزوج الرجل المرأة بأضعاف صداق المثل
وبعشرة وكذا يقع الخلع بخلع المثل وأضعافه وبعشرة. واعلم أن مثل هذه المسائل الأربعة التي ذكرها
وهي الصلح عن دم العمد مطلقا وعن دم الخطأ في الانكار والنكاح والخلع في الرجوع بقيمة العوض
عوض القطاعة وعوض الكتابة وعوض العمرى. فالأول: كما لو قال لعبده إن أتيتني بشقص فلان
من الدار الفلانية فأنت حر فأتى له به ثم استحق ذلك الشقص أو رده عليه بعيب أو أخذ منه بالشفعة
فيرجع السيد على العبد بقيمة الشقص في غير الاخذ بالشفعة ويرجع على الشفيع بقيمة الشقص.
والثاني: كما لو كاتب عبده على عشرين دينارا ثم بعد ذلك قال له إن أتيتني بشقص فلان من الدار الفلانية
أسقطت عنك العشرين دينارا وخرجت حرا فأتاه به فرده عليه بعيب أو أخذ منه بشفعة أو استحقاق
فإن السيد يرجع بقيمة الشقص في الشفعة على الشفيع وفي غيرها على العبد. والثالث: كما لو أعمرت
زيدا دارك مدة حياتك ثم صالحته على شقص معين في عقار آخر فرده عليك بعيب أو استحق من يده
أو أخذ منه بالشفعة فإن زيدا يرجع عليك بقيمته في غير الشفعة وفي الشفعة يرجع بالقيمة على الشفيع.
والحاصل أن المسائل إحدى وعشرون مسألة لان الشقص دفع إما صلحا عن دم عمد مطلقا أو عن
دم خطأ عن إنكار أو دفع صداقا أو خلعا أو قطاعة أو عوضا عن الكتابة أو عن العمرى والطارئ
على جميع ذلك عيب أو استحقاق أو أخذ بالشفعة وقد نظمها ابن غازي في بيت فقال:
صلحان عتقان وبضعان معا عمري بأرش عوض به ارجعا
فقوله صلحان أراد بهما الصلح عن دم العمد مطلقا وعن دم الخطأ على إنكار وقوله عتقان أراد بهما
عتق المكاتب والقن إذا أديا ما تراضوا عليه وقوله وبضعان أراد بهما بضع النكاح وبضع الخلع.
وقوله: بأرش عوض المراد بأرش العوض قيمته ا ه‍ شيخنا عدوي. قوله: (جاز صلح كل) أي جاز
للمجني عليه صلح كل إن كانت الجناية في دون النفس ولأوليائه إن كانت الجناية على النفس إلا أن
الصلح ممن ذكر يتوقف على رضاء من صولح. والحاصل أن الخيار لأولياء المقتول إلا أن الصلح
لا يكون إلا برضاء القاتلين. قوله: (والعفو عنه) أي عن كل وقوله أو القصاص أي من كل.
قوله: (بدليل الخ) أي لان القتل بقسامة إنما يكون في العمد. قوله: (لان من لازم الخ) أي فالمصنف
أطلق اسم الملزوم وأراد اللازم. قوله: (بمال على القطع) اعلم أن كلام المصنف مفروض فيما إذا
وقع الصلح عن الجرح فقط دون ما يؤول له من الموت وأما إذا وقع عنهما فسيأتي حكمه

318
وأعلم أنه كما يجوز صلح المجروح عن جرح العمد يجوز صلحه عنه وعما يؤول من الموت على ما قال ابن
حبيب. واختاره ابن رشد قائلا أن المقتول إذا جاز له أن يعفو عن قاتله مجانا جاز له أن يصالح بالأولى
خلافا لما رواه عيسى من المنع، وهذا كله إذ أكان الجرح مما يقتص من أجله كقطع يد، وأما لو كان مما
لا قصاص فيه بأن كان من المتالف الأربع كالجائفة والآمة والفرض أنه عمد فلا يجوز الصلح عنه وعما
يؤول إليه من النفس لأنه لا يدري يوم الصلح ما يجب عليه ويفسخ إن وقع وإذا برئ فالأرش وإن مات
فالدية على العاقلة بقسامة وأما الصلح عنه وعما يؤول إليه من الزيادة ففيه قولان: أرجحهما الجواز إذا كان
في الجرح شئ مقرر، فإن لم يكن فيه شئ مقرر فلا يجوز الصلح على أرشه إلا بعد البرء فإن وقع الصلح عنه
وعما يؤول إليه من الزيادة قبل البرء كان الصلح باطلا. قوله: (لا له) كان الأولى لا للقاطع لأنه لم يتقدم
للضمير مرجع فكان الاظهار أولى. قوله: (وإنما قسموا) أي ولم يقتلوا الجاني من غير قسامة.
قوله: (لتراخي الخ) أي فيحتمل أن الموت من غير الجرح. قوله: (كما لو صولح المجروح خطأ) أي عن الجرح
فقط أي وأما لو وقع الصلح عن الجرح خطأ وعما يؤول إليه من النفس فإنه يمنع كالعمد. قوله: (ويقسمون
ويأخذون الدية) علم من هذا أن قول المصنف كأخذهم الدية أي في آخرة الامر والمعنى حينئذ كما أن
لأولياء المجروح أن يأخذوا الدية كاملة بعد القسامة في جرح الخطأ الذي وقع فيه الصلح على الجرح
ثم نرى فمات المجروح منه. وأعلم أنه يجوز الصلح عن جرح الخطأ وأما الصلح عما يؤول إليه فهو فاسد ولو
بلغ ثلث الدية على الأقوى. قوله: (وأما طرو المرض على الجرح) أي العمد ومات المجروح وقوله وأن فيه
خلافا أي فقيل يقتص من الجاني بقسامة وقيل عليه نصف دية بلا قسامة. قوله: (أي فيه) أشار إلى أن
من للظرفية إن مات في زمن مرضه لا للسببية لأنه إذا تحقق أن موته من مرضه لم يتأت التأويلان من
كونه صالح عن الجرح لا عما يؤول إليه أو صالح عنهما معا لان الجرح لم يؤل لشئ وعلى تسليم جريانهما
بمعنى أنه وقع الصلح عن الجرح وعما يؤول إليه على فرض الأول فلا معنى لاعتماد التأويل الثاني دون
الأول. قوله: (جاز ولزم) أي لان للمريض المقتول أن يعفو عن دم العمد في حال مرضه وإن لم يترك مالا
فله أن يصالح عنه بما شاء بالأولى. قوله: (تأويلان) قال أبو الحسن عياض تأولها غير واحد على أن الصلح
على الجرح دون ما يؤول إليه من النفس وتأولها ابن القصار على الجرج وما تناهى إليه. قوله: (وعليه الخ)
حاصل ما في المقام كما في ح وعج وغيرهما أنه إذا وقع الصلح على الجرح فقط جاز على كل من التأويلين
فأمات من مرضه لزم الصلح الورثة، وإن نزى فمات فالحكم ما تقدم في المسألة الأولى من أن للورثة رد
الصلح والقتل بقسامة ولا يقال الصلح لازم للورثة في هذه الحالة لان الصلح على الجرح فقط فكيف
يلزم فيما آل إليه مع أنه خلاف ما وقع عليه الصلح وإن صالح عليه وعلى ما يؤول إليه فعلى التأويل الثاني
الصلح باطل، ويعمل بمقتضى الحكم لو لم يكن صلح من أن للأولياء القسامة والقصاص وعلى التأويل
الأول يلزم الصلح وإن نزى فمات منه فلا كلام للأولياء. قوله: (فيأخذ ما ينوبه ولو صالح
بقليل) ولا يرجع على الجاني واحد منهما بشئ والذي في ح ما نصه فللآخر أن يدخل
معه فيما صالح به بأن يأخذ نصيبه من القاتل على حسب دية العمد ويضمه إلى ما صالح به

319
صاحبه ويقتسمان الجميع كأنه هو المصالح به كما ذكر ابن عبد السلام في باب الديات ا ه‍ وبه قرر
المصنف في التوضيح عن ابن عبد السلام أيضا. وبهذا النقل تعلم أن ما في خش وعبق من التنظير
الذي محصله أنه إذا دخل الآخر مع الأول فيما صالح به هل له بعد ذلك مطالبة على الجارح ببقية حقه
من دية العمد أو لا شئ له بعد ذلك قبل الجارح قصور لوجود النقل لكن هذا الذي ذكره ابن عبد السلام
مخالف لما ذكره المصنف في قوله الآتي وإن صالح عن عشرة من خمسينه الخ فتأمله انظر بن.
والحاصل أن المسألة ذات طريقتين والمعتمد منهما كما قرر شيخنا ما مشى عليه شارحنا وهي الموافقة
لكلام المصنف الآتي وعليها اقتصر في المج لا طريقة ابن عبد السلام. قوله: (وسقط القتل) لو قدم
المصنف وسقط القتل على قوله وللآخر الدخول معه كان أولى ليفيد سقوط القتل وإن لم يدخل
معه ا ه‍ بن وقد يقال أنه أخره لأجل أن يشبه به. قوله: (فلا دخول للمصالح به) أي ولا رجوع
لواحد منهما بعد ذلك على الجاني بشئ. قوله: (وله) أي للآخر العفو وليس له القصاص لقول
المصنف وسقط القتل إن عفا رجل كالباقي فالحاصل أن الآخر يخير أولا في العفو وعدمه فإن عفا فلا
دخول له مع المصالح ولا شئ له أصلا وإن لم يعف فيخير إما أن يدخل مع المصالح فيما صالح به ولا
رجوع لواحد منهما على الجاني على المعتمد أو لا يدخل وله نصيبه من دية عمد. قوله: (فأنكر) أي الجاني.
قوله: (فيلزمه دفعه) أي دفع ما لم يدفعه. قوله: (وهل مطلقا أو ما دفع تأويلان) الأول لأبي عمران والثاني
لابن محرز وهما على قول المدونة ولو أقر رجل بقتل رجل خطأ ولم تقم بينة فصالح الأولياء على مال
قبل أن تلزم الدية العاقلة بقسامة وظن أن ذلك يلزمه فالصلح جائز ا ه‍ أبو الحسن أي لازم نافذ
واختلف بماذا يلزم فقال أبو عمران بالعقد. وقال ابن محرز إنما يلزم بالدفع ا ه‍ إذا علمت هذا فكان
الأولى للمصنف أن ينبه على أن الخلاف فيما به اللزوم بأن يقول وهل اللزوم بالعقد فيلزمه ما دفع وما لم
يدفع أو اللزوم بالدفع فلا يلزمه إلا ما دفع. وقول الشارح بناء على أن العاقلة لا تحمل الاعتراف الخ فيه
نظر لان التأويلين مبنيان على أنها تحمل الاعتراف كما في ح وطفي انظر بن. قوله: (ولا يلزم الخ)
جواب عما يقال تعبير المصنف بتأويلان يشعر بتساويهما مع أن الثاني مبني على ضعيف فمقتضاه
أن يكون ضعيفا. وحاصل الجواب أنه لا يلزم من بنائه على ضعيف أن يكون ضعيفا إذ لا يلزم من
ضعف المبني عليه ضعف المبني فلا غرابة في بناء أحد مشهورين على ضعيف. قوله: (أي ظن لزومه) أي
ظن لزوم الدية له وقوله فلا يلزمه أي ما صالح به بل يرد له ما صالح به كما قال المصنف والدية على العاقلة.
قوله: (ولا بد الخ) أي في كون المال الذي صالح به لا يلزمه ويرد إليه ما دفعه زيادة على حصته وقوله من
ثبوت الجهل أي من ثبوت جهله أي ظنه أن الدية لازمة له، وفيه أن هذا أمر خفى لا يعلم إلا منه فكيف
يتأتى إثباته وأجيب بأن المراد لا بد من ثبوت جهله باليمين وهو قول المصنف وحلف لا الثبوت بالبينة
بخلاف ثبوت أن مثله يجهل ذلك قال أبو الحسن يؤخذ من هذا إن من ادعى الجهل فيما الغالب أن يجهله
فإنه يصدق ا ه‍ بن. فإن ادعى جهله بلزوم الدية من غير أن يثبت ذلك باليمين كان الصلح لازما له ولا يرد
له ما زاد على حصته. قوله: (وحلف) أي فإن نكل عن اليمين مع كونه من شأنه يجهل لزوم الدية للعاقلة
لزمه جميع الصلح. قوله: (ولا يعذر بالجهل) أي بجهله أنه لا يلزم تعجيلها. قوله: (إن طلب به) أي إن كان

320
أولياء المقتول طلبوا الصلح من ذلك الجاني وقوله أو طلبه هو أي أو كان الجاني هو الذي طلب الصلح
من أولياء المقتول. قوله: (ووجد) أي وقت الرد عليهم. قوله: (فلا رجوع له به عليهم) أي على أولياء
الدم كمن أعطى عطية لمن تصدق عليه بصدقة ظنا منه لزوم الإثابة فإنه يرجع بما وجد مما أثاب ولا
يرجع بما فات منه وحيث لا رجوع له على أولياء الدم بما فات فهل يرجع على العاقلة بما زاد على حصته
منه ويحسب ذلك الفائت للعاقلة من الدية، واختاره البنوفري وقيل لا يرجع به أيضا على عاقلته
ويحسب لهم من الدية، واختاره ابن هارون وقيل لا يرجع بذلك على العاقلة ولا يحسب لهم من الدية
وهو مقتضى نقل المواق قال شيخنا وهذا هو المعتمد. قوله: (وإن صالح أحد ولدين الخ) حاصله أن أحد
الوارثين سواء كانا ولدين أو أخوين أو عمين أو غير ذلك إذا ادعى بمال على شخص مخالط لمورثه من
تجارة أو وديعة فأقر بذلك أو أنكره وصالحه عليه فإن للوارث الآخر أن يدخل مع صاحبه فيما
صالح به عن نصيبه سواء كان ذهبا أو فضة أو عرضا وله أن لا يدخل معه ويطالب بحصته كلها في حالة
الاقرار وله تركها كلها وله المصالحة بأقل منها، وأما في حالة الانكار فإما أن يكون له
بينة أو لا فإن كان له بينة أقامها وأخذ حقة أو تركه أو صالح بما يراه صوابا وإن لم يكن له بينة فليس على غريمه إلا اليمين.
قوله: (فلصاحبه الدخول معه) ثم إن كان الصلح عن إقرار رجع غير المصالح على الغريم بما بقي له من
حقه ورجع المصالح على الغريم بما أخذه منه صاحبه، كما يأتي للمصنف. وقال ابن يونس ما بقي على
الغريم بعد صلح أحدهما يكون بينهما كما في المواق ووجهه كما قال المسناوي أن الصلح لازم للأول ولما
شارك رب الدين الآخر فيما اقتضاه شاركه هو في حصته وإن كان الصلح عن إنكار ودخل
غير المصالح مع المصالح فيما صالح به، فلا رجوع للمصالح ولا لشريكه على الغريم به لان الصلح
لقطع النزاع ورجوع المصال عليه بما أخذ منه فتح لباب النزاع خلافا لعبق حيث قال يرجع المصالح
على الغريم بما أخذه منه صاحبه، ولا رجوع لصاحبه على الغريم ولا على المصالح بما رجع به على
الغريم. قوله: (أي مشترك بينهما) أشار الشارح إلى أن اللام في قول المصنف لهما بمعنى بين فموضوع
الكلام هنا في الحق المشترك وأما إذا كان لكل منهما حق وكان الحقان على شخص واحد كزيد ولا
اشتراك بينهما وكتب الحقان في كتاب واحد فسيأتي المصنف يتكلم عليه ويذكر فيه قولين.
قوله: (إلا الطعام ففيه تردد) حاصله أن المدونة قالت وإن صالح أحد شريكين فللآخر
الدخول معه إلا أن يشخص بعد الاعذار إلا الطعام فصدر الكلام قوله فللآخر الدخول معه
وعجزه قوله إلا أن يشخص بعد الاعذار فاختلف شراحها في قولها إلا الطعام هل هو مستثنى مما
يفهم من آخر الكلام أو مما يفهم من أوله على ما ذكر الشارح. قوله: (على هذه المسألة) أي مسألة
ما إذا كان لشريكين حق على ثالث في كتاب أو مطلق واقتضى أحدهما شيئا فللآخر الدخول
معه. قوله: (من آخر المسألة) أي مما يفهم من آخرها وهو قوله إلا أن يشخص بعد الاعذار أي
فليس للحاضر أن يدخل مع الشاخص ويفهم من هذا أنه يجوز لاحد الشريكين أن يسافر
ليقبض ما يخصه منه بإذن شريكه، إلا الطعام فلا يجوز له أن يسافر لقبض ما يخصه منه بإذن شريكه
لان ذلك قسمة للطعام والقسمة بيع وحينئذ فيلزم بيع الطعام قبل قبضه. قوله: (كما يأتي
للمصنف) أي وعلى هذا فيجوز لاحد الشريكين أن يسافر بإذن شريكه لاخذ ما يخصه من الطعام.

321
قوله: (إنه مستثنى من أول المسألة) أي مما يفهم من أولها وذلك لان قوله وإن صالح أحد الشريكين
فللآخر الدخول معه يفهم منه أنه يجوز لاحد الشريكين أن يصالح عن حصته بغير إذن شريكه في
كل شئ، فاستثنى من ذلك الطعام فلا يجوز لأحدهما أن يصالح فيه عن حصته بدون إذن شريكه، لأنه
إذا صالح عن حصته يلزم عليه بيع الطعام قبل قبضه، لان الصلح بغير المدعى به بيع كما مر فقد علمت
أن التردد إنما هو في وجه الاستثناء للطعام لا في الدخول فيه وعدم الدخول فيه إذ الدخول فيه ثابت
باتفاق، فالخلاف لفظي في وجه الاستثناء وأن الحكم وهو عدم جواز السفر لقبض ما يخص أحدهما
من الطعام بإذن الآخر متفق عليه بناء على أن القسمة ببيع كما أن عدم جواز صلح أحدهما في الطعام
باتفاق أي من التأويلين ا ه‍ تقرير عدوي. قوله: (إلا أن يشخص الخ) الحق كما قال عج إن المدار على
الاعذار، ولو لم يكن سفر بأن كان المدين حاضرا ببلدهما ا ه‍ عدوي ونحوه قول أبي الحسن فصل
في المدونة بالغائب وسكت عن الحاضر وهو مثله في الاعذار ا ه‍ بن. قوله: (فيسافر له بذاته) أي فيسافر
له أحدهم بذاته. قوله: (ويعذر إليه في الخروج) أي بأن يطلبه عند الحاكم أو بحضور بينة ليخرج معه
ليقبض حصته أو يوكله أو يوكل من يسافر معه بقبض حصته فيمتنع من ذلك فإذا أعذر إليه وامتنع
وسافر للغريم وقبض منه شيئا فلا دخول له مع الشاخص فيما اقتضاه لان امتناعه من الشخوص معه
ومن التوكيل دليل على عدم رضاه بالدخول معه فيما اقتضاه واتباع ذمة الغريم. قوله: (وإن لم يكن الخ)
أي فإن أشخص أحدهما بعد الاعذار لصاحبه فلا دخول لصاحبه معه فيما اقتضاه ولو لم يوجد بيد
الغريم غير ما اقتضاه الشاخص. قوله: (فلو كان الغريم حاضرا الخ) هذا مبني على ما قاله تت من أن عدم
الدخول مقيد بقيدين الاشخاص والاعذار لصاحبه فيمتنع وحاصله أن الغريم إذا كان غائبا فخرج
إليه أحد الشريكين بعد الاعذار لصاحبه وامتناعه فلا يدخل معه صاحبه فيما اقتضاه، وأما إن كان
الغريم حاضرا سواء حصل إعذار أو لا أو كان غائبا وأشخص إليه من غير إعذار فإنه يدخل معه في
هذه الصور الثلاث، وأما على ما قاله عج من أن المدار على الاعذار فإن كان الغريم حاضرا وأولى غائبا
وأعذر أحد الشريكين لصاحبه وامتنع فلا يدخل معه فيما اقتضاه، وإن خرج من غير إعذار كان
الغريم حاضرا أو غائبا فإنه يدخل معه في هاتين الصورتين فالخلاف في صورة وهي ما إذا كان الغريم
حاضرا وأعذر في الخروج فلا يدخل معه على كلام عج وهو المعتمد ويدخل معه على ما قاله تت
وتبعه الشارح. قوله: (أو يكون الخ) عطف على يشخص كما أشار له الشارح. قوله: (كدينين) أي لان
الكتابين يفرقان ما كان أصله مجتمعا لأنه كالمقاسمة. قوله: (وفيما ليس مشتركا) أي وفي الدين
الذي ليس أصله مشتركا بينهما. قوله: (وباعهما معا بثمن واحد) أي بعد تقويمها للسلعتين
ومعرفة قيمتهما واتفاقهما على بيعهما صفقة وأنهما يوزعان الثمن على القيمتين. قوله: (وإن اختلف
قدر كل) يحتمل أن المراد وإن اختلف قدر ما لكل من المتبايعين وذلك كما لو كان لأحدهما ثوب

322
وللآخر ثوبان فباعهما صفقة بثمن واحد ويحتمل أن المراد وإن اختلف قدر ما لكل من السلعتين
من الثمن لاختلافهما في القيمة. قوله: (قولان) المعتمد منهما دخول أحدهما مع الآخر فيما قبضه. قوله: (أو
اختلف الخ) هذا ضعيف والمعتمد أن المدار في موضوع الخلاف على بيعهما بثمن واحد في عقد
واحد سواء اتفقا في الجنس والصفة أو اختلفا فيهما أو في القدر والحال أن الثمن كتب في كتاب
واحد ا ه‍ عدوي. قوله: (أو الثمن) أي أو اختلفا في الثمن بأن بيع العبدان في صفقة واحدة لكن سمي
المشتري لهذا خمسين وللآخر أربعين. قوله: (أو باع كل سلعته منفردة) الأولى حذفه لاغناء قوله فلو
باع كل بانفراده عنه. قوله: (مطلقا) أي كتب ما لكل في كتاب على حدة أو كتب مالهما في كتاب واحد.
قوله: (لاحد الشريكين) أي الذي له الدخول على شريكه فيما اقتضاه من الغريم فلم يدخل معه واختار
اتباع الغريم بجميع حقه. قوله: (في مائة) أصلها كان شركة بينهما وقوله
بكتاب أي سواء كانت مكتوبة بكتاب أو لا. قوله: (على إقرار) أي حقيقة أو حكما كما إذا أنكرها المدعى عليه وقامت عليه بها بينة.
قوله: (ولا رجوع له) أي خلافا لما في عبق من رجوعه على الغريم بالخمسة المدفوعة لشريكه وذلك لان
الصلح لقطع النزاع ورجوعه على الغريم بما أخذ منه فتح لباب النزاع ا ه‍ عدوي. وما ذكره الشارح
من عدم رجوع شريكه على الغريم نحوه في عبق وخش وفيه نظر إذ الفرض أن شريكه لم يصالح
فالظاهر أن له من يطالب الغريم حتى يحلف أو يؤدي أو يصالح ا ه‍ بن. قوله: (ولا يكون إلا عن إقرار)
أي لما مر أن الصلح عن إنكار إنما يجوز بمعجل لا بمؤجل لما فيه من سلف جر نفعا لان التأخير سلف
والنفع سقوط اليمين المنقلبة عنه. قوله: (وإن صالح الخ) يعني أن من استهلك لرجل شيئا من العروض
أو الطعام أو الحيوان فصالحه على شئ مؤخر لم يجز. قوله: (من له حق) أي وهو صاحب الشئ
المستهلك فإن له حقا عند المستهلك وهو قيمة شيئه. قوله: (من عرض أو حيوان أو طعام) تبع في ذكر
الطعام تت والشيخ سالم قال طفي وفيه نظر لان المسألة مفروضة في المدونة وغيرها في المقومات
ولان الطعام مثلي يترتب على استهلاكه مثله وأخذ العين عنه مؤجلة فيه فسخ الدين في الدين. وأجاب
عج بأنه محمول على ما إذا كان الطعام جزافا ولا شك أنه مقوم فإذا استهلك شخص صبرة من القمح
جزافا لزمه قيمتها، ولا يجوز أن يصالح عنها بمؤجل إلا إذا كان المؤجل عينا وكانت قدر القيمة فأقل.
قوله: (لزمت قيمته المستهلك) أي حالة. قوله: (أو في جنسه بأكثر) أي وأما في جنسه بمساو فهو نفسه ولا
فسخ أصلا. قوله: (فإن سلم) أي الصلح من ذلك أي من فسخ الدين في الدين. قوله: (أنظره بالقيمة) أي أو
حط منها وأنظره بباقيها وهو حسن اقتضاء وليس من فسخ الدين الممنوع. قوله: (فيجوز) أي لان

323
محصله أنه أنظره بالقيمة أو حط منها وأنظره بباقيها. قوله: (لأنه سلف جر نفعا) أي فالسلف تأخير
صاحب المستهلك للمصالح والمنفعة الزيادة عن القيمة وفيه أيضا فسخ دين في دين لأنه فسخ القيمة
الأقل الحالة فيما هو أكثر منها لأجل. قوله: (من غير اعتبار قوله كقيمته) أي أنه يجوز مطلقا سواء
كانت تلك العين الحالة قدر القيمة أو أقل أو أكثر. قوله: (وهو مما يباع به) أي أن ما تقدم من جواز
الصلح عن قيمة المستهلك بالدراهم المؤخرة والذهب إذا كانا قدر القيمة فأقل محله إذا كان المستهلك
مما يباع بما وقع به الصلح من الذهب والفضة وإلا منع. قوله: (احترازا عما لو كان المستهلك ذهبا الخ) تبع
في ذلك تت قال طفي وفيه نظر إذ هو إحالة أي تغيير لفرض المسألة لأنها في المقومات كما علمت
والصواب أن يقال احترز به عما لو كان المستهلك يباع بالورق وأخذ ذهبا مؤخرا وعكسه كما في المدونة،
وإن أراد بالذهب الحلي الذي هو مقوم فلا يصح قوله فيمنع التأخير للصرف المؤخر بل يجوز بدراهم
مؤخرة، ففيها في كتاب الغصب ومن غصب لرجل سوارين من ذهب فاستهلكهما فعليه قيمتهما من
الدراهم وعليه أن يؤخره بتلك القيمة ا ه‍ بن. قوله: (وعما لو كان المستهلك طعاما) في جعل هذا
محترزا لقوله وهو مما يباع به نظر لان الطعام المكيل يجوز بيعه بالنقد والعرض حالا ولأجل.
قوله: (فهو داخل في كلامه) أي فمن استهلك صبرة طعام جزافا لزمه قيمته ولا يجوز أن يصالح عنها بمؤخر
إلا بعين قدرها فأقل وهذا لا ينافي جواز الصلح عنها بطعام من غير الجنس أو بعض نقدا، وأما
الصلح عنها بطعام من جنسه فلا يجوز جزافا وأما على كيل لا يشك في أنه أقل من كيل الصبرة
الجزاف فلا بأس به لان صاحب الجزاف أخذ بعض حقه وسامح المستهلك بالكسر من الباقي انظر
بن. قوله: (تشبيه تام) أي في المنع والجواز. قوله: (أن يصالح عنها بعرض) أي لأنه فسخ دين في دين.
قوله: (ولا بعين أكثر الخ) أي لأنه سلف جر نفعا وفسخ دين في دين. قوله: (فيجوز) أي لان محصله
أنه أنظره بالقيمة أو حط منها وأنظره بالباقي وهو حسن اقتضاء. قوله: (وليس هذا من باب بيع
الآبق) أي لان المصالح عنه قيمة العبد لا نفس العبد حتى يكون بيعا له لان الصلح على غير المدعي بيع
فإن قلت: جعل المصالح عنه قيمة العبد ظاهر إذا كان الصلح بأقل منها لا إن كان بقدرها قلت: لما كان قدرها
مؤجلا والأجل له حصة صار كأنه صلح على بعض الحق. قوله: (بالاستيلاء) أي بمجرد الاستيلاء
على المغصوب سواء استمر باقيا عنده أو أبق منه. قوله: (كما يضمن المستأجر والمستعير ونحوهما) أي
كالمودع أي كما يضمن من ذكر القيمة حالا بتفريطه حتى أبق أو تلف ولا يجوز أن يصالح عنها بمؤجل
إلا إذا كان ذلك المؤجل عينا قدر القيمة أو أقل وكان ذلك المصالح عن قيمته مما يجوز بيعه بالعين المصالح
بها. قوله: (وإن صالح بشقص الخ) صورتها شخص أوضح آخر موضحتين إحداهما صدرت منه عمدا
والأخرى خطأ ثم صالحه عن ذلك بشقص من عقار فيه الشفعة قيمته يوم الصلح عشرون مثلا فأراد
الشريك أن يأخذ الشقص أي الجزء المصالح به بالشفعة فإن الشقص يقسم نصفين نصف في
مقابلة الموضحة العمد ونصف في مقابلة الموضحة الخطأ فيدفع الشفيع للمجروح نصف قيمة
الشقص وهو عشرة في المثال المذكور في مقابلة العمد لأنه ليس فيه مال مقدر ويدفع له أيضا دية
الموضحة الخطأ وهو نصف عشر الدية الكاملة وهو خمسون دينارا لان النصف الثاني من الشقص
في مقابلة الموضحة الخطأ وفيها شئ مقرر. تنبيه: كلام المصنف خاص بالصلح على الاقرار

324
وأما في الانكار فالشفيع يأخذ الشقص بقيمته في الجميع قاله بن خلافا لقول عبق وإن صالح أي
على إنكار أو إقرار. قوله: (في مقابلة معلوم ومجهول) أي في مقابلة ما فيه شئ
مقرر وما ليس فيه شئ مقرر. قوله: (للمعلوم نصفه وللمجهول نصفه) أي فإذا أخذ الشفيع بالشفعة يدفع في مقابلة ما أخذ عن
المجهول قيمته وما أخذ عن المعلوم يدفع فيه المعلوم الذي دفع نصف الشقص صلحا فيه. قوله: (كنفس
ويد الخ) أي فلو قطع زيد يد عمرو ثم قتله وكان أحدهما عمدا والآخر خطأ فدية النفس ألف دينار
ودية اليد خمسمائة، فعلى القول الأول القائل أن اختلاف الجرحين كتساويهما يقسم الشقص بينهما،
فإذا كان القطع عمدا والقتل خطأ فلا يأخذ الشفيع نصف القتل إلا إذا دفع ألف دينار وإذا أخذ
نصف القطع دفع عشرة قيمة نصف الشقص، ولو كان القطع خطأ والقتل عمدا فإن الشفيع لا يأخذ
نصف القطع إلا إذا دفع لأرباب الجناية خمسمائة دينار ولا يأخذ نصف القتل إلا إذا دفع عشرة.
والقول الثاني يقول إن الشقص يجعل على قدر ديتهما ومعلوم أن دية اليد خمسمائة ودية النفس ألف
والمجموع ألف وخمسمائة ثلثها لليد وثلثاها للنفس فيقسم الشقص الثلث والثلثان ثلثه لليد وثلثاه يجعل
في مقابلة النفس فإذا كان القطع عمدا والقتل خطأ فلا يأخذ ثلثي القتل إلا إذا دفع دية النفس كاملة ولا
يأخذ ثلث القطع إلا إذا دفع ثلث قيمة الشقص ستة وثلثين، ولو كان القطع خطأ والقتل عمدا فلا يأخذ
ثلثي الشقص اللذين في مقابلة النفس إلا إذا دفع ثلثي قيمة الشقص ثلاثة عشر دينارا أو ثلث دينار ولا
يأخذ الثلث الذي في مقابلة القطع إلا إذا دفع خمسمائة دينار.
باب الحوالة
قوله: (شرط صحة الحوالة) هي مأخوذة من التحول والأكثر على أنها رخصة مستثناة من بيع
الدين بالدين كما قاله عياض ا ه‍ بن. قوله: (بمثله) متعلق بنقل وكذا قوله إلى أخرى أي نقل الدين
من ذمة لأخرى بسبب وجود مثله في الأخرى. قوله: (تبرأ بها) الأولى تبرأ به أي بالنقل ولعله أنث
الضمير نظرا للمعنى لان النقل المذكور حوالة. قوله: (لا المحال عليه) أي فلا يشترط رضاه على المشهور
بل هي صحيحة رضي أو لم يرض إلا إذا كان بينه وبين المحال عداوة سابقة على وقت الحوالة فلا تصح
الحوالة حينئذ على المشهور، وهو قول مالك فإن حدثت العداوة بعد الحوالة منع الحال من اقتضاء
الدين من المحال عليه ووكل من يقتضيه منه لئلا يبالغ في إيذائه بعنف مطالبته. قوله: (على أحد
القولين المرجحين) فيه نظر بل الراجح اشتراط الحضور وأما عدم اشتراطه فقد انفرد بتشهيره ابن
سلمون وهو متعقب بما نقله ح من اقتصار الشيوخ على اشتراطه ا ه‍ بن. لكن في البدر القرافي
خلافه من ترجيح عدم الاشتراط. والحاصل أن الموثقين من الأندلس اختلفوا هل يشترط في
صحة الحوالة حضوره وإقراره بما عليه من الدين أو لا يشترط ذلك، وكل من القولين قد رجح كما علمت
والقول الأول مبني على أن الحوالة من قبيل بيع الدين فيشترط فيها شروطه غاية الأمر أنه رخص فيها
في جواز بيعه بدين آخر. والقول الثاني مبني على أنها أصل مستقل بنفسه فلا يسلك بها مسلك بيع الدين
من اشتراط الحضور والاقرار. قوله: (والثاني يشترط) إنما اشترط حضوره على هذا القول وإقراره
وإن كان رضاه لا يعتبر لاحتمال أن يبدي مطعنا في البينة إذا حضر أو يثبت براءته من الدين ببينة على الدفع
أو على إقراره به. قوله: (وثبوت دين) قال ابن عاشر المراد بثبوت الدين وجوده لا خصوص الثبوت
العرفي ببينة أو إقرار وحينئذ فيكفي في ثبوته تصديق المحال بثبوته كما يأتي آخر الباب. قوله: (وكذا
للمحال على المحيل) أي وكذا يشترط ثبوت دين للمحال على المحيل. قوله: (وكالة) أي للمحال بتخليص
الحق من المحال عليه. قوله: (وإذا لم يكن دين في الصورة الأولى) الأولى وإذا لم يكن دين للمحيل على

325
المحال عليه. قوله: (كانت حمالة) أي وعليه لو أعدم المحال عليه لرجع المحال على المحيل إلا أن يعلم المحال أنه
لا شئ للمحيل على المحال عليه ويشترط براءته من الدين فلا رجوع له على المحيل ولو فلس المحال
عليه وإن كان ذلك حمالة لأنه قد ترك حقه حيث رضي بالتحول على هذا الوجه. قوله: (واحترز بقوله
لازم عن دين الخ) قال بن فيه نظر لان هذا خارج بشرط ثبوت الدين لأنه لا دين هنا تأمل وفيه أن
الدين من حيث هو ثابت ثم النظر لولي الصغير والسفيه إن رآهما صرفاه فيما لهما غني عنه رده وإلا ضمنا
بقدر ما صونا به مالهما، فصح ثبوت الدين في الجملة قبل تبين شئ لكنه غير مجزوم بلزومه، فلا تصح
الحوالة إذ ذاك، وأما العبد فثبوت دينه ظاهر وإنما يسقطه اسقاط السيد بدليل أنه لو عتق قبل
الاسقاط لزمه صح ما قاله الشارح. قوله: (فلا تصح الإحالة عليهم) أي لعدم لزوم ذلك الدين لان
لولي الصغير والسفيه وسيد الرقيق طرح الدين عنهم وإسقاطه. قوله: (ثمن سلعة مبيعة بالخيار)
أي وكذا دين الكتابة فإنه غير لازم لان المكاتب إذا عجز عنه لا يتبع به فلا يصح أن يحيل السيد
أجنبيا على المكاتب كما في التوضيح عن التونسي. قوله: (فإن أعلمه بعدمه وشرط البراءة صح التحول)
ظاهره صحة التحول وإن لم يرض المحال عليه وهو كذلك لكن إن رضي المحال عليه لزمه وإلا فلا ا ه‍ بن.
وفهم من قوله وشرط البراءة أن له الرجوع إن لم يشترطها ولا بد في صحة التحول حينئذ من رضا
المحال عليه لأنها حمالة ولا يطالب إلا في حال عدم الغريم أو غيبته بخلاف ما إذا شرط البراءة فلا
يشترط رضا المحال عليه لان المحال رضي بإسقاط دينه ا ه‍ خش. قوله: (وكذا إن علم الخ) أي وكذا إن علم
المحال بأنه لا دين للمحيل على المحال عليه من غير المحيل كما في المدونة وظاهرها الاطلاق أي سواء
علم المحيل بعلمه بذلك حين الحوالة أو لم يعلم به. قوله: (ورضي المحال) حال من الضمير في قول المصنف
وإن أعلمه. قوله: (وهل محل الخ) يعني أن المحيل إذا أعلم المحال بعدم الدين على المحال عليه وشرط البراءة
وأنه لا رجوع للمحال بعد ذلك عليه صح التحول وهل لا رجوع له بعد ذلك عليه مطلقا سواء فلس
المحال عليه أو مات أولا، وهو ظاهر قول ابن القاسم ورواية أشهب عن مالك من رجوع المحال على
المحيل في هذه الصورة إذا فلس المحال عليه أو مات خلاف لا تقييد وعليه تأولها ابن رشد وسحنون أو
محل ذلك ما لم يفلس المحال عليه أو يموت، وإلا فللمحتال أن يرجع على المحيل بدينه وحينئذ فرواية
أشهب تقييد وعلى هذا تأولها ابن المواز ا ه‍. قال خش ولو رضي المحال عليه بالحوالة ودفع فالظاهر أنه
لا رجوع له على المحيل به لأنه متبرع وفي عبق عن الشيخ أحمد الزرقاني ينبغي أن يكون له الرجوع
لان اشتراط البراءة إنما هو بالنسبة للمحال ولان رضاه بالدفع صيره بمنزلة الحميل وهو يرجع إذا غرم. وقال
شيخنا العدوي الذي ينبغي أنه إن قامت قرينة على تبرع الحال عليه فلا رجوع له بما دفعه وإلا كان له
الرجوع. قوله: (وصيغتها) عطف على قوله رضا المحيل وفي كلام المصنف مسامحة لان الصيغة ركن
لا شرط لكن الفقهاء قد يتسمحون فيطلقون الشرط على الركن. قوله: (ما دل الخ) ظاهره كانت الدلالة
بطريق الصراحة أولا وقوله في ذمة المحيل أي الكائن في ذمة المحيل وقوله بمثله متعلق بترك
أي بسبب وجود مثله الكائن ذلك المثل في ذمة المحال عليه. قوله: (خلافا لظاهر المصنف) فيه أن
ظاهر المصنف لا يقتضي انحصار صيغتها في اللفظ المشتق من الحوالة إلا أن يقال أن هذا ظاهره

326
بمعونة ما ذكره في الهبة حيث قال فيها بصيغة أو مفهمها فأراد بالصيغة ما كان مشتقا من لفظ الهبة
بقرينة قوله أو مفهمها فلما اقتصر هنا على قوله وصيغتها، ولم يقل ومفهمها علم أن مراده بصيغتها ما كان
مشتقا من لفظ الحوالة فتأمل. تنبيه: تكفي الإشارة الدالة على الحوالة من الأخرس لا من
الناطق خلافا لما يوهمه كلام ابن عرفة من كفايتها مطلقا في تعريفه الصيغة كذا قرر شيخنا. قوله: (أدى
إلى تعمير ذمة) أي ذمة المحال عليه وقوله بذمة أي بدين ذمة أخرى وهي ذمة المحيل إذ الذمة لا تتعمر
بذمة أخرى، واعترض بأن هذا التعليل موجود في حالة الحلول وقوله فيؤدي إلى بيع الدين أي المحال
به وقوله بالدين أي المحال عليه. وقوله والذهب بالذهب أي ويؤدي إلى بيع الذهب بالذهب الخ وفيه
أن هذا التعليل موجود في حالة الحلول فالأحسن أن يقال إنما اشترط حلول الدين المحال به لان
الأصل في الحوالة المنع لكن رخص فيها عند حلول المال به والرخصة لا تتعدى موردها. قوله: (إلا
أن يكون المحال عليه حالا) هذا استثناء من مفهوم قول المصنف وحلول المحال به أي فإن كان الدين
المحال به غير حال فلا تجوز إلا أن يكون المحال عليه حالا وإلا فلا يمنع كما نقله المواق عن ابن رشد. قال
طفي فإن خرجت عن محل الرخصة بعدم حلول الدين المحال به فأجرها على القواعد فإن أدت لممنوع
فامنع وإلا فأجز كما قال ابن رشد. والحاصل أن الشرط في جوازها أما حلول الدين المحال به أو المحال
عليه أو هما لعدم وجود ما يقتضي المنع وأما إذا كانا معا غير حالين فالمنع لبيع الدين بالدين. قوله: (وإن
كتابة) أي هذا إذا كان الدين المحال به غير كتابة بل وإن كان كتابة إن قلت: قد تقدم أول الباب
أنه لا بد في الحوالة أن يكون الدين الذي على المحال عليه لازما ومقتضاه أنه لا تجوز الحوالة على
الكتابة لأنها غير لازمة ومفاد ما هنا الجواز قلت: لا نسلم ذلك لان ما هنا أحال المكاتب سيده
بالكتابة على أجنبي مدين له وما تقدم أحال السيد أجنبيا على المكاتب فالكتابة هنا
محال بها وما مر محال عليها تأمل. والحاصل أن الكتابة تصح الحوالة بها ويمتنع الحوالة عليها ولو كانت حالة كما في
التوضيح عن التونسي خلافا لما في عبق من الجواز تبعا لتت وقد رده طفي فانظره. تنبيه: قال
في التوضيح وأما الكتابة المحال بها فاشترط ابن القاسم في المدونة حلولها قال وإلا فهي بيع دين
بدين وقال غيره فيها لا تجوز إلا أن يعتق مكانه لان ما على الكاتب ليس دينا ثابتا، فإذا أعتقه على أن
عليه ذلك المال صار لازما له، فقد اشترط ابن القاسم الحلول لما مر من أن شرط الدين المحال به الحلول
ورأي غيره أن ذلك ليس دينا ثابتا كالديون واختار سحنون وابن يونس وغيرهما قول ذلك الغير ا ه‍.
وإذا علمت هذا تعلم أن قول الشارح أو عجل السيد عتقه أو لحكاية الخلاف انظر بن وجعل شب
تعجيل السيد العتق حلولا للكتابة حكما. قوله: (لأنه ربا في الأكثر) هذا التعليل لا يتم إذا كان الدين
المحال به من بيع إذ يجوز قضاؤه بأزيد عددا فالأولى في التعليل أن يقال لأنه بيع دين بدين في غير
مورد الرخصة فتأمل. قوله: (ومنفعة في التحول إلى الأقل) لان المحال أخذ أقل من حقه وانتفع المحيل
بباقيه. قوله: (فتخرج عن المعروف) أي الذي هو الأصل في الحوالة إذ من فعل معروفا لا يراعي منفعة.
قوله: (تساوي ما عليه) أي ما على المحيل لماله أي على المحال عليه. قوله: (من عشرة على مدينه)
أي كائنة تلك العشرة على مدينه. قوله: (من عشرة عليه) أي على خمسة كائنة على غريمه. قوله: (وفي تحوله
على الأدنى الخ) هذا مقابل لمحذوف والأصل فلا تجوز الحوالة اتفاقا على الأكثر وفي تحوله بالأعلى
على الأدنى تردد وأشار بالتردد لقول ابن رشد بالمنع كما تقدم ولقول اللخمي والمازري والمتيطي
بالجواز. قوله: (فمراده الخ) أي أن الأدنى شأنه أن يستعمل في الأوصاف بخلاف القلة فإنها تكون

327
في الذوات والمصنف أراد بالأدنى ما يشمل الأقل فلا يقال كان الأولى أن يقول وفي تحوله على الأدنى
والأقل تردد. قوله: (وشمل كلامه) أي منطوق قوله وأن لا يكونا طعاما من بيع فإنه شامل لما إذا كانا
غير طعامين من بيع أو من قرض ولما إذا كانا طعامين من قرض ولما إذا كانا طعامين أحدهما من بيع
والآخر من قرض ففي الصور الثلاثة الأول يكفي في صحة الحوالة فيها حلول المحال به بلا نزاع. وأما في
الصورة الرابعة ففيها الخلاف الذي ذكره الشارح. قوله: (فتجوز إذا حل الخ) أي فتجوز الحوالة في هذه
الصورة إذا حل المحال به فقط ابن عاشر علة المنع السابقة وهي بيع الطعام قبل قبضه موجودة هنا
فانظر ما وجه الجواز ا ه‍ قلت وجهه إن قضاء القرض بطعام البيع جائز وقد تقدم في كلام المصنف
وقضاؤه عن قرض ا ه‍ بن. قوله: (فقط) أي سواء حل المحال عليه أيضا أم لا. قوله: (الصقلي) المراد به
ابن يونس. قوله: (وقال بعضهم الخ) هذه العبارة لشيخنا في حاشية خش نقلا عن شب. قوله: (الشروط
الستة) لعل الأولى السبعة. قوله: (لا كشفه الخ) لان الحوالة معروف فاغتفر فيها الغرر بخلاف
بيع الدين فإنه يشترط فيه العلم بحال ذمة المدين وإلا كان غررا المازري شرط بيع الدين علم حال
ذمة المدين، وإلا كان غررا بخلاف الحوالة لأنها معروف فاغتفر فيها الغرر ونحو هذا لابن يونس
واللخمي انظر المواق ا ه‍ بن. قوله: (وإن أفلس أو جحد) ابن عرفة سمع سحنون المغيرة أن شرط
المحال على المحيل إن أفلس المحال عليه رجع على المحيل فله شرطه ونقله الباجي كأنه المذهب وقال
ابن رشد هذا صحيح لا أعلم فيه خلافا ا ه‍ ابن عرفة وفيه نظر لان شرطه هذا مناقض لعقد الحوالة
وأصل المذهب في الشرط المناقض للعقد أنه يفسده تأمل ا ه‍ بن. قوله: (ولا بينة) أي والحال أن المحال
لم يصدق المحيل على ثبوت الدين فلو صدقه صحت لان تصديق المحال بالدين يكفي في ثبوته انظر بن.
قوله: (حين الحوالة) أي قبلها. قوله: (بل يتحول الحق معه) أي حيث كان المحال حين الحوالة
عالما بإفلاسه. قوله: (لأنه غره) استفيد من كلام الشارح أن المحال إذا علم بإفلاس المحال عليه علم بذلك
المحيل أيضا أو لا فإنه لا رجوع له على المحيل وإن انفرد المحيل بالعلم بذلك للمحال الرجوع عليه لأنه
غره، فإن شك المحال في إفلاس المحال عليه مع علم المحيل بذلك ففي ابن عرفة والتوضيح والشامل أن
للمحال الرجوع على المحيل. قوله: (والظاهر أن الظن القوي) أي ظن المحيل حين الحوالة بإفلاس المحال
عليه كعلمه بذلك وحينئذ فيرجع عليه المحال. قوله: (أو عدمه) أي وإن لم يكن مفلسا ولو عبر المصنف
بعدمه بدل إفلاسه كان أخصر وأحسن فيكون إفلاسه أولى بل كلامه يوهم أن العلم بالفقر ليس
كالعلم بالافلاس وليس كذلك. قوله: (إن كان مثله يظن به ذلك) أي يتهم بالعلم بفلسه ويؤخذ من قول
الشارح إن كان مثله الخ أن هذه اليمين تهمة فلا ترد على المحال بل يرجع المحال على المحيل بمجرد
نكوله. قوله: (فلو أحال بائع) مفهومه أنه لو أحال مشتر بالثمن الذي عليه البائع على غريم له ثم حصل رد

328
بعيب أو بفساد أو حصل استحقاق قبل قبض المحال للثمن فينبغي الجزم ببطلان الحوالة لبطلان حق
المحال بالاستحقاق وما معه وما في خش من الجزم بعدم البطلان وصحة الحوالة فهو غير ظاهر
انظر بن، ولو وهب البائع في مسألة المصنف الثمن أو تصدق به على شخص ثم أحاله على المشتري
ثم ردت السلعة بعيب أو استحقت أو ردت لفساد، ففي التوضيح أن المعروف من قول ابن القاسم
أن الهبة تبطل إذا لم يقبضها الموهوب له فإن قبضها لم يتبع بها لا الموهوب له ولا الواهب ويضيع ذلك
على المشتري ا ه‍. ويظهر من كلامه أن هذا هو الراجح من الأقوال الخمسة التي ذكرها في المسألة وأما
ما في عبق من بطلان الحوالة فإن قبض الموهوب له أخذه منه المشتري فهو قول أشهب انظر بن.
قوله: (ثم رد المبيع بعيب أو استحق) أي قبل أن يقبض المحال الثمن من المشتري. قوله: (لأنها
معروف) أي ولان الدين لازم للمشتري حين الحوالة. قوله: (واختير خلافه) أي واختير القول
المخالف له وهو القول بفسخ الحوالة على المصنف من حيث التعبير بمادة الاختيار وصيغة
الفعل المقتضى ذلك أنه للخمي من عند نفسه، مع أن هذا القول الثاني القائل بفسخ الحوالة لأشهب.
والذي اختاره ابن المواز وقال إنه قول أصحاب الإمام كلهم وليس للخمي اختيار متعلق به فما ذكره
المصنف غير جار على قاعدته من وجهين تعبيره بالاختيار وكونه بلفظ الفعل فكان الأولى للمصنف
أن يقول والأصح خلافه ليكون جاريا على اصطلاحه انظر ح ا ه‍ بن. ويعترض على المصنف أيضا
من جهة تصديره بقول ابن القاسم مع أن الثاني هو المعتمد قاله شيخنا العدوي، ومحل الخلاف
الواقع بين ابن القاسم وأشهب في أن الحوالة المذكورة تفسخ أو لا تفسخ حيث كانا لبائع يظن ملكه
لما باع في الاستحقاق وإلا فسخت اتفاقا ومحله أيضا في الرد بالفساد إذا لم يعلم به المشتري وإلا لم تبطل
اتفاقا، وهل يدفع المحال عليه للمحال الثمن الذي اشترى به شراء فاسدا أو يدفع له القيمة قولان
الأول لابن القاسم والثاني لأشهب ذكر ذلك في شرح الشامل. قوله: (إن ادعى عليه نفي الدين للمحال
عليه) اللام بمعنى على متعلقة بالدين أو بمعنى عن متعلقة بنفي. وحاصله أنه إذا تنازع المحيل والمحال
بعد موت المحال عليه أو غيبته غيبة انقطاع فقال المحال أحلتني على غير دين فأنا أرجع عليك بديني، وقال
المحيل بل أحلتك على دين لي في ذمة المحال عليه وقد برئت ذمتي فلا رجوع لك علي فالقول قول
المحيل بيمين ولا يصدق المحال في دعواه. قوله: (لا يقبل قوله) أي المحيل يعني أن الحوالة إذا صدرت
بينهما بصيغتهما فلما قبض المحتال القدر الذي احتال به قال له المحيل إنما أحلتك لتقبضه لي على سبيل
الوكالة أو على سبيل أنه سلف مني لك ترد بدله وقال المحتال إنما قبضته من الدين الذي لي عليك، فإن
القول في ذلك قول المحتال بيمينه تغليبا لجانب الحوالة إن أشبه أن مثله يداين المحيل وإلا كان القول
قول المحيل بيمينه. قوله: (وهذا قول عبد الملك) اعلم أن ابن الحاجب قال ولا يقبل قول المحيل في دعواه
وكالة أو سلفا على الأصح أي في كل من الوكالة والسلف فقال في التوضيح أراد بالأصح قول ابن
الماجشون في المبسوط في مسألة الوكالة وما خرجه اللخمي عليه في مسألة السلف وغير الأصح قول
ابن القاسم في العتبية في السلف وما خرج عليه في مسألة الوكالة فكل مسألة فيها قول منصوص ومخرج
عليه قول آخر في الأخرى ا ه‍. وبتصحيح ابن الحاجب للقول المخرج في السلف يندفع قول
شارحنا تبعا لعبق وكان ينبغي للمصنف الجري عليه أي على قول ابن القاسم في السلف لأجل أن يكون
جاريا على المنصوص في المسألتين انظر بن. باب الضمان
قوله: (جنس) أي شامل للمعرف وللبيع والحوالة لان في البيع شغل ذمة المشتري بالحق وفي الحوالة شغل
لذمة المحال عليه بحق المحال. قوله: (والحوالة) أي لان المراد بقوله شغل ذمة أخرى أي كما أن الأولى مشغولة

329
أيضا والحوالة ليست الذمة الأولى فيها مشغولة لأنها برئت. قوله: (من إضافة المصدر) هذا دفع لما
أورده بعضهم من أن قول المصنف شغل ذمة الخ هذا مباين للمحدود وحينئذ فليس التعريف جامعا
ولا مانعا لأن الضمان سبب في الشغل والشغل مسبب عنه لا نفسه كما أن الملك مسبب عن البيع لا نفسه،
وسلمه ابن غازي و ح وأجاب ابن عاشر بأنا لا نسلم أن الضمان سبب في شغل الذمة بل هو عينه لان
شغل الذمة مصدر شغل الشخص ذمته فاشتغلت فشغل الذمة فعل للشخص لأنه متعد واشتغالها
مسبب عنه وشغلها هو الضمان فقوله شغل ذمة مصدر مضاف للمفعول بمعنى أن الشخص شغل ذمته
بالحق أي ألزمها إياه فهو فعل مكتسب له والذي ليس فعلا للشخص إنما هو اشتغال الذمة والكلام
في شغلها لا في اشتغالها اللازم انظر بن. قوله: (فيشمل الواحد) أي إذ كان الضامن واحدا وقوله
والمتعدد أي إذا تعدد الحملاء. قوله: (بلا توقف على شئ) أي كما في ضمان المال وقوله أو بعد التوقف الخ
أي كما في ضمان الوجه والطلب وكان الأوضح أن يقول وقوله شغل ذمة الخ أعم من أن يكون
الشغل غير متوقف على شئ أو كان متوقفا على شئ. قوله: (فقد اشتمل الخ) أي وحينئذ فيندفع
الاعتراض عليه بأن التعريف غير جامع لخروج ضمان الوجه والطلب. قوله: (فخرج الخ) أي وحينئذ
فلا يعترض على التعريف بأنه غير مانع. قوله: (ولو فيما الخ) أي ولو كان عدم الحجر عليه بالنسبة لما ضمن
فيه وإن كان محجورا عليه بالنسبة لغيره فهو مبالغة في قوله لا حجر عليه. قوله: (كالواقع من سفيه أو
مجنون أو صبي) أي فهو فاسد يجب رده وليس للولي إجازته وسواء كان الصبي مميزا أم لا خلافا لتقييد
عج له بغير المميز. قوله: (في زائد الثلث) أي فإنه وإن كان صحيحا لكنه غير لازم إذ للزوج رد الجميع
وله إجازة الجميع وللورثة رد ما زاد على الثلث ولهم إجازة الجميع. قوله: (بغير إذن سيده) أي فإن للسيد
إجازته وله رده. قوله: (ومثل لأهل التبرع بقوله كمكاتب ومأذون الخ) فيه أن الحكم بأنهما من أهل
التبرع وينافي توقف ذلك على الاذن لهما فيه فالمناسب جعل الكاف للتشبيه ويمكن أن يقال إنهما صارا
بعد الاذن من أهل التبرع فقوله إذن سيدهما شرط في اتصافهما بكونهما من أهل التبرع وفي بن أن
الكاف للتشبيه بالنسبة للأولين وللتمثيل بالنسبة للأخيرين فهو من استعمال المشترك في معنييه.
قوله: (لم يلزمها وإن صح) أي فللسيد رده وله إجازته وإذا أجازه اتبع به المكاتب والمأذون إن عتق وظاهر
المصنف أنه لا بد من إذن السيد ولو ضمناه وهو كذلك فإذا ضمناه بغير إذنه كان له رد ذلك الضمان ثم إن
مراد المصنف المكاتب والمأذون غير المحجور عليهما لدين بدليل جعلهما من أهل التبرع فتأمل.
قوله: (وزوجة ومريض بثلث) أي بقدر ثلث لا بأزيد فلا يلزم وظاهره لا فرق في ذلك بين ضمانها
الزوج وغيره ولا بين ضمان المريض لوارثه ولغيره ابن عرفة كفالة ذات الزوج في ثلثها وإن تكفلت
لزوجها. وفيها قال مالك: عطيتها زوجها جميع مالها جائزة وكذا كفالتها له عند الباجي بجميع مالها وفيها
إن ادعت أنه أكرهها في كفالتها فعليها البينة. قوله: (أو بما زاد عليه بيسير) قد يقال هذا مشكل مع
ما تقدم أنه إذا تبرع كل منهما بزائد عن الثلث ولو يسيرا كان للزوج أو الوارث الرد وهنا قالوا بإجازة
الضمان وعدم رده إذا حصل بزائد الثلث بيسير إلا أن يقال ما تقدم تبرع محض لا رجوع بعوضه
والضمان فيه رجوع على المضمون بما أدى عنه فتأمل ا ه‍ شيخنا. قوله: (فيتوقف على إجازة الزوج أو
الوارث) أي فإن شاء الزوج رد الجميع أو أمضى الجميع وأما الورثة فإن شاؤوا ردوا ما زاد على الثلث وإن
شاؤوا أجازوا الجميع. قوله: (بخلاف ما لو ضمنا قدر الثلث) أي فإنه لازم ولا يتوقف إمضاؤه على إجازة.

330
قوله: (ولا يباع فيه) أي ولا يباع ذو الرق في المال الذي ضمنه قبل عتقه ولو كان ضمانه بإذن سيده.
قوله: (وليس للسيد جبره عليه) أما غير من له انتزاع ماله فظاهر وأما من له انتزاع ماله فلانه قد يعتق
والضمان باقي عليه فيحصل له بذلك ضرر وظاهر المصنف أنه ليس له جبره عليه ولو كان الضمان له. قوله: (وقيده
الخ) نص كلام ح قال اللخمي للسيد أن يجبر عبده على الكفالة إذا كان بيده مال بقدرها
واختلف إذا كان فقيرا أوليس بيده مال، فقال ابن القاسم إنه لا يجبر وقال محمد أنه يجبر وكأنه المذهب
ا ه‍ بن. قوله: (وصح الضمان عن الميت المفلس) أي ولزم أيضا وإذا تحمل عن الميت المعسر عالما بعسره فأدى
عنه فإنه لا يرجع في مال يطرأ بعد ذلك لان تحمله معروف وتبرع منه، وأما إن علم أن له مالا أو ظنه أو شك
فيه ثم ظهر له مال فإنه يرجع بما دفعه عنه بخلاف ما إذا أدى عن المفلس بالتشديد فإنه لا يرجع مطلقا كذا
قال عبق ونقله شيخنا العدوي. قال بن وفيه نظر بل ظاهر المدونة أن له الرجوع إن علم أن له مالا ولا
فرق بين المفلس بالتشديد والتخفيف انظر لفظها في ح. قوله: (بمعنى الحمل عنه) أي لا حقيقة
الضمان الذي هو شغل ذمة أخرى بالحق لان ذمة الميت قد خربت. قوله: (إذ منعه أبو حنيفة) أي
لأنه لا يرجى له مال يوفي منه ما عليه. قوله: (وأما الحي) أي موسرا أو معسرا. قوله: (فلا خلاف
في صحة الضمان عنه) أي ويأخذ الضامن من ما أداه عن الميت من تركته إن كان الميت موسرا ويرجع
الضامن بما أداه عن الحي عليه والقول قول الضامن للحي والميت الموسر أنه لم يدفع محتسبا إلا
لقرينة ا ه‍ خش. قوله: (وكذا ضمان المفلس) أي فإذا قام الغرماء على شخص وحكم الحاكم بتفليسه
أي خلع ماله للغرماء وضمنه شخص فإن المال الذي حكم الحاكم بخلعه للغرماء يتحاصون فيه وما بقي لهم
يدفعه ذلك الضامن عنه ولا يرجع عليه بما أداه عنه مطلقا أي سواء علم أن له مالا أو ظنه أو علم أنه لا مال
له وطرأ له مال، وهذا بخلاف من تحمل ما على الميت المعسر ودفعه عنه فإنه يرجع بما أداه كما مر إن علم
أن له مالا أو شك في ذلك أو ظنه ثم تبين له مال وأما إن علم أنه لا مال له فلا رجوع له إن طرأ له مال
لحمله على التبرع، كذا قرر شيخنا العدوي ومثله في عبق وقد علمت أن النقل خلافه. قوله: (ولو تسلسل)
أي ولا استحالة في ذلك لأنه تسلسل في المستقبل والتسلسل إنما يكون محالا إذا كان في الماضي. قوله: (ويلزمه)
أي ضامن الضامن ما يلزم الضامن الأصلي أي وهو الضامن للمدين أو المراد أنه يلزمه
ما يلزمه في الجملة لاحتمال أن يكون الأول بالمال والثاني بالوجه تأمل. قوله: (وظاهره يشمل الخ) أي
وهو كذلك من حيث الصحة وإن كانت مختلفة من حيث الرجوع فإن كانا معا بالمال بدئ بالغريم
إن كان حاضرا مليئا وإلا فالضامن من الأول إن كان كذلك، وإلا فالثاني وإن كانا معا بالوجه بدئ
بالغريم إن كان حاضرا فإن غاب كلف الأول بإحضاره، فإن غاب الأول أيضا كلف الثاني بإحضار
أحدهما فيبرأ بذلك، فإن غاب الجميع أخذ من مال الغريم ثم من مال الكفيل الأول ثم الثاني كذا
في شب، فإن كان الأول بالوجه وضمنه الثاني بالمال فمعناه أنه إن ترتب على الأول المال لعدم
إحضار المضمون غرمه الثاني عنه ويبرأ أيضا بإحضار المضمون الأول لأنه يبرأ بما يبرأ به الضامن
الأول. قوله: (حالا) أي على الحلول على الضامن. وحاصله أن من له دين على شخص مؤجلا فأسقط
من عليه الدين حقه من التأجيل وضمنه شخص على الحلول خوف المماطلة مثلا فإن هذا الضمان صحيح
ولازم بشرط أن يكون هذا الدين مما يعجل. واعلم أن مثل ضمان المؤجل على الحلول في الجواز بقيده
ضمان المؤجل لدون الاجل فإن ضمنه للأجل نفسه فجائز من غير شرط ولأبعد ممتنع كما في المدونة لأنه
سلف جر منفعة، فالصور أربع والتقييد بكون الدين مما يعجل ذكره ابن يونس واعترضه ابن
عبد السلام كما في التوضيح ونصه وليس ببين فإن رب الدين ما أخذ زيادة في نفس الحق ولا منفصلة

331
ينتفع بها وإنما توثق وتعقبه بعض الشيوخ بمخالفته للنقل ا ه‍ بن. قوله: (توثقا) مفعول لقوله وأزيدك
أي أنه وإن كان حالا لكن من الجائز أن يماطله أو يأبق بالدين فالضمان زيادة توثق. قوله: (إذ هو الخ)
جواب عما يقال إن حط الضمان وأزيدك موجود في العرض والطعام من المرض أيضا فمقتضاه المنع.
وحاصل الجواب إن حط الضمان وأزيدك إنما يؤثر المنع في البيع لا في القرض لان الاجل في القرض من
حق المقترض إن شاء عجل أو أبقى للأجل فلا يقال عند التعجيل أنه طلب من المقرض حط الضمان
عن نفسه بخلاف البيع فإن الحق في الدين إذا كان طعاما أو عرضا منهما كما مر فإذا عجل المسلم إليه شيئا
منهما قيل أنه طلب من المسلم حط الضمان عن نفسه. قوله: (بشرطين) أي على البدل ولو قال بأحد أمرين
كان أوضح. قوله: (إن أيسر غريمه) أي إن كان الغريم الذي عليه الدين موسرا هذا إذا كان يساره بالدين
من قبل الاجل بل ولو كان اليسار إنما حصل له أول الاجل فقط أي حين الضمان. قوله: (للسلامة من
سلف جر نفعا) أي لان رب الدين قادر على أخذه الآن فكأنه ابتدأ سلفا بضامن وهو بيسره من أول
الاجل لم يحصل نفع بالضمان وإن حصل سلف بالتأخير لان من أجل ما عجل أو عكسه يعد مسلفا. قوله: (أو لم
يوسر في الاجل) أي أو يكون من عليه الدين معسرا والعادة أنه لم يوسر في الاجل الذي ضمن
الضامن إليه بل يمضي ذلك الاجل عليه وهو معسر. قوله: (فإن لم يعسر) أي فإن كانت العادة أنه لا يستمر
إعساره لآخر الاجل. قوله: (بل أيسر في أثنائه) أي بل كانت العادة حصول اليسار له في أثنائه. قوله: (يعد
فيه صاحب الحق مسلفا) أي وقد انتفع بتوثقه بالضامن فإن قلت: ما الفرق بين الموسر حال العقد
فيجوز ضمانه وبين من يكون موسرا في أثناء الاجل فيمنع ضمانه قلت: أجاب البساطي بظهور المعروف
في الموسر حال العقد لقدرة رب الدين على أن يستوفي دينه منه حالا فتأخيره محض معروف منه
وظهور قصد الانتفاع في المعسر أولا لانتفاع رب الدين بالضامن زمن الاعسار. قوله: (وأجازه أشهب)
أي أجاز ضمانه أشهب في صورة ما إذا كانت العادة حصول اليسار له في أثناء الاجل. قوله: (لان الأصل
استصحاب عسره) أي ويسره قد لا يحصل. قوله: (بالموسر به الخ) أشار الشارح إلى أنه من باب الحذف
والايصال وهل هو سماعي أو قياسي قولان ذكرهما في الارتشاف ورجح منهما الأول وليس مراده
الإشارة إلى أن في كلام المصنف حذف نائب الفاعل لأنه لا يجوز حذفه. وحاصل كلام المصنف أنه لو
كان لزيد عند شخص مائتا دينار حالة وهو موسر بمائة منهما ومعسر بالمائة الأخرى وضمنه شخص
بالمائة الموسر بها مؤجلة بأن قال ضمان المائة التي يقدر بها على إلى شهر، فيجوز ذلك بشرط أن يكون موسرا
بها وقت الضمان ويجوز أن يضمنه بالمعسر بها إلى شهر مثلا إن كانت العادة إعساره بها جميع الاجل، ولا
يجوز أن يضمنه بهما ولو وجد شرط الضمان في كل منهما لوجود السلف في تأجيل الموسر بها والانتفاع
بالضمان في المعسر بها وضمانه ببعض الموسر بها فقط لأجل كضمانه بكلها في الجواز بشرطه وكذا ضمانه
ببعض المعسر بها فقط لأجل كضمانه بها كلها لأجل في الجواز بشرطه ومثل ضمان الجميع في المنع ما إذا
ضمن البعض من كل. قوله: (لا بالجميع) قال عج: محل منع ضمانه للجميع إذا حصل التأجيل
للمالين وضمنها معا أما إذا لم يحصل تأجيل بل ضمان فقط أو حصل التأجيل في المعسر به فقط
فإنه يجوز ضمانهما معا. قوله: (فليست هذه الصورة كضمان المعسر به فقط) أي لجواز

332
الضمان في الثانية دون الأولى. قوله: (للركن الثاني) أي وأما الأول فهو الضامن وقد تقدم الكلام
عليه في قوله وصح من أهل التبرع. قوله: (بدين) الباء بمعنى في أي صح الضمان من أهل التبرع في دين
لا في معين كما إذا استعار سلعة أو أخذ منه وديعة أو مال قراض أو شركة وأتى له بحميل على أنها إن تلفت
أخذ ذاتها من الحميل لاستحالته، فإن ضمن الحميل ما يترتب على ذلك الاخذ بسبب تعد أو تفريط من
القيمة صح الضمان ولزم وهو الذي يقصده الناس كما يقع في الأسواق من ضمان بعض الدلالين لبعض
على أن المضمون إن هرب ولم يأت به كان على الضامن قيمة ما هرب به فهذا صحيح وإن كان ضمانا في
الأمانات صورة. قوله: (كبائع) أي في الوزن لا في أن في كل همزتين إذ الهمزة في بائع وبائس واحدة
فقط. قوله: (عاد رقيقا) أي وزال القدر المجعول عليه في ذمته. قوله: (إلا أن يعجل الخ) أي كما لو كاتبه بمائة
ثم قال له أنت حر وعليك نجوم الكتابة فأتى له بحميل ضمنه بها فذلك الضمان جائز. قوله: (أو يشترط) أي
الضامن على السيد عتقه إن عجز، كأن يقول انسان أنا أضمنه في الكتابة بشرط أن يعجل السيد عتقه
إذا عجز وزاد في الشامل صورة ثالثة وهي ما إذا كانت الكتابة نجما واحدا وقال الضامن هو علي إن
عجز وإنما صح الضمان في هذه الصورة وإن كان النجم غير لازم لقرب الحرية. قوله: (ولو قبل الشروع في
العمل) أي هذا إذا كان ضمان المجاعل بالكسر في الأجرة بعد شروع العامل في العمل بل ولو كان قبل
شروعه فيه لان الجعل وإن كان غير لازم قبل الشروع لكنه آئل إلى اللزوم ولذا جعله المصنف مثالا
للآئل. قوله: (وضمن القائل أجنبي) أي خوفا من مماطلة ذلك القائل أو من عدمه. قوله: (فإن جاء المجاعل به)
أي بالعبد. قوله: (وكقول قائل لآخر داين فلانا) أي وكقول قائل لآخر خدم فلانا عندك وضمان
ما أخذه مني أي وكقول قائل لأهل سوق اجعلوا فلانا عندكم سمسارا وكل ما أخذه يسمسر عليه ضمانه
مني. قوله: (وأنا ضامن) أي لما تداينه أو لوجهه ولا بد في كونه ضامنا من ذكر قوله وأنا ضامن وإلا كان
غررا قوليا لا يلزم به شئ فإذا قال داين فلانا أو بع له أو عامله ولا يكن في نفسك شئ من جهة الثمن
فإنه ثقة مأمون ولم يقل أنا ضامن له فلا يلزم ذلك القائل شئ إذا هرب ذلك المشتري أو مات أو فلس. قوله: (ولزم
فيما ثبت) أي أنه داينه فيه أو عامله فيه أو باعه له. قوله: (فيما ثبت) أي ببينة وكذا بإقرار إن كان المقر
مليا أو كان معدما على أحد قولين والآخر لا يكون ضامنا. قوله: (أن يعامل به فقط) أي فإذا قال عامل
فلانا وضمانه مني وشأن فلان أن يعامل في ثلاثة فعامله في عشرة فلا يضمن ذلك القائل الزائد على الثلاثة.
قوله: (تأويلان) الأول لابن يونس وابن رشد المازري وهو الأظهر، والثاني نسبه ابن عبد السلام لغير
من ذكر وأنكره ابن عرفة فلو قال المصنف ولزم فيما ثبت وقيد بما يعامل به واقتصر على ذلك كان أحسن
ا ه‍ بن. قوله: (وله الرجوع) أي سواء قيد بأن قال داينه أو عامله بمائة أو أطلق أي اتفاقا في الأخير وعلى
الراجح في الأول، فلو رجع الضامن ولم يعلم المضمون له برجوعه حتى عامله فهل لا يلزم الضامن ما تداين
وهو ظاهر المصنف أو يلزمه وهو ظاهر المدونة والظاهر اللزوم فلا بد في عدم اللزوم من علم المضمون
له بالرجوع ا ه‍ شيخنا عدوي. قوله: (فإن عامله في البعض) أي قبل رجوع الضامن ثم رجع بعد تلك
المعاملة كما لو قال داين فلانا في مائة وأنا ضامن لها فدفع له خمسين وقال الضامن رجعت عن الضمان
فلا يكون ضامنا إلا للخمسين التي قبضها وأما التي لم يقبضها فلا يضمنها إن لو دفعها له رب المال بعد
الرجوع. قوله: (أي قبل تمامها) أي فهو صادق بما إذا كان قبل حصولها أو بعد حصول بعضها.

333
قوله: (لتنزله منزلة الخ) أي والمدعى عليه إذا قال للمدعي احلف وأنا غارم لك فلا رجوع له بعد ذلك
ولزمه الحق بخلاف من قال عامله وأنا ضامن فإنه بمنزلة قول المعامل نفسه عاملني وأنا أعطيك حميلا
فلما كان لهذا أن يرجع لأنه لم يدخله في شئ كان لمن قال عامله أن يرجع. قوله: (فإن حلف) أي بالله
أنه ليس عليه حق للمدعي وقوله: فلا رجوع للضامن بشئ أي لا على المدعى عليه ولا على المدعي الذي
أدى له وقوله وإن نكل أي المدعى عليه وقوله غرم له أي للضامن أي بمجرد نكوله ولا يحلف الضامن
لعدم علمه ولا المدعي لتقدم يمينه. قوله: (شرطا في الضمان) أي في صحة الضمان. قوله: (إن أمكن الخ)
شرط في قوله وصح من أهل التبرع أي صح من أهل التبرع إن أمكن عقلا وشرعا استيفاء الحق من
الضامن. وحاصله أنه يشترط في صحة الضمان أن يكون المضمون فيه مما يمكن استيفاؤه من الضامن
واحترز بذلك من مثل الحدود والتعازير والقتل والجراح وما أشبه ذلك، فإنه لا يصح الضمان فيها
إذ لا يجوز استيفاء ذلك من الضامن واحترز أيضا من المعينات فإنه يستحيل عقلا استيفاءها من
الضامن. قوله: (اخراج المعينات) كاستعارتك دابة وتأتي بحميل على أنها إذا تلفت تؤخذ بذاتها من
الحميل. قوله: (فلا يصح الضمان فيها) لعدم جواز استيفائها من الضامن شرعا أو لاستحالة ذلك أي وهذه
خارجة بالشرط السابق، وهو قوله بدين لازم لأن هذه الأشياء ليست دينا لان الدين ما كان في الذمة
وهذه الأشياء لا تقبلها الذمة، واعترض على المصنف بأن مفهوم الضمان وهو شغل ذمة أخرى بالحق
لا يشمل ما احترز عنه بهذا القيد لان المعينات لا تقبلها الذمم وكذا الحدود ونحوها لتعلقها بالأبدان
وحينئذ فلا حاجة لاخراج هذه الأمور بهذا القيد وهذا الايراد يتوجه أيضا على قوله بدين وذلك
لان محترزه لا يشمله التعريف فلا حاجة لاخراجه به، وأجيب بأن الغرض إيضاح ما يقوم بالذمة
وقد قالوا إن الأصل في القيود أن تكون لبيان الواقع تأمل. قوله: (وإن جهل) أي كأن يقول الضامن
أنا ضامن لكل ما على زيد لعمرو والحال أنه لا يعلم وقت الضمان قدر ما عليه. قوله: (حال الضمان) جهله
له حال الضمان لا ينافي علمه بقدره بعد ذلك فلا يقال الحمالة فيها الرجوع وهو مستحيل بالمجهول. قوله: (أو
جهل من له حق) أشار الشارح إلى أن قوله أو من له عطف على ضمير الرفع المستتر من غير فصل وهو
قليل. قوله: (وهو المضمون له) أي كأن يقول الضامن أنا ضامن للدين الذي على زيد للناس والحال
أنه لا يعلم عين من له الدين. قوله: (أو بغير إذنه) هذا هو نص المدونة وغيرها وقال المتيطي وابن فتوح أن
بعض العلماء ذهب إلى أنه يشترط في حمالة ما على المديان أن تكون بإذنه وإلا لم يلزمه أن يدفع للحميل
ما دفعه عنه ولذا جرت عادة الموثقين بذكر رضا المدين بأن يكتبوا تحمل فلان عن فلان برضاه أو بأمره
كذا وكذا. قوله: (كأدائه الخ) أشار به لقول المدونة من أدى عن رجل دينا بغير أمره جاز إن فعله رفقا
بالمطلوب وإن أراد الضرر بطلبه واعناته لعداوة بينهما منع من ذلك وكذا إن اشترى دينا عليه لم يجز
البيع ورد إن علم ا ه‍ بن. قوله: (ويلزم رب الدين قبوله) أي ولا كلام له ولا للمدين إذا طلب أحدهما
للقضاء وأجابه فإن امتنعا معا لم يلزمهما معا فيما يظهر قاله عبق. قوله: (فيرد ما أداه لرب الدين) أي إن لم
يفت فإن فات بيد رب الدين رد مثله إن كان مثليا وقيمته إن كان مقوما. قوله: (فمثل المثلى) أي فاللازم
له رد مثل المثلى وقيمة المقوم. قوله: (بموت رب الدين) أي سواء كان غير بائع للدين كما في المسألة الأولى
أو كان بائعا له كما في الثانية. قوله: (وهل الخ) راجع لما بعد الكاف لان الخلاف إنما هو في شرائه
الدين وأما دفعه الدين فيرد قولا واحدا وذلك لأن الشراء لما كان عقد معاوضة كان قويا فلا يوجب
رده إلا ما هو قوي كعلمهما بخلاف دفع الدين فإنه ليس عقدا فأثر فيه الامر القليل وهو قصد الدافع.
قوله: (فلا بد من علمهما) لعل الأولى فلا بد من علمه ا ه‍ أي فلا بد في رد الشراء من علم البائع أن

334
المشتري قصد بشرائه العنت ويعلم ذلك إما بإقراره أو بقرائن الأحوال. قوله: (لدخولهما) أي البائع
والمشتري. قوله: (وعليه أن يوكل الخ) في بن النقل أنه على التأويل الأول لا يفسخ البيع في هذه الحالة
ولكن يباع الدين على مشتريه ليرتفع الضرر كما قال في التوضيح وابن عرفة ونص ابن عرفة فلو ثبت قصد
مشتري الدين ضرر المدين والبائع جاهل بذلك ففي فسخ البيع ومضيه ويباع على مشتريه نقلا عبد الحق
عن بعض القرويين وغيره مع الصقلي ا ه‍. قوله: (وأخرج من قوله ولزم الخ) يعني من مطلق اللزوم أو من
مطلق الصحة المأخوذ مما ذكر ولو عبر بهذا كان أولى فليس هذا من عطف المحترزات على القيود كما هو
ظاهر الشارح. قوله: (ثم أنكر) أي ثم أنكر أن يكون عليه دين لذلك المدعي فإن الضمان يسقط ولا يلزم
وقوله ثم أنكر أي، والحاصل أن الحق لم يثبت بالنية وأما لو حضر وأقر به أو أنكر وثبت بالنية كان
الضمان لازما لكن محل لزومه إذا أقر إذا كان موسرا أما لو كان معسرا فلا يلزم الضمان إذا أقر لاحتمال
تواطئه مع المدعي على أكل مال الضامن هذا محصل المسألة على ما قال الشارح. قوله: (أو إن لم آتك به) أي
بهذا المدعى عليه المنكر. قوله: (لأنه وعد وهو لا يقضي به) اعترض هذا التعليل المسناوي بأنه غير ظاهر
كيف وهو التزام وأيضا لو كان وعدا لم يلزم ولو ثبت الدين فالأولى أن يقال سقوط الضمان في المسألة
الأولى لأنه التزام معلق في المعنى على ثبوت الدين ولم يحصل المعلق عليه وأما في المسألة الثانية فلانه التزام
معلق على أمرين أحدهما في اللفظ وهو عدم الاتيان به والآخر في المعنى وهو ثبوت الحق على هذا المنكر
فكأنه يقول إن لم آتك به وثبت الحق فأنا ضامن فإذا لم يأت به ولم يثبت الحق فلا ضمان إذ لم يحصل المعلق
عليه بجملته، وإذا أتى به سقط الضمان ولو ثبت الحق لان الاتيان به نقيض المعلق عليه كذا في ابن نقلا
عن المسناوي. قوله: (مع الثبوت) أي ولا مع عدم الثبوت أيضا. قوله: (بإقراره) أي بإقرار المضمون.
قوله: (لاتهامه) أي المضمون. قوله: (تأويلان) الأول لعياض والثاني لغيره وقوله في المسألة الثانية أصل
هذا الكلام لبهرام والبساطي وقال ح الشرط وما بعده راجع للمسألتين قبله انظر المدونة في الحمالة
وكلام أبي الحسن عليها يفهم منه ذلك ا ه‍. قال بن قال بعض شيوخنا التأويلان إنما هما في الثانية وإن كان
في الأولى خلاف أيضا لكن ليس بتأويل على المدونة. قوله: (فإقراره بعد إنكاره لا يوجب الخ) أي
حيث كان معسرا وإلا كان موجبا للضمان قطعا ا ه‍ عدوي. قوله: (كقول الخ) هذه المسألة ليست من
مسائل الضمان لكن المصنف ذكرها كالدليل للمتقدمة وذلك لان دلالة هذه المسألة على الاقرار قوية
مع أنهم لم يجعلوا ذلك من الاقرار فلذا لم يجعل ما تقدم ضمانا. قوله: (فلا شئ عليه) أي إلا لبينة أقامها المدعي
بما ادعى أو إقرار من المدعى عليه بعد إنكاره وإلا كان مؤاخذا قولا واحدا. قوله: (وإنما لم يجعل الخ)
هذا جواب عن سؤال وارد على النسخة الثانية. وحاصله لم يجعل قوله فإن لم أوفك دينك الذي تدعيه
على إقرارا بالحق أي مستلزما للاقرار به. قوله: (أبطل الخ) أي لتعليق الحقية عليه لان الحقية ليست
ثابتة وإنما هي معلقة على عدم التوفية وعدم التوفية غير محقق حين التعليق فكذا الحقية فلذا حصل
الابطال تأمل تقرير شيخنا عدوي. قوله: (ولو مقوما) اعلم أن محل رجوع الضامن بمثل القوم
لا بقيمته إذا كان المقوم الذي دفعه من جنس الدين كما لو كان الدين خمسة أثواب فأداها الضامن
أثوابا فيرجع بمثلها لا بقيمتها فإن كان من غير جنسه، فإنه يرجع بالأقل من الدين وقيمة المقوم كما لو كان

335
الدين خمسة محابيب ودفع الضامن خمسة أثواب فإنه يرجع بالأقل من الدين وقيمة الثياب ورد
المصنف بلو على من قال يخير المطلوب إذا دفع الضامن مقوما من جنس الدين في دفع مثل المقوم أو
قيمته، ومحل الخلاف إذا كان ذلك الضامن لم يشتر ذلك المقوم الذي دفعه بأن كان عنده في ملكه ودفعه
لرب الدين، أما لو اشتراه لرجع بثمنه اتفاقا كما قال ابن رشد وابن يونس واللخمي ما لم يحاب وإلا لم يرجع
بالزيادة، فإذا اشترى ثوبا بعشرين والحال أن قيمتها عشرة ودفعها لرب الدين فلا يرجع على المدين إلا
بقيميها وهو عشرة ويضيع عليه عشرة المحاباة. قوله: (أو بإقرار رب الحق) أي لا بإقرار المضمون
وفي الشامل ولو دفع الضامن للطالب بحضرة المضمون دون بينة وأنكر الطالب لم يرجع الضامن على
المضمون بشئ لتفريطه بعدم الاشهاد وهو أقوى القولين كما في ح، فإن كان الدفع من مال المضمون
فهو المقصر فإن غرمها الضامن ثانيا لعسر المضمون لم يرجع على المضمون لعلمه بأنه أداها انظر ح.
قوله: (وجاز صلحه عنه بما جاز للغريم على الأصح) أشار المصنف بهذا إلى أن في مصالحة الكفيل
رب الدين خلافا فقيل بالمنع مطلقا وقيل بالجواز مطلقا وقيل بالمنع إذا وقع الصلح بمثلي مخالف
لجنس الدين فإن كان بمثلي مماثل لجنس الدين أو بمقوم مماثل لجنس الدين أو مخالف جاز والمصنف
مشى على القول بالجواز مطلقا سواء صالح بمثلي أو بمقوم لكن يستثني منه الصورتان الآتيتان. وقال
بعضهم الظاهر أن المصنف أراد المصالحة بالمقوم عن العين ويدل له قوله بعد ورجع بالأقل منه ومن
قيمته وقد حكى بعضهم الخلاف فيها كما في التوضيح وإن كان نص المدونة فيها الجواز وحكى المازري
عليه الاتفاق وقبله ابن عرفة. قوله: (فيجوز الصلح بعد الاجل الخ) أي كما تجوز المصالحة بالمقوم عن العين
إما اتفاقا على ما قاله المازري أو على الراجح عند غيره وفي الصلح بمثلي عن العين قولان بالمنع والجواز
بناء على تأثير الغرر بما يرجع به الحميل لتخيير الغريم في دفع ما عليه وما أدى عنه ولغوه لأنه معروف.
قوله: (بأدنى منها) أي لأنه حسن اقتضاء وقوله أو عكسه أي وهو الصلح بعد الاجل عن دنانير رديئة
بجيدة لأنه حسن قضاء. قوله: (ولا يجوز عن طعام) أي لما تقدم أن قضاء القرض بأكثر ممنوع مطلقا
قبل الاجل أو بعده في قول المصنف لا أزيد عددا أو وزنا إلا كرجحان ميزان للسلف بمنفعة.
قوله: (بأدنى) أي لما فيه من وضع وتعجل وقوله أو أجود أي لما فيه من حط الضمان وأزيدك.
قوله: (وكذا عروض من سلم) أي يمنع الصلح عليها قبل الاجل بأدنى أو أجود وهذا إذا صولح عليها بجنسها
وأما بغير جنسها فتجوز بالشروط الثلاثة التي ذكرها المصنف في آخر السلم بقوله وبغير جنسه إن جاز
بيعه قبل قبضه وبيعه بالمسلم فيه مناجزة وأن يسلم فيه في رأس المال. قوله: (صلحه بدينار) أي حال عن دراهم
حل أجلها وقوله وعكسه أي وهو صلحه بدراهم حالة عن دينار حل أجله وأورد عن الشارح أن كلام
المصنف لا عموم فيه إذ لم يقل كل ما جاز صلح الغريم فيه جاز للضامن الصلح فيه حتى يحتاج للاستثناء،
وإنما قال وجاز الخ وهذه قضية مهملة لا عموم فيها في قوة الجزئية ويكفي في صحتها الصدق ببعض
الافراد وأجيب بأن الشارح لاحظ ما قالوه أن مهملات العلوم كليات. قوله: (فإن ذلك جائز للغريم)
أي لأنه صرف ما في الذمة في الأولى وحسن قضاء أو اقتضاء في الثانية. قوله: (لا للضامن) أي
للصرف المؤخر في الأولى بين الضامن والمضمون عند دفع الضامن وبيع الطعام قبل قبضه في الثانية
لان رب الدين قد باعه للضامن قبل أن يقبضه من المدين. قوله: (ورجع الضامن) أي فيما إذا صالح عن
العين بمقوم كما إذا كان الدين خمسة دنانير فصالح عنها بعشرة أثواب فيرجع الضامن على المدين بالأقل
من الخمسة دنانير وقيمة الأثواب العشرة. قوله: (أو موته مليا) أي وأما لو مات معدما غرم الكفيل.

336
قوله: (فرع ثبوت الدين) أي وقد انتفى ثبوته على الأصل بهبة الدين له وبموته مليا ورب الدين وارثة.
قوله: (بل قد يبرأ) أي الأصل ببراءة الضامن أي كما إذا أدى الضامن فإن كلا منهما يبرأ بدفعه.
قوله: (بانقضاء الخ) أي فيما لو كان الضمان مقيدا بوقت كأن يقول الضامن ضمانه علي في مدة شهرين من أجل
الدين أي أنه إذا مات أو فلس فيهما غرمت ما عليه لأنه يجوز في الضمان أن يقع مؤجلا كأن يقع لمدة
معينة وإن كان لا يحل ذلك في الرهن لطلب الحوز فيه. قوله: (فإن الأصل يكون مطلوبا له) أي ولا تتم له
هذه الهبة إلا إذا قبض الضامن ذلك الدين من المدين قبل حصول المانع للواهب. قوله: (وعجل الدين
المؤجل) أي المضمون بموت الضامن قبل الاجل وحاصله أن الضامن إذا مات أو فلس قبل حلول
أجل الدين فإن الطالب يخير بين أن يبقى للأجل ويتبع الغريم وبين أن يتعجل ماله فيأخذه من تركة
الضامن إذا مات ويحاصص به مع غرمائه إن فلس ولو كان الغريم حاضرا مليا فإذا حل الاجل رجع
ورثة الضامن على الغريم بما دفعوا عنه من تركة مورثهم في الموت وفي الفلس يرجع الحميل بعد
الاجل على الغريم بما أخذه الطالب بالمحاصة من ماله إذا علمت هذا فقول المصنف وعجل الخ أي إن شاء
الطالب لا أن التعجيل واجب كما يوهمه كلام المصنف ومفهوم قول الشارح قبل الاجل أنه لو مات
الضامن عند حلول الأجل أو بعده لم يكن لرب الحق طلب على تركة الضامن إذا كان الغريم حاضرا
موسرا وإلا كان له اتباعها. قوله: (أو موت الغريم) عطف على موت الضامن. قوله: (إن تركه) أي إن ترك
الميت الحق. قوله: (كلا أو بعضا) أي ويبقى البعض الذي لم يتركه لأجله. قوله: (فلو مات المدين) أي قبل
الاجل ولم يترك شيئا الخ أي وكذا لو مات الضامن قبل الاجل ولم يترك شيئا لم يطالب الغريم حتى يحل
الاجل. قوله: (ولا يطالب الخ) ما ذكره المصنف من أن الكفيل لا يطالب بالحق في ملاء المكفول
عنه وحضوره هو الذي رجع إليه مالك وأخذ به ابن القاسم ورواه ابن وهب ابن رشد وهو أظهر.
والقول المرجوع عنه أن الطالب مخير بين طلب الغريم أو طلب الضامن قال بن وبه جرى العمل بفاس
وهو الأنسب بكون الضمان شغل ذمة أخرى بالحق. قوله: (إن حضر الغريم موسرا) أما إن حل الاجل
وكان الغريم غائبا أو مات أو حاضرا وهو معسر كان الطلب على الضامن. قوله: (غير ملد) فإن كان
ملدا توجه الطلب على الضامن والتقييد بكونه غير ملد ولا مماطل لغير ابن القاسم في المدونة، وجعله
ابن شاس وابن الحاجب خلافا، وجعله ابن عبد السلام وصاحب الشامل تقييدا وظاهر كلام ابن رشد
أن التقييد به هو المعتمد ا ه‍ بن. قوله: (في الحالات الست) أي وهي العسر واليسر والغيبة والحضور
والموت والحياة فإن اشترط ضمانه في الحالات الست أو شرط رب الحق أخذ أيهما شاء كان له طلب
الضامن إذا حل الاجل، ولو حضر الغريم مليا وما ذكره الشارح هو المعتمد وهو ما في وثائق أبي القاسم
الجزيري وغيره خلافا لابن الحاجب من أن الضامن لا يطالب إذا حضر الغريم مليا مطلقا وهو ظاهر
المصنف أيضا. قوله: (أو غاب الغريم إلخ) أشار الشارح بهذا إلى أن المعطوف على حضر محذوف وقوله
ولم يبعد إثباته أي ولم يشق على الطالب إثبات مال الغائب وقوله والنظر فيه الأولى والاستيفاء منه.
قوله: (أي على الطالب) المراد به رب الدين. قوله: (والقول له في ملائه) حاصله إذا حل الاجل وتنازع
رب الدين والضامن فادعى رب الدين أن المدين معدم وطالب الضامن فادعى أن المدين ملئ كان
القول قول الضامن في ملاء الدين المضمون، لان الغالب على الناس الملاء للتكسب فليس لرب الدين

337
حينئذ طلب الضامن لتصديقه في ملاء المضمون ولا طلب له على المضمون لأنه مقر بعدمه إلا أن
يقيم رب الدين بينة بعدم المدين، فله مطالبة الضامن، أو يتجدد للمدين مال فله مطالبته. ثم إن قول
المصنف والقول له في ملائه أي بلا يمين إلا أن يدعي عليه رب الدين أنه عالم بعدمه وإلا حلف له
الضامن على عدم العلم، وما ذكره المصنف من أن القول قول الضامن في ملائه قول ابن القاسم في الواضحة
وقال سحنون إن القول للطالب إلا أن يقيم الحميل بينة بملاء الغريم قال ح والمواق وهو الذي استظهره
ابن رشد قال المتيطي وهو الذي عليه العمل ونصه وإذا طلب صاحب الدين الحميل بدينه والغريم
حاضر فقال له الحميل شأنك بغريمك فهو ملئ بدينك. وقال صاحب الدين الغريم معدم وما أجد له مالا
فالذي عليه العمل، وقاله سحنون في العتبية أن الحميل يغرم إلا أن يثبت يسر الغريم وملاؤه فيبرأ وحلف
له صاحب الحق إن ادعى عليه معرفة يسره على إنكار معرفته بذلك وغرم الحميل وله رد اليمين على الحميل
فإن ردها حلف الحميل وبرئ وقال ابن القاسم في الواضحة ليس على الحميل سبيل بل يبدأ بالغريم ا ه‍.
فبان لك أن الراجح خلاف ما عليه المصنف قال ح لكن المصنف استظهر في توضيحه أن القول
قول الحميل ا ه‍ وقد علم من عادة المصنف أنه لا يعتمد استظهار نفسه ا ه‍ بن. قوله: (ولا المدين) أي ما لم
يتجدد له مال. قوله: (ما لم يثبت عدمه) أي ما لم يقم الطالب بينة بعسر الغريم وإلا فله أخذ حقه من الحميل
حينئذ. قوله: (وأفاد شرط أخذ أيهما شاء) ابن رشد هذا هو المشهور المعلوم من مذهب ابن القاسم في
المدونة وغيرها وبه قال أصبغ وقال ابن القاسم مرة إن الشرط المذكور لا يفيد إلا إذا كان الغريم
ذا سلطان أو كان قبيح المطالبة ا ه‍ بن. قوله: (وتقديمه) أي وأفاد اشتراط رب الدين تقديم الحميل
بالمطالبة على المضمون على خلاف الأصل. قوله: (إلا إن مات الغريم معدما) أي وأما ما دام حيا ولو معدما
حاضرا أو غائبا فلا يؤخذ منه شئ. قوله: (وكذا إن قال) أي الضامن وقوله إن افتقر أو جحد أي المضمون.
قوله: (كشرط ذي الوجه) أي أن ضامن الوجه إذا شرط على صاحب الدين أنه مصدق في إحضار
المضمون بلا يمين أو بيمين فإنه يعمل بشرطه وكذا إذا شرط رب الدين على الضامن عدم اليمين في
تصديق دعواه في عدم إحضار المضمون فإنه يعمل بشرطه. والحاصل أنه إذا ضمن عمرو وجه زيد
لبكر ثم إنه تنازع رب الدين والضامن في إحضار المدين فادعى الضامن أنه أحضره وادعى رب
الدين أنه لم يحضره فالقول قول رب الدين بيمين هذا هو الأصل، فإن اشترط الضامن على رب
الدين أنه يصدق في دعواه إحضار المدين بيمين أو بلا يمين عند التنازع في إحضاره عمل بالشرط في
الصورتين، وإن شرط رب الدين على الضامن أن القول قوله في عدم الاحضار بلا يمين عمل بذلك الشرط،
فخلاف الأصل ثلاث صور ثنتان الشرط فيهما من الضامن وواحدة الشرط فيها من رب الدين.
قوله: (فشمل) أي كلام المصنف بتقدير شأن. قوله: (عدمه) أي عدم إحضار المدين. قوله: (وله طلب
المستحق) أي إلزامه وقوله عند حلول أحله متعلق بطلب لا بتخليص لأنه وإن كان عند الاجل إلا أنه
غير ملاحظ. قوله: (وكذا له طلب المضمون) أي فلا مفهوم لقول المصنف طلب المستحق. قوله: (ولو
سكت) أي هذا إذا حصل من رب الدين مطالبة الضامن به بل وإن سكت عن الطلب به خلافا لقول
ابن شاس في الجواهر وللكفيل إجبار الأصيل على تخليصه إذا طولب وليس له ذلك قبل أن يطالب
فإنه قد تعقبه ح بأنه مخالف لنص المدونة انظر بن. فإن قلت: ما قبل المبالغة مشكل إذ كيف يتصور
مطالبة رب الدين للضامن ومن عليه الدين حاضر ملئ. قلت: يتصور هذا فيما إذا كان من عليه الدين ملدا
فإن لرب الدين مطالبة الضامن حينئذ ولو كان المدين حاضرا مليئا ويتصور أيضا فيما إذا شرط رب الدين
أخذ أيهما شاء أو شرط تقديم الضامن بالطلب أو كان ضامنا في الحالات الست. قوله: (لا بتسليم المال إليه)

338
متعلق بمحذوف كما قدره الشارح، وهو المعطوف على قوله طلب المستحق والمطلوب منه فيهما
مختلف ففي الأول المستحق وفي الثاني المدين وليس قوله بتسليم عطفا علي بتخليصه لتعلق الطلب
الأول بالمستحق فلا يصح تعلقه بالتسليم لان المطلوب منه التسليم المدين. قوله: (وضمنه الخ) أي وإذا
وقع أن الضامن تسلم الدين من المدين ليدفعه إلى ربه فضاع منه أو تلف فإنه يضمنه إن تسلمه على
وجه الاقتضاء ولو بغير تفريط منه لا إن تسلمه على وجه الرسالة بأن دفعه له المضمون ابتداء ولم
يشترط براءته منه فتلف أوضاع بغير تفريط فإنه لا ضمان عليه. واعلم أن قبض الحميل للدين ينقسم
إلى خمسة أقسام لأنه إما أن يكون على وجه الاقتضاء أو الارسال أو الوكالة عن رب الحق أو يتنازع
المدين والضامن في أنه على وجه الاقتضاء أو الارسال أو يموت المدين أو الضامن ويعري القبض
عن القرائن الدالة على الاقتضاء أو الارسال أو الوكالة، فقول المصنف إن اقتضاه يعني أو تنازعا فقال
المدين اقتضاء وقال الضامن رسالة فالقول للمدين وكذا لو ماتا وأنبهم الامر لعدم القرينة وقوله
لا أرسل به أي حقيقة أو حكما بأن يقبضه على وجه الوكالة من رب الدين وقوله وضمنه أي لمن قبضه منه
وهو الغريم، وحينئذ فيكون الضامن غريم غريم في الصور الثلاث الداخلة تحت قوله إن اقتضاه ومعلوم
أن غريم الغريم غريم فلرب الدين أن يغرم الأصيل وله أن يغرم الضامن نيابة عن المدين، كما صرح
بذلك الرجراجي في شرح مشكلات المدونة وغيره ويفهم من التوضيح أن رب الدين إذا رجع على
الأصيل كان للأصيل الرجوع على الكفيل انظر شب. قوله: (أو دفعه) أي المدين للطالب بلا طلب
من الضامن وقال المدين للضامن أنا برئ منه من هذا الوقت. قوله: (على الوكالة) أي لأجل كونه
وكيلا عن رب الحق أي والحال أن رب الحق وافقه على دعواه الوكالة وأما إن نازعه فيها فسيأتي
أن القول قول الموكل وحينئذ فيكون الحميل ضامنا لما قبضه. قوله: (فيبرأ الضامن فقط) أي دون
الغريم وقد يقال مقتضى كون الضامن وكيلا لرب الدين في القبض أنه إذا قبض وتلف منه بغير تفريط
أن يبرأ كل من الضامن والغريم وأجيب بأنه إنما ضمن الغريم لاحتمال تواطئه مع الضامن على أخذهما
الحق ودعوى الضياع نعم إن قامت بينة تشهد على دفع الغريم للضامن الوكيل برئ كل من الضامن
والغريم ا ه‍ تقرير شيخنا عدوي. قوله: (ولزمه الخ) لما ذكر المصنف أن للكفيل طلب المستحق
بتخليصه من الضمان إذا حل الاجل وسكت عن طلب حقه ذكر حكم ما إذا أخر
المستحق غريمه أجلا ثانيا بعد مضي الاجل الأول. قوله: (فلا كلام للضامن) أي فليس له
أن يقول للمستحق اطلب حقك من المدين أو أسقط عني الضمان. قوله: (إذ التأخير رفق بالضامن)
أي حيث لم يطالبه رب الدين عند حلول الأجل مع كون المدين معسرا بل أخر الدين أجلا ثانيا. قوله: (أن يعلم)
أي بتأخير رب الدين للغريم. قوله: (الذي أنظره إليه) أي الذي أخره إليه الدائن ثانيا. قوله: (إن
علم بالتأخير وسكت) أي إن علم الضامن بالتأخير وسكت بعد علمه به بقدر ما يرى عرفا أنه رضي
ببقائه على الضمان فلو ادعى أنه يجهل أن سكوته يسقط تكلمه فإنه يعذر بالجهل وحينئذ فله أن ينكر على
رب الدين ذلك التأخير وأن لا يرضى به ويقول له تأخيرك له إبراء لي من الضمان فيجري على الوجه
الثالث الآتي، فإن حلف رب الدين أنه لم يسقط ضمانه لزمه الضمان وسقط التأخير وإن نكل سقط
الضمان ولزم التأخير للغريم ولا يضره إلا العلم بأن سكوته مسقط لتكلمه كذا قرر شيخنا العدوي.
والشرط في كلام المصنف راجع للمسألة الثانية لان الأولى وهي تأخير المدين المعسر لازم مطلقا
سواء سكت الضامن أو أنكر. قوله: (أو لم يعلم) أي الحميل بالتأخير. قوله: (الذي أنظر إليه)
أي ثانيا. قوله: (وقد أعسر الغريم) مثله في عج وهو خلاف ما نقله ح عن اللخمي من

339
أن محل لزوم الضمان إذا كانت ذمة الغريم يوم حلول الأجل الأول والثاني سواء، وأما إن كان موسرا
يوم حلول الأجل الأول كما هو الموضوع ثم أعسر الآن أي عند حلول الأجل الثاني لم يكن لرب الدين
على الحميل شئ لأنه فرط في حقه حتى تلف مال الغريم ولم يعلم الكفيل حتى يعد راضيا ا ه‍ بن. قوله: (حلف)
هذا شرط في لزوم الضمان كما دل عليه كلام الشارح لا في لزوم التأخير كما يقتضيه كلام المصنف
إذ لا يعقل عدم لزوم التأخير مع أنا لأجل المؤخر إليه قد مضى انظر ابن عاشر. والحاصل أن فائدة
الحلف لزوم الضمان وأما لزوم التأخير فلا فائدة للالتفات إليه لكون الاجل المؤخر إليه قد مضى.
قوله: (وسقط التأخير) أي بالنسبة لكل من الضامن والمدين وحينئذ يبقى الدين حالا يؤخذ من
المدين لان الموضوع أنه موسر فإن كان ملدا أو غاب أخذ من الضامن كما في عبارة ابن رشد وابن عرفة
وابن غازي و ح وغيرهم انظر بن. قوله: (فإن نكل رب الدين سقط الضمان ولزم التأخير) هذا قول ابن
القاسم في المدونة كما في أبي الحسن والذخيرة وفي التوضيح وإن نكل لزمه التأخير والكفالة ثابتة
على كل حال هذا مذهب ابن القاسم في المدونة وتعقب طفي بأنه سبق قلم انظر بن. والحاصل أن رب
الدين إذا حلف لم يسقط الضمان عن المضمون ويسقط التأخير ويؤخذ الدين حالا، وإن نكل لزم
التأخير ويسقط الضمان خلافا لما في التوضيح حيث قال بلزوم التأخير وبقاء الكفالة وخلافا لما في
تت من أن حالة النكول كحالة الحلف فيسقط التأخير ويغرم الدين حالا. قوله: (فله حينئذ طلب
المدين) أي لان لرب الدين وضع الحمالة من أصلها عن الضامن ويطالب الغريم. قوله: (واستشكل قوله
وتأخر الخ) حاصله أن الغريم إن كان معسرا فلا يتأتى تأخيره بتأخير الضامن بل تأخيره أمر واجب
فلا يتأتى تأخيره بتأخير الضامن إلا إذا كان موسرا، وهو إذا كان موسرا فلا مطالبة لرب الدين على
الضامن حتى أنه يؤخره. قوله: (وأجيب بأنه أخره) أي وأجيب بأنه كلامه يحمل ما إذا أخره الخ
وقوله فأيسر أي ذلك المدين المعسر وأجيب أيضا بحمل الكلام على ما إذا شرط رب الدين أخذ أيهما
شاء بحقه أو شرط ضمان الضامن في الحالات الست. قوله: (إن فسد متحمل به) أي إن كان المتحمل به
فاسدا كما لو كان ربا، كما لو قال شخص لآخر ادفع لهذا دينارا في دينارين لشهر أو ادفع له دراهم في دنانير
إلى شهر وأنا حميل بذلك فالحمالة باطلة ولا يلزم الضامن شئ مطلقا ولو مات المدين معدما وقيل
لا يسقط الضمان لكن يضمن رأس المال فقط. قوله: (كدراهم) أي وكبيع سلعة بثمن مؤجل لأجل مجهول
أو معلوم وكان البيع وقت نداء الجمعة وضمن ذلك الثمن انسان فالضمان باطل ولا يلزم الضامن شئ
وظاهره ولو فات المبيع ولزم المشتري القيمة فلا يكون ضامنا لتلك القيمة. قوله: (أو عروضا) عطف
على قوله أصالة وأشار الشارح بهذا إلى أن المتحمل به إما أن يكون فساده أصليا أو عارضا. قوله: (فاندفع
ما قيل الخ) حاصله أن قوله أو فسدت عطف على إن فسد فينحل المعنى بطل الضمان إن فسدت الحمالة
ومعلوم أن الفساد هو البطلان والضمان هو الحمالة فيلزم اتحاد الشرط والجزاء وهو تهافت. وحاصل
الجواب أن المراد بالبطلان المعنى اللغوي، وهو عدم الاعتداء بالشئ والمراد بالفساد الفساد الشرعي
وهو عدم استيفاء الشروط فينحل المعنى إلى قولنا إذا كانت الحمالة فاسدة شرعا غير مستوفية
للشروط كانت غير معتد بها كما إذا كانت بجعل فهي فاسدة لان شرط الحمالة أن تكون لله وحينئذ فلا يعتد بها.

340
قوله: (بأن كان) أي الجعل وقوله أو من غيرهما أي بأن كان من أجنبي والحال أن رب الدين علم به وإلا
لزمت الحمالة ورد الجعل انظر بن. قوله: (لأنه إذا غرم) أي لان الضامن إذا غرم الحق للطالب رجع
على المدين بمثل ما غرم مع زيادة ما أخذه من الجعل وهذا لا يجوز لأنه سلف بزيادة وإن لم يغرم بأن أدى
الغريم كان أخذ الجعل باطلا. واعلم أن الجعل إذا كان للحميل فإنه يرد قولا واحدا ويفترق الجواب
في ثبوت الحمالة وسقوطها وفي صحة البيع وفساده على ثلاثة أوجه فتارة تسقط الحمالة ويثبت البيع،
وتارة تثبت الحمالة والبيع، والثالث يختلف فيه البيع والحمالة جميعا فإن كان الجعل من البائع كانت
الحمالة ساقطة لأنها بعوض ولم يصح والبيع صحيح لان المشتري لا غرض له فيما فعل البائع مع الجهل
وإن كان الجعل من المشتري أو من أجنبي والبائع غير عالم به فالحمالة لازمة كالبيع واختلف إذا علم
البائع فقال ابن القاسم في كتاب محمد تسقط الحمالة يريد ويكون البائع بالخيار في سلعته وقال محمد
الحمالة لازمة وإن علم البائع إذا لم يكن لصاحب الحق في ذلك سبب ا ه‍ قاله ابن عاصم وأصله للخمي
انظر ح. قوله: (وإلا امتنع) أي لما فيه من شبه ضع وتعجل لان الجعل للمدين بمنزلة الوضع عنه وضمانه
بمنزلة تعجيل الحق أو سلف جر نفعا. قوله: (وذلك كأن يتداين رجلان الخ) وكذا إذا ضمن كل من
الرجلين دينا لصاحبه على آخر أو ضمن أحد رجلين الآخر فيما عليه وضمن ذلك المضمون دينا
للضامن على آخر فالمصدر في كلام المصنف مضاف لفاعله وهو يصدق بالصور الثلاث لان معناه
أن يضمن كل من الرجلين مضمونه في دين عليه أو في دين له أو يضمن أحدهما صاحبه في دين عليه
على أن يضمن له دينا على آخر. قوله: (إلا في اشتراء شئ) أي إلا أن يقع ضمان كل منهما لصاحبه
في اشتراء الخ. قوله: (معين بينهما) أي وإلا كان شركة ذمم وهي ممنوعة وهي شركتهما للتجر بلا
مال على أن يشتريا في ذمتهما أي شئ كان وكل حميل بالآخر كما يأتي. قوله: (شركة) أما لو اشترياه على
أن لأحدهما الثلث وللآخر الثلثين مثلا وضمن كل منهما الآخر فيما عليه من الثمن لم يجز لأنه
سلف جر نفعا، وذلك لان رب الدين إذا أتى لأحدهما وأخذ منه ما عليه وما على صاحبه لكونه حميلا
عنه يكون مسلفا لصاحبه وقد انتفع بضمان صاحبه له الذي أدى هو عنه ولا يقال هذا التعليل يجري
فيما إذا اشتريا السلعة بالسوية بينهما، لأنا نقول وإن وجد التعليل لكنهم حكموا بالجواز
نظرا لعمل السلف وعملهم إنما كان عند التساوي. قوله: (كما لو أسلمهما) الكاف للتنظير كما
كتب شيخنا، وحينئذ فالضمان في المعين قبله لاحتمال عيب أو استحقاق وبجعل الكاف للتنظير
لا للتمثيل اندفع ما يقال السلم في المعينات لا يصح، لان المسلم فيه لا بد أن يكون في الذمة والذمة
لا تقبل المعينات. قوله: (على الأصح) راجع لما بعد الكاف فهو محل الخلاف دون ما قبله وقوله
على الأصح أي عند ابن عبد السلام وإليه ذهب ابن أبي زمنين وابن العطار خلافا لابن الفخار
القائل بمنع ضمان كل منهما لصاحبه في القرض ورآه سلفا جر منفعة والقول الأول لا يراه حراما
وإن كان سلفا جر منفعة نظرا لعمل السلف. قوله: (وإلا منع) أي لأنه خلاف عمل السلف وفيه
سلف جر نفعا. قوله: (غير غرماء) أما لو تعدد الحملاء الغرماء كما لو اشترى جماعة سلعة شركة بينهم
وضمن كل واحد منهم أصحابه فإن رب الدين يتبع كل من وجده منهم بجميع الثمن عند عدم
الباقي أو غيبته. قوله: (اتبع كل الخ) أي عند غيبة المدين أو موته أو عدمه أو لدده. قوله: (أو ينطق الجميع
دفعة واحدة) أي بقولهم تضمنه. قوله: (فهو مستقل) أي بجميع الحق وقوله كما يأتي أي في قوله

341
كترتبهم. قوله: (إلا أن يشترط الخ) استثناء متصل أي اتبع كل بحصته في الأحوال إلا أن يشترط الخ
ولا وجه لقول عبق أنه منقطع. قوله: (في عدم الباقي أو غيبته) أي وحينئذ فيؤخذ الملئ عن
المعدم لا عن ملئ ويؤخذ الحاضر عنا لغائب لا عن حاضر مثله ويؤخذ الحي عن الميت. قوله: (فله أن
يأخذ من كل واحد الجميع ولو كان غيره حاضرا الخ) ومثل ذلك ما إذا تعددوا ولم يشترط حمالة بعضهم
عن بعض لكن قال أيكم شئت أخذت بحقي. والحاصل أن هذه المسألة التي نحن بصددها وهي ما إذا
تعدد الحملاء من غير ترتيب ذات أطراف أربعة: تعدد الحملاء ولم يشترط حمالة بعضهم عن بعض
ولا أخذ أيهم شاء بحقه فلا يؤخذ كل واحد إلا بحصته، تعدد الحملاء واشترط حمالة بعضهم عن بعض
فيؤخذ كل واحد بجميع الحق إن غاب الباقي أو أعدم، تعدد الحملاء واشترط حمالة بعضهم عن بعض
وقال مع ذلك أيكم شئت أخذت بحقي أخذ كل واحد بجميع الحق ولو كان غيره حاضرا مليئا وللغارم
في هاتين الحالتين الرجوع على أصحابه وله الرجوع على الغريم، تعدد الحملاء ولم يشترط حمالة بعضهم عن
بعض ولكن قال أيكم شئت أخذت بحقي أخذ كل واحد بجميع الحق ولو كان غيره حاضرا مليئا وليس
للغارم الرجوع على أحد من أصحابه بل على الغريم. قوله: (ثم شبه في مفهوم قوله الخ) أي تشبيها غير تام
لأنه عند اشتراط حماله بعضهم عن بعض يأخذ كل واحد بجميع الحق عند عدم الباقي أو غيبته وعند
ترتبهم في الحمالة يؤخذ كل واحد بجميع الحق ولو كان غيره حاضرا مليئا. قوله: (ورجع المؤدي الخ)
حاصله أن الحملاء إذا كان الحق عليهم أو على غيرهم على أحد التأويلين الآتيين وغرم أحدهم الحق لرب
المال، فإن المؤدي يرجع على من لاقاه من الحملاء بما عليه خاصة ولا يأخذ منه ما أداه عن نفسه ثم يساويه
في غرم ما دفعه عن غيره كما في المثال المذكور في الشارح. قوله: (وأبدل الخ) أي بدل بعض من كل ولا
يحتاج لرابط إذا كان جارا ومجرورا كما هنا أو كان فعلا كما في إن تصل تسجد لله يرحمك. قوله: (اسم
مفعول من الثلاثي) وحينئذ فهو بزنة مفعول لقول الخلاصة:
وفي اسم مفعول الثلاثي اطرد زنة مفعول كآت من قصد
قوله: (ملقوي) أي فاجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون قلبت الواو ياء وأدغمت الياء
في الياء وقلبت الضمة كسرة لتسلم الياء. قوله: (وذلك فيما إذا كانوا حملاء غرماء الخ) أشار الشارح إلى أن
التراجع على الكيفية التي ذكرها المصنف في قوله ورجع المؤدي الخ إنما يجري في الأربع صور التي
ذكرها وهي ما إذا كان الحملاء غرماء أو كانوا غير غرماء واشترط حمالة بعضهم عن بعض سواء قال أيكم
شئت أخذت بحقي أم لا ولا يجري في مسألة ترتبهم ولا فيما إذا تعددوا من غير ترتب ولم يكن بعضهم
حميلا عن بعض، ولو قال مع ذلك أيكم شئت أخذت بحقي لان في مسألة الترتيب إنما يرجع المؤدي على
الغريم ولا رجوع له على أحد من أصحابه الحملاء وكذا في مسألة ما إذا لم يكن بعضهم حميلا عن بعض
وقال مع ذلك أيكم شئت أخذت بحقي فكل من غرم الجميع رجع على الغريم بما دفعه ولا رجوع له على
أحد من أصحابه الحملاء كما مر، وأما إذا لم يقل ذلك فإنما يغرم كل واحد ما يخصه فقط. قوله: (على أحد الخ)
راجع لقوله أو حملاء فقط كما يأتي. قوله: (مثال ذلك الخ) هذا مثال لما إذا كانوا حملاء غرماء ومثال
ما لو كانوا حملاء غير غرماء ما لو اشترى زيد سلعة بثلاثمائة وضمنه كل من ثلاثة وشرط البائع حمالة
بعضهم عن بعض، سواء قال أيكم شئت أخذت بحقي أولا فإذا حل الاجل ووجد واحدا أخذ منه
الثلثمائة وإذا وجد الغارم واحدا من صاحبيه رجع عليه بمائة وخمسين وإذا لقي أحدهما الثالث رجع
عليه بخمسين على أحد التأويلين كما يأتي. قوله: (وكل حميل عن بعض) أي سواء قال رب المال وقت

342
عقد الحمالة أيكم شئت أخذت بحقي أم لا. قوله: (على ذلك) أي على قوله ورجع المؤدي الخ. قوله: (يبقى
أربعمائة) أي دفعتها عن أصحابنا وقوله فساوني فيها أي لأنك شريكي فيها بالحمالة. قوله: (لأنه غرم عنهم)
أي عن الأربعة الباقين. قوله: (أداها بالحمالة) أي عن الثلاثة الباقين وقوله يساويه فيها أي لأنه شريكه
فيها بالحمالة. قوله: (فقد غرم هذا الثالث مائة وخمسة وعشرين) خمسون منها أصالة وخمسة وسبعون
حمالة. قوله: (يبقى للثالث خمسون) أي حمالة عن الاثنين الباقيين. قوله: (خمسة وعشرين) أي فيكون
هذا الرابع قد دفع خمسين نصفها أصالة ونصفها حمالة. قوله: (ثم إذا لقي هذا الرابع خامسا الخ)
حاصله أن الرابع يقول للخامس أنا دفعت خمسين خمسه وعشرين عن نفسي أصالة فلا رجوع لي بها
ودفعت عنك وعن صاحبك خمسة وعشرين يخصك نصفها أصالة اثنا عشر ونصف ويخص
صاحبك اثنا عشر ونصف أنت شريكي فيها بالحمالة فيأخذ منه نصفها ستة وربعا فيكون مجموع
ما دفعه الخامس للرابع ثمانية عشر وثلاثة أرباع. قوله: (يطلب من المطولات) أي ولم يتفق تتميم
العمل في درس لاحد من المتقدمين ولا من المتأخرين قاله شيخنا العدوي. قوله: (وهل لا يرجع
الحميل) أي على من لقيه من أصحابه بما يخصه وإنما يرجع عليه بما غرمه عن أصحابه فيقاسمه فيه.
قوله: (بعضهم ببعض) أي بعضهم حميل ببعض. قوله: (وهو المعتمد) وعزاه في التنبيهات لأكثر
مشايخ الأندلسيين. قوله: (الذي عليه الأقل) كابن لبابة والتونسي ونحوهما. قوله: (أو يرجع)
أي الغارم على من لقيه من أصحابه. قوله: (بنصف ما غرمه) أي مطلقا لا فرق بين ما غرمه عن نفسه
أو غرمه عن أصحابه. قوله: (وفي بعض النسخ وهل يرجع بما يخصه الخ) أي وهل يرجع الحميل على من
لقيه بما يخصه بحيث يقاسمه في جميع ما غرمه عن نفسه وعن أصحابه وقوله أو لا أي أو لا يرجع
على من لقيه بما يخصه بل يرجع عليه بما دفعه عن أصحابه فيقاسمه فيه. قوله: (هي الأصوب) أي وأما
الأولى فغير صواب إذا قرئ أولا بسكون الواو مع لا النافية وجعل هذا هو التأويل الثاني
وجعل قوله وعليه الأكثر راجعا له، وأما إذا قرئ بتشديد الواو مع التنوين وجعل التأويل الثاني
مطويا بعد قوله وعليه الأكثر كانت صوابا أيضا. ولو قال الشارح هذه النسخة أولى أي لعدم
احتمالها خلاف المراد بخلاف الأولى كان أحسن. قوله: (يقاسمه في مائتين) أي فالمائة التي
تخصه لا يرجع بها عليه ويرجع عليه يقاسمه في المائتين اللتين دفعهما عن أصحابه فيأخذ
منه مائة وقوله ثم يرجع أي ذلك الغارم. قوله: (كذا قيل) الإشارة راجعة لقوله فعلى الأول الخ.

343
قوله: (والصواب الخ) أي والصواب أن يقال أنه على الأول الذي هو قول الأكثر أن الغارم إذا لقي
آخر يأخذ منه المائة التي هي عليه بالأصالة ثم يقاسمه في المائة الأخرى المدفوعة عن صاحبهما.
قوله: (فيأخذ منه خمسة وسبعين) أي وإذا لقيه الآخر طالبه أيضا بذلك فيقول له أديت لصاحبنا
الملقي قبلك خمسة وسبعين ساويتك فيها يبقى لك زائدا على ما دفعناه مثلها خذ نصفه وهو سبعة وثلاثون
ونصف ثم يرجع كل من الثالث ومن لقيه آخرا على الذي لقيه أولا باثني عشر ونصف فيستوي الجميع
في أن كل واحد دفع مائة ا ه‍. وبيان ذلك أن الذي لقيه أولا دفع عنه خمسين حمالة وأخذ منه خمسة
وسبعين فمعه زيادة عما دفع عنه خمسة وعشرون والذي لقيه آخرا دفع عنه خمسين حمالة وأخذ منه
سبعة وثلاثين ونصفا وهي أقل مما دفعه عنه باثني عشر ونصف والثالث عليه مائة دفع عنها خمسة وسبعين
للأول وسبعة وثلاثين ونصفا للثاني فقد دفع أزيد مما يلزمه من المائة وذلك الزائد اثنا عشر ونصف
فيرجع كل من الثالث والملقي له آخرا على من لقيه أولا ويأخذان منه الخمسة والعشرين التي معه زائدة
يقتسمانها كل واحد اثني عشر ونصفا. قوله: (إلى توافق القولين) أي قول الأكثر بناء على ما صوبه
وقول الأقل وقوله فيما ذكرنا أي من أن الغارم إذا لقي آخر فإنه يأخذ منه مائة وخمسين على كل من
القولين. والحاصل أن الحميل الذي غرم أو لا يرجع على من لقيه بمائة وخمسين على كل من القولين
وحينئذ فلا تظهر ثمرة الخلاف في المبدأ وإنما تظهر في الرجوع على الثالث فعلى القول الأول يرجع
عليه كل من الأول والثاني بخمسين وأما على القول الثاني فيستوي الغارم ومن لقيه في أن من لقي
الثالث أو لا يأخذ منه خمسة وسبعين، ومن لقيه آخرا يأخذ منه سبعة وثلاثين ونصفا على ما مر.
قوله: (شرع في بيان ضمان الوجه) أي وهو التزام الاتيان بالغريم الذي عليه الدين وقت الحاجة إليه.
قوله: (وصح بالوجه) عطف على قوله وصح من أهل التبرع والباء للملابسة والمراد بالوجه الذات كما قال الشارح
فهو مجاز مرسل من إطلاق اسم البعض وإرادة الكل وفي الكلام مضاف كما أشار له الشارح
أي وصح الضمان حالة كونه ملتبسا بإحضار الذات التي عليها الدين وقت الحاجة إليها. قوله: (لا في نحو
قصاص) أي لا يصح في قصاص ونحوه كحد وتعزير ولذا حذفه المصنف هنا وذكره في ضمان
الطلب. قوله: (لأنه يقول قد تحبس) أي قد تعجز عن الاتيان به فتحبس الخ وقد يقال هذا وما بعده يأتي
في ضمان المال فلو عللوا بأنه مظنة لخروجها لطلبه وفي ذلك معرة عليه كان ظاهرا ا ه‍ بن ثم إن ما ذكر
من التعليل ظاهر في ضمانها لغيره وضمانها له كما قال شيخنا لان المعرة تلحقه بخروجها للتفتيش عليه فقد
تحبس مع ثبوت عسره وحينئذ فللزوج رد ضمانها بالوجه ولو كان الضمان له. قوله: (ضمانها الطلب) أي
التزامها طلب المضمون والتفتيش عليه فللزوج منعها منه ولو كان الدين الذي على المضمون أقل من
ثلثها بخلاف ضمان المال فإن الدين الذي ضمنته إذا كان قدر ثلثها فأقل فليس للزوج منعها منه.
قوله: (وهذا) أي ما ذكر من رد الزوج ضمان الزوجة الوجه أو الطلب سواء كان له أو لغيره. قوله: (في مكان
يقدر على خلاصه) أي يقدر رب الدين على خلاصه من المدين فيه. قوله: (وإن بسجن) محل البراءة
بذلك ما لم يشترط رب الدين على الضامن تسليم المضمون بمجلس الحكم وإلا فلا يبرأ بذلك قال عبق
والبراءة بتسليمه له في السجن مقيدة بما إذا كان يمكن خلاصه منه وهو به قال بن وفيه نظر فقد قال

344
في التوضيح ما نصه اللخمي والمازري ويبرأ بتسليمه له في السجن سواء كان مسجونا بحق أو باطل لامكان
أن يحاكمه رب الدين عند القاضي الذي حبسه، فإن منع هذا الطالب منه ومن الوصول إليه جرى ذلك
مجرى موته وموته يسقط الكفالة ا ه‍ ونقله ابن عرفة أيضا ا ه‍ ومما يشبه ذلك ما إذا حضر المضمون في
زاوية لا يمكن اخراجه منها فالذي وقع به الحكم وبه العمل أن ذلك إحضار يبرأ به قال في نظم العمليات:
وضامن مضمونه قد حضرا بموضع اخراجه تعذرا
يكفيه ما لم يضمن الاحضار له بمجلس الشرع فتلك المنزلة
وهذا مما يدل على عدم صحة ما ذكره عبق من القيد ا ه‍ كلام بن. قوله: (بأن يقول) أي وليس المراد
بتسليمه له في السجن أن يسلمه له في يده وهو في السجن. قوله: (أي بالتسليم) أي بتسليم نفسه. قوله: (لأنه)
أي المدين بسبب أمر الضامن له بتسليم نفسه كوكيل الضامن في التسليم. قوله: (فإن لم يأمره به) أي
وسلم نفسه وقوله بغير أمره أي الضامن وقوله لم يبرأ أي الضامن إذا هرب المضمون بعد ذلك ومحل
عدم البراءة في الصورتين المذكورتين ما لم يقل الضامن لرب الحق أنا أضمن لك وجهه بشرط
أنك إذا قدرت عليه أو جاء بنفسه سقط الضمان عني فإن قال له ذلك عمل بشرطه وبرئ في الصورتين.
قوله: (إن حل الحق على المضمون) أي سواء حل على الضامن أيضا أم لا كما لو أخره رب الحق
وحلف أنه لم يقصد بذلك تأخير غريمه قاله عج نقلا عن بعض شيوخه ا ه‍ وكأن ذلك البعض
رأى أن ضمان الوجه كضمان المال في هذا. قوله: (بالتسليم المذكور) أي بتسليم الضامن المضمون
للمضمون له وتسليم المضمون نفسه بأمر الضامن وقوله في تسليمه نفسه أي في البراءة بتسليمه نفسه
والحاصل أن قوله إن حل الحق شرط في المسألتين، أي شرط في البراءة بكل من تسليمه له وتسليمه
نفسه بأمره وأما ما قبله وهو قوله إن أمره به فهو شرط في البراءة بتسليمه نفسه وهو المسألة الثانية.
قوله: (فلذا ترك العاطف) أي لأنه لو عطف الثاني بالواو لأوهم قصره على الثانية كالذي قبله. قوله: (وإلا
لم يبرأ إلا بمحله) أي بشرط كون محل الحكم وهو المحكمة باقيا على حاله تجري فيه الاحكام فإن
خرب وسلمه له فيه فهل يبرأ بذلك أم لا قولان مبناهما هل المراعي اللفظ أو المقصد لان المقصد من
اشتراط ذلك وقوع الحكم عليه في ذلك المحل والمعتمد الثاني وهو عدم البراءة. قوله: (أي بلد الضمان)
جوز ح كون الضمير عائدا على الاشتراط المفهوم من قوله يشترط أي أنه إذا اشترط رب الحق
على الضامن أن يحضر له المضمون في بلد معينة فأحضره له في غيرها فإنه يبرأ بذلك إذا كان فيها حاكم
وهذا أحد قولين مرجحين في المسألة. قوله: (إن كان به حاكم) المراد إن كان ذلك البلد الذي أحضر فيه
يمكن خلاص الحق فيه سواء كان فيه حاكم أو لم يكن وإنما فيها جماعة المسلمين ا ه‍ شيخنا عدوي. قوله: (ولو
عديما) مبالغة في الابراء يعني أن ضامن الوجه يبرأ بتسليم المضمون بوجه من الوجوه المذكورة
ولو كان المضمون عديما على المشهور خلافا لابن الجهم وابن اللباد القائلين لا يبرأ الضامن بتسليمه
بوجه من الوجوه إلا إذا سلمه وهو ملئ فإن سلمه وهو معدم لم يبرأ بذلك التسليم وهذا القول هو
المردود عليه بلو في كلام المصنف. قوله: (وإلا أغرم الضامن) أي ما على المضمون وهذا هو المشهور خلافا
لابن عبد الحكم القائل أنه لا يلزم ضامن الوجه إلا إحضاره ولا غرم عليه. قوله: (إن قربت غيبة غريمه)
وأما ضامن المال فهل يتلوم له إذا غاب الأصل أو أعدم أو لا يتلوم له قولان لابن القاسم والمعتمد الثاني.
قوله: (كاليوم ونحوه) المراد بنحوه يوم ثان. قوله: (الحاضر) أي الذي لم يسلمه لعدم قدرته على ذلك
لكونه لا تأخذه الاحكام مثلا لكن أمد التلوم للغائب أكثر من أمده للحاضر كما عند عج. قوله: (لأنه

345
حكم مضى) أي وحينئذ يكون الطالب مخيرا بين طلب الضامن والمضمون. قوله: (وهذا) أي غرم
الضامن إذا لم تحصل براءته بوجه مما سبق إذا لم يثبت الضامن عدم الغريم عند حلول الأجل، وأشار
الشارح بهذا إلى أن قول المصنف لا إن أثبت عدمه عطف على مقدر بعد قوله وإلا غرم والأصل
وإلا غرم إن لم يثبت عدمه عند حلول الأجل لا إن أثبت الخ. قوله: (لا إن أثبت عدمه) أي لا إن أثبت
الحميل بالبينة ولو بعد الحكم عليه بالغرم أن المدين كان معدما عند حلول الأجل أو أثبت أنه قد مات
قبل الحكم عليه بالغرم فلا غرم فالاثبات واقع بعد الحكم بالغرم والعدم أو الموت واقع قبله. قوله: (وما
قدمه المصنف) أي في باب الفلس. قوله: (ولو أثبت عدمه) أي ولو أثبت الضامن أن الغريم كان معدما
عند حلول الأجل. قوله: (فقط) أي وأما إثبات موته قبل الحكم على الضامن بالغرم فلا فرق بين كون
المضمون كان حاضرا ببلده أو غائبا. قوله: (فلا يسقط عنه) أي عن الضامن الغرم. قوله: (يثبت بالبينة
فقط) هذا على طريقة اللخمي السابقة. قوله: (راجع الخ) أي فهو لف ونشر مرتب وتقدير الكلام
لا إن أثبت عدمه في غيبته أو موته ولو بغير بلده ولا يصح رجوع قوله ولو بغير بلده لاثبات عدمه
في غيبته أيضا لان من أثبت عدمه في غيبته عديم في غير بلده فلا تتأتى المبالغة فتأمل. قوله: (ورجع
الضامن) أي الذي حكم عليه بالغرم. وأشار الشارح بقوله إن أثبت أن الغريم قد مات قبل الحكم
أو كان عديما الخ إلى أن قول المصنف ورجع به راجع لمسألة العدم والموت وجعله بعضهم راجعا
لمسألة الموت قال عبق وهو قصور منه. قوله: (وصح الضمان بالطلب) أي وصح الضمان حالة كونه
ملتبسا بالطلب وضمان الطلب هو التزام طلب الغريم والتفتيش عليه فقول الشارح وهو
التفتيش الخ الضمير للطلب لا لضمان الطلب. قوله: (والدلالة عليه) أي من غير إحضار له.
قوله: (ويختص الوجه بالغريم) أي إذا لم يحضر الغريم ولو لم يفرط بأن تعذر عليه الاحضار وأما ضمان
الطلب فلا غرم عليه إلا إذا فرط في الاتيان به أو الدلالة عليه. قوله: (وصح في الطلب) أي وصح
ضمان غير المال في الطلب. قوله: (أو ما يقوم مقامه) أي مقام اشتراط نفي المال تصريحا. قوله: (بما يقوى
عليه) الذي يتعين حمل كلام المصنف عليه ما إذا كان المضمون معلوم الموضع ففي التوضيح والمواق
نقلا عن ابن القاسم أن معلوم الموضع إن كان مثل الحميل يقوى على الخروج إليه لذلك الموضع كلف
بذلك وإن ضعف عن ذلك لم يكن عليه أن يخرج، وأما مجهول الموضع فإنما يطلبه في البلد وما قرب منه
كما في التوضيح فقد علم من هذا أنه إنما يلزمه الطلب بما يقوى عليه إذا كان موضع الغريم معينا وعلم
منه أيضا أن ما عزاه عبق لابن القاسم من أن معلوم الموضع يلزمه طلبه في البلد وما قرب منه فيه نظر
انظر بن. قوله: (في البلد) الأولى أن يقول كان ما يقوى عليه البلد فقط أو البلد وما قاربها أو مسافة يوم
أو يومين أو ثلاثة. قوله: (وحلف ما قصر) المتيطي إذا خرج لطلبه ثم قدم وزعم أنه لم يجده برئ وكان

346
القول قوله إذا مضت مدة يذهب فيها للموضع الذي هو فيه ويرجع وغاية ما عليه أن يحلف أنه ما قصر
في طلبه ولا دلس ولا يعرف له مستقرا وهذا قول ابن القاسم في العتبية وهو مثل قوله في الأجير على
تبليغ الكتاب انظر بن. قوله: (في نحو القصاص) أي فإن الضامن فيها إنما يلزمه طلب المكفول فإن
قصر عوقب. والحاصل أنه في ضمان الطلب إن كان المضمون عليه مالا وفرط الضامن في الاتيان
بالمضمون أو هربه فإنه يغرم ما عليه من المال، وإن كان الضمان في قصاص أو جرح أو حد أو تعزير ترتب
على المضمون وفرط الضامن في الاتيان به أو هربه فإنه يعاقب فقط هذا هو المذهب. وقال عثمان البتي
إذا تكفل بنفس في قصاص أو جراح فإن لم يأتي بالمضمون لزمته الدية وأرش الجراحات وكانت
له في رأس مال الجاني إذ لا قصاص على الكفيل وهو خارج المذهب. قوله: (وحمل في مطلق الخ)
حاصله أنه إذا ذكر لفظا من هذه الألفاظ وقيد بالوجه أو المال أو الطلب أو قامت القرينة على
واحد انصرف الضمان له ولا كلام وإن قال أردت الوجه أو غيره فقولان كما في ابن الحاجب وفي
المدونة وإن أراد الوجه لزمه وصدق، وإن ادعى أنه لم يرد شيئا فاختلف هل يحمل على المال أو الوجه
اختيار ابن يونس وصاحب المقدمات أنه يحمل على المال. وقال المازري اختار بعض أشياخي أنه
يحمل على الوجه لكونه أقل الأمرين فقوله على الأرجح أي عند ابن يونس والأظهر أي عند ابن رشد.
وقد علمت أن مقابله ما اختاره بعض أشياخ المازري من حمله على ضمان الوجه ويدل للأول قوله عليه
الصلاة والسلام الحميل غارم والزعيم غارم. قوله: (وزعيم) من الزعامة وهي السيادة لغة والضامن كالسيد
للمضمون. قوله: (عن التقييد بشئ) أي الوجه أو الطلب أو المال. قوله: (بلفظ أو قرينة) في خش
المراد بالمطلق الذي لم يقيد بمال ولا وجه لا بلفظ ولا نية إذ لو نوى شيئا اعتبر كما في المدونة فاحترز بقوله
مطلقا عما لو قال أردت بما ذكر المال أو الوجه فيلزمه ما نواه. قوله: (لا إن اختلفا) هذا مخرج من مقدر
أي ولزم ذلك أي المال لا إن اختلفا أي في الشرط أو الإرادة فلا يلزمه ذلك فإذا قال الضامن إنما
شرطت ضمان الوجه أو أردته وقال الطالب بل المال كان القول قول الضامن بيمين وذلك لان الطالب
يدعي عمارة ذمة الأصل براءتها، فمراد المصنف اختلافهما في شئ مخصوص وحينئذ لا يدخل في
كلامه اختلافهما في حلول المضمون فيه وتأجيله أي هل وقع حالا أو مؤجلا لان القول قول مدعي
الحلول ولو كان هو الطالب اتفاقا وأما لو اختلفا في حلول أجله وعدم حلوله، فالقول قول مدعي عدم
الحلول. قوله: (فلا يجب على المدعى عليه إقامة وكيل بذلك) أي ولو أقام المدعي شاهدا بالحق ولم يحلف
معه لرجاء قدوم الشاهد الثاني من غيبته. قوله: (من أنه يجب كفيل بالوجه) أي بمجرد الدعوى سواء
ادعى الطالب قرب بينته أو بعدها قال أبو علي المسناوي وهذا القول هو الذي جرى به العمل ا ه‍ بن.
قوله: (والباء سببية) أي ولا يجب إقامة وكيل ولا كفيل بسبب الدعوى أي المجردة عن بينة حاضرة
لان للقاضي سماع البينة في غيبة المطلوب. قوله: (وليس كذلك الخ) اعلم أن مذهب سحنون أنه لا يجب
مع الشاهد إلا حميل بالوجه وقال ابن القاسم يجب حميل بالمال ذكر هذا الخلاف ابن هشام الخضراوي
في المفيد وقال أن مذهب سحنون هو الذي به العمل نقله أبو علي المسناوي فينبغي أن يحمل عليه المصنف
هنا وفيما يأتي وهو المتبادر منه في الموضعين خلافا لما في شارحنا تبعا للشيخ سالم ا ه‍ بن. قوله: (بل يجب
الكفيل بالمال) وحينئذ فالاستثناء منقطع لان ما قبله الكفيل فيه بالوجه وما بعده الكفيل فيه بالمال. باب الشركة

347
قوله: (وفتحها) أي فهو بوزن نعمة ورحمة ونبقة. قوله: (والأولى) وهي كسر الشين مع سكون الراء.
قوله: (إذن الخ) أي أن يأذن كل واحد من الشريكين لصاحبه في أن يتصرف للآذن ولنفسه في مال
لا أنه يتصرف للآذن وحده وإلا كان وكالة والمراد إذن كل منهما للآخر في التصرف ولو في ثاني
حال أي بعد العقد، وحينئذ فيشمل التعريف شركة المفاوضة وشركة الذمم. قوله: (وهو متعلق
بالتصرف) أي وليس متعلقا بإذن بل متعلقه محذوف أي للآخر كما أشار له الشارح وإنما لم يجعل
قوله لهما متعلقا بإذن لم يلزم عليه من الفصل بين المصدر ومعموله بأجنبي ولصدق التعريف حينئذ
بقول من ملك شيئا لغيره أذنت لك في التصرف فيه معي، وقول الآخر له مثل ذلك في ملكه مع أن
ذلك ليس شركة لأنه لو هلك ملك أحدهما لم يضمنه الآخر وهو لازم للشركة ونفي اللازم يقتضي نفي
الملزوم. قوله: (يشمل الوكالة والقراض) أي من الجانبين فيهما. قوله: (مع
أنفسهما) أي مع بقاء تصرف أنفسهما أي الآذن والمأذون وهما المراد بالمأذونين في كلام الشارح سابقا، وذلك لان كل واحد منهما
آذن ومأذون باعتبار وحينئذ فيصح جعل الضمير في لهما وفي أنفسهما للمأذونين وللآذنين وللآذن
والمأذون لما علمت من اتحادهما بالذات واختلافهما إنما هو بالاعتبار فقط، وبهذا سقط ما قاله بعضهم
من تعين رجوع الضمير للآذن والمأذون وعدم صحة رجوعه للآذنين أو المأذونين إذ لو كان راجعا
للمأذونين لاقتضى أن كلا لا يتصرف إلا لنفسه، ولو كان للآذنين لاقتضى تصرف كل واحد لشريكه
فقط ويدخل فيه الوكالة من الجانبين تأمل. قوله: (وإنما تصح من أهل التوكيل والتوكل) أي إنما
تصح ممن كان متأهلا لان يوكل غيره ويتوكل لغيره لان العاقدين للشركة كل واحد منهما وكيل عن
صاحبه وموكل لصاحبه فمن جاز له أن يوكل ويتوكل جاز له أن يشارك ومن لا فلا. قوله: (وهو الحر
البالغ الرشيد) أي وحينئذ فلا تصح شركة الرقيق ولا الصبي ولا المجنون ولا السفيه والمراد الحر
حقيقة أو حكما ليدخل المأذون له في التجارة فإن شركته صحيحة ولو شارك بغير إذن سيده، فلو اشترك
عبد غير مأذون له في التجارة مع حر ثم خسر المال أو تلف رجع سيد العبد على الحر برأس المال إن
استقل الحر بالعمل لا إن عملا معا، فإن عمل العبد وحده فلا ضمان عليه للحر إلا أن يغر العبد شريكه
الحر بحريته فتكون الخسارة في مال الحر جناية في رقبة العبد الذي قد عمل، فإن كانا عبدين فلا ضمان
على واحد منهما سواء عملا معا أو أحدهما كما في ح وينبغي أن يكون الحكم كذلك إذا اشترك صبي
مع بالغ أو مع صبي أو اشترك سفيه مع مثله أو مع رشيد إلا أنه لا يجري في الصغير والسفيه قوله فيكون
جناية في رقبته كما هو ظاهر انظر عبق. قوله: (ولزمت بما يدل عليها عرفا) أي سواء كان قولا كما
ذكر المصنف أو فعلا كخلط المالين والتجر فيهما والحاصل أنها تلزم بكل ما دل عليه عرفا سواء كان قولان
فقط أو فعلا فقط وأولى إذا اجتمعا، وما ذكره المصنف من لزومها بالقول هو الذي لابن يونس وعياض
وفي التنبيهات الشركة عقد يلزم بالقول كسائر العقود والمعاوضات وهذا مذهب ابن القاسم
ومذهب غيره أنها لا تلزم إلا بخلط المالين انضم لذلك قول أم لا ثم إن الظاهر من قوله ولزمت بما يدل الخ
ولو كانت تلك الشركة شركة زرع وهو أحد قولين والآخر لا تلزم إلا بالعمل والأول لسحنون
والثاني لابن القاسم. قوله: (لزيادة) أي كخلط المالين. قوله: (حتى ينض المال) أي حتى يظهر المال بعد بيع السلع.

348
قوله: (اتفق صرفهما) أي الذهبين والورقين أي اتفق صرفهما وقت العقد فلا يضر الاختلاف
في الصرف بعد العقد. وظاهر الشارح عدم اشتراط اتحاد الذهبين أو الفضتين في السكة وهو كذلك
فلا يضر كون أحد الذهبين سكته محمدية والآخر سكته يزيدية مع فرض اتفاقهما في الجودة، وإن كان
الشأن أن المحمدية أجود من اليزيدية. قوله: (في هذه الأمور) وهي الاتفاق في الصرف والوزن
والجودة أو الرداءة. قوله: (لتركبها الخ) المناسب لما بعده أن يقول لئلا يلزم التفاوت في الشركة أو البيع
الفاسد فتأمل ذلك. قوله: (وعلته في اختلاف صرفهما) حاصله أنهما إذا اختلفا صرفا مع اتحادهما وزنا
واتفاقهما جودة أو رداءة فإن دخلا على إلغاء ما زاد أدى ذلك إلى الدخول على التفاوت في الشركة
وإن دخلا على عدم إلغائه فقد صرفا الشركة لغير الوزن فيؤدي إلى إلغاء الوزن في بيع الذهب بالذهب أو
الفضة بالفضة. قوله: (لان قيمة الجيد أكثر من قيمة الردئ) أي وحينئذ فقد دخلا على ترك ما فضلته قيمة
الجيد. قوله: (وإن دخلا على القيمة) أي دخلا على أن كل واحد يأخذ من الربح ويعمل على قدر قيمة عينه.
قوله: (يؤدي إلى بيع النقد بغير معياره الخ) أي وبيع النقد بنوعه بالقيمة وإلغاء الوزن لا يجوز. قوله: (ما إذا
كان أحدهما عرضا الخ) أي أو أحدهما عينا والآخر طعاما وهذا وإن لزم عليه بيع الطعام قبل قبضه إلا أنه
غلب جانب العين أو العرض ولا يمتنع إلا الصورتان الآتيتان في المصنف. قوله: (وهذا) أي اعتبار
قيمة العرض يوم عقد الشركة. قوله: (فيما يدخل في ضمان المشتري بالعقد في البيع) وهو ما ليس فيه
حق توفية ولا مواضعة ولا خيار ولا غائب. قوله: (وأما ما لا يدخل في ضمانه بالعقد) أي وإنما يدخل بالقبض.
قوله: (كذي التوفية) المراد به هنا ما يكال أو يعد أو يوزن من غير العين لان الكلام في العرض المقابل
للعين. قوله: (لا فات) قال طفي انظر ما فائدة هذا مع أن عادة المصنف إذا نفى شيئا فإنما ينكت على من قال
به، ولم أر من ذكر أن القيمة تعتبر في الشركة الصحيحة يوم الفوات مع ما توهمه عبارته أن القيمة في
الفاسدة تعتبر يوم الفوات وليس كذلك كما أشار له ابن غازي ا ه‍ بن. قوله: (على تفاضل الربح أو العمل)
أي والفرض أن المالين مستويان في القدر. قوله: (فإن لم يعرف ما بيع به) أي لكون العرضين قد خلطا
ولم يعلم ما بيع به كل واحد لبيعهما صفقة مثلا. قوله: (كذلك) أي يكون رأس مال كل ما بيع به طعامه.
قوله: (لان خلط الطعامين) هذا إشارة للفرق بين الطعامين والعرضين إذا خلطا ولم يعرف ما بيع به كل
ففي العرضين تعتبر قيمة كل يوم البيع وفي الطعامين يوم الخلط. قوله: (ورد

349
عليه أن المذهب الخ) أي ورد عليه أن المعتمد في المذهب وهو قول ابن القاسم في المدونة لزومها بالعقد أي بما يدل عليها عرفا سواء
كان قولا كاشتركنا أو فعلا كخلط المالين أو هما معا. وأما القول بأن الخلط شرط في لزومها فهو
قول سحنون ودرج عليه صاحب المقصد المحمود وصاحب المعونة إلا أنه خلاف المشهور وحينئذ
فلا يحمل المصنف عليه. قوله: (وما ابتيع بغيره) أي بغير التالف فبينهما على ما دخلا عليه للزوم الشركة
بمجرد العقد. قوله: (فليكن شرطا في الضمان) أي أنها بعد لزومها بالعقد يكون ضمان كل مال من صاحبه
قبل الخلط فإن وقع الخلط ولو حكما فالضمان منهما، فإذا اشترى أحدهما بماله قبل الخلط فهو بينهما
لأنها لزمت وما ضاع فهو من صاحبه. واعلم أن اشتراط الخلط في الضمان إنما هو بالنسبة لما فيه حق
توفية وأما غيره فلا يشترط فيه الخلط بل متى انعقدت الشركة ولزمت كان ضمان المالين منهما انظر المج.
قوله: (ولو حكما) هذا قول ابن القاسم ورد المصنف بلو على قول غيره فيها لا يكون الضمان إلا بخلط
المالين حسا والخلط الحكمي كما قال ابن عرفة هو كون المالين في حوز واحد ولو عند أحدهما أي هذا إذا
كان عندهما بل، ولو كان عند أحدهما فما بعد المبالغة كمثال الشارح وما قبلها كأن يكون المالان في صرتين
بمحل وقفل عليه بقفلين وأخذ كل واحد مفتاح قفل أو قفل عليه بقفل واحد وله مفتاحان وأخذ كل
واحد مفتاحا فهذا من جملة الخلط الحكمي كما اختاره بن مستدلا بكلام ابن عرفة المتقدم خلافا لعج ومن
تبعه حيث لم يجعل هذا خلطا حكميا ولا حسيا. قوله: (وعلى المتلف نصف الثمن) أي فإذا اشترى بالسالم
سلعة بمائة فعلى الذي تلف ماله نصف المائة وهو خمسون. قوله: (وهل الخ) اعلم أن الخلاف المذكور إنما
هو إذا وقع الشراء بالسالم بعد التلف وأما الشراء الواقع قبل التلف فهو بينهما اتفاقا من غير تفصيل بين
علم وعدمه إذ لا يعقل فيه التفصيل المذكور. قوله: (وإن لم يرض المشتري) أي وهو ذو السالم. قوله: (خير)
أي رب السالم بين أن يختص به الخ أي لان من حجته أن يقول لو علمت أن مال شريكي
تلف لم أشتر إلا لنفسي. قوله: (فله وعليه) أي فله الربح وعليه الخسر. قوله: (حقه تأويلان)
أي كما قال ح الأول لابن رشد والثاني لعبد الحق وابن يونس وهما على الوجه الذي بينه
الشارح لا على ظاهر المصنف انظر ح. قوله: (وبالغ على جواز الشركة بما سبق) أي من
الذهبين أو الورقين أو العين والعرض. قوله: (ولو غاب نقد أحدهما) مفهومه أنه لو غاب
نقداهما معا منعت كما في التوضيح. قوله: (أمران) اعلم أن هذين القيدين لابن يونس عن
بعض شيوخه ومقتضى كلام اللخمي عدم اعتبارهما لأنه نفى كون الشركة مبايعة انظر ابن
عرفة ا ه‍ بن. قوله: (أي يشترط أن لا يتجر بالحاضر) أي أن ينتفي التجر بالحاضر قبل أن يقبض الغائب

350
بأن يدخلا على ذلك أو يدخلا على السكوت ويمتنعا من التجر بالحاضر حتى يقبض الغائب. قوله: (لاجتماع
الصرف والشركة) فالشركة من جهة بيع كل منهما بعض ماله ببعض مال الآخر بقطع النظر عن كون
أحد المالين ذهبا والآخر فضة والصرف من جهة بيع أحدهما ماله بمال آخر منظورا فيه لخصوص كون
أحد المالين ذهبا والآخر فضة فآل الامر إلى أن بيع الذهب بالفضة هو الشركة والصرف لكنهما
مختلفان بالاعتبار، فباعتبار بيع أحدهما بعض ماله ببعض مال الآخر شركة، وباعتبار كون المبيع ذهبا
بفضة والعكس صرف قرره شيخنا العدوي. قال ابن عبد السلام احتجاجه في المدونة على المنع بهذا
التعليل غير بين لأن العقود المنضمة للشركة إنما يمنع من صحتها إن كانت تلك العقود خارجة عن
الشركة فإن كانت غير خارجة عنها لم تكن مانعة لها وقد نص على معنى هذا في المدونة وأجيب بأن
هذا في العقود المغايرة للصرف وأما الصرف متى انضم للشركة اقتضى منعها سواء كان خارجا عنها أو لا
لأجل ضيق الصرف وشدته. قوله: (ولو اتفقا نوعا وصفة وقدرا) رد بلو على ما روي عن ابن القاسم من
جوازها حينئذ قياسا على العين. قوله: (لأنه يؤدي الخ) هذا التعليل لعبد الحق قال ابن فرحون
واعترض ذلك بأنه أجاز في المدونة الشركة بالنقد والطعام والعرض والطعام ولو كان المنع لما ذكر من
العلة لمنع لان فيه بيع الطعام قبل قبضه ا ه‍ وأصله لأبي الحسن وقد تقدم الجواب عن هذا بأنهم إنما أجازوا
الشركة بالنقد والطعام والعرض والطعام تغليبا لجانب النقد والعرض على الطعام وإذا كانت
الشركة بطعامين فليس هناك شئ آخر غير الطعام يغلب جانبه. قوله: (لان كل واحد باع الخ) هذا
التعليل يجري فيما إذا حصل خلط الطعامين أيضا لأنه يستمر طعام كل في ضمان بائعه حتى يقبضه
مشتريه بمعياره الشرعي. قوله: (ثم إن أطلقا الخ) أي ثم بعد انعقاد الشركة بقولهم اشتركنا مثلا إن
جعل كل واحد منهما للآخر التصرف في غيبته وحضوره بالبيع والشراء والكراء والاكتراء
وغير ذلك هذا إذا كان ذلك الاطلاق في جميع الأنواع بل، وإن كان في نوع خاص فتلك الشركة تسمى
شركة مفاوضة. واعلم أن إطلاق التصرف إما بالنص عليه أو بالقرينة وأما لو قالا اشتركنا مقتصرين
على ذلك، وليس هناك قرينة على إطلاق التصرف من كل منهما للآخر ففي كون ذلك شركة
مفاوضة أو عنان يحتاج كل واحد لمراجعة صاحبه خلاف أظهرهما الثاني وهو أنها شركة عنان.
قوله: (بفتح الواو) أي لا غير وما ذكره عبق من جواز الكسر فقد رده بن بأنه ليس في الصحاح
والقاموس والمصباح والمشارق إلا الفتح ا ه‍ وبالجملة فالكسر لا يصح في المصدر لقول الخلاصة:
لفاعل الفعال والمفاعلة نعم يصح الكسر بتكلف الاسناد المجازي للشركة على حد جد جده كما قاله
في المج. قوله: (والأولى) أي وهي ما قبل المبالغة وهي التي أطلق فيها كل من الشريكين لصاحبه
التصرف في جميع الأنواع. قوله: (لان الاطلاق) أي إطلاق كل واحد للآخر في التصرف. قوله: (والثانية)
أي ما بعد المبالغة وهي التي أطلق فيها كل من الشريكين لصاحبه التصرف في نوع.
قوله: (وقيل هي) أي الثانية. قوله: (بالاطلاق فيه) أي بإطلاق التصرف فيه. قوله: (ولا يفسدها انفراد
أحدهما الخ) أي خلافا لأبي حنيفة والشافعي في فسادها مطلقا أي تساويا في عمل الشركة أو لا.

351
قوله: (إذا تساويا في عمل الشركة) أي وإلا فسدت والمراد بتساويهما فيه أن يكون عمل كل واحد
على قدر ماله من المال فإذا كان مالهما متساويا كان على كل نصف العمل وإن كان المالان الثلث
والثلثين كان العمل كذلك. قوله: (ويقارض) أي يدفع بعض المال لمن يعمل فيه قراضا بجزء من الربح
ويكون جزء الربح الآخر شركة. قوله: (وهذا) أي جواز دفعه القراض وقوله وما قبله أي جواز
الابضاع وقوله وإلا منع أي بغير إذن شريكه وهذا التقييد للخمي وذكر أنه إذا بلغ المبضع موت
أحد الشريكين قبل شرائه لم يشتر لصيرورة المال للورثة. قوله: (وإلا ضمن) أي وينبغي أن يصدق في
دعوى العذر لأنه شريك بخلاف المودع إذا أودع وادعى أنه أودع لعذر فإنه لا يصدق لأنه غير
شريك. قوله: (وله أن يشارك في شئ معين) ظاهره سواء كانت الشركة في ذلك البعض المعين شركة
مفاوضة أو غير مفاوضة وهو كذلك كما قاله طفي. قوله: (في جميعها) أي بل في القدر المعين الذي شارك
فيه فقط. قوله: (قدر حصته منه) أي من الربح الذي في تلك السلعة. قوله: (ويقبل المعيب) يعني أنه يجوز
له أن يقبل المعيب الذي اشتراه هو أو شريكه أو المردود من بيع أحدهما بغير إذن شريكه. قوله: (يحتمل
رجوع المبالغة لجميع ما تقدم) أي وهو صحيح من جهة الفقه أي ويحتمل رجوعه لما قبله فقط
أي وإن أبى الآخر من القبول والأول أولى والمراد بجميع ما تقدم قوله وله أن يتبرع إلى هنا. قوله: (ويقر
بدين) أي في حالة المفاوضة قبل التفرق وقبل موت شريكه وأما إن أقر لمن لا يتهم عليه بعدهما
فسيأتي في قوله وإن أقر واحد بعد تفرق أو موت فهو شاهد في غير نصيبه. قوله: (لم يلزم شريكه) أي
وإن كان يؤاخذ به ذلك المقر في ذمته ومفهوم بدين أنه لو أقر أن هذه السلعة ليست من سلع
التجارة بل وديعة لفلان فإنه يصدق بالأولى من الاقرار بالدين لأنه إذا كان إقراره بما
يعمر به ذمة شريكه معمولا به فأحرى ما لم يكن فيه تعمير ذمته، وهذا واضح إذا شهدت
بينة بأصل الوديعة وإلا كان تعيينه للوديعة كإقراره بها وحكمه أنه يكون شاهدا سواء حصل
تفرق أو موت أولا ابن عرفة سمع يحيى بن القاسم أن قدم شريك غائب على شريكه فقال في شئ مما
بيده هو وديعة، فإن لم يعين ربها سقط قوله وإن عين ربها لم يأخذه حتى يحلف مع إقراره لمن استحق
فإن نكل أخذ حظ المقر فقط ا ه‍ ولم يذكر حلف الشريك والوجه حلفه إن حقق عليه أنه أقر بباطل
وإن اتهمه فلا يمين عليه انظر بن. قوله: (وله أن يبيع بالدين) أي بأن يبيع بثمن معلوم لأجل معلوم
فإن باع بالدين وفلس المشتري أو مات معدما ضاع الثمن عليهما معا لا على البائع وحده. قوله: (فإن فعل)
أي أشتري بالدين بغير إذن شريكه. قوله: (فإن أذن له في سلعة معينة) أي أذن له في شرائها بالدين. قوله: (وإلا فلا)
أي وألا تكن معينة أي بأن قال له كل سلعة وجدتها وأعجبتك فاشترها بالدين فلا يجوز.
وحاصل ما ذكره الشارح أن الشريك إذا اشترى بالدين فإما أن يكون بإذن شريكه أولا وفي كل إما أن
تكون السلعة معينة أو لا، فإن كان بغير إذن شريكه فالمنع كانت السلعة معينة أم لا وإن كان بإذنه جاز
إن كانت السلعة معينة وإلا منع هذا وفي بن تبعا لطفي أن ما ذكره المصنف من أنه لا يجوز لاحد
الشريكين الشراء بالدين بغير إذن شريكه فهو خلاف المذهب والمذهب ما لابن الحاجب وابن
شاس، واختاره ابن عرفة من جواز شراء أحد الشريكين بالدين إذ لا بد للناس من ذلك وحينئذ فلا
فرق بين البيع بالدين والشراء به خلافا للمصنف تبعا لابن عبد السلام في تعقبه على ابن الحاجب

352
وإنما شركة الذمم المنهى عنها إذا لم يكن بين الشريكين رأس مال ا ه‍ كلام بن. قوله: (ككتابة وعتق)
أي لا يجوز لاحد الشريكين فعل ذلك بغير إذن شريكه فإن فعل لزمته الكتابة لجريان شائبة الحرية
وعليه قيمة نصف شريكه ويبقى مكاتبا فإن وفى وإلا رجع رقيقا له وكذا ينبغي أن ينفذ عتقه ويلزمه
لشريكه قيمة نصفه كعبد مشترك ا ه‍ بهرام. قوله: (نظرا إلى أنها عتق) أي لا نظرا إلى أنها بيع
وإلا كان لاحد الشريكين فعلها بغير إذن شريكه. قوله: (وأما من أجنبي) أي وأما عتقه على مال
يتعجله من أجنبي. قوله: (جاز) أي ولو بغير إذن شريكه. قوله: (وإذن) بالجر عطف على كتابة.
قوله: (مفاوضة) أي بأن فوض له التصرف في الشركة الأولى كلها سواء أشركه في كلها أو في شئ معين منها
كما قال الشارح. قوله: (لا المعنى المتقدم) أي من كونه يدفع له بعض مال الشركة ويشاركه فيه مفاوضة
بحيث يعمل فيه على حدة ولا تجول يده في المال الأصلي. قوله: (وخسره) أي فيما إذا ادعى التلف
أو الخسر وظهر كذبه وإلا فعامل القراض لا يلزمه خسر. قوله: (وإنما هو أجر نفسه بجزء من
الربح) أي فلا شئ لشريكه فيه. قوله: (ويجوز إن كان لا يشغله عن العمل) أي ويجوز لاحد
الشريكين أن يأخذ مالا من أجنبي يعمل فيه قراضا بغير إذن شريكه إذا كان لا يشغله عن العمل في
مال الشركة. قوله: (أو أذن الخ) أي أو كان يشغله عن العمل فيه ولكن أذن له شريكه في أخذه أي لأنه
إذا أخذه بإذنه يحمل على أنه تبرع له بالعمل في مال الشركة ولا يكون الشريك في هاتين الحالتين
اللتين يجوز له فيهما أخذ القراض متعديا بأخذه ولا يكون متعديا بأخذه القراض إلا إذا أخذه بغير
إذن شريكه وكان العمل فيه يشغله عن العمل في مال الشركة، ثم إنه في حال تعديه لا يكون ذلك التعدي
مانعا من استبداده بالربح والخسر كما قرره شيخنا العدوي. قوله: (وأن للشركة) أي والحال أن الأمتعة
التي حملت عليها للشركة. قوله: (وهو الأجرة فيحاسب بها شريكه) أي ويأخذ منه ما ينوبه من تلك
الأجرة وما ذكره الشارح من أن الشريك المستعير بلا إذن يختص بالربح وأن المراد به الأجرة
فيحاسب بها شريكه تبع فيه عج، واعترضه طفي بأن الدابة المستعارة لا يتأتى فيها استبداد
بالربح لأنه إن حمل على ما نشأ من خصوص الحمل كأن يحمل عليها سلعا للتجارة من محل لمحل آخر
فحصل بسبب الحمل ربح فهذا يتوقف على نص يساعده ولم يوجد وإن حمل الربح على الأجرة كما
قال عج فهذا بعيد ومع بعده يحتاج لنص يساعده، فالظاهر أن المصنف أجمل في الربح والخسر
وأن في الكلام توزيعا من صرف الكلام لما يصلح له فالعارية لا يتصور فيها استبداد بالربح بل
بالخسر والقراض والوديعة يتصور فيهما الاستبداد بالربح والخسر ويدل لهذا أنه في المدونة
اقتصر في الدابة المستعارة على الخسر فتأمل. قوله: (وهو ضمانها إن تلفت) أي لان لشريكه أن يقول
كنت استأجرت فلا تضمن ثم إن تفسير الخسر المختص به إذا استعار بغير إذن بضمانها إذا تلفت فيه
شئ لأنه إن كان التلف بتفريط أو تعد كما قال الشارح فالضمان منه وحده لا فرق بين الاذن وعدمه
وإن لم يكن بتعديه فلا ضمان عليه لا فرق بين الاذن وعدمه لأنها مما لا يغاب عليه، وأجيب بأن
قولهم إذا أذن له في العارية فالضمان منهما معا محمول على ما إذا تلفت بغير تفريط وبغير تعد لكن
وقع الترافع لقاض حنفي يرى ضمان العارية مطلقا تعدى عليها أم لا فإذا حكم القاضي بقيمتها وكان
تلفها بغير تعد كانت القيمة عليهما إذا استعارها بإذن شريكه وإن كان بغير إذنه فالضمان منه
وحده. قوله: (فإن أذن شريكه) أي في إعارتها. قوله: (أودعت عندهما أو عند أحدهما) أي ولو خلطها

353
بمال التجارة. قوله: (أو عند غير المتجر بها) هذا يقتضي أنه لو أتجر بها من أودعت عنده اختص بالربح
والخسر ولو علم الآخر بتعديه وهو خلاف ظاهر المدونة ونصها وإن أودع رجل أحدهما وديعة
فعمل فيها تعديا فربح فإن علم شريكه بالتعدي ورضي بالتجارة بها بينهما فلهما الربح والضمان عليهما وإن لم
يعلم فالربح للمتعدي وعليه الضمان خاصة فظاهرها أن رضا الشريك ينزل منزلة عمله معه. والحاصل أنه
إذا علم شريكه بتعديه بالتجر في الوديعة التي عندهما أو عند أحدهما سواء كان هو المتجر أو غيره كان
الربح بينهما والخسر عليهما، وينزل علم الشريك ورضاه منزلة عمله معه وذكر بعضهم أنه إن رضي
الشريك وعمل معه كان له أجر مثله فيما أعانه وعليه الضمان وإن رضي ولم يعمل معه فلا شئ له ولا ضمان
عليه ا ه‍ بن. قوله: (أي كوكيل) أي فليس وكيلا حقيقة وإلا لم يشترط الشرط الآتي وهو قوله إن
بعدت غيبته لان الوكيل يرد عليه ولو قربت غيبة الموكل بل ولو مع حضوره. قوله: (ثم قضي) أي
الحاكم بالرد للمعيب إن أثبت المشتري عهدة أي أن ضمان ذلك المبيع من عيب أو استحقاق من البائع
وقوله مؤرخة أي وأثبت تاريخ البيع هذا هو المراد كما مر. وقوله إن لم يحلف عليهما أي على العهدة
وصحة الشراء وأما التاريخ فلا بد من إثباته بالبينة. قوله: (إن بعدت غيبته) أي الغائب المشبه لا المشبه
به فهو على حد عندي درهم ونصفه. قوله: (شريكه الغائب) أي الذي صدر منه البيع. قوله: (ولا يرد على
شريكه الحاضر) وأولى إذا كانا حاضرين أي لا يرد على الحاضر جبرا فيهما فلا ينافي ما مر من أن له أن
يقبل المعيب المردود من بيع أحدهما بغير إذن شريكه. قوله: (وتفسد بشرط التفاوت) من إضافة
المصدر لمفعوله أي باشتراط أحدهما التفاوت ومعلوم أنه لا يقال اشتراط إلا إذا كان ذلك عند العقد.
قوله: (في ذلك) أي الربح والخسر والعمل. قوله: (ولكل أجر عمله للآخر) أي الذي عمله عن الآخر
ثم إن المصنف أطلق أجر العمل على حقيقته ومجازه فحقيقته الأجرة التابعة للعمل ومجازه الربح
التابع للمال والقرينة على ذلك قوله ولكل لدلالته على الحالتين وإلا فالذي له أجر العمل الذي
عمله عن الآخر عند اشتراط التفاوت إنما هو أحدهما. قوله: (بعد العقد) أي ولو كانت بإثره فورا
والجواز مبني على أن اللاحق للعقود ليس كالواقع فيها وأما على القول بأن اللاحق للعقود كالواقع فيها
فيمنع كل من الثلاثة المذكورة بأثر العقد. قوله: (لا قبله أو فيه) أي وإلا كان ذلك ممنوعا وظاهره
في التبرع والسلف والهبة، أما في السلف فظاهر لأنه سلف جر نفعا وأما في الهبة والتبرع فلان
ذلك كأنه من الربح فيكون قد أخذ أكثر من حقه وما ذكره الشارح من منع كل من الثلاثة
حال العقد كقبله هو ما في شب، والذي في عبق أن غير السلف يمنع في حالة العقد وقبله، وأما
السلف فيمنع قبل العقد، وأما فيه فيفصل بين كون المتسلف ذا بصيرة بالبيع والشراء
فيمنع لأنه سلف جر نفعا وإلا فيجوز هذا هو الذي في كتاب ابن المواز عن مالك وبه أخذ ابن
القاسم وروي عن ابن القاسم أن مالكا رجع عنه وقال بمنع السلف مطلقا وهو ما في الشارح وشب.
قوله: (لمدعي التلف) هو ما نشأ لا عن تحريك بل بأمر سماوي أو لص وأما الخسر فهو ما نشأ
عن تحريك وإنما كان القول قول مدعي ذلك لأنه أمين في مال الشركة. قوله: (عند تنازعهما
فيهما) أي بأن ادعى أحد الشريكين فيما بيده من بعض مال الشركة تلفا أو خسرا وكذبه الآخر

354
وادعى عليه أنه أخفاه ولم يحصل تلف ولا خسر. قوله: (وحلف المتهم) أي من اتهمه صاحبه وإن كان
في ذاته غير متهم. وقوله وحلف المتهم أي إن كانت التهمة غير قوية وأما التهمة القوية فإنها توجب الضمان
كما في ابن عرفة انظر بن ومراده بالتهمة القوية ظهور كذبه بالقرينة. قوله: (إن لم يظهر كذبه) أي بالبينة
أو القرائن كدعواه التلف وهو في رفقة لا يخفى عليهم ذلك ولم يعلم به أحد منهم وكدعواه الخسارة في
سلعة لم يعلم ذلك فيها لشهرة سعرها. قوله: (ولم يصدقه شريكه) أي وقال له بل اشتريت ذلك للشركة.
قوله: (وأما غير الطعام واللباس) أي من عروض أو عقار أو حيوان عاقل أو غير عاقل ولو كان لائقا به.
قوله: (والقول لمدعي النصف) فإذا تنازعا وادعى أحدهما أن له ثلثي المال وادعى الآخر أن لكل نصفه
فالقول قول مدعي النصف فيقسم المال بينهما مناصفة بعد حلفهما، هذا قول أشهب نظرا لتساويهما
في الحوز والقضاء بالحوز لا يستقل الحكم به بدون يمين. وقال ابن القاسم إذا ادعى أحدهما أن له الثلثين
والآخر ادعى أن له النصف دفع لكل ما سلم له وقسم السدس المتنازع فيه بينهما وحينئذ فيأخذ
مدعي النصف الثلث ونصف سدس ويأخذ مدعي الثلثين النصف ونصف سدس وهذا كله إذا
وقع التنازع من اثنين، وإلا قسم المال على عدد الرؤوس كما قال ابن غازي. قوله: (بحمل أحدهما) أي
وهو الأول. قوله: (على ما بعد الموت) أي فإن مات أحد الشريكين فأرادت ورثته المفاصلة مع شريكه
وقالوا لمورثنا ثلثا المال وثلثا الربح، وقال الشريك بل المال بيني وبين مورثكم على التنصيف فيحملان
على النصف بعد حلف كل على ما ادعاه. قوله: (وللاشتراك) عطف على التلف واللام مقوية وحاصله
أن الشركة إذا انعقدت بينهما فادعى أحدهما على شئ رآه بيد شريكه أنه للشركة وأنه من
جملة سلع التجارة وادعى الآخر الاختصاص، فالقول قول من ادعى أنه للشركة إذا شهدت البينة
أنهما يتصرفان تصرف المتفاوضين سواء شهدت البينة على إقرارهما بالمفاوضة أولا وأولى إذا
شهدت البينة بوقوع الشركة على المفاوضة إلا أن تشهد بينة لمدعي الاختصاص على إرث أو هبة فإنه
يختص به ولا يكون للشركة لان الأصل عدم خروج الاملاك عن يد أربابها، وسواء قالت البينة
أن ذلك سابق على المفاوضة ولم يدخل فيها أو قالت لا نعلم هل المفاوضة سابقة على الإرث أو هو سابق
عليها فإنه يختص به في الحالتين، وأولى لو قالت نعلم تأخره عن المفاوضة ففي هذه الحالات الثلاثة
تكون لمدعي الاختصاص، وأما إذا شهدت البينة بتقدمه عليها ولم تشهد بعدم الدخول في المفاوضة
ففي هذه الحالة تكون تلك السلعة المتنازع فيها على الشركة فالأحوال أربعة قد علمتها وزاد شيخنا
حالا خامسا، وهو ما إذا لم يحصل من البينة قول أصلا زيادة على الشهادة بأنه قد ورثه أو وهب له
وحكمه كما إذا قالت لا نعلم تقدمه عليها ولا تأخره عنها. قوله: (الصواب تأخره عنها) أي الصواب أن
يقول إلا لبينة على كإرثه وإن قالت لا نعلم تأخره عنها وحاصل ما في المقام أن المصنف قد اعترض عليه
بأن ظاهره إن ما قبل المبالغة ما إذا قالت البينة نعلم تقدم الميراث على الشركة وهو لا يصح لان السلعة
حينئذ تكون للشركة لا لمدعي الاختصاص ما لم تشهد بأنها لم تدخل في المفاوضة فالأولى للمصنف
أن يقول إلا لبينة علي كإرثه، وإن قالت لا نعلم تأخره عنها لأجل أن يفيد أن ما قبل المبالغة ما إذا
شهدت بتأخره عنها وأجيب عن المصنف بأن الواو للحال وأن زائدة لا أنها للمبالغة أو أن ما قبل
المبالغة ليس قولها نعلم تقدم الميراث عليها كما فهم المعترض بل قولها نعلم تأخره عنها. وشارحنا
حل المبالغة بهذا ثم صوب كلام المصنف، وأنت خبير بأنه إذا جعل ما قبل المبالغة قولها نعلم تأخره
عنها لا يتأتى الاعتراض على المصنف فكان الأولى للشارح أن يقول فاندفع ما يقال الصواب أن
يقول إلا لبينة علي كميراث وإن قالت نعلم تأخره عنها فتأمل. قوله: (إن شهد بالمفاوضة)
أي بأن قالت البينة نحن نعلم أنهما يتصرفان في جميع أموالهما تصرف المتفاوضين.

355
قوله: (ولو لم يشهد عليهما بالاقرار) أي هذا إذا شهدت البينة عليهما بالاقرار بها بل ولو لم تشهد عليهما
بالاقرار بها وقوله ولو لم الخ مبالغة في الشهادة على تصرفهما تصرف المتفاوضين. قوله: (على القول
الأصح) عند ابن سهل خلافا لابن القطان وابن الشقاق وابن دحون حيث قالوا أن شهادة البينة
بالمفاوضة شهادة ناقصة لا يجب بها قضاء بشركة بينهما إذ لم يبينوا معرفتهم بالشركة إن كانت بإشهاد
من المتفاوضين أو بإقرار منهم بذلك فيجوز أن يعرفوا ذلك بسماع وهذا لا يفيد لا سيما إن كان الشهود
من غير أهل لهذا ا ه‍. وفي بن من النقول المتعددة ما يقوي كلام ابن سهل وأن قول الشهود نحن نعرف
أنهما شريكان متفاوضان شهادة تامة وإن لم تبين الشهود الوجه الذي عرفوا به ذلك فراجعه. قوله: (أو
الاقرار) أي الشهادة على مجرد الاقرار بالشركة من غير معرفة تصرفهما تصرف المتفاوضين. قوله: (فلا
يقتضيان المفاوضة) الأولى فلا يقتضيان الاشتراك أي في الشئ المتنازع فيه وقوله وقيل يقتضيانها
الأولى وقيل يقتضيانه وقوله وقيل الشهادة بها تقتضيها الأولى تقتضيه، لان الخلاف في اقتضائهما
للاشتراك لا للمفاوضة وإن كان ذلك لازما. قوله: (وقيل الشهادة بها تقتضيها) الأولى وقيل الاشهاد
على الاقرار يقتضيه والشهادة على مجرد الشركة لا تقتضيه فكلام الشارح كعبق مقلوب وذلك لان
في الشهادة بمطلق الشركة طريقتين إحداهما للخمي أن ذلك ليس كالشهادة بالمفاوضة وحينئذ فلا يقتضي
الاشتراك بل القول لمدعي الاختصاص مطلقا، والثانية لابن يونس والتونسي أن الشهادة
بالشركة كالشهادة بالمفاوضة فيجري فيها القولان لا بد من الشهادة على الاقرار وكفاية الشهادة
عليها ولو لم تشهد على الاقرار كما قال المصنف انظر بن. قوله: (والقول لمقيم بينة الخ) حاصله أن
أحد الشريكين إذا أخذ من مال الشركة مائة وكان صاحبه أشهد عليه بها عند أخذها بينة للتوثق خوفا
من دعواه ردها ثم مات الآخذ ولم توجد عنده بعد موته فادعى صاحبه أنها باقية عند شريكه الميت
وقالت ورثته أنه ردها فالأصل بقاؤها عند من أخذها والقول قول من أقام البينة سواء طالت المدة أو
قصرت، وكذلك الأصل بقاؤها عند من أخذها إن كان قبضها من غير بينة مقصودة للتوثق لكن
قصرت المدة من يوم أخذها ليوم موته، فإن مضت سنة كان القول قول الورثة في دعواهم الرد أي إذا
كان الميت يتصرف في المال وأما إذا علم أنه لم يصل للمال في تلك السنة لمرض أو حبس مثلا فلا تقبل
دعوى الورثة أنه ردها هذا حاصل الفقه. قوله: (على شريكه الميت) وأما إذا ادعى على شريكه الحي أنه
أخذ مائة من مال الشركة فإن أقر بأخذها وادعى أنه ردها بعد ذلك فإنه يقبل دعواه الرد قصرت المدة
أو طالت ما لم يكن أشهد عليه عند أخذها بينة مقصودة للتوثق فلا يقبل دعواه الرد إلا ببينة وإن أنكر
أخذها بالمرة وأقام عليه شريكه بينة بالأخذ فادعى أنه ردها فلا تقبل دعواه الرد ولو طالت المدة ولا
بينته الشاهدة له بالرد لتكذيبه لنفسه ولبينته بإنكاره الاخذ أولا. هذا حاصل ما في عبق واعترضه بن
بأن الذي في ابن الحاجب أن التفصيل في الحي المقر كالميت وحينئذ فإن كان القبض بغير بينة للتوثق فلا
تقبل دعواه إذا قصرت المدة وتقبل إن طالت إذا كانت يده تصل للمال وأما إن كان القبض ببينة
مقصودة للتوثق فلا تقبل دعواه الرد طالت المدة أو قصرت إلا لبينة بالرد. قوله: (إشارة إلى أنه لا بد
من كونها مقصودة للتوثق) أي لا إن كانت على سبيل الاتفاق والمصادفة وهل يشترط في قصد التوثق
بها أن يقال لهم خوف دعوى الرد أو لا يشترط في ذلك خلاف والأظهر عدم الاشتراط. قوله: (على
الوجه المذكور) أي قصد التوثق وهذا صادق بما إذا لم تشهد بها بينة أصلا وبما إذا شهدت بذلك
بينة على وجه الاتفاق والمصادفة. قوله: (والزوج أنه من ماله الخاص به) كان أمانة عند
شريكه. قوله: (أو بالعكس) أي بأن ادعى الدافع أن الصداق المدفوع من مالي الخاص بي

356
وادعى الزوج أنه من مال الشركة. قوله: (في أنه من المفاوضة) وحينئذ يرجع ذلك الشريك على الزوج
بما يخصه من الصداق. قوله: (بل لمدعي الاختصاص) أي لأن عدم مطالبته لشريكه في هذه المدة يدل
على صدقه. قوله: (وإلا لبينة علي كإرثه) بأن شهدت البينة بأن ذلك المدفوع في الصداق كعبد ونحوه
ورثه الزوج أو وهب له فيصدق أنه ماله. قوله: (وإن قالت لا نعلم تأخره) أي هذا إذا قالت نعلم
تأخر الميراث عن المفاوضة بل وإن قالت لا نعلم تأخره ولا تقدمه عنها أو قالت نعلم تقدمه عنها ولكن
لم يدخل فيها على ما مر. قوله: (فهو شاهد) ظاهره أنه لا بد من عدالته وهو الظاهر كما في المج. وقال ابن رشد
لا يشترط عدالته وأنه بمنزلة الشاهد من جهة الحلف معه لا شاهد حقيقة. قوله: (إذا كان لمن لا يتهم عليه)
أي وصدقه على ذلك المقر له. والحاصل أنه إن كذبه المقر له فلا يعتبر إقرار الشريك وإن صدقه المقر له
فإن كان يتهم في الاقرار له فلا يلزم إلا في حصة المقر، وأما إن كان غير متهم في الاقرار له حلف المقر له
مع ذلك الشاهد وأخذ حقه من الشريكين وإن نكل أخذ نصف الحق من المقر. قوله: (ويستحقه)
أي الجميع فإن نكل فلا يأخذ إلا نصيب المقر. قوله: (وألغيت نفقتهما وكسوتهما) أي مطلقا تقارب
الانفاق أو لا تساوي المالان أولا كذا قال عج، وتبعه عبق قال شيخنا وهو الأوجه وقال ابن عبد السلام
محل إلغاء النفقة على أنفسهما إذا تساوى المالان، فإن لم يتساو المالان وكانت الشركة بينهما
أثلاثا حسبت نفقة كل واحد منهما عليه، وإن تساويا في النفقة والكسوة أو تقاربا وارتضى بن ما قاله
ابن عبد السلام ومحل إلغاء نفقتهما وكسوتهما إذا كانتا معتادتين متعارفتين بين الناس لا ما كان سرفا
خارجا عن المعتاد. قوله: (وإن ببلدين) أي هذا إذا كانا ببلد أو ببلدين متفقي السعر بل وإن كانا ببلدين
مختلفي السعر سواء كانا وطنين لهما أو غير وطنين أو مختلفين. قوله: (ولو بينا) أي ولو كان اختلاف السعر
في البلدين بينا وقد تبع الشارح في ذلك عج واختاره شيخنا العدوي وقال أنه الراجح. قوله: (خلافا
للبساطي) أي حيث قال وإن ببلدين مختلفي السعر والسعر متقارب فجعل الشرط الآتي راجعا لما قبل
الكاف أيضا واختاره الشيخ إبراهيم اللقاني. قوله: (لان كل واحد منهما إنما قعد للتجر) أي ونفقته
على نفسه من ضرورياته في تجره وشأن النفقة على نفسه القلة، فلذلك اغتفر اختلاف السعر وقوله لان
كل الخ تعليل لقول المصنف وأن ببلدين مختلفي السعر. قوله: (كعيالهما) دخل في العيال الزوجة والخادم
والأولاد فهو شامل لذلك كله لان عيال الرجل من يعولهم ويمونهم. قوله: (ببلد الخ) أي كانت عيالهما
ببلد أو بلدين. قوله: (في مسألة العيال) وأما في مسألة الانفاق على النفس فلا يشترط تساوي
المالين خلافا لابن عبد السلام. قوله: (نفقة كل وكسوته الخ) يشير إلى أن ضمير حسبا راجع
للنفقة والكسوة وهذا إن بنى الفعل للمفعول فإن بني للفاعل فالضمير راجع للشريكين ونفقة
كل الخ مفعوله. قوله: (بمعنى الأهل) جواب عما يقال كان الأولى للمصنف أن يقول كانفراد
أحدهما بهم أي بالعيال لأنه جمع. وحاصل الجواب أنه أفرد نظرا إلى أن المراد بالعيال الأهل أو أن
الضمير للانفاق. قوله: (لا على نفسه) فيه نظر إذ النقل بخلافه ابن عرفة وفيها إن كان لأحدهما عيال
وولد وليس للآخر عيال ولا ولد حسب كل واحد ما أنفق ومثله في المواق والشارح بهرام وغيرهما
فقولها حسب كل واحد صريح في أن الذي لا عيال له يحسب ما أنفقه على نفسه كما أن الآخر يحسب
الجميع ا ه‍ بن. قوله: (ومقتضى الخ) تبع في ذلك عج ومقتضى كلام ابن عرفة والمواق المتقدم

357
عدم الالغاء وما ذكره من الفرق فإنما هو على ما قال انظر بن. قوله: (إن شأن الأولى) أي النفقة على
النفس. قوله: (ولأنها من التجارة) أي من ضروريات التجارة قال ابن وهب إن مثل المتفاوضين في
جميع ما مر ما يقع بين الاخوة يموت أبوهم ويبقى المال بيدهم يأكلون منه ويكتسون وربما تزوج بعضهم
منه أو حج فتلغى نفقتهم وكسوتهم، ولو حصل تفاوت فيهما ولو حصل اختلاف في الأنصباء وكذلك
تلغى النفقة والكسوة على عيال الورثة إن تقاربت العيال وإلا حسبت النفقة والكسوة كما أنه يحسب
ذلك إذا انفرد أحدهما بالعيال ويرجع على من تزوج أو حج بما تزوج أو حج به ا ه‍. قوله: (ولم يطأ) أي
واطلع شريكه على ذلك قبل أن يطأ. قوله: (فإن وطئ) أي فإن اطلع شريكه على ذلك بعد أن وطئ.
قوله: (أو الحمل إن حملت) ظاهر كلام ابن عرفة أن القيمة تعتبر يوم الوطئ إذا حملت وهو المعتمد وما
ذكره الشارح من أنه إذا وطئها ولم تحمل تكون له بالقيمة ولا خيار لشريكه الآخر خلاف المعتمد،
والمعتمد ما في ح من أنها إذا لم تحمل سواء وطئت أو لم توطأ فإن غير الواطئ يخير في ردها للشركة
أو تقويمها على الواطئ يوم الوطئ، وبهذا تعلم أن التخيير هنا في كلام المصنف مقيد بما إذا لم تحمل
سواء وطئت أم لا لا بما إذا لم توطأ كما قال الشارح انظر بن. قوله: (إلا أن يكون اشتراها للوطئ بإذنه) معنى
هذه النسخة إلا أن يكون اشتراها الموطئ بإذنه فلا يلزمه إلا الثمن وطئ أم لا ولا خيار للآخر وهذا
هو الوجه الثاني في كلام التوضيح إلا أنه لا مفهوم للوطئ لأنه متى اشتراها بإذنه سواء كان الشراء للوطئ
أو لغيره فلا يلزمه إلا الثمن وطئها أم لا ولا خيار لشريكه انظر بن. والحاصل أنه إذا اشتراها لنفسه
فإما أن يكون بإذن شريكه أو لا وفي كل منهما، إما أن تحمل أو لا، فإذا اشتراها بإذنه فلا يلزمه إلا الثمن
موسرا أو معسرا وطئ أم لا ولا خيار لشريكه وإن اشتراها بغير إذن شريكه خير شريكه إذا لم تحمل
بين ردها للشركة وإلزامها له الثمن هذا إذا لم توطأ، وإن وطئت خير بين ردها للشركة وإلزامها له بالقيمة
فإن حملت قومت عليه يوم الوطئ موسرا كان أو معسرا ولا خيار لشريكه. قوله: (واعترض الخ) حاصله
أن العبرة في تقويمها على الواطئ بالوطئ أو الاذن في شرائها وكلام المصنف يفيد أن غير الوطئ مخير
في ردها للشركة وتقويمها على المشتري، ولو وطئها فكان الأولى للمصنف أن يقول فللآخر ردها إلا أن
توطأ أو يكون المشتري اشتراها بإذن شريكه وهذا الاعتراض مبني على ما قاله من أن مجرد وطئها ولو لم
تحمل يفيت خيار غير الواطئ وقد علمت ما فيه. قوله: (يمضي) أي الشراء. قوله: (فتقوم عليه مطلقا) أي
وتعتبر القيمة يوم الوطئ. قوله: (بيعت فيما وجب لشريكه من القيمة) أي أجبر على بيعها فلا ينافي أنه إذا
كان موسرا كان له أيضا بيعها فيما وجب لشريكه من قيمتها إلا أنه لا يجبر على البيع. قوله: (ولا ترد
للشركة) أي لان إذنه له في وطئها اخراج لها عن مال الشركة وتمليك لشريكه. قوله: (بالاذن) أي بسبب
الاذن في الوطئ أي وللزوم القيمة للواطئ يوم الوطئ فهو أي الولد متخلق على الحرية حينئذ.
قوله: (وأن يلزمه ببيع نصيبه منها الخ) علم مما ذكره إن عدهم أمة الشركة من المسائل التي تباع فيها أم الولد
محمول على ما إذا وطئها معسرا بغير إذن الآخر وأنه إنما يباع منها في هذه الحالة نصيب شريكه لا كلها
خلافا لما يوهمه كلام ابن ناجي من بيعها كلها في هذه الحالة انظر عبق وقد اقتصر في المج على بيعها
فتأمل. قوله: (في قسمي التخيير) أي بين إبقائها للشركة وبين تقويمها عليه والولد وإن كان لا يباع

358
فيهما لكن يغرم الواطئ فيهما نصف قيمته لشريكه. قوله: (بمجرد الايلاج) هذا أحد القولين
المذكورين بعد. قوله: (قولان) تظهر فائدة الخلاف في الولد هل يلزم له قيمة أم لا فإن قلنا أن القيمة
تعتبر يوم الحمل غرم الواطئ حصة شريكه في الولد وإن قلنا يوم الوطئ فلا يلزمه شئ لتخلق الولد
على الحرية. قوله: (أو مقاواتها) المقاواة هي المزايدة في الثمن. قوله: (واتبعه) أي بالقيمة. قوله: (أو يلزمه)
عطف على قوله واتبعه. قوله: (وإن شرطا) أي وإن شرط كل واحد منهما على الآخر نفي الاستقلال
بالبيع والشراء والاخذ والاعطاء والكراء والاكتراء وغير ذلك مما يحتاج إليه في التجارة. قوله: (وجاز)
أي ابتداء كما هو صريح ابن يونس. وظاهر النوادر عن العتبية والموازية عن ابن القاسم عن مالك
ونقل ابن غازي أن ظاهر كلام ابن رشد أن هذا بعد الوقوع والنزول لا ابتداء لفقد العلم والوجود
في الفراخ التي حصل الاشتراك فيها. قوله: (لا دجاج وإوز) أي لانفراد الأنثى منهما بالحضن دون
ذكرهما فإن دفع أحد بيضا لذي دجاجة أو إوزة ليرقده تحتها ويشتركا في الفراخ فليس له إلا مثل بيضه
كمن دفع بذرا لمن يزرعه في أرضه. قوله: (أن ينفقا على الشركة) أي مناصفة إن كانت
قيمة عمل الطير قدر قيمة عمل الطيرة وأما إن كانت قيمة عمل الطير تساوي نصف قيمة عمل الطيرة فعلى الثلث والثلثين
وقوله أن ينفقا على الشركة في الفراخ أي والحال أن كل طير باق على ملك صاحبه كما يفيده النقل الذي في
ابن غازي وغيره وهو محل التفرقة بين الحمام وغيره، وأما بيع كل واحد منهما نصف
ما يملكه بنصف ما يملكه الآخر فالظاهر جوازه مطلقا في الحمام وغيره ولا وجه لمنعه ا ه‍. قوله: (ونفقة كل) أي
إذا حصلت الشركة في الفراخ مع بقاء كل طير على ملك ربه. قوله: (فيطالبه بثمنه) هذا فائدة الوكالة.
وحاصله أن فائدة كون المأمور وكيلا في شراء النصف للآمر أن يطالب ذلك المأمور ابتداء بالثمن من
جهة البائع وهذا لا ينافي أن كل واحد ينقد ما عليه. قوله: (ولا يبيعه إلا بإذنه) أي ولا يبيع المأمور
النصف الذي للآمر إلا بإذنه لان وكالته قاصرة على الشراء لا تتعدى لغيره وربما أشعر كلام
الشارح أن بيع المأمور نصفه لا يتوقف على إذن الشريك الآمر وليس كذلك لان سياق هذه
المسألة بعد شركة العنان يفيد أنها منها وحينئذ فلا يجوز للمأمور أن يتصرف فيها إلا بإذن شريكه.
قوله: (وأما الوكالة فتخفى) اعترضه شيخنا بأنها معلومة أيضا من قوله لي وأجيب بأن المتبادر الالتفات
لمجموع قوله لي ولك وهو ظاهر في الشركة والالتفات لخصوص لي خفي فتأمل. قوله: (وانقد ما
يخصني من الثمن) أي وهو وكالة وشركة أيضا. قوله: (صنعه) أي المأمور مع الآمر وقوله وهو سلفه
أي سلف المأمور للآمر وقوله مع تولي الشراء أي مع تولى المأمور الشراء عن الآمر. قوله: (أي عنك)
أشار بهذا إلى أن اللام في لك بمعنى عن فاندفع ما يقال أن سلعة الشخص لا تباع له. قوله: (لأنه سلف
جر نفعا) أي لان المأمور سلف الآمر وقد جر ذلك السلف نفعا للمأمور وهو تولي الآمر البيع
لحصة ذلك المأمور. قوله: (وكانت السلعة بينهما) أي وإذا عثر على ذلك قبل النقد أمر
كل واحد بنقد ثمن حصته ويتولى بيعها وإن عثر على ذلك بعد النقد أمر المنقود عنه بدفع

359
ما نقد عنه معجلا ولو اشترط تأجيله. قوله: (وليس عليه) أي على الآمر البيع أي لحصة المسلف الذي
هو المأمور. قوله: (فإن باع) أي الآمر تلك السلعة. قوله: (في كونه أحق بها) أي عند موت الآمر
أو فلسه. قوله: (أي يكون له) أي للمأمور حبسها حتى يقبض ما نقده عن الآمر ويكون المأمور أحق
بها في موت الآمر وفي فلسه. قوله: (ضمان الرهن) أي إذا ادعى تلفها فإن كانت مما يغاب عليه ضمنها إلا
أن تقوم بينة بما ادعاه من التلف أو الضياع وإن كانت مما لا يغاب عليه فالقول قوله بيمين إلا أن يظهر
كذبه كما مر في الرهن. فإن قلت: أن التشبيه في قول المصنف فكالرهن مشكل لأنه من تشبيه
الشئ بنفسه لأنه إذا قال له انقد عني واحبسها عندك حتى أوفيك كانت رهنا حقيقة وحينئذ ففيه
تشبيه الشئ بنفسه. وأجيب بأن المراد فكالرهن المصرح فيه بلفظ الرهن فلا ينافي أن هذا من
جزئيات الرهن غاية الأمر أنه لم يصرح فيه بلفظ الرهن. وأجاب بعضهم بمنع كون هذا رهنا
لان الرهن لا بد فيه من التصريح بلفظ الرهن وهذا لم يصرح فيه وحينئذ فالتشبيه ظاهر والجواب الأول
مبني على المعتمد من أن الرهن لا يحتاج للفظ مصرح به الثاني مبني على مقابله. قوله: (كان) أي المسلف
وقوله: من ناحية المقترض الأولى من ناحية الآمر أم لا. قوله: (جاز) أي السلف المستفاد من أسلف أو
المراد جاز أي العقد المحتوى على ذلك. قوله: (إلا لكبصيرة المشتري) أي معرفته ووجاهته وجاهه
وإنما أظهر في محل الاضمار لأنه لو قال إلا لكبصيرته لتوهم عود الضمير على المضاف لان الأصل عوده
عليه دون المضاف إليه لكون المضاف هو المقصود والمضاف إليه قيد له فقط. قوله: (لجره نفعا للمسلف)
هذا ظاهر إذا كان الآمر هو المسلف، وكذا إذا كان أجنبيا من ناحية كصديقه لان نفع الآمر
حينئذ نفع للمسلف. قوله: (بسوقه) هذا شروع في شروط الجبر على الشركة وهي ستة ثلاثة في الشئ
المشتري وهي أن يشتري بسوقه وأن يكون شراؤه للتجارة وأن تكون التجارة به في البلد وثلاث في
المشترك بالفتح وهي أن يكون حاضرا في السوق وقت شراء المشتري وأن يكون من تجار تلك السلعة
التي بيعت بحضرته وألا يتكلم ا ه‍. واعلم أن محل الجبر إذا وجدت هذه الشروط ما لم يبين المشتري
للحاضرين من التجار ويقول لهم أنا لا أشارك أحدا منكم ومن شاء أن يزيد زاد قاله ابن الحاجب.
واعلم أنه إذا وجدت شروط الجبر المذكورة فالظاهر من إطلاقهم جبره على الشركة ولو طال الامر
حيث كان ما اشترى باقيا ويحتمل أن يفصل فيه كالشفعة فلا جبر بعد السنة ثم إن عهدة الداخل الذي
أجبر المشتري على دخوله معه على البائع الأصلي لا على المشتر الذي أجبر على مشاركته كما قال ابن
يونس، وأشعر قول المصنف وأجبر المشتري عليها الخ أنه لا يجبر الحاضرون لشرائه على مشاركتهم
وهو كذلك عند عدم تكلمهم، وأما إن حضروا السوم وقالوا له أشركنا فأجابهم بنعم أو سكت فإنهم
يجبرون على مشاركته إن طلب كما أنه يجبر على مشاركتهم إن طلبوا. قوله: (وإن كان المشتري من غير
تجاره) أي من غير تجار ذلك السوق بل لا يشترط فيه كونه من أهل التجارة فضلا عن كونه من أهل
السوق وإنما يشترط ذلك فيمن يريد المشتري مشاركته كما في المواق ا ه‍ بن. قوله: (للتجارة به) أي بذلك
المبيع. قوله: (احترازا مما إذا اشتراه ببيته) أي ببيت البائع أو المشتري. قوله: (أو ليتجر به في بلد أخرى) أي
ولو كانت قريبة لا يسمى السير إليها سفرا عرفا ما لم يكن البلدان في معنى البلد الواحد كمصر وبولاق كما
استظهره شيخنا. قوله: (إلا لقرينة تكذبه) ككثرة ما اشتراه للقنية بدعواه أو ترك السفر لغير عذر ظاهر.
قوله: (من تجاره) أي من تجار ذلك الشئ المبيع سواء كان من أهل السوق الذي بيعت به تلك السلعة أم لا.

360
قوله: (أرجحهما عدم الجبر) أي ولو كان الزقاق نافذا. قوله: (وجازت بالعمل) أي ولا تلزم بالعقد
بل بالعمل. قوله: (ويجذف) أي يقذف بالمقذاف. قوله: (بأن يأخذ الخ) أشار بهذا إلى أن الشرط
أخذ كل واحد من الغلة بقدر عمله أو قريبا من عمله وأما التساوي في العمل حقيقة فلا يشترط.
قوله: (وفي جواز اخراج كل منهما آلة الخ) أي وهو قول سحنون وتأول بعضهم المدونة عليه.
قوله: (وعدم جوازه) أي ولا بد أن يشتركا فيها إما بملك واحد كشراء أو ميراث وإما باستئجار من غيرهما ليصير
ضمانها منهما معا. قوله: (وهو ظاهرها) أي وتأولها عياض عليه. قوله: (وعلى عدم الجوز لو وقع) أي
أخرج كل منهما آلة مساوية لآلة الآخر ولم يستأجر أحدهما نصف آلة صاحبه بنصف آلته. قوله:
(وفي استئجاره الخ) أي واختلف أيضا إذا أخرج أحدهما الآلة كلها من عنده وأجر نصفها
لصاحبه أو أخرج هذا آلة وهذا آلة وأجر كل منهما نصف آلته بنصف آلة الآخر فهل يجوز
ذلك وهو ظاهر المدونة وتأولها بعضهم عليه أو لا بد من ملكهما لها ملكا واحدا بشراء أو ميراث
أو هبة أو إكراء من غيرهما وهو قول ابن القاسم وغيره وتأول بعضهم المدونة عليه أيضا. قوله: (كأن
أخرج كل منهما آلة) أي أو أخرج أحدهما الآلة من عنده واستأجر منه الآخر نصفها فكلام
المصنف صادق بالصورتين والخلاف موجود في كل منهما فعلم أن صور الخلاف ثلاثة اخراج كل
واحد آلة مساوية لآلة الآخر ولم يستأجر كل واحد نصف آلة صاحبه بنصف آلته، وهذه هي
المشار لها بقول المصنف وفي جواز اخراج كل آلة، والثانية اخراج أحدهما الآلة كلها من عنده
وآجر نصفها لصاحبه، والثالثة اخراج كل منهما آلة مساوية لآلة الآخر وآجر كل منهما نصف
آلته بنصف آلة الآخر، وهاتان الصورتان يشملهما قول المصنف وفي استئجاره من الآخر.
قوله: (فهاتان) أي ملكهما معا للآلة أو كراؤهما معا لها من غيرها. قوله: (ليستا من محل الخلاف) أي بل
جائزتان إنفاقا وقوله وكذا لو أخرج كل آلة وباع الخ تشبيه في الخروج من محل الخلاف فعلم أن
الصور المتفق على جوازها ثلاثة كما أن المختلف فيها بالجواز والمتبع ثلاثة. قوله: (في الجواز) أي
وعدمه وقوله لا في الصحة وعدمها أي للاتفاق على صحتها بعد الوقوع فقول المصنف أو لا بد أي
في الجواز ابتداء. قوله: (اتحد طبهما) أي وأما لو اختلف طبهما ككحال وجرائحي لم تجز للغرر لأنه
قد تروج صنعة أحدهما دون صنعة الآخر. قوله: (اشتركا في الدواء) أي على التفصيل السابق وفاقا
وخلافا ولا يقال حيث اشتركا في الدواء كانت شركة أموال لا أبدان والكلام فيها لأنا نقول الشركة
في الدواء تابع غير مقصود والمقصود الشركة في التطييب. قوله: (اشتركا في البازين مثلا بملك)
أي بأن يكون كل بان مملوكا لهما. قوله: (وهل وإن افترقا الخ) ظاهر المصنف يقتضي أن

361
اشتراط الاشتراك في البازين أو الكلبين متفق عليه في الروايتين والخلاف بينهما في أنه لا بد أن
ينضم لذلك عدم افتراقهما أي في المكان والطلب، أي ويكتفي بالأول فقط وهذا خلاف الفقه إذ الفقه
أنه لا بد من اشتراكهما في الملك واتحاد طلبهما أي مطلوبهما بأن كان ما يطلبه أحد البازين ويقصده
يطلبه الآخر ويقصده، ومن لوازم ذلك عدم افتراقهما في المكان وهذا على إحدى الروايتين للمدونة
والرواية الأخرى أن المدار في جواز الشركة على أحد الامرين أما اشتراكهما في الملك اتحد المصيد
أو اختلف اتحد المكان أو اختلف وأما اتحادهما في الطلب أي اتحاد مطلوبهما فإذا اتحد أجزأ وإن
لم يحصل اشتراك في الملك. إذا علمت هذا فكان الأولى للمصنف أن يقول وهل إن اتفقا في الملك
والطلب أو أحدهما كاف رويت عليهما وشارحنا حاول في كلامه حتى أجرى المصنف على الفقه
لكنه أخرجه عن ظاهره فقوله أو الجواز وإن افترقا في المصيد أو في المكان أي مع الاشتراك في
ملكهما وقوله أو في الملك أي مع اتحادهما في الطلب. قوله: (رويت عليهما) لفظ المدونة ولا يجوز أن
يشتركا على أن يصيدا ببازيهما وكلبيهما إلا أن يملكا رقابهما أو يكون الكلبان والبازان طلبهما واحد
لا يفترقان فجائز ا ه‍ عياض. رويت المدونة بالواو وأو وعزا الرواية بأو لأكثر النسخ ولروايته
عن شيوخه. والحاصل أن الأحوال ثلاثة إن اتحد طلبهما بأن اتفق البازان في المصيد والمكان
وحصل الاشتراك في ملك ذاتهما جازت الشركة اتفاقا وإن لم يحصل الاشتراك في ذاتهما ولم يتحد
طلبهما بأن كان مصيد أحدهما الطير والآخر الوحش منعت اتفاقا وإن حصل اشتراك في ذاتهما
واختلف طلبهما أو اتحد طلبهما ولم يحصل اشتراك في ذاتهما فهذا محل الخلاف فتجوز الشركة على
رواية أو لا على رواية الواو فتأمل. قوله: (وكاشتراك حافرين بكر كاز) أي في الحفر على ركاز ومعدن
أو في حفر بئر الخ وأشار المصنف إلى جواز الشركة في الحفر على الركاز والمعدن والآبار والعيون
وكذا البنيان بشرط اتحاد الموضع فلا يجوز أن يحفر هذا في غار فيه معدن وهذا في غاز آخر.
قوله: (ولم يستحق وارثه) أي وارث أحد الشريكين المشتركين في الحفر على المعدن. قوله: (أي بقية العمل)
أي وهو الحفر المشار إليه بقول المصنف وكحافرين اشتركا في الحفر على ركاز. قوله: (وقيد الخ) لفظ
التهذيب قال في المعادن لا يجوز بيعها لأنه إذا مات صاحبها الذي عملها اقطعها الامام لغيره فرأى أنها
لا تورث ا ه‍ عياض في التنبيهات لعله يريد إذا لم يدرك ذلك الميت نيلا فإن أدرك النيل ومات كان
لورثته ا ه‍. ونسب عبد الحق في النكت هذا القيد للقابسي فقال كلامها محمول على ما إذا أخرجا النيل
واقتسماه وأما لو كان النيل ظاهرا من غير اخراج كان لورثته. قوله: (النيل) بفتح النون المشددة وسكون
الياء التحتية. قوله: (والراجح عدم التقييد) أي وأن للامام أن يقطعه لمن شاء وإن ظهر النيل قبل موت
مورثة. قوله: (ولزمه) يعني أن أحد شريكي العمل إذا قبل شيئا يعمل فيه فإنه يلزم شريكه أن
يعمل فيه إذ لا يشترط في شركة العمل أن يعقدا معا. قوله: (وإن تفاصلا) أي هذا إذا كان التلف
الموجب للضمان قبل المفاصلة معه بل وإن حصل بعد المفاصلة كما لو كان عندهما عشرة أثواب يخيطانها
فتنازعا وتفاضلا وأخذ كل واحد خمسة يخيطها فإذا نزل السارق على أحدهما فأخذ منه الخمسة
فضمانها منهما معا كما في المدونة لا ممن ضاع منه فقط فهما كالوصيين إذا اقتسما المال وضاع
ما بيد أحدهما فإن الآخر يضمنه أيضا لتعديه برفع يده، وأما لو جاء لأحدهما أثواب بعد المفاصلة
وتلفت فضمانها منه خاصة قال في المدونة ما يقبله أحد شريكي الصنعة لزم الآخر عمله وضمانه
ويؤخذ بذلك وإن افترقا ا ه‍. فالمصنف تبع في المبالغة المدونة وحينئذ فلا داعي لحمل كلامه
كما في ح على ما إذا تلف قبل المفاصلة ولم يقم صاحبه حتى تفاصلا وأن المعنى ولزم ضمانه إن

362
تلف هذا إذا قام صاحبه بالتلف قبل المفاصلة بل ولو قام بعده إن تفاصلا انظر بن. قوله: (ومحل
اللزوم) أي لزوم العمل فيما يقبله صاحبه. قوله: (وإلا لم يلزمه) أي وإلا بأن قبله بعد طول غيبته أو مرضه
لم يلزم صاحبه العمل فيه ولا ضمان عليه فيه. قوله: (كيومين) قال عبق الكاف استقصائية أي وهو
ظاهر المدونة والذي استظهره ح أن الكاف أدخلت الثلاثة وما قاربها وذكر أنه يفهم من أبي الحسن
في مثل هذا أن القريب اليومان والثلاثة وأن البعيد العشرة وما بينهما من الوسائط فما قارب القريب
منها فهو قريب وما قارب البعيد منها فهو بعيد انظر بن. قوله: (بمعنى أنه يرجع بمثل أجرة عمله على
صاحبه والأجرة الأصلية بينهما) محله فيما قبلاه ثم طرأ مرض أحدهما أو غيبته بعدما قبلاه سوية ومثله
إذا قبله أحدهما مع وجود الآخر أو في مرضه أو غيبته القريبين اللذين يلغيان أما ما قبله أحدهما بعد
طول غيبة الآخر أو طول مرضه فالأجرة الأصلية كلها له كما يفيده ابن يونس واللخمي ا ه‍ بن.
قوله: (على خياطة ثوب) أي لذلك الشخص. قوله: (فإن عملا) أي فإن اشترطا إلغاء كثير المرض والغيبة
وعملا وقوله كان ما اجتمعا فيه أي كان أجرة ما اجتمعا في عمله. قوله: (وما انفرد به أحدهما) أي وما
انفرد أحدهما بعمله وقوله اختص به أي اختص بأجرته. قوله: (مما عمله) أي في غيبته الكثيرة أو مرضه
الكثير. قوله: (لا بقيد الشرط) أي فإذا تبرع أحدهما لصاحبه في صلب عقد الشركة بآلة كثيرة لها بال
أو اشترط أحدهما على صاحبه فإن الشركة تكون فاسدة وأما إذا تطوع أحدهما بالآلة الكثيرة
بعد العقد، فقال ابن رشد بمنعه، وأقره أبو الحسن بناء على أن شركة الأبدان لا تلزم بالعقد وإنما تلزم
بالشروع، أما على أنها تلزم بالعقد فيجوز واستظهره ح انظر بن. قوله: (بخلاف إلغاء الخ) سواء كان
ذلك على سبيل التبرع أو الاشتراط. قوله: (التي يغسل فيها الثياب) أي لأجل أن تبيض. قوله: (باشتراط
إلغاء الكثير) أي بإلغاء الكثير من المرض أو الغيبة. قوله: (أو لا يلغى شئ) أي ويأخذ أجرة جميع
ما عمله منفردا في جميع المدة. قوله: (وليس كذلك) أي لان الفاسدة لا خلاف في أنها لا يلغي منها شئ
وظاهر المصنف وجود الخلاف فيها. قوله: (وقدمه عند قوله لا إن كثر) أي وقدمه بعد قوله لا إن كثر
لتفرعه عليه قبل ذكر الفساد وقوله لكان أصوب أي لافادته حينئذ أن الخلاف في الصحيحة.
قوله: (أو لا يغلي منها شئ) أي لأنه لا يلزم منه اغتفار الشئ وحده اغتفاره مع غيره
أي وهل يلغي الخ قد علم من كلام الشارح أن التردد إنما هو في الصحيحة إذا مرض
أحدهما أو غاب ما لا يلغي لكثرته، وهو ما في المواق و ح وغيرهما ولعل أصل المصنف وهل
يلغي اليومان في الصحيحة تردد فصحف مخرج المبيضة لفظة في بالكاف، وأشار بالتردد لقول
ابن يونس عن بعض القرويين يلغي اليسير وقول اللخمي لا يلغي ويرجع بالجميع قال أبو الحسن والخلاف
مبني على أن الجزء من الجملة هل يستقل بنفسه ويصير له حكم آخر غير حكم الجملة أم لا كمن سجد على
الانف بدلا عن الايماء ا ه‍ بن. قوله: (غير معين) أي حين العقد للشركة وإن كان الشراء إنما يكون

363
لمعين. قوله: (فبينهما) علم منه أنه لا بد في المنع من تعاقدهما على شراء شئ غير معين واشتراط تحمل كل
منهما بما على الآخر فمتى تعاقدا على ذلك كانت فاسدة وسواء اشتريا معا أو أحدهما. قوله: (وأسلفني
وأسلفك) يعني أنه يحتمل إسلاف أحدهما للآخر إن دفع الكل فقوله من باب تحمل عني الخ أي
بالنظر لأول الامر وقوله وأسلفني الخ أي في آخرة الامر. قوله: (جاز) أي لعمل الماضين من السلف
وإن كان علة المنع وهي الضمان بجعل والسلف بمنفعة موجودة. قوله: (هذا هو المراد) أي أن المراد بكونه
بينهما أنهما يكونان مشتركين فيه على ما تعاقدا عليه من تساو أو غيره وليس المراد حقيقة البينية وهي
التساوي، وأشار الشارح بقوله إذا وقع إلى أن قول المصنف وهو بينهما بيان للحكم بعد الوقوع لا أنه
من تمام تصوير المسألة وإن كان الكلام محتملا لذلك إلا أن الاحتمال الأول أولى لان عقدة الشركة
تستلزم كون ذلك بينهما على ما دخلا عليه فالمحتاج لبيانه إنما هو الحكم بعد الوقوع والنزول. والحاصل
أن شركة الذمم فاسدة وإذا وقع كان الشئ الذي اشترى بينهما على ما دخلا عليه في الشركة سواء اشترياه
معا أو اشتراه أحدهما، فإن لم يعلم البائع باشتراكهما فإنه يطلب متولى الشراء بالثمن ولا يأخذ
أحدا عن أحد، وإن علم باشتراكهما فإن جهل فسادها فحكم ما وقع منهما من الضمان كحكم الضمان الصحيح في
غير هذا، فإن حضرا موسرين لم يأخذ أحدهما عن صاحبه ويأخذ الملئ عن المعدم والحاضر عن
الغائب، وإن علم فسادها لم يأخذ أحدا عن أحد بحال وإنما يأخذ من المشتري فعلمه بفسادها مع علمه
باشتراكهما كجهله باشتراكهما ا ه‍ خش. قوله: (خامل) أي ساقط لا التفات له. قوله: (ففاسد) أي
وإذا وقع ذلك كان للوجيه أجرة مثله بالغة ما بلغت وأما من اشترى من الوجيه فإن كانت السلعة قائمة
فله الخيار بين الرد والتماسك بالثمن وإن فاتت لزمت المشتري بالأقل من الثمن والقيمة. قوله: (وظاهر
المصنف أن هذا تفسير) أي لان المتبادر من المصنف أن قوله وكبيع الخ عطف على أن يشتريا والكاف
للتمثيل فهو مثال ثان لشركة الذمم. قوله: (إن هذه شركة وجوه) أي وإن شركة الذمم ليس لهما تفسير إلا
الأول. قوله: (أي وفسدت الشركة من حيث هي باشتراكها الخ) الباء بمعنى في أي في اشتراكها أي
عند تحققها في هذا الفرد. قوله: (ولو حذف الواو الأولى) أي الداخلة على كبيع. قوله: (فلو أخذ الخ) أي
فلو لم يتساو الكراء وأخذ الخ. والحاصل أن الصور ثلاثة إذا كان الكراء غير متساو وتساويا في الغلة
كانت فاسدة وإن تساوت الأكرية وتساووا في الغلة أيضا، فالجواز وإن اختلفت الأكرية وأخذ
كل واحد من الغلة بقدر ماله من الأكرية فالجواز أيضا والموضوع في الصور الثلاث أنهم دخلوا
على العمل بأيديهم. قوله: (مثلا) أي أو عمل رب البيت أو رب الرحى وإنما خص رب الدابة بالذكر
تبعا للرواية. قوله: (وقضى على شريك الخ) شمل كلام المصنف ما إذا كان العقار الذي

364
لا ينقسم بعضه ملك وبعضه وقف وأبى الموقوف عليه أو الناظر التعمير بعد أمر الحاكم له به فإنه يقضي
عليه بالبيع على المعتمد، خلافا لمن قال أنه لا يباع ويعمره طالب العمارة ويستوفي ما صرفه على الوقف من
غلته، وعلى الأول فيباع منه بقدر الاصلاح لا جميعه حيث لم يحتج له كذا في عبق. وكتب الشيخ أحمد
النفراوي بطرته المعتمد أنه يباع الكل ولو كان ثمن البعض يكفي في العمارة دفعا للضرر بتكثير الشركاء
كما صرح به الوانوغي ا ه‍. نعم محل البيع إذا لم يكن للوقف ريع يعمر منه ولم يوجد من يستأجره سنين
ويدفع الأجرة معجلة يعمر بها وإلا فلا يباع. قوله: (لمن يعمر) أي لشخص آخر يعمر فإن أبى الشريك
الثاني وهو المشتري أن يعمر فإنه يقضي عليه بمثل ما قضى به على الأول. قوله: (وقيل بقدر) أي وقيل
يبيع القاضي منه بقدر ما يعمر ما أبقاه من حظه. قوله: (إنما أبيح للضرورة) أي وهي ترتفع بقدر
الحاجة. قوله: (الأخف) أي الذي هو أخف في الضرر من كثرتهم. قوله: (والمراد الخ) جواب عما يقال
ظاهر المصنف أن الحاكم يقول للشريك الممتنع من التعمير من أول الأمر حكمت عليك أن تعمر أو
تبيع، وليس كذلك إذ الحكم إنما يكون بمعين، وهو إذا قال له حكمت عليك أن تعمر أو تبيع لم يكن
المحكوم به معينا بل الحاكم يأمره أولا بالعمارة بأن يقول له عمر فإن امتنع قال له حكمت عليك بالبيع
ويجبره عليه فالقضاء إنما يتعلق بالبيع والمتعلق بالعمارة الامر، وأجيب بأن القضاء مستعمل في حقيقته
وهو الحكم بالنسبة للبيع وفي مجازه وهو الامر بالنسبة للتعمير فأو في كلام المصنف ليست للترديد في
الحكم بل للتنويع أي تنويع حالتين إحداهما من غير قضاء، والثانية بقضاء ولا يتولى القاضي البيع بعد
حكمه به بل الذي يتولاه الشريك المحكوم عليه أو وكيله، وظاهر المصنف أن الآبي يجبر على البيع وإن
كان له مال ظاهر يمكن التعمير منه وهو كذلك خلافا لسحنون القائل إن كان له مال أجبر على العمارة منه
فقط كما يفيده نقل ح عن البرزلي وانظر إذا جبره القاضي على البيع هل للشريك الذي أراد العمارة أخذه
بما وقف عليه من الثمن أولا، لاحتمال أن يكون أراد اخراج شريكه أو يفرق بين من يفهم منه إرادة
ذلك فلا يمكن ومن لا يفهم منه إرادة ذلك فيمكن والظاهر كما قال شيخنا الأول. وما ذكره المصنف
من أن الحاكم يأمر الآبي بالتعمير فإن امتنع حكم عليه بالبيع لجميع حصته ويجبره عليه أحد أقوال
ثلاثة ذكرها ابن رشد أشار لها ابن عرفة بقوله وإذا دعا أحد شريكه ما لا ينقسم صاحبه لاصلاحه
أمر به فإن أبى ففي جبره على بيعه ممن يصلح أو يبيع القاضي عليه من حظه بقدر ما يلزم من العمل فيما
بقي من حظه ثالثها إن كان مليا جبره على الاصلاح وإلا فلا الأول لابن رشد عن ابن القاسم ومالك
وسحنون. قوله: (فإن من أبى العمارة لا يجبر على البيع الخ) أي سواء كان على البئر أو العين زرع أو شجر
فيه ثمر مؤبر أم لا وهذا القول الذي ذكره الشارح هو قول ابن القاسم وقال ابن نافع يجبر الشريك على
البيع إن أبى العمارة إن كان على البئر أو العين زرع أو شجر فيه ثمر مؤبر وقد ضعفه ابن رشد ورجح
ما قاله ابن القاسم. قوله: (ما حصل من الماء بعمارتك) وهو إما كل الماء إن كان التخريب أذهب كل
الماء وحصل الماء بالتعمير أو ما زاد منه بالعمارة هذا هو الصواب. قوله: (وسواء كان كل
منهما) أي من السفل والعلو. قوله: (فهذه المسألة مما استثنى الخ) أي فهذه المسألة وكذا
ما قبلها مما استثنى الخ. وحاصله أن المستثنى من عدم جواز بيع الوقف خمس مسائل هذه
المسألة والتي قبلها وبيع العقار الوقف لتوسعة المسجد والطريق والمقبرة إذا كانت الحاجة
داعية لتوسيع ما ذكر وكان التوسيع إنما يكون بالعقار الموقوف لكونه بجوار المسجد
أو الطريق أو المقبرة. قوله: (على الأسفل) أي الواهي وقوله أجبر رب الأسفل على البناء

365
أو البيع أي ولا ضمان على صاحب الأعلى إذا أنذر كما يأتي وكذا عكسه، وهو ما لو وهي العامل
وخيف انهدام الأسفل بوقوع الأعلى عليه، فإن أنذر صاحب العلو ومضت مدة بعد الانذار يمكن
فيها هدمه ولم يهدمه وسقط على الأسفل فهدمه لزم رب العلو إعادة السفل على حاله، وإن لم ينذر فلا
يلزمه. قوله: (أي على صاحب السفل) يعني إذا وهي سفله وقوله تعليق الأعلى أي إذا خيف سقوطه
فيلزمه أجرة الخشب الذي يعلق عليه الأعلى وأجرة من يتولى التعليق وما ذكره من أن تعليق الأعلى
على صاحب السفل الواهي هو المشهور وقيل أن تعليق الأعلى على صاحبه. قوله: (والبناء) أي وحمله
بالبناء على ذي السفل فإذا علقه وسقط الأعلى بعد ذلك فلا ضمان على صاحب السفل لأنه فعل المطلوب.
قوله: (وعليه أيضا السقف) فقد نقل أبو الحسن عن الشيخ أبي محمد صالح أن على صاحب السفل
الجوائز والورقة والمسمار والتراب والماء الذي يعجن به التراب ا ه‍ وأراد بالورقة الخشب الرقيق
الذي يسمر في الجوائز وما يقوم مقام ذلك كالبوص الذي يرص فوق الجوائز. قوله: (وعليه أيضا)
أي على صاحب السفل أيضا. قوله: (يلقي فيه الأعلى الخ) أي سواء كان فمه أسفل وينزل صاحب العلو
لفمه الأسفل ويلقي فيه سقاطاته أو كان له فم عند صاحب العلو وفم عند صاحب السفل هذا هو
الظاهر. قوله: (لأنه بمنزلة سقف الأسفل) أي في لزوم إصلاح صاحب السفل له مع انتفاع الأعلى به.
قوله: (وقيل الكنس الخ) هذا قول ابن وهب وأصبغ والقول الأول وهو أنه على صاحب السفل
خاصة قول ابن القاسم وأشهب وهو المشهور من المذهب. قال الشارح والذي ينبغي الفتوى به قول
أصبغ وهو أنه على الجميع بقدر الجماجم ومحل الخلاف إذا لم يجر العرف بشئ أما إذا جرى بشئ عمل
به اتفاقا واختلف في كنس كنيف الدار المكتراة فقيل على ربها وقيل على المكترى والقولان عن
ابن القاسم، وفي المدونة دليلهما. وكل هذا عند عدم جريان العرف بشئ وإلا عمل بالعرف قطعا وعرف
مصر أنه على رب الدار وأما طين المطر الذي ينزل بالأسواق وربما أضر بالمارة فلا يجب على أرباب
الحوانيت كنسه لأنه ليس من فعلهم، فلو جمعه أرباب الحوانيت في وسط السوق فأضر بالمارة وجب
عليهم كنسه البرزلي وهل على المكترين للحوانيت أو على الملاك وعندي أنه يخرج على كنس مرحاض
الدار المكتراة ا ه‍ شب. وذكر المواق هنا مسألة وهي ما لو دخلت دابة في دار وماتت فيها فقيل
اخراجها على رب الدار لا على ربها لان ربها إنما كان يملكها حال حياتها فإذا ماتت لم يملك منها شيئا
فيلزم رب الدار اخراجها وقيل أن اخراجها على ربها لا على رب الدار لأنه أحق بجلدها وجنينها
وبلحمها إذا أراد إطعامه لكلابه وموتها لا ينقل ملك ربها عنها. وصوب ابن ناجي وغيره القول الثاني
انظر بن. قوله: (لا سلم) بالرفع عطفا على التعليق أي لا على صاحب الأسفل سلم يرقى عليه الأعلى.
قوله: (كالبلاط الكائن على سقف ذي السفل) أي فإنه على صاحب الأعلى وأما ما يوضع تحت ذلك
البلاط من تراب أو طين أو جبس فعلى صاحب الأسفل كما مر عن أبي محمد صالح. قوله: (وبعدم زيادة
العلو) يعني أن صاحب العلو إذا أراد أن يزيد في البناء على علوه الذي دخل عليه فإنه يمنع من ذلك
ويقضي عليه بعدم فعله لأنه يضر ببناء الأسفل اللهم إلا أن يزيد زيادة خفيفة لا يحصل معها ضرر حالا
ولا مآلا بالأسفل فلا يمنع حينئذ ويرجع في ذلك لأهل المعرفة. قوله: (وقضي بالسقف) أي وأما
البلاط الذي فوقه فهو لصاحب الأعلى. قوله: (إلا لعرف) أي كما في مصر فإن رب
الحمار يسوقه أو يقوده أو يتعلق بلجامه فإذا تنازع مع الراكب ولا بينة لواحد قضى بها
للسائق أو المتعلق بلجامها. قوله: (وإن أقام أحدهم رحى الخ) أي أو أقام حماما تهدم أو أقام
دارا تهدمت فالحكم واحد وحينئذ فلا مفهوم لرحى وصورته ثلاثة مشتركون في بيت فيه
رحا معدة للكراء ثم إنها خربت أو انهدم البيت واحتاجت للاصلاح فأقامها

366
أحدهم بعد أن أبيا من الاصلاح ومن إذنهما له فيه وقبل القضاء بالعمارة أو البيع فالمشهور أن الغلة
الحاصلة لهم بالسوية بعد أن يستوفي منها ما أنفقه عليها في عمارتها إلا أن يعطوه نفقة فلا غلة له.
ومقابل المشهور ما روي عن ابن القاسم أن الغلة كلها لمن عمر وعليه لمن شاركه حصته من كرائها خرابا
على تقدير أن لو أكريت لمن يعمرها، واستشكل الأول بأن استيفاءه ما أنفقه من الغلة فيه ضرر عليه
لأنه دفع جملة وأخذ مفرقا وأجيب بأنه هو الذي أدخل نفسه في ذلك إذ لو شاء لرفعهما للحاكم فيجبرهما
على الاصلاح أو البيع ممن يصلح. قوله: (قبل القضاء بالعمارة) أشار بهذا إلى أن هذه المسألة من أفراد
وقضى على شريك الخ لكن ما مر بيان للحكم ابتداء وما هنا في عمارته إذ أبيا قبل رفعهما للقاضي فلا
منافاة لاختلاف الجهة. قوله: (ومن إذنهما له في العمارة) أي سواء كانت إبايتهم من الاذن له من حين
طلبت منهما العمارة إلى آخرها أو سكتا حين الاستئذان ثم أبيا حال العمارة أو عكسه بأن أبيا حين
الاستئذان وسكتا حين العمارة. قوله: (أو سكتا حين العمارة عالمين بها) أي سواء كان استأذنهما أم لا.
واعلم أن فروع هذه المسألة سبعة: الأول: ما إذا استأذنهما في العمارة وأبيا واستمرا على المنع إلى
تمام العمارة والحكم أنه يرجع بما عمر في الغلة. والثاني: أن يستأذنهما فيسكتا ثم يأبيا حال العمارة. والثالث:
عكسه وهو أن يستأذنهما فيأبيا ويسكتا عند رؤيتهما للعمارة والحكم في هذين أنه يرجع بما عمر به
في الغلة كالأول. والرابع: أن يعمر قبل علم أصحابه ولم يطلعوا على العمارة إلا بعد تمامها سواء رضوا بما
فعل أولا والحكم في هذه أنه يرجع بما أنفقه في ذمتهم لقيامه عنهما بما لا بد لهما منه، والخامس: أن يعمر
بإذنهم ولم يحصل منهم ما ينافي الاذن لانقضاء العمارة وحكمها كالتي قبلها، والسادس: أن يسكتوا حين
العمارة عالمين بها سواء استأذنهم أم لا وحكمها كالتي قبلها، والسابع: يأذنوا له في العمارة ثم يمنعاه بعد
ذلك فإن كان المنع قبل شراء المؤن التي يعمر بها ثم عمر فإنه يرجع في الغلة وإن كان المنع بعد شراء المؤن
رجع عليهم في ذمتهم ولا عبرة بمنعهما له. قوله: (وقضى على جار بالاذن) أي أنه يقضي على الجار أن يأذن
لجاره في أن يدخل الاجراء والبنائين من داره لأجل إصلاح جداره الكائن من جهته ارتكابا لأخف
الضررين وهما دخول دار الجار وضرورة الاصلاح ودخول دار الجار أخف. ويؤخذ من هذا أن
منزل كنيف الجار إذ كان في دار جاره فإنه يقضي على الجار في أن يأذن لجاره بإدخال العملة في داره
لأجل نزحه، وأشعر قول المصنف لاصلاح جدار أنه لا يقضي على الجار بالاذن في الدخول لتفقد
الجدار وهو ظاهر كلام ابن فتوح وأشعر أيضا أنه أراد تطيين أو تبييض حائطه من جهة جاره
فله منعه حيث لا يترتب على ذلك إصلاح جداره كما أنا للجار منعه من إدخال جص وطين في داره
ويفتح له كوة في حائطه لاخذ ذلك إذ ربما كدر عليه داره بل قالوا إذا أذن الجار لجاره في إدخاله
العملة في داره لأجل إصلاح جداره وتضرر من دخول الجار مع العملة كان له ويصف ما يريد
عمله للعملة وهم يعملون. قوله: (أي من حيث العرض) أشار إلى أن عرضنا تمييز محول عن نائب
الفاعل أي لا يقسم عرضه ملتبسا بطوله. قوله: (من الجانب عليه يليه) الصواب إسقاطه لان
الفرض أن القسم بالقرعة فتارة يأتيه بها ما يليه وتارة ما يلي صاحبه ولو أريد قسمه بالتراضي
لجاز القسم على ما تراضوا عليه من الطول أو العرض كما في ابن غازي و ح ا ه‍ بن. وفي شب
أن محل جواز تراضيهما على قسمه عرضا إذا تراضوا على أن كل واحد يأخذ نصيبه من جهته،
وأما على أن كل واحد يأخذ نصيبه من جهة صاحبه فيمنع لان قسمة المراضاة بيع وشرط البيع
الانتفاع بالمبيع فتحصل أن الجدار يقضي بقسمته بالقرعة طولا لا عرضا ويجوز قسمته بالتراضي
طولا وعرضا إذا ترضوا على أن كل واحد يأخذ نصيبه من جهته وإلا منع ومحل القضاء

367
بقسمه بالقرعة طولا إذا لم يكن عليه جذوع للشريكين وإلا لم يقسم جبرا لا طولا ولا عرضا بل
يتقاوياه، فمن صار له اختص به وله قلع جذوع شريكه ومحل عدم قسمه حينئذ إذا لم يدخلا على أن
من جاءت جذوعه في ناحية الآخر أبقاها بحالها انظر التوضيح. قوله: (بأن يشق نصفه) المراد بأن يجعل
علامة في نصف العرض كوتد يدق في الجدار. قوله: (على من هدمه) لعل الأولى اسقاط هذه الكلمة.
قوله: (لا إن هدمه لاصلاح الخ) كلام ابن يونس ظاهر أو صريح في الجدار الذي هو لأحدهما وهو
سترة بينهما وأما المشترك إذا انهدم فإن اتسع موضعه قسم كما تقسم أنقاضه وإلا فهو من أفراد قوله
قضى على شريك الخ. قوله: (أو هدم) بالبناء للمفعول لا بالبناء للفاعل لأنه لم يرد لازما وأما تفسير
بعضهم له بقوله أي انهدم بنفسه فهو تفسير مراد وهو عطف على هدمه الواقع في حيز لا وقول الشارح
فلا يقضي على صاحبه بإعادته في الحالين أي ولو مع القدرة على إعادته. قوله: (فإن كان أصلها) أي
الطريق. قوله: (لم يزل ملكه عنها) أي وحينئذ فلا يمنع من البناء فيها. قوله: (بما إذا لم يطل الزمان الخ)
قال شيخنا والطول عشرة أعوام على الظاهر. قوله: (فليس له فيها كلام) أي فإذا أراد البناء فيها
فإنه يمنع من ذلك ويهدم بناؤه إذا بنى. قوله: (وهي ما فضل الخ) أي وأفنية الدور التي يقضي بجلوسه
الباعة فيها ما زاد على مرور الناس في طريق واسعة نافذة. قوله: (فلا فناء لضيق الخ) أي لا فناء
للدور التي في طريق ضيق أو غيره نافذة أي لا فناء فيها يمكن منه الجالس لان الحق في غير النافذة
لخصوص أهل دورها والحق في النافذة لعامة المسلمين فيمنع من ضيق عليهم. والحاصل أنه إنما
يقضي بجلوسه الباعة بأفنية الدور بشروط أربعة إن خف الجلوس وكان لا يضر بالمارة لاتساع
الطريق وأن تكون الطريق نافذة وأن يكون جلوسهم للبيع. قوله: (لا لنحو حديث) أي لا يقضي
بجلوسهم لنحو حديث بل يمنع فضلا عن القضاء به. قوله: (وفناء المسجد كفناء الدور) أي في كونه
يقضي بجلوسه الباعة فيه إن خف ولم يضيق على مار. قوله: (ثم الراجح جواز كراء الأفنية) أي سواء
كانت أفنية دور أو حوانيت فيجوز لصاحب الدار أو الحانوت أخذ الأجرة من الباعة الذين
يجلسون كثيرا في فناء داره أو حانوته ففي المواق سمح عيسى بن القاسم لأصحاب الأفنية التي انتفاعهم بها
لا يضيق على المارة أن يكروها ابن رشد لان كل ما للرجل أن ينتفع به يجوز أن يكريه ا ه‍ وهو يشمل
بعمومه فناء الحوانيت وغيرها وبه يسقط تنظير عبق في فناء الحوانيت ا ه‍ بن. قوله: (خلافا لما يفيده تت)
أي من منع كرائها وقد علمت أن النقل عن ابن القاسم خلافه. قوله: (كمسجد) أي كما أن من سبق غيره
بالجلوس في محل من المسجد لأجل صلاة أو قراءة قرآن أو علم فإنه يقضي له به وإذا قام لقضاء
حاجة أو تجديد وضوء فهو أحق به إذا رجع إليه لما في صحيح مسلم عنه (ص) قال: إذا قام
أحدكم من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به ا ه‍ بن وهل يكفي السبق بالفرش فيه أو لا بد
أن يكون بذاته وأما السبق بالفرش فهو تحجير لا يجوز خلاف ذكره ح. قوله: (فإنه يقضي له)
أي لذلك المعتاد بذلك المحل ويقام السابق الذي سبق إليه منه. قوله: (وقال الجمهور أحق به) أي وقال
الجمهور معنى قول الإمام أحق به استحسانا لا وجوبا ولكن رجح القول بالقضاء حقيقة للمشتهر.

368
قوله: (أن الحاكم يقول لمن نازعه) أي يقول للسابق الذي نازع المعتاد. قوله:
(فيكون كلامه له) أي فيكون كلام الحاكم للسابق. قوله: (فتحت) صفة لكوة وكذا قوله
أريد سد خلفها ولا مفهوم لقوله أريد سد خلفها بل لو أريد بقاؤها من غير سد فالحكم كذلك من باب أولى. وحاصله أن الكوة التي
أحدث فتحها يقضي بسدها وإذا أريد سد خلفها فقط بعد الامر بسدها فإنه يقضي بسد جميعها ويزال
كل ما يدل عليها وقيد ح القضاء بسد الكوة التي حدث فتحها بما إذا كانت غير عالية لا يحتاج في
كشف الجار منها إلى صعود على سلم ونحوه، وإلا فلا يقضي بسدها وقيده أيضا بما إذا كان يتراءى
منها الوجوه لا المزارع والحيوانات وإلا لم تسد اتفاقا وإذا سكت من حدث عليه فتح الكوة ونحوها
عشر سنين ولم ينكر جبر عليه ولا مقال له حيث لم يكن له عذر في ترك القيام، وهذا قول ابن القاسم وبه
القضاء ا ه‍ بن. قوله: (تشرف على دار جاره) أي بحيث يتبين للرائي منها الوجوه وأن لا يظهر
للرائي منها الوجوه فلا يقضي بسدها إذ لا ضرر فيها ا ه‍ عدوي. قوله: (وأما القديمة فلا يقضي بسدها)
أي سواء كانت مشرفة على دار الجار أم لا. قوله: (خارجها) أي وهو ما كان جهة الجار. قوله: (كإزالة العتبة الخ)
أي فلو أزال ما ذكر ولم يبق ما يدل عليها بوجه وسدها من خارج فقط وهو جهة الجار وأبقى
داخلها بلا سد جاز له ذلك لان الانسان لا يمنع من حفر حفرة في حائطه لينتفع بها ا ه‍ شيخنا عدوي.
قوله: (بل لا بد من سد ما يدل عليها) الأولى بل لا بد من إزالة ما يدل عليها كان بسد أو غيره. قوله: (وكذا
غيرها) أي غير الكوة كشباك وباب وغرفة فمتى حدث شئ من ذلك وكان مشرفا على الجار قضى
بإزالته وهدمه. قوله: (وبمنع ذي دخان) أي وقضى بمنع أحداث ذي دخان إذا تضرر الجيران به بسب
تسويد الثياب والحيطان ونحو ذلك وقوله ورائحة أي وقضى بمنع إحداث ذي رائحة كريهة إذا
تضرر بها الجيران كمدبغة ومذبح ومسمط ومصلق ومجيرة والمذبح المحل المعد للذبح والمسمط هو
الاناء الذي يوضع فيه مصارين البهيمة ورأسها وكرشها ويسمط فيه ذلك في الماء الحار لإزالة ما فيها
من الأقذار والشعر والمصلق هو الاناء الذي يطبخ فيه المصارين والرؤوس بعد اخراج قذرها في
المسمط. تنبيه: يمنع الشخص من تنفيض الحصر ونحوها على باب داره إذا أضر الغبار بالمارة
ولا حجة له أنه إنما فعله على باب داره قاله ابن حبيب. قوله: (وأندر) أي وقضى بمنع إحداث أندر
وقوله بفتح الدال المهملة قال ح ولم أقف على غيره وهو مصروف لأنه ليس علما ولا صفة وإنما فيه
وزن الفعل وحده وهو لا يقتضي المنع من الصرف وحده. قوله: (قبل بيت) اعترض بأن منعه لا يتقيد
بكونه في مقابلة البيت بل بحصول الضرر كما يفيده تعليل الشارح فلو حذف قوله قبل وأبدله بعند
أو قرب لسلم مما أورد عليه وقد يقال إن الجرين إذا كان في أي ناحية من البيت يقال فيه إنه قبل البيت.
قوله: (أو حانوت) أي أو نحوهما كبستان فلا مفهوم لبيت فلو قال المصنف قبل كبيت بالكاف كان أشمل.
قوله: (وبمنع إحداث مضر) أي وقضى بمنع إحداث مضر. قوله: (كرحى الخ) أي وأما الغسال والحداد
والدقاق إذا كان يؤذي وقع ضربهم فقط ولا يضر بجدار الجار فلا يمنعون من ذلك. قوله: (وإحداث
إصطبل) وقضى بمنع إحداث إصطبل الخيل ونحوها من الدواب واعترض بأن هذا مستغني عنه لأنه
إن كان المنع للرائحة فهو داخل في قوله ورائحة كدباغ وإن كان الضرر بالجدار فهو داخل فيما قبله
وإن كان للتأذي بالصوت فهو لا يقتضي منع الاحداث كما يأتي في قوله وصوت ككمد وأجيب بأن
العلة في منع إحداثه الرائحة والضرر بالجدار لكن المصنف أراد التنصيص على أعيان المسائل
المذكورة في المدونة. قوله: (أو حانوت قبالة باب) أي وقضى بمنع إحداث حانوت للبيع أو الشراء
أو لصنعة قبالة باب شخص لما يلزم على ذلك من التطلع على عورات ذلك الشخص وأولى في المنع من

369
إحداث الحانوت قبالة باب إحداث مصطبة لأجل الجلوس عليها قبالة باب. قوله: (ولو بسكة نفذت)
هذا خلاف ما لابن غازي من التقييد بالسكة غير النافذة بناء على التسوية بين الحانوت والباب. قال ح
وهو الذي حكاه ابن رشد في كتاب السلطان وأفتى به ابن عرفة لكن نقل البرزلي عن المازري أن بعض
القرويين قال أن الحانوت أشد ضررا من الباب لكثرة ملازمة الجلوس به وأنه يمنع بكل حال.
قال المازري وهو الصواب نقله ح وعليه جرى الشارح في إطلاقه لكلام المصنف هنا ا ه‍ بن. قوله: (إن
تجددت الشجرة) أي إن حدثت الشجرة على الجدار ولا مفهوم للأغصان بل إذا أضر بعض جدار
الشجرة المتجددة بالجدار فإنه يقطع ذلك البعض أخذا من قول المصنف ومضرا بجدار ولا تقطع
الشجرة وكما يقضي بقطع أغصان الشجر المضرة بالجدار يقضي أيضا بقطعها إذا صارت سلما للص
يصعد عليها لبيت الجار، بخلاف دار خربة بجانب دار الآخر ويخشى توصل السراق منها لذي الدار
فلا يلزم صاحب الخربة بناؤها ويلزم صاحب الدار الاحتراس وحفظ متاعه. قوله: (فقولان) الأول
لمطرف وابن حبيب وأصبغ وعيسى بن دينار واستظهره ابن رشد والثاني لابن الماجشون لان باني
الجدار علم أن هذا يكون من حريم الشجرة فهو داخل على أضرار الشجرة له، وقد علمت أنها إذا كانت
قديمة على الجدار، فالخلاف إنما هو في قطع ما أضر من أغصانها وأما نفس الشجرة فليس للجار قطعها ولو
أضر جدرها المغيبة بجداره كما ذكره ابن رشد انظر بن. قوله: (ولا يقضي بمنع بناء مانع ضوء وشمس
وريح) هذا هو المشهور ومقابله ما رواه ابن دينار عن ابن نافع أنه يمنع من مانع الضوء والشمس
والريح. قوله: (إلا أن يكون) أي البناء. قوله: (ولا يمنع من علو بناء) أي ولو لغير منفعة تعود عليه وأضر بجاره
قال ابن كنانة إلا أن يرفعه ليضر بجاره دون منفعة له فإنه بمنع ا ه‍ وفي المدونة في آخر كتاب القسم ومن
رفع بنيانه فجاوز به بنيان جاره ليشرف عليه لم يمنع من رفع بنائه ويمنع من الضرر بالتطلع على جاره قال أبو
الحسن اللام في ليشرف لام العاقبة ا ه‍ وهذا يفيد أن ما أدى إلى الضرر ولم يدخل عليه ليس كالضرر
المدخول عليه. قوله: (إلا أن يكون ذميا فيمنع) أي من علو بنائه على بناء جاره المسلم وفي جواز مساواته
لجاره المسلم ومنعه من المساواة قولان قال شيخنا العدوي وللذمي شراء مكان عال وليس له بناء محل عال
يشرف منه على المسلمين. تنبيه: كما لا يمنع الشخص من علو بنائه على بناء جاره لا يمنع من إحداث
ما ينقص الغلة اتفاقا كإحداث فرن قرب فرن أو حمام قرب حمام آخر أو طاحون قرب طاحون أخرى
كما قاله في معين الحكام والتبصرة انظر ح. قوله: (وقصار) أي وصوت قصار وهو الذي يبيض القماش
وكما أدخلت الكاف في كلام المصنف صوت القصار ومن معه أدخلت أيضا صوت صبيان بمكتب
بأمر معلمهم لا أصواتهم للعب فيمنعون ودخل أيضا صوت معلم الأنغام وصوت الكروان المتخذ
للصياح والحمام المتخذ للهدير وظاهر المصنف عدم المنع ولو اشتد صوت كالكمد ودام وفي المواق خلافه
وأن محل عدم المنع ما لم يشتد ويدم، وإلا فيمنع من ذلك وكل هذا إذا لم يضر بالجدار وإلا فالمنع اتفاقا.
قوله: (بسكة نافذة) وأما بغير نافذة فإنه يمنع من الاحداث إلا برضا الجيران هذا إذا كان ذلك الباب
الذي أريد فتحه قبالة باب آخر وأما لو كان منكبا عنه فإنه يجوز فتحه ولو بغير رضا الجيران. قوله: (ولو
ضيقة) هذا إذا كانت واسعة وهي ما كان عرضها سبعة أذرع بل وإن كانت ضيقة عرضها أقل مما
ذكر. قوله: (وإلا فكالملك لجميعهم) أي وإلا فهي كالملك لجميعهم. قوله: (إلا بإذن الجميع) أي ولو رفعه رفعا بينا
ولا يكفي إذن بعضهم وقيل أن المعتبر إذن من يمر من تحتهما لمنزله وأما من لم يمر من تحتهما لمنزله فلا يعتبر
إذنه وهذا القول الثاني نقله عج عن الكافي وأقره كأنه المذهب. والذي في حاشية الفيشي أن الأول هو

370
المذهب. قوله: (والمعتمد الخ) أي أن ما ذكره المصنف في الروشن والساباط من التفصيل بين كون
السكة نافذة أو غير نافذة ضعيف، والمعتمد جواز إحداثهما مطلقا كانت السكة نافذة أو غير نافذة
ولا يحتاج لاذن أحد حيث رفع عن رؤوس الركبان رفعا بينا ولم يضر بضوء المارة. قال ابن غازي
التفصيل بين النافذة وغيرها لأبي عمر بن عبد البر في كافية ونقله عنه المتيطي وعليه اقتصر ابن الحاجب
وقبله ابن عبد السلام وابن هارون والمصنف، وأما ابن عرفة فقال لا أعرفه لأقدم من أبي عمر وظاهر
سماع أصبغ عن ابن القاسم في الأقضية خلافه، ولم يقيده ابن رشد بالطريق النافذة فتأمله ا ه‍. وتعقبه
ح بأن التفصيل الذي ذكره أبو عمر ذكره قبله ابن أبي زيد في النوادر وذكره قبله أبو بكر الوقار
ناقلا عنه ابن عبد الحكم وذكره أيضا ابن يونس، ثم قال ح بعد نقل كلامهم فقد وجد النص لا قدم
من أبي عمر على أن ذكر أبي عمر له وقبول الجماعة المذكورين له كاف في الاعتماد عليه ا ه‍. وبهذا تعلم
ما في قول شارحنا تبعا لعبق أن التفصيل ضعيف والمعتمد الخ انظر بن. قوله: (إلا بابا أن نكب)
أي حرف عن باب جاره. قوله: (ولا يقطع عنه منفعة) خرج ما إذا لاصقه حتى منعه من ربط دابة
ببابه مثلا واعترض ح قول المصنف إلا بابا أن نكب بأنه يقتضي أن الباب الذي فتحه إذا كان
منكبا عن باب جاره الذي يقابله يجوز فتحه ولو كان ذلك بقرب باب جاره الملاصق له بحيث إنه يضيق
عليه فيما بينه وبين بابه ويقطع ارتفاقه بذلك وليس كذلك كما في المدونة، وكلام ابن رشد فلو قال المصنف
إلا بابا أن نكب ولم يضر بجار ملاصق لوفى بما في المدونة ونص كلام ابن رشد. واعلم أن في فتح الرجل
الباب أو تحويله عن موضعه في الزقاق الذي ليس بنافذ ثلاثة أقوال أحدها أنه لا يجوز بحال إلا
بإذن جميع أهل الزقاق وهو الذي ذهب إليه ابن زرب، وبه جرى العمل بقرطبة والثاني أن له ذلك فيما
لم يقابل باب جاره ولا قرب منه فيقطع به مرفقا عنه وهو قول ابن القاسم في المدونة وقول ابن وهب
والثالث أن له تحويل بابه على هذه الصفة إذا سد الباب الأول وليس له أن يفتح فيه بابا لم يكن قبل بحال
وهو قول أشهب ا ه‍ بن. قوله: (والاستثناء منقطع) أي لان ما قبل إلا متعلق بالروشن والساباط
وما بعدها متعلق بالباب. قوله: (وإلا صعود نخلة الخ) أي بخلاف المنارة المحدثة أو القديمة حيث كانت
تكشف على الجيران فإنه يمنع من الصعود عليها لان الصعود لجني الثمرة ونحو ذلك نادر بخلاف الأذان
ومحل منع الصعود على المنارة المشرفة ما لم يجعل لها ساتر من كل جهة يمنع من الاطلاع على الجيران بحيث
لا تتبين الاشخاص ولا الهيئات ولا الذكر ولا الأنثى وإلا جاز صعودها. قوله: (وظاهر المصنف
وجوب الانذار) أي وهو المعتمد. قوله: (وقيل الخ) أي وهو ضعيف. قوله: (لغرز خشبة فيه) أي
لادخال خشبة فيه والدليل على ذلك خبر الموطأ لا يمنع أحدكم جاره أن يغرز خشبة في جداره رواه
ابن وهب خشبة بالافراد ورواه بعضهم بصيغة الجمع بفتح الخاء والشين وضم الهاء وبضم الخاء
والشين، وحمل مالك ذلك على الندب وحمله الشافعي وأحمد على الوجوب واختلف هل لجار المسجد
غرز خشبة في حائطه. وبه أفتى ابن عتاب ناقلا له عن الشيوخ أوليس له ذلك ويمنع منه وإليه ذهب
ابن مالك قال ابن ناجي والنفس إليه أميل واستظهره غيره أيضا. قوله: (وإرفاق بماء) يعني أنه يندب
لمن عنده ماء في بئر أو في زير أو في غيرهما فضل عن حاجته أنه يدفعه لغيره ليرتفق به في شرب أو في سقي
زرع كان ذلك الغير جارا له أو من أهله أو غيرهما. قوله: (وفتح باب لجاره) أي إذا كانت دارك ذات بابين
وكان يشق على جارك الذهاب لبيته من بابه أو من طريقه ويسهل عليه ذلك من جهة دارك فيندب لك
أن تفتح له بابك ليذهب لداره من بيتك من بابك الثاني حيث لا ضرر عليك في ذلك. قوله: (وله الرجوع)

371
هذا ليس مرتبطا بقوله وندب إعارة جداره لغرز خشبة كما هو ظاهر بل بمحذوف بعد قوله خشبة
أي وعرصته لبناء بدليل قوله وفيها الخ. وحاصل المسألة أن من أعار عرصته لجاره أو لغير ليبني
أو ليغرس فيها ولم تقيد تلك العارية بأجل فلما فعل المستعير البناء أو الغرس أراد المعير أن يرجع عليه
قبل المدة المعتادة في الإعارة للبناء أو الغرس فلا يمكن من الرجوع قبل انقضاء المدة المعتادة إلا إذا دفع
المعير للمستعير ما أنفقه في البناء والغرس، كذا ذكر في المدونة في باب العارية، وذكر فيها في محل آخر إلا
أن يدفع المعير للمستعير قيمة ما أنفق وإلا ترك لما يرى الناس أنه إعارة لمثله من الأمد واختلف
الأشياخ هل بين الموضعين المذكورين وفاق أو خلاف على ما ذكره الشارح إلا أن ما ذكره من
التأويل الثاني من تأويل الوفاق لا يظهر لأنه إنما يعطيه قيمة ما أنفق يوم البناء فلا يراعي قرب الزمان
أو بعده إلا لو كان المنظور له قيمة البناء لا قيمة المؤن مع أن المنظور له قيمة المؤن خلافا لما يفيده
كلام الشارح وخش وعبق وشب فتأمل. بقي شئ آخر وهو أنه سيأتي للمصنف في العارية
ولزمت المقيدة بعمل أو أجل وإلا فالمعتاد وهذا يفيد أنه ليس له الرجوع في العارية الغير المقيدة ولو
دفع ما أنفق أو قيمته وهذا يخالف ما هنا وأجيب بأن المصنف قد ذكر بعد قوله وإلا فالمعتاد ما يفيد
أن قوله وإلا فالمعتاد مخصوص بغير المعار للبناء والغرس وأما ما أعير لهما فله الرجوع فيه. قوله: (لسلم
من الابهام) أي لان المتبادر من قوله وله الرجوع أي في إعارة الجدار لغرز الخشبة مع أنه متعلق بمسألة
العرصة بدليل قوله وفيها إن دفع الخ لأنه لم يذكر ذلك في المدونة إلا في مسألة العرصة، وأما مسألة غرز
الخشبة فلا رجوع له بعد الاذن ولو قبل الغرز على المعتمد كما رجحه الفاكهاني خلافا لمن قال له الرجوع
قبل الغرز لا بعده. وقد حكى ابن ناجي القولين على حد سواء من غير ترجيح لأحدهما والفرق بين إعارة
العرصة للبناء حيث إن له الرجوع بخلاف إعارة الجدار لغرز الخشبة فلا رجوع له أن إعارة الجدار
لغرز الخشبة قد قال بعض أهل العلم بالقضاء به. قوله: (والاجمال) مرادف لما قبله وهو الابهام بالموحدة.
فصل في المزارعة قوله: (وعقدها غير لازم قبل البذر) أي كما هو قول ابن القاسم في المدونة فلا
تلزم بمجرد الصيغة بخلاف شركة الأموال على المعتمد فيها كما مر ا ه‍. وقد جزم ابن الماجشون
وسحنون بلزوم المزارعة بالعقد وهو قول ابن كنانة وابن القاسم في كتاب ابن سحنون، وإنما وقع
هذا الاختلاف في المزارعة لأنها شركة عمل وإجارة، فمن غلب الشركة لم يرها لازمة بالعقد لما مر أن
شركة العمل إنما تلزم بالعمل ولا أجازها إلا على التكافؤ والاعتدال إلا أن يتطوع أحدهما بما لا فضل
لكرائه، ومن غلب الإجارة ألزمها بالعقد وأجاز التفاضل بينهما انظر بن وقيل إنها تلزم بالعقد
إذا انضم إليه عمل فجملة الأقوال فيها ثلاثة. قوله: (وما في معناه) أي كشتل البصل والخس.
قوله: (ولا بالعمل) أي ولا بهما معا بدون بذر. قوله: (قد قيل بمنعها) أي فيما عدا صورة ما إذا تساويا في
الجميع فإنها جائزة اتفاقا كما في التوضيح وقول عبق لأنه قد قيل بمنعها مطلقا صوابه حذف مطلقا
لأنه لم يقل بذلك أحد عندنا لما علمت من الاتفاق في صورة التساوي، إلا أن يقال مراده بذلك القائل
أبو حنيفة فإنه يقول بمنعها مطلقا وإن خالفه صاحباه قال عياض وجوهها ثلاثة إن اشتركا في
الأرض والعمل والآلة والزريعة جازت اتفاقا وإن اختص أحدهما بالبذر من عنده والآخر
بأرض لها بال واشتركا في غيرهما تساويا أو تفاوتا فسدت اتفاقا لاشتمالها على كراء الأرض بما يخرج
منها إلا على قول الداودي والأصيلي ويحيى بن يحيى بجواز كراء الأرض بما يخرج منها وهو خلاف
مذهب مالك وأصحابه وما عدا هذين الوجهين مختلف فيه. قوله: (وهل إذا بذر البعض الخ) ظاهره أنه
لا نص في هذه المسألة قال طفي أصل هذا التوقف لعج وهو قصور فقد صرح ابن رشد بأن مذهب
ابن القاسم في المدونة أنه إن بذر البعض فلا يلزم العقد إلا فيما بذر ولكل الفسخ فيما بقي انظر بن.
قوله: (بشروط أربعة) جعلها الشارح أربعة مجاراة لكلام المصنف وسيأتي له أن الصواب كما لابن شاس

372
وأبي الحسن وغيرهما أن الشروط اثنان فقط السلامة من كراء الأرض بممنوع والتساوي في
الربح بأن يأخذ كل واحد منهم بقدر ما أخرج وسيظهر لك وجه ذلك. قوله: (ككرائها بذهب أو
فضة) هذا مثال للجائز وهو السلامة من كراء الأرض بممنوع. قوله: (فإن لم يسلما من ذلك منعت)
قالت الشافعية محل منع كراء الأرض بما يخرج منها إذا اشترط الاخذ من عين ما يخرج من خصوص
تلك البقعة صريحا ولم يكتفوا بالجنس وهي فسحة. وفي بن جواز كراء الأرض بما يخرج منها عند
الداودي ويحيى بن يحيى والأصيلي كما مر وحينئذ فقول الشارح منعت أي على المشهور لا اتفاقا.
قوله: (ونحوه) أي كالبوص الفارسي والعود القاقلي والصندل والحلفاء والحشيش والشب
والكبريت ونحوهما من المعادن. قوله: (وإلا فسدت) أي وإلا بأن دخلا على المناصفة في الصورة
الأولى أو على الثلث والثلثين في الصورة الثانية فسدت لدخولهما على التفاوت فيها. قوله: (مطابقا
للمخرج) أي منهما أي فإن كان المخرج منهما متساريا فلا بد أن يكون الربح مناصفة وإن كان الخارج
من أحدهما أكثر من الخارج من الآخر فلا بد أن يكون له من الربح بقدر ما أخرج. قوله: (بأن يأخذ
كل من الربح بقدر ما أخرج وإلا فسدت) أي وإلا يأخذ منه بقدر ما أخرج فسدت كما إذا تساويا
في جميع ما أخرجاه وشرطا في عقد الشركة أن جميع ما يحصل من الزرع على الثلث والثلثين أو كان
ما أخرجاه على الثلث والثلثين وشرطا أن ما يحصل من الزرع بينهما مناصفة. قوله: (على المقابلة
بالنصف) أي بأن قيل وقابلها مساو من بقر وعمل بأن يكون أجرتهما قدر أجرة الأرض وتساويا
في الربح بأن كان كل واحد يأخذ نصفه. قوله: (إذا كان أحدهما الثلث) أي أخرج الثلث الخ.
قوله: (فسيأتي ما فيه) أي من أن اشتراط خلط البذر حقيقة أو حكما قول سحنون والمذهب عدم اشتراط
ذلك كما هو قول ابن القاسم ومالك على أنه لا وجه لجعل خلط البذر شرطا من شروطها لان
شرطها ما كان عاما في جميع صورها وهذا خاص ببعض الصور. قوله: (بعد العقد) لبيان الواقع لان
التبرع لا يكون إلا بعد العقد إذ ما كان فيه لم يكن تبرعا ولو صرحوا بأنه تبرع لأنه حينئذ مدخول
عليه فهو مشترط ا ه‍. وذلك بأن يخرج كل قدر ما أخرجه الآخر وعقدا على التساوي في الخارج
وبذرا ثم تبرع أحدهما للآخر بشئ من حصته. قوله: (وخلط بذر) عطف على سلما أي وشرط
صحتها خلط بذر فهو عطف عليه بالنظر للمعنى هذا إذا قرئ خلط مصدرا وأما إن قرئ بصيغة
الفعل فالعطف ظاهر. قوله: (كالقطن والقصب ونحوهما) أي كالخس والب صل وغيرهما من الخضر التي
تنقل لكن فيه أن القطن يزرع حبه وإن كان لا يبذر بل يدفن في الأرض فإن جعل قوله كالقطن راجعا
للحب وما بعده راجعا لغيره صح وإلا فالأولى حذف القطن. قوله: (أي منهما) أشار الشارح

373
بذلك إلى إن كان في كلام المصنف ناقصة لا أنها تامة كما قال بعض وأن المعنى وخلط بذر إن وجد فإن
لم يوجد فلا تصح إلا بخلط الزريعة، هذا إذا حمل البذر على حقيقته، فإن أريد به ما يشمل الزريعة ضاع
مفهوم إن وجد لاندراجه في المنطوق تأمل. قوله: (واشتراط الحسي) تظهر ثمرة القولين إذا أخرجاه
معا وبذراه وصار لا يتميز بذر أحدهما من بذر الآخر فيصح على ما مشى عليه المصنف لا على ما رده
بلو. قوله: (وما مشى عليه المصنف) أي من اشتراط خلط البذر ولو حكما أخد قولي سحنون قال طفي
هذا الشرط إنما يعرف لسحنون وعزاه له في الجواهر واقتصر عليه وتبعه المصنف وابن الحاجب
ومذهب مالك وابن القاسم عدم اشتراط الخلط لا حسا ولا حكما بناء على أصلهما في شركة الأموال
وسحنون على أصله في اشتراط الخلط هناك فكل طرد أصله، ثم نقل عن اللخمي ما نصه اختلف إذا
كان البذر منهما هل يشترط الخلط في الصحة فأجاز مالك وابن القاسم الشركة إذا أخرجا قمحا أو
شعيرا وإن لم يخلطاه بناء على أصلهما في العين الدراهم والدنانير، وإن لم يخلطاها واختلف قول سحنون
فقال مرة بقول مالك وابن القاسم، وقال مرة إنما تصح الشركة إذا خلطا الزريعة أو حملاها إلى الفدان
أو جمعاها في بيت، فظهر لك أن اشتراط الخلط ولو حكما إنما هو عند سحنون فقط ا ه‍ كلامه.
قوله: (أحد قولي سحنون وابن القاسم) ونحوه في عبق قال بن وهذا يقتضي أن لابن القاسم قولين
كسحنون وهو خلاف ما تقدم عن اللخمي وابن يونس فكان الأولى للشارح أن يقول وهذا أحد
قولي سحنون وله قول آخر مع ابن القاسم ومالك أنه لا يشترط الخلط حسا ولا حكما تأمل انظر بن.
قوله: (تماثلهما) أي تماثل ما أخرجاه من البذر إن كان البذر منهما. قوله: (على ما مشى عليه) أي من
كفاية اخراجهما البذر إلى الفدان وبذر كل واحد وفيه أن قول المصنف فإن لم ينبت الخ إنما يتفرع على
قول مالك وابن القاسم أنه لا يشترط الخلط أصلا ولا يصح تفريعه على قول سحنون باشتراط الخلط لان
التمييز عنده يوجب بطلان الشركة مطلقا نبت بذر كل واحد منهما أم لا، فتعين أن يراد بالخلط في كلام
المصنف مجرد المعاونة تساهلا حتى يصح التفريع والمعنى أن البذر إذا كان منهما فيشترط تعاونهما ولو
بإخراجهما بأن يخرجا بالبذر معا ويبذر كل واحد منهما بذره كان بذر كل واحد متميزا عن بذر الآخر
أولا، وهذا أحد قولي سحنون والمردود عليه بلو قول سحنون الآخر لا يكفي اخراجهما على الوجه
المذكور بل لا بد أن يصير البذران بحيث لا يتميز أحدهما عن الآخر، والقول الأول الذي مشى
عليه المصنف موافق لقول مالك وابن القاسم أنه لا يشترط الخلط حقيقة ولا حكما وحينئذ، فحمل
شارحنا تبعا لغيره الاخراج في كلام المصنف على القول الثاني غير مناسب لعدم صحة التفريع. وهذا
الذي قلنا محصل كلام ح ومن هذا يعلم أن قول الشارح ورد بالمبالغة القول باشتراط الخلط الحسي
لا يصح إذ لم ينقل عن أحد اشتراط الخلط الحسي في البذر وعدم كفاية الخلط الحكمي لان الخلط
الحكمي بمعنى عدم التمييز متفق على الجواز فيه وإنما الخلاف في التعاون مع التمييز كما علمت انظر بن.
قوله: (بأن علم) أي أنه لا ينبت. قوله: (وعليه مثل نصف النابت) أي وعليه أيضا نصف كراء أرض
ما لم ينبت ونصف قيمة العمل فيه كما جزم بذلك في التوضيح وذكر ابن عرفة ما يقتضي أن في ذلك خلافا
انظر ح ا ه‍ بن. تنبيه: ذكر عج أن من اشترى حبا وبين للبائع أنه للزراعة ولم ينبت فإن كان البائع
يعلم أنه لا ينبت أو كان شاكا في ذلك فإن المشتري يرجع عليه بجميع الثمن وبأجرة الأرض والعمل إن
فات الا بان وإلا رجع عليه بالثمن فقط لان البائع غره والشراء في زمن الزراعة بثمن ما يزرع كالشرط وإن
اشترى للأكل فزرعه فلم ينبت لم يرجع بشئ. قوله: (وأن الا بان) أي وموضوع المسألة أن الا بان الخ.

374
قوله: (كأن تساويا) أي وذلك كأن تساويا الخ أي وذلك المستوفي للشروط كتساويهما في جميع
ما أخرجاه فالكاف للتمثيل لا للتشبيه وأن مصدرية لا شرطية. وقوله كأن تساويا في الجميع أي
ودخلا على أن كل واحد يأخذ من الربح بقدر ما أخرجه وإلا فلا تجوز كما مر للدخول على التفاوت.
قوله: (وبذره) أي ولو كانت الأرض لها بال. قوله: (أو بقر فقط) احترز به عن عمل اليد فقط لئلا
يتكرر مع مسألة الخماس الآتية. وما قاله من الجواز في هذه الصورة قول سحنون وقال ابن المواز
بمنعها. قوله: (إلا العمل) المراد به الحرث لا الحصاد والدراس لأنه مجهول فمتى شرط عليه أزيد من
الحرث فسدت وليس للعامل إلا أجرة عمله والعرف كالشرط، وأما لو تطوع بزائد عن الحرث بعد
العقد كالحراثة والسقي والتنقية والحصاد والدراس ونحو ذلك فذلك جائز ا ه‍. خش وما ذكره
من عدم جواز اشتراط الحصاد والدراس وما معهما هو قول سحنون وصححه ابن الحاجب والتونسي
وابن يونس، وعن ابن القاسم أن المراد بالعمل الحرث والحصاد والدراس فيجوز اشتراطها على
العامل انظر بن. قوله: (لا إن عقدا الخ) هذا شروع في ذكر المسائل الفاسدة وهي خمسة أيضا.
قوله: (أو أطلقا) أي أو عقدا بالاطلاق فهو عطف على الإجارة باعتبار المعنى فلا يقال أن فيه عطف الفعل
على الاسم الغير المشابه للفعل. قوله: (والاطلاق محمول على الإجارة عند ابن القاسم) أي فتكون
ممنوعة لأنها إجارة بجزء مجهول القدر وحمله سحنون على الشركة فأجازها والنقل عن ابن القاسم
وعن سحنون على هذا الوجه هو الصواب كما قال ابن عرفة، وتبعه ابن غازي وغيره وعكسه ابن
عبد السلام، وتبعه الآبي في شرح مسلم والمواق، واعترضه ابن عرفة، ونص الموافق ابن عبد السلام
هذه مسألة الخماس ببلدنا، وقال فيها ابن رشد أن عقداها بلفظ الشركة جاز اتفاقا وإن عقداها
بلفظ الإجارة لم تجز اتفاقا وإن عرى العقد عن اللفظين، فأجاز ذلك ابن القاسم ومنعه
سحنون. ابن عرفة ما نقله ابن عبد السلام عن ابن رشد من أن ابن القاسم أجازها ومنعه سحنون وهم
لان لفظ ابن رشد ما نصه حمله أي الاطلاق ابن القاسم على الإجارة فلم يجزه وإليه ذهب ابن حبيب
وحمله سحنون على الشركة فأجازه هذا تفصيل المسألة والعجب من المواق كيف خالف هذا ا ه‍ بن.
قوله: (وهو) أي ما قاله سحنون. قوله: (على أن ابن عرفة الخ) المذهب ما قاله المصنف وإن كان ما قاله
ابن عرفة أظهر في النظر وحاصله أن ابن عرفة قال الموافق لأقوال المذهب أنها إجارة ولو وقعت بلفظ
الشركة وأنها فاسدة أما كونها إجارة لا شركة لان من خواص الشركة أن يخرج كل واحد مالا
وهذه ليست كذلك، وأما كونها فاسدة فلان من شرط صحة الإجارة كون عوضها معلوما وهنا غير
معلوم. وحاصل الرد عليه أن الحكم بالفساد إذا وقعت بلفظ الشركة خلاف النقل عن ابن القاسم
وسحنون ولا نسلم أنها إجارة لأنه إذا أخرج العامل العمل فقد خرج من يده مال ا ه‍، تقرير عدوي.
قوله: (لفقد التساوي) أي في الربح عند إلغاء الأرض إذا لم يأخذ كل واحد منه بقدر ما خرج من يده
وحاصله أن علة الفساد الدخول على التفاوت. قوله: (على الأصح) في التوضيح أن الجواز لسحنون والمنع

375
لابن عبدوس وابن يونس قال والمنع هو الصواب، ولذا قال ابن غازي لعل قوله على الأصح مصحف
عن الأرجح ا ه‍ وذكر أبو علي المسناوي أن كلام ابن يونس يدل على أن المصحح للقول بالمنع ابن
عبدوس لا ابن يونس، وحينئذ فتصحيح المؤلف في محله ونقل كلام ابن يونس فانظره فيه ا ه‍ بن.
قوله: (لمقابلة جزء من الأرض للبذر الخ) في العبارة قلب وصوابه لمقابلة جزء من البذر للأرض.
قوله: (وأما السابقة عن المدونة) أي في قوله وأما التي لا بال لها فإلغاؤها جائز. قوله: (وتقدمت الصورة
الخامسة الخ) أي وهي أن يخرج أحدهما الأرض وبعض البذر ويخرج الآخر العمل وبعض البذر ويأخذ
العامل من الربح أنقص من نسبة بذره لكامل البذر وبقي من صور المنع ما إذا كان كل من البذر
والأرض لكل منهما والعمل من أحدهما ومنعها للتفاوت وكذا إذا تساويا في الجميع وأسلف أحدهما
الآخر البذر فيمنع للسلف بمنفعة أو تساويا في الجميع ولم يأخذ أحدهما من الربح بقدر ما أخرج
ومنعها للتفاوت كما مر. قوله: (والمراد بالعمل عمل اليد والبقر) أي الحرث مع اخراج البقر هذا هو
المراد. قوله: (أي وجد عمل الخ) أشار بهذا إلى أن المراد بتكافئهما في العمل تماثلهما في صدور العمل
منهما لا تساويهما فيه. قوله: (فبينهما) أي على قدر عملهما. قوله: (فإذا لم يكن لأحدهما إلا مجرد عمل يد)
أي والفرض أنها فاسدة بأن عقدا بلفظ الإجارة أو الاطلاق. قوله: (فعلى صاحب الأرض) أي فيما
إذا كانت الأرض من عند أحدهما والبذر من الآخر وحصل العمل منهما. قوله: (لما مر) أي من أن
المراد بتكافئهما في العمل تماثلهما في صدوره منهما لا تساويهما فيه. قوله: (فللعامل الزرع) أي إذا
انضم لعمله شئ مما سيذكره بقوله كان له الخ فهو كالتقييد لاطلاقه هنا وإلا كان له أجر مثله.
قوله: (المنفرد بها الآخر) بأن كانت الأرض فقط لأحدهما وللآخر البذر والبقر والعمل أو كان البقر من
عند أحدهما فقط وللآخر الأرض والبذر والعمل. قوله: (فإن كانت من عند العامل) أي فإن كانت
الأمور المذكورة وهي الأرض والبقر من عند العامل بأن كان البذر فقط من عند أحدهما وللآخر
الأرض والبقر والعمل. قوله: (فإنما عليه) أي على العامل وقوله له أي للشريك المخرج للبذر. قوله: (بذر مع
عمل) قال ابن غازي فرض الكلام مع العامل مغن عن قوله مع عمل. قوله: (أي عمله) أشار إلى أن التنوين في
عمل عوض عن المضاف إليه. قوله: (لمقابلة الأرض بجزء من البذر) صوابه لمقابلة البذر جزأ من الأرض
انتهى بن. قوله: (واعترض الخ) حاصله أن المصنف ذكر أنها إن فسدت فإن كان العمل منهما فالزرع
بينهما وترادا غيره وإن كان العمل من أحدهما فإن خرج من يده شئ آخر كأرض أو بذر
فالزرع له ويلزمه الاجر حينئذ أو البذر وإن لم يخرج من يده شئ آخر كان الزرع لغيره وله أجرة مثله،
وهذا لا يوافق قولا من الأقوال الستة المنصوصة في فساد المزارعة وقد ذكر الشارح أن كلام المصنف
موافق للقول السادس المرتضى وانظره فإنك عند التأمل لا تجده موافقا وسيظهر لك. قوله: (الثالث أنه
لمن اجتمع له شيئان من ثلاثة أشياء الخ) أي فإذا كان الشركاء ثلاثة واجتمع لكل واحد منهم
شيئان من الثلاثة المذكورة وانفرد كل واحد بشئ منها كان الزرع بينهم أثلاثا وإن اجتمع لواحد

376
منهم شيئان دون أصحابه كان الزرع له دونهم. قوله: (والسادس الخ) قد نظم ابن غازي هذه الأقوال
الستة بقوله:
الزرع للعامل أو للباذر * في فاسد أو لسوى المخابر
أو من له حرفان من إحدى الكلم * عاب وعاث ثاعب لمن فهم
والمراد بالمخابر هنا الذي يعطي أرضه بما يخرج منها والعينان للعمل والألفان للأرض والباآن للبذر
والثاآن للثيران، فقوله عاب إشارة للقول السادس وعاث إشارة للقول الثالث وثاعب إشارة للقول
الرابع. قوله: (أو انفرد كل واحد منهم بشئ منها) هذه الصورة مما يتخالف فيها كلام المصنف
والقول السادس فإنه على كلام المصنف ليس للعامل في هذه إلا أجرة مثله وذلك لان المصنف قال
وإن فسدت وتكافآ عملا فبينهما قال الشارح فإن لم يكن لأحدهما إلا مجرد العمل فلا شئ له من الزرع
وإنما له أجرة مثله وبهذا يظهر لك عدم صحة جواب الشارح.
باب صحة الوكالة
قوله: (بمعنى التوكيل) أي لان الصحة متعلقها الفعل لأنها حكم شرعي وهو إنما يتعلق بالأفعال.
قوله: (وهو المحل) أي الموكل فيه. قوله: (أي إنما تصح الخ) أخذ الحصر من كون المبتدأ مضافا للمعرف بلام
الجنس وقد صرح أهل المعاني بأن العرف بها إذا أخبر عنه بظرف أفاد الحصر كالكرم في العرب
والأئمة من قريش. قوله: (وهو) أي ما يقبل النيابة شرعا ما لا يتعين الخ. قوله: (أنهما) أي النيابة والوكالة
وقوله متساويان أي في المحل. قوله: (وقيل النيابة أعم) أي من الوكالة أي باعتبار المحل لا باعتبار المفهوم.
قوله: (فيما إذا ولى الحاكم أميرا أو قاضيا) أي فالمولى المذكور نائب عمن ولاه وليس وكيلا عنه. واعلم أن
القول بمساواة النيابة للوكالة لابن رشد وعياض كما نقله ابن عرفة عنهما من جعلهما نيابة الامام وكالة.
والقول بأن النيابة أعم وأن نيابة الامام غير وكالة لغيرهما من أهل المذهب ا ه‍. وأعلم أن المراد بالنيابة في
كلام المصنف الفعل عن الغير فقابل النيابة ما يقبل فعل الغير عنه والمراد بالوكالة التوكيل فهما متغايران
في المفهوم وإن تساويا محلا على القول الأول لا أنهما مترادفان إذا التساوي في المحل لا يقتضي الترادف،
وبهذا يندفع ما يقال أنه على التساوي ينحل كلام المصنف لقولنا صحة الوكالة في قابل الوكالة أو لقولنا
صحة النيابة في قابل النيابة وهذا معنى غير الصحيح إذ هو إحالة للشئ على نفسه. قوله: (وحكمها الجواز) أي وإنما لم
يعبر به بدل الصحة ليكون مفهومه عدم الصحة صريحا فيما لم يستوف الشروط لأنه لا يلزم من عدم الجواز
البطلان وما كان غير صحيح فهو باطل. قوله: (وقد يعرض لها غيره). قوله: أي بحسب متعلقها كالوكالة على قضاء
دين لا يتوصل إليه إلا بها وكالوكالة على الصدقة وعلى البيع الحرام والمكروه ونحو ذلك. قوله: (من عقد)
أي فيجوز أن يوكل من يعقد عنه عقدا كبيع أو إجارة الخ وفي ح خلاف فيما إذا اشترى الوكيل ما أمره
به موكله وادعى أنه اشتراه لنفسه وصدر بالقول بأنه يقبل قوله بيمين وستأتي هذه المسألة للشارح في
آخر الباب. قوله: (وبيع فاسد) أي معرض للفساد أي الفسخ كالصادر من عبد أو من صبي مميز أو من
سفيه فللسيد أن يوكل في فسخه وكذلك ولى الصغير والسفيه وأما المتحتم فسخه فهو مفسوخ في نفسه
فلا يحتاج لوكيل يفسخه. قوله: (ويدخل فيه) أي في الفسخ الطلاق بناء على أن المراد بالفسخ
مطلق الحق وفي شب أن الطلاق داخل في العقد وقوله ويدخل فيه الطلاق أي فيصح أن يوكل

377
الرجل من يطلق عنه زوجته وإن بحيض مثلا لان النهي عنه عارض. قوله: (وكذا قضاؤه) أي وكذا
له أن يوكل في قضاء دين عليه. قوله: (أو ولي) فله أن يوكل شخصا على القتل كما أن للحاكم أن يوكل
على الحد والتعزير وكذا في قتل الحرابة والردة. قوله: (أو سيد) أي في عبده إذا تزوج بملكه
قوله: (فيما يجوز) أي للزوج عقوبة الزوجة عليه كترك الصلاة. قوله: (وحوالة) زاد ابن شاس وابن
الحاجب التوكيل في الحمالة وفسر ذلك ابن هارون بأن يوكله على أن يتكفل لفلان بما على فلان وقد
كان التزم لرب الدين الذي على فلان أن يأتيه بكفيل به عنه وزاد بعضهم الوظيفة كأذان وإمامة وقراءة
بمكان مخصوص فيجوز النيابة فيها حيث لم يشترط الواقف عدم النيابة فيها. واعلم أنه إذا شرط الواقف
عدمها لم يكن المعلوم للأصلي لتركه ولا للنائب لعدم تقرره في الوظيفة أصالة وإن لم يشترط الواقف
عدم النيابة، فالمعلوم لصاحب الوظيفة المقرر فيها وهو مع النائب على ما تراضيا عليه من قليل أو كثير
كانت الاستنابة لضرورة أو لا، كما قاله المنوفي واختاره بن وعج وهو أسهل الأقوال. وقال القرافي
إن كانت الاستنابة لضرورة فكذلك وإلا فلا شئ للنائب ولا للمنوب عنه من المعلوم. قوله: (أو
وكل من يحج عنه) أي لان كلامه في بيان ما تصح فيه الوكالة وإن كره كما في هذا لا في بيان ما تجوز فيه
وهذا التصوير الثاني في الحقيقة استنابة لا نيابة كما قال فيما تقدم ومنع استنابة صحيح في فرض وإلا
كره. قوله: (وكذا في هبة الخ) أي وكذا تصح الوكالة في هبة الخ. قوله: (وواحد) هذا مستأنف أي
ويوكل واحدا أو عطف على الوكالة باعتبار المعنى أي إنما تصح الوكالة في قابل النيابة وإنما يصح واحد
أي وكالة واحد في خصومة قبل الشروع فيها والمراد واحد معين فلا يصح توكيل غير معين، فإذا كان
الحق لاثنين فقالا من حضر منا خاصم فليس لهما ذلك لأنه كتوكيل أكثر من واحد، وإذا خاصم
الوكيل في قضية ثم انقضت وأراد الدخول في أخرى والوكالة مبهمة فله ذلك بالقرب وليس له ذلك
فيما طال نحو الستة أشهر وأما إذا اتصل الخصام فيها فله التكلم عنه وإن طال الامر قاله ابن الناظم وذكر ح
أنه ليس في الوكالة أعذار بل إذا أثبتت عمل بها وقيل لا بد منه. قوله: (وإن كره خصمه) أي توكيل
ذلك الواحد. قوله: (إلا لعداوة) أي بين الوكيل والخصم ابن يونس في المدونة قال ابن القاسم
وللحاضر أن يوكل من يطلب شفعته أو يخاصم عنه خصمه وإن لم يرض بذلك الخصم إلا أن يوكل عليه
عدوا له فلا يجوز ا ه‍. قوله: (كما يأتي) أي في قوله ولأحد الوكيلين الاستبداد أي الاستقلال بالبيع أو الشراء
أو الطلاق إلا لشرط عدم الاستبداد. قوله: (لا إن قاعد الموكل) الأولى لا إن قاعد الخصم خصمه. قوله: (عند
حاكم) هذا هو النص كما في سماع عيسى عن ابن القاسم فالمقاعدة عند غير الحاكم لا تعتبر. قوله: (كثلاث)
الأولى حذف الكاف لعلم ما زاد على الثلاث منها بطريق الأولى وظاهره التقييد بالثلاث فأكثر وعليه
فله أن يوكل في أقل منها وهو مقتضى كلام المتيطي وهو خلاف ما في المقدمات إذ مقتضى ما فيها أن المرتين
كالثلاث على المشهور في المذهب انظر نصها في المواق. قوله: (إلا لعذر) أي طرأ له بعد أن قاعد خصمه ثلاثا
فله أن يوكل ويكون ذلك الوكيل على حجة موكله ويحدث من الحجة ما شاء وما كان أقامه الذي لم يوكل
من بينة أو حجة قبل وكالة صاحبه فهي جائزة على الوكيل ا ه‍ بن. قوله: (ومن العذر ما لو حلف) أي بعد أن
قاعد خصمه ثلاثا. قوله: (لا إن حلف لغير موجب) أي فلا يكون عذرا يبيح له التوكيل بل يتعين

378
أن يخاصم بنفسه ويحنث في يمينه إلا أن يرضى خصمه بتوكيله. قوله: (يعني أن الموكل) الأولى يعني أن الخصم.
قوله: (أو أن به مرضا خفيا الخ) أي وأما لو كان مرضه ظاهرا فإنه يصدق بغير يمين. قوله: (فإن حلف) أي كان
له أن يوكل فجواب الشرط محذوف وقوله وإلا فليس الخ أي وألا يحلف فليس له توكيل فقد حذف فعل الشرط.
قوله: (وليس له حينئذ) أي حينئذ إذا قاعد الخصم ثلاثا وقوله إلا لعذر أي كمرض أو سفر أو نذر أو اعتكاف دخل
وقته فله عزل نفسه حينئذ. قوله: (ومفهوم حينئذ) أي كما أن مفهومه أن الوكالة لو كانت في غير خصام فللموكل عزله
وله عزل نفسه. قوله: (وكذلك للموكل عزله قبل ذلك) أي وإذا عزله موكله كان لخصمه أن يوكله كما صرح به
ابن عاصم بقوله:
ومن له موكل وعزله لخصمه إن شاء أن يوكله
ونحوه في تبصرة ابن فرحون لكن زاد في شرحه على ابن الحاجب أنه ينبغي أنه لا يمكن من الوكالة لأنه
صار كعدوه ا ه‍ ونحوه للبرزلي بحثا ا ه‍ بن. تنبيه: إذا فعل الوكيل شيئا بعد عزله كان فعله مردودا
أن أشهد الموكل بعزله ولم يفرط الموكل في أعلام الوكيل أنه عزله حيث كان الاعلام ممكنا ولا يشترط
اشتهار العزل عند حاكم، كما قال شيخنا خلافا لما في عبق فإن اختل شرط من هذين الشرطين لم ينفعه
عزله ويمضي فعله بعد عزله له حين إقراره بشرطه الآتي للمصنف وهو كونه مفوضا، وهذا كله بناء على
أنه ينعزل بعزله، وإن لم يعلم أما على أنه لا ينعزل بعزله إلا إذا علم فلا ينعزل قبله ولو أشهد به وأشهره
عند حاكم. قوله: (أي ليس للوكيل الاقرار عن موكله) فإن أقر بشئ لم يلزم الموكل ما أقر به ويكون الوكيل
كشاهد. قوله: (عند عقد الوكالة) أي الخاصة. قوله: (ويلزمه) أي الموكل ما أقر به الوكيل وقوله
فيهما أي فيما إذا وكله وكالة مفوضة وجعل له الاقرار عند عقد الوكالة. قوله: (وكان الاقرار
من نوع الخصومة) أي كأن يوكله في دين فيقر بتأخيره أو بقبض بعضه أو إبرائه من بعضه لا إن
وكل على بيع داره منه فيقر له بدين عن الموكل أو بإتلافه وديعة له. قوله: (أي خصم الموكل) أي
وهو من عليه الدين مثلا. قوله: (أي له أن يلجئ الخ) أي بأن يقول أحد الخصمين لصاحبه الذي
وكل له وكيلا لا أتعاطى المخاصمة مع وكيلك حتى تجعل له الاقرار. قوله: (أقر عني بألف) أي لزيد أو
اعترف بها له وكذا أبرئ فلانا من حقي الذي عليه فإنه إبراء من الموكل كما ذكره ابن عبد البر في الكافي
ثم إن قوله إن قال الخ ليس نص المازري صريحا في ذلك، وإنما اعتمد المصنف فهم ابن شاس له ونصه لو
قال لوكيله أقر عني لفلان بألف درهم، فهو بهذا القول كالمقر بالألف قاله المازري واستقراه من نص
بعض الأصحاب. قوله: (لا في كيمين) اعلم أن الفعل الذي طلبه الشارع من الشخص ثلاثة أقسام:
الأول: كان مشتملا على مصلحة منظور فيها لخصوص الفاعل فهذا لا تحصل له مصلحته إلا بالمباشرة
وتمنع فيه النيابة قطعا وذلك كاليمين والايمان والصلاة والصيام والنكاح بمعنى الوطئ ونحوها، فإن
مصلحة اليمين الدلالة على صدق المدعي وذلك غير حاصل بحلف غيره، ولذلك قيل ليس في السنة أن يحلف
أحد ويستحق غيره ومصلحة الايمان الاجلال والتعظيم وإظهار العبودية لله وإنما تحصل من جهة الفاعل
وكذلك الصيام والصلاة ومصلحة النكاح بمعنى الوطئ الاعفاف وتحصيل ولد ينسب إليه وذلك
لا يحصل بفعل غيره، بخلاف النكاح بمعنى العقد فإن مصلحته تحقيق سبب الإباحة وهو يتحقق
بفعل الوكيل كتحققه بفعل الموكل، الثاني: ما كان مشتملا على مصلحة منظور فيها لذات الفعل من
حيث هو وهذا لا يتوقف حصول مصلحته على المباشرة وحينئذ فتصح فيه النيابة قطعا وذلك كرد
العواري والودائع والمغصوبات لأهلها وقضاء الديون وتفريق الزكاة ونحوها فإن مصلحة هذه

379
الأشياء إيصال الحقوق لأهلها وذلك مما يحصل بفعل المكلف لها وغيره فيبرأ المأمور بها بفعل الغير
وإن لم يشعر. والثالث: ما كان مشتملا على مصلحة منظور فيها لجهة الفعل ولجهة الفاعل فهو متردد بينهما.
واختلف العلماء في هذا بأيهما يلحق وذلك كالحج فإنه عبادة معها إنفاق مال فمالك ومن وافقه رأوا أن
مصلحته تأديب النفس وتهذيبها وتعظيم شعائر الله في تلك البقاع وإظهار الانقياد إليه وهذا أمر
مطلوب من كل قادر، فإذا فعله انسان عنه فاتت المصلحة التي طلبها الشارع منه ورأوا أن إنفاق المال
فيه أمر عارض بدليل المكي فإنه يحج بلا مال فقد ألحقوه بالقسم الأول لأن هذه المصالح لا تحصل
بفعل الغير عنه ولذا كان لا يسقط الفرض عمن حج عنه وله أجرة النفقة والدعاء والشافعي وغيره رأوا
أن المصلحة فيه القربة المالية التي لا ينفك عنها غالبا فألحقوه بالقسم الثاني انظر بن. قوله: (لأنها تفيد
صدق الحالف) أي وصدق الوكيل بها لا يدل على صدق موكله. قوله: (وأدخلت الكاف الوضوء الخ)
وذلك لان المصلحة التي اشتملت عليها هذه الأفعال الخضوع والخشوع وإجلال الرب وإظهار
العبودية له ولا يلزم من خضوع الوكيل خضوع الموكل فإذا فعلها غيره فاتت المصلحة التي طلبها الشارع
من كل مكلف كما مر. قوله: (وأدخل بكاف التمثيل) أي في قوله لأنه مثال للمعصية.
قوله: (والظاهر) أي خلافا للشيخ أحمد الزرقاني أي من أنها لا تطلق لأنه توكيل على معصية ومحل
الخلاف إذا قال الموكل للوكيل وكلتك على أن تطلقها في الحيض فطلقها فيه كما لو قال الشارح وأما لو وكله على
طلاقها فطلقها الوكيل وهي حائض كان الطلاق لازما اتفاقا. قوله: (بما يدل عرفا الخ) من العرف في
الوكالة الوكالة بالعادة كما إذا كان ريع بين أخ وأخت وكانا لأخ يتولى كراءه وقبضه سنين متطاولة
فالقول قوله أنه دفع لأخته ما يخصها في الكراء. قال ابن ناجي عن بعض شيوخه لأنه وكيل بالعادة
وتصرف الرجل في مال امرأته محمول على الوكالة حتى يثبت التعدي قاله مالك انظر ح والمواق ا ه‍ بن.
قوله: (أو إشارة أخرس) أي لا من ناطق. قوله: (لا بمجرد وكلتك) أي وأنت وكيلي ونحوها من كل
ما أبهم فيها الموكل عليه فإذا قال وكلتك كانت الوكالة باطلة بخلاف أنت وصيي فإنها صحيحة وتعم كل
شئ، وهذا قول ابن بشير. وقيل أنها وكالة صحيحة وتعم كل شئ، وهو قول ابن يونس وابن رشد في المقدمات.
قال وهو قولهم في الوكالة إن قصرت طالت وإن طالت قصرت، قال أبو الحسن وفرق ابن شاس بينها
وبين الوصية أي إذا قال فلان وصيي فإنه يعم بوجهين أحدهما العادة قال لأنها تقتضي عند إطلاق لفظ
الوصية التصرف في كل الأشياء ولا تقتضيه في الوكالة ويرجع إلى اللفظ، وهو محتمل الثاني أن الموكل مهيأ
للتصرف فلا بد أن يبقى لنفسه شيئا فيفتقر لتقرير ما أبقى والوصي لا تصرف له إلا بعد الموت فلا يفتقر
لتقرير ا ه‍ بن. قوله: (لأنه لا يدل عرفا على شئ) أي وإن دل على الوكالة لغة. قوله: (فيمضي النظر) أي
وهو ما فيه تنمية المال وقوله لا غيره أي وهو ما ليس فيه تنمية للمال كالعتق والهبة والصدقة لثواب
الآخرة. قوله: (إلا أن يقول وغير النظر) أي إلا أن يقول الموكل له أمضيت فعلك النظر وغير النظر
وقوله فيمضي أي غير النظر إن وقع وإن كان لا يجوز للوكيل فعله ابتداء. قوله: (ما ليس
بمعصية) أي لان الوكالة على المعصية باطلة كما مر وقوله ولا تبذير أي كأن يبيع ما يساوي
مائة بخمسين. والحاصل أن المراد بغير النظر الذي لا يجوز للوكيل فعله ابتداء ويمضي بعد
وقوعه ما ليس فيه تنمية للمال لا ما كان معصية أو سفها وإلا ناقض ما مر من عدم صحة الوكالة
في المعصية. قوله: (إلا الطلاق) الصواب أنه استثناء من مقدر بعد قوله وغير النظر والأصل
إلا أن يقول وغير النظر فيمضي النظر وغيره إلا الطلاق الخ خلافا لظاهر كلام تت من أنه مستثنى
من قوله فيمضي النظر ونحوه لابن راشد وابن فرحون ورده ح بأن قوله بعد إلا أن يقول وغير النظر

380
يقتضي أنه إذا ذكر هذا القول لا تكون مستثناة وأنها تمضي وهو خلاف ما قاله ابن عبد السلام ا ه‍ بن.
قوله: (وبيع عبده القائم بأموره) أي أو التاجر وأولى عتقه فلا يمضي شئ من هذه الأمور الأربع
المستثناة في كلام المصنف ولو قال له وكلتك وكالة مفوضة وأمضيت فعلك النظر وغير النظر. قوله: (من
بيع سلعة) أي بأن يقول وكلتك على بيع داري الفلانية أو هذه أو دابتي الفلانية أو هذه أو تزويج
بنتي فلانة أو طلاق زوجتي فلانة أو هذه وكل هذه أمثلة لتعيين الموكل عليه بالنص. قوله: (وتخصص
أي ما يدل) أشار الشارح إلى أن ضمير تخصص راجع لما يدل على الوكالة عرفا ولما كان يدل عليها
عرفا لفظا وغيره والذي يقبل التخصيص والتقييد إنما هو اللفظ قال الشارح أي اللفظ الخ. وحاصله
أن لفظ الموكل إذا كان عاما فإنه يتخصص بالعرف وإن كان مطلقا فإنه يتقيد به أيضا. فقوله وتخصص
أي إذا كان عاما وقوله وتقيد أي إذا كان مطلقا وقد تقدم في باب اليمين أن العام لفظ يستغرق الصالح
له من غير حصر وأن المطلق هو اللفظ الدال على الماهية بلا قيد، وهذا خاص بغير المفوض إليه وهو من
عين له الموكل فيه. قوله: (تخصيص بعض أنواعها) الأولى تخصيصها ببعض أنواعها أي قصرها على
بعض أنواعها كالحمر مثلا وذلك لان تخصيص العام قصره على بعض أفراده. قوله: (لا يتجاوز ما
خصصه) أي لا يتجاوز الوكيل الموكل عليه الذي خصصه العرف أو قيده أي خصص داله أو قيده
ثم إن قول المصنف فلا يعدوه ثمرة للتخصيص والتقييد وحينئذ فليس تكرارا مع قوله أو لا وتخصص الخ
كذا قرر شيخنا، وكان الأولى للشارح أن يقول أي لا يتجاوز الوكيل ما وكل عليه سواء كان معينا
بالنص أو مخصصا أو مقيدا داله بالعرف لأجل الاستثناء بعد في قوله إلا إذا وكل على بيع الخ فإنه مستثنى
مما إذا كان الموكل عليه معينا بالنص لا مخصصا ولا مقيدا بالعرف فتأمل. قوله: (أي عليه طلب الثمن)
أي من المشتري وقبضه منه أي وإن كان مقتضى التوكيل على البيع أنه لا يلزمه طلب الثمن ولا قبضه
لان الموكل عليه إنما هو البيع وجعله اللام في كلام المصنف بمعنى على مأخوذ من قول التوضيح لو سلم
الوكيل المبيع ولم يقبض الثمن ضمنه ا ه‍. وهذا حيث لا عرف بعدم طلبه وإلا لم يلزمه بل ليس له
حينئذ قبض ولا يبرأ المشتري بدفع الثمن إليه قال المتيطي قال أبو عمران في مسائله ولو كانت العادة عند
الناس في الرباع أن وكيل البيع لا يقبض الثمن فإن المشتري لا يبرأ بالدفع إلى الوكيل الذي باع وإنما يحمل
هذا على العادة الجارية بينهم ونقله في التوضيح و ح ا ه‍ بن. قوله: (أو اشتراه فله قبض المبيع وتسليمه
للمشتري) أي لمن وكله على الشراء وما قاله المصنف تبع فيه ابن شاس وابن الحاجب وقبله ابن
عبد السلام وابن هارون. وقال ابن عرفة مقتضى المذهب التفصيل فحيث يجب عليه دفع الثمن يجب عليه
قبض المبيع وحيث لم يجب عليه الدفع لم يجب عليه القبض والذي يجب عليه دفع الثمن هو من لم
يصرح بالبراءة كما يأتي، ومحصله أن الوكيل إذا اشترى وصرح بالبراءة بأن قال وينقد الموكل دوني لم
يكن له قبض المثمن لأنه لا يطالب بالثمن، وإن اشترى ولم يصرح بالبراءة وجب عليه قبض المثمن لأنه
هو المطالب بالثمن. قوله: (وله رد المعيب) اللام بمعنى على أي يجب على الوكيل أن يرد المعيب إذا كان
لا يعلم بالعيب حال شرائه وإلا لزمه هو إلا أن يشاء الموكل أخذه فله ذلك أو يقل العيب والشراء فرصة
فيلزم الموكل كما يأتي. وظاهره أنه يجب الرد على الوكيل حيث لم يعلم بالعيب سواء كان من العيوب الخفية
كالسرقة أو كان من الظاهرة وهو كذلك لم يكن ظاهرا بحيث لا يخفى حتى على غير المتأمل وإلا فلا رد له
به ويلزم الوكيل، هذا هو المعتمد كما قال شيخنا خلافا لما في عبق وخش عن اللخمي. قوله: (فإن عينه
فلا رد للوكيل به) أي ويخير الموكل إما أن يقبله أو يرده على بائعه. قوله: (وإلا فله الرد) أي فيجوز له أن

381
يرد كما يجوز له أن يقبل. قوله: (اشتراها لموكله أو باعها له) والمطالب له بالثمن في الأولى البائع الأجنبي وفي
الثانية موكله. قوله: (ومثمن) أي وطولب بثمن اشتراه. قوله: (أو باعه لموكله) والمطالب به في الأولى
موكله وفي الثانية الأجنبي عكس ما قبله. قوله: (ما لم يصرح بالبراءة) أي وما لم يكن العرف عدم طلبه بهما
وإلا عمل به كما مر. قوله: (لا أتولى ذلك) أي نقد الثمن أو دفع المثمن بل يتولاه الموكل دوني. قوله: (لم
يطالب) أي لا بثمن ولا بمثمن. قوله: (وشبه في مفهوم لم يصرح) أي وهو ما إذا صرح بالبراءة. قوله: (لتبيعه
كذا) أي بمائة وقوله أو ليشتري منك كذا أي بمائة مثلا فرضي صاحب السلعة. قوله: (لا لاشتري
منك الخ) الفرق بين هذه وما قبلها أنه في هذه أسند الشراء لنفسه وما قبلها أسنده لغيره. قوله: (أو لاشتري
له منك) أي فزيادة له لا تخرجه عن كونه وكيلا ولو نص المصنف على هذه لفهمت صورته بالأولى.
قوله: (ما لم يقر المرسل الخ) فيه نظر والصواب كما في بن أنه إذا أقر المرسل بأنه أرسله كان للبائع
غريمان فيتبع أيهما شاء كما نقله في التوضيح و ح، إلا أن يحلف المرسل أنه دفع الثمن
للرسول فإنه يبرأ أو يتبع الرسول كما في ابن عرفة. قوله: (وطولب الوكيل بالعهدة) أي طولب الوكيل
على البيع بالعهدة أي طالبه المشتري بها فإذا باع الوكيل سلعة وظهر بها عيب أو حصل فيها
استحقاق رجع المشتري على الوكيل. قوله: (ما لم يعلم المشتري أنه وكيل) أي كالسمسار أي وما لم يحلف
الوكيل أنه كان وكيلا في البيع كما نقله الموافق عن المدونة معترضا به إطلاق المصنف. قوله: (إلا أن يكون
مفوضا) أي فإن كان مفوضا كان له الرجوع عليه وعلى الموكل فيصير له غريمان يتبع أيهما شاء
كالشريك المفوض والمقارض. والحاصل أن الوكيل إن كان غير مفوض فإنه يطالب بالعهدة
ما لم يحلف أو يعلم المشتري أنه وكيل، وإلا كان المطالب بها الموكل وإن كان مفوضا كان للمشتري
الرجوع عليه لا فرق بين عدم علم المشتري أنه وكيل أو علم أنه وكيل فقط أو علم أنه وكيل مفاوض
وفي المفوض يصير للمشتري غريمان كما علمت. قوله: (في التوكيل المطلق لبيع أو شراء)
المراد بإطلاقه عدم ذكر نوع الثمن أو جنسه عنده وقوله نقد البلد أي التي وقع بها البيع أو الشراء سواء
وقع التوكيل فيها أو في غيرها. قوله: (ولائق به) قال ابن عاشر هذا لا يندرج في قوله وتخصص وتقيد
بالعرف فإذا جرى العرف بقصر الدابة على الحمار وقلت لرجل اشتر لي دابة فلا يشتري إلا حمارا ثم
إذا كانت أفراد الحمير متفاوتة فلا يشتري إلا لائقا بك فاللائق أخص مما قبله وهو معتبر في كل فرد
بخصوصه. قوله: (إلا أن يسمى الثمن) هذا استثناء من مفهوم لائق به أي لا غير لائق إلا أن يسمى الثمن
فإن سماه ففي جواز شرائه وعدم جوازه تردد فالتردد إنما هو في شراء غير اللائق مع التسمية. قوله: (فتردد)
كان الأولى أن يقول تأويلان لان الخلاف لشراحها في فهمها. قوله: (وثمن المثل الخ) فإذا وكله على
بيع سلعة فلا بد من بيعها بثمن مثلها لا بأقل منه فإذا وكله على شراء سلعة فلا بد من شرائها بمثل
الثمن لا بأكثر ومحل تعين ثمن المثل إذا كان التوكيل على البيع أو الشراء مطلقا أي لم يسم له ثمنا، فإن
سماه تعين وهل التسمية تسقط عن الوكيل النداء والشهرة أي النداء على المبيع وإشهاره للبيع قولان.
قال ابن بشير ولو باعه بما سماه له من غير إشهار قولان أحدهما إمضاؤه والثاني رده لان القصد طلب
الزيادة وعدم النقص انظر ح. قوله: (بأن خالف نقد البلد) أي بأن باع بعرض أو حيوان أو بنقد
غير متعامل به في البلد. قوله: (بين القبول والرد) أي وأخذ سلعته في المسألة الأولى إن كانت
قائمة وإلا ضمنه قيمتها لتعديه وما ذكره من أن الوكيل إذا خالف فيما ذكر يخير الموكل بين القبول والرد
ظاهر إذا كانت المخالفة لا نزاع فيها، وكذا إذا ادعى الوكيل الاذن وخالفه الموكل وادعى عدمه لان
القول قول الموكل. قوله: (كفلوس) أي كما لو وكله على البيع فباع بفلوس. قوله: (كالبقل) أي وكالشئ القليل

382
الثمن كالسوط فإذا باع الوكيل بقلا أو سوطا بفلوس لزم الموكل ذلك ولا خيار له في رد البيع وإمضائه.
قوله: (كصرف ذهب الخ) هذا تشبيه في تخيير الموكل. قوله: (لكن إن كان ما اشتراه) أي بالدراهم التي هي
صرف الدنانير. قوله: (خير مطلقا) أي قبضه الوكيل أم لا واعترضه بن بأنه إذا لم يقبض يلزم المحذور
الذي ذكره في السلم إن أجاز من فسخ ما في الذمة في مؤخر وبيع الطعام قبل قبضه إن كان الذي اشتراه
طعاما والصواب أن التخيير هنا أي فيما إذا اشترى نقدا إنما هو بعد قبض الوكيل كما أن التخير في السلم
بعد قبض الوكيل المسلم فيه وكذا فيما تقدم وهو ما إذا باع بفلوس أو بغير نقد البلد التخيير إنما هو بعد
القبض وحينئذ فالتشبيه تام. قوله: (ورده) أي على الوكيل وأخذ ذهبه منه. قوله: (وليس له الإجازة) أي
بل يتعين أخذ ذهبه والمسلم فيه سواء كان طعاما أو غيره لازم للوكيل. قوله: (لما فيه من فسخ الدين في
الدين) أي لأنه بمجرد مخالفة الوكيل ترتب الثمن في ذمته دينا وقد فسخ ذلك في مؤخر وهو المسلم فيه.
قوله: (وبيع الطعام قبل قبضه) إنما لزم ذلك لان الطعام لزم الوكيل بمجرد شرائه بالدراهم المخالفة لنقد
الموكل فإذا رضي الموكل بذلك فكأن الوكيل باعه الطعام قبل قبضه من المسلم إليه. قوله: (هو الشأن) أي
عادة الناس أي بأن كانت عادة الناس شراء تلك السلعة الموكل على شرائها بالدراهم أو سلم الدراهم فهيا.
قوله: (وكان نظرا) أي أو كان صرف الدنانير بالدراهم فيه مصلحة للموكل ولعل المصنف ترك
ذلك لوضوحه وإلا فهو مصرح به في المدونة. قوله: (وكمخالفته مشتري الخ) فإذا قال الموكل لوكيله
اشتر سلعة كذا أو لا تبع إلا في السوق الفلاني أو لا تبع إلا في الزمن الفلاني فخالف خير الموكل إن شاء
أجاز فعله وإن شاء رده، وظاهره ثبوت الخيار للموكل سواء كانت الأغراض تختلف بالزمان والسوق
أولا واستقر به ابن عرفة وقال ابن شاس لا يخير إذا خالف سوقا أو زمانا عين إلا إذا كانت تختلف بهما
الأغراض. قوله: (بفتح الراء) أي ويصح كسرها أيضا فإذا قال لا تبع هذه السلعة إلا من فلان فلا يبيع
من غيره فإن باع لغيره خير الموكل ا ه‍ بن. قوله: (أو بيعه بأقل) أي ومخالفته في بيعه بأقل ففي مقدرة وهي
للسببية أي ومخالفته بسبب بيعه لان المخالفة بسببه لا فيه. قوله: (أو اشترائه بأكثر) أي أو مخالفته في
اشترائه بأكثر أي بسبب اشترائه بأكثر أي بزيادة وهي صادقة بكونها كثيرة أو يسيرة فإن كانت
كثيرة فالتخيير وإن كانت يسيرة فلا خيار وإلى ذلك أشار بقوله كثيرا فأفاد الحكمين بالمنطوق والمفهوم.
قوله: (إلا كدينارين الخ) تقريره على أن الاستثناء خاص باشترائه بأكثر نحوه في ابن غازي قال ح
وهو الذي مشى عليه عبد الحق وابن يونس واللخمي والمتيطي وصاحب الجواهر. وأما من باع
بأقل مما سماه له الآمر ولو يسيرا لم يلزم الآمر ذلك ويخير ا ه‍ بن. قوله: (الكاف استقصائية) أي لان
الزيادة اليسيرة نصف العشر فأقل وما زاد عليه فهو كثير. قوله: (وثلاثة في ستين) أي وأربعة في ثمانين
وواحد في عشرين أي ونصف واحد في عشرة وربع واحد في خمسة. قوله: (وهو الصواب) أي لان
القصد بيان المفهوم لا الاستثناء لان ما قبل إلا لا يشمل ما بعدها حتى يصح الاستثناء. قوله: (إلا أن تجعل الخ)
أي أو يجعل الاستثناء منقطعا. قوله: (وصدق الوكيل بيمين في دفعهما للبائع من ماله) أي وحينئذ
فيرجع بهما على الموكل ومحل حلف الوكيل إذا لم يصدقه الموكل على دفعهما وإلا فلا يمين وإذا
صدقه الموكل في دفعهما وطال الزمان وادعى الموكل دفعهما للوكيل فقال بن الظاهر أنه يجري على حكم
من ادعى دفع دين عليه لربه فيجري فيه الخلاف المذكور في ذلك، فقيل لا يصدق إلا ببينة ولو طال
الزمان، وقيل إن طال الزمان كعشرين سنة صدق، ولا عبرة بوجود الوثائق بيد المدعي والمعتمد الأول
كما قاله شيخنا العدوي وحاصل المسألة أنه إذا وكله على شراء سلعة وعين له الثمن فادعى الوكيل أنه زاد

383
في الثمن زيادة يسيرة دفعها من ماله وطلب الرجوع على الموكل بتلك الزيادة فإنه يصدق بيمينه حيث لم
يطل زمن سكوته عن الطلب بتلك الزيادة سواء ادعى دفعها من ماله قبل أن يسلم السلعة للموكل أو بعد
أن سلمها، فإن طال زمن سكوته عن الطلب بها فلا تقبل دعواه ومحل حلفه عند عدم الطول ما لم يصدقه
الموكل، وإلا فلا يمين عليه وإذا صدقه وطال الزمان وادعى دفعها له جرى على حكم من ادعى دفع دين
عليه. قوله: (بل وإن سلم) أي الوكيل السلعة للموكل. قوله: (عن طلبهما) أي من الموكل. قوله: (الدفع) أي
دفع الدينارين الزائدين. قوله: (شرع يبين أنه) أي الموكل إذا رد المبيع على الوكيل لم يرد الوكيل البيع
بل البيع لازم له. قوله: (وحيث الخ) يحتمل أنها شرطية فالفعل في محل جزم والجزم بها بدون ما قليل
ويحتمل أن تكون ظرفية معمولة للزم وهو الأحسن وتكون ظرف زمان. قوله: (أو نحو ذلك الخ)
أي كما لو صرف الوكيل الدنانير بدراهم واشترى بها نقدا أو أسلمها في عرض أو طعام وكما لو وكله على
شراء متعدد من كثياب بصفة معينة بثمن معين فابتاع منها واحدة بالثمن كله. قوله: (لزمه) أي الوكيل
ما اشتراه أي ولو كانت مخالفته خطأ لتقصيره. قوله: (إلا أن يكون له فيه خيار الخ) أي أن محل لزوم
المبيع للوكيل الذي خالف في اشترائه إذا كان اشتراه على البت أو على الخيار للبائع وأمضى البائع البيع
أما لو اشتراه الوكيل على خيار له ولم ينقض زمنه فإنه لا يلزمه وله رده على بائعه، فإن كان الخيار لكل من
البائع والمشتري الذي هو الوكيل فاختار أحدهما الرد فقد تقدم في باب الخيار أن الحق في هذه الحالة لمن
اختار الرد منهما سواء كان البائع أو المشتري ولا يلزم البيع إلا برضاهما معا انظر بن. قوله: (إن لم يرضه)
أي إن لم يرض بما خالف إليه. قوله: (بأن كان) أي ما خالف إليه. قوله: (وإلا منع) أي وإلا بأن كان المخالف
إليه سلما منع الرضا به أي إن كان الموكل دفع الثمن للوكيل ليسلمه لما فيه من فسخ الدين في الدين ويزيد
إذا كان المسلم فيه طعاما ما بيع الطعام قبل قبضه وأما إذا لم يدفعه له كان له الرضا به. قوله: (مع علمه به) أي
وإلا لم يلزمه وله الرد كما مر في كلام المصنف وقوله معلمه به أي أو كان ظاهرا لا يخفى حتى على غير
المتأمل. قوله: (يغتفر مثله) أي إذا كانت لغير من لا تزري به خدمتها. قوله: (وهو فرصة) حال من
الضمير في قوله إلا أن يقل الخ. قوله: (كدابة الخ) أي وكجارية لخدمة من لا تزري به خدمتها وهي
رخيصة. قوله: (لغير ذي هيئة) وأما شراء دابة مقطوعة الذنب لذي هيئة فلا تلزم ولو رخيصة وكذا
جارية عوراء لخدمة من يزري به خدمتها لكون العيب غير قليل لان القليل ما يغتفر مثله عادة بالنظر
لما اشترى له ولمن اشترى له. قوله: (بأنقص مما سمي له) أي ولو يسيرا. قوله: (والامضاء) أي ويأخذ الثمن
الذي باع به. قوله: (وقيمتها) أي وأخذ قيمتها من الوكيل. قوله: (فأعلى) أي من حوالة السوق كتغير
بدن ونحوه. قوله: (هذا إن لم يسم) أي أخذه قيمتها إذا فاتت والحال أنه رد البيع. قوله: (فإن سمي الثمن
وفاتت) أي والحال أن الموكل رد البيع وقوله فله أي للموكل وقوله تغريمه أي تغريم الوكيل. قوله: (وهذا
كله) أي ما ذكر من تخيير الموكل إذا بين الوكيل أي للمشتري أنها ملك للموكل. قوله: (وإلا
فالنقص لازم) أي وإن لم يبين أنها ملك للموكل فالبيع لازم وليس للموكل أخذها إن كانت قائمة
ونقص ما سماه إن سمي ونقصه بثمن المثل إن لم يسم لازم للوكيل. قوله: (وكلامه هنا) أي قوله أو خالف
في بيع فيخير موكله. قوله: (وثمن المثل) أي وتعين ثمن المثل. قوله: (لأنه أعم) أي لان ما تقدم تخيير

384
بسبب المخالفة في شئ خاص وهو ما إذا باع بأقل من ثمن المثل وهنا تخيير بسبب المخالفة في أمر عام كما
بينه الشارح أولا بقوله بأن باع الخ. قوله: (ولو كان الموكل فيه) أي في بيعه ربويا فتعدى الوكيل وباعه
بربوي مثله سواء كان الموكل أمره ببيعه بربوي أو غيره. قوله: (فيخير الموكل في إجازة البيع ورده) إنما
خير بين الامرين المذكورين مع أن الخيار في بيع الربويات بعضها ببعض مبطل له لأدائه لربا النساء
بناء على أن الخيار الحكمي ليس كالشرطي. وهو المشهور أي أن الخيار الذي جر إليه الحكم كخيار الموكل
هنا يعني بين الرضا بما فعله الوكيل ورده ليس كالخيار المدخول عليه. قوله: (وإلا فسد) أي وإلا بأن علم
بالتعدي حين الشراء فسد. قوله: (وهو مبطل له) أي لأنه يؤدي للنساء. قوله: (إلا أن يلتزم الوكيل
الزائد) قد استعمل المصنف الزائد في حقيقته ومجازه وهو بيعه بأقل إذا هو نقص في المعنى أو هو من
باب الاكتفاء أو هو الأولى فكأنه قال إلا أن يلتزم الوكيل الزائد أو النقص على حد سرابيل تقيكم
الحر أي والبرد فينطبق كلامه على البيع والشراء قاله عبق وقد يقال المراد إلا أن يلتزم الزائد على
ما سمي له وعلى ما باع به. قوله: (وأولى المشتري) انظر هل التزام الأجنبي كذلك أم لا لان فيه منة
بخلاف الوكيل لأنه لما تعدى كان ما يلتزمه لازما له. قوله: (فإن التزمه فلا خيار) أي فإن التزم الوكيل
ما زاده من الثمن على ما سماه له موكله في مسألة الشراء أو التزم الزائد على ما باع به حيث باع بأنقص
مما سماه له موكله فلا خيار للموكل، فالأول كما لو وكله على شراء سلعة بعشرة فاشتراها بخمسة عشر والتزم
الوكيل الخمسة الزائدة على ما سمي له، والثاني وهو ما إذا التزم الوكيل الزائد على ما باع به كما لو وكله على
بيع سلعة وسمي له الثمن عشرين فباعها بخمسة عشر والتزم الوكيل أو المشتري الخمسة الزائدة على ما باع
به المكملة لما سماه له. قوله: (ونقدها) الواو بمعنى ثم التي للترتيب. قوله: (فلا خيار للموكل) أي لان
الذي له حصة من الثمن إنما هو الاجل وهو منتف هنا لما علمت أن المراد بقوله في الذمة أن يكون
الثمن غير معين وليس المراد بها التأجيل. قوله: (وعكسه) بالرفع مبتدأ خبر محذوف تقديره كذلك
أو بالنصب عطفا على اشتر بها أي أو قال عكسه لأنه هنا فيه معنى الجملة فيصح أن يعمل فيه
القول. قوله: (عليه) أي على الثمن. قوله: (لتعلق غرضه بالمبيع) أي ويقبل قوله في غرضه كما في عبق
فإذا قال الموكل في الأولى إنما شرطت الشراء بهذه المائة لان غرضي أنه إذا ظهر بها عيب أو
حصل فيها استحقاق يفسخ البيع لأنه ليس عندي غيرها فيقبل قوله في أن غرضه ذلك ويثبت
له الخيار في رد البيع وإمضائه، وكذا إذا قال إنما أمرته بالشراء في الذمة خوفا من أن يستحق الثمن
فيرجع البائع في المبيع وغرضي بقاؤه فإنه يقبل قوله في غرضه ويثبت له الخيار في إمضاء البيع
ورده. قوله: (أو قال اشتر شاة) أي صفتها كذا فاشترى به اثنين أي فلا خيار للموكل ويأخذ الاثنين
فإن تلفا كان ضمانهما منه والموضوع أنه لم يمكن أفرادهما وإلا لزم الوكيل واحدة كالموكل
قال تت ربما أشعر قوله فاشترى به اثنين أنه لو اشترى به واحدة وعرضا معها في صفقة
واحدة أن الحكم ليس كذلك، فقد حكى ابن حبيب عن ابن الماجشون لو أمره بشراء جارية
بعينها أو موصوفة بثمن فاشتراها به ومتاعا معها في صفقة واحدة، فالآمر مخير بين أن يرد الجميع
أو يأخذ الجارية بحصتها من الثمن. قوله: (على الصفة) أي حال كونهما على الصفة التي عينها الموكل.

385
قوله: (أو إحداهما) عطف على محذوف تقديره على الصفة كلاهما أو إحداهما. قوله: (بأن أبى البائع من بيع
إحداهما مفردة) أي والحال أنه لم يجد الصفة المطلوبة في غيرهما. قوله: (وإلا) أي وإلا بأن أمكن إفرادهما
والحال أنهما على الصفة واشتراهما بعقد. قوله: (خير في الثانية) أي لأنه لا يلزمه واحدة منهما
بعينها وإنما يخير في أخذ واحدة منهما بما يخصها من الثمن. قوله: (وخير في الأولى) وإن لم تكن واحدة منهما
على الصفة خير فيهما كانا بعقد أو بعقدين. واعلم أن ما ذكره المصنف من أنه إذا كان لا يمكن إفرادهما
لزما الموكل وإن أمكن إفرادهما واشتراهما معا خير في قبول واحدة فقط هو الموافق لنقل ابن عرفة
وإن لم يوافق قولا من أقوال ثلاثة ذكرها في التوضيح، وحينئذ فلا يعترض بما في التوضيح على كلامه
هنا. قوله: (ضمان الرهان) أي فيضمن قيمته إن كان مما يغاب عليه ولم تقم على هلاكه بينة وإلا فلا ضمان.
قوله: (قبل علمك به ورضاك) ظرف لمحذوف أي إن تلف قبل علمك به ورضاك به والأولى حذف
قوله علمك به لاغناء ما بعده عنه لان الرضا بالشئ يستلزم العلم به. قوله: (وإلا فالضمان منك) أي وإلا
بأن رضي الموكل بالرهن الذي أخذه الوكيل ولو حكما كعلمه به وسكوته طويلا فضمانه إن تلف
بعد ذلك ضمان الرهان من الموكل فإن لم يطل سكوته بعد علمه به وتلف حلف أنه لم يرض به وضمنه
الوكيل، ومحل التفصيل المذكور في الوكيل المخصوص وإلا فالضمان من الموكل مطلقا علم به ورضي
أم لا. قوله: (في بدراهم) في داخلة على محذوف كما أشار له الشارح لان حرف الجر لا يدخل على مثله.
قوله: (وعكسه) أي وهو بيعه بدراهم في قوله بعه بذهب. قوله: (قولان) أي في تخيير الموكل بناء على
أنهما جنسان ولزوم البيع بناء على أنهما حبس واحد في العرف والقول بالتخيير نصره ابن عرفة
فهو الراجح كما قيل والقول باللزوم اختاره اللخمي وصححه ابن الحاجب وتؤولت المدونة عليه
واعتمده بن. قوله: (فيما إذا كانا الخ) أي محلهما فيما إذا كانا نقد البلد الخ. قوله: (وحنث الخ) أي فإذا
حلف لا يشتري عبد فلان فأمر غيره فاشتراه له فإنه يحنث إلا أن ينوي أنه لا يشتريه بنفسه فلا يحنث
بشراء الوكيل وكلام المصنف في اليمين بالله أو بعتق غير معين لا إن كان اليمين بطلاق أو عتق معين
وإلا فلا تنفعه تلك النية عند القاضي كما مر في باب اليمين في قوله إلا لمرافعة أو بينة أو إقرار في طلاق أو
عتق فقط أي معين. قوله: (ويبرأ أيضا الخ) أشار بهذا إلى أنه لا فرق بين صيغة البر والحنث
فيحنث بفعل الوكيل في صيغة البر ويبر بفعله في صيغة الحنث مثل فعل نفسه سواء بسواء.
تنبيه: قال عبق: كلام المصنف واضح في شئ يحصل المقصود منه بفعل الوكيل أو الموكل
كبيع وضرب وكذا دخول دار فيما يظهر لقبوله النيابة حيث لم يقصد الدخول بنفسه. وهو ظاهر
كلام اللقاني في صيغة البر في كدخول لا في صيغة الحنث كلأدخلن الدار فلا يبر بتوكيله في دخولها ا ه‍.
والذي في المواق و ح عن ابن رشد أنه لا فرق بين صيغة البر وصيغة الحنث من أن دخول الوكيل
كدخول الموكل فيبر به في صيغة الحنث ويحنث به في صيغة البر ا ه‍ بن. وقال العلامة الأمير في
حاشيته على عبق والظاهر أنه لا يسلم إطلاق قبول النيابة في دخول الدار نعم إن كان الغرض منه
التفتيش على شئ مثلا، فإنه يقبل النيابة فيحنث في حلفه لا يدخل الدار بدخول الوكيل ويبر بدخوله
في حلفه لأدخلن إلا أن ينوي بنفسه فيهما وإلا لم يحنث في الأولى ولم يبر في الثانية. قوله: (أي توكيله) أشار
إلى أن في الكلام حذف مضاف لان المنع حكم شرعي لا يتعلق بالذوات وإنما يتعلق بالأفعال والمراد
بالذمي مطلق الكافر فهو من عموم المجاز. قوله: (عن مسلم) أي وأما توكيل الذمي لذمي فإن كان على
استخلاص دين له على مسلم منع لأنه ربما أغلظ وشق عليه بالحث في الطلب وإن كان على غير ذلك

386
فلا منع. قوله: (أو تقاض للدين) ظاهره كالمدونة تقاضاه من مسلم أو ذمي ولكن الحق جواز توكيله على
تقاضي الدين من ذمي كما هو مفاد بهرام في كبيره وشامله وظاهر المصنف أنه إنما يمنع توكيل الذمي
للمسلم في الأمور الثلاثة التي ذكرها ولا يمنع توكيله له في غيرها كقبول نكاح ودفع هبة وإبراء ووقف
وهو كذلك وينبغي كما قال ولد عبق أنه إذا وقع البيع أو الشراء أو التقاضي الممنوع على وجه الصحة
أن يكون ماضيا. قوله: (ولو رضي من يتقاضى منه) هذه المبالغة مرتبطة بكلام المصنف. قوله: (ربما أغلظ
على المسلم) أي الذي عليه الدين. قوله: (ومن ذلك) أي ومن قبيل ذلك أي توكيل الذمي في التقاضي.
قوله: (وعدو على عدوه) أي ومنع توكيل عدو على مخاصمة عدوه المسلم أو الكافر. قوله: (ولو عداوة
دينية) أي ولو كانت العداوة التي بينهما دينية أي سببها اختلاف الدين قال بن ألحق تقييد العداوة هنا
بالدنيوية وأما منع توكيل المسلم لليهودي على مخاصمة النصراني وعكسه فلعدم تحفظ كل منهما
لا للعداوة. قوله: (على واحد) أي على مخاصمة واحد منهما سواء كان الموكل لذلك المسلم مسلما أو كافرا
إذا لم يتوصل الكافر لخلاص حقه إلا بذلك وإلا كره توكيله لذلك لان فيه نوع إذلال فإن تحقق حرم
واعلم أن مثل توكيل العدو توكيل من عنده لدد ويستنيبه الناس في الخصومات فلا يجوز للقاضي قبول
وكالته على أحد كما قال ابن لبابة وابن سهل، وللرجل أن يخاصم عن نفسه عدوه إلا أن يبادر لأذاه فيمتنع
من ذلك ويقال له وكل غيرك انظر ح. قوله: (والرضا بمخالفته الخ) حاصله أنه إذا أمر وكيله أن يسلم له في
كذا فخالف وأسلم له في غيره فلا يجوز للموكل الرضا بما خالف إليه الوكيل إن كان الموكل قد دفع الثمن
للوكيل وكان مما لا يعرف بعينه وكان اطلاع الموكل على المخالفة والرضا بها قبل قبض الوكيل ما خالف
إليه، فإن لم يدفع له الثمن جاز الرضا بمخالفته كان المسلم فيه طعاما أو غيره بشرط أن يعجل له رأس المال
الآن وإلا منع ولو تأخر يسيرا لأنه بيع دين بدين، وكذا يجوز الرضا بما خالف إليه إذا كان
قد دفع إليه الثمن وكان مما يعرف بعينه ولم يفت وكذا لو اطلع على المخالفة بعد قبض الوكيل
المسلم فيه ولو قبل طول أجله فيجوز للموكل الرضا به طعاما كان أو غيره كان الثمن المدفوع
مما يعرف بعينه أم لا. قوله: (قبل قبضه) أي من المسلم إليه. قوله: (وجب له) أي وجب ذلك
الطعام المسلم فيه للوكيل. قوله: (ما لم يكن الخ) هذا قيد في منع بيع الوكيل لنفسه. وحاصله أن المنع
مقيد بما إذا لم يكن شراؤه بعد تناهي الرغبات وبما إذا لم يأذن له ربه في البيع لنفسه فإن اشترى الوكيل
لنفسه بعد تناهي الرغبات أو أذنه الموكل في شرائه لنفسه جاز شراؤه حينئذ ومثل إذنه له في شرائه
ما لو اشتراه بحضرة ربه لأنه مأذون له حكما. قوله: (ومحجوره عطف على نفسه) أي منع أن يبيع الوكيل
لمحجوره فلا يجوز لمن وكل على بيع سلعة أن يبيعها لمن في حجره من صغير أو سفيه أو مجنون أو رقيق.
قوله: (غير مأذون) أي له في التجارة وأما بيعه له فجائز كما يأتي للشارح. قوله: (لأنه من قبيل البيع
لنفسه) أي لان الذي يتصرف لمن ذكر من المحاجير هو الحاجر فكأنه باع لنفسه. قوله: (إن اشترى بمال
المفاوضة) أي وأما إن اشترى شريكه بماله الخاص به فالجواز ولا مفهوم لشريك المفاوضة بل
كذلك شريكه الآخذ بعنانه يمنع البيع له إذا كان الشراء بمال الشركة وإلا جاز. قوله: (بخلاف
زوجته) ذكر بعض الموثقين أن الرجل إذا اشترى لزوجته شيئا بطريق الوكالة
ثم طلب منها الثمن فزعمت أنها دفعته له فإن نقد الثمن حلفت وإن لم ينقده حلف ولكل

387
منهما رد اليمين على صاحبه ا ه‍ شب. قوله: (المأذون) أي ولو حكما كمكاتبه. قوله: (فإن حابى) أي بأن
باع ما يساوي عشرة بخمسة وقوله وغرم الوكيل أي لموكله. قوله: (وقت البيع) أي لا وقت قيام
الموكل أو علمه. قوله: (أي الوكيل) ومثله المبضع معه وعامل القراض وقوله من يعتق على موكله أي
وأما شراء الوكيل من يعتق على نفسه فقد سكت المصنف عنه لعدم النص عليه ووقع في مجلس
المذاكرة أنه لا يعتق عليه لأنه لا يملكه سواء قلنا أن العقد يقع فيه ابتداء للموكل أو للوكيل مراعاة
للقول الآخر. قوله: (وإن لم يعلم الحكم) أي وهو عتقه على الموكل. قوله: (وإذا تنازعا في العلم) بأن ادعى
الوكيل أنه لا يعلم بقرابة ذلك العبد من الموكل وادعى الموكل أنه يعلم بها وقوله أو التعيين بأن ادعى
الوكيل أن الموكل عين له ذلك العبد وقال الموكل بل عينت له عبدا غيره. قوله: (فالقول للوكيل) أي على
الراجح كما قال الطخيخي، وقيل القول قول الموكل والعبد حر على كلا القولين إلا أنه على الأول يعتق
على الموكل وعلى الثاني يعتق على الوكيل ويغرم ثمنه للموكل. قوله: (على الوجه الممنوع) أي بأن علم
الوكيل بقرابة العبد ولم يعينه الموكل له. قوله: (عتق عليه) هذا مقيد كما في التوضيح بما إذا لم يبين الوكيل
لبائع العبد أنه يشتريه لفلان فإن بين ولم يجزه الآمر نقض البيع ا ه‍ بن. قوله: (وإن لم يعلم الخ) أي
هذا إذا علم الوكيل بالقرابة أو الحكم بل وإن لم يعلم بهما وهذا مبالغة في قول المصنف فعلى آمره.
قوله: (وإن لم يعينه) أي والحال أنه لم يعينه. قوله: (يعتق عليه) أي بمجرد الشراء والولاء للموكل
عتق عليه أو على الوكيل لأنه كأنه أعتقه عن الموكل ا ه‍ عبق. قوله: (ومنع توكيله) أي منع أن
يوكل الوكيل غيره على ما وكل فيه بغير رضا موكله لان الموكل لم يرض إلا بأمانته وهذا إذا كان الوكيل
غير مفوض أي وأما المفوض فله أن يوكل بغير رضا موكله. قوله: (كوجيه) أي كتوكيل وجيه جليل
القدر على أمر حقير كبيع دابة بسوق. قوله: (في حقير) أي وكل في حقير. قوله: (أو اشتهر الوكيل بها)
أي بالوجاهة لان الموكل حينئذ محمول على أنه علم بها ولا يصدق في دعواه أنه لم يعلم. قوله: (وإلا
فليس الخ) أي وإن لم يعلم الموكل بوجاهته ولا اشتهر الوكيل بها فليس له التوكيل فإن وكل وتلف
المال ضمنه لتعديه. قوله: (لا أنه يوكل غيره استقلالا) أي بخلاف الصورة الأولى. قوله: (فلا
ينعزل الثاني) أي الوكيل الثاني وهو وكيل الوكيل بعزل الوكيل الأول نظرا لوكالته للأصيل
حيث أذن فيه حكما. قوله: (فهو من إضافة المصدر لمفعوله) أي لان المعنى فلا ينعزل الثاني إذا عزل
الموكل الوكيل الأول. قوله: (أي إذا عزل الأصيل) أي الموكل. قوله: (وينعزل كل منهما بموت
الأول) المراد به الأصيل الذي هو الموكل وقوله وله أي للأول وهو الأصيل وقوله وللوكيل
عزل وكيله أي نظرا لجهة وكالته له. قوله: (وأما المفوض الخ) محترز قوله سابقا غير المفوض.
قوله: (إذ بتعدي الأول) أي الوكيل الأول. قوله: (ما لم يحل الاجل) ظرف لعدم جواز الرضا أي
وعدم جواز رضاه مدة عدم حلول الأجل لأنه دين في دين فإن حل الاجل جاز الرضا لسلامته
من دين بدين هذا ظاهره وفيه أن فسخ الدين في الدين ممنوع ولو بعد حلول الأجل فالأولى

388
للشارح حذف قوله ما لم يحل الاجل ويبدله بقوله ما لم يقبضه الوكيل كما يأتي. قوله: (تأويلان) الثاني
لابن يونس والأول عزاه في التوضيح لبعضهم ا ه‍ بن. قوله: (وغاب به) أي وغاب عليه. قوله: (وإلا
جاز) أي وإلا يكن التعدي بالتوكيل في سلم بل في شراء نقدا أو كان في سلم ولم يدفع الموكل الأول الثمن
للوكيل الأول أو دفعه له وكان مما يعرف بعينه ولم يفت، أو كان مما لا يعرف بعينه ولكن قبض الوكيل
المسلم فيه قبل اطلاع الموكل على التعدي جاز الرضا باتفاقهما. قوله: (في سلم) أي سماه الموكل له فأعرض
الوكيل عنه لغيره. قوله: (إن دفع له) أي إن دفع الموكل للوكيل رأس المال أي وكان لا يعرف بعينه واطلع
الموكل على المخالفة قبل قبض الوكيل. قوله: (للاستغناء عنها بما قدمه) أي وهو قوله منع الرضا
بمخالفته في سلم لكن التكرار مبني على ما حل به الشارح تبعا لتت من حمل المخالفة هنا على المخالفة في
جنس المسلم فيه كما هو المتبادر من كلام المصنف وجعل بعضهم المخالفة هنا في رأس مال السلم فقال
ومنع رضاه أي الموكل بمخالفة الوكيل في رأس مال سلم إن دفع لها لموكل الثمن أي رأس المال. وقوله
بمسماه بدل من رأس مال سلم بدل كل فكأنه قال ومنع رضاه بمخالفته أي الموكل في رأس مال
سماه له ودفعه أن يدفعه بعينه للمسلم إله فزاد الوكيل على القدر الذي سماه الموكل زيادة كثيرة
ودفع الجميع للمسلم إليه، وعلة منع الرضا أن الوكيل لما تعدى الثمن دينا فإذا رضي بالسلم فقد فسخه
فيما لا يتعجله فهو دين بدين وعلى هذا فالمخالفة هنا في رأس مال السلم، وقوله سابقا ورضاه بمخالفته
في سلم المخالفة فيه في جنس المسلم فيه وحينئذ فلا تكرار. قوله: (على كل حال) أي سواء حملنا كلام
المصنف على المخالفة في جنس المسلم فيه كما هو ظاهره أو حملناه على المخالفة في رأس المال كما قرره به
بهرام وابن غازي أما الاستغناء عما هنا بما تقدم إن حملت المخالفة هنا على المخالفة في جنس المسلم فيه
فظاهر لأنه عين ما تقدم، وأما الاستغناء بما تقدم عما هنا على حمل ما هنا على المخالفة في رأس المال
فبالنظر للعلة لان العلة في منع الرضا عند المخالفة في جنس السلم هو العلة في منع الرضا عند المخالفة في
رأس المال وهو الدين بالدين تأمل. قوله: (ومنع رضاه بدين) حاصله أنه إذا وكله على بيع سلعة بنقد
فباعها بدين فإنه يمنع من الرضا به سواء كان ذلك الثمن المؤجل عينا أو عرضا أو طعاما والمنع مقيد
بقيود أن يكون الثمن المؤجل أكثر مما سماه له إن كان قد باع بجنس المسمى أو يكون من غير جنس
المسمى والحال أن المبيع قد فات فلو باع بجنس المسمى وكان أقل أو مساويا لما سماه له جاز الرضا
بالدين وكذا إن كان المبيع قائما وباع بغير جنس المسمى أو بجنسه بأكثر منه فيجوز له الرضا
بذلك الدين ويبقى لأجله وإن شاء أخذ عين شيئه ورد البيع. قوله: (مما سماه موكله) أي بأن أمره
أن يبيعها بعشرة نقدا فباعها باثني عشر لأجل. قوله: (أو من القيمة) بأن كانت قيمتها عشرة فباعها باثني
عشر لأجل. قوله: (أو من غير جنس ما سمي) كما لو سمي له عشرة محابيب نقدا فباعها باثني عشر ريالا لأجل.
قوله: (أو من غير جنس القيمة) كما لو كان شأنها أن تباع بالريالات فباعها بالمحابيب لأجل. قوله: (إن فات
المبيع) أي وأما لو كان قائما جاز للموكل أن يرضى بذلك المؤجل ويبقى لأجله وإن شاء رد البيع وأخذ
عين شيئه. قوله: (وقعت فيه) أي في ثمنه المخالفة. قوله: (حينئذ) أي حين إذا حصلت المخالفة وباع بدين.
قوله: (بالتسمية) مصدر بمعنى اسم المفعول أي بالمسمى. قوله: (بأن ساوى) أي ثمن الدين التسمية
أو القيمة أو زاد ثمن الدين عليهما وقوله أخذه الموكل جواب إن وفى ضمير أخذه راجع لثمن
الدين. قوله: (ولا كلام للوكيل) أي إذا زاد ثمن الدين عن التسمية أو القيمة وذلك لأنه متعد

389
ولا ربح له. قوله: (وإلا يوف) أي ثمن الدين بالتسمية أو القيمة بأن نقص عنهما. قوله: (وإن سأل غرم
التسمية) أي وإن طلب من موكله أنه يغرم له حالا من عنده المسمى الذي سماه له أو القيمة ولا
يباع الدين بل يبقى لأجله ويصير الوكيل ليقبض ذلك الدين الذي دفعه من الدين إذا حل ويدفع
ما بقي من الدين للموكل جاز إجابته لذلك بشرط أن تكون قيمة الدين وقت السؤال قدر التسمية
أو أقل لا إن كانت أكثر مثلا لو كان المسمى عشرة وباع السلعة بخمسة عشر لأجل وفاتت السلعة عند
المشترى فسأل الوكيل موكله أن يدفع له المسمى وهو عشرة من عنده حالا ويصير لحلول أجل الدين
الذي هو الخمسة عشر، فإذا حل أخذ منها المسمى وهو العشرة التي دفعها لموكله والخمسة الباقية يدفعها
للموكل. قوله: (جاز) أي ويجبر الموكل على ذلك على الصواب كما قال ابن القاسم والجواز لا ينافي الجبر
وإنما عبر المصنف بالجواز ردا لقول أشهب بالمنع إن كانت قيمة الدين الآن أقل من التسمية أو من
القيمة وأما إذا كانت مساوية فيجوز. والحاصل أنه عند تساويهما فالجواز اتفاقا وإن كانت قيمة
الدين أكثر من التسمية منع الصبر اتفاقا وإن كانت قيمة الدين أقل من التسمية جاز الصبر عند ابن
القاسم ومنع عند أشهب. قوله: (إذ ليس للوكيل في ذلك نفع) أي لأنه إذا كانت القيمة قدر التسمية
لو بيع الدين حالا بقيمته لم يكن على الوكيل غرم لان القيمة قدر التسمية وإذا دفع الوكيل الآن التسمية
وانتظر حلول أجل الدين فإذا حل أخذ ما دفعه من التسمية وما زاد دفعه للموكل فلم يعد على الوكيل
نفع بل ذلك أحسن للموكل لأنه أخذ التسمية وزيادة عليها، وأما إذا كانت قيمة الدين أقل من التسمية
فنفع الوكيل ظاهر بيانه أن الوكيل يلزمه التسمية وهي أكثر من القيمة فإذا بيع الدين بقيمته غرم
تمام التسمية، وإن أعطى التسمية الآن ليقبضها عند الحلول فإعطاؤه الآن سلف وقد انتفع بإسقاط
غرم ما بين القيمة والتسمية لكن لا نقول إن ما بين القيمة والتسمية لازم له ويغرمه فإذا دفع التسمية
حالا فقد انتفع بإسقاط ذلك عنه إلا إذا قلنا أن بيعه للدين لازم له ويجبر عليه كما قاله أشهب. وقال ابن
القاسم أن بيع الدين لا يلزم إلا برضاهما فإذا دفع الوكيل التسمية حالا فلا نفع بإسقاط الغرم لان الغرم
لم يلزمه وإنما يلزم لو كان يجبر على البيع، وليس كذلك بل يجبر الموكل على القبول إذا سأل الوكيل غرم
التسمية الآن ا ه‍ بن. قوله: (فإن كانت قيمته أكثر) أي فإن كانت قيمة الدين الآن أكثر من التسمية
أو القيمة. قوله: (لم يجز الصبر) أي بل يتعين بيع الدين. قوله: (وفي الثالث كأنه الخ) أي في الثالث لا يجوز
سؤال تعجيل العشرة والصبر إلى حلول الخمسة عشر لان الموكل صار كأنه فسخ الاثنين الزائدين على
القيمة أو التسمية في خمسة لان ما يتأخر من قيمة الدين بعد دفع التسمية وهو اثنان سلف
لان من أخر ما يعجل يعد سلفا فإذا حل الاجل أخذ عن الاثنين خمسة فقد صدق عليه
أنه فسخ اثنين في خمسة. قوله: (فإن الوكيل الخ) علة لقوله كأنه أي الموكل فسخ اثنين في خمسة
وقوله فتأمل جملة معترضة بين العلة ومعلولها وكان الأولى تأخيرها بعد تمام العلة وإنما أمر
بالتأمل لدقة المقام. قوله: (فواضح) أي أخذ الوكيل لذلك الثمن عوضا عما دفعه من التسمية
أو القيمة. قوله: (أي استمر الخ) أي لان يغرمه القيمة أو التسمية أولا قد دفع النقص. قوله: (وضمن
إن أقبض الدين ولم يشهد) أي لتفريطه بعدم الاشهاد ومحل الضمان ما لم يكن الدفع بحضرة
الموكل فإن كان بحضرته فلا ضمان على الوكيل بعدم الاشهاد ومصيبة ما أقبض على الموكل لتفريطه
بعدم الاشهاد بخلاف الضامن يدفع الدين بحضرة المضمون حيث أنكر رب الدين القبض فإن

390
مصيبة ما دفع من الضامن ولا رجوع له به على المضمون والفرق بين المسألتين حيث جعل الدافع في
الأولى غير مفرط، وفي الثانية مفرطا مع أن الدفع في كل منهما بحضرة من عليه الدين أن ما يدفعه الوكيل
مال الموكل فكان على رب المال أن يشهد بخلاف الضامن فإنه إنما يدفع من مال نفسه فعليه الاشهاد
لحفظ مال نفسه فهو مفرط بعدم الاشهاد. قوله: (وأنكر) أي ربه القبض. قوله: (أو غاب) أي وطلب
ذلك الدين وكيله لعدم علمه بقبض موكله. قوله: (على المذهب) وقيل لا ضمان عليه إذا جرت العادة
بعدم الاشهاد وعلى المذهب فيستثنى هذا من قاعدة العمل بالعرف أما لو اشترط الوكيل على الموكل عدم
الاشهاد فلا غرم عليه. قوله: (سواء الخ) تعميم في المفهوم أي فإن قامت له بينة بالاقباض فلا ضمان
عليه سواء أشهدها على الاقباض اتفاقا أو عاينت الاقباض بدون قصد إشهاد على المشهور.
قوله: (بفتح الهاء) أي مع ضم الياء مبنيا للمفعول ونائب الفاعل ضمير مستتر عائد على الاقباض أي
ولم يشهد عليه ولم تقم له بالاقباض. قوله: (أو باع بكطعام) حاصله أنه إذا وكله على بيع سلعة
فباعها بطعام أو عرض والعادة أنها لا تباع بذلك بل بالعين وادعى الوكيل أن موكله أذنه في ذلك
ونازعه الموكل بأن قال ما أذنتك كان القول قول الموكل ويضمن الوكيل إذا فاتت السلعة بمعنى أن
الموكل يخير إن شاء أخذ منه قيمتها، وإن شاء أجاز البيع بما وقع به فمعنى ضمانه أنه معرض للضمان لا أنه
يضمنه بالفعل، وأما إن كانت السلعة قائمة فإن الموكل يخير بين رد البيع وأخذها وبين إجازته.
قوله: (أو بالرد) أي لمن قبضه منه. قوله: (إن ادعاه) أي ما ذكر من التلف والرد. قوله: (ينكر ما عليه من الدين)
الأولى ينكر المعاملة لان قوله لا دين لك علي مثل قوله لا حق لك علي وقوله ولا تسمع دعواه الأولى
ولا تسمع بينته لأنه أكذبها. قوله: (ثم لا تسمع بينته) أي لا تسمع بينة المطلوب إذ شهدت بالقضاء
بعد إنكاره المعاملة. قوله: (بخلاف لا حق لك علي) أي بخلاف ما إذا قال المدعى عليه لا حق لك علي
فأقام المدعي بينة بالحق وأشهد المدعى عليه بينة بالقضاء فإنها تقبل بينته. قوله: (برئ الوكيل) أي
بالنسبة للموكل. قوله: (لأنه أمين) علة لمحذوف أي وصدق فيما ادعى لأنه أمين. قوله: (وفي الجهل)
أي وفي جهل الغريم بتفريط الوكيل وعدم تفريطه قولان بالرجوع على ذلك الوكيل وعدم الرجوع
عليه الأول منهما لمطرف حملا للوكيل عند الجهل على التفريط والثاني لابن الماجشون حملا له على
عدم التفريط. قوله: (فيبرأ الغريم حينئذ) أي كما يبرأ الوكيل ويضيع المال على الموكل ومثل البينة
الشاهدة بمعاينة القبض من الغريم إقرار الموكل بدفع الغريم للوكيل، بخلاف شهادة الوكيل
على إقباض الغريم فإنها لا تنفعه لأنها شهادة على فعل نفسه واعلم أن للغريم تحليف الموكل
على عدم العلم بدفعه للوكيل وعدم وصول المال إليه عند عدم بينة للغريم تشهد بمعاينة
القبض. قوله: (كما يبرأ) أي الغريم بل وكذا الوكيل ويضيع المال على الموكل حينئذ.
قوله: (لان له الاقرار على موكله) يفهم من هذا التعليل أن الوكيل المخصوص إذا جعل له الاقرار

391
يكون كالوكيل المفوض في هذا أعني براءة الغريم إذا قال ذلك الوكيل قبضت منه وتلف مني وهو
كذلك. قوله: (إن لم يدفعه الخ) إنما ضمنه الموكل عند عدم دفعه قبل الشراء بأن كان الدفع بعده لان
الوكيل إنما اشترى على ذمة الموكل بالثمن في ذمته حتى يصل للبائع. وقوله إن لم يدفعه له ابتداء مفهوم
الشرط عدم غرم الموكل إذا دفع الثمن للوكيل قبل الشراء وتلف بعده لأنه مال بعينه لا يلزمه غيره
سواء تلف قبل قبض السلعة أو بعده وتلزم السلعة للوكيل بالثمن الذي اشتراها به وهذا حيث لم
يأمره بالشراء في الذمة ثم ينقده وإلا لزم الموكل إلى أن يصل لربه ففي المفهوم تفصيل ا ه‍ عبق. فإن
دفعه له ابتداء قبل الشراء وتلف قبل أن يشتري لم يلزمه أن يدفع بدله ولا يلزم الوكيل شراء أيضا.
قوله: (هذا القيد) أعني قوله قبل الشراء لأنه ليس معناه إن لم يدفعه للوكيل أصلا لأنه يقتضي أنه متى
دفعه له سواء كان قبل الشراء أو بعده فلا غرم عليه مع أنه إن كان الدفع قبل الشراء فلا غرم وإن كان
بعده فإنه يغرم. قوله: (وهذا) أي ومحل هذا أي غرم الموكل الثمن ولو مرارا إلى أن يصل لربه.
قوله: (ففعل) أي ثم بعد ذلك أخذه من الموكل ليدفعه للبائع فتلف منه قبل وصوله له لم يلزم الخ. قوله: (ويفسخ
البيع) أي لأنه بمنزلة استحقاق الثمن المعين. قوله: (بيمين) أي ولو كان غير متهم. قوله: (يصدق في رد
الوديعة) أي بيمين ولو كان غير متهم ا ه‍ عبق. قوله: (فله التأخير له) أي لأجل الاشهاد. قوله: (لكن
الراجح أن له التأخير للاشهاد) أي للوكيل والمودع الذي قبض بغير بينة التأخير للاشهاد خلافا
لما مشى عليه المصنف تبعا لابن الحاجب وابن شاس. والحاصل أن المودع إذا قبض بينة مقصودة
للتوثق فله تأخير الرد للاشهاد اتفاقا فلا ضمان عليه إذا تلف للتأخير لذلك، وأما الوكيل والمودع
إذا قبض بغير بينة للتوثق فقيل ليس لواحد منهما التأخير للاشهاد وإذا أخر لأجله وتلف
ضمن وهو ما مشى عليه المصنف تبعا لابن الحاجب وابن شاس، وقيل له التأخير ولا ضمان وهو ما لابن
عبد السلام، وارتضاه الأشياخ وفي بن عن ابن عرفة أن هذا القول للغزالي لا لأهل المذهب فيفيد
قوة ما ذكره المصنف من عدم التأخير. قوله: (على مال) أي بأن يكون وكلهما على بيع أو شراء أو اقتضاه
دين وقوله ونحوه أي غير خصام كطلاق وعتق وإبراء وهبة ووقف وأما على الخصام فقد تقدم أنه
لا يجوز تعدد الوكيل فلا يوكل اثنين على خصام واحد إلا برضاه فإن رضي فكذلك لأحدهما
الاستبداد إن ترتبا. قوله: (أن لا يستبد) أي واحد منهما أو أن لا يستبد فلان. قوله: (كما إذا وكلا
معا في آن واحد) أي فليس لأحدهما الاستبداد إلا بشرط أن كل واحد يستبد. والحاصل أنهما
إن وكلا مترتبين فلأحدهما الاستبداد إلا إذا شرط الموكل عدم الاستبداد وإن وكلا معا فليس
لأحدهما الاستبداد إلا إذا شرط الموكل لهما الاستبداد هذا هو المعتمد في المسألة. قوله: (وكالوصيين
مطلقا) أي فلا يستقل أحدهما بالتصرف سواء أوصاهما معا أو مترتبين وذلك لان الايصاء
إنما يكون تحتمه ولزومه في لحظة الموت إذ له الرجوع قبل ذلك وحينئذ فلا أثر للترتب الواقع قبله وحينئذ
فلم يلزما إلا معا. قوله: (في الترتب) أي في ترتب وكالتهما وعدم ترتبها. قوله: (فالأول) مبتدأ خبره
محذوف كما قدره الشارح أي فالبيع الأول هو الماضي أو خبر لمبتدأ محذوف أي فالماضي بيع الأول.
قوله: (إلا بقبض) أي إلا أن يكون بيع الثاني ملتبسا بقبض للمبيع منه وإلا كان الماضي بيع
الثاني. قوله: (إذا لم يعلم هو) أي البائع الثاني. قوله: (وإلا فالأول) أي وإلا بأن باعها الثاني وقبضها
المشتري منه والحال أن البائع الثاني أو المشتري منه عالم ببيع الأول فالحق فيها للمشتري الأول.

392
قوله: (كذات الوليين) أي فإنها لذي العقد الأول ما لم يتلذذ بها الثاني غير عالم بالأول
وإلا كانت للثاني فإن تلذذ بها الثاني عالما بنكاح الأول كان الحق فيها للأول. قوله: (بخلاف النكاح)
أي أن الوليين إذا عقدا عليها في وقت واحد فإن النكاحين يفسخان لعدم قبول النكاح للشركة.
قوله: (وإن جهل الزمن) أي أنه وقع ترتب بين بيع الموكل والوكيل لكن لم يعلم هل البائع أو لا الموكل
أو الوكيل فقد وقع الجهل في الزمن الذي باع فيه هذا وهذا وقوله فلمن قبض أي فالسلعة تكون لمن قبضها،
فإن لم يقبضها أحد من المشتريين اشتركا فيها إن رضيا وإلا اقترعا لدفع ضرر الشركة وإنما قيل بالقرعة
عند جهل السابق دون ما إذا عقدا معا لأنه عند جهل السابق الحق في الواقع لأحدهما والتبس، بخلاف
ما إذا عقدا معا فإنه لا وجه فيها للقرعة، وفهم من قوله بعت أن الإجارة ليست كذلك والحكم أنها
للأول سواء حصل قبض لمن استأجر أولا أو لمن استأجر ثانيا أو لم يحصل قبض قاله ابن رشد. وقال
أبو الحسن قال المازري على أن قبض الأوائل قبض للأواخر يكون القابض أولا أولى وعلى أنه
ليس قبضا للأواخر تكون للأول انظر بن. تنبيه: كلام المصنف فيما إذا باع الموكل والوكيل
وأما لو باع الوكيلان شيئا ووكلا مرتبين أو معا وشرط لكل الاستقلال ففي عبق أن المعتبر البيع
الأول ولو انضم لذلك قبض والذي ذكره الشيخ أحمد الزرقاني أنهما كبيع الوكيل والموكل،
واختاره بن تبعا للمسناوي ورد ما قاله عبق من الفرق وهذا إذا باع الوكيلان مرتبين فإن باعا
معا أو جهل السابق فبيعهما كبيع الموكل والوكيل اتفاقا. قوله: (جبرا على
المسلم إليه) أي ولا حجة للمسلم إليه مع وجود البينة إذا قال لا أدفع إلا لمن أسلم إلي. قوله: (ولو أقر المسلم إليه الخ) فلا تقبل
شهادته على المعتمد لأنه يتهم على تفريغ ذمته وإن كان قادرا على تفريغها بالدفع للحاكم لان الدفع
للحاكم يتوقف على إثبات فصول متعددة وهذا هو الراجح وقيل تقبل شهادة المسلم إليه لأنه
قادر على تفريغ ذمته بالدفع للحاكم حيث كان الوكيل المسلم غائبا. قوله: (يا موكل) تسميته بموكل
باعتبار الدعوى فقط. قوله: (ونحوه) أي كوقف أو هبة أو صدقة. قوله: (فالقول لك بيمين) إنما حلف في
هذه المسألة لتقوي جانب الوكيل بتصديق الموكل له على الاذن بخلاف الأولى فإن الموكل لم يصدقه
فيها على الاذن. قوله: (صفة له) أي للاذن. قوله: (بل في رهنه) أي أو إجارته. قوله: (إلا أن يشتري الخ)
صورته وكلته على شراء سلعة ودفعت له الثمن فاشترى به سلعة فزعمت أنك أمرته بشراء غيرها
فالقول للوكيل مع يمينه، فإذا حلف لزمت السلعة الموكل وسواء كان الثمن المدفوع للوكيل
باقيا بيد البائع أولا وسواء كان مما يغاب عليه أو لا، وتقييد خش وعبق الثمن في هذه المسألة بكونه
مما يغاب عليه تبعا للشيخ يوسف الفيشي ورده شيخنا بأنه لا دليل عليه. قوله: (لزمتك السلعة) أي
فهي لازمة للموكل في حالين ما إذا حلف الوكيل وما إذا نكلا معا. قوله: (كقوله أمرت ببيعه الخ)
حاصله أنه إذا وكله على بيع سلعة فباعها بعشرة وادعى أن الموكل أمره بذلك وقال الموكل
بل أمرته بأكثر من ذلك، فالقول قول الوكيل بيمينه إذا فات المبيع بزوال عينه، وأشبه قول ذلك الوكيل
سواء أشبه الموكل أم لا، وكذا إن لم يفت والحال أنه لم يحلف الموكل فإن حلف الموكل كان القول
قوله، والقول قول الموكل بيمينه إذا فات المبيع، وأشبه قوله وحده أو لم يشبه واحد منمهما وكذا
إن لم يفت وحلف فتلخص أن القول للموكل في ثلاث مسائل وهي ما إذا فات المبيع بزوال عينه وأشبه

393
الموكل وحده أو لم يشبه واحد منهما أو كان المبيع قائما وحلف، والقول للوكيل في ثلاث أيضا فوات
المبيع وأشبه أشبه الموكل أم لا أو لم يفت ولم يحلف الموكل والثلاثة الأخيرة وهي التي القول فيها
للوكيل مستفادة من قول المصنف كقوله أمرت إلى قوله ولم تحلف والثلاثة الأول التي القول فيها
للموكل مستفادة من مفهومه، فالصورتان الأوليان من تلك الثلاثة الأول مستفادة من مفهوم وأشبهت
والثالثة من تلك الثلاثة مستفادة من مفهوم ولم تحلف. قوله: (مجاز) والأصل أشبه الوكيل في دعواه أنه
أمره بعشرة. قوله: (في الصورتين) أي المستثناتين وهما قوله إلا أن يشتري بالثمن فزعمت أنك أمرته بغيره
وقوله كقوله أمرت ببيعه بعشرة الخ. قوله: (فإن حلفت) أي والحال أنه لم يفت فالقول قولك ولو لم تشبه
لان الأصل بقاء ملكه على سلعته فمن أحب اخراجها عن ملكه كان مدعيا فعليه الاثبات وهذا بيان
لمفهوم قوله ولم تحلف ثم حيث كان القول للموكل فيحلف ويأخذ ما ادعاه وهو القدر الزائد على العشرة
في الفرض المذكور، وهذا إذا فاتت السلعة أو كانت قائمة ولم يأخذها ورضي الوكيل بدفع الزائد، وأما إن لم
يرض فيتعين أخذ الموكل السلعة وليس له أن يجيز البيع ويجيز الوكيل على دفع الزائد على المعتمد فلو أراد
المشتري أخذها بما قال الموكل فهل يجيز الموكل على ذلك أو لا؟ قولان انظر ح فإن كان القول قوله أي
الموكل ولم يحلف دفع الوكيل العشرة فقط وهل بيمين أولا قولان وعلى الأول فإن نكل غرم ما ادعاه
الموكل على المعتمد فقول الموكل مقبول في حالتين ما إذا حلف أو نكلا معا. قوله: (وهذا عند فقد البينة)
أي للموكل والوكيل وأما إن كان لأحدهما بينة عمل بها. قوله: (أي بجارية) يعني غير الموكل فيها فهو كقولك
عندي درهم ونصفه وليس ضمير بها راجعا للجارية الموكل على شرائها لقوله هذه لك والأولى وديعة
ولو قال المصنف فبعث بجارية كان أحسن لان النكرة إذا أعيدت بلفظ النكرة كانت غير الأولى. قوله: (وقال
هذه لك) أي هذه هي التي اشتريتها لك بدراهمك. قوله: (والأولى وديعة) أي أرسلتها وديعة عندك.
قوله: (فإن لم يبين) أي الوكيل لك حين بعث الأولى مع الرسول أو مع غيره أنها وديعة وأشار الشارح
بهذا إلى أنه ليس المراد بالبيان في كلام المصنف إقامة البينة بل إرساله لمن وكله أنها وديعة. قوله: (وكذا إذا
لم يعلمك الرسول) أي وكذا إذا بين للرسول ولم يعلمك الرسول بذلك. قوله: (وحلف) فإن نكل الوكيل
عن اليمين لم يأخذ الأولى بل تلزم الموكل ويخير الموكل في الثانية إن شاء أخذها أيضا وإن شاء ردها ا ه‍
عدوي. قوله: (فإن بين) أي للرسول أنها وديعة وبلغه الرسول ذلك أخذها بلا يمين سواء وطئت أم لم
توطأ وإذا وطئها مع البيان من غير أن يشهد بينة عند الارسال أنها وديعة فذكر بعضهم أنه يحد لأنها
مودعة وذكر بعضهم أنه لا حد عليه لاحتمال كذب المبلغ وللخلاف في قبول قول المأمور أنه قد اشتراها
لنفسه، وهاتان شبهتان ينفيان عنه الحد وهذا القول الثاني استظهره المساوي كما قال بن واقتصر عليه
البدر القرافي. قوله: (كأن لم يبين ولم توطأ الخ) الحاصل أنه إن بين مع الرسول أو غيره أن الأولى وديعة
أخذها بلا يمين وطئت أم لا وإن لم يبين أو لم يعلمك الرسول أخذها بيمين إن وطئت وبغير يمين إن
كانت لم توطأ. قوله: (إلا أن تفوت عند البيان وعدمه) أشار بهذا إلى أن الاستثناء من المنطوق والمفهوم
معا كما هو الصواب فكأنه قال ومحل أخذه لها بيمين إن لم يبين وبلا يمين إن بين ما لم تفت بما ذكر فإن فاتت بما
ذكر لم يكن له أخذها لا من أخذها عند عدم البيان الذي هو المنطوق، كما قاله بعض الشراح تبعا للبدر القرافي
لأنه يقتضي أنه لو بين ولم يشهد بينة فإنه يأخذها ولو فاتت والحق أنها متى فاتت بكولد لم يكن له أخذها
بين أم لا كما هو مفاد المدونة. قوله: (فالاستثناء منقطع) صوابه متصل كما في بن. قوله: (وتكون للموكل)
أي بالثمن الذي سماه فإن ادعى المأمور زيادة يسيرة قبل قوله كما تقدم في قوله إلا كدينارين في أربعين.

394
قوله: (بذهاب عينها) أي بالموت. قوله: (أنها له) أي أو أنها وديعة عند المرسل إليه. قوله: (ولو لم يبين
الرسول الخ) أي هذا إذا بين له الرسول أنها وديعة مع وجود البينة التي أشهدها الوكيل بل ولو لم يبين له
ذلك. قوله: (أخذها) أي الوكيل وأعطاك الثانية. قوله: (لان الموكل متعد حينئذ) أي فالولد ابن زنا لسيد
أمه وقوله قيمة الولد أي وليس له أخذه لأنه حر نسيب للشبهة. والحاصل أن الصور أربع لا بيان
ولا بينة البيان بدون البينة البينة بدون بيان البينة والبيان ففي الثلاث الأول ليس وطؤه زنا بل وطئ
شبهة فلا حد فيها ولا يأخذ الولد، نعم تؤخذ قيمته في الثالثة وفي الأوليين تفوت بالايلاد فلا تؤخذ هي
ولا ولدها ولا قيمته والوطئ في الرابعة زنا يوجب الحد ويأخذ الوكيل الولد. قوله: (يوم الحكم) أي
بأخذها. قوله: (ولزمتك يا موكل الأخرى في المسألتين) هذا تصريح بما علم التزاما وذلك لان المستفاد مما
تقدم أنه يقبل قول الوكيل وإذا قبل لزم من ذلك أن الموكل يلزمه ما اشتراه له وكيله. قوله: (إذا لم يبين
وحلف وأخذها) وكذا إذا بين وأخذها بدون يمين. قوله: (وما إذا قامت بينة) أي على دعواه أشهدها
عند الارسال وأخذها سواء كان مع تلك البينة بيان أم لا وأما إذا لم يأخذ الوكيل الأولى لكونه لم يبين
ونكل عن اليمين فالموكل مخير في الثانية إن شاء أخذها وإن شاء ردها مع لزوم الأولى له. قوله: (وبعث
بها) أي واشتراها وبعث بها. قوله: (إن حلف) شرط في قوله خيرت في أخذها بما قاله وردها ومحل
حلفه إن لم تقم بينة بما اشترى وإلا خير الموكل من غير يمين الوكيل في أخذها بما قال أوردها.
والحاصل أنها إذا لم تفت يخير الموكل فيها في حالتين: الأولى: ما إذا كان للوكيل بينة بالشراء بالمائة
والخمسين. والثانية: إذا لم تكن له بينة بذلك ولكن حلف عليه، ومحل التخيير في هاتين الحالتين ما لم
يطل الزمان بعد قبضها بلا عذر فإن طال الزمان بعد قبضها ولم يكن للوكيل عذر يمنعه من طلب
الزيادة لم تقبل دعواه الزيادة. قوله: (لتفريطه بعدم إعلامه) أي بما قال من الزيادة حتى
فاتت أي فصار كالمتطوع بتلك الزيادة. قوله: (ولا شئ عليك) إذا رددتها عليه. قوله: (بما
تقدم) أي بتدبير أو استيلاد أو عتق أو كتابة أو موت. قوله: (وإن ردت دراهمك) أي وإن رد المسلم
إليه دراهمك للوكيل التي دفعتها له ليسلمها لك في شئ. قوله: (فإن عرفها مأمورك) أي كيلك.
قوله: (لزمك بدلها) سواء قبلها مأمورك أو خالف الواجب ولم يقبلها لأنه متى عرفها المأمور وجب عليه
قبولها كما لبن وشيخنا. قوله: (ما وقعت فيه الوكالة) أي وهو المسلم فيه من طعام ونحوه. قوله: (تأويلان)
المذهب منهما الأول وهو مبني على أن الوكيل لا ينعزل بمجرد قبض الموكل للشئ الموكل عليه والثاني
مبني على عزل الوكيل بمجرد قبض الموكل ما وكل عليه وحينئذ فلا يسري عليه قوله أنها دراهم
موكله، والتأويل الأول لابن يونس، والثاني نقله ابن يونس عن بعضهم. وعلى التأويل الثاني فهل
لا يلزم الوكيل أيضا إبدالها أو يلزمه إبدالها كما إذا قبلها ولم يعرفها والأول هو المطابق للنقل كما في
عبق. قوله: (وأما هو فيلزم مطلقا) أي فيلزم الموكل بدلها حيث قال ذلك الوكيل أنها دراهمك وسواء
قبضت المسلم فيه أم لا وذلك لان المفوض لا ينعزل بمجرد قبض الموكل ما وكل فيه اتفاقا.
قوله: (حلفت أيها الآمر) أي وغرم الوكيل بدلها لقبوله إياها فالخسارة إنما جاءت عليه وحده كما قال
المصنف. قوله: (وهل تحلف مطلقا) أي لاحتمال نكولك فتغرم بمجرد النكول لأنها يمين تهمة ولا
يغرم الوكيل. قوله: (وإنما تخلف لعدم المأمور) أي عند عسره لا عند يسره أي لان من حجة

395
الآمر أن يقول للوكيل عند يسره أنت قد التزمت الثمن بقبولك له فلا تباعة لك ولا للبائع علي.
قوله: (وذكر مفعول حلفت) أي المعدى له بحرف الجر المحذوف أي على أنك ما دفعت الخ فاندفع ما يقال إن
حلف لازم. قوله: (ما دفعت إلا جيادا في علمك) ظاهره أنه يحلف على نفي العلم ولو صيرفيا. قوله: (ولا تعلمها
من دراهمه) إنما احتاج لزيادة ذلك لأنها قد تكون جيادا في علمه حين الدفع ولكن يعرف الآن أنها
من دراهمه. قوله: (لأنه إنما يقول الخ) علة لقوله بالمعنى. قوله: (وأما المصنف فبفتحها) أي لأنه يخاطب
الموكل. قوله: (تأويلان) نقلهما عياض ولم يعزهما وعزا المواق الثاني لأبي عمران انظر بن. قوله: (كذلك)
أي كحلف الموكل في الصورة الأولى. قوله: (فكل من الآمر والوكيل يحلف) أي فإذا حلفا ضاعت
الدراهم على المسلم إليه. قوله: (وللآمر) أي بعد غرمه للبائع. قوله: (فإن نكل البائع) أي كما نكل الآمر.
قوله: (وليس له) أي للبائع حيث نكل هو والآمر. قوله: (وأغرمه) أي وأغرم البائع المأمور وقوله ثم
هل له أي ثم بعد غرم المأمور للبائع هل للمأمور تحليف الآمر أولا قولان. قوله: (ذكره) أي هذا
التفصيل الرجراجي. قوله: (وانعزل بموت موكله) أي وكذا بفلسه الأخص لانتقال المال للغرماء.
قوله: (فلا يلزمهم ما باع أو ابتاع بعده) أي بعد موت الموكل أي بل إن شاؤوا وأجازوه وإن شاءوا لم يجيزوا
وحينئذ إذا كان قد ابتاع لزم الوكيل غرم الثمن وإذا كان قد باع غرم لهم قيمة المثمن إن كان قد فات ورد
المبيع لهم إن كان قائما. قوله: (فتأويلان في عزله الخ) وعلى الأول لو اشترى أو باع شيئا بعد موته ولم يعلم
بالموت لم يلزم الورثة ذلك وعليه غرم الثمن وقيمة المثمن إن فات. قوله: (وهذا إذا كان البائع الخ)
الأنسب اعتبار الحضور في نفس الوكيل بأن يقول وهذا الخلاف محله إذا كان الوكيل حاضرا ببلد
موته لان حضوره مظنة علمه وكأنه اكتفى بالتلازم بين المتعاقدين فيلزم من حضور أحدهما ببلد
موت الموكل حضور الآخر. قوله: (وفي عزله أي الوكيل بعزله أي الموكل له ولم يعلم الوكيل بذلك)
هذا القول مقيد بما إذا أشهد الموكل على عزله وكان عدم إعلامه بذلك لعذر كبعده عنه فإن ترك
إعلامه لغير عذر مطلقا أي أشهد بعزله أم لا أو ترك إعلامه لعذر ولم يشهد به مضي تصرفه
اتفاقا. قوله: (خلاف) محله في غير وكيل خصام قاعد الخصم كثلاثة وأما وكيل الخصام إذا قاعد
خصم الموكل كثلاثة فإنه لا ينعزل بعزل الموكل له سواء عزله في غيبته أو بحضرته كما مر وفي
عبق لا ينعزل الوكيل بجنونه أو جنون موكله إلا أن يطول جنون الموكل جدا فينظر له الحاكم ولا
تنعزل زوجة وكيلة لزوجها بطلاقه لها إلا أن يعلم من الموكل كراهة ذلك منها وينعزل هو عن
وكالته لها بطلاقه لها، كما استظهره ابن عرفة. وكأن الفرق أن الطلاق بيده وإذا أظهر منه
الاعراض كرهت بقاءه ا ه‍ وانعزل الوكيل بردته أيام الاستتابة وأما بعدها فإن قتل فواضح وإن
أخر لمانع كالحمل، فقد تردد العلماء في عزله وكذا ينعزل بردة موكله بعد مضي أيام الاستتابة ولم يرجع
ولم يقتل لمانع. قوله: (إذ هي من العقود الجائزة) أي الغير اللازمة. قوله: (كالقضاء) أي فعقد القضاء
من السلطان غير لازم فلمن ولى قاضيا أن يفك عن نفسه وكذا من وكل على شئ فله عزل نفسه.

396
قوله: (كتوكيله على عمل معين) أي أو عمل غير معين في زمان معين كتوكيله على أن يبيع له سلعة في
خمسة أيام وله من الأجرة كذا بمضي المدة باع أو لا وأما تعيين العمل والزمان فإنه يفسد الإجارة كما يأتي.
قوله: (بأن يوكله على تقاضي دينه) علم أن التوكيل على اقتضاء الدين تارة يكون إجارة وتارة يكون
جعالة ففي الإجارة لا بد من بيان القدر الموكل على اقتضائه وأن يبين من عليه الدين ليعلم حين العقد
هل هو معسر أو موسر أو مماطل أولا كوكلتك على اقتضاء كذا من فلان ولك كذا أجرة وأما في الجعالة
فالواجب بيان أحد الامرين إما القدر أو من عليه الدين. قوله: (وليس المراد وقوعها بلفظ إجارة أو
جعالة) أي لأنها لو كانت بلفظهما كقوله آجرتك بكذا على أن تتوكل لي على كذا أو جاعلتك بكذا
على أن تتوكل لي على كذا كانت منهما حقيقة فيصير التشبيه في قوله فكهما غير صحيح لأنه من تشبيه
الشئ بنفسه. وقوله وليس المراد الخ أي وإنما المراد أن العقد وقع على سورة الإجارة بأن عين الزمان
أو العمل أو على صورة الجعالة بأن لم يعين الزمان ولذا قال المصنف أو إن وقعت بأجرة أو جعل ولم يقل أو
إن كانت إجارة أو جعلا. قوله: (ففي الإجارة الخ) أي ففي الوكالة إذا وقعت على وجه الإجارة تلزم
كلا من الوكيل والموكل بمجرد العقد وقوله وفي الجعالة أي وفي الوكالة الواقعة على وجه الجعالة لا تلزم
واحدا منهما قبل الشروع وتلزم الجاعل وهو الموكل بالشروع وأما المجعول له وهو الوكيل فلا تلزمه.
قوله: (من تتمة القول الثاني) أي وليس تكرارا مع قوله وهل تلزم الخ. قوله: (تردد) محله في الوكالة في
غير الخصام وأما الوكالة فيه فهي لازمة مطلقا وقعت على وجه الإجارة أو الجعالة أولا إذا قاعد الوكيل
الخصم كثلاث وإلا فلا. قوله: (حيث لم تلزم) أي على القول الأول مطلقا وعلى الثاني حيث لم تقع بأجرة
أو جعل. قوله: (قبل قوله) أي بيمينه وهذا أحد أقوال ثلاثة ذكرها ح وصدر به وقيل لا يقبل قوله
وثالثها يقبل قوله إن لم يكن الموكل قد أقبضه الثمن وإلا فذلك الشئ للموكل.
باب في الاقرار
اعلم أن الاقرار خبر كما لابن عرفة ولا يتوهم من إيجابه حكما على المقر أنه إنشاء كبعت بل هو خبر
كالدعوى والشهادة، والفرق بين الثلاثة أن الاخبار إن كان حكمه قاصرا على قائله فهو الاقرار وإن لم
يقصر على قائله فإما أن لا يكون للمخبر فيه نفع وهو الشهادة أو يكون وهو الدعوى ا ه‍ بن.
قوله: (والسفيه) أي وكذلك الرقيق بالنسبة للمال فكل منهما وإن كان مكلفا لكنه محجور عليه بالنسبة للمال.
قوله: (والمكره) أي لأنه غير مكلف. قوله: (وكذا السكران) أي فلا يؤاخذ بإقراره لأنه وإن كان
مكلفا إلا أنه محجور عليه في المال كما ذكره بن وشيخنا العدوي، وكما لا يلزمه إقراره لا تلزمه
سائر عقوده من بيع وإجارة وهبة وصدقة وحبس بخلاف جناياته فإنها تلزمه. قوله: (ودخل في
كلامه) أي في المكلف الملتبس بعدم الحجر السفيه المهمل فيصح إقراره على قول مالك لان المانع
من تصرف السفيه عند مالك الحجر وأما عند ابن القاسم فالمانع السفه كما مر. قوله: (وكذا
المريض والزوجة) أي فيصح الاقرار منهما ولو بأزيد من ثلثهما حيث كان المقر له غير متهم
عليه وإلا منع إقرارهما له ولو في الثلث. قوله: (فمخصوص بالتبرعات) أي والاقرار بما في الذمة
ليس من التبرعات حتى يحجر عليه في زائد الثلث وحينئذ فمعنى قول المصنف يؤخذ المكلف بلا
حجر معناه الموصوف بعدم الحجر عليه في المعاوضات فدخل في كلامه من ذكر إذ كل من الزوجة
والمريض لا يحجر عليه في المعاوضات وإن حجر عليه في التبرعات بالنسبة لما زاد على ثلثه. قوله: (بإقرار)

397
يؤخذ منه أن المال المقر به لا يشترط فيه أن يكون معلوما حيث لم يقل بإقراره بمال معلوم وهو كذلك.
قوله: (وقابل أن يملك) أي الشئ المقر به هذا إذا كان قابلا لملكه في الحال ولو كان قابلا لملكه
باعتبار المآل أي الزمان المستقبل بالنسبة لزمن الاقرار هذا إذا كان المقر له متأهلا وقابلا للمقر به
باعتبار ذاته بل ولو باعتبار ما يتعلق به من إصلاح لبقاء عينه أو لاستحقاق. قوله: (كالحمل) أي يقر له
بأن له عنده شيئا من ميراث أبيه أو من هبة أو صدقة فالاقرار بذلك صحيح لان الحمل قابل لملك ذلك
باعتبار المآل. قوله: (من إصلاح) بيان لما يتعلق. قوله: (فيصح الاقرار لهما) أي لان المسجد قابل لملك
المقر به باعتبار ما يتعلق به من الاصلاح لأجل بقاء عينه والوقف قابل لملك المقر به باعتبار إصلاحه
لأجل أخذ المستحقين له الغلة أو لأجل سكناهم فيه. قوله: (وخرج عن الأهل نحو الدابة والحجر)
أي فلا يؤخذ بإقراره لهما بل هو باطل اللهم إلا أن يقر لأجل إصلاح الحجر في كسبيل أو لعلف الدابة
في جهاد تأمل. قوله: (أي لأهل غير مكذب للمقر في إقراره له) أي بل مصدق له وإنما اشترط في صحة
الاقرار تصديق المقر له للمقر لا يدخل مال الغير في ملك أحد جبرا فيما عدا الميراث. قوله: (إن استمر
التكذيب) أي فيهما فإن رجع المقر له إلى تصديق المقر في الأولى فأنكر المقر عقب تصديق المقر له
فهل يصح إقراره أو يبطل قولان الثاني منهما هو الذي في النوادر وعليه اقتصر ابن الحاجب
والقول الأول هو الذي عزاه ابن رشد للمدونة انظر كلامه في ح ا ه‍ بن. وأما إن رجع المقر له إلى تصديق
المقر في الثانية فأنكر المقر عقب تصديق المقر له صح الاقرار ولا
عبرة بإنكار المقر بعد ذلك وأولى إن رجع المقر له لتصديق المقر ولم يحصل من المقر إنكار.
قوله: (لغو) أي وحينئذ فيلزم المقر ما أقر به لهما وإن كذباه. قوله: (ولم يتهم المقر في إقراره)
أي فإن اتهم بإقراره لملاطفه ونحوه بطل. قوله: (والواو للحال) أي وصاحب الحال هو المكلف.
قوله: (والعطف يقتضي اتحاده) فيه أن هذا مسلم في مجرد عطف الفعل على الفعل عطف
مفردات نحو أكل وشرب زيد لا في عطف الجملة على الجملة نحو ضرب زيد وقام عمرو وما هنا من
هذا القبيل تأمل. قوله: (ونحوه) أي مثل حامل مقرب وحاضر صف القتال ومحبوس لقتل أو
قطع. قوله: (والصحيح الخ) المراد به المفلس واعترضه بن بأن إقرار المفلس المحجور عليه لمن يتهم
عليه لازم يتبع به في ذمته وإن كان المقر له لا يحاصص به مع الغرماء خلافا لما يوهمه كلامه من بطلان
الاقرار فالصواب أن عدم الاتهام إنما يعتبر في إقرار المريض فقط فإن أقر الصحيح لمن يتهم
كان إقراره له لازما. قوله: (بمن يتوهم) أي ممثلا لمن يتوهم عدم صحة إقراره. قوله: (في غير المال) أي وأما إقراره
في المال فهو باطل لأنه محجور عليه بالنسبة للمال لأنه لسيده وقد قال المصنف بلا حجر. قوله: (وكسرقة
بالنسبة) أي فيقبل إقراره بالنسبة للقطع دون المال المسروق فلا يلزمه قيمته إن تلف ولا يؤخذ منه
إن كان قائما. قوله: (وما زاد) أي من المال المقر به. قوله: (فلا يأخذ الخ) أي بل هو لسيد العبد. قوله: (حتى
يثبته) أي مدعيه بالبينة أو بإقرار السيد. قوله: (على كل حال) أي سواء أقر بالسرقة أو ثبتت ببينة

398
أو بإقرار السيد. قوله: (وأخرس) لما كان يتوهم عدم صحة إقراره لكونه مسلوب العبارة نبه المصنف
على صحته منه فهو تمثيل بالخفي. قوله: (يلزمه إقراره بالإشارة) أي لان إشارة الأخرس تنزل منزلة
العبارة فلو انطلق لسانه ورجع عن إقراره لم يعتبر رجوعه كما أنه لو لاعن زوجته بالإشارة ثم انطلق
لسانه وادعى أنه لم يلاعن لم يعتبر رجوعه ا ه‍. قوله: (كما يكفي إشارة الناطق) أي وحينئذ فلو قال
المصنف عقب قوله بإقراره ولو بإشارة ناطق لأفاد ذلك وسلم مما يدل عليه ظاهره هنا من أن إشارة الناطق
لا تعتبر انظر شب. قوله: (ومريض) اعلم أن المريض إذا أقر إما أن يقر لوارث قريب أو بعيد أو
لقريب غير وارث أصلا أو لصديق ملاطف أو لمجهول حاله لا يدري هل هو قريب أو ملاطف
أو أجنبي أو يقر لأجنبي غير صديق، فإن أقر لوارث قريب مع وجود الأبعد أو المساوي كان الاقرار
باطلا، وإن أقر لوارث بعيد كان صحيحا إن كان هناك وارث أقرب منه سواء كان ذلك الأقرب حائزا
للمال أم لا، ولا يشترط أن يكون ذلك الأقرب ولدا وإن أقر لقريب غير وارث كالخال أو لصديق
ملاطف أو مجهول حاله صح الاقرار إن كان لذلك المقر ولد أو ولد ولد وإلا فلا وأما لو أقر لأجنبي غير
صديق كان الاقرار لازما كان له ولد أم لا. قوله: (إن أقر لأبعد) أي لوارث أبعد. قوله: (في هذا الفرع)
أي وهو إقرار المريض لوارث أبعد فقط. قوله: (مع ابن عم) أي الذي هو المقر له وقوله بعيد أي الذي
هو المقر له. قوله: (فيصح مطلقا) أي كان للمقر ولد أم لا وحينئذ فهو غير داخل في كلام المصنف.
قوله: (يلزمه الاقرار بلا قيد) أي سواء أقر لوارث بعيد أو قريب أو لملاطف أو لمجهول حاله أو لقريب
غير وارث أو لأجنبي غير ملاطف سواء قام المقر له في الصحة أو في المرض أو بعد الموت لما مر من أن
الاتهام إنما يعتبر في إقرار المريض، ولقول ابن عبد البر في الكافي وكل من أقر لوارث أو لغير وارث
في صحته بشئ من المال أو الدين أو البراءة أو قبض أثمان المبيعات فإقراره عليه جائز لا تلحقه فيه
تهمة ولا يظن فيه توليج أي إدخال شئ بالكذب والأجنبي والوارث في ذلك سواء، وكذا
القريب والبعيد والعدو والصديق في الاقرار في الصحة سواء، ولا يحتاج من أقر على نفسه في الصحة
ببيع شئ وقبض ثمنه إلى معاينة قبض الثمن ا ه‍ ولو أقر بعد ذلك بالتوليج فلا عبرة به كما في ح، فإذا
قام بقية أولاد من مرض بعد الاشهاد في صحته بالبيع لبعض أولاده فلا كلام لهم إن كتب الموثق
أن الأب قبض من ولده ثمن ما باعه له وإن لم يكتب قيل يحلف الولد مطلقا وقيل لا يحلف مطلقا،
وقيل إن اتهم الأب بالميل له حلف وإلا فلا واقتصر في التحفة على الأخير حيث قال:
ومع ثبوت ميل بائع لمن منه اشترى يحلف في قبض الثمن ا ه‍.
وما تقدم عن الكافي من أن إقرار الصحيح على قبض أثمان المبيعات جائز ولا يلحقه فيه
تهمة ولا يظن فيه توليج لعله محمول على ما إذا كان المقر له يظن به المال وإلا ففي عج وغيره لو
أقر أن هذا الشئ لولده الصغير مثلا وعلمنا أنه لا مال للولد بوجه فذلك تركة لأنه لم يجعله صدقة عليه
حتى يجوزه له فهو توليج فتأمل. وفي بن إذا صير الأب لابنه دورا أو عروضا في دين أقر له به فإن
كان يعرف سبب ذلك الدين بأن باع له شيئا أو أخذ منه شيئا جاز ذلك التصيير كان في الصحة
أو في المرض وإن لم يعرف أصله فحكمه حكم الاقرار بالدين فإن كان في المرض جري على تفصيله
وإن كان في الصحة كان ماضيا على قول ابن القاسم في المدونة وبه العمل، كما في المتيطي، وقيل أنه
غير نافذ وهو قول المدنيين. قوله: (أو لمجهول حاله) كقوله لعلي أو لعمرو الذي بمكة عندي كذا ولم يعلم
حاله أصديق ملاطف أو قريب أو أجنبي. قوله: (وإلا لم يصح) أي وإن لم يكن لذلك المريض المقر ولد
لم يصح ذلك الاقرار. قوله: (وإلا عمل) أي وإلا يدم جهل الحال بل تبين عمل الخ. قوله:

399
(وقيل يصح) أي وقيل يصح الاقرار وإن لم يكن للمقر ولد كان المال المقر به قليلا أو كثيرا. قوله: (وقيل إن كان المال
يسيرا) أي وقيل يصح الاقرار لمجهول الحال إن كان المال المقر له به يسيرا لا إن كان كثيرا والموضوع
أنه ليس للمقر المريض ولد. قوله: (كزوج) من فروع إقرار الزوج أن يشهد أن جميع ما تحت يدها
ملك لها فإن كان مريضا جرى على ما ذكره المصنف من التفصيل في الزوجة وإن كان صحيحا كان
إقراره لازما على مذهب ابن القاسم وغيره من المصريين من غير تفصيل بين كونه علم بغضها أو لا
وللوارث تحليفها إن ادعى تجدد شئ كما في ح. قوله: (إذا علم الخ) مفهومه أنه إن علم ميله لها كان
الاقرار باطلا وإن أجازه الورثة كان ابتداء عطية منهم لها. قوله: (على المعتمد) أي كما لابن رشد
والناصر وغيرهما خلافا لابن الحاجب القائل محل صحة إقرار الزوج المريض لزوجته التي علم
بغضه لها إذا لم تنفرد بالصغير وإلا كان باطلا للتهمة. قوله: (بخلاف الصحيح) هذا محترز تقييد
الزوج بالمريض. قوله: (مطلقا) أي علم بغضه لها أو علم ميله لها انفردت بالصغير أو لا ورثه ابن أو لا.
قوله: (أو جهل حال الزوج) أي المريض. قوله: (وورثه ابن) هذا شرط في صحة الاقرار لها إذا جهل
حاله فمفهومه أنه إذا لم يرثه ابن ولا بنون بأن كان لا أولاد له أصلا كان الاقرار باطلا. قوله: (واحد منها
أو من غيرها الخ) أي فصور الابن أربع. قوله: (أو بنون) أي ورثه بنون ذكور وحدهم أو مع الإناث
وأما إن ورثه إناث فقط فهو قوله ومع الإناث والعصبة قولان لان العاصب يشمل بيت المال وغيره
كذا قرر طفي و ح، فقوله أو بنون صادق بما إذا كانوا ذكورا فقط أو ذكورا وإناثا سواء كانوا
كلهم صغارا أو كبارا أو بعضهم صغارا وبعضهم كبارا كان الجميع منها أو من غيرها أو البعض منها
والبعض من غيرها، فهذه ثماني عشرة صورة داخلة تحت قوله أو بنون. قوله: (إلا أن تنفرد الخ) جعله
عج استثناء من قوله أو ورثه بنون فقط ونصه إنما أتى بقوله أو بنون ليستثني منه قوله إلا أن تنفرد
فعلى هذا إذا كان الوارث له ولدا صغيرا منها وأقر لها كان الاقرار صحيحا، وجعله الشيخ إبراهيم اللقاني
استثناء من قوله وورثة ابن أو بنون وحينئذ فيكون الاقرار في هذه الصورة باطلا، فالخلاف
بينهما إنما هو في هذه الصورة وما ذكره عج غير ظاهر والحق ما ذهب إليه اللقاني وتبعه شارحنا
من أن الاستثناء راجع للمسألتين لا لقوله أو بنون فقط إذ لا وجه للتفرقة وحينئذ فالمراد بانفرادها
بالصغير أن يقصر جنس الولد الصغير عليها سواء كان واحدا أو متعددا، سواء كان لها ولد كبير
أيضا أو لا، كان ذلك الصغير ذكرا أو أنثى ولو لم يكن له زوجة غيرها فأل في الصغير للجنس. قوله: (راجع
لهما) أي للابن والبنون فبرجوعه للابن تخرج صورة من صوره الأربع وهي ما إذا كان الابن صغيرا
منها وبرجوعه للبنين يخرج ما إذا كان أولاده كلهم صغارا منها أو كان بعضهم صغيرا والبعض كبيرا
أو الصغار منها والكبار من غيرها فقط أو منها ومن غيرها، وسواء كان الجميع ذكورا أو ذكورا وإناثا
فهذه ست صور تخرج من صور البنين الثمانية عشرة بالاستثناء فالاقرار فيها باطل. قوله: (قال الزرقاني)
المراد به الشيخ أحمد. قوله: (الانفراد بالصغيرة) أي خلافا لما يوهمه ظاهر المصنف فقوله إلا أن
تنفرد بالصغير أي بالولد الصغير وليس المراد الابن الصغير. قوله: (وفي جواز إقراره) أي مجهول
الحال. قوله: (والعصبة) المراد جنس العصبة أي غير الابن بدليل تقدمه في قوله إن ورثه ابن ومفهوم
العصبة أنه لو أقر لها مع الإناث فقط سواء كانت بنتا أو بنات، فالاقرار صحيح إلا أن تنفرد بالصغيرة
فالإناث كالذكور فلو قال المصنف أو جهل وورثه ولد أو أولاد إلا أن تنفرد بالصغير كان أحسن لشموله.
قوله: (فإن انفردت الخ) أي بأن ورثه مع العصبة إناث صغار منها لم يصح إقراره لها اتفاقا سواء كانت
الكبار منها ومن غيرها أو من غيرها فقط. قوله: (نظرا لعقوقه) أي فكأنه أقر لأبعد مع وجود أقرب.

400
قوله: (نظرا لمساواته لغيره في الولدية) أي والاقرار لاحد المتساويين الوارثين باطل. قوله: (نظرا
لمساواة ولدها لغيره في الولدية) أي فقد وجد شرط صحة الاقرار لها وهو إرث ابن. قوله: (أو لان الخ)
أي أو أقر لشخص مقول في شأنه إن من لم يقر له أبعد منه وأقرب منه فهو عطف في المعنى على
قوله للولد العاق أو أن المعنى كإقراره للولد أو للمتوسط قاله شيخنا. قوله: (ولا الأقرب) أشار الشارح
بتقدير لا إلى أن الواو بمعنى أو لا أنها على حالها وأن المعنى لا إن كان من لم يقر له مساويا وأقرب فلا
يصح إقراره لما علمت من قول الشارح، ويجري الخلاف أيضا الخ إذ عدم صحة الاقرار أحد قولين
متساويين فالاقتصار عليه ليس على ما ينبغي على أن بعضهم اعتمد صحة الاقتصار. قوله: (كأخرني
سنة) أي كما أنه لا يلزم إقرار المريض للمساوي أو الأقرب لا يلزم أيضا إذا وعد بالاقرار إن أخره
وأخره هذا والذي نقله المواق وابن غازي عن الاستغناء هو التعبير بالماضي كأن يقول إن أخرتني
لسنة أقررت لك بما تدعيه علي، فلو عبر المصنف به لفهم عدم اللزوم في المضارع بالأولى انظر بن.
قوله: (ورجع) أي وإذا لم يلزم رجع الخ. قوله: (ولزم حمل). حاصل فقه المسألة أنه إن أقر لحمل بأن
قال في ذمتي كذا الحمل فلانة فلا يخلو إما أن يكون لام الحمل زوج أو سيد مسترسل عليها حين الاقرار أم لا؟
فإن كان لها زوج أو سيد مسترسل عليها حين الاقرار لزم الاقرار للمقر إن ولدته حيا لدون أقل أمد
الحمل من يوم الاقرار للعلم بأنه كان موجودا يوم الاقرار، وإن ولدته لأقل أمد الحمل من يوم الاقرار
وأولى لأكثر من أقل أمده كان الاقرار باطلا لاحتمال وجوده بعد الاقرار وعدم وجوده حينئذ،
وهذا كله إذا كان الحمل حين الاقرار خفيا فإن كان ظاهرا حينه لزم الاقرار ولو أتت به لأكثر من
ستة أشهر من يوم الاقرار وأما إن كانت أم الحمل ليس لها حين الاقرار زوج أو سيد مسترسل عليها
كذا الاقرار لازما إن ولدته لأقصى أمد الحمل فدون من يوم انقطاع الاسترسال عليها فإن ولدته بعد
أكثر أمد الحمل بطل الاقرار. قوله: (إن وطئت) أي إن كان وطؤها ممكنا وقوله مسترسل عليها المراد
أنه ليس به مانع من وطئها بأن كان حاضرا غير مسجون. قوله: (لدون أقله) أشار الشارح إلى أن في
كلام المصنف حذفا والأصل ووضع لأقل من أقله أو لدون أقله. قوله: (بعد ستة أشهر إلا خمسة أيام)
أي من يوم الاقرار. قوله: (فأكثر) راجع لقوله ستة أشهر فهو مرتبط به وذلك كستة أشهر إلا أربعة
أيام أو إلا ثلاثة أو إلا يومين أو ستة كوامل. قوله: (وإلا فلأكثره) أي وهو أربع سنين على
المنصوص هنا فإن جاوز الأكثر لم يلزمه ا ه‍ خش والذي في عبق أن الخلاف في أكثره من
كونه أربعا أو خمسا من السنين جار هنا. قوله: (من يوم) أي والأكثر معتبر من يوم الخ.

401
قوله: (وسوى الخ) أي وإذا أقر لحمل سوى الخ. قوله: (بين توأميه) أي إن وضعا حيين وإلا فللحي منهما
ولا شئ لمن وضع ميتا لأنه لا يصح تملكه. قوله: (وترث الأم) أي أم التوأمين منه أي من المقر به وقوله
حينئذ أي حين إذ قال هو دين لأبيهما. قوله: (الثمن) أي إن كانت زوجة للأب وارثة احترازا عما إذا
حملت منه وأبانها في حال صحته ثم مات بعد وحصل الاقرار قبل الوضع. قوله: (بعلي) أي كعلي ألف لفلان
أو في ذمتي له ألف أو له عندي ألف أو قال أخذت منه ألفا، وأما لو قال أخذت من فندق فلان مائة أو
من حمامه أو من مسجده فليس ذلك إقرارا لفلان صاحب الفندق أو الحمام أو المسجد ولو كتب في
الأرض أي لفلان عندي كذا، وقال اشهدوا علي بذلك لزمه فإن لم يشهد لم يلزمه وأما لو كتب في
صحيفة أو لوح أو خرقة أو نقش في حجر لزمه مطلقا أشهد أم لا ولو كتب في الماء أو الهواء فلا يلزمه
مطلقا ولو أشهد حيث لم يصرح بإقراره ا ه‍ شب. قوله: (ولو زاد) رد بلو قول ابن المواز أنه لا يلزمه شئ
إذا قال إن شاء الله أو إن قضى الله أو إن أراد الله أو إن يسر الله. قوله: (لأنه لما أقر) أي لما نطق بالاقرار.
قوله: (ولان الاستثناء) أي بالمشيئة فمراده اللغوي وهو الاخراج وأداة الشرط مخرجة. قوله: (بخلاف
إن شاء فلان) أي فإذا قال له عندي مائة إن شاء فلان فلا يلزمه شئ ولو قال فلان شئت ذلك أي لأنه خطر
لأنه حين قال ذلك كان مجوزا أن يشاء وأن لا يشاء وقد يقول ظننت أنه لا يشاء. قوله: (فإقرار منه) أي
من المدعى عليه بالملك للمدعي. قوله: (وعليه) أي وعلى المدعى عليه المقر. قوله: (حلف المدعي) أي الذي
هو المقر له. قوله: (في البيع) أي في دعوى المدعى عليه البيع. قوله: (خلاف) هو مبني على الخلاف في اليمين
هل تتوجه في دعوى المعروف أم لا وظاهره جريان الخلاف سواء كان الشئ الذي ادعيت فيه الهبة
في يد المقر أم لا وهناك قول ثالث وهو توجه اليمين على المدعي إن كان المدعى عليه جائزا وإلا فلا
وعليه اقتصر صاحب التحفة. وأعلن أن محل كون دعوى الهبة أو البيع إقرارا بالشئ إذا لم تحصل
الحيازة المعتبرة شرعا فإن مضت مدة الحيازة المعتبرة وقال المدعى عليه أنه باع لي أو وهب لي فإنه يصدق
في ذلك بيمنه ولا يكون هذا إقرارا بالملك للمدعي، ففي ح في آخر الشهادات ما نصه قال ابن رشد إذا
حاز الرجل مال غيره في وجهه مدة تكون الحيازة فيها حاصلة وادعاه ملكا لنفسه بابتياع أو هبة أو
صدقة كان القول قوله في ذلك بيمينه قال ح عقبه وسواء ادعى صيرورة ذلك ملكا من غير المدعي أو
ادعى أنه صار إليه ملكا من المدعي أما في البيع فلا أعلم في ذلك خلافا وأما في الهبة والصدقة ففيه خلاف
انظر بن. قوله: (أو قال وفيته لك) أي أو قال لمن ادعى عليه بحق وفيته لك. قوله: (فإنه إقرار) من المدعى
عليه بالملك للمدعي وعلى المدعى عليه بيان الوفاء. قوله: (أو أقرضتني) أي أو قال له عندك كذا فقال
أقرضتني إياه فهو إقرار بمجرده. قوله: (إن أجابه) أي الآخر فيهما بنعم أو بلى أو أجل وإلا فلا. قوله: (ولا
ينفعه) أي المقر الجحد بعد ذلك أي بعد جواب الآخر واعلم أن هذا القيد الذي هو إجابة الآخر
إنما يحتاج له إذا وقع هذا اللفظ من المقر ابتداء وأما إذا وقع قوله أقرضتني وما بعده جوابا لقول
الطالب لي عندك كذا فلا يحتاج لإجابة الآخر لان هذا اللفظ إقرار مطلقا قال نعم أو لا. قوله: (فليس
بإقرار) أي لأنه لم ينسبه لنفسه. قوله: (فإن لم يقيد به) أي لأنه يمكن أن يكون نفي القضاء
لنفي الدين. قوله: (أو قال نعم أو بلى أو أجل الخ) وذلك لاتفاق معناها في العرف من أنها إذا
أجيب بها النفي فإنها تصيره إيجابا المبني عليه الاقرار، وإن اختلف معناها لغة لان بلى يجاب بها
النفي فتصيره موجبا أي أنها توجب الكلام المنفي أي تصيره موجبا بعد أن كان منفيا وأما نعم فإنها
تقرر ما قبلها من إيجاب أو نفي وكذا أجل. قوله: (جوابا) أي حالة كون الأقوال الثلاثة أو الستة

402
وهي قوله ساهلني وما بعده جوابا لا ليس لي عندك كذا. قوله: (وهو راجع الخ) أي قوله أليس لي
عندك كذا راجع الخ. قوله: (أو أنظرني) أي أو لست منكرا لها أو أرسل رسولك يأخذها. قوله: (لا بقوله
للمدعي أقر الخ) فإذا قال له لي عندك كذا فقال أقر لك بها فهو وعد بالاقرار لا إقرار وأما إذا قال لا أقر
بها فليس إقرارا قطعا ولا وعدا به وأما إذا قال له لي عليك مائة فسكت فقد ذكر ح الخلاف في كون
السكوت إقرارا أوليس بإقرار، وأن الأظهر أنه ليس بإقرار وذكر ح أن مما ليس إقرارا إذا قال له لي
عندك عشرة فقال وأنا الآخر لي عندك عشرة وهو مستغرب إلا أن يقال أن معناه وأنا أكذب عليك
بأن لي عندك عشرة كما كذبت علي بمثل ذلك. قوله: (فليس بإقرار) أي ويحلف وسواء كان فلان كبيرا
أو صغيرا إلا أن يكون ابن شهر فإنه حينئذ كالعدم وهو كالعجماء في فعله فيؤاخذ المقر بإقراره
كقوله علي أو على هذا الحجر أو علي أو على هذه الدابة. قوله: (فليس بإقرار) أي إن جمع بين اللفظين أو
اقتصر على ثانيهما وكذا على أولهما إن حلف أنه لم يرد الاقرار بذلك بل الانكار والتهكم. قوله: (وفي قوله)
أي جوابا للطالب الذي قال له اقضني العشرة التي عندك. قوله: (أو اسأل من ذكر) أي أو حتى
تأتيني فائدة أو ربح. قوله: (تدل على أن مراده الاقرار أو عدمه) أي وإلا كان
إقرارا اتفاقا في الأول وغير إقرارا اتفاقا في الثاني. قوله: (فإقرار قطعا) أي وأما أشك أو أتوهم أو في شكي أو وهمي فلا يلزمه إقرار
اتفاقا وعلى ما أفاده النقل تكون الأقسام ثلاثة قسم يكون إقرارا قطعا وهو فيما أعلم وفي علمي وقسم
ليس إقرارا قطعا وهو فيما أشك أو أتوهم أو في شكي أو وهمي وقسم فيه الخلاف وهو فيما أظن أو في ظني
هذا. وما قاله الشارح تبعا لعبق وعج من أن مفاد النقل أنه لا خلاف فيما أعلم أو في علمي فقد رده طفي
بأن التعليق بالعلم فيه شائبة الشك ولذا لا يكتفي به في أيمان البت وحينئذ فالخلاف مطلق انظر بن.
قوله: (إن نوكر) أي المقر. قوله: (فقال للمدعي بل من ثمن عبد) أي منكرا أنها من ثمن خمر. قوله: (أقر
بعمارة ذمته) أي فيعد قوله بعد ذلك من ثمن خمر ندما وظاهر كلام المصنف أنه لا يراعي حال المقر من
كونه يتعاطى الخمر أم لا بحيث يقال إن كان يتعاطى الخمر صدق ولا يلزمه الاقرار وإن كان لا يتعاطاه
فلا يصدق بل متى نوكر لزم الاقرار ولا يصدق في دعواه أنها من ثمن خمر مطلقا. قوله: (ويحلف المقر
له) أي إذا ناكر سواء كان مسلما أو ذميا أنها ليست ثمن خمر ويأخذ الألف. قوله: (فإن نكل لم يلزم
الاقرار) هذا إذا كان المقر له مسلما فإن كان ذميا كان له قيمة الخمر. قوله: (كما إذا لم يناكر) أي كما لا يلزم
الاقرار إذا لم يناكر المقر له المقر بل صدقه وهذا إذا كان المقر له مسلما فإن كان ذميا كان له قيمة الخمر
مثل ما إذا ناكر ونكل عن اليمين. قوله: (ويعد قوله ولم أقبضه ندما) إن قيل قد تقدم أنهما إذا اختلفا
في قبض المثمن فالأصل بقاؤه وحينئذ فلا يكون وقوله ولم أقبضه ندما قلت أن الاقرار بالثمن في ذمته
كالاشهاد به في ذمته وقد سبق للمصنف وإشهاد المشتري بالثمن مقتض لقبض مثمنه. قوله: (كدعواه
الربا) تشبيه في لزوم الاقرار وحاصله أنه إذا ادعى عليه بألف فأقر بها وقال عقب إقراره هي من ربا
وأقام بينة على أن المدعي راباه في ألف فلا تفيده تلك البينة شيئا ويلزمه الألف التي أقر بها. قوله: (ولا
تنفعه البينة) أي لعدم تعيينها المال الخ. قوله: (فلا يلزمه القدر الزائد على رأس المال) أي
ويلزمه رأس المال فقط فإن اختلفا في قدره ولا بينة لواحد منهما كان القول قول المقر لأنه غارم.

403
قوله: (أو قال اشتريت منك خمرا بألف) أي أو قال لمن طلب منه حقا عليه اشتريت منك خمرا بألف أو
عبدا ولم أقبضه. قوله: (وفيه بحث) هذا البحث للمصنف في التوضيح، وحاصله أن قولهم في التعليل
الشراء لا يوجب عمارة الذمة إلا بالقبض ممنوع لأن الضمان من المشتري بمجرد العقد وحينئذ فذمته
تتعمر بمجرد العقد ولا تتوقف عمارتها على القبض. قوله: (أو قال أقررت بكذا وأنا صبي) أي أو نائم
فلا يلزمه شئ حيث قاله نسقا ولم تكذبه البينة وكذا إذا قال أقررت بكذا قبل أن أحلف حيث قاله
نسقا لان هذا خارج مخرج الاستهزاء، فلو قال أقررت بألف ولم أدر أكنت صبيا أو بالغا لم يلزمه شئ
حتى يثبت أنه بالغ لان الأصل عدم البلوغ بخلاف ما لو قال لا أدري أكنت عاقلا أم لا فيلزمه لان
الأصل العقل حتى يثبت انتفاؤه هذا ما استظهره ح. قوله: (أو أقر) أي بأن الكتاب لفلان اعتذارا لمن
سأله إعارته أو شراءه. قوله: (وكان السائل ممن يعتذر له ككونه ذا وجاهة) أي يستحيا منه أو يخاف منه.
وحاصل ما ذكره الشارح أنه إذا أقر اعتذارا فإن المقر له لا يأخذه إلا ببينة تشهد له بملكه قبل الاقرار
بشرط أن يكون السائل ممن يعتذر له، فإن كان ممن لا يعتذر له لرذالته فإن المقر له يأخذه بغير بينة، وقد
تبع الشارح في هذا القيد الشيخ أحمد الزرقاني واعترضه طفي بأن الذي في السماع وابن رشد الاطلاق
فمتى أقر اعتذارا فلا يأخذه المقر له إلا ببينة كان السائل ممن يعتذر له أم لا ولا يتوقف ذلك على ثبوت
الاعتذار فلا يلزمه وإن لم يدعه بأن مات كما يفيده نقل المواق ا ه‍ بن. قال عج وقد يقول الرجل
للسلطان هذه الأمة ولدت مني وهذا العبد مدبر لئلا يأخذهما فلا يلزمه ولا شهادة فيه ومثله ما يقول
الانسان حماية كأن يقول صاحب سفينة أو فرس عند إرادة ذي شوكة أخذها أنها لفلان ويريد شخصا
يحمي ما ينسب إليه فإنه لا يكون إقرارا له. قوله: (أو ذما) أي مثل قبح الله فلانا أقرضني مائة وضيق على
حتى وفيته أو أقرضني فلان مائة وضيق علي حتى قضيته لا جزاه الله عني خيرا. قوله: (وصوب ابن يونس
منه) أي من الخلاف عدم لزوم الاقرار أي خلافا لمن قال أن قوله في الذم حتى قضيته يعد ندما ويلزمه
الاقرار. قوله: (لجرى على قاعدته الأكثرية) أي من رجوع القيد لما بعد الكاف فإن أقر بقرض لا على
وجه الشكر ولا على وجه الذم ففيه تفصيل بين القرب والبعد فإن أقر أنه كان تسلف من فلان الميت
مالا وقضاه إياه فإن لم يطل الزمان من يوم المعاملة ليوم الموت لم ينفعه قوله قضيته إلا أن تقوم له بينة
وإن كان زمان ذلك طويلا حلف المقر وبرئ. قوله: (وقبل أجل مثله) حاصله أنه إذا ادعى عليه
بما حال من بيع فأجاب بالاعتراف وأنه مؤجل فإن كان العرف والعادة جارية بالتأجيل له كان
القول قول المقر بيمينه، وإن كانت العادة عدم التأجيل أصلا كان القول قول المقر له بيمينه وإن لم يكن
عرف بشئ فإن ادعى المقر أجلا قريبا يشبه أن تباع السلعة له كان القول قول المقر بيمينه وإن ادعى
أجلا بعيدا مستنكرا فإنه لا يصدق والقول قول المقر له بيمينه وهذا إذا فاتت السلعة فإن كانت
قائمة تحالفا وتفاسخا ولا ينظر لشبه ولا لعدمه، هذا محصل الفقه. وظاهر المصنف أنه لا ينظر
للعرف وأنه متى ادعى المقر أجلا يشبه أن تباع السلعة لمثله بالدين كان القول قوله بيمين ولو
كان العرف عدم التأجيل وليس كذلك إذ العمل بالعرف أصل من أصول المذهب فينبغي
أن يحمل كلام المصنف على ما إذا لم يجر العرف بشئ. قوله: (أجل مثله) أي مثل ذلك الدين
الذي ادعى به. قوله: (فإن اتهم المبتاع) أي في الاجل الذي ادعاه بأن كان بعيدا مستنكرا. قوله: (لا في
قرض) حاصله أنه إذا ادعى عليه بمال حال من قرض فأجاب بالاعتراف وأنه مؤجل

404
فالقول قول المقر له بيمينه لان الأصل في القرض الحلول ولا يعمل بقول المقر أنه مؤجل ولو ادعى
أجلا قريبا وهذا إذا لم يكن عرف وإلا عمل به. قوله: (وقيل لا فرق بين البيع والقرض) أي في قبول
قول المقر بيمينه إن ادعى أجلا قريبا. قوله: (بل قبوله) أي قول المقر إذا ادعى أجلا قريبا في القرض
أقرب الخ. قوله: (هو ما في المدونة) أي وما قاله ابن عرفة مجرد بحث وإن ارتضاه ح. قوله: (وقبل
تفسير ألف) أنه إذا قال لفلان علي ألف ودرهم أو له ألف وعبد أو ألف وثوب ونحو ذلك وأبهم
في الألف فإنه يقبل تفسير الألف بأي شئ ذكره سواء فسره بألف دينار أو درهم أو جديد أو ثوب
أو حمار ولا يكون المعطوف مفسرا للمعطوف عليه. قوله: (إذا قال ذلك نسقا) أي فإذا قال ذلك نسقا
قبل قوله ولا يلزمه إلا الخاتم دون الفص وأما إذا قال فصه لي أو ولدها لي بعد مهلة فإنه لا يصدق في أن
الفص أو الولد له ويأخذ المقر له الخاتم بفصه والجارية مع ولدها. قوله: (كغصبت منه) أي من فلان.
قوله: (وفصه لي) أي والحال أنه قال ذلك نسقا. قوله: (فقولان) أي في تصديقه في الغصب وعدم
تصديقه فيه. قوله: (قبوله) أي قبول قوله في أن الفص له. قوله: (لا بجذع الخ) حاصله أنه إذا قال لفلان
حق أو قدر أو شئ من هذه الدار أو من هذه الأرض أو فيها ثم فسر ذلك الحق أو القدر بجذع أو بباب
منها فلا يقبل ذلك التفسير منه ولا بد من تفسيره بجزء من الدار أو الأرض كالربع أو الثمن أو النصف،
ولا فرق بين من وفي علي الأحسن عند المصنف كما هو قول سحنون، وقال ابن عبد الحكم يقبل التفسير
بالجذع والباب عند التعبير بفي لأنها للظرفية ولا يقبل عند التعبير بمن ولا بد من تفسيره بجزء لان من
للتبعيض. قوله: (أو من هذه الأرض) يعني شئ أو حق أو قدر. قوله: (أي كما لا يقبل تفسيره) أي للشئ
والحق والقدر في الدار والأرض بالجذع والباب إذا قال الخ. قوله: (إذا قال له في هذه الخ) أي له في هذه
الدار أو في هذه الأرض حق أو شئ أو قدر. قوله: (مما ذكر) أي من الدار أو من الأرض. قوله: (وسواء
قال عظيم أم لا) نحوه لبعض الشراح وفي ابن الحاجب أنه إذا قال عندي مال عظيم فيه خمسة أقوال
نصاب الزكاة نصاب السرقة يلزمه زيادة على النصاب اللازم له في الاقرار بالمال المطلق الذي لم يقيد
بعظيم ويرجع في تلك الزيادة لتفسيره تلزمه الدية والخامس يؤمر بتفسيره ويلزمه ما فسر به.
قوله: (أي من مال المقر) أي ولا ينظر لمال أهل المقر له عند التحالف فإن كان المقر من أهل الذهب لزمه
نصاب من الذهب وإن كان من أهل الفضة لزمه نصاب منها وإن كان من أهل الماشية لزمه نصاب
منها وإن كان من أهل الحب لزمه نصاب منه فلو كان عنده الذهب والفضة والإبل والبقر
والغنم والحب أو ثلاثة مثلا من ذلك لزمه أقل الأنصباء قيمة لان الأصل براءة الذمة
فلا تلزم بمشكوك فيه ولذا لو قال له علي نصاب لزمه نصاب السرقة لأنه المحقق إلا أن يجري
العرف بنصاب الزكاة وإلا لزمه وهذا كله على أن المراد بالنصاب نصاب الزكاة. قوله: (والمراد الخ)
أي لان الله تعالى أطلق المال على نصاب الزكاة فقال: * (خذ من أموالهم صدقة) * فعني بالأموال
النصابات والقول بلزوم نصاب الزكاة هو المعتمد خلافا لمن قال يلزم المقر بالمال نصاب السرقة وهو
ربع دينار أو ثلاثة دراهم أو ما يساوي ذلك من العروض وخلافا لمن قال يلزم بتفسيره.
قوله: (والأحسن) أي على ما في كتاب ابن سحنون تفسيره فلا كلام ويلزمه ما فسر به من
قليل أو كثير فإن أبى سجن حتى يفسره. قوله: (ولو بقيراط أو حبة أو درهم) فإن ادعى المقر
له أكثر مما فسر به حلف المقر فإن نكل حلف المقر له واستحق ما حلف عليه هذا كله على القول

405
بلزوم تفسيره المال وقد علمت أنه ضعيف فإن تعذر التفسير على هذا القول بأن مات المقر قبله فالظاهر
أنه يقبل قول المقر له بيمين. قوله: (مشهورا) أي قولا مشهورا ومقابله بطلان الاقرار من أصله.
قوله: (ولو بأقل من واحد) كذا قال ابن عرفة خلافا لقول ابن عبد السلام وتبعه في التوضيح
لا يفسر إلا بواحد كامل فأكثر ومحل حلف المقر إن ادعى المقر له أكثر مما فسر به فإن نكل حلف
المقر له واستحق ما حلف عليه. قوله: (للتفسير) أي لتفسير الشئ وكذا بدون مميز وإذا حبس للتفسير
فلا يخرج من السجن حتى يفسر. قوله: (وكعشرة ونيف) أي فإذا قال علي عشرة من الدراهم ونيف فإنه
يقبل تفسيره النيف وقوله ولو بواحد فقط أي أو بأقل من واحد أو بأكثر منه ومثل ما إذا عطف
النيف كالمثال ما إذا أفرده كما إذا قال له نيف من الدراهم فيلزمه تفسيره ويقبل تفسيره له بدرهم كامل
وبأقل وبأكثر وقيل لا يقبل في تفسير النيف الكسر مطلقا سواء أفرد أو عطف. قوله: (ما زاد على
العقد) أي من جنس الكامل كما قيل وقيل أنه مطلق ما زاد على العقد ولو كسرا وعلى هذا فيقبل
منه تفسير النيف بالأقل من الواحد الكامل لا على الأول. قوله: (بالكسر) أي بكسر الباء.
قوله: (وسقط شئ الخ) حاصله أنه إذا قال له علي عشرة وشئ أو مائة وشئ أو ألف وشئ فإن الشئ
الزائد على الجملة يسقط لأنه مجهول. قوله: (بقرينة ما يأتي) أي أن ما يأتي قرينة على أن فاعل سقط ضمير
الشئ لا ضمير الاقرار. قوله: (وكذا إذا قدم شئ) أي بأن قال له عندي شئ ومائة وقد يقال إنه يعكر
على هذا قول بن وجه السقوط في له علي مائة وشئ مثلا كما يفيده ابن عبد السلام والتوضيح أن
العرف إنما يقال مائة وشئ إذا أريد تحقيق المائة أي أنها مائة كاملة كما يقال فلان رجل ونصف أي
كامل في الرجولية فإذا لم يكن عرف بذلك فلا يسقط ووجب تفسيره ا ه‍ وظاهر أنه لا يتأتى إلا في
تأخير شئ لا في تقديمه فتأمل. قوله: (بخلافه مفردا) أي بخلاف ما إذا قال له علي شئ مفردا فإنه يجب
عليه تفسيره كما أنه لو قال له علي عشرة إلا شئ اعتبر الشئ وطولب بتفسيره. قوله: (وقيد ابن الماجشون
السقوط) أي سقوط الشئ بما إذا تعذر سؤاله، وأما إذا لم يتعذر سؤاله فلا بد من تفسيره وهو مخالف
لظاهر المصنف وابن الحاجب وابن شاس من السقوط مطلقا ولو وجد المقر وأمكن تفسيره وإن
كلام ابن الماجشون مقابل لا تقييد. قوله: (لزمه عشرون) أي عند ابن عبد الحكم وقال سحنون
لا أعرف ذلك ويقبل تفسيرها أي كذا سواء كانت مفردة ونصب تمييزها أو رفع أو خفض
أو كررت بدون عطف أو مع عطف وهو أليق بأصول المذهب لبناء الاقرار على العرف وأكثر
الناس لا يعرف ما ذكر ا ه‍ بن. قوله: (ويلغى المشكوك) أي لان الأصل براءة الذمة منه لكن
يحلف عليه إن ادعى المقر له أكثر من العشرين. قوله: (لزمه مائة) أي لان كذا كناية عن عدد
وأقل عدد يميز بالمفرد المجرور المائة لكن المعول عليه كما قرر شيخنا لزوم واحد لأنه الجاري
على عرف الاستعمال وإن خالف مقتضى اللغة والقاعدة أنه إن وافق العرف اللغة فذاك وإن
تخالفا فإن فسر المقر كلامه بما يوافق العرف قبل منه وإلا لم يقبل. قوله: (لزمه ثلاثة) أي لان
أقل عدد يميز بالجمع مجرورا الثلاثة. قوله: (وهذا) أي لزوم العشرين إذا نصب الدرهم المميز
لكذا ولزوم الواحد إذا رفعه أو وقف بسكون الميم ولزوم المائة إذا خفضه ولزوم الثلاثة إذا جمعه
وقوله إذا كان أي المقر نحويا. قوله: (لان العرف ليس جاريا على قانون اللغة) ألا ترى أنه لو قال
كذا درهم بالجر العرف يلزمه درهم واحد ومقتضى اللغة يلزمه مائة. قوله: (أحد وعشرون) فلو

406
كرر كذا ثالثة فاستظهر التأكيد. قوله: (أحد عشر) فإن جر التمييز فثلثمائة كما قال ابن معطي وقد علمت
أن أصل سحنون التفسير في جميع ما ذكر وهو أليق بالعرف. قوله: (وفي قوله له علي بضع لزمه ثلاثة)
أي لان البضع من ثلاثة لتسعة فيلزمه المحقق. قوله: (أو دراهم) أي لو قال له علي دراهم لزمه ثلاثة
لان دراهم وإن كان جمع كثرة إلا أن الصحيح مساواته لجمع القلة في المبدأ والذمة لا تلزم إلا
بمحقق والمحقق من الجمع ثلاثة وأيضا محل افتراق مبدئهما على القول به حيث كان لكل صيغة
وإلا استعمل أحدهما في الآخر. قوله: (وكثيرة) أي إذا قال له عندي دراهم كثيرة فالمشهور أنه يلزمه
أربعة دراهم كما قال ابن عبد الحكم وقيل يلزمه تسعة لان ذلك تضعيف لأقل الجمع ثلاث
مرات وقيل يلزمه نصاب الزكاة. قوله: (على ثاني مراتبها) وهو الخمسة أي لا على أول مراتبها
وهو الأربعة وإلا لزم التناقض لأنه يصير نافيا لها بقوله لا كثيرة ومثبتا لها ثانيا بقوله
ولا قليلة لان ولا قليلة تحمل على أول مراتب القلة وهو ثلاثة، وهذا يستلزم ثبوت الكثرة بالأربعة فلو جعل نافيا لها
لزم التناقض وأفعال العقلاء تصان عن مثل هذا. قوله: (كما في عرف مصر) أي فإن المتعارف فيها أن
الدرهم اسم للجدد النحاس وعرف الشام أن الدرهم من الفضة ما يعد له ستة جدد من الفلوس النحاس.
قوله: (وإلا فالشرعي يلزمه) أي وهو من الفضة وزن خمسين وخمسي حبة من الشعير المتوسط وما
ذكره من لزوم الشرعي عند عدم العرف نحوه لابن الحاجب ابن عرفة هو قول ابن شاس تبعا لوجيز
الغزالي ولا أعرفه لأهل المذهب، ومقتضى قول ابن عبد الحكم وغيره أن الواجب ما فسر به المقر
مع يمينه إن خالفه المقر له وادعى أكثر انظر المواق وابن غازي ا ه‍ بن. قوله: (قبل غشه ونقصه)
أي قبل قوله مغشوش وناقص سواء جمعهما أو اقتصر على أحدهما فلا يلزمه درهم خالص أو
كامل ويقبل تفسيره في قدر النقص وظاهر الشارح أن الضمير للدرهم وهو ظاهر في الشرعي
وكذا في المتعارف إن كان النقص والغش يجريان فيه ويحتمل أن الضمير للمقر به أعم من أن يكون
درهما أو غيره. قوله: (إن وصل ذلك) أي قوله ناقص أو مغشوش وقوله بإقراره أي بقوله له على درهم.
قوله: (كعطاس) أي أو تثاؤب أو انقطاع نفس أو إغماء. قوله: (بخلاف فصل بسلام) أي وأولى لو
فصله لا بشئ أصلا فلا يقبل قوله مغشوش ولا ناقص وهذا في إقرار بغير أمانات وأما بها فإنه يقبل
دعواه الغش والنقص وإن لم يصل على الراجح كما قال الناصر نحو له عندي درهم وديعة ووقف ثم
قال مغشوش أو ناقص لان المودع أمين. قوله: (حيث لم يجر عرف بخلافه) كأن يكون قوله درهم تحت
درهم معناه درهم في مقابلة درهم أخذته منك وإلا كان اللازم درهما واحدا. قوله: (وهو ما تقدم بل)
أي ما تقدم على لفظ بل. وحاصله أنه إذا قال له علي درهم لا بل ديناران فإن الدرهم يسقط ويلزمه
الديناران وذلك لان بل نقلت حكم الأول للثاني ولا للتأكيد على مذهب جمهور النحاة واختاره
ابن مالك وعند غيرهم أن لا لنفي ما قبلها وبل لاثبات ما بعدها قاله شيخنا. واعلم أنه إذا أضرب لأزيد
من المقر به أولا كالمثال سقط المقر به أولا مطلقا سواء وصل الاضراب بالمقر به أولا أو لا، وأما
إذا أضرب لأقل كما لو قال له علي دينار بل درهم أو له علي درهم بل نصفه فلا يسقط عنه الأول إلا
إذا وصل كما في المواق عن سحنون، وأما إذا أضرب لمساو كما إذا قال له علي دينار بل دينار فانظر هل
يلزمه أحد المتعاطفين فقط لحمل الصيغة على شبه التكرار اللفظي لعدم وجود حقيقة الاضراب
فيهما أو يلزمه المتعاطفان وهو الظاهر لان بل حيث أضرب بها لمساو كالفاء والواو في كونها لمجرد

407
العطف من غير اعتبار إضراب. قوله: (على أنها بيانية) اعترضه شيخنا بأن شرطها اختلاف اللفظين
إذ متى اتحد لفظ المضاف والمضاف إليه منعت باتفاق البصريين والكوفيين فالصواب أن الإضافة
للسبب أي أنها من إضافة المسبب للسبب فتأمل. قوله: (في الصورتين) أي وهما على درهم درهم
ودرهم بدرهم وقوله ما أرادهما أي ما أراد الدرهمين. قوله: (كإشهاد) أي من المقر في ذكر بخطه أو أمر
بكتابته. وحاصله أن المقر إذا كتب وثيقة بخطه أن لفلان عندي مائة دينار أو أمر بكتابتها
وأشهد على ما في تلك الوثيقة ثم كتب أو أمر بكتابة أخرى بمائة دينار وأشهد على ما فيها الشاهدين
الأولين أو غيرهما فيلزم ذلك المقر مائة واحدة وتعد الثانية توكيدا للأولى ويحلف المقر ما أرادهما
وهذا إذا لم يذكر سببهما كما صورنا أو ذكره وكان متحدا، كما إذا كتب في كل من الورقتين له عندي
مائة من بيع أو من قرض والموضوع اتحاد المكتوب في الوثيقتين قدرا ونوعا كمائة ريال أو محبوب.
قوله: (فيلزمه مائة واحدة) أي وتعد الثانية توكيدا للأولى. قوله: (فإن اختلفا سببا) بأن كتب في
واحدة له عندي مائة ريال من بيع وفي الثانية مائة ريال من قرض. قوله: (أو قدرا) كما لو كتب في وثيقة
مائة ريال وفي الثانية مائتا ريال. قوله: (أو نوعا) كما لو كتب في وثيقة مائة ريال وفي الثانية مائة محبوب.
قوله: (لزمه المائتان) الأولى لزمه ما في الوثيقتين معا لأنه في مسألة اختلاف ما في الوثيقتين قدرا اللازم
له أكثر من مائتين. قوله: (وما مشى عليه المصنف) أي من أنه إذا أشهد على ذكر بمائة وعلى ذكر آخر
بمائة يلزمه مائة واحدة. قوله: (والمذهب لزوم المائتين) يمكن أن يخرج كلام المصنف على المذهب بأن
يحمل كلامه على أن كلا من الذكرين كتبه المقر له وأشهد على ما فيه بأن أقر المقر بمائة ولم يكتبها ولم
يأمر بكتبها في مجلس ثم كذلك في مجلس ثان فكتب المقر له وثيقتين وقال للحاضرين في المجلس
اكتبوا شهادتكم في هذه الوثيقة على ما سمعتم، وعلى هذا المعنى قرر عبق كلام المصنف حيث
قال كإشهاد من المقر له في ذكر أي وثيقة كتبها لنفسه بمائة وفي ذكر آخر بمائة بخط المقر له أيضا
فيلزم المقر واحدة. قوله: (أموال) أي لا مال واحد ومن أقر بمائتين لشخص لزماه. قوله: (كما إذا أقر
عند قوم الخ) أي أنه إذا أقر في مجلس بمائة وشهد عليه بها ولم يكتب ولم يأمر بالكتب ثم أقر في
مجلس آخر بمائة كذلك من غير كتب ولا أمر به لزمه مائة واحدة بمنزلة ما إذا كان الذكران بخط
المقر له. قوله: (بمائة وبمائتين) أي وكإشهاد في ذكر بمائة وفي ذكر آخر بمائتين وكلاهما بخط المقر
لزمه الأكثر هذا ظاهر المصنف كابن الحاجب وأنكر ابن عرفة ذلك قائلا ما لابن الحاجب من لزوم
مائة في المسألة الأولى والأكثر في الثانية لا أعرفه في المذهب، والمعروف لزوم مائتين في الأولى
وثلاثمائة في الثانية، لان الأذكار إذا كتبها المقر أو أمر بكتبها أموال باتفاق ابن القاسم وأصبغ وقد
حمل الشيخ عبق كلام المصنف، على أن كلا من الذكرين بخط المقر له من غير أن يأمر المقر بكتبهما
وشارحنا هنا حمل كلام المصنف على الاقرار المجرد عن الكتابة لأجل التخلص من اعتراض
ابن عرفة. قوله: (بلا كتابة فيهما) أي من المقر ولا بأمر منه بالكتابة. قوله: (مطلقا) أي
تقدم الاقرار بالأقل أو بالأكثر. قوله: (القول الذي مشى عليه المصنف) أي من أن
الأذكار إذا كتبها المقر أو أمر بكتابتها تكون مالا واحدا وأنه يلزمه في المسألة الأولى مائة
وفي الثانية الأكثر. قوله: (قول ابن القاسم) مقابل للمعتمد أي الذي وافقه أصبغ عليه من أن
الأذكار إذا كتبها المقر أو أمر بكتابتها أموال لا مال واحد. والحاصل أن المقر إذا كتب
الوثيقتين أو أمر بكتبهما وأشهد على ما فيهما ولم يبين السبب أو بينه فيهما وكان متحدا فالمعتمد

408
أنه يلزمه ما في الوثيقتين سواء اتحد القدر أو اختلف، وأما الاقرار المجرد عن الكتابة أو المصاحب
لكتابة المقر له إذا تعدد، فإن كان المقر به أولا وثانيا متحد القدر لزمه أحد الاقرارين، وإن كان مختلف
القدر لزمه الأكثر منهما على المعتمد. قوله: (لزمه الثلثان منها فأكثر) هذا هو المعتمد وقيل إنما يلزمه
الثلثان منها فقط. قوله: (بالاجتهاد من الحاكم في تلك الزيادة) أي بالنسبة لعسر المقر ويسره. قوله: (وصدق
بيمينه) أي صدق في أن هذا مراده وإن نازعه المقر له وادعى أكثر مما فسر به بيمينه ومحل حلفه إن
حقق عليه الدعوى وأما إن اتهمه ففي توجه اليمين عليه قولان والمعتمد عدم توجه يمين التهمة.
قوله: (إن فسر بأكثر الخ) أي وإنما يصدق في أن هذا مراده إن فسر بأكثر الخ. قوله: (وهو) أي القول
بلزوم عشرة لكن بيمين قول ابن عبد الحكم وقوله وهو الصواب أي وأما القول بلزوم عشرين وهو ما مشى
عليه ابن الحاجب فقد قال ابن عرفة لا أعرفه لكنه موافق لعرفنا الآن بالمعية. قوله: (أو يلزمه مائة)
أي وهو قول سحنون. قوله: (هل تلزمه عشرة) أي بيمين وقوله أو مائة أي من غير يمين. قوله: (ولزوم
العشرة فقط) أي كما قال ابن عبد الحكم. قوله: (عارفين بعلم الحساب) أي بأن كانا معا أو أحدهما لا يعرف
علم الحساب. قوله: (وإلا) أي وإلا بأن كانا معا يعرفانه لزمه المائة اتفاقا وبحث شيخنا العدوي في ذلك
بأنه لا يلزم من معرفة الحساب مراعاته إلا أن يقيد كلام الشارح بما إذا كانت محاورتهما مبنية عليه
فيكون من قبيل تعليق الحكم بمشتق. قوله: (لزمه المظروف) أي ويقبل تفسيره للثوب والزيت. قوله: (إشارة
إلى أنه لا فرق الخ) خلافا لمن قال الخلاف إنما هو إذا كان المظروف يستقل بدون ظرفه كالثوب
وأما إذا كان لا يستقل بدون ظرفه كالزيت فإن الظرف يلزم اتفاقا كالمظروف وأما لو قال له عندي
صندوق وعينه بالإشارة لشخصه أو بوصفه فهل يكون له ما فيه أو لا؟ قولان: وعلى الأول إن قال وما فيه
لي فهو كمسألة له عندي خاتم وفصه لي فيقبل قوله إن كان نسقا ولو أقر شخص بأرض تناول الاقرار ما فيها
من بناء وشجر، وإذا أقر بما في الأرض من بناء وشجر دخلت الأرض فالاقرار كالبيع كما يفيده تت بل ربما
يقال إنه أولى من البيع بهذا الحكم وهو التناول لخروجه على غير عوض فيتسامح فيه. قوله: (لا يلزمه
الظرف) أي اتفاقا لأنه لا ينتقل وإنما تلزمه الدابة ويقبل تفسيره لها. قوله: (بقطع الهمزة) أي لأنه ليس
من الأسماء التي تبدأ بهمزة الوصل المشار لها بقول الخلاصة:
وفي اسم است ابن ابنم سمع * واثنين وامرئ وتأنيث تبع
قوله: (في غير الدعوى) المراد بالدعوى الطلب وإن لم يكن عند حاكم أي كأن قال ابتداء من غير
تقدم طلب له عندي كذا إن حلف فحلف لم يلزمه شئ. قوله: (فإن كان حلفه بعد تقدم
طلب منه الخ) أي بأن قال له لي عليك عشرة فائتني بها فقال له إن حلفت عليها دفعتها لك فإذا
حلف أن له عنده عشرة لزمه دفعها له ومطالبة وكيل رب الحق كمطالبته ثم إذا قال له احلف
وخذ في مسألة الدعوى أي تقدم الطلب ليس له الرجوع ولو قبل حلفه ولا يعتبر رجوعه كما في تت
عن ابن عرفة وأما لو قال له احلف علي كذا وخذه من غير سبق دعوى أي طلب فله الرجوع ولا يلزمه
شئ لو حلف كما مر. قوله: (لزمه) أي ما حلف عليه في الصورتين ومثله الضمان احلف وأنا

409
ضامن أنظر ح. قوله: (لم يلزمه شئ) أي لمجرد ذلك القول كان فلان عدلا أو غير عدل لأنه غير إقرار
خلافا للشافعية وأما الشهادة فيعمل بها إن كان فلان عدلا ولا يعمل بها إن كان غير عدل. قوله: (لأنه
يوهم خلاف المراد) وذلك لأنه يوهم أنه إذا كان عدلا فإنه يكون إقرارا وليس كذلك وأشار الشارح
بقوله لا إن شهد فلان الخ إلى أن غير العدل منصوب على الحال من مقدر مع عامله أي لا إن شهد فلان
غير العدل، ولا يصح كونه حالا من فلان المذكور لان هذا ليس من مقول المقر ولا رفعه على أنه صفة
لفلان لان فلانا يكنى به عن المعرفة فهو معرفة وغير نكرة واتفاق الصفة والموصوف في التعريف
والتنكير واجب ولا على أنه بدل من فلان المذكور لأنه يقتضي أنه إذا كان عدلا كان إقرارا وليس
كذلك. تنبيه: قد علم أنه إذا قال له علي كذا إن شهد به فلان لم يلزمه شئ وأما لو قال إن
حكم به فلان فتحاكما إليه فإنه يلزمه ما حكم به سواء كان عدلا أو غير عدل بشرط أن يكون حكمه على
مقتضى الشرع بأن كان مستندا لبينة أو شاهد ويمين وإلا فلا لأنه يقول ما ظننته يحكم باطلا. قوله: (لزمته
الشاة) أي التي أقر بها أو لا. قوله: (وحلف عليها) إنما حلف بتا مع وجود أو لاحتمال أنها
للتشكيك لا للشك أو لاحتمال زوال شكه ولو عكس بأن قال له عندي هذه الناقة أو هذه الشاة لزمه
الناقة وحلف على الشاة أنها ليست للمقر له، ولو قال المصنف وكذا أو كذا لزمه الأول وحلف على
الثاني أي على نفسه أي نفي كونه للمقر له كان أشمل. قوله: (ثم قال لا بل من آخر) مثل ذلك ما لو أسقط لا
بأن قال غصبته من فلان بل من آخر. قوله: (بقيمته) أي إن كان مقوما وتعتبر القيمة يوم الغصب إن علم
وإلا فيوم الاقرار وظاهر المصنف أنه لا يمين على كل من المقر له أولا وثانيا، وهو قول ابن القاسم.
وقال عيسى: إن ادعاه الثاني فله تحليف الأول فإن حلف الأول فكما قال المصنف يقضي به للأول
وبقيمته للثاني. فإن نكل الأول حلف الثاني وأخذ المقر به ولا شئ للأول على المقر ابن رشد، وقول
عيسى تقييد لقول ابن القاسم لا يمين عليهما وإن نكل الثاني فلا شئ له من القيمة لأنه أنكر أن
تكون القيمة له بسبب دعواه أن الذي له نفس الشئ المغصوب ويكون ذلك المقر به شركة بين المقر له
الأول والثاني، كما في عبق وخش، لتساويهما في النكول وتعقبه بن بأن الظاهر أنه للأول خاصة لان نكول
الثاني تصديق للناكل الأول المبدأ باليمين. قوله: (أحد ثوبين) أي أحد هذين الثوبين أو أحد
هذين العبدين. قوله: (حلف إن اتهمه المقر له) فإن لم يتهمه فلا حلف فإن اتهمه المقر له وطلب يمينه
فنكل حلف المقر له وأخذ الأعلى وبقي للمقر الأدنى فإن نكل أيضا فينبغي أن يشتركا فيهما. قوله: (وإلا
يعين بأن قال لا أدري الخ) أي وأما لو امتنع من التعيين مع معرفته فإنه يحبس حتى يعين أو يموت بخلاف
المقر له فإنه إذا امتنع من التعيين مع معرفته، فإنه لا يحبس بل يعطي الأدنى وقوله بأن قال لا أدري أي
عين ما للمقر له وإن كنت أعلم أن له أحدهما. قوله: (حلفا على نفي العلم واشتركا) وكذا يشتركان فيه إذا
حلف أحدهما والموضوع إن كلا قال لا أدري. قوله: (كالعتق والطلاق) أي واليمين بالله والنذر.
قوله: (بشرطه) أي في كونه يصح بشرطه وهو أن يتصل الاستثناء بالمستثنى منه فالفصل بينهما مضر إلا
لامر عارض كسعال وعطاس، وأن ينطق به لكن في غير هذا الباب يكفي النطق به ولو سرا بحركة
لسانه، وأما هنا فلا بد أن يسمع به نفسه لأنه حق لمخلوق ولا بد أن يقصد الاستثناء أي الاخراج
ولا بد أن يكون غير مستغرق للمستثنى منه ولا مساويا له فاستثناء الأكثر أو المساوي باطل ويجوز
استثناء الأكثر من المستثنى منه وإبقاء أقله نحو له علي عشرة إلا تسعة خلافا لعبد الملك وإذا تعدد
الاستثناء فكل واحد مخرج مما قبله، فإذا قال له علي عشرة إلا أربعة إلا اثنين إلا واحدا فالواحد مستثنى
من الاثنين يبقى منهما واحد مستثنى من الأربعة يبقى منها ثلاثة مستثناة من العشرة يبقى سبعة هي

410
المقر بها. قوله: (وصح له الدار) أي التي بيدي أو الدار الفلانية أو هذه الدار. قوله: (والبيت لي) أي
والبيت الفلاني منها لي ونظير هذا المثال هذا الخاتم لفلان وفصه لي على ما مر. قوله: (فإن تعددت
بيوتها ولم يعين) أي البيت الذي له بأن قال هذه الدار لفلان ولي بيت من بيوتها فإنه يؤمر بتعيينه فإن
لم يعين جرى على ما مر. قوله: (كألف من الدراهم الخ) أي كقوله له علي ألف من الدنانير أو الدراهم إلا
عبدا وكذا يصح عكسه نحو علي عبد إلا عشرة دنانير فيقوم العبد وتسقط العشرة من قيمته ويلزم
الباقي من القيمة. قوله: (وسقطت قيمته) أي يوم الاستثناء وبيان ذلك أن يقال للمقر اذكر صفة
العبد فإذا ذكرها قوم على الصفة التي ذكرها وطرحت قيمته من الألف فما بقي فهو المقر به اللازم للمقر
فإن ادعى جهلها فينبغي أن تسقط قيمة عبد من أعلى العبيد لان المقر إنما يؤخذ بالمحقق وهذا في فرض
المصنف وفي عكسه تعتبر قيمة أدنى عبد وتسقط العشرة مثلا منها. قوله: (فإن استغرقت الخ) أي فإن
استغرقت قيمة العبد الألف المقر بها وقوله بطل الاستثناء أي ولزم الألف المقر بها بتمامها. قوله: (طرح
صرفها) أي صرف الدنانير من الدراهم ولزم ما بقي من الدراهم. قوله: (وإن أبرأ) أي شخص فلانا أو
كل رجل وتبطل البراءة مع إبهام المقر له كأبريت رجلا كما قاله شيخنا وقوله وإن أبرأ فلانا أي
بإحدى صيغ ثلاث كما بينها المصنف. والحاصل أنه لا تحصل البراءة مطلقا أي من كل حق مالي أو
بدني إلا إذا وقعت بصيغة من الصيغ الثلاث التي ذكرها المصنف، وأما إن أبرأه بغيرها كأبرأتك
مما عليك فلا يبرأ مطلقا أي من كل حق بل من الدين لا من الأمانة، وإن قال أبرأتك مما معك فإنه يبرأ من
الأمانات لا من الدين، وإذا قال أبرأتك مما عندك برئ من الدين والأمانة عند المازري ومن الأمانة
فقط عند ابن رشد ولا يبرأ من الحقوق البدنية إذا وقعت البراءة بصيغة من هذه الصيغ. قوله: (برئ
مطلقا) ظاهره ولو أقر المبرأ بالفتح بعد الابراء الواقع بعد إنكاره وهو ظاهر كلام ح والذي أفتى
به الناصر اللقاني وأخوه شمس الدين اللقاني أن الاقرار الطارئ بعد الابراء الحاصل بعد
الانكار يعمل به لأنه بمنزلة إقرار جديد فيقيد ما هنا بما إذا لم يقر المبرأ بعد الابراء، وقوله برئ
مطلقا ظاهره حتى في الآخرة أيضا فلا يؤاخذه المولى بحق جحده وأبرأه صاحبه منه وهو أحد قولين
ذكرهما القرطبي في شرح مسلم والقول الآخر لا تسقط عنه مطالبة الله في الآخرة بحق خصمه.
قوله: (من الحقوق المالية) كديون المعاملات القرض والقراض والودائع والرهون والميراث
ودخل في الحقوق المالية المعينات كدار على الصواب مما في ح فيسقط بالبراءة الطلب بقيمتها
إذا فاتها المبرأ والطلب برفع اليد عنها إن كانت قائمة ودخل فيها أيضا الحق المترتب على الاتلاف
كالغرم للمال فيسقط ذلك بالابراء، وقوله معلومة أي للمبرئ وقت الابراء أو كانت مجهولة.
قوله: (ما لم يبلغ الامام) أي فإن بلغه فلا يصح إبراؤه ولا بد من إقامة الحد إلا أن يريد الستر على نفسه
أي فإذا أراد ذلك كان له إبراؤه ولو بلغ الامام لا إن أراد الشفقة على القاذف فلا ينفعه
إبراؤه ولا بد من حده. قوله: (فلا تقبل دعواه بنسيان أو جهل) وكذا لا تقبل دعواه أن الابراء إنما
كان مما فيه الخصومة فقط وكذا إذا قال قصدي عموم الابراء بل تعلقه بشئ خاص وهو
كذا فلا يقبل منه كما قاله شيخنا العدوي. قوله: (بحق) متعلق بدعوى وقوله بنسيان أي بسبب نسيان
الخ. قوله: (علم تقدمه) أي الحق الذي في الصك. قوله: (إلا ببينة أنه بعده) أي فيلزم ذلك الحق المدعى به.

411
قوله: (برئ) أي بقوله أبرأتك مما معك وقوله مطلقا أي من الدين والأمانات. قوله: (عند المازري)
أي وهو الظاهر وهو عرف مصر الآن فعلى مثل عند في عرف أهلها.
فصل في الاستلحاق قوله: (وهو ادعاء رجل أنا أب لهذا) هذا قيد لبيان الواقع لان الشخص
لا يكون أبا لنفسه إن قلت إن الاستلحاق طلب لحوق شئ والادعاء إخبار بقول يحتاج لدليل
فكيف يصح تفسيره به مع أن الاخبار مقابل للطلب، وأجيب بأن ما ذكر أصل الاستلحاق في اللغة
ثم غلب في عرف الفقهاء على ما ذكره الشارح. قوله: (إنما يستلحق الأب) أي لا الأم اتفاقا والمراد
الأب دنية فلا يصح الاستلحاق من الجد على المشهور. وقال أشهب يستلحق الجد وتأوله ابن رشد على
ما إذا قال أبو هذا ولدي لا إن قال هذا ابن ولدي فلا يصدق وسيأتي نحو هذا للشارح في الاقرار بوارث
غير ولد وحينئذ فلا مخالفة بين الشخصين وهذا أن الرجل إنما يصدق في إلحاق ولد بفراشه لا في إلحاقه
بفراش غيره. واعترض على المصنف بأنه إنما حصر الاستلحاق في مجهول النسب ولم يحصر الاستلحاق
في الأب فيفهم منه أن غير الأب أن يستلحق غير مجهول النسب وهو فاسد إذ لا يصح الاستلحاق إلا
من الأب فكان الواجب أن يحصر الاستلحاق في الأب بحيث يقول إنما يستلحق مجهول النسب
الأب فيؤخر الأب لان المحصور فيه بإنما يجب تأخيره. وأجيب بجعل المؤخر معمولا لمقدر معطوف
على يستلحق فيتعلق به الحصر لعطفه على مدخول أداة الحصر أي إنما يستلحق الأب ويستلحق
ولد مجهول النسب أو معمولا لمقدر مستأنف استئنافا بيانيا لأنه لما قال إنما يستلحق الأب كأنه قيل
ومن الذي يستلحقه فقال مجهول النسب أي يستلحق مجهول النسب أو يقال إن الغالب في إنما
الحصر في المتأخر فقط وقد يكون فيه وفيما قبله أيضا كما تقدم في إنما يجب القسم للزوجات في المبيت
فكذلك هنا الحصر في الفاعل والمفعول معا لتأخرهما عن الفعل. قوله: (مجهول النسب) أي مجهول
الانتساب لأب معين ويستثنى منه اللقيط فإنه لا يصح استلحاقه إلا ببينة أو بوجه كمجاعة
أو لكونه لا يعيش له أولاد فيطرحه لأجل أن يعيش. قوله: (ولو كذبته أمه) ولا يشترط أن
يعلم تقدم ملك أم هذا الولد أو نكاحها لهذا المستلحق على المشهور وهو ظاهر المدونة. وقال سحنون
يشترط ذلك ابن عبد السلام وهو قول لابن القاسم ووجه الأول أنهم اكتفوا في هذا الباب بالامكان
فقط لتشوف الشارع للحوق النسب ما لم يقم دليل على كذب المقر انظر ح. قوله: (إن لم يكذبه
العقل) هذا شرط أول لصحة الاستلحاق. وقوله ولم يكن رقا الخ شرط ثان ومنطوقه صورتان
ومفهومه وهو ما إذا كان رقا أو مولى لمكذبه ففيه تفصيل، تارة يحصل استلحاق غير تام وتارة
لا يحصل أصلا. وأشار المصنف للأول بقوله لكنه الخ. قوله: (لصغره) أي لصغر الأب المستلحق
مع كون الولد المستلحق بالفتح كبيرا فإن ذلك يحيله العقل لما فيه من تقدم المعلول على علته.
قوله: (كاستلحاقه من ولد ببلد بعيد الخ) أي وكاستلحاقه من علم أنه لم يقع منه نكاح ولا تسر أصلا فإن العادة
لا العقل تحيل أن يكون له ولد لان كون الولد إنما يكون بين ذكر وأنثى عادي لا عقلي ولذا قيل في
قوله تعالى: * (أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة) * أن هذه حجة عرفية لا عقلية. قوله: (علم أنه لم يدخله)
فإن شك في دخوله فمقتضى ابن يونس أنه كذلك ومقتضى البرادعي صحة استلحاقه. قوله: (لأنه
يتهم على اخراج الرقبة الخ) اعترضه المسناوي بأنه لا يلزم من اللحوق خروج الرقبة من الرقية إذ قد
يتزوج الحر أمة ويولدها فالولد لاحق بأبيه ورقيق لسيد أمه ولذا قال ابن رشد الظاهر من جهة
النظر قول أشهب باللحوق بل وقع مثله لابن القاسم في سماع عيسى فكان ابن القاسم في قوله المشهور
وهو عدم اللحوق رأى أن السيد قد تلحقه مضرة في المستقبل لو ثبت اللحوق إذ قد يعتق هذا
العبد ويموت عن مال فتقدم عصبة نسبه على سيده فلتلك المضرة قيل بعدم اللحوق ا ه‍ بن.

412
قوله: (لكنه يلحق به) أي لكنه يلحق نسبه بمن استلحقه. قوله: (إن تقدم له على أمه ملك) أي وأما إن
استلحق رقا لمكذبه أو مولى لمكذبه ولم يتقدم له ملك على أمه فإنه لا يلحق به أصلا لا في الظاهر
ولا في الباطن. والحاصل أنه إذا استلحق رقا لمكذبه أو مولى لمكذبه فتارة لا يحصل الاستلحاق
أصلا وذلك إذا لم يتقدم للمستلحق ملك على أم الولد المستلحق وتارة يحصل الاستلحاق ناقصا
وذلك إذا تقدم له ملك على أمه فقول المصنف لكنه يلحق به إشارة لبعض مفهوم قوله ولم يكن رقا الخ
وهو القسم الثاني منه. قوله: (إلا أنه يستمر ملكا) أي ولا منافاة بين ثبوت نسبه وبقائه رقا لآخر
لان الشخص قد يكون رقا نسبيا كمن تزوج بأمة آخر وأولدها فذلك الولد تسيب أي ثابت النسب
ورقيق لسيد الأم. قوله: (وفيها أيضا يصدق الخ) أي إن من باع عبدا وحده أو مع أمه وبقي أو أعتقه
المشترى ثم استلحقه البائع فإنه يلحق به وينقض البيع والعتق وينزعه المستلحق من المشتري ويرد
له الثمن. قوله: (يصدق المستلحق) أي الذي كذبه المالك وقوله وإن أعتقه المشتري أي الذي هو
مكذب للمستلحق. قوله: (فهذه المسألة) أي قوله وفيها الخ وقوله وما قبلها أي وهي قوله ولم يكن رقا
لمكذبه أي فإن كان رقا له لم يصح الاستلحاق. والحاصل أن هذه المسألة محمولة على ما إذا تقدم له عليه
ملك وما تقدم محمول على ما إذا لم يتقدم له عليه ملك فقد اختلف موضوع المسألتين، وإن كان المالك
مكذبا للمستلحق فيهما ولاختلاف الموضوع كان الحكم فيهما مختلفا فقد حكم في الأول بعدم
صحة الاستلحاق، وفي الثانية بصحته وهذا التوفيق لأبي الحسن والعوفي. قوله: (خلافا لبعض الشراح)
أي حيث جعل هذا كله كالمعارض للأول أي فمعنى قوله وفيها أي وفيها قول آخر معارض للأول
والموضوع فيهما واحد وهو علم تقدم ملك المستلحق له أو لامه، فقد تقدم أنه يستمر ملكا للمكذب
يتصرف في كيف شاء وهذا حكم بأن المستلحق يصدق وينزعه من المالك. قال بن وقد حصل ح
هنا مذهب ابن القاسم فقال فتحصل أنه إذا استلحق من هو في ملك غيره أو في ولائه سواء تقدم ملكه
له أو لا هل يصدق أو لا قولان وعلى تصديقه وهو الظاهر فإن كان المستلحق لم يدخل في ملكه فإنه
يبقى في ملك مالكه، وإن كان هو البائع له فإنه يلحق به وينقض البيع إن كان المشتري لم يعتقه فإن أعتقه
المشتري فهل ينقض البيع والعتق أو لا قولان ويظهر من كلام ابن رشد ترجيح القول بنقض البيع
والعتق ا ه‍. وظاهر سياقه كما قاله بعضهم أن مورد هذا التقسيم هو صورة التكذيب والله أعلم ا ه‍ كلامه،
وأما في صورة التصديق فيلحق به جزما ثم إن كان المستلحق لم يدخل في ملكه فهو في ملك مالكه وإن
كان هو البائع له نقض البيع والعتق قولا واحدا ا ه‍. قوله: (وإن كبر أو مات) أي لأنه لا يشترط تصديقه
لمستلحقه كما هو قول ابن رشد وابن شاس. وقال ابن خروف والعوفي باشتراطه وقال ابن يونس يشترط
تصديقه إن كان في حوز مستلحقه لا إن كان في غيره انظر بن. قوله: (وإن كبر الولد أو مات) أي وسواء
كان المستلحق بالكسر صحيحا أو مريضا أحاط الدين بماله أم لا. قوله: (بكسر الباء) أي لأنه بمعنى
طعن في السن ومضارعه بالفتح وأما كبر بالضم فمعناه عظم في الجسم أو المعنى ومضارعه حينئذ بالضم
أيضا ونظم هذا بعضهم بقوله:
كبرت بكسر المباء في السن واجب * مضارعه بالفتح لا غير يا صاح
وفي الجسم والمعنى كبرت بضمها * مضارعه بالضم جاء بإيضاح
لكن ذكر شيخنا العلامة العدوي نقلا عن أئمة اللغة جواز كل من الضم والكسر في المعنيين. قوله: (وإن كان
مشكلا) أي لان الولد الرقيق والكافر لا يرثان فهما بمنزلة عدمهما فيتهم الأب في استلحاقه لأجل أخذه
المال الكثير بخلاف ما إذا كان الولد وارثا وقد يقال إن الشارع متشوف للحوق النسب بالسراية

413
في الأولاد تشوفا قويا، فإذا وجدت أولاد فقد تقوى جانب الاستلحاق فتسبب عنه الميراث فإن لم يكن
أولاد كان الاستلحاق ضعيفا فلا ميراث إلا إذا قل المال لان المال القليل كالعدم فتأمل. قوله: (فتقييد
المصنف له بالحر المسلم في باب اللعان ضعيف) ولا يقال إن ما هنا في استلحاق ولد لم يلاعن فيه فلا يشترط
في ولده حرية ولا إسلام وما تقدم في اللعان في استلحاق من لوعن فيه فيشترط في ولده الحرية والإسلام،
لأنا نقول إنه لا فرق بينهما من حيث الحكم المذكور أعني عدم اشتراط الحرية والإسلام على المعتمد.
قوله: (أو باعه) أي وإن كان قد باعه أو لا ثم استلحقه بعد ذلك وقوله أو باعه ونقض البيع الخ ذكر
المصنف هذا وإن علم من قوله وفيها أيضا ليرتب عليه قوله ورجع الخ. قوله: (على التحقيق) أي خلافا لما
في عبق حيث قيد النقض بالتصديق وإلا فلا. قوله: (على التحقيق) أي لان ابن القاسم قال في هذا
الموضع ينقض البيع حيث لم يعتقه المشتري فإن أعتقه ففي نقض العتق قولان سواء صدقه المشتري
أو كذبه كذا في بن. قوله: (على الأرجح) أي على ما رجحه ابن يونس من الأقوال الثلاثة في المسألة
حيث قال هو أعدلها. قوله: (الرجوع مطلقا) أي الرجوع بالنفقة مطلقا كان له خدمة أم لا؟ قوله: (بنقض
البيع وعدمه) اعلم أن هذه المسألة بيعت فيها الأمة من غير ولد معها وإلا فهي ما بعدها والقولان جاريان
فيما إذا باعها سيدها سواء أعتقها المشتري أم لا على المعتمد. قوله: (أي في المدونة) أي وليس المراد بقوله
فيها أي في الأمة وإن كان صحيحا. قوله: (وإن باعها حاملا) أي بحسب دعوى البائع لا أن الحمل معلوم لان
الفرض أنها غير ظاهرة الحمل. قوله: (غير ظاهرة الحمل) أي وأما لو كانت ظاهرة الحمل يوم البيع لحق
به ولو لم يستلحقه كذا في عج واعترضه طفي بأن ولد الأمة ينتفي بغير لعان وحينئذ فمقتضاه أنه
لا يلحق به إلا إذا استلحقه، وأجاب بحمل كلامه على ما إذا كان البائع أقر بوطئها قبل البيع.
قوله: (مطلقا) أي سواء صدقه المشتري أو كذبه تصرف فيها المشتري أم لا إن قلت هذه المسألة عين قوله فيما
مر وفيها أيضا بناء على أن بين المحلين وفاقا كما مر للشارح ورد ذلك لاختلاف الموضوع لأن المبيع
هناك الولد والمبيع هنا الأمة فقط قاله بن ومن هذا تعلم أن الأولى للشارح قصر ما تقدم على بيع
الولد لأجل أن ينتفي التكرار. قوله: (ولم يصدق الخ) حاصله أن الولد وإن لحق به لكن أمه فيها تفصيل
فإن اتهم البائع فيها بمحبة أو عدم ثمن أو وجاهة فإنها لا ترد للبائع ولزمه أن يرد الثمن لمشتريها وإن لم يتهم
فيها بواحد مما ذكر فإنها ترد له أم ولد كما كانت أولا ويرد الثمن لمشتريها. قوله: (أي عسره) لا يقال إنه
ليس بعديم لأنه مالك للأمة لأنا نقول هي أم ولد وهي لا تباع. قوله: (وظاهره أن هذا إنما يكون الخ) أي
فيقتضي أنه إذا كان لم يقبضه فإنه يصدق فيها وهو كذلك والفرض عدم الاتهام بمحبة أو وجاهة.
قوله: (أو وجاهة) أي وجاهة الأمة. قوله: (ولحق به الولد) إنما أتى بهذا بعد قوله أولا لحق لأجل
قوله مطلقا. قوله: (وإن اشترى مستلحقه) أي الناشئ عن نكاح أو ملك بأن قال هذا ولدي

414
من زوجتي فلانة أو من أمتي فلانة وقوله مستلحقه أي من كان استلحقه في حال كونه في أيام
الاستلحاق مملوكا لغيره وكذبه ذلك الغير. قوله: (حال كونه) أي حين الاستلحاق. قوله: (عتق) لو
قال لحق وعتق كما جمع بينهما في المدونة كان أظهر في إفادة المراد لكنه اكتفى بلزوم اللحوق
للعتق، لان المراد بالعتق هنا العتق بالنسب واللحوق لازم له ولم يجمع بينهما اختصارا.
قوله: (بمجرد الملك) أي ولا يتوقف العتق على حكم ومحل كونه يلحق به ويعتق عليه حيث لم يكذبه عقل
أو عادة وإلا لم يعتق ولم يلحق به ثم إذا عتق المستلحق بالفتح في مسألة المصنف فإن اشترى الأم
بعد ذلك كانت به أم ولد إن كان الولد المستلحق ناشئا عن ملك لاعن نكاح. قوله: (شهد بعتق عبد)
أي ادعى أن سيده أعتقه. قوله: (لمقتض) أي كعدم تمام النصاب أو فسق أو ورق. قوله: (ثم اشتراها) أي
الشاهد بعد رد شهادته وقوله فإنه يعتق عليه أي بحكم الحاكم لا بمجرد الملك كما في خش، وفي عبق العتق
عليه بالقضاء، كما في المدونة وفي محل آخر منها أنه يعتق عليه، فقال اللخمي يحتمل أنه يريد
بحكم ويحتمل أنه حر بنفس الشراء لأنه مقر أنه اشترى حرا والحر لا يفتقر إلى حكم وفائدة كون العتق
بلا حكم أنه لا يحل له وطؤها إذا كانت أمة كما لا يحل له البيع أو الرد إلى البائع أما على أن العتق
بحكم فللمشتري ما ذكر ما لم يحكم القاضي بالعتق. قوله: (وولاؤه للمشهود عليه) وجهه أن الشاهد لما
شهد بعتقه على سيده فقد ثبت بمقتضى شهادته أن الولاء لسيده فلما اشتراه بقي الولاء لسيده.
قوله: (إن كان وارث) أي إن كان للمقر وارث حائز لجميع المال وإنما لم يرث المقر به في هذه الحالة
لان المقر يتهم على خروج الإرث لغير من كان يرث ولا يعكر على هذا التعليل ما ذكره الشارح من
أن المعتبر الوارث يوم الموت لا يوم الاقرار لان الشخص قد يترقب يوم موته فيعمل عليه بالاحتياط.
قوله: (ولا يصح غيره) أي وهو الشرط المنفي أي إن لم يكن وارث. قوله: (موافقة للنقل) علة لقوله صحيحة
أي أن صحتها من جهة موافقتها للنقل فلا ينافي أن نسخة ابن غازي أصوب من جهة الصناعة لان
حذف الجواب يكون مع مضي الشرط لا مع مضارعيته. قوله: (لا الاقرار) أي لا يوم الاقرار.
قوله: (أو وارث غير حائز) أي كما إذا أقر بعم مع وجود بنت أو أخ لأم. قوله: (وإلا فخلاف)
يستثنى من كلام المصنف ما إذا أقر شخص بمعتقه بأن قال أعتقني فلان فإنه كالاقرار بالبنوة
فيرث المقر به من غير خلاف حيث لم يكن له وارث حائز لأنه إقرار على نفسه فقط لان المعتوق
يورث ولا يرث فهو داخل في قول المصنف سابقا يؤاخذ المكلف بإقراره، بخلاف الاقرار بالاخوة
إذ هو إقرار على الغير أيضا، لان كلا منهما يرث الآخر والاقرار على الغير في المعنى دعوى.
قوله: (والراجح الإرث) أي سواء كان الاقرار في حالة الصحة أو في حالة المرض كما في بن وعلى الإرث
فهل يحلف المقر به أن الاقرار حق أو لا يحلف قولان في ح. قوله: (ليس كالوارث) أي بل هو
حائز يحوز المال لأجل صرفه في مصالح المسلمين. قوله: (ويجري الخ) أي فيقال لا يرث المستلحق
بالكسر المستلحق بالفتح إن كان للمستلحق بالفتح وارث حائز لجميع المال وإلا فخلاف. قوله: (فلو
كذبه فلا إرث) أي فلا إرث لأحدهما من الآخر، كان له وارث حائز أم لا. قوله: (فهل هو كالتصديق)
أي فيرث كل منهما الآخر إن لم يكن هناك وارث حائز على الراجح فإن كان وارث حائز فلا إرث.
قوله: (وخصه المختار) الضمير للخلاف وكلما وقع من المصنف لفظ المختار فهو اسم مفعول إلا هذا فهو اسم فاعل

415
يعني أن اللخمي قال محل الخلاف السابق إذا لم يطل زمن إقرار المقر بالاخوة ونحوها، فإن طال فإنه يرثه
قولا واحدا لان قرينة الحال دلت على صدقه في ذلك ثم إنه على المختار يتوارثان عند الطول توارث
ثابت النسب بالبينة الشرعية، كما نقل ذلك أبو عبد الله المتيطي في شرحه لمختصر الحوفي وغيره عن اللخمي،
فعلى هذا إذا أقر بأخ وكان له أخ وطال زمن الاقرار شارك الأخ المقر به الأخ الثابت النسب، وأما
تنظير خش في كونه يرث ميراث ثابت النسب أو إرث المقر به فلا يرث إن كان هناك وارث
حائز غيره فهو قصور كما قال بن وأورده على المصنف بأن التعبير بصيغة الاسم غير ظاهر لان
اللخمي اختار التفصيل وهو غير الاطلاق فهو غير القولين فهو مختاره من عند نفسه فالمناسب أن يقول
واختار تخصيصه بما إذا لم يطل الاقرار، وقد يجاب بأن مختاره هذا لما لم يخرج عن القولين لموافقته لهذا تارة
ولهذا تارة فكأنه اختاره من خلاف. قوله: (وأما إن طال زمن الاقرار) أي من كل أو من جانب
مع سكوت الآخر بناء على أنه كالتصديق على ما مر. قوله: (كالثلاثة) أي وأما السنة والسنتان فالخلاف
جار فيهما. قوله: (فلا خلاف في أنه يرثه) أي ما لم تقم قرينة على عدم القرابة الموجبة للإرث وفي عبق
وانظر إذا مات المقر به وله ولد هل يتنزل منزلته في مسألة المصنف بتمامها أم لا ا ه‍ قال بن فيه قصور
فقد جزم المتيطي بأنه لا يتنزل منزلة أبيه فلا يرث شيئا من المقر، وإن لم يكن له وارث وذكر ابن عرفة
عن ابن سهل خلافا قائلا أفتى أكثر أهل بطليوس بأن الولد يرث المقر وابن مالك وابن عتاب أفتوا بأنه
لا يرث نقله ح. قوله: (ومات ولم يعينه) مفهومه أنه إذا غاب ولم يعينه انتظر وحكمهم حين الانتظار
حتى يقدم على الرق فتجري عليهم أحكامه. قوله: (عتق الأصغر) أي وكذا تعتق أمهم لان واحدا
منهم ولدها من سيدها فتكون به أم ولد والعتق الحاصل لها ولكل واحد من أولادها من رأس المال
لا من الثلث. قوله: (على كل حال) أي سواء كان ولده في الواقع أو ولدا لغيره. قوله: (وإن كان ولد غيره
فهو الخ) أي لان هذا الأصغر إنما وجد بعد صيرورتها أم ولد بالأوسط أو الأكبر وما حدث لأم الولد
من الأولاد من غير سيدها يكون بمنزلتها يعتق معها من رأس مال سيدها وأما ما حدث لها من
الأولاد من سيدها فهو حر متخلق على الحرية إذا كان سيدها حرا. قوله: (أو الأكبر) أي أو كون المقر به
هو الأكبر فيكون الأوسط حدث لها بعد صيرورتها أم ولد بهذا الأكبر وما حدث لأم الولد من الأولاد
بعد صيرورتها أم ولد بمنزلتها يعتق من رأس مال السيد بموته. قوله: (وهما كون المقر به الأوسط
أو الأصغر) وذلك لان وجود الأكبر كان قبل صيرورتها أم ولد بهذا الأوسط أو الأصغر
فيكون رقيقا. قوله: (بأن كان كل واحد من أم) أي وقال أحدهم ولدي ولم يعينه. قوله: (فواحد
بالقرعة) أي على الرؤوس ولا ينظر للقيم خلافا لخش كما حققه طفي وأمه أم ولد كما في عبق
خلافا لما استظهره شيخنا لأنه حيث ثبت العتق الكامل في حالة الشك فأولى الأمومة.
قوله: (ولا إرث لواحد منهم) أي لعدم تحقق سببه وهو النسب في واحد منهم وقوله ولا إرث لواحد
منهم أي لا من السيد ولا من الأخوين. وقوله افترقت أمهاتهم أي كما في هذه المسألة وقوله أم لا
أي كما في المسألة السابقة. قوله: (وإن ولدت زوجة رجل) سواء كانت حرة أو أمة وقوله وأمة رجل آخر
أي ولدت منه أو من غيره بغير نكاح. قوله: (واختلطا) أي الولدان أي وقال كل واحد من أبويهما
لا أدري ولدي من هذين أو تداعيا واحدا أي كل واحد ادعاه لنفسه ونفيا الآخر وقوله عينته القافة

416
أي وليس للأبوين في الصورتين المذكورتين أن يصطلحا على أن يأخذ كل ولدا، وأما إذا لم يختلف
الأبوان في تعيينه بأن أخذ كل واحدا بعينه فله ذلك من غير قافة ا ه‍ وقوله وأمة آخر وأما ولد زوجته
وأمته الموطوءة له إذا ولدتا في ليلة واحدة واختلط ولداهما ولم يعلم ولد كل منهما فلا قافة، لان
كلا من الولدين لا حق به ونسبه ثابت ويرثانه، ولا قافة بين الأمهات كذا في عبق ونحوه لطفي معترضا
على تت وخش التابعين للبساطي من دخول القافة قائلا إنما تدعي القافة لتلحق بالآباء لا بالأمهات،
لكن في بن عن ابن ميسر عن سحنون أن القافة تدعي لتلحق بكل واحدة ولدها ومحل هذا الخلاف
إلا أن يقول الرجل أحدهما ولدي والآخر زنت به جاريتي فإن قال الأب ذلك واختلطا فالقافة فمن ألحقته
به فهو ولده وكان الآخر غير ولده. قوله: (والقافة لا تكون في نكاحين) فإذا ولدت زوجة رجل
وزوجة آخر واختلط الولدان فلا يلحق واحد منهما بأحد من الرجلين المذكورين. قوله: (ثم المذهب
أن القافة الخ) تحصل من كلامه أن القافة تكون في ملكين ونكاح وملك اتفاقا وهل تكون في النكاحين
أولا قولان، والمذهب أنها تكون فيهما وهل تكون في نكاح مجهول أو لا؟ قولان والمعتمد الأول. قوله: (على
أب لم يدفن) أي على معرفة أب لم يدفن. قوله: (بعد الموت أو قبله) أي والحال أنه لم يدفع وأما لو عرفته
بعد الدفن فليس لها أن تعتمد في معرفة النسب على الشبه به حينئذ لتغيره عن حالته الأولى وظاهره
أنه إذا دفن وكانت القافة تعرفه معرفة تامة قبل موته أنها لا تعتمد على تلك المعرفة وليس كذلك فلو
قال المصنف على أب لم تجهل صفته لكان أشمل. قوله: (بثالث) أي بالنسبة لهما وإلا فهو قد يكون رابعا
أو خامسا في نفس الامر. قوله: (ثبت النسب) أي فيأخذ من التركة كواحد منهما ويحرم عليه نكاح
أم الميت وابنته إن كان المقر به ابنا أو أخا للميت. قوله: (فإن كان غير عدلين فللمقر به ما نقصه إقرارهما)
لعل الأحسن ما نقصاه بإقرارهما، فإذا كان الميت خلف ثلاثة أولاد أقر اثنان منهم بثالث وأنكره الثالث
يقسم المال على الانكار وعلى الاقرار، فمسألة الانكار ثلاثة ومسألة الاقرار أربعة ومسطحهما اثنا عشر
لتباينهما، فأقسمها على الانكار يخص كل واحد أربعة وعلى الاقرار يخص كل واحد ثلاثة فالذي
نقصه إقرار كل واحد من المقرين واحد فيعطي الاثنان للمقر به. قوله: (ولا يثبت النسب) أي فلا يحرم
على المقر به إذا كان ابنا أو أخا للميت تزوج بنته أو أمه وقوله ولا يثبت النسب أي لاجماع أهل العلم على
أنه لا يثبت النسب بغير عدول ولو كانوا حائزين للميراث كما لابن يونس وللمازري عن ابن القصار
ثبوته بإقرار غير العدول إذا كانوا ذكورا وحازوا الميراث كله والمعتمد الأول. قوله: (مثلهما
الأجنبيان) فإذا شهد عدلان أجنبيان أن زيدا ابن ثالث للميت أو أخ ثالث له ثبت النسب. قوله: (ومراد
المصنف بالاقرار الشهادة) أي بقرينة قوله عدلان وقوله ثبت النسب. قوله: (لان النسب الخ)
علة لمحذوف أي لا حقيقة الاقرار لان النسب لا يثبت بالاقرار بل بالشهادة وقوله لأنه أي الاقرار قد
يكون بالظن فيجوز للانسان أن يقر بما ظنه بدون تحقيق. قوله: (ولا يشترط فيه) أي في الاقرار عدالة.
قوله: (إلا بتا) أي إلا بالبت والجزم الذي هو العلم. قوله: (وعدل يحلف معه ويرث ولا نسب) أي
فإذا أقر وارث عدل كأخ بأخ ثالث وأنكره الأخ الثاني حلف المقر به وورث أي أخذ ثلثا من غير
أن يثبت نسبه فله أن يتزوج بأم الميت وبنته وأخته كما للباجي والطرطوشي وابن شاس وابن الحاجب
والذخيرة، إلا أنه ضعيف كما في التوضيح والمعتمد أنه ليس للمقر به إلا ما نقصه المقر بسبب إقراره
كان المقر عدلا أو غير عدل ولا يمين على المقر به مطلقا كما قال الشارح وهذا إذا كان المقر رشيدا فإن كان

417
سيفها لم يؤخذ من حصته شئ. قوله: (فحصة المقر هي النصف الخ) وذلك أنك تقسم المال المتروك على
الانكار وعلى الاقرار فمسألة الانكار اثنان ومسألة الاقرار ثلاث ومسطحهما ستة للتباين فإذا
قسمت الستة على الانكار كان لكل من المقر والمنكر ثلاثة وعلى الاقرار كان لكل واحد اثنان فيأخذ
المقر به ما نقصه المقر بإقراره وهو واحد ويأخذ المقر اثنين ويأخذ المنكر ثلاثة. قوله: (للمقر به ثلثها)
أي وللمقر ثلثاها وهو ثلث جميع المال. قوله: (من التفصيل إلخ) أي بين كون المقر عدلا أو غير عدل. قوله: (أخذ
جميع المال) أي الذي كان يأخذه المقر فلو كان للميت أخوان أقر أحدهما بابن وأنكره الآخر
أخذ الابن المقر به نصف المال وأخذ الأخ المنكر نصفه ولو كان للميت أخ واحد وأقر بابن أخذ
الابن جميع المال وإذا أقر أحد الورثة بدين على مورثهم وأنكره الباقون أخذ من نصيب المقر بقدره
عند ابن القاسم، فإذا كان نصيبه نصف التركة أخذ منه نصف الدين المقر به وإن كان نصيبه ثلث التركة
أخذ منه ثلث الدين وهكذا، ويكون هذا الوارث المقر شاهدا بالدين بالنسبة للمنكر فيحلف معه المقر
له ويأخذ من المنكر ما يخصه. وقال أشهب يؤخذ جميع نصيب المقر في الدين إن كان بعضه لا يفي به لأنه
لا إرث إلا بعد وفاء الدين. قوله: (لان بل للاضراب لا للتشريك) أي ومتى كان العاطف للاضراب
كما هنا فلا فرق فيما ذكر بين المهلة والفورية والتفرقة بين المهلة والفورية إنما هو إذا كان العاطف للتشريك
كالواو في مثل هذا أخي وهذا أخي أو لم يكن عطف أصلا كما في التوضيح انظر بن. قوله: (خلافا لما في
بعض الشراح) أي وهو عبق حيث قال إذا أقر للثاني بعد الأول بتراخ أما لو كان الاقرار بفور واحد
فالمال بينهما يعني مع المقر على قاعدة الإرث فيكون أثلاثا. قوله: (فله منها) أي من حصتها التي أخذتها وهي
الثلث السدس. قوله: (منه) أي من السدس الذي أخذه المقر به وحينئذ فالمسألة من ستة للأخ الثابت
ثلثاها أربعة وللأم السدس واحد وللأخ المقر به السدس الباقي واحد. قوله: (ولو كان) أي الأخ الثابت
النسب. قوله: (لأنه إنما يأخذه) أي لان المقر به إنما يأخذ السدس بالاقرار لا بالنسب. قوله: (والأخ
الثابت منكر) أي للمقر به فهو معترف بأن الأم ترث معه الثلث وأنه لا يرث غير الثلثين وحينئذ فلا
يستحق من ذلك السدس شيئا، وعلى هذا يلغز ويقال أخ لأب أخذ من الميراث مع وجود الشقيق. وما
ذكره الشارح من أخذ الأخ للأب السدس بالاقرار مع وجود الأخ الشقيق مثله في خش وعبق.
قوله: (إذ لا وجه الخ) أي لان الأخ للأب لا يستحق شيئا مع وجود الشقيق والأم لم تقر للأخ للأب
بالسدس وإنما أقرت بأنه أخ لأب وهذا الاقرار لا يوجب له شيئا من الإرث لما علمت أنه لا يرث
شيئا مع الشقيق. قوله: (بإقرار الشقيق أو ببينة) أي وحينئذ فيأخذه الأخ الشقيق. قوله: (أي اعترفوا
بإقراره) أي اعترفوا بأنه أقر. وحاصله أن الجارية معلوم كونها له ومعلوم أن لها ثلاث
بنات ثم قال قبل موته فلانة هذه بنتي من جارتي والأخريان ولداها من غيري، ثم إن البينة
والورثة نسوا عين تلك البنت التي سماها الميت لهم فلا يخلو إما أن يعترف الورثة بأن الميت
قد أقر مع نسيانهم لعينها وإما أن لا يعترفوا بمقالته. قوله: (ولهن ميراث بنت) إن قلت:
ما الفرق بين هذه المسألة حيث حكم فيها بثبوت ميراث بنت لهن وبين المسألة السابقة وهي ما إذا
قال لأولاد أمته أحدهم ولدي ومات ولم يعينه فقد تقدم أنه يعتق الأصغر وثلثا الأوسط

418
وثلث الأكبر ولا إرث لواحد منهم ولا نسب مع أن الولدية متحققة في المسألتين لشخص قلت:
الفرق أن الابهام في مسألتنا هنا عارض بخلاف المسألة السابقة كذا قيل وقال بن التحقيق أنه لا فرق
وإنما المسألة خلافية هنا وهناك وما قيل في كل يجري في الأخرى. قوله: (ولا نسب لواحدة منهن)
مقتضى ذلك أنه يجوز لابن الميت ولأخيه نكاح أي واحدة أو اثنتين منهن وانظره. قوله: (إذ الشهادة
إذا بطل الخ) فالبينة شهدت على أن إحدى الثلاث بنته وأنها فلانة وقد حصل النسيان لاحد
الامرين المشهود بهما ونسيان بعض المشهود به مبطل للشهادة بكلها. قوله: (ووقف ماله) أي مال
ذلك الولد. قوله: (فلورثته) أي فيدفع مال الولد الموقوف لورثة أبيه. قوله: (ووقف الباقي) أي حتى
يموت الأب فتأخذه ورثته. قوله: (فلو مات الأب أولا ورثه الولد) فإن مات الولد بعد ذلك ورثه
عصبته من قبل أبيه المستلحق كما قال ابن رشد. قوله: (ورثه الولد) أي بالاستلحاق الحاصل أولا. قوله: (ولا
يضره الانكار) أي لأنه لا يسقط نسبه بإنكاره بعد استلحاقه. واعلم أن هذه المسألة يلغز بها من
أربعة أوجه: الأول ابن يرث أباه ولا عكس وليس بالأب مانع، الثاني مال يرثه الوارث ولم يملكه مورثه،
الثالث مال يوقف لوارث الوارث دون الوارث، الرابع مال يقضي منه دين الشخص ولا يأخذه هو.
باب في الايداع
أي في بيان حقيقته. قوله: (توكيل بحفظ مال) علم منه أن الايداع نوع خاص من التوكيل لأنه توكيل
على خصوص حفظ المال، فالتوكيل على البيع أو الشراء أو الاقتضاء أو الطلاق أو النكاح أو الخصومة
لا يسمى إيداعا، وإذا علم أن الايداع توكيل خاص تعلم أن كل من جاز له أن يوكل وهو البالغ العاقل
الرشيد جاز له أن يودع، ومن جاز له أن يتوكل جاز له أن يقبل الوديعة، والذي يجوز له أن يتوكل هو المميز
على ما قاله ابن رشد، وحكى عليه الاتفاق وخالفه اللخمي، وقال لا بد أن يكون بالغا رشيدا ووافقه
القرافي وابن الحاجب وابن عبد السلام والمصنف في التوضيح. قال ابن عرفة وعليه عمل أهل بلدنا.
قوله: (داخلة على مقدر) أي والقرينة الدالة عليه أن الاقتصار في مقام البيان يقتضي الحصر. قوله: (فخرجت
المواضعة) أي فخرج التوكيل على الأمة المواضعة وخرج أيضا التوكيل على النكاح والطلاق
واقتضاه الدين والمخاصمة لأنه ليس توكيلا على حفظ مال. قوله: (لان القصد منها إخبار الأمين الخ)
أي لان القصد من التوكيل عليها إخبار الأمين بحيضها وليس القصد منه حفظ الجارية إلى أن يأتيها
الحيض. قوله: (والوكالة) أي على البيع أو الشراء مثلا. قوله: (لأنهما على الحفظ) أي أن كلا منهما
وإن كان فيه توكيل لكن ليس على مجرد الحفظ بل عليه مع النظر والتصرف. قوله: (مال وكل الخ)
دخل في التعريف ذكر الحقوق لان الوثيقة متمول يراد حفظه لأجل ما فيه وشمل أيضا العقار
إذا وكل على حفظه فيسمى وديعة، وهو ما ارتضاه الوانوغي و ح قائلا لم أر أحدا أخرج العقار
عن أن يكون وديعة لكن ابن عرفة شرط في الوديعة أن تكون مما يمكن نقله وحينئذ فيخرج
العقار انظر بن. قوله: (وظاهره أنه لا يشترط الخ) فيه نظر لأنه سبق عند قوله لا بمجرد وكلتك
أن التوكيل يفتقر إلى صيغة فكذلك الايداع لأنه نوع منه صورة السكوت التي ذكرها
لا نسلم خلوها عن الصيغة لان السكوت قائم مقامها كالمعاطاة في البيع ا ه‍ بن. والحاصل
أنه يكفي في قبول الوديعة الرضا بالسكوت. واعلم أنه لا يجب قبولها ولو لم يوجد غيره إلا
لتخليص مستهلك كما يقع في أيام النهب من إيداع الناس عند ذوي البيوت المحترمة ويحرم قبولها
من مستغرق الذمم ومن ردها له ضمن لبيت المال كما في ح. قوله: (من وضع مالا عند شخص)

419
أي عالم بذلك المال. قوله: (بسقوط شئ عليها) أي على الوديعة المفهومة من الايداع وقوله ولو خطأ
أي هذا إذا كان السقوط عمدا بل ولو كان خطأ كمن أذن له في تقليب شئ فسقط من يده فكسر
غيره فلا يضمن الساقط لأنه مأذون له فيه ويضمن الأسفل بجنايته عليه خطأ. والعمد والخطأ في
أموال الناس سواء. وفي ح لا يجوز للمودع إتلاف الوديعة ولو أذن له ربها في إتلافها فإن أتلفها
ضمنها لوجوب حفظ المال. قوله: (في نقل مثلها) نقل المثل يختلف باختلاف الأشياء فبعض الأشياء
شأنه أن يحمل على جمل وبعضها شأنه أن يحمل على حمار وبعضها يحمل على الرجال وبعضها يناسبه
المشي بسرعة وبعضها على مهل. قوله: (فإن لم يحتج له) أي لنقلها أصلا ونقلت نقل أمثالها أو غير نقل
أمثالها وقوله ضمن أي في الصور الثلاث إن انكسرت. والحاصل أن الصور أربع لا ضمان
في صورة المصنف وهي ما إذا احتاجت للنقل ونقلها نقل أمثالها فانكسرت والضمان فيما عداها وهو
ثلاثة ما إذا لم تحتج لنقل ونقلت نقل أمثالها أو نقل غير أمثالها أو احتاجت للنقل ونقلها غير نقل
أمثالها فانكسرت. قوله: (وضمن بخلطها بغيرها) أي وترتبت في ذمته بمجرد خلطها بغيرها وإن
يحصل فيها تلف إذا تعذر التمييز أو تعسر، هذا ما يفيده كلام اللخمي وقبله المواق و ح خلافا
لابن غازي حيث قيد الضمان بالخلط إذا حصل فيها تلف ا ه‍ بن. قوله: (إذا تعذر التمييز) أي كما لو كانت
الوديعة سمنا وخلطها بدهن أو زيت أو عسل. قوله: (أو تعسر) كما لو كانت فولا فخلطها بشعير. قوله: (إلا
كقمح) لو قال إلا مثليا بمثله لكان أشمل. قوله: (أو دنانير بمثلها) فيه أن هذه الصورة وكذا خلط
دراهم بمثلها كلتاهما داخلة تحت الكاف في قوله إلا كقمح بمثله فنسخة أو دراهم بدنانير أولى. قوله: (راجع
للصورتين) أي خلافا لابن غازي في إرجاعه هذا القيد للأولى خاصة قائلا أنه الذي في المدونة
فقط وأما الثانية فلا ضمان فيها ولو فعل ذلك لغير الاحراز ورد عليه بأن أبا عمران وأبا الحسن
قيدا الثانية أيضا بذلك كذا في عبق. ورد عليه بأن تقييدهما إنما وقع لمسألة خلط الدراهم
بمثلها والدنانير بمثلها وهو مما أدخلته الكاف في الأولى، وأما خلط الدنانير بالدرهم فلم يقع من أحد
تقييدها بذلك انظر بن فعلم منه أن الحق ما قاله ابن غازي من رجوع القيد للصورة الأولى، وأما
الثانية فلا ضمان فيها مطلقا فعله للاحراز أو لغيره. قوله: (على حسب الأنصباء) هذا هو المعتمد ومقابله
إن ما تلف يكون بينهما على حسب الدعاوي فصاحب الواحد يقول سلم وإحدى وذلك يقول هو
الهالك فيقسم ذلك الهالك عليهما مناصفة على كل واحد نصفه، فلصاحب الاثنين واحد قطعا من الباقيين
وتنازعا في واحد ينقسم بينهما فلصاحب الواحد مما بقي نصفه ولصاحب الاثنين واحد ونصف.
قوله: (وعلى صاحب الاثنين ثلثاه) أي وحينئذ فيكون لصاحب الواحد مما بقي ثلثا إردب ولصاحب
الاثنين إردب وثلث إردب. قوله: (إلا أن يتميز التالف) أي بأن يعرف أنه لشخص معين منهما
فمصيبته من ربه خاصة قال شيخنا يؤخذ من هذا أن المركب إذا وسقت بطعام لجماعة غير شركاء وأخذ
ظالم منه شيئا فإن كان كان الطعام مخلوطا بعضه على بعض فما أخذ مصيبته من الجميع يقسم بينهم على حسب
أموالهم وأما إذا كان غير مختلط بعضه ببعض بل كان طعام كل واحد متميزا على حدة فما أخذ مصيبته
من ربه. وأما ما جعل ظلما على المركب بتمامها فيوزع على جميع ما فيها كان هناك اختلاط أم لا
كالمجعول على القافلة. قوله: (وبانتفاعه بها) أي وأما لو تعدى عليها أجنبي وأتلفها فلا ضمان على
المودع لعدم انتفاعه ويتبع ربها من أتلفها. قوله: (كركوبه الخ) أي وكأكله للحنطة. وحاصل ما ذكره
الشارح في ركوب الدابة أن المودع إذا ركب الدابة وعطبت فإنه يضمن إذا كانت المسافة شأن
الدواب أن تعطب بمثلها سواء كان عطبها من ركوبها أو من سماوي وأما إذا كانت تلك المسافة الشأن

420
أن لا تعطب الدواب بمثلها وعطبت، فإن كان عطبها بسماوي فلا ضمان عليه، وإن كان من ركوبها فإنه
يضمن. والذي في عبق وشب أنه إذا انتفع بالدابة انتفاعا لا تعطب به عادة وتلفت بسماوي أو غيره
فلا ضمان على الراجح، فإن تساوى الأمران العطب وعدمه فالأظهر كما يفيده أول كلام ابن ناجي
الضمان ولو بسماوي وكذا إن جهل الحال للاحتياط. والحاصل أن الصور ثمانية فإذا ركبها لمحل
تعطب في مثله غالبا أو جهل الحال أو استوى الأمران وتلفت ضمن كان التلف بسماوي أو بتعديه
وإن ركبها بمحل لا تعطب فيه عادة فلا ضمان إذا عطبت بسماوي أو بغيره كما قال ابن القاسم خلافا
لسحنون القائل بالضمان ولو كان العطب بسماوي وعزا شب ما قاله شارحنا لبعض التقارير.
قوله: (وإلا فلا ضمان) أي وإلا يقدر على إيداعها عند أمين وخاف عليها إن تركت فلا ضمان عليه إذا صحبها
معه فتلفت ولا فرق في السفر الذي فيه الضمان، والذي لا ضمان فيه بين سفر النقلة بالأهل وسفر التجارة
والزيارة. قوله: (إلا أن ترد سالمة الخ) والقول قول المودع أنها ردت سالمة عند تنازعه مع الوديع وإذا
ردت سالمة بعد انتفاعه بها فلربها أجرتها إن كان مثله يأخذ ذلك وإلا فلا هذا هو الحق خلافا لما
ذكره ح في أول الغصب من إطلاق لزوم الأجرة ا ه‍ عدوي. قوله: (وحرم سلف مقوم الخ) أي
وحرم على المودع بالفتح سواء كان مليئا أو معدما تسلف الشئ المودع إذا كان مقوما وحاصل ما ذكره
أن الوديعة إما من المثليات أو من المقومات، وفي كل إما أن يكون المودع مليئا أو معدما فالصور أربع
فإن كانت من المقومات حرم تسلفها بغير إذن ربها مطلقا كان المودع المتسلف لها مليئا أو معدما، وإن
كانت من المثليات حرم عليه تسلفها إن كان معدما وكره إن كان مليئا، ثم إن محل كراهة تسلف المودع
الملئ للمثلي حيث لم يبح له ربه ذلك أو يمنعه بأن جهل الحال وإلا أبيح في الأول ومنع في الثاني
ومنعه له إما بالمقال أو بقيام القرائن على كراهة المودع تسلف المودع لها قال عبق ومن تقرير عج
أن مثل المودع في تفصيل المصنف ناظر الوقف وجابية فلا يجوز لواحد منهما تسلف مال الوقف
إن كان معدما ويكره له إن كان مليئا، وإذا تسلف واحد منهما مال الوقف واتجر فيه سواء كان السلف
حراما أو مكروها وحصل ربح فالربح له دون الوقف. قوله: (من المثلى) من للتبعيض أي بعض المثلى.
قوله: (فالتصرف الواقع فيه) أي في المثلى من المودع بالفتح. قوله: (فتحرم في المقوم) أي فيحرم التجر
بها بغير إذن ربها إذا كانت مقوما كان المودع بالفتح مليئا أو معدما أو كانت الوديعة مثليا والمودع
معدما وقوله وتكره في المثلى أي إذا كان المودع مليئا. قوله: (وقيل تشبيه في الكراهة فقط في الجميع)
هذا ضعيف. قوله: (والربح له) أي والربح الحاصل من التجارة بعد البيع له وهذا واضح إذا كانت
الوديعة المتجر فيها دراهم أو دنانير لأنه إنما يرد لصاحبها مثلها. قوله: (فإن كانت الوديعة) أي المتجر
فيها. قوله: (فلربها المثل) أي وللمودع ما حصل من الربح. قوله: (وإن كانت عرضا الخ) أي سواء باعها
بعرض أو بدراهم أو دنانير. والحاصل أن الوديعة إذا كانت عرضا وباعها المودع ليتجر فيها سواء
باعها بنقد أو بعرض فإن ربها يخير إن كانت قائمة بيد المشتري بين أخذها ورد البيع وبين إمضائه
وأخذ ما بيعت به، وإن فاتت بيد المشتري خير ربها بين رد البيع وأخذ قيمتها من المودع وبين إمضاء
البيع وأخذ ما بيعت به لأنه بيع فضولي، فإذا رد صاحبها البيع وأخذها فلا يكون هناك ربح للمودع،
وإن أجازه وأخذ ما بيعت به أو أخذ قيمتها فقد يكون له ربح إذا أتجر بثمنها قبل قيام ربها عليه.
وأما قول عبق وخش إذا كانت عرضا وبيعت بعرض وهلم جرا فلا ربح له وله الأجرة وإن باعها
بدراهم أو دنانير، فإن فاتت فلربها قيمتها إلى آخر ما قال الشارح فقد رده شيخنا في حاشية خش بأنه
لا وجه لهذا التفصيل ولا نقل يساعده. قوله: (وفات) أي ذلك العرض. قوله: (فلربه قيمته) أي وله إجازة

421
البيع وأخذ ما بيع به. قوله: (وبرئ إن رد غير المحرم) يعني إن ادعى رده لمحله. وحاصله أن المودع إذا
تسلف الوديعة وادعى أنه رد ما تسلفه لمحله ثم ضاعت بعد ذلك، وخالفه صاحبها فإن المودع يبرأ منها
ويصدق فيما ادعاه من الرد بيمين إذا كان تسلفه مكروها بأن كان مليئا وتسلف نقدا أو مثليا سواء
أخذ الوديعة من ربها ببينة أم لا، وأما التسلف الحرام بأن كان لمقوم فإنه إذا تسلفه ملئ أو غيره وأذهب
عينه وادعى أنه رد مثله لموضعه فإنه لا يبرأ ولا بد من الشهادة على الرد لربه ولا يكفي الشهادة على الرد
لمحل الوديعة، وأما إن كان تسلف مثلي لمعدم فإنه يبرئه رده لمحله ويصدق في دعواه الرد بيمين إن
لم يكن له بينة به كالتسلف المكروه. قوله: (بيمينه) أي فإن نكل فلا تقبل دعواه الرد. قوله: (لا بد أن
يدعي أنه رد عينه أو صفته) لعل أو بمعنى الواو والعطف تفسيري فاندفع ما يقال إن فرض المسألة أنه
تسلف الوديعة وشأن المتسلف أن لا يرد العين لأنه قد انتفع به وإلا فأين الانتفاع. قوله: (تفصيل)
بأن يقال قوله وبرئ إن رد غير المحرم أي المكروه كالمثلي لملئ ومفهومه أن المحرم فيه تفصيل تارة
لا يبرأ برده إن كان مقوما مطلقا وتارة يبرأ برده إن كان مثليا لمعدم. قوله: (تردد في ذلك) أي في إبراء
المعدم إذا تسلف المثلى ورده لمحله والحق الابراء وذلك لان المعدم إنما منع من تسلفها خشية أن
لا يردها فإذا ردها فقدا انتفت العلة التي منع لأجلها من تسلفها. قوله: (أو يقول إن احتجت الخ) فيه
إن هذا من أفراد الاذن وعطف الخاص على العام بأن لا يجوز وأجيب بأن المراد إلا بإذن مطلق أو
مقيد كأن يقول إن احتجت الخ. قوله: (فلا يبرأ الخ) فلو رد ما أخذه لمحله ثم ضاعت لم يبرأ مما تسلفه.
قوله: (والأحسن رجوع الخ) أي فالمعنى وحرم سلف مقوم ومعدم وكره النقد والمثلي كالتجارة إلا
بإذن فلا يحرم ولا يكره وبرئ إن رد غير المحرم إلا بإذن فلا يبرأ إلا برد ما أخذه منها لربه وخلاف
الأحسن رجوع الاستثناء لخصوص قوله وبرئ برد غير المحرم كما قرر أولا وإنما كان ما ذكره أحسن
لأنه أكثر فائدة. قوله: (وإذا أخذ بعض الوديعة) أي سلفا أو للتجارة. قوله: (حراما) أي كان
الاخذ بغير إذن حراما أو مكروها. قوله: (ضمن المأخوذ فقط) أي لأنه هو الذي تعدى عليه بأخذه
من غير إذن ربه ولأنه هو الذي تسلفه حالة الاذن. قوله: (على التفصيل إلخ) أي وهو ما إذا كان
ذلك البعض أخذه بإذن أو بغير إذن وكان الاخذ حراما سواء رده لمحله فيهما أم لا أو كان مكروها ولم يرده
وأما إن كان مكروها ورده فلا ضمان عليه لما أخذه ولا لما لم يأخذه. قوله: (أو بقفل) بفتح القاف
بمعنى الفعل كما يقتضيه مزج الشارح لا بالضم بمعنى الآلة وإن صح أيضا من جهة الفقه. قوله: (ولا تقفل
عليها) أي فخالف ووضعها فيه وقفله عليها فسرقت فيضمن لطمع السارق في الصندوق بسبب
قفله ولا يضمن غير السرقة كالحرق والسماوي عند ابن القاسم لقوله لا يضمن إلا
إذا تلفت بالوجه الذي قصد الاحتراز من أجله، فإن تلفت بغير السرقة لم يضمن ومفهوم قوله بنهي
أنه لو قفل عليها حيث لم ينهه فلا ضمان وأنه لو ترك القفل عليها مع عدم النهي وعدم
الامر فلا ضمان. وذكر ابن راشد في مذهبه أنه لو جعلها في بيته من غير قفل وله أهل علم خيانتهم
أنه يضمن لمخالفته العرف وظاهره ولو علم ربها بخيانتهم لأنه يجب على المودع حفظها ولو شرط
ربها خلافه لأنه شرط مناقض لحقيقتها. قوله: (لا إن زاد قفلا) بضم القاف بمعنى

422
الآلة. قوله: (فلا ضمان) وكذا لو وضعها في مثل ما أمر به في الاحراز كما لو قال له ربها اجعلها في هذا
الصندوق أو في هذا السطل فخالف وجعلها في مثله كما نقله أبو الحسن عن اللخمي. قوله: (أو أمر بربط الخ)
عطف على زاد قفلا. وحاصله أن رب الوديعة إذا لقي المودع في غير بيته فدفع الوديعة له وأمره
أن يربطها في كمه حتى يذهب بها إلى بيته فأخذها في يده أو وضعها في جيبه فضاعت فإنه لا يضمنها على
المختار. قوله: (إلا أن يكون قصد إخفاءها عن عين الغاصب) قال عبق انظر هل يقبل قول ربها أنه
أراد ذلك بمجرده أو لا بد من قرينة تصدقه في ذلك قال شيخنا والظاهر أنه لا بد من قرينة. قوله: (فلا
ضمان) وظاهره كان الجيب بصدره أو بجنبه وهو مقتضى كلام بهرام واستظهر شيخنا قصره
على الأول وأنه يضمن بوضعها في جيبه إذا كان بجنبه، ولو جعلها في وسطه وقد أمره بجعلها
في عمامته لم يضمن وضمن في العكس أي ما إذا أمره بجعلها في وسطه فخالف وجعلها في عمامته
وكذا في جيبه أو كمه انظر بن. قوله: (على المختار) راجع لما بعد الكاف أي على ما اختاره
اللخمي خلافا لما في الزاهي لابن شعبان من الضمان وكان الأولى أن يبدل قوله على المختار بقوله على الأحسن
لان الذي رجح القول بعدم الضمان إنما هو ابن عبد السلام لا اللخمي كما في المواق انظر بن.
قوله: (وأولى في غيره) أي كما لو حمل مالا لإنسان ليشتري له به بضاعة من بلد أخرى حتى أتى لموضع خوف
فأخذ ذلك المال في يده خوفا عليه ونزل ليبول فوضعه بالأرض ثم قام ونسيه فضاع ولم يدر محل وضعه
فإنه يضمن كما أفتى به ابن رشد وابن الحاج عصريه، لان نسيانه جناية على ذلك المودع خلافا لفتوى
الباجي وابن عبدوس بعدم الضمان وقول الشارح وأولى في غيره كأن وجه الأولوية أنه حصل منه
تصرف بنقلها. قوله: (وبدخوله الحمام بها) أي أو دخوله الميضأة بها لرفع حدث أصغر أو أكبر
فضاعت لكن محل الضمان فيهما حيث كان يمكن وضعها في محله أو عند أمين ولو كان المودع
غريبا في البلد لقدرته على سؤاله فيها عن أمين يجعلها عنده حتى يرفع حدثه وإلا لم يضمن. واعلم أن
قبوله لها وهو ذاهب للسوق كقبوله لها وهو يريد الحمام فإذا قبلها وضاعت في السوق ضمنها إذا كان
يمكنه وضعها عند أمين ومحل الضمان أيضا ما لم يعلم ربها عند الايداع أن المودع ذاهب للسوق أو للحمام،
فإن علم بذلك فلا ضمان إذا ضاعت في الحمام أو السوق على الظاهر قياسا على ما إذا أودعه وهو عالم
بعورة منزله كذا قرر شيخنا قال عبق والظاهر أنه يضمن في مصر إذا لم يجد أحدا يضعها عنده ودخل
الحمام بها لان عرف مصر أن الداخل يودع ما معه عند رئيس الحمام. قوله: (وبخروجه بها الخ) أي
وكذا بدفعها لمن يظنه ربها. قوله: (ولا يضمن إن نسيها في كمه) هذا مقيد بما إذا كانت غير منشورة
وإلا ضمن لأنه ليس بحرز حينئذ. قوله: (ولا إن شرط عليه الضمان الخ) أي فلا ضمان إذا تلفت. قوله: (لما فيه)
أي لما في شرط ضمانها. قوله: (وبإيداعها عند أمين) أي بغير إذن ربها فتلفت أو ضاعت. قوله: (وقد
أخذها) أي والحال أنه قد أخذها من ربها في السفر. قوله: (وإنما بالغ الخ) هذا يفيد أن قوله
وأن بسفر معناه وإن قبلها في سفر أي وضمن إن أودعها في حضر أو سفر هذا إذا قبلها في الحضر
بل وإن قبلها في سفر. قوله: (لغير زوجة وأمة الخ) منطوقه صادق بما إذا أودعها لأجنبي أو لزوجة
أو أمة أو عبد أو ابن أو أجير لم يعتادوا بذلك بأن جعلها عند الزوجة بإثر تزوجه أو عند الأمة أو العبد
بإثر شرائه أو عند الأجير بإثر استئجاره، ومفهومه صورة واحدة وهو إيداع المودع لها لزوجة أو أمة
أو ابن أو عبد أو أجير اعتيدوا لذلك بأن طالت إقامتهم عنده ووثق بهم فلا ضمان عليه إذا تلفت

423
أو ضاعت عند من ذكر وصدق المودع بالفتح في دفعها لأهله وحلف إن أنكرت الزوجة دفعه إليها إن
اتهم، وقيل مطلقا، فإن نكل غرم وليس لرب الوديعة تحليف أهل المودع
بالفتح إلا أن يكون المودع بالفتح معسرا فله لغير تحليفها ودخل في قوله زوجة وأمة الزوج فتضمن الزوجة إذا وضعت الوديعة
التي تحت يدها عنده على أحد قولين وعزاه ح لظاهر المدونة. قوله: (عند عجز الرد) كلام المدونة صريح
في أنه قيد في المسألتين قبله كما في المواق وطفي ا ه‍ بن. قوله: (ولا ضمان عليه إن تلفت أو ضاعت) أي
عند المودع الثاني. قوله: (فليس للمودع بالفتح الايداع) بل يبقيها عنده فإن ضاعت عنده فلا ضمان.
قوله: (وهذا مبالغة الخ) أي وحينئذ فالمعنى فإن حدثت له عورة بعد الايداع أو طرأ له سفر بعده
وعجز عن ردها لربها جاز له إيداعها وإن أودعت عنده في سفره. قوله: (بقيده) أي وهو العجز عن ردها
لربها. قوله: (ووجب الاشهاد الخ) أي وإذا حدثت له عورة أو أراد سفرا وعجز عن ردها لربها وأراد
إيداعها وجب عليه الاشهاد بالعذر لأجل أن ينتفي عنه الضمان إن أودعها وتلفت. قوله: (من غير أن تراه)
أي بل لا بد من أن يريهم إياه إذا كان عورة حدثت في البيت أو يقول لهم مرادي السفر وأن أضع
الوديعة عند فلان ويشرع في السفر بحضرتهم. قوله: (خلافا لما يوهمه الخ) أي فلو قال المصنف بدل قوله
ووجب الخ ولا بد من ثبوت العذر كان أحسن. قوله: (وبرئ إن رجعت سالمة) ليست هذه مكررة مع
قوله سابقا إلا أن ترد سالمة من السفر لان ما مر محمول على ردها سالمة من سفره بها وما هنا رجعت سالمة
من عند المودع الثاني لا من سفره فلا تكرار. قوله: (إذا زال العذر المسوغ لايداعها) هذا يفيد أن كلام
المصنف فيمن أودعها لعذر كسفر أو طرو عورة وهو كذلك أما من أودعها لغير عذر وجب عليه
استرجاعها مطلقا نوى الإياب أم لا ا ه‍ عبق. وحاصل كلام المصنف أن المودع بالفتح إذا أودعها
لعورة حدثت أو طرو سفر وجب عليه استرجاعها ممن هي عنده إذا رجع من سفره أو زالت العورة بأن
بنى جداره الذي سقط، ومحل وجوب استرجاعها إذا رجع من سفره إن كان قد نوى عند سفره الإياب
منه، فإن لم ينو الإياب عند سفره ندب له ترجيعها فقط إذا رجع والقول له أنه نواه فلا يضمن إذا لم يرجعها
وهلكت إلا أن يغلب الإياب من ذلك السفر وإلا لم يقبل قوله. قوله: (إن نوى الإياب) أي إن رجع من
سفره وقد كان نوى الإياب عند سفره. قوله: (فإن لم يسترجعها ضمن الخ) فلو طلبها المودع بالفتح ممن هي
عنده وامتنع من دفعها له فينبغي القضاء عليه بدفعها له، فإن حصل تنازع في نية الإياب وعدمها
فالظاهر أنه ينظر إلى سفره، فإن كان الغالب فيه الإياب فالقول قول المودع الأول فيقضي بدفعها له، وإن
كان الغالب فيه عدم الإياب أو استوى الأمران كان القول قول المودع الثاني فلا يقضي بدفعها للأول،
وحينئذ فلا يضمن الأول تلفها في هذه الحالة والذي تعلق ضمانها به الثاني ا ه‍ عدوي. قوله: (وببعثه بها)
يستثنى من كلامه من أودعت معه وديعة يوصلها البلد فعرضت له إقامة طويلة في الطريق كالسنة فله أن
يبعثها مع غيره ولا ضمان عليه إذا تلفت أو أخذها اللص بل بعثها في هذه الحالة واجب ويضمن إن
حبسها، وأما إن كانت الإقامة التي عرضت له قصيرة كالأيام فالواجب إبقاؤها معه فإن بعثها ضمنها
إن تلفت فإن كانت الإقامة متوسطة كالشهرين خير في إرسالها وفي إبقائها فلا ضمان إن أرسلها وتلفت
أو حبسها هذا ما ارتضاه ابن رشد كما في ح. قوله: (فضاعت أو تلفت) أي أو أخذها اللصوص.

424
قوله: (وكذا لو ذهب بها لربها الخ) أي وكذا لو ذهب المودع بالفتح بها لربها بغير إذنه ومثل بعث
المودع بها في الضمان وصى رب المال يبعث المال للورثة أو يسافر هو به إليهم من غير إذنهم فإنه يضمن
إذا ضاع كما نص عليه في التوضيح والمدونة، خلافا لما في كبير خش من عدم الضمان وكذا القاضي
يبعث المال لمستحقه من ورثة أو غيرهم بغير إذنه عند ابن القاسم خلافا لقول أصبغ بعدم ضمانه وإن
مشى عليه غير واحد انظر عبق. قوله: (فضاعت) أي أو تلفت أو أخذها منه اللصوص. قوله: (وضمن) أي
المودع بإنزائه الخ. قال شيخنا مثل المودع في ذلك الشريك فإذا أنزى على الحيوان بغير إذن شريكه فمات
فإنه يضمن حصة شريكه، وإن كان الموت من الولادة إلا أن يكون العرف أن الشريك يفعل ذلك من غير
إذن شريكه فلا ضمان عليه حينئذ. قوله: (عليها) أي على الوديعة إذا كانت نوقا أو شياها. قوله: (بلا إذن ربها) أي
وأما إن كان بإذنه فلا ضمان عليه، والقول قول ربها في عدم الإذن بيمين إذا تنازعا في الاذن وعدمه.
قوله: (بخلاف الراعي فلا ضمان عليه) أي إذا أنزى عليها فماتت تحت الفحل أو من الولادة
وهذا القول عزاه في المدونة لغير ابن القاسم والذي يأتي للمصنف في باب الإجارة ضمان الراعي وعزاه بهرام
في كبيره لابن القاسم في المدونة قال شيخنا والظاهر النظر للعرف والشرط. قوله: (وجمع الضمير) أي في قوله
فمتن وقوله بالنظر للمعنى أي لان الوديعة تصدق بمتعدد وأفرد الضمير أولا في قوله عليها نظرا للفظ لان لفظ وديعة
مفرد. قوله: (فماتت من الولادة) وأولى من الوطئ أي فيضمن ذلك المودع الذي تعدى وزوجها كما
يضمن الزوج إذا علم بتعدي المودع الذي زوجها له ويخير ربها في اتباع أيهما شاء، فإن لم يعلم
بتعديه بدأ بالمودع لأنه المسلط له عليها فإن أعدم المودع اتبع الزوج. قوله: (ثم اعترف) أي بها
بعد ذلك وادعى تلفها أو أنه ردها أو أقام ربها عليه بينة بالايداع فادعى تلفها أو أنه ردها فلا
تقبل دعواه الرد أو التلف حينئذ. قوله: (وإلا فالقول الخ) أي وألا يعترف بها ولم تشهد عليه بينة بالايداع
فالقول قوله. قوله: (ثم في قبول الخ) أي إن أقام ربها عليه بينة بها حين جحدها وأقام هو بينة بردها كان في قبول
بينة الرد خلاف مشهور كذا فقرر عبق فقد جعل موضوع الخلاف أن ربها أقام عليه بينة حين جحدها
وهذا يقتضي أنه لو أقر بعد الجحد ثم أقام بينة بالرد أنها تقبل من غير خلاف وليس كذلك بل لا فرق بين الاقرار
وإقامة البينة في جريان الخلاف، كما في المواق وتبصرة ابن فرحون ونقله ح وأشعر قوله بينة الرد أن المودع إذا
أنكر الايداع من أصله فأقام ربها عليه بينة بها فأشهد بينة بتلفها لا تقبل اتفاقا وليس كذلك بل الخلاف موجود
في كل من بينة الرد وبينة التلف، كما قاله جد عج والشيخ أحمد الزرقاني واستصوبه شيخنا، ثم الراجح من
القولين عدم قبول بينة الرد والتلف كما قال شيخنا واقتصر عليه في المج. قوله: (وقد جزم الخ)
حيث قال وإن أنكر مطلوب المعاملة فالبينة ثم لا تقبل بينته بالقضاء أي ثم إذا شهدت
البينة عليه لا تقبل الخ وإنما جزم في الدين بعدم القبول لان الدين في الذمة والأصل بقاء ما فيها
بخلاف الوديعة فإنها أمانة ولما جحدها وظهرت خيانته وأقام بينة بالرد صار لتلك البينة طرفان
مرجحان طرف الأمانة مرجح لقبولها، وطرف الجحد مرجح لعدمه، فلذا جرى الخلاف في الوديعة.
قوله: (أن الراجح قبولها) هذا يقتضي أن القول بعدم قبولها في القراض مرجوح بخلاف
القول هنا بعدم قبولها فإنه مشهور والذي يقتضيه نقل ح في باب الوكالة كما قال بن استواء
الوديعة والقراض والبضاعة في وجود الخلاف في الجميع، وإن من قال بقبول البينة قاله في
الجميع، ومن قال بعدم قبولها قاله في الجميع، وأن الراجح من القولين عدم قبولها في الجميع
وحينئذ فلا فرق أصلا. قوله: (وبموته الخ) مثل الوديعة من تصدق على ابنه الصغير بثياب أو غيرها
وأراها للشهود وحازها للولد تحت يده ثم مات ولم توجد في تركته فيقضي له بقيمتها من التركة إلا لكعشر

425
هذا هو الصواب كما قال ابن سهل. قوله: (ولم يوص بها) ممفهومه أنه لو أوصى بها لم يضمنها فإن كانت باقية
أخذها ربها وإن تلفت فلا ضمان ويدخل في إيصائه بها ما لو قال هي بموضع كذا ولم توجد فلا يضمنها
كما قال أشهب وتحمل على الضياع لأنه بقوله هي بموضع كذا كأنه ذكر أنه لم يتسلفها وهو مصدق
لأمانته. قوله: (أي تؤخذ من تركته) أي يؤخذ عوضها وهو قيمتها أو مثلها من التركة ويحاصص
صاحبها بذلك مع الغرماء وهذا معنى ضمان الميت لها لا أنه يتبع بمثلها أو بقيمتها في ذمته كما قيل،
وفائدة ذلك أنه لا يحاصص بها مع الغرماء بل إن فضل بعدهم شئ كان للوديعة وإلا فلا. والحاصل أن
المودع إذا مات ولم يوص بها فإنه يضمنها، وهل تكون متعلقة بتركته أو بذمته خلاف، والمشهور
الأول وقد علمت فائدة كل من القولين انظر بن. قوله: (لاحتمال أنه تسلفها) أي وهو الأقرب وأما
احتمال ضياعها فهو بعيد إذ لو ضاعت لتحدث بضياعها قبل موته. قوله: (والأولى حذف الكاف) أي
لأنها لم تدخل شيئا لان العشرة طول فما زاد عليها أولى. قوله: (إذا لم تكن الوديعة ببينة الخ)
أي إذا لم تكن ثابتة ببينة بل بإقرار المودع أو ببينة غير مقصودة للتوثق. قوله: (وإلا فلا تسقط الخ)
أي وإلا بأن كانت ثابتة ببينة مقصودة للتوثق ومثلها البينة الشاهدة بها بعد جحده لها فلا
تسقط الخ. قوله: (وأخذها الخ) يعني أن من مات وعنده وديعة مكتوب عليها هذه وديعة فلان بن
فلان فإن صاحبها يأخذها بشروط أن يثبت بالبينة أن الكتابة بخط صاحب الوديعة أو بخط الميت، ولو
وجدت أنقص مما كتب عليها ويكون النقص في مال الميت إن علم أنه تصرف في الوديعة وإلا لم
يضمن. قوله: (وأخذها بكتابة الخ) أي وأولى ببينة لا بأمارة لاحتمال أنه رآها. قوله: (معمول كتابة)
أي أو بدل منها أو بيان إن كانت الكتابة بمعنى المكتوب. قوله: (جملة) فيه مسامحة بل جزء جملة لما
سيذكره أن قوله أن ذلك خطه فاعل ثبت. قوله: (بكسر الدال) أي لظالم صادره وضايقه ليأخذها منه
ويصح فتح الدال ومعناه أن رب الوديعة إذا صادره وضايقه ظالم لأجل أخذ مال منه وحين المصادرة
ذهب المودع بالفتح ودفعها للمودع بالكسر بحضرة الظالم عالما بذلك فأخذها الظالم فإن المودع بالفتح
يضمن بسبب ذلك لأنه يجب عليه إخفاؤها عن الظالم وحفظها. تنبيه: لو خشي المودع بعدم
السعي بها للمصادر اطلاعه عليه ونهب متاعه معها بادعاء أن الجميع للمصادر لجاز له السعي بها للمصادر
كما قرره بعضهم وفيه شئ إذ لا يجوز لاحد أن يصون ماله بمال غيره كذا كتب بعض تلامذة عبق
عنه. قوله: (وكذا إن دله عليها) أي على الوديعة وقوله كمن دل لصا على المال أي سواء كان وديعة
أو غيرها. قوله: (وبموت المرسل معه) أي وتضمن الوديعة بموت الرسول الذي أرسلت معه كان من
طرف ربها أو من طرف المودع قبل أن يصل لبلد ربها وقد ضاعت ولم توجد معه والضامن لها
في هذه الحالة هو الرسول وحينئذ فتؤخذ من تركته، وأما إن مات ذلك الرسول بعد وصوله لبلد ربها ولم
توجد الوديعة معه فلا ضمان على الرسول والمصيبة على ربها إن كان ذلك الرسول رسوله، وعلى المودع إن
كان ذلك الرسول رسوله لان المودع لا يبرأ إلا بوصول المال لربه أو لرسول ربه ببينة أو إقرار. تنبيه:
مفهوم موته أنه إذا لم يمت وكذب المرسل إلي ذلك الرسول بأن ادعى الرسول أنه أوصلها للمرسل
إليه والمرسل إليه ينكر ذلك لم يصدق الرسول إلا ببينة ولا يعمل بتصديق المودع لذلك الرسول
على أنه أوصلها للمرسل إليه ويضمن ذلك المودع أيضا إن كان قد دفعها للرسول بغير إشهاد لأنه لما دفع
لغير اليد التي ائتمنته كان عليه الاشهاد فلما تركه صار مفرطا، وأما إن دفع له بإشهاد فقد برئ ويرجع
المرسل إليه على الرسول عند عدم البينة. قوله: (ومثل الوديعة غيرها من دين أو قراض) أشار بهذا
إلى أن هذا التفصيل المذكور في الوديعة يجري بعينه في إرسال المدين ما عليه من الدين

426
لربه بإذنه وفي إرسال عامل القراض رأس المال لربه مع رسول بإذنه فيموت ذلك الرسول ولم
يوجد المال معه، فيقال إما أن يموت قبل الوصول لمحل ربه أو بعده، وفي كل إما أن يكون ذلك الرسول
من طرف المال أو من طرف مرسله على ما مر. قوله: (لم يضمن) أي ذلك الرسول. قوله: (ويحمل
على أنه أوصلها لربها) أي وللمنازع وهو من كان ذلك الرسول من طرفه تحليف وارثه أنه لا يعلم
لذلك الشئ سبيلا. قوله: (وإن مات بعده الخ) إذا علمت هذا الحاصل تعلم أن كلام المصنف يصح أن
يحمل على رسول رب الوديعة وعلى رسول المودع لان تفصيله في ضمان الرسول جار في رسول المودع
والمودع، خلافا للشيخ أحمد الزرقاني فإنه قصر كلام المصنف على رسول رب الوديعة. قوله: (وركوب
الدابة كذلك) والضامن لها المودع بالفتح إن كان اللبس أو الركوب حاصلا منه أو من غيره بإذنه
وأما إن حصل من غيره بغير إذنه كغاصب فلا ضمان على المودع والضمان إنما هو على المتعدي.
قوله: (والقول له أنه ردها سالمة) هذا لا يخالف مفهوم قوله سابقا وبرئ إن رد غير المحرم أي، وأما المحرم
فلا يبرأ إلا بشهادة بينة برده لربه لا برده لمحل الايداع لان ما هنا انتفاع بها حال كونها وديعة وما
تقدم انتفاع بها بعد أن تسلفها فما هنا باقية في أمانته وما تقدم خرجت من أمانته لذمته ا ه‍ عبق.
قوله: (سالمة) أي وأنها إنما تلفت بعد الرد. قوله: (وعليه الكراء) أي إن كان رب الوديعة شأنه أخذ الكراء
وإلا فلا كراء عليه هذا هو الحق خلافا للشارح من إطلاق لزوم الكراء تبعا للح في أول الغصب
قاله شيخنا العدوي. قوله: (وأما لو شهدت عليه بينة بالفعل) أي بعد إنكاره له. قوله: (ورجعت بحالها)
أي من غير نقص في ذاتها ولو تعيبت كما في عج. قوله: (إلا أنه حبسها عن أسواقها) أي حتى تغيرت
أسواقها بنقص ومثل تغير سوقها ما إذا طال الزمان طولا مظنة لتغير سوقها كما قال شيخنا. قوله: (بأن
نقصت الخ) أي بأن كانت قيمتها وقت كرائها أكثر من قيمتها وقت رجوعها. قوله: (ولو كانت
للقنية) أي هذا إذا كانت تراد للبيع بل وإن كانت مرادة للقنية هذا هو الصواب كما في طفي، خلافا
لما قاله اللقاني وتبعه خش من أن الوديعة إذا أكراها المودع ورجعت سالمة إلا أنه تغير سوقها، فإن
كانت للقنية فليس لربها إلا كراؤها، وأما إن كانت للتجارة فيخير ربها على ما قال المصنف فحمل كلام
المصنف على خصوص التي للتجارة. قوله: (أن عيك) أي يا ربها حيث أخذتها مع الكراء. قوله: (وليس له)
أي ليس للمودع بالفتح إذا زادت النفقة على الكراء أن يأخذ من ربها زائد النفقة.
والحاصل أن النفقة والكراء إن تساويا أو زادت النفقة على الكراء فإن ربها يأخذها ولا يدفع شيئا
ولا يأخذ شيئا معها وأما إن زاد الكراء على النفقة فإنه يأخذها ويأخذ زائد الكراء. قوله: (كذلك)
أي إذا رجعت غير سالمة فيخير ربها إن شاء أخذها وأخذ أجرة المسافة التي تعدى بها وعليه
حينئذ نفقتها، فإن زادت النفقة على الكراء لم يغرم ربها شيئا ولا يأخذ معها شيئا، وإنما قلت إن
رجعت غير سالمة لأنها إذا رجعت سالمة ليس له الاكراء الزائد كما يأتي في الغصب. قوله: (إن تلفت
فلربها القيمة الخ) أي ولا كراء لها ولو كان أكثر القيمة ولو طلبه ربها ما لم يرض المودع بدفعه
له إذا طلبه. قوله: (وإن نقصت) أي وإن رجعت ناقصة في ذاتها بأن رجعت مريضة أو هزيلة
وسواء حبسها عن أسواقها أم لا. والحاصل أن التخيير الذي قاله المصنف يجري فيما إذا

427
رجعت سالمة بحالها وفيما إذا رجعت ناقصة إلا أنها إن رجعت ناقصة خير على الوجه المذكور مطلقا
حبسها عن أسواقها أم لا، وأما إذا رجعت بحالها فإنما يخير التخيير المذكور إذا حبسها عن أسواقها هذا
هو الصواب. قوله: (ويدفعها) أي وضمنها المودع بدفعها. قوله: (وأنكر ربها) أي أنكر أن يكون أمره
بدفعها لذلك الشخص. تنبيه: مثل إنكار ربها إنكار ورثته إن مات ففي ح لو مات المودع بالكسر
فادعى المودع بالفتح أنه أمره قبل موته بدفعها لفلان فإنه يضمن ولا يصدق ويحلف ورثة المودع
على نفي العلم. قوله: (وتلفت) أي والحال أنها قد تلفت عند ذلك الشخص الذي دفعت له أو ضاعت
منه. قوله: (على الصور الأربع) أي دعواه أنه أمره بدفعها لذلك الشخص مباشرة أو بواسطة كتاب
يعني غير مطبوع أو غير خط المودع بالكسر أو بواسطة رسول أو أمارة. قوله: (ولا رجوع له) أي للمودع
وقوله حينئذ أي حين إذا أنكر ربها الامر بالدفع وحلف على ذلك وقوله لاعترافه الخ الاعتراف
المذكور إنما يكون عند تحقق إذنه بالدفع له بأن أمره مشافهة وأما إن لم يتحقق إذنه بالدفع له بأن
حسن الظن بأمارته أو برسوله أو بكتابه غير المطبوع أو الذي هو غير خطه فإنه يرجع على القابض
حيث كانت قائمة بيده أو أتلفها لا إن تلفت بغير سببه وذلك لعلم المودع بعدم تعديه في القبض، وهذه
طريقة اللخمي، والمعتمد أن له الرجوع عليه حيث كانت قائمة بيده أو أتلفها ولو صدقه على أنه قبض
بوجه صحيح قاله شيخنا. وفي بن أن المودع حيث ضمن في هذه الحالة وهي ما إذا أنكر ربها الامر
وحلف كان له الرجوع على القابض ولو تحقق إذن ربها له في الدفع بأن أمره مشافهة أو عرف الخط
والامارة، كما في النوادر عن ابن المواز، ولا بمنعه من الرجوع عليه تصديقه فيما أتى به من الامارة والخط،
ونحوه لابن سهل، وقول اللخمي أنه لا رجوع للمودع على القابض إذا اعترف بأنه قبض بوجه
صحيح بأن تحقق إذنه له في الدفع وأن المودع ظالم اختيار له مخالف لما ذكره ا ه‍ كلامه والأوجه
ما قال اللخمي ولذا اقتصر في المج عليه. قوله: (قد ظلمه) أي بإنكاره الامر بالدفع. قوله: (حلف المودع)
أي أنك أمرته بدفعها لذلك الشخص. قوله: (في جميع الصور) أي الأربعة السابقة. قوله: (إلا ببينة)
أي تشهد بأن ربها أمر المودع بدفعها لذلك الشخص وهذا مفهوم قوله مدعيا أنك أمرته به ومثل
البينة الكتاب المطبوع مع الشهادة على أن الخط خط صاحب الوديعة. قوله: (على ربها الآمر) مقتضى
حل الشارح أن الآمر يقرأ بالمد وهو غير متعين بل يصح سكون الميم أي إلا ببينة تشهد على ربها
بالأمر بالدفع له. قوله: (وهذا الاستثناء من قوله وبدفعها) أي وضمن المودع بدفعها لشخص إلا
ببينة تشهد على ربها بالأمر بالدفع له. قوله: (ورجع الخ) أي وحيث قامت بينة للدافع على أن ربها
أمره بدفعها لفلان وقلتم لا ضمان على الدافع حينئذ، فإن ربها يرجع على القابض إن ثبت تعديه عليها
وإلا فلا رجوع على القابض كما أنه لا رجوع له على الدافع، فقول الشارح وهذا أي رجوع الآمر
على القابض إن ثبت تعديه عليها أي أو كانت قائمة بيده. قوله: (راجع لقوله إلا ببينة) أي وأما الصور
الأربعة التي قبل إلا فلا يرجع المودع فيها على القابض كما قال الشارح تبعا للخمي ويصح أن
يجعل قول المصنف ورجع على القابض راجعا لما قبل إلا أي وحيث ضمن المودع في الصور
الأربع التي قبل إلا وغرم رجع على القابض بما دفعه له وعلى هذا يكون المصنف ماشيا على طريقة
ابن المواز المعتمدة. والحاصل أنه إن جعل قوله ورجع الخ راجعا لما بعد إلا كان المصنف
ساكتا عن رجوع المودع على القابض في الصور الأربع التي قبل إلا وعدم رجوعه عليه، وأما
إن جعل راجعا لما قبل إلا كان متكلما على ذلك وساكتا عن الرجوع وعدمه فيما بعد إلا.
قوله: (وإلا فلا) أي وإلا يثبت تعديه بأن تلفت بغير سببه فلا رجوع له على القابض كما لا رجوع

428
له على الدافع لعدم تعدي القابض في قبضها والدافع في دفعها. قوله: (شاهد على قول الباعث) أي
من أنه أرسل ذلك وديعة أو صدقة وليس المراد أنه شاهد على فعل نفسه لان الفرض أن المبعوث له
مصدق على القبض. قوله: (لتمسكه بالأصل) أي وهو عدم الصدقة لان الأصل عدم خروج الشئ
عن ملك ربه على وجه خاص، والأصل كالشاهد فلما انضم الأصل للشاهد صار الباعث كأن معه
شاهدين فلذلك أخذ المال من غير يمين. قوله: (لكن بيمين) أي لان الأصل كالشاهد الواحد فلذا
حلف معه. قوله: (أم لا) بأن كان باقيا بيد الرسول أوليس بيد واحد منهما وقوله مليئا أو معدما
أي كان المبعوث له المال مليئا أو معدما وكان على الشارح أن يزيد وسواء شهد للرسول بينة على
الدفع للمرسل إليه أم لا. قوله: (وهو قول ابن القاسم) وذلك لعدم تعدي الرسول بالدفع للمبعوث له
بسبب إقرار ربها أنه أمره بالدفع لمن ذكر فشهادته جائزة. قوله: (وظاهر المدونة) أي أن تأويل
الاطلاق هو ظاهرها وهو للقاضي إسماعيل. والحاصل أن ابن القاسم جعله شاهدا وأطلق ولم
يجعله أشهب شاهدا وأطلق فقيل بينهما خلاف والمعتمد ما قاله ابن القاسم من جعله شاهدا مطلقا
وهو تأويل القاضي إسماعيل وقيل بينهما وفاق فكلام ابن القاسم محمول على ما إذا كان المال باقيا أو
عدم وكان المرسل إليه مليئا أو قامت بينة على الدفع للمرسل إليه، وكلام أشهب محمول على ما إذا لم يكن
المال باقيا والمبعوث له معدم ولم تقم بينة على الدفع له، وهو تأويل ابن أبي زيد ومذهب سحنون
التفصيل على نحو تأويل الوفاق انظر بن. قوله: (إن كان المال بيده) المراد بكونه بيده كونه قائما سواء
كان بيده أو بيد غيره أي أو لم يكن قائما بل عدم وكان المبعوث له مليئا أو معدما وشهدت بينة على
الدفع للمرسل إليه. وقوله لا عند عدمه أي عدم المال أي والحال أن المبعوث له معدم ولم تقم بينة بالدفع له.
قوله: (لأنه يتهم الخ) وذلك لان المرسل إليه حيث كان معدما ولم يكن المال موجودا ولم تقم بينة على
الدفع له فإن الرسول يضمن ولو كان المرسل إليه مقرا بالقبض لاحتمال أن يكون الرسول أخذ المال
وتواطأ مع المرسل إليه المعدم فإقرار المرسل إليه المعدم بالقبض لا ينفعه على أحد القولين بخلاف
الاشهاد على القبض فإنه ينفعه. قوله: (تأويلان) محلهما إذا لم يكن المال باقيا بيده ولم تقم بينة على الدفع
له رسل إليه والمبعوث إليه معدم فيجوز شهادة الرسول على قول المرسل في هذه الحالة على الأول
لا على الثاني. قوله: (يتفقان عند وجود المال بعينه) أي بيد الرسول أو بيد المبعوث إليه أو لم يوجد بيد
واحد منهما وكان المرسل إليه مليئا أو قامت بينة للرسول على الدفع للمرسل إليه والخلاف بين التأويلين
إنما هو في صورة ما إذا كان المال غير موجود أصلا وكان المرسل إليه معدما ولا بينة
للرسول بالدفع للمرسل إليه فعلى الأول تجوز شهادة الرسول على قول المرسل لا على الثاني. قوله: (لأنه دفع لغير يد المؤتمن)
أي ومن ادعى الدفع لغير من ائتمنه فلا يصدق إلا ببينة فلما قصر بترك الاشهاد ضمن. قوله: (وكذا
دعوى وارث المودع أنها ردها إليك) أي فإنه يضمن كما في ح عن الجواهر وكذا إذا ادعى وارث
المودع بالفتح أن مورثه دفعها قبل موته لوارثك يا مودع فالضمان في هذه الصور الأربع وأما إن
ادعى ورثة المودع بالفتح على ورثة المودع أو على المودع أن مورثهم قد ردها للمودع قبل موته فلا ضمان
عليهم في هاتين الصورتين، كما أنه لا ضمان إذا ادعى المودع بالفتح على المودع بالكسر أنه ردها له والحال
أنه لم يقبضها ببينة مقصودة للتوثق أو ادعى المودع بالفتح على ورثة المودع بالكسر أنه ردها
لمورثهم قبل موته. والحاصل أن صاحب اليد المؤتمنة إذا كانت دعوى الدفع منها لليد التي
ائتمنها فلا ضمان على المدعي سواء كانت الدعوة صادرة من ذي اليد المؤتمنة أو من وارثه على
ذي اليد التي ائتمنته أو على وارثه وفيما عدا ذلك الضمان. قوله: (أو على المرسل إليه المنكر) عطف

429
على وارثك أي وتضمن الوديعة بدعوى الرد على المرسل إليه المنكر. وحاصله أن المودع إذا أرسل
الوديعة مع رسوله إلى ربها بإذنه فأنكر ربها وصولها إليه ولا بينة تشهد عليه بقبضها من الرسول فإن
الرسول يضمنها لتفريطه بعدم الاشهاد. قوله: (أو لم يعلم إقراره) أي بقبضها من الرسول لموته فيضمنها
الرسول لورثته لتفريطه بعدم الاشهاد ومحل ضمان الرسول ما لم يشترط على المودع عدم الاشهاد على
دفعها لربها، فإن اشترط ذلك فلا ضمان عليه والضمان على المودع، وسيأتي للشارح التنبيه على ذلك.
قوله: (فإنه يضمن) أي لأنه إنما ائتمنه على حفظها لا على ردها. قوله: (إن كانت له بينة الخ) الظاهر أن مثل
البينة المذكورة أخذ ورقة على المودع بالفتح بخطه كما يقع الآن. قوله: (ويحتمل أن ضمير له للايداع)
أي واللام بمعنى على وقوله أيضا أي كما أن ضمير به للايداع. قوله: (بأن يقصد) أي المودع بالكسر
بتلك البينة وقوله أن لا تقبل دعوى الرد أي من المودع بالفتح. قوله: (ويشترط علم المودع بذلك) أي
بتلك البينة. قوله: (فلا تكفي) أي في الضمان بينة الاسترعاء أي لأنه يقبل معها دعوى الرد. قوله: (ولا
مقصودة لشئ آخر) كما لو أشهدها خوفا من موت المودع ليأخذها من تركته أو يقول المودع بالفتح
أخاف أن تدعي أنها سلف فاشهد لي بينة أنها وديعة فأشهدها فيصدق في دعوى الرد، كما إذا تبرع المودع
بالفتح بالاشهاد على نفسه بالقبض، كما قال عبد الملك وقال ابن زرب ونحوه لابن يونس لا يبرأ إلا
بالاشهاد لأنه ألزم نفسه حكم الاشهاد وبما قرره الشارح علم أن المصنف حذف بعد مقصودة قيدا لا بد
منه وهو للتوثق لان المقصودة أعم. قوله: (ولو مع البينة المقصودة للتوثق) أي لأنه أمين على حفظها.
قوله: (ونحوه) أي كغرق وأكل فار. قوله: (وهو مصدق الخ) أي وأما إذا قال لا أدري أتلفت بحرق أم
رددتها أو لا أدري هل ضاعت بسرقة أم رددتها فإنه يضمن فيهما أن قبضها ببينة مقصودة للتوثق
لأنه ادعى أمرين غير مصدق في أحدهما، وإن لم يقبضها ببينة مقصودة للتوثق فلا ضمان عليه ويحلف
مطلقا سواء كان متهما أو غير متهم حقق عليه الدعوى أم لا في صورة ما إذا قال لا أدري هل تلفت أو
رددتها أو ضاعت أو رددتها والحال أنه لم يقبض ببينة مقصودة للتوثق. قوله: (وحلف المتهم) قيل هو
من يشار إليه بالتساهل في الوديعة وقيل هو من ليس من أهل الصلاح. قوله: (في دعوى التلف أو
الضياع) أي وكذا في صورة دعوى عدم العلم بالتلف أو الضياع وقوله وحلف المتهم أي سواء حقق
رب الوديعة عليه الدعوى أو اتهمه. قوله: (دون غيره) أي دون غير المتهم فلا يحلف إذا لم يحقق عليه
الدعوى وأما إذا حققت عليه الدعوى فإنه يحلف وهذا كله في المسائل الثلاث دعوى التلف
أو الضياع ودعواه عدم العلم بالتلف أو الضياع، وأما في دعوى الرد فقط وفي قوله لا أدري هل
تلفت أو رددتها، والحال أنه ليس هناك بينة مقصودة للتوثق فإنه يحلف كان متهما أم لا حقق
عليه الدعوى أم لا. قوله: (حلفت يا ربها وألزمته الغرم في دعواك التحقيق) فإن لم تحلف في
التحقيق صدق المودع بالفتح. قوله: (وأما في الاتهام فيغرم بمجرد نكوله) أي لان يمين التهمة
لا تنقلب كذا لعج فحمل كلام المصنف على خصوص دعوى التحقيق ونحوه قول المواق لم يقل
ابن يونس في المتهم إذا نكل إلا عدم رد اليمين والذي في التوضيح وابن عبد السلام وابن راشد
وأصله للبيان أن يمين التهمة تنقلت هنا على المشهور وكأنهم شددوا هنا مراعاة للأمانة وحينئذ
فيحمل المصنف هنا على يمين التهمة وغيرها ا ه‍ بن. قوله: (ولا إن شرط على رب المال) لعل الأولى
إن شرط الرسول على المودع بالفتح إذ هذا هو المناسب لجعل هذا تقييدا لقوله سابقا أو المرسل إليه

430
المنكر تأمل. قوله: (فيعمل بشرطه) أي من جهة عدم تضمينه، وأما المرسل فإنه يضمن للمرسل إليه
حيث لم يشهد الرسول على الدفع. قوله: (وبقوله تلفت الخ) صورته أن المودع لقي المودع يوم السبت
فطلب منه الوديعة فامتنع المودع من دفعها لعذر اعتذر به أو لغير عذر ثم إنه لقيه في ثاني يوم فطلبها
منه فقال له إنها تلفت قبل أن تلقاني أمس فإنه يضمن. قوله: (لان سكوته عن بيان تلفها) أي حين لقيه
أولا. قوله: (وامتنع من دفعها) أي والحال أنه امتنع من دفعها له حين الملاقاة أولا بلا عذر ثابت بأن
امتنع لغير عذر بالكلية أو لعذر محتمل. قوله: (لم يضمن) أي لحمله على أنها تلفت قبل اللقاء ولم
يعلم به إلا بعده. قوله: (كان هناك عذر) أي منع من دفعها له حين لقيه أولا أو لا. قوله: (حتى يأتي
الحاكم) أي من سفره ويدفعها له بحضرته أو حتى تأتي البينة ويدفعها له بحضرتها وأما إذا منعت
المرأة الوديعة حتى يقضي زوجها حاجته فتلفت فلا ضمان عليها كما في ح. قوله: (فضاعت) أي
قبل حضور القاضي أو البينة وإنما ضمن لأنه يصدق في دعواه الرد فلا يحتاج لدفعها لربها بحضرة الحاكم
أو البينة وحينئذ فهو متسبب في ضياعها بحبسه لها. واعلم أن مثل الوديعة فيما ذكر الرهن فإذا طلب
ربه فكاكه وامتنع المرتهن من دفعه حتى يأتي الحاكم فتلف قبل إتيانه فإنه يضمنه إن لم يكن
قبضه ببينة مقصودة للتوثق. قوله: (وإلا فلا ضمان) أي إذا حبسها لمجئ القاضي أو البينة فضاعت
أو تلفت قبل حضور من ذكر. قوله: (وكنت أرجوها) كتب بعضهم أنه ينبغي أن ذكر هذا
لا بد منه في نفي الضمان وأنه لو لم يذكره لضمن، وذلك لان ربها يقول له لو أعلمتني بضياعها كنت
أفتش عليها فترك إعلامك لي تفريط منك. قوله: (فلا ضمان) أي ولو لم يخبر بذلك أحدا. قوله: (ولو
حضر صاحبها) أي هذا إذا كان صاحبها غائبا بل ولو حضر صاحبها خلافا لمن قال أنه
يضمن إن كان صاحبها حاضرا بالبلد لان ترك إعلامه بضياعها دليل على كذبه. قوله: (تشبيه تام
في قوله وبقوله تلفت الخ) أي فيضمن العامل مال القراض إذا طلبه ربه فمنعه منه ولو لعذر ثم قال له بعد
ذلك ضاع قبل أن تلقاني أو بعد أن لقيتني إن منعه أولا لغير عذر ثابت ولا ضمان إذا تلفت وقال لا أدري
متى تلفت وضمن بمنعه من ربه حتى يأتي الحاكم إذا كان ليس عليه بينة للتوثق لا إن قال ضاع من
سنين وكنت أرجوه. قوله: (وأما قبله) أي قبل نضوض المال. قوله: (لمن ظلمه بمثلها) أي مملوكة لمن ظلمه
وقوله بمثلها متعلق بظلمه والباء سببية وبعدها مضاف محذوف أي بأخذ مثلها وتقدير الكلام وليس
له الاخذ منها إذا كانت مملوكة لمن ظلمه بسبب أخذ مثلها أي في القدر والجنس والصفة. قوله: (إن أمن
العقوبة) أي إن أمن على نفسه العقوبة بالضرب فما فوقه من حبس أو قطع أو قتل. قوله: (والرذيلة)
أي كأن ينسب للخيانة لان حفظ العرض واجب كالنفس. قوله: (ويشهد له الخ) أي وأما خبر
أد الأمانة لمن ائتمنك، ولا تخن من خانك فأجاب ابن رشد بأن معنى ولا تخن الخ أي لا تأخذ أزيد
من حقك فتكون خائنا وأما من أخذ حقه فليس بخائن. قوله: (ولا أجرة حفظها) عطف على الاخذ
منها أي وليس له أجرة حفظها. قوله: (لان حفظها نوع من الجاه) هذا يقتضي مع أخذ الأجرة على
الحفظ ولو اشترطت أو جرى بها عرف ولا وجه له إذ المذهب جواز الأجرة على الحراسة كما قال

431
ابن عبد السلام فالأولى أن يقال إنما منع أخذ الأجرة على الحفظ لان عادة الناس أنهم لا يأخذون لحفظ
الودائع أجرة. والحاصل أن تفرقة المصنف بين الحفظ والمحل فيما إذا كان العرف أخذ أجرة المحل
دون الحفظ ولو انعكس العرف انعكس الحكم أو استوى العرف استوى الحكم. قوله: (بخلاف محلها)
أي الكائنة فيه فقط من المنزل أو الحانوت كان ملكا للمودع أو بالكراء فله أجرته أي ما لم يشترط
المودع بالكسر عدمه أو يجر العرف بعدمه. قوله: (فلربها أخذها) أي من عند المودع وترك الايداع
وقوله ردها له أي بعد الايداع بل له عدم قبولها من أول الأمر وبالجملة أنها جائزة من الجانبين بالنظر
لذاتها لا لما يعرض لها من وجوب أو حرمة أو غيرهما من بقية الأحكام الخمسة، فالوجوب كمال في
يد محجور عليه إذا لم يؤخذ منه تلف وكما يقع في زمن النهب من الايداع عند ذوي البيوت المحترمة
والحرمة كقبولها من غاصب ليحفظها ثم ترد له لا لربها. قوله: (أو أقرضه) أي دفع له ما لا يعمل فيه
قراضا وأفرد الضمير لان العطف بأو. قوله: (هو المسلط له) أي لمن ذكر من الصغير والسفيه. قوله: (عليها)
أي على إتلافها أي على إتلاف ما ذكر من الوديعة والقراض والمبيع. قوله: (وإن كان قبوله) أي
قبول من ذكره من الصغير والسفيه وقوله لما ذكر أي من الوديعة والقراض والمبيع وقوله بإذن أهله
أي في قبول الوديعة أو القراض أو الشراء والذي حرره أبو علي المسناوي رجوع المبالغة للوديعة
فقط كما يفيده لفظ المدونة في المواق وأما إن اشترى بإذن وليه أو قبل القراض بإذن وليه وأتلف
القراض أو ما اشترى فضمانه من وليه انظر بن. قوله: (فيضمن) أي وليه الناصب له لا الصبي
ما أتلفه مما اشتراه أو دفع له قراضا أو وديعة ومحل عدم الضمان أيضا في الوديعة والقراض والمبيع ما لم
يصون الصبي أو السفيه ماله بما أخذه، وإلا ضمن ما أتلفه في المال الذي صونه به أي أنه يضمن القدر
الذي صونه فقط مما كان ينفق مثله عادة ولا يعتبر زيادة الترفه على أكله أو لبسه فإذا تلف المال الذي
صونه به فلا ضمان عليه ولو استفاد غيره. قوله: (وتعلقت الوديعة بذمة العبد المأذون) أي إذا أتلفها.
قوله: (فتؤخذ منه الآن) أي إن كان له مال أو مما يطرأ له من المال والمراد أنه يؤخذ منه الآن عوضها.
قوله: (وليس للسيد فسخ ذلك عنه) أي اسقاط عوضها عنه. قوله: (إن كان لسيده) أي وأما
إن كان له أخذت منه. قوله: (وتعلقت بذمة غيره) أي إذا أتلفها وظاهره تعلقها بذمة العبد وإن
أذن له سيده في قبولها ولا شئ على السيد وهو كذلك. قوله: (لا برقبته) أي بحيث تدفع رقبته لرب
الوديعة إن لم يفده سيده. قوله: (إن لم يسقطه السيد) ذكر الضمير باعتبار عوض الوديعة أو باعتبار
معناها وإنما كان للسيد اسقاط عوضها عنه لأنه دين وهو يعيب العبد لأنه ينقص من ثمنه إذا أراد
بيعه لان مشتريه يريد أنه إذا مات بعد أن أعتقه وله مال ولا وارث له استبد بماله ولا يأخذه غرماؤه.
قوله: (وإن قال هي لاحد كما) أشعر ذلك أنه حي أما لو مات وقال الوارث لا أدري هي لمن منكما إلا إن أبي
كان يذكر أنها وديعة فالحكم أنها توقف أبدا حتى يستحقها واحد منهما أو من غيرهما بالبينة لان الموضوع
أن المودع لم يعينهما ولا غيرهما. قوله: (تحالفا الخ) أي بخلاف الدين إذا قال المدين هو لاحد كما ونسيته
فإنه يغرم لكل واحد قدر ما عليه كذا قال عبق والذي في بن إن في كل من الوديعة والدين خلافا.
ونص ابن عرفة وفي كون الدين كالوديعة أو عكسه ثالثها التفرقة المذكورة لأنه يشدد فيما في الذمة
أكثر من الأمانة، ولو قال لمن تنازعاها لأحدكما ونسيته ثم قال هي ليست لواحد منكما لم يقبل قوله
وكانت بينهما بعد حلفهما. قوله: (جعلت بيد الأعدل) أي جعلها الحاكم بيد الأعدل. قوله: (فإن تساويا
في العدالة الخ) أي وأما لو كانا غير عدلين فهل توضع عند غيرهما كالوصيين أو تبقى بأيديهما؟ خلاف
والأول ظاهر المدونة كما في المواق والثاني جزم به عياض ونقله عن سحنون ا ه‍ بن.

432
باب في حكم العارية
مأخوذة من التعاور أي التداول فهي واوية فأصل عارية عورية فعلية بفتحتين تخفف ياؤها وتشدد
تحركت الواو وانفتح ما قبلها قلبت ألفا، وقيل أنها مأخوذة من عرا يعرو بمعنى عرض، فأصلها
عارووة فاعولة قلبت الواو الثانية ياء لتطرفها والتاء في نية الانفصال فاجتمعت الواو والياء وسبقت
أحدهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء، هذا في المشددة، وأصل المخففة عاروة فاعلة
فأبدلت الواو ياء لتطرفها، وقيل أنها يائية مأخوذة من العار فأصلها عيرية تحركت الياء وانفتح
ما قبلها قلبت ألفا ورد بأنها لو كانت يائية لقيل القوم يتعيرون مع أنهم قالوا يتعاورون أي يعير بعضهم
بعضا. قوله: (صح وندب إعارة الخ) يعني أن مالك المنفعة بسبب ملكه للذات المنتفع بها أو استئجاره
لها أو استعارته لها يصح له أن يعير غيره تلك المنفعة فخرج بقوله مالك الفضولي فإعارته لملك الغير غير
صحيحة أي غير منعقدة كهبته ووقفه وسائر ما أخرجه بغير عوض، أما ما أخرجه بعوض كبيعه فإن
صحيح منعقد لكن يتوقف لزومه على رضا مالكه. قوله: (لأجل إفادة عدم الصحة في المخرجات
الآتية) أي وعبر بندب لأجل إفادة حكمها الأصلي ولم يعبر في غيرها من العقود بحكمه غالبا بل يقتصر
فيه على الصحة لان الأصل فيما صح الإباحة، بخلاف هذه فإنه لما خالف حكمها وهو الندب الأصل في
الصحة وهو الإباحة نص عليه. قوله: (أن يكون مالكا للذات) أي بل المدار على ملكه المنفعة كان مالكا
للذات أو مستأجرا لها أو مستعيرا لها. قوله: (متعلق بمالك) أراد بالتعلق الارتباط يعني أنه متعلق
بمحذوف حال من مالك أي حالة كون ذلك المالك ملتبسا بعد الحجر عليه. قوله: (من صبي وسفيه
وعبد) أي وكذا يخرج المريض إذا أعار عارية قيمة منافعها أزيد من ثلثه فإنها غير صحيحة ولا يرد على
المصنف عارية الزوجة إذا كانت قيمة منافعها أزيد من الثلث فإنها صحيحة مع أنه محجور عليها في
التبرع بما زاد على الثلث لا فرق بين التبرع بالذات أو المنافع، لأنه لما قدم قوله وللزوج رد الجميع إن تبرعت
بزائد اندفع توهم دخوله هنا في عدم الصحة. وحاصله أنها مستثناة من كلام المصنف هنا بقرينة كلامه
السابق. قوله: (وشمل كلامه الخ) أي فليس مراده خصوص الحجر الشرعي الأصلي وهو حجر المال
بل مراده مطلق حجر الشامل للجعلي والأصلي والجعلي هو ما جعله المعير على المستعير بأن قال له
لا تعرها. قوله: (لا مالك انتفاع) قال عج وملك الخلو من قبيل ملك المنفعة لا من قبيل ملك الانتفاع
وحينئذ فلمالك الخلو بيعه وإجارته وهبته وإعارته ويورث عنه إذا مات ويتحاصص فيه غرماؤه
وقد أفتى الشيخ شمس الدين اللقاني وأخوه الناصر اللقاني بأن الخلو معتد به لجريان العرف به، وقال بن
بمثل ما ذكر من الفتوى وقعت الفتوى من شيوخ فاس المتأخرين كالشيخ القصار وابن عاشر
وأبي زيد الفاسي وسيدي عبد القادر الفاسي وأضرابهم والخلو اسم لما يملكه دافع الدراهم من المنفعة
التي وقعت الدراهم في مقابلتها، ولذا يقال أجرة الوقف كذا وأجرة الخلو كذا. وشرط الخلو احتياج
الوقف لعدم الريع وذلك بأن تكون أرض براحا موقوفة على جهة أو دار متخربة موقوفة على جهة
وليس في الوقف ريع يعمر به فيدفع انسان دراهم لجهة الوقف ويأخذ تلك الأرض أو الدار على
جهة الاستئجار ويجعل عليها أجرة يدفعها كل سنة تسمى حكرا ويبنيها فالمنفعة الحاصلة ببنائه تسمى
خلوا فإذا كانت تلك الدار تؤاجر كل سنة بعشرة بعد البناء وكانت الأجرة المجعولة كل سنة دينارا
واحدا كانت التسعة أجرة الخلو والدينار أجرة الوقف. قوله: (وهو من قصر الشارع الخ) أي
بخلاف مالك المنفعة فإن الشارع جعل له الانتفاع بنفسه وبغيره كالمالك والمستأجر والمستعير

433
فلكل منهم أن يؤاجر وأن يهب وأن يعير، كما له أن ينتفع بنفسه. قوله: (كساكن بيوت المدارس) أي
بوصف كونه مجاورا أو مرابطا والحال أن المساكن موقوفة على المجاورين في تلك المدرسة أو على
المرابطين في ذلك الرباط فاستحقاقه الانتفاع بذلك الوصف، فإذا استحقه بذلك الوصف فلا يجوز له
بيع ولا كراء ولا هبة ولا عارية ولا الخزن فيه. نعم يجوز له أن يسقط حقه منه لغيره فيستحق ذلك
الغير الانتفاع به حيث كان من أهله، كما وقع للبرزلي في سكنى خلوة الناصرية، فإنه قد أسقط له حقه فيها
من كان يملك الانتفاع بها عند قدومه لسفر الحج، ويجوز اسقاط الحق في الانتفاع ببيوت المدارس
والوظائف مجانا وفي مقابلة دراهم على المعتمد، كما في بن عن البرزلي، وإذا أسقط مالك الانتفاع حقه
منه سقط حقه على الوجه الذي أسقطه فإن أسقطه مدة مخصوصة رجع إليه بعد انقضائها كالعرية،
وإن أطلق في الاسقاط فلا يعود له كما أفاده البرزلي وقوله كساكن بيوت الخ أي وكالمستعير الذي
منع من أن يعير لان المعير إنما قصد انتفاع ذلك الشخص المخصوص الموصوف بكونه مستعيرا أي
وكمن استعار كتابا وقفا فليس له أن يعيره لأنه مالك للانتفاع فقط إلا أن يسقط ذلك المستعير حقه
في العارية ويكون الثاني من أهلها كما مر. قوله: (والجالس في المسجد والأسواق) أي فإنه إنما يستحق
الانتفاع بذلك المكان الذي اشتهر بالجلوس فيه من المسجد أو السوق فليس له بيعه ولا إجارته ولا
إعارته، نعم له أن يسقط حقه فيه غيره على ما مر. قوله: (من أهل التبرع عليه) أي بذلك الشئ المستعار.
قوله: (من بمعنى اللام) اعترضه بن بأنه لا داعي لذلك لأنه سمع تعدية أعار لمفعوله الثاني بمن تارة
وباللام أخرى كباع ووهب يقال أعاره منه وله. قوله: (وهذا إشارة إلى الركن الثاني) أي فلما ذكر
شروط المعير وهو كونه مالكا للمنفعة وأن يكون غير محجور عليه شرع يذكر شروط المستعير
فذكر أنه لا بد أن يكون من أهل التبرع عليه بذلك الشئ المستعار. قوله: (ممن يصح أن يتبرع عليه)
أي بذلك الشئ المستعار. قوله: (إذ لا يصح التبرع عليه) أي وإن كان من أهل التبرع عليه في الجملة أي
بغير ذلك. قوله: (فاللام للعلة) أي ومعلولها الإعارة لا الندب أي أن مالك المنفعة يعير الذات لأجل
استيفاء المنفعة منها وهو ظاهر، على أنه لا مانع من جعل معلولها الندب أي إنما ندبت إعارة الذات
لأجل الانتفاع بها. قوله: (والقول بأنها تشبه لام العاقبة) أي كما قال عبق وشبهها بلام العاقبة باعتبار
الأيلولة أي ندب لمالك المنفعة أن يعير عينا يؤول أمرها إلى استيفاء المنفعة منها أي عاقبة إعارة العين
ومآل أمرها استيفاء المنفعة. قال عبق وإنما لم تكن لام العاقبة لأنها التي يكون ما بعدها نقيضا لمقتضى
ما قبلها كالعداوة والحزن المنافيين لمقتضى الالتقاط من المحبة والسرور وهنا ليست نقيضا له
لأنها تجامعه فهي تشبهها من حيث الأيلولة كما مر ا ه‍. ورد عليه بأن الحق أن لام العاقبة لا يشترط
فيها ذلك بدليل: * (وما خلقت الإنس والجن إلا ليعبدون) *. قوله: (لان العلة) أي في الندب ثواب الآخرة.
قوله: (مما لا يلتفت إليه) أي لصحة جعلها للعاقبة كما علمت ويصح جعلها للعلة ولا نسلم أن علة الندب
الثواب بل الثواب مرتب على الانتفاع الذي هو العلة، ولذا صرح البساطي بأن الثواب عاقبة لا علة.
قوله: (ومفعوله الأول من أهل التبرع) أي وعينا مفعوله الثاني واعترضه بن بأن الصواب العكس
لان قوله من أهل التبرع مفعول مقيد بالجار فهو المفعول الثاني وعينا مجرد عن الجار فهو المفعول
الأول كما في قوله تعالى: * (واختار موسى قومه سبعين رجلا) *. قوله: (يصح أن يعير) أي مالك
المنفعة. قوله: (لمنفعة) أي لأجل استيفاء منفعتها. قوله: (مباحة) بالنصب صفة لعينا.
قوله: (استعمالا) من جهة الاستعمال، كانت مباحة من جهة البيع أيضا أم لا. قوله: (وجلد أضحية
أو جلد ميتة دبغ الخ) أي فهذه الأعيان كلها مباحة الاستعمال وإن لم يجز بيعها وحينئذ

434
فتجوز إعارتها. قوله: (لا كذمي) المعطوف بلا محذوف بدليل المعطوف عليه أي لا يصح أن يعير مالك
المنفعة لغير أهل التبرع عليه كإعارة ذمي عبدا مسلما فهذا تصريح بمفهوم قوله من أهل التبرع.
قوله: (فلا يجوز لما فيه من إذلال المسلم) الأولى فلا يصح لأن هذه الأمور مخرجة من الصحة وغير
الجائز قد يكون صحيحا. ثم جعل المصنف هذه العارية غير صحيحة يقتضي أنه لا يجبر على اخراجه من
ملكه ويؤاجر عليه لعدم استقرار ملكه عليه، وهذا خلاف الظاهر والظاهر أنها تمضي ويؤاجر
عليه مثل هبة العبد المسلم للذمي، كما صرح به خش وجزم به بن أيضا، وحينئذ فعلى المصنف المؤاخذة
في اخراج هذه الأمور من الصحة وشارحنا تمحل بقوله أي لا يجوز إلى جعل الاخراج من الجواز
الذي تستلزمه الصحة تأمل. قوله: (وأدخلت الكاف المصحف له) أي إعارة المصحف له أي للذمي
وكذا أدخلت الأواني ليستعملها في كخمر ودواب لمن يركبها لإذاية مسلم ونحو ذلك من كل ما لازمه
أمر ممنوع فالكاف يلاحظ دخولها على ذمي وعلى مسلما. قوله: (وجارية للوطئ) أي لا يجوز إعارة
جارية للوطئ وليس المراد لا تصح إعارة جارية للوطئ كما هو ظاهره، لأنها صحيحة لكن يجبر
المستعير على اخراجها من تحت يده بإجارة، وينبغي أن تكون إعارتها للوطئ كتحليلها له في عدم
الحد إذا حصل وطء وفي التقويم على الواطئ وإن امتنعا من التقويم فتقوم جبرا عليهما. قوله: (أو
خدمة لغير محرم) أي لا تجوز إعارة الجارية لخدمة رجل غير محرم لها فإن نزل ذلك بيعت تلك
الخدمة من امرأة أو رجل مأمون إلا أن يكون المعير قصد نفس المعار فترد الأمة له وتبطل العارية،
ثم محل عدم الجواز ابتداء إلا أن يكون مأمونا وله أهل وإلا جازت العارية كما قال اللخمي واقتصر
عليه المواق. قوله: (لأنه يؤدي إلى الممنوع) أي وهو الخلوة أو الاستمتاع بها وفي بن عن ابن ناجي
نقلا عن شيخه أبي مهدي لا نص في خلوة الرجل بأمة زوجته، والظاهر الجواز إن وثق من نفسه
بالأمانة وإلا فالمنع وأما الخلوة بالأجنبية فممنوعة مطلقا لان النفس مجبولة على الميل إليها وإن كانت
كبيرة انظر بن. قوله: (أو إعارتها لمن تعتق عليه) أي لخدمة من تعتق عليه وإنما منع إعارتها
لذلك لان ملك المنفعة يتبع ملك الذات فلما كان من تعتق عليه لا يملك ذاتها فكذا منفعتها لا يملكها
فلذا منعت إعارتها لخدمته وهذا في غير الرضاع وأما للرضاع فتستوي الإعارة والإجارة في الجواز.
والحاصل أن الرضاع تستوي فيه الإعارة والإجارة في الجواز لا فرق بين حرة وأمة وأما الخدمة غير
الرضاع فتمنع الإعارة والإجارة فيهما لا فرق بين حر ورقيق فلا يجوز للولد استخدام والده أو والدته
في غير الرضاع، هذا ما صرح به ابن عرفة. قوله: (والمنفعة) مبتدأ وقوله تكون للجارية أي المعارة خبر
وقوله لا لسيدها أي المعير لها. قوله: (زمنها) أي زمن العارية والظاهر أنه ليس لسيدها معها من الإجارة
وليس له نزع أجرتها منها لاعتراف السيد بملك الأمة للأجرة وعدم استحقاقه لها فانتزاعها منها من قبيل
رجوع الانسان في هبته. قوله: (مع رد عينها) أي والنقود والأطعمة إنما ينتفع بها مع ذهاب عينها. قوله: (بل
كل ما دل على تمليك المنفعة بغير عوض كفى) لكن لا تلزم العارية بما يدل عليها إلا إذا قيدت بعمل أو أجل
أو لم تقيد وجرت العادة فيها بشئ من العمل أو الزمن وإلا لم تلزم كما سيذكره المصنف. قوله: (وجاز أعني
بغلامك اليوم مثلا) أي أو بدابتك أو بنفسك. قوله: (لأعينك بغلامي) أي أو بدابتي أو بنفسي يوما
أو يومين وسواء تماثل المعان به للآخر أم لا وسواء اتحد نوع المعان عليه كالبناء أو اختلف كالبناء
والحرث كما قال الشارح، ولما ذكر من التعميم حذف المصنف متعلق الفعل الأول والثاني وهو المعان عليه
بالنسبة للأول والمعان عليه وبه بالنسبة للثاني. قوله: (أي لا عارية) أي لأنها بغير عوض وهذا بعوض.

435
قوله: (من الاجل) أي من بيانه وتعيين العمل وقرب زمن العملين كنصف شهر فلا يجوز أعني
بغلامك غدا على أني أعينك بغلامي بعد نصف شهر لأنه نقد في منافع يتأخر قبضها. وأما قول عبق
إن قرب زمن العملين كشهر فقد رده شيخنا وبن بأن الصواب نصف شهر كمسألة اجتماع النساء على
أن يغزلن كل يوم لواحدة فإنه يجوز إذا كان يتأخر العمل لإحداهن نصف شهر فأقل وإلا فسخ،
فالمسألتان متفقتان في أن المغتفر نصف شهر فقط، خلافا لما ذكره عبق مما يخالف ذلك. وذكر
المصنف هذه المسألة هنا مع أنها ليست عارية بل إجارة كما قال نظرا لقوله أعني والإعانة معروف.
قوله: (وإذا وجب الضمان) أي لدعواه التلف أو الضياع كان ذلك قبل الاستعمال أو بعده أو في
أثنائه فإنما يضمن الخ فإذا كانت قيمتها بدون استعمال أصلا عشرة وبعد الاستعمال المأذون فيه
ثمانية وضاعت ولو قبل الاستعمال فإنه يلزمه ثمانية، وهذه طريقة لابن رشد في المقدمات نقلها
أبو الحسن وابن عرفة وغيرهما وهي المعتمدة، وفي الشامل طريقة أخرى ضعيفة وحاصلها أنه يضمن
قيمتها يوم آخر رؤية إن تعددت رؤيتها عنده وإن لم تتعدد رؤيتها عنده ضمن الأكثر من قيمتها يوم
قبضها ويوم تلفها هذا إذا كان التلف بعد الاستعمال المأذون فيه، وأما لو تلفت قبل الاستعمال فإنه
يضمن قيمتها يوم انقضاء أجل العارية على ما ينقصها الاستعمال. قوله: (لأنه يتهم) أي إنما حلف مع
كونه يغرم القيمة لأنه يتهم. قوله: (فلا يضمنه) أي لان ضمان العواري عنده ضمان تهمة ينتفي
بإقامة البينة على ما ادعاه خلافا لأشهب حيث قال إن ضمان العواري ضمان عداء لا ينتفي بإقامة البينة.
قوله: (تردد في النقل الخ) أي فقد عزا في العتبية الأول لابن القاسم وأشهب وعزا اللخمي والمازري
الثاني لابن القاسم أيضا، وعلى كلا القولين لا يفسد عقد العارية بذلك الشرط. وقيل إن شرط ففي
الضمان إذا كانت مما يغاب عليه يفسد العقد ويكون للمعير أجرة ما أعاره. قوله: (فلا يضمنه المستعير)
أي والقول قوله في تلفها ولو بغير بينة إلا أن يظهر كذبه. قوله: (ولو بشرط عليه) أي ولو كان الضمان
ملتبسا بشرط عليه لأن عدم ضمانه بطريق الأصالة وحينئذ فلا ينتفع المعير بشرطه، ورد بلو على
مطرف، كما في المواق حيث قال إذا شرط المعير الضمان لامر خافه من طريق مخوفة أو نهر أو لصوص
أو نحو ذلك فالشرط لازم إن هلكت بالأمر الذي خافه وشرط الضمان من أجله، والمعتمد أنه
لا ضمان ولا عبرة بشرطه ولو لامر خافه، قاله شيخنا، نعم تنقلب العارية مع شرط الضمان
إجارة فاسدة لأنه كأنه آجرها بقيمتها وهي مجهولة وحينئذ ففيها أجرة المثل مع الفوات باستيفاء
المنفعة وتنفسخ قبل استيفاء المنفعة. قوله: (وإذا لم يضمن الحيوان ضمن لجامه وسرجه) أي بخلاف ثياب
العبد فإنه لا يضمنها لأنه حائز لما عليه كما في التوضيح عن اللخمي وفي بن ابن يونس عن ابن حبيب إذا
أرسل المستعير العارية من الدواب مع عبده أو أجيره فعطبت أو ضلت فلا ضمان عليه لان الناس هكذا
يفعلون وإن لم يعلم ضياعها أو تلفها إلا بقول الرسول وسواء كان مأمونا أو غير مأمون، ذكره
أبو الحسن في شركة المفاوضة ا ه‍ كلامه. قوله: (دون غيره) أي فإنه لم يجر فيه قول مرجح
بالعمل بالشرط وهذا لا ينافي وجود قول مرجوح فيه وهو الذي أشار له المصنف بلو. قوله: (فيما علم
أنه بلا سببه) أي فيما علم أنه بغير صنعه وهذا صادق بكونه حصل بتفريط منه فلذا حلف
على نفي التفريط وبهذا اندفع ما يقال إذا علم أنه بلا سببه فالتفريط منتف عنه فكيف
يحلف أنه ما فرط. قوله: (أو طعام) الأولى حذفه لما مر من عدم صحة إعارته. قوله: (وحرق
نار) أي كما هو قول ابن القاسم في المدونة نظرا إلى أنها محرقة بنفسها، ولمالك في كتاب محمد جعل

436
النار مما يمكن أن ينشأ عن فعله فلا يبريه إلا البينة انظر بن. قوله: (كان مما يغاب عليه) أي كان ذلك المستعار
الذي حدث فيه ما ذكر مما يغاب عليه أم لا. قوله: (ولا ترد على المدعي) أي الذي هو المعير وكذلك
الراهن والمودع بالكسر. قوله: (وكذا الوديعة والرهن) أي فإذا ادعى الراهن أو المودع بالكسر أن
السوس ونحوه كقرض الفأر والحرق بالنار إنما حصل بتفريط المرتهن والمودع بالفتح فإنه
يحلف أنه لم يفرط وغرم بمجرد نكوله. قوله: (بترك التعهد) أي فإن ترك التعهد تفريطا ضمن وأما
إذا تركه لعذر كمرض وحدث العيب فلا ضمان. قوله: (وحيث ضمن) أي لنكوله عن اليمين أو بترك
التعهد تفريطا حتى حدث العيب. قوله: (وقيمته بما حدث فيه) الباء للملابسة وسواء كان قليلا
أو كثيرا. قوله: (فإن فات) أي المقصود منه بسبب السوس أو النار أو قرض الفأر. قوله: (ضمن جميع
قيمته) أي كما هو نص المدونة كما قاله بن. وحاصله أنه إذا فات المقصود منه ضمن قيمة جميعه وإن لم يفت
المقصود منه ضمن ما بين قيمته سليما وقيمته بما حدث فيه من العيب سواء كان كثيرا أو قليلا. قوله: (ونحوها
من آلة الحرب) أي استعارها صحيحة وادعى أنها انكسرت منه في المعركة. قوله: (إن شهد له
أنه كان معه في اللقاء) أي وإن لم تعاين البينة أنه ضرب به ضرب مثله وذلك لان الشأن المحافظة على آلة
الحرب عند اللقاء لان بها نجاته فلا يضره إلا شهادة البينة بالتعدي بخلاف غيرها. والحاصل أن
المستعار إذا كان آلة حرب وردها المستعير مكسورة فإنه يبرأ من ضمانها إذا شهدت البينة أنها كانت
معه وقت اللقاء ولم يثبت تعديه عليها في الاستعمال ثبت أنه ضرب بها ضرب مثلها أم لا، هذا
مذهب ابن القاسم. قوله: (أو كان المستعار غير آلة حرب) أي كالفأس والقدوم ورده المستعير منكسرا
فإنه يبرأ من ضمانه إذا شهدت البينة أنه ضرب به ضرب مثله فانكسر. قوله: (فأو للتنويع) أي لتنويع
الموضوع، وعلى هذا فضمير به للشئ المستعار لا للسيف ا ه‍ وجعل تت أو في كلام المصنف
بمعنى الواو وهو غير ظاهر لأنه يكون موافقا لسحنون في اشتراط الامرين في عدم الضمان عند كسر
آلة الحرب وقد قال فيه ابن رشد أنه بعيد. قوله: (خلافا لسحنون) أي القائل لا يبرئه إلا شهادة البينة
على أنه كان معه حين اللقاء وأنه ضرب به ضرب مثله. قوله: (وما شابهه في مطلق الضرب به) أي
كالفأس والقدوم وساطور الجزار. قوله: (وفعل) أي المستعير وقوله المأذون له فيه أي من المعير. قوله: (أي
جاز له) إنما قال ذلك ولم يقل أي طلب منه فعل المأذون فيه ومثله لأنه المأذون فيه وكذلك مثله
لا يطلب بفعله وإنما هو حق مباح له إنشاء فعله وإن شاء تركه. قوله: (ومثله) أي وفعل مثله في الحمل
والمسافة على ما قال الشارح. قوله: (أو ليركبها إلى محل الخ) قد تبع في ذلك عج ورده طفى بأن المنع هنا
أولى من الإجازة لأنه دفع في الإجازة عوضا دون ما هنا وأيد ذلك بنقول عدة أنظرها في بن والحاصل
أن المعتمد أن المراد بالمثل الذي يباح للمستعمر فعله المثل في الحمل لا في المسافة وأما المثل في المسافة فيمنع
فعله هنا كالإجارة على المعتمد لما في كل منهما من فسخ المنافع في مثلها وهو فسخ دين في دين. قوله: (لما
فيه من فسخ دين في دين) إن أراد بالدين الأجرة ففيه أنها ملكت للمؤجر بالعقد فلم تفسخ،

437
وإن أراد فسخ المنافع في مثلها فهذا موجود في العارية فلذا قال الشارح ولكن الراجح الخ. قوله: (لا أضر) أي
لا يجوز له أن يفعل إلا ضر مما استعارها له سواء كان ذلك الأضر أقل مما استعارها له في الوزن أو المسافة
أو مساويا أو أكثر. قوله: (أقل زنة) وأولى إذا كانت مساوية في الزنة أو أكثر. قوله: (وإن زاد الخ)
أي وإن استعار دابة ليحمل عليها شيئا معلوما فخالف وزاد الخ. واعلم أن الصور ست لأنه إذا زاد
ما تعطب به تارة تعطب وتارة تتعيب وتارة تسلم، فالأولى منطوق قول المصنف وإن زاد الخ، والثانية
لم يتكلم عليها المصنف ولا تدخل تحت قوله وإلا وحكمها أن ربها يأخذ من المتعدي الأكثر من كراء
الزائد وأرش العيب، والثالثة داخلة في قوله وإلا فكراؤه كما أنه إن زاد ما لا تعطب به ففيه الصور
الثلاث وكلها داخلة في قول المصنف وإلا فكراؤه وهذه الأحوال الستة إذا كانت الزيادة
في الحمل لا في المسافة وأما الزيادة في المسافة فسيأتي الكلام عليها. قوله: (أو كراؤه) أي الزائد
ومعرفة ذلك أن يقال: كم يساوي كراؤها فيما استعارها له؟ فإذا قيل عشرة قيل: وكم يساوي
كراؤها فيما حمل عليها المأذون فيه وغيره؟ فإذا قيل خمسة عشر دفع إليه الخمسة الزائدة على كراء
ما استعيرت له. قوله: (كرديف تعدي المستعير في حمله) أي فيخير ربها على الوجه السابق أي ولو كان
ذلك الرديف صبيا أو عبدا أو سفيها. قوله: (واتبع به إن أعدم ولم يعلم) أي واتبع الرديف بما
رضي به ربها من قيمة الدابة أو كراء الزائد إن أعدم المردف. والحال أن ذلك الرديف لم يعلم بالإعارة
وهذا قول ابن القاسم. وقال أشهب حيث كان الرديف لم يعلم بالإعارة فلا ضمان عليه ولو كان المردف
معسرا لأنه غير متعد، ورده اللخمي بأنه وإن كان غير متعد إلا أنه مخطئ والعمد والخطأ في
أموال الناس سواء ومحل اتباع الرديف بما رضيه به رب الدابة إذا أعدم المردف إن كان ذلك
الرديف رشيدا، وأما إن كان عبدا أو صبيا أو سفيها فإنه لا يتبع بشئ إذا لم يعلم بالعداء وإلا كان
جناية في رقبة العبد وضمن المحجور، كما تقدم في قوله، وضمن ما أفسد إن لم يؤمن عليه، أفاده شيخنا
العدوي. قوله: (فإن أيسر المردف) أي فإن كان المردف موسرا. قوله: (خلافا لظاهر المصنف
أنه لا يتبع الرديف) أي إذا كان المردف مليا وقوله مطلقا أي علم الرديف بالعداء أولا
وليس كذلك بل مفهوم قول المصنف إن أعدم المردف تفصيل. وحاصله أنه إن كان
المردف مليا لم يتبع الرديف إن لم يعلم بالعداء وإلا اتبع أيضا وصار للمعير غريمان. قوله: (ومفهوم لم يعلم الخ)
الأولى حذفه لأنه مستفاد مما قبله. وحاصل الفقه أن الرديف إما أن يعلم بالإعارة أو لا يعلم بها
وفي كل إما أن يكون المردف مليا أو معدما، فإن لم يعلم الرديف بالإعارة غرم إن أعدم المردف، وإن كان
مليا لم يلزم الرديف شئ وإنما يغرم المردف، وإن علم الرديف بالإعارة اتبع مع عدم المردف وملائه
كما يتبع المردف فيكون لرب الدابة غريمان يخير في اتباع أيهما. قوله: (وحيث تعلق الضمان بهما) أي
كما لو علم الرديف بالإعارة كان المردف مليا أو معدما. قوله: (فهل تفض القيمة) أراد بها ما أخذه
رب الدابة من أحدهما فيشمل القيمة وكراء الرديف. قوله: (في صورة التعييب) أي ما إذا زاد ما تعطب
به وتعيبت كما في عبق أما إذا زاد ما لا تعطب به وتعيبت فليس للمعير إلا كراء الزائد. قوله: (والظاهر
كما قالوا أن حكمها الخ) والفرق بين زيادة الحمل وزيادة المسافة أن زيادة المسافة محض تعد مستقل
منفصل بخلاف زيادة الحمل فإنه مصاحب للمأذون فيه أفاده شيخنا. واعلم أن ما ذكره المصنف من
التفصيل في زيادة الحمل طريقة لابن يونس قال ابن عرفة وظاهر كلام عبد الحق وغير واحد من

438
الشيوخ أن زيادة الحمل كزيادة المسافة في التفصيل المذكور فيها ذكر ذلك بن في باب الغصب.
قوله: (ولزمت المقيدة الخ) ابن عرفة اللخمي إن أجلت العارية بزمن أو انقضاء عمل لزمت إليه وإن لم تؤجل
كقوله أعرتك هذه الأرض أو هذه الدابة أو الدار أو هذا العبد أو الثوب، ففي صحة ردها ولو بقرب
قبضها ولزوم قدر ما تعار إليه ثالثها إن أعاره لسكني أو غرس أو بناء فالثاني وإلا فالأول الأول
لابن القاسم فيها مع أشهب والثاني لغيرهما، والثالث لابن القاسم في الدمياطية فقول المصنف وإلا
فالمعتاد مخالف بظاهره للمدونة إلا أن ابن يونس صوبه ا ه‍ بن. قوله: (أن له ذلك) أي لربها أخذها
قبل مضي ما جرت العادة أن تعار إليه. قوله: (بشرطه الآتي) أي وهو أن يدفع المعير للمستعير ما أنفق
من ثمن الأعيان. قوله: (على أن الراجح الخ) أي وهو قول ابن القاسم في المدونة مع أشب. قوله: (متى
أحب) أي ولو بقرب قبضها. قوله: (وحصلا) أي ولم يكن هناك تقييد بأجل فيلزم ما جرت العادة
أن الأرض تعار له للبناء أو الغرس. قوله: (لا إن لم يحصلا) أي وإلا كان لربها الرجوع متى أحب
على المعتمد وكذا يقال فيما بعد. والحاصل أن الأقوال الثلاثة السابقة فيما إذا لم تقيد بأجل أو
بعمل إنما هي فيما أعير للبناء والغراس ولم يحصلا أو كانت الإعارة لغيرهما وأما لو كانت الإعارة للبناء
والغرس وحصلا فإنه يلزم المعتاد اتفاقا. قوله: (خلافا لظاهر المصنف) أي من لزوم المعتاد مطلقا.
قوله: (ومحل لزوم المعتاد في البناء والغرس) أي إذا حصل بالفعل ما لم يدفع المعير للمستعير ما أنفقه
وإلا فله الرجوع قبل مضي المعتاد. قوله: (كما أشار له بقوله وله الاخراج الخ) أي فهو كالمستثنى من
قوله وإلا فالمعتاد فكأنه قال وإلا فالمعتاد في معار لبناء وغرس وحصلا إلا أن يدفع له ما أنفق فلا
يلزم المعتاد وله اخراج المستعير. قوله: (وله) أي وللمعير اخراج المستعير في كبناء أي فيما إذا أعاره
الأرض لبناء أو غرس وحصلا والحال أنه لم يحصل تقييد بأجل ويملك ذلك المعير بناء المستعير
وغرسه إن دفع له ما أنفق. قوله: (لتفريطه بعدم التقييد) أي بالأجل. قوله: (وفيها أيضا قيمته)
أي والقولان لمالك في المدونة. قوله: (أي قيمة ما أنفقه) أي من الأعيان التي بنى بها من طوب
وحجر وخشب ونحو ذلك. قوله: (ومحل دفع ما أنفق) أي من ثمن الأعيان. قوله: (أو محله) أي محل
دفع القيمة إن طال زمن البناء والغرس أي لتغير الغرس والأعيان بطول الزمان. قوله: (تأويلات
أربعة) محلها في عارية صحيحة فإن وقعت فاسدة فعليه أجرة المثل ويدفع له المعير في بنائه وغرسه
قيمته. قوله: (فكالغاصب) أي فالمستعير كالغاصب بخلاف من استأجر أرضا من شخص مدة
طويلة كتسعين سنة على مذهب من يرى ذلك ليغرس أو يبني فيها وفعل ثم مضت تلك المدة
وأراد المؤجر اخراج المستأجر ويدفع له قيمة بنائه أو غرسه منقوضا فإنه لا يجاب لذلك
ويجب عليه بقاء البناء والغرس في أرضه وله كراء المثل في المستقبل، وسواء كانت تلك الأرض
المؤجرة ملكا أو وقفا على جهة، ونص على ذلك في التوضيح ونقله عنه شيخنا العدوي في حاشية
خش وأقره. قوله: (وبين دفع قيمته منقوضا) فإن لم يكن له قيمة منقوضا خير بين أن يأمره بقلعه

439
وبين أن يأخذه مجانا وإذا أخذه مجانا فلا يرجع على المستعير بقيمة القلع والهدم وتسوية الأرض فيما
يظهر بخلاف الغاصب ا ه‍ عبق. قوله: (وإن ادعاها أي العارية) كدابة أو ثوب أو آنية الآخذ الخ
كما لو ركب دابة رجل لمكان كذا أو لبس ثوبا لإنسان جمعة أو استعمل آنية لإنسان شهرا ورجع بها
فقال لربها أخذتها منك على سبيل العارية، وقال ربها اكتريتها مني، فالقول قول المالك أنه اكتراها منه
بيمين، كما أن القول قول المالك إذا ادعى الإعارة وادعى الآخذ لها أنه اشتراها منه لان القول قول من
ادعى عدم البيع لان الشئ لا يخرج عن ملك ربه إلا ببينة. قوله: (فالقول له) ظاهر المدونة أن هذا الحكم
محله إذا وقع النزاع بعد الانتفاع أما لو تنازعا قبله فالقول للآخذ في نفي عقد الكراء لان القول لمنكر
العقد إجماعا وهو ظاهر ا ه‍ بن. قوله: (وفي الأجرة) أي في قدرها. قوله: (فالقول للمستعير بيمينه)
أي أنه أخذها على وجه العارية لا الإجارة. قوله: (غرم بنكوله) أي غرم الكراء الذي قاله المعير بنكوله
إن كان ما قاله من الكراء مشبها وإلا غرم كراء المثل. قوله: (فللمالك بيمينه) أي فالقول للمالك بيمينه
أي أنه يحلف المالك أنه ما دفعها له إلا على وجه الإجارة وأخذ الكراء الذي زعم أنه أكراها له به.
قوله: (فالأظهر لا شئ له) قال الشيخ أحمد وهذا هو الجاري على القواعد ا ه‍ لكن الذي في النوادر
عن أشهب كما في بن أن المالك إذا نكل كان له كراء المثل واقتصرت عليه. واعلم أن هذا التفصيل
بين من يأنف ومن لا يأنف يجري فيمن أسكن شخصا معه في دار سكناه كما يجري في الدابة والثياب
والآنية، فإن كان لا يأنف من أخذ الكراء فالقول للمالك أنه أكراه بيمين، فإن نكل فالقول قول
الساكن بيمين، فإن نكل غرم الكراء بمجرد نكوله، وإن كان يأنف فالقول قول الساكن أنه أسكنه بغير
أجر بيمين، فإن نكل حلف المالك وأخذ الكراء الذي زعم أنه إكراه به، فإن نكل أخذ كراء المثل أو
لا شئ له على الخلاف الذي قد علمته، وأما إن أسكنه بغير دار سكناه فالقول لربها أنه أكراها له أنف أم لا.
قوله: (كزائد المسافة) أي كما أن القول قول المالك بيمنه إذا تنازعا في زائد المسافة بأن قال المعير
أعرتك دابتي من مصر لغزة، وقال المستعير بل إلى دمشق، فالقول قول المعير بيمنه إذا كان تنازعهما
قبل أن يزيد المستعير شيئا على ما ادعاه المعير وهذا صادق بثلاث صور: ما إذا تنازعا قبل أن يحصل
ركوب أصلا أو في أثناء المسافة التي ادعاه المعير أو في آخرها بأن تنازعا في غزة لكن إن كان تنازعهما
قبل أن يحصل ركوب أصلا أو في أثناء المسافة خير المستعير في الركوب إلى المحل الذي حلف
عليه المعير أو يترك فإن خيف من المستعير أن يتعدى الموضع الذي حلف عليه المعير
توثق منه قبل أن يسلمها إليه لئلا يتعدى. قوله: (فالقول له في نفي الضمان والكراء) أي فالقول
قول المستعير بالنسبة لنفي الضمان ونفي الكراء مطلقا كان تنازعهما بعد وصول دمشق أو قبله إلا أنه
إذا كان التنازع قبل وصولها فلا يقبل قوله بالنسبة لما بقي من المسافة. قوله: (وهذا إن أشبه) أي أن محل
كون القول قول المستعير بالنسبة لنفي الضمان والكراء إذا تنازعا بعد أن ركب المستعير الزائد إن أشبه
قوله وحلف فإن لم يشبه أو نكل عن اليمين كان القول قول المعير فيضمن المستعير قيمتها إن عطبت في
الزائد وكراءها إن ردت سالمة. قوله: (كما إذا كان اختلافهما الخ) أي كما أن القول قول المعير إذا كان
اختلافهما الخ. قوله: (وبالغ على ما بعد الكاف من المسألتين) وهما ما إذا تنازعا في زائد المسافة
قبل أن يزيد المستعير شيئا على ما ادعاه المعير وما إذا تنازعا بعد أن زاد المستعير على ما ادعاه
المعير. قوله: (وإن كانت الاستعارة برسول) أي قبضها منن المعير وسلمها للمستعير. قوله: (إن لم
يزد) أي المستعير على ما ادعاه المعير. قوله: (وإن برسول مخالف له وموافق للمستعير) وأولى
إذا كان موافقا له ومخالف للمستعير وأولى إذا كان الرسول لم يوافق واحدا منهما بل خالفهما.

440
قوله: (وإن برسول مخالف له) وأولى إذا كان موافقا له ومخالفا للمستعير وأولى إذا لم يوافق واحدا
منهما. والحاصل أن الرسول هنا لغو فلا يكون شاهدا لأحدهما إذا صدقه. قوله: (مطلقا) أي سواء
قبضها ببينة مقصودة للتوثق أم لا. قوله: (ثم حلف الرسول وبرئ) ما ذكره المصنف في هذه
المسألة هو سماع عيسى عن ابن القاسم وهو ضعيف، والمعتمد مذهب المدونة وهو أن الرسول
يضمن إذا أنكر مرسله الارسال وحلف، فقول المصنف ثم حلف الرسول وبرئ ضعيف كما في بن
وغيره وإذا كان ذلك المرسل عبدا فجناية في رقبته وإلى مذهب المدونة أشار الشارح بقوله لكن
الراجح أن الرسول يضمن ولا يبرأ بالحلف. قوله: (أنه لو ثبت التلف) أي قبل وصوله للمرسل.
قوله: (لانتفائه في العارية) أي لانتفاء الضمان في العارية إذا ثبت تلفها بلا تفريط. قوله: (وإن اعترف) أي
الرسول بالعداء أي بتعديه في أخذ العارية بغير إرسال والحال أنها تلفت منه. قوله: (ضمن الحر الرشيد)
أي عاجلا. قوله: (دون السفيه والصبي) أي لتفريط المعير بالدفع لهما مع عدم اختيار حالهما. قوله: (لا رقبته)
أي ولا في ذمته عاجلا وظاهره ولو كان ذلك العبد مأذونا له في التجارة والذي ينبغي أن المأذون
كالحر في أنه يضمنها في ذمته عاجلا كما مر في الوديعة. قوله: (فعليه وعليهم اليمين) قال طفي هذا
لا يأتي على المعتمد في المسألة الأولى سواء أنكر والارسال أولا، أما الأول فلما تقدم أنهم يحلفون
ويغرم الرسول، وأما الثاني فالرسول دفع لغير اليد التي دفعت إليه بغير إشهاد فيغرم على المشهور
وصرح به في معين الحكام ولذا قال الشارح والراجح ضمان الرسول كما تقدم. قوله: (ويبدؤون باليمين
كما في النقل) أي فكان الأولى للمصنف أن يقول فعليهم ثم عليه اليمين، فإن نكلوا أو نكل فالغرم
عليهم ثم عليه أن رب المتاع يرجع عليهم فإن تعسر الخلاص منهم رجع عليه، وإن حلف ونكلوا
فالغرم عليهم وعكسه الغرم عليه فقط، وهذا معنى قول الشارح ومن نكل منهما ضمن.
قوله: (وفي علف الخ) العلف الذي فيه الخلاف بفتح اللام ما يعلف به وأما بالسكون فهو تقديم العلف
للدابة فهو على المستعير قولا واحدا وظاهر المصنف جرى القولين ولو طالت المدة وهو كذلك
خلافا لقول بعضهم أنها على المستعير في الليلة والليلتين وعلى المعير في المدة الطويلة والسفر البعيد،
كذا في المواق وقد عكس ذلك عبق. قوله: (قيل على ربها) أي لأنها لو كانت على المستعير لكان
كراء وربما كان علفها أكثر من الكراء فتخرج العارية عن المعروف إلى الكراء. قوله: (وقيل على
المستعير) أي لان ربها عل معروفا فلا يليق أن يشدد عليه، والمعتمد من القولين أن علفها على ربها
بخلاف العبد المخدم فإن مؤونته على مخدمه بالفتح كما أفاده شيخنا العدوي وفي بن أن اللائق باصطلاح
المصنف أن يعبر بتردد انظر المواق ا ه‍ كلامه.

441
باب في الغصب
قوله: (في الغصب) أي في بيان حقيقته. قوله: (أي استيلاء عليه) يعني ليس الاخذ الحسي بالفعل لازما
بل متى حال الظالم بين المال وربه ولو أبقاه بموضعه الذي وضعه فيه ربه كان غاصبا. واعتراض قول
المصنف أخذ مال الخ بأنه يشمل أخذ المنافع فقط لأنها متمولة يعاوض عليها مع أنه تعد والغصب
للذات فكان الأولى أن يقول أخذ مال غير منفعة لأجل اخراج التعدي، فأجاب الشارح بقوله والمتبادر الخ.
قوله: (أخذ آدمي) أي سواء كان مسلما أو ذميا سواء كان أجنبيا أو قريبا غير والد، ولا يشترط
كون ذلك الآدمي بالغا. قوله: (ونحو ذلك) أي وخرج نحو ذلك كأخذ الأب الغني والجد من مال ولده
قهرا عنه فلا يسمى غصبا، وإنما خرج ذلك بقوله تعديا لان المتعدي من لا شبهة له في الاخذ شرعية
والأب والجد لهما شبهة لخبر: أنت ومالك لأبيك. وحينئذ فلا يحكم لذلك بحكم الغصب وهو الحرمة
والأدب. قوله: (وأدب) أي وجوبا بعد أن يؤخذ منه ما غصبه. قوله: (صغير أو كبير) أي سواء كان
بالغا أو غير بالغ وقيل غير البالغ لا يؤدب وحكى القولين ابن عرفة عن ابن رشد واللخمي وابن شعبان.
قوله: (بخلاف غيره) أي بخلاف غير المميز فلا يؤدب. قوله: (لحق الله تعالى) علة لقول المصنف وأدب
مميز وهذا التعليل يجري في البالغ والصغير وقوله بعد وإنما الخ علة أخرى لتأديب الغير. قوله: (ولو
عفا عنه المغصوب منه) أي خلافا للمتيطي حيث قال لا يؤدب إذا عفا عنه المغصوب منه.
قوله: (باجتهاد الحاكم) أي وتأديب الغاصب المميز باجتهاد الحاكم فلا يحد بقدر معلوم من الأسواط
كالحدود. قوله: (كمدعيه على صالح) قال في النوادر محل أدب من ادعاه على صالح إذا كانت
الدعوى على وجه المشاتمة لا إن كانت على وجه التظلم نقله بن فإذا ادعى عليه الغصب على وجه
التظلم فلا يمين عليه اتفاقا بل إن أقام المدعي بينة غرم وإلا فلا شئ عليه. قوله: (وهو من لا يتهم به)
أي ولو اتهم بغيره كزنا وسكر، قاله شيخنا، وقيل المراد بالصالح من كان من أهل الخير والدين، فعلى هذا
لا يؤدب من ادعاه على من يتهم بالزنا والسكر. قوله: (بخلاف مدعيه على فاسق) أي وهو من يشار إليه
بالغصب ولم يكن مشتهرا به. قوله: (أو مجهول حال) وهو من لا يعرف بخير ولا بشر. قوله: (وحلف
الفاسق) أي إذا ادعى عليه شخص أنه غصب كذا وقوله إن لم تكن للمدعي بينة أي على ذلك
الفاسق بالغصب. قوله: (وإلا ضمن) أي وإلا يحلف الفاسق ضمن ما ادعى عليه به أنه غصبه.
قوله: (وفي حلف المجهول حاله) أي إذا ادعى عليه بأنه غصب كذا أي وعدم حلفه قولان وأما إذا ادعى
على من كان مشهورا بالغصب فإنه يهدد ذلك المدعى عليه ويسجن لعله يخرج عين المغصوب فإن
لم يخرج شيئا حلف وبرئ، فإن نكل حلف المدعي واستحق، فظهر لك أن الأقسام أربعة لان المدعى
عليه بالغصب، إما صالح وإما فاسق يشار إليه بالغصب ولم يشتهر به، وإما مجهول حاله وإما مشهور بالغصب.

442
قوله: (وقيل لا) أي وقيل لا تتوجه عليه اليمين بل إن أقام المدعي بينة عليه بالغصب غرم وإلا فلا شئ
عليه، والقول الثاني أظهر لقاعدة أن كل دعوى لا تثبت إلا بعدلين فلا يمين بمجردها والغصب من باب
التجريح وهو إنما يثبت بعدلين. قوله: (وضمن الغاصب المميز) أي تعلق به الضمان وقوله بالاستيلاء
أي بالحيلولة بينه وبين مالكه وإنما قلنا أي تعلق الضمان به ولم نقل أي ضمن بالفعل لأنه لا يحصل
الضمان بالفعل إلا إذا حصل مفوت ولو بسماوي أو جناية غيره. قوله: (عقارا أو غيره) هذا هو المذهب
خلافا لما في ابن الحاجب من أن غير العقار لا يتقرر فيه الضمان بمجرد الاستيلاء بل حتى ينقل وإلا فيضمن
وسلمه شارحوه، واعترضه ابن عرفة بأن المذهب ليس كذلك بل مجرد الاستيلاء على المغصوب
يوجب ضمانه قطعا كان عقارا أو غيره انظر بن. قوله: (وأشار بقوله الخ) أي أن فائدة تعلق الضمان
به بمجرد الاستيلاء اعتبار القيمة يومه إذا حصل مفوت لا يوم الفوات. قوله: (وسيأتي له الكلام
على غاصب المنفعة) أي من أنه يضمنها بمجرد فواتها على ربها. والحاصل أن غاصب الذات يتعلق
به ضمانها من يوم الاستيلاء عليها ويضمن غلة تلك الذات من يوم استعمالها وأما المتعدي وهو
غاصب المنفعة فيضمن المنفعة بمجرد فواتها على ربها وإن لم يستعمل إلا غاصب البضع لأجل وطئه والحر
لأجل استخدامه فإنه إنما يضمن بالاستعمال، فإذا وطئ واستخدم غرم صداق الأول وأجرة الثاني
وإلا فلا. قوله: (الطريقة الأولى تحكي الخلاف) أي تحكي ثلاثة أقوال فيما يضمنه وما لا يضمنه.
قوله: (أو لا يضمن المال الخ) أي ففعله بالنسبة كفعل العجماء وأما الدية فعلى عاقلته إن بلغت الثلث.
قوله: (والطريقة الثانية تحكي الخلاف في حد السن) أي فهذه الطريقة تجزم بضمانه المال والدية
ولكن تحكي الخلاف في حد أقل السن الذي يضمن فيه. قوله: (فقيل سنة) فإن كان عمره أقل منها
فلا ضمان عليه. قوله: (وقيل سنتان) فإن كان عمره أقل منن ذلك فلا ضمان عليه. قوله: (وقيل سنة ونصف)
فإن كان عمره أقل من ذلك فلا ضمان عليه. قوله: (وألا يكن الغاصب مميزا) أي بأن كان غير مميز فتردد.
قوله: (ويجاب بأنه) أي غير المميز يشمل الخ، على أن الصبي يتصور منه الغصب بأن يأخذ المال قهرا ممن
هو مثله أو هو أقل منه أو يتلفه ا ه‍ شب. قوله: (خلافا لمن قصره على الصبي الخ) أنت خبير بأن الطريقتين
المذكورتين إنما تتأتيان في الصغير وأما المجنون فلا يتأتى منه إلا الطريقة الأولى، فالأولى قصر كلام
المصنف على الصبي ولا اعتراض عليه لان الصغير الغير المميز يتأتى منه الغصب كما علمت فتأمل. قوله: (ثم
المذهب الخ) أي وحينئذ فالتردد ضعيف سواء كان فيما يضمنه أو في السن الذي يضمن فيه
على أنه ليس من عادته جعل التردد في موضوع متعدد فلو حذفه كان أحسن ا ه‍ عبق. وما ذكره
من أنه المذهب هو القول الأول من الأقوال الثلاثة التي حكتها الطريقة الأولى. قوله: (فقد يكون)
أي المميز المفهوم من التمييز ابن سنة وقد يكون ابن أكثر فالمدار في التمييز على فهم الخطاب وحسن
الجواب عنه. قوله: (ومحل ضمان المميز) الأولى ومحل ضمان الصغير لما أفسده من المال سواء كان
مميزا أو غير مميز إن لم يؤمن عليه وإلا فلا ضمان. قوله: (إن عمده كالخطأ) أي فيكون على عاقلته إن بلغ
ثلث ديته وإلا ففيما له. قوله: (كأن مات) تشبيه في الضمان في قوله وضمن بالاستيلاء. قوله: (أو قتل عبد الخ)
أي أنه إذا غصب عبدا فقتل شخصا بعد غصبه فقتل به فإنه يضمنه الغاصب وأما لو كان القتل سابقا

443
على الغصب وقتل به عند الغاصب فلا ضمان عليه. وهذا ما يفيده كلام النوادر وقرر به ابن فرحون
كلام ابن الحاجب. إذا علمت هذا فتوقف عبق تبعا لعج والشيخ أحمد الزرقاني في القتل السابق
على الغصب إذا قتل بسببه بعد الغصب هل يكون موجبا لضمانه أو لا؟ قصور انظر بن. قوله: (ولو لم
يركب) أي لان مجرد وضع اليد يوجب الضمان. قوله: (أو ذبح) أي أنه إذا غصب دابة وذبحها لزمته
القيمة بمجرد الذبح وصارت مملوكة للغاصب فيجوز له الأكل منها ويجوز لغيره أن يشتري منها،
والمذهب أن الذبح ليس بمفيت ولربها الخيار بين أخذ قيمتها وأخذها مذبوحة من غير أن يأخذ معها
ما نقصه الذبح كما هو قول ابن القاسم في سماع يحيى، وقيل أنه يخير بين أخذ قيمتها وأخذها مذبوحة
مع ما نقصه الذبح وهو قول ابن مسلمة، قال ابن ناجي وهو بعيد عن أصول المذهب ا ه‍ بن.
قوله: (ولربها أخذها مذبوحة) أي وحينئذ فليس الذبح مفيتا للدابة المغصوبة خلافا لما يقتضيه كلام
المصنف حيث عده من المفوتات تبعا لابن الحاجب وابن شاس وقبله ابن عبد السلام وأصله لابن
الجلاب وعلى المذهب فلا يجوز الشراء مما يذبحه القصاب ولا يجوز الأكل منه. فرع: لا شئ على
مجتهد أتلف شيئا بفتواه وضمن غير المجتهد إن نصبه السلطان أو نائبه للفتوى لأنها كوظيفة عمل
قصر فيها وألا يكن منتصبا للفتوى وهو مقلد ففي ضمانه قولان مبنيان على الخلاف في الغرور القولي
هل يوجب الضمان أم لا؟ والمشهور عدم الضمان، وقال شيخنا الظاهر أنه إن قصر في مراجعة النقول
ضمن وإلا فلا ولو صادف خطأه لأنه فعل مقدوره ولان المشهور عدم الضمان بالغرور القولي.
قوله: (ثم هلكت) أي عنده قبل أخذها منه وقوله لأنه بجحدها الخ علة لمحذوف أي فيضمن قيمتها
لأنه الخ. قوله: (أو أكل شخص طعاما مغصوبا) أي أهداه له الغاصب أو أكله ضيافة عنده. قوله: (وبدئ
بالغاصب) أي فيضمن ذلك الآكل بقدر ما أكل لكن يبدأ الخ. قوله: (وأما بعلم) أي وأما إذا
أكل الشخص طعاما مغصوبا مع علمه أنه مغصوب. قوله: (فهو والغاصب سواء) فلا يبدأ بواحد
عن واحد بل يغرم الآكل بقدر ما أكل ويغرم الغاصب ما بقي. قوله: (لكن يبدأ الخ) الحاصل
أنهما يضمنان معا هذا لمباشرته وهذا لتسببه لكن المباشر يقدم في الغرم على المتسبب فلا يتبع
المتسبب إلا إذا عدم المباشر وكل من غرم شيئا منهما فلا رجوع له على صاحبه بشئ مما غرمه، هذا هو
الذي في النوادر عن سحنون وقبله ابن عبد السلام والتوضيح وابن عرفة وبه قرر ح وقال أنه
المذهب فحمل المصنف على ظاهره من أن الضمان على المكره بالكسر فقط ليس بصواب انظر بن.
قوله: (فأتى له به) أي ثم أتلفه المكره بالكسر. قوله: (على كل منهما على السواء) أي فكل من قدر عليه
منهما أخذ منه الجميع ومن غرم شيئا رجع بنصفه على صاحبه وما ذكره في هذه المسألة من أن الضمان
منهما على السواء هو الذي اقتصر عليه سحنون، وفرق ابن عرفة بين هذه ومسألة المصنف بأن
هذه قد وقع من كل منهما مباشرة بخلاف الأولى فلم يقع من المكره بالكسر إلا الاكراه فلذلك قدم عليه
المباشر ا ه‍ بن. قوله: (أو في طريق الناس) أي أو بلصقها بلا حائل. قوله: (وأما بملكه) أي وأما
لو حفرها بملكه أي أو بأرض موات فتردى فيها شئ فلا ضمان إذا كان حفرها بغير قصد ضرر، أما لو
حفرها بملكه بقصد ضرر كوقوع شخص معين أو وقوع سارق أو وقوع حيوان محترم غير آدمي
وإن لم يقصد هلاكه فقدر الله أنه وقع فيها حيوان أو شخص آخر غير المعين والسارق وتلف فإنه
يضمن. قوله: (وقدم عليه) أي على الحافر المتعدي المردي بمعنى أن الضمان متعلق به وحده دون الحافر
فإنه لا ضمان عليه أصلا سواء كان المردي موسرا أو معسرا خلافا لما يوهمه لفظ قدم من أنه إن أعدم
المردي ضمن الحافر فليس الحافر كالمكره بالكسر ولعله لان تسبب الحافر أضعف من تسبب المكره.

444
قوله: (فسيان) هذا مقيد بما إذا علم المردي بقصد الحافر وإلا اقتص من المردي فقط كما نقله المواق
عن ابن عرفة وما ذكره المصنف من أنهما سيان هو قول القاضي أبي الحسين وهو المعتمد، وقال القاضي
أبو عبد الله بن هارون يقتل المردي دون الحافر تغليبا للمباشرة. قوله: (في الانسان المكافئ) أي لهما
معا فإن كان المكافئ أحدهما فقط كأن حفرها حر مسلم لأجل وقوع عبد معين فراده فيها عبد مثله قتل
المردي دون الحافر تغليبا للمباشرة وعليها لأدب وانظر هل عليه شئ من قيمة العبد أم لإقالة عبق.
قوله: (وضمان غيره) أي غير الانسان المكافئ. قوله: (قيد عبد مثلا) أي أو فتح قيد حر قيد لئلا يأبق
فذهب بحيث تعذر رجوعه فإنه يضمن ديته دية عمد كما يأتي في قوله كحر باعه وتعذر رجوعه من أنه
لا مفهوم لباعه بل حيث أدخله في أمر يتعذر رجوعه فإنه يضمن ديته. قوله: (قيد لئلا يأبق) مفهومه
أنه لو فتح قيد عبد قيد لنكاله فأبق لم يضمن ولو تنازع ربه مع الفاتح فادعى ربه أنه إنما قيده لخوف إباقه
وقال الفاتح إنما قيدته لنكاله ولم تقم قرينة على صدق واحد منهما فالظاهر أن القول قول سيده لان
هذا أمر لا يعلم إلا من جهته. قوله: (فأبق) أي عقب الفتح أو بعده بمهلة. قوله: (إلا بمصاحبة ربه) أي إلا
إذا فتحه بحضرة ربه ولو كان ربه نائما نوما خفيفا بحيث يكون عنده شعور، قال عبق والظاهر أن
المراد بمصاحبة ربه في مسألة المصنف أن يكون بمكان هو مظنة شعوره بخروجه وإن بعد عنه
يسيرا لا الملاصقة. قوله: (وإلا ضمن) أي وإن كان صاحبه حاضرا غير نائم. قوله: (لا يمكن ترجيعه
عادة) أي بخلاف غيره فإنه يمكن ترجيعه. قوله: (فسال ما فيه) أشار بهذا لدفع ما يقال أن قوله أو فتح
حرزا مكررا مع قوله أو على غير عاقل. وحاصل الجواب أن ما هنا فتح الحرز على غير حيوان وما مر
فتحه على حيوان أو أن ما مر فتح الحرز فذهب ما في داخله بنفسه وما هنا فتح الحرز وأخذ آخر ما في
داخله. قوله: (أو أخذ منه شئ إذا كان جامدا) لكن في هذه يقدم الآخر لمباشرته على الفاتح ومحل
ضمان فاتح الحرز ما لم يفتحه بمصاحبة ربه وإلا فلا ضمان على من فتحه كما اختاره ابن يونس فقد حذف
المصنف قوله إلا بمصاحبة ربه من هنا لدلالة ما قبله عليه ولو أخره وذكره هنا كان أولى. قوله: (معمول
لقوله ضمن) أي ضمن بالاستيلاء المثلى إذا تعيب أو تلف بمثله ولو غصبه بغلاء وحكم به زمن
الرخاء فقوله بمثله متعلق بضمن وقيدنا بقولنا إذا تعيب أو تلف احترازا عما لو كان المثلى المغصوب
موجودا ببلد الغصب وأراد ربه أخذه وأراد الغاصب إعطاء مثله فلربه أخذه لأنه أحق بعين شيئه
وإن كانت المثليات لا تراد لأعيانها لكن اتفقوا على أن المثليات تتعين بالنسبة لمن كان ماله حراما أو
كان في ماله شبهة فرب المغصوب له غرض في أخذ عين شيئه لأنه حلال ومال الغاصب حرام. قوله: (قول
من قال) أي وهو اللخمي. قوله: (قيمته يوم الغصب) أي لان الغاصب أحق بالحمل عليه. قوله: (وصبر)
أي المغصوب منه وجوبا لبلده أي لبلد الغصب إن وجد الغاصب بغيره، محل ذلك ما لم يتعذر الخلاص
منه إذا رجع لبلده وإلا غرمه قيمته في المحل الذي وجده فيه ولا يصبر عليه حتى يرجع لبلده
كما في ح عن البرزلي عند قول المصنف الآتي وإن وجد غاصبة بغيره وغير محله فله
تضمينه. قوله: (لان نقله فوت) أي لان نقل المثلى ولو لم يكن فيه كلفة فوت بخلاف نقل
المقوم إنما يكون فوتا إذا كان في نقله كلفة واحتاج لكبير حمل. واعلم أن فوت المثلى يوجب غرم
مثله وفوت المقوم لا يوجب غرم قيمته بل يوجب التخيير بين أخذه وأخذ قيمته. قوله: (بين
أخذه) أي المثلى وقوله فيه أي في البلد الذي وجد فيه الغاصب. قوله: (ومنع منه) أي أن الحاكم يجب
عليه أن يمنع الغاصب من التصرف في المثلى الذي صاحبه في غير بلد الغصب حتى يتوثق منه ربه برهن
أو حميل. قوله: (فيه) أي في المثلى المغصوب الذي صاحب الغصب بغير بلد الغصب. قوله: (ومثله المقوم)
أي ومثل المثلى المقوم فيمنع الغاصب عن التصرف فيه إذا وجد معه ببلد أخرى غير بلد الغصب

445
حيث احتاج الخ. قوله: (ولم يأخذه ربه) أي بل أراد أخذ قيمته. قوله: (فتصرف فيه) أي فخالف
وتصرف فيه ببيع أو هبة أو صدقة. قوله: (فلا يجوز لمن وهب له شئ منه) أي مع علمه بأنه مغصوب.
قوله: (وإلا جاز على الأرجح) أي وإلا بأن فات عند الغاصب ولزمته القيمة جاز أكله على ما رجحه
ابن ناجي تبعا لصاحب المعيار، ولو علم الآكل أن الغاصب لا يدفع القيمة لان دفع العوض واجب
مستقل واعتمده أيضا شيخنا في حاشية خش خلافا لفتوى الناصر والقرافي وصاحب المدخل من
المنع إذ علم أن الغاصب لا يدفع قيمته. قوله: (لما مر من أن نقل المثلى فوت الخ) أي وحينئذ فبمجرد
نقله صار اللازم له مثله في بلد الغصب. قوله: (إن احتاج الخ) أما لو لم يحتج لذلك تعين أخذ ربه له. قوله: (يغني
عنه قوله ولبلده ولو صاحبه) وجهه أنه إذا كان يجب الصبر لبلده ولو كان مصاحبا للغاصب
يعلم منه أن الغاصب لا يجبر على رده لبلد الغصب وفيه أنه لا يعلم منه ذلك لان المغصوب منه قد يقول
للغاصب أنا أصبر لبلده ولكن رده أنت إليه تأمل. قوله: (أو حال من ضميره) لعل الأولى أو حال
من مفعوله المحذوف أي كإجازة المغصوب منه بيع الغاصب الشئ المغصوب حالة كونه معيبا،
وذلك لان ضمير بيعه للغاصب والموصوف بكونه معيبا الشئ المغصوب لا الغاصب. قوله: (إذا
باع ما غصبه معيبا) أي حالة كونه معيبا وقت بيع الغاصب له سواء كان العيب طارئا عنده أو
كان عند ربه قبل الغصب. قوله: (فليس له رد البيع) أي الذي أجازه ولا عبرة بتعلله أنه إنما أجاز
لظنه دوام العيب لتفريطه إذ لو شاء لتثبت. قوله: (على الأرجح) هذا القول لعبد الحق وظاهر ح
ترجيحه على قول بعض القرويين له الرد. قوله: (بغير بلده) أي بلد الغصب. قوله: (بما تضمنه الخ) أي
فميا تضمنه. قوله: (ولا رد له) وهو عدم الالتفات لقول رب المغصوب فما تضمنه قوله المذكور وجه
الشبه لا المشبه به. قوله: (وصيغت) أي صاغها الغاصب حليا أو سبكها أو ضربها دراهم أو ضرب النحاس
فلوسا. قوله: (لفواتها بالصياغة) أي وكذا بالضرب وأما جعل النحاس تورا فإنه لا يكون مفوتا. قوله: (وإلا
فقيمته) أي لان المثلى الجزاف يضمن بالقيمة للهروب من المزابنة وهي في الجنس المتحد ولو غير
ربوي ولو كان غير طعام أصلا، وإنما كان الطين مثليا مع أن ضابط المثلى لا ينطبق عليه لأنه يكال بالقفة
فينطبق الضابط عليه. قوله: (وقمح مثلا) أي أو شعير أو دخن. قوله: (وعجين خبز) أي فلا يرد
لربه بل يرد مثله. قوله: (فلم يجعلوه) أي ما ذكر من الطحن والعجن والخبز ناقلا فمنعوا التفاضل بين
القمح والدقيق وبين الدقيق والعجين وبين العجين والخبز. قوله: (غير ناقل) أي وحينئذ فلرب القمح
المغصوب إذا طحنه الغاصب أخذه مطحونا ولا يلزمه أجرة الطحن للغاصب وكذا إذا عجن الدقيق
أو خبز العجين. قوله: (أي ما يبذر الخ) أشار بهذا إلى أن البذر في كلام المصنف اسم لا
مصدر إذ هو مصدر إلقاء الحب على الأرض وهو لا يغصب وأيضا هو أي البذر بالمعنى المصدري الزرع فلا معنى لقوله

446
زرع. قوله: (ومعنى زرع بذر) أي لا بمعنى غطى لاقتضائه أن فوات المبذور يتوقف على تغطية
وليس كذلك إذ الفوات يحصل بمجرد طرح الحب على الأرض سواء غطى أم لا. قوله: (وبيض أفرخ)
يعني أن من غصب بيضا فحضنه تحت دجاجة له فأفرخ فعليه بيض مثله لربه والفراخ للغاصب
لفوات البيض بخروج الفراخ منه. قوله: (إلا إن غصب) أي إلا إن غصبه طيرا فباض عنده ثم
حضن ذلك الطير بيضه وأفرخ. قوله: (وأولى إن باضت عند ربها) أي وغصبها الغاصب مع بيضها
وحضنت بيضها عند الغاصب وأفرخ ذلك البيض فالأم والفراخ لربها وكذا إذا غصب من شخص
واحد دجاجة وبيضا ليس منها وحضنة تحتها فإن الأم والفراخ لربها وعليه أجرة مثله في تعبه فيها
فإن كانا لشخصين فلرب البيض مثله ولرب الدجاجة دجاجته وكراء مثلها في حضنها والفراخ
للغاصب ا ه‍. فرع: لو مات حيوان حامل فأخرج رجل ما في بطنه من الحمل وعاش فالولد لرب
الحيوان وعليه أجرة علاج المخرج ا ه‍ عبق. قوله: (وعصير) أي وكغصب عصير أي ماء عنب
وقوله تخمر أي بعد غصبه وقوله فلرب مثل العصير أي إن علم كيله وإلا فقيمته وظاهر كلامه، ولو كان
العصير لذمي مع أنه يملك الخمر فينبغي أنه في هذه الحالة يخير بين أن يأخذ ذلك الخمر أو مثل العصير
كما إذا تخلل الخمر. قوله: (وإن تخلل العصير المغصوب) أي ابتداء أو بعد تخمره وقوله خير ربه أي
سواء كان مسلما أو ذميا. قوله: (لذمي) أراد به غير المسلم فيدخل المعاهد والمؤمن والحربي.
قوله: (أو قيمة الخمر) أي بمعرفة المسلمين أو الذميين. قوله: (أو أنه من باب الخ) أي أن الواو في قوله وحلى
عاطفة لعامل حذف وبقي معموله أي وإن صنع كغزل أو تغير حلي. قوله: (قيمته يوم غصبه) هذا
جواب الشرط وهو قوله وإن صنع كغزل بناه على أنه مستأنف وأما على جعله مبالغة في قوله وتعين
لغيره فالفاء واقعة في جواب شرط مقدر أي وحيث كان الغزل والحلي وغير المثلى إذا تغير عند الغاصب
لا يأخذه ربه فاللازم للغاصب قيمته يوم غصبه وإنما لزمت القيمة في الغزل والحلي لان أصلهما وإن
كان مثليا لكنه دخلته صنعة والمثلي إذا دخلته صنعة لزمت فيه القيمة. قوله: (يوم غصبه) لا يوم
تغيره. قوله: (وإن كان المغصوب جلد ميتة الخ) مبالغة في ضمان القيمة في
غير المثلى إذا تغير أي وإن كان غير المثلى الذي غصبه وتغير عنده جلد ميتة ولو عبر بلو بدل إن كان أولى لرد الخلاف قال ابن رشد في
سماع عيسى قال في المدونة من غصب جلد ميتة فعليه قيمته دبغ أو لم يدبغ وقال في المبسوط لا شئ عليه
فيه وإن دبغ لأنه لا يجوز بيعه ا ه‍ بن. قوله: (أو كلبا مأذونا) أي في اتخاذه ككلب صيدا وماشية أو
حراسة وأما لو قتل كلبا لم يأذن الشرع في اتخاذه وإن اتخذه شخص جهلا فإنه لا يلزم قاتله في شئ
سواء قتله بعد أن أخذه قهرا ممن اتخذه أو قتله ابتداء ولا يحتاج لتقييد المصنف الكلب بالمأذون لان
غيره خرج بقوله الغصب أخذ مال وغير المأذون ليس بمال. قوله: (ولو قتله الخ) هذا مبالغة في قوله
فقيمته يوم غصبه أي ولو قتل الغاصب الشئ المغصوب تعديا فيلزمه قيمته يوم غصبه لا يوم قتله فليس
قتل الغاصب كقتل الأجنبي وهذا قول ابن القاسم وأشهب، وقاله سحنون وابن القاسم في أحد قوليه
أن الغاصب إذا قتل الحيوان المغصوب تعديا فإنه يلزمه قيمته يوم القتل كالأجنبي الذي ليس بغاصب
ولا خصوصية للقتل فلو عبر المصنف بالاتلاف كابن الحاجب كان أشمل. قوله: (وفي نسخة بعداء)
أي وعليها فيكون مبالغة في قوله فقيمته أي إذا قتل الغاصب الشئ المغصوب بسبب عدائه عليه ولو لم يقدر

447
على دفعه عنه إلا بقتله فإنه يضمن قيمته وإن كان يجب عليه دفعه لظلمه بغصبه فهو المسلط له
على نفسه والظالم أحق بالحمل عليه. قوله: (في قتل الأجنبي) أي للشئ المغصوب وقوله فإن تبعه أي
فإن تبع رب المغصوب الغاصب وقوله تبع هو أي الغاصب الجاني لان الغاصب لما غرم قيمته ملكه
فلا يقال إن الغاصب لا يربح فكيف ربح هنا وإنما أبرز الضمير لجريان الجواب على غير من هو له
لان ضمير الشرط لرب المغصوب وضمير الجواب للغاصب. قوله: (وتكون الزيادة) أي زيادة القيمة
يوم الجناية على القيمة يوم الغصب. قوله: (فله الزائد) أي ما زادته القيمة يوم الغصب على القيمة يوم
الجناية (قوله أرض أو عمود أو خشب) الأولى قصر ما هنا على ما إذا كان المغصوب عمودا أو خشبا
فإدخال الأرض هنا غير صحيح لان حكمها مخالف للعمود والخشب لأنه إذا غصب أرضا وبنى فيها
خير ربها بين أن يأمره بهدم بنائه وتسوية الأرض كما كانت أو يدفع للغاصب قيمة بنائه منقوضا،
وسيأتي حكمها للمصنف في قوله وفي بنائه في أخذه ودفع قيمة نقضه الخ ا ه‍ بن. وقوله أرض أو
عمود بالرفع نائب فاعل المغصوب. قوله: (وله إبقاؤه وأخذ قيمته) أي فالمغصوب منه مخير بين هدم
ما عليه وأخذ شيئه وبين إبقائه للغاصب وأخذ قيمته ولا يلتفت لقول الغاصب حيث طلب
المغصوب منه القيمة أنا أهدم بنائي ولا أغرم القيمة، خلافا لابن القصار حيث قال يلتفت لقوله
ولو كان المغصوب عمودا، واختار المالك هدم ما عليه وأخذه لتلف في حال قلعه فهل الضمان على
الغاصب أو على المغصوب منه لأنه لما اختار أخذه فقد هلك على ملكه، والظاهر الأول نقله شيخنا عن
خط عج. وقوله هدم بناء عليه أي على الشئ المغصوب يفهم منه بالأولى لو كان المغصوب أنقاضا
فبناها الغاصب فللمغصوب منه هدمها وله إبقاؤها وأخذ قيمتها وكذا إذا غصب ثوبا وجعلها بطانة
لجبة فلربه أخذه وإبقاؤه وتضمينه القيمة. قوله: (وله) أي للمغصوب منه غلة الخ. قوله: (رجح الخ)
حاصل هذا الذي رجحه بعض الشراح أن المغصوب إن كان عقارا واستعمله الغاصب كانت غلته
لربه فيلزمه أجرته إن سكن فيه أو أسكنه لغيره ويلزمه أن يرد ثمر النخل الذي أثمر عنده وإن كان
حيوانا فإن كانت غلته ليست ناشئة عن تحريك الغاصب كاللبن والصوف فهي لربه وإن كانت ناشئة
عن تحريك كالركوب والخدمة فهي للغاصب فلا يلزمه أجرة الركوب ولا استعمال الدابة في حرث
أو درس ونحو ذلك. قوله: (لأنه الخ) علة لقوله رجح حمله الخ. قوله: (إذا استعمل) أي بأن سكن أو زرع.
قوله: (إلا ما نشأ من غير استعمال) أي وأما ما نشأ من استعمال الغاصب ككراء الدابة أو استعمالها
بنفسه فلا يضمنه. قوله: (والأرجح حمله على ظاهره من العموم) أي أن غلة المغصوب ذاته
الذي استعمله الغاصب للمغصوب منه سواء كان المغصوب عقارا أو حيوانا كانت غلة الحيوان
ناشئة عن تحريك الغاصب أولا، قال ابن عاشر وحمل كلام المصنف على هذا هو الظاهر وعليه حمله ح
قال في التوضيح وهذا ما صرح به المازري وشهره صاحب المعين وابن الحاجب. وقال ابن
عبد السلام هو الصحيح عند ابن العربي وغيره من المتأخرين وقال ابن عاشر هو المشهور وهو
الذي يأتي عليه قول المصنف الآتي وما أنفق في الغلة إذ لو لم تلزم الغلة الغاصب ما صح قوله في الغلة انظر بن.
قوله: (ولو فات المغصوب) أي من الذات المغصوبة. قوله: (وهو) أي أخذ الغلة وقيمة الذات.
قوله: (وقال ابن القاسم الخ) أي في المدونة وعلى قوله اقتصر ابن رشد في البيان والمقدمات وابن
عرفة وبالجملة فقول ابن القاسم هو المعتمد كما قاله شيخنا وبن وغيرهما لان القيمة يوم الاستيلاء فالغلة
نشأت في الملك الغاصب حتى قيل أن الأول مبني على أن القيمة يوم التلف. قوله: (ودابة حبسها الخ)

448
هذا إنما يناسب القول الثاني. قوله: (بالتفويت) أي بالاستعمال. قوله: (وله) أي للمغصوب منه. قوله: (وجارح)
أي سواء كان بازا أو كلبا وقوله غصبا منه أي واستعمل الغاصب كلا من العبد والجارح في
الصيد فيرد ذلك المصيد معهما لربهما وقوله وللغاصب أجرة عمله أي إذا اصطاد بالجارح ورد المصيد
مع الجارح لربه. قوله: (للغاصب) متعلق بترك. قوله: (وله كراء أرض بنيت الخ) أي للمغصوب منه
كراء أرض بناها الغاصب واستغلها أو سكنها فيلزم الغاصب كراؤها براحا لمن يستأجرها وأما كراء
البناء فهو للغاصب وهذا بالنسبة لما مضى قبل القدرة عليه، وأما بالنسبة لوقت القيام على الغاصب
فسيأتي الكلام فيه من أن رب الأرض يخير بين أن يأمره بهدم بنائه وتسوية الأرض كما كانت أو
يدفع له قيمة بنائه منقوضا ويأخذه. قوله: (واستعملت بنحو سكنى) أي وأما مجرد بنائها فلا يعد
استعمالا موجبا للأجرة خلافا للناصر اللقاني. قوله: (بما يؤاجر به لمن يصلحه) هذا بالنظر للربع الخراب
فهو كالمركب النخر الآتية في كونه يقوم بما يؤاجر به لمن يصلحه، وأما الأرض البراح فإنها تقوم
بما تؤاجر به في ذاتها بقطع النظر عن كون الإجارة لمن يعمرها والفرق أن الأرض ينتفع بها براحا
بدون بناء فيها وأما المركب والربع الخرب فإنه إنما ينتفع بهما بعد الاصلاح. قوله: (والزائد للغاصب)
أي وما زاد من أجرة البناء على أجرة الأرض براحا فهو للغاصب. قوله: (فرمه وأصلحه واستعمله)
أي فيلزمه كراؤه بالنسبة لما مضى قبل القدرة عليه. قوله: (فينظر الخ) حاصله أنه يلزمه كراؤه
غير مصلح ممن يصلحه ولا يلزمه كراؤه مصلحا وهذا قول أشهب وأصبغ واللخمي وقال محمد يلزمه
كراؤه مصلحا والمعتمد الأول انظر بن. قوله: (فما قيل لزم الغاصب) أي فإذا كانت أجرتها معمرة تزيد
على ما قيل كان الزائد للغاصب. قوله: (وإذا أخذ المالك المركب) أي بعد القدرة على الغاصب. قوله: (كالزفت الخ)
أي وكالنقش أي وأما لو زال الغاصب نقش المالك فعليه قيمته لأنه هو المتعدي في الفرعين.
قوله: (غير ذلك) أي غير مسمر بها وغير المسامير. قوله: (عطف على أرض) أي فالمعنى
وللمغصوب منه كراء أرض وله كراء صيد شبكة. قوله: (والقوس) هو بالقاف والواو لأنه آلة وأما
الفرس بالفاء والراء فكالجارح، كذا كتب شيخنا العدوي، وفي خش عن بعض المحققين أن الفرس
مثل الآلات التي لا تصرف لها فإذا غصب فرسا وصاد عليه صيدا كان الصيد للغاصب وعليه أجرة
الفرس لربها، وعلى ذلك اقتصر في المج. قوله: (وما أنفق في الغلة) أي وما أنفقه الغاصب على الشئ
المغصوب يحسب له من الغلة ويقاصص ربه به من الغلة وهذا مذهب ابن القاسم في المدونة. وحاصله
أنه يرجع بالأقل مما أنفق والغلة فإن كانت النفقة أقل من الغلة غرم زائد الغلة للمالك وإن كانت النفقة
أكثر فلا رجوع له بزائد النفقة وإن تساويا فلا يغرم أحدهما للآخر شيئا. قوله: (وسقي الأرض الخ)
في بن أن محل كون الغاصب له ما أنفق إذا كان ما أنفقه ليس للمغصوب منه بد كطعام العبد
وكسوته وعلف الدابة وأما الرعي وسقي الأرض فإن كان المالك يستأجر له لو كان في يده فكذلك

449
وإن كان يتولاه بنفسه أو بمن عنده من العبيد فلا شئ عليه كما قاله أصبغ ونقله أيضا ابن عرفة عن اللخمي.
قوله: (وإن زادت) أي الغلة. قوله: (فلا يرجع) أي الغاصب بالزائد أي بزائد النفقة. قوله: (فالنفقة
محصورة في الغلة) أي لا تتعداها لذمة المغصوب منه ولا لرقبة المغصوب وحينئذ فلا يرجع الغاصب
بزائد النفقة على ربه ولا في رقبته كما مر. قوله: (وليست الغلة محصورة في النفقة) أي بل تتعداها للغاصب
فيرجع عليه بما زادته الغلة على النفقة وإلا لزم أنه لو زادت الغلة على النفقة فإنه لا يرجع المالك بزائد الغلة
على الغاصب وليس كذلك. قوله: (والمنقول عن ابن عرفة ترجيح القول بأنه لا نفقة للغاصب) هذا
القول لابن القاسم في الموازية، قال بن وقوله الأول الذي في المدونة أظهر، لان الغاصب وإن ظلم لا
يظلم، ولم أجد في ابن عرفة ترجيح ذلك القول. قوله: (وعلى القول بأن غلة الحيوان الخ) حاصله أن قول
المصنف وما أنفق في الغلة إنما يأتي على الراجح من أن غلة المغصوب مطلقا سواء كان عقارا أو حيوانا
للمغصوب منه كانت غلة الحيوان تتوقف على تحريك أم لا، لأنه لو لم تكن الغلة لازمة للغاصب ما صح
قوله والنفقة في الغلة أي تحسب للغاصب من أصل ما لزمه من الغلة، وأما على القول الثاني من أن الغلة التي
تكون للمغصوب منه إنما هي غلة العقار إذا استعمله وكذا غلة الحيوان التي لا تتوقف على تحريك
وأما غلة الحيوان المتوقفة على تحريك فهي للغاصب فلا يتأتى أن يقال عليه النفقة في الغلة على الاطلاق
بل بالنسبة للقسم الأول لا بالنسبة للقسم الثاني لان الغلة للغاصب لا لربه. قوله: (وبخلاف غلة العقار)
أي فإنها تكون للمغصوب منه لا للغاصب. قوله: (ولما قدم الخ) أي في قوله وإن صنع كغزل وحلي
وغير مثلي فقيمته يوم غصبه. قوله: (فيما إذا لم يعط رب المغصوب فيما غصب منه عطاء متحدا من
متعدد) هذا صادق بأربع صور إذا لم يعط فيه شئ أصلا أو أعطي فيه عطاء متحد من واحد أو
عطاء مختلف من متعدد أو من واحد. قوله: (وهل الخ) حاصله أن المقوم المغصوب الذي أتلفه الغاصب
إذا كان أعطى فيه ثمن واحد من متعدد كأن أعطى فيه زيد عشرة وكذلك أعطى فيه عمرو عشرة فهل
اللازم لذلك الغاصب تلك العشرة فقط أو اللازم له الأكثر من تلك العشرة والقيمة؟ قولان. قوله: (المتلف
لمقوم الخ) أي وأما لو كان المغصوب المقوم الذي أعطى فيه عطاء واحد من متعدد لم يتلف عند الغاصب
وإنما فات عنده بغير التلف فإنما يلزم الغاصب قيمته اتفاقا كما هو مستفاد من جعلهم الخلاف المذكور في
المصنف فيما أتلف انظر عبق. قوله: (ليس على طريقته) أي لان طريقته أن يشير بالتردد لتردد
المتأخرين في النقل عن المتقدمين أو لعدم نص المتقدمين وهنا وجد نص للمتقدمين كما لك وابن
القاسم وعيسى ولم يختلف المتأخرون في النقل عنهم. وأجيب بأن المصنف أشار بالتردد للخلاف
الواقع بين ابن رشد وغيره في كون قول عيسى مقابلا لقول الإمامين ضعيفا أو هو مقيد لقولهما،
وتوضيحه أن الإمام قال في العتبية إذا أعطى في المقوم المغصوب عطاء متحد من متعدد وأتلفه الغاصب
ضمن العطاء ولا ينظر للقيمة، وقال عيسى يضمن الأكثر من العطاء والقيمة قال ابن رشد قول مالك ولا
ينظر للقيمة معناه إلا أن تكون القيمة أكثر من العطاء فتكون له القيمة وحينئذ فقول عيسى مفسر
لقول مالك في العتبية. وقال غير ابن رشد أن قول مالك باق على إطلاقه كما هو ظاهره وحينئذ فقول عيسى
مقابل فظهر لك أن التردد بين ابن رشد وغيره في فهم كلام مالك في العتبية وكلام المصنف لا يؤدي هذا
المعنى فلو قال وعن مالك إن أعطاه فيه متعدد عطاء فبه وهل على ظاهره أو بالأكثر منه ومن القيمة؟ تردد
كان واضحا، ولما كان الخلاف في فهم كلام العتبية لا المدونة لم يعبر بتأويلان، فإن قلت هذا الكلام

450
وإن صحح عدم التعبير بالتأويلين لا يصحح تعبيره بالتردد إذ لا يوافق اصطلاحه قلت يتكلف بجعله
موافقا لاصطلاحه بجعل أن من فهم فهما كأنه ناقل له عن صاحب الكلام المفهوم فهو من تردد
المتأخرين في النقل فتدبر. قوله: (أي ملتبسا بغير الشئ الخ) أي ليس معه الشئ المغصوب بل معه غيره
ولو قال المصنف بدونه بدل قوله بغيره لكان أولى لان قوله بغير الشئ يقتضي أنه مصاحب لغيره
وليس بمراد وإنما المراد أن المغصوب منه وجد الغاصب في غير محل الغصب وليس معه المغصوب سواء
كان معه غيره أو لا. قوله: (فله تضمينه قيمته) هذا في المقوم وكذا في المثلى الذي هو جزاف لأنه يقضي
بقيمته لا بمثله وكذا في المثلى إذا علم قدره وتعذر الرجوع لبلد الغصب على خلاف في هذا انظر كلام
البرزلي في ح ا ه‍ بن. قوله: (هو أو وكيله) أي لأجل أن يسلمه الشئ المغصوب. قوله: (كما مر) والفرق بينهما
أن الذي يغرم في المثلى هو المثل وربما كان يزيد ثمنه في غير بلدا لغصب والذي يغرم في المقوم هو القيمة
يوم الغصب في محله، ولا فرق بين أخذها في بلد الغصب أو في غيره لأنه لا زيادة فيها. قوله: (إن لم يحتج لكبير
حمل) الصواب أن ضمير لم يحتج راجع للمغصوب لا لربه كما في عبق أي أخذه تعيينا إن لم يحتج الشئ
المغصوب لكبير حمل بأن كان حيوانا أو من وخش الرقيق فإن احتاج لكبير حمل بأن كان عرضا أو من
علي الرقيق فلا يتعين أخذه بل يخير ربه في تركه للغاصب وأخذ قيمته وبين أخذه بلا أجرة الحمل وعلى
هذا فيكون المصنف جاريا على قول ابن القاسم أن النقل في العروض وعلي الرقيق فوت لا في الوخش
والحيوان، خلافا لأصبغ حيث قال إن نقل المغصوب من بلد لأخرى فوت مطلقا أي احتاج لكبير
حمل أو لا فيخير ربه في أخذه وأخذ قيمته يوم غصبه وخلافا لسحنون حيث قال إن نقل المغصوب لبلد
أخرى غير فوت مطلقا فليس لربه إلا أخذه فافهم ذلك ولا تنظر لغيرة ا ه‍ بن. قوله: (ولو لم يعد لها السمن)
أي عند الغاصب بعد الهزال. قوله: (فلم ينقص عن ثمنه) أي وكذا لو زاد ثمنه عند ابن عبدوس ومشى
عليه ابن الحاجب. قوله: (فإن نقص خير ربه) أي ومثله ما لو زاد ثمنه عند ابن رشد لان الخصاء نقص عند
الاعراب ونحوهم من الذين لا رغبة لهم في الخصاء دون الأغنياء واستحسن هذا ابن عبد السلام. قوله: (في
صلاة) ظاهره ولو كان كل منهما عاصيا بها كتنفل كل والحال أن عليه فريضة ذاكرا لها أو عند طلوع
الشمس أو عند غروبها. قوله: (أو في مجلس الخ) أشار بذلك إلى أنه لا مفهوم لقوله في صلاة وقوله يجوز فيه
الجلوس معه خرج المجالس المحرمة والمكروهة فيضمن فيهما. قوله: (فلا ضمان على الجالس) أي لأنه مما
تعم به البلوى في الصلاة والمجالس. قوله: (بخلاف من وطئ الخ) مثل وطئ النعل قطع حامل حطب ثياب مار
بطريق كما في المدونة فيضمن الخياطة وأرش النقص عند عدم الانذار وينبغي عدم الضمان معه كما
هو مذهب الشافعي. ومن أسند جرة زيت مثلا لباب رجل ففتح الباب فانكسرت الجرة فقيل
يضمنها فاتح الباب لان العمد والخطأ في أموال الناس سواء، وقيل يضمنها بشرط أن لا يكون شأن
الباب الفتح وإلا فلا يضمنها كمن أحرق فرنه دار جاره بلا تفريط فإنه لا يضمن. قوله: (فإنه يضمن)
كتب شيخنا على عبق أنه يضمن قيمة المقطوعة مع أرش الأخرى ولكن المأخوذ مما يأتي آخر الباب
في رفع الثوب أنه يضمن خياطة المقطوعة وأرش الأخرى، والفرق بين مسألة النعل والصلاة أن
الصلاة ونحوها يطلب فيها الاجتماع دون الطرق إذ لا حق له في مزاحمة غيره، كذا قيل، قال شيخنا العدوي
قد يقال إن الأسواق مظنة المزاحمة وصرح في حاشية خش أن الذي ينبغي في مسألة النعل عدم
الضمان قياسا على مسألة الثوب في الصلاة لان العلة في عدم ضمان الثوب وهي عموم البلوي موجودة في
النعل وكذا هو في شب. قوله: (أو ظالما) أي غاصبا أو محاربا. قوله: (فلا ضمان على الدال) هذا هو الجاري
على قول ابن القاسم بعدم الضمان بالغرور القولي كما قال ابن يونس والمازري ولكنه ضعيف ا ه‍ بن.

451
قوله: (لكن عند الخ) أي لكن ضمان الدال عند تعذر الرجوع على اللص وليس المراد أنه على هذا
المعتمد لا ضمان على اللص وإنما الضمان على الدال إذ لم يقله أحد كيف واللص مباشر لاخذ المال
وفي بن أنه على القول المعتمد يكون للمالك غريمان يخير في اتباع أيهما فإن تبع اللص فلا رجوع
له على الدال وإن تبع الدال رجع على اللص. قوله: (فلا ضمان) أي ويأخذه صاحبه ولا يغرم قيمة
الصياغة وأما لو باعه الغاصب فكسره المشتري وأعاده لحاله لم يأخذه مالكه إلا بدفع أجرة الصياغة
لذلك المشتري لعدم تغديه وهذا في مشتر غير عالم بالغصب وإلا فكالغاصب في كونه لا أجرة له
في صياغته وينبغي في الأول وهو ما إذا كان المشتري غير عالم بالغصب أن يرجع المغصوب منه على
الغاصب بما دفعه للمشتري من أجرة الصياغة. قوله: (وليس له أخذه لفواته) الفرق بينه وبين ما تقدم
من تخييره مع الفوات في مسألة ما إذا احتاج لكبير حمل مع أن المغصوب المقوم قد فات في كل
منهما أن هذا غير شيئه حكما وما تقدم عين شيئه ا ه‍ عبق. قوله: (ككسره) أي من غير إعادة.
قوله: (فيلزمه القيمة لربه) أي لان كسره يفوته على ربه. قوله: (يأخذه وقيمة الصياغة) أي بناء على
أن الكسر لا يفيته. والحاصل أن كسر المصوغ وإعادته لحاله لا يفيته عند ابن القاسم وكسره
وإعادته على غير حالته الأولى يفيته اتفاقا، وأما كسره من غير إعادة فهل يفيته على ربه أو لا يفيته
عليه؟ قولان لابن القاسم، فالفوات هو ما رجع إليه ابن القاسم وعدم الفوات هو ما رجع عنه ولكنه
المعتمد وقول المصنف ككسره إن جعل تشبيها في لزوم القيمة كان ماشيا على المرجوع إليه وإن جعل
تشبيها في قوله لا إن هزلت جارية كان ماشيا على المرجوع عنه. قوله: (كالعدم) أي وحينئذ إذا
غصب الحلي المحرم وكسره أخذه ربه مكسورا من غير أخذ أجرة للصياغة. قوله: (أو غصب منفعة)
تعبيره بغصب فيه مسامحة لان هذا تعد. قوله: (فتلفت الذات بسماوي) أي وأما لو أتلف الغاصب
الذات فإنه يضمنها فلا فرق في الاتلاف بين غصب الذات والمنافع وإنما يفترقان في تلف الذات
بالسماوي. تنبيه: لو تلفت الذات بسماوي وحصل تنازع هل غصب الذات فيضمن أو تعدى
على المنافع فلا يضمن اعتبرت القرائن فإن لم تكن قرينة فتردد كما قال شيخنا. قوله: (أي ما استولى
عليه منها) أي من المنفعة ولو كان جزءا يسيرا من الزمن. قوله: (وأكله مالكه) أي قبل أن يفوت عند
الغاصب بطبخ مثلا وإلا فبمجرد الفوات ضمن الغاصب قيمته ولو أكله ربه ضيافة فإن أكله ربه
بعد الفوات بغير إذن الغاصب ضمن كل منهما للآخر القيمة فالغاصب يضمن يضمن قيمته وقت
الاستيلاء عليه وربه يضمن للغاصب قيمته وقت الأكل. قوله: (أو بغير إذن الغاصب) أي أو أكرهه
الغاصب على أكله فلا مفهوم لقوله ضيافة. قوله: (لان ربه باشر إتلافه) أي والمباشر يقدم على
المتسبب في الضمان إذا ضعف السبب والسبب هنا ضعيف، وما ذكره المصنف من عدم ضمان الغاصب
إذا أكله ربه مقيد، كما قال ابن عبد السلام: بما إذا كان الطعام مناسبا لحال مالكه كما لو هيأه للأكل لا للبيع
وإلا ضمنه الغاصب لربه ويسقط عن الغاصب من قيمته قيمة الذي انتفع به ربه إن لو كان من الطعام
الذي شأنه أكله كما إذا كان الطعام يساوي عشرة دراهم ويكفي مالكه من الطعام الذي يليق به نصف
درهم فإن الغاصب يغرم له تسعة دراهم ونصفا، قال شيخنا ينبغي أن يكون اعتبار هذا القيد إذا كان
أكله مكرها أو غير عالم، وأما إن أكله طائعا عالما بأنه ملكه فلا ضمان على الغاصب بل ضمانه من المالك
ولو كان ذلك الطعام غير مناسب لحال ومقيد بما إذا أكله ربه قبل فوته عند الغاصب كما قلنا. والحاصل
أن كلام المصنف مقيد بقيدين كما علمت. قوله: (أو نقصت الخ) أي ومن باب أولى ما إذا زادت قيمتها
لتغير السوق وهي عند الغاصب. والحاصل أن كلا من نقصان القيمة وزيادتها لتغير السوق لا يفيت
المغصوب على ربه فيتعين أخذه له ولا رجوع له على الغاصب بشئ لأجل نقص القيمة وإذا أراد الغاصب

452
أخذه ودفع القيمة وأبى ربه أجبر الغاصب على دفعه له. قوله: (بل يأخذها مالكها ولا شئ له) وسواء طال
زمان إقامتها عند الغاصب أم لا. قوله: (في هذا الباب) أي باب غصب الذوات. قوله: (فإن لربها أن يلزم
الغاصب قيمتها) أي وله أن يأخذ عين شيئه ولا شئ له على المتعدي. قوله: (وأما الكراء فيضمنه) أي
كما شهره المازري فالمنفي في كلام المصنف ضمان القيمة فقط وقوله خلافا لتت أي فإنه قال لا يضمن
قيمة ولا كراء أي لا يضمن قيمة لعدم الفوات ولا كراء لان الغلة الناشئة عن تحريك الغاصب له
بناء على ما مر من مذهب المدونة وقد علمت أن الراجح خلافه. قوله: (ولا شئ له على السارق ولو تغير
سوقها) أي فإذا رجح السارق بها من سفر لم يضمن قيمتها وإنما يلزمه كراؤها فقول المصنف كسارق
تشبيه تام أي أنه تشبيه في الامرين أي عدم الفوات بتغير السوق وبسفره عليها مع بقائها على حالها لم
تتغير في ذاتها. قوله: (وله في تعدي الخ) حاصله أن من استأجر أو استعار دابة لحمل كذا أو يركبها لمكان
كذا فتعدى وزاد في الحمل أو في المسافة المشترطة زيادة يسيرة كالبريد واليوم فإن رجعت سالمة لربها
فليس لربها عليه الاكراء الزائد مع الكراء الأول في الا تجارة أو كراء الزائد فقط في العارية فإن لم تسلم
الدابة بل طبت أو تعيبت أو زاد كثيرا سواء عطبت أو سلمت خير المالك بين أن يضمنه قيمتها يوم
التعدي ولا شئ له من كراء الزيادة أو يأخذ كراء الزائد فقط في العارية أو مع الكراء الأول في الإجارة
ولا شئ له من القيمة ا ه‍. وهذا الذي ذكره الشارح من أن زيادة الحمل كزيادة المسافة من غير تفرقة
بينهما طريقة لعبد الحق وغير واحد من الشيوخ كما قال ابن عرفة. وطريقة ابن يونس أن زيادة المسافة
لا يفرق فيها بين ما تعطب به وما لا تعطب به فإن سلمت كان له كراء الزائد وإن لم تسلم خير بين كراء
الزائد وقيمتها بخلاف زيادة الحمل، فإنه يفرق فيها بين زيادة ما تعطب به وما لا تعطب به، فإن زاد ما تعطب
به فإن عطبت خبر ربها بين قيمتها وكراء الزائد وإن تعيبت كان لربها الأكثر من كراء الزائد وأرش
العيب وإن سلمت كان له كراء الزائد فقط وإن زاد ما لا تعطب به فليس لربها إلا كراء الزائد تعطبت
أو تعيبت أو سلمت، والفرق بين زيادة المسافة وزيادة الحمل على هذا القول أن من زاد في المسافة فقد تعدى
على كل الدابة لان زيادة المسافة محض تعد فأشبه الغاصب لها والذي زاد في الحمل ليس متعديا تعديا محضا
لمصاحبة تعديه للمأذون فيه وطريقة ابن يونس. هذه هي التي اقتصر عليها شارحنا في العارية وحمل
كلام المصنف عليها، وقد حمل كلام المصنف هنا على طريقة عبد الحق وما كان ينبغي ذلك. قوله: (بأن لم
تسلم) أي بأن عطبت أو تعيبت وقوله أو كثر الزائد في المسافة أي أو في الحمل لما علمت أنه لا فرق بين
زيادة المسافة والحمل على الطريقة التي سلكها. قوله: (خير ربها فيه) أي في أخذ كراء الزائد مع أخذها أي
ويأخذ أيضا أرش العيب إذا تعيبت في زائد المسافة أو الحمل وأما لو تعيبت في المأذون فيه فلا أرش
كما أفاده بن. قوله: (أو كثر الزائد في المسافة عن بريد أو يوم ولو سلمت) ما ذكره من تخييره في زائد
المسافة الكثيرة لا ينافي ما يأتي في الإجارة من أنها إذا سلمت ليس له إلا كراء الزائد لحمله على
ما إذا كانت الزيادة يسيرة وما هنا في الكثيرة. قوله: (وإن تعيبت المغصوب عند الغاصب بسماوي الخ)
أي وكذا إن تعيب بغيره ومن ذلك الغيبة على العلية مع الشك وطئها فإن ذلك عيب يوجب لربها
الخيار بين أخذها وتضمين الغاصب قيمتها عند الآخرين وقال ابن القاسم أن ذلك غيب عيب فليس
لربها أن يضمنه القيمة بذلك. قوله: (وإن قل) أي هذا إذا كان العيب كثيرا كالعمى والعور بل وإن
قل فلا فرق بين القليل والكثير كما حققه التلمساني في شرح تفريع ابن الجلاب خلافا لنقل المواق عن
التفريع التفرقة بين القليل فلا يضمنه الغاصب والكثير فيضمنه، وكذا نسب اللخمي هذا التفصيل
لتفريع ابن الجلاب. قال التلمساني ما أدري من أين أخذ اللخمي هذا التفصيل من التفريع مع أن

453
كلامه مطلق حيث قال فإن نقصت قيمته بعيب حدث به فربه بالخيار، نعم ذلك التفصيل موجود
في كتاب محمد انظر بن. قوله: (أي انكسارهما) أي فالمصنف أطلق المصدر الذي هو الكسر وأراد
الحاصل به وذلك لان الكسر فعل الفاعل فلا يكون عيبا قائما بالمغصوبة بل العيب القائم بها أثر فل
الفاعل وهو الانكسار. قوله: (أو جنى هو) أي جناية غير متلفة للمغصوب بل عيبته فقط.
قوله: (كصبغه) أي كتخييره في مسألة صبغه وقوله في قيمته بدل اشتمال من قوله كصبغه وما ذكره المصنف
من التخيير في مسألة الصبغ هو مذهب المدونة ومقابله لا شئ للغاصب في الصبغ فجعله كتحصيص
البناء وتزويقه مما لا قيمة له بعد نزعه، وكان وجه ما فيها أن ما ذكر من التجصيص والتزويق مفارق
يمكن إزالته بخلاف الصبغ فإنه صنعة دخلت في نفس ذات الشئ. قوله: (ولا شئ عليه) أي لا يلزمه
قيمة الصبغ، هذا ما في التوضيح خلافا لأبي عمران القائل أنه يخير على الوجه لذي ذكره المصنف
ولو نقصه الصبغ. والحاصل أن المدونة قالت وإذا غصب ثوبا وصبغه خير ربه بين أخذ قيمة الثوب
أبيض أو يأخذ الثوب ويغرم قيمة الصبغ وأطلقت في ذلك ولم تقيد بزيادة ولا مساواة وأبقاها
أبو عمران على ظاهرها، وقيدها ابن الجلاب بما إذا كان الصبغ لا ينقص القيمة. قوله: (في أخذه ودفع
قيمة نقصه) أي وليس له ترك الأرض للغاصب وأخذ قيمتها منه بخلاف العمود والأنقاض المغصوب
كما مر من أن لربها تركها للغاصب وأخذ قيمتها منه وله أن يأمره بهدم البناء وأخذها. قوله: (إن كان له
قيمة بعد الهدم) أي كحجر وخشب ومسمار. قوله: (لا ما لا قيمة له الخ) أي فإن المالك لا يدفع لذلك قيمة
بل إذا أراد أخذ أرضه أخذ ما ذكر مجانا فلو قلع ذلك الغاصب فلا شئ عليه إن كان قبل الحكم به
للمغصوب منه وأما إن قلعه بعد الحكم كما لزمه قيمته، هذا هو النقل كما في بن خلافا لما في عبق. قوله: (على
الزرع) أي على ما إذا غصب أرضا وزرعها وقدر المالك على الغاصب قبل أن يطيب الزرع. قوله: (بأجرة
المثل الخ) أي إن كان الغاصب قد استغل بعد البناء والغصب وإلا فلا أجرة عليه كما مر. قوله: (فتسقط من
قيمة النقض) أي فإن بقي من قيمة النقض بعد ذلك شئ أخذه الغاصب وإن لم تف قيمة النقض بالأجرة
الماضية وأجرة إصلاح الأرض رجع المالك على الغاصب بالزائد كما قال الشارح. قوله: (أي الاستيفاء)
أي فإن لم يستوف البضع بالوطئ ولا استعمل الحر بالاستخدام بل عطل كلا عن الوطئ والاستخدام
فلا شئ عليه. قوله: (مثلا) أي أو فعل به فعلا غير البيع تعذر بسببه رجوعه فلا مفهوم لباعه.

454
قوله: (أم لا) أي بأن تحققت حياته أو شك فيهما. قوله: (لأنه في غصب الذات الخ) فتحصل أن غاصب
الذات يضمنها بمجرد الاستيلاء ولو تلفت بسماوي ولا يضمن منفعة الذات إلا إذا استعملها وغاصب
المنفعة لا يضمن الذات إذا تلفت بسماوي ويضمن المنفعة التي قصد غصبها بمجرد فواتها على ربها
وإن لم يستعمل إلا غاصب الحر والبضع فإنه إنما يضمن فيهما بالاستيفاء. قوله: (وهل يضمن الخ)
يعني أن الشخص إذا شكا من غصبه أو من له عليه دين الحاكم ظالم فظلمه وغرمه ما لا يجب عليه ففي ضمان
الشاكي ما غرمه المشكو وعدم ضمانه أقوال ثلاثة: القول الأول: يقول إذا كان الشاكي ظالما في شكواه
بأن كان له قدرة على تخليص حقه بنفسه أو بحاكم لا يجوز فإنه يغرم جميع ما غرمه المشكو أجرة الرسول
وما زاد عليها وإن كان الشاكي مظلوما بأن كان لا قدرة له على خلاص حقه بنفسه ولم يجد حاكما عادلا
يخلصه فإنما يغرم للمشكو قدر أجرة الرسول. والقول الثاني: يقول إن كان ظالما غرم الجميع وإن كان
الشاكي مظلوما فلا يغرم شيئا. والقول الثالث: يقول لا يلزم الشاكي شئ أصلا سواء كان ظالما أو
مظلوما، غاية الأمر أنه إن كان ظالما فإنه يؤدب ا ه‍ قال ح وانظر لو شكا رجلا لظالم جائر لا يتوخى قتل
النفس فضرب المشكو حتى مات فهل يلزم الشاكي شئ أم لا؟ قال بعضهم عليه ديته كمن فعل به ما يتعذر
رجوعه وينبغي أن ذلك حيث تعذر القصاص من الظالم فتدبر. قوله: (وأحرى غيره) أي كالمدين.
قوله: (لان الفرض الخ) علة لصحة رجوع الضمير للغاصب. قوله: (أنه) أي أن الكلام مفروض الخ.
قوله: (فإن لم يظلم) أي بأن كان مظلوما لعدم قدرته على التخليص بنفسه وعدم حاكم عادل.
قوله: (وإنما يغرم قدر أجرة الرسول) أي أن لو كان هناك رسول أحضر المشكو للمشكو له. قوله: (أصالة) أي
لان أجرة الرسول على طالب الحق. قوله: (وحينئذ) أي وحين إذ كان القول الأول يقول إذا كان
الشاكي ظالما فإنه يغرم القدر الزائد على أجرة الرسول ويغرم أجرة الرسول أيضا فيتجه الخ.
قوله: (الثالث) أي لأنه قول أكثر أصحاب الإمام كما عزاه لهم ابن يونس. قوله: (والمفتي به بمصر) أي وهو أرجح
الأقوال كما قال شيخنا العدوي القول الثاني وهو غرم الجميع إن كان ظالما وإلا فلا يغرم شيئا. قوله: (وهي)
في المشكو ويغرمه مالا والمشكو لا تباعة للشاكي عليه ففي ضمان الشاكي ما غرمه المشكو وثالثها
لبعض أصحابنا لا ضمان عليه إن كان مظلوما أي بأن قذفه المشكو أو سبه. قوله: (وملكه إن اشتراه)
نبه على هذا مع أن من المعلوم أن كل من اشترى شيئا ملكه ليرتب عليه قوله ولو غاب ورد بلو على أشهب
القائل لا يجوز بيع المغصوب لغاصبه إذا كان غائبا، وذلك لان ذات المغصوب قد فاتت بالغيبة عليها وصار
الواجب على الغاصب إنما هو القيمة فالذي يجوز للمغصوب منه أن يبيعه للغاصب إنما هو القيمة لا ذات
المغصوب وحينئذ فلا بد من معرفته أي البائع لها وأن يبيعها بما تباع به. قوله: (إذ لا يشترط حضوره بالبلد)

455
أي لان الأصل سلامته. قوله: (أو غرم قيمته) أي أو فات عند الغاصب وغرم قيمته. قوله: (أي حكم
الشرع عليه) أي القاضي بغرمها إذ لا بد في ملكه له بالقيمة إذا فات عنده من حكم القاضي بها كما في بن
خلافا لما في عبق. قوله: (ومحل ملكه) أي للفائت بغرم القيمة إن لم يموه فقوله إن لم يموه شرط في ملك الفائت
بالقيمة فقط لا فيه وفي ملك الغائب بشرائه كما في عبق، فإذا اشترى المغصوب وادعى أنه غائب فقد ملكه
ولو موه في دعواه الغيبة خلافا لعبق. ونص المدونة قال ابن القاسم لو قضينا على الغاصب بالقيمة ثم
ظهرت الأمة بعد الحكم فإن علم أنه أخفاها فلربها أخذها ورد ما أخذ من القيمة انظر بن. قوله: (ويرجع
عليه ربه بعين شيئه) أي ويرد له ما أخذه منه من القيمة. قوله: (وإن كذب في الصفة) أي كما لو غصب
عبدا وتلف أو تغير عنده وأردنا تغريمه القيمة فادعى أنه كان أسود فقوم وغرم قيمته على أنه أسود ثم
تبين له أنه كان أبيض. قوله: (ولا ينتقض البيع) الأولى ولا ينتقض الملك إذ لا بيع هنا. قوله: (ولزمه
القيمة) أي لتلفه أو ضياعه. قوله: (ولو موه في الصفة) أي هذا إذا لم يموه أصلا بل ولو موه
في الصفة. قوله: (ويرجع عليه) أي عند التمويه في الصفة. قوله: (أو موه في الصفة فقط) أي فالمنطوق
صورتان وقوله رجع عليه بفضلة أخفاها راجع لاحدى صورتي المنطوق قال ح وانظر
لو وصفه الغاصب ثم ظهر أنه أنقص مما قال بعد أن غرم القيمة فهل له الرجوع أم لا؟ واستظهر شيخنا
العدوي أن له الرجوع. قوله: (ومفهومه أنه إن موه في الذات) أي فقط وأولى في الذات والصفة
كأن يقول الغاصب العبد الذي غصبته منك الأسود قد أبق ثم يظهر بعد أن غرم قيمته أنه لم يأبق
وأنه أبيض. قوله: (لم يملكه) أي بما غرمه من القيمة. قوله: (ولربه أخذه) أي ورد ما أخذه من القيمة.
قوله: (ونعته) أي فإذا غصب جارية وادعى هلاكها واختلفا في صفتها من كونها بيضاء أو سوداء
فالقول قول الغاصب بيمينه إن أتى بما يشبه فإن أتى بما لا يشبه صدق المغصوب منه بيمينه إن
انفرد بالشبه، فإن تجاهلا الصفة فإن المغصوب يجعل من أدنى جنسه ويغرم الغاصب قيمته على ذلك
يوم الغصب قاله شيخنا، وإذا تجاهلا القدر أمرهما الحاكم بالصلح فإن لم يصطلحا تركا حتى
يصطلحا. قوله: (وقدره) أي من كيل أو وزن أو عدد، قال تت ربما يدخل في تخالفهما في القدر
مسألتان الأولى غاصب صرة ثم يلقيها في البحر مثلا ولا يدري ما فيها فالقول قول الغاصب
مع يمينه عند مالك، ابن ناجي وعليه الفتوى لامكان معرفة ما فيها بعلم سابق أو بحبسها، وقال مطرف
وابن كنانة وأشهب القول لربها مع يمينه إن ادعى ما يشبه وكان مثله يملكه لأنه يدعي
تحقيقا والآخر يدعي تخمينا، وأما إن غاب عليها الغاصب فالقول قوله مع يمينه من غير خلاف
والمسألة الثانية قول عبد الملك في قوم أغاروا على منزل رجل والناس ينظرون فنهبوا ما فيه ولا
يشهدون بأعيان المغصوب بل بالإغارة والنهب فقط فلا يعطي المنتهب منه بيمينه وإن ادعى ما يشبه
إلا ببينة. وقال ابن القاسم محتجا بقول مالك في الصرة وقال مطرف القول قول المغار عليه مع يمينه إن
أشبه وكان مثله يملك ذلك. قوله: (وحلف) أي في القدر والنعت كما في عبق بل وفى دعوى التلف أيضا
كما في بن نقلا عن ح وابن عبد السلام. قوله: (إن أشبه) أي وسواء أشبه ربه أيضا أم لا وقوله وإلا
فالقول لربه أي وإلا يخلف بأن نكل أو لم ينكل ولكن لم يشبه فالقول لربه. قوله: (كمشتر منه فالقول
قوله في تلفه الخ) اعلم أن القول قول المشتري من الغاصب بيمينه في تلفه ونعته وقدره سواء كان الشئ
المغصوب مما يغاب عليه أم لا، علم المشتري بغصب البائع لذلك المبيع أو لم يعلم
بغصبه لكن إن علم بغصبه فحكمه في الضمان حكم الغاصب سواء تلف المبيع بسماوي أو أتلفه المشتري عمدا أو خطأ فيتبع
المالك أيهما شاء بالقيمة، وإن كان المشتري غير عالم بالغصب فإن تلف ما اشتراه عمدا فكذلك

456
يكون ضامنا كالغاصب فإن اتبع المالك المشتري بالقيمة رجع بالثمن على الغاصب، وإن اتبع الغاصب
فلا رجوع له على المشتري وسواء كان ذلك المبيع مما يغاب عليه أم لا، وإن تلف بسماوي فإن المشتري
يغرم القيمة لآخر رؤية إن كان مما يغاب عليه ولم تقم على هلاكه بينة أو كان مما لا يغاب عليه
وظهر كذبه وإذا غرم القيمة رجع بالثمن على المشتري، وأما لو قامت على هلاكه بينه أو لم يظهر كذبه فلا
يغرم المشتري والذي يغرم القيمة إنما هو الغاصب وإن تلف بجناية خطأ فقبل كالعمد وقيل
كالسماوي. هذا حاصل الفقه، فقول المصنف ثم غرم الخ هذا فيما إذا كان المشتري غير عالم بالغصب وكان
التلف بسماوي. قوله: (بعد حلفه) أي على التلف. قوله: (فيوم القبض) أي فالمعتبر قيمته يوم القبض. قوله: (فلا
يغرم) أي والغرم إنما هو على الغاصب البائع له. قوله: (ولربه إمضاء بيعه الخ) أي سواء قبض
المشتري المبيع أو لا، علم أن بائعه غاصب أم لا، حضر المغصوب منه وقت البيع أو غاب غيبة قريبة أو
بعيدة، ومثل البيع الهبة وسائر العقود. قوله: (وإلا اتبع المشتري) أي وإلا يقبضه أو قبضه وكان معدما
اتبع الخ وقيل لا رجوع له على المشتري حيث كان الغاصب قبضه ولو معدما ورجح هذا القول بناء
على أن الإجازة للعقد والقبض معا لا للعقد فقط انظر بن. قوله: (وله) أي للمغصوب منه نقض عتق
المشتري من الغاصب أي وأخذ الرقيق. قوله: (وإجازته) ذكر هذا مع علمه من قوله وله نقض الخ من
التصريح بما علم التزاما، فلو أعتقه الغاصب وأجاز المالك عتقه فإما أن يجيزه على أن يأخذ منه القيمة وإما
أن يجيزه على أن لا يأخذ منه قيمة، فإن كان الثاني لزم العتق نظرا لتشوق الشارع للحرية فلا يقال هذا
عتق فضولي أجازه المالك وعتق الفضولي إذا كان لا معاوضة فيه، فإنه يكون باطلا ولو أجازه المالك
كما مر، وإن كان الأول فلا يلم عتقه إذ العتق ليس بفوت عند الغاصب فهو باق على ملك ربه
وحينئذ فلا يتعين على ربه أخذ قيمته التي وقع الاتفاق عليها بل له أخذ عين عبده. قوله: (فيتم عتقه) أي
بالعقد الأول. قوله: (ويرجع) أي ربه بالثمن على الغاصب أي ولو معسرا وهذا بناء على أن الإجازة
للعقد والقبض معا كما هو الراجح. قوله: (وإن اتبع المشتري فالمعتبر يوم التعدي) إن قيل قد مر
أن المشتري يغرم لآخر رؤية فلم غرم هنا يوم التعدي؟ قلت لأنه هنا لما قصد التملك من يوم وضع
اليد مع ثبوت التلف عمدا اعتبر غرمه يوم الاتلاف بخلاف المشتري السابق فإنه لم يثبت
تعديه فيحتمل أنه أخفى المبيع فلذلك أغرم من آخر رؤية رئ عنده. قوله: (لا يضمن في سماوي)
أي إذا كان مما يغاب عليه وثبت التلف ببينة أو كان مما لا يغاب عليه ولم يظهر كذبه في دعواه التلف
وأما إذا لم يثبت التلف ببينة في الأول أو ظهر كذبه في الثاني فإنه يغرم القيمة لاخر
رؤية كما مر وهو محمل قوله سابق ثم غرم لآخر رؤية. قوله: (لأنه ذو شبهة) أي فيفوز بالغلة. قوله: (فليس
لربه رجوع في السماوي إلا على الغاصب الخ) هذا جواب عما يقال كيف لا يضمن المشتري
من الغاصب السماوي مع أن له الغلة ومن له النماء عليه التوى. وحاصل الجواب أن
المنفي عن المشتري نوع خاص من الضمان وهو ضمانه للمالك وهذا لا ينافي أنه يضمن
للغاصب الثمن فيدفعه له إن كان لم يدفعه له أو لا. قوله: (وإن كان المشتري يضمن الثمن للبائع
الغاصب) أي فيلزمه أن يدفعه له إن لم يكن دفعه له أو لا. قوله: (تأويلان) الأول لابن أبي زيد

457
والثاني لابن رشد ومبناهما على أن البيع هل هو على الرد حتى يجاز أو على الإجازة حتى يرد ا ه‍ بن. قوله: (كالغاصب
في الضمان) أي في ضمان قيمة الذات إذا تلفت بجناية عمدا أو خطأ أو بسماوي وضمان الغلة.
قوله: (فيتبع الخ) أي يخير في اتباع تركة الغاصب والوارث وفي اتباع الغاصب والموهوب له. قوله: (ومثلهما
المشتري إن علم) أي بأن بائعه غاصب لما باعه أي أنه مثلهما في أنه يضمن القيمة كان التلف
عمدا أو خطأ أو بسماوي، أما إذا لم يعلم فإنه إنما يضمن القيمة حيث كان الاتلاف عمدا لا بسماوي على
ما مر. قوله: (وإلا يعلما بالغصب) أي وإلا يعلم الوارث والموهوب له بالغصب بدئ بالغاصب في
غرم قيمة الذات على وارثه وموهوبه، كذا قرر الشارح، قال بن الأولى رجوع قوله وإلا بدئ
بالغاصب للموهوب له فقط إذ لا غاصب مع الوارث يبدأ به لان الموضوع أن الغاصب مات وقسم
ورثته المغصوب واستغلوه ثم استحق فيضمن الوارث قيمة الغصوب إذا تلف سواء علم بالغصب
أولا لكن عند عدم العلم لا يضمن إلا جناية نفسه وعند العلم يضمن حتى السماوي. قوله: (وإلا بدئ
بالغاصب) أي ولا يرجع الغاصب على الموهوب له. قوله: (ورجع عليه بغلة موهوبه) الفرق بين غلة
المشتري منه فإنه لا يضمنه كما مر وبين غلة موهوبه فإنه يضمنها أن الموهوب خرج من يده بغير عوض
فكأنه لم يخرج من يده بخلاف مبيعه. تنبيه: علم مما ذكر أن غلة الموهوب لا تكون للموهوب له بل
يرجع بها المستحق على الغاصب إن كان مليا، وإلا فعلى الموهوب له، وأن قيمة الموهوب إذا تلف على
الموهوب له إذا علم وإلا فعلى الغاصب. وعلم منه أيضا أن المشتري من الغاصب يخير المستحق
في اتباعه أو اتباع الغاصب بالقيمة في العلم وعدمه، وأما الغلة فهي له عند عدم العلم فلا يغرمها لا هو ولا
الغاصب، وأما عند العلم فلا غلة له ويغرمها كقيمة الذات، وعلم أيضا أن وارث الغاصب يغرم قيمة
المغصوب إذا تلف وأنه لا غلة له علم أن مورثه غاصب أولا، مات مليا أو لا ففيها لو مات الغاصب
وترك الأشياء المغصوبة واستغلها ولده فالأشياء وغلتها للمستحق ومحل كون الوارث يغرم الغلة
إذا كانت السلعة قائمة وأما لو فاتت وضمن الوارث قيمتها كانت الغلة له لا للمغصوب منه إذ لا يجمع
بين القيمة والغلة وفي بن لو باع عن الصغير قريبه كالأخ والعم بلا إيصاء ولا حضانة فكبر الصغير
وأخذ شيئه من المشتري لا يرد المشتري غلته ولو كان عالما يوم البيع بتعدي البائع كما في المعيار لان
للمشتري شبهة تسوغ له الغلة وكذا من باع ما يعرف لغيره زاعما أن مالكه وكله على بيعه فلم يثبت
التوكيل ففسخ البيع فلا يرد الغلة ا ه‍. قوله: (ولم يختر تضمينه القيمة) أي وإنما اختار أخذ الغلة وقوله إذ
لا يجمع الخ علة لمحذوف أي فإن اختار تضمينه القيمة أحدها فقط ولا شئ له من الغلة إذ لا يجمع الخ. قوله: (في
الصورتين) أي صورة البداءة بالغاصب عند يسره وصورة البداءة بالموهوب له عنده عسر الغاصب
وما ذكره من أن من غرم شيئا لا رجوع له على صاحبه هو ما في المدونة وهو المعتمد خلافا لما في البيان
من أنه إذا عسر الغاصب فعلى الموهوب ثم يرجع على الغاصب إذا أيسر. قوله: (ومحل الرجوع الخ)
هذا التقييد مبني على قول ابن القاسم في المدونة أنه لا يجمع بين أخذ القيمة والغلة والذي عليه مالك
وعامة أصحابه أنه قد يجمع بينهما كما تقدم ذلك للشارح عند قول المصنف وغلة مستعمل. قوله: (كما
تقدم) أي قريبا في العبارة التي قبل هذه. قوله: (فيقضي به لك) أي بدون يمين منك. قوله: (أي حائزا فقط)
يعني للسلعة إن كانت قائمة ولقيمتها إن فاتت عند ذلك المشهود عليه. قوله: (فلك التصرف الخ) هذا مترتب

458
على جعله ذا يد قال بن الذي كان يقرره بعض الشيوخ أنا لا نمنعه من البيع ولا من الوطئ إذ لا منازع
له وإنما فائدة كونه ذا يد أنه إذا قامت بينة بالملك لغيره قدمت على بينته لأنها إنما أثبتت له الحوز فقط
وهو ظاهر كلامه ا ه‍. قوله: (فلان شاهد الملك لم يثبت له غصبا) الأولى حذف هذا من التعليل
والاقتصار على قوله لان شاهد الغصب لم يثبت له ملكا لان الاجتماع على الغصب لا يقتضي ملكا
فتدبر ا ه‍ بن. قوله: (إلا أن تحلف) أي بأنها ملكك. قوله: (في الثانية) أي لأنها هي التي فيها شاهد الملك
فإذا حلفت معه اليمين المكملة ويمين القضاء كنت حينئذ مالكا لا حائزا. قوله: (وتحلف أيضا يمين
القضاء) ولا يكتفي بها عن الأولى وإن كانت تتضمنها كما جزم ابن رشد وجزم اللخمي بالاكتفاء
بيمين القضاء. قوله: (وله جمعهما) أي وعلى ما قال ابن رشد من عدم الاكتفاء بيمين القضاء عن الأولى
فله جمعهما في يمين واحدة على ما جرى به العمل خلافا لمن قال لا يكفي جمعهما. قوله: (إلا أن ترجع عن
قولها) أي فإن رجعت عن قولها لم تحد إذا لم يظهر بها حمل فإن ظهر بها حمل حدت ولا عبرة برجوعها
وعلى كل حال تحد للقذف كما في خش. قوله: (لم تحد للزنا) أي حملت أم لا. قوله: (تعلقت به أم لا) أي ولا
يمين لها عليه. قوله: (مطلقا) أي تعلقت به أم لا لأنه غير عفيف. قوله: (إلا إذا ظهر بها حمل ولم تتعلق به)
أي وأما إذا لم يظهر بها حمل تعلقت به أم لا أو ظهر بها حمل وجاءت متعلقة به فلا تحد في هذه الأحوال
الثلاثة للزنا. قوله: (وإلا لزمها) أي ظهر بها حمل أم لا. قوله: (وإلا حدت) أي وإلا تتعلق به حدت. واعلم
أنه لا مهر لها على واحد من الثلاثة لان ما ذكرته إقرار على نفسها وعلى المدعى عليه فلا تؤاخذ بإقرارها
عليه وأيضا، فقد ذكر ابن رشد عن رواية عيسى عن ابن القاسم أنه لا صداق لها إذا دعته على فاسق
وتعلقت به فأولى إذا لم تتعلق به وأولى إذا ادعته على مجهول حال أو صالح. قوله: (ما يشمل مجهول
الحال) أي لان دعواها عليه كدعواها على الصالح بالنسبة لحد الزنا الذي كلام المصنف فيه وإنما
يختلفان في حد القذف والمصنف لم يتعرض له. قوله: (ثم أعقب الغصب بالتعدي) أي لما بينهما من
المناسبة من جهة أن في كل منهما تصرفا في الشئ بغير إذن ربه. قوله: (غالبا) مرتبط بقوله والمتعدي
أي والمتعدي في غالب أحواله هو الذي يجني على بعض السلعة. قوله: (ومنه) أي ومن التعدي على
بعض السلعة تعدي المكتري. قوله: (لان المقصود الخ) علة لقوله ومنه تعدي المكتري المسافة
المشترطة أي وإنما كان تعديها تعديا على بعض السلعة لان المقصود بالتعدي إنما هو الركوب
والاستعمال الذي هو المنفعة والذات تابعة لا مقصودة بالتعدي، وحينئذ فيكون ذلك المقصود
بالتعدي كالجزء منها. وحاصل ما في المقام أن ابن الحاجب قال المتعدي هو الجاني على بعض السلعة
فاعترضه ابن عبد السلام بأن هذا التعريف لا يعم صور التعدي إذ لا يشمل من اكترى أو استعار دابة
لمكان معين ثم زاد على المسافة المدخول عليها فهما متعديان على كل الدابة لا على بعضها ومع ذلك جعلوه
من التعدي فلا بد من قيد غالبا لادخالهما، واعترضه ابن عرفة بأنه لا يحتاج لهذا القيد لادخالهما لان
المقصود بالتعدي إنما هو المنفعة لا الذات تابعة لا أنها مقصودة بالتعدي وحينئذ فيكون
ذلك المقصود بالتعدي كالجزء منها، نعم يحتاج لقوله غالبا لادخال حرق الثوب وقتل الدابة المستأجرة
أو المستعارة إذ لا يشملهما التعريف إلا بزيادة غالبا. واعلم أن التعدي والغصب يفترقان في أمور منها
أن الفساد اليسير من الغاصب يوجب لربه قيمة المغصوب إن شاء والفساد اليسير من المتعدي
ليس لربه إلا أخذ أرش النقص الحاصل به، ومنها أن المتعدي لا يضمن السماوي والغاصب يضمنه

459
ومنها أن المتعدي يضمن غلة ما عطل بخلاف الغاصب إنما يضمن غلة ما استعمل كما مر واستظهر شيخنا أن
وثيقة الأرياف أقرب للتعدي من الغصب لأنهم لا يقصدون التملك المطلق. قوله: (إن شاء المالك) أي وإن شاء
أخذها وأخذ أرش النقص. قوله: (فكان الأولى حذف الهمزة) أي وعلى هذا فالمقصود بالرفع فاعله أي فإن
فات المقصود من الشئ المتعدي عليه كقطع الخ. قوله: (والمراد من شأنها الخ) جواب عما يقال قوله كقطع
ذنب دابة ذي هيئة مفهومه أن قطع ذنب دابة غير ذي الهيئة لا يوجب خيار ربها وظاهره مطلقا كانت
هي ذات هيئة أم لا مع أنها إذا كانت ذات هيئة ثبت لمالكها الخيار بين أخذ قيمتها وأخذها مع الأرش.
وأجاب الشارح بأن المراد بقوله كقطع ذنب دابة ذي هيئة في الكلام حذف أي كقطع دابة من شأنها
أن تكون لذي هيئة كان صاحبها ذا هيئة أم لا وكل هذا على قراءة دابة بلا تنوين بالإضافة لذي، أما
على قراءة دابة بالتنوين وذي هيئة صفة له فلا يرد عليه شئ من ذلك لصدقها بما إذا كان صاحبها ذا هيئة
أم لا، ولا يقال أنه يمنع من التنوين وصفها بذي إذ كان الواجب أن يقول ذات لأنا نقول الدابة في معنى
الحيوان فيجوز في وصفها مراعاة المعنى ففي الحديث: فإذا بدابة أهلب طويل شعر وفيه أيضا: فأتى
بدابة أبيض فوق الحمار ودون البغل. قوله: (مفيت للمقصود) أي وهو التجمل بها. قوله: (بخلاف الخ) أي
فإن هذا ليس مفيتا للمقصود منها وحينئذ فلا يضمن وإلا النقص فقط إلا لعرف فإذا جرى العرف بتخيير
المالك بين أخذ القيمة وأرش النقص في قطع بعض الذنب أو نتف شعره عمل بذلك العرف. قوله: (هو المقصود)
إن قلت لا حاجة لذلك لاستفادته من قوله فإن أفات المقصود، قلت الأول ذكر على أنه ضابط كلي
والثاني ذكر في جزئي مثل به لينطبق على ذلك الكلي ومثل هذا لا يعد تكرارا. قوله: (وإن لم يفته)
أي وإن لم يفت المتعدي بجنايته المقصود من المتعدى عليه. قوله: (وليس له تركة وأخذ قيمته) أي قهرا
عن المتعدي وأما إذا رضي المتعدي بذلك كان لربه ذلك. قوله: (كلبن بقرة) أي كقطعه أو تقليله.
قوله: (وقطع يد عبد) أي وأما قطع رجله فمن الكثير. قوله: (إلا أن يكون صانعا الخ) أي لان ضمان
قيمة الصانع بما يعطله ولو أنملة كما لعج. قوله: (وعتق عليه الخ) أي أنه إذا تعدى على عبد عمدا قاصدا
شينه وأفات المقصود منه بجنايته عليه فإنه يعتق على ذلك الجاني إن قوم عليه أي إن اختار سيده أخذ
قيمته منه. قوله: (ويدخل في قوله إن قوم الخ) أي لان قوله إن قوم صادق بما إذا كان التقويم برضا صاحبه
فقط في مفيت المقصود أو برضاهما معا في غير مفيته، وأصل هذا الكلام لشرف الدين الطخيخي وتبعه
عبق قال بن: وهو غير صحيح لنص المدونة كما في المواق على أنه لا يعتق عليه فيم لا تتخير فيه. قوله: (ولا
منع الخ) يعني أنه ليس لسيد العبد أن يمنع الجاني من التقويم بحيث يأخذه مع أرش النقص إذا كان
التعدي فاحشا مفيتا للمقصود بل يلزمه أخذ قيمته ليأخذه الجاني فيعتق عليه كما اختاره ابن يونس. قوله: (وهذا
مقابل) أي لان معناه أن لرب المجني عليه الخيار في التعدي الفاحش بين أخذ القيمة وأخذه مع أرش
النقص وهو عام فيمن يعتق بالمثلة وغيره. وأما ابن يونس فيقول ما ذكر من التخيير في غير من يعتق
بالمثلة وأما من يعتق بها فلا تخيير فيه بل يتعين على صاحبه أخذ قيمته ا ه‍. والحاصل أن غير الرقيق حكمه
عند ابن يونس كحكمه عند غيره وهو تخيير المالك في أخذ القيمة وأخذه مع أرش النقص، وأما
الرقيق فهو كذلك عند غير ابن يونس وأما عنده فيتعين فيه أخذ السيد القيمة وليس له أخذه مع

460
أرش النقص لئلا يحرم العبد من العتق. قوله: (والمذهب الأول) أي والمعتمد الأول لأنه مذهب
المدونة. قوله: (في العبد وغيره) بيان للاطلاق. قوله: (الثوب) أي التي حصلت فيها الجناية. قوله: (أم لم
تفته) أي وتعين أخذه مع نقصه وما ذكره المصنف من كون الجاني يلزمه الرفو في اليسير كالكثير قول
عبد الحق واعترضه ابن يونس بأنه خلاف ظاهر كلامهم إذ ظاهر كلامهم يقتضي أن الجناية إذا كانت
يسيرة لا يلزم الجاني رفو بل أرش النقص فقط انظر بن. قوله: (ثم ينظر إلى أرش النقص بعد رفوه)
أي فيأخذه ربه مع أخذ الثوب. والحاصل أن من تعدى على ثوب شخص فأفسده إفسادا كثيرا
بخرقه أو شرمطته له وأرد ربه أخذه مع أرش النقص أو أفسده يسيرا فإنه يلزمه أن يرفوه ولو زاد على
قيمته ثم يأخذه صاحبه بعد الرفو ويأخذ أرش النقص بعد الرفو إن حصل بعده نقص. والحاصل أن
الجاني يلزمه شيئان الرفو وأرش النقص بعد الرفو لا أرشه قبله إذ هو كثير ففيه ظلم على الجاني وبين
الامرين فرق مثلا أرش النقص قبل الرفو عشرة وبعده خمسة وأجرة الرفو درهم فيلزمه درهم أجرة
الرفو وخمسة أرشه في نقصه بعده لا العشرة التي هي أرشه قبله. قوله: (وفي أجرة الطبيب) أي وقيمة
الدواء. قوله: (قيل تلزم الجاني أي على حر أو رقيق) أي ثم ينظر بعد البرء فإن برئ على غير شين فلا يلزمه
شئ إلا الأدب في العمد وإن برئ على شين غرم النقص وهذا القول هو الراجح والقول الثاني عدم لزوم
الأجرة وقيمة الدواء ثم ينظر بعد البرء فإن برئ على شين غرم النقص وإن برئ على غير شين فلا شئ
عليه. قوله: (خطأ الخ) أشار بذلك إلى أن محل الخلاف في جرح خطأ ليس فيه مال مقرر أو عمد لا قصاص
فيه وإما لاتلافه أو لعدم المساواة أو لعدم المثل وليس فيه مال مقرر أيضا أما لو كان فيه مال مقرر فإن الجاني
لا يلزمه غيره اتفاقا وإن كان فيه القصاص فإنما يقتص من الجاني ولا يلزمه شئ زائد على ذلك اتفاقا.
فصل وإن زرع فاستحقت قوله: (غاصب لأرض) أي لذاتها، إنما خص الكلام بالغاصب
والمتعدي لأنه المصنف شبه به ذا الشبهة بعد ذلك والزارع في غير ملكه إما غاصب أو متعد أو ذو شبهة.
قوله: (وليس المراد الخ) قال بن الصواب أن المراد بالاستحقاق هنا الاستحقاق المعروف إذ المراد
بالملك الملك ولو بحسب الظاهر أو مطلق الكون تحت اليد مجازا بقرينة إضافة الرفع إليه إذ الملك
الحقيقي لا يرفع تدبر. قوله: (بثبوت ملك) أخرج به رفع الملك بالعتق قبله وقوله قبله أي قبل الملك
المرفوع أخرج به رفع الملك بثبوت ملك بعده كما في الهبة والصدقة والبيع والإرث. قوله: (إذ
الكلام في الغاصب والمتعدي) أي ولا ملك لهما حتى يرفع. قوله: (وإن شاء أمره بقلعه) أي فالخيار
للمستحق لا للزارع ولا يجوز أن يتفقا على إبقائه في الأرض بكراء لأنه يؤدي لبيع الزرع قبل
بدو صلاحه. قوله: (إن لم يفت وقت ما) أي وقت زرع تراد له وهذا شرط في قوله فله أخذه بلا شئ
وفي قوله فله قلعه. قوله: (مما زرع فيها خاصة كقمح الخ) فإن فات إبان ما زرع فيها من قمح أو فول
فليس لرب الأرض أن يكلف الغاصب قلعه وإن كان يمكن أن تزرع مقثأة أو شيئا آخر غير ما زرع
فيها. قوله: (ولكن الأول أرجح) أي وهو قول أصبغ تابع أتباع الامام وحمل عبد الحق المدونة
عليه. قوله: (وله أخذه بقيمته) قال عبق وكما له أخذه بقيمته له إبقاؤه لزارعه وأخذ كراء السنة منه
في الفرض المذكور وهو بلوغ الزرع حد الانتفاع به ولم يفت وقت ما تراد له الأرض دون
القسم الأول في المصنف وهو ما إذا لم يبلغ الزرع حد الانتفاع به فليس له إبقاؤه وأخذ كرائها منه
والفرق أنه فيه يؤدي لبيع الزرع قبل بدو صلاحه لان صاحب الأرض لما مكنه الشرع من أخذه
بلا شئ فأبقاه لزارعه بكراء كان ذلك الكراء عوضا عنه في المعنى فهو بيع له قبل بدو صلاحه.
قوله: (على المختار) أي على ما اختاره اللخمي قال ابن رشد هو ظاهر المدونة في كراء الأرضين وقيل

461
ليس له أخذه بقيمته بل يتعين أمره بقلعه وهو سماع سحنون انظر بن. قوله: (شأنه أن لا يتولاه) أما
إذا كان شأنه أن يتولى قلعه بنفسه أو بخدمه فلا تسقط أجرة ذلك من قيمته. قوله: (وإلا بأن فات
وقت ما تراد له) سواء كان الزرع عند قيام المستحق بلغ حد الانتفاع به أم لا. قوله: (فكراء السنة يلم
الغاصب) أي ويكون الزرع له وليس لمستحق الأرض أن يأمره بقلعه إذا بلغ حد الانتفاع به ولا
أخذه مجانا إذا لم يبلغ ذلك وقد اعتمد المصنف في هذا على ما نقله في التوضيح عن اللخمي ونصه فإن
كان قيامه بعد خروج الا بان فقال مالك الزرع للغاصب وعليه كراء الأرض وليس لربها قلعه اللخمي
وهو المعروف من قوله، وذكر رواية أخرى أن للمستحق أن يقلعه ويأخذ أرضه وذكر ابن يونس أن
هذه الرواية أصح، وروي عن مالك أيضا أن الزرع لرب الأرض وإن طاب وحصد واختار هذه
الرواية غير واحد لما في الترمذي من زرع أرضا لقوم بغير إذنهم فالزرع لرب الأرض وعليه نفقته فظهر
لك ترجيح كل من الروايات الثلاث ا ه‍ بن. قوله: (من مشتر) أي من غاصب وقوله ووارث أي من
غاصب بدليل قوله بعد والمعنى الخ وقوله ومكتر منهما أي من المشتري أو من الوارث وفي تمثيله بوارث
الغاصب نظر، فالأولى إسقاطه وذلك لان الشارح قد قال بعد فإن فات الا بان فليس للمستحق على
الزارع كراء ومعلوم أن وارث الغاصب عليه الكراء مطلقا إذ لا غلة له وإن كان ذا شبهة من حيث عدم
قلع زرعه إذا لم يعلم وسيأتي ذلك عند قوله والغلة لذي الشبهة تدبر. قوله: (ما تراد له تلك الأرض) أي سواء
كان الزرع بلغ حد الانتفاع به أو لم يبلغ ذلك. قوله: (فإن فات الا بان) أي فإن فات وقت ما تراد لزرعه
تلك الأرض. قوله: (لا بقيد فوات الا بان) أي بل بقيد بقائه فهو تشبيه غير تام. قوله: (أو جهل حاله)
عطف على المعنى أي كأن كان ذا شبهة أو جهل حاله. قوله: (أم لا) أي أو مبتاع. قوله: (فكالتي قبلها) أي
فإن استحقها ربها قبل فوات الا بان فليس للمستحق إلا كراء السنة كان الزرع بلغ حد الانتفاع به أم لا
وإن استحقها بعد فوات الا بان فليس للمستحق على الزارع شئ. قوله: (حملا له) أي لمجهول الحال وقوله
على أنه ذو شبهة أي لا على أنه متعد. قوله: (وفاتت بحرثها) وأولى بزرعها الذي لا يحتاج لحرث كالبرسيم
وكإلقاء الحب عليها حيث لم تحتج لحرث، وحاصل المسألة أنه إذا اكترى أرضا من مالكها بشئ معين
كعبد ثم استحق ذلك المعين من يد المكري، فإن كان استحقاقه قبل حرث الأرض فسخ الكراء
وأخذ الأرض صاحبها، وإن استحق بعد حرث الأرض لم ينفسخ الكراء بين المكري والمكتري ثم
إن أخذ المستحق عين شيئه من المكري ولم يجز الكراء كان للمكري على المكتري أجرة المثل، وإن أجاز
عقد الكراء بعبده وأبقاه للمكري فإن دفع للمكتري أجرة حرثه كان الحق له في منفعة الأرض، وإن
أبى من دفع أجرة الحرث للمكتري قبل للمكتري ادفع للمستحق أجرة الأرض ويكون لك منفعتها
أو أسلم له الأرض مجانا من غير شئ في مقابلة الحرث. قوله: (ولا يصح الخ) هذا رد على بهرام
وتت حيث حملا كلام المصنف على ما إذا استحقت الأرض. قوله: (لم يبق للمكري كلام حرثها
المكتري أم لا) أي والمصنف قد جعل له كلاما إذا لم يحرثها المكتري فإن الكراء ينفسخ ويأخذ
المكري أرضه وكما لا يصح حمل كلام المصنف على استحقاق الأرض لا يصح حمله على استحقاق
الكراء الغير المعين لعدم فسخ عقد الكراء سواء وقع الاستحقاق قبل الحرث أو بعده
وذلك لقيام عوضه مقامه. قوله: (أخذها) أي سواء كانت مؤجرة سنة أو سنتين. قوله: (إذا سلم
الكراء) أي الذي هو العبد مثلا ومعنى سلمه أبقاه بيده ومحل أخذ المستحق له إذا سلم
الكراء للمكري ودفع كراء الحرث إذا كان المكتري لم يبذرها بعد الحرث وإلا فاتت على

462
المستحق بالبذر. قوله: (أعط المستحق كراء سنة أو سنتين) أي لان المستحق لم يرد الفسخ بل أجاز
العقد بشيئه فمنفعة الأرض المدة التي حصل العقد عليها يستحقها. قوله: (وإلا أسلمها) أي وإلا تعط
للمستحق كراء سنة أسلمها لرب الأجرة بلا شئ في مقابلة الحرث. قوله: (وعلى هذا) أي التقرير.
قوله: (من تتمة ما قبله) أي حيث أجاز مستحق الكراء العقد به فإن لم يجزه وأخذه فالمكري على المكتري
كراء المثل كما مر وجعل قوله وللمستحق الخ من تتمة ما قبله هو ما يفيده نقل المواق عن ابن
يونس. قوله: (ويحتمل أنه في استحقاق الأرض) أي فإذا استحق انسان أرضا من ذي شبهة بعد أن
حرثها ذو الشبهة وقبل أن يزرعها كان لرب الأرض أخذها ودفع أجرة الحرث فإن أبى قيل
للمستحق منه أعط كراء سنة فإن امتنع سلمها لربها المستحق بلا شئ في مقابلة الحرث وهذا
الاحتمال هو مقتضى كلام ابن غازي وما مر من أن ذا الشبهة يلزمه كراء السنة إن لم يفت الا بان
فإن فات فلا شئ عليه فهو فيما إذا استحقت الأرض بعد الزرع. قوله: (فيكون أول الكلام) أي
وهو قوله وفاتت بحرثها فيما بين مكر ومكتر. قوله: (وفي استحقاق الأرض) أي من ذي شبهة وقد كان
حرثها. قوله: (وفي سنين) أراد بالجمع ما زاد على الواحد وهو عطف على أخذها والمعطوف في الحقيقة
يفسخ بالنصب فإنه في تأويل المصدر وإن محذوفة جوازا كما قال في الخلاصة:
وإن على اسم خالص فعل عطف تنصبه إن ثابتا أو منحذف
وفي سنين متعلق بالمستحق والتقرير للمستحق في مسألة كراء سنين الفسخ والامضاء. قوله: (وهو
ذو شبهة) أي وأما الغاصب إذا أكراها سنين ثم استحقت منن المكتري بعد زرعها بعض المدة فلا شئ
له من الكراء كما تقدم في قوله وغلة مستعمل فيكون للمستحق كراء الماضي وإن أمضى العقد فقد
أمضى في الجميع فكراؤه معلوم ولا يتقيد بقوله إن عرف النسبة قاله بن. قوله: (أو شهور أو بطون)
أي فلا مفهوم لقول المصنف سنين. قوله: (ثم استحقت) أي بعد ما زرعت بعض السنين.
قوله: (فلا شئ له) أي للمستحق المفهوم من استحقت. قوله: (ويفسخ) أي المستحق. قوله: (إن عرف الخ)
أي ومحل جواز إمضائه العقد في الباقي إن عرف النسبة بقول أهل المعرفة كما لو كان اكترى
الأرض ثلاث سنين بتسعين درهما وقال أهل المعرفة أجرتها في السنة الأولى تساوي أربعين
درهما لقوة الأرض في تلك السنة وفي السنتين الباقيتين تساوي خمسين فله أن يمضي العقد في السنتين
الباقيتين وله أن يفسخ العقد فيهما. قوله: (ولا يجوز الامضاء) أي لأدائه للإجارة بثمن مجهول.
قوله: (ولا خيار للمكتري للعهدة) أي لأجل خوف العهدة أي لأجل خوف الاستحقاق الطارئ
بعد الاستحقاق الأول وهذا من تعلقات قوله أو يمضي إن عرف النسبة أي أن المستحق إذا أمضى الكراء
فيما بقي من مدة الإجارة فلا كلام للمكتري في فسخ العقد فيما بقي من المدة خوفا من طرو استحقاق آخر.
قوله: (أي أن خيار المكتري) أي في إمضاء العقد في باقي المدة وفسخه منتف وحينئذ فلا كلام له في فسخ العقد فيما
بقي من العقدة. قوله: (لا أرضى إلا بأمانة الأول) أي بأمانة المكري على المكتري. قوله: (فليس له أن يقول أنا
لا أرضى الخ) أي لان هذا مقول لا محصل له لان المكترى لا يدفع أجرة المدة الباقية للمستحق حالا إلا إذا
كان مأمونا أو يأتي بحميل ثقة كما يأتي. قوله: (وانتقد المستحق) أي حيث أمضى المستحق الإجارة
فيما بقي من المدة بعد الاستحقاق فإنه يقضي له بأخذ أجرة ذلك الباقي حالا من المكتري.

463
قوله: (إن انتقد الأول) أي إن انتقد الأول الكراء بالفعل وكذا إذا اشترط نقده أو كان العرف نقده
وأما لو انتقد بعضه بالفعل فإن عينه عن مدة كان لمن له تلك المدة وإن جعله عن بعض مبهم كان بينهما على
حسب ما لكل وكذا يقال فيما إذا اشترط نقد بعضه أو جرى بنقد بعضه عرف. قوله: (وحينئذ) أي
وحين إذ كان المكري قد انتقد جميع الأجرة عن مدة الا تجارة وانتقد المستحق حصته من المكتري
فيلزم المكري أن يرد حصة ما بقي للمكتري. قوله: (وأمن هو) إنما أبرز الضمير لمخالفة فاعل الفعلين
المتعاطفين لان فاعل المعطوف عليه الأول وفاعل المعطوف المستحق. قوله: (ولا يخشى منه فرار أو
مطل) أي لو طرأ مستحق آخر. قوله: (إلا أن يأتي بحميل) فإن لم يأت به لم ينتقد وتوضع أجرة ما بقي
من السنين عند حاكم إلى انقضاء المدة. والحاصل أن المكتري لما كان يخاف أن يحصل استحقاق ثان
وأنه يضيع عليه ما نقده للمستحق لاحتمال عدمه أو فراره أو مطله اشترط في انتقاد المستحق كونه
مأمونا ولا فرق في ذلك بين كون الدار المؤجرة سنين صحيحة أو غير صحيحة وحينئذ فلا وجه لما نقله
عبق وخش عن ابن يونس من قوله لعل هذا الشرط الثاني في دار يخاف عليها الهدم وأما إن كانت
صحيحة فإنه ينتقد، ولا حجة للمكتري من خوف الدين لأنه أحق بالدار من جميع الغرماء قاله شيخنا.
قوله: (والغلة) مبتدأ ولذي الشبهة حال وقوله للحكم خبر. قوله: (لا وارثه) أي فإنه لا غلة له مطلقا أي كان
الغاصب موسرا أو معسرا، علم بغصب مورثه أم لا، فإذا مات الغاصب عن سلعه مغصوبة واستغلها
مورثه أخذها المستحق وأخذ غلتها أيضا منه. قوله: (إن أعسر الغاصب) أما لو كان موسرا فإن الغلة
تؤخذ منه ويفوز الموهوب بما استغله. قوله: (يظنها مواتا) أي فتبين أنها مملوكة. قوله: (فلا غلة لهم) أي
وإن كانوا ذوي شبهة. قوله: (لا تكون لكل ذي شبهة) أي بل إنما تكون لمن أدى ثمنا أو نزل منزلته
فالثلاثة المذكورة ذوو شبهة لا يقلع غرس واحد منهم ولا يهدم بناؤه لكنه لا غلة له فذو الشبهة الذي
له الغلة أخص من ذي الشبهة الذي لا يقلع غرسه ولا يهدم بناؤه. قوله: (أو المجهول) قضيته أن المجهول
حاله ليس ذا شبهة لان العطف يقتضي المغايرة وهو ما تحرر لبعض الشيوخ بعد أن جعله عطف
خاص ا ه‍ شيخنا. قوله: (هل هو غاصب أو هل واهبه غاصب أم لا) أي أوليس كذلك بل هو مشتر
من غاصب. قوله: (للحكم) لا ينافي هذا ما ذكره آخر الشهادات من الوقف في الرباع زمن الخصام لان
معناه المنع من البيع مثلا فلا ينافي الاستغلال انظر بن. قوله: (للغاية) أي فهي بمعنى إلى والمعنى أن
الغلة تكون لذي الشبهة والمجهول من يوم وضع يده إلى يوم الحكم به لذلك المستحق. قوله: (ثم مثل
لذي الشبهة) أي الذي تكون له الغلة. قوله: (أو من مشتر) أي أو وارث لمشتر من نحو غاصب ثم إن
ظاهر الشارح أن وارث المشتري من الغاصب ليس وارثا لذي الشبهة لان العطف يقتضي المغايرة،
وليس كذلك لما تقدم أن كلا من المشتري من الغاصب والمكتري منه ذو شبهة وحينئذ فوارث كل منهما
وارث ذي شبهة فكان الأولى للشارح أن يقول بل لذي شبهة أو مجهول حال كوارث مشتر أو مكتر
من غاصب بكاف التمثيل ويحذف نحو، وعلم من ذلك أن وارث ذي الشبهة ذو شبهة كوارث مجهول
الحال. قوله: (فلا غلة له اتفاقا) أي سواء علم بغصب مورثه أم لا. قوله: (من غير غاصب) أي بأن وهبه
المشتري من الغاصب أو وهبه مجهول الحال. قوله: (إن لم يعلموا) هذا شرط في الثلاثة المذكورة
قبله أعني الوارث والموهوب له والمشتري من الغاصب بناء على ما قرر به قوله كوارث فالجمع في
كلامه على حقيقته وأما حمل الوارث في كلام المصنف على وارث الغاصب وجعل الشرط راجعا
لغيره وجمع ضميره باعتبار الافراد أو راجعا للثلاثة فهو حمل فاسد لما علمت أن وارث الغاصب لا غلة له
اتفاقا مطلقا. قوله: (فإن علموا فلا غلة لهم) بل تكون للمستحق، قال عبق والمعتبر علم المشتري من الغاصب

464
وعلم الناس في موهوب الغاصب كما لأبي عمران وذكره تت فيتبع وإن كان خلاف ظاهر قول
المصنف فيما تقدم ووارثه وموهوبه إن علما كهو وإلا بدأ بالغاصب ا ه‍. فإن ظاهره أن المعتبر
علم الموهوب له لا علم الناس، والفرق كما قال بعضهم بين المشتري والموهوب له أن المشتري شبهته أقوى
بالمعاوضة فقوي جانبه. قوله: (إذا ورث عقارا الخ) أشار الشارح إلى أن كلام المصنف محمول على
ما إذا قسم الورثة عين التركة ونمت في أيديهم وأما لو اشترى الوارث شيئا من التركة وحوسب بذلك
من ميراثه ونما في يده فله نماؤه ولا شئ لأرباب الديون منه بمنزلة ما لو اشتراه أجنبي ونما في يده انظر ح.
قوله: (ومخرج من قوله والغلة لذي الشبهة) أي فهو في قوة الاستثناء منه فكأنه قال والغلة لذي
الشبهة إلا في طرو دين على وارث فلا غلة للوارث، علم الوارث بالدين قبل الاستغلال أو لا. قوله: (كان
أنسب) أي بالاخراج من قوله والغلة لذي الشبهة، ثم إن ظاهر كلام المصنف أن الغلة لذي الدين
ولو كانت ناشئة عن تجر الوارث أو تجر الوصي على الوارث وهو كذلك فإذا مات شخص وترك
ثلاثمائة دينار وترك أيتاما وأخذ شخص الوصية عليهم وأتجر في القدر المذكور حتى صار ستمائة مثلا
فطرأ على الميت دين قدر الستمائة أو أكثر فإنه يستحق جميع ذلك عند ابن القاسم، خلافا للمخزومي
القائل أن رب الدين الطارئ إنما يأخذ الغلة من الوارث إذا كانت غير ناشئة عن تحريكه أو
تحريك وصيه، نقله أبو الحسن. وقوله وأتجر بالقدر المذكور أي للأيتام وأما إن أتجر به لنفسه فالظاهر
أن ربح المال له لأنه متسلف ولا يقال قد كشف الغيب أن المال للغريم لأنا نقول الوصي المتجر به لنفسه
أولى ممن غصب مالا وأتجر فيه فربحه له، وأما لو طرأ الغريم بعد إنفاق الولي التركة على الأيتام
والحال أن الولي غير عالم بذلك الغريم فلا شئ على الولي ولا على الأيتام ولو كان الولي موسرا لأنه أنفق
بوجه جائز لأنه مطالب بالانفاق عليهم كما في المدونة بخلاف إنفاق الورثة الكبار نصيبهم فإنهم يضمنون للغريم
الطارئ بلا خلاف، وقرر شيخنا العدوي في هذا المحل ما محصله لو عمل أولاد رجل في ماله في حال حياته
معه أو وحدهم ونشأ من عملهم غلة كانت تلك الغلة للأب وليس للأولاد إلا أجرة عملهم يدفعها لهم بعد
محاسبتهم بنفقتهم وزواجهم إن زوجهم، فإن لم تف أجرتهم بذلك رجع عليهم بالباقي إن لم يكن تبرع لهم
بما ذكر من النفقة والزواج وهذا إن لم يكن الأولاد بينوا لأبيهم أولا أن ما حصل من الغلة لهم أو بينهم
وبينه وإلا عمل بما دخلوا عليه، وقرر أيضا أنه إذا أتجر بعض الورثة في التركة فما حصل من الغلة فهو تركة
وله أجرة عمله إن لم يبين أولا أنه يتجر لنفسه فإن بين أولا كانت الغلة له والخسارة عليه وليس للورثة إلا
القدر الذي تركه مورثهم. قوله: (كوارث طرأ على مثله) أشعر قوله كوارث طرأ أنه لو طرأ مستحق
وقف على مستحق آخر استغله وهو يرى أنه منفرد به أو سكن لم يرجع عليه بالغلة ولا بالسكنى وهو
كذلك، رواه ابن القاسم عن مالك، وأما إن استغله عالما بالطارئ رجع عليه بما يخصه من الغلة.
قوله: (والمراد أنه لا يختص بالغلة الخ) فحاصله أن الوارث إذا استغل ثم طرأ عليه وارث مثله فإنه يضمن
حصة الطارئ في تلك الغلة وهذا إذا كانت الغلة ناشئة عن كراء لا إن كانت انتفاعا بنفسه بدليل
الاستثناء بعده. قوله: (كان أوضح) أي لان المحدث عنه في كونه يفوز بالغلة أو لا يفوز المطرو عليه
لا الطارئ. قوله: (بشرط أن لا يكون عالما بالطارئ) أي وأما لو انتفع بنفسه مع علمه بالوارث الطارئ
فإنه يغرم له حصته من الغلة. قوله: (وأن يكون في نصيبه ما يكفيه) أي لأنه إذا كان نصيبه يكفيه للسكنى كان
مستغنيا عن حصة غيره بخلاف ما إذا كان نصيبه لا يكفيه فإنه مضطر لحصة الغير فيغرم حينئذ أجرتها،
نعم إن كان نصيبه يكفيه وسكن أكثر منه رجع عليه فالشرط إذن أن يسكن قدر حصته فقط كما قال
ابن عاشر. وقوله وأن يكون في نصيبه الخ هذا الشرط في نفسه بعيد وأخذه من المصنف بعيد.

465
قوله: (وأن لا يكون الطارئ يحجب المطرو عليه) أي وإلا رجع عليه بجميع ما اغتله. قوله: (وأن
يفوت الا بان الخ) أي فإن كان الا بان باقيا فلا يفوز المطرو عليه بما انتفع به بل يحاسبه الطارئ بقدر
ما يخصه، واعلم أن هذه الشروط في المخرج أي الانتفاع بنفسه، ومحصله أن المطرو عليه إذا انتفع بنفسه
فإن الطارئ لا يشاركه في الغلة بل يفوز بها المطرو عليه بشرط أن يكون ما سكن فيه قدر حصته فقط وأن
لا يعلم بذلك الطارئ وأن يفوت الا بان وأن لا يكون الطارئ حاصبا فإن اختل شرط من هذه الأربعة
رجع الطارئ على المطرو عليه وحاصصه في الغلة كما أنه يحاصصه إذا كان المطرو لم ينتفع بنفسه بل أكرى
من غير شرط. تنبيه: إذا كانت دار مشتركة بين شخصين مثلا فاستغلها أحدهما مدة فإن كان بكراء
رجع عليه شريكه بحصته في الغلة وإن أشغلها بالسكنى فلا شئ عليه لشريكه إن سكن في قدر حصته فإن
سكن أكثر منها رجع عليه شريكه ولا يشترط في عدم اتباع شريكه له إلا هذا الشرط وهو سكناه قدر
حصته ولا يشترط عدم علمه بالطارئ ولا فوات الا بان ففي العمليات:
وما على الشريك يوما إن سكن في قدر حظه لغيره ثمن
انظر بن. قوله: (وإن غرس ذو الشبهة) أي كالمشتري أو المكتري من الغاصب والموهوب له منه
والمستعير منه ولم يعلم واحد منهم بغصبه وقوله وإن غرس أو بني أو مانعة خلو تجوز الجمع وقوله غرس
فرض مسألة إذ لو صرف مالا على تفصيل عرض أو خياطته أو عمر سفينة فالحكم كذلك كما قرر شيخنا
واحترز بذي الشبهة عما لو بنى أحد الشركاء أو غرس بغير إذن شريكه فما لا بد منه يرجع به وإلا فلا يلزم
بقلعه بل إن قسموا ووقع في قسم غيره دفع له قيمته منقوضا، وإن أبقوا الشركة على حالها فلهم أن
يأمروه بأخذه أو يدفعوا له قيمته منقوضا وقيل قائما انظر ح. قوله: (قيل للمالك) أي وهو مستحق
الأرض وقوله أعطه قيمته قائما أي ولو من بناء الملوك لأنه وضعه بوجه شبهة كذا في خش. ورده بن
بأن ابن عرفة قيده بما إذا لم يكن من بناء الملوك وذوي الشرف فإن كان كذلك فالمنصوص أن فيه
قيمته منقوضا لان شأنهم الاسراف والتغالي، واحتج لذلك بسماع القرينين وذكر أنها نزلت بالشيخ
ابن الحباب فأفتى بذلك. قوله: (أعطه قيمته قائما) أي على أنه في أرض الغير. قوله: (يوم الحكم) أي
بالشركة واقتصار المصنف عليه لظهوره وقيل أن القيمة تعتبر يوم البناء أو الغرس قال المواق
والقولان ذكرهما ابن عرفة من غير ترجيح لأحدهما على الآخر ا ه‍ بن، وكيفية التقويم أن يقال
ما قيمة البناء قائما على أنه في أرض الغير؟ فيقال كذا، وما قيمة الأرض مفردة عن الغرس أو البناء الذي
فيها فيقال كذا، فيكونان شريكين بقيمة ما لكل، فلو قيل للمستحق أعطه قيمته قائما فقال ليس عندي
ما أعطيه الآن وما أريد اخراجه عن ملكي ولكن يسكن وينتفع حتى يرزقني الله ما أؤدي منه قيمة
البناء أو الغرس لم يجز ذلك، ولو رضي المستحق منه لأنه سلف جر نفعا وكذا لا يجوز أن يتراضيا على
أن المستحق منه يستوفي ما وجب له من قيمة البناء أو الغرس من كراء الشئ المستحق عند ابن القاسم
لفسخ الدين في الدين عند ابن القاسم وأجازه أشهب بناء على أن قبض الأوائل كقبض الأواخر.
قوله: (إلا المحبسة) ما مر فيما إذا استحقت الأرض بملك والكلام الآن فيما إذا استحقت الأرض بحبس،
وحاصله أن من بنى أو غرس في أرض بوجه شبهة ثم استحقت بحبس فليس للباني إلا نقضه ا ه‍ فقوله
إلا المحبسة استثناء من الأوجه الثلاثة أي أن الأرض إذا استحقت بملك من ذي شبهة بعد أن بنى
فيها أو غرس ففيها ما مر من الأوجه الثلاثة المشار لها بقول المصنف قيل لمالك إلخ، وأما إذا استحقت
بحبس فلا يجري فيها وجه من الأوجه المتقدمة، فلا يقال لناظر الوقف أعطه قيمته إلى آخر

466
الثلاثة وإنما يقال للباني اهدم بناءك وخذ نقضه. قوله: (على معينين أو غيرهم) هذا التعميم هو المعتمد
خلافا لابن الحاج القائل إذا كانت حبسا على معينين فحكمها حكم الملك وإنما يتعين أخذ الباني نقضه
إذا كانت حبسا على غير معينين ا ه‍ شيخنا عدوي. قوله: (إذ ليس ثم إلخ) هذا التعليل إنما يظهر
بالنسبة للمحبس على غير المعينين وقوله إذ ليس ثم من يعطيه قيمته قائما أي وليس للباني أن يدفع قيمة
البقعة براحا لأنه يؤدي لبيع الحبس فتعين أن الباني يهدم بناءه. قوله: (أو غرس هو أو غيره) أي في
أرض الوقف. قوله: (ولا يكون) أي البناء المذكور. قوله: (مملوكا له) أي للناظر الباني ما لم يبين الملكية
حين البناء أو بعده وإلا كان له كما يأتي في الوقف. قوله: (ويدفع حكرا) أي في كل سنة. قوله: (من نحو
غاصب) أي من غاصب ونحوه كوارثه وموهوبه. قوله: (المستحقة) أي برقية بدليل ضمانها بالقيمة.
قوله: (ويرجع) أي المشتري بثمنها. قوله: (ولا يرجع إلخ) أي وإذا كان الثمن الذي رجع به المشتري على
البائع أكثر من قيمتها التي دفعها لربها لا يرجع إلخ، وقوله ربها أي وهو المستحق. قوله: (وهو الحق)
أي خلافا لما في عبق من أن لربها أن يرجع على الغاصب بما بقي له من الثمن إن زاد على القيمة التي
أخذت من المشتري، فعلى هذا إذا كانت قيمتها عشرة وأخذها المالك من المشتري وكان الثمن الذي
أخذه البائع الغاصب خمسة عشر يرجع المشتري المستحق منه على البائع الغاصب بخمسة عشر
ويرجع المستحق أيضا على ذلك الغاصب بخمسة فيغرم الغاصب خمسة عشر للمستحق منه
ويغرم أيضا خمسة للمستحق، وقد اعترضه بن بأنه غير صحيح وصوب ما قاله شارحنا.
قوله: (لان قيمتها) أي الأمة قامت مقامها. قوله: (بأن كان من سيدها الحر) أي وهو الذي اشتراها من
الغاصب. قوله: (بأن كان من غير سيدها) أي بأن اشتراها من الغاصب وزوجها لحر فأولدها
أو كان سيدها الذي اشتراها من الغاصب رقيقا فأولدها فالولد رقيق في الحالتين. قوله: (فله أخذه
وأخذها) أي فللمستحق أن يأخذ الأمة وولدها ويرجع المشتري على بائعه بالثمن. قوله: (يوم
الحكم) أي بالاستحقاق وقوله لا يوم الاستحقاق أي قيام المالك. واعلم أن ما ذكره المصنف
من تعين ضمان القيمتين وأن القيمة تعتبر يوم الحكم هو المشهور وهو الذي رجع إليه مالك وكان
أولا يقول لمستحقها أخذها إن شاء مع قيمة الولد يوم الحكم قال في المدونة وعلى هذا جماعة المسلمين
وأخذ به ابن القاسم ثم رجع عن هذين القولين معا إلى أنه يلزمه قيمتها فقط يوم وطئها ولا قيمة
للولد لأنه تخلق على الحرية وبه أفتى لما استحقت أم ولده إبراهيم وقيل أم ولده محمد انظر بن. تنبيه:
إذا اعتبرت قيمة الولد الحر على القول به فبدون ماله على المشهور لأنه تخلق على الحرية ولم
يملكه حتى يملك ماله كما أن الأم تقوم بدون مالها لان مالها لمستحقها كما في عج. قوله: (ضمن أبوه
للمستحق الأقل إلخ) أي زيادة على قيمة الأم كما هو ظاهر. قوله: (فلا شئ للمستحق) أي لا على على

467
الأب ولا على الجاني. قوله: (وإن عفا) أي الأب عن القاتل للولد عمدا. قوله: (فلا شئ عليه) أي فلا شئ
على الأب للمستحق. قوله: (وللمستحق الرجوع على القاتل بالأقل من القيمة والدية) أي على تقدير
أن فيه دية وهذا قول عبد الحق، وقال ابن سلمون لا شئ للمستحق على القاتل أيضا ا ه‍ بن.
قوله: (وإن صالح بشئ قدر القيمة إلخ) أي وإن صالح الأب القاتل عمدا أو خطأ على شئ قدر القيمة فأكثر
والحال أنه أقل من الدية. قوله: (رجع بالأقل من القيمة ومما صالح به) فإذا كانت الدية ألفا والقيمة يوم
القتل مائتين ووقع الصلح بخمسمائة أخذ المستحق القيمة مائتين لأنها أقل مما صالح به وإن وقع الصلح
بمائتين قدر القيمة أخذهما المستحق، فإن صالح بمائة تعين أن يأخذها المستحق لا القيمة التي هي أكثر من
ذلك، فإذا أخذ المستحق تلك المائة من الأب رجع ذلك المستحق على الجاني أيضا بمائة باقي القيمة إن
كانت القيمة مائتين كما فرضنا، فلو كانت القيمة ألفا ومائتين رجع عليه بتسعمائة كمال الدية هذا محصل
كلام الشارح. قوله: (لا صداق حرة) أي لا يضمن المستحق منه صداق حرة وطئها بالملك لظنها أمة
ولا يضمن غلتها لما مر من أن الغلة لذي الشبهة ومثل الأمة العبد يستحق بحرية فلا رجوع له بغلته
على سيده الذي استحق منه، وكذا من ابتاع أرضا فاستغلها ثم استحقت بحبس فلا رجوع لمستحقها
على من أغلها بالغلة عند ابن القاسم حيث كان ذلك المشتري غير عالم بأنها حبس وإلا رد غلتها إلا أن
يكون البائع هو الموقوف عليه وهو رشيد فلا يرجع حينئذ على المشترى بالغلة وإن علم بأنها وقف كما
في ح. قوله: (وإن هدم) أي أو قلع الغرس. قوله: (بأن كان بغير إذن المكري) هذا تفسير للتعدي ولم
يحترز المصنف بالتعدي عن الخطأ لأنه كالعمد فإن هدمها بإذن المكري كان كهدم المكري فيأخذ
المستحق النقض فقط إن لم يبعه الهادم فإن باعه فليس للمستحق إلا ثمنه ولو كان قائما عند المشتري
ولم يفت كما جزم به الشيخ أحمد الزرقاني وقال غيره إنما له الثمن إن فات عندي المشتري وإلا خير المستحق
بين أخذه وأخذ ثمنه. قوله: (فاستحقت) أي بعد الهدم وقلع الغرس. قوله: (إن وجد) أي أو أفاته
المكتري بغير بيع. قوله: (الثمن الذي أخذه فيه) أي مع نقص الهدم. قوله: (أو قيمته) أي مع نقص
الهدم. قوله: (وأخذ الأنقاض) أي مع ما نقصه الهدم. قوله: (وإن أبرأه) أي وإن أبرأ المكري
المكتري من قيمة البناء الذي هدمه قبل الاستحقاق فإن المستحق يأخذ ما نقصه الهدم مع النقض
لان نقص الهدم قد لزم ذمة المكتري بمجرد التعدي ولا رجوع للمستحق على المكري بنقص
الهدم لأنه فعل ما يجوز له وهو الابراء من قيمة البناء وإنما يرجع على الهادم. قوله: (كسارق عبد)
يعني أن من سرق عبدا من ذي شبهة فأفاته بوجه من وجوه المفوتات فأبرأ المالك ذمة السارق
من قيمة العبد ثم استحق فإن المستحق يتبع السارق بقيمة العبد ولا عبرة بإبراء المالك لان
القيمة ترتبت في ذمة السارق بمجرد التعدي. قوله: (بخلاف مستحق مدعي حرية) حاصله أن
العبد إذا نزل في بلد فادعى الحرية وعمل لشخص عملا ثم استحقه شخص بالملك لكله أو لبعضه
فله أن يرجع على من استعمله بجميع أجرة عمله إلا أن يكون العمل قليلا جدا فلا رجوع
لربه بأجرته كسقي دابة أو قضاء حاجة من مكان قريب، وإذا رجع مستحقه بغير القليل
أسقط منه قدر نفقته فتحسب تلك النفقة على المستحق وتسقط من أجرته وإن زادت النفقة على

468
الغلة لم يرجع بزائد النفقة على المستحق وإن نقصت النفقة رجع المستحق بما زاد منها على النفقة، هذا هو
الصواب ولا يعارض هذا ما يأتي من أن النفقة التي تكون على المستحق إنما هي النفقة في زمن الخصام لا
فيما قبله لان ما يأتي محمول على ما لا غلة انظر بن. قوله: (وله) أي لمستحق الأرض. قوله: (وليس له) أي
لمستحق الأرض. قوله: (جعلت) أي الأنقاض المعلومة من قوله هدمه. قوله: (وليس له) أي للباني
إذا هدم المسجد وأخذ أنقاضه. قوله: (وخص ذلك) أي الهدم. قوله: (قيمة بنائه قائما) أي ويبقى مسجدا
لصاحب الأرض. قوله: (قيل للباني أعطه قيمة أرضه) أي ويبقى مسجدا للباني وإن أبى الباني أيضا
كانا شريكين وحينئذ فإن احتمل القسم وكان فيما ينوب الباني ما يكون مسجدا قسم وإن لم يحتمل
القسم أو لم يكن فيه لمن بنى ما يكون مسجدا بيع وجعل ما ينوب الباني في مسجد أو حبس قاله
أبو الحسن. قوله: (ورجح ما لسحنون أيضا) أي كما رجح ما لابن القاسم فقد رجح اللخمي
وعبد الحق قول ابن القاسم ورجح أبو عمران قول سحنون. والحاصل أن في هدم مسجد بني
بشبهة وعدم هدمه قولين مرجحين وأما لو كان الباني غاصبا فيهدم قولا واحدا إذا طلب
المستحق هدمه. قوله: (نقصت) أي الصفقة أي نقص بيعها بتمامها. قوله: (ولا يجوز له التمسك بالباقي)
أي لا بقيمة ولا يخصه من الثمن. قوله: (جاز التمسك به) أي بالباقي والأول تعين التمسك به،
وأشار الشارح بقوله وإن كان غير وجهها إلخ إلى أن قول المصنف ورجع للتقويم مرتب على ما إذا
استحق غير وجه الصفقة واغتفر الجهل في غير وجه الصفقة لقلته فليس كابتداء بيع بثمن مجهول لأنه
لا يعلم ما يخصه إلا في ثاني حال بعد التقويم. قوله: (ورجع للتقويم) أي نظر فيه لقيمته فيرجع المشتري
على البائع بما يخصه من الثمن بميزان القيمة ولا ينظر فيه للتسمية فقط أي لما سمي للجميع حين شرائه
قبل الاستحقاق بحيث يقال لثلث المبيع ثلث الثمن المسمى، وهكذا لان من حجة المشتري إذا كانت
التسمية أكثر من القيمة أن يقول رغبت في المجموع ليحمل بعضه بعضا، فلو رجع للتسمية لكان فيه
غبن علي المشتري المستحق من يده. قوله: (وقد قدم هذه المسألة في فصل الخيار) أي في قوله وتلف
بعضه أو استحقاقه كعيب به ورجع للقيمة لا للتسمية وذكره لها في فصل الخيار استطرادي.
قوله: (أجحفها) أي أجملها. وحاصل ما قيل في مسألة استحقاق البعض أن ذلك البعض المستحق
إما أن يكون شائعا أو معينا فإن كان شائعا فيما لا ينقسم وليس من رياع الغلة كبعض حيوان خير
المشتري في التمسك بالباقي والرجوع بحصة المستحق من الثمن وفي رد البيع لضرر الشركة سواء استحق
الأقل أو الأكثر، وإن كان ذلك البعض المستحق شائعا فيما ينقسم أو فيما كان متخذا للغلة خير أيضا في
استحقاقه الثلث فأكثر بين أن يتماسك بالباقي ويرجع بحصة المستحق من الثمن وبين أن يرد البيع وإن
كان المستحق الشائع دون الثلث وجب التمسك بالباقي ورجع بحصة المستحق من الثمن وإن كان
المستحق جزءا معينا فإن كان من مقوم كالعروض والحيوان فإن كان المستحق وجه الصفقة تعين رد
البيع ولا يجوز التمسك بالأقل، وإن كان المستحق غير وجه الصفقة تعين التمسك بالباقي بقيمته ورجع
بحصة المستحق بالقيمة أيضا لا بالتسمية وإن كان البعض المستحق مثليا فإن استحق الأقل رجع
بحصته من الثمن وإن استحق الأكثر خير في التمسك والرجوع بحصته من الثمن وفي الرد انظر ح
ذكره بن وقد تقدمت المسألة في الخيار. قوله: (من النسخة المتقدمة) أي وهي قوله فكالمبيع إذ
المراد فكالمبيع المعيب أي الذي ظهر به عيب قديم وفي الحقيقة كل من النسختين مفسرة للمراد
من الأخرى. قوله: (استحق أفضلهما بحرية) أي بثبوتها ولا عبرة بمجرد الدعوى ولو
كان في محل مشهور ببيع الأحرار وقيل يطالب السيد بإثبات الرق في هذا ذكر هذا الخلاف ح.

469
قوله: (وله التمسك بالباقي) إذ ليس فيه بيع مؤتنف بثمن مجهول. قوله: (بمعنى على) أي فالمعنى يجب على
المشتري رد أحد عبدين استحق أفضلهما أي ولا يجوز له أن يتمسك بالباقي بما ينو به من الثمن لأنه
لا يعلم حصة ذلك إلا بعد التقويم والفض فكان التمسك بيع مؤتنف بثمن مجهول وعلمت أن
الممنوع إنما هو التمسك بالباقي بحصته من الثمن وأما تمسكه به بجميع الثمن فهو جائز. قوله: (كأن صالح إلخ)
حاصله أنه إذا اشترى عبدا ثم اطلع فيه على عيب قديم فصالحه البائع عن ذلك العيب بعبد آخر
دفعه له فكأنه اشتراهما صفقة واحدة فإذا استحق أحدهما فإنه ينظر فيه هل هو وجه الصفقة فيتعين رد
البيع أو لا فيقوم كل منهما ويفض الثمن عليهما بالنظر لقيمتهما ويتمسك بالباقي بما يخصه من
الثمن بميزان القيمة، ثم إن العبد المأخوذ صلحا يقوم يوم الصلح بلا خلاف وأما الأول الذي وقع عليه
البيع، فهل يقوم يوم الصلح لأنه يوم تمام القبض أو يقوم يوم البيع؟ في ذلك تأويلان، الأول رجحه
شيخنا العدوي قال لان التأويل الثاني عابه أبو عمران الفاسي. قوله: (بعبد) أي كان ذلك العيب
بعبد. قوله: (اشترى منه به) أي اشترى ذلك العبد من البائع بالعيب. قوله: (ثم استحق أحدهما) أي
الأول أو الثاني لأنهما بمنزلة ما اشتراهما صفقة وقال أشهب إذا استحق الأول تعين الفسخ من غير
تفصيل بين كونه وجه الصفقة أو لا، وإنما التفصيل إذا استحق الثاني. قوله: (وإن صالح الخ) حاصله أن من
ادعى على شخص بشئ كعبد فأقر له به ثم صالحه عنه بشئ معلوم مقوم كهذا الثوب أو مثلي كهذا
الأردب القمح ثم استحق ذلك المصالح به فإن المدعي يرجع في عين شيئه الذي أقر به المدعى عليه
إن لم يفت بحوالة سوق فأعلى فإن فات ذلك الشئ المقر به فإن المدعي يرجع في عوضه أي
يرجع بقيمته إن كان مقوما أو بمثله إن كان مثليا. قوله: (وإلا ففي عوضه) أي وإلا فيرجع أي عوضه أي
عوض المقر به. قوله: (على الأرجح) أي عند ابن يونس وقال ابن اللباد: إنه يرجع للخصومة لا بعوض
المصالح به. قوله: (تشبيه في الرجوع بالعوض) أي في رجوع المدعي بالعوض فيما بعد وإلا وإن كان
المرجوع بعوضه فيما قبل الكاف المصالح عنه وفيما بعدها المصالح به. قوله: (رجع بعوضه) أي بعوض
المصالح به بخلاف المشبه به فإن الرجوع بعوض المصالح عنه وهو المقر به. قوله: (لا بعين المدعى به)
أي الذي هو المصالح عنه. قوله: (لا إلى الخصومة) أي ولا يرجع من استحق من يده ما صولح به في
الانكار إلى لخصومة. قوله: (إذ الخصومة الخ) أي ولان رجوعه للخصومة فيه غرر إذ لا يدري
ما يصح له فلا يرجع من معلوم وهو عوض لمصالح به إلى مجهول. قوله: (وإن استحق ما بيد المدعى عليه)
أي بعد أن صالح المدعي بشئ ودفعه له، وحاصله أن من ادعى على شخص بعبد مثلا وأنه ملكه فأنكره
ثم صالحه بمقوم أو مثلي ودفعه له ثم استحق العبد فإن المدعى عليه المنكر يرجع على المدعي بما دفعه له إن
لم يفت فإن فات بحوالة سوق فأعلى رجع بقيمته إن كان مقوما أو بمثله إن كان مثليا. قوله: (وفي
الاقرار لا يرجع) هذا رواية أهل المدينة وبها العمل خلافا لأشهب القائل أن له الرجوع على المدعي
بما دفعه له إن كان باقيا فإن فات رجع عليه بقيمته إن كان مقوما وبمثله إن كان مثليا. قوله: (لاعترافه)
أي المصالح وهو المدعى عليه وقوله أنه أي الشئ الذي استحق من يده وقوله ملكه أي ملك المدعي

470
وهو البائع. قوله: (فلا رجوع له على البائع) هذا قول ابن القاسم، وقال أشهب يرجع بقيمته على البائع،
وأما عكس مسألة المصنف وهو ما إذا علم عدم صحة ملك بائعه واشتراه بقصد التملك فالمشهور أن له
الرجوع بقيمته حيث استحق من يده لأنه إنما قصد المعاوضة ومقابله عدم رجوعه ويقدر كأنه
وهب الثمن وأما لو نوى فداءه لصاحبه فهو ما مر في قوله والأحسن في المفدي من لص أخذه بالفداء.
قوله: (ولو أتى الخ) مبالغة في رجوع بالثمن على بائعه. وحاصله أنه إذا اشترى سلعة منن انسان والحال
أنه لا يعلم صحة ملكه لها ثم استحقت من يده فله الرجوع على بائعه ولو أتى ذلك المشتري بعبارة تشعر
بصحة ملك البائع لها بأن قال دار فلان ولم يذكر سبب إضافتها له من كونها من بناء آبائه أو من بنائه
قديما وأما إن ذكر ذلك فلا رجوع له على البائع. والحاصل أن المسألة ثلاثية: ذكر سبب الملك يمنع
الرجوع قطعا، مجرد قوله داره لا يمنع الرجوع قطعا، لان الإضافة تأتي لأدنى ملابسة، التصريح بالملك
مجردا عن ذكر سببه محل النزاع بين ابن عبد السلام وغيره فابن عبد السلام يقول أنه يمنع من الرجوع
وغيره يقول أنه لا يمنع من الرجوع بالثمن على لبائع واعتمده ح وقوله ولو أتى أي المشتري وأولى
الموثق. قوله: (بما خرج من يده) وهو عرضه الذي بذله من يده لا ما أخذ بالاستحقاق من يده وهو
عرض غيره. قوله: (ومراده بالعرض الخ) هذا جواب عن الاعتراض الوارد على المصنف بالقصور
وقوله ما قابل النقد الأولى ما قابل المثلى الذي لا يقضي فيه بالقيمة سواء كان نقدا أو غيره من
المثليات. قوله: (إلا الرجوع بالمثل) أي مطلقا سواء كان ما خرج من يده باقيا أو لا. قوله: (أصدقها
فيه عبدا مثلا) أي أو شقصا في عقار. قوله: (فاستحق من يدها) أي أو أخذ من يدها بالشفعة أو ردته
بعيب قديم فلا ترجع بما خرج من يدها وهو البضع بل بعوض ما استحق أو ردته بالعيب أو أخذ
بالشفعة. قوله: (على نحو عبد) أي على عبد ونحوه كشقص وقوله فاستحق أي أو أخذ بالشفعة أو رد
بالعيب فلا يرجع بما خرج من يده وهو العصمة بل يرجع في العوض وهو قيمة ما استحق أو
أخذ بالشفعة أو رد بالعيب. قوله: (وصلح دم عمد) مثله صلح الخطأ عن إنكار وقوله فاستحق أي
أو أخذ بالشفعة أو رد بعيب. قوله: (فاستحق من يد السيد) أي أو أخذ منه بالشفعة أو رده لعيب به.
قوله: (وأما معين في ملك العبد فلا رجوع للسيد بشئ) هذا أحد قولين وقيل أنه يرجع بقيمته كملك الأجنبي
انظر بن. قوله: (أو مقاطعا به عن كتابة مكاتب) أي مأخوذا عوضا عنها بأن كاتبه على دراهم ونجمها
ثم أنفق معه على أنه إن أتى له بعبد فلان أو بعبده هو أو بشقص من الدار الفلانية عوضا عن تلك
الدراهم فهو حر فلا فرق بين كون المأخوذ عوضا عن الكتابة عبدا أو شقصا وقوله فاستحق أي
أو أخذ بالشفعة أو رد بعيب والفرض أن ذلك العبد معين سواء كان ليس في ملك المكاتب أو كان في
ملكه، وأما لو كان ذلك العبد موصوفا فإن السيد يرجع بمثله، وقول عبق سواء كان معينا أم لا، فيه نظر،
قاله شيخنا وإنما لم يكن المكاتب كالعبد المقاطع في مسألة ما إذا كان معينا في ملك العبد لان المكاتب
ليس له انتزاع ماله بخلاف المقاطع. قوله: (صالح المعمر بالفتح بعبد مثلا) أي أو بشقص وقوله فاستحق
من المعمر بالفتح أي أو أخذ بالشفعة أو رده بعيب. قوله: (فلا رجوع للمستحق منه في هذه المسائل السبع
بالذي خرج منه) أي بالعوض الذي خرج من يده وهذا يشير إلى أن الاستثناء في كلام المصنف متصل
بناء على ما قدمه من المراد بالعرض وجعله تلك المسائل سبعة باعتبار أن الصلح عن دم العمد صادق بأن

471
يكون عن إقرار أو إنكار. قوله: (عن صلح الخطأ) أي عن إقرار وأما عن إنكار فكالعمد كما مر.
قوله: (استحق من آخذه) أي أو أخذ بالشفعة أو رد بعيب قديم. قوله: (من ضرب الثلاث) أي وهي
الاستحقاق والاخذ بالشفعة والرد بالعيب وقوله في السبع أي وهي الخلع والنكاح والصلح العمد عن إقرار
أو إنكار والقطاعة والكتابة والعمرى وقد أشار ابن غازي لهذه المسائل بقوله:
صلحان بضعان وعتقان معا * عمري لأرش عوض به ارجعا
وقوله ارجعا بأرش العوض أي سواء كان العوض استحق أو أخذ بالشفعة أو رد بعيب. قوله: (وإلا
ضمن) أي وإلا يصرفه فيما أمر بصرفه فيه بل صرفه في غير ما أمر بصرفه فيه ضمن. قوله: (إن عرف
بالحرية) قيل المراد بمعرفته بالحرية اشتهاره بها بين الناس بأن ورث الوراثات وشهد الشهادات وولى
الولايات وقيل المراد بمعرفته بالحرية أن لا يظهر عليه شئ من أمارات الرق وهو ما اقتصر عليه تت
وعج، وهو المعتمد فمن جهل حاله محمول على الحرية على الثاني لا على الأول، إذا علمت هذا تعلم أن
الشارح لفق بين القولين ولم يبين هذا من هذا فلو قال وقيل أن لا يظهر عليه شئ من علامات الرق ولو
جهل حاله كان أولى. قوله: (والشرط راجع للوصي والحاج) ومفهومه أنه لو كان غير معروف بالحرية
لضمن كل من الوصي والحاج لتصرفه في مال غيره. قوله: (لكن رجح الخ) أي خلافا لظاهر المصنف
من أنه لا فرق بين ما عينه الميت وما عينه الوصي من عدم ضمانهما إن عرف الميت بالحرية والضمان إن لم
يعرف بها. قوله: (إذا عينه الميت لم يضمن الخ) أي وأما إذا عينه الوصي فلا يضمن إن عرف الميت
بالحرية وإن لم يعرف بها فإنه يضمن. قوله: (وإلا لم يرجع عليه) أي على الوصي بشئ كما تقدم، وإذا رجع
السيد على الوصي فوجده عديما فإنه ينتظر يساره ولا شئ له على المشتري. قوله: (ويأخذ ما بيع بالثمن)
أي ويرجع بالثمن على البائع فإن وجده معدما انتظره. قوله: (ولم تعذر بينة الثاني) أي بأن تعمدت الزور.
قوله: (فالآخذ) أي فالمشتري لشئ من متاعه كالغاصب وحينئذ فيخير سيد العبد الذي قد استحق
والمشهود بموته بين أخذ ما كان قائما بيده مجانا وبين أخذ ثمنه الذي بيع به وسواء كان ذلك الذي
وجد قائما بيد المشتري قد فات أم لا، ويرجع ذلك المشتري بثمنه على بائعه كان ذلك البائع وصيا أو غيره
ولو كان ذلك الوصي صرفه فيما أمر به. قوله: (لطابق النقل) أي لأنه لو كان كالغاصب حقيقة لحد في
وطئ الأمة ورق ولده مع أنه حر ويغرم قيمته والعذر للمصنف أن التشبيه ليس من كل وجه بل
من حيث الاخذ بلا شئ. قوله: (وترد له زوجته) أي في القسمين ما إذا عذرت بينته وما إذا لم تعذر.
قوله: (وما فات فالثمن يرجع به الخ) أي في المسألة الأولى وعلى الوارث في الثانية. والحاصل أن
ما قبل إلا وهو ما إذا عرف ذلك المستحق بالحرية وما إذا عذرت بينة المشهود بموته بأخذ السيد
والمشهود بموته ما وجد من متاعه قائما بيد المشتري بالثمن ما فات بيده يأخذ ثمنه من

472
البائع سواء كان البائع وصيا أو غيره إن لم يكن الوصي صرفه فيما أمر به شرعا وأما إذا كان ذلك المستحق لم يعرف
بالحرية، وكذلك المشهود بموته لم تعذر بينته فإن سيد الأول ونفس الثاني يخير في أخذ ما وجد قائما
بيد المشتري مجانا بلا ثمن وفي أخذ ثمنه الذي بيع به من المشتري ويرجع المشتري بثمنه على بائعه
ولو كان وصيا صرفه فيما أمر به وسواء كان ما وجده قائما فات أو لم يفت. قوله: (والمراد بالفوات
هنا) أي في مسألة المعروف بالحرية والمشهود بموته وعذرت بينته وقوله ذهاب العين أو تغير الصفة
أي لا حوالة السوق فهو غير فوت هنا. قوله: (وأولى إن أعتقه) أي أو كاتبه أو أولد الأمة فيتعين
أخذ ثمنها وقيمة ولدها لان الفرض أنه عرف بالحرية وعذرت البينة. قوله: (فله أخذها وقيمة
الولد) أي وله أن يأخذ ثمنها وقيمة الولد.
باب في الشفعة
أي في بيان حقيقتها. قوله: (الشفعة أخذ شريك) أي بجزء شائع لا بأذرع معينة فلا شفعة لأحدهما
على الآخر قطعا لأنهما جاران ولا بغير معينة عند مالك، ورجحه ابن رشد وأفتى به، ولأشهب فيها
الشفعة. فإن قلت: كل من الجزء كالثلث والأذرع غير المعينة شائع. قلت: شيوعهما مختلف إذ الجزء
شائع في كل جزء ولو قل من أجزاء الكل ولا كذلك الأذرع لان الأذرع إذا كانت خمسة إنما
تكون شائعة في قدرها أي في كل خمسة من الأذرع لا في أقل منها. قوله: (أي استحقاقه الاخذ الخ)
أي ففي الكلام مجاز بالحذف أو أنه من إطلاق اسم المسبب على السبب وإطلاق الاخذ على
استحقاقه وإن كان مجازا كما علمت لكنه مشهور، فلا يقال أن المجازات يجب صون التعاريف
عنها والظاهر أن المراد بالاستحقاق هنا صيرورة الشريك مستحقا للاخذ وأهلا له أو أنه صفة حكمية
توجب له صحة الاخذ جبرا فالسين والتاء للصيرورة أو أنهما للطلب أي فهو طلب الشريك الاخذ كما
قال عبق وعلى كل حال فليس المراد به المعنى المتقدم الذي هو رفع ملك شئ بثبوت ملك قبله لعدم
صحته هنا. قوله: (عارض لها) أي طارئ بعدها ومترتب عليها إذ يقال أخذ الشفيع بشفعته أو ترك
الاخذ بها. قوله: (غير ذلك الشئ المعروض) أي بالبداهة وإلا كانت الصفة عين موصوفها.
قوله: (ولو كان الشريك) أي الطالب للاخذ بالشفعة. قوله: (أو لمسلم) هذا مندرج فيما قبل
المبالغة أي هذا إذا كان ذلك الشريك الطالب للاخذ بالشفعة مسلما وباع شريكه المسلم أو الذمي
لمسلم أو ذمي أو كان ذميا وباع شريكه الذمي لمسلم أو باع شريكه المسلم لمسلم بل ولو باع شريكه
المسلم لذمي خلافا لقول ابن القاسم في المجموعة لا يتعرض لهم، وحجة المشهور أنه لما كان
البائع مسلما كان للاسلام مدخل في الجملة فيكفي طلب الشفيع ويجبر الذمي المشتري على
الدفع له ولو لم يترافعا إلينا. قوله: (وخص الذمي) أي وخص الذمي الثاني بالذكر بعد المبالغة
دون المسلم. قوله: (لأنه المتوهم) الأولى لأنه محل الخلاف وإلا فتوهم عدم أخذ الذمي بالشفعة من
المشتري المسلم أكثر من توهم عدم أخذ الذمي من الذمي فتأمل. قوله: (فما قبل المبالغة خمس صور)
الأولى ست صور كما علمت مما ذكرنا، وصورة المبالغة سابعة وقوله كذميين ثامنة تأمل. قوله: (لان
البائع لا دخل له) أي لا دخل له في التحاكم لان التحاكم من خصوص المتنازعين أعني الشفيع

473
والمشتري. قوله: (لا يتوقف الحكم) أي بالشفعة على رضا الشفيع والمشتري أي بحكمنا بينهم، والحاصل
أن الحكم بالشفعة لا يتوقف على رضاهم بحكمنا إلا إذا كان كل من الثلاثة ذميا فإذا كان كل منهم ذميا
توقف الحكم بينهم بالشفعة على رضاهم بحكمنا وإن كان التحاكم من خصوص المتنازعين أعني المشتري
والشفيع. قوله: (أو كان الشفيع) أي الشريك الطالب للاخذ بالشفعة. قوله: (ليحبس الشقص المأخوذ)
ظاهره ولو على غير من حبس عليه الجزء الأول وهو واضح من جهة المعني وفي بهرام ليحبس في مثل
ما حبس فيه الأول، ويدل له كلام المدونة الآتي وقوله ليحبس الشقص المأخوذ أي وأما إذا أراد
الاخذ للتملك فلا شفعة له ما لم يكن مرجع ما حبسه أولا له وإلا كان له الاخذ بالشفعة كما قال الشارح.
قوله: (فيجعله) أي فيجعله حبسا في مثل الخ. قوله: (وهذا إذا لم يكن مرجعها له الخ) قال عبق والظاهر
أنه إذا كان المرجع للغير ملكا كان لذلك الغير الاخذ بالشفعة لأنه صار شريكا حكما بالمرجع المجعول.
قوله: (وإلا فله الاخذ الخ) ولذا قال ح من أعمر شخصا جزءا شائعا في دار وله فيها شريك فباع شريكه
فللمعمر بالكسر الاخذ بالشفعة لان الحصة ترجع له بعد موت المعمر بالفتح. قوله: (مدة حياتهم) أي
ثم بعد حياتهم ترجع له. قوله: (وقد وجبت له شفعة) أي في حصة شريكه البائع لغيره وقوله أن للسلطان
أن يأخذ أي وله أن يترك الاخذ لا يقال المشتري من شريك المرتد لم يتجدد ملكه على ملك بيت المال لأنا
نقول أنه تجدد بالنسبة للمرتد والسلطان منزل منزلته في استحقاق الاخذ. وقوله وقد وجبت له شفعة الخ
كما لو كانت دار مشتركة بين المرتد وغيره وباع ذلك الغير حصته قبل ردة شريكه. قوله: (ولو ليحبس)
أي ولو أراد الاخذ ليحبس مثل ما حبس عليه إذ لا أصل له في الشقص المحبس أو لا ورد المصنف بلو على
قول من قال أن المحبس عليه كالمحبس له الاخذ بالشفعة إذا أخذ ليحبس، لكن ذكر المواق ما نصه
سوى ابن رشد بين المحبس عليه والمحبس وأن أحدهما إذا أراد الاخذ لنفسه لم يكن له ذلك وإن أراد
إلحاق الحصة التي يريد أخذها بالشفعة بالحبس فله ذلك فانظر هذا مع خليل ا ه‍. قوله: (إلا أن يكون الخ)
أي وإلا كان له الاخذ بالشفعة لأنه صار شريكا حكما بالمرجع المجعول له. قوله: (كمن حبس) أي
حصة في دار على جماعة. قوله: (فهي له ملك) أي فإذا باع الشريك حصته كان لفلان هذا الذي
مرجع الحبس له الاخذ بالشفعة. قوله: (وجار) إنما أتى به مع خروجه بقوله شريك لان شريك
وصف وهو لا يعتبر مفهومه ولأجل أن يرتب عليه ما بعده من المبالغة. قوله: (أي انتفاعا بطريق
الدار) أي بطريق فيها كما لو كانت دار بين اثنين فاقتسماها وجعلا بينهما حائطا وصار أحدهما
لا يمكنه الوصول لداره إلا من دار الآخر واستأجر طريقا يمر منها أو أرفقه جاره ذلك. قوله: (كمن
له طريق في دار) أي وتلك الطريق يملك منفعتها بإجارة أو إرفاق وكذلك إذا كان له ملك في ذات
الطريق. قوله: (فبيعت تلك الدار) أي التي فيها الطريق وقوله فلا شفعة له أي للجار المالك
للطريق. قوله: (وناظر وقف) كدار موقف نصفها على جهة وله ناظر فإذا باع الشريك نصفه
فليس للناظر أخذ بالشفعة ولو ليحبس، كما قاله سحنون إلا أن يجعل له الواقف الاخذ ليحبس وإلا
كان له الاخذ كما قاله عج. قوله: (لأنه لا ملك له) أي والشفعة إنما تكون للمالك فليس الناظر كالمحبس
واعتراض المواق وابن غازي على المصنف بقولهما: ابن رشد لو أراد أجنبي أن يأخذ بالشفعة للحبس
كان له ذلك على قياس المحبس والمحبس عليه إذا أرادا ذلك لالحاقهما بالحبس فالناظر أولى ساقط لأنه

474
تخريج لا يعادل نص سحنون، كذا وجد بخط عبق. قوله: (فلا شفعة لشريكه) أي في الوجهين وهذا هو
مذهب المدونة ابن ناجي وهو المشهور، ومقابله أن في الكراء الشفعة لكنه مقيد بما ينقسم وبأن يزيد
الشريك السكنى بنفسه وإلا فلا شفعة له، قاله اللخمي والأول هو المعتمد كما علمت، لكن في بن عن
الزقاق في لا ميته وغيره جريان العمل بالشفعة في الكراء بالقيد الثاني فقط وهو أن يسكن بنفسه.
قوله: (وفي ناظر الميراث) أي وهو أمين بيت المال وقوله قولان أي والمعتمد أن له الاخذ بالشفعة لقيامه مقام
السلطان الذي هو الناظر الأصلي على بيت المال. قوله: (إن ولي الخ) هذا بيان لمحل الخلاف. قوله: (مع
السكوت) أي سكوت السلطان الذي أقامه ناظرا. قوله: (احترز به ممن تجدد ملكه بمعاوضة لكن
بملك غير لازم كبيع الخيار الخ) اعترض بأن المعتمد أن الملك في زمن الخيار للبائع وحينئذ فلم يتجدد
ملك المشتري حين البيع فهو خارج بقوله ممن تجدد ملكه وليس خارجا بقوله اللازم وأجيب
بأن اخراجه بقوله لازم بناء على أن المبيع زمن الخيار على ملك المشتري فيصدق أنه تجدد ملكه إلا أن
ذلك الملك غير لازم فلذا أخرجه بقوله لازم. قوله: (واحترز به أيضا عن بيع المحجور بلا إذن وليه) أي
فلا شفعة لشريك المحجور فيما باعه المحجور بلا إذن لان المشتري منه وإن تجدد ملكه لكن ذلك الملك
غير لازم فلا شفعة بمجرد بيعه بل حتى يجيز وليه ومثل بيعه شراؤه فإذا اشترى هو يكون قد تجدد
ملكه لكن ذلك الملك غير لازم فلا شفعة بمجرد بيعه أو شرائه بل حتى يجيز وليه. قوله: (اختيارا)
فيه أن هذا يغني عنه قوله بمعاوضة وأجيب بأن الأوائل قد وقعت في مراكزها. قوله: (كالإرث) أي
فإذا كانت دار بين شريكين ومات أحدهما عن وارث أخذ حصته منها فليس لشريكه أن يأخذ من وارثة
بالشفعة فقوله فلا شفعة أي للشريك ممن تجدد ملكه بالميراث. قوله: (بمعاوضة) أي سواء كانت مالية
كالبيع وهبة الثواب والصلح ولو عن إنكار أو غير مالية كالمهر والخلع. قوله: (فلا شفعة له) أي للشريك
ممن تجد ملكه بالهبة أو الصدقة. قوله: (أي لأجلهم) أي لأجل تفرقة الخ، أشار بهذا إلى أن اللام
في قوله للمساكين تعليلية وفي الكلام حذف لا أنها صلة لبيع لأنه إذا أوصى ببيع حصة للمساكين
لم يكن للورثة أخذ بالشفعة اتفاقا. وحاصل كلام المصنف أن الشخص إذا أوصى ببيع جزء من
عقاره بعد موته يحمله الثلث لأجل أن يفرق ثمنه على المساكين ففعل فإن الورثة يقضي لهم بأخذ
ذلك المبيع بالشفعة ممن اشتراه على الأصح عند الباجي، والمختار عند اللخمي. قال الباجي لان الموصى
لهم بثمنه وإن كانوا غير معينين فهم شركاء للورثة بائعون بعد ملكهم بقية الدار، وقد ذكر ذلك عن
ابن المواز وقال به ابن الهندي، ومقابله ما لسحنون لا شفعة للورثة لان بيع الوصي كبيع الميت في حال
حياته والميت إذا باع حصة في داره ليس لورثته أخذها من المشتري بالشفعة لأنه لم يتجدد ملكه عليهم
بل ملكه سابق على ملكهم كما أن ذلك المشتري ليس له أن يأخذ بالشفعة من الورثة ومحل الخلاف إذا
كان العقار كله ملكا للميت أما لو كان مشتركا بينه وبين أجنبي، أو بينه وبين وارثة فالشفعة ثابتة
للشريك اتفاقا من حيث كونه شريكا لا وارثا. قوله: (لدخول الضرر عليهم) أي على الورثة بالبيع
لغيرهم وقوله والميت الخ جملة حالية. قوله: (إلا بعد ثبوت الشركة) أي بين الورثة والموصى لهم ولذا
كان للورثة الاخذ بالشفعة لتجدد ملك المشتري. قوله: (من معين) أي من شخص معين أوصى له
الميت ببيع جزء من عقاره يحمله الثلث فاشترى ذلك الموصى له بعد موت الوصي وتقييد
الشارح بمعين تبعا لتت يقتضي أن الموصى ببيعه للمساكين للوارث أخذه بالشفعة وليس كذلك

475
كما جزم به عج والتعليل المذكور يقتضي ذلك. والحاصل أنه لا شفعة للوارث في الشقص الذي
أوصى الميت ببيعه لمعين أو لغير معين على الصواب. قوله: (قصد نفع الموصى له) أي وأخذ الوارث
منه بالشفعة يبطل ما قصده مورثه. قوله: (بما إذا كانت كلها للميت) أي وأوصى ببيع ثلثها لشخص
معين. قوله: (فناقل كل منهما الآخر) أي سواء كانت المناقلة بقصد الارفاق بكل أو على وجه المشاحة.
قوله: (لضرر الخ) أي لضرر الشريك القديم بشركة الطارئ عليه. قوله: (التي هي علة الخ) أي على القول
الثاني وأما علتها على الأول فهي دفع ضرر القسمة، والحاصل أننا إن قلنا إن سبب الشفعة دفع ضرر
المقاسمة خصت بما ينقسم إذ لا يجاب لقسمة غيره وإن قلنا سببها دفع ضرر الشركة عمت ما ينقسم وغيره.
قوله: (فقال) أي الشريك له أي للأمير الناصر وقوله حكم الخ أي أفتى على وليس المراد أنه حكم عليه
بالفعل وإلا لما ساغ نقض ذلك الحكم والحكم بالقول الآخر بعده تأمل. قوله: (ولكن المعول عليه هو
الأول) أي وهي رواية ابن القاسم عن مالك في المدونة والثاني لمالك أيضا. ورواه عنه بعض أصحابه، إن
قلت إن المقابل قد ذكر المصنف أنه عمل به وقد تكرر عندهم أن ما به العمل يقدم على غيره، قلت محل ذلك
كما كتب شيخنا عن كبير خش إذا كان العمل عاما لا كعمل بلدة مخصوصة وذكر أن المصنف بنى
عمل للمجهول مبالغة في ضعفه فانظره. قوله: (أجبر شريكه عليه معه) أي لأجل أن ينتفي ضرر نقص الثمن
فلذا لم يجب فيه شفعة. قوله: (بخلاف ما ينقسم) أي فإنه إذا طلب أحد الشريكين البيع لا يجبر شريكه
على البيع معه. قوله: (لجبر الشريك على البيع معه) أي بخلاف ما ينقسم فإنه لم ينتف ضرر نقص الثمن فيه
لعدم جبر الشريك على البيع فلذا شرعت الشفعة فيه لإزالة الضرر. قوله: (لان الضرر الذي شرعت
لأجله الشفعة ضرر الشركة) أي أو ضرر المقاسمة بناء على عمومها لما ينقسم وغيره أو خصوصها
بالمنقسم. قوله: (والضرر فيما لا ينقسم) الأولى حذف لا وقوله ضرر نقص الثمن أي وحينئذ فالتعليل غير
مناسب فالأولى ما ذكره عج وبن وغيرهما من أننا إن قلنا إن سبب الشفعة دفع الضرر المقاسمة خصت
بما ينقسم إذ لا يجاب لقسمة غيره وإن قلنا سببها دفع ضرر الشركة عمت ما ينقسم وغيره كما مر.
قوله: (بمثل الثمن) أراد بالثمن ما وقع العقد عليه وإن نقد خلافه هذا هو الراجح وهو قول ابن القاسم وقيل
المراد بالثمن ما نقده المشتري ولو عقد على غيره وهو ما مشى عليه خش ا ه‍ شيخنا عدوي. قوله: (إن كان
مثليا) أي إن كان الثمن مثليا معلوما ووجداه. قوله: (ولو دينا في ذمة البائع) أي فيأخذ الشفيع بمثله
ولو كان مقوما لان ما في الذمة بابه المثل. قوله: (فإن الشفيع لا يأخذه) أي بدين إلا مع رهن الخ

476
ظاهره ولو كان الشفيع أملى من لمشتري وهو كذلك كما هو أرجح قولي أشهب. قوله: (أو ضامن
مثل ضامنه) أي مثل ضامن المشتري. قوله: (كما هو موضوع المسألة) أي وليس موضوعها أن
المشتري أخذه بدين في ذمة البائع وهي المتقدمة في قوله وإن دينا لعدم رهن أو ضامن في الشقص،
وإذا علمت أن موضوع هذه المسألة أن المشتري اشتراه بدين في ذمته فكان اللائق تأخيرها عن قوله
وإلى أجله، كذا قال عبق وقد يقال إن موضوع هذه المسألة أن المشتري اشتراه بدين في ذمة البائع، وإن
كان دين المشتري الذي على البائع برهن أو حميل ثم لما اشترى به الشقص منه سقط الرهن والضامن
فإذا أخذه الشفيع بمثل الدين إلى مثل الاجل فلا بد أن يعطي المشتري مثل ما كان أولا من رهن أو
حميل انظر بن. قوله: (وعقد شراء) وكذا يغرم الشفيع ثمن ما يكتب فيه وما عمر به المشتري في
الشقص كما في بن وبين ما وقع في المواق من الوهم فانظره. قوله: (ما أخذ منه ظلما) أي والحال أنه جرت
به العادة كما إذا جرت العادة أن من اشترى عقارا يدفع دينارا مكسا للحاكم أو لشيخ الحارة.
قوله: (الأظهر الأول) أي بل هو المفتي به كما قال شيخنا. قوله: (أو دفعه الزوج لزوجته في نكاح) هذا ما إذا دفعه
لها قبل الدخول وأما لو دفعه لها في نكاح التفويض بعد الدخول فإن الشفيع يأخذ ذلك الشقص
بمهر المثل لا بقيمة الشقص كما في ح. قوله: (أو دفعه عبد لسيده في عتقه) أي أو دفع صلحا في دعم عمد
عن إقرار أو إنكار أو المدفوع قطاعة عن مكاتب أو دفع صلحا عن عمري. والحاصل أن المصنف
أدخل بالكاف بقية المسائل السبعة المتقدمة في الباب السابق وحينئذ فلا حاجة للتصريح بقوله
وصلح عمد وتعتبر القيمة في تلك المسائل السبعة يوم عقد الخلع والنكاح ويوم عقد بقيتها لا يوم
الاخذ بالشفعة. قوله: (بخلاف الخطأ) أي بخلاف الصلح بالشقص عند ذم الخطأ فإن الشفعة فيه بالدية
أي التي أخذ الشقص عوضا عنها وهذا إذا كان الصلح عن إقرار أما لو كان عن إنكار فكالمأخوذ
عن جرح العمد. قوله: (من إبل) أي إذا كانت عاقلة الجاني أهل إبل وقوله أو ذهب أي إذا كانت
العاقلة أهل ذهب وكذا يقال فيما بعده فإذا كانت العاقلة أهل إبل أخذ الشفيع الشقص بقيمة الإبل
وإن كانت أهل ذهب أو ورق فإنه يأخذ الشقص بذهب أو ورق قدر الدية وينجم ذلك على الشفيع
في ثلاث سنين كتنجيم الدية على العاقلة لو أخذت. قوله: (تعومل به) أي بالنقد. قوله: (لكن الراجح في
هذا) أي الفرع وقوله أنه أي الشفيع وقوله لا يأخذه أي الشقص إلا بقيمة الجزاف أي الذي
دفع ثمنا للشقص لا بقيمة الشقص نفسه كما قال المصنف لان المذهب جواز بيع النقد جزافا
إن تعومل به وزنا لا أن تعومل به عددا. والحاصل أن النقد إذ تعومل به عددا لا يجوز باتفاق
بيعه جزافا وإن تعومل به وزنا ففيه خلاف فقيل بالمنع وقيل بالجواز وهو المذهب وعليهما إذا
اشترى الشقص بجزاف نقدا فيأخذه الشفيع بقيمته على الأول وبقيمة الجزاف على الثاني.
قوله: (إلا بقيمة الجزاف) أي بقيمته من غير جنسه فإن كان ذهبا قوم بفضة وإن كان فضة قوم
بذهب وعلى هذا الراجح فالشفيع يأخذ الشقص بقيمة الثمن في حالتين ما إذا كان الثمن مقوما
أو نقدا جزافا. تنبيه: لو كان ثمن الشقص بعضه نقد معلوم القدر وبعضه جزاف فقد لزم
الشفيع إذا أخذه دفع مثل المعلوم وقيمة الجزاف. قوله: (بما يخصه) أي بعد معرفة ما يخصه منه ولو
قال الشفيع أخذت بالشفعة قبل معرفة الثمن لم يلزمه الاخذ كما في ح عند قوله بمثل الثمن.
قوله: (خلافا لما يوهمه التتائي) أي من أنه يقوم كل منهما منفردا وتنسب قيمة الشقص لمجموع

477
القيمتين ويأخذ من الثمن بتلك النسبة. قوله: (وقد يقال الوجه مع التتائي) أي لان ما قاله يرجع لما قاله
غيره فلا وجه للرد عليه. قوله: (ولزم المشتري الباقي) أي ولو كان قليلا وليس له إلزام الشفيع به ولا
للشفيع أخذه جبرا عن المشتري. قوله: (وهو الغير) أي غير الشقص. قوله: (ولا يلتفت ليسره) أي ولا
يكفي تحقق يسره يوم حلول الأجل بنزول جامكية أو معلوم وظيفة في المستقبل إذا كان يوم الاخذ
معسرا مراعاة لحق المشتري لأنه يحصل للشفيع بعدم الاكتفاء بذلك ضيق فيكون ذلك وسيلة
لتركه الاخذ بالشفعة ولا يراعي أيضا خوف طرو عسره قبل حلول الأجل إلغاء للطارئ لوجود
مصحح العقد يوم الاخذ وهو اليسر. قوله: (أو لم يوسر) أي يوم الاخذ. قوله: (الراجح الأول) أي
وهو قول مطرف وابن الماجشون وابن حبيب وصوبه ابن يونس وابن رشد قال بن لكن الذي
جرى به العمل عندنا القول الثاني، وهو قول مالك وأصبغ، وقوله الراجح الأول أي كما أن الراجح فيما
إذا اشترى الشقص بدين في ذمة البائع قبل حلول أجله ولم يأخذه الشفيع حتى حل الاجل وطلب
ضرب أجل كالأول أنه يجاب لذلك، كما صوبه ابن زرقون خلافا لما في الواضحة من أنه لا يجاب.
قوله: (ولو ببيع الشقص) أي أو بتسلف. قوله: (فلا شفعة له) أي أسقط الحاكم شفعته ولا شفعة له إذا وجد
حميلا بعد ذلك كما قاله ابن حبيب ثم إذا عجل الشفيع الثمن للمشتري لا يلزم المشتري أن يعجله للبائع
بل حتى يتم الاجل الذي اشترى له المشتري. قوله: (على المختار) مقابله أنه متى كان الشفيع معدما فلا بأخذ
إلا بضامن ولو كان مساويا للمشتري في العدم. قوله: (ولما فيه الخ) عطف علة على مثلها لان الحوالة
رخصة يقتصر فيها على ما ورد من الحلول. قوله: (كأن أخذ الشفيع) أي مستحق الشفعة وقوله من
أجنبي أي غير المشتري وغير البائع وقوله مالا أي كالجعالة وذلك كأن يقول أجنبي للشفيع أعطيك
دينارا جعالة على أنك تأخذ الشقص من المشتري بما اشتراه به وأنا أشتريه منك بذلك الثمن. قوله: (من
المشتري بالثمن) أي بمثل الثمن الذي دفعه المشتري. قوله: (في بيعه له) أي لذلك الأجنبي. قوله: (بزيادة
على ما أخذه به) أي كما إذا بيع الشقص بعشرة فيقول الأجنبي للشفيع خذه بالشفعة وأنا آخذه منك
باثني عشر فأربحك فيه اثنين وهذه الصورة تخالف ما قبلها من جهة أن الزائد على الثمن الذي اشترى
به المشتري دفع للشفيع في الأولى على أنه جعالة، وفي الثانية دفع له على أنه ربح وزاد خش تبعا
لتت صورة ثالثة غير الصورتين المذكورين هنا في الشرح وهي أن يأخذ من أجنبي مالا على أن
يأخذ بالشفعة لنفسه ليس للأجنبي غرض في دفع المال إلا انكاء المشتري وإضراره ا ه‍. قال
المسناوي والظاهر أنه في هذه الصورة لا تسقط شفعته ولا يأتي فيها قول المصنف ثم لا آخذ له وقال طفي
أن هذه الصورة تحتاج لنص عليها وعلى أنه لا آخذ له بالشفعة اه‍ بن. قوله: (من باب أكل أموال
الناس بالباطل) فيه أنه كالجعالة لان استحاقه لذلك المال معلق على اسقاط حق يحصل فالأولى أن
يعلل المنع بأنه خلاف مورد الشفعة لأنها إنما شرعت لدفع ضرر الشركة عن نفسه لا ليربح ا ه‍ شيخنا.
قوله: (وكذا لا يجوز أن يأخذ ليهب أو يتصدق) أي أو ليوليه لغيره وحينئذ فلا مفهوم لقول
المصنف ليربح. قوله: (كأخذه لغيره) أي لغير نفسه. قوله: (سقطت شفعته) أي لان أخذه لغيره
إعراض عنها لنفسه ومحل سقوطها إذا علم ذلك ببينة وقال المتيطي عن أشهب وكذلك إذا ثبت ذلك

478
بإقرار الشفيع والمبتاع لا بإقرار أحدهما ا ه‍ بن. قوله: (بالجواز وعدمه) الأولى فقولان في سقوط
شفعته وليس له أن يأخذ بعد ذلك وعدم سقوطها. قوله: (أو باع قبل أخذه) أي باع الشقص الذي
يستحق أخذه بالشفعة لأجنبي قبل أخذه إياه بالفعل، قال في المدونة ولا يجوز بيع الشقص قبل
أخذه إياه بالشفعة ا ه‍. وإنما حملنا كلام المصنف على بيع الشقص لأجنبي لان بيعه للمشتري هو
الصورة الآتية بعد وجعلنا مفعول باع الشقص الذي يستحق أخذه بالشفعة ولم نجعله الشقص الذي
تستحق الشفعة بسببه لان هذا سيأتي المصنف يذكره في مسقطاتها حيث قال أو باع حصته. قوله: (قبل
أن يملك) أي لان من ملك أن يملك لا يعد مالكا. قوله: (أخذ مال) أي أخذ الشفيع مالا من المشتري
أو من أجنبي. قوله: (بعد الشراء) أي بعد شراء المشتري سواء علم الشفيع بالبيع له أم لا. قوله: (ليسقط
شفعته) أي ليسقط حقه من الاخذ من المشتري بالشفعة. قوله: (فيجوز) أي وتسقط شفعته لأنه من
اسقاط الشئ بعد وجوبه فإن تقايلا ورجع المشتري على الشفيع بما دفعه له من المال كان الشفيع باقيا
على شفعته لان سقوطها كان معلقا على أمر لم يتم. قوله: (ثم شبه الخ) أي من تشبيه الخاص بالعام لان
العقار شامل للبناء والغرس وغيرهما كالأرض المجردة عن ذلك لان العقار اسم للأرض وما اتصل بها
من بناء أو شجر ويكفي المغايرة بين المشبه والمشبه به ولو بالعموم والخصوص. قوله: (أو على غيرهما)
أي كم لو كانت الأرض محبسة على جهة فاستأجرها اثنان وبنيا أو غرسا فيها ثم باع أحدهما حصته
لأجنبي فلشريكه الاخذ بالشفعة، قال المصنف في توضيحه عن شيخه المتوفى ينبغي أن يتفق على
ثبوت الشفعة في البناء القائم في الأرض المحكرة عندنا بمصر لان العادة عندنا أن رب الأرض
لا يخرج صاحب البناء أصلا فكان صاحب البناء بمنزلة صاحب الأرض ا ه‍. أي أنه لا شفعة المستحق
الأرض وإنما الشفعة للشريك ويؤخذ منه أن الشريكين في التزام بلد بمصر لأحدهما الشفعة إذا باع
الآخر حصته فيها وبه أفتى عج، قال شيخنا وهذا مقيد بما إذا كانت الحصة التي فرغ صاحبها عنها
غير مقسومة وإلا فلا شفعة قال شيخنا أيضا والأراضي الرزق التي على البر والصدقة فيها الشفعة إن
كانت غير مقسومة فإذا باع أحد الشريكين حصته لأجنبي كان لشريكه الاخذ بالشفعة فإن كانت
مقسومة فلا شفعة فيها كما أن الرزق الموقوفة على الشعائر لا شفعة فيها مطلقا فإذا كان شخصان
مقرران في وظيفة لها طين مرصد عليها وفرغ أحدهما عن حصته لأجنبي فليس لشريكه الاخذ
بالشفعة. قوله: (فلشريكه الآخر الاخذ بالشفعة) أي لكن يقدم عليه المعير كما يأتي فما هنا مجمل يفصله
ما يأتي أو يحمل ما هنا على ما إذا كانت العارية مقيدة ولم تمض المدة وباع أحد الشريكين حصته على
البقاء أو السكوت فلا كلام حينئذ للمعير والشريك أحق بالأخذ بالشفعة. قوله: (مسائل الاستحسان)
أي التي قال مالك في كل واحدة منها إنه لشئ استحسنه وما علمت أحدا قاله قبلي. قوله: (الآتية هنا)
أي في قوله وكثمرة ومقثأة. قوله: (والثالثة القصاص) أي في الجراح. قوله: (والرابعة الخ) زاد بعضهم
خامسة وهي وصاية الأم على ولدها إذا تركت له مالا يسيرا كالستين دينارا وجمع الكل بعضهم بقوله:
وقال مالك بالاختيار * في شفعة الأنقاض والثمار
والجرح مثل المال في الاحكام * والخمس في أنملة الابهام
وفي وصي الأم باليسير * منها ولا ولي للصغير ا ه‍ بن.
فإن قلت: كيف تكون مستحسنات الامام قاصرة على هذه المسائل الأربعة مع أن
الاستحسان في مسائل الفقه أغلب من القياس كما قال المتيطي وقال مالك أنه تسعة أعشار العلم. قلت:

479
إن الاستحسان الواقع من الامام ليس قاصرا على هذه الأربعة بل وقع منه في غيرها أيضا لكن
وافقه فيه غيره أو كان له سلف فيه بخلاف هذه الأربعة فإنه استحسنها من عند نفسه ولم يسبقه غيره
بذلك لقوله وما علمت أحدا قاله قبلي. قوله: (أن الأنملة الخ) حاصله أن كل أصبغ ديته عشر من
الإبل وفي الأنملة ثلث ما في الأصبغ إلا الأنملة من الابهام ففيها نصف ما في الأصبغ أعني خمسة من
الإبل. قوله: (أي بالأقل منهما) أي سواء دخل البائع مع المشتري على الهدم أو السكوت. قوله: (وهذا
شامل لما إذا كانت) أي العارية مطلقة أي لم تقيد بزمان. قوله: (وهذا ظاهر في المطلقة) أي سواء دخل
البائع مع المشتري على البقاء أو السكوت أو الهدم. قوله: (على البقاء) أي للبناء والغرس لآمر مدة
العارية. قوله: (فيأخذه) أي المعير من الشفيع. قوله: (وكثمرة) أي موجودة حين الشراء بشرط كونها
مؤبرة بدليل قوله وحط حصتها وأما الغير الموجودة أو الموجودة غير المؤبرة فأشار لها بقوله وإن
اشترى الخ. قوله: (باع أحد الشريكين الخ) أي والأصل مملوك لهما أو بأيديهما في مساقاة أو حبس
عليهما. قوله: (ومقثأة) عطف على مقدر أي ثمرة غير مقثأة بالإضافة ومقثأة لان المقثأة ليست اسما
للقثاء بل للأصل أي العروش التي فيها القثاء. قوله: (ويدخل فيه القرع) أي وكذا كل ما له أصل تجني
ثمرته ويبقى أصله كالقطن والبامية. قوله: (وباذنجان) عطف خاص على عام وهو المقثأة لان المراد
بها كل أصل تجنى ثمرته مع بقاء عينه ليخلف غيرها وهذا شامل للباذنجان وأما النيلة والملوخية
وكراث المائدة فلا شفعة فيه لأنها لا تجني ويبقى أصلها ليخلف غيرها وإنما تحصد من أصلها ويخلف
غيرها كذا قرر شيخنا العدوي. قوله: (ولو بيعت مفردة) هذا يشمل ثلاث صور: الأولى إذا باعا
الأصل دون الثمرة ثم باع أحدهما نصيبه فيها، الثانية أن يكون الأصل باقيا وباع أحدهما نصيبه من
الثمرة الثالثة أن يشتريا معا الثمر ويبيع أحدهما نصيبه منها والمقابل المردود عليه بلو وهو قول أصبغ
وعبد الملك لا شفعة فيها مطلقا، وقول أشهب لا شفعة فيها إذا لم يكن الأصل لهما كما في الصورة الأولى
والثالثة ا ه‍ بن. قوله: (في الثمرة) أي بالنسبة للثمرة وقوله فيها بعدها أي بالنسبة لما بعدها. قوله: (إلا أن
تيبس) المراد باليبس كما قال ابن رشد مجئ وقت جذاذها لليبس إن كانت تيبس أو للأكل إن كانت
لا تيبس ا ه‍ بن. قوله: (بعد العقد) أي عقد البيع. قوله: (الأصول) أي حصته فيها. قوله: (وقلنا بسقوط
الشفعة حينئذ فيها) أي في الثمرة. قوله: (حط عنه حصتها) أي حصة الثمرة. قوله: (إن أزهت) أي إن
كانت مزاهية أو مأبورة يوم البيع ولم يأخذ الشفيع حتى يبست. قوله: (وفيها) هذا راجع لقوله إلا
أن تيبس. قوله: (لأنه قال فيها مرة إلا أن تيبس) أي ومقتضى هذا أنه لا يفيت الشفعة إلا يبسها وأما جذها
قبل يبسها فلا يفيت الشفعة فيها وظاهره اشتريت مفردة أو مع أصلها. قوله: (مفوت كاليبس)

480
أي وظاهره مطلقا سواء اشتريت مفردة أو مع أصلها. قوله: (وليس فيها الخ) أي وأثمرت عند
المشتري. قوله: (أخذت بالشفعة مع الأصول) فيه إن أخذ الشفيع لها إنما هو من باب استحقاق الغلة
لا من باب الاخذ بالشفعة لان الشفعة إنما تكون في الموجود يوم الشراء. قوله: (فاز بها المشتري) أي لأنها
غلة. قوله: (ولا يحط عنه حصتها) أي بخلاف ما تقدم فإنه يحط عنه حصتها وبهذا ظهر لك صحة قول
الشارح ثم ذكر قسيم قوله وحط حصتها. قوله: (ورجع المشتري الخ) أي وحيث أخذت رجع الخ
حيث أبرت وأزهت وأما قبل ذلك فلا رجوع له بالمؤنة لأنه لم ينشأ عن عمله شئ ا ه‍ بن.
قوله: (بالمؤونة) أي بأجرته في خدمته للأصول والثمرة من سقي وتأبير وعلاج ولو زادت أجرة المؤونة على
قيمة الثمرة. قوله: (من سقي وعلاج) أي حصلا منه عند شرائها قبل يبسها والقول قوله فيما أنفق إن لم
يتبين كذبه. قوله: (لم تقسم أرضها المشتركة الخ) أي وليس المراد بأرضها الموضع الذي حفرت فيه.
قوله: (فالشفعة) أي ولو كان بئرا واحدة لا فناء لها ولا أرض غير التي تزرع بمائها. قوله: (له الشفعة)
أي لقياس ما قسم أرضها على التي لم تقسم أرضها (قوله مع القسم) أي قسم الأرض (قوله الواحدة)
أي التي لا تعدد فيها. قوله: (وإليه أشار بقوله الخ) أي إلى هذا التأويل وهو تأويل سحنون بالوفاق.
قوله: (أيضا) أي كما تؤولت على مخالفة العتبية. قوله: (فلا شفعة فيه) أي فإذا كان عرض أو طعام بين
اثنين باع أحدهما حصته لأجنبي فإن البيع يمضي للأجنبي وليس للشريك أن يأخذ منه بالشفعة إذ
لا شفعة له. قوله: (مشترك) أي كل من الكتابة والدين. قوله: (فلا شفعة لشريكه فيه) أي فيما ذكر من
الكتابة والدين ويحتمل أن المراد وكتابة باعها السيد ودين باعه صاحبه فلا شفعة فيه بمعنى أن
المكاتب لا يكون أحق بكتابته ولا المدين أحق بدينه. قوله: (نعم قيل الخ) قائله عج. وحاصل ما قاله
أن العرض أو الطعام إذا كان مشتركا وأراد أحد الشريكين أن يبيع حصته ووقفت في السوق على
ثمن فشريكه أحق بها لدفع ضرر الشركة لا للشفعة فإن فرض أنه باع لغير الشريك مضى البيع ما لم يحكم
للشريك حاكم بالشفعة يرى ذلك فقول المصنف أن الشريك أحق بما باعه شريكه أي بما أراد شريكه
بيعه. قوله: (لا للشفعة) أي لان الشفعة أخذ من يد المشتري وهذا أخذ من يد البائع. قوله: (وعلو على
سفل) أي لا شفعة لصاحب علو في سفل إذا باعه صاحبه وقوله وعكسه أي لا شفعة لصاحب سفل
في علو إذا باعه صاحبه لأجنبي. قوله: (لأنهما جاران) الأولى لشبههما بالجارين لان الجار حقيقة
من هو عن يمينك أو يسارك أو أمامك أو خلفك وهذا فوقه أو تحته فإطلاق الجار عليه مجاز ولم
يكتف المصنف عن هذه بقوله وجار لان شدة التصاق العلو بالسفل ربما يتوهم منه الشركة بينهما
وإن في ذلك الشفعة. قوله: (ولا زرع) مراده به ما يشمل البذر. قوله: (ولو بأرضه) أي هذا إذا بيع
مفردا بل ولو بيع مع أرضه ورد بلو على من قال أن فيه الشفعة إذا بيع مع أرضه تبعا لأرضه.
قوله: (ونحوها) أي كالنيلة. قوله: (إذ مراده الخ) علة لتمثيله للبقل بما ذكر. قوله: (ما عدا الزرع الخ) أي

481
أن مراده به كل ما يجز أصله سواء أخلف أم لا؟ كما أن مراده بالمقثأة كل ما يجني ويبقى أصله ليخلف غيره
كالقطن والبامية والقرع والبطيخ والقثاء والباذنجان. قوله: (أن البقل كذلك) فيه نظر لان البقل وإن
أخذ شيئا فشيئا إلا أنه يحصد من أصله ويخلف غيره بخلاف المقاثئ فإنها كالثمار تجني مع بقاء أصلها
والفول كذلك فإلحاق الفول الأخضر بالثمار دون البقول ظاهر لعدم الفارق في الأول ووجوده
في الثاني. قوله: (على أن الثمرة) أي على أن ثبوت الشفعة في الثمرة. قوله: (كما قال) أي الامام لقوله في كل
مسألة من مسائل الاستحسان إن هذا لشئ استحسنه وما أعلم أحدا قاله قبلي. قوله: (فلا يقاس الخ)
فيه أنه إنما استحسن الشفعة في الثمار والمقثأة لكونها تجني مع بقاء أصلها وهذا المعنى موجود في
الفول المذكور فإلحاقه بالثمار والمقثأة ظاهر ولا يحتاج القياس لنص من الامام وإلا كان قياس أهل
المذهب ما لم ينص عليه الامام على ما نص عليه غير صحيح فتأمل. قوله: (وهي ساحة الدار التي بين
بيوتها) أي المسماة بالحوش وسميت الفسحة المذكورة عرصة لتعرص الصبيان أي تفسحهم فيها.
قوله: (والمتبوع) أي للعرصة والممر هو البيوت وقد يكون الممر لجنان فيكون متبوعه الجنان.
قوله: (أو باعها وحدها) فيه نظر بل إذا باع حصة منها وحدها وجبت الشفعة كما نقله المواق عن
اللخمي قاله بن. قوله: (لأنها لما كانت تابعة الخ) أشار بهذا إلى أن العلة في عدم الشفعة في الممر إذا قسم
متبوعه كونه ليس مقصودا لذاته بل لغيره وهو متبوعه فلما سقطت في متبوعه سقطت فيه وأما
تعليل بعضهم بأنه لا يملك لكونه وقفا ففيه نظر لان الوقف إنما هو الممر العام وأما ممر جماعة خاصة
فهو مملوك لهم قطعا. قوله: (وهي البيوت المنقسمة) أي لصيرورة أهلها جيرانا. قوله: (ولا شفعة في
حيوان) أي آدمي أو غيره مشترك بين اثنين مثلا باع أحدهما حصته منه وأعاد هذا مع فهمه من قوله
لا عرض لأجل الاستثناء بعده. قوله: (إلا في كحائط) ينتفع به فيه كحرث أو سقي وأما الذي
لا ينتفع به فيه فلا شفعة فيه وقوله إلا في كحائط قال ابن غازي: لم أر من ذكر الشفعة في دابة الرحا
والمعصرة والمجبسة فانظر ما فائدة الكاف في المصنف. وأجاب اللقاني بأن الكاف استقصائية أي
أقصى ما يقال فيه بالشفعة من الحيوان حيوان الحائط لا تمثيلية لان حيوان الرحا والمعصرة والمجبسة
لا شفعة فيه أو يقال أن الكاف مدخلة للحيوان المعد للعمل في الحائط، وتقدير كلامه ولا شفعة في
حيوان إلا في كحيوان حائط أي إلا في حيوان حائط وما ماثله فحيوان الحائط ما يعمل فيه بالفعل،
والمماثل له هو المعد للعمل فيه، وأما الذي لا يحتاج للعمل فيه فلا ينسب إليه وحينئذ فلا شفعة فيه ولا
يكفي مجرد ظرفيته في الحائط. قوله: (نصيبه من الحائط) أي ومن الحيوان وكان الأولى ذكر ذلك.
قوله: (تبعا للحائط) أي فإذا وقع الشراء في الحائط بما فيه ثم حصل فيما فيه هلاك من الله ثم أراد الشريك
أن يأخذ بالشفعة ألزم الشفيع بجميع الثمن ولا يسقط لما هلك شئ ا ه‍ عبق. قوله: (فإن بيع منفردا)
أي فإن باع حصته من الحيوان منفردة عن حصته من الحائط فلا شفعة فيه عند ابن رشد وهو
الراجح وما نقله أبو محمد عن الموازية من الشفعة فهو ضعيف. قوله: (ولا في إرث) أي ولا شفعة لشريك
ميت على وارث في إرث. قوله: (لدخوله في ملك مالكه) أي وهو الوارث. قوله: (ولا في هبة) أي
ولا شفعة لشريك في هبة لشقص يملكه شريكه لآخر بلا ثواب. قوله: (وإلا فبه) أي وإلا ففيه
الشفعة به أي بالثواب أي بمثله إن كان مثليا أو قيمته إن كان مقوما هذا وكلام الشارح يقتضي أن
قول المصنف فيه بالباء الموحدة وفي بعض النسخ وإلا فيه بالمثناة التحتية أي وإلا فيه الشفعة.

482
قوله: (بعده) أي لكن لا يأخذ بالشفعة بالثواب إلا بعد لزومه لا قبله. قوله: (وذلك) أي اللزوم في
الثواب المعين بتعيينه الخ، فمتى كان الثواب معينا أخذ به الشفيع بمجرد تعيينه وإن لم يدفع، وإن كان
غير معين فلا يأخذ به الشفيع إلا إذا دفع أو حكم به. قوله: (ولا في بيع خيار) أي ولا شفعة في شقص
بيع على الخيار لبائع أو مشتر أولهما أو لأجنبي لأنه غير لازم. قوله: (أي لزومه) أي بمضي زمن الخيار
أو بيت من له الخيار قبل مضي زمن الخيار، واختلف هل الخيار الحكمي وهو خيار النقيصة كالشرطي
أولا، فإذا رد المشتري بعد اطلاعه على العيب فله الشفعة عند ابن القاسم بناء على أن الرد بالعيب ابتداء
بيع ولا شفعة له عند أشهب بناء على أن الرد بالعيب نقض المبيع. قوله: (أي لمشتري المبيع بالخيار) أي
المفهوم من المقام لا لمشتري الخيار المتبادر كما هو المتبادر من كلامه لان الخيار لا يشتري. قوله: (إن باع
المالك داره مثلا نصفين الخ) يعلم من هذا أن موضوع المسألة اتحاد بائع الخيار والبتل ومثله إذا لم يتحدا كما
لو كانت دار بين شخصين فباع أحدهما حصته لأجنبي بالخيار ثم باع الشريك الثاني حصته بتلا
وأمضى من له الخيار فله الشفعة فيما بيع بتلا بناء على أن بيع الخيار منعقد لان المشتري بتلا
تجدد ملكه فيؤخذ منه. قوله: (فأمضى بيع الخيار) مفهومه أنه لو رد فلا يكون الحكم كذلك والحكم
أن الشفعة لبائع الخيار فيما بيع بتلا حيث كان بائع الخيار غير بائع البتل لان بائع الخيار منحل على المذهب
والمبيع في زمن الخيار على ملك البائع فإن كان بائع الخيار هو بائع البتل لم يكن له شفعة فيما باعه بتلا.
قوله: (منعقد) أي فالملك للمشتري زمن الخيار إلا أن البيع غير لازم والامضاء يقرره ويصيره لازما.
قوله: (وأما على أنه منحل) أي فالمبيع على ملك البائع والامضاء ابتداء للبيع لا تقرير له. قوله: (ولا شفعة في
بيع فسد) يعني إذا باع أحد الشريكين حصته بيعا فاسدا فلا شفعة لشريكه فيها لان ذلك البيع مفسوخ
شرعا فالشقص لم ينتقل عن ملك بائعه فلو أخذ الشفيع من المشتري بالشفعة وعلم الفساد بعد أخذ
الشفيع فسخ بيع الشفعة والبيع الأول لان المبني على الفاسد فاسد. قوله: (إلا أن يفوت) أي المبيع
بيعا فاسدا عند المشتري فإن فات عنده كان للشفيع الاخذ بما لزم المشتري وهو القيمة إن كان الفساد
متفقا عليه والثمن إن كان الفساد مختلفا فيه والفوات هنا بغير حوالة الأسواق كتغير الذات بالهدم
وكالبيع من غير علم الشفيع وأما حوالة الأسواق فلا تفيت الرباع وقوله إلا أن يفوت المتفق
على فساده أي وكذا المختلف في فساده ببيع صحيح. وحاصله أن محل كون الشفيع يأخذ من
المشتري بقيمة الشقص إذا كان متفقا على فساد البيع وفات عنده ويؤخذ منه بالثمن إذا كان
مختلفا في فساده إذا كان الفوات بغير بيع صحيح، فإن حصل من المشتري شراء فاسدا بيع صحيح
فإن للشفيع أن يأخذ من المشتري الثاني بما دفعه من الثمن سواء كان البيع الأول متفقا على فساده أو مختلفا
فيه وسواء وجد عند المشتري الأول مفوت قبل ذلك البيع الصحيح أم لا فلا يلتفت للفوات
قبله. قوله: (فالشفيع بالخيار بين أخذه بالثمن الصحيح والقيمة في الفاسد) هذا في المتفق على فساده وأما
إذا قام الشفيع بعد أن دفع المشتري الأول الثمن في المختلف فيه خير بين أن يأخذ بالثمن الأول أو الثاني
ا ه‍ عدوي. قوله: (وتنازع) عطف على عرض وهو على حذف مضاف أي لا شفعة في عرض ولا في عقار

483
ذي تنازع في سبق ملكه كما لو كان يملك دار فباع نصفها لزيد ونصفها لعمرو وتنازع فادعى كل منهما
سبق ملكه على ملك الآخر يريد أن يأخذ منه بالشفعة، فلا شفعة لأحدهما على الآخر إن حلف كل
منهما على دعواه أو نكلا. قوله: (وكذا ان طلبها) أي إن طلب الشفيع القسمة ولم تحصل بالفعل
(قوله على الأرجح) هذا قول أبى القسم الجزيري ومن وافقه من الموثقين ومقابله أنه لا يسقطها إلا
مقاسمة الشفيع للمشتري بالفعل وهو ما في النوادر وهو المعتمد كما في ح اه‍ عدوي قوله: (فتسقط
شفعته) أي ولو كان شراؤه منه جهلا بحكم الشفعة فلا يعذر بالجهل كما في ح عن ابن كوثر وكما في تت عن
الذخيرة. إن قلت: إن الشفيع المشتري للشقص قد ملكه بالشراء كما يملكه بالشفعة فما معنى سقوطها؟
قلت: تظهر فائدة سقوط الشفعة فيما إذا اختلف الثمن الذي أخذ به المشتري والذي أخذ به الشفيع
قدرا كما لو كان البائع باع الشقص بمائة ثم اشتراه الشفيع من المشتري بمائة وخمسين فليس له أن يرجع
على بائعه ويأخذ منه بالشفعة بالمائة التي هي ثمن الشفعة وتظهر أيضا فيما إذا اشترى الشفيع من المشتري
بغير جنس الثمن الأول فليس له أن يرجع عليه ويغرم له من جنس الثمن الأول قوله: (أو ساوم
الشفيع المشتري) أي في الشقص الذي يأخذه بالشفعة ما لم يرد بالمساومة الشراء بأقل من ثمن الشفعة
وإلا فلا تسقط الشفعة بالمساومة ويحلف كما في التوضيح انظر بن. قوله: (بأن جعل نفسه مساقيا الخ)
أي فتسقط الشفعة لدلالة الجعل المذكور على رضاه بترك الاخذ بالشفعة، وأما دفع الشفيع حصته مساقاة
للمشتري فلا يسقط الشفعة لعدم دلالته على الرضا بالترك. قوله: (أو استأجر) أي وكذا إذا دعا الشفيع
المشتري لاستئجارها منه ولم يحصل استئجار بالفعل. قوله: (وباع الشفيع حصته) أي التي يشفع بها
فتسقط شفعة الشفيع ويصير للمشتري الأول الشفعة على المشتري الثاني، ثم إن ظاهر المصنف سقوطها
ببيع حصته ولو فاسدا وقد رد المبيع على الشفيع وليس كذلك بل الظاهر أن له الشفعة إذا ردت عليه
حصته في بيع فاسد كما له ذلك إذا باع حصته بالخيار ورد من له الخيار ورد من له الخيار البيع انظر بن، ثم المراد بقوله
أو باع حصته أي كلها فان باع بعضها لم تسقط شفعته، واختلف هل له شفعة بقدر ما بقي وهو كالصريح
في المدونة أوله الكامل واختاره اللخمي وغيره؟ والمعتمد الأول، فقوله الآتي وهي على الأنصباء أي
يوم قيام الشفيع لا يوم شراء الأجنبي ومحل هذا الخلاف إذا تعدد الشركاء كثلاثة شركاء في دار
لكل واحد ثلثها باع أحدهم نصيبه ثم باع الثاني النصف من نصيبه فيختلف هل يشفع هذا الثاني فيما
باعه الأول بقدر ما باع وما بقي له أو بقدر ما بقي له فقط؟ وأما لو لم يكن معه شريك آخر فإنه يشفع للجميع
ولا يظهر فيه وجه للخلاف، وظاهر كلام المصنف سقوط الشفعة ببيع حصته ولو غير عالم ببيع شريكه
وهو ظاهر المدونة، وذكر في البيان من رواية عيسى عن ابن القاسم إنما تسقط إذا باع عالما ببيع شريكه
فان باع غير عالم ببيعه فلا تسقط شفعته قال وهو أظهر الأقوال. قوله: (أو سكت) أي عن القيام بالشفعة
قوله: (مع علمه بهدم أو بناء) أي ولو كان كل منهما يسيرا. قوله: (ولو لاصلاح) أي ولو كان كل من الأوليين
لاصلاح فليست كمسألة الحيازة فإنه لا يفيت العقار على مالكه إذا سكت مدتها إلا لهدم والبناء لغير
إصلاح. قوله: (أي كتب شهادته) أي بأن البائع باع للمشتري من غير تصريح باسقاط شفعته. قوله: (لم
يعول على مجرد الحضور) بل يقول إذا حضر العقد ولم يكتب شهادته فلا تسقط شفعته بمضي شهرين
بل بمضي سنة إذا كان حاضرا في البلد فلما كان ابن رشد لم يعول على مجرد الحضور وإنما عول على كتابة
الشهادة احتيج للتأويل في كلام المصنف ليوافق ما قاله ابن رشد. قوله: (وإلا بأن لم يكتب شهادته)
سواء حضر مجل العقد أم لا. قوله: (بحضوره) أي في البلد ساكتا عن القيام بشفعته وقوله سنة أي

484
ولا يشترط الزيادة عليها فمتى مضت السنة وهو حاضر في البلد ساكت بلا مانع فلا شفعة له. قوله: (كشهر)
أدخلت الكاف الشهرين والثلاثة على ما قاله ابن الهندي. والحاصل أن المدونة صرحت بأن الشفعة
إنما تسقط بمضي السنة وما قاربها فاختلف فيما قاربها على أقوال: فقيل شهر وقيل شهران وقيل ثلاثة،
واعلم أن ما ذكر من سقوط الشفعة بمضي المدتين المذكورتين أعني الشهرين أو السنة أو بمضي السنة
وما قاربها مطلقا محله إذا كان السكوت من بالغ عاقل رشيدا وولي سفيه أو صغير حاضر في البلد عالم
بالبيع لم يمنعه من القيام مانع، وأما لو كان من صبي أو سفيه مهمل كان له إذا رشد الاخذ بالشفعة حيث
كان غنيا وقت القيام، وهل يشترط كونه غنيا وقت البيع أيضا أو لا يشترط؟ فيه خلاف، ومثله الغائب
فله أن يأخذ بها إذا قدم ولو طالبت غيبته بل يعتبر له سنة وما قاربها بعد قدومه، وعلى الاشتراط فهل
يشترط ملاؤه وقت البيع فقط أو داخل السنة؟ قولان، فإن كان حاضرا غير عالم ببيع الشريك أو
حاضرا عالما به لكن ترك القيام لمانع لم تسقط شفعته وتستأنف له المدة وهي السنة وما قاربها مطلقا
على المعتمد أو الشهران والسنة على ما قاله المصنف من وقت علمه ومن وقت زوال المانع له من القيام.
قوله: (كأن علم فغاب) أي فكالحاضر في البلد فتسقط شفعته بمضي شهرين إن كتب شهادته وإلا فسنة
على ما تقدم للمصنف من التفصيل، والمعتمد أنه حيث كان كالحاضر فلا تسقط شفعته إلا بمضي السنة
وما قاربها، كتب شهادته أم لا. قوله: (فإنه يبقى على شفعته ولو طال الزمن) فإذا قدم بعد الطول حلف
أنه باق على شفعته وأخذ بها كما قال المصنف. قوله: (إن شهدت الخ) أي وإنما يقبل قوله أنه عيق قهرا
عنه إن شهدت الخ. قوله: (وحلف) أي مع البينة الشاهدة بحصول عذر له عاقه عن الحضور أو لقرينة
الدالة على ذلك، هذا وما ذكره الشارح من رجوع قوله وحلف إن بعد لقوله إلا أن يظن الأوبة
فعيق لم يرتضه ح لأنه يصير قوله إن بعد لا معنى له لأنه إذا غاب بعد البيع فظن الأوبة قبل فعيق
ثم قدم بعدها فإنه يحلف مطلقا كان قدومه بعدها بقرب أو بعد، والذي ارتضاه رجوعه لمفهوم
قوله: وإلا سنة أي وإن لم يسكت سنة بل قام قبل السنة ولكن بعدما بين العقد وقيامه لم تسقط شفعته،
لكن لا يمكن منها حتى يحلف، وحد البعد في ذلك أربعة أشهر ونحوها عند ابن رشد، وكذا إن كتب
شهادته وقام بعد العشرة الأيام ونحوها فقال ابن رشد أيضا لا يمكن منها حتى يحلف، ويؤخذ منه
أنه إذا غاب بعد البيع وظن الأوبة قبل المدة ثم عيق وقدم بعدها بقرب أو بعد أنه يحلف
بالأولى انظر بن. قوله: (مطلقا) أي كتب شهادته في الوثيقة أم لا. قوله: (وعليه فلا يحلف الخ)
أي لأنه كالحاضر كما قال المصنف، وقد علمت أن الحاضر لا تسقط شفعته إلا بمضي سنة وما زاد
عليها على المعتمد، فكذلك من علم بالبيع فغاب فلا تسقط شفعته إلا بمضي سنة وما زاد عليها إلا
أن يظن الأوبة فعيق وأتى بعد السنة وشهرين بأيام كثيرة فإنه يحلف أنه باق على شفعته،
قوله: (فلا يحلف المسافر) أي الذي علم بالبيع فغاب، وأما الغائب وقت البيع فقد علمت حكمه، وقوله: إلا
إذا زادت أي غيبته وقوله زيادة بينة أي كجمعة، وقوله فإن قدم بعدها أي بعد السنة. قوله: (بأيام
قليلة) أي كاليومين كما في عبق. قوله: (إن أنكر الخ) أي إن أنكر بعد قدومه علمه بالبيع قبل
سفره لان الأصل عدم العلم وحينئذ فله الاخذ بالشفعة وله سنة وما قاربها بعد العلم، وقوله: إن
أنكر الخ مفهومه أنه لو علم بالبيع وادعى جهل الاخذ بالشفعة فلا يعذر وتسقط بمضي السنة
وما قاربها. قوله: (لا إن غاب الشفيع) أي عن محل الشقص. قوله: (ولو غاب سنين كثيرة)
أي ولو علم بالبيع في غيبته، وظاهره قرب محل الغيبة أو بعد، وهو ظاهر قول ابن القاسم.

485
قوله: (أو يحصل أمر مما تقدم) أي المشار له بقوله: وسقطت إن قاسم الخ. قوله: (أو أسقط لكذب في
الثمن) مثل الاسقاط سكوته من غير أخذ وتسليمه للمشتري لما ذكر من الكذب. قوله: (أو أجنبي)
أي له بهما علقة كالسمسار وكذا أجنبي لا علقة له بهما. قوله: (أو أسقط لكذب في المشترى) هذا
ظاهر فيما إذا أخبر بأن شريكه باع بعض حصته فأجاز الشراء وأسقط شفعته فتبين أنه باع الكل،
وأما لو أخبر أن شريكه باع الكل فأجاز الشراء وأسقط شفعته ثم علم أن شريكه باع نصف حصته
فقط فأراد الاخذ وقال: إنما سلمت لعدم قدرتي على أخذ الجميع، فظاهر المصنف أن له الاخذ ولا
تسقط شفعته، لكن الذي نقله صاحب الاستغناء عن أشهب سقوط الشفعة في هذا، وأنه ليس
للشريك الاخذ في تلك الصورة لان إسلام الجميع ليس كإسلام النصف، ونقله أيضا في تكميل
التقييد اه‍. بن. قوله: (أو في الشخص) أي أو أسقط لكذب في الشخص المشترى بأن قيل له: إن
شريكك باع حصته لزيد صاحبك فأسقط شفعته فتبين أنه باعها لعمرو عدوه. قوله: (أو انفراده)
أي أو أسقط لكذب في انفراده كما لو قيل له: إن شريكك باع حصته لفلان وحده فأسقط شفعته
فتبين أنه باعها لجماعة فلان وغيره. قوله: (أو أسقط وصي أو أب بلا نظر) نحوه في الوثائق المجموعة،
وظاهر المدونة أن الشفعة تسقط إذا أسقطها الأب أو الوصي. ولو كان الاسقاط بلا نظر، قال
أبو الحسن: وبه قال أبو عمران وسبب الخلاف هل الشفعة استحقاق أو بمنزلة الشراء؟ فعلى الأول
لهما الاخذ بعد اسقاطها، وعلى الثاني لا أخذ لهما إذ لا يلزم الوصي إلا حفظ مال المحجور لا تنميته انظر ح
اه‍. بن. قوله: (وثبت إن فعل من ذكر) أي وثبت أن اسقاط الأب والوصي لم يكن لنظر. قوله: (فله) أي
لمن ذكر من الأب والوصي الحاصل منهما الاسقاط لغير نظر أن يأخذ بعد إسقاطه بالشفعة لمحجوره.
قوله: (فلا يحمل عليه) أي على النظر. وقوله عنده أي عند الجهل لكثرة اشتغاله لا لطعن فيه. قوله: (أو
وصي) أي أو مقدم قاض. قوله: (ولا بد الخ) فيه أنه قد مر أنهما محمولان على النظر عند جهل الحال، وإذا
كان كذلك فلا يحتاج لرفعهما، وأجيب بأن قولهم أنهما محمولان على النظر محله ما لم يحصل اتهام كما هنا
وإلا فلا يحملان على النظر، قاله شيخنا. قوله: (لاحتمال أخذه برخص) أي لاحتمال بيعه لحصة المحجور
برخص لأجل أن يأخذها لنفسه برخص فإن ظهر ذلك للحاكم رد البيع من أصله. قوله: (أو أنكر)
عطف على أن قاسم أي أو أنكر أي المدعى عليه أنه مشتر فتسميته مشتريا مجاز لان الفرض أنه منكر
للشراء يعني أنه إذا كان عقار بين اثنين فادعى أحدهما أنه باع حصته لزيد الأجنبي، وادعى ذلك
الأجنبي أنه لم يشتر فإنه لا شفعة للشريك إذا حلف الأجنبي أنه لم يشتر لان الاخذ بالشفعة لا يكون
إلا بعد ثبوت الملك للمشتري والحال أنه منكر للشراء فلا شفعة للشفيع عليه ولا يلزم من إقرار
البائع بالبيع ثبوت الشراء لانكار المشترى له، والقول لمنكر العقد إجماع بيمنيه لان الأصل عدمه،
فإن نكل المشتري عن اليمين والفرض إن البائع مقر بالبيع حلف البائع وثبت البيع والشفعة فإن
نكل البائع أيضا فإنهما يتفاسخان. قوله: (وهي على الأنصباء) لا فرق بين كون الشقص المشفوع
فيه يقبل القسمة أولا كما هو ظاهر المصنف وهو المذهب، لأنه ظاهر المدونة والموطأ،
ومقابل المذهب ما قاله اللخمي أنهما على الأنصباء فيما يقبل القسمة وعلى الرؤوس فيما لا يقبلها وهو

486
ضعيف هذا، والمعتبر في الأنصباء يوم قيام الشفيع كما هو صريح المدونة لا يوم شراء الأجنبي كما
قاله اللخمي، وتظهر ثمرة الخلاف فيما إذا باع واحد من مستحقي الشفعة بعض نصيبه بعد وقوع الشراء
وقبل قيام الشفيع كما إذا كانت دار بين ثلاثة أثلاثا فباع أحدهما حصته بتمامها ثم بعد بيعه وقبل
قيام الشفيع باع ثانيهم نصف حصته فهل يشترك الثاني والثالث في أخذ الثلث المبيع أولا بالشفعة
نظرا لنصيب كل يوم وقع التبايع في الثلث المبيع أولا وهو ما قاله اللخمي أو أن من باع نصف نصيبه
له الثلث بالشفعة ومن لم يبع له الثلثان نظرا لنصيب كل يوم القيام وهو المعتمد. قوله: (لا على الرؤوس) أي
لان فيه غبنا على ذي النصيب الكثير بمساواة ذي النصيب اليسير له. قوله: (لصاحب النصف ثلاثة)
أي ولصاحب السدس سهم واحد. قوله: (لصاحب الثلث اثنان) أي ولصاحب السدس واحد
وحينئذ فيصير بيد صاحب الثلث من العقار ثلثاه أربعة أسداس ولصاحب السدس ثلث العقار
سدسان. قوله: (وفي نسخة للشفيع) أي ومعناهما واحد. قوله: (وترك للشريك حصته) أي بما
يخصها من الثمن الذي اشترى به. قوله: (لصاحب السدس الخ) أي وإن باع صاحب النصف لصاحب
الثلث أخذ منه صاحب السدس سهما وترك له سهمين بما يخصهما من الثمن الذي اشترى به، وإن
باع صاحب السدس حصته لصاحب النصف أخذ منه صاحب الثلث سهمين وترك له ثلاثة أسهم
لما يخصها من الثمن الذي اشترى به، وإن باع لصاحب الثلث أبقى له صاحب النصف سهمين وأخذ
منه ثلاثة. قوله: (وترك له سهما) أي بما يخصه من الثمن الذي اشترى به. قوله: (وطولب الشفيع) أي
عند الحاكم. وقوله بالأخذ أي أو بالاسقاط، فإن أجاب بواحد منهما فظاهر وإلا أسقط الحاكم
شفعته. قوله: (لأنه اسقاط لشئ قبل وجوبه) أي قبل ثبوته وتحققه. قوله: (وله نقض وقف
أحدثه المشتري) أي في الشقص، وإذا نقضه ورد الثمن للمشتري فعلى المشترى به ما شاء، وأما الأنقاض
فقد تردد فيها عبق هل يجري فيها التفصيل بين علم المشترى بالشفيع وعدمه؟ فإن علم به جعلت في
وقف آخر وإلا فلا، أو يقال: إنه يفعل بها ما شاء كالثمن وإن علم بالشفيع لأنه لما علم به دخل على أن
الوقف يستمر لقيامه فيملكه المشتري بعد قيام الشفيع وهذا الثاني هو ما جزم به بن فانظره. قوله: (شفيعه)
أي شفيع الشقص. قوله: (أي أن له شفيعا) أي وإن لم يعلم عينه. قوله: (فإن لم يعلم الخ) إن قلت: كيف يتصور
أن يشتري شقصا ولا يعلم أن له شفيعا؟ قلت: يتصور ذلك فيما إذا اعتقد أن بائعه حصل بينه وبين شريكه
قسمة وأنه باع ما حصل له بها أو اعتقد أن بائعه يملك النصف الآخر، وكذا يتصور في مسألة المصنف
الآتية في قوله: لا إن وهب دارا فاستحق نصفها. قوله: (المأخوذ بالشفعة) أي الذي يدفعه المستحق. قوله: (ولا
المتصدق عليه) أي لان المشترى الواهب لم يعلم أن له شفيعا وهذه المسألة محترز العلم في المسألة السابقة
كما هو عادة المصنف من عطف محترزات القيود عليها ويكون صرح بمفهوم الشرط لخفاء تصوره. قوله: (بلا
إشكال) أي لأنه إذا لم يكن للموهوب ثمن النصف الذي هو ملك للواهب، فأولى أن لا يكون له ثمن
النصف الذي تبين أنه ليس ملكا للواهب. قوله: (بأحد أمور ثلاثة) أي فعلى هذا إذا باع الشفيع

487
الشقص قبل أن يأخذه بواحد من هذه الأمور الثلاثة كان بيعه باطلا. قوله: (للمشتري) أي وإن لم
يرض المشترى به. قوله: (أو إشهاد بالأخذ) أي بالشفعة، وأما الاشهاد بأنه باق على شفعته فلا يملكه
بذلك سواء أشهد بذلك خفية أو جهرا، فلو أشهد أنه باق على شفعته ثم سكت حتى جاوز الأمد المسقط
حق الحاضر ثم قال يطلبها فلا ينفعه ذلك وتسقط شفعته كما لأبي عمران العبدوسي. قوله: (ولو في غيبة
المشتري) أي عند ابن عرفة خلافا لابن عبد السلام حيث قيد كون الاشهاد بحضرة المشترى ولا
يعرف ذلك لغيره، ولعل هذا الخلاف مخرج على الخلاف في أن الشفعة شراء أو استحقاق، فكلام
ابن عرفة على الثاني وكلام ابن عبد السلام على الأول. قوله: (فلا يملك لذلك) بل إن لم يأخذ بالشفعة حالا أو
يسقطها حالا حكم الحاكم بإسقاطها. وحاصله أن المشتري إذا رفع الامر للحاكم وأحضر الشفيع وقال
له: إما أن تأخذ هذا الشقص الذي اشتريته أو تسقط شفعتك فقال: أمهلوني حتى أتروى في الاخذ
وعدمه فإنه لا يمهل ويستعجل بالأخذ حالا أو الاسقاط حالا، فإن لم يأخذ حالا أو يترك حالا حكم
الحاكم بإسقاط شفعته. قوله: (أي قصد النظر الخ) أي أن المشترى إذا طلب الشفيع بالأخذ أو
الترك فقال: أمهلوني حتى أنظر الشقص المبيع فإنه لا يمهل بل يستعجل، فإما أن يأخذ حالا أو يسقط
شفعته حالا، فإن لم يأخذ بالشفعة حالا ولم يسقطها حالا حكم الحاكم بإسقاط شفعته. قوله: (إلا كساعة)
أي فإنه يمهل حتى ينظر إليه بعد مدة المسافة. قوله: (الساعة الفلكية) أي وهي خمس عشرة درجة
لا الزمانية التي تختلف باختلاف الزمان من مساواة الفلكية تارة أو نقص أو زيادة عنها تارة
أخرى. قوله: (لا أكثر) أي لا إن كان بين محل الشفيع ومحل الشقص أكثر من ساعة. قوله: (لأنه مخالف
للنقل) أي لان النقل أن مدة النظر والإحاطة بمعرفته بعد مدة المسافة وهي الساعة ومدة النظر بقدر
حال المنظور فيه فلا تحد بساعة. قوله: (بقدر ذلك) أي بقدر مدة المسافة
ومدة النظر لا أنه يمهل ساعة ومدة النظر. قوله: (والاستثناء راجع لقوله أو نظرا فقط) أي كما قال ح والبساطي وقوله لا لما قبله
أي أيضا كما قال ابن غازي إذ لا إمهال في المسألة الأولى أصلا. قوله: (وهذا كله) أي استعجاله إذا
طلب ارتياء أو طلب النظر إليه. قوله: (ولزم الشفيع الاخذ بالشفعة) أي ولا ينفعه رجوعه وهذا
أي لزوم الاخذ داخل تحت قوله سابقا: أو إشهاد، وصرح به هنا لبيان شرطه وهو قوله وعرف الثمن
لان الواو في قوله وعرف الثمن واو الحال وهي قيد في العامل، وبالجملة فما تقدم مجمل وما هنا مفصل،
والحاصل أن الشفيع إذا قال بعد شراء المشترى: اشهدوا أني أخذت بالشفعة فإنه يلزمه ذلك الاخذ
ولا ينفعه رجوعه إن كان يعرف الثمن الذي اشترى به المشترى الشقص من الشريك. قوله: (فالأخذ
صحيح) أي بناء على أن الاخذ بالشفعة استحقاق، وقوله وقيل بل فاسد أي بناء على أن الاخذ بالشفعة
شراء. قوله: (لان الاخذ بالشفعة ابتداء) أي قبل معرفته الثمن. وقوله فيرد أي فيجبر الشفيع على رده
للمشتري ولا يلزمه ذلك الاخذ. قوله: (وإذا لزم الخ) أشار الشارح بهذا إلى أن الفاء في قول المصنف
فبيع الخ واقعة في جواب شرط مقدر، وأشار بقوله: أي يبيع الحاكم إلى أن الماضي بمعنى المضارع

488
لان جواب الشرط يجب أن يكون مستقبلا. قوله: (ولو الشقص المشفوع فيه) أي فإن أراد المشتري
أخذ الشقص حيث لزم بيعه للثمن فله ذلك ويقدم على غيره. قوله: (للاستقصاء في الأثمان) فيه أن
التأجيل ليس للاستقصاء في الثمن بل لاحضار الثمن، فالأولى أن يقول: لكن بعد التأجيل ينظر
الحاكم لاحضار الثمن. قوله: (ما هو الأولى) أي سواء كان الشقص أو غيره. قوله: (ولزم المشترى ذلك) أي
شراء الشفيع هذا ظاهره، والأولى أن يقول: ولزم المشترى تسليم الحصة للشفيع إن سلم للشفيع الاخذ
قوله: (أخذت) أي الشقص بالشفعة، وقوله وأنا سلمت أي الشقص لك بالشفعة، وحاصل ما في المقام
أن المسائل ثلاث: إحداها: أن يقول الشفيع أخذت وقد عرف الثمن وسلم المشترى له الاخذ فيلزم
المشترى أن يسلم الشقص للشفيع ولا رجوع لواحد منهما، ثم إن أتى الشفيع بالثمن فلا كلام وإن لم
يأت به فإن الحاكم يؤجله ثم يبيع من ماله بقدر الثمن. الثانية: أن يقول الشفيع: أخذت مع معرفته للثمن
ويسكت المشترى فإن أتى الشفيع، بالثمن أجبر المشتري على أخذه وإن لم يأت الشفيع بالثمن فإن
الحاكم يؤجله باجتهاده، فإن مضى الاجل ولم يأت به فله أن يبقى على طلب الثمن فيباع له من مال الشفيع
بقدره وله أن يبطل أخذ الشفيع ويبقى الشقص لنفسه. الثالثة: أن يقول الشفيع: أخذت ويأبى
المشتري ذلك فإن عجل الشفيع الثمن أجبر على أخذه وإن لم يعجله أبطل الحاكم شفعته من غير تأجيل في
هذه حيث أراد المشترى ذلك وله أن يرضى باتباعه بالثمن فيباع له ولو للشقص. قوله: (فإن سكت فله
نقضه) أي إن لم يأت الشفيع بالثمن بعد التأجيل باجتهاد الحاكم وله البقاء على أخذ الثمن فيباع
من ماله ولو الشقص لتوفية الثمن، فقوله فبيع للثمن يتفرع أيضا على سكوت المشترى كما فرعه على
تسليمه وتقديمه على هذا يوهم أنها ليست كذلك، مع أنها كذلك، قوله: (فإن أبطله) أي فإن أراد المشتري
إبطال الاخذ بالشفعة بأن قال بعد قول الشفيع أخذت بالشفعة لا أسلم لك فيه. قوله: (فإن عجل) أي الشفيع
للمشتري الثمن. قوله: (مع التأجيل بالاجتهاد) هذا إنما يظهر عند سكوت المشترى لا عند ابائه لما
علمت أنه لا تأجيل في تلك الحالة فتأمل. قوله: (ففائدة السكوت) أي فالفائدة المترتبة على السكوت
وعلى المنع ابتداء أي وعلى منع المشتري للشفيع في ابتداء أخذه بالشفعة، وقوله أن له أي للمشتري
النقض أي نقض الاخذ بالشفعة بخلاف ما إذا سلم له ابتداء فإنه ليس له نقض شفعته. قوله: (وإن قال الخ)
حاصله إنه إذا قال الشفيع: أنا آخذ بالشفعة بصيغة اسم الفاعل أو المضارع فإن سلم له المشتري
ذلك الاخذ فالحكم أنه إن عجل ذلك الشفيع الثمن فلا كلام في أخذه، وإن لم يعجله أجل ثلاثا لاحضار
النقد، فإن أتى به فيها أو بعدها فالامر ظاهر وإلا سقطت شفعته، وهذا هو المراد بقول المصنف: وإن قال
الخ أي إن قال: أنا آخذ والحال أن المشتري سلم له الاخذ أجل ثلاثا أي إن لم يعجل، وأما إن سكت
المشترى أو أبى فإن عجل الشفيع الثمن أخذه المشترى جبرا وإلا بطلت شفعته حالا فيهما ورجع الشقص
للمشترى. قوله: (وإن اتحدت الصفقة الخ) من لوازم اتحادها اتحاد الثمن وإلا لم تكن الصفقة واحدة،
قوله: (واتحد المشترى) أي وكذلك الشفيع. قوله: (أي إذا امتنع المشتري من ذلك) أي من التبعيض وإنما لم

489
يجب الشفيع للتبعيض إذا طلبه وامتنع المشتري منه لان المشتري قد يكون عرضه في الجميع ومنه
ما يأخذه الشفيع. قوله: (غير معتبر) أي بل لو كانت الحصة واحدة وأراد الشفيع أخذ بعضها
بالشفعة لم يجبر المشتري على التبعيض وكذلك إذا تعددت الحصص وكان بائعها واحدا كما لو كانت
دار وحانوت وبستان شركة بين اثنين وباع أحدهما حصته في الثلاثة لأجنبي فليس للشفيع أن يأخذ
البعض بالشفعة دون البعض إلا إذا رضي المشتري. قوله: (كتعدد المشتري) أي كعدم التبعيض في حال
تعدد المشتري. قوله: (أي إذا وقع الشراء لجماعة) كما لو باع أحد الشريكين نصف الدار مثلا لثلاثة كل
واحد باع له سدسا وكان البيع للثلاثة صفقة واحدة بمائة. قوله: (ومقابل الأصح) أي وهو القول بالتبعيض
لأشهب وسحنون. قوله: (صحح) أي فقد اختاره اللخمي والتونسي وقال ابن شاس أنه الأصح لان
المأخوذ من يده لم تبعض عليه صفقة وقوله أيضا أي كما صحح الأول بأنه مذهب ابن القاسم في المدونة
ولقوة ذلك المقابل اعتنى المصنف بالرد عليه وأشار لأصل صحة ذلك المقابل بأفعل التفضيل فاندفع
اعتراض ابن غازي حيث قال أنه يستغني عن قوله على الأصح باقتصاره على مذهب المدونة.
قوله: (وكأن أسقط بعضهم أي الشفعاء حقه من الاخذ) أي قبل أن يأخذ الباقون بشفعتهم كما لو كانت
الدار مشتركة بين ثلاثة أثلاثا فباع واحد حصته لأجنبي وأسقط الثاني حقه من الاخذ بالشفعة قبل
أن يأخذ الثالث فيقال للثالث إما أن تأخذ الثلث المبيع بتمامه أو تتركه للمشتري بتمامه وليس له أن
يأخذ نصفه فقط إلا إذا رضي المشتري. فقوله إما أن تأخذ الجميع أي جميع الشقص. قوله: (أو غاب البعض)
أي بعض الشفعاء قبل أخذه أي أنه إذا كان بعضهم حاضرا وبعضهم غائبا وأراد الحاضر أن يأخذ
حصته فقط بالشفعة ويترك الباقي فليس له ذلك وإنما له أن يأخذ جميع الشقص أو يترك جميعه
للمشتري فإن قامت ما ذكره المصنف هنا مناف لقوله سابقا وهي على الأنصباء لان مقتضاه أنه إذا أسقط
أحد الشفعاء شفعته قبل أن يأخذ الباقي كان لغيره أن يأخذ حصته فقط بالشفعة، وكذا إذا غاب
بعضهم فلمن حضر أن يأخذ قدر حصته فقط. قلت لا منافاة لأنها بآخرة الامر على انصبائهم
وأما لان ما مر مخصوص بما إذا حضر جميع الشركاء ولم يحصل اسقاط من أحدهم بدليل ما هنا.
قوله: (لم يجبر المشتري على ذلك) أي بل له أن يقول لمن أراد الاخذ بالشفعة إما أن تأخذ
الجميع أو تترك الجميع. قوله: (والصغير كالغائب) فإذا كانت الدار الثلاثة أثلاثا أحدهم
صغير وباع أحد الكبيرين حصته وأراد الكبير من الشفيعين أن يأخذ من المشتري بالشفعة
حصته في الشقص فقط فلا يجبر المشتري على ذلك بل له أن يقول الشفيع إما أن تأخذ الجميع
أو تترك الجميع وإذا أخذ الجميع كان للصغير إذا باع أخذ حصته من ملك الشفيع مثل ما لو كان
أحد الشفيعين غائبا وأخذ الحاضر جميع الشقص وقدم شريكه الغائب. قوله: (أو أراده) كما إذا
اشترى شقصا شفعاؤه غيب إلا واحدا منهم فإنه حاضر فأراد أن يأخذ جميع الشقص فمنعه المشتري
وقال له لا تأخذ إلا بقدر حصتك فالقول قول ذلك الشفيع الحاضر في أخذ جميع الشقص إلى
أن يقدم أصحابه. قوله: (أي قدم من سفره) أي وليس المراد ولمن كان حاضرا لأنه يأخذ الجميع
كما مر وقوله حصته أي في الشقص المأخوذ. قوله: (وهكذا) فإذا كانت دار لأربعة لواحد نصفها
اثنا عشر قيراطا ولآخر ربعها ستة قراريط ولآخر ثمنها ثلاثة ولآخر ثمنها أيضا ثلاثة

490
فباع صاحب النصف لأجنبي مع حضور صاحب الثمن فأخذ صاحب الثمن ذلك النصف بالشفعة
ثم قدم صاحب الربع فإن المأخوذ يقسم بينه وبين الذي قبله على الثلث والثلثين، لصاحب الربع
ثمانية، ولصاحب الثمن أربعة، فإذا قدم الشريك الثالث وهو صاحب الثمن الثاني أخذ من صاحب
الثمانية اثنين، ومن صاحب الأربعة واحدا. قوله: (وهل العهدة) المراد بها هنا
ضمان الثمن أي وهل ضمان ثمن هذا القادم إذا استحق هذا المبيع أو ظهر به عيب يكون على الشفيع الأول أو على المشتري الخ؟
وفي الكلام حذف أي وهل كتابة ضمان ثمن هذا القادم إذا استحق هذا المبيع عليه والمراد بكتابة
ضمان الثمن على الشفيع أو على المشتري أن يكتب اشترى فلان من فلان ومن لوازم ذلك ضمانه الثمن
عند ظهور عيب المبيع أو استحقاقه لا أنه يكتب الضمان من فلان. قوله: (أو يتعين كتبها على المشتري
فقط) الأولى حذف قوله يتعين وقوله فقط لان عليها يكون قول ابن القاسم نصا في مخالفة أشهب فلا
يتأتى التأويل بالوفاق. قوله: (تأويلان) أي في كونهما متوافقين كما قال ابن رشد الصواب أن قول
أشهب بالتخيير تفسير لقول ابن القاسم فقول ابن القاسم، يكتب القادم العهدة على المشتري أي إن
شاء أو متخالفين كما قال عبد الحق وقول ابن القاسم يكتب القادم العهدة على المشتري يعني فقط.
قوله: (كغيره) ذكر هذا وإن كان معلوما لان من المعلوم أن العهدة على البائع والبائع للشفيع هو المشتري
لأجل أن يرتب عليه قوله ولو أقاله البائع. قوله: (ولو أقاله البائع) أي ولو أقال البائع المشتري من الشقص
الذي فيه الشفعة وهذا مذهب المدونة وأشار بلو لرد قول مالك أيضا أن الشفيع يخير في مسألة الإقالة
في كتب العهدة على البائع أو على المشتري. قوله: (وعهدة الشفيع على المشتري) أي يكتبها على المشتري.
قوله: (بناء على أن الإقالة ابتداء بيع) أي لا على أنها نقض للبيع وإلا لم يكن للشريك شفعة أصلا إلا
كأنه لم يحصل بيع. قوله: (وإلا) أي وإلا يلاحظ فيها ذلك الاتهام. قوله: (لكان للشفيع الخيار) أي
لما يأتي من أن الشقص إذا تعدد بيعه فإن الشفيع يخير في أخذه بثمن أي بيع ويكتب العهدة على
من أخذ بثمنه؟ وأشار الشارح بقوله بناء الخ لدفع ما يقال إن أخذ الشفيع للشقص بالشفعة بعد الإقالة
فيه وكتابة العهدة على المشتري لا ينبني على أن الإقالة ابتداء بيع وإلا لكان للشفيع الاخذ بأي
البيعتين شاء ويكتب عهدته على من أخذ بالثمن الذي باع به ولا على أن الإقالة نقض للبيع وإلا لم يكن
للشفيع شفعة إذ كأنه لم يحصل بيع، وحاصل ما أجاب به الشارح اختيار الشق الأول وإنما لم يخير في الاخذ
بأن البيعتين ويكتب العهدة على من أخذ بثمنه لاتهامهما بالإقالة على إبطال حق الشفيع، وقال شيخنا
الأحسن أن يقال أن الإقالة هنا كالعدم كما هو مفاد حكم مالك عليها بالبطلان والمعدوم شرعا كالمعدوم
حسا. قوله: (إلا أن يسلم الخ) أي أن محل كون الشفيع يكتب العهدة على المشتري إذا حصلت الإقالة
من البائع له ما لم يترك الشفيع الشفعة للمشتري قبل الإقالة فإن ترك له الشفعة ثم حصلت الإقالة
فإنما له الاخذ من البائع ويكتب العهدة عليه لا على المشتري. قوله: (فله الشفعة والعهدة على البائع)
أي ولا يلزم من إسقاطه شفعته عن المشتري اسقاطها عن البائع لأنه لما أسقط الاخذ من المشتري صار
شريكا فإذا باع للبائع فله الاخذ منه بالشفعة لأنه تجدد ملكه. قوله: (وهذا كله) أي ما تقدم من أن
الشفيع يكتب العهدة على المشتري ولو أقال البائع المشتري من الشقص حيث لم يحصل من الشفيع
ترك للشفعة قبل الإقالة محله إذا وقعت الإقالة بالثمن الأول. قوله: (فإنه يأخذ بأي البيعتين شاء) أي
اتفاقا لان الإقالة بزيادة أو نقص بيع قطعا. قوله: (ما هو كالتخصيص الخ) أي فكأنه قال وهي مفضوضة
على الأنصباء إذا لم يكن للبائع مشارك في السهم وإلا قدم مشاركة في السهم على غيره من بقية الشركاء.

491
قوله: (وقدم مشاركة في السهم) أي على غيره من بقية الشركاء سواء كان ذلك صاحب سهم آخر كأختين
شقيقتين أو لأب وأخ لأم باعت إحدى الأختين فالشفعة للأخت الأخرى دون الأخ للأم أو كان
عاصبا أو أجنبيا. قوله: (أن المشارك في السهم) أي في الحظ والنصيب والمراد به الفرض وقوله على
الشريك الأعم أي الغير المشارك في الفرض سواء كان ذلك الأعم صاحب سهم آخر أو عاصبا أو
أجنبيا. قوله: (وإن كأخت) أي خلافا لأشهب وكان الأولى للمصنف أن يشير لرده بلو لا بأن ا ه‍ بن.
قوله: (وليس السدس الخ) هذا جواب عما يقال إن الأخت التي للأب ليست مشاركة في السهم
إذ فرض الشقيقة النصف والسدس التي تأخذه الأخت للأب فرض آخر. وحاصل الجواب أن
السدس إنما يكون فرضا مستقلا حيث لم يكن تكملة الثلثين كما إذا كانت تستحقه الجدة أو أكثر أو
ولد الأم وأما إذا كان تكملة الثلثين فلا يكون فرضا مستقلا بل هو تكملة للفرض خلافا لأشهب ولذا
قال لا تقدم التي للأب إذا باعت الشقيقة على العاصب تأمل. قوله: (ودخل على غيره) قال ابن غازي:
أي دخل الأخص من ذوي السهام أي الفروض على غيره أي من ذوي الفروض وأما دخوله على
الغاصب فهو مستفاد من قوله بعد كذي سهم على وارث أي غاصب، وبهذا قرر الشارح أولا
ويحتمل أن يحمل قوله ودخل الأخص على غيره على العموم بحيث يشمل دخول أهل الوراثة
السفلى على أهل العليا ودخول ذي السهم على غيره من الورثة سواء كانوا ذوي فرض أو عصبة
ودخول الورثة على الموصى لهم ودخول الجميع على الأجانب ويكون ما بعده وهو قوله كذي سهم على
وارث مثالا وبذلك قرر الشارح آخرا. قوله: (الأخص) أي الأقوى والأزيد في القرب. قوله: (من
ذوي السهام) أي الفروض وقوله على غيره أي من أصحاب الفروض وهو الوارث الأعم وهو غير
الأقوى في القرابة. قوله: (إذ الطبقة السفلى أخص) أي لأنهن أقرب للميت الثاني وفيه أن دخول
البنات إنما هو من أجل تنزلهن منزلة أمهن الميتة فصارت البنات كأنهن نفس أمهن الميتة فرجع في
الحقيقة للشريك في السهم، وأما الأخصية وشدة القرب فباعتبار بعض البنات مع بعض وحينئذ
فهذا الكلام غير مناسب قاله شيخنا، وعلى هذا فالأولى جعل فاعل دخل ضمير المشارك في السهم.
قوله: (لقوله وقدم الخ) فإن كانت الأخوات لأم فقط كان من باب تقديم الوارث على الأجنبي لحجبهن
بالبنات. قوله: (بقدر حصصهم) أي فيقسم ذلك النصيب خمسة أسهم لكل بنت سهمان وللعم سهم.
قوله: (ويحتمل أن تكون للتمثيل) أي لدخول الأخص من ذوي السهام على غيره وقوله وعليه أي وعلى
جعله تمثيلا وقوله والمراد بالأخص أي على جعل ما هنا تمثيلا من يرث بالفرض أو بوراثة أسفل أي
أنه يفسر بمعنى عام. قوله: (فإنه أخص) أي أقوى منه بتقديم ذوي الفروض والعول لهم وهذا أحد قولين
للفرضين فبالجملة لما قدم أصحاب الفروض في الإرث قدموا في الشفعة في الجملة. قوله: (ومن يرث
بوراثة أسفل) أي كالبنات في المسألة السابقة فإنهن قدر ورثن بوراثة الميت الأسفل وهو أمهن وقد
يرجع هذا لما قبله لان الأخوات مع البنات عصبات. قوله: (فإن من يرث بوراثة أعلى) أي بوراثة

492
الميت الأعلى كأخوات الميت في المسألة السابقة. قوله: (أن الموصي له لا يدخل على الوارث إذا باع
وارث) أي بل متى باع بعض الورثة فإن باقيهم يقدم على الموصى لهم ولا دخول للموصي لهم مع الورثة
كالعصبة مع ذوي الفروض. قوله: (أي درك المبيع) أي ضمان المبيع أي ضمان ثمن الشقص المبيع
إذا ظهر في المبيع عيب أو حصل فيه استحقاق. قوله: (أي يكتبها الخ) أشار بذلك إلى أن في كلام
المصنف حذف مضاف أي وكتب عهدته عليه ثم إنه ليس المراد أنه يكتب أن ضمان ذلك الشقص
إذا استحق أو ظهر به عيب من فلان بل المراد أنه يكتب في وثيقة الشراء اشترى فلان من فلان
الشقص الكائن في محل كذا، ومن لوازم الشراء منه ضمانه للثمن إذا استحق أو ظهر به عيب. قوله: (إن
لم يعلم) أي أو علم ولكن كان غائبا وهذا شرط في قوله وأخذ بأي بيع شاء وكتب العهدة على من أخذ
بثمنه. وحاصل كلام الشارح أن محل كون الشفيع يأخذ بأي بيع شاء إذا تعددت البياعات إذا لم
يعلم بتعددها أو علم وهو غائب وأما إن علم بها وكان حاضرا فإنما يأخذ بشراء الأخير لان سكوته مع
علمه بتعدد البيع دليل على رضاه بشركة ما عدا الأخير فإنه غير راض بشركته فلذا كان له الاخذ منه
لتجدد ملكه على ملكه. قوله: (لان حضوره وعلمه يسقط شفعته) أي وصار شريكا للثاني. قوله: (ويدفع
الثمن لم بيده الشقص) أي ويدفع الشفيع الثمن لمن بيده الشقص وهو المشتري الأخير وقوله
ويدفع الخ مرتبط بكلام المصنف. قوله: (فإن اتفق الثمنان) أي ثمن البيع الذي أخذ به وثمن من
بيده الشقص وهو المشتري الأخير. قوله: (فإن أخذ بالأول الخ) أي وإن أخذ بالثاني دفع الخمسة
للثاني. قوله: (وإن كان بالعكس) أي بأن كان الأول خمسة والثاني عشرة أي وأخذ بالأول دفع للثاني
خمسة ويرجع الثاني بالخمسة الأخرى على بائعه فيكمل له العشرة التي اشترى بها وأما إن أخذ بالثاني دفع
العشرة للثاني ولا يرجع على بائعه ولا يرجع عليه بائعه بشئ. قوله: (تراجع الأثمان) أي فكل من كان
شراؤه منقوضا يرجع بثمنه على بائعه. قوله: (ويثبت ما قبله) أي من البياعات لإجازة الشفيع له بإجازة
الذي أخذ به وهذا بخلاف الاستحقاق إذا تداول الشئ المستحق الاملاك فإن المستحق إذا أجاز
بيعا صح ما بعده من البياعات ونقض ما قبله منها، والفرق أن المستحق إذا أجاز بيعا أخذ ثمنه وسلم
في الشئ المستحق فمضى ما انبنى على ما أجازه وأما الشفيع فإذا اعتبر بيعا وعول عليه أخذ نفس
الشقص لنفسه ودفع الثمن فلا يصح التصرف فيما أخذ. قوله: (فإن أخذ بالأخير ثبتت البياعات) أي
وإن أخذ بالأول نقض الجميع وإن أخذ بالوسط صح ما قبله ونقض ما بعده. قوله: (وله غلته) أي غلة
الشقص التي استغلها قبل أخذه بالشفعة إلى وقت الاخذ بها وظاهره ولو علم أن له شفيعا وأنه يأخذ
بالشفعة لأنه مجوز لعدم أخذه فهو ذو شبهة. قوله: (وفي فسخ عقد كرائه) أي بناء على أن الاخذ
بالشفعة استحقاق ومن المعلوم أن من استحق دارا مثلا فوجدها مكتراة كان له أخذها ونقض
الكراء ويرجع المكتري بأجرته على المكري وله إمضاء الكراء وتكون الأجرة له وظاهره ولو
لم يعلم المشتري عند إكرائه أن له شفيعا. قوله: (وانتقد الأجرة) أي وأما لو كان مشاهرة ولم ينتقد

493
اتفق على الفسخ. قوله: (وعدم الجواز بل يتحتم الامضاء الخ) أي بناء على أن الاخذ بالشفعة
بيع ومن المعلوم أن من اشترى دارا مكتراة فلا ينفسخ كراؤها والأجرة لبائعها ولا يقبضها
المشتري إلا بعد مضي الكراء لكن لا بد أن يكون الباقي من أمد الكراء لا يزيد يعلى القدر الذي
يجوز تأخيرها إليه ابتذاء وهو سنة فإن زاد كان له فسخ الكراء وأخذها، كذا قال عبق، قال بن
والتقييد بهذا أحد الطريقتين، وقال بعضهم يتحتم إمضاؤه ولو طال ما بقي من أمد الكراء كعشرة
أعوام وعليه اقتصر في المج. قوله: (والأجرة ولو بعد الشفعة للمشتري) أي على القول الثاني المبني
على أن الاخذ بالشفعة بيع. قوله: (فالأجرة بعدها للشفيع) أي وأما أجرة المدة التي قبلها فهي
للمشتري قطعا لأنها غلة. قوله: (بل بسماوي) أي بأن نزل عليه مطر فهدم شيئا منه أو سقط شئ منه
بزلزلة. قوله: (كهدم لمصلحة) أي بأن هدم ليبني أو لأجل توسعة فإن شاء الشفيع أخذه مهدوما
بكل الثمن وإن شاء تركه للمشتري. قوله: (فإن هدم لا لمصلحة) أي بل عبثا وقوله ضمن أي فيحط عن
الشفيع من الثمن بنسبة ما نقصته قيمة الشقص بالهدم عن قيمته سلما سواء هدمه عالما أن له شفيعا أم لا،
ولا يقال كيف يضمن مع أنه لم يتصرف إلا في ملكه لأنه لما أخذ الشفيع بشفعته علم بأخرة الامر
أنه ليس ملكه. قوله: (فإن هدم) أي المشتري لمصلحة وقوله وبنى أي بغير أنقاضه وقوله فله أي
للمشتري قيمته أي قيمة البناء بمعنى الأنقاض وقوله قائما أي مبنية أي فله قيمة الأنقاض مبنية زيادة
على الثمن الذي وقع به الشراء. قوله: (أو تصرف فيه بوجه) أي كأن أهلكه أو وهبه. قوله: (سقط عن
الشفيع الخ) أي فيغرم قيمة البناء قائما مع ما قابل قيمة الأرض من الثمن ويسقط عنه ما قابل قيمة
النقض من الثمن فيقال ما قيمة العرصة بلا بناء وما قيمة النقض مهدوما ويفض الثمن الذي اشترى به
المشتري عليهما فما قابل العرصة من ذلك دفعه الشفيع للمشتري زيادة على قيمة البناء قائما وما قابل
النقض من ذلك فإنه يحط عنه وتعتبر قيمة النقض يوم الشراء كما في بن عن المدونة. قوله: (تبعا للأشياخ)
فيه إشارة إلى أن تلك الأجوبة ليست لابن المواز المسؤول بل لبعض تلامذته وغير م من الأشياخ
وزاد بعضهم جوابا سادسا وهو أنه يمكن عدم علم كل من المشتري والشفيع بالآخر بأن يظن
المشتري أن بائعه يملك جميع الدار ولم يعلم الشفيع بالهدم إلا بعد البناء ولا تعدي حينئذ فقول
السائل وألا يعلم الشفيع بالبناء والهدم فالمشتري معد فله قيمته منقوضا ممنوع. قوله: (أو رده
بعضهم) ذلك البعض من المصريين أو رد هذا السؤال على ابن المواز حين كان يقرأ في جامع عمرو.
قوله: (إما لغيبة الخ) أي فللمشتري قيمة بنائه قائما إما لأجل غيبة شفيعه أي شفيع المشتري أي
الشفيع الذي يأخذ منه فالإضافة لأدنى ملابسة. قوله: (فقاسم وكيله) وكيله بالرفع فاعل فاسم والضمير
للشفيع والمفعول محذوف أي فقاسم وكيله المشتري. قوله: (فإذا قدم الغائب) أي بعد أن هدم
المشتري وبني بغير أنقاضه. قوله: (كان له الاخذ بشفعته) أي ويدفع قيمة بناء المشتري قائما لأنه
غير متعد. قوله: (على أمواله) متعلق بمحذوف صفة لوكيل أي وله وكيل وكله على أمواله أي
على النظر لها والتصرف فيها. قوله: (فهدم وبنى) أي فإذا قدم الشفيع كان له الاخذ بالشفعة ويدفع

494
للمشتري قيمة بنائه قائما، وكذا يقال فيما بعده. قوله: (وكان لا يرى) أي بأن كان حنفيا. قوله: (أو لم يعلم الخ)
أي لأنه لو علم القاضي بأن لذلك الغائب شفعة لم يجز له أن يقسم عليه ولو قسم لم يتقرر له شفعة إذا قدم.
قوله: (نفاذها) أي القسمة. قوله: (فهدم وبنى) أي فإذا قدم الشفيع كان له الاخذ بالشفعة ويدفع
للمشتري قيمة بنائه قائما. قوله: (أو أسقط الشفيع لكذب) أي فهدم المشتري وبني فلما تبين للشفيع
الكذب وأن إسقاطه لشفعته للكذب لا يعتبر أراد الاخذ بالشفعة فله ذلك ويدفع للمشتري قيمة
بنائه قائما. قوله: (من غير المشتري) أي وأما لو كان أسقط شفعته لكذب في الثمن من المشتري ثم إن
المشتري هدم وبنى فإن الشفيع إذا علم بكذبه وأراد الشفيع أن يأخذ بالشفعة فإنه يدفع له قيمة بنائه
منقوضا. قوله: (النصف الثاني) أي فإنه يدفع له قيمة بنائه قائما. قوله: (لعيب) أي لأجل عيب اضطلع عليه
المشتري في الشقص فإذا اشترى الشقص بمائة ثم اضطلع فيه على عيب فحط عنه البائع لأجله عشرة فإنها
تحط عن الشفيع ويدفع للمشتري تسعين فقط. قوله: (أو لهبة من البائع) أي للمشتري إذا جرت العادة
بحطيطة ذلك القدر من الثمن بين الناس كأن تجري العادة أن من باع شيئا بمائة يهب للمشتري من الثمن
عشرة أي يحطها عنه. قوله: (أو أشبه الخ) أي أو لم تجر العادة بالحط لكن أشبه الباقي بعد الحط أن يكون
ثمنا للشقص كما لو اشترى الشقص بمائة ثم حط عنه البائع عشرة ولم تجر العادة بحطها لكن الباقي يشبه
أن يكون ثمنا للشقص فإنه يحط ذلك عن الشفيع. قوله: (وإن استحق الثمن الخ) حاصله أن أحد
الشريكين إذا باع الشقص لأجنبي بثمن معين ثم أخذه الشفيع من ذلك الأجنبي بالشفعة ثم استحق
ذلك الثمن المعين مقوما أو مثليا من البائع الأول فإنه يرجع على المشتري منه بقيمة الشقص، كان الثمن
المعين مقوما أو مثليا إلا أن يكون نقدا مسكوكا وإلا رجع عليه بمثله، هذا كله إذا كان الثمن معينا
وأما لو كان غير معين واستحق بعد الشفعة لرجع البائع الأول على من اشترى منه بمثله ولو كان مقوما.
قوله: (ولم ينتقض البيع) أي في حال استحقاق الثمن في يد البائع أو رده على المشتري بعيب.
قوله: (ما بين الشفيع والمشتري) أي وإن كان قد انتقض ما بين البائع والمشتري، إذ لو كان لم ينتقض البيع
بينهما لرجع البائع بقيمة الثمن المستحق أو المردود إن كان مقوما وبمثله إن كان مثليا، وظاهر المصنف
عدم الانتقاض بين المشتري والشفيع ولو كانت قيمة الشقص التي يرجع بها البائع على المشتري تزيد
على قيمة الثمن الذي اشترى به الشفيع زيادة كثيرة أو نقص عنها وهو كذلك لان هذا أمر طرأ
وقيل إنه ينتقض ما بينهما وحينئذ فيرجع المشتري على الشفيع بمثل ما دفعه في قيمة الشقص
ويرجع الشفيع على المشتري بما دفعه له من الثمن ويتقاصان. قوله: (بل يكون للمشتري ما أخذه من
الشفيع) أي بتمامه وأما قول عبق وخش وينبغي أن يرجع الشفيع على المشتري بأرش العيب
لأنه دفع له ثمنا سليما وهو قد دفع لبائعه ثمنا معيبا فغير صواب كما قال بن، لان شراء المشتري
بالثمن المعيب لم يمض بل رد له وأعطى قيمة الشقص فكيف يتصور رجوع من الشفيع؟ نعم
يظهر ما قالاه إذا رضي البائع بعيب الثمن ولم يرده للمشتري تأمل. قوله: (كما هو القاعدة في الشفعة)
أي من دفع الشفيع مثل الثمن إن كان مثليا وقيمته إن كان مقوما. قوله: (وإن وقع الاستحقاق)
أي للثمن المعين أو الرد بالعيب قبلها بطلت من هذا يعلم أن استحقاق الثمن أو رده بعيب قبلها

495
يخالف رد الشقص بعيب قبلها فقد تقدم قولان بالأخذ بالشفعة بناء على أن الرد بالعيب ابتداء بيع
وعدم الشفعة بناء على أن الرد به نقض البيع. قوله: (إلا إذا كان الثمن) أي المستحق. قوله: (فإن كان
نقدا لم تبطل الخ) أي ويرجع البائع على المشتري بمثله لان النقد لا يتعين أي لا يراد لعينه. قوله: (فيما يشبه) أي
في دعواه ما يشبه أن يكون ثمنا للشقص عند الناس. قوله: (وإلا فلا يمين) أي وإلا يحقق الشفيع عليه
الدعوى ولم يكن ذلك المشتري متهما كان القول قول ذلك المشتري بلا يمين. قوله: (بلا يمين)
ظاهره ولو حقق الشفيع عليه الدعوى أو كان ذلك الكبير متهما فيما ادعى به. قوله: (لان
شأن جواره الغلو الخ) علة لكون القول قوله بلا يمين. قوله: (إذا أتى الخ) شرط في قبول
قول ذلك الكبير المشتري. قوله: (بجواره) الباء سببية. قوله: (وقيل بيمين) أي إذا حقق
الشفيع عليه الدعوى أو كان متهما وإلا فلا يمين. قوله: (سواء جعل تشبيها) أي وأن المعنى ككبير
يرغب الناس في جواره اشترى شقصا بجوار داره لتوسعتها به فقام عليه الشفيع ليأخذ منه بالشفعة
فتنازعا في قدر الثمن. قوله: (أو تمثيلا) أي لدعوى الشبه من المشتري وعليه فالمعنى كمشتر لشقص مجاور
لكبير يرغب الناس في مجاورته. قوله: (وإلا يأت المشتري بما يشبه) أي أو أتى بما يشبه ولكن نكل عن
اليمين. قوله: (فالقول للشفيع) أي بيمين فإن نكل فلا يأخذه إلا بما قاله المشتري. قوله: (إلى الوسط)
أي وهو قيمية الشقص يوم البيع قال عبق ما لم تزد قيمته على دعوى المشتري ما لم تنقص على دعوى
الشفيع، كذا ينبغي ومثله، في خش والصواب حذف ذلك لان الموضوع أنه لم يشبه
واحد منهما ولو زادت القيمة على دعوى المشتري لكان المشتري مشبها ويأخذ بما ادعى
مع أن الموضوع أنه لم يشبه بل زاد جدا وكذا إن نقصت القيمة في دعوى الشفيع
كان الشفيع مشبها نعم ما قالاه يظهر فيما إذا أشبها ونكلا فتأمل. قوله: (لان من حجته الخ)
أي أن من حجة المشتري أن يقول أنا وإن اشتريته بعشرة لكن الشقص إنما خلص لي بالعشرة
الأخرى فصرت كأني ابتدأت الشراء بالعشرين. قوله: (فهذا الفرع) أعني قوله وإن نكل مشتر.
قوله: (وقع التنازع فيه بين المشتري والبائع) أي وما تقدم قد وقع فيه التنازع بين المشتري والشفيع
لا يقال إن البائع والمشتري إذا تنازعا في قدر الثمن فإنهما يتفاسخان بعد حلفهما وهنا لم
يتفاسخا. قلت هنا لم يتفاسخا لنكول المشتري ومن المعلوم أنه يقضي للحالف على الناكل.
قوله: (بدليل قوله ففي الاخذ الخ) أي فإن هذا لا يتصور في التنازع بين الشفيع والمشتري لما تقدم
أنهما إذا تنازعا كان القول قول المشتري بيمينه إن أشبه وإلا يشبه أو يحلف كان القول قول
الشفيع بيمينه إن أشبه فإن لم يشبها فقيمة الشقص يوم البيع. قوله: (بزرعها الأخضر) لا مفهوم للزرع
بل مثله البذر لان حكمه حكم الزرع عند المصنف من عدم الشفعة فيه فإذا اشترى أرضا مبذورة
ثم استحق نصف الأرض فقط أخذ المستحق النصف الآخر منها بالشفعة بما ينوبه من الثمن

496
بدون بذر، وأما على مقابله أعني القول بالشفعة في الزرع والبذر تبعا للأرض فيأخذه الشفيع مبذورا
بجميع الثمن، ومفهوم الأخضر أنه لو ابتاع أرضا بزرعها اليابس فاستحق نصفها وأخذ الشفيع
النصف الثاني بالشفعة كان البيع صحيحا في الزرع لصحة بيع الزرع استقلالا بعد يبسه وكذا إن لم
يحصل الاستحقاق حتى يبس ما ابتاعه أخضر مع الأرض. قوله: (فاستحق نصفها) مفهوم نصفها أنه
لو استحق جلها فإنه يتعين رد الباقي لبائعه وحينئذ فليس للمستحق أخذ ذلك الباقي فالشفعة قاله عبق
ورده بن بأن حرمة التمسك بالأقل إنما هو في استحقاق المعين لا الشائع كما هنا، إذ فيه يخير المشتري كما
مر في الخيار، وحينئذ فلا فرق هنا بين استحقاق النصف والأكثر، فكان الأولى للمصنف أن يقول
فاستحق بعضها. قوله: (في النصف) أي في نصف الأرض المستحق. والحاصل أن البيع بطل في نصف
الأرض المستحق وفي الزرع الذي فيه. قوله: (لبقائه بلا أرض) أي وقد علمت أن الزرع الأخضر
لا يجوز بيعه منفردا عن الأرض على التبقية. قوله: (ويرجع) أي نصف الزرع الذي بطل بيعه لبائعه
وحينئذ فيلزمه أجرة نصف الأرض المستحق لبقاء زرعه فيه. قوله: (وبقي نصف الزرع الكائن
في النصف المأخوذ بالشفعة للمبتاع) أي أنه لا يبطل البيع فيه وحينئذ فلا يرد للبائع بل يبقى للمشتري
على الراجح ولا يلزمه كراء نصف الأرض المأخوذ بالشفعة الذي فيه زرعه لأنه كالغلة. قوله: (وقيل
يرد للبائع أيضا) أي وهو ضعيف وإن اقتضاه تعليل المصنف. قوله: (فيكون الزرع كله للبائع) أي
فعليه للمستحق كراء النصف المستحق من الأرض دون ما أخذ بالشفعة فإنه لا كراء له، ومحل لزوم
كراء النصف المأخوذ بالاستحقاق إذا كان الاستحقاق في إبان الزراعة وإلا فلا كراء له أيضا.
قوله: (لكن البطلان) أي بطلان البيع في نصف الزرع الكائن في نصف الأرض المستحق. قوله: (لا يتقيد
بالاستشفاع) أي بل البيع فيه باطل سواء أخذ المستحق النصف الثاني بالشفعة أم لا. قوله: (خلافا الخ)
أي لان قوله واستشفع بطل الخ يقتضي أن البطلان إنما يكون إذا استشفع وإلا فلا ا ه‍، ثم إن
هذا إنما يرد بناء على أن المراد بقول المصنف واستشفع أي أخذ بالشفعة بالفعل أما إن قلنا إن معناه
واستحق الاخذ بالشفعة أخذ بها بالفعل أو لا فلا يرد هذا الاعتراض أصلا. قوله: (كمشتري قطعة)
يصح قراءته بالإضافة وبالتنوين وقوله من جنان أي من جنان شخص آخر. قوله: (فالأولى من
جنانه) أي من جنان نفسه. قوله: (صوابه المشتري) أي لان جنان البائع إذا استحقت فالبطلان
لذاته لا لعدم الممر الموصل لما اشترى. قوله: (ورد الخ) الحاصل أنه إذا استحق نصف الأرض
بطل البيع فيه وفي زرعه وحينئذ فيلزم البائع أن يرد للمشتري نصف الثمن وخير المستحق أولا
إما أن يأخذ النصف الثاني بالشفعة أو لا، فإن أخذه بالشفعة كانت الأرض كلها له وكان ازرع
الذي في النصف المستحق للبائع فيلزمه أجرة الأرض التي هو فيها والزرع الذي في النصف
المأخوذ بالشفعة قيل أنه للمشتري بما يخصه من الثمن وهو الراجح، وقيل أنه يرد للبائع أيضا
وعلى كل لا يلزم أجرة أرضه للمستحق، وإن لم يأخذه بالشفعة خير المشتري بين رد ما بقي من الأرض
والزرع للبائع وأخذ بقية ثمنه وأما أن يتماسك بنصف الأرض وزرعها فلا يأخذ بقية الثمن.
قوله: (وله نصف الزرع) هذا تصريح بما علم من قوله بطل البيع الخ لأنه إذا بطل أبيع في نصف الزرع
كان للبائع. قوله: (الذي بغير أرض) أي الذي في نصف الأرض المستحق. قوله: (وخير الشفيع أو لا)

497
أفاد المصنف بهذا بعد قوله واستشفع أن هنا تخييرين أحدهما سابق على الآخر وهذا لا يفيده
قوله سابقا واستشفع فأتى بها هنا لزيادة الفائدة وهو أنه مخير في الاخذ بالشفعة وعدم الاخذ وأن قوله
أولا واستشفع معناه إن شاء لا أنه على سبيل التحتم وبهذا سقط ما قيل إن قوله واستشفع مناف لقوله
هنا وخير الشفيع لان المتبادر منه تحتم الاستشفاع وهو ينافي ما هنا من التخيير ا ه‍. فرع: إذا باع
الشريك حصته من شائع على اسمه من نصيبه فلشريكه إمضاء فعله وله أن يدخل معه في الثمن وله أن
يأخذ بالشفعة وله أن يقاسم انظر ح. قوله: (حين الاخذ الخ) الأولى حين الاستحقاق كما في بن.
قوله: (فلا كراء عليه) أي لان الشفعة بيع، ومن زرع أرضا وباعها دون زرعها فلا كراء عليه.
باب في القسمة
قوله: (وأقسامها) عطف تفسير لان المصنف لم يذكر حقيقتها وإنما ذكر أنواعها. قوله: (وهي
المهيأة) بالياء التحتية وهي الاعداد بكسر الهمزة والتجهيز يقال هيأ الشئ لصاحبه أي أعده وجهزه
له ويقال أيضا بالنون. قوله: (تهايؤ) أي من شريكين في زمن معين للاستعمال كدار بين شريكين
يسكن فيها واحد منهما هذا الشهر والثاني الشهر الذي بعده أو أحدهما يسكنها سنة كذا والآخر
يسكنها سنة كذا التي بعدها أو أحدهما يسكنها سنة كذا والآخر السنتين اللتين بعدها إذ لا يشترط في
تعيين الزمان مساواة المدة التي يستعمل فيها أحدهما للمدة التي يستعمل فيها الآخر، وانظر هل من تعيين
الزمان التقييد بشهر دون تعيينه بكونه ربيعا مثلا أي بالإشارة إليه أوليس ذلك تعيينا وحينئذ فالقسمة
غير صحيحة، والثاني هو ما اختاره ابن عرفة واختار شيخنا العدوي أنه تعيين. قوله: (أو نون) أي
مضمومة فهمزة ويجوز قلب الهمزة ياء، وحينئذ تقلب ضمة النون الواقعة قبلها كسرة. قوله: (لا أكثر)
أي لان لمدة التي يقع القبض بعدها هنا كالمدة في الإجارة فكما لا يجوز إجارة عبد معين على أن
يقبض بعد أكثر من شهر لا يجوز في المهيأة أن يستعمله بعد أكثر من شهر وهنا كذلك، وسيأتي
تحقيق. قوله: (وإلا فسدت) أي وإلا يعين الزمان فسدت كأن يتفقا على أن أحدهما يستعمله
مدة من الزمان والآخر كذلك. قوله: (ويشمل المتعدد) أي المقسوم المتعدد من العبيد والدواب
والدور. قوله: (فقيل يشترط) أي في صحتها وهو قول ابن عرفة. قوله: (وقيل لا الخ) أي وقيل لا يشترط
في صحتها تعيين الزمن بل التعيين شرط في لزومها وهو قول ابن الحاجب وأقره ابن عبد السلام
والتوضيح، وتحصل مما قاله الشارح أنه إن عين الزمن صحت ولزمت في المقسوم المتحد والمتعدد وإن
لم يعين فسدت في المتحد اتفاقا، وفي المتعدد خلاف فابن الحاجب يقول بصحتها وإن كانت غير لازمة
وابن عرفة يقول بفسادها فعنده إذا لم يعين الزمن كانت فاسدة مطلقا لا فرق بين المتحد والمتعدد
وعلى ما لابن عرفة حمل ابن غازي و ح كلام المصنف بدليل مثاله، وقوله في زمن إذ المتبادر من
قوله في زمن المعين وإلا لم يحتج للنص عليه ا ه‍ انظر بن. قوله: (كالإجارة) يفهم من التشبيه أن المهيأة
إنما تكون بتراض وهو كذلك لان الإجارة كالبيع فلا يجبر عليها من أباها ولا ينافي ذلك جعل
المصنف قسمة المراضاة قسيما لها لان جعله قسيما لها باعتبار تعلقها بملك الذات والمهايأة متعلقة

498
بملك المنافع مع بقاء الذات بينهما وهذا لا ينافي أنه لا بد من رضاهما معا في كل من القسمين. قوله: (أي
في تعيين الزمن) الأولى أن في اللزوم عند تعيين الزمن. اعلم أن المقسوم مهايأة إن كان عقارا فيجوز
أن تكون المدة التي يقع القبض بعدها كالمدة في الإجارة فكما يجوز إجارة الدار لتقبض بعد أكثر من
عام لكونها مأمونة يجوز قسمتها على أن يسكن أحدهما سنتين وأما عبد معين يشترط فيه أخذه بعد
شهر فلا يجوز في الإجارة وأما في المهيأة فإنه يجوز فيه شهر فأكثر بقليل ما قاله ابن القاسم، ولذا جعل
المواق التشبيه راجعا للدار فقط وأنه تام أي في اللزوم والتعيين وفي أن المدة التي يقع القبض بعدها
هنا كالمدة في الإجارة ولا يصح أن يكون التشبيه راجعا للعبد إلا أن يجعل غير تام بأن يكون في اللزوم
وتعيين المدة فقط ا ه‍ انظر بن. قوله: (على أحد القولين) أي السابقين وهما عدم اشتراط تعيين
الزمان واشتراطه إذا كان المقسوم متعددا ومراده بذلك الأحد أولهما والأولى حذف قوله على
أحد القولين لأنه لا يشترط تساوي المدتين سواء كان المقسوم متحدا أو متعددا قلنا باشتراط تعيين
الزمان في المتعدد أو بعدم اشتراطه والشارح تبع فيما قاله عبق وقد اعترضه بن فانظره.
قوله: (فيجوز قسمتها) أي الدار. قوله: (الأرض المأمونة) أي إذا كانت ملكا وأما الحبس فاعلم أنه
لا يجوز قسم رقابه اتفاقا وأما قسمه للاغتلال بأن يأخذ هذا كراءه شهرا مثلا والآخر كذلك فقيل يقسم
ويجبر من أبى لمن طلب وينفذ بينهم إلى أن يحصل ما يوجب تغيير القسم بزيادة أو نقص يوجب
التغيير وقيل لا يقسم بحال وهو ما يفيده كلام الامام في المدونة وقيل يقسم قسمة اغتلال بتراضيهم
فإن أبى أحدهم القسم فلا يجبر عليه فغاير القول الأول. ويظهر ح، القول الثالث وسواء على
ما استظهره قسم قسمة اغتلال أو قسمة انتفاع بأن ينتفع كل واحد بالسكنى بنفسه أو بالزراعة بنفسه
مدة وإن كانت الأقوال الثلاثة إنما هي في قسمة الاغتلال. قوله: (فلا يجوز قسمها مهايأة) أي وإن
قلت المدة. قوله: (لا في غلة) عطف على مقدر تقديره وهي أي قسمة المهيأة جائزة في منافع لا في غلة
قال عبق ويستثني من قوله لا في غلة اللبن كما يأتي فيقيد ما هنا بما يأتي فيجوز أن يحلب هذا يوما وهذا
يوما ا ه‍ والجواز مقيد فيما يأتي بما إذا كان هناك فضل بين. قوله: (كراء الحمامات والرحى) أي
وحينئذ فلا يجوز قسم غلتها مهايأة بأن يأخذ أحد الشريكين أجرتها أجرتها يوما أو جمعة أو شهرا والآخر
كذلك. قوله: (كدار معلومة الكراء) أي أو دابة أو عبد معلوم الكراء كما لو كانت الدابة أو الدار أو
العبد مستأجرا لشخص كل يوم بكذا فيجوز أن يأخذ كل واحد من الشريكين أجرة شهر أو كان كل
منهما غير مستأجر بالفعل لكن علم أن كل واحد منهما يؤاجر كل يوم بكذا. قوله: (لأنه) أي الكراء
تبع لما أي تبع للمدة المعينة التي وقعت المهيأة عليها فلو دخلا على أن كل واحد يكري مدته ولم ينضبط
لم يجز لأنه من قسم الغلة. قوله: (قول محمد) كذا في خش والذي في المواق أن هذا القول المردود
عليه منقول عن مالك. قوله: (قد يسهل) أي قسم الغلة مهايأة في اليوم الواحد بأن يأخذ كل واحد من
الشريكين غلة المشترك يوما. قوله: (يأخذ حصته من المشترك) علم منه أن قسمة المراضاة قسمة رقاب
وذوات كالقرعة الآتية بخلاف قسمة المهيأة فإنها قسمة منافع ولكن لا بد في كل من المهيأة والمراضاة
من رضا الشريكين فلا تفعل واحدة منهما إلا برضاهما ولا يجبر أحد الشريكين على واحدة منهما إن
أباها بخلاف القرعة فإنه إذا طلبها أحدهما وأباها الآخر وطلب المهيأة أو المراضاة فإنه يجبر على
القرعة من أباها. قوله: (فكالبيع) أي المغاير للمراضاة فاندفع ما يقال أن قسمة المراضاة بيع فتشبيهها
به تشبيه للشئ بنفسه. قوله: (وأنها تكون فيما تماثل أو اختلف) أي فيجوز أن يأخذ أحدهما بقرة

499
والآخر بقرة مثلها أو يأخذ أحدهما دارا والآخر دارا مثله أو يأخذ أحدهما حيوانا والآخر
عقارا أو ثوبا أو قمحا. قوله: (وفي المثلى وغيره) ذكر ح أن محل جواز المراضاة في المكيل والموزون
إذا كان كل منهما من أصناف كصبرتي قمح وفول كل منهما مجهولة القدر يأخذ كل واحد من
الشريكين واحدة بالتراضي وأما صنف واحد كصبرتي قمح كل واحد مجهولة الكيل يأخذ كل
واحد من الشريكين واحدة منهما بالتراضي فلا يجوز قال عبق ومحل عدم الجواز إذا وقع القسم
جزافا بلا تحر أو بتحر في المكيل للغرور والمخاطرة وأما بتحر في الموزون فيجوز وأولى مع الوزن أو
الكيل بالفعل. قوله: (إذا لم يدخلا مقوما) أي فإن أدخلا مقوما رد فيها بالغبن إلحاقا لها بالقرعة ما لم يطل
الزمان وإلا فلا رد. قوله: (وقد يتسامح فيها ما لا يتسامح في البيع) أي مراعاة للقول بأنها تمييز حق
لا بيع. قوله: (وفي قفيز) أي مشترك بين شخصين على السواء. قوله: (أخذ أحدهما ثلثيه) أي والآخر
ثلثه فقسم القفيز بتراضيهما على هذا الوجه جائز مراعاة للقول بأن المراضاة
تمييز حق فكل منهما قد تميز حقه وتبرع أحدهما لصاحبه بشئ من نصيبه أما على القول بأن المراضاة بيع فقسم القفيز على
الوجه المذكور ممنوع لما فيه من بيع الطعام بمثله متفاضلا. قوله: (ولكل من الإجارة والبيع باب
يخصه) أي بخلاف القرعة فإنها ليست كالبيع ولا كالإجارة فلذا كان هذا بابها. قوله: (وهي تمييز حق)
هذا متفق عليه وأما المراضاة فقيل أنها بيع وهو المشهور وقيل أنها تمييز حق. قوله: (بين الشركاء) أي
بين شريكين فأكثر فالمراد بالجمع ما فوق الواحد. قوله: (فلذا يرد فيها بالغبن الخ) أي فلأجل كونها
ليست بيعا يرد فيها بالغبن أي ولو كانت بيعا لا يرد فيها بالغبن لان الغبن لا يرد به البيع ويجبر عليها من
أباها أي ولو كانت بيعا لم يجبر عليها من أباها لان البيع لا بد فيه من رضا المتبايعين. قوله: (ولا تكون إلا
فيما تماثل) أي أنها تكون إلا فيما تماثل من الأصناف كبقر وجاموس وقمح وفول أو المتحد
منهما كعبدين أو دارين أو ثوبين لا في مختلف. قوله: (ولا يجوز فيها الجمع بين حظ اثنين) أي
بخلاف المراضاة فإنه يجوز فيها ذلك. قوله: (وكفى فيها) أي في قسمة القرعة أي كفى في تمييز الحقوق
بقسمة القرعة قاسم واحد والمراد كفى في الاجزاء وأشعر هذا أن الاثنين أولى وبه صرح ابن
الحاجب. قوله: (إلا أن يقيمه) أي القاسم وقوله فلا بد فيه من العدالة أي لان القاضي لا يقيم مقامه
إلا العدول بخلاف ما لو كان ذلك القسم أقامه الشركاء فإن ألحق لهما فلهما أن يقيما ولو عبدا أو كافرا.
قوله: (أنه المقوم للسلع) أي المتلفة. قوله: (المقوم للسلع أو الأماكن) أي المعدل لاجزاء
المقسوم كذراع من الجانب الشرقي بذراعين من الغربي وكقفيز من بر يعدل قفيزين من شعير.
قوله: (التي يترتب عليها) أي على تقويمها. قوله: (أو قطع) أي كتقويم مسروق ليترتب على سارقه
القطع. قوله: (فالقاسم مقدم فعله على المقوم) لعل الأولى فالقاسم فعله مؤخر عن فعل المقوم لان
التقويم قبل القسمة أي تمييز الأنصباء بضرب السهام فتأمل. قوله: (وأجره) أي أجرته. قوله: (أي
على عدد الشركاء) أي مفضوضة على عدد الشركاء. قوله: (وكذا أجرة الكاتب والمقوم) أي
مفضوضة على عدد الرؤوس لا على قدر الأنصباء. قوله: (وكره أخذ الأجرة الخ) في بن تقييد
الكراهة بمن كان مقاما من طرف القاضي للقسمة أما من استأجره الشركاء على القسم لهم فلا كراهة

500
في أخذه الأجرة. قوله: (ممن قسم لهم) أي سواء كانوا أيتاما أم لا. قوله: (وكذا إذا كان الاخذ مطلقا) أي
إن محل الأقسام الأربعة المذكورة حيث كان لا يأخذ إلا إذا قسم بالفعل فإن كان يأخذ مطلقا
كالمسمى في زماننا بالقسام حرم أخذه مطلقا كان المال لأيتام أو لكبار كان له أجر في بيت المال
على القسم أم لا، فالصور ثمان: الحرمة في ست، والكراهة في اثنتين. قوله: (والمراد بغيره المقومات)
أي كالثياب والحيوان. قوله: (بالقيمة) أي فتقوم الدور أو الجهات في الدار أو الحيوان أو الثياب ويجعل
أقساما بقدر عدد الرؤوس كما يأتي وهذا في قسمة القرعة وكذا في قسمة المراضاة إن أدخلا مقوما
فتقوم الدور أو جهات الدار وكذا الثياب والحيوان ويأخذ كل واحد دارا أو جهة أو ثوبا أو
حيوانا بالتراضي فقول المصنف وقسم العقار وغيره بالقيمة جار في قسمة القرعة والمراضاة إن أدخلا
مقوما. قوله: (لا بالعدد) أي في الثياب والحيوان وقوله ولا بالمساحة أي في العقار كالأرض والدور.
قوله: (حيث اختلفت أجزاء المقسوم) أي في القيمة. قوله: (فإن اتفقت) أي أجزاء المقسوم في القيمة
بأن كانت الدور متساوية بالقيمة. قوله: (واتفقت صفته) أي كسمراء ومحمولة وكون السمن شيحيا
أو سمن رعي برسيم مثلا وإنما قيد بقوله واتفقت صفته لأنه محل الخلاف وأما مختلف الصفة فلا
يقسم بالقرعة اتفاقا بل بالكيل والوزن. قوله: (فإنه يقسم كيلا أو وزنا لا قرعة) لأنه إذا كيل أو وزن
فقد استغنى عن القرعة فلا وجه لدخولها فيهما أي في المكيل والموزون وهذا قول ابن رشد وأفتى به
الشبيبي واقتصر عليه صاحب المعين وصاحب التحفة. قوله: (وقيل يجوز قسمه قرعة) أي وحينئذ
فتقوم كالمتقومات لكن لا يجمع بين صنفين منها، وبه أفتى ابن عرفة واستظهره صاحب المعيار.
قوله: (ولا وجه له) أي فالمعول عليه القول الأول وهو أن المكيل والموزون لا يقسم بالقرعة وأما بالمراضاة
فهو جائز اتفاقا إذا كان كل من المكيل والموزون من أصناف وأما إذا كان من صنف واحد فلا يجوز
إذا وقع القسم جزافا بلا تحر أو بتحر في المكيل وأما بتحر في الموزون فيجوز وأولى مع الوزن أو
الكيل بالفعل كما مر. قوله: (وأفرد الخ) فإذا مات انسان وخلف عقارا وحيوانا وعرضا فإن كل نوع
يقسم على حدته ولا بضم لغيره هذا إن احتمل القسم فإن لم يحتمله بيع وقسم ثمنه ولا يضم لغيره إلا إذا
تراضى الورثة على جمعه مع غيره وإلا جمع فقول الشارح لكن الذي لا يحتمله يفرد ليباع أي ويقسم
ثمنه وقوله أو يقابل بغيره في التقويم أي فإذا تراضوا على جمع ما لا يحتمل القسم من الأنواع لغيره فإنه
يعمل به كما في ح وقوله إنه لا يضم لغيره في القسم أي وأما كونه يقسم أو يباع ليقسم ثمنه فشئ آخر.
قوله: (فلا يجمع بين نوعين) أي كالعقار والحيوان والعرض فهذه أنواع ثلاثة فلا يجمع بين نوعين منها
بل يقسم كل نوع منها على حدته وقوله ولا بين صنفين متباعدين أي كالأرض والحوائط والدور فإن
هذه أصناف للعقار فلا يجمع بين صنفين منها بل يقسم كل صنف منها على حدته. واحترز بقوله
متباعدين من الصنفين المتقاربين كالحرير والصوف فإنهما صنفان للبز متقاربان لان المقصود منهما
الستر واتقاء الحر والبرد فيجمعان كما يأتي. قوله: (بل كل نوع على حدته) أي يقسم بالقرعة على حدته
وأراد بالنوع ما يشمل الصنف وإلا كان الأولى أن يقول بل كل نوع أو صنف يقسم على حدته. قوله: (في
القسمة بالسهم) أي القرعة واحترز عن قسمة المراضاة فإنه يجوز الجمع فيها بين تلك الأنواع فيجوز
أن يتراضى الورثة على أن يأخذ كل واحد منهم نوعا منها. قوله: (بل يقسم كل شئ من ذلك على حدته)
أي إن احتمل القسم وإلا بيع وقسم ثمنه ما لم يتراض الورثة على جمعه مع غيره وإلا جمع كما مر. قوله: (بل
تجمع الدور على حدة) أي يجمع بعضها لبعض وتقسم على حدتها. قوله: (أرض الزراعة) أي الخالية
من البناء والشجر كما قال الجوهري. قوله: (مبالغة في مقدر) هذا غير متعين إذ يصح أن تكون المبالغة

501
في قوله جمع والباء للملابسة أي جمع دور أو أقرحة، هذا إذا كان جمعها ملتبسا برؤيتها بل ولو كان ملتبسا
بوصف. قوله: (ولو كان تعيينها بالوصف) أي للساحة والبناء. قوله: (والتعيين بالوصف الخ) الأوضح
أن يقول ولا بد فيما ينقسم بالقرعة من الدور والأقرحة إذا كان معينا بالوصف أن يكون غائبا غيبة
غير بعيدة من محل القسم. قوله: (بحيث يؤمن تغير ذاتها) أي ولو كانت الغيبة أزيد من كميل. قوله: (وهذا)
أي اشتراط أقرب الغيبة هنا. قوله: (وتقاربت) أي وتقاربت أمكنتها. قوله: (في جواز جمعها) أي مع
الحاضر القسم. والحاصل أنه لا يجوز جمع الغائب مع الحاضر في القسم إلا إذا كانت غيبته قريبة
كالميل سواء كان ذلك الغائب معينا بالوصف أو برؤية سابقة. قوله: (في حد ذاتها) أي بقطع النظر عن
جمعها مع غيرها، وحاصله أن ما ينقسم بالقرعة إذا كان غائبا وكان معينا ولو بالوصف لا بد في صحة قسمته
بالقرعة من كون غيبته غير بعيدة من محل القسم بحيث يؤمن من تغير ذاته أو سوقه ولو كانت الغيبة
أكثر من كميل إلا أنه إن كانت الغيبة كميل فأقل قسم بالقرعة مع ضمه لغيره من الحاضر، وإن كان أزيد
من كميل فإنه يقسم بالقرعة على حدته من غير ضم. قوله: (ولجواز الجمع) أي جمع الدور بعضها لبعض
والأقرحة بعضها لبعض. قوله: (فلا بد من اتفاقهما عند الشركاء) أي في الرغبة. والحاصل أن المراد
بالرغبة في كلام المصنف رغبة الشركاء ولا يلزم من تساوي الدارين في القيمة اتفاق الشركاء في الرغبة
فيهما فأحد الامرين لا يغني عن الآخر فلا بد منهما معا فاندفع ما يقال اتحاد القيمة واختلافهما تابع
لاتحاد الرغبة واختلافها، وحينئذ فأحد الامرين يغني عن الآخر. وحاصل الجواب في كلام المصنف
رغبة الشركاء وهذه قد تختلف وإن كانت القيمة متحدة وحينئذ فأحد الامرين لا يكفي عن الآخر.
قوله: (وتقاربت كالميل) ظاهره رجوع هذا القيد للدور والأقرحة وهو الذي ذكره في التوضيح
وعزاه للمدونة وتبعه ابن فرحون واعترضه طفي بأن المدونة لم تجعل الميل حدا للقرب إلا في الأرضين
والحوائط وأما الدور فقال فيها وإن كان بين الدور مسافة اليومين واليوم لم تجمع أنظر بن. قوله: (والجمع
بالشرطين المذكورين الخ) أشار الشارح بهذا إلى أن الأولى للمصنف عطف هذا الشرط على ما قبله
وما يقال أنه إنما أتى بأن لاختلاف الفاعل في المحلين ففيه نظر، لان هذا إنما يمنع من عطف الفعل
على الفعل وما هنا من عطف الجملة على الجملة، ولا يمنع منه اختلاف الفاعل تقول إن جاء زيد وسلم عليه
عمرو كان كذا وكذا. قوله: (وهي ما يشرب الخ) أي وهي أرض يشرب زرعها وكذا يقال فيما بعده من
السيح لان الذي يشرب ويسقي هو الزرع والبعل والسيح اسم للأرض وما مشى عليه المصنف من
جمع البعل مع السيح في القسم بالقرعة أحد طريقتين مرجحتين والأخرى عدم جمعهما انظر بن.
قوله: (لان زكاته) أي زكاة ما يخرج منها. قوله: (كغيرها) أي مما لا يحتمل القسم من أنواع العقار.
قوله: (لان لها مزيد شرف) أي بسكنى مورثهم ولذا قيد ابن حبيب بكون المورث له شرف وحرمة.
قوله: (وهو الأرجح) أي لأنه تأويل الأكثر وأما الأول فهو تأويل فضل، ولابن حبيب قول آخر مثل
الأول إن كان المورث له فضل وحرمة وجعله بعضهم تأويلا ثالثا ونص ابن عرفة وهل الدار
المعروفة بسكنى الميت كغيرها أي في إجابة من طلب جمعها مع غيرها ثالثها إن من يكن الميت شريفا لها

502
به حرمة لابن أبي زمنين مع قول أكثر مختصريها وفضل وابن حبيب. قوله: (وفي جواز جمع) أي هل
يجوز أن يجمع بينهما في القسم بالقرعة بأن يجعل هذا قسما وهذا قسما وترمي القرعة فكل من جاءت عليه
قرعته أخذه أو لا يجوز جمعها في القسم بالقرعة بل يقسم كل واحد على حدته. قوله: (وعدم جوازه)
أي وعدم جواز جمعهما في القرعة وقوله إلا بالتراضي استثناء منقطع أي لكن يجوز الجمع بينهما في
المراضاة وقوله لأنهما كالشيئين الخ أي ولا يجوز الجمع بين مختلفين في قسمة القرعة. قوله: (تأويلان) أي
في جواز جمعهما في القرعة وعدم جواز جمعهما وأما جمعهما في التراضي بأن يتراضيا على أن أحدهما يأخذ
الأعلى والآخر يأخذ الأسفل فهو جائز اتفاقا. قوله: (كل صنف) هو بالتنوين والكاف في قوله كتفاح بمعنى
مثل صفة لصنف وهذا الذي أفاده المصنف هنا قدر زائد على ما تقدم من إفادة أن كل نوع من أنواع
العقار يفرد عن غيره فالأشجار تفرد عن البناء وعن الأرض وما هنا أفاد أن أصناف الأشجار يفرد
كل صنف منها عن غيره فإذ كان في الحائط أصناف من الشجر وكان كل صنف منها منفردا على حدته
في الحائط فإنه يقسم وحده إن احتمل القسم بأن حصل لكل وارث شجرة كاملة فأكثر من ذلك
الصنف ولا يضم صنف لصنف آخر. قال عبق واعلم أن أفراد كل صنف من الشجر ومن الدور عند
فقد شرط الجمع حق لله فليس لهما التراضي على خلافه كذا يظهر. قوله: (مختلفة) أي مختلفة الأصناف.
قوله: (يقسم ما فيه) أي من الأصناف بالقرعة. قوله: (للضرورة) هذا جواب عما يقال كيف جازت
القرعة هنا أي في الأشجار المختلفة مع أنها لا تدخل في صنفين. قوله: (أي معه أو ملتبسة الخ) أشار إلى
أن الباء إما للمصاحبة أو للملابسة ومتفرقة صفة لشجر لا لأرض إذ هي واحدة والشجر مفرق
فيها وحينئذ فلا قلب في الكلام كما ادعاه عبق أي أو شجر متفرق في أرض. وحاصله أن الأرض إذا
كان فيها شجر مفرق فإنها تقسم مع شجرها بالقرعة وتعدل بالقيمة ا ه‍ وفي عبق لم يتعرض المصنف
للحبوب بناء على أنها تقسم بالقرعة وفي الطرر القطاني أصناف لا تجمع في القسم أي بل يقسم كل
صنف منها على حدته أو يباع ويقسم ثمنه. قوله: (على ظهر) أي حال كونه على ظهر كغنم. قوله: (إذ لا يجوز
أكثر) أي الدخول على تأخير تمام الجز أكثر. قوله: (لما فيه من بيع معين يتأخر قبضه) أي
والمغتفر فيه التأخير لنصف شهر فقط فقول الشارح لما فيه من بيع الخ علة لقوله إذ لا يجوز أكثر أي
إذ لا يجوز الدخول على تأخير تمام الجز أكثر من نصف شهر لما فيه الخ. قوله: (وهذه المسألة) أي قول
المصنف وجاز قسم صوف على ظهر. قوله: (فيجوز لأكثر) أي فيجوز وإن تأخر كل من الشروع
في الجز وتمامه لأكثر من نصف شهر وما ذكره الشارح تبع فيه الشيخ كريم الدين البرموني
واعتمده شيخنا وفي شرح الدميري أن ما ذكره المصنف من الشروط في قسمة القرعة أيضا.
قوله: (وجاز أخذ الخ) يعني أن من مات وترك عروضا حاضرة وديونا له على رجال شتى جاز
للورثة قسم ذلك مراضاة بأن يأخذ وارث عرضا ووارث دينا يتبع به الغريم إن كان ذلك الدين مما
يجوز بيعه. قوله: (بأن حضر المدين وأقر) زادت نقلا عن ابن ناجي ولا بد من الجمع بين الوارث
والمدين لأجل اطمئنان النفس ودفع المشاحة تأمل. قوله: (لما فيه من ذمة) أي من

503
بيع ما في ذمة بما في ذمة أخرى وهو لا يجوز للنهي عن بيع الدين بالدين. قوله: (يأخذ كل منهما منه ما
يخصه) أي فتراضى الورثة على أن يأخذ الخ. قوله: (جاز) أي ولو كان الغريم غائبا لأنه لا غرر فيه
وسواء كان الدين كله مؤجلا بأجل أو بأجلين كأن يكون الدين مائتين إحداهما محرمية والأخرى
رجبية فيتراضى الورثة على أخذ كل واحد منهما مائة. قوله: (لأنه لا يجمع فيها بين صنفين) أي بل يقسم
كل صنف على حدته بناء على دخول القرعة في المكيلات والموزونات. قوله: (وجاز خيار أحدهما)
أي جاز أن يقتسما ويجعلا لأحدهما أولهما معا الخيار سواء دخلا على ذلك أو جعله أحدهما للآخر
بعد القسم. قوله: (وهو ظاهر المدونة) وذكر بعض الرواة منعه في القرعة وأما في المراضاة
فلا نزاع في جوازه. قوله: (كالبيع) أي حالة كون الخيار هنا مماثلا للخيار في البيع في
المدة المختلفة باختلاف السلع وفيما يدل على الرضا وفيما يدل على الرد. قوله: (يغني عنه) أي يغني
عن رجوعه له. قوله: (يا من استعرت أرضا) أي أو استأجرتها. قوله: (غرس أخرى) أي
سواء كانت من جنس الأولى المقلوعة أو من غير جنسها وأما غرس اثنتين بدل المقلوعة فأجازه
بعضهم إن كان من جنس الأولى وفي المدونة لا يغرس اثنين مكان واحدة وظاهرها ولو كانا
من جنس الواحدة ولو لم يحصل بهما ضرر. قوله: (أو بفعل فاعل) أي سواء كان غير المستعير أو كان
هو المستعير. قوله: (إن لم تكن المغروسة) أي التي تريد غرسها. قوله: (من جهة
عروقها) أي بأن تكون عروقها المغيبة في الأرض تضر بما يجاوره أو تهلكه. قوله: (بياض الأرض) أي الأرض البيضاء أي
المشرقة بالشمس فتضعف منفعتها بستر الفروع لها. قوله: (الجاري) أي الذي أجريته في أرضه بإذنه
وأوصلته لأرضك. قوله: (وليس لرب النهر معارضة رب الأرض في ذلك) ظاهره مطلقا أضر
بالنهر أم لا وقيده اللخمي بما إذا لم يضر به وهو مقتضى التشبيه في كلام المصنف ا ه‍ بن.
قوله: (كناسته) أي طينه الذي يخرج منه. قوله: (على العرف) أي على عرف أهل البلد من
طرحها على حافته أو بعيدا عنه. قوله: (لكن إن جرى) أي العرف وقوله بالطرح على حافته أي
وكان بها شجر وكان هنا سعة وأشار الشارح بهذا الاستدراك إلى أن قول المصنف ولم تطرح بحافته الخ
كالمستثنى مما قبله. قوله: (وإلا طرح عليها) أي على حافة النهر يعني في أسفل الشجر المغروس على
حافة النهر لا على أعلى الشجر كذا في عبق والذي في المدونة كما في المواق أنه إن ضاق ما بين الشجر
طرحت فوقها. قوله: (وحينئذ) أي وحين إذ رزق الامام القاسم من بيت المال حرم عليه الاخذ ممن
يقسم لهم سواء كانوا أيتاما أو لا وكذلك إذا جعل له الامام أو القاضي في كل تركة أو في كل شركة كذا
سواء قسم أو لم يقسم فإنه ممنوع بلا خلاف وأما إذا جعل له في كل تركة أو شركة كذا إذا
قسم وقسم بالفعل فأخذه مكروه كانوا أيتاما أم لا وأما الشركاء إذا تراضوا على من يقسم لهم بأجر
معلوم فذلك جائز بلا خلاف هذا محصل ما في المدونة والتوضيح وابن عرفة عن عياض. قوله: (وهذا
إذا شهد عند غير من أرسله) أي وسواء كان مقاما من طرف القاضي أو لا كما هو المنصوص في المواق
وغيره وأما قول عبق وهذا كله إذا لم يكن مقاما من طرف القاضي وإلا جازت شهادته على فعل نفسه

504
عند من أقامه وعند غيره فهذا القيد غير صحيح والنص بخلافه انظر المواق وغيره ا ه‍ بن.
قوله: (وأما عند من أرسله فيجوز) أي ولو بعد عزله حيث تولى بعد ذلك وشهد عنده حال التولية. قوله: (وفي
قفيز أخذ الخ) أخذ عطف على ارتزاقه والجار والمجرور أعني في قفيز فاصل بين العاطف والمعطوف
والقفيز ثمانية وأربعون صاعا وهو المسمى عندنا بمصر زكيبة ا ه‍ شيخنا عدوي. قوله: (مراضاة فقط
لا قرعة) أي وأما بالقرعة فيمنع ولو على القول بدخولها في المثليات لأنه لا بد في الجواز في هذه المسألة
من رضا الشريكين بالتفاضل والقرعة إنما تكون عند المشاحة وما ذكره المصنف من الجواز في مسألة
القفيز إذا وقع القسم مراضاة مبني على أن المراضاة تمييز حق لا أنها بيع وإلا فالمنع فما ذكره المصنف من
الجواز فرع مشهور مبني على ضعيف لان المشهور أن المراضاة بيع. قوله: (إذا استوى الثلث والثلثان
جودة أو رداءة) أي وكذا إذا كان الثلث أردأ لتمحض الفضل وهو معنى قول الشارح الآتي ويؤخذ
منه الخ وأما إذا كان الثلثان أردأ فالمنع لدوران الفضل من الجانبين. قوله: (لا إن زاد أحدهما عينا الخ) أي
لا يجوز إذا اقتسما عينا أن يزيد آخذ الجيدة عينا لآخذ الرديئة لأجل دناءة ما أخذه ولا
يجوز إذا اقتسما طعاما أن يزيد آخذ الجيد كيلا لآخذ الردئ لدناءة ما أخذه. قوله: (لدوران
الفضل من الجانبين) أي الفضل الحكمي لان الجودة منزلة منزلة الزيادة في العدد فصاحب الجيدة يرغب
لها لجودتها وإن كانت أقل عددا وآخذ الدنيئة يرغب لها لكثرتها فلما دار الفضل من الجانبين انتفى
قصد المعروف فغلب جانب البيع. قوله: (في الأجود جاز) أي بأن دفع آخذ الأردأ لآخذ الأجود
زيادة. قوله: (كما إذا استويا جودة أو رداءة) أي وزاد أحدهما لصاحبه. قوله: (أخذ أحدهما) على سبيل
المراضاة إذ لا يجمع في القرعة بين نوعين. قوله: (على أنها) أي المراضاة تمييز حق فهو فرع مشهور مبني
على ضعيف. قوله: (لا بيع) أي وإلا لمنع لما فيه من بيع طعام ودراهم بمثلها وقوله بمنزلة أي فذلك بمنزلة الخ.
قوله: (فإن اختلفت صفة القمح) أي بأن أخذ أحدهما محمولة والآخر سمراء أو أخذ
أحدهما نقيا والآخر غلثا. قوله: (لاختلاف الأغراض) أي لان عدو لهما عما هو الأصل من أخذ
كل واحد حصته من الأقفزة والدراهم إنما هو لغرض وهو هنا المكايسة. قوله: (وكذا إن اختلفت
الدراهم) أي في الصفة فإنه لا يجوز كما قاله بعضهم وعلل ذلك بأنها إذا اختلفت في الصفة
اختلفت الأغراض فينتفي المعروف لان عدو لهم عما هو الأصل من أخذ كل واحد حصته
في الدراهم إنما هو لغرض المكايسة وقوله لكن العبرة الخ هذا إشارة لطريقة أخرى وهي المعتمدة
وحاصلها أنه لا يشترط في الجواز اتفاق الدراهم في الصفة والعبرة إنما هو باتفاقها في الرواج فاختلافها
في الصفة مع الاتفاق في الرواج لا يضر وهذه الطريقة ظاهر المصنف حيث خصص شرط
الاتفاق في الصفة بالقمح فيقتضي أن الدراهم لا يشترط اتفاقها صفة. تنبيه: مثل مسألة
المصنف في الجواز مسألة المدونة وهي مائة قفيز قمح ومائة قفيز شعير شركة بين اثنين اقتسماها
مراضاة فأخذ أحدهما ستين قمحا وأربعين شعيرا وأخذ الآخر ستين شعيرا وأربعين قمحا فيجوز
مع اتفاق الحب في الصفة بناء على أنها تمييز حق. قوله: (ووجب غربلة قمح إن زاد غلثه على الثلث) أي
سواء كان الغلث تبنا أو غيره وكذا يجب تنقية بلح زاد حشفه البالي الذي لا حلاوة فيه على
الثلث وإنما وجبت الغربلة عند زيادة الغلث على الثلث لان بيعه من غير غربلة فيه غرر كثير.

505
قوله: (بخلاف القسمة) أي بالقرعة بناء على دخولها في المكيلات والموزونات وإنما اغتفر فيها عدم
الغربلة لأنها تمييز حق فيغتفر فيها ما لا يغتفر في البيع وذكر المصنف مسألة البيع هنا مع أنه لا تعلق لها
بالقسمة إشارة إلى أن الغربلة فيها ليس حكمها كالبيع. قوله: (وجاز في القسم جمع بز الخ) أشار الشارح
بهذا إلى أن قول المصنف وجمع الخ ليس عطفا على فاعل وجب ولا ندب بل على فاعل جاز المتقدم
ومحل جواز الجمع إذا ترافعا لحاكم وطلبا القسم ولم يذكرا جمعا ولا أفرادا أما لو طلب الجمع أحدهما كان
واجبا فإن طلبا الافراد كان الجمع ممنوعا. قوله: (كل ما يلبس) أي ومنه الفراء كما لعياض. قوله: (وهكذا)
أي ثم بجمع في القسم فترد عند التقويم وتجمع عند القسم بالقرعة لأنها وإن كانت أصنافا
حقيقة لكنهم جعلوها كالصنف الواحد لان الغرض من هذه الأصناف واحد وهو الستر واتقاء
الحر والبرد. قوله: (فلا يجب إفراد كل صنف على حدة) أي بالقسم بل يجوز كما يجوز جمعهما.
قوله: (ولو كصوف) هذا مبالغة في محذوف أي وجمع بز مختلف ولو كان الاختلاف
كصوف الخ. قوله: (لا جمع أرض) أي لا يجوز في قسمة القرعة جمع أرض بعل وهي التي
يشرب زرعها بعروقه من رطوبتها. قوله: (أو غرب) أي أو ذات بئر بغرب. قوله: (فتغاير
المعطوفان) أي لان الغرب معطوف على محذوف وهو الدولاب وهما متغايران لا أنه عطف
على بئر حتى يلزم عطف الخاص على العام بأو لان الغرب يسقي به من البئر. قوله: (مطلقا) أي سواء
كانت بدولاب أو بغرب. قوله: (فلا يجوز الجمع بينهما) أي بين البعل وبين ذات البئر أو ذات الغرب.
قوله: (كالنوعين) أي فإن الزكاة من الأول والعشر ومن الأخيرين نصف العشر فنزلت تلك
الأراضي منزلة الأنواع المختلفة وهي لا تجمع في القرعة. قوله: (والسيح) مبتدأ، وقوله كالبعل
خيره وقوله في تلك الأقسام أي أقسام المنطوق والمفهوم فلا يجمع أرض سيح من ذات بئر بدولاب
أو غرب ولا معهما وأما جمع السيح مع البعل فقد تقدم للمصنف جوازه وهو أحد
قولين والآخر المنع وأشار له المصنف سابقا بلو وقوله وهو أي السيح مدخول الكاف
أي في قول المصنف كبعل. قوله: (والمراد ثمر النخل خاصة) الصواب العموم إذ لا فرق بين البلح
وغيره من الفواكه كما في بن. وقوله بدليل الشرط الآتي أي وهو قوله واتحدا من بسر أو رطب
وفيه أن هذا شرط في شئ خاص فلا ينتج التخصيص في جميع السياق. قوله: (أو زرع بأرضه)
أي لا يجوز قسم الزرع القائم في أرضه. قوله: (أي التحري) أي بأن يتحرى أن زرع أو بلح تلك
الجهة قدر زرع أو بلح تلك الجهة ويأخذ كل واحد جهة. قوله: (لان قسمه من البيع) هذا التعليل
يقتضي أن الممنوع قسمه مراضاة لأنها من البيع وإن قسمه بالقرعة غير ممنوع وليس كذلك
بل قسمه على التبقية أو السكوت ممنوع مطلقا كانت القسمة مراضاة أو بالقرعة فتأمل. قوله: (فإن
دخلا على جذه عاجلا جاز) أي إذا وجدت بقية شروط بيعه على الجذ من الانتفاع به والاضطرار
وعدم التمالؤ كما ذكره بن. قوله: (فالمنع بالأولى) أي إلا ما سيأتي استثناؤه من الثمر والعنب فإنه
يجوز قسمه بالخرص بالشروط الستة التي ذكرها المصنف. قوله: (بالخرص على أصوله)
أي ولو دخلا على الجذ. قوله: (فلا يقسم إلا كيله) أي بعد جذه بالفعل. قوله: (أولا) أي بأن دخلا

506
السكوت أو التبقية. قوله: (كثمر غير النخل) أي كما يمنع قسم ثمر غير النحل بالتحري قبل بدو
صلاحه ولو دخلا على جذه كذا قال الشارح تبعا لعبق ورده بن بأنه غير مسلم بل ثمر غير النخل
كثمر النخل إذا قسم مفردا بالخرص يمنع إن دخلا على التبقية أو السكوت وأما إذا دخلا على الجذاذ
فيجوز. قوله: (لما فيه الخ) علة لقوله فلا يجوز مطلقا. قوله: (بطعام وعرض) أي والعرض مع الطعام يقدر
أنه طعام والشك في التماثل كتحقق التفاضل. قوله: (لا بقيد الخ) أي لان قسمه بأصله ممنوع ولو
دخلا على الجذ. قوله: (وفاقا للشارح) قال بن وهو غير صواب والصواب ما قاله غيره من جعل
التشبيه ناما فقال كقسم ما لم يبد صلاحه من الزرع والثمر مع أصله وهو الشجر وأرض الزرع فيمنع مع
اشتراط التبقية أو السكوت وأما على الجذ فيجوز وأما قسم ما بدا صلاحه مع أصله فيمنع ولو دخلا
على جذه لان فيه بيع طعام وعرض بطعام وعرض وهذا هو الموافق لنص المدونة ونصها قال مالك
إذا ورث قوم شجرا أو نخلا وفيها ثمر فلا تقسم الثمار مع الأصل قال ابن القاسم. وإن كان الثمار طلعا
أو وديا إلا أن يجذاه مكانه ا ه‍. وحاصل ما يتعلق بهذه المسألة أن تقول لا يجوز قسمه الزرع والثمر
بالتحري وقبل بدو صلاحه حيث دخلا على التبقية أو السكوت ويجوز إذا دخلا على الجذ وأما
بعد بدو صلاحه فلا يجوز مطلقا إلا البلح والعنب فإنه يجوز بالشروط الستة التي ذكرها المصنف وهذا
كله إذا أريد قسمه بدون أصله وأما لو أريد قسمه معه فإن كان لم يبد صلاحه جاز إن دخلا على
الجذ ومنع إن دخلا على التبقية أو السكوت، وإن كان قد بدا صلاحه منع مطلقا ولو دخلا على
الجذ، هذا على طريقة غير بهرام وهي الصواب وأما على طريقته فمتى قسم مع أصله منع مطلقا بدا
صلاحه أو لا، دخلا على التبقية أو الجذ أو السكوت. قوله: (أو قسمه) أي الزرع تحريا قتا أي حزما
وهو أي قوله أو قتا عطف علي بأصله. قوله: (فلا يجوز) أي وإنما يقسم بعد تصفيته بمعياره الشرعي
وهو الكيل وإنما امتنع قسم الزرع هنا قتا وجاز بيع ألقت جزافا كما تقدم في قوله وقت جزافا
لا منفوشا لكثرة الخطر هنا إذ يعتبر في كل من الطرفين شروط الجزاف لو قيل بجوازه بخلاف
البيع فإنها إنما تعتبر في طرف المبيع فقط وهو ألقت. قوله: (إلى المزابنة) أي لان كلا من الشريكين
يريد زبن الآخر أي دفعه وغلبته وما ذكره الشارح من التعليل يشير إلى أن مراد المصنف بالزرع هنا ما يمنع
فيه التفاضل وأما غيره كالبرسيم فسيأتي الكلام عليه عند قوله كبقل. قوله: (أو فيه فساد) صفة لموصوف
محذوف كما قدره الشارح والموصوف المحذوف عطف على قسمه من قوله كقسمه بأصله. قوله: (كياقوتة)
أي وفص ولؤلؤة فلا يجوز قسم واحد مما ذكر نصفين وأخذ كل واحد من الورثة نصفا مراضاة أو
بالقرعة وكذا يقال في الجفير. قوله: (وأما المزدوجان كالخفين) أي والنعلين والمصراعين وجعل ح
من المزدوجين الكتاب إذا كان سفرين. قوله: (فيجوز مراضاة) أي لامكان كل من الشريكين
شراء فردة أخرى يكمل بها الانتفاع، كذا عللوا، وقد يقال هذا التعليل يجري في القرعة أيضا فتأمل.
قوله: (أو في أصله بالخرص) عطف على أن لم يجذاه. قوله: (مع ما قبله) أي مع ما قبل قوله كقسمه بأصله
وهو قوله وثمر إذ معناه وثمر على أصله. قوله: (ويحمل هذا الخ) على الجواب الأول يصير الاستثناء
بعد وهو قوله إلا الثمر متصلا وعلى الجواب الثاني يصير منقطعا وإنما حمل ما هنا على ما بدا صلاحه وما تقدم
على ما لم يبد صلاحه لاطلاقه المنع هنا وتقييده فيما مر ولا شك أن ما لم يبد صلاحه إنما يمنع قسمه إذا
لم يدخلا على جذه وإلا جاز، وأما ما بدا صلاحه فيمنع قسمه مطلقا ولو دخلا على جذه، وقوله أو أن
هذا محمول على ثمر غير النخل أي الذي لم يبد صلاحه، وقوله وذاك في النخل أي في ثمر النخل الذي لم
يبد صلاحه، وهذا الجواب فيه نظر لأنه يقتضي أن ثمر غير النخل الذي لم يبد صلاحه يمنع قسمه

507
بالخرص مطلقا ولو دخلا على الجذ بخلاف ثمر النخل الذي لم يبد صلاحه فإنه إنما يمنع إذا لم يدخلا على
الجذ وليس كذلك بل ثمر غير النخل كثمر النخل كما مر على الصواب، فالأولى الحل الأول.
قوله: (كبقل) أي من كراث وسلق وكزبرة وبصل وجزر وفجل وخس ا ه‍ قال شيخنا وما قيل في البقل
يقال في زرع البرسيم. وحاصل ما في البقل أن تقول إذا قسم على التبقية أو السكوت فالمنع، بدا صلاحه
أولا، قسم بأرضه أو وحده، وإن قسم على الجذ فإن كان هناك تفاضل بين أجزأ اتفاقا وإن لم يكن
تفاضل بين أجازه أشهب وعبد الحق ومنعه غيرهما، لا فرق بين كونه بدا صلاحه أم لا، قسم وحده أو
مع أصله. قوله: (لا يقسم على أصله) أي لا يقسم حالة كونه على أصله التي هي الأرض. قوله: (بشروط
ستة) أي فإذا وجدت جازت القسمة سواء دخلا على الجذاذ أو على التبقية أو على السكوت.
قوله: (لكثرة عياله الخ) الأولى سواء زاد عيال أحدهما على عيال الآخر أو لا، فلا يشترط اختلاف عددهما
بل المدار على اختلاف الحاجة مطلقا ولو كان الاختلاف بكثرة أكل عيال أحدهما وقلة أكل عيال
الآخر، ولو مع اتفاقهما عددا كما في بن، خلافا لما في عبق من اشتراط عددهما. قوله: (فلا
يجوز قسمه بخرصه) أي وإنما يقسم بالكيل بعد جذه أو يباع ليقسم ثمنه. قوله: (ما يقع فيه اختلاف
الحاجة عرفا) هذا ما اختاره شيخنا وقال عج إن القلة معتبرة بالعرف. قوله: (وحل بيعه) أي على
التبقية لا مطلق، محلل للبيع لان الصغير إذا بلغ حد الانتفاع به حل بيعه لكن على الجذ لا على البقاء فلا
يجوز قسمه إذا كان القسم على البقاء كما هو الموضوع هنا فالصغير، لما لم يجز بيعه على البقاء لم يجز قسمه
على التبقية وإلى كون المراد وحل بيعه على التبقية أشار الشارح بقوله بدو صلاحه يعني بالاحمرار أو
الاصفرار بالنسبة لثمر النخل وظهور الحلاوة فيه بالنسبة للعنب. قوله: (قسم كل منهما على حدته) أي
ولا يجمعان في القسم بالخرص. قوله: (إلى الشك) أي وهو قسمه بالخرص. قوله: (بالتحري) أي في كيله
أي بأن يتحرى كيل ما على النخل الذي في الجهة الفلانية وكيل ما على النخل الذي في الجهة الفلانية
فإذا تساوى الكيلان ضربت القرعة بينهما، وإلى هذا أشار الشارح بقوله فيتحرى الخ. قوله: (شامل
للثلاثة) أي تحرى الكيل وتحرى الوزن وتحرى القيمة. قوله: (شرط الشئ) أي الذي هو التحري
وقوله في نفسه أي لان الموضوع قسمه بالخرص والخرص هو التحري. قوله: (موهم)
أي لأنه يتوهم منه تحري الوزن أو تحري القيمة. قوله: (وهذا) أي اشتراط تحري الكيل.
قوله: (لا بد منها الخ) أي ولا يشترط قلته ولا اتحاده من بسر أو رطب إذ لا يتأتى ذلك في البلح
الرامخ. والحاصل أن البلح إما صغير وهو المشار إليه بقوله وثمر وزرع إن لم يجز فالشرط في جواز قسمه

508
بالخرص الدخول على الجذ فقط، وأما كبير وهو الرامخ فلا بد في جواز قسمه بالخرص من
الشروط المذكورة هنا في المتن إلا شرط القلة والاتحاد من بسر أو رطب وحلية البيع فالمشترط فيه
تحري الكيل والقسم بالقرعة واختلاف حاجة أهله والدخول على الجذاذ وأما إذا كان البلح قد بدا
صلاحه فيجوز قسمه ولو على التبقية بالشروط التي ذكرها المصنف. قوله: (ذلك) أي البلح والعنب
وقوله كذلك أي بالشروط المذكورة. قوله: (وبالعكس) أي ووقع ثمر هذا الثاني في أصل هذا الأول.
قوله: (سقى ذو الأصل) المفعول محذوف أي أصله أو نخله. قوله: (فليقرأ الخ) هذا غير متعين بل يجوز
قراءته بكسر النون على أنه اسم فاعل ويحمل على ما إذا كان الثمر غير مؤبر كذا في عبق وهذا إنما يظهر
على القول الضعيف من جواز استثناء البائع ثمرا لم يؤبر بناء على أن المستثنى سبق فقط لا أنه
مشتري وإلا منع. قوله: (أو فيه تراجع) عطف على أول الممنوعات وهو قوله لا كثمر أو زرع
إن لم يجذ. قوله: (على أن الخ) أي ودخلا قبل القسمة على أن من صار الخ وقوله إذ كل منهما لا يدري
أي حال القسمة. قوله: (كنصف العشر) أي كما لو كانت إحدى الدارين تساوي مائة والأخرى
تساوي تسعين ودخلا على أن من أخذ ذات المائة يدفع خمسة. قوله: (والراجح المنع مطلقا) أي كما قال
ابن عرفة ظاهر الروايات منع التعديل في قسم القرعة بالعين مطلقا وما قاله المصنف تبع فيه اللخمي
وهو ضعيف وإن سلمه ابن عبد السلام. قوله: (التعليل المذكور) أي وهو قوله إذ لا يدري كل منهما
هل يرجع أو يرجع عليه. قوله: (قل) أي ما يتراجعان فيه أو كثر. قوله: (أو لبن في ضرع) أي كأن يكون
بينهما بقرة واتفقا على أن كل واحد يحلبها يوما أو بقرتان واتفقا على أن كل واحد يأخذ واحدة
يأكل لبنها مع بقاء الشركة سواء تراضيا على أن هذا يأخذ هذه وهذا يأخذ الأخرى أو اقترعا فلا يجوز
سواء اتفق ذو اللبن أو اختلف كبقر وغنم. قوله: (فيجوز) أي إذا كانت القسمة مراضاة وسواء اتفق
ذو اللبن كبقر أو اختلف كبقر وغنم وكذا إذا كانت مهايأة على ما مر عن عبق. قوله: (لأنه على وجه
المعروف) أي لان أحدهما ترك للآخر الفضل على وجه المعروف فلا مخاطرة. قوله: (بلا مخرج) مثلا
المخرج المرحاض والمنافع فإذا قسما داخلين على أنه لا مرحاض أو لا مطبخ لأحدهما كانت القسمة
فاسدة كانت مراضاة أو بالقرعة. قوله: (وهذا إن دخلا على ذلك) اعلم أن محل المنع إذا دخلا على ذلك
ما لم يكن لصاحب الحصة التي لا لمخرج لها محل يمكن أن يجعل له فيه مخرجا وإلا جاز، وكذا يقال في
المرحاض والمطبخ، وظاهر كلام المصنف ولو تراضيا بعد القسمة على خروج من لم يحصل المخرج في
نصيبه من المخرج الذي حصل للآخر وهو كذلك لوقوع العقد فاسدا والغالب عدم انقلابه صحيحا.
قوله: (ولا يجبر الخ) يعني أنه إذا كانت أرض تسقى من عين أو من نهر فقسمت الأرض فاتفقوا على
أن العين أو النهر لا يقسم لا مراضاة ولا جبرا وأن مجرى الماء المسمى بالقناة لا تقسم جبرا فإذا طلب
أحد الشركاء قسمتها وأبى الآخر فلا يجبر الآبي، وإن تراضوا على قسمتها قسمت وإذا لم يتراضوا
على قسمتها وقلتم لا يجبر الآبي على قسم المجري قسم الماء بالقلد. قوله: (على قسم مجرى الماء)

509
أي بالقرعة بأن يجعل قناتين وتضرب القرعة. قوله: (بدليل ما يأتي) أي وهو قوله وقسم أي الماء بالقلد
إذ لو لم يحمل ما هنا على القسم بغير القلد لنا في ما بعده وذلك لان قوله ولا يجبر على قسم مجرى القسام أي الماء
الجاري أفاد نفي الجبر على قسمه وقوله بعد وقسم أي الماء الجاري بالقلد ظاهره جبرا عن الآبي فإذا
حمل قوله ولا يجبر على قسم الماء الجاري أي بغير القلد اندفعت المنافاة. قوله: (فقد تكلف) هذا جواب
من قال. قوله: (على كل حال) أي سواء فسرنا مجرى الماء بالماء الجاري أو بمكان جري الماء. قوله: (من
النقص) أي نقص الماء. قوله: (ماء النهر مثلا) أي أو العين. قوله: (معناه الأصلي) أي وهو الذي أشار
له بقوله سابقا وهو في الأصل جرة أو قدر الخ. قوله: (فإذا سقطت) أي بنفسها أو بأمر سماوي، وأما
لو هدمها صاحبها فإنه يجبر على إعادتها، كذا قيل وانظره. قوله: (ولا يجمع بين عاصبين) حاصله أن
قسمة القرعة لا يجوز أن يجمع فيها بين عاصبين فأكثر سواء رضوا بالجمع أو لا، فإذا كانت الورثة كلهم
عصبة كأربعة أولاد فلا يجوز أن تجعل التركة قسمت كل قسم لعاصبين وتضرب القرعة إلا إذا كان
مع العصبة صاحب فرض كزوجة أو أصحاب فروض فإنه يجوز جمع العصبة حينئذ إذا رضوا، رضي
أصحاب الفروض بجمعهم أم لا، فلو ترك زوجة وثلاثة أولاد فإن التركة تجعل ثمانية أقسام وتجمع
الأولاد الثلاثة ويكتب أسماؤهم في ورقة ويكتب اسم الزوجة في ورقة وترمي الورقتان فالقسم
الذي جاءت عليه ورقة الزوجة لها وما بقي للأولاد فإن شاؤوا قسموا بعد ذلك وإن شاؤوا استمروا
على الشركة. قوله: (وهم) أي العصبة. قوله: (فإنه يجوز الجمع بينهم) أي بين العصبة في السهم. قوله: (ثم إن
شاءوا قسموا) أي ما يخصهم أي وإن شاءوا استمروا على الشركة. قوله: (إلا برضاهم) أي برضا العصبة
رضي بقية الورثة أم لا، هذا هو الصواب كما في بن. قوله: (بثبوت النون) أي فإسقاطها أما على اللغة
القليلة التي تحذف نون الرفع لمجرد التخفيف نحو: كما تكونوا يولى عليكم وكقوله:
أبيت أسرى وتبيتي تدلكي وجهك بالعنبر والمسك الذكي
وأما إن هنا شرطا مقدرا وهو فإن رضوا يجمعوا وليس الشرط هنا مقدرا قبل: الفاء لان هذا
الجواب لا تصحبه الفاء. قوله: (في مطلق الجمع) أي لان الجمع في العصبة مع أصحاب الفروض برضاهم،
وأما الجمع بين ذوي السهام فهو جبري ولو كان معهم عاصب. وحاصله أن أصحاب كل سهم يجمعون

510
أو لا في القسم وإن لم يرضوا. قوله: (لم تجب لذلك) أي كما حكى عليه ابن رشد الاتفاق وهو وإن تعقبه
ابن عرفة بما ذكره عياض من الخلاف لكن لا يخفى رجحانه من كلام عياض انظر بن. قوله: (وكتب الخ)
صفة ذلك أن يعدل المقسوم من دار أو غيرها بالقيمة بعد تجزئته على قدر مقام أقلهم جزءا فإذا كان
لواحد نصف دار ولآخر ثلثها ولآخر سدسها فتجعل سنة أجزاء متساوية القيمة ويكتب
أسماء الشركاء في ثلاثة أوراق كل اسم في ورقة، وتجعل كل ورقة في بندقة ثم يرمي بندقة على طرف
قسم معين من طرفي المقسوم ثم يكمل لصاحبها مما يلي ما رميت عليه إن بقي له شئ ثم يرمي ثاني بندقة
على أول ما بقي مما يلي حصة الأول ثم يكمل له مما يلي ما وقعت عليه ثم يتعين الباقي للثالث فكل واحد
يأخذ جميع نصيبه متصلا بعضه ببعض من غير تفريق، وتبين أن رمي الورقة الأخيرة غير محتاج
إليه في تمييز نصيب من هي له لحصول التمييز برمي ما قبلها فكتابتها وخلطها إنما هو لاحتمال أن تقع
أولا إذ لا يعلم أنها الأخيرة إلا بعد. قوله: (بعد تعديل المقسوم) أي وبعد تجزئته على قدر مقام أقلهم
جزءا. قوله: (فمن خرج اسمه على قسم أخذه) أي وكمل له مما يليه إن بقي له شئ. قوله: (أو كتب المقسوم)
أي اسمه بأن يكتب اسم الجهة ويزيد المجاورة للمحل المخصوص فيكتب مثلا الجهة الشرقية المجاورة
لفلان وهكذا. قوله: (وأعطى كلا لكل من الشركاء) أي فيعطي صاحب النصف في المثال الذي
قلناه سابقا ثلاثة أوراق ولصاحب الثلث ورقتان ولصاحب السدس واحدة وعلى هذه الطريقة
قد تحصل تفرقة في النصيب الواحد قال الشيخ أحمد ولعله غير مضر في القسمة لأنها لرفع ضرر الشركة
وذلك حاصل مع التفريق أيضا وفيه نظر ففي الجواهر وغيرها ما يفيد أنه لا بد من اتصال نصيب كل
شخص وعدم تفريقه وعليه فيعاد العمل إذا لم يحصل اتصال حتى يحصل لكل شخص نصيبه غير
مفرق، كذا في عبق. قال بن وهو كلام تخليط خلاف الصواب والصواب كما لابن غازي
وطفي وغيرهما أن قول المصنف أو كتب المقسوم الخ عطف على قوله ثم رمى فكتابة الشركاء مسلط
عليه. وحاصله أنه إذا كتب الشركاء في أوراق بعددهم إما أن يرمي أسماءهم التي كتبها على أجزاء
المقسوم أو يقوم مقام رمي أسماء الشركاء على الاجزاء كتابة الاجزاء معينة في أوراق ستة مثلا
ويأخذ لورقة من الأسماء ورقة من الاجزاء وكمل لصاحبه مما يلي إن بقي له شئ كالعمل الأول
سواء بلا تفريق ولا إعادة قسم انظر بن. قوله: (فتتعين الأولى) أي وهي أن تكتب أسماء الشركاء.
قوله: (ومنع اشتراء الخ) كأن يكون لشخص من الورثة ربع الدار وأراد مقاسمة شركائه فيقول
له شخص أشتري منك ما يخرج لك بالقسمة بكذا فيمنع كان ذلك المشتري أجنبيا أو شريكا على
المعتمد وظاهره المنع وقع البيع على البت أو على الخيار وهو ما اختاره عج واختار اللقاني أن
محل المنع إذا وقع البيع على البت لا إن وقع على الخيار فلا يمنع بناء على أن بيع الخيار منحل، وهذا
بخلاف ما إذا اشترى حصة شائعة على أن يقاسم بقية الشركاء فإن ذلك جائز ويدخله الشفعة ووجه
جوازه أنه لما كان الشريك مجبورا على القسم عند طلب المشتري له لم يكن اشتراطه للقسم مناقضا
لمقتضى العقد والفرق بين هذه المسألة ومسألة المصنف أن البائع في هذه المسألة قادر على التسليم بخلافه
في مسألة المصنف وذلك لان المشتري لما دخل على الشيوع صار المبيع معلوما له ومقدورا على
تسليمه من حيث الشيوع بخلاف مسألة المصنف فإن المشتري فيها داخل على شراء معين والتعيين
غير حاصل في الحال فتأمل. قوله: (قبل خروجه) ظرف لقوله اشتراء. قوله: (ويتعذر تسليمه عند
العقد) أي ولأنه قد يخرج ما لا يوافق غرضه. قوله: (ونظر) أي ونظر الحاكم في دعوى جور أو غلط

511
أي في دعوى أحد المتقاسمين أن ما بيده أقل من نصيبه بالقسمة لجور بها وهو ما كان عن عمد أو
غلط من القاسم وهو ما لم يكن عن عمد فإن تحقق عدم ذلك منع المدعي من دعواه وإن أشكل عليه
الامر بأن لم يتفاحش ولم يثبت حلف المنكر لدعوى صاحبه الجور أو الغلط وإن تفاحش الجور أو
الغلط بأن ظهر حتى لغير أهل المعرفة أو ثبت بقول أهل المعرفة نقضت وقوله ونظر الخ هذا في قسمة
القرعة. قوله: (حيث) ظرف لقوله حلف. قوله: (فإن تفاحش) أفرد الضمير مع أن المتقدم شيئان الجور
والغلط لان العطف بأو وثنى ثانيا نظرا لجواز الامرين. قوله: (أو ثبت) أي أو لم يتفاحش ولكن ثبت الخ.
قوله: (نقض القسمة) أي فإن فاتت الاملاك ببناء أو غرس رجع للقيمة يقسمونها فإن فات
بعضه وبقي سائره على حاله اقتسم ما لم يفت مع قيمة ما فات كما في ح وغيره وقوله نقضت القسمة
ظاهره نقضت القسمة بثبوت الغلط ولو كان يسيرا وعزاه عياض للمدونة وأشهب وابن حبيب
وقيل يعفى عن اليسير كالدينار في العدد الكثير وهو قول ابن أبي زيد وغيره اه‍ بن. قوله: (وكان
الأنسب الخ) أي لان قوله وحلف الخ مرتب على مفهوم قوله فإن تفاحش أو ثبت. قوله: (وهذا) أي
ما ذكر من نقضها ما لم تطل المدة. حاصل الفقه أن محل نقض القسمة إن قام واجده بالقرب وحده
ابن سهل بعام والظاهر أن ما قاربه كنصف سنة كهو وأما إن قام واجده بعد طول فلا نقض وهذا ظاهر
فيما إذا كان الجور أو الغلط ثبت بقول أهل المعرفة وأما لو كان متفاحشا ظاهرا لأهل المعرفة وغيرهم
فلا تنقض القسمة بدعوى مدعيه ولو قام بالقرب حيث سكت مدة تدل على الرضا فإن لم تمض مدة
تدل على الرضا حلف المدعي أنه ما اطلع على ذلك ولا رضي به فإن حلف كان له نقض القسمة وإنما
حلف لاحتمال اطلاعه عليه ورضاه به ولا يحلف أن بنصيبه جورا أو غلطا لظهوره للعارف وغيره.
قوله: (فإن نكل المنكر عند الاشكال أعيدت القسمة) فيه نظر بل إذا نكل قسم ما ادعى الآخر أنه
حصل به الجور أو الغلط منهما على قدر نصيب كل مثلا لو كانت حصة أحدهما تساوي عشرة
والآخر تساوي خمسة عشر على دعوى مدعي الجور أو الغلط فالذي حصل به الجور ما يقابل
خمسة فيقسم بينهما من غير رد يمين إن اتهمه المنكر أو بعد يمين المدعي إن حقق المنكر كذبه كما في بن.
قوله: (فينظر فيها) أي في المراضاة عند دعوى أحدهما الجور أو الغلط فإن وجد الجور أو الغلط
فيها فاحشا ظاهرا لأهل المعرفة وغيرهم نقضت وأما إن ثبت الجور أو الغلط بقول أهل المعرفة
نقضت إن كان الجور كثيرا لا قليلا كما لعياض وغيره وحكى ابن عرفة عليه الاتفاق، وبهذا يعلم أن
التشبيه في قول المصنف كالمراضاة غير تام وذلك لان الجور الثابت بالبينة تنتقض به القرعة سواء كان
يسيرا أو كثيرا على المعتمد كما علمت، وأما المراضاة فلا تنتق به إلا إذا كان كثيرا نعم على ما قابل المعتمد
في القرعة يكون التشبيه تاما تأمل. قوله: (ولا يجاب له) أي للنقض المفهوم من تنقض. قوله: (وأجبر
لها) أي عليها أو أنه ضمن أجبر معنى الجئ فلهذا عداه باللام وظاهره أنه يجبر عليها من أباها إذا
طلبها البعض كانت حصة الطالب قليلة أو كثيرة وهو كذلك وظاهره أيضا أنه يجبر الآبي عليها إن
انتفع كل ولو كانت الحصة بعد القسم ينقص ثمنها عما يخصها لو بيع المقسوم بتمامه وهو كذلك.
قوله: (انتفاعا تاما) أي بأن يكون انتفاعه بعد القسم مجانسا لانتفاعه في قبل المدخل والمخرج والمرتفق وإن لم
يكن الانتفاع بعد القسم مساويا لانتفاعه قبله فالمدار على كون سكناه بعد القسم كسكناه قبله خلاف
ما لو كان القسم يؤدي لعدم سكناه بل لايجاره فقط فلا يجبر حينئذ ويقسم مراضاة أو مهايأة خلافا
لابن الماجشون فالمدار عنده على أي انتفاع كان. قوله: (بما يراد له) أي للانتفاع به كبيت السكنى
ومفهوم الشرط أنه إذا لم ينتفع كل انتفاعا تاما لا يجبر وهو كذلك وحينئذ فيقسم بالتراضي.

512
قوله: (وأجبر للبيع الخ) يعني أنه إذا اشترى اثنان دارا للسكنى أو للقنية أو ورثاها معا أو وهبت لهما أو
تصدق بها عليهما ثم أراد أحدهما أن يبيع حصته وامتنع شريكه من بيع حصته أجبر شريكه على البيع
معه إن نقصت حصة شريك ذلك الآبي وهو مريد البيع إذا بيعت مفردة عن حصة الآخر. قوله: (فإن
فرض أنه ينقص الخ) فيه نظر بل الصواب أن ما ينقسم لا يجبر فيه على البيع بحال إذ لو طلب القسم لجبر
له الآخر انظر بن. قوله: (لا كربع غلة) أي أو اشترياه معا للتجارة. قوله: (بأن زاد الخ) فيه إشارة إلى أن
أفعل على بابه ا ه‍ وقال بن المراد بالأكثر على ما صححه ابن غازي الثلث فأكثر فهو بمعنى الكثير لا
حقيقة اسم التفضيل إلا أنه إذا كان النصف فدون فله الخيار في التمسك بالقسمة وعدم الرجوع على
صاحب الجزء السالم بشئ وفي الرجوع عليه في السالم بقدر نصف المعيب من السالم ويكون
لصاحب السالم من المعيب بقدر ما كان لصاحب المعيب من السالم فلا تنتقض القسمة في الكل بل في
البعض وإذا كانا لمعيب أكثر من النصف فله الخيار على وجه آخر وهو أن يتمسك بالمعيب ولا يرجع
بشئ أو يفسخ القسمة من أصلها وعليه ففي قول المصنف فله ردها إجمال. قوله: (وجه الصفقة) أي
باعتبار القيمة وإن لم يكن أكثر في التجزئة. قوله: (أو بيع) ما ذكره من أن البيع مفيت ويلزم صاحب
السالم أن يرد لواجد العيب نصف القيمة هو ما في الأم وذكره أبو سعيد في تهذيبه وهو الراجح وفي ح
أنه غير مفيت وواجد العيب مخير إن شاء رد ذلك البيع فتعود الشركة كما كانت قبل القسمة وإن شاء
أجازه وأخذ ما يقابل نصيبه من ثمنه وهو قول سحنون انظر بن. قوله: (رد نصف قيمته) الأولى
قيمة نصفه وهي أقل من نصف القيمة وذلك لأنه لو لم يحصل فوات أخذ النصف من السليم فإذا فات
فليأخذ قيمة نصفه لا نصف قيمته تأمل. قوله: (أو بعده) أي أو كان يوم القبض بعد يوم القسم. قوله: (وما
سلم بينهما) لو قال والمعيب بينهما لم يرد عليه شئ حتى يحتاج للجواب بقول الشارح من الفوات
وهو ما به العيب. قوله: (أنه متى فات أحدهما) أي أحد النصيبين وقوله فالآخر أي فالنصيب الآخر.
قوله: (قال المصنف) أي في التوضيح. قوله: (وإلا رجع الخ) حاصله أنه إذا وجد أحد المتقاسمين

513
عيبا في حصته قليلا كالربع فأقل فإن القسمة لا تنقض في الكل بل في البعض وذلك لان صاحب
المعيب يرجع على صاحبه بنصف قيمة الصحيح المقابل للمعيب ويصير صاحب الصحيح مشاركا
في المعيب بقدر ما أخذ منه من الصحيح. قوله: (مما بيده) أي حالة كون قيمة نصف مقابل المعيب مما بيده.
قوله: (عن المضاف إليه) أي وهو قيمة التي هي بمعنى ثمن. قوله: (أي فلا يرجع) أي ذو المعيب شريكا الخ أي
وإنما يرجع عليه بنصف قيمة مقابل المعيب من السليم. قوله: (بنسبة ما أخذ منه) أي وهو قيمة بدل
نصف الربع. قوله: (ببدل نصف الربع قيمة) أي بقيمة نصف الربع من السليم المقابل لنصف الربع
من لمعيب وتعتبر القيمة هنا يوم القسم لصحته لا يوم القبض. قوله: (والمعتمد الخ) أي خلافا لظاهر
المصنف فإنه يقتضي أن الثلث والنصف حكم الربع وأنهما داخلان تحت قوله وإلا رجع بنصف الخ
لان المتبادر من الأكثر ما زاد على النصف. قوله: (الثلث فما فوق) أي كنصف وما فوقه إلا أن كيفية
التخيير مختلفة كما تقدم في كلام ابن غازي. قوله: (من نصيب أحد الخ) احترز عما إذا كان الاستحقاق من
النصيبين فإنه لا كلام لواحد منهما على الآخر لاستواء الكل في ذلك. قوله: (فللذي استحق ذلك من
يده) أي وله أن يتمسك بالباقي ولا يرجع بشئ. قوله: (بنصف قيمة ما استحق من يده) أي وهو الربع.
قوله: (بنصف ما يقابله) أي ما يقابل ما استحق من يده. قوله: (وإليه) أي إلى عدم التخيير. قوله: (في
الأكثر) أي في استحقاق الأكثر. قوله: (في المحلين) أي محل استحقاق النصف والثلث ومحل استحقاق
الأكثر. قوله: (أو على وارث وموصى له بالثلث) إن قلت لما فسخت في طرو موصى له بعدد على وارث
وموصى له بالثلث مع أن وصية الميت إنما تنفذ جبرا على الوارث من الثلث فكان القياس أن لا يرجع
الموصي له بالعدد إلا على الموصي له بالثلث؟ قلت لان حق الموصى له بعدد متعلق بجميع التركة وقد يتلف
ما قبضه الموصي له بالثلث أو ينقص. قوله: (تنفسخ في الأربعة) ومثلها في البطلان طرو غريم على
موصي له بعدد وطرو وارث على موصي له بعدد وطرو غريم على وارث وموصي له بعدد فهذه الثلاثة
تضم للأربعة التي ذكرها المصنف تنقض القسمة فيها. قوله: (وقد أبى الورثة من دفع الدين) أي
للغريم الطارئ والذي قوله: إذ لو دفعوه أي للغريم الطارئ وقوله فلا كلام له أي في نقض القسمة وكذا
يقال في الموصي له بعدد. قوله: (أو مثليا) أي غير العين فلا يقال إن فيه عطف العام على الخاص بأو وهو
كعكسه ممنوع. قوله: (إن كان) أي ما أخذه قائما وقوله وبمثله أي ورجع عليه بمثل ما يخصه إن كان

514
ما أخذه قد فات. قوله: (فعليه) أي فيرجع الطارئ عليه بما يخصه في ذمته ولا يأخذ مليا عن معدم.
قوله: (والمعتمد الخ) أي وهو ظاهر ابن الحاجب وابن شاس وصرح به ابن رشد في سماع يحيى ونصه
واختلف إذا طرأ على التركة دين أو وصية بعدد بعد اقتسام الورثة التركة من دنانير أو دراهم أو
عروض أو طعام أو حيوان أو عقار على خمسة أقوال، ثم قال والثاني أن القسمة تنقض فيكون
ما هلك أو نقص أو نمي من جميعهم إلا أن يتفق جميعهم على عدم نقضها ويخرجوا الدين
والوصية من أموالهم ويفدوها فذلك لهم وهو المشهور من مذهب ابن القاسم المنصوص له في المدونة ا ه‍.
ومعنى كون ما هلك أو نقص من جميعهم أنه إذا هلك ما بيد أحدهم كلا أو بعضا بسماوي ثم
نقضت القسمة لطرو الدين فضمان ما تلف من جميعهم لا ممن كان بيده لان القسم بينهم كان باطلا للدين
فإن فضل من باقي التركة شئ بعد الدين كان لمن تلف قسمه الدخول مع الورثة فيما فضل وأما ما هلك
بيد أحدهم بفعله فلهم تضمينه اه‍ وفي ح أن ما ذكره المصنف من التفصيل صرح به في اللباب
وذكره ابن عرفة ونقله اللخمي وابن رشد أيضا انظر بن تجد نص ابن عرفة واللباب فيه. قوله: (وإن
دفع الخ) هذا كالاستثناء من الفسخ في قوله كطرو غريم على وارث الخ. قوله: (جميع الورثة) أي
أو أجنبي فيما يظهر ا ه‍ عبق وقوله للغريم أي أو للموصي له بالعدد. قوله: (مضت القسمة) أي فيما إذا
كان المقسوم عقارا على ظاهر المصنف ومطلقا على المعتمد. قوله: (ولا تنقض) ظاهره سواء قسموا
غير عالمين بالغريم أو عالمين به وهو كذلك خلافا لما في كتاب محمد عن مالك من عدم صحة القسمة إذا
قسموا عالمين بالغريم ولو دفعوا ماله من الدين بعد القسم. قوله: (فإن امتنعوا أو بعضهم نقضت) الحاصل
أنه إذا دفع جميعهم أو بعضهم برضا الباقين أو مع إبايتهم ولم يقصد الدافع الرجوع بشئ على من أبى
فإن القسمة تمضي في هذه الصور الثلاث وإن لم يدفع أحد منهم للطارئ أو دفع بعضهم مع إباية باقيهم
وأراد الدافع الرجوع بما دفعه عليهم فإنها تنقض في هاتين الصورتين. قوله: (كبيعهم الخ) يعني إذا باع
الورثة التركة بلا محاباة بل بثمن المثل فإن بيعهم يكون ماضيا فإذا طرأ الغريم بعد بيعهم فليس له نقضه
وسواء كان البيع بعد القسم أو قبله وكذا يمضي ما اشتراه الورثة من التركة وحوسبوا به في ميراثهم
وظاهره مضي البيع ولو كانت السلعة قائمة بيد المشتري ولو كانت الورثة معدمين بالثمن وهو كذلك
إذ لا مطالبة على المشتري ومحل مضي البيع حيث لم يعلم الورثة بالدين حين البيع أما لو علموا به فباعوا
فللغرماء نقض البيع وانتزاع المبيع ممن هو بيده كما قاله في كتاب الدين من المدونة انظر بن. قوله: (مطلقا)
أي ولو بمحاباة وقوله إذا فات الخ قيد في مضيه إذا كان بمحاباة وقوله وإلا فلهم أي للغرماء
نقضه قياسا على الوكيل يبيع بمحاباة فإنه ماض إذا فات ويغرم المحاباة وللموكل رده إن كان المبيع
قائما ولم يدفع للموكل ما حابى به وما اقتضاه كلامه من أن البيع إذا كان بمحاباة للغرماء رده مع
القيام ويمضي مع الفوات فيه نظر كما قال بن بل البيع ماض مطلقا ولو مع القيام لان المحاباة التي وقع
البيع به كالهبة من الوارث وهبته لا ترد واختلف هل يضمن الواهب في هذه المسألة فقال ابن
حبيب يضمن فيدفع للغريم ولا يرجع على الموهوب له وهو المشتري وذهب أشهب وسحنون
إلى أنه لا يضمن فيرجع الغريم على الموهوب له بالمحاباة وعلى كل حال لا ينفض البيع انظر بن وما
تقدم من قياس الوارث البائع بمحاباة على الوكيل بالمحاباة فهو قياس مع الفارق فإن الورثة باعوا ما هو
في ملكهم في اعتقادهم بخلاف الوكيل. قوله: (واستوفى الخ) حاصله أنه إذا طرأ غريم

515
أو موصي له بعدد على الورثة فوجد بعضهم استهلك ما أخذه بالقسمة وبعضهم لم يستهلك أو بعضهم
باع حصته وبعضهم لم يبع فإنه يستوفي حقه ممن وجد بيده شيئا من التركة قائما لأنه لا إرث إلا بعد
وفاء الدين وإذا استوفى الغريم من ذلك الموجود فإن الورثة يتراجعون بعد ذلك كما قال المصنف. قوله: (إن
لم يعلموا) أي قبل القسمة بالطارئ وإلا أخذ الخ، كذا قرره الطخيخي وهو مشكل لأنه إذا
كان من أخذ منه الطارئ عالما فكيف يقال إنه يأخذ الملئ العالم عن المعدم مع مساواته له في العلم،
والذي ينبغي أن يقال إن التراجع هنا كالحمالة فإن لم يعلموا بذلك الطارئ قبل القسمة وأخذ الطارئ
حقه مما وجده قائما بيد أحدهم فإن المأخوذ منه يرجع على كل واحد بحصته ولا يأخذ أحدا عن أحد
وإن كانوا عالمين بذلك الطارئ قبل القسمة وأخذ حقه مما وجده بيد أحدهم فإن المأخوذ منه يأخذ
من الملئ العالم حصته ويشاركه فيما على المعسر ولأجل هذا الاشكال قرر بعضهم وهو جد عج أن
قول المصنف إن لم يعلموا ليس شرطا فيما قبله وإنما هو راجع لصدر الكلام أعني قوله كبيعهم بلا غبن
أي كما يمضي بيعهم بلا غبن إن لم يعلموا فإن علموا كان للغريم نقضه كما مر عن المدونة وقوله إن لم يعلموا
أي بأن عليه دينا وأنه يقدم على الإرث فعلمهم بالدين مع جهلهم تقدمه على الإرث كعدم علمهم
ونحوه لابن عاشر وارتضاه المسناوي لكن في تأخير إن لم يعلموا تشوي فلعله من مخرج المبيضة. قوله: (بتبعيض
حقه) أي أخذ بعض حقه من قسم شخص والبعض الآخر من قسم شخص آخر. قوله: (لا دين)
بالرفع عطفا على الضمير المستتر في أخرت من غير فاصل وفي قوله لا دين رد على ابن أيمن القائل
بتأخير قضاء الدين للوضع ووجهه بعضهم بأن ثبوت الدين يتوقف على الاعذار لجميع الورثة
ويقوم مقام الصغير وصيه وإنما يقام عليه بعد وضعه، ورده ح بأن إقامة الوصي عليه لا تتوقف على
الوضع بل تصح على الحمل. قوله: (فلا يؤخر قضاؤه) أي بل يقضي عاجلا لحلوله بالموت. قوله: (وفي
تأخير الوصية) أي في تأخير تنفيذها وقوله كالتركة أي كقسم التركة. قوله: (قولان) أي على
القول بتعجيل إنفاذ الوصية فإن تلفت بقية التركة بعد تعجيل الوصية وقبل الوضع رجع الورثة على
الموصي لهم بثلثي ما بأيديهم مراعاة للقول الآخر. قوله: (وإلا عجلت كالدين اتفاقا) الحق أن الخلاف في
الوصية مطلقا سواء كانت بعدد أو بجزء كما في بن فانظره. قوله: (وقسم) أي بقرعة أو بتراض وقوله
أب أي مسلم وإلا فلا إذ لا ولاية للكافر على المسلم وقوله أو وصي أي ولو أما بشرط كونه مسلما
أيضا والمراد بالوصي ولو حكما فيدخل مقدم القاضي. قوله: (وملتقط) اسم فاعل يقسم عن ملتقطه
بالفتح المشارك لغيره فيما وهب له. قوله: (فليس له) أي للصغير الذي قسم عنه أبوه أو وصيه أو ملتقطه
أو الحاكم كلام إذا بلغ رشيدا. قوله: (شرطة) أي علامة تميزه في لبسه. قوله: (فليس له أن يقسم عن
غيره) أي من صغير أو غائب اللهم إلا بأمر القاضي. قوله: (أو ذي كنف) هو الكافل تطوعا. قوله: (قل
أو كثر) تقدم في الحجز أن الحاضن يبيع القليل والظاهر أن قسم القليل كبيعه وهو الذي رجحه ابن سهل
كما في المواق عنه ا ه‍ بن. قوله: (والآخر أخرى) هذا لفظها وقد استشكل بأن القسمة إن كانت قرعة
كما هو مقتضى التعادل فلا تدخل في النوعين ولا يشترط فيها التراضي وإن كانت مراضاة فلا
يشترط فيها التعادل وأجاب ابن يونس باختيار الأول ودخلت في النوعين للقلة ولم يجبر عليها

516
لاختلاف النوع وأجاب غيره باختيار الثاني أي أنها مراضاة ومعنى قولها إن اعتدلتا إن دخلا
على قسمة لا غبن فيها. قوله: (وهذا) أي قول المصنف وفيها قسم نخلة الخ. قوله: (وهل هي) أي
القسمة المفهومة من قولنا وفيها قسم الخ. قوله: (قرعة) أي بأن تضرب القرعة ليظهر من يأخذ
هذه ومن يأخذه هذه. قوله: (وأجيب) أي عن الايراد المذكور. قوله: (وقيل بل يحمل كلامها
على المراضاة) أي كما حملها عليه سحنون. قوله: (فلا ينافي الخ) أي لأنه في القرعة. قوله: (أنهما دخلا
على بيع) أي على قسم لا غبن فيه.
باب في القراض
قوله: (ونوع شركة) عطف على قسم أي ولان فيه نوع شركة قبل قسم الربح. قوله: (من القرض)
أي بفتح القاف. قوله: (بجزء من الربح) أي والعامل قطع لرب المال جزأ من الربح الحاصل
بسعيه ا ه‍ بن وحينئذ فالمفاعلة على بابها. قوله: (توكيل الخ) هذا يقتضي أنه لا بد في القراض من لفظ ولا تكفي
في انعقاده المعاطاة لان التوكيل لا بد فيه من لفظ ويفيد ذلك أيضا قوله بجزء لان جعل الجزء للعامل
إنما يكون باللفظ لكن مقتضى قول ابن الحاجب القراض إجارة على التجر في مال بجزء من ربحه
أنه يكفي فيه المعاطاة لان التجارة يكفي فيها المعاطاة كالبيع إذا وجدت القرينة. قوله: (على تجر الخ)
المراد به البيع والشراء لتحصيل الربح. قوله: (ما عداه) أي ما عدا ذلك التوكيل الخاص.
قوله: (حتى الشركة) أي حتى خرجت الشركة وقوله لان الخ علة لخروج الشركة. قوله: (والشركة لا تقيد به)
أي لجوازها بالنقد وغيره كما مر. قوله: (لان انقد متجر به لا فيه) أي وحينئذ فمتعلق تجر محذوف أي
في كل نوع وليس المراد ظاهره من توكيله على بيع الذهب بالفضة وعكسه لعدم شموله للتجارة بنقد في
عروض مع أنها جائزة وقد يقال جعل في بمعنى الباء غير لازم بل يصح إبقاؤها على حالها للظرفية
المجازية والتجر في المال يشمل عرفا التجر به في أي شئ كان تدبر. قوله: (ضربا يتعامل به) اشتراط
التعامل في المسكوك هو الذي فهمه الشيخ زروق من كلام التنبيهات قال ح ولم أر من صرح به لا في
التنبيهات ولا في غيرها فانظره ا ه‍ بن. قوله: (لا بعروض) أي ومنها الفلوس الجدد وهذا محترز بنقد
وما بعده محترز مضروبا وكان عليه أن يزيد ولا بمضروب لا يتعامل به كما في بلاد السودان وظاهره
عدم الصحة إذا كان رأس المال عرضا ولو كان يتعامل به ولو انفرد التعامل به كالودع قصرا للرخصة
على موردها لكن قال بعضهم كما في بن أن الدراهم والدنانير ليست مقصودة لذاتها حتى يمتنع
القراض بغيرها حيث انفرد التعامل به انظره. قوله: (مسلم من ربه للعامل) أي بدون أمين عليه لا بدين
عليه أو برهن أو وديعة كما يأتي ولا إن جعل عليه أمينا فإن تسليمه حينئذ كلا تسليم. قوله: (بجزء)
الأولى تعلقه بتوكيل لا بتجر أي أن يوكله بجزء على أن يتجر بالنقد أي بالمال كله وتعلقه بتجر يوهم أن
المتجر به الجزء مع أن المتجر به المال كله. قوله: (كعشرة دنانير) أي إلا أن ينسبها لقدر سماه من الربح

517
كلك عشرة إن كان الربح مائة فيجوز لأنه بمنزلة العشرة. قوله: (إن علم قدرهما) أي وقت العقد.
قوله: (يؤدي إلى الجهل بالربح) إن أراد الجهل بمقداره فهذا لازم لكل قراض ولا يضر وإن أراد الجهل
بالجزء المجعول للعامل من الربح من نصف أو ربع مثلا فلا يسلم فالأولى التعليل بأن فيه خروجا عن
سنة القراض الذي هو رخصة وذلك لأنه قد استثنى للضرورة من الإجارة بمجهول ومن السلف بمنفعة.
قوله: (الموصوف بما تقدم) أي من كونه مضروبا متعاملا به. قوله: (لا من تمام التعريف الخ) صفة لمقدر
أي مبالغة في مقدر مستقل لا من تمام التعريف لئلا يلزم أخذ الحكم في التعريف وهو دور، ورد
المصنف بلو قول عبد الوهاب بالمنع كذا في بن وغيره. قوله: (لأنه الأصل) أي في المنع لورود النص فيه
وأما الرهن والوديعة فالمنع فيهما بطريق القياس على الدين. قوله: (واستمر الخ) مستأنف استئنافا بيانيا
جوابا عما يقال قد قلت إن القراض بالدين لا يصح فما حكمه إذا وقع؟ فأجاب بقوله واستمر الخ.
قوله: (ما لم يقبض أو يحضره) إن قلت المحل للواو لا لأو لأن عدم الجواز مقيد بانتفاء الامرين معا فإذا
انتفى القبض والاحضار مع الاشهاد فلا يجوز وإذا حصل أحدهما فالجواز، والجواب أن أو بعد النفي لنفي
الأحد الدائر وهو صادق بكل منهما فلا بد من انتفائهما معا حتى يتحقق انتفاؤه كقوله تعالى: * (ولا تطع
منهم آثما أو كفورا) *. قوله: (أو أحضره) أي في يده لربه. قوله: (مع الاشهاد) أي لرجلين أو رجل وامرأتين
ولا يكفي إشهاد واحد ويمين لعدم تصوره هنا لان اليمين على المنكر عند التنازع ولا نزاع هنا
إنما هو إشهاد على شئ حاضر. قوله: (ثم دفعه له قراضا) أي في الحالة الأولى وهي ما إذا أقبضه لربه أو أمره
أن يعمل به في الحالة الثانية وهي ما إذا أحضره لربه. قوله: (صح) ظاهره أنه لمجرد القبض يصح القراض ولو
أعاده له بالقرب وهو كذلك والمغصوب يكفي في صحة عمل الغاصب فيه قراضا إحضاره لربه كالوديعة.
قوله: (ولو بيده) أي هذا إذا كان كل من الرهن والوديعة بيد أمين أما في الرهن فظاهر وأما في الوديعة
فبأن أودعها المودع لعورة حدثت في منزله بل وإن كانا بيد العامل أي عنده وفي محله. قوله: (مع أن المشهور
المنع) أي للعلة التي علل بها ابن القاسم. قوله: (فلذا بالغ على ذلك) أي على منع القراض بالرهن والوديعة إذا
كانا بيده. قوله: (ولو بغير إشهاد كاف) قال بن وهو الصواب ومقتضى التعليل بأنها محض أمانة أن الرهن
ليس كالوديعة فلا يكفي فيه مجرد الاحضار بل لا بد معه من الاشهاد. قوله: (والرهن كالوديعة) أي فإذا وقع
القراض بالرهن فالربح لرب المال والخسر عليه وليس للعامل إلا أجرة مثله. قوله: (أي بلد القراض) أي بلد
العقد وقوله أو العمل فيه أي أو بلد العمل في القراض، وأو لتنويع الخلاف فالأول تقرير الشارح
بهرام والثاني للمواق. قوله: (إذا لم يوجد مسكوك يتعامل به أيضا) أي وأما إذا وجد مسكوك

518
يتعامل به فالمنع ولو غاب التعامل به على التأمل بالمسكوك. قوله: (بالممنوع) أي بأن وقع بتبر أو بنقار
فضة أو حلي لم يتعامل به ببلده. قوله: (على المشهور) أي لان التبر إذا كان لا يجوز القراض به إلا إذا
انفرد التعامل به والحال أنه ليس مظنة للكساد فأولى الفلوس التي هي مظنة للكساد فلا يجوز
القراض بها اللهم إلا أن تنفرد بالتعامل بها وإلا جاز اتفاقا. قوله: (ولو في المحقرات) أي ولو كان
العامل يعمل بها في المحقرات الخ. قوله: (وظاهره ولو في بلاد الخ) قد تقدم لك عن بن أن بعضهم أجاز
جعل العرض رأس مال قراض إذا انفرد التعامل به. قوله: (يقتصر فيها على ما ورد) أي من الدراهم
والدنانير. قوله: (ومحل المنع) أي بالعرض. قوله: (سواء كان العرض نفسه قراضا) أي بأن دفع رب
المال عرضا بمائة وجعل له جزءا من الربح إذا باعه وربح وقوله أو ثمنه بأن دفع له عرضا وأمره أن
يبيعه ويجعل ثمنه رأس مال وقيد اللخمي المنع في الثاني بما إذا كان لبيعه خطب وإلا جاز وتقييده
ضعيف والمعتمد المنع مطلقا. قوله: (وجعل ثمنه قراضا جاز) أي لان جعل رأس المال قيمة لعرض أو
نفسه. والحاصل أن قوله إن تولى العامل بيعه في مفهومه تفصيل وذلك لأنه إذا تولى غير العامل بيعه
فإن جعل رأس المال الثمن الذي بيع به العرض جاز وإن جعل رأس المال قيمته الآن أو بعد المفاصلة
أو نفس العرض منع. قوله: (كأن وكله على خلاص دين) أي ولو كان الذي عليه الدين حاضرا
مقرا مليئا تأخذه الاحكام وأما تقييد اللخمي المنع بالحاضر الملد أو الغائب الذي يحتاج للمضي
إليه فضعيف. قوله: (أو ليصرف) سواء كان للصرف بال أو لا قصرا للرخصة على موردها وتقييد
فضل المنع بما إذا كان له بال ضعيف. قوله: (في المسائل الأربع الفلوس وما بعدها الخ) الذي في بن
عن ابن عاشر أن قول المصنف فأجر مثله راجع للتبر وما بعده واعلم أن جريان قوله فأجر مثله في
التبر والفلوس ولو متعاملا بهما حيث باعهما واشترى بثمنهما عروضا فإن جعلهما ثمنا لعروض
القراض فليس له أجر توليه، وإنما له قراض مثله والفرض أن كلا من الفلوس والتبر لم ينفرد
بالتعامل به لأنه محل الفساد، وأما لو انفرد كل بالتعامل به القراض صحيح ولا بكون للعامل إلا
الجزء الذي سمي له. قوله: (في ذمة) متعلق بقوله أجر مثله وحينئذ فله ذلك الاجر حصل ربح أم لا.
قوله: (ثم له قراض مثله) أي مثل المال لا مثل العامل. قوله: (فإن فيه قراض) أي لان لفظ شرك يطلق
على النصف فأقل وأكثر فيكون مجهولا. قوله: (فلا جهل فيه) أي وحينئذ فيكون جائزا.
قوله: (عطف على مدخول الكاف) الأولى على صفة مدخول الكاف المقدر. قوله: (أو قال بجزء الخ) لا يقال
حمله على هذا يلزم عليه التكرار مع قوله كلك شرك فالأولى حمله على الأول لأننا نقول نظرا لاختلاف
العنوان لمغايرة لفظ جزء للفظ شرك وإن كان المعنى واحدا. قوله: (وفيه قراض المثل) أي بخلاف
ما إذا قال له أعمل به في الصيف فقط أو في موسم العيد فقط ونحو ذلك مما عين فيه زمن العمل فإنه
فاسد وفيه أجرة المثل فقط كما يأتي وذلك لشد التحجير في هذا دون ما قبله لان المال بيده في هذا القسم
وهو ممنوع من العمل به حتى يأتي الوقت الذي عينه رب المال للعمل فيه بخلاف ما إذا قال له اعمل

519
فيه سنة من الآن أو أعمل فيه سنة فإن المال بيده ليس محجورا عليه في العمل به وأما صورة إذا جاء
الوقت الفلاني فاعمل به فإنه وإن كان محجورا عليه في العمل بيده حتى يأتي الزمان الذي عينه ربه
فهو مطلق التصرف بعده فهو أخف مما يعمل فيه في الصيف فقط. قوله: (أي شرط فيه على العامل)
أي وأما لو تطوع العامل بالضمان ففي صحة ذلك القراض وعدمها خلاف انظر بن فإن دفع رب المال
للعامل المال واشترط عليه أن يأتي له بضامن يضمنه فيما يتلف بتعديه فلا يفسد بذلك وهو جائز وإن
شرط عليه أن يأتيه بضامن يضمنه مطلقا أي لا بقيد كان القراض فاسدا ولو كان الضمان بالوجه ولا
يلزم كما أفتى به عج. قوله: (أو قراض قال فيه للعامل الخ) أي أن رب المال أعطاه دراهم معينة وقال له
اشتر بها سلعة فلان ثم إن بعها واتجر بثمنها ولك ثلث الربح مثلا. قوله: (فالصور أربع) أي بصورة
المصنف ثم اشتراط البيع بالدين كاشتراط الشراء به فيفسد القراض وفيه قراض المثل إن عمل كما
في تت وقال المواق فيه أجرة المثل وعلى الأول حمل عياض المدونة وعلى الثاني حملها ابن يونس.
قوله: (أو شرط عليه ما يقل وجوده) أي التجر فيما يقل وجوده. قوله: (بأن يوجد تارة) أي كالبلح
الأحمر والطيخ (قوله ان عمل) أي وحصل ربح فان حصل خسر فهو عليهما معا كما في عبق
قوله: (على المعتمد) أي خلافا لمن قال بعدم الفساد إذا اشترى ما اشترط عليه. قوله: (ما لا يشبه) أي جزءا
لا يشبه أن يكون جزء قراض. قوله: (فاللازم قراض المثل) أي جزء قراض المثل. قوله: (فالتشبه الخ)
أي أنه غير تام ولأجل اختلاف هذا مع ما قبله في الصحة والفساد عدل المصنف عن عطف
هذا كالذي قبله للتشبيه. قوله: (وفيما فسد) خير مقدم وما موصولة صلتها جملة فسد وغيره حال
من الضمير في الصلة وأجره مثله مبتدأ مؤخر وستأتي أمثلته في قوله كاشتراط يده الخ. قوله: (ويفرق
بينهما) أي بين ما فيه قراض المثل وأجرة المثل وقوله أيضا أي كما فرق بما تقدم. قوله: (بأن ما وجب
فيه قراض المثل) أي كما في المسائل المتقدمة. قوله: (بل يتمادى فيه) أي حتى يبيع ما اشتراه فقط كما هو
صريح كلام ابن رشد وليس المراد أنه يتمادى ولو بعد نضوض المال. قوله: (فإنه يفسخ متى عثر عليه) أي
ولا يمكن العامل من التمادي على العمل. قوله: (في بيان ما يرد) أي في بيان المسائل التي يرد الخ.
قوله: (كاشتراط يده) أي كأن يشترط رب المال يده مع العامل أو يشترط العامل على رب المال عمل
يده مع العامل كما في عبق. قوله: (أي مشاورته) أي رب المال. قوله: (بحيث لا يعمل عملا
فيه) أي فيكون المقراض فاسدا ويرد العامل لأجرة المثل ولا يعطي الجزء الذي سمي له حال
العقد. قوله: (أو أمينا) هو بالنصب عطفا على محل مراجعته كما أشار له الشارح بتقدير

520
اشترط. قوله: (لأنه لما لم يأتمنه) أي لان رب المال لما لم يأتمن العامل على مال القراض وجعل عليه أمينا
صار العامل شبيها بالأجير. قوله: (بخلاف غلام الخ) أي فيجوز بالشرطين الآتيين. قوله: (غير رقيب) أي
غير جاسوس يتطلع على ما يفعله العامل في المال ويخب به ربه. قوله: (فالشرط الخ) قال بعضهم وبقي
للجواز شرط ثالث وهو أن لا يقصد رب المال بذلك تعليم الغلام وإلا فسد القراض وكأن المصنف لم
يعتبر هذا الشرط فلم يذكره أو أنه اعتبره وأدخله في مسائل اشتراط زيادة على العامل لان تعليم الغلام
زيادة عمل عليه. قوله: (وكان يخيط) عطف على قوله كاشتراط يده فيكون القراض فاسدا ويرد
العامل لأجرة المثل. قوله: (أو يشترط عليه أن يشارك الخ) أي اشترط ذلك عليه في حال العقد وأما
وقوع ذلك بعد العقد فجائز كما سيأتي أن له أن يشارك بالاذن. قوله: (أو يخلط) أي أو شرط عليه رب
المال أن يخلط المال بماله فإن وقع وخسر المال إن فض الخسر عليهما بقدر كل وللعامل على رب المال
أجرة مثله فيما عمله في مال القراض سواء حصل ربح أو خسر أو لم يحصل واحد منهما ويقبل قوله في
الخسر والتلف وفي قدر ما تلف بيمينه كما أفتى به عج. قوله: (إلا بإذن رب المال) أي بعد العقد. قوله: (وإلا
ضمن) أي خسره وتلفه فإن أبضع بغير إذن رب المال وربح فإن كان الابضاع بأجرة للمبضع معه فهي
في ذمة العامل وإن كانت الأجرة أكثر من حظ العامل من الربح حسب للعامل حظ من الربح يدفعه
فيما عليه من الأجرة وغرم العامل الزائد وإن كانت أجرة المبضع معه أقل من حظ العامل لم يلزم رب
المال غير أجرة المبضع معه لان العامل لم يعمل شيئا وإن عمل المبضع معه بغير أجرة فللعامل الأول الأقل
من حظه وأجرة مثل المبضع معه أن لو استأجره لأنه لم يتطوع إلا للعامل وذو المال رضي أن يعمل له
فيه بعوض. قوله: (أن يزرع) أي يكري الأرض والبقر ويشتري البذر من مال القراض ويعمل بيده.
قوله: (وأما لو شرط عليه أن ينفقه في الزرع الخ) يؤخذ منه أن تعيين رب المال للعامل ما يتجر فيه من
عرض أو رقيق أو غيرهما غير مضر وهو كذلك كما في بهرام. قوله: (فلا يمنع) أي إلا أن يكون العامل له
وجاهة يراعيه الناس لوجاهته ويعملون له في الزرع بلا أجر وإلا منع. قوله: (أو بعد اشترائه) أي وإن
سأل العامل رجلا بعد اشترائه سلعة ما لا ينقده فيها فذلك قرض فاسد إن أخبر السائل المسؤول بشرائه
السلعة لأجل أن يدفع له ثمنها ويكون ربحها بينهما ا ه‍. قوله: (وذكر الواو) مصدر عطف على التأخير.
قوله: (لأنه لم يقع على وجه القراض المعروف) أي بل دخل ربه على سلف جر له نفعا. قوله: (فيلزمه)
أي فيلزم المدفوع له رد الثمن إلى صحبه. قوله: (ادفع لي عشرة مثلا) أي أشتري بها سلعة.

521
قوله: (لهما) أي للبيع والشراء وقوله ولو تعدد أي الزمن. قوله: (كسوق أو حانوت) أي بمحل كذا
والحال أن العامل لم يكن جالسا به من قبل وإلا جاز. قوله: (كأن أخذ مالا الخ) هذه المسألة غير قوله
أولا لا تشتر إلى بلد كذا لان ذلك شرط عليه أنه لا يشتري حتى يبلغ موضع كذا فإذا بلغه اشترى منه
أو من غيره فقد حجر عليه في الشراء قبل وصوله ولم يحجر عليه في الشراء من غيره بعد وصوله، وأما
هذه فقد حجر عليه قبل الوصول للبلد وبعد الوصول إليه وأيضا في هذه شرط عليه أن يخرج لبلد كذا
فيشتري منه ثم يعود فيبيعه في بلد العقد فحجر عليه في ابتداء الشراء وفي محل التجر والسابقة حجر عليه
في ابتداء التجر فقط. قوله: (وعليه) خبر مقدم والكاف في قوله كالنشر اسم بمعنى مثل مبتدأ مؤخر.
قوله: (الخفيفين) أي وأما غير الخفيف وما جرت العادة أنه لا يتولاه بنفسه وهو من مصلحة المال فله
أجره إذا عمله بنفسه وادعى أنه عمل ليرجع بأجره من غير يمين عند سكوت رب المال وأما إن خالفه
رب المال وقال بل عملت ذلك تبرعا منك فله الأجرة بيمين على أحد القولين لأنها دعوى معروف وقد
تقدم الخلاف في توجه اليمين في دعوى المعروف وقيل بلا يمين. قوله: (وعليه الاجر إن استأجر) أي
ومثل النشر والطي النقل الخفيف فيلزمه وإن استأجر عليه فمن ماله. قوله: (وجاز للعامل جزء من الربح
قل أو أكثر) ذكره لأجل التعميم صريحا في قوله سابقا بجزء لأنه نكرة في سياق الاثبات فلا تفيد
العموم فلما كانت تلك النكرة لا تفيد العموم أتى به هنا صراحة. قوله: (علمه لهما) أي للجزء القليل أو
الكثير حال العقد. قوله: (ولو كدينار) بأن قال رب المال للعامل جعلت لك من كل مائة تحصل ربحا دينارا
أو جعلت لك من كل مائة وواحد مائة. قوله: (أي بعد العمل الخ) أي خلافا لابن حبيب في منعه الزيادة بعد
العمل وأما بعد العقد وقبل العمل فلا يتوهم المنع لأن العقد غير لازم فكأنهما ابتدءا الآن عقدا. قوله: (المعلوم)
أي من المقام أو من جزء لان الجزء بعض الربح والجزء يفهم منه كله لدلالته عليه. قوله: (أو
العامل) أي ولا يؤدي اشتراط زكاة الربح عليه إلى القراض بجزء مجهول لان جزء الزكاة معلوم وهو ربع
عشر الربح فكأن رب المال قال للعامل لك من الربح نصفه مثلا إلا ربع عشر الربح وما ذكره المصنف
من جواز اشتراط زكاة الربح على أحدهما هو المشهور من المذهب خلافا لما في الأسدية من منع ذلك.
قوله: (وهو للمشترط) أي ولا يرجع القراض. قوله: (كقصور المال) يعني رأس المال وربحه
عن النصاب كما لو كان رأس المال عشرة دنانير وربحه خمسة بينهما وشرط رب المال على العامل
جزء الزكاة فإنه يدفع له ربع نصف واحد من حصته. قوله: (وكان) أي الربح. قوله: (مثلا) أي
أو على رب المال. قوله: (لما مر) أي بأن تفاصلا قبل الحول أو كان العامل لم تجب عليه الزكاة
لرق أو دين أو كفر. قوله: (بأن الواو للحال) أي والمعنى وهو للمشترط لا للقراض في حال كون الزكاة

522
لم تجب لمانع لكونه اشترط الزكاة ولم توجد. والحاصل أن زكاة الربح إذا اشترطت على أحدهما ولم
تجب الزكاة في الربح لمانع فإن جزء الزكاة من لربح بتمامه يكون لمشترطه ولا يكون للقراض لكونه
اشترط الزكاة ولم توجد لا زكاة حصة المشترط فقط كما توهم. قوله: (والربح) أي كأن يقول رب المال
للعامل اعمل في هذا المال والربح الحاصل كله لي أو لك أو لفلان الأجنبي. قوله: (وحينئذ خرج) أي
وحين إذ جعل الربح لأحدهما أو لغيرهما خرج عن كونه قراضا إلى كونه هبة وإطلاق القراض عليه
في هاتين الحالتين مجاز لما علمت أن حقيقة القراض توكيل على تجر بنقد مضروب مسلم بجزء من
ربحه، وإذا علمت أنه في هاتي الحالتين يكون هبة فيجري على حكمها فإذ اشترط الربح بغيرهما وكان
معينا قضى له به إن قبله وإن لم يقبله كان للمشترط كما في جزء الزكاة هذا هو الصواب كما قال بن. ونص
على ذلك في التوضيح وإن كان غير معين كالفقراء وجب من غير قضاء فإن اشترط لمسجد معين فقال
ابن ناجي أنه يجب من غير قضاء كالفقراء غير لمعينين وقال ابن زرب أنه يقضي به كالفقير المعين وإن
اشترط للعامل لم تبطل بموت ربه أو فله قبل المفاصلة لان المال كله بيده فكان الربح هبة مقبوضة
وإن اشترط لربه فهل تبطل بموت العامل أو لا بناء على أن العامل أجير لرب المال فكأن رب المال حائز
له قولان. قوله: (وضمنه في الربح له) فهم منه أنه لا ضمان على العامل يف اشتراط الربح لربه وهو
كذلك لبقاء المال على الأمانة وكذا إذا شرط لغيرهما اه‍ شب. قوله: (انتقل الخ) أي لأنه انتقل من
الأمانة للذمة. قوله: (إن لم ينفه) أي إن لم ينف العامل الضمان عن نفسه. قوله: (بأن شرط عليه الضمان)
أي بأن شرط رب المال على العامل الضمان. قوله: (يكون قراضا فاسدا) وهل يكون الربح للعامل
عملا بما شرطاه أو فيه قراض المثل لكونه قراضا فاسدا انظره ا ه‍ عبق. قوله: (أو هما على المعتمد) أي
وهو قول ابن المواز ومقابله لا يجوز اشتراط عملهما معا لأشهب وقوله عمل غلام ربه أو دابته أي
سواء كان كل منهما معينا أو غير معين. قوله: (في المال الكثير) قيل هذا فرض مسألة لا قيد ولذا
لم يذكره في المدونة كما قال المتيطي وإنما هو في التوضيح عن ابن زرقون اه‍ بن وعلى اعتباره
فالظاهر أن القلة والكثرة معتبرتان بالعرف. قوله: (مجانا) أي أو بجزء للغلام لا لسيده
ولعل مراد ابن فرحون بمجانا التابع له الشارح في التعبير بها أن لا يكون بجزء لربه فيوافق ما مر
والحاصل أن اشتراط عمل غلام ربه مع العامل جائز سواء كان لمشترط لذلك رب المال أو العامل
بشرط أن لا يكون بجزء لربه أعم من أن يكون مجانا أو بجزء للغلام ويشترط شرط ثان إذا كان
المشترط رب المال وهو أن لا يكون ذلك الغلام عينا يطلع على ما يفعله العامل في المال ويخبر به ربه
وإلا منع كما مر. قوله: (وخلطه) أي مال القراض بغيره. قوله: (وأن بماله) أي هذا إذا كان الخلط بمال
قراض عنده بل وإن كانا خلط بماله. قوله: (إن كان مثليا) أي إن كان المال المخلوط والمخلوط به
مثليا. قوله: (وكان الخلط قبل شغل أحدهما) قال بن لم أر من ذكر هذا الشرط وظاهر التوضيح
خلافه. قوله: (فيمنع خلط مقوم) ظاهره ولو متماثلا ونص في التوضيح على جواز خلطه بمثله.
والحاصل أن جواز خلط مال القراض بغيره قيده الشارح بشروط ثلاثة وقد علمت أن شرطين
منهما غير مسلمين. قوله: (أي الخلط) أي خلط مال القراض بماله أو بمال قراض عنده.
قوله: (إن خاف) أي العامل بتقديم أحدهما في البيع رخصا في ثمن الثاني أي أو خاف بتقديم أحدهما في
الشراء غلو الثمن في الثاني. قوله: (فيجب الخ) أي فيكون معنى الصواب الوجوب لا الندب وهو أحد

523
قولين والآخر الندب كما ذكر الشارح والأول قول ابن ناجي والثاني قول بعض شيوخه.
قوله: (ويلزم من تقديم ماله الخ) جملة حالية قيد في قوله أو كان أحدهما له. قوله: (لوجوب الخ) علة لوجوب
الخلط. قوله: (الغلاء في الشراء) أي كأن يخاف بتقديم أحدهما في الشراء الغلو في ثمن الثاني. قوله: (يضمن)
أي العامل الخسر إذا خاف ولم يخلط. قوله: (فتقوم) أي تلك العين المؤجلة بسلعة ثم تقوم تلك السلعة
بنقد وما ذكره المصنف من أن العامل يشارك بقيمة المؤجل ولو عينا هو مذهب المدونة الذي
أصلحها عليه ومقابله وهو الذي كان في المدونة قبل الاصلاح أن العامل يشارك بما زادته
قيمة ما اشتراه بحال ومؤجل على الحال فقط. قوله: (بربحه) أي بربح الثلث. قوله: (وما بقي) أي وهو
الثلثان على حكم القراض أي فللعامل منه الجزء المجعول له والباقي لرب المال وهذا على القول المعتمد
من أن العامل يشارك بقيمة ما زاد وأما على مقابله فتقوم تلك السلعة التي اشتراها بالمائتين فإن كانت
قيمتها مائة وعشرين كان شريكا بالسدس. قوله: (كما هو ظاهر المصنف) أي فإن قوله وشارك إن زاد
مؤجلا ظاهره كان شراؤه بالزائد لنفسه أو للقراض. قوله: (وقيل يخير رب المال) هذا هو الصواب كما
جزم به ابن رشد انظر بن. قوله: (في قبوله) أي في قبوله لما زاده العامل للقراض. قوله:
(وعدم قبوله) أي وعدم قبوله لما زاده العامل للقراض. قوله: (فالمال كله له) أي ويكون كله رأس مال القراض.
قوله: (مطلقا) أي سواء زاد مؤجلا أو حالا واشترى فيهما لنفسه أو للقراض فالصور أربع صورة المصنف
ومفهومها ثلاثة قد علمت من الشارح. قوله: (قبل الشغل) أي قبل شغل مال القراض بشرائه به كلا أو
بعضا سلعا. قوله: (أي إن لم الخ) أشار بذلك إلى أن قوله قبل شغله متعلق بيحجر. قوله: (أو حصل بعد
شغله) أي كلا أو بعضا. قوله: (وليس لرب المال منعه بعد الشغل) أي سواء كان المال قليلا أو كثيرا
وسواء كان السفر بعيدا أو قريبا وسواء كان العامل من شأنه السفر أولا خلافا لسحنون حيث قال
لا يسافر بعد الحجر عليه بعيدا ولو بالقليل ولابن حبيب القائل بمنع السفر بعد الحجر عليه مطلقا.
قوله: (وإلا لم يجز) أي وإلا فلو سماهما كأن قال وجدت سلعة كذا تباع رخيصة مع فلان أو سمي
أحدهما لم يجز وكان قراضا فاسدا قال عبق وانظر هل تكون السلعة لرب المال وعليه للمشتري
أجرة تولية الشراء أو تكون للمشتري أو إن عين البائع فكمسألة اشتر سلعة فلان فله قراض المثل وإن
عين السلعة فأجرة المثل. قوله: (بعرض) أي وأما بيعه سلع التجارة بدين فلا يجوز. قوله: (لأنه شريك)
أي والشريك له أن يبيع بالعرض. فإن قلت: مقتضى تعريف المصنف القراض بأنه توكيل على تجر
بنقد الخ أن العامل وكيل مخصوص والوكيل المخصوص يمتنع بيعه بالعرض. قلت: هو وإن كان
وكيلا مخصوصا لكن جاز بيعه بالعرض لتقوي جانبه بكونه شريكا. قوله: (وجاز له) أي للعامل
رده بعيب قديم أي اطلع عليه بعد الشراء ولو أبى رب المال من رده وأراد بقاءه للقراض وظاهره

524
ولو كان ذلك العيب قليلا والشراء فرصة ا ه‍ عبق. قوله: (وللمالك) أي وهو رب المال قبوله أي
لنفسه على وجه المفاصلة وأما لو أخذه ليبيعه للقراض فليس له ذلك. قوله: (إن كان المعيب) أي إن كان
ثمن المعيب المردود جميع مال القراض والحال أن الثمن الذي اشترى به ذلك المعيب عين. قوله: (ولي
أخذه) أي لأنه إذا نض المال كان لربه أخذه ولا كلام للعامل ولا يعارض هذا قولهم عقد القراض
لازم بعد العمل لأنه محمول على ما قبل النضوض. قوله: (وسواء بقي الخ) هذا مذهب ابن القاسم
فالجواز عنده مطلق، غاية الأمر أنه إذا شغل القراض الأجير عن الخدمة كلا أو بعضا سقط من
الأجرة بحسب الشغل. قوله: (ومنعه سحنون) أي إذا لم يبق على عمله الأول. قوله: (لما فيه الخ) قال عج
ولعل جوابه إن عقد القراض ناسخ للعقد الأول. قوله: (ودفع مالين الخ) حاصل ما في هذه المسألة من
الصور على الراجح أن المالين إما أن يدفعا للعامل معا أو متعاقبين قبل شغل الأول أو بعده وفي كل
إما أن يتفق الجزءان المجعولان للعامل في المالين أو لا، ففي الأولين بقسميهما يجوز إن شرط الخلط
وإلا منع وفي الأخير بقسميه يجوز إن لم يشترط الخلط وإلا منع، هذا كله إن لم ينض المال الأول،
وأما إن دفع الثاني بعد ما نض لأول فإن نض مساويا لرأس ماله واتفق جزاهما جز وإلا منع. قوله: (إن
شرطا خلطا للمالين قبل العمل) إنما جاز لأنه ولو مع اختلاف الجزء يرجع لجزء معلوم، بيان ذلك
أنه لو دفع له مائتين مائة على الثلث للعامل مائة على النصف على أن يخلطهما فحسابه أن تنظر لأقل
عدد له ثلث ونصف صحيح تجد ذلك ستة، وقد علمت أن للعامل من ربح إحدى المائتين الثلث ومن
ربح المائة الأخرى النصف فخذ له نصف الستة وثلثها وذلك خمسة ولرب المال نصف ربح مائة وثلثا
ربح المائة الأخرى فخذ له نصف الستة وثلثيها وذلك سبعة أجمعها مع الخمسة التي صحت للعامل يكون
المجموع اثني عشر، أقسم الربح على اثني عشر جزءا للعامل خمسة أجزاء وذلك ربع الربح وسدسه ولرب
المال سبعة أجزاء وذلك ثلث الربح وربعه ولا شك أن الربعين والثلث والسدس مجموع الربح.
قوله: (وعلى الأول) أي وعلى القول الأول وهو الجواز في المتفق. قوله: (فإن شرطه) أي
أو حصل بالفعل. قوله: (مساويا لأصله) أي لرأس ماله. قوله: (ومفهوم الشرط الأول) أي
وهو ما نض الأول بربح أو خسر. قوله: (قد يضيع على العامل ربحه) أي بأن يجبر به
الثاني. قوله: (قد يجبر الثاني خسر الأول) أي فهو في الحالتين كاشتراط الزيادة على العامل أو على
رب المال وذلك ممنوع. قوله: (والحق أنه يجوز مطلقا) أي والحق أنه إذا نض الأول بمساو جاز
الدفع مطلقا اتفق جزؤهما أو اختلف إن شرطا الخلط وإلا منع مطلقا اتفق جزؤهما أو اختلف.

525
قوله: (وجاز) أي سواء اشترى منه بنقد أو بمؤجل. قوله: (إن صح الخ) أي ولم يشترط ذلك عند العقد
وإلا منع. قوله: (أن لا ينزل واديا) أي محلا منخفضا كترعة. قوله: (أو لا يبتاع سلعة عينها له) أي لقلة
ربحها أو لوضيعة أي خسر فيها. قوله: (وضمن إن خالف) أي وكان يمكن المشي بعير الوادي والمشي
بالنهار والسفر بغير البحر وإلا فلا ضمان اه‍ عدوي. قوله: (غير الخسر) أي كالنهب والغرق والسماوي
زمن المخالفة فقط ولا يضمن السماوي والنهب بعد المخالفة كما لا يضمن الخسر وهذا في الثلاثة الأول
بخلاف الرابعة فإنه يضمن فيها السماوي والخسر، وإذا تنازع العامل ورب المال في أن التلف وقع زمن
المخالفة أو بعدها صدق العامل في دعواه أنه وقع بعد زمنها كما في ح عن اللخمي. قوله: (كأن زرع الخ)
يعني أن العامل إذا اشترى بالمال طعاما وآلة للحرث أو اكترى آلة وآجل أو زرع بمحل جور بالنسبة
إليه أو عمل بالمال في حائط غيره مساقاة بمحل جور بالنسبة إليه بأن كان لا حرمة له فيه ولا جاه فإنه يكون
ضامنا للمال إذا تلف الزرع أو الثمر بنهب أو سارق لأنه عرضه للتلف، وأما لو كان للعامل حرمة وجاه
ونهب الزرع أو الثمر أو سرق فلا ضمان عليه ولو كان المحل جورا بالنسبة لغيره. قوله: (عينا) حال من الهاء
في حركة أي أو حرك العامل مال القراض حالة كونه عينا بعد موت رب المال وعلمه بموته وظاهر قوله
أو حركه أنه يضمن بالتحريك بعد علمه بموت ربه سواء حركه ببلد ربه أو بغيره، وقيد ابن يونس
الضمان بالأول، وأما إن كان بغيره فله تحريكه ولو علم بموته نظرا إلى أن السفر عمل كشغل المال ولم يعتمد
المصنف تقييده وظاهر كلام بهرام اعتماد ذلك التقييد. قوله: (فيضمن) أي سواء أتجر لنفسه أو للقراض
والربح له في الأولى وأما في الثانية فالربح كله للورثة ولا شئ فيه للعامل. قوله: (لم يضمن) أي على
الراجح لان له فيه شبهة وقيل يضمن لخطئه على مال الوارث والعمد والخطأ في أموال الناس سواء.
قوله: (كما لو كان) أي مال القراض غير عين أي فإنه لا يضمن بتحريكه وليس للورثة أن يمنعوه من
التصرف فيه كما أن مورثهم كذلك. قوله: (أو شارك العامل غيره بمال القراض بلا إذن فيضمن) لأنه
عرضه للضياع لان ربه لم يستأمن غيره ومحل الضمان إذا شارك بلا إذن إذا غاب شريك العامل على شئ
من المال وسواء كان ذلك الشريك صاحب مال أو كان عاملا وأما إن لم يغب على شئ لم يضمن إذا تلف
كما قال ابن القاسم واعتمده أبو الحسن. قوله: (وإن شارك عاملا آخر) أي هذا إذا شارك عامل القراض
صاحب مال آخر بل وإن شارك عاملا آخر لرب القراض أو لغيره. قوله: (أو باع بدين) أي بنسيئة
فيضمن لأنه عرضه للضياع فالربح لهما والخسارة على العامل على المشهور ا ه‍ خش. قوله: (في
المسائل الأربع) أي وهي قوله أو حركه بعد موته عينا إلى هنا ولا يتأتى رجوعه للزرع والمساقاة
بمحل جوز له لان رب المال لا يأذن في تلف ماله في هذه الحالة وقد يقال رب المال قد يرضى بالمخاطرة فلا
يضمن العامل لعدم تعديه ولذا ارجع هذا القيد الشيخ أحمد بابا للزرع والمساقاة أيضا. قوله: (وغرم
العامل الأول) حاصله أن عامل القراض إذا دفع المال لعامل آخر قراضا بغير إذن رب المال فإن
حصل تلف أو خسر فالضمان من العامل الأول كما مر في قوله أو قارض بلا إذن وإن حصل ربح فلا شئ
للعامل الأول من الربح وإنما الربح للعامل الثاني ورب المال كما سيقول المصنف والربح لهما ثم إن دخل
العامل الأول مع الثاني على مثل ما دخل عليه الأول مع رب المال فظاهر، وإن دخل معه على أكثر مما
دخل عليه مع رب المال، فإن العامل الأول يغرم للعامل الثاني الزيادة والربح للعامل الثاني مع رب المال
ولا شئ للعامل الأول من الربح لان القراض جعل لا يستحق إلا بتمام العمل والعامل الأول لم يعمل
فلا ربح له وإن دخل معه على أقل فالزائد لرب المال لا للعامل الأول لأنه لا شئ له إذا
لم يحصل ربحا فإن لم يحصل للعامل الثاني ربح فلا شئ له ولا يلزم للعامل الأول لذلك الثاني شئ أصلا كما هو القاعدة

526
أن العامل لا شئ له إذا لم يحصل له ربح انظر بن. قوله: (تشبيه في غرم العامل الأول) أي تشبيه تام
لان العامل الأول يغرم في المحلين للعامل الثاني. قوله: (فخسر) أي أو تلف بعضه بسماوي أو ضياع
بعضه أو نقصه بتعد فلا مفهوم للخسر في كلام المصنف. قوله: (ويرجع الثاني على الأول الخ) قال بن
محل غرم الأول للثاني ما خصه من الربح الذي أخذه رب المال ما لم يعلم العامل الثاني بتعدي
الأول أو خسره وإلا فلا غرم عليه كما في المدونة. قوله: (فخسر الأول) أي أو نقص بسماوي أو ضياع
أو تعد. قوله: (فالمراد النقص) أي فالمراد أنه نقص قبل عمله بضياع أو تعد أو بسماوي. قوله: (إذا قارض
بلا إذن) أي وأما التعدي بالمشاركة أو البيع بدين فله الربح مع رب المال والتلف عليه وحده.
قوله: (ككل آخذ مال للتنمية) أي فإنه لا ربح له كما أن العامل في الأول في المشبه لا ربح له.
قوله: (لا يقال فيه متعد) أي لان المتعدي من فعل في شئ غيره ما يصر به بغير إذنه إلا أن يقال
أراد المصنف بالتعدي مطلق المخالفة. قوله: (والتنمية هنا غير لازمة) هذا إشارة إلى اعتراض ثان
على المصنف وحاصله أن كون الوكيل والمبضع معه آخذا للمال على وجه التنمية لا يظهر إذ قد يكون
التوكيل والابضاع للتنمية وقد لا يكونان للتنمية وقد يجاب بأن المراد بالتنمية ما يشمل فعل
ما هو الأصلح كذا قيل فتأمل. قوله: (فالربح للوكيل فيهما) أي كما أنه إذا حصل خسر فهو عليه وحده
قال شيخنا والظاهر أن الوكيل إذا تعدى لا ربح له سواء كان تعديه في بيعه بأكثر مما أمر بالبيع به أو
كان تعديه بالتجر في الثمن الذي باع به وكذلك المبضع معه لا ربح له مطلقا سواء تعدى بالتجر في المال
الذي دفع له ليشتري به سلعة كذا أو كان تعديه باشترائه السلعة بأقل مما مر به فلا فرق وما قاله
شارحنا من التفرقة قد تبع فيه تت وهو غير ظاهر. والحاصل أن الأقسام ثلاثة الغاصب والمودع
والوصي إذا حركوا فلهم الربح وعليهم الخسر والمبضع معه والوكيل إذا خالفوا فلا شئ لهم من الربح
وعامل القراض إذا شارك أو باع بدين فعليه الخسر والربح له مع رب المال وإذا قارض بلا إذن
فالخسارة عليه والربح للعامل الثاني مع رب المال. قوله: (لا إن نهاه الخ) لا عاطفة لمقدر على محذوف
بعد قوله فتعدى معلوم من أول الكلام والأصل والربح لهما أي لرب المال والعامل إن لم ينهه
عن العمل قبله لا الربح لهما إن نهاه وإنما جعل المعطوف محذوفا لان لا لا تعطف الجمل وإنما
قدرنا والربح لها مع التصريح به لان ضمير لهما المذكور ولرب المال والعامل الثاني وهذا ليس
بمراد وصورته أعطى العامل مالا ليعمل فيه قراضا ثم قبل أن يعمل به قال له يا فلان لا تعمل
فحينئذ ينحل عقد القراض ويصير المال كالوديعة، فإذا عمل بعد ذلك كان الربح للعامل وحده
وظاهره، ولو أقر العامل أنه اشترى للقراض بعد ما نهاه وهو ما اختاره المصنف في التوضيح
وقال ابن حبيب إذا أقر أنه اشترى بعد ما نهاه للقراض فالربح لهما لالتزامه لرب المال نصيبه من
الربح فيلزمه الوفاء به. قوله: (وانحل عقد القراض حينئذ) أي وحينئذ فلا يجوز له أن يعمل فيه.

527
قوله: (فليس قوله الخ) هذا تفريع على ذكر انحلال العقد في الحل السابق إذ العقد إنما هو مع الأول.
قوله: (إذ علم منه) أي من أول الكلام. قوله: (لا بقيد الثاني) أي بل من حيث هو عامل. قوله: (أو جنى كل الخ)
حاصله أن العامل ورب المال إذا جنى أحدهما على شئ من مال القراض أو أخذ أحدهما شيئا منه
قرضا فإن حكمه كجناية الأجنبي أي فيكون الباقي بعد الاخذ أو الجناية هو رأس المال والربح لذلك
الباقي وأما ما ذهب بالجناية أو بالأخذ قرضا فيتبع به الجاني أو الآخذ في ذمته إن كان الآخذ أو
الجاني هو العامل وكذا إن كان الجاني أجنبيا وأما إن كان الآخذ أو الجاني رب المال فكأنه إنما
قارض بما بقي فيكون هو رأس المال خاصة ويكون الربح له. قوله: (والمناسب التعبير بلو) أي لان
مدخول أو عطف على الشرط وجوابه بالنسبة لهذين قوله فكأجنبي وفيه بحث لان الربح في
المعطوف عليه ليس لهما فيقتضي أنه كذلك في هذين لاخراجهما كالذي قبلهما مما الربح فيه لهما مع أن
ربح في هذين لهما. قوله: (فكأجنبي) أي فحكمه حكم جناية الأجنبي. قوله: (فيتبع) أي الآخذ والجاني
بما أخذه وما أتلفه بجنايته. قوله: (في المسألتين) أي مسألة جناية الأجنبي وجناية العامل أو أخذه بعضه
قرضا. قوله: (ولا يجبر ذلك) أي المأخوذ قرضا أو التالف بالجناية بالربح لان الربح إنما يجبر الخسر
والتلف وأما الجناية والاخذ منه قرضا فلا يجبران به لان الجاني يتبع بما جنى عليه والآخذ قرضا يتبع
بما أخذه. قوله: (والربح له خاصة) أي لأنه رأس المال والربح إنما هو لرأس المال ولا يعقل ربح للمأخوذ
مع أنه لم يحرك. قوله: (فقد رضي به) أي بأن الباقي رأس المال. قوله: (ولا فرق في الجناية أو الاخذ بين أن
يكونا قبل العمل أو بعده) أي في كون رأس المال هو الباقي ولا يجبر ذلك بالربح ويتبع الآخذ بما
أخذه والجاني بما جنى عليه وهذا هو الصواب كما قال طفي وأما قول خش ولا فرق بين أن
تكون الجناية قبل العمل أو بعده لكن إن كانت قبله يكون الباقي رأس المال وأما بعده فرأس
المال على أصله لان الربح يجبره ولا يجبره إذا حصل ما ذكر قبله وحينئذ فلا يقتسمان من الربح
إلا ما زاد على ما يجبر رأس المال ففيه نظر لان الجاني والآخذ يتبع بما أخذه وبما جنى عليه وحينئذ
فلا يجبر بالربح فالأولى ما قاله الشارح. قوله: (ولا يجوز اشتراؤه من ربه سلعا للقراض) أي وأما شراؤه
منه سلعا لنفسه فهو جائز. قوله: (والمشهور في هذا الفرع الكراهة) أي لئلا يتحيل على القراض
بعرض لرجوع رأس المال لربه. قوله: (أو اشتراؤه سلعا للقراض بنسيئة) إنما منع ذلك لاكل رب المال
ربح ما لم يضمن وقد نهى عنه النبي عليه الصلاة والسلام فلو اشترى العامل بالنسيئة لنفسه لجاز للخلوص
من النهي المذكور ثم إن المنع مقيد بما إذا كان العامل غير مدير وأما المدير فله الشراء للقراض بالدين كما
في سماع ابن القاسم ويجب أن يقيد ذلك بكون الدين الذي يشتري به يفي به مال القراض وإلا لم يجزه ا ه‍ بن.
قوله: (وإن أذن ربه) أي بخلاف بيعه بالدين فإنه يمنع ما لم يأذن له رب المال وإلا جاز ولا يقال أن
إتلاف المال لا يجوز لان التلف هنا غير محقق على أن إتلاف المال الممنوع أن يرميه في بحر أو نار مثلا
بحيث لا ينتفع به أصلا. قوله: (فإن فعل ضمن) أي فإن فعل العامل واشترى بنسيئة ضمن ذلك العامل
ما اشتراه بالنسيئة وكان له ربحه. قوله: (واشتراؤه بأكثر) أي لأدائه لسلف جر نفعا إذا نقد وأكل ربح ما لم
يضمن إذا لم ينقد. قوله: (فإن فعل كان شريكا) أي إذا لم يرض رب المال بما فعله أما لو رضي به دفع له رب
المال قيمة المؤجل وعدد الحال وصار الكل رأس المال كما مر وقوله بنسبة قيمة ما زاد أي إذا كان

528
ذلك الأكثر لأجل. قوله: (كما لو اشترى لنفسه) أي فإنه يكون شريكا بنسبة ذلك أي بنسبة قيمته أو
عدده لمال القراض. قوله: (إن كان الثاني يشغله عن الأول) إنما منع في هذه الحالة لان رب المال قد استحق
منفعة العامل. قوله: (جوازه منه) أي ويجري فيه ما مر من التفصيل من دفع المالين له معا أو متعاقبين
قبل شغل الأول أو بعده. قوله: (ويجبر أيضا ما تلف الخ) التلف هو النقص الحاصل لا عن تحريك
وأما الخسر فهو ما نشأ عن تحريك وما ذكره المصنف من جبر الخسر والتلف بالربح في القراض
الصحيح وكذلك الفاسد الذي فيه قراض المثل وأما الذي فيه أجرة المثل فلا يتأتى فيه جبر لان المال
وربحه كله لرب المال وظاهر المصنف أن الخسر والتلف يجبران بالربح ولو شرطا خلافه بأن اتفقا
على أن الباقي بعد الخسر أو التلف هو رأس المال وهو ظاهر ما لمالك وابن القاسم وحكى بهرام مقابله
عن جمع فقالوا محل الجبر ما لم يشترطا خلافه وإلا عمل بذلك الشرط، قال بهرام واختاره غير واحد
وهو الأقرب لان الأصل إعمال الشروط لخبر: المؤمنون عند شروطهم ما لم يعارضه نص. قوله: (بسماوي)
أي وأما ما تلف بجناية فلا يجبره الربح لما مر أنه يتبع به الجاني سواء كان الجاني أجنبيا أو كان هو
العامل وسواء كانت الجناية قبل العمل أو بعده. قوله: (أو أخذ لص أو عشار) أي ولو علما وقدر على
الانتصاف منهما كما في عبق. قوله: (الذي في الباقي) أي فيما بقي بعد التلف أو الخسر. قوله: (للتلف
فقط) أي لا له وللخسر لان الخسر إنما ينشأ بعد العمل. قوله: (إلا أن يقبض المال) أي بعد الخسر أو
التلف. قوله: (ثم يعيده له) أي فيتجر فيه فيحصل ربح. قوله: (فلا يجبر بعد ذلك) أي لا يجبر
الخسر أو التلف الحاصل قبل قبض المال بالربح الحاصل بعده. قوله: (وله الخلف) أي وله عدم
الخلف للكل أو البعض، كان التلف قبل العمل أو بعده، وإذا أخلف التالف ففي لزوم قبول العمل
لذلك الخلف تفصيل أشار له بقوله فإن تلف الخ. والحاصل أن رب المال لا يلزمه الخلف تلف
الكل أو البعض كان التلف قبل العمل أو بعده فإن أخلف لزم العامل القبول في تلف البعض لا الكل
إن كان التلف بعد العمل وإلا لم يلزمه. قوله: (وله الخلف) أي ولا يجبر التالف بربح الخلف سواء كان
التالف كل المال أو بعضه كما قال اللخمي ونحوه لابن عرفة عن التونسي خلافا لما في عبق من أنه إذا
تلف البعض وأخلفه ربه فإنه يجبر تلف الأول بربح الثاني ونص اللخمي فيمن دفع للعامل مائة
فضاع منها خمسون فخلفها صاحب المال فاشترى بالمائة سلعة فباعها بمائة وخمسين وكان القراض
بالنصف أنه يكون للعامل اثنا عشر ونصف لان نصف السلعة على القراض الأول ورأس ماله مائة
ولا شئ للعامل فيه ونصفها على القراض الثاني ورأس ماله خمسون وله نصف ربحها ولا يجبر الأول
بشئ من الربح الثاني انظر بن. قوله: (لان لكل منهما الفسخ) أي قبل العمل. قوله: (لزمته السلعة) أي
فله ربحها وعليه خسرها وليس له ردها وظاهره كالمدونة علم البائع أن الشراء للقراض أم لا، وقيده

529
أبو الحسن بالثاني وأما الأول فلا تلزمه وكلام الطنجي في طرر التهذيب يقتضي عدم ارتضاء القيد
المذكور وأن المعتمد إبقاء المدونة على ظاهرها من الاطلاق. قوله: (مالا قراضا) أي وجعل لهما نصف
الربح فالربح الذي لهما يفض عليهما على حسب عملهما إذا تفاوتا في العمل بالقلة والكثرة ولا يقسم
بينهما بالسوية كما أنه لو أخذ اثنان مالا واحدا وجعل لواحد نصف الربح وللآخر ثلثه فإن كل واحد
يكون عليه من العمل قدر ما جعل له من الربح ولا يكون العمل عليهما سوية. قوله: (كل واحد منه بقدر
عمله) فإن اختلفا في بيع أو شراء فالقول لمن وضع المال عنده فإن وضعه ربه عندهما رد أمر ما اختلفا فيه
من بيع أو شراء لرب المال إن لم يتفقا. قوله: (وأنفق إن سافر) أي في زمن سفره وإقامته في البلد الذي
يتجر فيه وفي حال رجوعه حتى يصل لوطنه. قوله: (ويقضي له بذلك) أي عند المنازعة. قوله: (من طعام)
من بمعنى في متعلق بأنفق. قوله: (ما لم يشغله) أي العمل في القراض. قوله: (عن الوجوه التي يقتات منها) كما
لو كانت له صنعة ينفق منها فعطلها لأجل عمل القراض فله الانفاق على نفسه من مال القراض وإن كان
حاضرا. قوله: (وهو قيد معتبر) أي كما قال أبو الحسن خلافا لتت القائل بعدم اعتباره. قوله: (ولم يبن
بزوجته) أي ولم يدخل بها فالمراد بالبناء الدخول فإذا عقد عليها فلا تسقط نفقته حتى يدخل بها، قال في
معين الحكام إن تزوج في بلد لم تسقط نفقته حتى يدخل فحينئذ تصير بلده نقله ابن عرفة والدعوى
للدخول ليست مثله في اسقاط النفقة خلافا لعبق انظر بن. قوله: (فإن بني سقطت نفقته) أي من مال
القراض فإن طلقها بعد البناء بها طلاقا بائنا فالظاهر أنه تعود له النفقة ولو كانت حاملا لان النفقة للحمل
لا للزوجة، كذا كتب شيخنا العدوي تبعا، لشب. قوله: (فإن بنى لها في طريقه التي سافر فيها لم تسقط) أي
كما لو سافر بها فينفق على نفسه بناء على أن الدوام ليس كالابتداء. قوله: (فلا نفقة له في اليسير) فلو كان بيد
العامل مالان يسيران لرجلين ويحملان باجتماعهما النفقة ولا يحملانها عند انفرادهما فروى اللخمي أن
له النفق والقياس سقوطها لحجة كل منهما بأنه إنما دفع ما لا تجب فيه النفقة ا ه‍، قال ابن عرفة ولا أعرف
هذه الرواية لغيره ولم أجدها في النوادر، وهي خلاف أصل المذهب فيمن جنى جناية على رجلين كل واحدة
منهما لا تبلغ ثلث الدية وفي مجموعهما ما يبلغه أن ذلك في ماله لا على العاقلة ا ه‍ بن. قوله: (لغير أهل الخ)
بأن كان سفره لأجل تنمية المال أما لو كان سفره لأجل واحد مما ذكر فلا نفقة له من مال القراض لا في
حال ذهابه ولا في حال إقامته في البلد التي سافر إليها مطلقا وأما في حال رجوعه فإن رجع من قربة فلا
نفقة له ولو كانت البلد التي رجع إليها ليس بها قربة وأما إن رجع من عند أهل لبلد ليس بها أهل فله
النفقة لان سفر القربة والرجوع منه لله ولا كذلك الرجوع من عند الأهل. قوله: (المدخول بها) أي
قديما وأما المتقدمة فقد بني بها حال سفره للتجارة. قوله: (كالأجانب) يعني وجودهم في البلد التي سافر
إليها بمنزلة العدم. قوله: (بالمعروف) فلو أنفق سرفا تعين أن يكون له القدر المعتاد كما قال شيخنا العدوي وبن.

530
قوله: (بالشروط الخ) ما ذكره من اعتبار الشروط في الاستخدام تبع فيه الشيخ أحمد
الزرقاني وهو الظاهر كما قال بن بدليل قول ابن عبد السلام: الخدمة أخص من النفقة وكل ما كان
شرطا في الأعم شرط في الأخص، وأما قول عبق إن عدم البناء بالزوجة وكونه لغير حج وغزو
وقربة لا يعتبر في الاستخدام فهو غير ظاهر. قوله: (وهي إن سافر) فإن كان حاضرا لا يستخدم وإن
تأهل لان الاستخدام من جملة الانفاق وهو إنما يكون في السفر للتجر. قوله: (ولم يبن بزوجة) أي في
البلد التي سافر إليها فإن بنى بزوجة بها سقط أجرة الخادم من القراض وكان عليه أن يزيد وكان سفره
للمال لا لأهل أو قربة كحج أو غزو فإن سافر لغير المال كانت أجرة الخادم عليه لا من مال القراض
كما قال الشيخ أحمد. قوله: (واحتمل المال) أي فإن لم يحتمل لم يستخدم من مال القراض. قوله: (إن طال
سفره) أي بالطريق أو طالت إقامته في البلد التي سافر إليها، قال ابن عرفة وفي كون البضاعة كالقراض
في النفقة والكسوة وسقوطهما فيها ثالثها الكراهة لسماع ابن القاسم مع رواية محمد وابن رشد عن سماع
القرينين ورواية أشهب وصوب هو واللخمي والصقلي الثاني، ثم قال عن اللخمي العادة أيوم لا نفقة
ولا كسوة فيها بل إما أن يعمل مكارمة فلا نفقة له أو بأجرة معلومة فلا شئ له غيرها اه‍ بن. قوله: (فالمدار
على الطول ببلد التجر) الأولى أن يقول فالمدار على طول السفر. قوله: (أي مع الشروط السابقة)
أي فلا بد في الكسوة من شروط خمسة: السفر، وطول الغيبة، فيه واحتمال المال لها، ولم يبن بزوجة،
وكون السفر للمال. قوله: (والطول بالعرف) أي وجعل ابن القاسم في المدونة الشهرين والثلاثة
طولا محمولا على ما إذا احتاج للكسوة وإلا لم يكن له كما في عبق. قوله: (وسكت عنه) أي عن اشتراطها.
قوله: (لوضوحه) أي لان الكسوة أخص من النفقة وما كان شرطا في الأعم فهو شرط في الأخص.
قوله: (ووزع الخ) حاصله أنه إذا سافر للقراض وقصد معه حاجة لنفسه فلا تسقط نفقته ووزع
ما أنفق على الحاجة والقراض وقد ذكر الشارح طريقتين في التوزيع. وحاصل الأولى أن
ما أنفقه يوزع على النفقتين أي على ما شأنه أن ينفق في القراض وعلى ما شأنه أن ينفق في الحاجة
وهذا ما في الموازية وصححه ابن عرفة والعوفي، وحاصل الثانية أن التوزيع يكون على ما شأنه أن ينفق
في الحاجة ومبلغ مال القراض وهذا ما في العتبية ونحوه في الموازية لكن نظر فيه ابن عبد السلام
والتوضيح. قوله: (هذا) أي ما ذكر من التوزيع. قوله: (قبل الاكتراء الخ) فيه أن هذا يعارض قول
المصنف إن خرج لحاجة لأنه إذا أخذ القراض قبل الاكتراء والتزوج كان خروجه للقراض
لا للحاجة وأجيب بأن المراد بقوله إن خرج لحاجة أي إن أراد الخروج لها. قوله: (في هذه الحالة) أعني
ما إذا أخذ مال القراض بعد أن اكترى وتزود لخروجه لحاجته. قوله: (وارتضاه ابن عرفة بقوله
ومعروف المذهب خلاف نصها) فيه نظر بل لم يرتضه ابن عرفة ولم يقل ذلك بل تعقبه عيه
ونصه الصقلي فيها لمالك إن خرج في حاجة لنفسه فأعطاه رجل قراضا فله أن يفض النفقة
على مبلغ قيمة نفقته ومبلغ القراض اللخمي من أخذ قراضا وكان خارجا لحاجته فمعروف
المذهب لا شئ له كمن خرج إلى أهل وفيه أنه قد جعل معروف المذهب خلاف نصفها ا ه‍ انظر بن.
قوله: (وإن لم يعلم بالحكم) أي الذي هو عتقه على رب المال إذا ملكه. قوله: (ويغرم لربه ثمنه) أي

531
ويغرم العامل لربه ثمن العبد الذي اشتراه به. قوله: (ما عدا ربحه) أي ربح العامل الكائن في المال الذي
اشترى به العبد وهذا إذا أريد المفاصلة فإن أريد إبقاء القراض فإن العامل يغرم لرب المال
ثمنه كله ا ه‍ بن. قوله: (قبل الشراء) أي وأما الربح الحاصل بعد الشراء فهو هدر واحترز
بقوله إن كان له ربح قبل الشراء عما إذا لم يكن له ربح قبل الشراء فإنه يدفع له ثمنه بتمامه كما
لو دفع له مائة يعمل فيها قراضا بالنصف فاشترى به ابن رب المال عالما بأنه ابنه فإنه يعتق عليه
ويدفع لرب المال المائة بتمامها فقط ولو كان العبد يساوي مائتين. قوله: (مائة وخمسة وعشرين)
أي ولو كان ذلك العبد يساوي مائتين لما علمت أن الربح الحاصل بعد الشراء هدر. قوله: (ولا
العامل قبولها) أي ولا يلزم العامل قبولها لو ردها عليه رب المال ليعمل فيها قراضا. قوله: (وإلا
بيع بقدر ثمنه وربحه) هذا إذا وجد من يشتري بعضه فإن لم يوجد إلا من يشتري كله
أو أكثر من رأس المال وحظ ربه من الربح بيع كله في الأول وأكثره في الثاني ويأخذ
العامل حصته من الربح الحاصل قبل الشراء وحصته من الربح فيه وكذا رب المال وقولهم
لا يربح الشخص فيمن يعتق عليه معناه حيث عتق وأخذ حظه من الرب وأما إن بيع كما هنا
فيرجع فيه. قوله: (وربحه قبله) أي وربحه الحاصل قبله لا الربح الحاصل بعده لأنه هدر فلو
كان أصل القراض مائة فأتجر بها العامل فربح مائة واشترى بالمائتين ابن رب المال وكان هذا الابن
يساوي ثلاثمائة وقت الشراء فإنه يباع منه النصف مائة رأس المال خمسون حصة رب المال قبل الشراء
ويعتق منه النصف لان حصة العامل قبل الشراء خمسون أفسدها على نفسه بعمله والمائة الربح في
نفس العبد هدر. قوله: (إن كان) أي ربح كما في المثال المتقدم وأما إن لم يكن ربح كما لو اشتراه بمال
القراض قبل أن يحصل له فيه ربح بيع منه بقدر ثمنه فقط. قوله: (في الصورتين) أي ما إذا عتق كله لكون
العامل موسرا وما إذا عتق بعضه لكونه معسرا وإنما كان الولاء لربه لان العامل لما علم بالقرابة
واشتراه صار كأنه التزم عتقه عن رب المال. قوله: (فلا يغرم له خمسين نظر الربح العبد) أي وإنما يغرم له
خمسة وعشرون فقط التي هي حصته من ربح المال الحاصل قبل شراء العبد. قوله: (وإلا بقي حظ العامل
رقا له) أي فله بيعه ولا تقوم الحصة على رب المال لان الفرض أنه معسر والقول للعامل إذا تنازعا في
العلم بالقرابة وعدمه. قوله: (عتق عليه) أب بالحكم كما في المواق نظرا لكونه أجيرا، والحاصل أنه إذا نظر
لكونه شريكا فعتق العبد على العامل وإن نظر لكونه أجيرا يتوقف العتق على الحكم. قوله: (ومن قيمته)
أي يوم الحكم لا يوم الشراء كما في التوضيح وجزم به ابن عرفة أيضا كما في بن فإذا كانت قيمته يوم
الحكم أكثر من ثمنه تبعه بها لأنه مال أخذه لينميه لصاحبه فليس له أن يختص بربحه وإن كان ثمنه
أكثر من قيمته تبعه به لأنه أتلفه على رب المال لقرضه في قريبه. قوله: (ما عدا حصة العامل من الربح
في الأكثر الخ) فإذا دفع له مائة رأس مال فربح فيها خمسين ثم اشترى بالمائة والخمسين ولد نفسه عالما بأنه
ولده عتق عليه ثم إن كان ثمنه أكثر من قيمته كما لو اشتراه بالمائة والخمسين والحال أنه يساوي مائة يغرم
لرب المال الثمن وهو المائة والخمسون ما عدا حصة العامل من الربح في الثمن وهو خمسة وعشرون،
وإن كانت قيمته يوم الحكم أكثر من ثمنه كما لو كانت قيمته تساوي مائتين والحال أنه اشتراه بمائة
وخمسين فإنه يغرم لرب المال قيمته وهي المائتان ما عدا حصة العامل من الربح في ثمنه وهي خمسة
وعشرون وما عدا حصته من الربح فيه وهي أيضا خمسة وعشرون. قوله: (إذا كان في المال) أي
الذي اشترى به العبد. قوله: (كالمثال المتقدم) أي وهو قوله كما لو أعطاه مائة فاشترى بها سلعة باعها

532
بمائة وخمسين فاشترى العبد بالمائة والخمسين. قوله: (بل ولو لم يكن في المال الخ) رد بالمبالغة على المغيرة
القائل أنه إذا لم يكن في المال ربح لا يعتق عليه لأنه لا يتعلق حقه بالمال ولا يكون شريكا إلا إذا حصل
ربح فيه فإذا لم يحصل فيه ربح لم يتعلق حقه به وحينئذ فالعامل كأنه اشتراه لغيره فلم يدخل في ملكه
حتى يعتق عليه. قوله: (لأنه بمجرد الخ) تعليل لعتق العبد على العامل في الحالة المذكورة وهي ما إذا لم يكن
في الثمن الذي اشترى به العبد فضل ولو علل الشارح بأنه لما علم شدد عليه لتعديه ولأنه بسبب علمه
كأنه تسلف المال كما لبن كان أنسب بما يأتي في السوادة الآتية من تقييد المواق. قوله: (فبقيمته يعتق)
أي وإلا يعلم بقرابته فإنه يعتق عليه بقابلة قيمته التي يغرمها لرب المال. قوله: (يوم الحكم) أي وتعتبر
القيمة يوم الحكم لا يوم الشراء. قوله: (أي ما عدا الخ) خلافا لما يتبادر من كلام المصنف من أنه يغرم لرب
المال كل القيمة وليس كذلك. قوله: (منها) أي حالة كون حصة العامل من الربح كائنة من قيمته.
قوله: (مائة وخمسين) أي ولو كانت قيمته يوم الحكم مائتين غرم لرب المال مائة وخمسين. قوله: (إن كان
في المال فضل) أي إذا كان في الثمن الذي اشترى به العبد زيادة على رأس المال لكونه حصل فيه ربح
قبل الشراء. قوله: (وإلا لم يعتق منه شئ ويكون رقيقا لرب المال) كذا في المواق عن ابن رشد وذلك
لأنه إنما يعتق على العامل مراعاة للقول بأنه شريكك وإذا لم يكن في المال فضل فلا شركة فلا يتصور عتق
حتى تقوم عليه حصة شريكه وبهذا التقييد المذكور تعلم أن قول الشارح فإن كان رأس المال مائة
اشترى بها قريبه الخ فيه تسامح والأولى فاشترى بها سلعة باعها بمائة وعشرة ثم اشترى بهما قريبه الخ
وإلا كان مناقضا لما في آخر الكلام في التقييد. قوله: (فلا يراعي الخ) أي بل يعتق على العامل بالأكثر
من الثمن والقيمة سواء كان في الثمن الذي اشترى به العبد فضل أم لا لأنه إنما عتق بشرائه عالما لتعديه.
قوله: (إن أيسر) أي أن ما تقدم من أن العامل إذا علم يعتق عليه بالأكثر من القيمة والثمن ولو لم يكن
في المال فضل وإن لم يعلم عتق عليه بقيمته إن كان في المال فضل محله إذا كان العامل موسرا فيهما.
قوله: (بيع بما وجب الخ) هذا مقيد بما إذا لم يزد ثمنه الذي اشتراه به على قيمته يوم الحكم فإن زاد بيع له بقدر
رأس ماله وحصته من الربح الحاصل في القيمة يوم الحكم وتبع رب المال العامل بما بقي له من ربحه
من الثمن فإن كان رأس المال مائة أتجر فيها فربحت مائة فاشترى بالمائتين قريبه والحال أن قيمته
يوم الحكم مائة وخمسون فإن اشتراه عالما بالقرابة والحال أنه معسر بيع منه بمائة وخمسة وعشرين
ويعتق الباقي وهو ما يساوي خمسة وعشرين وتبع رب المال العامل في ذمته بخمسة وعشرين،
وإن كان غير عالم بالقرابة لم يتبعه بشئ وإنما لم يبع لرب المال بقدر رأس ماله وحصته من الربح
الحاصل قبل الشراء في المثال المذكور وهو خمسون في حالة علمه لتشوف الشارع للحرية، وتحصل أن
في كل ممن يعتق عليه أو على رب المال أربع صور: العلم وعدمه يضربان في اليسر والعسر فإن نظرت فيمن
يعتق على العامل لكون المال فيه فضل أم لا كانت صوره ثمانية والمعتبر في العسر واليسر يوم الحكم كما
قاله شيخنا العدوي. قوله: (للعتق) أي لأجل أن يعتقه. قوله: (غرم ثمنه) أي ثمن رب المال الذي هو رأس
ماله الذي اشترى به العبد وقوله وربحه أي ربح الثمن أي غرم حصته رب المال من ربح الثمن
الحاصل قبل الشراء إن كان فيه ربح. قوله: (فلا يغرمه على الأرجح) أي لأنه متسلف. قوله: (وإن
كان الظاهر من المصنف غرمه) أي بناء على أن الضمير في قوله وربحه راجع للعبد لا للثمن.

533
قوله: (يوم العتق) هذا القول نقله المواق عن ابن رشد وقوله وقيل يوم الشراء هذا القول ذكره
البساطي وتت وبحث فيه شيخنا بأنه غير واضح لان الجناية على ذلك العبد يوم عتقه وقيمة المجني
عليه إنما تعتبر يوم الجناية. قوله: (إلا ربحه) أي ربح العامل أي إلا حصة العامل من الربح
الحاصل حتى في العبد فإنها تحط من قيمته فلا يغرمها فإذا دفع له مائة فأتجر بها فربحت خمسين ثم
اشترى بالجميع عبدا للقراض يساوي مائتين ثم أعتقه فإنه يغرم لرب المال مائة وخمسين وذلك قيمته
يوم العتق ما عدا حصة العامل قبل الشراء وفي العبد وذلك خمسون فيسقط ذلك عن العامل، فقول
الشارح أي حصة العامل من الربح الحاصل في العبد، الأولى أن يقول من الربح الحاصل حتى
في العبد، كما في كلام غيره. قوله: (وهي أصوب) الأولى وكلاهما صواب كما قال عبق إذ لا وجه
لأصوبية الثانية عن الأولى. قوله: (فخطأ) أي لاقتضائها أن العامل يغرم حصته من الربح الكائن
في العبد مع أنه يسقط عنه ولا يغرمه. قوله: (أي لا حصة العامل) تفسير لقول المصنف إلا
ربحه. قوله: (وهو الثمن وربحه) أي وحصة ربه من ربحه. قوله: (إن بقي شئ) أي وذلك إذا كان
في العبد ربح وإلا لم يعتق منه شئ وبيع كله. قوله: (مشتراة للوطئ) أي اشتراها بمال القراض
بقصد الوطئ. قوله: (بقيمتها) أي يوم الوطئ وسواء كان ذلك العامل الواطئ موسرا أو معسرا
إلا أنه إن كان معسرا واختار رب المال قيمتها فإنها تباع على العامل فيما وجب عليه. قوله: (وهو ظاهر)
أي والقول بتخيير رب المال في هذه الحالة أي حالة عدم الحمل بين إبقائها للقراض أو تقويمها على
العامل ظاهر لا غبار عليه وهو ظاهر كلام النوادر. وحمل ابن عبدوس المدونة عليه وكذا ابن
عبد السلام والتوضيح حملا كلام ابن الحاجب عليه وكذا بهرام والبساطي وتت حملوا كلام
المصنف عليه. قوله: (وقيل بل تترك للعامل) أي في هذه الحالة وهي حالة عدم الحمل ويخير رب المال في
اتباعه بالثمن أو القيمة وهذا القول لابن شاس والمتيطي وابن فتحون، وحمل بعض الشراح كلام
المصنف عليه فقال قوم ربها أي تبعه بقيمتها وقوله أو أبقى أي أو أبقاها للواطئ بالثمن الذي اشتراها
به فهي تبقى للعامل في التخييرين والمقابلة بين الثمن والقيمة. قوله: (وظاهر كلامهم ترجيحه) لكن
بحث فيه ابن عبد السلام بأن ظاهر كلام هذا القائل أنه لا يكون لربها ردها للقراض وهو بعيد،
فقد تقدم أن أحد الشريكين إذا وطئ أمة بينهما فلغير الواطئ إبقاؤها للشركة إذا لم تحمل وحيث
صح أن المشهور في المشتراة للشركة أي لغير الواطئ إبقاءها للشركة فالتي للقراض مثلها فتأمل.
قوله: (من قيمة) أي إن كانت أكثر من الثمن وقوله أو ثمن أي إن كان أكثر من القيمة فإن لم يوف ثمنها
ما اختاره من قيمة أو ثمن اتبعه بالباقي دينا في ذمته. قوله: (على المشهور) وعليه فلا شئ لرب المال في
الولد لأنه متخلق على الحرية وأما على مقابل المشهور وهو اعتبار القيمة يوم الحمل فلرب المال
حصته من قيمة الولد وعلى ذلك القول مشى المصنف في قوله وبحصة الولد. قوله: (وتجعل) أي تلك
القيمة في القراض وأما الأمة فتكون أم ولد للعامل. قوله: (أو باع) أي العامل. قوله: (إن لم يكن في المال
فضل) أي إن لم يكن في الثمن الذي اشتراها به ربح قبل الشراء بأن اشتراها برأس المال فقط.
قوله: (وإلا فبقدر الخ) فإذا دفع له مائة أتجر بها فبلغت مائة وخمسين واشترى بها أمة للقراض ووطئها وحملت
وهو معسر فإما أن يتبعه رب المال بقيمتها وحصته من قيمة الولد وتجعل تلك القيمة في القراض
وإما أن يباع لرب المال من تلك الأمة بقدر ماله وهو مائة وحصته من الربح وهو خمسة

534
وعشرون هذا إذا كانت قيمتها قدر الثمن أو أقل فإن كانت تساوي مائتين بيع لرب المال بقدر مائة
وخمسين والباقي منها وهو ما يساوي خمسة وعشرين في الأول وذلك سدسها وما يساوي خمسين في
الثاني وذلك ربعها بحساب أم الولد أي أنه يعتق بعد موت العامل من رأس المال. قوله: (وحصته) أي
رب المال. قوله: (وأما حصة الولد) أي وأما حصته من قيمة الولد فيتبعه بها أي وحينئذ فقد حذف
المصنف قوله وبحصة الولد من الثاني لدلالة الأول عليه. قوله: (بأن رب المال لا يتبعه بقيمة الولد الخ)
أي بناء على المشهور من أن القيمة تعتبر يوم الوطئ لأنه إذا أتبعه بقيمتها يوم الوطئ فقد تحقق أن الولد
تخلق على الحرية فلا شئ له من قيمته كما لابن رشد والمتيطي. قوله: (فكان عليه الخ) فصار حاصل
الفقه أنه إذا وطئها وحملت، والحال أنها مشتراة للقراض فإن كان موسرا أتبعه رب المال بقيمتها حالا
ولا شئ له من قيمة الولد، وإن كان العامل الواطئ معسرا خير رب المال إما أن يتبعه بقيمتها إذا
حصل له يسار ولا شئ له من قيمة الولد، وإن شاء بيع له منها حالا بقدر ماله وتبعه بقيمة حصته من
الولد إذا حصل له يسار. قوله: (بأن يقول وتبعه بحصة الخ) أي ويكون مساقه هكذا أو باع له
بقدر ماله وتبعه بحصة الولد. قوله: (فإن لم تحمل الخ) الأولى اسقاط ذلك لان قول المصنف أولا وإن
وطئ أمة قوم ربها أو أبقى شامل لما إذا اشتراها للوطئ أو للقراض كما تقدم له. قوله: (أو إبقائها له)
أي للعامل بالثمن وقد تقدم أن هذا أحد قولين والقول الآخر أنه يخير بين تركها له بقيمتها يوم
الوطئ وبين إبقائها للقراض. قوله: (ولكل فسخه) أي فسخ عقد القراض وقوله أي تركه جواب
عما يقال أن الفسخ فرع الفساد وهو غير فاسد حتى يفسخ. قوله: (قبل عمله) أي وقيل التزود له. قوله: (كربه
فقط) أي دون العامل لان التزود من مال القراض بالنسبة للعامل عمل فيلزمه تمامه ما لم يلتزم
غرم ما اشترى به الزاد لرب المال وإلا كان له فسخه ورد المال لصاحبه. قوله: (ولم يظعن في
السير) أي ولم يشرع فيه. قوله: (وإلا فليس له فسخه) أي وإلا بأن ظعن فليس لرب المال فسخه
ويلزمه بقاء المال تحت يد العامل إلى نضوضه. قوله: (وأما لو تزود) أي العامل من مال نفسه.
قوله: (إن دفع للعامل عوضه) أي عوض المال الذي تزود به من مال نفسه. والحاصل إن تزود
العامل من مال القراض يمنعه من الانحلال ما لم يدفع لرب المال عوضه ولا يمنع رب المال من
الانحلال وتزوده من مال نفسه لا يمنعه من الانحلال ويمنع رب المال منه ما لم يدفع له عوضه، هذا
ما يفيده كلام التوضيح وابن عرفة وأبي الحسن كما في بن خلافا لما في عبق. قوله: (ليصح الكلام)
أي لان جعلها للمبالغة يلزم عليه تكرار ما قبل المبالغة مع قوله ولكل فسخه قبل عمله ومناقضته له
لاقتضائها أنه إذا لم يتزود ولم يظعن لربه فسخه دون العامل كما هو بعد التزود وهو مناقض لقوله
ولكل فسخه قبل عمله. قوله: (أو ظعن) أي بعد التزود. قوله: (فلنضوضه) أي فيبقى المال تحت يد العامل
لنضوضه أي خلوصه ببيع السلع. قوله: (إلا لمنع) أي من رب المال للعامل عن التحريك في السفر بعد
النضوض فليس له التحريك حينئذ. قوله: (ينظر في الأصلح من تعجيل أو تأخير) أي فيحكم به.

535
قوله: (ويكفي منهم اثنان الخ) استظهر شيخنا العدوي كفاية واحد عارف يرضيانه. قوله: (فلوارثه
الأمين أن يكمله) أي ولا ينفسخ عقد القراض بموت العامل كالجعل وإنما لم ينفسخ كالإجارة تنفسخ
بتلف ما يستوفي منه ارتكابا لأخف الضررين وهما ضرر الورثة في الفسخ وضرر ربه في إبقائه عندهم
ولا شك أن ضرر الورثة بالفسخ أشد لضياع حقهم في عمل مورثهم وقوله فلوارثه الأمين أي ولو كان
دون أمانة من مورثهم. قوله: (لا غيره) أي ولو كان مورثه غير أمين لرضا رب المال به. قوله: (كالأول في
الأمانة والثقة) أي بخلاف أمانة الوارث فلا يشترط مساواتها لأمانة المورث والفرق أنه يحتاط في
الأجنبي ما لا يحتاط في الوارث وبعضهم اكتفى بمطلق الأمانة في الأجنبي وإن لم تكن مثل الأمانة
في الأول وفي حاشية شيخنا على خش ترجيحه. قوله: (وإلا يأت) أي وارث العامل بأمين كالأول أي
والفرض أن ذلك الوارث غير أمين. قوله: (هدرا) أي تسليما هدرا لان عمل القراض كالجعل
لا يستحق العامل فيه شيئا إلا بتمام العمل. قوله: (والقول للعامل في تلفه) وكذا القول في أنه لم يعمل
بمال القراض إلى الآن كما استظهره ح قال ولم أر فيه نصا ا ه‍ بن وما ذكره المصنف من أن القول للعامل
في التلف والخسر يجري في القراض الصحيح والفاسد. تنبيه: قول المصنف والقول للعامل أي
بيمين وقيل بغير يمين، واعلم أن الخلاف في تحليفه وعدمه جار على الخلاف في أيمان التهمة وفيها أقوال
ثلاثة: قيل تتوجه مطلقا وهو المعتمد وقيل لا تتوجه مطلقا وقيل تتوجه إن كان متهما عند الناس وإلا
فلا ا ه‍ عدوي. قوله: (إلا لقرينة تكذبه) بأن سأل تجار بلد تلك السلع هل خسرت في زمان كذا أو لا
فأجابوا بعدم الخسارة. قوله: (ورده إلى ربه إن قبض بلا بينة مقصودة للتوثق) كلام المصنف مقيد بما إذا
ادعى العامل رد رأس المال وجميع الربح حيث كان فيه ربح فإن ادعى رد رأس المال فقط مقرا ببقاء ربح
جميعه بيده أو ببقاء ربح العامل فقط لم يقبل على ظاهر المدونة وقبل عند اللخمي. وقال القابسي يقبل
إن ادعى رد رأسه مع رد حظ رب المال من الربح، وأما لو ادعى رد رأس المال فقط مع بقاء جميع الربح
بيده فلا يقبل قوله وفاقا للمدونة. والحاصل أن المدونة ظاهرها عدم القبول في المسألتين واللخمي
يقول بالقبول فيهما والقابسي يقول بالقبول في واحدة وبعدمه في واحدة وذكر الأقوال الثلاثة
ابن عرفة ومشى ابن المنير في نظم المدونة على ما للقابسي. قوله: (فكما لو قبض بلا بينة) أي في أن القول قوله
في دعوى الرد بيمين. قوله: (وكذا إن أشهد العامل على نفسه) أي من غير حضور
رب المال أو أشهد رب المال على العامل عند الدفع له لا لخوف جحوده بل لخوف إنكار وارثه إذا مات. قوله: (وأما
المقصودة للتوثق) أي وهي التي يشهدها رب المال خوفا من دعوى العامل الرد والظاهر أنه يقبل قوله
أنه أشهدها خوفا من دعوى الرد لأنه لا يشترط تصريحه للبينة بذلك. قوله: (وشهدت على معاينة الدفع)
أي من رب المال والقبض من العامل. قوله: (إن كانت المنازعة بعد العمل الخ) أي فإذا اختل شرط لم
يقبل قوله ولو حلف كما أنه إذا وجدت ونكل لم يقبل قوله وحلف ربه ودفع أجرة البضاعة. قوله: (فالقول
للعامل بالشروط المتقدمة) أي إن كانت المنازعة بعد العمل وكان مثل العامل يشتري البضاعة
للناس بأجر وكان مثل المال يدفع بضاعة وأن تزيد أجرة البضاعة على جزء الربح هذا هو المراد وإنما
قبل قول العامل في هاتين المسألتين لان الاختلاف بينه وبين رب المال يرجع للاختلاف

536
في جزء الربح وسيأتي أنه يقبل فيه قول العامل إذا كان اختلافهما بعد العمل كما هنا. قوله: (وعليه أجرة
مثله) أي مثل المال سواء كان مثل العامل يأخذ أجرة أم لا. قوله: (كما في المدونة) قد يقال إذا كان القول
قول رب المال فينبغي أن لا يكون للعامل أجرة مثله وإلا فلا ثمرة لكون القول قول ربه وأجيب بأن
ثمرة كون القول قول رب المال عدم غرمة جزء القراض الذي ادعاه العامل حيث زاد ووجه كون
العامل له أجرة المثل أن دعوى رب المال تتضمن أن العامل تبرع له بالعمل وهو ينكر ذلك ويدعي
أنه بأجرة فله أجرة مثله. قوله: (على من بيده مال) أي لرب المال المدعي. قوله: (وعلى رب المال الاثبات)
أي إثبات ما ادعاه من الغصب أو السرقة. قوله: (أو قال) أي قبل المفاصلة والحال أن المال بيد ذلك
العامل وأشبه في دعواه وأما لو ادعى ذلك بعد المفاصلة أو لم يشبه في دعواه لم يقبل قوله. قوله: (أم لا) أي
لكونه سلعا اشتراها سريعا برأس المال النقد. قوله: (بعد العمل) أي وأما قبله فلا فائدة لكون القول
قول العامل لان لربه فسخه. قوله: (إن ادعى مشبها) أي وأما لو انفرد رب المال بالشبه كان القول قوله
كما يأتي. قوله: (أشبه ربه) أي فيما يدعيه من الجزء أم لا. قوله: (الصادق ذلك بجميع المال) أي الأصل
والربح وقوله أو ربحه أي فقط. قوله: (والمال بيده) أي حسا أو معنى ككونه وديعة عند أجنبي بل
وإن كان عند ربه ومفهوم بيده أنه لو سلمه لربه على وجه المفاصلة لم يكن القول قول العامل ولو مع
وجود شبهه وهو كذلك إن بعد قيامه فإن قرب فالقول قوله كما قاله أبو الحسن. قوله: (فاللام بمعنى
عند) كقوله تعالى: * (أقم الصلاة لدلوك الشمس) * قوله: (وأما إن خالفه) أي بأن قال العامل هو بيدك
وديعة وقال ربه بل قبضته على المفاصلة. قوله: (فينبغي أن يكون القول قول رب المال) أي
بيمين يعني إن قام عن بعد أما إن قام عن قرب فالقول قول العامل. قوله: (فإن لم يشبه) أي رب المال
أيضا أي كما أن العامل لم يشبه. قوله: (كما قدمه) أي في قوله كاختلافهما في الربح وادعيا ما لا يشبه أي
كاختلافهما في جزء الربح المجعول للعامل والحال أنهما ادعيا ما لا يشبه ومحل لزوم قراض المثل إذا
حلفا أو نكلا وإلا قضى للحالف على الناكل. قوله: (فالقول لربه بيمينه) أي سواء كان تنازعهما قبل
العمل أو بعده ولو قال رب المال دفعته لك قراضا وقال العامل بل قراضا صدق العامل لان رب المال
هنا مدع للربح فلا يصدق. والحاصل أن القول قول مدعي القرض منهما. قوله: (لان الأصل تصديق الخ)
أي ولان العامل يدعي عدم ضمان ما وضع يده عليه والأصل في وضع اليد على مال الغير الضمان.
قوله: (وإن قال وديعة الخ) قال الشيخ أحمد الزرقاني جواب أن محذوف وقوله ضمنه العامل جواب
شرط محذوف والأصل وإن قال وديعة وخالفه العامل وقال قراض فالقول قول ربه، وإن كانا لعامل
حركه ضمنه، وقوله إن عمل دليلا على هذا المقدر وعكس المصنف وهو قول ربه قراض والعامل وديعة
فالقول للعامل لان ربه مدع على العامل الربح وهذا إذا تنازعا بعد العمل وإلا فقول ربه كاختلافهما في
الجزء قبل العمل. قوله: (والأصل عدمه) أي عدم إذنه له في تحريكه قراضا. قوله: (لاتفاقهما على أنه كان
أمانة) أي لان أحدهما يدعي أنه أمانة على سبيل الوديعة والآخر يدعي أنه أمانة على سبيل القراض.

537
قوله: (ولو غلب الفساد) أي فساد القراض في عرف بلدهم. قوله: (وهو المشهور) مقابله قول عبد الحميد
القول قول مدعي الفساد إن غلب واستظهره بن. قوله: (فالقول للعامل) أي لأنه مدعي الصحة ورب
المال مدعي الفساد. قوله: (ومن هلك) أي أو أسر أو فقد ومضت عليه مدة التعمير. قوله: (وقبله) خبر
مقدم والكاف من قوله كقراض اسم بمعنى مثل مبتدأ مؤخر أي وجهته مثل قراض أي قراض وما
ماثله ببينة أو إقرار من الميت. قوله: (أخذ من ماله) أي بعد حلف ربه أنه لم يصل إليه ولا قبض شيئا منه.
قوله: (لاحتمال إنفاقه) أي لاحتمال أن العامل أنفقه أو ضاع منه بتفريطه قبل موته. قوله: (أو نحو ذلك)
أي كدعواهم أنه أخذه ظالم. قوله: (فقال العوفي قبل متهم) أي ولم يؤخذ من مال الميت شئ.
قوله: (وتقدم الخ) حاصل ما تقدم أن محل الضمان والمحاصة حيث لم يوص ولم يطل الامر فإن أوصى بالوديعة
أو القراض أو البضاعة فلا ضمان وإن لم توجد بل إن وجدها أخذها وإن لم توجد فلا شئ له لأنه علم
من إيصائه بها أنه لم يتلفها ومن الوصية بها أن يقول وضعتها في موضع كذا ولم توجد فيه، وإن طال
الامر كعشر سنين من يوم أخذ المال من ربه لوقت الدعوى فإنه يحمل على أنه رده لربه
ولا تقبل دعوى ربه أنه باق. قوله: (ونحوه) أي كرب البضاعة والوديعة. قوله: (غرماؤه) أي غرماء
الميت. قوله: (وتعين بوصية إن أفرزه بها) أي إن عينه بالوصية أي وحينئذ فيأخذه من عين له ويختص
به عن الغرماء هذا إذا وجد ذلك المال المفرز وكان الميت الذي عينه غير مفلس مطلقا كان التعيين في
الصحة أو المرض قامت بينة بأصله أم لا، ولذا قال المصنف وقدم الخ وأما إن كان مفلسا قبل تعيينه
إن قامت بينة بأصله سواء عين في حال الصحة أو المرض وإن لم تقم بينة بأصله لا يقبل تعيينه كان
صحيحا أو مريضا، ولا فرق في هذا كله بين الوديعة والقراض والبضاعة على ما هو الصواب، وأما إن
عينه بالوصية ولم يوجد ذلك الذي عينه فلا شئ لربه بخلاف ما أوصى به ولم يفرزه فإنه إن وجده
ربه أخذه وإلا حاصص به مع الغرماء ا ه‍. وفي عج لو أقر العامل بكراء حانوت أو أجرة أجير
أو دابة أو ببقية ثمن أو نحو ذلك فيلزم مال القراض إن كان إقراره قبل المفاصلة لا بعدها ففي
جزئه ما عليه فقط. وسأل عج عن عامل قراض أرسل سلعا لأبيه فأخذها رب المال ببينة تشهد أن
أباه أخبر أنها من سلع القراض وأسر العامل فجاء منه كتاب بأن مال القراض عنده وأن السلع من غيره
فأجاب بأن العامل يصدق لأنه أمين ولا ينظر للتهمة وإقرار أبيه لا يلزمه لان إقرار الانسان
لا يسري على غيره. قوله: (إن أفرزه) أي وإلا حاص الغرماء ولا يقدم عليهم كما تقدم. قوله: (وشخصه بها)
أي بالوصية. قوله: (المعين له على الغرماء) أي سواء كان تعيين القراض ونحوه في صحته أو في مرضه
ثبت أصله ببينة أم لا. قوله: (متعلق بمحذوف) أي كما قال طفي تقديره الثابت وقال ابن
عاشر الظاهر تعلقه بوصية. قوله: (أي يحرم) حمل الشارح كلام المصنف على التحريم وإن كان
لفظه كلفظ المدونة يقتضي الكراهة لحمل ابن يونس وابن ناجي لفظها على التحريم. قوله: (بكثير)
أي وأما هبة القليل كدفع لقمة لسائل ونحوها فجائز كما أنه يجوز له أن يهب للثواب لأنها بيع
والفرق بين الشريك وعامل القراض حيث جاز للأول هبة الكثير للاستئلاف دون
الثاني أن العامل رجع فيه أنه أجير. والقول بأنه شريك مرجوح وحينئذ فالشريك
أقوى منه. قوله: (ولا تولية) أي لتعلق حق رب المال بالربح فيها. قوله: (ما لم يخف الوضيعة) أي

538
الخسر فيها. قوله: (إن لم يقصد التفضل الخ) صادق بأن يكون طعام كل مساويا لطعام الآخر أو كان
أزيد منه ولو كانت الزيادة لها بال لم تسمح بها النفوس إلا أنه لم يقصد بها المفاضلة فظاهره الجواز في
الصورتين وهو مسلم في الأولى دون الثانية ولذا قال الشارح بأن لا يزيد الخ تفسير لعدم قصد المفاضلة.
قوله: (بقدر ما يخصه) أي فيما زاده من الطعام على غيره.
باب المساقاة
قوله: (عقد على خدمة شجر) إنما سمي ذلك العقد مساقاته مع أنه متعلق بغير السقي أيضا لأنه معظم ما
تعلق به العقد. قوله: (وما ألحق به) أي كالنخل والزرع والمقثأة ونحوها. قوله: (ظاهرة) أي من جهة
أن كلا منهما عقد على عمل بجزء مجهول الكم. واعلم أن المساقاة مستثناة للضرورة من أمور خمسة ممنوعة
الأول بيع الثمرة قبل بدو صلاحها، الثاني بيع الطعام بالطعام نسيئة إذا كان العامل يغرم طعام
الدواب والاجزاء لأنه يأخذ عن ذلك الطعام طعاما بعد مدة، الثالث الغرر للجهل بما يخرج على تقدير
سلامة الثمرة، الرابع الدين بالدين لان المنافع وأثمار كلاهما غير مقبوض الآن، الخامس المخابرة وهي كراء
الأرض بما يخرج منها بالنسبة لترك البياض للعامل كما يأتي. قوله: (إنما تصح مساقاة شجر) أي العقد على
سقي شجر فهي من المفاعلة التي تكون لواحد كسافر وعافاه الله، وأراد بالشجر بما يشمل النخل.
قوله: (فهي) أي الشروط مصب الحصر أي ويصح جعله منصبا على الشجر بقيد محذوف أي إنما تصح
المساقاة صحة مطلقة في شجر ومعنى الاطلاق سواء عجز ربه أم لا. قوله: (وإن بعلا) أي هذا
إذا كان سيحا أي يشرب بالماء الجاري على وجه الأرض بل وإن كان بعلا وبالغ على البعل دفعا
لتوهم عدم جواز المساقاة فيه لبعده عن محل النص وهو السقي لا لرد على قائل بعدم جواز المساقاة
فيه كما قاله عبق فقد قال بن لم أر وجود الخلاف في مساقاة البعل بعد البحث عنه في ابن
عرفة وغيره. قوله: (من الودي) أي وهو النخل الصغير. قوله: (فإنه لا يبلغ حد الأثمار في عامه) أي فلا
تصح المساقاة فيه. قوله: (لم يحل بيعه) صفة لثمر. قوله: (وهو) أي بدو الصلاح في كل شئ بحسبه ففي
البلح باحمراره أو اصفراره وفي غيره بظهور الحلاوة فيه. قوله: (لاستغنائه) أي وإنجاز سحنون
المساقاة بعد بدو الصلاح على حكم الإجارة بناء على مذهبه من انعقاد الإجارة بلفظ المساقاة.
قوله: (عطف على ذي) أي لا على لم يحل بيعه لان جملة لم يحل بيعه صفة لثمر وعدم الاخلاف إنما هو من
أوصاف الشجر لا الثمر. قوله: (والمراد بما يخلف) أي من الشجر. قوله: (فإنه إذا انتهى) أي طيب ثمره.
قوله: (يناله من سقي العامل) أي والحال أنه لا يثمر في ذلك العام. قوله: (وأما ما يخلف من القطع الخ) هذا
محترز قوله إذا لم يقطع. قوله: (كالسدر) أي والسنط والتوت. قوله: (إنما يكون بجذه) أي كالقرط والبرسيم
والملوخية. قوله: (استثناء من مفهوم الثلاثة) أي كما في ح عن الباجي خلافا لقول ابن غازي
أنه استثناء من مفهوم الشرطين قبله. قوله: (وما يخلف تبعا) أي فلا يمنع من صحة المساقاة
وإذا دخل تبعا كان لهما ولا يجوز إبقاؤه للعامل ولا لرب الحائط لأنه زيادة إما على رب الحائط أو
على العامل يناله بسقيه مشقة، والفرق بينه وبين الأرض ورود السنة في الأرض انظر بن.

539
قوله: (أكثر من نوع) أي كبلح وخوخ والذي حل بيعه واحد منهما دون الآخر. قوله: (الثلث) وهل
هو فيما لا ثمر له فالنظر لثلث قيمة أصوله فإذا كانت قيمتها الثلث من قيمتها مع قيمة الثمرة جازت
المساقاة وإلا فلا أو المعتبر عدد ما لا يثمر من عدد ما يثمر ا ه‍ عبق. قوله: (والمراد الخ) أي وحينئذ
فالحصر المتعلق بهذا نسبي أي إنما يصح بجزء لا بعدد آصع ولا بثمر نخلة أو نخلات بعينها. قوله: (أو
آصع) أي معلومة العدد. قوله: (في نخلة معينة) أي كساقيتك على العمل في هذا الحائط وبثلث ثمر هذه
النخلة أو هذه النخلات. قوله: (وعلم قدره) أي وعين قدره ولو جهل قدر ما في الحائط سواء كان تعيينه
باللفظ والنص عليه كربع بل ولو كان التعيين بالعادة الجارية في البلد. قوله: (لا يستلزم تعيين قدره) أي
لأنه أعم منه لصدقه بما إذا قال له جعلت لك جزأ قليلا أو كثيرا وبما إذا قال له جعلت لك الربع مثلا
والأعم لا يلزم أن يصدق بأخص معين. قوله: (ويشترط في الجزء أيضا) أي كما يشترط شيوعه في جميع
الحائط وتعيين قدره. قوله: (أن يكون مستويا الخ) قد يقال يغني عن هذا الشرط اشتراط شيوعه في
جميع الحائط لأنه إذا حصل له النصف في الثمر والربع في الزيتون كان كل من الجزأين غير شائع في
جميع الحائط فتأمل. قوله: (أي بهذه المادة) أي فيدخل ساقيتك وأنا مساقيك أو أعطيتك حائطي
مساقاة. قوله: (والمذهب الخ) هذا قول سحنون واختاره ابن شاس وابن الحاجب وما ادعاه الشارح
من أنه المذهب تبعا لعبق قال بن فيه نظر إذ قول ابن القاسم الذي هو ظاهر المصنف تصححه ابن رشد
في المقدمات والبيان، وكذا كلام المتيطي وعياض والتوضيح وغيرهم يقتضي أنه المذهب ولذا
اقتصر ابن عرفة عليه. قوله: (بعاملت ونحوه) كعاملتك على الخدمة في هذا الحائط بكذا أو عاقدتك
على الخدمة في هذا الحائط بكذا. قوله: (ونحوه) أي كرضيت. قوله: (واحترز بذلك عن لفظ الإجارة الخ)
هذا يقتضي أن هذا متفق عليه عند ابن القاسم وسحنون وليس كذلك بل هو من محل الخلاف
بينهما كما في كلام ابن رشد والمتيطي ونص الأول منهما والمساقاة أصل في نفسها لا تنعقد إلا بلفظ
المساقاة على مذهب ابن القاسم فلو قال رجل استأجرتك على العمل في حائطي هذا بنصف ثمرته لم يجز
على مذهبه كما لا تجوز الإجارة عنده بلفظ المساقاة بخلاف قول سحنون فإنه يجيزها ويجعلها إجارة
وكلام ابن القاسم أصح ا ه‍ بن. قوله: (ولا نقص الخ) الواو للحال ولا نافية والخبر محذوف والتقدير إنما
تصح مساقاة شجر بالشروط المذكورة والحال أنه لا نقص لمن في الحائط من الرقيق والدواب ولا
تجديد له موجود، وبهذا تعلم أن ما ذكره الشارح حل معنى لا حل إعراب. قوله: (ولا تصح باشتراط
نقص الخ) أي ولا تصح المساقاة باشتراط رب الحائط على العامل أنه يخرج من كان في الحائط موجودا
حين العقد من الرقيق أو الدواب ويأتي العامل ببدله. قوله: (بخلاف لو أخرجها) أي بعد العقد من غير
شرط فإنه لا يضر كما أن اخراج من ذكر من الحائط قبل عقدها لا يضر ولو كان قاصدا للمساقاة.
قوله: (ولا باشتراط تجديد) أشار بهذا إلى أن المضر إنما هو الاشتراط وأما التجديد لشئ لم يكن في
الحائط وقت العقد من غير شرط لم يضر كان المجدد العامل أو رب الحائط، وأشار المصنف بهذا لقول
المدونة وما لم يكن في الحائط يوم عقد المساقاة لا ينبغي أن يشترطه العامل على رب الحائط إلا ما قل
كغلام أو دابة في حائط كبير ا ه‍ بن. قوله: (خارجة عن الحائط) أي فهو غير قوله ولا تجديد فلا يقال

540
أنه لا حاجة لقوله ولا زيادة بعد قوله ولا تجديد. قوله: (ونحو ذلك) أي كأن يشترط أحدهما على الآخر
خدمة بيته أو طحن إردب مثلا. قوله: (إلا إن كانت) أي الزيادة الخارجة عن الحائط قليلة وقوله أو
دابة أي أو كان التجديد المشترط شيئا قليلا كدابة أو غلام في الحائط والحال أنه كبير. قوله: (وجوبا)
أخذ هذا من كون القضية مطلقة ومن القواعد أن قضايا العلوم المطلقة تفيد الوجوب أو أخذه من
التعبير بالفعل، كذا قرره شيخنا. قوله: (جميع ما) أي جميع العمل الذي يفتقر الحائط إليه فضمير يفتقر
للحائط المفهوم من المقام وحينئذ فالصلة جرت على غير من هي له ولم يبرز مشيا على المذهب الكوفي
لامن اللبس لان الذي يفتقر للعمل إنما هو الحائط. قوله: (عرفا) أي لقيام العرف مقام الوصف.
قوله: (كإبار) أي وكذا ما يؤبر به على المعتمد. قوله: (وتنقية لمنافع الشجر) أي وأما تنقية العين فعلى رب الحائط
ويجوز اشتراطها على العامل فلا يصح دخولها هنا لان كلام المصنف فيما على العامل لزوما، هذا وما
ذكره المصنف من الفرق بين تنقية منافع الشجر وتنقية العين أي كنسها تبع فيه ابن شاس وابن
الحاجب، وهو قول ابن حبيب ولكن الذي في المدونة التسوية بين منافع الشجر وتنقية العين في أنه
على رب الحائط إلا أن يشترطهما على العامل كما في نقل المواق، فلعل الأولى أن مراد المصنف بالتنقية هنا
تنقية النبات فلا يخالف المدونة انظر بن. قوله: (ودواب وإجراء) أي وكذا عليه الجذاذ والحصاد
لثمر وزرع والكيل وما أشبه ذلك كالدراس. قوله: (وأنفق العامل) أي من يوم عقد المساقاة على من في
الحائط م رقيق أو دواب أو إجراء سواء كانوا في الحائط لربه قبل عقد المساقاة أو أتى بهم العامل فيه
بعده. قوله: (من يحتاج للكسوة) أي مما في الحائط من الرقيق وقوله وكسا أي سواء كانت الكسوة
لا تبقى بعد مدة المساقاة أو كانت تبقى بعدها لان بقاءها بعدها زمن قليل فليست مثل كنس العين وبناء
الجدار تأمل. قوله: (سواء كان) أي من في الحائط من الرقيق. قوله: (ورقيقه) أي رقيق الحائط وقوله
كانوا أي الدواب والرقيق. قوله: (لا تلزمه الأجرة الخ) ظاهر المصنف أنه لا يلزمه أجرة من كان فيه
كان الكراء وجيبة أو مشاهرة وهو ظاهر المدونة كما قال ح. وقال اللخمي إنما ذلك في الوجيبة نقد
رب الحائط فيها أم لا، وأما المشاهرة فتلزمه إن لم ينقد فيها ربه مدة كما أن عليه أجرة ما زاد على مدة
الوجيبة. قال ح وهو مخالف لظاهر المدونة أي فهو ضعيف خلافا للبساطي فإنه جعل كلام اللخمي
هو المعول عليه. قوله: (أو خلف من مات) عطف على أجرة ومعناه أنه لا يجب على العامل خلف من
مات أو مرض من الدواب التي كانت فيه بل هو كما في المدونة على رب الحائط وإن لم يشترط العامل
ذلك فلو شرط خلفها على العامل لم يجز. قوله: (على الأصح) أي لأنه إنما دخل على انتفاعه بها حتى تهلك
أعيانها وتجديدها على العامل معلوم عادة وحينئذ فلا يجوز اشتراطها على رب الحائط. قوله: (كزرع ولو
بعلا) أي لأنه قد يخاف عليه الموت عند عدم سقيه واحتياجه لعمل ومؤونة. قوله: (فلا تصح مساقاته)
أي لان إخلافه بعد قطعه وجواز المساقاة فيما يخلف بعد القطع خاص بالشجر كما مر. قوله: (وبصل) أي
وكفجل وكراث مما يجذ وكزبرة وجزر وخس وكرنب واسبانخ وشبت. قوله: (ومنها الباذنجان)

541
الأولى أن يقول ومنها القرع ومثلها الباذنجان والبامية والعصفر. قوله: (غير معناه في الشجر) أي لان
المراد بالاخلاف هنا الاخلاف بعد القطع والمراد به في الشجر الاخلاف قبل القطع. قوله: (إن عجز
ربه الخ) ومنه اشتغاله عنه بالسفر كما في التوضيح عن الباجي خلافا لعبق. قوله: (وخيف موته)
أي وظن موته إذا ترك العمل فيه ولا يلزم من عجز ربه خوف موته لان السماء قد تسقيه وكلام
المدونة صريح في اشتراط هذا الشرط كما ي نقل المواق فسقط اعتراض البساطي على المصنف بأن هذا
الشرط ليس في كلامهم صريحا. قوله: (وبرز) إن قيل لا معنى لاشتراط هذه الشرط إذ لا يسمى زرعا
أو قصبا أو بصلا إلا بعد بروزه وأما قبله فلا يسمى بهذا الاسم حقيقة والجواب أن هذا الاسم يطلق
على البذر مجازا باعتبار ما يؤول إليه فاشترط الشرط المذكور لدفع توهم أن المراد بالزرع ما يشمل البذر.
قوله: (بشروطه) أي الخمسة. قوله: (مما تجني) أي حالة كونه مما تجني ثمرته ولو قال الذي تجني ثمرته الخ
لكان أوضح. قوله: (وذكر ابن رشد الخ) حاصل كلامه أن الورد والياسمين كالشجر بلا خلاف
وحينئذ فلا يعتبر في صحة مساقاتهما عجز ربهما وأما القطن ففيه الخلاف والراجح أنه كالزرع فيشترط
في صحة المساقاة فيه الشروط الخمسة المذكورة ولو أبدل المصنف الورد بالعصفر كان أولى لوجود
الخلاف فيه كالقطن وعبارة بن لم أر من ذكر التأويل الأول في الورد وظاهر كلامهم أنه كالشجر
بلا خلاف فإن ح والتوضيح والمواق لم يذكروا التأويل الأول إلا في العصفر وأما الورد
فظاهر كلامهم أنه كالشجر اتفاقا. قوله: (ولو كان نوع يطعم الخ) أي كما في التين والعنب في بعض بلاد
المغرب. قوله: (وكبياض نخل أو زرع) أي وكأرض بياض خالية من النخل والزرع وإنما سميت
الأرض الخالية مما ذكر بياضا لأنها لخلوها مما ذكر تصير في النهار مشرقة بضوء الشمس وفي الليل
بنور القمر والكواكب وأما إذا استترت بزرع أو شجر سميت سوداء لحجب ما ذكر بهجة
الاشراق فيصير ما تحته سوادا. قوله: (أي إدخاله الخ) الحاصل أن المصنف ذكر للبياض أربعة أحوال:
الأولى: إدخاله في المساقاة ويجوز بالشروط الثلاثة. الثانية: أن يشترطه رب الحائط لنفسه فيمنع وإن قل.
الثالثة: أن يسكتا عنه فيبقى للعامل إن قل. الرابعة: أن يشترطه العامل لنفسه وهي جائزة أيضا
إن قل. قوله: (إن وافق الجزء الخ) هذا هو المشهور ولم يشترط أصبغ موافقة الجزء قال المسناوي
وقد جرى العرف عندنا بفاس أو البياض لا يعطي إلا بجزء أكثر فله مستند فلا يشوش على الناس إذ
ذاك بذكر المشهور ا ه‍ بن. قوله: (وبذره العامل من عنده) أي واشترط بذره عليه لان الكلام في
صحة العقد والمراد اشترط عليه ذلك مع عمله فيه جميع ما يفتقر إليه عرفا فلا بد من هذا. قوله: (مع قيمة
الثمرة) أي بأن ينسب كراء البياض إلى مجموع قيمة الثمرة بعد اسقاط كلفتها وكراء البياض وليس
المراد أن كراء البياض ثلث بالنسبة لقيمة الثمرة مفردة. قوله: (بأن اختل شرط من الثلاثة) أي
بأن لم يكن جزؤه موافقا للجزء في الشجر أو الزرع أو كان موافقا ولكن ليس البذر من عند

542
العامل أو كان ولكن كان البياض أكثر من الثلث. قوله: (فسد العقد) أي عقد المساقاة في البياض وفي
غيره. قوله: (البياض اليسير) أي وهو ما كان كراؤه الثلث فدون ومن باب أولى إذا كان كثيرا. قوله: (أي
ليعمل فيه لنفسه) أي ليعمل فيه رب الحائط لنفسه وقوله لنيله الخ الأولى إذا كان يناله شئ
من سقي العامل. قوله: (ولذا) أي ولأجل كون الفساد لنيل البياض شيئا من سقي العامل لو كان ذلك
البياض لا يناله سقي العامل لا يضر اشتراط ربه أخذ ذلك البياض لنفسه. قوله: (المستوفى الشروط
المتقدمة) أي في قوله إن وافق الجزء الخ والأولى اسقاط ذلك إذ لا معنى له. قوله: (إن سكتا عنه) أي
وقت عقد المساقاة على الشجر أو الزرع فلم يبينا دخوله في عقد المساقاة ولا كونه للعامل أو لربه. قوله: (أو
اشترطه) لما كان الشئ قد يكون حائزا واشترطاه يوجب منعه كالنقد في بيع الخيار زاد المصنف
أو اشترطه لينبه على جوازه. قوله: (لم يلغ) أي عند السكوت عنه. قوله: (ولا يجوز اشتراطه
للعامل) فإن اشترطه له فسد العقد. قوله: (ولا إدخاله في عقد المساقاة) أي فإن أدخل
فيها فسدت. والحاصل أن البياض إن كان كثيرا تعين أن يكون لربه ولا يجوز اشتراطه للعامل
ولا إدخاله في عقد المساقاة ولا يلغي للعامل عند السكوت عنه وإن كان قليلا ففيه الأحوال الأربعة
المتقدمة. قوله: (ودخل شجر) يعني أن المساقاة إذا وقعت قصدا على زرع وفيه شجر يسير تبع فإن ذلك
الشجر يدخل في عقد المساقاة على الزرع لزوما ولا يجوز اشتراطه للعامل ولا لرب الأرض لان
السنة إنما وردت بإلغاء البياض لا بإلغاء الشجر ولا يعتبر في مسألة المصنف شروط التابع بأن يقال
لا بد تأن يكون ذلك الشجر بلغ حد الأثمار وأن لا يحل بيع ثمره إن كان موجودا وأن يكون ذلك
الشجر لا يخلف، وكذا في عكسها، فلا يقال لا بد أن يعجز ربه عن العمل فيه وأن يبرز وأن يخاف موته
وأن لا يبدو صلاحه وأن يكون مما لا يخلف وإنما يعتبر فيهما شروط المتبوع. قوله: (بأن تكون قيمته)
أي قيمة ثمره الثلث فدون أي بالنسبة لمجموع قيمته وقيمة المتبوع وهو الزرع وأما لو كانت قيمة ثمر
الشجر أكثر من ذلك فلا يدخل في المساقاة على الزرع. قوله: (كأن يقال الخ) ما ذكره من المثال
يقتضي أنه إنما يعتبر سقوط الكلفة في قيمة الثمرة دون الزرع وهو ظاهر كلام التبصرة واعتبر
ذلك الشيخ أحمد الزرقاني فيهما معا. قوله: (فيدخل في عقد المساقاة) أي على الزرع. قوله: (أي
مساقاتهما معا) أشار بذلك إلى أن المساقاة في هذه المسألة وقع عقدها على كل من الامرين سواء كان
أحدهما تابعا أو لا وأما التي قبلها فإنما تعلقت بأحد الامرين ودخل الآخر تبعا فلا تكرار. قوله: (وإن
كان أحدهما) مراده الأحد الشائع. قوله: (غير تبع) أي للآخر. قوله: (اعتبر شروط المتبوع)
أي وأما اتفاق الجزء فلا بد منه في جميع الصور. قوله: (بعقد واحد) أي أو عقود والعامل في الجميع
واحد أو متعدد وكذا رب الحوائط إما واحد أو متعدد. قوله: (وإن اختلفت) أي هذا إذا اتفقت
تلك الحوائط في الأنواع بل وإن اختلفت. قوله: (فالاستثناء من مفهوم قوله بجزء) أي فكأنه قال لا
بجزأين إلا في صفات والاستثناء متصل لان قوله وحوائط وإن اختلفت شامل لما إذا
كان العقد صفقة واحدة أو صفقات أخرج من ذلك ما إذا كان صفقات. قوله: (إن
وصف) أي سواء كان واصفه للعامل ربه أو غيره ويفهم من قوله إن وصف أنه لا تجوز

543
مساقاة الغائب برؤية لا يتغير بعدها ولا على الخيار بالرؤية وظاهر المدونة والحطاب الجواز لان المدونة
شبهت مساقاة الغائب ببيعه انظر بن. قوله: (من شجر) أي من جنس الشجر وعدده. قوله: (وأرض)
أي فيوصف ما هي عليه من صلابة أو غيرها. قوله: (أو غيرهما) أي كغرب. قوله: (أي أمكنه وصوله قبل
طيبه) أي وإن لم يصل بالفعل فإن عقداها في زمن يمكن فيه الوصول بل طيبه فتوانى في طريقه فلم
يصل إليه إلا بعد الطيب لم تفسد وحط عن العامل بنسبة ذلك كما يأتي في قوله وإن قصر عامل عما شرط
حط بنسبته ثم نفقته في ذهابه وإقامته عليه لأنه أجير بخلاف عامل القراض لأنه شريك على قول
فيه نوع قوة. قوله: (وإلا فسدت) أي وإلا بأن جزم عند العقد بعدم وصوله قبل طيبه فسدت. قوله: (جزء
الزكاة) الإضافة بيانية ولو قال واشتراط الزكاة لكفاه وكلام المصنف من إضافة المصدر
لمفعوله أي واشتراط أحدهما الزكاة على الآخر. واعلم أن النخل والزرع المساقى عليه إنما يزكي كل
منهما على ملك رب الحائط والزرع فإن كان ربه أهلا للزكاة وثمره أو زرعه وحده أو مع
ما يضمه إليه من غير نصاب وجبت الزكاة، ولو كان العامل من غير أهلها لأنه أجير فإن لم يكن ربه من
أهلها أو لم يبلغ الثمر أو الزرع ولو مع ماله من غيرها نصابا لم تجب عليه ولا على العامل في حصته، ولو
كانت نصابا وهو من أهلها لأنه أجير. وما قلناه من أنه لا فرق بين الثمر والزرع هو الصواب كما في بن
وما في عبق من التفرقة بينهما ففيه نظر انظر بن. قوله: (بجزء معلوم) فكأنه جعل لمن اشترطت
الزكاة عليه نصف الثمرة مثلا إلا نصف عشرها. قوله: (وقيل لمشترطه) أي وقيل إن جزء الزكاة وهو
عشر الثمر أو نصف عشره يكون لمن اشترطه على صاحبه. قوله: (وجاز سنين) أي والسنة الأخيرة
تنتهي بالجذاذ تقدم الجذاذ على تمام السنة الأخيرة أو تأخر عن تمامها. قوله: (ما لم تكثر جدا) أي
كثرة جدا فهو مفعول مطلق نائب عن المصدر المحذوف، وذلك بأن احتمل أن لا يبقى الحائط على حاله
إليها. قوله: (بلا حد) أي أنه لم يثبت عند الامام تحديد بشئ من السنين في الكثرة الجائزة ولا في
غير الجائزة لأنه رأى أن ذلك تختلف باختلاف الحوائط إذ الجديد ليس كالقديم فلو حدد لفهم
الاقتصار على ذلك. قوله: (قيل لمالك العشرة) أي السنين التي تجوز مساقاتها العشرة. قوله: (لأنه
ربما كفاه) أي لان ذلك الغلام أو الدابة الذي اشترطه العامل على رب الحائط ربما كفى ذلك
الحائط الصغير. قوله: (وجاز اشتراط قسم الزيتون حبا) أي من العامل أو من رب الحائط. قوله: (للتوكيد)
أي توكيد مقتضى العقد وقوله لما علم أنها أي المساقاة تنتهي بالجذاذ وإذا انتهت بالجذاذ
قسم الزيتون حبا وحيث كان اشتراط ذلك مؤكدا لمقتضى العقد فلا يضره وإنما نص المصنف
على جواز ذلك مع كون العقد مقتضيا له لدفع توهم أن اشتراطه يوجب فساد العقد كما في المسائل
التي يجوز فيها النقد تطوعا ويفسدها شرطه كبيع الخيار. قوله: (فإن لم يكونا فهو عليهما) أي فإن
لم يكن شرط بعصره ولا عادة بذلك أي والحال أنهما لم يقتسماه حبا كان عصره عليهما. والحاصل
أنه إذا اقتسماه حبا فالامر ظاهر فإن لم يقتسماه حبا واشترط عصره على أدهما أو جرى
عرف بذلك عمل به وإلا كان عصره عليهما فإن جرت العادة بشئ واشترط خلافه عمل بالشرط
لأنه كالناسخ للعادة. قوله: (الزرب بأعلى الحائط) أي وهي الزرب الذي يجعل بأعلى الحائط المحيطة

544
بالبستان سواء كان من شوك أو من جريد أو بوص أو من أعواد. قوله: (له لما انفتح منه) أي توضع فيما
انفتح منه أي من الزرب. قوله: (الأربعة المذكورة) أي وهي إصلاح الجدار وما بعده. قوله: (فإن لم يشترطه
على العامل فعلى ربه) أي ولو انهارت البئر فعلى ربها إصلاحها فإن أبى فللمساقي بالفتح أن ينفق عليها
قدر ما يخص ربها من ثمرة سنة ويكون نصيب ربها من الثمرة رهنا بيده، كذا في وثائق الجزيري،
والذي في التوضيح والشارح بهرام ينفق العامل ويكون نصيبه من الثمرة رهنا من غير تقييد بسنة.
قوله: (أو ما قل) أي يجوز أن يشترط رب الحائط على العامل عمل ما قل مما هو لازم لرب الحائط.
قوله: (وظاهره الخ) قد أشار الشارح لدفع ذلك الاعتراض بأن المراد أو ما قل يعني غير ما تقدم
فيفيد أن محل جواز اشتراط ما تقدم إذا كان قليلا. قوله: (للزومها بالعقد) علة لقوله ولو قبل العمل لان
الإقالة فرع اللزوم وإلا كان مجرد ترك كما مر في القراض. قوله: (ولو وقع التقايل على شئ) أي يدفعه
رب الحائط للعامل. قوله: (مطلقا) أي سواء كان بجزء مسمى كربع أو لا كوسق كان التقايل قبل
العمل أو بعده لأنه إما بيع للثمر قبل زهوه إن أثمر النخل وإما من أكل أموال الناس بالباطل إن لم
يظهر في النخل ثمر فقد أكل العامل ما أخذه باطلا إذ لم يعد على ربه نفع. قوله: (والمذهب) أي كما قال ح
بل في بن أن الذي تقتضيه المدونة هو ما قاله ابن رشد فانظره. قوله: (وأما بعده) أي العمل كان التقايل
بجزء مسمى أو لا. قوله: (ومنعه أصبغ) قال بن الصواب نسبة المنع إلى سماع أشهب وعلة المنع اتهام
رب الحائط على استئجار العامل تلك الأشهر بسدس من ثمر الحائط إن كانت الإقالة عليه فصارت
المساقاة دلسة بينهما وصار فيه بيع الثمرة بالعمل قبل بدو صلاحها. قوله: (كما لو طابت الثمرة) أي
والحال أن التقايل قبل العمل والمنع لأنه من أكل أموال الناس بالباطل. قوله: (أو كان الجزء غير مسمى)
أي كوسق أي والموضوع أن الإقالة قبل العمل والمنع لأنه من أكل أموال الناس بالباطل. قوله: (إلا
ما يفهم من المدونة من المنع) أي لاتهام رب الحائط على استئجار العامل تلك الأشهر بشئ من
ثمر تلك الحائط ثم اشتراها منه بالدراهم قبل بدو صلاحها وصارت المساقاة دلسة. قوله: (وجاز مساقاة
العامل عاملا آخر) أي بغير إذن رب الحائط ومحل الجواز إن لم يشترط رب الحائط عمل العامل
بعينه وإلا منع من مساقاته لآخر. قوله: (أمينا) أي بخلاف عامل القراض فليس له أن
يعامل عاملا آخر بغير إذن رب المال مطلقا ولو كان أمينا لان مال القراض مما يغاب عليه
بخلاف الحائط. قوله: (لا غير أمين) أي فلا يجوز مساقاته وإن كان الأول مثله في عدم الأمانة
لان رب الحائط ربما رغب في الأول لامر ليس في الثاني وظاهر كلام المصنف كان جزء الثاني أقل
من جزء الأول أو أكثر منه أو مساويا له وهو كذلك والزيادة للعامل الأول فيما إذا كان الجزء الذي
جعله للثاني أقل من الجزء المجعول له والزيادة عليه فيما إذا كان الجزء الذي جعله أكثر. قوله: (على
ضدها) أي وعليه إثباتها لان الأصل في الناس الجرحة لا العدالة وهذا بخلاف ورثة العامل الأول
فإنهم يحملون على الأمانة حتى يثبت ضدها فليسوا كالأجنبي لأنهم ثبت لهم حق مورثهم فلا يزول
إلا بأمر محقق بخلاف الأجنبي والفرق بين ورثة عامل المساقاة وورثة عامل القراض حيث حملوا على
ضد الأمانة أن مال القراض يغاب عليه دون الحائط. قوله: (وضمن الأول موجب فعل غير الأمين)
أي موجب فعل الثاني إذا كان الثاني غير أمين. وحاصله أن العامل الثاني حيث حمل على ضدها عند
الجهل بحاله فإن العامل الأول يضمن موجب فعل الثاني الذي لا أمانة عنده كانت المساقاة

545
في زرع أو شجر ولا يرجع قوله وضمن لما إذا كان الثاني أقل أمانة لأنه إذا ثبتت أمانته ولو كانت أقل
فلا ضمان. قوله: (أسلمه لربه هدرا بلا شئ) قال في التوضيح ظاهره أنه لا شئ له ولو انتفع رب الحائط
بما عمل العامل وهو ظاهر المدونة أيضا وقال اللخمي له قيمة ما انتفع به من العمل الأول قياسا على
قولهم في الجعل على حفر البئر ثم يترك ذلك اختيارا ويتمم رب البئر حفرها ا ه‍، وقال في التوضيح أيضا
قوله أسلمه هدرا. قال ابن عبد السلام ظاهر المدونة وغيرها أن ذلك للعامل وإن لم يرض رب الحائط
لكن تأول المدونة أبو الحسن وغيره بأن معناه إذا تراضيا على ذلك خليل وهذا التأويل متعين ا ه‍. إذا
علمت هذا فقول الشارح ولزم ربه القبول إنما يتم على ما لابن عبد السلام وقد علمت رده. قوله: (فضمانه
منه) يعني أنه لا رجوع له على أحد وقال اللخمي وابن يونس لو قال رب الحائط أنا أستأجر من يعمل
تمام العمل وأبيع للعامل ما خصه من الثمرة واستوفى ما أديت فإن فضل شئ فله وإن نقص اتبعته إن
ذلك له نقله بن عن التوضيح. قوله: (ولم تنفسخ المساقاة) أي عقدها وقوله بفلس ربه أي بالمعنى الأعم
أو الأخص وقوله الطارئ على عقدها أي قبل العمل أو بعده. قوله: (بيع) أي لأجل قسم ثمنه على الغرماء
وقوله على أنه أي على أن الحائط مساقي فيه العامل بالثلث أو الربع مثلا. قوله: (والموت كالفلس) أي
وموت رب الحائط الطارئ بعد عقد المساقاة كفلسه في عدم فسخ المساقاة به وفي عج والظاهر
أنه إذا استحق الحائط بعد عقد المساقاة فيه خير المستحق بين إبقاء العمل وفسخ عقده لكشف
الغيب أن العاقد له غير مالك وحينئذ فيدفع له أجرة عمله ولو بيعت الحائط ولم يعلم المشتري أنه مساقي
إلا بعد الشراء لم يثبت له خيار بخلاف من اشترى دارا ثم علم بعد الشراء أن بائعها قد آجرها مدة قبل البيع
فإنه عيب يوجب له الخيار فإن شاء رضي بذلك وإن شاء رد. قوله: (مساقاة وصي) أي من قبل الأب لا
من الأم إذ لا ولاية لها حتى توصي خلافا لعبق انظر بن ومثله القاضي ومقدمه. قوله: (حائط محجوره)
أي دفعها العامل يعمل فيها على توجه المساقاة وهل يجوز له أن يعمل بنفسه مساقاة في حائط اليتيم الذي
في حجره لأنه ليس مما يغاب عليه أوليس له ذلك كالقراض انظر في ذلك. قوله: (وهو محمول على النظر)
لان هذا ليس من بيع مما يغاب عليه أوليس له ذلك كالقراض انظر في ذلك. قوله: (وهو محمول على النظر)
لان هذا ليس من بيع ربعه حتى يحمل على عدم النظر. قوله: (ومساقاة مدين حائطه) أي دفعه لعامل مساقاة.
قوله: (وهو) أي كونه قبل قيام غرمائه عليه معنى قوله بلا حجر أي بلا قيام غرمائه عليه. قوله: (فلهم
الفسخ) أي لان قيام الغرماء يمنع التصرف مطلقا سواء كان على وجه التبرع أو على وجه المعاوضة
والذي يمنع التبرع فقط إنما هو إحاطة الدين. قوله: (لم يعصر) أي إذا تحقق أو ظن ظنا قويا أنه لم يعصر
حصته التي يأخذها على لعمل خمرا وسواء اشترط عليه ذلك أي عدم العصر أولا فالمدار على غلبة الظن
بعدم العصر هذا هو المعتمد خلافا للبساطي ومن تبعه من أنه لا بد في الجواز من أن يشترط المسلم عليه
عدم عصر حصته خمرا ويدل للأول مساقاته عليه السلام لأهل خيبر ولم يرو أنه اشترط عليهم ذلك اكتفاء
بالظن القوي أنهم لا يعصرون. قوله: (وإلا لم يجز) أي وإلا بأن تحقق عصره له خمرا أو ظن ذلك أو شك
فيه لم يجز والظاهر الكراهة حالة الشك قياسا على ما ذكره من كراهة مقارضة من شك في عمله بالربا
ومعاملته. قوله: (لا مشاركة ربه) هذا شروع في بيان الأمور التي لا تجوز في المساقاة وهذه المسألة
غير قوله الآتي واشترط عمل ربه لأنه وقع العقد في هذه ابتداء على أن العمل عليهما والربح بينهما
على ما شرطا كأن يقول رب الحائط لشخص أسقي أنا وأنت في حائطي ولك نصف ثمرته
بخلاف المسألة الآتية فإن معناها أن العامل شرط حين العقد على رب الحائط أن يعمل معه
مجانا ويصح حمل كلام المصنف أيضا على ما إذا اشترط العامل على رب الحائط حين العقد العمل معه
ويشاركه في الجزء الذي شرطه له. قوله: (لأنه على خلاف الخ) أي لان السنة إنما جاءت بتسليم رب

546
الحائط الحائط للعامل فإن وقع ونزل فإن كان المشترط هنا رب الحائط فللعامل أجرة مثله وإن كان
المشترط العامل فله مساقاة مثله، ووجه ذلك أنه في الأولى لما اشترط رب الحائط على العامل أن يعمل
هو معه ولم يسلم له الحائط فكأنه آجره على معاونته في العمل بخلاف الثانية فإنه لما سلم له الحائط وكان
المشترط العامل ترجح جانب المساقاة دون الإجارة فكان للعامل مساقاة مثله. قوله: (ليغرس فيها
شجرا من عنده) أي ويقوم بخدمته. قوله: (فإذا بلغت حد الأثمار مثلا) أي أو بلغت قدر كذا من
السنين. قوله: (أو أطلق) عطف على سماها أي أو أطلق في السنتين ولم يسم عددها. قوله: (ثم يكون الغرس)
أي ثم بعد مضي مدة المساقاة يكون الغرس ملكا لرب الأرض أي خاليا عن المساقاة.
قوله: (فلا يجوز) أي لما في ذلك من المخاطرة إذ لا يدري هل يبقى ذلك الشجر أو يموت قبل
إتيان زمن المساقاة أو فيه أو بعده. قوله: (فسخت المغارسة) يعني العقدة كلها المحتوية على المغارسة
والمساقاة بدليل ما بعده. قوله: (ما لم يثمر الخ) أي إن فسخ العقدة في صورتين ما إذا لم يثمر الشجر
وإن حصل منه عمل أو أثمر من غير حصول عمل يعني في زمن المساقاة وذلك بعد بلوغ القدر المعلوم.
قوله: (وللعامل الخ) أي وإذا فسخت فللعامل فيما تقدم على سنين المساقاة أجرة مثله في مقابلة عمله وله
نفقته التي أنفقها على الشجر وله قيمة الأشجار يوم غرسها فله أمور. قوله: (فإن أثمر وعمل) أي في زمن
المساقاة وقوله وكان له مساقاة مثله أي زيادة على الأمور الثلاثة المتقدمة وهي أجرة مثله نفقته التي
أنفقها على الشجر وقيمة الشجر يوم غرسه. قوله: (على أن الأرض والشجر بينهما) أي من حين
الغرس أو إذا بلغ حد كذا. قوله: (ما يغرس في الأرض) أي من نوع الشجر وإن لم يعين عدده وقوله
وكانت مغارسة أي صحيحة فلا ينافي أن صورة المصنف مغارسة أيضا إلا أنها فاسدة.
قوله: (وإلا فلا) أي وإن لم يعين ما يغرس فيها حين العقد كانت مغارسة فاسدة. قوله: (فإن
عثر عليهما) أي على المتعاقدين في هذه المغارسة الفاسدة. قوله: (وهي تبلغ أثناءها) أي وهي تبلغ
حد الاطعام في أثناء مدة المساقاة ومن باب أولى إذا لم تبلغ أثناءها بل بعدها لضياع عمله باطلا.
قوله: (أي أثناء المدة) أي أثناء مدة المساقاة كانت خمس سنين أو أقل أو أكثر. قوله: (فلا يجوز) أي للخطر.
قوله: (ولا مفهوم لخمس) أي وإنما عبر المصنف بها تبعا للرواية أي رواية ابن القاسم عن مالك في
المدونة وقد علمت أن ما في الرواية فرض مسألة. قوله: (قبل بلوغه الاطعام) أي وبعد العمل بدليل
قوله وكان للعامل أجر مثله وأما لو عثر على ذلك بعد الاطعام وقبل العمل فسخ ولا علقة لاحد بأحد.
قوله: (أي وعمل) وأما لو عثر على ذلك بعد الاطعام ولم يعمل فسخت ولا شئ له. قوله: (مساقاة مثله)
أي فتزاد هذه المسألة على المسائل التسعة الآتية. قوله: (وفسخت الخ) اعلم أن المساقاة إذا وقعت فاسدة
لفقد شرط أو وجود مانع فإن اطلع عليها قبل العمل فسخت ولا علقة لاحد بأحد
سواء كان يجب فيها بعد تمامها أجرة المثل أو مساقاة المثل وإن اطلع عليها بعد العمل
فإن وجب فيها أجرة المثل فسخت أيضا وحاسب العامل بأجرة ما عمل وإن كان الواجب فيها
مساقاة المثل لم تفسخ بعد الشروع في العمل وتبقى لانقضاء أمدها لأنه إنما يدفع للعامل من الثمرة
فلو فسخ العقد قبل طيبها لزم أن لا يكون للعامل شئ لان المساقاة كالجعل لا يستحقها العامل
إلا بتمام العمل هذا محصل كلامه. قوله: (بلا عمل) أي أصلا أو بعد عمل لا بال له ا ه‍ عبق.

547
قوله: (إذا عثر عليها) أي إذا اطلع على فسادها. قوله: (وكانت المدة) أي مدة المساقاة كلها
سنة. قوله: (أو بعد سنة من أكثر) أي أو عثر على فسادها بعد مضي سنة من أكثر وإنما ذكر هذه مع دخولها تحت قوله أو
في أثنائه لئلا يتوهم أن حكم هذه حكم ما إذا عثر على الفساد قبل العمل من حيث إن السنة قليلة في جانب
أكثر منها. قوله: (إن وجبت فيها أجرة المثل) أي لكون رب الحائط والعامل خرجا عن المساقاة لإجارة
فاسدة أو بيع فاسد كأن زاد رب الحائط للعامل عيبا أو عرضا فإنها فاسدة ويجب فيها أجرة المثل.
قوله: (بحساب ما عمل) أي كالإجارة الفاسدة. قوله: (فإن وجب مساقاة المثل) أي لكون الفساد من عقدها
لا لخروجها عنها لبيع فاسد أو إجارة فاسدة وذلك كأن يشترط العامل على رب الحائط عمل دابة أو
غلام لرب الحائط والحال أن الحائط صغير. قوله: (لم تنفسخ في الصورتين) أي بل يتعين إبقاؤها إلى
انقضاء أمدها وكان له مساقاة المثل لأنه لا يدفع للعامل نصيبه إلا من الثمرة فلو فسخت لزم أن لا يكون
للعامل شئ لان المساقاة كالجعل لا يستحق إلا بتمام العمل ا ه‍ ثم إن لزم مساقاة المثل بالنظر للمدة
المستقبلة بعد الاطلاع وأما المدة التي قبل الاطلاع على الفساد كما في الصورة الثانية فله فيها أجرة المثل
كذا ذكر بعضهم وانظره. قوله: (والواجب بعده) أي والواجب إذا فسخت بعد العمل كلا أو بعضا.
قوله: (إن خرجا عنها) أي لإجارة فاسدة أو لبيع فاسد. قوله: (كأن ازداد أحدهما عينا أو عرضا) يتحقق
في زيادة أحدهما عينا أو عرضا الخروج للإجارة الفاسدة والخروج لبيع الثمرة قبل بدو صلاحها كما
بينه الشارح. قوله: (ولا شئ له من الثمرة) قال ابن سراج إلا لضرورة كأن لا يجدر برب الحائط عاملا إلا مع
دفعه له شيئا زائدا على الجزء فيجوز. قوله: (فقد خرجا عنها) أي عن المساقاة. قوله: (فمساقاة المثل) أي
وهي الواجبة للعامل. واعلم أن مساقاة المثل واجبة في حائطه فيكون العامل أحق به في الموت والفلس
بخلاف أجرة المثل فإنها في الذمة فلا يكون العامل أحق بما عمل فيه في فلس ولا موت ولكن الذي في ح
قبيل قوله وإن ساقيته أو أكريته الخ أن العامل أحق بالحائط فيما فيه أجرة المثل في الفلس لا في الموت
هذا في المساقاة نعم في القراض ليس أحق بما فيه أجرة المثل لا في الفلس ولا في الموت. قوله: (وليس
تبعا) أي بأن كان الثمر الذي بدا صلاحه زائدا على الثلث. قوله: (على حائط واحد) أي فيه ثمر أطعم
زائدا على الثلث من نوع مغاير للنوع الذي لم يطعم. قوله: (والآخر لم يطعم) أي فإذا لم يطلع على فساد هذه
المساقاة إلا بعد العمل كان له فيما لم يثمر مساقاة المثل والعلة في فساد هذه المساقاة احتواؤها على بيع ثمر
مجهول وهو الجزء المسمى للعامل بشئ مجهول وهو العمل ولا يقال أصل المساقاة كذلك لأنا نقول
المساقاة خرجت عن أصل فاسد ولا يتناول خروجها هذا الفرع لخروج هذا الفرع عن سنة المساقاة
من كونها قبل الاطعام فبقي هذا الفرع على أصله. قوله: (صفقة واحدة) أي كأن يقول رب الحائط
للعامل ساقيتك حائطي وبعتك سلعة كذا بدينار وثلث الثمرة والعلة في فسادها اجتماع البيع
والمساقاة فإذا لم يطلع عليها إلا بعد العمل مضت وكان للعامل مساقاة المثل. قوله: (إن كل ما يمتنع الخ) أي
وهو ما ذكره بعضهم في قوله:

548
نكاح شركة صرف وقرض مساقاة قراض بيع جعل
فجمع اثنين منها الحظر فيه فكن فطنا فإن الحفظ سهل
قوله: (وصرف كذلك) أي وشركة وقرض وقراض. قوله: (أي تفسخ) أي إذا اطلع عليها قبل العمل
وقوله وفيها مساقاة المثل أي إذا اطلع عليها بعد العمل. قوله: (أو اشترط العامل عمل ربه معه) أي مجانا
فغاير قوله ومشاركة ربه أو المراد اشترط عمل ربه معه مجانا أو مع مشاركته له في الجزء وما تقدم من
قوله أو شارك ربه بيان للمنع وهذا في الواجب بعد الوقوع فلا تكرار على كل حال وقوله أو اشترط
أي في صلب العقد لا بعده إذ لا يتأتى الاشتراط بعده. قوله: (كما مر) فيه أنه لم يمر ذلك للشارح وإن كان
مر لنا ذلك عند قوله أو مشاركة ربه وقدمنا وجهه أيضا. قوله: (أو اشترط عمل دابة أو غلام وهو
صغير) قال عبق الظاهر في هذه المسألة وما بعدها الفساد ولو أسقط الشرط. قوله: (أو حمله لمنزله) أي
مجانا أو بأجرة. قوله: (إذا كان فيه كلفة ومشقة) أي وإلا جاز وينبغي أن يدفع له أجرة الحمل في الممنوعة
مع أجرة المثل. قوله: (حائط آخر) أي مجانا أو بأجرة خلافا للشارح ولا مفهوم لحائط بل متى شرط
أحدهما على الآخر خدمة في شئ آخر حائط أو غيره وإن بأجرة فسدت المساقاة وكان فيها مساقاة
المثل فكان الأولى للشارح أن يجعل آخر صفة لشئ لا لحائط. قوله: (في الأول) أي في الحائط الأول
وهو الذي وقع عليه العقد. قوله: (بسنين) المراد بالجمع ما زاد على لواحد ولو كثر ذلك الزائد جدا.
والحاصل أنه حيث اختلف الجزء فالمنع سواء كانت السنين التي وقع العقد عليها قليلة أو كثيرة جدا
وعلى كل حال له مساقاة المثل لأنهما لم يخرجا لباب آخر وإنما المنع للغرر كذا قرر شيخنا العدوي. قوله: (صفقة)
أي وقع عقد المساقاة عليهما صفقة واحدة. قوله: (فمساقاة المثل) أي إذا حلفا أو نكلا فإن
حلف أحدهما ونكل الآخر قضى للحالف على الناكل فإن كانت مساقاة المثل مختلفة بأن كانت عادتهم
في بلدهم يساقون بالثلث وبالربع قضى بالأكثر ا ه‍ تقرير شيخنا عدوي. قوله: (وأما مع اتفاق الجزء)
أي وأما إن وقع عقد المساقاة على حوائط بجزء متفق صفقة واحدة وأولى في صفقات أو وقع عقد
المساقاة على حوائط بجزء مختلف في صفقات فيجوز. قوله: (أو في صفقات) أي أو مع اختلافه في
صفقات. قوله: (فالقول للعامل) أي لتقوي جانبه بالعمل. قوله: (تحالفا وتفاسخا) أي بخلاف القراض
إذا تنازعا قبل العمل فإن المال يرد لربه بلا تحالف لان عقده قبل العمل منحل بخلاف المساقاة فإنها
تلزم بالعقد. قوله: (وإنما شبه هذه بما قبلها) أي ولم يعطفها عليه. قوله: (ومساقاة المثل) أي وإنما
وجبت مساقاة المثل في هذه المسألة مع أن العقد فيها صحيح من أجل الاختلاف بينهما في قدر الجزء.
قوله: (أكرى عليه الحاكم المنزل الخ) فإذا أكرى عليه الحاكم المنزل بزيادة كانت الزيادة للمكتري
الأول والنقص عليه وكذا إذا ساقى عليه عاملا فإن كان الجزء أقل من جزء الأول أو أكثر فالزيادة له
والنقص عليه. قوله: (ما لو اكتريته) أي جعلته كريا عندك للخدمة بقي ما إذا اكتريته للحمل فوجدته
سارقا والظاهر كما في عبق وحاشية شيخنا أنه مثل ما إذا أكريته دارك لا مثل ما إذا اكتريته

549
للخدمة. قوله: (كبيعه) أي كبيع شخص سلعته لمفلس. قوله: (بل هو أسوة الغرماء في الثمن) أي أنه
يحاصص معهم بالثمن فيما بيعت به سلعته وغيرها وهذا إذا كان البيع له قبل اقتسام الغرماء وأما إذا باع
له بعد اقتسامهم فلا دخول له معهم كما مر. قوله: (لتفريطه) أي حيث باع لذلك المفلس ولم يثبت. قوله: (وإن
له أخذ عين شيئه) أي المحاز عنه في الفلس. قوله: (أي ما سقط منه) أشار بهذا إلى أن الإضافة على
معنى من وفي الكلام حذف مضاف أي والساقط من أجزاء النخل حالة كونه كليف ولا مفهوم
للنخل بل مثله الشجر والزرع والساقط منه كالتبن والوقيد يكون بينهما على ما دخلا عليه من الجزء في
الحب. قوله: (وجريد) أي وبلح وقوله كالثمرة أي الباقية من غير سقوط. قوله: (فلربه) أي ولا
شئ منه للعامل فليست الإضافة بيانية لصدقها بذلك مع أنه غير مراد. قوله: (لمدعي الصحة) أشعر
قوله لمدعي الصحة أنهما لو اختلفا فقال رب الحائط لم تدفع لي الثمرة وقال العامل بل دفعتها لك صدق
العامل لأنه أمين ابن المواز ويحلف كان التنازع قبل جذاذ الناس أو بعده ا ه‍ بن. قوله: (كانت المنازعة
بعد العمل أو قبله) أي كما جزم بذلك اللخمي وابن رشد ونقل ذلك العلمي في حاشيته على المدونة عن
المتيطي وفي الشامل وصدق مدعي الصحة إذا تنازعا بعد العمل وإلا تحالفا وفسخت. قال عج
وهو غير معول عليه واعترضه الشيخ أبو علي المسناوي بأن ما في الشامل هو الذي لابن القاسم في
العتبية وابن يونس والتونسي وأبي الحسن وابن عرفة وغير واحد، فتحصل أن طريقة ابن رشد
واللخمي القول لمدعي الصحة مطلقا وطريقة غيرهما التفصيل وعليها الشامل ا ه‍ بن. قوله: (ما لم
يغلب الفساد) أي بخلاف القراض فإن القول قول مدعي صحته ولو غلب الفساد على المشهور وما
ذكره تت هنا عن ابن ناجي من أن القول لمدعي الصحة ولو غلب الفساد على المشهور رده عج
بأن ابن ناجي إنما ذكره في القراض لا في المساقاة. قوله: (بأن يكون عرفهم) أي بأن يكون الفساد
عرفهم. قوله: (فيصدق مدعيه بيمينه) أي ويفسخ العقد. قوله: (عما شرط عليه من العمل أو جرى
به العرف) أي كالحرث أو السقي ثلاث مرات فحرث أو سقي مرتين. قوله: (فينظر قيمة ما عمل الخ)
كأن يقال ما أجرة مثله لو حرث مثلا ثلاث مرات فإذا قيل خمسة عشر فيقال وما أجرته لو حرث
مرة فإذا قيل خمسة حط من حصته من الثمرة ثلثها لان قيمة ما ترك خمسة ونسبتها للخمسة عشر ثلثها.
قوله: (وهو كذلك) قال ابن رشد بلا خلاف بخلاف الإجارة بالدراهم أو الدنانير على سقاية حائطه
زمن السقي وهو معلوم عندهم وجاء ماء السماء فأقام به حينا فإنه يحط من الأجرة بقدر إقامة
الماء فيه والفرق أن لا تجارة مبنية على المشاحة والمساقاة مبنية على المسامحة لأنها
رخصة والرخصة تسهيل. قوله: (كذلك) وما يتعلق بها وما يتبعها.
والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب
آمين.

550
/ 1