بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
الكتاب: الشرح الكبير المؤلف: أبو البركات الجزء: 4 الوفاة: 1302 المجموعة: فقه المذهب المالكي تحقيق: الطبعة: سنة الطبع: المطبعة: الناشر: دار إحياء الكتب العربية - عيسى البابي الحلبي وشركاه ردمك: ملاحظات: روجعت هذه الطبعة على النسخة الأميرية وعدة نسخ أخرى الشرح الكبير لأبي البركات سيدي أحمد الدردير وبهامشه الشرح المذكور مع تقريرات للعلامة المحقق سيدي الشيخ محمد عليش شيخ السادة المالكية رحمه الله (تنبيه: قد وضعنا التقريرات المذكورة على الحاشية وعلى الشرح) (بأسفل الصحيفة مفصولة بجدول) (روجعت هذه الطبعة على النسخة الأميرية وعدة نسخ أخرى) (وإتماما للفائدة قد ضبطنا المتن بالشكل) الجزء الرابع طبع بدار إحياء الكتب العربية عيسى البابي الحلبي وشركاء
1 باب في الإجارة وكراء الدواب والدور والحمام وما يتعلق بذلك وهي بكسر الهمزة أشهر من ضمها وهي والكراء شئ واحد في المعنى: هو تمليك منافع شئ مباحة مدة معلومة بعوض، غير أنهم سموا العقد على منافع الآدمي وما ينقل غير السفن والحيوان إجارة والعقد على منافع ما لا ينقل كالأرض والدور وما ينقل من سفينة وحيوان كالرواحل كراء في الغالب فيهما. وأركانها أربعة: العاقد والاجر والمنفعة والصيغة، والمراد بها ما يدل على تمليك المنفعة بعوض ويشمل ذلك المعاطاة، وأشار إلى الأولين بقوله:
2 (صحة الإجارة بعاقد) مؤجر ومستأجر كالبيع فشرطهما التمييز وشرط اللزوم التكليف فالصبي المميز إذا أجر نفسه أو سلعته صح وتوقف على رضا وليه ومثله العبد وأما السفيه إن عقد على نفسه فلا كلام لوليه إلا إذا كان في الاجر محاباة فلوليه النظر وإن عقد على سلعة فلوليه النظر مطلقا كالبيع فالشرط لزوم أيضا في الجملة (وأجر كالبيع) فيكون طاهرا منتفعا به مقدورا على تسليمه معلوما. ولما كانت قاعدة الإمام ابن القاسم أن الثمن في البيع الأصل فيه الحلول وأن الأجرة في الإجارة على التأجيل إلا في مسائل فيجب فيها تعجيل الأجرة ذكرها المصنف بقوله: (وعجل) الاجر وجوبا فلا يؤخر لأكثر من ثلاثة أيام وإلا فسد العقد (إن عين) أي إن كان معينا كثوب بعينه أي وشرط تعجيله أو كانت العادة تعجيله وإلا فسد العقد ولو عجل بالفعل كما يأتي في قوله: وفسدت الخ (أو) كان غير معين ووقع التعجيل (بشرط) أي بسببه وهو عطف على معنى إن عين أي وعجل الاجر بتعيينه أو بشرط (أو عادة) بأن كان العرف والعادة التعجيل وسواء كانت المنافع معينة أو مضمونة شرع فيها أم لا؟ فهي صحيحة في هذه الأربع ( أو) كان غير معين كدراهم أو ثوب موصوف لكن وقع (في) منافع (مضمونة) في ذمة المؤجر كاستأجرتك على فعل كذا في ذمتك إن شئت عملته بنفسك أو بغيرك أو على أن تحملني على دوابك لبلد كذا فيجب تعجيل الاجر لاستلزام التأخير الدين بالدين وتعمير الذمتين وقيده في الموازية بعدم الشروع فيها وإليه أشار بقوله: ( لم يشرع فيها) أي في المنافع المضمونة فإن شرع جاز التأخير بناء على أن قبض الأوائل كقبض الأواخر ثم أخرج من ذلك قوله: (إلا كرى حج) ونحوه في غير إبانه ( فاليسير) من الاجر كاف في التعجيل فإن وقعت في إبانه فلا بد من تعجيل الجميع أو الشروع ولا يخفى شمول كلام المصنف منطوقا ومفهوما
3 لثمان صور في كل من الاجر المعين وغيره لأن المعين من الاجر إما أن يقع في مقابلة منافع معينة أو مضمونة وفي كل إما أن يحصل منه شروع فيها أم لا وفي كل إما أن يشترط التعجيل أو يكون العرف ذلك وإما أن لا يكون كذلك فهذه ثمان صور: أربع منها فاسدة وهي ما إذا انتفى عرف التعجيل ولم يشترط كانت المنافع معينة أو مضمونة شرع فيها أم لا، وأربع صحيحة وهي ما إذا كان العرف التعجيل وعجل أو اشترط تعجيله في الأربعة المتقدمة وكل هذا إذا وقع عقد الإجارة على البت فإن وقع على الخيار فسدت في الثمان صور كما يستفاد من الخيار كما تقدم وأما إن وقع على أجر غير معين فإن شرط تعجيله أو جرى به عرف وجب التعجيل أيضا في الأربع صور وإلا فإن كانت المنافع معينة جاز تعجيله وتأخيره وإن كانت مضمونة فإن وقع العقد في الا بان كالحج فالواجب أحد الامرين: إما تعجيل جميع الاجر إن كان يسيرا أو اليسير منه إن كان كثيرا. وأما الشروع فقوله: (وألا) يكن الاجر معينا ولم يشترط تعجيله ولم يجر به عرف ولم تكن المنافع مضمونة معناه لم يجب تعجيله وإذا لم يجب (فمياومة) كلما استوفى منفعة يوم أي قطعة من الزمن معينة أو تمكن من استيفائها لزمه أجرته وهذا في غير الصانع والأجير ومحله أيضا عند المشاحة وأما عند التراضي فيجوز تعجيل الجميع وتأخيره فإن اشترط التعجيل أو جرى به عرف عجل كما مر وأما الصانع والأجير فليس لهما أجرة إلا بعد التمام ففي المدونة: وإذا أراد الصناع والاجراء تعجيل الاجر قبل الفراغ وامتنع رب الشئ حملوا على المتعارف بين الناس فإن لم يكن لهم سنة لم يقض لهم بشئ إلا بعد الفراغ وأما في الأكرية في دار أو راحلة أو في إجارة بيع السلع ونحوه فبقدر ما مضى وليس لخياط خاط نصف القميص أخذ نصف أجرته إذا لم يأخذه على ذلك بل حتى يتمه اه والفرق بين الأجير والصانع أن بائع منفعة يده إن كان لا يجوز ما فيه عمله كالبناء والنجار فهو أجير
4 وإن كان يحوزه فإن كان لم يخرج فيه شيئا من عنده كالخياط والحداد والصائغ فصانع وإن كان يخرج فيه شيئا من عنده كالصباغ فبائع صانع (وفسدت) إجارة عينت فيها الأجرة فهو راجع لقوله وعجل إن عين (إن انتفى) فيها (عرف تعجيل المعين) بأن كان العرف التأخير أولا عرف وعلل الفساد بأنه كشرط التأجيل فيلزم الدين بالدين وعمارة الذمتين ومحل الفساد فيهما إن لم يشترط التعجيل كما مر (كمع جعل) أي كما تفسد الإجارة إذا وقعت مع جعل صفقة واحدة لتنافرهما لما في الجعل من عدم لزومه بالعقد وجواز الغرر وعدم الاجل بخلاف الإجارة (لا) مع (بيع) صفقة واحدة فلا تفسد لعدم منافاتهما سواء كانت الإجارة في نفس المبيع كشرائه ثوبا بدراهم معلومة على أن يخيطه البائع أو جلدا على أن يخرزه أو في غيره كشرائه ثوبا بدراهم معلومة على أن ينسج له آخر ويشترط في الصورة الأولى شروعه أو ضرب أجل الإجارة ومعرفة خروجه عين عامله أم لا؟ أو إمكان إعادته كالنحاس على أن يصنعه قدحا كما قدمه في السلم فإن انتفى الأمران كالزيتون على أن يعصره فلا وأما إن كانت الإجارة في غير نفس المبيع فتجوز من غير شرط. ثم عطف على قوله: كمع جعل مسائل تفسد فيها الإجارة للجهالة فقال: ( وكجلد) جعل أجرا (لسلاخ) وأدخلت الكاف اللحم كلا أو بعضا وسواء كانت الشاة حية أو مذبوحة لأنه لا يستحقه إلا بعد الفراغ وقد يخرج صحيحا أو مقطوعا
5 (أو نخالة لطحان) لأنها مجهولة القدر فهي كالجزاف غير المرئي وأما لو استأجره بكيل معلوم منها على أن يطحن له قدرا من الحب فيجوز (وجزء ثوب) جعل أجرة (لنساج) ينسج ذلك الثوب ومثل ذلك الجلود على دبغها بجزء منها لجهل صفة خروجه فإن وقع فالثوب لربه وله أجر مثله. (أو رضيع) آدمي أو غيره جعل جزؤه كربعه أجرا لمن يرضعه على أن يملكه بعد الرضاع بل (وإن) كان يملكه (من الآن) لأن الصبي قد يتغير وقد يتعذر رضاعه لموت أو غيره ولا يلزمه خلفه فيصير نقد الأجرة فيها كالنقد في الأمور المحتملة وهو ممتنع سواء كان المنقود مثليا أو مقوما كما هنا (و) فسدت إذا استأجره (بما سقط) أي بجزء منه كثلث (أو) بجزء مما (خرج في نفض زيتون) راجع للأول (أو عصره) راجع للثاني للجهل بالكم والصفة لأن من الشجر ما هو قاصر يقل ما يسقط منه ومنه ما هو بخلافه (وكاحصد وادرس) هذا الزرع (ولك نصفه) وكذا ادرسه ولك نصفه ففاسدة وله أجر مثله وأما احصده فقط ولك نصفه
6 فسيأتي أنه جائز (وكراء أرض) صالحة للزراعة (بطعام) سواء أنبته كالقمح أو لم تنبته كاللبن والعسل لئلا يدخله الطعام بالطعام لأجل مع التفاضل والغرر والمزابنة وأما بيعها به فيجوز (أو بما تنبته) غير طعام كقطن وكتان وعصفر وزعفران وتين وأما كراء الدور والحوانيت بالطعام فجائز إجماعا (إلا) أن يكون ما تنبته (كخشب) وحطب وقصب فارسي وعود هندي وصندل من كل ما يطول مكثه فيها حتى يعد كأنه أجنبي منها فيجوز. (و) فسدت إجارة على (حمل طعام) مثلا (لبلد ) بعيد لا يجوز تأخير قبض المعين إليه (بنصفه) مثلا لما فيه من بيع معين يتأخر قبضه فإن وقع فأجر مثله والطعام كله لربه (إلا أن يقبضه) أي الجزء المستأجر به (الآن) أي حين العقد بالفعل لعرف أو يشترط قبضه الآن ولو لم يقبض بالفعل لعدم العلة المتقدمة فهذه المسألة من أفراد الإجارة بمعين فيجري فيها تفصيله وهو أنه إن وقعت والعرف التعجيل فلا بد منه وإلا فسدت وإن كان العرف التأخير أولا عرف فلا بد من اشتراط التعجيل وإلا فسدت ويغتفر التأخير اليسير كالثلاثة الأيام ( وكإن) أي وكقوله إن (خطته اليوم) مثلا فهو (بكذا) من الاجر كعشرة (وإلا) تخطه اليوم بل أزيد (فبكذا) أي بأجر أقل كثمانية ففاسدة للجهل بقدر الأجرة فإن وقع فله أجر مثله ولو زاد على المسمى خاطه في اليوم أو في أكثر (واعمل على دابتي) ولم يقيد باحتطاب ولا غيره (فما حصل) من ثمن أي أجرة (فلك نصفه) مثلا ففاسدة للجهل بقدر الأجرة
7 وكذا في داري أو حمامي أو سفينتي ونحوها فيتعين الفسخ إن لم يعمل فإن عمل فأشار له بقوله: (وهو) أي ما حصل من عمله (للعامل ) وحده (وعليه أجرتها) أي أجرة مثلها لربها بالغا ما بلغ ومثل ذلك إذا قال له اعمل عليها فأكراها على الأرجح أو قال له أكرها وما حصل فلك نصفه فعمل عليها ( عكس) خذها (لنكريها) وما حصل فلك نصفه فأكراها فما حصل فلربها وعليه للعامل أجر مثله لأنه أجر نفسه إجارة فاسدة فالصور أربع ثلاثة منها الاجر فيها للعامل وعليه أجرتها والرابعة بالعكس إلا أن الثانية فيها قولان مرجحان وما قدمناه قول ابن القاسم فيها (وكبيعه) عطف على قوله كمع جعل (نصفا) لك ثوب بدينار يدفعه الأجير لربه (بأن) أي على أن (يبيع) له (نصفا) ثانيا أي باعه نصف السلعة بدينار مثلا على أن يبيع له النصف الثاني فصار ثمن النصف المبيع للسمسار مجموع الدينار والسمسرة على بيع النصف الثاني إن أبهم في محل البيع أو عين غير بلد العقد لأنه بيع معين يتأخر قبضه (إلا بالبلد) أي إلا أن يكون محل البيع بالبلد الذي هما به فيجوز لأنه متمكن من قبض نصيبه من الآن ويلحق به بلد قريب يجوز تأخير قبض المعين له وللجواز شرطان زيادة على اشتراط تعيين البلد أشار لهما بقوله: (إن أجلا) أي ضربا لبيع النصف الثاني أجلا ليكون إجارة محضة وهي تجامع البيع فيخرجان عن بيع وجعل (ولم يكن الثمن) أي ثمن العمل الذي هو السمسرة على بيع النصف الآخر وهو النصف المدفوع للسمسار (مثليا) وحينئذ فهو مساو للتعبير بالمثمن أو المبيع نعم التعبير بما ذكر أوضح فلو كان المبيع مثليا منع لأنه قد يصير تارة إجارة وسلفا لأنه قبض إجارته وهي مما لا يعرف بعينه فيصير سلفا إن باع في نصف الاجل
8 لأنه يرد حصة ذلك وتارة يكون ثمنا إن باع في آخر الاجل أو مضي الاجل ولم يبع فتردد العقد بين الممنوع وهو إجارة وسلف والجائز وهو الثمن ويفهم من هذا أنه إذا شرط عليه أنه إن باع في أثناء الاجل لا يرد له باقي الثمن بل يتركه له أو يأتيه بطعام آخر يبيعه له أنه يجوز وهو كذلك. ثم شرع يتكلم على أشياء تجوز في الإجارة بقوله: (درس) (وجاز) أي عقد الإجارة على دابة (بنصف ) بجر نصف بالباء وهي ظاهرة وفي نسخة بحذفها فنصف مرفوع بدل من ضمير جاز العائد على الكراء أو الإجارة أي وجاز كراء هو نصف (ما يحتطب عليها) أي الدابة المتقدم ذكرها بشرط أن يعلم ما يحتطبه عليها بعرف أو غيره سواء قيد بزمن كيوم لي ويوم لك أم لا كنقلة لي ونقلة لك فالأجرة هنا معلومة بخلاف ما تقدم من قوله واعمل على دابتي فما حصل فلك نصفه واحترز بقوله بنصف ما يحتطب عليها عن نصف ثمن ما يحتطب عليها فلا يجوز لقوة الغرر ومثل والسفينة الدابة الشبكة ونحوهما فيجوز بنصف ما يحمل عليها إذا كان معينا من مكان معين فلا مفهوم لدابة ولا لنصف (و) جاز (صاغ دقيق) يدفعه رب القمح ونحوه لمن يطحنه له (منه) أي من غيره في نظير طحنه (أو) صاع (من زيت) يدفعه رب الزيتون لمن يعصره له أجرة لعصره (لم يختلف) أي إذا لم يختلف كل من الحب أو الزيتون في الخروج إن اختلف بأن كان تارة يخرج منه الدقيق أو الزيت وتارة لا منع للجهالة فإن شك في الخروج حمل في الزيتون ونحوه كبزر المسلم على عدم الخروج فيمنع وفي الحنطة ونحوها على الخروج فيجوز (و) جاز (استئجار المالك) المؤجر لداره أو دابته مثلا (منه) أي من المستأجر إلا لتهمة سلف جر منفعة
9 كإيجاره بعشرة لأجل واستئجارها بثمانية نقدا (و) جاز لمن له رقيق أو ولد (تعليمه) أي دفعه لمن يعلمه صنعة معينة (بعمله سنة) مثلا للمعلم فسنة ظرف لعمله وأما التعليم فمطلق وابتداء السنة (من) يوم (أخذه) لا من يوم العقد عند الاطلاق فإن عينا زمنا عمل به فيما يظهر (و) جاز (احصد) زرعي (هذا ولك نصفه) وجذ نخلي هذا ولك نصفه وأشار باسم الإشارة إلى أنه لا بد من تعيينه وهي إجارة لازمة ليس لأحدهما الترك وبقيه العمل من الدرس والتذرية عليهما ويمنع قسمة قتا لأنه خطر ويدخله التفاضل قاله ابن يونس وحصد من باب نصر وضرب فتضم الصاد في الامر ولا مضارع وتكسر (و) جاز احصد زرعي و (ما حصدت فلك نصفه) مثلا وهذا من باب الجعالة لعدم تعيين ما يحصد فله الترك متى شاء وما قبله من الإجارة كما تقدم (و) جاز (كراء دابة) أو دار أو سفينة (لكذا) أي إلى مدة معينة بأجرة معلومة (على) أنه (إن استغنى فيها) أي في المدة أو المسافة المعينة (حاسب) ربها أي كان له بحساب ما سار أو سكن بحسب الصعوبة والسهولة ويصدق في استغنائه لأنه أمين وأما إن كان على أنه إن زاد فله بحساب ما أكرى لم يجز إلا إن عين غاية ما يزيد (و) جاز ( استئجار) شئ (مؤجر) بفتح الجيم من حيوان أو غيره مدة تلي مدة الإجارة الأولى
10 للمستأجر الأول أو لغيره (أو) استئجار شئ (مستثنى منفعته) نائب فاعل مستثنى أي استثناها البائع عند البيع فيجوز استئجاره من المشتري مدة تلي مدة الانتفاع يعني أن من اشترى سلعة واستثنى بائعها منفعتها مدة معينة جاز له أن يؤجرها لانسان مدة بعد مدة الانتفاع على أن يقبضها المستأجر بعد مضي مدة الانتفاع وسيأتي للمصنف أنه يجوز استثناء العام في الدار وسنين في الأرض وثلاثة أيام في الدابة لا جمعة وكره المتوسط (و) جاز (النقد فيه) أي في الشئ المؤجر والمبيع المستثنى منفعته (إن لم يتغير غالبا) أي إن لم يغلب على الظن تغيره مدة الإجارة ومدة الاستثناء بأن ظن بقاؤه بحالة أو احتمل بأن شك في البقاء وعدمه وهو مسلم في الصورة الأولى دون الثانية ويجوز أن يكون قوله إن لم يتغير شرطا في أصل الجواز لا جواز النقد أي محل جواز استئجار ما ذكر ما لم يغلب على الظن تغيره لكن إن ظن البقاء فالجواز قطعا وإن احتمل فعلى أحد القولين وإن ظن التغير فالمنع قطعا وإذا منع العقد منع النقد ضرورة (و) جاز لمن استأجر دارا سنين أو شهورا أو أياما بأجر معلوم (عدم التسمية لكل سنة) أو شهر أو يوم فإن كانت السنين أو الشهور تختلف في القيمة كدور مكة ودور النيل بمصر وحصل مانع رجع للقيمة لا للتسمية فإن شرط في العقد الرجوع للتسمية فسد (و) جاز (كراء أرض لتتخذ مسجدا مدة) معينة (والنقض) يكون (لربه) الباني (إذا انقضت) المدة يصنع به ما شاء لتقييده الوقف بتلك المدة وهو لا يشترط فيه التأبيد كما يأتي
11 وترجع الأرض لمالكها (و) جاز استئجار (على طرح ميتة) ونحوها من النجاسات وإن استلزم ذلك مباشرة النجاسة للضرورة (و) استئجار على (القصاص) من قتل أو قطع حكم به الحاكم وسلمه للمجني عليه أو لأوليائه (و) على (الأدب) لولده أو عبده إذا ثبت موجبه فللأب أو السيد الاستئجار عليه (و) جاز استئجار (عبد خمسة عشر عاما) بالنقد ولو بشرط وأما الدابة فحد إجارتها سنة إلا لسفر فالشهور وأجاز إجارة دار جديدة وأرض مأمونة الري ثلاثين سنة بالنقد وبالمؤجل وأما الدار القديمة فدون ذلك بقدر ما يظن سلامتها إليه وأما الأرض الغير المأمونة الري فيجوز العقد بلا نقد ومحل إيجار العبد المدة المذكورة ما لم يتغير غالبا فيها وإلا منع إلا بقدر ما يظن سلامته وسيأتي في الوقف وأكرى ناظره إن كان على معين كالسنتين ولمن مرجعها له كالعشر (و) جاز التقييد بالزمن في الإجارة على عمل من حرفة أو غيرها كاستئجاره على عمل (يوم) أو ساعة أو جمعة أو شهر يخيط له فيه أو يبني أو يدرس أو يحصد له فيه بكذا والتقييد بالعمل دون الزمن ككتابة كتاب علم أو بناء حائط أو قنطرة أو حفر بئر وصف (أو خياطة ثوب) أو سراويل بكذا فقوله (مثلا) راجع لليوم وللخياطة وللثوب (وهل تفسد) الإجارة (إن جمعهما) أي الزمن والعمل (وتساويا ) كخط لي هذا الثوب في هذا اليوم بكذا وكان الشأن أنه يخاط في اليوم بتمامه لا في أقل ولا أكثر قال ابن رشد اتفاقا وقال ابن عبد السلام على أحد المشهورين والمشهور الثاني عدم الفساد (أو) تفسد (مطلقا) ولو زاد الزمن على العمل عادة بأن كان يمكن خياطته في نصف يوم مثلا وشهره ابن رشد في زائد الزمن وحكى ابن عبد السلام فيه الجواز اتفاقا فقوله: (خلاف) الأولى بدله تردد للتردد في النقل إلا أن طريقة ابن عبد السلام أظهر في النظر وعلى القول بالفساد فاللازم
12 أجرة المثل زادت على المسمى أو قلت (و) جاز (بيع دار) استثنى البائع منفعتها عاما (لتقبض ) للمشتري (بعد عام و) بيع (أرض) استثنى البائع منفعتها (لعشر) من الأعوام لقوة الامن فيها فاغتفر فيها بيع معين يتأخر قبضه وأما الحيوان والمراد به الرقيق فلا يجوز استثناء منفعته أكثر من عشرة أيام وشهر القول بجواز استثناء الشهر وإنما يمنع بشرط النقد فقط (و) جاز استئجار على (استرضاع) لرضيع آدمي أو غيره ( والعرف) معتبر (في كغسل خرقة) فإن لم يكن عرف فعلى أبيه على الراجح فلو قال وغسل كخرقة على أبيه إلا لعرف لشمل المسألتين (ولزوجها) أي المرضع دون غيره ( فسخه إن لم يأذن) لها فيه فإن طلقها قبل علمه فلا كلام له (كأهل الطفل) ولو أما وحاضنة لهم الفسخ (إذا حملت) الظئر لأنه مظنة الضرر والخوف (و) لها الفسخ في (موت إحدى الظئرين) إذا استؤجرا بعقد أو بعقدين وعلمت الثانية بالأولى حين العقد وماتت الأولى
13 فللثانية الفسخ وأما إذا ماتت الثانية أو لم تعلم بالأولى فلا فسخ (و) لها الفسخ في (موت أبيه و) الحال أنها (لم تقبض أجرة) قبل موته كلا أو بعضا ولم يترك مالا (إلا أن يتطوع بها متطوع) من وارث أو غيره فلا فسخ كما لو قبضتها من أبيه قبل موته أو ترك مالا للولد (وكظهور مستأجر) بفتح الجيم (أوجر بأكله أكولا) معمول لظهور أي ظهر حال كونه أكولا خارجا عن المعتاد فلمستأجره الفسخ لأنه كعيب ظهر به إلا أن يرضى بطعام وسط فلا كلام لمؤجره والفرق بينه وبين الزوجة تظهر أكولة فلا خيار لزوجها وهي مصيبة نزلت به فعليه إشباعها أن النكاح مبني على المكارمة بخلاف الإجارة فإنها من البيع وهو مبني على المشاحة ويؤخذ منه أن من اشترى عبدا فوجده أكولا فله رده (ومنع زوج رضي) بإجارة زوجته ظئرا (من وطئ) لها لأنه مظنة ضرر الطفل (ولو لم يضر) الطفل بالفعل ومثل الزوج السيد كما هو ظاهر (و) منع الزوج من (سفر) بها فيما إذا استؤجرت برضاه ( كأن ترضع) غيره (معه) فتمنع ولو كان فيها كفاية لأن أهل الطفل اشتروا جميع لبنها إلا أن يكون لها ولد حال العقد فلا تمنع من إرضاعه لأنه حينئذ بمنزلة الشرط وهي إذا اشترطت غيره لا تمنع (و) الاسترضاع (لا يستتبع) أي لا يستلزم (حضانة) لزيادتها على المعقود عليه (كعكسه) أي إن من استأجر امرأة لحضانة طفل لا يستلزم رضاعه فلا يلزمها إلا لشرط أو عرف في المسألتين وعطف على الجائز مسألة مشتملة على بيع وإجارة بقوله: (و) جاز (بيعه)
14 لآخر (سلعة) بثمن معلوم كمائة أي وهي تساوي أكثر منه (على أن يتجر) المشتري للبائع (بثمنها) المذكور (سنة) مثلا فالمراد مدة معلومة ولا بد من إحضار الثمن والاشهاد عليه لينتقل من ذمة إلى أمانة وإلا لأدى إلى سلف جر نفعا لأنه يتهم على تأخيره في ذمته ليزيده ولا بد أيضا من تعيين النوع الذي يتجر فيه وأن يوجد في جميع الاجل وأن يكون مديرا لا محتكرا لأن المحتكر يرصد الأسواق فيؤدي إلى أجل مجهول فيدخل الجهل في الثمن لأن الثمن مجموع النقد والعمل وأن لا يتجر له في الربح لأن الربح مجهول فهذه سبعة شروط علم الثمن وإحضاره وعلم الاجل وتعيين النوع المتجر فيه ووجوده في الاجل والإدارة وعدم التجر في الربح تؤخذ من المصنف بالقوة. ولما كان هناك شرط ثامن لا يؤخذ منه صرح به بأداة الشرط بقوله: (إن شرط الخلف) لما يتلف من الثمن ليتم العمل الذي هو جزء من الثمن وإلا أدى إلى الغرر وشبه في الجواز مع شرط الخلف قوله: (كغنم) أي كجواز الاستئجار على رعاية غنم (عينت) إن شرط الخلف لما يتلف منها لا إن لم يشترطه فلا تصح وله أجر مثله (وإلا) تكن معينة فلا يشترط للجواز شرط الخلف بل يصح العقد بدونه وحينئذ (فله) أي للراعي (الخلف على آجره) أي يقضى له بالخلف على رب الغنم أو دفع جميع الأجرة (كراكب) تشبيه في قوله فله الخلف أي أن الراكب إذا تعذر ركوبه لموت أو مرض أو حبس لم تنفسخ الإجارة ويلزمه أو وارثة الاتيان بالخلف أو دفع جميع الأجرة (و) جاز استئجار
15 (حافتي نهرك ليبني ) عليهما المستأجر (بيتا) ويصير النهر تحت سقف ذلك البناء (و) جاز استئجار (طريق في دار) للمرور فيها لحاجة (و) جاز استئجار (مسيل) أي موضع سيلان (مصب مرحاض) أي مصبوب أي ما ينصب من الفضلات فالمسيل اسم مكان وهو المجراة والمصب بمعنى اسم المفعول والمرحاض محل الرحض أي صرح كالكنيف أي محل جريان ما يسيل من الأكنفة أو ما يجتمع فيه ذلك الجاري من الأكنفة ونحوها (لا ميزاب) يعني لا يجوز شراء ماء ميزاب لأنه يقل ويكثر ويكون ولا يكون (إلا) أن يكون الميزاب (لمنزلك) بأن يكون مملوكا لك فتستأجر مسيله من أرض جارك ليجري فيه ما نزل منه (في أرضه) ليخرج إلى خارج فيجوز ويكون كمسيل مصب المرحاض فيا ليته قال: ومسيل مصب مرحاض أو ميزاب لا شراء مائه (و) جاز ( كراء رحى ماء) أي تدور بالماء (بطعام أو غيره) للطحن عليها (و) جازت الإجارة (على تعليم قرآن مشاهرة) مثلا ككل شهر بدرهم أو كل سنة بدينار (أو على الحذاق) بكسر الحاء والذال المعجمة أي الحفظ لجميعه أو جزء معين بأجر معلوم وأشار بأو إلى أنه لا يجوز الجمع بينهما وهو المشهور إذ قد يمضي الشهر ولا يحفظ ما عينه أو يحفظه في أثنائه. (وأخذها) المعلم أي يأخذ الحذقة بمعنى الاصرافة ففيه استخدام كذا قيل
16 أي يقضي بها للمعلم على ولي الطفل أو على القارئ الرشيد (وإن لم تشترط) ومحلها ما تقررت فيه عرفا من السور كسبح وعم وتبارك وغيرها وهي تختلف باختلاف الزمان والمكان وقد تختلف باختلاف الاشخاص فقرا وغنى. (و) جاز (إجارة ماعون) أي ما يستعان به (كصحفة وقدر) وفأس ودلو كان مما يعرف بعينه أو لا (و) جاز العقد (على حفر بئر إجارة وجعالة) فالإجارة فيما يملك من الأرض وفيما لا يملك كالموات إذا عين له مقدار الحفر من طول وعرض كخمسة أذرع في خمسة والعمق عشرة فإن انهدمت قبل تمام العمل فله بحساب ما عمل والجعالة فيما لا يملك فقط ولا بد من الوصف كالإجارة وإنما تتميز عن الإجارة بما يدل على الجعالة بأن يصرح بها أو يقول: ولك بتمام العمل كذا والفرق بينهما أن الجعالة لا تكون إلا فيما لا يحصل للجاعل فيه نفع حين الترك لو ترك بخلاف الإجارة ولذا لو وقع العقد على الحفر فيما يملك كان إجارة ولا تصح الجعالة فيه فإن صرح فيه بالجعالة فسد العقد. ولما تكلم على الممنوع والجائز ذكر المكروه بقوله: ( ويكره حلي) أي إجارته بذهب أو فضة أو غيرهما نقدا أو إلى أجل إذا كان غير محرم الاستعمال وإلا منع (كإيجار مستأجر دابة) لركوب أي يكره لمن استأجر دابة للركوب أن يؤجرها لمثله خفة وأمانة
17 ولا ضمان عليه إن ضاعت بلا تفريط أو ماتت وأما لو استأجرها للحمل عليها فيجوز كراؤها لحمل مثله كما يفيده ما يأتي في قوله وفعل المأذون فيه لا أضر (أو ثوب) أي يكره لمن استأجر ثوبا للبسه أن يكريه ( لمثله) ولكونه مما يغاب عليه يضمنه الأول إلا لبينة على تلفه بلا تفريط من الثاني لأن ضمان التهمة يزول بالبينة ومحل الكراهة في الدابة والثوب إذا جهل حال المكرى وأما إن علم رضاه فجائز وإن علم عدم رضاه لم يجز (و) كره (تعليم فقه وفرائض ) بأجرة مخافة أن يقل طلب العلم الشرعي وآلته من نحو وبيان كذلك وأما تعليم عمل الفرائض بالرسم فلا يكره (كبيع كتبه) أي ما ذكر وكذا كتب الحديث والمصاحف والتفسير (و) كره (قراءة بلحن) أي تطريب بأنغام حيث لا يخرجه عما عليه القراء وإلا حرمت كقراءته بالشاذ وقد تقدمت المسألة في سجود التلاوة والمناسب هنا كراهة الإجارة على القراءة (و) كره (كراء دف) بضم الدال وقد تفتح وهو المدور المغشي من جهة كالغربال (ومعزف) واحد المعازف قال الجوهري: المعازف الملاهي فيشمل المزمار والأعواد والسنطير بناء على كراهتها (لعرس) أي نكاح وقيل هي جائزة في النكاح ولا يلزم من جوازها جواز كرائها والراجح أن الدف والكبر جائزان لعرس مع كراهة الكراء وأن المعازف حرام كالجميع في غير نكاح فيحرم كراؤها. (و) كره (كراء كعبد كافر) المتبادر منه أن كافر نعت لعبد وهو غير صحيح فكان حقه أن يقول لكافر
18 أو تقديم كافر على كعبد وأجيب بأنه فصل بين المضاف والمضاف إليه بقوله: كعبد وهو جائز على قلة والأصل كراء كافر عبدا ونحوه وهو من إضافة المصدر لمفعوله أي يكره للمسلم أن يكري عبده أو نفسه أو ولده لكافر حيث كان الكافر يستبد بعمل المسلم ولم يكن تحت يده ولم يكتره في فعل محرم فإن لم يستبد الكافر يعمل المسلم كخياط يرد عليه المسلم والكافر فيجوز وإن كان تحت يده كأجير خدمة بيته وظئر حرم وفسخت وله أجرة ما عمل وكذا إن استأجره في محرم كعصر خمر ورعي خنزير ولكن يتصدق بالأجرة على المسلم أدبا له (و) كره ( بناء مسجد للكراء) أي لاخذه ممن يصلي فيه لأنه ليس من مكارم الأخلاق والمشهور عدم الجواز (و) كره (سكنى) بأهله (فوقه) أي المسجد إن بنى المسكن قبل وقفه لا بعده فيحرم كما يأتي له في الموات في قوله: ومنع عكسه فلا معارضة. وأشار للركن الثالث بقوله: (بمنفعة) متعلق بأجر والباء بمعنى في أي صحت الإجارة بعاقد وأجر في مقابلة منفعة لها شروط أشار لها بقوله: (تتقوم) أي لها قيمة شرعا لو تلفت احترازا عن رائحة الرياحين ونحوها فلا يجوز استئجارها للشم وكذا البساتين ونحوها للفرجة والدنانير ونحوها لتزيين الحوانيت والجدران للاستظلال والسراج للاستصباح وكذا آلات اللهو وتعليم الأنغام إذ لا قيمة لها شرعا فلا تصح إجارة ما ذكر وتفسخ إن وقعت ولا أجرة (قدر على تسليمها) فلا يجوز استئجار آبق أو بعير شارد أو شئ غير مملوك للمؤجر
19 أو بعيد غيبة ونحو ذلك (بلا استيفاء عين) أي ذات ( قصدا) احترازا عن نحو استئجار شجر لاكل ثمره. واستثنى من ذلك مسألة الظئر للرضاع (ولا حظر) احترز به عن استئجار شخص لعصر خمر أو رقص ونحو ذلك من كل منفعة محرمة (و) بلا (تعين) يأتي بيانه ومحترزه (ولو مصحفا) للقراءة فيه فيصح إجارته لها ويجوز ابتداء خلافا لابن حبيب (و) لو (أرضا غمر) أي كثر ( ماؤها وندر انكشافه) هو محل المبالغة إذ لو كان شأنها الانكشاف فلا نزاع في الجواز كما أنه لا نزاع في المنع إذا كانت لا تنكشف (و) لو (شجرا لتجفيف) لنحو ثياب (عليها) لأن الانتفاع بها على هذا الوجه مما تتأثر به وينقص قوتها فهي منفعة تتقوم. وقوله: (على الأحسن) يغني عنه المبالغة. ثم أشار إلى محترز بعض ما تقدم من القيود فذكر محترز قوله بلا استيفاء عين قصدا بقوله: (لا) استئجار شجر (لاخذ ثمرته أو) استئجار (شاة للبنها) أي لاخذه فلا يجوز إلا إذا اشترى لبن شاة أو شاتين غير معينتين جزافا من شياه كثيرة عند البائع كعشرة فأكثر متساوية في اللبن عادة
20 في إبان الحلاب مع معرفة وجه حلابها لأجل لا ينقص اللبن قبله والشروع في الاخذ يوم العقد أو قربه فيجوز وكذا إن وقع على الكيل ككل يوم رطلين من لبن شياهك بكذا. (واغتفر) اشتراط إدخال (ما في الأرض) المكتراة وجيبة من الشجر المثمر (ما لم يزد) ما فيها أي قيمته (على الثلث) أي ثلث الجميع فإن زاد لم يغتفر وتفسخ الإجارة ويعتبر الثلث (بالتقويم) ولا يعتبر ما أكريت به لأنه قد يزيد وينقص فيقال: ما قيمة الأرض أو الدار إذا أكريت بلا شجر مثمر؟ فيقال عشرة فيقال: وما قيمة الثمرة في ذاتها بعد إسقاط كلفتها؟ فيقال خمسة أو أقل فقد علم أنه الثلث أو أقل ولو قيل قيمتها ستة أو أكثر لم يجز ولا بد أن يكون طيب الثمرة في مدة الكراء وأن يكون شرط إدخالها لدفع الضرر وأما الزرع فلا يجوز إدخاله إلا إذا نقص عن الثلث فإن أكريت مشاهرة لم يجز إدخال شئ وذكر مفهوم لا حظر بقوله: (و) لا (تعليم غناء) بكسر الغين والمد (أو دخول حائض لمسجد) أي لخدمته (أو دار لتتخذ كنيسة) أو مجمعا لفساق أو خمارة (كبيعها لذلك) ويفسخ متى اطلع عليه (وتصدق بالكراء) جميعه إن اطلع عليه بعد انقضاء مدة الإجارة للدار وبما ينوب الزمن الذي فسخت إليه إن اطلع عليه في الأثناء ( وبفضلة الثمن) في بيعها لذلك (على الأرجح) أي بزائده على الثمن لو بيعت لمباح وكذا بزائد الكراء للأرض إذا أكريت لذلك على الكراء لو أكريت لجائز وذكر محترز تعين بقوله: (ولا) تجوز الإجارة على (متعين)
21 أي مطلوب من كل شخص بعينه ولا تصح فيه النيابة ولو غير فرض (كركعتي الفجر بخلاف الكفاية) كغسل الميت أو حمله فيصح الاستئجار عليه ما لم يتعين بخلاف صلاة الجنازة فلا يجوز الاستئجار عليها مطلقا (وعين) في عقد الإجارة وجوبا (متعلم) لقراءة أو صنعة لاختلاف حاله ذكاء وبلادة (ورضيع) لاختلاف حاله بكثرة الرضاع وقلته (و) عين ( دار وحانوت) وحمام وخان ونحوها إذ لا يصح أن يكون العقار في الذمة. (درس) ( و) عين (بناء على جدار) استؤجر للبناء عليه فيذكر قدره طولا وعرضا وكونه بطوب أو حجر أو غيرهما بخلاف كراء الأرض للبناء عليها فلا يشترط تعيين ما يبنى فيها من كونه من حجر أو طوب. (و) عين (محمل) بفتح أوله وكسر ثالثه ما يركب فيه من شقة وشقدف ومحفة لأنه يختلف باختلاف السعة والضيق والطول والقصر وإما بكسر أوله وفتح ثالثه فعلاقة السيف (إن لم توصف) المذكورات فإن وصفت وصفا شافيا كفى لكن البناء على الجدار لا يمكن فيه إلا الوصف لعدم وجوده حال العقد. (و) عينت (دابة) أكريت (لركوب) عليها بالإشارة الحسية أو بأل العهدية ولا يكفي الوصف إذا لم تكن مضمونة في الذمة بأن قصد عينها (وإن ضمنت) في الذمة بأن لم يقصد عين دابة (فجنس) أي فاللازم تعيين جنسها كإبل أو بغال (ونوع) أي صنف كعراب وبخت (وذكورة) أو أنوثة فالوصف في هذا الباب يقوم مقام التعيين من حيث صحة العقد فقط. والحاصل أن الدابة وغيرها لركوب أو غيره لا بد في صحة الإجارة عليها من التعيين بالذات أو الوصف إلا أنها إذا عينت بالإشارة انفسخت الإجارة بتلفها وإلا فلا وعلى ربها بدلها
22 ولو قال: دابتك البيضاء أو الحمراء وليس له غيرها لاحتمال إبدالها ما لم يقل هذه أو التي رأيتها معك بالأمس بعينها وكلام المصنف لا يفيد ذلك فكان عليه أن يقول بعد قوله: ومحمل ودابة وسفينة ونحوها إن لم توصف وتعينت بالإشارة وإلا فمضمونة (وليس لراع) استؤجر على رعي غنم (رعي) غنم ( أخرى) معها (إن لم يقو) على رعي الأخرى معها لغير ربها لكثرتها (إلا بمشارك) يعاونه فله رعي أخرى مع الأولى (أو تقل) الأولى بحيث يقوى على رعي الأخرى معها ( ولم يشترط) عليه رب الأولى (خلافه) أي عدم رعي غيرها فله رعي أخرى ومفهومه أنها إن قلت واشترط ربها عليه عدم رعي غيرها لم يجز له رعي الأخرى وإليه أشار بقوله: (وإلا) بأن شرط خلافه أي عدم رعي غيرها فتجرأ ورعي غيرها معها (فأجره) لما رعي من غيرها (لمستأجره) أي رب الغنم الأولى (كأجير لخدمة أجر نفسه) حتى فوت على المستأجر ما استأجره عليه أو بعضه فأجرته تكون لمستأجره الأول وإن شاء أسقط عن نفسه أجرة ما فوته فإن لم يفوت عليه شيئا بأن وفى له بجميع ما استأجره عليه فلا كلام له وفهم من قوله: فأجره لمستأجره وقوله: أجر نفسه أنه لو عمل مجانا فإنه يسقط من كرائه بقدر قيمة ما عمل (ولا يلزمه) أي الراعي (رعي الولد ) الذي تلده الغنم فعلى ربها أن يأتي لها براع آخر لرعيها أو يجعل للأول أجرة في نظير رعي الأولاد (إلا لعرف) فإنه يعمل به (وعمل به) أي بالعرف أيضا (في الخيط) في كونه على الخياط أو على رب الثوب (و) في (نقش الرحى) المستأجرة للطحن في كونه على المالك أو المستأجر (و) في (آلة بناء) فيقضي بما جرى به العرف في هذه الأشياء إذ العرف قاعدة من قواعد الفقه. (وإلا) يكن عرف فيما ذكر (فعلى ربه) أي رب الشئ المصنوع من ثوب ودقيق وجدار وذلك ( عكس إكاف) بكسر الهمزة ككتاب وتضم كغراب والمراد به ما يركب عليه من برذعة أو شئ
23 أصغر منها (وشبهه) كسرج وحوية ولجام ومقود فيعمل فيها بالعرف وإلا فعلى رب الدابة على المذهب وحينئذ فحكم الاكاف وشبهه حكم الخيط وما معه إذ هو على ربه في الموضعين لا عكسه. وأجيب بأن مراده العكس في التصوير لا الحكم وهو أنه في الأول مكتر وهنا مكر (و) عمل بالعرف (في) أحوال (السير والمنازل) وقدر الإقامة بها (والمعاليق) جمع معلوق بضم الميم كعصفور وعصافير أي ما يحتاج له المسافر من نحو سمن وزيت وعسل (والزاملة) ما يحمل فيه المسافر حاجته من خرج ونحوه فإن لم يكن عرف وجب التعيين في السير والمنازل وإلا فسخ الكراء وأما في المعاليق والزاملة فلا يفسخ ولا يلزم المكري حملها. (و) في (وطائه) أي فرشه وأولى غطائه (بمحمل) حملا أو إتيانا فإن لم يكن عرف لم يلزم المكري (وبدل) نقص (الطعام المحمول) بأكل أو بيع فإن لم يكن عرف فعليه وزن الحمل الأول وأما عكسه كما إذا استأجره على قنطار إلى بلد كذا فأصابه مطر حتى زاد فلا يلزمه إلا حمل الوزن الأول (وتوفيره) أي الطعام المحمول إذا أراد ربه أن يوفره من أكل أو بيع وأراد المكري تخفيفه عمل بالعرف (كنزع الطيلسان) بفتح اللام وقد تكسر وتضم ( قائلة) أو ليلا أي إن من استأجره أو استأجر قميصا ليلبسه فإنه يجب عليه أن ينزعه في أوقات نزعه عادة فإن اختلف العرف في لبسه ونزعه لزمه بيان وقت نزعه أو دوام لبسه (وهو) أي من تولى المعقود عليه أو من تولى العين المؤجرة من مؤجر بالفتح كراع ومستأجر كمكتري الدابة ونحوها (أمن فلا ضمان) عليه إن ادعى الضياع أو التلف كان مما يغاب عليه أولا ويحلف إن كان متهما لقد ضاع وما فرطت ولا يحلف غيره وقيل يحلف ما فرطت وبالغ على عدم الضمان بقوله: (ولو شرط) عليه (إثباته) أي الضمان (إن لم يأت بسمة الميت) فلا ضمان وإن لم يأت بها لكن كلامه يوهم صحة عقد الإجارة مع الشرط المذكور مع أنه يفسده لأنه شرط مناقض لمقتضى العقد فله أجرة المثل سواء زادت على
24 التسمية أو نقصت عند ابن القاسم إلا أن يسقط الشرط قبل الفوات وإلا صحت الإجارة، والفوات هنا بانقضاء العمل فإسقاطه في أثنائه كإسقاطه قبله في إفادة الصحة (أو عثر) أجير حمل أو عثرت دابته ( بدهن أو طعام) أو غيرهما (أو) عثر (بآنية فانكسرت و) الحال أنه (لم يتعد ) في فعله ولا سوق دابته فلا ضمان إلا أن يتهم بأن لم يصدقه ربه ولم يصاحبه ولم تقم له بينة فيضمن (أو انقطع الحبل) فتلف المتاع المشدود به (ولم يغر بفعل) بأن لم يغر أصلا أو غر بقول فلا ضمان إذ لا أثر للغرر القولي كأن يأتي بشقة لخياط يقول له: هل تكفي ثوبا؟ فيقول نعم فيفصلها فلم تكف فلا ضمان على الخياط وإن علم عدم كفايتها، نعم إن شرط عليه بأن قال له: إن علمت أنها تكفي ففصلها وإلا فلا فقال تكفي وهو يعلم أنها لا تكفي فيضمن ومثال القولي أيضا أن يقول الصيرفي في دينار أو درهم أنه جيد وهو يعلم أنه ردئ فلا ضمان ولو بأجرة وقيل بضمانه مطلقا وقيل إن كان بأجرة واستظهر فإن غر بفعل ضمن كربطه بحبل رث أو مشيه في موضع زلق أو تعثر الدابة فيه وله الأجرة بحساب ما سار ككل متعد في المحمولات فإن لم يضمن فلا كراء له (كحارس) لدار أو بستان أو طعام أو ثياب أو غيرها لا ضمان عليه لأنه أمين
25 إلا أن يتعدى أو يفرط ولا عبرة بما شرط أو كتب على الخفراء في الحارات والأسواق من الضمان (ولو حماميا) فلا ضمان عليه فيما ضاع من الثياب ما لم يفرط ومن التفريط ما لو قال: رأيت رجلا يلبسها فظننت أنه صاحبها (وأجير) لصانع لا ضمان عليه كأن يعمل بحضرة صانعه أم لا (كسمسار) يطوف بالسلع في الأسواق لا ضمان عليه (إن ظهر خيره) أي أمانته
26 (على الأظهر) وإلا ضمن (ونوتي) وهو عامل السفينة (غرقت سفينته بفعل سائغ) في سيرها أو حملها وإلا ضمن المال أو الدية ما لم يتعمد القتل وإلا قتل (لا إن خالف) راع (مرعى شرط) عليه فهلكت أو ضاعت فيضمن (أو أنزى ) الراعي أي أطلق الفحل على الإناث (بلا إذن) من ربها فيضمن إن عطبت تحت الفحل أو من الولادة إلا لعرف بأن الرعاة تنزي (أو غر) المكتري (بفعل) كقول انضم له شرط كما تقدم (فقيمته) أي يضمن قيمته (يوم التلف) في موضع التلف وله من الكراء بحسابه طعاما كان أو غيره قامت بينة بتلفه بالعثار ونحوه أم لا. (أو صانع) يضمن (في مصنوعه) فقط أي فيما له فيه صنعة كحلي يصوغه وكتاب ينسخه وثوب يخيطه وخشبة يصنعها كذا ثم يدعي تلفه أو ضياعه (لا) في (غيره) أي لا ضمان عليه فيه (ولو محتاجا له عمل) أي ولو كان الغير يحتاج عمل المصنوع له فيضمن مصنوعه فقط لأنه أمين في ذلك الغير لا صانع فمن دفع لطحان قمحا في قفة ليطحنه له أو دفع لناسخ كتابا لينسخ له منه آخر فادعى ضياع الكل ضمن القمح دون القفة والكتاب المنسوخ دون المنسوخ منه فأحرى في عدم الضمان ما لا يحتاج له العمل وبالغ على ضمان الصانع مصنوعه بقوله:
27 (وإن) عمله الصانع (ببيته أو) عمله (بلا أجر) وسواء تلف بصنعته أو بغيرها إلا أن يكون في صنعته تغرير كثقب اللؤلؤ ونقش الفصوص وتقويم السيوف وكذا الختان والطب فلا ضمان إلا بالتفريط، وأشار لشروط ضمان الصانع بقوله: (إن نصب نفسه) لعموم الناس فلا ضمان على أجير خاص بشخص أو بجماعة مخصوصة (وغاب عليها) أي على السلعة المصنوعة بأن صنعها بغير حضور ربها وبغير بيته فإن صنعها ببيته ولو بغير حضوره أو صنعها بحضوره لم يضمن ما نشأ من غير فعله كسرقة أو تلف بنار مثلا بلا تفريط أو نشأ عن فعله مما فيه تغرير كما مر ويشترط أيضا أن يكون المصنوع مما يغاب عليه لا نحو عبد يرسله سيده للمعلم فيدعي هروبه فلا ضمان عليه وهذا غير قول المصنف وغاب عليها وإذا ضمن الصانع (فبقيمته يوم دفعه) إلا أن يرى عنده بعده فلآخر رؤية إلا أن يقر الصانع أنه تلف أو ضاع بعد ذلك وكانت قيمته أكثر إذ ذاك من قيمته يوم الدفع أو الرؤية فيغرمها لأنه أقر على نفسه وبالغ على الضمان بقوله: (ولو شرط) الصانع (نفيه) أي نفي الضمان ويفسد العقد بالشرط المذكور وله أجر مثله (أو دعا) الصانع ربه (لاخذه) بعد فراغه من صنعته فتراخى ربه فادعى ضياعه فيضمن قال ابن عرفة: إن لم يقبض الصانع أجرته
28 فإن قبضها صار بعد الفراغ وطلبه لاخذه وديعة عنده فلا يضمن إلا بتفريط (إلا أن تقوم بينة) بتلفه أو ضياعه بلا تفريط فلا ضمان سواء دعاه لاخذه أم لا وإذا لم يضمن (فتسقط الأجرة) عن ربه لأنه لا يستحقها إلا بتسليمه لربه (وإلا أن يحضره) الصانع لربه (بشرطه) أي على الصفة التي شرطها عليه فتركه عنده وادعى ضياعه فإنه يصدق لأنه خرج عن حكم الإجارة إلى الايداع وهذا إذا كان قد دفع الأجرة وإلا كان رهنا فيها فحكمه حكم الرهن. (وصدق) راع نحر بعيرا أو ذبح شاة (إن ادعى خوف موت) لما نحره أو ذبحه (فنحر) أو ذبح ونازعه المالك وقال: بل تعديت وحلف المتهم دون غيره كما يقتضيه ابن عرفة ( أو) ادعى (سرقة منحوره) أي الراعي بأن قال: ذبحتها خوف موتها ثم سرقت ومثل الراعي الملتقط (أو) ادعى الحجام (قلع ضرس) أذن له فيه ونازعه ربه وقال: بل قلعت غير المأذون فيه (أو) ادعى الصباغ (صبغا) بأن قال: أمرتني به وقال ربه: بل بغيره أو قال: أمرتني أن أصبغه بعشرة دراهم من الزعفران مثلا وقال ربه : بل بخمسة (فنوزع) أي نازعه ربه يصدق الأجير في المسائل الأربعة. ثم شرع في بيان ما يطرأ على الإجارة فقال: (وفسخت) الإجارة (بتلف ما يستوفي منه لا) بتلف ما يستوفي (به) المنفعة أشار بهذا إلى قولهم: إن كل عين يستوفي منها المنفعة فبهلاكها تنفسخ الإجارة كموت الدابة المعينة وانهدام الدار المعينة وكل عين تستوفي بها المنفعة فبهلاكها لا تنفسخ الإجارة
29 على الأصح كموت الشخص المستأجر للعين المعينة ويقوم وارثه مقامه وأراد بالتلف التعذر أي تعذر استيفاء ما استؤجر عليه كأسر وسبي وسكون وجع ضرس وعفو قصاص. واستثنى من قوله لا به صبيين وفرسين بقوله: (إلا صبي تعلم) بالإضافة وجر صبي لأنه مستثنى من ضمير به الواقع بعد نفي فهو بدل منه ولو قال: إلا متعلم كان أولى ليشمل البالغ من الاختصار ( ورضع) مات كل قبل تمام مدة الإجارة أو الشروع فيها (وفرس نزو) ماتت مثلا قبل النزو عليها، وأما موت الذكر المعين فداخل في قوله: وفسخت بتلف ما يستوفي منه (و) فرس (روض) أي رياضة أي تعليمها حسن الجري فماتت أو عطبت فتنفسخ وله بحساب ما عمل وألحق بهذه الأربعة حصد زرع معين وحرث أرض بعينها ليس لربهما غيرهما وبناء حائط بدار فيحصل مانع من ذلك وليس لربه غيره فتنفسخ لتعذر الخلف وقيل لا بل يقال لربها ادفع جميع الأجرة أو ائت بغيرها وهو ظاهر المصنف لاقتصاره على الأربعة التي ذكرها (و) فسخت الإجارة على (سن لقلع) أي لأجل قلعها فالمستأجر عليه القلع ولو قال: وقلع سن (فكنت) أي ألمها كان أوضح (كعفو) ذي (القصاص) عن المقتص منه فتنفسخ الإجارة على القصاص لتعذر الخلف وهذا إن عفا غير المستأجر بل
30 وأما إن عفا المستأجر فتلزمه حينئذ الأجرة (و) فسخت (بغصب الدار) المستأجرة (وغصب منفعتها) إذا كان الغاصب لا تناله الأحكام (و) فسخت ب (أمر السلطان) أي من له سلطنة وقهر (بإغلاق الحوانيت) بحيث لا يتمكن مستأجرها من الانتفاع بها ويلزم السلطان أجرتها لربها إذا كان قصده غصب المنفعة فقط دون الذات (و) بظهور (حمل ظئر) أي مرضع (أو) حصول (مرض) لها (لا تقدر معه على رضاع) إن تحقق ضرر الرضيع وإلا كان أهله بالخيار كما تقدم. (و) بسبب (مرض عبد) لا قدرة له على فعل ما استؤجر عليه (وهربه لكعدو) بأرض حرب أو ما نزل منزلتها في البعد فإن هرب لقريب في أرض الاسلام لم تنفسخ لكن تسقط أجرته مدة هربه (إلا أن يرجع) العبد أي يعود من مرضه أو هربه (في بقيته) أي العقد أي زمنه فلا تنفسخ ويلزمه بقية العمل وكذا الظئر تصح فيلزمها بقية العمل ويسقط من الكراء بقدر ما عطل زمن المرض أو الهرب ويحتمل رجوع الاستثناء لقوله: وبغصب الدار وما بعده كأنه قال: إلا أن يرجع الشئ المستأجر على حالته التي كان عليها قبل المانع فلا فسخ ولا يلزم من عدم الفسخ أن له جميع المسمى بل يسقط منه بقدر ما عطل زمن المانع كما تقدم. (بخلاف مرض دابة بسفر ثم تصح) فلا ترجع الإجارة بعد الفسخ لما يلحقه من الضرر في السفر بالصبر ومثل الدابة مرض العبد في السفر كما أن الدابة في الحضر مثل العبد فيه فحكمهما سواء وإنما اختلف جواب الإمام فيهما لاختلاف السؤال عن العبد في الحضر والدابة في السفر ولو عكس السؤال لكان الجواب ما ذكر (وخير) المستأجر في الفسخ وعدمه (إن تبين أنه) أي العبد مثلا المستأجر
31 ليخدمه في داره أو حانوته أو نحوهما مما لا يمكن التحفظ منه فيه ( سارق) أي شأنه السرقة لأنها عيب يوجب الخيار في الإجارة كالبيع وأما لو أكريته على شئ يمكن التحفظ منه فلا تنفسخ ويتحفظ منه كما تقدم في المساقاة (و) فسخت الإجارة (برشد صغير عقد عليه) نفسه (أو على سلعه) كدابته وداره (ولي) أب أو وصي أو مقام فبلغ أثناء المدة رشيدا فقوله: وبرشد معطوف على بتلف بدليل الباء أي وفسخت بتلف ما وفسخت برشد ومعنى الفسخ إن شاء الصغير فهو مخير في الحقيقة وعطفه علي إن تبين يبعده إعادة الباء وفي نسخة كرشد صغير بالكاف وهو تشبيه في التخيير وهي ظاهرة والرشد يعتبر في العقد على نفسه أو على سلعه كما هو ظاهره وقد صرح به في التوضيح. وقوله: (إلا لظن عدم بلوغه) قبل انقضاء المدة ( و) الحال أنه قد (بقي) منها اليسير (كالشهر) فيلزمه بقاء المدة ولا خيار له ظاهره أنه راجع للمسألتين وهو مذهب أشهب وهو ضعيف والمذهب أنه خاص بالأولى، والحاصل أن محل خياره في العقد على نفسه أن يظن الولي حال العقد عليه بلوغه في مدة الإجارة أو لم يظن شيئا مطلقا أو ظن عدم بلوغه فيها فبلغ رشيدا وقد بقي منها كثير بأن زاد علي كالشهر فإن ظن عدمه فيها فبلغ فيها وقد بقي اليسير كالشهر ويسير الأيام فلا خيار له ويلزمه البقاء لتمامها. وأما في إجارة سلعه فإن بلغ سفيها فلا خيار له ولا يعتبر في العقد على سلعه ظن رشد ولا عدمه وكذا إن بلغ رشيدا وقد ظن الولي عدم بلوغه في مدة الإجارة مطلقا بقي اليسير أو الكثير فإن ظن البلوغ أو لم يظن شيئا فله الخيار فعلم أن الذي يخص المسألة الأولى هو قوله: وبقي كالشهر. وشبه في حكم المستثنى وهو اللزوم قوله: (كسفيه) عقد وليه على سلعه أو على نفسه لعيشه (ثلاث سنين) أو أكثر
32 فرشد في أثنائها فتلزم الإجارة ولا خيار له حيث بقي من المدة الثلاث سنين فدون لأن الولي فعل ما يجوز له فإن عقد عليه لا لعيشه فله الفسخ لأن الولي لا تسلط له على نفسه بل على ماله وحينئذ فلو أجر السفيه نفسه فلا كلام لوليه ما لم يحاب وكذا لا كلام له إن رشد لأنه في نفسه كالرشيد (و) فسخت الإجارة (بموت مستحق وقف آجر) ذلك الوقف في حياته مدة (ومات قبل تقضيها) وانتقل الاستحقاق لمن في طبقته أو لمن يليه ولو ولده ولو بقي منها يسير (على الأصح) ولو كان المستحق المؤجر ناظرا بخلاف ناظر غير مستحق فلا تنفسخ بموته (لا) تنفسخ (بإقرار المالك) للذات المؤجرة بأنه باعها أو وهبها أو آجرها لآخر قبل الإجارة ونازعه المكتري ولا بينة لاتهامه على نقضها ويلزمه الاقرار فيأخذها المقر له بعد انقضاء المدة وله الأكثر من المسمى الذي أكريت به وكراء المثل على المقر (أو خلف) بضم الخاء وسكون اللام اسم مصدر بمعنى تخلف أي لا تنفسخ الإجارة بتخلف (رب دابة) معينة أم لا (في) العقد على زمن (غير معين) كأن يكتريها ليلاقي بها رجلا أو وفدا أو ليشيع بها رجلا يوم كذا أو شهر كذا فتخلف ربها عن الاتيان بها في ذلك اليوم أو الشهر بخلاف ما إذا عين الزمن
33 كأكتريها يوم كذا أو على أن تخدمني أو تخيط الثوب لي يوم كذا فتخلف فتنفسخ لأنه أوقع الكراء على نفس الزمن. (أو) في غير (حج) فلا تنفسخ بخلاف الحج إذا أخلف ربها حتى فات فينفسخ الكراء وإن قبض الكراء رده لزوال أيامه (وإن فات مقصده) من تشييع مسافر أو ملاقاته (أو) بظهور (فسق مستأجر) لكدار لا تنفسخ وأمر بالكف (وآجر الحاكم) عليه (إن لم يكف) وهذا إن حصل بفسقه ضرر للدار أو الجار وهذا إن تيسر إيجارها عليه فإن تعذر أخرج حتى يؤجر عليه ولزمه الكراء ومن اكترى أو اشترى دارا لها جار سوء فعيب ترد به ومالك دار يضر فسقه بجاره يزجر ويعاقب فإن انتهى وإلا أخرج وبيعت عليه أو أجرت (أو بعتق عبد) مؤجر لا تنفسخ إجارته ( وحكمه على الرق) أي يستمر رقيقا إلى تمام المدة في شهادته وقصاصه له وعليه وارثه لا في وطئ السيد لها إن كانت أمة لتعلق حق المستأجر بالعين المؤجرة فإن أسقط حقه فيما بقي من المدة مجانا أو بشئ أخذه من العبد نجز عتقه (وأجرته) في باقي المدة بعد العتق (لسيده إن أراد أنه حر بعدها) لأنه بمنزلة من أعتقه واستثنى منفعته مدة معينة فإن أراد أنه حر من يوم عتقه فأجرته للعبد مع بقائه إلى تمامها فالشرط راجع لقوله: وأجرته لسيده فقط لا لما قبله. (درس) فصل ذكر فيه كراء الدواب وما يتعلق به فقال: (وكراء الدابة كذلك) والكراء بيع منفعة ما لا يعقل من حيوان وغيره وقوله كذلك أي أنه يجري فيه جميع ما تقدم في الإجارة
34 من لزوم العقد وصحته وفساده ومنعه وجوازه وأنه إذا اكتراها بأكلها أو كان أكلها جزءا من الأجرة فظهرت أكولة فله الخيار وغير ذلك. ثم نبه على مسائل يتوهم فيها المنع للجهالة وإن كان بعضها يؤخذ مما تقدم أجيزت للضرورة بقوله: (وجاز) أن تكتري دابة (على أن عليك علفها) لو قال: وجاز بعلفها كان أولى وأخصر إذ يفهم منه كراؤها بدراهم وعلفها بالأولى لأن العلف تابع (أو طعام ربها) أي جاز بأحدهما أو بهما معا فأو لمنع الخلو وسواء انضم لذلك نقد أم لا فإن وجدها أكولة أو وجد ربها أكولا فله الفسخ ما لم يرض ربها بالوسط بخلاف الزوجة يجدها أكولة فيلزمه شبعها كما تقدم والعلف بفتح اللام اسم لما تأكله الدابة وأما بالسكون فالفعل أي تقديم ذلك لها (أو) بدراهم مثلا على أن (عليه) أي على رب الدابة (طعامك) يا مكتري فتكون الدراهم في نظير الركوب والطعام ما لم يكن الكراء طعاما وإلا منع لأنه طعام بطعام غير يد بيد (أو ليركبها) أي يجوز أن يكتريها بكذا ليركبها (في حوائجه) شهرا حيث شاء (أو ليطحن بها شهرا) أي حيث عرف كل من الركوب والطحن بالعادة وإلا لم يجز وقوله شهرا أي مثلا فالمراد زمن معين ويظهر أن الزمن الكثير يمنع لكثرة الغرر وظاهر المصنف الجواز ولو سمي قدر ما يطحن فيه وقد ذكر الشارح أنه إن عين الزمن والعمل منع فإنه قال: ولا يجوز أن يجمع بين تسمية الأرادب والأيام التي يطحن فيها وإنما يجوز على تسمية أحدهما ا ه . والظاهر أنه مبني على أحد القولين المتقدمين في الإجارة في قوله: وهل تفسد إن جمعهما وتساويا أو مطلقا؟ خلاف. (أو) اكترى من شخص دواب (ليحمل على دوابه مائة) من مكيل أو معدود أو موزون إن سمى قدر ما تحمله كل دابة بل (وإن لم يسم ما لكل) من الدواب (وعلي حمل
35 آدمي لم يره) رب الدابة حين الكراء لأن الأصل تقارب الأجسام والرؤية هنا علمية (ولم يلزمه) أي رب الدابة (الفادح) أي حمله وهو الثقيل ذكرا أو أنثى فليست من الفادح مطلقا نعم إن استأجره على حمل ذكر فأتاه بأنثى لم يلزمه بخلاف العكس ومثل الفادح المريض الذي يتعب الدابة إن جزم بذلك أهل المعرفة وحيث لم يلزمه الفادح فليأت بوسط أو تكرى الدابة في مثل ذلك والعقد لازم فإن لم يمكن فله الفسخ. (بخلاف ولد ولدته) المرأة المكترية فيلزمه حمله لأنه كالمدخول عليه ويفهم منه أنه لا يلزمه حمل صغيرها معها إلا لنص أو عرف (و) جاز لمالك دابة (بيعها واستثناء ركوبها) أو الحمل عليها واستعمالها في شئ (الثلاث لا جمعة) فيمنع لأنه بيع معين يتأخر قبضه ولأنه لا يدري كيف ترجع له فيؤدي إلى الجهالة في المبيع (وكره المتوسط) من الأربعة للسبعة عند اللخمي ومنعه غيره ومثل الدابة الثوب فيما يظهر من العلة وعلفها في المدة المستثناة على المشتري وضمانها في غير المدة الممنوعة منه وفي الممنوعة من البائع. وذكر هذه وإن كانت مسألة بيع ليفرق بينها وبين قوله: (و) جاز ( كراء دابة) واستثناء ركوبها (شهرا) وكذا شهرين كما في المدونة فلو نص عليهما لفهم الشهر بالأولى والفرق بين الشراء والكراء أنها في الكراء مملوكة للمكري فضمانها منه وأما في الشراء فمملوكة للمشتري وهو لم يتمكن من قبضها بشرائه فأجيز فيه ما قل كالثلاثة لضرورة اختلاف الأغراض فخفف في الكراء دون الشراء ومحل جوازه ما ذكر (إن لم ينقد) المكتري يعني إن لم يحصل شرط النقد فإن اشترط منع للتردد بين السلفية والثمنية وهو ظاهر في النقد بالفعل ولكن حملوا شرطه على النقد بالفعل لأن الغالب في شرطه حصوله ولسد الذريعة (و) جاز (الرضا بغير) الذات المكتراة من دابة أو عبد أو ثوب (المعينة
36 الهالكة) صفة للمعينة يعني أن الدابة مثلا المعينة المكتراة إذا هلكت في أثناء الطريق يجوز الرضا بغيرها (إن إن لم ينقد) ولو بلا شرط (أو نقد واضطر) إلى زوال الاضطرار لا مطلقا فإن نقد ولم يضطر منع الرضا بالبدل لأنه فسخ ما وجب له من الأجرة في منافع يتأخر قبضها بناء على أن قبض الأواخر ليس كقبض الأوائل وأما غير المعينة وهي المضمونة إذا هلكت فجواز الرضا بالبدل ظاهر مطلقا. وكلام المصنف شامل لما إذا كانت الأجرة معينة أو مضمونة (و) جاز للمستأجر (فعل المستأجر عليه) ومثله (ودونه) قدرا وضررا لا أكثر ولو أقل ضررا ولا دونه قدرا وأكثر ضررا فإن خالف ضمن وكلامه في الحمل والركوب وأما المسافة فلا يفعل المساوي وكذا الدون على قول وسيأتي أو ينتقل لبلد وإن ساوت (و) جاز (حمل) بكسر الحاء وهو المحمول أي جاز اكتراء دابة ليحمل عليها حملا (برؤيته) أي بشرط أن يرى وإن لم يوزن أو يكل أو لم يعلم جنسه اكتفاء بالرؤية (أو كيله أو وزنه أو عدده إن لم يتفاوت) راجع للثلاثة قبله فإن تفاوت كإردب وأطلق أو قنطار أو عشرين بطيخة لم يجز فلا بد من بيان النوع فإن الفول أثقل من الشعير والقنطار الحطب أضر من القطن والبطيخ قد يكون كبيرا وصغيرا فلا بد من البيان إلا أن يكون التفاوت يسيرا كالبيض والليمون فيغتفر والأوجه رجوع القيد للعدد فقط. (و) جاز (إقالة) بزيادة من مكر أو مكتر (قبل النقد) للكراء (وبعده)
37 بشرط تعجيل الزيادة وإلا لزم فسخ ما في الذمة في مؤخر لأنه اشترى الركوب الذي وجب للمكتري بالزيادة التي وجبت له وسواء كانت الزيادة من جنس الكراء أو لا. وأما الإقالة على رأس مال الكراء فجائزة مطلقا بلا تفصيل (إن لم يغب) المكري (عليه) أي على النقد أي المنقود من الكراء أصلا أو غاب غيبة لا يمكن انتفاعه به فيها سواء كانت الزيادة منه أو من المكتري لكن شرط تعجيل الزيادة إن كانت من المكري للعلة المتقدمة لا إن كانت من المكتري لأنه لما لم تحصل غيبة على النقد فكأنه لم يقبض فلم يحصل سلف من المكري (وإلا) بأن غاب المكري على النقد غيبة يمكنه الانتفاع به فيها (فلا) تجوز الإقالة بالزيادة (إلا من المكتري فقط) لا المكري لتهمة تسلفه بزيادة وجعل الدابة محللة وإنما كانت الغيبة المذكورة سلفا لأن الغيبة على ما لا يعرف بعينه تعد سلفا ومحل الجواز من المكتري (إن اقتصا) أي دخلا على المقاصة كما لو اكترى دابة بعشرة ونقد الكراء وغاب المكري عليه ثم تقايلا على دراهم يدفعه المكتري للمكري فإن دخلا على المقاصة أي على إسقاط الدرهم من العشرة ويرجع عليه بتسعة جاز وإلا منع لما فيه من تعمير الذمتين (أو بعد سير كثير) عطف على من المكتري لا على إن اقتصا أي وإلا بعد سير كثير فتجوز بزيادة لانتفاء تهمة السلف حينئذ ويشترط في زيادة المكتري فقط المقاصة وفي زيادة المكري تعجيلها مع أصل الكراء في المضمونة للعلة السابقة. ( و) جاز (اشتراط حمل هدية مكة) أي ما يهدى لها من نحو كسوة كعبة وطيها على الجمال أو ما يهدى منها وقيل معناه
38 أنه يجوز لرب الدابة اشتراط هدية على المكتري لأنها من الأجرة (إن عرف) قدر ما يهدى وإلا منع للجهل (و) جاز للمكتري اشتراط (عقبة الأجير) على رب الدابة والأجير الجمال المسمى بالعكام أي يجوز للمكتري أن يشترط على مكريه ركوب العكام عقبه وهي رأس ستة أميال أي الميل السادس (لا حمل من مرض) من الجمالة أو غيرهم لثقل المريض فهو كالمجهول (و) لا (اشتراط إن ماتت) دابة (معينة أتاه بغيرها) إلى مدة السفر إن نقد الكراء ولو تطوعا لما فيه فسخ الدين في الدين فإن لم ينقد جاز (كدواب) متعددة ( لرجال) لكل دابة أو مشتركة بينهم بأجزاء مختلفة أو لواحد واحدة ولغيره أكثر واكتريت في عقد واحد والحمل مختلف ولم يبين لكل دابة ما تحمله منع وإلا جاز. ( أو) دواب أكريت (لأمكنة) مختلفة لواحد أو متعدد فيمنع إلا أن يعين لكل دابة مكان (أو) وقع الكراء بشئ معين و (لم يكن العرف نقد) أي تعجيل كراء (معين وإن نقد) أي عجل بالفعل فلو أكرى شيئا بعرض بعينه أو طعام أو حيوان بعينه فلا بد من اشتراط تعجيله حيث انتفى عرف تعجيله بأن كان العرف تأخيره أو لم يكن عرف مضبوط فإن لم يشترط التعجيل فسد العقد وإن عجل بالفعل كما قال ومفهومه لو كان العرف تعجيل المعين جاز وهذا مكرر مع قوله في الإجارة
39 وفسدت إن انتفى عرف تعجيل المعين قيل كرره لأجل قوله وإن نقد وكلامه في معين غير نقد غائب بدليل قوله : (أو) كان الكراء (بدنانير) أو دراهم (عينت) وهي غائبة فلو قال: أو بعين غائبة لكان أخصر وأشمل وتعيينها إما بوصف أو بكونها موقوفة عند قاض ونحوه أو موضوعة في مكان مستبعد وهما معا يعرفانها فيمنع (إلا) أن يقع الكراء (بشرط الخلف) لما تلف منها أو ضاع أو ظهر زائفا فيجوز لأن شرط الخلف يقوم مقام التعجيل وأيضا شرط الخلف يصيرها كالمضمونة أما الحاضرة فلا يتأتى فيها اشتراط الخلف بل إن كان العرف نقدها جاز وإلا منع إلا بشرط النقد نقد بالفعل أم لا. ( أو) اكتراها (ليحمل عليها ما شاء) فيمنع وكذا ليحمل عليها إلا من قوم عرف حملهم (أو لمكان شاء) من الأمكنة لاختلاف الطرق والأمكنة (أو ليشيع رجلا) حتى يذكر منتهى التشييع أو يكون عرف بمنتهاه (أو بمثل كراء الناس) الذي يظهر وأما المعلوم بينهم فيجوز (أو) قال المكتري: (إن وصلت) بالدابة (في) زمن (كذا فبكذا) وإلا فبكذا أو مجانا
40 (أو ينتقل) المكتري بالدابة (لبلد) أخرى ( وإن ساوت) المعقود عليها مسافة وسهولة أو صعوبة لما فيه من فسخ ما في الذمة في مؤخر ولان أحوال الطرق تختلف بها الأغراض كخوف الأعداء والغصاب في طريق دون أخرى وقد يكون العدو لخصوص رب الدابة وضمن إن خالف ولو بسماوي لأنه صار كالغاصب ولذا قيل: إن انتقاله إلى مسافة أخرى أقل من الأولى كذلك وظاهر أن الواو هنا للمبالغة أي هذا إن زادت بل وإن ساوت لأنه لما كان يتوهم جواز المسافة المساوية كالحمل المساوي دفعه بقوله: وإن ساوت والفرق بينها وبين الحمل المساوي ما ذكرنا من أن المسافة تختلف بها الأغراض، فرب مسافة تظن سالمة وفي الواقع ليست كذلك نعم ظاهر المصنف أن الدون جائزة وقد قيل به بل ورجح وفيه نظر (إلا بإذن) من ربها فيجوز العدول إلى أخرى (كإردافه) أي كما لا يجوز أن يردف رب الدابة شخصا (خلفك) يا مكتري (أو حمل) عليها (معك) متاعا لأنك باكترائها منه ملكت منفعة ظهرها فلا كلام لربها. (والكراء لك) حيث وقع ذلك (إن لم تحمل زنة) قيد في المنع وفي كون الكراء لك أي فإن اكتريتها لتحمل عليها زنة كقنطار كذا جاز لربها أن يحمل مع حملك والكراء له وقوله: (كالسفينة) تشبيه في جميع ما مر من قوله: وكراء الدابة كذلك إلى هنا لا في خصوص ما قبله. (وضمن) المكتري (إن أكرى) الدابة مثلا (لغير أمين) أو أقل أمانة أو لاثقل منه أو أضر ولربها اتباع الثاني حيث علم بتعدي الأول ولو بسماوي أو لم يعلم وتعمد الجناية وكذا إن كانت خطأ منه على أحد القولين
41 (أو عطبت بزيادة مسافة) على التي أكرى إليها ولو قلت كالميل كانت تعطب بمثله أو لا، وقوله: بزيادة أي بسببها احترز به عن السماوي فلا يضمن وإنما عليه كراء الزائد مع الكراء الأصلي. وأما في موضوع المصنف فله الكراء الأول ويخير بين أن يأخذ كراء الزائد أو قيمة الدابة فله الأكثر منهما (أو) عطبت بزيادة (حمل تعطب به) أي بمثله فيضمن أن يخير ربها في أخذ كراء الزائد مع الأول أو قيمتها يوم التعدي فإن اختار القيمة فلا شئ له من كراء أصلي ولا زائد، هذا إن زاد من أول المسافة فإن زاد أثناءها خير بين أخذ قيمتها يوم التعدي مع كراء ما قبل الزيادة وبين الكراء الأول والزيادة (وإلا) بأن زاد حمل ما لا تعطب به وعطبت (فالكراء ) أي كراء الزائد مع الأول (كأن لم تعطب) في زيادة المسافة أو الحمل ولا تخيير لربها (إلا أن يحبسها) المكتري بعد مدة الإجارة زمنا (كثيرا) كما لو اكتراها يوما أو يومين مثلا فحبسها عنده شهرا أو حتى تغير سوقها الذي تراد له بيعا أو كراء (فله) أي لربها مع الكراء الأول (كراء الزائد) الذي حبسها فيه (أو قيمتها) يوم التعدي مع الكراء الأول ومفهوم كثيرا أنه لو حبسها يسيرا كاليومين فليس له الاكراء الزائد (ولك) أيها المكتري (فسخ) إجارة دابة (عضوض) أي يعض من قرب منه فليس المراد المبالغة في العض (أو جموح) أي
42 صعب لا ينقاد بسهولة (أو أعشى) لا يبصر ليلا (أو) ما كان (دبره فاحشا) يضر بسيره أو حمله أو برائحته راكبه (كأن) يكتري ثورا على أن (يطحن) مثلا (لك كل يوم) مثلا ( إردبين) مثلا (بدرهم) مثلا (فوجد لا يطحن) في اليوم (إلا إردبا) مثلا فالمراد أقل مما وقع عليه العقد فلك الخيار في الفسخ والابقاء ثم انفسخ فله في الإردب نصف درهم وإن بقي فهل كذلك أو عليه جميع الكراء لأن خبرته تنفي ضرره استظهر كل منهما. ثم إن هذا الفرع مما جمع فيه بين الزمن والعمل والجمع بينهما مما يفسد الكراء حيث تساويا على المعتمد أو زاد العمل على الزمن اتفاقا فإن زاد الزمن على العمل فهل تفسد وهو ما شهره ابن رشد أولا وهو ما يفيد كلام ابن عبد السلام اعتماده كما تقدم فيحمل ما هنا على أنهما حين عقدا الكراء اعتقدا أن الزمن يزيد على العمل بدليل قول المصنف: فوجد الخ (وإن زاد) المكتري في حمل الدابة أو في الطحن (أو نقص ما يشبه الكيل) المتعارف أي ما يشبه أن يزاد في كيله أو ينقص باعتبار اختلاف المكاييل (فلا لك) يا مكري في الزيادة (ولا عليك) في النقص فهذه المسألة أعم مما قبلها فتشمل مسألة الثور وغيرها والله أعلم. ( درس) فصل: ذكر فيه كراء الحمام والدار والعبد والأرض واختلاف المتكاريين فقال : (جاز كراء حمام) بتشديد الميم وهو بيت الماء المعد للحموم فيه بالماء المسخن لتنظيف البدن والتداوي وإنما جاز كراؤه لجواز دخوله بمرجوحية إذا كان لمجرد التنظيف وغلب على ظنه عدم كشف العورة أو عدم رؤيتها
43 وللتداوي يجوز عند الامن مما ذكر وإلا حرم (ودار) وربع وفرن وحانوت ونحوها (غائبة) فأولى حاضرة (كبيعها) وهي غائبة فلا بد من رؤية سابقة لا تتغير بعدها ولو بعدت أو بوصف ولو من المكري أو على خيار بالرؤية (أو) كراء (نصفها) مثلا والباقي له أو لشريكه (أو) كراء (نصف عبد) أو دابة لشريك أو غيره ويستعمله المكتري يوما والمالك يوما وإن كان له غلة اقتسماها على الحصص (و) جاز الكراء الدار مثلا ( شهرا على) شرط (إن سكن) المكتري (يوما) مثلا من الشهر (لزم) الكراء أي العقد (إن ملك) المكتري (البقية) أي بقية المدة والمراد أن محل الجواز إن دخلا على أن المكتري يملك الانتفاع بقية المدة بالسكنى والاسكان وأما لو دخلا على أنه إن خرج المكتري رجعت لربها ولا يتصرف فيها المكتري بكراء ولا غيره لم يجز ودخولهما على ملك البقية إما بالشرط أو بعدم اشتراط ما ينافي ذلك كالاطلاق بخلاف ما إذا دخلا على ما ينافيه كدخولهما على أنه إن خرج رجعت الذات المستأجرة لربها أو على أن لا يتصرف فيها بسكنى ولا غيرها فيمنع ويفسخ ولو أسقط الشرط في الأول لشدة الغرر بخلاف إسقاطه في الثاني فيصح. (و) جاز (عدم بيان الابتداء) لمكتر شهرا أو سنة مثلا من غير ذكر مبدأ (وحمل من حين العقد) وجيبة أو مشاهرة فإن وقع على شهر في أثنائه فثلاثون يوما من يوم العقد (و) جاز الكراء (مشاهرة) وهو عبارة عندهم عما عبر فيه بكل نحو: كل شهر بكذا أو كل يوم أو كل جمعة وكل سنة بكذا
44 (ولم يلزم) الكراء (لهما) فلكل من المتكاريين حله عن نفسه متى شاء ولا كلام للآخر (إلا بنقد فقدره) أي فيلزم بقدر ما نقد له فإذا اكتراها على أن كل شهر بدرهم وعجل عشرة دراهم لزم عشرة أشهر ومحل اللزوم إن لم يشترط عدمه وإلا فساد العقد لما يلزم عليه من كراء بخيار والتردد بين السلفية والثمنية (كوجيبة) وهي لقب لمدة محدودة كما أن المشاهرة لقلب لمدة غير محدودة كما تقدم وهو تشبيه في اللزوم المفهوم من قوله: فقدره نقد أو لا (بشهر كذا) بالإضافة أو سنة كذا أو يوم كذا أو عشرة أشهر أو أعوام أو أيام بكذا فإن بين المبدأ وإلا فمن يوم العقد كما مر والباء في كلامه للتصوير ولو أبدلها بكاف التمثيل لكان أبين (أو هذا الشهر) أو هذه السنة (أو شهرا) بالتنكير ووجه كونه وجيبة أنه لما تعورف إطلاق الشهر على ثلاثين يوما وإذا لم يبين المبدأ حمل من حين العقد صار بمنزلة قوله هذا الشهر والحق أنه يجري فيه التأويلان الآتيان في سنة إذ لا فرق (أو إلى شهر كذا) أو إلى سنة كذا أو إلى يوم كذا كل ذلك وجيبة تلزم بالعقد نقد أو لا، ما لم يشترطا أو أحدهما الحل عن نفسه متى شاء فيكون العقد منحلا من جهته إن لم يحصل نقد (وفي) قوله: أكتري منك هذا الشئ (سنة بكذا تأويلان) في كونه وجيبة لاحتمال إرادة سنة واحدة مبدؤها يوم العقد فكأنه يقول هذه السنة وهو تأويل ابن لبابة والأكثر بل هو ظاهرها أو غير وجيبة لاحتمال إرادة كل سنة وهو تأويل أبي محمد صالح ومثل سنة شهرا لعدم الفرق خلافا لمن تمحل فرقا وجزم المصنف بأنه وجيبة يشير لترجيح الأول وأن الثاني لا يعول عليه (و) جاز كراء (أرض مطر) للزراعة (عشرا ) من السنين أو أكثر فلا مفهوم لعشر (إن لم ينقد) الكراء الوجه أن يقول: إن لم يشترط النقد وسواء حصل نقد بالفعل أم لا وأما النقد تطوعا بعد العقد فجائز (وإن لسنة) مبالغة في المفهوم أي فإن اشترط النقد فسد وإن لسنة من السنين (إلا) الأرض (المأمونة) أي المتحقق ريها بالمطر عادة كبلاد المشرق فيجوز كراؤها بالنقد الأربعين عاما فمحل المنع في غير المأمونة، فالحاصل أن أرض المطر غير المأمونة يجوز كراؤها سنين بشرط عدم اشتراط النقد ويجوز في المأمونة مطلقا إذ لا يتردد الكراء فيها بين السلفية والثمنية (كالنيل) تشبيه في الجواز
45 أي كجواز كراء أرض النيل المأمونة (والمعينة) بفتح الميم وكسر العين وهي التي تسقى بالعيون والآبار (فيجوز) كراؤها بالنقد ولو لأربعين عاما كما مر (ويجب) النقد (في مأمونة النيل إذا رويت) بالفعل أي يقضي ربها بالكراء على المكتري لأنه صار متمكنا مما اكتراه، وأما أرض السقي والمطر فلا يجب على المكتري نقد الكراء حتى يتم زرعها ويستغني عن الماء، وحقه أن يقول في أرض النيل: إذا رويت لأن كلامه يقتضي أن غير المأمونة من أرض النيل إذا رويت لا يجب فيها النقد وليس كذلك. (و) جاز كراء (قدر) أذرع أو فدادين (من أرضك) المعينة (إن عين) القدر أي جهته التي يؤخذ منها أو (تساوت) الأرض في الجودة أو في ضدها وفي الامن والخوف فإن لم يعين واختلفت منع واحترز بالقدر من جزء معين كربع فلا يشترط تعيينه مفردا. (و) جاز كراء أرض (على أن يحرثها) المكتري (ثلاثا) مثلا ويزرعها في الحرثة الرابعة والكلام في المأمونة إذ غيرها يفسد فيها الكراء باشتراط ذلك (أو) على أن (يزبلها) بتشديد الباء (إن عرف) ما يزبلها به نوعا وقدرا كعشرة أحمال فإن لم يعرف منع وفسد الكراء والأجرة في ذلك إما الحرث أو التزبيل وحده أو مع دراهم مثلا لأن ما ذكر منفعة تبقى في الأرض (و) جاز كراء (أرض) مكتراة (سنين) ماضية (لذي شجر بها) غرسه في السنين الماضية هذا المكتري أي أن يكريها الآن (سنين مستقبلة) تلي مدة الأولى إذا كان الشجر لك يا مكتري بل (وإن) كان الشجر (لغيرك) بأن تكون اكتريت الأرض سنين فأكريتها لغيرك فغرس فيها شجرا ثم بعد انقضاء المدة وفيها شجره أردت أن تكتريها من ربها سنين مستقبله فيجوز ولك أن تأمر الغارس بقلع شجره أو تدفع له قيمته منقوضا
46 أو يرضيك (لا زرع) للغير أي لا إن كان الذي في الأرض زرعا لغيرك فلا يجوز لك أن تكتريها في المستقبل مدة منها المدة التي يحتاج إليها الزرع لأن الزرع إذا انقضت مدة إجارته لم يكن لرب الأرض قلعه بخلاف الشجر وتقييد بعضهم المنع بما إذا كان الزارع يعلم أنه يتم في مدة الإجارة وإلا جاز وللمكتري أن يأمره بقلعه كالشجر ضعيف (و) جاز (شرط كنس مرحاض) على غير من قضى العرف بلزومه له من مكر أو مكتر وعرف مصر أن الدار الموقوفة على الوقف والمملوكة على المكري (و) شرط (مرمة) على المكتري أي إصلاح ما تحتاج إليه الدار أو الحمام مثلا من كراء وجب (و) شرط (تطيين) لدار أي جعل الطين على سطحها إن احتاجت على المكتري بشرط أن يكون ذلك (من كراء وجب) على المكتري إما في مقابلة سكنى مضت أو باشتراط تعجيل الكراء أو يجري العرف بتعجيله (لا إن لم يجب) فلا يجوز (أو) وقع العقد على أن ما تحتاج إليه الدار من المرمة والتطيين (من عند المكتري) فلا يجوز للجهالة (أو حميم) بالجر عطف على إن لم يجب باعتبار محله (أهل ذي الحمام أو نورتهم) بضم النون لم يجز (مطلقا) علم المكتري عددهم أم لا للجهالة، ولذا لو علم القدر وعلم دخولهم في الشهر مثلا المرة أو المرتين جاز، كما لو اشترط شيئا معلوما
47 (أو لم يعين) بالبناء للمفعول في الأرض التي اكتريت (بناء) نائب فاعل يعين (وغرس وبعضه أضر) من بعض (ولا عرف) يصار إليه فلا يجوز للجهالة فإن بين نوع البناء أو ما يبني فيها من دار أو معصر أو رحا وكذا الغرس جاز كما لو جرى عرف بشئ معين (وكراء وكيل) مفوض أم لا لأرض أو دار موكله أو دابته (بمحاباة أو عرض) لا يجوز لأن العادة كراء ما ذكر بالنقد وللموكل الفسخ إن لم يفت وإلا رجع على الوكيل بالمحاباة وكراء المثل في العرض فإن أعدم الوكيل رجع على المكتري ولا رجوع له على الوكيل ومثل الوكيل ناظر الوقف وكذا الوصي بجامع التصرف في الكل بغير المصلحة الواجبة عليه (أو) كراء (أرض مدة) كعشر سنين (لغرس) معلوم (فإن انقضت) المدة (فهو) أي المغروس يكون (لرب الأرض) ملكا (أو نصفه) مثلا لا يجوز للجهل بالأجرة لأنه أكراها بشجر لا يدري أيسلم لانقضائها أم لا، فالأجرة هي الشجر أو نصفه صاحبه دراهم أم لا. وقوله: فإن انقضت المدة مفهومه أنه لو جعل له النصف من الآن فقال ابن القاسم: يجوز لأن ما أجر به معلوم مرئي وهو المشهور وقال غيره: لا يجوز وإذا وقع العقد على ما قال المصنف فقيل إنه كراء فاسد فالغرس لمن غرسه وعليه لرب الأرض كراء المثل ويفوت بالغرس وهو ظاهر المدونة وقيل إجارة فاسدة تفسخ متى اطلع عليها والغرس لرب الأرض وعليه قيمته يوم غرسه وأجرة عمله
48 ويطالبه بما استغله من الثمر فيما مضى (والسنة في) أرض (المطر) وكذا أرض النيل تنقضي (بالحصاد) كانت تزرع مرة أو أكثر فمن استأجرها سنة أيام نزول المطر أو أيام ريها بالنيل فانتهاء السنة جذ الزرع سواء كان قمحا أو شعيرا أو قصبا أو غيرها ويشمل الجذ الرعي في نحو البرسيم وإن كان الزرع مما يخلف فبآخر بطن. (وفي) أرض (السقي بالشهور ) اثني عشر شهرا من العقد (فإن تمت) السنة (وله) فيها (زرع أخضر) أو ثمر لم يطب لزم رب الأرض إبقاؤه وإذا أبقاه (فكراء مثل الزائد) على السنة يلزم المكتري فلو بقي بعد السنة شهرين فعليه كراء مثلهما بما تقوله أهل المعرفة، وظاهر المصنف أن عليه كراء المثل مطلقا سواء ظن الزارع تمامه بعد مدة يسيرة أو كثيرة وهو الراجح. (وإذا انتثر) بآفة أو غيرها (للمكتري) أرضا فزرعها (حب ) من زرعه في الأرض (فنبت) زمنا (قابلا) في عامه أو العام القابل (فهو لرب الأرض) لاعراض ربه عنه بانقضاء مدته بالحصاد ولذا لو بقيت مدة الكراء كان الزرع له ومفهوم انتثر أنه لو زرعه فلم ينبت في سنته بل في قابل كان لربه وعليه كراء الأرض كما أن عليه كراء العام الماضي إن كان لغير عطش ونحوه وإلا فلا كما يأتي (كمن) أي كشخص له أرض (جره) أي جر الحب (السيل إليه) أي إلى أرضه من أرض غيره فنبت فيها فالزرع لرب الأرض المجرور إليها الحب لا لرب الحب والنيل كالسيل والزرع كالحب على قول والثاني لريه
49 (ولزم الكراء بالتمكن) من التصرف في العين التي اكتراها من دابة أو دار أو أرض أو غير ذلك وإن لم يستعمل، ثم محل لزومه بالتمكن ما لم يكن عدم استعماله خوفا على زرعه من أكل فأر ونحوه إبان الزرع لو زرع فلا يلزمه الكراء إن امتنع لذلك، وبالغ على لزوم الكراء بالتمكن بقوله: (وإن فسد) الزرع (لجائحة) لا دخل للأرض فيها كجراد وجليد وبرد وجيش وغاصب وعدم نبات حب بخلاف نحو الدود والعطش كما سيأتي بيانه (أو غرق) للأرض (بعد) فوات (وقت الحرث) واستمر حتى فات إبان ما يزرع فيها مطلقا لا ما حرثت له فقط فيلزم الكراء فأولى لو انكشفت قبل الا بان. وأما لو غرقت قبله وانكشفت بعده فلا كراء وهو مفهوم قوله: ولزم الكراء بالتمكن (أو) تعطل الزرع (ل) أجل (عدمه) أي المكتري (بذرا) لتمكنه من إيجارها لغيره ولذا لو عدم أهل المحل البذر لسقط عنه الكراء، فقوله: أو عدمه معطوف على جائحة بتضمين فسد معنى تعطل (أو سجنه) بفتح السين لأن المراد به الفعل وأما بالكسر فالمكان الذي يسجن فيه فيلزمه الكراء سجن ظلما أو لا للعلة المتقدمة وهذا ما لم يقصد ن سجنه تفويته الزرع وإلا فالكراء على من سجنه كما لو أكرهه على عدم زرعه (أو انهدمت شرفات البيت) فيلزم الكراء إلا أن ينقص ذلك من الكراء بدليل قوله: لا إن نقص من قيمة الكراء، وشرفات بضم الشين المعجمة مع ضم الراء أو فتحها
50 أو سكونها جمع شرفة بضم فسكون فلو عمر بلا إذن كان متبرعا لا شئ له (أو سكن أجنبي بعضه) فالكراء جميعه على المكتري ويرجع على الأجنبي بكراء المثل فيما سكنه (لا إن نقص) المنهدم كالشرفات ونحوها شيئا (من قيمة الكراء) فيحط عنه بقدره (وإن قل) كذهاب تبليطها أو تجصيصها ويلزم المكتري السكنى ولا خيار له ومحله ما لم يحصل بذلك ضرر بدليل قوله الآتي: وخير في مضر الخ (أو انهدم بيت منها) أي الدار وليس على المكتري فيه ضرر كثير فيحط عنه بقيمة ذلك وهذا من عطف الخاص على العام لشمول ما قبله له لكنه يمتنع بأو وأجيب بحمل ما قبله على ما لا يشمله (أو سكنه) أي البيت منها (مكريه) أو شغله بمتاعه أو لم يمكنه منه (أو لم يأت) مكريه (بسلم للأعلى) المحتاج للسلم (أو عطش بعض الأرض) في الا بان أو بعده (أو غرق) في الا بان واستمر حتى فات أي وليس وجه الصفقة وإلا انفسخ الكراء وغرق وعطش كفرح. وقوله: (فبحصته) قيمة لا مساحة راجع للمسائل الست المخرجة بلا وهذا إذا أقام وخاصم وإلا لزمه الكراء (وخير) بين الفسخ وإلا بقاء (في) حدوث (مضر) ولو مع نقص منافع قل أو كثر (كهطل) أي تتابع مطر والمراد نزوله من السقف لخفته وكهدم أو خراب باذهنج وهدم ساتر أو بيت منها
51 (فإن بقي فالكراء) جميعه لازم له. وشبه في لزوم الكراء قوله: (كعطش أرض صلح ) صالح السلطان الكفار عليها وزرعوها فعطشت فإن الكراء لازم لهم لأنه ليس بإجارة حقيقية وإنما صالحهم بمال معلوم ولا يسمى خراجا إلا مجازا (وهل) يلزمهم (مطلقا ) عينوه للأرض أو للأرض مع الرؤوس أو مجملا؟ وأما لو عينوه للرؤوس فقط فظاهر أنه لا يسقط عنهم بحال (أو) محل اللزوم (إلا أن يصالحوا على الأرض) وحدها فعطشت فلا يلزمهم الكراء ومثله ما إذا صالحهم بشئ على الأرض والرؤوس وميز ما لكل فإذا زرعوها فعطشت أو لم ترو فإنه لا يلزمهم كراء فيما قابل الأرض وأما لو صالحهم على الجماجم فقط أو مجملا فيلزمهم قطعا عطشت أو لم تعطش (تأويلان) رجح تأويل الاطلاق ثم إن أسلموا سقط عنهم ما صالحوا عليه مطلقا والأرض ملك لهم تباع وتورث عنهم لأنها مال من أموالهم بخلاف الأرض الخراجية كأرض مصر فإنها أجرة محققة لأنها أرض عنوة موقوفة أجرها السلطان لأنه الناظر والخليفة عن رسول الله ( ص) فإذا عطشت سقطت الأجرة كما مر ولا تباع ولا توهب ولا تورث فإن مات واضع اليد من الفلاحين فالنظر للسلطان أو نائبه في ذلك ولكن يجب عليه مراعاة المصلحة والعرف فلا ينزع طين أحد لآخر ولا طين أهل بلد لأهل بلد أخرى ولا لنفسه وإذا مات واضع يد وكان العرف أن يعطي لورثته الذكور دون الإناث عمل به كما تقدم سدا لباب المفسدة وما جبي من الخراج صرف في مصالح المسلمين لأن محله بيت مالهم والسلطان ناظر وله الاخذ منه بالمعروف وأما الملتزمون فليس لهم تصرف فيه بوجه ما إذا ليسوا بنواب للسلطان ولا لنائبه وإنما هم جباة
52 مضروب على أيديهم كالجابي في الزكاة ليس له تصرف إلا في جبي الزكاة ويعطي أجرته منها لا من رب المال كذلك الملتزم أي الذي التزم للسلطان أو لنائبه أن يجمع له خراج البلد الفلانية وله في نظير ذلك ما يسمونه الفائض أجرة ثم إن هذا الفائض إن كان جعله السلاطين الماضون على الفلاحين من جملة الخراج برضاهم فهو حلال للملتزم وإلا فهو سحت لأنه من مال الفلاحين لا يقال: الملتزم قد استأجر البلد من السلطان أو نائبه فله أن يؤجرها للفلاحين بما شاء كمن استأجر دارا موقوفة على مستحقين من ناظرها فله أن يؤجرها لغيره بما شاء لأنا نقول: كذا ظن بعض الحمقى الأغبياء فأفتوهم بما لم ينزل الله به من سلطان فضلوا وأضلوا وما كانوا مهتدين وليس كما ظنوا فإنما المال الذي يدفعه الملتزم مما يسمونه بالحلوان للسلطان أو لنائبه في نظير وضع اليد والتقرير المسمى داله بالتقسيط نظيره ما لو مات جندي عن علوفة فيدفع رجل للسلطان مالا ليقرره مكانه في قبض العلوفة لنفسه كذلك الملتزم دفع مالا للسلطان ليمكنه على الجباية ليأخذ الفائض لنفسه فليس هذا بإجارة ولا بيع كما هو معلوم بالبداهة إذ الإجارة تمليك منافع معلومة في زمن معلوم بمال معلوم ولا يقال: السلطان أو نائبه كل سنة يكتب تقريرا وتقسيطا للملتزم بصورة إجارة ويدفع الملتزم للسلطان الخراج المسمى بالميري لأنا نقول: الميري ليس مالا للملتزم وإنما هو خراج قد فرضه السلاطين المتقدمون على المزارعين ليدفعوه للناظر المتولي أمر المصالح الاسلامية ليصرفه في مصالح المسلمين كناظر على وقف عين جابيا على جمع مال الواقف ليصرفه الناظر للمستحقين وكل هذا مبني على أن أرض الزراعة وقف كما هو عندنا والمفتى به عند الحنفية وأما على أنها مملوكة كما هو المفتى به عند الشافعة بناء على أن قرى مصر فتحت صلحا فظاهر بالبديهة أن الملتزم لا تصرف له وقد أفتاهم من اتبع وهمه أن لهم التصرف في الأرض وأن لهم التمكين والنزع والزيادة والنقصان حتى قالوا له أن يزيد على الفلاحين ما شاء ولو فوق طاقتهم والفلاح مخير بين أن يرضى فيزرع وأن يترك واشتهرت هذه الفتوى الباطلة ضرورة بمصر حتى صال الامراء على عباد الله بجميع أنواع الجور والظلم ويقول الظالم بلدي اشتريتها بمالي أفعل فيها وفي الفلاحين ما شئت كما أفتاني بذلك العلماء أو صار المفتون يقلد بعضهم بعضا وزادوا أن قالوا: لو كان للبلد ملتزمان وباع أحدهما حصته فللثاني الاخذ بالشفعة فانظر كيف جعلوه شريكا مالكا وأن هذا الاسقاط بيع وأن شريكه يستحق بالشفعة؟ ولئن سألتهم من أين جاءكم هذا لقالوا: * (إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون) * ثم أخرج من قوله: ولزم الكراء بالتمكن قوله: (عكس تلف الزرع) بآفة مما للأرض مدخل فيها وأراد بالعكس المقابلة بالنفي والاثبات أي عكس الحكم المتقدم من وجوب الكراء وعكسه أي نقيضه عدم وجوبه بآفة من أرضه (لكثرة دودها أو فأرها) لو قال لدودها الخ كان أحسن وأخصر إذ لا تشترط الكثرة (أو عطش) فتلف كله (أو بقي) منه (القليل) كستة أفدنة من مائة وظاهره ولو انفرد بجهة فلا يلزمه كراؤها وقيل محله إن كان متفرقا في جملة الفدادين،
53 فلو كان مجتمعا في جهة لواجب كراؤه بخصوصه (ولم يجبر آجر) بالمد وهو المؤجر كمالك دار (على إصلاح) لمكتر ساكن مثلا (مطلقا) أي سواء كان ما احتيج للاصلاح يضر بالساكن أم لا حدث بعد العقد أم لا أمكن معه السكنى أم لا وهو مذهب ابن القاسم في المدونة ويخير الساكن بين السكنى فيلزمه الكراء والخروج منها فلو أنفق المكتري شيئا من عنده حمل على التبرع فإن انقضت المدة خير ربها في دفع قيمته منقوضا أو أمره بنقضه لأنه كالغاصب بخلاف ما لو أن له في الاصلاح فيأخذه بقيمته قائما إن لم يقل وما صرفته فهو على فيلزمه جميع ما صرفه (بخلاف ساكن أصلح له) رب الدار أو ناظرها ما انهدم فيجبر على السكنى (بقية المدة) ويلزمه جميع الكراء (قبل خروجه) متعلق بأصلح فإن خرج قبل الاصلاح لم يكن له جبره على عوده إليها بقية المدة (وإن اكتريا) أو اشتريا (حانوتا) وتنازعا (فأراد كل مقدمه) لوقوع العقد مجملا (قسم) بينهما (إن أمكن) القسم (وإلا) يمكن ( أكرى عليهما) للضرورة ولو اتفقا على المقدم واختلفا في الجهة فالقرعة لخفة الامر فيه والبيت المطل بعضه على نهر أو بستان كذلك (وإن غارت عين) غيط (مكري) للزراعة (سنين) المراد ما فوق الواحدة الشامل للسنتين فأولى سنة فقط (بعد زرعه) فلو غارت قبل زرعه
54 حمل ما أنفقه المكتري على التبرع (نفقت) أيها المكتري أي صرفت من عندك في إصلاح العين إن أبى المكتري (حصة) أي أجرة (سنة فقط) ليتم زرعك في تلك السنة ويلزم المكري ما أنفقت لأنك قمت عنه بواجب وهذا إذا كان حصة السنة يتأتى بها إصلاح فلو كان لا يصلحها إلا أكثر من أجرة سنة وأبى ربها من الاصلاح ومن الاذن له فأنفق المكتري كان متطوعا بالزائد فإن أبى أن ينفق أيضا كان له ذلك ولا يلزمه الكراء لأن هلاك الزرع من العطش ومثل الغور انهدام البئر وقوله: نفقت بفتح النون مع فتح الفاء وكسرها كعتق وفرح وهو لازم يتعدى بهمزة النقل فالصواب أنفقت وقيل إنه يتعدى في لغة كأعتقه وعتقه (وإن تزوج) رجل امرأة رشيدة (ذات بيت وإن) ملكت منفعته (بكراء) لازم وجيبة أو مشاهرة ونقدت جملة (فلا كراء) على الزوج لها لأن النكاح مبني على المكارمة (إلا أن تبين) ولو بعد العقد والعبرة بوقت البيان فيكون لها الكراء من ذلك الوقت لا ما تقدمه وبيت أمها أو أبيها كبيتها لجري العادة بعدم مطالبته (والقول للأجير ) على إيصال كتاب بأجرة (أنه وصل كتابا) أو رسالة لمرسل إليه بيمينه في أمد يبلغ في مثله عادة فيستحق الأجرة لأنه أمين يصدق ولا ينتفي عنه الضمان إن أنكر المرسل إليه الوصول فكلامه هنا في استحقاق الأجرة لا في نفي الضمان فلا يخالف ما قدمه في الوديعة من قوله عاطفا على ما فيه الضمان أو المرسل إليه المنكر ولا بينة وقوله في الوكالة وضمن إن أقبض الدين ولم يشهد ومثل الدين غيره كما تقدم (و) القول للأجير الصانع فيما بيده (أنه استصنع وقال) ربه (وديعة) عندك لأن الشأن فيما يدفع للصانع الاستصناع والايداع نادر فلا حكم له (أو خولف) الصانع (في الصفة)
55 عطف على المعنى أي القول للصانع إن خولف في الاستصناع أو خولف في الصفة يعني أنهما إذا اتفقا على أنه دفعه له ليصنعه واختلفا في صفة الصنعة فالقول للصانع إن أشبه فإن لم يشبه حلف ربه وثبت له الخيار في أخذه ودفع أجرة المثل وتركه وأخذ قيمته غير مصبوغ فإن نكل اشتركا هذا بقيمة ثوبه مثلا غير مصبوغ وهذا بقيمة صبغه. (و) القول للصانع (في) قدر (الأجرة إن أشبه) الأجير في الفروع الأربعة بيمينه أشبه ربه أم لا فيأخذ ما ادعى من الاجر فإن انفرد ربه بالشبه فالقول له بيمينه فإن لم يشبها حلفا وكان للأجير أجرة مثله كأن نكلا وقوله: ( وحاز) من الحوز خاص بالفرع الأخير أي القول للصانع في قدر الأجرة إن حاز مصنوعه بأن كان تحت يده لأنه بمنزلة من باع سلعة ولم يخرجها من يده، فعلم أن القول للصانع في الأجرة بشرطين: الشبه والحيازة وأما ما قبله فبشرط واحد فإن أخذه ربه فالقول له وهو ظاهر فيما إذا لم ينفرد الصانع بالشبه فينبغي كما قيل إنه إذا انفرد بالشبه فالقول له وإذا لم يشبه واحد منهما حلفا ولزم كراء المثل وذكر مفهوم وحاز بقوله: (لا كبناء) فليس القول فيه للصانع لعدم الحوز وكذا إذا كان الصانع يخيط أو ينجر مثلا في بيت رب المصنوع وينصرف ولم يمكنه ربه من أخذه معه فالقول لربه أي إن أشبه كما تقدم (ولا في رده) أي المصنوع لربه وكان مما يغاب عليه (فلربه) القول في المسألتين (وإن) كان دفعه للصانع (بلا بينة) وأما ما لا يغاب عليه فيقبل دعوى رده لقبول دعواه في تلفه إلا أن يكون قبضه ببينة مقصودة للتوثق فلا تقبل دعواه ردا ولا تلفا كما تقدم في العارية (و) الصانع (إن ادعاه ) أي الاستصناع المفهوم من استصنع (وقال) ربه (سرق مني وأراد) ربه (أخذه دفع ) للصانع (قيمة الصبغ) بكسر الصاد مع عمله إذ المراد أجرة المثل (بيمين) من ربه أنه ما استصنعه (إن زادت دعوى الصانع عليها) أي على قيمة الصبغ وإلا أخذه بلا يمين ودفع للصانع ما ادعاه فاليمين لاسقاط ما زاد على دعوى الصانع (وإن اختار ) ربه (تضمينه) قيمة الثوب (فإن دفع الصانع قيمته أبيض) يوم الحكم على الأظهر (فلا يمين) على واحد منهما (وإلا) بأن امتنع من دفعها (حلفا)
56 وبدأ الصانع أنه استصنعه وقيل يبدأ ربه أنه ما استصنعه (واشتركا) إن حلفا كأن نكلا هذا بقيمة ثوبه أبيض وهذا بقيمة صبغه وقضى للحالف على الناكل (لا إن تخالفا) بالخاء المعجمة (في لت) أي خلط (السويق) فقال اللات أمرتني أن ألته بخمسة أرطال من سمن مثلا وقال ربه: ما أمرتك بشئ أصلا بل سرق مني أو غصب فلا يحلفان ولا يشتركان بل يقال لربه: ادفع له قيمة ما قال فإن دفع فظاهر (و) إن (أبى من دفع ما قال اللات فمثل سويقه) غير ملتوت يدفعه الصانع له لوجود المثل في ذلك بخلاف الثوب لأنه مقوم وإن شاء دفعه له ملتوتا مجانا عند ابن القاسم وقال غيره: يتعين المثل لئلا يؤدي إلى بيع طعام بطعام وهو ظاهر المصنف والراجح ما لابن القاسم وحمل بعضهم كلام ابن القاسم على ما إذا رضي بأخذه ملتوتا فإن لم يرض تعين دفع المثل فبينهما وفاق ولو قال المصنف: لا إن تخالفا في استصناع مثلي ليشمل الملتوت وغيره كطحن قمح وعصر زيتون ونحو ذلك كان أنسب. ثم ذكر ثلاث مسائل في اختلاف الجمال والمكتري الأولى: في قبض الأجرة وعدمه الثانية: في المسافة فقط الثالثة: فيهما وبدأ بالأولى فقال: (و) القول (له) أي للأجير المتقدم ذكره ( وللجمال) ونحوه أي رب الدابة (بيمين) من كل (في عدم قبض الأجرة وإن بلغا الغاية) زمانية أو مكانية أي التي تعاقدا إليها أي إلا لعرف بتعجيلها أو كانت معينة ودعواه تؤدي للفساد ودعوى المكتري للصحة قياسا على ما مر في البيع في قوله : وفي قبض الثمن أو السلعة فالأصل بقاؤهما إلا لعرف الخ. (إلا لطول) بعد تسليم الجمال الأمتعة لربها (ف) القول (لمكتريه بيمين) لا قبل تسليمها فالقول للجمال ولو طال ويعتبر الطول بالعرف وقيل ما زاد على اليومين بعد تسليم الأحمال لربها الذي هو المكتري. ثم ذكر اختلافهما في المسافة فقط بقوله: (وإن) اختلفا في المسافة واتفقا على قدر الأجرة بأن (قال) الجمال (بمائة لبرقة وقال) المكتري (بل) بها (لإفريقيا) تخفيف الياء أكثر من تشديدها وهي متى أطلقت في المدونة
57 فالمراد مدينة القيروان أي المدينة المعلومة وهي أبعد من برقة ولم يذكر المبدأ لاتفاقهما عليه كمصر (حلفا) وبدأ الجمال لأنه بائع (وفسخ) بالحكم أو التراضي (إن عدم السير) من أصله (أو قل) بحيث لا ضرر على الجمال في رجوعه ولا على رب الأحمال في طرحها (وإن نقد) مبالغة في التخالف والفسخ ولا ينظر في هذه لشبه ولا عدمه بدليل إطلاقه هنا وتفصيله في الآتية (وإلا) بأن كان اختلافهما بعد سير كثير أو بلوغ الغاية على دعوى الجمال (فكفوت المبيع) فيكون القول للمكتري إن أشبه فقط وحلف ولزم الجمال ما قال نقد الكراء أم لا إلا أن يحلف الجمال على ما ادعاه فيكون له حصة مسافة برقة على دعوى المكتري ويفسخ الباقي والمصنف وإن شمل بمقتضى التشبيه شبههما معا إلا أنه ليس بمراد لما يأتي قريبا فالتشبيه غير تام لأن المبيع إذا فات فالقول للمشتري إن أشبه سواء أشبه البائع أم لا وليس المكتري كذلك. وأشار إلى ما إذا أشبه المكري فقط بقوله: (وللمكري) وهو الجمال إذا اختلفا (في المسافة فقط) بأن قال لبرقة وقال المكتري بل لإفريقيا ( إن أشبه قوله فقط) دون المكتري انتقد أم لا (أو أشبها) معا (وانتقد) المكري الكراء لترجيح جانبه بالنقد (وإن لم ينتقد حلف المكتري) على ما ادعاه (ولزم الجمال ما قال) المكتري من بقية المسافة (إلا أن يحلف) الجمال أيضا (على ما ادعى) بعد حلف المكتري (فله) أي الجمال (حصة المسافة) التي ادعاها وهي برقة القريبة (على دعوى المكتري) أن المائة لإفريقيا (وفسخ الباقي) بعد برقة فيقال ما تساوي حصة برقة من ابتداء السير إلى أفريقيا بالمائة فإن قيل النصف مثلا أعطي للجمال (وإن لم يشبها) والموضوع بحاله بعد السير الكثير أو بلوغ برقة (حلفا وفسخ بكراء المثل فيما مشى) ونكولهما كحلفهما وقضى للحالف على الناكل. وأشار للمسألة الثالثة وهي اختلافهما في المسافة والأجرة معا بقوله: (وإن قال) الجمال للمكتري (أكريتك للمدينة بمائة وبلغاها) أو سارا كثيرا وإن لم يبلغاها (وقال) المكتري (بل لمكة) إلا بعد (بأقل) كخمسين (فإن نقده) المكتري الأقل (فالقول للجمال فيما يشبه) أي مع شبه المكتري أيضا كما قيدها به ابن يونس وأبو الحسن ويدل له ذكره بعد ذلك شبه الجمال وحده. وقوله: (وحلفا) أي يحلف كل منهما على طبق دعواه وعمل بقول الجمال حينئذ لترجيح جانبه بالنقد
58 والشبه فيحلف لاسقاط زائد المسافة ويحلف المكتري لاسقاط الخمسين عنه (وفسخ) العقد ولا يتوقف الفسخ على حلف المكتري لأن حلفه لاسقاط الخمسين عنه (وإن لم ينقد) الجمال شيئا وقد أشبها معا (فللجمال) القول (في المسافة) القريبة (و) القول (للمكتري في حصتها) أي المدينة (مما ذكر) من الكراء وهو كونه بخمسين ولا يقبل قوله أنه لمكة (بعد يمينهما) على ما ادعياه (وإن أشبه قول المكري فقط فالقول له بيمين ) نقد أم لا فيأخذ المائة ولا يلزمه السير إلى مكة وإن أشبه المكتري فقط فحكمه حكم ما إذا أشبها ولم ينقد أي القول للجمال في المسافة وللمكتري في حصتها مما ذكر وإن لم يشبه واحد منهما حلفا وفسخ وله كراء المثل فيما مشى (وإن أقاما) أي أقام كل واحد منهما (بينة) على ما ادعاه (قضي بأعدلهما وإلا سقطتا) ويقضي بذات التاريخ وبقدمه (وإن قال اكتريت عشرا) من الأفدنة أو من السنين مثلا ( بخمسين وقال) رب الأرض أو الدار (بل) اكتريت مني (خمسا بمائة) ولا بينة لأحدهما (حلفا وفسخ) العقد ويبدأ صاحب الأرض أو الدار ويقضي للحالف على الناكل ونكولهما كحلفهما وهذا إن لم يحصل زرع ولا سكنى (وإن زرع بعضا) أو سكنه (ولم ينقد) من الكراء شيئا (فلربها) بحساب (ما أقر به المكتري) فيما مضى (إن أشبه) المكتري أشبه ربها أم لا (وحلف) أي فالقول له بيمين (وإلا) يشبه حلف أم لا أو أشبه ولم يحلف فالنفي راجع لقوله: إن أشبه وحلف معا (فقول ربها ) في الصور الثلاث (إن أشبه) وحلف أيضا فله بحساب ما قال (فإن لم يشبها) معا (حلفا) أي يحلف كل على دعواه نافيا لدعوى الآخر (ووجب) لرب الأرض أو الدار (كراء المثل
59 فيما مضى) مما زرع أو سكن (وفسخ الباقي) أي فيما يستقبل ( مطلقا) أشبه قول أحدهما أم لا (وإن نقد) هذا قسيم قوله لم ينقد أي وإن زرع بعضا وقد نقد (فتردد) هل القول للمكري لترجيح جانبه بالنقد ولا فسخ ويلزم المكتري جميع الكراء أو لا يكون القول له بل يرجع في ذلك للأشبه كما لو لم ينقد على التفصيل السابق. (درس) باب في أحكام الجعالة (صحة الجعل) أي العقد تحصل (بالتزام) أي بسبب التزام (أهل الإجارة) أي المتأهل لعقدها (جعلا) أي عوضا معمول التزام وظاهره أن الشرط قاصر على الجاعل دون المجعول له وليس كذلك أجيب بأنه اكتفى بأحد المتساويين عن الآخر أو أنه اقتصر على الجاعل لأنه الذي يظهر فيه فائدة الالتزام من لزوم العقد بعد الشروع بخلاف المجعول له فلا يتوجه عليه لزوم قبل ولا بعد بل ولا حصول قبول بدليل أن من سمع قائلا يقول: من يأتيني بعبدي الآبق مثلا فله كذا فأتاه به من غير تواطؤ معه فإنه يستحق الجعل كما يأتي للمصنف قريبا وقوله: (علم) بالبناء للمجهول صفة جعل فلا يصح بمجهول (يستحقه السامع) من الجاعل
60 ولو بواسطة إن ثبت أنه قاله (بالتمام) للعمل بتمكين ربه منه وإلا لم يستحق شيئا (ككراء السفن) هذا تشبيه في أنه لا يستحق فيه الاجر إلا بتمام العمل وهو إجارة لا جعالة كما يشعر به التعبير بكراء فإذا غرقت السفينة في أثناء الطريق أو في آخرها قبل التمكن من إخراج ما فيها فلا كراء لربها قال فيها: وأرى أن ذلك على البلاغ أي والتمكن من إخراج ما فيها وسواء وقعت بلفظ إجارة أو جعالة ومثل السفينة مشارطة الطبيب على البرء والمعلم على حفظ القرآن أو بعضه أو صنعة والحافر على استخراج الماء بموات مع علم شدة الأرض وبعد الماء أو ضدهما وكذا إرسال رسول لبلد لتبليغ خبر أو إتيان بحاجة فهذه الأشياء إجارة لازمة إلا أن لها شبها بالجعالة من حيث أنه لا يستحق الكراء إلا بتمام العمل. ثم استثنى من مفهوم قوله بالتمام أي فإن لم يتم فلا يستحق العامل شيئا قوله: (إلا أن يستأجر) ربه بعد ترك العامل أو يجاعل آخر (على التمام) أو يتمه بنفسه أو بعبده ( فبنسبة) عمل (الثاني) أي فيستحق الأول من الاجر بنسبة عمل العامل الثاني سواء عمل الثاني قدر الأول أو أقل أو أكثر ولو كان هذا الاجر أكثر من الأول لأن الجاعل قد انتفع بما عمله له العامل الأول مثاله أن يجعل للأول خمسة على أن يحمل له خشبة إلى مكان معلوم فحملها وتركها أثناء الطريق فجعل لغيره عشرة مثلا على إيصالها للمكان المعلوم فإذا كان الأول بلغها النصف فله عشرة أيضا لأنه الذي ينوب فعل الأول من عمل الثاني لأن الثاني لما استؤجر من نصف الطريق
61 علم أن أجرة الطريق عشرون انظر الشراح، ثم إن الاستثناء يرجع لما قبل الكاف فقط كما يفيده كلامه في التوضيح ولا يرجع لما بعدها وعليه فمن استأجر سفينة لحمل كقمح فغرقت أثناء الطريق وذهب بعض القمح وبقي البعض فاستأجر ربه على ما بقي فإن للأول كراء ما بقي إلى محل الغرق على حساب الكراء الأول لا بنسبة الثاني وليس له كراء ما ذهب بالغرق وأما لو خرج منها اختيارا لكان عليه جميع الكراء لأنه عقد لازم لهما كمن اكترى دابة لمحل وتركها في الأثناء بلا عذر وكذا يلزمه جميع الكراء لو فرط في نقل متاعه بعد بلوغ الغاية حتى غرق وقوله: (وإن استحق ولو بحرية) مبالغة في قوله يستحقه السامع بقطع النظر عن قوله بالتمام أي إن من أتى بالعبد الآبق فاستحقه شخص أو استحق بحرية فإنه يستحق الجعل على الجاعل ولو لم يقبضه لأنه ورطه في العمل ولولا الاستحقاق لقبضه واستولى عليه ولا يرجع الجاعل بالجعل على المستحق عند ابن القاسم وهو المشهور (بخلاف موته) أي الآبق قبل تسليمه لربه فلا شئ للعامل (بلا تقدير زمن) متعلق بصحة على حذف مضاف أي صحة الجعل بشرط عدم تقدير أي تعيين زمن سواء شرط عدمه أو سكت عنه فإن شرط تقديره منع (إلا بشرط ترك متى شاء) أي إلا أن يشترط على العامل
62 أن له ترك العمل متى شاء فيجوز حينئذ لأنه رجع حينئذ لاصله وسنته من كون الزمان ملغى وإنما ضر تقدير الزمن لأن العامل لا يستحق الجعل إلا بتمام العمل فقد ينقضي الزمن قبل التمام فيذهب عمله باطلا ففيه زيادة غرر وإخراج له عن سنته ومثل شرط الترك متى شاء إذا جعل له الجعل بتمام الزمن تم العمل أم لا فيجوز إلا أنه قد خرج حينئذ من الجعالة إلى الإجارة (ولا نقد مشترط) بالجر عطف على بلا تقدير زمن أي وبلا نقد مشترط والأولى أن يقول: وبلا شرط نقد فإن شرط النقد مضر ولو لم يحصل نقد بالفعل لتردد المنقود بشرط بين السلفية والثمنية ولا يضر النقد تطوعا والجعل يصح (في كل ما جاز فيه الإجارة) أي كل ما جاز فيه عقد الإجارة جاز فيه الجعالة (بلا عكس) فليس كل ما جاز فيه الجعالة جاز فيه الإجارة فالجعالة أعم باعتبار المتعلق وإلا فهما عقدان متباينان وهذا سهو من المصنف. والذي في المدونة عكس ما قال المصنف فالإجارة أعم والحق أن بينهما العموم والخصوص الوجهي فيجتمعان في نحو بيع أو شراء ثوب أو أثواب قليلة أو حفر بئر بفلاة واقتضاء دين وتنفرد الإجارة في خياطة ثوب وبيع سلع كثيرة وحفر بئر في ملك وسكنى بيت واستخدام عبد ودابة وتنفرد الجعالة فيما جهل حاله ومكانه كأبق ونحوه ، نعم كلام المدونة أقرب للصواب لجواز أن يقال: إن ما جهل مكانه تصح فيه الإجارة
63 على تقدير العلم وبالغ على صحة الجعل بقوله: (ولو في الكثير) كعبيد كثيرة أبقت أو إبل كثيرة شردت. واستثنى من الكثير قوله: (إلا) على (كبيع) أو شراء (سلع كثيرة) من ثياب أو رقيق أو إبل فلا يجوز الجعل عليها إذا كان (لا يأخذ شيئا) من الجعل (إلا بالجميع) أي إلا ببيع أو شراء الجميع أي وقع ذلك بشرط أو عرف فإن شرط أو جرى العرف بأن ما باعه أو اشتراه فله بحسابه جاز لأن كثرة السلع بمنزلة عقود متعددة يستحق الجعل في كل سلعة بانتهاء عملها ولم يذهب له عمل باطل. (وفي شرط منفعة الجاعل) أي هل يشترط لصحة الجعل توقفه على منفعة للجاعل بما يحصله العامل كأبق أو لا يشترط كأن يجعل له دينارا على أن يصعد جبلا مثلا لا لشئ يأتي به. (قولان) المشهور الأول ولا يجوز الجعل على إخراج الجان من شخص ولا على حل سحر ولا حل مربوط لأنه لا يعلم حقيقة ذلك (ولمن لم يسمع) الجاعل يقول: من فعل كذا فله كذا (جعل مثله) ولو زاد على ما سماه الجاعل على فرض لو سمي شيئا (إن اعتاده) ولو كان ربه يتولى ذلك (كحلفهما) أي المتجاعلين (بعد تخالفهما) أي بعد اختلافهما في قدر الجعل بعد تمام العمل ولم يشبها فيقضي له بجعل المثل فإن أشبه أحدهما فالقول له بيمين ويقضي للحالف على الناكل ونكولهما كحلفهما فإن أشبها معا فالقول لمن العبد مثلا في حوزه منهما (ولربه) أي الآبق مثلا (تركه) للعامل حيث لم يسمع من عادته طلب الضوال وأتى به لربه كانت قيمته قدر جعل
64 المثل أو أقل أو أكثر ولا مقال له بخلاف ما إذا سمعه سمي شيئا ولو بواسطة فله ما سماه ولو زاد على قيمة العبد لأن ربه ورطه (وإلا) يكن من لم يسمع معتادا لطلب الإباق (فالنفقة) فقط أي فله أجرة عمله في تحصيله وما أنفقه عليه من أكل وشرب وركوب احتاج له ولا جعل له (وإن أفلت) العبد من يد العامل قبل إيصاله لربه (فجاء به آخر) قبل أن يصل لمكانه الأول (فلكل) من العاملين ( نسبته) من الجعل فإن جاء به الأول ثلث الطريق مثلا والثاني باقيها كان للأول الثلث في الجعل المسمى وللثاني ثلثاه فإن أتى به الثاني بعد أن وصل لمكانه الأول فلا شئ للأول (وإن جاء به ذو درهم) سماه له (وذو أقل اشتركا فيه) أي في الدرهم فيقتسمانه بنسبة ما سماه لكل فلذي الدرهم ثلثاه ولذي النصف ثلثه فإن تساوى ما سماه لكل قسم ما سماه لأحدهما نصفين فإن سمي لهما أو لأحدهما عرضا اعتبرت قيمته ( ولكليهما الفسخ) قبل الشروع في العمل (ولزمت الجاعل بالشروع) فيه دون العامل (وفي) الجعل (الفاسد) لفقد شرط من شروطه (جعل المثل) إن تم العمل ردا له إلى صحيح نفسه فإن لم يتم فلا شئ له (إلا بجعل مطلقا) أي إلا أن يجعل له الجعل مطلقا تم العمل أم لا (فأجرته) أي أجرة المثل وإن لم يأت به والله أعلم.
65 (درس) باب ذكر فيه موات الأرض وإحياءها وما يتعلق بذلك فقال: (موات الأرض ) بفتح الميم (ما سلم) أي أرض سلمت أي خلت (عن الاختصاص) بوجه من الوجوه الآتية وهنا تم التعريف وقوله: (بعمارة) خبر مبتدأ محذوف أي والاختصاص كائن بسبب عمارة من بناء أو غرس أو تفجير ماء ونحو ذلك (ولو اندرست) تلك العمارة فإن الاختصاص لمن عمرها باق (إلا لاحياء) من آخر بعد اندراسها أي مع طول زمانه كما في النقل فإحياؤها من ثان قبل الطول لا تكون له بل للأول كما اشترى أرضا أو وهبت له أو وقفت عليه ممن أحياها واندرست فإن ملكه لا يزول عنها ولو طال الزمان إلا لحيازة بشروطها في غير الوقف كما يأتي إن شاء الله تعالى. ومفهوم إلا لاحياء أنه إن أحياها ثان بعد طول اختص بها وأما قبله فلا فإن عمرها جاهلا بالأول فله قيمة بنائه قائما للشبهة وإلا فمنقوضا وهذا ما لم يسكت الأول بعد علمه بتعمير الثاني وإلا كان سكوته دليلا على تسليمه الأرض لمعمرها (وبحريمها) معطوف على محذوف أي
66 فيختص بالعمارة وبحريمها فالباء للتعدية داخلة على المقصور عليه. ثم فصل الحريم بقوله: (كمحتطب) بفتح الطاء أي مكان يقطع منه الحطب (ومرعى) مكان الرعي (يلحق) ذلك المحتطب والمرعى (غدوا) بضم الغين المعجمة والدال المهملة وتشديد الواو ما قبل الزوال (ورواحا) ما بعده حال كون المحتطب والمرعى (لبلد) يعني إذا عمر جماعة بلدا فإنهم يختصون بها وبحريمها من محتطب ومرعى لدوابهم يلحق كل منهما على عادة الحاطبين والرعاة لقضاء حاجتهم مع مراعاة المصلحة والانتفاع بالحطب وحلب الدواب ونحو ذلك غدوا ورواحا فلا مشاركة لغيرهم فيه ولا يختص به بعضهم دون بعض لأنه مباح لهم ومن أتى منهم بحطب أو نحوه فهو له ملك يتصرف فيه تصرف الملاك. (وما لا يضيق على وارد) من عاقل أو غيره حريم لبئر ماشية أو شرب (و) ما (لا يضر بماء) حريم (لبئر) أي بئر الزراعة وغيرها بالنسبة للثاني وبئر الماشية بالنسبة للأول ومراده أن منتهى ما لا يضر ولا يضيق هو منتهى حريم البئر وفي نسخة. وما يضيق الخ بدون نفي وهو بيان للحريم الذي لرب البئر المنع منه (وما فيه مصلحة) عرفا حريم (لنخلة) وشجرة (ومطرح تراب
67 ومصب ميزاب) حريم (لدار) ليست محفوفة بأملاك (ولا تختص) دار ( محفوفة بأملاك) بحريم (ولكل) من ذوي الاملاك التي بينها فسحة (الانتفاع) بتلك الفسحة من جلوس وغيره وليس لأحدهم منع آخر (ما لم يضر بالآخر) فإن ضر منع (وبإقطاع الإمام) عطف على بعمارة أي ويكون الاختصاص بسبب إقطاع الإمام أرضا من موات أو من أرض تركها أهلها لكونها فضلت عن حاجتهم ولا بناء فيها ولا غرس ومن الموات ما عمرت ثم درست وطال الزمان كما تقدم ومثل الإمام نائبه إن أذن له في الاقطاع ثم إقطاع الإمام ليس من الاحياء وإنما الاحياء بالتعمير بعده نعم هو تمليك مجرد فله بيعه وهبته ووقفه ويورث عنه إن حازه لأنه يفتقر لحيازة قبل المانع كسائر العطايا ورجح أنه لا يحتاج لحيازة ولو اقتطعه على أن عليه كذا أو كل عام كذا عمل به ومحل المأخوذ بيت مال المسلمين لا يختص الإمام به لعدم ملكه لما اقتطعه وإن ملكه المقطوع له باقتطاعه (ولا يقطع) الإمام (معمور) أرض (العنوة ) كمصر والشام والعراق الصالحة لزراعة الحب (ملكا) بل إمتاعا وانتفاعا وأما ما لا يصلح لزراعة الحب وليس عقارا للكفار فإنه من الموات يقطعه ملكا أو امتاعا وإن صلح لغرس الشجر وإنما لم يقطع المعمور ملكا لأنه يصير وقفا بمجرد الاستيلاء عليه وأما أرض الصلح فليس للإمام إقطاعها مطلقا ثم ما اقتطعه الإمام من العنوة إن كان لشخص بعينه انحل عنه بموته واحتاج لاقطاع بعده وإن كان لشخص وذريته وعقبه استحقته الذرية بعده للأنثى كالذكر إلا لبيان تفصيل كالوقف وبقي النظر في الالتزام المعروف عندنا بمصر وغيرها هل هو من الاقطاع فللملتزم أن يزيد في الأجرة المعلومة عندهم على الفلاحين ما شاء وبه أفتى بعض من سبق أوليس من الاقطاع وإنما الملتزم جاب لما على الفلاحين لبيت مال المسلمين ليس له زيادة ولا تنقيص لما ضرب عليهم من السلطان وهو الظاهر كما قدمناه وليس هو من الإجارة في شئ كما يزعمون لما علمت أن حقيقة الإجارة بيع منافع معلومة بأجرة معلومة إلى أجل معلوم (و) الاختصاص يكون (بحمى إمام) أو نائبه المفوض له وإن لم يأذن له في خصوص الحمى بخلاف الاقطاع فإنه إنما يفعله النائب إذا أذن له الإمام في خصوصه والحمى بالقصر بمعنى المحمي فهو مصدر بمعنى المفعول وأصل محمي محموي وتثنيته محميان فهو يائي وأصل الحمى عند الجاهلية أن الرئيس منهم إذا نزل بأرض مخصبة استعوى كلبا بمحل عال فحيث انتهى إليه صوته حماه لنفسه من كل جانب فلا يرعى فيه غيره معه ويرعى هو في غيره مع غيره.
68 وهو لا يجوز شرعا والحمى الشرعي أن يحمي الإمام مكانا خاصا لحاجة غيره فيجوز بأربعة شروط أشار لها بقوله مكانا (محتاجا إليه) أي دعت حاجة المسلمين إليه فلا يحمي لنفسه ولا لغيره عند عدم الحاجة (قل ) بأن لا يضيق على الناس لا إن كثر بأن ضيق عليهم (من) مرعى (بلد عفا) أي خلا عن البناء والغرس (لكغزو) أي لدواب الغزاة والصدقة وضعفاء المسلمين (وافتقر ) أي إحياء الموات (لاذن) من الإمام أو نائبه (وإن) كان المحيي (مسلما) والواو للمبالغة بناء على أن للكافر الاحياء فيما قرب والمشهور خلافه وعليه فالواو للحال (إن قرب) لعمارة البلد بأن كان في حريمها (وإلا) يستأذن في القريب بأن أحيا فيه شيئا بغير إذنه (فللإمام إمضاؤه) للمحيي (أو جعله متعديا ) فيعطيه قيمة بنائه أو غرسه منقوضا ويبقيه للمسلمين أو لمن شاء منهم ولا يرجع عليه بما اغتله فيما مضى لأن أصله (مباح بخلاف البعيد) عن البلد بأن كان خارجا عن حريمها فلا يفتقر إحياؤه للاذن (ولو) كان المحيي فيه (ذميا) حيث أحيا الذمي في البعيد (بغير جزيرة العرب) مكة والمدينة واليمن وما والاها كما تقدم في الجزية، والجزيرة من الجزر وهو القطع ومنه الجزار لقطعه الحيوان فعيلة بمعنى مفعولة أي مقطوعة سميت بذلك لانقطاع الماء عنها إلى أجنابها (والاحياء) الذي هو من أسباب الاختصاص يكون بأحد أمور سبعة (بتفجير ماء) بأرض كأن يحفر بئرا أو يفتق عينا فيختص بها وبالأرض التي تزرع عليها (وبإخراجه) أي إزالة الماء عنها حيث كانت غامرة به (وببناء وبغرس) فيها (وبحرث وتحريك أرض) تفسير للحرث بناء على أن المراد بالحرث تقليب الأرض لا خصوص الشق بالآلة المعلومة وإلا كان من عطف العام على الخاص (وبقطع شجر) فيها
69 يعني إزالته عنها ولو بحرق لاصلاحها (وبكسر حجرها وتسويتها) أي تعديلها (لا) يكون الاحياء (بتحويط) إلا أن تجري العادة عندهم بأنه إحياء أو يقطعه له الإمام فيحوطه والتحويط هو المسمى بالتحجير (و) لا (رعي كلا) أي عشب فيها وكذا إزالة شوك أو حلفاء (و) لا ( حفر بئر ماشية) أو لشرب الناس ما لم يبين الملكية فإن بينها فإحياء. ولما جرت عادة أهل المذهب بذكر مسائل تتعلق بالمسجد هنا نظرا إلى أنه مباح للناس كالموات في الجملة وإن كان الأنسب ذكرها في كتاب الصلاة تبعهم المصنف فذكرها بقوله: (وجاز بمسجد سكنى لرجل) لا لمرأة فيحرم عليها أو يكره (تجرد) بالسكنى فيه (للعبادة) من صلاة وغيرها وإلا كره (وعقد نكاح) أي مجرد إيجاب وقبول من غير ذكر شروط ولا رفع صوت أو تكثير كلام وإلا كره (وقضاء دين) يسير يخف معه الوزن والعدد وإلا كره (وقتل عقرب) أو فأر أو حية فيه وإن لم ترده وجاز قتلها في الصلاة إن أرادته كما تقدم في فضل الجماعة (ونوم بقائلة) أي نهارا وكذا بليل لمن لا منزل له أو عسر الوصول إليه (وتضييف) لضيف (بمسجد بادية و) جاز ( إناء) أي إعداده (لبول) أو غائط (إن خاف) بالخروج منه لما ذكر (سبعا) أو لصائم يخرجه بعد الامن إذ لا يجوز المكث بالنجاسة فيه (كمنزل تحته) أي المسجد أي يجوز (ومنع عكسه) أي سكنى منزل بأهله فوقه إذا حدث بناؤه بعد تحبيسه لا بغير أهله أو بنائه قبل جعله مسجدا
70 (فلا يمنع كإخراج ريح) في مسجد فيمنع لحرمته وإن لم يكن به أحد (ومكث بنجس) غير معفو عنه فيمنع والمتنجس كالنجس ولو ستر بطاهر وقيل إن ستر به جاز فيوضع النعل المتنجس في شئ يكنه ولو على القول الأول للضرورة. (وكره أن يبصق بأرضه و) إن فعل (حكه) وهذا في المبلط والمفروش فوق فرشه وكذا المحصب فوق الحصباء وأما المترب فيجوز كتحت فرشه وفرش المحصب أو خلال الحصباء وهذا ما لم يكثر حتى يقذره وإلا منع (و) كره فيه (تعليم صبي) قرآنا أو غيره والمذهب المنع ولو كان لا يعبث لعدم تحفظه من النجاسة. (و) كره فيه (بيع وشراء) بغير سمسرة وإلا منع (وسل سيف) ونحوه ( وإنشاد ضالة) فيه أي تعريفها وكذا أنشدها وهو سؤال ربها عنها (وهتف بميت) أي صياح فيه أو ببابه للاعلام بموته وأما الاعلام بغير صياح فجائز كما مر في الجنائز (و) كره (رفع صوت) فيه ولو بذكر وقرآن (كرفعه بعلم) فوق إسماع المخاطب ولو بغير مسجد (ووقيد نار) فيه لغير تبخيره واستصباحه (ودخول كخيل) فيه مما فضلته نجسة (لنقل)
71 التراب ونحوه منه بخلاف إبل فيجوز لذلك لا لغيره (وفرش) فيه (أو متكأ) للجلوس عليه أو الاتكاء لغير ضرورة لأنه ينافي التواضع المشروع في المساجد وقد جرت عادتهم أن يذكروا هنا أحكام المياه والكلأ وما يتعلق بذلك فتبعهم المصنف في ذلك فقال: (ولذي مأجل) بفتح الميم والجيم بينهما همزة ساكنة كمقعد وبضم الميم وفتح الجيم كمعظم ما يعد لخزن الماء كالصهريج (و) لذي (بئر ومرسال مطر) أي محل جريه وهو من حل المطر بأرضه الخاصة به بملك أو منفعة (كماء يملكه) في آنية أو حفرة أي ككل ماء يملكه أعم من الثلاثة قبله (منعه) من غيره (وبيعه) وهبته والتصدق به وخص المنع والبيع بالذكر لأجل الاستثناء بقوله: (إلا من خيف عليه) هلاكا أو ضررا شديدا من عاقل أو غيره (ولا ثمن معه) حين الخوف عليه ولو كان مليا ببلده مثلا فليس للمالك في هذه الحالة منعه ولا بيعه بل يجب عليه دفعه له مجانا ولا يرجع عليه بعد ذلك ولو مليا بمحل آخر أما لو كان معه مال فبالثمن باتفاق فقوله: (وإلا رجح بالثمن) إن حمل على ما إذا لم يكن معه مال كان فاسدا لاتفاق المدونة وابن يونس على أنه لا يلزمه شئ ولو غنيا ببلده وإن حمل على ما إذا كان معه مال فهو نص المدونة وليس لابن يونس فيه إلا مجرد نقله (كفضل) ماء (بئر زرع) تشبيه في وجوب الدفع مجانا المستفاد من الاستثناء أي كوجوب دفع ما فضل عن الحاجة من ماء بئر أو عين لجاره حيث (خيف على زرع جاره) أو شجره التالف من العطش (بهدم بئره) أي بسبب هدم بئر الجار (وأخذ) الجار (يصلح) بئره المنهدم ولا شئ عليه لرب المال ولو كان مليا خلافا لابن يونس حيث قال: يلزمه الثمن إن كان معه قياسا على مسألة من خيف عليه الهلاك وجوابه أن الماء في مسألة الزرع فضل عن حاجة صاحبه وجاره معذور بهدم بئره مع أخذه في الاصلاح بخلاف المسافر فإن الغالب عليه أنه مختار بالسفر مع كونه يحتاط لنفسه باستعداد الثمن لمثل ذلك (وأجبر) رب الماء (عليه) أي على دفع الفضل لجاره بالشروط المذكورة فإن انخرم شرط منها لم يجبر ربه على الدفع
72 بأن زرع لا على أصل ماء أو لم تنهدم بئره أو لم يأخذ في الاصلاح. ثم شبه في مطلق الجبر قوله: (كفضل بئر ماشية) حفرها (بصحراء) أي بموات فيجبر على دفع ما فضل عن حاجته (هدرا) أي بلا ثمن ولو مع وجوده لأنه لا يجوز له بيعه ولا هبته ولا يورث عنه هذا (إن لم يبين) حين حفرها (الملكية) لعدم الاحياء بمجرد الحفر ولان نيته أخذ كفايته فقط فإن بينها بإشهاد عند الحفر كان له المنع وأخذ الثمن إن وجد لأنه إحياء حينئذ (و) إذا اجتمع على ماء بئر الماشية مستحقون (بدئ) وجوبا بعدري ربها (بمسافر) لاحتياجه لسرعة السير (وله) بالقضاء على رب الماء أو على حاضر (عارية آلة) وعليهم إعارتها له وهذا ما لم تجعل الآلة للإجارة وإلا فبالأجرة واتبع بها في ذمته إن لم توجد معه (ثم حاضر) إلى أن يروي (ثم دابة ربها) أي البئر ثم دابة المسافر ثم مواشي ربها ثم مواشي الناس (بجميع الري) بفتح الراء وكسرها أي أن من قدم يقدم بجميع الري وإنما أخرت المواشي عن الدواب لأنها تذبح فتؤكل بخلاف الدواب هذا إذا كان في الماء كفاية للجميع ولا جهد (وإلا فبنفس المجهود) من آدمي أو غيره وسقط الترتيب انظر الشراح.
73 (وإن سال مطر بمباح) أي بأرض غير مملوكة ويليها جنان أو زرع لناس شتى (سقي الاعلى) أولا وهو الأقرب للماء المذكور (إن تقدم) في الاحياء على الأسفل أي أو تساويا في الاحياء وإلا قدم الأسفل (للكعب) أي حتى يبلغ الماء فيه الكعب ثم يرسل للآخر على الترتيب المذكور (وأمر) المقدم على غيره (بالتسوية) لأرضه إن أمكن (وإلا) تمكن التسوية وكان لا يبلغ الماء الكعبين في المرتفع حتى يكون في المنخفض أكثر ( فكحائطين) فيسقي الاعلى ثم الأسفل منها أي يصير هذا الحائط المشتمل على أعلى وأسفل كحائطين فتسقي كل جهة منه على حدثها ثم ينتقل لغيرها. ثم ذكر مفهوم الاعلى أي الأقرب بقوله: (وقسم) الماء المباح (للمتقابلين) أي للحائطين مثلا المتساويين في القرب للماء سواء كانا في جهة أو إحداهما في جهة والأخرى في أخرى وسواء استوى زمن إحيائهما أو اختلفت. وقوله: (كالنيل) تشبيه تام في ماء ! المطر في جميع ما مر من سقي الاعلى إن تقدم الخ. وذكر مفهوم بمباح بقوله: (وإن ملك) الماء (أولا) بأن اجتمع جماعة على إجرائه بأرض مباحة أو أرضهم المشتركة بينهم أو على حفر بئر أو عين فيما ذكر (قسم بينهم) على حسب أعمالهم (بقلد أو غيره) والقلد بالكسر عبارة عن الآلة التي يتوصل بها لاعطاء كل ذي حق حقه من الماء ومنه الساعات الرملية وغيرها ومراده بغيره القسم بالأيام (وأقرع
74 للتشاح في السبق) أي التبدئة أي إذا تشاحوا في التبدئة بأن طلبها كل منهما فالقرعة فمن خرج سهمه بالتقديم قدم (ولا يمنع صيد سمك) أي لا يجوز لاحد أن يمنع غيره من صيد (وإن من ملكه) أي ملك الذات أو المنفعة لأنه مباح فلكل أحد صيده. (وهل) عدم المنع فيما بعد المبالغة (في أرض العبوة فقط) صاد المالك لمنفعتها أم لا لأن أرض العنوة لا تملك حقيقة لأنها أرض خراج واستمتاع بزرعها لا غير وأما المملوكة حقيقة فله المنع (أو) عدم المنع مطلقا أرض عنوة وغيرها (إلا أن يصيد المالك) أي يريد الاصطياد لنفسه فله المنع؟ (تأويلان) فالتأويل الثاني مطوي في كلامه وكلاهما ضعيف والمذهب عدم المنع مطلقا إلا لضرر شرعي كالاطلاع على حريمه أو إفساد زرعه والموضوع أن الأرض ملكه (و) لا يمنع أحد (كلا) أي رعيه وهو بالقصر منون مهموز ما ينبت في المرعى من غير زرع (بفحص) وهي أرض تركها ربها استغناء عنها ولم يبورها للرعي فنبت بها الكلأ (وعفاء) بالمد وهي أرض تركت عن الزرع لعدم قبولها الزرع كأرض الخرس ومحل المنع إذا (لم يكتنفه زرعه) فإن اكتنفه فله المنع (بخلاف مرجه) وهو محل رعي الدواب (وحماه) وهو ما بوره من أرضه لرعي ما ينبت فيه فله المنع وكان الأولى حذف المرج لأن الأقسام الثلاثة مرج وهذا وما قبله في الأرض المملوكة له وأما غيرها كالفيافي فالناس فيه سواء إلا السلطان فله أن يحمي لمصلحة على ما تقدم. (درس) باب في أحكام الوقف وهو من التبرعات المندوبة. قال النووي وهو من خواص الاسلام لقول الشافعي: لم تحبس الجاهلية (صح) ولزم ولا يتوقف على حكم حاكم (وقف مملوك) ولو بالتعليق
75 كإن ملكت دار فلان فهي وقف أو كان مشتركا شائعا فيما يقبل القسمة ويجبر عليها الواقف إن أرادها الشريك وأما ما لا يقبلها ففيه قولان مرجحان وعلى الصحة يجبر الواقف على البيع إن أراد شريكه ويجعل ثمنه في مثل وقفه وأراد بالمملوك ما يشمل ملك الذات وملك المنفعة فلذا قال: (وإن) كان الملك المدلول عليه بمملوك (بأجرة) لكدار استأجرها مدة معلومة فله وقف منفعتها في تلك المدة وينقضي الوقف بانقضائها لأنه لا يشترط فيه التأبيد كما سيأتي وشمل قوله بأجرة من استأجر دارا محبسة مدة فله تحبيس منفعتها على مستحق آخر غير المستحق الأول في تلك المدة وأما المحبس عليه فليس له تحبيس المنفعة التي يستحقها لأن الحبس لا يحبس. (ولو) كان المملوك (حيوانا ورقيقا) من عطف الخاص على العام أي فيصح وقفه ويلزم،
76 وكذا الثياب على المذهب (كعبد على مرضي) لخدمتهم حيث ( لم يقصد) السيد (ضرره) بذلك وإلا لم يصح ومثل العبد الأمة على إناث وليس له حينئذ وطؤها لأن منفعتها صارت بوقفها للغير كالمستعارة والمرهونة. (وفي) جواز (وقف كطعام) مما لا يعرف بعينه إذا غيب عليه كالنقد وهو المذهب ويدل له قول المصنف في الزكاة: وزكيت عين وقفت للسلف وعدم الجواز الصادق بالكراهة والمنع (تردد) وقيل: أن التردد في غير العين من سائر المثليات وأما العين فلا تردد فيها بل يجوز وقفها قطعا لأنه نص المدونة والمراد وقفه للسلف وينزل رد بدله منزلة بقاء عينه وأما إن وقف مع بقاء عينه فلا يجوز اتفاقا إذ لا منفعة شرعية تترتب على ذلك. ولما قدم من أركان الوقف الأربعة ركنين الأول بطريق اللزوم وهو الواقف وشرطه أهلية التبرع لا مكرها أو مولى عليه والثاني تصريحا وهو الموقوف بقوله: مملوك وشرطه أن لا يتعلق به حق الغير فلا يصح وقف مرهون ومؤجر وعبد جان حال تعلق حق الغير به ذكر الثالث وهو الموقوف عليه بقوله: (على أهل التملك) حقيقة كزيد والفقراء أو حكما كمسجد ورباط وسبيل (كمن سيولد) مثال للأهل أي ولو كانت الأهلية ستوجد فيصح الوقف وتوقف الغلة إلى أن يوجد فيعطاها ما لم يحصل مانع من الوجود كموت ويأس منه فترجع الغلة للمالك أو ورثته إذا مات (و) على (ذمي وإن لم تظهر قربة) كعلى أغنيائهم والأظهر أن المبالغة راجعة لأصل الباب لا لخصوص الذمي فلو قال: وإن لم تظهر قربة كذمي كان أحسن (أو يشترط) عطف على لم تظهر ولو عبر بالماضي كان أحسن أي يصح الوقف وإن اشترط الواقف (تسليم غلته) له (من ناظره
77 ليصرفها) الواقف على مستحقيها ومفهوم ليصرفها أنه لو شرط أخذها من الناظر ليأكلها أنه لا يصح الشرط بل يلغي ويصح الوقف كذا ينبغي وإن أوهم المصنف خلافه (أو) كان الموقوف (ككتاب) على طلبة علم من كل ما لا غلة له كسلاح وفرس لغزو ودابة لحمل أو ركوب (عاد) ولو قبل عام (إليه) أي إلى الواقف لينتفع به كغيره أو ليحفظه (بعد صرفه) له ( في مصرفه) فإنه يصح ولا يبطل فإن صرف البعض وعاد له فما صرفه صح وما لا فلا لعدم الحوز الذي هو شرط في صحة الوقف يكون ميراثا وأما ما له غلة كربع وحائط وحانوت يحبسه في صحته وكان يكريه ويفرق غلته على مستحقيه كل عام مثلا ولم يخرجه من يده قبل المانع كالموت حتى حصل المانع بطل وقفه لعدم الحوز وأما ما حبسه في المرض أو أوصى به المساكين أو جعله صدقة لهم ولم يخرجه من يده حتى مات فإنه ينفذ من الثلث إن كان لغير وارث (وبطل) الوقف (على معصية) كجعل غلته في ثمن خمر أو حشيشة أو سلاح لقتال غير جائز ويدخل فيه وقف الذمي على الكنيسة سواء كان لعبادها أو لمرمتها لأن المذهب خاطبهم بفروع الشريعة. (و) بطل على (حربي و) بطل من (كافر) ولو ذميا (لكمسجد) ورباط
78 من كل منفعة عامة دينية (أو على بنيه دون بنانه) لصلبه وأما على بني بنيه دون بنات بنيه فيصح كبناته دون بنيه وما مشى عليه المصنف أحد أقوال وعلل بأنه يشبه فعل الجاهلية من حرمان البنات من إرث أبيهن ورجح بعضهم الكراهة فيمضي وهو رأي ابن القاسم وعليه العمل وصرح الشيخ أبو الحسن بأن الكراهة في المدونة على التنزيه (أو عاد) الواقف (لسكني مسكنه) الذي وقفه (قبل عام) بعد أن حيز عنه واستر ساكنا حتى حصل المانع فيبطل ولا مفهوم لمسكنه ولا لسكني إذ الانتفاع بما حبسه بغير السكنى كذلك ومفهوم قبل عام أنه لو عاد بعد عام لم يضر وإن كان وقفه على محجوره وهو كذلك إلا أنه جرى فيما إذا سكن ما وقفه على محجوره بعد عام حتى حصل المانع قولان مشهوران إذا عاد له بكراء وأشهد،
79 فإن عاد له بعد العام بإرفاق بطل اتفاقا فلو قال المصنف: أو انتفع بما وقفه قبل عام لا بعده إلا على محجوره ففيه إن عاد له بكراء وأشهد على ذلك خلاف وإلا بطل اتفاقا لوفي بالمسألة وكلامه هذا في غير الكتاب ونحوه مما لا غلة له فإنه لا يبطل بعوده له قبل عام إذا صرفه في مصرفه كما تقدم وقوله: أو عاد معطوف على شرط مقدر أي إن وقف على معصية أو عاد أي وحصل مانع قبل أن يحاز ثانيا وإلا لم يبطل ويحاز. (أو جهل سبقه) أي الوقف (الدين) يبطل (إن كان) الوقف (على محجوره) شرط في قوله: أو جهل أي مع وجود الشروط الثلاثة من الاشهاد وصرف الغلة وكونها غير دار سكناه وإلا لبطل ولو علم تقدمه على الدين يعني أن من وقف وقفا على محجوره وعلى الواقف دين ولم يعلم هل الدين قبل الوقف أو بعده؟ فإن الوقف يكون باطلا ويباع للدين تقديما للواجب على التبرع لضعف الحوز لأنهم يقولون: قد حزناه بحوزا بينا له ولذا لو حازه للمحجور أجنبي بإذن الأب في صحته لصح الوقف كالولد الكبير أو الأجنبي يحوز لنفسه في صحة الواقف فلا يبطل بجهل السبق بل بتحققه وأما لو حاز المحجور من صغير أو سفيه لنفسه فهل يعتبر حوزه فلا يبطل الوقف بجهل السبق؟ وسيأتي للمصنف أن حوز السفيه يعتبر وكذا الصبي على أن المعتمد (أو) وقف (على نفسه) خاصة فيبطل قطعا لتحجيره على نفسه وعلى وارثه بعد موته بل يبطل (ولو) كان الوقف على نفسه (بشريك) أي معه كوقفه على نفسه وعلى فلان أو الفقراء وظاهره أنه يبطل رأسا ما على نفسه وما على الشريك ولو حصلت حيازة من الشريك وليس كذلك بل حصة الشريك تجري على مسائل الباب فإن حصلت حيازة فيها قبل المانع
80 صحت وإلا فلا ولو وقفه على نفسه ثم على عقبه لرجع بعد موته حبسا على عقبه إن حازوا قبل المانع. (أو على أن النظر له) أي للواقف فيبطل لأن فيه تحجيرا أي وحصل مانع الواقف وإلا صح ويجبر على جعل النظر لغيره (أو لم يحزه) حتى حصل المانع (كبير وقف عليه) فيبطل فإن حازه قبل المانع صح (ولو) كان (سفيها أو) لم يحزه (ولي صغير) ظاهره أن حوز الصغير لا يكفي والراجح أنه كاف ولو فيما وقفه وليه عليه (أو لم يخل) الواقف (بين الناس وبين كمسجد) ومدرسة ورباط وبئر فالاخلاء فيما ذكر حوز حكمي ويخل بضم الياء وسكون الخاء من أخلى بمعنى ترك. وأشار إلى بيان المانع وأنه أحد أمور ثلاثة بقوله: (قبل فلسه) متعلق بيحز ويخل المنفيين والمراد بالفلس ما يشمل الإحاطة بمال الواقف لقوله في الهبة وبطلت إن تأخر لدين محيط والوقف كالهبة والصدقة ( وموته ومرضه) المتصل بالموت فإن صح بعد الحوز في المرض صح الوقف وجاز أن يعود الضمير في مرضه على الموت فلا يحتاج لتقييده بالمتصل وحاصل المسألة أن من حبس في صحته ولو على الفقراء ولم يحصل حوز عنه حتى حصل له مانع من هذه الثلاثة بطل وقفه أي لم يتم فللغريم إبطاله وأخذه في دينه في الأول وله أو للورثة في الأخيرين إبطاله ولهم الإجازة فالمراد بالبطلان عدم التمام وأما من حبس في مرضه فكالوصية يخرج من الثلث إن كان لغير وارث وله إبطاله بخلاف من حبس في صحته وعثر عليه قبل المانع
81 فليس له ذلك ويجبر على التحويز إلا إذا شرط لنفسه الرجوع أو البيع إن احتاج فله ذلك. ثم استثنى من الحوز المفيد أنه لا بد فيه من الاخراج من يد المحبس قوله: (إلا) أن يوقف أب أو وصى وقفا (لمحجوره) الصغير أو السفيه فلا يشترط فيه الحوز الحسي بل يكفي الحكمي من الأب أو الوصي أو المقام من الحاكم فيصح الوقف إذا استمر تحت يده حتى حصل مانع من الثلاثة المتقدمة لكن بشروط ثلاثة أشار لها بقوله: (إذا أشهد) على التحبيس على محجوره وليس المراد الاشهاد على الحوز له (وصرف الغلة) كلها أو جلها (له) أي في مصالحه فإن علم عدم الصرف له بطل الوقف بالمانع (ولم تكن) الدار الموقوفة على المحجور (دار سكناه) أي الواقف وإلا لم يصح وقفها إلا إذا تخلى عنها وعاينت البينة فراغها من شواغل المحبس فإن سكن البعض جرى على الهبة كصرف الغلة وقد قال في بابها ودار سكناه إلا أن يسكن أقلها ويكري له الأكثر وإن سكن النصف بطل فقط والأكثر بطل الجميع وفهم منه أن حيازة الام ما حبسته على الولد الصغير لا تعتبر إلا إذا كانت وصية وهو كذلك (أو) وقف (على وارثه بمرض موته) فيبطل ولو حمله الثلث لأنه كالوصية ولا وصية لوارث إلا أن يجبره له بقية الورثة. ثم استثنى من بطلان وقف المريض على وارثه في مرض موته مسألة تعرف بمسألة ولد الأعيان وهي من حسان المسائل قل من يتنبه لها فقال: (إلا) وقفا (معقبا) له غلة أم لا على المذهب (خرج) ذلك المعقب (من ثلثه) أي حمله الثلث فيصح فإن حمل بعضه جرى ما يأتي فيما يحمله الثلث منه (فكميراث للوارث)
82 في القسم للذكر مثل حظ الأنثيين لا ميراث حقيقي فلا يتصرفون فيه تصرف الملك من بيع وهبة ونحو ذلك لأنه بأيديهم وقف لا ملك فتأخذ الزوجة في المثال الآتي من مناب الأولاد الثمن والام السدس ويدخل في الوقف جميع الورثة وإن لم يوقف عليهم وبين ذلك بالمثال فقال: ( كثلاثة أولاد) لصلبه هم أولاد الأعيان (وأربعة أولاد أولاد وعقبه) فعل ماض مشدد القاف أي قال: وقف على أولادي وأولاد أولادي وعقبهم فإن لم يقل وعلى عقبهم بل قال على أولادي وأولاد أولادي بطل على الأولاد وصح على أولاد الأولاد فالتعقيب شرط في هذه المسألة كالخروج من الثلث (وترك) مع السبعة (أما وزوجة فيدخلان) أي الام والزوجة وكذا غيرهما ممن يرث كالأب (فيما للأولاد) وهو ثلاثة أسهم من سبعة أسهم للأم السدس وللزوجة الثمن من مناب أولاد الأعيان وسواء كانوا ذكورا أو إناثا أو بعضهم وسواء أطلق أو سوى بين الذكر والأنثى أو شرط للذكر مثل حظ الأنثيين لأن شرطه لا يعتبر فيما لأولاد الأعيان بل للذكر مثل حظ الأنثيين على كل حال (وأربعة أسباعه) الباقية (لولد الولد) الأربعة (وقف) يعمل فيها بشرط الواقف من تفاضل وتسوية فإن أطلق سوى فيها بينهم ولو اختلفت حاجتهم، فعلم أن الوقف في الفرض المذكور بقسم سبعة أسهم لأولاد الصلب ثلاثة تكون بأيديهم كالميراث للذكر مثل حظ الأنثيين ولو شرط خلافه ويدخل معهم فيها من له سهم من الورثة كالزوجة والام ولكونه وقفا معقبا لم يبطل ما ناب الأولاد لتعلق حق غيرهم به ولكونهم لا يصح الوقف عليهم في المرض شاركهم غيرهم من الورثة والأربعة الأسهم الباقية لأولاد الأولاد وقفا وحاصل قسمة المسألة على طريقة الفرضيين على ما ذكر المصنف أن لأولاد الأعيان فيها ثلاثة أسهم من سبعة عدد رؤوسهم للام منها السدس مخرجه من ستة وللزوجة الثمن من ثمانية وبين المخرجين موافقة بالانصاف فيضرب نصف أحدهما في كامل الآخر بأربعة وعشرين للام سدسها أربعة وللزوجة ثمنها ثلاثة يبقى سبعة عشر لا تنقسم على ثلاثة ولد الأعيان فتضرب الرؤوس الثلاثة في الأربعة والعشرين باثنين وسبعين ثم يقال: من له شئ في أصل المسألة أخذه مضروبا في ثلاثة فللام أربعة في ثلاثة باثني عشر وللزوجة ثلاثة في ثلاثة بتسعة ولأولاد الأعيان سبعة عشر في ثلاثة بواحد وخمسين لكل واحد سبعة عشر ( وانتقض القسم) المذكور (بحدوث ولد) أو أكثر (لهما) أي للفريقين أو أحدهما فإذا حدث واحد صارت القسمة من ثمانية واثنان فمن تسعة وهكذا وهذا مما لا خلاف فيه وشبه به مختلفا فيه فقال: (كموته) أي واحد من الفريقين فتنتقض القسمة على سبعة (على الأصح) من قولي ابن القاسم فإذا مات واحد من أولاد الأعيان فالقسمة من ستة
83 لهم سهمان منها للأم السدس وللزوجة الثمن منهما والباقي يقسم على ثلاثة الاثنين الباقيين من أولاد الأعيان وأخيهما الميت فإنه يقدر حياته ولكن نصيبه لوارثه مفضوضا على الفرائض وكذا لو مات اثنان فلو مات أولاد الأعيان كلهم رجع الوقف جميعه لولد الولد مع ما بيد الزوجة والام لأن أخذهما إنما كان تبعا للأولاد فإذا كان الميت واحدا من أولاد الأولاد صار لأولاد الأعيان النصف كأولاد الأولاد ولو مات اثنان فالقسمة من خمسة لأولاد الأعيان ثلاثة ولو ماتوا كلهم رجع الوقف كله لأولاد الأعيان والقسمة من ثلاثة للام سدسها وللزوجة ثمنها فإن مات السبعة رجع مراجع حباس لأقرب فقراء عصبة المحبس (لا) موت (الام والزوجة) فلا ينتقض ولكن يرجع مناب من مات منهما لورثته وقفا ما بقي أحد من أولاد الأعيان فإن لم يكن لهما وارث فليست المال فإذا انقرض أولاد الأعيان رجع لأولاد الأولاد وإذا انتقض القسم بحدوث ولد لاحد الفريقين (فيدخلان) أي الام والزوجة في النقص الحاصل بحدوث من ذكر (ودخلا فيما زيد للولد) أي لولد الأعيان بموت واحد مثلا من أولاد الأولاد أو من الفريقين ولو حذف قوله: ودخلا الخ ما ضر لأن قوله فيدخلان شامل للنقص والزيادة. وأشار للركن الرابع وهو الصيغة معلقا له بصح بقوله: (بحبست ووقفت) الواو بمعنى أو (وتصدقت) الأولى وكتصدقت ليرجع الشرط وهو قوله: ( إن قارنه قيد) فلا يباع ولا يوهب لما بعد الكاف فقط وأما الصيغتان قبله فلا يفتقران لقيد خلافا لبعضهم (أو جهة) بالجر عطف على محذوف أي على معين أو جهة (لا تنقطع) كالفقراء والمساكين أو طلبة العلم أو المساجد فإن كان بلفظ حبست أو وقفت فظاهر وإن كان بلفظ تصدقت فلا بد من قيد نحو: لا يباع ولا يوهب وإلا كان ملكا لهم يباع ويفرق ثمنه بالاجتهاد كما يأتي في قوله: أو للمساكين فرق ثمنها بالاجتهاد (أو لمجهول وإن حصر) لا وجه للمبالغة لأن غير المحصور هو الجهة التي لا تنقطع وأجيب
84 بأن الواو للحال وإن زائدة أي يصح الوقف ويتأبد إذا وقع لمجهول محصور كعلى فلان وعقبه ولو بلفظ تصدقت لأن قوله: وعقبه دليل على أنه وقف والمراد بالمحصور ما يحاط بأفراده وبغيره ما لا يحاط بأفراده ويثبت الوقف بالبينة وبالإشاعة بين الناس وبالكتابة على أبواب المدارس والربط والحيوان وعلى كتب العلم من مدرسة بها كتب مشهورة لا كتاب لم يشتهر كونه من محل مشهور ( ورجع) الوقف (إن انقطع) بانقطاع الجهة التي حبس عليها حبسا (لأقرب فقراء عصبة المحبس) نسبا ولا يدخل فيهم الواقف ولو فقيرا ولا مواليه فإن كانوا أغنياء أو لم يوجدوا فلأقرب فقراء عصبتهم وهكذا فإن لم يوجدوا فللفقراء على المشهور ويستوي في المرجع الذكر والأنثى ولو كان الواقف شرط في أصل وقفه للموقوف عليهم للذكر مثل حظ الأنثيين لأن مرجعه ليس إنشاءه وإنما هو بحكم الشرع ويعتبر في التقديم قوله في النكاح: وقدم ابن فابنه الخ ولو أخذ الفقير كفايته واستغنى هل يرد عليه الباقي أو يعطي لمن بعده؟ قولان أظهرهما الثاني وإن رجح الأول (و) رجع إلى (امرأة لو رجلت) أي قدرت رجلا (عصب) أي كان ذلك الرجل المقدر عاصبا كالبنت والام والعمة وبنت العم فخرجت الخالة والأخت للأم والجدة من جهة الام وبنت البنت وبنت العمة لأن من ذكر لا يكون عصبة فقوله عصب أي مع بقاء من أدلى به على حاله من غير تقدير وإلا لم تخرج بنت البنت وبنت العمة. ثم هذه المرأة تدخل في المرجع
85 وإن ساوت عاصبا موجودا كما في التوضيح وغيره فما فهمه القرافي هو الصواب خلافا للتتائي ومن تبعه وإنما تعطي إذا كانت فقيرة خلافا لمن قال تعطي ولو غنية لأنها فقيرة بالطبع (فإن ضاق) الحبس الراجع عن الكفاية في الغلة الناشئة عنه (قدم البنات) أي على الاخوة لا على الابن ومعنى قدم اختصصن بما يغنيهن لا إيثارهن بالجميع ولو زاد على ما يغنيهن قال ابن هارون: المشهور أن البنت إن كانت مساوية للعاصب شاركته في السعة والضيق وإن كانت أقرب منه قدمت عليه في الضيق وإن كانت أبعد منه قدم العاصب عليها في السعة والضيق فلو قال المصنف: قدم الأقرب من الإناث لكان أشمل وأقرب للصواب لتناوله نحو الأخت مع ابن الأخ وإفادته الاشتراك مع التساوي (و) إن وقف (على اثنين) معينين كزيد وعمرو (وبعدهما) أي بعد كل واحد منهما يكون (على الفقراء) فيكون ( نصيب من مات) منهما (لهم) أي للفقراء لا للحي منهما وسواء قال حياتهما أم لا وأخذ من هذه المسألة أن قول الواقف تحجب الطبقة العليا منهم أبدا الطبقة السفلى معناه أن كل أصل يحجب فرعه فقط دون فرع غيره وكذا في ترتيب الواقف الطبقات كعلى أولادي ثم أولاد أولادي إلى أن يجري عرف بخلافه فيعمل به لأن ألفاظ الواقف مبناها على العرف ذكره الأجهوري ثم استثنى من قوله: نصيب من مات لهم قوله: (إلا كعلي عشرة) عينهم والكاف داخلة في المعنى على عشرة فالمراد عدد محصول قل أو كثر (حياتهم) لا مفهوم له أي أو حياتي أو حياة زيد وكذا إن قيد بأجل كعشر سنين فإنه إذا مات واحد منهم انتقل نصيبه لأصحابه فإن بقي واحد منهم فالجميع له فإن انقرضوا كلهم رجع الحبس ملكا لمالكه أو لوارثه إن مات وإلى هذا أشار بقوله: (فيملك بعدهم) والفرق بين هذه وما قبلها أن ما قبلها لما كان الوقف مستمرا فيها احتيط لجانب الفقراء فكان لهم بعد كل ولما كان في هذه يرجع ملكا احتيط لجانب الموقوف عليهم ليستمر الوقف طول حياتهم فإن لم يقل حياتهم ولم يقيد بأجل رجع مراجع الاحباس
86 على الأصح (و) إن حبس (في) شأن منفعة عامة (كقنطرة) ومدرسة ومسجد فخربت (ولم يرج عودها) صرف (في مثلها) حقيقة إن أمكن فينقل لمسجد آخر بدل الأول وكذا ينقل القرآن أو العلم الذي رتب فيه لآخر أو لمدرسة أخرى فإن لم يمكن صرف في مثلها نوعا أي في قرية أخرى (وإلا) بأن رجي عودها (وقف لها) ليصرف في الترميم أو الاحداث أو غير ذلك مما يتعلق بالاصلاح (و) إن قال هذا الشئ (صدقة لفلان فله) أي فيكون له ملكا (أو) صدقة ( للمساكين فرق ثمنها) عليهم (بالاجتهاد) بعد بيعها من حاكم أو غيره ممن له ولاية على ذلك (ولا يشترط) في الوقف (التنجيز) كالعتق نحو: إذا جاء العام الفلاني أو حضر فلان فداري وقف على كذا أو فعبدي حر فيلزم إذا جاء الاجل (وحمل) الوقف (في الاطلاق) عن التقييد بأجل أو تنجيز (عليه) أي على التنجيز (كتسوية أنثى بذكر) أي كما يحمل قول الواقف: داري مثلا وقف على أولادي أو أولاد زيد ولم يبين تفضيل أحد على أحد على تسوية الأنثى بالذكر في المصرف فإن بين شيئا عمل به إلا في المرجع كما تقدم (ولا) يشترط (التأبيد) فيصح مدة ثم يرجع ملكا (ولا) يشترط ( تعيين مصرفه) فيلزم بقوله داري وقف (وصرف) ريعه إن تعذر سؤال المحبس (في غالب) أي فيما يقصد بالتحبيس عليه غالبا في عرفهم كأهل العلم أو القراءة. ( وإلا) يكن غالب لهم بأن لم يكن لهم أوقاف أو كان ولا غالب فيها
87 (فالفقراء) يصرف عليهم بالاجتهاد (ولا) يشترط (قبول مستحقه) لأنه قد لا يكون موجودا وقد لا يتصور منه القبول كالمسجد ولذا صح على الفقراء (إلا المعين الأهل) للقبول وهو البالغ الرشيد فيشترط قبوله فإن لم يكن أهلا كالمجنون والصغير قبل له وليه (فإن رد) المعين الأهل ولم يقبل (فكمنقطع) ظاهره أنه يرجع لأقرب فقراء عصبة المحبس والراجح أنه يرجع للفقراء حبسا يفرق عليهم ريعه بالاجتهاد فكان الأولى أن يقول: فللفقراء (واتبع) وجوبا (شرطه) أي الواقف (إن حاز) شرعا ومراده بالجواز ما قابل المنع فيشمل المكروه ولو متفقا على كراهته فإن لم يجز لم يتبع ومثل للجائز بقوله: (كتخصيص مذهب) من المذاهب الأربعة بصرف غلته عليه أو بالتدريس في مدرسته (أو ناظر) معين وله عزل نفسه فيولي صاحبه من شاء إن كان حيا وإلا فالحاكم فإن لم يجعل ناظرا فإن كان المستحق معينا رشيدا فهو الذي يتولى أمر الوقف وإن كان غير رشيد فوليه وإن كان المستحق غير معين كالفقراء فالحاكم يولي عليه من شاء وأجرته من ريعه وكذا إن كان الوقف على كمسجد (أو)
88 كشرط ( تبدئة فلان بكذا) من غلته أو إعطائه كذا كل شهر مثلا فيعطي ذلك مبدأ على غيره ( وإن من غلة ثاني عام) حيث لم يف ما حصل في العام الأول بحقه المعين له (إن لم يقل) أعطوه كذا (من غلة كل عام) فإن قال ذلك فلا يعطي من ريع المستقبل عن الماضي إذا لم يف بحقه لأنه أضاف الغلة إلى كل عام (أو) شرط (أن من احتاج من المحبس عليه) إلى البيع من الوقف (باع) فيعمل بشرطه وكذا إن شرط ذلك لنفسه ولا بد من إثبات الحاجة والحلف عليها إلا أن يشترط الواقف أنه يصدق بلا يمين ( أو) شرط في وقفه أنه (إن تسور عليه قاض أو غيره) من الظلمة (رجع له) ملكا إن كان حيا (أو لوارثه) يوم التسور ملكا عمل بشرطه (كعلى ولدي ولا ولد له) حين التحبيس فيرجع له أو لوارثه ملكا له بيعه وإن لم يحصل له يأس من الولد عند مالك وعليه فإن غفل عنه حتى حصل له ولد تم الوقف ومثله على ولد فلان ولا ولد له (لا) يتبع (شرط إصلاحه) أي الوقف (على مستحقه) لعدم جوازه ويلغي الشرط والوقف صحيح ويصلح من غلته (كأرض موظفة) أي عليها مغرم للحاكم الظالم وشرط واقفها أن التوظيف على الموقوف عليه فيلغي الشرط والوقف صحيح والتوظيف من غلتها فقوله:
89 (إلا من غلتها) راجع للمسألتين أي فيجوز (على الأصح) وقيل لا يجوز (أو) شرط (عدم بدء بإصلاحه) فلا يتبع شرطه لأنه يؤدي إلى إبطال الوقف من أصله بل يبدأ بمرمته لتبقى عينه (أو) شرط عدم بدء (بنفقته) فيما يحتاج لنفقة كالحيوان فيبطل شرطه وينفق عليه من غلته. (وأخرج الساكن الموقوف عليه) دار مثلا (للسكنى) وخيف عليها الخلل (إن لم يصلح) بأن أمر بالاصلاح فأبى (لتكري له) علة للاخراج أي أخرج لأجل أن تكري للاصلاح بذلك الكراء فإذا أصلحت رجع الموقوف عليه إليها فإن أصلح ابتداء لم يخرج (وأنفق في فرس) أي عليها وقف في سبيل الله (لكغزو) ورباط وعلى نحو مسجد (من بيت المال) ولا يلزم المحبس ولا المحبس عليه نفقة ولا تؤجر واحترز بقوله: لكغزو عما إذا كان وقفا على معين فإنه ينفق عليه من عنده كما قال اللخمي. (فإن عدم) بيت المال أو لم يوصل إليه (بيع) الفرس (وعوض به) أي بدله (سلاح) ونحوه مما لا يحتاج لنفقة ( كما) يباع الفرس الحبس (لو كلب) بكسر اللام أي أصابه الكلب وهو داء يعتري الخيل كالجنون بحيث لا ينتفع به فيما حبس فيه وهو الغزو ويمكن الانتفاع به في غيره كالطاحون فإنه يباع ويجعل في مثله أو شقصه وليس المراد أنه يعوض به سلاح فالتشبيه ليس بتام ولو حذفه واستغنى عنه بما بعده لسلم من إيهام تمام التشبيه ( وبيع ما) أي كل حبس (لا ينتفع به) فيما حبس فيه وإن كان ينتفع به في غيره وإلا لم يصح بيعه إذ شرط المبيع أن يكون منتفعا به (من غير عقار) بيان لما كفرس يكلب وثوب يخلق وعبد يهرم
90 وكتب علم تبلي وإذا بيع جعل ثمنه (في مثله) إن أمكن (أو شقصه) إذا لم يبلغ الثمن شيئا تاما بأن يشارك به في جزء إن أمكن وإلا تصدق به فالمراد بالشقص الجزء (كأن أتلف) الحبس غير العقار فتجعل قيمته في مثله أو شقصه وسيأتي من أتلف عقارا فعليه إعادته (و) بيع (فضل الذكور) عن النزو (وما كبر) بكسر الباء (من الإناث) وجعل ثمنها (في إناث) لتحصيل اللبن والنتاج منها يعني أن من وقف شيئا من الانعام على فقراء أو معينين لينتفع بألبانها وأصوافها وأوبارها فنسلها كأصلها في التحبيس فما فضل من ذكور نسلها عن النزو وما كبر منها أو من نسلها من الإناث فإنه يباع ويعوض بدله إناث صغار تحصيلا لغرض الواقف (لا عقار) حبس من دور وحوانيت وحوائط وربع فلا يباع ليستبدل به غيره (وإن خرب) بكسر الراء (ونقض) أي منقوض الحبس من الأحجار والآجر والأخشاب لا يجوز بيعه فإذا لم يمكن عودها فيما حبست فيه جاز نقلها في مثله كما تقدم وهذا في الوقف الصحيح وأما الباطل كالمساجد والتكايا التي بناها الملوك والامراء بقرافة مصر ونبشوا مقابر المسلمين وضيقوا عليهم فهذه يجب هدمها قطعا ونقضها محله بيت مال المسلمين تباع لمصالح المسلمين أو يبنى بها مساجد في محل جائز أو قنطرة لنفع العامة ولا تكون لوارثه إن علم إذ هم لا يملكون منها شيئا وأين لهم ملكها وهم السماعون للكذب الأكالون للسحت يكون الواحد منهم عبدا مملوكا لا يقدر على شئ وهو كل على مولاه فإذا استولى بظلمه على المسلمين سلبهم أموالهم وصرفها فيما يغضب الله ورسوله ويحسبون أنهم مهتدون وأما ما رتبوه عليها من الوظائف فيجوز تناوله بوصف الاستحقاق من بيت المال ولو لم يعمل بما رتب فيه من أذان أو قراءة أو تدريس أو نحو ذلك وأما أوقافهم التي بوسط البلد فهي نافذة لأنها من مصالح المسلمين وقوله: (ولو) بيع (بغير خرب) مرتبط بقوله: وإن خرب أي لا يجوز بيع العقار المحبس وإن خرب ولو بعقار غير خرب خلافا لمن قال بجواز بيع الخرب بغيره (إلا) أن يباع العقار الحبس ولو غير خرب (لتوسيع كمسجد) أدخلت الكاف الطريق والمقبرة والمراد بالمسجد الجامع فيجوز بيع حبس غير هذه الثلاثة لتوسيع الثلاثة وسواء تقدم الحبس على أحد هذه الثلاثة أو تأخر
91 فالصور ست والمراد بالجواز الاذن فلذا قال: (ولو جبرا) إن أبى المستحق أو الناظر وإذا جبر على ذلك في الوقف فالملك أحرى فلا يقال: أنه من باب الغصب كما وقع لبعض الطلبة حين وسع الجامع الأزهر بالقاهرة واحترز بالمسجد من الميضأة فلا يجوز بيع الحبس لتوسعتها إذ يتأتى الوضوء في كل مكان. (درس) (وأمروا) أي المحبس عليهم وجوبا من غير قضاء على المشهور (جعل ثمنه) أي الحبس الذي بيع لتوسعة أحد الثلاثة (لغيره) أي في حبس غيره (ومن هدم وقفا) تعديا ( فعليه إعادته) على ما كان عليه ولا تؤخذ قيمته والراجح أن عليه قيمته كسائر المتلفات والنقض باق على الوقفية فيقوم قائما ومهدوما ويؤخذ ما زاد على المنقوض ولا يلزم من أخذ القيمة جواز بيعه لأنه أمر جر إليه الحكم كإتلاف جلد الأضحية. ثم شرع في بيان ألفاظ الواقف باعتبار ما تدل عليه بقوله: (وتناول الذرية) فاعل تناول أي لفظ الذرية في قوله: على ذريتي أو ذرية فلان الحافد (و ) تناوله قوله: (ولدي فلان وفلانة) وأولادهم الحافد (أو) قوله: ولدي (الذكور والإناث وأولادهم الحافد) مفعول تناول والحافد ولد البنت أي تناول كل لفظ من هذه الألفاظ ولد البنت وإن سفل
92 ذكرا أو أنثى فإن حذف وأولادهم من الصيغتين الأخيرتين لم يدخل الحافد ولا ابن الابن وأما في الذرية فلا يشترط ذكره (لا) يتناول قوله: (نسلي وعقبي) ولا نسل نسلي أو عقب عقبي الحافد إذ نسل الرجل وعقبه ذريته الذكور وهذا ما لم يجر عرف بدخوله في ذلك لأن مبني ألفاظ الواقف على العرف والعرف الآن دخوله (و) كذا (ولدي وولد ولدي) بالجمع بين المعطوف والمعطوف عليه لا يتناول الحافد بل ولده من ذكر وأنثى وولد ولده الذكر (و) كذا (أولادي وأولاد أولادي) بالجمع أيضا لا يدخل الحافد ويعلم منه حكم ما لو أفرد بالأولى في عدم التناول ويدخل فيه بناته إلا أن يجري عرف بلد بإطلاق الولد على الذكر خاصة (وبني وبني بني) لا يدخل فيه الحافد ودخل بنات أبنائه دون بناته كما هو ظاهر المصنف وقيل بدخول البنات في هذا كالذي قبله. (وفي) دخول الحافد في قوله: وقف (على ولدي وولدهم) نظرا لقوله ولدهم حيث أضافه لضميرهم فيشمل الذكر والأنثى بخلاف أولادي وأولاد أولادي حيث أضافه لضمير نفسه فلا يدخل فيه ولد بنته إذ لا يقال له في العرف ولد الولد وعدم دخوله نظرا إلى أنه لا فرق بين أولاد أولادي وبين أولادهم (قولان و) تناول (الاخوة الأخوات) ولو لام وفي نسخة: والاخوة الأنثى أي تناول لفظ الاخوة الأنثى منهم (و) تناول (رجال إخوتي ونساؤهم الصغير) منهم والصغيرة وسواء أفرد أو جمع لأن المراد من الأول الذكور ومن الثاني الإناث (و) تناول (بني أبي إخوته) أشقاء أو لأب (الذكور وأولادهم) الذكور خاصة ويدخل أيضا ابن الواقف دون بنته لتعبيره ببني (و) تناول (آلي) أصله أول وقيل أهل وقد سمع تصغيره على أويل وأهيل (وأهلي
93 العصبة ومن) أي وتناول امرأة (لو رجلت) أي لو فرض أنها رجل (عصبت) كأخت وعمة وبنت عم ولو بعدت وجدة من جهة الأب (و) تناول (أقاربي أقارب جهتيه) أي جهة أبيه وجهة أمه (مطلقا) أي ذكورا وإناثا كان من يقرب لامه من جهة أبيها أو جهة أمها ذكورا وإناثا كولد الخال أو الخالة (وإن) كانوا (نصرى) لغة في نصارى ولو قال: ولو كفارا كان أشمل (و) تناول (مواليه) كأن يقول: وقف على موالي (المعتق) بالفتح أي عتيق الواقف (وولده) لصلبه وولد ولده الذكر (و) تناول (معتق أبيه و) معتق (ابنه) أي الواقف والمراد أن الوقف على الموالي يتناول معتق أصل الواقف ومعتق فرعه ولو سفل ولو بالجر فيهما فيشمل من ولاؤه للمعتق بالكسر بالانجرار بولادة أو عتق ومن ولاؤه لاصله أو لفرعه كذلك وظاهر كلامه عدم دخول المولى الاعلى وهو من أعتق الواقف وهو مذهب المدونة إن لم تقم قرينة على إرادته (و) تناول (قومه عصبته فقط) دون النساء ومن لو رجلت عصبت (و) تناول (طفل وصغير وصبي) في قوله وقف على أطفالي أو أطفال فلان أو صغاري أو صبياني (من لم يبلغ) فإن بلغ فلا شئ له (و) تناول (شاب وحدث) بالغا (للأربعين) أي لتمامها (وإلا) بأن زاد على الأربعين (فكهل للستين وإلا) بأن زاد على الستين ( فشيخ) فمن قال: وقف علي كهول قومي اختص به من زاد على الأربعين للستين ومن قال: على مشايخهم اختص به من زاد على الستين لمنتهى العمر (وشمل) بكسر الميم وفتحها أي قوله: طفل وما بعده (الأنثى) فلا يختص بالذكر (كالأرمل) يشمل الأنثى لأن المراد الشخص الأرمل
94 وهو من لا زوج له (والملك) لرقبة الموقوف (للواقف لا الغلة) من ثمر ولبن وصوف فإنها للموقوف عليه وإذا كانت الرقبة للواقف (فله ) إن كان حيا (ولوارثه) إن مات (منع من يريد إصلاحه) إذا خرب أو احتاج للاصلاح وهذا إذا أصلحوا وإلا فليس لهم المنع وهذا في غير المساجد وأما هي فقد ارتفع ملكه عنها قطعا (ولا يفسخ كراؤه لزيادة) إذا وقع بأجرة المثل وجيبة فإن وقعت بدون أجرة المثل وزاد غيره ما يبلغ أجرة المثل فسخت له ولو التزم الأول تلك الزيادة التي زيدت عليه لم يكن له ذلك إلا أن يزيد على من زاد حيث لم تبلغ زيادة من زاد أجرة المثل فإن بلغتها فلا يلتفت لزيادة من زاد (ولا يقسم) من كراء الوقف (إلا ماض زمنه) إذ لو قسم ذلك قبل وجوبه لأدى ذلك إلى إحرام من يولد أو إعطاء من لا يستحق إذا مات وهذا إذا كان الوقف على معينين وأما لو كان على غيرهم كالفقراء جاز للناظر كراؤه بالنقد أي التعجيل والصرف للفقراء للأمن من إحرام من يستحق وإعطاء من لا يستحق لعدم لزوم تعميمهم ومثل المعينين المدرسون وخدمة المسجد ونحوهم والواحد منهم كالأجير
95 له بحساب ما عمل سواء كان الوقف خراجيا أو هلاليا (وأكرى ناظره إن كان) الوقف (على معين) كفلان وأولاده (كالسنتين) والثلاث لا أكثر وقيل الكاف استقصائية فلا يجوز أكثر منهما فإن كان على فقراء ونحوهم جاز كراء أربعة أعوام لا أكثر إن كان أرضا والعام لا أكثر إن كان دارا ونحوها فإن أكرى أكثر من ذلك مضى إن كان نظرا ولا يفسخ قاله ابن القاسم ومحل ذلك حيث لم تكن ضرورة تقتضي الكراء لأكثر مما تقدم كما لو انهدم الوقف فيجوز كراؤه بما يبنى به ولو طال الزمن كأربعين عاما أو أزيد بقدر ما تقتضي الضرورة وهو خير من ضياعه واندراسه (و) أكرى مستحق (لمن مرجعها له كالعشر) ونحوها من السنين لخفة الغرر لأن المرجع له وصورتها حبس على زيد دارا مثلا ثم على عمرو فأكراها زيد لعمرو الذي له المرجع عشرة أعوام وهذا إذا لم يشترط الواقف مدة وإلا عمل عليها (وإن بني أو غرس محبس عليه) ولو بالوصف كإمام ومدرس ( فإن مات ولم يبين) شيئا (فهو وقف) كما لو بين أنه وقف فلا يورث عنه قل أو كثر فإن بين أنه مملوك له استحقه وارثه بالفريضة الشرعية ومفهوم محبس عليه أنه لو بني أجنبي كان له ملكا فله نقضه أو قيمته منقوضا وهذا إذا كان الحبس لا يحتاج له وإلا فيوفي له من غلته كما لو بنى الناظر أو أصلح (و) إذا وقف (على من لا يحاط بهم) كالفقراء وأبناء السبيل (أو على قوم وأعقابهم أو على كولده) أو ولد ولده أو على إخوته أو بني عمه (ولم يعينهم) بقوله فلان وفلان (فضل المولي) بفتح اللام مشددة أي الناظر أي قدم في المسائل الثلاث (أهل الحاجة والعيال) الفقراء بالاجتهاد لأن قصد الواقف الاحسان والارفاق (في غلة وسكنى)
96 ولا يعطي الغني فإن عين كولدي زيد وعمرو وفاطمة فإنه يسوي بينهم الذكر والأنثى والغني والفقير والصغير والكبير والحاضر والغائب (ولم يخرج ساكن) بوصف استحقاق فقر فاستغنى (لغيره) ولو محتاجا لأن العبرة الاحتياج في الابتداء وكذا لو سكن الأول بوصف طلب علم ما لم يترك الطلب فإنه يخرج كما لو سكن بوصف ثم زال كأحداث قومي أو صغارهم (إلا بشرط) من المحبس أن من استغنى يخرج لغيره فيعمل بشرطه (أو سفر انقطاع) فيأخذه غيره فإن سافر ليعود فلا يخرج أي لا يسقط حقه وله حبس مفتاحه لا كراؤه لأنه مالك انتفاع لا منفعة وقيل يكريه إلى أن يعود (أو) سفر (بعيد) يغلب على الظن عدم عوده منه. (درس) باب في الهبة (الهبة) بالمعنى المصدري بدليل قوله: (تمليك بلا عوض) أي تمليك ذات وأما تمليك المنفعة فإما وقف وإما عارية إن قيد بزمن ولو عرفا وإما عمري إن قيد بحياة المعطي بالفتح في دار ونحوها ويدل على المراد بقية كلامه وخرج بقوله بلا عوض هبة الثواب وستأتي فالتعريف لهبة غير الثواب وتسمى هدية وفي كلامه حذف تقديره لوجه المعطي بالفتح يدل عليه قوله: (ولثواب الآخرة صدقة) وهو متعلق بمحذوف أي والتمليك لثواب الآخرة صدقة سواء قصد المعطي أيضا أم لا ولو قال المصنف تمليك ذات بلا عوض لوجه المعطي فقط هبة ولثواب الآخرة صدقة كان أبين لأن كلامه يوهم أن الهبة مقسم وليس كذلك وإنما هي قسم من التمليك أو الاعطاء والحاصل أن التمليك كالجنس لهما ويفترقان بالقصد والنية وتدخل الزكاة في تعريف الصدقة لأن الصدقة تشمل الواجبة والمندوبة وإن كان المقصود هنا الثاني لتقدم الواجبة (وصحت) أي الهبة (في كل مملوك) للواهب
97 فلا تصح في حر ولا ملك غير بخلاف بيعه لأنه في نظير عوض (ينقل) أي يقبل النقل شرعا خرج أم الولد والمكاتب (ممن له تبرع بها) وهو من لا حجر عليه فخرج السفيه والصبي ومن أحاط الدين بماله والسكران والمريض والزوجة فيما زاد على الثلث لكن هبتهما ما زاد على الثلث صحيحة موقوفة على الوارث والزوج كمن أحاط الدين بماله فإنها صحيحة موقوفة على رب الدين وأما السفيه والصغير فباطلة كالمرتد وضمير بها عائد على الهبة والمراد من له أن يتبرع بالهبة في غير هبة لئلا يلزم شرط الشئ في نفسه كأنه قال ممن له التبرع بالهبة وقفا أو صدقة أي أن من له ذلك فله أن يهب تلك الذات ومن لا فلا فالمريض والزوجة إذا أرادا هبة ثلثهما صح لهما لأن لهما أن يتبرعا به فلو لم يأت المصنف بقوله بها لورد عليه الزوجة والمريض لأنهما ليس لهما التبرع دائما كما هو المتبادر من كلامه لو لم يأت بما ذكر وبالغ
98 على صحة الهبة بقوله: (وإن ) كان المملوك القابل للنقل شرعا (مجهولا) أي مجهول العين أو القدر لهما أو لأحدهما ولو خالف ظنه بكثير على التحقيق (أو) كان (كلبا) مأذونا في اتخاذه إذ غيره لا يملك (ودينا) فتصح هبته لمن هو عليه ولغيره (وهو) أي هبة الدين ( إبراء إن وهب لمن) هو (عليه) فلا بد من قبوله لأن الابراء يحتاج إلى قبول (وإلا ) يهبه لمن عليه بل لغيره (فكالرهن) أي فكرهن الدين يشترط في صحته الاشهاد وكذا دفع ذكر الحق أي الوثيقة على قول وقيل هو شرط كمال كالجمع بينه وبين من عليه الدين ولو قال فكرهنه لكان أظهر وشبه به وإن لم يذكره في بابه لشهرته عندهم (و ) إن (رهنا) أي مرهونا يصح هبته لأجنبي حيث (لم يقبض) أي لم يقبضه المرتهن من الراهن (و) قد (أيسر راهنه)
99 ويبقى دينه بلا رهن وإنما أبطلت الهبة الرهن مع تأخرها عنه لأنا لو أبطلناها لذهب الحق فيها جملة بخلاف الرهن إذا أبطلناه لم يبطل حق المرتهن (أو) أعسر الراهن و (رضي مرتهنه) بهبته قبل قبضه ويبقى دينه بلا رهن فإن لم يرض فالمرتهن أحق بالرهن من الموهوب له هذا مقتضى العطف بأو لكن الراجح أنه إذا رضي المرتهن بالهبة صحت قبل القبض وبعده أيسر الراهن أو أعسر كان الدين مما يعجل كالعين والعرض أم لا ويبقى دينه بلا رهن (وإلا) بأن وهبه راهنه لأجنبي بعد قبض مرتهنه له ولم يرض بهبته له والحال أن الراهن موسر ( قضي) عليه (بفكه) أي الرهن ويتعجل الدين (إن كان مما يعجل) كعرض حال أو دنانير أو دراهم يدفع الرهن للموهوب له ومحل القضاء بالفك على الواهب إن وهبه عالما بأنه يقضي عليه بفكه وإلا فلا قضاء ويبقى لأجله إن حلف (وإلا) بأن كان الدين مما لا يعجل كعرض مؤجل أو طعام من بيع (بقي) الرهن (لبعد الاجل) ولم يجبر المرتهن على قبض دينه قبله ولا على قبول رهن آخر فإن حل الاجل وقضى الدين أخذه الموهوب له (بصيغة) متعلق بتمليك ومراده بها ما دل على التمليك صريحا كوهبت وملكت بدليل قوله: (أو مفهمها) أي مفهم معناها من قول كخذ أو فعل كما بالغ عليه بقوله: (وإن) كان المفهم (بفعل) أي ملتبسا به والأوضح حذف الباء أي مع قرينة على التمليك (كتحلية ولده) الذكر أو الأنثى فإذا مات الأب أو الام اختص الولد به ولا يشاركه فيه الورثة وإن لم يشهد بالتمليك لأن التحلية قرينة عليه ما لم يشهد بمجرد الامتاع
100 بخلاف الزوجة أو أم الولد فمحمولة على الامتاع فقط ما لم يشهد بالتمليك (لا بابن) عطف على مفهمها إذ المفهم أعم من الفعل كما مر وهو من البناء أي لا تكون الهبة بقوله لولده ابن هذه العرصة دارا (مع قوله) أي الوالد (داره) أي دار ولدي وكذا قوله اركب الدابة مع قوله دابته لجريان العرف بذلك للأبناء مع عدم إرادة التمليك وكذا المرأة تقول ذلك لزوجها بخلاف الأجنبي يقول ذلك لغيره ثم يقول داره أو دابته فمحمول على التمليك لعدم جريان التعليل المتقدم فيه ثم للولد أو الزوج الباني قيمة بنائه منقوضا لأنه عارية وانقضت بموت الأب أو الزوجة (وحيز) الشئ الموهوب لتتم الهبة أي تحصل الحيازة عن الواهب التي هي شرط في تمامها (وإن بلا إذن) من الواهب ولا يشترط التحويز (وأجبر) الواهب (عليه) أي على الحوز أي على تمكين الموهوب له منه حيث طلبه لأن الهبة تملك بالقول على المشهور فله طلبها منه حيث امتنع ولو عند حاكم ليجبره على تمكين الموهوب له منها قال ابن عبد السلام القبول والحيازة معتبران إلا أن القبول ركن والحيازة شرط (وبطلت) الهبة (إن تأخر) حوزها ( لدين محيط) بمال الواهب ولو بعد عقدها فقوله لدين أي لثبوته وثبوته أعم من أن يكون لسبقه أو لحوقه واللام يحتمل أنها للغاية فهي بمعنى إلى وأنها للتعليل فهي متعلقة ببطلت (أو وهب لثان وحاز) قبل الأول فللثاني لتقوي جانبه بالحيازة ولا قيمة على الواهب للأول ولوجد الأول في الطلب على المشهور
101 (أو أعتق الواهب) قبل الحوز أو كاتب أو دبر بطلت علم الموهوب له بعتق الواهب أم لا (أو استولد ) الواهب الأمة الموهوبة أي حملت منه قبل الحوز بخلاف مجرد الوطئ فلا يفيت (ولا قيمة) على الواهب للموهوب له في الفروع الثلاثة (أو استصحب) الواهب (هدية ) لشخص في سفره لمحل هو به ثم مات (أو أرسلها) له مع شخص (ثم مات) الواهب قبل وصوله أو وصول رسوله كانت لمعين أو غيره فتبطل في الأربع صور لعدم الحوز قبل المانع (أو) مات الموهوب له (المعينة له) أي الذي قصد بها عينه دون وارثه سواء استصحب أو أرسل فتبطل لعدم القبول من الموهوب له (إن لم يشهد ) ومفهوم المعينة له أنه لو لم تقصد عينه بل هو وذريته كطعام حمل إليه لكثرة عياله لم تبطل بموت المرسل إليه فتكون لذريته فهذه أربع صور أيضا ومفهوم إن لم يشهد أنه إن أشهد أنها لفلان حين الاستصحاب أو الارسال أنها لم تبطل بموت المرسل إليه ويقوم وارثه مقامه ولا بموت الواهب بل تصح في الثمانية أي استصحب الواهب أو أرسل قصد عين الموهوب له أم لا وفي كل مات الواهب أو الموهوب له لتنزيلهم الاشهاد منزلة الحوز فقد اشتمل كلامه منطوقا ومفهوما على ست عشرة صورة وشبه في البطلان لعدم الحوز قوله: (كأن دفعت) في صحتك أو مرضك (لمن يتصدق عنك بمال) للفقراء (ولم تشهد) حين الدفع حتى حصل مانع من موت أو غيره قبل إنفاذه أو إنفاذ شئ منه فتبطل ويرجع جميعه أو ما بقي منه لك أو لوارثك بعد المانع فإن أنفذ شيئا منه بعد الموت ضمنه إن علم بالموت وإلا فخلاف ومفهوم لم تشهد أنه إن أشهد حين الدفع لمن يتصدق به
102 ومات المتصدق لم تبطل وتنفذ من رأس مال الصحيح وثلث المريض (لا إن باع واهب) هبته بعد عقدها (قبل علم الموهوب) بالهبة أو بعد علمه ولم يفرط في حوزها فلا تبطل ويخير في رد البيع وإجازته وأخذ الثمن ( وإلا) بأن باع بعد علم الموهوب له وتفريطه مضى البيع وإذا مضى (فالثمن للمعطي رويت) المدونة (بفتح الطاء) والمعطي بالفتح هو الموهوب له فالثمن له وهو الراجح (وكسرها) فالثمن للواهب وهو قول أشهب (أو جن) الواهب (أو مرض) بغير جنون عطف على المثبت بدليل قوله: (واتصلا بموته) فتبطل الهبة ولو حازها الموهوب له حال المانع لأن شرط الحوز حصوله قبله ولا تخرج من ثلث ولا غيره لوقوعها في الصحة فإن لم يتصلا بموته بأن أفاق المجنون أو صح المريض لم تبطل ويأخذها الموهوب له وهذا يقتضي أنها توقف حتى يعلم أيفيق أو يصح قبل الموت أم لا وهو كذلك (أو وهب) الواهب وديعة (لمودع) بالفتح (ولم يقبل) أي لم يحصل منه قبول (لموته) أي الواهب ثم ادعى بعده أنه قبل ونازعه الوارث فتبطل لعدم الحوز ولم يعتبر حوزه السابق لكونه كان فيه أمينا قيده كيد صاحبها فيه فكأنها باقية عند ربها لموته (وصح) القبول بعد موت الواهب (إن قبض) الموهوب له الشئ الموهوب (ليتروى) في أمره هل يقبل أو لا ثم بدا له القبول بعد الموت (أو جد) الموهوب له (فيه) أي في قبض الهبة والواهب يسوفه حتى مات (أو) جد (في تزكية شاهده) أي شاهد الموهوب له أو الشئ الموهوب حين أنكر الواهب الهبة فأقام الموهوب له شاهدين واحتاجا للتزكية فجد في تزكيتهما فمات الواهب قبل التزكية فتصح الهبة ويأخذها إذا زكاهما بعد الموت لتنزيل الجد في ذلك منزلة الحوز فالمراد بالشاهد الجنس (أو أعتق) الموهوب له لرقيق الهبة ولو لأجل (أو باع أو وهب) الهبة قبل قبضها وإن لم يقبضها المشتري أو الموهوب له فلا تبطل وينزل فعله ذلك منزلة الحوز (إذا أشهد) على ذلك (وأعلن ) عند حاكم بما فعله قيد في الأخيرين دون الأول للتشوف للحرية
103 وظاهر المصنف رجوعه للثلاثة وهو ظاهر كلام بعضهم أيضا ولا يعول عليه بل ذكر بعضهم اختصاصه بالهبة فقط وظاهره أن الكتابة والتدبير لا يعتبران وهو كذلك (أو لم يعلم) بالبناء للمفعول ونائب الفاعل قوله: (بها) أي بالهبة (إلا بعد موته) أي الموهوب له أي أن الموهوب له لم يعلم بها في حياته ولما مات علم وارثه فلا تبطل ويأخذها الوارث وكذا إن علم بها ولم يظهر منه رد حتى مات قام وارثه مقامه (و) صح ( حوز مخدم) عبدا يهبه سيده لغير من أخدمه له (و) حوز (مستعير) للموهوب له ( مطلقا) علما بالهبة أم لا تقدمت الخدمة أو الاستعارة على الهبة أو صاحبتها أشهد على ذلك أم لا فلو مات الواهب قبل مضي زمن الاخدام أو الإعارة فلا كلام لوارثه وأما لو تقدمت الهبة عليهما فالحق للموهوب له في المنفعة
104 فلا يتأتى للواهب إخدام ولا إعارة. (و) صح حوز (مودع) بالفتح لوديعة وهبها مالكها لغيره (إن علم) بالهبة ليكون حائزا للموهوب له لا إن لم يعلم لأنه قبل علمه حافظ للواهب وبعده صار حافظا للموهوب له وغير ابن القاسم لم يشترط علم المودع بل قال بصحة حوزه مطلقا كالمخدم والمستعير ورجح أيضا فلو لم يعلم المودع بالهبة حتى مات الواهب لم تبطل (لا) يصح حوز (غاصب) لشئ وهبه مالكه لغيره علم أو لم يعلم قال مالك لأن الغاصب لم يقبضه للموهوب له ولا أمره الواهب بذلك وقوله ولا أمره بذلك يفيد أنه لو أمره به لجاز أي إن رضي الغاصب بالحوز للموهوب له ويصير كالمودع (و) لا حوز (مرتهن ومستأجر) بالكسر فيهما للموهوب له الأجنبي فإن مات الواهب فالرهن لورثته لهم أن يفتكوه وأن يتركوه للمرتهن وكذا الشئ المستأجر والفرق بين المستأجر والمستعير أن الإجارة في نظير معاوضة مالية فهي لازمة للمستأجر ليس له الرجوع عنها بخلاف العارية فليست لازمة للمستعير فله الرجوع عنها فلذا كان حوزه حوزا للموهوب له وأيضا يد المؤجر جائلة في الشئ المستأجر بقبض أجرته ولذا لو وهب الأجرة للموهوب له قبل قبضه من المستأجر صح حوز المستأجر لعدم جولان يد الواهب كما أشار له بقوله: (إلا أن يهب) المؤجر ( الإجارة) أي الأجرة قبل قبضها وأما لو وهبها بعد قبضها من المستأجر فلا يكون حوز المستأجر حوزا للموهوب له (ولا إن رجعت) الهبة (إليه) أي إلى واهبها (بعده ) أي بعد حوزها الموهوب له (بقرب) من حوزه بأن يكون الرجوع قبل سنة فلا تصح الهبة بل تبطل بمعنى أنه لو حصل لواهب مانع قبل رجوعها للموهوب له لم يقض له بأخذها بل بعدمه، ثم بين رجوعها له بقوله (بأن آجرها) الموهوب له لواهبها ( أو أرفق بها) أي أعطاها لواهبها على وجه الرفق كالعارية والعمرى والاخدام قرب حوزه لها وحصل مانع في الصورتين فإن تلك الحيازة تصير كالعدم ويبطل حقه وأما إذا لم يحصل مانع
105 فلا تبطل ويأخذها من الواهب جبرا عليه وتتم الهبة وذكر مفهوم بقرب بقوله: (بخلاف) رجوعها له بما ذكر بعد مضي (سنة) من حوزها فلا تبطل كان لها غلة أم لا لطول مدة الحيازة (أو رجع) الواهب لدار مثلا وهبها (مختفيا ) من الموهوب له بعد حوزها بأن وجد الدار خالية فسكنها ولم يعلم الموهوب له بذلك (أو) رجع الواهب (ضيفا) أو زائرا للموهوب له (فمات) الواهب في الدار الموهوبة فلا تبطل الهبة في جميع ما تقدم رجع عن قرب أو بعد (و) صح ( هبة أحد الزوجين للآخر متاعا) وإن لم ترفع يد الواهب عنه للضرورة والمراد بالمتاع ما عدا دار السكنى فيشمل الخادم وغيره وأما دار السكنى ففيها تفصيل أشار له بقوله: (و) صحت (هبة زوجة دار سكناها لزوجها لا العكس) وهو هبة الزوج دار سكناه لزوجته فلا يصح لعدم الحوز لأن السكنى للرجل لا للمرأة فإنها تبع له وعطف على قوله لا العكس قوله
106 (ولا إن بقيت) الهبة (عنده) أي عند واهبها حتى حصل مانع من موت أو إحاطة دين أو غير ذلك فتبطل لعدم الحوز وهذا معلوم مما قدمه، أعاده ليرتب عليه قوله: (إلا) أن يهب ولي من أب أو وصي أو مقدم قاض (لمحجوره) الصغير أو السفيه أو المجنون فلا تبطل إن بقيت عنده حتى حصل المانع لأنه الذي يحوز له حيث أشهد على الهبة وإن لم يحضرها لهم ولا عاينوا الحيازة ولا صرف الغلة له على المعتمد الذي جرى به العمل (إلا) أن يهب له (ما لا يعرف بعينه) من معدود أو موزون أو مكيل أو كعبد من عبيد أو دار من دور ونحو لؤلؤ وزبرجد فلا تصح هبته وحيازته لمحجوره (ولو ختم عليه) مع بقائه عنده ولا بد من إخراجه عنه قبل المانع (و) إلا (دار سكناه) لا تصح هبتها لمحجوره إذا استمر ساكنا بها حتى مات (إلا أن يسكن) الواهب (أقلها ويكري له) أي لمحجوره ( الأكثر) منها فتصح الهبة في جميعها فتكون كلها للمحجور (وإن سكن النصف) منها وأكرى للمحجور النصف الآخر (بطل) النصف الذي سكنه (فقط) وصح النصف الذي إكراه له ثم الراجح الذي يفيده النقل أن العبرة بإخلاء النصف الذي لم يسكنه من شواغل الواهب وإن لم يكره للمحجور خلافا لظاهر المصنف (و) إن سكن (الأكثر) وأكرى له الأقل (بطل الجميع) وموضوع تفصيله في المحجور
107 ولو بلغ رشيدا ولم يجز بعد رشده وأما لو وهب دار سكناه لولده الرشيد فما حازه الولد ولو قل صح وما لا فلا كالأجنبي والوقف كالهبة والصدقة يجري فيه التفصيل المذكور (وجازت العمرى) وهي كما قال ابن عرفة تمليك منفعة حياة المعطي بغير عوض إنشاء، فخرج تمليك الذات بعوض وبغيره وخرج بقوله حياة المعطي أي بفتح الطاء الوقف المؤبد وكذا المؤقت بأجل معلوم نعم يرد عليه الوقف على زيد مدة حياته وخرج بقوله بغير عوض ما إذا كانت بعوض فإجارة فاسدة وبقوله إنشاء الحكم باستحقاقها وقوله المعطي بالفتح يقتضي أنها إذا كانت حياة المعطي بالكسر لا تكون عمرى حقيقة وإن جازت أيضا كعمر زيد الأجنبي منهما وإنما كانت حقيقة في حياة المعطي بالفتح لأنها التي ينصرف لها الاسم عند الاطلاق فلو قال أعمرتك أو أعمرت زيدا داري حمل على عمر داري حمل على عمر المعطي بالفتح وحكمها الندب وعبر بالجواز ليتأتى له الاخراج الآتي في قوله لا الرقبى ولا يشترط فيها لفظ الاعمار بل ما دل على تمليك المنفعة في عقار أو غيره مدة عمر المعطي كما أشار له بالكاف في قوله (كأعمرتك) داري أو ضيعتي أو فرسي أو سلاحي أو أسكنتك أو أعطيت ونحوه فإنه ينصرف لحياة المعمر بالفتح لكن في نحو أعطيت لا بد من قرينة تدل على الاعمار وإلا كانت هبة (أو) أعمرت ( وارثك) أو أعمرتك ووارثك فأو مانعة خلو يجوز معها الجمع فيصدق كلامه بثلاث صور (ورجعت) العمري بمعنى الشئ المعمر إذا مات المعمر بالفتح ملكا (للمعمر ) بالكسر (أو وارثه) إن مات والمراد وارثه يوم موت المعمر بالكسر لا وارثه يوم المرجوع فلو مات عن أخ حر مسلم وولد كافر أو رقيق ثم أسلم الولد أو تحرر ثم مات المعمر بالفتح رجعت للأخ لأنه الوارث يوم موت المعمري بالكسر لا للابن لأنه إنما اتصف بصفة الإرث يوم المرجع وهو لا يعتبر
108 وشبه في الرجوع ملكا وإن اختلف المرجوع له في المشبه والمشبه به فقال: (كحبس عليكما) أي كقول محبس لرجلين هذا الشئ حبس عليكما (وهو لآخر كما) فهو حبس عليهما ما داما حيين معا فإذا مات أحدهما رجعت للآخر (ملكا) يصنع فيها ما يشاء من بيع وغيره وأما لو قال حبس عليكما فقط فإنه يرجع للآخر حبسا فإذا مات الآخر رجع مراجع الاحباس وقيل يرجع ملكا للمحبس أو وارثه وهو الراجح الموافق لما قدمه المصنف في الوقف فقوله ملكا معمول لرجعت مقدرا كما علمت وقال ابن غازي هو حال من فاعل رجعت المذكور وهو راجع للمسألتين أي ترجع ملكا للمعمر أو وارثه في الأولى وترجع ملكا للآخر منهما في الثانية لكنه خلاف قاعدته الأغلبية من رجوع القيد لما بعد الكاف وفي بعض النسخ ملك بالرفع وهو خبر مبتدأ محذوف أي وهو أي الراجع في المسألتين ملك (لا الرقبى) بضم الراء وسكون القاف وبالباء الموحدة فلا تجوز في حبس ولا ملك وهي من المراقبة كأن كل واحد منهما يرقب موت صاحبه وأفاد المصنف تفسيرها بالمثال بقوله: (كذوي دارين) أو عبدين أو دار وعبد (قالا) أي قال كل منهما لصاحبه في عقد واحد (إن مت قبلي فهما) أي دارك وداري (لي وإلا) بأن مت قبلك (فلك) ولا يخفى أن دار كل ملك له فالمراد إن مت قبلي فدارك لي مضمومة لداري وإن مت قبلك فداري لك مضمومة لدارك وإنما منع لما فيه من الخروج عن وجه المعروف إلى المخاطرة فإن وقع ذلك واطلع عليه قبل الموت فسخ وإن لم يطلع عليه إلا بعد الموت رجعت لوارثه ملكا ولا ترجع مراجع الاحباس لفساد العقد وشبه في المنع قوله: (كهبة نخل) لشخص (واستثناء ثمرتها) أي استثنى الواهب ثمرتها (سنين) معلومة أو سنة فلا مفهوم للجمع على الأصح
109 (و) الحال أن الواهب شرط أن يكون (السقي) في تلك المدة (على الموهوب له) وعلة المنع الجهل بعوض السقي إذ لا يدري ما يصير إليه النخل بعد تلك الأعوام في نظير سقيه فإن وقع واطلع على ذلك قبل التغير فسخ وردت النخل بثمرتها لربها ورجع الموهوب له بقيمة سقيه وعلاجه وإن فاتت بتغير ملكها الموهوب له بقيمتها يوم وضع يده عليها ورجع على الواهب بمثل ما أكل من الثمر إن عرف وإلا فبقيمته (أو) دفع (فرس لمن يغزو) عليها (سنين) أو سنة (و) شرط أنه (ينفق عليه المدفوع له) في تلك المدة من عنده (ولا يبيعه لبعد الاجل) يعني وشرط عليه أيضا أنه لا يتصرف فيه تصرف الملاك من بيع وهبة ونحوهما حتى يفرغ الاجل المذكور فلا يجوز لما فيه من التحجير عليه ولأنه باع الفرس بالنفقة عليه تلك السنين ولا يدري هل يسلم الفرس إلى ذلك الاجل أم لا فتذهب النفقة باطلا فهو غرر ومخاطرة (وللأب) فقط لا الجد ( اعتصارها) أي الهبة (من ولده) الحر الذكر والأنثى صغيرا أو كبيرا غنيا أو فقيرا أي أخذها منه جبرا بلا عوض ولو حازها الابن بأن يقول رجعت فيما وهبته له أو أخذتها أو اعتصرتها فلا يشترط لفظ الاعتصار على الأظهر لعدم معرفة العامة له غالبا وليس في الحديث ما يدل على شرط لفظ الاعتصار (كأم) لها الاعتصار لما وهبته لولدها بشروطه الآتية وقوله: (فقط) راجع لجميع ما قبله أي للأب فقط دون الجد من ولده فقط دون غيره الهبة فقط أي المدلول عليها بالضمير دون الصدقة والحبس كأم فقط دون الجدة والخالة والأخت لكن محل جواز اعتصار الام حيث (وهبت ) صغيرا (ذا أب) لا يتيما فليس لها الاعتصار منه وسواء كان الابن والأب معسرين أو موسرين أو أحدهما
110 (وإن) كان الأب (مجنونا) جنونا مطبقا فلا يمنع جنونه الاعتصار (ولو تيتم) الولد بعد هبتها له في حياة أبيه فلها الاعتصار بعد موت أبيه (على المختار) لأنها لم تكن بمعنى الصدقة حين الهبة لوجود أبيه وأما لو وهبت ولدها الكبير كان لها الاعتصار مطلقا ثم أن اللخمي اختار ما ذكر من نفسه مخالفا فيه للأئمة ولظاهر المدونة فلا يعول عليه فلو قال المصنف كأم فقط وهبت كبيرا أو صغيرا ذا أب وإن مجنونا إلا أن يتيتم لكان جاريا على المذهب مع الايضاح (إلا فيما) أي في هبة أو عطية أو منحة أو عمرى أو إخدام (أريد به الآخرة) أي ثوابها لا مجرد ذات الولد فلا اعتصار لهما وكذا إن أريد الصلة والحنان لكونه محتاجا أو بائنا عن أبيه أن خاملا بين الناس (كصدقة) وقعت بلفظها حال كون كل منهما (بلا شرط) للاعتصار فإن شرط أنه يرجع فيما تصدق به على ولده أو فيما أعطاه له على وجه الصلة كان له الرجوع فيه عملا بشرطه كما أنه يعمل بشرط عدمه في الهبة ثم ذكر موانع الاعتصار بقوله: (إن لم تفت) عند الموهوب له ببيع أو هبة أو عتق أو تدبير أو بجعل الدنانير حليا أو نحو ذلك (لا بحوالة سوق) وأما حوالة السوق بزيادة أو نقص مع بقاء الذات فلا يمنع الاعتصار كنقلها من موضع لآخر (إن بزيد) أي زيادة في الذات معنوية كتعليم صنعة أو حسية ككبر صغير وسمن هزيل (أو نقص) كذلك وكذا يفوت الاعتصار بخلط مثلي بغيره دراهم أو غيرها فليس للأب حينئذ اعتصارها ولا يكون شريكا للولد بقدرها (ولم ينكح) الولد (أو يداين) ببناء الفعلين للمفعول ونائب الفاعل
111 ضمير الموهوب وقوله: (لها) قيد فيهما والمراد بالانكاح العقد واللام في لها للعلة فالمانع من اعتصار الأبوين تزويج الأجنبي أي عقده للذكر الموهوب له أو على البنت الموهوبة لأجل هبة كل منهما وكذا إعطاء الدين لهما لأجل يسرهما بالهبة فإن لم يقصد الأجنبي ذلك وإنما قصد ذاتهما فقط لم يمنع الأبوان من الاعتصار (أو يطأ) بالغ أمة (ثيبا) موهوبة له وأما البكر الموهوبة فيفوت اعتصارها بافتضاضه ولو غير بالغ لنقصها إن كانت علية وزيادتها إن كانت وخشا فيدخل في قوله بل بزيد أو نقص وأما وطئ غير البالغ ثيبا فلا يمنع الاعتصار ولو مراهقا (أو يمرض) الولد الموهوب له فيمنع اعتصارها لتعلق حق ورثته بالهبة (كواهب) أي كمرضه المخوف لأن اعتصارها يكون لغيره وهو وارثه (إلا أن يهب) الوالد حال كون ولده الموهوب له (على هذه الأحوال) أي وهو متزوج أو مدين أو مريض كمرض الواهب فله الاعتصار (أو يزول المرض) الحاصل بعد الهبة من موهوب أو واهب فله الاعتصار بعد زواله (على المختار) وتخصيصه بالمرض يقتضي أن زوال النكاح والدين لا يسوغ الاعتصار وهو كذلك قال ابن القاسم لأن المرض لم يعامله الناس عليه بخلاف النكاح والدين وهذا التعليل يقتضي أن زوال الزيد والنقص كزوال المرض (وكره) للمتصدق (تملك صدقة) بهبة أو بصدقة أو ببيع أو نحو ذلك من متصدق عليه أو ممن وصلت له منه ولو تعدد وأشعر قوله تملك بقصد ذلك بقوله: (بغير ميراث) ليس بداخل يخرجه لكنه قصد مزيد الايضاح بالتصريح واحترز بالصدقة عن الهبة
112 فيجوز تملكها على المشهور وكما يكره تملك الذات يكره تملك الغلة كما أشار له بقوله: (ولا يركبها) إن كانت دابة ولو تصدق بها على ولده (أو يأكل من غلتها) كثمرتها ولبنها ويلحق بالركوب مطلق الاستعمال وبالاكل من الغلة الشرب والانتفاع الصوف (وهل) الكراهة مطلقا ولو رضي الكبير أو (إلا أن يرضى الابن الكبير) الرشيد (بشرب اللبن) أو بغيره من الغلات لوالده المتصدق فيجوز (تأويلان) وأما الولد الصغير فلا عبرة برضاه بل تبقى الكراهة معه كالسفيه وظاهره أن غير الولد تبقى معه الكراهة ولو رضي اتفاقا والذي في المدونة أنه لا يجوز لمن تصدق بصدقة على أجنبي أن ينتفع بأكل ثمرتها أو شرب لبنها أو ركوبها أو نحو ذلك وظاهرها المنع وهو ظاهر إن كان بغير رضا الأجنبي وأما برضاه فيحمل عدم الجواز على الكراهة وفي الرسالة أنه يجوز وحمل على ما لا ثمن له عندهم أو له ثمن تافه وعلى الابن الكبير بناء على أحد التأويلين فيه (وينفق) بالبناء للمفعول (على أب) أو أم تصدق على ولده (افتقر) نعت لأب (منها) نائب فاعل ينفق أي من الصدقة التي تصدق بها على ولده لوجوب الانفاق على الولد حينئذ أي يجوز الانفاق منها وإن كان عند الولد مال غيرها وإلا تعين عليه الانفاق منها ويقضي عليه بذلك فلذا جعلنا ينفق مبنيا للمفعول لأنه أظهر في الشمول (و) للأب (تقويم جارية) مالت نفسه إليها بعد أن تصدق بها على ولده الصغير ( أو عبد) تصدق به عليه (للضرورة) وهي تعلق نفسه بها للوطئ في الأمة واحتياجه للعبد
113 للخدمة بحيث تتعسر بدونه حتى إذا لم يقومه لتعدى عليه واستخدمه وارتكب الحرام فالضرورة في الأمة غير الضرورة في العبد والام كالأب لها التقويم حتى في الأمة لضرورة الخدمة (ويستقصى) في القيمة بأن تكون سدادا كما في النص فالمراد أن لا تكون أقل من قيمة المثل، نعم إن اختلف في التقويم اعتبر الاعلى كما يفيده المصنف وقيدناه بالصغير ومثله السفيه لأن الولد الكبير الرشيد ليس لأبيه أو أمه ذلك والكلام في الصدقة ومثلها الهبة التي لا تعتصر (وجاز) للواهب (شرط الثواب) أي العوض على هبته عين الثواب أم لا نحو وهبتك هذا بمائة أو على أن تثيبني (ولزم) الثواب (بتعيينه) إن قبل الموهوب له فيلزمه دفع ما عين وأما عقد الهبة المشروط فيها الثواب فلازم للواهب بالقبض كما يأتي عين الثواب أم لا (وصدق واهب فيه) أي في قصده الثواب عند التنازع بعد القبض بأن قال الواهب وهبت لقصد الثواب وخالفه الموهوب له (إن لم يشهد عرف) أو قرينة بضده فإن شهد (بضده) أي الثواب بأن كان مثل الواهب لا يطلب في هبته ثوابا فالقول للموهوب له وقولنا بعد القبض وأما التنازع قبله فيصدق الواهب مطلقا وإن شهد عرف بضده (وإن) كانت الهبة (لعرس) فيصدق الواهب كما لو كانت لغيره إن لم يشهد عرف بضده وله أن يأخذ قيمة هبته معجلا ولا يلزمه الصبر لحدوث عرس مثله ولرب العرس أن يحاسبه بما أكله عنده من الوليمة هو ومن تبعه من نساء أو رجال ( وهل يحلف) الواهب أنه إنما وهب للثواب مطلقا أشكل الامر أم لا (أو) يحلف ( إن أشكل) الامر فقط بأن لم يشهد العرف له ولا عليه فإن اتضح الامر بأن شهد له العرف صدق بلا يمين (تأويلان) مبنيان على أن العرف هل هو كشاهد فيحلف معه
114 أو كشاهدين فلا، ومحل تصديق الواهب في دعوى الثواب (في غير) هبة النقد ( المسكوك) وأما هو فلا ثواب فيه (إلا لشرط) من الواهب حال الهبة أو عرف فيعمل بذلك ويكون العوض عرضا أو طعاما ومثل المسكوك السبائك والتبر وما تكسر من حلي بخلاف الحلي الصحيح فإنه كالعروض يصدق فيه الواهب (و) في غير (هبة أحد الزوجين للآخر) شيئا من عرض أو غيره فلا يصدق الواهب منهما لصاحبه في أنه وهب للثواب إلا لشرط أو قرينة في غير المسكوك وأما هو فلا يصدق إلا لشرط ولا تكفي القرينة ومثل الزوجين الأقارب الذين بينهم الصلة (و) في غير هبة (لقادم عند قدومه) من سفره فلا يصدق في دعواه الثواب (وإن) كان الواهب (فقيرا) وهب ( لغني) قادم إلا لشرط أو عرف كما بمصر (ولا يأخذ) الواهب للقادم (هبته) حيث لم يصدق (وإن) كانت (قائمة) وتضيع مجانا على صاحبها وقيده الحطاب بما إذا كانت الهدية لطيفة كالفواكه والثمر بخلاف نحو الثياب والقمح والغنم (ولزم واهبها لا الموهوب له القيمة) القيمة فاعل لزم وواهبها مفعوله والموهوب عطف عليه بلا، يعني يلزمه قبول القيمة إذا دفعها له الموهوب له بعد قبضه الهبة وأما قبله فله الامتناع من قبول القيمة بل لا يلزمه قبول ما هو أكثر منها بأضعاف ولا يلزم الموهوب له القيمة أي دفعها للواهب بل له أن يردها عليه
115 (إلا لفوت) عند الموهوب له (بزيد) في ذاتها ككبر وسمن وأولى بعتق أو بيع (أو نقص) كعمي وعرج فيتعين دفع القيمة يوم القبض وحوالة الأسواق لا تعتبر (وله) أي للواهب ( منعها) أي حبس هبته عنده (حتى يقبضه) أي ثوابها المشترط أو ما رضي به من الموهوب له وضمانها من الواهب (وأثيب) الواهب أي أثابه الموهوب له (ما) أي شيئا (يقضي عنه) أي عن الشئ الموهوب (ببيع) أي في البيع بأن يراعي فيه شروط بيع السلم فلا بد من السلامة من الربا فإذا أثابه ما يعاوض الناس عنه في البيع لزم الواهب قبوله (وإن) كان الثواب (معيبا) أي فيه عيب حيث كان فيه وفاء بالقيمة أو يكملها له وليس له رد العيب فيثاب عن العرض طعام ودنانير ودراهم أو عرض من غير جنسه لا من جنسه لئلا يؤدي إلى سلم الشئ في نفسه ولا يثاب عن الذهب فضة ولا ذهب لتأديته لصرف أو بدل مؤخر ولا عن اللحم حيوان من جنسه وعكسه ويثاب عن الطعام عرض أو نقد لا طعام لئلا يؤدي إلى بيع الطعام بطعام لأجل مع الفضل ولو شكا فهبة الثواب كالبيع في غالب الأحوال وتخالفه في الأقل لأنها تجوز مع جهل عوضها وجهل أجله ولا تفيتها حوالة الأسواق ولا يلزم عاقدها الايجاب والقبول، واستثنى من لزوم الواهب قوله: (إلا) أن يثيبه (كحطب) وتبن ونحوهما مما لم يجر العرف بدفعه في مقابلة الهبة (فلا يلزمه قبوله) فإن جرى عرف بإثابته لزمه قبوله (وللمأذون) له في التجارة الهبة للثواب من ماله ( وللأب في مال ولده) المحجور (الهبة للثواب) لا لغيره فلا يجوز كما أنه ليس له إبراء من مال ولده مجانا وليس الوصي كالأب في جواز هبة الثواب (وإن قال) قائل (داري صدقة) أو حبس ووقع ذلك (بيمين) أي التزام وتعليق كأن قال إن فعلت كذا فداري صدقة (مطلقا)
116 أي لمعين كزيد أو غير معين كالفقراء (أو) وقع ذلك (بغيرها) أي بغير يمين (ولم يعين) المتصدق عليه كأن قال داري صدقة على الفقراء مثلا (لم يقض عليه) في الصور الثلاث لعدم من يخاصم في غير المعين ( ولعدم قصد القربة في المعين لكن يجب عليه تنفيذ ذلك فيما بينه وبين الله سبحانه وتعالى (بخلاف المعين) للصدقة أو الهبة أو الحبس في غير اليمين كأن قال داري صدقة أو هبة أو حبس على زيد فيقضي عليه بها له لقصده القربة (و) إن قال داري صدقة (في مسجد معين) أي مسجد سماه وعينه بغير يمين ففي القضاء وعدمه (قولان) وأما بيمين فلا يقضي عليه لمعين ولا لغيره (وقضى بين مسلم وذمي فيها) أي في الهبة من لزوم وغيره (بحكمنا) لا بحكمهم لأن الاسلام يعلو ولا يعلي عليه وأما بين ذميين فلا نتعرض لهما ولو ترافعا إلينا والله أعلم. (درس) باب في اللقطة وأحكامها (اللقطة مال معصوم) أي محترم شرعا وهو ملك غير الحربي فخرج بمعصوم مال الحربي والركاز (عرض للضياع) بأن كان في مضيعة بغامر أي فلاة من الأرض أو عامر بالمهملة ضد الخراب خرج به ما كان بيد حافظ ولو حكما بأن وضعه صاحبه بمكان ليرجع إليه وخرج الإبل أيضا أو عرض بفتح العين والراء المخففة مبنيا للفاعل والمراد عرض الضياع له ففيه قلب
117 (وإن كان) المال المعصوم (كلبا) مأذونا فيه وأما غيره فليس بمال (وفرسا وحمارا) وبالغ على الكلب لأنه ربما يتوهم من منع بيعه أنه لا يلتقط وعلى ما بعده لئلا يتوهم أنه كضالة الإبل (ورد) المال الملتقط (بمعرفة مشدود فيه) وهو العفاص أي الخرقة أو الكيس ونحوه المربوط فيه المال (و) المشدود (به) وهو الوكاء بالمد أي الخيط (و) بمعرفة (عدده بلا يمين) أي يقضي لمن عرف ذلك بأخذه من غير يمين وكذا بمعرفة الأولين فقط فالأولى حذف العدد ليكون جاريا على المشهور ويستفاد منه ما ذكر بالأولى وما لا عفاص له ولا وكاء يكتفي فيه بذكر الأوصاف المفيدة لغلبة الظن بصدق الآتي بها (و ) لو اختلف اثنان في أوصاف اللقطة (قضي له) أي لمن عرف الثلاثة المتقدمة ( على ذي العدد والوزن) وكذا لمن عرف الأولين فقط على ذي العدد والوزن بيمين في هذه (وإن وصف ثان وصف) شخص (أول) أي وصفا كوصفه (ولم يبن) أي ينفصل ( بها) الأول انفصالا يمكن معه إشاعة الخبر (حلفا) أي حلف كل منهما أنها له ( وقسمت) ونكولهما كحلفهما ويقضي للحالف على الناكل كبينتين متساويتين في العدالة أقام كل منهما بينة تشهد له والحال أنهما (لم يؤرخا) أي لم يذكرا تاريخا حلفا وقسمت بينهما أيضا ولو انفصل من أخذها (وإلا) بأن أرخا (فللأقدم) تاريخا
118 ومثله صاحب المؤرخة دون الأخرى (ولا ضمان على) ملتقط (دافع) لها ( بوصف) أي بسبب وصفها وصفا يستحقها به شرعا لأنه دفعها بوجه جائز (وإن قامت بينة) بأنها (لغيره) أي لغير من أخذها ويبقى الكلام بين المدعي الثاني والآخذ لها ويجري الحكم على ما مر (واستؤنى بالواحدة) أي يجب التربص وعدم الدفع لمن أتى بصفة من الصفات المتقدمة العفاص أو الوكاء باجتهاد الحاكم (إن جهل) من ذكر الصفة الواحدة (غيرها) لعل غيره أن يأتي بأثبت مما وصفها هو به فيأخذها فإن لم يأت أحد بأثبت مما أتى به الأول أو لم يأت أحد أصلا استحقها الأول (لا) إن (غلط) بأن ذكر العفاص أو الوكاء على خلاف ما هو عليه ثم ادعى الغلط فلا تدفع له أصلا (على الأظهر) لظهور كذبه بخلاف الجاهل فإنه معذور بقوله لا أدري أو نسيته (ولم تضر) أي لا يضر من عرف العفاص والوكاء أو أحدهما (جهله بقدره) أي عدد الشئ الملتقط لاحتمال أن يكون أخذ شيئا منها ولا يعلم قدر ما بقي، ثم ذكر حكم الالتقاط بقوله: (ووجب أخذه) أي المال المعصوم الذي عرض للضياع (لخوف خائن) لو تركه مع علمه أمانة نفسه بدليل ما بعده لوجوب حفظ مال الغير حينئذ ( لا إن علم خيانته هو فيحرم) أخذه ولو خاف خائنا (وإلا) بأن لم يخف خائنا ( كره) ولو علم أمانة نفسه كأن أخاف الخائن وشك في أمانته هو
119 (على الأحسن) فالوجوب في صورة والحرمة في صورتين والكراهة في ثلاثة (و) وجب (تعريفه) أي الملتقط (سنة) كاملة من يوم الالتقاط فإن أخره سنة ثم عرفه فهلك ضمن (ولو) كان الملتقط (كدلو) ودينار ودراهم كصرفه فأقل لأنها ليست من التافه لكن الراجح أنها وإن كانت فوق التافه إلا أنها دون الكثير الذي له بال فتعرف أياما عندا لأكثر بمظان طلبها لا سنة (لا تافها) أي لا إن كان تافها لا تلتفت إليه النفوس كل الالتفات وهو ما دون الدرهم الشرعي أو ما لا تلتفت النفس إليه وتسمح غالبا بتركه كعصا وسوط وشئ من تمر أو زبيب فلا يعرف وله أكله إذا لم يعلم ربه وإلا منع وضمن (بمظان طلبها بكباب مسجد) لا داخله (في كل يومين أو ثلاثة) مرة (بنفسه أو بمن يثق به) أي بأمانته (أو بأجرة منها) أي من اللقطة إن لم (يعرف مثله ) بأن كان الملتقط من ذوي الهيئات وإلا ضمن كما لو تراخى في التعريف حتى هلكت (و) عرفها وجوبا (بالبلدين) معا (إن وجدت بينهما) لأنها حينئذ من مظان طلبها (ولا يذكر) المعرف وجوبا (جنسها على المختار) بل يذكرها بوصف عام كمال أو شئ وأولى عدم ذكر النوع
120 والصنف لأن ذكر الجلس يؤذي إذهان بعض الحذاق إلى معرفة العفاص والوكاء باعتبار جري العادة (ودفعت لحبر) بكسر الحاء أفصح من فتحها أي عالم أهل الذمة وقد يطلق على عالم المسلمين (إن وجدت بقرية ذمة) أي ليس فيها إلا أهل الذمة (وله حبسها بعده) أي بعد تعريفها السنة (أو التصدق بها) عن ربها أو نفسه (أو التملك) بأن ينوي تملكها فللملتقط هذه الأمور الثلاثة (ولو) وجدت (بمكة) خلافا لم قال لا تستباح لقطتها بعد سنمة ويجب تعريفها أبدا حال كونه (ضامنا) لها إذا جاء ربها (فيهما) أي في التصدق بوجهيه والتملك (كنية أخذها) أي كما يضمن إذا أخذها بنية التملك (قبلها) أي قبل التقاطها ولو قال كنية تملكها قبله كان أوضح يعني أن الملتقط إذا رأى اللقطة فنوى أخذها تملكا ثم أخذها فإنه يضمنها لربها ولو تلفت بسماوي لأنه بتلك النية مع وضع يده عليها صار كالغاصب فيضمن كما إذا نوى التملك قبل السنة بعد وضع يده عليها (و) كما يضمن في (ردها) لموضعها أو غيره (بعد أخذها للحفظ) أي للتعريف (إلا) أن يردها لموضعها (بقرب) من أخذها فضاعت (فتأويلان) في الضمان وعدمه فإن أخذها لغير الحفظ وردها بقرب فلا ضمان قطعا وعن بعد ضمن أخذها للحفظ أم لا (وذو الرق كذلك) أي أن الرقيق كالحر في جميع ما تقدم من وجوب الالتقاط
121 وعدمه والضمان وعدمه وليس لسيده منعه منه (و) إن ضاعت منه (قبل السنة) بتفريط أو بعد نية تملك فجناية (في رقبته) فيباع فيها ما لم يفده سيده وليس له إسقاطها عنه وأما بعد السنة ففي ذمته يتبع بها إذا عتق ولا يباع فيها (وله) أي للملتقط حرا أو عبدا (أكل ما يفسد) لو بقي كفاكهة ولحم وخضر ولا يضمن (ولو) وجد (بقرية) أي عامر كما لو وجد بغامر وليس عليه تعريفه لكن ينبغي الاستيناء به قليلا وأما ما لا يفسد كالتمر فليس له أكله فإن أكله ضمن إن كان له ثمن (و) له أكل (شاة) وجدها (بفيفاء) ولم يتيسر حملها للعمران ولا ضمان فإن حملها للعمران ولو مذبوحة فربها أحق بها إن علم وعليه أجرة حملها ووجب تعريفها إن حملها حية كما لو وجدها بقرب العمران أو اختلطت بغنمه في المرعى ( كبقر بمحل خوف) من سباع أو جوع أو عطش أو من الناس بفيفاء وعسر سوقها للعمران فله أكلها ولا ضمان عليه (وإلا) بأن كانت بمحل أمن بالفيفاء (تركت) فإن أخذها عرفت كما لو كانت بالعمران فإن أكلها ضمن (كإبل) فإنها تترك ولو بمحل خوف إلا خوف خائن (وإن أخذت) الإبل تعديا (عرفت) سنة (ثم) بعد السنة (تركت بمحملها) الذي أخذت منه فقولهم
122 لا يراعي فيها خوف أي خوف جوع أو عطش أو سباع وأما خوف الخائن فموجب للالتقاط (و) له (كراء بقر ونحوها) كخيل وحمر (في علفها) بفتح اللام ما تعلف به من نحو فول وأما بالسكون فاسم للفعل (كراء مضمونا) أي مأمونا لا يخشى عليها منه مياومة أو مشاهرة أو وجيبة فليس المراد بالمضمون ضد المعين (و) له (ركوب دابة) من موضع الالتقاط ( لموضعه) وإن لم يتعسر قودها (وإلا) بأن إكراها في أزيد من علفها أو غير مأمون أو ركبها لغير موضعه (ضمن) القيمة إن هلكت وما زاد على علفها وقيمة المنفعة إن لم تهلك (و) له (غلاتها) من لبن وسمن وإن زاد على علفها (دون نسلها) وصوفها وشعرها ووبرها ودون كرائها لغير العلف كما تقدم (و) إن أنفق الملتقط على اللقطة من عنده (خير ربها) إذا جاء (بين فكها بالنفقة) لأنه قام عنه بواجب (أو إسلامها) لملتقطها في نظيرها فإن أسلمها ثم أراد أخذها لم يكن له ذلك والأولى التعبير بالواو بدل أو (وإن باعها) الملتقط (بعدها) أي بعد السنة التي عرفها بها (فما لربها إلا الثمن) الذي بيعت به والبيع ماض يرجع به على الملتقط ولو عديما لا على المشتري ولو مليئا (بخلاف ما لو وجدها) ربها ( بيد المسكين) المتصدق بها عليه (أو) بيد (مبتاع سنه) أي من المسكين (فله) أي لربها (أخذها) من المسكين أو المشتري منه ورجع المشتري بالثمن على المسكين إن وجد عنده
123 وإلا فعلى الملتقط المتصدق بها عليه قوله فله أخذها أي أو تضمين الملتقط القيمة إن تصدق بها عن نفسه مطلقا أو عن ربها وتعيبت فإن بقيت بحالها تعين أخذها وإن فاتت تعينت القيمة على الملتقط (وللملتقط الرجوع عليه) أي على المسكين بنفس اللقطة (إن أخذ) ربها (منه) أي من الملتقط (قيمتها) وذلك حيث تصدق بها عن ربها وتعيبت عنده أي وجدت عنده معيبة لأنها إذا كانت قائمة بحالها فإنما له أخذها كما مر وإن تصدق بها عن نفسه فلا رجوع له على المسكين كما أشار له بقوله: (إلا أن يتصدق بها) الملتقط (عن نفسه) فلا رجوع له على المسكين بشئ لا بها ولا بالقيمة التي غرمها لربها كما لو تصدق بها عن ربها ولم توجد بيد المسكين (وإن نقصت بعد نية تملكها) بعد تعريفها السنة (فلربها أخذها) ولا أرش له في النقص (أو) أخذ (قيمتها) يوم نية تملكها فإن نوى تملكها قبل السنة فكالغاصب وأما لو نقصت قبل نية التملك فليس له إلا أخذها فلو هلكت بعد نية التملك فالقيمة (ووجب لقط طفل) أي صغير لا قدرة له على القيام بمصالح نفسه من نفقة وغذاء (نبذ) صفة لطفل أي طفل منبوذ وهو قاصر لأنه يشعر بقصد النبذ فلا يشمل من ضل عن أهله فالأولى أن يقول بدله بمضيعة (كفاية) أي وجوب كفاية وقد عرف ابن عرفة اللقيط بقوله صغير آدمي لم يعلم أبواه ولا رقه فخرج ولد الزانية ومن علم رقه لقطة لا لقيط وقوله فخرج ولد الزانية أي لأنه قد علم أحد أبويه وهو الام فعليها القيام به (و) وجب (حضانته ونفقته) على ملتقطه حتى يبلغ قادرا على الكسب
124 ولا رجوع له عليه لأنه بالتقاطه ألزم نفسه ذلك وهذا ( إن لم يعط) ما يكفيه (من الفئ) فإن أعطى منه لم يجب على الملتقط واستثنى من وجوب النفقة إن لم يعط الخ قوله: (إلا أن يملك كهبة) من صدقة أو حبس فنفقته من ذلك ويحوزه له الملتقط لأنه كأبيه فعلم أنه يقدم ما يملكه ثم الفئ ثم الحاضن (أو يوجد معه) مال مربوط بثوبه (أو مدفون) وفي نسخة مدفونا بالنصب على الحال (تحته إن كانت معه رقعة) أي ورقة مثلا مكتوب فيها أن المال المدفون تحت الطفل للطفل فإن لم يكن معه رقعة فالمال لقطة (و) وجب (رجوعه) أي الملتقط المنفق على اللقيط (على أبيه) بما أنفق على اللقيط (إن) كان أبوه ( طرحه عمدا) وثبت ببينة أو إقرار لا بدعوى الملتقط مع مخالفة الأب ومحل الرجوع أيضا إن كان الأب موسرا حين الانفاق وأن يحلف المنفق أنه أنفق ليرجع لا حسبة فيرجع بغير السرف ومفهوم طرحه أنه لو ضل عن أبيه أو هرب أو نحو ذلك لم يرجع المنفق على الأب الموسر لأن الانفاق حينئذ محمول على التبرع ومعنى الوجوب في هذا الفرع الثبوت (والقول) إن اختلفا في الانفاق (له) أي للملتقط بالكسر (أنه لم ينفق حسبة) أي تبرعا بل ليرجع بيمينه لا قول الأب إنه حسبة (وهو) أي اللقيط (حر) لأنها الأصل في الناس (وولاؤه للمسلمين) أي أنهم يرثونه فمحل ماله إذا مات بيت المال إذا لم يكن له وارث يعني أنه لا يرثه الملتقط بل جماعة المسلمين (وحكم بإسلامه) أي اللقيط إن وجد (في) قرية من (قرى المسلمين) لأنه الأصل والغالب وإن كانت بين قرى الكفار ولو التقطه كافر
125 (كأن لم يكن فيها) أي في القرية لا بقيد المسلمين (إلا بيتان) للمسلمين فيحكم بإسلامه وإن التقطه كافر ( وإن) وجد (في) قرية من (قرى الشرك) التي ليس فيها بيت من بيوت المسلمين (ف) هو (مشرك) وإن التقطه مسلم تغيبا للدار (ولم يلحق) اللقيط شرعا ( بملتقطه ولا غيره) إن ادعاه (إلا ببينة) له بأنه ابنه ولا يكفي قولها ذهب له ولد أو طرح فإن أقامها لحق به كان اللقيط محكوما بإسلامه أو كفره (أو بوجه) كمن عرف أنه لا يعيش له ولد فزعم أنه طرحه لما سمع أنه إذا طرح الجنين عاش أو لغلاء ونحوه مما يدل على صدقه فيلحق بصاحب الوجه المدعي (ولا يرده) أي لا يجوز رده لموضعه (بعد أخذه) لأنه تعين عليه حفظه بالتقاطه إذ فرض الكفاية يتعين بالشروع فيه (إلا أن يأخذه) لا لنية تربيته بل (ليرفعه للحاكم) فرفعه له (فلم يقبله والموضع مطروق) للناس بحيث يعلم أن غيره يأخذه فله رده حينئذ فإن لم يكن الموضع مطروفا بأن لم يوقن بأن غيره يأخذه فإن تحقق عدم أخذه حتى مات اقتص منه وإن شك فالدية ومثل أخذه ليرفعه لحاكم أخذه ليسأل معينا هل هو ولده أم لا (و) لو تسابق جماعة أو اثنان على لقيط أو لقطة وكل أمين وأهل لكفايته (قدم الأسبق) وهو من وضع يده عليه ابتداء ولو زاحمه عنه الآخر وأخذه (ثم) إن استويا في وضع اليد قدم (الأولى) أي الأصلح لحفظه والقيام به (وإلا) يكن أولى بأن استويا ( فالقرعة وينبغي) للملتقط (الاشهاد) عند الالتقاط على أنه التقطه خوف طول الزمان فيدعي الولدية أو الاسترقاق (وليس بمكاتب ونحوه) ممن فيه شائبة حرية فأولى القن (التقاط
126 بغير إذن السيد) لأن التقاطه ربما أدى لعجزه لاشتغاله بتربيته ولان حضانته من التبرع وهو ليس من أهله فقوله التقاط أي أخذ لقيط وأما أخذ اللقطة فتقدم في قوله وذو الرق كذلك أي فله أخذها وتعريفها بغير إذن سيده ولو قنا إذ تعريفها لا يشغله عن خدمة السيد (ونزع) لقيط (محكوم بإسلامه) شرعا (من غيره) أي من غير المسلم وهو الكافر إذا التقطه (وندب أخذ) عبد (آبق لمن يعرف) ربه فيعرف بفتح حرف المضارعة وسكون العين من عرف يتعد لواحد أي يندب لمن وجد آبقا وعرف ربه أن يأخذه له لأنه من باب حفظ الأموال وكلامه محمول على ما إذا لم يخش ضياعه وإلا وجب أخذه له (وإلا) يعرف ربه (فلا يأخذه) أي يكره أخذه (فإن أخذه رفعه للإمام) لرجاء من يطلبه منه (ووقف) عند الإمام ( سنة) فإن أرسله فيها ضمن (ثم) إذا مضت السنة ولم يجئ ربه (بيع) أي باعه الإمام (ولا يهمل) أمره بل يكتب اسمه وحليته مع بيان التاريخ والبلد وغير ذلك مما يحتاج لتسجيله ويشهد على ذلك ويجعل ثمنه في بيت المال حتى يعلم ربه (وأخذ نفقته) التي أنفقها عليه في السنة من ثمنه ولا يلزمه الصبر إلى أن يحضر ربه وكذا أجرة الدلال (ومضي بيعه) أي الإمام للعبد ويجوز ابتداء بعد سنة كما هو صريح قوله ثم بيع (وإن قال ربه كنت أعتقته) سابقا قبل الإباق أو بعده فلا يلتفت لقوله لاتهامه على نقض بيع الإمام بالوجه الجائزة ومفهوم قال أنه إن أثبت ذلك ببينة عمل بها ونقض البيع (وله) أي لرب الآبق (عتقه) حال إباقه والتصدق به والايصاء به للغير (وهبته لغير ثواب) لا له لأنه بيع وبيعه لا يجوز
127 (وتقام عليه الحدود) من قتل أو جلد إذا فعل ما يقتضيها ونص على ذلك لئلا يتوهم أنها لا تقام عليه لغيبة سيده (وضمنه) الملتقط (إن أرسله) بعد أخذه ولو خوفا من شدة النفقة عليه أي ضمن قيمته يوم الارسال لربه إذا حضر إن هلك العبد (إلا) أن يكون أرسله (لخوف منه) أو يقتله أو يؤذيه في نفسه أو ماله فلا يضمن ويصدق في أنه إنما أرسله للخوف منه بقرائن الأحوال وشبه في الضمان. قوله: (كمن استأجره) أي الآبق منفسه أو من ملتقطه (فيما) أي في عمل (يعطب فيه) وعطب فإن سلم ضمن أجرة المثل وسواء علم المستأجر أنه أبق أم لا وعطف على أرسله قوله: (لا) يضمن الملتقط (إن أبق) العبد بفتح الباء (منه) أي من الملتقط (وإن) كان العبد لا بقيد كونه آبقا (مرتهنا) بالفتح أي في دين فأبق فلا ضمان على المرتهن بالكسر (وحلف) المرتهن أنه أبق بغير تفريط مني ولا يمين على الملتقط لأن نفقته على الآبق في رقبته فلا يتهم بالتفريط لضياع نفقته عليه بخلاف المرتهن فإن نفقته في ذمة الراهن (واستحقه سيده) من يد الملتقط (بشاهد ويمين) بغير استيناء وأولى بشاهدين (وأخذه) مدعيه حوزا لا ملكا (إن لم يكن إلا دعواه) أنه عبدي ( إن صدقه) العبد على دعواه وذلك بعد الرفع للحاكم والاستيناء فإن جاء غيره بأثبت مما جاء به أخذه منه ولذا قال وأخذه المفيد للحوز وقال فيما قبله واستحقه المقتضى للملك ومفهوم صدقه أنه إن كذبه أخذه أيضا إن وصفه ولم يقر العبد بأنه لفلان أو أقر وكذبه المقر له فإن صدقه أخذه المقر له (وليرفع) ملتقط العبد
128 أمر العبد (للإمام إن لم يعرف) الملتقط (مستحقه) بكسر الحاء أي مالكه وصدقه العبد فهذا من تتمة ما قبله وهو معنى قولنا آنفا وذلك بعد الرفع الخ فإن عرف مستحقه لم يحتج لرفع ومحل الرفع للإمام (إن لم يخش ظلمه) وإلا لم يرفع (وإن أتى رجل) أبق له عبد من قطر إلى قاضي قطر آخر عنده آبق (بكتاب قاض) من قطره مضمونه (أنه قد شهد عندي أن صاحب كتابي هذا فلان) الفلاني خبر أن الثانية ( هرب منه عبد ووصفه) في مكتوبه (فليدفع إليه) وجوبا (بذلك) حيث طابق وصفه الخارجي ما في الكتاب ولا يبحث عن بينته ولا غيرها والله أعلم. (درس) باب في القضاء وأحكامه وهو لغة يطلق على معان منها الفراغ كما في وقضى الامر ومنها الأداء كما في قضى زيد دينه أي أداه كما في قضى زيد دينه أي أداه ووفاه ومنها الحكم وهو المراد هنا والقاضي الحاكم أي من له الحكم وإن لم يحكم بالفعل ولا يستحقه شرعا إلا من توفرت فيه شروط أربعة أشار لذلك المصنف بقوله: (أهل القضاء عدل) أي مستحقه عدل أي عدل شهادة ولو عتيقا عند الجمهور والعدالة تستلزم الاسلام والبلوغ والعقل والحرية وعدم الفسق (ذكر) محقق لا أنثى ولا خنثى (فطن) ضد المغفل الذي ينخدع بتحسين الكلام ولا يتفطن لما يوجب الاقرار والانكار وتناقض الكلام فالفطنة جودة الذهن وقوة إدراكه لمعاني الكلام (مجتهد إن وجد) فلا تصح ولاية المقلد عند وجود المجتهد المطلق (وإلا) يوجد مجتهد مطلق (فأمثل مقلد) هو المستحق للفضاء وهو الذي له فقه كامل بضبط المسائل المنقولة واستخراج ما ليس فيه نص بقياس على المنقول في مذهب إمامه أو باعتبار أصل والأصح أنه يصح تولية المقلد مع وجود المجتهد
129 (وزيد للإمام الأعظم) وهو الخليفة وصف خامس وهو أنه ( قرشي) فلا تصح خلافة غير القرشي لأن النبي (ص) جعل الخلاف في قريش وقريش قيل هو فهر بن مالك بن النضر والأكثر على أنه هو النضر ولا يشترط أن يكون عباسيا ولا علويا لاجماع الصحابة على خلافة الصديق وهو تيمي وعمر وهو عدوي وعثمان وهو أموي وعلي وهو هاشمي والكل من قريش ثم استقرت الخلافة في بني أمية مع كثرة الفتن ثم في بني العباس (فحكم) المقلد وجوبا من خليفة أو قاض (بقول مقلده) بفتح اللام أي بالراجح من مذهب إمامه لا بقول غيره ولا بالضعيف من مذهبه وكذا المفتي فإن حكم بالضعيف نقض حكمه إلا إذا لم يشتد ضعفه وكان الحاكم من أهل الترجيح وترجح عنده ذلك الحكم بمرجح من المرجحات فلا ينقض كما لو قاس عند عدم النص وهو أهله ويجب أن يكون الحاكم ذا بصر وكلام وسمع فلا يجوز تولية الأعمى أو الابكم أو الأصم (و) إن وقع (نفذ حكم أعمى وأبكم وأصم) الواو بمعنى أو أي لا ينقض لأن عدم هذه الأمور ليس شرطا في صحة ولايته ابتداء ولا في صحة دوامها بل هو واجب غير شرط في الابتداء والدوام ولذا قال: (ووجب عزله) ولو طرأ عليه شئ مما ذكر فاستفيد منه أمران عدم جواز ولايته ابتداء ودواما وصحة حكمه بعد الوقوع (ولزم المتعين) أي المنفرد في الوقت بشروط القضاء
130 (أو الخائف فتنة) على نفسه أو ماله أو ولده أو على الناس (إن لم يتول أو) الخائف (ضياع الحق) له أو لغيره إن لم يتول (القبول والطلب) فاعل لزم أي لزمه القبول إن طلبه منه الإمام ولزمه الطلب من الإمام إن لم يطلبه ولا يضره بذل مال في طلبه حينئذ لأنه لأمر متعين عليه (وأجبر) المتعين له بانفراد شروطه (وإن بضرب وإلا) يتعين ولا خاف فتنة ولا ضياع حق (فله الهرب وإن عين) من الإمام لشدة خطره في الدين دون غيره من فروض الكفاية وحيث لم يتعين بأحد الوجوه الثلاثة المتقدمة فيحرم دفع مال لأجل توليته وترد أحكامه ولو صوابا فلا يرفع خلافا (وحرم) قبول القضاء أو طلبه ( لجاهل وطالب دنيا) من المتداعيين لأنه من أكل أموال الناس بالباطل والواو بمعنى أو وأما طلب مال مما هو للقضاء في بيت المال أو من وقف عليه فلا يحرم بل يندب إذا كان في ضيق عيش وأراد التوسعة على عياله من ذلك (وندب ليشهر علمه ) للناس بقصد إفادة الجاهل وإرشاد المستفتي لا الشهرة لأمر دنيوي ثم شبه في الندب قوله: (كورع) وهو من يترك الشبهات خوف الوقوع في المحرمات (غني) أي ذي مال ينفق على نفسه وعياله منه لأن الغني مظنة التنزه وترك الطمع خصوصا إذا انضم له ورع (حليم) ليس سئ الأخلاق فإن سوء الخلق منشأ للظلم وأذية الناس ( نزه) أي كامل المروءة بترك ما لا يليق من سفاسف الأمور (نسيب) أي معروف النسب ولو لم يكن قرشيا لئلا يتسارع الناس للطعن فيه كابن الزنا واللعان
131 (مستشير) لأهل العلم في المسائل فلا يستقل برأيه وإن مجتهدا لأن الصواب لا يتقيد به بل ربما ظهر الصواب على يد جاهل (بلا دين) عليه لانحطاط رتبته به عند الناس ( و) بلا (حد) أي يندب أن لا يكون محدودا في زنا أو قذف أو شرب أو سرقة أو غيرها لأن رتبته أحط من رتبة المدين عند الناس وإن كان الموضوع أنه تاب (و) بلا (زائد) أي زيادة والأولى التعبير بها (في الدهاء) بفتح الدال المهملة والمد هو جودة الذهن والرأي فالمطلوب الدهاء ويندب أن لا يكون زائدا فيه عن عادة الناس خشية أن يحمله ذلك على الحكم بين الناس بالفراسة وترك قانون الشريعة من طلب البينة وتجريحها وتعديلها وطلب اليمين ممن توجهت عليه وغير ذلك (و) بلا (بطانة سوء) أي يتهم منها السوء وإلا فالسلامة منها واجبة وبطانة الرجل بكسر الباء أصحابه الذين يعتمد عليهم في شأنه (و) ندب للقاضي (منع الراكبين معه والمصاحبين له) في غير ركوب بل يستعمل الانفراد ما أمكن إذ كثرة الاجتماع لا خير فيها مع اتهامه أنه لا يستوفي عليهم الأحكام الشرعية إلا لضرورة خادم ومعين في أمر من الخصومات ورفع الظلامات ولذا قال (و) ندب له (تخفيف الأعوان) من عنده لأنهم لا يسلمون غالبا من تعليم الأخصام التحيل وقلب الأحكام كما هو مشاهد وينبغي أن يبعد عنه من طالت إقامته منهم في هذه الخدمة (واتخاذ من يخبره) من أهل الأمانة والصلاح (بما يقال في سيرته) من خير أو شر فيحمد الله في الأول ويتنحى في الثاني أو يبين وجه الحق للناس (و) بما يقال في (حكمه وشهوده) ليعمل بمقتضى ذلك من إبقاء أو عزل أو أمر أو نهي (و) ندب له (تأديب من أساء عليه) أي على القاضي في مجلسه وإن لزم منه الحكم لنفسه خشية انتهاك مجلس الشرع
132 وحرمة الحاكم ولو بغير بينة لأن هذا مما يستند فيه لعلمه والتأديب بما يراه أولى من العفو كما هو مفاد المصنف ونص غيره لا بغير مجلسه وإن شهد به عليه لأنه لا يحكم لنفسه في مثل ذلك بل يرفعه لغيره إن شاء والعفو أولى (إلا في مثل اتق الله في أمري) أو خف الله أو أذكر وقوفك بين يدي الله (فليرفق به) فلا يجوز تأديبه من الارفاق أن يقول له أنت قد لزمك الاقرار بقولك كذا أو أنت قد رضيت بشهادة فلان عليك فكيف تجحد بعد ذلك وتطلب عدم الحكم عليك والامهال (ولم يستخلف إلا لوسع عمله) يعني أن القاضي المولى من الخليفة ولم ينص له على استخلاف ولا عدمه لا يجوز له أن يستخلف غيره في جهة قريبة ولو اتسع عمله لغير عذر من مرض أو سفر فإن استخلف لغير عذر لم ينفذ حكم مستخلفه إلا أن ينفذه هو إلا أن يتسع عمله فيجوز له أن يستخلف لكن (في جهة بعدت) عنه بأميال كثيرة يشق إحضار الخصوم منها إلى محله (من) أي يستخلف رجلا (علم ما استخلف فيه) فقط فلا يشترط علمه بجميع أبواب الفقه فإذا استخلفه على الأنكحة فقط وجب أن يكون عالما بمسائل النكاح وما يتعلق بها وإن استخلفه في القسمة والمواريث وجب علمه بذلك وهكذا (وانعزل) المستخلف بالفتح (بموته) أي بموت القاضي الذي استخلفه لأنه وكيله والوكيل ينعزل بموت موكله وبعزله ونص على الموت مع أن عزله كذلك أي ينعزل نائبه بعزله لأنه يتوهم أن الموت لما كان يأتي بغتة لم ينعزل النائب بموت موليه ولا ينعزل النائب بموت القاضي إذا جعل له الإمام الاستخلاف أو جرى به العرف خلافا لظاهر إطلاق المصنف (لا هو) أي لا ينعزل القاضي (بموت الأمير) الذي ولاه
133 (ولو) كان الميت الذي ولاه (الخليفة) لأن القاضي ليس نائبا عن نفس الخليفة بخلاف نائب القاضي فإنه نائب عن نفس القاضي فلذا انعزل بموته وأما لو عزله الأمير فإنه ينعزل قطعا ولا ينفذ حكمه بعد بلوغه عزله (ولا تقبل شهادته) أي القاضي إذا شهد عند قاض آخر (بعده) أي بعد عزله (أنه) كان (قضى بكذا) ولا مفهوم للظرف لأن شهادته لا تقبل قبل العزل أيضا لأنها شهادة على فعل نفسه (وجاز تعدد مستقل) أي جاز للإمام نصب قاض متعدد يستقل كل واحد بناحية يحكم فيها بجميع أحكام الفقه بحيث لا يتوقف حكم واحد منهم على حكم الآخر كقاضي رشيد وقاضي المحلة وقاضي قليوب أو تعدد مستقل ببلد (أو خاص)
134 عطف على مقدر دل عليه الكلام السابق أي مستقل عام في النواحي أو الأحكام أو خاص (بناحية) كالغربية أو المنوفية بمصر (أو نوع) أي باب من أبواب الفقه كالأنكحة أو البيوع أو الفرائض (و) إذا تنازع الخصمان فأراد أحدهما الرفع لقاض وأراد الآخر الرفع لقاض آخر كان (القول للطالب) وهو صاحب الحق دون المطلوب (ثم) إذا لم يكن طالب مع مطلوب بأن كان كل يطالب صاحبه رفع إلى (من) أي قاض (سبق رسوله) لطلب الاتيان عنده (وإلا) يسبق رسول قاض بل استويا في المجئ مع دعوى كل أنه الطالب (أقرع) للقاضي الذي يذهبان إليه فمن خرج سهمه للذهاب له ذهبا له ( كالادعاء) أي كما يفرع بينهما في الادعاء بعد إتيانهما للقاضي الذي أقرعا في الذهاب إليه أو الذي اتفقا على الذهاب له ثم تنازعا في تقديم الدعوى إذ الموضوع أن كلا طالب وسيأتي له ما يغني عن هذا التشبيه في قوله وأمر مدع تجرد قوله عن مصدق بالكلام وإلا فالجالب وإلا أقرع (و) جاز لمتداعيين (تحكيم) رجل ( غير خصم) من غير تولية قاض له يحكمانه في النازلة بينهما لا تحكيم خصم من الخصمين فلا يجوز ولا ينفذ حكمه (و) غير (جاهل وكافر) وأما الجاهل والكافر فلا يجوز تحكيمهما (وغير
135 مميز) عطف على خصم كالذي قبله فالمعنى وتحكيم غير مميز وهو المميز لأن نفي النفي إثبات فكأنه قال وجاز تحكيم مميز وأتى بغيرها لئلا يتوهم عطفه على خصم وهو فاسد ولو قال وتحكيم رجل مسلم عالم مميز لكان أوضح ويخرج الصبي المميز فإنه فيه خلافه سيذكره كالمرأة وجواز التحكيم إنما يكون (في مال وجرح) ولو عظم فإن حكما خصما أو جاهلا أو كافرا لم ينفذ حكمه فإن حكم ولم يصب فعليه الضمان فالمراد بالخصم أحد المتداعيين كما هو صريح النقل فإن سأل الجاهل عالما فأراه وجه الحق فحكم به لم يكن حكم جاهل (لا) في (حد) من سائر الحدود ( و) لا في (لعان وقتل وولاء) لشخص على آخر (ونسب) كذلك (و) لا في (طلاق وعتق) فيمتنع التحكيم في واحد من هذه السبعة لأنه تعلق بها حق لغير الخصمين إما لله تعالى وإما لآدمي كما في اللعان والولاء والنسب لما في ذلك من قطع النسب وأما الحد والقتل والعتق والطلاق فالحق فيها لله تعالى لأن الحدود زواجر وهو حق لله ولان المطلقة بائنا لا يجوز إبقاؤها في العصمة ولا يجوز رد العبد للرق وهو حق لله (ومضى) حكمه في أحد هذه السبعة (إن حكم صوابا) فلا ينقض لأن حكم المحكم يرفع الخلاف كحكم الحاكم وترك هنا بعض مسائل ذكرها في الحجر بقوله وإنما يحكم في الرشد وضده والوصية والحبس المعقب وأمر الغائب ومال يتيم الخ وزاد هنا الطلاق والعتق واللعان (وأدب) أي إذا استوفى وأما إذا حكم ولم يستوف ما حكم به فلا أدب (وفي) صحة حكم (صبي) مميز (وعبد وامرأة وفاسق) أربعة أقوال
136 أولها الصحة ثانيها عدمها (ثالثها) الصحة (إلا) في تحكيم (الصبي) لأنه غير مكلف ولا إثم عليه إن جار (ورابعها) الصحة (إلا) في تحكيم صبي (وفاسق) ويجوز إبقاء المصنف على ظاهره بأن يقدر وفي جواز تحكيم صبي الخ وعدمه والأصل في الجواز الصحة وفي عدمه عدمها (و) جاز ماضي (ضرب خصم لد) عن دفع الحق بعد لزومه باجتهاد الحاكم والمراد بالجواز في هذه الاذن الصادق بالوجوب (و) جاز (عزله) أي القاضي أي يجوز للإمام أن يعزله (لمصلحة) اقتضت عزله لكون غيره أقوى منه أو أحكم أو أصبر أو لنقله لبلد آخر (ولم ينبغ) عزله (إن شهر عدلا) أي بالعدالة ( بمجرد شكية) أي شكوى بل حتى يكشف عن حاله فالتجرد إنما هو عن الكشف والنظر وحينئذ فكلامه صادق بما إذا تعددت الشكوى ومفهومه أنه إذا لم يشتهر بالعدالة أن يعزله بمجرد الشكوى وهو كذلك (وليبرأ) أي يجب على الإمام أن يبرئه عن الشين إن عزله (عن غير سخط) أي جرح بل لمجرد مصلحة ككون غيره أعلم بالأحكام وأما إن عزله لسخط فعليه أن يبين للناس موجب عزله لئلا يولي عليهم بعد (و) جاز له ( خفيف تعزير) شأنه السلامة من النجس (بمسجد لا حد) فلا يجوز فيه خشية خروج نجاسة منه يحتمل الحرمة والكراهة (وجلس) ندبا (به) أي بالمسجد أي برحابه ليصل إليه الكافر والحائض وجلوسه ولو يغير مسجد يكون (بغير عيد وقدوم حاج وخروجه و) غير وقت نزول (مطر ونحوه) كيوم تروية وعرفة وليل
137 أي فيكره جلوسه في هذه الأوقات إلا لضرورة اقتضت جلوسه فيها كما في مصر يوم خروج الحاج وقدومه فإن الجمالين يأخذون أموال الناس وإذا غفل عنهم هربوا أو أنكروا (و) جاز له ( اتخاذ حاجب وبواب) عدلين لمنع دخول من لا حاجة له وتأخير من جاء بعد حتى يفرغ السابق من قضيته (وبدأ) القاضي أول ولايته استحبابا وقيل وجوبا بعد النظر في الشهود ليبقى من كان عدلا ويطرد من كان فاسقا (بمحبوس) أي بالنظر في أمر المحبوسين لأن الحبس عذاب من إرسال أو إبقاء أو تحليف على الوجه الذي يقتضيه الشرع فيما حبس فيه (ثم) بالنظر في حال (وصي) على يتيم هل هو محسن في تربيته وماله أم لا (ومال طفل) أنه وصي أم لا (ومقام) أي وفي حال مقام أقامه على محجور قاض قبلها (ثم) في (ضال) ومنه اللقطة (ونادى) أي أمر أن ينادي في عمله (بمنع معاملة يتيم وسفيه) لا وصي لهما ولا مقام (ورفع أمرهما إليه) لينظر في شأنهما ويولي عليهما من يصلح (ثم) بعد ذلك ينظر (في الخصوم) للقضاء بينهم على الوجه الآتي بيانه في قوله وليسو بين الخصمين (ورتب كاتبا) عنده يكتب وقائع الخصوم وجوبا وقيل ندبا (عدلا شرطا) أي يشترط فيه أن يكون عدلا وليس المراد أن ترتيبه شرط (كمزك) أي يشترط فيه العدالة (واختارهما) من بين الناس بحيث يكونان أعدل الموجودين والمراد بالمزكي هنا مزكي السر الذي يخبر القاضي بحال الشهود لا مزكي البينة
138 فإنه لا بد من تعدده ولا يرتب (والمترجم ) الذي يخبر القاضي بمعنى لسان المدعي الذي لا يفهمه القاضي (مخبر) فيكفي فيه واحد خلافا لمن قال لا بد من تعدده بناء على أنه شاهد وأما عدالته فلا بد منها ( كالمحلف) الذي يبعثه القاضي لتحليف الخصوم يكفي فيه واحد ولا بد من عدالته أيضا (وأحضر) القاضي ولو مجتهدا (العلماء) ندبا وقيل وجوبا (أو شاورهم) إن لم يحضرهم وفي نسخة وشاورهم بالواو وهذا في الأمور المهمة التي شأنها تدقيق النظر فيها وأما الأحكام الظاهرة فلا حاجة له بإحضارهم كما هو ظاهر (و) أحضر وجوبا ( شهودا) ليحفظوا الاقرارات التي تقع من الخصوم خشية جحد الاقرار وأيضا الحكم إنما يتم بالشهود وإنما نكر لئلا يتوهم مع التعريف أنه لا بد من إحضار الشهود المقامين عنده مع أن المطلوب إحضار مطلق شهود (ولم يفت) يعني يكره للقاضي أن يفتي ( في خصومة) أي فيما شأنه أن يخاصم فيه كالبيع والشفعة والجنايات وإن لم يقع لأن الافتاء يؤدي إلى تطرق الكلام فيه لأنه إن حكم بما أفتى ربما قيل حكم بذلك لتأييد فتواه وإن حكم بخلافه لتجديد نظر أو ترجيح حكم قيل أنه حكم بما لم يفت به وقد يكون السؤال مزورا (ولم يشتر) أو يبع شيئا (بمجلس قضائه) أي يكره خوف المحاباة أو شغل البال إلا أن يخف فيما علم ثمنه فيجوز كما يجوز بيعه وشراؤه بغير مجلس القضاء وقيل يكره أيضا
139 واستعمل المصنف لم مكان لا النافية (كسلف وقراض) من غيره أو منه لغيره فيهما (وإبضاع) أي إعطائه مالا لمسافر ليجلس له به سلعة أي يكره في الجميع (وحضور وليمة) أي طعام يجتمع له الناس فالمراد الوليمة اللغوية بدليل قوله: (إلا النكاح) فإنه يجب بشروطه (وقبول هدية) أي يحرم قبولها (ولو كافأ عليها) بأكثر منها لميل النفوس للمهدى ويجوز للفقيه والمفتي قبولها ممن لا يرجو منه جاها ولا عونا على خصم (إلا من) شخص (قريب) لا يحكم له كأبيه وعمه وأمه وخاله فيجوز قبول الهدية وكذا ما قبلها بالأولى (و) في جواز قبول (هدية من اعتادها قبل الولاية) للقضاء وعدم جوازها أي الكراهة قولان ( و) في (كراهة حكمه في) حال (مشيه) أي سيره في الطريق وإن لم يكن ماشيا وجوازه قولان (أو) حكمه (متكئا) لما فيه من الاستخفاف أي مظنة ذلك وجوازه قولان (و) في كراهة (إلزام يهودي حكما بسبته) خصومة بينه وبين مسلم لأنه يعتقد حرمة عمله وغيره يوم السبت وفي الحكم عليه خرق لما يزعم تحريمه وجوازه قولان (و ) في كراهة (تحديثه) جلساءه بمباح (بمجلسه لضجر) نزل به لأن مجلس الحكم بيان عن الحديث فيما لا يعني وجوازه ليروح قلبه ويرجع إليه فهمه قولان (و) في اشتراط (دوام الرضا) من الخصمين (في التحكيم) أي فيما إذا حكما شخصا في تلك النازلة (للحكم) أي لانتهائه أي هل يشترط لنفوذ الحكم من المحكم دوام رضاهما به حتى يحكم فإن رجع أحدهما
140 قبله لم ينفذ حكمه عليه أو لا يشترط فليس لأحدهما رجوع قبل الحكم ولو رجع لم ينفعه رجوعه وله بت الحكم عليه وإن لم يرض ويرتفع الخلاف (قولان) الراجح الثاني وأما لو رجعا معا فلهما ذلك وليس له أن يحكم ولا يمضي إن حكم وهذا بخلاف القاضي فلا يشترط دوام رضاهما للحكم بلا نزاع لأن التحكيم دخلا عليه باختيارهما بخلاف القاضي فإنه نصب للالزام وإن لم يرض أحدهما به (ولا يحكم ) الحاكم أي يمنع وقيل يكره أن يحكم (مع ما يدهش عن) تمام (الفكر ومضى) حكمه إن حكم معه وكان صوابا وأما حكمه ما يدهش عن أصل الفكر فلا يجوز قطعا ولا يمضي بل يتعقب ومثله المفتي والمدهش كالغضب والخوف وضيق النفس والحصر والشغل بأمر من الأمور (وعزر) القاضي وجوبا (شاهد زور) وهو من شهد بما لم يعلم وإن صادف الواقع (في الملا) بالهمز مقصورا أي الجماعة من الناس بالضرب الموجع (بنداء) أي مع نداء عليه والطواف به في الأسواق والجماعات وإشهار أمره ليرتدع هو وغيره (ولا يحلق رأسه أو لحيته ولا يسخمه) أي وجهه بنحو سواد أو طين ( ثم في قبوله) إن ظهرت توبته (تردد) في النقل والحق عدم قبوله لأن محصل التردد هل لا يقبل اتفاقا أو فيه قولان وأما القاضي إذا عزل بجنحة ثبتت عليه فلا يجوز توليته بعد ذلك ولو صار أعدل أهل زمانه (وإن أدب) القاضي (التائب) أي شاهد زور أتى تائبا مقرا بزوره قبل الثبوت عليه (فأهل) أي فهو أهل للتأديب لم يفعل منكرا
141 والأولى تركه. (و) عزر (من أساء على خصمه) بحضرته كأن يقول لخصمه يا فاجر أو أنت فاجر ظالم (أو) من أساء على (مفت أو شاهد) ولا يحتاج إلى ببينة في ذلك بل يستند في ذلك لعلمه والحق حينئذ لله لانتهاك حرمة الشرع فلا يجوز للقاضي تركه وأما بغير حضرته فلا بد من الثبوت ببينة أو إقرار (لا بشهدت) أي لا يعزره بقوله للشاهد شهدت علي (بباطل) بخلاف قوله بزور لأنه لا يلزم من الباطل شهادة الزور إذ الباطل أعم من الزور لأن الباطل بالنسبة للواقع والزور بالنسبة لعلم الشاهد فقد يشهد بشئ يعلمه ويكون المدعي عليه قد قضاه أو أبرأ منه أو أحيل عليه به أو عفا عنه ولا مضرة على الشاهد بذلك بخلاف الزور فإنها تعمد الاخبار بغير ما يعلم (كلخصمه) أي كقوله لخصمه (كذبت) علي أو ظلمت أو ظلمتني فلا يؤدب بخلاف يا ظالم أو يا كذاب فيؤدب (وليسو) وجوبا ( بين الخصمين) في القيام والجلوس والكلام والاستماع والنظر لهما (وإن) كان أحدهما (مسلما) شريفا (و) الآخر (كافرا وقدم) في سماع الدعوى (المسافر) وجوبا على الحاضر ولو سبق الحاضر إلا لضرورة وإن تعدد المسافر قدم الأسبق إلا لضرورة (و) قدم (ما يخشى فواته) لو قدم غيره عليه ولو مسافرا لضررة الفوات (ثم السابق) إلى مجلس القضاء على المتأخر عنه (قال) المازري
142 من عند نفسه ( وإن) كان السابق ملتبسا (بحقين) أو أكثر فيقدم على التأخير بكل حقوقه (بلا طول) فإن كان فيهما طول يضر بالمتأخر قدم بأحدهما وأخر الثاني عمن يليه (ثم) إذا لم يكن مسافر ولا سابق بأن جاءوا معا أو سبق أحدهم وجهل وادعى كل السبق ولا ما يخشى فواته (أقرع) بينهم فمن خرج سهمه بالتقديم قدم (وينبغي) للقاضي (أن يفرد وقتا أو يوما للنساء) ولو كانت خصومتهن مع رجال لأنه أستر لهن (كالمفتي والمدرس) تشبيه في جميع ما تقدم فيقدم كل منهما المسافر وما يخشى فواته ثم السابق ثم أقرع وكذا المقرئ إلا لمهم وكذا أرباب الحرف كالخباز (وأمر مدع) نائب فاعل أمر أي بأمره القاضي بالكلام أولا والمدعي هو من (تجرد قوله) حال الدعوى (عن مصدق) من أصل أو معهود عرفا أي لم يكن له ما يصدقه من هذين حين الدعوى ولذا طلب منه البينة ليصدق وأما المدسي عليه فهو من تمسك بأصل أو عرف والأصل في الأشياء العدم وقوله: (بالكلام) أي الدعوى متعلق بأمر (وإلا) يعلم المدعي بأن قال كل أنا المدعي
143 (فالجالب) لصاحبه بنفسه أو برسول القاضي هو الذي يؤمر بالكلام ابتداء (وإلا) يكن أحدهما جالبا (أقرع) بينهما وإذا أمر بالكلام (فيدعي بمعلوم محقق) نحو لي عليه دينار من قرض أو بيع أو نحو ذلك واحترز بالمعلوم من المجهول نحو لي عليه شئ لا أعلمه وبالمحقق من غيره نحو لي عليه دينار في ظني أو وهمي فلا تسمع دعواه على المشهور وهذا في غير دعوى الاتهام كأن يتهم إنسانا بسرقة شيئه أو بأنه فرط فيه فتسمع ويتوجه اليمين على المدعي عليه كما سيأتي في الشهادات (قال) المازري (وكذا) تسمع دعواه إن ادعى بمجهول وبين السبب نحو لي عليه (شئ) من بقية معاملة مثلا ولكن لم أعلم قدره فيلزم المدعى عليه أن يجيبه بشئ محقق أو بالانكار ويحلف (وإلا) يدع بمعلوم محقق بأن ادعى بمجهول أو معلوم غير محقق (لم تسمع) دعواه (كأظن) أن لي عليه شيئا أو أن لي عليه دينارا وإن بين السبب خلافا لبعض الشراح ثم إذا ادعى بمحقق معلوم أو مجهول على قول المازري فلا بد من بيان السبب (وكفاه) في بيان السبب (بعت وتزوجت) مثلا وإن لم يبين الصحة (وحمل على الصحيح) حتى يتبين خلافه بأن يقول من بيع أو سلف أو قراض ونحو ذلك أو تقول المرأة من نكاح أو نفقة (وإلا) يبين المدعي السبب (فليسأله الحاكم عن السبب) وجوبا فإن غفل فللمدعى عليه السؤال عنه فإن قال لا علم عندي به أو لا أبينه لم تسمع دعواه فلا يطالب المدعى عليه بجواب كما يأتي (ثم) بعد بيان السبب أمر القاضي (مدعي عليه) وهو من (ترجح قوله بمعهود) شرعي كالأمانة فإنه عهد في الشرع أن الأمين مصدق في قوله كالمودع بالفتح وعامل القراض والمساقاة (أو أصل) كالمدين فإن الأصل عدم الدين
144 وكمدع أنه حر فإنه الأصل الحرية فمن ادعى عليه أنه رقيق فعليه البيان بخلاف مدع أنه عتق إذ الأصل عدم العتق لأن دعواه استلزمت الاقرار بأنه جرى عليه الرق فيكون مدعيا فعليه البيان كرب الدين وسيده مدعى عليه كالمدين وقوله: (بجوابه) متعلق بأمر أي أمره الحاكم بأن يجيب بإقرار أو إنكار فإن أقر وإلا طلب الحاكم من المدعي البينة فإن أقامها فظاهر وإلا توجهت اليمين على المدعى عليه وإنما تتوجه عليه ( إن) أثبت المدعي أنه (خالطه بدين) ولو مرة أي أن بينهما خلطة (أو تكرر بيع ) بالنقد الحال (وإن) كان ثبوت الخلطة (بشهادة امرأة) لأن القصد منا لخلطة اللطخ وهو يثبت بشهادة الواحد ولو أنثى (لا ببينة جرحت) أي جرحها المدعى عليه بعداوة ونحوها حين شهدت بأصل الدين ولا تكون كالمرأة في ثبوت الخلطة فتوجب توجه اليمين فعلم أن قوله إن خالطه شرط في مقدر فهم من قوة الكلام لا في الامر بالجواب كما هو ظاهره فكان عليه أن يقرنه بقوله فإن نفاها واستحلفه الخ ليكون ظاهرا في المراد ثم أن الذي عليه العمل أنه لا يشترط في توجه اليمين ثبوت خلطة واستثنى من اشتراط الخلطة لتوجه اليمين ثمان مسائل تتوجه فيها اليمين ولو لم تثبت خلطة بقوله: (إلا الصانع) يدعي عليه بماله فيه صنعة فيحلف ولو لم تثبت خلطة لأن نصب نفسه للناس في معنى الخلطة ومثله التاجر ينصب نفسه للبيع والشراء (والمتهم) بين الناس يدعي عليه بسرقة أو غصب فيحلف ولو لم تثبت خلطة وفي مجهول الحال قولان تقدما في الغصب (و) إلا (الضيف) يدعي أو
145 يدعي عليه (و) إلا الدعوى (في) شئ (معين) كثوب بعينه (و) إلا (الوديعة على أهلها) بأن يكون المدعي ممن يملك تلك الوديعة والمدعى عليه ممن يودع عنده مثلها وأن يكون الحال يقتضي الايداع كالسفر والغربة (و) إلا (المسافر) يدعي (على) بعض ( رفقته) بشئ من وديعة أو غيرها (و) إلا (دعوى مريض) في مرض موته يدعي على غيره بدين (أو) دعوى (بائع على) شخص (حاضر المزايدة) أنه اشترى سلعته بكذا والحاضر ينكر الشراء فتتوجه اليمين ولو لم تثبت خلطة وإذا أمر الحاكم المدعى عليه بالجواب (فإن أقر فله) أي للمدعي (الاشهاد عليه) خوف جحوده بعد (وللحاكم تنبيهه) أي المدعي (عليه) أي على الاشهاد لأنه من شأن الحاكم لما فيه من تقليل الخام وقطع النزاع بل يطلب منه ذلك (وإن أنكر) المدعى عليه أي أجاب بالانكار (قال) القاضي للمدعي (ألك بينة) فإن قال نعم أمره بإحضارها وأعذر للمدعى عليه فيها كما يأتي (فإن نفاها) بأن قال لا بينة لي (واستحلفه) أي طلب المدعي تحليفه وحلف (فلا بينة) تقبل للمدعي بعد ذلك (إلا لعذر كنسيان ) حين تحليفه خصمه وحلف أنه نسيها وأدخلت الكاف عدم علمه بها ثم علم وكذا إذا ظن أنها لا تشهد له أو أنها ماتت فله القيام بها إن حلف على ذلك فلو شرط المدعى عليه على المدعي عدم القيام ببينة يدعي نسيانها أو عدم علمه بها وفى له بشرطه (أو وجد ثانيا) هذا في حيز الاستثناء فيفيد أنه وجده بعد ما استحلفه وحلف فهو عطف على المعنى كأنه قال إلا إذا قام به عذر أو وجد ثانيا ويستفاد من قوله وجد ثانيا أن الحلف لرد شهادة الأول إما لكون الحاكم لا يرى الشاهد واليمين مطلقا أو كانت الدعوى لا تثبت إلا بشاهدين وقال المدعي ليس لي غير هذا فحلف المدعى عليه لرد شهادة الشاهد
146 ثم وجد شاهدا آخر فله أن يقيمه ويضمه للأول (أو) عدم قبول شهادة شاهد (مع يمين لم يره) أي اليمين الحاكم (الأول) أي لم ير الحكم للشاهد واليمين في مذهبه يعني أن من أقام شاهدا واحدا فيما يقضي فيه عندنا بالشاهد واليمين وهي الأموال وما يؤول إليها عند حاكم لا يرى ذلك فلم أيقبله واستحلف المطلوب أي طلب المقيم يمينه وحلف ثم أراد المدعي أن يقيم ذلك الشاهد عند حاكم آخر يرى الشاهد واليمين لعزل الأول أو موته أو تغير اجتهاده أو كان بقطر آخر ويحلف معه فله ذلك ويأخذ بذلك حقه من المدعى عليه بعد حلفه عند الأول والحكم له بعدم دفعه للمدعي وهذا كالمستثنى من قولهم ورفع الخلاف (و) لو ادعى شخص على آخر بحق فقال المدعى عليه أنت قد حلفتني عليه سابقا وكذبه المدعي فالمدعى عليه (له يمينه) أي تحليف المدعي (أنه لم يحلفه أولا) أي قبل ذلك أي فيكون القول للمدعي بيمينه فإن حلف أنه ما حلفه قبل ذلك فله تحليفه فإن حلف وإلا غرم وإن نكل فللمدعى عليه أن يحلف أنه لقد حلفه سابقا ويسقط الحق فإن نكل لزمته اليمين المتوجهة عليه ابتداء وبرئ وله ردها على المدعي (قال) المازري (وكذا) للمدعى عليه إذا شهدت عليه البينة تحليف المدعي (أنه عالم) حقه أنه لم يعلم (بفسق شهوده) فإن حلف بقي الامر بحاله وإن نكل تردت اليمين على المدعى عليه فإن حلف سقط الحق فالمدعي يحلف أنه لا يعلم بفسقهم وأجيب عن المصنف بأن قوله أنه عالم معمول لادعى مقدرا أي إذا ادعى المدعى عليه أن المدعي عالم الخ حلفه أنه لا يعلم فذكر كيفية الدعوى وترك كيفية اليمين
147 أنه لا يعلم بفسقهم لظهورها مما ذكر (وأعذر) القاضي (إليه) أي إلى من أقيمت عليه البينة وهذا مما يترتب على قسيم قوله فإن نفاها واستحلفه فلا بينة أي وإن لم ينفها بأن قال لي بينة أمره بإحضارها فإن أحضرها وسمع شهادتها أعذر للمدعى عليه أي سأله عن عذره (بأبقيت لك حجة) أي مطعن في هذه البينة فإن لم يأت به حكم عليه وإلا أنظره كما يأتي والاعذار واجب والحكم بدونه باطل فينقض ويستأنف (و) إذا كان المقام عليه البينة غائبا لعذر كمرض أو لكونه أنثى (ندب توجيه متعدد فيه) أي في الاعذار ويكفي الواحد العدل واستثنى خمس مسائل لا إعذار فيها بقوله: (إلا الشاهد بما) أي بإقرار المدعى عليه الذي وقع منه (في المجلس) أي مجلس القاضي لمشاركته لهم في سماع الاقرار فيحكم عليه من غير إعذار في الشهود الحاضرين إذ لو أعذر فيهم للزم الاعذار في نفسه وهو لا يعذر في نفسه (و) إلا شاهدا أي جنسه (موجهة) القاضي لسماع دعوى
148 أو لتحليف أو حيازة فلا إعذار فيهم لأنه أقامهم مقام نفسه وهو لا يعذر في نفسه (و) إلا (مزكي السر) أي مخبر القاضي سرا بعدالة الشهود فلا إعذار فيه وكذا مجرحهم وليس على الحاكم تسميته ولو سئل عمن عدل أو جرح لم يلتفت إليه (و) إلا (المبرز) أي الفائق في العدالة لا إعذار فيه ( بغير عداوة) للمشهود عليه أي أو قرابة للمشهود له وأما بهما فيعذر (و) إلا من يخشى (منه) الضرر على بينة شهدت عليه أو جرحت بينته فلا إعذار إليه فيها بل لا تسمى له (و) إذا أعذر إليه فقال لي فيها مطعن من فسق أو غيره (أنظره) القاضي (لها) أي للحجة المتقدم ذكرها أي لاثباتها (باجتهاده) بما يقتضيه نظره فليس لأمدها زمن معين (ثم) إن لم يأت بها (حكم) عليه (كنفيها) أي كما يحكم عليه لو نفاها بأن قال لا حجة لي (وليجب) القاضي من سأله من جرح بينتي (عن) تعيين (المجرح) بأن يقول له فلان وفلان إن لم يخش منه عليه
149 (و) إذا أنظره القاضي باجتهاده ولم يأت بحجته فإنه (يعجزه) أي يحكم بعجزه أي بعدم قبول بينة يأتي بها بعد زيادة على الحكم بالحق ويكتب ذلك في سجله بأن يقول وادعى أن له حجة وقد أنظرناه بالاجتهاد فلم يأت بها فحكمنا بعجزه فلا تسمع له بينة بعد ذلك أي خوفا من أن يدعي بعد ذلك عدم التعجيز وأنه باق على حجته نعم إذا عجزه بالمعنى المذكور فله إقامة بينة لم يعلمها أو نسيها ثم استثنى خمس مسائل ليس للقاضي التعجيز فيها فقال: (إلا في دم) كادعاء شخص على آخر أنه قتل وليه عمدا وأن له بينة بذلك فانظره ليأتي بها فلم يأت فلا يحكم عليه بتعجيزه عن قيامها فمتى أتى بها حكم بقتل المدعى عليه (وحبس) أي وقف ادعاه على آخر أنه حبسه عليه وأنكر فطلب الحاكم منه بينة على دعواه فعجز عنها في الحال فلا يحكم بتعجيزه وله القيام بها متى وجدها وإن منعه الآن من وضع يده عليه (وعتق) ادعاه الرقيق على سيده وقال عندي بينة وعجز عن إقامتها فلا يحكم بعدم سماعها إن وجدها وإن حكم ببقائه الآن على الرق (ونسب) كادعائه أنه من ذرية فلان وأن له بينة وعجز عن إقامتها فلا يحكم بعد سماعها وإن لم يثبت نسبه الآن (وطلاق) ادعته الزوجة على زوجها وأن لها بينة وعجزت عن إقامتها الآن فلا يحكم بإبطال سماعها وإن حكم أنها في عصمته ( وكتبه) أي التعجيز في غير المستثنيات في سجله كما تقدم
150 (وإن لم يجب) المدعى عليه بإقرار ولا إنكار (حبس وأدب) بالضرب (ثم) إن استمر على عدم الجواب ( حكم) عليه بالحق لأنه في قوة الاقرار (بالحق بلا يمين) من المدعي لأن اليمين فرع الجواب وهو لم يجب (ولمدعي عليه السؤال عن السبب) الذي ترتب عليه الدين إذا لم يسأله الحاكم عنه فإن بينه المدعي عمل به إذ قد لا يترتب عليه غرم كالقمار وقد يترتب عليه غرم قليل كالربا وإن لم يبينه لم يطلب المدعى عليه بجواب (و) لو قال المدعي نسيته ثم قال تذكرته وأنه كذا (قبل نسيانه بلا يمين ) منه على ذلك (وإن أنكر مطلوب) بحق (المعاملة) من أصلها بأن قال لا معاملة بيني وبينه (فالبينة) على المدعي تشهد بالحق على المطلوب (ثم) بعد إقامتها (لا تقبل) من المطلوب (بينة بالقضاء) لذلك الحق لأن إنكاره أصل المعاملة تكذيب لبينته بالقضاء (بخلاف) قوله: (لا حق) أو لا دين (لك علي) فأقام المدعي بينته بالدين فأقام المدعى عليه بينته بالقضاء فتقبل إذ كلامه المذكور ليس فيه تكذيب لبينته إذ قوله لا حق لك على صادق بما إذا كان قبل ذلك حق وقضاه (وكل دعوى لا تثبت إلا بعدلين) كالقتل والعتق والنكاح والطلاق (فلا يمين) على المدعى عليه (بمجردها) من المدعي بل حتى يقيم عليها شاهدا واحدا فيحلف المدعى عليه لرد شهادته (ولا ترد) على المدعي إذ لا ثمرة في ردها عليه مع كون الدعوى لا تثبت إلي بعدلين فقوله ولا ترد معطوف على مقدر أي فإن لم تتجرد بأن أقام عدلا
151 فقط توجهت ولا ترد لكن توجهها في غير النكاح فإن حلف من توجهت عليه وهو المدعى عليه كالسيد في العتق ترك وإن نكل حبس فإن طال حبسه دين وأما في النكاح فلا تتوجه كما لو ادعى رجل أن فلانا زوجه ابنته وأنكر الأب فأقام الزوج شاهدا واحدا بذلك فلا تتوجه اليمين على الأب ولا يثبت النكاح وسيأتي هذا التفصيل في الشهادات في قوله وحلف بشاهد في طلاق وعتق لا نكاح فقوله هنا (كنكاح) مثال لما لا يثبت إلا بعدلين لا مثال لما تتوجه فيه اليمين مع شاهد المدعي (وأمر) القاضي ندبا (بالصلح ذوي الفضل) من أهل العلم والصلاح (و) ذوي (الرحم) أي الأقارب لأن القضاء أمر يوجب الشحناء والتفرق بخلاف الصلح فإنه أقرب لجمع الخواطر وتأليف النفوس المطلوب شرعا (كأن خشي) الحاكم بحكمه (تفاقم) أي اتساع (الامر) أي العداوة بين الخصمين فيأمرهما بالصلح لكن في هذا وجوبا سدا للفتنة وظاهر المصنف أنه يأمر من ذكر بالصلح ولو ظهر وجه الحكم فيكون مخصصا لقوله الآتي ولا يدعو لصلح إن ظهر وجهه ثم الامر بالصلح فيما يتأتى فيه ذلك لا في نحو طلاق (ولا يحكم) أي لا يجوز لحاكم أن يحكم (لمن لا يشهد له) كأبيه وأبيه وزوجته (على المختار) وكذا لا يحكم على من لا يشهد عليه ومقابل المختار يجوز إن لم يكن من أهل التهمة وكلام المصنف فيما إذا كان الحكم يحتاج لبينة لأنه يتهم بالتساهل فيها وأما إن اعترف المدعى عليه فيجوز الحكم لابنه مثلا عليه (ونبذ حكم جائر) وهو الذي يميل عن الحق عمدا ومنه من يحكم بمجرد الشهادة من غير نظير لتعديل ولا تجريح فينقضه من تولى بعده وإن كان حكمه مستقيما في ظاهر الحال ولا يرفع حكمه الخلاف ما لم تثبت صحة باطنه كما قاله ابن رشد (وجاهل لم يشاور) العلماء ولو وافق الحق (وإلا) بأن شاروهم (تعقب) حكمه وينقض منه الخطأ ( ومضى) منه (غير الجور) وهو الصواب وإنما تعقب مع المشاورة لأنه وإن عرف الحكم فقد لا يعرف إيقاعه لأنه يحتاج لزيادة نظر في البينة وغيرها من أحوال المتداعيين إذ القضاء صناعة دقيقة لا يهتدي إليها كل الناس واعترض بأنه كيف يصح تولية الجاهل مع أن شرط صحة توليته العلم
152 وأجيب بأنه قد يولي الجاهل لعدم وجود العالم حقيقة أو حكما كمرضه أو سفره (ولا يتعقب حكم العدل العالم) أي لا ينظر فيه من يتولى بعده لئلا يكثر الهرج والخصام وتفاقم الحال وحمل عند جهل حاله على العدالة إن ولاه عدل (ونقض) إن عثر على خطأ العدل العالم من غير تفحص ( وبين) الناقض (السبب) الذي نقض من أجله لئلا ينسب للجور والهوى (مطلقا) أي نقضه هو أو غيره فقوله نقض بالبناء للفاعل وفاعله ضمير يعود على العدل العالم وقوله: (ما) أي حكما مفعوله (خالف) فيه (قاطعا) من نص كتاب أو سنة أو إجماع أو القواعد كأن يحكم بشهادة كافر فإنه مخالف لقوله تعالى وأشهدوا ذوي عدل منكم وكأن يحكم بالشفعة للجار فإن الحديث الصحيح وارد باختصاصها بالشريك ولم يثبت له معارض صحيح وكأن يحكم بأن الميراث لأن الأمة كلها على قولين اختصاص الجد أو مقاسمة الأخ له ولم يقل أحد باختصاص الأخ وحرمان الجد وكأن يحكم بينة نافية دون المثبتة فإن القواعد الشرعية تقديم المثبتة على النافية ( أو) خالف فيه (جلي قياس) من إضافة الصفة لموصوفها أي قياسا جليا وهو ما قطع فيه بنفي الفارق أو ضعفه كقياس الأمة على العبد في التقويم على من أعتق نصيبه منه من أحد الشريكين وهو موسر وشبه المصنف فيما تقدم أمرين أولهما قوله: ( كاستسعاء معتق) بعضه بأن وقع من أحد الشركاء وهو معسر وأبى الشريك الثاني من عتق نصيبه فحكم له قاض بأن العبد يسعى لهذا المالك للبعض ويأتي له بقيمة نصيبه فيه ليكمل عتقه
153 فإنه ينقض ولو كان المالك لهذا البعض حنفيا يرى أن مذهبه ذلك كما أنه يحد لو شرب النبيذ ولو لم ير الحد مذهبه وثانيهما. قوله: (وشفعة جار) وتقدم توضيحه واستبعد المازري وغيره نقض الحكم في المسألتين لأنه ورد في كل حديث ويجاب بأن عامة أهل العلم ولا سيما علماء المدينة لما قالوا بخلافهما صار العمل بهما كأنه خرق للاجماع (وحكم على عدو) أي حكم القاضي على عدوه عداوة دنيوية فينقض (أو) حكم (بشهادة كافر) على كافر أو مسلم مع علم القاضي بذلك لمخالفته لنص الكتاب كما تقدم (أو ميراث ذي رحم) كعمة وخالة فينقض (أو) ميراث (مولى أسفل) من معتقه (أو) حكم بشئ من غير استناد لبينة أو إقرار بل (بعلم) منه (سبق مجلسه) قبل ولايته أو بعدها وأما لو قضى بما علمه في مجلس القضاء بأن أقر بين يديه فلا ينقض (أو جعل بتة) أو ثلاثا ( واحدة) أي حكم بذلك فينقض ويؤدب المفتي بذلك لأن القول به منكر في الدين ( أو) ثبت (أنه قصد كذا) أي حكما صحيحا (فأخطأ) عما قصد لغفلة أو نسيان أو اشتغال بال (ببينة) متعلق بثبت المقدر أي ثبت ببينة أنه أخطأ عما قصده واحترز بذلك عما لو اعترف بذلك بدون بينة فلا ينقضه غيره وبنقضه هو (أو ظهر) بعد قضائه (أنه قضي بعبدين أو كافرين أو صبيين أو فاسقين) فينقضه هو أو غيره ( كأحدهما) كما إذا حكم بأحدهما مع عدل فينقض (إلا بمال) وما يؤول إليه (فلا يرد) إليه حكمه (إن حلف) المحكوم له (وإلا) بحلف (أخذ) المال (منه إن حلف) المحكوم عليه لرد شهادة العدل فإن نكل فلا شئ له (و) إذا تبين بعد الحكم بالقتل أن أحدهما غير مقبول الشهادة كالعبد وما معه (حلف) ولي الدم (في القصاص) من المشهود عليه (خمسين) يمينا
154 (مع عاصبه) واحدا كان أو أكثر إذ لا يحلف في العمد أقل من رجلين ولو عبر بالقتل بدل القصاص لكان أخصر وأحسن لأنه أدل على المقصود إذ ربما توهم القصاص في غير القتل كالأطراف وإن كان قوله حلف خمسين وقوله الآتي في القطع قرينة على أن المراد بالقصاص خصوص القتل (وإن نكل ) ولي الدم أو عاصبه (ردت) شهادة الشاهد الباقي (وغرم شهود علموا) بأن أحدهم عبد أو كافر والمراد جنس الشهود الصادق بالواحد إذ موضوع المسألة أنهما شاهدان تبين أن أحدهما كافر مثلا ويختص العالم الباقي بغرم الدية واستشكل بأن مقتضى الظاهر تغريم غيره معه إن لم نقل باختصاصه بالغرم إذ الغرم إنما جاء من قبله ويجاب بأن العالم لما سكت عن حال صاحبه كان هو المتسبب في الاتلاف فخص بالغرم (وإلا) يعلموا (فعلى عاقلة الإمام) الدية إن لم يعلم حين الحكم وإلا فعليه وحده (و) إذا تبين بعد الحكم أن أحد الشاهدين كعبد (في القطع) قصاصا ليد مثلا حلف المقطوع الأول وهو المجني عليه مع شاهده الباقي وتم الحكم لأن الجرح يثبت بالشاهد واليمين كما يأتي فإن نكل (حلف المقطوع) قصاصا (أنها) أي شهادة الشاهد الباقي (باطلة) واستحق دية يده مثلا على الشاهد إن علم وإلا فعلى عاقلة الإمام كما مر فقد حذفه من هنا لدلالة ما قبله عليه ولما تكلم على المسائل التي ينقضها هو وغيره أخذ يتكلم على ثلاث مسائل ينقضها هو فقط مع بيان السبب أيضا لما تقدم فقال: (ونقضه هو فقط إن ظهر أن غيره أصوب) منه (أو خرج عن رأيه) إذا كان مجتهدا فحكم بغيره خطأ
155 (أو) خرج المقلد عن (رأي مقلده) بالفتح أي إمامه خطأ أي ادعى كل منهما أنه أخطأ فينقضه فقط وأما لو ثبت ببينة أنه أخطأ بقرينة فإنه ينقضه هو وغيره كما مر (ورفع) حكمه (الخلاف) في تلك النازلة فلا يجوز لمخالف فيها نقضها فإذا حكم بفسخ عقد أو صحته لكونه يرى ذلك لم يجز لقاض غيره ولا له نقضه ولا يجوز لمفت علم بحكمه أن يفتي بخلافه وهذا في الخلاف المعتبر بين العلماء وأما ما ضعف مدركه بأن خالف نصا أو جلى قياسا أو إجماعا فينقض كما مر ومن المخالف للقواعد القطعية وظواهر النصوص الحقية ما يفعل من الحيل الظاهرة الفساد كأن يسلف غيره مالا ويقول له أنذر على نفسك أنه متى كان هذا المال في ذمتك أن تعطيني كل شهر مثلا كذا من الدراهم أو أعطني أرضك لأزرعها وأبح لي منفعتها مدة بقاء الدراهم في ذمتك وحكم بذلك حاكم فلا ريب أنه يجب نقضه (لا أحل حراما) لمحكوم له ظالم في الواقع يعني أن حكم الحاكم المستوفي للشروط المتقدمة لا يحل الحرام للمحكوم له إذا كان ظالما في نفس الامر فمن ادعى نكاح امرأة وهو كاذب في دعواه وأقام شاهدي زور على نكاحها وكان الحاكم لا يرى البحث عن العدالة كالحنفي أو كان يبحث عنها كالمالكي وعجزت المرأة عن تجريحها فحكم بأنها زوجة له فحكمه لا يحل وطأها له خلافا للحنفية حيث قالوا يجوز له وطؤها مع علمه بأنه لم يكن عقد عليها كأنهم نظروا إلى أن حكمه صيرها زوجة كالعقد وكذا إذا طلقها بائنا فرفعته وأنكر فطلب منها الحاكم البينة فعجزت فحكم بالزوجية وعدم الطلاق فلا يجوز له وطؤها نظرا لحكم الحاكم لعلمه بأنه طلقها وكذا لو ادعى بدين على شخص وأقام بينة زور عند من لا يرى البحث عن العدالة أو عجز المدعى عليه عن تجريحها أو أقام شاهدا أو حلف المدعي معه أو أقر المدعى عليه به ثم قال لكن وفيته له فطلب منه القاضي البينة على الوفاء فعجز وحلف المدعي أنه لم يوفني ما أقر به فحكم الحاكم بالدين فلا يحل للمدعي إذا كان كاذبا أن يتملك هذا الدين وهذا كما قال المصنف في الصلح ولا يحل لظالم فمراد المصنف أن الحكم المستكمل للشروط الواجب على الحاكم يرفع الخلاف الواقع بين أهل العلم ولا يحل حراما لظالم كاذب في دعواه فالحاكم يحكم بالظاهر والله تعالى يتولى السرائر وهذا من بديهيات العلوم لا يتوقف فيه أحد من أئمتنا فكيف يتوجه على المصنف اعتراض ثم أشار إلى أن الحكم لا يتوقف على لفظ حكمت بل يكون بكل ما دل على اللزوم بقوله: (ونقل ملك
156 وفسخ عقد) كأن يقول نقلت ملك هذه السلعة لزيد أو ملكتها له أو فسخت عقد هذا النكاح أو البيع أو أبطلته ولو لم يقل حكمت بذلك وهذا بعد حصول ما يجب في الحكم من تقدم دعوى وبينة وتزكية وإعذار أو إقرار الخصم ونحو ذلك مما تقدم وهو معنى قولهم لا بد في الحكم من تقدم دعوى صحيحة وصحتها بإقامة بينة عادلة أو إقرار ممن يعتد بإقراره (وتقرر نكاح) أي تقريره كما وقع في بعض النسخ وقع (بلا ولي) بأن زوجت نفسها بلا ولي مع شاهدين قبل البناء وأراد بالتقرير السكوت حين رفع لحنفي أمرها ولم يتكلم بإثبات ولا نفي فسكوته حكم كذا قيل وفيه نظر بل الظاهر أنه قال قررته وأن مجرد السكوت لا يعد حكما يرفع الخلاف وقوله: (حكم) خبر عن قوله ونقل ملك وما عطف عليه أي فيرتفع به الخلاف إن وقع ممن يراه فاقتضى كلام المصنف أن حكم الحنفي بتقرير نكاح من زوجت نفسها بلا ولي لا ينقض بخلاف حكمه باستسعاء العبد وشفعة الجار مع أن مدرك تزويجها نفسها أضعف من مدركهما عند العلماء (لا) إن قال حاكم رفعت إليه نازلة كمن زوجت نفسها بلا ولي (لا أجيزه) من غير أن يحكم بفسخ ولا إمضاء فليس بحكم فلغيره الحكم فيها بما يراه من مذهبه (أو أفتى) بحكم بأن سئل عن قضية فأخبر السائل بحكمها فلا يكون إفتاؤه حكما يرفع خلافا لأن الافتاء إخبار لا إلزام (و ) إذا حكم الحاكم في جزئية (لم يتعد) حكمه (لمماثل) لها
157 (بل إن تجدد) المماثل (فالاجتهاد) منه أو من غيره إن كان مجتهدا وأما المقلد فلا يتعدى حكمه أيضا فإن يجدد مماثل حكم بمثل ما حكم به أو لا لحكمه بقول مقلده دائما إلا أن يكون من أهل الترجيح في المذهب فله مخالفة الأول إن ترجح عنده مقابله (كفسخ) لنكاح (برضع كبير) أي بسببه والكبير من زاد عمره على حولين وشهرين فلو تزوج ببنت من أرضعته كبيرا فرفع لمن يرى التحريم برضع الكبير ففسخه فلا يتعدى لمماثله فإن تجدد فالاجتهاد منه أو من غيره (و) كفسخ نكاح ب (تأبيد حرمة نكاح منكوحة عدة) أي حكم بفسخ عقده في العدة بسبب أنه يرى أن النكاح في العدة يؤبد التحريم فحكمه في المسألتين إنما هو بمجرد الفسخ بسبب ما ذكر فلا يجوز نقضه بحيث يحكم فيهما بالصحة وأما تحريمها عليه في المستقبل فلم يتعد إليه الحكم وإن كان هو الحامل له على الفسخ فيكون معرضا للاجتهاد منه أو من غيره كما أشار له بقوله: (وهي) أي المفسوخ نكاحها في المسألتين (كغيرها) ممن لم يتقدم عليها فسخ بسبب رضاع في الأولى ولا بسبب عقد في العدة في الثانية (في المستقبل) فله أو لغيره أن يزوجها لمن فسخ نكاحه في الصورتين حيث تغير اجتهاده فليس المراد أنه حكم بالتأبيد وإلا فلا يجوز نقضه له ولا لغيره فلا تكون كغيرها في المستقبل (ولا يدعو) القاضي (لصلح ) بين الخصمين (إن ظهر وجهه) أي وجه الحق بالبينة أو الاقرار المعتبرين شرعا إلا أن يرى لذلك وجها كذوي الفضل والرحم أو خشية تفاقم الامر كما مر (ولا يستند) في حكمه (لعلمه) في الحادثة بل لا بد من البينة أو الاقرار (إلا في التعديل) لشاهد فيستند لعلمه بعدالته ولكن يقبل فيه تجريح من جرح لأن التجريح يقدم على التعديل ( والجرح) بفتح الجيم أي التجريح فعلمه به أقوى من البينة المعدلة
158 (كالشهرة بذلك) أي بالتعديل أو الجرح فيستند لها إن لم تشهد بينة بخلافه أو يعلم القاضي منه خلاف ما اشتهر (أو إقرار الخصم) المشهود عليه (بالعدالة) لمن شهد عليه فيحكم بذلك ولو علم القاضي خلاف ذلك لأن إقراره بعدالته كإقراره بالحق (وإن أنكر محكوم عليه) بحق لاقراره به في مجلس الحكم (إقراره) مفعول أنكر أي أنكر إقراره (بعده) أي بعد الحكم عليه بالحق (لم يفده) إنكاره وتم الحكم عليه فقوله بعده متعلق بأنكر أي أنكر بعد الحكم إقراره قبله وأما لو أنكر قبل الحكم فلا يحكم عليه لأنه من الحكم المستند لعلمه ما لم تكن بينة حاضرة تشهد عليه به ( وإن شهدا) أي العدلان على القاضي (بحكم نسيه) أي ادعى نسيانه (أو أنكره) أي أنكر أن يكون صدر منه (أمضاه) أي وجب إمضاؤه عملا بشهادتهما سواء كان معزولا أم لا ولما كان الانهاء جائزا معمولا به شرعا وهو تبليغ القاضي حكمه أو ما حصل عنده مما هو دونه كسماع الدعوى لقاض آخر لأجل أن يتمه أفاده بقوله: (وأنهى) قاض جوازا (لغيره) من القضاة إما (بمشافهة) أي مخاطبة ومكالمة بما حكم به أو بما حصل عنده من البينة مع تزكية أو دونها (إن كان كل بولايته) بأن يكون كل منهما ماكثا بطرف ولايته ويخاطب صاحبه لأن الحاكم إذا لم يكن بولايته كان معزولا (و) إما (بشاهدين) يشهدهما على حكمه ثم يشهدان عند آخر بما حصل عند الأول
159 فيجب عليه تنفيذه أي ولا بد أن يكون كل بولايته فقد حذفه من الثاني لدلالة الأول فلا بد أن يشهدهما الأول بمحل ولايته وأن يبلغا المنهي إليه بولايته وأما قوله: (مطلقا) فمعناه سواء كان الحق المحكوم به يثبت بشاهدين أو بأربعة أو بشاهد ويمين أو امرأتين أو بامرأة فلا يكون الانهاء بشاهد ولا بشاهد ويمين وأولى مجرد إرسال كتاب كما يأتي (واعتمد) المنهي إليه (عليهما) أي على شهادتهما (وإن خالفا) في شهادتهما (كتابه) الذي أرسله معهما (وندب ختمه) لأنه ادعى للقبول وسواء قرأه على الشاهدين أولا (ولم يفد) الكتاب (وحده) من غير شهادة على الحاكم في حكمه وظاهره أن شهادة واحد فقط أو مع يمين تفيد مع الكتاب وليس كذلك فلا بد من شاهدين يشهدان على أن هذا كتاب القاضي الفلاني وأنه أشهدهما على ما فيه (وأديا ) ما أشهدهما به (وإن عند) قاض (غيره) أي غير المنهي إليه لعزله أو موته ولو كتب فيه اسم المنهي إليه (و) لو دفع القاضي كتابا مطويا إلى الشهود ( أفاد) العمل بمقتضاه (إن أشهدهما أن ما فيه حكمه أو خطه) وظاهره أن الشهادة من غير إشهاد لا تكفي وهو قول أشهب وقال ابن القاسم وابن الماجشون تكفي
160 (كالاقرار) فإنه يفيد ويعد إقرارا يعني أن من دفع مكتوبا لرجلين وقال لهما أشهدا على أن ما فيه خطي فإذا فيه عندي وفي ذمتي لفلان كذا فيعمل به وكذا إذا قال لهما أشهدا على بما فيه (وميز) القاضي وجوبا (فيه) أي في كتاب الانهاء (ما يتميز ) المدعى عليه (به من اسم وحرفة وغيرهما) من الصفات التي لا يشاركه فيها غيره غالبا كنسبه وبلده وطوله وقصره وبياضه وسواده (فنفذه) القاضي (الثاني) المنهى إليه إذا كان حكم الأول (وبنى) على ما صدر من الأول إذا لم يحكم فإذا كتب للثاني أن المدعي أقام عندي البينة قال الثاني للمدعى عليه ألك حجة إلى آخر ما تقدم وإن كتب له بتعديلها لم ينظر فيه بل يعذر للمشهود عليه وإن كتب له أنه أعذر إليه فعجز عن مدفع أمضى عليه الحكم وشبه في التنفيذ والبناء قوله: ( كأن نقل) القاضي من خطة (لخطة) بضم الخاء أي مرتبة أو ولاية (أخرى) فإنه ينفذ ما مضى أو يبني عليه بخلاف ما لو عزل ثم ولى فلا يبني بل يستأنف والخطة بالضم الامر والقضية وبالكسر الأرض يخطها الرجل لنفسه أي يعلم عليها علامة بالخط ليعلم أنه اختارها ليبنيها وبالغ على التنفيذ والبناء بقوله: (وإن) كان المنهى به (حدا) كما يكون في الحقوق المالية (إن كان) القاضي المرسل (أهلا) للقضاء بأن كان معروفا بأنه من أهل العلم والفضل (أو) كان (قاضي مصر) من الأمصار أي بلد كبير كمصر ومكة والمدينة والعراق والأندلس لأن قضاة الأمصار مظنة العلم والفضل (وإلا) يكن أهلا للقضاء أي لم يعرف بذلك ولا قاضي مصر (فلا) ينفذ المنهي إليه كتاب الأول ولا يبني عليه إذ لا وثوق به بل يستأنف الحكم فهذا الشرط شرط في قوله فنفذه الثاني الخ لا فيما بعد الكاف وشبه بقوله وإلا فلا قوله: (كأن شاركه) أي شارك المدعى عليه الذي شهدت عليه البينة عند الأول (غيره) في اسمه واسم أبيه وجده وفي نعته فإن المرسل إليه لا ينفذ الحكم على واحد منهما (وإن) كان المشارك (ميتا) ما لم يعلم أن الميت ليس هو المراد بوجه من الوجوه ( وإن لم يميز) القاضي في كتابه المحكوم عليه بأوصافه المميزة له من غيره على ما مر (ففي إعطائه) بكسر الهمزة أي تسليط القاضي المرسل إليه المدعي على صاحب ذلك الاسم لأن الشأن أن الطالب لا يطلب غير غريمه وعلى صاحب الاسم
161 أو يثبت أن في البلد من يشاركه فيه (أو لا) يعديه (حتى يثبت) الطالب (أحديته) أي انفراده بهذا الاسم في البلد (قولان) محلهما فيما إذا لم يكن في البلد مشارك محقق وإلا لم يعده عليه اتفاقا ولما كان القاضي له الحكم على الغائب وكانت الغيبة ثلاثة أقسام قريبة وبعيدة ومتوسطة ذكرها على هذا الترتيب فقال: (و) الغائب (القريب) الغيبة كاليومين والثلاثة مع الامن حكمه (كالحاضر) في سماع الدعوى عليه والبينة وتزكيتها ثم يكتب إليه بالاعذار فيها وأنه إما قدم أو وكل فإن لم يقدم ولا وكل حكم عليه في كل شئ ويباع عقاره ونحوه في الدين ويعجزه إلا في دم وحبس إلى آخر ما تقدم. وأشار للثانية بقوله: (و) الغيبة (البعيدة كإفريقية) من مكة ونحوها (قضي عليه) في كل شئ بعد سماع البينة وتزكيتها ( بيمين القضاء) من المدعي أنه ما أبرأ ولا أحاله الغائب به ولا وكل من يقضيه عنه في الكل ولا البعض وهي واجبة لا يتم الحكم إلا بها على المذهب وهذه اليمين تتوجه في الحكم على الغائب والميت واليتيم والمساكين والاحباس ونحو ذلك (وسمي) القاضي (الشهود) والمعدلين لهم حيث يعذر فيهم أي كتب ذلك عنده ليجد له مدفعا عند قدومه لأنه باق على حجته إذا قدم والمتوسطة في هذا كالبعيدة
162 (وإلا) بأن لم يسمهم أو لم يحلف المدعي يمين القضاء وحكم (نقض) حكمه واستؤنف وأشار للثالثة بقوله: (والعشرة) من الأيام مع الامن (أو اليومان مع الخوف يقضى عليه معها) أي مع يمين القضاء (في غير استحقاق العقار) أي عقاره فلا تسمع دعوى ممن ادعى أنه يستحق عقاره لكثرة المشاحة فيه فتؤخر الدعوى عليه فيه حتى يقدم وإنما سمعت في بعيد الغيبة لضرورة مشقة الصبر واحترز باستحقاق العقار عن بيعه في دين أو نفقة زوجة فإنه يحكم به ثم ما قارب كلا من مسافة الغيبة في الأقسام الثلاثة له حكمه ولما ذكر الحكم على الغائب ذكر الحكم بالغائب فقال: (وحكم) القاضي ( بما يتميز) حال كونه (غائبا) عن بلد الحكم ولو في غير محل ولايته (بالصفة) متعلق بتميز كعبد وثوب ودار من سائر المقومات ولا يطلب حضوره مجلس الحكم ( كدين) أي كما يحكم بالدين فلو كان الغائب لا يتميز بالصفة كالحديد والحرير فإن شهدت البينة بقيمته مقوما كان أو مثليا حكم به أيضا وإلا فلا وإنما اعتبرت القيمة في المثلى لجهل صفته واحترز بالغائب عن الحاضر في البلد فلا بد من إحضاره مجلس الحكم تميز بالصفة أم لا (وجلب) القاضي (الخصم) أي دعاه لمجلس الحكم (بخاتم أو رسول) أو ورقة أو أمارة (إن كان) الخصم (على مسافة العدوي) بفتح العين المهملة وسكون الدال وفتح الواو ومسافة القصر على المعتمد بدليل ما بعده لا التي يذهب إليها ويرجع لمنزله في يوم واحد كما قيل (لا أكثر) منها
163 (كستين ميلا ) بمحل ولايته فإنه جلبه لم يلزمه حضور (إلا بشاهد) من المدعي يشهد بالحق فيجلبه قهرا عنه إن شاء وإن شاء كتب له إما أن تحضر أو توكل أو ترضى خصمك (ولا يزوج) القاضي (امرأة) أي لا يتولى عقد نكاحها حيث لاولى لها إلا الحاكم (ليست بولايته ) بأن كانت خارجة عنها إذ لا ولاية له عليها وإن كان أصلها من أهلها فإن زوجها جرى على تفصيل النكاح المتقدم بقوله وبأبعد مع أقرب إن لم يجبر وقوله وصح بها في دنية مع خاص لم يجبر كشريفة دخل بها وطال (وهل يدعى) بالعقار الغائب مثلا (حيث المدعى عليه) ولا عبرة بقوله نحضر محل العقار المدعى به (وبه عمل) وحكم به بالمدينة والأندلس فهو الراجح (أو) حيث (المدعي) أي العقار المدعى فيه فيجاب المطلوب لقوله حتى تحضر محل الحادثة (وأقيم) هذا القول (منها) أي من المدونة فالخلاف في العقار وغيره من المعينات وعلى الراجح فيدعي الطالب حيث تعلق بخصمه كما أشار له فيما سلف بقوله وحكم بما يتميز غائبا بالصفة (وفي تمكين) شخص من (الدعوى لغائب) أي عنه (بلا وكالة) منه للمدعي في الدعوى عنه وإنما ادعى عن الغائب حسبة لله خوف ضياع حق الغائب (تردد) حقه قولان لابني القاسم والماجشون. [درس] (باب) في الشهادة وما يتعلق بها: الشهادة إخبار حاكم عن علم ليقضى بمقتضاه وإنما تصح شهادة العدل وبينه بقوله (العدل) أي حقيقته
164 في عرف الفقهاء (حر) حال الأداء فلا تصح شهادة الرقيق أو من به شائبة رق (مسلم) لا كافر ولو على مثله (عاقل) حال التحمل والأداء مع؟ كان ضابطا فلا تصح شهادة الصبيان إلا على بعضهم بشروط تأتي (بلا؟ فسق) بجارحة (و) بلا (حجر) لسفه؟ فلا تصح من فاسق ولا مجهول حال ولا من سفيه محبور عليه (و) بلا بدعة (بدعة وإن تأول) فولى لو تحمد أو جهل (البدعة) كخارجي وقدري)؟ حال الأداء فلا تصح منه (لم يباشر كبيرة) أي لم يتصف بها أصلا أو حال الأداء فقط
165 بأن تاب وظهرت عليه التوبة وإلا فلا لصدق التلبس عليه (أو) لم يباشر (كثير الكذب) لم يترتب عليه فساد وإلا ضر ولو الواحدة بخلافها إذا لم يترتب عليها ذلك (أو صغيرة خسة؟) كتطفيف حبة أو سرقة نحو لقمة لدلالة ذلك على دناءة الهمة وقلة المروءة بخلاف نظرة واحدة (و) لم يباشر (سفاهة) أو مجونا بأن يكثر الدعاية ولم يبال بما يقع منه من الهزل (و) لم يباشر (لعب نرد) وطاب ولو بغير قمار (ذو مروءة) نعت؟ لحر أو خبر ثان أي همة وحياء (بترك غير لائق) تفسير للمروءة باللازم وبين غير اللائق بقوله (من) لعب (حمام) بلا قمار وإلا فهو كبيرة (وسماع غناء) بالمد متكررا بغير آلة لا خلال سماعه بالمروءة وهو مكروه إذا لم يكن بقبيح ولا حمل عليه ولا بآلة وإلا حرم
166 (ودباغة وحياكة اختيارا) أي لا لضرورة معاش وإلا لم يخلا بالمروءة كما لو كان من أهلها وان لم يضطر وقد تكون تكون الحياكة في بعض البلاد من الحرف الشريفة وأما الخياطة فهي من الحرف الرفيعة ومثل ما ذكر المصنف الحجامة (وإدامة) لعب (شطرنج) لأنه من صغائر غير الخسة؟ بل قيل بكراهته وإدامته تكرره في السنة (وإن) كان (أعمى) فتقبل شهادته (في قول) خلافا لأبي حنيفة والشافعي (أو أصم) غير أعمى (في فعل) لاقول وأما الأعمى الأصم فلا تقبل شهادته ولا يعامل (ليس بمغفل) الغفلة ضد الفطانة
167 فالمغفل لا تقبل شهادته (إلا فما؟) أي في شئ (لا يلبس) بفتح التحية وكسر الموحدة ماضيها بفتحها أي لا يختاط فيه من البديهيات (ولا متأكد القرب) للمشهود له (كأب) أي أصل (وإن علا وزوجهما) أي الأب والام الشامل لها الأب بالتغليب أو الداخلة تحت الكاف فزوجة الأب لا تشهد لربيبتها وزوج الام لا يشهد لربيبه وإن سفل (وولد) فلا يشهد لأجله؟ (وإن سفل) الولد (كيف؟) وابن (وزوجهما) أي زوج البنت وزوج الابن فلا يشهدان لأبوي زوجيهما (وشهادة ابن مع أب) أي مع أبيه في قضية (واحدة) أي بمنزلة شهادة واحد فتحتاج الاخر أو يمين فتلغى شهادة أحدهما (ككل) أي كما تلغى شهادة كل منهما على الهدية؟ (عند الاخر) إذا كان حاكما لأن لحاكم لا يرد شهادة أبيه أو ولده (أو) شهادته (على شهادته أو) على (حكمه) لما فيه من تزكيته ولد الا يعدل أحدهما الاخر لكن رجح بعضهم أن شهادة الابن مع أبيه معتبرة مطلقا في الأموال وغيرها كالطلاق وجازت شهادة أحدهما على خط الاخر خلافا لبعضهم واخرج من منع شهادة متأكد القرب لقوة التهمة قوله (بخلاف) شهادة (أخ الأخ) فتجوز (إن برز) في العدالة بأن فاق اقرانه فيها
168 ولم يكن في عياله ( تعديل) أي بأن يعدله كما هو ظاهرها وهو المشهور؟ (وتؤولت؟ أيضا بخلافه) أي بأن لا يعدل (كأجير) تقبل شهادته لمن استأجره ان برز ولم يكن في عياله وكذا يقال فيما بعده من المعطوفات من قوله (ومولى) أسفل (و) صديق (ملاطف و) شريك (مفاوض في غير) مال (مفاضة) وأما فيه فلا تقبل وان برز (وزائد) في شهادته شيئا على ما شهد به أولا وسواء حكم به أم لا (أو منقص) عنها بعد أن أداها فيقبل إن برز وأما لو شهد ابتداء يا زيد مما ادعاه المدعي أو يا نقص فإنه يقبل ولو لم يكن مبررا وإن كان المدعى لا يقضى له بالزائد لعدم ادعائه له (وذاكر) لما شهد به (بعد شك) منه بأن قال لا أدري أو لا علم عندي بعد أن سئل عنها وكذا بعد نسيان وأما ما قبله فجزم بما شهد ثم تذكر فزاد أو نقص وسواء كان المتذكر مريضا أو صحيحا وما في النقل من تقيده بالمريض ففرض مسألة؟ ونظر لما هو الشأن في الشاك المتذكر (وتزكية) فلا بد فيها من التبريز؟ أي أن المزكى يشترط فيه التبريز إذا زكى من شهد بمال أو غيره مما يفتقر لشاهدين
169 (وإن) شهد (بحد) قصاص خلافا لمن قال الشاهد في الدماء لا يقبل إلا إذا كان لا يحتاج لتزكية بأن يكون مبررا لخطرها والتزكية إنما تكون (من معروف) عند القاضي بمزيد العدالة (إلا) الشاهد (الغريب) وكذا القاضي الغريب فلا يشترط معرفة القاضي عدالة المزكى أي ابتداء بل لا بد من أن يزكى ذلك المزكى من هو معروف عند القاضي بالعدالة فمعرفة الحاكم بعدالة المزكى لابد منها لكن إن كان الشاهد غير غريب فبلا واسطة وإن كان غريبا فيها فالأوضح أن لو قال من معروف وان بواسطة (بأشهد أنه عدل رضا) أي أن التزكية إنما تكون بهذا القول المشتمل على الألفاظ الثلاثة فلا يكفي هو عدل الخ ولا أشهد أنه رجل صالح أو لا بأس به لكن الراجح أنه ان حذف لفظ أشهد واقتصر على ما بعده كفى فلا بد من الجمع بين عدل ورضا لأن الصالح قد يكون مغفلا أو متصفا بمانع وكذا عالم وفاضل ومعتقد بين الناس بخلاف عدل رضا فإن معناه متصف بشروط العدالة مرضى في الأداء لا غفلة عنده ولا به ولا مساهلة فالأول يرجع لسلامة الدين والثاني يرجع للسلامة من موانع الشهادة وتكون التزكية (من فطن عارف) بحال الشاهد (لا يخدع) بأحوال الشاهد الظاهرة التي يلبس بها على الناس من وجوه التدليس فقوله عارف لا يخدع كالتفسير لفطن (معتمد) في التزكية (على طول عشرة) ومخالطة سفر أو حضر أو معاطاة إذ بذلك ينكشف حال المرء ظاهرا وباطنا (لا) على مجرد (سماع) ما لم يحصل القطع به بأن فشا عن الثقات وغيرهم فيكفي ويكون المزكى (من) أهل (سوقه أو محلته) أي الشاهد المقصود تزكيته لا من غيرهم لما في تزكية الغير مع تركها من أهل محلته من الريبة (إلا لتعذر) من أهل سوقه أو محلته بأن لم يكن فيهم عدول مبرزون أو قام بهم مانع فعلم أن الجار والمجرور ليسا متعلقين بسماع بل بمحذوف (ووجدت) التزكية (إن تعين) التعديل بأن لم يوجد من يعدله غيرهم ونحو ذلك ولو قال إن تعينت كان أنسب وفي بعض النسخ ووجب بتجريد الفعل من تاء التأنيث والضمير يعود على التعديل والأصل فيه أنه فرض كفاية يتعين على من انفرد به (كجرح) بفتح الجيم أي تجريح فإنه يتعين على من علمه في الشاهد (إن بطل حق) بشهادته حتى لا يبطل (وندب) للقاضي (تزكية سر معها) أي مع تزكية العلانية أي يندب له الجمع بينهما فإن اقتصر على السر أجزأه قطعا كالعلانية على الراجح وتكون التزكية (من متعدد) ولا يكفي فيها الواحد
170 بخلاف تزكية السر فيكفي فيها الواحد ولو أراد الاقتصار عليها على المتعمد انظر التوضيح وتصح التزكية (وإن لم يعرف) المزكى (الاسم) للمزكى بالفتح ولا الكنية المشهور بها لأن مدارها على معرفة ذاته وأحواله (أو لم يذكر السبب) أي سبب التعديل لأن أسبابه كثيرة (بخلاف الجرح) بالفتح فلا بد من ذكر سببه لاختلاف العلماء فيه فربما اعتمد فيه على مالا يقتضيه شرعا كالبول قائما وعدم ترجيح الميزان (وهو) أي الجرح أي بينته (مقدم) على التعديل أي بينته يعني أن بينة الجرح مقدمة على بينة التعديل لأنها تحكي عن ظاهر الحال والمجرحة عن باطنها وأيضا المجرحة متمسكة بالأصل (وإن شهد) المزكى بالفتح (ثانيا) وجهل حاله (ففي الاكتفاء بالتزكية الأولى) وعدمه (تردد) فإن لم يجهل حاله بل عرف بالخير والصلاح لم يحتج لتزكية كما لو كثر معدلوه وقوله تردد حقه قولان إذ الأول لأشهب عن مالك والثاني لسحنون قال ابن عرفة والعمل عندنا قديما وحديثا على قول سحنون فإن لم يوجد معدل اكتفى بالأولى جزما وعطف على قوله بخلاف الخ قوله (وبخلافها) أي الشهادة من أب أو أم (لاحد ولديه على الاخر أو) من ولد لاحد (أبويه) فتجوز (إن لم يظهر) في المسئلتين (ميل له) أي للمشهود له وإلا منعت (ولا) تقبل شهادة (عدو) على عدوه عداوة دنيوية بل (ولو على ابنه) اي ابن العدو كما لا يشهد ابن العدو على عدو أبيه (أو) ولو كانت العداوة الدنيوية بين (مسلم وكافر) فلا تجوز من المسلم على الكافر
171 وأما شهادة الكافر على المسلم فلا تجوز مطلقا (وليخبر) الشاهد بها أي بالعداوة وجوبا بعد أن يؤديها ليسلم من التدليس وقيل لا يخبر (بها) وصححه ابن رشد ومثل العداوة القرابة (كقوله) أي الشاهد للمشهود عليه (بعدها) أي بعد أدائها (تتهمني) في شهادتي عليك (وتتهمني بالمجانين مخاصما) أي قاله حال كونه مخاصما (لا شاكيا) فلا تقبل شهاده لظهور العداوة بما قال وهي مانعة ولو ظهرت بعد الأداء فقوله كقوله الخ مثال للعداوة وشأن المصنف أن يمثل بالأخفى وأما لو قال ذلك حاكيا للناس ما صدر من خصمه فلا يقدح في الشهادة (واعتمد) الشاهد (في إعسار؟) أي في شهادته فسار؟ مدين أو زوج (بصحبة) أي علس صحبة طويلة للحدين (و) على (قرينة صبر ضر) أي صبره على الضر من الجوع والعرى ونحوهما مما يفيد أنه لو كان عنده مال ما صبر على ذلك فيشهد الشاهد بأنه مصر فالمعنى أنه يجوز للشاهد بالاعسار أن يعتمد في شهادته على غلبة الظن الحاصلة من طول الصحبة مع القرينة المذكورة ولا يشترط العلم (كضرر) أحد (الزوجين) بالآخر فإنه يعتمد في شهادته بذلك على الصحبة مع قرائن الأحوال (ولا) تقبل شهادة الشاهد (إن حرص)
172 أي اتهم على الحرص (على إزالة نقص) كان به وقت الأداء (فيما ورد فيه) سابقا بأن أدى شهادة فردت (لفسق أو صبا أو رق) أو كفر فما زال المانع بأن تاب الفاسق أو بلغ الصبي أو عتق الرقيق أو أسلم الكافر أداها فلا تقبل لاتهامه على الحرص على قبولها عند زوال المانع لما جبل عليه الطبع البشري من دفع المعرة؟ الحاصلة بالرد ولذا لو لم يحكم بردها حتى زال المانع فأداها لقبلت وكذا إذا ردت فأدى شهادة بحق آخر فتقبل (أو) اتهم على أنه حرص (على التأسي) أي مشاركة غيره له في معرته؟ لتهون عليه المصيبة لأن المصيبة إذا عمت هانت وإذا خصت حالت (كشهادة ولد الزنا فيه) أي في الزنا (أو) شهادة (من حد) لسكر أو زنا أو قذف (فيما) أي في مثل (ما حد فيه) بخصوصه وأما في غيره كمن حد لشرب فشهد بقذف فيقبل ومثل من حد من عزر فلا يشهد فيما عزره فيه (ولا إن حرص) أي اتهم على حرصه (على القبول) لشهادته (كمخاصمة مشهود عليه) أي كأن يخاصم الشاهد المشهود عليه بأن يرفعه للقاضي ويشهد عليه (مطلقا) أي سواء كان الحق لادمي أو لله تعالى مثال الأول أن يدعي شخص لغائب بدين على آخر ويشهد له به عليه فإن في رفعه وشهادته اتهاما على حرصه على قبول شهادته ومثال الثاني أن يرفع أربعة رجال شخصا ويشهدوا عليه بالزنا فلا تقبل شهادته عند ابن القاسم وفي كون هذا من باب الحرص على القبول نظر وإنما الذي يظهر في عدم القبول إما لكون المدعي لا يكون شاهدا وإما لظهور العداوة بالمخاصمة (أو شهد وحلف) على صحة شهادته في حق الله تعالى أو غيره
173 قدم الحلف على الشهادة أو أخره لاتهامه بالحرص على القبول قال ابن عبد السلام ينبغي أن يعذر العوام لأن العوام يسامحون في ذلك وقال ابن فرحون للقاضي تحليف الشاهد بالطلاق ان اتهما أي لقاعدة تحدث للناس أقضية بقدر ما أحدثوا من الفجور وهو من كلام عمر بن عبد العزيز استحسنه مالك لأن من قواعد مذهبه مراعاة المصالح العامة * ولما كان الحرص على أداء الشهادة مانعا من قبولها أيضا ذكره بقوله (أو رفع) شهادته للحاكم (قبل الطالب) فشهد قبل أن يشهد (في محض حق الادمي) وهو ماله اسقاطه كالدين والقصاص وكان الأولى للمصنف أن يقول ولا إن حرص على الأداء كرفع الخ لأن كلامه يوهم أنه من أمثلة الحرص على القبول وليس كذلك (وفي محض حق الله) وهو ما ليس للمكلف اسقاطه (تجب؟ المبادرة) بالرفع للحاكم (بالامكان) أي بقدره لا مطلقا بل (إن أستديم تحريمه) أي تحريم خلاف مقتضاه (كعتق) لرقيق والسيد يتصرف فيه تصرف الملاك من استخدام وبيع وصدقه ووطئ ونحوها (وطلاق) لزوجة والزوج يعاشرها معاشرة الأزواج من خلوة بها واستمتاع (ووقف) وواضع اليد يتصرف فيه تصرف الملاك ويمنع المستحقين حقوقهم ولا سيما إذا كان الوقف مسجدا أو مدرسة أو رباطا (ورضاع) بين زوجين (وإلا) يستدم تحريم حق الله
174 (خير) الشاهد في الرفع والترك (كالزنا) وشرب الخمر والترك أولى لما فيه من الستر المطلوب في غير المتجاهر بفسقه وأما هو فيندب الرفع (بخلاف الحرص على التحمل) أي تحمل الشهادة فلا يقدح (كالمختفي) عن المشهود عليه ليشهد على إقراره إذا تحققه (ولا إن استبعد) الاشهاد (كبدوي) يستشهد في الحضر (لحضري) على حضري بدين أو بيع أو شراء ونحوها مما يستبعد حضور البدوي فيه دون الحضري (بخلاف إن سمعه) يقر بشئ لحضري أو رآه يفعل بحضري أمرا كغصب وضرب فلا يستبعد فيقبل وكذا إن ادعى انه عامل المشهود عليه بالدين في سفره فلا يستبعد شهادة البدوي للحضري على حضري كما أشار له بقوله (أو مر به) بالبناء للمفعول أي مر الحضريان بالبدوي في سفر وكذا إذا مر بهما فتحصل أن مدار المنع على الاستبعاد عادة (ولا سائل) لنفسه صدقة غير زكاة لا تقبل شهادته إن شهد (في) مال (كثير) وهو ما لم تجر العادة باستشهاده فيه مع ترك غيره وعلة المنع الاستبعاد كالذي قبله
175 ليجري فيه قوله بخلاف ان سمعه أو مر به ولذا إذا شهد بنحو ضرب أو قذف فتقبل لعدم الاستبعاد (بخلاف من لم يسأل) بل يعطى من غير سؤال (أو) من (يسأل الأعيان) من الناس أو يسأل حقه من الزكاة فلا ترد شهادته لكن السؤال للاستكثار حرام ولو من الأغنياء الأسخياء فيحمل كلامه على المحتاج دون المستكثر (ولا) تقبل الشهادة (إن جر) الشاهد (بها نفعا كعلى) أي كشهادته على (مورثه المحصن) الغنى (بالزنا) لاتهامه على أنه يرثه إذا رجم بخلاف شهادته على مورثه البكر فتقبل لعدم التهمة (أو قتل العمد) عطف على الزنا بقطع النظر عن قيد الاحصان أي شهد على مورثه بقتل العمد فلا تقبل شهادته لاتهامه على ارثه ويحد الشاهد في الأولى للقذف (إلا) المورث (الفقير) فشهادته عليه مقبولة لعدم جر النفع (أو) شهادته (بعتق من يتهم) الشاهد (في ولائه) كأن يشهد أن أباه قد أعتق عبده فلانا وفي الورثة من لا حق له في الولاء كالبنات والزوجات لأن شهادته تؤدي إلى إحرام من ذكر فلو كانوا كلهم ذكورا قبلت لأن الضرر يلحقه فلا يتهم ويشترط أن تكون التهمة حاصلة الان بان يكون العبد؟ لو مات حينئذ ورثه وأما إن كان الشاهدان قد يرجع إليهما يوما ما كما لو شهد أخوان أن أخاهما أعتق هذا العبد وهناك ابن؟ فشهادتهما جائزة والمراد بالولاء هنا المال أي من يتهم في ارث ماله فلا بد أن يكون ذا مال (أو) شهادة صاحب دين (بدين؟) ونحوه مما يؤول لمال كجرح خطأ ونحوه (لمدينه) أي لمن له عليه دين لأنه يتهم على أخذ ما يحصل له من المال في دينه فهذه كالذي قبله من أمثلة الجر أيضا بخلاف شهادته له بقذف وقتل عمد ونحو ذلك فتجوز لعدم التهمة ولو قال بمال بدل بدين كان أشمل مع الايضاح كشهادته له بشئ معين كثوب ودار وكشهادته له بإرث أو استحقاق في وقف وكلامه مقيد بما إذا كان المشهود له معسرا والدين حال أو قريب الحلول (بخلاف) شهادة (المنفق) على غيره نفقة غير واجبة أصالة كأجير مثلا (للمنفق عليه) قريبا أم لا لضعف التهمة وأما من نفقته واجبة أصالة فقد مر انها ممتنعة لأجل القرابة واما عكس كلام المصنف وهو شهادة المنفق عليه للمنفق فلا تصح لأنه يتهم على أنه إن لم يشهد قطع عنه النفقة (و) بخلاف (شهادة كل) من شاهدين (للاخر) فتجوز
176 (وإن بالمجلس) ولو أحد؟ المشهود عليه إلا أن يتهما بالمكافأة (و) بخلاف شهادة القافلة (بعضهم لبعض في حرابة) على من حاربهم فتجوز ولا يلتفت للعداوة الحاصلة بينهم للضرورة وسواء شهدوا لصاحبهم بمال أو نفي؟ أو غير ذلك (لا) تجوز شهادة (المجاوبين) بعضهم لبعض على غيرهم أو؟ أجنبي (إلا) أن يكثر الشهود منهم (كنفرين) منهم يشهدون على أجنبي حيث كانوا عدولا وأما لو شهد بعضهم على بعض منهم فيكفي شاهدان والمراد بالمجاوبين قوم من الجند يرسلهم السلطان أو نائبه لسد ثغرة أو حراسة قرية ونحو ذلك وعلل المنع بحمية البلدية ولعل هذا باعتبار القرون الأولى وأما المشاهد فيهم الان فحمية الجاهلية وشدة التعصب على أمة خير البرية قاسية قلوبهم فانية؟ عيوبهم
177 فأنى تقبل شهادتهم شرعا ولكنهم يمضونها طبعا (ولا) تجوز شهادة (من شهد له) أي لنفسه (بكثير) في نفسه أي شأنه أن يتهم فيه (و) شهد (لغيره) بقليل أو كثير (بوصية) أي فيها للتهمة فلا تصح له ولا لغيره كأن يقول أشهد أنه أوصى لي بخمسين دينارا ولزيد أو للفقراء بمثل ذلك أو أقل أو أكثر (وإلا) بأن شهد لنفسه في الوصية بشئ قليل أي تافه وشهد لغيره بقليل أو كثير (قبل) ما شهد به (لهما) معا أي لنفسه ولغيره فإن لم يوجد هذا الشاهد حلف الغير معه واستحق ما أوصى له به وأما الشاهد فإنه يأخذ ما شهد به لنفسه بلا يمين لأنه يسير يأخذه بالتبع فإن نكر الغير بطل حق الشاهد لعدم التبعية حينئذ ومحل كلام المصنف إذا كتبت الوصية بكتاب واحد بغير خط الشاهد بأن كانت بخط الميت أو غيره بأذنه فإن كانت بخط الشاهد أو لم تكتب أصلا قبلت شهادته لغيره لا لنفسه ولو قل لاتهامه بتخصيص نفسه بلا إذن وكذا إن كتبت بكتابين أحدهما بوصية الشاهد والاخر بوصية الاخر أي فتصح للاخر دونه لعدم التبعية حينئذ وأما الشهادة لنفسه ولغيره في غير وصية كدين مثلا فلا تقبل له ولا لغيره مطلقا للتهمة (ولا) تقبل الشهادة من شاهد (إن دفع) بها عن نفسه ضررا (كشهادة بعض العاقلة بفسق شهود القتل) خطأ إلا أن يكون الشاهد بالفسق فقيرا لا يلزمه شئ من الدية أخذا من قوله إن دفع وقيل لا تصح مطلقا (أو) شهادة (المدان المعسر لربه) أي رب الدين بمال أو غيره كقصاص لتهمة دفع ضرر الطلب به عن نفسه ولذا لو ثبت عسره عند حاكم جازت لسقوط مطالبته حينئذ كما تجوز من ملئ ولو حل الدين (ولا) شهادة (مفت على مستفتيه إن كان) الاستفتاء (مما ينوي) الحالف (فيه) أي تقبل فيه نية الحالف كما لو حلف بالطلاق لا كلم زيدا ثم كلمه بعد شهر مثلا وادعى نية ذلك عند الحلف فأفتاه المفتي بعدم لزوم الطلاق لنيته فرفعت الزوجة زوجها لقاض
178 ليلزمه الطلاق فإذا طلبت المفتي ليشهد لها عند القاضي بما سمعه من الطلاق من زوجها لم يجز له أن يشهد بما سمع لأنه؟ حيث أفتاه بعدم اللزوم للنية قد علم من باطن الحال خلاف ما يقتضيه ظاهره (وإلا) بأن لم يستفت بل سمعه يحلف بالطلاق أو أقر عنده بذلك أو كان مما لا ينوي فيه كإرادة ميتة؟ (رفع) المفتي للقاضي وشهد وجوبا على التفصيل السابق من كونه محض حق الله واستديم تحريمه أولا أو محض حق آدمي (ولا إن شهد) شاهد لشخص (باستحقاق) لمعين كثوب (وقال أنا بعته له) أي للمشهود له فلا تصح لاتهامه على رجوع المشتري عليه بالثمن لو لم يشهد له وعلى هذا يكون من باب الدفع عن نفسه فالأولى تقديمه وجعله من أمثلته فلو قال الشاهد وأنا وهبته له أو تصدقت به عليه قبلت لانتفاء علة الرجوع عليه ان لم يشهد وعلل بعضهم المنع بأنه من باب الشهادة على فعل النفس وعليه لو قال وأنا وهبته له لم تقبل أيضا ورجح (ولا إن حدث) للشاهد (فسق بعد الأداء) وقبل الحكم فلا تقبل لدلالة حدوثه على أنه كان كامنا فيه قبل الأداء فإن حدث بعد الحكم مضى ولا ينقض بخلاف ما لو ثبت بعد الحكم انه شرب خمرا بعد الأداء وقبل الحكم فينقض كما إذا ظهر أنه قضى بفاسقين
179 (بخلاف تهجر؟) بعد الأداء وقبل الحكم فلا نظر كشهادته بطلاق امرأة ثم تزوجها أو شهد لها بحق على آخر ثم تزوجها قبل الحكم (و) بخلاف تهمة (دفع) كشهادته بفسق رجل ثم شهد الرجل على آخر أنه قتل نفسا خطأ والشاهد بالفسق من عاقلة القاتل فإن ذلك لا يبطل شهادته بالفسق (وعداوة) ظاهره أنه عطف على جر أي وتهمة عداوة وهو غير صحيح لأنه يناقض ما قدمه من أن تهمة العداوة مبطلة للشهادة في قوله كقوله بعدها تتهمني وتشبهني بالمجانين مخاصما فوجب عطفه على تهمة فلو قال بخلاف عداوة وتهما جر ودفع كان أصوب أي أن حدوث العداوة بعد الأداء وقبل الحكم لا يضر حيث تصدق؟ حدوثها (الا) إذا شهد (عالم على عمله؟) حيث ظن بينهما عداوة دنيوية من تحاسد وتباغض كما قد يقع لبعض المعاصرين وإلا قبلت لأن شهادة ذوي الفضل على بعضهم مقبولة وكأن المصنف دفع بذلك ما يتوهم من قبولها مطلقا (ولا) شهادة الشاهد (إن اخذ) شيئا (من العمال) المضروب على أيديهم أي المحجور عليهم في صرف الأموال في وجوهها كالملتزمين الان فإن السلطان أو نائبه لم يجعل لهم صرف الأموال التي يجبونها من المزارعين في مصاريفها الشرعية وإنما هم مجرد جباة يجبون لبيت مال المسلمين ما على المزارعين من الخراج ولكنهم يظلمون الناس ظلما كثيرا كما هو مشاهد فما بأيديهم من الأموال إنما هي أموال الناس فالأخذ منهم للشهادة (أو أكل عندهم) أكلا متكررا لأنه مما يزري به ويحط قدره ويسقط مروءته وكذا يقيد الاخذ بالتكرار ومحل التقييد إذا لم يعلم أن المال المأخوذ أو المأكول منه مغصوب وإلا كان مسقطا ولو لم يتكرر (بخلاف الخلفاء) والعمال الذين جعل لهم صرف الأموال في وجوهها الشرعية فلا يضر الاخذ منهم والاكل عندهم
180 (ولا) تصح الشهادة (إن تعصب) أي أتهم على التعصب كبغضه لكونه من بني فلان أو من قبيلة كذا (كالرشوة) أي أخذ مال لا حق أو تنفيذ باطل وهي مثلثة الراء مأخوذة من الرشاء وهو الحبل الذي يتوسل بها إلى مطلوبه (ودليل؟ خصم) أي تلقين الخصم حجة يستعين بها على خصمه بغير حق وإما لاثبات الحق فلا يكون قادحا بل يكون واجبا والمراد أن من شأنه اتخذ؟ الرشوة أو التلقين لا تقبل شهادته ولو لغير مأخوذ منه أو لم يلقن هذا المشهود له الان وأما القاضي فقال ابن فرحون لا بأس بتلقينه؟ أحد خصمين حجة شرعية عجز عنها (ولعب نيروز) أي أن اللعب في يوم النيروز وهو أول يوم من السنة القبطية مانع من قبول الشهادة وهو من فعل الجاهلية والنصارى ويقع في بعض البلاد من رعاع النساء (ومطل) من مدين غنى أي تأخيره دفع ما عليه عند الطلب بلا عذر شرعي وفي الحديث مطل الغنى ظلم وترك الطلب استحياء أو خوف أذية في حكم الطلب أي أن المطل من موانع الشهادة (وحلف بطلاق وعتق) أي أن من شأنه الحلف بذلك لم تقبل شهادته لأنه من يمين الفساق كما في الحديث (و) تبطل الشهادة (بمجئ مجلس القاضي ثلاثا) أي ثلاثة أيام متولية لغير حاجة وأولى ثلاث مرات في يوم بلا عذر وظاهر هذا أنه إذا نحلل الأيام الثلاثة ولو يوما لم تسقط الشهادة (وتجارة الأرض حرب) لأنه لا يأمن الوقوع في الربا وقبول ما لا يحل وذلك مما يسقط المروءة ويوجب عدم المبالاة بالله بأنه (سكن) دار (مغصوبة) وكذا كل انتفاع بما علم غصبه (أو) سكنى والد (مع ولد) له (شريب) أي مكثر شرب الخمر لأن سكوته على ذلك مع قدرته على منعه أو إزالته دليل عدم مروءته (و) تبطل (بوطئ من لا توطأ) لمانع شرعي كحيض وإحرام أو عادي كثير مطيعا؟
181 (وبالتفاته في الصلاة) ولو نفلا لأنه يؤذن بأنه لم يكترث بها وأولى تأخيرها عن وقتها الاختياري بلا عذر شرعي (وباقتراضه حجارة) مثلا (من) حجارة (المسجد) مثلا ليبني بها أو يرم بها داره مثلا مع علمه بحرمة ذلك (وعدم إحكام) أي اتقان (الوضوء والغسل والزكاة لمن لزمته) أي التساهل فيما ذكر ولا مفهوم لما ذكر بل التساهل في غيرها كالتيمم والصيام والحج كذلك (وبيع نرد وطنبور) ومزمار ونحوها من جميع آلات الملاهي مسقط للشهادة (واستحلاف أبيه) أو أمه في دين عليهما انكاره وحلفهما بالفعل (و) إذا شهد الشاهد عند القاضي وأعذر للمشهود عليه في ذلك الشاهد (قدح) أي قبل القدح (في) الشاهد (المتوسط) في العدالة وأحرى من دونه (بكل) أي بكل قادح من تجريح أو قرابة أو عداوة أو غير ذلك (و) قدح (في) الشاهد (المبرز) في العدالة (بعداوة) قرابة) فقط والواو بمعنى أو (وإن) ثبت القدح (بدونه) أي بشاهد دون المبرز في العدالة إذ لا يشترط
182 فيمن قدح بذلك في المبرز أن يكون مبرزا مثله وأما لو قدح بغير القرابة والعداوة فلا يسمع قدحه إذا أراد أن يثبته بالبينة وقال اللخمي؟ هو كالمتوسط يقدح فيه بكل قادح واليه أشار بقوله (كغيرهما) أي كما يقدح في المبرز بعيرهما (على المختار) من الخلاف وهو قول سحنون ورجح لأن الجرح مما يكتمه الانسان في نفسه فلا يكاد يطلع عليه الا بعض الافراد فمن علم شيئا كان شهادة عنده يؤديها كسائر الشهادات (وزوال العداوة والفسق به) من شاهد ردت شهادته بأحدهما وأراد الشهادة ثانيا بحق غير الأول يعرف (بما) أي بقرائن (يغلب على الظن) زوالهما بها ففي العداوة برجوعهما لما كانا عليه من المحبة فليس فيه تهمة الحرص على إزالة نقص فيما رد فيه من العداوة وفي الفسق بالتوبة المستمرة واتصافه بصفة أهل الخير والصلاح على ما تقتضيه غلبة الظن (بلا حد) بزمن مخصوص كستة أشهر أو سنة كما قيل بكل (ومن) أي والشخص الذي (امتنعت) الشهادة (له) لنحو قرابة مؤكدة كالأب (لم يزك) ممنوع الشهادة (شاهده) أي شاهد من منعت له الشهادة أي أن من منعت شهادتك له كأبيك لم يجز لك أن تزكي من شهد له بحق لأنك تجر له بذلك نفعا (و) لم (يجرح شاهدا عليه) بحق لأنه يدفع عنه بذلك ضررا فقوله ويجرح عطف على يزك (ومن) أي والشخص الذي (امتنعت) شهادتك (عليه) لعداوة بينكما (فالعكس) أي لا يجوز لك تجريح من شهد له ولا تزكية من شهد عليه لما فيه من جلب المضرة لعدوك في الحالتين ويحتمل أن يراد بالعكس عكس الحكم السابق أي يزكي شاهده ويجرح شاهدا عليه * ثم استثنى مما أفاده كلامه السابق من أنه لا تقبل شهادة من انتفى عنه شرط الشهادة أو قام به مانعا قوله (إلا الصبيان) فتقبل شهادتهم في شئ خاص بشروط (لا نساء) بالنصب عطف على الصبيان (في كعرس) أي في اجتماعهن في عرس ونحوه كالحمام والوليمة والمأتم بفتح الميم والتاء الفوقية بينهما همزة ساكنة الحزن وأشار إلى ما تقبل فيه الشهادة من الصبيان دون النساء بقوله (في جرح
183 أو قتل) بلا قسامة في شهادتهم إذ لا قصاص عليهم وإنما عليهم الدية في العمد والخطأ وأصل القسامة في القصاص فإذا انتفت في عمدهم انتفت في خطئهم والجرح بفتح الجيم بدليل قرنه بالقتل وإنما نص على النساء لدفع توهم إلحاقهن بالصبيان والفرق أن اجتماعهن غير مشروع بخلاف الصبيان فإنه مطلوب لتدريبهم على تعلم الرمي والصراع ونحوهما مما يوصلهم إلى حمل السلاح والكر والفر فلو لم تقبل منهم حينئذ والغالب عدم حضور الكبار معهم لأدى عدم القبول إلى هدر دمائهم أشار لشروط قبول شهادتهم بقوله (والشاهد) منهم (حر) وتضمن ذلك اشتراط إسلامه فلا تقبل من رقيق أو كافر (مميز) لأن غيره لا يضبط ما يقول وأن يكون ابن عشر سنين وهذا لا يفهم من كلامه لأن شأن من دونها لا يثبت على كلام (ذكر) لا أنثى ولو تعددت (تعدد) اثنان فأكثر (ليس بعدو) المشهود عليه (ولا قريب) للمشهود له ولو بعدت القرابة كابن العم (ولا خلاف بينهم) فإن اختلفوا بأن قال بعضهم قتله فلان وقال غيره بل فلان لم تقبل (و) لا (فرقة) فإن تفرقوا لم تقبل لأن التفرق مظنة التعليم (إلا أن يشهد عليهم قبلها) أي الفرقة فإن شهد عدول قبل تفرقهم على ما نطقوا به قبلت (ولم يحضر) بينهم (كبير) أي بالغ وقت القتل أو الجرح فإن حضر وقته أو بعده بحيث أمكن تعليمهم لم تقبل وسواء كان البالغ ذكرا أو أنثى حرا أو عبدا مسلما أو كافرا واحدا أو متعددا نعم
184 إن حضر عدلان وقت القتل أو الجرح فالعبرة بشهادتهما (أو) لم (يشهد عليه) أي على الكبير الصغير (أوله) أي الكبير على الصغير فلابد من شهادة بعضهم لبعض على بعض وبقى من الشروط أن لا يكون الشاهد منهم مشهورا بالكذب وعلم من قوله في جرح أو قتل عدم شهادتهم في المال وظاهره ولو كان المال عبدا معهم جرح أو قتل فلا تقبل (ولا يقدح) في شهادتهم بالشروط المذكورة (رجوعهم) عنها قبل الحكم أو بعده (ولا تجريحهم) من غيرهم أو من بعضهم لبعض إلا بكذب في مجرب به * ولما فرغ من ذكر شروط الشهادة وموانعها شرع يتكلم على مراتبها وهي أربعة إما أربعة عدول أو عدلان أو عدل وامرأتان أو امرأتان وبدأ بالأولى فقال (والزنا واللواط) أن للشهادة على فعلهما ( أربعة) من العدول وأما على الافراد بهما فيكفي عدلان ولما كانت الفضيحة فيهما أشنع من سائر المعاصي شدد الشارع فيهما طلبا للستر يشهدون عند الحاكم (بوقت) أي يجتمعون لها في وقت واحد وان فرقوا بعد كما يأتي (ورؤيا اتحدا) واتحاد الرؤية بأن يروا جميعا في وقت واحد فلابد من اتحاد وقت الأداء واتحاد الرؤيا واتحاد كيفيتها من اضطجاع أو قيام أو هو فوقها أو تحتها واتحاد مكانها ككونهما في ركن البيت الشرقي أو الغربي أو وسطه ونحو ذلك ولا بد من ذكر ذلك كله للحاكم بعد تفريقهم كما قال (وفرقوا) وجوبا في الزنا (فقط) دون غيره ليسأل كل واحد على حدته كيف رأى وفي أي وقت رأى وفي أي مكان رأى فإن اختلفوا أو بعضهم بطلت وحدوا
185 (و) يشهدون (أنه أدخل فرجه في فرجها) أي رأوا ذلك ويزيدون وجوبا وقيل ندبا كالمرود في المكحلة زيادة في التشديد وطلبا لحصول الستر (و) جاز (لكل) منهم وقت التحمل (النظر للعورة) قصدا ليعلم كيف يؤدي الشهادة ومحل الجواز إذا كانوا أربعة عدولا وإلا فلا يجوز لعدم قبول الشهادة من غيرهم وإنما جوزا رؤية العورة هنا ومنعوها النساء عند اختلاف الزوجين في عيوب الفرج وجعلوا المرأة مصدقة ولا ينظرها النساء لأنهم لما شددوا على شهود الزنا ما لم يشددوا على غيرهم أباحوا لهم ذلك لتتم لهم الشهادة (وندب) الحاكم (سؤالهم) عما ليس شرط في الشهادة نحو هل كانا راقدين أولا وهل كانا في الجانب الشرقي أو الغربي بناء على أن ذلك ليس شرطا فيها وهو قول ونحو ذلك وأما ما كان شرطا فيها فلابد من سؤاله عنه وجوبا كالمرود في المكحلة على قول وكاتحاد الرؤية (كالسرقة) يندب سوال شاهديها (ما هي) أي من أي نوع هي (وكيف أخذت) أي على أي حالة أخذت ليتوصل بذلك إلى قطع اليد أو عدمه وذكر المرتبة الثانية بقوله (ولما ليس بمال ولا آئل) أي راجع (له) أي المال (كعتق) وطلاق غير خلع ووصية بغير مال (ورجعة) ادعتها على زوجها المنكر
186 (وكتابه) ونكاح ووكالة في غير مال (عدلان) وذكر المرتبة الثانية بقوله (وإلا) بأن كان المشهود به مالا أو آيلا له (فعدل وامرأتان) عدلتان (أو أحدهما) أي عدل فقط وامرأتان فقط (يمين) أي مع يمين المشهود له (كأجل) ادعاه المشتري وخالفه البائع ومثله اختلافهما في البيع أو في قبض الثمن فيثبت بعدلين أو عدل وامرأتين أو أحدهما يمين (وخيار) ادعاء المشتري ونازعه البائع لا يلولته لمال (شفعة) ادعى المشتري إسقاط الشفيع لها وخالفه الشفيع وكذا إذا مضت مدة وادعى الشفيع الغيبة عند العقد (وإجارة) كان يقول المستأجر آجرتني بكذا أو لمدة كذا أو نحو ذلك وخالفه الاخر (وجرح خطأ) ادعاه المجروح على منكره (أو) جرح (مال) عمدا كجائفة (وأداء) نجوم (كتابة ) ادعاه العبد على سيده المنكر فيحلف العبد مع شاهد (وإيصاء بتصرف فيه) أي في المال بعد موت الموصى كأن يدعى أنه جعله وصيا على أن يفرق من ماله كذا على الفقراء أو يحتج به عنه أو يوفي به دينه وكذا في حياته لكنها تكون وكالة واستشكل ثبوت هذين بالعدل أو المرأتين مع اليمين بأنه لا يحلف أحد ليستحق غيره فالقياس أن لا يثبتا إلا بعدلين وأجيب بأن محل ثبوتهما مع اليمين إذا كان فيهما نفع للوصي أو الوكيل كما إذا كانتا بأجرة أو رهن كدعوى أنه وكله على قبض سلعة ليجعلها عنده رهنا في دينه الذي له على الموكل أو الميت الموصى له بذلك فإن حلف الوكيل أو الوصي مع عدل أو امرأتين ثبت له ذلك فإن نكل حلف الحي وإلا بطلت بنكول الوصي وأما دعوه أنه وصي أو وكيل على التصرف في المال من غير نفع يعود عليه فلا يثبت إلا بعدلين أو عدل وامرأتين لا بأحدهما مع يمين وأما مطلق أنه وصى بلا قيد مال أو غيره فلا بد من العدلين كمطلق وكيل (أو بأنه حكم له به) أي بالمال وهذا عطف على المعنى أي كالشهادة بأجل أو بأنه حكم له به أي أن من حكم له بمال ثم أراد أخذه في غير محل الحكم أو بعد موت الحاكم وعنده شاهد أو امرأتان على حكم الحاكم له به فإن ذلك يكفي مع اليمين (كشراء زوجته) القن أي ادعى انه اشتراها من سيدها وأنكر السيد
187 فيكفي زوجها الشاهد أو المرأتان مع اليمين (وتقدم دين عتقا) ادعاه الغريم على سيد العبد المدعى تقدم العتق فيكفي الغريم الشاهد أو المرأتان مع اليمين ويبطل العتق ويباع في الدين (وقصاص في جرح) عمدا يثبت بعدل وامرأتين أو أحدهما مع اليمين وهذه إحدى المستحسنات الأربع إذ هي ليست بمال ولا آيلة له ثم ذكر المرتبة الرابعة بقوله (ولما لا يظهر للرجال امرأتان) عدلتان (كولادة) شهدتا بها ولو لم يحضر شخص المولود (وعيب فرج) في أمة اختلف فيه البائع والمشتري كحرة ادعاه زوجها وأنكرت ورضيت برؤية المرأتين وإلا فهي مصدقة كما مر في عيوب الزوجين (واستهلال) لمولود أو عدمه وكذا ذكورته أو أنوثته ويترتب على ذلك الإرث وعدمه (وحيض) في أمة أما الحرة فمصدقة كما قدمه المصنف (ونكاح بعد موت) هذا وما بعده مما يقبل فيه العدل والمرأتان أو أحدهما مع يمين فحقه أن يكون متقدما على قوله ولما لا يظهر للرجال امرأتان وقوله بعد موت متعلق بمقدر أي شهد به بعد موت والمعنى أن امرأة ادعت بعد موت رجل أنه تزوجها بصداق معلوم وأقامت على ذلك شاهدا أو امرأتين أو أحدهما وحلفت معه فإنه يثبت بذلك المال دون النكاح فتأخذ صداقها وترث ولا عدة عليها في ظاهر الحال ولا تحرم على أصوله وفروعه (قوله (أو شهد على (سبقيته) أي الموت أي أن أحد الزوجين المحققي الزوجية مات قبل صاحبه (أو) شهد على ( موت) الرجل
188 (و) الحال أنه في هذا الفرع الأخير (لا زوجة ولا مدبر) له والواو في ولا مدبر بمعنى أو (ونحوه) لموصى بمتعة أو أم ولد (وثبت الإرث والنسب له وعليه) هذا مرتبط بقوله لما لا يظهر للرجال امرأتان كولادة فإن النسب والإرث يثبتان بشهادة امرأتين بالولادة والاستهلال للمولود عليه فإن شهدتا بالولادة والاستهلال ورث من مات قبل ذلك وورثه وارثه ان مات هو بعد ذلك فقوله له وعليه راجع للإرث لا للنسب فلو قدمه عليه كان أولى والواجب تقديم وثبت الخ على قوله ونكاح بعد موت لما علت وقوله (بلا يمين) راجع لجميع مسائل مالا يظهر للرجال فلو قدمه عقب قوله وامرأتان كان أولى أي أنه يكفي في ذلك امرأتان من غير انضمام يمين إليها (و) ثبت (المال دون القطع في سرقة) هذه من المسائل التي تثبت بعدل وامرأتين أو بأحدهما مع يمين بقي أنه إذا شهد على مكلف بسرقة شاهد و امرأتان أو أحدهما مع يمين فإنه يثبت على السارق المال دون القطع ويضمنه ضمان الغاصب أي سواء كان مليا أو معدما (كقتل عبد) عبدا (آخر) عمدا تشبه في ثبوت المال دون القصاص بعدل وامرأتين أو أحدهما مع يمين سيد المقتول فيغرم سيد القاتل قيمة المقتول أو رقبة القاتل ولا قصاص إذ لا يقتل العبد بمثله إلا بشهادة عدلين ولما قدم حكم مراتب الشهادة الأربع إذا تمت ذكر ما يترتب عليها قبل تمامها وبدأ بمسألة الحيلولة ويقال لها الايقاف ويقال لها العقلة بضم العين المهملة من العق وهو المنع فقال (وحيلت) أي وقفت (أمة) بأن يمنع من هي في يده من التصرف فيها حيث جاء المدعى لها بحرية أو ملك بلطخ أي شبهة بأن أقام عدلا أو شاهدين يحتاجان لتزكية (مطلقا) أي طلبت الحيلولة فيها أم لا كانت رائعة أم لا لحق الله في صيانة الفروج (كغيرها) أي الأمة أي كدعوى المدعى شيئا معينا غير الأمة وأقام عدلا إلى آخر ما يأتي
189 فإنه يحال بينه وبينه بغلق كدار ومنع من حرث أرض وركوب دابة أو سفينة (إن طلبت) الحيلولة (بعدل) أي طلبها المدعى بسبب اقامته عدلا يشهد له على ما ادعاه والباء متعلقة بحيلت (أو اثنين) مجهولين (يزكيان) أي يحتاجان لتزكية ومثلهما ببينة سماع غير قاطعة بأن كانت من غير ثقات (وبيع) ما (يفسد) لو وقف كلحم وفاكهة (ووقف ثمنه) بيد عدل (معهما) أي مع إقامة الشاهدين المحتاجين للتزكية (بخلاف العدل) أي مقيم العدل إذا لم يحلف معه لأجل إقامة ثان فإن لم يأت به ترك ذلك الشئ المدعى فيه (فيحلف) المدعى عليه لرد شهادة الشاهد (ويبقى) الشئ المدعى فيه ( بيده) أي يد المدعى عليه ملكا يتصرف فيه بالبيع وغيره ويضمنه للمدعى ان أتى بالشاهد الثاني لكن المعتمد أنه يبقى بيده يحوزا فيضمنه ولو هلك بسماوي لأنه متعد بوضع يده عليه بيمينه الذي رد به شهادة العدل والموضوع انه يفسد بالبقاء فصونه إنما هو بالتصرف فيه فعلى أنه يبقى ملكا لا يضمن المساوي وعلى أنه يبقى حوزا يضمنه فإن نكل المدعى عليه استحقه المدعى بشاهد مع نكول المدعى عليه وما يقدم من أن المصنف محمول على ما إذا امتنع المدعى من اليمين لأجل إقامة ثان الخ هو قول عياض وغيره من المحققين واما لو قال لا أحلف الان لأن لي شاهدا آخر فإن لم أجده حلفت فإن المدعى فيه يباع ويوقف ثمنه على يد عدل كالأول أي (وان سأل) من ادعى شيئا بيد غيره من عبد أو دابة أو غير ذلك (ذو العدل) أي مقيمه وأبى من الحلف معه ومثله مقيم بينه تحتاج لتزكية (أو) سأل ذو (بينة سمعت) بأنه ذهب له عبد مثلا هذه صفته (وإن لم تقطع) الواو للحال وان زائدة فالأولى حذفها أي والحال انها لم تقطع بأن الشئ المدعى فيه حقه بأن قالت لم نزل نسمع من الثقات وغيرهم أنه ذهب له عبد مثلا
190 صفته كذا (وصنع) مفعول سأل أي سأل وضع ( قيمة العبد) مثلا عند القاضي أو عند أمين بإذن القاضي (ليذهب به) أي بالعبد ( إلى بلد يشهد له) في تلك البلد (على عينه أجيب) لسؤاله ومكن من الذهاب به إلى البلد الذي طلبه فإن ثبت عند قاضيه أنه عبده أنهى القاضي الأول أنه ثبت عندنا أن هذا العبد لمدعيه واستحقه وأخذ القيمة الموضوعة عند القاضي الأول وجعلنا الواو للحال لأنها لو قطعت بأن قالت لم نزل نسمع من الثقات وغيرهم أن هذا العبد مثلا بعينه هو الذي ذهب له أخذه مدعيه أي مع اليمين إن كان بيد حائز (لا إن انتفيا) أي العدل وبينه السماع (وطلب) المدعى (إيقافه) أي العبد أو غيره على يد أمين (ليأتي) أي إلى أن يأتي (ببينة) تشهد له على دعواه المجردة عما ذكر الان فلا يجاب لتلك (وإن) كانت بينته (بكيومين) فأولى إذا كانت على أكثر لأنه يحمل على أنه قصد إضرار المالك بمنعه الانتفاع بملكه في تلك المدة (إلا أن يدعى بينة حاضرة) بالبلد تشهد له (أو) يدعى (سماعا) أي بينة سماع حاضرة (يثبت به) المدعى به بأن كان فاشيا (فيوقف) المدعى به في المسئلتين عند القاضي حتى يأتي ببينته (ويوكل به) من يحفظه (فيما) لو كانت على (كيوم ) فإن جاء بها عمل بمقتضاها وإلا سلمه القاضي لربه بعد يمينه من غير كفيل ( والغلة) الحاصلة من المدعى فيه (له) اي المدعى عليه ولو فيما فيه حيلولة على الراجح لأن الضمان منه (للقضاء) به
191 للمستحق (والنفقة) على المدعى فيه كالعبد زمن الايقاف ومنه زمن الذهاب به لبلد يشهد له فيه أنه للمدعى (على المقضى له به) لكشف الغيب أنه على ملكه من يومئذ ويرجع المدعى عليه بها على المدعى إذا أنفق عليه زمن الايقاف وأما قبل زمنه فإن النفقة على من هو بيده كالغلة اتفقا ولما كانت الشهادة على الخط ثلاثة أقسام على خط المقر وعلى خط الشاهد الميت أو الغائب وعلى خط نفسه ذكرها المصنف على هذا الترتيب فقال ( وجازت) الشهادة أي أداؤها (على خط مقر) أي باعتبار خطه أي شهدت بأن هذا خط فلان وفي خطه أقر فلان بأن في ذمته لفلان كذا أو أنه وصله من فلان كذا وسواء كانت الوثيقة كلها بخطه أو الذي بخطه نفس الاقرار أو أنه يكتب فيها المنسوب إلى فيه صحيح ولا بد في الشهادة على الخط من عدلين وإن كان الحق مما يثبت بالشاهد واليمين لأن الشهادة على الخط كالنقل ولا ينقل عن الواحد إلا اثنان ولو في المال على الراجح ولا بد أيضا من حضور الخط فلا يشهد به في غيبته فيعمل بمقتضاها إذا استوفيت الشروط (بلا يمين) من المدعى معها بناء على أن الشهادة على الخط كالشهادة على اللفظ وأشار للقسم الثاني بقوله (و) جازت على (خط شاهد مات أو غاب ببعد) وجهل المكان كبعده والمرأة كالرجل يشترط قوله فيها بعد الغيبة وليست الشهادة على خطها كالنقل عنها يجوز ولو لم تغب لأن الشهادة على الخط ضعيفة لا يصار إليها مع إمكان غيرها ولا يشترط على الراجح إدراك من شهد على خطه للقطع بأنا نعلم خطوط كثير من الأشياخ الذين لم ندركهم علمناه بالتواتر والمراد بالبعد
192 ما ينال الشاهد الغائب فيه مشقة فلا تجوز عليه خط شاهد قريب لا تناله مشقة في إحضاره وتجوز الشهادة على خط المقر وعلى خط الشاهد بنوعيه (وإن بغير مال) كطلاق وعتق وحد (فيهما) أي في خط المقر وخط الشاهد بنوعيه والراجح انه مسلم في الأول دون الثاني إذ الشاهدة على خط الشاهد إنما تجوز في الأموال وما يؤول إليها دون غيرها لضعفها عن القسم الأول أي الشهادة على خط المقر وأشار إلى شروط جواز الشهادة على خط وهي ثلاثة والأول عام والاثنان بعده مختصان بالقسم الثاني بنوعيه فقال (إن عرفته) أي الخط (كالمعين) اي كمعرفة الشئ للعين من آدمي أو غيره فلابد من القطع ولذا إنما تقبل من فطن عارف بالخط ويؤخذ منه أن الخط حاضر وأشار للشرطين المختصين بالشهادة على خط الشاهد بنوعيه بقوله (و) عرفت (أنه) أي الشاهد الكاتب خطه بشهادته وقد مات أو غاب بعد (كأن يعرف مشهده) وهو من شهد عليه بنسبه أو عينه فإن لم تعرف البينة ذلك لم تشهد على خطه لاحتمال أنه شهد على من لا يعرف (و) عرفت أنه (تحملها عدلا) أي وضع خطه وهو عدل واستمر كذلك حتى مات أو غاب أشار إلى القسم الثالث من أقسام الشهادة على الخط وأنه لا يفيد إلا بشرطه بقوله (لا) الشهادة (على خط نفسه) أي لا تنفع ولو تحقق بأنه خطه (حتى يذكرها) أي القضية أو الشهادة أي يتذكر مضمونها فيشهد حينئذ على ما علم لا على أنه خطه (وأدى) إذا لم يتذكر القضية بشهادته بأنه هذا خطي ولا أذكر القضية (بلا نفع) للطالب وفائدة التأدية احتمال أن الحاكم يرى نفعها فقوله بلا نفع أي باعتبار الشاهد على خط نفسه هذا ما رجع إليه مالك وكان أولا يقول إن عرف خطه ولم يذكر القضية وليس في الكتاب محو ولا كشط ولا ريبة فليشهد وبه أخذ مطرف وعبد الملك وابن حبيب وابن وهب وسحنون قال مطرف وعليه جماعة الناس إذ النسيان يعتري الناس كثيرا وكان شيخنا يقول إذا عرفت خطي شهدت به لأني لا أكتب إلا عن تحقق (ولا) ويشهد شاهد (على من لا يعرف) نسبه حين الأداء والتحمل
193 أو يعرف نسبه وتعدد وأراد الشهادة على واحد من المتعدد (إلا على عينه) أي شخصه (وليسجل) القاضي أي يكتب في سجله أي كتابه (من زعمت أنها ابنة فلان) أي أن البينة إذا شهدت بدين مثلا على عين امرأة لعدم معرفة نسبها وأخبرت بأنها بنت فلان الفلاني فليس للقاضي أن يسجل أنها بنت فلان ما لم تشهد بعينه بذلك وإنما يسجل من زعمت أو أخبرت أو قالت أنها بنت فلان احتمال انتسابها لغير أمها والرجل مثل المرأة وخص المرأة لغلبة الجهل بها (ولا) تجوز شهادة أي بحملها ( على) امرأة (منتقبة) حتى تكشف عن وجهها ليشهد على عينها ووصفها (لتتعين للأداء) على القاضي لا للمنفي الذي هو منتقبة أي انتفاء الجواز لأجل أن تتعين لأداء الشهادة عليها وذلك لا يكون مع الانتقاب (وإن قالوا) أي الشهود (أشهدتنا) بدين مثلا (منتقبة) بالرفع على أنه خبر لمحذوف بالنصب على الحال (وكذلك نعرفها) أي ونعرفها على تلك الحالة أي منتقبة وإن كشفت وجهها لا نعرفها ( قلدوا) أي عمل بجوابهم في تعيينها إن المفرض أنهم عدول لا يتهمون فهذه المسألة مفيد للأولى فمحل المنع في الأولى إذا كانوا لا يعرفونها منتقبة (وعليهم) أي الشهود وجوبا (إخراجها) أي اخراج امرأة شهدوا على عينها ولم يعرفوا نسبها بدين أو نكاح أو إبراء من بين نسوة خلطت بهن (إن) كلفوا باخراجها و (قيل لهم عينوها) فإن قالوا هذه على التي أشهدتنا عمل بشهادتهم فليس الضمير في إخراجها يعود على المنتقبة فهذه المسألة غير مسألة المنتقبة وفي الحقيقة
194 هي أعم منها ويؤخذ من كلام المصنف أن الدابة والرقيق كالمرأة فإذا شهدوا بدابة أو رقيق بعينه لشخص فعليهم اخراج ما شهدوا به إن قيل لهم عينوه وهو التحقيق خلافا لمن قال هو خطأ ممن فعله (وتجانه) لمن تحمل شهادة على امرأة معروفة بالنسب ثم نسيها (الأداء) للشهادة (ان حصل) له (العلم) بعد ذلك (وإن بامرأة) أو من لفيف الناس (لا) أن لم يحصل العلم بأنها المشهود عليها (بشاهدين) فلا يعتمد عليهما ولا يؤدي الشهادة (إلا نقلا) عنهما فيعتبر في شهادة النقل فلا بد من انضمام شاهد آخر إليه وأن يقولا اشهد على شهادتنا وهذا إذا شاركاه في علم ما يشهد به وإلا فلا يتصور نقله عنهما ثم انتقل يتكلم على شهادة السماع بقوله (وجازت) الشهادة والمراد بالجواز هنا الاذن كالذي قبله لأنها قد تجب (بسماع) أي بسببه (فشا) في انتشر واشتهر (عن نقلهم وغيرهم) المراد انهم يعتمدون في شهادتهم على ذلك كما في المدونة
195 وليس المراد أنه لابد من ذكرهم في شهادتهم وقيل لابد أن يقولوا في شهادتهم لم نزل نسمع من الثقات وغيرهم وهو التحقيق وعليه فاختلف أيضا في اعتمادهم على ذلك هل لا بد من الجمع بين الثقات وغيرهم وعليه أبو الحسن عن المدونة المتيطى وبه العمل أو يكتفى بأحدهما وهو قول ابن القاسم وعليه جماعة وهو الأشهر وعليه فالواو في قوله وغيرهم بمعنى أو لمنع يشاور ورجح كل من القولين واعلم أن شهادة السماع إنما جازت لضرورة على خلاف الأصل لأن أصل أن الانسان لا يشهد إلا بما تدركه حواسه قاله أبو إسحق وتكون شهادة السماع في الاملاك غيرها كما أشار له بقوله (بملك لجائز) فلا ينزع بها من يد جائز (متصرف) حوزا (طويلا) فطويلا متعلق بمن لا يتصرف واعترض على المصنف بأن التصرف لا يشترط في شهادة السماع ولا طول الحيازة كما يفيده النقل فالصواب محذف متصرف طويلا من هنا وإنما يشترطان في الحيازة الآتية أي في الشهادة الحيازة عشرة أعوام أو غيرها على ما سيأتي (وقدمت بينة المالك) بتا على بينة السماع بالمالك يعنى إذا شهدت بينة مالك حاز مثلا لشخص بتا وشهدت أخرى بملكها الاخر سماعا قدمت بينة البت على بينة السماع بالملك فينزع بينة البت من الحائز فلو قال المصنف وقدمت بينة البت لكان أصوب (إلا بسماع) أي إلا أن تشهد بينة السماع
196 (أنه اشتراها) أي الذات المتنازع فيها المحوزة لذي بينة السماع (من كأبي القائم) وهو صاحب بينة البت فتقدم بينة السماع يعني أن عمل تقديم بينة البت ما لم تشهد بينة السماع بأن الذات المتنازع فيها قد انتقلت لليد على يملك جديد من شراء أو هبة أو عندما من أبي القائم أو جده والموضوع أين صاحب بينة السماع حائز للمتنازع فيه كما علمت وإلا قدمت بينة البت على بينة السماع الناقلة لما علمت أنه لا ينزع بها من يد الحائز (ووقف) عطف على يملك أي إذا شهدت بينة السماع بأن هذا الشئ موقوف على الحائز أو على فلان وليست الذات بيد أحد فيعمل بشهادتها وأما لو كان بيد حائز مدع ملكه ففيه خلاف قيل لا ينزع بها من يد الحائز كالملك وقيل ينزع بها منه احتياطا للوقف ورجح (وموت يبعد) أي ويعمل ببينة السماع بموت لشخص ببلد بعيدة كالأربعين يوما ويلحق به الشهر وأما البلاد القريبة أو في بلد الموت فإنما تكون على البت لسهولة الكشف عن حياته ثم أشار إلى شروط إفادة بينة السماع بقوله (إن طال الزمان) أي زمان السماع كعشرين سنة فأقل منها لا يكفي ولا بد من شهادة البت لكن هذا الملك المحاز وفي الوقف وأما في الموت فالشرط قصر الزمن وأما طوله فمبطل للسماع فيه ولابد من بينة القطع فيه ولو بالنقل على المعتمد إذ يبعد عادة موته مع عدم من يأتي من تلك البلد ويخبر بموته قطعا في هذه المدة الطويلة وأشار للشرط الثاني بقوله (بلا ريبة) في شهادة السماع كشهادة اثنين وليس في البلد مثلهما سنا بموت شخص أو كان فيها من يساويهما في السن مع شيوع السماع عند غيرهما فإن وجدت ريبة بأن لم يسمع بموته غيرهما من ذوي أسنانهما لم تقبل التهمة والى الثالث بقوله (وحلف) المحكوم له ببينة السماع
197 لأنها ضعيفة والى الرابع بقوله (وشهد) به (اثنان) من العدول فأكثر فلا يكفي واحد مع اليمين قال ابن القاسم إن شهد واحد على السماع لم يقبض بالمال وإن حلف لأن السماع نقل شهادة ولا يكفي نقل شاهد واحد على شهادة غيره اه وقال غيره يكفي ويبني عليه ما مر في الخلع في قوله وبيمينها مع شاهد أي ولو شاهد سماع كما قال ابن عبد السلام ورجح في خصوص الخلع لأن شأن الزوج الضرر بزوجته وبقي شرط خامس وهو أنه لا بد من كون الشاهدين ذكرين فلا تقبل فيه شهادة النساء وربما أشعر به إتيانه بمثنى المذكر * ثم ذكر عشرين مسألة تقبل فيها شهادة السماع مشبها لها بالثلاثة قبلها فقال (كعزل) لقاض أو وال أو وكيل بأن نقول لم نزل نسمع من الثقات وغيرهم أنه عزل (وجرح) أي تجريح كلم نزل نسمع أنه شارب خمر مثلا أو مجرح (وكفر) لمعين (وسفه) وكذلك (ونكاح) ادعاه أحدهما وانكره الاخر ( وضنها) أي المذكورات من تولية وتعديل وإسلام ورشد وطلاق (وإن يخلع) كأن قالوا لم نزل نسمع من ثقات وغيرهم أنه خالعها فيثبت الطلاق لأدفع العوض وكذا البيع والنكاح يثبت العقد لأدفع العوض (وضرر زوج) نحو لم نزل نسمع من ثقات وغيرهم انه يضر بزوجته فيطلقها الحاكم عليه (وهبة) أي أنه وهب لفلان كذا (ووصية) نحو لم نزل نسمع أن فلانا أقام فلانا وصيا عنه في ماله أو ولده أو أن فلانا في ولاية فلان يتولى النظر له والانفاق عليه بإيصاء أبيه أو بتقديم قاض وتعقبه له عليه ( وولادة) فيثبت بها أنها أم ولد (وحرابة وإباق) فيثبتان به (وعدم) أي عسر أثبته المدين أو الغرماء بها (وأسر) نحو لم نزل نسمع أنه أسر فيزوج الحاكم بنته ويقضي دينه من ماله ونحو ذلك (وعتق ولوث) نحو لم نزل نسمع من ثقات وغيرهم أن فلانا قتل فلانا
198 فتكون الشهادة المذكورة لوثا تسوغ للولي القسامة ومثل المذكور البيع والنسب والولاء والرضاع والقسمة وهذه المسائل تثبت بشهادة السماع لا بقيد الطول فلذا أتى فيها بالكاف ثم ذكر حكم الشهادة تحملا وأداء بقوله ( التحمل) للشهادة (إن افتقر إليه) أي احتيج إليه بأن خيف ضياع الحق من مال أو غيره (فرض كفاية) إذ لو تركه الجميع لضاع الحق ويتعين بما يتعين به فرض الكفاية بأن لم يوجد من يقوم به غيره وظاهر كلامه ولو فاسقا عند التحمل إذ قدم يحسن حاله عند الأداء أو لا يقدح فيه الخصم والعبرة بوقت الأداء ويجوز للمتحمل أن ينتفع على التحمل الذي هو فرض كفاية واحترز بقوله إن افتقر إليه عما إذا لم يفتقر إليه فلا يكون فرض كفاية بل قد يكون حراما كتحمل شهادة الزنا الأقل من الأربعة وقد يجوز كرؤية هلال لم يتوقف عليه حكم شرعي (وتعين الأداء) على المتحمل أي إعلام الحاكم أو جماعة المسلمين بما تحققه (بين) مسافة (كبر يدين) وأدخلت الكاف الثالث بدليل قوله لا كمسافة القصر وظاهر نقل المواق أنها استقصائية (و) تعين الأداء (على) شاهد (ثالث إن لم يجتز بهما) أي بشهادة الشاهدين عند الحاكم لأنها مهما يأمر مما مر وكذا على رابع وخامس حتى يثبت الحق (وإن انتفع) من تعين عليه الأداء بأن امتنع أن يؤدي إلا بمقابلة شئ ينفع به
199 (فجرح) قادح في شهادته لأنه معصية لأنه رشوة أخذها في نظير ما وجب عليه (إلا ركوبه) ذهابا وإيابا (لعسر مشيه وعدم دابته) فليس يجرح لجوازه وإضافة الدابة له مخرج لدابة قريبة فليس عليه استعارتها (لا كمسافة القصر) فلا يجب عليه المتحمل السفر إلى محل الأداء (درس) (و) يجوز (له) حينئذ (أن ينتفع منه) أي من المشهود له (بدابة) لركوبه (ونفقة) له ولأهل بيته مدة ذهابه وإيابه بلا تحديد لأنه أخذ عن شئ لا يجب عليه (وحلف) أي المدعى عليه في دعوى لا تثبت إلا بشاهدين كزوج وسيد (بشاهد) أي بسبب إقامته عليه ومثل الشاهد المرأتان كما في المدونة ( في) دعوى (طلاق) ادعته المرأة على زوجها فأنكر (و) دعوى (عتق) ادعاه العبد على سيده فأنكر ومثلهما القذف كما قال اللخمي ادعاه حر عفيف على غيره فأقام المدعى شاهدا فقط أو امرأتين على ما ذكر فيحلف المدعى عليه لرد شهادة الشاهد (لا) في (نكاح) ادعاه أحد الزوجين على الاخر فلا يحلف المدعى عليه المنكر (فإن) حلف منكر الطلاق أو العتق برئ وإن (نكل حبس) ليحلف فيهما كالقذف عند اللخمي فمتى حلق ترك (وإن) لم يحلف و (طال) حبسه كسنة (دين) أي وكل لدين وخلى بينه وبين زوجته ورقيقه ولا يحد القاذف والفرق بين ما ذكر وبين النكاح أن غير النكاح لو أقر به ثبت ولزم بخلاف النكاح ولان الأصل عدم النكاح فمدعيه ادعى خلاف الأصل بخلاف من ادعى الطلاق العتق فإنه ادعى الأصل من حيث (1) إن الأصل في الناس الحرية وعدم العصمة وأيضا الغالب في النكاح شهرته فلا يكاد يخفي على الأهل والجيران فالعجز عن إقامة الشاهدين فيه قرينة كذب مدعيه * ولما كانت اليمين مع الشاهد في دعوى المال وما يؤول إليه لها أحوال وفيها تفصيل لأنها وإقامة إما ممكنة في الحال أو ممتنعة فيه أو ممتنعة مطلقا أو ممتنعة من البعض دون البعض أشار لذلك كله بقوله
(1) قول الشارح فإنه ادعى الأصل من حيث الخ غير صحيح فإن الرقيق لم يدع الحرية الأصلية بل سلم جريان الرقية عليه وادعى انقطاعها بالعتق ولا ريب أن الأصل استمرارها وعدم العتق ولذلك كان الرقيق مدعيا عليه البينة والسيد مدعى عليه اليمين والمرأة لم تنكر أصل النكاح بل أقرت به وادعت زواله بالطلاق فهي المدعية لأن الأصل استمرار النكاح وعدم الطلاق فهذا الفرق الثاني غير صحيح والله أعلم اه. 200 (وحلف عبد) ولو غير مأذون (وسفيه) بالغ (مع شاهد) لكل يحق مال واستحق ما ادعاه الشاهد واليمين ولا يؤخر للعتق أو الرشد ولا يحلف السيد أو الولي عنهما وأشعر قوله وحلف الخ أنهما مدعيان فلا يشترط في الدعوى الحرية ولا الرشد بل ولا البلوغ فإن نكل السفيه أو العبد المأذون حلف المدعى عليه لرد شهادة الشاهد وبرئ وان نكل غير المأذون حلف سيده مع الشاهد واستحق (لا) يحلف (صبي) مع شاهد له بحق مالي ادعاه على شخص (و) لا (أبواه) وأحرى غيره من الأولياء حيث لم يتولى المعاملة إذ المكلف لا يحلف ليستحق غيره (وإن أنفق) عليه أبوه إنفاقا واجبا فأولى لا يحلفه إذا أنفق عليه تطوعا أو لم ينفق أصلا فإن تولى الأب المعاملة حلف وكذا الوصي وولى السفيه وسيد العبد لأنه إذا لم يحلف غرم (و) إذا لم يحلف الصبي ولا أبوه مع الشاهد (حلف مطلوب) أي المدعى عليه (ليترك) المتنازع فيه (بيده) أي بيد المطلوب حوزا لا ملكا إلى بلوغ الصبي (وأسجل) المدعى به أي يكتب في سجله الحادثة صونا لمال الصبي وخوفا من موت الشاهد أو تغير حاله عن العدالة (ليحلف) الصبي علة للاسجال أي أسجل لأجل أن يحلف (إذا بلغ له
201 كوارثه) أي كما يحلف وارث الصبي البالغ أن مات الصبي (قبله) أي قبل بلوغه فإذا حلف الصبي إذا بلغ أو وارثه إن مات استحق المدعى به وأخذه من المطلوب إن كان معينا باقيا فإن فات أخذ قيمته إن كان مقوما ومثله إن كان مثليا وإن كان دينا في ذمة المطلوب أخذه على ما هو عليه وجاز الصلح عنه على ما مر في بابه فإن نكل المطلوب أخذ الصبي ملكا اتفاقا ولا يمين على الصبي إذا بلغ واستثنى من قوله كوارثه قبله قوله (إلا أن يكون) الوارث البالغ (نكل) عن اليمين (أولا) حين توجهت عليه في نصيبه بأن ادعيا معا على شخص بحق وأقاما عليه شاهدا فنكل الكبير وسقط حقه واستؤتي للصغير فمات قبل بلوغه (ففي حلفه) أي وارثه الكبير الناكل أولا (قولان) للمتأخرين ولا نص فيها للمتقدمين قيل يحلف ليستحق نصيب الصغير لأنه إنما نكل أولا عن حصته هو وقد يكون ورعا فلا بمنع من اليمين لأجل استحقاقه نصيب مورثه قال ابن يونس وهو الذي يظهر ألا ترى أنه لو حلف أولا لم يستحق نصيب مورثه إلا بيمين ثانية وقيل لا لسريان نكوله الأول عليه ( وإن نكل) الصبي بعد بلوغه أو وارثه ان مات قبل بلوغه (اكتفى بيمين المطلوب الأولى) ولا تعاد عليه ثانية ثم ذكر مسألة لا ارتباط لها بمسألة الصبي بقوله (وإن حلف المطلوب) يعني أن من ادعى بحق مالي وأقام عليه شاهدا فقط أو امرأتين وأبى أن يحلف مع شاهده فحلف المدعى عليه (قوله وبرئ (ثم أتى) المدعى (بآخر فلا ضم) أي لا يضم الثاني للأول لبطلان شهادته بنكول المدعى معه وحلف المطلوب (وفي حلفه) أي الطالب (معه) الشاهد الثاني ويستحق لأنه قد يظهر له بشهادة الثاني ما يحقق دعواه ويقدم على اليمين وعدم حلفه لأنه لما فكل مع الأول سقط حقه قولان (و ) على القول بالحلف معه ففي (تحلف المطلوب) ثانيا (إن لم يخلف) الطالب مع الثاني بأن فكل معه كما نكل أولا لأن حلف المطلوب أولا كان لرد شهادة الأول فيحتاج ليمين أخرى لرد شهادة الثاني وعلى هذا القول
202 لو أنكل المطلوب استحق الطالب الحق وعدم تحليفه لأنه حلف أولا وبرى من الحق (قولان) وعلى الأول لو اتى بشاهد بين لاستحق بخلاف الثاني (وان تعذر عين بعض) أي أو كل بدليل قوله أو على الفقراء ومثل للأول بقوله (كشاهد) أو امرأتين على انسان (بوقف) لدار مثلا على بنيه) أي بنى الواقف أو بنى زيد (وعقبهم) بطنا بعد بطن بدليل ما يأتي في كلامه وليس المراد أنه سوى بين البنين والعقب كما قد يتوهم من الواو فاليمين متعذرة من العقب متيسرة البنين من ومثل للثاني المحذوف من كلامه بقوله (أو) شاهد بوقف كدار (على الفقراء) فاليمين متعذرة من جمعهم (حلف) من يخاطب باليمين وهو البعض الموجود من الموقوف عليهم في الأولى والمدعى عليه في الثانية فإن حلف الموجود مع الشاهد ثبت الوقف وإن حلف بعض الموجودين دون بعض ثبت نصيب من حلف دون غيره فإن نكل الجميع بطل الوقف ان حفف المدعى عليه (والا) يحلف المدعى عليه في الثانية (فحبس) بشهادة الشاهد ونكول المدعى عليه فهذا مفرع على الثانية فقط وفرع على الأولى فقط لكن في خصوص ما إذا حلف بعض قوله (فإن مات) الحالف اتحد أو تعدد ولم يبق الا الناكل
203 (ففي تعيين مستحقه) أي جنس مستحقه وبينه بقوله (من بقية الأولين) وهم طبقة الحالف الميت (أو) وأهل (البطن الثاني (بالجر عطف على بقية أي هل يستحق نصيب الميت الحالف أهل طبقته من إخوته الناكلين لأن نكولهم من الحلف أولا عن نصيبهم لا يمنع استحقاقهم نصيب الحالف الميت أو يستحقه أهل البطن الثاني لبطلان حق بقية البطن الأول بنكولهم وأهل البطن الثاني إنما تلقوه عن جدهم المحبس فلا يضرهم نكول أبيهم إن كان أبوهم هو الناكل (تردد) الراجح الثاني وكل من استحق لابد من يمينه لأن أصل الوقت بشاهد واحد وينبغي أن يحلف غير ولد الميت لأن ولد الميت يأخذ بالوراثة عن أبيه ثم شرع في بيان نقل الشهادة وبدأ بذكر الشهادة على حكم الحاكم لشبهها له لكونها نقلا لحكمه فقال (ولم يشهد على حاكم قال ثبت عندي) أو حكمت بكذا (إلا باشهاد منه) لهما بأن قال لهما اشهدا على حكمي وسواء في الأمور الخاصة أو العامة كثبوت رمضان (كاشهد على شهادتي) هذا هو حقيقة شهادة النقل وهو مثال لمحذوف معطوف على حاكم أي ولا يشهد على شاهد بحق الا باشهاد منه وبما هو بمنزلته كما أشار له بقوله (أو رآه يؤديها) عند قاض فيشهد على شهادته إذ سماعه لأداء الشهادة عند قاض منزل بمنزلة قوله اشهد على شهادتي وظاهره أنه إذا سمع الشاهد الأصلي يقول لاخر اشهد على شهادتي انه لا ينقل عنه وهو أحد قولين والثاني له ذلك قال بعضهم وهو المشهور ويمكن حمل المصنف عليه بأن يقول قوله اشهد على شهادتي أعم من أن يكون هو المخاطب أو غيره وشكل كلامه نقل النقل إذ قوله كاشهد على شهادتي ولو تسلسل ثم ذكر شروط النقل بقوله (إن غاب الأصل) المنقول عنه (وهو) أي والحال أنه (رجل) فالا يقل؟ عنها
204 ولو حاضرة (بمكان) متعلق باب؟ (لا يلزم الأداء منه) وهو ما فوق البريدين على ما مر هذا في غير الحدود (ولا يكفي) في النقل عن الشاهد الأصلي (في الحدود الثلاثة الأيام) فلابد من الزيادة عليها وقيل يكفي ما دون مسافة القصر كالأموال وعطف على غاب قوله (أو مات) الأصل (أو مرض) مرضا يتعسر معه الحضور عند القاضي لأداء الشهادة (ولم يطرأ فسق) للمنقول عنه (أو عداوة) بينه وبين المشهود عليه قبل أداء الشهادة فإن زال الفسق عن الأصل فهل ينقل عنه بالسماع الأول أو لابد من اذن ثان خلاف (بخلاف) طرد (جن) أي جنون للأصل بعد تحمل الأداء عنه فلا يضر في النقل عنه (ولم يكذبه) أي النقل (أصله) فإن كذبه حقيقة أو حكما كشكه في أصل شهادته لم ينقل عنه (قبل الحكم) راجع للفرع الأخير وأما الأولان فالمضر طرد الفسق والعداوة قبل الأداء لا بعده وقبل الحكم كما تقدم هذا هو الراجح (وإلا) بأن كذبه بعد الحكم (مضى) الحكم ولا ينقض (بلا غرم) على الناقل ولا على الأصل لأنه لم يقطع بكذبه والحكم صدر عن اجتهاد فهذا راجع للفرع الأخير فقط (ونقل) عطف على غاب (عن كل) أي عن كل واحد من شاهدي الأصل (اثنان) وهو صادق بما أفا؟ شهد اثنان على واحد ثم على آخر أو قال الأصلان لهما معا اشهدا على شهادتنا وبما إذا شهد عن كل واحد اثنان وبغير ذلك (ليس أحدهما) أي أحد الناقلين (أصلا) أدى شهادته لأنه إذا كان أحدهما من شهود الأصل لزم ثبوت الحق بشاهد واحد إذ الناقل المنفرد كالعدم (و) نقل (في الزنا أربعة عن كل) أي عن كل واحد من الأصل وهو صادق بأربعة ينقلون عن كل واحد وبستة عشر ينقل كل أربعة منهم عن واحد وبغير ذلك (أو) نقل أربعة (عن كل اثنين) من الأصول (اثنان) بأن ينقل اثنان عن زيد وعمرو واثنان آخران عن بكر وخالد فلو نقل اثنان عن ثلاثة وعن الرابع اثنان لم يصح خلافا لابن الماجشون
205 أو نقل ثلاثة عن ثلاثة وواحد عن الأربعة لم يصح (ولفسق نقل بأصل) أي جاز تلفيق شهادة نقل مع شهادة أصل في الزنا وغيره كأن يشهد اثنان عن رؤية الزنا وينقل اثنان عن كل واحد من الاثنين الآخرين (وجاز تزكية ناقل أصله) الذي نقل عنه بخلاف العكس وهو تزكية الأصل للناقل عنه لقوة التهمة (و) جاز (نقل امرأتين) عن رجل أو عن امرأتين (مع رجل) ناقل معهما عمن ذكر (في باب شهادتهن) وهو الأموال وما يؤول إليها أو مالا يظهر للرجال كالولادة وعيب الفرج بخلاف نحو الطلاق والعتق فلا يصح فيه نقل النساء ثم شرع في مسائل رجوع الشاهدين عن الشهادة بقوله [درس] (وان قالا) بعد الأداء وقبل الحكم (وهمنا) أو غلطنا في شهادتنا بدم أو حق مالي ليس الذي شهدنا عليه هذا الشخص (بل هو هذا) لشخص غيره (سقطتا) أي الشهادتان معا الأولى لاعترافهما بالوهم والثانية لاعترافهما بعدم عدالتهما حيث شهدا على شك وكذا بعد الحكم وقبل الاستيفاء؟ في الدم لا في المال فلا يسقط بل يغرمه المشهود عليه للمدعي ثم يرجع به عليهما كما يأتي في قوله لا رجوعهم الخ (ونقض) الحكم (إن ثبت) بعده (كذبهم) أي ان أمكن كما قال ابن الحاجب وذلك قبل الاستيفاء في القتل والقطع فإن لم يثبت إلا بعد الاستيفاء لم يبق الا الغرم كما سيذكره ومثل لثبوت كذبهم بقوله (كحياة من قتل) أي من شهد بقتله عمدا أي ظهرت حياته قبل القصاص من المشهود عليه بالقتل فلا يقتص منه
206 (أوجه قبل) وقت (الزنا) المشهود به عليه فإذا لم يحصل رجمه نقض الحكم فلا يرجم وإلا فالغرم كما يأتي (لا رجوعهم) عن الشهادة فلا ينقض له الحكم بعد الاستيفاء وكذا قبله في المال قطعا وفي الدم قولان (وغرما) إذا رجعا عن شهادتهما (مالا) أتلفاه؟ بشهادتهما ولو قالا غلطنا لأن العمد والخطأ في أموال الناس سواء (ودية) إذا شهدا بقتل (ولو تعمدا) الزور في شهادتهما عند ابن القاسم وقال أشهب يقتص منهما في العمد قال المصنف وهو أقرب لأنهما قتلا نفسا بغير شبهة ويجوز قراءة تعمدا فعلا ماضيا ومصدر منصوبا على أنه خبر كان المحذوفة وعلى قول ابن القاسم يوجعان ضربا ويطال سجنهما ويغرمان الدية في مالهما (و) لو شهد أربعة بالزنا واثنان بالاحصان فرجع ثم رجع الستة اختص شهود الزنا بالغرم (لا يشاركهم شاهدا الاحصان في الغرم) أي غرم الدية لأن شهادتهما منفردة لما كانت لا توجب حدا صارت غير منظور لها بخلاف شهود الزنا (كرجوع المزكى) عن تزكيته لا يوجب الغرم عليه وإنما الغرم على الشاهد إن رجع (وأدبا) أي الشاهدان الراجعان (في كقذف) شهدا به وحد المشهود عليه ودخل بالكاف الشتم واللطم وضرب بالسوط ( وحد شهود الزنا) الراجعون حد القذف (مطلقا) أي رجعوا قبل الحكم أو بعده قبل الاستيفاء أو بعده بجلد أو رجم مع الغرم في الرجم كما مر
207 (كرجوع حد الأربعة) في الزنا (قبل الحكم) فيه فيحد الأربعة لأن الشهادة لم تكمل (وإن رجع) أحدهم (بعده) أي الحكم (حد الراجع فقط) لاعترافه على نفسه بالقذف ويستوفى من المشهود عليه الحكم وأما ان ظهر أن أحدهم عبد أو كافر فيحد الجميع (وإن رجع اثنان من ستة) بعد الحكم (فلا غرم ولا حد) على أحد لأن الشهادة تمت بالأربعة وصار المشهود عليه غير عفيف نعم يؤدبان بالاجتهاد (إلا أن تبين) بعد الاستيفاء ورجوع الاثنين (أن أحد الأربعة) الباقين (عبد) أو كافر (فيحد الراجعان) حد القذف (والعبد) نصف حد الحر لأن الشهادة لم تتم ولا حد على الثلاثة الباقين ولا غرامة لأنه قد شهد معهم اثنان ولا عبرة في حقهم برجوعهما لأن شهادتهما معمول بها في الجملة بدليل أن الحكم المرتب عليها لا ينقض بخلاف ما لو تبين أن أحد الأربعة عبد فيحدوا كما مر لأن شهادته لا عبرة بها فهي عدم شرعا فلم يبق أربعة غيره ( وغرما) أي الرجعان (فقط) دون العبد (ربع الدية) لأن ما زاد على الثلاثة ولو كثر في حكم الواحد بقية النصاب والعبد لا مال له لأن ماله لسيده (ثم إن رجع) بعد رجوع الاثنين (ثالث) من الستة ولم يكن في المسألة عبد بدليل تمام المسألة
208 فليست هذه من تتمة ما قبلها (حد هو والسابقان) حد القذف لأن الباقين ثلاثة فلم يتم النصاب (وغرموا) أي الثلاثة (ربع الدية) بالسوية (و) إن رجع ( رابع) أيضا (فنصفها) أرباعا بين الأربعة مع حد الرابع أيضا وخامس فثلاثة أرباعها بينهم أخماسا وسادس؟ فجميعها أسداسا (وإن رجع سادس) من ستة شهدوا بزنا محصن فأمر الحاكم برجمه (بعد فقئ عينه) الرجم (و) رجع (خامس بعد موضحته و) رجع (رابع بعد موته فعلى الثاني) وهو الخامس (خمس) دية ( الموضحة) لأنها حصلت بشهادة خمسة هو أحدهم (مع سدس) دية (العين كالأول) عليه سدس دية العين لأنها ذهبت بشهادة ستة هو أحدهم (وعلى) الراجع (الثالث) وهو الرابع بالنسبة للباقي (ربع دية الخمس) لأنها ذهبت بشهادة أربعة هو أحدهم ( فقط) أي لا شئ عليه من دية العبد والموضحة لاندراجهما في النفس * واعلم أنه ما أوجب الغرم على السادس والخامس إلا رجوع هذا الرابع فلو لم يرجع لم يغرم واحد منهما بدليل قوله الآتي وإن رجع من يستقل الحكم بعدمه فلا غرم وهذا الفرع عزاه ابن الحاجب لابن المواز قال المصنف وهو مبني على مذهبه من أن الرجوع بعد الحكم وقبل الاستيفاء يمنع من الاستيفاء وأما على قول ابن القاسم أن يستوفى فينبغي أن يكون على الثلاثة الراجعين ربع دية النفس دون العين والموضحة لأنه حينئذ قتل بشهادة الستة ودية الأعضاء تندرج فيها (ومكن مدع) على الشاهدين (رجوعا) عن شهادتهما عليه (من) إقامة (بينة) عليهما أنهما رجعا فيغرمان له ما غرمه بشهادتهما كما؟ إذا أقرا بالرجوع كما مر ففائدة تمكينه من اقامتها تغريمهما له ما غرمه وسواء أتى بلطخ أم لا (كيمين) أي كما يمكن من يمين البينة التي ادعى عليها الرجوع فأنكرته فطلب منها اليمين أنها لم ترجع فإن حلفت برئت من الغرامة وإلا حلف المدعى أنها رجعت وأغرمها ما غرمه فإن نكل فلا شئ له عليهما ومحل تمكينه من توجه اليمين عليها (إن أتى بلطخ) أي شبهة ومرينة؟ كإقامته على رجوعهما شاهدا غير عدل أو امرأتين فيما ليس بمال ولا آيل إليه كطلاق وعتق (ولا يقبل رجوعهما عن الرجوع) أي أنهما إذا شهدا بحق على شخص
209 ثم رجعا عن شهادتهما ثم رجعا عن رجوعهما فإنه لا يقبل منهما ويغرمان ما أتلفاه بشهادتهما كالراجع المتمادي لأن رجوعهما عن الرجوع يعد ندما ولأنه بمنزلة من أقر ورجع عن إقراره (وإن على الحاكم بكذبهم) أي الشهود (وحكم) بما شهدوا به من رجم أو قتل أو قطع (فالقصاص)) عليه دون الشهود وسواء باشر القتل أم لا وكذا يقتص من ولى الدم إذا علم بكذبهم وإن علم الحاكم والولي اقتص منهما ومفهوم علم بكذبهم أنه إذا لم يعلم به فلا قصاص وإن علم بقادح وهو الراجح وإنما يلزمه الدية إن علم بقادح كالفسق (وان رجعا عن طلاق) أي عن شهادتهما بطلاق شهدا به على زوج (فلا غرم) عليهما لأنهما لم يتلفا بشهادتهما عليه مالا وإنما فوتاه البضع ولا قيمة له (كعفو القصاص) تشبيه في عدم الغرم أي كما لا غرم عليهما إذا شهدا بأن ولي الدم قد عفا عن القاتل عمدا ثم رجعا عن شهادتهما بعد حكم الحاكم بالعفو وسقط القصاص لأنهما لم يفوتا مالا وإنما فوتاه استحقاق القصاص وهو لا قيمة له نعم يؤدبان ويجلد القاتل مائة ويحبس سنة كما سيأتي للمصنف فقوله كعفو القصاص معناه كرجوعهما عن شهادتهما به ومستحق القصاص ومحل عدم غرمهما في رجوعهما عن طلاق (إن دخل) الزوج المشهود عليه ( وإلا) يدخل (فنصفه) أي الصداق يغرمانه له بناء على أنها لا تملك بالعقد شيئا وإنما يجب لها النصف بالطلاق وهو مشهور مبني على ضعيف إذ المذهب أنها تملك بالعقد النصف وعليه فلا غرم عليهما ولكن لا غرابة في بناء مشهور على ضعيف وشبه في غرمهما نصف الصداق قوله (كرجوعهما عن دخول مطلقة) أقر الزوج بطلاقها وأنكر الدخول بها فشهدا عليه به فغرم جميع الصداق ثم رجعا عن شهادتهما بالدخول فيغرمان له نصفه فإن رجع أحدهما غرم ربعه وهذا في نكاح التسمية
210 وأما في التفويض فيغرمان جميع الصداق لأنها إنما تستحقه فيه بوطئ لا بطلاق أو موت كما قدمه المصنف (و) لو شهد اثنان بطلاق وآخران بالدخول فحكم القاضي بجميع الصداق ثم رجع الأربعة (اختص) بغرم نصف الصداق (الراجعان) عن شهادتهما (بدخول) أو أن الباء بمعنى عن أي الراجعان (عن) شهادة الدخول دون شاهدي (الطلاق) الراجعين عنها لأنه بمنزلة رجوعهما عن طلاق مدخول بها ولا غرم عليهما كما مر (ورجع شاهدا الدخول) في الفرع المذكور فهو إظهار في محل الاضمار فلو قال ورجعا كان أخصر (على الزوج) بما غرماه له عند رجوعهما عن شهادة الدخول (بموت الزوجة إن أنكر الطلاق) أي استمر على انكاره وهذا شرط في الرجوع يعني أن الزوجة إذا ماتت وهو مستمر على انكاره طلاقها فإن شاهدي الدخول الراجعين يرجعان عليه بما غرماه له لأن موتها في عصمته على دعواه يكمل عليه الصداق في نكاح التسمية وأما في التفويض فلا رجوع لهما عليه بشئ لأن الموت فيه قبل الدخول لا يوجب شيئا كالطلاق كما مر ومفهوم الشرط أنه لو أقر بطلاقها لم يرجعا عليه بشئ عند موتها لانتفاء العلة المذكورة ( ورجع الزوج) بعد موت الزوجة
211 مع انكاره الطلاق (عليهما) أي على شاهدي الطلاق الراجعين عنه وكان الأولى هنا الاظهار لايهامه رجوع الضمير على شاهدي الدخول ولكنه اتكل على ظهور المعنى (بما فوتاه من ارث) منها بشهادتهما عليه بطلاقها قبل البناء إذ لولا شهادتهما لورثها (دون ما غرم) لها من نصف صداقها فلا يرجع به عليهما لاعترافه بتكميله عليه بالموت لانكاره الطلاق وهذه المسألة أعم مما قبلها لأن كل شاهدين شهدا بطلاق امرأة ثم رجعا عن شهادتهما وماتت الزوجة فإن الزوج أنكر؟ لطلاقها يرجع عليهما بما فوتاه من ارثه منها لا فرق بين أن يكون ذلك قبل الدخول أو بعده كان هناك شاهدا دخول أم لا (ورجعت) الزوجة ان مات الزوج ( عليهما؟) أي على شاهدي الطلاق الراجعين عنه (بما فوتاه من ارث وصداق) أي نصفه فيما إذا لم يدخل بها فإن الزوج المشهود عليه يغرم لها النصف فقط ولولا شهادتهما بالطلاق لكانت ترثه وتستحق جميع الصداق فعلم من هذا التقرير أن الموضوع حيث لم يكن الا شهود طلاق قبل الدخول إذ لو كان هناك شهود دخول أيضا كما هو موضوع ما قبلها لم يكن لها رجوع على شاهدي الطلاق بنصف الصداق إذ لم يفوتا عليها صداقا وهذا كله في المسمى لها كما مر (وإن كان) الرجوع (عن تجريح) شاهدي طلاق أمة من زوجها (أو) عن (تغليط شاهدي طلاق أمة) من زوجها أي إذا شهد شاهدان بطلاق أمة قبل الدخول أو بعده فحكم الحاكم بالفراق وسيدها مصدق على الطلاق ثم شهد اثنان بتجريحهما أو بتغليطهما بأن قالا غلطتما في شهادتكما وإنما التي طلقت غيرها أو قالا سمعنا شاهدي الطلاق يقران على أنفسهما بالغلط وماتا أو غابا أو أنكرا اقرارهما بالغلط
212 فحكم الحاكم برجوعها لعصمة زوجها ثم رجعا عن تجريحهما أو تغليطهما (غرما للسيد ما نقص) من قيمتها (بزوجيتها) أي بسبب عودها لزوجها إذ رجوعها له ثانيا عيب فتقوم بلا زوج ومتزوجة ويغرمان من بين القيمتين وقولتا وسيدها مصدق احترازا من انكاره فلا غرم عليهما له وقوله أمة احترازا من الحرة فلا غرم عليهما إذ لا قيمة لها (ولو كان) رجوعهما عن شهادتهما (بخلع) أي خلع امرأة (بثمرة لم تطب أو آبق) أو بنحو ذلك من كل غرر؟ يصح الخلع به ( فالقيمة) يغرمانها للزوجة (حينئذ) أي حين الخلع ولا ينتظر طيب الثمرة ولا عود الآبق كما يأتي وهو متعلق بالقيمة لما فيها من رائحة الفعل أو بمحذوف أي معتبرة حينئذ أي على الصفة التي عليها الثمرة وقت الخلع والتي عليها الآبق وقت ذهابه على الرجاء والخوف كالاتلاف أي كمن أتلف ثمره لم تطب أو غيرها فإنه يغرم قيمتها يوم الاتلاف على الرجاء والخوف (بلا تأخير للحصول) أي طيب الثمرة وعود الآبق فيغرم بالنصب في جواب النفي أي لا يؤخر حتى يغرم القيمة حينئذ أي حين الحصول فالقيمة الأولى مثبتة والثانية منفية فلم يتواردا على شئ واحد فلا تكرار كما قيل نعم لو حذف فيغرم الخ كان أخصر وأوضح وقوله (على الأحسن) متعلق بالمثبت أي فالقيمة حين الخلع على القول الأحسن ومقابله يوم الحصول وهو الذي نفاه (وإن كان) رجوعهما عن شهادتهما على سيد (بعتق) لرقيق والسيد منكر وحكم عليه به (غرما قيمته) يوم الحكم بعتقه ولا يرد العتق برجوعهما (وولاؤه له) أي للسيد المنكر لاعترافهما له بذلك وتغريمهما قيمته لأنهما فوتاه عليه
213 برجوعهما وهو منكر وهذا في العتق الناجز (وهل إن كان) رجوعهما عن الشهادة العتق (لأجل) وحكم به (يغرمان) للسيد (القيمة) أي قيمة العبد (والمنفعة) أي منفعة العبد (إليه) أي إلى الاجل (لهما) أي للراجعين يستوفيان منها القيمة التي غرماها فإن استوفياها قبل الاجل رجع الباقي من المنفعة للسيد وإن حل الاجل قبل استيفائها ضاع الباقي عليهما وهذا قول سحنون وهو الراجح (أو) لا يغرمانها الان بتمامها بل تقوم المنفعة على غررها بعشرة مثلا ويقوم العبد بعشرين مثلا و ( تسقط منها) أي من قيمة العبد (المنفعة) أي قيمتها وهي عشرة يبقى من قيمة العبد عشرة يغرمانها للسيد حالا وتبقى تلك المنفعة للسيد على حسب ما كان قبل رجوعهما وهذا قول ابن عبد الحكم (أو يخير) السيد (فيها) أي في المنفعة أي بين أن يسلمها للشاهدين الراجعين ويأخذ منهما قيمة العبد بتمامها الان كما هو القول الأول بعينه وبين أن يأخذ قيمته الان منهما ويتمسك بالمنافع إلى الاجل ويدفع لهما قيمتها على التقضى شيئا فشيئا أي كلما انقضى وقت دفع لهما ما يقابله على حسب ما يراه هو لا هما وهذا قول ابن الماجشون (أقوال) ثلاثة (وإن كان) رجوعهما عن شهادتهما (بعتق تدبير) وحكم به والإضافة للبيان أي بعتق هو تدبير بدليل قوله واستوفيا الخ فلو أسقط لفظ عتق كان أولى
214 (فالقيمة) أي قيمة المدبر على غررها يغرمانها للسيد الان وتعتبر يوم الحكم بتدبيره (واستوفيا) القيمة (من خدمته) على ما يراه سيده (فإن عتق بموت سيده) بأن حمله الثلث فإن استوفياه أغرماه من القيمة فظاهر وإن بقي لهما شئ (فعليهما) أي يضيع عليهما فإن لم يحمله الثلث أو حمل بعضه فهما أولى من غيرهما من أصحاب الديون بمارق منه إلى أن يستوفيا ما بقي لهما مما غرماه وهذا معنى قوله (وهما أولى) بمارق (إن رده) أي التدبير (دين أو) رد (بعضه كالجناية) تشبيه في الأولوية أي كجناية العبد مدبرا أولا على غيره فإن المجني عليه أولى برقبته من أرباب الديون لتعلق الحق بعينه كالرهن (وإن كان) رجوعهما عن شهادتهما (بكتابة) أي بأنه كاتب عبده وحكم عليه بذلك (فالقيمة) أي قيمة المكاتب لا الكتابة يغرمانها للسيد عاجلا وتعتبر يوم الحكم (واستوفيا) ما غرماه (من نجومه) فإن بقي لهما شئ فعليهما وإن زاد منها شئ على ما غرما فللسيد (وإن رق) لعجزه (فمن رقبته) وهما أولى بها من غيرهم (وإن كان) الرجوع عن شهادتهما (بايلاد؟) لامته وحكم به (فالقيمة ) يغرمانها للسيد الان معتبرة يوم الحكم بأنها أم ولد (وأخذا) ما غرماه (من أرش جناية عليها) إن جنى عليها أحد (وفيما استفادته) من صدقة أو وصية أو نحو ذلك (قولان) في أخذهما منه لأنه في معنى الأرش وعدمه لأنه منفصل عنها وهو الراجح (وإن كان) الرجوع عن شهادتهما (بعتقها) أي أنه نجز عتق أم ولده وحكم به (فلا غرم) عليهما لأنهما إنما فوتاه الاستمتاع وهو لا قيمة له (أو) كان الرجوع عن شهادتهما (بعتق) أي بتنجيز عتق (مكاتب فالكتابة) التي على المكاتب من عين أو عرض يغرمانها على نجومها؟ أو ما بقي منها بعد عتقه لمحكوم به بشهادتهما ولا يغرمان قيمة الكتابة خلافا لما يوهمه ابن الحاجب (وإن كان) رجوعهما عن شهادتهما (ببنوة) بأن ادعى شخص أنه ابن فلان وفلان ينكر ذلك فشهد للابن شاهدان على إقرار الأب بأنه ولدي أو أنه استلحقه وحكم به ثم رجعا (فلا غرم) عليهما للأب لأنهما لم يفوتا عليه مالا
215 (إلا بعد) موت الأب و (أخذ المال) من تركته (بإرث) فيغرمان ما أخذه لمن حجبه منه (الا أن يكون المشهود ببنوته؟ عبدا) له فحكم بحريته وثبوت نسبه عملا بشهادتهما ثم رجعا واعترفا بالزور ( فقيمته) يغرمانها للسيد عند رجوعهما لتفويتهما بشهادتهما رقيته عليه (أولا) أي في أول الأمر أي قبل موت الأب (ثم إن مات) الأب المشهود عليه ببنوة من كان رقيقه (وترك) ولدا (آخر) غير المشهود ببنوته (فالقيمة) التي أخذها الأب من الشاهدين الراجعين ان كانت باقية أو كانت في ذمتهما لكونه لم يقبضها منهما قبل موته (للاخر) أي يستحقها الابن الاخر المحقق نسبه دون المشهود ببنوته لأنه يزعم أن نسبه ثابت وان أباه ظلم الشهود في أخذها منهم ثم بعد أخذها يقسمان ما بقي من التركة نصفين (وغرما) أي الشاهدان الراجعان (له) أي للأخ الاخر المحقق نسبه (نصف الباقي) بعد القيمة التي أخذها أي يغرمان له مثل النصف الذي أخذه من شهدا له بالبنوة لأنهما فوتاه عليه بشهادتهما وهذا إذا لم يكن على الميت دين يستغرق التركة (وان ظهر) عليه (دين يستغرق) التركة وكذا غير مستغرق (أخذ من كل) من الوالدين (النصف) الذي أخذه من التركة بالميراث فإن وفى (و) إلا ( كمل) وفاؤه (بالقيمة) أي التي اختص بها ثابت النسب وإنما كانت متأخرة لأن كونها ميراثا غير محقق لأن المشهود له بالبنوة يدعى أنها ليست لأبيه (ورجعا) أي الشاهدان (على الأول) أي الثابت النسب (بما) أي بمثل ما (غرمه العبد) المشهود ببنوته (للغريم) أي رب الدين لأنهما يقولان له إنما غرمنا لك النصف الذي أخذه العبد لكوننا فوتناه عليك بشهادتنا فلما تبين الدين المستغرق ظهر أنك لا تستحق من مال أبيك شيئا لتقدم الدين على الإرث فلم نفوت عليك شيئا فأعطنا ما أخذته منا (وإن كان) رجوعهما عن شهادتهما (برق لحر) أي انهما شهدا على حر في ظاهر الحال أنه رقيق لفلان المدعى انه رقيقه والمدعى عليه يدعى الحرية فحكم القاضي برقه بمقتضى الشهادة ثم رجعا عن شهادتهما واعترفا بالزور (فلا غرم) عليهما لمن شهدا عليه بالرق
216 لأنهما فوتا عليه الحرية ولا قيمة لها (إلا لكل ما استعمل ومال انتزع) أي إذا استخدم العبد أي استخدمه سيده أو انتزع منه مالا فإنهما يغرمان له نظير ذلك لأن العبد يملك (ولا يأخذه) منه سيده (المشهود له) أي لا يجوز للسيد أن يأخذ ذلك المال الذي أخذه العبد من الشاهدين في نظير الاستعمال أو الانتزاع لأنه إنما أخذه منهما عوضا عما أخذه منه السيد والسيد يعتقد حرمته وأن العبد ظلهما (و) لو مات العبد وترك المأخوذ ما (ورث عنه) أي يرثه عنه من يرثه لو كان حرا فإن لم يكن وارث فبيت المال (وله) أي للعبد ( عطيته) هبة وصدقة ونحوهما (لا تزويج) أي ليس له أن يتزوج بذلك المال لأنه عيب ينقص رقبته (وإن كان) رجوعهما عن شهادتهما (بمائة لزيد وعمرو) بالسوية وحكم بذلك (ثم قالا) في رجوعهما هي كلها (لزيد) فلا يعتبر رجوعهما بعد الحكم ولا ينقض ولو كان زيد أولا يدعى المائة بتمامها ولا تنزع الخمسون من يد عمرو ( غرما) للمدين (خمسين) عوضا عن التي أخذها عمرو فاللام في قوله (لعمرو) للتعليل لا صلة غرما أي يغرمان خمسين للمدين لأجل عمرو أي لأجل رجوعهما عن شهادتهما لعمرو أي بدلا عن التي أخذها عمرو وفيه تكلف وهو خير من دعوى الخطأ وفي نسخة للغريم أي المدين المقضى عليه عوضا عن التي أخذها عمرو وهي أحسن وقوله (فقط) راج لخمسين (وإن رجع أحدهما) أي أحد الشاهدين فقط (غرم) الراجع عن شهادته للمقضى عليه (نصف الحق) وهذا عام في جميع مسائل الرجوع لا خاص بمسألة زيد وعمرو واختلف إذا ثبت الحق بشاهد ويمين ثم رجع الشاهد هل يغرم جميع الحق وهو مذهب ابن القاسم وهو المشهور أو يغرم نصفه (كرجل) شهد (مع نساء) ثم رجع فإنه يغرم نصف الحق وان رجعن
217 وإن كثرن غرمن نصفه لأنهن كرجل واحد فإن بقي منهن اثنتان فلا غرم على الراجعات فإن رجعت إحداهما فعليها مع رجعن قبلها وإن كثرن ربع الحق (وهو) أي الرجل (معهن في) شهادة (الرضاع) بين زوجين فحكم بالفراق بينهما ثم رجع الجميع (كاثنتين) فعليه مثل غرامة اثنتين وهذا ضعيف والمذهب أنه في الرضاع وما شابهه مما يقبل فيه المرأتان كامرأة واحدة بخلاف الأموال فإنه معهن كامرأتين فإذا شهد رجل ومائة امرأة بمال ورجع الرجل وحده أو رجع معه ما عدا امرأتين فعليه النصف ولا شئ على الراجعات إذ لا تضم النساء للرجال في الأموال فإذا رجعت الباقيتان كان على جميعهن النصف وعلى الرجل النصف وأما في الرضاع ونحوه فكامرأة واحدة على المذهب فإذا شهد برضاع مع مائة امرأة ورجع مع ثمانية وتسعين فلا غرم لأنه بقي من يستقل به الحكم قال المصنف في باب الرضاع ويثبت برجل وامرأة وبامرأتين فإن رجعت امرأة من الباقيتين كان نصف الغرامة عليه وعلى الراجعات فإن رجعت الباقية كان الغرم لجميع الحق عليه وعليهن وهو كامرأة على المذهب * فإن قلت كيف يتصور الغرم في الرضاع على شاهدي الرجوع إذ الشهادة إن كانت قبل البناء فالفسخ بلا مهر وإن كانت بعده فالمهر للوطئ وإنما فوتا بشهادتهما العصمة وهي لا قيمة لها * قلنا يتصور بعد موت أحد الزوجين فيغرم الراجع للحي منهما ما فوته من الإرث ويغرم للمرأة بعد موت الزوج ما فوته لها من الصداق إن كانت الشهادة قبل الدخول (و) إن رجع أحدهما بعد الحكم (عن بعضه) أي بعض ما شهد به (غرم نصف) ذلك (البعض) فإن رجع عن نصف ما شهد به غرم ربع الحق وإن رجع عن ثلثه غرم سدس الحق وهكذا (وإن رجع) بعد الحكم (من يستقل الحكم بعدمه) كواحد من ثلاثة (فلا غرم) عليه لاستقلال الحكم بالباقين (فإذا رجع غيره) أيضا مرتبا أو دفعة (فالجميع) أي جميع الراجعين يغرمون ما رجعوا عنه فإن رجع ما عدا واحدا فالنصف على الجميع سوية فإن رجع الأخير فالحق على الجميع ثم ذكر مسألة تتعلق بجميع ما تقدم تعرف بمسألة غريم الغريم بقوله
218 (وللمقضى عليه) بالحق بشهادة الشاهدين ورجعا بعد القضاء وقبل دفع الحق للمقضى له (مطالبتهما) أي الشاهدين الراجعين (بالدفع للمقضى له) بأن يقول لهما ادفعا للمقضى له ما لزمكما سبب رجوعكما له (وللمقضى له بذلك) أي مطالبتهما بالدفع (إذا تعذر) الاخذ من المقضى (عليه) لموته أو فلسه أو غيبته فإن لم يتعذر فليس له مطالبتهما وإنما يطالب المقضى عليه * ولما فرع من مسائل رجوع الشاهدين عن شهادتهما شرع يتكلم على تعارض؟ البينتين فقال (وإن أمكن جمع بين البينتين) المتعارضتين (جمع) أي وجب الجمع بينهما مثاله من قال لرجل أسلمت إليك هذا الثوب في مائة إردب حنطة وقال الآخر بل هذين الثوبين في مائة إردب حنطة وأقام كل بينة فيقضى بالثلاثة الأثواب في مائتين كذا ذكروه وهو إنما يتم لو ادعى المسلم المائتين وإلا فكيف يقضى له بما لم يدعه (وإلا) يمكن الجمع بينهما (رجح) أي وجب على الحاكم أن يرجح بينهما (بسبب ملك) الباء سببية داخلة على مضاف مقدر أي يرجح بسبب ذكر سبب الملك فكل منهما شهدت بالملك لكن إحداهما ذكرت سبب الملك (كنسج ونتاج) بأن قالت إحداهما نشهد أنه ملك لزيد وقالت الأخرى نشهد أنه ملك لعمرو نسجه أو نسج؟ عنده أو اصطاده فإنها تقدم على من أطلقت لأنها زادت بيان سبب ذلك من نسج أو نتج؟ ونحو ذلك ثم استثنى من قوله بسبب ملك قوله (إلا) ان تشهد بينة (بملك من المقاسم)
219 أي إلا أن يكون سبب الملك الذي بينته أنه اشتراها أو وقعت في سهمه من المقاسم فإذا أقام أحدهما بينة أنها ملكه ولدت عنده أو نتجت أو نحو ذلك وأقام الاخر بينة أنها ملكه اشتراها من المقاسم أو وقعت في سهمه منها فإن صاحب المقاسم أحق لاحتمال أنها سبيت من المسلمين واحترز بقوله من المقاسم عن شهادتهما أنه اشتراها من السوق أو وهبت له فلا تقدم على بينة الاخر لاحتمال أن الواهب أو البائع غير مالك (أو) بسبب (تاريخ) فتقدم على التي لم تؤرخ (أو تقدمه) أي التاريخ فتقدم الشاهدة بتقدمه على المتأخرة به ولو كانت أعدل من المقدمة أو كان المتنازع؟ فيه بيد صاحب المتأخرة تاريخا (و) رجح (بمزيد عدالة) في إحدى البينتين؟ ويحلف مقيمها بناء على أن زيادتها كشاهد وهو الراجح (لا) بمزيد؟ ( عدد) في إحدى البينتين ولو كثر وينبغي ما لم يفد العلم إذ الظن لا يقاوي العلم (و ) رجح (بشاهدين) من جانب (على شاهد ويمين) من الاخر ولو كان أعدل منهما ( أو) شاهد و (امرأتين و) رجح (بيد)
220 أي بوضع اليد بأن تكون الدار أو العرض أو النقد في حوز أحدهما مع تساوي البينتين (إن لم ترجح بينة مقابله) بمرجح أي مرجح كان والا نزع من ذي اليد (فيحلف) ذو اليد عند التساوي ومقابله عند ترجيح بينته فهو مفرع على المنطوق والمفهوم أي إنما يأخذ من يفضى له به بيمين (و) رجح (بالملك على الحوز) يعني أن البينة الشاهدة بالملك تقدم على البينة الشاهدة بالحوز ولو كان تاريخ الحوز سابقا لأن الحوز قد يكون عن ملك وغيره فهو أعم من الملك والأعم لا يستلزم الأخص (و) رجح (بنقل) عن أصل (على) بينة (مستصحبة) لذلك الأصل فإذا شهدت بينة أن هذا الدار مثلا لزيد أنشأها من ماله لا يعلمون أنها خرجت عن ملكه بناقل شرعي وشهدت أخرى أنها لعمرو اشتراها من زيد أو وهبها له فإنه يعمل بالبينة الناقلة لأن من علم شيئا قدم على من لم يعلم وفي الحقيقة ليس هنا تعارض يقتضى الترجيح ثم شرع يتكلم بالملك وهي أربعة وسواء كان معها بينة حوز أم لا فقال [درس] وصحة) شهادة بينة (الملك) لشخص حي أو ميت تكون (بالتصرف) أي بسبب مشاهدتهم التصرف في ذلك الشئ الذي شهدوا بأنه ملك لفلان تصرف الملاك (وعدم منازع) له فيه (وحوز
221 طال) على هذه الحالة (كعشرة أشهر) فأكثر فأقل منها لا يشهدون بالملك ولا تصح شهادتهم به إن شهدوا فالمعنى أنها إنما تصح بالملك ان اعتمدوا في شهادتهم على هذه الأمور الثلاثة وان لم يصرحوا بها في شهادتهم وأما الشرط الرابع فهو أن يصرحوا بقولهم ولم تخرج عن ملكه في علمنا فقوله (وأنها) معمول لمقدر أي وبقولهم إنها أي يقولون نشهد انها ملكه وأنها (لم تخرج عن ملكه) في علمنا بناقل شرعي إلى الان معتمدين في شهادتهم على الأمور الثلاثة المقدمة فإن جزموا بأن قالوا لم تخرج من ملكه قطعا بطلت شهادتهم وقول المصنف (في علمهم) بضمير الغيبة فبالنظر إلى إفادة الحكم عنهم لا حكاية لقولهم والأفهم يقولون في علمنا فإن أطلقوا ففيه خلاف ( وتؤولت) المدونة أيضا (على الكمال في) الشرط (الأخير) أي على أن قولهم ولم تخرج عن ملكه بناقل شرعي في علمنا إلى الان شرط كمال لا صحة وهو ضعيف وعليه فيحلف المشهود له بتا؟ أنها لم تخرج عن ملكه ويحلف وارثه على نفي العلم ويستحقها (لا بالاشتراء) عطف على قوله بالتصرف أي صحة شهادة الملك بالتصرف الخ لا بالاشتراء من سوق مثلا فإن أقام بينة أنه اشتراها وأقام آخر بينة انها له قدمت على بينة الاشتراء لأنه قد يبيعها من لا يملكها وقد يشتريها وكيل لغيره ومثل الشراء الهبة والصدقة والإرث لاحتمال عدم ملك الواهب والمورث وهذا ما لم تشهد أنه اشتراها من الخصم أو من غانمها (وإن شهد) على مكلف رشيد (باقرار) أي بأنه أقر سابق أن هذا الشئ لفلان وهو ينازعه الان ويدعي أنه لي (استصحب) اقراره السابق وقضى به لفلان لأن الخصم لما أقر بخصمه ثبت له ذلك الشئ فلا يصح للمقر دعوى الملك فيه الا بإثبات انقاله؟ ثانية (وإن تعذر ترجيح) لاحدى بينتين تعارضتا (سقطتا وبقى) المتنازع فيه (بيد حائزه) أي الحائز له غير المتنازعين وأما لو كان أحدهما فالترجيح حاصل باليد كما مر (أو لمن يقر) الحائز (له) من المتنازعين اللذين أقام كل منهما بينة وتعذر الترجيح لأن اقراره لأحدهما كأنه ترجيح لبينة من أقر له به فأن أقر لغيرهما لم يعمل باقراره بخلاف لو تجردت دعوى كل من البينة فإنه يعمل باقراره ولو لغيرهما فإن ادعاه لنفسه عند التجرد أخذه بيمينه
222 (وقسم) الشئ المتنازع فيه بعد يمين كل (على) قدر (الدعوى) لا بالسوية (إن لم يكن بيد أحدهما) أو أحدهم بأن كان بيدهما معا أو بيد غيرهما ولم يقر به لاحد ولم يدعه لنفسه أو لم يكن بيد أحدهما كما لو تنازعا في عفاء؟ من الأرض ونحوه (كالعول) في الفرائض فلو ادعى أحدهما جميعها والاخر النصف قسمت على الثلث والثلثين ولو كانوا ثلاثة ادعى أحدهم الكل والثاني النصف والثالث السدس فالمسألة من ستة وتعول لعشرة للأول قدر أصلها ستة وللثاني قدر نصف الأصل ثلاثة وللثالث قدر السدس للأصل واحد ولو كان الثالث يدعي الثلث عالت إلى أحد عشر وإن كانت الستة في الفرائض ينتهي عولها إلى عشرة فله اثنان
223 ( ولم يأخذه) أي المتنازع فيه بين اثنين مثلا من أقام بينة تشهد (بأنه كان بيده) قبل ذلك بأن قالت نشهد أنا رأيناه بيده سابقا ولم تشهد له بملك والحائز يدعي أنه له فيبقى بيد الحائز ولا ينزع منه بمجرد هذه الشهادة (وإن ادعى أخ أسلم أن أباه أسلم) ومات مسلما وادعى الأخ النصراني أنه استمر على النصرانية ومات على نصرانيته (فالقول للنصراني) استصحابا للأصل المتفق عليه ولو أبدل الأخ بالابن والنصراني بالكافر كان أحسن (و) لو أقام كل منهما بينة على دعواه (قدمت بينة المسلم) لأنها ناقلة عن الأصل فقد علمت ما لا تعلمه الأولى وهذا إذا كان معلوم النصرانية وأما إذا كان مجهولها فأشار له بالاستثناء المنقطع بقوله (إلا) أن تشهد لكل بينة على دعواه فشهدت للابن النصراني (بأنه) أي أباه (تنصر) عند الموت أي نطق بالنصرانية (أو) بأنه (مات) على النصرانية وان لم نقل نطق بها وشهدت للابن المسلم أنه أسلم ومات فلا تقدم بينة المسلم ليأخذ المال (إن جهل أصله) هذا بيان لموضوع المسألة وإذا لم تقدم بينة المسلم صارت البينتان متعارضتين (فيقسم) المال بينهما نصفين إذا لم يوجد مرجح كمال؟ تنازعه الاثنان فيقسم بينهما (كمجهول الدين) ولا بينة لواحدة منهما فينقسم المال بينهما وعبر أولا بأصله وهنا بالدين تفننا (و) إذا كان لمجهول الدين ثلاثة أولاد مثلا مسلم ويهودي ونصراني ادعى كل أن أباه كان على دينه (قسم) ماله (على الجهات بالسوية) لجهة الاسلام الثلث ولكل من الآخرين الثلث وإذا أخذت كل جهة ثلثها قسموه على حكم الميراث عند كل ملة هذا هو الظاهر ويحتمل أن الذكر والأنثى سواء وظاهر انا لا نحكم عليهم بشرعنا إلا إذا ترافعوا إلينا فإذا لم يترافعوا إلينا سلمنا لهم ما يخصهم يفعلون به ما يقتضيه رأيهم (وإن كان معها) أي مع المسلم والكافر
224 اللذين ادعى كل منهما أن أباه مات على دينه (طفل) ذكر أو أنثى ولد للميت أيضا ولم يحكم باسلامه؟ لجهل دين أبيه وأما ما يأتي له في الزكاة؟ من أنه يحكم باسلام غير المميز باسلام أبيه فهو في الأدب المحقق اسلامه (فهل يحلفان) أي يحلف كل أن أباه مات على دينه (ويوقف) للصغير (الثلث) لأنه ربما ادعى جهة ثالثة (فمن وافقه) الطفل منهما (أخذ حصته) من الثلث الموقوف وهي السدس (ورد على الاخر) الذي لم يوافقه السدس الباقي فيكمل له النصف ويأخذ الصغير السدس ومن وافقه الثلث وإنما لم يشارك الصغير من وافقه مع أنه مساو له في الدرجة لأنه حين الموت قد استحق كل من أصحاب الجهتين الثلث ولا ينقص عنه فلم يبق له الا السدس فهذا هو الذي انتفى فيه مساواة أهل الجهة فإن ادعى جهة ثالثة (وإن مات) الطفل قبل بلوغه (حلفا) ثانيا كل على طبق دعواه كما حلف أولا (وقسم) نصيب الطفل بينهما فاليمين الأولى لاستحقاق كل حظه من أبيه والثانية لاستحقاقه من أخيه (أو) لا يحلفان بل يعطى (للصغير النصف) ابتداء لأن كلا منهما مقر بأنه أخوه فيعطيه نصف ما بيده (ويجبر) الان (على الاسلام) ترجيحا له على غيره (قولان) ثم ذكر مسألة تعرف بمسألة الظفر بقوله (وإن قدر) ذو حق على شخص مماطل أو منكر أو سارق أو غاصب ونحو ذلك (على) أخذ (شيئه) بعينه أو بقدر ما يساوي ماله من مال من عليه الحق (فله أخذه) ولا يلزمه الرفع للحاكم بشرطين أشار لأولهما بقوله (إن يكن) شيؤه (غير عقوبة) فإن كان عقوبة فلا يستوفيها بنفسه بل لابد من الحاكم فلا يجرح من جرحه ولا يضرب من ضربه ولا يؤدب من شتمه ولثانيهما بقوله (وأمن فتنة) أي وقوع فتنة من قتال أو ضرب أو جرح أو نحو ذلك (و) أمن (رذيلة) تنسب
225 إليه كسرقة وغصب وإلا فلا يجوز له الاخذ ( وإن قال) المدعي عليه لوكيل رب الحق الغائب حين طالبه الوكيل بالحق الذي وكل عليه (أبرأني موكلك الغائب) أو قضيته حقه (أنظر) إلى أن يعلم ما عنده بكفيل المال إن طالبه الوكيل لأنه معترف بالدين مدعيا الابراء أو القضاء وهذا إن قربت غيبته فإن بعدت قضى عليه بالدفع بلا يمين من الوكيل على نفي العلم إذ لا يحلف أحد ليستحق غيره فإن حضر الغائب حلف أنه ما أبرأ أو ما اقتضى وتم الاخذ فإن نكل حلف الغريم ورجع على الوكيل (ومن استمهل) أي طالب المهلة (لدفع بينة) أقيمت عليه بحق؟ (أمهل بالاجتهاد) من الحاكم بلا حد في مدة الامهال ( كحساب وشبهة) أي كما لو طلب المدعى عليه المهلة لحساب يحرره أو لكتاب يخرجه وينظر فيه ليكون في جوابه باقرار أو انكار أو بصيرة في ذلك فإنه يجاب؟ لذلك ( بكفيل بالمال) قيد في المسئلتين قبله (كأن أراد إقامة ثان) تشبيه تام أي أن المدعي إذا أقام شاهدا على حقه وأبى أن يحلف معه وطلب المهلة حتى يأتي بشاهده الثاني فإنه يجاب لذلك؟ بكفيل من المدعى عليه بالمال ومدة المهلة بالاجتهاد ( أو بإقامة بينة) الباء بمعنى اللام كما في بعض النسخ مدخولها معطوف على دفع أي إن المدعى إذا طلب المهلة لإقامة بينة على دعواه المجردة (فبحميل بالوجه) يضمن المدعى عليه ولا يجاب لحميل بالمال اتفاقا إذا لم يثبت له عليه شئ (وفيما أيضا نفيه؟) أي نفي حميل الوجه أي لا يجاب لحميل بالوجه وهذا هو الراجح وهو الذي قدمه المصنف آخر باب الضمان بقوله ولم يجب وكل؟ الخصومة ولا كفيل بالوجه بالدعوى (وهل) ما في الموضعين من المدونة
226 (خلاف) وهو الراجح والراجح منه نفيه كما تقدم (أو) وفاق (وللراد) بالحميل (وكيل يلازمه) ويحرسه خوف الهرب لأنه يطلق على الوكيل حميل لا الكفيل بالوجه فوافق ما في الموضع الثاني ( أو) المراد بقوله فبحميل الوجه (إن لم تعرف عينه) أي عين المدعي عليه كأن يكون غريبا أوليس بمعروف لتشهد البينة على عينه فإن كان معروفا مشهورا لم يلزمه حميل بالوجه لأنا نسمع البينة عليه في غيبته ثم يعذر إليه فيها إلا أن يخشى ففيه؟ (تأويلات) ثلاثة واحد بالخلاف واثنان بالوفاق (ويجب عن) دعوى جناية ( القصاص) أو الحد أو التعزير من الأحكام المتعلقة بالبدن (العبد) إذا ادعى عليه بذلك لأنه الذي يتوجه عليه الحق ويقع عليه الحكم لا سيده؟ (و) يجيب (عن) موجب (الإرث السيد) لا العبد لأن الجواب إنما يعتبر فيما يؤخذ به المجيب لو أقر به والعبد لو أقر بمال لم يلزمه فإن ادعى عليه بجناية خطأ فلا عبرة باقراره وإنما الكلام للسيد الا لقرينة ظاهرة توجب قبول اقراره (واليمين في كل حق) من مدع أو مدعى عليه (بالله الذي لا اله إلا هو) أي بهذا اللفظ
227 أو كالباء؟ ( ولو) كان الحالف (كتابيا) فلا يزيد يهودي الذي أنزل التوراة على موسى ولا النصراني الذي أنزل الإنجيل على عيسى ولا ينقص واحد منهما الذي لا إله إلا هو هذا هو المشهور (وتؤولت أن النصراني يقول بالله فقط) لأنه يقول بالتثليث وفي نسخة وتؤولت أيضا بزيادة لفظ أيضا وهي أوضح وتؤولت أيضا على أن الذي مطلقا يقول بالله فقط والأولى ذكره فالتأويلات ثلاثة (وغلظت) اليمين وجوبا (في ربع دينار) فأكثر أو ثلاثة دراهم أو ما يساوي ذلك (بجامع) الباء للالة فإن امتنع عد ما؟ كلا (كالكنيسة) لدمي (وبيت النار) لمجوسي وللمسلم الذهاب لتحليفهم بتلك المواضع وإن كانت حقيرة شرعا لأن القصد صرفهم عن الاقدام على الباطل ومن ثم قيل يجوز تحليف المسلم على المصحف وعلى سورة براءة وفي ضريح ولى حيث كان لا ينكف إلا بذلك ويحدث للناس أقضية؟ بقدر ما أحدثوا من الفجور (و) غلظت (بالقيام) ان طلب كالذي قبله وبعده (لا بالاستقبال) القبلة إلا أن يكون فيه ارهاب (و) غلظت (بمنبره عليه الصلاة والسلام) أي عنده كما هو ظاهر المدونة وقال ابن المواز على المنبر ولا تغلط بالزمان كبعد العصر
228 (وخرجت المخدرة) أي الملازمة للخدر أي الستر للتغليظ (فيما ادعت) به وقام شاهد بربع دينار أو ما يساويه فتحلف معه (أو ادعى عليها) بذلك وتوجه عليها اليمين (الا التي لا تخرج ) عادة (نهارا) وتخرج ليلا (وإن مستولدة قليلا) تخرج للتغليظ فإن كان شأنها لا تخرج أصلا كنساء الملوك حلفت ببيتها بحضرة شاهدين يوجههما القاضي لها ولا يقضى للخصم إن كان ذكرا غير محرم بحضوره معهما على ظاهر المدونة فتستثنى هذه الصورة من قولهم لابد من حضور الطالب لليمين وإلا أعيدت بحضوره (وتحلف) المخدرة ولو كانت تخرج نهارا أو ليلا لحوائجها (في أقل) من ربع دينار (ببيتها) ولا يقضى عليها بالخروج لعدم التغليظ ويرسل القاضي لها من يحلفها (وإن ادعيت) أيها المدين (قضاء على ميت) أي بأنك وفيته له قبل موته فإن أقمت بينة بالقضاء أو أقر الورثة بذلك فالامر ظاهر (و) ان أنكروا القضاء وأردت تحليفهم (لم يحلف) منهم على نفي العلم (إلا من يظن به العلم) بالقضاء واحدا أو متعددا (من ورثته) فإن حلف غرم المدين وان نكل حلف أنه وفي وسقط عنه مناب الناكل فقط وهذا إذا كان الوارث بالغا وقت الموت وإلا فلا يمين عليه ولو بلغ بعد قبل الدعوى ولا يحلف ولا يظن به العلم ولا غير وارث ولو أخا شقيقا مخالطا للميت مع وجود ابن إذ لا يحلف أحد ليستحق غيره ومن علم القضاء وجب عليه الشهادة به وارثا أو غيره ( وحلف) دافع دراهم أو دنانير لغيره في صرف أو قضاء حق
229 وتاب؟ عليها ثم ادعى أنه وجدها ناقصة أو مغشوشة (في نقص) لعدد (بتا) أي أنه ما دفع إلا كاملا لأن النقص يسهل فيه حصول القطع (و) في (غش) ونقص وزن (علما) أي أنه نفس العلم أي أنه لم يدفع إلا جيادا في علمه زاد ابن يونس وأنه لا يسلمها من دراهمه لأن الجودة والرداءة قد تخفى صيرفيا أو غيره هذا قول ابن القاسم وقيل الصيرفي بحلف؟ على الميت كنقص العدد (واعتمد النيات؟) في جميع الايمان أي حاز له الاقدام على اليمين بتا مستندا (على ظن قوى كخط أبيه) أو أخيه (أو قرينة) دالة عرفا على الحق كنكول المدعى عليه أو قيام شاهد للمدعى بدين أبيه غلب على الظن صدقه ونحو ذلك (ويمين مطلوب) أي المدعى عليه (ماله عندي كذا) أي المعين المدعى به؟ (ولا شئ منه) لابد من زيادة ذلك لأن المدعى به بالمائة مثلا مدع لكل آحادها وحق اليمين نفي كل ما مدعى به (ونفي) الحالف (سببا إن عين) من المدعى كمائة من سلف أو بيع (و) نفي (غيره) أيضا نحو ماله على مائة ولا شئ منها لا من سلف ولا غيره أو لا من بيع ولا غيره
230 (فإن قضى) المطلوب السلف؟ الذي كان عليه وجحده الطالب وأراد تحليفه أنه ما تسلف منه حلف ما أسلفتني و (نوى) في ضميره (سلفا يجب رده) الان لأن ما كان عليه قد فضاه (وان قال) المدعى عليه بشئ معين بيده عقارا أو غيره للمدعى هو (وقف أو) هو (لولدي) الصغير أو الكبير (لم يمنع مدع) لذلك الشئ (من) إقامة (بينته) لكن لا على المدعى عليه بل تتوجه على ناظر الوقف أو على الابن الكبير أو على ولي الصغير وقو يكون هو الأب وقد يكون غيره (وإن قال) المدعى عليه هو (لفلان فإن حضر) فلان المقر له (ادعى عليه) فإن كذب المقر رجعت الدعوى على المقر وان قال نعم هو لي فاما أن يحلف أولا (فإن حلف) أنه له أخذه بمقتضى الاقرار له واليمين وحينئذ ( فللمدعى تحليف المقر) ان ما أقر به لفلان هو حق له فإن حلف برئ وثم؟ المدعى به المقر به للمقر له (وإن نكل المقر (حلف) المدعى (وغرم) المقر للمدعى (ما فوته) عليه باقراره من قيمته المقوم ومثل المثلى وأما لو نكل المقر له عن اليمين فإن المدعى يحلف ويثبت بالنكول والحلف فإن نكل فلا شئ له على المقر له وذكر قسيم فإن حضر بقوله (أو غاب) ولو قال وإن غاب كان أظهر في المقابلة أي وان غاب المقر له غيبة بعيدة لا يعذر له فيها (لزمه) أي المقر أحد أمرين اما ( يمين) ان اقراره للغائب حق لاتهامه على أنه أراد إبطال الخصومة عن نفسه (أو بينة) تشهد انه ملك لفلان الغائب فيبقى المقر به بيد المقر لحضور المقر له ( وانتقلت الحكومة) إذا حضر (له) أي للمقر له إذ المدعى لم يبطل حقه بيمين المدعى عليه أو ببينة (فإن نكل) المقر عن اليمين ولا بينة له (أخذه)
231 المدعي حوزا (بلا يمين) إلى حضور المقر له فرع على قوله لزمه يمين أو بينة وعلى قوله فإن نكل أخذه وكان الأولى التعبير بالفاء قوله (وإن جاء المقر له) أي حضر من غيبته وسواء كان المتنازع فيه بيد المقر أو المدعى كما علمت (فصدق المقر أخذه) ممن هو بيده منهما بيمين وقيل إن أخذه من المقر فلا يمين عليه ومفهوم صدق المقر أنه لو كذبه سقط حقه وكان للمدعي وقيل لبيت المال لأنه كمال لا مالك له وقيل يبقى بيد حائزه (وإن استحلف) المدعى أي حلف المدعى عليه بالفعل لا مجرد طلب اليمين منه (وله بينة حاضرة) بالبلد (أو) غائبة غيبة قريبة (كالجمعة) ونحوها ذهابا (يعلمها) المدعى وأراد اقامتها بعد ذلك (لم تسمع) وسقط حقه لأنه ما حلف خصمه إلا على اسقاطها وان لم يصرح به وأما ان لم يعلمها فله القيام بها والقول له في نفي علمها بيمينه وكذا نسيانها أو زادت المسافة على كالجمعة على ظاهر المصنف (وإن نكل) المدعى عليه حيث توجهت عليه اليمين (في مال وحقه) أي المال أي ما يؤول إليه كخيار وأجل (استحق) الطالب (به) أي بالنكول بيمين من الطالب أي معه لا بمجرد النكول هذا (إن حقق ) المدعى ما ادعى به فالتحقق قيد في يمينه فإن لم يلحف سقط حقه وأما لو كان موجب توجه اليمين التهمة لاستحق المدعى بمجرد النكول لأن يمن التهمة لا ترد ( وليبين الحاكم) للمدعى عليه (حكمه) أي حكم النكول أي ما يترتب عليه في دعوى التحقيق أو التهمة بأن يقول له في التحقيق ان نكلت حلف المدعى واستحق وفي الاتهام ان نكلت استحق بمجرد نكولك والبيان شرط في صحة الحكم كالأعذار في محله للمدعى عليه (ولا يمكن)
232 من توجهت عليه يمين (منها إن نكل) أولا بأن قال لا أحلف أو قال لخصمه احلف أنت وخذ (بخلاف مدع التزمها) مع شاهد أو مدعى عليه التزمها حيث توجهت عليه بان قال أحلف (ثم رجع) وقال لا أحلف فله الرجوع وتحليف خصمه ولا يكون التزامه لها موجبا لعدم رجوعه (وإن أردت) يمين ( على مدع) أو مدعى عليه من مقيم شاهد في مال (وسكت) من ردت عليه (زمنا) لم يقض العرف بأنه نكول فيما يظهر (فله الحلف) ولا يعد سكوته نكولا وهذ مفهوم أن نكل فلو قال وان سكت من توجهت عليه زمنا فله الحلف لكان أظهر وأشمل لشموله للمدعي والمدعى عليه ومن ردت عليه وغيره ثم انتقل يتكلم على مسألة الحيازة وألحقها بالشهادة لأن في بعض أنواعها ما تسمع فيه وذكر منها ثلاثة أنواع أجنبي غير شريك وأجنبي شريك وأقارب شركاء أصهار أو غيرهم فأشار للنوع الأول بقوله ( وإن حاز أجنبي غير شريك) في الشئ المحاز (وتصرف) الحيازة هي وضع اليد على الشئ والاستيلاء عليه والتصرف يكون بواحد من أمور سكنى أو إسكان أو زرع أو غرس أو استغلال أو هبة أو صدقة أو بيع أو هدم أو بناء أو قطع شجر أو عتق أو كتابة أو وطئ في رقيق (ثم ادعى حاضر) بالبلد ولو حكما كمن على مسافة يومين فإن بعدت كمن على جمعة فله القيام متى قدم مطلقا كالأربعة وثبت عذره عن القدوم أو التوكيل فإن جهل أمره فكذلك عند ابن القاسم وقال ابن حبيب يسقط حقه فاختلافهما في القريبة كالأربعة مع جهل الحال (ساكت) عالم (بلا مانع) له من التكلم فإن نازع
233 أو جهل كون الشئ المحاز ملكه وقام به مانع من إكراه ونحوه لم يسقط حقه ومن المذر؟ الصغر والسفه (عشر سنين) ممول؟ لحاز وما بعده لكن لا يشترط أن يكون التصرف في جميعها والعشر سنين إنما هي شرط في حيازة العقار وهو الأرض وما اتصل بها من بناء أو شجر وأما غيره فلا يشترط فيه هذا الطول كما سيأتي للمصنف وكذا التصرف بالبيع والهبة ونحو ذلك لا يشترط فيه الطول المذكور (لم تسمع) دعواه ( ولا بينته) التي أقامها على صحة دعواه وإنما لم تسمع دعواه مع الشروط المذكورة لأن العرف يكذبه لأن سكوته تلك المدة دليل على صدق الحائز لجرى العادة أن الانسان لا يسكت عن ملكه تلك المدة ولقوله صلى الله عليه وسلم من حاز شيئا عشر سنين فهو له وفي المدونة الحيازة كالبينة القاطعة
234 ولا يحتاج معا ليمين أي من الحائز وهذا في محض حق الادمي وأما الواقف بأنواعه فتسمع فيه البينة ولو تقادم الزمن واستثنى من قوله ولا بينته قوله (إلا) أن تشهد البينة (باسكان) من المدعى للحائز (ونحوه) عمار أو ارفاق أو مساقاته أو مزارعته فإن ذلك لا يفيته على صاحبه وتسمع بينته فليس مراده الا بدعوى اسكان لعدم قبول دعواه مع انكار الحائز نعم إن أقر كان كالبينة أو أولى وهذا مقيد بما إذا لم يحصل من الحائز بحضرة المدعى مالا يحصل الا من المالك في ملكه ولم ينازعه في ذلك كالبيع والهبة والصدقة فلا تسمع بينة المدعى بالاسكان ونحوه وأشار للنوع الثاني بقوله (كشريك) أي في المتنازع فيه لا مطلقا (أجنبي) والأنسب بمقابلته بما قبله أن يقول كأجنبي شريك (حاز فها؟) أي في العشر سنين (إن هدم وبنى) الواو بمعنى أو ومثل ذلك قطع الشجر أو غرسه فإن الحائز يملكه بذلك ولا تسمع دعوى المدعى ولا بينته وهذا في الفعل الكثير عرفا وأما بناء قل وغرس شجرة ونحوها أو هدم ما يخشى سقوطه فلا يمنع قيام شريكه * وأشار للنوع الثالث بقوله (وفي) حيازة (الشريك القريب) والأنسب بما مر القريب الشريك (معهما) أي مع الهدم والبناء وما يقوم مقامهما (قولان) الأول عشرة أعوام والثاني الزيادة على الأربعين عاما وهو الراجح والخلاف في القريب ولو غير شريك فلو حذف الشريك كان أحسن وأما الموالي والأصهار الذين لا قرابة بينهم فأظهر الأقوال أنهم كالأقارب فلابد في الحيازة مع الهدم والبناء ونحوهما من الزيادة على الأربعين وقيل يكفي العشرة ولو لم يكن هدم ولا بناء وقيل لا يكفي فيها إلا معهما و (لا) تعتبر حيازة (بين أب وابنه) وإن سفل
235 أي لا يصح حوز أحدهما عن الاخر (إلا بكهبة) أي بما يحصل به التفويت؟ للذات كالهبة والصدقة والبيع ونحوها بخلاف الهدم والبناء والسكنى والازدراع والاستغلال ونحوها فلا حيازة فيها (إلا أن يطول معهما) أي مع الهدم والبناء (ما) أي زمان ( تهلك) فيه (البينات وينقطع العلم) أي زمان شأنه ذلك نحو الستين سنة والحائز يهدم ويبني والاخر ساكت طول المدة بلا مانع فليس له بعد ذلك كلام * ثم ذكر ما هو كالمستثنى من قوله عشر سنين بقوله (وإنما تفترق الدار) ونحوها من باقي العقار ولو عبر بالعقار لكان أحسن (من غيرها) كعرض ودواب (و) حيازة ( الأجنبي) والمدعى حاضر ساكت بلا مانع من القيام بحقه (ففي الدابة) تستعمل في ركوب ونحوه (و) في (أمة الخدمة) تستخدم (السنتان) فلا كلام للمدعى الأجنبي بعدهما ولا تسمع له بينة (ويزاد في عبد وعرض) غير ثوب كأواني النحاس وأثاث البيت وآلات الزرع سنة على السنتين وأما ثوب اللبس فيكفي فيه العام وأما أمة الوطئ توطأ بالفعل فتفوت بحصوله عالما ساكتا بلا عذر كما هو الموضوع وكذا البيع والهبة والصدقة إلا أن البيع يجرى على بيع الفضولي ومفهوم قوله في الأجنبي أن الحيازة في الأقارب لا تفترق بين عقار وغيره فلا بد من الزيادة في الكل على الأربعين عاما وهو كذلك على قول ولكن الراجح أن العقار لابد فيه من ذلك ولا يشترط فيه هدم ولا بناء إذ مثلهما الإجارة والاسكان وقطع الشجر وغرسه حيث كثر فإن لم يحصل شئ من ذلك فلا بد في الحيازة من زمن تهلك فيه البينة وينقطع فيه العلم وأما غير العقار من الدواب والعبيد والعروض التي تطول مدتها كالنحاس والبسط ونحوها تستعمل فيكفي فيها العشر سنين بخلاف مالا تطول مدتها كالثياب تلبس فينبغي أقل من ذلك بالاجتهاد وهذا في غير العتق والهبة والصدقة ونحوها فإنها لا فرق فيها بين أجنبي وقريب كما مر إلا أنه في البيع لربه أخذ الثمن إن لم يمض عام فإن مضى فلا ثمن له أيضا إن كان حاضرا حين البيع فإن كان غائبا فله الرد بعد حضوره وعلمه ما لم يمض عام فإن مضى فليس له الرد وله أخذ الثمن ما لم تمض ثلاثة أعوام من البيع وإلا سقط حقه منه أيضا كذا ذكروا فتأمله وأما الديون الثابتة في الذمم
236 فقيل يسقطها مضى عشرين عاما وهو قول مطرف وقيل مضى ثلاثين وقيل لا تسقط أصلا وقيل غير ذلك إلا أن القول بأنه يسقطها السنتان بعيد جدا وقد مر أن الأظهر في ذلك الاجتهاد بالنظر في حال الزمن وحال الناس وحال الدين فنحو عشر سنين أو أقل بالنسبة لبعض الناس تقتضي الاغضاء والترك ونحو الخمسة عشر قد لا تقتضي ذلك والله أعلم بالصواب * ثم شرع يتكلم على أحكام الدماء والقصاص وهو أول الثمن الأخير من هذا الكتاب فقال رحمه الله تعالى ونفعا به (درس) باب في أحكام الدماء والقصاص وأركان القصاص ثلاثة الجاني وشرطه التكليف والعصمة والمكافأة والمجني عليه وشرطه العصمة والجناية وشرطها العمد العدوان أشار المصنف إلى ذلك وبدأ بالركن الأول وشروطه بقوله: (إن أتلف مكلف) أي بالغ عاقل ولو سكن حراما نفسا أو طرفا (وإن رق) المكلف فيقتل العبد بمثله وبحر إن شاء الولي وله استحياؤه كما سيأتي وأما الصبي والمجنون فلا يقتص منهما لأن عمدهما وخطأهما سواء على أنه لا عمد للمجنون ولذا لو كان يفيق أحيانا وجنى حال إفاقته اقتص منه حال إفاقته فإن جن بعد الجناية انتظرت إفاقته فإن لم يفق فالدية في ماله والسكران بحلال كالمجنون (غير حربي) وصف للمكلف فالحربي لا يقتل قصاصا بل يهدر دمه وعدم عصمته ولذا لو جاء تائبا بإيمان أو أمان لم يقتل (ولا زائد حرية) على المجني عليه (أو) زائد (إسلام) بأن كان مساويا له فيهما
237 أو أنقص إن كان الجاني زائدا حين الجناية فيما ذكر فلا قصاص فلا يقتل مسلم ولو عبدا بكافر ولو حرا ولا حر برقيق إلا أن يكون المقتول زائدا إسلام فيقتل حر كتابي برقيق مسلم كما سيأتي ترجيحا لجانب الاسلام على الحرية (حين القتل) ظرف لقوله غير حربي وما بعده أي يشترط في الجاني المكلف للقصاص منه أن يكون غير حربي ولا زائد حرية ولا إسلام وقت القتل فلو قتل غيره وهو حربي أو زائد حرية أو إسلام فلا قصاص ولو بلغ أو عقل أو أسلم الحربي بأثر ذلك ولو رمى عبدا وجرح مثله ثم عتق الجاني فمات المجني عليه لم يقتص من الجاني لأنه حين القتل زائد حرية وكذا لو رمى ذمي مثله أو جرحه وأسلم قبل موت المجني عليه (إلا لغيلة) بكسر الغين المعجمة وهي القتل لاخذ المال فلا يشترط فيه الشروط المتقدمة بل يقتل الحر بالعبد والمسلم بالكافر والاستثناء من قوله غير حربي الخ وهو منقطع لأنه لم يقتل به قصاصا بل للفساد ولذا قال مالك ولا عفو فيه ولا صلح وصلح الولي مردود والحكم فيه للإمام وسيأتي ذلك للمصنف في محله. وذكر الركن الثاني وهو المجني عليه مع شرطه بقوله: (معصوما) وهو معمول لقوله أتلف فلا قصاص على قاتل مرتد لعدم عصمته لأنه يصير حربيا بمجرد ردته أي له حكمه في الجملة ولو جعل المصنف المكافأة شرطا في المجني عليه دون الجاني بأن يقول معصوما غير ناقص حرية أو إسلام إلا لغيلة وحذف قوله غير زائد الخ كان أبين (للتلف والإصابة) اللام بمعنى إلى لانتهاء الغاية أي يشترط في المجني عليه أن يكون معصوما إلى حين تلف النفس أي موتها والإصابة في الجرح فيشترط في النفس العصمة من حين الضرب أو الجرح إلى حين الموت وفي الجرح من حين الرمي إلى حين الإصابة فلا بد من اعتبار الحالين معا في النفس والجرح
238 أي حال البدء وحال الانتهاء فلو رمى ذمي مرتدا وقبل وصول الرمية إليه أسلم المرتد اعتبر حال الرمي فلا يقتل الذمي به إن مات لأنه غير معصوم حال الرمي وإن صار معصوما حال الإصابة وكذا لو جرحه ثم أسلم ونزا ومات لم يقتل الذمي الجارح به مراعاة لحال الجرح ولو رمى مسلم مسلما أو جرحه فارتد المرمى قبل وصول السهم إليه أو ارتد المجروح قبل موته منه فلا قود نظرا لحال الموت نعم يثبت القصاص في الجرح فلو قطع يده وهو حر مسلم ثم ارتد المقطوع ومات مرتدا لثبت القصاص في القطع لأنه كان معصوما حالة الإصابة ثم بين أن العصمة تكون بأمرين بقوله: (بإيمان) أي إسلام (أو أمان) من السلطان أو غيره ومراده بالأمان ما يشمل عقد الجزية ومثل للمعصوم كما هو شأنه أن يمثل بما خفي بقوله: (كالقاتل) عمدا عدوانا فإنه معصوم (من غير المستحق) لدمه وأما بالنسبة لمستحق دمه وهو ولي المقتول فليس بمعصوم لكن إن وقع منه قتل للقاتل بلا إذن الإمام أو نائبه فإنه يؤدي لافتياته على الإمام فقوله: (وأدب) راجع لمفهوم غير المستحق فلو قال لا من المستحق وأدب كان أبين (كمرتد) تشبيه في أدب قاتله أي كقاتل شخص مرتد بغير إذن الإمام فإنه يؤدب ولا يقتل به سواء قتله زمن الاستتابة أو بعدها وإنما عليه ديته ثلث خمس دية مسلم كدية المجوسي المستأمن ( و) قاتل (زان أحصن) بغير إذن الإمام فيؤدب (و) قاطع (يد) شخص (سارق) أي ثبتت سرقته ببينة أو إقرار فيؤدي لافتياته على الإمام وقوله: (فالقود عينا) جواب قوله إن أتلف مكلف وقوله عينا أي متعينا فليس للولي أن يلزم الدية للجاني جبرا وإنما له أن يعفو مجانا أو يقتص وجاز العفو على الدية أو أكثر أو أقل منها برضا الجاني
239 وقال أشهب له التخيير بين القود والعفو على الدية جبرا على الجاني وهو ضعيف فمعنى المصنف أن المكلف إن أتلف فليس للولي إن أراد أخذ جزاء الجناية إلا القود لا الدية وهذا لا ينافي أن له العفو مجانا أو أخذ الدية برضا الجاني وبالغ على ثبوت القود للولي بقوله: (ولو قال) المقتول لقاتله ( إن قتلتني أبرأتك) فقتله وكذا إن قال له بعد جرحه قبل إنقاذ مقتله أبرأتك من دمي فلا يبرأ القاتل بذلك بل للولي القود لأنه أسقط حقا قبل وجوبه ولذا لو أبرأه بعد إنفاذ مقتله أو قال له إن مت فقد أبرأتك برئ لأنه أسقط شيئا بعد وجوبه وكذا إن قال له اقطع يدي ولا شئ عليك فله القصاص إن لم يستمر على البراءة بعد القطع ما لم يترام به القطع حتى مات منه فلوليه القسامة والقصاص أو الدية. ولما ذكر أن القود متعين رتب عليه قوله: (ولا دية لعاف) أي لولي عاف عن القاتل ( مطلق) في عفوه بكسر اللام اسم فاعل بأن لم يصرح حال العفو بدية ولا غيرها (إلا أن تظهر) بقرائن الأحوال (إرادتها) ويقول بالحضرة إنما عفوت على الدية (فيحلف ) أي فيصدق بيمين (ويبقى على حقه) في القتل (إن امتنع) القاتل من إعطاء الدية فإن لم يقل ذلك بالحضرة بل بعد طول فلا شئ له وبطل حقه لمنافاة الطول الإرادة المذكورة (كعفوه) أي الولي (عن العبد) الذي قتل عبدا مثله أو حرا وقال إنما عفوت لآخذه أو لآخذ قيمته أو آخذ قيمة المقتول أو دية الحر فلا شئ له إلا أن تظهر إرادة ذلك فيحلف ويخير سيد العبد الجاني بين دفعه أو دفع قيمته أو قيمة المقتول أو دية الحر ويدفعها حالة كما في المدونة وقيل منجمة والخلاف في العمد وأما في الخطأ فتنجم قطعا كما يأتي (واستحق ولي) لمقتوله قتل قاتله أجنبي (دم من) أي دم الأجنبي الذي (قتل القاتل) فلو قتل زيد عمرا فقتل أجنبي زيدا فولى عمر ويستحق دم الأجنبي القاتل لزيد فإن شاء قتل الأجنبي وإن شاء عفا عنه (أو قطع) أي واستحق مقطوع يده مثلا عمدا عدوانا فقطع أجنبي يد القاطع عمدا عدوانا قطع يد من قطع (يد القاطع) فالمصنف أطلق الولي على ما يشمل المقطوع مجازا وحذف المعطوف على دم مع متعلقه تقديره قطع يد من كما قدرنا (كدية خطأ) تشبيه في الاستحقاق أي من استحق دم شخص لكونه قتل أباه مثلا عمدا عدوانا
240 فقتل شخص القاتل خطأ فمستحق الدم يستحق الدية من القاتل خطأ على عاقلته وليس لأوليائه مقال معه لأنه لما استحق دمه صار كأنه الولي وكذا لو قطع شخص يد آخر عمدا فقطع أجنبي يد القاطع خطأ فلمستحق القطع دية يده من القاطع خطأ لقاطع يده وكلام المصنف يشمله (فإن أرضاه) أي أرضى المستحق (ولي) المقتول (الثاني فله ) أي فيصير دم القاتل الثاني لولي المقتول الثاني إن شاء قتل وإن شاء عفا (وإن فقئت عين القاتل) عمدا (أو قطعت يده) مثلا (ولو) حصل ذلك (من الولي) المستحق لقتله (بعد أن أسلم له) من الحاكم فأولى قبل أن يسلم له الداخل فيما قبل المبالغة (فله) أي للقاتل (القود) من الولي لأن أطراف القاتل معصومة حتى بالنسبة لولي الدم فأولى غيره الداخل فيما قبل المبالغة أيضا (وقتل الأدنى) صفة (بالأعلى كحر كتابي) يقتل (بعبد مسلم) فالحرية في الكتابي أدنى من الاسلام في العبد لشرف الاسلام على الحرية بخلاف العكس فلا يقتل عبد مسلم بحر كتابي كما مر ( و) يقتل (الكفار) مطلقا (بعضهم ببعض) لأن الكفر كله ملة واحدة وبين الكفار بقوله: (من كتابي) يهودي أو نصراني (ومجوسي ومؤمن) اسم مفعول وهو من داخل دار الاسلام بأمان وعطفه على ما قبله من عطف العام على الخاص وخرج به الحربي فلا قصاص فيه كما تقدم ودخل في الاطلاق المشركون والدهريون والقائلون بالتناسخ أو بقدم العالم وغيرهم من أصناف أهل الكفر وهذا بشرط التكافؤ في الحرية أو الرقية فلا يقتل حر بعبد أخذا مما قدمه بقوله ولا زائد حرية (كذوي الرق) يقتص لبعضهم من بعض وإن بشائبة حرية فيقتل مبعض وإن قل جزء رقه ومكاتب وأم ولد بقن خالص ولا يقتص من الحر المسلم لهم لنقصهم عنه (وذكر) بأنثى (وصحيح) بمريض ( وضدهما) بهما (وإن قتل عبد) عبدا مثله أو حرا (عمدا) وثبت (ببينة) مطلقا (أو قسامة) في الحر (خير الولي) ابتداء في قتل العبد واستحيائه (فإن) اختار قتله فواضح وإن (استحياه فلسيده) الخيار ثانيا في أحد أمرين (إسلامه) للولي (أو فداؤه) بدية الحر أو بقيمة العبد المقتول أو القاتل ومفهوم ببينة أو قسامة أنه لو ثبت بإقرار القاتل أنه لا يكون الحكم كذلك والحكم أنه ليس للولي استحياؤه
241 فإن استحياه بطل حقه إلا أن يدعي الجهل ومثله يجهل ذلك فإنه يحلف ويبقى على حقه في القصاص وكلام المصنف في العمد وأما في الخطأ فيخير سيده في الدية وإسلامه. ثم شرع في بيان الركن الثالث وهو الجناية التي هي فعل الجاني الموجب للقصاص وهو ضربان مباشرة وسبب وبدأ بالأول فقال: (إن قصد) المكلف غير الحربي (ضربا) للمعصوم بمحدد أو مثقل (وإن بقضيب) وسوط ونحوهما مما لا يقتل غالبا وإن لم يقصد قتلا أو قصد زيدا فإذا هو عمرو وهذا إن فعله لعداوة أو غضب لغير تأديب وأما إن كان على وجه اللعب أو التأديب فهو من الخطأ إن كان بنحو قضيب لا بنحو سيف وهذا في غير الأب وأما هو فلا يقتل بولده ولو قصد ما لم يقصد إزهاق روحه كما يأتي وشبه بالضرب في وجوب القصاص قوله: (كخنق ومنع طعام) أو شراب قاصدا به موته فمات فإن قصد مجرد التعذيب فالدية ومن ذلك الام تمنع ولدها الرضاع حتى مات فإن قصدت موته قتلت وإلا فالدية على عاقلتها ( ومثقل) كحجر
242 وخشبة عظيمة وفي الحقيقة هذا داخل تحت قوله إن قصد ضربا صرح به للرد على الحنفية القائلين لا قصاص في المثقل ولا في ضرب بكقضيب (ولا قسامة) على أولياء المقتول (إن أنفذ مقتله بشئ) مما مر (أو مات) منه حال كونه ( مغمورا) لم يتكلم ولم يفق من حين الفعل حتى مات بل يقتل بدونها فإن لم ينفذ مقاتله كما لو قطع رجله مثلا ولم يمت مغمورا بأن أفاق إفاقة بينة فالقسامة في العمد والخطأ ولو لم يأكل أو يشرب لأنه يحتمل أن موته من أمر عرض له (وكطرح) إنسان (غير محسن للعوم في نهر (عداوة) ومثله من يحسنه وكان الغالب عدم النجاة لشدة برد أو طول مسافة فغرق (وإلا) بأن كان يحسن العوم طرحه عداوة أم لا أو لا يحسنه وطرحه لا لعداوة بل لعبا (فدية) مخمسة لا مغلظة خلافا لابن وهب وهذا ظاهر المصنف وهو ضعيف والمعتمد أن الدية في صورة فقط وهي ما إذا طرح محسنا للعوم على وجه اللعب فلو قال وكطرح غير محسن للعوم مطلقا كمحسنه عداوة وإلا فالدية لأفاد المراد. ولما فرع من الضرب الأول وهو الاتلاف مباشرة شرع في الضرب الثاني وهو الاتلاف بالسبب فقال: (وكحفر بئر وإن ببيته أو وضع مزلق) كماء أو قشر بطيخ (أو ربط دابة بطريق) قيد في الصورتين قبله (أو اتخاذ كلب عقور) أي شأنه العقر أي الجرح ويعلم ذلك بتكرره منه (تقدم لصاحبه) أي إنذار عند حاكم أو غيره ولو صرح بالفاعل لكان أوضح لكنه اتكل على المعنى (قصد الضرر) في الأربع مسائل بالاتلاف (وهلك المقصود) المعين بسبب الحفر وما بعده فيقتص من الفاعل
243 (وإلا) يهلك المقصود المعين بل هلك غيره أو قصد ضرر غير معين فهلك بها إنسان أو غيره (فالدية) في الانسان الحر على العاقلة والقيمة في غيره ومفهوم قصد الضرر أنه إن لم يقصد ضررا فلا شئ عليه وهو كذلك إن حفر البئر بملكه أو بموات لمنفعة ولو لعامة الناس فإن حفرها بملك غيره بلا إذن أو بطريق أو بموات لا لمنفعة فالدية في الحر والقيمة في غيره وكذا الدابة في بيته أو بطريق لا على وجه العادة بل اتفاقا فإن ربطها بطريق على جري عادته فالدية واعترض قوله تقدم لصاحبه أي الكلب بأنه لا مفهوم له إن قصد ضرر معين كما هو موضوع المصنف وإنما يعتبر مفهومه بالنظر لقصد الضرر أي فإن لم يقصد الضرر أي فإن لم يقصد ضررا أصلا لمحترم فإن اتخذه بوجه جائز كدفع صائل أو سبع فلا شئ عليه إن لم يتقدم له إنذار فإن تقدم له أو اتخذه لا بوجه جائز ضمن (وكالاكراه) عطف على كحفر وأعاد الكاف لطول الكلام أي فيقتل المكره بالكسر أي لتسببه كالمكره لمباشرته وإنما يكون المأمور مكرها إذا كان لا يمكنه المخالفة لخوف قتل الآمر له وإلا فسيأتي له في قوله فإن لم يخف المأمور اقتص منه فقط فلا إجمال في كلامه (وتقديم مسموم) لغير عالم فتناوله ومات فيقتص من المقدم إن علم أنه مسموم وإلا فلا شئ عليه لأن المتناول إذا علم فهو القاتل لنفسه وإذا لم يعلم المقدم فهو معذور (ورميه عليه حية) وهي حية ومن شأنها أن تقتل فمات وإن لم تلدغه فالقصاص ولا يقبل منه أنه قصد اللعب وأما الميتة وما شأنها عدم القتل لصغر فالدية (وكإشارته) عليه ( بسيف) أو رمح أو نحو ذلك (فهرب وطلبه وبينهما عداوة)
244 فمات من غير سقوط فالقصاص راكبين أو ماشيين أو مختلفين (وإن سقط) حال هروبه منه (فبقاسمة) لاحتمال أنه مات من السقطة وموضوعه أن بينهما عداوة وإلا فالدية (وإشارته) به ( فقط) من غير هروب وطلب فهو (خطأ) فالدية مخمسة بلا قسامة (وكالامساك للقتل ) أي أمسك شخصه ليقتله غير الممسك ولولا إمساكه له ما أدركه القاتل مع علمه بأنه قاصد قتله فقتله الطالب فيقتص منه لتسببه كما يقتص من القاتل لمباشرته وكذا الدال الذي لولا دلالته ما قتل المدلول عليه قياسا على الممسك (ويقتل الجمع ) غير الممالئين (بواحد) إذا ضربوه عمدا عدوانا ومات مكانه أو رفع مغمورا واستمر حتى مات أو منفوذ المقاتل ولم تتميز الضربات أو تميزت واستوت أو اختلفت ولم يعلم عين من ضربته هي التي ينشأ عنها الموت فإن تأخر موته غير منفوذ مقتل ولا مغمور قتل واحد فقط بقسامة إذ لا يقتل بالقسامة أكثر من واحد وإن تميزت جنايات كل واحد واختلفت قدم الأقوى إن علم (و) يقتل (المتمالئون) على القتل أو الضرب بأن قصد الجميع الضرب وحضروا وإن لم يتوله إلا واحد منهم إذا كان غير الضارب لو لم يضرب غيره لضرب (وإن) حصل الضرب (بسوط سوط) أو بيد أو قضيب حتى مات
245 (و) يقتل (المتسبب مع المباشر) كحافر بئر لمعين فرداه غيره فيها و (كمكره) بكسر الراء (ومكره) بفتحها يقتلان معا هذا لتسببه وهذا لمباشرته فهذا مثال للمتسبب مع المباشر وليس في كلامه تكرار مع ما تقدم لأنه ذكر فيما تقدم مثال السبب بقوله كحفر بئر وقوله وكإكراء وقوله وكإمساك بعد ما ذكر المباشرة وأفاد هنا أي في بحث قتل الجماعة بواحد أنه إذا اجتمعت المباشرة والسبب فالقصاص عليهما معا لا يختص بواحد منهما دفعا لتوهم اختصاصه بالمباشر أو بالمتسبب وهذا صنيع عجيب (وكأب) أمر ولدا له صغيرا (أو معلم أمر ولدا صغيرا) بقتل حر فقتله فالقصاص على الأب أو المعلم دون الصغير لعدم تكليفه (وسيد) بالجر عطف على أب (أمر عبدا) له بقتل شخص (مطلقا) صغيرا كان العبد أو كبيرا فيقتل السيد لتسببه ويقتل العبد أيضا إن كان مكلفا فالاطلاق راجع لقتل السيد لا لعدم قتل العبد (فإن لم يخف المأمور) المكلف من الآمر سواء كان المأمور المكلف ابنا للآمر أو متعلما أو أجنبيا (اقتص منه) أي من الأمور (فقط) إذ لا إكراه حقيقة عند عدم الخوف وضرب الآمر مائة وحبس سنة والأصل عدم الخوف عند الجهل وتقدم أنه عند الخوف بالقتل قتلا معا للاكراه (وعلى ) المكلف (شريك الصبي) في قتل شخص (القصاص) وحده دون الصبي لعدم تكليفه (إن تمالآ على قتله) عمدا وعلى عاقلة الصبي نصف الدية لأن عمده كخطئه فإن لم يتمالآ على قتله وتعمدا قتله أو الكبير فعليه نصف الدية في ماله وعلى عاقلة الصبي نصفها وإن قتلاه أو الكبير خطأ فعلى عاقلة كل نصف الدية
246 (لا) على (شريك مخطئ) بالهمز ورسم ياء (و) لا شريك (مجنون) فلا يقتص منه وعلى المتعمد الكبير نصف الدية في ماله وعلى عاقلة المخطئ أو المجنون نصفها (وهل يقتص من شريك سبع) نظرا لتعمده قتله (و) من شريك (جارح نفسه) جرحا يكون عنه الموت غالبا ثم ضربه مكلف قاصدا قتله نظرا لقصده (و) من شريك (حربي) لم يتمالا على قتله وإلا اقتص من الشريك قطعا (ومرض بعد الجرح) بأن جرحه ثم حصل للمجروح مرض ينشأ عنه الموت غالبا ثم مات ولم يدر أمات من الجرح أو من المرض (أو) لا يقتص وإنما (عليه) في الأربع مسائل (نصف الدية) في ماله ويضرب مائة ويحبس عاما (قولان) والقول بالقصاص في الأربع بقسامة والقول بنصف الدية بلا قسامة والراجح في شريك المرض القصاص في العمد والدية في الخطأ بالقسامة (وإن تصادما) أي المكلفان أو غيرهما (أو تجاذبا) حبلا أو غيره كأن جذب كل منهما يد صاحبه فسقطا (مطلقا) سواء كانا راكبين أو ماشيين أو مختلفين ولو بسفينتين على الراجح (قصدا) منهما (فماتا) معا فلا قصاص لفوات محله ( أو) مات (أحدهما) فقط (فالقود) جواب للمسألتين وهو على حذف مضاف أي فأحكامه ثابتة بينهما وحكمه في موتهما نفيه وفي موت أحدهما ثبوته ومن أحكامه أنه إذا كان أحدهما بالغا والآخر صبيا فلا قصاص على الصبي أو كان أحدهما حرا والآخر رقيقا فلا يقتص للرقيق من الحر ويحكم بحكم القود أيضا فيما لو قصد أحدهما التصادم أو التجاذب
247 دون الآخر وهو داخل في قوله قصدا. (وحملا عليه) أي على القصد عند جهل الحال لا على الخطأ وإنما يظهر في موت أحدهما فقط للقصاص من الحي (عكس السفينتين) إذا تصادمتا فتلفتا أو إحداهما وجهل الحال فيحملان على عدم القصد فلا قود ولا ضمان لأن جريهما بالريح وليس من عمل أربابهما وهذه العلة تدل على أن المراد بعدم القصد هو العجز لا الخطأ وهو كذلك على الراجح وأما الخطأ ففيه الضمان فظهر أن لقوله عكس السفينتين فائدة حيث حمل على العجز وأما المتصادمان ففي العمد القود كما قال وفي الخطأ الضمان ولو سفينتين فيهما ولا شئ في العجز بل هدر ولو غير سفينتين كما أشار له بقوله: (إلا لعجز حقيقي) أي إلا أن يكون تصادمهما لعجز حقيقي لا يستطيع كل منهما أن يصرف نفسه أو دابته عن الآخر فلا ضمان بل هدر ولا يحملان عند الجهل عليه بل على العمد كما تقدم لكن الراجح أن العجز الحقيقي في المتصادمين كالخطأ فيه ضمان الدية في النفس والقيم في الأموال بخلاف السفينتين فهدر وحملا عند الجهل عليه لأن جريهما بالريح كما تقدم (لا لك خوف غرق أو ظلمة) مخرج من قوله عكس السفينتين أي فإنهما يحملان على العجز عند الجهل فلا قود ولا ضمان
248 (إلا لكخوف غرق أو ظلمة) فالضمان أي لا إن قدروا على الصرف فلم يصرفوا خوفا من غرق أو نهب أو أسر أو وقوع في ظلمة حتى تلفتا أو إحداهما أو ما فيهما من آدمي أو متاع فضمان الأموال في أموالهم والدية على عواقلهم لأن هذا ليس من العجز الحقيقي لقدرتهم على الصرف وليس لهم أن يسلموا بهلاك غيرهم (وإلا) يكن التصادم في غير السفينتين أو فيهما أو التجاذب قصدا بل خطأ (فدية كل) من الآدميين (على عاقلة الآخر) للخطأ (و) قيمة (فرسه) مثلا وإنما خص الفرس لأن التصادم غالبا يكون في ركوب الخيل (في مال الآخر) لا على عاقلته لأن العاقلة لا تحمل غير الدية (كثمن العبد) أي قيمته لا يكون على عاقلة لأنه مال بل في مال الحر ودية الحر في رقبة العبد حالة فإن تصادما فماتا فإن زادت دية الحر على قيمة العبد لم يضمن سيده الزائد لأنها تعلقت برقبة العبد ورقبته زالت ولو زادت قيمة العبد على دية الحر أخذ سيده الزائد من مال الحر حالا (وإن تعدد المباشر) للضرب معا أو مترتبا (ففي الممالاة) على القتل ( يقتل الجميع) لا فرق بين الأقوى ضربا وغيره بل ولو لم يحصل من أحدهم ضرب كما مر وهذا إن مات مكانه أو أنفذ له مقتله أو رفع مغمورا حتى مات وإلا قتل واحد بقسامة وهذا مكرر مع قوله والمتمالئون كرره ليرتب عليه قوله: (وإلا) يتمالئوا على قتله بأن قصد كل قتله بانفراده من غير اتفاقه مع غيره أو قصد كل ضربه بلا فصد قتل فمات (قدم الأقوى) فعلا حيث تميزت أفعالهم فيقتل ويقتص ممن جرح أو قطع ويؤدب من لم يجرح فإن لم تتميز الضربات بأن تساوت أو لم يعلم الأقوى قتل الجميع إن مات مكانه حقيقة أو حكما وإلا فواحد بقسامة (ولا يسقط القتل) عند المساواة حال القتل كعبدين أو كافرين قتل أحدهما الآخر (بزوالها) أي المساواة (بعتق أو إسلام) للقاتل لأن المانع إذا حصل بعد ترتب الحكم لا أثر له ومثل القتل الجراح (وضمن) الجاني عند زوال المساواة أو عدمها في خطأ أو عمد فيه مال ( وقت الإصابة) في الجرح لا وقت الرمي (و) وقت (الموت) في النفس لا وقت السبب رمي أو جرح عند ابن القاسم وقال أشهب المعتبر وقت
249 السبب فمن رمى عبدا أو كافرا فلم تصل الرمية إليه حتى عتق العبد أو أسلم الكافر فإنه يضمن عوض جرح حرا ومسلم ومن جرح من ذكر فمات بعد العتق أو الاسلام فدية حر لأن العبرة بوقت الإصابة أو الموت وقال أشهب قيمة عبد ودية كافر فكلامه هنا فيما فيه مال وما مر أول الباب في عمد فيه قصاص. ولما أنهى الكلام على الجناية على النفس شرع في الجناية على ما دونها من جرح أو قطع أو ضرب أو كسر أو تعطيل منفعة وعبر المصنف عنه بالجرح فقال: (درس) (والجرح) بضم الجيم (كالنفس في الفعل) بأن يقصد الضرب عدوانا (و) في (الفاعل) أي الجارح من كونه مكلفا غير حربي الخ (و) في (المفعول) أي المجروح بأن يكون معصوما للتلف أو الإصابة بإيمان أو أمان والجرح بالفتح الفعل ولا تصح إرادته هنا لئلا يلزم اتحاد المشبه ووجه الشبه واستثنى من الفاعل وكان الأولى تأخيره ليتصل به قوله: (إلا ناقصا) كعبد أو كافر (جرح كاملا) كحر أو مسلم فلا يقتص من الناقص لأنه كجناية ذي يد شلاء على صحيحه وإن كان يقتص منه في النفس كما مر ودية الجرح في رقبة العبد وذمة الكافر فإن لم يكن فيه شئ مقدر فحكومة إن برئ على شين وإلا فليس على الجاني إلا الأدب (وإن تميزت جنايات) من جماعة ولم يمت (بلا تمالؤ فمن كل) يقتص (كفعله) أي بقدر فعله بالمساحة ولا ينظر لتفاوت العضو بالرقة والغلظ وبقي النظر فيما إذا لم تتميز فهل يلزمهم دية الجميع أو يقتص من كل بقدر الجميع لكن الثاني بعيد جدا إذ لو كانوا ثلاثة قلع أحدهم عينه والثاني قطع يده والثالث قطع رجله ولم يتميز فعل كل واحد لزم قلع عين كل واحد وقطع يده ورجله مع أنه لم يجن إلا على عضو فقط وأما إن تمالؤا اقتص من كل بقدر الجميع تميزت أم لا كما تقدم أنهم إن تمالؤا على قتل نفس قتلوا. ثم انتقل يتكلم على ما يقتص منه من الجراح وما لا يقتص والجراح عشرة اثنان يختصان بالرأس وهما الأمة والدامغة
250 ولا قصاص فيهما وثمانية تكون في الرأس أو الخد وهي المنقلة والموضحة وما قبلها وهي ستة وفيها القصاص إلا منقلة الرأس فقال: (واقتص من موضحة) بكسر الضاد وبينها بقوله وهي ما (أوضحت عظم الرأس) أي أظهرته (و) عظم (الجبهة والخدين) والواو فيهما بمعنى أو فما أوضح عظم غير ما ذكر ولو أنفا أو لحيا أسفل لا يسمي موضحة عند الفقهاء وإن اقتص من عمده ولا يشترط في الموضحة ماله بال بل (وإن) أوضحت (كإبرة) أي قدر مغرزها (و) اقتص من (سابقها) أي الموضحة أي ما يوجد قبلها من الجراحات وهي ستة ثلاثة متعلقة بالجلد وثلاثة باللحم ورتبها على حكم وجودها الخارجي فقال: (من دامية) وهي التي تضعف الجلد فيرشح منه دم من غير شق الجلد (وحارصة شقت الجلد ) وأفضت للحم (وسمحاق) بالكسر (كشطته) أي الجلد أي إزالته عن محله وذكر الثلاثة المتعلقة باللحم بقوله: (وباضعة شقت اللحم ومتلاحمة غاصت فيه) أي في اللحم (بتعدد) أي في عدة مواضع ولم تقرب من العظم (وملطأة) بكسر الميم ( قربت للعظم) ولم تصل له (كضربة السوط) فيها القصاص بخلاف اللطمة كما يأتي لأنه لا انضباط لها ولا ينشأ عنها جرح غالبا بخلاف السوط والضرب بالعصا كاللطمة في المشهور إلا أن ينشأ عما ذكر جرح وأشار لما يفترق فيه الجسد من غيره فقال عاطفا على موضحة (و) اقتص من (جراح الجسد) غير الرأس (وإن منقلة) ويأتي له تفسيرها وخصها بالذكر لدفع توهم أنه لا يقتص لها كمنقلة الرأس ويعتبر ( بالمساحة) فيقاس الجرح طولا وعرضا وعمقا فقد يكون نصف عضو المجني عليه وجل عضو الجاني أو كله وبالعكس وهذا (إن اتحد المحل) فلا يقتص من جرح عضو أيمن في أيسر ولا عكسه ولا تقطع سبابة مثلا بإيهام ولو كان عضو المجني عليه طويلا وعضو الجاني قصيرا فلا يكمل بقية الجرح من عضوه الثاني وشبه في القصاص قوله: ( كطبيب)
251 المراد به من باشر القصاص من الجاني (زاد) على المساحة المطلوبة ( عمدا) فيقتص منه بقدر ما زاده فلو نقص ولو عمدا فلا يقتص ثانيا فإن مات المقتص منه فلا شئ على الطبيب إذا لم يزد عمدا (وإلا) يتحد المحل أو لم يتعمد الطبيب الزيادة بل أخطأ (فالعقل) على الجاني وسقط القصاص فإن كان عمدا أو دون الثلث ففي ماله وإلا فعلى العاقلة (كذي شلاء عدمت النفع) جنى عليها فيؤخذ عقلها (بصحيحة) أي من ذي صحيحة جنى عليها (وبالعكس) أي جنى صاحب الشلاء عادمة النفع على الصحيحة فلا قصاص ويتعين العقل ويجوز أن يكون المعنى كذي شلاء عدمت النفع جنى على صحيحة فلا يقتص منها بالصحيحة وبالعكس والمراد واحد وظاهره ولو رضي صاحب الصحيحة بقطع الشلاء المذكورة وهو كذلك ومفهوم عدمت النفع أنه لو كان فيها نفع لكانت كالصحيحة في الجناية لها وعليها وهو كذلك (وعين أعمى) أي حدقته جنى عليها ذو سالمة بأن قلعها فإن السالمة لا تؤخذ بها لعدم المماثلة بل يلزمه حكومة بالاجتهاد وفي العكس الدية (ولسان أبكم) لا يقطع بناطق ولا عكسه وفي قطع الناطق الدية وفي عكسه الحكومة وعطف على ما يتعين فيه العقل وينتفي فيه القصاص قوله: (وما بعد الموضحة) لا قصاص فيه ويتعين فيه العقل إن برئ لأنه من المتالف وبينه بقوله: (من منقلة) بكسر القاف مشددة في الرأس وهي التي ( طار) أي زال (فراش العظم) بفتح الفاء وكسرها أي العظم الرقيق كقشر البصل أي يزيله الطبيب (من) أجل (الدواء) لتلتئم الجراح فالمراد أن المنقلة هي التي أطار أي أزال الطبيب ونقل صغار العظم منها لأجل الدواء أي ما شأنها ذلك (وآمة ) بفتح الهمزة ممدودة وهي ما (أفضت للدماغ) أي المخ أي لام الدماغ وأم الدماغ جلدة رقيقة مفروشة على الدماغ متى انكشفت عنه مات (ودامغة) بغين معجمة ( خرقت خريطته) أي الدماغ ولم تنكشف بل بنحو قدر مغرز إبرة وإلا مات فما بعد الموضحة ثلاثة أشياء (ولطمة) أي ضربة على الخد بباطن الكف لا قصاص فيها ولا عقل أيضا وإنما في عمدها الأدب فقط وهذا ما لم يترتب عليها جرح أو ذهاب منفعة وإلا اقتص منه على ما سيأتي وفي نسخة كلطمة بكاف التشبيه
252 أي في عدم القصاص وهي أولى لأن العطف يوهم أنه من جملة بيان ما بعد الموضحة (وشفر عين) لا قصاص فيه وهو بضم الشين المعجمة الهدب النابت بأطراف الجفن (وحاجب ولحية) لا قصاص على من نتفه أو حلقه (وعمده) أي ما ذكر مما لا قصاص فيه (كالخطأ إلا في الأدب ) فيجب على المعتمد واستثنى من قوله وجراح الجسد قوله: (وإلا أن يعظم الخطر) بفتح الخاء المعجمة والطاء المهملة الخوف أو الاشراف على الهلاك (في غيرها) أي غير الجراح التي بعد الموضحة أي جراح الجسد غير ما بعد الموضحة فيها القصاص إلا أن يعظم فيها الخطر فلا قصاص ولو ترك الواو لكن أولى لأن إثباتها يقتضي أنه معطوف على الاستثناء قبله وهو ليس بصحيح (كعظم الصدر) أي كسره فلا قصاص فيه وكذا عظم الصلب أو العنق ويجب فيها العقل كاملا (وفيها أخاف في رض الأنثيين أن يتلف) الجاني لو اقتص منه فيلزم أخذ نفس فيما دونها أو إنما فيه العقل كاملا ومفهوم رض أن في قطعهما أو جرحهما القصاص لأنه ليس من المتالف وضمير أخاف للإمام أو ابن القاسم (وإن ذهب كبصر) من المعاني كسمع وشم وذوق وكلام ( بجرح) أي بسبب جرح من شخص عمدا لآخر فيه قصاص كالموضحة (اقتص منه) أي من الجاني بمثله (فإن حصل) للجاني مثل الذاهب من المجني عليه (أو زاد) بأن ذهب شئ آخر مع الذاهب فالامر ظاهر (وإلا) يحصل مثل الذاهب بأن لم يحصل شئ أو حصل غيره (فدية ما لم يذهب) حقه فدية ما ذهب في ماله أو هو على حذف مضاف أي فدية مماثل ما لم يذهب (وإن ذهب) البصر ونحوه بما لا قصاص فيه كلطمة أو ضربة بقضيب (والعين قائمة) لم تنخسف (فإن أستطيع) أي أمكن (كذلك) أي إذهاب بصره بحيلة من الحيل
253 لا خصوص اللطمة أو الضرب لأن الضرب لا يقتص منه وإنما يقتص من الجروح كما في الآية فعل به ما يستطاع (وإلا فالعقل) متعين فالمسألة السابقة ذهب نحو البصر بشئ فيه القصاص وهذه ذهب بشئ لا قصاص فيه فافترقا ولا نظر لكون العين قائمة فلو قال المصنف وإن ذهب بكلطمة فإن أستطيع وإلا فالعقل لوفى بالمراد ويحذف قوله كذلك لأنه يوهم أنه لا بد أن يفعل به مثل الفعل الذي فعله وليس كذلك كما تقدم (كأن شلت يده بضربة) بجرح عمدا على رأسه مثلا فيقتص منه فإن شلت يد الجاني وإلا فالعقل (وإن قطعت) بعد الجناية ( يد قاطع) ليد غيره عمدا (بسماوي أو سرقة أو قصاص لغيره) أي غير المجني عليه كقطعه يد آخر فاقتص منه (فلا شئ للمجني عليه) من قصاص ولا دية كموت القاتل عمدا بسماوي أو غيره فلا شئ للمقتول لأن حقه إنما تعلق بالعضو المخصوص فلما زال سقط حق المجني عليه وكذا في النفس بخلاف مقطوع اليد قبل الجناية فعليه الدية ( وإن قطع أقطع الكف) يد غيره (من المرفق فللمجنى عليه القصاص) بأن يقطع الناقصة من المرفق (أو الدية) وإنما خير لأن الجاني لما كان ناقص العضو لم يتعين القصاص لأنه أقل من حق المجني عليه ولم يجز الانتقال لعضو آخر ولم تتعين الدية لأنه جنى عمدا فثبت الخيار بين القصاص والدية وليس له القصاص مع أخذ الدية معتلا بأن في الساعد حكومة إذ لا يجمع بين دية وقصاص (كمقطوع الحشفة) يقطع ذكر غيره فيخير المجني عليه بين القصاص بأن يقطع الباقي من ذكر الجاني وأخذ الدية (وتقطع اليد) أو الرجل (الناقصة إصبعا بالكاملة بلا غرم) على الجاني ولا خيار للمجني عليه في نقص الإصبع (وخير إن نقصت) يده أو رجله (أكثر ) من إصبع (فيه) أي في القصاص (وفي) أخذ (الدية) أي دية المجني عليه لا الجاني (وإن نقصت يد المجني عليه) أو رجله إصبعا (فالقود) على الجاني الكامل الأصابع (ولو) كان الناقص من المجني عليه (إبهاما) والأولى تقديم المبالغة على جواب الشرط (لا) إن نقصت يد المجني عليه
254 (أكثر) من إصبع بأن نقصت إصبعين فأكثر فلا يقتص لها من كاملة جنت ثم إن كان الباقي من المجني عليها أكثر من إصبع فله ديته ولا شئ للكف لاندراجه في الأصابع وإن كان إصبعا فقط فدية وفي الكف حكومة نقله المواق عن ابن رشد فإن لم يكن له إلا الكف فليس عليه إلا الحكومة وإنما خير المجني عليه إذا كانت يد الجاني ناقصة أكثر من إصبع وتعين العقل فيما إذا كانت يد المجني عليه ناقصة أكثر لأن المجني عليه إذا اختار القود بقطع الناقصة من الجاني فقد رضي بترك بعض حقه وذلك له وإذا كانت يده هي الناقصة أكثر وأراد القصاص من الجاني ذي اليد الكاملة لزم أن يأخذ أزيد من حقه (ولا يجوز) القصاص (بكوع) أي منه (لذي مرفق) أي لمجني عليه من مرفق (وإن رضيا) معا بذلك فأولى إذا لم يرضيا فإن وقع أجزأ ولا يعاد القصاص وإنما منع مع أن المجني عليه قد رضي بترك بعض حقه لأن المماثلة مع الامكان حق لله لا يجوز تركها لقوله تعالى والجروح قصاص (وتؤخذ العين السليمة) من الجاني (بالضعيفة خلقة) أي من أصل خلقتها (أو) ضعيفة من (كبر) لصاحبها (و) أما لو كان ضعفها (لجدرى) بضم الجيم (أو) كان (لكرمية) أصابتها قبل الجناية سواء أخذ لها عقلا أو لا (فالقود) راجع للجدري وما بعده لا لما قبله للاستغناء عنه بقوله وتؤخذ الخ إذ لا معنى له إلا القود وإنما رجعناه للجدري لأنه قرنه بالواو الاستئنافية كما أشرنا له بإما الفاصلة وقوله: (إن تعمد) الجاني شرط في القود أي تعمد الجناية عليها مع ضعفها بما تقدم تعمد الجناية (وإلا) يتعمد بل كان خطأ (فبحسابه) أي يؤخذ من الجاني بحساب ما بقي بعد الرمي الأول من نورها فإن بقي نصف نورها بعد الرمي الأول فعلى المخطئ الآن نصف الدية وعلى هذا القياس وهذا إن أخذ لها أولا عقلا وإلا فالدية كاملة كما يأتي في قوله وكذا المجني عليها إن لم يأخذ لها عقلا فقوله وإلا الخ راجع لقوله أو لكرمية ثم لا حاجة لقوله فالقود مع قوله وتؤخذ العين ولا لقوله إن تعمده لأن الكلام في العمد ولا لقوله وإلا الخ مع قوله الآتي وكذا المجني عليه إن لم يأخذ عقلا مع إخلاف ماهنا بالشرط الآتي وركة الكلام (وإن فقأ) أي قلع (سالم) أي سالم العينين أو سالم المماثلة للمجني عليه ( عين أعور فله) أي للأعور (القود) بأخذ نظيرتها من السالم (و) له (أخذ الدية كاملة) لأن عينه بمنزلة عينين (من ماله) لأنه متعمد (وإن فقأ أعور من سالم مماثلته) أي مماثلة عينه السالمة
255 (فله) أي لسالم العينين المجني عليه ( القصاص) من الأعور فيصير أعمى (أو دية ما ترك) من عين الأعور وهي دية كاملة ألف دينار على أهل الذهب لما مر (و) إن فقأ الأعور من السالم (غيرها) أي غير المماثلة لعينه بأن فقأ مماثلة العوراء (فنصف دية فقط) تلزمه (في ماله) لتعمده (وإن فقأ) الأعور (عيني السالم) عمدا في مرة واحدة أو إحداهما بعد الأخرى (فالقود) في المماثلة لعينه (ونصف الدية) في المغايرة لها (وإن قلعت سن) لكبير أي مثغر بدليل ذكره الصغير فيما يأتي وأعيدت مكانها (فثبتت ) وكذا إن اضطربت جدا كما يأتي ثم ثبتت (فالقود) في العمد ولا يسقطه ثبوتها لأن المعتبر في القصاص يوم الجرح ولان المقصود تألم الجاني بمثل ما فعل وفي جناية (الخطأ) فثبتت يلزمه دية خطأ خمس من الإبل وكالخطأ أي كما يلزمه دية الخطأ في غيرها مما له عقل مسمى كموضحة ومنقلة يؤخذ عقله ثم يبرأ على غير شين فلا يسقط العقل اتفاقا (والاستيفاء) في النفس (للعاصب) الذكر فلا دخل فيه لزوج ولا لأخ لام أوجد لها وقدم ابن فابنه (كالولاء) يقدم الأقرب فالأقرب من العصبة في إرثه إلا الجد والاخوة فسيان هنا في القتل والعفو بخلاف إرث الولاء فتقدم الاخوة وبنوهم عليه وأشعر الاستثناء بسقوط بنيهم مع الجد لأنه بمنزلة أبيهم ولا كلام لهم مع الأب وإنما قال كالولاء ولم يقل كإرث ويستغني عن الاستثناء لأن المراد بالجد في باب الإرث الجد ولو علا وفي باب الولاء الجدد نية فبين بالاستثناء من الولاء أن المراد الجد القريب وأن العالي لا كلام له معهم كما أن بني الاخوة لا كلام لهم معه فإن لم يكن له عاصب أصلا فالإمام يقتص وليس له العفو ويحلف (الجد) الثلث من أيمان القسامة حيث كان يرث الثلث فأن كان معه أخوان فإن كان مع أخ حلف النصف والعمد والخطأ سواء في هاتين الصورتين اتفاقا (وهل) إن زادت الاخوة على مثليه يحلف الثلث مطلقا أو (إلا في العمد
256 فكأخ) أي يقدر أخا زائدا على عدد الاخوة فإن كانوا ثلاثة حلف ربع الايمان وإن كانوا أربعة حلف خمسها عشرة أيمان وهكذا ( تأويلان) فمحلهما في العمد ومعه أكثر من مثليه (وانتظر غائب) من العصبة (لم تبعد غيبته) جدا بل كانت قريبة بحيث تصل إليه الاخبار إن أراد الحاضر القصاص فإن أراد العفو فله ذلك ولا ينتظر الغائب بل له إذا حضر نصيبه من دية عمد كما سيأتي فإن بعدت غيبته جدا بحيث يتعذر وصول الخبر إليه لم ينتظر كأسير ومفقود ( و) انتظر (مغمى) أي إفاقته (ومبرسم) بفتح السين اسم مفعول لقصر أمد البرسام غالبا بموت أو صحة وهو ورم في الرأس يثقل معه الدماغ (لا) مجنون (مطبق) بخلاف من يفيق أحيانا فتنتظر إفاقته (و) لا (صغير لم يتوقف الثبوت عليه) بأن يكون من العصبة اثنان فأكثر ولو أبعد منه أو واحد مساو له أو أبعد ويستعين بعاصب له فلهم القسامة والقصاص بلا انتظار الصغير ولو تعدد كما لو كان للمقتول ابن أو ابنان صغيران وله أولهما أخوان أو عمان فأكثر أو أخ كبير مع عم أو عم مع ابن عم يستعين به وأما لو توقف القصاص على بلوغ الصبي بأن لم يوجد من العصبة غيره انتظر وكذا إن وجد واحد معه كبير كابنين أحدهما كبير فإن الكبير يحلف حصته مع إحضار الصغير معه ثم ينتظر بلوغ الصغير فيحلف الباقي ويثبت القصاص فمحل المصنف فيما يحتاج لقسامة وأما ما ثبت ببينة أو إقرار
257 ففيه القصاص بلا انتظار من غير خلاف (وللنساء) عطف على للعاصب أي والاستيفاء أيضا للنساء بشرطين أولهما قوله: (إن ورثن) المقتول خرجت العمة والخالة ونحوهما والثاني قوله: (ولم يساوهن عاصب) في الدرجة بأن لم يوجد أصلا أو يوجد عاصب أنزل منهن كعم مع بنت أو أخت فتخرج البنت مع الابن أو الأخت مع الأخ فلا كلام لها معه في عفو ولا قود بخلاف أخت شقيقة مع أخ لأب فهل الكلام معه لأنه أنزل منها بالقوة فكلام المصنف بشملها وأورد عليه الأخت للأم والجدة لها والزوجة إذ كل منهن يرث ولا استيفاء لهن فكان عليه زيادة شرط ثالث لاخراجهن وأجيب بأن الكلام في امرأة لو ذكرت عصبت كما يدل عليه قوله ولم يساوهن الخ لأن نفي الشئ فرع ثبوته كأنه قال ولامرأة وارثة لم يساوها عاصب المقتول فيفيد أنه لو ساواها ذكر لكان عاصبا ولكن الأولى التصريح وأما الام فداخلة في كلام المصنف فلها استيفاء لأنها لو ذكرت كانت أبا لأنها والدة لكن لا كلام لها مع وجود الأب لمساواة العاصب لها (ولكل) من النساء والعاصب غير المساوي (القتل) أي من طلب من الفريقين أجيب له ولا عبرة بمن عفا من الفريقين (ولا عفو إلا باجتماعهم) حقيقة أو حكما كواحد من هذا الفريق وواحد من الآخر ولذا عبر باجتماع دون جميع وشبه في الحكمين قوله: (كأن حزن الميراث) كبنت وأخت شقيقة أو لأب وثبت قتل مورثهن (بقسامة) من أعمام مثلا فلكل القتل ولا عفو إلا باجتماعهم وأما لو ثبت القتل ببينة أو إقرار فإنه لا كلام للعصبة غير الوارثين والحق في القتل للنساء وأما إذا لم يحزن الميراث كالبنات مع الاخوة فلكل القتل ولا عفو لاجتماعهم سواء ثبت ببينة أو قسامة وهو داخل في قوله وللنساء إن ورثن ولم يساوهن عاصب (الوارث كمورثه) أي ينتقل له من الكلام في الاستيفاء وعدمه ما كان لمورثه (وللصغير إن عفى) بالبناء للمفعول أي إن حصل عفو من كبير وسقط القتل (نصيبه) من الدية) أي دية عمد ولا يسري عفو الكبير عليه في إسقاط حقه منها (ولوليه) أي الصغير مع أب أو وصي
258 أو غيرهما إذا استحق الصغير قصاصا وحده بلا مشاركة كبير فيه (النظر) بالمصلحة (في القتل و) في أخذ ( الدية كاملة) فيجب عليه فعل الأصلح فإن استوت المصلحة خير ولا يجوز له أخذ بعض الدية مع ملاء الجاني (كقطع يده) تشبيه تام أي لو قطع جان يد صغير عمدا فلوليه النظر في القطع أو أخذ ديتها كاملة وليس له أن يصالح على أقل من الدية (إلا لعسر) من الجاني وكذا الصغير (فيجوز بأقل) في المسألتين (بخلاف قتله) أي الصغير من إضافة المصدر لمفعوله (فلعاصبه) النظر لا لوليه لانقطاع نظره بالموت (والاحب) أي الأولى لولي الصغير أو السفيه (أخذ المال) أي القيمة أو الأرش ( في) قتل أو جرح (عبده) أي عبد الصغير عمدا دون القصاص إذ لا نفع للمحجور في القود ما لم يتعين لمصلحة (ويقتص) أي يباشر القصاص (من يعرف) ويكون عدلا وهو متعذر الآن (يأجره المستحق) أي يدفعها المستحق للقصاص من ماله (وللحاكم رد القتل فقط للولي) بأن يسلمه له (ونهى) الولي حينئذ (عن العبث) بالجاني فلا يشدد عليه ولا يمثل ويصح قراءة نهي بالبناء للفاعل وضميره عائد على الحاكم أي يجب على الحاكم أن ينهي الولي عن العبث وظاهر المصنف أن غير القتل من الجراحات التي فيها القصاص لا يردها الحاكم للمجني عليه بل يتولاها هو وجوبا وظاهره أن اللام في للحاكم للتخيير (وأخر) القصاص فيما دون النفس (لبرد أو حر) شديدين أو لزوالهما لئلا يموت فيلزم أخذ نفس فيما دونها (كالبرء) أي كما يؤخر القصاص
259 فيما دون النفس لبرء المجروح لاحتمال أن يأتي جرحه على النفس فيكون الواجب القتل بقسامة ويحتمل أن يؤخر القصاص لبرء الجاني إن كان مريضا والأحسن التعميم (كديته) أي الجرح (خطأ) فإنها تؤخر حتى يبرأ خوف أن يسري للنفس فتؤخذ الدية كاملة (ولو) كان (كجائفة) وآمة وموضحة مما فيه شئ مقدر من الشارع عمدا أو خطأ فإن العقل يؤخر خوف السريان إلى النفس فينتقل إلى القصاص أو إلى ما تحمله العاقلة (و) تؤخر (الحامل) الجانية على طرف أو نفس عمدا للوضع ووجود مرضع بعده حد وأن يؤخذ نفسان في نفس (وإن) كان القصاص (بجرح مخيف) عليها أو على ولدها فإن كان غير مخيف فلا تؤخر وهذا إن ظهر حملها بقرينة للنساء وإن لم تظهر حركته (لا بدعواها) الحمل (و) إذا أخرت (حبست) ولا يقبل منها كفيل (كالحد) الواجب عليها قذفا أو غيره تؤخر وتحبس (و) تؤخر (المرضع لوجود مرضع) ترضع ولدها (و) تؤخر (الموالاة في) قطع (الأطراف) إذا خيف التلف من جمعها في آن واحد فيفرق في أوقات (كحدين) وجبا (لله) تعالى كشرب وزنا بكر (لم يقدر عليهما) في وقت واحد بأن خيف عليه من إقامتهما في فور (وبدئ بأشد لم يخف عليه) الموت منه فيبدأ يحد الزنا على حد الشرب فإن خيف عليه بدئ بالأخف وهو حد الشرب فإن خيف عليه أيضا بدأ بالأشد مفرقا إن أمكن تفريقه وإلا بدئ بالأخف مفرقا إن أمكن وإلا انتظرت الاستطاعة ومفهوم قوله لله أنهما كانا لآدميين كقطع لزيد وقذف لعمرو فالتبدئة بالقرعة ولو كان أحدهما لله والآخر لآدمي بدئ بما لله لأنه لا عفو فيه
260 (لا) يؤخر جان (بدخول الحرم) فرارا من القصاص ولو المسجد الحرام ويؤخذ من المسجد ليقام عليه الحد خارجه ولو محرما ولا ينتظر لاتمامه ولما كان القائم بالدم إما رجال فقط أو نساء فقط أو هما تكلم على هذه الثلاثة على هذا الترتيب فقال: (وسقط) القصاص (إن عفار رجل) من المستحقين (كالباقي) نعت لرجل أي مماثل للباقي في الدرجة والاستحقاق كابنين أو أخوين أو عمين فأكثر وأولى إن كان العافي أعلى كعفو ابن مع أخ أو أخ مع عم فإن كان أنزل درجة لم يعتبر عفوه إذ لا كلام له كعفو أخ مع وجود ابن وكذا إذا كان العافي لم يساو الباقي في الاستحقاق كالاخوة للام مع وجود الإخوة للأب إذ لا استحقاق للاخوة للام وأشار للمرتبة الثانية بقوله: (والبنت) أو بنت الابن (أولى) أي أحق (من الأخت في عفو وضده) إذ لا كلام للأخت معها ولا يلزم من مساواتها لها في الإرث مساواتها لها في الإرث مساواتها في العفو وعدمه عند ابن القاسم وهذا إذا ثبت القتل ببينة أو إقرار وأما لو احتاج القصاص لقسامة فليس لهما أن يقسما لأن النساء لا يقسمن في العمد وإنما يقسم العصبة فإن أقسموا وأرادوا القتل وعفت البنت فلا عفو لها وإن عفو وأرادت القتل فلا عفو لهم إلا باجتماع الجميع أو بعض من البنات وبعض منهم على ما تقدم وسيأتي أيضا (وإن عفت بنت من بنات) أو بنت ابن من بنات ابن أو أخت من أخوات ولم يكن عاصب أو عاصب لا كلام له (نظر الحاكم) في العفو وضده إن كان عدلا وإلا فجماعة المسلمين. وأشار للمرتبة الثالثة بقوله: (وفي) اجتماع (رجال ونساء) أعلى درجة منهم وكان للرجال كلام بأن ثبت القتل بقسامة (لم يسقط) القصاص (إلا بهما) أي بعفو الفريقين ومن أراد القتل من الفريقين فالقول له (أو ببعضهما) أي بعض كل من الفريقين وقولنا ونساء أعلى درجة من الرجال احترازا عما لو كان الرجال مساوين للنساء فلا كلام لهن والاستيفاء
261 للعاصب وحده كما مر وهذه المسألة مكررة مع قوله فيما سبق وللنساء إن ورثن ولم يساوهن عاصب ولكل القتل الخ كررها لأجل قوله أو ببعضهما المقيد لما مر كما تقدم ولأجل جمع المراتب الثلاثة (ومهما أسقط) أي عفا (البعض) أي بعض مستحقي الدم مع تساوي درجتهم بعد ثبوت الدم ببينة أو إقرار أو قسامة سقط القود وإذا سقط (فلمن بقي) ممن لم يعف وله التكلم أو هو مع غيره (نصيبه من الدية) أي دية عمد وكذا إذا عفا جميع من له التكلم مترتبا فلمن بقي ممن لا تكلم له نصيبه من دية عمد كولدين وزوج أو زوجة لأنه مال ثبت بعفو الأول بخلاف ما لو عفوا في فور واحد فلا شئ لمن لا تكلم له كما إذا كان من له التكلم واحدا وعفا وشبه في سقوط القصاص قوله: (كإرثه) أي الدم (ولو قسطا من نفسه) فيسقط القصاص لأن إرثه له كلا أو بعضا كالعفو مثال ما قبل المبالغة ما لو قتل أحد ولدين أباه فمات غير القاتل ولا وارث له سواه فقد ورث القاتل جميع دم نفسه ومثال ما بعدها ما لو كان غير القاتل أكثر من واحد مات أحدهم فقد ورث القاتل بعض دم نفسه فيسقط القصاص ولمن بقي نصيبه من الدية (وارثه) أي القصاص ( كالمال) أي كإرث المال لا كالاستيفاء فإذا مات ولي الدم فينزل ورثته منزلته من غير خصوصية للعصبة منهم على ذوي الفروض فيرثه البنات والأمهات ويكون لهن العفو والقصاص كما لو كانوا كلهم عصبة لأنهم ورثوه عمن كان ذلك له هذا مذهب ابن القاسم نعم لا دخل في ذلك لزوجة ولي الدم ولا لزوج من لها كلام فقوله كالمال أي في الجملة بخلاف المال المأخوذ عن دية عمد
262 فيدخلان فيه كما مر. ولما قدم أن العمد لا عقل فيه مسمى وإنما يتعين فيه القود على الوجه المتقدم نبه هنا على أنه يجوز الصلح فيه بما شاء الولي بقوله: (وجاز صلحه) أي الجاني (في) جناية (عمد) قتلا كان مع ولي الدم أو جرحا مع المجني عليه (بأقل) من دية المجني عليه (أو أكثر) منها حالا ولأجل قريب أو بعيد وبعين وعرض وغيرهما وقد قدم هذا في الصلح بقوله وعن العمد بأقل أو أكثر (والخطأ كبيع الدين) مبتدأ وخبر أي أن الصلح في الخطأ في النفس أو الجرح حكمه حكم بيع الدية إذ دية الخطأ مال في الذمة وما صولح عنها مال مأخوذ عنها فيجب مراعاة بيع الدين فيه فلا يجوز أخذ عن ورق وعكسه لأنه صرف مستأخر ولا أحدهما عن إبل وعكسه لأنه فسخ دين في دين ويدخل في الصلح بأقل من الدية ضع وتعجل وبأكثر لابعد من أجلها سلف بزيادة وجاز بما حل معجلا في جميع الأقسام (ولا يمضي) الصلح من الجاني خطأ (على عاقلته) بغير رضاها (كعكسه) أي لا يمضي صلح العاقلة على الجاني بغير رضاه ويلزم كلا الصلح فيما ينو به (فإن عفا ) المجني عليه خطأ قبل موته (فوصية) أي فالعفو كالوصية بالدية للعاقلة والجاني فتكون في ثلثه وإن كان له مال ضمت لماله ودخلت في ثلث الجميع (وتدخل الوصايا ) التي أوصى بها المجني عليه (فيه) أي فيما وجب من ثلث الدية (وإن) أوصى ( بعد سببها) أي الدية وسببها الجرح أو إنفاذ المقاتل يعني أن المجني عليه إذا أوصى بوصايا غير العفو المذكور أو معه فإن الوصايا تدخل في ثلثه ومنه ثلث الدية ولا فرق في الوصايا بين أن يوصي بها قبل سبب الدية أو بعده إلا أن المتوهم إنما هي الوصايا قبل السبب
263 فكان على المصنف أن يبالغ عليه بأن يقول وإن قبل سببها ( أو) أوصى لرجل مثلا (بثلثه) قبل السبب فتدخل الوصية في ثلث الدية لأنها مال موروث عنه (أو) أوصى (بشئ) كدار أو عشرة دنانير أو عشرة أثواب ولم يعين ثلثا ولا غيره ثم جنى عليه فتدخل الوصية في الدية ومحل دخول الوصية من حيث هي في الدية حيث أوصى قبل السبب (إذا عاش) المجني عليه (بعدها) أي بعد الجناية (ما) أي زمنا (يمكنه) فيه (التغيير) بأن كان صحيح الذهن (فلم يغير) في وصيته فإن رفع مغمورا بعد الجرح أو مات مكانه لم تدخل الوصية في الدية (بخلاف ) دية (العمد) لا تدخل فيها الوصايا وإن عاش بعد الجرح ما يمكنه فيه التغيير لأنها مال طرأ للوارث بعد الموت بالصلح عليها فلا دخل للوصية فيها (إلا أن ينفذ مقتله ويقبل وارثه الدية وعلم) بقبول وارثه لها ولم يغير فتدخل الوصايا فيها لأن علمه بقبول وارثه الدية مع عدم تغيرها كاحداثها بعده وهذا بخلاف ما لو قال إن قبل وارثي الدية فوصيتي فيها أو فقد أوصي بثلثها فلا يعمل بقوله ولا يدخل منها في ثلثه شئ وكذا لو قال تدخل وصيتي فيما علمت وما لم أعلم فلا تدخل وصيته في دية العمد كما في النقل (وإن عفا) مجروح عمدا أو خطأ (عن جرحه) مجانا (أو صالح ) عنه بمال (فمات) من جرحه (فلأوليائه القسامة والقتل) في العمد والدية في الخطأ ولهم إمضاء العفو أو الصلح
264 (ورجع الجاني) إن أقسموا (فيما أخذ منه) وهذا إن صالح عنه فقط وأما لو صالح عنه وعما يؤول إليه فخلاف كما تقدم في الصلح بأتم مما هنا (وللقاتل) إن ادعى العفو عنه وأنكر الولي (لاستحلاف على) عدم ( العفو فإن) حلف الولي أنه لم يعف فله القود وإن (نكل حلف) القاتل يمينا ( واحدة) لا خمسين (وبرئ) فإن نكل قتل بلا قسامة وإذا ادعى أن له بينة على العفو غائبة حلفه الحاكم على ذلك (وتلوم له) بالاجتهاد (في بينته الغائبة) قربت غيبتها أو بعدت على ظاهر المدونة وحملها عليه عياض وغيره (وقتل) القاتل ( بما قتل) به (ولو نارا) وهذا إن ثبت القتل ببينة أو اعتراف فإن ثبت بقسامة قتل بالسيف كما قال ابن رشد (إلا) أن يثبت القتل (بخمر أو لواط) أقر به وأما لو ثبت بأربعة شهود فحده الرجم (وسحر) ثبت ببينة أو إقرار (وما يطول) كمنعه طعاما أو ماء حتى مات أو نخسه بإبرة ونحو ذلك فيتعين السيف في هذه الأربعة (وهل والسم) بفتح المهملة في الأكثر والكسر لغة تميم والضم لغة أهل العالية أي لا يقتل به (أو) يقتل به و (يجتهد في قدره) أي في القدر الذي يموت به من السم (تأويلان) وإذا قتل بما قتل (فيغرق ويخنق ويحجر) إن فعل بالمقتول ذلك أي إن قتل بحجر قتل به وكذا ما قبله (و) من قتل بعصا (ضرب بالعصا للموت كذي عضوين) أي ضربه بالعصا مرتين فمات فإنه يضرب بالعصا حتى يموت فلا يشترط تساوي العدد (ومكن مستحق) للقصاص (من السيف مطلقا) سواء قتل الجاني به
265 أو بغيره (واندرج طرف) كيد ورجل وعين في قتل النفس (إن تعمده ) الجاني ثم قتله وإن كان الطرف (لغيره) أي لغير المقتول كقطع يد شخص وفق ء عين آخر وقتل آخر عمدا فيندرجان في النفس لأنها تأتي على الجميع ولا تقطع يده ثم تفقأ عينه ثم يقتل (لم يقصد) القاتل (مثلة) بالمقتول فإن قصدها فعل به ما فعل ثم يقتل فقوله لم يقصد الخ أي بطرف المجني عليه المقتول وأما طرف غيره فيندرج ولو قصد المثلة على الراجح واحترز بقوله إن تعمده عن الخطأ فإن فيه الدية (كالأصابع) تقطع عمدا تندرج (في) قطع (اليد) عمدا بعد الأصابع ما لم يقصد مثلة ولما أنهى الكلام على القصاص شرع في الكلام على الدية وذكر أنها تختلف باختلاف الناس بحسب أموالهم من إبل وذهب وورق فقال: (درس) (ودية الخطأ) في قتل الذكر الحر المسلم (على المبادئ) هو خلاف الحاضر مائة من الإبل (مخمسة ) رفقا بمؤديها (بنت مخاض وولدا لبون) أي بنت لبون وابن لبون (وحقة وجذعة ) من كل نوع من الخمسة عشرون (وربعت في عمد) لا قصاص فيه كأن يحصل عفو عليها مبهمة أو يعفو بعض الأولياء مجانا فللباقي نصيبه من دية عمد (بحذف ابن اللبون ) من الأصناف الخمسة فتكون المائة من الأصناف الأربعة الباقية من كل خمس وعشرون (وثلثت) أي غلظت مثلثة (في الأب) أي عليه وإن علا والام كذلك فلو قال في الوالد لكان أشمل (ولو) كان الوالد (مجوسيا) وتحاكموا إلينا والتثليث في حقه بحسب ديته وهي ثلث خمس واتكل المصنف في ذلك على وضوحه ومعرفته مما يأتي له فالتثليث فيه جذعتان وحقتان وخلفتان
266 وثلثا خلفة (في) قتل (عمد) لولده ( لم يقتل) الأب (به) وضابطه أن لا يقصد إزهاق روحه فإن قصده كأن يرمي عنقه بالسيف أو يضجعه فيذبحه ونحو ذلك فالقصاص فإن عفى عنه على الدية مبهمة ثلثت وشبه في التغليظ قوله: (كجرحه) أي فكما أن التغليظ يكون في النفس كذلك يكون في الجرح من تربيع أو تثليث ولا فرق في الجرح بين ما يقتص منه كالموضحة وما لا يقتص منه بلغ ثلث الدية كالجائفة أم لا فالعمد في الجراح كالعمد في النفس في التغليظ بنسبة ما لكل جرح من الدية في النفس ثم بين التغليظ بالتثليث في النفس بقوله: (بثلاثين حقة وثلاثين جذعة وأربعين خلفة) بفتح الخاء المعجمة وكسر اللام الحامل من الإبل (بلا حد سن) فالمدار على أن تكون حاملا سواء كانت حقة أو جذعة أو غيرهما (وعلى الشامي والمصري والمغربي ألف دينار) شرعية وهي أكبر من الدنانير المصرية كما تقدم في الزكاة وأهل الروم كأهل مصر وكذا مكة والمدينة (وعلى العراقي) والفارسي والخراساني (اثنا عشر ألف درهم) شرعية بناء على أن صرف الدينار اثنا عشر درهما ولا يزاد على ذلك (إلا في المثلثة) وهي ما على الأب في قتل ولده عمدا (فيزاد) في الذهب أو الورق (بنسبة ما بين الديتين) أي يزاد على قيمة المخمسة بقدر نسبة زيادة قيمة المثلثة على قيمة المخمسة فالمراد بالديتين المخمسة والمثلثة وفي الكلام حذف المستثنى منه وحذف مضاف من الأول والثاني وحذف المزيد عليه والمنسوب إليه. وحاصله أن تقوم المثلثة حالة وتقوم المخمسة على تأجيلها ويؤخذ ما زادته المثلثة على المخمسة وينسب إلى المخمسة فما بلغ بالنسبة يزاد على دية الذهب أو الفضة بتلك النسبة مثاله لو كانت المخمسة على آجالها تساوي مائة والمثلثة على حلولها تساوي مائة وعشرين ونسبة العشرين إلى المائة قيمة المخمسة الخمس فيزاد على الدية مثل خمسها فتكون من الذهب ألفا ومائتين ومن الرق أربعة عشر ألف درهم وأربعمائة وعلم من الاستثناء أن الدية المربعة لا تغلظ في الذهب والورق (والكتابي)
267 الذمي (و) الكتابي (المعاهد) أي الحربي المؤمن (نصف ديته) أي الحر المسلم (والمجوسي ) المعاهد (والمرتد) دية كل منهما (ثلث خمس) فتكون من الإبل ستة أبعرة وثلثي بعير ومن الذهب ستة وستين دينارا وثلثي دينار من الورق ثمانمائة درهم وقيل لا دية للمرتد وإنما على قاتله الأدب وهو الذي مشى عليه المصنف أول الباب بقوله كمرتد (و) دية (أنثى كل) ممن ذكر (كنصفه) فدية الحرة المسلمة نصف الحر المسلم وهكذا (وفي) قتل (الرفيق قيمته) قنا ولو مدبرا أو أم ولد أو مبعضا كمعتق لأجل لذلك الاجل (وإن زادت) قيمته على دية الحر لأنه مال أتلفه شخص كسائر الأموال (وفي) إلقاء (الجنين وإن علقة) يضرب أو تخويف أو شم ريح (عشر) واجب (أمه) من زوج أو زنا وأما من سيدها فسيأتي (ولو) كانت أمه ( أمة) وواجب أمه إن كانت حرة الدية وإن كانت أمة القيمة وسواء كانت الجناية عمدا أو خطأ من أجنبي أو أب أو أم كما لو شربت ما يسقط به الحمل فأسقطته وأشار بلو لرد قول ابن وهب في جنينها ما نقصها لأنها مال كسائر الحيوان (نقدا) أي معجلا من العين فاستعمل النقد في الحلول والعين ويكون في مال الجاني إلا أن تبلغ ثلث ديته فعلى العاقلة كما لو ضرب مجوسي حرة مسلمة فألقت جنينا ميتا (أو غرة ) بالرفع عطف على عشر والتخيير للجاني لا لمستحقها وهو في جنين الحرة وأما جنين الأمة فيتعين فيه النقد وقوله: (عبد أو وليدة) بدل من غرة والوليدة الأمة الصغيرة أقل سنها سبع سنين ولذا عبر بوليدة دون أمة لئلا يتوهم اشتراط كبرها وقوله: (تساويه) نعت لغرة وضميره يعود على العشر أي تساوي عشر دية أمه الحرة وتقدم أن جنين الأمة يتعين فيه النقد (والأمة) الحاملة (من سيدها) الحر المسلم جنينها كالحرة المسلمة فيه
268 عشر ديتها (و) الحرة (النصرانية) أو اليهودية فلو قال الذمية كان أشمل (من) زوجها (العبد المسلم كالحرة) أي المسلمة لأنه حر من جهة أمه مسلم من جهة أبيه وأما لو كان زوجها كافرا أو كان الجنين من زنا فكالحرة من أهل دينها ومحل وجوب العشر أو الغرة (إن زايلها) أي انفصل عنها (كله) ميتا حالة كونها (حية) فإن انفصل كله بعد موتها أو بعضه وهي حية وباقية بعد موتها فلا شئ فيه ويتعلق الكلام بأمه ثم استثنى من وجوب الغرة قوله: (إلا أن يحيا) أي ينفصل عنها حيا حياة مستقرة بأن استهل صارخا أو رضع كثيرا ونحو ذلك سواء زايلها حية أو ميتة فالاستثناء منقطع ثم مات (فالدية إن أقسموا) أي أولياؤه أنه مات من فعل الجاني (ولو مات) الجنين بعد تحقق حياته (عاجلا) فإن لم يقسموا فلا غرة كما لا دية (وإن تعمده) أي تعمد الجاني الجنين (بضرب بطن أو ظهر أو رأس) لامة فنزل مستهلا ثم مات (ففي القصاص) بقسامة أو الدية بقسامة في ماله للتعمد (خلاف) الراجح في تعمد البطن أو الظهر القصاص وفي تعمد الرأس الدية في ماله كتعمد ضرب يد أو رجل (وتعدد الواجب) من عشر أو غرة إن لم يستهل ودية إن استهل (بتعدده) أي الجنين (وورث) الواجب المذكور (على الفرائض) المعلومة الشاملة للفرض والتعصيب (وفي الجراح) أي جراح الخطأ التي ليس فيها دية مقررة أو العمد التي لا قصاص فيها وليس فيها شئ مقدر كعظم الصدر وكسر الفخذ (حكومة) أي شئ محكوم به أي يحكم به الحاكم العارف وبينها بقوله: (بنسبة) أي مصورة بمثل نسبة (نقصان الجناية) وقوله: (وإذا برئ) متعلق بقوله: (من قيمته عبدا) والأولى تأخيره عنه لأن الأصل المعمول أن يتأخر
269 عن عامله أي أن العامل فيه قيمة وجاز أيضا أن يتعلق بنقصان أي نقصانه وقت برئه فيكون واقعا في مركزه وقوله من قيمته متعلق بنقصان على أنه حال أي حال كون النقصان معتبرا من قيمته عبدا وعبدا حال من الضمير البارز في قيمته ومعنى قوله: (فرضا) تقديرا أي حال كونه مقدرا عبدا وإنما وجب التقويم بعد برئه أي صحته خوف أن يترامى إلى النفس أو إلى ما تحمله العاقلة وقوله: (من الدية) النسبة متعلق ملاحظا فيه المقدر قبله أي مثل نسبة النقصان من الدية فيقوم بعد البرء عبدا سالما بعشرة مثلا ثم يقوم معيبا بتسعة مثلا فالتفاوت بين القيمتين هو العشر فيجب على الجاني بنسبة ذلك من الدية وهو عشرها ثم برؤه لا يستلزم عوده كما كان لكن إن عاد كما كان فإنما على الجاني الأدب في العمد ولا شئ عليه في الخطأ فالحكومة إنما هي فيما إذا لم يكن فيه شئ مقدر وأما ما فيه شئ مقدر شرعا ففيه ما قدره الشارح كما سيأتي في قوله وإن بشين (كجنين البهيمة) تضرب على بطنها مثلا فتلقي جنينا حيا أو ميتا فتنقص بسبب ذلك ففيها حكومة أي أرش ما نقص من قيمتها سليمة وأما الجنين فإن نزل ميتا فلا شئ فيه وإن نزل حيا ومات فقيمته مع ما نقص أمه واستثنى من قوله وفي الجراح حكومة استثناء منقطعا قوله: (إلا الجائفة) عمدا أو خطأ وهي مختصة بالبطن والظهر (والآمة فثلث) من الدية المخمسة في كل منهما ومثلهما الدامغة (و) إلا (الموضحة) خطأ (فنصف عشر) وتقدم أن في عمدها القصاص (و) إلا (المنقلة والهاشمة) عطف مرادف (فعشر ونصفه) أي نصف العشر خمسة عشر بعيرا أو مائة وخمسون دينارا
270 ولا يزاد على ما ذكر في هذه الجراح شئ (وإن) برئت (بشين) أي على قبح (فيهن) أي في الجراح المذكورة ودفع بالمبالغة ما يتوهم من أنها إذا برئت بشين أنه يزاد على ما قدره الشارع ولو أنه بالغ على نفي الشين لدفع توهم النقص لصح أيضا وشرط أخذ القدر المذكور في الجراحات المذكورة (إن كن برأس أو لحى أعلى) وهو ما ينبت عليه الأسنان العليا وهذا راجع لما عدا الجائفة فإنها مختصة بالظهر أو البطن كما تقدم فالضمير في كن راجع للمجموع لا للجميع وقوله أو لحي أعلى لا يتأتى في الأمة لأنها مختصة بالرأس فهو من باب صرف الكلام لما يصلح له (والقيمة للعبد كالدية) للحر فيما فيه شئ مقدر كالموضحة في الحر فيؤخذ من قيمته بقدر ما يؤخذ من دية الحر ففي موضحته نصف عشر قيمته وفي جائفته أو آمته ثلث قيمته وهكذا (وإلا) يكن شئ من الجراح المذكورة رأس أو لحى أعلى بل في غيرهما كيد أو رجل (فلا تقدير) أي فليس فيه شئ مقدر من الشارع وإنما فيه حكومة باجتهاد الحاكم والمراد أنه يقوم سالما ومعيبا ويؤخذ من ذلك النسبة (وتعدد الواجب) وهو الثلث (بجائفة نفذت ) من جانب للآخر أو من الظهر للبطن فيكون فيها دية جائفتين (كتعدد الموضحة والمنقلة والآمة إن لم تتصل) ببعضها بل كان كل واحد منها منفصلا عن الآخر فيتعدد الواجب بتعدد كل (وإلا) بأن اتصل ما بين الموضحتين أو المنقلتين أو الآمتين ( فلا) يتعدد الواجب لأنها واحدة متسعة إن حصلت بضربة واحدة بل (وإن بفور في ضربات) الأولى وإن بضربات في فور إذ الضرب ليس ظرفا للفور بل بالعكس فلو تعددت بضربات في زمن متراخ فلكل حكمه ولو اتصلت (والدية) الكاملة كما تكون في النفس تكون في ذهاب كل واحد مما يأتي فتجب (في) ذهاب (العقل أو السمع أو البصر أو النطق) وهو صوت بحروف (أو الصوت) الخالي عن الحروف (أو الذوق)
271 وهو معنى في اللسان ومثل ذلك الشم ويقاس على ذلك اللمس وهو قوة منبثة على سطح البدن يدرك به الحرارة والبرودة والنعومة والخشونة ونحوها عند المماسة ولا يلزم من كون المصنف لم يذكره فيما فيه شئ مقدر أن يكون فيه الحكومة وقياسه على الذوق مثلا ظاهر والمراد أن من فعل بانسان فعلا من ضرب أو غيره أو خطأ فذهب بسببه شئ مما ذكر فإنه يلزمه الدية كاملة والمراد ذهاب المنفعة بتمامها فلو ذهب البعض فعليه من الدية بحساب ما ذهب ولو أوضحه فذهب عقله فعليه واجب كل على المشهور وقيل عليه دية كاملة للعقل فقط (أو) ذهاب (قوة الجماع ) بأن أفسد انعاظه ولا تندرج فيه دية الصلب وإن كانت قوة الجماع فيه فلو ضرب صلبه فأبطله وأبطل جماعه فعليه ديتان (أو) ذهاب نسله بأن فعل به فعلا أفسد منيه فالدية (أو) في حصول (تجذيمه) أو تبريصه (أو تسويده) وهو نوع من البرص فإن جذمه وسوده فديتان وهو ظاهر (أو قيامه وجلوسه) معا بدليل العطف بالواو وكذا في ذهاب قيامه فقط على المعتمد وأما ذهاب جلوسه فقط ففيه حكومة ففي مفهومه تفصيل. ولما فرغ من الكلام على تعطيل المنافع ذكر الذوات فقال: ( أو الاذنين) ففي قطعهما الدية ومذهب المدونة أن فيهما حكومة إذا لم يذهب سمعه (أو الشوى) بفتح الشين المعجمة جلد الرأس جمع شواة وهي جلدة الرأس فإن أذهب بعضها فبحسابه (أو العينين) الباصرتين أي في قلعهما أو طمسهما بأن أغلقت الحدقة الدية وليس هذا مكررا مع قوله سابقا أو البصر لأن الذاهب فيما تقدم مجرد البصر والعين قائمة وهنا طمست الحدقة مع ذهاب البصر أو قلعت وأتى به للإشارة إلى أنه ليس فيهما دية وحكومة وإن كان يعلم من قوله الآتي إلا المنفعة بمحلها ( أو عين الأعور) الباصرة إذا تلفت فيها الدية كاملة
272 (للسنة) فقد قصي بذلك عمر وعثمان وعلي وابن عباس (بخلاف كل زوج) كاليدين والرجلين والأذنين والشفتين ( فإن في أحدهما نصفه) أي نصف الواجب في الزوج ولو لم يوجد إلا ذلك الاحد لذهاب الآخر قبله (و) الدية (في) قطع (اليدين) من الكوعين أو من الساعدين (و) في (الرجلين) ولو من آخر الفخذ وفي الشفتين (و) في (مارن الانف) وهو مالان منه دون العظم (و) في قطع (الحشفة وفي) قطع (بعضهما بحسابها) أي الدية ( منهما) أي من المارن والحشفة فيقاس مما فيه الدية منهما (لا) يقاس (من أصله ) أي من أصل المارن أو الحشفة وأصل الأول الانف والثاني الذكر لأن بعض ما فيه الدية إنما ينسب إليه لا إلى أصله (وفي الأنثيين مطلقا) أي ما بهما أو قطعهما مع الذكر فديتان (وفي ذكر العنين قولان) بالدية والحكومة والراجح الدية (و) الدية كاملة (في شفري المرأة إن بدا العظم) من فرجها وإلا فحكومة وفي أحدهما إن بدا العظم نصفها والشفران بضم الشين المعجمة وسكون الفاء اللحمان المحيطان بالفرج المغطيات له (وفي ثدييها) بطل اللبن أم لا (أو حلمتيهما) أي الثديين وفي بعض النسخ حلمتها بالافراد أي المرأة الدية (إن بطل اللبن) أو فسد وكذا إن بطل أو فسد بغير قطع فإن عاد ردت ما أخذت (واستؤنى بالصغيرة) التي لم تبلغ إذا قطع ثدياها أو حلمتهما لتختبر هل بطل لبنها أم لا (و) استؤنى في قلع (سن الصغير الذي لم يثغر) بضم التحتية وسكون المثلثة أي لم تسقط واضعه (للاياس)
273 في الخطأ (كالقود) في العمد فإن نبتت فلا كلام (وإلا) تنبت (انتظر) بالعقل أو القود (سنة) كاملة فقوله وإلا شرط في مقدر تقديره فإن نبتت كان عليه أن يصرح به والمعنى إن حصل يأس قبل السنة انتظر تمامها وإن مضت سنة قبل الاياس انتظر الإياس فينتظر أقصى الأجلين وليس المراد ما يفيده ظاهره من أن معناه وإن لم يحصل إياس انتظر سنة لما علمت أنه إذا مضت سنة ولم يحصل إياس انتظر الإياس فإن مات قبل الإياس وتمام السنة لم يقتص من الجاني إذ لا قصاص بالشك ( وسقطا) أي القصاص والدية (إن عادت) سن الصغير لهيئتها قبل قلعها (وورثا إن مات) أي إن مات الصغير بعد تمام السنة واليأس أي فورثته يستحقون ماله من قود أو دية (وفي عود السن أصغر) مما كانت عليه (بحسابها) فإن نقص نصفها فنصف ديتها كما في نقص السمع ولا يقوم عبدا سليما ومعيبا كما تقدم في الحكومة ولما كان لزوال ما فيه الدية علامة يعرف بها زوال الكل أو البعض شرع في بيان ذلك بقوله: (وجرب العقل) المشكوك في زاوله (بالخلوات) ولا بد من تكرر الخلوات ويتجسس عليه فيها هل يفعل أفعال العقلاء أو غيرهم ويحتمل أنا نجلس معه فيها ونحادثه ونسايره في الكلام حتى نعلم خطابه وجوابه فإن علم أهل المعرفة ما نقص منه بالجناية عمل بذلك وإن شكوا أنقص الربع أو الثلث حمل في العمد على الثاني لأن الظالم أحق بالحمل عليه وفي الخطأ على الأول لأن الأصل براءة الذمة فلا نكلف بمشكوك فيه وظاهر أن المدعي هنا هو ولي المجني عليه أو من يقوم مقامه (و ) جرب (السمع) أي اختبر نقصانه حيث ادعى المجني عليه النقص من إحدى أذنيه بدليل ما يأتي (بأن يصاح) مع سكون الريح (من أماكن مختلفة) يعني من الجهات الأربع ووجه الصائح لوجهه في كل جهة (مع سد) الاذن (الصحيحة) سدا محكما ويكون النداء من مكان بعيد ثم يقرب منه شيئا فشيئا حتى يسمع ويجوز العكس أي يصلح عليه من مكان قريب ثم يتباعد الصائح شيئا فشيئا حتى لا يسمع ثم تفتح الصحيحة وتسد الأخرى
274 ويصاح به كذلك ثم ينظر أهل المعرفة ما نقص من سمع المجني عليها ( ونسب لسمعه الآخر) الكائن في الصحيحة ويؤخذ من الدية النسبة (وإلا) تكن الجناية في إحدى الاذنين بل فيهما معا ولكن فيهما بقية أو في إحداهما أو كانت الجناية على إحداهما والثانية ليست صحيحة قبل ذلك (فسمع وسط) يعتبر ويقضي له بالدية بالنسبة إليه أي يعتبر سمع وسط لا في غاية الحدة ولا الثقل من رجل مثل المجني عليه في السن والمزاج فيوقف في مكان ويصاح عليه كما تقدم حتى يعلم انتهاء سماعه ثم يوقف المجني عليه في مكانه فيصاح عليه كذلك وينظر ما نقص من سمعه عن سمع الرجل المذكور ويؤخذ من الدية بتلك النسبة وهذا إذا لم يعلم سمعه قبل الجناية وإلا عمل على ما علم من قوة أو ضعف بلا اعتبار سمع وسط فقوله: (وله نسبته) راجع للمسألتين أي له من الدية بنسبة سمعه الصحيح إن كانت أذنه الأخرى صحيحة أو بنسبة سمع وسط إن لم تكن الأخرى صحيحة لكن بشرطين الأول (إن حلف) على ما ادعى من أن هذا غاية ما انتهى سمعه إليه والثاني أشار له بقوله: (ولم يختلف قوله) في ذلك اختلافا بينا (وإلا) يحلف أو اختلف قوله اختلافا بينا بأن يكون من جهة قدر ميل ومن الأخرى نصف ميل (فهدر) أي لا شئ له لظهور كذبه (و ) جرب (البصر بإغلاق) العين (الصحيحة كذلك) أي كما مر في تجربة السمع من أماكن مختلفة ثم تغلق المصابة وينظر انتهاء ما أبصرت الصحيحة وتعرف النسبة فإن جنى عليهما وفيهما بقية اعتبر بصر وسط وله من الدية بنسبة ذلك (و) جرب ( الشم) المدعي زواله (برائحة حادة) أي منفرة للطبع كرائحة جيفة وأمر بالمكث عندها مقدار كذا من الزمن ليعلم حاله إذ المتصف بالشم لا يكاد يصبر المدة الطويلة عندها فإن ادعى زوال بعضه صدق بيمينه ونسب لشم وسط كما قال ابن غازي ( و) جرب (النطق بالكلام) من المجني عليه (اجتهادا) أي بالاجتهاد من أهل المعرفة أي يرجع إلى ما يقوله أهل المعرفة باجتهادهم فيما نقص منه من ثلث أو ربع أو غير ذلك فإن شكوا أو اختلفوا فيما نقص عمل بالأحوط
275 والظالم أحق بالحمل عليه (و) جرب (الذوق بالمقر) بفتح الميم وكسر القاف أي بالشئ المر الذي لا صبر عليه عادة (وصدق) بالغ (مدع ذهاب الجميع) مما مر (بيمين) فمن ادعى ذهاب جميع سمعه أو جميع بصره أو جميع شمه ولم يمكن اختباره بما مر فإنه يصدق بيمينه (والضعيف من عين ورجل ونحوهما) كيد (خلقة) أو لكبر أو بسماوي ( كغيره) من القوي في القصاص والدية كاملة وفيه تكرار مع قوله وتؤخذ العين السليمة بالضعيفة خلقة الخ إلا أن يحمل ما هنا على الخطأ وذلك على العمد كما حمل قوله وذكر وصحيح وضديهما على الجناية في النفس لدفع التكرار (وكذا) العين أو الرجل (المجني عليها) خطأ قبل ذلك فهي كالصحيحة في القود والعقل كاملا (إن لم يأخذ لها) في الجناية الأولى (عقلا) فإن كان أخذ لها عقلا ثم حصل لها جناية ثانية فليس له من ديتها إلا بحسب ما بقي منها وأما المجني عليها عمدا فقد تقدم في قوله وتؤخذ العين السليمة بالضعيفة خلقة ومن كبر أو لجدري أو لكرمية فالقود إن تعمده وإلا فبحسابه وتقدم أنه يقيد قوله فبحسابه بما هنا أي حيث أخذ عقلا وقوله إن لم يأخذ لها عقلا أي لم يجب لها عقل بأن كان عمدا لا عقل له فإن وجب فبحسابه ولو لم يأخذه لأنه تبرع به للجاني (و) الدية كاملة
276 (في) قطع (لسان الناطق) حيث منعه النطق (وإن لم يمنع النطق ما قطعه) من اللسان (فحكومة كلسان الأخرس) ففي قطعه الحكومة بالاجتهاد (واليد الشلاء) أو الرجل أي التي لا نفع فيها أصلا في قطعها الحكومة فإن كان بها نفع دخلت في قوله والضعيف من عين أو رجل (و) كقطع (الساعد) وهو ما عدا الأصابع من اليد التي منتهاها المنكب فيه حكومة بالاجتهاد وسواء ذهب الكف بسماوي أو جناية أخذ لها عقلا أم لا (و) قطع (أليتي المرأة) بفتح الهمزة خطأ فيه حكومة قياسا على أليتي الرجل وقال أشهب فيهما الدية وفي العمد القصاص (وسن مضطربة جدا) بحيث لا يرجى ثبوتها فإن كانت مضطربة لا جدا ففيها العقل (و) قطع (عسيب ذكر) أي قصبته فيها الحكومة (بعد) ذهاب (الحشفة) لأن الدية إنما هي في الحشفة (و) قلع شعر ( حاجب أو هدب) بضم الهاء الواحد أو المتعدد فيه الحكومة إن لم ينبت فإن نبت وعاد لهيئته فلا شئ فيه إلا الأدب في العمد وكذا شعر الرأس واللحية (و) قلع ( ظفر) خطأ فيه الحكومة (وفيه) أي قلع الظفر (القصاص) إن كان عمدا بخلاف عمد غيره ففيه الأدب كما مر (وإفضاء) قال ابن عرفة المراد به رفع الحاجز بين مخرج البول ومحل الجماع حتى يكون المخرجان مخرجا واحدا وقاله الشارح أيضا وكذا اختلاط مسلك البول والغائط فيه حكومة ومعنى الحكومة هنا أن يغرم أرش ما شأنها عند الأزواج بأن يقال ما صداقها على أنها مفضاة وما صداقها على أنها غير مفضاة فيغرم النقص
277 (ولا يندرج) الافضاء (تحت مهر) سواء كان من زوج أو من أجنبي اغتصبها ( بخلاف) إزالة (البكارة) من زوج أو غاصب فتندرج تحت المهر لأنها من لواحق الوطئ إذ لا يمكن وطئ بدونها بخلاف الافضاء قاله ابن عرفة (إلا) أن أزالها ( بإصبعه) فلا تندرج تحت مهر والزوج والأجنبي سواء إلا أن الزوج يلزمه أرش البكارة التي أزالها بأصبعه مع نصف الصداق إن طلب قبل البناء فإن بنى بها وطلقها اندرجت (وفي) قطع (كل إصبع) من يد أو رجل من ذكر أو أنثى مسلم أو كافر ( عشر) بضم العين أي عشر دية من قطعت إصبعه فيشمل من ذكر ودية الإبل وغيرها والمربعة والمخمسة بخلاف قراءته بالفتح (و) في قطع (الأنملة ثلثه) أي العشر ( إلا في الابهام) من يد أو رجل (فنصفه) وهو خمس من الإبل أو خمسون دينارا لأهل الذهب وهذه إحدى المستحسنات الأربع كما تقدم في الشفعة وتقدم فيها اثنتان الشفعة في الشجر أو البناء بأرض محبسة أو معارة والشفعة في الثمار والرابعة ستأتي آخر هذا الباب وهي القصاص بشاهد ويمين في جرح العمد (وفي) قطع (الإصبع بالزائدة) على الخمس في يد أو رجل (القوية) كقوة الأصلية (عشر) قياسا على الأصلية قطعت عمدا أو خطأ ولم يقتص في العمد لعدم المساواة وسواء قطعت وحدها أو مع غيرها فإن لم تقو كالأصلية فحكومة (إن انفردت) بالقطع وإلا فلا شئ فيها فقوله إن انفردت شرط في مقدر هو المفهوم فلو قال وفي الإصبع الزائدة عشر مطلقا فإن قويت وإلا فحكومة إن انفردت لطابق النقل (وفي كل سن خمس) من الإبل فهو بفتح المعجمة ولو قال نصف عشر ليشمل الحر المسلم أو غيره كما مر لكان أولى ولا يصح قراءته بالضم لفساده وأراد بالسن ما يشمل الناب والضرس
278 (وإن) كانت السن (سوداء) خلقة أو بجناية أو لكبر ففي الجناية عليها خمس من الإبل إن كان المجني عليه حرا مسلما ثم بين أن الجناية عليها تكون بأحد أمور بقوله: (بقلع أو اسوداد) فقط بعد بياضها (أو بهما) معا بأن جنى عليها فاسودت ثم انقلعت (أو بحمرة أو بصفرة) بعد بياضها (إن كانا) أي الحمرة أو الصفرة (عرفا) أي في العرف (كالسواد) أي يذهب بذلك جمالها وإلا فبحساب ما نقص (أو باضطرابها جدا) لذهاب منفعتها ما لم تثبت فإن ثبتت فليس فيها إلا الأدب في العمد فإن اضطربت لا جدا فإنه يلزمه بحساب ما نقص منها (وإن ثبتت) سن بعد قلعها ( لكبير) أي لمن تبدلت أسنانه وإن لم يبلغ (قبل أخذ عقلها) من الجاني (أخذه) منه بخلاف ثبوتها بعد اضطرابها جدا كما مر وهذا مكرر مع قوله وإن قلعت سن فثبتت الخ ومفهوم قبل أحروي (كالجراحات الأربع) المنقلة والآمة والدامغة والجائفة فيها العقل وإن برئت على غير شين في العمد والخطأ وأما الموضحة ففي عمدها القصاص كما تقدم (ورد) العقل للجاني من المجني عليه (في عود البصر) بعد ذهابه بالجناية (و) في عود (قوة الجماع و) عود (منفعة اللبن) كما كانت قبل قطع الحلمتين وكذا في عود السمع والكلام والعقل وكذا الذوق والشم واللمس (وفي) رد عقل (الاذن إن ثبتت) بعد قلعها بالجناية وعدمه (تأويلان وتعددت الدية بتعددها) أي الجناية فلو قطع يديه فزال عقله فديتان ولو زال مع ذلك بصره فثلاث وهكذا (إلا المنفعة) الكائنة (بمحلها) أي محل الجناية فلا تتعدد الدية في ذهابها مع ذهاب محلها كقطع أذنيه فزال سمعه فدية واحدة
279 أو قلع عينيه فزال بصره فواحدة ولا حكومة في محل كل فإن تعددت المنفعة في المحل كما لو قطع لسانه فذهب ذوقه ونطقه فدية واحدة (وساوت المرأة الرجل) من أهل دينها في قطع أصابعها مثلا (لثلث ديته) بإخراج الغاية فإذا قطع لها ثلاثة أصابع فيها ثلاثون من الإبل فإذا قطع لها أربع أصابع (فترجع لديتها) فلها عشرون من الإبل لأنها على النصف من دية الرجل من أهل دينها وهي كالرجل في منقلتها وهاشمتها وموضحتها لا في جائفتها وآمتها لأن في كل ثلث الدية فترجع فيهما لديتها فيكون فيهما ثلث ديتها ستة عشر بعيرا وثلثا بعير (وضم متحد الفعل) أي ما ينشأ عن الفعل المتحد ولو تعدد المحل (أو) ما (في حكمه) أي حكم المتحد كضربات في فور فإن ضربها ضربة واحدة أو ما في معناها فقطع لها أربعة أصابع من يدين أو من يد ورجل فلها في الأربعة عشرون من الإبل وكذا في الأسنان والواضح والمناقل وفائدة الضم رجوعها لديتها إذا بلغت ثلث دية الرجل فقوله وضم الخ أي في كل شئ أصابع أو غيرها وقوله متحد على حذف مضاف أي أثر متحد وهو من إضافة الصفة للموصوف أي الفعل المتحد (أو) متحد (المحل) ولو تراخى الفعل فهو عطف على الفعل (في الأصابع) فإذا قطع لها ثلاثا من يد ففيها ثلاثون ثم إذا قطع لها ثلاثا من الأخرى ففيها ثلاثون أيضا لاختلاف المحل مع التراخي في الفعلين ثم إذا قطع لها إصبعا أو إصبعين من أي يد كانت
280 كان لها في كل إصبع خمس من الإبل لاتحاد المحل ولو قطع لها إصبعين من يد ثم بعد تراخ قطع إصبعين من تلك اليد كان لها في الأولين عشرون وفي الأخيرين عشرة لاتحاد المحل ولو كانا من اليد الأخرى لكان فيهما عشرون لعدم الضم لاختلاف المحل (لا) يضم متحد المحل في (الأسنان) أي لا يضم بعضها لبعض إذا كان بين الضربات تراخ فلها في كل سن خمس من الإبل بخلاف ما إذا كانت ضربة أو ضربات في فور فيضم كما مر ومحل الأسنان متحد ولو كانت من فكين ولو قال المصنف كالمحل ليكون قوله في الأصابع قاصرا على ما بعد الكاف جريا على قاعدته كان أحسن (و) لا في (المواضح والمناقل) أي فلا يضم بعضها لبعض كما لو أوضحها موضحتين فأخذت عقلهما ثم أوضحها مواضح متعددة فلها عقلها كالرجل ما لم يبلغ ذلك في المرأة الواحدة أو ما في حكمها الثلث وإلا رجعت لعقلها كما مر وكذا المناقل فلو ضربها فنقلها ثم أخرى فلها في كل ذلك ما للرجل إذا لم يكن في فور واحد وبلغ الثلث. والحاصل أن الفعل المتحد أو ما في حكمه يضم في الأصابع والأسنان وغيرهما وأما إذا اتحد المحل فيضم في الأصابع دون غيرها (و) لا يضم (عمد لخطأ وإن عفت ) كما إذا لم تعف فإذا قطع لها ثلاثة أصابع عمدا ثم قطع لها ثلاثة أخرى خطأ فلها في كل أصبع عشر من الإبل اقتصت في العمد أو عفت أو أخذت دية وسواء اتحد المحل كيد واحدة أو تعدد ثم شرع في بيان من يحمل الدية في الخطأ والعمد في النفس أو الأطراف وبيان شروطها فقال: (درس) (ونجمت دية الحر) وأما الرقيق فلا دية له وإنما على الجاني قيمته حالة وسواء كان الحر ذكرا أو أنثى مسلما أو لا (الخطأ ) احترازا من العمد فلا تحملها العاقلة بل هي حالة على الجاني إن عفى عنه عليها وفي حكم الخطأ الذي لا قصاص فيه كالمأمومة والجائفة كما يأتي إن ثبتت (بلا اعتراف) من الجاني بل بينة أولون
281 فلا تحمل ما اعترف به من قتل أو جرح بل هي حالة عليه ولو كان عدلا مأمونا لا يتهم بقبول الرشوة من أولياء المقتول على المعتمد وكلام الطخيخي ضعيف (على العاقلة والجاني) الذكر البالغ العاقل الملئ كما يأتي للمصنف فهو كواحد منهم وشرط تنجيمها على العاقلة والجاني (إن بلغ) ما ينجم (ثلث) دية (المجني عليه أو) ثلث دية (الجاني) فلو جنى مسلم على مجوسية خطأ ما يبلغ ثلث ديتها كأن أجافها أو ثلث ديته بأن تعددت الجناية حملته عاقلته وإذا جنى مجوسي أو مجوسية على مسلم ما يبلغ ثلث دية الجاني حملته عاقلته (وما لم يبلغ) ثلث أحدهما (فحال عليه) أي على الجاني في ماله (كعمد ) أي كدية عمد على نفس أو طرف عفى عنه عليها فإنها حالة عليه في ماله (ودية غلظت) عطف خاص على عام إذ المغلظة إنما تكون في العمد وأتى به لئلا يتوهم أن القصاص لما كان ساقطا صار كالخطأ وشمل جرح عمد لا قصاص فيه وقتل كذلك لكون الجاني زائد إسلام مثلا (و) دية عضو (ساقط) فيه القصاص (لعدمه) أي لأجل عدم مماثله كما لو فقأ أعور العين اليمنى عين شخص يمنى عمدا فديتها عليه حالة في ماله (إلا ما لا يقتص منه من الجرح) كالجائفة والمأمومة (لاتلافه) أي لخوف إتلافه النفس لو اقتص منه (فعليها) أي فالدية على العاقلة في العمد كالخطأ إن بلغ ثلث دية المجني عليه أو الجاني فالاستثناء من قوله كعمد. ثم شرع في بيان العاقلة التي تحمل الدية بقوله: (وهي) أي العاقلة عدة أمور (العصبة) وأهل الديوان والموالي الأعلون والأسفلون فبيت المال بدليل ما سيأتي له (وبدئ الديوان ) أي بأهله على عصبة الجاني إذ الديوان اسم للدفتر الذي يضبط فيه أسماء
282 الجند وعددهم وعطاؤهم (إن أعطوا) هذا شرط في التبدئة لا في كونهم عاقلة لأنهم عاقلة مطلقا يعني أنه يبدأ بالدية بأهل الديوان حيث كان الجاني من الجند ولو كانوا من قبائل شتى ومحل التبدئة بهم إذا كانوا يعطون أرزاقهم المعينة لهم في الدفتر من العلوفات والجامكيات (ثم) إن لم يكن ديوان أو كان وليس الجاني منهم أو منهم ولم يعطوا بدئ (بها) أي بالعصبة (الأقرب فالأقرب) من العصبة (ثم) إن لم يكن للجاني عصبة ولا أهل ديوان قدم (الموالي الأعلون) على الترتيب الآتي في الولاء (ثم) إن لم يكونوا قدم الموالي (الأسفلون) على بيت المال (ثم بيت المال إن كان الجاني مسلما) لأن بيت المال لا يعقل عن كافر وهل على الجاني بقدر قوته معه أو لا محل نظر والأظهر الأول فإن لم يكن بيت مال أو تعذر الوصول إليه فعلى الجاني في ماله والحق أن هذا الشرط راجع لجميع ما قبله بدليل قوله: (وإلا ) يكن الجاني مسلما بل كافرا (فالذمي) يعقل عنه (ذوو دينه) الذين معه في بلده النصارى عن النصراني واليهود عن اليهودي ولا يعقل نصراني عن يهودي ولا عكسه والمراد بذي دينه من يحمل معه الجزية أن لو ضربت عليه وإن لم يكونوا من أقاربه فيشمل المرأة إذا جنت وأما العبد الكافر إذا أعتقه مسلم فالذي يعقل عنه إذا جنى بيت المال لأنه الذي يرثه لا من أعتقه لأنه لا يرثه كما في المدونة
283 ولا أهل دينه فإن لم يكتف بأهل بلده ضم إليهم أقرب القرى إليهم وهكذا حتى ما يحصل في الكفاية من تمام العدد الآتي بيانه كما أشار له بقوله: (و) إذا قصر ما في بلد الجاني عن الكفاية (ضم ككور مصر) الكور بضم الكاف وفتح الواو جمع كورة بضم الكاف وسكون الواو وهي المدينة أي البلد التي يسكنها الناس والأولى أن يحمل كلامه على ما يعم الذمي وغيره ولا يقصر على الأول أما الذمي فقد علمت المراد منه وأما المسلم فمعناه أنه يبدأ بأهل الديوان من أهل بلده إن كان الجاني من الجند فإن كان فيهم الكفاية فظاهر وإلا كمل العدد من أقرب بلد فيها أهل الديوان وهكذا فإذا كان الجاني من أهل القاهرة ولم يكن في أهل ديوانه كفاية كمل من أهل بولاق فإن لم يكن فيهم كفاية كمل من أقرب البلاد إليها مما فيها ديوان لا مطلق بلد ولو كان الجاني من أهل منفلوط بدئ بأهل ديوانهم وكمل من أهل أسيوط وهكذا وكذا يقال في العصبة والموالي وقوله ككور مصر أي كور مصر ونحوها من الأقاليم فمصر إقليم وفيها كور الشام إقليم آخر وفيه كور والحجاز إقليم وفيه كور ولا يضم أهل إقليم لأهل إقليم آخر كما يأتي في قوله ولا دخول لبدوي مع حضري ولا شامي مع مصري (والصلحي) يؤدب عنه (أهل صلحه) من أهل دينه ولا يعتبر فيهم ديوان ولا عصبة ولا موالي ولا بيت مال إن كان لهم ذلك على الراجح ما داموا كفارا كالذمي (وضرب على كل) ممن لزمته الدية من أهل ديوان وعصبة وموالي وذمي وصلحي (ما لا يضر) به بل على قدر طاقته لأنها مواساة وطريقها عدم التكلف فهذا راجع لجميع ما تقدم (وعقل عن صبي ومجنون وامرأة وفقير وغارم) إذا جنوا والغارم أخص من الفقير (ولا يعقلون) عن غيرهم ولا عن أنفسهم كما هو ظاهر النقل لكن قوله ولا يعقلون بالنسبة للمرأة مستغني عنه بقوله وهي العصبة إذ تخرج منه المرأة وجوابه أنه ذكره بالنسبة إلى الموالي فإنها تشمل الإناث (والمعتبر) في الصبا والجنون وضدهما والعسر واليسر والغيبة والحضور (وقت الضرب) أي التوزيع على العاقلة
284 (لا إن قدم غائب) غيبة انقطاع وقت الضرب ولا إن بلغ صبي أو عقل مجنون أو تحرر عبد أو اتضحت ذكورة خنثى مشكل بعد الضرب فلا شئ عليه (ولا يسقط) ما ضرب على واحد منهم بقدر حاله (لعسره أو موته) بعد ضربها عليه ولا لجنونه ولا لغيبته رافضا سكنى بلده بعد الضرب (ولا دخول لبدوي) من عصبة الجاني (مع حضري) من عصبته ولا عكسه لعدم التناصر بينهما (ولا شامي) مثلا (مع مصري) مثلا من العصبة أو أهل الديوان (مطلقا) اتحد جنس المأخوذ عند كل أم لا اشتدت القرابة كابن وأب أم لا بل الدية على أهل قطره الدية (الكاملة) لذكر أو أنثى مسلم أو كافر تنجم (في ثلاث سنين تحل بأواخرها) أي يحل كل نجم منها وهو الثلث بآخر سنته أولها (من يوم الحكم) لا من يوم القتل على المشهور (والثلث) كدية الجائفة والمأمومة (والثلثان) كجائفتين أو جائفة مع مأمومة (بالنسبة) للدية الكاملة فالثلث في سنة والثلثان في سنتين (ونجم في النصف) كيد أو عين (و) في (الثلاثة الأرباع بالتثليث ثم) يجعل (للزائد سنة) ففي النصف يجعل للثلث سنة وللسدس الباقي سنة أخرى وفي الثلاثة الأرباع لكل ثلث سنة ونصف السدس الباقي في سنة ثالثة فتصير هذه كالكاملة وما ذكره في الفرعين ضعيف والراجح أن النصف ينجم في سنتين لكل سنة ربع والثلاثة الأرباع في ثلاث سنين لكل سنة ربع (وحكم ما وجب على عواقل) متعددة (بجناية واحدة) كعشرة رجال من قبائل شتى قتلوا رجلا خطأ كحملهم صخرة فسقطت عليه (كحكم) العاقلة (الواحدة) فينجم ما ينوب كل عاقلة وإن كان دون الثلث في ثلاث سنين تحل بأواخرها
285 (كتعدد الجنايات عليها) أي على العاقلة الواحدة كما لو قتل رجل ثلاثة رجال فعليه وعلى عاقلته ثلاث ديات تنجم في ثلاث سنين (وهل حدها) أي حد العاقلة أي أقل حدها الذي لا ينقص عنه (سبعمائة أو) أقل حدها (الزائد على ألف) زيادة بينة كعشرين رجلا (قولان) فعلى الأول لو وجد أقل من السبعمائة ولو كان فيهم كفاية كمل من غيرهم بمعنى أنهم يغرمون ما ينو بهم على تقدير وجود العدد المعتبر ثم يكمل العدد من غيرهم فإذا كان العصبة ستمائة يكمل من الموالي الأعلون ما يفي بالسبعمائة فإن لم يوجد الموالي الأعلون أو وجد ما لا يكمل السبعمائة كمل من الموالي الأسفلين فإن لم يوجد ما يفي بذلك كمل من بيت المال ولو كان الاخوة فيهم العدد المذكور لم ينتقل للأعمام وأولادهم وإلا انتقل للتكميل منهم على الترتيب المعلوم أي الأقرب فالأقرب فإذا كمل لم ينتقل لغيرهم وليس المراد بحدها أنه لا يزاد على ذلك لظهور أن العصبة المتساوية أو أهل الديوان إذا كانوا ألوفا يلزم كل واحد ما ينو به وكذا يقال على القول الثاني فالحاصل إن حد العاقلة الذي لا يضم من بعده له إن وجد هل هو سبعمائة أو ما زاد على الألف زيادة بينة بحيث لو وجد الأقل في البلد انتقل للتكميل من غيرهم على الترتيب المتقدم ولا ينتقل للأبعد بعد التكميل ممن هو دونه قولان فإذا لم يوجد غير الجاني لزمه ما ينو به على تقدير وجود العدد ولزم بيت المال الباقي فإن لم يكن لبيت مال لزم الجاني الجميع في ماله كما تقدم ثم انتقل يتكلم على حكم كفارة القتل خطأ وأنها واجبة ومرتبة كما في الآية الكريمة فقال: (وعلى القاتل الحر) لا العبد لعدم صحة عتقه (المسلم) لا الكافر لأنه ليس من أهل القرب (وإن) كان (صبيا أو مجنونا) لأن الكفارة من خطاب الوضع كعوض المتلفات (أو) كان القاتل (شريكا ) لصبي أو مجنون أو غيرهما فعلى كل كفارة كاملة ولو كثر الشركاء (إذا قتل مثله ) خرج المرتد فلا كفارة على قاتله (معصوما) خرج الزنديق والزاني المحصن فلا كفارة على قاتلهما (خطأ) لا عمدا عفى عنه فلا تجب بل تندب كما يأتي
286 (عتق رقبة ) مؤمنة سليمة (ولعجزها) أي وعند العجز عنها (شهران) أي صوم شهرين متتابعين (كالظهار) أي يشترط في الرقبة وصوم الشهرين هنا ما يشترط فيهما في كفارة الظهار (لا صائلا) أي لا كفارة على من قتل صائلا عليه بحيث لا يندفع عنه إلا بالقتل وإنما نص عليه وإن خرج بقوله معصوما خطأ لئلا يتوهم فيه الكفارة لعدم القصاص فيه كالخطأ (و) لا (قاتل نفسه) خطأ وأولى عمدا لعدم الخطاب بموته (كديته) أي من ذكر من الصائل وقاتل نفسه فتسقط والأظهر رجوع الضمير لقاتل نفسه خطأ أي فلا دية على عاقلته لورثته لأنه المتوهم (وندبت) الكفارة للحر المسلم (في) قتل ( جنين ورقيق) لغيره (وعمد) لم يقتل به لعفو أو لعدم مكافأة (وعبد) لنفسه فلا تكرار وفي بعض النسخ بدل عبد ذمي أي عمدا أو خطأ وعليها فيعمم في قوله ورقيق وهذه النسخة أحسن (وعليه) أي على القاتل عمدا البالغ إذا لم يقتل لعفو أو لزيادة حرية أو إسلام (مطلقا) كان القاتل حرا أو رقيقا مسلما أو كافرا ذكرا أو أنثى (جلد مائة وحبس سنة وإن) كان قتله العمد ملتبسا (بقتل مجوسي أو) قتل ( عبده) وتقدم أن لجارح عمدا يؤدي ولو اقتص منه (أو نكول المدعي) بالجر عطف على قتل أي وإن كان القتل العمد المدعى به ملتبسا بنكول المدعي عن أيمان القسامة التي توجهت عليه (على ذي اللوث) متعلق المدعي (وحلفه) الواو بمعنى مع أي مع حلف ذي اللوث وهو المدعى عليه وأولى مع نكوله وإنما خص حلفه بالذكر لكونه داخلا تحت المبالغة وأما إن نكل فلا يتوهم عدم هذا الحكم الذي هو الجلد والحبس يعني إن قام له لوث من أولياء المقتول على شخص فادعى به عليه فطلب من المدعي أيمان القسامة فنكل وردها على المدعى عليه فحلفها وأولى إن لم يحلفها فإن المدعى عليه يجلد مائة ويحبس سنة نظرا للوث (والقسامة) التي توجب القصاص في العمد والدية في الخطأ (سببها قتل الحر المسلم) وإن غير بالغ بجرح أو ضرب أو سم أو نحو ذلك لا الرقيق والكافر (في محل اللوث) بفتح اللام وسكون الواو وهو الامر الذي ينشأ عنه غلبة الظن بوقوع المدعى به ويسمى اللطخ وفي الحقيقة سببها نفس اللوث أي الامر الذي ينشأ عنه غلبة الظن بأنه قتل وإضافة محل للوث للبيان وفى بمعنى لام العلة أي لقيام اللوث وذكر للوث الذي تسبب عنه القسامة خمسة أمثلة أو لها قوله: (كأن يقول) شخص (بالغ) عاقل وإن أنثى لا صبي وإن مراهقا
287 وإن وجبت فيه القسامة بغير قوله ولا مجنون إذ لا عبرة بقوله شرعا (حر مسلم قتلني فلان ) أو دمي عند فلان ونحو ذلك (ولو) قال قتلني (خطأ أو) كان القاتل (مسخوطا) أي فاسقا ادعاه (على ورع) بكسر الراء أي قال قتلني فلان وهو ورع فإنه يكون لوثا إن شهد على قوله عدلان واستمر على إقراره فإن رجع عن قوله بأن قال بل فلان آخر أو قال ما قتلني بل غيره أو لا أدري من الذي قتلني بطل اللوث فلا قسامة (أو) ادعى (ولد على والده أنه) أضجعه و (ذبحه) يقسمون بذلك ويقتل الوالد (أو زوجة على زوجها) أي قالت قتلني زوجي فيقسمون ويقتل وإنما يقبل قول البالغ المذكور ( إن كان جرح) به ويسمى التدمية الحمراء وأثر الضرب أو السم منزل منزلة الجرح وأما التدمية البيضاء فالمشهور عدم قبولها فالحاصل أن شروط كون قوله المذكور لوثا ثلاثة الجرح ونحوه والتمادي على إقراره وشهادة عدلين عليه وعطف على قوله خطأ ما هو في حيز المبالغة فقال: (أو أطلق) في قوله المذكور أي لم يقيده بعمد ولا خطأ (وبينوا) أي أولياؤه أنه عمد أو خطأ فلهم القسامة على ما بينوا ولهم القصاص في العمد والدية في الخطأ (لا خالفوا) معطوف على أطلق أي لا إن قيد وخالفوا بأن قال قتلني فلان عمدا وقالوا بل خطأ أو العكس فيبطل الدم ولا يصح عطفه على بينوا كما هو ظاهره لأنه يصير التقدير لا أطلق وخالفوا مع أنه لا مخالفة مع الاطلاق (ولا يقبل رجوعهم) بعد المخالفة لقول الميت (ولا إن) أطلق و (قال بعض ) منهم قتله (عمدا و) قال آخر (بعض) آخر (لا نعلم) هل قتله عمدا أو خطأ ولا نعلم من قتله (أو) قالوا كلهم قتله عمدا و (نكلوا) عن القسامة فيبطل الدم في المسألتين أما في الأولى فلأنهم لم يتفقوا على أن وليهم قتل عمدا حتى يستحقوا القود ولا على من قتله فيقسمون عليه وأما في الثانية فللنكول (بخلاف ذي الخطأ) أي بخلاف ما إذا قال بعض خطأ
288 وبعض لا نعلم (فله) أي لمدعي الخطأ (الحلف) لجميع إيمان القسامة (وأخذ نصيبه) من الدية ولا شئ لمن قال لا نعلم ومثل ذلك ما لو قالوا كلهم خطأ ونكل البعض فلمن حلف نصيبه ولا شئ لمن نكل وأما لو قال بعضهم خطأ وبعضهم عمدا فحكمه ما أشار له بقوله: (وإن اختلفا) أي البعضان وقد أطلق الميت (فيهما) أي في العمد والخطأ بأن قال بعض عمدا وبعض خطأ (واستووا) في الدرجة كأولاد أو أخوة أو أعمام (حلف كل) أي كل واحد من مدعي العمد ومدعي الخطأ على طبق دعواه على قدر إرثه (وللجميع دية خطأ) على عاقلة الجاني ويسقط القتل (وبطل حق ذي العمد) أي مدعيه (بنكول غيرهم) أي ذي الخطأ فلا قسامة لذي العمد ولا دية لأنه لدعواه الدم إنما يحلف تبعا لذي الخطأ ويصيرون حينئذ بمنزلة ما لو ادعى جميعهم الخطأ ونكلوا فتحلف عاقلة الجاني ومن نكل منهم غرم وأشار للمثال الثاني من أمثلة اللوث بقوله: (وكشاهدين بجرح أو ضرب) لحر مسلم أي على معاينة ذلك (مطلقا) أي عمدا أو خطأ فيقسم الأولياء ويستحقون القود في العمد والدية في الخطأ (أو) شهدا (بإقرار المقتول) بأن فلانا جرحه أو ضربه ( عمدا أو خطأ) فيحلف الأولياء ويستحقون القود في العمد والدية في الخطأ
289 فقوله وكشاهدين عطف على قوله كأن يقول بالغ على حذف مضاف أي وكشهادة شاهدين لأن الذي من أمثلة اللوث هو قول البالغ وشهادة الشاهدين لا الشاهدان (ثم يتأخر الموت) راجع لمسألة الشاهدين بالجرح أو الضرب فلو لم يتأخر الموت استحقوا الدم أو الدية بغير قسامة لا لمسألة الشهادة بإقرار المقتول بذلك لأن فيها القسامة مطلقا تأخر الموت أم لا والأولى حذف قوله مطلقا لاستغنائه عنه بقوله عمدا أو خطأ وبين كيفية القسامة بقوله: (يقسم) أي كيفيتها أن يقسم الولي بالله الذي لا إله إلا الله هو (لمن ضربه) أو جرحه (مات) أي بتقديم الجار والمجرور لإفادة الحصر وفي معناه إنما مات من ضربه ألا ما مات إلا من ضربه أو جرحه وهذا في شهادة الشاهدين بما ذكر وأما في الشاهد الآتي فسكت عنه لأنه أخر قوله أو بشاهد بذلك عنه وسيأتي كيفية القسامة فيه وأما في المثال الأول وهو ما إذا قال قتلني فلان وشهد عدلان على قوله فيحلفون لقد قتله وأشار للمثال الثالث وهو مشتمل على ست مسائل بقوله: (أو بشاهد) واحد (بذلك) أي بمعاينة الجرح أو الضرب (مطلقا ) أي عمدا أو خطأ فيحلفون خمسين يمينا لقد جرحه أو ضربه ولقد مات منه قال ابن عرفة ظاهر كلام ابن رشد أو نصه أنهم يحلفون على الجرح والموت عنه في كل يمين من الخمسين أي لقد جرحه أو ضربه ولقد مات من جرحه أو ضربه وظاهره أنهم لا يحلفون قبل الخمسين يمينا واحدة مكملة للنصاب وقيل يحلفون أي يحلف واحد منهم يمينا مكملة وسيأتي ما إذا شهد شاهد على إقرار المقتول بالجرح أو الضرب في قوله أو بإقرار المقتول عمدا وبها تتم الست مسائل (إن ثبت الموت) لا قبله لاحتمال حياته وهذا راجع لجميع صور اللوث ويحتمل رجوعه لمسألة الشاهد وأما التي قبلها فذكر فيها ثبوت الموت بقوله ثم يتأخر الموت إذ معرفة تأخر الشئ فرع ثبوته ( أو) بشاهد (بإقرار المقتول) البالغ بجرح أو ضرب (عمدا) أي قال جرحني فلان أو ضربني عمدا فيكون لوثا يحلف الأولياء معه خمسين يمينا
290 ولا بد من يمين مكملة للنصاب مع الشاهد أولا وأما لو قال جرحني أو ضربني خطأ فلا يكفي الشاهد الواحد ولا بد من الشاهدين كما تقدم ومثل جرحني أو ضربني قتلني فيكفي الواحد في العمد دون الخطأ والحاصل أن الشاهدين بالاقرار لوث في العمد والخطأ وأن الواحد لوث في العمد فقط واعترض على المصنف بأن هذه التفرقة لم يقل بها أحد وإنما في المسألة قولان التوقف على الشاهدين مطلقا في العمد والخطأ أو الاكتفاء بالشاهد مطلقا ( كإقراره) أي بالقتل وثبت إقراره بشاهدين كما هو عين المثال الأول (مع شاهد) بمعاينة القتل (مطلقا) أي عمدا أو خطأ فهو لوث يحلف الأولياء معه خمسين يمينا ولم يستغن عن هذا بالمثال الأول لأنه ربما يتوهم أنه في هذا يثبت الدم أو الدية بغير قسامة (أو إقرار القاتل في الخطأ فقط) بأن قال قتله خطأ (بشاهد) أي مع شاهد على معاينة القتل خطأ فلوث فإن لم يكن إلا مجرد إقراره بالخطأ فغير لوث ويؤخذ بإقراره وتكون الدية عليه في ماله دون عاقلته كما تقدم (وإن اختلف شاهداه) أي القتل بأن قال أحدهما قتله عمدا وقال الآخر خطأ أو قال أحدهما قتله بسيف والآخر بعصا (بطل) الدم لتناقض الشهادتين ولا يلزمهما بيان صفة القتل لكن إن بيناها واختلفا بطلت شهادتهما وأشار للمثال الرابع من أمثلة اللوث بقوله: (وكالعدل) الواحد (فقط) يشهد (في معاينة القتل) أي بمعاينته عمدا أو خطأ فيقسم الأولياء معه ويستحقون الدم أو الدية والمرأتان العدلتان كالعدل في هذا وفي سائر ما قلنا أن شهادة الشاهد فيه لوث
291 وهذا المثال يفهم من قوله أو بشاهد بذلك مطلقا بالأولى وأشار للخامس بقوله: (أو رآه) أي رأى العدل المقتول (يتشحط) بالحاء والطاء المهملتين أي يتحرك ويضطرب (في دمه والمتهم ) بالقتل (قربه وعليه) أي المتهم (آثاره) أي الدم أي أمارة القتل وشهد العدل بذلك فلوث (ووجبت) القسامة (وإن تعدد اللوث) كشهادة عدل بمعاينة القتل مع عدلين على قول المقتول قتلني فلان فلا يكون تعدده موجبا للقصاص أو الدية بلا قسامة (وليس منه) أي من اللوث (وجوده) أي المقتول (بقرية قوم) ولو مسلما بقرية كفار وهذا إذا كان يخالطهم فيها غيرهم وإلا كان لوثا يوجب القسامة كما في قضية عبد الله بن سهل حيث قتل بخيبر فجعل النبي (ص) فيه القسامة لابني عمه حويصة ومحيطة لأن خيبر ما كان يخالط اليهود فيها غيرهم (أو دارهم) لجواز أن يكون قتله إنسان ورماه فيها ليلوث أهلها به (ولو شهد اثنان) على شخص (أنه قتل) آخر (ودخل في جماعة) ولم يعرف (استحلف كل) منهم (خمسين) يمينا لتتناول المتهمة كل فرد منهم (والدية عليهم) في أموالهم إن حلفوا أو نكلوا من غير قسامة على أولياء المقتول (أو على من نكل) دون من حلف إن حلف بعضهم (بلا قسامة) على الأولياء أن البينة شهدت بالقتل وفهم من قوله والدية عليهم أنهما شهدا بالقتل عمدا فلو شهدا بالخطأ لكانت على عواقلهم ومفهوم اثنان أنه لو شهد واحد لم يكن الحكم كذلك والحكم أنهم يقسمون خمسين يمينا أن واحدا من هؤلاء الجماعة قتله ويستحقون الدية على الجميع ولا ينافي هذا ما يأتي أن القسامة إنما تكون على واحد تعين لها لأن ذلك بالنسبة للقتل وهذا بالنسبة للدية (وإن انفصلت بغاة) أي جماعة بغي بعضهم على بعض لعداوة بينهم وإن كانوا تحت طاعة الإمام ( عن قتلى
292 ولم يعلم القاتل فهل لا قسامة ولا قود) فيكون هدرا (مطلقا) أي سواء قال المقتول قتلني فلان أم لا قام له شاهد من البغاة أم لا إذ لو كان من غيرهم لكان لوثا بلا خلاف كما في النقل وهو قول الإمام في المدونة (و) لا قسامة أن تجرد قوله : (عن الشاهد فقط) بل مجرد قوله قتلني فلان وكذا إذا لم يكن إلا مجرد قول الولاة بالأولى وعليه فلو قام شاهد بمعاينة القتل من الطائفتين لكان لوثا يوجب القسامة والقود وهو تأويل بعض الأشياخ للمدونة (تأويلات) ثلاثة المذهب الأول ولكن رجح بعضهم الثاني ومفهوم لم يعلم القاتل أنه لو علم ببينة لاقتص منه وهو كذلك (وإن تأولوا) أي الجماعة الطائفتان بأن قام لكل شبهة تقتضي جواز المقاتلة (فهدر) أي فالمقتول من كل طائفة هدر ولو تأولت إحدى الطائفتين فدم المتأولة قصاص والأخرى هدر وأولى ظالمة زحفت على غيرها فدفعوا عن أنفسهم فدم الزاحفة هدر ودم الدافعة قصاص كما أشار له بقوله: (كزاحفة) ظلما (على دافعة) عن نفسها. ولما قدم سبب القسامة ذكر تفسيرها بقوله: (وهي) أي القسامة من البالغ العاقل (خمسون يمينا متوالية) فلا تفرق على أيام أو أوقات (بتا) أي قطعا بأن يقول بالله الذي لا إله إلا هو لمن ضربه مات أو لقد قتله واعتمد البات على ظن قوي ولا يكفي قوله أظن أو في ظني (وإن أعمى أو غائبا) حال القتل لاعتماد كل من اللوث المتقدم بيانه (بحلفها في الخطأ من يرث المقتول) من المكلفين (وإن واحدا أو امرأة) ولو أختا لأم وتوزع على قدر الميراث لأنها سبب في حصوله فإن لم يوجد إلا واحد أو امرأة في الخطأ حلف الجميع وأخذ حظه من سدس أو غيره وسقط ما على الجاني من الدية
293 لتعذر الحلف من بيت المال (وجبرت اليمين) إذا وزعت على عدد وحصل كسران أو أكثر (على أكثر كسرها) ولو كان صاحبه أقل نصيبا كبنت مع ابن فتحلف سبعة عشر يمينا وهو ثلاثة وثلاثون وكأم وزوجة وأخ لام وعاصب على الزوجة اثنا عشر يمينا ونصف وعلى الأخ للام ثمانية وثلث وعلى الام ستة عشر وثلثان فتحلف سبعة عشر لأن كسرها أكثر ويسقط الكسر الذي على الأخ للام ويكمل كل من الزوجة والعاصب يمينه للتساوي (وإلا) بأن تساوت الكسور كثلاث بنين على كل ستة عشر وثلثان (فعلى الجميع) أي على كل منهم تكميل ما انكسر عليه (ولا يأخذ أحد) شيئا من الدية (إلا بعدها) أي بعد حلف جميعها (ثم) بعد حلف الحاضر جميع أيمان القسامة وكل بعضهم غائبا أو صبيا (حلف من حضر) من غيبته أي أو الصبي إذا بلغ (حصته) من أيمان القسامة فقط وأخذ نصيبه من الدية (وإن نكلوا) أي الورثة (أو) نكل (بعض) منهم حلف البعض الآخر جميع الايمان وأخذ حصته فقط ( حلفت العاقلة) أي عاقلة القاتل يحلف كل واحد منهم يمينا واحدة ولو كثر واحدا ما لم يكونوا أقل من خمسين وإلا حلفوا الخمسين كل واحد ما ينو به فإن لم يكن عاقلة حلف الجاني الخمسين وبرئ فإن نكل غرم (فمن) حلف من عاقلة الجاني برئ ولا غرم عليه ومن (نكل) منهم (فحصته) فقط من الدية
294 يغرمها للناكلين من ورثة المقتول (على الأظهر) عند ابن رشد من أقوال خمسة وهو راجع لقوله: وإن نكلوا الخ (ولا يحلف) أيمان القسامة (في العمد أقل من رجلين عصبة) من النسب سواء ورثوا أم لا وأما النساء فلا يحلفن في العمد لعدم شهادتهن فيه فإن انفردن صار المقتول كمن لا وارث له فترد الايمان على المدعى عليه (وألا) يكن له عصبة نسب ( فموالي) أعلون ذكور اثنان فأكثر لا أسفلون ولا أنثى ولو مولاة النعمة إذ لا دخل لها في العمد (وللولي) واحدا أو أكثر (الاستعانة) في القسامة (بعاصبه) أي عاصب الولي وإن لم يكن عاصب المقتول كامرأة قتلت ليس لها عاصب غير ابنها وله إخوة من أبيه فيستعين بهم أو ببعضهم أو يستعين بعمه مثلا فقوله بعاصبه أي جنس عاصبه واحدا أو أكثر واللام في للولي بمعنى على إن كان واحدا وللتخيير إن تعدد (وللولي فقط) إذا استعان بعاصبه (حلف الأكثر) من حصته التي تنو به بالتوزيع (إن لم تزد) الايمان التي يحلفها (على نصفها) أي الخمسين فإن زادت على خمس وعشرين فليس له حلف الأكثر فلو وجد الولي عاصبا حلف كل خمسا وعشرين ولا يمكن من أكثر وإن وجد عاصبين أو أكثر وزعت عليهم وله فقط أن يزيد على ما ينو به إلى خمسة وعشرين ولا يمكن من الزائد كما لا يمكن غيره أن يزيد على ما ينو به بالتوزيع كما أشار له بقوله فقط يريد من نصيب الولي
295 وأما من حصة مستعان به آخر فله ذلك ( ووزعت) الايمان على مستحق الدم فإن زادوا على خمسين اجتزئ منهم بخمسين لأن الزيادة على ذلك خلاف سنة القسامة (واجتزى) في حلف جميعها (باثنين طاعا من أكثر) غير ناكلين (ونكول المعين غير معتبر) إذ لا حق له في الدم (بخلاف) نكول (غيره) من أولياء الدم فيعتبر إذا كانوا في درجة واحدة كبنين أو إخوة ( ولو بعدوا) في الدرجة عن المقتول كبني عم إذا استووا درجة ولا عبرة بنكول أبعد مع أقرب فإن نكل بعض من يعتبر وسقط الدم (فترد) أيمان (على المدعى عليهم) بالقتل (فيحلف كل) منهم (خمسين) يمينا إن تعددوا لأن كل واحد منهم متهم بالقتل وإن كان لا يقتل بالقسامة إلا واحد فإذا كان المتهم واحدا حلفها (ومن نكل حبس حتى يحلف) أو يموت في السجن (ولا استعانة) لمن ردت عليه بغيره ولو واحدا ورجح بعضهم الاستعانة هنا أيضا كالولي (وإن أكذب بعض) أي بعض أولياء الدم (نفسه) بعد الحلف أو قبله (بطل) الدم فلا قود
296 ولا دية وترد إن أخذت ( بخلاف عفوه) أي البعض بعد القسامة (فللباقي نصيبه من الدية) وأما قبل القسامة فكالتكذيب فلا شئ لغير العافي (ولا ينتظر) في القسامة (صغير) معه كبير مساو له في الدرجة فيقسم الكبير إذا تعدد أو يستعين بعاصبه ويقتل الجاني أثر القسامة (بخلاف المغمى عليه والمبرسم) فينتظران لقرب إفاقتهما (إلا أن لا يوجد غيره) أي غير الصغير من ولي ولا معين ويحتمل عود الضمير على الكبير وهو أقعد معنى أي إلا أن لا يوجد غير الكبير مع الصغير (فيحلف الكبير حصته) خمسا وعشرين من الآن (والصغير) حاضر (معه) لأنه أرهب في النفس وحضوره مع الكبير مندوب لا شرط لأن هذا منكر من أصله في المذهب ولا يؤخر حلف الكبير إلى بلوغ الصغير ويحبس المدعي عليه لبلوغ الصبي فيحلف خمسا وعشرين يمينا ويستحق الدم ما لم يعف فإن مات قبل البلوغ بطل الدم (ووجب بها) أي بالقسامة (الدية في الخطأ) على الوجه المتقدم (و) وجب بها (القود في العمد من واحد) متعلق بالقود (تعين لها) أي للقسامة بتعيين المدعي على جماعة استووا في العمد مع وجود اللوث يقولون لمن ضربه مات ولا يقولون لمن ضربهم ولا يقتل بها أكثر من واحد ولا غير معين لها. ولما قدم أن القسامة سببها قتل الحر المسلم ذكر حكم مفاهيم ذلك بقوله: (ومن أقام شاهدا) واحدا (على جرح) خطأ أو عمدا فيه شئ مقدر شرعا (أو قتل كافر أو عبد) عمدا أو خطأ كان القاتل مسلما أو عبدا أو لا (أو جنين) ألقته أمه ميتا (حلف) مقيم الشاهد يمينا (واحدة) في الجميع (وأخذ الدية) من الجاني
297 ومراده بالدية المؤدى فيشمل دية الجرح والكافر وقيمة العبد وغرة الجنين فإن كان الجرح عمدا ليس فيه شئ مقدر اقتص فيه بالشاهد واليمين كما تقدم (وإن نكل) المدعي عن اليمين مع الشاهد (برئ الجارح) ومن معه (إن حلف ) المدعى عليه من جارح أو غيره (وإلا) يحلف غرم ما وجب عليه في جميع الصور إلا في جرح العمد فإنه إن نكل فيه (حبس) فإن طال حبسه عوقب وأطلق فعبارته توهم خلاف المراد ولما قدم أن الجنين كالجرح لا قسامة فيه فرع على ذلك قوله: (فلو قالت) امرأة حامل (دمي وجنيني عند فلان) وماتت (ففيها القسامة) لأن قولها لوث (ولا شئ في الجنين ولو استهل) لأنه إن لم يستهل فهو كالجرح لا قسامة فيه وإن استهل فهو بمنزلة قولها قتلني فلان وقتل فلانا معي وذلك ملغى في فلان. (درس) باب ذكر فيه البغي وما يتعلق به هو لغة التعدي وبغي فلان على فلان استطال عليه وشرعا قال ابن عرفة هو الامتناع من طاعة من ثبتت إمامته في غيره معصية بمغالبة ولو تأولا ا ه وقوله في غير معصية متعلق بطاعة ومقتضاه أن من امتنع عن طاعته في مكروه يكون باغيا وقيل لا تجب طاعته في المكروه أي المجمع على كراهته فالممتنع لا يكون باغيا وهو الأظهر لأنه من الاحداث في الدين ما ليس منه وهو رد فإذا أمر الناس بصلاة ركعتين بعد أداء فرض الصبح لم يتبع واستغنى المصنف عن تعريفه شرعا بتعريف الباغية لاستلزامه تعريفه فقال: (الباغية فرقة) أي طائفة من المسلمين (خالفت الإمام) الذي ثبتت إمامته باتفاق الناس عليه ويزيد بن معاوية لم تثبت إمامته لأن أهل الحجاز لم يسلموا له الإمامة لظلمه ونائب الإمام مثله (لمنع حق) لله أو لآدمي وجب عليها كزكاة وكأداء ما عليهم
298 مما جبوه لبيت مال المسلمين كخراج الأرض ونحو ذلك (أو لخلعه) أي أو خالفته لإرادتها خلعه أي عزله حرمة ذلك عليهم وإن جاز إذ لا يعزل السلطان بالظلم والفسق وتعطيل الحقوق بعد انعقاد إمامته وإنما يجب وعظه وقوله فرقة جرى على الغالب وإلا فالواحد قد يكون باغيا وقوله خالفت الإمام يفيد أنها خرجت عليه على وجها لمغالبة وعدم المبالاة به فمن خرج عليه لا على سبيل المغالبة كاللصوص لا يكون باغيا (فللعدل قتالهم وإن تأولوا) الخروج عليه لشبهة قامت عندهم ويجب على الناس معاونته عليهم وأما غير العدل فلا تجب معاونته قال مالك رضي الله عنه دعه وما يراد منه ينتقم الله من الظالم بظالم ثم ينتقم من كليهما كما أنه لا يجوز له قتالهم لاحتمال أن يكون خروجهم عليه لفسقه وجوره وإن كان لا يجوز لهم الخروج عليه (كالكفار) أي كقتال الكفار بأن يدعوهم أولا للدخول تحت طاعته ما لم يعاجلوه بالقتال ويقاتلهم بالسيف والرمي بالنبل والمنجنيق والتغريق والتحريق وقطع الميرة والماء عنهم إلا أن يكون فيهم نسوة أو ذراري فلا نرميهم بالنار لكن لا نسبي ذراريهم ولا أموالهم لأنهم مسلمون كما أشار لذلك بقوله: (ولا يسترقوا ولا يحرق شجرهم) ولا غيره فالمراد ولا يتلف مالهم (ولا ترفع رؤوسهم) إذا قتلوا (بأرماح) أي يحرم لأنه مثلة بالمسلمين بخلاف الكفار فإنه يجوز بمحلهم فقط كما تقدم في الجهاد (ولا يدعوهم) بفتح الدال المهملة أي لا يتركوهم الإمام ونوابه ولو أفرد الضمير العائد على الإمام لكان أنسب أي لا يتركهم (بمال) يؤخذ منهم كالجزية أي لا يحل ذلك بل إن تركهم يتركهم مجانا إن كفوا عن بغيهم وأمن منهم (وأستعين
299 مالهم) من سلاح وكراع بضم الكاف أي خيل (عليهم) أي يجوز ذلك (إن احتيج له) أي لمالهم أي للاستعانة به عليهم (ثم) بعد الاستعانة به والاستغناء عنه (رد) إليهم (كغيره) أي كما يرد غير ما يستعان به من الأموال كغنم ونحوها أي على فرض لو حيز عنهم أو أن القدرة عليهم بمنزلة حيازته فلذا عبر بالرد (وإن أمنوا) بضم الهمزة وكسر الميم مخففة أي حصل الأمان للإمام بالظهور عليهم (لم يتبع منهزمهم ولم يذفف) بإعجام الذال وإهمالها أي لم يجهز (على جريحهم) ومفهوم الشرط أنه إن خيف منهم أتبع منهزمهم وذفف على جريحهم (وكره للرجل قتل أبيه و) إن قتله (ورثه) إن كان مسلما لأنه وإن كان عمدا لكنه غير عدوان ولا يكره قتل جده أو أخيه أو ابنه ( ولم يضمن) باغ (متأول) في خروجه على الإمام (أتلف نفسا أو مالا) حال خروجه لعذره بالتأويل بخلاف الباغي غير المتأول (ومضى حكم قاضيه) فلا ينقض ويرتفع به الخلاف (و) مضى (حد أقامه) من عطف الخاص على العام نص عليه لعظم شأنه لأنه من حقوق الله فلا يعاد على المحدود إن كان غير قتل ولا دية على القاضي إن كان قتلا ونحوه (ورد ذمي معه) أي مع الباغي المتأول (لذمته) فلا يغرم ما أتلفه من نفس أو مال ولا يعد خروجه معه نقضا للعهد (وضمن) الباغي (المعاند) وهو غير المتأول (النفس) والطرف فيقتص منه (والمال) لعدم عذره (والذمي معه ناقض ) للعهد يكون هو وماله فيئا وهذا كله في الخروج على الإمام وأما غيره فالخارج عليه عنادا كالمتأول (والمرأة المقاتلة) بالسلاح (كالرجل) يجوز قتلها بخلاف ما لو قاتلت بغير سلاح فلا تقتل ما لم تقتل أحدا، هذا في حال القتال وأما بعده فإن كانت متأولة فلا تضمن شيئا وإن كانت غير متأولة ضمنت ورقت إن كانت ذمية لنقضها.
300 (درس) باب في الردة وأحكامها (الردة كفر المسلم) المتقرر إسلامه بالنطق بالشهادتين مختارا ويكون بأحد أمور ثلاثة (بصريح) من القول كقوله أشرك أو أكفر بالله (أو لفظ) أي قول (يقتضيه) كقوله الله جسم متحيز وكجحده حكما علم من الدين بالضرورة كوجوب الصلاة وحرمة الزنا (أو فعل يتضمنه) أي يقتضي الكفر ويستلزمه استلزاما بينا (كإلقاء مصحف بقذر) ولو طاهرا كبصاق أو تلطيخه به والمراد بالمصحف ما فيه قرآن ولو كلمة ومثل ذلك تركه به أي عدم رفعه إن وجده به لأن الدوام كالابتداء فأراد بالفعل ما يشمل الترك إذ هو فعل نفسي ومثل القرآن أسماء الله وأسماء الأنبياء وكذا الحديث كما هو ظاهر وحرق ما ذكر إن كان على وجه الاستخفاف فكذلك وإن كان على وجه صيانته فلا ضرر بل ربما وجب وكذا كتب الفقه إن كان على وجه الاستخفاف بالشريعة فكذلك وإلا فلا (وشد زنار) بضم الزاي وتشديد النون حزام ذو خيوط ملونة يشد به الذمي وسطه ليتميز به عن المسلم والمراد به ملبوس الكافر الخاص به أي إذا فعله حبا فيه وميلا لأهله وأما إن لبسه لعبا فحرام
301 وليس بكفر (وسحر) عرفه ابن العربي بأنه كلام يعظم به غير الله وينسب إليه المقادير والكائنات ذكره في التوضيح وعلى هذا فقول الإمام رضي الله عنه إن تعلم السحر وتعليمه كفر وإن لم يعمل به ظاهر في الغاية إذ تعظيم الشياطين ونسبة الكائنات إليها لا يستطيع عاقل يؤمن بالله أن يقول فيه أنه ليس بكفر وأما إبطاله فإن كان بسحر مثله فكذلك وإلا فلا ويجوز الاستئجار على إبطاله حينئذ والسحر يقع به تغيير أحوال وصفات وقلب وحقائق فإن وقع ما ذكر بآيات قرآنية أو أسماء إلهية فظاهر أن ذلك ليس بكفر لكنه يحرم إن أدى إلى عداوة أو ضرر في نفس أو مال وفيه الأدب وإذا حكم بكفر الساحر فإن كان متجاهرا به قتل وماله فئ ما لم يتب وإن كان يسره قتل مطلقا كالزنديق كما يأتي (وقول بقدم العالم) وهو ما سوى الله تعالى لأنه يؤدي إلى أنه ليس له صانع أو أن واجب الوجود تعالى علة فيه وهو يستلزم نفي القدرة والإرادة وهو ظاهر في تكذيب القرآن وتكذيب الرسول (أو بقائه ) وإن اعتقد أنه حادث لما فيه من تكذيب الله ورسوله (أو شك في ذلك) أي أتى بما يدل على شكه في ذلك من قول أو فعل فهو داخل في قوله أو لفظ يقتضيه أو فعل يتضمنه (أو) قول (بتناسخ الأرواح) بمعنى أن من مات فإن روحه تنتقل إلى مثله أو أعلى منه إن كانت من مطيع فإن كانت من عاص انتقلت إلى مثله أو أدنى ككلب أو هر وهكذا إلى غير نهاية وقيل إلى أن تصل الأولى إلى الجنة والثانية إلى النار فهم ينكرون البعث والحشر وما ثبت عن الشارع من القيامة وما فيها (أو) بقوله : (في كل جنس) من أجناس الحيوان أي أنواعه حتى القردة والخنازير والدود ( نذير) أي بني ينذرهم فيكفر لأنه يؤدي إلى أن أجناس الحيوانات كلها
302 مكلفة وهو خلاف الاجماع وإلى أن توصف أنبياء هذه الأجناس بأوصافهم الذميمة وفيه ازدراء بهذا المنصب الشريف (أو ادعى شركا مع نبوته عليه الصلاة والسلام) كدعوى مشاركة علي رضي الله عنه وأنه كان يوحي إليهما معا (أو بمحاربة نبي) أي قال بجوازها وكفره ظاهر (أو جوز اكتساب النبوة) لأنه خلاف إجماع المسلمين ولأنه يستلزم جواز وقوعها بعد النبي (ص) (أو ادعى أنه يصعد) بجسده (للسماء) أو يدخل الجنة ويأكل من ثمارها (أو) ادعى أنه (يعانق الحور) العين يقظة فكفر لأنهن نساء الجنة فلا يظهرن في الدنيا إجماعا فتأمل (أو استحل) حراما علمت حرمته من الدين ضرورة (كالشرب) للخمر أو جحد حل مجمع على إباحته أو وجوب مجمع على وجوبه أي مما علم من الدين ضرورة فلو قال أو جحد حكما علم من الدين ضرورة لكان أحسن فخرج ما أجمع عليه ولم يكن معلوما بالضرورة كوجوب إعطاء السدس لبنت الابن مع وجود البنت وما علم ضرورة وليس من الدين ولا يتضمن تكذيب قرآن أو نبي كإنكار قتل عثمان أو خلافة علي أو وجود بغداد بخلاف إنكار المسجد الحرام أو المسجد الأقصى أو فرعون فإنه كفر لأنه تكذيب للقرآن (لا) يكفر داعيا على غيره (بأماته الله كافرا على الأصح) ومقابله يكفر لأنه من الرضا بالكفر ورد بأنه لم يرد إلا التغليظ عليه في الشتم وهذا التعليل ظاهر في أنه إذا دعا على نفسه بذلك
303 يكون كفرا وهو مما لا ينبغي أن يتوقف فيه (وفصلت الشهادة فيه) أي في الكفر وجوبا فلا يكتفي القاضي بقول الشاهد أنه كفر بل لا بد من بيان ما كفر به بيانا واضحا لا إجمال فيه بأن يقول كفر بقوله كذا أو بفعله كذا لاحتمال أن يكون الشاهد يعتقد أن ما وقع منه كفر وهو في الواقع ليس كذلك (واستتيب) المرتد وجوبا ولو عبدا أو امرأة ( ثلاثة أيام) بلياليها من يوم الثبوت لا من يوم الكفر ولا يوم الرفع ويلغي يوم الثبوت إن سبق بالفجر (بلا جوع وعطش) بل يطعم ويسقي من ماله ولا ينفق على ولده وزوجته منه لأنه يوقف فيكون معسرا بردته (و) بلا (معاقبة) بكضرب (وإن لم يتب) أي وإن لم يعد بالتوبة أو أن الواو للحال (فإن تاب) ترك (وإلا) يتب (قتل) بالسيف ولا يترك بجزية ولا يسترق (واستبرئت) ذات زوج أو سيد وهي من ذوات الحيض (بحيضة) قبل قتلها خشية أن تكون حاملا فإن حاضت أيام الاستتابة انتظر تمامها فينتظر أقصى الأجلين فإن ظهر بها حمل أخرت حتى تضع إن وجد من يرضع ولدها وقبلها الولد وإلا أخرت لتمام رضاعه (ومال العبد) ولو كان مبعضا (لسيده وإلا) يكن عبدا بأن كان المرتد حرا وقتل بردته أو مات مرتدا قبل القتل (ففئ) محله بيت المال وظاهره ولو ارتد لدين وراثه
304 (وبقي ولده) الصغير (مسلما) ولو ولد حال ردة أبيه أي حكم بإسلامه ولا يتبعه فيجبر على الاسلام إن أظهر خلافه (كأن ترك) ولده أي لم يطلع عليه حتى بلغ وأظهر خلاف الاسلام فيحكم عليه بالاسلام ويجبر عليه ولو بالسيف (وأخذ منه) أي من مال المرتد إن مات أو قتل على ردته (ما جنى) أي أرش جنايته (عمدا على عبد) وكذا خطأ ولو جنى عليه قبل ردته (أو) ما جنى عمدا على (ذمي) لا خطأ فعلى بيت المال كما يأتي قريبا وبيت المال لا يحمل عبدا ولا عمدا فالتقييد بقوله عمدا بالنسبة للذمي فقط (لا) إن جنى المرتد عمدا على (حر مسلم) فلا يؤخذ من ماله شئ لذلك لأن حده القود وهو يسقط بقتله لردته. فالحاصل أنه يؤخذ من ماله قيمة العبد مطلقا ودية الحر الذمي إن جنى عليه عمدا ولا يؤخذ منه شئ في جنايته على الحر المسلم (كأن هرب) المرتد (لدار الحرب) بعد أن قتل حرا مسلما فلا يؤخذ من ماله شئ فإن رجع قتل لردته إن لم يسلم فإن أسلم قتل قودا (إلا حد الفرية) أي القذف فإنه لا يسقط عنه هرب لبلد الحرب أم لم يهرب إن وقعت منه ببلد الاسلام فإن قذف ببلد الحرب ثم أسر فيسقط عنه حده (والخطأ) مبتدأ أي جناية الخطأ من المرتد على حر مسلم أو ذمي (على بيت المال ) خبره (كأخذه) أي بيت المال (جناية عليه) ممن جنى عليه فكما يغرم عنه بأخذ ماله فعليه ما عليه وله ماله (وإن تاب) المرتد بالرجوع للاسلام (فما له) يرجع (له) ولو عبدا على الراجح
305 من أن المرتد يكون محجورا عليه بالارتداد فيوقف ماله لينظر حاله فإن أسلم رد له (وقدر) المرتد الجاني عمدا أو خطأ حال ردته ثم تاب (كالمسلم فيهما) أي في العمد والخطأ فإن جنى حال ردته على حر مسلم عمدا كان عليه القود إذا تاب وخطأ فالدية على عاقلته وإن جنى على ذمي ثم تاب ففي ماله في العمد وعلى عاقلته في الخطأ (وقتل المستتر) للكفر والسين والتاء زائدتان أي من أسر الكفر وأظهر الاسلام (بلا استتابة) بعد الاطلاع عليه بل ولا تقبل توبته (إلا أن يجئ) قبل الاطلاع عليه (تائبا) فتقبل توبته ولا يقتل لأنه لما أطلعنا على ما كان مخفيا عنده وأنه رجع عنه قبل منه (وماله) إن مات قبل الاطلاع عليه ثم ثبتت زندقته أو بعد أن جاء تائبا أو قتل بعد الاطلاع عليه وبعد توبته لعدم قبولها منه ( لوارثه) فإن ظهر عليه فلم يتب ولم ينكر ما شهد به عليه حتى قتل أو مات فلبيت المال (وقبل عذر من أسلم) من الكفار ثم رجع (وقال) عند إرادتنا قتله لردته كنت (أسلمت عن ضيق) من خوف على نفسي أو مال أو عذاب (إن ظهر) عذره بقرينة وإلا لم يقبل وحكم فيه بحكم المرتد فإن رجع للاسلام وإلا قتل (كأن توضأ وصلى ) ثم أظهر الكفر واعتذر بأنه إنما فعل ذلك خوفا على نفس أو مال أو من عذاب فيقبل عذره إن ظهرت قرينة صدقه وإلا قتل بعد الاستتابة (وأعاد مأمومه) أبدا كما قدمه في باب الجماعة (وأدب من تشهد) أي نطق بالشهادتين (ولم يوقف على الدعائم) أي لم يلتزم أركان الاسلام من صلاة وغيرها حين اطلع عليها بعد تشهده فليس حكمه حكم المرتد ومقتضى هذا أن من علمها قبل تشهده كالذمي بين أظهرنا ثم رجع بعد التشهد أنه مرتد وهو كذلك إلا لعذر بين كما تقدم (كساحر ذمي) يؤدب (إن لم يدخل ضررا على مسلم) وإلا قتل لنقض عهده وللإمام استرقاقه إلا أن يتعين قتله فيقتل إذا لم
306 يسلم فإن أدخل ضررا على أهل الكفر أدب ما لم يقتل منهم أحدا بسحره وإلا قتل (وأسقطت) الردة (صلاة وصياما وزكاة) كانت عليه قيل ردته فلا يطلب بها إن عاد للاسلام وإن كان فعلها سقط ثوابها ولا إعادة إن أسلم بعد وقتها (و) أسقطت بمعنى أبطلت (حجا تقدم) منه فيجب عليه إعادته إذا أسلم لبقاء وقته وهو العمر كما لو صلى صلاة فارتد ثم رجع للاسلام قبل خروج وقتها (ونذرا وكفارة ويمينا بالله أو بعتق أو ظهار) أي أنه لا يطالب بها بعد إسلامه وكذا يسقط الظهار كما لو قال لها أنت علي كظهر أمي ثم ارتد وكذا اليمين بالطلاق كإن فعلت كذا فأنت طالق ثم فعله بعد ردته أو توبته (و) أسقطت (إحصانا ووصية) بمعنى أبطلتهما وينبغي أن تقيد هذه الأمور بما إذا لم يقصد بالردة إسقاطها وإلا لم تسقط معاملة له بنقيض قصده (لا) تسقط الردة (طلاقا) صدر منه قبلها فلا تحل مبتوتة إلا بعد زوج ولو زمن ردته وهذا ما لم ترتد معه وإلا حلت بعد إسلامهما (و) لا تسقط (ردة محلل) إحلاله فالمفعول محذوف ولو قال وإحلال محلل كان أوضح يعني إذا ارتد المحلل للمبتوتة فردته لا تبطل إحلاله لها بل إحلالها لمن طلقها ثلاثا مستمر فله تزويجها سواء قتل محللها بردته أو رجع للاسلام (بخلاف ردة المرأة) فإنها تبطل تحليلها لمطلقها ثلاثا فمن طلق زوجته ثلاثا فتزوجت بغيره ثم ارتدت فلا تحل للأول إذا أسلمت إلا بعد زوج لأنها أبطلت فعلها في نفسها وهو نكاحها الذي أحلها كما أبطلت
307 نكاحها الذي أحصنها (وأقر كافر انتقل لكفر آخر) أي فلا نتعرض له ولو قلنا أن الكفر ملل وحديث من بدل دينه فاقتلوه محمول على دين الاسلام إذ هو الدين المعتبر شرعا (وحكم بإسلام من لم يميز لصغر أو جنون) ولو بالغا إذا كان جنونه قبل البلوغ (بإسلام أبيه) دنية (فقط) لا بإسلام جده أو أمه (كأن ميز) فيحكم بإسلامه تبعا لاسلام أبيه أي عقل دين الاسلام أي عقل أنه دين يتدين به وفائدة الحكم بإسلام من ذكر أنه إن بلغ وامتنع من الاسلام جبر عليه بالقتل كمرتد بعد البلوغ (إلا ) المميز (المراهق) حين إسلام أبيه (و) إلا غير المراهق (المتروك لها) أي للمراهقة بأن غفل عنه قبل المراهقة فلم يحكم بإسلامه لاسلام أبيه حتى راهق أي قارب البلوغ كابن ثلاثة عشر سنة فلا يحكم حينئذ بإسلامه وإذا لم يحكم به (فلا يجبر) على الاسلام (بقتل إن امتنع) منه بل بالتهديد والضرب فعلم أن محل الحكم بإسلام المميز أو غيره إذا لم يترك حين راهق مميزا ولم يكن المميز مراهقا حين إسلام أبيه وإلا لم يجبر على الاسلام بالقتل (و) إن مات أبو المراهق أو المتروك لها الذي أسلم (وقف إرثه) فإن أسلم بعد بلوغه أخذه وإلا لم يرثه وكان لبيت المال وإن أسلم قبل البلوغ لم يدفع له لأنه لو رجع عنه قبل بلوغه لم يجبر عليه بالقتل ( و) حكم بإسلام مجوسي صغير (لاسلام سابيه إن لم يكن معه أبوه) المجوسي فإن كان معه أبوه في السبي في ملك واحد لم يحكم بإسلامه تبعا لاسلام سابيه بل يجبر أبوه على الاسلام لأنه مجوسي كبير يجبر على الراجح ويحكم بإسلام الصغير تبعا لاسلام أبيه فالكلام هنا في مجوسي صغير فلا ينافي ما قدمه في الجنائز مما يفيد أنه لا يحكم بإسلامه تبعا لاسلام سابيه ولو نوى به سابيه الاسلام لحمله على الكتابي الصغير وأما الكتابي الكبير
308 فلا يحكم بإسلامه اتفاقا لعدم جبره عليه. والحاصل أن المجوسي يجبر على الاسلام اتفاقا إن كان صغيرا وعلى الراجح إن كان كبيرا وأن الكتابي لا يجبر مطلقا اتفاقا في الكبير وعلى الراجح في الصغير (والمتنصر) مثلا (من كأسير) وداخل بلد الحرب لتجارة ونحوها يحمل (على التطوع) فله حكم المرتد (إن لم يثبت إكراهه) على الكفر فإن ثبت حمل على الاسلام فيرث ويورث (وإن سب) مكلف (نبيا أو ملكا) مجمعا على نبوته أو ملكيته (أو عرض) بواحد منهما بأن قال عند ذكره إما أنا أو فلان فلست بزان أو ساحر (أو لعنه أو عابه) أي نسبه لعيب (أو قذفه أو استخف بحقه) كأن قال لا أبالي بأمره ولا نهيه أو ولو جاءني ما قبلته (أو غير) صفته كأسود أو قصير (أو ألحق به نقصا وإن في بدنه) كأعور أو أعرج (أو خصلته) بفتح الخاء المعجمة أي شيمته وطبيعته كبخيل (أو غض) أي نقص (من مرتبته) العلية (أو) من (وفور علمه أو زهده أو أضاف له مالا يجوز عليه) كعدم التبليغ (أو نسب إليه ما لا يليق بمنصبه على طريق الذم) بخلاف تربي يتيما للإشارة إلى أنه كالدرة اليتيمة المنفردة عن أجناسها أو رعي الغنم ليعلمه الله كيف يسوس الناس (أو قيل له بحق رسول الله) لا تفعل كذا أو أفعله (فلعن وقال أردت) بلعني (العقرب) لأنها مرسلة لمن تلدغه فلا يقبل قوله: ( قتل ولم يستتب) أي بلا طلب أو بلا قبول توبة منه (حدا) إن تاب وإلا قتل كفرا ولا يخفي أن ما قدمه المصنف يغني بعضه عن بعض ولكن مراده التنصيص على أعيان المسائل التي نصوا عليها (إلا أن يسلم الكافر) فلا يقتل أي أن الساب يقتل
309 مطلقا ما لم يكن كافرا فيسلم لأن الاسلام يجب ما قبله وبالغ على قتل الساب مسلما أو كافرا بقوله: (وإن ظهر أنه لم يرد ذمه لجهل أو سكر أو تهور) في الكلام وهو كثرته من غير ضبط إذ لا يعذر أحد في الكفر بالجهل أو السكر أو التهور ولا بدعوى زلل اللسان (وفي من قال) حين غضبه (لا صلى الله على من) أي على شخص (صلى عليه) أي على النبي (جوابا لصل) على النبي قولان بالقتل وعدمه ووجه الأول أن فيه سبا للملائكة والأنبياء الذين يصلون على النبي ووجه الثاني أنه حين غضبه لم يكن قاصدا إلا نفسه ولكنه يؤدب ويطال سجنه (أو قال) مخاطبا لغيره (الأنبياء يتهمون جوابا لتتهمني) أي لقوله له أتتهمني فحذف همزة الاستفهام فيه قولان هل يقتل بلا قبول توبة لبشاعة اللفظ وإن لم يكن على طريق الذم أولا لأن قصده الاخبار عما وقع من الكفار لكنه يعاقب (أو) قال (جميع البشر يلحقهم النقص حتى النبي (ص)) هل يقتل بلا قبول توبة نظرا لظاهر اللفظ أولا لاحتمال أنه إخبار عما قاله الكفار ولكنه ينكل ويطال سجنه (قولان) في كل من الفروع الثلاثة. ولما فرغ من الكلام على ما يوجب القتل بلا استتابة وما اختلف العلماء فيه هل يقتل بلا استتابة أو لا يقتل وإنما فيه العقوبة ذكر ما يوجب القتل إن لم يتب بقوله: (واستتيب في) قوله النبي عليه الصلاة والسلام (هزم) أي يكون مرتدا يستتاب ثلاثا فإن تاب وإلا قتل وهذا خلاف ما عليه مالك وأصحابه من أنه يقتل ولا تقبل منه توبة (أو أعلن بتكذيبه) فإنه يستتاب ثلاثا فإن لم يتب قتل ومفهوم أعلن أنه إن أسر به فزنديق يقتل بلا استتابة إلا أن يجئ تائبا قبل الظهور عليه والحق أن الاعلان بتكذيب النبي (ص) من أعظم السب فيقتل به مطلقا (أو تنبأ) أي ادعى أنه نبي يوحي إليه فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل (إلا أن يسر) أي يدعي النبوة سرا فزنديق يقتل إلا أن يجئ تائبا قبل الظهور عليه (على الأظهر) فالاستثناء قاصر على الأخير من حيث النسبة لابن رشد وإن كان الذي قبله كذلك من حيث الحكم والذي اختاره ابن مرزوق في هذا الفرع الذي قبله أنه يقتل بلا توبة
310 كما في الأول لما فيهما من السب فكان على المصنف درج الثلاثة في مسائل السب المتقدمة ويجوز أن يكون الاستثناء راجعا لهما وقوله على الأظهر راجع للثاني إلا أنه لا دليل عليه (وأدب اجتهادا) أي بما يراه الحاكم (في) قول ظالم كعشار طلب أخذ شئ ظلما فقال له المظلوم إن أخذت مني شكوتك للنبي (أد واشك للنبي) ولا يقتل بخلاف لو قال إن سألت أو جهلت فقد سأل النبي أو جهل أو قال لا أبالي بالنبي فيقتل (أو) قوله: (لو سبني ملك) أو بني (لسببته) فيؤدي بالاجتهاد لأنه لم يقع منه سب وإنما علقه على شئ لم يقع (أو) قوله (يا ابن ألف كلب أو خنزير) فيؤدب اجتهادا لأنه لم يقصد دخول نبي في نسبه وإن كان لفظه لا يخلو من دخول نبي (أو عير بالفقر فقال) لمن عيره به (تعيرني به والنبي قد رعى الغنم) ما لم يقله تنقيصا وإلا قتل (أو قال لغضبان كأنه وجه منكر أو مالك) خازن النار فيؤدي اجتهادا لأنه جرى مجرى التحقير لمخاطبة وليس فيه تصريح بسبب الملك وكذا دخل علينا كأنه عزرائيل (أو استشهد ببعض) شئ (جائز عليه) أي على النبي (ص) (في الدنيا) من حيث النوع البشري حال كون ذلك الشئ المستشهد به (حجة له) أي لذلك القائل (أو لغيره) ولم تنقيصا ولا عيبا ولا تأسيا بل ليرفع نفسه من لحوق النقص كقوله إن قيل في المكروه فقد قيل في النبي أو إن أحببت النساء فقد كان النبي يحبهن (أو شبه ) نفسه بالنبي (لنقص لحقه لا على التأسي) أي التسلي به (ص) (كأن كذبت فقد كذبوا) أو إن أوذيت فقد أوذوا أو لأصبرن على كذا كما صبروا ومسألة الحجة ومسألة التشبيه يرجعان لشئ واحد فإحداهما تغني عن الأخرى ولكنه أراد بيان أنه إن وقع منه شئ من ذلك أدب بالاجتهاد فإن قصد التأسي فلا أدب أو أراد التنقيص قتل
311 وإن تاب (أو لعن العرب أو نبي هاشم وقال) في المسألتين (أردت الظالمين) منهم فيؤدب بالاجتهاد فإن لم يقل أردت الخ قتل وقيل قوله وقال الخ راجع للثانية وأما الأول فيؤدب مطلقا ولو لم يقل ما ذكر وعزى للنوادر (وشدد عليه) بالضرب والسجن والقيود ولم يقتل (في) قوله (كل صاحب فندق) أي خان (قرنان) ممنوع من الصرف للوصفية وزيادة الألف والنون (ولو كان نبيا) فلو لم يقل ولو كان نبيا فلا شئ عليه (و) شدد عليه أيضا (في) نسبة شئ (قبيح) من قول أو فعل (لاحد ذريته عليه الصلاة والسلام مع العلم به) وذريته عليه الصلاة والسلام انحصرت في أولاد فاطمة الزهراء وأما آل البيت من غيرها مع العلم بهم فالظاهر أنه كذلك ( كأن انتسب له) أي للنبي عليه الصلاة والسلام بغير حق بالقول أو بفعل كأن يتعمم بعمامة خضراء (أو احتمل قوله) الانتساب كأن يقول معرضا بنفسه من أشرف من ذريته عليه الصلاة والسلام وقال لمن آذاه أنت شأنك تؤذي آل البيت (أو شهد عليه ) بالسب (عدل) فقط (أو لفيف) من الناس أي غير مقبولين في شهادتهم (فعاق ) بسبب ذلك (عن القتل) أي لم يقتل لعدم تمام الشهادة بمن ذكر فيصدر عليه في الأدب (أو سب من لم يجمع على نبوته) كالخضر ولقمان ومريم وخالد بن سنان الذي قيل فيه أنه نبي أهل الرس (أو) سب (صحابيا) إلا عائشة بما برأها الله به فيقتل لردته (وسب الله كذلك) أي كسب النبي صريحه كصريحه ومحتمله كمحتمله فيقتل في الصريح ويؤدب في المحتمل بالاجتهاد فإن كان الساب ذميا قتل ما لم يسلم (وفي استتابة المسلم) أي هل يستتاب فإن تاب وإلا قتل أو يقتل ولو تاب كسب النبي (ص) (خلاف) والراجح الاستتابة وقوله: (كمن قال) متضجرا (لقيت في مرضي ما) أي مرضا (لو قتلت أبا بكر وعمر
312 لم أستوجبه) تشبيه في مجرد الخلاف وإن لم يتحد المختلف فيه إذ الخلاف في الأول في قبول توبة المسلم وعدمها وفي هذا في قتل القائل لنسبة الباري تعالى للجور فهو كالصريح في السب وفي استتابته الخلاف المتقدم وعدم قتله بل يؤدب ويشدد عليه لأن قصده الشكوى. (درس) باب ذكر فيه حد الزنا وأحكامه وهو بالقصر لغة أهل الحجاز وبالمد لغة أهل نجد وبالنسبة للمقصور زنوي وللمدود زنائي فقال: (الزنا) شرعا وهو ما فيه الحد الآتي بيانه (وطئ مكلف) حرا أو عبدا (مسلم) وإضافة وطئ لمكلف من إضافة المصدر لفاعله ويراد بالفاعل من تعلق به الفعل فيشمل الواطئ والموطوء فيشترط في كل التكليف والاسلام فلا يحد صبي ولا مجنون ولا كافر إذ وطؤهم لا يسمى زنا شرعا والوطئ تغييب الحشفة أو قدرها ولو بحائل خفيف لا يمنع اللذة أو بغير انتشار ( فرج آدمي) قبلا أو دبرا لا غير فرج كبين فخذين ولا فرج بهيمة ولا جنى إن تصور بصورة غير آدمي (لا ملك له) أي للواطئ (فيه) أي في الفرج أي لا تسلط له عليه شرعا فالمملوك الذكر لا تسلط له عليه شرعا من جهة الوطئ (باتفاق) من الأئمة لا أهل المذهب فقط فخرج النكاح المختلف فيه فلا يسمى زنا ولو قال بدله بلا شبهة لكان أحسن لاخراج وطئ حليلته بدبرها وأمة الشركة والقراض والمبعضة (تعمدا) خرج به الغالط والجاهل والناسي كمن نسي طلاقها
313 وبالغ على وطئ المكلف بقوله: (وإن) كان وطئ المكلف المسلم فرج الآدمي (لواطا) أي إدخاله الحشفة في دبر ذكر فيسمى زنا شرعا وفيه الحد الآتي ذكره (أو) كان (إتيان أجنبية بدبر) وأما حليلته من زوجة أو أمة فلا يحد بل يؤدب (أو) كان (إتيان ميتة) في قبلها أو دبرها حال كونها أو كونه (غير زوج) فيحد بخلاف لو كانت زوجا وإتيان النائمة أو المجنونة أولى بالحد من الميتة (أو) إتيان (صغيرة يمكن وطؤها) عادة لواطئها في قبلها أو دبرها فيحد الواطئ لها وإن كانت غير مكلفة لصدق حد الزنا عليه دونها كالنائمة والمجنونة (أو) إتيان حرة أو أمة (مستأجرة) أجرت نفسها أو أجرها وليها أو سيدها (لوطئ أو غيره) كخدمة فيحد واطؤها المستأجر ولا يكون الاستئجار شبهة تدرأ عنه الحد إلا إذا أجرها سيدها للوطئ فلا يحد نظرا لقول عطاء (أو) إتيان (مملوكة) له بشراء مثلا (تعتق) عليه بنفس الملك كبنت وأخت فيحد إن علم بالتحريم وشمل قوله تعتق ما إذا اشتراها على أنها حرة بنفس الشراء (أو) إتيان من (يعلم حريتها) وحرمتها عليه فيحد وسواء علم بحريتها بعد أن اشتراها أو حال اشترائها وكذا إن وطئها وهو عالم بأنها ملك للغير واختلف في حدها هي إذا كانت عالمة بحريتها وطاعت به (أو) إتيان (محرمة بصهر مؤبد) بنكاح
314 كمن تزوج امرأة بعد العقد على بنتها أو كانت زوجة لأبيه أو ابنه فيحد بخلاف لو وطئها بملك وهي لا تعتق عليه فلا يحد كما يأتي (أو) إتيان (خامسة) علم بتحريمها ولا التفات لمن زعم جوازها من الخوارج (أو مرهونة) بغير إذن الراهن وإلا لم يحد كما تقدم في بابه (أو) إتيان أمة (ذات مغنم) قبل القسم حيزت أم لا بناء على أنها لا تملك الغنيمة إلا بالقسم (أو حربية) ببلاد الحرب أو دخلت عندنا بأمان وأما لو خرج هو بها من بلاد الحرب أو دخلت عندنا بلا أمان فحازها فقد ملكها (أو ) إتيان (مبتوتة) له (وإن) وطئها (بعدة) أي في عدتها منه بنكاح وأولى بلا نكاح أو بعد العدة (وهل) يحد مطلقا (وإن أبت في مرة) واحدة كقوله أنت طالق ثلاثا أو البتة ولا التفات لقول من قال بلزوم الواحدة حينئذ لشذوذه أو إنما يحد إذا أبتها في مرات إذ لا شبهة له بوجه وأما لو أبتها في مرة فلا يحد نظرا لوجود الخلاف (تأويلان أو) إتيان (مطلقة) له (قبل البناء) دون الغاية فيحد (أو معتقة) له (بلا عقد) فيهما وأما المطلقة بعد البناء بائنا دون الغاية فيحد إن وطئها بعد العدة لا فيها (كأن يطأها مملوكها) بلا عقد فعليها الحد لا بعقد للشبهة وإن كان فاسدا (أو) يطأها (مجنون) أو كافر (بخلاف الصبي) يطؤها فلا حد عليها ولو أنزلت
315 لأنها لا تنال منه لذة كالمجنون (إلا أن يجهل العين) الموطوءة بأن يظن أنها حليلته فتبين خلافها (أو) يجهل (الحكم) أي التحريم مع علمه بعين الموطوءة (إن جهل مثله) كقريب عهد بإسلام فلا يحد لعذره بالجهل (إلا) الزنا ( الواضح) فلا يعذر فيه بجهل العين كإتيانه لكبيرة ادعى الغلط بها وامرأته صغيرة أو العكس ولا يجهل الحكم كمرتهن أو مستعير ادعى ظن الجواز وكقريب عهد السلام مخالط للمسلمين قبل إسلامه وهذا الاستثناء يغني عنه قوله إن جهل مثله فالأولى حذفه (لا مساحقة) بالرفع عطف على وطئ أي الزنا وطئ لا مساحقة لعدم الايلاج وهو فعل النساء بعضهن ببعض فلا حد على فاعله منهن (وأدب اجتهادا) أي بالاجتهاد من الحاكم (كبهيمة) أي كواطئ بهيمة يؤدب اجتهادا ومدخلة ذكر بهيمة بفرجها أو ممكنة صبي وكذا الصبي المميز يلوط أو يزني أو يفعل فيه فيؤدب ويثبت الجميع بعدلين أو بإقرار مكلف (وهي) أي البهيمة الموطوءة (كغيرها في الذبح والاكل) فلا تحرم ولا تكره (و) كواطئ (من حرم) وطؤها (عليه) من زوجة أو أمة (لعارض كحائض) ونفساء ومحرمة بنسك ومعتكفة فيؤدب بالاجتهاد (أو مشتركة) فيؤدب أحد الشريكين وسيد المبعضة والمعتقة لأجل (أو) واطئ (مملوكة) له (لا تعتق) عليه بنفس الملك كعمة وخالة وبنت أخ أو أخت من نسب أو رضاع أو صهر فيؤدب إن علم بالحرمة ويلحق به الولد (أو) واطئ (معتدة) من غيره في عدتها بنكاح أو ملك يؤدب اجتهادا ولا يحد وفرق بينهما ولا تحل أبدا كما تقدم في النكاح والفرق بينهما وبين الخامسة أن نكاح المعتدة ينشر الحرمة فلا تحل لاصله ولا لفرعه بشبهة النكاح بخلاف الخامسة والمبتوتة قبل زوج فهو زنا محض قاله أبو الحسن والراجح أنه يحد لصدق حد الزنا عليه وما مشى عليه المصنف ضعيف
316 وتقدم الكلام على المعتدة منه فالوجه حمله على ذات سيد أو زوج معتدة من غيره أو على معتدة منه وهي غير مبتوتة أخذا مما تقدم (أو) واطئ (بنت) بنكاح (على أم لم يدخل بها) فيؤدب ولا يحد وأما عكسه فيحد كما شمله قوله أو بصهر مؤبد فلو دخل بالام ثم عقد على بنتها ووطئها حد (أو) وطئ (أختا) تزوجها (على أختها) فلا حد وأدب اجتهادا (وهل ) عدم الحد مطلقا كانت الأخت من النسب أو الرضاع أو (إلا أخت النسب) أي أخت زوجته من نسبها فيحد فيها (لتحريمها بالكتاب) بخلاف أختها من الرضاع فتحريمها بالسنة (تأويلان) حقه قولان إذ هذه المسألة ليست في المدونة (وكأمة محللة) أي وكواطئ أمة حللها له سيدها بأن قال له أبحت لك وطأها أو أذنت لك أو نحو ذلك فيؤدب اجتهادا ولا يحد مراعاة لقول عطاء بجواز التحليل بخلاف واطئ أمة زوجته من غير إذنها له في وطئها فيحد (وقومت) المحللة عليه بمجرد وطئه يوم الوطئ حملت أم لا
317 (وإن أبيا) أي امتنع كل من المحلل والمحلل له من التقويم لما يلزم على تركه من صحة ما قصداه من إعارة الفروج وتؤخذ القيمة من الواطئ إن أيسر وإلا بيعت عليه إن لم تحمل وله الفضل وعليه النقص فإن حملت فالقيمة في ذمته والولد حر لاحق به وتكون به أم ولد (أو) امرأة (مكرهة) أي لا حد عليها ولا أدب أيضا ولا يضره العطف على ما فيه الأدب لأنه قصد العطف من حيث نفى الحد ( أو) وطئ زوجة حرة أو أمة (مبيعة) باعها زوجها على أنها أمة (بغلاء) أي بسببه أو لأجله فوطئها المشتري فلا حد عليها ولا أدب لعذرها بالجوع وقد بانت من زوجها بمجرد البيع ومثل البيع تزويجها لغيره ويرجع المشتري على زوجها البائع بالثمن إن وجده وإلا فعليها لأنها غرته قولا وفعلا فإن باعها لا لمجاعة حدت إذ لا شبهة لها وقيل لاتحد نظرا للشراء واستظهر وفيه نظر ثم شبه في عدم الحد على الأظهر والأصح قوله: ( والأظهر) عند ابن رشد (والأصح) عند غيره (كأن ادعى) أي كما لا حد على واطئ ادعى (شراء أمة) وأنه إنما وطئها لكونه اشتراها من مالكها فأنكر المالك البيع (ونكل البائع) عن اليمين حيث توجهت عليه حين أنكر البيع (وحلف الواطئ) أنه اشتراها منه حيث توجهت عليه بنكول البائع فإن نكل الواطئ حد كما لو حلف البائع ولا يتأتى حلف الواطئ حينئذ ثبوت قول البائع بحلفه فالحد في نكولهما وفي حلف البائع وعدمه في صورة المصنف على الأظهر والأصح (والمختار أن) الرجل ( المكره) بالفتح على الوطئ (كذلك) أي لا يحد ولا يؤدب لعذره بالاكراه كالمرأة ( والأكثر على خلافه) وأنه يحد وهو المشهور (ويثبت) الزنا بأحد أمور ثلاثة ( بإقرار) ولو (مرة) ولا يشترط أن يقر أربع مرات (إلا أن يرجع) عن إقراره ( مطلقا) حال الحد أو قبله رجع لشبهة أولا كقوله كذبت على نفسي أو وطئت زوجتي وهي محرمة فظننت أنه زنا ومثل الرجوع ما إذا قامت بينة على إقراره وهو ينكر فلا يحد (أو) إلا أن (يهرب) بضم الراء (وإن في الحد) الأولى حذف وإن
318 يعني أن هروبه في حال الحد يسقط عنه الحد أي تمامه ولا يعاد عليه لتكميله بخلاف هروبه قبل إقامة الحد عليه فيتبع ليقام الحد عليه ما لم يرجع عن إقراره كذا ذكره الشارح ومن تبعه ورد بأن المنقول عدم الحد مطلقا كما ذكره المصنف (و) يثبت ( بالبينة) العادلة أربعة رجال يرونه كالمرود في المكحلة برؤيا وزمن اتحدا كما مر وإذا ثبت بها (فلا يسقط) الحد عن امرأة بعد الثبوت عليها (بشهادة أربع نسوة ببكارتها) أو بأنها رتقاء تقديما لشهادة الرجال على النساء (و) يثبت (بحمل ) أي بظهوره (في) امرأة (غير متزوجة و) غير (ذات سيد مقر به) أي بوطئها بأن أنكر وطأها فتحد وخرج ظهوره بمتزوجة وذات سيد أقر بوطئها والمراد بالزوج زوج يلحق به الحمل فخرج الصغير والمجبوب أو أنت به كاملا لدون ستة أشهر من العقد فتحد (ولم يقبل دعواها) أي من ظهر بها الحمل (الغصب بلا قرينة) تصدقها فتحد وأما مع قرينة تصدقها فيقبل دعواها ولا تحد كتعلقها بالمدعي عليه على ما مر عند قوله وإن ادعت استكراها على غير لائق بلا تعلق حدت له وأولى إن شهدت لها بينة بالاكراه. ولما فرغ من الأمور الثلاثة التي بها الثبوت شرع في بيان أنواع الحد وأنها ثلاثة رجم وجلد بلا تغريب وجلد بتغريب وبدأ بالأول فقال:
319 (يرجم المكلف الحر المسلم إن أصاب) أي وطئ (بعدهن) أي بعد الأوصاف المذكورة والأولى بعدها (بنكاح) متعلق بأصاب والباء سببية أي من وصى زوجته بسبب عقد ( لازم) ابتداء أو دواما فخرج من أصاب بملك أو زنا وخرج نكاح غير لازم كنكاح عبد حرة بلا إذن سيده ومعيب وفاسد يفسخ أبدا أو بعد طول وفسخ قبل الطول (صح) أي حل الوطئ فخرج ما إذا وطئها بعد عقد لازم وهي حائض مثلا فلا يكون محصنا فإذا زنى بعد جلده والمصنف أشار بما ذكره لشروط الاحصان العشرة فكأنه قال يرجم المحصن وهو المكلف الخ وبقي من شروطه الانتشار وعدم المناكرة فكان عليه أن يزيد بانتشار بلا مناكرة. والحاصل أن شروط الاحصان عشرة إذا تخلف شرط منها لم يرجم وهي بلوغ وعقل وحرية وإسلام وإصابة في نكاح لازم ووطئ مباح بانتشار وعدم مناكرة (بحجارة) متعلق بيرجم (معتدلة) بين الصغر والكبر (ولم يعرف) الإمام مالك رضي الله عنه ( بداءة البينة) بالرجم (ثم) من بعدهم (الإمام) أي الحاكم ثم الناس عقبه والحديث الدال على ذلك وقد تمسك به أبو حنيفة لم يصح عند الإمام (كلائط) وملوط به فيرجمان (مطلقا) أحصنا أم لا
320 (وإن عبدين أو كافرين) كالحرين المسلمين ويحتمل أن يكون معنى لائط ذا لواط من باب النسب كتامر أي ذي تمر فيشمل الفاعل والمفعول لا اسم فاعل من لاط حتى يحتاج إلى تقدير معطوف مع عاطفه وإنما يشترط التكليف فيهما ويزاد في المفعول طوعه وكون الفاعل به بالغا وإلا لم يرجم وأدب المميز الطائع أدبا شديدا ولا يسقط عن كافر بإسلامه كحد الفرية والسرقة والقتل بخلاف حد الزنا والشرب وأشار للنوع الثاني بقوله: (وجلد) المكلف (البكر الحر) ذكرا أو أنثى (مائة وتشطر) الجلد (بالرق وإن قل) كمبعض وكذا من فيه شائبة حرية كمكاتب وأم ولد ومعتق لأجل ومدبر أما الأنثى فلقوله تعالى فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب وأما الذكر فبالقياس عليها إذ لا فرق (وتحصن كل) من الزوجين الرقيقين على البدلية بدليل قوله: (دون صاحبه بالعتق والوطئ بعده) بشروطه المتقدمة فإذا عتق وزوجته مطيقة غير بالغ أو أمة أو كافرة وأصابها تحصن دونها فإن عتقت فقط تحصنت دونه إن أصابها وهي بالغة مسلمة عاقلة والحاصل أن الذكر المكلف الحر المسلم يتحصن بوطئ زوجته المطيقة ولو صغيرة أو كافرة أو أمة أو مجنونة والأنثى تتحصن بوطئ زوجها إن كان بالغا ولو عبدا أو مجنونا فعلم أن شرط تحصين الذكر زيادة على العشرة المتقدمة إطاقة موطوءته وشرط تحصين الأنثى بلوغ واطئها فقط زيادة على العشرة ولا يقال وإسلامه لأن الكافر لا يصح نكاحه المسلمة فهو خارج بالنكاح للصحيح وأشار للنوع الثالث بقوله: (وغرب) البكر (الحر الذكر فقط)
321 دون العبد ولو رضي سيده ودون الأنثى ولو رضيت هي وزوجها (عاما) كاملا من يوم سجنه في البلد التي غرب إليها فلا بد من سجنه بها وكان الأولى التصريح به بأن يقول يسجن بها عاما ويكتفي به عما سيأتي له (وأجره عليه) أي أجرة حمله ذهابا وإيابا ومؤنثه بموضع سجنه وأجرة الموضع عليه لأنه من تعلقات الجناية (وإن لم يكن له مال فمن بيت المال) إن كان وإلا فعلى المسلمين (كفدك) بفتح الفاء والدال المهملة قرية من قرى خيبر بينها وبين المدينة يومان وقيل ثلاثة مراحل ( وخيبر) بينها وبين المدينة ثلاثة أيام (من المدينة) المنورة وقد ثبت أنه (ص ) نفي من المدينة إليها (فيسجن سنة) من حين سجنه كما مر (وإن عاد) الذي غرب إلى وطنه قبل مضي السنة (أخرج) مرة (ثانية) إلى الموضع الأول أو غيره لاكمال السنة ويحتمل أن المعنى وإن عاد للزنا بعد تغريبه ورجوعه لوطنه أخرج بعد جلده مرة ثانية إلى البلد التي نفى إليها أو إلى غيرها وأما إن زنى في الموضع الذي غرب إليه أو زنى غريب بغير بلده فاستظهر بعضهم أنه إن تأنس بأهل السجن لطول الإقامة معهم وتأنس الغريب بأهل تلك البلد غرب لموضع آخر بعد الجلد وإلا كفى السجن في ذلك الموضع ويستأنف لمن زنى في السجن عاما ويلغي ما تقدم له (وتؤخر ) الزانية ذات الحيض (المتزوجة) أو السرية بالرجم أو الجلد (لحيضة) فقط بعد الزنا خشية أن يكون بها حمل من زوجها أو سيدها فإن كانت ظاهرة الحمل أخرت لوضعه ووجود من يرضع الطفل وغير ذات الزوج والسيد لا تؤخر إلا إذا ظهر بها حمل فلوضعه ووجود مرضع أو مكث ماء الزنا في رحمها أربعين يوما ولم تر حيضا فتؤخر لحيضة لئلا تكون حملت من الزنا ولا تؤخر الآيسة (و) انتظر (بالجلد اعتدال الهواء) بالمد فلا يجلد في برد أو حر مفرطين خوف الهلاك (وأقامه) أي حد الزنا رجما أو جلدا (الحاكم) دون غيره (و) كذا (السيد) في رقيقه (إن لم يتزوج) رقيقه الذكر أو الأنثى (بغير ملكه) بأن لم يتزوج أصلا أو تزوج بملكه فإن تزوج بغير ملكه بأن تزوج بحر أو بمملوك غير السيد لم يقمه إلا الحاكم ومحل إقامة الحاكم أو السيد الحد إن ثبت الزنا (بغير علمه)
322 أي علم الحاكم أو السيد بأن ثبت بإقرار أو ظهور حمل أو بأربعة عدول ليس الحاكم أحدهم إن أقامه الحاكم وليس السيد أحدهم إن أقامه السيد وتكفي شهادة السيد عند الحاكم والعكس ومثل حد الزنا في ذلك حد الخمر والقذف لا السرقة فلا يقيمها إلا الحاكم فإن قطعه سيده أدب للافتيات على الحاكم ثم أن السيد لا يقيم على رقيقه إلا الجلد دون الرجم فالضمير في أقامه للحد من حيث هو بالنسبة للحاكم وبقيد الجلد بالنسبة للسيد ( وإن) زنت ذات زوج و (أنكرت الوطئ) من زوجها (بعد) إقامة (عشرين سنة) معه (وخالفها الزوج) وادعى وطأها فيها (فالحد) أي الرجم وكان الأولى التصريح به ولا عبرة بدعواها عدم الوطئ وأنها بكر لأن العادة في هذه المدة تكذبها (وعنه) أي الإمام رضي الله عنه (في الرجل) يقيم مع زوجته مدة طويلة ثم تشهد عليه بينة بالزنا فينكر الوطئ (يسقط) الرجم عنه ويجلد (ما لم يقر به) أي للوطئ (أو) ما لم (يولد له) منها أو يظهر حمل فإن أقر به أو ظهر بها حمل رجم وظاهره كغيره ولو بعد الجلد ولا يغني جلد عن رجم ثم اختلف الأشياخ في المحلين فمنهم من حملها على الخلاف كما أشار له بقوله: (وأولا) أي المحلان (على الخلاف) إذ قبل قوله دونها ومنهم من وفق بينهما وإليه أشار بقوله: (أو) إنما رجمت الزوجة (لخلاف الزوج) أي لمخالفته لها لأنه ادعى الوطئ (في) المسألة (الأولى فقط) فقد كذبها ولو لم يكذبها لسقط عنها الرجم كما أنه في المسألة الثانية لو خالفته وقالت بل وطئ لرجم (أو) يوفق بأنه إنما سقط عنه الرجم في الثانية دونها في الأولى (لأنه يسكت) أي لأن شأن الرجل إذا منعه مانع من الوطئ أن يسكت ولو طالت المدة بخلاف المرأة فإن شأنها عدم السكوت فسكوتها المدة الطويلة دليل على أنه كان يطؤها فلم تصدق في إنكارها فلم يسقط عنها الرجم أو يوفق بأنه إنما سقط عنه الرجم (لأن) المسألة (الثانية) وهي مسألته (لم تبلغ) مدة إقامته معها (عشرين) سنة فلذا صدق ولم يرجم ولو بلغت المدة عشرين لرجم ولم يصدق كما أنها رجمت في مسألتها لبلوغها العشرين ولو لم تبلغها لسقط عنها هذه (تأويلات)
323 أربع الأول بالخلاف والثلاثة بعده بالوفاق والمذهب تأويل الخلاف وعليه فاختلف في تعيين المذهب فعينه يحيى بن عمر في حكم الثانية وعينه سحنون في حكم الأولى والله أعلم (وإن قالت) امرأة (زنيت معه فادعى الوطئ والزوجية) ولا بينة (أو وجدا) معا ( ببيت وأقرا به) أي بالوطئ (وادعيا) معا (النكاح أو ادعاه) الرجل (فصدقته ) (هي ووليها وقالا) أي المرأة ووليها حين طولبا بالبينة (لم نشهد) أي عقدنا بلا إشهاد (حدا) إلا أن يكونا طارئين أو يحصل فشو في المسألة الثانية وأما الثالثة فيحدان ولو طارئين ما لم يحصل فشو لاتفاقهما على أنهما دخلا بلا إشهاد ولم يحصل ما يقوم مقامه في درء الحد وهو الفشو. (درس) باب في أحكام القذف وهو لغة الرمي بالحجارة ونحوها ثم استعمل في الرمي بالمكاره ويسمى أيضا فرية بكسر الفاء كأنه من الافتراء والكذب وشرعا قال ابن عرفة القذف الأعم نسبة آدمي غيره لزنا أو قطع نسب مسلم والأخص لايجاب الحد نسبة آدمي مكلف غيره حرا عفيفا مسلما بالغا
324 أو صغيرة تطيق الوطئ لزنا أو قطع نسب مسلم وأشار المصنف لما يفيد تعريفه بقوله: (قذف) أي رمى (المكلف) ولو كافرا أو سكران وهو من إضافة المصدر لفاعله وخرج به الصبي والمجنون فلا حد عليهما إذا قذفا غيرهما وذكر مفعول المصدر وهو المقذوف بقوله: (حرا مسلما) لوقت إقامة الحد فإن ارتد المقذوف فلا حد على قاذفه ولو تاب كما لا حد على قاذف عبد وكافر أصلي (بنفي نسب عن أب أو جد ) وإن علا من جهة الأب ولو كان الأب عبدا أو كافرا كما في المدونة والنفي أعم من أن يكون صريحا أو تلويحا كقوله له أنا معروف بأني ابن فلان أو إشارة كما يأتي ( لا) عن (أم) لأن الأمومة محققة لا تنتفي وإنما عليه الأدب للايذاء كما لو قال له يا كافر وأما الأبوة فثابتة بالظن والحكم الشرعي فلا يعلم كذبه في نفيه فتلحقه بذلك المعرة (ولا إن نبذ) يعني المنبوذ إذا نفى مكلف نسبه لأب أو جد معين كلست ابن زيد فلا حد على قاذفه بذلك وأما لو نفى نسبه مطلقا كابن الزانية أو الزاني أو ابن الزنا فيحد لأنه يلزم من كونه منبوذا أن يكون ابن زنا وقول العتبية عن مالك من قال لمنبوذ يا ابن الزانية لا حد عليه ويؤدب لأن أمه لم تعرف ضعيف وإن كان
325 ظاهر المصنف والأوجه ما قاله بعضهم من أنه إذا قال له يا ابن الزنا حد قطعا وإن قال له يا ابن الزانية أو الزاني لم يحد كما في العتبية وقوله إن نبذ أي ما دام لم يستلحقه أحد فإن استلحقه أحد لحق به وحد قاذفه حينئذ والحاصل أن القذف نوعان قذف بنفي نسب وقذف بزنا وأن الشروط ثمانية اثنان في القاذف مطلقا وهما البلوغ والعقل وقد أشار المصنف لهما بقوله قذف المكلف واثنان في المقذوف مطلقا قذف بنفي نسب أو زنا وهما الحرية والاسلام وأربعة تخص الثاني أي المقذوف بالزنا وهي البلوغ والعقل والعفة والآلة وقد أشار إلى النوع الثاني والشروط المختصة به بقوله: (أو زنا) عطف على نفي أي قذف المكلف حرا مسلما بنفي نسب أو بزنا (إن كلف) المقذوف أي كان بالغا عاقلا أي بزيادة على شرطي الحرية والاسلام (وعف) أي كان عفيفا عن الربا أو اللواط قبل القذف وبعده لإقامة الحد على قاذفه وهو المراد بقوله: (عن وطئ يوجب الحد) واحترز بقوله يوجب الحد عن وطئ لا يوجبه وإن أوجب الأدب كوطئ بهيمة أو وطئ بين فخذين أو في دبر امرأته فشمل كلامه صورتين عدم وطئ أصلا وارتكاب وطئ لا يوجب حدا فيحد قاذفه إذ هو عفيف عما يوجب الحد ومفهومه أن من ارتكب وطأ يوجب الحد لم يحد قاذفه لأنه غير عفيف فلو قال وعف عن زنا لكان أخصر وأوضح (بآلة) حال من نائب فاعل كلف أي حال كون المقذوف ملتبسا بآلة الزنا فمن قذف مجبوبا أو مقطوع ذكر بالزنا فلا حد عليه إذا قطع قبل البلوغ أو بعده ورماه بوقت كان فيه مجبوبا فإن رماه بالزنا قبل الجب حد كما هو ظاهر (وبلغ) المقذوف فاعلا أو مفعولا به وهذا يغني عنه قوله كلف لكنه أتى به ليرتب عليه قوله: (كأن بلغت) المقذوفة (الوطئ) وإن لم تبلغ الحيض فيحد قاذفها للحوق المعرة لها كالكبيرة والذكر المطيق كهي كما قال المصنف فعلم أن المفعول به شرطه أطاقه الوطئ ولو لم يبلغ (أو) كان المقذوف (محمولا) بالحاء المهملة فميم والمحمولون جماعة يرسلهم السلطان لحراسة محل كذا قيل والصحيح
326 أنهم المسبيون فمن قذف واحدا منهم بزنا أو نفي نسب حد فالمعطوف محذوف تقديره كان معطوف على بلغت (وإن ملاعنة وابنها) فمن قذفها بالزنا أو قذف ابنها بنفي نسب حد فقوله ملاعنة راجع لقذف الزنا وقوله وولدها راجع لنفي النسب على طريق اللف والنشر المشوش ولم يجعلوا اللعان شبهة تدرأ الحد (أو عرض) بالقذف (غير أب) فيحد (إن أفهم) تعريضه القذف بالقرائن كالخصام كأن يقول أما أنا فلست بزان أو أنا معروف الأب وأما تعريض الأب لابنه والمراد به الجنس الشامل للجد فلا حد فيه وأما تصريحه بالقذف لابنه فيحد على ما سيأتي للمصنف في قوله وله حد أبيه وفسق والراجح أنه لا حد عليه أيضا (يوجب) القذف المذكور (ثمانين جلدة) هذه الجملة خبر عن قوله قذف المكلف قال تعالى : * (فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون) * ( وإن كرر) القذف مرارا (لواحد أو جماعة) فلا يتكرر الجلد بتكرر القذف ولا بتعدد المقذوف وصورته في الجماعة أن يقول كلكم زان أو قال لهم يا زناة أو قال لكل واحد منهم في مجلس أو متفرقين يا زاني أو فلان زان وفلان زان (إلا) أن يكرره (بعده) أي بعد الحد فيعاد عليه ولا فرق في تكراره بعد الحد بين التصريح وغيره كأن يقول ما كذبت أو لقد صدقت فيما قلت فإن كرر في أثناء الجلد ألغى ما مضى وابتدئ العدد إلا أن يكون ما بقي قليلا فيكمل الأول ثم يبتدئ الثاني كما يأتي للمصنف (و) يوجب (نصفه على
327 العبد) أي الرقيق ذكرا أو أنثى إذا قذف حرا مسلما فيجلد أربعين وإن تحرر قبل إقامة الجلد عليه. ثم شرع في بيان صيغ القذف وهي قسمان تعريض وتصريح وذكر الأول فقال: (كلست بزان أو) قال له (زنت عينك) أو يدك أو رجلك ووجه التعريض في ذلك أن لذة الوطئ تحصل لجميع أجزاء البدن فإذا قال زنت عينك مثلا لزم منه التعريض بزنا الفرج ولذا لو قال زنت عينك لا فرجك أو قامت قرينة أنه أرسل ناظره فقط لم يحد (أو) قال لامرأة أجنبية زنيت (مكرهة) فيحد فإن قال ذلك لامرأته لاعن وإلا حد (أو) قال لغيره في مشاتمة أنا أو أنت (عفيف الفرج) فإن لم يذكر لفظ الفرج أدب فقط كما يأتي فإن لم يكن في مشاتمة فلا شئ عليه (أو) قال (لعربي) حر مسلم (ما أنت بحر) لأنه نفي نسبه (أو) قال لعربي (يا رومي) أو يا فارسي ونحو ذلك حد لأنه قطع نسبه والمراد بالعربي من كان من أولاد العرب وإن طرأت عليه العجمية بخلاف من قال لأعجمي يا عربي فلا حد عليه لأن القصد أنه عربي الخصال من الجود والشجاعة (كأن نسبه لعمه) فيحد لأنه قطع نسبه عن أبيه ما لم تقم قرينة على أنه قصد الشفقة والحنان أي كابنه في الشفقة (بخلاف) نسبه إلى (جده) لأن الجد يسمى أبا على أن شأن الجد لا يزني في حليلة ابنه أو ابنته (وكأن قال) في حق نفسه (أنا نغل) بكسر الغين المعجمة أي فاسد النسب (أو) قال أنا (ولد زنا) لأنه قذف لامه وكذا إذا قاله معرضا بغيره فللام القيام ولو عفا هو لكن لا يكون ما ذكر من التعريض إلا إذا قاله لغيره وأما في حق نفسه فهو من التصريح وكذا لو خاطب به الغير بأن قال له يا نغل أو يا ولد الزنا (أو) قال لامرأة (كيا قحبة) أي يا قحبة ونحوه كيا عاهر ويا فأجرة (أو قرنان) وهو الذي يقرن
328 بينه وبين غيره في زوجته فالقيام بالحد لزوجته (أو) قال له (يا ابن منزلة الركبان) لأنه نسب أمه للزنا وذلك لأن المرأة الباغية كانت في الجاهلية إذا أرادت الفاحشة أنزلت الركبان عندها لذلك (أو) قال له يا ابن (ذات الراية) لأنه عرض لامه بالزنا وقد كانت العاهر تجعل على بابها راية علامة للنزول عندها (أو) قال في امرأة ( فعلت بها في عكنها) جمع عكنة كغرفة وغرف وهي طيات البطن (لا) يحد (إن نسب ) أي أسند وأضاف (جنسا لغيره) المراد بالجنس الصنف أو القبيلة (ولو) جنسا (أبيض لأسود) أو عكسه والمراد أن ينسب فردا من جنس لجنس آخر كقوله لرومي يا زنجي أو يا بربري وعكسه (إن لم يكن) المنسوب لغيره (من العرب) فإن كان منهم حد ولو كان كل منهما من العرب والفرق بين العرب وغيرهم أن العرب أنسابهم محفوظة دون غيرهم من الأجناس (أو قال مولى) أي معتق بالفتح (لغيره أنا خير) منك فلا حد لأن وجوه الخير كثيرة إلا أن يكون في الكلام دلالة على خيرية النسب فيحد كما لو قال له أنا خير منك نسبا (أو) قال لغيره في مشاتمة أو لا (مالك أصل ولا فصل) فلا حد لأن القصد نفي الشرف إلا لقرينة نفي النسب فيحد وكذا في كل ما لا حد فيه قال في الذخيرة ضابط هذا الباب الاشتهارات العرفية والقرائن الحالية فمتى فقدا حلف ومتى وجد أحدهما حد وإن انتقل العرف وبطل بطل الحد ويختلف ذلك باختلاف الأعصار والأمصار وبهذا يظهر أن يا ابن منزلة الركبان وذات الراية لا يوجب حدا
329 وأنه لو اشتهر ما لا يوجب حدا الآن في القذف أوجب الحد (أو قال لجماعة أحدكم زان) أو ابن زانية فلا حد ولو قاموا كلهم لعدم تعيين المعرة وهذا إذا كثرت الجماعة كأن زادوا على ثلاثة فإن كانوا ثلاثة أو اثنين حد إن قاموا أو قام بعضهم إلا أن يحلف ما أراد القائم (وحد في مأبون إن كان) المقول له (لا يتأنث) أي لا يتكسر في كلامه كالنساء وإلا لم يحد والذي في النقل أنه يحد مطلقا ( و) حد (في) قوله لآخر (يا ابن النصراني) أو اليهودي أو الكافر (أو) يا ابن (الأزرق) أو الأحمر ونحو ذلك (إن لم يكن في آبائه) من هو (كذلك) فإن كان لم يحد والعرف الآن على خلافه لأن القصد التشديد في الشتم (و) حد (في) قوله لآخر (مخنث إن لم يحلف) أنه لم يرد القذف وإنما أراد أنه يتكسر في القول والفعل كالنساء وهذا إن لم يخصه العرف بمن يؤتى كما هو الآن وإلا حد مطلقا (وأدب في يا ابن الفاسقة أو الفاجرة) لأن الفسق الخروج عن الطاعة فليس نصا في الزنا والفجور كثرة الفسق وقيل كثرة الكذب لكن هذا يعارض ما تقدم في كيا قحبة من أن يا فأجرة مثله إلى أن يحمل ما مر على ما إذا كان العرف فيه القذف (أو يا حمار) أو (يا ابن الحمار) فيؤدب (أو) قال لغيره (أنا عفيف) أو ما أنت بعفيف بدون ذكر الفرج لأن العفة تكون في الفرج وغيره إلا أن تقوم قرينة إرادة الفرج فيحد (أو أنك) بكسر الهمزة وتشديد النون وكسر الكاف (عفيفة) فيؤدب (أو) قال له (يا فاسق أو يا فاجر) فيؤدب إلا لقرينة إرادة الزنا وكذا يؤدب في نحو يا شارب الخمر أو يا كافر أو يا يهودي (وإن قالت) امرأة (بك جوابا لزنيت) أي لقول رجل لها أنت زنيت
330 (حدت) حدين للزنا لتصديقها له وهو إقرار منها ما لم ترجع عنه (والقذف) للرجل لأنها قذفته بقولها بك (وله) أي للمقذوف حد (أبيه) وأمه القاذف كل منهما له (وفسق) بحده فلا تقبل له شهادة وكذا إذا وجب له قبل أبيه يمين فله تحليفه ويصير بذلك فاسقا لا يقال إباحة القيام بحقه تقتضي عدم المعصية فكيف يكون فاسقا على ما مشى عليه المصنف لأنا نقول لا يلزم من تفسيقه كونه عن معصية لأن المراد بالتفسيق عدم قبول شهادته وهو قد يحصل بالمباح كالأكل في السوق كما أشرنا له ثم ما مشى عليه المصنف ضعيف والمذهب أنه ليس للابن حد أبيه ولا تحليفه (و) للمقذوف (القيام به) أي بحد قاذفه (وإن علمه) أي ما رمى به (من نفسه) قال فيها حلال له أن يحده لأنه أفسد عرضه (كوارثه) له القيام بحق مورثه المقذوف قبل موته بل (وإن) قذف (بعد موته) وبين الوارث بقوله: (من ولد وولده) وإن سفل (وأب وأبيه) وإن علا ثم أخ فابنه فعم فابنه وهكذا (ولكل) من الورثة (القيام) بحق المورث (وإن حصل ) أي وجد (من هو أقرب) منه كابن الابن مع وجود الابن لأن المعرة تلحق الجميع ولا سيما إذا كان المقذوف أنثى فليس كالدم يختص به الأقرب خلافا لأشهب (و) للمقذوف (العفو) عن قاذفه (قبل) بلوغ (الإمام) أو نائبه (أو بعده إن أراد ) المقذوف (سترا) على نفسه كأن يخشى أنه إن ظهر ذلك قامت عليه بينة بما رماه به أو يقال لم حد فلان فيقال بقذفه فلانا فيشتهر الامر ويكثر لغط الناس أو نحو ذلك (وإن حصل) القذف وفي نسخة وإن قذف (في) أثناء (الحد) المقذوف أو لا أو غيره (ابتدئ) الحد (لهما) أي للقذفين حدا واحدا
331 وألغى ما مضى (إلا أن يبقى) من الأول (يسير) كخمسة عشر سوطا فدون (فيكمل الأول) ثم يستأنف للثاني حد. (درس) باب ذكر فيه أحكام السرقة فقال: (تقطع) يد السارق ( اليمنى) من الكوع (وتحسم) أي تكوى (بالنار) وجوبا خوف تتابع سيلان الدم فيهلك وظاهر المصنف أنه من تمام حد السرقة فيكون واجبا عن الإمام ويحتمل أنه واجب مستقل وأنه على الكفاية يقوم به الإمام أو المقطوعة يده أو غيرهما والمراد أنه يغلي الزيت على نار وتحسم به لتنسد أفواه العروف فينقطع الدم وأصل الحسم القطع استعمل في الكي مجازا لأنه سبب في قطع الدم (إلا لشلل) باليمنى أو قطع بسماوي أو قصاص سابق لا بسرقة سابقة (أو نقص أكثر الأصابع) من اليمنى كثلاثة فأكثر (فرجله اليسرى) وهو المذهب وأخذ به ابن القاسم (ومحا) الإمام رضي الله عنه أي أمر بمحو القول بقطع رجله اليسرى (ليده) أي للقول بقطع يده (اليسرى) فيمن لا يمين له أو له يمين شلاء وقيس عليه ناقصة أكثر الأصابع والمعتمد ما محاه كما تقدم دون ما أثبته ولذا رتب المصنف كلامه الآتي على الممحو فقال: (ثم) إن سرق ثانيا بعد قطع رجله اليسرى ابتداء لمانع المتقدم تقطع (يده) اليسرى ( ثم) إن سرق ثالثا قطعت (رجله) اليمنى والقطع في الرجلين من مفصل الكعبين كالحرابة ولو أخر قوله وتحسم بالنار إلى هنا يفيد رجوعه للرجل أيضا كان أولى وقد علمت أن قوله ثم الخ مفرع
332 على المستثنى فقط لا على المستثنى منه أيضا لأن سالم الأعضاء الأربعة إن سرق قطعت يده اليمنى فرجله اليسرى فيده اليسرى فرجله اليمنى ليكون القطع من خلاف (ثم) إن سرق بعد ذلك (عزر وحبس) إلى أن تظهر توبته أو يموت كذا يظهر (وإن تعمد إمام أو غيره) كجلاد (يسراه أولا) مع علمه بأن سنة القطع ابتداء في اليد اليمنى (فالقود) على من قطع اليسرى لأنه تعدى حدود الله ( والحد) على السارق (باق) فتقطع يده اليمنى ولو قال المصنف بدل يسراه غير محل القطع كان أحسن ليشمل جميع الصور في أول سرقة وثاني سرقة وثالث سرقة (و) إن قطعهما أولا (خطأ أجزأ) عن قطع اليمنى ولا دية ومحله إذا حصل الخطأ بين عضوين متساويين وأما لو أخطأ فقطع الرجل وقد وجب قطع اليد أو عكسه فلا يجزئ ومحله أيضا ما إذا كان المخطئ هو الإمام أو مأموره وأما إذا كان أجنبيا فلا يجزئ والحد باق وعلى القاطع الدية واعترض ابن مرزوق على لمصنف التابع لابن الحاجب بأن أئمة المذهب لم يصرحوا بالتفصيل بين العمد والخطأ فالمتجه الاجزاء مطلقا ولو عمدا ( فرجله اليمنى) هذا مفرع على قوله وخطأ أجزأ أي وإذا قلنا بالاجزاء فلو سرق ثانية قطعت رجله اليمنى ليكون القطع من خلاف فإذا سرق ثالثة قطعت يده اليمنى (بسرقة طفل) متعلق بقوله تقطع أي تقطع اليمنى إلى آخر ما تقدم بسبب سرقة طفل ذكر أو أنثى حر يخدع وكذا المجنون (من حرز مثله) كدار أهله أو مع كبير حافظ له فإن كان الطفل كبيرا واعيا أو لم يكن في حرز مثله لم يقطع سارقه (أو) بسرقة (ربع دينار) شرعي (أو ثلاثة دراهم) شرعية (خالصة) من الغش كانت لشخص أو أكثر ( أو) بسرقة (ما يساويها) من العروض والحيوان رقيقا أو غيره قيمة وقت إخراجه من حرز مثله لا قبله أو بعده
333 ولو ذبحه أو أفسده في حرزه فنقص فأخرجه لم يقطع كما لو كان وقت الاخراج لا يساويها ثم حصل غلاء كما أنه يقطع إن ساواها وقته ثم حص رخص وتعتبر القيمة (بالبلد) التي بها السرقة والعبرة بالتقويم (شرعا) بأن تكون المنفعة التي لأجلها بالتقويم شرعية لا كآلة لهو أو حمام عرف بالسبق أو طائر عرف بالإجابة إذا دعي وقيمته دون اللهو لا تساوي ثلاثة دراهم ومعها تساويها فلا قطع على سارقها وما ذكره المصنف من أنس التقويم بالدراهم لا بربع الدينار هو المشهور فإذا كان المسروق يساوي ربع دينار ولا يساوي ثلاثة دراهم لم يقطع اللهم إلا أن لا يوجد في بلدهم إلا الذهب فيقوم به وأما ما لا يوجد فيه أحد النقدين وإنما تعاملهم بغيرهم كبلاد السودان اعتبر التقويم بالدراهم في أقرب بلد إليهم يتعامل فيها بالدراهم فيقطع سارق ما قيمته ثلاثة دراهم (وإن) كان محقرا بين الناس ( كماء) وحطب وتبن (أو جارح) يساوي ثلاثة دراهم (لتعليمه) الصيد لأنه منفعة شرعية (أو جلده) عطف على تعليمه والضمير يعود على جارح بمعنى السبع وقد ذكره أولا بمعنى الطير ففي كلامه استدام أي أو سرق سبعا يساوي جلده (بعد ذبحه) ثلاثة دراهم ولا يراعي قيمة لحمه وإن كان غير محرم نظرا لكراهته أو للقول بحرمته فسارق لحمه فقط لا يقطع وإن ساوى ثلاثة دراهم وسارق جلده فقط يقطع إن ساواها (أو جلد ميتة) ولو غير مأكولة يقطع سارقه بعد دبغه (إن زاد دبغه) على قيمة أصله ( نصابا) فإذا كان قيمته قبل دبغه درهمين على تقدير
334 جواز بيعه وقيمته بعد دبغه خمسة قطع فإن لم يزد دبغه نصابا لم يقطع سارقه كما لو سرق قبل الدبغ ولو ساوى النصاب (أو ظنا) بالبناء للمفعول أي الربع دينار أو الثلاثة دراهم (فلوسا) نحاسا حال السرقة فإذا هو أحدهما فيقطع (أو) ظن (الثوب) المسروق (فارغا) فإذا فيه نصاب إن كان مثله يوضع فيه ذلك لا إن كان خلقا ولا إن سرق خشبة أو حجرا يظنها فارغة فإذا فيها نصاب فلا قطع إلا أن تكون قيمة تلك الخشبة ونحوها نصابا ( أو) سرق نصابا مع (شركة صبي) له في السرقة يقطع المكلف فقط ومثل الصبي المجنون (لا) شركة (أب) عاقل أو أم أو جد لرب المال فلا قطع على شريكه لدخوله مع ذي شبهة قوية (ولا) يقطع سارق (طير لاجابته) أي مجاوبته كالبلابل والعصافير التي تدعى فتجاوب إذا كانت لا تساوي النصاب إلا لتلك المنفعة لأنها غير شرعية (ولا) قطع (إن تكمل) أخرج النصاب من حرزه (بمرار في ليلة) حيث تعدد قصده فإن قصد أخذه فأخرجه في مرار قطع ويعلم ذلك من إقراره أو من قرائن الأحوال (أو اشتركاه) أي السارقان أو أكثر (في حمل) لنصاب فلا قطع على واحد منهما بشرطين (إن استقل كل) بأن كان كل واحد له قدرة على حمله بانفراد (ولم ينبه) أي كلا بانفراده (نصاب) فإن لم يستقل أحدهما بإخراجه قطعا ولو لم ينب كل واحد نصاب ولو ناب كل واحد نصاب قطعا استقل كل واحد بإخراجه أم لا (ملك غيره) هذا نعت لنصاب الذي هو معنى قوله ربع دينار الخ فكأنه قال بسرقة طفل أو نصاب ملك غير
335 وشمل من سرق من سارق أو من أمين ونحو ذلك فيقطع (ولو كذبه ربه ) المسروق منه إذا أقر السارق بالسرقة أو ثبت ببينة ويبقى المسروق بيد السارق ما لم يدعه ربه (أو أخذ ليلا) خارج الحرز ومعه النصاب أخرجه منه (وادعى الارسال) من ربه فيقطع ولو صدقه ربه في دعواه الارسال لاحتمال ستره عليه والرحمة به إلا لقرينة تصدقه ككونه في عياله أو من أتباعه كما أشار له بقوله: (وصدق) في دعواه الارسال (إن أشبه) ودخل من مداخل الناس وخرج من مخارجهم (لا) بسرقة (ملكه من مرتهن ومستأجر) ومعار ومودع (كملكه) له (قبل خروجه) به من الحرز بإرث أو صدقة ثم خرج به فلا يقطع بخلاف ملكه بعد خروجه به (محترم) دخل فيه مال حربي دخل عندنا بأمان فيقطع سارقه المسلم (لا خمر) أو خنزير ولو كافر سرقه مسلم أو ذمي فلا قطع ويغرم قيمتها لذمي إن أتلفها وإلا رد عينها عليه لا إن كانت لمسلم لوجوب إراقتها عليه (وطنبور) ونحوه من آلات اللهو فلا قطع على سارقه (إلا أن يساوي بعد كسره) تقديرا (نصابا) فيقطع (ولا) بسرقة (كلب مطلقا) أذن في اتخاذه أم لا معلما أم لا ولو ساوى تعليمه نصابا فهو كالمستثنى من قوله السابق وجارح لتعليمه والفرق أنه لا يباع بحال لأن النبي (ص) نهى عن بيعه بخلاف غيره ( و) لا قطع في سرقة (أضحية بعد ذبحها) لأنها وجبت بذبحها وخرجت لله لا قبله فيقطع ولو نذرها لأنها لا تتعين بالنذر والفدية كالأضحية في الوجهين (بخلاف) سرقة (لحمها) أو جلده (من فقير) تصدق به عليه أو مهدي له فيقطع لجواز بيعه (تام الملك) للمسروق منه (لا شبهة له) أي للسارق (فيه) قوية فيقطع
336 (وإن) سرق ( من بيت المال) ومنه الشون (أو) من (الغنيمة) بعد حوزها إن عظم الجيش لضعف الشبهة كأن قل وأخذ فوق حقه نصابا بخلاف السرقة قبل الحوز فلا يقطع (أو) من (مال شركة أن حجب عنه) بأن أو دعاه عند أمين أو جعل المفتاح عند الآخر أو قال له لا تدخل المحل إلا معي (و) إن (سرق فوق حقه نصابا) كأن يسرق من اثني عشر درهما بينهما تسعة فيقطع (لا الجد ولو لام) إذا سرق من مال ابن ولده فلا يقطع للشبهة القوية في مال الولد وإن سفل فأولى الأب والام بخلاف الولد يسرق من مال أصله فيقطع لضعف الشبهة ولذا حد إن وطئ جارية أبيه بخلاف الأب يطأ جارية ابنه ( ولا) إن سرق قدر حقه أو فوقه دون نصاب (من) مال (جاحد) لحقه (أو) من مال (مماطل لحقه) إذا ثبت أن له عنده مالا وجحده أو ماطله فيه وكذا إن أقر رب المال بذلك فلا يقطع وليس من أفراد قوله فيما مر ولو كذبه ربه لأن ذاك لم يدع السارق أنه أخذ حقه
337 بعد ثبوت السرقة وهنا ادعى أنه لم يسرق وإنما أخذ حقه لجحد غريمه أو مطله فصدقه رب المال فتأمل (مخرج من حرز) ولا يشترط دخول السارق فيه بل لو أدخل نحو عصا وجر النصاب به قطع والحرز في كل شئ بحسبه وفسره بقوله: ( بأن لا يعد الواضع فيه مضيعا) عرفا (وإن لم يخرج هو) فالمدار على إخراج النصاب دخل هو في الحرز أم لا خرج منه إذا دخل أم لا (أو ابتلع) في أحرز (درا ) أو غيره مما لا يفسد بالابتلاع وكان فيه النصاب ثم خرج فيقطع بخلاف ما يفسده الابتلاع كالطعام والعنبر فلا يقطع وإنما عليه الضمان كما لو أحرق شيئا في الحرز أو أتلفه ويؤدب فلو أكله خارج الحرز أو أحرقه قطع (أو ادهن) في الحرز (بما يحصل منه) بعد خروجه من الحرز إذا سلت كمسك وزباد وعطر (نصاب) أي قيمة نصاب ( أو) كان خارج الحرز و (أشار إلى شاة) مثلا (بالعلف فخرجت) فأخذها قطع (أو ) سرق (اللحد) فهو منصوب بعامل محذوف معطوف على ما في حيز الاغياء والمراد باللحد غشاء القبر
338 أي ما يسد به اللحد من حجر أو خشب سماه لحدا مجازا لعلاقة المجاورة وأما ما فيه من الكفن فسيأتي (أو) سرق (الخباء) أي الخيمة المنصوبة في سفر أو حضر كان أهلها بها أم لا (أو) سرق (ما فيه) من الأمتعة لأن الخباء حرز لنفسه ولما فيه ولا مفهوم للخباء بل كل محل اتخذ منزلا وترك به متاع وذهب صاحبه لحاجة مثلا فسرقه إنسان أو سرق ما فيه قطع (أو) سرق من (حانوت أو) من (فنائهما) أي الخباء والحانوت لأن الفناء حرز لما يوضع فيه عادة (أو) سرق من (محمل) كمحفة وشقدف أو سرق المحمل نفسه كان على ظهر الدابة أم لا (أو) سرق ما على (ظهر دابة) من غرارة أو خرج أو سرج ونحو ذلك أو دراهم أو دنانير هذا إذا كان أصحابها حاضرين معها بل (وإن غيب) أي غاب أصحابهن (عنهن) أي المذكورات من الخباء وما بعده (أو) سرق تمرا أو حبا (بجرين أو) سرق شيئا من (ساحة دار) بالنسبة (لأجنبي) أي غير شريك في السكنى شركة ذات أو منفعة فغير الساكن أجنبي ولو شريكا في الذات إذا كان لا يدخل إلا بإذن كما قال: (إن حجر عليه) أي على الأجنبي فإن لم يحجر عليه لم يقطع ومفهوم أجنبي أن الشريك في السكنى لا يقطع إن سرق من الساحة ما الشأن أن لا يوضع فيها كالثياب ولو أخرجه من الدار وأما لو سرق ما يوضع فيها كالدابة فيقطع ولو لم يخرجها من الدار حيث أزالها من مكانها المعد لها إزالة بينة كما قال اللخمي وأما السرقة من بيوتها فيقطع مخرجه من البيت لساحتها اتفاقا في الشريك وعلى الراجح في الأجنبي وقيل حتى يخرج بالمسروق من الدار وهذا كله في الدار المشتركة وأما المختصة فلا يقطع إلا إذا أخرجه من جميع الدار سواء سرقه من بيتها أو من ساحتها وسواء كان ما سرقه من ساحتها شأنه أن يوضع فيها أم لا (كالسفينة) يقطع من سرق منها بحضرة رب المتاع مطلقا خرج منها أم لا كان من ركابها أم لا كأن سرق بغير حضرته إن كان السارق أجنبيا وأخرجه منها لا إن لم يخرجه فإن كان من الركاب لم يقطع مطلقا وهذا كله في غير السرقة من الخن وإلا قطع مطلقا إذا أخرجه منه في الصور الثمانية (أو) ساحة (خان) حرز (للأثقال) يقطع سارقها إذا أزالها من
339 موضعها ولو لم يخرجهما منها إذا كانت تباع فيها وإلا فبإخراجها عنها كالسفينة ومفهوم الأثقال أن الأشياء الخفيفة كالثوب لا يقطع سارقها لأن الساحة ليست حرزا له لا لأجنبي أو ساكن والسرقة من بيوته كالسرقة من خن السفينة (أو زوج) ذكرا أو أنثى يقطع كل بسرقته من مال الآخر (فيما) أي في مكان (حجر عنه) أي السارق من أحد الزوجين بمجرد إزالته من حرزه كصندوق أو خزانة أو طبقة والحجر إنما يعتبر بغلق لا بمجرد منع بكلام فلو سرق مما لم يحجر عنه لم يقطع لأنه خائن لا سارق (أو موقف دابة) يقطع سارقها منه وقفت (لبيع أو غيره) كمكان بزقاق اعتيد وقوفها وربطها به كان معها صاحبها أم لا بإبانتها عن موقفها (أو قبر أو بحر لمن رمي به لكفن) فالقبر والبحر حرز للكفن فيقطع سارقه منه واحترز بقوله رمى به عن الغريق فلا قطع على سارق ما عليه ( أو سفينة) سرقت (بمرساة) بفتح الميم يقطع سارقها به لأنه حرز لها سواء اعتيد للارساء أم لا قريبا من العمران أم لا (أو كل شئ) سرق (بحضرة صاحبه) فيقطع لأنه حرز له ولو كان في فلاة من الأرض أو كان نائما (أو)
340 سرق طعاما (من مطمر) محل يجعل في الأرض لخزن الطعام إن (قرب) من المساكن بحيث يكون نظر ربه عليه وإلا فلا (أو) سرق بعيرا أو غيره من (قطار) بكسر القاف وهو ربط الإبل بعضها ببعض (ونحوه) كإبل مجتمعة لكن القطار إن حل السارق منها واحدا قطع وإن لم يبن به وقول المدونة وبان به قال ابن ناجي لا مفهوم له أي وإنما وقع التقييد به في اختصار البرادعي وإلا فالأم ليس فيها وبان به كما قاله ابن مرزوق واعترض بأن تقييد البرادعي بالإبانة مثله في الأمهات كما نقله أبو الحسن فالأظهر اعتباره فأولى غير المقطورة (أو أزال باب المسجد) أو باب الدار ونحوهما (أو) أزال (سقفه ) وإن لم يخرج به لأنه أزال كلاعن حرزه (أو أخرج قناديله أو حصره) كان على المسجد غلق أم لا وكذا بلاطه على الأرجح (أو) أخرج (بسطه) لكن الأرجح أن إزالتها عن محلها كاف في القطع كالذي قبله فكان عليه حذف قوله أخرج ليكون ماشيا على ما به الفتوى وقيد البسط بقوله: (إن تركت به) ليلا ونهارا حتى صارت كالحصر وأما لو كانت ترفع فتركت مرة فسرقت فلا قطع لأنه لم يجعل حرزا لها والحصر كذلك فإن سرقت من خزانتها قطع بمجرد إخراجها منها (أو) سرق من (حمام) من ثياب الداخلين أو آلاته (إن دخل) من بابه (للسرقة)
341 باعترافه وسرق فيقطع (أو نقب ) الحمام (وتسور) عليه وسرق وإن لم يخرج بما سرقه كان للحمام حارس أم لا في هذه الثلاثة وإلا وفق بالمذهب أنه لا يقطع إلا إذا أخذ خارجه أو أخرج النصاب منه في الثلاثة (أو) دخل من بابه للحموم وكان (يحارس لم يأذن له) الحارس (في تقليب) الثياب فيقطع إن خرج به فإن أذن له في التقليب فلا قطع والمراد بالاذن في التقليب يأذن له في أخذ ثيابه كما قال اللخمي لا ما يعطيه ظاهر كلام المصنف من تقليب ثياب متعددة وإنما لم يقطع لأنه خائن لا سارق وإذا جرى العرف بأن رب الثياب يأخذ ثيابه بنفسه من غير إذن الحارس كما في مصر فهو بمنزلة الاذن فلا يقطع بسرقته (وصدق مدعي الخطأ) إن أخذ ثياب غيره إن دخل من بابه وأشبه كان له حارس أم لا (أو حمل عبدا لم يميز أو خدعه) ولو مميزا كأن يقول له سيدك بعثني لك لتذهب معي إلى مكان كذا أو إليه فخرج معه طوعا من حرزه فالقطع (أو أخرجه) أي النصاب من بيت محجور عن الناس (في) بيوت (ذي الاذن العام) لجميع الناس كبيت الحاكم والعالم والكريم الذي يدخله عامة الناس بلا إذن خاص ( لمحله) أي محل الاذن العام واللام بمعنى عن متعلقه بأخرج أي أخرجه عن المحل العام خارج بابه أي إن من سرق من بيت محجور من بيوت دار مأذون في دخوله لعموم الناس فلا يقطع حتى يخرج النصاب من محل الاذن العام بأن يخرجه من بابها لأنه من تمام الحرز فإن لم يخرجه من بابها لم يقطع فلو سرقه من ظاهرها المأذون في دخوله للناس لم يقطع لأنه خائن لا سارق قاله ابن رشد (لا) دار ذات (إذن خاص كضيف) أو مرسل لحاجة أو قاصد مسألة فسرق (مما) أي بيت (حجر عليه) في دخوله فلا يقطع وأولى إن أخذ مما لم يحجر عليه (ولو خرج به من جميعه) لأنه لما دخل بإذن فسرق كان خائنا لا سارقا حقيقة (ولا إن نقله) أي النصاب في الحرز من مكان إلى آخر
342 (ولم يخرجه) عن الحرز فلا يقطع وهذا مفهوم قوله قبل مخرج من حرز (ولا) قطع (فيما) أي في سرقة ما (على صبي) غير مميز من حلي وثياب (أو معه) لأن غير المميز لا يعد حافظا لما عليه أو معه بشرط أن لا يكون معه من يحرسه وأن لا يكون بدار أهله وإلا قطع فإن كان مميزا فهو داخل في قوله وكل شئ بحضرة صاحبه لأن المراد به المصاحب المميز وإن لم يكن مالكا ولذا عبر بصاحبه دون ربه مع أنه أخصر ومثل الصبي المجنون (ولا) قطع (على داخل) في حرز (تناول) النصاب (منه الخارج) عنه بأن مد يده لداخل الحرز فناوله الداخل وإنما يقطع الخارج لأنه الذي أخرجه من حرزه فإن لم يمد الخارج يده وإنما ناوله الداخل بمد يده له لخارج الحرز قطع الداخل فقط لأنه الذي أخرجه من الحرز وسيأتي وإن التقيا وسط النقب قطعا (ولا) قطع (إن اختلس) أي أتى جهرا أو سرا وأخذ النصاب على غفلة من صاحبه ويذهب جهارا فارا. وحاصله أن المختلس هو الذي يخطف المال بحضرة صاحبه في غفلته ويذهب بسرعة جهرا (أو) أخذ نصابا من صاحبه و (كابر) بأن ادعى أنه ملكه فلا قطع لأنه غاصب والغاصب لا قطع عليه (أو هرب) بالمسروق (بعد أخذه) أي بعد القدرة عليه (في الحرز ولو) تركه ربه فيه وذهب (ليأتي بمن يشهد عليه) بأنه سرق المتاع ولو شاء لخلص المتاع منه كما يشعر به قوله بعد أخذه ثم لما ذهب ليأتي بمن يشهد خرج به السارق من الحرز فلا يقطع لأنه صار حال خروجه كالمختلس ( أو أخذ دابة) أوقفها ربها (بباب مسجد أو سوق) لغير بيع وبغير حافظ فلا قطع على سارقها لأنه موقف غير معتاد وكذا إن أخذ دية بمرعى (أو) أخذ (ثوبا) منشورا على حائط بعضه بداخل الدار و (بعضه بالطريق) أو ملقى على الأرض
343 كذلك فلا قطع تغليبا لجانب درء الحد بالشبهة وهي هنا كون بعض الثوب بغير حرز مثله والبعض صادق بالنصف والأقل والأكثر وأما جذبه من داخل الدار فيقع فيه لأنه أخرجه من حرزه ثم عطف بالجر على ما من قوله فيما على صبي فقال: (أو) في سرقة (ثمر ) بمثلثة من نخل أو غيره (معلق) على شجره خلقة (إلا) أن يكون المعلق خلقة في بستانه ملتبسا (بغلق) بفتح اللام وسكونها (فقولان) في قطع السارق منه وعدمه وهو المنصوص فمحلهما في غير النخل بالدار وأما هو فيقطع اتفاقا لأنه في حرزه وقولنا على شجره خلقة احترازا مما لو قطع ثم علق فلا قطع ولو بغلق (وإلا بعد حصده ) أي جذه ووضعه في محل اعتيد وضعه فيه قبل وصوله إلى الجرين فإذا سرق منه سارق ( فثالثها) أي الأقوال يقطع (إن كدس) أي جمع بعضه على بعض حتى صار كالشئ الواحد وإن لم يجعل عجوة لأنه بتكديسه أشبه ما في الجرين لا إن لم يكدس بل بقي ثمر كل شجرة تحتها لشبهه بما فوقها والأول يقطع مطلقا والثاني لا مطلقا ومحلها إذا لم يكن له حارس وإلا قطع قولا واحدا كما لو سرق منه في الطريق حال حمله للجرين نص عليه ابن رشد (ولا) يقطع (إن نقب) الحرز (فقط) من غير إخراج شئ منه وإن خرج بنفسه أو أخرجه غيره وعليه ضمان ما خرج بنفسه بسبب النقب إن لم يكن معه ربه والقطع على الغير المخرج له (وإن التقيا) أي بأيديهما في المناولة ( وسط النقب) أي في أثنائه فأخرجه الخارج بمناولة الداخل (أو ربطه) الداخل بحبل ونحوه (فجذبه الخارج) عن الحرز (قطعا) معا في المسألتين (وشرطه) أي القطع المفهوم من تقطع اليمنى (التكليف) فلا يقطع صبي ولا مجنون ولا مكره
344 ولا سكران بحلال (فيقطع الحر والعبد والمعاهد وإن) سرقوا (لمثلهم) أي من مثلهم لأن السرقة من الفساد في الأرض والحق في القطع لله تعالى فلا يستثنى أحد (إلا الرقيق ) يسرق (لسيده) نصابا فلا يقطع ولو رضي السيد وكذا إن سرق من مال رقيق سيده لأن مال العبد للسيد فكأنه لم يخرجه من حرزه ولئلا يجتمع على السيد عقوبتان ضياع ماله وقطع غلامه وأشعر قوله لسيده أنه لو سرق مال أصل سيده أو فرعه قطع وهو كذلك ولا فرق بين العبد القن وغيره (وثبتت) السرقة (بإقرار إن طاع) به كما تثبت بالبينة (وإلا) بأن أكره على الاقرار من حاكم أو غيره ولو بسجن أو قيد (فلا) يلزمه شئ منهما أم لا عند ابن القاسم (ولو أخرج السرقة) لاحتمال وصول اسم المسروق إليه من غيره (أو عين القتيل) الذي أكره على الاقرار بقتله فأقر وأخرجه كما في النقل لاحتمال أن غيره قتله فلا يقطع ولا يقتل إلا أن يقر بعد الاكراه آمنا كما في المدونة وقال سحنون يعمل بإقرار المتهم بإكراهه وبه الحكم أي إن ثبت عند الحاكم أنه من أهل التهم فيجوز سجنه وضربه ويعمل بإقراره وتؤولت في محل عليه والأول هو المشهور والأوفق بقواعد الشرع وفي نسخة وإن عين السرقة وأخرج القتيل وعلى كل حال فالأولى حذف عين لأن المراد إخراج كل وإظهاره فكان مراده تعيين محل ما ذكر.
345 (و) إذا أقر طائعا ورجع عن إقراره (قبل رجوعه) عنه فلا يحد وكذا يقبل رجوع الزاني والشارب والمحارب (ولو) رجع (بلا شبهة) في إقراره نحو كذبت في إقراري كما لو رجع لشبهة نحو أخذت مالي المرهون أو المودع خفية فسميته سرقة ويلزمه المال إن عين صاحبه نحو أخذت دابة زيد بخلاف سرقت أو سرقت دابة أي وقع متى ذلك ولو ادعى شخص بسرقة على متهم أو مجهول حاله على أحد قولين قدمهما في الغصب إذ السرقة مثله فاليمين على المدعى عليه فإن حلف برئ (وإن رد اليمين) على الطالب (فحلف الطالب) أي المدعي فالغرم على المدعى عليه بلا قطع ومحل الرد إن حقق المدعي الدعوى فإن اتهمه غرم المدعى عليه بمجرد نكوله ولا قطع لأن القطع إنما هو في الثبوت بالبينة أو الاقرار طوعا بلا رجوع فإن ادعى على صالح لم تقبل دعواه وأدب كما تقدم في الغصب (أو شهد) على السارق بالسرقة ( رجل وامرأتانه) فالغرم بلا قطع (أو) شهد (واحد) رجل فقط أو امرأتان (وحلف ) معه المدعي فالغرم بلا قطع (أو أقر السيد) بسرقة عبده من شخص (فالغرم) أي غرم المال لمدعى به لازم للمدعى عليه في المسائل الأربع (بلا قطع وإن أقر العبد) بأنه سرق (فالعكس) أي القطع بلا غرم لاقراره بالسرقة وإنما لم يغرم لأن العبد لا يعتبر إقراره بالنسبة للمال لأن الغرم في الحقيقة على سيده فإن شهد بها شاهد وحلف معه المدعي أو شهد عليه رجل وامرأتان فهو داخل في قوله أو شهد رجل الخ ولو شهد عليه شاهدان فالغرم والقطع وإذا قلنا بالغرم فالسيد يغرمه من مال العبد إن كان له مال وإلا خير في فدائه وتسليمه (ووجب) على السارق (رد المال) بعينه إن وجد أو قيمة المقوم ومثل المثلى إن لم يوجد (إن لم يقطع) لمانع
346 كعدم كمال النصاب الشاهد عليه بالسرقة بأن شهد عليه عدل وامرأتان أو أحدهما وحلف معه المدعي أو عدم كمال النصاب المسروق من الحرز أو لكونه من غير حرز ونحو ذلك أو سقط العضو بسماوي أو جناية (مطلقا) أيسر أو أعسر بقي المسروق أو تلف ويحاصص به ربه غرماء السارق إن كان عليه دين (أو قطع) للسرقة فيغرم (إن أيسر) أي استمر يساره بالمسروق كله أو بعضه (إليه) أي إلى القطع (من) يوم (الاخذ) لأن اليسار المتصل كالمال القائم فلم يجتمع عليه عقوبتان بل القطع فقط فلو أعسر فيما بين الاخذ والقطع سقط الغرم ولو أيسر بعد لئلا يجتمع عليه عقوبتان قطعه واتباع ذمته والحاصل أن المسروق إن كان موجودا بعينه وجب رده لربه إجماعا بلا تفصيل وإن تلف فإن أيسر فكذلك ويرد مثل المثلى وقيمة المقوم وإن أعسر ولو في بعض المدة فكذلك إن لم يقطع وإلا فلا غرم (وسقط الحد) أي القطع (إن سقط العضو) الذي يجب قطعه (بسماوي) بعد السرقة أو بقطع في قصاص أو بجناية أجنبي عليه بعد السرقة وليس على الجاني إلا الأدب إن تعمد فإن سقط شئ مما ذكر قبل السرقة انتقل القطع للعضو الذي بعده كما مر (لا) يسقط الحد (بتوبة وعدالة وإن طال زمانهما) ولو صار أعدل أهل زمانه متى بلغ الإمام وينبغي أن لا يرفع للإمام ولا بأس بالشفاعة لسارق وقعت منه السرقة فلتة ما لم يبلغ الإمام ولا ينبغي الشفاعة معروف بالعداء (وتداخلت) الحدود على شخص (إن اتحد الموجب) بفتح الجيم وهو الحد (كقذف ) أي كحد قذف (و) حد (شرب) إذ موجب كل منهما ثمانون جلدة فإذا أقيم عليه أحدهما سقط الآخر ولو لم يقصد إلا الأول أو لم يحصل ثبوت الآخر إلا بعد الفراغ من الأول وكذا لو جنى على إنسان فقطع يمينه ثم سرق أو العكس فيكفي القطع لأحدهما ( أو تكررت) موجباتها بالكسر كأن يسرق مرارا أو يقذف أو يشرب مرارا فيكفي حد واحد عن الجميع ولو لم يثبت الثاني إلا بعد الحد لأحدهما ما لم يعد بعد الحد فإن عاد بعده عيد عليه وفي بعض النسخ وإلا تكررت أي وإن لم يتحد الموجب كما لو سرق وشرب وتكررت الحدود بأن يقطع ويجلد وكل حد يدخل في القتل لردة أو قصاص أو حرابة إلا حد القذف فلا بد منه ثم يقتل كما مر.
347 (درس) باب في الحرابة وما يتعلق بها من الأحكام وعقبها للسرقة لاشتراكها معها في بعض حدودها وهو مطلق القطع وليكون المشبه به في قوله الآتي واتبع كالسارق معلوما وعرف المحارب المشتق من الحرابة فيعلم منه تعريفها بقوله: (المحارب قاطع الطريق لمنع سلوك) علة للقطع أي من قطعها لأجل عدم الانتفاع بالمرور فيها ولو لم يقصد أخذ مال السالكين والمراد بالقطع الإخافة لا المنع وإلا لزم تعليل الشئ بنفسه وسواء كانت الطريق خارجة عن العمران أو داخلة كالأزقة (أو آخذ) بالمد اسم فاعل معطوف على قاطع ( مال مسلم أو غيره) ذمي ومعاهد ولو لم يبلغ نصابا (على وجه يتعذر معه الغوث) أي شأنه تعذر الغوث فإن كان شأنه عدم تعذره فغير محارب بل غاصب ولو سلطانا وقراءة آخذ بالمد اسم فاعل أولى من قراءته مصدرا لإفادة أنه محارب ولو لم يحصل منه قطع طريق فيشمل مسألة سقي السكران ومخادعة الصبي أو غيره ليأخذ ما معه وجبابرة أمراء مصر ونحوهم يسلبون أموال المسلمين ويمنعونهم أرزاقهم ويغيرون على بلادهم ولا تتيسر استغاثة منهم بعلماء ولا بغيرهم ولا يشترط تعدد المحارب ولا قصده عموم الناس بل يعد محاربا (وإن انفرد بمدينة) قصد جميع أهلها أم لا (كمسقى السكران) بضم الكاف نبت معلوم (لذلك) أي لأجل أخذ المال وأشد منه في تغييب العقل البنج وأشد منه نبت يسمى الداتورة والبنج بفتح الباء الموحدة وسكون النون نبت معروف والكاف للتمثيل إن قرئ آخذ اسم فاعل وللتشبيه إن قرئ مصدرا ( ومخادع الصبي) أي المميز إذ هو الذي يخدع (أو غيره) أي غير الصبي وهو الكبير أي خدعه حتى أدخله مكانا
348 (ليأخذ ما معه) ولو لم يقتله وقتله من قتل الغيلة ( والداخل) عطف على مسقى أي وكالداخل (في ليل أو نهار في زقاق أو دار) حال كونه (قاتل) حين الاخذ (ليأخذ المال) وأخذه على وجه يتعذر معه الغوث واحترز بقول قاتل ليأخذ عما لو أخذه ثم علم به فقاتل لينجو به فلا يكون محاربا بل هو سارق إن علم به خارج الحرز لا قبله فمختلس إن نجا به. ثم شرع في بيان حد المحارب وأنه أحد أنواع أربعة كما في الآية بقوله: (فيقاتل بعد المناشدة) والمناشدة مندوبة كما في الحطاب ويندب أن تكون ثلاث مرات يقال له ناشدناك الله إلا ما خليت سبيلنا ونحو ذلك (إن أمكن) فإن عاجل بالقتال قوتل بلا مناشدة بالسلاح أو غيره مما فيه هلاكه فعلم من قوله يقاتل أنه يقتل وهو أحد حدوده الأربع والقاتل له إما رب المال حال حرابته له وإما الحاكم ولو بعد حرابته إذا ظفر عليه قبل توبته كما يأتي (ثم يصلب فيقتل) عطف على مقدر أي فيقتل ثم الخ وثم للترتيب الاخباري ولو قال أو يصلب الخ كان أحسن وأو في الآية للتخيير والمعنى أن الإمام مخير بين أن يقتله بلا صلب أو يصلبه على خشبة ونحوها حيا غير منكوس الرأس ثم يقتله مصلوبا قبل نزوله على الأرجح وهذا هو النوع الثاني من أنواع حده وأشار للثالث بقوله: (أو ينفى) الذكر (الحر) البالغ العاقل (كالزنا) في مسافة البعد كفدك وخيبر من المدينة ولكنه يسجن هنا حتى تظهر توبته أو يموت وأما في الزنا فيسجن سنة فالتشبيه ليس بتام ويكون النفي بعد الضرب باجتهاد الإمام ولم يذكره المصنف (والقتل) مع الصلب والضرب مع النفي ظاهر القرآن خلافه فلعله أخذ منه من المعنى وذلك لأن الحرابة أشد من الزنا بدليل أن الحد فيها أشد والزنا قرن النفي فيه بالجلد ومجرد صلب بلا قتل ليس فيه كبير ردع للمفسدين في الأرض فعلم أنه لا بد من قتله بعده وأشار للرابع بقوله: (أو تقطع يمينه) أي يده اليمنى من الكوع (ورجله اليسرى) من مفصل الكعبين (ولاء) بلا تأخير ولو خيف عليه الموت لأن القتل أحد حدوده
349 فإن كان مقطوع اليمنى أو أشلها قطعت يده اليسرى ورجله اليمنى ليكون القطع من خلاف وكذا إن كان أقطع الرجل اليسرى فتقطع يده اليسرى ورجله اليمنى فإن لم يكن له إلا يد أو رجل قطعت فإن كان له يدان أو رجلان فقط قطعت اليد اليمنى فقط أو الرجل اليسرى فقط وهذه الحدود الأربعة يخير الإمام فيها باعتبار المصلحة في حق الرجال الأحرار وأما المرأة فلا تصلب ولا تنفى وإنما حدها القتل أو القطع من خلاف وأما العبد فحده ثلاثة وهي ما عدا النفي كما أشار له المصنف رحمه الله تعالى بقوله أو ينفي الحر (وبالقتل يجب قتله) مجردا أو مع صلب ولا يجوز قطعه أو نفيه بقتل حر مسلم بل (ولو بكافر) أو عبد ( أو بإعانة) على القتل بمسك أو شارة بل ولو بتقو بجاهه إذ لولا جاهه ما تجرأ القاتل على القتل فجاهه أعانه عليه حكما (ولو جاء) للحارب القاتل (تائبا) قبل القدرة عليه إذ توبته لا تسقط حقوق الآدميين (وليس للولي) أي ولي المقتول (العفو) عن القاتل قبل مجيئه تائبا لأن الحق لله وأما بعد مجيئه تائبا فله العفو لأن قتله حينئذ قصاص لا حرابة (وندب) للإمام النظر بالمصلحة ولا يتعين عليه شئ بخصوصه لأن أو في الآية للتخيير فالأولى (لذي التدبير) من المحاربين ( القتل) لأن القطع مثلا لا يدفع ضرره (و) لذي (البطش) إذا لم يقتل أحدا ( القطع) من خلاف (ولغيرهما ولمن وقعت منه) الحرابة (فلتة) بلا قتل أحد ( النفي والضرب) بالاجتهاد وما ذكره المصنف من الندب هو المذهب (والتعيين) فيما يندب فعله (للإمام لا لمن قطعت يده ونحوها) من جرح وأخذ مال فلا كلام له لأن ما يفعله الإمام بالمحارب ليس عن شئ معين وإنما هو عن جميع ما وقع منه في حرابته من إخافة وأخذ مال وجرح وغير ذلك لا لخصوص ما وقع لهذا الشخص (وغرم كل ) أي كل واحد بانفراده من المحاربين إذا أخذوا شيئا
350 من الأموال (عن الجميع) لأنهم كالحملاء فكل من قدر عليه منهم أخذ بجميع ما أخذه هو وأصحابه (مطلقا) أي سواء كان ما أخذه أصحابه باقيا أم لا جاء المحارب تائبا أم لا نابه شئ مما نهبوه أم لا لتقوي بعضهم ببعض فكانوا كالحملاء كما تقدم ومثلهم البغاة والغصاب واللصوص (واتبع) المحارب (كالسارق) فإن سقط عنه الحد بمجيئه تائبا أغرم مطلقا أيسر أو أعسر وإن قتل أو قطع أغرم إن أيسر من الاخذ إلى القطع أو القتل فيؤخذ من تركته لأن اليسار المتصل كقيام المال وإلا فلا غرم والنفي كالقطع على الراجح وقيل كسقوط الحد فيغرم فيه مطلقا (ودفع ما بأيديهم لمن طلبه) أي ادعاه إن وصفه كما توصف اللقطة (بعد الاستيناء و) بعد (اليمين) من الطالب خوف أن يأتي غيره بأثبت مما أتى به ولا يؤخذ منه حميل وإنما يدفعه له الإمام ويشهد عليه فإن جاء غيره بثبت منه نزعه منه ودفعه لذلك الغير (أو بشهادة رجلين) عدلين ( من الرفقة) وأولى من غيرهم بلا استيناء ولذا أخر البينة عن الاستيناء فتجوز شهادة بعضهم لبعض ما لم يشهد العدل لأبيه أو ابنه أو نحوهما وأولى لنفسه على أن ما يصدر من الشخص لنفسه لا يسمى شهادة وإنما هو دعوى فلا حاجة لقوله: (لا لأنفسهما) وبقي الرجل والمرأتان أو أحدهما مع يمين الطالب والظاهر أنه كالعدلين لثبوت الأموال بذلك فكأنه احترس بالرجلين عن الرجل بلا يمين معه من الطالب (ولو شهد اثنان) عدلان عند الحاكم على رجل اشتهر بالحرابة (أنه) أي هذا الشخص هو ( المشتهر بها) أي بالحرابة عند الناس (ثبتت) الحرابة بشهادتهما (وإن لم يعايناها) منه فللإمام قتله بشهادتهما (وسقط حدها) أي الحرابة دون غيرها كالزنا والقذف والشرب والقتل
351 (بإتيان الإمام طائعا) قبل القدرة عليه لا إن تاب بعد القدرة عليه (أو ترك ما هو عليه) من الحرابة وإن لم يأت الإمام وإنما عليه غرم ما أخذه مطلقا أيسر أو أعسر بقي ما أخذه أم لا كما قدمه. باب ذكر فيه حد الشارب وشروطه وأشياء توجب الضمان ودفع الصائل فقال: (بشرب المسلم) أي يجب بسبب شرب المسلم الحر (المكلف) والشرب لا يكون إلا بالفم إذا وصل لحلقه ولو لم يصل لجوفه لا الانف ونحوه فلا حد فيه ولو وصل لجوفه وخرج بالمسلم الكافر وبالمكلف الصبي والمجنون وأدب صبي للزجر وذمي إن أظهره (ما يسكر جنسه) وإن لم يسكر بالفعل لقلته مثلا لا ما لا يسكر جنسه وإن اعتقده مسكرا وإنما عليه إثم الجراءة (طوعا) لا إن أكره على شربه فلا يحد والمكره ليس بمكلف فلا حاجة لذكر الطوع (بلا عذر) فلا حد على من شربه غلطا بأن ظنه غيرا كما يأتي ( و) بلا (ضرورة) لا إن شربه لإساغة غصة إذا لم يجد ماء ونحوه وإن حرم على قول والراجح عدمها والأولى حذف بلا عذر للاستغناء عنه بالضرورة أو بقوله: (و) بلا ( ظنه) أي المسكر جنسه (غيرا) أي غير مسكر بأن ظنه خلا مثلا فشربه فإذا هو خمر فلا حد عليه لعذره كمن وطئ أجنبية يظنها زوجته وصدق إن كان مأمونا لا يتهم ويجب الحد على شارب المسكر (وإن قل) جدا بل قد قيل لو غمس إبرة في خمر ووضعها على لسانه أي وابتلع ريقه حد فإن لم يبتلعه فظاهر أنه لا يسمى شربا (أو جهل وجوب الحد) مع علمه الحرمة (أو) جهل (الحرمة لقرب عهد) بإسلام فيحد (ولو) كان الشارب (حنفيا يشرب النبيذ) أي يرى حل شربه إذا لم يسكر القليل منه ويسكر كثيره وشرب منه القدر الذي لا يسكر
352 فيحد إذا رفع لمالكي وأما الخمر وهو المتخذ من عصير العنب فيحد فيه عنده ولو لم يسكر بالفعل وكذا إذا شرب القدر المسكر من النبيذ فيحد عنده أيضا وقيل لا حد فيما لا يسكر منه وتقبل شهادته وصححه غير واحد من المتأخرين وإليه أشار بقوله: (وصحح نفيه) أي الحد (ثمانون) جلدة على الحر ذكرا أو أنثى وهذا فاعل الفعل المحذوف المتعلق به بشرب تقديره يجب كما تقدم تقديره (بعد صحوه) فإن جلد قبله اعتد به إن كان عنده تمييز وإلا أعيد عليه (وتشطر بالرق وإن قل) الرق بذكر أو أنثى فيجلد أربعين ثم أشار إلى شرط الحد على من اجتمعت فيه الشروط السابقة بقوله: (إن أقر) بالشرب (أو شهدا) أي شهد عدلان (بشرب أو شم) لرائحته في فمه وعلمت رائحته إذ قد يعرف رائحتها من لا يشربها وكذا لو شهد عدل برؤية الشرب وآخر برائحتها أو بتقايؤها فيحد فإن رجع بعد إقراره ولو لغير شبهة قبل (وإن خولفا) أي خالفهما غيرهما من العدول بأن قالا ليس رائحته رائحة خمر بل خل مثلا فلا تعتبر المخالفة ويحد لأن المثبت يقدم في المنافي (وجاز) شربها (لاكراه) على الشرب وأراد بالجواز في هذا لازمه وهو عدم الحد إذ المكره غير مكلف ولا يوصف بجواز أو غيره من الأحكام الخمسة إلا أفعال المكلفين والاكراه يكون بالقتل أو بضرب يؤدي إليه وكذا بإتلاف عضو من أعضائه أو بضرب يؤدي إليه أي بقيد أو سجن شديدين على أظهر القولين لسحنون (وإساغة) لغصة خاف على نفسه الهلاك منها ولم يجد ما يزيلها به خلافا لابن عرفة في عدم الجواز والجواز في الإساغة على حقيقته والمراد به نفي الحرمة الصادق بالوجوب (لا) يجوز استعمال الخمر لأجل (دواء) ولو لخوف الموت
353 (ولو طلاء) به في جسده ولو خلط بشئ من الدواء الجائز ويحد إن شربه لا إن طلى به (والحدود) للزنا والقذف والشرب تكون (بسوط) جلد له رأس لين لا رأسان لا بقضيب وشراك ودرة ودرة عمر رضي الله عنه إنما كانت للتأديب ويقبض الضارب به عليه بالخنصر والبنصر والوسطى دون السبابة والابهام يقبضهما فوق الوسط فارغين ويخرج السوط من بين السبابة والوسطى (وضرب معتدلين) أي متوسطين لا شديدين ولا خفيفين فاعتدال السوط بما مر من كونه ليناله رأس لا رأسان واعتدال الضرب بكونه ضربا بين ضربين ليس بالمبرح ولا بالخفيف حال كون المضروب (قاعدا) فلا يمد على ظهره ولا بطنه (بلا ربط) إلا أن يضطرب المضروب اضطرابا لا يصل الضرب له في موضعه فيربط (و) بلا ( شد) أي ربط (يد) ويكون الضرب (بظهره وكتفيه) أي عليها لا على غيرهما (وجرد الزجل) ما عدا ما بين السرة والركبتين (والمرأة) تجرد (مما يقي الضرب) أي ألمه من الثياب الغليظة بأن تلبس ثوبا واحدا رقيقا (وندب جعلها) حال الضرب (في قفة) فيها تراب يبل بماء للستر ويوالي الضرب عليها ولا يفرق إلا لخوف الهلاك عليها فيفرق. ولما كان من الكلام على الحدود التي جعل الشارع فيها شيئا معلوما لكل أحد شرع في الكلام على العقوبة التي ليس فيها شئ مقدر من الشارع تختلف باختلاف الناس وأقوالهم وأفعالهم وأدواتهم وأقدارهم فقال: (وعزر الإمام ) أو نائبه ممن له ذلك (لمعصية الله) وهي ما ليس لأحد إسقاطه كالأكل في نهار رمضان وتأخير الصلاة وطرح النجاسة ونحوها في طريق العامة إلا أن يجئ تائبا (أو لحق آدمي) وهو ما له إسقاطه كالسب والضرب والإيذاء بوجه ما وإن كان فيه حق لله تعالى لأنه ما من حق لآدمي إلا ولله فيه حق إذ من حق الله على كل مكلف ترك أذية غير من المعصومين. وأعلم أنه لا يجوز لاحد تأديب أحد إلا الإمام أو نائبه أو السيد في رقيقه في مخالفته لله أو له أو الزوج للنشوز أو تركها نحو الصلاة إذا لم ترفع للإمام أو الوالد لولده الصغير أو معلما ولا يجوز لإمام أو غيره لعن ولا قذف ولا سب فاحش ولا سب الآباء والأمهات ولا تعمد كسر عظم وإتلاف عضو أو تمثيل أو ضرب وجه وذكر أنواع التعزير التي يرجع فيها لاجتهاد الإمام باعتبار القائل والمقول له والقول والفعل بقوله: (حبسا) بما فيه ظن الأدب وردع النفس (ولو ما) أي توبيخا بالكلام منصوبان بنزع الخافض بدليل قوله: (وبالإقامة) من المجلس
354 (ونزع العمامة) من رأسه (وضرب بسوط أو غيره) كقضيب ودرة وصفع بالقفا وقد يكون بالنفي كالمزورين وقد يكون بالاخراج من الحارة كأهل الفسوق المضرين بالجيران وقد يكون بالتصدق عليه بما باع به ما غشه وقد يكون بغير ذلك كما يعلم من المواطن التي للحكام النظر فيها (وإن زاد على الحد) بالجلد كأن يزيد على المائة سوط (أو أتى على النفس) بأن أدى للموت فلا إثم عليه ولا دية إذا لم يقصد ذلك وإنما قصد التشديد فيما يقتضي التشديد كسب الصحابة أو آل البيت ونحو ذلك فأدى إلى الهلاك فإن ظن عدم السلامة أو شك منع (وضمن) في الشك (ما سرى ) على نفس أو عضو أو جرح أي ضمن دية ما سرى لكن على العاقلة وهو كواحد منهم وأما لو ظن عدم السلامة وأولى إن جزم فالقود. والحاصل أنه إن ظن السلامة فخاب ظنه فهدر عندا لجمهور وإن ظن عدمها فالقصاص وإن شك فالدية على العاقلة وهو كواحد منهم وسواء في الثلاثة الأقسام شهد العرف بالتلف منه أم لا هذا هو الراجح ويعلم الظن والشك من إقراره ومن قرائن الأحوال. ثم شرع يتكلم على بعض أشياء توجب الضمان فقال: (كطبيب جهل) التشبيه في الضمان أي أن الطبيب في زعمه إذا جهل علم الطب في الواقع (أو) علم و (قصر) في المعالجة حتى مات المريض بسبب ذلك فإنه يضمن والضمان على العاقلة في المسألتين إلا فيما دون الثلث ففي ماله كما في النقل لأنه خطأ ومفهوم الوصفين أنه إذا لم يقصر وهو عالم أنه لا ضمان عليه بل هدر (أو) داوى (بلا إذن معتبر) بأن كان بلا إذن أصلا أو بإذن غير معتبر شرعا كأن داوى صبيا بإذنه فإنه يضمن ولو علم ولم يقصر (ولو إذن عبد بفصد أو حجامة أو ختان) فيضمن ما سرى لأن إذنه غير معتبر (وكتأجيج نار في يوم عاصف) أي شديد الريح فأحرقت شيئا
355 فيضمن المال في ماله والدية على عاقلته إلا أن يكون في مكان بعيد لا يظن فيه الوصول إلى المحروق عادة فلا ضمان (وكسقوط جدار) على شئ فأتلفه فيضمن صاحبه بشروط ثلاثة أشار لها بقوله: (مال) بعد أن كان مستقيما ( وأنذر صاحبه) بأن قيل له أصلح جدارك ويشهد عليه بذلك عند حاكم أو جماعة المسلمين ولو مع إمكان حاكم كما للجيزي (وأمكن تداركه) بأن يتسع الزمان الذي يمكن الاصلاح فيه ولم يصلح فيضمن المال والدية في ماله ومفهوم مال أنه لو بناه مائلا ابتداء فسقط على شئ أتلفه لضمن بلا تفصيل ومفهوم أنذر أنه إذا لم ينذر أي من الاشهاد فلا ضمان عليه إلا أن يعترف بذلك مع تفريطه فيضمن خرج بقوله صاحبه المرتهن والمستعير والمستأجر فلا يعتبر فيهم الانذار إذ لس لهم هدم ومفهوم أمكن تداركه أنه إذا لم يمكن بأن سقط قبل زمن يمكن فيه التدارك لم يضمن (أو عضه فسل يده فقلع أسنانه) فيضمن الدية في ماله وهذا إن قصد بسل يده قلعها وأما إن قصد تخليص يده أولا قصد له فلا ضمان وهو محمل الحديث هذا هو الراجح (أو نظر له من كوة) أو غيرها كباب (فقصد عينه) أي رميها بحجر ونحوها ففقأها ضمن يعني اقتص منه على المعتمد لا ضمن الدية كما هو مقتضى عطفه على ما قبله (وإلا) يقصد بالرمي عنه بل قصد زجره (فلا) ضمان بمعنى لا قود فلا ينافي أن عليه الدية لكن على العاقلة على المعتمد (كسقوط ميزاب) متخذ للمطر على شئ فأتلفه من نفس أو مال فلا ضمان على ربه أصلا مطلقا بل هدر ومثله الظلة قال المصنف وينبغي أن يقيد عدم الضمان بما في مسألة الجدار (أو بغت) بفتح الغين المعجمة فعل ماض و (ريح) فاعله أي فجأ ويجوز إسكانها على أنه
356 مصدر مجرور وريح مضاف إليه (لنار) أوقدها إنسان في وقت لا ريح فيه فأصابها الريح بغتة فرفعها إلى شئ فتلف فلا ضمان لأنه غير متعد (كحرقها) أي النار شخصا (قائما لطفئها) خوفا على زرع أو نفس أو مال فهدر وظاهره سواء كان فاعلها يضمن ما أتلفت كما إذا أججها في يوم عاصف أم لا وهو ظاهر حل البساطي. ثم شرع في بيان دفع الصائل بقوله: (وجاز دفع صائل) على نفس أو مال أو حريم والمراد بالجواز الاذن فيصدق بالوجوب (بعد الانذار) ندبا كما في المحارب (للفاهم) أي الانسان العاقل بأن يقول له ناشدتك الله إلا ما تركتني ونحو ذلك أي إن أمكن كما تقدم في المحارب فإن لم ينكف أو لم يمكن جاز دفعه بالقتل وغيره (وإن) كان الدفع (عن مال) وبالغ عليه لئلا يتوهم أن قتل المعصوم لا يجوز إلا إذا كان الدفع عن نفس أو حريم لسهولة المال بالنسبة لقتل المعصوم ومفهوم الفاهم أن الصائل إذا كان غير فاهم بأن كان مجنونا أو بهيمة فإنه يعاجل بالدفع لعدم فائدة الانذار (و) جاز (قصد قتله) ابتداء (إن علم أنه) أي الصائل (لا يندفع إلا به) ويثبت ذلك ببينة لا بمجرد قول المصول عليه إلا إذا لم يحضره أحد فيقبل قوله بيمينه (لا) يجوز للمصول عليه (جرح) للصائل فضلا عن قتله (إن قدر على الهرب منه) أي من الصائل بنفسه وأهله وماله (بلا مشقة) فإن كان يمكنه الهرب لكن بمشقة جاز له ما ذكر (وما أتلفته البهائم) مأكولة اللحم أم لا من الزرع والحوائط
357 وهي غير معروفة بالعداء ولم تربط ولم يقفل عليها بما يمنعها (ليلا فعلى ربها وإن زاد) ما أتلفته من زرع ونحوه (على قيمتها) معتبرا (بقيمته على الرجاء والخوف) أي يقوم مرتين مرة على فرض تمامه ومرة على فرض عدم تمامه ويجعل له قيمة بين القيمتين بأن يقال ما قيمته على فرض تمامه فإذا قيل عشرة قيل وما قيمته على فرض عدم تمامه فإذا قيل خمسة فاللازم سبعة ونصف لأنك تضم الخمسة إلى العشرة تكون خمسة عشر نصفها ما ذكر والأصح أنه يقوم تقويما واحدا على تقدير الرجاء والخوف بأن يقال ما قيمته الآن على فرض جواز بيعه على تقدير تمامه سالما وعلى تقدير جائحته كلا أو بعضا فلو تأخر الحكم حتى عاد الزرع لهيئته سقطت القيمة وهذا إذا كان لم يبد صلاحه فإن بدا صلاحه ضمن قيمة المتلف على البت وفهم من قوله وإن زاد الخ أنه ليس لرب الماشية أن يسلمها في قيمة ما أفسدت بخلاف العبد الجاني والفرق أن لعبد مكلف فهو الجاني حقيقة بخلاف الدابة (لا) ما أتلفته غير العادية (نهارا) فلي على ربها بشرطين ذكرهما بقوله: (إن لم يكن معها راع) أو عجز عن دفعها (وسرحت بعد المزارع) بحيث يغلب على الظن أنها لا تذهب للزرع (وإلا) بأن كان معها راع أو سرحها ربها قرب المزارع (فعلى الراعي) في الأول إن كان له قدرة على منعها كانت بقرب المزارع أولا وعلى ربها في الثاني وقد حذفه المصنف لظهوره وكذا إن كانت عادية فعلى ربها ليلا أو نهارا إلا مع راع قادر على منعها فعليه فإن ربطت ربطا محكما أو قفل عليها قفلا محكما فاتفق انفلاتها فليس على ربها ضمان مطلقا عادية أم لا في ليل أو نهار كما لو سرحت بعد المزارع بلا راع وبعد بضم الباء أي بعيدا أي في مكان بعيد.
358 (درس) باب ذكر فيه أحكام العتق وما يتعلق به يقال عتق يعتق من باب ضرب ودخل وهو لازم يتعدى بالهمزة فلا يقال عتق السيد عبده بل أعتقه ولا يقال عتق العبد بضم المهملة بل أعتق بضم الهمزة والعتق مندوب وهو من أعظم القرب ولذا جعل كفارة للقتل وكثير من الفقهاء يذكره بعد ربع العبادات نظرا لأنه قربة والمصنف كغيره ذكره بعد الماء والحدود لأنه يكون كفارة للجنايات إما وجوبا أو ندبا وللإشارة إلى أنه ينبغي لمن وقعت منه جناية وتاب أن يعتق رقبة لتكون له كفارة كما في الحديث وأركانه ثلاثة معتق بالكسر ومعتق بالفتح وصيغية وأشار للأول بقوله: (إنما يصح) أي صحة تامة بمعنى اللزوم أي إنما يلزم (إعتاق مكلف) من إضافة المصدر لفاعله ويدخل في المكلف السكران فيصح عتقه على المشهور لتشوف الشارع للحرية وتقدم أنه يلزم طلاقه ولا تصح هبته وخرج بالمكلف الصبي والمجنون فلا يصح عتقهما ووصف المكلف بقوله: (بلا حجر) عليه فيما أعتقه فالزوجة والمريض محجور عليهما فيما زاد على ثلثهما فيصح عتقيهما في الثلث لا فيما زاد عليه ولا يصح عتق السفيه إلا لام ولده لأنه ليس له فيها إلا الاستمتاع ويسير الخدمة (و) بلا (إحاطة دين) بماله فإن أحاط به لم يصح عتقه بمعنى لم يلزم كما تقدم (ولغريمه) أي غريم من أحاط الدين بماله (رده) أي العتق
359 إن استغرق الدين جميعه (أو) رد (بعضه) إن لم يستغرق الجميع كأن يكون عليه عشرة وعنده عبد يساوي عشرين فأعتقه فلرب الدين أن يرد ما قابل دينه وهو عشرة فيباع من الرقيق بقدر العشرة قل أو كثر إن وجد من يشتري البعض وإلا رد الجميع (إلا إن يعلم) رب الدين المحيط بالعتق ولم يرده ( أو يطول) زمن العتق وإن لم يعلم فإن العتق يصح والطول عند مالك أن يشتهر بالحرية وتثبت له أحكامها بالموارثة وقبول شهادته وعند ابن عبد الحكم أن يزيد زمنه على أربع سنين بخلاف هبة المدين وصدقته فيردان ولو طال الزمان والفرق أن الشارع في العتق متشوف للحرية (أو) إلا أن (يفيد) السيد (ما لا) يفي بالدين الذي عليه ولم يرد العتق حتى أعسر فلا رد له (ولو) كانت إفادة المال (قبل نفوذ البيع) كما إذا كان البيع على الخيار بأن رد السلطان عتق المديان وباع عليه العبد ومعلوم أن بيعه على الخيار ثلاثة أيام فقبل مضي أيام الخيار أفاد السيد ما لا يفي بدينه فإن عتقه يمضي وليس للغريم رده وهذا مبني على أن رد الحاكم رد إيقاف وكذا رد الغرماء وأما رد الوصي فرد إبطال وكذا السيد على المشهور وأما رد الزوج تبرع زوجته بزائد الثلث فقال أشهب إبطال وقال ابن القاسم لا إبطال ولا إيقاف لقولها في النكاح الثاني لو رد عتقها ثم طلقها لم يقض عليها العتق ولا ينبغي لها ملكه انتهى أي فلو كان إبطالا لجاز لها ملكه ولم يطلب منها تنفيذ عتقه وقد يقال هو إبطال كما قال أشهب ولكن لما كانت نجزت عتقه حال الحجر طلب منها ندبا تنفيذه عند زوال الحجر ورد السلطان إن كان للغرماء فإيقاف وإن كان للسفيه فإبطال لتنزله منزلة الوصي وذكر الركن الثاني بقوله: (رقيقا) وهو منصوب بإعتاق المضاف لفاعله وسواء كان قنا أو فيه شائبة حرية ووصفه بقوله : (لم يتعلق به) أي بذلك الرقيق أي برقبته (حق لازم) بأن لم يتعلق به حق أصلا أو تعلق به حق للسيد إسقاطه فإنه غير مضر لعدم لزومه لعينه واحترز بذلك عما إذا تعلق حق يعينه قبل عتقه كما لو كان مرتهنا أو كان ربه مدينا أو تعلقت به جناية
360 أي وربه معسر في الثلاثة فلو كان مليا صح العتق وعجل الدين والأرش ولو طرأ الملاء بعد العتق وقبل بيعه أو بعده وقبل نفوذه كما قدمه إلا أن التمثيل بالأولين يغني عنه ما قدمه بقوله وبلا إحاطة دين وذكر الركن الثالث وهو الصيغة مقسما لها لصريح وهو ما لا ينصرف عنه بنية صرفه إلا بقرينة كما سيذكره وكناية ظاهرة وهي ما لا تنصرف عنه إلا بنية وخفية وهي ما لا تنصرف إليه إلا بنية وبدأ بالأول فقال: (به ) متعلق بإعتاق أي إنما يصح إعتاق مكلف به أي بالعتق أي بتصريحه به أي باللفظ الدال عليه صريحا وأتى بالمصدر ليصير سائر تصاريفه من الصريح نحو أعتقتك وأنت معتوق وعتيق ومعتق (وبفك الرقبة) نحو فككت رقبتك أو أنت مفكوك الرقبة ( والتحرير) كأنت حر وحررتك والواو بمعنى أو وهذا إن أطلق بل (وإن) قيد بزمن كأنت حر أو معتوق (في هذا اليوم) أو في هذا الشهر فحر أبدا (بلا قرينة مدح) تصرف الصريح عن إرادة العتق فإن وجدت صرفته عن ظاهره كما إذا عمل عملا فأعجب سيده فقال له ما أنت إلا حر أو أنت حر ولم يرد بذلك العتق وإنما أراد أنت في عملك كالحر فلا يلزمه عتق في الفتيا ولا في القضاء كما في المدونة (أو) بلا قرينة (خلف) بضم الخاء المعجمة بمعنى المخالفة والعصيان يعني إذا خالفه في شئ فقال له يا حر أو أنت حر أو ما أنت إلا حر قاصدا بذلك تهديده وأنه في مخالفته له كمخالفة الحر فلا يعتق عليه (أو) بلا قرينة (دفع مكس) كما إذا طلب منه المكاس مكس عبده فقال له سيده هو حر فلا يعتق عليه ولو حلفه فحلف لقرينة الاكراه. ثم شرع في الكلام على الكناية الظاهرة بالعطف على قوله وبفك الرقبة بقوله: (وبلا ملك) لي عليك (أو) لا (سبيل لي عليك) ولا يصدق في عدم إرادة العتق (إلا) أن يكون ذلك (لجواب) عن كلام قبله وقع من العبد كأن يكلم سيده بكلام لا يلق فقال له أحد هذين اللفظين المتقدمين وقال لم أرد العتق فيصدق ( وبكوهبت لك نفسك) أو خدمتك أو عملك في حياتك أو تصدقت عليك بخراجك
361 حياتك أو أعطيتك نفسك فيعتق ولا يعذر بجهل ولا يحتاج في هذا إلى نية وأشار إلى الكناية الخفية بقوله: (وبكاسقني) الماء (أو اذهب أو أعزب) أي أبعد ودخل بالكاف كل كلام ولكن إنما ينصرف للعتق (بالنية) أي بنية العتق أي بنيته بما ذكر العتق وإلا فلا فقوله بالنية راجع لقوله وبكاسقني الخ لا لما قبله أيضا لأن الكناية الظاهرة كالصريح في عدم الاحتياج للنية (وعتق) العبد (على البائع) دون المشتري (إن علق) عتقه (هو) أي البائع (والمشتري على البيع والشراء) بأن قال السيد إن بعته فهو حر وقال المشتري إن اشتريته فهو حر ثم باعه سيده لذلك المشتري الذي علق عتقه على شرائه فيعتق على البائع ولو تقدم القبول من المشتري على الايجاب من البائع فإنه سبق صوري ويرد البائع الثمن إن قبضه على مشتريه وأتبع به في ذمته إن أعسر (و) عتق على المشتري (بالاشتراء الفاسد في) قوله لعبد (إن اشتريتك) فأنت حر وعليه قيمته يوم الشراء لأن عتقه عليه يفوت رده على بائعه ومثل شرائه شراء بعضه وإنما عتق بالفاسد لأن الحقائق الشرعية تطلق على فاسدها كصحيحها (كأن أشتري) العبد (نفسه) من سيده شراء (فاسدا) فإنه يعتق لتشوف الشارع للحرية ويأخذ السيد من العبد ما اشترى به نفسه وكأنه انتزعه منه وأعتقه (و) عتق على السيد (الشقص) الذي يملكه من عبد وكمل عليه (فيه) إن كان مليا (و) عتق عليه (المدبر وأم الولد) أي ينجز عليه عتقهما وكذا مكاتبه كما في المدونة (و) عتق عليه (ولد عبده) الكائن
362 (من أمته) أي أمة العبد (وإن) حدث الولد (بعد يمينه) وقبل حنثه فحكمه كمن وجد قبل يمينه لكن هذا في صيغة الحنث كقوله علي عتق عبيدي لأدخلن الدار أو إن لم أدخلها فعبيدي أحرار وأما في صيغة البر فهو على البر فلا يدخل ما حدث حمله بعد اليمين كما لو حدث ملكه بعده بخلاف الحمل السابق فيدخل في يمينه في البر أيضا لوجوده في الجملة وعتق عليه الشقص وما بعده في التعليق (والانشاء) بشين معجمة فهو بالجر عطف على مقدر كما ذكرنا ويصح رفعه على أنه مبتدأ حذف خبره أي والانشاء فيما ذكر كالتعليق (فيمن يملكه) راجع لجميع ما قبله أي والشقص وما بعده في قوله كل مملوك أملكه حر (أو) كل مملوك (لي) حر (أو رقيقي أو عبيدي أو مماليكي) أحرار أي فإنه يعتق عليه من ذكر (لا) يعتق (عبيد عبيده) إذا قال واحدا مما ذكر لعدم تناوله عبيد العبيد إذ ليسوا مملوكين له بل لعبيده والعبد يملك عندنا حتى ينتزع سيده ماله (كأملكه أبدا) أي أن من قال كل عبد أملكه أبدا أو في المستقبل فهو حر فلا يلزمه عتق لا فيمن عنده ولا فيمن يتجدد في المستقبل لأنه يمين حرج ومشقة كقوله كل امرأة أتزوجها طالق وسواء علق كقوله إن دخلت الدار فكل عبد أملكه حر أبدا أو في المستقبل أو لم يعلق (ووجب) معتق (بالنذر) معلقا كإن فعلت كذا فلله علي عتق ربه وفعل المعلق عليه أو غير معلق كقوله لله علي عتق رقبة (ولم يقض) عليه به بل يجب عليه تنفيذه في نفسه من غير قضاء كنذره صلاة أو صوما أو غيرهما من أنواع البر (إلا ببت معين) بالإضافة ومعين صفة لمحذوف أي عبد معين إما بالضمير أو بالإشارة أو بالإضافة أو بالعلمية أو بالاسم الموصول فيقضي عليه به
363 بأن يحكم عليه القاضي بتنجيزه وسواء علق كقوله إن دخلت الدار فأنت حر أو إن دخل عبدي فلان الدار فهو حر أو إن دخلت أنا ففلان حر وحصل المعلق عليه أو لم يعلق كقوله أنت حر أو عبدي فلان حر (وهو) أي العتق (في خصوصه وعمومه) كالطلاق فيلزم في الأول دون الثاني فإذا قال إن ملكت عبدا من الزنج أو من البلد الفلاني فهو حر أو كل عبد ملكته في هذه السنة فهو حر أو من الصنف أو من البلد الفلاني فيلزمه عتق من ملكه من ذلك لتخصيصه ولو قال كل عبد أملكه فهو حر لم يلزمه شئ قيد بأبدا أو أطلق للحرج والمشقة في التعميم (و) في (منع من وطئ و) من (بيع في صيغة حنث) كالطلاق كإن لم أفعل كذا فعبدي حر أو أمتي حرة أو فلان أو فلانة من رقيقي حر فيمنع من وطئ الأمة ومن بيعها أو بيع العبد حتى يفعل فإن مات قبل الفعل عتق من الثلث وأما صيغة البر نحو إن دخلت الدار فأنت حر أو ففلانة حرة فله البيع والوطئ لأنه على بر حتى يحصل المحلوف عليه وسواء قيد أو أطلق بخلاف صيغة الحنث المقيدة بأجل نحو إن لم أدخل الدار في هذا الشهر فعبدي حر فيمنع من البيع دون الوطئ إلا أن يضيق الوقت بحيث لو وطئ لفرغ الاجل فيمنع أيضا والفرق أن البيع يقطع العتق ويضاده بخلاف الوطئ (و) هو في (عتق عضو) ولو حكما كشعر وجمال وكلام كالطلاق فإذا قال يدك أو رجلك حرة أو شعرك أو كلامك حر عتق الجميع لكن بالحكم كما سيذكره ووقوع الطلاق في قوله يدك طالق مثلا لا يتوقف على حكم فالتشبيه في هذا تشبيه في الجملة ويأتي قوله في الطلاق وأدب المجزئ هنا أيضا (و) هو في (تمليكه العبد) أمر نفسه أو تفويضه كتمليك الزوجة أمر نفسها (و) في (جوابه كالطلاق) فيعتق إن قال أعتقت نفسي أو قبلت عتقي فلو قال اخترت نفسي فقال أشهب كذلك كالطلاق وقال ابن القاسم لا يعتق إلا إذا قال نويت به العتق بخلاف الزوجة المملكة إذا قالت اخترت نفسي فإنها تطلق وإن لم تدع أنها أرادت الطلاق وفرق بأن الزوج إنما ملكها في أن تقيم أو تفارق وفراقها لا يكون إلا طلاقا فإذا قالت اخترت نفسي علمنا أنها أرادت الطلاق وإن لم تقل نويت به الطلاق وأما العبد ففراقه
364 قد يكون بالعتق وغيره كالبيع والهبة والمذهب ما قاله ابن القاسم وإن كان الأوجه قول أشهب فالمصنف إما ماش على ما لأشهب وإما على ما لابن القاسم ويراد بقوله وجوابه أي الجواب الصريح ولا يقال هذا لا قرينة عليه لأنا نقول الشئ عند الاطلاق إنما ينصرف للفرد الكامل والجواب الكامل في الطلاق هو الصريح (إلا) العتق (لأجل) فلا يساوي الطلاق لصحة العتق لأجل يبلغه عمره ظاهرا فلا ينجز عليه حتى يأتي الاجل بخلاف الطلاق فينجز عليه من وقته (و) إلا إذا قال لأمتيه (إحداكما) حرة ولا نية له (فله الاختيار) في عتق واحدة منهما وإمساك الأخرى بخلاف الطلاق فإذا قال إحداكما طالق فيطلقان معا عليه حيث لا نية أو نسيها (و) إلا إذا قال لامته (إن) أو إذا أو متى (حملت) مني (فأنت حرة فله وطؤها في كل طهر مرة) حتى تحمل فإن حملت عتقت بخلاف قوله لزوجته إن حملت فأنت طالق فله وطؤها مرة فإن وطئها ولو قبل يمينه في الطهر الذي حلف فيه حنث وتطلق عليه ولو عزل (وإن جعل) المالك (عتقه) أي عتق عبده (لاثنين) فإن فوض ذلك لهما (لم يستقل أحدهما) بعتقه فلو أعتقه أحدهما لم يقع عليه عتق بل لا بد أن يجتمعا عليه معا وكذا الطلاق ومعنى التفويض أن يقول لهما أعتقا عبدي أو جعلت لكما عتقه أو إن شئتما فأعتقاه أو فوضت لكما أمر عتقه أو نحو ذلك مما يفيد عدم استقلال أحدهما وسواء كان ذلك في مجلس أو مجلسين بأن خاطب كلا منهما بما يفيد الاشتراك فإن خاطب كلا بما يفيد الاستقلال بأن قال لكل في مجلس أو مجلسين أعتق عبدي أو جعلت لك عتقه إذا وصلت إليه أو أذهب فأعتقه فلكل الاستقلال وهو معنى الارسال المشار إليه بقوله: (إن لم يكونا رسولين) كأنه قال إن لم يجعل لكل منهما عتقه وإلا فله الاستقلال بعتقه وهذا هو معنى قول المدونة من أمر رجلين بعتق عبده فأعتقه أحدهما فإن فوض ذلك لهما لم يعتق العبد حتى يجتمعا وإن جعلهما رسولين عتق عليه بذلك انتهى ومعنى قولها أمر جعل بدليل التفصيل بعده فلذا عبر المصنف بجعل (وإن قال) لأمتيه (إن دخلتما) الدار مثلا فأنتما حرتان (فدخلت واحدة) منهما فقط (فلا شئ عليه فيهما) أي
365 في الأمتين حتى يدخلا جميعا عند ابن القاسم لظهور أن المراد إن اجتمعتما في الدخول وقال أشهب تعتق الداخلة لاحتمال أن دخلت أنت فجمع في اللفظ أي فقال إن دخلتما فكأنه قال إن دخلت إحداكما وقال ابن يونس في توجيه كلام ابن القاسم كأنه إنما كره اجتماعهما فيها لوجه ما أي خيفة ما يحدث بينهما من الشر فدخول إحداهما لا يضر وعلى هذا لو لم يكن الحامل له كراهة الاجتماع لعتقت الداخلة فيكون الخلف لفظيا ولو دخلت واحدة بعد أخرى فلا شئ عليه وهو مقتضى أبي الحسن والزوجتان في ذلك كالأمتين ثم أشار إلى ثلاث مسائل العتق بالقرابة والعتق بالشين والعتق بالسراية ورتبها هكذا فقال: ( وعتق بنفس الملك) أي بذات الملك والإضافة للبيان أي بالملك أي بمجرد الملك من غير توقف على حكم (الأبوان) نسبا لا رضاعا (وإن علوا أو الولد) نسبا (وإن سفل) مثلث الفاء (كبنت) بكاف التمثيل وفي نسخة باللام أي وإن سفل حال كونه لبنت وهي أولى للنص على المتوهم (و) عتق بالملك (أخ وأخت) نسبا (مطلبا شقيقين أو لأب أو أم) وضابط ما ذكره المصنف أنه يعتق بالملك الأصول والفروع والحاشية القريبة ومحل العتق في الجميع إن كان المالك رشيدا وكان هو والرقيق مسلمين أو أحدهما لا كافرين إذ لا نتعرض لهما إلا إذا ترافعا إلينا وحصول الملك مطلقا (وإن) حصل (بهبة أو صدقة أو وصية) فيعتق ولا يباع في دين على المالك ( إن علم المعطي) بالكسر أنه يعتق على المعطي بالفتح ولا يكفي العلم بالقرابة
366 هنا على المعتمد بخلاف باب القراض والوكالة والصداق فيكفي العلم بالقرابة فيها كما مر وإن لم يعلم بالعتق والفرق المعاوضة فيها بخلاف ما هنا (ولو لم يقبل) المعطي بالفتح (وولاؤه له) أي للمعطي بالفتح ولو لم يقبل فالأولى تأخيره هنا ليرجع لكل من العتق والولاء مع علم المعطي بالكسر ومفهوم الشرط أنه إذا لم يعلم المعطي بالكسر بأنه يعتق فإن قبل المعطي بالفتح عتق عليه إن لم يكن عليه دين وإلا بيع فيه وإن لم يقبل لم يعتق ولم يبع في دين عليه لعدم دخوله في ملكه وهو ظاهر إلا أن النقل أنه إذا لم يكن عليه دين عتق عليه مطلقا قبل أو لم يقبل علم المعطي (ولم يعلم) ولو أعطاه جزء قريبه عتق ذلك الجزء (ولا يكمل) عليه العتق (في) إعطاء (جزء) من قريبه (لم يقبله كبير) رشيد ولا عبرة بقبول صغير أو سفيه بل يقتصر على عتق الجزء المعطى فإن قبله الكبير الرشيد قوم عليه باقيه وعتق الكل أو قبله (ولي صغير) أو سفيه فلا يكمل (أو لم يقبله) الولي إذ لا يلزمه القبول لمحجوره والجزء المعطي حر على ما تقدم (لا) إن ملك من يعتق عليه كله أو بعضه ( بإرث أو شراء وعليه دين) أي والحال أن عليه دينا (فيباع) في الدين ولا يعتق ولو علم بائعه أنه يعتق على المشتري إذ لا يستقر في ملكه وهو مدين حتى يعتق عليه فإن لم يكن عليه دين عتق بنفس الملك وقوله لا بإرث عطف على بهبة وفيه إشارة لتقييد ما قبل المبالغة أي الشراء والإرث بعدم الدين ثم أشار للعتق بالشين وهو المثلة بقوله: (و) عتق وجوبا (بالحكم) لا بمجرد التمثيل (إن عمد) سيده بفتح الميم أي تعمد (لشين) أي عيب ومثلة ويدل على قصد المثلة
367 قرائن الأحوال واحترز بالعمد عن الخطأ وعن عمد الأدب أو مداواة (برقيقه) ولو أم ولده أو مكاتبه (أو رقيق رقيقه) الذي ينتزع ما لا رقيق مكاتبة (أو) مثل أب برقيق ( لولد) له (صغير) أو كبير سفيه فيعتق بالحكم على الأب ويغرم قيمته لمحجوره والولد الكبير الرشيد كأجنبي (غير سفيه) فاعل عمد (و) غير (عبد و) غير ( ذمي) مثل (بمثله) أي مثل مسلم بعبده الذمي أو المسلم أو مثل الذمي بعبده المسلم فقوله بمثله بكسر الميم واللام آخره هاء الضمير راجع للذمي أي وغير ذمي بذمي ومنطوقه ثلاث صور ومفهومه صورة واحدة وهي مثل ذمي بذمي وكأنه قال إن مثل الرشيد الحر المسلم برقيقه ولو كافرا عتق عليه بالحكم ومفهومه أن الصبي والمجنون والسفيه والعبد إذا مثلوا برقيقهم لم يعتقوا عليهم وكذا الذمي بذمي ما لم يترافعوا إلينا (و) غير (زوجة ومريض في زائد الثلث) منطوقه صورتان مثل صحيح غير زوجة برقيقه فيعتق عليه بالحكم مطلقا إذا كان متصفا بالصفات المتقدمة أو مثلث زوجة أو مريض برقيقه في محمل الثلث لا أزيد ومفهومه صورة وهي تمثيلهما فيما زاد عليه فلا يعتق إلا أن يجيزه الزوج أو الورثة ويعتق عليهما الثلث فدون ( و) غير (مدين) فإن مثل مدين بعبده لم يعتق عليه وظاهره ولو طرأ الدين بعد المثلة وقبل الحكم عليه بالعتق فلغرمائه رده وهو كذلك على مقتضى كلام أبي الحسن ثم شرع في أمثلة المثلة التي توجب الحكم بالعتق بقوله: (كقلع ظفر)
368 لأنه لا يخلف غالبا إلا بعضه وهو شين (وقطع بعض أذن) أو شرطها كما في ابن عرفة (أو) قطع بعض (جسد) من أي موضع ويدخل فيه الخصاء والجب ولو قصد بذلك استزادة الثمن فيعتق بالحكم فلو لم يحصل حكم كما هو شأن زماننا فهو على رقه وبيعه صحيح ( أو) قطع (سن) أي قلعها (أو سحلها) أي بردها بالمبرد ويسمى المسحل بكسر الميم وما ذكره في السن ومثله السنان هو الراجح وأما الأكثر فباتفاق (أو خرم أنف) ولو لأنثى إلا لزينة (أو حلق شعر) رأس (أمة رفيعة أو لحية) عبد (تاجر ) لكن المعتمد أنهما لا يعتقان به فكان الأولى أن لا يذكر حلق ما ذكر من أمثلة المثلة لعودهما لأصلهما في زمن قليل (أو وسم وجه بنار لا غيره) أي الوجه من الأعضاء بالنار فليس بمثلة وهو ضعيف والراجح مذهب المدونة أنه مثله إن تفاحش (وفي غيرها) أي غير النار (فيه) أي في الوجه كوسمه في وجهه بمداد وإبرة على ما يفعله الناس (قولان) بالعتق وعدمه لأنه يفعل للزينة وهو قول ابن القاسم والراجح أنه مثلة إن كان بالوجه وإلا فلا (والقول للسيد) بيمين إذا مثل بعبده ( في نفي العمد) وأنه وقع منه خطأ أو لتداو وادعى العبد أنه عمد به المثلة وكذا الزوج إذا ادعى الخطأ أو الأدب لزوجته وادعت العمد بجامع الاذن في كل قاله سحنون إلا أن يكون السيد أو الزوج معروفا بالعداء والجراءة فلا يصدق (لا في عتق) لعبده (بمال) أي عليه فليس القول للسيد بل للعبد بيمين أنه أعتقه مجانا لأن الأصل عدم المال في العتق بالسراية بقوله: (و) عتق (بالحكم جميعه) أي العبد (إن أعتق ) سيده الحر المكلف المسلم الرشيد (جزأ) من رقيقه القن أو المدبر أو العتق لأجل أو أم ولد أو المكاتب
369 (والباقي له) أي لسيده المعتق موسرا أو معسرا فيعتبر فيمن يعتق عليه بالسراية ما يعتبر فيمن يعتق عليه بالمثلة فإذا أعتق الذمي بعض عبده الذمي لم يكمل عليه وكذا المدين والزوجة والمريض في زائد الثلث (كأن بقي لغيره) أي لغير سيده المعتق للجزء بأن كان الرقيق مشتركا بين اثنين أو أكثر فأعتق أحد الشركاء نصيبه فإنه يقوم عليه باقيه ويعتق بشروط ستة أشار للأول بقوله: (إن دفع القيمة يومه) أي يوم الحكم عليه بالعتق أي أنها تعتبر يوم الحكم لا يوم العتق والأظهر أنه لا يشترط الدفع بالفعل كما هو ظاهره كابن الحاجب وغيره فتعتق حصة الشريك بقيمتها يوم الحكم وإن لم يقبضها إلا بعد العتق كما قاله ابن مرزوق ولثانيها بقوله: (وإن كان) السيد (المعتق) للجزء ( مسلما أو العبد) مسلما ومعتقه كافر وشريكه كذلك نظرا لحق العبد المسلم فإن كان الجميع كفارا لم يقوم إلا أن يرضى الشريكان بحكمنا ولثالثها بقوله: (وإن أيسر) المعتق (بها) أي بقيمة حصة شريكه (أو ببعضها فمقابلها) هو الذي يعتق فقط ولا يقوم عليه ما أعسر به ولو رضي الشريك باتباع ذمته ولرابعها بقوله: (وفضلت) قيمة حصة الغير (عن متروك المفلس) وتقدم أنه يترك له قوته والنفقة الواجبة عليه لظن يسرته ويباع عليه الكسوة ذات المال إلى آخر ما تقدم وجعل هذا شرطا مستقلا فيه مسامحة إذ هو في الحقيقة تفسير لما قبله كأنه قال بأن فضلت الخ ويدل على هذا أنه لم يقرنه بأن كما في الذي قبله والذي بعده ولخامسها بقوله: (وإن حصل عتقه باختياره لا) جبرا كدخول جزء من يعتق عليه في ملكه (بإرث) فإنه لا يقوم عليه ولا يعتق جزء الشريك ولو مليئا ولسادسها بقوله: (وإن ابتدأ العتق) لافساد الرقبة بإحداث العتق فيها (لا إن كان) العبد (حر البعض) قبل العتق فلا يقوم على من أعتق البعض الرق لأنه لم يبتدئ العتق كما لو كان العبد بين ثلاثة فأعتق أحد الشركاء حصته وهو معسر فلم يقوم عليه ثم أعتق الثاني حصته فلا يقوم عليه حصة الثالث ولو كان الثاني مليئا وقد علمت أن الشروط الحقيقة خمسة
370 كما قاله التتائي والله أعلم ثم رتب على الشرط الأخير قوله: (و) لو أعتق الأول فالثاني (قوم) نصيب الثالث (على الأول) لأنه الذي ابتدأ العتق إلا أن يرضى الثاني بالتقويم عليه فيقوم عليه ولو طلب الأول التقويم على نفسه ولا مقال له نص عليه المصنف (وإلا) يكن العتق مرتبا بأن أعتقاه معا أو مرتبا وجهل الأول قوم نصيب الثالث عليهما وإذا قوم عليهما (فعلى) قدر (حصصهما إن أيسرا) معا ( وإلا فعلى الموسر) منهما يقوم الجميع (و) لو أعتق في حال مرضه شقصا له في عبد أو أعتق بعض عبد يملك جميعه (عجل) عتق العبد كله في الصورة الثانية وجزئه ويقوم عليه الباقي في الأولى قبل موته (في ثلث مريض) أعتق في مرضه (أمن) ذلك الثلث ويلزم منه كون جميع ماله مأمونا أي إن شرط تعجيل العتق قبل موته أن يكون ماله مأمونا بأن كان عقارا فإن كان غير مأمون لم يعجل عتق الجزء الذي أعتقه بل يؤخر مع التقويم لموته فإن حمله الثلث عتق وإلا عتق منه محمله ورق باقيه فلو كان مأمونا ولم يحمل إلا بعضه عجل عتق ذلك البعض ويوقف الباقي فإن صح المريض أو مات وظهر له مال يحمله لزم عتق الباقي (ولم يقوم على ميت) أعتق في صحته أو مرضه شقصا له في عبد وباقيه لغيره ولم يطلع عليه فيهما إلا بعد موته إذا (لم يوص) الميت بالتقويم في ذلك العبد لأنه بموته انتقلت التركة للوارث فصار كمن أعتق وهو معسر والمعسر لا تقويم عليه فلو أوصى بالتقويم كمل عليه بالتقويم في الثلث فقط وأما لو اطلع عليه قبل الموت فهو ما قبله
371 (وقوم) المعتق بعضه في جميع مسائل التقويم على الشريك المعتق في صحته أو مرضه (كاملا بماله) أي معه لأن في تقويم البعض ضررا على الشريك الذي لم يعتق والتقويم إنما هو (بعد امتناع شريكه من العتق) فيؤمر به أولا من غير جبر (ونقض له) أي للتقويم (بيع ) صدر (منه) أي من الشريك الذي لم يعتق وكذا ممن بعده ولو تعددت البياعات سواء علم الشريك بالعتق أم لا إلا أن يعتقه المشتري (و) نقض (تأجيل) الشريك (الثاني) أي عتقه مؤجلا (أو تدبيره) أو كتابته ويقوم قنا في الثلاثة على المعتق الموسر بتلا ولو دبر أحد الشريكين أولا ثم أعتق الثاني بتلا قوم نصيب المدبر على من أعتق بتلا (و) إذا اختار الشريك الذي لم يعتق عتق نصيبه أو التقويم على من أعتق (لا ينتقل) أي ليس له الانتقال (بعد اختياره أحدهما) بعينه لغيره ما لم يرض الآخر وسواء كان الذي خيره شريكه أو الحاكم أو اختار أحدهما من قبل نفسه لأنه إذا اختار التقويم فقد ترك حقه من العتق فليس له رجوع إليه إلا برضا صاحبه وإن اختار العتق ابتداء لم يكن له اختار التقويم ثانيا بلا خلاف (وإذا حكم) أي حكم الحاكم (بمنعه) أي منع التقويم على من أعتق (لعسره مضى) حكمه فلا يقوم عليه بعد ذلك إن أيسر وفي نسخة ببيعه أي ببيع ما بقي من العبد لعسر المعتق مضى البيع ولا ينقض الحكم إن أيسر وإن لم يبع بالفعل ويجوز بيعه والحكم بالبيع يستلزم منع التقويم فهو بمثابة الحكم بمنع التقويم فقد ساوت هذه النسخة النسخة الأولى
372 (كقبله) أي الحكم أي كعسره قبل الحكم عليه بمنع التقويم (ثم أيسر) بعد ذلك أي بعد العسر فإنه لا يقوم عليه بشرطين أشار لأولهما بقوله: (إن كان) المعتق لحصته (بين) أي ظاهر (العسر) عند الناس وعند الشريك الذي لم يعتق وقت العتق إذ العبرة بيوم العتق ولثانيهما بقوله: (وحضر العبد) أي وكان العبد حاضرا حين العتق فإن لم يكن بين العسر قوم لاحتمال أن يكون هذا اليسر الذي ظهر هو الذي كان حين العتق إذ الفرض أنه ظهر له يسر وإنما اشترط حضور العبد لأن بحضوره يعلم أن عدم التقويم إنما هو للعسر لا لتعذر التقويم إذ الحاضر لا يتعذر تقويمه بخلاف الغائب فإذا قدم والمعتق موسر قوم عليه وكأنه أعتقه الآن في حال يسره ومثله حضوره ما إذا كان غائبا غيبة قريبة يجوز النقد فيها قال ابن القاسم وإن كان العبد قريب الغيبة مما يجوز في مثله اشتراط النقد في بيعه لزم تقويمه إذا عرف موضعه وصفته وينتقد القيمة لجواز بيعه انتهى. وحاصل المسألة أنه إذا لم يوجد حكم من الحاكم يمنع التقويم بعسره فإن كان موسرا وقت العتق قوم عليه وإن كان معسرا واستمر إعساره لم يقم عليه كما تقدم وإن أيسر بعد العتق لم يقوم عليه أيضا بشرطين أن يكون حين العتق بين العسر وأن يكون العبد حاضرا حقيقة أو حكما حين عتقه وإلا قوم عليه بعد حضوره (وأحكامه) أي أحكام المعتق بعضه وباقيه له أو لغيره (قبله) أي قبل الحكم عليه بعتق الباقي أو قبل تمام عتقه (كالقن) أي كأحكام القن الذي لا عتق فيه أصلا من شهادة ومنع من إرث وحدود وغيرها ما عدا وطئ الأنثى فلا يجوز لأنها مبعضة فإذا مات فماله لمالك بعضه (ولا يلزم استسعاء العبد) الذي أعتق بعض الشركاء فيه حصته منه ومنع من التقويم عليه مانع كعسره أو فقد شرط من الشروط المتقدمة وأبى الشريك الثاني من عتق منابه أي لا يلزمه أن يسعى لتحصيل قيمة بقيته ليدفعها لسيده المتمسك بالباقي ليخرج جميعه حرا إن طلب سيده منه ذلك
373 (ولا) يلزم من أعتق حصته (قبول مال الغير) ليدفعه في قيمة حصة شريكه وكذا لا يلزم شريكه ولا العبد ذلك (ولا) يلزم (تخليد القيمة في ذمة) المعتق (المعسر برضا الشريك) الذي لم يعتق إلى أجل معلوم وأما إلى يسره فظاهر أنه لا يجوز للجهل بأجل الثمن (ومن أعتق حصته لأجل قوم عليه) الآن ليدفع قيمة حصة شريكه الآن (ليعتق جميعه عنده) أي الاجل إذ القصد تساوي الحصتين (إلا أن يبت الثاني) عتق نصيبه أو يعتقه لأجل الأول أو دونه ( فنصيب الأول على حاله) فإن أعتقه الثاني لأجل أبعد من الأول بطل أجل الثاني عند أجل الأول وقوم على الأول عنده إلا أن يبت الثاني (وإن دبر) موسرا (حصته) دون الثاني (تقاوياه) ولا يقوم على من دبر قال مطرف معناه أن يقوم قيمة عدل ثم يقال لمن لم يدبر أتسلمه لمن دبر بهذه القيمة أم تزيد فإن زاد قيل لمن دبر أتسلمه لصاحبك بهذه القيمة أم تزيد وهكذا حتى يقف على حد (ليرق كله أو يدبر) كله وهذا ضعيف
374 والراجح أن المدبر الموسر يقوم عليه نصيب شريكه ليكون كله مدبرا كالتنجيز سواء وكلامه في العبد المشترك كما هو ظاهر من كلامه وأما المختص بشخص فأعتق بعضه لأجل أو دبر بعضه فيسري العتق أو التدبير للجميع كالتنجيز (وإن ادعى المعتق) لحصته (عيبه) أي عيب العبد المعتق بعضه عيبا خفيا كسرقة وإباق لتقل قيمته ولا بينة له على ذلك وادعى أن شريكه يعلم ذلك ولم يصدقه (فله) أي للمعتق (استحلافه) بأنه لا يعلم فيه العيب المذكور فإن نكل حلف المدعي بأن فيه ذلك العيب ويقوم معيبا (وإن أذن السيد) لعبده في عتق عبد مشترك بينه وبين آخر (أو) لم يأذن له ولكن (أجاز عتق عبده جزءا) له في عبد (قوم) نصيب الشريك (في مال السيد) الاعلى لأنه المعتق حقيقة حيث أذن أو أجاز والولاء له فإن كان عند السيد ما يفي بالقيمة فظاهر (وإن احتيج لبيع) العبد (المعتق) بالكسر لعدم ما يوفي بالقيمة عند سيده (بيع) ليوفي منه قيمة شريكه ولا مفهوم لقوله وإن احتيج لأن عبده من جملة ماله يتصرف فيه كيف شاء (وإن أعتق) شخص ( أول ولد) من أمته فولدت ولدين عتق الأول (ولم يعتق الثاني ولو مات) الأول حال خروجه فضمير مات عائد على الأول ولا يصح عوده للثاني فإن خرجا معا من بطنها عتقا معا كما إذا لم يعلم الأول منهما دفعا للترجيح بلا مرجح (وإن أعتق جنينا)
375 في بطن أمته (أو دبره فحر) بمجرد الولادة في الأول ومدبر في الثاني إن لم يتأخر لا كثر الحمل بل (وإن) تأخر (لأكثر) أمد (الحمل) من وقت انقطاع إرسال الزوج عليها وسواء كانت ظاهرة الحمل أم لا (إلا لزوج مرسل عليها) وهي غير ظاهرة الحمل وقت العتق أو التدبير (فلأقله) أي فلا يعتق أولا يكون مدبرا إلا ما وضعته لأقل أمد الحمل وهو ستة أشهر والصواب فلأقل أقله بأن وضعته في شهر أن شهرين أو ستة إلا ستة أيام فإن وضعته في ستة إلا خمسة أيام فأكثر فلا يكون حرا ولا مدبرا لاحتمال أو لا يكون حال قوله المذكور موجودا وإنما تكون بعد ولا يتحقق وجوده حال قوله المذكور إلا إذا أتت به لأقل من الستة وما في حكمها بأن أتت به لأقل من ستة أشهر بستة أيام فدون أو كانت ظاهرة الحمل (و) لو أعتق ما في بطن أمته من غيره وعليه دين محيط وقام عليه غرماؤه (بيعت) الأمة فيه كما هو ظاهر إذا لم يتعلق بها عتق ولا هي أم ولد (إن سبق العتق) لجنينها (دين) وكذا إن حدث بعد عتقه كما في المدونة فلذا قال ابن غازي صوابه وبيعت وإن سبق العتق دينا بإدخال واو النكاية على إن ورفع العتق على الفاعلية ونصب دينا على المفعولية وبذلك يوافق المدونة فتباع سواء كان الدين سابقا على عتق جنينها أو متأخرا عنه وسواء قام والغرماء عليه بعد وضعها أو قبله وجنينها كجزء منها فيباع معها ولذا قال: (ورق) جنينها المعتوق أو المدبر حيث بيعت قبل وضعه في الدين وكذا لو قاموا عليه بعد وضعه إن سبق الدين عتقه ولم يوف ثمنها بالدين فإن وفى لم يبع وكان حرا فإن كان العتق هو السابق بيعت وحدها والولد حر من رأس المال ولو ولدته بعد موته ولكن لا يفارقها (ولا يستثنى) الجنين (ببيع أو عتق) لامه أي لا يصح بيع حامل ويستثنى جنينها ولا عتقها ويستثنى بخلاف الوصية والهبة والصدقة فيجوز استثناء الجنين فيها
376 فإن أعتقها المعطي بفتح الطاء فحرة حاملة برقيق وهي من مسائل المعاياة (ولم يجز اشتراء ولي) أب أو غيره (من يعتق على ولد صغير) أو مجنون أو سفيه (بماله) أي بمال المحجور لما فيه من إتلافه عليه فإن وقع لم يتم البيع سواء علم الولي أنه يعتق على محجوره أم لا (ولا عبد لم يؤذن له) أي لا يجوز له شراء (من يعتق على سيده) لما فيه من إتلاف مال سيده فإن اشتراه لم يعتق عليه إلا أن يجيزه ومفهوم لم يؤذن له أنه إن أذن له في شرائه بعينه عتق على سيده لأنه كالوكيل عنه وإن كان الاذن له في التجارة فإن اشتراه غير عالم بعتقه على سيده وليس على المأذون دين محيط بماله عتق على سيده وإلا فلا لأنه إذا كان عالما لزم إتلاف مال السيد بغير إذنه لو قيل بالعتق وإذا كان على المأذون دين محيط تعلق حق الغرماء بما دفعه من المال في ثمنه وإن كان الاذن له في شراء عبد ما فاشترى من يعتق على سيده عالما لم يعتق على سيده ما لم يجزه كالذي قبله كذا استظهروا ومن المعلوم أنه لا يعتق على المأذون ولا غيره بحال من الأحوال إذ العبرة بسيد العبد ولا ينشأ عن الرقيق حرية بغير إذن سيده (وإن دفع عبد مالا) من عنده (لمن يشتريه به) من سيده فلا يخلو من أحوال ثلاثة أن يقول اشترني لنفسك أو لتعتقني أو لنفسي (فإن قال اشترني لنفسك) فاشتراه (فلا شئ عليه) أي على المشتري أي لا يلزمه ثمن ثان للبائع والبيع لازم (إن استثنى) المشتري (ماله) أي اشترط دخول مال العبد معه في عقد الشراء (وإلا) يستثن المشتري ماله (غرمه) أي الثمن ثانيا لبائعه لأنه لما لم يستثن ماله في البيع فقد اشتراه بمال السيد لأن العبد لا يتبعه ماله في البيع بخلاف العتق (و) إذا لزمه غرم الثمن لكونه لم يستثن ماله (بيع) العبد (فيه ) أي في الثمن إن لم يوجد عند المشتري فإن لم يوف ثمنه الآن بالثمن الأول بأن بيع بأقل منه اتبع المشتري بالباقي في ذمته (ولا رجوع له) أي للمشتري (على العبد) بما غرمه لسيده لأنه إنما اشتراه لنفسه (والولاء له) أي للمشتري إن أعتقه وكان الأولى حذف قوله ولا رجوع له الخ لأن هذا شئ لا يتوهم حتى ينص عليه مع إيهام قوله والولاء له أن هنا ولاء وليس كذلك
377 إذ العبد ملك لمشتريه وفي نسخة ابن غازي بعد قوله وإلا غرمه زيادة لفظ (كلتعتقني) وهو إشارة للقسم الثاني من الأقسام الثلاثة والتشبيه تام يعني أن العبد إذا دفع مالا لشخص على أن يشتريه من سيده به ويعتقه ففعل فالبيع لازم فإن كان المشتري استثنى ماله فإنه يعتق ولا يغرم المشتري الثمن ثانية للبائع وإن لم يستثن ماله غرم الثمن ثانية للبائع ولا يرجع بشئ على العبد وقد تم عتقه بمجرد الشراء وقوله وبيع فيه يرجع للصورتين وهما قوله اشترني لنفسك أو اشترني لتعتقني وقوله لا رجوع له على العبد والولاء له راجع للثانية أي مسألة العتق لأنه إذا اشتراه بماله على أن يعتقه ففعل عتق عليه بمجرد الشراء ويكون الولاء له سواء استثنى ماله أو لم يستثنه لغرمه الثمن ثانية إذا لم يستثنه ولا يرجع على العبد بشئ وعلى هذه النسخة فالنص على قوله ولا رجوع له الخ ظاهر لكن المعتمد أن العبد لا يكون حرا بمجرد الشراء بل يتوقف على تجديد عتق وعليه فقوله والولاء له أي إن أعتقه. وأشار للقسم الثالث بقوله: (وإن قال) العبد للمشتري اشترني (لنفسي) ففعل (فحر) بمجرد الشراء لملكه نفسه بعقد صحيح (وولاؤه لبائعه) لأن المشتري وكيل عن العبد فيما يصح مباشرته له (إن استثنى) المشتري (ماله) عند اشترائه (وإلا) يستثن ماله (رق) لبائعه أي بقي على رقه لأن المال ماله (وإن أعتق) سيد (عبيدا) أي بتل عتقهم (في مرضه) ولم يحملهم الثلث (أو أوصى بعتقهم ولو سماهم) أي عينهم بأسمائهم (ولم يحملهم الثلث) في المسألتين (أو أوصى بعتقه ثلثهم) أي ثلث عبيده ومثله إذا بتل عتق ثلثهم أي في مرضه (أو) أوصى (بعدد) أي بعتق عدد (سماه من أكثر) كثلاثة من تسعة ( أقرع) في المسائل الأربع (كالقسمة) وصفة القرعة في الأوليين أن يقوم كل واحد منهم ويكتب قيمة كل واحد مع اسمه في ورقة مفردة وتخلط الأوراق بحيث لا تميز واحدة من الباقي ثم تخرج ورقة وتفتح فمن وجد فيها اسمه عتق وينظر إلى قيمته فإن كانت قدر ثلث الميت اقتصر عليه وإن زادت عتق منه بقدر الثلث وإن نقصت أخرجت أخرى وعمل فيها كما عمل في الأولى وهكذا وصفتها في الثالثة أن يجزءوا ابتداء أثلاثا ويكتب في ورقة حر وفي اثنتين رق ثم تخلط الأوراق وتخرج واحدة ترمي على ثلث فمن خرج له حر
378 نظر فيه فإن حمله الثلث فواضح وإلا عمل فيه ما تقدم وأما الرابعة فإن عين العدد الذي سماه كزيد وعمرو من جملة أكثر وحمله الثلث فواضح وإلا سلك فيه ما تقدم وإن لم يعين كثلاثة من عبيدي فإنه ينسب عدد من سماه إلى عدد جميع رقيقه وبتلك النسبة يجزءون فإذا كانوا ثلاثة من تسعة جزئوا أثلاثا ومن اثني عشر جزئوا أرباعا ويجعل كل جزء على حدته من غير نظر لقيمة كل جزء ويكتب أوراق بقدر عدد الاجزاء واحدة فيها حر والباقي كل ورقة فيها رق ويعمل مثل ما تقدم في المسألة الثالثة (إلا أن يرتب) أي محل القرعة ما لم يرتب فإن رتب فلا قرعة والترتيب إما بالأداة كأعتقوا فلانا وهكذا أو بالزمان كأعتقوا فلانا الآن وفلانا في غد أو بالوصف كالأعلم فالأعلم (فيتبع) فيما قال ويقدم من قدمه إن حمله الثلث أو محمله فإن حمل جميعه وبقيت منه بقية عتق من الثاني محمل الثلث أو جميعه وهكذا إلى أن يبلغ الثلث (أو يقول) أعتقوا (ثلث كل) من عبيدي فيتبع (أو) أعتقوا (أنصافهم أو أثلاثهم) فيتبع ويعتق من كل ثلثه في الأولى والثالثة ومن كل نصفه في الثانية إن حمل الثلث ما ذكر وإلا عتق محمل الثلث من كل ولو قل (وتبع ) العبد (سيده بدين) له على سيده قبل أن يعتقه (إن لم يستثن) السيد (ماله) حال عتقه لأن القاعدة أن مال العبد يتبعه في العتق دون البيع ما لم يستثنه السيد فإن استثناه كاشهدوا أني قد انتزعت مال عبدي أو الدين الذي لعبدي أو أني أعتقه على أن ماله لي فإنه يكون للسيد وسقط عنه الدين الذي عليه (و) إن ادعى شخص على آخر أنه رقيقه وهو يدعي الحرية (رق) للمدعي (إن شهد) له (شاهد برقه) وحلف معه المدعي أنه رقيقه لأنه مال يثبت بشاهد ويمين (أو) شهد شاهد للغريم على (تقدم دين) على العتق فيرق العبد للغريم (وحلف) الغريم معه بأن الدين الذي لي على السيد متقدم على عتقه للعبد ومعناه أن السيد أعتق عبده وعليه دين فادعى رب الدين أن دينه سابق على العتق وأقام شاهدا على ذلك والمدين يدعي أن عتقه للعبد قبل الدين فالدائن يحلف مع شاهده ويرد عتق العبد ليباع في الدين فضمير وحلف عائد على المدعي الذي أقام شاهدا على دعواه الشامل لمدعي الرقية ولمدعي تقدم الدين فإن نكل حلف العبد في الأولى والمعتق في الثانية وكان القول له
379 (و) إن ادعى شخص إرث ميت بالولاء أو بالنسب (استؤنى بالمال) ولا يعجل بإعطائه للمدعي (إن شهد) للمدعي (شاهد) واحد (بالولاء) أو بالنسب (أو اثنان) بالسماع أي (أنهما لم يزالا يسمعان أنه) أي المدعي (مولاه) أي مولى الميت (أو) أنه (وارثه) فإن جاء أحد بأثبت منه استحق المال ومنعه وإلا دفع له (وحلف) عند الدفع مع شاهده أو مع بينة السماع ولا يثبت بذلك نسب ولا ولاء كما سيأتي له ذلك في باب الولاء لكنه يخالف ما قدمه في باب الشهادات من أن الولاء يثبت ببينة السماع ومثله النسب وأجيب بحمل ما في الشهادات على ما إذا كان السماع فاشيا وهو يفيد القطع وما هنا كالولاء على ما إذا كان سماعهما لا يفيد العلم بأن كان غير فاش بين الثقات وغيرهم (وإن شهد أحد الورثة) عند حاكم ( أو أقر أن أباه أعتق) قبل (موته عبدا) معينا من عبيده في صحته أو مرضه والثلث يحمله وأنكر ذلك غيره من الورثة (لم يجز) ذلك أي شهادة الشاهد أو إقراره بل يلغي (ولم يقوم) العبد (عليه) أي على الشاهد أو المقر وحصته من العبد تكون رقا له لأنه مقر لغيره ولا يمين على العبد مع شهادة هذا الشاهد نعم إن ملكه الشاهد بعد ذلك أو قسمت العبيد فنابه العبد عتق عليه كما يفيده قوله في باب الاستلحاق كشاهد ردت شهادته (وإن شهد) شريك (على شريكه) في عبد (بعتق نصيبه) والشريك يكذبه (فنصيب الشاهد حر إن أيسر شريكه) المشهود عليه ولا بعتق نصيب المشهود عليه إذ لا يثبت العتق إلا بشاهدين وإنما عتق نصيب الشاهد عند يسار شريكه لأن شهادته تضمنت اعترافه بعتق نصيب نفسه على شريكه وأن شريكه قد ظلمه في عدم دفع قيمة نصيبه له بإنكاره عتق نصيبه (والأكثر) من العلماء ( على نفيه) أي نفي عتق نصيب الشاهد مع يسر الشريك فلا يعتق من العبد شئ (كعسره ) المتفق عليه والراجح الأول وإن كان قول الأقل. (درس) باب في التدبير وأحكامه وهو لغة النظر في عواقب الأمور لتقع على الوجه الأكمل وشرعا قال المصنف : (التدبير تعليق مكلف) خرج الصبي والمجنون والمكره (رشيد) خرج العبد والسفيه فلا يصح تدبيرهما
380 (وإن) كان المكلف الرشيد (زوجة) دبرت (في زائد الثلث) أي فيما زاد على ثلث مالها وإن لم يكن لها غير ذلك العبد فيمضي ويلزمها وليس لزوجها رده بخلاف العتق وسائر التبرعات إذ لا ضرر على زوجها في ذلك لأن العبد في رقها إلى الموت وأما تدبيرها في الثلث فما دونه فلا خلاف في نفوذ (العتق) مفعول تعليق أي تعليقه نفوذ العتق لأن المعلق إنما هو نفوذه وأما إنشاؤه فمن الآن (بموته) أي موت المعلق بكسر اللام خرج المعلق على دخول دار مثلا أو زمن أو موت غيره فلا يسمى تدبيرا (لا على وصية) خرج ما علقه على موته على وجه الوصية فإنه عقد غير لازم يجوز الرجوع فيه بخلاف التدبير ومثل الوصية بقوله: (كإن مت من مرضى) هذا فأنت أو فعبدي حر (أو) إن مت من (سفري هذا ) فأنت حر (أو) قال في صحته أنت (حر بعد موتي) ولم يقيد بتدبير ولا غيره فوصية في الثلاثة غير لازمة وأما إن قال أنت مدبر بعد موتي فتدبير قطعا والحاصل أن التدبير ما كان على وجه الانبرام واللزوم لا على وجه الانحلال كأن يكون على وجه يكون أو لا يكون كالموت في المرض والسفر فإنه وصية ولو أتى بلفظ التدبير وكذا بعد موتي إذا لم يقيد بلفظ التدبير ومحل كونه وصية يجوز الرجوع فيه (ما لم يرده ) أي ما لم يقصد به التدبير فإن قصد التدبير بأن أتى بما يدل عليه كأن يقول حر بعد موتي بالتدبير أو إن مت من مرضي فعبدي حر ولا رجوع لي فيه أو لا يغير عن حاله ونحو ذلك فهو تدبير لازم
381 ومثل ذلك ما إذا أقر بأنه أراد بهذه الألفاظ التدبير ( و) ما (لم يعلقه) على شئ فإن علقه على شئ كان تدبيرا نحو إن كلمت زيدا أو دخلت الدار فأنت حر إن مت من مرضي أو سفري هذا أي وحصل المعلق عليه كالدخول إذ بحصول المعلق عليه لزم المعلق واللازم تدبير لا وصية (أو) قال (أنت حر بعد موتي بيوم) أو شهر أو نحو ذلك فوصية لا تدبير لكونه غير معلق على الموت وظاهره ولو أراده أو علق وقيل حذف من هنا قوله ما لم يرده ولم يعلق لدلالة الأول عليه وذكر صريحه بثلاث صيغ معلقا له بالمصدر وهو تعليق بقوله: (بدبرتك وأنت مدبر أو حر عن دبر منى) ودبر كل شئ ما وراءه بسكون الباء وضمها والجارحة بالضم أكثر وأنكر بعضهم الضم في غيرها ومحل كونه تدبيرا لازما إذا لم يصرفه للوصية كأن يقول ولي الرجوع أو الفسخ في ذلك وإلا كان وصية كما أن صريح الوصية نحو أعتقوه إذا مت أو هو حر إن مت أو بعد موتي إذا أراد به التدبير أو علقه انصرف للتدبير كما تقدم (ونفذ تدبير نصراني) أو يهودي (لمسلم) أي لعبده المسلم سواء اشتراه مسلما أو أسلم عنده قبل التدبير أو بعده ومعنى نفوذه لزومه وعدم فسخه (وأوجر له ) أي عليه لئلا يكون مستوليا على المسلم وتدفع أجرته لسيده فإذا مات عتق من ثلثه وولاؤه للمسلمين (و) من دبر أمته الحامل (تناول) التدبير (الحمل معها)
382 وأولى إن حملت به بعد التدبير لأن كل ذات رحم فولدها بمنزلتها (كولد لمدبر) حصل حمله (من أمته بعده) أي بعد تدبير أبيه فالحمل مدبر تبعا لأبيه وأما إن حملت به قبل تدبير أبيه فلا يدخل في التدبير لانفصال مائه عنه قبل تدبيره ( وصارت) أمته (به) أي بولدها الحاصل حملها به بعد تدبير أبيه (أم ولد) للمدبر (إن عتق) الولد بأن حمله الثلث مع أبيه (وقدم الأب عليه في الضيق) للثلث عن الأب وولده لتقدم تدبيره على تدبير الولد فلا يلزم من عتق الأب عتق الولد وهي إنما تصير أم ولد بعتقه لا بعتق أبيه والمعتمد أن الأب لا يقدم عند الضيق بل يتحاصان عنده وعليه فضمير إن عتق للأب أو للولد إذ يلزم من عتقه عتق ولده فإذا عتق بعض الولد للتحاصص فلا تكون أمه أم ولد لأن أم الولد هي الحر حملها أي كله من وطئ مالكها وكذا تتحاصص المدبرة وولدها عند الضيق (وللسيد نزع ماله) وله وطئ المدبرة ومحل الانتزاع (إن لم يمرض) السيد مرضا مخوفا وإلا لم يجز له انتزاعه لأنه ينتزعه لغيره ما لم يشترط السيد عند التدبير انتزاعه وإلا عمل بشرطه (و) للسيد (رهنه) أي رهن رقبة المدبر ليباع للغرماء ولو في حياة السيد إن سبق الدين على التدبير فإن تأخر عنه فإنما يجوز رهنه ليباع بعد موت السيد حيث لا مال له (و) للسيد (كتابته) فإن أدى عتق وإن عجز رجع مدبرا وإن مات سيده قبل الأداء عتق من ثلثه وسقط عنه باقي النجوم (لا) يجوز للسيد (إخراجه بغير حرية) كبيع وهبة وصدقة لأن فيه إرقاقه بعد جريان شائبة الحرية فيه
383 (وفسخ بيعه) إن وقع كهبته وصدقته (إن لم يعتق) فإن أعتقه المشتري أو الموهوب له قبل الفسخ مضى (والولاء له) أي لمن أعتقه لا لمن دبره ولا يرجع المشتري إذا أعتقه بالثمن على من دبره (كالمكاتب) لا يجوز بيعه وفسخ إن لم يعتق فإن أعتقه مشتريه فلا فسخ والولاء لمن أعتقه فالتشبيه تام (وإن جنى) المدبر فإن كان له مال يفي بجنايته دفع فيها وبقي مدبرا لسيده ولا خيار له كما في النقل خلافا لظاهر إطلاق المصنف وإن لم يكن له مال يفي بجنايته خير سيده بين فدائه وإسلامه (فإن فداه) بقي مدبرا (وإلا) يفده (أسلم خدمته) للمجني عليه (تقاضيا) أي شيئا بعد شئ حتى تستوفي الجناية فلو جنى جناية ثانية على شخص آخر فلا يختص الأول بالخدمة ( وحاصه) أي الأول (مجني عليه) من العبد (ثانيا) بعد إسلام خدمته في الجناية الأولى فيما بقي من الخدمة ويختص الأول بما استوفاه قبل محاصة الثاني من يوم ثبوت الجناية الثانية وهل معنى المحاصة القسمة نصفين أو على حسب ما لكل الظاهر الثاني وهو ظاهر المدونة (ورجع) مدبرا (إن وفى) أرش الجناية (وإن عتق) هذا الجاني (بموت سيده) بعد إسلامه خدمته وقبل استيفاء أرش الجناية (اتبع بالباقي) من الأرش في ذمته (أو) عتق (بعضه) ورق باقيه للوارث لضيق الثلث اتبع فيما عتق منه (بحصته) أي بما يقابل الجزء الحر لأن ما بقي من أرش الجناية يتعلق بعضه بالجزء الحر وبعضه بالجزء الرق فإذا كان الأرش عشرة ورق نصفه اتبع بخمسة (وخير الوارث) لبعضه الرق (في إسلام ما رق) منه ملكا للمجني عليه (أو فكه) بقدر ما يخصه من أرش الجناية وهو خمسة في مثالنا (وقوم) المدبر بعد موت سيده (بماله) أي معه لأنه صفة من صفاته والعبرة بالتقويم يوم النظر لا يوم موت السيد فيقال كم يساوي هذا العبد على أن له من المال كذا وكذا فإذا قيل مائة قيل
384 وكم ترك سيده فإذا قيل مائتين فأكثر خرج كله حرا لحمل الثلث له وتبعه ماله (وإذا لم يحمل الثلث إلا بعضه عتق) ذلك البعض ورق الباقي (وبقي ماله) كله (بيده) ملكا فإذا كانت قيمته بلا مال مائة وماله مائة وترك السيد مائة فإنه يعتق نصفه ويقر ماله بيده ملكا عند مالك وابن القاسم ووجه عتق نصفه أنه بماله مائتان وهما مع مائة السيد ثلاثمائة وثلثها مائة وهي نصف قيمته مع ماله فيعتق نصفه لحمل الثلث لنصفه فإن لم يترك السيد إلا العبد مجردا عتق ثلثه ولو كان قيمته بلا مال مائتين وللسيد مائة عتق نصفه لأن ثلث السيد مائة وهي نصف قيمة العبد. والحاصل أن الثلث إن حمل المدبر خرج حرا وإن لم يحمله عتق منه محمله ورق باقيه ووجه العمل فيه أن تنظر نسبة ثلث المال من قيمة رقبة العبد وبتلك النسبة يعتق من العبد كما لو ترك مدبرا قيمته مائة وترك مائة وأربعين فمجموع التركة مائتان وأربعون وثلثها ثمانون نسبتها من قيمة العبد أربعة أخماس فيعتق منه أربعة أخماسه مثال آخر مدبر قيمته خمسون وترك سيده عشرة فالمجموع ستون ثلثها عشرون نسبتها لقيمة العبد خمسان فيعتق منه خمساه (وإن) ضاق الثلث و ( كان لسيده دين مؤجل على) شخص (حاضر ملئ بيع) الدين (بالنقد) أي معجلا فإن ساوى الدين عشرين ومال السيد عشرون وقيمة المدبر عشرون عتق كله لحمل الثلث له وذكر مفهوم حاضر بقوله: (وإن) كان الدين على غائب (قربت غيبته) كاليومين والثلاثة والدين حال أو قرب حلوله (استؤنى قبضه) أي الدين أي استؤنى بعتق العبد حتى يقبض ذلك الدين فيعتق منه بقدر ثلث الحاضر وثلث ما قبض من الدين (وإلا) بأن كان الدين على معسر أو على غائب بعيد الغيبة أو على قريبها وبعد أجله (بيع) للغرماء من المدبر ما لم يحمله ثلث الحاضر (فإن حضر) المدين ( الغائب) غيبة بعيدة كقريبة مع بعد أجله (أو أيسر) المدين (المعدم بعد بيعه ) أي بيع المدبر لأجل الغرماء (عتق منه) أي من ثلث السيد بنسبة ذلك (حيث كان) المدبر أي سواء كان بيد الورثة أو بيد مشتريه ولو تداولته الاملاك (و) إن قال لعبده (أنت حر قبل موتي بسنة) مثلا صح العتق
385 لكن موته غير معلوم فالواجب النظر (إن كان السيد مليئا) حين قال لعبده ما ذكر (لم يوقف) العبد عن خدمة سيده بل يستمر يخدمه (فإن مات) السيد بعد ذلك (نظر) إلى حاله قبل موته بسنة (فإن صح) السيد أي كان صحيحا في أول السنة أو في أثنائها (اتبع) بالبناء للفاعل وضميره عائد على العبد أي اتبع العبد تركة سيده ويجوز بناؤه للمفعول ونائبه ضمير السيد والمعنى واحد أي اتبع العبد تركة سيده (بالخدمة) أي بأجرة خدمته التي خدمها له سنة قبل موته لأنه تبين أنه كان حرا من أولها فهو مالك لاجرته من أول السنة وعتق (من رأس المال) لأنه بصحة سيده في السنة ولو في آخرها صحة بينة تبين أنه معتق في الصحة ولا يضره ما أحدثه سيده من الدين في تلك السنة وإذا رجع بالخدمة سنة اتبعه الوارث بالنفقة عليه في تلك السنة (وإلا) يكن صحيحا في السنة بأن مرض مرضا مخوفا من أولها واستمر مريضا للموت (فمن الثلث) يعتق لأنه تبين أنه أعتقه في المرض (ولم يتبع) تركة سيده بخدمة سنة قبل موته لأن كل من يعتق من الثلث فغلته لسيده إذ النظر فيه بالتقويم إنما يكون بعد الموت وصرح بمفهوم مليئا وإن كان مفهوم شرط لما فيه من التفصيل فقال: ( وإن كان) السيد (غير ملئ) وقت قوله أنت حر قبل موتي بسنة (وقف خراج سنة) من يوم قوله المذكور على يد عدل بإذن الحاكم سواء كان المخدم له السيد أو غيره ( ثم) إذا تمت السنة وخدم العبد سيده أو غيره من السنة الثانية زمنا كيوم أو جمعة أو شهر على ما يقتضيه الحال (يعطي السيد مما وقف) من خراج السنة الماضية (ما خدم نظيره) أي يدفع لسيده من القدر الموقوف وهو أجرة السنة الأولى نظير القدر الذي خدمه العبد في السنة الثانية وهكذا في سنة ثالثة ورابعة وخامسة إلى أن يموت السيد فالسيد نائب فاعل يعطي وفي نسخة يعطي مما وقف بإسقاط لفظ السيد فنائب الفاعل ضمير يعود عليه ومما وقف متعلق بيعطي وما مفعول يعطي الثاني وفاعل خدم ضمير العبد ونظيره مفعول خدم ولو قال المصنف نظير ما خدم لكان أوضح وأخصر أي يعطي السيد مما وقف في السنة الماضية نظير ما خدمه العبد في السنة المستقبلة أن يوما فيوما وإن شهرا فشهرا مثلا فإن مات السيد نظر إلى حاله قبل موته بسنة فإن صح فيها أخذ العبد ما بقي لأنه أجرة سنة وإن مرضها عتق من الثلث
386 والموقوف للسيد يستحقه الورثة (وبطل التدبير بقتل سيده) أي بقتل العبد لسيده (عمدا) عدوانا لا في باغية ويقتل به فإن استحياه الورثة بطل تدبيره وكان رقا لهم فلو قتله خطأ عتق في مال سيده لا في ديته التي تؤخذ منه وليس على عاقلته منها شئ لأنه إنما قتل وهو مملوك (و) بطل التدبير (باستغراق الدين له) أي للمدبر أي لقيمته (وللتركة) وسواء كان الدين سابقا أو لاحقا إن مات السيد وأما في حياته فإنما يبطله السابق فإذا كان عليه مائة والعبد يساوي خمسين وترك خمسين فأقل بطل التدبير كله (و) بطل (بعضه) أي التدبير (بمجاوزة الثلث) من إضافة المصدر لمفعوله أي بمجاوزة البعض لثلث الميت لأنه إنما يخرج منه كما لو كانت قيمته خمسة وتركة سيده خمسة ولا دين فثلث التركة ثلاثة وثلث هي قيمة ثلثي المدبر فيعتق ثلثاه ويرق ثلثه (وله) أي للمدبر (حكم الرق) في خدمته وحدوده وعدم حد قاذفه وعدم قبول شهادته وغير ذلك في حياة سيده بل (وإن مات سيده حتى يعتق فيما وجد) من مال سيده (حينئذ) أي حين العتق الذي لا يكون إلا بعد تقويمه ومعرفة مقدار مال السيد وما ينوب المدبر من ذلك فلو تلف بعض مال السيد بعد موته وقبل العتق فإنما يعتق فيما بقي ولا ينظر لما هلك قبل عتقه (و) إن قال لعبده (أنت حر بعد موتي وموت فلان) قيد بشهر مثلا أم لا توقف عتقه على موتهما معا وكأنه قال إن مات فلان فأنت حر بعد موتي وإن مت أنا فأنت حر بعد موت فلان فكأنه علق عتقه على موت الأخير منهما و (عتق من الثلث أيضا) أي كما يعتق المدبر من الثلث (ولا رجوع له) أي لسيده فيما عقده فيه من الحرية بل يبقى بعد موت سيده يخدم ورثته حتى يموت فلان فإن مات فلان قبل السيد استمر يخدم السيد ( وإن قال) في صحته لعبده أنت حر (بعد موت فلان بشهر) مثلا وكذا إن لم يقل بشهر (فمعتق لأجل) يعتق عند وجود المعلق عليه (من رأس المال) ولا
387 يلحقه دين ويخدم إلى الاجل فإن قال ما ذكر في مرضه عتق بعد موت فلان من الثلث وخدم الورثة حتى يتم الاجل بموت فلان واحترز بقوله بعد موت فلان بشهر عما إذا قال بعد موتي بشهر مثلا فإنه يكون وصية ما لم يرد به التدبير أو يعلقه كما تقدم. (درس) باب في أحكام الكتابة والمكاتب مأخوذ من الكتاب بمعنى الاجل المضروب كما في قوله تعالى: * (إلا ولها كتاب معلوم) * أي أجل أو من الكتب بمعنى الالزام كما في قوله تعالى: * (كتب عليكم الصيام) * أي ألزمكم وقوله تعالى: * (كتب ربكم على نفسه الرحمة) * أي ألزم نفسه والعبد التزم لسيده أداء النجوم وهي شرعا عرفها ابن عرفة بقوله عتق على مال مؤجل من العبد موقوف على أدائه فخرج ما على مال معجل فقطاعة ومؤجل على أجنبي وما لم يكن على مال أصلا كالعتق المبتل والذي لأجل والتدبير ولم يعرفها المصنف وإنما بين حكمها فقال: (ندب مكاتبه أهل التبرع) بكل ماله أو ببعضه كالزوجة والمريض أي ندب لأهل التبرع أن يكاتب عبده فمكاتبة مصدر مضاف لفاعله ومحل الندب إن طلب الرقيق ذلك وإلا لم تندب ومفهومه أن غير أهل التبرع لا تندب مكاتبته وما وراء ذلك شئ آخر فإن كان صبيا أو سفيها كانت مكاتبته باطلة وإن كان مريضا أو زوجة كانت صحيحة موقوفة على إجازة الورثة والزوج لا باطلة كالعتق لأنها هنا بعوض وبطلانها من الصبي والسفيه مبني على أنها عتق وأما على أنها بيع فتكون صحيحة متوقفا لزومها على إجازة وليهما (و) ندب لسيده (حط جزء) من أجزائها عنه وندب أن يكون (آخرا)
388 من نجومها ليحصل به الاستعانة على العتق فالأولى للمصنف أن يقول وآخرا بالواو ليفيد أنه مندوب آخر (ولم يجبر العبد عليها) أي على الكتابة أي على قبول كتابة سيده له (والمأخوذ منها) أي من المدونة (الجبر) وقيل إذا جعل عليه سيده مثل خراجه والأولى أن يقول وأخذ منها الجبر لأنه كما أخذ منها الجبر أخذ منها عدمه وكلامه يفيد الحصر وأركان الكتابة أربعة سيد مكاتب بالكسر وشرطه أن يكون من أهل التبرع ورقيق مكاتب بالفتح وقد أفادهما بقوله ندب الخ وصيغة وأشار لها بقوله: ( بكاتبتك ونحوه) كأنت مكاتب ومكاتب به وإليه أشار بقوله: (بكذا) أو بعتك نفسك بكذا أو معتق على كذا قل أو كثر واختلف في لزوم تنجيمه فقيل يلزم تنجيمه فإذا وقعت الكتابة بغير تنجيم فهي صحيحة وتنجم لزوما وهذا هو الراجح وقال ابن رشد الصحيح جوازها حالة ولا يجب التنجيم لكنها إن وقعت حالة فقطاعة وإلى هذا الخلاف أشار بقوله: (وظاهرها اشتراط التنجيم وصحح خلافه) واعترض على المصنف بأن مقتضى كلامه أن ظاهر المدونة أن التنجيم شرط صحة فإذا لم ينجم فسدت وليس كذلك بل هي صحيحة قطعا ويصار إلى التنجيم وجوبا فكان عليه إبدال اشتراط بلزوم بأن يقول وظاهرها لزوم التنجيم وإلا ظهر خلافه لأنه لابن رشد والمذهب الأول والمراد بالتنجيم التأخير لأجل معلوم ولو نجما واحدا لأجعلها نجوما متعددة ثم محل لزوم التنجيم ما لم تقم قرينة على أن مراد السيد القطاعة وإلا فلا (وجاز) عقد الكتابة
389 (بغرر) إن لم يشتد الغرر بأن يقدر على تسليمه في الجملة قياسا على الخلع لا النكاح إذ الأصل في العتق أن يكون مجانا فلا يضر كونه على شئ مترقب الوجود (كأبق ) وبعير شارد وثمر لم يبد صلاحه (وجنين) لحيوان ناطق أو غيره (وعبد فلان) وهو غير آبق وإلا فلا لاشتداد الغرر (لا لؤلؤ) جمع لؤلؤة (لم يوصف) فلا يجوز ولا تصح الكتابة عليه لشدة الغرر لعدم الإحاطة بصفة اللؤلؤ (أو كخمر) أو خنزير لأنه غير متمول فلا تجوز الكتابة به (ورجع) إن وقعت بالخمر ونحوه (لكتابة مثله) وأما باللؤلؤ الذي لم يوصف فباطلة ولا يرجع فيه لكتابة مثله على الأرجح (و) جاز لسيده (فسخ ما عليه) أي على المكاتب من نجوم الكتابة (في مؤخر) أي في شئ يتأخر قبضه كمنافع دار أو دابة يستوفي النجوم من أجرتها لتشوف الشارع للحرية ( أو كذهب) يؤخذ (عن ورق) كوتب به (وعكسه) مؤجلا للتشوف المذكور وكذا يجوز صغ وتعجل وبيع طعام من نجوم الكتابة قبل قبضه (و) جاز (مكاتبة ولي) أب أو غيره (ما) أي رقيقا (لمحجوره) صبي أو سفيه أو مجنون (بالمصلحة) وإلا لم يجز وأشعر قوله مكاتبة إن عتقه على مال معجل لم يجز لعدم المصلحة إذ لو شاء لانتزعه له (و) جاز للسيد (مكاتبة أمة) بالغة
390 برضاها (و) مكاتبة (صغير) ذكر أو أنثى بناء على القول بجبر العبد على الكتابة لا على عدمه إذ لا بد من رضاه ورضا الصغير غير معتبر أشار له أبو الحسن فهو مشهور مبني على ضعيف (وإن بلا مال) لهما (و) لا (كسب) لهما لكن لا بد من قدرتهما على الكسب وإلا لم يجز (و) جاز للسيد (بيع كتابة أو جزء) منها معين كربعها وهي معلومة أو نجم معلوم فيباع النقد بعرض حال والعرض بعرض مخالف أو بعين حال لا لأجل لئلا يلزم الدين بالدين أي إن باعها لغير العبد وأما له فجائز على كل حال قاله عبد الوهاب قال ابن عرفة ولا بد من حضور المكاتب ولا يكفي قرب غيبته كما في الدين لأن رقبته مبيعة على تقدير عجزه فلا بد من معرفتها (لا) بيع (نجم) من نجومها فلا يجوز لكثرة الغرر وهذا حيث لم يعلم قدره أو علم وجهلت نسبته لباقي النجوم فإن علم قدره ونسبته لباقيها جاز بيعه لأن الشراء وقع على معين معلوم كما أشرنا له آنفا وحيث جاز بيع كل الكتابة أو جزئها (فإن وفى) ذلك للمشتري وخرج حرا (فالولاء للأول) وهو البائع لانعقاده له والمشتري قد استوفى ما اشتراه (وإلا) يوف (رق للمشتري) إن اشترى الكتابة كلها وقدر ما يقابل ما اشترى إن اشترى بعضها ولو النجم الأخير فإن اشترى لمكاتب كتابته وعجز رق لسيده (و) جاز (إقرار مريض) كاتب عبده في صحته (بقبضها) أي الكتابة من مكاتبه فيخرج حرا (إن ورث) المقر حال كونه ( غير كلالة) بأن ورثه
391 ولد ولو أنثى لعدم التهمة حينئذ فالكلالة ما ليس فيها ولد ولو كان فيها أب على المعتمد وغيرها ما فيها ولد فإن ورثه كلالة فإن كان الثلث يحمله صدق أيضا لأنه يجوز له أن يعتقه حينئذ وإلا لم يصدق فلا يعتق حتى يؤدي النجوم للورثة أو تشهد له بينة بالأداء لسيده فلو كان كاتبه في مرضه وأقر بقبضها فيه فإن حمله الثلث عتق وإلا عتق منه محمله إلا أن يجيز الورثة الجميع (و) جاز ( مكاتبته) أي المريض لعبده (بلا محاباة) في كتابته (وإلا) بأن كاتبه بمحاباة أي رخص بأن كانت كتابته في الواقع عشرين فكاتبه بعشرة فقد حاباه بعشرة (ففي ثلثه) فإن حمل الثلث تلك المحاباة عتق وإلا عتق محمله فإذا كانت المحاباة بعشرة وترك الميت عشرين فالمجموع ثلاثون فإنه يعتق كله ولو ترك خمسة كان المجموع خمسة عشر فيعتق منه ما قابل خمسة وهو ربع العبد زيادة على نصفه الذي في مقابلة العشرة التي وقع عليها الكتابة وأداها فيعتق حينئذ ثلاثة أرباعه ويرق ربعه للورثة فقوله: وإلا الخ راجع لصورة المحاباة فقط لا لها ولصورة المريض إذا ورث كلالة لأنه إذا لم يحمله الثلث فيها لم يعتق إلا إذا أدى جميع النجوم للورثة كما تقدم (و) جازت (مكاتبة جماعة) من عبيد (لمالك) واحد بعقد واحد فإذا وقع (فتوزع على) قدر (قوتهم على الأداء) وتعتبر القوة (يوم العقد) لكتابتهم لا بعد يوم العقد وإن تغير الحال الأول ولا على عددهم ولا على قيمتهم فلو انعقدت عليهم ومعهم صغير لا قدرة له على الأداء لم يتبع بشئ ولو قدر بعد قبل انقضائها
392 (وهم) أي جماعة العبيد المذكورين (وإن زمن أحدهم) أي طرأت زمانته أي عجزه ( حملاء) بعضهم عن بعض (مطلقا) اشترط ذلك عليهم في صلب العقد أم لا بخلاف حمالة الديون إنما تكون بالشرط وأما الزمن يوم العقد فلا شئ عليه أصالة ولا حمالة كما هو معنى ما قبله (فيؤخذ من الملئ) منهم (الجميع) ولا يعتق واحد منهم إلا بأداء الجميع كما هو مقتضى الحمالة وأفهم قوله من الملئ أنهم لو كانوا كلهم أولياء لم يجز للسيد أن يأخذ من أحدهم ما على الآخر بل يتبع كلا بما ينو به وهو المشهور (و) إذا أخذ من الملئ جميع ما عليه وعلى أصحابه فالمؤدي منهم أو وارثه (يرجع) على من أدى عنه بحكم التوزيع ومحل الرجوع (إن لم يعتق) المدفوع عنه ( على الدافع) فإن كان يعتق عليه كأصله أو فرعه أو أخيه لم يرجع عليه بشئ (ولم يكن) المدفوع عنه (زوجا) للدافع وإلا لم يرجع (ولا يسقط عنهم شئ) من النجوم ( بموت واحد) أو أكثر منهم إلا واحد لغرم الجميع لكونهم حملاء عن بعضهم (وللسيد عتق قوي منهم) على الأداء أي تنجيزه مجانا بشرطين (إن رضي الجميع) بذلك ( وقووا) على الأداء وتسقط حينئذ عنهم حصته فإن لم يكن لهم قوة لم يجز له عتقه ولا عبرة برضاهم كما أنه لا عبرة برضاهم ولا قوتهم إذا أعتق ضعيفا أي لا قدرة له على سعي ولا مال عنده ولو طرأ عليه العجز فيجوز مطلقا نعم إن طرأ عليه العجز سقط عنهم منابه وأما العاجز أصالة فلا شئ عليه حتى يسقط وذكر مفهوم الشرط الأول لما فيه من التفصيل بقوله: (فإن رد) عتق القوي منهم بأن لم يرضوا به (ثم عجزوا) عن الوفاء (صح عتقه) لكشف الغيب أنه لا عبرة بردهم (و) جاز (الخيار فيها) أي الكتابة أي في عقدها بمعنى أنه يجوز لأحدهما أولهما أن يجعل الخيار لصاحبه أو لأجنبي في حل عقدها وفي إجازته قل الزمن الذي جعل ظرفا للخيار أو كثر ولو زاد على الشهر بخلاف البيع (و) جاز (مكاتبة شريكين) في عبد صفقة واحدة (بمال واحد) أي متحد قدرا وصفة وأجلا واقتضاء وإلا منع فإن شرط كل واحد أن يقتضي لنفسه
393 دون صاحبه فسد الشرط وما قبضه بينهما على قدر نصيب كل (لا) كتابة (أحدهما) دون شريكه فلا تجوز ولو أذن له شريكه (أو) كتابتهما (بمالين) مختلفين بأن غاير أحدهما صاحبه في القدر أو في الجنس أو في الصفة والعقد متحد فلا يجوز (أو بمتحد ) أي بمال متحد (بعقدين) فلا يجوز وإذا لم يجز (فيفسخ) في المسائل الثلاثة لأنه يؤدي لعتق بعض العبد دون تقويم لبقيته على من أعتق نصيبه لأن التقويم إنما يكون على من أنشأ العتق دون من أنشأ سببه وهو الكتابة (و) جاز (رضا أحدهما بتقديم الآخر) بنجم حل على أن يأخذ الآخر نظير حصته فيه مما بعده من غير اشتراط ذلك في صلب العقد وإلا منع وفسد كما قدمه فالمضر الدخول على ذلك أما الرضا به بعد العقد الجائز فلا ضرر فيه لأنه من باب المعروف فإن وفى لعبد فواضح (و) إن عجز (رجع) من رضي بتقديم صاحبه (لعجز) من المكاتب (بحصته) أي ما يخصه من النجم الأول الذي قبضه صاحبه لأنه سلف منه له وكان العبد مشتركا بينهما وشبه في الجواز إن رضي الشريك قوله: (كأن قاطعه) أي قاطع أحد الشريكين العبد (بإذنه ) أي بإذن شريكه (من عشرين) حصة المقاطع بكسر الطاء في كتابة منجمة (على عشرة ) معجلة وصورتها أنهما كاتباه بعقد واحد بمال واحد هو أربعون دينارا مثلا عشرون منها تحل على رأس المحرم والأخرى على رأس رجب أو كانت كلها لأجل واحد فطلب أحد الشريكين أن يستقل بالعشرين الأولى ويترك الأخرى لصاحبه وأن يقاطع العبد بعشرة من العشرين ليأخذها
394 معجلة فأذن له شريكه في ذلك لا يجوز فإذا أخذ العشرة عن العشرين فلا يخلو إما أن يوفي العشرين الباقية للشريك الثاني أو لا (فإن عجز ) المكاتب عن أداء العشرين الأخرى للشريك الآخر (خير المقاطع) بكسر الطاء ( بين رد ما فضل به شريكه) وقد فضله بخمسة فيردها له ويبقى العبد رقا لهما (وبين إسلام حصته) من العبد (رقا) للذي لم يقاطع فيصير العبد كله رقا له والموضوع أن الآذن لم يقبض شيئا فإن قبض دون المأذون دفع له المأذون مما قبضه ما يساويه فيه فإذا قبض الآذن ستة دفع له المأذون اثنين ليكمل لكل ثمانية وأما لو قبض مثل ما قبض المقاطع أو أكثر فلا خيار للمقاطع ويرجع العبد بينهما رقا وهذا هو معنى قوله: (ولا رجوع له) أي للمقاطع (على الآذن وإن قبض الأكثر) فليس هذا من متعلقات التخيير لأنه إنما يثبت إذا لم يقبض الآذن شيئا أو قبض الأقل وكان الأولى حذف الواو وإن أجيب بأنها للحال وإن مثل قبض الأكثر قبض المساوي بالأولى ولو قال لا إن قبض مثله فأكثر لكان أخصر وأوضح أي فلا يخير (فإن مات) المكاتب بعد أخذ المقاطع ما قاطع به عن مال (أخذ الآذن ماله) أي جميع ماله أي للآذن وهو العشرون (بلا نقص) حلت الكتابة أو لم تحل لأنها تحل بالموت (إن تركه) أي ترك المال ثم يكون ما فضل بعد ذلك بين الذي قاطعه وبين شريكه على قدر حصصهما في المكاتب (وإلا) يترك مالا (فلا شئ له) أي للآذن على المقاطع سواء قبض القطاعة كلها أو بعضها قبض الآذن شيئا أو لا (وعتق أحدهما) أي الشريكين نصيبه من المكاتب
395 في صحته (وضع لماله) بفتح اللام أي للذي له من النجوم ولي بعتق حقيقة فإذا كان المكاتب بينهما نصفين سقط عنه نصف كل نجم وتظهر فائدة ذلك فيما لو عجز عن أداء نصيب الآخر فإنه يرق كله لأنه إنما كان خفف عنه لتتم له الحرية فلما لم تتم رجع رقيقا وقد حل له ما أخذه منه (إلا إن قصد العتق) بأن يصرح بأن قصده العتق حقيقة لا الوضع أو يفهم منه ذلك بقرينة فيعتق الآن ويقوم عليه حصة شريكه بشرطه فقوله وعتق أحدهما وضع أي إذا قصد الوضع أولا قصد له وقوله إلا إن قصد العتق أي فك الرقبة بلفظ صريح أو قرينة فلم يكن فيه استثناء الشئ من نفسه (كإن فعلت) كذا بفتح التاء وضمها (فنصفك حر) تشبيه فيما قبل الاستثناء غير تام (فكاتبه ثم فعل) المعلق عليه (وضع) عن المكاتب (النصف) أي نصف الكتابة ولم يكتف عن الجواب بالتشبيه لافادته بالجواب أن التشبيه غير تام إذ يوضع النصف في هذا ولو قصد فك الرقبة لأنه في حال النفوذ لم يكن في ملك سيده حقيقة لتعلق البيع به بناء على أن الكتابة بيع فلم يكن لنية العتق تأثير حال النفوذ ثم إن أدى النصف الذي بقي من الكتابة خرج حرا (ورق كله إن عجز) راجع للمسألتين ما بعد الكاف وما قبلها مما قبل الاستثناء. ولما كانت تصرفات المكاتب كالحر لأنه أحرز نفسه وماله إلا في التبرع والمحاباة التي تؤدي إلى عجزه فيمنع منها لأن الكتابة عقد يترقب به عتق العبد فما كان بعوض جاز وما لا فلا نبه المصنف على ذلك فقال: (وللمكاتب بلا إذن) من سيده (بيع واشتراء ومشاركة ومقارضة ومكاتبة) لرقيقه لابتغاء الفضل وإلا لم يجز فإن عجز الاعلى أدى الأسفل إلى السيد الاعلى وعتق وولاؤه له ولا يرجع للسيد الأسفل إن عتق بعد ذلك (واستخلاف عاقد لامته) أي له أن يزوج أمته ويستخلف أي يوكل من يعقد لها وجوبا لأنه لا يباشر ذلك لشائبة الرق فيه (و) له (إسلامها) أي الذات المملوكة له ولو ذكرا في جنايتها (أو فداؤها) بغير إذن سيده (إن جنت) تلك الذات وقوله: (بالنظر) راجع لجميع ما قدمه
396 وهو محمول عليه في جميع ما قدمه إلا في تزويج أمته فلا بد من إثباته لأن النكاح نقص قاله أبو الحسن (و) له (سفر) قريب بغير إذن (لا يحل فيه نجم و) له (إقرار في رقبته) أي ذمته كدين وكذا في بدنه كحد وتعزير (و) له ( إسقاط شفعته لا عتق) لرقيقه فليس له بغير إذن (وإن قريبا) له كولده وللسيد رده (و) لا (هبة) من ماله لغير ثواب (و) لا (صدقة) إلا بالتافه ككسرة (و ) لا (تزويج) بغير إذن لسيده رده ولو بعد دخوله ولها حينئذ ربع دينار ولا تتبعه بما زاد إن عتق والصواب تعبيره بتزوج دون تزويج لأن التزويج فعله بالغير والتزوج فعله لنفسه وأشعر قوله تزويج أن له التسري وهو كذلك لأن التسري لا يعيبه بخلاف التزوج (و) لا (إقرار بجناية خطأ و) لا (سفر بعد) وأن لم يحل فيه نجم (إلا بإذن) راجع للجميع حتى الصدقة والعتق ولما كانت الكتابة من العقود اللازمة فليس للسيد ولا للعبد حلها إلا لعذر قال: (وله تعجيز نفسه) بعد حلول الكتابة كلها فيرجع رقيقا (إن اتفقا) أي المكاتب وسيده عليه (ولم يظهر له مال) لأن حق الله قد ارتفع بالعذر وهو ظهور العجز ولا يحتاج في ذلك للرفع إلى الحاكم وإن اختلفا فليس لمن أراده تعجيز وإنما ينظر الحاكم بالاجتهاد
397 وفصل ابن رشد بين أن يريده العبد فله ذلك من غير حاكم أو يريده السيد فلا بد من الحاكم ولو ظهر له مال منع ولو اتفقا عليه لحق الله تعالى وإذا عجز نفسه بالشرطين (فيرق) أي يرجع قنا لا شائبة فيه (ولو ظهر له) بعد التعجيز (مال) أخفاه عن السيد أو لم يعلم به ورد بلو على من قال يرجع مكاتبا (كأن عجز عن شئ) من النجوم وإن ردهما فيرق لأن عجزه عن البعض كعجزه عن الكل (أو غاب) بغير إذن سيده (عند المحل) أي حلول الكتابة (ولا مال له) جملة حالية أي والحال أنه ليس له مال يؤخذ منه النجوم أو الباقي منها وظاهره قربت غيبته أو بعدت كان مليا هناك أم لا وهو ظاهر لاحتمال تلف ما بيده فإن غاب بإذنه لم يعجزه بذلك (وفسخ الحاكم) كتابته في المسألتين لأنها لا تنفسخ حينئذ إلا بالحكم لكن إن أبى العبد الحاضر في الأولى فإن اتفق مع سيده على التعجيز لم يحتج لحكم وكذا إن أراد العبد التعجيز وأباه السيد لم يحتج لحكم على ما تقدم لابن رشد وأما المسألة الثانية وهي غيبة العبد بلا إذن عند المحل فلا بد في التعجيز من الحكم قربت الغيبة أو بعدت وقوله: (وتلوم لمن يرجوه) راجع للمسألتين أيضا أي لمن يرجو يسره في الحاضر العاجز عن شئ وفي الغائب إن قربت غيبته ورجى قدومه لا إن بعدت أو لم يرج له يسار أو جهل حاله ( كالقطاعة) بكسر القاف أفصح من فتحها وهو تشبيه تام أي إذا عجز العبد عما قوطع عليه فإن الحاكم يفسخ عقد القطاعة بعد التلوم بالنظر سواء وقعت القطاعة على مؤجل أو حال ولها صورتان إحداهما أن يعتقه على مال حال والثانية أن يفسخ ما عليه من نجوم الكتابة في شئ وإن كان مؤجلا وقوله: (ولو شرط) السيد (خلافه) مبالغة في التلوم لمن يرجو يسره في القطاعة وفيما قبلها من المسألتين وفي فسخ الحاكم أي يفسخ الحاكم بعد التلوم لمن يرجو يسره ولو شرط السيد على عبده خلاف التلوم بأن شرط عليه أنه متى عجز عن شئ أو غاب بلا إذن أو عجز عما قاطعه عليه فهو رقيق بغير تلوم وفسخ من حاكم فلا ينفعه شرطه ولا بد منهما (وقبض) الحاكم وجوبا الكتاب من المكاتب (إن غاب سيده) ولا وكيل له خاص لأن الحاكم وكيل من لا وكيل له (وإن) أراد المكاتب تعجيلها (قبل محلها) أي حلولها وسواء
398 كانت عينا أو عرضا لأن الاجل فيها من حق المكاتب إذ القصد بتأجيل الكتابة التخفيف عن المكاتب ( وفسخت) الكتابة (إن مات) المكاتب قبل الوفاء وقبل الحكم على السيد بقبضها أو قبل الاشهاد عليه بأن أتى بها لسيده فلم يقبلها ببلد لا حاكم به يجبره على قبولها (وإن) مات (عن مال) يفي بكتابته فيكون رقيقا وماله لسيده فإن حكم حاكم على سيده بقبضها أو أحضرها للسيد فلم يقبلها منه فأشهد عليه بذلك ثم مات فلا تفسخ ويكون حرا تنفذ وصاياه وماله لورثته (إلا لولد أو غيره) كأجنبي (دخل) كل (معه) في الكتابة (بشرط أو غيره) فلا تنفسخ أما دخول الولد بشرط فكأن يكاتب عبده وأمته حامل منه قبل عقد الكتابة فلا يدخل معه في الكتابة إلا بشرط إدخاله معه وأولى لو كان مولودا عند عقدها وأما دخوله بلا شرط فكأن يحدث في بطن أمته بعد عقدها وأما دخول الأجنبي بشرط فظاهر وأما دخوله بلا شرط فكأن يشتري المكاتب من يعتق عليه في زمن الكتابة بإذن سيده وصار كمن عقدت الكتابة عليه كما في المدونة وإذا لم تنفسخ فإن ترك ما يفي بها (فتؤدى حالة) مما تركه لأنه يحل بالموت ما أجل كما مر (و) إذا أديت حالة وفضل بعد الأداء شئ مما تركه ( ورثه من) كان (معه في الكتابة فقط) دون من ليس معه ولو ابنا (ممن يعتق عليه ) كفرعه وأصله وإخوته دون من لم يعتق عليه فلو كان له ولد ليس معه في الكتابة وأخ معه فيها فالذي يرثه الأخ الذي معه فزوجته لا ترثه ولو كانت معه في الكتابة لأنها لا تعتق عليه وكذا عمه ونحوه ولو كان معه في عقد الكتابة جماعة كلهم ممن يعتق عليه فالإرث بينهم على فرائض الله تعالى فيحجب الأخ بالأب أو الابن والجد بالأب وهكذا (وإن لم يترك وفاء) بالنجوم بأن لم يترك شيئا أصلا أو ترك شيئا قليلا لا يوفي بها (وقوي ولده) الذي معه في الكتابة ولا مفهوم لولده فلو قال وقوي من معه ليشمل الأجنبي كان أحسن (على السعي) على أداء النجوم (سعوا) وأدوها وعتقوا وإلا رقوا (وترك متروكه) إن كان (للولد) الذكر والأنثى (إن أمن) وقوي على السعي
399 والأرق ولا يدفع له شئ (كأم ولده) التي معه في الكتابة إن أمنت وقويت على السعي يدفع لها متروكه لتستعين به على أداء النجوم أي إذا لم يكن للولد الذي معها قوة وأمانة فإن كان له ذلك فلا يدفع المتروك إلا له وهي حينئذ تبع له فإن لم يكن في واحد منهما أمانة وقوة رقا للسيد ولا يدفع لهما شئ إلا أن يكون في ثمنها ما يفي بالنجوم فتباع ليعتق الولد كما إذا لم يترك المكاتب شيئا ولم يكن لهما ولا لأحدهما قوة فتباع الام ليعتق الولد إن كان في ثمنها وفاء والحاصل أن المكاتب إذا مات وكان معه في الكتابة غيره فإن من معه يطالب بالسعي إن قوي مطلقا ترك شيئا لا يفي أم لا كان من معه يعتق عليه أم لا وأما متروكه مما ليس فيه وفاء فإنما يترك للولد إن قوي وأمن وإلا فلامه إن كانت وقويت وأمنت وإلا استوفاه سيد المكاتب وباع أم الولد ليكمل عليه ما يوفي بالنجوم ليعتق الولد فإن لم يوف ثمنها فالكل رقيق فلو كانت النجوم مائة وترك المكاتب خمسين ولم يكن فيمن معه في الكتابة ولد ولا أم ولد فسيده يأخذ الخمسين ولا يتركها لاحد ويقال لمن معه إن كان فيكم قوة فاسعوا وإلا فرقيق (وإن) أعتق عبده القن أو كاتبه أو قاطع عن كتابة مكاتب على مال معين أو موصوف ثم (وجد العوض) عن المذكورات الثلاثة (معيبا أو استحق) من يد السيد حال كون ما ذكر من المعيب أو المستحق (موصوفا ) فهو حال منهما وجواب أن محذوف تقديره رجع بمثله ولو مقوما كثوب وشاة صفتها كذا على المعتمد لا بقيمة المقوم الموصوف وذكر مفهوم موصوفا الراجع لكل من المعيب والمستحق بقوله: (كمعين) من مثلي أو مقوم وقع عقد العتق أو الكتابة أو القطاعة عليه كهذا الثوب بعينه أو هذا القطن بعينه فوجد معيبا أو استحق فيرجع بمثله إن كان مثليا وبقيمته إن كان مقوما فالتشبيه ليس بتام بل في مطلق الرجوع وهذا كله إن كان للعبد مال فإن لم يكن له مال فإن كان له فيما دفعه شبهة فكذلك عند ابن القاسم وأشهب والأكثر وإليه أشار بقوله وإن بشبهة فيما دفعه لسيده في نظير العتق
400 (إن لم يكن له) أي للعبد (مال) بل كان معسرا وهذا قيد في المبالغ عليه وهو الشبهة فإن لم يكن له فيه شبهة ولا مال له رجع لما كان عليه من رق أو كتابة وتبطل القطاعة وأما إن كان موسرا فيبقى على حاله ويرجع سيده عليه بعوضه في حال عدم الشبهة فالتفصيل بين ماله فيه شبهة وما لا شبهة له فيه جار في المعين والموصوف في الذمة في الراجح وإن كان خلاف قاعدته من رجوع مثل ذلك لما بعد الكاف لأنها أغلبية هذا ما عليه أكثر الشراح وتقريره على هذا الوجه هو الموافق للنقل وإن كان فيه تكلف حذف جواب إن ولا دليل عليه (ومضت كتابة كافر لمسلم) اشتراه كذلك وكاتبه أو أسلم عنده قبل الكتابة (و) حيث مضت (بيعت ) على سيده الكافر لمسلم فإن عجر رق لمشتريه وإن أدى عتق وكان ولاؤه للمسلمين ولا يرجع لسيده إن أسلم (كأن) كاتبه كافرا و (أسلم) العبد بعد الكتابة فتمضي وتباع لمسلم فإن عجز رق له وإن أدى فولاؤه لأقارب سيده المسلمين فإن لم يكونوا فللمسلمين وعاد لسيده إن أسلم لأنه قد كان ثبت له حين عقد كتابته والعبد كافر ( وبيع معه) أي مع كتابة المسلم (من) أي كتابة من دخل معه (في عقده) فإن عجز رق لمشتريه
401 وإن أدى فولاؤه على ما تقدم (و) إن وجبت على المكاتب كفارة (كفر بالصوم) لا بعتق ولا إطعام لمنعه من التصرف بالمال بلا عوض (واشتراط وطئ المكاتبة) حال كتابتها لغو فلا يفيده وكذا وطئ المعتقة لأجل (واستثناء حملها) الموجود حال الكتابة ببطنها لغو لا يفيده (أو) استثناء (ما يولد لها) من حمل حدث بعد عقد الكتابة لغو (أو ما يولد لها) من حمل حدث بعد عقد الكتابة لغو ( أو ما يولد لمكاتب من أمته بعد) عقد (الكتابة) لغو (و) اشتراط (قليل كخدمة) عليه للسيد (إن وفى) الكتابة كأن يخدمه بعد أداء ما عليه نحو شهر ( لغو) لا يفيده ولا يعمل بشرطه في الجميع وأما لو شرط عليه كثير الخدمة إن وفى فلا يلغي لأن كثرتها تشعر بالاعتناء بها فكأن عقد الكتابة وقع عليها مع المال وهذا قول عبد الحق عن بعض شيوخه ولكن ظاهر المدونة المنع مطلقا في القليل والكثير وعليه الأكثر (وإن عجز عن شئ) وإن قل (أو) عجز (عن) دفع (أرش جناية) صدرت منه (وإن على سيده رق كالقن) الأصلي فيخير سيده في فدائه وإسلامه بعد العجز فإن أدى الأرش رجع مكاتبا كما كان قبل الجناية وقوله وإن عجز عن شئ مكرر مع ما تقدم من قوله كأن عجز عن شئ وبالغ على السيد لدفع توهم أنه لا أرش عليه في جنايته عليه لأنه ماله لا لدفع خلاف (وأدب) السيد (إن وطئ) مكاتبته (بلا مهر) عليه لها
402 إلا أن يعذر بجهل فلا أدب ولا حد عليه للشبهة فإن وطئها بعد الأداء حدا لأنها صارت حرة (وعليه نقص المكرهة) إن كانت بكرا وإلا فلا شئ عليه في إكراهها كالطائعة مطلقا (وإن حملت) من وطئه (خيرت في البقاء) على كتابتها ونفقتها للحمل على السيد فإن أدت عتقت وإن عجزت صارت أم ولد تعتق بعد موته من رأس المال (و) في انتقالها عن الكتابة إلى (أمومة الولد) فيجوز وطؤها وتعتق بموته من رأس المال (إلا لضعفاء معها) أي كوتبوا معها في عقد كتابتها أي لا قدرة لهم على الأداء بدونها وسواء رضوا أم لا (أو أقوياء) على الأداء كوتبوا معها (لم يرضوا) بانتقالها عن الكتابة لأمومة الولد فلا خيار لها في الصورتين ويتعين فيهما بقاؤها على الكتابة فإن رضوا باختيارها أمومة الولد جاز لها الانتقال إليها (وحط) عنهم إذا انتقلت إليها (حصتها) من الكتابة (إن اختارت الأمومة وإن قتل) المكاتب أي قتله شخص ووجبت قيمته لبطلان كتابته (فالقيمة للسيد) يختص بها ولا تحسب لمن معه في الكتابة إلا أن يكون ولدا أو وارثا يعتق عليه كذا في المدونة قال فيها والمكاتب إذا قتله أجنبي فأدى قيمته عتق فيها من كان معه في الكتابة ولا يرجع عليه بشئ إذا كان ممن لا يجوز له ملكه انتهى (وهل) يقوم (قنا أو) يقوم ( مكاتبا) وقيمة القن أكثر لأن الرغبة فيه أكثر (تأويلان) وأما لو جنى عليه فيما دون النفس فالأرش على أنه مكاتب قطعا لأن حكم الكتابة لم يبطل لبقاء ذاته أي ويكون الأرش له يستعين به على الكتابة لا لسيده لأنه أحرز نفسه وماله (وإن اشترى ) المكاتب (من يعتق على سيده صح) وله بيعه وله وطؤها إن كانت أمة ولا تعتق عليه ولا على سيده ولو اشتراه عالما (وعتق) على السيد (إن عجز) عن الأداء ( والقول للسيد في) نفي (الكتابة) عند التنازع بلا يمين لأنها من العتق وهو لا يثبت إلا بعدلين فلا يمين بمجردها فكان عليه رحمه الله تعالى أن يصرح بنفي لأن السيد إذا ادعى الكتابة وأنكرها العبد فالقول للعبد بلا يمين للعلة المذكورة فتحصل أن القول لمن أنكرها منهما خلافا لمن قال القول للسيد نفيا وإثباتا وأبقى المصنف على ظاهره
403 (و) في نفي (الأداء) لنجوم الكتابة بيمين كما جزم به ابن عرفة فإن نكل حلف المكاتب وعتق فإن نكل فالقول لسيده (لا القدر) كأن يقول بعشرة وقال العبد بأقل كخمسة فليس القول للسيد بل للعبد بيمين إن أشبه أشبه السيد أم لا فإن انفرد السيد بالشبه فقوله بيمين فإن لم يشبه واحد منهما حلفا وكان فيه كتابة المثل ونكولهما كحلفهما وقضى للحالف على الناكل (و) لا ( الجنس) فالقول للعبد وظاهره مطلق ونقله ابن شاس عن ابن القاسم والذي اتفق عليه المازري واللخمي أنهما يتحالفان ويرد إلى كتابة المثل ونكولهما كحلفهما ويقضي للحالف على الناكل ولا يراعي شبه ولا عدمه كما في اختلاف المتبايعين وقال اللخمي إلا أن يدعي أحدهما أنها وقعت بعين والآخر بعرض فالقول لمدعي العين لأنها الغالب في المعاوضات ما لم ينفرد الآخر بالشبه فالقول له بيمين (والأجل) فالقول للعبد أي إذا اختلفا في قدره أو انقضائه ما لم ينفرد السيد بالشبه على ما تقدم في القدر. والحاصل أي المسائل الثلاثة تجري على اختلاف المتبايعين كما قال بعضهم وإن كان ظاهر المصنف أن القول للعبد مطلقا في الثلاثة (وإن أعانه جماعة) أو واحد فأدى وفضلت فضلة أو عجز (فإن لم يقصدوا) بما أعانوه به (الصدقة) بأن قصدوا فك الرقبة أو لا قصد لهم (رجعوا بالفضلة) على العبد (و) رجعوا ( على السيد بما قبضه) من مالهم (إن عجز) لعدم حصول غرضهم (وإلا) بأن قصدوا الصدقة على المكاتب (فلا) رجوع لهم بالفضلة ولا بما قبضه السيد إن عجز لأن القصد بالصدقة ذات العبد وقد ملكها بحوزها
404 (وإن أوصى) السيد لعبده (بمكاتبته) أي بأن يكاتب (فكتابة المثل) أي يلزم الورثة أن يكاتبوه بمكاتبة مثله على قدر قوته على السعي وقدر أدائه (إن حمله) أي المكاتب أي حمل قيمة رقبته (الثلث ) وفي بعض النسخ إن حملها أي حمل قيمته لا الكتابة لأنه خلاف النقل وإنما اعتبروا كون الثلث يحمله نظرا إلى أنه أوصى بعتقه بناء على أن الكتابة عتق فهذا مبني على هذا القول فإن لم يحمله الثلث خير الورثة بين أن يكاتبوه كتابة مثله أو يعتقوا منه ما حمله الثلث بتلا قياسا على ما يأتي بعده (وإن أوصى له) أي لمكاتبه أو وهبه أو تصدق عليه بتلا وهو مريض (بنجم) معين أو كانت النجوم متساوية لا مبهم وهي غير متساوية بدليل قوله: (فإن حمل الثلث قيمته) أي النجم إذ تقويمه فرع معرفته (جازت) الوصية وعتق منه ما يقابله من ثلث أو نصف أو غير ذلك واستمرت عليه بقية النجوم على تنجيمها فإن وفاها خرج حرا وإلا رق منه ما عدا ما حمله الثلث (وإلا) بأن لم يحمل الثلث قيمة ذلك النجم (فعلى الوارث) أحد الامرين حذرا من إبطال الوصية (إما الإجازة) للوصية أي تنفيذ ما أوصى به (أو عتق محمل الثلث) وحط من كل نجم بقدر ما عتق منه فلو عتق منه الثلث حط من كل نجم ثلثه وإذا عجز في هذه الحالة عن بقية ما عليه رق منه ما عدا ما حمله الثلث
405 وأما لو كان النجم غير معين واختلفت النجوم فإنه يحط عنه من كل نجم بنسبة واحد إلى عددها فإذا كانت ثلاثة فيحط عنه من كل واحد ثلثه وإن كانت أربعة فمن كل ربعه وهكذا (وإن أوصى لرجل) معين (بمكاتبة) أي بكتابة مكاتبه لا بنفس رقبته وإن قال أوصيت بمكاتبي لزيد فالمنظور إليه الكتابة لا الرقبة (أو بما عليه) من نجوم الكتابة ويرجع لما قبله في المعنى (أو بعتقه) أو بوضع ما عليه (جازت) الوصية (إن حمل الثلث) أقل الأمرين (قيمة كتابته أو قيمة الرقبة على أنه مكاتب) فإذا كانت الكتابة عشرة وقيمة الرقبة على أنها مكاتبة خمسة أو بالعكس وترك عشرة جازت لحمل الثلث الخمسة إذ هي مع العشرة ثلث فإن لم يحمل الثلث الأقل من الامرين خير الوارث بين إجازة ذلك وبين إعطاء الموصى له من الكتابة محمل الثلث في الأولين وعتق محمله في الوصية بعتقه فإن عجز رق منه للموصي له قدر محمل الثلث والباقي للوارث وإن أدى خرج حرا ويعتق منه محمله فيما إذا أوصى بعتقه (و) إذا قال شخص لعبده (أنت حر على أن عليك ألفا) مثلا (أو) قال أنت حر (وعليك ألف) أوجر على ألف (لزم العتق) معجلا (و) لزم (المال) للعبد في المسائل الثلاثة معجلا إن أيسر وإلا اتبع في ذمته لأنها قطاعة لازمة
406 (وخير العبد) في المجلس أو بعده ولكن لا يطال في الزمن لئلا يضر بالسيد (في الالتزام) للمال فيعتق بعد أداء المال جبرا على السيد (والرد) لما قال السيد فيستمر رقيقا له (في) قول سيده له (أنت حر على أن تدفع) لي كذا ( أو تؤدي) لي كذا (أو) أنت حر (إن أعطيت) لي كذا (أو نحوه) والله أعلم. (درس) باب في أحكام أم الولد وهي الحر حملها من مالكها وتثبت أمومتها بأمرين أشار لأولهما بقوله: (إن أقر السيد) في صحته أو مرضه (بوطئ) لامته مع الانزال فلو ادعت الأمة أو غيرها أن ولدها منه وأنكر أن يكون منه فلا عبرة بدعواها المجردة (ولا يمين) عليه (إن أنكر) وطأها لأنها دعوى عتق لا تثبت إلا بعدلين فلا يمين بمجردها وشبه في عدم اليمين اللازم منه كونها غير أم ولد قوله: (كأن استبرأ) الأمة بعد وطئها (بحيضة ونقاه) أي الولد بأن قال لم أطأها بعد الاستبراء وخالفته (وولدت) ولدا (لستة أشهر) فأكثر من يوم الاستبراء كما في المدونة فلا يلحقه الولد ولا يلزمه يمين (وإلا) يستبرئها أو لم ينفه أو ولدت لأقل من ستة أشهر (لحق) الولد (به ولو أتت) به (لأكثره) أي أكثر مدة الحمل أربع سنين أو خمس وأشار للثاني بقوله:
407 (إن ثبت إلقاء علقة ففوق) من مضغة أو ولد حي أو ميت والمراد بالعلقة الدم المجتمع الذي إذا صب عليه الماء الحار لا يذوب كما مر في العدة (ولو) كان ثبوت الالقاء (بامرأتين) إذا لم يكن معها الولد وسيدها مقر بوطئها أو قامت بينة على إقراره بالوطئ وهو منكر فإن لم يثبت إلقاؤها بامرأتين بأن كان مجرد دعوى من الأمة أو شهد لها امرأة فقط فلا تكون أم ولد إلا أن يكون الولد معها وسيدها مقر بالوطئ فتكون أم ولد ولا يحتاج لثبوت الالقاء ففي مفهوم الشرط تفصيل فلا يعترض به وشبه في لحوق الولد قوله: ( كادعائها) أي الأمة (سقطا) أي أنها أسقطت سقطا (رأين) أي النساء ولو امرأتين فأطلق ضمير الجمع على ما فوق الواحد (أثره) من تورم المحل وتشققه أي والسقط ليس معها والسيد مقر بوطئها فيلحق به وتكون أم ولد فلو كان السقط معها لصدقت باتفاق فلو كان السيد منكرا للوطئ لم تكن أم ولد باتفاق وذكر جواب الشرط الأول وهو إن أقر بقوله: (تقت) بموت سيدها (من رأس المال) وأما الشرط الثاني أي إن ثبت فهو قيد في الأول كأنه قال إن أقر السيد بوطئ مع ثبوت الالقاء عتقت الخ
408 (و) عتق أيضا (ولدها من غيره) أي غير السيد بعد ثبوت أمومتها بولدها منه وسواء كان ولدها من غيره من زوج بأن يزوجها سيدها الذي أولدها لحر أو عبد بعد استبرائها أو من شبهة أو من زنا بعد الاستبراء (ولا يرده) أي عتقها بأمومة الولد (دين) على سيدها (سبق) استيلادها حيث وطئها قبل قيام الغرماء وأولى الدين اللاحق بخلاف من أفلس ثم أحبلها فإنها تباع عليه وتقدم أن التدبير يرده دين سبق إن سيد حيا وإلا مطلقا وشبه في عتقها من رأس المال بأمومة الولد قوله: (كاشتراء زوجته) من إضافة المصدر للمفعول أي كاشتراء زوج زوجته الرقيقة من سيدها حال كونها (حاملا) منه فإنها تكون أم ولد له تعتق من رأس المال لأنه لما ملكها بالشراء حاملا كأنها حملت وهي في ملكه (لا بولد) من الزوج (سبق) الشراء فلا تكون به أم ولد وكذا إذا اشتراها حاملا بولد يعتق على السيد كمتزوج بأمة أبيه أو جده فلا تكون به أم ولد (أو ولد من وطئ شبهة) صوابه أو حمل الخ يعني أن من اشترى أمة حاملا منه بوطئ شبهة بأن غلط فيها فإنها لا تكون به أم ولد وإن لحق به الولد لا أنه اشتراها بعد وضعها كما يوهمه لفظ ولد دون حمل لأن هذا يغني عنه قوله لا بولد سبق مع إيهامه أنه إن اشتراها حاملا تكون به أم ولد وليس كذلك وإيهامه أيضا أن الاستثناء في قوله: (إلا أمة مكاتبه أو) أمة (ولده) معناه تكون أم ولد بعد أن ولدت وليس كذلك بل معناه أن من وطئ أمة مكاتبه فحملت منه فإنها تكون أم ولد له ولا حد عليه للشبهة ويغرم قيمتها يوم حملت لمكاتبه وإن من وطئ أمة ولده الصغير أو الكبير الذكر أو الأنثى فحملت منه فإنها تصير به أم ولد له ويغرم قيمتها لولده يوم الوطئ موسرا كان أو معسرا ولا قيمة عليه لولدها وكذا إن لم تحمل فإنها تقوم عليه وتعتبر القيمة يوم الوطئ فعلم من هذا أن السيد لا يملك أمة مكاتبه إذا وطئها إلا إذا حملت منه وأن الأب يملك أمة ولده بوطئه إياها مطلقا حملت أم لا وأن قيمة أمة المكاتب
409 تعتبر يوم الحمل وأمة الولد يوم الوطئ ومثل أمة المكاتب الأمة المشتركة والمحللة والمكاتبة إذا اختارت أمومة الولد والأمة المتزوجة إذا استبرأها سيدها ووطئها وهي في عصمة زوجها وأتت بولد لستة أشهر فأكثر من يوم الاستبراء والوطئ فإنه يلحق به وتكون به أم ولد وتستمر في عصمة زوجها (و) الولد (لا يدفعه) عن الواطئ (عزل) لأن الماء قد يسبق (أو وطئ بدبر) لأن الماء قد يسبق للفرج (أو) وطئ بين (فخذين إن أنزل) أي أقر بالانزال ولا يعلم إلا منه فإن أنكر لم تكن أم ولد وصدق بيمينه فلا يلحق به الولد (وجاز) لسيد أم الولد (إجارتها برضاها) وإلا فسخت فإن لم تفسخ حتى تمت فالإجارة للسيد ولا يرجع المستأجر عليه بشئ ذكره في التوضيح عن ابن الجلاب (و) جاز برضاها (عتق على مال) مؤجل في ذمتها وأما بمعجل فيجوز وإن لم ترض وينجز عتقها فيهما والعتق على مال مطلقا غير الكتابة لاشتراط الصيغة فيها ولعدم تنجيز العتق فيها ولأنه جرى خلاف في جبر العبد عليها كما مر فلا ينافي ما هنا قوله الآتي ولا تجوز كتابتها (وله) أي السيد في أم ولده (قليل خدمة) والمراد به ما فوق ما يلزم الزوجة ودون ما يلزم القن واللازم للزوجة ولو عليه عجن وكنس وإصلاح مصباح ونحو ذلك كما تقدم في باب النفقة لا غزل وطحن وتكسب ولو أمة أو دنيئة (و) له (كثيرها في ولدها) الحادث (من غيره) بعد ثبوت أمومة الولد لها وله غلته وإجارته ولو بغير رضاه ذكره ابن رشد (و) له (أرش جناية عليهما) بضمير التثنية كما في بعض النسخ الراجع لام الولد
410 وولدها من غيره وفي بعضها بضمير الافراد الراجح لام الولد ويعلم حكم ولدها بالمقايسة (وإن مات) السيد بعد الجناية وقبل قبض الأرش (فلوارثه) قاله الإمام أي لأنه حق ثبت لمورثه قبل موته ثم رجع الإمام رضي الله عنه إلى أنه لها لأن لها حرمة ليست لغيرها واختاره ابن القاسم وقال ابن المواز القياس الأول ومقتضى أن الثاني هو المرجوع إليه مع استحسان ابن القاسم له أن يكون هو الراجح (و) له (الاستمتاع بها) ولو مرض وهو ظاهر (و) له (انتزاع مالها ما لم يمرض) مرضا مخوفا فإن مرض فليس له انتزاعه لأنه ينتزعه لغيره وكذا له انتزاع مال ولدها من غيره بالأولى منها لماله فيه من كثير الخدمة كما مر ما لم يمرض لا الاستمتاع به إن كان أنثى لأنها بمنزلة الريبة (وكره له تزويجها) من غيره (وإن برضاها) الواو للحال إذ بغير رضاها لا يجوز على الراجح فليست من ذوات الجبر على النكاح كما قدمه بقوله والمختار ولا أنثى بشائبة (ومصيبتها إن بيعت) وماتت عند المشتري ( من بائعها) لأن الملك فيها لم ينتقل للمشتري فيرد الثمن له إن قبضه البائع ولا يطالب المشتري به إن لم يقبضه (و) إن أعتقها المشتري لها معتقدا أنها قن أو عالما أنها أم ولد (رد) عتقها حيث لم يشترها على أنها حرة بالشراء أو بشرط العتق فإن اشتراها على أنها حرة بالشراء تحررت بمجرده سواء علم حين الشراء أنها أم ولد أو اعتقد أنها قن ويستحق سيدها الثمن في الوجهين وإن اشتراها بشرط العتق وعتقها لم يرد عتقها لكن إن علم وقت الشراء أنها أم ولد استحق سيدها ثمنها أيضا لأن المشتري حينئذ كأنه فكها والولاء لسيدها فإن اعتقد أنها قن فالثمن له لا للبائع والولاء للبائع على كل حال (وفديت) أي وجب على سيدها فداؤها (إن جنت) على شخص أو أتلفت شيئا أو غصبته لأن الشرع منع من تسليمها للمجني عليه كما منع بيعها فيفديها (بأقل) الامرين (القيمة) على أنها أمة بدون مالها يوم الحكم والأرش (وإن قال) سيدها (في مرضه) المخوف (ولدت مني) في المرض أو في الصحة (ولا ولد لها) ظاهر (صدق إن ورثه ولد) من غيرها ذكر أو أنثى لأنه حينئذ ورثه غير كلالة فتعتق من رأس المال عند ابن القاسم إذ لا تهمة وقال أكثر الرواة لا تعتق من رأس مال ولا ثلث
411 فإن لم يكن له ولد فإنه يتهم في إقراره ولا تعتق من رأس مال ولا ثلث وهو معنى قول المصنف بعده وإن أقر الخ ومفهوم ولا ولد لها مفهوم موافقة لأنه لو كان لها ولد ملحق أو استلحقه عتق من رأس المال أيضا سواء نسب ولادتها لصحته أو مرضه وسواء في هذا القسم ورثه ولد أم لا ثم ذكر مفهوم الشرط بالنسبة للايلاد بقوله: (وإن أقر) سيد (مريض بإيلاد) لجاريته في صحته أو مرضه ولا ولد له منها ولا من غيرها (أو) أقر المريض (بعتق) لقن ذكر أو أنثى (في صحته) ولو مع ولد (لم تعتق من ثلث) لأنه لم يقصد به الوصية (ولا من رأس مال ) لأن تصرفات المريض لا تكون في رأس المال وقد علم أن قوله في صحته خاص بمسألة العتق وصرح المصنف بهذه المسألة وإن كانت مفهوم شرط وهو إن ورثه ولد لئلا يتوهم عتقها من الثلث إذا لم يرثه ولد ومفهوم قوله أو بعتق في صحته أنه إن أقر بعتقها في مرضه أو أطلق عتقت من ثلثه وإن لم يرثه ولد لأنه عتق حصل في مرضه فمخرجه الثلث (وإن وطئ شريك) أمة للشركة (فحملت غرم نصيب الآخر) لأنه أفاتها عليه بالحمل وسواء أذن له شريكه في وطئها أم لا وهل تقويمها على لواطئ يوم الوطئ أو الحمل قولان ولا شئ عليه من قيمة الولد على القولين ولم يقل قومت عليه أي بتمامها لأن غرم نصيب الآخر يتضمن تقويمها بتمامها ومفهوم حملت أنها إن لم تحمل فإن أذن له في وطئها قومت أيضا يوم الوطئ وإن لم يأذن له لم تقوم عليه كما مر في الشركة ويغرم له القيمة في الصور الثلاث عاجلا وهذا كله إن أيسر (فإن أعسر) وقد حملت (خير) أولا في إبقائها للشركة ويرجع عليه بنصف قيمة الولد لأنه حر وفي تقويمها عليه فإن اختار تقويمها
412 خير ثانيا في (اتباعه بالقيمة) أي بقيمة حصته منها (يوم الوطئ) الناشئ عنه الحمل فإن تعدد الوطئ اعتبر يوم الحمل فالقيمة تعتبر يوم الحمل خلافا لظاهر المصنف (أو بيعها) أي الحصة التي وجبت لغير الواطئ قيمتها (لذلك) أي لأجل القيمة التي وجبت له منها إن لم يزد ثمن الحصة على قدر ما وجب له من القيمة وإلا بيع له من حصته بقدر ما وجب له من قيمتها (و) إن نقص ثمنها عما وجب له (تبعه) أي تبع من لم يطأ الواطئ (بما بقي) له من حصته (و) يتبعه (بنصف قيمة الولد) على كل حال سواء أمسكها للشركة أو أتبعه بالقيمة بلا بيع أو اختار بيعها لذلك لأن الولد حر نسيب لا يباع وتقدم أنه إذا قوم عليه نصيبه منها في يسره لم يتبعه بنصف قيمة الولد لأنه لما وطئ وهو موسر وجب لشريكه قيمة نصيبه منها بمجرد مغيب الحشفة فتخلق الولد وهي في ملكه فلم يكن لشريكه فيه حق بخلاف المعسر فإنه تحقق أنه وطئ ملكه وملك شريكه فتخلق الولد على ملكهما وقد علمت أن قوله فإن أعسر الخ فيما إذا لم يأذن له في وطئها فإن أذن له فلا خيار له وأتبعه بالقيمة (وإن وطئاها) معا أي الشريكان ( بطهر) ومثلهما البائع والمشتري يطآها في طهر بأن لم يستبرئها كل منهما وهي مسألة كثيرة الوقوع لا سيما في هذه الأزمنة وأتت بالولد لستة أشهر من وطئ الثاني وادعاه كل منهما (فالقافة) تدعى لهما فمن ألحقته به فهو ابنه (ولو كان) أحدهما (ذميا) والآخر مسلما (أو) أحدهما (عبدا) والآخر حرا (فإن أشركتهما ) فيه (فمسلم) أي وحر أي مسلم فيما إذا كانا حرين أحدهما مسلم والآخر كافر وحر فيما إذا كان أحدهما حرا والآخر رقيقا تغليبا للأشرف في الوجهين وعلى كل نصف نفقته وكسوته كما قاله ابن فرحون في تبصرته قال ابن يونس إن أشركت فيه الحر والعبد فيعتق على الحر لعتق نصفه عليه ويقوم عليه نصف الثاني ويغرم لسيد العبد ذلك (ووالى) الولد الملحق بهما (إذا بلغ أحدهما)
413 فإن والى الكافر فمسلم ابن كافر وإن والى العبد فحر ابن عبد لأنه بموالاته لشخص منهما كان ابنا له ذكره ابن مرزوق وغيره وفائدة الموالاة الإرث وعدمه فإن والى موافقه في الحرية والاسلام توارثا وإلا فلا فإن استمر الكافر على كفره أو العبد على رقه حتى مات الولد لم يرثه وكذا لا يرثه المسلم الحر لعدم موالاته له فإن مات الولد بعد أن أسلم أبوه الكافر أو عتق أبوه العبد ورثه دون الآخر لأنه بموالاته لشخص صار ابنا له (كأن لم توجد) قافة أي فحر مسلم وله إذا بلغ موالاة أحدهما فهو تشبيه في الامرين قبله ويجري فيما إذا مات وقد والى أحدهما ما تقدم (ووارثاه) أي الأبوان المشتركان فيه بحكم الأبوان المشتركان فيه بحكم القافة أو بعدم وجدوها (إن مات) الولد ( أولا) أي قبل موالاته أحدهما ميراث أب واحد نصفه للحر المسلم والنصف الآخر للعبد أو الكافر لأن نفقته قبل الموالاة عليهما بالسوية والتعبير بالإرث بالنسبة لهما مجاز وإنما هو من باب مال تنازعه اثنان فيقسم بينهما ولو قال وأخذا ماله إن مات كان أظهر (وحرمت على مرتد أم ولده حتى يسلم) فإن أسلم حلت له وعاد له رقيقه وماله فإن قتل بردته عتقت من رأس المال وقيل تعتق بمجرد ردته كطلاق زوجته وأجيب بالفرق بأن سبب حل أم الولد الملك وهو باق بعد الردة وسبب حل الزوجة العصمة وقد زالت بالردة (ووقفت) أم ولده (كمدبره إن فر) المرتد ( لدار الحرب) حتى يسلم فتعود له أو يموت كافرا فتعتق من رأس المال وكذا مدبره وسائر ماله إلا أن ماله يكون بعد موته فيئا ونص على أم الولد للرد
414 على من تعتق بمجرد الردة من قال بتعجيل عتقها ولا مفهوم لفر ولا لدار الحرب لأنه لو دخل دار الحرب مسلما ثم ارتد أو هرب لغير دار الحرب فكذلك فالمدار على عدم التمكن من استتابته (ولا تجوز كتابتها) أي أم الولد أي بغير رضاها وفسخت (وعتقت إن أدت) نجوم الكتابة وفات الفسخ حينئذ ولا رجوع لها فيما أدته إذ له انتزاع مالها ما لم يمرض وأما برضاها فيجوز على الراجح لأن عجزها عن الكتابة لا يخرجها عما ثبت لها من أمومة الولد. (درس) فصل في أحكام الولاء وعرفه النبي (ص) بقوله: الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب واللحمة بضم اللام على الأفصح وقد تفتح أي نسبة وارتباط كنسبة وارتباط النسب كالبنوة والأبوة فلا يصح بيعه ولا هبته كما لا يصح بيع البنوة والأبوة وقال (ص): إنما الولاء لمن أعتق ولذا قال المصنف رحمه الله تعالى: (الولاء) ثابت (لمعتق) تنجيزا أو تأجيلا أو تدبيرا أو كتابة أو بسراية أو تمثيل أو غير ذلك (وإن) كان (ببيع) للعبد (من نفسه ) بعوض من العبد يدفعه لسيده معجل أو مؤجل (أو) كان بسبب (عتق غير) أي غيره (عنه بلا إذن) فأولى بإذن فهذا داخل في الاغياء وعتق الغير يشمل الناجز ولأجل والكتابة والتدبير كأن يقول أنت حر أو معتق لأجل أو مكاتب أو مدبر عن فلان
415 وشرط المعتق عنه الحرية والاسلام فإن أعتق عبد فالولاء لسيده ولا يعود بعتق العبد له عند ابن القاسم فقوله الولاء لمعتق أي حقيقة أو حكما فيشمل من أعتق عنه غيره فهو معتق حكما لأنه يقدر دخوله في ملك المعتق عنه ثم يعتق وشمل الولاء بالجر كما يأتي وقوله: (أو لم يعلم سيده بعتقه حتى عتق) داخل في حيز المبالغة أيضا فهو عطف على بيع والمعطوف محذوف أي وإن بإعتاق عبد معتق لعبده ولم يعلم سيده بعتقه أي أن العبد إذا أعتق عبده ولم يعلم سيده بذلك حتى عتق العبد فإن الولاء في الأسفل يكون لسيده الذي أعتقه لا لسيد سيده وهذا ما لم يستثن الولاء في الأعلى مال عبده عند عتقه له وإلا كان الولاء له إن رضي بعتق عبده فإن رده بطل العتق وكان رقيقا له لأنه حينئذ من جملة ماله ومثل ما لم يعلم ما لو علم وسكت حتى عتق وأما لو أذن السيد الاعلى لعبده أو أجاز فعله فالولاء في هذين للسيد الاعلى كما سيأتي له واستثنى من قوله الولاء لمعتق قوله: (إلا كافرا أعتق مسلما) سواء ملكه مسلما أو أسلم عنده أو أعتق عنه فلا ولاء للكافر على المسلم بل ولاؤه للمسلمين ولا يعود له إن أسلم على المذهب وعكس كلام المصنف وهو ما لو أعتق المسلم كافرا كذلك كما في المدونة ففيها وإن أعتق المسلم كافرا فماله لبيت مال المسلمين إن لم يكن للمسلم قرابة على دينه انتهى أي فإن كان له قرابة كفار فالولاء لهم وينبغي ما لم يسلم العبد فإن أسلم عاد الولاء لسيده المسلم بل ذكره في المدونة في كتابته ولا فرق (و ) إلا (رقيقا) قنا أو ذا شائبة أعتق رقيقه فلا ولاء له عليه بل الولاء لسيده (إن كان) سيده (ينتزع ماله) بأن كان قنا أو مدبرا لم يمرض سيده أو أم ولد كذلك أو معتقا لأجل إذا لم يقرب الاجل وهذا إذا أذن له السيد في العتق أو أجاز فعله حين علم وأما إذا لم يعلم حتى عتق أو علم ولم يجز فعله ولم يرده حتى عتق
416 فالولاء له كما مر في قوله أو لم يعلم سيده حتى عتق ومفهوم الشرط أنه إن لم يكن للسيد انتزاع ماله فالولاء للمعتق بالكسر لا للسيد كالمكاتب وكالمعتق لأجل إذا قرب الاجل وكأم الولد والمدبر إذا مرض السيد لكن بعد عتق من ذكر وأما ما دام رقيقا فالولاء لسيده (و) من قال لرقيقه أنت حر أو معتوق (عن المسلمين) جاز عتقه اتفاقا و (الولاء لهم) فيكون ماله إن مات بلا وارث غير السيد لبيت المال لا لسيده الذي أعتقه لأنه بمثابة من أعتق عن الغير فيرثونه ويعقلون عنه ويلون عقد نكاحه إن كان أنثى ويحضنونه ولا يكون الولاء لمن أعتقه ولو اشترطه لنفسه كما لو أعتقه عن نفسه فالولاء له ولو اشترطه للمسلمين (كسائبة) أي من قال لعبده أنت سائبة وقصد به العتق عتق وولاؤه للمسلمين (وكره) له ذلك لأنه من ألفاظ الجاهلية وكذا إن قال له أنت حر سائبة أو معتوق سائبة فيكره الاقدام على ذلك على المعتمد والولاء للمسلمين وقال أصبغ يجوز وقال ابن الماجشون يمنع فلو لم يقصد بسائبة فقط العتق لم يعتق فالتشبيه في كون الولاء للمسلمين ضم لذلك أنت حر مثلا أم لا (وإن) أعتق كافر عبده الكافر ثم (أسلم العبد) الذي أعتقه الكافر فالولاء للمسلمين إن لم يكن للمعتق بالكسر عصبة مسلمون وإلا فالولاء لهم كما في المدونة فإن أسلم السيد ( عاد الولاء بإسلام السيد) له وكذا إن أسلم قبل إسلام العبد أو أسلما معا بالأولى ( وجر) العتق أو الولاء أي سحب (ولد) العبد (المعتق) بفتح التاء ذكرا أو أنثى وولد ولده ذكرا أو أنثى
417 وهكذا (كأولاد المعتقة) بالفتح وأولاد أولادها ذكورا وإناثا (إن لم يكن لهم نسب من حر) بأن كانوا من زنا أو غصب أو حصل فيهم لعان أو أصولهم أرقاء أو حربيين ومفهوم الشرط أنه إن كان لهم نسب من حر محقق الحرية ولو كافرا ذميا كانت الحرية أصلية أو عارضة بالعتق كان النسب بنكاح أو شبهة لم يجر عتقها ولاءهم فمن أعتق أمة فتزوجها حر فأولدها أو وطئها بشبهة فولدت منه لم ينجز الولاء عليهم له واستثنى مما قبل الكاف وبعدها قوله: (إلا) المنسوب ( لرق) كمن زوج عبده بأمة آخر ثم أعتقه وهي ظاهره الحمل أو أتت به لدون ستة أشهر من عتقها فإن الأب لا يجر عتقه ولاء هذا الولد لسيده لأنه قد مسه الرق في بطن أمه لسيدها فهو رقيق له وهذا ظاهر أيضا فيما لو كان الأب حرا أصالة ولو أعتقها سيدها وهي حامل لكان ولاء ولدها لسيدها ودخل في قوله: (أو عتق لآخر) كهذه الصورة وضابط المسألة أن يعتق إنسان عبده ويعتق آخر أولاد العبد لكونه يملكهم (و) جر ( معتقهما) بفتح التاء وضمير التثنية عائد على الأمة والعبد اللذين وقع العتق عليهما يعني أن من أعتق عبدا أو أمة ثم أعتق العبد أو الأمة عبدا أو أمة وهكذا فإن ولاء الأسفل ينجر لمن أعتق الاعلى وكذا أولاده وإن سفلوا إن لم يكن لهم نسب من حر (وإن عتق الأب) بالبناء للمفعول فهو بضم الهمزة وكسر التاء (أو استلحق) الأب ولده الذي نفاه بلعان فهو بفتح التاء والحاء مبني للفاعل (رجع الولاء لمعتقه) أي لمن أعتق
418 الأب (من معتق الجد والام) أي جد الأولاد وأمهم ومعنى كلامه أن المعتقة بفتح التاء إذا تزوجت بعبد له أب عبد أيضا وأتت منه بأولاد وأبوهم وجدهم رقيقان فولاء أولادها لمن أعتقها لأنه لا نسب لهم من حرفان أعتق الجد رجع الولاء لمعتقه من معتق الام لأن الأولاد صار لهم حينئذ نسب من حر فإن أعتق الأب رجع الولاء لمن أعتقه من معتق جدهم ولو أعتق الأب قبل عتق الجد رجع الولاء لمن أعتقه من معتق الام فلو كان أبوهم الرقيق نفاهم عن نفسه بلعان ثم استلحقهم بعد عتق جدهم أو قبله رجع الولاء من معتق الام لمعتق الجد فإذا عتق الأب رجع الولاء لمعتقه من معتق الجد فقد رجع ولاؤهم لسيد أبيهم من معتق الجد والام في مسألة الاستلحاق أيضا ولو كان الأب حرا وهو عتيق فلاعن فيهم ثم استلحقهم فالولاء يرجع لسيده من سيد الام الذي أعتقها ولو تأملت في الانتقال وعدمه ولاحظت الواو في قوله والام على حقيقتها تارة وبمعنى أو تارة أخرى لخرج لك من المسألتين صور كثيرة ( والقول) عند تنازع معتق الأب ومعتق الام في حملها فقال سيده حملت بعد عتقها وقال سيدها بل قبله (لمعتق الأب) لأن الأصل عدم الحمل وقت عتقها فيكون الولاء له (لا لمعتقها) لمخالفة الأصل (إلا أن) تكون ظاهرة الحمل وقت عتقها أو (تضع) الولد (لدون ستة أشهر) وما تنقصها عادة (من) يوم (عتقها) فالقول لمعتقها بلا يمين لأنه بالوضع في المدة المذكورة علم أنه كان في بطنها وقت العتق فيكون الولاء له (وإن شهد) عدل (واحد بالولاء) أو بالنسب (أو) شهد (اثنان بأنهما لم يزالا يسمعان أنه مولاه أو ابن عمه) مثلا (لم يثبت) بذلك ولاء ولا نسب ( لكنه يحلف ويأخذ المال بعد الاستيناء) وقدم نحو ذلك آخر باب العتق وقدم في باب الشهادات أن شهادة السماع يثبت بها النسب والولاء وتقدم الجواب
419 بأن محل الثبوت بها إذا كان فاشيا بأن تقول البينة لم نزل نسمع من الثقات وغيرهم أن فلانا ابن عم فلان مولاه أو وما هنا والعتق فيما إذا لم يكن فاشيا (وقدم) في الإرث به (عاصب النسب) على عاصب الولاء وهو المعتق بالكسر وعصبته (ثم) إذا لم يكن عاصب نسب قدم (المعتق) له مباشرة على عصبته (ثم) إذا لم يوجد المعتق مباشرة ورثه (عصبته) أي عصبة المعتق بالكسر (كالصلاة) على الجنازة لكنه لم يذكر في الصلاة على الجنازة ترتيب يحال عليه وإنما ذكر الترتيب في النكاح فكان الأولى أن يقول كالنكاح وقد قال فيه وقدم ابن فابنه فأب فأخ فابنه فجد فعم الخ فيقدم الأخ وابنه على الجد دنية وهو مقدم على العم وابنه ثم بعدهما أبو الجد وهكذا وأما عصبة عصبة المعتق بالكسر فلا حق لهم في الولاء كما لو أعتقت امرأة عبدا ولها ابن من زوج أجنبي منها فإذا ماتت المرأة فالولاء لولدها فإذا مات لم ينتقل الولاء لأبيه عد الأئمة الأربعة وميراثه للمسلمين (ثم) إذا لم يكن للمعتق بالكسر عصبة ورثه بالولاء (معتق معتقه) أي المعتق بالفتح فالضمير عائد على الذي وقع عليه العتق ثم عصبته فإذا اجتمع معتق المعتق ومعتق أبيه قدم معتق المعتق على معتق أبيه (و) الولاء (لا ترثه) أي لا تستحقه (أنثى) مطلقا ولو كانت عاصبة بغيرها أو مع غيره فإذا مات من أعتق ولم يخلف عاصبا ذكرا فإرثه للمسلمين ولا حق فيه لبناته ولا لأخواته انفردن أو اجتمعن ولو مات عن ابن وبنت فالولاء للابن وحده ولو مات عن بنت وابن عم فلابن العم فقط وهذا بالاجماع كما قاله سحنون (إن لم تباشره) الأنثى (بعتق) منها فإن أعتقت فالولاء لها ولو قال إن لم تباشر العتق كان أوضح (أو جره) أي الإرث إليها (ولاء بولادة) لمن أعتقته ( أو عتق) له أي فإنها ترثه وقوله أو جره عطف على محذوف هو مفهوم لم تباشره أي فإن باشرته أو جره الخ ورثته أو عطف على
420 مدخول النفي من حيث المعنى أي إن انتفى مباشرتها العتق أو جره ولو قال أو يجره بالمضارع المعطوف على تباشر كان أوضح يعني أنه لاحظ لأنثى في الولاء إلا أن تباشر العتق أو ينجر إليها الولاء بولادة لمن أعتقته أو بعتق صدر ممن أعتقته وحاصل قوله بولادة أن ولد من أعتقته وولاؤه لها ذكورا وإناثا وولد الولد كذلك إلا أن يكون ولد الولد أنثى فإن كان أنثى كبنت من أعتقته فإن أولادها إن كان لهم نسب من حر فلا ولاء لها وإن لم يكن لهم نسب من حر فلها الولاء على ما قدمه المصنف في قوله وجر ولد المعتق الخ (ولو اشترى ابن وبنت أباهما) فعتق عليهما سوية بنفس الملك (ثم اشترى الأب عبدا) أو ملكه بوجه من وجوه الملك وأعتقته ثم مات الأب وورثه الابن والبنت بالنسب للذكر مثل حظ الأنثيين لا بالولاء سوية لتقدم الإرث بالنسب على الإرث بالولاء كما تقدم ( فمات العبد بعد) موت (الأب) المعتق له (ورثه الابن) وحده دون البنت لأنه عصبة المعتق من النسب وهي معتقة لنصف المعتق وعصبة المعتق نسبا تقدم على معتق المعتق بل لو اشترته البنت وحدها لكان الحكم ما ذكر وكذا لو مات الولد قبل الأب أو لم يكن ابن أصلا وكان للأب عم أو ابن عم لكان الإرث من العبد للعم أو ابنه دون الإرث بالنسب يقدم على الإرث بالولاء ومفهوم بعد الأب أنه لو مات العبد قبل موت الأب ورثه الأب فإذا مات الأب بعد ذلك كان المال بين الابن والبنت على الفريضة الشرعية للذكر مثل حظ الأنثيين وهو ظاهر لأن ما تركه العبد صار مالا لأبيهما (وإن مات الابن أولا) أي قبل موت العبد يريد وبعد موت الأب ثم مات العبد بعد الابن ولم يبق إلا البنت (فللبنت) من مال العبد ثلاثة أرباعه ( النصف لعتقها نصف) أبيها (المعتق) للعبد (والربع لأنها معتقة نصف أبيه) أي أبى الابن الذي هو أخوها وأبوه هو أبوها يعني أنها بعد أن أخذت النصف بالولاء لكونها أعتقت نصف من أعتقه يكون النصف الثاني لموالي أبيها أي لمن أعتق نصفه الآخر وهو الابن وهو أخوها فلها نفسه وهو ربع جميع المال فصار لها ثلاثة أرباع التركة واعترض بأن الأخ قد مات قبل العبد
421 فلم يكن له في العبد حق فكيف ترثه الأخت وأجيب بأنه بموت أخيها استحقت نصف ما تركه ومن جملة ما تركه نصف الولاء وهي ترث من أخيها نصفه ويرد بأن الولاء لا ترثه أنثى كما تقدم وأجيب أيضا بأن إرثها الربع بفرض حياته بعد موت العبد وليس بشئ. ولما تكلم على إرثها من العبد أخذ يتكلم على إرثها من أبيها حيث مات بعد موت ابنه فقال: (وإن مات الابن) وورثه الأب (ثم) مات (الأب فللبنت) من تركة أبيها سبعة أثمانها ( النصف بالرحم) أي النسب فرضا (والربع بالولاء) الذي لها في أبيها لأنها أعتقت نصفه (و) لها (الثمن بجره) أي بسبب جر الولاء إليها لأن الربع الباقي لأخيها الذي مات قبل أبيه ترث منه نصفه ونصف الربع ثمن وفيه الاشكال المتقدم. (درس) باب ذكر فيه أحكام الوصايا وما يتعلق بها وأركانها أربعة: موص وموصى له وموصى به وصيغة وذكر أولها مع شروطه بقوله: (صح إيصاء حر) لا رقيق ولو بشائبة (مميز) لا مجنون وصغير وسكران غير مميزين حال الايصاء (مالك) للموصى به ملكا تاما فمستغرق الذمة وغير المالك لا تصح وصيتهما (وإن) كان الحر المميز (سفيها أو صغيرا) لأن الحجر عليهما لحق أنفسهما فلو منعا من الوصية لكان الحجر عليهما لحق غيرهما وهو الوارث (وهل) محل صحة وصية الصغير المميز (إن لم يتناقض قوله) بأن لا يخلط في الكلام فإن خلط بأن تبين أنه لم يعرف ما أوصى به ولم يعرف أوله من آخره لم تصح (أو) محل الصحة إن (أوصى بقربة) فإن أوصى بمعصية
422 أي بمال يصرف في معصية كشرب خمر لم تصح (تأويلان) في قولها وتصح وصية ابن عشر سنين فأقل مما يقاربها إذا أصاب وجه الوصية ولم يكن فيه اختلاط فالتأويلان في تفسير الاختلاط والحق أن كلا منهما معتبر وأنه لا يخص الصبي فتأمل (و ) تصح الوصية وإن كان الموصي (كافرا إلا) أن يوصي (بكخمر) أو خنزير (لمسلم) وذكر الركن الثاني وهو الموصي له بقوله: (لمن يصح تملكه) أي يصح الايصاء لمن يصح أن يملك ما أوصى له به ولو في ثاني حال (كمن سيكون) من حمل موجود أو سيوجد فيستحقه (إن استهل) صارخا ويقوم مقام الاستهلال كثرة رضعه ونحوه مما يدل على تحقق حياته وغلة الموصي به قبل الوضع تكون لورثة الموصي إذ الولد الموصى له لا يملك إلا بعد وضعه حيا حياة محققة (ووزع) الموصى به إن ولدت أكثر من واحد ( لعدده) أي على عدده الذكر والأنثى سواء عند الاطلاق فإن نص على تفضيل عمل به وذكر الركن الثالث بقوله: (بلفظ) يدل (أو إشارة مفهمة)
423 ولو من قادر على النطق ( وقبول) الموصى له البالغ الرشيد (المعين) أي الذي عينه الموصى كفلان (شرط) في وجوبها وتنفيذها (بعد الموت) متعلق بقبول واحترز به عما لو قبل قبل موت الموصى فلا يفيده إذ للموصي أن يرجع في وصيته ما دام حيا لأن عقد الوصية غير لازم حتى لو رد الموصى له قبل موت الموصي فله القبول بعده وتجب له ولو مات المعين قبل قبوله فوارثه يقوم مقامه كما يقوم مقام غير الرشيد وليه واحترز بالمعين من غيره كالفقراء فلا يشترط قبوله لتعذره وإذا قبل بعد الموت وقد تأخر القبول عن الموت (فالملك له) أي للموصى له (بالموت) لأن بقبوله تبين أنه ملكها من حين الموت فإذا كان الموصى به شجرا أثمر بعد الموت أو غنما نبت عليها صوف بعده وقبل القبول وكذا سائر الغلات تكون للموصى له بخلاف ما حدث من الغلات قبل الموت فإنه من جملة مال الموصي فيقوم من جملة ماله للنظر في ثلثه لكن مقتضى قوله فالملك له بالموت ينافي مقتضى قوله: (وقوم) الموصى به (بغلة حصلت) أي حدثت (بعده) أي بعد الموت وقبل القبول ويكون له ما حمله الثلث من ذلك ولا يختص الموصى به بذلك فإذا أوصى له بحائط يساوي ألفا وهو ثلث الموصي لكن زاد لأجل ثمرته بعد الموت مائتين فإنه لا يكون للموصى له
424 الا خمسة أسداس الحائط ووجهه أن الغلة لما حدثت بعد الموت لم تكن للموصى له بناء على المشهور الذي هو أعدل الأقوال عند سحنون وقال الشارح بل له على هذا القول خمسة أسداس الحائط ومقدار ثلث المائتين الحاصلتين من الغلة انتهى وأجيب عن المنافاة في المصنف بما لا يخلو عن نظر والأحسن ما قاله بعضهم أنه مشى أولا على قول وثانيا على المذهب وقولهم يكون له خمسة أسداس الحائط قال بعضهم المراد به الأصول بتمامها لأنها خمسة أسداس بالنسبة لمجموعها مع الثمرة لا خمسة أسداس منها كما هو المتبادر من العبارة للاتفاق على أن الموصى له يأخذ الموصى به بتمامه متى حمله الثلث والنزاع إنما هو في الثمرة وعليه فلا وجه لقول الشارح ومقدار ثلث المائتين لأن النزاع في الثمرة هل هي للموصي له كما هو مقتضى أن الملك له بالموت أو هي للورثة كما هو مقتضى القول بالتقويم بغلة حصلت فتدبر ولم يحتج (رق لاذن) من سيده (في قبوله ) لوصية أوصى له بها بل له القبول بلا إذن ويعتبر قبوله وتقدمت هذه المسألة في باب الحجر بما هو أشمل مما هنا (كإيصائه) أي السيد (بعتقه) أي عتق رقيقه لا يحتاج في نفوذه لاذن من العبد بل يعتق إن حمله الثلث أو يعتق منه محمله (وخيرت جارية الوطئ) أي التي تراد له ولو لم يطأها سيدها وقد أوصى ببيعها للعتق بين الرضا بذلك وبين البقاء على الرق وإنما خيرت لأن الغالب ضياع جواري الوطئ بالعتق وأما من أوصى بعتقها فلا تخير إذ ليس لها البقاء على الرق لأن العتق حق لله ليس لها إبطاله بل الايصاء بعتقها نافذ ولا يحتاج لاذن كما هو ظاهر مما قبله واحترز بجارية الوطئ من جارية الخدمة فلا خيار لها بل تباع لمن يعتقها ومثلها العبد (ولها) أي لجارية الوطئ التي أوصى سيدها ببيعها للعتق (الانتقال) عما اختارته من أحد الامرين إلى الآخر عند ابن القاسم ما لم ينفذ فيها ما اختارته أو لا (وصح) الايصاء ولو بكثير (لعبد وارثه) كعبد ابنه (إن اتحد) الوارث وحاز جميع المال كالابن لا البنت ومثل المتحد المتعدد والعبد مشترك بينهم بالسوية وورثوا جميع المال وإلا لم تصح لأنها كوصية الوارث وإذا صح فليس لسيده انتزاعها قال ابن يونس لأن
425 في انتزاعها إبطالا لها وإذا باعه الوارث باعه بماله وللمشتري انتزاعه (أو) تعدد الوارث وأوصى لعبد بعضهم (بتافه) لا تلتفت إليه النفوس كخلقة (أريد به) أي بالتافه (العبد) لا نفع سيده وإلا لم تصح لأنه كوصية لوارث (و) صح الايصاء (لمسجد) ونحوه كرباط وقنطرة (وصرف في مصالحه) من مرمة وحصر وزيت وما زاد على ذلك فعلى خدمته من إمام ومؤذن ونحو ذلك كما لو لم يحتج لما مر احتاجوا هم أم لا (و) صح الايصاء (لميت علم) الموصى (بموته) حين الوصية (ففي دينه) تصرف إن كان عليه (أو وارثه) إن لم يكن عليه دين فإن لم يكن وارث بطلت ولا تعطى لبيت المال (و) صح الايصاء (لذمي) وإن لم يكن قريبا ولا جارا للموصي لا لحربي (و) صح الايصاء من مقتول إلى (قاتل) له (علم الموصي بالسبب) أي بسبب القتل أي علم بأنه هو الذي ضربه عمدا أو خطأ وتكون الوصية في الخطأ في المال والدية وفي العمد في المال فقط إلا أن ينفذ مقتله ويقبل وارثه الدية ويعلم المقتول بها فتكون فيها أيضا (وإلا) يعلم الموصي بالسبب بأن ضربه زيد ولم يعلم أنه الذي ضربه وأوصى له بشئ (فتأويلان) في صحة إيصائه له وعدمها وشمل كلامه في هذه والتي قبلها ما إذا طرأ القتل بعد الوصية ولم يغيرها. ثم شرع يتكلم على مبطلات الوصية فقال: (وبطلت) الوصية (بردته) أي الموصي
426 فإن رجع للاسلام فقال أصبغ إن كانت مكتوبة جازت وإلا فلا وكذا تبطل بردة الموصى له وفي نسخة بردة بالتنكير وهي شاملة لهما ولا تبطل بردة موصى به (و) بطل (إيصاء بمعصية) كأن يوصي بمال يشتري به خمر لمن يشربها أو يدفع لمن يقتل نفسا بغير حق ومنه الايصاء ببناء مسجد أو مدرسة في الأرض المحبسة على دفن الأموات فيها كقرافة مصر وكذا الايصاء لمن يصلى عنه أو يصوم عنه وكذا الايصاء باتخاذ قنديل من ذهب أو فضة ليعلق في قبر نبي أو ولي ونحو ذلك فإنه من ضياع الأموال في غير ما أمر به الشارع وللورثة أن يفعلوا به ما شاءوا كذا ذكروه (و) بطل الايصاء (لوارث كغيره) أي كغير وارث (بزائد الثلث) ويعتبر الزائد (يوم التنفيذ) لا يوم الموت فإذا أوصى له بمائة وهي ثلث ماله يوم الموت وكان ماله يوم التنفيذ مائة وخمسين أعطى خمسين وكذا إذا قال أوصيت له بثلث مالي فالعبرة بماله يوم التنفيذ (وإن أجيز) ما أوصى به للوارث أو الزائد على الثلث أي أجازه الورثة (فعطية ) منهم أي ابتداء عطية لا تنفيذ لوصية الموصى فلا بد من قبول الموصى له وحيازته قبل حصول مانع للمجيز وأن يكون المجيز من أهل التبرع ثم بالغ على بطلان الوصية للوارث ولو بقليل بقوله: (ولو قال) من أوصى لبعض ورثته (إن لم يجيزوا) أي بقية الورثة له (فللمساكين) أو نحوهم فإنها تكون باطلة وترجع ميراثا (بخلاف العكس) وهو ما لو قال ثلث مالي مثلا للمساكين إلا أن
427 يجيزه الورثة لابني زيد مثلا فإنها وصية جائزة لابنه إن أجازها الورثة وإلا فهي للمساكين لبدئه بهم بخلاف السابقة فإنه بدأ بذكر ما تبطل به (و) بطلت الوصية (برجوع فيها) من الموصى سواء وقع منه الايصاء في صحة أو مرض بعتق أو غيره لأنها من العقود الجائزة إجماعا فيجوز له الرجوع فيها ما دام حيا (وإن) كان رجوعه (بمرض) أي فيه وظاهره ولو التزم عدم الرجوع وهو الذي به العمل وقيل إن التزم عدم الرجوع فلا رجوع له وصحح لأن المؤمن عند شرطه والمعتمد الأول وبالغ على الرجوع في المرض دفعا لتوهم عدمه لما فيه من الانتزاع للغير فلا يعتبر وأما ما بتله المريض في مرضه من صدقة أو هبة أو حبس فلا رجوع له فيه وإن كان حكمه حكم الوصية في الخروج من الثلث كما في المدونة ثم بين ما به الرجوع بقوله: (بقول) أي والرجوع عن الوصية يكون بقول صريح كأبطلتها أو رجعت عنها أو نحو ذلك (أو) بفعل مثل (بيع) لما أوصى بها لزيد مثلا (وكتابة) لمن أوصى به (وإيلاد) لامة موصى بها (وحصد زرع) أوصى به أي ودرسه وصفاه لا مجرد الحصد كما هو ظاهره بل لا بد من التذرية على المعتمد وجذ الثمرة الموصى بها لا يبطلها وظاهره ولو بعد يبسها (ونسج غزل وصوغ فضة) أوصى بها (وحشو قطن) أوصى به إذا كان لا يخرج منه بعد الحشو إلا دون نصفه كحشوه بثوب كالمضربة وأما حشوه في نحو وسادة فلا يفيته لخروج النصف وما قاربه منها وأولى في عدم الفوات خروج أكثره (وذبح شاة) أو نحوها أوصى بها (وتفصيل شقة) أوصى بها بلفظ شقة أو نحوه كمقطع ففصلها ثوبا فمفيت لزوال الاسم فإن أوصى بها بلفظ ثوب فلا يفيتها التفصيل لعدم زوال الاسم (و) بطل (إيصاء) قيد (بمرض أو سفر انتفيا) أي المرض أو السفر يعني انتفى الموت فيهما إن (قال إن مت فيهما) يعني أنه إذا قال إن مت من مرضي هذا أو في سفري هذا فلفلان كذا فلم يمت بأن صح من مرضه أو قدم من سفره فإن الوصية تبطل لأنه علق الايصاء أي الوصية بالموت فيهما وهو لم يمت هذا إن لم يكتب إيصاءه بكتاب بل (وإن) كتبه (بكتاب ولم يخرجه) للناظر من يده حتى صح أو قدم من سفره ومات بعدهما
428 (أو أخرجه) من يده ثم استرده ممن أعطاه له (بعدهما) أي بعد الصحة والقدوم من السفر لأن في رده رجوعا عن الوصية إن مات من غير ذلك المرض والسفر وأولى إن رده قبلهما ثم صح أو قدم لانتفاء الموت فيهما فلو مات فيهما لم تبطل لأنه علق الوصية بالموت فيهما وقد حصل وقيل تبطل لأن الرد علامة الرجوع وقوله: (ولو أطلقها) أي عن التقييد بالمرض أو السفر كقوله إن مت فلفلان كذا مبالغة في قوله ثم استرده بقطع النظر عن الموضوع من التقييد بهما أي أنه إذا استرد كتابه بطلت وصيته حتى في المطلقة عن التقييد بهما فإن لم يسترده لم تبطل في الصورتين أي المقيدة والمطلقة كما أشار له بقوله: (لا إن لم يسترده) أي فلا تبطل فيهما وقيل بل هو شرط حذف جوابه تقديره فكذلك أي تبطل ولا يصح أن يكون مبالغة فيما قبله إذ ما قبله في الوصية المقيدة وهذا في المطلقة فاسم الإشارة في الجواب المقدر عائد على قوله أو أخرجه ثم استرده لا له ولما قبله إذ المطلقة إذا كانت بغير كتاب أو بكتاب ولم يخرجه أو أخرجه ولم يرده فإنها صحيحة في الصور الثلاثة ولا تبطل إلا إذا استرده بخلاف المقيدة فإنها تبطل في الأولين كالرابعة ومفهوم انتفيا أنهما إذا لم ينتفيا بأن مات من مرضه أو في سفره كانت صحيحة قطعا في الثلاثة الأول وهي ما إذا لم تكن بكتاب أو كانت بكتاب لم يخرجه أو أخرجه ولم يسترده وأما في الرابعة وهي ما إذا استرده فهل تبطل نظرا إلى أن الرد رجوع في وصيته أولا نظرا إلى أنه قد مات في مرضه أو سفره الخلاف المتقدم فعلم أن صور المقيدة منطوقا ومفهوما ثمانية وأن صور المطلقة أربعة تبطل في واحدة منها فقط وهي استرداده ومن المطلقة ما أشار له بقوله: (أو قال متى حدث) لي (الموت) أو إذا أو متى مت فلفلان في مالي كذا فتصح إن لم تكن بكتاب أو به ولم يخرجه أو أخرجه ولم يرده لا إن استرده (أو بنى ) عطف على قوله لم يسترده أي لا إن لم يسترده ولا إن بنى الموصي (العرصة) الموصى بها دارا أو حماما أو غير ذلك فلا تبطل (واشتركا) أي الموصي الباني والموصى له هذا بقيمة بنائه قائما لأن له شبهة وهذا بقيمة عرصته (كإيصائه بشئ) معين (لزيد ثم) أوصى به (لعمرو) فلا تبطل واشتركا إلا أن تقوم قرينة على رجوعه عن الأولى وأولى
429 إن صرح كأن يقول ما أوصيت به لفلان هو لفلان فإنه يختص به الثاني (ولا) تبطل (برهن) لما أوصى به لأن الملك لم ينتقل وخلاصه على الورثة (و) لا (تزويج رقيق) موصى به (و) لا (تعليمه) صنعة ويأخذه الموصى له ويشاركه الوارث فيه بقيمتها (و) لا (وطئ) من الموصي لجارية أوصى بها لزيد إن لم تحمل ووقفت بعد موته فإن ظهر بها حمل بطلت الوصية وصارت أم ولد وإلا أخذها الموصي له (ولا) تبطل (إن أوصى بثلث ماله فباعه) أي باع جميع المال ويعطي الموصى له ثلث ما يملكه عند الموت ولا شئ له من الثمن وقت البيع وجعل الضمير عائدا على جميع أولى لأنه الذي يتوهم فيه الرجوع عن الوصية وأما بيع الثلث فلا يتوهم فيه ذلك (كثيابه) أي كبيعه لثياب بدنه التي أوصى بها (واستخلف) قبل موته ( غيرها) فلا تبطل وأخذ الموصى له ما استخلفه إن لم يكن عينها الموصى وإلا بطلت ببيعها كما إذا لم يعينها ولم يستخلف غيرها (أو) أوصى له (بثوب) معين ( فباعه ثم اشتراه) أو ملكه ولو بإرث له فلا تبطل وأخذه الموصى له (بخلاف) شراء (مثله) فتبطل فليس للموصي له ذلك المثل لأنه غير ما عين له وأما قوله واستخلف غيرها فهو فيما إذا لم يعينها كما مر (ولا) تبطل (إن جصص الدار أو صبغ الثوب أو لت السويق) بنحو سمن وإذا لم تبطل (فللموصي له) ذلك الشئ ( بزيادته) أي مع ما زاده من جص أو صبغ أو سمن ولا مشاركة للوارث فيه بقيمة ما زاده بخلاف الرقيق يعلم صنعة فإنه يشارك الموصي له بقيمته كما مر والفرق أن الرقيق تزيد قيمته بالتعليم زيادة كثيرة (وفي) بطلان الوصية بسبب (نقض) بفتح النون وسكون القاف وبالضاد المعجمة أي هدم بناء (العرصة) الموصى بها مع بنائها ولو قال الدار ونحوها كان أوضح وعدم بطلانها به (قولان) المعتمد الثاني فليس الهدم برجوع وعليه فهل النقض بضم النون أي المنقوض للموصي وورثته أو للموصى له خلاف مستو (وإن أوصى) لشخص (بوصية بعد) وصية (أخرى فالوصيتان) له إذا تساويا من نوع واحد بدليل ما بعده كعشرة محمدية ثم عشرة محمدية (كنوعين ) أي كما إذا أوصى له بوصيتين ولو في آن واحد من نوعين كدينار وثوب (ودراهم) معدودة (وسبائك) من ذهب (وذهب) معلوم القدر (وفضة) كذلك فيعطي الوصيتين معا فقوله كنوعين تشبيه فيما قبله وقوله ودراهم الخ تفسير لنوعين (وإلا ) يكونا من نوعين
430 ولا متساويين بأن كانا من نوع واحد متفاوتين بالقلة والكثرة كعشرة ثم خمسة عشر من صنف واحد أو عكسه (فأكثرهما) له (وإن تقدم) الأكثر في الايصار ولا يكون المتأخر ناسخا وسواء كانتا بكتاب أو بكتابين أخرجهما أم لا ما لم يسترد الكتاب أو أحد الكتابين فما استرده بطل حكمه كما لو رجع بالقول لأن الرد قرينة الرجوع كما قدمه وإن أوصى له بعدد ثم بجزء كربع أو عكسه اعتبر الأكثر وإن تقدم (وإن أوصى لعبده بثلثه) أي الموصى أو بجزء من ماله كربعه أو سدسه (عتق) العبد الموصى له بما ذكر (إن حمله الثلث) أي ثلث المال الذي من جملته العبد فإذا ترك السيد مائتين والعبد يساوي مائة عتق العبد ولا ينظر لما بيده من المال بل يأخذه ويختص به دون الورثة ولو ترك ثلاثمائة والعبد يساوي مائة عتق لمحمل الثلث له (وأخذ) العبد (باقيه) أي الثلث فيأخذ من المائة ثلاثة وثلاثين وثلثا (وإلا) يحمله الثلث كما إذا لم يكن للسيد مال سوى العبد ولا مال للعبد عتق ثلثه فلو كان للعبد مال (قوم في ماله) أي جعل ماله من جملة مال السيد فلو كان العبد له مائتان وقيمته مائة عتق جميعه عند ابن القاسم ولا شئ له من ماله لأن عتق جميعه أهم من عتق بعضه وإبقاء ماله بيده وكذا لو ترك السيد مائة وقيمة العبد مائة وماله الذي بيده مائة كذا قرر واعترض بأن مقتضى نص ابن القاسم أنه لا يجعل ماله من جملة مال السيد بل يعتق منه ابتداء ما حمله مال السيد ثم يعتق باقيه من ماله هو وما بقي يكون للعبد لا للوارث ففي المثال الأول يعتق منه ابتداء ثلثه إذ لا مال للسيد إلا هو وهو بمائة ثم ثلثاه من المائتين ماله في نظير ستة وستين وثلثين ويأخذها منه الوارث وما بقي للعبد وفي المثال الثاني يعتق ابتداء ثلثاه النظر لمال السيد وهو مائتان ثم يعتق ثلثه الباقي من ماله وهو مائة في نظير ثلاثة وثلاثين وثلث يأخذها منه الوارث وما بقي للعبد
431 (و) لو أوصى لمساكين أو فقراء. (دخل الفقير في المسكين كعكسه) لأنه متى أطلق أحدهما شمل الآخر لأن العرف متى قيل مسكين أو فقير يقضي بأنه الذي لا يملك قوت عامه أعم من أن لا يملك شيئا أصلا أو يملك ما لا يكفيه العام فلو جرى العرف بافتراقهما اتبع (و) لو أوصى لأقارب فلان أو أقاربه أو لذي رحم فلان أو رحمي أو لأهله دخل (في) لفظة ( الأقارب و) في لفظة (الأرحام و) في لفظة (الأهل أقاربه لامه) كأبي الام وعمها لأبيها أو لامها وكأخيها وابن بنتها إلى غير ذلك ومحل الدخول (إن لم يكن) لفلان (أقارب لأب) فإن كان أقارب لأب لم يدخل أحد من أقارب أمه ويختص بها أقارب الأب لشبه الوصية بالإرث من حيث تقديم العصبة على ذوي الأرحام ومعنى الدخول هنا الشمول أي شمل الأقارب الخ أقاربه لامه (والوارث) من أقارب الأجنبي (كغيره) فيدخل الجميع (بخلاف) إيصائه لذوي رحم نفسه أو أهله أو (أقاربه هو) فلا يدخل وارثه في لفظ من هذه الألفاظ إذ لا وصية لوارث كما لا يدخل أقارب أمه حيث كان له أقارب لأب بل تختص بهم حيث كانوا غير ورثة (و) إذا دخل أقارب فلان أو أهله أو رحمه أو أقاربه هو أو أهله أو رحمه (أوثر) أي خص بشي (المحتاج الابعد) بأن يزاد على غيره لا بالجميع وإذا أوثر المحتاج الابعد فالأقرب المحتاج أولى (إلا لبيان) في وصيته كأعطوا الأقرب فالأقرب أو فلانا ثم فلانا يقدم الأقرب بالتفصيل ولو غير محتاج لا بالجميع وحينئذ (فيقدم الأخ) الشقيق أو لأب (وابنه) لادلائهما ببنوة الأب (على الجد) لأب لادلائه بأبوة الأب والبنوة أقوى ويقدم الشقيق على غيره
432 (ولا يختص) المقدم بالجميع لئلا يؤدي إلى إبطال الوصية لأن الموصي قال لأقارب فلان الأقرب فالأقرب فإن لم يكن أقارب أب دخل الجد لام والأخ لام وقدم على الجد للادلاء ببنوة الام وقوله على الجد أي دنية احترازا عن أبي الجد فإن العم وابنه يقدمان عليه كما هو ظاهر (و) دخلت (الزوجة) مع زوجها المجاورين للموصي (في جيرانه) أي في وصيته لجيرانه وهم الملاصقون له من أي جهة من الجهات أو المقابلون له وبينهما زقاق أو شارع لطيف لا سوق أو نهر وأما زوجة الموصي إذا كان بها مانع من الإرث فلا تدخل لأنها لا تسمى جارة عرفا (لا) يدخل (عبد مع سيده ) في وصيته لجيرانه إلا أن ينفرد عن سيده ببيت مجاور للموصي (وفي) دخول (ولد صغير) مع أبيه (وبكر) مع أبيها وإن كانت نفقة كل على أبيه وعدم دخولهما وظاهره وإن كانت نفقة كل على نفسه (قولان) واحترز بالولد الصغير عن الكبير وبالبكر عن الثيب بنكاح فيدخلان قطعا لأن نفقتهما لا تجب على أبيهما والمعتبر في الجار يوم الاعطاء فإن انتقل بعضهم وحدث غيرهم أو بلغ صغير أو تزوجت بكر فلا شئ للمنتقل ويعطي من حدث وبلغ ولو كانوا يوم الوصية قليلا فكثروا يوم الاعطاء أعطوا جميعهم (و) ولو أوصى لشخص بجارية وهي حامل دخل (الحمل في الجارية) الموصى بها لأنه كجزء منها (إن لم يستثنه) فإن استثناه لم يدخل ولو وضعته في حياة سيدها لم يدخل في الوصية (و) دخل الموالي (الأسفلون في) وصيته إلى (الموالي ) أي موالي نفسه أو موالي زيد هذا ظاهر المصنف والمذهب أنها تختص بالأسفلين لأنهم مظنة الحاجة (و) دخل (الحمل) أي حمل الأمة (في الولد) أي في وصيته بالولد أي ولد الأمة كأن يقول أوصيت له بأولاد أمتي أو بما تلد أو بما ولدت أبدا فإنه يدخل في ذلك حملها
433 وظاهره ولو وضعته بعد موت سيدها وهو كذلك كما نقله المواق عن ابن رشد وما قبلها أوصى بذات الأمة (و) اعتبر (المسلم يوم) أي وقت (الوصية في) وصيته إلى (عبيده المسلمين) وله عبيد مسلمون وكفار فمن أسلم بعد الوصية لم يدخل ولو في يومها لأن العبرة بوقت الوصية وقرر بعضهم كلام المصنف بأنه أوصى لزيد مثلا بعبيده المسلمين فإنما يدخل في الوصية من كان مسلما وقت الوصية لا من أسلم بعد ذلك وكلا التقريرين صحيح (لا) يدخل (الموالي) الأسفلون (في) وصيته إلى (تميم أو بنيهم) مثلا ولو أوصى لرجال بني فلان أو نسائهم فالظاهر دخول الصغير من النوعين كما في الوقف فلو أوصى لمساكين بني فلان دخل مواليهم (ولا) يدخل ابن السبيل (الكافر في) وصية مسلم إلى (ابن السبيل) أي الغريب لأن المسلمين إنما يقصدون بوصاياهم المسلمين ويؤخذ من هذا التعليل أن الموصي لو كان كافرا اختصت بهم لأن الكافر لا يقصد غالبا إلا الكافر (و) إن أوصى بثلثه مثلا لمجهول غير محصور (لم يلزم تعميم) أي تعميم الموصي لهم بالاعطاء ( كغزاة) أو فقراء أو بني تميم بخلاف خدمة مسجد أو ولي لحصرهم وينبغي إيثار الأحوج في القسمين كما أشار له بقوله: (واجتهد) متولى التفرقة من وصى أو حاكم أو وارث فيمن حضر التفرقة فلا شئ لمن مات قبلها (كزيد معهم) أي إذا قال أوصيت لزيد وللفقراء بثلثي مثلا فإنه يجتهد فيما يعطيه لزيد من قلة وكثرة بحسب القرائن والأحوال لأن القرينة هنا دلت على أن الموصي أعطى المعلوم حكم المجهول وألحقه به وأجراه على حكمه حيث ضمه إليه فلا يقال أنه إذا اجتمع معلوم ومجهول جعل لكل منهما النصف (ولا شئ لوارثه) أي لوارث زيد إن مات
434 (قبل القسم) بخلاف ما لو أوصى لمعنيين كزيد وعمرو أو لأولاد زيد المعينين فيقسم بينهم بالسوية ومن مات منهم قبل القسم فوارثه يقوم مقامه (وضرب) أي أسهم (لمجهول) دائم كوقيد مصباح على الدوام لطلبة العلم مثلا بدرهم كل ليلة (فأكثر) كوقيد مصباح بدرهم وشراء خبز يفرق على الفقراء كل يوم بدرهمين أي مع معلوم أيضا كوصيته لزيد بكذا ولعمرو بكذا (بالثلث) أي ثلث المال أي يجعل الثلث فريضة ثم يضم إليها المعلوم ويجعل بمنزلة فريضة عالت فإذا كان ثلث المال ثلاثمائة جعل كله للمجهول المتحد أو المتعدد ثم يضاف إليه المعلوم فإذا كان المعلوم ثلاثمائة فكأنها عالت بمثلها فيعطي المعلوم نصف الثلثمائة ويبقى نصفها للمجهول فأكثر ولو كان المعلوم مائة زيدت على الثلثمائة فكأنها عالت بمثل ثلثها فيعطي المعلوم ربع الثلثمائة يفض عليه ويبقى الباقي للمجهول (وهل) ما بقي للمجهول (يقسم على الحصص) فيجعل لجهة المصباح الثلث من الباقي ولجهة الخبز الثلثان أو لا يقسم على الحصص بل على عدد الجهات بالسوية فيجعل لجهة المصباح نصفه وإن أوصى له بدرهم ولجهة الخبز نصفه وإن أوصى له بدرهمين (قولان) واستشكل الثاني بأن الموصى جعل لأحدهما أقل مما للآخر فكان ينبغي عدم التساوي بينهما مراعاة لجعله وأجيب بأنه لما كان له الثلث لو انفرد كان الثلث للجميع عند التعدد بالسوية وفيه نظر إذ لم يسو بينهما (و) العبد المعين (الموصي بشرائه) من مالكه (للعتق) بأن قال أوصيكم باشتراء عبد فلان وأعتقوه وأبى ربه من بيعه (يزاد) لسيده
435 بالتدريج (لثلث قيمته) أي يزاد على قيمته ثلثها فإذا كانت قيمته ثلاثين زيد عليها عشرة فقط فإن باعه فواضح (ثم) إذا لم يرض بزيادة الثلث (استؤنى) بالثمن المذكور لظن الإياس من بيعه أو للفوات بعتق أو موت لعله أن يبيعه (ثم) إذا لم يحصل منه بيع مدة الاستيناء (ورث) المال وبطلت الوصية ومحل الزيادة إذا لم يكن العبد لوارث الموصي وإلا لم يزد على قيمته شئ لئلا يلزم الوصية لوارث (و) إن أوصى ( ببيع) لعبده المعين (ممن أحب) العبد فأحب شخصا ولم يرض بشرائه رجع العبد ميراثا (بعد النقص) لثلث قيمته (والإباءة) من شرائه ولا استيناء في هذه إذ لا عتق فيها (واشتراء) بالجر عطف على بيع أي وإن أوصى باشتراء عبد زيد من ماله ويعطي (لفلان) فإن باعه سيده بقيمته أو بزيادة الثلث حيث أبى من بيعه بالقيمة لا بخلا بل لطلب الزيادة أعطى لفلان (و) إن (أبى) من بيعه (بخلا) منه ببيع عبده (بطلت) الوصية ويرجع الثمن ميراثا (و) إن أبى (لزيادة) على ثلث القيمة (فللموصي له) جميع القيمة والثلث الزائد عليها والفرق بين كونها بخلا فتبطل ولزيادة فلا تبطل ويكون الثمن والزيادة الموصي له أنه في البخل امتنع رأسا فلم يسم شئ يعطي للموصي له بخلاف الإباءة لأجل الزيادة فإن الورثة قادرون عليها وعلى دفع العبد فقد سمي مقدار قدره الشرع وهو الثلث (و) إن أوصى (ببيعه) أي بيع عبده (للعتق) أي لمن يعتقه أي أو لفلان بدليل آخر كلامه فإن اشتراه أحد بقيمته فظاهر وإلا (نقص) عن المشتري (ثلثه) أي ثلث قيمته (وإلا) يوجد من يشتريه بنقص ثلث قيمته (خير الوارث في بيعه) بما طلب المشتري أن يشتريه به (أو عتق ثلثه) بتلا في بيعه للعتق لأنه الذي أوصى بعتقه في المعنى (أو القضاء به) أي بثلث العبد (لفلان في له) أي في قول الموصي بيعوه لفلان فصار حاصل المعنى أن الوارث يخير في الأولى بين بيعه بما طلب المشتري وبين عتق ثلث العبد وفي الثانية بين بيعه بما طلب فلان
436 وبين تمليك ثلث العبد له (و) إن أوصى ( بعتق عبد) معين وله مال حاضر وغائب والعبد (لا يخرج من ثلث) المال (الحاضر ) أي لا يحمله ثلثه ويخرج من ثلث الجميع (وقف) عتقه بعد موته (إن كان) يرجي حضور الغائب (لأشهر يسيرة) كأربعة حتى يحضر فيعتق كله (وإلا) يرجي حضور الغائب لأشهر يسيرة بل كثيرة (عجل عتق ثلث) المال (الحاضر) أي ما قابل ثلث الحاضر (ثم تمم) عتقه (منه) أي من الغائب إذا حضر ولو تدريجا فيعتق من كل ما حضر محمله حتى يتم عتقه (ولزم إجازة الوارث) ليس مراده أنه يلزمه أن يجيز وإنما مراده أن الوارث إذا أجاز وصية مورثه قبل موته فيما له رده بعده كما لو كانت لوارث أو أكثر من الثلث فتلزمه الإجازة وليس له رجوع بعد ذلك فيما أجازه متمسكا بأنه التزام شئ قبل وجوبه وإنما تلزمه الإجازة بشروط أولها كون إجازة (بمرض) للموصي أي فيه سواء كانت الوصية فيه أو في الصحة ولا بد من كون المرض مخوفا كما يؤخذ من الشرط الثاني وهو قوله: (لم يصح) الموصي (بعده) فإن أجازه في صحته أو في مرض صح منه صحة بينة ثم مرض ومات لم يلزم الوارث ما أجازه وأشار لثالث الشروط وهو أن لا يكون معذورا بقوله: (إلا لتبين عذر) للوارث في الإجازة (بكونه) أي الوارث (في نفقته) أي الموصي فأجاز مخافة قطعها عنه (أو) لأجل (دينه) الذي له عليه (أو) لخوف (سلطانه) أي الموصي فأجاز مخافة سطوته عليه الشرط الرابع أن لا يكون المجيز ممن يجهل أن له الرد والإجازة وأشار له بقوله: (إلا أن يحلف من يجهل مثله) لزوم إجازته كمن شأنه التباعد عن أهل العلم (أنه جهل أن له الرد) معمول يحلف فهو صفة يمينه أي يحلف بالله الذي لا إله إلا هو أني لا أعلم حين إجازتي أن لي الرد أي لاعتقادي أن ما أوصى به الموصي أمر لازم فإن حلف لم تلزمه الإجازة وله الرد فإن نكل لزمته كالذي يعلم أنه لا وصية لوارث وأنها في الثلث بالشروط المتقدمة
437 وأن له الإجازة والرد ولا يقبل منه يمين وبقي شرط خامس وهو أن يكون المجيز مكلفا بلا حجر وذكر مفهوم الشرط الأول ليرتب عليه المبالغة بقوله: (لا) إن أجاز الوارث (بصحة) للموصي فلا تلزمه الإجازة (ولو) وقعت (بكسفر) أو مرض خفيف أو سجن ( والوارث) الموصي له بصحة أو مرض (يصير) حال الموت (غير وارث) بحجبه بمن هو أقرب منه كأخ يحجب بحدوث ابن أو لزوال سبب أو شرط كالزوجة تطلق بائنا ( وعكسه) أي غير الوارث يصير وارثا كوصيته لامرأة أجنبية ثم تزوجها (المعتبر مآله) أي ما يؤول إليه الحال في الصورتين فإذا مات الموصي صحت في الأولى وبطلت في الثانية (ولو لم يعلم) الموصي بصيرورة الوارث غير وارث فالمبالغة راجعة للصورة الأولى قصد بها رد قول ابن القاسم في المرأة توصي لزوجها ثم يطلقها البتة فإن علمت بطلاقها قبل موتها ولم تغير فالوصية جائزة وإن لم تعلم فلا شئ له ولا يصح رجوعها للثانية لعدم وجود الخلاف فيها (واجتهد) من يتولى أمر الوصية من وارث أو قاض أو مقدم منه أو وصي (في ثمن) عبد (مشترى لظهار) على الموصي بشرائه ليعتق أي لأجل عتقه عن ظهاره (أو) مشتري (لتطوع) أي أوصى بشراء عبد ليعتق عنه تطوعا ولم يسم ثمنا في الحالين (بقدر المال) متعلق باجتهد أي يجتهد بقدر المال قلة وكثرة ليشتري عبدا صغيرا أو كبيرا حاذقا أو بليدا فليس من ترك مائة دينار كمن ترك ألفا ولا بد أن يكون العبد مسلما في المسألتين فإن ظهر كفره بعد الشراء رد ولا بد أن يكون غير معيب في الأولى (فإن سمي في تطوع) قدرا ( يسيرا) لا يشتري به رقبة (أو) سمي كثيرا و (قل الثلث) بحيث لا يسع ما سماه ولا يفي برقبة (شورك به) أي باليسير الذي سماه أو بالثلث (في) ثمن (عبد) ليعتق وجد مشارك (وإلا) يوجد (فآخر نحم مكاتب) لأنه أقرب لغرض الموصي والتقييد بالآخر للندب لأنه أقرب للعتق إذ لو وضعه في أول نجم كفي فإن لم يوجد نجم مكاتب ورث ومفهوم قوله تطوع أنه لو كان المسمى فيه عتقا عن ظهار فلا يشارك ويطعم بما لم يبلغ شراء رقبة فإن فضل عن الاطعام شئ ورث (وإن عتق) ما اشترى للتطوع
438 (فظهر) على الميت (دين يرده) أي العتق كله (أو بعضه رق المقابل) للدين وهو الكل في الأولى وبطلت الوصية والبعض في الثانية وعتق الباقي بخلاف الظهار فيرق إذ لا يعتق عن ظهار بعض رقبة ويطعم عن ظهار الميت بما زاد على الدين (وإن مات بعد اشترائه) للعتق (ولم يعتق) بأن مات قبل عتقه لأنه لا يعتق بمجرد الشراء (اشتري غيره) ليعتق (لمبلغ الثلث) ولو قسمت التركة وهذا فيما إذا لم يسم ثمنا في ظهار أو تطوع (و) إن أوصى (بشاة) من غنمه أو بعبد من عبيده (أو) أوصى (بعدد من ماله) غنما أو غيرها كأعطوه عشرة من غنمي أو من عبيدي أو من إبلي (شارك) الموصي له ورثة الميت (بالجزء) أي بنسبة الجزء الذي أوصى به إلى الموصى فيه من غنم أو غيرها فإذا أوصى بشاة وله يوم التنفيذ ثلاث شياه كان شريكا بالثلث ولو كان له عشرة كان شريكا بالعشر وإذا أوصى له بعشرة وله عشرون كان شريكا بالنصف فلو كان له خمسة عشر شاة كان شريكا بالثلثين والموضوع أن ثلث الميت يحمل ذلك والعبرة بيوم التنفيذ زادت عن يوم الوصية أو نقصت (وإن لم يبق) يوم التنفيذ من غنم الموصي (إلا ما سمي) يوم الوصية
439 (فهو) أي الباقي (له) أي للموصي له يختص به (إن حمله الثلث) قال فيها من أوصى بعتق عشرة من عبيده ولم يعينهم وعبيده خمسون فمات منهم عشرون قبل التقويم عتق منهم عشرة أجزاء من ثلاثين جزء بالسهم خرج عدد ذلك أقل من عشرة أو أكثر ولو هلكوا إلا عشرة عتقوا إن حملهم الثلث وكذا من أوصى لرجل بعدد من رقيق أو بعشرة من إبله انتهى واستشكل قوله بالجزء مع قوله وإن لم يبق إلا ما سماه فهو له لأن الحكم بالشركة المقتضى أن ما وجد يكون بينهم مع الحكم بالاختصاص متنافيان وأجيب بأن قوله شارك بالجزء فيما إذا كان عنده أكثر من العدد الموصى به فإن لم يكن عنده أكثر اختص به فإن لم يحمل الثلث إلا بعضه فله ما حمله (لا) إن قال له ( ثلث غنمي) مثلا (فتموت) أي يموت بعضها فليس له إلا ثلث ما بقي وإذا لم يبق إلا شاة فقط أعطى ثلثها ولا يقال ينظر إلى عدد الثلث يوم وجوب الوصية فيعطي الثلث ما دام أكثر من ذلك العدد حتى إذا لم يبق إلا هو أخذه لأن الفرق بين هذه والسابقة أن الوصية في هذه بجزء معين وفي السابقة بعدد معين (وإن) أوصى له بشاة مثلا و (لم يكن له غنم) حين الوصية حتى مات (فله شاة وسط) أي قيمة شاة وسط لا علية ولا دنية تعطي له تلك القيمة لأن المتبادر من حاله ذلك (وإن قال) شاة (من غنمي) أو عبد من عبيدي (ولا غنم له) ولا عبيد (بطلت) لأن التقييد بقوله من غنمي ولا غنم له صير كلامه كالهذيان بخلاف ما لو قال من مالي أو أطلق وشبه في البطلان قوله: (كعتق عبد) أوصى به (من عبيده فماتوا) قبل التنفيذ فإن لم يكن إلا واحد تعين عتقه وتقدم كلام المدونة عند قوله إن حمله الثلث ثم ذكر
440 ثم ذكر أمورا تخرج من الثلث إذا ضاق عنها فقال: (و) لو أوصى بوصايا أو لزمه أمور تخرج من الثلث وضاق عن جميعها (قدم لضيق الثلث) عما يجب إخراجه منه وصية أو غيرها (فك أسير) أوصى به ولم يتعين عليه قبل موته وإلا فمن رأس المال (ثم مدبر صحة) ومنه مدبر مريض صح من مرضه صحة بينة (ثم صداق مريض) لمنكوحة فيه ودخل بها ومات فيه أوصى به أولا وتقدم في النكاح أن لها لأقل من المسمى وصداق المثل من الثلث (ثم زكاة) لعين أو غيرها (أوصى بها) أي بإخراجها وقد فرط فيها وإنما قدم مدبر الصحة وصداق المريض عليها لأنهما معلومان والزكاة لا يدري أصدق في بقائها في ذمته وأنه فرط فيها أم لا فإن لم يوص بها فلا تخرج ويحمل على أنه كان أخرجها فهذا في زكاة اعترف بها عن عام ماض وأنها في ذمته وأوصى بها فالاستثناء في قوله: (إلا أن يعترف بحلولها) عليه أي في عام موته منقطع لأن الاعتراف بالحلول إنما يكون بالنظر للحاضر لا للماضي (ويوصي) بإخراجها (فمن رأس المال) تخرج فإن اعترف بحلولها ولم يوص بها فإن الورثة لا تجبر على
441 إخراجها ولم تكن في ثلث ولا رأس مال اللهم إلا أن تعلم أنه لم يخرجها فمن رأس المال وهذا في زكاة العين بدليل قوله: (كالحرث والماشية) فإنهما يخرجان من رأس المال (وإن لم يوص بها) لأنهما من الأموال الظاهرة فعلم أن الزكاة الماضية مطلقا تخرج من الثالث إن أوصى بها وإلا فلا وأن الحاضرة إن كانت عينا أخرجت من رأس المال إن اعترف وأوصى وإلا فلا وإن كانت حرثا أو ماشية فمن رأس المال وإن لم يوص لأن من ورث حبا قد طاب أو في الجرين أو ماشية قبل أخذ الساعي زكاتها فزكاتها على الميت من رأي المال وإن لم يوص بها الميت وأما إن ورث ذلك قبل طيب الحب أو قبل مجئ الساعي فالزكاة في الحب على الوارث وفي الماشية يستقبل الوارث فإن لم يكن ساع ومات ربها بعد الحول وقبل إخراجها فمن رأس المال وأما إن ورث عينا فإن اعترف الميت بحلول حولها وأوصى بإخراجها أخرجت من رأس المال وعلم أيضا أن الزكاة الحاضرة ليست مما نحن بصددها وإنما ذكرها المصنف استطرادا وتتميما للفائدة لأن كلامنا هنا فيما يخرج من الثلث (ثم) يلي الزكاة الماضية الموصى بها (الفطر) أي زكاته الماضية أي التي فات وقتها بغروب شمس يوم الفطر وأما الحاضرة بأن مات ليلة الفطر على أنها تجب بالغروب أو يومه فكزكاة العين تخرج من رأس المال إن أوصى بها وإن لم يوص أمر الوارث بإخراجها ولم يجبر عند ابن القاسم (ثم) يلي زكاة الفطر (كفارة ظهار وقتل) خطأ وكفارة الظهار تشمل إطعامه فهذه النسخة أحسن من نسخة ثم عتق ظهار وأما القتل عمدا فالعتق فيه ليس بواجب والكلام في ترتيب الواجبات فلا يراد هنا بل يكون في آخر المراتب ويدخل في قوله الآتي ومعين غيره (و) إذا لم يحمل الثلث إلا رقبة واحدة وعليه عتق ظهار وعتق قتل خطأ (أقرع بينهما) أيهما يقدم (ثم) يلي عتق الظهارة والقتل الخطأ (كفارة يمينه) وأخرت عنهما لأنها على التخيير وهما على الترتيب (ثم) كفارة (لفطر رمضان) عمدا بأكل أو شرب أو جماع (ثم) الكفارة (للتفريط) في قضائه حتى دخل عليه رمضان آخر ثم محل الثلاثة التي ذكرها حيث لم يعلم هل أخرجها أم لا ولم يشهد في صحته أنها في ذمته فإن علم بأنه لم يخرجها أو أشهد في صحته أنها في ذمته وأوصى بها فمن رأس المال وكذا يقال في عتق الظهار والقتل (ثم) يلي كفارة التفريط (النذر) الذي لزمه سواء نذره في صحته أو مرضه وخصه بعضهم بالنذر في الصحة وأما نذر المرض
442 فرتبته رتبة ما يليه وهو قوله: ( ثم) العتق (المبتل) في مرضه (ومدبر المرض) فهما في مرتبة واحدة إذا كانا في لفظ واحد أو لفظين وليس بينهما سكوت كأن يقول في مرض موته أعتقت عبدي فلانا ودبرت فلانا وإلا قدم ما وقع أولا وأما الصدقة والعطية المبتلتان في المرض فيقدمان على الوصية بالعتق عند مالك وأكثر أصحابه ويقدم الموصي بعتقه عليهما عند ابن القاسم ويؤخذ من هذا أن العتق المبتل في المرض يقدم على الصدقة المبتلة فيه (ثم) يلي العتق المبتل والمدبر في المرض (الموصي بعتقه) إذا كان ( معينا عنده) كعبدي فلان (أو) معينا (يشترى) بعد موته كاشتروا عبد فلان وأعتقوه عني حالا (أو لكشهر) أي أو بعد شهر بعد موتي في الصورتين أي وهو المعين عنده أو يشتري (أو) أوصى بعتق معين عنده (بمال) أي على مال يدفعه العبد للورثة وسواء قيده بمعجل أو بمؤجل أو أطلق (فعجله) العبد عقب موت سيده وهذه الخمسة الصور في مرتبة واحدة يقع التحاصص فيها عند الضيق وأخرت عن المبتل والمدبر بمرض لأن له الرجوع فيهم بخلافهما (ثم) يلي الخمسة المذكورة (الموصي بكتابته) بعد موته (والمعتق بمال) أي على مال ولم يعجله عقب موت سيده ( والمعتق إلى أجل بعد) أي زاد على شهر وأقل من سنة (ثم) يليه (المعتق لسنة) وهو يقدم (على) المعتق إلى (أكثر) من سنة كسنتين فأكثر كما في المقدمات فإنه ذكر فيها العتق لشهر ثم لسنة ثم لسنتين إلا أن زيادة المصنف هنا إلى أجل بعد وحمله على ما زاد على الشهر وقبل السنة بدليل ما بعده قال ابن غازي لم أره لاحد أي فكان يجب حذفه ثم أن الراجح ما قاله ابن مرزوق من أن هاتين الأخيرتين أي العتق لسنة أو أكثر في مرتبة واحدة وأنهما
443 يليان المعتق بمال فعجله ثم يليهما المعتق بمال ولم يعجله والموصي بكتابته فكان حقه أن يقول بعد لفظ فعجله ثم المعتق إلى أجل ثم الموصي بكتابته والمعتق بمال لم يعجله (ثم) وصيته (بعتق لم يعين) كقوله أعتقوا عني عبدا (ثم حج) أي ثم وصيته بحج عنه (إلا لصرورة فيتحاصان) أي الموصي بعتقه غير معين وحج الصرورة أي حجة الاسلام وشبه في المحاصة قوله: (كعتق لم يعين ومعين غيره) أي غير العتق كأن يوصي بعتق عبد غير معين وبثوب معين أو عبد معين أو بغير معين لزيد فيتحاصان (وجزئه) أي المعين كأن يوصي لزيد بنصف ثوب معين أو نصف عبد أو بغير معين فالثلاثة إذا اجتمعت أو الاثنان منها في مرتبة واحدة وإنما أعاد قوله كعتق لم يعين ليرتب عليه ما بعده وقد يقال العتق غير المعين الأول زاحمه حج والثاني زاحمه معين غيره أو جزؤه فلا تكرار (وللمريض) مرضا مخوفا (اشتراء من يعتق عليه) كابنه وأبيه (بثلثه) فأقل ويعتق عليه ناجزا ويرث لتقدم عتقه على موته وأما بأكثر من ثلثه فلا يرث وخير الوارث إن كان لا يعتق عليه فيما زاد على الثلث فإن أجاز فظاهر وإن رده عتق منه محمل الثلث فإن كان يعتق عليه أيضا كالابن والأخ فلا خيار له وعتق الباقي عليه وعلى كل حال فالشراء صحيح لازم (و) لا (يرث) وقيل بل إذا جاز الوارث في المرض ورث
444 لأن إجازته في المرض لازمة لا رجوع له فيها فقد تحقق عتقه قبل الموت نعم إن أجاز بعد الموت لم يرث. (لا إن أوصى بشراء ابنه) أو أبيه أو أخيه بعد موته فاشترى (وعتق) فلا يرث لأن عتقه بعد الموت (وقدم الابن على غيره) يعني أنه إذا اشترى ابنه أو من يعتق عليه في المرض وبتل عتق غيره وضاق الثلث عن حمل الجميع فإنه يقدم الابن أي من يعتق عليه على غيره وظاهره وقع ذلك في وقت واحد أو وقتين وأما لو اشترى ابنه في المرض وغيره ممن يعتق عليه فيتحاصان إن اشتراهما صفقة واحدة وإلا قدم الأول على الراجح ثم ذكر مسألة تعرف عند الأصحاب بمسألة خلع الثلث بأنواعها الثلاثة سواء كان فيها دين أو عرض غائب أم لا فقال ( وإن أوصى) لشخص (بمنفعة) شئ (معين) مدة معينة كأن يوصي بخدمة عبده فلان أو سكنى داره أو بركوب دابته الفلانية لزيد مدة سنة مثلا (أو) أوصى له (بما) أي بشئ كعبد أو بعير (ليس فيها) أي التركة مما ليس معينا كاشتروا له عبدا وأعطوه له (أو) أوصى (بعتق عبده) فلان (بعد موته بشهر) مثلا (و) الحال أنه (لا يحمل الثلث) في الأنواع الثلاثة (قيمته)
445 أي قيمة المعين الموصى بمنفعته وغير المعين الموصى بشرائه مما ليس فيها والعبد الموصى بعتقه بعد موته بشهر فليس المراد قيمة منفعة المعين في الأولى كما قد يتبادر منه بل المراد بها قيمة ذي المنفعة ومفهوم قولنا مما ليس معينا أنه لو أوصى بشراء معين فهو ما قدمه بقوله واشتراء لفلان وأبى بخلا بطلت الخ (خير الوارث) في الثلاثة (بين أن يجيز ) وصية مورثه (أو يخلع ثلث الجميع) أي جميع التركة من الحاضر والغائب عرضا أو عينا أو غيرهما أي يعطي من كل شئ للميت ثلثه في المسألتين الأوليين وأما الثالثة فيخير بين الإجازة وبين أن يعتق من العبد بقدر ثلث جميع المال فإطلاق خلع الثلث عليها تغليب واحترز بقوله بمنفعة معين عما إذا أوصى له بنفس المعين كدار معينة ولم يحملها الثلث فقال مالك مرة مثل ما تقدم ومرة أخرى يخير الوارث بين الإجازة وبين خلع ثلث جميع التركة من ذلك المعين خاصة وهذا هو الذي رجع إليه مالك قال ابن القاسم وهو أحب إلى نقله في التوضيح (و) إن أوصى لشخص (بنصيب ابنه أو مثله) أي مثل نصيب ابنه (فالجميع) أي فيأخذ الموصى له جميع نصيب ابنه وهو جميع المال إن انفرد الابن أي وأجاز الوصية أو الباقي بعد ذوي الفروض أو نصف المال أو نصف الباقي إن كان الابن اثنين وأجازاها فإن لم يجز الواحد أو الاثنان كان له ثلثه وإن كانوا ثلاثة فقد أوصى بثلث ماله ولا يتوقف على إجازة فإن كانوا أربعة فقد أوصى له بربع المال أو خمسه فبالخمس وهكذا وقد علمت أن ما زاد على الثلث يتوقف على إجازة بخلاف الثلث فدون (لا) إن قال ( جعلوه وارثا معه) أي مع ابني (أو) قال (ألحقوه به) أو نزلوه منزلته أو اجعلوه من عداد ولدي ونحو ذلك (فزائدا) أي يقدر الموصى له زائدا وتكون التركة بينهما نصفين إن أجاز وإلا فالثلث فإن كانوا ابنين فله الثلث أجاز أو لم يجيزا ولو كانوا ثلاثة فهو كابن رابع وهكذا ولو كانوا ثلاثة ذكور وثلاث إناث لكان كرابع مع الذكور ولو كانت الوصية لأنثى لكانت كرابعة من الإناث فقوله فزائدا أي على مماثله
446 (و) إن أوصى له (بنصيب أحد ورثته) أو بمثل نصيب أحدهم وترك ذكورا أو إناثا أو ذكورا وإناثا (فبجزء) أي فيحاسبهم بجزء (من عدد رؤوسهم) فإن كان عدد رؤوس ورثته ثلاثة فله الثلث أو أربعة فله الربع أو خمسة فله الخمس وهكذا ولا نظر لما يستحقه كل وارث ثم يقسم ما بقي بينهم على فرائض الله تعالى (و) إن أوصى له (بجزء) من ماله (أو سهم) منه (فبسهم) أي حاسب بسهم (من) أصل (فريضته) ولو عائلة فإذا كان أصلها من أربعة وعشرين مثلا وعالت لسبعة وعشرين فله جزء من سبعة وعشرين ولا ينظر لما تصح منه المسألة على الأصح (وفي كون ضعفه) أي النصيب أي قال أوصيت له بضعف نصيب ولدي (مثله) أي النصيب (أو مثليه تردد) لابن القصار ولشيخه فهو يقول ضعف الشئ قدره مرتين وهو ما ذهب إليه أبو حنيفة والشافعي ونقل عن شيخه خلاف ذلك أي أن ضعف الشئ ما ساواه فإذا تعدد الابن حقيقة أو حكما كأن يكون معه ابنتان أو معه أم وزوجة وأوصى لشخص بضعف نصيب ابنه فعلى القول الأول يعطي مثل نصيب الابن فيعطي نصف المال المتروك أو الباقي بعد ذوي الفروض وعلى الثاني يعطي جميع المتروك
447 بشرط الإجازة فإن لم يكن له إلا ابن واحد أعطى جميع المتروك على كل من القولين إن أجاز، فصار حاصل المعنى أنه إذا قال أوصيت له بضعف نصيب ابني هل هو بمنزلة قوله أعطوه مثل نصيب ابني أو بمنزلة قوله أعطوه نصيب ابني ومثله معه وظاهر أن هذا الخلاف إنما يكون عند تعدد الابن ولو حكما كما ذكرنا فإن اتحد فليس له إلا جميع ما تركه الميت (و) إن أوصى له (بمنافع عبد) كخدمته فأخذه الموصى له ومات (ورثت عن الموصى له) إن بقي من زمنها شئ وزمنها قد يحدد بوقت وقد يحدد بحياة العبد وقد يطلق فيحمل على حياة العبد فتورث إلا أن يقوم دليل على أن المراد حياة الموصى له (وإن حددها) الموصي (بزمن فكالمستأجر) بفتح الجيم أي كالعبد المستأجر يورث ما بقي من زمنها ولسيده بيعه إن بقي من المدة كثلاثة أيام لا الجمعة ويجوز كسر الجيم فيفيد أن للموصى له أو وارثه إجارة ماله من الخدمة (فإن قتل) العبد (فللوارث) له (القصاص) ممن قتله إن كان القاتل عبدا (أو القيمة) ولا كلام للموصى له لأن حقه إنما كان في خدمته وقد سقطت بالقتل وشبه في كون الكلام لوارثه لا للموصى له قوله: (كأن جنى) العبد على أحد فالكلام للوارث في إسلامه وفدائه وبطلت الخدمة (إلا أن يفديه المخدم) بالفتح أو وارثه (أو الوارث) له (ف) لا تبطل و (تستمر) لما حددت له في المسألتين والحاصل أن الكلام أولا للوارث له فإن أسلمه للمجني عليه بطلت ما لم يفده المخدم فإن فداه استمرت فإن تمت المدة قبل استيفاء ما فداه به فإن دفع له سيده بقية الفداء أخذه وإلا أسلمه له وإن لم يسلمه الوارث للمجني عليه استمرت خدمته أيضا لتمام المدة (وهي) أي الوصية بصحة أو مرض (ومدبر إن كان) التدبير (بمرض) مات منه كلاهما (فيما علم) أي في المال الذي علم به الموصي قبل موته ولو بعد الوصية لا فيما جهل به قبل موته وأما مدبر الصحة فيدخل في المعلوم والمجهول لأن الصحيح قصده عتقه من ماله الذي يموت عنه ولو تجدد في المستقبل والمريض يتوقع الموت من مرضه فلا يقصد العتق إلا مما علمه من ماله إذ لا يترقب حدوث مال فإن صح من مرضه
448 ثم مات فهو كمدبر الصحة وإنما لم تدخل وصية الصحة في المجهول كمدبر الصحة لأن عقد لازم بخلافها (ودخلت) الوصية المقدمة على التدبير (فيه) أي في المدبر فيباع المدبر لأجلها عند الضيق وسواء دبر في الصحة أو المرض ومعنى الدخول فيه أنه يبطل لأجلها التدبير عند الضيق فمن أوصى بفك أسير وكان فكه يزيد على ثلث الميت الذي من جملته قيمة المدبر بأن كان ثلث الميت الذي من جملته قيمة المدبر مائة وكان فك الأسير مائة فأكثر فإنه يبطل التدبير ويدخل فك الأسير في قيمته (و) تدخل الوصية (في العمرى) الراجعة بعد موته ولو بسنين وكذا تدخل في الحبس الراجع بعد موته وفي بعير شرد وعبد أبق ثم رجعا (وفي) دخول الوصية في ( سفينة أو عبد) للموصي (شهر تلفهما) قبل صدور الوصية (ثم ظهرت السلامة) بعد موت الموصي وعدم دخولهما (قولان) ولا مفهوم للسفينة والعبد (لا) تدخل الوصية ( فيما أقر به في مرضه) مما يبطل إقراره به كأن يقر في مرضه بدين لصديق ملاطف أو لزوجة ونحوهما مما يتهم فيه (أو أوصى) به (لوارث) ولم تجزه بقية الورثة وإذا لم تدخل الوصية في ذلك بطل ورجع ميراثا أي والرد وقع بعد الموت وأما لو حصل قبله وعلم بذلك الموصى فتدخل الوصية فيه ولا مفهوم لقوله في مرضه فإن إقرار الصحة قد يكون باطلا فالمراد الاقرار الباطل (وإن ثبت أن عقدها) أي وثيقة الوصية (خطه أو قرأها ولم يشهد) في الصورتين أنها وصية (أو) لم (يقل أنفذوها لم تنفذ) فلا يعمل بها بعد موته
449 لاحتمال رجوعه عنها ولو كتب فيها أنفذوها ومفهومه أنه لو أشهد أنها وصية أو قال أنفذوها نفذت وعمل بها (وندب فيه) أي في الايصاء (تقديم التشهد) على المقصود بالذات فلا ينافي أنه يقدم البسملة والحمدلة عليه والمراد بالتشهد ذكر الشهادتين (ولهم الشهادة) حيث أشهدهم بما في كتاب وصيته أو قال أنفذوه (وإن لم يقرأه ولا فتح) الكتاب ( وتنفذ) حينئذ (ولو كانت الوصية) بمعنى كتابها (عنده) لم لم يخرجها إلى أن مات (وإن شهدا بما فيها وما بقي فلفلان) على مقتضى ما أخبرهما (ثم مات) الموصي (ففتحت فإذا فيها وما بقي) من الثلث (فللمساكين قسم) الباقي من الثلث (بينهما) أي بين فلان المعين وبين المساكين نصفين ولم تبطل هذه الوصية مع التنافي لأنه بمنزلة ما إذا أوصى بشئ لزيد ثم به لعمرو فيقسم بينهما (و) إن قال (كتبتها) ووضعتها (عند فلان فصدقوه) صدق قوله هذه وصيته التي كتبها ولو كان الذي فيها لابنه فلا يرجع الشرط الآتي لهذه ويحتمل أن المراد أمرته بكتبها فصدقوه وعليه فيرجع الشرط الآتي لهذه أيضا (أو) قال (أوصيته بثلثي) أي بتفرقته (فصدقوه يصدق) فيمن ينفذها له (إن لم يقل) في الثانية وكذا في الأولى على الاحتمال الثاني كما مر جعلها (لابني) أو نحوه ممن يتهم فيه فلا يصدق ويحتمل رجوع الشرط للأولى أيضا حتى على الاحتمال الأول
450 لاحتمال أن يكون غير فيها (و) إن قال فلان (وصيي فقط) أي لم يقيد بشئ بأن أطلق فلفظه هذا (يعم) كل شئ حتى تزويج بناته البالغات بإذنهن وكذا الصغيرة بشروطها ولا جبر له لأن التعميم لا يقتضيه وإنما يجبر إن أمره به أو عين له الزوج وإلا فخلاف كما قدمه في النكاح ويمكن أن يدخل هذا في الخلاف وهو ظاهر (و) إن قيد بأن قال وصيي (على كذا) لشئ عينه فإنه (يخص به) ولا يتعداه فإن تعداه لم ينفذ (كوصيي حتى يقدم فلان) فإنه يكون وصيا في جميع الأشياء حتى يقدم فلان فإن قدم انعزل بمجرد قدومه ولو لم يقبل إلا لقرينة فإن مات قبل قدومه استمر الأول وصيا (أو) قال فلان وصيي (إلى) أو إلا (أن يتزوج) هو فهو بياء تحتية (زوجتي) فلا حق له عمل بذلك ويحتمل أنه بالتاء الفوقية أي قال زوجتي وصيتي إلى أن تتزوج فإنه يعمل به (وإن زوج) رجل ( موصي على بيع تركته وقبض ديونه) بنات الميت بإذنهن (صح) النكاح ولم يجز ابتداء فلا يفسخ قبل الدخول ولو شرطه وليس له جبرهن اتفاقا وإلا فسخ أبدا ومحل الصحة ما لم يجعل التزويج لغيره وإلا فسخ ثم شرع يتكلم على الوصية على الأولاد المحجور
451 عليهم وأن ذلك خاص بالأب أو وصيه دون الأجداد والأعمام والاخوة فقال: ( وإنما يوصي على المحجور عليه) لصغر أو سفه (أب) رشيد (أو وصيه) أي الأب أو وصى وصيه ولا كلام لمقدم قاض (كأم) لها أن توصي على أولادها بشروط ثلاثة أشار لها بقوله: (إن قل) المال الذي أوصت بسببه كستين دينارا فلا وصية لها في نكاح ولا في كثير (ولا ولي) للأولاد من أب أو وصي أو مقدم إذ لا وصية لها عند وجوده ( وورث) المال القليل أي وورثه الأولاد (عنها) لا عن غيرها فلا كلام لها فإن فقدت الشروط أو بعضها وأوصت فتصرف وصيها فتصرفه (غير نافذ وللصبي) إذا رشد أو الحاكم رده ما لم ينفقه عليهم في الأمور الضرورية بالمعروف وبقي هنا مسألة ضرورية كثيرة الوقوع هي أن يموت الرجل عن أولاد صغار ولم يوص عليهم فتصرف في أموالهم عمهم أو أخوهم الكبير أو جدهم بالمصلحة فهل هذا التصرف ماض أولا وللصغار إذا رشدوا إبطاله ذكر أشياخنا أنه ماض لجريان العادة بأن من ذكر يقوم مقام الأب لا سيما في هذه الأزمنة التي عظم فيها جور الحكام بحيث لو رفع لهم حال الصغار لاستأصلوا مال الأيتام. ثم ذكر شروط الوصي وهي أربعة والحصر منصب عليها أيضا بقوله: (لمكلف) فلا يصح إيصاء صبي أو مجنون (مسلم) فلا يصح لكافر (عدل ) فيما ولى عليه فلا يصح لخائن أو لمن يتصرف بغير المصلحة الشرعية (كاف) أي قادر على القيام بالموصى عليه (وإن) كان الوصي أعمى (وامرأة) أجنبية أو زوجة الموصي أو مستولدته أو مدبرته (و) إن (عبدا وتصرف) العبد حينئذ (بإذن سيده ) إن وقعت الوصية للعبد من غير اطلاع سيده وليس لسيده رجوع بعد إذنه له في القبول والأولى أن يأذن سيده متعلق بمقدر أي وقبل بإذن سيده والأولى التصريح بهذا المقدر وحذف قوله وتصرف
452 للعلم به من قوله كاف فيكون المعنى وجاز له القبول بإذن سيده (وإن) أوصى عبدا له على أولاده الأصاغر و (أراد) أولاده (الأكابر) أي الكبار (بيع) عبد (موصى) على الأصاغر (اشترى) ذلك العبد (للأصاغر) من الأكابر أي يشتري حصة الأكابر لهم إن كان لهم مال يحملها وإلا باع الأكابر حصتهم خاصة إلا أن ينقص ثمنها أو لم يوجد من يشتريها مفردة فيباع العبد جميعه ثم إن أبقاه المشتري وصيا على حاله فظاهر وإلا بطلت (وطرو الفسق) على الوصي (يعزله ) إذ تشترط عدالته ابتداء ودواما أي يكون موجبا لعزله عن الوصية لا أنه ينعزل بمجرده فتصرفه بعد طرو الفسق وقبل العزل ماض (ولا يبيع الوصي عبدا) أو أمة ( يحسن القيام بهم) أي لا يجوز له ذلك لأنه غير مصلحة ولا يجوز له تصرف بلا مصلحة ( ولا) يجوز له أن يبيع (التركة) أو شيئا منها لقضاء دين أو تنفيذ وصية (إلا بحضرة الكبير) إذ لا تصرف للوصي في مال الكبير فإن غاب الكبير أو أبى من البيع نظر الحاكم (ولا يقسم) الوصي (على غائب بلا حاكم) فإن قسم بلا حاكم نقضت والمشترون العالمون غصاب لا غلة لهم ويضمنون حتى السماوي إلا أن يكون البيع سدادا ففي إمضائه قولان والقياس عدمه (و) إن أوصى (لاثنين) بلفظ واحد كجعلتكما وصيين أو بلفظين في زمن واحد أو زمنين من غير تقييد باجتماع أو افتراق (حمل على ) قصد (التعاون) فلا يستقبل أحدهما ببيع أو شراء أو نكاح أو غير ذلك بدون صاحبه إلا بتوكيل منه أما إن قيد الموصى في وصيته بلفظ أو قرينة باجتماع أو انفراد عمل به ابن عبد السلام ولم يجعلوا وصيته للثاني ناسخة للأول
453 (وإن مات أحدهما أو اختلفا) في أمر كبيع أو شراء أو تزويج أو غير ذلك (فالحاكم) ينظر فيما فيه الأصلح هل يبقى الحي منهما أو يجعل معه غيره في الأولى أو يرد فعل أحدها دون الآخر أو يردهما معا في الثانية (ولا) يجوز (لأحدهما إيصاء) في حياته دون إذن صاحبه وأما بإذنه فيجوز (ولا) يجوز (لهما قسم المال) بينهما ليستقل كل بقسم منه يتصرف فيه على حدته (وإلا) بأن اقتسماه (ضمنا) لما تلف منه ولو بسماوي للتفريط فيضمن كل ما تلف منه أو من صاحبه لرفع يده عما كان يجب وضعها عليه (وللوصي اقتضاء الدين) ممن هو عليه (وتأخيره بالنظر) في المصلحة فقد يكون التأخير هو الصواب واللام في كلامه للاختصاص فلا ينافي أن اقتضاء الذين مثلا يجب عليه (و) له (النفقة على الطفل) أو السفيه (بالمعروف) بحسب قلة المال وكثرته وبحسب حال الطفل من أكل وكسوة وغير ذلك فينظر لما يقتضيه الحال بالمعروف فيما ذكر (وفي ختنه وعرسه) ولا حرج على من دخل فأكل لأنه مأذون فيه شرعا بخلاف لو أسرف من مال اليتيم فلا يجوز الاكل منه (وعيده) فيوسع عليه بما يقتضيه الحال وأما ما يصرف للعابين في عرسه وختنه فلا يلزم اليتيم ويضمنه الوصي (و) للوصي (دفع نفقة له قلت) كنفقة شهر ونحوه مما يعلم أنه لا يتلفه فإن خاف إتلافه فنفقة يوم بيوم (و) له وإخراج زكاة (فطرته) من ماله عنه وعمن تلزمه نفقته (وزكاته) المالية من عين وحرث وماشية
454 (ورفع) الوصي (للحاكم) الذي يرى زكاة المال في مال الصبي ليحكم بإخراجها فيرتفع الخلاف خوفا من رفع الصبي بعد رشده لحنفي لا يرى الزكاة في مال الصبي فيضمن الوصي له ما أخرجه عنه ولذا قال (إن كان) هناك (حاكم حنفي) يرى سقوطها عن الصبي والمراد وجد بالفعل أو يخشى توليته (و) له (دفع ماله) لمن يعمل فيه (قراضا وبضاعة) الواو بمعنى أو وله عدم دفعه إذ لا يجب عليه تنميته على المذهب (ولا يعمل هو به ) لئلا يحابي لنفسه والنهي للكراهة كما فسره ابن رشد فإن عمل الوصي به مجانا فلا نهي بل هو من المعروف الذي يقصد به وجه الله سبحانه وتعالى (ولا) يجوز له ( اشتراء) لنفسه شيئا (من التركة) لأنه يتهم على المحاباة أي يكره كما في النقل (وتعقب) أي يتعقبه الحاكم في عمله به قراضا أو بضاعة أو اشتراء لنفسه ( بالنظر) فيمضي ما فيه مصلحة لليتيم ويرد غيره (إلا) اشتراءه (كحمارين) من التركة (قل ثمنهما) الذي انتهت له الرغبات فيهما كثلاثة دنانير (وتسوق بهما الحضر والسفر) أي شهرا في السوق للبيع هذا مراده وذكر الحضر والسفر لسؤال وقع فيه ذلك فالمراد إلا شيئا قليلا انتهت إليه الرغبات بعد شهرته للبيع في سوقه فيجوز اشتراؤه للوصي (وله) أي للوصي (عزل نفسه) من الايصاء (أي حياة الموصي ) لأن عقدها غير لازم من الطرفين فللموصي عزله بغير موجب (ولو قبل) بكسر الباء الموحدة أي قبل الايصاء من الموصي وما قبل المبالغة الامتناع من القبول وفي جعله عزلا تسامح بأن يراد به الرد والأحسن أن الواو للحال
455 (لا بعدهما) أي بعد القبول وحياة الموصي بأن قبل ثم مات الموصي أو عكسه فليس له عزل نفسه فإن لم يعلم بأنه أوصاه إلا بعد موته فله الامتناع من القبول فإذا لم يقبل فليس له بعد ذلك قبول كما قال (وإن أبى القبول بعد الموت فلا قبول له بعد) لأن إبايته صيرته أجنبيا فقبوله بعدها يحتاج لايصاء جديد وهو لا يمكن بعد الموت فيصير النظر للحاكم (والقول له) أي للوصي وكذا وصيه ومقدم القاصي والكافل (في قدر النفقة) إذا تنازع فيها مع المحجور وهو في حضانته وأشبه بيمينه أو تنازعا في أصل الانفاق أو فيهما معا لأنه أمين لا إن لم يكن في حضانته بأن كان في حضانة غيره وتنازع معه في ذلك فليس القول له بل لا بد من بينة كما أنه لا يقبل قوله إذا لم يشبه أو لم يحلف (لا في تاريخ الموت) للموصي فقال الوصي مات منذ سنتين مثلا وقال الصغير بل سنة فالقول للصغير إلا لبينة (و) لا في (دفع ماله) إليه (بعد بلوغه) رشيدا فلا يقبل قول الوصي ومن في حكمه ممن تقدم على المشهور لقوله تعالى: * ( فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم) * إذ المراد لئلا تغرموا ومقابل المشهور يقول معناه لئلا تحلفوا وظاهر المصنف كظاهر المدونة ولو طال الزمان ابن عرفة وهو المعروف من المذهب وقيل ما لم يطل كثمانية أعوام وقيل عشرون والله أعلم بالصواب. (درس) باب في الفرائض ويسمى علم الفرائض وعلم المواريث وهو علم يعرف به من يرث ومن لا يرث ومقدار ما لكل وارث وموضوعه التركات وغايته إيصال كل ذي
456 حق حقه من تركة الميت والتركة حق يقبل التجزي يثبت لمستحق بعد موت من كان ذلك له وبدأ المصنف أولا ببيان الحقوق المتعلقة بالتركة وغايتها خمسة حق تعلق بعين وحق تعلق بالميت وحق تعلق بالذمة وحق تعلق بالغير وحق تعلق بالوارث والحصر في هذه وترتيبها استقرائي فإن الفقهاء تتبعوا ذلك فلم يجدوا ما يزيد على هذه الأمور الخمسة لا عقلي كما قيل لأن العقل يجوز أكثر من ذلك وطريق الحصر أن تقول الحق المتعلق بالتركة إما ثابت قبل الموت أو بالموت والثابت قبله إما أن يتعلق بالعين أولا الأول الحقوق العينية وهذا الذي صدر به المصنف والثاني الدين المطلق وهو الذي ذكره بقوله ثم تقضي ديونه والثابت بالموت إما للميت وهو مؤن تجهيزه وثلث بها المصنف وإما لغيره منه وهو الوصية وبها ربع المصنف وإما لغيره لسبب وهو الميراث وذكره خامسا فذكرها على هذا الترتيب فقال: (يخرج من) رأس (تركة الميت) مبدأ على غيره وجوبا ولو أتى على جميعها (حق تعلق بعين) أي ذات (كالمرهون) في دين لتعلق حق المرتهن بذاته فيقدم على كفن الميت ونحوه (وعبد) غير مرهون (جنى) لأنه صار بجنايته كالمرهون فإذا كان مرهونا في دين وجنى تعلق به حقان حق المجني عليه وحق المرتهن وتقدم الجناية على الرهن كما أشار له المصنف في باب الرهن بقوله وإن ثبتت أي جناية العبد الرهن فإن أسلمه مرتهنه فللمجني عليه بماله وإن فداه بغير إذنه ففداؤه في رقبته فقط إن لم يرهن بماله
457 وبإذنه فليس رهنا به ا ه وأدخلت الكاف زكاة الحرث والماشية إذا مات بعد الطيب أو الحول ودخل أيضا أم الولد والمعتق لأجل وسلعة المفلس وهدي قلد وضحية تعينت بذبحها (ثم) بعد إخراج ما ذكر يخرج من رأس المال (مؤن تجهيزه) من كفن وغسل وحمل وحفر وغيرها (بالمعروف) بما يناسب حاله من فقر وغنى وضمن من أسرف وكذا مؤن تجهيز من تلزمه نفقته برق كموت سيد وعبده فإن لم يكن له سوى كفن واحد كفن به عبده لأنه لا حق له في بيت المال وكفن سيده من بيت المال (ثم تقضى) من رأس ماله (ديونه) التي لآدمي كانت بضامن أم لا ثم هدي تمتع إن مات بعد أن رمى العقبة أوصى به أم لا ثم زكاة فطر فرط فيها وكفارات أشهد في صحته أنها بذمته فإن أوصى بها ولم يشهد فمن الثلث ومثل كفارات أشهد بها زكاة عين حلت وأوصى بها وزكاة ماشية حلت ولا ساعي ولم يوجد السن الذي يجب فيها فإن وجد فهو ما قدمناه من إخراجه قبل مؤن التجهيز فإن كان ساع ومات قبل مجيئه استقبل الوارث كما قدمه في باب الزكاة (ثم) تخرج ( وصاياه من ثلث الباقي) أي الفاضل عما تقدم
458 إن وسع الجميع وإلا قدم منها الآكد فالآكد على ما قدمه في بابها (ثم) يكون (الباقي لوارثه) فرضا أو تعصيبا. والوارثون من الرجال عشرة فقط الابن وابنه وإن سفل والأب وأبوه وإن علا والأخ مطلقا وابنه وإن نزل إذا كان الأخص شقيقا أو لأب والعم الشقيق أو لأب وابنه وإن نزل والزوج والمعتق وكلهم عصبة إلا الأخ للام والزوج فإن اجتمعوا فلا إرث إلا لثلاثة منهم الزوج والابن والأب والوارثات من النساء سبع البنت وبنت الابن وإن نزل ابن الابن والام والجدة مطلقا والأخت مطلقا والزوجة والمعتقة وكلهن ذوات فرض إلا المعتقة فإذا اجتمعن فلا إرث إلا للزوجة والبنت وبنت الابن والام والأخت الشقيقة. والفروض ستة النصف والربع والثمن والثلثان والثلث والسدس فالنصف لخمسة أشار لها بقوله: (من ذي النصف) خبر مقدم والزوج وما عطف عليه مبتدأ مؤخر ومن بيانية وحذفها أبين (الزوج) إذا لم يكن للزوجة الميتة فرع وارث ذكر أو أنثى ( وبنت) انفردت (وبنت ابن) كذلك (إن لم يكن) للميت (بنت وأخت شقيقة أو لأب إن لم تكن) أي توجد (شقيقة) معها (وعصب كلا) من النسوة الأربع واحدة أو أكثر (أخ) لها بقرينة المقام وإن كانت القاعدة عندهم للميت (يساويها) في الدرجة احترازا عن أخ لأب مع شقيقة فإنه لا يعصب بل يأخذ ما فضل عن فرضها وابن الابن مع بنت ابن آخر أخ حكما لتساويهما درجة فمراده بالأخ ولو حكما فلا اعتراض عليه بعدم شموله ومعنى تعصيبها أنها تكون به عصبة أي ترث بالتعصيب للذكر مثل حظ الأنثيين لا بالفرض (و) عصب (الجد والأوليان) أي البنت وبنت الابن (الأخريين) أي لأخت الشقيقة والتي للأب فالأخت ترث مع الجد تعصيبا لا فرضا وكذا مع البنت أو بنت الابن فتأخذ ما فضل عن فرضهما أي لا يفرض للأخت الشقيقة أو لأب مع البنت أو بنت الابن بل تأخذ الباقي تعصيبا إلا أن اصطلاحهم أن الأخت مع الجد عصبة بالغير كالأخت مع أخيها وأما الأخت مع البنت أو بنت الابن فعصبة مع الغير وأما الثلثان ففرض أربعة وهن النسوة ذوات النصف إذا تعددن وإلى ذلك أشار بقوله: (ولتعددهن) أي البنت وبنت الابن والأخت الشقيقة أو لأب أي للمتعدد من كل نوع من
459 الأنواع الأربعة اثنان فأكثر (الثلثان) فرضا فأطلق المصنف المصدر وأراد اسم الفاعل أي المتعدد منهن وأتى بضمير جمع النسوة ليخرج الزوج ( وللثانية) أي جنس الثانية وهي بنت الابن أو الأخت للأب (مع الأولى) أي البنت أو الأخت الشقيقة (السدس) تكملة الثلثين (وإن كثرن) أي بنات الابن مع البنت أو الأخوات للأب مع الشقيقة (وحجبها) أي الثانية حجب حرمان والمراد بها خصوص بنت الابن بدليل بقية كلامه (ابن فوقها) كبنت وابن ابن وبنت ابن ابن فإن ابن الابن يستقل بالسدس ولا يعصبها لأنه أعلى منها (و) حجبها عن السدس أيضا (بنتان فوقها) أي أعلى منها كبنتين وبنت ابن وكبنتي ابن وبنت ابن ابن لاستقلالهما بالثلثين (إلا الابن) معها (في درجتها مطلقا) سواء كان أخالها أو ابن عم لها وسواء فضل من الثلثين شئ كبنت وابن ابن وبنت ابن أو لم يفضل كبنتين ومن ذكر فمعصب للذكر مثل حظ الأنثيين (أو) كان ابن الابن (أسفل) منها بدرجة ( فمعصب لها) أي إذا لم يكن لها في الثلثين شئ كبنتين وبنت ابن وابن ابن ابن فإنه إذا استقلت البنتان بالثلثين وفضل الثلث ورثه ابن ابن الابن مع بنت الابن تعصيبا فإن كان لها في الثلثين السدس كبنت وبنت ابن فإن الأسفل منها يأخذ الباقي وحده تعصيبا فعلم أن لابن الابن مع بنت الابن والمراد الجنس ثلاثة أحوال أولها أن يكون أعلى منها فيحجب من تحته ثانيها أن يكون مساويا لها فيعصبها مطلقا ثالثها أن يكون أسفل فيعصب من ليس لها شئ من الثلثين (وأخت الأب فأكثر مع الشقيقة فأكثر كذلك) أي كالذي تقدم في بنت الابن مع البنت فتأخذ التي للأب واحدة فأكثر السدس مع الشقيقة الواحدة فإن تعددت الشقيقة فلا شئ للتي للأب اتحدت أو تعددت ما لم يكن لها أخ لأب ويحجبها أيضا أخ فوقها أي شقيق. ولما ذكر أن حكم الأخت أو الأخوات للأب مع الشقيقة أو الشقائق مساو لحكم بنات الابن مع بنات الصلب وكان ابن الأخ هنا مخالفا لابن الابن هناك استثنى ذلك بقوله: ( إلا أنه) بفتح الهمزة والضمير للشأن (إنما يعصب الأخ) للأب أخته دون ابن الأخ فلا يعصب أخته التي هي بنت الأخ التي في درجته إذ ليست من الوارثات بحال وكذا لا يعصب من هي فوقه التي هي عمته وأخت الميت لأبيه بل يأخذ ما بقي دون أخته وعمته فإذا مات عن شقيقتين وأخت لأب وابن أخ كان للشقيقتين الثلثان والباقي لابن الأخ وحده تعصيبا دون التي للأب: وليس ابن الأخ بالمعصب من معه أو فوقه في النسب بخلاف ابن الابن وإن سفل فإنه يعصب من معه فكان يعصب من فوقه بالأولى وأما الربع وهو نصف النصف ففرق اثنين أشار لهما بقوله
460 (والربع) بالجر عطف على النصف أو بالرفع مبتدأ و (الزوج) على حذف المضاف أي فرض الزوج (بفرع ) أي مع فرع للميتة وارث من ذكر أو أنثى وإن سفل منه أو من غيره ولو من زنا للحوقه بالام (وزوجة فأكثر) مع عدم الفرع اللاحق بالزوج أخذا مما بعده (والثمن لها أو لهن بفرع لاحق) بالزوج من ولد أو ولد ابن ذكرا أو أنثى منها أو من غيرها وخرج باللاحق ولد الزنا فإنه لا يلحق بالزوج ومن نفاه بلعان فلا يحجب من الربع إلى الثمن لأنه لا يرث ومن لا يرث لا يحجب وارثا (والثلثين لذي النصف إن تعدد) هو معنى قوله فيما مر ولتعددهن الثلثان والأقعد حذف ما تقدم مع ذكر ما يحتاج إليه مما يتعلق بالثلثين هنا لأن الشأن أن يذكر النصف فنصفه فنصف نصفه ثم يذكر الثلثان فنصفهما فنصف نصفهما وهو السدس ولعله لما لاحظ ذلك أعاده ثانيا ليضم إليه بيان الثلث بقوله: (والثلث) فرض اثنين الأول (الام) عند فقد الولد وولد الابن وعدم اثنين من الاخوة أو الأخوات (و) الثاني (ولداها فأكثر) أي الاخوة من الام عند تعددهم (وحجبها) أي الام (من الثلث للسدس ولد) ولو أنثى ( وإن سفل) كولد الابن أو ولد ابن الابن (و) حجبها للسدس أيضا (أخوان أو أختان مطلقا) أشقاء أو لأب أو لام أو بعض وبعض ذكورا أو إناثا أو مختلفين وشمل إطلاقه ما إذا كانا محجوبين بالشخص كمن مات عن أم وأخوين لام وجد لأب فإنهما يسقطان بالجد ومع ذلك يحجبان الام من لثلث للسدس فهما مستثنيان من قاعدة كل من لا يرث لا يحجب وارثا ولذا قال في التلمسانية: وفيهم في الحجب أمر عجب لأنهم قد حجبوا وحجبوا وأما المحجوبان بالوصف من رق أو كفر أو قتل فلا يحجبان. ولما كان الثلث فرض الام حيث لا ولد ولا ولد ابن ولا من الاخوة ذو عدد وكان كل من الغراوين كذلك ومع ذلك لم تأخذ الثلث جعلوا لها ثلث الباقي عن الفرض ليصدق عليها أنها أخذت الثلث في الجملة فأشار لذلك المصنف بقوله: (ولها ثلث الباقي في) زوجة ماتت عن (زوج وأبوين) أصلها من اثنين مخرج نصيب الزوج يبقى واحد على ثلاثة إذ هي حظ ذكر وأنثى يدليان بجهة واحدة فللذكر مثل حظ الأنثيين وهو لا ينقسم على ثلاثة فتضرب الثلاثة في أصل المسألة تكون ستة للزوج النصف ثلاثة ولها ثلث الباقي واحد من ستة ولو كان بدل الأب جد
461 لكان لها الثلث من رأس المال. وأشار لثانية الغراوين بقوله: (و) لها ثلث الباقي أيضا في زوج مات عن (زوجة وأبوين) فهي من أربعة للزوجة الربع وللأم ثلث الباقي وللأب الباقي هذا مذهب الجمهور وذهب ابن عباس إلى أن لها ثلث جميع المال في المسألتين نظرا لعموم قوله تعالى: * (فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث) *. ونظر الجمهور إلى أن أخذها الثلث فيهما يؤدي إلى مخالفة القواعد إذ القاعدة أنه متى اجتمع ذكر وأنثى يدليان بجهة واحدة فللذكر مثل حظ الأنثيين فخصوا عموم الآية بالقواعد وجعلوا لها ثلث الباقي لأن القواعد من القواطع (والسدس) فرض سبعة فالسدس مبتدأ ويجوز أن يكون مجرورا بالعطف على النصف وتقدم من السبعة بنت الابن مع البنت والأخت للأب مع الشقيقة والام عند وجود الولد أو جمع من الاخوة وذكر الباقي بقوله: (للواحد من ولد الام مطلقا) ذكر أو أنثى (وسقط) بستة (بابن وابنه) وإن سفل (وبنت) وبنت لصلب بالأولى (وأب وجد و) السدس (الأب والام) أي فرضهما (مع ولد) ذكر أو أنثى وإن كولد ابن لكن إن كان الولد ذكرا أو ابن الابن كان لكل من الأبوين السدس والباقي للذكر وإن كان أنثى فلكل منهما السدس وللبنت النصف والباقي للأب تعصيبا وذكر الام هنا تكرار مع ما تقدم (والجدة فأكثر) فرضها السدس إلا أنه لا يرث عندنا أكثر من جدتين أم الام وأمها وإن علت وأم الأب وأمها وهكذا فمن أدلت بذكر من جهة الام أو من جهة الأب غير الأب لم ترث ( وأسقطها الام مطلقا) ولو من جهة الأب (و) أسقط (الأب الجدة من قبله) فقط (و ) أسقطت الجدة (القربى من جهة الام) الجدة (البعدى من جهة الأب وإلا) بأن كانت القربى من جهة الأب والبعدى من جهة الام (اشتركتا) في السدس كما لو تساوتا في الرتبة كأم الام وأم الأب (و) السدس (أحد فروض الجد) للأب (غير المدلي بأنثى) احترز به عن الجد من جهة الام وعن جد من جهة الأب أدلى بأنثى فلا يرث ثم أن الجد الوارث له فرضان السدس مع ابن أو ابن ابن أو مع ذي فرض مستغرق كزوج وأخت أو مع الاخوة في بعض الأحوال فيرثه بالفرض المحض والثلث إذا كان مع إخوة وكان الثلث أفضل له من المقاسمة فأطلق الجمع على ما فوق الواحد أو أراد بالفروض الأحوال ولو قال والجد في بعض أحواله كان أبين وأعلم أن الجد إذا لم يكن معه إخوة أشقاء أو لأب
462 فأمره ظاهر وإن كان معه من ذكر فإما أن يكون معهم صاحب فرض أم لا فإذا لم يكن معهم صاحب فرض فله الأفضل من ثلث جميع المال أو المقاسمة وإلى هذا أشار بقوله: (وله مع الاخوة والأخوات الأشقاء أو لأب) ولم يكن معهم صاحب فرض (الخير) أي الأفضل (من) أحد أمرين (الثلث) أي ثلث جميع المال (أو المقاسمة) كأنه أخ معهم فيقاسم إذا كان الاخوة أو الأخوات أقل من مثليه كأخ أو أخت أو أختين أو أخ وأخت أو ثلاث أخوات وأما مع أخوين أو أربع أخوات أو أخ وأختين فتستوي المقاسمة وثلث جميع المال فإن زادت الاخوة عن اثنين أو الأخوات على أربع فثلث جميع المال خير له وما بقي فبين الاخوة بقدر ميراثهم وهذا مما يفترق فيه الأب من الجد لأن الأب يحجب لاخوة مطلقا والجد لا يحجب إلا الاخوة للام دون الأشقاء أو لأب وقد أشار إلى حكمهم معه بقوله: (وعاد) بتشديد الدال المهملة (الشقيق) الجد عند المقاسمة (بغيره) من الإخوة للأب واحدا أو أكثر ليمنعه كثرة الميراث وكذا يعد الشقيق على الجد الأخت للأب سواء كان معهم ذو سهم أم لا كمن مات عن أخ شقيق وأخوين لأب وجد فللجد الثلث لزيادة الاخوة عن مثليه وللشقيق الثلثان كما أشار له بقوله: (ثم) إذا أخذ الشقيق نصيبه (رجع) على الذي للأب فيأخذ ما صار له بالمعادة لأنه يحجب الذي للأب وشبه في الرجوع بعد المقاسمة للجد قوله: (كالشقيقة) تعد على الحد الإخوة للأب ثم يرجع عليهم (بمالها) وهو النصف للواحدة والثلثان للأكثر (لو لم يكن جد) وما فضل بعد ذلك فهو للأخ والإخوة للأب فمعنى كلامه أن يعد الشقيق ذكرا أو أنثى على الجد جنس الإخوة للأب ثم بعد عدهم يسقط الذي للأب بالشقيق وسواء كان معهم ذو سهم كأم أو زوجة أم لا وإذا كان مع الجد والاخوة صاحب فرض فله الأفضل بعد أخذ صاحب الفرض فرضه من ثلاثة أشياء السدس والمقاسمة وثلث الباقي وإلى ذلك أشار بقوله : (وله) أي للجد (مع ذي فرض معهما) أي مع الاخوة والأخوات الأشقاء أو لأب بعد أخذ صاحب الفرض فرضه الأفضل من أحد ثلاثة أمور (السدس) من أصل الفريضة كبنتين وزوجة وجد وأخ فأكثر من أربعة وعشرين لضرب مخرج الثلث في مخرج الثمن للبنتين ستة عشر وللزوجة ثمنها ثلاثة يبقى خمسة فلو قاسم فيها الأخ أخذ اثنتين ونصفا ولو أخذ ثلثها أخذ واحدا وثلثي واحد فسدس جميع المال خير له منهما وهو أربعة يفضل واحد للأخ أو الأكثر (أو ثلث الباقي) كأم وجد وعشرة أخوة من ثمانية عشر للام سدسها ثلاثة يبقى خمسة عشر ثلثها خمسة وهي خير
463 له من سدس جميع المال وهو ثلاثة ومن المقاسمة لعشرة أخوة إذ يصير له بها سهم وأربعة أجزاء من أحد عشر جزءا من سهم (أو المقاسمة) كجدة وجد وأخ من ستة سدسها واحد وثلث الباقي واحد وثلثان فمقاسمة الأخ بأن يأخذ اثنين ونصفا خير له منهما فيتعين له فيضرب مخرج النصف في الستة باثني عشر ومنها تصح وفي بنتين وجد وأخ فتستوي المقاسمة والسدس وأصلها من ثلاثة وتصح من ستة وفي أم وجد وأخوين تستوي المقاسمة وثلث الباقي وتصح من ثمانية عشر وفي زوج وجد وثلاثة أخوة يستوي ثلث الباقي والسدس وفي زوج وجد وأخوين تستوي الثلاثة فأو في كلامه مانعة خلو تجوز الجمع بين الثلاثة أو الاثنين منها (ولا يفرض لأخت) شقيقة أو لأب (معه) أي مع الجد في فريضة من الفرائض بل إن انفردت معه عصبها وإن اجتمعت مع غيرها من أصحاب الفروض أو الاخوة فحكم الجد ما تقدم (إلا في) المسألة (الأكدرية والغراء) العطف للتفسير وأركانها أربعة (زوج وجد وأم وأخت شقيقة أو لأب)
464 المسألة من ستة للزوج ثلاثة نصفها وللأم ثلثها اثنان يبقى واحد للجد وهو لا ينقص عنه بحال ولا يجوز إسقاط الأخت بحال (فيفرض) النصف ( لها و) السدس (له) فقد عالت بفرض النصف إلى تسعة (ثم) يجمع نصيبها ونصيب الجد وهما أربعة و (يقاسمها) للذكر مثل حظ الأنثيين لما علمت من أن الجد يعصب الأخت كالأخ والأربعة لا تنقسم على ثلاثة ولا توافق فتضرب ثلاثة عدد الرؤوس المنكسر عليها سهامها في أصل المسألة بعولها تبلغ سبعة وعشرين من له شئ من تسعة أخذه مضروبا في ثلاثة فللزوج ثلاثة في ثلاثة بتسعة وللأم اثنان في ثلاثة بستة وللجد والأخت أربعة في ثلاثة باثني عشر يأخذ الجد ثمانية والأخت أربعة واحترز بقوله أخت عما لو كان معه أختان فأكثر فإنه يأخذ السدس لأنه الأفضل له وللأختين فأكثر السدس الباقي لحجب الام للسدس بعدد الاخوة (وإن كان محلها) أي الأخت في الأكدرية (أخ لأب ومعه إخوة لام) اثنان فأكثر (سقط) الأخ للأب لأن الجد يقول له لو كنت دوني لم ترث شيئا لأن الثلث الباقي بعد الزوج والام يأخذه أولاد الام وأنا أحجب كل من يرث من جهة الام فيأخذ الجد حينئذ الثلث وحده كاملا وتسمى هذه المسألة بالمالكية وقد زيد للأخ للأب السدس قيل ولم يخالف مالك زيدا إلا في هذه لا يقال الأخ للأب هنا ساقط ولو لم يكن معه أخوة لام فلا معنى حينئذ لذكرهم لأنا نقول ذكرهم لتكون هي المالكية وللتنبيه على مخالفة زيد فيها وأما شبه المالكية فالأخ فيها شقيق وهو ساقط أيضا فلو حذف المصنف لأب لشملها وإنما سميت شبه المالكية لأنه لم يكن لمالك فيها وإنما ألحقها الأصحاب بالمالكية. ولما ذكر من يرث بالفرض أعقبه بمن يرث بالتعصيب وبمن يرث به تارة وبالفرض أخرى وبمن يجمع بينهما وشرع في بيان هذه الثلاثة بادئا بتعريف العاصب فقال. (درس) ( ولعاصب) عطف على قوله لوارثه وفيه إشارة لتفسير قوله (ص): ألحقوا الفرائض بأهلها فما أبقت الورثة فلاولى رجل ذكر والعاصب من العصوبة وهي القوة والشدة وعرفه بقوله: (ورث المال) كله إذا انفرد (أو الباقي بعد الفرض) وقد يسقط إذا استغرقت الفروض التركة كما في بنت وأخت شقيقة وأخ لأب فقوله أو الباقي أي إن بقي شئ وإلا سقط وشمل تعريفه المعتق وبيت المال بخلاف من ضبطه بأنه كل ذكر يدلي للميت لا بواسطة أنثى فإنه لا يشمل ابن المعتقة ونحوه ولا بيت المال إلا بتسمح وكلامه رحمه الله تعالى في العاصب بنفسه لا العاصب بغيره ولا مع غيره إذ العصوبة فيهما طارئة لا أصلية والعاصب بغيره هو النسوة الأربعة ذوات النصف
465 إذا اجتمع كل مع أخيه والعاصب مع غيره هو الأخت الشقيقة أو لأب إذا اجتمعت مع بنت أو بنت ابن فإذا قيل عاصب بغيره فالغير عاصب وإذا قيل عاصب مع غيره فالغير ليس بعاصب. ولما بين العاصب بالحد بينه بالعد فقال: (وهو الابن ثم ابنه) وإن سفل والأقرب من ابن الابن يحجب الابعد وأشار بثم في هذا وما بعده إلى أن ما بعدها مؤخر في الرتبة عما قبلها ولا يرث مع الابن أو ابن الابن من أصحاب الفروض إلا الأب فله معه السدس وإلا الام أو الجدة وإلا الزوج أو الزوجة (وعصب كل) من الابن أو ابنه (أخته) ولو حكما كابن ابن مع بنت عمه المساوية له في الرتبة فإنه أخوها حكما وكذا يعصب ابن الابن النازل بنت الابن الاعلى منه إذا لم يكن لها شئ في الثلثين كبنتين وبنت ابن وابن ابن ابن فلولا هو لم ترث بنت الابن شيئا كما تقدم وتسمي البنت أو بنت الابن حينئذ عصبة بالغير كما تقدم (ثم الأب) عند عدم الابن أو ابنه وأما معه فيرث بالفرض لا بالتعصيب (ثم الجد) وإن علا في حال عدم الأب ويحجب الأقرب الابعد (والاخوة) وعطفهم بالواو على الجد لأنهم في رتبته ولما كان يوهم التساوي من كل وجه قال: (كما تقدم) أي على الوجه الذي تقدم في الجد والاخوة ولما كان للاخوة رتبتان أبدل منهم لبيان التفصيل قوله: (الشقيق ثم للأب ) عند عدم الشقيق فقوله: (وهو كالشقيق عند عدمه) مستغنى عنه لكنه ذكره ليرتب عليه قوله: (إلا) في (الحمارية) نسبة للحمار (والمشتركة) عطف مرادف وتسمى أيضا الحجرية واليمية لأنهم قالوا لعمر رضي الله عنه هب أن أبانا كان حمارا أو حجرا ملقى في اليم أي البحر وسميت مشتركة لمشاركة الشقيق فيها الاخوة للام أي فليس الأخ للأب في الحمارية كالشقيق عند عدمه بل يسقط لأنه عاصب والشقيق فيها ورث بالفرض تبعا للاخوة لامه وأركانها أربعة أشار لها بقوله: (زوج وأم أو جدة) بدلها (وأخوان) فصاعدا (لام) ليكون لهما الثلث فلو انفرد الأخ للام لاخذ السدس والباقي للعاصب (وشقيق وحده أو مع غيره) من الأشقاء ذكرا أو أنثى أو هما أصلها من ستة للزوج النصف ثلاثة وللأم أو الجدة السدس واحد وللاخوة للأم الثلث اثنان (فيشاركون) أي الأشقاء (الاخوة للام) في الثلث (الذكر كالأنثى) بلا مفاضلة لاشتراكهم في ولادة الام ويختلف التصحيح بقلتهم وكثرتهم وتسقط الإخوة للأب وإلى هذا رجع عمر في ثاني عام من خلافته بعد أن قضى فيها أول عام من خلافته بأن لا شئ للأشقاء عملا بمقتضى القاعدة من سقوط العاصب إذا استغرقت الفروض التركة فقال له الشقيق ما تقدم وقيل قائله زيد بن ثابت وقيل غير ذلك فقضى عمر بالشركة بينهم فلو كان مكان الشقيق شقيقة فقط لم تكن مشتركة وعيل لها بالنصف فتبلغ تسعة بالعول ولو كان شقيقتان لعيل لهما بالثلثين فتبلغ عشرة وهي غاية عول الستة فلو كان فيها جد
466 لسقط جميع الاخوة وكان ما بقي بعد فرض الزوج والام للجد وحده وهو الثلث لسقوط الاخوة للام به والأشقاء إنما يرثون فيها بالام والجد يسقط كل من يرث بالام وتلقب حينئذ بشبه المالكية وتقدمت (وأسقطه) أي الأخ للأب (أيضا) أي كما سقط في الحمارية الأخت (الشقيقة التي) هي (كالعاصب لبنت) أي مع بنت فأكثر فالأم بمعنى مع (أو بنت ابن فأكثر) فإذا مات عن بنت أو بنت ابن فأكثر وعن أخت شقيقة وأخ لأب سقط الأخ للأب لأن الشقيقة مع البنات عصبات فلو كان الأخ شقيقا أو كانت الأخت لأب لعصبها أخوها المساوي لها (ثم) يلي الأخ الشقيق والذي للأب (بنوهما) وينزلون منزلة آبائهم فابن الأخ الشقيق يقدم على ابن الأخ للأب ( ثم العم الشقيق ثم) العم (للأب ثم عم الجد الأقرب فالأقرب) فيقدم الابن على ابن الابن وهكذا والأخ على ابن الأخ وعصبة الابن على عصبة الأب وعصبة الأب على عصبة الجد (وإن) كان الأقرب (غير شقيق) فيقدم الأخ للأب على ابن الأخ الشقيق وابن الأخ الشقيق على ابن الأخ للأب وابن الأخ للأب على العم والعم الشقيق على العم للأب وهو يقدم على ابن العم الشقيق وهو على ابن العم لأب وهو على عم الأب الشقيق وهو على عم الأب لأب وهكذا كما أشار له بقوله: (وقدم مع التساوي) في المنزلة كالاخوة وبنيهم والأعمام وبنيهم وأعمام الأب وبنيهم (الشقيق) على غيره (مطلقا) أي في جميع المراتب فالأخ الشقيق يقدم على غيره وابن الأخ الشقيق يقدم على غيره وهكذا وهو معنى قول الجعبري: وبالجهة التقديم ثم بقربه وبعدهما التقديم بالقوة اجعلا فجهة البنوة تقدم على جهة الأبوة وجهة الأبوة تقدم على جهة الجدودة والاخوة ثم بنو الاخوة ثم العمومة ثم بنو العمومة الأقرب فالأقرب فإن لم يكن أقرب فالتقديم بالقوة بأن يقدم الشقيق من هذه الجهات على غير الشقيق (ثم) يلي عصبة النسب ( المعتق) ذكرا أو أنثى (كما تقدم) في باب الولاء أي على الوجه الذي تقدم ذكره هناك
467 (ثم) يليه (بيت المال) وإن لم يكن منتظما وحسبه ربه فيأخذ جميع المال إن انفرد أو الباقي بعد ذوي الفروض (ولا يرد) على ذوي اسهام عند عدم العاصب بل يدفع الباقي لبيت المال وقال على يرد على كل وارث بقدر ما ورث سوى الزوج والزوجة فلا يرد عليهما إجماعا (ولا يدفع) ما فضل عن ذوي السهام إذا لم يوجد عاصب من النسب أو الولاء (لذوي الأرحام) بل ما فضل لبيت المال كما إذا لم يوجد ذو فرض ولا عاصب وقيد بعض أئمتنا ذلك بما إذا كان الإمام عدلا وإلا فيرد على ذوي السهام ويدفع لذوي الأرحام وهذا القيد هو المعول عليه عند الشافعية والمراد بذوي الأرحام من لا يرث من الأقارب كالعمة وبنات الأخ وكل جدة أدلت بأنثى والخالات وأولاد الجميع وتفصيل ذلك يطلب من المطولات. ولما ذكر من يرث بالفرض فقط وبالتعصيب فقط ذكر من يرث بهما فقال: (ويرث بفرض وعصوبة) معا أشخاص صرح منها بثلاثة الأول (الأب) مع بنت أو بنت ابن أو بنتين فصاعدا فيفرض له السدس مع من ذكر ويأخذ الباقي تعصيبا وأشار للقاني بقوله: (ثم الجد مع بنت) أو بنت ابن (وإن سفلت) أي أو ابنتين أو بنتي ابن كذلك فهو كالأب وأشار للثالث بقوله: (كابن عم أخ لام) فيرث بعد السدس ببنوة الام ما بقي بالتعصيب وأدخل بالكاف ابن عم هو زوج ومعتقا هو زوج فإن كلا منهما يأخذ فرضه والباقي تعصيبا ثم ذكر ما يجتمع فيه فرضان وبيان ما يرث به منهما فقال: ( وورث ذو فرضين بالأقوى) منهما (وإن اتفق في المسلمين) إذ هو يقع في الاسلام على وجه الغلط ويقع في المجوسية كثيرا عمدا (كأم) هي أخت (أو بنت) هي (أخت) والقوة تقع بأحد أمور ثلاثة الأول أن تكون إحداهما لا تحجب بخلاف الأخرى وذلك كمثال المصنف فإن الام لا تحجب والأخت قد تحجب وكذا البنت لا تحجب والأخت قد تحجب مثاله
468 أن يطأ مجوسي ابنته عمدا فولدت منه بنتا ثم أسلم معهما ومات فالبنت الصغرى بنت الكبرى وأختها لأبيها فإذا ماتت الكبرى بعد موت أبيها ورثتها الصغرى بأقوى السببين وهو البنوة لأنها لا تسقط بحال بخلاف الاخوة فلها النصف بالبنوة ولا شئ لها بالاخوة ومن ورثها بالجهتين جعل لها النصف بالبنوة والباقي بالتعصيب ولو ماتت الصغرى أولا ورثتها الكبرى بالأمومة لأنها لا تسقط بحال والأخت للأب قد تسقط فلها الثلث بكونها أما ولا شئ لها بالاخوة الثاني أن تحجب إحداهما الأخرى فالحاجبة أقوى كأن يطأ مجوسي أمه فتلد منه ولدا فهي أمه وجدته أم أبيه فترثه بالأمومة اتفاقا الثالث أن تكون إحداهما أقل حجبا من الأخرى كأم أم هي أخت لأب كأن يطأ مجوسي بنته فتلد بنتا ثم يطأ الثانية فتلد بنتا ثم تموت الصغرى عن العليا بعد موت الوسطى والأب فالكبرى جدتها وأختها لأبيها فترثها بالجدودة فلها السدس دون الاختية لأن الجدة أم الام تحجبها الام فقط والأخت تحجب بجماعة كالأب والابن وابن الابن وقيل ترث بالأختية لأن نصيب الأخت أكثر فلو كانت محجوبة بالقوية لورثت بالضعيفة كأن تموت الصغرى في هذا المثال عن العليا والوسطى فترثها الوسطى بالأمومة الثلث وترثها العليا بالاخوة النصف لأنها محجوبة من جهة الجدودة بالام وهذه المسألة من الألغاز يقال ماتت امرأة عن أمها وجدتها فأخذت الام الثلث والجدة النصف ومفهوم ذو فرضين مفهوم موافقة لأن العاصب بجهتين يرث بأقواهما أيضا كأخ أو عم هو معتق فيرث بعصوبة النسب لأنها أقوى من عصوبة الولاء (ومال الكتابي الحر) يعني الصلحي (المؤدى للجزية) أي إجمالا إذا لم يكن له وارث لا يحل لنا تملكه على المشهور بل يكون (لأهل دينه) النصارى إن كان نصرانيا أو اليهود إن كان يهوديا لا مطلقا بل (من كورته) بضم الكاف أي جماعته المؤدي معهم الجزية أو قريته المؤديها معهم أو أهل إقليمه كمصر والشام واحترز بالمؤدي للجزية عن الحربي فللمسلمين كالعنوي والصلحي إذا وقعت عليهم الجزية مفرقة على الجماجم واحترز بالحر عن العبد فماله لسيده مسلما كان أو كافرا (والأصول) أي أصول مسائل الفرائض والمراد بالأصل العدد الذي يخرج منه سهام الفريضة صحيحا سبعة الاثنان وضعفهما وضعف ضعفهما والثلاثة وضعفها وضعف ضعفها وهو الاثنا عشر وضعف ضعف ضعفها وهو أربعة وعشرون وقد أشار لبيانها مفصلة بقوله: ( اثنان وأربعة) ضعفهما (وثمانية) ضعف الأربعة (وثلاثة وستة) ضعف الثلاثة وهذه الأصول الخمسة هي مخارج
469 الفروض الستة المقدرة في كتاب الله تعالى النصف والربع والثمن والثلثان والثلث والسدس وإنما لم تكن ستة كأصلها لاتحاد مخرج الثلث والثلثين وكلها مشتقة من مادة عددها إلا الأول (واثنا عشر) ضعف الستة إذ قد يكون في مسألة ربع وثلث كزوجة وإخوة لأم فخرج الربع أربعة ولا ثلث لها صحيح ومخرج الثلث ثلاثة ولا ربع لها صحيح وبين المخرجين تباين فيضرب أحدهما في الآخر باثني عشر (وأربعة وعشرون) ضعف الاثني عشر لأنه قد يوجد في المسألة ثمن وسدس كزوجة وأم وولد وبين مخرج السدس ومخرج الثمن موافقة بالانصاف فيضرب نصف أحدهما في كامل الآخر بأربعة وعشرين وأما الولد فإن كان ذكرا فعاصب له الباقي وإن كان أنثى فإن كانت واحدة فلها النصف ومخرجه داخل في الثمانية مخرج الثمن وإن كانت متعددة فلها الثلثان ومخرجهما داخل في الستة مخرج السدس وزاد بعضهم في خصوص باب الجد والاخوة أصلين آخرين زيادة على السبعة المتقدمة وهي ثمانية عشر وضعفها ستة وثلاثون مثال الأول أم وجد وأربعة أخوة لغير أم للأم السدس مقامه من ستة والباقي خمسة للجد والاخوة الأفضل للجد ثلث الباقي ولا ثلث له فتضرب الثلاثة مخرج الثلث في أصل المسألة بثمانية عشر من له شئ من الستة يأخذه مضروبا في ثلاثة ومثال الثاني أم وزوجة وجد وأربعة أخوة للأم السدس وللزوجة الربع أصلها من اثني عشر للام اثنان وللزوجة ثلاثة يبقى سبعة الأفضل للجد ثلث الباقي ولا ثلث له فتضرب الثلاثة في الاثني عشر أصل المسألة بستة وثلاثين وقال الجمهور هما نشئا من أصلي السنة وضعفها فهما تصحيح لا تأصيل واعلم أن المخرج والمقام شئ واحد وإذا أردت أن تعرف هذه الأصول وتفصيلها (فالنصف) مخرجه ومقامه (من اثنين) فالاثنان أصل لكل فريضة اشتملت على نصف ونصف كزوج وأخت شقيقة أو لأب لأن أقل عدد له نصف ونصف اثنان لتماثل مخرجهما وتسمى هاتان بالنصفيتين وباليتيمتين أو نصف وما بقي كزوج وأخ (والربع من أربعة) فالأربعة أصل لكل فريضة اشتملت على ربع وما بقي كزوج وابن أو ربع ونصف وما بقي كزوج وبنت وأخ أو ربع وثلث ما بقي وما بقي كزوجة وأبوين (والثمن من ثمانية) فهي أصل لكل فريضة فيها ثمن ونصف وما بقي كزوجة وبنت وأخ أو ثمن وما بقي كزوجة وابن (والثلث من ثلاثة) فهي أصل لكل فريضة فيها ثلث وثلثان كأخوة لام وأخوات لأب أو ثلث وما بقي كأم وأخ أو ثلثان وما بقي كبنتين وعم (والسدس) مخرجه (من ستة) فالستة
470 أصل لكل فريضة فيها سدس وما بقي كجد وابن أو سدس وثلث وما بقي كجدة وأخوين لام وأخ لأب أو سدس وثلثان وما بقي كأم وبنتين وأخ أو نصف وثلث وما بقي كأخت وأم وعاصب ( والربع والثلث أو) الربع و (السدس من اثني عشر) لأن مخرج الربع من أربعة ومخرج الثلث من ثلاثة وبينهما تباين فيضرب أحدهما في الآخر باثني عشر ومخرج السدس من ستة وبين مخرج الربع ومخرج السدس موافقة بالنصف فيضرب نصف أحدهما في كامل الآخر باثني عشر فالاثنا عشر أصل لكل فريضة فيها ربع وثلث وما بقي كزوجة وأم وأخ أو الربع والثلثان وما بقي كزوج وبنتين وأخ وأصل لكل فريضة فيها ربع وسدس وما بقي كزوج وأم وابن (والثمن والثلث) مراده به الثلثان إذ لا يتصور ثمن وثلث لأن الثمن لا يكون إلا للزوجة أو الزوجات مع الولد والثلث لا يوجد مع ولد لأنه فرض الام حيث لا ولد ولا جمع من الاخوة وهنا ولد وفرض الاخوة للام وهم يسقطون بالولد وإنما يتصور ثمن وثلثان كزوجة وبنتين وأخ (أو) الثمن و (السدس ) وما بقي كزوجة وأم وابن (من أربعة وعشرين) لأن بين مخرج الثمن والثلث مباينة وبين مخرج الثمن والسدس موافقة بالنصف فيفعل فيهما مثل ما تقدم في الاثني عشر يبلغ أربعة وعشرين فهذه السبعة الأصول هي أصول الفرائض المقدرة في كتاب الله تعالى (وما لا فرض فيها) من المسائل كابنين فصاعدا مع بنت أو أكثر أو ابن وبنت أو أخوة كذلك فأصلها عدد رؤوس (عصبتها) إذا تعددت فإذا كانوا كلهم ذكورا فظاهر (و) إذا كانوا ذكورا وإناثا (ضعف للذكر على الأنثى) فيجعل الذكر برأسين لأنه في التعصيب باثنين كابن وبنت فمن ثلاثة وابنين وبنت فمن خمسة وأربعة أبناء وبنتين فمن عشرة وهكذا. ثم شرع يتكلم على مسائل العول والعول بفتح العين المهملة وسكون الواو زيادة في السهام ونقص في الانصباء وهو لا يدخل في جميع الأصول المتقدمة بل قد يدخل في ثلاثة منها وهي الستة وضعفها وضعف ضعفها فقال: ( وإن زادت الفروض) أي سهام الورثة على أصل المسألة (أعيلت) الفروض أي زيد فيها بأن تجعل الفريضة بقدر السهام فيدخل النقص على كل واحد من أرباب الفروض كأن تكون المسألة من ستة وفيها نصف ونصف وسدس كزوج وأخت شقيقة وأخت لام فظاهر أن النصف والنصف يستغرقان الستة فيزاد عليها بمثل سدسها فتنتهي إلى سبعة أسهم كما يأتي بيانه وهذا العول أول ما ظهر في زمن عمر ووافقه الناس عليه إلا ابن عباس فإنه أظهر فيه الخلاف بعد وفاة عمر فلم يقل به ثم أجمعت الأمة عليه ولم يأخذ بقول ابن عباس رضي الله عنهما إلا من لم يعتد به وإذا أردت معرفة العائل من الأصول السبعة المتقدم ذكرها (فالعائل) منها ثلاثة فقط الأول (الستة) تعول أربع عولات على توالي الاعداد (لسبعة) بمثل سدسها كزوج وأختين شقيقتين أو لأب للزوج النصف ثلاثة وللأختين الثلثان أربعة (ولثمانية) بمثل ثلثها كمن ذكر مع أم للزوج النصف ثلاثة وللأختين أربعة وللأم السدس واحد (ولتسعة) بمثل نصفها
471 كمن ذكر مع أخ لام (ولعشرة) بمثل ثلثيها كمن ذكر مع أخوة لام وكأم الفروخ بالخاء المعجمة أم وزوج وإخوة لأم وأختان لغيرها سميت بذلك لكثرة عولها قال الشارح ولا يمكن أن تعول الستة لثمانية فأكثر إلا والميت امرأة أي وأما العائلة لسبعة فقد يكون الميت ذكرا كأم وأختين شقيقتين وأخوة لام (و) الثاني (الاثنا عشر) تعول ثلاث عولات أفرادا إلى سبعة عشر فتعول (لثلاثة عشر) بمثل نصف سدسها كزوجة وأم وأختين لغير أم (وخمسة عشر) بمثل ربعها كمن ذكر مع أخ لام (وسبعة عشر) بمثل ربعها وسدسها كزوجة وأم وولديها وأخت شقيقة وأخت لأب قال التتائي ولا يمكن أن تعول لها إلا والميت ذكر ومن أمثلتها أم الأرامل وتسمى أيضا بأم الفروج بالجيم وبالدينارية الصغرى وهي ثلاث زوجات وجدتان وأربع أخوات لأم وثمان أخوات لأب والتركة سبعة عشر دينارا لكل واحدة دينار وأما الدينارية الكبرى فأصلها من أربعة وعشرين وليس فيها عول وهي زوجة وابنتان وأم واثنا عشر أخا وأخت والمتروك ستمائة دينار للبنتين الثلثان ستة عشر من أربعة وعشرين وللزوجة الثمن ثلاثة وللأم السدس أربعة يفضل واحد على خمسة وعشرين رأسا عدد رؤوس الاخوة مع الأخت فتضرب الخمسة والعشرين في أصل المسألة أربعة وعشرين بستمائة عدد الدنانير للبنتين أربعمائة لأن لهما من أصل المسألة ستة عشر مضروبة في خمسة وعشرين وللأم مائة من ضرب أربعة في خمسة وعشرين وللأنثى عشر أخا مع الأخت خمسة وعشرون من ضرب واحد فيها وللزوجة خمسة وسبعة من ضرب ثلاثة فيها قيل جاءت الأخت إلى علي رضي الله عنه وقالت له مات أخي عن ستمائة دينار فلم أعط منها إلا دينارا واحدا فقال لها لعل أخاك ترك زوجة وبنتين وأما واثني عشر أخا وأنت فقالت نعم فقال معك حقك الذي خصك (و) الثالث (الأربعة والعشرون) تعول عولة واحدة بمثل ثمنها ( لسبعة وعشرين) ولا يمكن أن تعول لها إلا والميت ذكر هو زوج ولذا قال: (زوجة وأبوان وابنتان وهي المنبرية) بكسر الميم سميت بذلك (لقول علي) رضي الله عنه وهو على المنبر وكان حقه زيادة ذلك لبيان النسبة (صار ثمنها تسعا) أي صار ما كان ثمنا تسعا بزيادته على أصلها فالثلاثة التي رد ثمنها بالنسبة للأربعة والعشرين لما زيدت عليها صارت تسعا للسبعة والعشرين للزوجة الثمن ثلاثة وللبنتين الثلثان ستة عشر ولكل واحد من الأبوين السدس أربعة وإذا صار الثمن تسعا نقص كل وارث تسع ما بيده وكذا يقال في كل فريضة تعول فيقال في الستة إذا عالت لسبعة عالت بمثل سدسها فصار سبعا فيكون قد نقص كل وارث سبع ما بيده وهكذا وقد بين العلامة الأجهوري الامرين أي نسبة ما يعول إلى الفريضة وما نقصه كل وارث بقوله : وعلمك قدر النص من كل وارث بنسبة عول للفريضة عائله ومقدار ما عالت بنسبته لها بلا عولها فارحم بفضلك قائله (درس) ولما فرغ من بيان أصول المسائل وما يعول منها وما لا يعول وما ينتهي إليه العول شرع في بيان تصحيح المسائل وبيان كيفية العمل فيها إذا انكسرت السهام على الرؤوس واعلم
472 أن السهام إن انقسمت على الرؤوس كزوجة وثلاثة أخوة أو تماثلت السهام مع الرؤوس كثلاثة بنين أو تداخلت كزوج وأم وأخوين مطلقا فللزوج النصف ومقامه من اثنين واللأم السدس من ستة والاثنان داخلان في الستة فيكتفي بها عن الاثنين وللأخوين الباقي فللزوج نصف الستة ثلاثة وللأول سدسها واحد والباقي اثنان للأخوين فالامر واضح ولا حاجة إلى عمل وإن لم تنقسم وانكسرت على الرؤوس فإما على صنف أو أكثر فإن انكسرت على صنف نظر الحاسب بين عدد الصنف وسهامه بنظرين فقط الموافقة والمباينة فإن كان بينهما موافقة رد الصنف إلى وفقه وضرب في أصل المسألة وإن باين ضرب عدد الرؤوس المنكسرة عليها سهامها في أصل المسألة فحاصله أن النظر بين كل فريق وبين سهامه المنكسرة عليه بهذين النظرين فقط وأما النظر بين كل فريق وفريق أو ما تحصل من فريقين مع فريق آخر فبأربعة أنظار الموافقة والمباينة والمماثلة والتداخل ففي الموافقة يضرب وفق أحدهما في كامل الآخر وفي المباينة يضرب أحدهما في الآخر وفي المماثلة يكتفي بأحد المثلين وفي التداخل يكتفي بالأكثر فما تحصل فهو جزء السهم أي يسمى بذلك ثم يضرب في أصل المسألة وعولها إن عالت فما تحصل من عدد فمنه تصح وإلى هذا الضابط أشار بقوله: (ورد) أي الحاسب أو القاسم فرد مبني للفاعل بدليل قوله وقابل والفاعل معلوم من المقام (كل صنف) أي عدد رؤوس كل صنف إذ هو الذي يتعلق به الرد (انكسرت عليه سهامه إلى وفقه) كزوجة وستة إخوة لأب أصلها من أربعة للزوجة ربعها واحد وللاخوة ثلاثة وهي لا تنقسم عليهم ولكن توافقهم بالثلث فترد الستة إلى ثلثها اثنين ثم يضرب الوفق في الأربعة أصل المسألة بثمانية ومنها تصح ومن له شئ من الأربعة أخذه مضروبا في اثنين فلو كانت الاخوة الستة لام لكانت المسألة من اثني عشر للزوجة ربعها ثلاثة وللاخوة للام ثلثها أربعة وهي لا تنقسم على الستة ولكن توافق الستة بالنصف فترد الستة إلى وفقها ثلاثة ثم تضرب في أصل المسألة بستة وثلاثين ومنها تصح ومن له شئ في أصل المسألة يأخذه مضروبا في ثلاثة فقوله إلى وفقه أي إن وافق كما يشعر به المقام (وإلا) يوافق بل باينت السهام الرؤوس (ترك) الحاسب الصنف على حاله فلا يرده إلى شئ إذ ليس هنا ما يرد إليه فالمعنى وإلا ترك الرد وأبقاه على حاله وضربه في أصل المسألة وليس معنى ترك أنه لا يتصرف فيه أصلا بضرب ولا غيره إذ هو خلاف الواقع لأن الواقع أنه إذا باينت السهام الرؤوس ضربت الرؤوس المنكسر عليها سهامها في أصل المسألة ثم يقال من له شئ من أصل المسألة أخذه مضروبا فيما ضربت فيه المسألة كبنت وثلاث أخوات أشقاء أو لأب المسألة من اثنين للبنت واحد والباقي وهو واحد للأخوات مباين لهن فتضرب الرؤوس الثلاثة في اثنين بستة وهذا فيما إذا انكسرت السهام على صنف واحد فليس إلا النظر بالموافقة أو المباينة بين السهام والرؤوس فإن انكسرت على أكثر من صنف نظرت بين كل صنف وسهامه بالموافقة أو المباينة على ما تقدم ثم تنظر بين الرؤوس المنكسر عليها سهامها بعضها مع بعض بأربعة أنظار التوافق والتماثل والتباين والتداخل كما أشار له بقوله: (و) إن انكسرت السهام على صنفين (قابل) الحاسب (بين اثنين) من الأصناف فقد يتماثلان وقد يتداخلان
473 وقد يتوافقان أو يتباينان (فأخذ أحد المثلين) إن تماثلا واكتفى به وكأن المسألة لم تنكسر إلا على صنف واحد كأم وأربعة أخوة لام وستة إخوة لأب أصلها من ستة للام واحد وللاخوة للام اثنان يوافقانهم بالنصف ووفقهم اثنان ترد إليهما وللستة الإخوة للأب ثلاثة توافقهم بالثلث وثلثهم اثنان فترد الأربعة إلى اثنين والستة إلى اثنين وفق كل منهما ثم تنظر بين الوفقين بأحد الانظار الأربعة تجد بينهما المماثلة فاكتف بأحدهما وهو جزء السهم واضربه في أصل المسألة يحصل اثنا عشر سهما ومن له شئ من المسألة أخذه مضروبا فيما ضربت فيه المسألة للام واحد في اثنين باثنين وللاخوة للام الأربعة اثنان في اثنين بأربعة لكل واحد وللاخوة للأب الستة ثلاثة في اثنين بستة لكل منهم واحد (و) أخذ (أكثر المتداخلين) إن تداخلا واكتفى به وضربه في أصل المسألة كأم وثمانية أخوة لام وستة لأب وهي من ستة للأم سهم وللاخوة للأم سهمان لا ينقسمان عليهم لكن يوافقانهم بالنصف ونصفهم أربعة وللاخوة للأب ثلاثة لا تنقسم عليهم لكن توافقهم بالثلث وثلثهم اثنان وبين الأربعة وفق الاخوة للام والاثنين وفق الإخوة للأب تداخل لأن الاثنين داخلان في الأربعة راجع الاخوة الثمانية فيكتفي بالأربعة وهي تجزء السهم ويضرب في أصل المسألة بأربعة وعشرين ومن له شئ من المسألة أخذه مضروبا فيما ضربت فيه المسألة للام واحد في أربعة بأربعة وللاخوة للام الثمانية سهمان في أربعه بثمانية لكل واحد منهم سهم وللاخوة للأب الستة ثلاثة في أربعة باثني عشر لكل واحد سهمان (و) أخذ (حاصل ضرب أحدهما في وفق الآخر إن توافقا) أي الصنفان كأم وثمانية أخوة لام وثمانية عشر أخا لأب المسألة من ستة للام واحد وللاخوة للام اثنان لا ينقسمان عليهم لكن يوافقانهم بالنصف كما تقدم فترد الثمانية لوفقها أربعة وللاخوة للأب ثلاثة لا تنقسم عليهم لكن توافقهم بالثلث فترد الثمانية عشر لوفقهم ستة وبين الستة راجعهم والأربعة راجع الاخوة للام توافق بالنصف فيضرب نصف أحدهما في كامل الآخر باثني عشر هي جزء السهم يضرب في ستة أصل المسألة باثنين وسبعين ومن له شئ في أصل المسألة يأخذه مضروبا وباقي جزء السهم الذي ضرب في أصل المسألة للام واحد في اثني عشر باثني عشر وللاخوة للام اثنان في اثني عشر بأربعة وعشرين لكل ثلاثة أسهم وللاخوة للأب ثلاثة في اثني عشر بستة وثلاثين لكل واحد منهم سهمان (وإلا) يتماثلا ولا يتداخلا ولا يتوافقا (ففي كله) أي فيضرب أحدهما في كل الآخر (إن تباينا) وما حصل فهو جزء السهم يضرب في أصل المسألة كأم وأربعة أخوة لام
474 وست أخوات أصلها من ستة وتعول لسبعة للأم سهم وللاخوة للام ثلثها اثنان لا ينقسمان عليهم ولكن يوافقانهم بالنصف ونصفهم اثنان وللأخوات الستة الثلثان أربعة وهي لا تنقسم عليهن ولكن توافقهن بالنصف فيرددن إلى نصفهن ثلاثة وبين الاثنين راجع الاخوة للام والثلاثة راجع الأخوات الأشقاء أو لأب تباين فيضرب أحدهما في كامل الآخر بستة هي جزء السهم يضرب في أصل المسألة بعولها سبعة باثنين وأربعين ومن له شئ في أصل المسألة بعولها يأخذه مضروبا في ستة للام واحد في ستة بستة وللاخوة للام اثنان في الستة باثني عشر وللأخوات أربعة في ستة بأربعة وعشرين ثم أشار إلى ما إذا وقع الانكسار في المسألة على ثلاثة أصناف وهي غاية ما تنكسر فيه الفرائض عندنا لأن الإمام لم يورث أكثر من جدتين كما مر فقال: (ثم) قابل الحاسب (بين الحاصل) من الصنفين على ما تقدم وهو أحد المتماثلين وأكثر المداخلين وما حصل من ضرب الوفق إن توافقا والكل في الآخر إن تباينا (و) بين الصنف (الثالث) إن كان هناك ثالث بالتماثل أو التداخل أو التوافق أو التباين بعد أن ينظر بين السهام والرؤوس المنكسر عليها السهام بالموافقة أو المباينة فإن تماثلت كلها رجعت لصنف واحد وكذا إن تداخل اثنان منها في واحد فإن تماثل اثنان منها أو دخل أحدهما في الآخر رجعت لصنفين وفعل ما مر مثال ما وقع فيه الانكسار على ثلاثة أصناف جدتان وثلاثة إخوة لام وخمسة إخوة لغير أم أصلها من ستة للجدتين واحد منكسر عليهما ويباين وللاخوة للأم سهمان كذلك وللخمسة أخوة ثلاثة أسهم كذلك وعدد رؤوس الأصناف كلها متباينة فتضرب اثنين عدد رؤوس الجدتين في ثلاثة عدد الاخوة للام ستة وبين الستة الحاصلة من الضرب والخمسة عدد الاخوة لغير أم تباين فيضرب أحدهما في كامل الآخر تبلغ ثلاثين هي تجزء السهم تضرب في أصل المسألة ستة بمائة وثمانين ومنها تصح ومن له شئ في أصل المسألة أخذه مضروبا في جزء السهم ثلاثين للجدتين واحد في ثلاثين بثلاثين وللاخوة للأم سهمان في ثلاثين بستين وللاخوة للأب ثلاثة أسهم في ثلاثين بتسعين فلو كانت الاخوة للام في هذا المثال أربعة لرجعوا إلى اثنين وفقهم والاثنان مع الجدتين بينهما تماثل يكتفي بأحد المتماثلين ويضربان في الخمسة عدد رؤوس الاخوة لغير أم للتباين وكأنها انكسرت على صنفين تبلغ عشرة هي جزء السهم يضرب في أصل المسألة بستين ولو كانت الإخوة للأب ستة مع كون الاخوة للام أربعة لرجعت الستة إلى وفقها اثنين لأن سهامه ثلاثة توافقهم بالثلث وثلث الستة اثنان وراجع الاخوة للام اثنان فبين الجدتين والراجعين تماثل يكتفي بواحد منها وكأنها انكسرت على صنف واحد فيكون جزء السهم اثنين يضرب في ستة أصل المسألة باثني عشر من له شئ في أصل المسألة أخذه مضروبا في اثنين للجدتين واحد في اثنين باثنين وللاخوة للام الأربعة اثنان في اثنين بأربعة وللاخوة للأب الستة ثلاثة في اثنين بستة وقوله: (ثم كذلك) لا حاجة له على مذهبنا لما علمت أن غاية ما تنكسر فيه الفرائض عندنا ثلاثة أصناف وكأنه قصد بذلك بيان تتميم العمل عند الفرضيين ولو على مذهب الغير كما عند الشافعي فإنه يتأتى عنده الانكسار على أربعة أصناف لأنه يورث أكثر من جدتين ومعنى كلامه رحمه الله تعالى ثم قابل بين الحاصل من ثلاثة أصناف وصنف رابع مثل مقابلته بين الحاصل من صنفين وصنف ثالث من مماثلة وتداخل وتوافق وتباين وذلك فيما إذا كانت الجدات ثلاثة فأكثر في أصلي الاثني عشر والأربعة والعشرين
475 مثال الأول ثلاث جدات وأربع زوجات وثلاثة أخوة لام وخمسة أخوة لأب أصلها من اثني عشر لأن فيها سدسا وربعا للجدات الثلاثة سدسها سهمان وللزوجات الأربعة ربعها ثلاثة وللاخوة للام الثلاثة ثلثها أربعة وللاخوة للأب الخمسة باقيها ثلاثة وسهام كل صنف لا توافقه وعدد رؤوس الجدات الثلاثة يماثل عدد الاخوة للام فيكتفي منهما بواحد هو ثلاثة وبين الثلاثة والزوجات الأربعة مباينة فتضرب أحدهما في الآخر باثني عشر وبين الاثني عشر الحاصلة من ذلك وبين الخمسة عدد رؤوس الاخوة لأب تباين والحاصل من ضرب أحدهما في الآخر ستون وهو جزء السهم يضرب في أصل المسألة اثني عشر بسبعمائة وعشرين ومن له شئ في أصل المسألة أخذه مضروبا في جزء السهم ستين للجدات سهمان في ستين بمائة وعشرين وللزوجات الأربعة ثلاثة في ستين بمائة وثمانين لكل خمسة وأربعون وللاخوة للام أربعة في ستين بمائتين وأربعين لكل واحد ثمانون وللاخوة للأب الخمسة ثلاثة كالزوجات في الستين بمائة وثمانين لكل واحد ستة وثلاثون ومثال الثاني ثلاث جدات وزوجتان وثلاث بنات وثلاثة أعمام من أربعة وعشرين للجدات السدس أربعة تباينهن وللزوجتين الثمن ثلاثة تباينهم وللثلاث بنات الثلثان ستة عشر تباينهن وللأعمام الباقي واحد يباينهم وبين الجدات والبنات والأعمام مماثلة يكتفي بعدد صنف منهم ثلاثة وبين الثلاثة والزوجتين مباينة يضرب أحدهما في الآخر بستة هي جزء السهم يضرب في أصل المسألة أربعة وعشرين بمائة وأربعة وأربعين من له شئ في أصل المسألة أخذه مضروبا في ستة (وضرب في العول أيضا) لأن ما تعول إليه محسوب من أصل الفريضة وتقدم مثال ذلك في قوله ففي كله إن تباينا ولما قدم انكسار الصنفين بين ما تحته من عدد الصور وإن كان معلوما مما سبق بالقوة زيادة في الايضاح وتنبيها على ما قد يخطر بالبال فقال: (وفي) انكسار السهام على (الصنفين اثنتا عشرة صورة) من ضرب ثلاثة في أربعة (لأن كل صنف) منهما (إما أن يوافق سهامه) أي يوافق رؤوس كل صنف سهامه بأن يكون بين رؤوس كل صنف منهما وبين سهامه موافقة بالربع أو الثلث فيرد إلى وفقه (أو يباينها) أي يباين رؤوس كل صنف سهامه (أو يوافق أحدهما) سهامه (ويباين الآخر) سهامه يعني أو يكون أحدهما موافقا لسهامه والآخر مباينا لسهامه فهذه ثلاث صور (ثم كل) من هذه الثلاثة (إما أن يتداخلا) بأن يكون أحدهما داخلا في الآخر فيكتفي بالأكثر منهما فيضرب في أصل المسألة (أو يتواقفا) فيضرب وفق أحدهما في الآخر كأربعة أخوة لام وستة أخوة لأب (أو يتباينا) كثلاثة أخوة لام وأربعة إخوة لأب فيضرب أحدهما في كامل الآخر ثم الحاصل في أصل المسألة (أو يتماثلا) كاثنين واثنين. ثم شرع في بيان حقيقة كل من الأمور الأربعة المتقدمة فقال: (فالتداخل أن يفنى) أي هو ذو أن يفنى (أحدهما الآخر) وإلا فحقيقة التداخل كون أحد العددين داخلا في الآخر أي مندرجا تحته وما ذكره المصنف علامته أي من علامته وضابطه أن يفني الأقل منهما الأكثر في مرتين أو أكثر كاثنين مع الأربعة والستة والثمانية لأن الاثنين يفنيان الأربعة في مرتين والستة في ثلاث مرات والثمانية في أربعة والعشرة في خمسة وكذا الثلاثة مع الستة أو التسعة أو الاثني عشر وكذا الأربعة مع الثمانية والاثني عشر وإنما يعتبر التداخل في الصنفين وأما في السهام مع رؤوس الصنف فما ذكر من باب التوافق بالنصف أو الثلث أو الربع كما علم مما قدمه المصنف ومعنى قوله: (أو لا) أنه بحيث لم يبق شئ أقل من المفني كما في الاثنين مع الثلاثة فإنه يبقى واحد وكما في الأربعة مع الستة فإنه يبقى اثنان أو مع السبعة فإنه يبقى ثلاثة وليس معناه أول مرة فقط وإلا لم يشمل صورة من صور التداخل أو معناه في التسليط الأول ولو تعدد (وإلا) يحصل الأفناء أولا بأن بقي بعد تسليط الأقل على الأكثر عدد أقل من العدد المفني (فإن بقي) من الأكثر
476 (واحد فمتباين) كاثنين مع الخمسة أو السبعة وكالخمسة مع الستة أو مع الأحد عشر (وإلا) يبق واحد بل بقي أكثر (فالموافقة) وتكون (بنسبة مفرد) هوائي (للعدد المفني ) بضم الميم وكسر النون (آخرا) كالأربعة والستة فإذا سلطت الأربعة على الستة يفضل اثنان تسلطهما على الأربعة فتفنيهما في مرتين فالعدد المفني آخرا اثنان ونسبة المفرد الهوائي لهما النصف فتكون الموافقة بين الأربعة والستة بالنصف وكالتسعة والاثني عشر فإذا سلطت التسعة على الاثني عشر يبقى ثلاثة تسلطها على التسعة فتفنيها في ثلاث مرات فالعدد المفني آخرا ثلاثة ونسبة مفرد هوائي للثلاثة ثلث فبينهما موافقة بالثلث وكذا التسعة مع الخمسة عشر لأنها إذا سلطت التسعة على الخمسة عشر يبقى ستة تسلطها على التسعة يفضل ثلاثة تسلط الثلاثة على الستة فتفنيها في مرتين فالعدد المفني آخرا ثلاثة ونسبة مفرد هوائي لها ثلث فالموافقة حينئذ بين التسعة والخمسة عشر بالثلث وبين الثمانية والاثني عشر توافق بالربع لأنك إذا سلطت الثمانية على الاثني عشر بقي أربعة تسلطها على الثمانية فتفنيها في مرتين فالمفني آخرا أربعة ونسب مفرد هوائي للأربعة ربع وبين الثمانية والعشرة موافقة بالنصف لأنك إذا سلطت الثمانية على العشرة بقي اثنان فإذا سلطتهما على الثمانية أفنتها في أربع مرات فالمفني آخرا اثنان ونسبة مفرد هوائي لهما نصف وهكذا وهذا كما يجري في العدد المنطق يجري في الأصم فالاثنان والعشرون توافق الثلاثة والثلاثين بجزء من أحد عشر جزأ لأنك إذ سلطت الاثنين والعشرين على الثلاثة والثلاثين يفضل أحد عشر تسلطها على الاثنين والعشرين تفنيها في مرتين فالعدد المنفي آخرا أحد عشر ونسبة الواحد الهوائي لها جزء من أحد عشر جزأ وهكذا وأما الثمانية مع الستة عشر أو مع الأربعة والعشرين أو مع الاثنين والثلاثين فتداخل لأن الثمانية تفني ما ذكر أولا بحيث لم يبق عدد بعد التسليط الأول كما مر فإن بقي من المفنى آخرا واحد فبينهما التباين كما في سبعة مع تسعة فإنك إذا سلطت السبعة على التسعة يبقى اثنان تسلطهما على السبعة يبقى واحد فبينهما التباين. ولما فرغ من بيان قسمة الفريضة شرع في بيان قسمة التركة المعلومة القدر كلها واقتصر تبعا لابن الحاجب على طريقتين أشار لأولاهما بقوله. (درس) (ولكل) من الورثة نصيب (من التركة بنسبة حظه) أي الوارث (من المسألة) فإن كان حظه من المسألة ربعها كالزوج عند وجود الفرع الوارث أو الزوجة عند عدمه أعطي من التركة ربعها وهكذا ابن الحاجب وهذه أقرب الطرق قال المصنف: تبعا لابن عبد السلام إنما تكون أقرب الطرق إذا قلت سهام الفريضة
477 وأما إن كثرت فهي أصعبها لأنها مبنية على النسبة التي هي قسمة القليل على الكثير وأشار بقوله: (أو تقسم التركة على ما) أي على السهم الذي (صحت منه المسألة) وذكر مثالا صالحا للطريقتين فقال: ( كزوج وأم وأخت) شقيقة أو لأب من ثمانية بعولها للزوج النصف كالأخت وللأم الثلث فأصلها من ستة وتعول لثمانية (للزوج ثلاثة) كالأخت (والتركة عشرون) دينارا مثلا (فالثلاثة من الثمانية ربع وثمن) لنقصه عن النصف بالعول ثمنا لما زادته الستة بمثل ثلثها وللأم من الثمانية ربعها للنقص الذي حصل لها بالعول عن الثلث (فيأخذ) الزوج من العشرين ربعها خمسة وثمنها اثنين ونصفا فيكون مجموع ما أخذ (سبعة) من الدنانير (ونصفا) وهو ربعها وثمنها والأخت كذلك وللأم ربعها خمسة وهذا على الطريقة الأولى وأما على الثانية فتقسم العشرين على ما صحت منه المسألة بعولها وهو ثمانية فيخرج جزء السهم اثنين ونصفا فللزوج ثلاثة من ثمانية يأخذها مضروبة في اثنين ونصف بسبعة ونصف وللأم اثنان من الثمانية تأخذهما مضروبين في اثنين ونصف بخمسة. ولما ذكر قسمة التركة المعلومة القدر كلها أخذ يبين العمل فيما إذا جهل بعضها وأردت معرفة قيمته بالنسبة للتركة فقال (وإن أخذ أحدهم) أي الورثة (عرضا) من التركة قبل أن يقوم وكان فيها عرض وعين معلومة القدر كعشرين دينارا (فأخذه بسهمه) أي في نظير ما يخصه من غير تعيين لقيمته وأخذ باقيهم العين ولا حاجة لقوله فأخذه (وأردت) أيها القاسم ( معرفة قيمته) أي العرض المجهول القيمة قبل القسم والمراد بالقيمة التي وقع عليها الرضا بينهم لا قيمته في الأسواق (فاجعل المسألة سهام غير الآخذ) بأن تسقط سهامه منها
478 وتجعل القسمة على الباقي (ثم اجعل لسهامه) أي الآخذ (من تلك النسبة) الخارجة من القسمة فما حصل فهو قيمة العرض فإذا أخذ الزوج في المثال التقدم العرض فأسقط نصيبه من الثمانية يبقى خمسة نصيب الأخت ثلاث ونصيب الام اثنان فاقسم العشرين دينارا على خمسة يخرج لكل سهم منها أربعة هي جزء السهم الذي تضرب فيه المسألة ونصيب الزوج ثلاثة من ثمانية تضرب في جزء السهم باثني عشر وذلك قيمة العرض فتكون جملة التركة اثنين وثلاثين وكذا لو أخذته الأخت فإن أخذته الام أسقط نصيبها وهو اثنان من الثمانية يبقى ستة تقسم عليها العشرين يخرج لكل سهم منها ثلاثة وثلث هي جزء السهم تضرب في سهميها يخرج ستة وثلثان هي قيمة العرض والتركة حينئذ ستة وعشرون وثلثان (فإن زاد) آخذ العرض (خمسة) من عنده (ليأخذ) العرض بحصته من التركة والمسألة بحالها (فزدها) أي الخمسة ( على العشرين) تصير خمسة وعشرين (ثم أقسم) الخمسة والعشرين على سهام غير الآخذ ثم اجعل لسهامه بتلك النسبة فإذا كان الآخذ للعرض والدفع للخمسة هو الزوج قسمت الخمسة والعشرين على الخمسة سهام الأخت والام يخرج لكل سهم خمسة هي جزء السهم تضرب في سهام الزوج ثلاث بخمسة عشر يزاد عليها الخمسة المدفوعة يكون الحاصل عشرين هي قيمة العرض وهي تضم للعشرين المتروكة تكون التركة أربعين والأخت مثل الزوج فلو دفعت الخمسة الام قسمت الخمسة والعشرون على ستة سهام الزوج والأخت يخرج جزء السهم أربعة وسدسا تضرب في سهمي الام بثمانية وثلث هي مناب الام فإن أضفتها لما بيد الورثة وهو خمسة وعشرون كانت التركة ثلاثة وثلاثين وثلثا فإن زدت خمسة على ما يجب للام كان ذلك قيمة العرض وهو ثلاثة عشر وثلث ولما فرغ من بيان الفروض ومن يرث بها ومن لا يرث ومن يرث بالتعصيب أو به وبالفرض ومن يحجب ومن لا يحجب ومن تصحيح المسائل وما يتعلق بذلك كله شرع في الكلام على المناسخة مأخوذة من النسخ وهو لغة الإزالة والنقل وهذا اللفظ يستعمله الفراض في الفريضة التي فيها ميتان فأكثر واحد بعد واحد قبل قسم تركة الأول وأشار المصنف إلى أنها ثلاثة أقسام الأول ما لا يحتاج فيه إلى عمل بأن تكون ورثة الثاني بقية الأولين وإليه أشار بقوله: (وإن مات بعض) من الورثة (قبل القسمة) لتركة الميت الأول (وورثه الباقون) بالوجه الذي ورثوا به الأول ( كثلاثة بنين) أو بنات
479 (مات أحدهم) قبل القسمة ولا وارث للميت الأول غير الباقين فالميت الثاني كالعدم وكأنه لم يكن ولا عمل فيها فتقسم تركة أبيهم على الولدين الباقيين وكذا لو مات ثالث ورابع كانت ورثة الأول هم ورثة الثاني والثالث والرابع وارثهم بمعنى واحد أي بعصوبة كثلاثة أخوة أشقاء وأربع أخوات شقائق مات أحد الاخوة ثم آخر ثم أخت ثم أخرى فإن التركة تقسم بين الأخ الباقي والأختين الباقيتين للذكر مثل حظ الأنثيين وقولنا بالوجه الذي ورثوا به احترازا عمن ماتت عن ثلاثة بنين من آباء مختلفة ثم مات أحدهم عن أخويه لامه فإنه وإن ورثه الباقون لكن ليس بالوجه الذي ورثوا به أمهم لأنهم ورثوها بالتعصيب والباقي يرث أخاه بالفرض وهو السدس أو الثلث فلا يقال موت الثاني كالعدم وأشار للقسم الثاني وهو أن يكون في الورث وارث فقط من الأول بقوله عاطفا على الباقون لا على أحدهم (أو) ورثه (بعض) من الباقين والبعض الآخر لم يرثه في الثانية ومثل للبعض غير الوارث بقوله (كزوج معهم) أي مع الباقين بأن ماتت زوجته عنه وعن أبنائها الثلاثة من غيره و (ليس) الزوج (أباهم) وكذا عكسه بأن مات زوج عن زوجته وعن ثلاثة أولاد من غيرها ثم مات أحد البنين عن أخويه في المسألتين ( فكالعدم) وكأنها في الأولى ماتت عن زوج واثنين وكأنها في الثانية مات عن زوجة وابنين إذ للزوج الربع وللزوجة الثمن على كل حال واحترز بقوله ليس أباهم عما إذا كان أباهم فإنه يرثه دون أخويه فتخرج المسألة عما ذكر وتدخل في قوله وإلا الخ وأشار للقسم الثالث وهو أن لا يكون الوارث في الثانية واحدا من النوعين المتقدمين وهو الذي يحتاج فيه إلى العمل بقوله: (وإلا) يرثه الباقون ولا بعض منهم بأن خلف الثاني ورثة غير ورثة الأول أو هم ولكن اختلف قدر استحقاقهم (صحح ) المسألة (الأولى) وخذ منها سهام الميت الثاني (ثم) صحح (الثانية) وأقسم سهام الميت الثاني من الأول على ورثته (فإن انقسم نصيب الثاني على ورثته كابن وبنت) ورثا أباهما المسألة من ثلاثة للابن سهمان وللبنت سهم (مات) الابن ( وترك أختا) هي أخته المذكورة (وعاصبا) كعم (صحتا) أي الأولى والثانية لأن الأولى من ثلاثة كما تقدم للابن اثنان والثانية من اثنين مات
480 عنهما وهما منقسمان على فريضته للأخت واحد وللعاصب الثاني وكذا لو مات الابن عن ابنين والبنت عن ابن (وإلا) ينقسم نصيب الميت الثاني على ورثته (وفق بين نصيبه) أي الميت الثاني (و) بين (فما صحت منه مسألته واضرب وفق الثانية في) كل المسألة ( الأولى) فما اجتمع فمنه تصح (كابنين وابنتين مات أحدهما) أي الابنين قبل القسم (وترك زوجة وبنتا وثلاثة بني ابن) المسألة الأولى من ستة لكل ابن سهمان ولكل بنت سهم والثانية من ثماني للزوجة الثمن واحد من ثمانية وللبنت النصف أربعة ولكل ابن ابن سهم فللابن الميت من الأول سهمان وفريضته من ثمانية متوافقان بالنصف فتضرب نصف فريضته أربعة في الفريضة الأولى ستة بأربعة وعشرين ومنها تصح ثم يقال: (فمن له شئ في الأولى ضرب له في وفق الثانية) وهو أربعة (ومن له شئ من الثانية ففي وفق سهام الثاني) أي أخذه مضروبا في وفق سهام مورثه الذي هو الميت الثاني وهو واحد فللابن الحي من الأولى اثنان مضروبان في أربعة بثمانية ولكل بنت واحد في أربعة بأربعة وللزوجة من الثانية واحد مضروب في وفق سهام مورثها وهو واحد بواحد وكذا كل واحد من أبناء الابن الثلاثة وللبنت من الثانية أربعة في واحد بأربعة فقد تمت الأربعة والعشرون هذا إن توافقا (وإن لم يتوافقا ) أي لم توافق سهام الميت الثاني فريضته بل تباينا فهو حينئذ كصنف باينته سهامه (ضربت ما صحت منه مسألته) أي الميت الثني (فيما صحت منه الأولى ( كموت أحدهما) أي الابنين المذكورين في المسألة السابقة. فالفريضة الأولى من ستة والثانية من ثلاثة وللميت الثاني من الأولى اثنان مباينان لفريضته فتضرب ثلاثة مجموع سهام الثانية في ستة مجموع سهام الأولى بثمانية عشر ومنها تصح ثم تقول من له شئ من الأولى أخذه مضروبا في كل الثانية ومن له شئ من الثانية أخذه مضروبا في جميع سهام مورثه فللابن الحي من الأولى اثنان مضروبان في جميع الثانية وهي ثلاثة بستة ولكل من البنتين في الأولى سهم مضروب في ثلاثة سهام الثانية بثلاثة وللابن من الثانية سهمان مضروبان في اثنين سهام مورثه بأربعة وللبنت واحد في الاثنين باثنين قد تمت الثمانية عشر والحاصل أن النظر إنما هو بين سهام الميت الثاني من الأولى وبين مسألته بالتوافق والتباين فإن كان بينهما موافقة ضربت وفق الثانية في وفق الثانية ومن له شئ من الثانية أخذه مضروبا في وفق سهام مورثه وتقول في التباين من له شئ من الأولى أخذه مضروبا في كل الثانية ومن له شئ من الثانية أخذه مضروبا في كل سهام مورثه قال في التوضيح وهذا إنما هو إذا كانت التركة عقارا أو عروضا مقومة وأما إذا كانت عينا أو مثليا فلا عمل ويقسم ما حصل للميت الثاني على فريضته أي ورثته ا ه أي فلا حاجة للعمل المذكور لسهولة القسم بدونه (وإن أقر أحد الورثة فقط بوارث) وأنكره الباقي ولم يثبت مقتضى الاقرار بعدلين كان المقر عدلا أم لا (فله) أي للمقر له من حصة المقر (ما نقصه الاقرار) وأفاد كيفية العمل بقوله: (تعمل فريضة الانكار ثم) تعمل (فريضة الاقرار ثم انظر ما بينهما من تداخل وتباين وتوافق) وتماثل وتركه لوضوحه ومثل للثلاثة التي ذكرها على طريق اللف والنشر المرتب فقال: (الأول) أي التداخل (والثاني) أي التباين (كشقيقتين
481 وعاصب أقرت واحدة) من الشقيقتين (بشقيقة) أخرى وأنكرها الباقي ففريضة الانكار من ثلاثة ومنها تصح وكذا فريضة الاقرار لكن تصح من تسعة لانكسار السهمين على الأخوات الثلاثة فتضرب الثلاثة عدد رؤوسهن في ثلاثة أصل المسألة بتسعة فتستغني بها عن الثلاثة فريضة الانكار لدخولها في التسعة وأقسم على الانكار لكل أخت ثلاثة وللعاصب ثلاثة أو على الاقرار لكل أخت سهمان وللعاصب ثلاثة بفضل عن المقرة سهم تدفعه للمقر لها وأشار للتباين بقوله: (أو بشقيق) أي أو أقرت إحداهما بشقيق والمسألة بحالها وأنكره الباقي فمسألة الانكار من ثلاثة ومسألة الاقرار من أربعة لحجب العاصب كالعم بالشقيق لو صح الاقرار وبينهما تباين فتضرب الثلاثة في الأربعة باثني عشر فلكل أخت في الانكار أربعة وفي الاقرار ثلاثة فقد نقصت المقرة واحدا فيأخذه المقر له (والثالث) وهو التوافق (كابنتين وابن أقر بابن) آخر وأنكره الابنتان فالانكار من أربعة والاقرار من ستة وبين الفريضتين توافق بالنصف فيضرب نصف أحدهما في الآخر باثني عشر فللابن الثابت من فريضة الانكار اثنان في ثلاثة وفق فريضة الانكار بستة ولكل بنت سهم في ثلاثة بثلاثة وللابن من فريضة الاقرار اثنان في اثنين نصف فريضة الانكار بأربعة يفضل عنه سهمان يدفعهما للمقر له ومثال التماثل الذي تركه المصنف لوضوحه أم وأخت لأب وعم أقرت الأخت للأب بشقيقة للميت وأنكرها الباقي فالفريضة في الاقرار أو الانكار من ستة يكتفى بأحدهما للام في الانكار الثلث سهمان وللأخت النصف ثلاثة وللعم ما بقي وهو واحد وللأخت للأب في الاقرار سهم السدس تكملة الثلثين يفضل عنها سهمان تدفعهما للمقر بها ولو أقرت بها الام فقط دفعت لها سهما تكملة فريضتها ولا يلتفت للعم في الاقرار أو الانكار لاستواء نصيبه فيهما وأشار لمحترز قوله فقط وهو تعدد المقر والمقر له بقوله: (وإن أقر ابن ببنت) وأنكرتها أخته (و) أقرت (بنت بابن) وكذبها أخوها المعلوم (فالانكار) من الجانبين (من ثلاثة) للابن المعلوم سهمان وللبنت المعلومة سهم (وإقراره) فقط (من أربعة) لأنه على إقراره ابن وبنتان له سهمان ولكل بنت سهم (و) إقرارها (هي) فقط ( من خمسة) لأن الورثة على إقرارها فقط ابنان وبنت لها سهم ولكل ابن سهمان والفرائض الثلاثة متباينة (فتضرب أربعة) فريضة اقراره (في خمسة) فريضة اقرارها (بعشرين ثم) تضرب العشرين (في ثلاثة) فريضة الانكار من الجانبين بستين إن قسمتها على الانكار أخذ الابن أربعين والبنت عشرين وعلى اقرار الابن يأخذ ثلاثين وكل بنت خمسة عشر فقد نقصه اقراره عشرة يدفعها للبنت التي أقر بها كما قال: (يرد الابن) من الأربعين (عشرة) للبنت التي أقر بها وعلى اقرار البنت تأخذ من العشرين اثني عشر لأن الورثة على اقرارها ابنان وبنت لكل ابن أربعة وعشرون ولها اثنا عشر خمس الستين يفضل عنها ثمانية تدفعها لمن أقرت به ولذا قال (و) ترد (هي ثمانية) من أصل العشرين (وإن أقرت زوجة حامل) مات زوجها عنها وعن أخويه شقيقيه أو لأبيه
482 (و) أقر (أحد أخويه) أيضا (أنها ولدت) من ذلك الحمل أبنا (حيا) ثم مات وأنكر الأخ الثاني وقال بل وضعته ميتا فقد اختلفا في وجود شرط الميراث وهو الحياة مع اتفاقهما على صحة نسبه فالانكار من أربعة للزوجة الربع يبقى ثلاثة على الأخوين لا تنقسم وتباين فتضرب الاثنين المنكسر عليهما سهامهما في الأربعة أصل المسألة بثمانية ومنها تصح ولذا قال: (فالانكار من ثمانية) تصحيحا لا تأصيلا للزوجة اثنان ولكل أخ ثلاثة (كالاقرار) فإنه من ثمانية لكن تأصيلا (وفريضة الابن) على الاقرار (من ثلاثة) لأنه مات بعد استقرار حياته عن أم وعمين وسهامه من الأولى سبعة لا تصح على فريضته ولا توافقها بل تباينها (تضرب) الثلاثة فريضته (في ثمانية) فريضة أبيه بأربعة وعشرين للزوجة في الانكار الربع ستة الباقي ثمانية عشر لكل أخ تسعة ولها في الاقرار الثمن ثلاثة وللابن أحد وعشرون منها لامه بموته ثلثها سبعة ولكل أخ سبعة يفضل عن المقر سهمان يدفعهما للام تضمهما للستة التي خصتها في الانكار يكمل لها ثمانية وللأخ المقر سبعة وللمنكر تسعة وقد علمت مما قررنا أن عمل هذه الفريضة مركب من عمل إقرار وإنكار وعمل مناسخات لأن الولد على الاقرار مات قبل القسمة وسهامه لا تنقسم على فريضته ولا توافقها فتضرب سهام الفريضة الثانية في سهام الأولى وذلك ثلاثة في ثمانية ( وإن أوصى) ميت (بشائع) لا بمعين إذ المعين لا يحتاج لعمل وسواء كان الشائع منطقا (كربع) أو ثلث (أو) أصم نحو: (جزء من أحد عشر) أو تسعة عشر فلذا مثل بمثالين فالمنطق ما يعبر عنه بغير لفظ الجزئية كربع وسدس والأصم ما لا يعبر عنه إلا بلفظ الجزئية كجزء من أحد عشر جزأ الخ (أخذ مخرج الوصية) بعد تصحيح الفريضة أولا من غير وصية فإذا كانت الوصية بالربع أخذ أربعة أو بالثلث أخذ ثلاثة وإذا كانت بجزء أصم كجزء من أحد عشر جزأ أخذ أحد عشر لأنها مخرج جزء من أحد عشر جزأ وهكذا ويجعل المخرج كأنه فريضة برأسها (ثم) انظر (إن انقسم الباقي) بعد الوصية (على) أصحاب (الفريضة كابنين و) قد (أوصى بالثلث) فمخرج الوصية ثلاثة يعطى للموصى له الثلث واحد يبقى سهمان ينقسمان على الابنين (فواضح وإلا) ينقسم الباقي على أصحاب الفريضة نظرت بين الباقي من مخرج الوصية وبين مسألة الورثة بأحد أمرين الموافقة والمباينة فإن كان بينهما موافقة بنصف أو ثلث أو غير ذلك فاضرب وفق مسألة أصحاب الفريضة
483 في مخرج الوصية فما حصل فمنه تصح وإلى ذلك أشار بقوله: (وفق بين الباقي والمسألة) أي مسألة أصحاب الفريضة (واضرب الوفق) من المسألة (في) جميع (مخرج الوصية) ثم تقول من له شئ من الوصية أخذه مضروبا في وفق المسألة ومن له شئ من من الفريضة أخذه مضروبا في وفق الباقي من مخرج الوصية (كأربعة أولاد) ذكور وأوصى بالثلث مثلا فالفريضة من أربعة ومخرج الوصية من ثلاثة يخرج جزء الوصية واحد فالباقي اثنان لا ينقسمان على الأولاد الأربعة لكن يوافقان مسألتهم بالنصف ونصفها اثنان يضربان في مخرج الوصية بستة فالموصى له واحد في اثنين باثنين والأولاد الأربعة لهم أربعة مضروبة في واحد وفق الباقي بأربعة لكل واحد (وإلا) يكن بين الباقي والمسألة موافقة بل تباين (فكاملها) أي المسألة يضرب في مخرج الوصية ومنه تصح (كثلاثة) من البنين والمسألة بحالها مخرج الوصية من ثلاثة والمسألة من ثلاثة عدد رؤوس البنين وبين الباقي وهو اثنان والمسألة تباين فتضرب الثلاثة في الثلاثة مخرج الوصية بتسعة ومن له شئ من الوصية أخذه مضروبا في عدد المسألة ومن له شئ من المسألة أخذه مضروبا في الباقي للموصى له واحد في ثلاثة عدد سهام المسألة بثلاثة وللبنين الثلاثة ثلاثة أسهم مضروبة في الباقي اثنين بستة ولما ذكر كيفية العمل إذا وصى بجزء واحد ذكر كيفيته إذا أوصى بجزأين وقد يكون ذلك مع اتحاد الوارث وتركه المصنف وقد يكون مع تعدده وذكره بقوله: (وإن أوصى) لرجل مثلا (بسدس) من ماله (وسبع) منه لآخر وترك ثلاثة بنين مثلا فطريق العمل في ذلك أن تنظر أولا بين المخرجين بالتوافق أو التباين فإن تباينا ضربت أحد المخرجين في الآخر وإن توافقا ضربت وفق أحدهما في الآخر فما اجتمع فأخرج منه الوصية وأقسم الباقي على الفريضة فإن انقسم فواضح وإلا فانظر بين الفريضة والباقي من مخرج الوصية بالتباين أو التوافق فإن تباينا ضربت ما اجتمع من الوصيتين في أصل المسألة وإن توافقا فاضرب الوفق في أصلها فما اجتمع من عدد فمنه تصح فإن أوصى بسدس وسبع (ضربت) مخرج السدس (ستة في) مخرج السبع (سبعة) لتباينهما بلغ اثنين وأربعين فيخرج منها جزئا الوصية ثلاثة عشر السدس سبعة والسبع ستة والباقي تسعة وعشرون لا تنقسم على ثلاثة ولا توافق بل تباينها فاضرب الحاصل وهو اثنان وأربعون في ثلاثة أصل المسألة وهو معنى قوله (ثم) اضرب الحاصل (في أصل المسألة) وهو ثلاثة في مثالنا يحصل مائة وستة وعشرون ومن له شئ في الوصية يأخذه مضروبا في أصل المسألة وللوصية ثلاثة عشر سهما في ثلاثة بتسعة وثلاثين السدس أحد وعشرون والسبع ثمانية عشر ومن له شئ من الفريضة يأخذه مضروبا في الباقي فللأولاد الثلاثة ثلاثة أسهم في تسعة وعشرين بسبعة وثمانين لكل واحد تسعة وعشرون
484 (أو) ضربت الحاصل (في وفقها ) أي المسألة إن توافقا مثاله أن يكون البنون ثمانية وخمسين فالتوافق بين الباقي من الوصية وهو تسعة وعشرون وبين المسألة وهو ثمانية وخمسون عدد الرؤوس بجزء من تسعة وعشرين فتضرب جزء المسألة أي وفقها وهو اثنان في الحاصل من الوصية اثنين وأربعين بأربعة وثمانين أو عكسه كما هو سياق المصنف والمعنى واحد ومن له شئ من مخرج الوصية أخذه مضروبا في وفق المسألة اثنين فللموصى له بالسدس سبعة في اثنين بأربعة عشر وللموصى له بالسبع ستة في اثنين باثني عشر مجموعها ستة وعشرون ومن له شئ من الفريضة أخذه مضروبا في وفق الباقي وهو واحد في ثمانية وخمسين عدد الرؤوس لكل سهم. ولما فرغ رحمه الله تعالى من عمل الفرائض ومن ذكر الوارثين وبيان استحقاقهم ومن يدخل عليهم باقرار أو وصية شرع في ذكر موانع الميراث فقال: (ولا يرث ملاعن) زوجته التي لاعنها إذا التعنت بعده بمجرد تمام التعانها فإن ماتت قبل التعانها ورثها (و) لا ترث (ملاعنة) زوجها الملتعن قبلها فإن ابتدأت هي ومات قبل التعانه ورثته وإن مات بعد التعانه الواقع بعد التعانها فعلى القول بإعادتها ترثه وعلى القول بعدم إعادتها لا ترثه فالحاصل أنه إذا لم يقع اللعان من الجانبين توارثا وإن حصل اللعان من كل على الوجه الشرعي لم يرث أحدهما الآخر فإن بدأت قبله ولاعن بعدها فعلى القول بعدم الاعتداد بلعانها ولا بد من إعادتها ومات أحدهما قبل إعادتها ورثه الآخر وعلى مقابله لا إرث ورجح وأما ولده الذي وقع فيه اللعان فلا توارث بينهما سواء التعنت أم لا (وتوأماها) أي الملاعنة من الحمل الذي لاعنت فيه (شقيقان) أي يتوارثان على أنهما شقيقان على المشهور كالمستأمنة والمسبية لا توأما زانية ومغتصبة فأخوان لام على المشهور وذكر المانع الثاني وهو الرق بقوله (ولا) يرث (رقيق) قن أو بشائبة من قريبه (ولسيد) العبد (المعتق بعضه جميع إرثه) أي ماله بالملك لبعضه وإطلاق الإرث عليه مجاز فإن كان البعض الرق بين جماعة فلكل من ماله بقدر استحقاقه (ولا يورث) أي الرقيق أي لا يرثه قريبه الحر لأن مال العبد لسيده واستثنى من هذا الثاني قوله: ( إلا المكاتب)
485 يموت ويترك ما فيه وفاء بكتابته مع زيادة عليه فإن تلك الزيادة تورث عنه يرثها من معه في الكتابة ممن يعتق عليه كما مر في بابه وذكر المانع الثالث وهو القتل بقوله: (ولا) يرث (قاتل) لمورثه ولو معتقا لعتيقه أو صبيا أو مجنونا تسببا أو مباشرة (عمدا عدوانا وإن أتى بشبهة) تدرأ عنه القصاص كرمى الوالد ولده بحجر فمات منه فالضمير في أتى للقاتل لا بقيد العدوان إذ لا عدوان مع الشبهة وقد يقال جعله عدوانا من حيث التعمد (كمخطئ) لا يرث (من الدية) ويرث من المال والحق بالخطأ ما لو قصد وإرث قتل مورثه وكان لا يندفع إلا بالقتل فقتله المورث فإنه يرث من المال لا من الدية وأشار للمانع الرابع وهو المخالفة في الدين بقوله: (ولا) يرث (مخالف في دين كمسلم مع مرتد أو غيره) من يهودي أو نصراني أو مجوسي (وكيهودي مع نصراني) فلا توارث بينهما إذ كل ملة مستقلة (وسواهما) كله (ملة) فيقع التوارث بين مجوسي وعابد واثق أو دهري أو نحو ذلك (وحكم بين الكفار) كتابيين أو غيرهم (بحكم المسلم) أي بحكم الاسلام في المسلم (إن) رضوا بأحكامنا و (لم يأب بعض) وإلا لم نتعرض لهم (إلا أن يسلم بعض) أي بعض ورثة من مات كافرا ويستمر الآخر على كفره وبأبي حكم الاسلام (فكذلك) أي يحكم بينهم بحكم المسلم من غير اعتبار الآبي لشرف المسلم هذا ( إن لم يكونوا كتابيين وإلا) بأن كانوا كتابيين وأسلم بعضهم بعد موت مورثه ( فبحكمهم) أي نحكم بينهم بحكم مواريثهم أي نقسم المال بينهم على حكم مواريثهم بأن نسأل القسيسين عمن يرث ومن لا يرث وعن القدر فالذي يورث عندهم ونحكم بينهم بذلك إلا أن يرضوا جميعا بحكمنا.
486 وأشار للمانع الخامس بقوله (ولا) يرث (من جهل تأخر موته) عن مورثه بأن ماتا نخت هدم مثلا أو بطاعون ونحوه بمكان ولم نعلم المتأخر منهما فيقدر أن كل واحد لم يخلف صاحبه وإنما خلف الاحياء من ورثته فلو مات رجل وزوجته وثلاثة بنين له منها تحت هدم وجهل موت السابق منهم وترك الأب زوجة أخرى وتركت الزوجة ابنا لها من غيره فللزوجة الربع وما بقي للعاصب ومال الزوجة لابنها الحي وسدس مال البنين لأخيهم لامهم وباقيه للعاصب وسقط بمن يسقط به الأخ للام. واعلم أن ضد المانع شرط فشروط الإرث خمسة وأسبابه ثلاثة نكاح أو قرابة أو عتق (ووقف القسم) للتركة بين الورثة وفيهم حمل من زوجة ولو أخا لام أو أمة (للحمل) أي إلى وضع الحمل أو لأجل الحمل للشك هل يوجد من الحمل وارث أو لا وعلى وجوده هل هو متحد أو متعدد وعليهما هل هو ذكر أو أنثى أو مختلف ولم يعجل القسم للوارث المحقق هنا ويؤخر المشكوك فيه للوضع كما فعلوا في المفقود كما يأتي لقصر مدة الحمل غالبا فيظن فيها عدم تغير التركة بخلاف المفقود فلطولها يظن تغير التركة لو وقفت كما قال ابن مرزوق (و) وقف (مال المفقود) الذي لم يعلم له موضع ولا حياة (للحكم) من الحاكم بالفعل (بموته) بعد زمن التعمير وتقدم تقديره في باب المفقود هل هو سبعون سنة أو خمس وسبعون أو ثمانون. ولما تكلم على الإرث منه تكلم على ارثه هو من مورثه أو إرث شركائه فيه فقال: (وإن مات مورثه) أي من يرث منه المفقود (قدر) المفقود (حيا) بالنسبة لارث بقية الورثة فتمنع الأخت من الإرث وتنقص الام في مثال المصنف (و) قدر أيضا (ميتا ) فلا تمنع الأخت وتزاد الام وينقص الزوج للعول وأعطى الوارث غير المفقود أقل نصيبه (ووقف المشكوك فيه) وهو نصيب المفقود وما اختلف فيه حاله من نصيب غيره فإن ثبتت حياته أو موته ببينة فالامر واضح
487 وإن لم يثبت ذلك (فإن مضت مدة التعمير فكالمجهول) أي فالمفقود كمن جهل تأخر موته أي فلا ارث له وترثه أحياء ورثه وأما فائدة الوقف فلرجاء حياته ومثل ذلك بقوله: (فذات زوج) ماتت عنه (و) عن (أم وأخت) شقيقة أو لأب (وأب مفقود فعلى) تقدير ( حياته) حين موت الزوجة وهي بنت المفقود فالمسألة (من ستة) أحد الغراوين لزوجها النصف ثلاثة وللأم ثلث ما بقي سهم هو السدس وللأب الباقي سهمان ولا شئ للأخت لحجبها باب (و) على تقدير (موته) أي الأب المفقود قبل موت الزوجة ( كذلك) المسألة من ستة للزوج وثلاثة للأخت ثلاثة) وتعول) من أجل ثلث الام ( لثمانية) والفريضتان متفقتان بالنصف (و) لذلك (تضرب الوفق) من أحدهما ( في الكل) من الآخر (بأربعة وعشرين) ثم تقول من له شئ من الأولى أخذه مضروبا في وفق الثانية ومن له شئ من الثانية أخذه مضروبا في وفق الأولى فمن له شئ من الستة أخذه مضروبا في أربعة ومن له شئ من الثمانية أخذه مضروبا في ثلاثة ثم يعطى الأقل لأنه المحقق ويوقف الباقي كما قال المصنف فعلى موت الأب (للزوج تسعة) من ضرب ثلاثة في ثلاثة من الأربعة والعشرين والتسعة هي المحققة له لأنه على حياة الأب له اثنا عشر لأن له النصف كاملا حينئذ وعلى موته له تسعة لأن له النصف عائلا حينئذ فحظه في حياة الأب أكثر من حظه في موته (وللأم أربعة) ثلث الباقي وهو في الحقيقة السدس وهذا على تقدير حياة الأب لأن لها في غير العائلة قل من العائلة فتأخذ المحقق لها وهو أربعة (ووقف الباقي) من الأربعة والعشرين وهو أحد عشر ثلاثة من حصة الزوج وثمانية للأب (فإن ظهر أنه حي) بعد موت بنته (فللزوج ثلاثة ) من الموقوف مضافة للتسعة التي بيده ليتم له النصف كاملا (وللأب ثمانية) وهي تمام الأحد عشر الموقوفة ولا شئ للأخت لحجبها بالأب (أو) ظهر (موته) قبل موت ابنته (أو مضي مدة التعمير) ولم تظهر له حياة ولا موت (فللأخت) من الموقوف (تسعة) كالزوج هي النصف عائلا (وللأم اثنان) تضم إلى الأربعة التي أخذتها أو لاتمام الربع الذي عالت المسألة به على تقدير موت الأب لأجل ثلث الام كما تقدم والاثنان ربع بالنسبة للثمانية وأما الزوج فقد أخذ ما يخصه على هذا التقدير وهو تسعة. ولما فرغ من الكلام على أحكام المفقود شرع في الكلام على ارث الخنثى المشكل وأخره عن ميراث الذكورة والأنوثة المحققين
488 لنوقف معرفة ميراثه على معرفة مقدار ميراثهما وحقيقة الخنثى سواء كان مشكلا أم لا من له آلة ذكر وآلة امرأة وقيل يوجد منه نوع ليس له واحدة منهما وله مكان يبول منه ولا يتصور شرعا أن يكون أبا أو أما أو جدا أو جدة أو زوجا أو زوجة لأنه لا يجوز مناكحته ما دام مشكلا وهو منحصر في سبعة أصناف الأولاد وأولادهم والاخوة وأولادهم والأعمام وأولادهم والموالي وأشار المصنف إلى قدر ميراثه إذا كان يختلف حاله بالذكورة والأنوثة بقوله (وللخنثى المشكل) الذي لم تتضح ذكورته ولا أنوثته بعلامة تميزه (نصف نصيبي ذكر وأنثى) أي يأخذ
489 نصف نصيبه حال فرضه ذكرا وحال فرضه أنثى لا أنه يعطى نصف نصيب الذكر المحقق الذكورة المقابل له ونصف نصيب الأنثى المحققة الأنوثة المقابلة له فإذا كان له على تقدير كونه ذكرا سهمان وعلى تقدير كونه أنثى سهم فإنه يعطى نصف نصيب الذكر وهو سهم ونصف نصيب الأنثى وهو نصف سهم ومجموع ذلك سهم ونصف وهذا إذا كان يرث بالجهتين وكان إرثه بهما مختلفا كابن أو ابن ابن وأما لو ورث بالذكورة فقط كالعم وابنه فله نصفها فقط إذ لو قدر عمة لم ترث وإن ورث بالأنوثة فقط كالأخت في الأكدرية أعطي نصف نصيبها إذ لو قدر ذكرا لم يعل له ولو اتحد نصيبه على تقدير ذكورته وأنوثته ككونه أخا لام أو معتقا أعطى السدس إن اتحد والثلث مع غيره إن تعدد في الأول وأخذ جميع المال في الثاني وقد يرث بالأنوثة أكثر كزوج وأخ لام وأخ لأب خنثى فمسألة الذكورة كما ذكر المصنف من ستة والأنوثة كذلك وتعول لسبعة. والحاصل منهما اثنان وأربعون يضرب في حالتيه بأربعة وثمانين وقد يشعر بالقيدين المذكورين قوله نصيبي ذكر وأنثى وقوله الآتي على التقديرات وقد علم مما ذكرنا أن له خمسة أحوال حال يرث بالجهتين إلا أن إرثه بالذكورة أكثر لكونه ابنا أو أخا شقيقا أو لأب الثاني أنه يرث على أنه ذكر فقط لكونه عما والثالث عكسه والرابع مساواة ارثه ذكورة وأنوثة والخامس إرثه بالأنوثة أكثر وقد علمت أمثلتها قوله وللخنثى أي جنس الخنثى الصادق بالواحد والمتعدد إلا أنه إذا تعدد تضاعفت الأحوال وبتضعيفها يحصل لكل نصف نصيبي ذكر وأنثى وقوله وللخنثى خبر مقدم وقوله نصف الخ مبتدأ مؤخر فيفيد أنه لا يوقف القسم للاتضاح
490 وهو المشهور واستأنف استئنافا بيانيا لبيان كيفية العمل الموصل لما ذكر وإن كان في بعضه حذف يتبين بالشرح فقال (تصحح) أيها القاسم (المسألة ) أي تعملها على وجه التصحيح (على) جنس (التقديرات) فيشمل التقديرين كمثاله الأول والأربع تقديرات كمثاله الثاني أو أراد بالجمع ما فوق الواحد أي تصححها على تقدير أنه ذكر محقق وعلى تقدير أنه أنثى محققة (ثم) بعد تصحيح المسألة على الذكورة فقط والأنوثة فقط تنظر بين المسألتين أو المسائل بالانظار الأربعة المتقدمة التماثل والتداخل والتوافق والتباين فإن كان توافق (تضرب الوفق) أي وفق إحدى المسألتين في كل الأخرى (أو) كان تباين تضرب (الكل) في كل الأخرى فقد حذف المضروب فيه وإن تماثلتا اكتفت بإحداهما وإن تداخلتا اكتفيت بكبراهما وسكت المصنف عن هذين لسهولتهما أو علمهما من ذكر أخويهما ( ثم) تضرب ما تحصل (في حالتي الخنثى) تذكيره وتأنيثه إن كان واحدا كمثاله الأول وفي أحواله إن تعددت كمثاله الثاني (وتأخذ) بعد عملك المذكور (من كل نصيب) مما اجتمع ما يجب أن يؤخذ فالمفعول محذوف ثم استأنف لبيان أخذ ما يجب أخذه قوله: (من الاثنين) فهو معمول لمحذوف أي تأخذ من الاثنين أي الحالين المشتمل عليهما الخنثى الواحد (النصف) إذ هو نسبة الواحد الهوائي المسمى بمفرد التقديرات إلى الاثنين
491 (و) تأخذ من (أربعة) من التقادير إذا كان خنثيان (الربع) إذ هو نسبة واحد هوائي إلى أربعة وفي كلامه عطف على معمولين لعاملين مختلفين إذ أربعة عطف على اثنين والعامل فيه من والربع عطف على النصف والعامل فيه تأخذ المقدر (فما اجتمع) من النصف في الحالين أو الربع في الأربعة (فنصيب حل) أي كل واحد من الورثة فيعطى كل واحد من الورثة نصف أو ربع ما تحصل من المجموع والحاصل أنك تجمع ما حصل لكل وارث وتحفظه ثم تنسب واحدا مفردا إلى أحوال الخناثى التي بيدك فيأخذ كل وارث مما حصل له بتلك النسبة فإن كان بيدك حالان أخذ كل وارث نصف ما بيده وإن كان أربعة فربع ما بيده وإن كانت الأحوال ثمانية فثمن ما بيده وهكذا بنسبة واحد مفرد إلى مجموع الأحوال فإذا كان في الفريضة خنثى واحد فله حالان وإن كان اثنان فلهما أربعة أحوال لأنهما يقدران في حالة ذكرين وفي أخرى أنثيين وفي أخرى يقدر أحدهما ذكرا والآخر أنثى وبالعكس وفي ثلاثة خناثى ثمانية أحوال لأنهم إما ذكور فقط أو إناث فقط أو زيد منهم ذكرا والآخران أنثيين أو عكسه أو يقدر عمر ومنهم ذكرا والآخران أنثيين أو عكسه أو خالد ذكرا والباقي أنثيين أو عكسه فتذكير الكل من ثلاثة كتأنيثهم وتذكير أحدهم من أربعة وتذكير اثنين من خمسة فتضرب الثلاثة في الأربعة للتباين ثم الاثني عشر في الخمسة بستين ثم تضرب في ثمانية الأحوال فما حصل فلكل ثمن ما بيده وذكر المصنف بعض الأمثلة لايضاح ما ذكره بقوله: (كذكر) واحد (وخنثى) واحد مات مورثهما عنهما (فالتذكير) أي تقدير الخنثى ذكر المسألة (من اثنين والتأنيث) أي تقديره أنثى (من ثلاثة تضرب الاثنين) مسألة التذكير (فيها) أي في الثلاثة مسألة التأنيث لتباينهما بستة (ثم) تضرب الستة (في حالتي الخنثى) باثني عشر نفتهما على اثنين مسألة التذكير لكل ستة وعلى ثلاثة مسألة التأنيث له أربعة يحصل (له) أي للخنثى (في الذكورة ستة وفي الأنوثة أربعة) مجموعها عشرة ( فنصفها خمسة) يأخذها الخنثى لأن له تقديرين ونسبة واحد لهما النصف (وكذلك غيره) أي غير الخنثى وهو الذكر المحقق يأخذ نصف ما حصل بيده وهو أربعة عشر لأن له في التذكير ستة وفي التأنيث
492 ثمانية ومجموعهما أربعة عشر يعطى نصفها سبعة ولو كان بدل الذكر المحقق أنثى محققة لكان التذكير من ثلاثة والتأنيث كذلك إذ البنتان لهما الثلثان فيكتفي بأحدهما للتماثل وتضرب الثلاثة في حالتي الخنثى بستة له في التذكير أربعة في التأنيث اثنان فالمجموع ستة يأخذ ثلاثة وللبنت المحققة اثنان في التأنيث واثنان في التذكير تعطى نصفهما اثنان يبقى واحد للعاصب وهذا مثال للتماثل ومثال التداخل ما لو كان مع الابن الخنثى أخ لأب فالتذكير من واحد إذ لا شئ للأخ مع الابن والتأنيث من اثنين والواحد داخل فيهما فيكتفي بهما ويضربان في حالتي الخنثى بأربعة فعلى ذكورته يختص بها وعلى أنوثته تأخذ منها اثنين ومجموعها ستة يعطى نصفها ثلاثة وللأخ الباقي وهو واحد لأن له في التأنيث اثنين نصفهما واحد (وكخنثيين وعاصب) كأخ أو عم (فأربعة أحوال) تقديرهما ذكرين وأنثيين والأكبر ذكرا والأصغر أنثى وعكسه فعلى أنهما ذكران فالمسألة من اثنين ولا شئ للعاصب وعلى تقديرهما أنثيين فالمسألة من ثلاثة لهما اثنان وللعاصب واحد وعلى تقدير الأكبر ذكرا والأصغر أنثى من ثلاثة وكذا عكسه ولا شئ للعاصب في هذين التقديرين كالأول ثلاث فرائض منها متماثلة في المخرج وهي كونها من ثلاثة فيما عدا التقدير الأول يكتفى منها بواحد وتضرب الثلاثة في اثنين فريضة تذكيرهما للتباين بستة (تنتهي) بضربها في الأحوال الأربعة (لأربعة وعشرين) تقسمها على التذكير لكل منهما اثنا عشر وعلى تأنيثهما لكل منهما ثمانية وللعاصب ثمانية وعلى تذكير الأكبر مع تأنيث الأصغر للذكر ستة عشر وللأنثى ثمانية وكذا عكسه ثم تجمع ما لكل منهما تجده أربعة وأربعين وللعاصب في تأنيثهما ثمانية فيعطى كل ربع ما بيده لأن الأحوال أربعة (لكل) من الخنثيين (أحد عشر وللعاصب اثنان)
493 ثم ذكر ما يزول به اشكال الخنثى من العلامات الدالة على أنوثته أو ذكورته بقوله: ( فإن بال) الخنثى (من واحد) من فرجيه دون الآخر فلا إشكال فيه إذ بوله من ذكره دليل على ذكورته وبوله من فرجه دليل على أنوثته
494 (أو كان) بوله من أحدهما ( أكثر) من الآخر خروجا لا كيلا أو وزنا لعدم اعتبار الكثرة بهما كما قال الشعبي فإذا كان يبول من ذكره مرتين ومن فرجه مرة دلك ذلك على أنه ذكر وبالعكس دل على أنه أنثى ولو كان الذي يخرج من الأقل خروجا أكثر وزنا (أو) كان يخرج من المحلين لكن خروجه من أحدهما (أسبق) من خروجه من الآخر فإن سبق من الذكر فذكر ومن الفرج فأنثى فإن اندفع منهما معا اعتبر الأكثر عند الأكثر ثم الاختبار بالبول إنما هو في حال صغره حيث يجوز النظر لعورته كما قال ابن يونس يجوز نظر عورة الصغير وهو ظاهر فيما إذا كانت لا يلتذ بها بخلاف المراهقة وأما في حال الكبر فقالوا يختبر بأن يبول إلى حائط أو عليها فإن ضرب بوله الحائط أو أشرف عليه أي نبا وانفصل عن الحائط فذكر وإن نزل على سطحه أو بين فخذيه فأنثى لأنه دليل على أنه خرج من الفرج لكن هذا لا يتم في الأسبقية ولا في الأكثر خروجا وظاهر اطلاقهم أنه لا يشترط التكرار فلو تحققت حياته وبال من أحدهما مرة واحدة ثم مات فالحكم لصاحب المبال فإن تساوى بوله منهما ولم يعلم حاله انتظر بلوغه إن كان غير بالغ فإن احتلم من ذكره (أو نبتت له لحية) دون ثدي فذكر قال محمد بن سحنون: لأن الأصل في نبات شعر اللحية من البيضة اليسرى فلا يرد ما قالوه في فرائض الوضوء من أن المرأة قد ينبت لها لحية لأنه نادر لا حكم له (أو) نبت له (ثدي) كثدي النساء لا كثدي رجل بدين فأنثى فإن نبتا معا أو لم ينبتا فباق على اشكاله ولا ينظر إلى عدد أضلاعه عند الأكثر
495 وقيل ينظر لذلك وعليه فالمرأة لها من كل جانب ثماني عشرة ضلعا بكسر ففتح على الأفصح والذكر له من الجانب الأيمن كذلك ومن الأيسر سبع عشرة ضلعا وقيل للمرآة من كل جانب سبع عشرة وللذكر من الأيمن كذلك ومن الأيسر ست عشرة ضلعا قيل وسبب ذلك أن الله تعالى لما خلق آدم وأراد خلق حواء منه ألقى عليه النوم فنام ثم استل من جانبه الأيسر ضلعا أقصر فخلق منه حواء بالمد فخرجت منه كما تخرج النحلة من النواة أي بلا تألم وروى أنه لما استيقظ من نومه رآها بجنبه فأعجبته فمد يده إليها فقالت له الملائكة مه يا آدم حتى تؤدي مهرها قيل وما مهرها قيل تصلي على محمد عشرين مرة وروى ثلاث مرات وقال بعضهم: ينظر إلى شهوته فإن مال إلى النساء فذكر وإن مال إلى الرجال فأنثى (أو) (حصل) منه (حيض) ولو مرة (أو مني) من أحد فرجيه (فلا إشكال)
496 لاتضاح الحال. والحمد لله على كل حال والصلاة والسلام على أفضل صادق في الأقوال والافعال سيدنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بديع الجمال رفيع الجلال وعلى آله وأصحابه وعلى سائر العلماء والمجتهدين وعلى تابعيهم بإحسان إلى يوم الدين وعلى أشياخنا هداة الطالبين والحمد لله رب العالمين.
497 وقد تم هذا الشرح جمعا بعد عصر يوم الأربعاء الخامس والعشرين من شهر الله رجب المحرم سنة سبع وتسعين ومائة وألف هلالية من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى السلام