بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
الكتاب: حاشية رد المحتار المؤلف: ابن عابدين الجزء: 3 الوفاة: 1252 المجموعة: فقه المذهب الحنفي تحقيق: إشراف : مكتب البحوث والدراسات الطبعة: جديدة منقحة مصححة سنة الطبع: 1415 - 1995 م المطبعة: الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت - لبنان ردمك: ملاحظات: المكتبة التجارية - مصطفى أحمد الباز حاشية رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الابصار في فقه مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان لخاتمة المحققين محمد أمين الشهير بابن عابدين ويليه تكملة ابن عابدين لنجل المؤلف طبعة جديدة منقحة مصححة إشراف مكتب البحوث والدراسات الجزء الثالث دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
1 جميع حقوق إعادة الطبع محفوظة للناشر 1415 ه / 1995 م دار الفكر بيروت - لبنان دار الفكر: حارة حريك - شارع عبد النور - برقيا: فاكس - تلكس: 41391 فكر ص. ب 7061 / 11 - تلفون: 643681 - 8378053 - 837898 - دولي: 860962 فاكس: 2124187875 - 001
2 بسم الله الرحمن الرحيم كتاب النكاح ذكره عقب العبادات الأربع أركان الدين لأنه بالنسبة إليها كالبسيط إلى المركب، لأنه عبادة من وجه معاملة من وجه. وقدمه على الجهاد وإن اشتركا في أن كلا منهما سبب لوجود المسلم والإسلام، لأن ما يحصل بأنكحة أفراد المسلمين أضعاف ما يحصل بالقتال، فإن الغالب في الجهاد حصول القتل والذمة، على أن في كونه سببا لوجود المسلم تسامحا نظرا إلى أن تجدد الصغد بمنزلة تحدد الذات، وكذا على العتق والوقف والأضحية وإن كانت عبادات أيضا، لأنه أقرب إلى الأركان الأربع، حتى قالوا: إن الاشتعال به أفضل من التخلي لنوافل العبادات أي الاشتغال به، وما يشتمل عليه من القيام بمصالحه وإعفاف النفس عن الحرام وتربية الولد ونحو ذلك. قوله: (ليس لنا عبادة الخ كذا في الأشباه، وفيه نظر. أما أولا فإن كونه عبادة في الدنيا إنما هو لكونه سببا لكثرة المسلمين، ولما فيه من الإعفاف ونحو مما ذكرناه وهذا مفقود في الجنة بل ورد " أن أهل الجنة لا يكون لهم فيها ولد لكن ورد في حديت آخر المؤمن إذا اشتهى الولد في الجنة كان حمله ووضعه وسنة في ساعة واحدة كما يشتهي وهذا أولى لقول الترمذي إنه حديث حسن غريب. و. ما ثانيا فلأن الذكر والشكر في الجنة أكثر منهما في الدنيا، لأن حال العبد يصير كحال الملائكة الذين يسبحون الليل والنهار لا يفترون، غايته أن هذه العبادة ليست بتكليف بل هي مقتضى الزبع لأن خدمة الملوك لذة وشرف وتزداد بالقرب وتمامه في حاشية الحموي على الأشباه. قوله (عقد) العقد: مجموع إيجاب أحد المتكلمين مع قبول الآخر أو كلام الواحد القائم مقامهما أعني متولي الطرفين بحر، وفيه كلام يأتي. قوله: (أي حل استمتاع الرجل) أي المراد أنه عقد يفيد حكمه بحسب الوضع الشرعي. وفي البدائع: أن من أحكامه ملك المتعة، وهو اختصاص الزوج بمنافع بعضها وسائر أعضائها استمتاعا، أو ملك الذات والنفس في حق التمتع على اختلاف مشايخنا في ذلك ا ه... بحر. وعزا الدبوسي المعنى الأول إلى الشافعي، لكن كلام المصنف كالكنز صريح في اختياره. على أن الظاهر كما في النهر أن الخلف لفظي، لقول الدبوسي: إن هذا الملك ليس حقيقيا، بل في حكمه في حق تحليل الوطء دون ما سواه من الأحكام التي لا تتصل بحق الزوجية ا ه. فعلى القول الذي عزاه الدبوسي إلى أصحابنا من أنه ملك الذات ليس ملكا للذات حقيقة بل ملك التمتع بها: أي اختصاص الزوج به كما عبر به في البدائع أولى من تفسيره بالحل تبعا للبحر، لأن الاختصاص أقرب إلى معنى الملك لأن الملك نوع منه بخلاف الحل لأنه
3 لازم لملك المتعة وهو لازم لاختصاصها بالزوج شرعا أيضا، على أن ملك كل شئ بحسبه، فملك الزوج المتعة بالعقد ملك شرعي كملك المستأجر المنفعة بمن استأجره للخدمة مثلا، ولا يرد عليه قوله في البحر: إن المراد بالملك الحل لا الملك الشرعي: لأن المنكوحة لو وطئت بشبهة فمهرها ملكه البدل، وإنما يستلزمه ملك نفس البضع كما لو وطئت أمته كما لو وطئت أمته فإن العقد له لملكه نفس البضع، بخلاف الزوج، فافهم. تنبيه: كلام الشارح والبدائع يشير إلى أن الحق في للرجل لا للمرأة، كما ذكره السيد أبو السعود في حواشي مسكين، قال: يتفرع عليه ما ذكره الأبياري شارح الكنز في شرحه للجامع أن للزوج أن ينظر إلى فرج زوجه وحلقه دبرها بخلافها حيث لا تنظر إليه إذا منعها من النظر اه. ونقله ط وأقره. والظاهر أن المراد ليس لها إجبار على ذلك لا بمعنى أنه لا يحل لها إذا منعها منه، لأن من أحكام النكاح حل استمتاع كل منها بالآخر، نعم له وطؤها جبرا إذا امتنعت بلا مانع شرعي، وليس لها إجباره على الوطء بعد ما وطئها مرة وإن وجب عليه ديانة أحيانا على ما سيأتي. وتأمل. قوله (من امرأة الخ) من ابتدائية، والأولى أن يقول بامرأة والمراد بها المحققة أنوثتها بقرينة الاحتراز بها عن الخنثى، وهذا بيان لمحلية العقد. قال في البحر بعد نقله عن الفتح: العناية محله امرأة لم يمنع من نكاحها مانع شرعي فخرج الذكر للذكر والخنثى مطلقا والجنية للإنسي، ما كان من النساء محرما على التأبيد كالمحارم ا ه. وبه ظهر أن المراد بالنكاح في قوله لم يمنع من نكاحها العقد لا الوطء، لأن المراد بيان محلية العقد، ولذا احتراز بالمانع الشرعي عن المحارم، فالمراد منه المحرمية بنسب أو سبب كالمصاهرة والرضاع، وأما نحو الحيص والنفاس والإحرام والظهار قبل التكفير فهو مانع من حل الوطء لا من محلية العقد، فالهم. قوله: (فخرج الذكر والخنثى المشكل) أي أن إيراد العد عليهما لا يفيد ملك استمتاع الرجل بهما لعدم محليتهما له، وكذا على الخنثى لا مرأة أو لمثله، ففي البحر عن الزيلعي في كتاب الخنثى: لو زوجه أبوه أو مولاه امرأة أو رجلا لا يحكم بصحته حتى يتبين حاله أن رجل أو امرأة، فإذا ظهر أنه خلاف ما زوج به تبين أن العقد كان صحيحا وإلا فباطل لعدم مصادقة الحمل، وكذا إذا زوج خنثى من خنثى آخر لا يحكم بصحة النكاح حتى يظهر أن أحدهما ذكر والآخر أنثى ا ه. فلو قال الشارع والخنثى المشكل مطلقا لشمل الصور الثلاث، لكنه اقتصر على إفادة بعض أحكامه، ولى فيه إجمال، فافهم. قوله: (والوثنية) ساقط من بعض النسخ، ووجد في بعضها قبل قوله والخنثى الأولى ذكرها بعده لخروجها بالمانع الشرعي، وعبر بها تبعا لتعبير المصنف في فصل المحرومات الأولى التعبير بالمشركة كما عبر به الشارع هناك. قوله (والمحارم) هذا خارج بالمانع الشرعي أيضا، وكذا قوله والجنية وإنسان الماء بقرينة التعليل باختلاف الجنس، لأن قول تعالى (والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا) بين المراد من قوله (فانكحوا ما طاب لكم من النساء) وهو الأنثى من بنات آدم،
4 فلا يثبت حل غيرها بلا دليل غيرها بلا دلل ولأن الجن يتشكلون بصور شتى، فقد يكون ذكرا تشكل بشكل أنثى. وما قيل من أن من سأل عن جواز التزوج بها يصفح لجهلة وحماقته لعدم تصور ذلك بعيد، لأن التصور ممكن أن تشكلهم ثابت بالأحاديث والآثار و الحكايات الكثيرة، ولذا ثبت لنهي عن قتل بعض الحيات كما مر في مكروهات الصلاة على أن عدم تصور ذلك لا يدل على حماقة السائل كما بعض الحيات كما مر في مكروهات الصلاة على أن عدم تصور ذلك لا يدل على حماقة السائل كما قاله في الأشباه. وقال ألا ترى أن أبا الليث ذلك في فتاويه أن الكفارة لو تترسوا بنبي من الأنبياء هل يرمي؟ فقال: يسئل ذلك النبي ولا يتصور ذلك بعد رسول صلى الله عليه وآله وسلم، ولكن أجاب على تقدير التصور كذا هذا ا ه. وتمام ذلك في رسالتنا المسماة (سل الحسام الهندي لنصرة سيدنا خالد النقشبندي) تنبيه: في الأشباه في الأشباه عن السراجية لا تجوز المناكحة بين بني آدم والجن وإنسان الماء لاختلاف الجنس اه. ومفاد المفاعلة أن لا يجوز للجني أن يتزوج إنسية أيضا، وهو مفاد التعليل أيضا. قوله: (وأجاز الحسن) أي البصري رضي الله عنه، كما في البحر، والأولى التقييد به لإخراج الحسن بن زياد تلميذ الإمام رضي الله عنه، لأنه يتوهم من إطلاقه هنا أن رواية في المذهب وليس كذلك ط، لكنه نقل بعده عن شرح المنتثقى عن زواهر الجواهر: الأصح أن لا يصح نكاح آدمي، جنية، كعكسه لاختلاف الجنس، فكانوا كبقية الحيوانات اه. ويحتمل أن يكون مقابل الأصح قول الحسن المذكور. تأمل. قوله (قصدا) حال من ضمير يفيد ووقوع المصدر حالا وإن كثر سماعي ط. قوله: (كشراء أمة) فإن المقصود فيه ملك الرقبة وحل الاستمتاع ضمني، ولذا تخلف في شراء المحرمة نسبا أو رضاعا أو اشتراكا ح. قوله (للتسري) خصه بالذكر لأنه لو اشتراها لا للتسري كان حل الاستمتاع ضمنيا بالأولى، ولو قال ولو للتسري لكان أظهر، وكلام البحر يدل عليه حيث قال: وملك المتعة ثابت ضمنا وإن قصده المشتري ح. قوله: (وعند أهل الأصول واللغة الخ) حاصله: إن ما قدمه المصنف معنى عرفي للفقهاء وما ذكره معناه شرعا ولغة، لأن أهل الأصول يبحثون عن معنى النصوص الشرعية، فلا تنافى بين كلامي المصنف. قال في البحر: قد تساوى في هذا المعنى اللغة والشرع. أفاده ط. قوله: (مجازا في العقد) وقيل بالعكس ونسبه الأصوليون إلى الشافعي رضي الله عنه، وقيل مشترك لفظي فيهما، وقيل موضوع للضم الصادق بالعقد والوطء فهو مشترك معنوي، وبه صرح مشايخنا أيضا. بحر اه. والصحيح أن حقيقة في الوطء كما في شرح التحرير. قوله: (مجردا عن القرائن) أي محتملا للمعنى الحقيقي والمجازي بلا مرجع خارج، وقوله: يراد الوطء أي لأن المجاز خلف عن الحقيقة فترجع عليه في نفسها. قوله (فتحرم مزينة الأب على الابن) أي على فروعه فتكون حرمتها عليهم ثابته بالنص، وأما حرمة التي عقد عليها عقدا صحيحا عليهم، فبالإجماع ولو بالعقد، بخلاف الأجنبية فيتعلق بالعقد، لأن لأن وطأها لما حرم عليه شرعا كانت الحقيقية مهجورة فتعين المجاز، كذا في والتحرير وشرحه. قوله: (بخلاف) حال
5 من ما الموصولة في قوله كما وقال ح: (ولا تنكحوا) النساء 22 أي حال كون مخالفا لقوله تعالى (حتى تنكح) البقرة 230 حيث لم يرد به الوطء بل أريد القعد لعد تجرده عن القرائن، بل وجدت فيه قرينة وهي استحالة الوطء منها لأن الوطء فعل وهي منفعلة لا فاعلة وهو معن قوله والمتصور الخ. قوله (لإستاده إليها) علة لما استفيد من المقام من أن المراد العقد، وأما اشتراط وطء المحل فمأخوذ من حديث العسيلة ط. قوله (إلا مجاز) قد يقال: إذا كان لا انفكاك في عن المجاز على التقديرين فما المرجح لأحد هما على الآخر؟ اه. ح: يعني أنه إن أريد بالنكاح في الآية الوطء كان مجازا عقليا لعدم تصور الفعل منها، وإن أريد به القعد كان مجازا لغويا لأنه حقيقة الوطء فحمل الآية على أحدهما ترجيح بلا مرجح، بل قد يقال: إن حملها على الوطء أنسب بالواقع، فإن المطلقة ثلاثا لا تحل بدون وطء المحلل، اللهم إلا أن يقال: المرجح كثرة الاستعمال ط. أقول: الظاهر أنه لا مانع هنا من إرادة كل منهما، لكن لما كان النزاع في أن النكاح حقيقة في الوطئ أو في العقد وكان الراجح عندنا الأول قالوا: إنه في هذه الآية مجاز لغوي، بمعنى العقد لكونه أصرح في الرد على القائل بأنه حقيقة فيه، ولو قيل: إنه مجاز عقلي في الاسناد لصح أيضا، كما يصح في قولك جرى النهر أن تجعله من المجاز في الاسناد، ولكن المشهور أنه مجاز لغوي بعلاقة الحالية والمحلية، على أنه ليس في كلام الشارح ما يمنع ذلك، لان قوله: والمتصور منها العقد لا الوطئ إلا مجازا يمكن حمله أيضا على أنه مجاز في الاسناد بقرينة قوله: لإسناده إليها أي إنه من إسناد الشئ إلى غير من هو له، وقوله: والمتصور الخ بيان لكون إسناده إليها غير حقيقي، فافهم. قوله: (عند التوقان) مصدر تاقت نفسه إلى كذا: إذا اشتاقت من باب طلب. بحر عن المغرب. وهو بالفتحات الثلاث كالميلان والسيلان، والمراد شدة الاشتياق كما في الزيلعي: أي بحيث يخاف الوقوع في الزنا لو لم يتزوج، إذ لا يلزم من الاشتياق إلى الجماع الخوف المذكور. بحر. قلت: وكذا فيما يظهر لو كان لا يمكنه منع نفسه عن النظر المحرم أو عن الاستمناء بالكف، فيجب التزوج وإن لم يخف الوقوع في الزنا. قوله: (فإن تيقن الزنا إلا به فرض) أي بأن كان لا يمكنه الاحتراز عن الزنا إلا به، لان ما لا يتوصل إلى ترك الحرام إلا به يكون فرضا. بحر. وفيه نظر، إذ الترك قد يكون بغير النكاح وهو التسري، وحينئذ فلا يلزم وجوبه إلا لو فرضنا المسألة بأنه ليس قادرا عليه. نهر. لكن قوله: لا يمكنه الاحتراز عنه إلا به، ظاهر في فرض المسألة في عدم قدرته على التسري، وكذا في عدم قدرته على الصوم المانع من الوقوع في الزنا، فلو قدر على شئ من ذلك لم يبق النكاح فرضا أو واجبا عينا، بل هو أو غيره مما يمنعه عن الوقوع في المحرم. قوله: (وهذا إن ملك المهر والنفقة) هذا الشرط راجع إلى القسمين: أعني الواجب والفرض، وزاد في البحر شرطا آخر فيهما وهو عدم خوف الجور: أي الظلم. قال: فإن تعارض خوف الوقوع في الزنا لو لم يتزوج وخوف الجور لو تزوج قدم الثاني فلا افتراض، بل يكره. أفاده الكمال في الفتح، ولعله لان الجور معصية متعلقة بالعباد، والمنع من الزنا من حقوق الله تعالى، وحق العبد مقدم عند التعارض لاحتياجه وغنى المولى تعالى اه. قلت: ومقتضاه الكراهة أيضا عند عدم ملك المهر والنفقة لأنهما حق العبد أيضا وإن خاف
6 الزنا، لكن يأتي أنه يندب الاستدانة له. قال في البحر: فإن الله ضامن له الأداء فلا يخاف الفقر إذا كان من نيته التحصين والتعفف اه. ومقتضاه أنه يجب إذا خاف الزنا وإن لم يملك المهر إذا قدر على استدانته، وهذا مناف للاشتراط المذكور، إلا أن يقال: الشرط ملك كل من المهر والنفقة ولو بالاستدانة، أو يقال: هذا في العاجز عن الكسب ومن ليس له جهة وفاء. وقدم الشارح في أول الحج أنه لو لم يحج حتى أتلف ماله وسعه أن يستقرض ويحج ولو غير قادر على وفائه، ويرجى أن لا يؤاخذه الله تعالى بذلك: أي لو ناويا وفاءه لو قدر كما قيده في الظهيرية اه. وقدمنا أن المراد عدم قدرته على الوفاء في الحال مع غلبة ظنه لو اجتهد قدر، وإلا فالأفضل عدمه، وينبغي حمل ما ذكر من ندب الاستدانة على ما ذكرنا من ظنه القدرة على الوفاء، وحينئذ فإذا كانت مندوبة عند أمنه من الوقوع في الزنا ينبغي وجوبها عند تيقن الزنا، بل ينبغي وجوبها حينئذ وإن لم يغلب على ظنه قدرة الوفاء. تأمل. مطلب: كثيرا ما يتساهل في إطلاق المستحب على السنة قوله: (سنة مؤكدة في الأصح) وهو محمل القول بالاستحباب، وكثيرا ما يتساهل في إطلاق المستحب على السنة. وقيل: فرض كفاية، وقيل واجب كفاية وتمامه في الفتح، وقيل واجب عينا ورجحه في النهر كما يأتي. قال في البحر ودليل السنية حال الاعتدال، الاقتداء بحاله (ص) في نفسه ورده على من أراد من أمته التخلي للعبادة كما في الصحيحين ردا بليغا بقوله: فمن رغب عن سنتي فليس مني كما أوضحه في الفتح اه. وهو أفضل من الاشتغال بتعلم وتعليم كما في درر البحار، وقدمنا أنه أفضل من التخلي للنوافل. قوله: (فيأثم بتركه) لأن الصحيح أن ترك المؤكدة مؤثم كما علم في الصلاة. بحر. وقدمنا في سنن الصلاة أن اللاحق بتركها إثم يسير، وأن المراد الترك مع الاصرار، وبهذا فارقت المؤكدة الواجب، وإن كان مقتضى كلام البدائع في الإمامة أنه لا فرق بينهما إلا في العبارة. قوله: (ويثاب إن نوى تحصينا) أي منع نفسه ونفسها عن الحرام، وكذا لو نوى مجرد الاتباع وامتثال الامر، بخلاف ما لو نوى مجرد قضاء الشهوة واللذة. قوله: (أي القدرة على وطئ) أي الاعتدال في التوقان أن لا يكون بالمعنى المار في الواجب والفرض وهو شدة الاشتياق، وأن لا يكون في غاية الفتور كالعنين، ولذا فسره في شرحه على الملتقى بأن يكون بين الفتور والشوق، وزاد المهر والنفقة لان العجز عنهما يسقط الفرض فيسقط السنية بالأولى، وفي البحر: والمراد حالة القدرة على الوطئ والمهر والنفقة مع عدم الخوف من الزنا والجور وترك الفرائض والسنن، فلو لم يقدر على واحد من الثلاثة أو خاف واحدا من الثلاثة: أي الأخيرة فليس معتدلا فلا يكون سنة في حقه، كما أفاده في البدائع اه. قوله: (للمواظبة عليه والانكار الخ) فإن المواظبة المقترنة بالانكار على الترك دليل الوجوب، وأجاب الرحمتي بأن الحديث ليس فيه الانكار على التارك بل على الراغب عنه، ولا شك أن الراغب عن السنة محل الانكار. قوله: (ومكروها) أي تحريما. بحر. قوله: (فإن تيقنه) أي تيقن الجور حرم، لان النكاح إنما شرع لمصلحة تحصين
7 النفس، وتحصيل الثواب، وبالجور يأثم ويرتكب المحرمات فتنعدم المصالح لرجحان هذه المفاسد. بحر. وترك الشارح قسما سادسا ذكره في البحر عن المجتبى وهو الإباحة إن خاف العجز عن الايفاء بموجبه اه. أي خوفا غير راجح، وإلا كان مكروها تحريما، لأن عدم الجور من واجبه، والظاهر أنه إذا لم يقصد إقامة السنة بل قصد مجرد التوصل إلى قضاء الشهوة ولم يخف شيئا لم يثب عليه، إذ لا ثواب إلا بالنية فيكون مباحا أيضا كالوطئ لقضاء الشهوة، لكن لما قيل له (ص): إن أحدنا يقضي شهوته فكيف يثاب؟ فقال (ص) ما معناه: أرأيت لو وضعها في محرم أما كان يعاقب فيفيد الثواب مطلقا، إلا أن يقال: المراد في الحديث قضاء الشهوة لأجل تحصين النفس، وقد صرح في الأشباه بأن النكاح سنة مؤكدة، فيحتاج إلى النية، وأشار بالفاء إلى توقف كونه سنة على النية، ثم قال: وأما المباحات فتختلف صفتها باعتبار ما قصدت لأجله، فإذا قصد بها التقوى على الطاعات أو التوصل إليها كانت عبادة كالأكل والنوم واكتساب المال والوطئ اه. ثم رأيت في الفتح قال: وقد ذكرنا أنه إذا لم يقترن بنية كان مباحا، لان المقصود منه حينئذ مجرد قضاء الشهوة ومبنى العبادة على خلافه. وأقول: بل فيه فضل من جهة أنه كان متمكنا من قضائها بغير الطريق المشروع، فالعدول إليه مع ما يعلمه من أنه قد يستلزم إثقالا فيه قصد ترك المعصية اه. قوله: (ويندب إعلانه أي إظهاره، والضمير راجع إلى النكاح بمعنى العقد، لحديث الترمذي: أعلنوا هذا النكاح واجعلوه في المساجد واضربوا عليه بالدفوف فتح. قوله: (وتقديم خطبة) بضم الخاء ما يذكر قبل إجراء العقد من الحمد والتشهد، وأما بكسرها فهي طلب التزوج، وأطلق الخطبة فأفاد أنها لا تتعين بألفاظ مخصوصة، وإن خطب بما ورد فهو أحسن، ومنه ما ذكره ط عن صاحب الحصن الحصين من لفظه عليه الصلاة والسلام وهو الحمد لله نحمده ونستعين به ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، * () * * (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) *. * (إلى قوله:) * اه. قوله: (في مسجد) للامر به في الحديث ط. قوله: (يوم جمعة) أي وكونه يوم جمعة. فتح. تنبيه: قال في البزازية: والبناء والنكاح بين العيدين جائز وكره الزفاف، والمختار أنه يكره لأنه عليه الصلاة والسلام تزوج بالصديقة في شوال وبنى بها فيه، وتأويل قوله عليه الصلاة والسلام: لا نكاح بين العيدين إن صح أنه عليه الصلاة والسلام كان رجع عن صلاة العيد في أقصر أيام الشتاء يوم الجمعة، فقاله حتى لا يفوته الرواح في الوقت الأفضل إلى الجمعة اه. قوله: (بعاقد رشيد وشهود عدول) فلا ينبغي أن يعقد مع المرأة بلا أحد من عصبتها، ولا مع عصبة فاسق، ولا عند شهود غير عدول خروجا من خلاف الإمام الشافعي. قوله: (والاستدانة له) لان ضمان ذلك على الله تعالى، فقد روى الترمذي والنسائي وابن ماجة: ثلاث حق على الله تعالى عونهم: المكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف، والمجاهد في سبيل الله تعالى ذكره بعض المحشين
8 وتقدم تمام الكلام على ذلك. قوله: (والنظر إليها قبله) أي وإن خاف الشهوة كما صرحوا به في الحظر والإباحة، وهذا إذا علم أنه يجاب في نكاحها. قوله: (دونه سنا) لئلا يسرع عقمها فلا تلد. قوله: (وحسبا) هو ما تعده من مفاخر آبائك. ح عن القاموس: أي بأن يكون الأصول أصحاب شرف وكرم وديانة، لأنها إذا كانت دونه في ذلك، وكذا في العز: أي الجاه والرفعة، وفي المال تنقاد له، ولا تحتقره وإلا ترفعت عليه. وفي الفتح: روى الطبراني عن أنس عنه (ص): من تزوج امرأة لعزها لم يزده الله إلا ذلا، ومن تزوجها لمالها لم يزده الله إلا فقرا، ومن تزوجها لحسبها لم يزده الله إلا دناءة، ومن تزوج امرأة لم يرد بها إلا أن يغض بصره ويحصن فرجه أو يصل رحمه بارك الله له فيها وبارك لها فيه. تتمة: زاد في البحر: ويختار أيسر النساء خطبة ومؤنة، ونكاح البكر أحسن للحديث: عليكم بالابكار فإنهن أعذب أفواها، وأنقى أرحاما، وأرضى باليسير ولا يتزوج طويلة مهزولة، ولا قصيرة دميمة، ولا مكثرة، ولا سيئة الخلق، ولا ذات الولد، ولا مسنة للحديث: سوداء ولود خير من حسناء عقيم ولا يتزوج الأمة مع طول الحرة ولا زانية، والمرأة تختار الزوج الدين الحسن الخلق الجواد الموسر، ولا تتزوج فاسقا، ولا يزوج ابنته الشابة شيخا كبيرا ولا رجلا دميما ويزوجها كفؤا، فإن خطبها الكفء لا يؤخرها، وهو كل مسلم تقي، وتحلية البنات بالحلي والحلل ليرغب فيهن الرجال سنة، ولا يخطب مخطوبة غيره لأنه جفاء وخيانة اه. قوله: (وهل يكره الزفاف) هو بالكسر ككتاب إهداء المرأة إلى زوجها. قاموس. والمراد به هنا اجتماع النساء لذلك لأنه لازم له عرفا: أفاده الرحمتي. قوله: (المختار لا الخ) كذا في الفتح مستدلا له بما مر من حديث الترمذي وما رواه البخاري عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: زففنا امرأة إلى رجل من الأنصار، فقال النبي (ص): أما يكون معهم لهو، فإن الأنصار يعجبهم اللهو وروى الترمذي والنسائي عنه (ص): فصل ما بين الحلال والحرام الدف والصوت وقال الفقهاء: المراد بالدف ما لا جلاجل له اه. وفي البحر عن الذخيرة: ضرب الدف في العرس مختلف فيه. وكذا اختلفوا في الغناء في العرس والوليمة، فمنهم من قال بعدم كراهته كضرب الدف اه. قوله: (وينعقد) قال في شرح الوقاية: العقد ربط أجزاء التصرف: أي الايجاب والقبول شرعا، لكن هنا أريد بالعقد الحاصل بالمصدر، وهو الارتباط، لكن النكاح الايجاب والقبول مع ذلك الارتباط، إنما قلنا هذا لان الشرع يعتبر الايجاب والقبول أركان عقد النكاح، لا أمورا خارجية كالشرائط، وقد ذكرت في شرح التنقيح في فصل النهي أن الشرع يحكم بأن الايجاب والقبول الموجودين حسا يرتبطان ارتباطا حكميا، فيحصل معنى شرعي يكون ملك المشتري أثرا له فذلك المعنى هو البيع، فالمراد بذلك المعنى: المجموع المركب من الايجاب والقبول مع ذلك الارتباط للشئ، لا أن البيع مجرد ذلك المعنى الشرعي والايجاب والقبول آلة له كما توهم البعض، لان كونهما أركانا ينافي ذلك اه: أي ينافي كونهما آلة، وأشار الشارح إلى ذلك حيث جعل الباء للملابسة كما في بنيت البيت بالحجر لا للاستعانة، كما في كتبت بالقلم. والحاصل أن النكاح والبيع ونحوهما وإن كانت توجد حسا بالايجاب والقبول، لكن وصفها بكونها عقودا مخصوصة بأركان وشرائط يترتب عليها أحكام، وتنتفي تلك العقود بانتفائها وجود
9 شرعي زائد على الحسي، فليس العقد الشرعي مجرد الايجاب والقبول ولا الارتباط وحده بل هو مجموع الثلاثة، وعليه فقوله: وينعقد أي النكاح: أي يثبت ويحصل انعقاده بالايجاب والقبول. قوله: (من أحدهما) أشار إلى أن المتقدم من كلام العاقدين إيجاب سواء كان المتقدم كلام الزوج، أو كلام الزوجة المتأخر قبول. ح عن المنح فلا يتصور تقديم القبول، فقوله تزوجت ابنتك: إيجاب، وقول الآخر زوجتكها: قبول، خلافا لمن قال: إنه من تقديم القبول على الايجاب، وتمام تحقيقه في الفتح. قوله: (لان الماضي الخ) قال في البحر: وإنما اختير لفظ الماضي لان واضع اللغة لم يضع للانشاء لفظا خاصا، وإنما عرف الانشاء بالشرع، واختيار لفظ الماضي لدلالته على التحقيق والثبوت دون المستقبل اه. وقوله على التحقيق أي تحقيق وقوع الحدث. قوله: (كزوجت نفسي الخ) أشار إلى عدم الفرق بين أن يكون الموجب أصيلا أو وليا أو وكيلا، وقوله منك بفتح الكاف، وليس مراده استقصاء الألفاظ التي تصلح للايجاب، حتى يرد عليه أن مثل بنتي ابني، ومثل موكلتي موكلي، وأنه كان عليه أن يقول بعد قوله منك بفتح الكاف وكسرها: أو من موليتك أو من موكلتك بفتح الكاف وكسرها أيضا ليعم الاحتمالات، فافهم. قوله: (ويقول الآخر تزوجت) أي أو قبلت لنفسي أو لموكلي أو ابني أو موكلتي ط. قوله: (فالأول) أي الموضع للاستقبال. قوله: نفسك بكسر الكاف مفعول زوجيني أو بفتحها مفعول زوجني ففيه حذف مفعول أحد الفعلين، ولو حذفه لشمل الولي والوكيل أيضا. أفاده ح. قوله: (أو كوني امرأتي) ومثله كوني امرأة ابني أو امرأة موكلي، وكذا كن زوجي أو كن زوج ابنتي أو زوج موكلتي. أفاده ح. قوله: (فإنه ليس بإيجاب) الفاء فصيحة: أي إذا عرفت أن قوله بما وضع معطوف على قوله بإيجاب وقبول وعرفت أيضا أن العطف يقتضي المغايرة عرفت أن لفظ الامر ليس بإيجاب، لكن هذا يقتضي أن قول الآخر زوجت في هذه الصورة ليس بقبول، وهو كذلك: أي ليس بقبول محض، بل هو لفظ قام مقام الايجاب والقبول كما ذكره الشارح. ويرد عليه أن عطف الحال على الاستقبال يقتضي أن نحو قوله أتزوجك ليس بإيجاب، وأن قولها قبلت مجيبة له ليس بقبول مع أنهما إيجاب وقبول قطعا ح. قوله: ( بل هو توكيل ضمني) أي إن قوله زوجني توكيل بالنكاح للمأمور معنى، ولو صرح بالتوكيل وقال: وكلتك بأن تزوجني نفسك مني، فقالت زوجت، صح النكاح فكذا هنا غاية البيان، وأشار بقوله ضمني إلى الجواب عما أورد عليه من أنه لو كان توكيلا لما اقتصر على المجلس، مع أنه يقتصر. وتوضيح الجواب كما أفاده الرحمتي: أن المتضمن بالفتح لا تعتبر شروطه، بل شروط المتضمن بالكسر والامر طلب للنكاح فيشترط فيه شروط النكاح من اتحاد المجلس في ركنية لا شروط ما في ضمنه من الوكالة، كما في أعتق عبدك عني بألف لما كان البيع فيه ضمنيا لم يشترط فيه الايجاب والقبول لعدم اشتراطهما في العتق، لان الملك في الاعتاق شرط، وهو تبع للمقتضي وهو العتق، إذ الشرط اتباع، فلذا ثبت البيع المقتضي بالفتح بشروط المقتضي بالكسر، وهو
10 العتق، لا بشروط نفسه إظهارا للتبعية فسقط القبول الذي هو ركن البيع، ولا يثبت فيه خيار الرؤية والعيب، ولا يشترط كونه مقدور التسليم كما ذكره في المنح في آخر نكاح الرقيق. قوله: (فإذا قال) أي المأمور بالتزويج. قوله: (أو بالسمع والطاعة) متعلق بمحذوف دل عليه المذكور: أي زوجت أو قبلت ملتبسا بالسمع والطاعة لأمرك، ولا يحصل السمع والطاعة لامره إلا بتقدير الجواب ماضيا مرادا به الانشاء ليتم شرط العقد بكون أحدهما للمضي. قوله: (بزازية) نص عبارتها: قال زوجي نفسك مني فقالت: بالسمع والطاعة صح اه. ونقل هذا الفرع في البحر عن النوازل، ونقله في موضع آخر عن الخلاصة، فافهم. قوله: (وقيل هو إيجاب) مقابل القول الأول بأنه توكيل، ومشى على الأول في الهداية والمجمع ونسبه في الفتح إلى المحققين، وعلى الثاني ظاهر الكنز، واعترضه في الدرر بأنه مخالف لكلامهم. وأجاب في البحر والنهر بأنه صرح به في الخلاصة والخانية. قال في الخانية: ولفظ الامر في النكاح إيجاب، وكذا في الخلع والطلاق والكفالة والهبة اه. قال في الفتح: وهو أحسن لان الايجاب ليس إلا اللفظ المفيد قصد تحقق المعنى أو لا، وهو صادق على لفظ الامر، ثم قال: والظاهر أنه لا بد من اعتبار كونه توكيلا، وإلا بقي طلب الفرق بين النكاح والبيع حيث لا يتم بقوله بعنيه بكذا فيقول بعت بلا جواب، لكن ذكر في البحر عن بيوع الفتح الفرق بأن النكاح لا يدخله المساومة، لأنه لا يكون إلا بعد مقدمات ومراجعات، فكان للتحقيق بخلاف البيع. وأورد في البحر على كونه إيجابا ما في الخلاصة: لو قال الوكيل بالنكاح: هب ابنتك لفلان فقال الأب: وهبت لا ينعقد النكاح ما لم يقل الوكيل بعده قبلت، لان الوكيل لا يملك التوكيل، وما في الظهيرية لو قال: هب ابنتك لابني، فقال وهبت، لم يصح ما لم يقل أبو الصبي قبلت، ثم أجاب بقوله إلا أن يقال بأنه مفرع على القول بأنه توكيل لا إيجاب، وحينئذ تظهر ثمرة الاختلاف بين القولين لكنه متوقف على النقل. وصرح في الفتح بأنه على القول بأن الامر توكيل يكون تمام العقد بالمجيب، وعلى القول بأنه إيجاب يكون تمام العقد قائما بهما اه. أي فلا يلزم على القول بأنه توكيل قول الآمر قبلت، فهذا مخالف للجواب المذكور، وكذا يخالفه تعليل الخلاصة بأنه ليس للوكيل أن يوكل، نعم ما في الظهيرية مؤيد للجواب، لكن قال في النهر: إن ما في الظهيرية مشكل، إذ لا يصح تفريعه على أن الامر إيجاب كما هو ظاهر، ولا على أنه توكيل لما أنه يجوز للأب أن يوكل بنكاح ابنه الصغير، إذ بتقديره يكون تمام العقد بالمجيب غير متوقف على قبول الأب، وبه اندفع ما في البحر من أنه مفرع على أنه توكيل اه. لكن قال العلامة المقدسي في شرحه: إنما توقف الانعقاد على القبول في قول الأب أو الوكيل: هب ابنتك لفلان أو لابني أو أعطها مثلا، لأنه ظاهر في الطلب وأنه مستقبل لم يرد به الحال والتحقيق، فلم يتم له العقد، بخلاف زوجني ابنتك بكذا بعد الخطبة ونحوها فإنه ظاهر في التحقيق والاثبات الذي هو معنى الايجاب ا ه. فتأمل هذا وفي البحر أنه يبتنى على القول بأنه توكيل أنه لا يشترط سماع الشاهدين للامر، لأنه لا يشترط الاشهاد على التوكيل، وعلى القول الآخر يشترط. ثم ذكر عن المعراج ما يفيد الاشتراط مطلقا وهو إن زوجني وإن كان توكيلا، لكن لما لم يعمل زوجت بدونه نزل منزلة شرط العقد. ثم ذكر عن الظهيرية ما يدل على خلافه، وهو ما يذكره الشارع قريبا من مسألة العقد بالكتابة، ويأتي بيانه. قوله: (والثاني) أي ما
11 وضع للحال المضارع وهو الأصح عندنا، ففي قوله كل مملوك أملكه فهو حر يعتق ما في ملكه في الحال، لا ما يملكه بعد إلا بالنية، وعلى القول بأنه حقيقة في الاستقبال، فقوله أتزوجك ينعقد به النكاح أيضا لأنه يحتمل الحال كما في كلمة الشهادة، وقد أراد به التحقيق لا المساومة بدلالة الخطبة والمقدمات، بخلاف البيع كما في البحر عن المحيط. والحاصل أنه إذا كان حقيقة في الحال فلا كلام في صحة الانعقاد به، وكذا إذا كان حقيقة في الاستقبال لقيام القرينة على إرادة الحال، ومقتضاه أنه لو ادعى إرادة لاستقبال والوعد لا يصدق بعد تمام العقد بالقبول، ويأتي قريبا ما يؤيده. قوله: (المبدوء بهمزة) كأتزوجك بفتح الكاف وكسرها ح. قوله: (أو نون) ذكره في النهر) بحثا حيث قال: ولم يذكروا المضارع المبدوء بالنون كنتزوجك أو نزوجك من ابني وينبغي أن يكون كالمبدوء بالهمزة ا ه. قوله: (كتزوجيني) بضم التاء ونفسك بكسر الكاف، ومثله تزوجني نفسك بضم التاء خطابا للمذكر فالكاف مفتوحة. قوله: (إذا لم ينو الاستقبال) أي الإستيعاد: أي طلب الوعد، وهذا قيد في الأخير فقط كما في البحر وغيره. وعبارة الفتح: لما علمنا أن الملاحظة من جهة الشرع في ثبوت الانعقاد ولزوم حكمه جانب الرضا عدينا حكمه إلى كل لفظ يفيد ذلك بلا احتمال مساو للطرف الآخر فقلنا: لو قال بالمضارع ذي الهمزة أتزوجك فقالت: زوجت نفسي انعقد، وفي المبدوء بالتاء تزوجني بنتك فقال فعلت عند عدم قصد الإستيعاد لأنه يتحقق فيه هذا الاحتمال، بخلاف الأول لأنه لا يستخبر نفسه عن الوعد، وإذا كان كذلك والنكاح مما لا يجري فيه المساومة كان للتحقيق في الحال فانعقد به لا باعتبار وضعه للانشاء، بل باعتبار استعماله في غرض تحقيقه، واستفادة الرضا منه حتى قلنا: لو صرح بالاستفهام اعتبر فهم الحال. قال في شرح الطحاوي: لو قال هل أعطيتنيها فقال: أعطيت إن كان المجلس للوعد فوعد وإن كان للعقد فنكاح ا ه. قال الرحمتي: فعلمنا أن العبرة لما يظهر من كلامهما لا لنيتهما، ألا ترى أنه ينعقد مع الهزل والهازل لم ينو النكاح، وإنما صحت نية الاستقبال في المبدوء بالتاء لان تقدير حرف الاستفهام فيه شائع كثير في العربية ا ه. وبه علم أن المبدوء بالهمزة كما لا يصح فيه الإستيعاد لا يصح فيه الوعد بالتزوج في المستقبل عند قيام القرينة على قصد التحقيق والرضا كما قلناه آنفا، فافهم. قوله: وكذا أنا متزوجك) ذكره في الفتح بحثا حيث قال: والانعقاد بقوله أنا متزوجك ينبغي أن يكون كالمضارع المبدوء بالهمزة سواء ا ه. قال ح: لان متزوج اسم فاعل وهو موضوع لذات قام بها الحدث وتحقق في وقت التكلم فكان دالا على الحال وإن كانت دلالته عليه التزامية. قوله: (أو جئتك خاطبا) قال في الفتح: ولو قال باسم الفاعل كجئتك خاطبا بابنتك أو لتزوجني ابنتك فقال الأب زوجتك فالنكاح لازم، وليس للخاطب أن لا يقبل لعدم جريان المساومة فيه ا ه. قال ح: فإن قلت: إن الايجاب والقبول في هذا ماضيان فلا معنى لذكره هنا: قلت: المعتبر قوله خاطبا لا قوله جئتك لأنه لا ينعقد به النكاح ولا دخل له فيه. قوله: (لعدم جريان المساومة في النكاح) احترز به عن البيع، فلو قال أنا مشتر أو جئتك مشتريا لا ينعقد البيع لجريان المساومة فيه ط. قوله: (أن المجلس للنكاح) أي لانشاء عقده لأنه يفهم منه التحقيق في الحال،
12 فإذا قال الآخر أعطيتكها أو فعلت لزم وليس للأول أن لا يقبل. قوله: (انعقد على المذهب) صوابه لم ينعقد، فقد صرح في البحر عن الصيرفية بأن الانعقاد خلاف ظاهر الرواية، ومثله في النهر، وكذا في شرح المقدسي عن فوائد تاج الشريعة. وفي التاترخانية قال لامرأة بمحضر من الرجال: يا عروسي قالت: لبيك فنكاح، قال القاضي بديع الدين: إنه خلاف ظاهر الرواية. قوله: (فلا ينعقد الخ) تفريع على ما تقدم من انعقاده بلفظين الخ ح. قوله: (كقبض مهر) قال في البحر): وهل يكون القبول بالفعل كالقبول باللفظ كما في البيع؟ قال في البزازية: أجاب صاحب البداية في امرأة زوجت نفسها بألف من رجل عند الشهود، فلم يقل الزوج شيئا لكن أعطاها المهر في المجلس أنه يكون قبولا، وأنكره صاحب المحيط، وقال الامام ما لم يقل بلسانه قبلت بخلاف البيع لأنه ينعقد بالتعاطي والنكاح لخطره لا ينعقد حتى يتوقف على الشهود، وبخلاف إجازة نكاح الفضولي بالفعل لوجود القول ثمة ا ه. ح. قوله: (ولا بتعاط) تكرار مع قوله بالفعل كقبض مهر وكل منهما تكرار مع قول المتن الآتي ولا بتعاط فإن مسألة قبض المهر التي قدمنا نقلها عن البحر بعينها شرح بها المصنف قوله ولا بتعاط ح. مطلب: التزوج بإرسال كتاب قوله: (ولا بكتابة حاضر) فلو كتب تزوجتك فكتبت قبلت لم ينعقد. بحر. والأظهر أن يقول: فقالت قبلت الخ، إذ الكتابة من الطرفين بلا قول لا تكفي ولو في الغيبة. تأمل. قوله: (بل غائب) الظاهر أن المراد به الغائب عن المجلس وإن كان حاضرا في البلد ط. قوله: (فتح) فإنه قال: ينعقد النكاح بالكتاب كما ينعقد بالخطاب. وصورته: أن يكتب إليها يخطبها، فإذا بلغها الكتاب أحضرت الشهود وقرأته عليهم وقالت: زوجت نفسي منه، أو تقول إن فلانا كتب إلي يخطبني فاشهدوا أني زوجت نفسي منه، أما لو لم تقل بحضرتهم سوى زوجت نفسي من فلان لا ينعقد، لان سماع الشطرين شرط صحة النكاح، وبإسماعهم الكتاب أو التعبير عنه منها قد سمعوا الشطرين، بخلاف ما إذا انتفيا. قال في المصفى: هذا: أي الخلاف إذا كان الكتاب بلفظ التزوج، أما إذا كان بلفظ الامر كقوله زوجي نفسك مني لا يشترط إعلامها الشهود بما في الكتاب لأنها تتولى طرفي العقد بحكم الوكالة، ونقله عن الكامل، وما نقله من نفي الخلاف في صورة الامر لا شبهة فيه على قول المصنف والمحققين، أما على قول من جعل لفظة الامر إيجابا كقاضيخان على ما نقلناه عنه فيجب إعلامها إياهم ما في الكتاب ا ه. وقوله: لا شبهة فيه الخ، قال الرحمتي: فيه مناقشة لما تقدم أن من قال: إنه توكيل يقول توكيل ضمني فيثبت بشروط ما تضمنه وهو الايجاب كما قدمناه، ومن شروطه سماع الشهود فينبغي اشتراط السماع هنا على القولين، إلا أن يقال: قد وجد النص هنا على أنه لا يجب فيرجع إليه ا ه. تنبيه: لو جاء الزوج بالكتاب إلى الشهود مختوما فقال: هذا كتابي إلى فلانة فاشهدوا على ذلك لم يجز في قول أبي حنيفة حتى يعلم الشهود ما فيه، وعند أبي يوسف: يجوز، وفائدة هذا
13 الخلاف فيما إذا جحد الزوج الكتاب بعد العقد فشهدوا بأنه كتابه ولم يشهدوا بها فيه لا تقبل ولا يقضى بالنكاح. وعند أبي يوسف: تقبل ويقضى به. أما الكتاب فصحيح بلا إشهاد، وإنما الاشهاد لتمكن المرأة من إثبات الكتاب إذا جحده الزوج كما في الفتح عن مبسوط شيخ الاسلام. قوله: (ولا بالاقرار) لا ينافيه ما صرحوا به أن النكاح يثبت بالتصادق، لان المراد هنا أن الاقرار لا يكون من صيغ العقد، والمراد من قولهم: إنه يثبت بالتصادق، أن القاضي يثبته به: أي بالتصادق ويحكم به أبو السعود عن الحانوتي. قوله: (كما يصح بلفظ الجعل) أي بأن قال الشهود: جعلتما هذا نكاحا، فقالا: نعم، فينعقد لان النكاح ينعقد بالجعل، حتى لو قالت: جعلت نفسي زوجة لك فقبل تم. فتح. ومقتضى التشبيه في عبارة الشارح أن هذا صحيح على القولين، وهو ظاهر. قوله: (وجعل) ماض مبني للمجهول معطوف على صح. قوله: (ذخيرة) فإنه قال: ذكر في صلح الأصل: ادعى رجل قبل امرأة نكاحا فجحدت فصالحها على مائة على أن تقر بذلك فأقرت فهذا الاقرار منها جائز والمال لازم، وهذا الاقرار بمنزلة إنشاء النكاح لأنه مقرون بالعوض، فهو عبارة عن تمليك مبتدأ في الحال، فأن كان بمحضر من الشهود صح النكاح، وإلا فلا في الأصح ا ه ملخصا. وقال في الفتح: قال قاضيخان: وينبغي أن يكون الجواب على التفصيل إن أقرا بعقد ماض ولم يكن بينهما عقد لا يكون نكاحا، وإن أقر الرجل أنه زوجها وهي أنها زوجته يكون إنكاحا ويتضمن إقرارهما الانشاء، بخلاف إقرارهما بماض لأنه كذب، وهو كما قال أبو حنيفة: إذا قال لامرأته لست لي امرأة ونوى به الطلاق يقع، كأنه قال: لأني طلقتك، ولو قال: لم أكن تزوجتها ونوى الطلاق لا يقع، لأنه كذب محض ا ه: يعني إذا لم تقل الشهود جعلتما هذا نكاحا فالحق هذا التفصيل ا ه. قوله: (احتياطا) قال في البحر: وقولهم إن ذكر بعض ما لا يتجزأ كذكر كله كطلاق نصفها يقتضي الصحة، وقد ذكر في المبسوط في موضع جوازه إلا أن يقال: إن الفروج يحتاط فيها، فلا يكفي ذكر البعض لاجتماع ما يوجب الحل والحرمة في ذات واحدة فترجح الحرمة، كذا في الخانية ا ه. وما صححه في الخانية صححه في الظهيرية أيضا ونصه: ولو أضاف النكاح إلى نصف المرأة فيه روايتان، والصحيح أنه لا يصح ا ه. ثم راجعت نسخة أخرى من الظهيرية فرأيتها كذلك، فمن قال: إنه في الظهيرية صحح الصحة فكأنه سقط من نسخته لا النافية، فافهم. قوله: (أو ما يعبر به عن الكل) كالرأس والرقبة. بحر. قوله: (ورجحوا في الطلاق خلافه) قال في البحر: وقالوا الأصح أنه لو أضاف الطلاق إلى ظهرها وبطنها لا يقع، وكذا العتق، فلو أضاف النكاح إلى ظهرها وبطنها ذكر الحلواني: قال مشايخنا: الأشبه من مذهب أصحابنا أنه ينعقد النكاح، وذكر ركن الاسلام والسرخسي ما يدل على أنه لا ينعقد النكاح، كذا في الذخيرة ا ه. أقول: وقال في الذخيرة أيضا في كتاب الطلاق: وإن قال ظهرك طالق أو بطنك، قال السرخسي في شرحه: الأصح أن لا يقع، واستدل بمسألة ذكرها في الأصل إذا قال: ظهرك علي
14 كظهر أمي، أو بطنك علي كبطن أمي أنه لا يصير مظاهرا، وذكر الحلواني في شرحه الأشبه بمذهب أصحابنا أنه يقع الطلاق قال: وهو نظير ما قال مشايخنا فيما إذا أضيف عقد النكاح إلى ظهر المرأة أو إلى بطنها أن الأشبه بمذهب أصحابنا أنه ينعقد النكاح ا ه. قوله: (فيحتاج للفرق) كذا قال في النهر، لكن قد علمت مما نقلناه عن الذخيرة أولا وثانيا أن الحلواني الذي صحح انعقاد النكاح صحح وقوع الطلاق، وأن السرخسي الذي لم يصحح الانعقاد لم يصحح الوقوع بل صحح عدمه، على هذا فلا حاجة للفرق، وبه ظهر أن ما ذكره في البحر وتبعه الشارح قول ثالث ملفق عن القولين ولا يظهر وجهه. قوله: (كان) أي التسمية، وكذا ضمير قبله ح: أي وتذكير الضمير باعتبار المذكور، أو لان المراد بالتسمية المسمى: أي المهر. قوله: (فلو قبل الخ) قال في الفتح كامرأة قالت لرجل زوجت نفسي منك بمائة دينار فقبل أن تقول بمائة دينار قبل الزوج لا ينعقد، لان أول الكلام يتوقف على آخره إذا كان في آخره ما يغير أوله، وهنا كذلك فإن مجرد زوجت ينعقد بمهر المثل، وذكر المسمى معه يغير ذلك إلى تعين المذكور فلا يعمل قول الزوج قبله. قوله: (اتحاد المجلس) قال في البحر: فلو اختلف المجلس لم ينعقد، فلو أوجب أحدهما فقام الآخر أو اشتغل بعمل آخر بطل الايجاب، لان شرط الارتباط اتحاد الزمان، فجعل المجلس جامعا تيسيرا، وأما الفور فليس من شرطه، ولو عقدا وهما يمشيان أو يسيران على الدابة لا يجوز، وإن كان على سفينة سائرة جاز اه: أي لان السفينة في حكم مكان واحد. فرع: قال في المنية: قال زوجتك بنتي فسكت الخاطب فقال الصهر: أي أبو البنت: ادفع المهر فقال نعم فهو قبول، وقيل لا ط ا ه. وهذا يوهم أن عندنا قولا باشتراط الفور، وأن المختار عدمه. وأجاب في الفتح بأنه قد يكون منشأ هذا القول من جهة أنه كان متصفا بكونه خاطبا، فحيث سكت ولم يجب على الفور كان ظاهرا في رجوعه، فقوله نعم بعده لا يفيد بمفرده، لا لان الفور شرط مطلقا، والله سبحانه أعلم ا ه. قوله: (لو حاضرين) احترز به عن كتابة الغائب لما في البحر عن المحيط: الفرق بين الكتاب والخطاب أن في الخطاب لو قال: قبلت في مجلس آخر لم يجز، وفي الكتاب يجوز لان الكلام كما وجد تلاشى فلم يتصل الايجاب بالقبول في مجلس آخر. فأما الكتاب فقائم في مجلس آخر وقراءته بمنزلة خطاب الحاضر فاتصل الايجاب بالقبول فصح ا ه. ومقتضاه أن قراءة الكتاب في مجلس الآخر لا بد منها ليحصل الاتصال بين الايجاب والقبول، وحينئذ فاتحاد المجلس شرط في الكتاب أيضا، وإنما الفرق هو قيام الكتاب وإمكان قراءته ثانيا، فلو حذف قوله حاضرين كالنهر لكان أولى، والظاهر أنه لو كان مكان الكتاب رسول بالايجاب فلم تقبل المرأة ثم أعاد الرسول الايجاب في مجلس آخر فقبلت لم يصح، لان رسالته انتهت أولا، بخلاف الكتابة لبقائها. أفاده الرحمتي ا ه. قوله: (كقبلت النكاح لا المهر) تمثيل للمنفي: أي إذا قال تزوجتك بألف فقالت قبلت النكاح ولا أقبل المهر لا يصح، وإن كانت التسمية ليست من شروط صحة النكاح، لأنه إنما أوجب النكاح بذلك القدر المسمى، فلو صححنا قبولها يلزمه مهر
15 المثل ولم يرض به بل بما سمى فيلزمه ما لم يلتزمه، بخلاف ما إذا لم يسم من الأصل لان غرضه النكاح بمهر المثل حيث سكت عنه، ولو قالت قبلت ولم تزد على ذلك صح النكاح بما سمى، وتمامه في الفتح. قوله: (نعم يصح الحط الخ) أي إذا قال تزوجتك بألف فقلت قبلت بخمسمائة يصح، ويجعل كأنها قبلت الألف وحطت عنه خمسمائة. بحر. ولا يحتاج إلى القبول منه لان هذا إسقاط وإبراء بخلاف الزيادة كما لو قالت: زوجت نفسي منك بألف فقال الزوج قبلت بألفين صح النكاح بألف، إلا إن قبلت في المجلس فيصح بألفين على المفتى به كما في البحر، فصورة الحط من المرأة والزيادة من الزوج كما علمت، وهو كذلك في الذخيرة والخلاصة. وقال في النهر: بخلاف ما إذا زوجت نفسها منه بألف فقبله بألفين أو بخمسمائة صح، وتوقف قبول الزيادة على قبولها في المجلس على ما عليه الفتوى ا ه. وظاهره أنها أوجبت بألف وقبل الزوج بخمسمائة، وهو مشكل، فإن الحط ممن له الحق وهو المرأة لا ممن عليه، فالظاهر أنه مما خالف فيه القبول الايجاب فلا يصح. يحرر أفاده الرحمتي. قوله: (وأن لا يكون مضافا) كتزوجتك غدا ولا معلقا: أي على غير كائن، كتزوجتك إن قدم زيد، وقوله كما سيجئ أي الكلام على المضاف والمعلق قبيل باب الولي. قوله: (ولا المنكوحة مجهولة) فلو زوج بنته منه وله بنتان لا يصح إلا إذا كانت إحداهما متزوجة، فينصرف إلى الفارغة كما في البزازية نهر. وفي معناه ما إذا كانت إحداهما محرمة عليه فليراجع. رحمتي. وإطلاق قوله لا يصح دال على عدم الصحة، ولو جرت مقدمات الخطبة على واحدة منهما بعينها لتتميز المنكوحة عند الشهود فإنه لا بد منه. رملي. قلت: وظاهره أنها لو جرت المقدمات على معينة وتميزت عند الشهود أيضا يصح العقد، وهي واقعة الفتوى، لان المقصود نفي الجهالة، وذلك حاصل بتعينها عند العاقدين والشهود وإن لم يصرح باسمها، كما إذا كانت إحداهما متزوجة، ويؤيده ما سيأتي من أنها لو كانت غائبة وزوجها وكيلها: فإن عرفها الشهود وعلموا أنه أرادها كفى ذكر اسمها، وإلا لا بد من ذكر الأب والجد أيضا، ولا يخفى أن قوله زوجت بنتي وله بنتان أقل إبهاما من قول الوكيل زوجت فاطمة، ويأتي تمام ذلك عند قوله وحضور شاهدين حرين وعند قوله غلط وكيلها الخ. تنبيه: لم يذكر اشتراط تمييز الرجل من المرأة وقت العقد للخلاف، لما في النوازل في صغيرين قال أبو أحدهما زوجت بنتي هذه من ابنك هذا وقبل ثم ظهر الجارية غلاما والغلام جارية جاز ذلك، وقال العتابي: لا يجوز. بحر. قال الرملي: والأكثر على الأول. قلت: وبه علم أن زوجت وتزوجت يصلح من الجانبين، وبه صرح في الفتح عن المنية ومثله في البحر. قوله: (ولا يشترط الخ) أي فيما كان بلفظ تزويج ونكاح، بخلاف ما كان كناية لما يأتي من أنه لا بد فيه من نية أو قرينة وفهم الشهود، لكن قيد في الدرر عدم الاشتراط بما إذا علما أن هذا اللفظ ينعقد به النكاح: أي وإن لم يعلما حقيقة معناه. قال في الفتح: لو لقنت المرأة زوجت نفسي بالعربية ولا تعلم معناه وقبل والشهود يعلمون ذلك أو لا يعلمون صح كالطلاق، وقيل لا كالبيع، كذا في الخلاصة. ومثل هذا في جانب الرجل إذا لقنه ولا يعلم معناه، وهذه من جملة مسائل الطلاق، والعتاق، والتدبير، والنكاح، والخلع. فالثلاثة الأول واقعة في الحكم، ذكره في
16 عتاق الأصل في باب التدبير. وإذا عرف الجواب قال قاضيخان: ينبغي أن يكون النكاح كذلك، لان العلم بمضمون اللفظ إنما يعتبر لأجل القصد، فلا يشترط فيما يستوي فيه الجد والهزل، بخلاف البيع ونحوه. وأما في الخلع إذا لقنت اختلعت نفسي منك بمهري ونفقة عدتي فقالته ولا تعلم معناه ولا أنه لفظ خلع اختلفوا فيه: قيل لا يصح وهو الصحيح، قال القاضي: وينبغي أن يقع الطلاق ولا يسقط المهر ولا النفقة، وكذا لو لقنت أن تبرئه، وكذا المديون إذا لقن رب الدين لفظ الابراء لا يبرأ ا ه. قلت: وفي فهم الشهود اختلاف تصحيح كما سيأتي بيانه. قوله: (إذ لم يحتج لنية) بسكون ذال، إذ فالجملة تعليل لما قبلها وضمير يحتج لما. قوله: (به يفتى) صرح به في البزازية. وفي البحر أن ظاهر كلام التجنيس يفيد ترجيحه. قلت: وهو مقتضى كلام الفتح المار، وبه جزم في متن الملتقى والدرر والوقاية. وذكر الشارح في شرحه على الملتقى أنه اختلف التصحيح فيه. قوله: (وإنما يصح الخ) اعلم أن الصريح ينعقد به النكاح بلا خلاف وغيره على أربعة أقسام: قسم لا خلاف في الانعقاد به عندنا، بل الخلاف في خارج المذهب. وقسم فيه خلاف عندنا، والصحيح الانعقاد. وقسم فيه خلاف، والصحيح عدمه. وقسم لا خلاف في عدم الانعقاد به. فالأول ما سوى لفظي النكاح والتزويج من لفظ الهبة والصدقة والتمليك والجعل نحو جعلت بنتي لك بألف، والثاني نحو بعت نفسي منك بكذا أو ابنتي أو اشتريتك بكذا فقالت نعم، ونحو السلم والصرف والقرض والصلح. والثالث كالإجارة والوصية. والرابع كالإباحة والاحلال والإعارة والرهن والتمتع والإقالة والخلع. أفاده في الفتح. قوله: (وما عداهما كناية الخ) في هذا التركيب إخراج المتن عن مدلوله من التصريح بجوازه بهذه الألفاظ. وأورد عليه كيف صح بالكناية مع اشتراط الشهادة فيه والكناية لا بد فيها من النية، ولا اطلاع للشهود عليها. قال الزيلعي: قلنا ليست بشرط مع ذكر المهر، وذكر السرخسي أنها ليست بشرط مطلقا لعدم اللبس، ولان كلامنا فيما إذا صرحا به ولم يبق احتمال ا ه. وللمحقق ابن الهمام فيه بحث طويل يأتي بعضه قريبا. قوله: (هو كل لفظ الخ) أورد عليه في البحر أنه ينعقد بألفاظ غير ما ذكر مثل كوني امرأتي، وقولها عرستك نفسي، وقوله لمبانته راجعتك بكذا، وقولها له رددت نفسي عليك وقوله صرت لي أو صرت لك، وقوله ثبت حقي في منافع بضعك، وذكر ألفاظا أخر، وأنه ينعقد في الكل مع القبول، ثم أجاب بأن العبرة في العقود للمعاني حتى في النكاح كما صرحوا به، وهذه الألفاظ تؤدي معنى النكاح. وحاصله أن هذه الألفاظ داخلة في النكاح، لان المراد لفظه أو ما يؤدي معناه. تأمل. قوله: (وضع لتمليك عين) خرج ما لا يفيد التمليك أصلا كالرهن والوديعة، وما يفيد تمليك المنفعة كالإجارة والإعارة كما يأتي. قوله: (كاملة) صرح بمفهومه بقوله فلا يصح بالشركة قال في غاية البيان: وكذا: أي لا ينعقد بلفظ الشركة لأنه يفيد التمليك في البعض دون الكل، ولهذا لا يصح النكاح إذا قال زوجتك نصف جاريتي. قوله: (خرج الوصية غير المقيدة بالحال) بأن كانت مطلقة أو مضافة إلى ما بعد الموت. أما المقيدة بالحال نحو أوصيت لك ببضع ابنتي للحال بألف درهم
17 فجائز كما حققه في الفتح، وتبعه في المهر قائلا وارتضاه غير واحد. وخالفهم في البحر بأن المعتمد ما أطلقه الشارحون من عدم الجواز، لان الوصية مجاز عن التمليك، فلو انعقد بها لكان مجازا عن النكاح، والمجاز لا مجاز له كما في بيوع العناية ا ه. ونقل الرملي عن المقدسي أن قوله: إن المجاز لا مجاز له، مردود يعرف ذلك من طالع أساس البلاغة ا ه: أي كما قرروه في رأيت مشفر زيد من أنه مجاز بمرتبتين، وكذا في * (فأذاقها الله لباس الجوع والخوف) *. قلت: لكن قول المصنف كغيره، وما وضع لتمليك العين في الحال لا يشمل الوصية، لأنها موضوعة لتمليك العين بعد الموت، فإذا استعملت في تمليك العين في الحال كانت مجازا فلم يصح بها النكاح بناء على أنها لم توضع للتمليك في الحال لا بناء على أنها مجاز المجاز، اللهم إلا أن يجاب بأن قولهم وضع بمعنى استعمل فيشمل الحقيقة والمجاز، أو هو مبني على أن المجاز موضوع بالوضع النوعي كما أوضحه شارح التحرير في أول الفصل الخامس فتأمل. قوله: (كهبة) أي إذا كانت على وجه النكاح. واعلم أن المنكوحة إما أمة أو حرة، فإذا أضاف الهبة إلى الأمة بأن قال لرجل وهبت أمتي هذه منك: فإن كان الحال يدل على النكاح من إحضار شهود وتسمية المهر معجلا ومؤجلا ونحو ذلك ينصرف إلى النكاح، وإن لم يكن الحال دليلا على النكاح: فإن نوى النكاح وصدقه الموهوب له فكذلك ينصرف إلى النكاح بقرينة النية، وإن لم ينو ينصرف إلى ملك الرقبة، وإن أضيفت إلى الحرة فإنه ينعقد من غير هذه القرينة لأن عدم قبول المحل للمعنى الحقيقي، وهو الملك للحرة، يوجب الحمل على المجاز فهو القرينة، فإن قامت القرينة على عدمه لا ينعقد، فلو طلب من امرأة الزنى فقالت وهبت نفسي منك فقال الرجل قبلت لا يكون نكاحا، كقول أبي البنت وهبتها لك لتخدمك فقال قبلت، إلا إذا أراد به النكاح، كذا في البحر ط. قوله: (وقرض الخ) قال في النهر: وفي الصرف والقرض والصلح والرهن قولان، وينبغي ترجيح انعقاده بالصرف عملا بالكلية لما أنه يفيد ملك العين في الجملة (1) وبه يترجح ما في الصيرفية من تصحيح انعقاده بالقرض، وإن رجح في الكشف وغيره عدمه، وجزم السرخسي بانعقاده بالصلح والعطية ولم يحك الإتقاني غيره ا ه. وسيأتي الكلام على الرهن لكن قوله ولم يحك الإتقاني غيره سبق قلم، فإن الذي ذكره الإتقاني في غاية البيان أنه لا ينعقد بالصلح، وهكذا نقله عنه في البحر، وعزاه في الفتح إلى الأجناس ثم نقل كلام السرخسي. قلت: وينبغي التفصيل والتوفيق بأن يقال: إن جعلت المرأة بدل الصلح مثل أن يقول أبو البنت لدائنه مثلا صالحتك عن ألفك التي لك علي ببنتي هذه، وإن جعلت مصالحا عنها بأن قال: صالحتك عن بنتي بألف لا يصح، وعليه يحمل كلام غاية البيان بدليل أنه علله بقوله: لان الصلح حطيطة وإسقاط للحق ا ه. ولا يخفى أن الاسقاط إنما هو بالنسبة للمصالح عنه، والمقصود ملك المتعة من المرأة لا إسقاطه، فلذا لم يصح. أما بدل الصلح فالمقصود ملكه أيضا فيصح به ملك
(1) قوله: (لها انه يفيد ملك العين في الجملة) اي لان ما يثبت به انما هو ملك ما لا يتعين من النقد والمعقود عليه هنا متعين ا ه. 18 المتعة. هذا، ولم أر من تعرض للخلاف في العطية مثل قوله: هي لك عطية بكذا لأنه بمنزلة الهبة، وقد أفتى به في الخيرية. وأما لفظ أعطيتك بنتي بكذا كما هو الشائع عند الاعراب والفلاحين فيصح به العقد كما قدمناه عن الفتح عن شرح الطحاوي، ويقع كثيرا أنه يقول: جئتك خاطبا بنتك لنفسي فيقول أبوها هي جارية في مطبخك، فينبغي أن يصح إذا قصد العقد دون الوعد أخذا مما قدمناه آنفا عن البحر في وهبتها لك لتخدمك، ويؤيده ما في الذخيرة إذا قال: جعلت ابنتي هذه لك بألف صح، لأنه أتى بمعنى النكاح، والعبرة في العقود للمعاني دون الألفاظ ا ه. قوله: (وسلم واستئجار) هذا إذا جعلت المرأة رأس مال السلم أو جعلت أجرة فينعقد إجماعا، أما إن جعلت مسلما فيها فقيل لا ينعقد، لان السلم في الحيوان لا يصح، وقيل ينعقد لأنه لو اتصل به القبض يفيد ملك الرقبة ملكا فاسدا، وليس كل ما يفسد الحقيقي يفسد مجازيه، ورجحه في الفتح، وهو مقتضى ما في المتون، وإن لم تجعل أجرة كقوله أجرتك ابنتي بكذا فالصحيح أنه لا ينعقد لأنها لا تغير ملك العين. أفاده في البحر. قوله: (وكل ما تملك به الرقاب) كالجعل والبيع والشراء فإنه ينعقد بها كما مر. قوله: (بشرط نية أو قرينة الخ) هذا ما حققه في الفتح ردا على ما قدمناه عن الزيلعي، حيث لم يجعل النية شرطا عند ذكر المهر، وعلى السرخسي حيث لم يجعلها شرطا مطلقا. وحاصل الرد أن المختار أنه لا بد من فهم الشهود المراد، فإن حكم السامع بأن المتكلم أراد من اللفظ ما لم يوضع له لا بد له من قرينة على إرادته ذلك فإن لم تكن فلا بد من إعلام الشهود بمراده، ولذا قال في الدراية في تصوير الانعقاد بلفظ الإجارة عند من يجيزه أن يقول: أجرت ابنتي ونوى به النكاح وأعلم الشهود ا ه. بخلاف قوله بعتك بنتي، فإن عدم قبول المحل للبيع يوجب الحمل على المجازي، فهو قرينة يكتفي بها الشهود حتى لو كانت المعقود عليها أمة لا بد من قرينة زائدة تدل على النكاح من إحضار الشهود وذكر المهر مؤجلا أو معجلا، وإلا فإن نوى وصدقه الموهوب له صح، وإن لم ينو انصرف إلى ملك الرقبة كما في البدائع. والظاهر أنه لا بد مع النية من إعلام الشهود، وقد رجع شمس الأئمة إلى التحقيق حيث قال: ولان كلامنا فيما إذا صرحا به ولم يبق احتمال ا ه. هذا حاصل ما في الفتح، وملخصه أنه لا بد في كنايات النكاح من النية مع قرينة أو تصديق القابل للموجب وفهم الشهود المراد أو إعلامهم به. قوله: (بلفظ إجارة) أي في الأصح كآجرتك نفسي بكذا، بخلاف لفظ الاستئجار بأن جعلت المرأة بدلا مثل استأجرت دارك بنفسي أو ببنتي عند قصد النكاح كما مر بيانه، وعبر هناك بالاستئجار وهنا بالإجارة إشارة للفرق المذكور فلا تكرار، فافهم. قوله: (ووصية) أي غير مقيدة بالحال كما مر. قوله: (ورهن) فيه اختلاف المشايخ كما في البناية، ورجح في الولوالجية ما هنا من عدم الصحة، ولعل ابن الهمام لم يعتبر القول الآخر لعدم ظهور وجهه، فعد الرهن من قسم ما لا خلاف في عدم الصحة به لأنه لا يفيد الملك أصلا. قوله: (ونحوها) كإباحة وإحلال وتمتع وإقالة وخلع كما قدمناه عن الفتح، لكن ذكر في النهر أنه ينبغي أن يقيد الأخير بما إذا لم تجعل بدل الخلع، فإن جعلت كما إذا قال أجنبي اخلع زوجتك ببنتي هذه فقبل صح أخذا من مسألة الإجارة. قوله: (لكن تثبت به) أي بنحو
19 المذكورات. قوله: (وكذا تثبت بكل لفظ لا ينعقد به النكاح) هذا ساقط من بعض النسخ وهو الأحسن، ولذا قال ح: إنه مكرر مع قوله لكن تثبت به الشبهة مع أن قوله بكل لفظ لا ينعقد به النكاح شامل اللفظ لا دخل له أصلا كقوله لها أنت صديقتي فقلت نعم فإنه يصدق عليه أنه لفظ لا ينعقد به النكاح، ومع ذلك لا تثبت به الشبهة، بخلاف العبارة الأولى فإنها وقعت بيانا لنحو المذكورات في المتن فتختص بكل لفظ يفيد الملك ولا ينعقد به النكاح ا ه. مطلب: هل ينعقد النكاح بالألفاظ المصحفة نحو تجوزت؟ قوله: (وألفاظ مصحفة) من التصحيف، وهو تغيير اللفظ حتى يتغير المعنى المقصود من الوضع كما في الصحاح، وفي المغرب: التصحيف أن يقرأ الشئ على خلاف ما أراده كاتبه أو على غير ما اصطلحوا عليه. قوله: (كتجوزت) أي بتقديم الجيم على الزاي. قال في المغرب: جاز المكان وأجازه وجاوزه وتجاوزه: إذا سار فيه وخلفه، وحقيقته قطع جوزه: أي وسطه، ومنه جاز البيع أو النكاح إذا نفذه وأجازه القاضي إذا نفذه وحكم به، ومنه المجيز الوكيل والوصي لتنفيذه ما أمر به، وجوز الحكم رآه جائزا، وتجويز الضراب الدراهم أن جعلها رائجة جائزة، وأجازه بجائزة سنية إذا أعطاه عطية، ومنها جوائز الوفود للتحف واللطف، وتجاوز عن المسئ وتجوز عنه أغضى عنه وعفا، وتجوز في الصلاة ترخص فيها وتساهل، ومنه تجوز في أخذ الدراهم ا ه ملخصا. قوله: (لصدوره لا عن قصد صحيح) أشار به إلى الفرق بينه وبين انعقاده بلفظ أعجمي بأن اللغة الأعجمية تصدر عمن تكلم بها عن قصد صحيح، بخلاف لفظ التجويز فإنه يصدر لا عن قصد صحيح، بل عن تحريف وتصحيف، فلا يكون حقيقة ولا مجازا. منح ملخصا. والتحريف التغيير وهو المراد بالتصحيف كما مر. قوله: (تلويح) ليس مراده عزو المسألة إلى التلويح، بل عزو مضمون التعليل لأنها غير مذكورة فيه ولا في غيره من الكتب المتقدمة، وإنما ذكرها المصنف في متنه. وذكر في شرحه المنح أنه كثر الاستفتاء عنها في عامة الأمصار، وأنه كتب فيها رسالة حاصلها اعتماد عدم الانعقاد بهذا اللفظ لأنه لم يوضع لتمليك العين للحال، وليس لفظ نكاح ولا تزويج، وليس بينه وبين ألفاظ النكاح علاقة مصححة للمجازية عنها كما استعير لفظ الهبة والبيع للنكاح، ومن ثم صرحوا بأنه لا ينعقد بلفظ الاحلال والإجارة والوصية لعدم صحة الاستعارة، ولا يصح قياس ذلك على اللغة الأعجمية لعدم القصد الصحيح كما مر، ثم استشهد لذلك بما ذكره المحقق السعد التفتازاني في بحث الحقيقة والمجاز من التلويح، وهو أن اللفظ المستعمل استعمالا صحيحا جاريا على القانون إما حقيقة أو مجازا، لأنه إن استعمل فيما وضع له فحقيقة، وإن استعمل في غيره: فإن كان لعلاقة بينه وبين الموضوع له فمجاز، وإلا فمرتجل، وهو أيضا من قسم الحقيقة، لان الاستعمال الصحيح في الغير بلا علاقة وضع جديد، فيكون اللفظ مستعملا فيما وضع له فيكون حقيقة، وقيدنا الاستعمال بالصحيح احترازا عن الغلط مثل استعمال لفظ الأرض في السماء من غير قصد إلى وضع جديد ا ه. قوله: (نعم الخ) هذا ذكره المصنف أيضا حيث قال عقب عبادة التلويح المذكورة: نعم لو اتفق قوم
20 على النطق بهذه الغلطة بحيث إنهم يطلبون بها الدلالة على حل الاستمتاع وتصدر عن قصد واختيار منهم، فللقول بانعقاد النكاح بها وجه ظاهر، لأنه والحالة هذه يكون وضعا جديدا منهم، وبانعقاده بين قوم اتفقت كلمتهم على هذه الغلطة أفتى شيخ الاسلام أبو السعود مفتي الديار الرومية، وأما صدورها لا عن قصد إلى وضع جديد كما يقع من بعض الجهلة الأغمار فلا اعتبار به، فقد قال في التلويح: إن استعمال اللفظ في الموضوع له أو لغيره طلب دلالته عليه وإرادته منه، فمجرد الذكر لا يكون استعمالا صحيحا فلا يكون وضعا جديدا ا ه. وحاصل كلام المصنف: أنه إن اتفقوا على استعمال التجويز في النكاح بوضع جديد قصدا يكون حقيقة عرفية مثل الحقائق المرتجلة. ومثل الألفاظ الأعجمية الموضوعة للنكاح، فيصح به العقد لوجود طلب الدلالة على المعنى المراد وإرادته من اللفظ قصدا، وإلا فذكر هذا اللفظ بدون ما ذكر لا يكون حقيقة لعدم الوضع ولا مجازا لعدم العلاقة، فلا يصح به العقد لكون غلطا كما أفتى به المصنف تبعا لشيخه العلامة ابن نجيم ومعاصريه، لكن أفتى بخلافه العلامة الخير الرملي في الفتاوى الخيرية، ونازع المصنف فيما استشهد به، وكذا نازعه في حاشيته عن المنح، بأنه لا دخل لبحث الحقيقة والمجاز المرتب على عدم العلاقة، وقد أقر المصنف بأنه تصحيف فكيف يتجه ذكر نفي العلاقة؟ بل نسلم كونه تصحيفا بإبدال حرف فلو صدر من عارف لا ينعقد به، وهو محل فتوى الشيخ زين بن نجيم ومعاصريه فيقع الدليل في محله ح. والمسألة لم توجد فيها نقل بخصوصها عن المشايخ، فصارت حادثة الفتوى. وقد صرح الشافعية بأنه لا يضر من عامي إبدال الزاي جيما وعكسه مع تشديدهم في النكاح بحيث لم يجوزوه إلا بلفظ الانكاح والتزويج والافتاء بحسب الإنهاء. فإذا سئل المفتي هل ينعقد بلفظ التجويز؟ يجيب بلا لعدم التعرض لذكر التصحيف، والأصل عدمه، وإذا سئل في عامي قدم الجيم على الزاي بلا قصد استعارة لعدم علمه بها بل قصد حل الاستمتاع باللفظ الوارد شرعا فوقع له ما ذكر ينبغي فيه موافقة الشافعية، وبالأولى فيما إذا اتفقت كلمتهم على هذه الغلطة كما قطع به أبو السعود، وقد صرحوا بعدم اعتبار الغلط والتصحيف في مواضع، فأوقعوا الطلاق بالألفاظ المصحفة مع اشتراك الطلاق والنكاح في أن جدهما جد وهزلهما جد، وخطر الفروج، وأفتوا بالوقوع في علي الطلاق وأنه تعليق يقع به الطلاق عند وقوع الشرط لأنه صار بمنزلة إن فعلت فأنت كذا، ومثله الطلاق يلزمني لا أفعل كذا مع كونه غلطا ظاهرا لغة وشرعا لعدم وجود ركنه وعدم محلية الرجل للطلاق، وقول أبي السعود: إنه أي هذا الطلاق ليس بصريح ولا كناية نظرا لمجرد اللفظ لا إلى الاستعمال الفاشي لعدم وجوده في بلاده، فإذا لم نعتبر هذا الغلط الفاحش لزمنا أن لا نعتبره فيما نحن فيه مع فشو استعماله وكثرة دورانه في ألسنة أهل القرى والأمصار، بحيث لو لقن أحدهم التزويج لعسر عليه النطق به، فلا شك أنهم لا يلمحون استعارة لنرد ملحهم بعدم العلاقة، بل هو تصحيف عليها فشا في لسانهم. وقد استحسن بعض المشايخ عدم فساد الصلاة بإبدال بعض الحروف وإن لم يتقارب المخرج لان فيه بلوى العامة، فكيف فيما نحن فيه ا ه ملخصا. قوله: (وأما الطلاق فيقع بها الخ) أي بالألفاظ المصحفة كتلاق وتلاك وطلاك وطلاغ وتلاغ. قال في البحر: فيقع قضاء ولا يصدق إلا إذا
21 أشهد على ذلك قبل التكلم بأن قال امرأتي تطلب مني الطلاق وأنا لا أطلق فأقول هذا، ولا فرق بين العالم والجاهل، وعليه الفتوى ا ه. ثم إنه لا فرق يظهر بين النكاح والطلاق وقد استدل الخير الرملي على ذلك بما قدمناه من قول قاضيخان: إنه ينبغي أن يكون النكاح كالطلاق والعتاق في أنه لا يشترط العلم بمعناه، لان العلم بمضمون اللفظ إنما يعتبر لأجل القصد فلا يشترط فيما يستوي فيه الجد والهزل ا ه. قال: فإذا علمنا أن الطلاق واقع مع التصحيف فينبغي أن يكون النكاح نافذا معه أيضا ا ه. قلت: وأما الجواب بأن وقوع الطلاق للاحتياط في الفروج فهو مشترك الالزام، على أنه لا احتياط في التفريق بعد تحقق الزوجية بمجرد التلفظ بلفظ مصحف أو مهمل لا معنى له، بل الاحتياط من بقاء الزوجية حتى يتحقق المزيل، فلو لا أنهم اعتبروا القصد بهذا اللفظ المصحف بدون وضع جديد ولا علاقة لم يوقعوا به الطلاق، لان الغلط الخارج عن الحقيقة والمجاز لا معنى له، فعلم أنهم اعتبروا المعنى الحقيقي المراد ولم يعتبروا تحريف اللفظ، بل قولهم يقع بها قضاء يفيد أنه يقضى عليه بالوقوع، وإن قال: لم أرد بها الطلاق حملا على أنها من أقسام الصريح ولذا قيد تصديقه بالاشهاد فبالأولى إذا قال العامي جوزت بتقديم الجيم أو زوزت بالزاي بدل الجيم قاصدا به معنى النكاح يصح، ويدل عليه أيضا ما قدمناه عن الذخيرة من أنه إذا قال: جعلت بنتي هذه لك بألف صح لأنه أتى بمعنى النكاح، والعبرة في العقود للمعاني دون الألفاظ، فهذا التعليل يدل على أن كل ما أفاد معنى النكاح يعطى حكمه، لكن إذا كان بلفظ نكاح أو تزويج أو ما وضع لتمليك العين للحال، ولا شك أن لفظ جوزت أو زوزت لا يفهم منه العاقدان والشهود إلا أنه عبارة عن التزويج، ولا يقصد منه إلا ذلك المعنى بحسب العرف، وقد صرحوا بأنه يحمل كلام كل عاقد وحالف وواقف على عرفه، وإذا وقع الطلاق بالألفاظ المصحفة ولو من عالم كما مر وإن لم تكن متعارفة كما هو ظاهر إطلاقهم فيها يصح النكاح من العوام بالمصحفة المتعارفة بالأولى، والله تعالى أعلم. تنبيه: علم مما قررناه جواز العقد بلفظ أزوجت بالهمزة في أوله خلافا لما ذكره السيد محمد أبو السعود في حاشية مسكين عن شيخه من عدم الجواز، معللا بأنه لم يجده في كتب اللغة فكان تحريفا وغلطا. قوله: (احتراما للفروج) أي لخطر أمرها وشدة حرمتها، فلا يصح العقد عليها إلا بل فصريح أو كناية. قوله: (سماع كل) أي ولو حكما كالكتاب إلى غائبه لان قراء ته قائمة مقام الخطاب كما مر. وفي الفتح ينعقد النكاح من الأخرس إذا كانت لإشارة معلومة. قوله: (ليتحقق رضاهما) أي ليصدر منهما ما من شأنه أن يدل على الرضا، إذ حقيقة الرضا غير مشروطة في النكاح لصحته مع الاكراه والهزل. رحمتي وذكر السيد أبو السعود أن الرضا شرط من جانبها لا من جانب الرجل، واستدل لذلك بما صرح به القهستاني في المهر من فساد العقد إذا كان الاكراه من جهتها. وأقول: فيه نظر، فإنه ذكر في النقاية أن في النكاح الفاسد لا يجب شئ إن لم يطأها، وإن وطئها وجب مهر المثل، فقال القهستاني عند قوله في النكاح الفاسد: أي الباطل كالنكاح للمحارم المؤبدة أو المؤقتة أو بإكراه من جهتها الخ، فقوله من جهتها معناه: أنها إذا أكرهت الزوج على التزوج بها لا يجب لها عليه شئ،
22 لان الاكراه جاء من جهتها فكان في حكم الباطل لا باطلا حقيقة، وليس معناه أن أحدا أكرهها على التزوج، ونظير هذه المسألة ما قالوه في كتاب الاكراه من أنه لو أكره على طلاق زوجته قبل الدخول بها لزمه نصف المهر، ويرجع به على المكره إن كان المكره له أجنبيا، فلو كانت الزوجة هي التي أكرهته على الطلاق لم يجب لها شئ، نص عليه القهستاني هناك أيضا. وأما ما ذكر من أن نكاح المكره صحيح إن كان هو الرجل، وإن كان والمرأة فهو فاسد فلم أر من ذكره، وإن أوهم كلام القهستاني السابق ذلك، بل عبارتهم مطلقة في أن نكاح المكره صحيح كطلاقه وعتقه مما يصح مع الهزل، ولفظ المكره شامل للرجل والمرأة، فمن ادعى التخصيص فعليه إثباته بالنقل الصريح، نعم فرقوا بأن الرجل والمرأة في الاكراه على الزنا في إحدى الروايتين، ثم رأيت في إكراه الكافي للحاكم الشهيد ما هو صريح في الجواز فإنه قال: ولو أكرهت على أن تزوجته بألف ومهر مثلها عشرة آلاف زوجها أولياؤها مكرهين فالنكاح جائز ويقول القاضي للزوج: إن شئت أتمم لها مهر مثلها وهي امرأتك إن كان كفؤا لها، وإلا فرق بينهما ولا شئ لها الخ، فافهم. قوله: (وشرط حضور شاهدين) أي يشهدان على العقد، أما الشهادة على التوكيل بالنكاح فليست بشرط لصحته كما قدمناه عن البحر، وإنما فائدتها الاثبات عند جحود التوكيل. وفي البحر قيدنا الاشهاد بأنه خاص بالنكاح لقول الأسبيجابي: وأما سائر العقود فتنفذ بغير شهود، ولكن الاشهاد عليه مستحب للآية ا ه. وفي الواقعات أنه واجب في المداينات، وأما الكتابة ففي عتق المحيط يستحب أن يكتب للعتق كتابا ويشهد عليه صيانة عن التجاحد كما في المداينة، بخلاف سائر التجارات للحرج، لأنها مما يكثر وقوعها ا ه. وينبغي أن يكون النكاح كالعتق، لأنه لا حرج فيه ا ه. مطلب: الخصاف كبير في العلم يجوز الاقتداء به تنبيه: أشار بقوله فيما مر ولا المنكوحة مجهولة إلى ما ذكره في البحر هنا بقوله: ولا بد من تمييز المنكوحة عند الشاهدين لتنتفي الجهالة، فإن كانت حاضرة منتقبة كفى الإشارة إليها، والاحتياط كشف وجهها، فإن لم يروا شخصها وسمعوا كلامها من البيت: إن كانت وحدها فيه جاز، ولو معها أخرى فلا لعدم زوال الجهالة، وكذا إذا وكلت بالتزويج فهو على هذا ا ه: أي إن رأوها أو كانت وحدها في البيت يجوز أن يشهدوا عليها بالتوكيل إذا جحدته، وإلا فلا لاحتمال أن الموكل المرأة الأخرى، وليس معناه أنه لا يصح التوكيل بدون ذلك وأنه يصير العقد عقد فضولي فيصح بالإجارة بعده قولا أو فعلا لما علمته آنفا، فافهم. ثم قال في البحر: وإن كانت غائبة ولم يسمعوا كلامها بأن عقد لها وكيلها: فإن كان الشهود يعرفونها كفى ذكر اسمها إذا علموا أنه أرادها، وإن لم يعرفوها لا بد من ذكر اسمها واسم أبيها وجدها. وجوز الخصاف النكاح مطلقا، حتى لو وكلته فقال بحضرتهما زوجت نفسي من موكلتي أو من امرأة جعلت أمرها بيدي فإنه يصح عنده. قال قاضيخان: والخصاف كان كبيرا في العلم يجوز الاقتداء به، وذكر الحاكم الشهيد في المنتقى كما قال الخصاف ا ه. قلت: في التاترخانية عن المضمرات أن الأول هو الصحيح، وعليه الفتوى، وكذا قال في البحر في فصل الوكيل والفضولي أن المختار في المذهب خلاف ما قاله الخصاف وإن كان الخصاف كبيرا ا ه. وما ذكروه في المرأة يجري مثله في الرجل. ففي الخانية قال الإمام ابن الفضل:
23 إن كان الزوج حاضرا مشارا إليه جاز، ولو غائبا فلا ما لم يذكر اسمه واسم أبيه وجده، قال: والاحتياط أن ينسب إلى المحلة أيضا، قيل له فإن كان الغائب معروفا عند الشهود؟ قال: وإن كان معروفا لا بد عن إضافة العقد إليه، وقد ذكرنا عن غيره في الغائبة إذا ذكر اسمها لا غير وهي معروفة عند الشهود وعلم الشهود أنه أراد تلك المرأة يجوز النكاح ا ه. والحاصل أن الغائبة لا بد من ذكر اسمها واسم أبيها وجدها وإن كانت معروفة عند الشهود على قول ابن الفضل، وعلى قول غيره: يكفي ذكر اسمها إن كانت معروفة عندهم، وإلا فلا، وبه جزم صاحب الهداية في التجنيس وقال: لان المقصود من التسمية التعريف وقد حصل، وأقره في الفتح والبحر. وعلى قول الخصاف يكفي مطلقا، ولا يخفى أنه إذا كان الشهود كثيرين لا يلزم معرفة الكل، بل إذا ذكر اسمها وعرفها اثنان منهم كفى، والظاهر أن المراد بالمعرفة أن يعرفها أن المعقود عليها هي فلانة بنت فلان الفلاني لا معرفة شخصها، وأن ذكر الاسم غير شرط، بل المراد الاسم أو ما يعينها مما يقوم مقامه لما في البحر: لو زوجه بنته ولم يسمها وله بنتان لم يصح للجهالة، بخلاف ما إذا كانت له بنت واحدة إلا إذا سماها بغير اسمها ولم يشر إليها فإنه لا يصح كما في التجنيس ا ه. وفيه عن الذخيرة: إذا كان للمزوج ابنة واحدة وللقابل ابن واحد فقال زوجت ابنتي من ابنك يجوز النكاح، وإن كان للقابل ابنان فإن سمى أحدهما باسمه صح الخ. وفيه عن الخلاصة: إذا زوجها أخوها فقال زوجت أختي ولم يسمها جاز أن كانت له أخت واحدة، وانظر ما قدمناه عند قوله: ولا المنكوحة مجهولة. قوله: (حرين الخ) قال في البحر: وشرط في الشهود: الحرية، والعقل، والبلوغ، والاسلام فلا ينعقد بحضرة العبيد والمجانين والصبيان والكفار في نكاح المسلمين، لأنه لا ولاية لهؤلاء، ولا فرق في العبد بين القن والمدبر والمكاتب، فلو عتق العبيد أو بلغ الصبيان بعد التحمل ثم شهدوا: إن كان معهم غيرهم وقت العقد فمن ينعقد بحضورهم جازت شهادتهم لأنهم أهل للتحمل، وقد انعقد العقد بغيرهم، وإلا فلا كما في الخلاصة وغيرها. قوله: (أو حر وحرتين) كذا في الكنز، وقد نسيه المصنف فذكره الشارح لدفع إيهام اختصاص الذكورة في شهادة النكاح كما نبه عليه الخير الرملي. قوله: (سامعين قولهما معا) فلا ينعقد بحضرة النائمين والأصمين وهو قول العامة، وتصحيح الزيلعي الانعقاد بحضرة النائمين دون الأصمين ضعيف، رواه في الفتح والبحر. وأجاب في النهر بحمل النائمين على الوسنانين السامعين. واعترض بأنه حينئذ يكون محل وفاق لا خلاف. ثم قال في النهر: وينبغي أن لا يختلف في انعقاده بالأصمين إذا كان كل من الزوج والزوجة أخرس، لان نكاحه كما قالوا ينعقد بالإشارة حيث كانت معلومة ا ه. قال في الفتح: ومن اشتراط السماع ما قدمناه في التزوج بالكتاب من أنه لا بد من سماع الشهود ما في الكتاب المشتمل على الخطبة بأن تقرأه المرأة عليهم أو سماعهم العبارة عنه بأن تقول إن فلانا كتب إلي يخطبني ثم تشهدهم أنها زوجته نفسها ا ه. لكن إذا كان الكتاب بلفظ الامر بأن كتب زوجي نفسك مني لا يشترط سماع الشاهدين، لما فيه بناء على أن صيغة الامر توكيل لأنه لا يشترط الاشهاد على التوكيل، أما القول بأنه إيجاب فيشترط كما في البحر وقدمنا بيانه فيما مر، وخرج بقوله معا ما لو سمعا متفرقين بأن حضر أحدهما العقد ثم غاب وأعيد بحضرة الآخر، أو سمع أحدهما فقط العقد فأعيد فسمعه الآخر دون الأول، أو سمع أحدهما الايجاب والآخر القبول ثم
24 أعيد فسمع كل وحده ما لم يسمعه أولا، لان في هذه الصورة وجد عقدان لم يحضر كل واحد منهما شاهدان كما في شرح النقاية. قوله: (على الأصح) راجع لقوله سامعين وقوله معا ومقابل الأول القول بالاكتفاء بمجرد حضورهما، ومقابل الثاني ما عن أبي يوسف من أنه إن اتحد المجلس جاز استحسانا كما في الفتح. قوله: (فاهمين الخ) قال في البحر: جزم في التبيين بأنه لو عقدا بحضرة هنديين لم يفهما كلامهما لم يجز، وصححه في الجوهرة. وقال في الظهيرية: والظاهر أنه يشترط فهم أنه نكاح، واختاره في الخانية فكان هو المذهب. لكن في الخلاصة: لو يحسنان العربية فعقدا بها والشهود لا يعرفونها اختلف المشايخ فيه، والأصح أنه ينعقد ا ه. لقد اختلف التصحيح في اشتراط الفهم ا ه. وحمل في النهر ما في الخلاصة على القول باشتراط الحضور بلا سماع ولا فهم: أي وهو خلاف الأصح كما مر. ووفق الرحمتي بحمل القول بالاشتراط على اشتراط فهم أنه عقد نكاح والقول بعدمه على عدم اشتراط فهم معاني الألفاظ بعد فهم أن المراد عقد النكاح. قوله: (لنكاح مسلمة) قيد لقوله مسلمين احترازا عن نكاح الذمية، فإنه لو تزوجها مسلم عند ذميين صح كما يأتي لكنه يوهم أن ما قبله من الشروط يشترط في أنكحة الكفار أيضا مع أنها تصح بغير شهود إذا كانوا يدينون ذلك كما سيأتي في بابه، ولدفع ذلك قال في الهداية: ولا ينعقد نكاح المسلمين إلا بحضور شاهدين حرين الخ. وقد يجاب بأن الكلام في نكاح المسلمين بدليل أنه سيعقد لنكاح الكافر بابا على حدة. ولما كان تزوج المسلم ذمية لا يشترط فيه إسلام الشاهدين احترز عنه، بقوله لنكاح مسلمة. قوله: (ولو فاسقين الخ) اعلم أن النكاح له حكمان: حكم الانعقاد، وحكم الاظهار، فالأول ما ذكره، والثاني إنما يكون عند التجاحد، فلا يقبل في الاظهار إلا شهادة من تقبل شهادته في سائر الأحكام كما في شرح الطحاوي، فلذا انعقد بحضور الفاسقين والعميين والمحدودين في قذف وإن لم يتوبا، وابني العاقدين وإن لم يقبل أداؤهم عند القاضي كانعقاده بحضرة العدوين. بحر. مطلب في عطف الخاص على العام قوله: (أو محدودين في قذف) أي وقد تابا. قال في النهر: وهذا القيد لا بد منه وإلا لزم التكرار ا ه. واعترض بأن المقصود من إطلاق المصنف الإشارة إلى خلاف الشافعي الفاسق المعلن والمحدود قبل التوبة أما المستور والمحدود التائب فلا خلاف له فيهما، كما في شرح المجمع والحقائق، وأيضا فالمحدود أخص مطلقا من الفاسق، وذكر الأخص بعد الأعم واقع في أفصح الكلام. على أنهم صرحوا بأنه إذا قوبل الخاص بالعام يراد به ما عدا الخاص، لكن في المغني أن عطف الخاص على العام مما تفردت به الواو وحتى، لكن الفقهاء يتسامحون في عطفه بأو. قلت: وصرح بعضهم بجوازه بثم وبأو كما في حديث ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها. قوله: (أو أعميين) كذا في الهداية والكنز والوقاية والمختار والاصلاح والجوهرة وشرح النقاية والفتح والخلاصة، وهو مخالف لقوله في الخانية ولا تقبل شهادة الأعمى عندنا لأنه لا يقدر على التمييز بين المدعي والمدعى عليه والإشارة إليهما، فلا يكون كلامه شهادة ولا ينعقد
25 النكاح بحضرته ا ه. و (المختار) ما عليه الأكثرون. نوح. قوله: (وإن لم يثبت النكاح بهما) أي بالإبنين: أي بشهادتهما، فقوله: بالإبنين بدل من الضمير المجرور، وفي نسخة لهما أي للزوجين وقد أشار إلى ما قدمناه من الفرق بين حكم الانعقاد، وحكم الاظهار: أي ينعقد النكاح بشهادتهما، وإن لم يثبت بها عند التجاحد، وليس هذا خاص بالإبنين كما قدمناه. قوله: (إن ادعى القريب) أي لو كانا ابنيه وحده أو ابنيها وحدها فادعى أحدهما النكاح وجحده الآخر لا تقبل شهادة ابني المدعي له بل تقبل عليه، ولو كانا ابنيهما لا تقبل شهادتهما للمدعي ولا عليه لأنها لا تخلو عن شهادتهما لأصلهما، وكذا لو كان أحدهما ابنها والآخر ابنه لا تقبل أصلا كما في البحر. قوله: (كما صح الخ) لان الشهادة إنما شرطت في النكاح لما فيه من إثبات ملك المتعة له عليها تعظيم لجزء الآدمي لا لثبوت ملك المهر لها عليه، لان وجوب المال لا تشترط فيه الشهادة كالبيع وغيره، وللذمي شهادة على مثله لولايته عليه، وهذا عندهما. وقال محمد وزفر: لا يصح وتمامه في الفتح وغيره، وأراد بالذمية الكتابية كما في القهستاني. قال ح: فخرج غير الكتابية كما سيأتي في فصل المحرمات ودخل الحربية الكتابية وإن كره نكاحها في دار الحرب كما ذكره الشارح في محرمات شر الملتقى ا ه. قوله: (ولو مخالفين لدينها) كما لو كانا نصرانيين وهي يهودية، وشمل إطلاقه الذميين غير الكتابيين كمجوسيين، والظاهر أنه احترز بهما عن الحربيين لقول الزيلعي: وللذمي شهادة على مثله، فأفاد أن شهادة الحربي على الذمي لا تقبل والمستأمن حربي. أفاده السيد أبو السعود. قوله: (مع إنكاره) أي إنكار المسلم العقد على الذمية، أما عند إنكارها فمقبول عندهما مطلقا. وقال محمد: إن قالا كان معنا مسلمان وقت العقد قبل وإلا لا، وعلى هذا الخلاف لو أسلما وأديا. نهر. قوله: (والأصل عندنا الخ) عبارة النهر. قال الأسبيجابي: والأصل أن كل من صلح أن يكون وليا فيه بولاية نفسه صلح أن يكون شاهدا فيه، وقولنا بولاية نفسه لاخراج المكاتب فإنه وإن ملك تزويج أمته لكن لا بولاية نفسه بل بما استفاده من المولى ا ه. وهذا يقتضي عدم انعقاده بالمحجور عليه ولم أره ا ه. قوله: (أمر الأب رجلا) أي وكله والضمير البارز في صغيرته للأب والمستتر في زوجها للرجل المأمور، وكونه رجلا مثال، فلو كان امرأة صح، لكن اشترط أن يكون معها رجلا أو رجل وامرأة، كما أفاده في البحر. قوله: (لأنه يجعل عاقدا حكما) لان الوكيل في النكاح سفير ومعبر ينقل عبارة الموكل، فإذا كان الموكل حاضرا كان مباشرا لان العبارة تنتقل إليه وهو في المجلس، وليس المباشر سوى هذا، بخلاف ما إذا كان غائبا، لان المباشر مأخوذ في مفهومه الحضور، فظهر أن إنزال الحاضر مباشرا جبري، فاندفع ما أورده في النهاية من أنه تكلف غير محتاج إليه فإن الأب يصلح شاهدا، فلا حاجة إلى اعتباره مباشرا إلا في مسألة البنت البالغة. فتح ملخصا. وتمامه في البحر. قوله: (وإلا لا) أي وإن لم يكن حاضرا لا يصح لان انتقال العبارة إليه حال عدم الحضور لا يصير به مباشرا. قوله: (ولو زوج بنته البالغة العاقلة) كونها بنته غير قيد، فإنها لو وكلت رجلا غيره
26 فكذلك كما في الهندية، وقيد بالبالغة لأنها لو كانت صغيرة لا يكون الولي شاهدا لأن العقد لا يمكن نقله إليها. بحر، وبالعاقلة لان المجنونة كالصغيرة. أفاده ط. قوله: (لأنها تجعل عاقدة) لانتقال عبارة الوكيل إليها، وهي في المجلس فكانت مباشرة ضرورة، ولأنه لا يمكن جعلها شاهدة على نفسها. قوله: (وإلا لا) أي لم تكن حاضرة لا يكون العقد نافذا بل موقوفا على إجازتها كما في الحموي، لأنه لا يكون أدنى حالا من الفضولي، وعقد الفضولي ليس بباطل. ط عن أبي السعود. قوله: (جعل مباشرا) لأنه إذا كان في المجلس تنتقل العبارة إليه كما قدمناه. قوله: (ثم إنما تقبل شهادة المأمور) يعني عند التجاحد وإرادة الاظهار، أما من حيث الانعقاد الذي الكلام فيه فهي مقبولة مطلقا كما لا يخفى، وأشار إلى أنه يجوز له أن يشهد إذا تولى العقد ومات الزوج وأنكرت ورثته كما حكي عن الصفار. قال: وينبغي أن يذكر العقد لا غير فيقول هذه منكوحته، وكذلك قالوا في الأخوين إذا زوجا أختهما ثم أرادا أن يشهدا على النكاح ينبغي أن يقولا هذه منكوحته. بحر عن الذخيرة. قوله: (لئلا يشهد على فعل نفسه) يرد عليه شهادة نحو القباني والقاسم، لأنه يقبل مع بيانه أنه فعله. شرنبلالية. أقول: لا يخفى أن العقد إنما لزم بفعل العاقد فشهادته على فعل نفسه شهادة على أنه هو الذي ألزم موجبات العقد فتلغو، بخلاف القباني والقاسم فإن فعلهما غير ملزم. أما القباني فظاهر، وأما القاسم فلما في شهادات البزازية من أن وجه القبول أن الملك لا يثبت بالقسمة بل بالتراضي أو باستعمال القرعة ثم التراضي عليه ا ه، فافهم. قوله: (ولو زوج المولى عبده) أي وأمته كما في الفتح، وقوله بحضرته أي العبد، وقوله وواحد بالجر عطفا على هذا الضمير، وقوله: لم يجز على الظاهر ذكره في النهر، ونقله السيد أبو السعود عن الدراية فيما لو زوج أمه، ولا فرق بينهما وبين العبد. وذكر في البحر أنه رجحه في الفتح بأن مباشرة السيد ليس فكا للحجر عنهما في التزوج مطلقا، وإلا لصح في مسألة وكيله: أي فيما لو زوج وكيل السيد العبد بحضوره مع آخر فإنه لا يصح قوله: (صح) وقيل: لا يصح لانتقاله إلى السيد لان العبد وكيل عنه. قال الفتح: الأصح الجواز بناء على منع كونهما: أي العبد والأمة وكيلين، لان الاذن فك الحجر عنهما، فيتصرفان بعده وبأهليتهما لا بطريق النيابة. قوله: (والفرق لا يخفى) هو ما ذكرناه عن الفتح من أن مباشرة السيد العقد ليس فكا للحجر عن العبد في التزوج، فلا ينتقل العقد إليه، بل يبقى السيد هو العاقد ولا يصلح شاهدا، بخلاف إذنه له به فإن العبد ممنوع عن النكاح لحق السيد لا لعدم أهليته، فبالاذن يصير أصيلا لا نائبا فلا ينتقل العقد إلى السيد ويصلح شاهدا فيصح بحضرته. قوله: (ما لم يقل الموجب بعده) أي بعد قول الآخر. زوجت أو نعم، لان قول الآخر ذلك يكون إيجابا فيحتاج إلى قول الأول قبلت، وسماه موجبا نظرا إلى الصورة. قوله: (لان زوجتني استخبار)
27 المسألة من الخانية، وتقدم أنه لو صرح بالاستفهام فقال هل أعطيتنيها فقال أعطيتكها، وكان المجلس للنكاح ينعقد فهذا أولى بالانعقاد، فإما أن يكون في المسألة روايتان أو يحمل هذا على أن المجلس لعقد النكاح. وقال في كافي الحاكم: وإذا قال رجل لامرأة أتزوجك بكذا أم كذا، فقالت: قد فعلت، فهو بمنزلة قوله: قد تزوجتك، وليس يحتاج في هذا إلى أن يقول الزوج قد قبلت، وكذلك إذا قال قد خطبتك إلى نفسي بألف درهم فقالت قد زوجتك نفسي، هذا كله جائز إذا كان عليه شهود، لان هذا كلام الناس وليس بقياس ا ه رحمتي. قوله: (لأنه توكيل) أي فيكون كلام الثاني قائما مقام الطرفين، وقيل إنه إيجاب ومر ما فيه ط. قوله: (لم يصح) لان الغائبة يشترط ذكر اسمها واسم أبيها وجدها، وتقدم أنه إذا عرفها الشهود يكفي ذكر اسمها فقط، خلافا لابن الفضل، وعند الخصاف يكفي مطلقا. والظاهر أنه في مسألتنا لا يصح عند الكل، لان ذكر الاسم وحده لا يصرفها عن المراد إلى غيره، بخلاف ذكر الاسم منسوبا إلى أب آخر، فإن فاطمة بنت أحمد لا تصدق على فاطمة بنت محمد. تأمل. وكذا يقال فيما لو غلط في اسمها. قوله: (إلا إذا كانت حاضرة الخ) راجع إلى المسألتين: أي فإنها لو كانت مشارا إليها وغلط في اسم أبيها أو اسمها لا يضر، لان تعريف الإشارة الحسية أقوى من التسمية، لما في التسمية من الاشتراك لعارض فتلغو التسمية عندها، كما لو قال اقتديت بزيد هذا فإذا هو عمرو فإنه يصح. قوله: (ولو له بنتان الخ) أي بأن كان اسم الكبرى مثلا عائشة والصغرى فاطمة. فقال زوجتك بنتي الكبرى فاطمة وقيل صح العقد عليها وإن كانت عائشة هي المرادة، وهذا إذا لم يصفها بالكبرى، أما لو قال زوجتك بنتي الكبرى فاطمة ففي الولوالجية: يجب أن لا ينعقد العقد على إحداهما لأنه ليس له ابنة كبرى بهذا الاسم ا ه. ونحوه في الفتح عن الخانية، ولا تنفع النية هنا ولا معرفة الشهود بعد صرف اللفظ عن المراد كما قلنا. ونظير هذا ما في البحر عن الظهيرية: لو قال أبو الصغيرة لأبي الصغير زوجت ابنتي ولم يزد عليه شيئا فقال أبو الصغير قبلت يقع النكاح للأب هو الصحيح، ويجب أن يحتاط فيه فيقول قبلت لابني ا ه. وقال في الفتح بعد أن ذكر المسألة بالفارسية: يجوز النكاح على الأب وإن جرى بينهما مقدمات النكاح للابن هو المختار، لان الأب أضافه إلى نفسه، بخلاف ما لو قال أبو الصغيرة زوجت بنتي من ابنك فقال أبو الابن قبلت ولم يقل لابني يجوز النكاح للابن لإضافة المزوج النكاح إلى الابن بيقين وقول القابل جواب له، والجواب يتقيد بالأول فصار كما لو قال قبلت لابني ا ه. قلت: وبه يعلم بالأولى حكم ما يكثر وقوعه حيث يقول زوج ابنتك لابني، فيقول له زوجتك، فيقول الأول قبلت فيقع العقد للأب والناس عنه غافلون، وقد سئلت عنه فأجبت بذلك، وبأنه لا يمكن للأب تطليقها وعقده للابن ثانيا لحرمتها على الابن مؤبدا، ومثله ما يقع كثيرا أيضا حيث يقول زوجتني بنتك لابني، فيقول زوجتك، فإن قال الأول قبلت انعقد النكاح لنفسه، وإلا لم ينعقد أصلا لا له ولا لابنه كما أفتى به في الخيرية، وبقي ما إذا قال زوج ابنتك من ابني فقال وهبتها
28 لك أو زوجتها لك، فيصح للابن، بخلاف ما مر عن الظهيرية لأنه ليس فيه إلا الخطبة، أما هنا فقوله زوج ابنتك من ابني توكيل، حتى لم يحتج بعده إلى قبول فيصير قول الآخر وهبتها لك معناه زوجتها لابنك لأجلك، ولا فرق في العرف بين زوجتها لك ووهبتها لك، كذا حرره في الفتاوى الخيرية. والظاهر أنه لو قال: زوجتك لا يصح لاحد إلا إذا قال الآخر قبلت فيصح له. وبقي أيضا قولهم زوجتك بنتي لابنك فيقول قبلت، ويظهر لي أنه ينعقد للأب لاسناد التزويج، وقول أبي البنت لابنك معناه لأجل ابنك فلا يفيد، وكذا لو قال الآخر قبلت لابني لا يفيد أيضا، نعم لو قال أعطيتك بنتي لابنك فيقول قبلت فالظاهر أنه ينعقد للابن، لان قوله أعطيتك بنتي لابنك معناه في العرف أعطيتك بنتي زوجة لابنك، وهذا المعنى وإن كان هو المراد عرفا من قولهم زوجتك بنتي لابنك، لكنه لا يساعده اللفظ كما علمت، والنية وحدها لا تنفع كما مر، والله سبحانه أعلم. وأما ما في الخيرية فيمن خطب لابنه بنت أخيه فقال أبوها زوجتك بنتي فلانة لابنك وقال الآخر تزوجت، أجاب لا ينعقد لان التزوج غير التزويج ا ه. ففيه نظر. بل لم ينعقد للابن لقول أبي البنت زوجتك بكاف الخطاب، ولا لأبيه لكونه عم البنت، حتى لو كان أجنبيا عنها انعقد النكاح له، بل هو أولى بالانعقاد من المسألة المارة عن الظهيرية لحصول الإضافة له في الايجاب والقبول، بخلاف ما في الظهيرية، وكون مصدر زوجتك التزويج، ومصدر تزوجت التزوج لا يظهر وجها إذ لا يلزم اتحاد المادة في الايجاب والقبول فضلا عن اتحاد الصيغة، فلو قال زوجتك فقال قبلت أو رضيت جاز، فتأمل. قوله: (صح الخ) في الفتح عن الفتاوى قيل لا يصح وإن قبل عن الزوج إنسان واحد لأنه نكاح بغير شهود، لان القوم كلهم خاطبون من تكلم ومن لا، لان التعارف هكذا أن يتكلم واحد ويسكت الباقون والخاطب لا يصير شاهدا، وقيل يصح وهو الصحيح، وعليه الفتوى لأنه ضرورة في جعل الكل خاطبا فيجعل المتكلم فقط والباقي شهود ا ه. ونقل بعده في البحر عن الخلاصة أن المختار عدم الجواز ا ه. ولا يخفى أن لفظ الفتوى آكد ألفاظ التصحيح، ووفق بعضهم بحمل ما في الخلاصة على ما إذا قبلوا جميعا. وأقول: ينافيه قول الخلاصة: وقيل واحد من القوم، ومثله ما مر عن الفتح: وإن قبل عن الزوج إنسان واحد، فافهم. قوله: (لم يكن له الامر الخ) ذكر الشارح في آخر باب الأمر باليد نكحها على أن أمرها بيدها صح ا ه. لكن ذكر في البحر هناك أن هذا لو ابتدأت المرأة فقالت زوجت نفسي على أن أمري بيدي أطلق نفسي كلما أريد، أو على أني طالق فقال قبلت وقع الطلاق وصار الامر بيدها، أما لو بدأ هو لا تطلق ولا يصير الامر بيدها ا ه. قوله: (بقي الخيار) أي للموكل. قوله: (ولها الأقل) أي إذا اختار الفسخ، فإن كان المسمى أقل من مهر مثلها فهو لها لأنها رضيت به فكانت مسقطة ما زاد عنه إلى مهر المثل وإن كان مهر المثل أقل فهو لها، لان الزيادة
29 عليه لم تلزم إلا بالتسمية في ضمن العقد، فإذا فسد العقد فسد ما في ضمنه، ولما كان العقد هنا موقوفا لا فاسدا أجاب بقوله: لان الموقوف كالفاسد. أفاده الرحمتي. وبه ظهر أن المراد بالمسمى ما سماه الوكيل لها لا ما سماه الموكل للوكيل فإنه لا وجه له، فافهم. قوله: (قيل يكفر) لأنه اعتقد أن رسول الله (ص) عالم الغيب. قال في التاترخانية: وفي الحجة ذكر في الملتقط أنه لا يكفر لان الأشياء تعرض على روح النبي (ص)، وأن الرسل يعرفون بعض الغيب، قال تعالى: * (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول) * ا ه. قلت: بل ذكروا في كتب العقائد أن جملة كرامات الأولياء الاطلاع على بعض المغيبات، وردوا على المعتزلة المستدلين بهذه الآية على نفيها بأن المراد الاظهار بلا واسطة، والمراد من الرسول الملك: أي لا يظهر على غيبه بلا واسطة إلا الملك، أما النبي والأولياء فيظهرهم عليه بواسطة الملك أو غيره، وقد بسطنا الكلام على هذه المسألة في رسالتنا المسماة (سل الحسام الهندي لنصرة سيدنا خالد النقشبندي) فراجعها فإن فيها فوائد نفيسة، والله تعالى أعلم. فصل في المحرمات شروع في بيان شرط النكاح أيضا، فإن منه كون المرأة محللة لتصير محلا له، وأفرد بفضل على حدة لكثرة شعبه. بحر. قوله: (قرابة) كفروعه وهم بناته وبنات أولاده وإن سفلن، وأصوله وهم أمهاته وأمهات وآبائه وإن علون، وفروع أبويه وإن نزلن، فتحرم بنات الاخوة والأخوات وبنات أولاد الإخوة والأخوات وإن نزلن، وفروع أجداده وجداته ببطن واحد، فلهذا تحرم العمات والخالات وتحل بنات العمات والأعمام والخالات والأخوال. فتح. قوله: (مصاهرة) كفروع نسائه المدخول بهن وإن نزلن، وأمهات الزوجات وجداتهن بعقد صحيح وإن علون وإن لم يدخل بالزوجات. وتحرم موطوءات آبائه وأجداده وإن علوا ولو بزنى، والمعقودات لهم عليهن بعقد صحيح، وموطوءات أبنائه وأبناء أولاده وإن سفلوا ولو بزنى، والمعقودات لهم عليهن بعقد صحيح. فتح. وكذا المقبلات أو الملموسات بشهوة لأصوله أو فروعه، أو من قبل أو لمس أصولهن أو فروعهن. قوله: (رضاع) فيحرم به ما يحرم من النسب، إلا ما استثنى كما سيأتي في بابه، وهذه الثلاثة محرمة على التأبيد. قوله: (جمع) أي بين المحارم كأختين ونحوهما أو بين الأجنبيات زيادة على أربع. قوله: (ملك) كنكاح السيد أمته والسيدة عبدها. فتح. وعبر بدل الملك بالتنافي: أي لان المالكية تنافي المملوكية كما سيأتي بيانه، وشمل ملكه لبعضها أو ملكها لبعضه. قوله: (شرك) عبارة الفتح عدم الدين السماوي: كالمجوسية والمشركة ا ه. وتشمل أيضا المرتدة ونافية الصانع تعالى. قوله: ( إدخال أمة على حرة) أدخله الزيلعي في حرمة الجمع فقال: وحرمة الجمع بين الحرة والأمة والحرة متقدمة وهو الأنسب. بحر: أي للضبط وتقلل الأقسام، وكذا فعل في الفتح، لكن الأولى
30 أن يقال: والحرة غير متأخرة ليشمل ما لو تزوجهما في عقد واحد، ففي الزيلعي صح نكاح الحرة وبطل نكاح الأمة. قوله: (وبقي الخ) زاد في شرحه على الملتقي اثنين آخرين أيضا حيث قال: قلت: وبقي من المحرمات الخنثى المشكل لجواز ذكورته، والجنية وإنسان الماء لاختلاف الجنس ا ه. قلت: وكأنه استغنى هنا عن ذكرهما بما قدمه أول النكاح، ويزاد خامس سيذكره في بابه وهو حرمة اللعان، وقد نظمت السبعة مع الخمسة المزيدة بقولي: أنواع تحريم النكاح سبع * قرابة ملك رضاع جمع كذاك شرك نسبة المصاهرة * وأمة عن حرة مؤخره وزيد خمسة أتتك بالبيان * تطليقه لها ثلاثا واللعان تعلق بحق غير من نكاح * أو عدة خنوثة بلا اتضاح وآخر الكل اختلاف الجنس * كالجن والمائي لنوع الانس قوله: (حرم على المتزوج) أي مريد التزوج، وقوله ذكرا كان أو أنثى بيان لفائدة إرجاع الضمير إلى المتزوج الشامل لهما لا إلى الرجل، فإن ما يحرم على الرجل يحرم على الأنثى إلا ما يختص بأحد الفريقين بدليله، فالمراد هنا أن الرجل كما يحرم عليه تزوج أصله أو فرعه كذلك يحرم على المرأة تزوج أصلها أو فرعها، وكما يحرم عليه تزوج بنت أخيه يحرم عليها تزوج ابن أخيها وهكذا، فيؤخذ في جانب المرأة نظير ما يؤخذ في جانب الرجل لا عينه، وهذا معنى قوله في المنح: كما يحرم على الرجل أن يتزوج بمن ذكر يحرم على المرأة أن تتزوج بنظير من ذكر ا ه. فلا يقال: إنه يلزم أن يصير المعنى يحرم على المرأة أن تتزوج بنت أخيها، لان نظير بنت الأخ في جانب الرجل ابن الأخ في جانب المرأة. ولا يرد أيضا أنه يلزم من حرمة تزوج الرجل بأصله كأمه حرمة تزوجها بفرعها، لان التصريح باللازم غير معيب، فافهم. قوله: (علا أو نزل) نشر على ترتيب اللف، وتفكيك الضمائر إذا ظهر المراد يقع في الكلام الفصيح، فافهم. قوله: (وأخته) عطف على بنت لا على أخيه بقرينة قوله وبنتها لكنه مجرور بالنظر للشروح مرفوع بالنظر للمتن ح. لان المضاف وهو نكاح الداخل على قوله أصله من كلام الشارح. قوله: (ولو من زنى) أي بأن يزني الزاني ببكر ويمسكها حتى تلد بنتا. بحر عن الفتح. قال الحانوتي: ولا يتصور كونها ابنته من الزنى إلا بذلك، إذ لا يعلم كون الولد منه إلا به ا ه: أي لأنه لو لم يمسكها يحتمل أن غيره زنى بها لعدم الفراش النافي لذلك الاحتمال. قال ح: قوله ولو من زنى تعميم بالنظر إلى كل ما قبله: أي لا فرق في أصله أو فرعه أو أخته أن يكون من الزنى أو لا، وكذا إذا كان له أخ من الزنى له بنت من النكاح، أو من النكاح له بنت من الزنى، وعلى قياسه قوله وبنتها وعمته وخالته أي أخته من النكاح لها بنت من الزنى، أو من الزنى لها بنت من النكاح، أو من الزنى لها بنت من الزنى، وكذا أبوه من النكاح له أخت من الزنى، أو من الزنى له أخت من النكاح، ومن الزنى له أخت من الزنى، وكذا أمه من النكاح لها أخت من الزنى، أو من الزنى لها أخت من النكاح، أو من الزنى لها أخت من الزنى.
31 إذا عرفت هذا فكان ينبغي أن يؤخر التعميم عن قوله وخالته اه. قلت: لكن ما ذكره الشارح أحوط: لأنه اقتصر على ما رآه منقولا في البحر عن الفتح حيث قال: ودخل في البنت بنته من الزنى فتحرم عليه بصريح النص لأنها بنته لغة، والخطاب إنما هو باللغة العربية ما لم يثبت نقل كلفظ الصلاة ونحوه فيصير منقولا شرعيا، وكذا أخته من الزنى وبنت أخته وبنت أخيه أو ابنه منه ا ه. فلو أخر التعميم عن الكل كان غير مصيب في اتباع النقل، على أن ما ذكره في البحر هنا مخالف لما ذكره نفسه في كتاب الرضاع من أن البنت من الزنى لا تحرم على عم الزاني وخاله لأنه لم يثبت نسبها من الزاني حتى يظهر فيها حكم القرابة، وأما التحريم على آباء الزاني وأولاده فلاعتبار الجزئية ولا جزئية بينها وبين العم والخال ا ه. ومثله في الفتح هناك عن التجنيس، وسنذكر عبارة التجنيس قريبا، فافهم. تنبيه: ذكر في البحر أنه دخل بنت الملاعنة أيضا فلها حكم البنت هنا، لأنه بسبيل من أن يكذب نفسه ويدعيها فيثبت نسبها منه كما في الفتح. قال: وقدمنا في باب المصرف عن المعراج أن ولد أم الولد الذي نفاه لا يجوز دفع الزكاة إليه، ومقتضاه ثبوت البنتية فيما يبنى على الاحتياط، فلا يجوز لولده أن يتزوجها لأنها أخته احتياطا ويتوقف على نقل، ويمكن أن يقال في بنت الملاعنة: إنها تحرم باعتبار أنها ربيبة وقد دخل بأمها، لا لما تكلفه في الفتح كما لا يخفى انتهى. لكن ثبوت اللعان لا يتوقف على الدخول بأمها وحينئذ فلا يلزم أن تكون ربيبته. نهر. قوله: (فهذه السبعة الخ) لكن اختلف في توجيه حرمة الجدات وبنات البنات، فقيل بوضع اللفظ وحقيقته، لان الام في اللغة الأصل والبنت الفرع، فيكون الاسم حينئذ من قبيل المشكك، وقيل بعموم المجاز، وقيل بدلالة النص، والكل صحيح وتمامه في البحر. وأفاد أن حرمة البنت من الزنى بصريح النص المذكور كما تقدم. قوله: (ويدخل عمة جده وجدته) أي في قول المتن وعمته كما دخلت في قوله تعالى: * ( وعماتكم) * ومثله قوله وخالتهما كما في الزيلعي ح. قوله: (الأشقاء وغيرهن) لا يختص هذا التعميم بالعمة والخالة، فإن جميع ما تقدم سوى الأصل والفرع كذلك كما أفاده الاطلاق، لكن فائدة التصريح به هنا التنبيه على مخالفته لما بعده كما تعرفه، فافهم. قوله: (وأما عمة عمة أمه الخ) قال في النهر: وأما عمة العمة وخالة الخالة فإن كانت العمة القربى لامه لا تحرم، وإلا حرمت، وإن كانت الخالة القربى لأبيه لا تحرم، وإلا حرمت، لان أبا العمة حينئذ يكون زوج أم أبيه، فعمتهما أخت زوج الجدة ثم الأب وأخت زوج الام لا تحرم فأخت زوج الجدة بالأولى، وأم الخالة القربى تكون امرأة الجد أبي الام فأختها أخت امرأة أبي الام وأخت امرأة الجد لا تحرم ا ه. والمراد من قوله لامه أن تكون العمة أخت أبيه لام احترازا عما إذا كانت أخت أبيه لأب أو لأب وأم، فإن عمة هذه العمة لا تحل لأنها تكون أخت الجد أبي الأب. والمراد من قوله وإن كانت الخالة القربى لأبيه أن تكون أخت أمه لأبيها احترازا عما إذا كانت أختها لامها أو شقيقة، فإن خالة هذه الخالة تكون أخت جدته أم أمه، فلا تحل، وكأن الشارح فهم من قول النهر لامه، وقوله لأبيه إن الضمير فيهما راجع إلى مريد النكاح كما هو المتبادر منه فقال ما قال وليس كذلك لما علمته فكان عليه أن يقول: وأما عمة العمة لام وخالة الخالة لأب. ويمكن تصحيح كلامه بأن تقيد العمة
32 القربى بكونها أخت الجد لامه والخالة القربى بكونها أخت الجدة لأبيها كما أوضحه المحشي، وأما على إطلاقه فغير صحيح. قوله: (بنت زوجته الموطوءة) أي سواء كانت في حجره: أي كنفه ونفقته أو لا، ذكر الحجر في الآية خرج مخرج العادة أو ذكر للتشنيع عليهم كما في البحر. واحترز بالموطوءة عن غيرها، فلا تحرم بنتها بمجرد العقد. وفي ح عن الهندية أن الخلوة بالزوجة لا تقوم مقام الوطئ في تحريم بنتها ا ه. قلت: لكن في التجنيس عن أجناس الناطفي قال في نوادر أبي يوسف: إذا خلا بها في صوم رمضان أو حال إحرامه لم يحل له أن يتزوج بنتها. وقال محمد: يحل، فإن الزوج لم يجعل واطئا حتى كان لها نصف المهر ا ه. وظاهره أن الخلاف في الخلوة الفاسدة، أما الصحيحة فلا خلاف في أنها تحرم البنت. تأمل. وسيأتي تمام الكلام عليه في باب المهر عند ذكر أحكام الخلوة. ويشترط وطؤها في حال كونها مشتهاة، أما لو دخل بها صغيرة لا تشتهى فطلقها فاعتدت بالأشهر ثم تزوجت بغيره فجاءت ببنت حل لواطئ أمها قبل الاشتهاء التزوج بها كما يأتي متنا، وكذا يشترط فيه أن يكون في حال الوطئ مشتهى كما نذكره هناك. قوله: (وأم زوجته) خرج أم أمته فلا تحرم إلا بالوطئ أو دواعيه، لان لفظ النساء إذا أضيف الأزواج كان المراد منه الحرائر كما في الظهار والايلاء بحر وأراد بالحرائر النساء المعقود عليهن ولو أمة لغيره، كما أفاده الرحمتي وأبو السعود. قوله: (وجداتها مطلقا) أي من قبل أبيها وأمها وإن علون. بحر. قوله: (بمجرد العقد الصحيح) يفسره قوله وإن لم توطأ ح قوله: (الصحيح) احتراز عن النكاح الفاسد فإنه لا يوجب بمجرده حرمة المصاهرة بل بالوطئ أو ما يقوم مقامه من المس بشهوة والنظر بشهوة، لان الإضافة لا تثبت إلا بالعقد الصحيح. بحر: أي الإضافة إلى الضمير في قوله تعالى: * (وأمهات نسائكم) * أوفي قوله وأم زوجته، ويوجد في بعض النسخ زيادة قوله فالفاسد لا يحرم إلا بمس شهوة ونحوه. قوله: (الزوجة) أبدله في الدرر بالام، وهو سبق قلم. قوله: (ويدخل) أي في قوله: وبنت زوجته بنات الربيبة والربيب وثبتت حرمتهن بالاجماع، وقوله تعالى: * (وربائبكم) * بحر. قوله: (وفي الكشاف الخ) تبع في النقل عنه صاحب البحر، ولا يخفى أن المتون طافحة بأن اللمس ونحوه كالوطئ في إيجابه حرمة المصاهرة من غير اختصاص بموضع دون موضع، لكن لما كانت الآية مصرحة بحرمة الربائب بقيد الدخول وبعدمها عند عدمه كان ذلك مظنة أن يتوهم أن خصوص الدخول هنا لا بد منه، وأن تصريحهم بأن اللمس ونحوه يوجب حرمة المصاهرة مخصوص بما عدا الربائب لظاهر الآية، فنقل التصريح عن أبي حنيفة بأنه قائم مقام الوطئ هنا لدفع ذلك الوهم، ولبيان أنه ليس من تخريجات المشايخ وكأنه لم يجد التصريح به هنا عن أبي حنيفة إلا في الكشاف فنقل ذلك عنه، لان الزمخشري من مشايخ المذهب وهو حجة في النقل، ولكون الموضع موضع خفاء أكد ذلك بقوله وأقره المصنف فافهم. قوله: (وزوجة أصله وفرعه) لقوله تعالى: * (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم) * وقوله تعالى: * (وحلائل
33 أبنائكم الذين من أصلابكم) * والحليلة الزوجة، وأما حرمة الموطوءة بغير عقد فبدليل آخر، وذكر الأصلاب لإسقاطه حليلة الابن المتبنى لا لإحلال حليلة الابن رضاعا فإنها تحرم كالنسب. بحر وغيره. قوله: (ولو بعيدا الخ) بيان للاطلاق: أي ولو كان الأصل أو الفرع بعيدا كالجد وإن علا وابن الابن وإن سفل. وتحرم زوجة الأصل والفرع بمجرد العقد دخل بها أو لا. قوله: (وأما بنت زوجة أبيه أو ابنه فحلال) وكذا بنت ابنها. بحر. قال الخير الرملي: ولا تحرم بنت زوج الام ولا أمه ولا أم زوجة الأب ولا بنتها ولا أم زوجة ابن ولا بنتها ولا زوجة الربيب ولا زوجة الراب ا ه. قوله: (نسبا) تمييز عن نسبة تحريم للضمير المضاف إليه، وكذا قوله مصاهرة وقوله رضاعا تمييز عن نسبة تحريم إلى الكل: يعني يحرم من الرضاع أصوله وفروعه وفروع أبويه وفروعهم، وكذا فروع أجداده وجداته الصلبيون، وفروع زوجته وأصولها وفروع زوجها وأصوله وحلائل أصوله وفروعه، وقوله: إلا ما استثني أي استثناء منقطعا، وهو تسع صور تصل بالبسط إلى مائة وثمانية كما سنحققه ح. تنبيه: مقتضى قوله والكل رضاعا مع قوله سابقا ولو من زنى حرمة فرع المزنية وأصلها رضاعا، وفي القهستاني عن شر الطحاوي عدم الرحمة، ثم قال: لكن في النظم وغيره أنه يحرم كل من الزاني والمزنية على أصل الآخر وفرعه رضاعا ا ه. ومقتضى تقييده بالفرع والأصل أنه لا خلاف في عدم الحرمة على غيرهما من الحواشي كالأخ والعم. وفي التجنيس: زنى بامرأة فولدت فأرضعت بهذا اللبن صبية لا يجوز لهذا الزاني تزوجها ولا لأصوله وفروعه، ولعم الزاني التزوج بها، كما لو كانت ولدت له من الزنى، والخال مثله لأنه لم يثبت نسبها من الزاني، حتى يظهر فيها حكم القرابة والتحريم على أبي الزاني وأولاده وأولادهم لاعتبار الجزئية ولا جزئية بينها وبين العم، وإذا ثبت ذلك في المتولدة من الزنى فكذا في المرضعة بلبن الزنى ا ه. قلت: وهذا مخالف لما مر من التعميم في قول الشارح ولو من زنى كما نبهنا عليه هناك. قوله: (تقع مغلطة) كمفعلة محل الغلط، أو بتشديد اللام المكسورة وضم الميم: أي مسألة تغلط من يجيب عنها بلا تأمل فيها. قوله: (ولها منه لبن) أي نزل منها بسبب ولادتها منه قوله: (فحرمت عليه) لكونها صارت أمه رضاعا قوله: (فدخل بها) قيد به ليمكن توهم إحلالها للأول والصغير لا يمكن منه الدخول. قوله: (بواحدة أم بثلاث) الأول بناء على القول بأن الزوج الثاني لا يهدم ما دون الثلاث، والثاني بناء على القول بأنه يهدمه كما سيأتي في بابه. قوله: (لصيرورتها حليلة ابنه رضاعا) لان ثبوت البنوة بالإرضاع مقارن للزوجية، فيصح وصفها بكونها زوجة ابنه وابنها رضاعا، وكذا إن قلنا: إن ثبوت البنوة عارض على الزوجية ومعاقب لها، لأنه لا يلزم اجتماع الوصفين في وقت واحد، ولذا تحرم عليه ربيبته المولودة بعد طلاقه أمها وزوجة أبيه من الرضاع المطلقة قبل ارتضاعه،
34 فافهم. قوله: (إن علم أنه وطئها) فإن علم عدم الوطئ أو شك تحل اه ح. والمراد بالعلم ما يشمل غلبة الظن، إذ حصول العلم اليقيني في ذلك نادر، ومنه إخبار الأب بأنه وطئها وهي في ملكه. ففي البحر عن المحيط: رجل له جارية فقال قد وطئتها لا تحل لابنه، وإن كانت في غير ملكه فقال: قد وطئتها يحل لابنه أن يكذبه ويطأها لأن الظاهر يشهد له ا ه: أي يشهد للابن، والظاهر أن المراد الاخبار بأن الوطئ كان في غير ملكه، أما لو كانت في ملكه ثم باعها ثم أخبر بأنه وطئها حين كانت في ملكه لا تحل لابنه. تأمل. قوله: (فوجدها ثيبا) أي حين أراد جماعها كما في البحر والمنح وذلك بإخبارها أو بأمر غير الجماع، أما لو جامعها فوجدها ثيبا وجب عليه مهر مثلها لوطئ الشبهة، والوطئ في دار الاسلام لا يخلو عن عقر أو عقر. رحمتي. قوله: (وحرم أيضا بالصهرية أصل مزيته) قال في البحر: أراد بحرمة المصاهرة الحرمات الأربع: حرمة المرأة على أصول الزاني وفروعه نسبا ورضاعا، وحرمة أصولها وفروعها على الزاني نسبا ورضاعا كما في الوطئ الحلال، ويحل لأصول الزاني وفروعه أصول المزني بها وفروعها ا ه. ومثله ما قدمناه قريبا عن القهستاني عن النظم وغيره، وقوله: ويحل الخ: أي كما يحل ذلك بالوطئ الحلال وتقييده بالحرمات الأربع مخرج لما عداها وتقدم آنفا الكلام عليه. قوله: (أراد بالزنى الوطئ الحرام) لان الزنى وطئ مكلف في فرج مشتهاة ولو ماضيا خال عن الملك وشبهته، وكذا تثبت حرمة المصاهرة لو وطئ المنكوحة فاسدا أو المشتراة فاسدا أو الجارية المشتركة أو المكاتبة أو المصاهرة منها أو الأمة المجوسية أو زوجته الحائض أو النفساء أو كان محرما أو صائما، وإنما قيد بالزنى لان فيه خلاف الشافعي، وليفيد أنها لا تثبت بالوطئ بالدبر كما يأتي، خلافا للأوزاعي وأحمد. قال في الفتح: وبقولنا قال مالك في رواية وأحمد، وهو قول عمر وابن مسعود وابن عباس في الأصح وعمران ابن الحصين وجابر وأبي عائشة وجمهور التابعين كالبصري والشعبي والنخعي والأوزاعي وطاوس ومجاهد وعطاء وابن المسيب وسليمان بن يسار وحماد والثوري وابن راهويه، وتمامه مع بسط الدليل فيه. قوله: (وأصل ممسوسته الخ)، لان المس والنظر سبب داع إلى الوطئ فيقام مقامه في موضع الاحتياط. هداية، واستدل لذلك في الفتح بالأحاديث والآثار عن الصحابة والتابعين. قوله: (بشهوة) أي ولو من أحدهما كما سيأتي. قوله: (ولو لشعر على الرأس) خرج به المسترسل، وظاهر ما في الخانية ترجيح أن مس الشعر غير محرم، وجزم في المحيط بخلافه ورجحه في البحر، وفصل في الخلاصة فخص التحريم بما على الرأس دون المسترسل، وجزم به في الجوهرة وجعله في النهر محمل القولين، وهو ظاهر فلذا جزم به في الشارح. قوله: (بحائل لا يمنع الحرارة) أي ولو بحائل الخ، فلو كان مانعا لا تثبت الحرمة، كذا في أكثر الكتب، وكذا لو جامعها بخرقة على ذكره، فما في الذخيرة من أن الامام ظهير الدين يفتي بالحرمة في القبلة على الفم والذقن والخد والرأس وإن كان على المقنعة محمول على ما إذا كانت رقيقة تصل الحرارة معها. بحر. قوله: (وأصل ماسته) أي بشهوة. قال في الفتح: وثبوت الحرمة بلمسها مشروط بأن يصدقها، ويقع في أكبر رأيه صدقها، وعلى هذا ينبغي أن يقال في مسه
35 إياها: لا تحرم على أبيه وابنه إلا أن يصدقاه أو يغلب على ظنهما صدقه، ثم رأيت عن أبي يوسف ما يفيد ذلك ا ه. قوله: (وناظرة) أي بشهوة. قوله: (والمنظور إلى فرجها) قيد الفرج لان ظاهر الذخيرة وغيرها أنهم اتفقوا على أن النظر بشهوة إلى سائر أعضائها لا عبرة به ما عدا الفرج، وحينئذ فإطلاق الكنز في محل التقييد. بحر. قوله: (المدور الداخل) اختاره في الهداية وصححه في المحيط والذخيرة. وفي الخانية: وعليه الفتوى، وفي الفتح: وهو ظاهر الرواية، لان هذا حكم تعلق بالفرج، والداخل فرج من كل وجه. والخارج فرج من وجه، والاحتراز عن الخارج متعذر، فسقط اعتباره، ولا يتحقق ذلك إلا إذا كانت متكئة. بحر. فلو كانت قائمة أو جالسة غير مستندة لا تثبت الحرمة. إسماعيل. وقيل: تثبت بالنظر إلى منابت الشعر، وقيل إلى الشق، وصححه في الخلاصة: بحر. قوله: (أو ماء هي فيه) احتراز عما إذا كانت فوق الماء فرآه من الماء كما يأتي. قوله: (وفروعهن) بالرفع عطفا على أصل مزيته وفيه تغليب المؤنث على المذكر بالنسبة إلى قوله وناظرة إلى ذكره. قوله: (مطلقا) يرجع إلى الأصول والفروع: أي وإن علون وإن سفلن ط. قوله: (والعبرة الخ) قال في الفتح: وقوله بشهوة في موضع الحال، فيفيد اشتراط الشهوة حال المس، فلو مس بغير شهوة ثم اشتهى عن ذلك المس لا تحرم عليه ا ه. وكذلك في النظر كما في البحر، فلو اشتهى بعد ما غض بصره لا تحرم. قلت: ويشترط وقوع الشهوة عليها لا على غيرها، لما في الفيض: لو نظر إلى فرج بنته بلا شهوة فتمنى جارية مثلها فوقعت له الشهوة على البنت تثبت الحرمة، وإن وقعت على من تمناها فلا. قوله: (وحدها فيهما) أي حد الشهوة في المس والنظر ح. قوله: (أو زيادته) أي زيادة التحرك إن كان موجودا قبلهما. قوله: (به يفتى) وقيل حدها أن يشتهي بقلبه إن لم يكن مشتهيا، أو يزداد إن كان مشتهيا، ولا يشترط تحرك الآلة، وصححه في المحيط والتحفة وفي غاية البيان وعليه الاعتماد، والمذهب الأول. بحر. قال في الفتح: وفرع عليه ما لو انتشر وطلب امرأة فأولج بين فخذي بنتها خطأ لا تحرم أمها ما لم يزدد الانتشار. قوله: (وفي امرأة ونحو شيخ الخ) قال في الفتح: ثم هذا الحد في حق الشاب، أما الشيخ والعنين فحدهما تحرك قلبه أو زيادته إن كان متحركا لا مجرد ميلان النفس، فإنه يوجد فيمن لا شهوة له أصلا كالشيخ الفاني، ثم قال: ولم يحدوا الحد المحرم منها: أي من المرأة وأقله تحرك القلب على وجه يشوش الخاطر. قال ط: ولم أر حكم الخنثى المشكل في الشهوة، ومقتضى معاملته بالأضر أن يجري عليه حكم المرأة. قوله: (وفي الجوهرة الخ) كذا في النهر، وعلى هذا ينبغي أن يكون مس الفرج كذلك، بل أولى لان تأثير المس فوق تأثير النظر بدليل إيجابه حرمة المصاهرة في غير الفرج إذا كان بشهوة، بخلاف النظر ح. قلت: ويمكن أن يكون ما في الجوهرة مفرعا على القول الآخر في حد الشهوة، فلا يكون للنظر احترازا عن مس الفرج ولا عن مس غيره. تأمل. قوله: (فلا حرمة) لأنه بالانزال تبين أنه غير مفض إلى الوطئ. هداية.
36 قال في العناية: ومعنى قولهم: إنه لا يوجب الحرمة بالانزال، أن الحرمة عند ابتداء المس بشهوة كان حكمها موقوفا إلى أن يتبين بالانزال، فإن أنزل لم تثبت، وإلا ثبت، لا أنها تثبت بالمس ثم بالانزال تسقط لان حرمة المصاهرة إذا ثبتت لا تسقط أبدا. قوله: (وفي الخلاصة الخ) هذا محترز التقييد بالأصول والفروع، وقوله لا تحرم أي لا تثبت حرمة المصاهرة، فالمعنى: لا تحرم حرمة مؤبدة، وإلا فتحرم إلى انقضاء عدة الموطوءة لو بشبهة. قال في البحر: لو وطئ أخت امرأته بشبهة تحرم امرأته ما لم تنقض عدة ذات الشبهة. وفي الدراية عن الكامل: لو زنى بإحدى الأختين لا يقرب الأخرى حتى تحيض الأخرى حيضة، واستشكله في الفتح، ووجهه أنه لا اعتبار لماء الزاني، ولذا لو زنت امرأة رجل لم تحرم عليه، وجاز له وطؤها عقب الزنا ا ه. قوله: (لا تحرم المنظور إلى فرجها الخ) تبع في هذا التعبير صاحب الدرر، واعترضه الشرنبلالي بأنه لا يصح إلا بتقدير مضاف: أي لا يحرم أصل وفرع المنظور إلى فرجها، لما أنه لا يحرم نفس المنظور إلى فرجها. وأجيب بأن المراد لا تحرم على أصول الناظر وفروعه، وفيه أن الكلام في الحرمة وعدمها بالنسبة إلى أصولها وفروعها، فالأولى إسقاط لفظ تحرم وإبقاء المتن على حاله، فيكون قوله لا المنظور معطوفا على قوله والمنظور والمعنى: لا يحرم أصلها وفرعها، ويعلم منه عدم حرمتها عليه وعلى أصوله وفروعه بالأولى، فافهم. قوله: (إذا رآه) لا حاجة إليه لصحة تعلق الجار بقوله المنظور ط. قوله: (لان المرئي مثاله الخ) يشير إلى ما في الفتح من الفرق بين الرؤية من الزجاج والمرآة، وبين الرؤية في الماء ومن الماء حيث قال: كأن العلة والله سبحانه وتعالى أعلم أن المرئي في المرآة مثاله لا هو، وبهذا عللوا الحنث (1) فيما إذا حلف لا ينظر إلى وجه فلان فنظره في المرآة أو الماء، وعلى هذا فالتحريم به من وراء الزجاج، بناء على نفوذ البصر منه فيرى نفس المرئي بخلاف المرآة ومن الماء، وهذا ينفي كون الابصار من المرآة والماء بواسطة انعكاس الأشعة، وإلا لرآه بعينه بل بانطباع مثل الصورة فيهما، بخلاف المرئي في الماء لان البصر ينفذ فيه إذا كان صافيا فيرى نفس ما فيه، وإن كان لا يراه على الوجه الذي هو عليه، ولهذا كان له الخيار إذا اشترى سمكة رآها في ماء بحيث تؤخذ منه بلا حيلة ا ه. وبه يظهر فائدة قول الشارح مثاله لا يناسب قول المصنف تبعا للدرر بالانعكاس ولهذا قال في الفتح: وهذا ينفي الخ، وقد يجاب بأنه ليس مراد المصنف بالانعكاس البناء على القول بأن الشعاع الخارج من الحدقة الواقع على سطح الصقيل كالمرآة والماء ينعكس من سطح الصقيل إلى المرئي، حتى يلزم أنه يكون المرئي حينئذ حقيقته لأمثاله، وإنما أراد به انعكاس نفس المرئي، وهو المراد بالمثال فيكون مبنيا على القول الآخر، ويعبرون عنه بالانطباع وهو أن المقابل للصقيل تنطبع صورته ومثاله فيه لا عينه، ويدل عليه تعبير قاضيخان بقوله: لأنه لم ير فرجها، وإنما رأى عكس فرجها، فافهم. قوله: (هذا) أي جميع ما ذكر في مسائل المصاهرة. قوله: (مشتهاة)
(1) قوله: (عللوا الحنث) كذا بالأصل ولعل الصواب: عدم الحنث ا ه. 37 سيأتي تعريفها بأنها بنت تسع فأكثر. قوله: (ولو ماضيا) كعجوز شوهاء لأنها دخلت تحت الحرمة، فلا تخرج، ولجواز وقوع الولد منها كما وقع لزوجتي إبراهيم وزكريا عليهما الصلاة والسلام قوله: (فلا تثبت الحرمة بها) أي بوطئها أو لمسها أو النظر إلى فرجها. وقوله: أصلا أي سواء كان بشهوة أو لا، وسواء أنزل أو لا. قوله: (مطلقا) أي سواء كان بصبي أو امرأة كما في غاية البيان، وعليه الفتوى كما في الواقعات. ح عن البحر. في الولوالجية: أتى رجل رجلا له أن يتزوج ابنته، لان هذا الفعل لو كان في الإناث لا يوجب حرمة المصاهرة، ففي الذكر أولى. قوله: (لعدم تيقن كونه في الفرج) علة لعدم إيجاب وطئ المفضاة المصاهرة فقط، وأما العلة في عدم إيجاب وطئ الدبر المصاهرة فالتيقن بعدم كون الوطئ في الفرج الذي هو محل الحرث، وإنما تركها لانفهامها بالأولى. قال في البحر: وأورد عليهما: أي على المسألتين أن الوطئ فيهما وإن لم يكن سببا للحرمة، فالمس بشهوة سبب لها بل الموجود فيهما أقوى، وأجيب بأن العلة هي الوطئ السبب للولد وثبوت الحرمة بالمس ليس إلا لكونه سببا لهذا الوطئ، ولم يتحقق في الصورتين ا ه. وبه علم أنه لا فرق في المسألتين بين الانزال وعدمه ح. قوله: (ما لم تحبل منه) زاد في الفتح: وعلم كونه منه: أي بإمساكها عنده حتى تلد كما قدمناه، وهذا في الزنا لا في النكاح كما لا يخفى. قوله: (بلا فرق بين زنا ونكاح) راجع لاشتراط كونها مشتهاة لثبوت الحرمة كما في البحر مفرعا عليه قوله فلو تزوج صغيرة الخ. قوله: (جاز له التزوج ببنتها) (1) أما أمها فحرمت عليه بمجرد العقد ط. قوله: (فلو جامع غير مراهق الخ) الذي في الفتح: حتى لو جامع ابن أربع سنين زوجه أبيه لا تثبت الحرمة: قال في البحر: وظاهره اعتبار السن الآتي في حد المشتهاة: أعني تسع سنين. قال في النهر وأقول: التعليل بعدم الاشتهاء يفيد أن من لا يشتهي لا تثبت الحرمة بجماعه، ولا خفاء أن ابن تسع عار من هذا، بل لا بد أن يكون مراهقا، ثم رأيته في الخانية قال: الصبي الذي يجامع مثله كالبالغ، قالوا: وهو أن يجامع ويشتهي، وتستحيي النساء من مثله، وهو ظاهر في اعتبار كونه مراهقا لا ابن تسع، ويدل عليه ما في الفتح: مس المراهق كالبالغ، وفي البزازية: المراهق كالبالغ حتى لو جامع امرأته أو لمس بشهوة تثبت حرمة المصاهرة ا ه. وبه ظهر أن ما عزاه الشارح إلى الفتح وإن لم يكن صريح كلامه لكنه مراده. فتحصل من هذا: أنه لا بد في كل منهما من سن المراهقة، وأقله للأنثى تسع وللذكر اثنا عشر، لان ذلك أقل مدة يمكن فيها البلوغ كما صرحوا به في باب بلوغ الغلام، وهذا يوافق ما مر من أن العلة هي الوطئ الذي يكون سببا للولد أو المس الذي يكون سببا لهذا الوطئ، ولا يخفى
(1) لعل في بعض نسخ المتن: جاز له التزوج كما يدل له كتابه المحشي ويكون قول الشارح للأول تفسير القول المتن له فليحرر. 38 أن غير المراهق منهما لا يتأتى منه الولد. قوله: (ولا فرق فيما ذكر) أي من التحريم، وقوله: بين اللمس والنظر صوابه في اللمس والنظر وعبارة (الفتح): ولا فرق في ثبوت الحرمة بالمس بين كونه عامدا أو ناسيا أو مكرها أو مخطئا الخ. أفاده ح. قال الرحمتي: وإذا علم ذلك في المس والنظر علم في الجماع بالأولى. قوله: (فلو أيقظ الخ) تفريع على الخطأ ط. قوله: (أو يدها ابنه) أي المراهق كما علم مما مر، وأما تقييد الفتح بكونه ابنه من غيرها فقال في النهر: ليعلم ما إذا كان ابنه منها بالأولى، ولا بد من التقييد بالشهوة أو ازديادها في الموضعين. قوله: (قبل أم امرأته الخ) قال في الذخيرة: وإذا قبلها أو لمسها أو نظر إلى فرجها ثم قال: لم يكن عن شهوة، ذكر الصدر الشهيد أنه في القبلة يفتى بالحرمة، ما لم يتبين أنه بلا شهوة، وفي المس والنظر لا، إلا إن تبين أنه بشهوة، لان الأصل في التقبيل الشهوة، بخلاف المس والنظر، وفي بيوع العيون خلاف، هذا إذا اشترى جارية على أنه بالخيار وقبلها أو نظر إلى فرجها ثم قال: لم يكن عن شهوة وأراد ردها صدق، ولو كانت مباشرة لم يصدق. ومنهم من فصل في القبلة فقال: إن كانت على الفم يفتى بالحرمة، ولا يصدق أنه بلا شهوة، وإن كانت على الرأس أو الذقن أو الخد فلا، إلا إذا تبين أنه بشهوة. وكان الامام ظهير الدين يفتي بالحرمة في القبلة مطلقا، ويقول: لا يصدق في أنه لم يكن بشهوة. وظاهر إطلاق بيوع العيون يدل على أنه يصدق في القبلة على الفم أو غيره. وفي البقالي: إذا أنكر الشهوة في المس يصدق، إلا أن يقوم إليها منتشرا فيعانقها، وكذا قال في المجردة: وانتشاره دليل شهوته ا ه. قوله: (على الصحيح جوهرة) الذي في الجوهرة للحدادي خلاف هذا، فإنه قال: لو مس أو قبل، وقال لم أشته صدق، إلا إذا كان المس على الفرج والتقبيل في الفم ا ه وهذا هو الموافق لما سينقله الشارح عن الحدادي، ولما نقله عنه في البحر قائلا: ورجحه في فتح القدير وألحق الخد بالفم ا ه. وقال في الفيض: ولو قام إليها وعانقها منتشرا أو قبلها وقال لم يكن عن شهوة لا يصدق، ولا قبل ولم تنتشر آلته وقال كان عن غير شهوة يصدق، وقيل لا يصدق لو قبلها على الفم، وبه يفتى ا ه. فهذا كما ترى صريح في ترجيح التفصيل. وأما تصحيح الاطلاق الذي ذكره الشارح، فلم أره لغيره، نعم قال القهستاني: وفي القبلة يفتى بها: أي بالحرمة ما لم يتبين أنه بلا شهوة، ويستوي أن يقبل الفم أو الذقن أو الخد أو الرأس. وقيل إن قبل الفم يفتى بها وإن ادعى أنه بلا شهوة، وإن قبل غيره لا يفتى بها إلا إذا ثبتت الشهوة ا ه. وظاهره ترجيح الاطلاق في التقبيل، لكن علمت التصريح بترجيح التفصيل. تأمل. قوله: (حرمت عليه امرأته الخ) أي يفتى بالحرمة إذا سئل عنها، ولا يصدق إذا ادعى عدم الشهوة إلا إذا ظهر عدمها بقرينة الحال، وهذا موافق لما تقدم عن القهستاني والشهيد، ومخالف لما نقلناه عن الجوهرة ورجحه في الفتح، وعلى هذا فكان الأولى أن يقول: لا تحرم ما لم تعلم الشهوة: أي بأن قبلها منتشرا، أو على الفم فيوافق ما نقلناه عن الفيض، ولما سيأتي أيضا، وحينئذ فلا فرق بين التقبيل والمس. قوله: (ولو على الفم) مبالغة على المنفي لا على النفي.
39 والمعنى: حرمت امرأته إذا لم يظهر عدم اشتهاء، وهو صادق بظهور الشهوة وبالشك فيها، أما إذا ظهر عدم الشهوة فلا تحرم ولو كانت القبلة على الفم ا ه. ح. قوله: (كما فهمه في الذخيرة) أي فهمه من عبارة العيون حيث قال: وظاهر ما أطلق في بيوع العيون إلى آخر ما مر، وأنت خبير بأن كلام المصنف مبني على أن الأصل في القبلة الشهوة، وأنه لا يصدق في دعوى عدمها، وهذا خلاف ما في العيون. تأمل. قوله: (وكذا القرص والعض بشهوة) ينبغي ترك قوله بشهوة كما فعل المصنف في المعانقة، لان المقصود تشبيه هذه الأمور بالتقبيل في التفصيل المتقدم، فلا معنى للتقييد ا ه ح. قوله: (ولو لأجنبية) أي لا فرق بين أن تكون زوجة أو أجنبية، أما الأجنبية فصورتها ظاهرة، وأما الزوجة فكما إذا تزوج امرأة فقرصها أو عضها أو قبلها أو عانقها ثم طلقها قبل الدخول حرمت عليه بنتها. واعلم أن هذا التعميم لا يخص ما نحن فيه، فإن جميع ما قبله كذلك ح، وخص البنت لان الام تحرم بمجرد العقد. قوله: (وتكفي الشهوة من إحداهما) هذا إنما يظهر في المس، أما في النظر فتعتبر الشهوة من الناظر، سواء وجدت من الآخر أم لا ا ه ط. وهكذا بحث الخير الرملي أخذا من ذكرهم ذلك في بحث المس فقط قال: والفرق اشتراكهما في لذة المس كالمشتركين في لذة الجماع، بخلاف النظر. قوله: (كبالغ) أي في ثبوت حرمة المصاهرة بالوطئ. أو المس أو النظر، ولو تمم المقابلات بأن قال: كبالغ عاقل صاح لكان أولى ط. وفي الفتح: لو مس المراهق وأقر بشهوة تثبت الحرمة عليه. قوله: (بزازية) لم أر فيها إلا المراهق دون المجنون والسكران، نعم رأيتهما في حاوي الزاهدي. قوله: (تحرم الام) كذا يوجد في بعض النسخ، وفي عامتها بدون الام، فهو من باب الحذف والإيصال كما قال ح. وعبارة القنية هكذا: قبل المجنون أم امرأته بشهوة أو السكران بنته تحرم اه: أي تحرم امرأته. قوله: (وبحرمة المصاهرة الخ) قال في الذخيرة: ذكر محمد في نكاح الأصل أن النكاح لا يرتفع بحرمة المصاهرة والرضاع، بل يفسد حتى لو وطئها الزوج قبل التفريق لا يجب عليه الحد، اشتبه عليه أو لم يشتبه عليه ا ه. قوله: (إلا بعد المتاركة) أي وإن مضى عليها سنون كما في (البزازية). وعبارة الحاوي: إلا بعد تفريق القاضي أو بعد المتاركة ا ه. وقد علمت أن النكاح لا يرتفع بل يفسد، وقد صرحوا في النكاح الفاسد بأن المتاركة لا تتحقق إلا بالقول، إن كانت مدخولا بها كتركتك أو خليت سبيلك، وأما غير المدخول بها فقيل تكون بالقول وبالترك على قصد عدم العود إليها، وقيل لا تكون إلا بالقول فيهما، حتى لو تركها ومضى على عدتها سنون لم يكن لها أن تتزوج بآخر، فافهم. قوله: (والوطئ بها الخ) أي الوطئ الكائن في هذا لحرمة قبل التفريق والمتاركة لا يكون زنا. قال في الحاوي: والوطئ فيها لا يكون زنا لأنه مختلف فيه، وعليه مهر المثل بوطئها بعد والحرمة ولا حد عليه ويثبت النسب ا ه. قوله: (وفي الخانية إلخ) مستغنى
40 عنه بما تقدم ح. قوله: (فدخلت فراش أبيها) كنى به عن المس، وإلا فمجرد الدخول بغير مس لا يعتبر ط. قوله: (ليست بمشتهاة به يفتى) كذا في البحر عن الخانية، ثم قال: فأفاد أنه لا فرق بين أن تكون سمينة أو لا، ولذا قال في المعراج: بنت خمس لا تكون مشتهاة اتفاقا وبنت تسع فصاعدا مشتهاة اتفاقا، وفيما بين الخمس والتسع اختلاف الرواية والمشايخ، والأصح أنها لا تثبت الحرمة ا ه. قوله: (وإن ادعت الشهوة في تقبيله) أي ادعت الزوجة أنه قبل أحد أصولها أو فروعها بشهوة، أو أن أحد أصولها أو فروعها قبله بشهوة، فهو مصدر مضاف إلى فاعله أو مفعوله، وكذا قوله أو تقبيلها ابنه فإن كانت إضافته إلى المفعول فابنه فاعل، والأنسب لنظم الكلام إضافة الأول لفاعله والثاني لمفعوله، ليكون فاعل يقوم الرجل أو ابنه كما أفاده ح. قوله: (فهو مصدق) لان ينكر ثبوت الحرمة والقول للمنكر، وهذا ذكره في الذخيرة في المس لا في التقبيل كما فعل الشارح، فإنه مخالف لما مشى عليه المصنف أولا من أنه في التقبيل يفتى بالحرمة ما لم يظهر عدم الشهوة، وقدمنا عن الذخيرة نقل الخلاف في ذلك فما هنا مبني على ما في بيوع العيون. قوله: (آلته) بالرفع فاعل منتشرا ط. قوله: (أو يركب معها) أي على دابة، بخلاف ما إذا ركبت على ظهره وعبر الماء حيث يصدق في أنه لا عن شهوة. بزازية. قوله: (وفي الفتح إلخ) قال فيه: والحاصل: أنه إذا أقر بالنظر وأنكر الشهوة صدق بلا خلاف، وفي المباشرة لا يصدق بلا خلاف فيما أعلم. وفي التقبيل اختلف فيه: قيل لا يصدق لأنه لا يكون إلا عن شهوة غالبا، فلا يقبل إلا أن يظهر خلافه بالانتشار ونحوه، وقيل يقبل، وقيل بالتفصيل بين كونه على الرأس والجبهة والخد فيصدق، أو على الفم فلا، والأرجح هذا إلا أن الخد يتراءى إلحاقه بالفم ا ه. وقوله: إلا أن يظهر إلخ حقه أن يذكر بعد قوله: وقيل يقبل كما لا يخفى ولم يذكر المس. وقدمنا عن الذخيرة أن الأصل فيه عدم الشهوة مثل النظر، فيصدق إذا أنكر الشهوة إلا أن يقوم إليها منتشرا: أي لان الانتشار دليل الشهوة، وكذا إذا كان المس على الفرج كما مر عن الحدادي، لأنه دليل الشهوة غالبا، وما ذكره في الفتح بحثا من إلحاق تقبيل الخد بالفم: أي بخلاف الرأس والجبهة غير ما تقدم في كلام الذخيرة عن الامام ظهير الدين، فإن ذاك لم يفصل، فافهم. قوله: (ولا يصدق أنه كذب إلخ) أي عند القاضي، أما بينه وبين الله تعالى إن كان كاذبا فيما أقر لم تثبت الحرمة، وكذا إذا أقر بجماع أمها قبل التزوج لا يصدق في حقها، فيجب كمال المسمى لو بعد الدخول ونصفه لو قبله. بحر. قوله: (تجنيس) كذا عزاه إليه في البحر، وكذا رأيته فيه أيضا، ونص عبارته: المختار أنه تقبل إليه، أشار محمد في الجامع، وإليه ذهب فخر الاسلام علي البزدوي، لان الشهوة مما يوقف عليه بتحرك العضو ممن يتحرك عضوه، أو
41 بآثار أخر ممن لا يتحرك عضوه ا ه. فما ذكره من التعليل من كلام التجنيس أيضا، وبه ظهر أن ما في النهر من عزوه إلى التجنيس أن المختار عدم القبول سبق قلم. قوله: (بين المحارم) الأولى حذفه، لان قول المصنف بين امرأتين يغني عنه، ولئلا يتوهم اختصاص الثاني بالجمع وطأ بملك يمين، ولا يصح إعرابه بدلا منه بدل مفصل من مجمل، لان الشارح ذكر له عاملا يخصه وهو قوله وحرم الجمع فافهم. وأراد بالمحارم ما يشمل النسب والرضاع. فلو كان له زوجتان رضيعتان أرضعتهما أجنبية فسد نكاحهما كما في البحر. قوله: (أي عقدا صحيحا) الأنسب حذف قوله صحيحا كما فعل في البحر والنهر، ولذا قال ح: لا ثمرة لهذا القيد فيما إذا تزوجهما في عقد واحد فإنه لا يكون صحيحا قطعا، ولا فيما إذا تزوجهما على التعاقب وكان نكاح الأولى صحيحا فإن نكاح الثانية والحالة هذه باطل قطعا، نعم له ثمرة فيما إذا تزوج الأولى فاسدا فإن له حينئذ أن يعقد على الثانية ويصدق عليه أنه جمع بينهما نكاحا، ونكاح الأولى وإن كان فاسدا يسمى نكاحا كما شاع في عباراتهم ا ه. قوله: (وعدة) معطوف على نكاحا منصوب مثله على التمييز. قوله: (ولو من طلاق بائن) شمل العدة من الرجعي، أو من اعتاق أم ولد خلافا لهما، أو من تفريق بعد نكاح فاسد، وأشار إلى أن من طلق الأربع لا يجوز له أن يتزوج امرأة قبل انقضاء عدتهن، فإن انقضت عدة الكل معا جاز له تزوج أربع، وإن واحدة فواحدة. بحر. فرع: ماتت امرأته له التزوج بأختها بعد يوم من موتها كما في الخلاصة عن الأصل، وكذا في المبسوط لصدر الاسلام والمحيط والسرخسي والبحر والتاترخانية وغيرها من الكتب المعتمدة، وأما ما عزي إلى النتف من وجوب العدة فلا يعتمد عليه، وتمامه في كتابنا تنقيح الفتاوى الحامدية. قوله: (بملك يمين) متعلق بوطئ، واحترز بالجمع وطأ عن الجمع ملكا من غير وطئ فإنه جائز كما في البحر ط. قوله: (بين امرأتين) يرجع إلى الجمع نكاحا وعدة ووطأة بملك يمين ط. أي في عبارة المصنف، أما على عبارة الشرح فهو متعلق بالأخير. قوله: رأيتهما فرضت إلخ أي أية واحدة منهما فرضت ذكرا لم يحل للأخرى، كالجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها، والجمع بين الام والبنت نسبا أو رضاعا، وكالجمع بين عمتين أو خالتين، كأن يتزوج كل من رجلين أم الآخر، فيولد لكل منهما بنت فيكون كل من البنتين عمة الأخرى. أو يتزوج كل منهما بنت الآخر ويولد لهما بنتان، فكل من البنتين خالة الأخرى كما في البحر. قوله: (أبدا) قيد به تبعا البحر وغيره لاخراج ما لو تزوج أمة ثم سيدتها فإنه يجوز، لأنه إذا فرضت الأمة ذكرا لا يصح له إيراد العقد على سيدته ولو فرضت السيدة ذكرا لا يحل له إيراد العقد على أمته إلا في موضع الاحتياط كما يأتي، لكن هذه الحرمة من الجانبين مؤقتة إلى زوال ملك اليمين، فإذا زال فأيتهما فرضت ذكرا صح إيراد العقد منه على الأخرى، فلذا جاز الجمع بينهما، واحتيج إلى إخراج هذه الصورة من القاعدة المذكورة بقيد الأبدية، لكن هذا بناء على أن المراد من عدم الحل في قوله: أيتهما فرضت ذكرا لم تحل للأخرى عدم حل إيراد العقد، أما لو أريد به عدم حل الوطئ لا يحتاج في إخراجها إلى قيد الأبدية لأنها خارجة بدونه فإنه لو فرضت السيدة ذكرا يحل له وطئ أمته. أفاده ح. قوله: (لا تنكح المرأة على
42 عمتها) تمامه ولا على خالتها ولا على ابنة أخيها ولا على ابنة أختها. قوله: (وهو مشهور) فإنه ثابت في صحيحي مسلم وابن حبان، ورواه أبو داود والترمذي والنسائي، وتلقاه الصدر الأول بالقبول من الصحابة والتابعين، ورواه الجم الغفير: منهم أبو هريرة، وجابر، وابن عباس، وابن عمر، وابن مسعود، وأبو سعيد الخدري، فيصلح مخصصا لعموم قوله تعالى: * (وأحل لكم ما وراء ذلكم) * مع أن العموم المذكور مخصوص بالمشركة والمجوسية وبناته من الرضاعة، فلو كان من أخبار الآحاد جاز التخصيص به غير متوقف على كونه مشهورا، والظاهر أنه لا بد من ادعاء الشهرة لان الحديث موقعه النسخ لا التخصص، لان * (ولا تنكحوا المشركات) * ناسخ لعموم * (وأحل لكم) * إذا لو تقدم لزم نسخه بالآية فلزم حل المشركات، وهو منتف، أو تكرار النسخ وهو خلاف الأصل بيان الملازمة أنه يكون السابق حرمة المشركات، ثم ينسخ بالعام، وهو * (أحل لكم ما وراء ذلكم) * (سورة النساء: الآية 42) ثم يجب تقدير ناسخ آخر لان الثابت الآن الحرمة، فتح. وبه اندفع ما في العناية من أن شرط التخصيص المقارنة عندنا وليست معلومة. تنبيه: ما ذكره من الدليل لا يكفي لاثبات عموم القاعدة من حرمة الجمع بين جميع المحارم، فإن الجمع بينهن حرام لافضائه إلى قطع الرحم لوقوع التشاجر عادة بين الضرتين، والدليل على اعتباره ما ثبت في الحديث برواية الطبراني، وهو قوله (ص) فإنكم إذا فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم وتمامه في الفتح. تتمة: عن هذا أجاب الرملي الشافعي عن الجمع بين الأختين في الجنة بأنه لا مانع منه، لان الحكم يدور مع العلة وجودا وعدما، وعلة التباغض وقطيعة الرحم منتفية في الجنة، إلا الام والبنت ا ه. أي لعلة الجزئية فيهما وهي موجودة في الجنة أيضا، بخلاف نحو الأختين. قوله: (أو أمة ثم سيدتها) الأولى عدم ذكر هذه الصورة لما علمت من أن إخراجها من القاعدة يقيد الأبدية مبني على أن المراد من عدم الحل عدم حل إيراد العقد، وهو ثابت من الطرفين كما قررناه، فينافي قوله الآتي لم يحرم ولو أريد بعدم الحل عدم حل الوطئ صح قوله لم يحرم لكنه يستغني عن قيد الأبدية، ولعله أشار إلى أن جواز الجمع بينهما ثابت على كل من التقديرين، فافهم. قال ح: وأشار بثم إلى أنه لو تزوجهما في عقدة لم يصح نكاح واحدة ولو تزوجهما في عقدتين والسيدة مقدمة لم يصح نكاح الأمة كما قدمناه أول الفصل. قوله: (لم يحرم) أي التزوج في الصور الثلاث، لان الذكر المفروض في الأولى يصير متزوجا بنت الزوج وهي بنت رجل أجنبي، وفي الثانية يصير متزوجا امرأة أجنبية، وفي الثالثة يصير واطئا لامته. قوله: (بخلاف عكسه) هو ما إذا فرضت بنت الزوج أو أم الزوج أو الأمة ذكرا حيث تحرم الأخرى، لأنه في الأولى يصير ابن الزوج فلا تحل له موطوءة أبيه، وفي الثانية يصير أبا الزوج فلا تحل له امرأة ابنه، وفي الثالثة يصير عبدا فلا تحل له سيدته. قوله: (وإن تزوج إلخ) قيد بالتزوج، لأنه لو اشترى أخت أمته الموطوءة جاز له وطئ الأولى وليس له وطئ الثانية ما لم يحرم الأولى على نفسه، ولو وطئها أثم ثم لا يحل له وطئ واحدة منهما حتى يحرم الأخرى، ويكون النكاح صحيحا، لأنه لو كان فاسدا لا تحرم عليه الموطوءة ما لم يدخل بالمنكوحة
43 لوجود الجمع حقيقة، وأطلق في الأخت المتزوجة فشمل الحرة والأمة، وأطلق في الأمة فشمل أم الولد وقيد بكونها موطوءة لان بدونه يجوز له وطئ المنكوحة كما يأتي، لان الموقوفة ليست بموطوءة حكما فلم يصر جامعا بينهما وطأ لا حقيقة ولا حكما، وأثار إلى أنه لو لم يدخل بالمنكوحة حتى اشترى أختها لا يطأ المشتراة، لان المنكوحة موطوءة حكما، كذا أفاده في البحر. وأراد بأخت الأمة من ليس بينهما جزئية احترازا عن أمها أو بنتها، لان وطئ إحداهما يحرم الأخرى أبدا. قوله: (حتى يحرم) أي على نفسه كما وقع في عبارتهم، والمتبادر منه أنه بالضم والتشديد من المزيد، ويعلم منه دلالة حكم الحرمة بدون فعله كموت إحداهما أو ردتها لحصول المقصود، ولو قرئ بالفتح والتخفيف صح وشمل ذلك منطوقا، ولكنه غير لازم لما علمت، فافهم قوله: (حل استمتاع) من إضافة الصفة إلى الموصوف: أي يحرم الاستمتاع الحلال. أفاده ط. أو الإضافة بيانية: أي يحرم شيئا حلالا هو استمتاع. أفاده الرحمتي. وبه اندفع أن الحل والحرمة من صفات فعل المكلف كالاستمتاع فلا يصح وصف إحدهما بالآخر، فافهم. قوله: (بسبب ما) فتحريم المنكوحة بالطلاق والخلع والردة مع انقضاء العدة. قهستاني. والمملوكة يبيعها كلا أو بعضا، وإعتاقها كذلك وهبتها مع التسليم، وكتابتها وتزويجها بنكاح صحيح، بخلاف الفاسد، إلا إذا دخل بها الزوج فإنها لوجوب العدة عليها منه تحرم على المالك فتحل له حينئذ المنكوحة، ولا يؤثر الاحرام والحيض والنفاس والصوم والرهن والإجارة والتدبير، لان فرجها لا يحرم بهذه الأسباب. بحر قال في النهر: ولم أر في كلامهم ما لو باعها بيعا فاسدا أو وهبها كذلك وقبضت، والظاهر أنه يحل وطئ المنكوحة ا ه. أي لأن المبيع فاسدا يملك بالقبض، وكذا الموهوب فاسدا على المفتى به، خلافا كما صححه في العمادية كما سيأتي في بابه إن شاء الله تعالى. تنبيه: قال في البحر: فإن عادت الموطوءة إلى ملكه بعد الاخراج سواء كان بفسخ أو بشراء جديد لم يحل وطئ واحد منهما حتى يحرم الأمة على نفسه بسبب كما كان أولا. قوله: (لان للعقد حكم الوطئ) أورد عليه أنه لو كان كذلك يجب أن لا يصح هذا النكاح كما قاله بعض المالكية، وإلا لزم أن يصير جامعا بينهما وطأ حكما، لان الوطئ السابق قائم حكما أيضا بدليل أنه لو أراد بيعها يستحب له استبراؤها، وهذا اللازم باطل فيلزم بطلان ملزومه وهو صحة العقد وأجاب عنه في الفتح بأنه لازم مفارق لان بيده إزالته فلا يضر بالصحة. قوله: (ولو لم يكن إلخ) محترز قوله قد وطئها ح. قوله: (وطئ المنكوحة) فإن وطئ المنكوحة حرمت المملوكة حتى يفارق المنكوحة، كذا في الاختيار قوله: (ودواعي الوطئ كالوطئ) حتى لو كان قبل أمته أو مسها بشهوة أو هي فعلت به ذلك، ثم تزوج أختها لا تحل له واحدة منهما حتى يحرم الأخرى. رحمتي. قوله: (أو من بمعناهما) هو كل امرأتين أيتهما فرضت ذكرا لم تحل للأخرى ح. ولا حاجة إلى هذه الزيادة للاستغناء عنها بقول المصنف بعد، وكذا الحكم في كل ما جمعهما من المحارم. قوله: (ونسي الأول) فلو علم فهو الصحيح والثاني باطل، وله وطئ الأولى إلا أن يطأ الثانية فتحرم الأولى إلى انقضاء عدة الثانية، كما
44 لو وطئ أخت امرأته بشبهة حيث تحرم امرأته ما لم تنقض عدة ذات الشبهة. ح عن البحر. وقال في شرح درر البحار: قيد بالنسيان، إذ الزوج لو عين إحداهما بالفعل بدخوله بها أو ببيان أنها سابقة قضى بنكاحها لتصادقهما، وفرق بينه وبين الأخرى، ولو دخل بإحداهما، ثم بين أن الأخرى سابقة يعتبر البيان، إذ الدلالة لا تعارض الصريح ا ه. ومثله في الشرنبلالية عن شرح المجمع. قوله: (فرق القاضي بينه وبينهما) يعني يفترض عليه أن يفارقهما، فإن لم يفارقهما وجب على القاضي إن علم أن يفرق بينه وبينهما دفعا للمعصية. بحر. لكن في الفتاوى الهندية عن شرح الطحاوي: ولو تزوجهما في عقدين ولا يدري أيتهما أسبق فإنه يؤمر الزوج بالبيان، فإن بين فعلى ما بين، وإن لم يبين فإنه لا يتحرى في ذلك، ويفرق بينه وبينهما ا ه ح. قلت: لا منافاة بينهما لان بيان الزوج مبني على علمه بالأسبق لما ذكرناه عن شرح الدرر، ولقوله لا يتحرى. تأمل. وفي النهر: وينبغي أن يكون معنى التفريق من الزوج أنه يطلقهما، ولم أره ا ه. قوله: (ويكون طلاقا) أي تفريق القاضي المذكور، وظاهر كلام الفتح أنه بحث منه، فإنه قال: والظاهر أنه طلاق حتى ينقص من طلاق كل منهما طلقة لو تزوجها بعد ذلك، وأقره في البحر والنهر. ويؤيده أن الزيلعي عبر عن التفريق المذكور بالطلاق، وكذا قال الإتقاني في غاية البيان: وتفريق القاضي كالطلاق من الزوج، ثم قال في الفتح: فإن وقع التفريق قبل الدخول فله أن يتزوج أيتهما شاء للحال، وإن بعده فليس له التزوج بواحدة منهما حتى تنقضي عدتهما، وإن انقضت عدة إحداهما دون الأخرى فله تزوج التي لم تنقض عدتها دون الأخرى كي لا يصير جامعا، وإن وقع بعد الدخول بإحداهما فله أن يتزوجها في الحال دون الأخرى فإن عدتها تمنع من تزوج أختها ا ه. قوله: (يعني في مسألة النسيان) تقييد لقوله ويكون طلاقا ولقول المصنف ولهما نصف المهر إذ التفريق في الباطل لا يكون طلاقا، فافهم. قوله: (إذ الحكم إلخ) بيان للفرق بين المسألتين، وذلك أن في مسألة النسيان صح نكاح السابقة دون اللاحقة وتعين التفريق بينهما للجهل، والتي صح نكاحها يجب لها نصف المهر بالتفريق قبل الدخول، ولما جهلت وجب لهما. أما في مسألة تزوجهما معا في عقد واحد فالباطل نكاح كل منهما يقينا، فإذا كان التفريق قبل الدخول فلا مهر لهما ولا عدة عليهما، وإن دخل بهما وجب لكل الأقل من المسمى ومن مهر المثل كما هو حكم النكاح الفاسد، وعليهما العدة. بحر. قال: وقيد بطلانهما في المحيط بأن لا تكون إحداهما مشغولة بنكاح الغير أو عدته، فإن كانت كذلك صح نكاح الفارغة لعدم تحقق الجمع بينهما، كما لو تزوجت امرأة زوجين في عقد واحد وأحدهما متزوج بأربع نسوة، فإنها تكون زوجة للآخر لأنه لم يتحقق الجمع بين رجلين إذا كانت هي لا تحل لأحدهما ا ه. قوله: (وهذا) أي وجوب نصف المهر لهما في مسألة النسيان. قوله: (متساويين قدرا وجنسا) كما إذا كان كل منهما ألف درهم ح. قوله: (وهو مسمى) الضمير راجع إلى المهرين بتأويل المذكور ح. قوله: (وادعى كل منهما أنها الأولى) أما إذا قالتا: لا ندري أي النكاحين أول، لا يقضى لهما شئ لان المقضي له مجهول وهو يمنع صحة القضاء، كمن قال لرجلين:
45 لأحدهما علي ألف، لا يقضى لأحدهما شئ إلا أن يصطلحا بأن يتفقا على أخذ نصف المهر، فيقضى لهما به، وهذا القيد: أي دعوى كل منهما، زاد أبو جعفر الهندواني، وظاهر الهداية تضعيفه لكنه حسن. بحر. وتمامه فيه: قوله: (ولا بينة لهما) مثله ما لو كان لكل منهما بينة على السبق كما في الفتح وغيره: أي لتهاترهما: قال ح: فلو أقامت إحداهما البينة على السبق فنكاحها هو الصحيح، والثاني باطل نظير ما قدمنا في قوله ونسي الأول. قوله: (فإن اختلف مهراهما) محترز قوله متساويين قدرا وجنسا وهو صادق باختلافهما قدرا فقط، كأن يكون مهر إحداهما وزن ألف درهم من الفضة والأخرى وزن ألفين منها، وجنسا فقط كأن يكون مهر إحداهما وزن ألف درهم من الفضة والأخرى وزن ألف درهم من الذهب وقدرا وجنسا كأن يكون مهر إحداهما وزن ألف درهم من الفضة والأخرى وزن ألف درهم من الذهب. قوله: (فإن علما إلخ) اعلم أن التفصيل مأخوذ من الدرر. واعترضه محشوه بأنه لم يوجد لغيره، والذي وجد في أكثر الكتب أن المسمى لهما إن كان مختلفا يقضى لكل واحدة منهما بربع مهرها المسمى، والذي وجد في بعضها أنه يقضى لهما بالأقل من نصفي المهرين المسمين، فلو كان مهر إحداهما مائة درهم والأخرى ثمانين يقضي على القول الأول للأولى بخمسة وعشرين درهما وللثانية بعشرين، وعلى الثاني بنصف أقل المهرين المسمين وهو أربعون ثم ينصف بينهما، فيكون لكل منهما عشرون درهما، كذا في حاشيته لنوح أفندي، وفي شرحه للشيخ إسماعيل: أن الاحتياط الثاني وهو الموجود في الكافي والكفاية، معللا بأن فيه يقينا . والظاهر أن المصنف: أي صاحب الدرر أراد أن يوفق بين القولين: بأن الأول فيما إذا كان ما سمي لكل واحدة منهما بعينها معلوما كالخمسمائة لفاطمة والألف لزاهدة، والثاني فيما إذا لم يكن معلوما كذلك بأن يعلم أنه سمى لواحدة منهما خمسمائة وللإخرى ألف، إلا أنه نسي تعيين كل منهما، لكن سياق ما في الكافي والكفاية لا يؤدي انحصاره في ذلك، ولذا قيل: لو حمل على اختلاف الرواية كان أولى. إذا تقرر ذلك علمت أن قول الشارح تبعا للدرر، وإلا فلكل نصف أقل المسميين غير صحيح، كما نبه عليه في الشرنبلالية وغيرها لاقتضائه أن تأخذ مهرا كاملا مع أن الواجب عليه نصف مهر، فالصواب ما في بعض نسخ الشرح، وهو وإلا فنصف أقل المسميين لهما وهذا بناء على ما في الدرر من التوفيق وقد علمت ما فيه. قوله: (وإن لم يكن مسمى) أي وإن لم يكن واحد من المهرين مسمى فالواجب متعة، وإذا سمى لإحداهما دون الأخرى فلمن لها المسمى أخذ ربعه، والتي لم يسم لها تأخذ نصف المتعة ح. ومثله في شرح الشيخ إسماعيل. قوله: (وجب لكل واحدة مهر كامل) قال في الفتح فلو كان التفريق بعد الدخول وجب لكل منهما مهرها كاملا وفي النكاح الفاسد يقضى بمهر كامل وعقر كامل، وجب حمله على ما إذا اتحد المسمى لهما قدرا وجنسا، أما إذا اختلفا فيتعذر إيجاب عقر، إذ ليست إحداهما أولى بجعلها ذات العقر من الأخرى لأنه فرع الحكم بأنها الموطوءة في النكاح الفاسد، هذا مع أن الفاسد ليس حكم الوطئ فيه إذا سمى العقر، بل الأقل من المسمى ومهر المثل ا ه. ومثله في البحر سوى قوله: مع أن الفاسد إلخ، والظاهر أن
46 صاحب الفتح عبر أو بأنه يجب لكل مهر كامل، ثم بالعقر تبعا كما وقع في كلام غيره، ثم حقق أن الواجب في النكاح الفاسد بعد الوطئ هو الأقل من المسمى ومهر المثل، فعلم أنه المراد بالعقر. وفي المغرب: العقر صداق المرأة إذا وطئت بشبهة ا ه. ولا يخفى أن الوطئ في النكاح الفاسد وطئ بشبهة، وقد صرح في الكنز وغيره بأن الواجب في النكاح الفاسد الأقل من المسمى ومهر المثل، فعلم أن اقتصار البحر على التعبير بالعقر صحيح، فافهم. والحاصل أنك قد علمت أن أحد النكاحين في مسألة النسيان صحيح والآخر فاسد، وبعد الدخول يجب في الصحيح المسمى، وفي الفاسد العقر: أي الأقل من المسمى ومهر المثل، وحيث لم تعلم صاحبة الصحيح من الفاسد يقسم المهران بالوصف المذكور بينهما، فيكون لكل واحدة مهر كامل. ثم اعلم أن الصور أربع: لأنه إما أن يتحد المسمى لهما أو يختلف، وعلى كل إما أن يتحد مهر مثلهما أيضا أو يختلف، فإن اتحد المسميان والمهران فلا شبهة في أنه يجب لكل منهما مهرها كاملا، وأما إذا اتحد المسميان، واختلف المهران كأن سمى لهند مائة ومهر مثلها تسعون، ولأختها دعد مائة أيضا ومهر مثلها ثمانون، فالواجب لذات النكاح الصحيح المسمى وهو مائة ولذات الفاسدة العقر، وهو متردد هنا بين التسعين والثمانين، ويتعذر إيجاب أحدهما إذ ليست إحداهما أولى بكونها ذات العقر، فلذا قيد المحشي قول الفتح: ويجب حمله: أي حمل وجوب المهر كاملا لكل منهما على ما إذا اتحد المسمى لهما بما إذا اتحد مثلهما أيضا، وأما قول الفتح: وأما إذا اختلفا: أي المسميان فيتعذر إيجاب العقر، ففي إطلاقه نظر لأنه ظاهر فيما إذا اختلف المهران أيضا، كأن سمى لهند مائة ومهر مثلها ثمانون ولدعد تسعين ومهر مثلها ستون مثلا، فهناك تعذر إيجاب العقر، وتعذر أيضا إيجاب المسمى، لان إحداهما ليست بأولى من الأخرى بكونها ذات النكاح الصحيح أو ذات النكاح الفاسد حتى نوجب لهما أحد المسميين بعينه، وأحد العقرين بعينه لاختلاف كل منهما. وأما إذا اختلف المسميان واتحد المهران كأن سمى لهند مائة ولدعد تسعين ومهر مثل كل منهما ثمانون فلا يتعذر إيجاب العقر لأنه ثمانون على كل حال، سواء كانت ذات النكاح الفاسد هندا أو دعدا، بل يتعذر إيجاب المسمى، ثم إنه لم يعلم من كلام الفتح الحكم في الصور الثلاث. وقال ط: والظاهر أنه عند تعذر إيجاب العقر يجب لكل الأقل من المسمى ومهر مثلها. قلت: وفيه نظر لان ذلك تنقيص لحقهما وترك لبعض المتيقن، إذ لا شك أن فيهما ذات نكاح صحيح ولها المسمى كاملا ولا سيما إذا اتحد المسميان، على أنه لم يعلم منه حكم ما إذا لم يتعذر إيجاب العقر، بل الذي يظهر ما قرره شيخنا حفظه الله تعالى، وهو أنه حيث جهل ذات الصحيح منهما وذات الفاسد وكان لإحداهما المسمى العقر أن يأخذ المتيقن ويقتسماه بينهما في الصور الأربع، فإذا اتحد كل من المسمين والمهرين يعطيان أحد المسميين وأحد المهرين، وإذا اتحد الأولان فقط يعطيان أحد المسميين وأقل المهرين، وإذا اختلف الأولان فقط يعطيان أقل المسمين وأحد المهرين، وإذا اختلف الأولان والأخيران يعطيان أقل المسميين وأقل المهرين، والله سبحانه وتعالى أعلم. قوله: (ومنه يعلم حكم دخوله بواحدة) يعني أن المدخول بها يجب لها نصف المسمى ونصف الأقل من مهر المثل والمسمى، لأنها إن كانت سابقة وجب لها جميع
47 المسمى، وإن كانت متأخرة وجب لها الأقل من مهر المثل والمسمى، فتأخذ نصف كل منهما غير المدخول بها يجب لها ربع المسمى، لأنها إن كانت سابقة وجب لها نصف المسمى، وإن كانت متأخرة لا يجب لها شئ فينتصف النصف ا ه ح. قلت: وهذا الذي ذكره الشارح مأخوذ من قوله: الشرنبلالية، ويجب تقييده بما إذا دخل بإحداهما مع إقراره بأنه لا يعلم أيهما أسبق نكاحا. أما لو دخل بإحداهما على وجه البيان فإنه يقضى بنكاحها، كما قدمناه عن شرح درر البحار وغيره، وحينئذ فيجب لها جميع المسمى لها ويفرق بينه وبين الأخرى ولا شئ لها، لأنه ظهر أنها المتأخرة فيكون نكاحها باطلا، وقد مر أن الباطل لا يجب فيه المهر إلا بالدخول. قوله: (وكذا الخ) الأحسن قول الزيلعي: وكل ما ذكرنا من الاحكام بين الأختين فهو الحكم بين كل من لا يجوز جمعه من المحارم. قوله: (وحرم نكاح المولى أمته الخ) أي ولو ملك بعضها، وكذا المرأة لو لم تملك سوى سهم واحد منه. فتح. زاد في الجوهرة: وكذا إذا ملك أحدهما صاحبه أو بعضها فسد النكاح، وأما المأذون والمدبر إذا اشتريا زوجتهما لم يفسد النكاح لأنهما لا يملكانها بالعقد، وكذا المكاتب لأنه لا يملكها بالعقد وإنما يثبت له فيها حق الملك، وكذا قال أبو حنيفة فيمن اشترى زوجته، وهو فيها بالخيار لم يفسد نكاحها على أصله أن خيار المشتري لا يدخل المبيع في ملكه ا ه. قوله: (لان المملوكية الخ) علة للمسألتين. قال في الفتح: لان النكاح ما شرع إلا مثمرا ثمرات مشتركة في الملك بين المتناكحين، ومنها ما تختص هي بملكه كالنفقة والسكنى والقسم والمنع من العزل إلا بإذن. ومنها: ما يختص هو بملكه كوجوب التمكين والقرار في المنزل والتحصن عن غيره. ومنها: ما يكون الملك في كل منها مشتركا كالاستمتاع مجامعة ومباشرة والولد في حق الإضافة، والمملوكية تنافي المالكية فقد نافت لازم عقد النكاح، ومنافي اللازم مناف للملزوم، وبه سقط ما قيل: يجوز كونها مملوكة من وجه الرق مالكة من جهة النكاح، لان الفرض أن لازم النكاح ملك كل واحد لما ذكرنا على الخلوص والرق يمنعه. قوله: (نعم لو فعله الخ) يشير إلى أن المراد بالحرمة في قوله وحرم مطلق المنع لا خصوص ما يتبادر منها من المنع على وجه يترتب عليه الاثم، وإلا امتنع فعل الحرام للتنزه عن أمر موهوم في تزوج السيد أمته، أو المراد بها نفي وجود العقد الشرعي المثمر لثمراته كما يشير إليه ما مر عن الفتح، وهذا معنى ما في الجوهرة، وكذا في البحر عن المضمرات: المراد به في أحكام النكاح من ثبوت المهر في ذمة المولى وبقاء النكاح بعد الاعتاق، ووقوع الطلاق عليها وغير ذلك. أما إذا تزوجها متنزها عن وطئها حراما على سبيل الاحتمال فهو حسن، لاحتمال أن تكون حرة أو معتقة الغير أو محلوفا عليها بعتقها، وقد حنث الحالف وكثيرا ما يقع لا سيما إذا تداولتها الأيدي ا ه. مطلب مهم في وطئ السرار اللاتي يؤخذن غنيمة في زماننا قلت: ولا سيما السراري اللاتي يؤخذن غنيمة في زماننا للتيقن بعدم قسمة الغنيمة، فيبقى فيهن حق أصحاب الخمس وبقية الغانمين، وما ذكره الشارح في الجهاد عن المفتى أبي السعود من أنه في زمانه وقع من السلطان التنفيل العام فبعد إعطاء الخمس لا تبقى شبهة في حل وطئهن اه. فهو غير مفيد. أما أولا فلان التنفيل العام غير صحيح، سواء شرط فيه السلطان أخذ الخمس أو لا،
48 لان فيه إبطال السهام المقدرة كما نص على ذلك الامام السرخسي في شرح السير الكبير. وأما ثانيا: فلان تنفيل سلطان زمانه لا يبقى إلى زماننا. وأما ثالثا فلانه نفى الشبهة بإعطاء الخمس. ومن المعلوم في زماننا أن كل من وصلت يده من العسكر إلى شئ يأخذه ولا يعطي خمسه، فينبغي أن يكون العقد واجبا إذا علم أنها مأخوذة من الغنيمة، ولذا قال بعض الشافعية: إن وطئ السراري اللاتي يجلبن اليوم من الروم والهند والترك حرام، وأما قوله في الأشباه بعد نقله ذلك عن في قاعدة الأصل في الابضاع التحريم أن هذا ورع لا حكم لازم، فإن الجارية المجهولة الحال المرجع فيها إلى صاحب اليد إن كانت صغيرة، وإلى إقرارها إن كانت كبيرة، وإن علم حالها فلا إشكال ا ه. فهذا إنما هو في غير ما علم أنها أخذت من الغنيمة، أما ما علم فيها ذلك ففيها ما ذكرناه، لكن قد يقال: إنه يحتمل أن يكون باعها الامام أو أحد من العسكر وأجاز الامام بيعه، أما بدون ذلك فقد نص في شرح السير الكبير على أن بيع الغازي سهمه قبل القسمة باطل كإعتاقه، لكن العقد عليها لا يرفع الشبهة لأنها إذا كانت غنيمة تكون مشتركة بين الغانمين وأصحاب الخمس فلا يصح تزويجها نفسها، بل الرافع للشبهة شراؤها من وكيل بيت المال أو التصدق بها على فقير ثم شراؤها منه. وسيأتي إن شاء الله تعالى تمام تحرير هذه المسألة في الجهاد. قوله: (وفيه الخ) هذا مأخوذ من الشرنبلالية. وقوله ونحوه أي كعدم القسم لها وعدم إيقاع الطلاق عليها، وعدم ثبوت نسب ولدها بلا دعوى لكن لا يخفى أن الاحتياط في العقد عليها إنما هو عند احتمال عدم صحة الملك احتمالا قويا ليقع الوطئ حلالا بلا شبهة، ولا يلزم من العقد عليها لذلك أن لا يعدها على نفسه خامسة ونحوه، بل نقول: ينبغي له الاحتياط في ذلك أيضا. قوله: (وحرم نكاح الوثنية) نسبة إلى عبادة الوثن، هو ما له جثة: أي صورة إنسان من خشب أو حجر أو فضة أو جوهر تنحت، والجمع أوثان، والصنم صورة بلا جثة، هكذا فرق بينهما كثير من أهل اللغة. وقيل لا فرق، وقيل يطلق الوثن على غير الصورة، كذا في البناية. نهر. وفي الفتح: ويدخل في عبدة الأوثان عبدة الشمس والنجوم والصور التي استحسنوها والمعطلة والزنادقة والباطنية والإباحية. وفي شرح الوجيز: وكل مذهب يكفر به معتقده ا ه. قلت: وشمل ذلك الدروز والنصيرية والتيامنة، فلا تحل مناكحتهم، ولا تؤكل ذبيحتهم لأنهم ليس لهم كتاب سماوي. وأفاد بحرمة النكاح حرمة الوطئ بملك اليمين كما يأتي، والمراد الحرمة على المسلم لما في الخانية: وتحل المجوسية والوثنية لكل كافر إلا المرتد. قوله: (كتابية) أطلقه فشمل الحربية والذمية والحرة والأمة. ح عن البحر. قوله: (وإن كره تنزيها) أي سواء كانت ذمية أو حربية فإن صاحب لبحر استظهر أن الكراهة في الكتابية الحربية تنزيهية، فالذمية أولى ا ه ح. قلت: علل ذلك في البحر بأن التحريمية لا بد لها من نهي أو ما في معناه، لأنها في رتبة الواجب ا ه. وفيه أن إطلاقهم الكراهة في الحربية يفيد أنها تحريمية، والدليل عند المجتهد على أن التعليل يفيد ذلك، ففي الفتح: ويجوز تزوج الكتابيات، والأولى أن لا يفعل، ولا يأكل ذبيحتهم إلا لضرورة، وتكره الكتابية الحربية إجماعا لافتتاح باب الفتنة من إمكان التعلق المستدعي للمقام معها في دار الحرب، وتعريض الولد على التخلق بأخلاق أهل الكفر وعلى الرق بأن تسبى وهي حبلى
49 فيولد رقيقا وإن كان مسلما ا ه. فقوله: والأولى أن لا يفعل، يفيد كراهة التنزيه في غير الحربية، وما بعده يفيد كراهة التحريم في الحربية. تأمل. قوله: (مؤمنة بنبي) تفسير للكتابية لا تقييد ط. قوله: (مقرة بكتاب) في النهر عن الزيلعي: واعلم أن من اعتقد دينا سماويا وله كتاب منزل كصحف إبراهيم وشيت وزبور داود فهو من أهل الكتاب فتجوز مناكحتهم وأكل ذبائحهم. قوله: (على المذهب) أي خلافا لما في المستصفى من تقييد الحل بأن لا يعتقدوا ذلك. ويوافقه ما في مبسوط شيخ الاسلام: يجب أن لا يأكلوا ذبائح أهل الكتاب إذا اعتقدوا أن المسيح إله وأن عزيرا إله، ولا يتزوجوا نساءهم. قيل وعليه الفتوى. ولكن بالنظر إلى الدليل ينبغي أنه يجوز الاكل والتزوج ا ه. قال في البحر: وحاصله أن المذهب الاطلاق لما ذكر شمس الأئمة في المبسوط من أن ذبيحة النصراني حلال مطلقا، سواء قال بثالث ثلاثة أو لاطلاق الكتاب هنا والدليل، ورجحه في فتح القدير بأن القائل بذلك طائفتان من اليهود والنصارى انقرضوا لا كلهم، مع أن مطلق لفظ الشرك إذا ذكر في لسان الشرع لا ينصرف إلى أهل الكتاب، وإن صح لغة في طائفة أو طوائف لما عهد من إرادته به من عبد مع الله تعالى غيره ممن لا يدعي اتباع نبي وكتاب، إلى آخر ما ذكره ا ه. قوله: (وفي النهر الخ) مأخوذ من الفتح حيث قال: وأما المعتزلة فمقتضى الوجه حل مناكحتهم، لان الحق عدم تكفير أهل القبلة وإن وقع إلزاما في المباحث، بخلاف من خالف القواطع المعلومة بالضرورة من الدين مثل القائم بقدم العالم ونفي العلم بالجزئيات على ما صرح به المحققون. وأقول: وكذا القول بلا ايجاب بالذات ونفي الاختيار ا ه. وقوله وإن وقع إلزاما في المباحث معناه: وإن وقع التصريح بكفر المعتزلة ونحوهم عند البحث معهم في رد مذهبهم بأنه كفر: أي يلزم من قولهم بكذا الكفر، ولا يقتضي ذلك كفرهم، لان لازم المذهب ليس بمذهب. وأيضا فإنهم ما قالوا ذلك إلا لشبهة دليل شرعي على زعمهم وأن أخطأوا فيه ولزمهم المحذور، على أنهم ليسوا بأدنى حالا من أهل الكتاب، بل هم مقرون بأشرف الكتب، ولعل القائل بعدم حل مناكحتهم يحكم بردتهم بما اعتقدوه وهو بعيد، لان ذلك أصل اعتقادهم فإن سلم أنه كفر لا يكون ردة قال في البحر: وينبغي أن من اعتقد مذهبا يكفر به: إن كان قبل تقدم الاعتقاد الصحيح فهو مشرك، وإن طرأ عليه فهو مرتد ا ه. وبهذا ظهر أن الرافضي إن كان ممن يعتقد الألوهية في علي، أو أن جبريل غلط في الوحي. أو كان ينكر صحبة الصديق، أو يقذف السيدة الصديقة فهو كافر لمخالفته القواطع المعلومة من الدين بالضرورة، بخلاف ما إذا كان يفضل عليا أو يسب الصحابة فإنه مبتدع لا كافر، كما أوضحته في كتابي تنبيه الولاة والحكام على أحكام شاتم خير الأنام أو أحد أصابه الكرام عليه وعليهم الصلاة والسلام. تنبيه: قيل: لا تجوز كمناكحة من يقول أنا مؤمن إن شاء الله تعالى لأنه كافر. قال في البحر: أنه محمول على من يقول شكا في إيمانه، والشافعية لا يقولون بذلك فتجوز المناكحة بيننا وبينهم بلا شبهة ا ه. وحقق ذلك في الفتح بأن الشافعية يريدون به إيمان الموافاة كما صرحوا به، وهو الذي يقبض عليه العبد، وهو إخبار عن نفسه بفعل في المستقبل أو استصحابه إليه فيتعلق به قوله تعالى: * (ولا تقولن لشئ إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله) * (سورة الكهف: الآية 32) غير أنه عندنا خلاف الأولى،
50 لان تعويد النفس بالجزم في مثله ليصير ملكة خير من إدخال أداة التردد في أنه هل يكون مؤمنا عند الموافاة أو لا ا ه. قوله: (لا عابدة كوكب لا كتاب لها) هذا معنى الصائبة المذكورة في المتون على أحد التفسيرين فيها. قال في الهداية: ويجوز تزوج الصابئات إن كانوا يؤمنون بدين نبي ويقرون بكتاب لأنهم من أهل الكتاب، وإن كانوا يعبدون الكواكب ولا كتاب لهم لم تجز مناكحتهم لأنهم مشركون، والخلاف المنقول فيه محمول على اشتباه مذهبهم فكل أجاب على ما وقع عنده، وعلى هذا حال ذبيحتهم ا ه، أي الخلاف بين الامام القائل بالحل، بناء على تفسيره بأن لهم كتابا ولكنهم يعظمون الكواكب كتعظيم المسلم الكعبة، وبين صاحبيه القائلين بعدم الحل بناء على أنهم يعبدون الكواكب. قال في الفتح: فلو اتفق على تفسيرهم اتفق على الحكم فيهم. قال في البحر: وظاهر الهداية أن منع مناكحتهم مقيد بقيدين: عبادة الكواكب، وعدم الكتاب، فلو كانوا يعبدون الكواكب ولهم كتاب تجوز مناكحتهم، وهو قول بعض المشايخ زعموا أن عبادة الكواكب لا تخرجهم عن كونهم أهل كتاب، والصحيح أنهم أن كانوا يعبدونها حقيقة فليسوا أهل كتاب، وإن كانوا يعظمونها كتعظيم المسلمين للكعبة فهم أهل كتاب، كذا في المجتبى ا ه. فعلى هذا فقول المصنف لا كتاب لها مفهوم له، لكن ما مر من حل النصرانية وإن اعتقدت المسيح إلها يؤيد قول بعض المشايخ، أفاده في النهر. قوله: (والمجوسية) نسبة إلى مجوس وهم عبدة النار، وعدم جواز نكاحهم ولو بملك يمين مجمع عليه عند الأئمة الأربعة، خلافا لداود بناء على أنه كان لهم كتاب ورفع، وتمامه في الفتح. قوله: (هذا ساقط الخ) فيه اعتذار عن تكرار الوثنية ودفع إيهام العطف في المحرمة. قوله: (ولو بمحرم) المناسب لمحرم باللام، لان النكاح المقدر في المعطوف عليه لا يتعدى بالباء إلا أن يدعي تضمنه معنى التزوج فإنه يتعدى بالباء في لغة قليلة. قوله: (أو مع طول الحرة) أي مع القدرة على مهرها ونفقتها، وهو بالفتح في الأصل الفضل، ويعدى بعلى وإلى، فطول الحرة متسع فيه بحذف الصلة، ثم الإضافة إلى المفعول على ما أشار إليه المطرزي. قهستاني. قوله: (الأصل الخ) قد يناقش فيه بالأمة المملوكة بعد الحرة فإنه يجوز وطؤها ملكا، ولا يجوز أن ينكح الأمة على الحرة ط. قوله: (تحريما في المحرمة وتنزيها في الأمة) أما الثاني فهو ما استظهره في البحر من كلام البدائع، ومثله في القهستاني وأيده بقول المبسوط: والأولى أن لا يفعل. وأما الأول فهو ما فهمه في النهر من كلام الفتح، وهو فهم في غير محله، فإنه في الفتح ذكر دليل المسألة لنا، وهو ما أخرجه الستة عن ابن عباس تزوج رسول الله (ص) ميمونة وهو محرم، وبنى بها وهو حلال وذكر دليل الأئمة الثلاثة، وهو ما أخرجه الجماعة إلا البخاري من قوله (ص): لا ينكح المحرم ولا ينكح أي بفتح الياء في الأول وضمها في الثاني مع كسر الكاف، ومن فتحها في الثاني فقد صحف. بحر. زاد مسلم ولا يخطب ثم أجاب بترجيح الأول من وجوه. ثم أجاب على تسليم
51 التعارض بحمل الثاني: إما على نهي التحريم والنكاح فيه للوطئ، أو على نهي الكراهية جمعا بين الدلائل، وذلك لان المحرم في شغل عن مباشرة عقود الأنكحة، لان ذلك يوجب شغل قلبه عن إحسان العبادة لما فيه من خطبة ومراودات ودعوة واجتماعات، ويتضمن تنبيه النفس بطلب الجماع، وهذا محمل قوله ولا يخطب ولا يلزم كونه (ص) باشر المكروه لان المعنى المنوط به الكراهة هو عليه الصلاة والسلام منزه عنه، ولا بعد في اختلاف حكم في حقنا وحقه لاختلاف المناط فينا وفيه كالوصال نهانا عنه وفعله ا ه. وحاصله أن لا ينكح إن كان المراد به الوطئ، فالنهي للتحريم، وهذا قطعي لا شبهة فيه، أو العقد فالنهي للكراهية، وما ذكره من الوجه لا يقتضي كراهة التحريم، وإلا حرم تجارة المحرم في الإماء، فإن فيه أيضا شغل القلب وتنبيه النفس للجماع، ويؤيده قوله: وهذا محمل قوله ولا يخطب على أنه قد صرح في شرح درر البحار بأن النهي للتنزيه. وقول الكنز: وحل تزوج الكتابية والصابئة والمحرمة صريح في ذلك، فإن المكروه تحريما لا يحل، فافهم. قوله: (لا يصح عكسه) أي ولا جمعهما في عقد واحد بل يصح في الجمع نكاح الحرة لا الأمة كما صرح به الزيلعي وغيره. وما في الأشباه في قاعدة إذا اجتمع الحلال والحرام، ومن أنه يبطل فيهما سبق قلم. هذا وحرمة إدخال الأمة على الحرة إذا كان نكاح الحرة صحيحا، فلو دخل بالحرة بنكاح فاسد لا يمنع الأمة. شرنبلالية. فرع: تزوج أمة بلا إذن مولاها ولم يدخل حتى تزوج حرة ثم أجاز المولى لم يجز، لان الحل إنما يثبت عند الإجازة فكانت في حكم الانشاء، فيصير متزوجا أمة على حرة، ولو تزوج ابنتها الحرة قبل الإجارة جاز، لان النكاح الموقوف عدم في حق الحل فلا يمنع نكاح غيرها. بحر عن المحيط ملخصا. قوله: (ولو أم ولد) شمل المدبرة والمكاتبة كما في البحر. قوله: (في عدة حرة) من مدخول المبالغة: أي ولو في عدة حرة. قوله: (ولو من بائن) أشار به إلى خلاف قولهما بجوازه، واتفقوا على المنع في الرجعي. قوله: (لبقاء الملك) أي ملك نكاح الأمة لأنها لم تخرج بالطلاق الرجعي عن النكاح، فالحرة هي الداخلة على الأمة. قوله: (في عقد واحد) أي على التسع ح. قوله: (لبطلان الخمس) مفاده أنه لو كانت الحرائر أربعا صح فيهن وبطل في الإماء، كما في جمع الحرة مع الأمة بعقد واحد، يوضحه ما نقله الرحمتي عن كافي الحاكم أن أصل ذلك أنه ينظر في نكاح الحرائر فإن كان جائزا لو كن وحدهن أجزته وأبطلت نكاح الإماء، وإن كان غير جائز أبطلته وأجزت نكاح الإماء إن كان يجوز لو كن وحدهن ا ه. قلت: ويستفاد منه ما لو كان جملة الحرائر والإماء لم تزد على أربع فإنه يجوز في الحرائر فقط، وهو صريح ما ذكرناه آنفا عند قوله لا يصح عكسه فقوله: (سرية) نسبة إلى السر وهو النكاح، والتزم ضم السين كضم الدال في دهرية نسية إلى الدهر، أو إلى السرور لحصوله بها ط.
52 قوله: (خيف عليه الكفر) لقوله تعالى: * (إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين) * (سورة المؤمنون: الآية 6) بزازية. ومقتضاه أن مثله لو لامه على التزوج على امرأته وما فرق به في البحر من أن في الجمع بين الحرائر مشقة بسبب وجوب العدل بينهما، بخلاف الجمع بين السراري فإنه لا قسم بينهن مما لا أثر له مع النص. نهر: أي لان النص نفي اللوم عن الجهتين. وقد يقال: إن المتبادر من اللوم على التسري هو اللوم على أصل الفعل، بخلاف اللوم على تزوج أخرى، فإن المتبادر منه اللوم على ما يلحقه من خوف الجور لا على أصل الفعل، فيكون عملا بقوله تعالى: * (فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة) * (سورة النساء: الآية 3) فهذا وجه ما فرق به في البحر أخذ من تنصيصهم على اللوم على التسري فقط. والتحقيق أنه إن أراد اللوم على أصل الفعل بمعنى أنك فعلت أمرا قبيحا فهو كافر في الموضعين، وإن كان بمعنى أنك فعلت ما تركه لك أولى لما يلحقك من التعب في النفقة وكثرة العيال وإضرار الزوجة بالتسري أو بالتزوج عليها ونحو ذلك فلا كفر في الموضعين، وإن لم يلاحظ شيئا من المعنيين فلا كفر في الموضعين أيضا، لكن قالوا: يخشى عليه الكفر في الأول لان المتبادر منه اللوم على أصل الفعل دون الثاني لتبادر خلافه كما قلنا، هذا ما ظهر لي، والله تعالى أعلم، فافهم. قوله: (لحديث من رق لامتي) أي رحمها رق الله له أي أثابه وأحسن إليه ط. قوله: (ولو مدبرا) مثله المكاتب وابن أم الذي من غير مولاها كما في الغاية ط. قوله: (ويمتنع عليه) أي على العبد ولو مكاتبا كما في البحر. قوله: (أصلا) أي وإن أذن له به المولى. قوله: (لأنه لا يملك) أي في هذا الباب إلا الطلاق، فلا ينافي أنه يملك غيره كالاقرار على نفسه ونحوه. قوله: (وصح نكاح حبلى من زنى) أي عندهما. وقال أبو يوسف: لا يصح، والفتوى على قولهما، كما في القهستاني عن المحيط. وذكر التمرتاشي أنهالا نفقة لها، وقيل لها ذلك، والأول أرجح لان المانع من الوطئ من جهتها، بخلاف الحيض لأنه سماوي. بحر عن الفتح. قوله: (حبلى من غير الخ) شمل الحبلى من نكاح صحيح أو فاسد أو وطئ شبهة أو ملك يمين وما لو كان الحبل من مسلم أو ذمي أو حربي. قوله: (لثبوت نسبه) فهي في العدة ونكاح المعتدة لا يصح ط. قوله: (ولو من حربي) كالمهاجرة والمسبية. وعن أبي حنيفة أنه يصح، وصحح الزيلعي المنع وهو المعتمد. وفي الفتح أنه ظاهر المذهب. بحر. قوله: (المقربه) بكسر القاف أشار به إلى أن ما في الهداية من قوله: ولو زوج أم ولده وهي حامل منه فالنكاح باطل، محمول على ما إذا أقر به لقوله: وهي حامل منه. قال في النهر: قال في التوشيح: فعلى هذا ينبغي أنه لو زوجها بعد العلم قبل اعترافه به أنه لا يجوز النكاح ويكون نفيا. أقول: ومن هنا قد علمت أنه لو زوج غير أم ولده وهي حامل يجوز لأنه كان نفيا فيما لا يتوقف على الدعوى ففيما يتوقف عليها أولى ا ه. قوله: (ودواعيه) قال في البحر: وحكم الدواعي على قولها كالوطئ كما في النهاية ا ه. قال ح: والذي في نفقات البحر جواز الدواعي، فليحرر اه.
53 قلت: والذي في النفقات أن زوجة الصغير لو أنفق عليها أبوه ثم ولدت واعترفت أنها حبلى من الزنى لا ترد شيئا من النفقة، لان الحبلى من الزنى إن منع الوطئ لا يمنع من دواعيه اه. فيمكن الفرق بأن ما هنا فيمن كانت حبلى من الزنى ثم تزوجها، وما في النفقات في الزوجة إذا حبلت من الزنى، فتأمل. ولا يمكن الجواب بأن ما في النفقات على قول الإمام بدليل قول البحر هنا على قولهما، لان الضمير في قولهما يعود إلى أبي حنيفة ومحمد القائلين بصحة النكاح، وأما أبو يوسف فلا يقول بصحته من أصله فافهم. قوله: (متصل بالمسألة الأولى) الضمير في متصل عائد على قول المصنف وإن حرم وطؤها حتى تضع فافهم. قوله: (إذ الشعر ينبت منه) المراد ازدياد نبات الشعر لا أصل نباته، ولذا قال في التبيين والكافي: لان به يزداد سمعه وبصره حدة كما جاء في الخبر ا ه. وهذه حكمته، وإلا فالمراد المنع من الوطئ لما في الفتح، قال رسول الله (ص): لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقي ماؤه زرع غيره يعني إتيان الحبلى. رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن ا ه شرنبلالية. قوله: (اتفاقا) أي منهما ومن أبي يوسف، فالخلاف السابق في غير الزاني كما في الفتح وغيره. قوله: (والولد له) أي إن جاءت بعد النكاح لستة أشهر. مختارات النوازل، فلو لأقل من ستة أشهر من وقت النكاح لا يثبت النسب، ولا يرث منه إلا أن يقول: هذا الولد مني، ولا يقول من الزنى. خانية. والظاهر أن هذا من حيث القضاء، أما من حيث الديانة فلا يجوز له أن يدعيه، لان الشرع قطع نسبه منه، فلا يحل له استلحاقه به. ولذا لو صرح بأنه من الزنى لا يثبت قضاء أيضا، وإنما يثبت لو لم يصرح لاحتمال كونه بعقد سابق أو بشبهة حملا لحال المسلم على الصلاح، وكذا ثبوته مطلقا إذا جاءت به لستة أشهر من النكاح لاحتمال علوقه بعد العقد، وأن ما قبل العقد كان انتفاخا لا حملا، ويحتاط في إثبات النسب ما أمكن. مطلب فيما لو زوج المولى أمته قوله: (ولو زوج أمته الخ) هذا محترز قوله: المقر به كما أوضحناه قبل. قوله: (ولا يستبرئها زوجها) أي استحبابا ولا وجوبا عندهما. وقال محمد: لا أحب أن يطأها قبل أن يستبرئها، لأنه احتمل الشغل بماء المولى فوجب التنزه كما في الشراء. هداية. وقال أبو الليث: قوله أقرب إلى الاحتياط وبه نأخذ. بناية. ووفق في النهاية بأن محمدا إنما نفى الاستحباب، وهما أثبتا الجواز بدونه فلا معارضة. واعترضه في البحر بأنه خلاف ما في الهداية، لكن استحسنه في النهر بأنه لا ينبغي التردد في نفس الاستبراء على قول. قال: وبه يستغني عن ترجيح قول محمد. قلت: إذا كان الصحيح وجوب الاستبراء على المولى يسوغ نفي استحبابه عن الزوج لحصول المقصود، نعم لو علم أن المولى لم يستبرئها لا ينبغي التردد في استحبابه للزوج، بل لو قيل بوجوبه لم يبعد، ويقربه أنه في الفتح حمل قول محمد: لا أحب، على أنه يجب لتعليه باحتمال الشغل بماء المولى فإنه يدل على الوجوب. وقال: فإن المتقدمين كثيرا ما يطلقون أكره هذا في التحريم أو كراهة التحريم، وأحب في مقابله ا ه.
54 قلت: وأصرح من ذلك قول الهداية: لأنه احتمل الشغل بماء المولى فوجب التنزه كما في الشراء اه. ومثله في مختارات النوازل. قوله: (بل سيدها) أي بل يستبرئها سيدها وجوبا في الصحيح، وإليه مال السرخسي، وهذا إذا أراد أن يزوجها وكان يطؤها، فلو أراد يعها يستحب، والفرق أنه في البيع يجب على المشتري فيحصل المقصود فلا معنى لإيجابه على البائع. وفي المنتقى عن أبي حنيفة: أكره أن يبيع من كان يطؤها حتى يستبرئها. ذخيرة. قوله: (وله وطؤها بلا استبراء) أي عندهما. وقال محمد: لا أحب له أن يطأها ما لم يستبرئها. هداية والظاهر أن الترجيح المار يأتي هنا أيضا، ولذا جزم في النهر هنا بالندب، إلا أن يفرق بأن ماء الزنى لا اعتبار له. بقي لو ظهر بها حمل يكون من الزوج لان الفراش له، فلا يقال: إنه يكون ساقيا زرع غيره، لكن هذا ما لم تلده لأقل من ستة أشهر من وقت العقد، فلو ولدته لأقل لم يصح العقد كما صرحوا به: أي لاحتمال علوقه من غير الزنى بأن يكون بشبهة فلا يرد صحة تزوج الحبلى من زنى. تأمل. قوله: (فمنسوخ بآية فانكحوا الخ) قال في البحر: بدليل الحديث إن رجلا أتى النبي (ص) فقال: يا رسول الله إن امرأتي لا تدفع يد لامس، فقال عليه الصلاة والسلام: طلقها، فقال: إني أحبها وهي جميلة، فقال عليه الصلاة والسلام: استمتع بها. قوله: (تطليق الفاجرة) الفجور: العصيان كما في المغرب. قوله: (ولا عليها) أي بأن تسئ عشرته أو تبذل له مالا ليخالعها. قوله: (إلا إذا خافا) استثناء منقطع، لان التفريق حينئذ مندوب بقرينة قوله: فلا بأس لكن سيأتي أول الطلاق أنه يستحب لو مؤذية أو تاركة صلاة، ويجب لو فات الامساك بالمعروف، فالظاهر أنه استعمل لا بأس هنا للوجوب اقتداء بقوله تعالى: * (فإن خفتم أن لا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما أفتدت به) * (سورة البقرة: الآية 922) فإن نفي البأس في معنى نفي الجناح، فافهم. قوله: (فما في الوهبانية الخ) تفريع على قوله: وله وطؤها بلا استبراء. قال المصنف في المنح: فإن قلت: يشكل على ما تقدم ما في شرح لنظم الوهباني من أنه لو زنت زوجته لا يقربها حتى تحيض لاحتمال علوقها من الزنى فلا يسقي ماؤه زرع غيره، وصرح الناظم بحرمة وطئها حتى تحيض وتطهر، وهو يمنع من حمله على قول محمد فإنه إنما يقول بالاستحباب. قلت: ما ذكره في شرح النظم ذكره في النتف وهو ضعيف. قال في البحر: لو تزوج بامرأة الغير عالما بذلك ودخل بها لا تجب العدة عليها حتى لا يحرم على الزوج وطؤها، وبه يفتى، لأنه زنى والمزني بها لا تحرم على زوجها، نعم لو وطئها بشبهة وجب عليها العدة وحرم على الزوج وطؤها، ويمكن حمل ما في النتف على هذا ا ه. قوله: (والمضمومة إلى محرمة) بالتشديد كأن تزوج امرأتين في عقد واحد: إحداهما محل، والأخرى غير محل لكونها محرما أو ذات زوج أو مشركة، لان المبطل في إحداهما فيتقدر بقدره، بخلاف ما إذا جمع بين حر وعبد وباعهما صفقة واحدة حيث يبطل
55 البيع في الكل لما أنه يبطل بالشروط الفاسدة بخلاف النكاح. نهر. قوله: (والمسمى كله لها) أي للمحللة عند الامام نظرا إلى أن ضم المحرمة في عقد النكاح لغو كضم الجدار لعدم المحلية، والانقسام من حكم المساواة في الدخول في العقد، ولم يجب الحد بوطئ المحرمة، لان سقوطه من حكم صورة العقد لا من حكم انعقاده، فليس قوله بعد الانقسام بناء على عدم الدخول في العقد منافيا لقوله بسقوط الحد لوجود صورة العقد كما توهم. وعندهما يقسم مهر مثليهما، وتمامه في البحر. قوله: (فلها مهر المثل) أي بالغا ما بلغ كما في المبسوط وهو الأصح، وما ذكره في الزيادات من أنه لا يجاوز المسمى فهو قولهما كما في التبيين، وإنما وجب بالغا ما بلغ على ما في المبسوط، لأنها لم تدخل في العقد كما قدمناه عن البحر، فلا اعتبار للتسمية أصلا. فإن قلت: ما الفرق بينهما وبين ما إذا تزوج أختين في عقدة واحدة ودخل بهما حيث أوجبتم لكل منهما الأقل من مهر المثل والمسمى؟. قلت: هو أن كل واحدة منهما محل لا يراد العقد عليها، وإنما الممتنع الجمع بينهما، فلذلك قلنا بدخولهما في العقد، بخلاف ما هنا فإن المحرمة ليست محلا أصلا، والله تعالى الموفق ح. قوله: (وبطل نكاح متعة ومؤقت) قال في الفتح: قال شيخ الاسلام: في الفرق بينهما أن يذكر الوقت بلفظ النكاح والتزويج، وفي المتعة أتمتع أو أستمتع ا ه: يعني ما اشتمل على مادة متعة. والذي يظهر مع ذلك عدم اشتراط الشهود في المتعة وتعيين المدة، وفي المؤقت الشهود وتعيينها، ولا شك أنه لا دليل لهم على تعيين كون المتعة الذي أبيح ثم حرم هو ما اجتمع فيه مادة م ت ع للقطع من الآثار بأنه كان أذن لهم في المتعة، وليس معناه أن من باشر هذا يلزمه أن يخاطبها بلفظ أتمتع ونحوه، لما عرف أن اللفظ يطلق ويراد معناه، فإذا قيل تمتعوا فمعناه: أوجدوا معنى هذا اللفظ، ومعناه المشهور أن يوجد عقدا على امرأة لا يراد به مقاصد عقد النكاح من القرار للولد وتربيته، بل إلى مدة معينة ينتهي العقد بانتهائها، أو غير معينة بمعنى بقاء العقد ما دام معها إلى أن ينصرف عنها فلا عقد، فيدخل فيه بمادة المتعة والنكاح المؤقت أيضا فيكون من أفراد المتعة، وإن عقد بلفظ التزويج وأحضر الشهود ا ه ملخصا. وتبعه في البحر والنهر. ثم ذكر في الفتح أدلة تحريم المتعة، وأنه كان في حجة الوداع، وكان تحريم تأبيد لا خلاف فيه بين الأئمة وعلماء الأمصار إلا طائفة من الشيعة، ونسبة الجواز إلى مالك كما وقع في الهداية غلط. ثم رجح قول زفر بصحة المؤقت على معنى أنه ينعقد مؤبدا ويلغو التوقيت، لان غاية الأمر أن المؤقت متعة وهو منسوخ، لكن المنسوخ معناها الذي كانت الشريعة عليه وهو ما ينتهي العقد فيه بانتهاء المدة، فإلغاء شرط التوقيت أثر النسخ، وأقرب نظير إليه نكاح الشغار وهو أن يجعل بضع كل من المرأتين مهرا للأخرى، فإنه صح النهي عنه، وقلنا يصح موجبا لمهر المثل لكل منهما فلم يلزمنا النهي، بخلاف ما لو عقد بلفظ المتعة وأراد النكاح الصحيح المؤبد فإنه لا ينعقد وإن حضره الشهود، لأنه لا يفيد ملك المتعة كلفظ الاحلال، فإن من أحل لغيره طعاما لا يملكه فلم يصلح مجازا عن معنى النكاح كما مر ا ه ملخصا. قوله: (وإن جهلت المدة) كأن يتزوجها إلى أن ينصرف عنها كما تقدم ح. قوله: (أو طالت في الأصح) كأن يتزوجها إلى مائتي سنة، وهو ظاهر المذهب، وهو الصحيح كما في المعراج، لان
56 التأقيت هو المعين لجهة المتعة. بحر. قوله: (وليس منه الخ) لان اشتراط القاطع يدل على انعقاده مؤيدا وبطل الشرط. بحر. قوله: (أو نوى الخ) لان التوقيت إنما يكون باللفظ. بحر. قوله: (ولا بأس بتزوج النهار يأت) وهو أن يتزوجها على أن يكون عندها نهارا دون الليل. فتح. قال في البحر: وينبغي أن لا يكون هذا الشرط لازما عليها، ولها أن تطلب المبيت عندها ليلا لما عرف في باب القسم ا ه: أي إذا كان لها ضرة غيرها، وشرط أن يكون في النهار عندها وفي الليل عند ضرتها، أما لولا ضرة لها فالظاهر أنه ليس لها الطلب، خصوصا إذا كانت صنعته في الليل كالحارس، بل سيأتي في القسم عن الشافعية أن نحو الحارس يقسم بين الزوجات نهارا، واستحسنه في النهر. قوله: (ويحل له الخ) وكذا يحل لها تمكينه من الوطئ، نعم الاثم في الاقدام على الدعوى الباطلة كما في البحر، وثبوت الحل مبني على قول الإمام بنفوذ القضاء بهذا النكاح باطنا، وكذا ينفذ ظاهرا اتفاقا فتجب النفقة والقسم وغير ذلك. قوله: (عند فاض) هل المحكم مثله؟ ليحرر ط. قلت: الظاهر نعم، لأنهم إنما فرقوا بينهما في أنه لا يحكم بقصاص وحدودية على عاقلة. قوله: (بنكاح صحيح) احترز به عن الفاسد لأنه لا يفيد حل الوطئ ولو صدر حقيقة ط. قوله: (خالية عن الموانع) تفسير لكونها محلا للانشاء والموانع مثل كونها مشركة أو محرما له أو زوجة الغير أو معتدته ح. قوله: (وقضى القاضي بنكاحها) ويشترط لنفاذ القضاء باطنا عند الامام حضور شهود عند قوله قضيت، وبه أخذ عامة المشايخ، وقيل: لا لأن العقد ثبت مقتضى صحة قضائه في الباطن، وما ثبت مقتضى صحة الغير لا يثبت بشرائطه كالبيع في قوله أعتق عبدك عني بألف. وفي الفتح أنه الأوجه، ويدل عليه إطلاق المتون. بحر. قلت: لكن ذكر في البحر في كتاب القاضي إلى القاضي أن المعتمد الأول. قوله: (ولم يكن الخ) الجملة حالية. قوله: (خلاف لهما) راجع للمسألتين، وهذا بناء على أنه لا ينفذ القضاء باطنا عندهما بشهادة الزور ولو في العقود والفسوخ، لان القاضي أخطأ الحجة إذ الشهود كذبة، وله أن الشهود صدقة عنده، وهو الحجة لتعذر الوقوف على حقيقة الصدق، وأمكن تنفيذ القضاء باطنا بتقديم النكاح فينفذ قطعا المنازعة وطعن فيه بعض المغاربة بأنه يمكنه قطع المنازعة بالطلاق، فأجابه الأكمل بأنك إن أردت الطلاق غير المشروع فلا يعتبر، أو المشروع ثبت المطلوب، إذ لا يتحقق إلا في نكاح صحيح. وتعقبه تلميذه قارئ الهداية بأن له أن يريد غير المشروع ليكون طريقا لقطع المنازعة. وتعقبهما تلميذه ابن الهمام بأن الحق التفصيل وهو أنه يصلح لقطع المنازعة إن كانت هي المدعية. أما لو كان هو المدعي فلا يمكنها التخلص منه إلا بالنفاذ باطنا مع أن الحكم أعم من دعواها أو دعواه. قوله: (وبقولهما يفتى) قال الكمال: وقول الإمام أوجه. واستدل له بدلالة الاجماع على أن من اشترى جارية ثم ادعى فسخ بيعها كذبا وبرهن فقضى به حل للبائع وطؤها واستخدامها مع علمه بكذب دعوى المشتري مع أنه يمكنه التخلص بالعتق وإن كان فيه إتلاف ماله، فإنه ابتلي ببليتين، فعليه أن يختار أهونهما، وذلك ما يسلم
57 له فيه دينه ا ه. وللعلامة قاسم رسالة في هذه المسألة أطال فيها الاستدلال لقول الامام، فراجعها. قلت: وحيث كان الأوجه قول الإمام من حيث الدليل على ما حققه في الفتح وفي تلك الرسالة فلا يعدل عنه لما تقرر أنه لا يعدل عن قول الإمام لضرورة أو ضعف دليله كما أوضحناه في منظومة رسم المفتي وشرحها. قوله: (وحل للشاهد) وكذا لغيره بالأولى لعدم علمه بحقيقة الحال. قوله: (لا تحل لهما) أي للزوج المقضي عليه والزوج الثاني، أما الثاني فظاهر بناء على أن القضاء بالزور لا ينفذ باطنا عندهما. وأما الأول فلان الفرقة وإن لم تقع باطنا لكن قول أبي حنيفة أورث شبهة، ولأنه لو فعل ذلك كان زانيا عند الناس فيحدونه، كذا في رسالة العلامة قاسم. قوله: (ما لم يدخل الثاني) فإذا دخل بها حرمت على الأول لوجوب العدة كالمنكوحة إذا وطئت بشبهة بحر. قوله: (وهي) أي هذه المسائل الثلاث. قوله: (كما سيجئ) أي في كتاب القضاء. قوله: (والنكاح لا يصح تعليقه بالشرط) المراد أن النكاح المعلق بالشرط لا يصح، لا ما يوهمه ظاهر العبارة من أن التعليق يلغو ويبقى العقد صحيحا كما في المسألة الآتية، وهذا منشأ توهم الدرر الآتي. قوله: (لتعليقه بالخطر) بفتح الخاء المعجمة والطاء المهملة ما يكون معدوما يتوقع وجوده ا ه ح. قوله: (فما في الدرر) حيث قال: لا يصح تعليق النكاح بالشرط مثل أن يقول لبنته إن دخلت الدار زوجتك فلانا وقال فلان تزوجتها فإن التعليق لا يصح وإن صح النكاح. قوله: (فيه نظر) لأنه صرح بعدم صحة النكاح المعلق في الفتح والخلاصة والبزازية عن الأصل والخانية والتاترخانية وفتاوى أبي الليث وجامع الفصولين والقنية. ولعله اشتبه عليه النكاح المعلق على شرط بالنكاح المشروط معه شرط فاسد وبينهما فرق واضح. شرنبلالية. قوله: (كتزوجتك) بفتح كاف الخطاب. قوله: (لم يصح) كلام المتن غني عنه. قوله: (ولكن لا يبطل الخ) لما كان يتوهم أنه لا فرق بين النكاح المعلق بالشرط الفاسد والمقرون بالشرط الفاسد، كما وقع لصاحب الدرر أتى بالاستدراك وإن كان الثاني مسألة مستقلة، ولذا قال الشارح بعده بخلاف ما لو عقله بالشرط وفيه تنبيه على منشأ وهم الدرر، فافهم. قوله: (يعني لو عقد) أتى بالعناية لايهام كلام المصنف أن هذا من تتمة المسألة الأولى مع أنه مسألة مستقلة، وإنما أتى في أولها بالاستدراك للتنبيه المار. قوله: (مع شرط فاسد) كما إذا قال تزوجتك على أن لا يكون لك مهر فيصح النكاح ويفسد الشرط ويجب مهر المثل. قوله: (إلا أن يعلقه) استثناء من قوله: لا يصح تعليقه بالشرط. قوله: (ماض) أي مستمر إلى الحال، وقيد به احترازا عن تعليقه بمستقبل كائن لا محالة كمجئ الغد، وقوله: كائن وإن كان اسم فاعل وهو حقيقة في المتلبس بالفعل في الحال لكنه يستعمل بالمعنى الثاني، فافهم. قوله:
58 (وكذا الخ) عطف على قوله: إلا أن يعلقه ومثاله ما في المنح عن الفصول العمادية: لو قال تزوجتك بألف درهم إن رضي فلان اليوم: فإن كان فلان حاضرا فقال رضيت جاز النكاح استحسانا، وإن كان غير حاضر لم يجز ا ه. قوله: وعممه المصنف بحثا) حيث قال بعد نقل كلام العمادية: وينبغي أن يجري هذا التفصيل في مسألة التعليق برضا الأب، إذ لا فرق بينهما فيما يظهر ا ه: أي لا فرق بين إن رضي أبي أو إن رضي فلان في التفصيل فيهما. قلت: بل إذا جاز التعليق برضا فلان الأجنبي الحاضر يجوز تعليقه برضا الأب بالأولى، لان الأب له ولاية في الجملة وله حق الاعتراض لو الزوج غير كف ء، وله كمال الشفقة فيختار لها المناسب فكيف يقال بالجواز في الأجنبي دون الأب، على أنه قد نص على هذا التفصيل في مسألة الأب أيضا في الظهيرية حيث قال: لو كان الأب حاضرا في المجلس فقبل جاز، فما بحثه المصنف موافق للمنقول. قوله: (لكن في النهر) استدراك على ما بحثه المصنف. وعبارة النهر بعد أن ذكر كلام الظهيرية: وهو مشكل، والحق ما في الخانية ا ه. والذي في الخانية هو قوله: تزوجتك إن أجاز أبي أو رضي فقالت: قبلت لا يصح، لأنه تعليق والنكاح لا يحتمل التعليق ا ه. قلت: الظاهر حمل ما في الخانية على ما إذا كان الأب غير حاضر في المجلس، أو على أن ذلك هو القياس، لأنه في الخانية ذكر بعد ذلك مسألة التعليق برضا فلان فقال: إن كان فلان حاضرا في المجلس ورضي جاز استحسانا، وإلا فلا وإن رضي ا ه. وبما قلنا يحصل التوفيق بين كلاميه ما لم يثبت الفرق بين الأب وغيره، وقد علمت من عبارة الظهيرية عدمه، وأن الجواز في الأب ثابت بالأولى، ولم نر أحدا صرح بتصحيح خلاف هذا حتى يتبع، فافهم. باب الولي لما ذكر النكاح وألفاظه ومحله شرع في بيان عاقده، وأخره لأنه ليس من شروط صحته في جميع الصور، والولي فعيل بمعنى فاعل ط. قوله: (وعرفا) أي في عرف أهل أصول الدين. قال في البحر: وفي أصول الدين هو العارف بالله تعالى بأسمائه وصفاته حسبما يمكن المواظب على الطاعات المجتنب عن المعاصي الغير المنهمك في الشهوات واللذات كما في شرح العقائد ح. قوله: (الوارث) كذا في الفتح وغيره. قال الرملي: وذكره مما لا ينبغي، إذ الحاكم ولي وليس بوارث ا ه. قلت: وكذا سيد العبد فالتعريف خاص بالولي من جهة القرابة. قوله: (على المذهب) وما في البزازية من أن الأب أو الجد إذا كان فاسقا، فللقاضي أن يزوج من الكفء. قال في الفتح: إنه غير معروف في المذهب. قوله: (ما لم يكن متهتكا) في القاموس: رجل منهتك ومتهتك ومستهتك: لا
59 يبالي أن يهتك ستره ا ه. قال في الفتح عقب ما نقلنا عنه آنفا: نعم إذا كان متهتكا لا ينفذ تزويجه إياها بنقص عن مهر المثل ومن غير كف ء، وسيأتي هذا ا ه. وحاصله أن الفسق وإن كان لا يسلب الأهلية عندنا، لكن إذا كان الأب متهتكا لا ينفذ تزويجه إلا بشرط المصلحة، ومثله ما سيأتي من قول المصنف ولزم ولو بغبن فاحش أو بغير كف ء إن كان الولي أبا أو جدا لم يعرف منهما سوء الاختيار وإن عرف لا ا ه. وبه ظهر أن الفاسق المتهتك وهو بمعنى سيئ الاختيار لا تسقط ولايته مطلقا، لأنه لو زوج من كف ء بمهر المثل صح كما سيأتي بيانه، وهذا خلاف ما مر عن البزازية، ولا يمكن التوفيق بحمل ما مر على هذا لان قوله فللقاضي أن يزوج من الكفء يقتضي سقوط ولاية الأب أصلا، فافهم. قوله: (نحو صبي) أي كمجنون ومعتوه، غير أن الصبي خرج بقوله البالغ والمجنون والمعتوه بالعاقل ط. قوله: (ووصي) أي ونحو وصي ممن ليس بوارث كعبد وككافر له بنت مسلمة ومسلم له بنت كافرة كما سيأتي، نعم لو كان الوصي قريبا أو حاكما يملك التزويج بالولاية كما سيأتي في الشرح عند بيان الأولياء. قوله: (مطلقا على المذهب) أي سواء أوصى إليه الأب بذلك أم لا، وفي رواية يجوز، وكذا سواء عين له الموصي رجع في حياته أو لا، خلافا لما في فتح القدير كما سيأتي. قوله: (والولاية الخ) بفتح الواو، وما ذكره تعريفها الفقهي كما في البحر، وإلا فمعناها اللغوي المحبة والنصرة كما في المغرب، لكن ما ذكره تعريف لاحد نوعيها، وهو ولاية الاجبار بقرينة قوله: وهي هنا نوعان. وأفاد أن المذكور في المتن غير خاص بهذا الباب، بل منه ولاية الوصي وقيم الوقف وولاية وجوب صدقة الفطر بناء على أن المراد بتنفيذ القول ما يكون في النفس أو في المال أو فيهما معا، والمراد في هذا الباب ما يشمل الأول والثالث دون الثاني. قوله: (تثبت) أي الولاية المذكورة، والمراد هنا ولاية الاجبار في هذا الباب فقط ففيه شبهة الاستخدام، وإلا فالولاية المعرفة أعم كما علمت، وحيث كانت أعم فليس المراد بها الثابتة لخصوص الولي المعروف بالبالغ العاقل الوارث حتى يرد أنه ليس في الملك والإمامة إرث، وحينئذ فلا حاجة إلى التكلف في الجواب بأن المراد بالإرث المأخوذ في تعريف الولي هو أخذ المال بعد الموت من باب عموم المجاز، فالامام يأخذ مال من لا وارث له ليضعه في بيت المال، والولي يأخذ كسب عبده المأذون في التجارة بعد موته، وإن لم يكن ذلك إرثا حقيقة فإنه كما قال ط: لا دليل على هذا المجاز، والتعريف يصان عن مثل هذا، فافهم. قوله: (قرابة) دخل فيها العصبات والأرحام. قوله: (وملك) أي ملك السيد لعبده أو أمته. قوله: (وولاء) أي ولاء العتاقة والموالاة كما سيأتي. قوله: (وإمامة) دخل فيها القاضي المأذون بالتزويج، لأنه نائب عن الامام. قوله: (شاء أو أبى) احترز به عن ولاية الوكيل. قوله: (وهي هنا) فيه شبهة الاستخدام، لان الولاية المعرفة خاصة بولاية الاجبار، وقيد بقوله: هنا احتراز عن الولاية في غير النكاح كما قدمناه. قوله: (ولاية ندب) أي يستحب للمرأة تفويض أمرها إلى وليها كي لا تنسب إلى الوقاحة. بحر. وللخروج من خلاف الشافعي في البكر، وهذه في الحقيقة ولاية وكالة. قوله: (على المكلفة) أي البالغة العاقلة. قوله: (ولو بكرا) الأولى أن يقول: ولو ثيبا ليفيد أن تفويض البكر
60 إلى وليها يندب بالأولى لما علمته من علة الندب، إلا أن يكون مراده الإشارة إلى خلاف الشافعي بقرينة ما بعده: أي أنها تندب لا تجب ولو بكرا عندنا خلافا له. قوله: (ولو ثيبا) أشار إلى خلاف الشافعي فإنه يقول: إن ولاية الاجبار منوطة بالبكارة فيزوجها بلا إذنها ولو بالغا، لا إن كانت ثيبا ولو صغيرة، فالثيب الصغيرة لا تزوج عنده ما لم تبلغ لسقوط ولاية الأب. قوله: (ومعتوهة ومرقوقة) بالجر فيهما عطفا على قوله: الصغيرة لعدم تقييدهما بالصغر، والأولى تعريفهما بأل لئلا يتوهم عطفهما على ثيبا. قوله: (صغير الخ) الموصوف محذوف: أي شخص صغير الخ، فيشمل الذكر والأنثى. قوله: (لا مكلفة) الأولى زيادة حرة ليقابل الرقيق ط. وهذا تصريح بمفهوم المتن ذكره ليفيد أن قوله: فنفذ مفرع عليه. قوله: (فنفذ الخ) أراد بالنفاذ الصحة، وترتب الاحكام من طلاق وتوارث وغيرهما لا اللزوم، إذ هو أخص منها لأنه ما لا يمكن نقضه، وهذا يمكن رفعه إذا كان من غير كف ء، فقوله في الشرنبلالية: أي ينعقد لازما في إطلاقه نظر. واحترز بالحرة عن المرقوقة ولو مكاتبة أو أم ولد وبالمكلفة عن الصغيرة والمجنونة، فلا يصح إلا بولي كما قدمه، وأما حديث أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل وحسنه الترمذي، وحديث لا نكاح إلا بولي رواه أبو داود وغيره، فمعارض بقوله (ص) الأيم: أحق بنفسها من وليها رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ومالك في الموطأ، والأيم من لا زوج لها بكرا أو لا، فإنه ليس للولي إلا مباشرة العقد إذا رضيت، وقد جعلها أحق منه به، ويترجح هذا بقوة السند والاتفاق على صحته، بخلاف الحديثين الأولين فإنهما ضعيفان أو حسنان، أو يجمع بالتخصيص، أو بأن النفي للكمال، أو بأن يراد بالولي من يتوقف على إذنه: أي لا نكاح إلا بمن له ولاية لينفي نكاح الكافر للمسلمة والمعتوهة والعبد والأمة، والمراد بالباطل حقيقته على قول من لم يصحح ما باشرته من غير كف ء، أو حكمه على قول من يصححه: أي للولي أن يبطله وكل ذلك سائغ في إطلاقات النصوص ويجب ارتكابه لدفع المعارضة وتمام الكلام على ذلك مبسوط في الفتح: قوله: (والأصل الخ) عبارة البحر: والأصل هنا أن كل من يجوز تصرفه في ماله بولاية نفسه الخ فإنه يخرج الصبي المأذون، فإنه وإن جاز تصرفه في ماله لكن لا بولاية نفسه، لكن يرد على العكس المحجورة فإنها تملك النكاح وإن لم تملك التصرف في مالها على قولهما بالحجر على الحر فالأصل مبني على قول الإمام. تأمل. قوله: (إذا كان عصبة) أي بنفسه، فلا يرد العصبة بالغير كالبنت مع الابن، ولا العصبة مع الغير كالأخت مع البنت كما في البحر ح. قوله: (في غير الكفء) أي في تزويجها نفسها من غير كف ء، وكذا له الاعتراض في تزويجها نفسها بأقل من مهر مثلها، حتى يتم مهر المثل أو يفرق القاضي كما سيذكره المصنف في باب الكفاءة. قوله: (فيفسخه القاضي) فلا تثبت هذه الفرقة إلا بالقضاء لأنه مجتهد فيه، وكل من الخصمين يتشبث بدليل، فلا ينقطع النكاح إلا بفعل القاضي، والنكاح قبله صحيح يتوارثان به إذا مات أحدهما قبل القضاء، وهذه
61 الفرقة فسخ لا تنقص عدد الطلاق، ولا يجب عندها شئ من المهر إن وقعت قبل الدخول وبعده لها المسمى، وكذا بعد الخلوة الصحيحة، وعليها العدة ولها نفقة العدة لأنها كانت واجبة. فتح. ولها أن لا تمكنه من الوطئ حتى يرضى الولي كما اختاره الفقيه أبو الليث، لان الولي عسى أن يفرق فيصير وطئ شبهة، وأما على المفتى به الآتي فهو حرام لعدم الانعقاد. أفاده في البحر. قوله: (ويتجدد) أي اعتراض الولي بتجدد النكاح، كما لو زوجها الولي بإذنها من غير كف ء فطلقها ثم زوجت نفسها منه ثانيا كان لذلك الولي التفريق، ولا يكون الرضا بالأول رضا بالثاني. فتح. وقيد بتجديد النكاح لأنه لو طلقها رجعيا ثم راجعها في العدة ليس للولي الاعتراض كما ذكره في الذخيرة. قوله: (ما لم يسكت حتى تلد) زاد لفظ يسكت للإشارة إلى أن سكوته قبل الولادة لا يكون رضا، وأن هذه ليست من المسائل التي نزل فيها السكوت منزلة القول كما ستأتي الإشارة إليها، ويفهم منه أنه لو لم يسكت بل خاصم حين علم فكذلك بالأولى، فافهم، لكن يبقى الكلام فيما لو لم يعلم أصلا حتى ولدت فهل له حق الاعتراض؟ ظاهر المتن لا، وظاهر الشرح نعم. تأمل. قوله: (لئلا يضيع الولد) أي بالتفريق بين أبويه، فإن بقاءهما مجتمعين على تربيته أحفظ له بلا شبهة، فافهم. قوله: (وينبغي الخ) البحث لصاحب البحر ح. قوله: (ويفتى في غير الكفء الخ) قيد بذلك لئلا يتوهم عوده إلى قوله: فينفذ نكاح الخ وللإحتراز عما لو تزوجت بدون مهر المثل، فقد علمت أن للولي الاعتراض أيضا، والظاهر أنه لا خلاف في صحة العقد، وأن هذا القول المفتى به خاص بغير الكفء كما أشار إليه الشارح، ولم أر من أجرى هذا القول في المسألتين، والفرق إمكان الاستدراك بإتمام مهر المثل، فلذا قالوا له الاعتراض حتى يتم مهر المثل أو يفرق القاضي، فإذا أتم المهر زال سبب الاعتراض، بخلاف عدم الكفاءة، هذا ما ظهر لي، فافهم. قوله: (بعدم جوازه أصلا) هذه رواية الحسن عن أبي حنيفة، وهذا إذا كان لها ولي لم يرض به قبل العقد فلا يفيد الرضا بعده. بحر. وأما إذا لم يكن لها ولي فهو صحيح نافذ مطلقا اتفاقا كما يأتي، لان وجه عدم الصحة على هذه الرواية دفع الضرر عن الأولياء، أما هي فقد رضيت بإسقاط حقها. فتح. وقول البحر: لم يرض به يشمل ما إذا لم يعلم أصلا فلا يلزم التصريح بعدم الرضا بل السكوت منه لا يكون رضا كما ذكرنا. فلا بد حينئذ لصحة العقد من رضاه صريحا، وعليه فلو سكت قبله ثم رضي بعده لا يفيد، فليتأمل. قوله: (وهو المختار للفتوى) وقال شمس الأئمة: وهذا أقرب إلى الاحتياط، كذا في تصحيح العلامة قاسم، لأنه ليس كل ولي يحسن المرافعة والخصومة، ولا كل قاض يعدل، ولو أحسن الولي وعدل القاضي فقد يترك أنفة للتردد على أبواب الحكام، واستثقالا لنفس الخصومات فيتقرر الضرر فكان منعه دفعا له. فتح. قوله: (نكحت) نعت لمطلقة، وقوله: بلا رضا متعلق بنكحت، وقوله بعد ظرف للرضا، والضمير في معرفته للولي وفي إياه لغير الكفء، وقوله: بلا رضا نفي منصب على المقيد الذي هو رضا الولي والقيد الذي هو بعد معرفته إياه، فيصدق بنفي الرضا بعد المعرفة وبعدمها وبوجود الرضا مع عدم المعرفة، ففي هذه الصور الثلاثة لا تحل وإنما تحل في الصورة الرابعة وهي رضا الولي بغير الكفء مع علمه بأنه كذلك ا ه ح.
62 قلت: والأنسب أن يقول مع علمه به عينا لما في البحر: لو قال الولي: رضيت بتزوجها من غير كف ء، ولم يعلم بالزوج عينا هل يكفي؟ صارت حادثة الفتوى. وينبغي لا يكفي لان الرضا بالمجهول لا يصح كما ذكره في الخانية فيما إذا استأذنها الولي ولم يسم الزوج فقال لان الرضا بالمجهول لا يتحقق، ولم أره منقولا ا ه. وأقره في النهر لكن ليس على عمومه، لما سيأتي في كلام الشارح أنها لو فوضت الامر إليه يصح كقولها زوجني ممن تختاره ونحوه. قال الخير الرملي: ومقتضاه أن الولي لو قال لها أنا راض بما تفعلين أو زوجي نفسك ممن تختارين ونحوه أنه يكفي، وهو ظاهر لأنه فوض الامر إليها ولأنه من باب الاسقاط ا ه. قوله: (فليحفظ) قال في الحقائق شرح المنظومة النسفية: وهذا مما يجب حفظه لكثرة وقوعه ا ه. وقال الكمال: لان المحلل في الغالب يكون غير كف ء، وأما لو باشر الولي عقد المحلل فإنها تحل للأول ا ه وفي البحر: وهذا كله إذا كان لها ولي، وإلا فهو صحيح مطلقا اتفاقا. قوله: (وهو ظاهر الرواية) وبه أفتى كثير من المشايخ، فقد اختلف الافتاء. بحر. لكن علمت أن الثاني أقرب إلى الاحتياط. قوله: (قبل العقد أو بعده) فيه أن الرضا قبل العقد يصح على كل من الأول والثاني، وأما المبني على الأول فقط فهو الرضا بعد العقد، فإنه يصح عليه لا على الثاني المفتى به كما قدمنا، عن البحر، وكلام المتن يوهم أنه على الثاني لا يكون رضا البعض كالكل، ولا وجه له، ولعل الشارح قصد بما ذكره دفع هذا الايهام. تأمل. قوله: (لثبوته لكل كملا) لأنه حق واحد لا يتجزأ، لأنه ثبت بسبب لا يتجزأ. بحر. قوله: (كولاية أمان وقود) فإذا أمن مسلم حربيا ليس لمسلم آخر أن يتعرض للحربي أو لماله، وإذا عفا أحد أولياء القصاص ليس لولي آخر طلبه ح. قوله: (وسنحققه في الوقف) حيث زاد على ما هنا مما يقوم فيه البعض مقام الكل بعض مستحقي الوقف ينتصب خصما عن الكل، وكذا بعض الورثة، وكذا إثبات الاعسار في وجه أحد الغرماء، وولاية المطالبة بإزالة الضرر العام عن طريق المسلمين. (ولا الخ) أي وإن لم يستووا في الدرجة، وقد رضي الابعد فللأقرب الاعتراض. بحر عن قوله: (الفتح) وغيره. قوله: (وإن لم يكن لها ولي الخ) أي عصبة كما مر، والأولى التعبير به، وهذا الذي ذكره المصنف من الحكم ذكره في الفتح بحثا بصيغة: ينبغي أخذا من التعليل بدفع الضرر عن الأولياء، وأنها رضيت بإسقاط حقها، وجزم به في البحر فتبعه المصنف، والظاهر أنه لو كان لها عصبة صغير فهو بمنزلة من لا ولي لها لأنه لا ولاية له، وكذا لو كان عبدا أو كافرا كما سيشير إليه الشارح عند قوله الولي في النكاح العصبة الخ كما سنبينه هناك، وعلى هذا فلو بلغ أو عتق أو أسلم لا يتجدد له حق الاعتراض. وأما لو كان لها عصبة غائب فهو كالحاضر، لان ولايته لا تنقطع، بدليل أنه لو زوج الصغيرة حيث هو صح، وإن كان لها ولي آخر حاضر على ما فيه من الخلاف كما سيأتي، والظاهر أيضا أن هذا في البالغة، أما الصغيرة فلا يصح لأنها لم ترض بإسقاط حقها، ألا ترى أنها لو كان لها عصبة فزوجها غير كف ء لم يصح، فكذا إذا لم يكن لها عصبة، هذا كله ما ظهر لي تفقها من كلامهم ولم أره صريحا. قوله: (مطلقا) أي سواء نكحت كفؤا أو غيره ح. قوله: (اتفاقا) أي من القائلين برواية ظاهر المذهب والقائلين برواية الحسن المفتى بها. قوله: (أي
63 ولي له حق الاعتراض) يوهم أن الولي في قوله: وإن لم يكن لها ولي المراد به ما يشمل الأرحام وليس كذلك كما علمت، فالمناسب ذكر هذا التفسير هناك ليعلم المراد في الموضعين، ويرتفع الايهام المذكور. قوله: (ونحوه) بالرفع عطفا على قبضه أي ونحو قبض المهر كقبض النفقة، أو المخاصمة في أحدهما وإن لم يقبض، وكالتجهيز ونحوه. فتح. قوله: (إن كان الخ) كذا ذكره في الذخيرة، وأقره في البحر والنهر والشرح نبلالية وشرح المقدسي، وظاهره أن هذا شرط في الرضا دلالة فقط، وأن مجرد العلم بعدم الكفاءة لا يكفي هنا، بخلاف الرضا الصريح حيث يكفي فيه العلم فقط، لكن هذا مخالف لاطلاق المتون، ولم يذكره في الفتح ولا في كافي الحاكم الذي جمع كتب ظاهر الرواية، وأيضا فوجهه غير ظاهر، إلا أن يكون الفرق انحطاط رتبة الدلالة عن الصريح، فليتأمل. وصورة المسألة: أن تكون هذه المرأة تزوجت غير كف ء فخاصم الولي وأثبت عند القاضي عدم الكفاءة، فقبض الولي المهر قبل التفريق أو فرض القاضي بينهما ثم تزوجته ثانيا بلا إذن الولي فقبض المهر. قوله: (كما لا يكون الخ) مكرر بقوله المار ما لم يسكت حتى تلد. قوله: (وأما تصديقه الخ) قال في البحر: قيد بالرضا لان التصديق بأنه كف ء من البعض لا يسقط حق من أنكرها. قال في المبسوط: لو ادعى أحد الأولياء أن الزوج كف ء وأثبت الآخر أنه ليس بكفء يكون له أن يطالبه بالتفريق، لان المصدق ينكر سبب الوجوب، وإنكار سبب الشئ لا يكون إسقاطا له ا ه. وفي الفوائد التاجية: أقام وليها شاهدين بعدم الكفاءة وأقام زوجها بالكفاءة، لا يشترط لفظ الشهادة لأنه إخبار ا ه. قوله: (ولا تجبر البالغة) ولا الحر البالغ والمكاتب والمكاتبة ولو صغيرين. ح عن القهستاني. قوله: (البكر) أطلقها فشمل ما إذا كانت تزوجت قبل ذلك، وطلقت قبل زوال البكارة فتزوج كما تزوج الابكار، نص عليه في الأصل. بحر. قوله: (وهو السنة) بأن يقول لها قبل النكاح فلان يخطبك أو يذكرك فسكتت، وإن زوجها بغير استئمار فقد أخطأ السنة وتوقف على رضاها. بحر عن المحيط. واستحسن الرحمتي ما ذكره الشافعية من أن السنة في الاستئذان أن يرسل إليها نسوة ثقات ينظرن ما في نفسها، والام بذلك أولى لأنها تطلع على ما لا يطلع عليه غيرها ا ه. قوله: (أو وكيله أو رسوله) الأول أن يقول: وكلتك تستأذن لي فلانة في كذا والثاني أن يقول: اذهب إلى فلانة وقل لها إن أخاك فلانا يستأذنك في كذا. قوله: (وأخبرها رسوله الخ) أفاد أن قول المصنف أو زوجها محمول على ما إذا زوجها في غيبتها، وهذا وإن كان خلاف المتبادر منه، لكن يرجحه دفع التكرار مع قوله الآتي وكذا إذا زوجها عندها فسكتت. وفي البحر: واختلف فيما إذا زوجها غير كف ء فبلغها فسكتت، فقالا لا يكون رضا. وقيل في قول أبي حنيفة: يكون رضا، إن كان المزوج أبا أو جدا، وإن كان غيرهما فلا، كما في الخانية أخذا من مسألة الصغيرة المزوجة من غير كف ء اه. قال في النهر: وجزم في الدراية بالأول بلفظ
64 قالوا: قوله: (أو فضولي عدل) الشرط في الفضولي العدالة أو العدد، فيكفي إخبار واحد عدل أو مستورين عند أبي حنيفة، ولا يكفي إخبار واحد غير عدل، ولها نظائر ستأتي في متفرقات القضاء. قوله: (فسكتت) أي البكر البالغة، بخلاف الابن الكبير فلا يكون سكوته رضا حتى يرضى بالكلام. كافي الحاكم. قوله: (عن رده) قيد به إذ ليس المراد مطلق السكوت، لأنها لو بلغها الخبر فتكلمت بأجنبي فهو سكوت هنا فيكون إجازة، فلو قالت الحمد لله اخترت نفسي، أو قالت: هو دباغ لا أريده، فهذا كلام واحد فهو رد. بحر. قوله: (مختارة) أما لو أخذها عطاس، أو سعال حين أخبرت، فلما ذهب قالت لا أرضى، أو أخذ فمها ثم ترك فقالت ذلك، صح ردها لان سكوتها كان عن اضطرار. بحر. قوله: (غير مستهزئة) وضحك الاستهزاء لا يخفى على من يحضره، لان الضحك إنما جعل إذنا لدلالته على الرضا، فإذا لم يدل على الرضا لم يكن إذنا. بحر وغيره. قوله: (أو بكت بلا صوت) هو المختار للفتوى لأنه حزن على مفارقة أهلها. بحر: أي وإنما يكون ذلك عند الإجازة. معراج. قوله: (فما في الوقاية والملتقى) أي من أنه هو والبكاء بلا صوت إذن ومعه رد. قوله: (فيه نظر) أي لمخالفته لما في المعراج، ولا يخفى ما فيه، فإن ما في الوقاية والملتقى ذكر مثله في النقاية والاصلاح والمتون مقدمة على الشروح. وفي الشارح الجامع الصغير لقاضيخان: وإن بكت كان ردا في إحدى الروايتين عن أبي يوسف، وعنه في رواية: يكون رضا. قالوا: إن كان البكاء عن صوت وويل لا يكون رضا، وإن كان عن سكوت فهو رضا ا ه. وبه ظهر أن أصل الخلاف في أن البكاء هل هو رد أو لا، وقوله قالوا الخ توفيق بين الروايتين، فمعنى لا يكون رضا أنه يكون ردا كما فهمه صاحب الوقاية وغيره، وصرح به أيضا في الذخيرة حيث قال بعد حكاية الروايتين: وبعضهم قالوا إن كان مع الصياح والصوت فهو رد، وإلا فهو رضا، وهو الأوجه وعليه الفتوى ا ه. كيف والبكاء بالصوت والويل قرينة على الرد وعدم الرضا، وعن هذا قال في الفتح بعد حكاية الروايتين: والمعول اعتبار قرائن الأحوال في البكاء والضحك، فإن تعارضت أو أشكل احتيط ا ه. فقد ظهر لك أن ما في المعراج ضعيف لا يعول عليه. قوله: (فهو إذن) أي وإن لم تعلم أنه إذن كما في الفتح. قوله: (أي توكيل في الأول) أي فيما إذا استأذنها قبل العقد حتى لو قالت بعد ذلك لا أرضى ولم يعلم به الولي فزوجها صح كما في الظهيرية، لان الوكيل لا ينعزل حتى يعلم. بحر. قوله: (فلو تعدد المزوج الخ) عبارة البحر: ولو زوجها وليان متساويان كل واحد منهما من رجل فأجازتهما معا بطلا لعدم الأولوية، وإن سكتت بقيا موقوفين حتى تجيز أحدهما بالقول أو بالفعل، وهو ظاهر الجواب كما في البدائع ا ه. ولا يخفى أن هذا في الإجازة والكلام الآن في التوكيل: أي الاذن قبل العقد، لكن الظاهر أن الحكم لا يختلف في الموضعين إن زوجاها معا بعد الاستئذان، أما لو استأذناها فسكتت فزوجاها متعاقبا من رجلين ينبغي أن يصح السابق منهما لعدم المزاحم، فافهم. قوله: (وإجازة) عطف على توكيل، وقوله في الثاني أي فيما استأذنها بعد العقد، وهذا هو الأصح. وفي رواية: لا يكون
65 السكوت بعد العقد رضا كما بسطه في الفتح، وقدمنا الخلاف أيضا فيما إذا زوجها غير كف ء فبلغها فسكتت. قوله: (لا لو بطل بموته) لان الإجازة شرطها قيام العقد. بحر. قوله: (فالقول لها) لان الأصل أن المسلم المكلف لا يعقد إلا العقد الصحيح النافذ. قوله: (فالقول لهم) لأنها أقرت أن العقد وقع غير تام، ثم ادعت النفاذ بعد ذلك فلا يقبل منها لمكان التهمة. بحر. وحينئذ فلا ترث وهل تعتد؟ فإن كانت صادقة في نفس الامر، فلا شك في وجوب العدة عليها ديانة وإلا فلا، نعم لو أرادت أن تتزوج تمنع مؤاخذة لها بقولها، وأما لو تزوجت ففي الذخيرة: لو تزوجت المرأة ثم ادعت العدة فقال الزوج: تزوجتك بعدها فالقول قوله لأنه يدعي الصحة ا ه. فلعله يقال هنا كذلك، لان أقرارها السابق لم يثبت من كل وجه، هذا ما ظهر لي. قوله: (وقولها غيره) أي غير هذا الزوج. قوله: (رد قبل العقد لا بعده) فرقوا بينهما بأنه يحتمل الاذن وعدمه فقبل النكاح لم يكن النكاح، فلا يجوز بالشك، وبعده كان فلا يبطل بالشك، كذا في الظهيرية وهو مشكل، لأنه لا يكون نكاحا إلا بعد الصحة، وهي بعد الاذن فالظاهر أنه ليس بإذن فيهما. بحر. وأصل الاشكال لصاحب الفتح. وأجاب عنه المقدسي بأن العقد إذا وقع ثم ورد بعده ما يحتمل كونه تقريرا له وكونه ردا ترجح بوقوعه احتمال التقرير، وإذا ورد قبله ما يحتمل الاذن وعدمه ترجح الرد لعدم وقوعه فيمنع من إيقاعه لعدم تحقق الاذن فيه. قوله: (ولو زوجها لنفسه الخ) محترز قول المصنف أو زوجها أي أن الولي لو تزوجها كابن العم إذا تزوج بنت عمه البكر البالغ بغير إذنها فبلغها فسكتت لا يكون رضا، لأنه كان أصيلا في نفسه فضوليا في جانب المرأة فلم يتم العقد في قول أبي حنيفة ومحمد فلا يعمل الرضا، ولو استأمرها في التزويج من نفسه فسكتت، جاز إجماعا. بحر عن الخانية. والحاصل: أن الفضولي ولو من جانب إذا تولى طرفي العقد لا يتوقف عقده على الإجازة عندهما بل يقع باطلا، بخلاف ما لو باشر العقد مع غيره من أصيل أو ولي أو وكيل أو فضولي آخر فإنه يتوقف اتفاقا كما سيأتي في آخر باب الكفاءة. قوله: (فسكتت) أما لو قالت حين بلغها قد كنت قلت إني لا أريد فلانا ولم تزد على هذا، لم يجز النكاح لأنها أخبرت أنها على إبائها الأول. ذخيرة. قوله: (بخلاف ما لو بلغها الخ) لان نفاذ التزويج كان موقوفا على الإجازة، وقد بطل بالرد، والرد في الأول كان للاستئذان لا للتزوج العارض بعده، لكن قال في الفتح: الأوجه عدم الصحة، لان ذلك الرد الصريح يضعف كون ذلك السكوت دلالة الرضا ا ه. وأقره في بحر. وقد يقال: إنه قد تكون علمت بعد ذلك بحسن حاله، وقد يكون ردها الأول حياء لما علمته من أن الغالب إظهار النفرة عند فجأة السماع، ولو كانت على امتناعها الأول صرحت بالرد كما صرحت به أولا ولم تستح منه. قوله: (إن عرف) بالبناء للمجهول ونائب الفاعل ضمير المرأة (1) والذي في البحر: إن عرفت.
(1) قوله: (ضمير المرأة) لعل النسخة التي وقعت للمحشي ليس فيها لفظ الزوج والا فالنسخ التي بأيدينا ما رأيته بالهامش فليحرر الصواب ا ه مصححه. 66 قوله: (والمهر) ينبغي أن يكون على الخلاف كما في مسألة المتن الآتية ح. قوله: (واستشكله في البحر الخ) يؤيده ما قدمناه أول النكاح في أن قوله: زوجني توكيل أو إيجاب. عن الخلاصة: لو قال الوكيل هب ابنتك لفلان فقال وهبت لا ينعقد ما لم يقل الوكيل بعده قبلت، لان الوكيل لا يملك التوكيل ا ه. فهذا يدل على أن الوكيل ليس له التوكيل في النكاح، وأنه ليس من المسائل التي استثنوها من هذه القاعدة. وقال الرحمتي هناك وفي حاشية الحموي على الأشباه عن كلام محمد في الأصل: إن مباشرة وكيل الوكيل بحضرة الوكيل في النكاح لا تكون كمباشرة الوكيل بنفسه، بخلافه في البيع. وفي مختصر عصام أنه جعله كالبيع، فمباشرته بحضرته كمباشرته بنفسه ا ه. فيمكن أن يكون ما في القنية مفرعا على رواية عصام، لكن الأصل وهو المبسوط من كتب ظاهر الرواية فالظاهر عدم الجواز، فافهم. قوله: (ولو في ضمن العام) وكذا لو سمى لها فلانا أو فلانا فسكتت فله أن يزوجها من أيهما شاء، بحر. قوله: (لو يحصرن) عبارة الفتح: وهم محصورون معروفون لها ا ه. ومقتضاها أنها لو لم تعرفهم لم يصح وإن كانوا محصورون. قوله: (وإلا لا) كقوله أزوجك من رجل أو من بني تميم. بحر. قوله: (ما لم تفوض له الامر) أما إذا قالت أنا راضية بما تفعله أنت بعد قوله إن أقواما يخطبونك أو زوجني ممن تختاره ونحوه، فهو استئذان صحيح كما في الظهيرية وليس له بهذه المقالة أن يزوجها من رجل ردت نكاحه أولا، لان المراد بهذا العموم غيره كالتوكيل بتزويج امرأة ليس للوكيل أن يزوجه مطلقته إذا كان الزوج شكا منها للوكيل وأعلمه بطلاقها، كما في الظهيرية. بحر. قوله: (لا العلم بالمهر) أشار بتقدير العلم إلى أن المصنف راعى المعنى في عطفه المهر على التزوج، وأصل التركيب بشرط العلم بالزوج لا المهر ح. قوله: (وقيل يشترط) أشار إلى ضعفه، وإن قال في الفتح: إنه الأوجه، لان صاحب الهداية صحح الأول، وقال في البحر: إنه المذهب لقول الذخيرة: إن إشارات كتب محمد تدل عليه ا ه. قلت: وعلى القول باشتراط تسميته يشترط كونه مهر المثل، فلا يكون السكوت رضا بدونه كما في البحر عن الزيلعي. وبقي على القول بعدم الاشتراط، فهل يشترط أن يزوجها بمهر المثل؟ حتى لو نقص عنه لم يصح العقد إلا برضاها صارت حادثة الفتوى. ورأيت في الحادي عشر من البزازية: وإن لم يذكر المهر فزوج الوكيل بأكثر من مهر المثل بما لا يتغابن الناس فيه أو بأقل من المثل بما لا يتغابن فيه الناس صح عنده خلافا لهما. لكن للأولياء حق الاعتراض في جانب المرأة دفعا للعار عنهم ا ه. أي إذا رضيت بذلك، ومقتضاه أنه إذا كان الوكيل هو الولي كما في حادثتنا ورضيت به صح وإلا فلا. تأمل. قوله: (وما صححه في الدرر) أي من التفصيل، وهو أن الولي إن كان أبا أو جدا فذكر الزوج يكفي، لان الأب لو نقص عن مهر المثل لا يكون إلا لمصلحة تزيد عليه، وإن كان غيرهما فلا بد من تسمية الزوج والمهر. قوله: (عن الكافي) أي ناقل تصحيحه عن الكافي، فافهم. قوله: (رده الكمال) بقوله: وما ذكر من التفصيل ليس بشئ، لان ذلك في تزويجه الصغيرة بحكم الجبر، والكلام في الكبيرة التي وجف
67 مشاورته لها. والأب في ذلك كالأجنبي. قوله: (إن علمته) أي الزوج، وأما المهر ففيه ما مر آنفا كما نبه عليه في البحر قوله: (في سبع وثلاثين مسألة مذكورة في الأشباه) أي في قاعدة لا ينسب إلى ساكت قول. ذكر المحشي عبارته بتمامها، وزاد عليها ط عن الحموي مسائل أخر سيذكرها الشارح في الفوائد لتذكرها بين كتاب الوقف وكتاب البيوع، وسيأتي الكلام عليها كلها هناك إن شاء الله تعالى. قوله: (كأجنبي) المراد به من ليس له ولاية، فشمل الأب إذا كان كافرا أو عبدا أو مكاتبا، لكن رسول الولي قائم مقامه فيكون سكوتها رضا عند استئذانه كما في الفتح، والوكيل كذلك كما في البحر عن القنية قوله: (أو ولي بعيد) كالأخ مع الأب إذا لم يكن الأب غائبا غيبة منقطعة كما في الخانية. قوله: (فلا عبرة لسكوتها) عن الكرخي يكفي سكوتها. فتح. قوله: (كالثيب البالغة) أما الصغيرة فلا استئذان في حقها، كالبكر الصغيرة. فتح. قوله: (إلا في السكوت) حيث يكون سكوت البكر البالغة إذنا في حق الولي الأقرب، ولا يكون إذنا في الثيب البالغة مطلقا، والاستثناء منقطع، لان قول المصنف كالثيب تشبيه بالبكر التي استأذنها غير الأقرب، وهذه لا فرق بينها وبين الثيب البالغة في السكوت. قوله: (لان رضاهما يكون بالدلالة الخ) أشار إلى ما أورده الزيلعي على الكنز وغيره، من أن رضاهما لا يقتصر على القول، فإنه لا فرق بينهما في اشتراط الاستئذان والرضا، وفي أن رضاهما قد يكون صريحا وقد يكون دلالة، غير أن سكوت البكر رضا دلالة لحيائها دون الثيب، لان حياءها قد قل بالممارسة فتخلص المصنف عن ذلك بزيادة قوله أو ما هو في معناه الخ لكن أجاب في الفتح بأن الحق أن الكل من قبيل القول، إلا التمكين فيثبت دلالة لأنه فوق القول: أي لأنه إذا ثبت الرضا بالقوم يثبت بالتمكين من الوطئ بالأولى لأنه أدل على الرضا واعترضه في البحر بأن قبول التهنئة ليس بقول بل سكوت، زاد في النهر: ولهذا عدوه في مسائل السكوت. قلت: وفيه نظر لان مقتضى كلام الفتح أن المراد بقبول التهنئة ما يكون قولا باللسان لا مجرد السكوت، لان مراده إدخال الجميع تحت القول، ولذا لم يستثن إلا التمكين. ولا ينافيه قوله من قبيل القول، لان مراده أنه من قبيل القول الصريح بالرضا مثل قولها رضيت ونحوه، بدليل أنه قال قبله: إنه يكون إما بالقول كنعم ورضيت وبارك الله لنا وأحسنت، أو بالدلالة كطلب المهر أو النفقة الخ. ثم قال: والحق أن الكل من قبيل القول: أي من قبيل القول الذي ذكره، وأما قوله في النهر: ولهذا الخ، ففيه أن المذكور في مسائل السكوت قولهم إذا سكت الأب ولم ينف الولد مدة التهنئة لزمه ومعناه سكت عن نفي الولد لا عن جواب التهنئة. وما الجواب عن اعتراض البحر بأن قول الفتح: إنه من قبيل القول: أي لا من القول حقيقة بل هو منزل منزلته، فلا يرد السكوت عند التهنئة، ففيه أنه لو كان مراده ذلك لم يحتج إلى استثناء التمكين ولم يكن دفع لما أورده الزيلعي، لان الزيلعي يقول: إن الدلالة بمنزلة القول في الالزام، فافهم، نعم الذي يظهر ما قاله الزيلعي، لأن الظاهر أن طلب المهر ونحوه لا يلزم أن يكون بالقول، ولذا عبر الشارح بقوله: من فعل يدل على الرضا، ومقتضاه أن قبض المهر ونحوه رضا كما مر من
68 جعله رضا دلالة في حق الولي، وبه صرح في الخانية بقوله: الولي إذا زوج الثيب فرضيت بقلبها ولم تظهر الرضا بلسانها، كان لها أن ترد لان المعتبر فيها الرضا باللسان أو الفعل الذي يدل على الرضا نحو التمكين من الوطئ وطلب المهر وقبول المهر دون قبول الهدية، وكذا في حق الغلام ا ه. قوله: (ودخوله بها الخ) هذا مكرر، والظاهر أنه تحريف والأصل وخلوته بها فإن الذي في البحر عن الظهيرية: ولو خلا بها برضاها هل يكون إجازة؟ لا رواية لهذه المسألة، وعندي أن هذا إجازة ا ه. وفي البزازية: الظاهرة أنه إجازة قوله: (والضحك سرورا) احتراز عن الضحك استهزاء. قال في البحر: وأما الضحك فذكر في فتح القدير أولا أنه كالسكوت لا يكفي، وسلم هنا أنه يكفي وجعل من قبيل القول لأنه حروف ا ه. قلت: وما هنا هو الموافق لما صرح به الزيلعي وغيره. قوله: (ونحو ذلك) كقبول المهر كما مر عن الخانية، والظاهر أن مثله قبول النفقة. قوله: (بخلاف خدمته) أي إن كانت تخدمه من قبل، ففي البحر عن المحيط والظهيرية: ولو أكلت من طعامه أو خدمته كما كانت فليس برضا دلالة. قوله: (أي نطة) هي من فوق إلى أسفل، والطفرة عكسها. قوله: (أي كبر) أي بلا تزويج في النهر عن الصحاح، يقال: عنست الجارية تعنس بضم النون عنوسا وعناسا فهي عانس: إذا طال مكثها بعد إدراكها في منزل أهلها حتى خرجت عن عداد الابكار. قوله: (بكر حقيقة) خبر من وفي الظهيرية: البكر اسم لامرأة لم تجامع بنكاح ولا غيره ا ه. لان مصيبها أول مصيب لها، ومنه الباكورة لأول الثمار، والبكرة بضم الباء لأول النهار، وحاصل كلامهم أن الزائل في هذه المسائل العذرة: أي الجلدة التي على المحل لا البكارة فكانت بكرا حقيقة وحكما، ولذا تدخل في الوصية لابكار بني فلان، ولا يرد الجارية لو شريت على أنها بكر، فوجدت زائلة العذرة بشئ من ذلك له ردها، لان المتعارف من اشتراط البكارة صفة العذرة. أفاده في البحر. قوله: (كتفريق بجب) أي كذات تفريق الخ ط. وهو تنظير في كونها بكرا حقيقة وحكما لا تمثيل، فلا يرد أن هذه ما زالت عذرتها، فكيف يشبهها بمن زالت عذرتها؟ ح. قوله: (أو طلاق) عطف على تفريق لا على جب ح. قوله: (بعد خلوة) يصلح ظرفا للتفريق والطلاق والموت، لكن لما كان قوله قبل الوطئ ظرفا للأخيرين فقط، لعدم إمكان الوطئ في الأول: أما في الجب فظاهر، وأما في العنة فلان الوطئ يمنع التفريق كان الأنسب تعلقه بالأخيرين فقط، وفهم من قوله بعد خلوة أنه لو وقع الطلاق أو الموت قبل الخلوة كانت بكرا حقيقة وحكما بالأولى، وقيد بقوله: قبل وطئ لأنها بعد الوطئ ثيب حقيقة وحكما ا ه ح. قوله: (وهذه فقط بكر حكما) أراد بالحكمي ما ليس بحقيقي بدلالة المقابلة، كما هو المتبادر، ولذا حاول الشارح في عبارة المصنف فقدر خبرا لمن ومبتدأ لبكر، وإلا فعبارة المصنف في نفسها صحيحة، لان الحقيقي حكمي أيضا، والحكمي أعم لأنه قد يكون غير حقيقي، ولكن لما كان المتبادر من إطلاق الحكمي إرادة ما ليس بحقيقي أول عبارة المصنف ولم يقل بكر حكما فقط لما قلنا، فافهم. قوله: (إن لم يتكرر ولم تحد به) هذا معنى قولهم: إن لم يشتهر زناها يكتفى
69 بسكوتها، لان الناس عرفوها بكرا، فيعيبونها بالنطق، فيكتفى بسكوتها كي لا تتعطل عليها مصالحها، وقد ندب الشارع إلى ستر الزنى فكانت بكرا شرعا، بخلاف ما إذا اشتهر زناها. قوله: (وإلا) صادق بثلاث صور: ما إذا تكرر منها الزنا ولم تحد، أو حدت ولم يتكرر، أو تكرر وحدت ح. قوله: (كموطوءة بشبهة) أي فإنها تثيب حقيقة وحكما ح. قوله: (أو نكاح فاسد) عطف على بشبهة أي وكموطوءة بنكاح فاسد، فافهم. أما إذا لم توطأ فيه فهي بكر حقيقية وحكما كما في النكاح الصحيح ط. قوله: (وقالت رددت) أي ولم يوجد منها ما يدل على الرضا كما في الشرنبلالية ط. قوله: (ولا بينة لهما) قيد به لان أيهما أقام البينة قبلت بينته. بحر. وإن أقاماها فيأت في قوله ولو برهنا. قوله: (ولم يكن دخل بها طوعا) بأن لم يدخل أو دخل كرها، واحترز به عما إذا دخل بها طوعا حيث لا تصدق في دعوى الرد في الأصح، لان التمكين من الوطئ كالاقرار، وعن هذا صحيح في الولوالجية أنها لو أقامت بعد الدخول البينة على الرد لم تقبل، لكن في حاشية الغزي على الأشباه أنه وقع اختلاف التصحيح في قبول بينتها بعد الدخول على أنها كانت ردت النكاح قبل الإجازة، ففي البزازية أن المذكور في الكتب أنها تقبل، وصحح في الواقعات عدمه لتناقضها في الدعوى، والصحيح القبول لأنه وإن بطلت الدعوى فالبينة لا تبطل لقيامها على تحريم الفرج، والبرهان عليه مقبول بلا دعوى. قال الغزي: وقد ألف شيخنا العلامة علي المقدسي فيها رسالة اعتمد فيها تصحيح القبول. قوله: (فالقول قولها) لأنه يدعي لزوم العقد وملك البضع والمرأة تدفعه، فكانت منكرة، ولا يقبل قول وليها عليها بالرضا لأنه يقر عليها بثبوت الملك، وإقراره عليها بالنكاح بعد بلوغها غير صحيح، كذا في الفتح، وينبغي أن لا تقبل شهادته لو شهد مع آخر بالرضا لكونه ساعيا في إتمام ما صدر منه فهو متهم ولم أره منقولا. بحر. قلت: وفي الكافي للحاكم الشهيد: وإذا زوج الرجل ابنته فأنكرت الرضا فشهد عليها أبوها وأخوها لم يجز ا ه. فتأمل. ثم اعلم أنه ذكر في البحر في باب المهر عند الكلام على النكاح الفاسد ما نصه: وإذا دعت فساده وهو صحته فالقول له، وعلى عكسه فرق بينهم وعليها العدة ولها نصف المهر إن لم يدخل، والكل إن دخل، كذا في الخانية. وينبغي أن يستثنى منه ما ذكره الحاكم الشهيد في الكافي من أنه لو ادعى أحدهما أن النكاح كان في صغره فالقول قوله، ولا نكاح بينهما، ولا مهر لها إن لم يكن دخل بها قبل الادراك ا ه ما في البحر. قلت: وقد علل الأخيرة في البزازية عن المحيط بقوله: لاختلافهما في وجود العقد، وعللها في الذخيرة بقوله: لان النكاح في حالة الصغر قبل إجازة الولي ليس بنكاح معنى الخ، وذكر قبله أن الاختلاف لو في الصحة والفساد فالقول لمدعي الصحة بشهادة الظاهر، ولو في أصل وجود العقد فالقول لمنكر الوجود. قلت: وعلى هذا فلا استثناء، لان ما في الخانية من الأول، وما في الكافي من الثاني، ولعل وجه قوله في الخانية: وعلى عكسه فرق بينهما الخ، كونه مؤاخذا بإقراره فيسري عليه، ولذا كان لها المهر. ثم إن الظاهر أن ما نحن فيمن قبيل الاختلاف في أصل وجود العقد، لان الرد صير
70 الايجاب بلا قبول، وكذا المسألة الآتية، هذا ما ظهر لي. قوله: (على المفتى به) وهو قولهما وعنده لا يمين عليها، كما سيأتي في الدعوى في الأشياء الستة. بحر. قوله: (لأنه وجودي الخ) جواب عما يقال: إن بينته على سكوتها بينة على النفي، وهي غير مقبولة، فأجاب بأن السكوت وجودي لأنه عبارة عن ضم الشفتين ويلزم منه عدم الكلام، كما في المعراج. زاد في البحر: أو هو نفي يحيط به علم الشاهد فيقبل، كما لو ادعت أزوجها تكلم مما هو ردة في مجلس، فبرهن على عدم التكلم فيه تقبل، وكذا إذا قال الشهود كنا عندها ولم نسمعها تتكلم ثبت سكوتها كما في الجوامع ا ه. ولا يخفى الجواب الأول مبني على المنع، والثاني على التسليم، وبحث في الأول في السعدية بما في شرح العقائد، من أن السكوت ترك الكلام، وأقره عليه في النهر. قلت: ويمكن الجواب بأن هذا تفسير باللازم، وبحث في الثاني أيضا بأنه مخالف لما في أيمان الهداية من باب اليمين في الحج والصلاة، من أن الشهادة على النفي غير مقبولة مطلقا، أحاط به علم الشاهد أو لا ا ه. وكذا قال في البحر هناك. الحاصل: أن الشهادة على النفي المقصود لا تقبل، سواء كان نفيا صورة أو معنى، وسواء أحاط به علم الشاهد أو لا ا ه. قلت: وهذا في غير الشروط، فلو قال: إن لم أدخل الدار اليوم فكذا فشهدا أنه دخلها، تقبل. قوله: (فبينتها أولى) لاثبات الزيادة: أعني الرد فإنه زائد على السكوت. بحر. قوله: (إلا أن يبرهن على رضاها أو إجازتها) أي فتترجح بينته لاستوائهما في الاثبات وزيادة بينته بإثبات اللزوم، كذا في الشروح، وعزاه في النهاية للتمرتاشي، وكذا هو في غير كتاب من الفقه، لكن في الخلاصة عن أدب القاضي للخصاف أن بينتها أولى، ففي هذه الصورة اختلاف المشايخ، ولعل وجهه أن السكوت لما كان مما تتحقق الإجازة به لم يلزم من الشهادة بالإجازة كونها بأمر زاد على السكوت ما لم يصرحوا بذلك، كذا في الفتح وتبعه في البحر، واستفيد منه التوفيق بين القولين بحمل الأول على ما إذا صرح الشهود بأنها قالت: أجزت أو رضيت، وحمل الثاني على ما إذا شهدوا بأنها أجازت أو رضيت لاحتمال إجازتها بالسكوت، فافهم. قوله: (كما لو زوجها الخ) أي أن الاختلاف في البلوغ كالاختلاف في السكوت كما في النهر قوله: (مثلا) فالمراد الولي المجبر قوله: (فإن القول لها) لأنها إذا كانت مراهقة كان المخبر به يحتمل الثبوت فيقبل خبر ها لأنها منكرة وقوع الملك عليها. عن البحر. قوله: (إن ثبت أن سنها تسع) تفسير للمراهقة كما يدل عليه كلام المنح ح. قوله: (وكذا لو ادعى المراهق بلوغه) بأن باع أبوه ماله فقال الابن أنا بالغ ولم يصح البيع وقال المشتري والأب إنه صغير، فالقول للابن لأنه ينكر زوال ملكه، وقد قيل خلافه، والأول أصح. بحر عن الذخيرة. قوله: (ولو برهنا الخ) ذكره في البزازية عقب المسألة الأولى، وكأن الشارح أخره ليفيد أن الحكم كذلك في المسألتين، فافهم. استشكل بعض المحشين تصور البرهان على البلوغ.
71 قلت: وهو ممكن بالحبل أو الاحبال أو سن البلوغ أو رؤية الدم أو المني كما في الشهادة على الزنى. قوله: (على الأصح) راجع لمسألة المراهقة والمراهق، فقد نقل التصحيح فيهما في البحر عن الذخيرة. قوله: (بخلاف قول الصغيرة) أي التي زوجها غير الأب والجد، أما من زوجاها فلا خيار لها ط. قوله: (ردت حين بلغت الخ) أي قالت بعدما بلغت: رددت النكاح واخترت نفسي، حين أدركت، لم يقبل قولها لان الملك ثابت عليها، وتريد بذلك إبطال الثابت عليها كما في الذخيرة، فافهم وبهذا علم أن قولها ذلك بعد البلوغ، وكأنه سماها صغيرة باعتبار ما كان زمن العقد: أي المتحقق صغرها وقته، بخلاف المراهقة المحتمل بلوغها وقته. قوله: (ولو حالة البلوغ) بأن قالت عند القاضي أو الشهود: أدركت الآن وفسخت فإنه يصح كما يأتي بيانه. قوله: (وللولي الآتي بيانه) أي في قوله الولي في النكاح العصبة بنفسه الخ واحترز به عن الولي الذي له حق الاعتراض فإنه يخص العصبة كما مر، وعن الوصي غير القريب كما مر ويأتي أيضا. قوله: (إنكاح الصغير والصغيرة) قيد بالإنكاح لان إقراره به عليهما لا يصح إلا بشهود، أو بتصديقهما بعد البلوغ كما سيذكره المصنف آخر الباب ولو قال: وللولي إنكاح غير المكلف والرقيق لشمل المعتوه ونحوه. تتمة: ليس لغير الأب والجد أن يسلم الصغيرة قبل قبض ما تعورف قبضه من المهر، ولو سلمها الأب له أن يمنعها. أفاده ط. وتمامه في البحر. قلت: وليس له تسليمها للدخول بها قبل إطاقة الوطئ ولا عبرة للسن كما سيذكره الشارح في آخر باب المهر. قوله: (ولو ثيبا) صرح به لخلاف الشافعي، فإن علة الاجبار عنده البكارة، وعندنا العجز بعدم العقل أو نقصانه وتوضيحه في كتب الأصول. قوله: (كمعتوه ومجنون) أي ولو كبيرين، والمراد كشخص معتوه الخ، فيشمل الذكر والأنثى. قال في النهر: فللولي إنكاحهما إذا كان الجنون مطبقا وهو شهر على ما عليه الفتوى، وفي منية المفتي: بلغ مجنونا أو معتوها تبقى ولاية الأب كما كانت، فلو جن أو عته بعد البلوغ تعود في الأصح. وفي الخانية زوج ابنه البالغ بلا إذنه فجن، قالوا: ينبغي للأب أن يقول أجزت النكاح على ابني لأنه يملك إنشاءه بعد الجنون. قوله: (ولزم النكاح) أي بلا توقف على إجازة أحد وبلا ثبوت خيار في تزويج الأب والجد والمولى، وكذا الابن على ما يأتي. قوله: (ولو بغبن فاحش) هو ما لا يتغابن الناس فيه: أي لا يتحملون الغبن فيه احترازا عن الغبن اليسير، وهو ما يتغابنون فيه: أي يتحملونه. قال في الجوهرة: والذي يتغابن فيه الناس ما دون نصف المهر، كذا قاله شيخنا موفق الدين. وقيل ما دون العشر ا ه. فعلى الأول الغبن الفاحش هو النصف فما فوقه، وعلى الثاني العشر فما فوقه. تأمل. قوله: (بنقص) الباء لتصوير الغبن: أي أن الغبن يتصور في جانب الصغيرة بالنقص عن مهر المثل، وفي جانب الصغير بالزيادة. قوله: (أو زوجها بغير كف ء) بأن زوج ابنه أمة أو ابنته عبدا، وهذا عند الامام. وقالا: لا يجوز أن يزوجها غير كف ء، ولا يجوز الحط ولا الزيادة إلا بما يتغابن الناس. ح عن المنح. ولا ينبغي ذكر
72 المثال الأول لان الكفاءة غير معتبرة في جانب المرأة للرجل. أفاده في الشرنبلالية، ونحوه في ط. قلت: وعن هذا قال الشارح: أو زوجها مضافا إلى ضمير المؤنثة مع تعميمه في الغبن الفاحش بقوله: بنقص مهرها وزيادة مهره فلله دره ما أمهره، فافهم، لكن في هذا كلام نذكره قريبا. قوله: (المزوج بنفسه) احترز به عما إذا وكل وكيلا بتزويجها، وسيأتي بيانه قريبا ح. قوله: (بغبن) كان عليه أن يقول أو بغير كف ء ولو قال المزوج بنفسه على الوجه المذكور كما قال في المنح لسلم من هذا ح. قوله: (وكذا المولى) أي إذا زوج الصغير أو الصغيرة المرقوقين ثم أعتقهما ثم بلغا، فإن نكاحهما لازم ولو من غير كف ء أو بغير مهر المثل، ولا يثبت لهما خيار البلوغ لكمال ولاية المولى فهو أقوى من الأب والجد، ولان خيار العتق يغني عنه ط. وهذا هو الصواب في التصوير. وأما تصوير المسألة بما إذا كان الاعتاق قبل التزويج، فغير صحيح، لأنه في هذه الصورة يثبت لهما خيار البلوغ كما سنذكره، والكلام في اللزوم بلا خيار كما في الأب والجد، فافهم. قوله: (وابن المجنونة) ومثلها المجنون. قال في البحر: المجنون والمجنونة إذا زوجهما الابن ثم أفاقا لا خيار لهما. قوله: (لم يعرف منهما الخ) أي من الأب والجد، وينبغي أن يكون الابن كذلك، بخلاف المولى فإنه يتصرف في ملكه، فينبغي نفوذ تصرفه مطلقا كتصرفه في سائر أمواله. رحمتي. فافهم. قوله: (مجانة وفسقا) نصب على التمييز. وفي المغرب: الماجن الذي لا يبالي ما يصنع وما قيل له، ومصدره المجون والمجانة اسم منه، والفعل من باب طلب ا ه. وفي شرح المجمع: حتى لو عرف من الأب سوء الاختيار لسفهه أو لطمعه لا يجوز عقده إجماعا ا ه. قوله: (وإن عرف لا يصح النكاح) استشكل ذلك في فتح القدير بما في النوازل: لو زوج بنته الصغيرة ممن ينكر أنه يشرب المسكر، فإذا هو مدمن له وقالت لا أرضى بالنكاح: أي ما بعد ما كبرت إن لم يكن يعرفه الأب بشربه وكان غلبة أهل بيته صالحين فالنكاح باطل، لأنه إنما زوج على ظن أنه كف ء ا ه. قال: إذ يقتضي أنه لو عرف الأب بشربه فالنكاح نافذ، مع أن من زوج بنته الصغيرة القابلة للتخلق بالخير والشر ممن يعلم أنه شريب فاسق فسوء اختياره ظاهر. ثم أجاب بأنه لا يلزم من تحقق سوء اختياره بذلك أن يكون معروفا به، فلا يلزم بطلان النكاح عند تحقق سوء الاختيار مع أنه لم يتحقق للناس كونه معروفا بمثل ذلك ا ه. والحاصل: أن المانع هو كون الأب مشهورا بسوء الاختيار قبل العقد، فإذا لم يكن مشهورا بذلك ثم زوج بنته من فاسق صح، وإن تحقق بذلك أنه سيئ الاختيار واشتهر به عند الناس، فلو زوج بنتا أخرى من فاسق لم يصح الثاني لأنه كان مشهورا بسوء الاختيار قبله، بخلاف العقد الأول لعدم وجود المانع قبله، ولو كان المانع مجرد تحقق سوء الاختيار بدون الاشتهار لزم إحالة المسألة: أعني قولهم ولزم النكاح ولو بغبن فاحش أو بغير كف ء إن كان الولي أبا أو جدا. ثم علم أن ما مر عن النوازل من أن النكاح باطل معناه أنه سيبطل كما في الذخيرة، لان المسألة مفروضة فيما إذا لم ترض البنت بعد ما كبرت كما صرح به في الخانية والذخيرة وغيرهما، وعليه يحمل ما في القنية: زوج بنته الصغيرة من رجل ظنه حر الأصل وكان معتقا فهو باطل بالاتفاق ا ه.
73 وعلم من عبارة القنية أنه لا فرق في عدم الكفاءة بين كونه بسبب الفسق أو غيره، حتى لو زوجها من فقير أو ذي حرفة دنية ولم يكن كفؤا لها لم يصح، فقصر ابن الهمام كلامهم على الفاسق مما لا ينبغي كما أفاده في البحر، وما ذكرنا من ثبوت الخيار للبيت إذا بلغت إنما هو في الصغيرة، أما لو زوج الأولياء الكبيرة بإذنها ولم يعلموا عدم الكفاءة ثم ظهر عدمها فلا خيار لاحد كما سيذكره الشارح أول الباب الآتي، ويأتي تمام الكلام عليه هناك. قوله: (فزوجها من فاسق الخ) وكذا لو زوجها بغين فاحش في المهر لا يجوز إجماعا، والصاحي يجوز، لأن الظاهر من حال السكران أنه لا يتأمل، إذ ليس له رأي كامل، فبقي النقصان ضررا محضا، والظاهر من حال الصاحي أنه يتأمل. بحر عن الذخيرة. ثم قال: وكذا السكران لو زوج من غير الكفء كما في الخانية، وبه علم، أن المراد بالأب من ليس بسكران ولا عرف بسوء الاختيار ا ه. قلت: ومقتضى التعليل أن السكران أو المعروف بسوء الاختيار لو زوجها من كف ء بمهر المثل صح لعدم الضرر المحض، ومعنى قوله: والظاهر من حال الصاحي أنه يتأمل: أي أنه لوفور شفقته بالأبوة لا يزوج بنته من غير كف ء أو بغبن فاحش إلا لمصلحة يزيد على هذا الضرر، كعلمه بحسن العشرة معها وقلة الأذى ونحو ذلك، وهذا مفقود في السكران وسيئ الاختيار إذا خالف لظهور عدم رأيه وسوء اختياره في ذلك. قوله: (أي غير الأب وأبيه) الأولى أن يزيد والابن والمولى لما مر. قوله: (ولو الام أو القاضي) هو الأصح لان ولايتهما متأخرة عن ولاية الأخ والعم فإذا ثبت الخيار في الحاجب ففي المحجوب أولى بحر. ولقصور الرأي في الام ونقصان الشفقة في القاضي. ذخيرة. لكن سنذكر في مسألة عضل الأقرب أن تزويج القاضي نيابة عنه فليس لها الخيار، ويأتي تمامه هناك. قوله: (لو عين لوكيله القدر) أي الذي هو غبن فاحش. نهر. وكذا لو عين له رجلا غير كف ء كما بحثه العلامة المقدسي. مطلب مهم: هل للعصبة تزويج الصغير امرأة غير كف ء له تنبيه: ذكر في شرح المجمع أن تزويج الأب الصغير والصغيرة من غير كف ء أو بغبن فاحش جائز عنده لا عندهما، ثم قال: وفي المحيط: الوكيل بالنكاح إذا زاد أو نقص عن مهر المثل فعلى هذا الاختلاف ا ه. وهذا خلاف ما ذكره الشارح تبعا لما في البحر عن القنية. وقد يجاب بأن الوكيل في عبارة شرح المجمع، ليس المراد به وكيل الأب، بل وكيل الزوج أو الزوجة البالغين بقرينة ما في البدائع حيث ذكر الخلاف السابق، ثم قال: وعلى هذا الخلاف التوكيل بأن وكل رجل رجلا بأن يزوجه امرأة فزوجه بأكثر من مهر مثلها مقدار ما لا يتغابن الناس في مثله، أو وكلت امرأة رجلا بأن يزوجها من رجل فزوجها بدون صداق مثلها أو من غير كف ء ا ه. وقدمناه أيضا عن البزازية، وعليه فلا منافاة، فتدبر. قوله: (لا يصح النكاح من غير كف ء) مثله قول الكنز: ولو زوج طفلة غير كف ء أو بغبن فاحش صح، ولا يجز ذلك لغير الأب والجد، ومقتضاه أن الأخ لو زوج أخاه الصغير امرأة أدنى منه لا يصح، وفيه ما مر عن الشرنبلالية من أن الكفاءة لا تعتبر للزوج كما سيأتي في بابها أيضا. وقدمنا أن الشارح أشار إلى ذلك أيضا، وقد راجعت كثيرا فلم أر شيئا صريحا في ذلك، نعم
74 رأيت في البدائع مثل ما في الكنز حيث قال: وأما إنكاح الأب والجد الصغير الصغيرة فالكفاءة فيه ليست بشرط عند أبي حنيفة لصدوره ممن له كمال النظر لكمال الشفقة، بخلاف إنكاح الأخ والعم من غير كف ء فإنه لا يجوز بالاجماع لأنه ضرر محض ا ه. فقوله: بخلاف الخ ظاهر في رجوعه إلى كل من الصغير والصغيرة، وعلى هذا فمعنى عدم اعتبار الكفاءة للزوج أن الرجل لو زوج نفسه من امرأة أدنى منه ليس لعصباته حق الاعتراض، بخلاف الزوجة، وبخلاف الصغيرين إذا زوجهما غير الأب والجد، هذا ما ظهر لي، وسنذكر في أول باب الكفاءة ما يؤيده، والله أعلم. قوله: (أصلا) أي لا لازما ولا موقوفا على الرضا بعد البلوغ، قال في فتح القدير: وعلى هذا ابتني الفرع المعروف: لو زوج العم الصغيرة حرة الجد من معتق الجد فكبرت وأجازت لا يصح، لأنه لم يكن عقدا موقوفا إذا لا مجيز له، فإن العم ونحوه لم يصح منهم التزويج بغير الكفء ا ه. قال في البحر: ولذا ذكر في الخانية وغيرها أن غير الأب والجد إ ذا زوج الصغيرة فالأحوط أن يزوجها مرتين: مرة بمهر مسمى ومرة بغير التسمية، لأنه لو كان في التسمية نقصان فاحش ولم يصح النكاح الأول يصح الثاني ا ه. وليس للتزويج من غير كف ء حيلة كما لا يخفى ا ه. قوله: (صح ولهما فسخه) أي بعد بلوغهما، والجملة قصد بها لفظها مرفوعة المحل على أنها بدل من ما أو محكية بقول محذوف: أي قائلا: وقوله: وهم خبر عن ما وعبارة صدر الشريعة في متنه: وصح إنكاح الأب والجد الصغير والصغيرة بغبن فاحش ومن غير كف ء لا غيرهما. وقال في شرحه: أي لو فعل الأب أو الجد عند عدم الأب لا يكون للصغير والصغيرة حق الفسخ بعد البلوغ، وإن فعل غيرهما فلهما أن يفسخا بعد البلوغ ا ه. ولا يخفى أن الوهم في عبارة الشرح، وقد نبه على وهمه ابن الكمال، وكذا المحقق التفتازاني في التلويح في بحث العوارض، وذكر أنه لا يوجد له رواية أصلا، وأجاب القهستاني بأن صحته بالغبن الفاحش نقلها في الجواهر عن بعضهم، وبغير كف ء نقلها في الجامع عن بعضهم. قال: وهذا يدل على وجود الرواية ا ه. قلت: وفيه نظر، فإن ما كان قولا لبعض المشايخ لا يلزم أن يكون فيه رواية عن أئمة المذهب، ولا سيما إذا كان قولا ضعيفا مخالفا لما في مشاهير كتب المذهب المعتمدة. قوله: (ولكن لهما خيار البلوغ) (1) دفع به توهم اللزوم المتبادر من الصحة ط. وأطلق فشمل الذميين والمسلمين وما إذا زوجت الصغيرة نفسها فأجاز الولي، لان الجواز ثبت بإجازة الولي فالتحق بنكاح باشره. بحر عن المحيط. قوله: (وملحق بهما) كالمجنون والمجنونة إذا كان المزوج لهما غير الأب والجد والابن بأن كان أخا أو عما مثلا. قال في الفتح بعد أن ذكر العصبات: وكل هؤلاء يثبت لهم ولاية الاجبار على البنت والذكر في حال صغرهما أو كبرهما إذا جنا مثلا غلام بلغ عاقلا ثم جن فزوجه أبوه وهو رجل جاز إذا كان مطبقا، فإذا أفاق فلا خيار له، وإن زوجه أخوه فأفاق فله الخيار ا ه. قوله: (بالبلوغ) أي إذا علما قبله أو عنده. قهستاني. قوله: (أو العلم بالنكاح بعده) أي
(1) قوله: (ولكن لهما خيار البلوغ) في نسخ الشرح التي بأيدينا خيار الفسخ بالبلوغ ا ه مصححه. 75 بعد البلوغ بأن بلغا ولم يعلما به ثم علما بعده. قوله: (لقصور الشفقة) أي ولقصور الرأي في الام، وهذا جواب عن قول أبي يوسف: إنه لا خيار لهما اعتبارا بما لو زوجهما الأب أو الجد. قوله: (ويغني عنه خيار العتق) اعلم أن خيار العتق لا يثبت للذكر بل للأنثى فقط صغيرة أو كبيرة، فإذا زوجها مولاها ثم أعتقها فلها الخيار، لأنه كان يزول ملك الزوج عليها بطلقتين فصار لا يزول إلا بثلاث، لكن لو صغيرة لا تخير ما لم تبلغ، فإذا بلغت خيرها القاضي خيار العتق لا خيار البلوغ، وإن ثبت لها أيضا لان الأول أعم فينتظم الثاني تحته، وقيل لا يثبت لها خيار البلوغ وهو الأصح، وهكذا ذكره محمد في الجامع لأن ولاية المولى ولاية كاملة لأنها بسبب الملك، فلا يثبت خيار البلوغ كما في الأب والجد، ولو زوج عبده الصغير حرة ثم أعتقه، ثم بلغ فليس له خيار بلوغ ولا خيار عتق، لان إنكاح المولى باعتبار الملك لا بطريق النظر له، بخلاف ما ما إذا زوجه بعد العتق وهو صغير لأنه بطريق النظر. هذا خلاصة ما في الذخيرة من الفصل السابع عشر، ونحوه في جامع الصفار للامام الاسروشني، وفي البحر عن الأسبيجابي: لو أعتق أمته الصغيرة أولا ثم زوجها ثم بلغت فإن لها خيار البلوغ ا ه: أي لما مر من أن ولايته عليها بطريق النظر، ولأنها ولاية إعتاق وهي متأخرة عن جميع العصبات فلها خيار البلوغ كما في ولاية الأخ والعم، بل أولى، بخلاف ما لو زوجها قبل الاعتاق، ثم بلغت فإنه ليس لها خيار البلوغ كما مر، لأن ولاية الملك أقوى من ولاية الأب والجد . والحاصل: أن خيار العتق لا يثبت للذكر الرقيق صغيرا أو كبيرا، ويثبت للأنثى مطلقا إذا زوجها حالة الرق، وأن خيار البلوغ يثبت للصغير والصغيرة إذا زوجهما بعد العتق، وأنه لا يثبت لهما إذا زوجهما قبله لا استقلالا ولا تبعا لخيار العتق للصغيرة على الصحيح، فقوله: ويغني عنه خيار العتق مبني على الضعيف. قوله: (بحضرة أبيه أو وصيه) فإن لم يوجد أحدهما ينصب القاضي وصيا يخاصم فيحضره ويطلب منه حجة للصغير تبطل دعوى الفرقة من بينة على رضاها بالنكاح بعد البلوغ أو تأخيرها طلب الفرقة وإلا يحلفها الخصم، فإن حلفت يفرق بينهما الحاكم بحضرة الخصم بلا انتظار إلى بلوغ الصبي. دأب الأوصياء عن جامع الفصولين. قلت: والظاهر أن وصي الأب مقدم على الجد كما صرحوا به في بابه ثم رأيته هنا في جامع الصفار قال في امرأة الصبي: لو وجدته مجبوبا فالقاضي يفرق بينهما بخصومتها، ولو وجدته عنينا ينتظر بلوغه، ثم قال: فإن لم يكن له أب ولا وصي فالجد أو وصيه خصم فيه، فإن لم يكن نصب القاضي عنه خصما الخ، فافهم. قوله: (بشرط القضاء) أي لان في أصله ضعفا فيتوقف عليه كالرجوع في الهبة، وفيه إيماء إلى أن الزوج لو كان غائبا لم يفرق بينهما ما لم يحضر للزوم القضاء على الغائب. نهر. قلت: وبه صرح الاسروشني في جامعه. قوله: (للفسخ) أي هذا الشرط إنما هو للفسخ لا لثبوت الاختيار. وحاصله أنه إذا كان المزوج للصغير والصغيرة غير الأب والجد، فلهما الخيار بالبلوغ أو العلم به، فإن اختار الفسخ لا يثبت الفسخ إلا بشرط القضاء، فلذا فرع عليه بقوله فيتوارثان فيه أي في هذا النكاح قبل ثبوت فسخه. قوله: (ويلزم كل المهر) لان المهر كما يلزم جميعه بالدخول ولا حكما
76 كالخلوة الصحيحة، كذلك يلزم بموت أحدهما قبل الدخول، أما بدون ذلك فيسقط ولو الخيار منه، لان الفرقة بالخيار فسخ للعقد، والعقد إذا انفسخ يجعل كأنه لم يكن كما في النهر. قوله: (إن من قبلها) أي وليست بسبب من الزوج، كذا في النهر. واحترز به عن التخيير والامر باليد، فإن الفرقة فيهما وإن كانت من قبلها لكن لما كانت بسبب من الزوج كانت طلاقا ح. قوله: (لا ينقص عدد طلاق) فلو جدد العقد بعده ملك الثلاث كما في الفتح. قوله: (ولا يلحقها طلاق) أي لا يلحق المعتدة بعده الفسخ في العدة ثم طلاق ولو صريحا ح. وإنما تلزمها العدة إذا كان الفسخ بعد الدخول، وما ذكره الشارح نقله في البحر عن النهاية على خلاف ما بحثه في الفتح، وقيد بعده الفسخ لما في الفتح من أن كل فرقة بطلاق يلحقها الطلاق في العدة، إلا في اللعان لأنه يوجب حرمة مؤبدة ا ه. وسيأتي بيان ذلك مستوفى إن شاء الله تعالى قبيل باب تفويض الطلاق. قوله: (إلا في الردة) يعني أن الطلاق الصريح يلحق المرتدة في عدتها وإن كانت فرقتها فسخا، لان الحرمة بالردة غير متأبدة لارتفاعها بالاسلام فيقع طلاقه عليها في العدة مستتبعا فائدته من حرمتها عليها بعد الثلاث حرمة مغياة بوطئ زوج آخر، كذا في الفتح. واعترضه في النهر بأنه يقتضي قصر عدم الوقوع في العدة على ما إذا كانت الفرقة بما يوجب حرمة مؤبدة كالتقبيل والارضاع، وفيه مخالفة ظاهرة لظاهر كلامهم عرف ذلك من تصحفه ا ه: أي لتصريحهم بعدم اللحاق في عدة خيار: العتق، والبلوغ، وعدم الكفاءة، ونقصان المهر والسبي، والمهاجرة، والاباء، والارتداد. ويمكن الجواب عن الفتح بأن مراده بالتأييد ما كان من جهة الفسخ. وذكر في أول طلاق البحر أن الطلاق لا يقع في عدة الفسخ إلا في ارتداد أحدهما وتفريق القاضي بإباء أحدهما عن الاسلام، لكن الشارح قبيل باب تفويض الطلاق قال تبعا للمنح لا يلحق الطلاق، وعدة الردة مع اللحاق، فيقيد كلام البحر هنا بعدم اللحاق كما لا يخفى، وقد نظمت ذلك بقولي: ويلحق الطلاق فرقة الطلاق * أو الإبا أوردة بلا لحاق قال ح: وسيأتي هناك أيضا أن الفرقة بالاسلام لا يلحق الطلاق عدتها، فتأمل وراجع ا ه. قلت: ما ذكره آخرا قال الخير الرملي: إنه في طلاق أهل الحرب: أي فيما لو هاجر أحدهما مسلما لأنه لا عدة عليها، وسيأتي تمامه هناك، وفي باب نكاح الكافر إن شاء الله تعالى. قوله: (وإن من قبله فطلاق) فيه نظر فإنه يقتضي أن يكون التباين والتقبيل والسبي والاسلام وخيار البلوغ والردة والملك طلاقا وإن كانت من قبله، وليس كذلك كما ستراه، واستثناؤه الملك والردة وخيار العتق لا يجدي نفعا لبقاء الأربعة الاخر. فالصواب أن يقال: وإن كانت الفرقة من قبله ولا يمكن أن تكون من قبلها فطلاق كما أفاده شيخنا طيب الله تعالى ثراه، وإليه أشار في البحر حيث قال: وإنما عبر بالفسخ ليفيد أن هذه الفرقة فسخ لا طلاق، فلا تنقص عدده لأنه يصح من الأنثى ولا طلاق إليها ا ه. ومثله في الفتاوى الهندية وعبارته: ثم الفرقة بخيار البلوغ ليست بطلاق، لأنها فرقة يشترك في سببها المرأة والرجل، وحينئذ يقال في الأول: ثم إن كانت الفرقة من قبلها لا بسبب منه أو من قبله ويمكن أن تكون منها ففسخ فاشدد يديك عليه فإنه أجدى من تفاريق العصي ا ه ح.
77 قلت: لكن يرد عليه إباء الزوج عن الاسلام فإنه طلاق مع أنه يمكن أن يكون منها،. وكذا اللعان فإنه من كل منهما وهو طلاق. وقد يجاب عن الأول بأنه على قول أبي يوسف: إن الاباء فسخ ولو كان من الزوج، وعن الثاني بأن اللعان لما كان ابتداؤه منه صار كأنه من قبله وحده، فليتأمل. قوله: (أو خيار عتق) يقتضي أن للعبد خيار عتق، وهو سهو منه، فإنا قدمنا عن البحر وفتح القدير أن خيار العتق يختص بالأنثى، وسيصرح به الشارح في باب نكاح الرقيق حيث يقول: ولا يثبت لغلام ح. قوله: (وليس لنا فرقة منه) أي قبل الدخول ح. قوله: (إلا إذا اختار نفسه بخيار عتق) صوابه بخيار بلوغ ويدل عليه قول البحر: وليس لنا فرقة جاءت من قبل الزوج قبل الدخول ولا مهر عليه إلا هذه، فإنه راجع إلى خيار البلوغ، لان كلامه فيه لا في خيار العتق كما تعلمه بمراجعة، ثم قال: وهذا الحصر غير صحيح لما في الذخيرة قبيل كتاب النفقات: حر تزوج مكاتبة بإذن سيدها على جارية بعينها فلم تقبض المكاتبة الجارية، حتى زوجتها من زوجها على مائة درهم جاز النكاحان، فإن طلق الزوج المكاتبة أولا ثم طلق الأمة وقع الطلاق على المكاتبة ولا يقع على الأمة، لان بطلاق المكاتبة تتصف الأمة وعاد نصفها إلى الزوج بنفس الطلاق فيفسد نكاح الأمة قبل ورود الطلاق عليها فلم يعمل طلاقها، ويبطل جميع مهر الأمة عن الزوج مع أنها فرقة جاءت من قبل الزوج قبل الدخول بها، لان الفرقة إذا كانت من قبل الزوج إنما لا تسقط كل المهر إذا كانت طلاقا، وأما إذا كانت من قبله قبل الدخول وكانت فسخا من كل وجه توجب سقوط كل الصداق كالصغير إذا بلغ. وأيضا لو اشترى منكوحته قبل الدخول بها فإنه يسقط كل الصداق مع أن الفرقة جاءت من قبله لان فساد النكاح حكم معلق بالملك، وكل حكم تعلق بالملك فإنه يحال به على قبول المشتري لا على إيجاب البائع، وإنما سقط كل الصداق لأنه فسخ من كل وجه ا ه بلفظه. ويرد على صاحب الذخيرة: إذا ارتد الزوج قبل الدخول فإنها فرقة هي فسخ من كل وجه مع أنه لم يسقط كل المهر بل يجب عليه نصفه، فالحق أن لا يجعل لهذه المسألة ضابط، بل يحكم في كل فرد بما أفاده الدليل ا ه كلام البحر. قال في النهر: أقول في دعوى كون الفرقة من قبله فيما إذا ملكها أو بعضها نظر. ففي البدائع: الفرقة الواقعة بملكه إياها أو شقصا منها فرقة بغير طلاق، لأنها فرقة حصلت بسبب لا من قبل الزوج فلا يمكن أن تجعل طلاقا فتجعل فسخا ا ه: وسيأتي إيضاحه في محله ا ه كلام النهر ح. قوله: (إلا ثمانية) لأنها تبتنى على سبب جلي، بخلاف غيرها فإنه يبتنى على سبب خفي، لان الكفاءة شئ لا يعرف بالحس وأسبابها مختلفة، وكذا بنقصان مهر المثل وخيار البلوغ مبني على قصور الشفقة وهو أمر باطني، والاباء ربما يوجد وربما لا يوجد. كذا في البحر ح. مطلب في فرق النكاح ح. قوله: (فرق النكاح) هذا الشطر الأول من بحر الكامل، وما عداه من البسيط، وهو لا يجوز وقد غيرته إلى قولي: إن النكاح له في قولهم فرق ح. قوله: (فسخ الطلاق) بدل من فرق بدل مفصل والخبر قوله أتتك أو خبر بعد خبر ط.
78 قوله: (وهذا الدر) اسم الإشارة مبتدأ والدر بدل منه أو عطف بيان، والمراد به النظم المذكور شبهه بالدر لنفاسته، وجملة يحكيها: أي يذكرها خبر. قوله: (تباين الدار) حقيقة وحكما، كما إذا خرج أحد الزوجين الحربيين إلى دار الاسلام غير مستأمن بأن خرج إلينا مسلما أو ذميا أو أسلم، أو صار ذمة في دارنا خلاف ما إذا خرج مستأمنا لتباين الدار حقيقة فقط، وبخلاف ما إذا تزوج مسلم أو ذمي حربية ثمة لتباين الدار حكما فقط. ح بزيادة. قوله: (مع نقصان مهر) بتسكين عين. مع وهو لغة، وكسر راء مهر بلا تنوين للضرروة: يعني إذا نكحت بأقل من مهرها وفرق الولي بينهما فهي فسخ، لكن إن كان ذلك قبل الدخول فلا مهر لها، وإن كان بعده فلها المسمى كما يأتي ط. قوله: (كذا فساد عقد) كأن نكح أمة على حرة ط أو تزوج بغير شهود قوله: (وفقد الكفء) أي إذا نكحت غير الكفء فللأولياء حق الفسخ، وهذا على ظاهر الرواية، أما على رواية الحسن فالعقد فاسد ط. وتقدم أنها المفتى بها. قوله: (ينعيها) النعي: هو الاخبار بالموت، وهو تكملة أشار به إلى أن من نكحت غير كف ء فكأنها ماتت ط. قوله: (تقبيل) بالرفع من غير تنوين للضرورة: أي فعله ما يوجب حرمة المصاهرة بفروعها الإناث وأصولها، أو فعلها ذلك بفروعه الذكور وأصوله ط. قوله: (سبي) فيه نظر لما في باب نكاح الكافر: والمرأة تبين بتباين الدارين لا بالسبي، ولئن كان المراد السبي مع التباين فالتباين مغن عنه ح. قوله: (وإسلام المحارب) أي لو أسلم أحد المجوسيين في دار الحرب بانت منه بمضي ثلاث حيض أو ثلاثة أشهر قبل إسلام الآخر إقامة لشرط الفرقة، وهو مضي الحيض أو الأشهر مقام السبب، وهو الاباء لتعذر العرض بانعدام الولاية، فيصير مضي ذلك بمنزلة تفريق القاضي، وهذه الفرقة طلاق عندهما فسخ عند أبي يوسف. قال في البحر في باب نكاح الكافر: ينبغي أن يقال إنها طلاق في إسلامها، لأنه هو الآبي حكما فسخ في إسلامه: قوله: (أو إرضاع ضرتها) أي إذا أرضعت الكبيرة ضرتها الصغيرة في أثناء الحولين ينفسخ النكاح، كما يأتي في باب الرضاع لكونه يصير جامعا بين الام وبنتها ط. والضرة غير قيد، فإن منه ما مثل به في البدائع: لو أرضعت الصغير أم زوجها أو أرضعت زوجتيه الصغيرتين امرأة أجنبية. قوله: (خيار عتق) قد علمت أنه لا يكون إلا من جهتها، بخلاف ما بعده ح. قوله: (بلوغ) بالجر عطفا على عتق بإسقاط العاطف ط. قوله: (ردة) بالرفع عطفا على تباين بحذف العاطف ط. والمراد ردة أحدهما فقط، بخلاف ما لو ارتدا معا فإنهما لو أسلما معا يبقى النكاح. قوله: (ملك لبعض) أفاد أن ملك الكل كذلك بدلالة الأولى ح. قوله: (وتلك الفسخ يحصيها) أي يجمعها ويتحقق في كل منها، والإشارة إلى الاثني عشر المتقدمة وقد علمت سقوط السبي، ولكن ينبغي أن يذكر بدله ما في البدائع: تزوج مسلم كتابية يهودية أو نصرانية فتمجست تثبت الفرقة بينهما، لان المجوسية لا تصلح لنكاح المسلم، ثم لو كانت قبل الدخول فلا مهر لها ولا نفقة لأنها فرقة بغير طلاق فكانت فسخا، ولو بعد الدخول فلها المهر دون النفقة لأنها جاءت من قبلها ا ه. وقد غيرت البيت الذي قبل هذا وأسقطت منه السبي، وزدت هذه المسألة فقلت إرضاع اسلام حربي تمجس نصرانية قبلة قد عد ذا فيها
79 وقد علمت أن كون إسلام الحرب فسخا مفرع على قول الثاني أو على ما بحثه في البحر. قوله: (أما الطلاق الخ) أي أمر الفرقة التي هي طلاق فهي الفرقة بالجب، والعنة، والايلاء، واللعان، وبقي خامس ذكره في الفتح وهو: إباء الزوج عن الاسلام: أي لو أسلمت زوجة الذمي وأبى عن الاسلام فإنه طلاق، بخلاف عكسه، فإنها لو أبت يبقى النكاح، وقد غيرت البيت إلى قولي: أما الطلاق فجب عنة وإباء * الزوج إيلاؤه واللعن يتلوها وكذا إسلام أحد الحربيين فرقة بطلاق على قولهما، لكن لما مشى على كونه فسخا لم تذكره. تتمة: قدمنا عن الفتح أن كل فرقة بطلاق يلحق الطلاق عدتها إلا اللعان لأنه حرمة مؤبدة. قوله: (خلا ملك الخ) أراد بالملك ملك أحدهما للآخر أو لبعضه، وبالعتق خيار الأمة إذا أعتقها مولاها بعد ما زوجها، بخلاف العبد، وبالاسلام إسلام أحد الحربيين، وبالتقبيل فعل ما يوجب حرمة المصاهرة فإنه لا يرتفع النكاح بمجرد ذلك، بعد المتاركة أو تفريق القاضي كما مر في المحرمات، فلم يتعين التفريق، وقد علمت أن ذكر السبي لا محل له. وحاصل ما ذكره مما لا يحتاج إلى القضاء ثمانية، ويرد عليه الفرقة بالردة، فسيأتي أن ارتداد أحدهما فسخ في الحال، وقد غيرت البيت الأخير إلى قولي: البسيط إيلاؤه ردة أيضا مصاهرة * تباين مع فساد العقد يدنيها قوله: (وبطل خيار البكر) أي من بلغت وهي بكر. قوله: (لو مختارة) أما لو بلغها الخبر فأخذها العطاس أو السعال، فلما ذهب عنها قالت لا أرضى، جاز الرد إذا قالته متصلا، وكذا إذا أخذ فمها فترك فقالت لا أرضى، جاز الرد، ط عن الهندية. قوله: (عالمة بأصل النكاح) فلا يشترط علمها بثبوت الخيار لها، أو أنه لا يمتد إلى آخر المجلس كما في شرح الملتقى، وفي جامع الفصولين: لو بلغت وقالت الحمد لله اخترت نفسي، فهي على خيارها، وينبغي أن تقول في فور البلوغ: اخترت نفسي ونقضت النكاح، فبعده لا يبطل حقها بالتأخير حتى يوجد التمكين ا ه. قوله: (فلو سألت الخ) لا محل لهذا التفريع بل المقام مقام الاستدراك، لان بطلان الخيار بعلمها بأصل النكاح يقتضي بطلانه بالأولى في هذه المسائل المذكورة لا عدم بطلانه، لأنها إنما تكون بعد العلم بأصل النكاح. ولو فرض وجودها قبله لم يحصل نزاع في عدم بطلان الخيار بها مع أن النزاع قائم كما تراه قريبا. قوله: (نهر بحثا) أي على خلاف ما هو المنقول في الزيلعي والمحيط والذخيرة، وأصل البحث للمحقق ابن الهمام حيث قال: وما قيل لو سألت عن اسم الزوج أو عن المهر أو سلمت على الشهود بطل خيارها، تعسف لا دليل عليه، وغاية الامر كون هذه الحالة كحالة ابتداء النكاح، ولو سألت البكر عن اسم الزوج لا ينفذ عليها، وكذا عن المهر، وكذا السلام على القادم لا
80 يدل على الرضا، كيف وإنما أرسلت لغرض الاشهاد على الفسخ ا ه ملخصا. ونازعه في البحر في السلام بأن خيار البكر يبطل بمجرد السكوت، ولا شك أن الاشتغال بالسلام فرق السكوت. قال في النهر: وأقول: ممنوع، فقد نقلوا في الشفعة أن سلامه على المشتري لا يبطلها، لأنه (ص) قال: السلام قبل الكلام ولا شك أن طلب المواثبة بعد العلم بالبيع يبطل بالسكوت كخيار البلوغ ولو كان السلام فوقه لبطلت، وقالوا: لو قال من اشتراها وبكم اشتراها لا تبطل شفعته كما في البزازية، وهذا يؤيد ما في فتح القدير، نعم ما وجه به في المهر إنما يتم إذا لم يخل بها، أما إذا خلا بها خلوة صحيحة فالوقوف على كميته اشتغال بما لا يفيد لوجوبه بها فإطلاق عدم سقوطه مما لا ينبغي ا ه كلام النهر. وعن هذا الأخير قال الشارح: قبل الخلوة. والحاصل أن المنقول في هذه المسائل الثلاث بطلان الخيار، وبحث في الفتح عدمه فيها، ونازعه في البحر في مسألة السلام فقط، وانتصر في النهر للفتح في الكل، وكذا المحقق المقدسي والشرنبلالي، وكأن أصل الحكم مذكور بطريق التخريج والاستنباط من بعض مشايخ المذهب، فنازعهم في الفتح في صحة هذا التخريج، فإنه وإن كان من أهل الترجيح كما ذكره في قضاء: البحر بل بلغ رتبة الاجتهاد كما ذكره المقدسي في باب نكاح العبد، لكنه لا يتابع فيما يخالف المذهب، فلو كان هذا الحكم منقولا عن أحد أئمتنا الثلاثة لما ساغ لهؤلاء اتباع بحثه المخالف لمنقول المذهب، ومما يؤيد أنه قول لبعض المشايخ لا نص مذهبي قول المحقق وما قيل الخ فافهم. قوله: (ولا يمتد إلى آخر المجلس) أي مجلس بلوغها أو علمها بالنكاح كما في قوله: (الفتح): أي إذا بلغت وهي عالمة بالنكاح أو علمت به بعد بلوغها فلا بد من الفسخ في حال البلوغ أو العلم، فلو سكتت ولو قليلا بطل خيارها ولو قبل تبدل المجلس، قوله: (لأنه كالشفعة) أي في أنه يشترط لثبوتها أن يطلبها الشفيع فور علمه في ظاهر الرواية حتى لو سكت لحظة أو تكلم بكلام لغو بطلت، وما صححه الشارح في بابها من أنها تمتد إلى آخر المجلس ضعيف كما سيأتي إن شاء الله تعالى. قوله: (ولو اجتمعت معه) أي الشفعة مع خيار البلوغ ح. قوله: (ثم تبدأ بخيار البلوغ) هذا قول، وقيل بالشفعة، وفي شفعة البزازية له حق خيار البلوغ والشفعة فقال: طلبتها واخترت نفسي يبطل المؤخر ويثبت المقدم، لأنه يمكنه أن يقول طلبتهما، أو أجزتهما، أو اخترتهما جميعا نفسي والشفعة. قال القاضي أبو جعفر: يقدم خيار البلوغ لان في خيار الشفعة ضرب سعة لما مر أنه لو قال من اشترى وبكم اشترى لا نبطل، وقيل يقول طلبت الحقين اللذين ثبتا لي الشفعة ورد النكاح ا ه. وتوقف الخير الرملي في وجه التعيين، واستبعد الخلاف فيه لأن الظاهر أن بعض المتقدمين قال على سبيل التمثيل: طلبتهما نفسي والشفعة، وبعضهم قال: الشفعة ونفسي، فظن بعض المتأخرين أن ذلك حتم، وليس كذلك لان طلب الحقين جملة هو المانع من السقوط، فحيث ثبت ذلك بالاجمال المتقدم لا يضر في البيان تقديم أحدهما على الآخر، بل لو قيل لا حاجة إلى التفسير لكان له وجه وجيه ا ه ملخصا، فتأمل. قلت: وأما الثيب فتبدأ بالشفعة بلا خلاف لان خيارها يمتد كما يأتي. قوله: (وتشهد الخ) قال في البزازية: وإن أدركت بالحيض تختار عند رؤية الدم، ولو في الليل تختار في تلك الساعة، ثم
81 تشهد في الصبح وتقول: رأيت الدم الآن، لأنها لو أسندت أفسدت، وليس هذا بكذب محض بل من قبيل المعاريض المسوغة لاحياء الحق، لان الفعل الممتد لدوامه حكم الابتداء والضرورة داعية إلى هذا لا إلى غيره ا ه. وحاصله: أنها تعني بقولها بلغت الآن: إني الآن بالغة، لئلا يكون كذبا صريحا لأنه حيث أمكن إحياء الحق بالتعريض، وهو أن يريد المتكلم ما هو خلاف المتبادر من كلامه كان أولى من الكذب الصريح، فافهم. وفي جامع الفصولين: فإن قالوا متى بلغت تقول كما بلغت نقضته، لا تزيد على هذا، فإنها لو قالت بلغت قبل هذا ونقضته حين بلغت لا تصدق والاشهاد لا يشترط لاختيارها نفسها، لكن شرط لاثباته ببينة ليسقط اليمين عنها، وتحليفها على اختيارها نفسها كتحليف الشفيع على الشفعة، فإن قالت للقاضي: اخترت نفسي حين بلغت صدقت مع اليمين، ولو قالت: بلغت أمس وطلبت الفرقة لا يقبل وتحتاج إلى البينة. وكذا الشفيع لو قال: طلبت حين علمت فالقول له، ولو قال: علمت أمس وطلبت لا يقبل بلا بينة ا ه. قلت: وتحصل من مجموع ذلك أنها لو قالت: بلغت الآن وفسخت تصدق بلا بينة ولا يمين، ولو قالت: فسخت حين بلغت تصدق بالبينة أو اليمين، ولو قالت: بلغت أمس وفسخت، فلا بد من البينة لأنها لا تملك إنشاء الفسخ في الحال، بخلاف الصورة الثانية، حيث لم تسنده إلى الماضي فقد حكت ما تملك استئنافه، فقد ظهر الفرق بين الصورتين وإن خفي على صاحب الفصولين كما أفاده في نور العين. قوله: (وإن جهلت به) أي بأن لها خيار البلوغ أو بأنه لا يمتد. قال القهستاني: وهذا عند الشيخين. وقال محمد: إن خيارها يمتد إلى أن تعلم أن لها خيارا كما في النتف. قوله: (لتفرغها للعلم) أي لأنها تتفرغ لمعرفة أحكام الشرع، والدار دار العلم فلم تعذر بالجهل. بحر: أي أنها يمكنها التفرغ للتعلم لفقد ما يمنعها منه، وإن لم تكلف به قبل بلوغها. قوله: (بخلاف خيار المعتقة فإنه يمتد) أي يمتد إلى آخر المجلس ويبطل بالقيام عنه كما في الفتح، فافهم. وكذا لا يحتاج إلى القضاء، بخلاف خيار البكر على ما مر. والحاصل كما في النهر: أن خيار العتق خالف خيار البلوغ في خمسة: ثبوته للأنثى فقط، وعدم بطلانه بالسكوت في المجلس، وعدم اشتراط القضاء فيه، وكون الجهل عذرا، وفي بطلانه بما يدل على الاعراض، وهذا الأخير بخلاف خيار الثيب والغلام على ما يأتي ا ه. وأراد بالمعتقة التي زوجها مولاها قبل العتق صغيرة أو كبيرة، فيثبت لها خيار العتق لا خيار البلوغ لو صغيرة، إلا إذا زوجها بعد العتق فيثبت لها وللعبد الصغير أيضا، بخلاف خيار العتق فإنه لا يثبت له لو زوجه قبل العتق صغيرا أو كبيرا كما حررناه سابقا. قوله: (والثيب) شمل ما لو كانت ثيبا في الأصل أو كانت بكرا ثم دخل بها ثم بلغت كما في البحر وغيره. قوله: (أو دلالة) عطف على صريح وضمير عليه للرضا ط. قوله: (ودفع مهر) حملة في قوله: الفتح على ما إذا كان قبل الدخول، أما لو دخل بها قبل بلوغه، ينبغي أن لا يكون دفع المهر بعد بلوغه رضا، لأنه لا بد منه أقام أو فسخ ا ه بحر. ومثله يقال في قبولها في المهر بعد الدخول بها أو الخلوة. أفاده ط. ومن الرضا
82 دلالة في جانبها تمكينه من الوطئ وطلب الواجب من النفقة، بخلاف الاكل من طعامه وخدمته. نهر عن الخلاصة. وتقدم في استئذان البالغة تقييد الخدمة بما إذا كانت تخدمه من قبل، والظاهر جريانه هنا. قوله: (لان وقته العمر الخ) على هذا تظافرت كلمتهم كما في غاية البيان، فما نقل عن الطحاوي من أنه يبطل بصريح الابطال، أو بما يدل عليه إذا اشتغلت بشئ آخر مشكل، إذ يقتضي تقيده بالمجلس. فتح. والجواب: أن مراده بالشئ الآخر عمل يدل على الرضا كالتمكين ونحوه، لتصريحه بأنه لا يبطل بالقيام عن المجلس بحر. قوله: (صدقت) أي لأن الظاهر يصدقها. فتح. قوله: (ومفاده الخ) قال في المنح: وهذا الفرع يدل على ما نقله البزازي وأفتى به مولانا صاحب البحر من أن القول قول مدعي الاكراه إذا كان في حبس الوالي ح. قوله: (لا المال) فإنه الولي فيه الأب ووصيه والجد ووصيه والقاضي ونائبه فقط ح. ثم لا يخفى أن قوله لا المال على معنى فقط: أي المراد بالولي هنا الولي في النكاح، سواء كان له ولاية في المال أيضا كالأب والجد والقاضي، أو لا كالأخ لا الولي في المال فقط، وبه اندفع ما في الشرنبلالية من أن فيه تدافعا بالنسبة إلى الأب والجد لان لهما ولاية في المال أيضا. قوله: (العصبة بنفسه) خرج به العصبة بالغير كالبنت تصير عصبة بالابن، ولا ولاية لها على أمها المجنونة، وكذا العصبة مع الغير كالأخوات مع البنات، ولا ولاية للأخت على أختها المجنونة كما في المنح والبحر. والمراد خروجهما من رتبة التقديم، وإلا فلهما ولاية في الجملة، يدل عليه قول المصنف بعد فإن لهم يكن عصبة الخ. والحاصل أن ولاية من ذكر بالرحم لا بالتعصيب، وإن كانت في حال عصوبتها كالبنت مع الابن الصغير فإنها تزوج أمها المجنونة بالرحم لا بكونها عصبة مع الابن. قوله: (وهو من يتصل بالميت) الضمير للعصبة المذكور المراد به المعهود في باب الإرث بقرينة قوله: على ترتيب الإرث والحجب فيكون تعريفه ما عرفوه به في باب الإرث. فلا يرد ما قيل: إنه لا ميت هنا، فالأولى أن يقال: وهو من يتصل بغير المكلف، فافهم. هذا وفي النهر: هو من يأخذ كل المال إذا انفرد والباقي مع ذي سهم، وهذا أولى من تعريفه بذكر يتصل بلا واسطة أنثى إذ المعتقة لها ولاية الانكاح على معتقها الصغير حيث لا أقرب منها ا ه. فعبر الشارح بمن يدل ذكر لادخال المعتقة فيندفع اعتراض النهر، لكن يرد عليه كما قال الرحمتي: عصبات المعتقة، فإن لم ولاية بعدها مع أنهم متصلون بواسطة أنثى ا ه. فالأولى تعريف النهر، ولا يرد عليه أن العصبة هنا لا يأخذ كل المال ولا شيئا منه لما قلنا آنفا، ونظيره قولهم في نفقة الأرحام: تجب النفقة على الوارث بقدر إرثه، مع أن الكلام في النفقة على الحي، أو يقال: المراد من يسمي عصبة ولو فرض المقصود تزويجه ميتا، وعلى كل فتكلف التأويل عند ظهور المعنى غير لازم، والاعتراض بما لا يخطر بالبال غير وارد، بل ربما يعاب على فاعله كما عيب على من أورد على تعريفهم الماء الجاري بأنه ما يذهب بتبنة أنه يصدق على الحمار مثلا أنه يذهب بها. قوله: (بيان لما قبله) أي لقوله العصبة بنفسه لأنه لا يكون إلا بلا توسط أنثى: يعني إذا كان من جهة النسب، أما من السبب فقد يكون كعصبة المعتقة، ولا يخفى أنه بيان بالنسبة لكلام المتن. أما
83 في كلام الشارح فهو جزء من التعريف لأنه أفاد إخراج من يتصل بالميت بواسطة أنثى كالجد لام مثلا. قوله: (فيقدم ابن المجنونة على أبيها) هذا عندهما خلافا لمحمد، حيث قدم الأب، وفي الهندية عن الطحاوي أن الأفضل أن يأمر الأب الابن بالنكاح حتى يجوز بلا خلاف ا ه. وابن الابن كالابن، ثم يقدم الأب، ثم أبوه، ثم الأخ الشقيق، ثم الأب. وذكر الكرخي أن تقديم الجد على الأخ قول الإمام، وعندهما يشتركان، والأصح أنه قول الكل. ثم ابن الأخ الشقيق، ثم لأب، ثم العم الشقيق، ثم الأب، ثم ابنه كذلك، ثم عم الأب كذلك، ثم ابنه كذلك، ثم عم الجد كذلك، ثم ابنه كذلك. كل هؤلاء لهم إجبار الصغيرين، وكذا الكبيرين إذا جنا، ثم المعتق ولو أنثى، ثم ابنه وإن سفل، ثم عصبته من النسب على ترتيبهم. بحر عن الفتح وغيره. تنبيه: يشترط في المعتق أن يكون الولاء له ليخرج من كانت أمها حرة الأصل وأبوها معتق فإنه لا ولاية لمعتق الأب عليها، ولا يرثها، فلا يلي إنكاحها كما نبه عليه صاحب الدرر في كتاب الولاء. فلو لم يوجد لها سوى الام ومعتق الأب فالولاية للام دونه، ولم أر من نبه عليه هنا. أفاده السيد أبو السعود عن شيخه. قوله: (لأنه يحجبه حجب نقصان) فيه أن الأب لا يرث بالفرضية أكثر من السدس، وذلك مع الابن وابنه، ومع البنت يرثه بالفرض، والباقي بالتعصيب، وعند عدم الولد بالتعصيب فقط، وليس ما يرثه بالتعصيب، مقدرا حتى ينقص منه، فالأولى التعليل بأنه لا يكون عصبة مع الابن. تأمل. قوله: (بشرط حرية الخ) قلت: وبشرط عدم ظهور كون الأب أو الجد سيئ الاختيار مجانة وفسقا إذا زوج الصغير أو الصغيرة بغير كف ء أو بغبن فاحش، وكونه غير سكران أيضا كما مر بيانه، واحترز بالحرية عن العبد فلا ولاية له على ولده ولو مكاتبا إلا على أمته دون عبده لنقصه بالمهر والنفقة كما سيأتي في بابه، وبالتكليف عن الصغيرة والمجنونة، فلا يزوج في حال جنونه مطبقا أو غير مطبق، ويزوج حال إفاقته عن المجنون بقسميه، لكن إن كان مطبقا تسلب ولايته فلا تنتظر إفاقته، وغير المطبق الولاية ثابتة له فتنتظر إفاقته كالنائم، ومقتضى النظر أن الكفء الخاطب إذا فات بانتظار إفاقته تزوج موليته، وإن لم يكن مطبقا، وإلا انتظر على ما اختاره المتأخرون في غيبة لولي الأقرب على ما سنذكره. فتح. وتبعه في البحر والنهر، والمطبق شهر، وعليه الفتوى. بحر. مطلب: لا يصح تولية الصغير شيخا على خيرات تنبيه: علل الزيلعي عدم الولاية لمن ذكر بأنهم لا ولاية لهم على أنفسهم، فأولى أن لا يكون لهم ولاية على غيرهم، لان الولاية على الغير فرع الولاية على النفس. وذكر السيد أبو السعود عن شيخه أن هذا نص في جواب حادثة سئل عنها هي: أن الحاكم قرر طفلا في مشيخة على خيرات يقبض غلاتهم وتوزيع الخبز عليهم والنظر في مصالحهم، فأجاب ببطلان التولية أخذا مما ذكر، قوله: (في حق مسلمة) قيد في قوله وإسلام. قوله: (تريد التزوج) أشار إلى أن المراد بالمسلمة البالغة، حيث أسند التزوج إليها لئلا يتكرر مع قوله وولد مسلم فإن الولد يشمل الذكر والأنثى، وحينئذ فليس في كلامه ما يقتضى أن للكافر التصرف في مال بنته الصغيرة المسلمة، فافهم، وعلى ما قلنا فإذا زوجت المسلمة نفسها وكان لها أخ أو عم كافر، فليس له حق الاعتراض لأنه لا ولاية
84 له، وقد مر أول الباب أن من لا ولي لها فنكاحها صحيح نافذ مطلقا: أي ولو من غير كف ء، أو بدون مهر المثل، وإذا سقطت ولاية الأب الكافر على ولده المسلم، فبالأولى سقوط حق الاعتراض على أخته المسلمة أو بنت أخيه، ويؤخذ من هذا أيضا أنه لو كان لها عصبة رقيق أو صغير فهي بمنزلة من لا عصبة لها، لأنه لا ولاية لهما كما علمته وقدمنا ذلك أول الباب. قوله: (لعدم الولاية) تعليل للمفهوم: يعني أن الكافر لا يلي على المسلمة وولده المسلم لقوله تعالى: * (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا) * (سورة النساء: الآية 141) ح. قوله: (وكذا لخ) عطف على المفهوم الذي قلناه، والمسألة مذكورة في الفتح والبحر. قوله: (المسلم على كافرة) لقوله تعالى: * (والذين كفروا بعضهم أولياء بعض) * (سورة الأنفال: الآية 37). قوله: (إلا بالسبب العام الخ) قالوا: وينبغي أن يقال: إلا أن يكون المسلم سيد أمة كافرة أو سلطانا قال السروجي: لم أر هذا الاستثناء في كتاب أصحابنا، وإنما هو منسوب إلى الشافعي ومالك. قال في المعراج: وينبغي أن يكون مرادا، ورأيت في موضع معزوا إلى المبسوط الولاية بالسبب العام تثبت للمسلم على الكافر كولاية السلطنة والشهادة، فقد ذكر معنى ذلك الاستثناء ا ه بحر وفتح ومقدسي. وذكره الزيلعي أيضا بصيغة وينبغي، وتبعه في الدرر والعيني وغيره، فحيث عبروا كلهم عنه بصيغة ينبغي كان المناسب للمصنف أن يتابعهم لئلا يومهم أنه منقول في كتاب المذهب صريحا، وقول المعراج: ورأيت في موضع الخ، لا يكفي في النقل لجهالته، فافهم. قوله: (أو نائبه) أي كالقاضي، فله تزويج اليتيمة الكافرة حيث لا ولي لها وكان ذلك في منشوره. نهر. قوله: (فإن لم يكن عصبة) أي لا نسبية ولا سببية كالعتق ولو أنثى وعصباته كما مر فيقدمان على الام. بحر. قوله: (فالولاية للام الخ) أي عند الامام ومعه أبو يوسف في الأصح. وقال محمد: ليس لغير العصبات ولاية، وإنما هي للحاكم، والأول الاستحسان والعمل عليه، إلا في مسائل ليست هذه منها، فما قيل من أن الفتوى على الثاني غريب لمخالفته المتون الموضوعة لبيان الفتوى من البحر والنهر. قوله: (وفي القنية عكسه) أي حيث قال فيها: أم الأب أولى في الترجيح من الام. قال في النهر: وحكي عن خواهر زاده وعمر النسفي تقديم الأخت على الام لأنها من قوم الأب، وينبغي أن يخرج ما في القنية على هذا القول ا ه: أي فيكون من اعتبر ترجيح الجدة قوم الأب يرجح الأب والأخت على الام، لكن المتون على ذكر الام عقب العصبات، وعلى ترجيحها على الأخت، وصرح في الجوهرة بتقديم الجدة على الأخت فقال: وأولاهم الام، ثم الجدة ثم الأخت لأب وأم. ونقل ذلك الشرنبلالي في رسالة عن شرح النقاية للعلامة قاسم وقال: ولم يقيد الجدة بكونها لام أو لأب، غير أن السياق يقتضي أنها الجدة لام، وهل تقدم أم الأب عليها أو تتأخر عنها أو تزاحمها؟ كلام القنية يدل على الأول، وسياق كلام الشيخ قاسم يدل على الثاني، وقد يقال بالمزاحمة لعدم المرجح وقد يقال: قرابة الأب لها حكم العصبة فتقدم أم الأب، فليتأمل ا ه ملخصا. قلت: وجز الخير الرملي بهذا الأخير فقال: قيد في القنية بالام لان الجدة لأب أولى من الجدة لام قولا واحدا، فتحصل بعد الام أو الأب ثم أم الام ثم الجد الفاسد. تأمل ا ه. وما جزم به
85 الرملي أفتى به في الحامدية، ثم هذا في الجدة الصحيحة، أما الفاسدة فهي كالجد الفاسد كما يأتي قريبا. قوله: (ثم للبنت) إلى قوله وهكذا ذكر ذلك في أحكام الصغار عقب الام، وكذا في فتح القدير والبحر، وقول الكنز: وإن لم تكن عصبة فالولاية للام، ثم للأخت الخ يخالفه، لكن اعتذر عنه في البحر بأنه لم يذكره في الكنز بعد الام لأنه خاص بالمجنون والمجنونة. قوله: (وهكذا) أي إلى آخر الفروع وإن سفلوا ط. قوله: (ثم للجد الفاسد) قال في البحر: وظاهر كلام المصنف أن الجد الفاسد مؤخر عن الأخت لأنه من ذوي الأرحام، وذكر المصنف في المستصفى أنه أولى منها عند أبي حنيفة، وعند أبي يوسف الولاية لهما كما في الميراث وفي فتح القدير: وقياس ما صحح في الجد والأخ من تقدم الجد تقدم الجد الفاسد على الأخت ا ه. فثبت بهذا أن المذهب أن الجد الفاسد بعد الام قبل الأخت ا ه. كلام البحر: أي بعد الام في غير المجنون والمجنونة ولا فالبنت مقدمة عليه كما علمت. قلت: ووجه القياس أنهم ذكروا أن الأصح أن الجد أبا الأب مقدم على الأخ عند الكل وإن اشترك مع لأخ في الميراث عندهما، لان الولاية تبتنى على الشفقة وشفقة الجد فوق شفقة الأخ، وحينئذ يقاس عليه الجد الفاسد مع الأخت فإن شفقته أقوى منها، ومقتضى هذا أن الجدة الفاسدة كذلك، ويؤيد هذا أن من أخر الجد الفاسد عن الأخت ذكر معه الجدة الفاسدة، وهو ما مشى عليه في شرح درر البحار حيث قال: وعند أبي حنيفة الام، ثم الجدة الصحيحة، ثم الأخت لأبوين، ثم لأب، ثم الأخ، أو الأخت لام، وبعد هؤلاء ذوو الأرحام كجد وجدة فاسدين، ثم ولد أخت لأبوين أو لأب، ثم ولد أخ لام، ثم العمة، ثم الخال، ثم الخالة، ثم بنت العم، وهكذا الأقرب فالأقرب ا ه. قوله: (الذكر والأنثى سواء) لان لفظ الولد يشملهما، ومقتضاه أنهما في رتبة واحدة، ومقتضى تقديم الأخوال على الخالات كما يأتي أن يقدم الذكر هنا. تأمل. قوله: (ثم لأولادهم) أي أولاد الأخت الشقيقة، وما عطف عليها على هذا الترتيب كما علمته مما نقلناه عن شرح درر البحار، وهذا يغني عنه ما بعده. قوله: (وبهذا الترتيب أولادهم) فيقدم أولاد العمات، ثم أولاد الأخوال ثم أولاد الخالات، ثم أولاد بنات الأعمام ط. قوله: (ثم مولى الموالاة) هو الذي أسلم على يده أبو الصغيرة، ووالاه لأنه يرث له ولاية التزويج. فتح: أي إذا كان الأب مجهول النسب ووالاه على أنه إن جنى يعقل عنه، وإن مات يرثه، وقد تكون الموالاة من الطرفين كما سيأتي في بابها، وشمل المولى الأنثى كما في شرح الملتقى. قوله: (ثم لقاض) نقل القهستاني عن النظم أنه مقدم على الام. قلت: وهو خلاف ما في المتون وغيرها. قوله: (نص له عليه في منشوره) أي على تزويج الصغار، والمنشور ما كتب فيه السلطان: إني جعلت فلانا قاضيا ببلدة كذا، وإنما سمي به لان القاضي ينشره وقت قراءته على الناس. (قهستاني). وسنذكر في مسألة عضل الأقرب أنه تثبت الولاية فيها للقاضي وإن لم يكن في منشوره: أي لان ثبوت الولاية له فيها بطريق النيابة عن الأب أو الجد الفاضل دفعا لظلمه، فيحمل ما هنا على ما إذا ثبتت له الولاية لا بطريق النيابة. تأمل. قوله: (أن
86 فوض له ذلك وإلا فلا) أي وإن لم يفوض للقاضي التزويج فليس لنائبه ذلك لما في المجتبى، ثم للقاضي ونوابه إذا شرط في عهده تزويج الصغار والصغائر وإلا فلا ا ه. قال في البحر: هذا بناء على أن هذا الشرط إنما هو في حق القاضي دون نوابه، ويحتمل أن يكون شرطا فيهما، فإذا كتب في منشور قاضي القضاة، فإن كان ذلك في عقد نائبه منه ملكه النائب وإلا فلا، ولم أر فيه منقولا صريحا ا ه. وحاصله: أن القاضي إذا كان مأذونا بالتزويج، فهل يكفي ذلك لنائبه أم لا بد أن ينص القاضي لنائبه على الاذن؟ وعبارة المجتبى محتملة والمتبادر منها الأول، وما في النهر من أن ما في المجتبى لا يفيد عدم اشتراط تفويض الأصيل للنائب كما توهمه في البحر رده الرملي بأن كيف لا يفيد مع إطلاقه في نوابه والمطلق يجري على إطلاقه، ووجهه أنه لما فوض لهم ما له ولايته التي من جملتها التزويج صار ذلك من جملة ما فوض إليهم، وقد تقرر أنهم نواب السلطان حيث أذن له بالاستنابة عنه فيما فوضه إليه ا ه. فافهم. قلت: لكن قال في أنفع الوسائل: الظاهر أن النائب الذي لم ينص له القاضي على تزويج الصغائر لا يملكه، لأنه إن كان فوض إليه الحكم بين الناس فهذا مخصوص بالرافعات، فلا يتعدى إلى التزويج، وكذا لو قال: استنبتك في الحكم، أما لو قال له: استنبتك في جميع ما فوض إلى السلطان فيملكه حيث عمم له ا ه. ثم استظهر في أنفع الوسائل أنه إذا ملك التزويج ليس له أن يأذن به لغيره، لأنه بمنزلة الوكيل عن القاضي، وليس للوكيل أن يوكل إلا بإذن ا ه. قوله: (وليس للوصي) أي وصي الصغير والصغيرة، بحر واليتيم بوزن فعيل يشملهما. قوله: (من حيث هو وصي) احترز به عن قوله الآتي نعم لو كان قريبا أو حاكما يملكه الخ قوله: (على المذهب) لأنه المذكور في كافي الحاكم مطلقا، حيث قال: والوصي ليس بولي، وزاد في الذخيرة: سواء أوصى إليه الأب بالنكاح أو لا، نعم في الخانية وغيرها: أنه روى هشام في نوادره عن أبي حنيفة أنه له ذلك إن أوصى إليه، به، وعليه مشى الزيلعي. قال في البحر وهي رواية ضعيفة. استثني في الفتح ما لو عين له الموصي في حياته رجلا، واعترضه في البحر بأنه إن زوجها من المعين في حياة الموصي فهو وكيل لا وصي وإن بعد موته، فقد بطلت الوكالة وانتقلت الولاية للحاكم عند عدم قريب. قوله: (يملكه) أي التزويج إن لم يكن أحد أولى منه. قوله: (ولا ممن لا تقبل شهادته له) كأصوله وإن علوا وفروعه وإن سفلوا ط. قوله: (علم أن فعله حكم) أي وليس له أن يحكم لنفسه لأنه في حق نفسه رعية، وكذا السلطان. ح عن الهندية. تنبيه: أفتى ابن نجيم بأن القاضي إذا زوج يتيمة ارتفع الخلاف، فليس لغيره نقضه، أي لما علمت من أن ذلك حكم منه، ثم رأيت ما أفتى به في أنفع الوسائل. قوله: (وإن عري عن الدعوى) وأما قولهم: شرط نفاذ القضاء في المجتهدات أن يصير الحكم حادثة تجري فيه خصومة صحيحة
87 عند القاضي من خصم على خصم، فالظاهر أنه محمول على الحكم القولي، أما الفعلي فلا يشترط فيه ذلك توفيقا بين كلامهم. نهر. قلت: وكذا القضاء الضمني لا تشترط له الدعوى والخصومة، كما إذا شهدا على خصم بحق وذكرا اسمه واسم أبيه وجده وقضى بذلك الحق كان قضاء بنسبه ضمنا وإن لم يكن في حادثة النسب، وكذا لو شهدا بأن فلانة زوجة فلان وكلت زوجها فلانا في كذا على خصم منكر وقضى بتوكيلها كان قضاء بالزوجية بينهما، ونظيره الحكم بثبوت الرمضانية في ضمن دعوى الوكالة، وتمامه في قضاء الأشباه. قوله: (صغيرة زوجت نفسها) أي من كف ء بمهر المثل، وإلا لم يتوقف، لان الحاكم لا يملك العقد عليها بذلك فلا يملك إجازته، فكان عقدا بلا مجيز، نعم لو كان لها أب أو جد وزوجت نفسها كذلك توقف، لان له مجيزا وقت العقد، لان الأب والجد يملكان العقد بذلك، والصغيرة كالصغير لما في الخانية من أن الصغير لو تزوج بالغة ثم غاب فتزوجت آخر وكان الصبي أجاز بعد بلوغه العقد الذي باشره في صغره: فإن كانت الإجازة بعد العقد الثاني جاز الثاني لأنها تملك الفسخ قبل إجازته، وإن كانت قبله. فإن كان الأول بمهر المثل أو بغبن فاحش وللصغير أب أو جد نفذ بإجازة الصبي بعد بلوغه، وإلا فيجوز الثاني. قوله: (ولا حاكم ثمة) أي في موضع العقد. توقف الخ هذا قول بعض المتأخرين، ففي أحكام الصغار: فإن كانت في موضع لم يكن فيه قاض: إن كان ذلك الموضع تحت ولاية قاضي تلك البلدة ينعقد، ويتوقف على إجازة ذلك القاضي، وإلا فلا ينعقد. وقال بعض المتأخرين: ينعقد ويتوقف على إجازتها بعد البلوغ ا ه. واستشكله في البحر بأنهم قالوا: كل عقد لا مجيز له حال صدوره فهو باطل لا يتوقف. ثم قال: التوقف فيه باعتبار أن مجيزه السلطان كما لا يخفى ا ه. وهذا مبني على كفاية كون ذلك المكان تحت ولاية السلطان وإن لم يكن تحت ولاية قاض، وعليه فبطلان العقد يتصور فيما إذا كان في دار الحرب أو البحر أو المفازة ونحو ذلك، بخلاف القرى والأمصار، ويدل عليه ما في الفتح في فصل الوكالة بالنكاح حيث قال: وما لا مجيز له: أي ما ليس له من يقدر على الإجازة يبطل كما إذا كانت تحته حرة فزوجه الفضولي أمة أو أخت امرأته أو خامسة أو زوجه معتدة أو مجنونة أو صغيرة يتيمة في دار الحرب أو إذا لم يكن سلطان ولا قاض لعدم من يقدر على الامضاء حالة العقد فوقع باطلا ا ه. وسيأتي تمامه في آخر الباب الآتي. وقد أطلنا الكلام في تحريره هذه المسألة في تنقيح الفتاوى الحامدية من كتاب المأذون. قوله: (وليان مستويان) كأخوين شقيقين، فلو أحد الوليين أقرب من الآخر: فلا ولاية للأبعد مع الأقرب إلا إذا غاب غيبة منقطعة، فنكاح الابعد يجوز إذا وقع قبل عقد الأقرب. بحر: أي يجوز على أحد القولين، وفيه كلام يأتي قريبا. قوله: (فإن لم يدر) ينبغي أنها لو بلغت وادعت أن أحدهما هو الأول يقبل لما في الفتح، ولو زوجها أبوها وهي بكر بالغة بأمرها وزوجت هي نفسها من آخر فأيهما قالت هو الأول فالقول لها وهو الزوج، لأنها أقرت بملك النكاح له على نفسها، وإقرارها حجة تامة عليها وإن قالت: لا أدري الأول ولا يعلم من غيرها فرق بينهما، وكذا لو زوجها وليان بأمرها ا ه. قوله: (وللولي الابعد الخ) المراد بالابعد
88 من يلي الغائب في القرب كما عبر به في كافي الحاكم، وعليه فلو كان الغائب أباها ولها جد وعم، فالولاية للجد لا للعم. قال في الاختيار: ولا تنتقل إلى السلطان لان السلطان ولي من لا ولي له، وهذه لها أولياء إذ الكلام فيه ا ه. ومثله في الفتح وغيره، وبه علم أنه ليس المراد بالابعد هنا القاضي، وما في الشرنبلالية من أن المراد به القاضي دون غيره لان هذا من باب دفع الظلم ا ه إنما قاله في المسألة الآتية: أي مسألة عضل الأقرب كما يأتي بيانه، ويدل عليه التعليل بدفع الظلم فإنه لا ظلم في الغيبة، بخلاف العضل فالاعتراض على الشرنبلالية بمخالفتها لاطلاق المتون ناشئ عن اشتباه إحدى المسألتين بالأخرى، فافهم. قوله: (حال قيام الأقرب) أي حضوره وهو من أهل الولاية، أما لو كان صغيرا أو مجنونا جاز نكاح الابعد. ذخيرة. قوله: (توقف على إجارته) تقدم أن البالغة لو زوجت نفسها غير كف ء، فللولي الاعتراض ما لم يرض صريحا أو دلالة كقبض المهر ونحوه، فلم يجعلوا سكوته إجازة، والظاهر أن سكوته هنا كذلك فلا يكون سكوته إجازة لنكاح الابعد وإن كان حاضرا في مجلس العقد ما لم يرض صريحا أو دلالة. تأمل. قوله: (ولو تحولت الولاية إليه) أي إلى الابعد بموت الأقرب أو غيبته غيبة منقطعة ط. قوله: (مسافة القصر الخ) اختلف في حد الغيبة، فاختار المصنف تبعا للكنز أنها مسافة القصر، ونسبه في الهداية لبعض المتأخرين والزيلعي لأكثرهم، قال: وعليه الفتوى ا ه. وقال في الذخيرة: الأصح أنه إذا كان في موضع لو انتظر حضوره أو استطلاع رأيه فات الكفء الذي حضر فالغيبة منقطعة، وإليه أشار في الكتاب ا ه. وفي البحر عن المجتبى والمبسوط: أنه الا صح، وفي النهاية: واختاره أكثر المشايخ وصححه ابن المفضل، وفي الهداية أنه أقرب إلى الفقه. وفي الفتح أنه الأشبه بالفقه، وأنه لا تعارض بين أكثر المتأخرين وأكثر المشايخ: أي لان المراد من المشايخ المتقدمون، وفي شرح الملتقى عن الحقائق أنه أصح الأقاويل، وعليه الفتوى ا ه. وعليه مشى في الاختيار والنقاية، ويشير كلام النهر إلى اختياره، وفي البحر: والأحسن الافتاء بما عليه أكثر المشايخ. قوله: (هل تكون غيبة منقطعة) أي فعلى الأول لا، وعلى الثاني نعم لأنه لم يعتبر مسافة السفر. قلت: لكن فيه أن الثاني اعتبر فوات الكفء الذي حضر، فينبغي أن ينظر هنا إلى الكفء إن رضي بالانتظار مدة يرجى فيها ظهور الأقرب المختفي لم يجز نكاح الابعد، وإلا جاز، ولعله بناه على أن الغالب عدم الانتظار. تأمل. قوله: (جاز على الظاهر) أي بناء على أن ولاية الأقرب باقية مع الغيبة. وذكر في قوله: (البدائع) اختلاف المشايخ فيه. وذكر أن الأصح القول بزوالها وانتقالها للأبعد. قال في المعراج وفي المحيط: لا رواية فيه، وينبغي أن لا يجوز لانقطاع ولايته، وفي المبسوط: لا يجوز، ولئن سلم فلأنها انتفعت برأيه، ولكن هذه منفعة حصلت لها اتفاقا فلا يبنى الحكم عليها ا ه. وكذا ذكر في الهداية المنع ثم التسليم بقوله، ولو سلم قال في الفتح: وهذا تنزل، وأيد الزيلعي المنع من حيث الرواية والمنقول، وكذا البدائع وبه علم أن قوله على الظاهر ليس المراد به
89 ظاهر الرواية لما علمت من أنه لا رواية فيه، وإنما هو استظهار لاحد القولين، وقد علمت ما فيه من تصحيح خلافه ومنعه في أكثر الكتب . أقول: ويؤخذ من هذا بالأولى أو الوليين لو كانا في درجة واحدة كأخوين غاب أحدهما فزوج فمكانه لا يصح، لأنه إذا لم يصح تزويج الأقرب الغائب مع حضور الابعد، فعدم صحة العقد من الغائب مع حضور المساوي له في الدرجة بالأولى، فتأمل. قوله: (من أو لياء النسب) احتراز عن القاضي. قوله: (لكن في القهستاني الخ) استدراك على ما في شرح الوهبانية، فإنه لم يستند فيه إلى نقل صريح، وهذا منقول، وقد أيده أيضا العلامة الشرنبلالي في رسالة سماها كشف المعضل فيمن عضل بأنه ذكر في أنفع الوسائل عن المنتقى: إذا كان للصغيرة أب امتنع عن تزويجها لا تنتقل الولاية إلى الجد بل يزوجها القاضي، ونقل مثله ابن الشحنة عن الغاية عن روضة الناطفي، وكذا المقدسي عن الغاية والنهر عن المحيط والفيض عن المنتقى، وأشار إليه الزيلعي حيث قال في مسألة تزويج الابعد بغيبة الأقرب: وقال الشافعي: بل يزوجها الحاكم اعتبارا بعضله، وكذا قال في البدائع: إن نقل الولاية إلى السلطان: أي حال غيبة الأقرب باطل، لأنه ولي من لا ولي له، وها هنا لها ولي أو وليان، فلا تثبت الولاية للسلطان إلا عند العضل من الولي ولم يوجد، وكذا فرق في التسهيل بين الغيبة والعضل، بأن العاضل ظالم بالامتناع فقام السلطان مقامه في دفع الظلم، بخلاف الغائب خصوصا للحج ونحوه في شرح المجمع الملكي، وبه أفتى العلامة ابن الشلبي، فهذه النقول تفيد الاتفاق عندنا على ثبوتها بعضل الأقرب للقاضي فقط. وأما ما في الخلاصة والبزازية من أنها تنتقل إلى الابعد بعضل الأقرب إجماعا، فالمراد بالابعد القاضي لأنه آخر الأولياء، فالتفضل على بابه، وحمله في البحر على الابعد من الأولياء ثم ناقض نفسه بعد سطرين بقوله: قالوا وإذا خطبها كف ء وعضلها الولي تثبت الولاية للقاضي نيابة عن العاضل فله التزويج وإن لم يكن في منشوره ا ه. هذا خلاصة ما في الرسالة، ثم ذكر فيها عن شرح المنظومة الوهبانية عن المنتقى ثبوت الخيار لها بالبلوغ إذا زوجها القاضي بعضل الأقرب، وعن المجرد عدم ثبوته، والأول على أن تزويجه بطريق الولاية، والثاني على أنه طريق النيابة عن العاضل، رجحه الشرنبلالي دفعا للتعارض في كلامهم. قلت: ويؤيده ما مر عن التسهيل، وكذا قولهم فله التزويج وإن لم يكن في منشوره، ويجب حمل ما في المجرد على ما إذا كان العاضل الأب أو الجد لثبوت الخيار لها عند تزويج غيرهما فكذا عند تزويج القاضي نيابة عنه. عند فوت الكفء، أي خوف فوته. قوله: (أي بامتناعه عن التزويج) أي من كف ء بمهر المثل، أما لو امتنع عن غير الكفء، أو لكون المهر أقل من مهر المثل، فليس بعاضل ط. وإذا امتنع عن تزويجها من هذا الخاطب الكفء ليزوجها من كف ء غيره استظهر في البحر أنه يكون عاضلا. قال: ولم أره، وتبعه المقدسي والشرنبلالي، واعترضه الرملي بأن الولاية بالعضل تنتقل إلى القاضي نيابة لدفع الاضرار بها ولا يوجد مع إرادة التزويج بكفء غيره ا ه. قلت: وفيه نظر لأنه متى حضر الكفء الخاطب لا ينتظر غيره خوفا من فوته، ولذا تنتقل
90 الولاية إلى الابعد عند غيبة الأقرب كما مر، نعم لو كان الكفء الآخر حاضرا أيضا وامتنع الولي الأقرب من تزويجها من الكفء الأول لا يكون عاضلا، لأن الظاهر من شفقته على الصغيرة أنه اختار لها الأنفع لتفاوت الأكفاء أخلاقا وأوصافا، فيتعين العمل بهذا التفصيل والله أعلم. قوله: (ولا يبطل تزويجه) يعني تزويج الابعد حال غيبة الأقرب، وكان الأولى ذكر هذه الجملة بعد قوله: وللولي الابعد التزويج بغيبة الأقرب ط. قوله: (السابق) أي المتحقق سبقه احترازا عما لو زوجها الغائب الأقرب قبل الحاضر الابعد، فإنه يغلو المتأخر وعما لو جهل التاريخ، فإنه يبطل كل منهما بناء على بقاء ولاية الغائب، أما على ما قدمناه من انقطاع ولايته فالعبرة لعقد الحاضر مطلقا. قوله: (وولي المجنون والمجنون) أي جنونا مطبقا وهو شهر كما مر، وتقدم أيضا أن المعتوه كذلك. قوله: (ولو عارضا) أو ولو كان جنونهما عارضا بعد البلوغ، خلافا لزفر. قوله: (اتفاقا) أي بخلاف الولاية في النكاح ففيها خلاف محمد فهي عنده للأب أيضا وعندهما للابن. قوله: (دون أبيها) أي أو جدها، والمراد أنه إذا اجتمع في المجنونة أبوها أو جدها مع ابنها، فالولاية للابن عندهما دون الأب أو الجد كما في الفتح، وكذا الباقي العصبات تزويجها على الترتيب المار فيهم كما قدمناه عن الفتح. قوله: (ولو أقر الخ) قال الحاكم الشهيد في الكافي الجامع لكتب ظاهر الرواية: وإذا أقر الأب أو غيره من الأولياء على الصغير أو الصغيرة بالنكاح أمس لم يصدق على ذلك إلا بشهود أو تصديق منهما بعد الادراك في قول أبي حنيفة، وكذلك إقرار المولى على عبده، وأما إقراره على أمته بمثل ذلك فجائز مقبول. وقال أبو يوسف ومحمد: الاقرار من هؤلاء في جميع ذلك جائز، وكذلك إقرار الوكيل على موكله على هذا الاختلاف ا ه. ونقل في الفتح عن المصفى عن أستاذه الشيخ حميد الدين: أن الخلاف فيما إذا أقر الولي في صغرهما، وإليه أشار في المبسوط وغيره قال: وهو الصحيح، وقيل فيما إذا بلغها وأنكرا فأقر الولي، أما لو أقر في صغرهما يصح اتفاقا، واستظهره في الفتح، وقد علمت أن الأول ظاهر الرواية وأنه الصحيح. قوله: (بخلاف مولى الأمة) أي إذا ادعى رجل نكاحها فأقر له مولاها يقضي به بلا بينة، وتصديق. درر: أي لو عتقت لا يحتاج إلى تصديقها، ومقتضى تعليل الشارح أنه لا يصح إقراره عليها بعد العتق. قوله: (بأن ينصب القاضي الخ) أي لان الأب مقر، والصغير لا يصح إنكاره، ولا بد في الدعوى من خصم فينصب عنه خصما حتى ينكر فقام عليه البينة، فيثبت النكاح على الصغير. أفاده في الفتح. قوله: (أي الولي المقر) بالنصب تفسيرا للضمير المنصوب. أو يصدق بالنصب عطفا على يدرك، وقوله: الموكل أو العدل مرفوعان على الفاعلية والمفعول محذوف: أي يصدق الموكل الوكيل أو العبد المولى. قوله: (وقالا يصدق في ذلك) أي بصدق المقر في جميع فروع هذه المسألة السابقة مثل إقرار المولى على أمته
91 كما سمعت التصريح به في عبارة الكافي، ومثله في البدائع، فافهم. قوله: (وهذه المسألة) أي مسألة عدم قبول الاقرار من ولي الصغير أو الصغيرة، ومن الوكيل ومولى العبد مخرجة: أي مستثناة على قول الإمام من قاعدة من ملك إنشاء عقد مالك الاقرار به، كالمولى إذا أقر بالفئ في مدة الايلاء وزوج المعتدة إذا قال في العدة راجعتك، وهو وجه قولهما بالقبول هنا كما في إقرار بتزويج أمته، ووجه قول الإمام حديث: لا نكاح إلا بشهود وأنه إقرار على الغير فيما لا يملكه، وتمامه في البدائع وعلى ما استظهره في الفتح في مسألة الصغيرين، فهي داخلة في مفهوم القاعد، على قول الإمام لأنه لا يملك الانشاء حال بلوغهما فلا يملك الاقرار، وعلى قولهما تكون خارجة عن القاعدة. قوله: (ملك الاقرار به) الأولى حذف به لعدم مرجع الضمير وإن علم من المقام، لان المعنى من ملك إنشاء شئ ملك الاقرار به ط. قوله: (ولها نظائر) كإقرار الوصي بالاستدانة على اليتيم لا يصح، وإن ملك إنشاء الاستدانة. بحر عن المبسوط. وكما لو وكله بعتق عبد بعينه فقال الوكيل: أعتقته أمس وقد وكله قبل الأمس لا يصدق بلا بينة، وتمامه في حواشي الأشباه للحموي من الاقرار. قوله: (هل لولي مجنون الخ) البحث لصاحب النهر، والظاهر أن الصبي في حكم من ذكر ط. قوله: (ومنعه الشافعي) لاندفاع الضرورة بالواحدة. نهر. قوله: (وجوزه) أي تزويج أكثر من واحدة. باب الكفاءة لما كانت شرط اللزوم على الولي إذا عقدت المرأة بنفسها حتى كان له الفسخ عند عدمها، كانت فرع وجود الولي. وهو بثبوت الولاية فقدم بيان الأولياء، ومن تثبت له ثم أعقبه فصل الكفاءة. فتح. قوله: (أو كون المرأة أدنى) اعترضه الخير الرملي بما ملخصه أن كون المرأة أدنى ليس بكفاءة، غير أن الكفاءة من جانب المرأة غير معتبرة. قوله: (الكفاءة معتبرة) قالوا: معناه معتبرة في اللزوم على الأولياء، حتى أن عند عدمها جاز للولي الفسخ ا ه فتح. وهذا بناء على ظاهر الرواية من أن العقد صحيح وللولي الاعتراض. أما على رواية الحسن المختارة للفتوى من أنه لا يصح، فالمعنى معتبرة في الصحة، وكذا لو كانت الزوجة صغيرة والعاقد غير الأب والجد، فقد مر أن العقد لا يصح. قوله: (في ابتداء النكاح) يغني عنه قول المصنف الآتي واعتبارها عند ابتداء العقد الخ وكأنه أشار إلى أن الأولى ذكره هنا. قوله: (للزوجة أو لصحته) الأول بناء على ظاهر الرواية، والثاني على رواية الحسن، وقدمنا أول الباب السابق اختلاف الافتاء فيهما، وأن رواية الحسن أحوط. قوله: (من جانبه الخ) أي يعتبر أن يكون الرجل مكافئا لها في الأوصاف الآتية بأن لا يكون دونها فيها، ولا تعتبر من جانبها بأن تكون مكافئة له فيها، بل يجوز أن تكون دونه فيها. قوله: (ولذا لا تعتبر) تعليل
92 للمفهوم، وهو أن الشريف لا يأبى أن يكون مستفرشا للدنيئة كالأمة والكتابية، لان ذلك لا يعد عارا في حقه بل في حقها، لان النكاح رق للمرأة والزوج مالك. تنبيه: تقدم أن غير الأب والجد لو زوج الصغير أو الصغيرة غير كف ء لا يصح، ومقتضاه أن الكفاءة للزوج معتبرة أيضا، وقدمنا أن هذا في الزوج الصغير لان ذلك ضرر عليه، فما هنا محمول على الكبير، ويشير إليه ما قدمناه آنفا عن الفتح من أن معنى اعتبار الكفاءة اعتبارها في اللزوم على الأولياء الخ. فإن حاصله: أن المرأة إذ زوجت نفسها من كف ء لزم على الأولياء، وإن زوجت من غير كف ء لا يلزم أو لا يصح، بخلاف جانب الرجل فإنه إذا تزوج بنفسه مكافئة له أو لا فإنه صحيح لازم. وقال القهستاني: الكفارة لغة: المساواة، وشرعا: مساواة الرجل للمرأة في الأمور الآتية، وفيه إشعار بأن نكاح الشريف الوضعية لازم فلا اعتراض للولي، بخلاف العكس ا ه. فقد أفاد أن لزومه في جانب الزوج إذا زوج نفسه كبيرا لا إذا زوجه الولي صغيرا، كما أن الكلام في الزوجة إذا زوجت نفسها كبيرة فثبت اعتبار الكفاءة من الجانبين في الصغيرين عند عدم الأب والجد كما حررناه فيما تقدم، والله تعالى أعلم. قوله: (لكن في الظهيرية الخ) لا وجه للاستدراك بعد ذكره الصحيح، فإنه حيث ذكر القولين كان حق التركيب تقديم الضعيف والاستدراك عليه بالصحيح، كما فعل في البحر وذكر أن ما في الظهيرية غريب، ورده أيضا في البدائع كما بسطه في النهر. قوله: (هي حق الولي لا حقها) كذا قال في البحر، واستشهد له بما ذكره الشارح عن الولوالجية، وفيه نظر، بل هي حق لها أيضا بدليل أن الولي لو زوج الصغيرة غير كف ء لا يصح، ما لم يكن أبا أو جدا غير ظاهر الفسق، ولما في الذخيرة قبيل الفصل السادس، من أن الحق في إتمام مهر المثل عند أبي حنيفة للمرأة وللأولياء حق الكفاءة، وعندهما للمرأة لا غير ا ه. وظاهر قوله: كحق الكفاءة الاتفاق، على أنه حق لكل منهما، وكذا ما في البحر عن الظهيرية: لو انتسب الزوج لها نسبا غير نسبه، فإن ظهر دونه وهو ليس بكفء فحق الفسخ ثابت للكل، وإن كان كفؤا فحق الفسخ لها دون الأولياء، وإن كان ما ظهر فوق ما أخبر فلا فسخ أحد، وعن الثاني أن لها الفسخ لأنها عسى تعجز عن المقام معه ا ه. ومن هذا القبيل ما سيذكره الشارح قبيل باب العدة لو تزوجته على أنه حر أو سني أو قادر على المهر والنفقة فبان بخلافه، أو على أنه فلان ابن فلان فإذا هو لقيط أو ابن زنا لها الخيار ا ه. ويأتي تمام الكلام على ذلك هناك. زاد في البدائع على ما مر عن الظهيرية: وإن فعلت المرأة ذلك فتزوجها، ثم ظهر بخلاف ما أظهرت فلا خيار للزوج سواء تبين أنها حرة أو أمة لان الكفاءة في جانب النساء غير معتبرة ا ه. وقد يجاب بأن الكلام كما مر فيما إذا زوجت نفسها بلا إذن الولي وحينئذ لم يبق لها حق في الكفاءة لرضاها بإسقاطها فبقي الحق للولي فقط فله الفسخ. قوله: (فلو نكحت الخ) تفريع على قوله: لا حقها وفيه أن التقصير جاء من قبلها حيث لم تبحث عن حاله كما جاء من قبلها وقبل الأولياء فيما لو زوجوها برضاها، ولم يعلموا بعدم الكفاءة ثم علموا. رحمتي. وفي كلام لولوالجية ما يفيده كما يأتي قريبا وعلى ما ذكرناه من الجواب فالتفريع صحيح، لان سقوط حقها إذا رضيت ولو من وجه، وهنا كذلك، ولذا لو شرطت الكفاءة بقي حقها. قوله: (لا
93 خيار لاحد) هذا في الكبير (1) كما هو فرض المسألة بدليل قوله: نكحت رجلا وقوله: برضا فلا يخالف ما قدمناه في الباب المار عن النوازل: لو زوج بنته الصغيرة ممن ينكر أنه يشرب المسكر، فإذا هو مدمن له وقالت بعد ما كبرت: لا أرضى بالنكاح، إن لم يكن يعرفه الأب بشربه وكان غلبة أهل بيته صالحين فالنكاح باطل، لأنه إنما زوج على ظن أنه كف ء ا ه. خلافا لما ظنه المقدسي من إثبات المخالفة بينهما كما نبه عليه الخير الرملي . قلت: ولعل وجه الفرق أن الأب يصح تزويجه الصغيرة من غير الكفء لمزيد شفقته، وأنه إنما فوت الكفاءة لمصلحة تزيد عليها، وهذا إنما يصح إذا علمه غير كف ء، أما إذا لم يعلمه فلم يظهر منه أنه زوجها للمصلحة المذكورة كما إذا كان الأب ماجنا أو سكران، لكن كان الظاهر أن يقال: لا يصح العقد أصلا كما في الأب الماجن والسكران، مع أن المصرح به أن لها إبطاله بعد البلوغ وهو فرع صحته، فليتأمل. قوله: (كان لهم الخيار) لأنه إذا لم يشترط الكفاءة كان عدم الرضا بعدم الكفاءة من الولي. ومنها: ثابتا من وجه دون وجه لما ذكرنا أن حال الزوج محتمل بين أن يكون كفؤا وأن لا يكون. والنص إنما أثبت حق الفسخ بسبب عدم الكفاءة حال عدم الرضا بعدم الكفاءة من كل وجه، فلا يثبت حال وجود الرضا بعدم الكفاءة من وجه. بحر عن الولوالجية. قوله: (للزوم النكاح) أي على ظاهر الرواية، ولصحته على رواية الحسن المختارة للفتوى. قوله: (خلافا لمالك) في اعتبار الكفاءة خلاف مالك والثوري والكرخي من مشايخنا، كذا في فتح القدير، فكان الأولى ذكر الكرخي، وفي حاشية الدرر للعلامة نوح أن الامام أبا الحسن الكرخي، والامام أبا بكر الجصاص وهما من كبار علماء العراق، ومن تبعهما من مشايخ العراق لم يعتبروا الكفاءة في النكاح، ولو لم تثبت عندهم هذه الرواية عن أبي حنيفة لما اختاروها. وذهب جمهور مشايخنا إلى أنها معتبرة فيه. ولقاضي القضاة سراج الدين الهندي مؤلف مستقل في الكفاءة ذكر فيه القولين على التفصيل، وبين ما لكل منهما من السند والدليل ا ه. قوله: (نسبا) أي من جهة النسب، ونظم العلامة الحموي ما تعتبر فيه الكفاءة فقال: إن الكفاءة في النكاح تكون في * ست لها بيت بديع قد ضبط نسب وإسلام كذلك حرفة * حرية وديانة مال فقط قلت: وفي الفتاوى الحامدية من واقعات قدري أفندي عن القاعدية غير الأب والجد من الأولياء لو زوج الصغيرة من عنين معروف لم يجز، لان القدرة على الجماع شرط الكفاءة كالقدرة على المهر والنفقة بل أولى ا ه. وأما الكبيرة فسنذكر عن البحر أنه لو زوجها الوكيل غنيا مجبوبا جاز وإن كان لها التفريق بعد. قوله: (فقريش الخ) القرشيان من جمعهما أب هو النضر بن كنانة فمن دونه، ومن لم ينتسب إلا لأب فوقه فهو عربي غير قرشي، والنضر هو الجد الثاني عشر للنبي (ص)،
(1) قوله: (هذا في الكبير الخ) محل هذا الكلام على قول الشارح كان لهم الخيار وما كتبه المحشي هناك هذا محله ا ه. 94 فإنه محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد ابن عدنان، على هذا اقتصر البخاري والخلفاء الأربعة كلهم من قريش، وتمامه في البحر. قوله: (بعضهم أكفاء بعض) أشار به إلى أنه لا تفاضل فيما بينهم من الهاشمي والنوفلي والتيمي والعدوي وغيرهم، ولهذا زوج علي وهو هاشمي أم كلثوم بنت فاطمة لعمر وهو عدوي. قهستاني. فلو تزوجت هاشمية قرشيا غير هاشمي لم يرد عقدها وإن تزوجت عربيا غير قرشي لهم رده كتزويج العربية عجميا. بحر. وقوله لم يرد عقدها ذكر مثله في التبيين، وكثير من شروح الكنز والهداية وغالب المعتبرات، فقوله في الفيض القرشي: لا يكون كفؤا للهاشمي كلمة لا فيه من تحريف النساخ. رملي. قوله: وبقية العرب أكفاء العرب صنفان: عرب عارية: وهم أولاد قحطان، ومستعربة: وهم أولاد إسماعيل، والعجم: أولاد فروخ أخي إسماعيل وهم الموالي والعتقاء، والمراد بهم غير العرب وإن لم يمسهم رق، سموا بذلك: إما لان العرب لما افتتحت بلادهم وتركتهم أحرارا بعد أن كان لهؤلاء الاسترقاق فكأنهم أعتقوهم، أو لأنهم نصروا العرب على قتل الكفار، والناصر يسمى مولى. نهر. قوله: (بني باهلة) قال في البحر: باهلة في الأصل اسم امرأة من همدان كانت تحت معن بن أعصر بن سعد بن قيس عيلان، فنسب ولده إليها، وهم معروفون بالخساسة. قيل كانوا يأكلون بقية الطعام مرة ثانية، وكانوا يأخذون عظام الميتة يطحنونها (1) ويأخذون دسومتها، ولذا قيل: ولا ينفع الأصل من هاشم * إذا كانت النفس من باهله وقيل: إذا قيل للكلب يا باهلي * عوى الكلب من شؤم هذا النسب قوله: والحق الاطلاق) فإن النص لم يفصل مع أنه (ص) كان أعلم بقبائل العرب وأخلاقهم وقد أطلق، وليس كل باهلي كذلك، بل فيهم الأجواد، وكون فصيلة منهم أو بطن صعاليك فعلوا ذلك لا يسري في حق الكل. فتح. قوله: (ويعضده) أي يقويه. قلت: يعضده أيضا إطلاق محمد، ففي كافي الحاكم: قريش بعضها أكفاء لبعض، والعرب بعضهم أكفاء لبعض، وليسوا بأكفاء لقريش، ومن كان له من الموالي أبوان أو ثلاثة في الاسلام فبعضهم أكفاء لبعض، وليسوا أكفاء للعرب ا ه. والحاصل: أنه كما لا يعتبر التفاوت في قريش حتى أن أفضلهم بني هاشم أكفاء لغيرهم منهم، فكذلك في بقية العرب بلا استثناء. ويؤخذ من هذا أن من كانت أمها علوية مثلا وأبوها عجمي يكون العجمي كفؤا لها، وإن كان لها شرف ما، لان النسب للآباء، ولهذا جاز دفع الزكاة
(1) قوله: (يطحنونها) كذا بخط المؤلف والذي في كتب اللغة يطبخونها قاله نصر. 95 إليها فلا يعتبر التفاوت بينهما من جهة شرف الام، ولم أر من صرح بهذا، والله أعلم. قوله: (وهذا في العرب) أي اعتبار النسب إنما يكون في العرب، فلا يعتبر فيهم الاسلام كما في المحيط والنهاية وغيرهما، ولا الديانة كما في النظم، ولا الحرفة كما في المضمرات، لان العرب لا يتخذون هذه الصنائع حرفا، وأما الباقي: أي الحرية والمال فالظاهر من عباراتهم أنه معتبر. قهستاني. لكن فيه كلام ستعرفه في مواضعه. قوله: (وأما في العجم) المراد بهم من لم ينتسب إلى إحدى قبائل العرب، ويسمون الموالي والعتقاء كما مر، وعامة أهل الأمصار والقرى في زماننا منهم، سواء تكلموا بالعربية أو غيرها، إلا من كان له منهم نسب معروف كالمنتسبين إلى أحد الخلفاء الأربعة، أو إلى الأنصار ونحوهم. قوله: (فتعتبر حرية وإسلاما) أفاد أن الاسلام لا يكون معتبرا في حق العرب كما اتفق عليه أبو حنيفة وصاحباه لأنهم يتفاخرون به، وإنما يتفاخرون بالنسب فعربي له أب كافر يكون كفؤا لعربية لها آباء في الاسلام، وأما الحرية فهي لازمة للعرب لأنه لا يجوز استرقاقهم، نعم الاسلام معتبر في العرب بالنظر إلى نفس الزوج لا إلى أبيه وجده، فعلى هذا فالنسب معتبر في العرب فقط، وإسلام الأب والجد في العجم فقط، والحرية في العرب والعجم، وكذا إسلام نفس الزوج. هذا حاصل ما في البحر. قوله: (لمن أبوها مسلم) راجع إلى قوله مسلم بنفسه ح. قوله: (أو حر أو معتق) كل منهما راجع لقوله أو معتق ح. قوله: (وأمها حرة الأصل) لان الزوج المعتق فيه أثر الرق وهو الولاء، والمرأة لما كانت أمها حرة الأصل كانت هي حرة الأصل. بحر عن التجنيس. أما لو كانت أمها رقيقة فهي تبع لامها في الرق فيكون المعتق كفؤا لها. بخلاف ما لو كانت أمها معتقة لان لها أبا في الحرية لقوله في البحر: والحرية نظير الاسلام. أفاده ط. قوله: (لذات أبوين) أي في الاسلام والحرية ط. قوله: (وأبوان فيهما كالآباء) أي فمن له أب وجد في الاسلام أو الحرية كف ء لمن له آباء. قال في فتح القدير: وألحق أبو يوسف الواحد بالمثنى كما هو مذهبه في التعريف: أي في الشهادات والدعوى. قيل كان أبو يوسف إنما قال ذلك في موضع يعد كفر الجد عيبا بعد أن كان الأب مسلما، وهما قالاه في موضع يعد عيبا، والدليل على ذلك أنهم قالوا جميعا: إن ذلك ليس عيبا في حق العرب لأنهم لا يعيرون في ذلك، وهذا حسن وبه ينتفي الخلاف ا ه. وتبعه في النهر. قوله: (ولا يبعد الخ) ظاهره أنه قاله تفقها، وقد رأيته في الذخيرة ونصفه: ذكر ابن سماعة في الرجل يسلم والمرأة معتقة أنه كف ء لها ا ه. ووجهه: أنه إذا أسلم وهو حر وعتقت وهي مسلمة يكون فيه أثر الكفر وفيها أثر الرق وهما منقصان، وفيه شرف حرية الأصل وفيها شرف إسلام الأصل وهما مكملان فتساويا. بقي ما لو كان بالعكس بأن أسلمت المرأة وعتق الرجل فالظاهر أن الحكم كذلك بشرط أن لا يكون إسلامه طارئا وإلا ففيه أثر الكفر وأثر الرق معا، فلا يكون كفؤا لمن فيها أثر الكفر فقط. تأمل. قوله: (وأما معتق الوضيع الخ) عزاه في البحر إلى المجتبى، ومثله في البدائع قال: حتى لا يكون مولى العرب كفؤا لمولاة بني هاشم، حتى لو زوجت مولاة بني هاشم نفسها من مولى العرب كان لمعتقها حق
96 الاعتراض، لان الولاء بمنزلة النسب. قال النبي (ص): الولاء لحمة كلحمة النسب ا ه. ومثله في الذخيرة. وذكر الشارح في كتاب الولاء: الكفاءة تعتبر في ولاء العتاقة، فمعتقة التاجر كف ء لمعتق العطار دون الدباغ ا ه. ويشكل عليه ما ذكره في البدائع أيضا قبل ما قدمناه حيث قال: وموالي العرب أكفاء لموالي قريش لعموم قوله (ص): والموالي بعضهم أكفاء لبعض اه. فتأمل تنبيه: مولى الموالاة لا يكافئ مولاة العتاقة. قال في الذخيرة: روى المعلى عن أبي يوسف أن من أسلم على يدي إنسان لا يكون كفؤا لموالي العتاقة. وفي شر الطحاوي: معتقة أشرف القوم تكون كفؤا للموالي، لان لها شرف الولاء للموالي شرف إسلام الآباء ا ه. قوله: (وأما مرتد أسلم الخ) نقله في البحر عن القنية، وسكت عليه، وكأنه محمول على مرتد لم يطل زمن ردته، ولذا لم يقيده باللحاق بدار الحرب، لان المرتد في دار الاسلام يقتل إن لم يسلم، أما من ارتد وطال زمن ردته حتى اشتهر بذلك ولحق أولا ثم أسلم فينبغي أن لا يكون كفؤا لمن لم ترتد، فإن العار الذي يلحقها بهذا أعظم من العار بكافر أصلي أسلم بنفسه، فليتأمل. قوله: (إلا لفتنة) أي لدفعها. قال في الفتح عن الأصل: إلا أن يكون نسبا مشهورا كبنت ملك من ملوكهم خدعها حائك أو سائس فإنه يفرق بينهم لا لعدم الكفاءة بل لتسكين الفتنة، والقاضي مأمور بتسكينها بينهم كما بين المسلمين ا ه. قوله: (وتعتبر في العرب والعجم الخ) قال في البحر: وظاهر كلامهم أن الفتوى معتبرة في حق العرب والعجم، فلا يكون العربي الفاسق كفؤا لصالحة عربية كانت أو عجمية ا ه. قال النهر: وصرح بهذا في إيضاح الاصلاح على أنه المذهب ا ه. وذكر في البحر أيضا أن ظاهر كلامهم اعتبار الكفاءة مالا فيهما أيضا. قلت: وكذا حرفة كما يظهر مما نذكر عن البدائع. قوله: (ديانة) أي عندهما وهو الصحيح. وقال محمد: لا تعتبر إلا إذ كان يصفع ويسخر منه، أو يخرج إلى الأسواق سكران، ويلعب به الصبيان لأنه مستخف به. هداية. ونقل في الفتح عن المحيط: أن الفتوى على قول محمد، لكن الذي في التاترخانية عن المحيط قبل وعليه الفتوى وكذا في المقدسي عن المحيط البرهاني ومثله في الذخيرة: قال في البحر: وهو موافق لما صححه في المبسوط، وتصحيح الهداية معارض له، فالافتاء بما في المتون أولى ا ه. قوله: (فليس فاسق الخ) اعلم أنه قال في البحر: ووقع لي تردد فيما إذا كانت صالحة دون أبيها أو كانت أبوها صالحا دونها هل يكون الفاسق كفؤا لها أو لا؟ فظاهرها كلام الشارحين أن العبرة لصلاح أبيها وجدها، فإنهم قالوا: لا يكون الفاسق كفؤا لبنت الصالحين، واعتبر في المجمع صلاحها فقال: فلا يكون الفاسق كفؤا للصالحة. وفي الخانية: لا يكون الفاسق كفؤا للصالحة بنت الصالحين، فاعتبر صلاح الكل. والظاهر أن الصلاح منها أو من آبائها كاف لعدم كون الفاسق كفؤا لها، ولم أره صريحا ا ه. ونازعه في النهر بأن قول الخانية أيضا: إذا كان الفاسق محترما معظما عند الناس كأعوان السلطان يكون كفؤا لبنات الصالحين. وقال بعض مشايخ بلخ: لا يكون معلنا كان أو لا، وهو اختيار ابن الفضل ا ه يقتضي اعتبار الصلاح من حيث الآباء فقط، وهذا هو الظاهر، وحينئذ فلا اعتبار بفسقها ا ه: أي إذا كانت فاسقة بنت صالح لا يكون الفاسق كفؤا لها، لان العبرة لصلاح الأب، فلا يعتبر فسقها، ويؤيده أن الكفاءة حق الأولياء إذا أسقطتها هي، لان
97 الصالح يعير بمصاهرة الفاسق، لكن ما نقله في البحر عن الخانية يقتضي اعتبار صلاحها أيضا كما مر، وحينئذ فيكن حمل كلام الخانية الثاني عليه بناء على أن بنت الصالح صالحة غالبا. قال في الحواشي اليعقوبية: قوله: فليس فاسق كف ء بنت صالح فيه كلام، وهو أن بنت الصالح يحتمل أن تكون فاسقة فيكون كفؤا كما صرحوا به، والأولى ما في المجمع وهو أن الفاسق ليس كفؤا للصالحة، إلا أن يقال: الغالب أن بنت الصالح صالحة، وكلام المصنف بناء على الغالب ا ه. ومثله قول القهستاني: أي وهي صالحة، وإنما لم يذكر لان الغالب أن تكون البنت صالحة بصلاحه ا ه. وكذا قال المقدسي. قلت: اقتصارهم بناء على أن صلاحها يعرف بصلاحهم، لخفاء حال المرأة غالبا لا سيما الابكار والصغائر ا ه. وفي الذخيرة: ذكر شيخ الاسلام أن الفاسق لا يكون كفؤا للعدل عند أبي حنيفة، وعن أبي يوسف ومحمد أن الذي يسكر إن كان يسر ذلك ولا يخرج سكران كان كفؤا لامرأة صالحة من أهل البيوتات، وإن كان يعلن ذلك فلا. قيل وعليه الفتوى ا ه. قلت: والحاصل: أن المفهوم من كلامهم اعتبار صلاح الكل، وإن من اقتصر على صلاحها أو صلاح آبائها نظر إلى الغالب من أن صلاح الولد والوالد متلازما، فعلى هذا فالفاسق لا يكون كفؤا لصالحة بنت صالح، بل يكون كفؤا لفاسقة بنت فاسق، وكذا لفاسقة بنت صالح كما نقله في اليعقوبية، فليس لأبيها حق الاعتراض لان ما يلحقه من العار ببنته أكبر من العار بصهره. وأما إذا كانت صالحة بنت فاسق فزوجت نفسها من فاسق فليس لأبيها حق الاعتراض، لأنه مثله وهي قد رضيت به. وأما إذا كانت صغيرة فزوجها أبوها من فاسق: فإن كان عالما بفسقه صح العقد، ولا خيار لها إذا كبرت، لان الأب له ذلك ما لم يكن ماجنا كما مر في الباب السابق، وأما إذا كان الأب صالحا وظن لزوج صالحا فلا يصح. قال في البزازية: زوج بنته من رجل ظنه مصلحا لا يشرب مسكرا فإذا هو مدمن فقالت بعد الكبر: لا أرضى بالنكاح: إن لم يكن أبوها يشرب المسكر، ولا عرف به وغلبة أهل بيتها مصلحون فالنكاح باطل بالاتفاق ا ه. فاغتنم هذا التحرير فإنه مفرد. قوله: (بنت صالح) نعت لكل من قوله: صالحة وفاسقة وأفرده للعطف بأو فرجع إلى أن المعتبر صلاح الآباء فقط، وأنه لا عبرة بفسقها بعد كونها من بنات الصالحين، و هذا هو الذي نقلناه عن النهر، فافهم، نعم هو خلاف ما نقلناه عن اليعقوبية. قوله: (معلنا كان أو لا) أما إذا كان معلنا فظاهر، وأما غير المعلن فهو بأن يشهد عليه أنه فعل كذا من المفسقات وهو لا يجهر به فيفرق بينهما بطلب الأولياء ط. قوله: (على الظاهر) هذا استظهار من صاحب النهر لا كما يتوهم من أنه ظاهر الرواية، فإنه قد صرح في الخانية عن السرخسي بأنه لم ينقل عن أبي حنيفة في ظاهر الرواية في هذا شئ، والصحيح عنده أن الفسق لا يمنع الكفاءة ا ه. وقدمنا أن تصحيح الهداية معارض لهذا التصحيح. قوله: (ومالا) أي في حق العربي والعجمي كما مر عن البحر، لان التفاخر بالمال أكثر من التفاخر بغيره عادة وخصوصا في زماننا هذا. بدائع. قوله: (بأن يقدر على المعجل الخ) أي على ما تعارفوا تعجيله من المهر، وإن كان كله حالا. فتح. فلا تشترط القدرة على الكل، ولا أن يساويها في الغنى في ظاهر الرواية وهو الصحيح. زيلعي. ولو صبيا فهو غني بغنى أبيه أو أمه أو جده كما يأتي، وشمل ما لو كان عليه دين بقدر المهر، فإنه كف ء لان له أن يقضي أي الدينين شاء كما في
98 الولوالجية، وما لو كانت فقيرة بنت فقراء كما صرح به في الواقعات معللا بأن المهر والنفقة عليه فيعتبر هذا الوصف في حقه، وما لو كان ذا جاه كالسلطان والعالم. قال الزيلعي: وقيل يكون كفؤا وإن لم يملك إلا النفقة لان الخلل ينجبر به، ومن ثم قالوا: الفقيه العجمي كف ء للعربي الجاهل. قوله: (ونفقة شهر) صححه في التجنيس وصحح، في المجتبى الاكتفاء بالقدرة عليها بالكسب، فقد اختلف التصحيح، واستظهر في البحر الثاني، ووفق في النهر بينهما بما ذكره الشارح، وقال: إنه أشار إليه في الخانية. قوله: (لو تطيق الجماع) فلو صغيرة لا تطيقه فهو كف ء وإن لم يقدر على النفقة لأنه لا نفقة لها. فتح. ومثله في الذخيرة. قوله: (وحرفة) ذكر الكرخي أن الكفاءة فيها معتبرة عند أبي يوسف، وأن أبا حنيفة بنى الامر فيها على عادة العرب أن مواليهم يعملون هذه الأعمال لا يقصدون بها الحرف فلا يعيرون بها: وأجاب أبو يوسف على عادة أهل البلاد، وأنهم يتخذون ذلك حرفة، فيعيرون بالدني منها، فلا يكون بينهما خلاف في الحقيقة. بدائع. فعلى هذا لو كان من العرب من أهل البلاد من يحترف بنفسه تعتبر فيهم الكفاءة فيها، وحينئذ فتكون معتبرة بين العرب والعجم. قوله: (فمثل حائك الخ) قال في الملتقى وشرحه: فحائك أو حجام أو كناس أو دباغ أو حلاق أو بيطار أو حداد أو صفار غير كف ء لسائر الحرف كعطار أو بزاز أو صواف، وفيه إشارة إلى أن الحرف جنسان ليس أحدهما كفؤا للآخر، لكن أفراد كل منها كف ء لجنسها، وبه يفتى. زاهدي ا ه: أي إن الحرف إذا تباعدت لا يكون أفراد إحداها كفؤا لافراد الأخرى، بل أفراد كل واحدة أكفاء بعضهم لبعض، وأفاد كما في البحر أنه لا يلزم اتحادهما في الحرفة، بل التقارب كاف، فالحائف كف ء لحجام، والدباغ كف ء لكناس، والصفار كف ء لحداد، والعطار كف ء لبزاز. قال الحلواني: وعليه الفتوى. وفي الفتح: أن الموجب هو استنقاص أهل العرف فيدور معه، وعلى هذا ينبغي أن يكون الحائك كفؤا للعطار بالإسكندرية لما هناك من حسن اعتبارها وعدم عدها نقصا البتة، اللهم إلا أن يقترن بها خساسة غيرها ا ه. فأفاد أن الحرف إذا تقاربت أو اتحدت يجب اعتبار التكافؤ من بقية الجهات، فالعطار العجمي غير كف ء لعطار أو بزاز عربي أو عالم. بقي النظر في نحو دباغ أو حلاق عربي، هل يكون كفؤا لعطار أو بزاز عجمي؟ والذي يظهر لي أن شرف النسب أو العلم يجبر نقص الحرفة، بل يفوق سائر الحرف، فلا يكون نحو العطار العجمي الجاهل كفؤا لنحو حلاق عربي أو عالم، ويؤيده ما في الفتح أنه روي عن أبي يوسف أن الذي أسلم بنفسه أو عتق إذا أحرز من الفضائل ما يقابل نسب الآخر كان كفؤا له ا ه. فليتأمل. قوله: (لبزاز) قال في القاموس: البز: الثياب أو متاع البيت من الثياب ونحوها، وبائعه: البزاز، وحرفته البزازة ا ه ط. قوله: (ولا هما لعالم وقاض) قال في النهر: وفي البناية عن الغاية: الكناس والحجام والدباغ والحارس والسائس والراعي والقيم: أي البلان في الحمام ليس كفؤا لبنت الخياط، ولا الخياط لبنت البزاز والتاجر، ولا هما لبنت عالم وقاض، والحائك ليس كفؤا لبنت الدهقان وإن كانت فقيرة، وقيل هو كف ء ا ه. وقد غلب اسم الدهقان على ذي العقار الكثير كما في المغرب ا ه. قلت: والظاهر أن نحو الخياط إذا كان أستاذا يتقبل الأعمال وله أجراء يعلمون له يكون كفؤا
99 لبنت البزاز والتاجر في زماننا كما يعلم من كلام الفتح المار، إذ لا يعد في العرف ذلك نقصا . تأمل. وما في شرح الملتقى عن الكافي من أن الخفاف ليس بكفء للبزاز والعطار فالظاهر أن المراد به من يعمل الاخفاف أو النعال بيده، أما لو كان أستاذا له أجراء أو يشتريها ويبيعها في حانوته فليس في زماننا أنقص من البزاز والعطار. قال ط: وأطلقوا في العالم والقاضي ولم يقيدوا العالم بذي العمل، ولا القاضي بمن لا يقبل الرشوة، والظاهر التقييد لان القاضي حينئذ ظالم، ونحوه العالم غير العالم، وليحرر ا ه. قلت: لعلهم أطلقوا ذلك لعلمه من ذكرهم الكفاءة في الديانة، فالظاهر حينئذ أن العالم والقاضي الفاسقين لا يكونان كفأين لصالحة بنت صالحين، لان شرف الصلاح فوق شرف العلم والقضاء مع الفسق. قوله: (فأخس من الكل) أي وإن كان ذا مروءة وأموال كثيرة لأنه من آكلي دماء الناس وأموالهم كما في المحيط، نعم بعضهم أكفاء بعض. شرح الملتقى. وفي النهر عن البناية في مصر جنس هو أخس من كل جنس، وهم الطائفة الذين يسمون بالسراباتية ا ه. قلت: مفهوم التقييد بالاتباع أن المتبوع كأمير وسلطان ليس كذلك، لأنه أشرف من التاجر عرفا كما يفيده ما يأتي في الشارح عن البحر، وقد علمت أن الموجب هو استنقاص أهل العرف فيدور معه، فعلى هذا من كان أميرا أو تابعا له وكان ذا مال ومروءة وحشمة بين الناس لا شك أن المرأة لا تتعير به في العرف كتعيرها بدباغ وحائك ونحوهما، فضلا عن سراباتي ينزل كل يوم إلى الكنيف، وينقل نجاسته في بيت مسلم وكافر، وإن كان قاصدا بذلك تنظيف الناس أو المساجد من النجاسات وكان الأمير أو تابعه آكلا أموال الناس، لان المدار هنا على النقص والرفعة في الدنيا، ولهذا لما قال محمد: لا تعتبر الكفاءة في الديانة لأنها من أحكام الآخرة فلا تبنى عليها أحكام الدنيا، قالوا في الجواب عنه: إن المعتبر في كل موضع ما اقتضاه الدليل من البناء على أحكام الآخرة وعدمه، بل اعتبار الديانة مبني على أمر دنيوي وهو تعيير بنت الصالحين بفسق الزوج. قلت: ولعل ما تقدم عن المحيط من أن تابع الظالم أخس من الكل كان في زمنهم الذي الغالب فيه التفاخر بالدين والتقوى دون زماننا الغالب فيه التفاخر بالدنيا، فافهم والله أعلم. قوله: (وأما الوظائف) أي في الأوقاف. بحر. قوله: (فمن الحرف) لأنها صارت طريقا للاكتساب في مصر كالصنائع. بحر. قوله: (لو غير دنيئة) أي عرفا كبوابة وسواقة وفراشة ووقادة. بحر. قوله: (فذو تدريس) أي في علم شرعي. قوله: (أو نظر) هو بحث لصاحب البحر، لكنه الآن ليس بشريف، بل هو كآحاد الناس، وقد يكون عتيقا زنجيا، وربما أكل مال الوقف وصرفه في المنكرات فكيف يكون كفؤا لمن ذكر، اللهم إلا أن يقيد بالناظر ذي المروءة وبناظر نحو مسجد، بخلاف ناظر وقف أهلي بشرط الواقف، فإنه لا يزداد رفعة بذلك ط. قوله: (كف ء لبنت الأمير بمصر). لا يخفى أن تخصيص بنت الأمير بالذكر للمبالغة: أي فيكون كفؤا لبنت التاجر بالأولى، فيفيد أن الأمير أشرف من التاجر كما هو العرف، وهذا مؤيد لبحثنا السابق كما نبهنا عليه. قوله: (اعتبارها عند ابتداء العقد) قلت: يرد عليه ما في الذخيرة: حجام تزوج امرأة مجهولة النسب ثم ادعاها قرشي وأثبت أنها بنته له أن يفرق بينهما، وأما لو أقرت بالرق لرجل لم يكن له إبطال النكاح ا ه. وقد يجاب بأن ثبوت النسب
100 لما وقع مستندا إلى وقت العلوق كان عدم الكفاءة موجودا وقت العقد، لا أنها كانت موجودة ثم زالت حتى ينافي كون العبرة لوقت العقد. وأما مسألة الاقرار فلان إقرارها يقتصر عليها، فلا يلزم الزوج بموجبه لما تقرر أن الاقرار حجة قاصرة على المقر. قوله: (ثم فجر) الأولى أن يقول: ثم زالت كفاءته لان الفجور يقابل الديانة وهي إحدى ما يعتبر في الكفاءة ط. قوله: (وأما لو كان دباغا الخ) هذا فرعه صاحب البحر على ما تقدم بأنه ينبغي أن يكون كفؤا، ثم استدرك عليه بمخالفته لقولهم: إن الصنعة وإن أمكن تركها يبقى عارها، ووفي في النهر بقوله: ولو قيل إنه إن بقي عارها لم يكن كفؤا وإن تناسى أمرها لتقادم زمانها كان كفؤا لكان حسنا ا ه. قوله: (لكن في النهر الخ) حيث قال: ودل كلامه على أن غير العربي لا يكافئ العربي، وإن كان حسيبا، لكن في جامع قاضيخان قالوا: الحسيب يكون كفؤا للنسيب، فالعالم العجمي يكون كفؤا للجاهل العربي والعلوية، لان شرف العلم فوق شرف النسب، وارتضاه في فتح القدير، وجزم به الرازي وزاد: والعالم الفقير يكون كفؤا للغني الجاهل، والوجه فيه ظاهر لان شرف العلم فوق شرف النسب فشرف المال أولى، نعم الحسب قد يراد به المنصب والجاه كما فسره به في المحيط عن صدر الاسلام، وهذا ليس كفؤا للعربية كما في الينابيع ا ه. كلام النهر ملخصا. أقول: حيث كان ما في الينابيع من تصحيح عدم كفاءة الحسيب للعربية مبنيا على تفسير الحسيب بذي المنصب والجاه لم يصح ما ذكره المصنف من تصحيح عدم الكفاءة في العالم، وعزوه في شرحه إلى الينابيع، وذكر الخير الرملي عن مجمع الفتاوى: العالم يكون كفؤا للعلوية لان شرف الحسب أقوى من شرف النسب، وعن هذا قيل: إن عائشة أفضل من فاطمة، لان لعائشة شرف العلم، كذا في المحيط. وذكر أيضا أنه جزم به في المحيط والبزازية والفيض وجامع الفتاوى وصاحب الدرر، ثم نقل عبارة المصنف هنا ثم قال: فتحرر أن فيه اختلافا، ولكن حيث صح أن ظاهر الرواية أنه لا يكافئها فهو المذهب، خصوصا وقد نص في الينابيع أنه الأصح ا ه. أقول: قد علمت أن ما صححه في الينابيع غير ما مشى عليه المصنف، وأما ما ذكره من ظاهر الرواية فقد تبع فيه البحر، وقول الشارح وادعى في البحر الخ يفيد أن كونه ظاهر الرواية مجرد دعوى لا دليل عليها سوى قولهم في المتون وغيرها: والعرب أكفاء: أي فلا يكافئهم غيرهم، ولا يخفى أن هذا وإن كان ظاهره الاطلاق، ولكن قيده المشايخ بغير العالم، وكم له من نظير، فإن شأن مشايخ المذهب إفادة قيود وشرائط لعبارات مطلقة استنباطا من قواعد كلية أو مسائل فرعية أو أدلة نقلية وهنا كذلك، فقد ذكر في آخر التفاوى الخيرية في قرشي جاهل تقدم في المجلس على عالم أنه يحرم عليه، إذ كتب العلماء طافحة بتقدم العالم على القرشي، ولم يفرق سبحانه بين القرشي وغيره في قوله: * (هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) * (سورة الزمر: الآية 9) إلى آخر ما أطال به، فراجعه فحيث كان شرف العلم أقوى من شرف النسب بدلالة الآية، وتسريحهم بذلك اقتضى تقييد ما أطلقوه هنا اعتمادا على فهمه من محل آخر، فلم يكن ما ذكره المشايخ مخالفا لظاهر الرواية،
101 وكيف يصح لاحد أن يقول: إن مثل أبي حنيفة أو الحسن البصري وغيرهما ممن ليس بعربي أنه لا يكون كفؤا لبنت قرشي جاهل، أو لبنت عربي بوال على عقبية؟ فلا جرم إنه جزم بما قاله المشايخ صاحب المحيط وغيره كما علمت، وارتضاه المحقق ابن الهمام وصاحب النهر، وتبعهم الشارح فافهم، والله سبحانه وتعالى أعلم. قوله: (ولذا قيل الخ) أي لكون شرف العلم أقوى. قيل إن عائشة أفضل لكثرة علمها، وظاهره أنه لا يقال: إن فاطمة أفضل من جهة النسب، لان الكلام مسوق لبيان أن شرف العلم أقوى من شرف النسب، لكن قد يقال بإخراج فاطمة رضي الله عنها من ذلك لتحقق البضعية فيها بلا واسطة، ولذا قال الامام مالك: إنها بضعة منه (ص)، ولا أفضل على بضعة منه أحدا. ولا يلزم من هذا إطلاق أنها أفضل، وإلا لزم تفضيل سائر بناته (ص) على عائشة، بل على الخلفاء الأربعة، وهو خلاف الاجماع كما بسطه ابن حجر في الفتاوى الحديثية، وحينئذ فما نقل عن أكثر العلماء من تفضيل عائشة محمول على بعض الجهات كالعلم، وكونها في الجنة مع النبي (ص) وفاطمة مع علي رضي الله عنهما، ولهذا قال في بدء الأمالي: وللصديقة الرجحان فاعلم * على الزهراء في بعض الخلال وقيل: إن فاطمة أفضل، ويمكن إرجاعه إلى الأول. وقيل: بالتوقف لتعارض الأدلة. واختاره الاستروشني من الحنفية وبعض الشافعية كما أوضحه ملا علي القاري في شرح الفقه الأكبر وشرح بدء الأمالي. قوله: (والحنفي كف ء لبنت الشافعي الخ) المراد بالكفاءة هنا صحة العقد، يعني لو تزوج حنفي بنت شافعي نحكم بصحة العقد، وإن كان في مذهب أبيها أنه لا يصح العقد إذا كانت بكرا إلا بمباشرة وليها، لأنا نحكم بما نعتقد صحته في مذهبنا. قال في البزازية: وسئل: أي شيخ الاسلام عن بكر بالغة شافعية زوجت نفسها من حنفي أو شافعي بلا رضا الأب، هل يصح؟ أجاب نعم، وإن كانا يعتقد ان عدم الصحة لأنا نجيب بمذهبنا لا بمذهب الخصم لاعتقادنا أنه خطأ يحتمل الصواب. وإن سئلنا كيف مذهب الشافعي فيه؟ لا نجيب بمذهبه ا ه. وقوله: لاعتقادنا الخ مبني على القول بأن المقلد يلزمه تقليد الأفضل ليعتقد أرجحية مذهبه، والمعتمد عند الأصوليين خلافه كما بسطناه في صدر الكتاب، ثم لا يخفى مما ذكرنا أنه لا منا سبة لذكر هذا الفرع في الكفاءة. تأمل. قوله: (القروي) بفتح القاف نسبة إلى القرية. قوله: (فلا عبرة بالبلد) أي بعد وجود ما مر من أنواع الكفاءة. قال في البحر: فالتاجر في القرى كف ء لبنت التاجر في المصر للتقارب. قوله: (كما لا عبرة بالجمال) لكن النصيحة أن يراعي الأولياء المجانسة في الحسن والجمال. هندية عن التاترخانية ط. قوله: (ولا بالعقل) قال قاضيخان في شرح الجامع: وأما العقل فلا رواية فيه عن أصحابنا المتقدمين واختلف فيه المتأخرون ا ه: أي في أنه هل يعتبر في الكفاءة أو لا. قوله: (ولا بعيوب الخ) أي ولا يعتبر في الكفاءة السلامة من العيوب التي يفسخ بها البيع كالجذام والجنون والبرص والبخر والدفر. بحر. قوله: (خلافا للشافعي) وكذا لمحمد في الثلاثة الأول إذا كان بحال
102 لا تطيق المقام معه إلا أن التفريق أو الفسخ للزوجة لا للولي كما في الفتح. قوله: (ليس بكفء للعاقلة) قال في النهر: لأنه يفوت مقاصد النكاح. فكان أشد من الفقر ودناءة الحرفة، وينبغي اعتماده لان الناس يعيرون بتزويج المجنون أكثر من ذي الحرفة الدنيئة. قوله: (أو أمه أو جده) عزاه في النهر إلى المحيط، وزاد في الفتح الجدة، لكن فيه أن اعتباره كفؤا بغنى أبيه مبني على ما ذكر من العادة بتحمل المهر، وهذا مسلم في الام والجد، أما الجدة فلم تجر العادة بتحملها وإن وجد في بعض الأوقات. تأمل. قوله: (كما مر) أي عند قول المصنف ومالا. قوله: (لان العادة الخ) مقتضاه أنه لو جرت العادة بتحمل النفقة أيضا عن الابن الصغير كما في زماننا أنه يكون كفؤا، بل في زماننا يتحملها عن ابنه الكبير الذي في حجره، والظاهر أنه يكون كفؤا بذلك لان المقصود حصول النفقة من جهة الزوج بملك أو كسب أو غيره، ويؤيده أن المتبادر من كلام الهداية وغيرها أن الكلام في مطلق الزوج صغيرا أو كبيرا، فإنه قال: وعن أبي يوسف أنه اعتبر القدرة على النفقة دون المهر لأنه تجري المساهلة في المهر وبعد المرء قادرا عليه بيسار أبيه ا ه، نعم زاد في البدائع أن ظاهر الرواية عدم الفرق بين النفقة والمهر، لكن ما مشى عليه المصنف نقل في البحر تصحيحه عن المجتبى، ومقتضى تخصيصه بالصبي أن الكبير ليس كذلك، ووجهه أن الصغير غني بغنى أبيه في باب الزكاة، بخلاف الكبير، لكن إذا كان المناط جريان العادة بتحمل الأب لا يظهر الفرق بينهما ولا بين المهر والنفقة فيهما حيث تعورف ذلك، والله تعالى أعلم. قوله: (بأقل الخ) أي بحيث لا يتغابن فيه وقدمنا تفسيره في الباب السابق. قوله: (فللولي العصبة) أي لا غيره من الأقارب ولا القاضي لو كانت سفيهة، كما في الذخيرة. نهر. والذي في الذخيرة من الحجر المحجور عليها إذا تزوجت بأقل من مهر مثلها ليس للقاضي الاعتراض عليها، لان الحجر في المال لا في النفس ا ه. بحر. قلت: لكن في حجر الظهيرية: إن لم يدخل بها الزوج قيل له أتم مهر مثلها، فإن رضي وإلا فرق بينهما، وإن دخل فعليه إتمامه ولا يفرق بينهما لان التفريق كان للنقصان عن مهر المثل وقد انعدم حين قضى لها بمهر مثلها بالدخول ا ه. قوله: (الاعتراض) أفاد أن العقد صحيح، وتقدم أنها لو تزوجت غير كف ء فالمختار للفتوى رواية الحسن أنه لا يصح العقد، ولم أرن ذكر مثل هذه الرواية هنا، ومقتضاه أنه لا خلاف في صحة العقد، ولعل وجهه أنه يمكن الاستدراك هنا بإتمام مهر المثل، بخلاف عدم الكفاءة والله تعالى أعلم. قوله: (أو يفرق القاضي) في الهندية عن السراج: ولا تكون هذه الفرقة إلا عند القاضي، وما لم يقض القاضي بالفرقة بينهما فحكم الطلاق والظهار والايلاء والميراث باق ا ه. قوله: (دفعا للعار) أشار إلى الجواب عن قولهما ليس للولي الاعتراض لان ما زاد على عشرة دراهم حقها، ومن أسقط حقه لا يعترض عليه، ولأبي حنيفة أن الأولياء يفتخروا بغلاء المهور ويتعيرون بنقصانها فأشبه الكفاءة. بحر. والمتون على قول الإمام. قوله: (فلها نصف المسمى) أي وليس لهم طلب التكميل، لأنه عند بقاء النكاح وقد زال. قوله: فلا مهر
103 لها لان الفرقة جاءت من قبل من له الحق وهي فسخ. ط عن شرح الملتقى. قوله: (فلها المسمى) هذا في غير السفيهة، وفيها لا تفريق بعد الدخول، ولزم مهر المثل كما علمته. قوله (لانتهاء النكاح بالموت) فلا يمكن الولي طلب الفسخ، فلا يلزم الاتمام لأنه إنما يلتزمه الزوج لخوف الفسخ وقد زال النكاح بالموت ط. مطلب في الوكيل والفضولي في النكاح قوله: (أمره بتزويج الخ) شروع في بعض مسائل الوكيل والفضولي، وذكرها في باب الولي لان الوكالة نوع من الولاية. لنفاذ تصرفه على الموكل ونفاذ عقد الفضولي بالإجازة يجعله في حكم الوكيل، وعقد ذلك في الكنز وغيره فصلا على حدة. واعلم أنه لا تشترط الشهادة على الوكالة بالنكاح بل على عقد الوكيل، وإنما ينبغي أن يشهد على الوكالة إذا خيف جحد الموكل إياها. فتح. قوله: (بتزويج امرأة) أي منكرة، ويأتي محترزه، وأطلق في الأمة فشمل المكاتبة وأم الولد بشرط أن لا تكون للوكيل للتهمة، وما لو كانت عمياء أو مقطوعة اليدين أو مفلوجة أو مجنونة خلافا لهما، أو صغيرة لا تجامع اتفاقا، وقيل على الخلاف. فتح. زاد في البحر: أو كتابية أو من حلف بطلاقها أو آلى منها أو في عدة الموكل أو بغبن فاحش في المهر. قوله: (جاز) في بعض النسخ نفذ وهي أنسب، لان الكلام في النفاذ لا في الجواز ح. قوله: (و قالا: لا يصح) أي إذا رده الآمر، والأولى التعبير بلا ينفذ ليفيد أنه موقوف. و وجه قول الإمام أن هذا رجوع إلى إطلاق اللفظ، وعدم التهمة. ووجه قولهما: إن لمطلق ينصرف إلى المتعارف وهو التزوج بالأكفاء، وجوابه أن العرف مشترك في تزوج المكافئات وغيرهن، وتمامه في الفتح. قوله: (وهو استحسان) قال في الهداية: وذكر في الوكالة أن اعتبار الكفاءة في هذا استحسان عندهما، لان كل أحد لا يعجز عن التزوج بمطلق الزوجة فكانت الاستعانة في التزوج بالكف ء ا ه. قال في الفتح: وفيه إشارة إلى اختيار قولهما: لان الاستحسان مقدم على غيره إلا في المسائل المعلومة، والحق أن قول الإمام ليس قياسا لأنه أخذ بنفس اللفظ المنصوص، فكان النظر في أي الإستحسانين أولى ا ه. والمراد باللفظ المنصوص) لفظ الموكل. قوله: (بنته الصغيرة) فلو كبيرة برضاها لا يجوز عنده خلافا لهما، ولو زوجه أخته الكبيرة برضاها جاز اتفاقا. بحر. ومثله في الذخيرة. قوله: (أو موليته) بتشديد الياء كمرمية اسم مفعول: أي التي هي مولى عليها من جهته: أي له عليها الولاية، وهذا عطف عام على خاص، وذلك كبنت أخيه الصغيرة. قوله: (كما لو أمره بمعينة) محترز قول المتن امرأة بالتنكير ومثله ما لو عين المهر كألف فزوجه بأكثر: فإن دخل بها غير عالم فهو على خياره، فإن فارقها فلها الأقل من المسمى ومهر المثل، ولو هي الموكلة وسمت له ألفا فزوجها ثم قال الزوج ولو بعد الدخول: تزوجتك بدينار وصدقة الوكيل: إن أقر الزوج أنها لم
104 توكل بدينار فهي ب الخيار فإن ردت فلها مهر المثل بالغا ما بلغ، ولا نفقة عدة لها لان بالرد تبين أن الدخول حصل في نكاح موقوف فيوجب مهر المثل دون نفقة العدة، وإن كذبها الزوج فالقول لها مع يمينها، فإن ردت فباقي الجواب بحاله ويجب الاحتياط فهذا، فإنه ربما يحصل لها منه أولاد ثم تنكر قدر ما زوجها به الوكيل، ويكون القول قولها فترد النكاح. فتح ملخصا. قال في البزازية: وهذا إن ذكر المهر، وإن لم يذكر فزوجه بأكثر من مهر المثل بما لا يتغابن فيه الناس أو زوجها بأقل منه، كذلك صح عنده خلافا لهما، لكن للأولياء حق الاعتراض في جانب المرأة دفعا للعار عنهم ا ه. وانظر ما قدمناه في باب الولي. قوله: (لم يجز اتفاقا) لان الكفاءة معتبرة في حقها، فلو كان كفؤا إلا أنه أعمى أو مقعد أو صبي أو معتوه، فهو جائز، وكذا لو كان خصيا أو عنينا، وإن كان لها التفريق بعد ذلك. بحر. ثم قال: ولو زوجها من أبيه أو ابنه لم يجز عنده، وفي كل موضع لا ينفذ فعل الوكيل، فالعقد موقوف على إجازة الموكل، وحكم الرسول كحكم الوكيل في جميع ما ذكرناه، وتوكيل المرأة المتزوجة بالتزويج إذا طلقت وانقضت عدتها صحيح كتوكيله أن يزوجه المتزوجة فطلقت وحلت فزوجها فإنه صحيح. قوله: (بنكاح امرأة) نكرها دلالة على أنه لو عينها فزوجها مع أخرى لا يكون مخالفا، بل ينفذ عليه في المعنية. وفي الخانية: وكله بأن يزوجه فلانة أو فلانة فأيهما زوجه جاز، ولا يبطل التوكيل بهذه الجهالة. نهر. قوله: (للمخالفة) تعليل قاصر. وعبارة الهداية: لأنه لا وجه إلى تنفيذهما للمخالفة ولا إلى التنفيذ في إحداهما غير عين للجهالة ولا إلى التعيين لعدم الأولوية، فتعين التفريق ا ه. قوله: (وله أن يجيزهما أو إحداهما) اعترض الزيلعي بهذا على قول الهداية فتعين التفريق، وأجاب في البحر بأن مراده عند عدم الإجازة، فإن أجاز نكاحهما أو إحداهما نفذ. قوله: (وتوقف الثاني) لأنه فضولي فيه ط. قوله: (إلا إذا قال الخ) في غاية البيان: أمره بامرأتين في عقدة، فزوجه واحدة جاز، إلا إذا قال: لا تزوجني إلا امرأتين في عقدة فلا يجوز ا ه: أي لا يجوز أن يزوجه واحدة، فلو زوجه ثنتين في عقدتين فالظاهر عدم الجواز، لان قوله في عقدة داخل تحت الحصر، وهو المفهوم من كلام الشارح. وفي المحيط: أمره بامرأتين في عقدة فزوجهما في عقدتين جاز، وفي لا تزوجني امرأتين إلا في عقدتين فزوجهما في عقدة لا يجوز. والفرق أنه في الأول أثبت الوكالة حالة الجمع، ولم ينفها حالة التفرد نصا، بل سكت، والتنصيص على الجمع لا ينفي ما عداه، وفي الثاني نفاها حالة التفرد والنفي مفيد لما في الجمع من تعجيل مقصوده فلم يصر وكيلا حالة الانفراد ا ه. والظاهر أن في صورة النفي هذه لو زوجه امرأة يصح، ولا يتوقف على تزويج الثانية في عقد آخر، وكذا في صورة النفي في كلام الشارح، وهي لا تزوجني إلا امرأتين في عقدتين، وهو خلاف المفهوم من كلامه، فتأمل. قوله: (على قبول غائب) أي شخص غائب، فإذا أوجب الحاضر، وهو فضولي من جانب أو من الجانبين لا يتوقف على قبول الغائب، بل يبطل وإن قبل العاقد الحاضر بأن تكلم بكلامين
105 كما يأتي، وقيد بالغائب لأنه لو كان حاضرا فتارة يتوقف كالفضوليين، وتارة ينفذ بأن لم يكن فضوليا ولو من جانب كما في الصور الخمس الآتية. قوله: (في سائر العقود) قال المصنف في المنح: هو أولى مما وقع في الكنز من قوله: على قبول ناكح غائب، لأنه ربما أفهم الاختصاص بالنكاح وليس كذلك. قوله: (بل يبطل) لما كان يتوهم من عدم التوقف أنه تام اكتفاء بالايجاب وحده دفع هذا الايهام بالاضراب، محل البطلان إذا لم يقبل فضولي عن الغائب، أما إذا قبل عنه توقف على الإجازة ط. قوله: (ولا تلحقه الإجازة) يعني أنه إذا بلغ الآخر الايجاب فقيل لا يصح العقد لان الباطل لا يجاز ط. قوله: (يقوم مقام القبول) كقوله مثلا: زوجت فلانة من نفسي، فإنه يتضمن الشطرين، فلا يحتاج إلى القبول بعده، وقيل يشترط ذكر لفظ هو أصيل فيه كتزوجت فلانة، بخلاف ما هو نائب فيه كزوجتها من نفسي، وكلام الهداية صريح في خلافه كما في البحر عن الفتح. قوله: (وليا أو وكيلا من الجانبين) كزوجت ابني بنت أخي أو زوجت موكلي فلانا موكلتي فلانة. قال ط: يكفي شاهدان على وكالته ووكالتها وعلى العقد، لان الشاهد يتحمل الشهادات العديدة ا ه. وقدمنا أن الشهادة على الوكالة لا تلزم إلا عند الجحود. قوله: (ووكيلا أو وليا من آخر) كما لو وكلته امرأته أن يزوجها من نفسه، أو كانت له بنت عم صغيرة لا ولي لها أقرب منه فقال تزوجت موكلتي أو بنت عمي. قوله: (كزوجت بنتي من موكلي) مثال للصورة الخامسة، ولا بد من التعريف بالاسم والنسب، وإنما لم يذكره لأنه مر بيانه. قوله: (ليس ذلك الواحد) أي المتولي للطرفين بفضولي كما في الخمس المارة. قوله: (ولو من جانب) أي سواء كان فضوليا من جانب واحد، أو من جانبين: أي جانب الزوج والزوجة، فإذا كان فضوليا منهما أو كان فضوليا من أحدهما، وكان من الآخر أصيلا أو كيلا أو وليا ففي هذه الأربع لا يتوقف، بل يبطل عندهما خلافا للثاني، حيث قال إنه يتوقف على قبول الغائب، كما يتوقف اتفاقا لو قبل عنه فضولي آخر، والخمسة السابقة نافذة اتفاقا، وبقي صورة عاشرة عقلية وهي الأصيل من الجانبين لم يذكرها لاستحالتها قوله: (وإن تكلم بكلامين) أي بإيجاب وقبول كزوجت فلانا وقبلت عنه، وهذه مبالغة على المفهوم، وهو أو الواحد لا يتولى طرفي النكاح عندهما إذا كان فضوليا، ولو من جانب سواء تكلم بكلام واحد أو بكلامين، خلافا لما في حواشي الهداية وشرح الكافي من أنه يبطل عندهما إذا تكلم بكلام واحد، أما لو تكلم بكلامين فإنه لا يبطل، بل يتوقف على قبول الغائب اتفاقا، ورده في الفتح بأن الحق خلافه، وأنه لا وجود لهذا القيد في كلام أصحاب المذهب، وإنما المنقول أن الفضولي الواحد يتولى الطرفين عندهما وهو مطلق. قوله: (لان قبوله) أي الفضولي المتولي الطرفين. قوله: (لما تقرر الخ) حاصله: أن الايجاب لما صدر من الفضولي وليس له قابل في المجلس ولو فضوليا آخر صدر باطلا غير متوقف على قبول الغائب، فلا يفيد قبول العاقد بعده، ولم يخرج بذلك عن كونه فضوليا من الجانبين. قال في الفتح: إن كون كلامي الواحد عقدا تاما هو
106 أثر كونه مأمورا من الطرفين أو من طرف وله ولاية الطرف الآخر. قوله: (ونكاح عبد) أي ولو مدبرا أو مكاتبا. نهر. قوله: (وأمة) أي ولو أم ولد. نهر. قوله: (على الإجازة) أي إجازة السيد أو إجازة العبد بعد الاذن المتأخر عن العقد لما في البحر عن التجنيس: لو تزوج بغير إذن السيد ثم أذن لا ينفذ، لان الاذن ليس بإجازة فلا بد من إجازة العبد العاقد وإن صدر العقد منه ا ه. قوله: (كنكاح الفضولي) أي الذي باشره مع آخر أصيل أو ولي أو وكيل أو فضولي، أما لو تولى طرفي العقد، وهو فضولي من الجانبين أو أحدهما فإنه لا يتوقف خلافا لأبي يوسف كما مر. قال في البحر: الفضولي من يتصرف لغيره بغير ولاية وكالة أو لنفسه، وليس أهلا، وإنما زدناه: أي قوله أو لنفسه ليدخل نكاح العبد بلا إذن إن قلنا إنه فضولي، وإلا فهو ملحق به في أحكامه ا ه. والصبي كالعبد وإنما قال: من يتصرف لا من يعقد ليدخل اليمين، كما لو علق طلاق زوجة غيره على دخول الدار مثلا، فإنه يتوقف على إجازة الزوج، فإن أجاز تعلق، فتطلق بالدخول بعد الإجازة لا قبلها، ما لم يقل الزوج أجزت الطلاق علي، ولو قال: أجزت هذا اليمين علي، لزمته اليمين، ولا يقع الطلاق ما لم تدخل بعد الإجازة كما في الفتح: عن الجامع والمنتقى. قوله: (إن لها مجيز الخ) فسر المجيز في النهاية: بقابل يقبل الايجاب، سواء كان فضوليا أو وكيلا أو أصيلا، وقال فيها في فصل بيع الفضولي: لو باع الصبي ما له أو اشترى أو تزوج أو زوج أمه أو كاتب عبده ونحوه توقف عن إجازة الولي، فلو بلغ هو فأجاز نفذ، ولو طلق أو خلع أو أعتق عن مال أو بدونه أو وهب أو تصدق أو زوج عبده أو باع ماله بمحاباة فاحشة أو اشترى بغبن فاحشة أو غير ذلك مما لو فعله وليه لا ينفذ، كان باطلا لعدم المجيز وقت العقد إلا إذا كان لفظ الإجازة يصلح لابتداء العقد، فيصح على وجه الانشاء كأن يقول بعد البلوغ: أوقعت ذلك الطلاق أو العتاق ا ه. قال في الفتح: وهذا يوجب أن يفسر المجيز هنا بمن يقدر على إمضاء العقد لا بالقابل مطلقا ولا بالولي، إذ لا يتوقف في هذه الصور، وإن قبل فضولي آخر أو ولي لعدم قدرة الولي على إمضائها فعلى هذا فما لا مجيز له: أي ما ليس له من يقدر على الإجازة يبطل كما إذا كان تحته حرة فزوجه الفضولي أمة أو أو أخت امرأته أو خامسة أو معتدة أو مجنونة أو صغيرة يتيمة في دار الحرب، أو إذا لم يكن سلطان ولا قاض لعدم من يقدر على الامضاء في حالة العقد، فوقع باطلا حتى لو زال المانع بموت امرأته السابقة، وانقضاء عدة المعتدة فأجاز لا ينفذ، وأما إذا كان فيجب أن يتوقف لوجود من يقدر على الامضاء ا ه ملخصا. وقوله: وإما إذا كان: أي وجد سلطان أو قاض في مكان عقد الفضولي عن المجنونة أو اليتيمة، فيتوقف، أي وينفذ بإجازتها بعد عقلها أو بلوغها لان وجود المجيز حالة العقد، لا يلزم كونه من أولياء النسب كما تقدم في الباب السابق قبل قوله: وللولي إلا بعد التزويج بغيبة الأقرب. قوله: (ولابن العم الخ) هذه من فروع قوله: ويتولى طرفي النكاح واحد ليس بفضولي من جانب، فيتولاه هنا بالأصالة من جانبه والولاية من جانبها، ومثل الصغيرة المعتوهة والمجنونة، ولا يخفى أن المراد حيث لا ولي أقرب منه. قوله: (فلا بد من الاستئذان) أي إذا زوجها لنفسه لابد من استئذانها قبل العقد. قوله: (لا يجوز عندهما) لأنه تولى طرفي النكاح،
107 وهو فضولي من جانبها فلم يتوقف عندهما بل بطل ما مر، وإذا لم يتوقف لا ينفذ بالإجازة بعده بالسكوت أو الافصاح، وهذا إذا زوجها لنفسه كما قلنا، أما لو زوجها لغيره وبلا استئذان سابق، فسكتت بكرا أو أفصحت بالرضا ثيبا يكون إجازة، لأنه نعقد موقوفا لكونه لم يتول الطرفين بنفسه، بل باشر العقد مع غيره من أصيل، أو ولي أو وكيل أو فضولي فتكون المسألة حينئذ من فروع قوله: كنكاح فضولي. قوله: (جوهرة) جميع ما تقدم من قوله: ولابن العم إلى قوله: السلطان عبارة الجوهرة ح. قوله: (يعني بخلاف الصغيرة الخ) توضيحه أن قول الجوهرة: وكذا المولى الخ، إشارة إلى أن ذكر ابن العم أولا غير قيد، بل المراد به من له ولاية التزوج والتزويج، وظاهره أن هذا التعميم جاز في الصغيرة والكبيرة: أي يزوج الولي الصغيرة من نفسه، وكذا الكبيرة لكن بالاستئذان، وهذا صحيح في الكبيرة، أما الصغيرة فلا لأنه ليس للحاكم والسلطان أن يتزوجا صغيرة لا ولي لها غيرهما، لان فعلهما حكم فيتعين أن يكون قول الجوهرة: وكذا الخ، راجعا إلى قوله: فلو كبيرة لبيان تعميم الولي فيها فقط، وهذا معنى قول الشارح بخلاف الصغير كما مر: أي في الفروع من الباب السابق، في قوله: ليس للقاضي تزويج الصغيرة من نفسه الخ لكن بعد حمل كلام الجوهرة على هذا يبقى فيه إشكال آخر، وهو أن الحاكم والسلطان لا يزوجان الصغيرة لنفسهما، لان فعلهما حكم كما مر، وهذا لا يظهر في المولى المعتق فقرانه معهما في الذكر، وإن ظهر بالنسبة إلى الكبيرة لكنه يظهر بالنسبة إلى الصغيرة المفهومة من التقييد بالكبيرة، فلذا قال: فليحرر فافهم. والذي يظهر أنه لا مانع من تزوج المولى المعتق معتقته الصغيرة لنفسه حيث الأولى أقرب منه، لأنه حينئذ هو الولي المجبر فيكون أصيلا من جانبه وليا من جانبها كابن العم، فيكون داخلا تحت قولهم: يتولى طرفي النكاح واحد ليس بفضولي من جانب، ولا يعارض ذلك عبارة الجوهرة التي هي غير محررة، إذ لولا وجود المانع في الحاكم، وهو أن فعله حكم لكان داخلا تحت هذه القاعدة، ولا مانع في المولى، فيبقى داخلا تحتها، وأيضا لو كان المولى كالحاكم يلزم أن لا يملك تزويجها من ابنه ونحوه ممن لا تقبل شهادته له، ويخالفه ما في الفتح عن التجنيس: لو زوج القاضي الصغيرة التي هو وليها من ابنه لا يجوز كالوكيل، بخلاف سائر الأولياء لان تصرف القاضي حكم وحكمه لابنه لا يجوز، بخلاف تصرف الولي ا ه. فقوله بخلاف سائر الأولياء، يشمل المولى المعتق، فهذا صريح في أنه ليس كالقاضي. تنبيه: تقدم أن المعتق آخر العصبات وأن له ولاية التزويج، ولو كان امرأة ثم بنوه وإن سفلوا ثم عصبته من النسب على ترتيبهم كما في الفتح، وحيث علمت أن له تزويج الصغيرة لنفسه، فكذا بنوه وعصباته، وكذا لو كان امرأة تزوج معتقها الصغير لنفسها، والله تعالى أعلم. قوله: (من نفسه) في المغرب: زوجته امرأة وتزوجت امرأة، وليس في كلامهم تزوجت بامرأة ولا زوجت منه امرأة. قوله: (فإن له ذلك) أي تزويجها لنفسه بشرط أن يعرفها الشهود، أو يذكر اسمها واسم أبيها وجدها أو تكون حاضرة متنقبة، فتكفي الإشارة إليها. وعند الخصاف: لا يشترط كل ذلك، بل يكفي
108 قوله: زوجت نفسي من موكلتي، كما بسطه في الفتح والبحر، وقدمنا الكلام عليه عند قوله: وبشرط حضور شاهدين ثم إن قول الشارح: فإن له إخراج إعراب المتن عن أصله ولا يضر ذلك لأنه لم يغير اللفظ، وإنما زاده لاصلاح المتن، فإن قول المصنف كما للوكيل الكاف فيه للتشبيه بمسألة ابن العم، وما مصدرية أو كافة، وللوكيل خبر مقدم، والمصدر المنسبك من أن وصلتها مبتدأ مؤخر، واسم الإشارة بدل منه. وفيه أمران: الأول: إطلاق الوكيل مع أن المراد منه وكيل مقيد بأن يزوجها من نفسه. والثاني: إنه لا حاجة إلى زيادة اسم الإشارة فأصلح الشارح الأول بزيادة قوله: الذي وكلته. والثاني بزيادة قوله: فإن له وحينئذ فقوله: للوكيل خبر لمبتدأ محذوف تقديره: أن يزوج من نفسه، ولم يصرح به لدلالته التشبيه عليه، وقوله: الذي وكلته الخ نعت للوكيل، ولا يخفى حسن هذا السبك، نعم يمكن إصلاح كلام المتن بدونه بجعل اسم الإشارة مبتدأ، وللوكيل خبره له: إن يزوجها على تقدير الباء الجارة متعلق بالوكيل، وهذا وإن صح لكنه غير متبادر من هذا اللفظ، وعلى كل فلا خلل في كلام الشارح، فافهم. قوله: (من رجل) أي غير معين، وكذا المعين بالأولى. وفي الهندية عن المحيط: رجل وكل امرأة أن تزوجه فزوجت نفسها منه لا يجوز ا ه. قوله: (فزوجها من نفسه) وكذا لو زوجها من أبيه أو ابنه عند أبي حنيفة كما قدمناه عن البحر، لان الوكيل لا يعقد مع من لا تقبل شهادته له للتهمة. قوله: (لأنها الخ) يوهم الجواز لو زوجها من أبيه أو ابنه، وقد علمت أنه لا يجوز. قوله: (أو وكلته أن يتصرف في أمرها) لأنه لو أمرته بتزويجها لا يملك أن يزوجها من نفسه، فهذا أولى، هندية عن التجنيس. قلت: ومقتضى التعليل صحة تزويجها من غيره، وينبغي تقييده بالقرينة، وينبغي أنه لو قامت قرينة على إرادة تزويجها منه أنه يصح كما لو خطبها لنفسه فقالت: أنت وكيل في أموري. قوله: (أو قالت له) في غالب النسخ بأو، وفي بعضها بالواو، والأول هو الموافق لما في البحر وغيره، فهي مسألة ثانية. ونقل المصنف في المنح عن جواهر الفتاوى أنه يصح. قال البزدوي: لعل هذا القائل ذهب إلى أنها علمت من الوكيل أنه يريد تزويجها فحينئذ يجوز. قوله: (لم يصح) أي لم ينفذ بل يتوقف على إجازتها لأنه صار فضوليا من جانبها قوله: (والأصل الخ) بيانه أن قولها: وكلتك أن تزوجني من رجل، الكاف فيه للخطاب، فصار الوكيل معرفة وقد ذكرت رجلا منكرا والمعرف غيره، وكذا قولها: ممن شئت، فإنه بمعنى: أي رجل شئته. قوله: (وأحد العاقدين) هو العاقد لنفسه كما في البحر: أي سواء كان أصيلا أو وليا أو وكيلا فإنه عاقد لنفسه، بمعنى أنه غير فضولي. تأمل: وانظر ما لو كان فضوليا بأن كان كل من العاقدين فضوليين، والظاهر أن الشرط قيام المعقود لهما فقط. قوله: (أربعة أشياء) وهم العاقدان، والمبيع وصاحبه، ويزاد الثمن إن كان عرضا كما في البحر، فافهم. قوله: (كما سيجئ) أي في البيوع، قوله: (لا يملك نقص النكاح) أي لا قولا ولا
109 فعلا. قال في الخانية: العاقدون في الفسخ أربعة: عاقد لا يملك الفسخ قولا وفعلا وهو الفضولي، حتى لو زوج رجلا امرأة بلا إذنه ثم قال قبل إجازته فسخت لا ينفسخ، وكذا لو زوجه أختها يتوقف الثاني، ولا يكون فسخا للأول، وعاقد يفسخ بالقول فقط، وهو الوكيل بنكاح معينة إذا خاطب عنها فضولي، فهذا الوكيل يملك الفسخ بالقول، ولو زوجه أختها لا ينفسخ الأول. وعاقد يفسخ بالفعل فقط وهو الفضولي إذا زوج رجلا امرأة بلا إذنه ثم وكله الرجل أن يزوجه امرأة غير معينة فزوجه أخت الأول ينفسخ نكاح الأولى، ولو فسخه بالقول لا يصح. وعاقد يفسخ بهما وهو الوكيل بتزويج امرأة بعينها إذا زوجه امرأة خاطب عنها فضولي، فإن فسخه الوكيل أو زوجه أختها انفسخ. قوله: (بخلاف البيع) والفرق أنه بالبيع تلحقه العهدة، فله الرجوع كي لا يتضرر بخلاف النكاح فإن الحقوق ترجع إلى المعقود له. عمادية. قوله: (موافقته في المهر المسمى) قدمنا الكلام عليه عند قوله: بمعينة. قوله: (وحكم رسول كوكيل) قال في الفتح: ذكر في الرسول من مسائل أصل المبسوط قال: إذا أرسل إلى المرأة رسولا حرا أو عبدا صغيرا أو كبيرا فقال إن فلانا يسألك أن تزوجيه نفسك، فأشهدت أنها زوجته وسمع اليهود كلامهما: أي كلامها وكلام الرسول، فإن ذلك جائز إذا أقر الزوج بالرسالة أو قامت عليه بينة، فإن لم يكن أحدهما، فلا نكاح بينهما لان الرسالة لما لم تثبت كان الآخر فضوليا، ولم يرض الزوج بصنعه. ولا يخفى أن مثل هذا بعينه في الوكيل، ثم ذكر فروعا كلها تجري في الوكيل ا ه. وقدمنا أول النكاح أحكام التزوج بإرسال الكتاب، والله تعالى أعلم. باب المهر لما فرغ من بيان ركن النكاح وشرطه شرع في بيان حكمه، وهو المهر، فإن مهر المثل يجب بالعقد فكان حكما، كذا في العناية، واعترضه في السعدية بأن المسمى من أحكامه أيضا. وأجاب في النهر بأنه إنما خص مهر المثل لان حكم الشئ هو أثره الثابت به، والواجب بالعقد إنما هو مهر المثل، ولذا قالوا: إنه الموجب الأصلي في باب النكاح، وأما المسمى، فإنما قام مقامه للتراضي به، ثم عرف المهر في العناية بأنه اسم للمال الذي يجب في عقد النكاح على الزوج في مقابلة البضع، إما بالنسبة أو بالعقد، واعترض بعد شموله للواجب بالوطئ بشبهة، ومن ثم عرفه بعضهم بأنه اسم لما تستحقه المرأة بعقد النكاح أو الوطئ. وأجاب في النهر بأن المعروف مهر هو حكم النكاح بالعقد. تأمل. قوله: (ومن أسمائه الخ) أفاد أن له أسماء غيرها كالاجر والعلائق والحباء. قال في النهر: وقد جمعها بعضهم بقوله: صداق ومهر نحلة وفريضة حباء وأجر ثم عقر علائق لكنه لم يذكر العطية والصدقة. قوله: (وفي استيلاد الجوهرة) أي في باب الاستيلاد من الجوهرة نقلا عن الامام السرخسي. قوله: (في الحرائر مهر المثل) سيأتي تفسيره وتفصيله. قوله: (وفي الإماء الخ) أي عشر قيمة الأمة إن كانت بكرا ونصف عشر قيمتها إن كانت ثيبا، والظاهر أنه
110 يشترط عدم نقصان العشر أو نصفه عن عشرة دراهم، فإن نقص وجب تكميله إلى العشرة لان المهر لا ينقص عن عشرة، سواء كان مهر المثل أو مسمى ح. قلت: وقال في الفيض بعد نقله ما ذكره الشارح عن بعض المحققين: وقيل في الجواري ينظر إلى مثل تلك الجارية جمالا ومولى بكم تتزوج، فيعتبر بذلك وهو المختار ا ه. والظاهر أن هذا هو المراد من قوله الآتي عند ذكر مهر المثل أن مهر الأمة بقدر الرغبة فيها وفي باب نكاح الرقيق من الفتح: العقر هو مهر مثلها في الجمال: أي ما يرغب به في مثلها جمالا فقط. وأما ما قيل: ما يستأجر به مثلها للزنى لو جاز فليس معناه، بل العادة أن ما يعطى لذلك أقل مما يعطى مهرا، لان الثاني للبقاء بخلاف الأول. قوله: (لحديث البيهقي وغيره) رواه البيهقي بسند ضعيف، ورواه ابن أبي حاتم. وقال الحافظ ابن حجر: إنه بهذا الاسناد حسن كما في فتح القدير في باب الكفاءة. قوله: (ورواية الأقل الخ) أي ما يدل بحسب الظاهر من الأحاديث المروية على جواز التقدير بأقل من عشرة، وكلها مضعفة إلا حديث التمس ولو خاتما من حديد يجب حملها على أنه المعجل، وذلك لان العادة عندهم تعجيل بعض المهر قبل الدخول، حتى ذهب بعض العلماء إلى أنه لا يدخل بها حتى يقدم شيئا لها تمسكا بمنعه (ص) عليا أن يدخل بفاطمة رضي الله تعالى عنهما حتى يعطيها شيئا، فقال: يا رسول الله ليس لي شئ، فقال: أعطها درعك، فأعطاها درعه رواه أبو داود والنسائي، ومعلوم أن الصداق كان أربعمائة درهم وهي فضة، لكن المختار الجواز قبله لما روت عائشة رضي الله عنها قالت: أمرني رسول الله (ص) أن أدخل امرأة على زوجها قبل أن يعطيها شيئا رواه أبو داود. فيحمل المنع المذكور على الندب: أي ندب تقديم شئ إدخالا للمسرة عليها تألفا لقلبها، وإذا كان ذلك معهودا وجب حمل ما خالف ما رويناه عليه جمعا بين الأحاديث، وهذا وإن قيل إنه خلاف الظاهر في حديث التمس ولو خاتما من حديد لكن يجب المصير إليه، لأنه قال فيه بعده زوجتكها بما معك من القرآن فإن حمل على تعليمه إياها ما معه أو نفى المهر بالكلية عارض كتاب الله تعالى وهو قوله تعالى: * (أن تبتغوا بأموالكم) * (سورة النساء: الآية 41) فقيد الاحلال بالابتغاء بالمال، فوجب كون الخبر غير مخالف له، وإلا لم يقبل لأنه خبر واحد، وهو لا ينسخ القطعي في الدلالة. وتمام ذلك مبسوط في الفتح. قوله: (فضة) تمييز منصوب أو مجرور، فدراهم تمييز لعشرة وفضة تمييز لدراهم على أن المراد بها آلة الوزن. قوله: (وزن) بالرفع صفة عشرة، وبالنصب حال على تقدير ذات وزن ط. قوله: (سبعة مثاقيل) هو أن يكون كل درهم أربعة عشر قيراطا. شرنبلالية. قوله: (مضروبة كانت أو لا) فلو سمى عشرة تبرا أو عرصا قيمته عشرة تبرا لا مضروبة صح، وإنما تشترط المصكوكة في نصاب السرقة للقطع تقليلا لوجود الحد. بحر. قوله: (ولو دينا) أي في ذمتها أو في ذمة غيرها. أما الأول فظاهر، وأما الثاني فكما لو تزوجها على عشرة له على زيد فإنه يصح، وتأخذها من أيهما شاءت، فإن ابتعت المديون أجبر الزوج على أن يوكلها بالقبض منه كما في النهر: أي لئلا يلزم تمليك الدين من غير من عليه الدين ا ه ح. لكن إذا أضيف النكاح إلى دراهم في ذمتها تعلق بالعين لا بالمثل، بخلاف ما إذا كان في ذمة غيرها فإنه يتعلق بالمثل لئلا يكون تمليك الدين من غير من عليه الدين، وبيان ذلك في الذخيرة. قوله: (أو عرضا) وكذا لو
111 منفعة كسكنى داره، وركوب دابته وزراعة أرضع حيث علمت المدة كما في الهندية. قلت: ولا بد من كونها مما يستحق المال بمقابلتها ليخرج ما يأتي من عدم صحة التسمية في خدمة الزوج الحر لها وتعليم القرآن. قوله: (قيمته عشرة وقت العقد) أي وإن صارت يوم التسليم ثمانية، فليس لها إلا هو، ولو كان على عكسه لها العرض المسمى ودرهمان، ولا فرق في ذلك بين الثوب والمكيل والموزون، لان ما جعل مهرا لم يتغير في نفسه، وإنما التغير في رغبات الناس. بحر عن البدائع. قوله: (أما في ضمانها الخ) يعني أما الحكم في ضمانها الخ، وذلك كما لو تزوجها على ثوب وقيمته عشرة فقبضته وقيمته عشرون، وطلقها قبل الدخول والثوب مستهلك ردت عشرة، لأنه إنما دخل في ضمانها بالقبض فتعتبر قيمته يوم القبض. بحر عن المحيط. والهلاك كافستهلاك، لأنها إذا لم تؤاخذ بما زاد في قيمته بعد القبض في الاستهلاك، ففي الهلاك بالأولى، وأفاد أنه لو قائما تعتبر قيمته يوم الطلاق لا يوم القبض، وأنه ليس له أخذه منها ليعطيها نصف قيمته، بل إن كان مما لا يتعيب بالقسمة كمكيل وموزون أخذ نصفه، وإلا بقي مشتركا بعد القضاء أو الرضا، لما سيأتي من أنه لو كان مسلما لها لم يبطل ملكها، ويتوقف عوده إلى ملكه على القضاء أو الرضا حتى ينفذ تصرفها فيه قبل ذلك لا تصرفه، كذا أفاده السيد محمد أبو السعود، وأفاد أيضا أنها لو أرادت أن تعطيه نصف قيمته، فالظاهر أنه يجبر على القبول. قلت: وفيه نظر لأنه قبل القضاء أو الرضا لا وجه لإجباره، لان له ترك المطالبة بالكلية، وكذا بعده إذا صار مشتركا لا وجه لإجباره على قبول قيمة حصته، فافهم. قوله: (وتجب العشرة إن سماها الخ) هذا إن لم تكسد الدراهم المسماة، فلو كسدت وصار النقد غيرها فعليه قيمتها يوم كسدت على المختار، بخلاف البيع حيث يبطل بكساد الثمن. فتح. قوله: (ويجب الأكثر) أي بالغا ما بلغ، فالتقدير بالعشرة لمنع النقصان (ويتأكد) أي الواجب من العشرة أو الأكثر، وأفاد أن المهر وجب بنفس العقد لكن مع احتمال سقوطه بردتها أو تقبيلها ابنه أو تنصفه بطلاقها قبل الدخول، وإنما يتأكد لزوم تمامه بالوطئ ونحوه، وبه ظهر أن ما في الدرر من أن قوله: عند وطئ متعلق بالوجوب غير مسلم، كما أفاده في الشرنبلالية. قال في البدائع: وإذا تأكد المهر بما ذكر لا يسقط بعد ذلك، وإن كانت الفرقة من قبلها لان البدل بعد تأكده لا يحتمل السقوط إلا بالابراء، كالثمن إذا تأكد بقبض المبيع ا ه. قوله: (صحت) احتراز عن الخلوة الفاسدة كما سيأتي بيانها. قوله: (من الزوج) متعلق بقوله: وطئ أو خلوة على التنازع لا بقوله: صحت حتى يرد أن شروط الصحة ليست من جانبه فقط، فافهم. قوله: (أو تزوج ثانيا) هذا مؤكد رابع زاده في البحر بحثا بقوله: وينبغي أن لا يزاد رابع، وهو وجوب العدة عليها منه فيما لو طلقها بائنا بعد الدخول، ثم تزوجها في العدة وجب كمال المهر الثاني بدون الخلوة والدخول، لان وجوب العدة عليها فوق الخلوة ا ه. وأقره في النهر، وفيه بحث فإنه يمكن إدخاله فيما قبله، وهو الوطئ لما سيأتي في باب العدة من أنه في هذه الصورة يجب عليه مهر تام، وعليها عدة مبتدأة لأنها مقبوضة في يده بالوطئ الأول لبقاء أثره وهو العدة، وهذه إحدى المسائل العشرة المبنية على أن الدخول في النكاح الأول
112 دخول في الثاني. قوله: (أو إزالة بكارتها الخ) هذا مؤكد خامس زاده في البحر أيضا حيث قال: ينبغي أن يزاد خامس وهو ما لو أزال بكارتها بحجر ونحوه فإن لها كمال المهر كما صرحوا به، بخلاف ما إذا أزالها بدفعة فإنه يجب النصف لو طلقها قبل الدخول، ولو دفعها أجنبي فزالت بكارتها وطلقت قبل الدخول وجب نصف المسمى على الزوج، وعلى الأجنبي نصف صداق مثلها ا ه. وأقره في النهر أيضا، وفيه بحث أيضا، فإن الذي يظهر لي دخول هذا فيما قبله وهو الخلوة، لان العادة أن إزالة البكارة بحجر ونحوه كأصبع إنما تكون في الخلوة، فلذا وجب كل المهر، بخلاف إزالتها بدفعة، فإن المراد حصولها في غير خلوة، ثم رأيت ما يفيد ذلك في جنايات الفتاوى الهندية عن المحيط حيث قال: ولو دفع امرأته ولم يدخل بها فذهبت عذرتها ثم طلقها فعليه نصف المهر، ولو دفع امرأة الغير وذهبت عذرتها ثم تزوجها ودخل وجب لها مهران ا ه: أي مهر بالدخول بحكم النكاح ومهر بإزالة العذرة بالدفع كما في جنايات الخانية، فقوله: ولو دفع امرأته ولم يدخل بها ذكر مثله في جنايات الخانية، ومثله في الفتح هنا، وهو صريح فيما قلناه في مسألة الدفع ومشير إلى أن مسألة الحجر في الخلوة، إذ لا يظهر الفرق بين مجرد إزالتها بحجر أو دفعة، ويدل عليه أن المفاد من إيجاب نصف المهر في مسألة الدفع أن الزوج لا ضمان عليه في إزالة بكارة الزوجة بأي سبب كان، لان وجوب نصف المهر عليه إنما هو بحكم الطلاق قبل الدخول، وإلا لوجب عليها مهر آخر لازالتها بالدفع كما في مسألة امرأة الغير. وبه علم أن لزوم كمال المهر فيما لو أزالها بحجر إنما هو بحكم الطلاق بعد الخلوة لا بسبب إزالتها بالحجر، وإلا لكان الواجب عليه مهرين، حتى لو كان قد ضربها بحجر بدون خلوة فأزال بكارتها لا يلزمه شئ لإزالة البكارة، فإذا طلقها قبل الخلوة أيضا فعليه نصف المهر بحكم الطلاق كما في مسألة الدفع. ويدل أيضا على ما قلنا من عدم الفرق بين إزالتها بحجر أو دفع أنه صرح في الخانية بأنه لو دفع بكرا أجنبية صغيرة أو كبيرة فذهبت عذرتها لزمه المهر وذكر مثله فيما لو أزالها حجر أو نحوه، فلم يفرق بين الدفع والحجر في الأجنبية، فعلم أن الفرق بينهما في الزوجة من حيث الخلوة وعدمها إذ لا شئ على الزوج في مجرد إزالتها بالدفع لملكه ذلك بالعقد فلا وجه لضمانه به، بخلاف الأجنبي، وحيث لم يلزمه شئ بمجرد الدفع لا يلزمه شئ أيضا بمجرد إزالتها بالحجر ونحوه، إذ لا فرق بين آلة وآلة في هذه الإزالة فالدفع غير قيد. ثم رأيت في جنايات أحكام الصغار صحر بأن الزوج لو أزال عذرتها بالإصبع لا يضمن ويعزر ا ه. ومقتضاه أنه مكروه فقط، وهل تنتفي الكراهة بسبب العجز عن الوصول إليها بكرا؟ الظاهر لا، فإنه يكن عنينا بذلك، ويكون لها حق التفريق، ولو جاز ذلك لما ثبتت عنته بذلك العجز والله أعلم، فافهم. قوله: (فعلى الأجنبي أيضا) أي كما أن على الزوج نصف المسمى كما مر عن البحر. قوله: (إن طلقت) أي طلقها زوجها. قوله: (نهر بحثا) راجع إلى قوله: وإلا فكله وذلك حيث قال: وفي جامع الفصولين تدافعت جارية مع أخرى فزالت بكارتها وجب عليه مهر المثل ا ه. وهو بإطلاقه يعم لو كانت المدفوعة متزوجة فيستفاد منه وجوبه على الأجنبي كاملا فيما إذا لم يطلقها الزوج قبل الدخول فتدبره. انتهى كلام النهر. وفيه: أن عبارة جامع الفصولين
113 تدل على وجوب كمال مهر المثل مطلقا من غير تفصيل بين ما إذا طلقها قبل الدخول أو لم يطلقها كما لا يخفى، وحينئذ يعارض إيجابهم نصف مهر المثل على الأجنبي فيما إذا طلقها الزوج قبل الدخول ا ه ح. وما في جامع الفصولين هو المذكور في الخانية والبزازية وغيرهما وهو الوجه لما علمت من أن إزالة البكارة من أجنبي غير الزوج توجب مهر المثل على المزيل، سواء كانت بدفع أو حجر، وذلك لا ينافي وجوب نصف المسمى على الزوج بطلاقها قبل الدخول، لاختلاف السبب. فإن سبب إيجاب المهر كاملا على الدافع الجناية، وسبب إيجاب النصف على الزوج الطلاق، ولو كان ما وجب على الزوج منقصا للجناية، حتى أوجب النصف على الجاني لزم أن لا يجب على الجاني شئ إذا طلقها الزوج بعد الخلوة الصحيحة لوجوب المهر كاملا على الزوج. هذا، وفي المنح عن جواهر الفتاوى: ولو افتض مجنون بكارة امرأة بأصبع، فقد أشار في المبسوط والجامع الصغير: إذا افتضها كرها بأصبع أو حجر أو آلة مخصوصة حتى أفضاها فعليه المهر، ولكن مشايخنا يذكرون أن هذا وقع سهوا، فلا يجب إلا بالآلة الموضوعة لقضاء الشهوة والوطئ، ويجب الأرش في ماله ا ه. قلت: وهذا مشكل فإن الافتضاض: إزالة البكارة، والافضاء خلط مسلكي البول والغائط والمشهور في الكتب المعتمدة المتداولة أن موجب الأول مهر المثل، ولو بغير آلة الوطئ كما علمته مما قدمناه، وموجب الثاني الدية كاملة إن لم تستمسك البول، وإلا فثلثها لأنها جراحة جائفة، وهذا لو من أجنبي، فلو من الزوج لم يجب في الأول ضمان كما مر، وكذا في الثاني عندهما خلافا لأبي يوسف حيث جعل الزوج فيه كأجنبي، واعتمده ابن وهبان لتصريحهم بين الواجب في سلس البول الدية، ورده الشرنبلالي في شرح الوهبانية بأن هذا في غير الزوج، وأطال في ذلك، والله تعالى أعلم. قوله: (ويجب نصفه) أي نصف المهر المذكور، وهو العشرة أن سماها أو دونها، أو الأكثر منها إن سماه، والمتبادر التسمية وقت العقد، فخرج ما فرض أو زيد بعد العقد فإنه لا ينصف كالمتعة كما سيأتي. وفي البدائع: ولو شرط مع المسمى ما ليس بمال بأن تزوجها على ألف درهم وعلى أن يطلق امرأته الأخرى أو على أن لا يخرجها من بلدها ثم طلقها قبل الدخول فلها نصف المسمى، وسقط الشرط لأنه إذا لم يف به يجب تمام مهر المثل ومهر المثل لا يثبت بالطلاق قبل الدخول فسقط اعتباره فلم يبق إلا المسمى فينتصف، وكذلك إن شرط مع المسمى شيئا مجهولا كأن يهدي لها هدية، ثم طلقها قبل الدخول فلها نصف المسمى، لأنه إذا لم يف بالهدية يجب مهر المثل، ولا مدخل لمهر المثل في الطلاق قبل الدخول فيسقط اعتبار هذا الشرط، وكذا لو تزوجها على ألف أو على ألفين حتى وجب مهر المثل انتهى. قوله: (بطلاق) الباء للمصاحبة لا للسببية، لما مر من أن الوجوب بالعقد. أفاده في الشرنبلالية، ولو قال بكل فرقة من قبله لشمل مثل ردته وزناه وتقبيله ومعانقته لام امرأته وبنتها قبل الخلوة. قهستاني عن النظم. قوله: (قبل وطئ أو خلوة) هو معنى قول الكنز: قلب الدخول، فإن الدخول يشمل الخلوة أيضا، لأنها دخول حكما كما في البحر عن المجتبى، وسيأتي متنا أن القول لها لو ادعت الدخول وأنكره لأنها تنكر سقوط النصف. قوله: (فلو كان نكحها الخ) تفريع على قوله: ويجب نصفه الشامل للعشر فيما لو سمى ما دونها كما قررناه،
114 فافهم. قوله: (ودرهمان ونصف) لأنه لما سمى ما قيمته دون العشرة لزم خمسة أخرى تكملة العشرة لما طلقها قبل الدخول كان لها نصف المسمى ونصف التكملة. قوله: (وعاد النصف إلى ملك الزوج) أي لو كان تبرع به عنه آخر، وإذا كانت الفرقة قبل الدخول من قبلها عاد إليه الكل. قال في البحر عن القنية: لو تبرع بالمهر عن الزوج ثم طلقها قبل الدخول، أو جاءت الفرقة من قبلها يعرف نصف المهر في الأول والكل في الثاني إلى ملك الزوج، بخلاف المتبرع بقضاء الدين إذا ارتفع السبب يعود إلى ملك القاضي إن كان بغير أمره قوله: (بمجرد الطلاق) أي بالطلاق المجرد عن القضاء والرضا. قوله: (إذا لم يكن مسلما لها) وكذا إذ كان دينا لم تقبضه، فإنه يسقط نصف المسمى بالطلاق، ويبقى النصف كما في البدائع. قوله: (بل توقف عوده) أي عود النصف إلى ملكه، لأن العقد وإن انفسخ بالطلاق فقد بقي القبض بالتسليط الحاصل بالعقد، وأنه من أسباب الملك، فلا يزول الملك إلا بالفسخ من القاضي، لأنه فسخ لسبب الملك أو بتسليمها، لأنه نقض للقبض حقيقة. بدائع. قوله: (عبدا لمهر) مفعول لعتق والمراد نصفه، وكذا كله بالأولى، إذ لا حق له في النصف الآخر. قوله: (بعد طلاقها قبله) الظرفان متعلقان بعتق. قوله: (ونحوه) المراد به الرضا ا ه ح. قوله: (لعدم ملكه قبله) أي قبل القضاء ونحوه، حتى لو قضى القاضي بعد العتق بالنصف له لا ينفذ ذلك العتق، لأنه عتق سبق ملكه كالمقبوض بشراء فاسد إذا أعقته البائع، ثم رد عليه لا ينفذ ذلك العتق الذي كان قبل الرد. فتح. قوله: (ونفذ تصرف المرأة) من جملة المفرغ على قوله: بل توقف الخ ط. وشمل التصرف العتق والبيع والهبة، وقوله قبله: أي قبل القضاء ونحوه. قوله: (وعليها صنف قيمة الأصل الخ) لأنه إذا نفذ تصرفها فقد تعذر عليها رد النصف بعد وجوبه فتضمن نصف قيمته للزوج يوم قبضت. بحر: أي لأنه بالقبض دخل في ضمانها. قوله: (لان زيادة المهر) تعليل لما استفيد من التقييد بالأصل، وهو أن المهر لو زاد بعد القبض لا تضمن الزيادة، لكن في المسألة تفصيل، لان الزيادة في المهر إما متصلة متولدة من الأصل كسمن الجارية وجمالها وأثمار الشجر، أو غير متولدة كصبغ الثوب والبناء في الدار، أو منفصلة متولدة كالولد والثمر إذ جذ أو غير متولدة كالكسب والغلة، وكل إما أن يكون قبل القبض فينتصف إلا الغير المتولدة بقسميها، أو بعده فلا يتنصف، فالأقسام ثمانية كما في النهر وغيره. والحاصل أن الزيادة لا تنتصف، بل تسلم للزوجة إذا حدثت بعد القبض مطلقا أو قبله إن كانت غير متولدة متصلة ومنفصلة، فكان الأولى للشارح أن يقول: لان الزيادة المتولدة قبل القبض تنتصف دون غيرها. ثم اعلم أن هذا كله إذا حدثت الزيادة قبل الطلاق، فلو بعده، فإن كانت قبل القبض تنصفت كالأصل، وإن بعد القبض، فإن كان بعد القضاء للزوج بالنصف فكذلك، وإلا فالمهر في يدها
115 كالمقبوض بعقد فاسد لأنه فسد ملكها النصف بالطلاق كما في البدائع. وبقي مسائل نقصان المهر، وهو خمس وعشرون صورة مذكورة في البحر والنهر. قوله: (قبل القبض) ظرف لقوله: تتنصف والواقع في النهر وغيره جعله ظرفا للزيادة، فإن المؤدى واحد ط. قلت: ويصح جعل الظرف متعلقا بمحذوف حال من زيادة، فتتحد العبارتان. مطلب: نكاح الشغار قوله: (في الشغار) بكسر الشين مصدر شاغر ا ه ح. قوله: (هو أن يزوجه الخ) قال في النهر: وهو أن يشاغر الرجل: أي يزوجه حريمته على أن يزوجه الآخر حريمته ولا مهر إلا هذا، كذا في المغرب: أي على أن يكون بضع كل صداقا عن الآخر، وهذا القيد لابد منه في مسمى الشغار، حتى لو لم يقل ذلك ولا معناه بل قال زوجتك بنتي على أن تزوجني بنتك فقبل، أو على أن يكون بضع بنتي صداقا لبنتك فلم يقبل الآخر بل زوجه بنته ولم يجعلها صداقا لم يكن شغارا بل نكاحا صحيحا اتفاقا، وإن وجب مهر المثل في الكل، لما أنه سمى مالا يصلح صداقا. وأصل الشغور: الخلو، يقال بلدة شاغرة: إذا خلت عن السكان، والمراد هنا الخلو عن المهر، لأنهما بهذا الشرط كأنهما أخليا البضع عنه. نهر. قوله: (معاوضة بالعقدين) المراد بالعقد المعقود عليه وهو البضع كما في الحواشي السعدية: أي على أن يكون كل بضع عوض الآخر مع القبول من العاقد الآخر كما يشير إليه لفظ المفاعلة، فاحترز عما إذا لم يصرح بكون كل بضع عوض البضع للآخر، أو صرح به أحدهما وقال الآخر زوجتك بنتي كما مر. قوله: (وهو منهي عنه لخلوه عن المهر الخ) جواب عما أورده الشافعي من حديث الكتب الستة مرفوعا من النهي عن نكاح الشغار، والنهي يقتضي فساد المنهى عنه. والجواب أن متعلق النهي مسمى الشغار المأخوذ في مفهومه خلوه عن المهر وكون البضع صداقا، ونحن قائلون بنفي هذه الماهية وما يصدق عليها شرعا، فلا نثبت النكاح كذلك بل نبطله، فيبقى نكاحا مسمى فيه ما لا يصلح مهرا فينعقد موجبا لمهر المثل كالمسمى فيه خمر أو خنزير، فما هو متعلق النهي لم نثبته، وما أثبتناه لم يتعلق به، بل اقتضت العمومات صحته، وتمامه في الفتح. زاد الزيلعي: أو هو: أي النهي محمول على الكراهة ا ه: أي والكراهة لا توجب الفساد. وحاصله أنه مع إيجاب مهر المثل لم يبق شغارا حقيقة، وإن سلم فالنهي على معنى الكراهة، فيكون الشرع أوجب فيه أمرين: الكراهة، ومهر المثل، فالأول مأخوذ من النهي، والثاني من الأدلة الدالة على أن ما سمي فيه ما لا يصلح مهرا ينعقد موجبا لمهر المثل، وهذا الثاني دليل على حمل النهي على الكراهة دون الفساد، وبهذا التقرير اندفع ما أورد من أن حمله على الكراهة يقتضي أن الشغار الآن غير منهي عنه لإيجابنا فيه مهر المثل. وجه الدفع أنه إذا حمل النهي على معنى الفساد فكونه غير منهي الآن. أي بعد إيجاب مهر المثل مسلم. وإن حمل على معنى الكراهة فالنهي باق، فافهم. قوله: (وفي خدمة زوج حر) أي يجب مهر المثل عندهما في جعله المهر خدمته إياها سنة. وقال محمد: لها قيمة الخدمة قيد
116 بالخدمة، لأنه لو تزوجها على سكنى داره أو ركوب دابته أو الحمل عليها أو على أن تزرع أرضه ونحو ذلك من منافع الأعيان مدة معلومة صحت التسمية، لأن هذه المنافع مال أو ألحقت به للحاجة. نهر عن البدائع. واحترز بالحر عن العبد كما يأتي في قوله: ولها خدمته لو عبدا وزاد قوله: أو أمة لقول النهر: إن الظاهر من كلامهم أنه لا فرق بينها وبين الحرة، بل التنافي المعلل به أقوى في الأمة منه في الحرة. قوله: (سنة) إنما ذكره لتوهم صحة التسمية بتعيين المدة، فإذا لم تصح في المعينة ففي المجهولة بالأولى ط. قوله: (لان فيه قلب الموضوع) لان موضوع الزوجية أن تكون هي خادمة له لا بالعكس، فإنه حرام لما فيه من الإهانة والاذلال كما يأتي، فقد سمى ما لا يصلح مهرا فصح العقد ووجب مهر المثل. قال في النهر: واختلفت الروايات في رعي غنمها وزراعة أرضها للتردد في تمحضها خدمة وعدمه، فعلى رواية الأصل والجامع: لا يجوز، وهو الأصح. وروى ابن سماعة أنه يجوز، ألا ترى أن الابن لو استأجر أباه للخدمة لا يجوز، ولو استأجره للرعي والزراعة يصح، كذا في الدراية، وهذا شاهد قوي، ومن هنا قال المصنف في كافيه بعد ذكر رواية الأصل: الصواب أن يسلم لها إجماعا ا ه. قوله: (كذا قالوا) الأولى إسقاطه لان عادتهم في مثل هذه العبارة تضعيف القول والتبري عنه، وهو غير مراد هنا. تأمل. قوله: (ومفاده الخ) البحث لصاحب النهر. قال الرحمتي: والظاهر أن وليها يضمن لها حينئذ قيمة الخدمة، بخلاف سيدها لأنه المستحق لمهر أمته. والظاهر هنا الاتفاق على صحة التزويج بخلاف خدمته لها ا ه. قلت: لكن في البحر عن الظهيرية، لو تزوجها على أن يهب لأبيها ألف درهم لها مهر المثل وهب له أو لا، فإن وهب كان له أن يرجع في هبته ا ه. ومقتضاه وجوب مهر المثل في خدمة وليها وعدم لزوم الخدمة، وكذا في مثل قصة شعيب عليه السلام، ولو فعل الزوج ما سمى ينبغي أن يجب له أجر المثل على وليها، كما قالوا فيما لو قال له اعمل معي في كرمي لا زوجك ابنتي فعمل ولم يزوجه: له أجر المثل. تأمل. قوله: (كقصة شعيب) فإنه زوج موسى عليهما السلام بنته على أن يرعى له غنمه ثماني سنين، وقد قصه الله تعالى علينا بلا إنكار، فكان شرعا لنا. وقد استدل بهذه القصة على ترجيح ما مر من رواية الجواز في رعي غنمها. ورده في الفتح بأنه إنما يلزم لو كانت الغنم ملك البنت دون شعيب وهو منتف ا ه. وتبعه في البحر. ومفاده صحة الاستدلال بها على الجواز في رعي غنم الأب. قوله: (على خدمة عبده) أي عبد الزوج: أي خدمة عبده إياها، فالمصدر مضاف لفاعله، وكذا ما بعده. قوله: (أو حر آخر برضاه) في الغاية عن المحيط: لو تزوجها على خدمة حر آخر فالصحيح صحته، وترجع على الزوج بقيمة خدمته ا ه. قال في الفتح: وهذا يشير إلى أنه لا يخدمها، فإما لأنه أجنبي لا يؤمن الانكشاف عليه مع مخالطته للخدمة، وإما أن يكون مراده إذا كان بغير أمر ذلك الحر، ثم قال بعد كلام: ويجب أن ينظر، فإن لم يكن بأمره ولم يجزه وجب قيمة الخدمة، وإن بأمره فإن كانت خدمة معينة تستدعي مخالطة لا يؤمن معها الانكشاف والفتنة وجب أن تمنع وتعطي هي قيمتها، أو لا تستدعي ذلك وجب تسليمها وإن كانت غير معينة
117 بل تزوجها على منافع ذلك الحر حتى تصير أحق بها لأنه أجير وحد (1)، فإن صرفته في الأول فكالأول، أو في الثاني فكالثاني ا ه: أي إن صرفته واستخدمته في النوع الأول وهو ما يستدعي المخالطة فكالأول من المنع وإعطاء قيمة الخدمة، وإن استخدمته بما لا يستدعي ذلك فحكمه كالثاني من وجوب تسليم الخدمة. قوله: (وفي تعليم القرآن) أي يجب مهر المثل فيما لو تزوجها على أن يعلمها القرآن أو نحوه من الطاعات، لان المسمى ليس بمال. بدائع: أي لعدم صحة الاستئجار عليها عند أئمتنا الثلاثة. قوله: (وباء زوجتك بما معك) أي الوارد في حديث سهل بن سعد الساعدي (2) من قوله (ص): التمس ولو خاتما من حديد، فالتمس فلم ير شيئا، فقال عليه الصلاة والسلام: هل معك شئ من القرآن؟ قال: نعم سورة كذا وسورة كذا، السور سماها، فقال عليه الصلاة والسلام: قد ملكتكها بما معك من القرآن ويروي أنكحتكها وزوجتكها ح عن الزيلعي. قوله: (للسببية أو للتعليل) أي بسبب لأجل أنك من أهل القرآن، فليست الباء متعينة للعوض. قوله: (لكن في النهر) أصله لصاحب البحر حيث قال: وسيأتي إن شاء الله تعالى في كتاب الإجارات أن الفتوى على جواز الاستئجار لتعليم القرآن والفقه، فينبغي أن يصح تسميته مهرا، لان ما جاز أخذ الأجرة في مقابلته من المنافع جاز تسميته صداقا كما قدمنا، نقله عن البدائع، ولهذا ذكر في فتح القدير هنا أنه لما جوز الشافعي أخذ الأجر على تعليم القرآن صحح تسميته مهرا، فكذا نقول: يلزم على المفتى به صحة تسميته صداقا، ولم أر من تعرض له، والله الموفق للصواب ا ه. واعترضه المقدسي بأنه لا ضرورة تلجئ إلى الصحة تسميته، بل تسمية غيره تغني، بخلاف الحاجة إلى تعليمك القرآن فإنها تحققت للتكاسل عن الخيرات في هذا الزمان ا ه. وفيه أن المتأخرين أفتوا بجواز الاستئجار على التعليم للضرورة كما صرحوا به، ولهذا لم يجز على ما لا ضرورة فيه كالتلاوة ونحوها، ثم الضرورة إنما هي علة لأصل جواز الاستئجار، ولا يلزم وجودها في كل فرد من أفراده، وحيث جاز على التعليم للضرروة صحت تسميته مهرا لان منفعته تقابل بالمال كسكنى الدار، ولم يشترط أحد وجود الضرورة في المسمى، إذ يلزم أن يقال مثله في تسمية السكنى، مثلا أن تسمية غيرها تغني عنها، مع أن الزوجة قد تكون محتاجة إلى التعليم دون السكنى والمال. واعترض أيضا في الشرنبلالية بأنه لا يصح تسمية التعليم لأنه خدمة لها وليست من مشترك مصالحهما: أي بخلاف رعي غنمها وزراعة أرضها، فإن وإن كان خدمة لها لكنه من المصالح المشتركة بينه وبينها وأجاب تلميذه الشيخ عبد الحي بأن الظاهر عدم تسليم كون التعليم خدمة لها فليس كل خدمة لا تجوز، وإنما يمتنع لو كانت الخدمة للترذيل. قال ط: وهو حسن، لان معلم القرآن لا يعد خادما للمتعلم شرعا ولا عرفا ا ه. قلت: ويؤيده أنهم لم يجعلوا استئجار الابن أباه لرعي الغنم والزراعة خدمة، ولو كان رعى
(1) قوله: (وحد) كذا بالأصل المقابل على خط المؤلف، والذي في حاشية العلامة الطحاوي: وحينئذ وهو الظاهر، فليراجع ا ه مصححه. (2) قوله: (سعد الساعدي) في صحيح البخاري: عن سهل بن سعد الساعدي فسقط هنا لفظ سهل بن، ا ه مصححه. 118 الغنم خدمة أرذيلة لم يفعله نبينا وموسى عليهما الصلاة والسلام، بل هو حرفة كباقي الحرف الغير المسترذلة يقصد بها الاكتساب، فكذا التعليم لا يسمى خدمة بالأولى. تنبيه: قال في النهر: والظاهر أنه يلزمه تعليم كل القرآن إلا إذا قامت قرينة على إرادة البعض، والحفظ ليس من مفهومه كما لا يخفى ا ه: أي فلا يلزمه تعليمه على وجه الحفظ عن ظهر قلبها. قوله: (ولها خدمته) لان الخدمة إذا كانت بإذن المولى صار كأنه يخدم المولى حقيقة. بحر. فليس فيه قلب الموضوع ا ه ح ولان استخدام زوجته إياه ليس بحرام، لأنه عرضة للاستخدام والابتذال لكونه مملوكا ملحقا بالبهائم. بدائع. قوله: (مأذونا في ذلك) أي في التزوج على خدمته، فلو بلا إذن مولاه لم يصح العقد. قوله: (أما الحر) أي الزوج الحر. قوله: (فخدمته لها حرام) أي إذا خدمها فيما يخصها على الظاهر ولو من غير استخدام، يدل على ذلك عطف الاستخدام عليه ط. قوله: (وكذا استخدامه) صرح به في البدائع أيضا. وقال: ولهذا لا يجوز للابن أن يستأجر أباه للخدمة. قال في البحر: وحاصله أنه يحرم عليها الاستخدام، ويحرم عليه الخدمة. قوله: (فيما إذا لم يسم مهرا) أي لم يسمه تسمية صحيحة أو سكت عنه نهر، فدخل فيه ما لو سمى غير مال كخمر ونحوه، أو مجهول الجنس كدابة وثوب. قال في البحر: ومن صور ذلك ما إذا تزوجها على ألف على أن ترد إليه ألفا، أو تزوجها على عبدها أو قالت زوجتك نفسي بخمسين دينارا وأبرأتك منها فقبل، أو تزوجها على حكمها أو حكمه أو حكم رجل آخر، أو على ما في بطن جاريته أو أغنامه، أو على أن يهب لأبيها ألف درهم، أو على تأخير الدين عنها سنة والتأخير باطل، أو على إبراء فلان من الدين، أو على عتق أخيها أو طلاق ضرتها، وليس منه ما لو تزوجها على عبد الغير لوجوب قيمته إذا لم يجز مالكه، أو على حجة لوجوب قيمة حجة وسط، لا مهر المثل والوسط بركوب الراحلة، أو على عتق أخيها عنها لثبوت الملك لها في الأخ اقتضاء، أو تزوجته بمثل مهر أمها وهو لا يعلمه لأنه جائز بمقداره، وله الخيار إذا علم ا ه ملخصا باختصار. قوله: (أو نفى) بأن تزوجها على أن لا مهر لها ط. قوله: (إن وطئ الزوج) أي ولو حكما. قوله: (نهر): أي بالخلوة الصحيحة فإنها كالوطئ في تأكد المهر كما سيأتي. قوله: (أو مات عنها) قال في البحر: لو قال أو مات أحدهما لكان أولى، لان موتها كموته كما في التبيين ا ه. واعلم أنه إذا ماتا جميعا فعنده لا يقضي بشئ، وعندهما يقضي بمهر المثل. قال السرخسي: هذا إذا تقدم العهد بحيث يتعذر على القاضي الوقوف على مهر المثل، أما إذا لم يتقادم يقضي بمهر المثل عنده أيضا. حموي عن البرجندي أبو السعود. تنبيه: استفتى الشيخ صالح ابن المصنف من الخير الرملي عما لو طلبت المرأة مهر مثلها قبل الوطئ أو الموت هل لها ذلك أم لا؟ فأجابه بما في الزيلعي من أن مهر المثل يجب بالعقد، ولهذا كان لها أن تطالبه به قبل الدخول، فيتأكد ويتقرر بموت أحدهما أو بالدخول على ما مر في المهر
119 المسمى في العقد ا ه. وبه صرح الكمال وابن ملك وغيرهما، وقد بسط ذلك في الخيرية فراجعها. قوله: (إذا لم يتراضيا) أي بعد العقد. قوله: (وإلا) بأن تراضيا على شئ فهو الواجب بالوطئ أو الموت، أما لو طلقها قبل الدخول فتجب المتعة كما يأتي في قوله: وما فرض بعد العقد أو زيد لا يتنصف. قوله: (أو سمى خمرا أو خنزيرا) أي سمى لمسلم لان الكلام فيه، أما غير المسلم فسيأتي في بابه، وكذا الميتة والدم والأولى لأنه ليس بمال أصلا، وشمل ما لو كانت الزوجة ذمية لأنه لا يمكن إيجاب الخمر على المسلم، لأنها ليست بمال في حقه، وخرج ما لو سمى عشرة دراهم ورطل خمر فلها المسمى ولا يكمل مهر المثل. بحر ملخصا. قوله: (أو هذا الخل وهو خمر الخ) أي يجب مهر المثل إذا سمى حلالا وأشار إلى حرام عند أبي حنيفة، فلو بالعكس كهذا الحر فإذا هو عبد لها العبد المشار إليه في الأصح، وأشار إلى وجوب مهر المثل بالأولى لو كانا حرامين، ولو كانا حلالين وقد اختلفا جنسا كما إذا قال على هذا الدن من الخل فإذا هو زيت، وعلى هذا العبد فإذا هو جارية، كان لها مثل الدن خلا وعبد بقيمة الجارية كما في الذخيرة، إلا أن الذين في الخانية أن لها مثل ذلك المسمى، ومقتضاه وجوب عبد وسط أو قيمته ولا ينظر إلى قيمة الجارية. بحر ونهر ملخصا. قال في البحر: فصار الحاصل أن القسمة رباعية، لأنهما إما أن يكونا حرامين أو حلالين أو مختلفين فيجب مهر المثل فيما إذا كانا حرامين أو المشار إليه حراما، وتصح التسمية في الباقيين. قال: وأشار المصنف بوجوب مهر المثل عينا إلى أن المشار إليه لو كان حرا حربيا فاسترق وملكه الزوج لا يلزمه تسليمه. وفي الاسرار أنه متفق عليه، وكذا الخمر لو تخللت لم يجب تسليمها. قوله: (أو دابة أو ثوبا) لان الثياب أجناس كالحيوان والدابة، فليس البعض أولى من البعض بالإرادة فصارت الجهالة فاحشة. بحر. ثم ذكر تعريف الجنس عند الفقهاء، وسيأتي الكلام عليه عند قول المصنف: ولو تزوجها على فرس فالواجب الوسط أو قيمته. مطلب في أحكام المتعة قوله: (وتجب متعة لمفوضة) بكسر الواو، من فوضت أمرها لوليها وزوجها بلا مهر، وبفتحها من فوضها وليها إلى الزوج بلا مهر. واعلم أن الطلاق الذي تجب فيه المتعة ما يكون قبل الدخول في نكاح لا تسمية فيه، سواء فرض بعده أو لا، أو كانت التسمية فيه فاسدة كما في البدائع، قال في البحر: وإنما تجب فيما لم تصح فيه التسمية من كل وجه، فلو صحت من وجه دون وجه لا تجب المتعة وإن وجب مهر المثل بالدخول، كما إذا تزوجها على ألف درهم وكرامتها أو على ألف وأن يهدي لها هدية، فإذا طلقها قبل الدخول كان لها نصف الألف لا المتعة، مع أنه لو دخل بها وجب مهر المثل لا ينقص عن الألف كما في غاية البيان، لان المسمى لم يفسد من كل وجه لأنه على تقدير كرامتها والاهداء يجب الألف لا مهر المثل ا ه. وقدمنا عن البدائع في تعليل ذلك أنه لا مدخل لمهر المثل في الطلاق قبل
120 الدخول. قوله: (طلقت قبل الوطئ) أي والخلوة. بحر. وقد مر أنها وطئ حكما، والمراد بالطلاق فرقة جاءت من قبل الزوج ولم يشاركه صاحب المهر في سببها طلاقا كانت أو فسخا: كالطلاق والفرقة بالايلاء واللعان، والجب والعنة والردة: وإبائه الاسلام وتقبيله ابنتها أو أمها بشهوة، فلو جاءت من قبلها: كردتها وإبائها الاسلام، وتقلبها ابنه بشهوة والرضاع، وخيار البلوغ والعتق، وعدم الكفاءة، فإنه لا متعة لها لا وجوبا ولا استحبابا كما في الفتح، كما لا يجب نصف المسمى لو كان، وخرج ما لو اشترى هو أو وكيله منكوحته من المولى فإن مالك المهر يشارك الزوج في السبب وهو الملك فلذا لا تجب المتعة ولا نصف المسمى، بخلاف ما لو باعها المولى من رجل ثم اشتراها الزوج منه فإنها واجبة كما في التبيين. بحر. قوله: (وهي درع الخ) الدرع: بكسر المهملة ما تلبسه المرأة فوق القميص كما في المغرب، ولم يذكره في الذخيرة وإنما ذكر القميص وهو الظاهر. بحر. وأقول: درع المرأة قميصها والجمع أدرع، وعليه جرى العيني، وعزاه في البناية لابن الأثير، فكونه في الذخيرة لم يذكره مبني على تفسير المغرب، والخمار: ما تغطي به المرأة رأسها. والملحفة: بكسر الميم ما تلتحف به المرأة من قرنها إلى قدمها. قال فخر الاسلام: هذا في ديارهم، أما في ديارنا فيزاد على هذا إزار ومكعب، كذا في الدراية، ولا يخفى إغناء الملحفة عن الإزار، إذ هي بهذا التفسير إزار إلا أن يتعارف تغايرهما كما في مكة المشرفة، ولو دفع قيمتها أجبرت على القبول كما في البدائع. نهر وما ذكر من الأثواب الثلاثة أدنى المتعة.. شرنبلالية عن الكمال. وفي البدائع: وأدنى ما تكتسي به المرأة وتستر به عند الخروج ثلاثة أثواب ا ه. قلت: ومقتضى هذا مع ما مر عن فخر الاسلام من أن هذا في ديارهم الخ، أن يعتبر عرف كل بلدة لأهلها فيها تكتسي به المرأة عند الخروج. تأمل. ثم رأيت بعض المحشين قال: وفي البرجندي قالوا: هذا في ديارهم، أما في ديارنا فينبغي أن يجب أكثر من ذلك، لأن النساء في ديارنا تلبس أكثر من ثلاثة أثواب فيزاد على ذلك إزار ومكعب ا ه. وفي القاموس: المكعب الموشى من البرود والأثواب ا ه: أي المنقوش. قوله: (لا تزيد على نصفه الخ) في الفتح عن الأصل والمبسوط: المتعة لا تزيد على نصف مهر المثل لأنها خلفه، فإن كانا سواء فالواجب المتعة لأنها الفريضة بالكتاب العزيز، وإن كان النصف أقل منها فالواجب الأقل، إلا أن ينقص عن خمسة فيكمل لها الخمسة ا ه. وقول الشارح أولا: لو الزوج غنيا وثانيا: لو فقيرا لم يظهر لي وجهه، بل الظاهر أنه مبني على القول باعتبار حال الزوج في المتعة، وهو خلاف ما بعده، فليتأمل. قوله: (وتعتبر المتعة بحالهما) أي فإن كانا غنيين فلها الاعلى من الثياب، أو فقيرين فالأدنى، أو مختلفين فالوسط، وما ذكره قول الخصاف. وفي الفتح: إنه الأشبه بالفقه. والكرخي: اعتبر حالها، واختاره القدوري، والامام السرخسي: اعتبر حاله، وصححه في الهداية. قال في البحر: فقد اختلف الترجيح. والأرجح قول الخصاف، لان الولوالجي صححه.
121 وقال: وعليه الفتوى، كما أفتوا به في النفقة، وظاهر كلامهم أن ملاحظة الامرين: أي أنها لا تزاد على نصف مهر المثل ولا تنقص عن خمسة دراهم معتبرة على جميع الأقوال كما هو صريح الأصل والمبسوط ا ه. وذكر في الذخيرة اعتبار كون المتعة وسطا، لا بغاية الجودة ولا بغاية الرداءة. واعترضه في الفتح بأنه لا يوافق رأيا من الثلاثة . وأجاب في البحر بأنه موافق للكل، فعلى القول باعتبار حالها لو فقيرة لها كرباس وسط، ولو متوسطة فقز وسط، ولو مرتفعة فإبريسم وسط، وكذا يقال على القول باعتبار حاله، وكذا على قول من اعتبر حالهما لو فقيرين فلها كرباس وسط، أو غينيين فإبريسم وسط، أو مختلفين فقز وسط ا ه. وفي النهر: إن حمل ما في الذخيرة على هذا ممكن. واعتراض الفتح عليه وارد من حيث الاطلاق فإنه يفيد أنه يجب من القز أبدا. قوله: (أي المفوضة) تفسير للضمير المجرور في سواها، وإنما أخرجها لان متعتها واجبة كما علمت. قوله: (إلا من سمى لها مهر الخ) هذا على ما في بعض نسخ القدوري، ومشى عليه صاحب الدرر، لكن مشى في الكنز والملتقى على أنها تستحب لها، ومثله في المبسوط والمحيط، وهو رواية التأويلات وصاحب التيسير والكشاف والمختلف كما في البحر. قلت: وصرح به أيضا في البدائع، وعزاه في المعراج إلى زاد الفقهاء وجامع الأسبيجابي. وعن هذا قال في شرح الملتقى: إنه المشهور. وقال الخير الرملي: إن ما في بعض نسخ القدوري لا يصادم ما في المبسوط والمحيط. قلت: فكيف مع ما ذكر في هذه الكتب؟ وعليه فكان ينبغي للمصنف إسقاط هذا الاستثناء. وفي البحر: وقدمنا أن الفرقة إذا كانت من قبلها قبل الدخول لا تستحب لها المتعة أيضا لأنها الجانية. قوله: (بل للموطوءة الخ) أي بل يستحب لها. قال في البدائع: وكل فرقة جاءت من قبل الزوج بعد الدخول تستحب فيها المتعة، إلا أن يرتد أو يأتي الاسلام، لان الاستحباب طلب الفضيلة والكافر ليس من أهلها. قوله: (فالمطلقات أربع) أي مطلقة قبل الوطئ أو بعده سمى لها أو لا. فالمطلقة قبله إن لم يسم لها فمتعتها واجبة، وإن سمى فغير واجبة ولا مستحبة أيضا على ما هنا. والمطلقة بعده متعتها مستحبة، سمى لها أو لا. قوله: (أو بفرض قاض مهر المثل) بنصب مهر مفعول فرض. قال في البدائع: لو تزوجها على أن لا مهر لها وجب مهر المثل بنفس العقد عندنا، بدليل أنها لو طلبت الفرض من الزوج يجب عليه الفرض، حتى لو امتنع يجبره القاضي عليه، ولو لم يفعل ناب منابه في الفرض، وهذا دليل الوجوب قبل الفرض قوله: (فإنها تلزمه) أي الزيادة إن وطئ أو مات عنها، وهذا التفريع مستفاد من مفهوم قوله: لا ينصف أي بالطلاق قبل الدخول فيفيد لزومه وتأكده بالدخول، ومثله الموت. قوله: (بشرط قبولها الخ) أفاد أنها صحيحة ولو بلا شهود، أو بعد هبة المهر والابراء منه، وهي من جنس المهر أو من غير جنسه. بحر. وسواء كانت من
122 الزوج أو ولي، فقد صرحوا بأن الأب والجد لو زوج ابنه ثم زاد في المهر صح. نهر. وفي أنفع الوسائل: ولا يشترط فيها لفظ الزيادة بل تصح بلفظها، وبقوله راجعتك بكذا إن قبلت وإن لم يكن بلفظ زدتك في مهرك، وكذا بتجديد النكاح وإن لم يكن بلفظ الزيادة على خلاف فيه، وكذا لو أقر لزوجته بمهر وكانت قد وهبته له فإنه يصح إن قبلت في مجلس الاقرار وإن لم يكن بلفظ الزيادة. قوله: (ومعرفة قدرها) أي الزيادة، فلو قال زدتك في مهرك ولم يعين لم تصح الزيادة للجهالة كما في الوقعان. بحر. قوله: (وبقاء الزوجية الخ) أي الذي في البحر أن الزيادة بعد موتها صحيحة إذا قبلت الورثة عند أبي حنيفة خلافا لهما كما في التبيين من البيوع ا ه. وعزاه في أنفع الوسائل إلى القدوري، ثم قال: ولم يذكر الزيادة بعد الطلاق البائن وانقضاء العدة في الرجعي. والظاهر أنه يجوز عنده بالأولى، لأنه بالموت انقطع النكاح وفات محل التمليك، وبعد الطلاق المحل باق، وقد ثبت لها ذلك عنده في الموت، ففي الطلاق أولى، وما ذكره في البحر المحيط من رواية بشر عن أبي يوسف من أن الزيادة بعد الفرقة باطلة، يحمل على أنه قول أبي يوسف وحده، لأنه خالف أبا حنيفة في الزيادة بعد الموت فيكون قد مشى على أصله، ولم ينقل عن الامام في الزيادة بعد البينونة شئ، فيحمل الجواب فيه على ما نقل عنه في الزيادة بعد الموت ا ه. وتبعه في البحر. قال في النهر: والظاهر عدم الجواز بعد الموت والبينونة، وإليه يرشد تقييد المحيط بحال قيام النكاح، إذ نقلوا أن ظاهر الرواية أن الزيادة بعد هلاك المبيع لا تصح، وفي رواية النوادر: تصح، ومن ثم جزم في المعراج وغيره بأن شرطها بقاء الزوجية، حتى لو زادها بعد موتها لم تصح، والالتحاق بأصل العقد وإن كان يقع مستندا إلا أنه لا بد أن يثبت أولا في الحال ثم يستند، وثبوته متعذر لانتفاء المحل فتعذر استناده، وما ذكره القدوري وافق لرواية النوادر ا ه. قال ط: والذي يظهر أن ما في المحيط والمعراج مخرج على قولهما فلا ينافي ما في التبيين، وكون ظاهر الرواية عدم صحة الزيادة بعد هلاك المبيع لا يقتضي أن يكون ظاهر الرواية هنا لفرق بين الفصلين قام عند المجتهد، فإنه في النكاح أمر الله تعالى بعدم نسيان الفضل بين الزوجين، وهذه الزيادة من مراعاة الفضل، يؤيده مشروعية المتعة فيه، بخلاف البيع ا ه. قوله: (وفي الكافي الخ) حاصل عبارة الكافي: تزوجها في السر بألف ثم في العلانية بألفين ظاهر المنصوص في الأصل أنه يلزم عنده الألفان ويكون زيادة في المهر، وعنه أبي يوسف المهر هو الأول، لأن العقد الثاني لغو، فيلغو ما فيه. وعند الامام أن الثاني وإن لغا لا يلغو ما فيه من الزيادة، كمن قال لعبده الأكبر سنا منه هذا ابني ما لغا عندهما لم يعتق العبد. وعنده وإن لغا في حكم النسب يعتبر في حق العتق، كذا في المبسوط. وذكر في الفتح أن هذا إذا لم يشهدا على أن الثاني هزل، وإلا فلا خلاف في اعتبار الأول، فلو ادعى الهزل لم يقبل بلا بينة، ثم ذكر أن بعضهم اعتبر ما في العقد الثاني فقط بناء على أن المقصود تغيير الأول إلى الثاني، وبعضهم أوجب كلا المهرين، لان الأول ثبت ثبوتا لا مرد له والثاني زيادة عليه، فيجب بكماله. ثم ذكر أن قاضيخان أفتى بأنه لا يجب بالعقد الثاني شئ ما لم يقصد به الزيادة في المهر، ثم وفق بينه وبين إطلاق الجمهور اللزوم بحمل كلامه على أنه لا يلزم عند الله تعالى في نفس الامر إلا
123 بقصد الزيادة وإن لزم في حكم الحاكم لأنه يؤاخذه بظاهر لفظه إلا أن يشهد على الهزل، وأطال الكلام فراجعه. أقول: بقي ما إذا جدد بمثل المهر الأول، ومقتضى ما مر من القول باعتبار تغيير الأول إلى الثاني أنه لا يجب بالثاني شئ هنا، إذ لا زيادة فيه، وعلى القول الثاني يجب المهران. تنبيه: في القنية: جدد للحلال نكاحا بمهر يلزم إن جدده لأجل الزيادة لا احتياطا ا ه: أي لو جدده لأجل الاحتياط لا تلزمه الزيادة بلا نزاع كما في البزازية. وينبغي أن يحمل على ما إذا صدقته الزوجة أو أشهد، وإلا فلا يصدق في إرادته الاحتياط كما مر عن الجمهور، أو يحمل على ما عند الله تعالى، وسيأتي تمام الكلام على مسألة مهر السر والعلانية في آخر هذا الباب. قوله: (ويحمل على الزيادة) لوجوب تصحيح التصرف ما أمكن، واشترط القبول لان الزيادة في المهر لا تصح إلا به. فتح عن التجنيس. قوله: (وفي البزازية) استدراك على ما في الخانية، وأقره في النهر، لكن ارتضى في الفتح ما في الخانية، وهو الأوجه لأنه حيث ثبت جواز الزيادة في المهر يحمل كلامه عليها بقرينة الهبة الدالة على إرادة الزيادة على ما كان عليه لقصد التعويض عنه، فلا يصدق في أنه لم يرد الزيادة. تأمل. قوله: (لا ينصف) أي بالطلاق قبل الدخول. بحر. وهذا خبر قوله: وما فرض الخ قوله: (بالمفروض) متعلق باختصاص، وقوله: في العقد متعلق بالمفروض، وقوله: بالنص أي قوله تعالى: * (فنصف ما فرضتم) * متعلق باختصاص: أي وما فرض بعد العقد أو زيد بعده ليس مفروضا في العقد. قوله: (بل تجب المتعة في الأول) أي فيما لو فرض بعد العقد، لان هذا الفرض تعيين للواجب العقد وهو مهر المثل وذلك لا يتنصف، فكذا ما نزل منزلته. نهر. وعند أبي يوسف: لها نصف ما فرض، والأول أصح كما في شرح الملتقى. قوله: (ونصف الأصل في الثاني) أي فيما لو زاد بعد العقد. مطلب في حط المهر والابراء منه قوله: (وصح حطها) الحط: الاسقاط كما في المغرب، وقيد بحطها لان حط أبيها غير صحيح لو صغيرة، ولو كبيرة توقف عن إجازتها، ولا بد من رضاها. ففي هبة الخلاصة: خوفها الضرب حتى وهبت مهرها لم يصح لو قادرا على الضرب ا ه. ولو اختلفا فالقول لمدعي الاكراه، ولو برهنا فبينة الطوع أولى. قنية. وأن لا تكون مريضة مرض الموت. ولو اختلف مع ورثتها فالقول للزوج أنه كان في الصحة لأنه ينكر المهر. خلاصة. ولو وهبته في مرضها فمات قبلها فلا دعوى لها بل لورثتها بعد موتها، وتمام الفروع في البحر. قوله: (لكله أو بعضه) قيده في البدائع بما إذا كان المهر دينا: أي دراهم أو دنانير لان الحط في الأعيان لا يصح. بحر. ومعنى عدم صحته أن لها أن تأخذه منه ما دام قائما فلو هلك في يده سقط المهر عنه لما في البزازية: أبرأتك عن هذا العبد يبقى العبد وديعة عنده ا ه. نهر. قوله: (ويرتد بالرد) أي كهبة
124 الدين ممن عليه الدين، ذكره في أنفع الوسائل بحثا وقال: لم أره. واستدل له في البحر بما في مداينات القنية، قالت لزوجها أبرأتك ولم يقل قبلت، أو كان غائبا فقالت أبرأت زوجي يبرأ إلا إذا رده ا ه. قال في النهر: ولا يخفى أن المدعي إنما هو رد الحط، وكأنه نظر إلى أن الحط إبراء معنى. قوله: (كمرض لأحدهما يمنع الوطء) أي أو يلحقه به ضرر. قال الزيلعي: وقيل هذا التفصيل في مرضها، وأما مرضه فمانع مطلقا لأنه لا يعري عن تكسر وفتور عادة وهو الصحيح ا ه. ومثله في الفتح والبحر والنهر. قلت: إن كان التكسر والفتور منه مانعا من الوطئ أو مضرا له كان مثل المرأة في اشتراط المنع أو الضرر، وإلا فهو كالصحيح، فما وجه كون مرضه مانعا من صحة الخلوة، إلا أن يقال: المراد أن مرضه في العادة يكون مانعا من وطئه فلا فائدة في ذكر التفصيل فيه، بخلاف مرضها فتأمل. مطلب في أحكام الخلوة قوله: (وجعله في الاسرار من الحسي) قلت: وجعله في البحر مانعا لتحقق الخلوة حيث ذكر أن لإقامة الخلوة مقام الوطئ شروطا أربعة: الخلوة الحقيقية، وعدم المانع الحسي أو الطبعي أو الشرعي، فالأول للاحتراز عما إذا كان هناك ثالث فليست بخلوة، وعن مكان لا يصلح للخلوة كالمسجد والطريق العام والحمام الخ. ثم ذكر عن الاسرار أن هذين من المانع الحسي، وعليه فالمانع الحسي ما يمنعها من أصلها أو ما يمنع صحتها بعد تحققها كالمرض، فافهم. قوله: (فليس للطبعي مثال مستقل) فإنهم مثلوا للطبعي بوجود ثالث وبالحيض أو النفاس، مع أن الأولى منهي شرعا وينفر الطبع عنه، فهو مانع حسي طبعي شرعي، والثاني طبعي شرعي، نعم سيأتي عن السرخسي أن جارية أحدهما تمنع بناء على أنه يمتنع من وطئ الزوجة بحضرتها طبعا مع أنه لا بأس به شرعا، فهو مانع طبعي لا شرعي، لكنه حسي أيضا، فافهم. قوله: (كإحرام لفرض أو نفل) لحج أو عمرة قبل وقوف عرفة أو بعده قبل طواف. وأطلق في إحرام النفل فعم ما إذا كان بإذنه أو بغير إذنه، وقد نصوا على أنه له أن يحللها إذا كان بغير إذنه ط. قلت: فالظاهر أن التعميم الأخير غير مراد لان العلة الحرمة وهي مفقودة. قوله: (ومن الحسي الخ) لما كان ظاهر العطف يقتضي أن الرتق وما عطف عليه يخرج عن الموانع الثلاثة مع أنها من الحسي قدره الشارح ط. قوله: (بالسكون) نقل الخير الرملي عن شرح الروض للقاضي زكريا أن القرن بفتح رائه أرجح من إسكانها. قوله: (عظم) في البحر عن المغرب: القرن في الفرج: مانع يمنع من سلوك الذكر فيه، إما غدة غليظة أو لحم أو عظم، وامرأة رتقاء بها ذلك ا ه. ومقتضاه ترادف القرن والرتق. قوله: (وعفل) بالعين المهملة والفاء، وقوله: غدة بالغين المعجمة أي في
125 خارج الفرج. ففي القاموس أنه شئ يخرج من قبل المرأة شبيه بالأدرة للرجال. قوله: (ولو بزوج) الباء للمصاحبة: أي ولو كان الصغر مصاحب الزوج، يعني لا فرق بين أن يكون الزوج أو الزوجة أو كل منهما صغيرا ا ه. قال في البحر: وفي خلوة الصغير الذي لا يقدر على الجماع قولان، وجزم قاضيخان بعدم الصحة فكان هو المعتمد، ولذا قيد في الذخيرة بالمراهق ا ه. وتجب العدة بخلوته وإن كانت فاسدة، لان تصريحهم بوجوبها بالخلوة الفاسدة شامل لخلوة الصبي، كذا في البحر من باب العدة. قوله: (لا يطاق معه الجماع) وقدرت الإطاقة بالبلوغ، وقيل بالتسع، والأولى عدم التقدير كما قدمناه. ولو قال الزوج تطيقه وأراد الدخول وأنكر الأب فالقاضي يريها لنساء ولم يعتبر السن، كذا في الخلاصة. بحر. قوله: (وبلا وجود ثالث) قدر قوله: بلا ليكون عطفا على قوله: بلا مانع حسي بناء على أنه طبعي فقط، لكن علمت ما فيه. قال ط: ولا يتكرر مع ما تقدم لان ذاك تمثيل من الشارح، وهذا من المصنف تقييد. قوله: (ولو نائما أو أعمى) لان الأعمى يحس والنائم يستيقظ ويتناوم. فتح. ودخل فيه الزوجة الأخرى وهو المذهب، بناء على كراهة وطئها بحضرة ضرتها. بحر. قلت: وفي البزازية من الحظر والإباحة. ولا بأس بأن يجامع زوجته وأمته بحضرة النائمين إذا كانوا لا يعلمون به، فإن علموا كره ا ه. ومقتضاه صحة الخلوة عند تحقق النوم. تأمل. وفي البحر: وفصل في المبتغى في الأعمى، فإن لم يقف على حالة تصح، وإن كان أصم إن كان نهارا لا تصح، وإن كان ليلا تصح ا ه. قلت: الظاهر أنه أراد بالأصم غير الأعمى، أما لو كان أعمى أيضا فلا فرق في حقه بين النهار والليل. تأمل. قوله: (والمجنون والمغمى عليه) وقيل يمنعان فتح. قلت: يظهر لي المنع في المجنون لأنه أقوى حالا من الكلب العقور. تأمل. قوله: (وكذا الأعمى (1)) قد علمت ما فيه من أنه لا يظهر الفرق بين الليل والنهار في حقه. تأمل. قوله: (به يفتى) زاد في البحر عن الخلاصة أنه المختار. ثم قال: وجزم الامام السرخسي في المبسوط بأن كلا منهما يمنع، وهو قول أبي حنيفة وصاحبيه لأنه يمتنع من غشيانها بين يدي أمته طبعا ا ه: أي وكذا بين يدي أمتها بالأولى لأنها أجنبية لا تحل له. قلت: وجزم به أيضا الامام قاضيخان في شرح الجامع. وفي البدائع: لو كان الثالث جارية له، روى أن محمدا كان يقول أولا: تصح خلوته، ثم رجع وقال: لا تصح ا ه. ولعل وجه الأول ما صرحوا به من أنه لا بأس بوطئ المنكوحة بمعاينة الأمة دون عكسه، لكن هذا يظهر في أمته دون أمتها، على أن نفي البأس شرعا لا يلزم منه عدم نفرة الطباع السليمة عنه، وحيث كان هو المنقول عن أئمتنا الثلاثة كما مر، وعزاه أيضا في الفتاوى الهندية إلى الذخيرة والمحيط. والخانية: لا ينبغي العدول عنه لموافقته الدراية والرواية، ولذا قال الرحمتي: العجب كيف يجعل المذهب
(1) قوله: (والمجنون والمغمى عليه) كذا بخط المحشي، وهو غير موافق لقول المصنف أو مجنونا الخ كتبه نصر. 126 المفتى به ما هو خلاف قول الإمام وصاحبيه مع عدم اتجاهه في المعنى!. قوله: (إن كان عقورا مطلقا) أي سواء كان كلبه أو كلبها. قوله: (لا يمنع مطلقا) أي عقورا أو لا، وعلله في الفتح بقوله: لان الكلب قط لا يعتدي على سيده ولا على من يمنعه سيده عنه ا ه. وحينئذ فلو رآه الكلب فوقها يكون سيده في صورة الغالب لها فلا يعدو عليها، وكذا لو أمرها الزوج أن تكون فوقه لأنها وإن كانت في صورة الغالبة له وأمكن أن يعدو عليها الكلب لكن يمنعه سيده عنها فتصح الخلوة، فافهم. قوله: (أو كان للزوجة) أي أو كان غير عقور وكان للزوجة فإنه يكون مانعا، لكن مقتضى ما علل به في الفتح أنه لا فرق بين كلبه وكلبها، لان كلبها وإن رآها تحت الزوج يمكن أن تمنعه عنه فلا يعدو عليه فتصح الخلوة. تأمل. قوله: (وكان له) بالواو. وفي بعض النسخ بأو وهو تحريف ا ه ح. أي لان الصور أربع: عقور له أو لها، وغير عقور كذلك، فذكر أولا أن المانع ثلاث صور: عقور مطلقا، وغير عقور هو لها، وبقي غير مانع. الصورة الرابعة هي أن يكون غير عقور وكان له. قوله: (وبقي الخ) وبقي أيضا من المانع الشرعي أن يعلق طلاقها بخلوتها، فإذا خلا بها طلقت فيجب نصف المهر لحرمته وطئها. بحر عن الواقعات. قال: وزاد في البزازية والخلاصة أنه لا تجب العدة في هذا الطلاق لأنه يتمكن من الوطئ، وسيأتي وجوبها في الخلوة الفاسدة على الصحيح فتجب العدة هنا احتياطا ا ه. ومشى الشارح فيما سيأتي بعد صفحة على ما في البزازية، ويأتي تمام الكلام فيه، وسيأتي أيضا عند قوله: ولو افترقا أن امتناعها من تمكينه في الخلوة يمنع صحتها لو كانت ثيبا لا لو بكرا. قوله: (عدم صلاحية المكان) أي للخلوة وصلاحيته، بأن يأمنا فيه اطلاع غيرهما عليهما كالدار والبيت ولو لم يكن له سقف، وكذا المحل الذي عليه قبة مضروبة والبستان الذي له باب مغلق، بخلاف ما ليس له باب وإن لم يكن هناك أحد. بحر. ولو كانا في مخزن من خان يسكنه الناس فرد الباب ولم يغلق والناس قعود في وسطه غير مترصدين لنظرهما صحت، وإن كانوا مترصدين فلا. فتح. قوله: (كمسجد وطريق) لان المسجد مجمع الناس فلا يأمن الدخول عليه ساعة فساعة، وكان الوطئ فيه حرام. قال تعالى: * (ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المسجد) * (سورة البقرة: الآية 781) والطريق ممر الناس عادة وذلك يوجب الانقباض فيمنع الوطئ. بدائع. قلت: ويؤخذ من قوله: وكذا الوطئ فيه حرام الخ أنه مانع وإن كان خاليا وبابه مغلق، فتأمل. وفي الفتح: ولو سافر بها فعدل عن الجادة بها إلى مكان خال فهي صحيحة. قوله: (وحمام) أي بابه مفتوح، أما لو كان مقفولا عليهما وحدهما فلا مانع من صحتها كما لا يخفى، فافهم. قوله: (وسطح) أي ليس على جوانبه ستر، وكذا إذا كان الستر رقيقا أو قصيرا بحيث لو قام إنسان يطلع عليهما. فتح. وفيه: ولا تصح في المسجد والحمام. قال شداد: إن كانت ظلمة شديدة صحت لأنها كالساتر. وعلى قياس قوله تصح على سطح لا ساتر له إذا كانت ظلمة شديدة. والأوجه أن لا تصح، لان المانع الاحساس ولا يختص بالبصر، ألا ترى إلى الامتناع لوجود الأعمى ولا إصار للإحسان ا ه
127 قلت: الاحساس إنما يمكن إذا كان معهما أحد على السطح، أما لو كانا فوقه وحدهما وأمنا من صعود أحد إليهما لم يبق الاحساس إلا بالبصر والظلمة الشديدة تمنعه كما لا يخفي. تأمل. قوله: (وبيت بابه مفتوح) أي بحيث لو نظر إنسان رآهما، وفيه خلاف. ففي مجموع النوازل: إن كان لا يدخل عليهما أحد إلا بإذن فهي خلوة. واختار في الذخيرة أنه مانع وهو الظاهر. بحر. ووجهه أن إمكان النظر مانع بلا توقف على الدخول، فلا فائدة في الاذن وعدمه. قوله: (وما إذا لم يعرفها) لان التمكن لا يحصل بدون المعرفة، بخلاف ما إذا لم تعرفه. والفرق أنه متمكن من وطئها إذا عرفها ولم تعرفه، بخلاف عكسه فإنه يحرم عليه، كذا في البحر. وفيه أنه إذا لم تعرفه يحرم عليها تمكينه منها، فالظاهر أنها تمنعه من وطئها بناء على ذلك، فينبغي أن يكون مانعا، فتأمل ح. قلت: إن هذا المانع بيده إزالته، بأن يخبرها أنه زوجها فلما جاء التقصير من جهته يحكم بصحة الخلوة فيلزم المهر ط. قوله: (في الأصح) أي أصح الروايتين، لكن صرح شراح الهداية بأن رواية المنع في التطوع شاذة، ويشير إليه قول الخانية: وفي صوم القضاء والكفارات والمنذورات روايتان. والأصح أنه لا يمنع الخلوة، وصوم التطوع لا يمنعها في ظاهر الرواية، وقيل يمنع ا ه. وقول الكنز: وصوم الفرض يدخل فيه القضاء والكفارات المنذورات فيكون اختيارا منه لرواية المنع في غير التطوع، لان الافطار فيه بغير عذر جائز فرواية، ويؤيد ما في الكنز تعبير الخانية بالأصح، فإنه يفيد أن مقابله صحيح، وكذا قول الهداية: وصوم القضاء والمنذور كالتطوع في رواية فإنه يفيد أن رواية كونهما كصوم رمضان أقوى، وبهذا يتأيد ما بحثه في البحر بقوله: وينبغي أن يكون صوم الفرض ولو منذورا مانعا اتفاقا، لأنه يحرم إفساده، وإن كان لا كفارة فيه فهو مانع شرعي ا ه. قوله: (إن تصح) أي الخلوة، لسقوط الكفارة بشبهة، خلاف الامام مالك رحمه الله فإنه يرى فطره بأكله ناسيا ولا كفارة ط. قوله: (وكذا كل ما أسقط الكفارة) كشرب وجماع ناسيا ونية نهارا ونية نفلا ط. قوله: (وصلاة الفرض فقط) قال في البحر: لا شك أن إفساد الصلاة لغير عذر حرام فرضا كانت أو نفلا، فينبغي أن تمنع مطلقا، مع أنهم قالوا: إن الصلاة الواجبة لا تمنع كالنفل مع أنه يأثم بتركها. وأغرب منه ما في المحيط أن صلاة التطوع لا تمنع إلا الأربع قبل الظهر لأنها سنة مؤكدة، فلا يجوز تركها بمثل هذا العذر ا ه. فإنه يقتضي عدم الفرق بين السنن المؤكدة وأن الواجبة تمنع بالأولى اه. قلت: والحاصل أنهم لم يفرقوا في إحرام الحج بين فرضه ونفله، لاشتراكهما في لزوم القضاء والدم. وفرقوا بينهما في الصوم والصلاة. أما الصوم فظاهر للزوم القضاء والكفارة في فرضه، بخلاف نفله وما ألحق به، لان الضرر فيه بالفطر يسير، لأنه لا يلزم إلا القضاء لا غير كما في الجوهرة. وأما في الصلاة فالفرق بينهما مشكل، إذ ليس في فرضها ضرر زائد على الاثم ولزوم
128 القضاء، وهذا موجود في نفلها وواجبها، نعم الاثم في الفرض أعظم وفي كونه مناطا لمنع صحة الخلوة خفاء، وإلا لزم أن يكون قضاء رمضان والكفارات كالنفل، ولعل هذا وجه اختيار الكنز إطلاق فرض الصوم كما قدمناه، فكذا الصلاة ينبغي أن يكون فرضها ونفلها كفرض الصوم، بخلاف نفله لأنه أوسع بدليل أنه يجوز إفطاره بلا عذر في رواية، ونفل الصلاة لا يجوز قطعه بلا عذر في جميع الروايات فكان كفرضها، ولعل المجتهد قام عنده فرق بينهما لم يظهر لنا، والله تعالى أعلم. قوله: (فيما يجئ) أي من الاحكام ط. قوله: (ولو مجبوبا) أي مقطوع الذكر والخصيتين، من الجب: وهو القطع. قال في الغاية: والظاهر أن قطع الخصيتين ليس بشرط في قوله: (المجبوب)، ولذا اقتصر الأسبيجابي على قطع الذكر. ح عن النهر. قوله: (أو خصيا) بفتح الخاء المعجمة فعيل بمعنى معول، وهو من سلت خصيتاه وبقي ذكره ح. قوله: (إن ظهر حاله) أي إن ظهر قبل الخلوة أن هذا الزوج والخنثى رجل وظهر أن نكاحه صحيح فإن وطأه حينئذ جائز فتكون الخلوة كالوطئ. وإن لم يظهر فالنكاح موقوف لا يبيح الوطئ فلا تكون خلوته كالوطئ، فافهم. قوله: (وما في البحر) حيث أطلق صحة خلوته ولم يقيد بظهور حاله، وما في الأشباه ستعرفه. قوله: (في النهر) عبارته، ويجب أن يراد به من ظهر أحكامه أما المشكل فنكاحه موقوف إلى أن يتبين حاله، ولهذا لا يزوجه وليه من تختنه. لان النكاح الموقوف لا يفيد إباحة النظر كذا في النهاية ا ه: أي فلا يبيح الوطئ بالأولى فلا تصح خلوته كالخلوة بالحائض بل أولى، لأنه قبل التبين بمنزلة الأجنبي. ثم قال في النهر: وأفاد في المبسوط أن حاله يتبين بالبلوغ، فإن ظهرت فيه علامة الرجل وقد زوجه أبوه امرأة حكم بصحة نكاحه من حين عقد الأب، فإن لم يصل إليها أجل كالعنين، وإن زوج رجلا تبين بطلانه، وهذا صريح في عدم صحة خلوته قبل ذلك. وبهذا التقرير علمت أن ما نقله في الأشباه عن الأصل: لو زوجه أبوه رجلا فوصل إليه جاز، وإلا فلا علم لي بذلك، أو امرأة فبلغ فوصل إليها جاز، وإلا أحل كالعنين ليس على ظاهره، والله الموفق ا ه: أي أن ظاهر ما في الأشباه أنه بمجرد وصول الرجل إليه: أي وطئه له أو بوصوله إلى المرأة يصح النكاح ولو قبل البلوغ وظهور علامة فيه، وأن الوطئ يحل قبل التبين، وأن الخلوة به صحيحة، وأنه بعد البلوغ قد يتبين حاله وقد لا يتبين، مع أنه في المبسوط جزم بتبين حاله بالبلوغ، وأنه قبل التبين يكون نكاحه موقوفا، فهو صريح في عدم صحة الخلوة قبل التبين لعدم حل الوطئ، وفيه نظر، فإن قوله جاز معناه: جاز العقد لتبين حاله بذلك، فقد صرحوا بأن ذلك رافع لإشكاله ولا يلزم منه حل الوطئ، وقوله وإلا فلا علم لي بذلك: أي إن لم تظهر فيه هذه العلامة لا أحكم بصحة العقد ولا بعدمها، بل يتوقف ذلك على ظهور علامة أخرى، وقول المبسوط: إن حاله يتبين بالبلوغ مبني على الغالب، وإلا فقد صرحوا بأنه قد يبقى حاله مشكلا بعده، كما إذا حاض من فرج النساء وأمنى من فرج الرجال، وقد يتبين حاله قبل البلوغ كأن يبول من أحد الفرجين دون الآخر فتصح خلوته. والحاصل أن تقييد صحة الخلوة بتبين حاله ظاهر لعدم حل الوطئ قبله. قوله: (لمرض الخ) وكذا السحر، ويسمى المعقود
129 كما سيأتي في بابه عن الوهبانية قوله: (في ثبوت النسب الخ) الذي حققه في البحر بحثا، ثم رآه منقولا عن الخصاف أن الخلوة لم تقم مقام الوطئ إلا في حق تكميل المهر ووجوب العدة. قال: وما سواه فهو من أحكام العدة كالنسب: أي فإنه يثبت وإن لم توجد خلوة أصح، كما في تزوج مشرقي مغربية، أو من أحكام العدة كالبقية والعجب من صاحب النهر حيث تابع أخاه في هذا التحقيق ثم خالفه في النظم الآتي. وما ذكره في البحر سبقه إليه ابن الشحنة في عقد الفرائد، لكنه أفاد أن المطلقة قبل الدخول لو ولدت لأقل من ستة أشهر من حين الطلاق ثبت نسبة للتيقن بأن العلوق قبل الطلاق وأن الطلاق بعد الدخول ولو ولدته لأكثر لا يثبت لعدم العدة، ولو اختلى بها فطلقها يثبت وإن جاءت به لأكثر من ستة أشهر. قال: ففي هذه الصورة تكون الخصوصية للخلوة. قوله: (ولو من المجبوب) لامكان إنزاله بالسحاق، وسيأتي في باب العنين أنه يثبت نسبه إذا خلا بها ثم فرق بينهما ولو جاءت به لسنتين. قوله: (وفي تأكد المهر) أي في خلوة النكاح الصحيح، أما الفاسد فيجب فيه مهر المثل بالوطئ لا بالخلوة كما سيذكره المصنف في هذا الباب لحرمة الوطئ فيه، فكان كالخلوة بالحائض. قوله: (والعدة) وجوبها من أحكام الخلوة سواء كانت صحيحة أم لا ط. أي إذا كانت في نكاح صحيح، أما الفاسد فتجب فيه العدة بالوطئ كما سيأتي. قوله: (في عدتها) متعلق بنكاح، والأولى تأخيره بعد قوله: وحرمة نكاح الأمة أي لو طلق الحرة بعد الخلوة بها لا يصح تزوجه أمة ما دامت الحرة في العدة ولو الطلاق بائنا. قوله: (ومراعاة وقت الطلاق في حقها) بيانه أن الموطوءة طلاقها في الحيض بدعي فلا يحل بل يطلقها واحدة في طهر لا وطئ فيه وهو أحسن، أو ثلاثة متفرقة في ثلاثة أطهار لا وطئ فيها وهو حسن، بخلاف غير الموطوءة فإن طلاقها واحدة ولو في الحيض حسن، وإذا كانت المختلى بها كالموطوءة توقت طلاقها بالطهر فلا يحل في مدة الحيض، فافهم. قوله: (وكذا في وقوع طلاق بائن آخر الخ) في البزازية: والمختار أنه يقع عليها طلاق آخر في عدة الخلوة، وقيل لا ا ه. وفي الذخيرة: وأما وقوع طلاق آخر في هذه العدة فقد قيل لا يقع وقيل يقع، وهو أقرب إلى الصواب، لان الاحكام لما اختلفت يجب القول بالوقوع احتياطا ثم هذا الطلاق يكون رجعيا أو بائنا، ذكر شيخ الاسلام أنه يكون بائنا ا ه. ومثله في الوهبانية وشرحها. والحاصل أنه إذا خلا بها خلوة صحيحة ثم طلقها طلقة واحدة فلا شبهة في وقوعها، فإذا طلقها في العدة طلقة أخرى فمقتضى كونها مطلقة قبل الدخول أن لا تقع عليها الثانية، لكن لما اختلفت الاحكام في الخلوة أنها تارة تكون كالوطئ وتارة لا تكون جعلناها كالوطئ في هذا، فقلنا بوقوع الثانية احتياطا لوجودها في العدة، والمطلقة قبل الدخول لا يلحقها طلاق آخر إذا لم تكن معتدة، بخلاف هذه. والظاهر أن وجه كون الطلاق الثاني بائنا هو الاحتياط أيضا، ولم يتعرضوا للطلاق الأول
130 وأفاد الرحمتي أنه بائن أيضا لأنه طلاق قبل الدخول غير موجب للعدة، لأن العدة إنما وجبت لجعلنا الخلوة كالوطئ احتياطا، فإن الظاهر وجود الوطئ في الخلوة الصحيحة، ولان الرجعة حق الزوج وإقراره بأنه طلق قبل الوطئ ينفذ عليه فيقع بائنا، وإذا كان الأول لا تعقبه الرجعة يلزم كون الثاني مثله ا ه. ويشير إلى هذا قول الشارح طلاق بائن آخر فإنه يفيد أن الأول بائن أيضا، ويدل عليه ما يأتي قريبا من أنه لا رجعة بعده، وسيأتي التصريح به في باب الرجعة، وقد علمت مما قررناه أن المذكور في الذخيرة هو الطلاق الثاني دون الأول، فافهم. ثم ظاهر إطلاقهم وقوع البائن أولا وثانيا كان بصريح الطلاق، وطلاق الموطوءة ليس كذلك فيخالف الخلوة الوطئ في ذلك. وأجاب ح: بأن المراد التشبيه من بعض الوجوه وهو أن في كل منهما وقوع طلاق بعد آخر ا ه. وأما الجواب بأن البائن قد يلحق البائن في الموطوءة فلا يدفع لمخالفة المذكورة، فافهم. قوله: (كالغسل) أي لا يجب الغسل على واحد منهما بمجرد الخلوة، بخلاف الوطئ. قوله: (والاحصان) فلو زنى بعد الخلوة الصحيحة لا يلزمه الرجم لفقد شرط الاحصان وهو الوطئ. قال في عقد الفرائد وهذا إن لم يفهم أنه خاص بالرجل فهو ساكت عن ثبوت الاحصان لها بذلك. والذي يظهر لي أنه لا فرق بينه وبينها فيه، ولم أقف على نقل فيه صريح، والله أعلم. قلت في البحر: ولم يقيموها مقام الوطئ في حق الاحصان إن تصادقا على عدم الدخول ، وإن أقرا به لزمهما حكمه، وإن أقر به أحدهما صدق في حق نفسه دون صاحبه كما في المبسوط ا ه. قوله: (وحرمة البنات) أي لم يقيموا الخلوة مقام الوطئ في ذلك، فلو خلا بزوجته بدون وطئ ولا مس بشهوة لم تحرم عليه بناتها، بخلاف الوطئ والكلام في الخلوة الصحيحة كما صرح به في التبيين والفتح وغيرهما، فما حرره في عقد الفرائد مما حاصله أن حرمة البنات بالخلوة الصحيحة لا خلاف فيها بين الصاحبين، والخلاف في الفاسدة. قال الثاني: تحرم، وقال محمد: لا تحرم، فهو ضعيف، وما ادعاه من عدم الخلاف ممنوع كما بسطه في النهر. قوله: (وحلها للأول) أي لا تحل مطلقة الثلاث للزوج الأول بمجرد خلوة الثاني بل لا بد من وطئه لحديث العسيلة قوله: (والرجعة) أي لا يصير مراجعا بالخلوة ولا رجعة له بعد الطلاق الصريح بعد الخلوة. بحر: أي لوقوع الطلاق بائنا كما قدمناه. قوله: (والميراث) أي لو طلقها ومات وهي في عدة الخلوة لا ترث بزازية. ومثله في البحر عن المجتبى. وحكى ابن الشحنة في عقد الفرائد قولا آخر: إنها ترث وإن تصادقا على عدم الدخول بعد الخلوة. قال الرحمتي: وعلى هذا: أي ما في الشرح لو طلقها في مرضه بعد الخلوة الصحيحة قبل الوطئ ومات في عدتها لا ترث، وبه جزم الطواقي فيما كتبه على هذا الشرح، وأقره عليه تلميذه حامد أفندي العمادي مفتى دمشق ا ه. قوله: (وتزويجها كالابكار) كان عليه أن يقول: كالثيبات، ليوافق ما قبله من المعطوفات، فإنها من خواص الوطئ دون الخلوة فالمعنى أنها ليست كالوطئ في تزويجها كالثيبات بل تزوج كالابكار. أفاده ط. قوله: (على المختار) وما في المجتبى من أنها تزوج كما تزوج الثيب ضعيف كما في البحر. قوله: (وغير ذلك) أي غير السبعة المذكورة من زيادة أربعة أخرى في النظم المذكور، وهي: سقوط الوطئ، والفئ، والتكفير، وعدم فساد العبادة.
131 وبقي مسألتان أيضا لم يذكرهما لعدم تسليمهما، وهما أن الخلوة لا تكون إجازة للنكاح الموقوف عند بعضهم، وأن المرأة لا تمنع نفسها للمهر بعدها عندهما. أما عند أبي حنيفة فلها المنع بعد حقيقة الوطئ كما أفاده في البحر، وزاد في الوهبانية أيضا بقاء عنة العنين، ويمكن دخولها في النظام كما يأتي. قوله: (وغيره) بالرفع عطفا على مثل، والضمير للوطئ ح: أي ومغايرة للوطئ في إحدى عشرة مسألة. قوله: (وبهذا العقد تحصيل) جملة من مبتدأ وخبر، والعقد بكسر العين شبه الشعر المنظوم بعقد الدر المنظوم. قوله: (تكميل مهر الخ) بيان لصور المماثلة. قوله: (وإعداد) بالكسر، والمراد به العدة. قوله: (وأربع) بالجر عطفا على الأخت. قوله: (الإما) جمع أمة، وقصره للضرورة، ولو أسقط لام ولقد استغنى عن قصره. قوله: (فراق فيه ترحيل) المراد به الطلاق ا ه ح. وأما الترحيل، فهو من ترحل القوم من المكان: انتقلوا: أي طلاق فيه نقل الزوجة من بيته أو من عصمته، فافهم. قوله: (وأوقعوا فيه) أي في الاعداد بمعنى العدة ا ه ح. فالضمير عائد على مذكور وهو الاعداد المذكور في البيت الثاني فافهم. قوله: (إذا لحقا) الضمير للتطليق والألف للاطلاق اه ح. والمراد بلحقاه وقوعه في العدة بعد طلاق سابق عليه. قوله: (القيل) بدل من الأول ح. قوله: (ورجعة) أي في صورتين كما قدمناه في قوله: والرجعة. قوله: (سقوط وطئ) أي ما يلزمه فيه الوطئ لا يسقط بالخلوة، فحق الزوجة في القضاء الوطئ مرة واحدة، ولا يسقط عنه بالخلوة، وكذا العنين إذا اختلى بها لا يسقط عنه الوطئ بها، فللزوجة طلب التفريق، وعلى هذا الحل يستغنى عن ذكر بقاء العنة المذكورة في قوله: (الوهبانية)، لكن يستغني به أيضا عن ذكر الفئ الآتي، فكان الأولى ذكرهما معا أو إسقاطهما معا. تأمل. قوله: (كذلك الفئ) يعني إن آلى منها ثم وطئها في المدة كان فيئا، إن خلا بها لا ا ه ح. قوله: (التكفير) يعني أو وطئ في نهار رمضان فعليه الكفارة، وإن خلا بها لا اه ح. وفي النهر: وعد التكفير هنا مما لا ينبغي، إذ الكلام في الخلوة الصحيحة وصوم الأداء يفسدها كما مر ط. قوله: (ما فسدت عبادة) ما نافيه، يعني إن وطئها في عبادة يفسدها الوطئ فسدت، وإن خلا بها لا ا ه ح. ويرد عليه ما ورد على سابقه، فإن ما يفسد بالوطئ كالاحرام والصوم والصلاة والاعتكاف المنذور يفسد الخلوة والكلام في الصحيحة، إلا أن يمثل بما لا يفسد الخلوة على أحد القولين كصوم غير الأداء وصلاة النافلة. تأمل. والحاصل أنه ينبغي إسقاط التكفير وفساد العبادة وزيادة فقد العنة، فتصير الاحكام التي خالفت الخلوة فيها الوطئ عشرة، وقد نظمتها في بيتين مقتصرا عليها للعلم بأن ما سواها لا يخالف فيها الخلوة الوطئ فقلت:
132 وخلوته كالوطئ في غير عشرة * طالبة بالوطئ إحصان تحليل وفئ وإرث رجعة فقد عنة * وتحريم بنت عقد بكر وتغسيل قوله: (فقالت بعد الدخول) يطلق الدخول على الوطئ وعلى الخلوة المجردة، والمتبادر منه الأول، والمراد هنا الاختلاف في الخلوة مع الوطئ، أو في الخلوة المجردة لا في الوطئ مع الاتفاق على الخلوة، لان الخلوة مؤكدة لتمام المهر، فلو كان الاختلاف بينهما في الوطئ مع الاتفاق على الخلوة لم تظهر ثمرة للاختلاف. قوله: (فالقول لها لانكارها سقوط نصف المهر) كذا في القنية للزاهدي. ونظمه ابن وهبان وقال في شرحه: إنه تتبع هذا الفرع فما ظفر به ولا وجد ما يناقضه، ووجهه ماش على القواعد لان القول للمنكر اه. قلت: رأيته في حاوي الزاهدي أيضا، وحكى فيه قولين، فذكر ما مر معزيا إلى المحيط وكتاب آخر، ثم عزا إلى الاسرار أن القول قوله، لأنه ينكر وجوب الزيادة على النصف ا ه. ويظهر لي أرجحية القول الأول، ولذا جزم به المصنف، وذلك أن المهر يجب بنفس العقد والدخول أو الموت مؤكد له، والطلاق قبلهما منصف له، فسبب وجوب الكل متحقق والمنصف له عارض، والمرأة تنكر العارض وتتمسك بالسبب المحقق الموجب للكل، ولذا تثبت لها المطالبة بتمام المهر قبل الدخول، ولا يعود نصف المهر المقبوض إلى ملكه بالطلاق قبل الدخول إلا بالقضاء أو الرضا، ولا ينفذ تصرفه فيه قبل ذلك، وينفذ تصرف المرأة فيه، والزوج وإن أنكر الزيادة على النصف لكنه مقر بسببها، كما لو أقر بالغصب وادعى الرد وكذبه المالك فدعواه الرد إنكار للضمان بعد الاقرار بسببه فلا يقبل. تأمل. قوله: (وإن أنكر الوطئ) كذا في كثير من النسخ، وكان المناسب أن يقول: وإن أنكر الدخول لما قررناه من أن الاختلاف بينهما ليس في الوطئ مع الاتفاق على الخلوة، وليكون إشارة إلى رد ما قاله في الاسرار: أي أن إنكاره لا يعتبر لأنه في الحقيقة مدع لسقوط النصف بالعارض على السبب الموجب للكل فكان إنكارها هو المعتبر. وفي بعض النسخ وإن أنكرت بالتاء، والمعنى: أن القول لها وإن أنكرت أنه لم يطأها في هذا الدخول الذي ادعته، لكن الأولى أن يقول: وإن اعترفت بعدم الوطئ لأنه لم يدع الوطئ حتى يقابل بإنكارها له. قوله: (إنما توطأ كرها) لأنها تستحي بالطبع، فلم تكن بالامتناع مختارة لعدم تأكد المهر، بخلاف الثيب لان امتناعها يدل على اختيارها لعدم تأكد المهر. قوله: (كما بحثه الطرطوسي) أي في أنفع الوسائل، والبحث في التفصيل المذكور، فإن الطرسوسي نقل أولا عن الذخيرة: إذا خلا بها ولم تمكنه من نفسها اختلف المتأخرون فيه. قال: وفي طلاق النوازل عليه نصف المهر، ثم ذكر هذا التفصيل وقال: قلته على وجه التفقه ولم أظفر فيه بنقل. والظاهر أنه أراد به التوفيق بين القولين، وذكر أيضا أن هذا إذا صدقته في ذلك، فلو كذبته فالقول قولها بيمينها لأنها منكرة. قوله: (وأقره المصنف) أي تبعا لشيخه صاحب البحر. فخلا بها أي خلوة صحيحة لأنها المتبادر من لفظ الخلوة ا ه ح: أي في قول الحالف إن خلوت بك، فيراد بها الخالية عما يمنعها أو يفسدها مما مر، والمراد ما
133 يفسدها من غير التعليق، لما مر عن البحر من أن هذا التعليق مفسد لها فهو نظير قولهم: الخلوة الصحيحة في النكاح الفاسد كالخلوة الفاسدة في النكاح الصحيح، مع أنها في النكاح الفاسد فاسدة كما ذكره في البحر، فالمراد بالصحيحة فيه الخالية عما يفسدها سوى فساد النكاح، فافهم. قوله: (بائنا) لتصريحهم بأن الطلاق الواقع بعد الخلوة الصحيحة يكون بائنا. منح: أي فهنا أولى لعدم صحتها فإنها لا تماثل الوطئ إلا في وجوب العدة ط. قوله: (لوجود الشرط) علة لطلقت، وأما علة كونه بائنا فهي ما قدمناه عن المنح أفاده ح. قوله: (ووجب نصف المهر) في بعض النسخ بعد هذا زيادة وهي لعدم الخلوة الممكنة من الوطئ ا ه. أي لأنها بانت بمجرد الخلوة فكان غير متمكن من الوطئ شرعا. قوله: (ولا عدة عليها) قال في البحر: وسيأتي وجوبها في الخلوة الفاسدة على الصحيح فتجب العدة في هذه الصورة احتياطا ا ه. واعترضه الخير الرملي بقوله: كيف القطع بوجوبها مع مصادمته للنقل، على أن هذه مطلقة قبل الدخول فهي أجنبية والخلوة بالأجنبية لا توجب العدة فليست من قسم الخلوة الصحيحة ولا الفاسدة، فتأمل، وانظر إلى قولهم: إنما تقام مقام الوطئ إذا تحقق التسليم ا ه. أقول: التسليم منها موجود، ولكن عاقه مانع من جهته وهو التعليق كالعنين، وكما لو دخل عليها فأحرم بالحج أو بالصلاة، وكونها خلوة بأجنبية ممنوع لان الخلوة شرط الطلاق، وإنما يقع بعد وجود شرطه، كما لو قال لأجنبية: إن تزوجتك فأنت طالق، فوقوع الطلاق دليل تحقق الخلوة، إذ لولاها لم يقع، غير أنه وجد بعد تحققها مانع من جهته كما ذكرنا، وتصريحهم بوجوب العدة بالخلوة الفاسدة على الصحيح شامل لهذه الصورة، فقول البزازية: لا عدة عليها مبني على خلاف الصحيح، فهو مصادمة نقل بنقل أصح منه، فافهم. قوله: (وتجب العدة) ظاهره الوجوب قضاء وديانة. وفي الفتح قال العتابي: تكلم مشايخنا في العدة الواجبة بالخلوة الصحيحة أنها واجبة ظاهرا أو حقيقة، فقيل لو تزوجت وهي متيقنة بعدم الدخول حل لها ديانة لا قضاء. قوله: (في الكل الخ) هذا في النكاح الصحيح، أما النكاح الفاسد لا تجب العدة في الخلوة فيه بل بحقيقة الدخول. فتح. قوله: (لتوهم الشغل) أي شغل الرحم نظرا إلى التمكن الحقيقي، وكذا في المجبوب لقيام احتمال الشغل بالسحق وهي حق الشرع وحق الولد، ولذا لا تسقط لو أسقطاها، ولا يحل لها الخروج ولو أذن لها الزوج، وتتداخل العدتان ولا يتداخل حق العبد. فتح. وتمامه في المعراج. قوله: (واختاره التمرتاشي الخ) وجزم به في البدائع. قال في الفتح: ويؤيده ما ذكره العتابي. قوله: (تجب العدة) لثبوت التمكن حقيقة. فتح. قوله: (كصغر ومرض مدنف) قال في الفتح: الأوجه على هذا القول أن يخص الصغر بغير القادر والمرض بالمدنف لثبوت التمكن حقيقة في غيرهما ا ه. قلت: ونص على التقييد بالمدنف في جامع الفصولين. وفي القاموس: دنف المريض كفرح: ثقل. قوله: (لأنه نص محمد) أي في كتابة الجامع الصغير الذي روى مسائله عن أبي يوسف
134 عن الامام صاحب المذهب. قوله: (قال المصنف) أي تبعا لشيخه في البحر، وأقره في النهر والشرح نبلالية. قوله: (الموت أيضا) أي كما أن الخلوة كالوطئ فيهما، والمراد الموت قبل الدخول: أي موت الرجل بالنسبة للعدة، وموت أيهما كان بالنسبة للمهر كما أفاده ح. قوله: (في حق العدة والمهر) أي إذا مات عنها لزمها عدة الوفاة واستحقت جميع المهر كالموطوءة. قوله: (فقط) هو معنى قول المجتبى: وفيما سواهما كالعدم. قلت: ولا يقال: إنه يعطى حكمه أيضا في الإرث، لان الإرث من أحكام العقد فلذا تحقق قبل الخلوة التي هي دون الوطئ، فافهم. قوله: (حلت بنتها) أي كما تحل بعد الخلوة الصحيحة، فلا تحرم إلا بحقيقة الوطئ على ما مر قوله: (فوهبته له) ذكر الضمير لان الألف مذكر لا يجوز تأنيثه كما في ط عن المصباح، وكذا لو وهبت نصفه. فتح. قوله: (قبل وطئ) أي وخلوة. نهر. وهي حكما لما مر. قوله: (لعدم تعين النقود في العقود) ولذا لو أشار في النكاح إلى دراهم كان له أن يمسكها ويدفع مثلها جنسا ونوعا وقدرا وصفة، ولو لم تهب شيئا وطلقت قبل الدخول كان لها إمساك المقبوض ودفع غيره، ولذا تزكي الكل، وتمامه في النهر. والحاصل أنه لم يصل إليه بالهبة عين ما يستحقه بالطلاق قبل الدخول وهو نصف المهر. منح. قوله: (أو قبضت نصفه) احتراز عما لو قبضت أكثر من النصف فإنه ترد عليه ما زاد على النصف، بخلاف ما لو قبضت الأقل ووهبته الباقي فهو معلوم بالأولى. بحر. أي لا يرجع عليها بشئ. قوله: (في صورة الأولى) الأنسب أي يقول في الصورتين: فيكون قوله أو الباقي إشارة إلى أن هبة الألف ليس بقيد في الثانية كما نص عليه في البحر. قال في النهر: ومعنى هبة الألف بعد قبض النصف أنها وهبت له المقبوض وغيره. قوله: (أو وهبت عرض المهر) أشار إلى أنه لم يتعيب، إذ لو وهبته بعد ما تعيب فاحشا يرجع بنصف قيمته يوم قبضت لأنه صار كأنها وهبته عينا أخرى، أما العيب اليسير فكالعدم لما سيأتي أنه في المهر متحمل، وقيد بالهبة لأنها لو باعته منه يرجع بالنصف: أي نصف قيمته لا نصف الثمن المدفوع فيما يظهر، ولو وهبته أقل من نصفه ترد ما زاد على النصف، ولو وهبته الأكثر أو النصف فلا رجوع له. بحر. قوله: (أو في الذمة) أشار إلى أنه لا فرق بين العرض المعين وغيره، وهو من خصوص النكاح، فإن العرض فيه يثبت في الذمة، لان المال فيه ليس بمقصود فيتسامح فيه. بخلاف البيع. بحر. قوله: (لحصول المقصود) لأنه وصل إليه عين ما يستحقه بالطلاق قبل الدخول لتعينه في الفسخ كتعينه في العقد بدليل أنه ليس لواحد منهما دفع بدله، حتى لو تعيب فاحشا فوهبته له رجع بنصف قيمته كما مر. نهر.
135 تتمة: حكم الموزون غير المعين، وهو ما كان في الذمة حكم النقد، أما المعين منه فكالعرض، واختلف في التبر والنقرة من الذهب والفضة، ففي رواية كالعرض، وفي أخرى كالمضروب، كذا في البدائع. نهر. تنبيه: قال في البحر: وقد ظهر لي أن هذه المسألة على ستين وجها، لان المهر إما ذهب أو فضة أو مثلي غيرهما أو قيمي، فالأول على عشرين وجها، لان الموهوب إما الكل أو النصف، وكل منهما إما أن يكون قبل القبض أو بعده، أو بعد قبض النصف أو أقل منه أو أكثر فهي عشرة، وكل منها إما أن يكون مضروبا أو تبرا فهي عشرون، والعشرة الأولى في المثلي، وكل منها إما أن يكون معينا أو لا، وكذا في القيمي، والاحكام مذكورة ا ه. وتبعه في النهر. قلت: ويزاد مثلها فتصير مائة وعشرين، بأن يقال: إن الموهوب إما الكل أو النصف أو الأكثر من النصف أو الأقل، فهي أربعة تضرب في الخمسة المارة تبلغ عشرين، وكل منها إما أن يكون مضروبا أو تبرا فهي أربعون، وكذا في كل من المثلي والقيمي أربعون، وقد مر حكم هبة الأكثر من النصف أو الأقل. قوله: (فإن وفى) بتشديد الفاء ماضي يوفى توفية، لا بالتخفيف من وفى يفي وفاء بقرينة. قوله: وإلا يوف. أفاده ح. قوله: (وأقام بها) إنما ذكر التوفية في الأولى دون هذه، لأنه في الأولى جعل المسمى مالا وغير مال وهو ما شرطه لها ووعدها به من عدم إخراجها أو عدم التزوج عليها، أما هنا فالمسمى مال فقط ردد فيه بين القليل على تقدير والكثير على تقدير كما أشار إليه الشارح، فليس هنا في المسمى وعد بشئ ليناسبه التعبير بالتوفية، يوضحه أنه قد يردد فيه بين كونها ثيبا أو بكرا كما يأتي، فافهم. قوله: (الأولى الخ) ضابطها أن يسمى لها قدرا ومهر مثلها أكثر منه ويشترط منفعة لها أو لأبيها أو لذي رحم محرم منها وكانت المنفعة مباحة الانتفاع متوقفة على فعل الزوج لا حاصلة بمجرد العقد ولم يشترط عليها رد شئ له، وذلك كأن تزوجها بألف على أن لا يخرجها من البلد، أو على أن يكرمها أو يهدي لها هدية، أو على أن يزوج أباها ابنته، أو على أن يعتق أخاها، أو على أن يطلق ضرتها، فلو المنفعة لأجنبي ولم يوف فليس لها إلا المسمى لأنها ليست منفعة مقصودة لاحد المتعاقدين. ومثله بالأولى لو شرط ما يضرها كالتزوج عليها، وكذا لو كان المسمى مهر المثل أو أكثر منه، ولو كان المشروط غير مباح كخمر وخنزير، فلو المسمى عشرة فأكثر وجب لها وبطل المشروط ولا يكمل مهر المثل، لان المسلم لا ينتفع بالحرام فلا يجب عوض بفواته، ولو تزوجها على ألف وعتق أخيها أو طلاق ضرتها بلفظ المصدر لا المضارع عتق الأخ وطلقت الضرة بنفس العقد طلقة رجعية لمقابلتها بغير متقوم وهو البضع وللزوجة المسمى فقط والولاء له، إلا إذا قال: وعتق أخيها عنها فهو لها، ولو تزوجها على ألف وعلى أن يطلق امرأته فلانة، وعلى أن ترد عليه عبدا ينقسم الألف على مهر مثلها، وعلى قيمة العبد: فإن كانا سواء صار نصف الألف ثمنا للعبد والنصف صداقا، فإذا طلقها قبل الدخول فلها نصف ذلك وإن بعده نظر، وإن كان مهر مثلها خمسمائة أو أقل فليس لها إلا ذلك، وإن أكثر فإن وفى بالشرط فكذلك، وإلا فمهر المثل. وتمامه في المحيط والفتح عن المبسوط، وفي اشتراط الكرامة والهدية كلام سيأتي.
136 حاصل المسألة على وجوه، لان الشرط إما نافع لها أو لأجنبي أو ضار، وكل إما حاصل بمجرد النكاح أو متوقف على فعل الزوج، وعلى كل من الستة إما أن يكون مهر المثل أكثر من المسمى أو أقل أو مساويا، وكل أما أن يكون قبل الدخول أو بعده، وكل إما أن يباح الانتفاع بالشرط أو لا، وكل إما أن يشترط عليها رد شئ أو لا، وكل أما أن يحصل الوفاء بالشرط أو لا، فهي مائتان وثمانية وثمانون، هذا خلاصة ما في البحر. قوله: (والثانية الخ) قال في الفتح: وأما الثانية فكأن يتزوجها على ألف إن أقام بها أو أن لا يتسرى عليها أو أن يطلق ضرتها أو إن كانت مولاة أو إن كانت أعجمية أو ثيبا وعلى ألفين إن كان أضدادها. قوله: (بفوات النفع) الباء للسببية، لأنه في الأولى سمى لها مالها فيه نفع وهو عدم إخراجها وعدم التزوج عليها ونحوه، فإذا وفى فلها المسمى لأنه صلح مهرا وقد تم رضاها به، وعند فواته ينعدم رضاها بالمسمى فيكمل مهر مثلها ، وفي الثانية سمى تسميتين ثانيتهما غير صحيحة للجهالة كما يأتي فوجب فيها مهر المثل. قوله: (في المسألة الأخيرة) قيد في قوله: ولا يزاد على ألفين فقط ح. وفي بعض النسخ في الصورة الثانية ذات التقديرين. قوله: (ولا ينقص عن ألف) أي في المسألتين. قوله: (لاتفاقهما على ذلك) أي لو زاد مهر مثلها في المسألة الأخيرة على ألفين ليس لها أكثر من ألفين لأنها رضيت معه بهما لترد يده لها بين الألف والألفين، بخلاف المسألة الأولى، فإنه لو زاد على ألف لها مهر المثل بالغا ما بلغ، لأنها لم ترض بالألف وحده بل مع الوصف النافع ولم يحصل لها. ولو نقص عن ألف في المسألتين فلها الألف لأنه رضي به. قوله: (لسقوط الشرط) لأنه إذا لم يف يجب تمام مهر المثل، ومهر المثل لا يثبت في الطلاق قبل الدخول فسقط اعتباره، فلم يبق إلا المسمى فينتصف. بدائع. قوله: (وقالا الشرطان صحيحان) أي في المسألة الأخيرة. قال في الهداية: حتى كان لها الألف إن أقام بها والألفان إن أخرجها. وقال زفر: الشرطان فاسدان ولها مهر مثلها لا ينقص من الألف ولا يزاد على ألفين. وأصل المسألة في الإجارات في قوله: إن خطته اليوم فلك درهم وإن خطته غدا فلك نصف درهم ا ه. قوله: (في الأصح) مقابله ما في نوادر ابن سماعة عن محمد أنها على الخلاف، وضعفه في البحر. قوله: (لقلة الجهالة) جواب عما يرد على قول الإمام حيث أفسد الشرط الثاني في المسألة المتقدمة، وهي ما إذا تزوجها على ألف إن أقام بها وألفين إن أخرجها، وفي هذه الصورة صحح الشرطين مع أن الترديد موجود في الصورتين. وأجاب في الغاية بأنه في المتقدمة دخلت المخاطرة على التسمية الثانية، لان الزوج لا يعرف هل يخرجها أو لا، أما هنا فالمرأة على صفة واحدة من الحسن أو القبح وجهالة الزوج بصفتها لا توجب خطرا. ورده الزيلعي بأن من صور المسألة المتقدمة ما لو تزوجها على ألفين إن كانت حرة أو إن كانت له امرأة، وعلى ألف إن كانت مولاة أو لم تكن له امرأة مع أنه لا مخاطرة ولكن جهل الحال. وأجاب في البحر بأن المرأة وإن كانت في الكل على صفة واحدة لكن الجهالة قوية في الحرية
137 وعدمها لأنها ليست أمرا مشاهدا، ولذا لو وقع التنازع احتيج لي إثباتها فكان فيها مخاطرة معنى، بخلاف الجمال والقبح فإنه أمر مشاهد فجهالته يسيرة لزوالها بلا مشقة. واعترضه في النهر بأنه على هذا ينبغي الصحة فيما لو تزوجها على ألفين إن كانت له امرأة وعلى ألف إن لم تكن لان النكاح يثبت بالتسامع فلا يحتاج إلى إثبات عند المنازعة. قلت: ولا يخفى ما فيه، فإن إثباته بالتسامع إنما هو عند الاحتياج إلى إثباته على أنه قد تكون له امرأة غائبة في بلدة أخرى لا يعلم بها أحد، بخلاف الجمال والقبح، فلذا اتبع الشارح ما في البحر ولم يلتفت لما في النهر. قوله: (بخلاف ما لو ردد الخ) هذا أيضا من صورة المسألة المتقدمة التي ذكر أنها مخالفة لمسألة الترديد للقبح والجمال، فلا حاجة إلى إعادته. والحاصل أن ترديد المهر بين القلة والكثرة إن وجد فيه شرط الأقل لزمه الأقل، وإلا فلا يلزمه الأكثر بل مهر المثل، خلافا لهما، إلا في مسألة القبح والجمال فإنه يجب المسمى في أي شرط وجد اتفاقا، والفرق للامام ما مر. قوله: (ولو شرط الخ) هذه مسألة استطرادية ليست من جنس ما قبلها، ومناسبتها تعليق المسمى على وصف مرغوب له. قوله: (لزمه الكل) لان المهر إنما شرع لمجرد الاستمتاع دون البكارة. ح عن مجمع الأنهر. قوله: (ورجحه في البزازية) أقول: عبارتها تزوجها على أنها بكر فإذا هي ليست كذلك، يجب كل المهر حملا لأمرها على الصلاح بأن زالت بوثبة، فإن تزوجها بأزيد من مهر مثلها على أنها بكر فإذا هي غير بكر لا تجب الزيادة، والتوفيق واضح للمتأمل ا ه. ووجه التوفيق ما ذكره في العمادية عن فوائد المحيط في تعليل المسألة الثانية أنه قابل الزيادة بما هو مرغوب وقد فات فلا يجب ما قوبل به، وأنت خبير بأن كلام البزازية ليس فيه ترجيح للزوم الكل مطلقا بل فيه ترجيح للتفصيل، والفرق بين التزوج بمهر المثل وبأزيد منه، نعم قال في البزازية بعد ذلك: وإن أعطاها زيادة على المعجل على أنها بكر فإذا هي ثيب قيل ترد الزائد. وعلى قياس مختار مشايخ بخارى فيما إذا أعطاها المال الكثير بجهة المعجل على أن يجهزوها بجهاز عظيم ولم تأت به رجع بما زاد على معجل مثلها، وكذا أفتى أئمة خوارزم: ينبغي أن يرجع الزيادة، ولكن صرح في فوائد الامام ظهير الدين أنه لا يرجع في كلتا الصورتين ا ه. أي في صورة الزيادة على مهر المثل وصورة الزيادة على المعجل كما يعلم من مراجعة الفصول العمادية، فقول البزازية تبعا للعمادية: ولكن صرح الخ، يفيد ترجيح عدم الرجوع، وأنه يلزم كل المهر، ولذا نظم المسألة في الوهبانية وعبر عن عدم وجوب الزيادة بقيل، فأفاد أيضا ترجيح لزوم الكل كما هو مقتضى إطلاق صاحب الدرر والوقاية والملتقى. قوله: (ولو تزوجها الخ) حاصل هذه المسألة أن يسمى شيئين مختلفي القيمة اتحد الجنس أو اختلف. نهر. قوله: (أو الألفين) فائدة في ذكره بعد الألف للعلم قطعا بأن الألف غير قيد، فالأولى قول البحر: أو على هذا الألف أو الألفين، فهو مثال آخر مثل
138 الذي بعده مما الاختلاف (1) فيه قيمة مع اتحاد الجنس، ويمكن عطف قوله أو الألفين على مجموع قوله: على هذا العبد أو على هذا الألف بأن يعطف على كل واحد بانفراده كأن يقول الزوج: تزوجتك على هذا العبد أو هذين الألفين. أو يقول: على هذا الألف أو هذين الألفين. تأمل. قوله: (أو على أحد هذين) أي أنه لا فرق بين كلمة أو ولفظ أحدهما فإن الحكم فيه كذلك كما صرح به في المحيط. بحر. قوله: (وأحدهما أوكس) الجملة في موضع الحال. في القاموس: الوكس كالوعد: النقص، والتنقيص لازم ومتعد ا ه. وقيد به لأنهما لو تساويا قيمة صحت التسمية اتفاقا. بحر عن الفتح. وقال قبله: لو كانا سواء فلا تحكيم ولها الخيار في أخذ أيهما شاءت. قوله: (حكم مهر المثل) هذا قوله، وعندهما: لها الأقل، والمتون على الأول، ورجح في التحرير قولهما، والخلاف مبني على أن مهر المثل أصل عنده والمسمى خلف عنده إن صحت التسمية، وقد فسدت هنا للجهالة فيصار إلى الأصل. وعندهما بالعكس، ومحله إذا لم يصرح بالخيار لها أو له، فلو قال على أنها بالخيار تأخذ أيهما شاءت، أو على أني بالخيار أعطيك أيهما شئت فإنه يصح اتفاقا لانتفاء المنازعة، وقيد بالنكاح لأن الخلع على أحد شيئين مختلفين أو الاعتاق عليه يوجب الأقل اتفاقا، لأنه ليس له موجب أصلي يصار إليه عند فساد التسمية فوجب الأقل، وكذا في الاقرار، وتمامه في البحر. قوله: (فلها الا رفع) لأنها رضيت بالحط. هداية. قوله: (فلها الأوكس) لان الزوج رضي بالزيادة. هداية. قوله: (وإلا) أي بأن كان بين الا رفع والا وكس. قوله: (لأنها الأصل) أي في الطلاق قبل الدخول، كما أن الأصل مهر المثل قبل الطلاق. بحر. قوله: (وجبت المتعة) أشار به إلى أن ما وقع في الدرر تبعا للوقاية والهداية من أنه يجب نصف الأوكس اتفاقا مبني على الغالب أن المتعة لا تزيد على نصف الأوكس كما علل به في الهداية، حتى لو زادت وجبت كما صرح به في الخانية والدراية. وقال في الفتح: التحقيق أن المحكم المتعة أفاد أنها لو كانت أزيد من نصف الاعلى لا يزاد على نصفه لرضاها به. رحمتي. قوله: (ولو تزوجها على فرس الخ) شروع في مسألة أخرى، موضوعها أنه تزوجها على ما هو معلوم الجنس دون الوصف كما في الهداية، وقوله فالواجب الوسط أو قيمته يفيد صحة التسمية، لان الجنس المعلوم مشتمل على الجيد والردئ والوسط ذو حظ منهما، بخلاف مجهول الجنس لأنه لا وسط له لاختلاف معاني الأجناس، وإنما تخير الزوج بين دفع الوسط أو قيمته لان الوسط لا يعرف إلا بالقيمة فصارت أصلا في حق الايفاء، وقيد بالمبهم لأنه في المعين بإشارة كهذا العبد أو الفرس يثبت الملك لها بمجرد القبول إن كان مملوكا له، وإلا فلها أن تأخذ الزوج بشرائه لها، فإن عجز لزمه قيمته، وكذا بإضافة إلى نفسه كعبدي، فلا تجبر على قبول القيمة، لان الإضافة إلى نفسه من أسباب التعريف كالإشارة، لكن في هذا إذا كان له أعبد ثبت
(1) قوله: (مما الاختلاف) كذا بالأصل المقابل على خط المؤلف، ولعله مما للاختلاف ا ه مصححه. 139 ملكها في واحد منهم وسط وعليه تعيينه. وقوله في البحر: إنه يتوقف ملكها له على تعيينه غير صحيح، لأنه يلزم كون الإضافة كالابهام، فإنه في الابهام لو عين لها وسطا أجبرت على قبوله، وتمامه في النهر. قوله: (في كل جنس له وسط) قصد بهذا التعميم أن هذا الحكم لا يخص الفرس والعبد وما عطف عليهما، بل يعم كل جنس له وسط معلوم ح. قوله: (وكل ما لم يجز السلم فيه الخ) فإذا وصف الثوب كهروي خير الزوج بين دفع الوسط أو قيمته كما مر، وكذا لو بالغ في وصفه، بأن قال طوله كذا في ظاهر الرواية، نعم لو ذكر الاجل مع هذه المبالغة كان لها أن لا تقبل القيمة، لان صحة السلم في الثياب موقوفة على ذكر الاجل، وفي المكيل والموزون إذا ذكر صفته كجيدة خالية من الشعير صعيدية أو بحرية يتعين المسمى، وإن لم يذكر الاجل لان الموصوف فيها يثبت في الذمة، وإن لم يكن مؤجلا كما في النهر والبحر، فمعنى كون الخيار للمرأة أن لها أن لا تقبل القيمة إذا أراد إجبارها عليها لا بمعنى أن لها أن تجبره على القيمة إذا أراد دفع العين، لأنه إذا صح السلم تعين حقها في العين. هذا، وفي الفتح التصريح بأن قول الهداية في ظاهر الرواية، احترازا عما روى عن أبي حنيفة أن الزوج يجبر على دفع عين الوسط، وهو قول زفر، وعن قول أبي يوسف أنه لو ذكر الاجل مع المبالغة في وصف الثوب بالطول والعرض والرقة تعين الثوب، وذكر مثله عن المبسوط، ثم رجح رواية زفر، وصرح في المجمع بأنها الأصح، وكذا في درر البحار، وأقره في غرر الأذكار وابن ملك. ثم لا يخفى أنه وإن لم يتعين فلا بد في عين الوسط أو قيمته من اعتبار الأوصاف التي ذكرها الزوج. قوله: (وكذا الحكم في كل حيوان الخ) فذكر الفرس ليس قيدا، ولو قال أولا: ولو تزوجها على معلوم جنس وجب الوسط أو قيمته لكان أخصر وأشمل، فإنه يعم نحو العبد والثوب الهروي. أفاده ح. قوله: (هو عند الفقهاء الخ) أما عند المناطقة فهو المقول على كثيرين مختلفين في الحقائق في جواب ما هو، والنوع المقول على كثيرين مختلفين في العدد. قوله: (مختلفين في الاحكام) كإنسان فإنه مقول على الذكر والأنثى، وأحكامهما مختلفة. قال في البحر: ولا شك أن الثوب تحته الكتان والقطن والحرير، والاحكام مختلفة، فإن الثوب الحرير لا يحل لبسه وغيره يحل، فهو جنس عندهم، وكذا الحيوان تحته الفرس والحمار، وأما الدار فتحتها ما يختلف اختلافا فاحشا بالبلدان ولمحال والسعة والضيق وكثرة المرافق وقلتها. قوله: (متفقين فيها) أي في الاحكام مثل له الأصوليون في بحث الخاص بالرجل. وأورد عليهم أنه يشمل الحر والعبد والعاقل والمجنون وأحكامهم مختلفة. فأجابوا بأن اختلاف الاحكام بالعرض لا بالأصالة، بخلاف الذكر والأنثى فإن اختلاف أحكامهما بالأصالة. بحر. تنبيه: علم مما ذكرنا أن نحو الحيوان والدابة والمملوك والثوب جنس، وأن نحو الفرس والحمار والعبد والثوب الهروي أو الكتان أو القطن نوع، وأن الذي تصح تسميته ويجب فيه الوسط
140 أو قيمته الثاني، فكان على المصنف أن يقول: وكذا الحكم في كل حيوان ذكر نوعه دون وصفه كما قال في متن المختار: تزوجها على حيوان، فإن سمى نوعه كالفرس جاز، وإن لم يصفه. وقال في شرحه الاختيار: ثم الجهالة أنواع: جهالة النوع والوصف كقوله ثوب أو دابة أو دار فلا تصح التسمية هذه. ومنها ما هو معلوم النوع مجهول الصفة كقوله عبد أو فرس أو بقرة أو شاة أو ثوب هروي فإنه تصح التسمية ويجب الوسط الخ، فقد جعل الدابة والثوب معلوم الجنس مجهول النوع والوصف، وجعل العبد والفرس والثوب الهروي معلوم الجنس والنوع مجهول الوصف، وهذا موافق لما مر في تعريف الجنس والنوع عند الفقهاء. فإن قلت: قال في الهداية. معنى هذه المسألة أن يسمى جنس الحيوان دون الوصف بأن تزوجها على فرس أو حمار. أما إذا لم يسم الجنس بأن تزوجها على دابة لا تجوز التسمية ويجب مهر المثل ا ه. فقد جعل الفرس والحمار جنسا. قلت: أراد بالجنس النوع كما صرح به في غاية البيان، ولذا قابله بالوصف. وأما قول البحر: لا حاجة إلى حمل الجنس على النوع لان الجنس عند الفقهاء هو المقول على كثيرين الخ، ففيه أنه لا يصح حمل الجنس في كلام الهداية: على الجنس الفقهي كما لا يخفى، بل يتعين حمله على النوع، وكذا قال في الهداية: ولو سمى جنسا بأن قال هروي تصح التسمية ويخير الزوج، فقد سمى الهروي جنسا وليس هو جنسا بالمعنى المار، ولو تبع المصنف الهداية فقال ذكر جنسه دون وصفه بدل قوله دون نوعه لصح كلامه، بأن يراد بالجنس النوع لمقابلته له بالوصف، أما مع مقابلته بالنوع فلا يصح، هذا ما ظهر لي. قوله: (بخلاف مجهول الجنس) أي ما ذكر جنسه بلا تقييد بنوع كثوب ودابة فإنه لا تصح تسميته، فلا يجب الوسط أو قيمته بل يجب مهر المثل. تنبيه: حاصل هذه المسألة أن المسمى إذا كان من غير النقود بأن كان عرضا أو حيوانا: إما أن يكون معينا بإشارة أو إضافة فيجب بعينه، أو لا يكون معينا، فإن كان غير مكيل وموزون: فإن جهل نوعه كدابة أو ثوب فسدت التسمية ووجب مهر المثل، وإن علم نوعه وجهل وصفه كفرس أو ثوب هروي أو عبد صحت التسمية وتخير بين الوسط أو قيمته، وكذلك لو علم وصف الثوب على ظاهر الرواية. وعلى ما مر أنه الأصح يتعين الوسط لأنه يجب في الذمة كالسلم بخلاف الحيوان فإنه لا يجب في الذمة في السلم، وإن كان مكيلا أو موزونا: فإن علم نوعه ووصفه كأردب قمح جيد خال من الشعير صعيدي تعين المسمى وصار كالعرض المشار إليه لأنه يثبت في الذمة حالا كالقرض ومؤجلا كالسلم، وإن لم يعلم وصفه تخير الزوج بين الوسط أو قيمته كما في ذكر الفرس أو الحمار، هذا خلاصة ما في الاختيار والفت والبحر. مطلب: تزوجها على عشرة دراهم وثوب لكن يشكل ما في الخانية: لو تزوجها على عشرة دراهم وثوب ولم يصفه كان لها عشرة دراهم، ولو طلقها قبل الدخول بها كان لها خمسة دراهم، إلا أن تكون متعتها أكثر من ذلك ا ه. قال في البحر: وبهذا علم أن وجوب مهر المثل فيما إذ سمى مجهول الجنس إنما هو فيما إذا لم يكن معه مسمى معلوم، لكن ينبغي على هذا أن لا ينظر إلى المتعة أصلا، لان المسمى هنا عشرة فقط وذكر الثوب لغو بدليل أنه لم يكمل لها مهر المثل قبل الطلاق ا ه.
141 وأجاب الخير الرملي بأن الثوب محمول على العدة والتبرع كما جرت به العادة غير داخل في التسمية، إذ لو دخل لأوجب فسادها لفحش الجهالة. وقال في فتاواه الخيرية إنه زاغ فهم صاحب البحر وأخيه في جعل الثوب لغوا ولا حول ولا قوة إلا بالله ا ه. قلت: حمله على العدة والتبرع هو بمعنى إلغائه في التسمية. ووجه إشكال هذا الفرع أن الثوب إن لم يدخل في التسمية لزم أن يجب لها نصف المسمى بالطلاق قبل الدخول بلا نظر إلى المتعة لصحة تسمية العشرة، وإن دخل فيها ينبغي أن يعطى حكم ما لو تزوجها على ألف وكرامتها أو يهدي لها هدية، فقد صرح في النهر بأنه في المبسوط بعد أن ذكر عبارة محمد: لو تزوجها على ألف وكرامتها أو يهدي لها هدية فلها مهر مثلها لا ينقص عن الألف. قال: هذه المسألة على وجهين: إن أكرمها وأهدى لها هدية فلها المسمى، وإلا فمهر المثل ا ه. قلت: فهو مثل ما لو تزوجها بألف على أن لا يخرجها، أو لا يتزوج عليها كما قدمناه، وبه صرح في الهداية وغاية البيان. وفي البدائع: لو شرط مع المسمى شيئا مجهولا كأن تزوجها على ألف درهم وأن يهدي لها هدية ثم طلقها قبل الدخول فلها نصف المسمى، لأنه إذا لم يف بالكرامة والهدية يجب تمام مهر المثل ومهر المثل لا مدخل له في الطلاق قبل الدخول ا ه. لكن قال في الاختيار: ولو تزوجها على ألف وكرامتها فلها مهر المثل لا ينقص عن ألف، لأنه رضي بها، وإن طلقها قبل الدخول لها نصف الألف لان أكثر من المتعة ا ه. ونقل نحوه في البحر عن الولوالجية والمحيط. واعتراض به على ما مر من إيجاب المسمى بأن الهدية والاكرام مجهولتان، ولا يمكن الوفاء بالمجهول بل تفسد التسمية فيجب مهر المثل. وقد أجبت عنه فيما علقته على البحر بما حاصله: أنه يمكن حمل ما في الاختيار على ما إذا لم يكرمها، أما إذا أكرمها فلها المسمى، وهذا عين ما حمل عليه في المبسوط كلام محمد، ومشى عليه في الهداية وغاية البيان والبدائع كما مر، وجهالة الهداية والاكرام ترتفع بعد وجودها والظاهر كما في النهر أنه يكفي هنا أدنى ما يعد إكراما وهدية ا ه. فإذا لم يكرمها بشئ بقيت التسمية مجهولة لعدم رضا المرأة بالألف وحده فيجب مهر المثل، وكذا إذا طلقها قبل الدخول تقرر الفساد فوجبت المتعة كما هو الحكم عند عدم التسمية أو عند فسادها، وإنما أطلق في البدائع لزوم نصف الألف لأنه في العادة أكثر من المتعة كما علمته من كلام الاختيار، وهو نظير ما مر في مسألة الأوكس، فقد حصل بما ذكرنا التوفيق بين كلامهم، ويتعين حمل ما في الخانية عليه أيضا، وذلك بأن يقيد بما إذا كان مهر مثلها عشرة دراهم ولم يدفع لها ثوبا فحينئذ تجب لها العشرة لأنها مهر المثل وهو الواجب عند فساد التسمية وتجب المتعة بالطلاق قبل الدخول. وأما دعوى الرملي إلغاء ذكر الثوب لجهالته فلا تصح، لان جهالة الاكرام والهداية أفحش من جهالة الثوب، لان الاكرام تحته أجناس الثياب والحيوان والعروض والعقار والنقود والمكيل والموزون ومع هذا لم يلغوه، فعدم إلغاء الثوب بالأولى. وأيضا يشكل على إلغائه اعتبار المتعة، وعلى ما قررناه لا إشكال، والله أعلم بحقيقة الحال.
142 مطلب: مسألة دراهم النقش والحمام ولفافة الكتاب ونحوها ونظير ما في الخانية ما هو معروف بين الناس في زماننا من أن البكر لها أشياء زائدة على المهر. منها: ما يدفع قبل الدخول كدراهم للنقش والحمام وثوب يسمى لفافة الكتاب وأثواب أخر يرسلها الزوج ليدفعها أهل الزوج إلى القابلة وبلانة الحمام ونحوها. ومنها: ما يدفع بعد الدخول كالإزار والخف والمكعب وأثواب الحمام، وهذه مألوفة معروفة بمنزلة المشروط عرفا، حتى لو أراد الزوج أن يدفع ذلك يشترط نفيه وقت العقد أو يسمى في مقابلته دراهم معلومة يضمها إلى المهر المسمى في العقد. وقد سئل عنها في الخيرية فأجاب بما حاصله أن المقرر في الكتب من أن المعروف كالمشروط يوجب إلحاق ما ذكر بالمشروط، فإن علم قدره لزم كالمهر، وإلا وجب مهر المثل لفساد التسمية إن ذكر أنه من المهر، وإن ذكر على سبيل العدة فهو غير لازم بالكلية، والذي يظهر الأخير، وما في الخانية صريح فيه، ثم ذكر عبارة الخانية المارة وما تقدم من اعتراضه على البحر. وأنت خبير بأن هذه المذكورات تعتبر في العرف على وجه اللزوم على أنها من جملة المهر، غير أن المهر منه ما يصرح بكونه مهرا، ومنه ما يسكت عنه بناء على أنه معروف لا بد من تسليمه، بدليل أنه عند عدم إرادة تسليمه لا بد من اشتراط نفيه أو تسمية ما يقابله كما مر، فهو بمنزلة المشروط لفظا فلا يصح جعله عدة وتبرعا، وكون كلام الخانية صريحا قد علمت ما يناقضه وينافيه. وقد رأيت في الملتقط التصريح بلزومه كما قلنا حيث ذكر في مسألة منع المرأة نفسها حتى تقبض المهر فقال ثم إن شرط لها شيئا معلوما من المهر معجلا فأوفاها ذلك ليس لها أن تمنع نفسها، وكذلك المشروط عادة كالخف والمكعب وديباج اللفافة ودراهم السكر على ما هو عادة أهل سمرقند، وإن شرطوا أن لا يدفع شئ من ذلك لا يجب، وإن سكتوا لا يجب، إلا من صدق العرف من غير تردد في الاعطاء لمثلها من مثله، والعرف الضعيف لا يلحق المسكوت عنه بالمشروط ا ه. ثم رأيت المصنف أفتى به في فتاويه . وحاصله أن ذلك إن صرح باشتراطه لزم تسليمه، وكذا إن سكت عنه وكان العرف به مشهورا معلوما عند الزوج. ولا يخفى أن هذا لو كان تبرعا وعدة لم يكن لها منع نفسها لقبضه ولا المطالبة به، وكذا لو كان لازما مفسدا للتسمية، بل ينبغي أن يقال: إنه بمنزلة اشتراط الهدية والاكرام ترتفع الجهالة بدفعه فيجب المسمى دون مهر المثل. أو يقال وهو الأقرب: إن ذلك من قبيل معلوم النوع مجهول الوصف كالفرس والعبد، فإن التفاوت في ذلك يسير في العرف، فمثل اللفافة يعرف نوعها أنها من القصب والحرير أو من القطن والحرير باعتبار الفقر والغنى وقلة المهر وكثرته، وكذا باقي المذكورات، فيعتبر الوسط من كل نوع منها، فهذا ما تحرر لي في هذا المقام الذي كثرت فيه الأوهام وزلت الاقدام، فاحفظه فإنه مهم والسلام. قوله: (ووسط العبيد في زماننا الحبشي) وأما أعلاه فالرومي وأدناه الزنجي، كذا في البحر والمنح. ذكروا أن ذلك عرف القاهرة. وذكر السيد أبو السعود أن الحبشي في عرفنا لا يجب إلا
143 بالتنصيص، لان العبد متى أطلق لا ينصرف إلا للأسود، فإذا اقتصر على ذكر العبد وجب الوسط من السودان ا ه. قلت: والعبد في عرف الشام لا يشمل الرومي لأنه يسمى مملوكا بل يشمل الحبشي والزنجي، وكذا الجارية والرومية تسمى سرية، وعليه فالوسط أعلى الزنجي. قوله: (وإن أمهرها العبدين الخ) أراد بالعبدين الشيئين الحلالين، وبالحر أن يكون أحدهما حرام فدخل فيه ما إذا تزوجها على هذا العبد وهذا البيت فإذا العبد حر، أو على مذبوحتين فإذا أحدهما ميتة كما في شرح الطحاوي. بحر. قوله: (أقله) أي أقل المهر. قوله: (يمنع مهر المثل) جواب عن قول محمد وهو رواية عن الامام، لها العبد الباقي وتمام مهر مثلها إن كان مهر مثلها أكثر منه. قوله: (لها قيمة الحر لو عبدا) أي لها مع العبد الباقي قيمة الحر لو فرض كونه عبدا. قوله: (ورجحه الكمال) والمتون على قول الإمام. وفي القهستاني عن الخانية أنه ظاهر الرواية: قوله: (كما لو استحق أحدهما) أي أحد العبدين المسميين، فإن لها الباقي وقيمة المستحق، ولو استحقا جيمعا فلها قيمتهما، وهذا بالاجماع كما شرح الطحاوي. بحر. مطلب في النكاح الفاسد قوله: (في نكاح فاسد) وحكم الدخول في النكاح الموقوف كالدخول في الفاسد، فيسقط الحد ويثبت النسب، ويجب الأقل من المسمى ومن مهر المثل، خلافا لما في الاختيار من كتاب العدة، وتمامه في البحر وسنذكر في العدة التوفيق بين ما في الاختيار وغيره. قوله: (وهو الذي الخ) بخلاف ما لو شرط شرطا فاسدا كما لو تزوجته على أن لا يطأها فإنه يصح النكاح ويفسد الشرط. رحمتي. قوله: كشهود ومثله تزوج الأختين معا، ونكاح الأخت في عدة الأخت، ونكاح المعتدة، والخامسة في عدة الرابعة، والأمة على الحرة. وفي المحيط: تزوج ذمي مسلمة فرق بينهما لأنه وقع فاسدا ا ه. فظاهره أنهما لا يحدان، وأن النسب يثبت فيه والعدة إن دخل. بحر. قلت: لكن سيذكر الشارح في آخر فصل في ثبوت النسب عن مجمع الفتاوى: نكح كافر مسلمة فولدت منه لا يثبت النسب منه ولا تجب العدة لأنه نكاح باطل ا ه. وهذا صريح فيقدم على المفهوم، فافهم. ومقتضاه الفرق بين الفاسد والباطل في النكاح، لكن في الفتح قبيل التكلم على نكاح المتعة أنه لا فرق بينهما في النكاح، بخلاف البيع، نعم في البزازية حكاية قولين في أن نكاح المحارم باطل أو فاسد، والظاهر أن المراد بالباطل ما وجوده كعدمه، ولذا لا يثبت النسب ولا العدة في نكاح المحارم أيضا كما يعلم مما سيأتي في الحدود. وفسر القهستاني هنا الفاسد بالباطل، ومثله بنكاح المحارم وبإكراه من جهتها أو بغير شهود الخ، وتقييده الاكراه بكونه من جهتها قدمنا الكلام عليه أول النكاح قبيل قوله: وشرط حصول شاهدين وسيأتي في باب العدة أنه لا عدة في نكاح باطل وذكر في البحر هناك عن المجتبى أن كل نكاح اختلف العلماء في جوازه كالنكاح بلا شهود فالدخول فيه موجب للعدة.
144 أما نكاح منكوحة الغير ومعتدته فالدخول فيه لا يوجب العدة إن علم أنها للغير، لأنه لم يقل أحد بجوازه فلم ينعقد أصلا. قال: فعلى هذا يفرق بين فاسده وباطله في العدة، ولهذا يجب الحد مع العلم بالحرمة لأنه زنى كما في القنية وغيرها ا ه. والحاصل أنه لا فرق بينهما في غير العدة، أما فيها فالفرق ثابت، وعلى هذا فيقيد قول البحر هنا: ونكاح المعتدة بما إذا لم يعلم بأنها معتدة، لكن يرد على ما في المجتبى مثل نكاح الأختين معا، فإن الظاهر أنه لم يقل أحد بجوازه، ولكن لينظر وجه التقييد بالمعية. والظاهر أن المعية في العقد لا في ملك المتعة، إذ لو تأخر أحدهما عن الآخر فالمتأخر باطل قطعا. قوله: (في القبل) فلو في الدبر لا يلزمه مهر، لأنه ليس بمحل النسل كما في الخلاصة والقنية، فلا يجب بالمس والتقبيل بشهوة شئ بالأولى كما صرحوا به أيضا. بحر قوله: (كالخلوة) أفاد أنه لا يجب المهر بمجرد العقد الفاسد بالأولى. لحرمة وطئها أي فلم يثبت بها التمكن من الوطئ فهي غير صحيحة كالخلوة بالحائض فلا تقام مقام الوطئ، وهذا معنى قول المشايخ: الخلوة الصحيحة في النكاح الفاسد كالخلوة الفاسدة في النكاح الصحيح، كذا في الجوهرة، وفيه مسامحة لفساد الخلوة. بحر. والظاهر أنهم أرادوا بالصحيحة هنا الخالية عما يمنعها أو يفسدها من وجود ثالث أو صوم أو صلاة أو حيض ونحوه مما سوى فساد العقد لظهور أنه غير مراد وهذا سبب المسامحة، وفيه مسامحة أخرى، وهي أن الخلوة في النكاح الفاسد لا توجب العدة كما قدمناها عن الفتح، مع أن الفاسدة في النكاح الصحيح توجبها كما مر أنه المذهب. قوله: (ولم يزد مهر المثل الخ) المراد بمهر المثل ما يأتي في المتن، بخلاف مهر المثل الواجب بالوطئ بشبهة بغير عقد، فإن المراد به غيره كما نص عليه في البحر، ويأتي بيانه، فافهم. هذا، وفي الخانية: لو تزوج محرمه لا حد عليه عند الامام وعليه مهر مثلها بالغا ما بلغ ا ه. فهي مستثناة إلا أن يقال: إن نكاح المحارم باطل لا فاسد على ما مر من الخلاف، ويكون ذلك ثمرة الاختلاف وبيانا لوجه الفرق بينهما كما أشار إليه في البحر. قوله: (لرضاها بالحط) لأنها لما لم تسم الزيادة كانت راضية بالحط مسقطة حقها فيها، لا لأجل أن التسمية صحيحة من وجه، لان الحق أنها فاسدة من كل وجه لوقوعها في عقد فاسد، ولهذا لو كان مهر المثل أقل من المسمى وجب مهر المثل فقط، وظاهر كلامهم أن مهر المثل لو كان أقل من العشرة فليس لها غيره، بخلاف النكاح الصحيح إذا وجب فيه مهر المثل فإنه لا ينقص عن عشرة. بحر. ومثله في النهر، وفيه نظر، فإن مهر مثلها المعتبر بقوم أبيها كيف يكون أقل من العشرة مع أن العشرة أقل الواجب في المهر شرعا، فتأمل. قوله: (في الأصح) وقيل بعد الدخول: ليس لأحدهما فسخه إلا بحضرة الآخر كما في النهر وغيره ح. قوله: (فلا ينافي وجوبه) قال في النهر: وقول الزيلعي ولكل منهما فسخة بغير محضر من صاحبه لا يريد به عدم الوجوب، إذ لا شك في أنه خروج من المعصية والخروج منها
145 واجب، بل إفادة أنه أمر ثابت له وحده ا ه ح. وضمير ينافي لتعبير المصنف باللام في قوله: ولكل وضمير وحده لكل: أي يثبت لكل منهما وحده. قوله: (بل يجب على القاضي) أي إن لم يتفرقا. قوله: (وتجب العدة) ظاهر كلامهم وجوبها من وقت التفريق قضاء وديانة. وفي الفتح: يجب أن يكون هذا في القضاء. أما إذا علمت أنها حاضت بعد آخر وطئ ثلاثا ينبغي أن يحل لها التزوج فيما بينها وبين الله تعالى على قياس ما قدمنا من نقل العتابي ا ه. ومحله فيما إذا فرق بينهما. أما إذا حاضت ثلاثة من آخر وطئ ولم يفارقها فليس لها التزوج اتفاقا كما أشار إليه في غاية البيان، وظاهر الزيلعي يوهم خلافه. بحر. قوله: (بعد الوطئ لا الخلوة) أي لا تجب بعد الخلوة المجردة عن وطئ، ووجوب العدة بعد الخلوة ولو فاسدة إنما هو في النكاح الصحيح، وفي البحر عن الذخيرة: ولو اختلفا في الدخول فالقول له فلا يثبت شئ من هذه الأحكام ا ه. وفيه عن الفتح: ولو كانت هذه المرأة الموطوءة أخت امرأته حرمت عليه امرأته إلى انقضاء عدتها. قوله: (للطلاق) متعلق بمحذوف حال من العدة وقوله: لا للموت عطف عليه، والمراد أن الموطوءة بنكاح فاسد سواء فارقها أو مات عنها تجب عليها العدة التي هي عدة طلاق وهي ثلاث حيض، لا عدة موت وهي أربعة أشهر وعشر، وهذا معنى قول المنح والبحر: والمراد بالعدة هنا عدة الطلاق. وأما عدة الوفاة فلا تجب عليها من النكاح الفاسدة ا ه. ولا يصح تعلق قوله: للطلاق بقوله: تجب لان الطلاق لا يتحقق في النكاح الفاسد بل هو متاركة كما في البحر وكذا لا يصح أن يراد بقوله: لا للموت موت الرجل قبل الوطئ، ليفيد أنه لو مات بعده تجب عدة الموت، لما علمت من إطلاق عبارة البحر والمنح أنها لا تجب في النكاح الفاسد، ولما سيأتي في باب العدة من أنها تجب بثلاث حيض كوامل في الموطوءة بشبهة أو نكاح فاسد في الموت والفرقة ا ه. أي إن كانت تحيض وإلا فثلاثة أشهر أو وضع الحمل، فافهم. قوله: (من وقت التفريق) أي تفريق القاضي، ومثله التفرق وهو فسخهما أو فسخ أحدهما ح، وهو متعلق بتجب: أي لا من آخر الوطآت خلافا لزفر، وهو الصحيح كما في الهداية، وأقره شراحها كالفتح والمعراج وغاية البيان، وكذا صححه في الملتقى والجوهرة والبحر. ولا يخفى تقديم ما في هذه المعتبرات على ما في مجمع الأنهر من تصحيح قول زفر وعبارة المواهب: واعتبرنا العدة من وقت التفريق لا من آخر الوطآت، فافهم. قوله: (أو متاركة الزوج) في البزازية: المتاركة في الفاسد بعد الدخول لا تكون إلا بالقول، كخليت سبيلك أو تركتك، ومجرد إنكار النكاح لا يكون متاركة. أما لو أنكر وقال: اذهبي وتزوجي، كان متاركة والطلاق فيه متاركة، لكن لا ينقص به عدد الطلاق، وعدم مجئ أحدهما إلى الآخر بعد الدخول ليس متاركة لأنها لا تحصل إلا بالقول. وقال صاحب المحيط: وقبل الدخول أيضا لا يتحقق إلا بالقول ا ه. وخص الشارح المتاركة بالزوج كما فعل الزيلعي، لان ظاهر كلامهم أن لا تكون من المرأة أصلا، مع أن فسخ هذا النكاح يصح من كل منهما بمحضر الآخر اتفاقا، والفرق بين المتاركة والفسخ بعيد، كذا في البحر. وفرق في النهر بأن المتاركة في معنى الطلاق فيختص به الزوج. أما الفسخ فرفع العقد فلا يختص به وإن كان في معنى المتاركة. ورده الخير الرملي بأن الطلاق لا يتحقق في الفاسد، فكيف
146 يقال: إن المتاركة في معنى الطلاق؟ فالحق عدم الفرق، ولذا جزم به المقدسي في شرح نظم الكنز الخ، وتمامه فيما علقناه على البحر، وسيأتي قبيل باب الطلاق قبل الدخول عن الجوهرة طلق المنكوحة فاسدا ثلاثا له تزوجها بلا محلل، قال ولم يحك خلافا، فهذا أيضا مؤيد لكون الطلاق لا يتحقق في الفاسد، ولذا كان غير منقص للعدد بل هو متاركة كما علمت، حتى لو طلقها واحدة ثم تزوجها صحيحا عادت إليه بثلاث طلقات. قوله: (في الأصح) هذا أحد قولين مصححين، ورجحه في البحر وقال: إنه اقتصر عليه الزيلعي، والآخر أنه شرط، حتى لو لم يعلمها بها لا تنقضي عدتها. قوله: (ويثبت النسب) أما الإرث فلا يثبت فيه، وكذا النكاح الموقوف ط. عن أبي السعود. قوله: (احتياطا) أي في إثباته لاحياء الولد ط. قوله: (وتعتبر مدته) أي ابتداء مدته التي يثبت فيها. قوله: (وهي ستة أشهر) أي فأكثر. قوله: (من الوطئ) أي إذا لم تقع الفرقة كما يأتي بيانه. قوله: (يعني ستة أشهر فأكثر) أشار إلى أن التقدير بأقل مدة الحمل إنما هو للاحتراز عما دونه لا عما زاد، لأنها لو ولدته لأكثر من سنتين من وقت العقد أو الدخول ولم يفارقها فإنه يثبت نسبه اتفاقا. بحر. قوله: (وقال الخ) تظهر فائدة الخلاف فيما إذا أتت بولد لستة أشهر من وقت العقد ولاقل منها من وقت الدخول فإنه لا يثبت نسبه على المفتي به. بحر. تنبيه: ذكر في الفتح أنه يعتبر ابتداء المدة من وقت التفريق إذا وقعت فرقة، وإلا فمن وقت النكاح والدخول على الخلاف. واعترضه في البحر بأنه يقتضي أنها لو أتت بعد التفريق لأكثر من ستة أشهر من وقت العقد أو الدخول ولاقل منها من وقت التفريق أنه لا يثبت نسبه مع أنه يثبت. وأجاب في النهر بأن اعتبار ابتداء المدة من وقت النكاح أو الدخول معناه نفي الأقل كما مر، واعتبارها من وقت التفريق معناه نفي الأكثر، حتى لو جاءت به لأكثر من سنتين من وقت التفريق لا يثبت النسب ا ه. ومثله في شرح المقدسي. والحاصل أنه قبل التفريق يثبت النسب ولو ولدته بعد العقد أو الدخول لأكثر من سنتين كما مر، أما بعد التفريق فلا يثبت إلا إذا كان أقل من سنتين من حين التفريق، بشرط أن لا يكون بين الولادة والعقد أو الدخول أقل من ستة أشهر. قوله: (ورجحه في النهر) ترجيحه لا يعارض قول صاحب الهداية وغيره: إن الفتوى على قول محمد. مطلب: التصرفات الفاسدة قوله: (وذكر من التصرفات الفاسدة) أي التي تفسد إذا فقد منها شرط من شروط الصحة. قوله: (وحكم هذا) أي حكم الإجارة الفاسدة بشرط فاسد كحرمة دار، أو بجهالة المسمى، أو بعدم
147 التسمية، أو بتسمية نحو خمر. والاجر خبر حكم، والمراد به أجر المثل، أو المسمى في الصورة الأولى. وأجر المثل بالغا ما بلغ في الثلاثة الأخيرة، وقد فصل ذلك بقوله: وجوب أدنى مثل الخ فأدنى إما مضاف والإضافة بيانية أو غير مضاف، ومثل بدل منه كما لا يخفى ح. قوله: (والواجب الأكثر الخ) يعني أن الكتابة الفاسدة كما إذا كاتبه على عين معينة لغيره يجب على المكاتب الأكثر من قيمته، والمسمى وتاء الكتابة والقيمة مجروران، ولا يوقف عليهما بالهاء لئلا تختلف القافية ح. قوله: (في النكاح) أي الفاسد بعدم الشهود مثلا مهر المثل: أي بالغا ما بلغ إن لم يسم ما يصلح مهرا، وإلا فالأقل من مهر المثل أو المسمى ح. قوله: (إن يكن دخل) أما إذا لم يدخل لا يجب شئ ح. قوله: (وخارج البذر) يعني أن المزارعة الفاسدة كما إذا شرط فيها قفزان معينة لأحدهما يكون الخارج فيها لصاحب البذر. ثم إن كانت الأرض له فعليه مثل أجر العامل، وإذا كان البذر من العامل فعليه أجر مثل الأرض ح. قوله: (أجل) تكملة بمعنى نعم ح. قوله: (والصلح والرهن) أي الصلح الفاسد بنحو جهالة البدل المصالح عليه، والرهن الفاسد كرهن المشاع لكل من المتعاقدين نقضه ح. قوله: (أمانة) خبر مبتدأ محذوف عائد على كل من بدل الصلح والمرهون اللذين دل عليهما الصلح والرهن أي حينئذ يكون في يد المصالح أمانة، وكذلك المصالح عليه في يد من هو في يده، وكذلك الرهن في يد المرتهن لان كلا قبض مال صاحبه بإذنه، لكنه قبضه لنفسه لا لمالكه فينبغي أن يكون مضمونا عليه، وهو ما أشار إليه بقوله: أو كالصحيح حكمه وحكم الصحيح في الصلح أنه مضمون عليه ببدل الصلح وصحيح الرهن مضمون بالأقل من قيمته ومن الدين، وينبغي أن يكون هذا هو المعتمد. رحمتي. قلت: وسيأتي في كتاب الرهن التوفيق بأن فاسد الرهن كصحيحه إذا كان سابقا على الدين وإلا فلا ويأتي تمامه هناك إن شاء الله تعالى. قوله: (ثم الهبة) بسكون الهاء للضرورة، يعني أن الموهوب مضمون على الموهوب له بالقيمة يوم القبض في الهبة الفاسدة كهبة مشاع يقسم ح، لأنه قبضه لنفسه، ومن قبض لنفسه ولو بإذن مالكه كان قبضه قبض ضمان. رحمتي. قوله: (وصح بيعه) أي بيع المستقرض واللام لتعدية البيع وقوله: اقترض نعت لعبد وفاعله مستتر عائد على المستقرض، ومفعوله محذوف عائد على العبد. يعني إذا استقرض عبدا كان قرضا فاسدا لأنه قيمي يفيد الملك فيصح بيعه ح. وقال ط: اللافي لعبد زائدة. قوله: (مضاربه) بسكون الهاء للضرورة: يعني أن المضاربة الفاسدة بنحو اشتراط عمل رب المال حكمها الأمانة: أي يكون مال المضاربة في يد المضارب أمانة ح: أي لأنه قبضها لمالكها بإذنه، وما كان كذلك فهو أمانة، ولأنه لما فسدت صار المضارب أجيرا والمال في يد الأجير أمانة. رحمتي. قوله: (والمثل في البيع) أي الواجب في البيع الفاسد بنحو شرط لا يقتضيه العقد ضمان مثل المقبوض الهالك إن كان مثليا وقيمته إن كان قيميا، وتاء الأمانة والقيمة مرفوعان ولا يوقف عليهما بالسكون لما مر ح.
148 وأما بقية الاحدى والعشرين فقال في النهر: وبقي من التصرفات الفاسدة: الصدقة والخلع والشركة والسلم والكفالة والوكالة والإقالة والصرف والوصية والقسمة. أما الصدقة، ففي جامع الفصولين أنها كالهبة الفاسدة مضمونة بالقبض، وأما الخلع، فحكمه أنه إذا بطل العوض فيه وقع بائنا، وذلك كالخلع على خمر أو خنزير أو ميتة. وأما الشركة، وهي المفقود منها شرطها، مثل أن يجعل الربح فيها على قدر المال كما في المجمع، ولا ضمان عليه لو هلك المال في يده كما في جامع الفصولين. وأما السلم، وهو ما فقد فيه شرط من شرائط الصحة فحكم رأس المال فيه كالمغصوب فيصح فيه أن يأخذ به ما بدا له يدا بيد، كذا في الفصول، وأما الكفالة، كما إذا جهل المكفول عنه مثلا كقوله: ما بايعت أحدا فعلي، فحكمها عدم الوجوب عليه ورجع بما أداه حيث كان الضمان فاسدا، كذا في الفصول أيضا. وأما الوكالة والوقف والإقالة والصرف والوصية، فالظاهر أنهم لم يفرقوا بين فاسدها وباطلها، وصرحوا بأن الإقالة كالنكاح لا يبطلها الشرط الفاسد، وقد عرف أنه لا فرق بين فاسده وباطله، وقالوا: لو وقعت الإقالة بعد القبض بعد ما ولدت الجارية فهي باطلة ا ه. أقول: وما عزاه إلى المجمع في قوله: وأما الشركة الخ فغير موجود فيه، ولم نر أحدا قاله، بل تجوز الشركة مع التساوي في الربح وعدمه، فالصواب أن يمثل بالتي شرط فيها دراهم مسماة لأحدهما فإنه مفسد لها، وحكم الفاسدة أن يجعل الربح فيها على قدر المال وإن شرط التفاضل، وهذا هو الذي في المجمع وغيره، فافهم. وذكر القسمة ولم يتعرض لحكمها، وسيذكر المصنف والشارح في بابها أن المقبوض بالقسمة الفاسدة كقسمة على شرط هبة أو صدقة أو بيع من المقسوم أو غيره يثبت الملك فيه، ويفيد جواز التصرف فيه لقابضه ويضمنه بالقيمة كالمقبوض بالشراء الفاسد. وقيل لا يثبت، وجزم بالقيل في الأشباه، وبالأول في البزازية والقنية ا ه. وما ذكره في النكاح عن عدم الفرق بين فاسده وباطله قد علمت ما فيه. هذا، وقد زاد الرحمتي الحوالة، ونظم حكمها مع حكم ما زاد على العشرة تكميلا لنظم النهر على الترتيب المذكور فقال: صدقة كهبة سواء * والخلع بائن ولا جزاء إن شرط الخمر أو الخنزير أو * لميتة بدله كذا رأوا بقدر مال ربح شركة فسد * كان لقطع شركة الربح قصد وضمان بهلاك المال * في يده حزت ذرا المعالي وسلم بعض شروطه فقد * ففاسد كما من الفقه شهد ورأس مال فيه كالمغصوب عد * فخذ به ما شئت إن يدا بيد كفالة المجهول مفسد لها * فارجع بما أديت إن خب ء دهى إذا بنى الدفع على الكفالة * ولا رجوع إن يرد وفا له وفاسد القسمة إن شرط نمى * يقتضيه العقد يا هذا الكمي فيملك المقسوم بالقيمة إن * يقبض وقيل لا فقد فاز الفطن
149 وكالة وصاية والوقف * إقالة يا صاح ثم الصرف لا فرق فيها بين ما قد فسدا * وبين باطل هديت الرشدا حوالة بشرط أن يؤدى * من بيع دار للمحيل يردى فإن يؤدى المال فهو راجع * على المحيل أو محال خاشع وقوله: فخذ به ما شئت الخ أي له أن يستبدل برأس مال السلم الفاسد بخلاف الصحيح، لكن بشرط أن يكون يدا بيد لئلا ينفصل عن دين بدين، وقوله: إذا بنى الدفع على الكفالة الخ أي لو ظن لزومها له فأداه عما كفله وقال هذا ما كفلت لك به رجع عليه، لأنه أداه ما ليس بلازم عليه على زعم لزومه كما لو قضاه دينه ثم تبين أن لا دين عليه، وأما إذا قال: خذ هذا وفاء عما لك في ذمته فلا يرجع عليه، لان من قضى دين غيره بلا أمره لا رجوع له على أحد. قوله: (والحرة) احترز بها عن الأمة كما يأتي. مطلب في بيان مهر المثل قوله: (مهر مثلها) مبتدأ خبره قوله: مهر مثلها ولا يلزم الاخبار عن الشئ بنفسه لما أشار إليه من اختلافهما شرعا ولغة، ولا الثاني مقيد بقوله: من قوم أبيها. ثم اعلم أن اعتبار مهر المثل المذكور حكم حكم كل نكاح صحيح لا تسمية فيه أصلا، أو سمى فيه ما هو مجهول، أو مالا يحل شرعا، وحكم كل نكاح فاسد بعد الوطئ سمي فيه مهر أو لا. وأما المواضع التي يجب فيها المهر بسبب الوطئ بشبهة فليس المراد بالمهر فيها مهر المثل المذكور هنا، لما في الخلاصة أن المراد به العقر، وفسره الأسبيجابي بأنه ينظر بكم تستأجر للزنى لو كان حلالا يجب ذلك القدر، وكذا نقل عن مشايخنا في شرح الأصل للسرخسي ا ه. وظاهره أنه لا فرق بين الحرة والأمة ويخالفه ما في المحيط: لو زفت إليه غير امرأته فوطئها لزمه مهر مثلها، إلا أن يحمل على العقد المذكور توفيقا. بحر. قوله: (لا أمها) المقصود أنه لا اعتبار للام وقومها مع قوم الأب، لا أنها لا تعتبر أصلا حتى تكون أدنى حالا من الأجانب. ط عن البرجندي. قلت: لكن الام قد تكون من قبيلة لا تماثل قبيلة الأب، والمعتبر من الأجانب من كانت من قبيلة تماثل قبيلة الأب على ما يأتي، فمن كانت كذلك فهي أعلى حالا من الام، فافهم. قوله: (كبنت عمه) مثال للمنفى ح: أي المنفى في قوله: إن لم تكن من قومه والضمير فيهما للأب فالأم إذا كانت بنت عم الأب كانت من قوم الأب، وقول الدرر: كبنت عمها، سبق فلم أو مجاز. قوله: (ومفاده اعتبار الترتيب) كذا في البحر والنهر. لكن قال في البحر بعده: وظاهر كلامهم خلافه ا ه. قلت: وتظهر الثمرة فيما لو ساوتها أختها وبنت عمها مثلا في الصفات المذكورة واختلف مهراهما، فعلى ما في الخلاصة تعتبر الأخت. وأما على ظاهر كلامهم فيشكل.
150 وقد قال في البحر: ولم أر حكم ما إذا ساوت المرأة امرأتين من أقارب أبيها مع اختلاف مهرهما، هل يعتبر المهر الأقل أو الأكثر؟ وينبغي أن كل مهر اعتبره القاضي وحكم به فإنه يصح لقلة التفاوت ا ه. وفيه أنه قد يكون التفاوت كثيرا. وقال الخير الرملي: نص علماؤنا على أن التفويض لقضاة العهد فساد. والذي يقتضيه نظم الفقيه اعتبار الأقل للتيقن به ا ه. قلت: ويظهر لي أنه ينظر في مهر كل من هاتين المرأتين، فمن وافق مهرها مهر مثلها تعتبر، إذ يمكن أن يكون حصل في مهر إحداهما محاباة من الزوج أو الزوجة تأمل. قوله: (في الأوصاف) الأولى حذفه لاغناء قوله: سنا الخ عنه مع احتياجه مع تكلف في الاعراب. قوله: (وقت العقد) ظرف لمثلها الثانية بالنظر للمتن، ولتعتبر بالنظر للشارح ا ه. ح. والمعنى أنه إذا أردنا أن نعرف مهر مثل امرأة تزوجت بلا تسمية مثلا ننظر إلى صفاتها وقت تزوجها من سن وجمال الخ، وإلى امرأة من قوم أبيها كانت حين تزوجت في السن والجمال الخ مثل الأولى، ولا عبرة بما حدث بعد ذلك في واحدة منهما من زيادة وجمال ونحوه أو نقص. أفاده الرحمتي. قوله: (سنا) أراد به الصغر أو الكبر. بحر. ومثله في غاية البيان. وظاهره أنه ليس المراد تحديد السن بالعدد كعشرين سنة مثلا، بل مطلق الصغر أو الكبر فيما لا يعتبر فيه التفاوت عرفا فبنت عشرين مثل بنت ثلاثين، ولذا قال في المعراج: لان مهر المثل يختلف باختلاف هذه الأوصاف، فإن الغنية تنكح بأكثر ما تنكح به الفقيرة، وكذا الشابة مع العجوز، والحسناء مع الشوهاء ا ه. وظاهره أن بقية الصفات كذلك، فيعتبر المماثلة في أصل الصفة احترازا عن ضدها لا عن الزيادة فيها. قوله: (وجمالا) وقيل لا يعتبر الجمال في بيت الحسب والشرف بل في أوساط الناس، وهذا جيد فتح، والظاهر اعتباره مطلقا. بحر. وكذا رده في النهر بإطلاق عبارة الكنز وغيره. قلت: ووجهه أن الكلام فيمن كانت من قوم أبيها، فإذا ساوت إحداهما الأخرى في الحسب والشرف وزادت عليها في الجمال كانت الرغبة فيها أكثر. قوله: (وبلدا وعصرا) فلو كانت من قوم أبيها لكن اختلف مكانهما أو زمانهما لا يعتبر بمهرها، لان البلدين تختلف عادة أهلهما في غلاء المهر ورخصه، فلو زوجت في غير البلد الذي زوج فيه أقاربها لا تعتبر بمهورهن. فتح. ومثله في كافي الحاكم الذي هو جمع كتب محمد، حيث قال: ولا ينظر إلى نسائها إذا كن من غير أهل بلدها، لان مهور البلدان مختلفة ا ه. ومقتضى هذا أنه لابد من اعتبار الزمان والمكان وإن قلنا بالاكتفاء ببعض هذه الصفات على ما يأتي. فافهم. قوله: (وعقلا) هو قوة مميزة بين الأمور الحسنة والقبيحة، أو هيئة محمودة للانسان في مثل حركاته وسكناته كما في كتب الأصول، وهو بهذا المعنى شامل لما شرطه في النتف من العلم والأدب والتقوى والعفة وكمال الخلق قهستاني. قوله: (ودينا) أي ديانة وصلاحا. قهستاني. قوله: (وعدم ولد) أي إن كان من اعتبر لها المهر كذلك، وإن كان لها ولد اعتبر مهر مثلها بمهر من لها ولد ط. قوله: (ذكره الكمال) أي نقلا عن المشايخ، وفسره بأن يكون
151 زوج هذه كأزواج أمثالها من نسائها في المال والحسب وعدمها ا ه: أي وكذا في بقية الصفات، فإن الشاب والملتقى مثلا يزوج بأرخص من الشيخ والفاسق كما في البحر والنهر. قوله: (ومهر الأمة الخ) قدمنا الكلام عليه أول الباب. قال ح: دخل في إطلاقه ما إذا كان لها قوم أب، كما إذا تزوج حر أمة رجل ولم يشترط الحرية فبنته أمة، وإن كانت من قوم أبيها لكن خالفتهم في الحرية لم تحصل المماثلة. قوله: (أي في ثبوت مهر المثل) أشار إلى أن ضمير فيه عائد إلى مهر المثل بتقدير مضاف وهو ثبوت. قوله: لما ذكر علة لثبوت مهر المثل، والمراد بما ذكر المماثلة سنا وما عطف عليه، وأشار به إلى أنه لا بد من الشهادة على الامرين: المماثلة بينهما، وأن مهر الأولى كان كذا ح. وفي بعض النسخ: بما ذكر، فالباء للسببية: أي لثبوته بسبب ما ذكر من المماثلة في الأوصاف. قوله: (شهود عدول) أشار إلى اشتراط العدالة مع العدد، لان المقصود إثبات المال والشرط فيه ذلك. قوله: (فالقول للزوج) لأنه منكر للزيادة التي تدعيها المرأة. قوله: (وما في المحيط الخ) جواب عما ذكره في البحر من المخالفة بين ما في الخلاصة والمنتقى، وهو ما مر من اشتراط الشهادة المذكورة، وبين ما في المحيط حيث قال: فإن فرض القاضي أو الزوج بعد العقد جاز، لأنه يجري ذلك مجرى التقدير، لما وجب بالعقد من مهر المثل زاد أو نقص، لان الزيادة على الواجب صحيحة والحط عنه جائز ا ه. ووجه المخالفة أن ظاهر ما مر أنه لا يصح القضاء بمهر المثل بدون الشهادة أو الاقرار من الزوج. وأجاب في النهر بأن ما في المحيط ينبغي أن يحمل على ما إذا رضيا بذلك، وإلا فالزيادة على مهر المثل عند إبائه والنقص عنه عند إبائها لا يجوز ا ه. أقول: قدمنا عن البدائع عند قول المصنف: وما فرض بعد العقد أو زيد لا ينصف أن مهر المثل يجب بنفس العقد، بدليل أنها لو طلبت الفرض من الزوج يلزمه، ولو امتنع يجبره القاضي عليه، ولو لم يفعل ناب منابه في الفرض ا ه. فهذا صريح في أن المراد فرض مهر المثل وإن فرض القاضي عند عدم التراضي، فلا يصح حمل ما في المحيط على ما ذكره في النهر. وأما قول المحيط: زاد أو نقص الخ، فينبغي حمله على صورة فرض الزوج إذا رضيت بها. وبيان ذلك على وجه تندفع به المخالفة أنك قد علمت أن مهر المثل إنما يجب بالنظر إلى من يساويها من قوم أبيها، وقد علمت أيضا أنه لا يثبت إلا بشاهدين، فإذا تزوجت بلا مهر وطلبت من الزوج أن يفرض لها مهر مثلها فامتنع ورافعته إلى القاضي وأتت بشاهدين شهدا بأن فلانة من قوم أبيها تساويها في الصفات المذكورة وأنها تزوجت بكذا يحكم لها القاضي بمثل مهر فلانة المذكورة بلا زيادة ولا نقص، وإنما يمكن الزيادة والنقص عند فرض الزوج بالتراضي كما قلنا وإذا كان فرض القاضي مبنيا على ما قلنا من الشهادة المذكورة تندفع المخالفة التي ادعاها في البحر، لأنه لا مسوغ لحمل ما في المحيط، على أن القاضي يفرض لها مهرا برأيه ويلزم أحدهما بالزيادة أو النقص بلا رضاه مع إمكان المصير إلى الواجب لها شرعا عند وجود من يساويها في الصفات من قوم أبيها، وإن كان المراد حمل كلام المحيط على حكم القاضي عند عدم وجود من يساويها من
152 قوم أبيها ومن الأجانب فلا يخالف ما في الخلاصة والمنتقى أيضا، لان كلامهما في مهر المثل وهو لا يكون إلا عند وجود المماثل، فيتوقف ثبوته على الشهادة أو الاقرار. أما عند عدم المماثل يكون تقديريا لمهر المثل جاريا مجراه لا عينه، فينظر فيه القاضي نظر تأمل واجتهاد، فيحكم به بدون شهود وإقرار من الزوج، فموضوع الكلامين مختلف كمالا يخفى. وعلى هذا لا يتأتى أيضا فيه زيادة أو نقصان، إذ لا يمكن ذلك إلا عند وجود المماثل، ولكن حمل كلام المحيط على ما ذكر ينافيه ما قدمناه عن البدائع من أن المراد حكم بمهر المثل، وكذا ما نذكره قريبا عن الصيرفية من أنه عدم المماثل لا يعطي لها شئ، ولا يمكن حمله على حالة التراضي، لما علمت من كلام البدائع، ولأنه عند وجود التراضي يستغنى عن الترافع إلى القاضي وعند عدم وجود الشاهدين، فالقول للزوج بيمينه كما مر ويأتي، فيحكم لها القاضي بما يحلف عليه، فاغتنم هذا التحرير والله الموفق. قوله: (فإن لم يوجد) أي من يماثلها في الأوصاف المذكورة كلها أو بعضها. بحر. ومقتضاه الاكتفاء ببعض هذه الأوصاف، وبه صرح في الاختيار بقوله: فإن لم يوجد ذلك كله فالذي يوجد منه لأنه يتعذر اجتماع هذه الأوصاف في امرأتين، فيعتبر بالموجود منها لأنها مثلها ا ه. ومثله في شرح المجمع لابن ملك وغرر الأذكار، وهو موجود في بعض نسخ الملتقى. قلت: لكن يشكل عليه اتفاق المتون على ذكر معظم هذه الأوصاف، وتصريح الهداية بأن مهر المثل يختلف باختلاف هذه الأوصاف، وكذا يختلف باختلاف الدار والعصر ا ه. إذ لا شك أن الرغبة في البكر الشابة الجميلة الغنية أكثر من الثيب العجوز الشوهاء الفقيرة، وإن تساوتا في العقل والدين والعلم والأدب وغيرها من الأوصاف، فكيف يقدر مهر إحداهما بمهر الأخرى مع هذا التفاوت؟ وقولهم: لأنه يتعذر اجتماع هذه الأوصاف في امرأتين، مسلم لو التزمنا اعتبارها في قوم الأب فقط. أما عند اعتبارها من الأجانب أيضا فلا، على أنه لو فرض عدم الوجود يكون القول للزوج كما ذكره المصنف بعد، وإن امتنع يرفع الامر للقاضي ليقدر لها مهرا على ما مر، لكن في البحر عن الصيرفية: مات في غربة وخلف زوجتين غريبتين تدعيان المهر ولا بينة لهما وليس لهما أخوات في الغربة، قال: يحكم بجمالهما بكم ينكح مثلهما؟ قيل له: يختلف بالبلدان، قال: إن وجد في بلدهما يسأل، وإلا فلا يعطى لهما شئ ا ه: أي لعدم إمكان الحلف بعد الموت، لكن فيه أن ورثة الزوج تقوم مقامه، فتأمل. تنبيه: جرى العرف في كثير من قرى دمشق بتقدير المهر بمقدار معين لجميع نساء أهل القرية بلا تفاوت، فينبغي أن يكون ذلك عند السكوت عنه بمنزلة المذكور المسمى وقت العقد، لان المعروف مطلب في ضمان الولي المهر كالمشروط، وحينئذ فلا يسأل عن مهر المثل، والله أعلم قوله: (وصح ضمان الولي مهرها) أي سواء كان ولي الزوج أو الزوجة صغيرين كانا أو
153 كبيرين، أما ضمان ولي الكبير منهما فظاهر، لأنه كالأجنبي. ثم إن كان بأمره رجع وإلا لا. وأما ولي الصغيرين فلانه سفير ومعبر، فإذا مات كان لها أن ترجع في تركته، ولباقي الورثة الرجوع في نصيب الصغير، خلافا لزفر، لان الكفالة صدرت بأمر معتبر من المكفول عنه لثبوت ولاية الأب عليه، فإذن الأب إذن منه معتبر، وإقدامه على الكفالة دلالة ذلك من جهته. نهر عن الفتح. قوله: (ولو عاقدا) أي ولو كان هو الذي باشر عقد النكاح بالولاية عليها أو عليه أو عليهما، فافهم. قوله: (لأنه سفير) تعليل لقوله: صح بالنسبة لما إذا كانا صغيرين أو أحدهما، ويصلح جوابا عما يقال: لو كان الضامن ولي الصغير يلزم أن يكون مطالبا ومطالبا، لان حق المطالبة له، ولذا لو باع شيئا ثم ضمن الثمن عن المشتري لم يصح. والجواب أنه في النكاح سفير ومعبر عنها فلا ترجع الحقوق إليه، وفي البيع أصيل وولاية قبض المهر له بحكم الأبوة لا باعتبار أنه عاقد، ولذا لا يملك قبضه بعد بلوغها وإذا نهته، بخلاف البيع، وتمامه في الفتح. قوله: (لكن) استدراك على قوله: وصح. قوله: (بشرط صحته) أي الولي قوله: (وهو) أي المكفول عنه والمكفول له ط. قوله: (وارثه) أي وارث الولي كأن يكون الولي أبا الزوج أو أبا الزوجة. قوله: (لم يصح) لأنه تبرع لوارثه في مرض موته. فتح. زاد في البحر عن الذخيرة: وكذا كل دني ضمنه عن وارثه أو لوارثه ا ه: أي لأنه بمنزلة الوصية لوارثه. لا يقال: إنه لا يتبرع من الكفيل بشئ، فإنه لو مات قبل الأداء ترجع المرأة في تركته ويرجع باقي الورثة في نصيب الابن لو كفله الأب بأمره أو كان صغيرا كما قدمناه. لأنا نقول: رجوع باقي الورثة على المكفول عنه لا يخرج الكفالة عن كونها تبرعا ابتداء، لأنه قد يهلك نصيبه وهو مفلس، أو قد لا يمكنهم الرجوع، ويدل على ذلك أيضا أن كفالة المريض لأجنبي تعتبر من الثلث، ولو لم تكن تبرعا لصحت من كل المال كباقي تبرعاته، بل أبلغ من هذا أنه لو باع وارثه شيئا من ملكه بمثل القيمة أو أقل أو أكثر فالبيع باطل حتى لا تثبت به الشفعة، خلافا لهما كما في المجمع، فافهم. قوله: (وإلا) أي وإن لم يكن المكفول له أو عنه وارث الولي الكافل، بأن كان ابن ابنه الحي أو بنت عمه ط. قوله: (صح) أي الضمان من الثلث كما صرحوا به في ضمان الأجنبي. بحر: أي إن كان مال الكفالة قدر ثلث تركته صح، وإن كان أكثر منه صح بقدر الثلث، لان الكفالة تبرع ابتداء كما قلنا. قوله: (وقبول المرأة) عطف على صحته، وهذا إذا كانت المرأة بالغة ح. قوله: (أو غيرها) وهو وليها أو فضولي غيره كما سيأتي في كتاب الكفالة، ولذا قال في البحر: ولا بد من قبولها أو قبول قابل في المجلس، فافهم. قال ح: وهذا فيما إذا كانت صغيرة والكفيل ولي الزوج، أما إذا كان وليها فإيجابه يقوم مقام القبول كما في النهر. قوله: (في مجلس الضمان) لان شطر العقد لا يتوقف على قبول غائب على المذهب ط. قوله: (أو الولي الضامن) سواء كان وليه أو وليها ح، وقيد بالضامن لان الكلام فيه، ولأنه لا يطالب بلا ضمان على ما يذكره قريبا. قوله: (إن أمر) أي إن أمر الزوج بالكفالة. وأفاد أنه لو ضمن عن ابنه الصغير وأدى لا يرجع عليه للعرف بتحمل مهور
154 الصغار، إلا أن يشهد في أصل الضمان أنه دفع ليرجع. فتح. ويأتي تمامه. قوله: (بمهر ابنه) أي مهر زوجة ابنه أو المهر الواجب على ابنه. قوله: (إذا زوجه امرأة) مرتبط بقوله: ولا يطالب الأب الخ لان المهر مال يلزم ذمة الزوج ولا يلزم الأب بالعقد، إذ لو لزمه لما أفاد الضمان شيئا. بحر. قوله: (على المعتمد) مقابله ما في شرح الطحاوي: والتتمة أن لها مطالبة أبي الصغير ضمن أو لم يضمن. قال في الفتح: والمذكور في المنظومة أن هذا قول مالك ونحن نخالفه: ثم قال في الفتح: وهذا هو المعول عليه. قلت: ومثل ما في المنظومة في المجمع ودرر للبحار وشروحهما. وفي مواهب الرحمن: لو زوج طفله الفقير لا يلزمه المهر عندنا. وأجاب في البحر عما ذكره شارح الطحاوي بحمله على ما إذا كان للصغير مال بدليل أنه في المعراج ذكر ما في شرح الطحاوي. ثم ذكر أن المهر لا يلزم أبا الفقير بلا ضمان، فتعين كون الأول في الغني. قلت: وأصرح من هذا ما في العناية حيث قال ناقلا عن شرح الطحاوي: إن الأب إذا زوج الصغير امرأة فللمرأة أن تطلب المهر من أبي الزوج، فيؤدي الأب من مال ابنه الصغير وإن لم يضمن الخ. وعلى هذا فقول الشارح على المعتمد لا محل له. قوله: (كما في النفقة) أي أنه لا يؤاخذ أبو الصغير بالنفقة إلا إذا ضمن، كذا ذكره المصنف في المنح عن الخلاصة. وفي الخانية: وإن كانت كبيرة وليس للصغير مال لا تجب على الأب نفقتها، ويستدين الأب عليه ثم يرجع على الابن إذا أيسر ا ه. وفي كافي الحاكم: فإن كان صغيرا لا مال له لم يؤاخذ أبوه بنفقة زوجته إلا أن يكون ضمنها ا ه. ومثله في الزيلعي وغيره . قلت: وهو مخالف لما سيذكره الشارح في باب النفقة في الفروع حيث قال: وفي المختار والملتقى: ونفقة زوجة الابن على أبيه إن كان صغيرا فقيرا أو زمنا ا ه. اللهم إلا أن يحمل ما سيأتي على أنه يؤمر بالانفاق ليرجع بما أنفقه على الابن إذا أيسر، كما قالوا في الابن الموسر إذا كانت أمه وزوجها معسرين يؤمر بالانفاق على أمه ويرجع بها على زوجها إذا أيسر، ويؤيده عبارة الخانية المذكورة، فليتأمل. قوله: (ولا رجوع للأب الخ) أي لو أدى الأب المهر من مال نفسه لا رجوع له على ابنه الصغير، قيل لان الكفيل لا رجوع له إلا بالامر ولم يوجد، لكن قدمنا أن إقدامه على كفالته بمنزلة الامر لثبوت ولايته عليه، ولهذا لو ضمنه أجنبي بإذن الأب يرجع، فكذا الأب، نعم ذكر في غاية البيان رجوع الأب لما ذكر. وفي الاستحسان: لا رجوع له لتحمله عنه عادة بلا طمع في الرجوع، والثابت بالعرف كالثابت بالنص، إلا إذا شرط الرجوع في أصل الضمان فيرجع، لان الصريح يفوق الدلالة. أعني العرف، بخلاف الوصي فإنه يرجع لعدم العادة في تبرعه، فصار كبقية الأولياء غير الأب ا ه. فعدم الرجوع بلا إشهاد مخصوص بالأب، ومقتضى هذا رجوع الام أيضا حيث لا عرف إذا كانت وصية وكفلته، أما بدون ذلك فقد صار حادثة الفتوى في صبي زوجه وليه
155 ودفعت أمه عنه المهر وهي غير وصية عليه ثم بلغ فأرادت الرجوع عليه، وينبغي في هذه الحادثة عد الرجوع لايفائها دين الصبي بلا إذن ولا ولاية، ولا سيما على القول الآتي من اشتراط الاشهاد في غير الأب. أيضا تأمل. وفي البزازية: إذا أشهد: أي الأب عند الأداء أنه أدى ليرجع رجع وإن لم يشهد عند الضمان ا ه. والحاصل أن الاشهاد عند الضمان أو الأداء شرط الرجوع كما في البحر. وقيده في الفتح بما إذا كان الصغير فقيرا، واعترضه في النهر بما مر عن غاية البيان: أي من حيث إنه مطلق مع عموم التعليل بالعرف. وقد يقال: إن ما في الفتح مبني على عدم اطراد العرف إذا كان الصغير غنيا فله الرجوع وإن لم يشهد ولا سيما لو كان الأب فقيرا، فتأمل. وبقي ما لو دفع بلا ضمان، ومقتضى التعليل بالعادة أنه لا فرق، فيرجع إن أشهد وإلا لا، وسيذكر الشارح في آخر باب الوصي. ولو اشترى لطفله ثوبا أو طعاما وأشهد أنه يرجع به عليه، يرجع به لو له مال، وإلا لا لوجوبها عليه ح. ومثله لو اشترى له دارا أو عبدا يرجع سواء كان له مال أو لا، وإن لم يشهد لا يرجع، كذا عن أبي يوسف وهو حسن يجب حفظه ا ه. قلت: وحاصله الفرق بين الطعام والكسوة وبين غيرهما، ففي غيرهما لا يرجع إلا إذا أشهد، سواء كان الصغير فقيرا أولا، وكذا فيهما إن كان الصغير غنيا. أما لو فقيرا فلا رجوع له وإن أشهد لوجوبهما عليه بخلاف نحو الدار والعبد، ومقتضى هذا أن المهر بلا ضمان كالدار والعبد لعدم وجوبه عليه، فله الرجوع عليه إن أشهد ولو فقيرا، وإلا فلا، وهذا يؤيد ما في النهر، فتدبر. هذا وسنذكر هناك اختلاف القولين في أن الوصي لو أنفق من ماله على قصد الرجوع هل يشترط الاشهاد أم لا؟ والاستحسان الأول. وعليه فلا فرق بينه وبين الأب، فما مر عن غاية البيان من قوله بخلاف الوصي مبني على القول الآخر، والله تعالى أعلم وشمل الرجوع بعد الاشهاد ما لو أدى بعد بلوغ الابن كما في الفيض. وفيه أن هذا: أي اشتراط الاشهاد إذا لم يكن للصبي دين على أبيه، فلو على الأب دين له فأدى مهر امرأته ولم يشهد ثم ادعى أنه أداه من دينه الذي عليه صدق، ولو كان الابن كبيرا فهو متبرع لأنه لا يملك الأداء بلا أمره ا ه. تنبيه: اشتراط الاشهاد لرجوع الأب لا ينافيه ما قدمناه، من أنه لو مات وأخذت الزوجة مهرها من تركته فلباقي الورثة الرجوع في نصيب الصغير، لما علمت من أنه صار كفيلا بالامر دلالة، والكفيل بأمر المكفول عنه يرجع بما أدى، وإنما لم يرجع لو أدى بنفسه بلا إشهاد للعادة بأنه يؤدي تبرعا. أما إذا لم يدفع بنفسه وأخذت الزوجة من تركته لم يوجد التبرع منه، فلذا يرجع باقي الورثة في نصيب الصغير من التركة. فرع: في الفيض: ولو أعطى ضيعة بمهر امرأة ابنه ولم تقبضها حتى مات الأب فباعتها المرأة لم يصح إذا ضمن الأب المهر ثم أعطى الضيعة به فحينئذ لا حاجة إلى القبض.
156 مطلب في منع الزوجة نفسها لقبض المهر قوله: (ولها منعه الخ) وكذا لولي الصغيرة المنع المذكور حتى يقبض مهرها وتسليمها نفسها غير صحيح فله استردادها، وليس لغير الأب والجد تسليمها قبل قبض المهر ممن له ولاية قبضه، فإن سلمها فهو فاسد، وأشار إلى أنه لا يحل له وطؤها على كره منها إن كان امتناعها لطلب المهر عنده، وعندهما يحل كما في المحيط. بحر. وينبغي تقييد الخلاف بما إذا كان وطئها أو لا برضاها، أما إذا لم يطأها ولم يخل بها كذلك فلا يحل اتفاقا. نهر قوله: (ودواعيه الخ) لم يصرح به في شرح المجمع، وإنما قال: لها أن تمنعه من الاستمتاع بها، فقال في النهر: إنه يعم الدواعي ط. قوله: (والسفر) الأولى للتعبير بالاخراج كما عبر في الكنز ليعم الاخراج من بيتها كما قاله شارحوه ط. قوله: (وخلوة) يعلم حكمها من الوطئ بالأولى، وإنما تظهر فائدة ذكرها على قولهما الآتي. قوله: (رضيتهما) وكذا لو كانت مكرهة أو صغيرة أو مجنونة بالأولى وهو بالاتفاق. أما مع الرضا، فعندهما ليس لها المنع وتكون به ناشزة لا نفقة لها: أي إلا أن تمنعه من الوطئ وهي في بيته. بحر. بحثا، أخذا مما صرحوا به في النفقات أن ذلك ليس بنشوز بعد أخذ المهر. قوله: (لاخذ ما بين تعجيله) علة لقوله: ولها منعه أو غاية له، واللام بمعنى إلى، فلو أعطاها المهر إلا درهما واحدا فلها المنع، وليس له استرجاع ما قبضت. هندية عن السراج. وفي البحر عن المحيط: لو أحالت به رجلا على زوجها لها الامتناع إلى أن يقبض المحتال لا لو أحالها به الزوج ا ه. وأشار إلى أن تسليم المهر مقدم سواء كان عينا أو دينا، بخلاف البيع والثمن عين فإنهما يسلمان معا، لان القبض والتسليم معا متعذر هنا، بخلاف البيع كما في النهر عن البدائع، وتمامه فيه، لكن في الفيض: لو خاف الزوج أن يأخذ الأب المهر ولا يسلم البنت يؤمر الأب بجعلها مهيأة للتسليم ثم يقبض المهر. قوله: (أو أخذ قدر ما يعجل لمثلها عرفا) أي إن لم يبين تعجيله أو تعجيل بعضه فلها المنع لاخذ ما يعجل لها منه عرفا. وفي الصيرفية: الفتوى على اعتبار عرف بلدهما من غير اعتبار الثلث أو النصف. وفي الخانية: يعتبر التعارف لان الثابت عرفا كالثابت شرطا. قلت: والمتعارف في زماننا في مصر والشام تعجيل الثلثين وتأجيل الثلث، ولا تنس ما قدمناه عن الملتقط من أن لها المنع أيضا للمشروط عادة كالخف والمكعب وديباج اللفافة ودراهم السكر كما هو عادة سمرقند، فإنه يلزم دفعه على من صدق العرف من غير تردد في إعطاء مثلها من مثله ما لم يشرطا عدم دفعه، والعرف الضعيف لا يلحق المسكوت به بالمشروط. قوله: (إن لم يؤجل) شرط في قوله: أو أخذ قدر ما يعجل لمثلها يعني أن محل ذلك إذا لم يشترطا تأجيل الكل أو تعجيله ط. وكذا البعض كما قدمه في قوله: كلا أو بعضا. وفي الفتح: حكم التأجيل بعد العقد كحكمه فيه. قوله: (فكما شرطا) جواب شرط محذوف تقديره: فإن أجل كله أو عجل كله. وفي
157 مسألة التأجيل خلاف يأتي. قوله: (لان الصريح الخ) أي يعتبر ما شرطا وأن تعورف تعجيل البعض، لان الشرط صريح والعرف دلالة، والصريح أقوى. قوله: (إلا إذا جهل الاجل) إذ هنا ظرفية فهو استثناء من أعم الظروف: أي فكما شرطا في كل وقت إلا في وقت جهل الاجل، فافهم. قال في البحر: فإن كانت جهالة متقاربة كالحصاد والدياس ونحوه فهو كالمعلوم على الصحيح كما في لظهيرية، بخلاف البيع فإنه لا يجوز بهذا الشرط، وإن كانت متفاحشة كإلى الميسرة أو إلى هبوب الريح أو أن تمطر السماء فالأجل لا يثبت ويجب المهر حالا، وكذا في غاية البيان ا ه. قوله: (إلا التأجيل) استثناء من المستثنى ح. قوله: (فيصح للعرف) قال في البحر: وذكر في الخلاصة والبزازية اختلافا فيه، وصحح أنه صحيح. وفي الخلاصة: وبالطلاق يتعجل المؤجل، ولو راجعها لا يتأجل ا ه: يعني إذا كان التأجيل إلى الطلاق. أما لو إلى مدة معينة لا يتعجل بالطلاق، كما قد يقع في مصر من جعل بعضه حالا وبعضه مؤجلا إلى الطلاق، أو الموت وبعضه منجما، فإذا طلقها تعجل البعض المؤجل لا المنجم، فتأخذه بعد الطلاق على نجومه كما تأخذه قبله. واختلف هل يتعجل المؤجل بالطلاق الرجعي مطلقا أو إلى انقضاء العدة؟ وجزم في القنية بالثاني، وعزاه إلى عامة المشايخ. ولو ارتدت ولحقت ثم أسلمت وتزوجها فالمختار أنه لا يطالب بالمهر المؤجل إلى الطلاق كما في الصيرفية لان الردة فسخ لا طلاق ا ه ملخصا. قوله: (وبه يفتى استحسانا) لأنه لما طلب تأجيله كله فقد رضي بإسقاط حقه في الاستمتاع. وفي الخلاصة أن الأستاذ ظهير الدين كان يفتي بأنه ليس لها الامتناع، والصدر الشهيد كان يفتي بأن لها ذلك ا ه. فقد اختلف الافتاء. بحر. قلت: الاستحسان مقدم، فلذا جزم به الشارح. وفي البحر عن الفتح: وهذا كله إذا لم يشترط الدخول قبل حلول الأجل، فلو شرطه ورضيت به ليس لها الامتناع اتفاقا ا ه. تنبيه: يفهم من قول الشارح إن أجله كله أنه لو أجل البعض ودفع المعجل ليس لها الامتناع على قول الثاني، مع أنه في شرح الجامع لقاضيخان ذكر أو لا أنه لو كان المهر مؤجلا ليس لها المنع قبل حلول الأجل ولا بعده، وكذا لو كان المؤجل بعضه واستوفت العاجل، وكذا لو أجلته بعد العقد. ثم قال: وعلى قول أبي يوسف لها المنع إلى استيفاء الاجل في جميع هذه الفصول إذا لم يكن دخل بها الخ، وهذا مخالف لقول المصنف لاخذ ما بين تعجيله الخ لكن رأيت في الذخيرة عن الصدر الشهيد أنه قال في مسألة تأجيل البعض أن له الدخول بها في ديارنا بلا خلاف، لان الدخول عند أداء المعجل مشروط عرفا فصار كالمشروط نصا، أما في تأجيل الكل فغير مشروط لا عرفا ولا نصا فلم يكن له الدخول على قول الثاني استحسانا. فافهم. قوله: (على أن يعجل أربعين) أي قبل
158 الدخول. قوله: (لها منعه حتى تقبضه) أي تقبض الباقي بعد الأربعين، إذ ليس في اشتراط تعجيل البعض مع النص على حلول الجميع دليل على تأخير الباقي إلى الطلاق أو الموت بوجه من وجوه الدلالات. والذي عليه العادة في مثل هذا التأخير إلى اختيار المطالبة. بحر عن فتاوى العلامة قاسم. فرع: في الهندية عن الخانية: تزوجها بألف على أن ينقدها ما تيسر له والبقية إلى سنة فالألف كله إلى سنة ما لم تبرهن أنه تيسر له منه شئ أو كله فتأخذه. قوله: (ولها النفقة بعد المنع) أي المنع لأجل قبض المهر، ويشمل المنع من الوطئ وهي في بيته وهو ظاهر، وكذا لو امتنعت من النقلة إلى بيته فلها النفقة كما يأتي في بابها، وكذا لو سافرت. ويشكل عليه أن النفقة جزاء الاحتباس، ولهذا لو كانت مغصوبة أو حاجة وهو ليس معها لا نفقة لها مع أنها لم تحتبس بعذر. وقد يجاب بأن التقصير جاء من جهته بعدم دفع المهر فكانت محتبسة حكما كما لو أخرجها من منزله فلها النفقة، بخلاف المغصوبة والحاجة فإن ذلك ليس من جهته، هذا ما ظهر لي. قوله: (فلا تخرج الخ) جواب شرط مقدر، أي فإن قبضته فلا تخرج الخ، وأفاد به تقييد كلام المتن، فإن مقتضاه أنها إن قبضته ليس لها الخروج للحاجة وزيارة أهلها بلا إذنه مع أنه لها الخروج، وإن لم يأذن في المسائل التي ذكرها الشارح كما هو صريح عبارته في شرحه على الملتقى عن الأشباه، وكذا فيما لو أرادت حج الفرض بمحرم، أو كان أبوها زمنا مثلا يحتاج إلى خدمتها ولو كان كافرا، أو كانت لها نازلة ولم يسأل لها الزوج عنها من عالم فتخرج بلا إذنه في ذلك كله كما بسطه في نفقات الفتح: خلافا لما في القهستاني، وإن تبعه ح حيث قال بعد الاخذ: ليس لها أن تخرج بلا إذنه أصلا، فافهم. قوله: (أو لزيارة أبويها) سيأتي في باب النفقات عن الاختيار تقييده بما إذا لم يقدرا على إتيانها، وفي الفتح أنه الحق. قال: وإن لم يكونا كذلك ينبغي أن يأذن لها في زيارتهما في الحين بعد الحين على قدر متعارف، أما في كل جمعة فهو بعيد، فإن في كثرة الخروج فتح باب الفتنة خصوصا إن كانت شابة والرجل من ذوي الهيئات. قوله: (أو لكونها قابلة غاسلة) أي تغسل الموتى كما في الخانية، وسيذكر الشارح في النفقات عن البحر أن له منعها لتقدم حقه على فرض الكفاية، وكذا بحثه الحموي. وقال ط: إنه لا يعارض المنقول. وقال الرحمتي: ولعله محمول على ما إذا تعين عليها ذلك ا ه. قلت: لكن المتبادر من كلامهم الاطلاق، ولا مانع من أن يكون تزوجه بها مع علمه بحالها رضا بإسقاط حقه. تأمل. ثم رأيت في نفقات البحر ذكر عن النوازل أنها تخرج بإذنه وبدونه، ثم نقل عن الخانية تقييده بإذن الزوج. قوله: (فيما عدا ذلك) عبارة الفتح: وما عدا ذلك من زيارة الأجانب وعيادتهم، والوليمة لا يأذن لها ولا تخرج الخ. قوله: (والمعتمد الخ) عبارته فيما سيجئ في
159 النفقة: وله منعها من الحمام إلا النفساء وإن جاز بلا تزين وكشف عورة أحد. قال الباقاني: وعليه فلا خلاف في منعهن للعلم بكشف بعضهن، وكذا في الشرنبلالية معزيا للكمال ا ه. وليس عدم التزين خاصا بالحمام لما قاله الكمال. وحيث أبحنا لها الخروج فبشرط عدم الزينة في الكل، وتغير الهيئة إلى ما لا يكون داعية إلى نظر الرجال واستمالتهم. قوله: (مؤجلا ومعجلا) تفسير لقوله: كله والنصب بتقدير يعني. مطلب في السفر بالزوجة قال في البحر عن شرح المجمع: وأفتى بعضهم بأنه إذا أوفاها المعجل والمؤجل وكان مأمونا سافر بها، وإلا لا، لان التأجيل إنما يثبت بحكم العرف. فلعلها إنما رضيت بالتأجيل لأجل إمساكها في بلدها، أما إذا أخرجها إلى دار الغربة فلا الخ. قوله: (لكن في النهر الخ) ومثله في البحر حيث ذكر أولا أنه إذا أوفاها المعجل فالفتوى على أنه يسافر بها كما في جامع الفصولين. وفي الخانية والوالجية أنه ظاهر الرواية. ثم ذكر عن الفقيهين أبي القاسم الصفار وأبي الليث أنه ليس له السفر مطلقا بلا رضاها فساد الزمان، لأنها لا تأمن على نفسها في منزلها فكيف إذا خرجت؟ وأنه صرح في المختار بأن عليه الفتوى. وفي المحيط أنه المختار. وفي الولوالجية أن جواب ظاهر الرواية كان في زمانهم، أما في زماننا فلا، وقال: فجعله من باب اختلاف الحكم باختلاف العصر والزمان كما قالوا في مسألة الاستئجار على الطاعات، ثم ذكر ما في المتن عن شرح المجمع لمصنفه، ثم قال: فقد اختلف الافتاء، والأحسن الافتاء بقول الفقيهين من غير تفصيل واختاره كثير من مشايخنا كما في الكافي، وعليه عمل القضاء في زماننا كما في أنفع الوسائل ا ه. ولا يقال: إنه إذا اختلف الافتاء لا يعدل عن ظاهر الرواية، لان ذلك فيما لا يكون مبنيا على اختلاف الزمان كما أفاده كلام الولوالجية، وقول البحر: فجعله الخ، فإن الاستئجار على الطاعات كالتعليم ونحوه لم يقل بجوازه الامام ولا صاحباه. وأفتى به المشايخ للضرورة التي لو كانت في زمان الإمام لقال به، فيكون ذلك مذهبه حكما كما أوضحت ذلك في شرح أرجوزتي المنظومة في رسم المفتي، فافهم. قوله: (وجزم به البزازي) كذا في النهر مع أن الذي حط عليه كلام البزازي تفويض الامر إلى المفتي، فإنه قال: وبعد إيفاء المهر إذا أراد أن يخرجها إلى بلاد الغربة يمنع من ذلك لان الغريب يؤذي ويتضرر لفساد الزمان: ما أذل الغريب ما أشقاه * كل يوم يهينه من يراه كذا اختار الفقيه، وبه يفتى. وقال القاضي: قول الله تعالى: * (أسكنوهن من حيث سكنتم) * (سورة الطلاق: الآية 6) أولى من قول الفقيه قبل قوله تعالى: * (ولا تضاروهن) * (سورة الطلاق: الآية 6) في آخره دليل قول الفقيه. لأنا قد علمنا من عادة زماننا مضارة قطعية في الاغتراب بها. واختار في الفصول قول القاضي، فيفتى بما يقع عنده من المضارة وعدمها، لان المفتي إنما يفتني بحسب ما يقع عنده من
160 المصلحة ا ه. فقوله: فيفتى الخ صريح في أنه لم يجزم بقول الفقيه ولا بقول القاضي، وإنما جزم بتفويض ذلك إلى المفتي المسؤول عن الحادثة، وأنه لا ينبغي طرد الافتاء بواحد من القولين على الاطلاق، فقد يكون الزوج غير مأمون عليها يريد نقلها من بين أهلها ليؤذيها أو يأخذ مالها، بل نقل بعضهم أن رجلا سافر بزوجته وادعى أنها أمته وباعها، فمن علم منه المفتي شيئا من ذلك لا يحل له أن يفتيه بظاهر الرواية، لأنا نعلم يقينا أن الامام لم يقل بالجواز في مثل هذه الصورة. وقد يتفق تزوج غريب امرأة غريبة في بلدة ولا يتيسر له فيها المعاش فيريد أن ينقلها إلى بلده أو غيرها وهو مأمون عليها، بل قد يريد نقلها إلى بلدها فكيف يجوز العدول عن ظاهر الرواية في الصورة، والحال أنه لم يوجد الضرر الذي علل به القائل بخلافه، بل وجد الضرر للزوج دونها، فنعلم يقينا أيضا أن من أفتى بخلاف ظاهر الرواية لا يقول بالجواز في مثل هذه الصورة، ألا ترى أن من ذهب بزوجته للحج فقام بها في مكة مدة ثم حج وامتنعت من السفر معه إلى بلده هل يقول أحد بمنعه عن السفر بها وبتركها وحدها تفعل ما أرادت؟ فتعين تفويض الامر إلى المفتي، وليس هذا خاصا بهذه المسألة، بل لو علم المفتي أنه يريد نقلها من محلة إلى محلة أخرى في البلدة بعيدة عن أهلها لقصد إضرارها لا يجوز له أن يعينه على ذلك، ومن أراد الاطلاع على أزيد من ذلك فلينظر في رسالتنا المسماة (نشر العرف في بناء بعض الأحكام على العرف) التي شرحت بها بيتا من أرجوزتي في رسم المفتي، وهو قولي: والعرف في الشرع له اعتبار * لذا عليه الحكم قد يدار قوله: (وفي الفصول الخ) قد علمت أن هذا اختيار صاحب البزازية، وأن ما في الفصول غيره. قوله: (وقيده) الضمير يعود إلى النقل المفهوم من قوله: وينقلها وكذا الضمير في قوله: وأطلقه وقوله: يمكنه الرجوع الأولى يمكنها. وفي الشرنبلالية: وينبغي العمل بالقول بعدم نقلها من المصر إلى القرية في زماننا لما هو ظاهر من فساد الزمان، والقول بنقلها إلى القرية ضعيف، لقول الاختيار: وقيل يسافر بها إلى قرى المصر القريبة لأنها ليست بغربة ا ه. وليس المراد السفر الشرعي، بل النقل لقوله: لأنها ليست بغربة ا ه. ما في الشرنبلالية. قلت: وفيه أنه بعد تصريح الكافي بأن الفتوى على جواز النقل، وقول القنية: إنه الصواب كيف يكون ضعيفا، نعم لو اقتصر على الترجيح بفساد الزمان لكان أولى، لكن ينبغي العمل بما مر عن البزازية من تفويض الامر إلى المفتي، حتى لو رأى رجلا يريد نقلها للاضرار بها والإيذاء لا يفتيه، ولا سيما إذا كانت من أشراف الناس ولم تكن القرية مسكنا لأمثالها، فإن المسكن يعتبر بحالها كالنفقة كما سيأتي في بابها. مطلب: مسائل الاختلاف في المهر قوله: (وإن اختلفا في المهر) قال في الفتح: الاختلاف في المهر: إما في قدره، أو في
161 أصله، وكل منهما في حال الحياة أو بعد موتهما أو موت أحدهما، وكل منهما إما بعد الدخول أو قبله. قوله: (ففي أصله) بأن ادعى أحدهما التسمية وأنكر الآخر. قوله: (حلف) أي بعد عجز المدعي عن البرهان، ولم يتعرض الشارحون للتحليف لظهوره كما في البحر. قوله: (يجب مهر المثل) قال في البحر: ظاهر أنه يجب بالغا ما بلغ، وليس كذلك، بل لا يزاد على ما ادعته المرأة لو هي المدعية للتسمية، ولا ينقص عما ادعاه الزوج لو هو المدعي لها كما أشار إليها في البدائع ا ه. قلت: هذا يظهر لو سمى المدعي شيئا وإلا فلا. تأمل. ثم هذا مقيد بما إذا كان الاختلاف قبل الطلاق مطلقا أو بعده وبعد الدخول أو الخلوة، أما لو طلقها قبل الدخول والخلوة فالواجب المتعة كما في البحر، ولم يتعرض له هنا لإنفهامه من قوله الآتي: وفي الطلاق قبل الوطئ حكم متعة المثل. قوله: (وفي المهر يحلف إجماعا) إشارة إلى الرد على صدر الشريعة حيث قال: ينبغي أن لا يحلف المنكر عند أبي حنيفة لأنه لا تحليف عنده في النكاح فيجب مهر المثل. قال في البحر: وفيه نظر، لان التحليف هنا على المال لا على أصل النكاح، فيتعين أن يحلف منكر التسمية إجماعا ا ه. وكذا اعترضه صاحب الدرر وابن الكمال ونسبه إلى الوهم. قوله: (إجماعا) قيد لقوله: يجب ولقوله: يحلف. قوله: (فإن اختلفا في قدره) أي نقدا كان أو مكيلا أو موزونا. وهو دين موصوف في الذمة أو عين. وقيد بالقدر، لأنه لو كان في جنسه كالعبد والجارية أو صفته من الجودة والرداء أو نوعه كالتركي والرومي، فإن كان المسمى عينا فالقول للزوج، وإن كان دينا فهو كالاختلاف في الأصل، تمامه في البحر. قوله: (حال قيام النكاح) أي قبل الدخول أو بعده، وكذا بعد الطلاق والدخول. رحمتي. أما بعد الطلاق قبل الدخول فيأتي. قوله: (فالقول لمن شهد له مهر المثل) أي فيكون القول لها إن كان مهر مثلها كما قالت أو أكثر، وله إن كان كما قال أو أقل، وإن كان بينهما: أي أكثر مما قال وأقل مما قالت ولا بينة تحالفا ولزم مهر المثل، كذا في الملتقى وشرحه، وهذا على تخريج الرازي. وحاصله أن التحالف فيما إذا خالف قولهما، أما إذا وافق قول أحدهما فالقول له، وهو المذكور في الجامع الصغير. وعلى تخريج الكرخي يتحالفان في الصور الثلاث ثم يحكم مهر المثل، وصححه في المبسوط والمحيط، وبه جزم في الكنز في باب التحالف. قال في البحر: ولم أر من رجح الأول. وتعقبه في النهر بأن تقديم الزيلعي وغيره له تبعا للهداية يؤذن بترجيحه، وصححه في النهاية. وقال قاضيخان: إنه الأولى، ولم يذكر في شرح الجامع الصغير وغيره، والأولى البدائة بتحليف الزوج، وقيل يقرع بينهما ا ه. قلت: بقي ما إذا لم يعلم مهر المثل كيف يفعل؟ والظاهر أنه يكون القول للزوج لأنه منكر للزيادة كما تقدم فيما إذا لم يوجد من يماثلها. تأمل. قوله: (وبينته مقدما الخ) هذا ما قاله بعض
162 المشايخ، وجزم به في الملتقى، وكذا الزيلعي هنا وفي باب التحالف. وقال بعضهم: تقدم بينتها أيضا، لأنها أظهرت شيئا لم يكن ظاهرا بتصادقهما كما في البحر. قوله: (لاثبات خلاف الظاهر) أي والظاهر مع من شهد له مهر المثل ط. قوله: (وإن كان الخ) هذا بيان لثالث الأقسام في قوله: فالقول لمن شهد له مهر المثل وقوله: وإن أقاما البينة الخ فإنه إذا لم يقيما البينة أو أقاماها قد يشهد مهر المثل له أو لها أو يكون بينهما، فقدم بيان القسمين الأولين في المسألتين، وهذا بيان الثالث، وقوله: فإن حلفا راجع إلى المسألة الأولى، وقوله: أو برهنا راجع إلى الثانية، لكن كان عليه حذف قوله: تحالفا لأنه إذا برهنا لا تحالف. قوله: (تحالفا) فإن نكل الزوج يقضي بألف وخمسمائة، كما لو أقر بذلك صريحا، وإن نكلت المرأة وجب المسمى ألف لأنها أقرت بالحط، وكذا في العناية. واعترضه في السعدية بأنه إذا نكل يقضي بألفين على ما عرف أن أيهما نكل لزمه دعوى الآخر ا ه. وصورة المسألة فيما إذا ادعت الألفين وادعى هو الألف وكان مهر المثل ألفا وخمسمائة. قوله: (قضى به) أي بمهر المثل، لكن إذا برهنا يتخير الزوج في مهر المثل بين دفع الدراهم والدنانير، بخلاف التحالف لان بينة كل واحد منهما تنفي تسمية الآخر فخلا العقد عن التسمية فيجب مهر المثل، ولا كذلك التحالف لان وجوب قدر ما يقرب به الزوج بحكم الاتفاق والزائد بحكم مهر المثل. بحر. وتمامه فيه. قوله: (وإن برهن أحدهما الخ) أي فيما إذا كان مهر المثل بينهما، ويغني عن هذا قوله قبله: وأي أقام بينة قبلت شهد له مهر المثل أو لا فإنه قوله: أو لا صادق بماذا شهد لها أو كان بينهما. قوله: (لأنه نوى دعواه) أي لان المبرهن أظهر دعواه وأوضحها بإقامة برهانه ط. قوله (وفي الطلاق) مقابل قوله: حال قيام النكاح. قوله: (قبل الوطئ) أي أو الخلوة. نهر. قوله: (حكم متعة المثل) فيكون القول لها إن كانت متعة المثل كنصف ما قالت أو أكثر، وله أن كانت المتعة كنصف ما قال أو أقل، وإن كانت بينهما تحالفا ولزمت المتعة. وعند أبي يوسف القول له قبل الدخول وبعده لأنه ينكر الزيادة، إلا أن يذكر ما لا يتعارف مهرا أو متعة لها، كذا في الملتقى وشرحه. وذكر في البحر أن رواية الأصل والجامع الصغير أن القول للزوج في نصف المهر من غير تحكيم للمتعة، وأنه صححه في البدائع وشرح الطحاوي، ورجحه في الفتح بأن المتعة موجبة فيما إذا لم تكن تسمية، وهنا اتفقا على التسمية فقلنا ببقاء ما اتفقا عليه وهو نصف ما أقر به الزوج، ويحلف على نصف دعواها الزائد ا ه. والحاصل ترجيح قول أبي يوسف، لكن نقضه في الفتح بعد ذلك، وتمامه فيما علقناه على البحر. قوله: (لو المسمى دينا) هو ما يثبت في الذمة غير معين، بل بالوصف كالنقود والمكيل والموزون والمذروع كما يعلم مما قدمناه عن البحر. قوله: (وإن عينا) أي معينا. قوله: (كمسألة العبد والجارية) أي المذكورة في البحر في الاختلاف في القدر قبل الطلاق بقوله: وإن كان المسمى عينا بأن قال تزوجتك على هذا العبد وقالت المرأة على هذه الجارية الخ،
163 فالمسألة مفروضة في المعين المشار إليه لا في مطلق عبد وجارية، فافهم. قوله: (فلها المتعة الخ) قال في البحر: فلها المتعة من غير تحكيم، إلا أن يرضى الزوج أن تأخذ نصف الجارية، بخلاف ما إذا اختلفا في الألف والألفين، لان نصف الألف ثابت بيقين لاتفاقهما على تسمية الألف، والملك في نصف الجارية ليس بثابت بيقين لأنهما لم يتفقا على تسمية أحدهما فلا يمكن القضاء بنصف الجارية إلا باختيارهما، فإذا لم يوجد سقط البدلان فوجب الرجوع إلى المتعة كذا في البدائع. قوله: (تحالفا) وتهاترت البينتان. قوله: (وإن حلفا) الأولى التفريع بالفاء. قوله: (أصلا وقدرا) فإن كان الاختلاف بين الحي وورثة الميت في الأصل، بأن ادعى الحي أن المهر مسمى وورثة الآخر أنه غير مسمى أو بالعكس وجب مهر المثل، وإن كان في المقدار حكم مهر المثل. ط عن أبي السعود. قوله: (لعدم سقوطه) أي مهر المثل. قال في الدرر: لان مهر المثل لا يسقط اعتباره بموت أحدهما، ألا ترى أن للمفوضة مهر المثل إذا مات أحدهما. قوله: (القول لورثته) فيلزمهم ما اعترفوا به بحر. ولا يحكم بمهر المثل لأن اعتباره يسقط عند أبي حنيفة بعد موتهما. درر. قوله: (القول لمنكر التسمية) هم ورثة الزوج أيضا كما في البحر، فالقول لهم في المسألتين، ولذا قال في الكنز: ولو ماتا ولو في القدر فالقول لورثته، فلو وصلية ما أفاده في النهر والعيني، فتفيد أن الاختلاف في التسمية كذلك. قوله: (لم يقض بشئ) الأولى ولم يقض بالعطف: أي لان موتهما يدل على انقراض أقرانهما، فلا يمكن للقاضي أن يقدر مهر المثل كما في الهداية، لان مهر المثل يختلف باختلاف الأوقات، فإذا تقادم العهد بتعذر الوقوف على مقداره. فتح. وهذا يدل على أنه لو كان العهد قريبا قضى به. بحر. قلت: وبه صرح قاضيخان في شرح الجامع. قوله: (ما يبرهن) بالبناء للمجهول: أي ما لم يبرهن ورثة الزوجة. قوله: (وبه يفتى) ذكره في الخانية، وتبعه في متن الملتقى، وله قالت الأئمة الثلاثة، لكن الشافعي يقول: بعد التحالف. وعندنا وعند مالك: لا يجب التحالف. فتح. وانظر إذا تقادم العهد كيف يقضي بمهر المثل. وقد يقال: يجري فيه ما تقدم من أنه إذا لم يوجد من يماثلها من قوم أبيها ولا من الأجانب فالقول للزوج، لكن مر أن القول له بيمينه. تأمل. ثم رأيت في البزازية معترضا على قول الكرخي: إن جواب الامام يتضح في تقادم العهد بقوله، وفيه نظر لأنه إذا تعذر اعتبار مهر المثل لا يكون الظاهر شاهدا لاحد فيكون القول لورثة الزوج لكونهم مدعى عليهم كما في سائر الدعاوي. قوله: (وهذا كله الخ) نقله في البحر عن المحيط، وقال: وأقره عليه الشارحون ا ه. وكذا ذكره قاضيخان في شرح الجامع وأقره. قلت: وحاصل ذلك أن المرأة إذا مات زوجها وقد دخل بها فجاءت تطلب مهرها هي أو ورثتها بعد موتها وقد جرت العادة أنها لا تسلم نفسها إلا بعد قبض شئ من المهر كمائة درهم مثلا
164 لا يحكم لها بجميع مهر المثل عند عدم التسمية، بل ينظر، فإن أقرت بما تعجلت من المتعارف وإلا قضى عليها به ثم يعمل في الباقي كما ذكرنا: أي إن حصل اتفاق على قدر المسمى يدفع لها الباقي منه، وإلا فإن أنكر ورثة الزوج أصل التسمية فلها بقية مهر المثل، وإن أنكروا القدر فالقول لمن شهد له مهر المثل، وبعد موتها القول في قدره لورثة الزوج، هذا هو المفهوم من هذه العبارة، فسرنا المتعارف تعجيله بمائة مثلا ليأتي قوله: قضينا عليك بالمتعارف وقوله: ثم يعمل في الباقي كما ذكرنا لأنه لو كان المتعارف حصة شائعة كثلثي المهر كما هو المتعارف في زماننا لا يمكن أن يقضي عليها به إلا إذا كان المهر مسمى معلوم القدر، وإذا كان كذلك لا يتأتى فيه التفصيل المار ولكن يعلم منه أن الحكم كذلك فيقضي عليها بالثلثين مثلا ويدفع لها الباقي. وفي المنح عن الخانية: رجل مات وترك أولادا صغارا فادعى رجل دينا على الميت أو وديعة وادعت المرأة مهرها، قال أبو القاسم: ليس للوصي أن يؤدي شيئا من الدين والوديعة ما لم يثبت بالبينة. وأما المهر: فإن ادعت قدر مهر مثلها دفعه إليها إذا كان النكاح ظاهرا معروفا ويكون النكاح شاهدا لها، قال الفقيه أبو الليث: إن كان الزوج بنى بها فإنه يمنع منها مقدار ما جرت العادة بتعجيله ويكون القول قول المرأة فيما زاد على المعجل إلى تمام مهر مثلها ا ه. هذا، ونقل الرحمتي عن قاضيخان أنه قال: إن في هذا نوع نظر، لان كل المهر كان واجبا بالنكاح فلا يقضي بسقوط شئ منه بحكم الظاهر، لأنه لا يصلح حجة لابطال ما كان ثابتا ا ه. ثم أطال في تأييد كلام القاضي، ورد على الرملي في اعتراضه على القاضي بأن النظر مدفوع لغلبة فساد الناس، فقال: إن الفساد لا يسقط به حق ثابت بلا دليل، والمهر دين في ذمة الزوج، وقضاء بعضه إثبات دين في ذمتها بقدره وذلك لا يكون بظاهر الحال، لأن الظاهر يصلح للدفع لا للاثبات. قلت: وذكر في البزازية قريبا مما قاله القاضي، لكن ما قاله الفقيه مبني على أن العرف الشائع مكذب لها في دعواها عدم قبض شئ وحيث أقره الشارحون وكذا قاضيخان في شرح الجامع فيفتى به، وهو نظير إعمالهم العرف وتكذيب الأب أن الجهاز عارية على ما يأتي بيانه مع أنه هو المملك، فلولا العرف لكان القول قوله، والله أعلم. قوله: (وهذا إذا ادعى الزوج الخ) هذا من عند صاحب البحر، والمراد الزوج لو كان حيا أو ورثته كما هو ظاهر فلا يرد ما في الشرنبلالية من أن هذا لا يأتي في حال موتهما. مطلب فيما يرسله إلى الزوجة قوله: (ولو بعث إلى امرأته شيئا) أي من النقدين أو العروض أو مما يؤكل قبل الزفاف أو بعد ما بنى بها. نهر. قوله: (ولم يذكر الخ) المراد أنه لم يذكر المهر ولا غيره ط. قوله: (كقوله الخ)
165 تمثيل للمنفى وهو يذكر. قوله: (والبينة لها) أي إذا أقام كل منهما بينة تقدم بينتها ط. قوله: (فلها أن ترده) لأنها لم ترض لكونه مهرا. بحر. قوله: (وترجع بباقي المهر) أو كله إن لم يكن دفع لها شيئا منه. قال في النهر: وإن هلك وقد بقي لأحدهما شئ رجع به ا ه. أما لو كانت قيمة الهالك قدر المهر فلا رجوع لاحد. وفي البزازية: اتخذ لها ثيابا ولبستها حتى تخرقت ثم قال هو من المهر وقالت هو من النفقة: أعني الكسوة الواجبة عليه، فالقول لها، ولو الثوب قائما فالقول له لأنه أعرف بجهة التمليك، بخلاف الهالك لأنه يدعي سقوط بعض المهر والمرأة تنكر، وبالهلاك خرج عن المملوكية وحيث لا ملك بحال فالاختلاف في جهة التمليك باطل فيكون اختلافا في ضمان الهالك وبدله، فالقول لمن يملك البدل والضمان ا ه ملخصا. واستشكله في النهر وقال: هذا يقتضي أن القول لها في الهالك في مسألة المتن، وهو مخالف لما قدمناه، والفرق يعسر فتدبره ا ه. قلت: بل الفرق يسير إن شاء الله تعالى، وذلك أن مسألة المتن في دعواها أنه هدية فلا تصدق، ويكون القول له في حالتي الهلاك وعدمه، لأنه المملك ولا شئ يخالف دعواه، أما هنا فقد ادعت الكسوة الواجبة عليه فيكون القول له في القائم لما ذكرنا وتطلب منه مهرها وكسوتها. أما الهالك فالقول لها فيه لامرين: أحدهما أن الظاهر يصدقها فيه كما يأتي في المهيأ للاكل وما ينقله الشارح عن الفقيه. ثانيهما: أنه لو كان القول له فيه لزم ضياع حقها في الكسوة الواجبة عليه، لأنها من النفقة والنفقة تسقط بمضي المدة فلا يمكنها المطالبة عما مضى، ويلزم بذلك فتح باب الدعاوي الباطلة، بأن يدعي كل زوج بعد عشرين سنة أن جميع ما دفع لها من كسوة ونفقة من المهر فيرجع عليها بقيمته، وفي ذلك ما لا يرضاه الشرع من الاضرار بالنساء مع أن الظاهر والعادة تكذبه. أما في القائم فلا ضرر لأنها تطالبه بكسوة أخرى إذا لم يرض بكونه كسوة، ولا تقتضي العادة أن يكون المدفوع كسوتها لان له أن يقول: أعطيها كسوة غيرها، هذا ما ظهر لي، والله الميسر لكل عسير. قوله: (ولو عوضته) وكذا لو عوضه أبوها من مالها بإذنها أو من ماله فله الرجوع أيضا كما في الفتح، وكأنه في البحر لم يره، فاستشكل ما قاله في الفتح قبل ذلك من أنه لو بعث أبوها من ماله فله الرجوع لو قائما، وإلا فلا، ولو من مالها بإذنها فلا رجوع لأنه هبة منها، والمرأة لا ترجع في هبة زوجها ا ه. قلت: وهذا محمول على ما إذا كان لا على جهة التعويض، فلا ينافي قول الشارح ولو عوضته الخ بقرينة ما نقلناه ولا عن الفتح . هذا، وقد ذكر مسألة التعويض في الفتح وغيره مطلقة، وكذا في الخانية، لكنه قال فيها: وقال أبو بكر الإسكاف: إن صرحت حين بعثت أنها عوض فكذلك، وإلا كان هبة منها وبطلت نيتها ا ه. ومثله في الهندية. وهذا يحتمل أن يكون بيانا لمرادهم أو حكاية لقول آخر. تأمل. وينبغي
166 اعتبار العرف فيما يقصد به التعويض فيكون كالملفوظ. تأمل. وما في ط من أن المعتمد خلاف ما قاله الإسكاف وعزاه إلى قوله: (الهندية) لم أره فيها، نعم سيذكر الشارح في آخر كتاب الهبة أنه لا فرق بين صريحها بالعوض وعدمه. قوله: (من جنسه) لم يذكر الزيلعي هذه الزيادة ط، ولم أر أحدا ذكرها، ولعل المراد بها أن العوض لو كان هالكا وهو مثلي ترجع عليه وبمثله، فأراد بالجنس المثل. تأمل. قوله: (مشوي) لا مفهوم له ط. قوله: (لأن الظاهر يكذبه) قال في الفتح: والذي يجب اعتباره في ديارنا أن جميع ما ذكر من الحنطة واللوز والدقيق والسكر والشاة الحية وباقيها يكون القول فيها قول المرأة، لان المتعارف في ذلك كله أن يرسله هدية، والظاهر معها لا معه، ولا يكون القول قوله إلا في نحو الثياب والجارية ا ه. قال في البحر: وهذا البحث موافق لما في الجامع الصغير، فإنه قال: إلا في الطعام الذي يؤكل فإنه أعم من المهيأ للاكل وغيره ا ه. قال في النهر: وأقول: وينبغي أن لا يقبل قوله أيضا في الثياب المحمولة مع السكر ونحوه للعرف ا ه. قلت: ومن ذلك ما يبعثه إليه قبل الزفاف في الأعياد والمواسم من نحو ثياب وحلي، وكذا ما يعطيها من ذلك أو من دراهم أو دنانير صبيحة ليلة العرس، ويسمى في العرف صبحة، فإن كل ذلك تعورف في زماننا كونه هدية لا من المهر، ولا سيما المسمى صبحة، فإن الزوجة تعوضه عنها ثيابا ونحوها صبيحة العرس أيضا. قوله: (ولذا قال الفقيه) أي أبو الليث. قوله: (كخف وملاءة) لأنه لا يجب عليه تمكنها من الخروج، بل يجب منعها إلا فيما سنذكره. فتح. قلت: ينبغي تقييد ذلك لما لم تجربه العادة، لما حررناه من أن ذلك في عرفنا يلزم الزوج وأنه من جملة المهر، كما قدمناه عن الملتقط، أن لها منع نفسها للمشروط عادة كالخف والمكعب وديباج اللفافة ودراهم السكر الخ، ومثله في عرفنا مناشف الحمام ونحوها، فإن ذلك بمنزلة المشروط في المهر فيلزمه دفعه ولا ينافيه وجوب منعها من الخروج والحمام كما لا يخفى. قوله: (كخمار ودرع) ومتاع البيت. بحر. فمتاع البيت واجب عليه، فهذا محل ذكره، فافهم، وسيذكر المصنف في النفقة أنه يجب عليه آلة الطحن وآنية شراب وطبخ ككوز وجرة وقدر ومغرفة. قال الشارح: وكذا سائر أدوات البيت كحصير وليد وطنفسة الخ. قوله: (ما لم يدع أنه كسوة) هذا تقييد من عند صاحب الفتح، وأقره في البحر: أي أن ما يجب عليه لو ادعاه مهرا لا يصدق، لأن الظاهر يكذبه، أما لو ادعى أنه كسوة وادعت أنه هدية فالقول له لأن الظاهر معه. قوله: (ولم يزوجها أبوها) مثله ما إذا أبت وهي كبيرة ط. قوله: (فما بعث للمهر) أي مما اتفقا على أنه من المهر أو كان القول له فيه على ما تقدم بيانه. قوله: (فقط) قيد في عينه لا في قائما، واحترز به عما إذا تغير بالاستعمال كما أشار
167 إليه الشارح. قال في المنح: لأنه مسلط عليه من قبل الملك فلا يلزم في مقابلة ما انتقص باستعماله شئ ح. قوله: (أو قيمته) الأولى أو بدله ليشمل المثلى. قوله: (لأنه في معنى الهبة) أي والهلاك والاستهلاك مانع من الرجوع بها، وعبارة البزازية: لأنه هبة ا ه. ومقتضاه أنه يشترط في استرداد القائم القضاء أو الرضا، وكذا يشترط عدم ما يمنع من الرجوع، كما لو كان ثوبا فصبغته أو خاطته، ولم أر من صرح بشئ من ذلك فليراجع، والتقييد بالهدية احترازا عن النفقة فيما يظهر كما يأتي في مسألة الانفاق على معتدة الغير. قوله: (ولو ادعت الخ) ذكر في البحر هذه المسألة عند قول الكنز. بعث إلى امرأته شيئا الخ. وقال: قيد بكونه ادعاه مهرا، لأنه لو ادعته مهرا وادعاه وديعة: فإن كان من جنس المهر بالقول لها وإلا فله ا ه. فعلم أن هذه المسألة في دعوى الزوجة لا في دعوى المخطوبة التي لم يزوجها أبوها، فكان المناسب ذكرها قبل قوله: خطب بنت رجل الخ وذلك لان دعو المخطوبة أن المبعوث من المهر تضرها لأنه يلزمها رده قائما وهالكا، فالمناسب أن تكون دعوى الوديعة لها ودعوى المهر للزوج، لان الوديعة لا يلزمها ردها إذا هلكت، بخلاف الزوجة فإن دعواها أنه من المهر تنفعها لمنع الاسترداد مطلقا، ودعواه أنه وديعة تنفعه لأنه يطالبها باستردادها قائمة وبضمانها مستهلكة. قوله: (بشهادة الظاهر) يرجع إلى الصورتين ط. مطلب: أنفق على معتدة الغير قوله: (أنفق على معتدة الغير الخ) حكي في البزازية في هذه المسألة ثلاثة أقوال مصححة حاصل الأول أنه يرجع مطلقا شرط التزوج أو لا تزوجته أو لا، لأنه رشوة. وحاصل الثاني أنه إن لم يشرط لا يرجع. وحاصل الثالث وقد نقله عن فصول العمادي أنه إن تزوجته لا يرجع، وإن أبت رجع شرط الرجوع أولا إن دفع إليها الدراهم لتنفق على نفسها، وإن أكل معها لا يرجع بشئ أصلا ا ه. وحاصل ما في الفتح حكاية الأول والأخير. وحكى في البحر الأول أيضا ثم قال: وقيل يرجع إذا زوجت نفسها وقد كان شرطه، وصحح أيضا، وإن أبت ولم يكن شرطه لا يرجع على الصحيح ا ه. فقوله لا يرجع إذا زوجت نفسها الخ، يفهم منه عدم الرجوع بالأولى إذا تزوجته ولم يشترط، وقوله وإن أبت الخ، يفهم منه أنه إن أبت وقد شرطه يرجع، فصار حاصل هذا القول الثاني أنه يرجع في صورة واحدة، وهي ما إذا أبت وكان شرط التزوج. ولا يرجع في ثلاث: وهي ما إذا أبت ولم يشترطه، أو تزوجته وشرطه، أو لم يشرط، فهذه أربعة أقوال كلها مصححة. وذكر المصنف في شرحه أن المعتمد ما في فصول العمادي: أعني القول الثالث، وأن شيخه صاحب البحر أفتى به ا ه.
168 قلت: والذي اعتمده ففيه النفس الامام قاضيخان هو القول الأول، فإنه ذكر أنه أن شرط التزوج رجع لأنه شرط فاسد، وإلا فإن كان معروفا فقيل يرجع وقيل لا ثم قال: وينبغي أن يرجع لأنه إذا علم أنه لو لم تتزوج لا ينفق عليها كان بمنزلة الشرط كالمستقرض إذا أهدى إلى المقرض شيئا لم يكن أهدى إليه قبل الاقراض كان حراما، وكذا القاضي لا يجيب الدعوة الخاصة، ولا يقبل الهدية من رجل لو لم يكن قاضيا لا يهدى إليه، فيكون ذلك بمنزلة الشرط وإن لم يكن مشروطا ا ه. وأيده في الخيرية في كتاب النفقات وأفتى به حيث سئل فيمن خطب امرأة وأنفق عليها وعلمت أنه ينفق ليتزوجها فتزوجت غيره، فأجاب بأنه يرجع، واستشهد له بكلام قاضيخان المذكور وغيره وقال: إنه ظاهر الوجه فلا ينبغي أن يعدل عنه ا ه. تنبيه: أفاد ما في الخيرية حيث استشهد على مسألة المخطوبة بعبارة الخانية أن الخلاف الجاري هنا جار في مسألة المخطوبة المارة، وأن ما مر فيها من أن له استرداد، القائم دون الهالك والمستهلك خاص بالهدية دون النفقة والكسوة، إذ لا شك أن المعتدة مخطوبة أيضا، ولا تأثير لكونها معتدة يحرم التصريح بخطبتها، بل التأثير للشرط وعدمه، وكونه شرطا فاسدا، وكون ذلك رشوة كما علمته من تعليل الأقوال. وعلى هذا فما يقع في قرى دمشق من أن الرجل يخطب امرأة ويصير يكسوها ويهدي إليها في الأعياد ويعطيها دراهم للنفقة والمهر إلى أن يكمل لها المهر فيعقد عليها ليلة الزفاف، فإذا أبت أن تتزوجه ينبغي أن يرجع عليها بغير الهدية الهالكة على الأقوال الأربعة المارة، لان ذلك مشروط التزوج كما حققه قاضيخان فيما مر. وبقي ما إذا ماتت، فعلى القول الأول لا كلام في أن له الرجوع، أما على الثالث فهل يلحق بالإباء؟ لم أره. وينبغي الرجوع لأن الظاهر أن علة القول الثالث أنه كالهبة المشروطة بالعوض وهو التزوج كما يفيده ما في حاوي الزاهدي برمز البرهان صاحب المحيط: بعثت الصهرة إلى بيت الختن ثيابا لا رجوع لها بعده ولو قائمة، ثم سئل فقال: لها الرجوع لو قائما. قال الزاهدي: والتوفيق أن البعث الأول قبل الزفاف ثم حصل للزفاف فهو كهبة بشرط العوض وقد حصل فلا ترجع، والثاني بعد الزفاف فترجع ا ه. وكذا لم أر ما لو مات هو أو أبى، فليراجع. تتمة: لم يذكر لو أنفق على زوجته ثم تبين فساد النكاح، بأن شهدوا بالرضاع وفرق بينهما. ففي الذخيرة: له الرجوع بما أنفق بفرض القاضي، لأنه تبين أنها أخذت بغير حق، ولو أنفق بلا فرض لا يرجع بشئ. قوله: (بشرط أن يتزوجها) الأولى أن يقول: بطمع أن يتزوجها كما عبر في البحر. قوله: (مطلقا) تفسير الاطلاق في الموضعين كما دل عليه كلام المصنف في شرحه شرط التزوج أولم يشرطه، ولذا قلنا: الأولى أن يقول: بطمع أن يتزوجها ليتأتى الاطلاق المذكور وهذا القول هو الثالث قد اعتمده المصنف في متنه وشرحه. وقال في الفيض: وبه يفتى. قوله: (وإن أكلت معه فلا) أي لأنه إباحة لا تملك أو لأنه مجهول لا يعلم قدره. تأمل. ولينظر وجه عدم الرجوع في الهدية الهالكة أو المستهلكة على ما قلناه من عدم الفرق بين المخطوبة والمعتدة. قوله: (بحر) عن العمادية صوابه منح عن العمادية، فإن ما في المتن عزاه في المنح إلى الفصول العمادية، وهو القول الثالث من الأقوال الأربعة التي قدمناها. وأما ما في البحر فهو القول الأول، والقول
169 الرابع، ولم يذكر القول الثالث أصلا ولا وقع فيه العزو إلى العمادية. قوله: (ليس له الاسترداد منها) هذا إذا كان العرف مستمرا أن الأب يدفع مثله جهازا لا عارية كما يذكره قريبا، وكان يغنيه ما يأتي عما ذكره هنا. ويمكن أن يكون هذا بيان حكم الديانة والآتي بيان حكم القضاء. قوله: (في صحته) احتراز عما لو سلمها في مرض موته فإنه تمليك للوارث، ولا يصح بدون إجازة الورثة. قوله: (وكذا لو اشتراه لها في صغرها) أي وإن سلمها في مرضه أو لم يسلمها أصلا لأنها ملكته بشراء الأب لها قبل التسليم كما يأتي. ولو مات قبل دفع الثمن رجع البائع على تركته ولا رجوع للورثة عليها. ففي أدب الأوصياء عن الخانية وغيرها: الأب إذا شرى خادما للصغير ونقد الثمن من مال نفسه لا يرجع عليه إلا إذا أشهد بالرجوع، وإن لم ينقده حتى مات ولم يكن أشهد أخذ من تركته ولا يرجع عليه بقية الورثة ا ه. قوله: (والحيلة) أي فيما لو أراد الاسترداد منها. قوله: (والأحوط) أي لاحتمال أنه اشترى لها بعض الجهاز في صغرها فلا يحل له أخذه بهذا الاقرار ديانة كما في البحر والدرر، وكذا لو كان بعد ما سلمه إليها وهي كبيرة. قوله: (عند التسليم) أي بأن أبى أن يسلمها أخوها أو نحوه حتى يأخذ شيئا، وكذا لو أبى أن يزوجها فللزوج الاسترداد قائما أو هالكا لأنه رشوة. بزازية. وفي الحاوي الزاهدي برمز الاسرار للعلامة نجم الدين: وإن أعطى إلى رجل شيئا لاصلاح مصالح المصاهرة: إن كان من قوم الخطيبة أو غيرهم الذين يقدرون على الاصلاح والفساد وقال هو أجرة لك على الاصلاح لا يرجع، وإن قال على عدم الفساد والسكوت يرجه لأنه رشوة، والأجرة إنما تكون في مقابلة العمل والسكوت ليس بعمل، وإن لم يقل هو أجرة يرجع، وإن كان ممن لا يقدرون على ذلك: إن قال هو عطية أو أجرة لك على الذهاب والإياب أو الكلام أو الرسالة بيني وبينها لا يرجع، وإن لم يقل شيئا منها يكون هبة له الرجوع فيها إن لم يوجد ما يمنع الرجوع. قوله: (وقالت تمليك) كذا في الفتح والبحر. وغيرها. ويشكل جعل القول لها بأنه اعتراف بملكية الأب وانتقال الملك إليها من جهته، وقد صرح في البدائع بين المرأة لو أقرت بأن هذا المتاع اشتراه لي زوجي سقط قولها، لأنها أقرت بالملك له ثم ادعت الانتقال إليها فلا يثبت إلا بدليل ا ه. ويجاب بأن هذه من المسائل التي عملوا فيها بالظاهر كاختلاف الزوجين في متاع البيت ونحوها مما يأتي في كتاب الدعوى آخر باب التحالف، ومثله ما مر في الاختلاف في دعوى المهر والهدية. قوله: (فالمعتمد الخ) عبر عنه في فتح القدير بأنه المختار للفتوى. ومقابله ما نقله قبله من
170 أن القول لها: أي بدون تفصيل بشهادة الظاهر لان العادة دفع ذلك هبة. وما اختاره الامام السرخسي من أن القول للأب ذلك يستفاد من جهته ا ه. والظاهر أن القول المعتمد توفيق بين هذين القولين بجعل الخلاف لفظيا. قوله: (فالقول للأب) أي مع اليمين كما في فتاوى قارئ الهداية. قلت: وينبغي تقييد القول للأب بما إذا كان الجهاز كله من ماله، أما لو جهزها بما قبضه من مهرها فلا، لأن الشراء وقع لها حيث كانت راضية وهو بمنزلة الاذن منها عرفا، نعم لو زاد على مهرها فالقول له في الزائد إن كان العرف مشتركا. ثم اعلم أنه قال في الأشباه: إن العادة بما تعتبر إذا اطردت أو غلبت، ولذا قالوا في البيع: لو باع بدراهم أو دنانير في بلد اختلف فيها النقود مع الاختلاف في المالية والرواج انصرف البيع إلى الأغلب. قال في الهداية: لأنه هو المتعارف فينصرف المطلق إليه ا ه كلام الأشباه. مطلب في دعوى الأب أن الجهاز عارية قلت: ومقتضاه أن المراد من استمرار العرف هنا غلبته، ومن الاشتراك كثرة كل منهما، إذ لا نظر إلى النادر، ولان حمل الاستمرار على كل واحد من أفراد الناس في تلك البلدة لا يمكن، ويلزم عليه إحالة المسألة إذ لا شك في صدور العارية من بعض الافراد، والعادة الفاشية الغالبة في أشراف الناس وأوساطهم دفع ما زاد على المهر من الجهاز تمليكا، سوى ما يكون على الزوجة ليلة الزفاف من الحلي والثياب، فإن الكثير منه أو الأكثر عارية، فلو ماتت ليلة الزفاف لم يكن للرجل أن يدعي أنه لها، بل القول فيه للأب أو الام أنه عارية أو مستعار لها كما يعلم من قول الشارح، كما لو كان أكثر مما يجهز به مثلها، وقد يقال، هذا ليس من الجهاز عرفا، وبقي لو جرى العرف في تمليك البعض وإعارة البعض. ورأيت في حاشية الأشباه للسيد محمد أبي السعود من حاشية الغزي قال الشيخ الامام الاجل الشهيد: المختار للفتوى أن يحكم بكون الجهاز ملكا لا عارية لأنه الظاهر الغالب إلا في بلدة جرت العادة بدفع الكل عارية فالقول للأب. وأما إذا جرت في البعض يكون الجهاز تركة يتعلق بها حق الورثة وهو الصحيح ا ه. ولعل وجهه أن البعض الذي يدعيه الأب بعينه عارية لم تشهد له به العادة، بخلاف ما لو جرت العادة بإعارة الكل فلا يتعلق به حق ورثتها بل يبكون كله للأب، والله تعالى أعلم. تنبيه: ذكر البيري في شرح الأشباه أن ما ذكروه في مسألة الجهاز إنما هو فيما إذا كان النزاع من الأب. أما لو مات فادعت ورثته فلا خلاف في كون الجهاز للبنت لما في الولوالجية: جهز ابنته ثم مات فطلب بقية الورثة القسمة، فإن كان الأب اشترى لها في صغرها أو في كبرها وسلم لها في صحته فهو لها خاصة. قلت: وفيه نظر لان كلام الولوالجية في ملك البنت له بالشراء لو صغيرة، وبالتسليم لو كبيرة. ولا فرق فيه بين موت الأب وحياته، ويدل عليه ما مر من قول المصنف، والشارح ليس له الاسترداد منها ولا لورثته بعده، وإنما الكلام في سماع دعوى العارية بعد الشراء أو التسليم
171 والمعتمد البناء على العرف كما علمت، ولا فرق في ذلك أيضا بين موت الأب وحياته، فدعوى ورثته كدعواه فتأمل. قوله: (ما لو كان الخ) والظاهر أنه إن أمكن التمييز فيما زاد على ما يجهز به مثلها كان القول قوله فيه، وإلا فالقول قوله في الجميع. رحمتي. قوله: (والام كالأب (عزاه المصنف إلى فتاوى قارئ الهداية، وكذا بحثه ابن وهبان كما يأتي. قوله: (وكذا ولي الصغيرة) ذكره ابن وهبان في شرح منظومته بحثا حيث قال: وينبغي أن يكون الحكم فيما تدعيه الام، وولي الصغيرة إذا زوجها كما مر لجريان العرف في ذلك، لكن قال ابن الشحنة في شرحه قلت: وفي الولي عندي نظر ا ه، وتردد في البحر في الام والجد، وقلا: إن مسألة الجد صارت واقعة الفتوى ولم يجد فيها نقلا. وكتب الرملي أن الذي يظهر ببادي الرأي أن الام والجد كالأب الخ. قوله: (و استحسن في النهر) حيث قال: وقال الامام قاضيخان: وينبغي أن يقال إن كان الأب من الاشراف لم يقبل قوله إنه عارية، وإن كان ممن لا يجهز البنات بمثل ذلك قبل قوله، وهذا لعمري من الحسن بمكان ا ه. قلت: ولعل وجه استحسانه مع أنه لا يغاير القول المعتمد أنه تفصيل له، وبيان لكون الاشتراك الذي قد يقع في بعض البلاد إنما هو في غير الاشراف. قوله: (وعلمه) عطف تفسير، فالمدار على العلم والسكوت بعده وإن كان غائبا. قوله: (وزفت إلى الزوج) قيد به لان تمليك البالغة بالتسليم، وهو إنما يتحقق عادة بالزفاف لأنه حينئذ يصير الجهاز بيدها فافهم. قوله: (ما هو معتاد) مفهومه أنه لو كان زائدا على المعتاد لا يكون سكوته رضا فتضمن، وهل تضمن الكل أو قدر الزائد؟ محل تردد، وجزم ط بالثاني. قوله: (السبع والثلاثين) قال ح: قدمناها في باب الولي عن الأشباه. قوله: (على ما في زواهر الجواهر) أي حاشية الأشباه للشيخ صالح ابن مصنف التنوير، فإنه زاد على ما الأشباه ثلاث عشرة مسألة، ذكرها الشارح في كتاب الوقف ح. قوله: (يليق به) الضمير في عبارة البحر عن المبتغى عائد إلى ما بعثه الزوج إلى الأب من الدراهم والدنانير، ثم قال: والمعتبر ما يتخذ للزوج لا ما يتخذ لها ا ه. قلت: وهذا المبعوث يسمى في عرف الأعاجم بالدستيمان كما يأتي: قوله: (إلا إذا سكت طويلا) قال الشارح في كتاب الوقف: ولو سكت بعد الزفاف زمانا يعرف بذلك رضاه لم يكن له أن
172 يخاصم بعد ذلك وإن لم يتخذ له شئ ا ه ح. وأشار بقوله يعرف إلى أن المعتبر في الطول والقصر العرف. قوله: (لكن في النهر الخ) ومثله في جامع الفصولين ولسان الحكام عن فتاوى ظهير الدين المرغيناني، وبه أفتى في الحامدية. قلت: وفي البزازية ما يفيد التوفيق حيث قال: تزوجها وأعطاها ثلاثة آلاف دينار الدستيمان وهي بنت موسر ولم يعط لها الأب جهازا، أفتى الامام جمال الدين وصاحب المحيط بأن له مطالبة الجهاز من الأب على قدر العرف والعادة أو طلب الدستيمان. قال: وهذا اختيار الأئمة. وقال الامام المرغيناني: الصحيح أنه لا يرجع بشئ، لان المال في النكاح غير مقصود. وكان بعض أئمة خوارزم يعترض بأن الدستيمان هو المهر المؤجل كما ذكره في الكافي وغيره، فهو مقابل بنفس المرأة، حتى ملكت حبس نفسها لاستيفائه، فكيف يملك الزوج طلب الجهاز والشئ لا يقابله عوضان. وأجاب عنه الفقيه ناقلا عن الأستاذ أن الدستيمان إذا أدرج في العقد فهو المعجل الذي ذكرته، وإن لم يدرج فيه ولم يعقد عليه فهو كالهبة بشرط العوض وذلك ما قلناه، ولهذا قلنا: إن لم يذكره في العقد وزفت إليه بلا جهاز وسكت الزوج أياما لا يتمكن من دعوى الجهاز، لأنه لما كان محتملا وسكت زمانا يصلح للاختيار دل أن الغرض لم يكن الجهاز ا ه ملخصا. وحاصله أن ذلك المعجل لا يلزم كونه هو المهر المعجل دائما كما يوهمه كلام الكافي حتى يرد أنه مقابل لنفسها لا بجهازها بل فيه تفصيل، وهو أنه إن جعل من جملة المهر المعقود عليه فهو المهر المعجل وهو مقابل بنفس المرأة، وإلا فهو مقابل بالجهاز عادة، حتى لو سكت بعد الزفاف ولم يطلب جهازا علم أنه دفعه تبرعا بلا طلب عوض وهو في غاية الحسن، وبه يحصل التوفيق، والله الموفق، لكن الظاهر جريان الخلاف في صورة ما إذا كان معقودا عليه، لأنه وإن ذكر على أنه مهر، لكن من المعلوم عادة أن كثرته لأجل كثرة الجهاز، فهو في المعنى بدل له أيضا، ولهذا كان مهر من لا جهاز لها أقل من مهر ذات الجهاز وإن كانت أجمل منها. ويجاب بأنه لما صرح بكونه مهرا وهو ما يكون بدل البضع الذي هو المقصود الأصلي من النكاح دون الجهاز يعتبر المعنى، وسيأتي في باب النفقة إن شاء الله تعالى مزيد بيان لهذه المسألة، وأن هذا غير معروف في زماننا، بل كل أحد يعلم أن الجهاز للمرأة إذا طلقها تأخذه كله، وإذا ماتت يورث عنها، وإنما يزيد المهر طبعا في تزيين بيته وبه وعوده إليه ولأولاده إذا ماتت، وهذه المسألة نظير ما لو تزوجها بأكثر من مهر المثل على أنها بكر فإذا هي ثيب، فقد مر الخلاف في لزوم الزيادة وعدمه بناء على الخلاف في هذه المسألة، وقدم أن المرجح اللزوم، فلذا كان المصحح هنا عدم الرجوع بشئ كما مر عن المرغيناني. قوله: (نكح ذمي الخ) لما فرغ من مهور المسلمين ذكر مهور الكفار، ويأتي بيان أنكحتهم، وقوله: أو مستأمن يشير إلى أنه لو عبر المصنف بالكافر لكان أولى، لان المستأمن كالذمي هنا. نهر عن العناية. قوله: (ثمة) أي في دار الحرب. قوله: (بميتة) المراد بها كل ما ليس بمال كالدم. بحر. قوله: (وذا جائز عندهم) بأن كان
173 لا يلزم عندهم مهر المثل بالنفي وبما ليس بمال. قوله: (قبله) أي قبل الوطئ. قوله: (فلا مهر لها) هذا قوله: وعندهما: لها مهر المثل إذا دخل بها أو مات عنها، والمتعة لو طلقها قبل الوطئ. وقيل في الميتة والسكوت روايتان. والأصح أن الكل على الخلاف. هداية. لكن في الفتح بأن ظاهر الرواية وجوب مهر المثل في السكوت عنه، لأنه النكاح معاوضة، فما لم ينص على نفي العوض يكون مستحقا لها، وذكر الميتة كالسكوت لأنها ليست مالا عندهم فذكرها لغو. نهر. قوله: (ولو أسلما الخ) لو وصلية. وعبارة الفتح: ولو أسلما أو رفع أحدهما إلينا أو ترافعا ا ه. ولم يقل أو أسلم أحدهما لإنفهامه بالأولى. قوله: (لأنا أمرنا بتركهم) أي ترك إعراض لا تقرير، وقوله: وما يدينون الواو للعطف أو للمصاحبة فلا نمنعهم عن شرب الخمر وأكل الخنزير وبيعهما. عن أبي السعود. قوله: (وتثبت بقية أحكام النكاح) أي إن اعتقداها أو ترافعا إلينا ط. قوله: (كعدة) أي لو طلقها وأمرها بلزوم بيتها إلى انقضاء عدتها ورفع الامر إلينا حكمنا عليها بذلك، وكذا لو طلبت نفقة العدة ألزمناه بها. رحمتي. قوله: (ونسب) أي يثبت نسب ولده فيما يثبت به النسب بيننا. رحمتي. قوله: (وخيار بلوغ) أي لصغير وصغيرة إذا كان المزوج غير الأب والجد ط. قوله: (وتوارث بنكاح صحيح) هو ما يقران عليه إذا أسلما، بخلاف نكاح محرم أو في عده مسلم كما سيأتي في الفرائض. قوله: (وحرمة مطلقة ثلاثا الخ) فيفرق بينهما ولو بمرافعة أحدهما، وأما لو كانا محرمين فلا يفرق إلا بمرافعتهما كما سيأتي في نكاح الكافر. قوله: (قبل القبض) أما بعده فليس لها إلا ما قبضته ولو كان غير معين وقت العقد. نهر. قوله: (فلها ذلك) هذا قول الإمام، وقال الثاني: لها مهر المثل في المعين وغيره، وقال الثالث: لها القيمة فيهما. نهر. قوله: (وتسيب الخنزير) كذا في الفتح، قال الرحمتي: والأولى فتقتل الخنزير. قوله: (ولو طلقها الخ) قال في الفتح: ولو طلقها قبل الدخول ففي المعين: لها نصفه عند أبي حنيفة، وفي غير المعين في الخمر: لهب نصف القيمة، وفي الخنزير المتعة. وعند محمد: لها نصف القيمة بكل حال لأنه أوجب القيمة فتنتصف. وعند أبي يوسف وهو الموجب لمهر المثل: لها المتعة لان مهر المثل لا يتنصف ا ه. قوله: (إذ أخذ قيمة القيمي الخ) بيانه أن أخذ المثل في المثلي أو القيمة في القيمي بمنزلة أخذ العين والخمر مثلي، فأخذ قيمته ليس كأخذ عينه، بخلاف القيمة في القيمي كالخنزير فلذا أوجبنا فيه مهر المثل. وأورد ما لو شرى ذمي من ذمي دارا بخنزير فإن لشفيعها المسلم أخذها بقيمة الخنزير. وأجيب بأن قيمة الخنزير كعينه لو كانت بدلا عنه كمسألة النكاح والقيمة في الشفعة بدل عن الدار لا عن الخنزير، وإنما صير إليها للتقدير بها لا غير. واعترض بأن القيمة في النكاح أيضا بدل عن الغير وهو البضع والمصير إليه للتقدير. والجواب ما قالوا من أنه لو أتاها بقيمة الخنزير قبل الاسلام أجبرت على القبول، لان القيمة لها
174 حكم العين فكانت من موجبات تلك التسمية، وبالاسلام تعذر أخذ القيمة فأوجبنا ما ليس من موجباتها وهو مهر المثل، فهذا يدل على أن قيمة الخنزير بدل عنه في النكاح بمنزلة عينه ولذا أجبرت المرأة على قبولها قبل الاسلام لا بعده، بخلاف مسألة الدار، ولو سلم عدم الفرق فقد يجاب بما مر آخر الزكاة في باب العاشر من أن جواز الاخذ بالقيمة في الدار لضرورة حق الشفيع، ولا ضرورة هنا لامكان إيجاب مهر المثل. قوله: (الوطئ في دار الاسلام) أي إذا كان بغير ملك اليمين. واحترز عن الوطئ في دار الحرب فإنه لا حد فيه، وأما المهر فلم أره. قوله: (إلا في مسألتين) كذا في الأشباه من النكاح وفيها من أحكام غيبوبة الحشفة أن المستثنى ثمان مسائل، فزاد على ما هنا الذمية إذا نكحت بغير مهر ثم أسلما وكانوا يدينون أن لا مهر فلا مهر. والسيد إذا زوج أمته من عبده فالأصح أن لا مهر، والعبد إذا وطئ سيدته بشبهة فلا مهر أخذا من قولهم فيما قبلها أن المولى لا يستوجب على عبده دينا، وكذا لو وطئ حربية أو وطئ الجارية الموقوفة عليه أو وطئ المرهونة بإذن الراهن ظانا الحل. قال: ينبغي أن لا مهر في الثلاثة الأخيرة ولم أره الآن ا ه. ونقل ح عن حدود البحر في نوع ما لا حد فيه لشبهة المحل أن من هذا النوع وطئ المبيعة فاسدا قبل القبض لاحد فيه لبقاء الملك أو بعده، لان له حق الفسخ فله حق الملك فيها، وكذا المبيعة بشرط الخيار للبائع لبقاء ملكه أو للمشتري لأنها لم تخرج عن ملكه بالكلية ا ه. قال ح: وهل لا مهر في هذه الأربع؟ إطلاق الشارح يشعر بذلك، فليراجع. قلت: أما الأولى فداخلة في مسألة بيع الأمة قبل التسليم فلا مهر، ومثلها المبيعة بخيار للبائع لان وطأها يكون فسخا للبيع، وأما المبيعة فاسدا بعد القبض فينبغي لزوم المهر لوقوع الوطئ في ملك غيره، وكذا المبيعة بخيار للمشتري إن أمضى البيع، فافهم. قوله: (صبي نكح الخ) في الخانية: المراهق إذا تزوج بلا إذن وليه امرأة ودخل بها فرد أبوه نكاحه قالوا: لا يجب على الصبي حد ولا عقر، أما الحد فلمكان الصبا، وأما العقر فلأنها إنما زوجت نفسها منه مع علمها أن نكاحه لا ينفذ فقد رضيت ببطلان حقها ا ه. وكذا لو زنى بثيب وهي نائمة فلا حد عليه ولا عقر، أو بكر بالغة دعته إلى نفسها وأزال عذرتها، وعليه المهر لو مكرهة أو صغيرة أو أمة ولو بأمرها لعدم صحة أمر الصغيرة في إسقاط حقها وأمر الأمة في إسقاط حق المولى، ولا مهر عليه بإقراره بالزنى ا ه. هندية ملخصا. قوله: (وبائع أمته) أي إذا وطئها قبل التسليم إلى المشتري لا حد عليه ولا مهر، لأنه من شبهة المحل لكونها في ضمانه ويده، إذا لو هلكت عادت إلى ملكه والخراج بالضمان، فلو وجب عليه المهر استحقه (1). قوله: (ويسقط) أي عن المشتري ويثبت له الخيار، كما لو أتلف جزءا منها. والوالجية. قوله: (وإلا فلا) أي وإن لم تكن بكارة فلا يسقط شئ ولا خيار له أيضا. وروى عن الامام أن له الخيار. والوالجية. قوله: (تدافعت جارية الخ) تقدم الكلام عليه أول الباب.
(1) قوله: (فلو وجب عليه المهر استحقه) اي لان المهر يصير من الزوائد المنفصلة وهي مملوكة لمن يده به ضمان فكأننا أوجبنا المهر عليه لنفسه. 175 مطلب: لأبي الصغيرة المطالبة بالمهر قوله: (لأبي الصغيرة المطالبة بالمهر) ولو كان الزوج لا يستمتع بها كما في الهندية عن التجنيس، والصغيرة غير قيد. ففي الهندية: للأب والجد والقاضي قبض صداق البكر صغيرة كانت أو كبيرة، إلا إذا نهته وهي بالغة صح النهي، وليس لغيرهم ذلك، والوصي يملك ذلك على الصغيرة، والثيب البالغة حق القبض لها دون غيرها ا ه. وشمل قوله: (وليس لغيرهم) الام، فليس لها القبض إلا إذ كانت وصية، وحينئذ فتطالب الام إذا بلغت دون الزوج كما أفاده في الهندية ط. قلت: أي تطالب الام إذا ثبت القبض بغير إقرار الام لما في البزازية وغيرها: أدركت وطلبت المهر من الزوج فادعى الزوج أنه دفعه إلى الأب في صغرها وأقر الأب به لا يصح إقراره عليها لأنه لا يملك القبض في هذه الحالة فلا يملك الاقرار به وتأخذ من الزوج، ولا يرجع على الأب لأنه أقر بقبض الأب في وقت له ولاية قبضه، إلا إذا كان قال عند الاخذ: أبرأتك من مهرها ثم أنكرت البنت له الرجوع هنا على الأب اه. وفيها قبض الولي المهر ثم ادعى الرد على الزوج لا يصدق إذا كانت بكرا لأنه يلي القبض لا الرد، ولو ثيبا يصدق لأنه أمين ادعى رد الأمانة ا ه. وفيها قبض الأب مهرها وهي بالغة أو لا وجهزها أو قبض مكان المهر عينا، ليس لها أن لا تجيزه لأن ولاية قبض المهر إلى الآباء، وكذا التصرف فيه ا ه. لكن في الهندية: لو قبض بمهر البالغة ضيعة فلم ترض إن جرى التعارف بذلك جاز له، وإلا فلا ولو بكرا. وتمام مسائل قبض المهر في البحر والنهر أول باب الأولياء. قوله: (قال البزازي الخ) عبارته: ولا يجبر الأب على دفع الصغيرة إلى الزوج، ولكن يجبر الزوج على إيفاء المعجل، فإن زعم الزوج إنها تتحمل الرجال وأنكر الأب فالقاضي يريها للنساء ولا يعتبر السن ا ه. قلت: بل في التاترخانية: البالغة إذا كانت لا تتحمل لا يؤمر بدفعها إلى الزوج. مطلب في السر ومهر العلانية قوله: (المهر مهر السر الخ) المسألة على وجهين: الأول: تواضعا في السر على مهر ثم تعاقدا في العلانية بأكثر والجنس واحد، فإن اتفقا على المواضعة فالمهر مهر السر، وإلا فالمسمى في العقد ما لم يبرهن الزوج على أن الزيادة سمعة وإن اختلف الجنس، فإن لم ينفقا على المواضعة فالمهر هو المسمى في العقد، وإن اتفقا عليها انعقد بمهر المثل، وإن تواضعا في السر على أن المهر دنانير ثم تعاقدا في العلانية على أن لا مهر لها فالمهر ما في السر من الدنانير، لأنه لم يوجد ما يوجب الاعراض عنها، وإن تعاقدا على أن لا تكون الدنانير مهرا لها أو سكتا في العلانية عن المهر انعقد بمهر المثل. الوجه الثاني: أن يتعاقدا في السر على مهر ثم أقر في العلانية أكثر فإن اتفقا أو أشهدا أن الزيادة سمعة فالمهر ما ذكر عند العقد في السر، وإن لم يشهد فعندهما المهر هو الأول. وعنده هو
176 الثاني، ويكون جميعه زيادة على الأول لو من خلاف جنسه، وإلا فالزيادة بقدر ما زاد على الأول ا ه. ملخصا من الذخيرة. والحاصل في الوجه الأول أن العقد إنما جرى في العلانية فقط، وفي الوجه الثاني بالعكس أو جرى مرتين، مرة في السر ومرة في العلانية كما قدمناه مبسوطا عن الفتح عند قول المصنف: وما فرض بعد العقد أو زيد لا ينتصف وفيه نوع مخالفة لما هنا يمكن دفعها بإمعان النظر. قوله: (المؤجل إلى الطلاق) احتراز عن المهر المؤجل إلى مدة معلومة فإنه يبقى إلى أجله بعد الطلاق، وقوله: يتعجل بالرجعي أي مطلقا، أو إلى انقضاء العدة كما هو قول عامة المشايخ، وعلى الأول لا يتأجل لو راجعها، وليس رجعي بقيد بل البائن مثله بالأولى، وقدمنا تمام الكلام على ذلك عند قوله: ولها منعه من الوطئ الخ. قوله: (ولو وهبته المهر الخ) أي لو قال لمطلقته: لا أتزوجك حتى تهبيني مالك علي من مهرك ففعلت على أن يتزوجها فأبى، فالمهر عليه تزوج أم لا. بزازية، وقوله فأبى: أي قال لا أتزوجك فيكون ردا للهبة، فلذا بقي المهر عليه وإن تزوجها بعد الاباء. قوله: (ولو وهبته لاحد) أي غير الزوج، لان هبة الدين بمن عليه الدين تصح مطلقا، أما هبته لغيره فلا تصح ما لم يسلطه على قبضه فيصير كأنه وهبه حين قبضه، ولا يصح إلا بقبضه كما في جامع الفصولين. قوله: (لم تصح) أي الهبة. قوله: (وهذه حيلة الخ) أفاد أنها غير قاصرة على المهر، وفيها بعد الاشتراط رضا المديون بالحوالة، فإذا كان طالبا للهبة لا يرضى بالحوالة إلا أن يصور فيمن يجهل أن الحوالة تمنع من صحة الهبة. وأجاب الشارح في مسائل شتى آخر الكتاب بأن يتمكن المحال من مطالبة المديون برفعه إلى من لا يشترط قبوله: أي كمالكي المذهب. تأمل. ومن الحيل شراء شئ ملفوف من زوجها بالمهر قبل الهبة: أي ثم ترده بعدها بخيار رؤية أو يصالحها إنسان عن المهر بشئ ملفوف قبل الهبة كما في البحر عن القنية، والأخيرة أحسن، والله تعالى أعلم. باب نكاح الرقيق لما فرغ من نكاح من له أهلية النكاح من المسلمين شرع في بيان من ليس له ذلك وهو الرقيق، وقدمه على الكافر لان الاسلام غالب فيهم. نهر. قوله: (هو المملوك) في الصحاح: الرقيق المملوك يطلق على الواحد والجمع. قال في البحر: والمراد هنا المملوك من الآدمي، لأنهم قالوا: إن الكافر إذا أسر في دار الحرب فهو رقيق لا مملوك، وإذا أخرج فهو مملوك أيضا، فعلى هذا فكل مملوك من الآدمي رقيق لا عكسه ا ه. وعليه فالمراد بالرقيق هنا الرقيق المحرز بدارنا، فلامة إذا أسرت ولم تخرج إلى دارنا لو تزوجت لا يتوقف نكاحها بل يبطل لأنه لا مجيز له وقت وقوعه كما في النهر بحثا. قلت: قد يقال إن له مجيزا وهو الامام، لان له بيعها قبل الاخراج وبعده، فتأمل. قوله: (كلا أو بعضا) يشمل المبعض والمملوك ملكا ناقصا كالمكاتب ومن ولد له سبب الحرية
177 كالمدبر وأم الولد. قوله: (والقن المملوك كلا) أخرج المبعض، لكن دخل فيه المكاتب والمدبر وأم الولد لدخولهم في المملوك. وفي المغرب: القن من العبيد من ملك هو وأبواه، وكذلك الاثنان والجمع والمؤنث، وأما أمة قنة فلم نسمعه. وعن ابن الاعرابي: عبد قن خالص العبودية، وعليه قول الفقهاء، لأنهم يعنون به خلاف المدبر والمكاتب ا ه. فالمناسب ما في الرحمتي من أن القن المملوك ملكا تاما لم ينعقد له سبب الحرية. قال ح: ثم اعلم أن كلا من الرق والملك كامل وناقص، ففي القن كاملان، وفي معتق البعض ناقصان، وفي المكاتب كمل الرق، وفي المدبر وأم الولد كمل الملك. قوله: (توقف نكاح قن) أطلق في نكاحه فشمل ما إذا تزوج بنفسه أو زوجه غيره، وقيد بالنكاح لان التسري حرام مطلقا. قال في الفتح: فرع مهم للتجار ربما يدفع لعبده جارية ليتسرى بها، ولا يجوز للعبد أذن له مولاه أو لا، لان حل الوطئ لا يثبت شرعا إلا بملك اليمين أو عقد النكاح، وليس للعبد ملك يمين فانحصر حل وطئه في عقد النكاح ا ه. بحر. قوله: (وأمة) قد علمت أن القن يشمل الذكر والأنثى. قوله: (ومكاتب) لان الكتابة أوجبت فك الحجر في حق الاكتساب، ومنه تزويج أمته إذ به يحصل المهر والنفقة للمولى، بخلاف تزويج نفسه وعبده، ودخل في المكاتب معتق البعض لا يجوز نكاحه عنده، وعندهما يجوز لأنه حر مديون. أفاد في البحر. قوله: (وأم ولد) وفي حكمها ابنها من غير مولاها، كما إذا زوج أم ولده من غيره فجاءت بولد من زوجها، وأما ولدها من مولاها فحر، وتمامه في البحر. قوله: (فإن أجاز نفذ الخ) إن كان كل من الإجازة أو الرد قبل الدخول فالامر ظاهر، وإن كان بعده ففي الرد يطالب العبد بعد العتق كما ذكره بقوله: فيطالب الخ وفي الإجازة قال في البحر عن المحيط وغيره: القياس أن يجب مهران مهر بالدخول ومهر بالإجازة كما في النكاح الفاسد إذا جدده صحيحا. وفي الاستحسان: لا يلزمه إلا المسمى، لان مهر المثل لو وجب لوجب باعتبار العقد، وحينئذ فيحب بعقد واحد مهران وإنه ممتنع ا ه. ثم الإجازة تكون صريحا ودلالة وضرورة كما سيأتي، وفيه رمز إلى أن سكوته بعد العلم ليس بإجازة كما في القهستاني عن القنية. قوله: (فلا مهر) تفريع على قوله: بطل ح: أي لا مهر على العبد ولا مهر للأمة. قوله: (فيطالب) جواب شرط مقدر: أي فإن دخل فيطالب، فافهم. قوله: (من له ولاية تزويج الأمة) أي وإن لم يكن مالكا لها. بحر. وشمل الوارث والمشتري، فلو مات الولي أو باعه فأجازه سيده الوارث أو المشتري يجوز، وإلا فلا كما أشير إليه في العمادية. قهستاني، وشمل الشريكين. فلو زوج أحدهما الأمة ودخل الزوج، فإن رد الآخر فله نصف مهر المثل وللمزوج الأقل من نصفه ومن نصف المسمى. بحر. قوله: (كأب) أي أبي اليتيم فإنه يزوج أمته كذا جده وكذا وصيه والقاضي ح. لأنه من باب الاكتساب فتح. قوله: (ومكاتب) لأنه كما تقدم
178 يجوز له تزويج أمته لكونه من الاكتساب لا عبده ط. وخرج العبد المأذون فلا يملك تزويج الأمة أيضا. بحر. ومثله الصبي المؤذون. درر. قوله: (ومفاوض) فإنه يزوج أمة المفاوضة لا عبدها. ح عن القهستاني. بخلاف شريك العنان فلا يملك تزويج الأمة كما مر، وكذا المضارب كما في البحر. قوله: (ومتول) ذكره في النهر بحثا حيث قال: ولم أر حكم نكاح رقيق بيت المال والرقيق في الغنيمة المحرزة بدارنا قبل القسمة والوقف إذا كان بإذن الامام والمتولي، وينبغي أن يصح في الأمة دون العبد كالوصي. ثم رأيت في البزازية: لا يملك تزويج العبد إلا من يملك إعتاقه ا ه: أي فإنه يدل على أنه لا يصح في العبد، وأما في الأمة فينبغي الجواز تخريجا على الوصف كما قال، ولعل الشارح اقتصر على المتولي ولم يذكر الامام لان أحكام الوصي والمتولي مستقيان من واد واحد، لكن الامام في مال بيت المال ملحق بالوصي أيضا، حتى أنه لا يملك بيع عقار بيت المال إلا فيما يملكه الوصي، وله بيع عبد الغنيمة قبل الاحراز وبعده فينبغي أن يملك تزويج الأمة إذا رأى المصلحة. تأمل. قوله: (وأما العبد الخ) يستثنى من ذلك ما لو زوج الأب جارية ابنه من عبد ابنه فإنه يجوز عند أبي يوسف، بخلاف الوصي، لكن في المبسوط أنه لا يجوز في ظاهر الرواية فلا استثناء. بحر. قوله: (وغيره) أي من مدبر ومكاتب. قوله: (لوجود سبب الوجوب منه) أي من القن وغيره، فإن العقد سبب لوجوب المهر والنفقة، وقد وجد من أهله مع انتفاء المانع وهو حق المولى لاذنه بالعقب. قوله: (ويسقطان بموتهم) قيد سقوط المهر في البحر عند قول الكنز: ولو زوج عبدا مأذونا بما إذا لم يترك كسبا، في كلام الشارح إشارة إليه، أما النفقة ولو مقتضية فتسقط عن الحر بموته فالعبد بالأولى. قوله: (وبيع قن) أي باعه سيده، لأنه دين تعلق في رقبته وقد ظهر في حق المولى بإذنه فيؤثم ببيعه، فإن امتنع باعه القاضي بحضرته إلا إذا رضي أن يؤدي قدر ثمنه، كذا في المحيط. نهر. واشتراط حضرة المولى لاحتمال أن يفديه، وقد ذكر في المأذون المعديون أن للغرماء استسعاءه أيضا. قال في البحر: من النفقة، ومفاده أن زوجته لو اختارت استسعاءه لنفقة كل يوم أن يكون لها ذلك ا ه. قلت: وكذا للمهر. قوله: (كمدبر) أدخلت الكاف المكاتب ومعتق البعض وابن أم الولد كما في البحر. قوله: (بل يسعى) لأنه لا يقبل البيع فيؤدي من كسبه لا من نفسه، فلو عجز المكاتب صار المهر دينا في رقبته فيباع فيه إلا إذا أدى المهر مولاه واستخلصه كما في القن، وقياسه أن المدبر لو عاد إلى الرق بحكم شافعي ببيعه أن يصير المهر في رقبته. بحر. قوله: (ولو مات مولاه الخ) في القنية: زوج مدبره امرأة ثم مات المولى فالمهر في رقبة العبد يؤخذ به إذا عتق ا ه. وفيه نظر لان حكمه السعاية قبل العتق لا التأخر إلى ما بعد العتق بحر. قال في النهر: هذا مدفوع بأن ما في القنية فيه إفادة حكم سكتوا عنه، هو أن المدبر إذا لزمته السعاية في حياة المولى هل يؤاخذ بالمهر بعد العتق؟ قال: نعم، وهو ظاهر في أنه يؤاخذ به جملة واحدة حيث قدر عليه ويبطل حكم السعاية ا ه. أقول: حاصل الجواب أن المدبر يسعى في حياة مولاه في المهر، أما بعد موت مولاه فإنه
179 يسعى أولا في ثلثي قيمته لتلخيص رقبته من الرق ويصير المهر في رقبته يؤديه بعد عتقه كدين الأحرار لا بطريق السعاية، فإن وجد معه جملة أخذ منه وإلا عومل معاملة المديون المعسر، ولما كان فهم ذلك من عبارة القنية فيه خفاء عزا ذلك إليها وإلى النهر، فافهم. قوله: (إن تجددت) يعني إن لزمه نفقة فبيع فيها فلم يف ثمنه بما عليه من النفقة بقي الفضل في ذمته فيطالب به بعد العتق ولا يتعلق برقبته فلا يباع فيه عند السيد الثاني، ثم إن تجمعت عليه نفقة عند السيد الثاني بيع فيها ويفعل بالفضل كما مرح. ووجهه ما في البحر عن المبسوط أن النفقة يتجدد وجوبها بمضي الزمان وذلك في حكم دين حادث ا ه: أي إن ما تجدد وجوبه عند السيد الثاني في حكم دين حادث فيباع فيه، بخلاف ما تجمد عليه وبيع فيه أولا، فإنه لا يباع فيه ثانيا لاستيفاء باقيه لأنه في حكم دين واحد، خلافا لما في نفقات صدر الشريعة حيث يفهم منه أنه يباع في الباقي أيضا كما سيأتي بيانه هناك إن شاء الله تعالى. ثم الظاهر أن هذا مفروض فيما إذا كانت النفقة مفروضة بالتراضي أو بقضاء القاضي لأنها بدون ذلك تسقط بمضي المدة كما ذكروه في النفقات. ثم رأيت في نفقات البحر صور المسألة بما إذا فرض القاضي لها نفقة شهر مثلا وعجز عن أدائها باعه القاضي إن لم يفده المولى. وأفاد أنه إنما يباع فيما يعجز عن أدائه لا لنفقة كل يوم مثلا للاضرار بالمولى، ولا لاجتماع قدر قيمته للاضرار بها. وينبغي أن لا يصح فرضه لتراضيهما لحجر العبد عن التصرف ولإتهماه بقصد الزيادة فضرار المولى، ولذا فرض المسألة في البحر فيما إذا فرضها القاضي. تأمل. قوله: (وفي المهر مرة) فيه أنه لو لزمه مهر آخر عند السيد الثاني كما إذا طلقها ثم تزوجها بيع ثانيا، فلا فرق بين المهر والنفقة إلا باعتبار أن النفقة تتجدد عند السيد الثاني ولا بد، بخلاف المهر. ح عن شيخه السيد. وأجاب ط بأن النفقة التي حدثت عند الثاني سببها متحقق عند الأول فتكرر بيعه في شئ واحد، بخلاف بيعه فمهر ثان عند الثاني، فإن هذا مسبب عن عقد مستقل حتى توقف على إذنه ا ه. قلت: وحاصله أن النفقة المتجددة عند الثاني وإن كانت في حكم دين حادث ولذا بيع فيها ثانيا إلا أنها لما كان سببها متحدا وهو العقد الأول لم تكن دينا حادثا من كل وجه، أما المهر الثاني فهو دين حادث من كل وجه لوجوبه بسبب جديد، وأنت خبير بأن هذا جواب إقناعي. ثم اعلم أن دين المهر والنفقة عيب في العبد، فللمشتري الخيار إن لم يرض به. تنبيه: قال في البحر: علل في المعراج لعدم تكرار بيعه في المهر بأنه بيع في جميع المهر، فيفيد أنه لو بيع في مهرها المعجل ثم حل الاجل يباع مرة أخرى لأنه إنما بيع في بعضه ا ه. أقول: فيه نظر لأنه مخالف لما نقله قبله في المبسوط من أنه ليس شئ من ديون العبد ما يباع فيه مرة بعد أخرى إلا النفقة، لأنه يتجدد وجوبها بمضي الزمان الخ. ولا يخفى أن المهر المؤجل كان واجبا قبل حلول الأجل، وإنما تأخرت المطالبة إلى حلوله، فلم يتجدد الوجوب عند المشتري حتى يباع ثانيا عنده، ولأنه يلزم أنه لو كان المهر ألفا مثلا وقيمة العبد مائة فبيع بمائة ثانيا وثالثا وهكذا، لأنه في كل مرة لم يبع في كل المهر وهو خلاف ما صرحوا به، ومراد المعراج بقوله: بيع
180 في جميع المهر، أنه إنما بيع لأجل جميع المهر: أي لأجل ما كان جميعه واجبا وقت البيع، بخلاف النفقة الحادثة عند الثاني فإنه لم يبع فيها عند الأول فيباع فيها ثانيا عند الثاني، فالمراد بيان الفرق بين المهر والنفقة كما صرحوا به في البحر من النفقات فراجعه، فافهم. قوله: (إلا إذا باعه منها) فإن ما عليها من مقدار ثمنه يلتقي قصاصا بقدره مما لها والباقي يسقط، لان السيد لا يستوجب دينا على عبده ح. قوله: (ولو زوج المولى أمته الخ) حاصله تقييد المسألة الأولى التي يباع في القن بما إذا لم تكن الأمة أمة مولى العبد فهذا كالاستثناء مما قبله، ثم استثنى من هذا الاستثناء ما إذا كانت أمة المولى مأذونة فإنه يباع لها أيضا، وأطلق هنا الأمة والعبد، فشمل ما إذا كانا قنين أو مدبرين، أو كانت أم ولدا، أو كان ابن أم ولد. قوله: (لا يجب المهر) لاستلزامه الوجوب لنفسه على نفسه وهو لا يعقل، وهذا بناء على أن مهر الأمة يثبت للسيد ابتداء غير المأذونة والمكاتبة ومعتقة البعض كما في النهر ح. وفي استثناء المأذونة كلام يأتي قريبا. قوله: (بل يسقط) أي بل يجب على السيد ثم يسقط بناء على أن مهر الأمة يثبت لها أولا ثم ينتقل للسيد كما في النهر عن الفتح ح. وفائدة وجوبه لها أنه لو كان عليها دين يستوفى منه ويقضي دينها. قالوا: والأول أظهر، كذا في شرح الجامع الكبير. بيري على الأشباه. وأيده أيضا في الدرر، وهذا مؤيد لتصحيح الولوالجي. قال في البحر: ولم أر مكن ذكر لهذا الاختلاف ثمرة. ويمكن أن يقال: إنها تظهر فيما لو زوج الأب أمة الصغير من عبده: فعلى الثاني يصح، وهو قول أبي يوسف، وعلى الأول لا يصح التزويج، وهو قولهما، وبه جزم في الولوالجية معللا بأنه نكاح للأمة بغير مهر لعدم وجوبه على العبد في كسبه للحال اه. واعترضه الرحمتي بأنه لا استحالة في وجوب المال للصغير على أبيه، بخلاف ما لو زوجها من أمة نفسه. قلت: وكأنه فهم أن الضمير في قوله: من عبده للأب مع أنه للصغير كما صرح به في الظهيرية. هذا، وجعل العلامة المقدسي ثمرة الخلاف قضاء دينها منه وعدمه. وقال: ويترجح القول بالوجوب ولهذا صححه ابن أمير حاج. قوله: (ومحل الخلاف الخ) ذكره في النهر بحثا بقوله: وينبغي أن يكون محل الخلاف ما إذا لم تكن الأمة مأذونة مديونة، فإن كانت بيع أيضا، ويدل عليه ما في الفتح: مهر الأمة يثبت لها ثم ينتقل إلى المولى، حتى لو كان عليها دين قضى من المهر ا ه. قلت: أنت خبير أن قول الفتح: يثبت لها الخ، هو أحد القولين، فكيف يجعله دليلا لعدم الخلاف؟ فإن المتبادر من عباراتهم أن قضاء دينها منه مبني على القول بأنه يثبت لها أو لا، أما على القول بأنه يثبت للسيد ابتداء فلا قضاء، ولهذا جعله العلامة المقدسي ثمرة الخلاف كما مر، فتأمل. قوله: (لأنه يثبت لها) أي لان المهر يثبت للأمة مأذونة أو غيرها ثم ينتقل للمولى إن لم يكن عليها دين، وإلا فلا ينتقل إليه، فالضمير راجع للأمة المذكورة لا بقيد كونها مأذونة فهو استدلال بالأعم
181 على الأخص، فافهم. قوله: (فالمهر برقبته) وقيل في ثمنه والأول الصحيح كما في المنية، ولو أعتقه كان عليه الأقل من المهر والنفقة كما في النتف. قهستاني. قوله: (يدور معه الخ) أي يباع فيه وإن تداولته الأيدي مرارا. قوله: (كدين الاستهلاك) أي كما لو استهلك مال إنسان عند سيده. قوله: (لكن للمرأة فسخ البيع) ذكره في البحر بحثا، ونقله المصنف في المنح عن جواهر الفتاوى حيث قال: رجل زوج غلامه ثم أراد أن يبيعه بدون رضا المرأة، إن لم يكن للمرأة على العبد مهر فللمولى بيعه، وإن كان فلا إلا برضاها. وهذا كما قلنا في العبد المأذون والمديون إذا باعه بدون رضا الغرماء، فلو أراد الغريم الفسخ فله أن يفسخ البيع، كذلك هنا إذا كان عليه المهر لان المهر دين ا ه. أما لو المولى قضاه عنه فلا فسخ أصلا. قوله: (طلقها رجعية) مثله أوقع عليها الطلاق أو طلقها تطليقة تقع عليها. بحر. قوله: (إجازة) لان الطلاق الرجعي لا يكون إلا بعد النكاح الصحيح، فكان الامر به إجازة اقتضاء، بخلاف البائن لأنه يحتمل المتاركة، كما في النكاح الفاسد والموقوف. ويحتمل الإجازة فحمل على الأدنى، وأشار إلى أن الإجازة تثبت بالدلالة كما تثبت بالصريح وبالضرورة، فالصريح كرضيت وأجزت وأذنت ونحوه. والدلالة تكون بالقول، كقول المولى بعد بلوغه الخبر: حسن أو صواب أو لا بأس به، وبفعل يدل عليها كسوق المهر أو شئ منه إلى المرأة والضرورة بنحو عتق العبد أو الأمة، فالاعتاق إجازة وتمامه في البحر. ولو أذن له السيد بعد ما تزوج لا يكون إجازة، فإن أجاز العبد ما صنع جاز استحسانا كالفضولي إذا وكل فأجاز ما صنعه قبل الوكالة، وكالعبد إذا زوجه فضولي فأذن له مولاه في التزوج فأجاز ما صنعه الفضولي، كذا في الفتح. أقول ولعل وجهه أن العقد إذا وقع موقوفا على الإجازة فحصل الاذن بعده ملك استئناف العقد فيملك إجازة الموقوف بالأولى، لكن علمت أن من الإجازة الصريحة لفظ أذنت فيناقض ما ذكر من أن الاذن بعد التزوج لا يكون إجازة. وأجاب في البحر بحمل الأول على ما إذا علم بالنكاح فقال أذنت، والثاني على ما إذا لم يعلم، وبه جزم في النهر. مطلب في الفرق بين الاذن والإجازة قلت: يظهر مما ذكرنا الفرق بين الاذن والإجازة، فالاذن كما سيقع، والإجازة لما وقع. ويظهر منه أيضا أن الاذن يكون بمعنى الإجازة إذا كان الامر وقع وعلم به الآذن، وعلى هذا فقول البحر وغيره: الإجازة تثبت بالدلالة وبالصريح الخ، أنسب من قول الزيلعي: الاذن يثبت الخ. وعلم أن المصنف لو قال: (إذن) بدل قوله: (إجازة) لصح أيضا، لان الامر بالطلاق يكون بعد العلم، والاذن بعد العلم إجازة. فقول النهر: ولم يقل أذن لأنه لو كان لاحتاج إلى الإجازة، فيه نظر فتدبر. قوله: (للنكاح الموقوف) يستفاد من قوله: (للنكاح الموقوف) أنه عقد فضولي فتجري فيه أحكام الفضولي من صحة فسخ العبد والمرأة قبل إجازة المولى، وتمامه في النهر. قوله: (لأنه) أي قول
182 المولى طلقها أو فارقها لأنه يستعمل للمتاركة أي فيكون ردا. ويحتمل الإجازة، فحمل على الرد لأنه أدنى، لان الدفع أسهل من الرفع، أو لأنه أليق بحال العبد المتمرد على مولاه، فكانت الحقيقة متروكة بدلالة الحال. بحر عن العناية. وعلى الثاني ينبغي لو زوجه فضولي فقال المولى طلقها أنه يكون إجازة، إذ لا تمرد منه في هذه الحالة. نهر. قلت: التعليل الأول يشمل هذه الصورة فلا يكون إجازة. قوله: (حتى لو أجازه) تفريع على ما فهم من المقام من أن ذلك رد. وقال في البحر: وقد علم مما قررناه، أن قوله طلقها أو فارقها وإن لم يكن إجازة فهو رد، فينفسخ به نكاح العبد حتى لا تلحقه الإجازة بعده. قوله: (بخلاف الفضولي) أي إذا قال له الزوج طلقها يكون إجازة لأنه يملك التطليق بالإجازة فيملك الامر به، بخلاف الموت لي، وهذا مختار صاحب المحيط. وفي الفتح أنه الأوجه، ومختار الصدر الشهيد ونجم الدين النسفي أنه ليس بإجازة، فلا فرق بينهما. وعلى هذا الاختلاف إذا طلقها الزوج. وفي جامع الفصولين أن هذا الاختلاف في الطلقة الواحدة، أما لو طلقها ثلاثا فهي إجازة اتفاقا، وعليه فينبغي أن تحرم عليه لو طلقها ثلاثا لأنه يصير كأنه إجازة أولا ثم طلق ا ه. وبه صرح الزيلعي بحر. قوله: (وإذنه لعبده الخ) أطلقه فشمل ما إذا أذن له في نكاح حرة أو أمة معينة أو لا، فما في الهداية من التقييد بالأمة والمعينة اتفاق. بحر. قوله: (بعد إذنه) متعلق بنكحها، وقيد به لئلا يتوهم أن قوله: (وإذنه لعبده) يدخل فيه الاذن بعد النكاح لان الاذن ما يكون قبل الوقوع على ما مر بيانه، فافهم. قوله: (فوطئها) قيد به لان المهر لا يلزم في الفاسد إلا به ط. قوله: (خلافا لهما) فعندهما الاذن لا يتناول إلا بالصحيح، فلا يطالب بالمهر في الفاسد إلا بعد العتق. قوله: (تقيد به) أي ويصدق قضاء وديانة. قال في النهر: واعلم أنه ينبغي أن يقيد الخلاف بما إذا لو لم ينو المولي الصحيح فقط، فإن نواه تقيد به أخذا من قولهم لو حلف أنه ما تزوج في الماضي يتناول يمينه الفاسد أيضا. قال في التلخيص: ولو نوى الصحيح صدق ديانة وقضاء وإن كان فيه تخفيف رعاية لجانب الحقيقة ا ه نهر. قوله: (كما لو نص عليه) أي فإنه يتقيد به اتفاقا أيضا كما بحثه في البحر أخذا مما بعده. قوله: (صح) أي فإذا دخل بها يلزمه المهر في قولهم جميعا. بحر عن البدائع. قوله: (وصح الصحيح أيضا) أي اتفاقا، وهذا ما بحثه في النهر على خلاف ما بحثه في البحر من أنه لا يصح اتفاقا. وإذا تأملت كلام كل منهما يظهر لك أرجحية ما في البحر كما أوضحته فيما علقته ويأتي قريبا بعض ذلك. قوله: (ولو نكحها ثانيا) أي بعد الفاسد، وهذا عطف على قوله: (فيباع الخ) فهو أيضا من ثمرة الخلاف لأنه إذا انتظم الفاسد عنده ينتهي به الاذن، وإذا لم ينتظمه لا ينتهي به عندهما فله أن يتزوج صحيحا بعده بها أو بغيرها. قوله: (لانتهاء الاذن بمرة) مثل الاذن الامر بالتزويج، كما لو
183 قال له تزوج فإنه لا يتزوج إلا مرة واحدة لان الامر لا يقتضي التكرار، وكذا إذا قال تزوج امرأة، لان قوله امرأة اسم لواحدة من هذا الجنس. بحر عن البدائع. قوله: (وإن نوى مرارا الخ) أي لو قال لعبده تزوج ونوى به مرة بعد أخرى لم يصح لأنه عدد محض، ولو نوى ثنتين يصح لان ذلك كل نكاح العبد، إذ العبد لا يملك التزوج بأكثر من ثنتين. بحر عن شرح المغني للهندي. وحاصله أن الامر يتضمن المصدر وهو للفرد الحقيقي أو الاعتباري: أي جملة ما يملكه دون العدد المحض كما قالوا في طلق امرأتي ونوى الواحدة أو الثلاث يصح دون الثنتين. قوله: (وكذا التوكيل بالنكاح) بأن قال تزوج لي امرأة لا يملك أن يزوجه إلا امرأة واحدة، ولو نوى الموكل الأربع ينبغي أن يجوز على قياس ما ذكرنا لأنه كل جنس النكاح في حقه ولكني ما ظفرت بالنقل، كذا في شرح المغني للهندي في بحث الامر. بحر فافهم. لكن نية الأربع إنما تصح إذا ليقل امرأة، أما لو قاله كما هو تصوير المسألة قبله فلا كما أفاده الرحمتي، ويؤيده ما مر آنفا عن البدائع من أن المرأة اسم لواحدة من هذا الجنس. قوله: (بخلاف التوكيل به) أي توكيل من يريد النكاح به، وهذا مرتبط بقول المصنف: والاذن بالنكاح ينتظم جائزه وفاسده. قوله: (فإنه لا يتناول الفاسد) لان النكاح الفاسد ليس بنكاح، لأنه لا يفيد شيئا من أحكام النكاح، ولهذا لو حلف لا يتزوج نكاحا فاسدا لا يحنث، بخلاف البيع يجوز في قول أبي حنيفة لان الفاسد بيع يفيد حكم البيع وهو الملك، ويدخل في يمين البيع فيحنث به. خانية. قوله: (به يفتى) عبارة البحر: فلا ينتهي به اتفاقا، وعليه الفتوى كما في المصفى، وأسقط الشارح اتفاقا لان قوله: (وعليه الفتوى) يشعر بالخلاف وإرجاع ضمير عليه إلى الاتفاق فيه نظر، إذ لا معنى للافتاء بالاتفاق، فافهم. قوله: (لا يملك الصحيح) لأنه قد يكون له غرض في الفاسد وهو عدم لزوم المهر بمجرد العقد فإنه لا يلزم إلا بالوطئ. وفي الصحيح يلزم المهر بمجرد العقد، ويتأكد بالخلوة والموت ولو بدون وطئ، ففيه إلزام على الموكل بما لم يلتزمه، وهذا يؤيد ما بحثه في البحر كما مر عند قوله: (وصح الصحيح أيضا). قوله: (بخلاف البيع) أي بخلاف الوكيل ببيع فاسد فإنه يملك الصحيح، لان البيع الفاسد بيع حقيقة لافادته الملك بعد القبض، بخلاف النكاح الفاسد كما مر. قوله: (الاذن في النكاح) الأولى بالنكاح بالباء، والمراد الاذن للعبد المحجور وهو فك الحجر وإسقاط الحق، لان العبد له أهلية التصرف في نفسه، وإنما حجر عليه لحق المولى فبالاذن يتصرف لنفسه بأهليته. وعند زفر والشافعي: هو توكيل وإنابة كما سيأتي في بابه إن شاء الله تعالى. والظاهر أن هذا غير خاص بالعبد لأنه يقال، أذن لزيد بأكل طعامي أو بسكنى داري، ففيه فك حجر وإسقاط حق، وكذا يقال: أذنت له ببيع داري، فيكون بمعنى الاحلال والإعارة والتوكيل، وإنما لم يكن الاذن للعبد توكيلا عندنا لما علمت من أنه بالاذن يتصرف لنفسه لا بطريق النيابة عن المولى. قوله: (والتوكيل بالبيع) أي توكيل أجنبي به. وقول البحر: وقول البحر: أشار المصنف إلى أن الاذن بالبيع وهو التوكيل به يتناول الفاسد بالأولى اتفاقا
184 يوهم أن الاذن هو التوكيل، لكن قد علمت أنه ليس عينه مطلقا بل قد يطلب عليه، فمراده الاذن الذي معنى توكيل الأجنبي لا إذن العبد. تأمل. قوله: (وبالنكاح لا) أي والتوكيل بالنكاح لا يتناول الفاسد كما مر. قوله: (واليمين على نكاح) كما إذا حلف لا يتزوج فإنه لا يحنث إلا بالصحيح. وأما إذا حلف أنه ما تزوج في الماضي فإنه يتناول الصحيح والفاسد أيضا، لان المراد في المستقبل الاعفاف وفي الماضي وقوع العقد. بحر عن المبسوط. قوله: (وصلاة) يقال على قياس ما تقدم: إن يمينه في الماضي منعقدة على صورة الفعل وقد وجدت، بخلافها في المستقبل فمنعقدة على المتهيئة للثواب وهو لا يحصل بالفاسد، ومثلها الصوم والحج ط. قلت: وسيأتي في الايمان: حلف لا يصوم حنث بصوم ساعة بنية وإن أفطر لوجود شرطه، ولو قال صوما أو يوما حنث بيوم، وحنث في: لا يصلي بركعة، وفي: لا يصلي صلاة بشفع، وفي: لا يحج لا يحنث حتى يقف بعرفة عن الثالث، أو حتى يطوف أكثر الطواف عن الثاني اه. وبه علم أن المراد بالصحيح في المستقبل ما يتحقق به الفعل المحلوف عليه شرعا مع شرائطه، وذلك في الصوم بساعة، وفي الصلاة بركعة وإن أفسده بعده. تأمل. قوله: (صح) أي النكاح لأنه يبتني على ملك الرقبة وهو باق بعد الدين كما هو قبله. بحر، قوله: (وساوت الغرماء) أي أصحاب الديون، وفيه تصريح بأن المهر سائر الديون، فلو مات العبد وكان له كسب يوفى منه. وما في الفتح عن التمرتاشي: لو مات العبد سقط المهر والنفقة يجب حمله في المهر على ما إذا لم يترك شيئا نهر، وأصل هذا الاستخراج والتوفيق لصاحب البحر. قوله: (والأقل) أي إن كان المهر المسمى أقل من مهر المثل تساوى الغرماء فيه، ولم يذكره المصنف لعلمه بالأولى. قوله: (والزائد عليه الخ) أي إذا كان المسمى أكثر من مهر المثل فإنها تساويهم في قدر الزائد عليه يطالب به بعد استيفاء الغرماء. بحر: أي فيسعى لها به إن بقي في ملك مولاه أو تصبر إلى أن يعتق، ولو باعه الغرماء معها ليس لها بيعه ثنيا لاخذ الزائد، لأنه لا يباع في المهر مرتين كما حررناه فيما مر. تأمل. قوله: (كدين الصحة) أي إذا كان على المريض دين صحة وهو ما ثبت ببينة مطلقا أو بإقراره صحيحا قدم على دين المرض وهو ما أقر به مريضا، لان فيه إضرارا بالغرماء فيقضي بعد قضاء ديونهم. قوله: (إلا إذا باعه منها) في الخانية: زوجه بألف وباعه منها بتسعمائة وعليه دين ألف أجاز الغريم البيع كانت التسعمائة بينهما يضرب الغريم فيها بألف والمرأة بألف، ولا تتبعه المرأة بعد ذلك ويتبعه الغريم بما بقي من دينه إذا عتق ا ه. وقوله ولا تتبعه بتاءين ثم باء موحدة: أي لا تطالبه بما بقي من مهرها لأنه صار ملكها وانفسخ النكاح والسيد لا يستوجب على عبده مالا، بخلاف ما بقي للغريم فإنه باق في ذمة العبد فطالبه به بعد عتقه، أما قبله فلا لما مر من أن العبد لا يباع في دين أكثر من مرة إلا النفقة، ولان الغريم لما أجاز بيع المولى منها تعلق حقه في القيمة فقط، ولا يخفى أن للمرأة بيعه وعتقه. كما لو باعه المولى من غيرها، ولا يمنع من بيعه تعلق
185 الدين برقبته إلى ما بعد عتقه لما قلنا، فما قيل من أنه ليس لها بيعه لتعلق حق الغريم به فهو وهم منشؤه التصحيف، ولو كانت النسخة: ولا تبيعه ويبيعه الغريم من البيع، نافي قوله: إذا عتق، فافهم. قوله: (كما مر) أي قبيل قوله: (ولو زوج المولى أمته من عبده) ح. قوله: (بنته) المراد من ترثه من النساء بعد موته سواء كانت بنتا أو بنت ابن أو أختا ط. قوله: (لأنها لم تملك المكاتب) لأنه لا يحتمل النقل من ملك إلى ملك ما لم يعجز، وإنما تملك ما في ذمته من بدل الكتابة، وأما صحة عتقها إياه فلانه يبرأ به عن بدل الكتابة أولا ثم يعتق. فتح. قوله: (للتنافي) أي بين كونه مالكا لها وكونها مالكة له. قوله: (أو أم ولده) ومثلها المدبرة، ولا تدخل المكاتبة بقرينة قوله فتخدمه: أي المولى لان المكاتبة لا يملك المولى استخدامها فلذا تجب النفقة لها بدون التبوئة. بحر. وأما نفقة الأولاد فتكون على الام، لان ولد المكاتبة دخل في كتابتها، وتمامه في شرح أدب القضاء للخصاف. قوله: (لا تجب تبوئتها) هي في اللغة مصدر بوأته منزلا: أي أسكنته إياه. وفي الاصطلاح على ما في شرح النفقات للخصاف: أن يخلي المولى بين الأمة وبين زوجها ويدفعها إليه ولا يستخدمها. أما إذا كانت تذهب وتجئ وتخدم مولاها لا تكون تبوئة ا ه بحر. وقال قبله: وقيد بالتبوئة لان المولى إذا استوفى صداقها أمر أن يدخلها على زوجها وإن لم يلزمه أن يبوئها، كذا في المبسوط، ولذا قال في المحيط لو باعها بحيث لا يقدر الزوج عليه سقط مهرها كما سيأتي في مسألة ما إذا قتلها ا ه: أي سقط لو قبل الوطئ. هذا وفيما نقله عن الخصاف وما نقله عن المبسوط شبه التنافي، لان الأول أفاد أنه لا بد في تحقق معنى التبوئة اصطلاحا من تسليم الأمة إلى الزوج، الثاني أفاد أن التسليم إليه بعد قبض الصداق واجب، وعدم وجوب التبوئة ينافي وجوب التسليم المذكور. والجواب ما أفاده في النهر من أن التسليم الواجب يكتفي فيه بالتخلية، بل بالقول بأن يقول له المولى متى ظفرت بها وطئتها، كما صرح به في الدراية، والتبوئة المنفية أمر زائد على ذلك لا بد فيها من الدفع، والاكتفاء فيها بالتخلية كما ظن بعضهم غير واقع ا ه. وهذا أولى مما أجاب به المقدسي من أن المراد بالتبوئة المنفية التبوئة المستمرة. قوله: (وإن شرطها) لأنه شرط باطل، لان المستحق للزوج ملك الحل لا غير، لأنه لو صح الشرط لا يخلو إما أن يكون بطريق الإجارة أو الإعارة، فلا يصح الأول لجهالة المدة، ولا الثاني لان الإعارة لا يتعلق بها اللزوم. بحر. قوله: (أما لو شرط الحر الخ) بيان للفرق بين المسألتين، وهو أن اشتراط حرية الأولاد وإن كان لا يقتضيه نكاح الأمة أيضا، إلا أنه صح لأنه في معنى تعليق الحرية بالولادة والتعليق صحيح، ويمتنع الرجوع عنه لأنه يثبت مقتضاه جبرا، بخلاف اشتراط التبوئة لأنه يتوقف وجودها على فعل حسي اختياري، لأنه وعد يجب الايفاء به، غير أنه إذا لم يف به لا يثبت متعلقه: أعني نفس الموعود به. فتح ملخصا. وأقره في البحر والنهر، ومقتضى وجوب الوفاء به أنه شرط غير باطل، لكن لا يلزم من صحته وجوده بخلاف اشتراط الحرية، لكن تقدم التصريح بأنه باطل، وكذا صرح به في كافي الحاكم فقال: لو شرط ذلك للزوج
186 كان هذا الشرط باطلا، ولا يمنعه أن يستخدم أمته، ولعل معنى وجوب الوفاء به أنه واجب ديانة، ومعنى بطلانه أن غير لازم قضاء، فتأمل. تنبيه: قال في النهر: وقيد الرجل في الفتح بالحر حتى لو كان عبدا كانت الأولاد عبيدا عندهما، خلافا لمحمد ا ه. ونظر في ح بأن التعليق المعنوي موجود. قلت: وهو الذي يظهر، وهذا القيد غير معتبر المفهوم، ولذا لم يقيد به في كثير من الكتب. وأما ما ذكره في النهر من الخلاف، فإنما رأيتهم ذكروه في مسألة العبد المغرور إذا تزوج امرأة على أنها حرة فظهرت أمة، بخلاف الحر المغرور فإن أولاده أحرار بالقيمة اتفاقا، فالظاهر أن ما في النهر سبق نظر بقرينة أنه ذكر مسألة المغرور، ثم قال: وقيد الرجل في الفتح الخ، فاشتبه عليه مسألة بمسألة، فليراجع. قوله: (حرية أولادها) أي أولاد القنة ونحوها، وقوله: فيه أي في العقد، والظاهر أن اشتراطها بعده كذلك، ويحرر ط. قوله: (في هذا النكاح) أما لو طلقها ثم نكحها ثانيا فهم أرقاء، إلا إذا شرط كالأول ط. قوله: (والتزويج) عطف على قبول ط، وهو أحسن من، قول ح: إنه عطف على الشرط. قوله: (على اعتباره) حالا من التزويج والهاء للشرط ح. قوله: (هو معنى الخ) خبر إن ح، فكأنه قال: إن ولدت أولادا من هذا النكاح فهم أحرار ط. قوله: (ومفاده) أي مفاد التعليل المذكور، وذلك لان المعلق قبل وجود الشرط عدم، ولا بد له من بقاء الملك عند وجود الشرط، وهذا البحث لصاحب البحر، وأقره عليه أخوه في النهر والمقدسي. وقال في البحر: وقد ذكر ذلك في المبسوط في التعليق صريحا بقوله: كل ولد تلدينه فهو حر، فقال: لو مات المولى وهي حبلى لم يعتق ما تلده لفقد الملك لانتقالها للورثة، ولو باعها المولى وهي حبلى جاز بيعه، فإن ولدت بعده لم تعتق ا ه. إلا أن يفرق بين التعليق صريحا والتعليق معنى ولم يظهر لي الآن ا ه. قلت يظهر لي الفرق بينهما من حيث إن هذا التعليق المعنوي تعلق به حق الزوج في ضمن العقد المقصود منه أصالة الولد والرقيق ميت حكما فصار المقصود به أصالة حرية الولد، فلا يكون في حكم التعليق الصريح، فلا يبطل بزوال ملك المولى ونظيره المكاتب، فإن عقد الكتابة معاوضة وهو متضمن لتعليق التعليق على أداء البدل، ولا يبطل هذا التعليق الضمني بموت المولى المعلق. وأيضا فإن المغرور الذي تزوج امرأة على أنها حرة يكون شارطا لحرية أولاده معنى، فإذا ظهر أنها أمة تكون أولاده أحرارا مع أن هذا الشرط لم يكن مع المولى، وفي مسألتنا وقع شرط الحرية مع المولى صريحا فلا ينزل حاله عن حال المغرور، فتأمل. قوله: (ولو ادعى الزوج الخ) هذا ذكره في النهر بحثا وقال: إنه حادثة الفتوى. واستنبطه مما في جامع الفصولي في المغرور: لو ادعى أنه تزوجها على أنها حرة وكذبه المولى، فإن برهن فالأولاد أحرار بالقيمة وإلا حلف المولى لأنه ادعى عليه ما لو أقر به لزمه،
187 فإذا نكل يحلف. قوله: (لكن لا نفقة الخ) لأنها جزاء الاحتباس، ولذا لم تجب نفقة الناشزة والحاجة مع غير الزوج والمغصوبة والمحبوسة بدين عليها. رحمتي. وعطف السكنى على النفقة عطف خاص على عام، لان النفقة اسم لها وللطعام والكسوة قوله: (ولا يستخدمها) مبني على ما مر عن نفقات الخصاف. وذكر في البحر أن التحقيق أن العبرة لكونها في بيت الزوج ليلا، ولا يضر الاستخدام نهارا ا ه. ويأتي مثله قريبا. قوله: (فارغة عن خدمة المولى) ظاهره أنه لو وجدها مشغولة بخدمة المولى في مكان خال ليس له وطؤها، ولم أره صريحا. وقد يقال: إن كان استمتاعه لا ينقص خدمة المولى أبيح له، لأنه ظفر بحقه غير منقص حق المولى لا سيما والمدة قصيرة ط. قوله: (ويكفي في تسليمها) أي الواجب بمقتضى العقد وهو بهذا المعنى لا ينافي عدم وجوب التبوئة كما أوضحناه قبل. قوله: (أو استخدامها نهارا الخ) هذا ما تقدم قريبا عن البحر أنه التحقيق. قال ح: وتكون نفقة النهار على السيد ونفقة الليل عن الزوج كما في القهستاني عن القينة. قوله: (وإن أبى الزوج) أي وإن أوفى المهر بتمامه، لان حق المولى أقوى ط. قوله: (وله) أي للمولى حيث تم الملك له. نهر. احترازا عن المكاتب، فإن ملكه فيه ناقص، فولاية الاجبار في المملوك تعتمد كمال الملك، وهو كامل في المدبر وأم الولد وإن كان الرق ناقصا، والمكاتب على عكسهما. بحر. قوله: (ولو أم ولد) ومثلها المدبر والمدبرة، وأشار إلى أن القنة كذلك بالأولى، لكنها داخلة في القن لاطلاقه عليهما كما مر، فافهم. قوله: (ولا يلزمه الاستبراء) قدمنا في فصل المحرمات أن الصحيح وجوب الاستبراء على السيد إذا أراد أن يزوجها وكان يطؤها. وأما الزوج فقال في الهداية: إنه لا يستبرئها لا استحبابا ولا وجوبا عندهما. وقال محمد: لا أحب أن يطأها قبل أن يستبرئها ا ه. ورجح أبو الليث قول محمد، وتقدم تمام الكلام على ذلك. قوله: (فهو من المولى) أي إن ادعاه في القنة والمدبرة ولم ينفه عنه في أم الولد ط. قلت: وهذا إذا زوجها غير عالم، لما قدمناه في المحرمات عن التوشيح من أنه ينبغي أنه لو زوجها بعد العلم قبل اعترافه به أنه يجوز النكاح ويكون نفيا. قوله: (والنكاح فاسد) فلا يلزم المهر إلا بوطئ الزوج ط. قوله: (وإن لم يرضيا) أشار إلى ما في القهستاني وغيره من أن المراد بالاجبار تزويجهما بلا رضاهما إكراهما على الايجاب والقبول كما قيل ا ه فافهم. قوله: (لا مكاتبه ومكاتبته) لأنهما التحقا بالأجانب بعقد الكتابة، ولهذا يستحقان الأرش على المولى بالجناية عليهما،
188 وتستحق المكاتبة المهر إذا وطئها المولى فصار كالحرين فلا يجبران على النكاح. ط عن أبي السعود. قوله: (ولو صغيرين) ظاهره أن المراد الإجازة ولو في حال الصغر مع أن عبارة الصغيرين الحرين غير معتبرة أصلا. ويحتمل أن يكون المراد أنه لا ينفذ نكاح المولى عليهما ولو كانا صغيرين، بل يتوقف على إجازتهما بعد بلوغهما، والمتبادر من كلامهم الأول. تأمل. قوله: (فلو أديا) أي بدل الكتابة قبل رد العقد. فتح. قوله: (عاد موقوفا على إجازة المولى) لأنه تجدد له ولاية أخرى غير الولاية التي قارنها رضاه بتزويجها، لان تلك الولاية كانت بحكم الملك وهذه بحكم الولاء، فيشترط تجدد رضاه لتجدد الولاية، وصار كالشريك إذا زوج العبد المشترك ثم ملك باقيه، فإن النكاح يحتاج إلى إجازته لتجدد ملكه في الباقي، وكمن أذن لعبد ابنه الصغير في التجارة ثم مات الابن فورثه، فإن العبد يحتاج في التصرف إلى إذن جديد من الأب لتجدد ولاية ملكه، وكمن زوج نافلته موجود ابنه ثم مات الابن فالنكاح يحتاج إلى إجازة الجد لتجدد ولايته، بخلاف الراهن إذا باع العبد المرهون والمولى إذا باع العبد المأذون المديون ثم سقط الدين في الصورتين بطريق من طرق السقوط حيث لا يفتقر العقد فيهما إلى إجازة المالك ثانيا، لان نفاذ العقد فيهما بالولاية الأصلية وهي ولاية الملك. من شرح تلخيص الجامع الكبير. قوله: (لعدم أهليتهما) لان الكتابة لم تبق بعد العتق والصغير ليس من أهل الإجازة: قوله: (إن لم يكن الخ) قيد لقوله: عاد الخ. قوله: (ثانيا) راجع إلى رضا لا إلى توقف: أي رضا ثانيا. قال في شرح التلخيص: لكن لا بد من إجازة المولى وإن كان قد رضي أولا ا ه. فافهم. قوله: (لعود مؤن النكاح عليه) لأنه لما زوجه إنما رضي يتعلق مؤن النكاح كالمهر والنفقة بكسب المكاتب لا بملك نفسه، وكسب المكاتب بعد عجزه ملك المولى. شرح التلخيص قوله: (لأنه طرأ حل بات) أي حل وطئها للسيد على حل موقوف: أي حلها للزوج فأبطله كالأمة إذا تزوجت بغير إذن ثم ملكها من تحل له بطل النكاح لطريان الحل البات على الموقوف، ولا يبطل نكاح العبد المكاتب لعدم الطريان المذكور. ن شرح التلخيص. قوله: (والدليل يعمل العجائب) وجه العجب أن المولى يملك إلزام النكاح بعد العتق لا قبله، وأنه يتوقف على إجازة المكاتب قبل العتق ولا يتوقف على إجازته بعده، وأن المكاتبة لو ردت إلى الرق يبطل النكاح الذي باشر المولى وإن أجازه، ولو عتقت جاز بإجازته، ولهذا قيل: إنها مهما زادت من المولى بعدا زادت قربا إليه في النكاح. قوله: (وبحث الكمال هنا غير صائب قال الكمال: الذي يقتضيه النظر عدم التوقف على إجازة المولى بعد العتق بل بمجرد عتقها ينفذ النكاح، لما صرحوا به من أنه إذا تزوج العبد بغير إذن سيده فأعتقه نفذ، لأنه لو توقف: فإما على إجازة المولى وهو ممتنع لانتفاء ولايته، وإما على العبد، ولا وجه له لأنه صدر من جهته فيكف يتوقف، ولأنه كان نافذا من جهته وإنما توقف على السيد فكذا السيد هنا فإنه ولي مجبر، وإنما التوقف على إذنها لعقد الكتابة وقد زال فبقي النفاذ من جهة السيد، فهذا هو الوجه، وكثير ما يقلد الساهون الساهين. ورده في البحر بأنه سوء أدب وغلط. أما الأول فلان المسألة صرح بها الإمام محمد في الجامع
189 الكبير، فكيف ينسب السهو إليه وإلى مقلديه؟ وأما الثاني فلان محمدا رحمه الله علل لتوقفه على إجازة المولى بأنه تجدد له ولاية لم تكن وقت العقد وهي الولاء بالعتق، ولذا لم يكن له الإجارة إذا كان لها ولي أقرب منه كالأخ والعم، فصار كالشريك إلى آخر ما قدمناه عن شرح التلخيص، قال: وكثيرا ما يعترض المخطئ على المصيبين ا ه. ومثله في النهر والشرح نبلالية وشرح الباقاني. مطلب: على أن الكمال ابن الهمام بلغ رتبة الاجتهاد وأجاب العلامة المقدسي بأن ما بحثه الكمال هو القياس كما صرح به الامام الحصيري في شرح الجامع الكبير، وإذا كان هو القياس لا يقال في شأنه إنه غلط وسوء أدب، على أن الشخص الذي بلغ رتبة الاجتهاد إذا قال: مقتضى النظر كذا الشئ هو القياس، لا يرد عليه بأن هذا منقول، لأنه إنما تبع الدليل المقبول، وإن كان البحث لا يقضي على المذهب ا ه. والذي ينفي عنه سوء الأدب في حق الإمام محمد أنه ظن أن الفرع من تفريعات المشايخ، بدليل أنه قال في صدر المسألة: وعن هذا استطرفت مسألة نقلت من المحيط، هي أن المولى إذا زوج مكاتبته الصغيرة، إلى أن قال: هكذا تواردها الشارحون، فهذا يدل على أنه ظن أنها غير منصوص عليها، فالأنسب حسن الظن بهذا الامام. قوله: (ولو قتل المولى أمته) قيد بالقتل لأنه لو باعها وذهب بها المشتري من المصر أو غيبها بموضع لا يصل إليه الزوج لا يسقط المهر، بل تسقط المطالبة به إلى أن يحضرها. وفي الخانية لو أبقت فلا صداق لها ما لم تحضر في قياس قول الشيخين. نهر. وكالقتل ما لو أعتقها قبل الدخول فاختارت الفرقة، وقيد بالمولى لان قتل غيره لا يسقط به المهر اتفاقا، وبالأمة لأنه لو قتل المولى الزوج لا يسقط لأنه تصرف في العاقد دون المعقود عليه، وأراد بالأمة القنة والمدبرة وأم الولد، لان مهر المكاتبة لها لا للمولى، فلا يسقط بقتل المولى إياها. بحر. والمكاتبة المأذونة والمديونة على ما سيجئ. قوله: (قبل الوطئ) أي ولو حكما. نهر. لما مر مرارا أن الخلوة الصحيحة وطئ حكما. قوله: (ولو خطأ) أي أو تسببا كما هو مقتضى الاطلاق. نهر. قوله: (فلو صبيا) مثله المجنون بالأولى. نهر. قوله: (على الراجح الخ) ذكر في المصفى فيه قولين. وفي الفتح: لو لم يكن من أهل المجازاة بأن كان صبيا زوج أمته وصيه مثلا قالوا: يجب أن لا يسقط في قول أبي حنيفة، بخلاف الحرة الصغيرة إذا ارتدت بسقط مهرها، لان الصغيرة العاقلة من أهل المجازاة على الردة، بخلاف غيرها من الافعال لأنها لم تحظر عليها والردة محظورة عليا ا ه. فترجح عدم السقوط. بحر. قال الرحمتي: لكن الصبي من أهل المجازاة في حقوق العباد، ألا ترى أنه يجب عليه الدية إذا قتل والضمان إذا أتلف؟ والمجنون مثله ولذا ترك التقييد بالمكلف في الهداية والوقاية والدرر والمنتقى والكنز، والدليل يعضده وفيهم الأسوة الحسنة. قوله: (سقط المهر) هذا عنده خلافا لهما لأنه منع المبدل، قبل التسليم فيجازى بمنع البدل، وإن كان مقبوضا لزمه رد جميعه على الزوج. بحر. قوله: (كحرة ارتدت) لا الفرقة جاءت من قبلها قبل تقرر المهر فيسقط. رحمتي. قوله: (ولو صغيرة) لحظر الردة عليها بخلاف غيرها من الافعال كما مر. قوله: (لا لو فعلت ذلك القتل امرأة) أي القتل المذكور وهو ما يكون قبل الوطء. قال في النهر: لان جناية الحر على نفسه هدر في أحكام الدنيا، وبتسليم أنها ليست هدرا فقتلها
190 نفسها تفويت بعد الموت، وبالموت صار للورثة فلا يسقط وإذا لم يسقط مع أن الحق لها أولا فعدم السقوط بقتل الوارث أولى ا ه. قوله (ولو أمة) لان المهر لمولاها ولم يوجد منه مع المبدل. بحر. قال ح: حاصل ما يفهم من كلامهم أن العلة في سقوط المهر أمران: الأول أن يكون صادرا ممن له المهر. الثاني أن يترتب عليه حكم دنيوي كالمذكور في صدر المتن، ففي الأمة غير المأذونة وغير المكاتبة إذا قتلت نفسها فقد الأمران، وفي الحرة إذا قتلت نفسها والمولى الغير المكلف إذا قتل أمته فقد الثاني، وفي الأجنبي أو الوارث إذا قتل حرة أو أمة فقد الأول ا ه: أي لان الوارث بالقتل لم يبق وارثا مستحقا للمهر لحرمانه به فصار كالأجنبي. بحر. قوله: (أو ارتدت الأمة) مقابل قوله: كحرة ارتدت. قوله: (كما رجحه في النهر) راجع للأخيرتين، وسبقه إلى ذلك في البحر قياسا على تصحيح عدم السقوط في قتل الأمة نفسها، فإن الزيلعي جعل الروايتين في الكل، وإذا كان الصحيح منهما فمسألة القتل عدم السقوط فليكن كذلك هنا، وهو الظاهر لان المستحق وهو المولى لم يفعل شيئا ا ه. قوله: (أو فعله) الضمير المستتر للمولى المكلف والبارز للقتل ح. قوله: (لتقرره) أي المهر به: أي بالوطئ ح. قوله: (ولو فعله بعبده صورته: زوج عبده ثم قتله وضمن قيمته يوفي منها مهر المرأة، ومثله ما إذا باعه. قال في النهر: وسيأتي أنه لو أعتق المديون كان عليه قيمته، فالقتل أولى ح. قوله: (أو مكاتبته) لما عرف أن مهر المكاتبة لها لا للمولى. بحر. قوله: (أو مأذونته المديونة) بحث لصاحب النهر حيث قال: وأقول: ينبغي أن يقيد الخلاف: أي الخلاف المار بين الامام و صاحبيه بما إذا لم تكن مأذونة لحقها به دين، فإن كانت لا يسقط اتفاقا لما مر من أن المهر في هذه الحالة لها توفي منه ديونها، غاية الأمر أنه إذا لم يف بدينها كان على المولى قيمتها للغرماء فتضم إلى المهر ويقسم بينهم ا ه. تنبيه: الحاصل أن المرأة إذا ماتت فلا يخلو إما أن تكون حرة أو مكاتبة أو أمة، وكل من الثلاث إما أن يكون حتف أنفها أو بقتلها فنسيها أو بقتل غيرها، وكل من التسعة إما قبل الدخول أو بعده، فهي ثمانية عشر، ولا يسقط مهرها على الصحيح إلا إذا كانت أمة وقتلها سيدها قبل الدخول. بحر. قلت: ويزاد في التقسيم المأذونة المديونة، فتبلغ الصور أربعة وعشرين. مطلب في حكم العزل قوله: (والاذن في العزل) أي عزل زوج الأمة. قوله: (وهو الانزال خارج الفرج) أي بعد النزع منه لا مطلقا، فقد قال في المصباح: فائدة المجامع إن أمنى في الفرج الذي ابتدأ الجماع فيه قيل أمانه وألقى ماءه، وإن لم ينزل: فإن كان لإعياء وفتور قيل أكسل وأقحط وفهر، وإن نزع وأمنى خارج الفرج قيل عزل، وأولج في فرج آخر فأمنى فيه قيل فهر فهرا من باب منع، ونهى عن ذلك، وإن أمنى قبل أن يجامع فهو الزملق بضم الزاي وفتح الميم المشددة وكسر اللام. قوله: (لمولى الأمة)
191 ولو مدبرة أو أم ولد، وهذا هو ظاهر الرواية عن الثلاثة لان حقها في الوطئ قد تأدى بالجماع. وأما سفح الماء ففائدته الولد، والحق فيه للمولى، فاعتبر إذنه في إسقاطه، فإذا أذن فلا كراهة في العزل عند عامة العلماء وهو الصحيح، وبذلك تضافرت الاخبار. وفي الفتح: وفي بعض أجوبة المشايخ الكراهة، وفي بعض عدمها. نهر. وعنهما أن الاذن لها. وفي القهستاني أن للسيد العزل عن أمته بلا خلاف، وكذا لزوج الحرة بإذنها. وهل للأب أو الجد الاذن في أمة الصغير؟ في حاشية أبي السعود عن شحر الحموي: نعم. قال: وفيه أنه لا مصلحة للصبي فيه لأنه لو جاء ولد يكون رقيقا له، إلا أن يقال، إنه متوهم ا ه. وفيه إنه لو لم يعتبر التوهم هنا لما توقف على إذن المولى. تأمل، قوله: (وهو) أي التعليل المذكور يفيد التقييد: أي تقييد احتياجه إلى الاذن بالبالغة وكذا الحرة بتقييد احتياجه بالبالغة، إذ غير البالغة لا ولد لها. قال الرحمتي: وكالبالغة المراهقة إذ يمكن بلوغها وحبلها ا ه. ومفاد التعليل أيضا أن زوج الأمة لو شرط حرية الأولاد لا يتوقف العزل على إذن المولى كما بحثه السيد أبو السعود. قوله: (نهر بحثا) أصله لصاحب البحر حيث قال: وأما المكاتبة فينبغي أن يكون الاذن إليها، لان أولد لم يكن للمولى، ولم أره صريحا ا ه. وفيه أن للمولى حقا أيضا باحتمال عجزها وردها إلى الرق، فينبغي توقفه على إذن المولى أيضا رعاية للحقين. رحمتي. قوله: (لكن في الخانية) عبارتها على ما في البحر: ذكر في الكتاب أنه لا يباح بغير إذنها. وقالوا: في زماننا يباح بغير إذنها، وقالوا: في زماننا يباح لسوء الزمان ا ه. قوله: (قال الكمال) عبارته: وفي الفتاوى: إن خاف من الولد السوء في الحرة يسعه العزل بغير رضاها لفساد الزمان، فليعتبر مثله من الا عذار مسقطا لاذنها ا ه. فقد علم مما في الخانية أن منقول المذهب عدم الإباحة، وأن هذا تقييد من مشايخ المذهب لتغير بعض الأحكام بتغير الزمان، وأقره في الفتح، وبه جزم القهستاني أيضا حيث قال: وهذا إذا لم يخف على الولد السوء لفساد الزمان وإلا فيجوز بلا إذنها ا ه. لكن قول الفتح: فليعتبر مثله، الخ، يحتمل أن يرد بالمثل ذلك العذر، كقولهم: مثلك لا يبخل. ويحتمل أنه أراد إلحاق مثل هذا العذر به. كأن يكون في سفر بعيد، أو في دار الحرب فخاف على الولد، أو كانت الزوجة سيئة الخلق ويريد فراقها فخاف أن تحبل، وكذا ما يأتي إسقاط الحمل عن ابن وهبان، فافهم. مطلب في حكم إسقاط الحمل قوله: (وقالوا الخ) قال في النهر: بقي هل يباح الاسقاط بعد الحمل؟ نعم يباح ما لم يتخلق منه شئ، ولن يكون ذلك إلا بعد مائة وعشرين يوما، وهذا يقتضي أنهم أرادوا بالتخليق نفخ الروح، وإلا فهو غلط لان التخليق يتحقق بالمشاهدة قبل هذه المدة، كذا في الفتح، وإطلاقهم يفيد عدم توقف جواز إسقاطها قبل المدة المذكورة على إذن الزوج. وفي كراهة الخانية: ولا أقول بالحل، إذ المحرم لو كسر بيض الصيد ضمنه لأنه أصل الصيد، فلما كان يؤاخذ بالجزء فلا أقل من أن يلحقها إثم هنا إذا أسقطت بغير عذر ا ه. قال ابن
192 وهبان: ومن الاعذار أن ينقطع لبنها بعد ظهور الحمل، وليس لأبي الصبي ما يستأجر به الظئر ويخاف هلاكه. ونقل عن الذخيرة: لو أرادت الالقاء قبل مضي زمن ينفخ فيه الروح هل يباح لها ذلك أم لا؟ اختلفوا فيه، وكان الفقيه علي بن موسى يقول: إنه يكره، فإن الماء بعد ما وقع في الرحم مآله الحياة فيكون له حكم الحياة كما في بيضة صيد الحرم، ونحوه في الظهيرية. قال ابن وهبان: فإباحة الاسقاط محمولة على حالة العذر، أو أنها لا تأثم إثم القتل ا ه. وبما في الذخيرة تبين أنهم ما أرادوا بالتحقيق إلا نفخ الروح، وأن قاضيخان مسبوق بما مر من التفقه، والله تعالى الموفق ا ه كلام النهر ح. تنبيه: أخذ في النهر من هذا وإنما قدمه الشارح عن الخانية والكمال أنه يجوز لها سد فم رحمها كما تفعله النساء مخالفا لما بحثه في البحر من أنه ينبغي أن يكون حراما بغير إذن الزوج قياسا على عزله بغير إذنها. قلت: لكن في البزازية أن له منع امرأته عن العزل ا ه. نعم النظر إلى فساد الزمان يفيد الجواز من الجانبين، فما في البحر مبني على ما هو أصل المذهب، وما في النهر على ما قاله المشايخ، والله الموفق. قوله: (إن لم يعد قبل بول) بأن لم يعد بعد أصلا أو عاد بعد بول. نهر: أي وعزل في العود أيضا كما نقله أبو السعود عن الحانوتي. ونقل أيضا عن خط الزيلعي أنه ينبغي أن يزاد بعد غسل الذكر: أي لنفي احتمال أن يكون على رأس الذكر بقية منه بعد البول فتزول بالغسل، وبه ظهر أن ما ذكروه في باب الغسل أن النوم والمشي مثل البول في حصول الإنقاء لا يتأتى هنا، فافهم. قوله: (وخيرت أمة) هذا يسمى خيار العتق. قال في النهر: ولو اختارت نفسها بلا علم الزوج يصح، وقيل لا يصح بغيبته، كذا في جامع الفصولين. قوله: (ولو أم ولد) أي أو مدبرة، وشمل الكبيرة والصغيرة. بحر. قوله: (ومكاتبة) خالف زفر فقال: لا خيار لها، وقواه في الفتح وأجاب عنه في البحر. قوله: (ولو كان النكاح برضاها) وكذا بدون رضاها بالأولى. وعبارة الزيلعي وغيره: ولا فرق في هذا بين أن يكون برضاها أو بغيره ا ه. وهذا التعميم ظاهر في غير المكاتبة لما قدمه الشارح قريبا من أن له إجبار قنه على النكاح لا مكاتبه ولا مكاتبته. وفي المعراج أنه ليس إجبارهما بالاجماع، وبه تأيد قوله في الشرنبلالية: إن نفى رضا المكاتبة منفي، فإنه كما لا ينفذ تزويجها نفسها بدون إذن مولاها لبقاء ملكه لرقبتها لا ينفذ تزويجه إياها بدون إذنها لموجب الكتابة، وتمامه هناك. قوله: (دفعا لزيادة الملك عليها) علة لقوله: خيرت وذلك أن الزوج، كان يملك عليها طلقتين، فلما صارت حرة صار يملك عليها طلقة ثالثة، وفيه ضرر لها، فملكت رفع أصل العقد لدفع الزيادة المضرة لها، ولهذا لم يثبت خيار العتق للعبد الذكر لأنه ليس عليه ضرر وهو قادر على الطلاق. قوله: (فلا مهر لها) أي إن لم يدخل بها الزوج،
193 لا اختيارها نفسها فسخ من الأصل، وإن كان دخل بها فالمهر لسيدها، لان الدخول بحكم نكاح صحيح فتقرر به المسمى. بحر. قوله: (أو زوجها) بالنصف عطف على قوله: نفسها. قوله: (فالمهر لسيدها) أي سواء دخل الزوج بها أو لم يدخل، لان المهر واجب بمقابلة ما ملك الزوج من البضع وقد ملكه عن المولى فيكون بدله للمولى. بحر عن غاية البيان. قلت: وقوله سواء دخل بها الزوج أو لم يدخل، لا ينافي ما سيأتي متنا من التفصيل، بأنه لو وطئ الزوج قبل العتق فالمهر للمولى، أو بعده فلها، لان ذاك فيما إذا كان النكاح بدون إذن المولى ونفذ النكاح بالعتق وبه تملك منافعها، فإذا وطئ بعده فالمهر لها بخلاف ما هنا فإن النكاح بالاذن، فنفذ النكاح في حال قيام الرق كما سيأتي، فافهم. قوله: (ولو صغيرة) أي لو كانت المعتقة صغيرة وقد زوجها مولاها قبل العتق تأخر خيارها إلى بلوغها. قال في البحر: لان فسخ النكاح من التصرفات المترددة بين النفع والضرر، فلا تملكه الصغيرة ولا يملكه وليها لقيامه مقامها، كذا في جامع الفصولين، فإذا بلغت كان لها خيار العتق لا خيار البلوغ على الأصح، كذا في الذخيرة ا ه. وقيل يثبت لها خيار البلوغ أيضا، ويدخل تحت خيار العتق. وأما لو زوجها بعد العتق ثم بلغت فإن لها خيار البلوغ، لأن ولاية المولى عليها في الصورة الأولى كولاية الأب بل أقوى، وفي هذه كولاية الأخ والعم بل أضعف كما أوضحناه في باب الولي. قوله: (معا) قيد في الجمل الثلاثة، وإنما قيد به لان بارتداد أحدهما أو لحاقه أو سبيه ينفسخ النكاح ا ه ح. قوله: (خيرت عند الثاني) لأنها بالعتق ملكت أمر نفسها وازداد ملك الزوج عليها. ح عن البحر. قوله: (خلافا للثالث) أي حيث قال: لا خيار لها، لان بأصل العقد ثبت عليها ملك كامل برضاها ثم انتقص الملك، فإذا أعتقت عاد إلى أصله كما كان، ولا يخفى ترجيح قول أبي يوسف لدخوله تحت النص، كذا في البحر، ومراده بالنص قوله (ص) لبريرة حين أعتقت: ملكت بضعك فاختاري ا ه ح. أي حيث أفاد قوله: فاختاري أن علة الاختيار ملك البضع على وجه زاد ملك الزوج عليها، مثل زنى فرجم وسرق فقطع، حيث أفادت الفاء أن العلة الزنى والسرقة كما تقرر في الأصول، فلا يرد ما أورده الرحمتي من أن النص لا عموم فيه لأنه خطاب لمعينة، فتدبر. قوله: (خيار العتق) بدل من هذا الخيار ح. قوله: (عذر) رأي لاشتغالها بخدمة المولى تتفرغ للتعلم. ثم إذا علمت يبطل بما يدل على الاعراض في مجلس العلم كخيار المخيرة، ولو جعل لها قدرا على أن تختاره ففعلت سقط خيارها كما في النهر. زاد في تلخيص الجامع: ولا شئ لها لأنه حق ضعيف، فلا يظهر في حق الاعتياض كسائر الخيارات والشفعة والكفالة بالنفس، بخلاف خيار العيب. قوله: (فلو لم تعلم به) قال في البحر عن المحيط: إذا زوج عبده أمته ثم أعتقها فلم تعلم أن لها الخيار حتى ارتدا ولحقا بدار الحرب ورجعا مسلمين ثم علمت بثبوت الخيار أو علمت بالخيار في دار الحرب فلها الخيار في مجلس العلم ا ه ح. وكذا الحربية إذا تزوجها حربي ثم أعتقت خيرت، سواء علمت في دار الحرب أو في دارنا بعد الاسلام. نهر. قوله: (إلا إذا قضى باللحاق)
194 أي فلا يصح فسخها لعودها رقيقة بالحكم بلحاقها، لان الكفار في دار الحرب كلهم أرقاء وإن كانوا غير مملوكين لاحد كما يأتي أول العتاق ا ه ح. وأقره ط والرحمتي. قلت: ما يأتي محمول على الحربي إذا أسر، فهو رقيق قبل الاحراز بدارنا، وبعده رقيق ومملوك كما سيأتي هناك، وهو صريح ما قدمناه أول هذا الباب، فالظاهر أن علة عدم صحة الفسخ كون الحكم باللحاق موتا حكميا يسقط به التصرفات الموقوفة على الاسلام فيسقط به حق الفسخ الذي هو حق مجرد بالأولى، ثم رأيت في شرح التلخيص علل بما قلته، فلله تعالى الحمد. قوله: (وليس هذا حكما) جواب سؤال تقديره: كيف حكمتم بصحة فسخ من في دار الحرب وأحكامنا منقطعة عنهم؟ ح. قوله: (بل فتوى) أي إخبار عند السؤال عن الحادثة ط. قوله: (ولا يتوقف) أي الفسخ بخيار العتق لا يتوقف على قضاء القاضي. قوله: (ولا يبطل بسكوت) أي ولو كانت بكرا، بل لا بد من الرضا صريحا أو دلالة ط. قوله: (ولا يثبت لغلام) أي لعبد ذكر لأنه ليس فيه زيادة ملك عليه، بخلاف الأمة، ولأنه يملك الطلاق فلا حاجة إلى الفسخ. قوله: (ويقتصر على مجلس) أي مجلس العلم ويمتد إلى آخره، فإذا قامت بطل. قوله: (كخيار مخيرة) أي من قال لها زوجها اختاري نفسك، فإنها تختار ما دامت في المجلس. قوله: (بخلاف خيار البلوغ في الكل) أي في كل الخمسة المذكور، فإن الجهل فيه ليس بعذر، ويتوقف على القضاء، ويبطل بسكوتها بعد علمها بالنكاح ويثبت للأنثى والغلام ولا يمتد إلى آخر المجلس إن كانت بكرا، ولو ثيبا فوقته العمر إلى وجود الرضا صريحا أو دلالة كما في الغلام إذا بلغ. قوله: (نكح عبد بلا إذن) قيد بالنكاح، لأنه لو اشترى شيئا فأعتقه المولى لا ينفذ الشراء بل يبطل، لأنه لو نفذ عليه بتغير المالك. بحر. قوله: (فعتق) بفتح أوله مبنيا للفاعل، ولا يجوز ضمه بالبناء للمفعول لأنه لازم. أبو السعود عن الحموي ط. قوله: (أو باعه) أي مثلا، والمراد انتقال الملك إلى آخر بشراء أو هبة أو إرث. قوله: (فأجاز المشتري) أي أجاز النكاح الواقع عند المالك الأول. قوله: (لزوال المانع) لان المانع من النفاذ كان حق المولى وقد زال لما خرج عن ملكه. قوله: (وكذا حكم الأمة) أطلقها فشمل القنة والمدبرة وأم الولد والمكاتبة، لكن في المدبرة وأم الولد تفصيل يأتي. بحر. وهذا في الأمة إذا أعتقت، أما لو مات عنها أو باعها: فإن كان المالك الثاني لا يحل له وطؤها فكالعبد، وإلا فإن كان الزوج لم يدخل بها بطل العقد الموقوف لطرو الحل البات عليه، وإن كان دخل ففي ظاهر الرواية كذلك لبطلان الموقوف باعتراض الملك الثاني وإن كان ممنوعا من غشيانها، وتوضيحه في البحر قوله: (ولا خيار لها) أي للأمة، أما العبد فلا خيار له أصلا وإن نكح بالاذن كما مر، وشمل المكاتبة فإنها لا خيار لها للعلة الآتية، وبها صرح في الشرنبلالية، وما قاله ابن كمال باشا من أنها لها الخيار كما مر فهو سبق قلم، وكذا لم كتبه بهامشه من قوله في الهداية وقال زفر: لا خيار لها، بخلاف الأمة الخ فهو كذلك، لان ما مر من أن لها الخيار عندنا خلافا لزفر إنما هو في مسألة تزوجها بإذن مولاها، وكلامنا في التزوج بدون إذنه كما هو صريح في كلام الهداية، فتنبه. قوله:
195 (لكون النفوذ بعد العتق) فصارت كما إذا زوجت نفسها بعد العتق، ولذا قال الأسبيجابي: الأصل أن عقد النكاح متى تم على المرأة وهي مملوكه ثبت لها خيار العتق، ومتى تم على المرأة وهي حرة لا يثبت لها خيار العتق. بحر. قوله: (فلم تتحقق زيادة الملك) أي بطلقة ثالثة، وعلة ثبوت الخيار ثبوت الزيادة المذكورة كما مر. قوله: (وكذا لو اقترنا) أي العتق ونفاذ النكاح، فإنهما لما أجازهما المولى معا ثبتا معا. قوله: (وكذا مدبرة عتقت بموته) أي حكمها حكم ما إذا أعتقا في حياته المذكور في قوله: وكذا حكم الأمة وأفاد قوله: عتقت أنها تخرج من الثلث، فإن لم تخرج لم ينفذ حتى تؤدي بدل السعاية عنده. وعندهما جاز كما في البحر عن الظهيرية: أي لأنها عندهما تسعى وهي حرة. قوله: (وكذا أم الولد الخ) أي إذا أعتقها أو مات عنها المولى، إن دخل بها الزوج قبل العتق نفذ النكاح على رواية ابن سماعة عن محمد، لأنه وجبت العدة من الزوج فلا تجب العدة من المولى، أما على ظاهر الرواية لا تجب العدة من الزوج فوجبت العدة من المولى، ووجوبها منه قبل الإجازة يوجب انفساخ النكاح كما في البحر عن المحيط، وإنما لم تجب العدة من الزوج لأنها لا تجب إلا بعد التفريق بينهما، كما أفاده في البحر في المسألة السابقة. قوله: (تمنع نفاذ النكاح) أي تبطله، إذ لا يمكن توقفه مع العدة. بحر. لان المعتدة لا تحل لغير من اعتدت منه. قوله: (فلو وطئ الزوج الأمة) أي التي نكحت بغير إذن مولاها ثم نفذ نكاحها بالعتق. قوله: (فالمهر المسمى له) أي أن كان وإلا فمهر المثل. نهر. وإنما كان له لان الزوج استوفى منافع مملوكة للمولى. بحر. قوله: (لمقابلته بمنفعة ملكتها) لأن العقد نفذ بالعتق، وبه تملك منافعها، بخلاف النفاذ بالاذن والرق قائم. بحر. قوله: (ومن وطئ قنة ابنه) أي أو ابنته. حموي عن البرجندي وشمل الابن الكافر. قهستاني والصغير والكبير. بحر. وشمل ما إذا كانت موطوءة للابن أو لم تكن ظهيرية من العتق، ومحترز القنة ما يأتي في قوله: ولو ادعى ولد أم ولده الخ ومحترز الا بن ما يأتي في قول المصنف ولو وطئ جارية امرأته أبى والده الخ. قوله: (فولدت) عطف على وطئ، وتعقيب كل شئ بحسبه كما في تزوج زيد فولد له، فالظاهر أنها لو ولدت قبل مضي مدة الحمل لم تصح الدعوى بل مفاد قوله: فادعاه عطفا على فولدت أنه لو ادعاه وهي حبلى لم تصح حتى تلد. قال في البحر: ولم أره صريحا. وفي النهر: ينبغي أنها لو ولدته لأقل من ستة أشهر من وقت دعوته أن تصح. مطلب في تفسير العقر قوله: (لزم عقرها) قال في الفتح: العقر هو مهر مثلها في الجمال: أي ما يرغب فيه في مثلها جمالا فقط، وأما ما قيل ما يستأجر به مثلها للزنى لو جاز فليس معناه، بل العادة أن ما يعطى لذلك أقل مما يعطى مهرا، لان الثاني للبقاء بخلاف الأول ا ه. وإذا تكرر منه الوطئ ولم تحبل لزمه مهر واحد، بخلاف وطئ الابن جارية الأب مرارا فعليه بكل وطئ المهر، لان المهر وجب بسبب دعوى الشبهة، ولو لم يدعها يلزمه الحد، فبتكرر دعواها يتكرر المهر، بخلاف الأب فإنه لا يحتاج إلى
196 دعوى الشبهة. خانية. قوله: (وارتكب محرما الخ) كذا في النهر وأصله في البحر حيث قال: وقيد بالولادة لأنه لو وطئ أمة ابنه ولم تحبل فإنه يحرم عليه ولا يملكها ويلزمه عقرها، بخلاف ما إذا حبلت منه فإنه يتبين أن الوطئ حلال لتقدم ملكه عليه ولا يحد قاذفه في المسألتين، أما إذا لم تلد منه فظاهر لأنه وطئ وطأ حراما في غير ملكه، وأما إذا حبلت منه فلان شبهة الخلاف في أن الملك يثبت قبل الايلاج أو بعده مسقطة لإحصانه كما في الفتح وغيره ا ه. قوله: فإنه يتبين أن الوطئ حلال، تصريح بمفهوم ما هنا، وفيه تأمل، لان ثبوت ملكه لها قبل الوطئ عندنا وقبيل العلوق عند الشافعي إنما هو لضرورة ثبوت النسب كما أوضحه في الفتح، ولا يلزم من ذلك حل الاقدام على هذا الوطئ، كما لو غصب شيئا وأتلفه ثم أدى ضمانه لمالكه لا يلزم من استناد الملك إلى وقت الغصب حل ما صنع، ولعل المراد بقوله حلال: أنه ليس بزنى، إذ لو كان زنى لزمه العقر ولم يثبت النسب، ويدل على ما قلنا إطلاق قوله الآتي: ولذا يحل له عند الحاجة الطعام لا الوطئ وكذا ما قدمناه عن الظهيرية مصحة الدعوى في الأمة الموطوءة للابن مع أنها محرمة على الأب حرمة مؤبدة، فليتأمل. قوله: (فادعاه) أي عند قاض كما في شرح ابن الشلبي. وأفاد أنه لا يشترط في صحة الدعوى دعوى الشبهة ولا تصديق الابن. فتح. والظاهر أن الفاء لمجرد الترتيب فلا يلزم الدعوى عقب الولادة. وادعى الحموي اللزوم فورا وهو بعيد، فليراجع. قوله: (وهو حر مسلم عاقل) فلو كان عبدا أو مكاتبا أو كافرا أو مجنونا لم تصح الدعوى لعدم الولاية، ولو أفاق المجنون ثم ولدت لأقل من ستة أشهر يصح استحسانا، ولو كانا من أهل الذمة إلا أن ملتيهما مختلفة جازت الدعوى من الأب. فتح. فأفاد أن الاسلام شرط فيما لو كان الا بن مسلما، أما لو كان كافرا فلا يشترط الاسلام الأب ولو اختلفت الملة، لان الكفر ملة واحدة. وفي الظهيرية: لو كان الأب مسلما والابن كافرا صحت دعوته، ولو كان الأب مرتدا فدعوته موقوفة عنده نافذة عندهما. قوله: (بشرط الخ) فلو حبلت في غير ملكه أو فيه وأخرجها الابن عن ملكه ثم استردها لا تصح الدعوى، لان الملك إنما يثبت بطريق استنادا إلى وقت العلوق فيستدعي قيام ولاية التملك من حيث العلوق إلى التملك، هذا إن كذبه الابن، فإن صدقه صحت الدعوى ولا يملك الجارية، كما إذا ادعاه أجنبي ويعتق على المولى كما في المحيط. بحر. قال في النهر المذكور في الشرح للزيلعي: وعليه جرى في فتح القدير وغيره أنه لا يشترط في صحتها دعوى الشبهة ولا تصديق الابن ا ه. أقول: كأنه فهم أن الإشارة في قوله: هذا إن كذبه الابن، راجعة إلى أصل المسألة: أعني ما إذا بقيت الجارية في ملك الابن، وليس كذلك بل هي راجعة إلى قوله: فلو حبلت في غير ملكه أو فيه وأخرجها الابن عن ملكه الخ. فلا ينافي ذلك ما ذكره في الزيلعي والفتح من عدم اشتراط التصديق، لأنه في أصل المسألة لا فيما نحن فيه، بدليل أن اشتراط بقائها في ملك الابن مذكور في الزيلعي والفتح، فلو كان لا يشترط تصديق الابن وأن أخرجها عن ملكه لم يبق فائدة لاشتراط بقائها في ملكه. وفي الظهيرية من العتق: يشترط أن تكون الجارية في ملكه من وقت العلوق إلى الدعوة، حتى لو علقت فباعها الابن ثم اشتراها أو ردت عليه بعيب بقضاء أو غيره أو بخيار رؤية أو شرط أو بفساد البيع ثم ادعاه الأب لا يثبت النسب إلا إذا صدقه الابن ا ه. فهذا أيضا صريح فيما قلنا،
197 فتدبر. قوله: (وبيعها لأخيه مثلا) أي أو ابنه أو ابن أخيه لا يضر، لأنها لا تخرج والحالة هذه عن كونها جارية فرعه ا ه ح. وفيه أن بيعها لابنه لا يفيد، لأنه لا ولاية للجد عليه مع وجود الأب، نعم بيعها لابن أخيه يفيد إذا كان أبو ذلك الابن ميتا أو مسلوب الولاية بكفر أو رق أو جنون ليكون للجد المدعي ولاية، لان دعوة الجد لا تصح إلا عند الولاية على فرعه كما يأتي. أفاد الرحمتي، فافهم قوله: (لوقت العلوق) كذا في الفتح: أي لوقت الوطئ القريب من وقت العلوق كي لا ينافي ما يأتي قريبا. تأمل. قوله: (وعليه قيمتها) أي لولده يوم علقت كما في مسكين ط. وفي المحيط: ولو استحقها رجل يأخذها وعقرها وقيمة ولدها. لان الأب صار مغرورا، ويرجع الأب على الابن بقيمة الجارية دون العقر وقيمة الولد لان الابن ما ضمن له سلامة الأولاد ا ه. بحر. قوله: (لقصور الخ) أي أن للأب ولاية تملك مال ابنه للحاجة إلى بقاء نفسه فكذا إلى صون نسله لأنه جزء منه، لكن الأولى أشد، ولذا يتملك الطعام بغير قيمته والجارية بالقيمة، ويحل له الطعام عند الحاجة دون وطئ الجارية، ويجيز الابن على الانفاق عليه دون دفع الجارية للتسري: فللحاجة جاز له التملك، ولقصورها أوجبنا عليه القيمة للحقين. فتح. وما ذكره من أنه لا يجبر على الجارية للتسري ذكره الزيلعي أيضا، ومثله في الدرر وغاية البيان والنهاية، وما في هذه الشروح المعتبر لا يعارضه ما سيأتي في النفقة، وعزاه في الشرنبلالية إلى الجوهرة من أنه يجبر، فتدبر. قوله: (لا عقرها) تقدم تفسيره قريبا. وعند الشافعي وزفر: عليه عقرها لثبوت الملك فيها قبيل العلوق لضرورة صيانة الولد. وعندنا قبيل الوطئ، لان لازم كون الفعل زنى ضياع الماء شرعا، فلو لم يقدم عليه ثبت لازمه فظهر أن الضرورة لا تندفع إلا بإثباته قبل الايلاج، بخلاف ما لو لم تحبل حيث يجب العقر. فتح: أي لأنها إذا لم تحبل لم توجد علة تقدم ملكه فيها وهي صيانة الولد كما أفاده الزيلعي. قوله: (وقيمة ولدها) أي ولا قيمة ولدها لأنه علق حر التقدم ملكه. نهر. قوله: (ما لم تكن مشتركة) قال في البحر: فلو كانت مشتركة بينه: أي بين الابن وبين أجنبي كان الحكم كذلك، إلا أنه يتضمن لشريكه نصف عقرها ولم أره، ولو كانت مشتركة بين الأب والابن أو غيره يجب حصة الشريك الابن وغيره من العقر، وقيمة باقيها إذا حبلت لعدم تقديم الملك في كلها لانتفاء موجبه وهو صيانة النسل إذ ما فيها من الملك يكفي لصحة الاستيلاد، وإذا صح ثبت الملك في باقيها حكما لا شرطا كما في الفتح، وهي مسألة عجيبة، فإنه إذا لم يكن للواطئ فيها شئ لا مهر عليه، وإذا كان مشتركة لزمه ا ه. قوله: (وهذا الخ) الإشارة إلى جميع ما مر. قوله: (قدم الأب) لان له جهتين: حقيقة الملك في نصيبه، وحق التملك في نصيب ولده. بحر. قلت: وفي الظهيرية: ولو كانت مشتركة بين رجل وابنه وجده فادعوه كلهم فالجد أولى، وينبغي حلمه على ما إذا كان أبو الرجل ميتا مثلا ليصير للجد الترجيح من جهتين. تأمل. قوله:
198 (وإلا أي وإن لم يكونا شريكين، وهذا صادق بما إذا كانت للابن وحده أو للأب وحده، والثاني لا يصح هنا، لكن أصل المسألة مفروض في جارية الابن، فهو قرينة على أن المراد الأول فقط، فافهم. قوله: (فالابن) أي تقدم دعواه لأنها سابقة معنى. بحر. أي لان له حقيقة الملك ولأبيه حق التملك، ولان ملك الابن سابق فصار كأنه ادعى قبل الأب. تأمل ا ه. قوله: (ولو ادعى) أي الأب، وقوله: المنفي بالنصب نعت الولد أم الولد، وقوله: أو مدبرته أو مكاتبته مجروران بالعطف على أم، وهذا بيان لمحترز قوله: قنة ابنه أي لو ادعى ولد أم ولد ابنه الذي نفاه ابنه لا يثبت نسبه إلا بتصديق الابن، لان أم الولد لا تقبل الانتقال إلى ملك غير المستولد، وقيد بقوله المنفي لأنه إذا لم ينفه الابن يثبت نسبه منه فلا يمكن ثبوته من الأب وإن صدقه الابن، وكذا لو ادعى ولد مدبرة ابنه أو ولد مكاتبة ابنه الذي ولدته في الكتابة أو قبلها لا يثبت نسبه إلا بتصديق الابن كما في البحر، لأنه لا يمكن جعل الأب متملكا: لهما قبل الوطئ، فإن صدقه ثبت نسبه لاحتمال وطئ الأب بشبهة والظاهر لزوم العقر للمكاتبة، لان لها العقر بوطئ المولى، فبوطئ أبيه أولى، وحيث لم يثبت الملك في أم الولد المدبرة ينبغي لزوم العقر للابن على أبيه كما يفيده ما قدمناه فيما لو وطئها ولم تحبل. تأمل. قوله: (وجد صحيح) خرج به الجد الفاسد كأبي الام، وكذا غير الجد من الرحم المحرم فلا يصدق في جميع الأحوال لفقد ولايتهم. بحر عن المحيط. قوله: (بعد زوال ولايته) أي الأب، وأراد بزوال الولاية عدمها، ليشمل ما لو كان كفره أو جنونه أو رقه أصليا. أفاده الرحمتي. والمراد بالولاية: ولاية التملك كما مر. قوله: (فيه) متعلق بكاف التشبيه ح. فالمعنى أن الجد مشابه للأب في حكم المذكور. قوله: (ويشترط ثبوت ولايته) أي ولاية الجد الناشئة عن فقد ولاية الأب: أي لا يكفي ثبوتها وقت الدعوة فقط بل لا بد من ثبوتها من وقت العلوق إلى وقت الدعوة. قال في الفتح: حتى لو أتت بالولد لأقل من ستة أشهر من وقت انتقال الولاية إليه لم تصح دعوته لما قلنا في الأب ا ه: أي من أن الملك إنما يثبت بطريق الاستناد إلى وقت العلوق، فيستدعي قيام ولاية التملك من حين العلوق إلى التملك. قوله: (ولو فاسدا) لان الفاسد يثبت فيه النسب، فاستغنى عن تقدم الملك له. بحر. قوله: (أبوه) أي أو جده. رحمتي. قوله: (ولو بالولاية) في البحر عن الخانية: إذا تزوج الرجل جارية ولده الصغير فولدت منه لا تصير أم ولد له، ويعتق الولد بالقرابة. قوله: (لتولده من نكاح) فلم تبق ضرورة إلى تملكها من وقت العلوق لثبوت النسب بدونه، وأمومية الولد فرع التملك والنكاح ينافيه. قوله: (ويجب المهر) لالتزامه إياه بالنكاح، وهو إن لم يكن مسمى مهر مثلها في الجمال. نهر. قوله: (لا القيمة) لعدم تملكه. نهر. قوله: (بملك أخيه له) فعتق عليه بالقرابة. هداية، وظاهره أن الولد علق رقيقا. واختلف فيه: فقيل يعتق قبل الانفصال، وقيل بعده وثمرته تظهر في الإرث، فلو مات المولى وهو الابن يرثه الولد على الأول دون الثاني، والوجه هو الأول لأنه حدث على ملك الأخ من حين
199 العلوق فلما ملكه عتق عليه بالقرابة بالحديث كذا في غاية البيان. والظاهر عندي هو الثاني. لأنه لا ملك له من كل وجه قبل الوضع لقولهم الملك هو القدرة على التصرفات في الشئ ابتداء، ولا قدرة للسيد على التصرف في الجنين ببيع أو هبة، وإن صح الايصاء به وإعتاقه، فلم يتناوله الحديث، لأنه في المملوك من كل وجه، ولذا لو قلا: كل مملوك أملكه فهو حر، لا يتناول الحمل. بحر. وأقره في النهر والمقدسي. قوله: (ومن الحيل) أي من جملة الحيل التي يدفع بها الانسان عنه ما يضره، وهذا حيلة لما إذا أراد وطئ الأمة ولا تصير أم ولد له وإن ولدت منه كي لا تتمرد عليه إذا ولدت وعلمت أنها لا تباع فيملكها لطفله بهبة أو بيع ثم يتزوجها بالولاية فيصير حكمها ما مر، فإذا احتاج إلى بيعها باعها وحفظ ثمنها لطفله أو أنفقه عليه أو على نفسه إن احتاج إليه. قوله: (ولو وطئ جارية امرأته الخ) محترز قوله سابقا قنة ابنه ط. قوله: (لا يثبت النسب إلا بتصديق المولى الخ) فيه اختصار. وعبارة البحر: لا يثبت النسب، ويدرأ عنه الحد للشبهة، فإن قال: أحلها المولى لي، لا يثبت النسب إلا أن يصدقه المولى في الاحلال وفي أن الولد منه، فإن صدقه في الامرين جميعا ثبت النسب، وإلا فلا، وإن كذبه المولى ثم ملك الجارية يوما من الدهر ثبت النسب، كذا في الخانية. وفي القنية: وطئ جارية أبيه فولدت منه، لا يجوز بيع هذا الولد، ادعى الواطئ الشبهة أو لا، لأنه ولد ولده فيعتق عليه حين دخل في ملكه وإن لم يثبت النسب، كمن زنى بجارية غيره فولدت منه ثم ملك الولد، يعتق عليه وإن لم يثبت نسبه منه ا ه. قلت: ومعنى أحلها المولى: بنكاح أو بهبة مثلا، لا بقوله: جعلتها حلالا لك. قوله: (وسيجئ الخ) ذكر هناك ما يفيد الخلاف، وفيه كلام سيأتي هناك إن شاء الله تعالى. قوله: (قالت لمولى زوجها) وكذا لو قال ذلك زوج الأمة لمولى زوجته، لكن لا يسقط المهر. بحر. قوله: (الحر المكلف) قيد به ليمكن الاعتاق، وفيه أنه ليس بمعتق، إنما هو وكيل عنها فيه، فمقتضاه أن يتوقف بيع الصبي على إجازة وليه. وأما الاعتاق فلا ينظر إليه لصحة توكيله فيه ط. وصورة كون مولى الزوج غير حر أو غير مكلف: أن يشتري العبد المأذون عبدا متزوجا أو يرثه الصبي أو المجنون من أبيه، وإلا فقد مر أنه لا يملك تزويج العبد إلا من يملك إعتاقه. قوله: (ورطل من خمر) مفعول زادت أي زادته على قولها بألف. قوله: (كالصحيح) لان البيع هنا غير مقصود، فلا يلزم وجود شروطه كما يأتي قريبا. قوله: (ففعل) أي قال أعتقه. ح عن النهر. قوله: (اقتضاء) هو دلالة اللفظ على مسكوت يتوقف عليه صدق الكلام أو صحته، فالأول كحديث: رفع الخطأ والنسيان): أي رفع حكمهما وهو الاثم، وإلا فهما واقعان في الخارج، والثاني كمسألتنا فإنه لا يمكن تصحيحه إلا بتقديم الملك، إذ الملك شرط لصحة العتق عنه، فتقدم الملك بالبيع مقتضى
200 بالفتح والاعتاق عن الآمر مقتض بالكسر فيصير قوله أعتق: طلب التمليك منه الألف ثم أمره بإعتاق عبد الآمر عنه، وقوله أعتقت: تمليك منه ثم الاعتاق عنه. وإذا ثبت الملك للآمر فسد النكاح للتنافي بين الامرين، ثم الملك فيه شرط والشروط أتباع، فلذا ثبت البيع المقتضى بالفتح بشروط المقتضى وهو العتق لا بشروط نفسه إظهارا للتبعية، فيشترط أهلية الآمر للاعتاق، حتى لو كان صبيا مأذونا لم يثبت البيع ويسقط القبول الذي هو ركن البيع، ولا يثبت فيه خيار رؤية أو عيب، ولا يشترط كونه مقدور التسليم، فصح الامر بأعتاق الآبق، ويسقط اعتبار القبض في الفاسد، كما لو قال أعتقه عني بألف ورطل من خمر ا ه. بحر بالمعنى. قوله: (لكن لو قال الخ) حاصله أن ما ثبت بالاقتضاء إنما يثبت بشروط المقتضي بالكسر لا بشروط نفسه كما علمت، لكن هذا إذا لم يصرح بالمقتضى بالفتح. قال في فتح القدير: فلو صرح بالبيع فقال: بعتكه وأعتقته، لا يقع عن الآمر بل عن المأمور، فيثبت البيع ضمنا في هذه المسألة ولا يثبت صريحا، كبيع الأجنة في الأرحام، فإذا صرح به ثبت بشرط نفسه والبيع لا يتم إلا بالقبول ولم يوجد فيعتق عن نفسه ا ه. أي ولا يفسد النكاح كما في البحر. قوله: (ومفاده الخ) البحث لصاحب النهر ح. قوله: (لو قال) أي الآمر، والأولى التصريح به والآتيان بعده بضميره. قوله: (وسقط المهر) لاستحالة وجوبه على عبدها. نهر. قوله: (لا يفسد) أي النكاح خلافا لأبي يوسف، والله تعالى أعلم. باب نكاح الكافر لما فرغ من نكاح الأحرار والأرقاء من المسلمين شرع في نكاح الكفار، وتقدم في آخر باب المهر حكم مهر الكافر، وأنه تثبت بقية أحكام النكاح في حقهم كالمسلمين: من وجوب النفقة في النكاح، ووقوع الطلاق ونحوهما: كعدة ونسب، وخيار بلوغ، وتوارث بنكاح صحيح، وحرمة مطلقة ثلاثا، ونكاح محارم. قوله: (يشمل المشرك والكتابي) لو قال: يشمل الكتابي وغيره، لكان أولى، ليدخل من ليس بمشرك ولا كتابي كالدهري، وأشار إلى أن التعبير بالكافر لشموله الكتابي أولى من تعبير الهداية تبعا للقدوري بالمشرك ا ه ح. واعتذر في الفتح عن الهداية بأنه أراد بالمشرك ما يشمل الكتابي، إما تغليبا، أو ذهابا إلى ما اختاره البعض من أهل الكتاب داخلون في المشركين، أو باعتبار قول طائفة منهم: عزير ابن الله، والمسيح ابن الله، تعالى الله رب العزة والكبرياء. قوله: (خلافا لمالك) فلا يقول بصحة أنكحتهم ولو صحت بين المسلمين، وأخذ منه أنه لا يقول بالأصلين الأخيرين بالأولى ط. قوله: (ويرده) أي قول مالك المفهوم من قوله: خلافا لمالك فإنه بمنزلة
201 وقال مالك: لا يصح ط. قوله: * (وامرأته حمالة الحطب) * (سورة المسد: الآية 4) أي فهذه الإضافة قاضية عرفا ولغة بالنكاح، وقد قصها الله تعالى في كتابه مفيدة لهذا المعنى ط. قوله: (ولدت من نكاح لا من سفاح) أي لا من زنا، والمراد به نفي ما كانت عليه الجاهلية من أن المرأة تسافح رجلا مدة ثم يتزوجها، وقد استدل بالحديث المذكور في الفتح أيضا. ووجهه أنه (ص) سمى ما وجد قبل الاسلام من أنكحة الجاهلية نكاحا. مطلب في الكلام على أبوي النبي (ص) وأهل الفترة ولا يقال: إن فيه إساءة أدب لاقتضائه كفر الأبوين الشريفين، مع أن الله تعالى أحياهما له وآمنا به كما ورد في حديث ضعيف. لأنا نقول: إن الحديث أعم بدليل رواية الطبراني وأبي نعيم وابن عساكر: خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح من لدن آدم إلى أن ولدني أبي وأمي، لم يصبني من سفاح الجاهلية شئ وإحياء الأبوين بعد موتهما لا ينافي كون النكاح كان في زمن الكفر، ولا ينافي أيضا ما قاله الامام في الفقه الأكبر من أن والديه (ص) ماتا على الكفر، ولا ما في صحيح مسلم استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي وما فيه أيضا: أن رجلا قال: يا رسول الله أين أبي؟ قال: في النار، فلما قفا دعاه فقال: إن أبي وأباك في النار لامكان أن يكون الاحياء بعد ذلك، لأنه كان في حجة الوداع، وكون الايمان عند المعاينة غير نافع فكيف بعد الموت؟ فذاك في غير الخصوصية التي أكرم الله بها نبيه (ص). وأما الاستدلال على نجاتهما بأنهما ماتا في زمن الفترة فهو مبني على أصول الأشاعرة أن من مات ولم تبلغه الدعوى بموتنا حيا، أما الماتريدية، فإن مات قبل مضي مدة يمكنه فيها التأمل ولم يعتقد إيمانا ولا كفرا فلا عقاب عليه، بخلاف ما إذا اعتقد كفرا أو مات بعد المدة غير معتقد شيئا، نعم البخاريون من الماتريدية وافقوا الأشاعرة، وحملوا قول الإمام: لا عذر لاحد في الجهل بخالقه، على ما بعد البعثة، واختاره المحقق ابن الهمام في التحرير، لكن هذا في غير من مات معتقدا للكفر، فقد صرح النووي والفخر الرازي بأن من مات قبل البعثة مشركا فهو في النار، وعليه حمل بعض المالكية ما صح من الأحاديث في تعذيب أهل الفترة، بخلاف من لم يشرك منهم ولم يوحد بل بقي عمره في غفلة من هذا كله ففيهم الخلاف وبخلاف من اهتدى منهم بعقله كقس بن ساعده و زيد بن عمرو بن نفيل فلا خلاف في نجاتهم، وعلى هذا فالظن في كرم الله تعالى أن يكون أبواه (ص) من أحد هذين القسمين، بل قيل: إن آباءه (ص) كلهم موحدون، لقوله تعالى: * (وتقلبك في الساجدين) * (سورة الشعراء: الآية 912) لكن رده أبو حيان في تفسيره بأنه قول الرافضة، ومعنى الآية: وترددك في تصفح أحوال المتهجدين، فافهم. وبالجملة كما قال بعض المحققين: إنه لا ينبغي ذكر هذه المسألة إلا مع مزيد الأدب، وليست من المسائل التي يضر جهلها أو يسأل عنها في القبر أو في الموقف، فحفظ اللسان عن التكلم فيها إلا بخير أولى وأسلم، وسيأتي زيادة كلام في هذه المسألة في باب المرتد عند قوله وتوبة اليأس مقبولة دون إيمان اليأس. قوله: (كعدم شهود) وعدة من كافر. قوله: (عند الامام) هو
202 الصحيح كما في المضمرات. قهستاني. وعند زفر: لا يجوز، وهما مع الامام في النكاح بغير شهود، ومع زفر في النكاح في عدة الكافر ح. قال في الهداية: ولأبي حنيفة أن الحرمة لا يمكن إثباتها حقا للشرع لأنهم يخاطبون بحقوقه، ولا وجه إلى إيجاب العدة حقا للزوج لأنه لا يعتقده، بخلاف ما إذا كانت تحت مسلم لأنه يعتقده ا ه. وظاهره أنه لا عدة من الكافر عند الامام أصلا، وإليه ذهب بعض المشايخ فلا تثبت الرجعة للزوج بمجرد طلاقها، ولا يثبت نسب الولد إذا أتت به لأقل من ستة أشهر بعد الطلاق. وقيل تجب، لكنها ضعيفة لا تمنع من صحة النكاح، فيثبت للزوج الرجعة والنسب، والأصح الأول كما في القهستاني عن الكرماني ومثله في العناية. وذكر في الفتح أنه الأولى ولكن منع عدم ثبوت النسب، لأنهم لم ينقلوا ذلك عن الامام بل فرعوه على قوله بصحة العقد بناء على عدم وجوب العدة، فلنا أن نقول بعدم وجوبها وبثبوت النسب، لأنه إذا علم من له الولد بطريق آخر وجب إلحاقه به بعد كونه عن فراش صحيح، ومجيئها به لأقل من ستة أشهر من الطلاق مما يفيد ذلك ا ه. وأقره في البحر، ونازعه في النهر لان المذكور في المحيط والزيلعي أنه لا يثبت النسب. قال: وقد غفل عنه في البحر، وأنت خبير بأن صاحب الفتح لم يدع أن ذلك لم يذكروه بل اعترف بذلك، وإنما نازعهم في التخريج وأنه لا يلزم من عدم ثبوت العدة عدم ثبوت النسب، فافهم. قوله: (لحرمة المحل) أي محل العقد وهو الزوجة، بأن كانت غير محل له أصلا، فإن المحرمية منافية له ابتداء وبقاء، بخلاف عدم الشهود والعدة كما يأتي. قوله: (كمحارم) وكمطلقة ثلاث ومعتدة مسلم. قوله: (بل فاسدا) أفاد أن الخلاف في الجواز والفساد مع اتفاقهم على عدم التعرض قبل الاسلام والمرافعة. رملي. قوله: (وعليه) أي على الأصح من وقوعه جائزا تجب النفقة إذا طلبتها، وإذا دخل بها ثم أسلم فقذفه إنسان يحد كما في البحر وأما على القول بوقوعه فاسدا لا تجب ولا يحد قاذفه، لأنه وطئ في غير ملكه فلا يكون محصنا. قوله: (وأجمعوا الخ) جواب عما يقال: إنه على القول بالجواز ينبغي ثبوت الإرث أيضا. والجواب أن لقياس عدم ثبوت الإرث لاحد الزوجين لأنهما أجنبيان، لكنه ثبت بالنص على خلاف القياس في النكاح الصحيح مطلقا: أي ما يسمى صحيحا عند الاطلاق كالنكاح المعتبر شرعا. وأما نكاح المحارم فيسمى صحيحا لا مطلقا، بل بالنسبة إلى الكفار فيقتصر على مورد النص. قلت: وفيه أن ما فقد شرطه ليس صحيحا عند الاطلاق أيضا مع أنه يثبت فيه التوارث كما سيذكره الشارح في كتاب الفرائض، حيث قال معزيا للجوهرة: وكل نكاح لو أسلما يقران عليه يتوارثان به، وما لا فلا. قال: وصححه في الظهيرية ا ه. تأمل. ثم في حكاية الاجماع تبعا للبدائع نظر، فقد جرى القهستاني على ثبوت الإرث، لكن الصحيح خلافه كما سمعت، وكذا قال في سكت الأنهر: ولا يتوارثون بنكاح لا يقران عليه كنكاح المحارم، وهذا هو الصحيح ا ه. قوله: (أسلم المتزوجان الخ) وكذا لو ترافعا إلينا قبل الاسلام أقرا عليه، ولم
203 يذكره لأنه معلوم بالأولى كما في النهر والبحر. قوله: (أو في عدة كافر) احترز عن عدة مسلم كما ينبه عليه المصنف بعد، وقيد في الهداية الاسلام والمرافعة بما إذا كانا والحرمة قائمة. قال في العناية: وأما إذا كانا بعد انقضاء العدة فلا يفرق بينهما بالاجماع. قوله: (معتقدين ذلك) فلو لم يكن جائزا عندهم يفرق بينهما اتفاقا لأنه وقع باطلا فيجب التجديد. بحر. ونقل بعض المحشين عن ابن كمال أن الشرط جوازه في دين الزوج خاصة ا ه. قلت: والظاهر أنه أراد الزوج الأول وهو الذي طلقها، لأن العدة حق الزوج المطلق، فإذا كان لا يعتقدها لا يمكن إيجابها له، بخلاف ما لو كانت تحت مسلم كما قدمناه قريبا عن الهداية. تأمل. قوله: (أقرا عليه) أي عنده خلافا لهما فيما إذا كان النكاح في العدة كما مر، لكن في البحر والفتح عن المبسوط: إذا أسلما والعدة منقضية لا يفرق بالاجماع. قوله: (لأنا أمرنا بتركهم الخ) هذا التعليل إنما يظهر فيما إذا ترافعا وهما كافران، أما بعد الاسلام فالعلة ما في البحر من أن حالة الاسلام والمرافعة حالة البقاء والشهادة ليست شرطا فيها، وكذا العدة لا تنافيها، كالمنكوحة إذا وطئت بشبهة ا ه ط. أي فإن الموطوءة بشبهة تجب العدة عليها حال قيام النكاح مع زوجها وتحرم عليه. فتح: أي تحرم عليه إلى انقضاء العدة. قوله: (محرمين) بأن تزوج مجوسي أمه أو بنته، وكذا لو تزوج مطلقته ثلاثا أو جمع بين خمس أو أختين في عقدة ثم أسلما أو أحدهما فرق بينهما إجماعا فتح. وكذا قال في النهر: وليس الحكم مقصورا على المحرمية، بل كذلك لو تزوج مطلقته ثلاثا الخ ثم قيدنا بكونه تزوجه خمسا في عقدة، لأنه لو تزوجهن على التعاقب فرق بينه وبين الخامسة فقط، ولو تزوج واحدة ثم أربعا جاز نكاح الواحدة لا غير، ولو أسلم بعدما فارق إحدى الأختين أقرا عليه ا ه. وتمامه فيه. قوله: (فرق القاضي) أما على قولهما فظاهر، لأن هذه الأنكحة لها حكم البطلان فيما بينهم، وأما على قوله فلانه وإن كان لها حكم الصحة في الأصح حتى تجب النفقة ويحد قاذفه، إلا أن المحرمية وما معها تنافي البقاء كما تنافي الابتداء، بخلاف العدة. نهر. وفي أبي السعود عن الحموي قال البرجندي: ظاهر العبارة يدل على أنه لا تقع البينونة بالاسلام. وقال قاضيخان: تبين بدون تفريق القاضي. ذكره في القنية. قوله: (لعدم المحلية) أي محلية المحرمين وما معها لعقد الزوجية ابتداء وبقاء، وهذا تعليل على قول الإمام كما علمت. قوله: (وبمرافعة أحدهما لا يفرق) أي عنده خلافا لهما، بخلاف ما إذا ترافعا فإنه يفرق بينهما عنده أيضا، لأنهما رضيا بحكم الاسلام فصار القاضي كالمحكم. فتح. قوله: (لبقاء حق الآخر) لأنه لم يرض بحكمنا. قوله: (بخلاف إسلامه) أي إسلام أحدهما جواب عن قولهما بأنه يفرق بمرافعة أحد الزوجين كما يفرق بإسلامه . وبيان الجواب على قوله بالفرق، وهو أنه بإسلام أحدهما ظهرت حرمة الآخر لتغير اعتقاده واعتقاد المصر لا يعارض إسلام المسلم، لان الاسلام يعلو ولا يعلى، بخلاف مرافعة أحدهما ورضاه فإنه لا يتغير به اعتقاد الآخر. فتح. قوله: (إلا إذا طلقها ثلاثا الخ) استثناء من قوله: وبمرافعة أحدهما
204 لا يفرق ط. قوله: (فإنه يفرق بينهما) لان هذا التفريق لا يتضمن إبطال حق على الزوج، لان الطلقات الثلاث قاطعة لملك النكاح في الأديان كلها. بحر. قلت: لكن المشهور الآن من اعتقاد أهل الذمة أنه لا طلاق عندهم، ولعله مما غيره من شرائعهم. قوله: (كما لو خالعها) تشبيه في مطلق تفريق لا بقيد كونه بعد مرافعه، لقول الشارح بعد فإنه في هذه الثلاثة يفرق من غير مرافعة ط. قوله: (من غير عقد) وذلك لأن الخلع طلاق والذمي يعتقد كون الطلاق مزيلا للنكاح، والوطئ بعده، حرام في الأديان كلها يحدون به. نهر: أي بالوطئ بعده، ومحل الحد إن لم يعتقد شبهة الحل في العدة كما نص عليه في الحدود، ومثل هذا التعليل يقال في مسألة الطلاق الثلاث الآتية ط. قوله: (أو تزوج كتابية في عدة مسلم) وكذا لو تزوج الذمي مسلمة حرة أو أمة، ففي الكافي للحاكم الشهيد أنه يفرق بينهما ويعاقب إن دخل بها، ولا يبلغ أربعين سوطا وتعزر المرأة ومن زوجها له وإن أسلم بعد النكاح لم يترك على نكاحه. تنبيه: قال في النهر: قيد المصنف بكون المتزوج كافرا، لان المسلم لو تزوج ذمية في عدة كافر ذكر بعض المشايخ أنه يجوز، ولا يباح له وطؤها حتى يستبرئها عنده. وقالا: النكاح باطل، وكذا في الخانية. وأقول: وينبغي أن لا يختلف في وجوبها بالنسبة إلى المسلم، لأنه يعتقد وجوبها، ألا ترى أن القول بعدم وجوبها في حق الكافر مقيد بكونهم لا يدينونها وبكونه جائزا عندهم؟ لأنه لو لم يكن جائزا بأن اعتقدوا وجوبها يفرق إجماعا. قال في الفتح: فيلزم في المهاجرة وجوب العدة إن كانوا يعتقدونه، لان المضاف إلى تبابين الدار لا فرقة لا نفي العدة ا ه. قلت: قوله وينبغي الخ قد يقال فيه: إنه مما لا ينبغي، لما مر من أن العدة إنما تجب حقا للزوج: أي الذي طلقها، ولا تجب له بدون اعتقاده، ولما قدمناها أيضا عن ابن كمال من اعتبار دين الزوج خاصة، وكذا ما قدمناه من ترجيح القول بأنه لا عدة من الكافر عند الامام أصلا. تأمل. قوله: (أو تزوجها قبل زوج آخر الخ) مقتضاه أن المسألة الأولى مفروضة فيما إذا طلقها ثلاثا وأقام معها من غير تجديد عقد آخر حتى تكون مسألة أخرى. ويشكل الفرق بينهما، فإذا إذا توقف التفريق في الأولى على طلب المرأة يلزم أن يتوقف هنا على طلبها بالأولى، لأنه إذا جدد عقده عليها قبل زوج آخر حصلت شبهة العقد، فكيف يفرق بينهما بلا طلب أصلا مع وجود شبهة العقد، ويفرق إلا بطلب عند عدم وجود شبهة العقد، ولذا والله أعلم ذكر في البحر عن الأسبيجابي أنه إذا طلقها ثلاثا: إن أمسكها من غير تجديد النكاح عليها فرق بينهما وإن لم يترافعا إلى القاضي، وإن جدده عليها من غير أن تتزوج بآخر فلا تفريق. ثم قال: وهو مخالف لما في المحيط، لأنه سوى في التفريق بين ما إذا تزوجها أو لا حيث لم تتزوج بغيره ا ه. قلت: لكنه مخالف أيضا لما قدمناه عن الفتح وغيره من أن مثل المحرمين ما لو تزوج مطلقته ثلاثا إلا أن يخص ذلك بما إذا أسلما أحدهما، لكنه خلاف ما في الزيلعي، حيث قال: وعلى هذا
205 الخلاف المطلقة ثلاثا والجمع بين المحارم والخمس ا ه: أي الخلاف المار بين الامام وصاحبيه من أنه يفرق بمرافعتهما عنده لا بمرافعة أحدهما، فليتأمل. قوله: (خلافا للزيلعي الخ) أقول: ما في الحاوي القدسي ليس فيه مخالفة لما هنا، كما يعلم من عبارة الحاوي التي نقلها المصنف في منحه فراجعها. وأما الزيلعي ففيه مخالفة، فإنه ذكر ما قدمناه عنه آنفا، ثم قال: وذكر في الغاية معزيا إلى المحيط أن المطلقة ثلاثا لو طلبت التفريق يفرق بينهما بالاجماع، لأنه لا يتضمن إبطال حق الزوج، وكذا في الخلع وعدة المسلم لو كانت كتابية، وكذا لو تزوجها قبل زوج آخر في المطلقة ثلاثا ا ه. ووجه المخالفة أن قوله وكذا في الخلع الخ، يفيد توقف التفريق على الطلب في المسائل الثلاث كالمسألة الأولى كما هو مقتضى التشبيه، وصرح بذلك في الفتح حيث ذكر عبارة الغاية وقال عقب قوله وكذا في الخلع: يعني اختلعت من زوجها الذمي ثم أمسكها فرفعته إلى الحاكم فإنه يفرق بينهما، لان إمساكها ظلم الخ، فما عزاه في الغاية إلى المحيط ونقله عنها الزيلعي وصاحب الفتح مخالف لما في البحر عن المحيط، وهو الذي مشى عليه المصنف من عدم توقفه على المرافعة في المسائل الثلاث، وتوقفه في المسألة الأولى فقط. وذكر في النهر أيضا عبارة المحيط الرضوي وهي كما مشى عليه صاحب البحر والمصنف، فهذا هو وجه المخالفة الذي أراده الشارح، ونبه عليه في النهر أيضا وقد خفي على المحشين، فافهم، نعم في كلام الزيلعي مخالفة من وجه آخر. وهو أنه ذكر أولا أن المطلقة ثلاثا مثل المحرمين في جريان الخلاف كما ذكرناه قريبا، ثم ذكر ما في الغاية من أنه يفرق بطلبها إجماعا. ورأيت في كافي الحاكم الشهيد ما يؤيد ما في الغاية، وذلك حيث قال: وإذا طلق الذمي زوجته ثلاثا ثم أقام عليها فرافعته إلى السلطان فرق بينهما، وكذلك لو كانت اختلعت. وإذا تزوج الذمي الذمية وهي في عدة من زوج مسلم قد طلقها أو مات عنها فإني أفرق بينهما ا ه. لكن مفاده أن التفريق في هذه الأخيرة لا يحتاج إلى مرافعة وطلب أصلا لتعلق حق المسلم، ومثلها ما قدمناه عن الكافي أيضا، وهو ما لو تزوج الذمي مسلمة. قوله: (وإذا أسلم أحد الزوجين الخ) حاصل صور إسلام أحدهما على اثنين وثلاثين، لأنهما إما أن يكونا كتابيين أو مجوسيين، أو الزوج كتابي وهي مجوسية أو بالعكس. وعلى كل فالمسلم أما الزوج أو الزوجة، وفي كل من الثمانية إما أن يكون في دارنا أو في دار الحرب أو الزوج فقط في دارنا أو بالعكس. أفاده في البحر. وفيه أيضا قيد بالاسلام لان النصرانية إذا تهودت أو عكسه لا يلتفت إليهم، لان الكفر كله ملة واحدة، وكذا لو تمجست زوجة النصراني فهما على نكاحهما كما لو كانت مجوسية في الابتداء ا ه. والمراد بالمجوسي من ليس له كتاب سماوي، فيشمل الوثني والدهري. وأراد المصنف بالزوجين المجتمعين في دار الاسلام، وسيأتي محترزه في قوله: ولو أسلم أحدهما ثمة الخ. قوله: (أو امرأة الكتابي) أما إذا أسلم زوج الكتابية فإن النكاح يبقى كما يأتي متنا. قوله: (أو سكت) غير أنه في هذه الحالة يكرر عليه العرض ثلاثا احتياطا، كذا في المبسوط. نهر. قوله: (فرق بينهما) وما لم يفرق القاضي فهي زوجته، حتى لو مات الزوج قبل أن تسلم امرأته الكافرة
206 وجب لها المهر: أي كماله وإن لم يدخل بها، لان النكاح كان قائما ويقرر بالموت. فتح. وإنما لم يتوارثا لمانع الكفر. قوله: (صبيا مميزا) أي يعقل الأديان، لان ردته معتبرة فكذا إباؤه. فتح. قال في أحكام الصغار: والمعتوه كالصبي العاقل ا ه. قوله: (على الأصح) وقيل لا يعتبر إباؤه عند أبي يوسف كما لا تعتبر ردته عنده. فتح. قوله: (فيما ذكر) أي من حكم الاسلام والاباء والسكوت. قوله: (ولو كان) أي الصبي كما تفيده عبارة الفتح، وليس بقيد بل البالغ مثله. قوله: (لعدم نهايته) بخلاف عدم التمييز فإن له نهاية. قوله: (بل يعرض الاسلام على أبويه الخ) قال في التحرر وشرحه: وإنما يعرض الاسلام على أبيه أو أمه لصيرورته مسلما بإسلام أحدهما، فإن أسلم أحدهما أقرا على النكاح، وإن أبى فرق بينهما دفعا للضرر عن المسلمة، ويصير مرتدا تبعا بارتداد أبويه ولحاقهما به، بخلاف ما إذا تركاه في دار الاسلام أو بلغ مسلما ثم جن أو أسلم عاقلا فجن قبل البلوغ فارتدا ولحقا به، لأنه صار مسلما بتبعية الدار عند زوال تبعية الأبوين أو بتقرر ركن الايمان منه قال شمس الأئمة: وليس المراد من عرض الاسلام على والده أن يعرض عليه بطريق الالزام، بل على سبيل الشفقة المعلومة من الآباء على الأولاد عادة، فلعل ذلك يحمله على أن يسلم، ألا ترى أنه إذا لم يكن له والدان جعل القاضي له خصما وفرق بينهما؟ فهذا دليل على أن الاباء يسقط اعتباره هنا للتعذر ا ه. وهذا ما نقله عن الباقاني، ومثل في التاترخانية. وحاصله أن فائدة نصب الوصي الحكم بالتفريق بلا عرض بل يسقط العرض للضرورة، لأنه لا يصير مسلما بتبعية غير الأبوين، وقد علم مما ذكرناه أنه لو كان له أم فقط يعرض الاسلام عليها، فإن أبت فرق بينهما لأنه تبع لها، وإن لم تكن لها ولاية عليه، لان المناط هنا التبعية لا الولاية، فقول بعض المحشين: إنه عند عدم الأب لا يعرض على الام بل ينصب له وصيا غير صحيح، نعم لو كان أبواه مجنونين أيضا ينبغي أن ينصب عنه وصيا. والحاصل أن المجنون كالصبي في تبعيته لأبويه إسلاما وكفرا ما لم يسلم قبل جنونه. قوله: (وهي مجوسية الخ) بخلاف عكسه، وهو ما لو كانت نصرانية وقت إسلامه ثم تمجست فإنه تقع الفرقة بلا عرض عليها. بحر عن المحيط. وظاهره وقوع الفرقة بلا تفريق القاضي لأنها صارت كالمرتدة. تأمل. قوله: (طلاق ينقص العدد) أشار إلى أن المراد بالطلاق حقيقته لا الفسخ، فلو أسلم ثم تزوجها يملك عليها طلقتين فقط عندهما. وقال أبو يوسف: إنه فسخ، ثم هذا الطلاق بائن قبل الدخول أو بعده. قال في النهاية: حتى لو أسلم الزوج لا يملك الرجعة. قال في البحر: وأشار بالطلاق إلى وجوب العدة عليها إن كان دخل بها، لأن المرأة إن كانت مسلمة فقد التزمت أحكام
207 الاسلام، ومن حكمه وجوب العدة، وإن كانت كافرة لا تعتقد وجوبها فالزوج مسلم والعدة حقه، وحقوقنا لا تبطل بديانتهم وإلى وجوب النفقة في العدة، إن كانت هي مسلمة، لان المنع من الاستمتاع جاء من جهته، بخلاف ما إذا كانت كافرة وأسلم الزوج لان المنع من جهتها، ولذا لا مهر لها إن كان قبل الدخول ا ه. أما لو أسلمت وأبى الزوج فلها نصف المهر قبل الدخول وكله بعده، كما في كافي الحاكم. ثم قال في البحر: وأشار أيضا إلى وقوع طلاقه عليها ما دامت في العدة، كما لوقعت الفرقة بالخلع أو بالجب أو العنة، كذا في المحيط. وظاهره أنه لا فرق في وقوع الطلاق عليها بين أن يكون هو الآبي أو هي. وظاهر ما في الفتح أنه خاص بما إذا أسلمت وأبى هو، والظاهر الأول ا ه. أقول: ما في الفتح صريح في الأول، حيث قال: إذا أسلم أحد الزوجين الذميين وفرق بينهما بإباء الآخر فإنه يقع عليها طلاقه وإن كانت هي الآبية مع أن الفرقة فسخ، وبه ينتقض ما قيل إذا أسلم أحد الزوجين لم يقع عليها طلاقه ا ه. نعم ظاهر ما في المحيط يفيد أنه خاص بما إذا كان هو الآبي وهو قوله: كما لو وقعت الفرقة بالخلع الخ، لأنها فرقة من جانبه فتكون طلاقا، ومعتدة الطلاق يقع عليها الطلاق، أما لو كانت هي الآبية تكون الفرقة فسخا و الفسخ رفع للعقد فلا يقع الطلاق في عدته. نعم في البحر أول كتاب الطلاق أنه لا يقع في عدة الفسخ إلا في ارتداد أحدهما وتفريق القاضي بإباء أحدهما عن الاسلام. وفي البزازية: وإذا أسلم أحد الزوجين لا يقع على الآخر طلاقه، لكن قال الخير الرملي: إن هذا في طلاق أهل الحرب: أي فيما لو هاجر أحدهما إلينا مسلما، لأنه لا عدة عليها. قلت: إن هذ الحمل ممكن في عبارة البزازية دون عبارة طلاق البحر، فليتأمل. وسيأتي تمام الكلام على ذلك آخر باب الكنايات. قوله: (لان الطلاق لا يكون من النساء) بل الذي يكون من المرأة عند القدرة على الفرقة شرعا هو الفسخ، فينوب القاضي منابها فيما تملكه. قوله: (وإباء المميز) أي تفرق القاضي بسبب الاباء، وإلا فالإباء ليس بطلاق ح. قوله: (وأحد أبوي المجنون) أي إذا لم يوجد إلا أحدهما أبا أو أما، أما لو وجدا فلا بد من إباء كل منهما، لأنه لو أسلم أحدهما تبعه كما مر. قوله: (طلاق في الأصح) يشير إلى أنه في غير الأصح يكون فسخا. أبو السعود مطلب: الصبي والمجنون ليسا بأهل لايقاع طلاق بل للوقوع قوله: (فليسا بأهل للايقاع) أي إيقاع الطلاق منهما، بل هما أهل للوقوع: أي حكم الشرع بوقوعه عليهما عند وجود موجبه. وفي شرح التحرير قال صاحب الكشف وغيره: المراد من عدم شرعية الطلاق أو العتاق في حق الصغير عدمها عند عدم الحاجة، فأما عند تحققها فمشروع. قال شمس الأئمة السرخسي: زعم بعض مشايخنا أن هذا الحكم غير مشروع أصلا في حق الصبي، حتى أن امرأته لا تكون محلا
208 للطلاق، هذا وهم عندي، فإن الطلاق يملك بملك النكاح، إذ لا ضرر في إثبات أصل الملك بل الضرر في الايقاع، حتى إذا تحققت الحاجة إلى صحة إيقاع الطلاق من جهته لدفع الضرر كان صحيحا، فإذا أسلمت زوجته وأبى فرق بينهما وكان طلاقا عند أبي حنيفة ومحمد، وإذا ارتد والعياذ بالله تعالى وقعت البينونة وكان طلاقا في قول محمد. وإذا وجدته مجبوبا فخاصمته فر بينهما وكان طلاقا عند بعض المشايخ ا ه. قلت: وحاصله أنه كالبالغ في وقوع الطلاق منه بهذه الأسباب، إلا أنه لا يصح إيقاعه منه ابتداء للضرر عليه ومثله المجنون، وبه ظهر أنه لا حاجة إلى أنه إيقاع من القاضي، لان تفريق القاضي هنا كتفريقه بإباء البالغ عن الاسلام، وهو طلاق منه بطريق النيابة، فكذا في الصبي والمجنون، لكن لما كان المشهور أنه لا يقع طلاقهما: أي ابتداء وكان وقوعه منهما بعارض غريبا، قال الزيلعي وغيره: إنه من أغرب المسائل، فافهم. قوله: (كما لو ورث قريبه) أي الرحم المحرم منه كأن ورث أباه المملوك لأخيه من أم مثلا فإنه يعتق عليه، وكما لو تزوج مملوكة أبيه فورثها منه انفسخ النكاح. قوله: لم يقع) لأنه علقه على ما ينافي وقوعه منه، فإن الجزاء وهو أنت طالق لا ينعقد سببا للطلاق إلا عند وجود الشرط فلا بد من كون الشرط صالحا له، فهو كقوله: إن مت فأنت طالق، كذا ظهر لي. قوله: (وقع) لما صرحوا به من أن الأهلية إنما تعتبر وقت التعليق لا وقت وجود الشرط، وليس الشرط هنا وهو دخول الدار منافيا لانعقاد الجزاء سببا للطلاق، بخلاف المسألة الأولى. والحاصل أنه لا بد من صحة التعليق من وجود الأهلية وقته وعدم منافاة الشرط المعلق عليه للجزاء المعلق وهنا وجد كل منهما، بخلاف الأولى فإنه وجدت فيها الأهلية وقت التعليق وفقد الآخر وهو عدم المنافاة، هذا ما ظهر لي. قوله: (ولو أسلم أحدهما ثمة) هذا مقابل قوله فيما مر. قوله وإذا أسلم أحد الزوجين المجوسيين أو امرأة الكتابي الخ فإنه مفروض فيما إذا اجتمعا في دار الاسلام كما قدمناه، ولذا قال في البحر هنا: أطلق في إسلام أحدهما في دار الحرب فشمل ما إذا كان الآخر في دار الاسلام أو في دار الحرب أقام الآخر فيها أو خرج إلى دار الاسلام. فحاصله أنه ما لم يجتمعا في دار الاسلام فإنه لا يعرض الاسلام على المصر، سواء خرج المسلم أو الآخر لأنه لا يقضي لغائب ولا على غائب، كذا في المحيط ا ه. قوله: (كالبحر الملح) قال في النهر: وينبغي أن يكون ما ليس بدار حرب ولا إسلام ملحقا بدار الحرب كالبحر الملح، لأنه لا قهر لاحد عليه، فإذا أسلم أحدهما وهو راكبه توقفت البينونة على مضي ثلاث حيض أخذا من تعليلهم بتعذر العرض لعدم الولاية ا ه. وهل حكم البحر الملح في غير هذه هذه حكم دار الحرب، حتى لو خرج إليه الذمي صار حربيا وانتقض عهده. وإذا خرج إليه الحربي وعاد قبل الوصول إلى
209 داره ينتقض أمانه ويعشر ما معه. يحرر ط. قوله: (لم تبن حتى تحيض الخ) أفاد بتوقف البينونة على الحيض أن الآخر لو أسلم قبل انقضائها فلا بينونة. (بحر). قوله: (أو تمضي ثلاثة أشهر) أي إن كانت لا تحيض لصغر أو كبر كما في البحر، وإن كانت حاملا فحتى تضع حملها. ح عن القهستاني. قوله: (إقامة لشرط الفرقة) وهو مضي هذه المدة مقام السبب وهو الاباء، لان الاباء لا يعرف إلا بالعرض، وقد عدم العرض لانعدام الولاية ومست الحاجة إلى التفريق لان المشرك لا يصلح للمسلم، وإقامة الشرط عند تعذر العلة جائز، فإذا مضت هذه المدة صار مضيها بمنزلة تفريق القاضي وتكون فرقة بطلاق على قياس قولهما. وعلى قياس قول أبي يوسف بغير طلاق لأنها بسبب الاباء حكما وتقديرا. بدائع. وبحث في البحر أنه ينبغي أن يقال: إن كان المسلم هو المرأة تكون فرقة بطلاق، لان الآبي هو الزوج حكما والتفريق بإبائه طلاق عندهما فكذا ما قام مقامه، وإن كان المسلم الزوج فهي فسخ. قوله: (وليست بعدة) أي ليست هذه المدة عدة، لان غير المدخول بها داخلة تحت هذا الحكم، ولو كانت عدة لاختص ذلك المدخول بها، وهل تجب العدة بعد مضي هذه المدة؟ فإن كانت المرأة حربية فلا لأنه لا عدة على الحربية، وإن كانت هي المسلمة فخرجت إلينا فتمت الحيض هنا فكذلك عند أبي حنيفة خلافا لهما، لان المهاجرة لا عدة عليها عنده خلافا لهما كما سيأتي. بدائع وهداية. وجزم الطحاوي بوجوبها. قال في البحر: وينبغي حمله على اختيار قولهما. قوله: (ولو أسلم زوج الكتابية) هذا محترز قوله فيما مر أو امرأة الكتابي. قوله: (كما مر) أي في قوله: كما لو كانت في الابتداء كذلك وأشار إلى أن الذي صرح به فيما مر يمكن انفهامه من هنا بأن يراد بالكتابية الكتابية حالا، أو مآلا، قوله: (فهي له) لأنه يجوز له التزوج بها ابتداء، فالبقاء أولى لأنه أسهل. نهر قوله: (حقيقة وحكما) المراد بالتباين حقيقة تباعدهما شخصا، وبالحكم أن لا يكون في الدار التي دخلها على سبيل الرجوع بل على سبيل القرار والسكنى، حتى لو دخل ا لحربي دارنا بأمان لم تبن زوجته لأنه في داره حكما إلا إذا قبل الذمة. نهر. قوله: (لا بالسبي) تنصيص على خلاف الشافعي فإنه عكس، وجعل سبب الفرقة السبي لا التباين، فتفرع أربع صور وفاقيتان وخلافيتان، فقوله: فلو خرج أحدهما الخ وقوله: وإن سبيا الخ خلافيتان، وقوله: أو أخرج مسبيا وقوله: أو خرجا إلينا الخ وفاقيتان. قوله: (فلو خرج أحدهما الخ) هذه خلافية لوجود التباين دون السبي. قال في البدائع: ثم إن كان الزوج هو الذي خرج فلا عدة عليها بلا خلاف لأنها حربية، وإن كانت هي فذلك عنده خلافا لهما ا ه. وفي الفتح: لو كان الخارج هو الرجل يحل له عندنا التزوج بأربع في الحال وبأخت امرأته التي في دار الحرب إذا كانت في دار الاسلام. قوله: (أو أخرج) هذه وفاقية لوجود التباين والسبي. قوله: (وأدخل في دارنا) أفاد أنه لا يتحقق التباين بمجرد السبي، بل لا بد من الاحراز في دارنا كما في البدائع. قوله: (كالموتى) ولهذا لو التحق بهم
210 المرتد يجري عليه أحكام الموتى ط. قوله: (وإن سبيا) هذه خلافية والتي بعدها وفاقية لعدم السبي فيها. قوله: (أو ثم أسلما) عبارة البحر: أو مستأمنين ثم أسلمه الخ، فأو هنا عاطفة لحال محذوفة على الحال السابقة وهي قوله: ذميين وثم عاطفة لا سلما على تلك الحال المحذوفة. قوله: (حتى لو كانت الخ) تفريع على اشتراط تباين الدارين حقيقة وحكما. قوله: (لم تبن) لان الدار وإن اختلفت حقيقة لكنها متحدة حكما، لان فرض المسألة فيما إذا نكحها مسلم أو ذمي ثمة ثم سببت، ولا يمكن فرضها فيما لو نكحها هنا لأنه لا يصح، لان تباين الدارين يمنع بقاء النكاح فيمنع ابتداءه بالأولى كما قاله الرحمتي، ولو نكحها وهي هنا بأمان صارت ذمية، لأن المرأة تبع لزوجها في المقام كما في الفتى من باب المستأمن، فافهم. قوله: (ولو نكحها) أي المسلم أو الذمي. قوله: (بانت) لتباين الدارين حقيقة وحكما ط. قوله: (وإن خرجت قبله لا) أي لا تبين لان الزوج من أهل دار الاسلام، فإذا خرجت قبله صارت ذمية لا تمكن من العود لأنها تبع لزوجها في المقام كما علمت، فافهم. قوله: (وما في الفتح الخ) قال في النهر: وفي المحيط: مسلم تزوج حربية في دار الحرب فخرج بها رجل إلى دار الاسلام بانت من زوجها بالتباين، فلو خرجت بنفسها قبل زوجها لم تبن لأنها صارت من أهل دارنا بالتزامها أحكام المسلمين، إذ لا تمكن من العود والزوج من أهل دار الاسلام فلا تباني. قال في الفتح بعد نقله: يريد في الصورة الأولى: إذا أخرجها الرجل قهرا حتى ملكها لتحقق التباين بينها وبين زوجها حينئذ حقيقة وحكما. أما حقيقة فظاهر، وأما حكما فلأنها في دار الحرب حكما وزوجها في دار الاسلام. قال في الحواشي السعدية: وفي قوله وأما حكما الخ بحث ا ه. ولعل وجهه ما مر من أن معنى الحكم أن لا يكون في الدار التي دخلها على سبيل الرجوع بل على سبيل القرار، وهي هنا كذلك إذ لا تمكن من الرجوع، ثم راجعت المحيط الرضوي فإذا الذي فيه مسلم تزوج حربية كتابية في دار الحرب فخرج عنها الزوج وحده بانت، ولو خرجت المرأة قبل الزوج لم تبن، وعلله بما مر وهذا لا غبار عليه. والظاهر أن ما وقع في نسخة صاحب الفتح تحريف، والصواب ما أسمعتك ا ه ح. قلت: وما نقله في النهر عن المحيط ذكر مثله في كافي الحاكم الشهيد، فالصواب في المسألة الأولى التي نقلها في الفتح عن المحيط أنها لا تبين لاختلاف الدار حقيقة لا حكما. قوله: (ومن هاجرت إلينا الخ) المهاجرة: التاركة دار الحرب إلى دار الحرب إلى دار الاسلام على عزم عدم العود، وذلك بأن تخرج مسلمة أو ذمية أو صارت كذلك. بحر. وهذه المسألة داخلة فيما قبلها، لكن ما مر فيما إذا خرج أحدهما مهاجرا وقعت الفرقة بينهما، والمقصود من هذه أنه إذا كانت المهاجرة المرأة ووقعت الفرقة فلا عدة عليها عند أبي حنيفة، سواء كانت حاملا أو حائلا فتزوج للحال، إلا الحامل فتتربص لا على وجه العدة بل ليرتفع المانع بالوضع. وعندهما: عليها العدة. فتح. وبه يظهر أن تقييد المصنف بالحائل: أي غير الحبلى لا وجه له، بخلاف قول الكنز: وتنكح المهاجرة الحائل بلا
211 عدة، فإنها للاحتراز عن الحامل كما علمت، لكنه يوهم أن الحامل لها عدة كما توهمه ابن ملك وغيره، وليس كذلك. قوله: (على الأظهر) مقابله رواية الحسن أنه يصح نكاحها قبل الوضع، لكن لا يقربها زوجها حتى تضع كالحبلى من الزنا، ورجحها الأقطع، لكن الأولى ظاهر الرواية. نهر. وصححها الشارحون وعليها الأكثر. بحر. قوله: (لا للعدة) نفي لقولهما: ولما توهمه ابن ملك وغيره. قوله: (بل لشغل الرحم بحق الغير) أفاد به الفرق بينهما وبين الحامل من الزنى، فإن هذه حملها ثابت النسب فيؤثر في منع العقد احتياطا لئلا يقع الجمع بين الفراشين وهو ممتنع بمنزلة الجمع وطأ كما في الفتح، بخلاف الحامل من الزنى فإن ماء الزنى لا حرمة له وليس فيه حق الغير فلذا صح نكاحها، فافهم. قوله: (فسخ) أي عند الامام بخلاف الاباء عن الاسلام. وسوى محمد بينهما بأو كلا منهما طلاق. وأبو يوسف بأن كلا منهما فسخ، وفرق الامام بأن الردة منافية للنكاح لمنافاتها العصمة، والطلاق يستدعي قيام النكاح فتعذر جعلها طلاقا، وتمامه في النهر. قال في الفتح: ويقع طلاق زوج المرتدة عليه ما دامت في العدة، لان الحرمة بالردة غير متأبدة فإنها ترتفع بالاسلام، فيقع طلاقه عليها في العدة مستتبعا فائدته من حرمتها عليه بعد الثلاث حرمة مغياة بوطئ زوج آخر، بخلاف حرمة المحرمية فإنها متأبدة لا غاية لها فلا يفيد لحوق الطلاق فائدة ا ه. قلت: وهذا إذا لم تلحق بدار الحرب. ففي الخانية قبيل الكنايات: المرتد إذا لحق بدار الحرب فطلق امرأته لا يقع، وإن عاد مسلما وهي في العدة فطلقها يقع، والمرتد إذا لحقت فطلقها زوجها ثم عادت مسلمة قبل الحيض، فعندهما يقع. قوله: (فلا ينقص عددا) فلو ارتد مرارا وجدد الاسلام في كل مرة وجدد النكاح على قول أبي حنيفة تحل امرأته من غير إصابة زوج ثان. بحر عن الخانية. قوله: (بلا قضاء) أي بلا توقف على قضاء القاضي، وكذا بلا توقف على مضي عدة في المدخول بها كما في البحر. قوله: (ولو حكما) أراد به الخلوة الصحيحة. قوله: (كل مهرها) أطلقه فشمل ارتداده وارتدادها. بحر. قوله: (لتأكده) أي تأكد تمام المهر به: أي بالوطئ الحقيقي أو الحكمي. قوله: (أو المتعة) أي إن لم يكن مسمى. قوله: (لو ارتد) قيد في قوله: ولغيرها النصف الخ. قوله: (وعليه نفقة العدة) أي لو مدخولا بها إذ غيرها لا عدة عليها. وأفاد وجوب العدة سواء ارتد أو ارتدت بالحيض أو بالأشهر لو صغيرة أو آيسة أو بوضع الحتمل كما في البحر. قوله: (ولا شئ من المهر) أي في غير المدخول بها لأنها محل التفصيل بقوله: لو ارتد وقوله: لو ارتدت. قوله: (والنفقة) قد علمت أن الكلام في غير المدخول بها، وهذه لا نفقة لها لعدم العدة لا لكون الردة منها، لكن المدخول بها كذلك لا نفقة لها لو ارتدت، ولذا قال في البحر: وحكم نفقة العدة كحكم المهر قبل الدخول، فإن كان هو المرتد فلها نفقة العدة، وإن ارتدت فلا نفقة لها. قوله: (سوى السكنى) فلا تسقط سكنى المدخول بها في العدة لأنها حق الشرع، بخلاف نفقة العدة، ولذا صح الخلع على النفقة دون السكنى، والظاهر أن هذا مفروض فيما لو أسلمت، وإلا فالمرتدة تحبس حتى تعود، وسيأتي أن المحبوسة كالخارجة بلا
212 إذنه لا نفقة لها ولا سكنى. قوله: (لو ارتدت) أطلقه فشمل الحرة والأمة والصغيرة والكبيرة. بحر. قوله: (قبل تأكده) أي المهر فإنه يتأكد بالموت أو الدخول ولو حكما. قوله: (ورثها زوجها استحسانا) هذا إذا ارتدت وهي مريضة ثم ماتت أو لحقت بدار الحرب، بخلاف ردتها في الصحة، وبخلاف ما لو ارتد هو فإنها ترثه مطلقا إذا مات أو لحق وهي في العدة كما في الخانية من فصل المعتدة التي ترث، وسيذكره المصنف أيضا في طلاق المريض. ووجهه أن ردته في معنى مرض الموت، لأنه إن لم يسلم يقتل فيكون فارا فترثه مطلقا، أما المرأة فلا تقتل بالردة فلم تكن فارة إلا إذا كانت ردتها في المرض. قوله: (وصرحوا بتعزيرها خمسة وسبعين) هو اختيار لقول أبي يوسف: فإن نهاية تعزير الحر عنده خمسة وسبعون وعندهما تسعة وثلاثون. قال في الحاوي القدسي: وبقول أبي يوسف: نأخذ. قال في البحر: فعلى هذا المعتمد في نهاية التعزير قول أبي يوسف سواء كان في تعزير المرتدة أو لا. قوله: (وتجبر) أي بالحبس إلى أن تسلم أو تموت. قوله: (وعلى تجديد النكاح) فلكل قاض أن يجدده بمهر يسير ولو بدينار رضيت أم لا، وتمنع من التزوج بغيره بعد إسلامها. ولا يخفى أن محله ما إذا طلب الزوج ذلك. أما لو سكت أو تركه صريحا فإنها لا تجبر وتزوج من غيره، لأنه ترك حقه. بحر ونهر. قوله: (زجرا لها) عبارة البحر: حسما لباب المعصية، والحيلة للخلاص منه ا ه. ولا يلزم من هذا أن يكون الجبر على تجديد النكاح مقصورا على ما إذا ارتدت لأجل الخلاص منه، بل قالوا ذلك سدا لهذا الباب من أصله: سواء تعمدت الحيلة أم لا، كي لا تجعل ذلك حيلة. قوله: (قال في النهر الخ) عبارته: ولا يخفى أن الافتاء بما اختاره بعض أئمة بلخ أولى من الافتاء في النوادر، ولقد شاهدنا من المشاق في تجديدها فضلا عن جبره بالضرب ونحوه ما لا يعد ولا يحد. وقد كان بعض مشايخنا من علماء العجم ابتلى بامرأة تقع فيما يوجب الكفر كثيرا ثم تنكر وعن التجديد تأبى، ومن القواعد: المشقة تجلب التيسير، والله الميسر لكل عسير ا ه. قلت: المشقة في التجديد لا تقتضي أن يكون قول أئمة بلخ أولى مما في النوادر بل أولى مما مر أن عليه الفتوى وهو قول البخاريين لان ما في النوادر: هو ما يأتي من أنها بالردة تسترق كامل قوله وقد بسطت أي رواية النوادر قوله: (والفتح) فيه أنه لمزيد على قوله: ولا تسترق المرتدة ما دامت في دار الاسلام في ظاهر الرواية. وفي رواية النوادر عن أبي حنيفة: تسترق ا ه. ثم رأيت صاحب الفتح بسط ذلك في باب المرتد. قوله: (وحاصلها الخ) قال في القنية بعد ما مر عن الفتح: ولو كان الزوج عالما استولى عليها بعد الردة تكون فيئا للمسلمين عند أبي حنيفة، ثم
213 يشتريها من الامام أو يصرفها إليه إن كان مصرفا، فلو أفتى مفت بهذه الرواية حسما لهذا الامر لا بأس به ا ه. قال في البحر: وهكذا في خزانة الفتاوى، ونقل قوله: فلو أفتى مفت الخ عن شمس الأئمة السرخسي ا ه. قلت: ومقتضى قوله: ثم يشتريها الخ أنه إن كان مصرفا لا يملكها بمجرد الاستيلاء عليها، وقوله: تكون فيئا قال ط: ظاهره ولو أسلمت بعده لان إسلام الرقيق لا يخرجه عن الرق ا ه. قوله: (ولو استولى عليها الزوج) فيه اختصار مخل. وعبارة القنية بعد ما تقدم قلت: وفي زماننا بعد فتنة التتر العامة صارت هذه الولايات التي غلبوا عليها وأجروا أحكامهم فيها كخوارزم وما وراء النهر وخراسان ونحوها صارت دار الحرب في الظاهر، فلو استولى عليها الزوج بعد الردة يملكها ولا يحتاج إلى شرائها من الامام، فيفتى بحكم الرق حسما لكيد الجهلة ومكر المكرة على ما أشار إليه في السير الكبير ا ه. فقوله: يملكها الخ مبني على ظاهر الرواية من أنها لا تسترق ما دامت في دار الاسلام، ولا حاجة إلى الافتاء برواية النوادر لما ذكره من صيرورة دارهم دار حرب في زمانهم فيملكها بمجرد الاستيلاء عليها لأنها ليست في دار الاسلام، فافهم. قوله: (وله بيعها الخ) ذكره في البحر بحثا أخذ من قول القنية: يملكها، واستشهد لقوله: ما لم تكن الخ بما في الخانية: لو لحقت أم الولد بعد ارتدادها بدار الحرب ثم سبيت وملكها الزوج يعود كونها أم ولده وأمومية الولد تتكرر بتكرار الملك ا ه. قوله: (بالدرة) بالكسر: السوط، والجمع درر، مثل سدرة وسدر. مصباح. قوله: (والذراع) أل للجنس، والمناسب لما قبله الأذرع بالجمع ط. قوله: (فقال) تأكيد، فقال الأول ط. والداعي إليه طول الفاصل. قوله: (كأنهن حربيات) أي فهن في مملوكات والرأس والذراع ليس بعورة من الرقيق. ووجه الاخذ من قول عمر رضي الله تعالى عنه أنه إذا سقطت حرمة النائحة تسقط حرمة هؤلاء الكاشفات رؤوسهن في ممر الأجانب لما ظهر له من حالهن أنهن مستخفات مستهينات، وهذا سبب مسقط لحرمتهن، فافهم. ثم اعلم أنه إذا وصلن إلى حال الكفر وصرن مرتدات فحكمهن ما مر من أنهن لا يملكن ما دمن في دار الاسلام على ظاهر الرواية. وأما ما مر من أنه لا بأس من الافتاء بما في النوادر من جواز استرقاقهن، فذا بالنسبة إلى ردة الزوجة للضرورة لا مطلقا، إذ لا ضرورة في غير الزوجة إلى الافتاء بالرواية الضعيفة، ولا يلزم من سقوط الحرمة وجواز النظر إليهن جواز تملكهن في دارنا، لان غايته أنهن صرن فيئا ولا يلزم من جواز النظر إليهن جواز الاستيلاء والتمتع بهن وطئا وغيره،
214 لأنه يجوز النظر إلى مملوكة الغير ولا يجوز وطؤها بلا عقد نكاح. وبهذا ظهر غلط من ينسب نفسه إلى العلم في زماننا في زعمه الباطل: أن الزانيات اللاتي يظهرن في الأسواق بلا احتشام يجوز وطؤهن بحكم الاستيلاء، فإنه غلط قبيح يكاد أن يكون كفرا حيث يؤدي إلى استباحة الزنى، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. فرع: في البحر عن الخانية: غاب عن امرأته قبل الدخول بها فأخبره بردتها مخبر ولو مملوكا أو محدودا في قذف وهو ثقة عنده أو غير ثقة، لكن أكبر رأيه أنه صادق، له التزوج بأربع سواها، وإن أخبرت بردة زوجها لها التزوج بآخر بعد العدة في رواية الاستحسان. قال السرخسي: وهي الأصح. قوله: (إن ارتدا معا) المسألة مقيدة بما إذا لم يلحق أحدهما بدار الحرب، فإن لحق بانت وكأنه استغنى عنه بما قدمه من أن تباين الدارين سبب الفرقة. نهر. قوله: (بأن لم يعلم السبق) أما المعية الحقيقية فمتعذرة. وما في البحر: هي ما لو علم أنهما ارتدا بكلمة واحد ففيه بعد ظاهر، نعم ارتدادهما معا بالفعل ممكن، بأن حملا مصحفا وألقياه في القاذورات أو سجدا للصنم معا. نهر. قوله: (كالغرقى) فإنه إذا لم يعلم سبق أحدهم بالموت ينزلون منزلة من ماتوا معا ولا يرث أحد منهم الآخر، فالتشبيه في أن الجهل بالسبق كحالة المعية ط. قوله: (كذلك) أي معا بأن لم يعلم السبق. قوله: (وفسد الخ) لان ردة أحدهما منافية للنكاح ابتداء، فكذا بقاء. نهر. وهذا تصريح بمفهوم قوله: ثم أسلما كذلك وسكت عن مفهوم قوله: إن ارتدا معا لأنه تقدم في قوله: وارتداد أحدهما فسخ عاجل. قوله: (قبل الآخر) وكذا لو بقي أحدهما مرتدا بالأولى نهر. قوله: (قبل الدخول) أما بعده لها المهر في الوجهين، لان المهر يتقرر بالدخول دينا في ذمة الزوج والديون لا تسقط بالردة. فتح. قوله: (لو المتأخر هي) لمجئ الفرقة من قبلها بسبب تأخرها. قوله: (فنصفه) أي عند التسمية أو متعة عند عدمها. مطلب: الولد يتبع خير الأبوين دينا قوله: (والولد يتبع خير الأبوين دينا) هذا يتصور من الطرفين في الاسلام العارض، بأن كانا كافرين فأسلم أو أسلمت ثم جاءت بولد قبل العرض على الآخر، والتفريق أو بعده في مدة يثبت النسب في مثلها أو كان بينهما ولد صغير قبل إسلام أحدهما فإنه بإسلام أحدهما يصير الولد مسلما. وأما في الاسلام الأصلي فلا يتصور إلا أن تكون الام كتابية والأب مسلما. فتح ونهر. تنبيه: يشعر التعبير بالأبوين ولد الزنى. ورأيت في فتاوى الشهاب الشلبي قال: واقعة الفتون في زماننا: مسلم زنى بنصرانية فأتت بولد فهل يكون مسلما؟ أجاب بعض الشافعية بعدمه وبعضهم بإسلامه. وذكر أن السبكي نص عليه وهو غير ظاهر، فإن الشارع قطع نسب ولد الزنى، وبنته من الزنى تحل له عندهم فكيف يكون مسلما؟ وأفتى قاضي القضاة الحنبلي بإسلامه أيضا، وتوقفت عن الكتابة، فإنه وإن كان مقطوع النسب عن أبيه حتى لا يرثه فقد صرحوا عندنا بأن بنته من الزنى لا
215 تحل له، وبأنه لا يدفع زكاته لابنه من الزنى، ولا تقبل شهادته له، والذي يقوى عندي أنه لا يحكم بإسلامه على مقتضى مذهبنا، وإنما أثبتوا الأحكام المذكورة احتياطا نظر لحقيقة الجزئية بينهما ا ه. قلت: يظهر لي الحكم بالاسلام للحديث الصحيح كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه هما اللذان يهودانه أو ينصرانه فإنهم قالوا: إنه جعل اتفاقهما ناقلا له عن الفطرة، فإذا لم يتفقا بقي على أصل الفطرة أو على ما هو أقرب إليها، حتى لو كان أحدهما مجوسيا والآخر كتابيا فهو كتابي كما يأتي، وهنا ليس له أبوان متفقان فيبقى على الفطرة، ولأنهم قالوا: إن إلحاقه بالمسلم منهما أو بالكتابي أنفع له، ولا شك أن النظر لحقيقة الجزئية أنفع له. وأيضا حيث نظروا للجزئية في تلك المسائل احتياطا فلينظر إليها هنا احتياطا أيضا، فإن الاحتياط بالدين أولى، ولان الكفر أقبح القبيح فلا ينبغي الحكم به على شخص بدون أمر صريح، ولأنهم قالوا في حرمة بنته من الزنى: إن الشرع قطع النسبة إلى الزاني لما فيها من إشاعة الفاحشة، فلم يثبت النفقة والإرث لذلك، وهذا لا ينفي النسبة الحقيقية، لان الحقائق لا مرد لها، فمن ادعى أنه لا بد من النسبة الشرعية فعليه البيان. تتمة: ذكر الاسروشني في سير أحكام الصغار أن الولد لا يصير مسلما بإسلام جده ولو أبوه ميتا، وأن هذه من المسائل التي ليس فيها الجد كالأب، لأنه لو كان تابعا له لكان تابعا لجد الجد وهكذا، فيؤدي إلى أن يكون الناس مسلمين بإسلام أدم عليه السلام. وفيه أيضا الصغير تبع لأبويه أو أحدهما في الدين، فإن انعدما فلذي اليد، فإن عدمت فللدار، ويستوي فيما قلنا أن يكون عاقلا أو غير عاقل لأنه قبل البلوغ تبع لأبويه في الدين ما لم يصف الاسلام ا ه. فأفاد أن التبعية لا تنقطع إلا بالبلوغ أو بالاسلام بنفسه، وبه صرح في البحر والمنح من باب الجنائز. وذكر أيضا المحقق ابن أمير حاج في شرح التحرير عن شرح الجامع الصغير لفخر الاسلام أنه لا فرق في الصغير بين أن يعقل أو لا، وأنه نص عليه في الجامع الكبير وشرحه. قلت: وفي شرح السير الكبير للامام السرخسي قال بعد كلام ما نصه: وبهذا تبين خطأ من يقول من أصحابنا إن الذي يعبر عن نفسه لا يصير مسلما تبعا لأبويه، فقد نص ها هنا على أنه يصير مسلما ا ه. وذكر قبله أيضا أن التبعية تنقطع ببلوغه عاقلا ا ه: أي فلو بلغ مجنونا تبقى التبعية، فقد تبين لك أن ما في القهستاني من أن المراد بالولد هنا الطفل الذي لا يعقل الاسلام خطأ، كما سمعته من عبارة السرخسي، وإن أفتى به الشهاب الشلبي لمخالفته لما نص عليه الإمام محمد في الجامع الكبير والسير الكبير، ولما صرح به في هذه الكب، ولاطلاق المتون أيضا، فافهم. قوله: (ولو حكما) أي سواء كان الاتحاد حقيقة أو حكما، كأن يكون خير الأبوين مع الولد في دار الاسلام أو في دار الحرب، أو كان حكما فقط كما مثل به الشارح. واحترز عن اختلافهما حقيقة وحكما بأن كان الأب في دارنا والصغير ثمة، وإليه أشار بقوله: بخلاف العكس ا ه ح. قلت: وما في الفتح من جعله حكم العكس كما قبله قال في البحر: إنه سهو. قوله: (والمجوسي شر من الكتابي) قال في النهر: أردف هذه الجملة لبيان أن أحد الأبوين لو كان كتابيا والآخر مجوسيا كان الولد كتابيا نظرا له في الدنيا لاقترابه من المسلمين بالأحكام من حل الذبيحة والمناكحة، وفي الآخرة من نقصان العقاب، كذا في الفتح: يعني أن الأصل بقاؤه بعد البلوغ على ما كان عليه، وإلا فأطفال المشركين
216 في الجنة، وتوقف فيهم الامام كما مر، ولم يدخله في حيز الجملة الأولى تحاميا عما وقع في بعض العبارات من إطلاق الخير على الكتابي، بل الشر ثابت فيه غير أن المجوسي شر ا ه. وعلى هذا فقوله: والولد يتبع خير الأبوين دينا المراد به دين الاسلام فقط لئلا تتكرر الجملة الثانية، فإنه ليس المراد منها مجرد بيان أن المجوسي شر من الكتابي، إذ لا دخل له في بحثه، بل المراد بيان لازمه المقصود هنا وهو تبعية الولد لأحفظهما شرا فتحل مناكحته وذبيحته، وإنما لم يكتف عنها بالجملة الأولى بأن يراد بالدين الأعم تحاميا عن إطلاق الخيرية على غير دين الاسلام، فافهم. قوله: (وسائر أهل الشرك ممن لا دين له سماويا). قوله: (والنصراني شر من اليهودي) كذا نقله في البحر عن البزازية والخبازية. ونقل عن الخلاصة عكسه، ثم قال: إنه يلزم على الأول كون الولد المتولد من يهودية ونصراني أو عكسه تبعا لليهودي لا النصراني ا ه: أي وليس بالواقع. نهر. قلت: بل مقتضى كلام البحر أنه الواقع لأنه قال: إن فائدته خفة العقوبة في الآخرة، وكذا في الدنيا، لما في أضحية الولوالجية: يكره الاكل من طعام المجوسي والنصراني، لان المجوسي يطبخ المنخنقة والموقوذة والمتردية، والنصراني لا ذبيحة له، وإنما يأكل ذبيحة المسلم أو يخنق، ولا بأس بطعام اليهودي لأنه لا يأكل إلا من ذبيحة اليهودي أو المسلم ا ه: فعلم أن النصراني شر من اليهودي في أحكام الدنيا أيضا ا ه كلام البحر. قوله: (لأنه لا ذبيحة له) أي لا يذبح بدليل قوله: بل يخنق وليس المراد أنه لو ذبح لا تؤكل ذبيحته لمنافاته لا تقدم أول كتاب النكاح من حل ذبيحته ولو قال المسيح ابن الله ح. قوله: (أشد عذابا) لان نزاع النصارى في الإلهيات ونزاع اليهود في النبوات، وقوله تعالى: * (وقالت اليهود عزير ابن الله) * (سورة التوبة: الآية 30) كلام طائفة منهم قليلة كما صرح به في التفسير، وقوله تعالى: * (لتجدن أشد الناس عداوة) * (سورة المائدة: الآية 28) الآية لا يرد لان البحث في قوة الكفر وشدته لا في قوة العداوة وضعفها ا ه. بزازية. قوله: (كفر الخ) قال في البحر: هذا يقتضي أنه لو قال: الكتابي خير من المجوسي يكفر، مع أن هذه العبارة وقعت في المحيط وغيره، إلا أن يقال بالفرق، وهو الظاهر لأنه لا خيرية لاحدى الملتين: أي اليهودية والنصرانية على الأخرى في أحكام الدنيا والآخرة، بخلاف الكتابي بالنسبة إلى المجوسي للفرقة بين أحكامهما في الدنيا والآخرة ا ه. قلت: وهذا كلام غير محرر. وأما أولا فلانه مخالف لما حرره من أن النصراني شر من اليهودي في الدنيا والآخرة كما تقدم، وأما ثانيا فلان علة الإكفار هي إثبات الخير لما قبح قطعا لا لعدم خيرية إحدى الملتين على الأخرى لأنه لو كانت العلة هذه لم يلزم الإكفار، وحينئذ فالقول بأن النصرانية خير من اليهودية مثل القول بأن الكتابي خير من المجوسي، لان فيه إثبات الخيرية له مع أنه لا خير فيه قطعا وإن كان أقل شرا، فالظاهر عدم الفرق بين العبارتين، وأن ما في المحيط وغيره دليل على أنه لا يكفر بذلك، ولعل وجهه أن لفظ خير قد يراد به ما هو أقل ضررا كما يقال في المثل: (الرمد خير من العمى) وكقول الشاعر: ولكن قتل الحر خير من الأسر
217 ثم رأيت في آخر المصباح أن العلماء قد يقولون هذا أصح من هذا، ومرادهم أنه أقل ضعفا، ولا يريدون أنه صحيح في نفسه ا ه. وهذا عين ما قلته، ولله الحمد حينئذ. فالقول بالاكفار مبني على إرادة ثبوت الخيرية سواء استعمل أفعل التفضيل على بابه، أو أريد أصل الفعل كما في أي الفريقين خير والقول بعدمه مبني على ما قلنا، والله أعلم. قوله: (لكن ورد في السنة الخ) يوهم أن هذا حديث وليس كذلك. وعبارة البزازية والمذكور في كتب أهل السنة الخ. ووجه الاستدراك أن تعبير علماء أهل السنة والجماعة بذلك دليل على جواز القول بأن النصرانية خير من اليهودية، وبأن الكتابي خير من المجوسي، لان فيه إثبات أسعدية المجوس وخيريتهم على المعتزلة. قال في البزازية: أجيب عنه بأن المنهى عنه هو كونهم خيرا من كذا مطلقا، لا كونهم أسعد حالا بمعنى أقل مكابرة وأدنى إثباتا للشرك، إذ يجوز أن يقال: كفر بعضهم أخف من بعض، وعذاب بعض أدنى من بعض وأهون، أو الحال بمعنى الوصف كذا قيل ولا يتم ا ه: أي لا يتم هذا الجواب لأنه إذا صح تأويل هذا بما ذكر صح تأويل ذاك بمثله، وكون أسعد مسندا إلى الحال لأنه فاعل معنى، أو كون الحال بمعنى الوصف لا يفيد. قال في النهر: لكن مقتضى ما مر عن جامع الفصولين القول بالكفر في الصورتين، وهو الموافق للتعليل الأول، وكأنه الذي عليه المعول ا ه. وفيه أن ما مر عن الفصولين مع تعليله هو محل النزاع، فالتحرير أن في المسألة قولين، وأن الذي عليه المعول الجواز لما سمعت من وقوعه في كلامهم. قوله: (خالقين) هما النور المسمى يزدان، والظلمة المسماة أهر من ح. قوله: (خالقا لا عدد له) أي حيث قالوا: إن الحيوان يخلق أفعاله الاختيارية ح. قلت: وتكفير أهل الأهواء فيه كلام، والمعتمد خلافه كما سيأتي بسطه إن شاء الله تعالى في البغاة. قوله: (بانت) أي إن تمجست الام أيضا، ولا حاجة إلى هذه الزيادة مع هذا الايهام، والأحسن إبقاء المتن على حاله. وأظن أن الشارح زاد ألفا في قول المتن أبو صغيرة فصار أبوا بلفظ التثنية فأسقطها النساخ، فلتراجع النسخ. وذكر ط عن الهندية أن مثل الصغيرة ما إذا بلغت معتوهة لبقائها تابعة للأبوين في الدين، لأنه ليس للمعتوهة إسلام بنفسها حقيقة فكانت بمنزلة الصغيرة من هذا الوجه. قوله: (بلا مهر) أي إن لم يدخل بها ح. قوله: (مثلا) راجع إلى قوله: ماتت أي إن الموت غير قيد، أو إلى قوله: نصرانية أي أو يهودية. قوله: (وكذا عكسه) بأن تمجست أمها بعد أن مات أبوها نصرانيا ح. قوله: (لتناهي التبعية) أي انتهاء تبعية الولد للأبوين. قوله: (بموت أحدهما ذميا الخ) أي إذا مات أحد الكتابين ذميا أو مسلما ثم تمجس الباقي منهما لا يتبعه الولد، وكذا لو مات أحدهما مرتدا، لان حكم المرتد الجبر على الاسلام فله حكم المسلم، حتى إن كسب إسلامه يرثه وارثه المسلم فهو أقرب إلى الاسلام من الكتابي وغيره. قال في قوله: (البحر): ولو مات أحد الأبوين في دارنا مسلما أو مرتدا ثم ارتد الآخر ولحق بها ثم بدار الحرب لم تبن ويصلي عليها إذا ماتت، لان التبعية حكم تناهى بالموت مسلما، وكذا بالموت مرتدا لان أحكام الاسلام قائمة. قوله: (فلم تبطل) أي التبعية
218 بكفر الآخر. قال ط: والأولى أن يقول: يتمجس الآخر لأنه كان أولا كافرا، غاية الأمر أنه انتقل إلى حالة من الكفر شر من التي كان عليها. بقي أن يقال: إن التبعية إنما تناهت وانقطعت عمن بقي من الوالدين بتمجسه لا بموت أحدهما، لأنه لو أسلم من بقي تبعته ابنته ا ه. والجواب أن المراد انقطاع التبعية عن الباقي منهما إذا انتقل إلى حالة دون التي كان عليها، لما تقرر أن الولد إنما يتبع خير الأبوين دينا أو أخفهما شرا، فالمراد بالتبعية المتناهية هذه، فافهم. قوله: (لم تبن) لان البنت مسلمة تبعا لهما وتبعا للدار. بحر. قوله: (ما لم يلحقا) أي بالبنت، فإن لحقا بها بدار الحرب بانت لانقطاع حكم الدار. بحر. أي بانت من زوجها لتباين الدارين ولأنها صارت مرتدة تبعا لهما. قال في شرح تلخيص الجامع الكبير: وهذا بخلاف ما إذا كانت الصغيرة تعقل وتعبر عن نفسها حيث لا تبين وإن لحقا بها، إلا إذا ارتدت بنفسها فحينئذ تبين عندهما، خلافا لأبي يوسف ا ه. فتأمله مع ما قدمنا من أن التبعية لا تنقطع قبل البلوغ، وقيدنا بلحاقهما بالبنت لأنه إذا لحقا وتركاها فإنها لا تبين كما قدمناه عن شرح التحرير. قال في النهر: في الفرق بين ما لو تمجسا أو ارتدا. تأمل فتدبر ا ه. قلت: الفرق ظاهر: وهو أن البنت بارتداد أبويها المسلمين تبقى مسلمة تبعا لهما وللدار، لان المرتد مسلم حكما لجبره على الاسلام، فلذا لم تبن من زوجها ما لم يلحقا بها للتباين وانقطاع ولاية الجبر، بخلاف تمجس أبويها النصرانيين لأنها تتبعهما في التمجس لعدم جبرهما على العود إلى النصرانية فصار كارتداد المسلمين مع لحاقهما، ولا يمكن تبعيتها للدار مع بقاء تبعية الأبوين فلذا بانت من زوجها، فتدبر. قوله: (لم تبن مطلقا) أي سواء لحقا بها أو لا، لأنها مسلمة أصالة لا تبعا، وكذلك الصبية العاقلة أسلمت ثم جنت لأنها صارت أصلا في الاسلام. بحر عن المحيط. قوله: (فتمجسا) أي المسلم وزوجته النصرانية معا، وقوله: أو تنصرا صوابه: أو تهودا، لان موضوع المسألة أن الزوجة نصرانية. قال في النهر: قيد بالردة لان المسلم لو كان تحته نصرانية فتهود وقعت الفرقة بينهما اتفاقا. واختلف الشيخان فيما لو تمجسا. قال أبو يوسف: تقع. وقال محمد: لا تقع. لأبي يوسف أن الزوج لا يقر على ذلك والمرأة تقر، فصار كردة الزوج وحده. وفرق محمد بأن المجوسية لا تحل للمسلم فأحدثها كالارتداد ا ه: أي فكأنهما ارتدا معا. ثم الذي في البحر عن المحيط تأخير تعليل أبي يوسف وظاهره اعتماده، وهو ظاهر قوله في الفتح أيضا: تقع الفرقة عند أبي يوسف خلافا لمحمد، فلذا جزم به الشارح. قوله: (مطلقا) أي مسلما أو كافرا أو مرتدا، وهو تأكيد لما فهم من النكرة في النفي ح. قوله: (وخيره محمد) أي خير محمد هذا الذي أسلم في اختيار الأربع مطلقا: أي أربع نسوة: أي أربع كانت، وخيره أيضا في اختيار أي الأختين شاء والبنت: أي يختار البنت في هذه
219 الصورة لا الام أو يتركهما جميعا، لأنه روى أن غيلان الديلمي (1) أسلم وتحته عشر نسوة أسلمن معه، فخيره النبي (ص) فاختار أربعا منهن (وكذا فيروز الديلمي أسلم وتحته أختان فخيره فاختار إحداهما وأنما يختار البنت لان نكاحها أمنع في نكاح الام من نكاح الام لها. ولهما أن هذه الأنكحة فاسدة، لكن لا نتعرض لهم لأنا أمرنا بتركهم وما يدينون، فإذا أسلموا يجب التعرض، وتخيير غيلان وفيروز كان في التزوج بعد الفرقة. ح عن المنح. وقوله في التزوج بعد الفرقة: أي التزوج بعقد جديد، وما ذكره في نكاح البنت إنما هو إذا لم يدخل بواحدة منهما، فإن دخل بإحداهما ثم تزوج الثانية فنكاحها باطل، لان الدخول محرم سواء كان بالام أو البنت، وإن دخل بالثانية فقط، فإن كانت الام بطل نكاحهما جميعا اتفاقا، لان نكاح البنت يحرم الام، والدخول بالام يحرم البنت، وإن كانت البنت فكذلك عندهما، لا أن له تزوج البنت دون الام. وعند محمد: نكاح البنت هو الجائز قد دخل بها وهي امرأته، ونكاح الام باطل، كذا في البدائع. قوله: (بلغت المسلمة) سماها مسلمة باعتبار ما كان لها قبل البلوغ من الحكم بالاسلام تبعا للأبوين، ولذا قيل سماها محمد مرتدة، وقوله: بانت أي من زوجها لأنها لم يبق لها دين الأبوين لزوال التبعية بالبلوغ، وليس لها دين نفسها فكانت كافرة لا ملة لها كذا في شرح التلخيص. قوله: (وتمامه في الكافي) حيث قال: مسلم تزوج صغيرة نصرانية ولها أبوان نصرانيان فكبرت وهي لا تعقل دينا من الأديان ولا تصفه وهي غير معتوهة فإنها تبين من زوجها، وكذلك الصغيرة المسلمة إذا بلغت عاقلة وهي لا تعقل الاسلام ولا تصفه وهي غير معتوهة بانت من زوجها، كذا في المحيط. ولا مهر لها قبل الدخول وبعده يجب المسمى ويجب أن يذكر الله تعالى بجميع صفاته عندهما ويقال لها: أهو كذلك؟ فإن قالت نعم حكم بإسلامها، وإن قالت أعرفه وأقدر على وصفه ولا أصفه بانت، ولو قالت لا أقدر على وصفه اختلف فيه، ولو عقلت الاسلام ولم تصفه لم تبن، وإن وصفت المجوسية بانت عندهما خلافا لأبي يوسف، وهي مسألة ارتداد الصبي ط. وقوله ولو عقلت الاسلام: أي قبل البلوغ محترز قوله: بلغت وإنما لم تبن، لأنها مسلمة تبعا لأبويها قبل البلوغ كما في شرح التلخيص، وبه استدل على نفي وجوب أداء الايمان على الصبي، وتمامه في أول الفصل الثاني من شرح التحرير. وفي سير أحكام الصغار أن قوله يعقل الاسلام: يعني صفة الاسلام يدل على أن من قال: لا إله إلا الله لا يكون مسلما حتى يعلم صفة الايمان، وكذلك إذ اشترى جارية واستوصفها الاسلام فلم تعلم لا تكون مؤمنة. وصفة الايمان ما ذكره في حديث جبريل عليه السلام أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، والبعث بعد الموت، والقدر خيره وشره من الله تعالى ا ه.
(1) قوله: (غيلان الديلمي) كذا في الأصل المقابل على خط المؤلف. والذي في منتقى الاخبار: غيلان الثقفي، وفيه عزو الحديث لأحمد وابن ماجة والترمذي ا ه مصححه. 220 وقدمنا في الجنائز مثله عن الفتح، والله أعلم. باب القسم قوله: (القسمة) في المغرب: القسم بالفتح مصدر قسم القسام المال بين الشركاء: فرقه بينهم وعين أنصباءهم، ومنه القسم بين النساء ا ه: أي لأنه يقسمك بينهن البيتوتة ونحوها. وفي المصباح: قسمته قسما من باب ضرب، والاسم القسم بالكسر، ثم أطلق على الحصة والنصيب فيقال هذا قسمي والجمع أقسام مثل حمل وأحمال. واقتسموا المال بينهم والاسم القسمة، وأطلقت على النصيب أيضا وجمعها قسم مثل سدرة وسدر. ويجب القسم بين النساء ا ه. فعلم أن القسم هنا مصدر على أصله، ويصح أن يراد به القسمة: أي الاقتسام أو النصيب. تأمل. قوله: (وظاهر الآية أنه فرض) فإن قوله تعالى: * (فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة) * (سورة النساء: الآية 3) أمر بالاقتصار على الواحدة عند خوف الجور، فيحتمل أنه للوجوب، فيعلم إيجاب العدل عند تعددهن كما قاله في الفتح أو للندب، ويعلم إيجاب العدل من حيث إنه إنما يخاف على ترك الواجب كما في البدائع، وعلى كل فقد دلت الآية على إيجابه. تأمل. قوله: (أي أن لا يجوز) أشار به إلى التخلص عما اعترض به على الهداية حيث قال: وإذا كان للرجل امرأتان حرتان فعليه أن يعدل بينهما، فإنه يفهم أنه لا يجب بين الحرة والأمة. وأجاب في الفتح بأن معنى العدل هنا التسوية، لا ضد الجور، فإذا كانتا حرتين أو آمتين فعليه التسوية بينهما وإن كانتا حرة وأمة فلا يعدل بينهما: أي لا يسوي بل يعدل بمعنى لا يجور، وهو أن يقسم للحرة ضعف الأمة فالايهام نشأ من اشتراك اللفظ ا ه. ولكن لما لم يفيد المصنف هنا بحرة ولا غيرها ناسب أن يفسر كلامه بعدم الجور: أي عدم الميل عن الواجب عليه من تسوية وضدها، فيشمل التسوية بين الحرتين أو الأمتين وعدمها بين الحرة والأمة وكذا في النفقة لعدم لزوم التسوية فيها مطلقة كما يأتي قوله: (بالتسوية في البيتوتة) الأولى حذف قوله: بالتسوية لأنها لا تجب بين الحرة والأمة كما علمت بل يجب عدمها. وقد يجاب بأن المراد التسوية إثباتا أو نفيا: أي يجب أن لا يجوز باثباتها بين الحرة والأمة وبنفيها بين الحرتين وبين الأمتين، ولم يذكر الإقامة في النهار لأنها تجب في الجملة بلا تقدير كما سيأتي. قوله: (وفي الملبوس والمأكول) أي والسكنى، ولو عبر بالنفقة لشمل الكل. ثم إن هذا معطوف على قوله فيه وضميره للقسم المراد به البيتوتة فقط بقرينة العطف، وقد علمت إن العدل في كلامه بمعنى عدم الجور لا بمعنى التسوية، فإنها لا تلزم في النفقة مطلقا. قال في البحر: قال في البدائع: يجب عليه التسوية بين الحرتين والأمتين في المأكول والمشروب والملبوس والسكنى والبيتوتة، وهكذا ذكر الولوالجي. والحق أنه على قول من اعتبر حال الرجل وحده في النفقة. وأما على القول المفتى به من اعتبار حالهما فلا، فإنه إحداهما قد تكون غنية والأخرى فقيرة، فلا يلزم التسوية بينهما مطلقا في النفقة ا ه. وبه ظهر أنه لا حاجة إلى ما ذكره المصنف في المنح من جعله ما في المتن مبنيا على
221 اعتبار حاله. قوله: (والصحبة) كان المناسب ذكره عقب قوله في: البيتوتة لان الصحبة: أي المعاشرة والمؤانسة ثمرة البيتوته. ففي الخانية: ومما يجب على الأزواج للنساء: العدل والتسوية بينهن فيما يملكه، والبيتوتة عندهما للصحبة، والمؤانسة فيما لا يملكه وهو الحب والجماع. قوله: (لا في المجامعة) لأنها تبتني على النشاط، ولا خلاف فيه. قال بعض أهل العلم: إن تركه لعدم الداعية والانتشار عذر، وإن تركه مع الداعية إليه لكن داعيته إلى الضرة أقوى فهو مما يدخل تحت قدرته. فتح. وكأنه مذهب الغير، ولذا لم يذكره في البحر والنهر. تأمل. قوله: بل يستحب) أي ما ذكر من المجامعة ح. أما المحبة فهي ميل القلب وهو لا يملك قال في الفتح: والمستحب أن يسوى بينهن في جميع الاستمتاعات من الوطئ والقبلة، وكذا بين الجواري وأمهات الأولاد ليحصنهن عن الاشتهاء للزنى والميل إلى الفاحشة، ولا يجب شئ لأنه تعالى قال: * (فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم) * (سورة النساء: الآية 3) فأفاد أن العدل بينهن ليس واجبا. قوله: ويسقط حقها بمرة) قال في الفتح: واعلم أن ترك جماعها مطلقا لا يحل له، صرح أصحابنا بأن جماعها أحيانا واجب ديانة، لكن لا يدخل تحت القضاء والالزام إلا الوطأة الأولى ولم يقدروا فيه مدة. ويجب أن لا يبلغ به مدة الايلاء إلا برضاها وطيب نفسها به ا ه. قال في النهر: في هذا الكلام تصريح بأن الجماع بعد المرة حقه لا حقها ا ه. قلت: فيه نظر، بل هو حقه وحقها أيضا، لما علمت من أنه واجب ديانة. قال في البحر: وحيث علم أن الوطئ لا يدخل تحت القسم فهل هو واجب للزوجة؟ وفي البدائع: لها أن تطالبه بالوطئ لان حله لها حقها، كما أن حلها له حقه، وإذا طالبته يجب عليه ويجبر عليه في الحكم مرة، والزيادة تجب ديانة لا في الحكم عند بعض أصحابنا، وعند بعضهم: عليه في الحكم اه. وبه علم أنه كان على الشارح أن يقول: ويسقط حقها بمرة في القضاء: أي لأنه لو لم يصبها مرة يؤجله القاضي سنة ثم يفسخ العقد. أما لو أصابها مرة واحدة لم يتعرض له، لأنه علم أنه غير عنين وقت العقد، بل يأمره بالزيادة أحيانا لوجوبها عليه إلا لعذر ومرض أو عنة عارضة أو نحو ذلك، وسيأتي في باب الظهار أن على القاضي إلزام المظاهر بالتكفير دفعا لضرر عنها بحبس أو ضرب إلى أن يكفر أو يطلق، وهذا ربما يؤيد القول المار بأنه تجب الزيادة عليه في الحكم، فتأمل. قوله: (ولا يبلغ مدة الايلاء) تقدم عن الفتح التعبير بقوله: ويجب أن لا يبلغ الخ. وظاهره أنه منقول، لكن ذكر قبله في مقدار الدور أنه لا ينبغي أن يطلق له مقدار مدة الايلاء وهو أربعة أشهر، فهذا بحث منه كما سيذكره الشارح، فالظاهر أن ما هنا مبني على هذا البحث. تأمل. ثم قوله: وهو أربعة أشهر يفيد أن المراد إيلاء الحرة، ويؤيد ذلك أن عمر رضي الله عنه لما سمع في الليل امرأة تقول:
222 فوالله لولا الله تخشى عواقبه * لزحزح من هذا السرير جوانبه فقالت: أربعة أشهر، فأمر أمراء الأجناد أن لا يتخلف المتزوج عن أهله أكثر منها، ولو لم يكن في هذه الزيادة مضارة بها لما شرع الله تعالى الفراق بالايلاء فيها. قوله: (ويؤمر المتعبد الخ) في الفتح: فأما إذا لم يكن له إلا امرأة واحدة فتشاغل عنها بالعبادة أو السراري اختار الطحاوي رواية الحسن عن أبي حنيفة أن لها يوما وليلة من كل أربع ليال وباقيها له، لان له أن يسقط حقها في الثلاث بتزوج ثلاث حرائر، وإن كانت الزوجة أمة فلها يوم وليلة في كل سبع. وظاهر المذهب أن لا يتعين مقدار، لان القسم معنى نسبي، وإيجابه طلب إيجاده وهو يتوقف على وجود المنتسبين فلا يطلب قبل تصوره، بل يؤمر أن يبيت معها ويصحبها أحيانا من غير توقيت اه. ونقل في النهر عن البدائع أن ما رواه الحسن هو قول الإمام أولا، ثم رجع عنه وأنه ليس بشئ. قوله: (وسبع لامة) لان له أن يتزوج عليها ثلاث حرائر فيقسم لهن ستة أيام ولها يوم. قوله: (نهر بحثا) حيث قال: ومقتضى النظر أنه لا يجوز له أن يزيد على قدر طاقتها، أما تعيين المقدار فلم أقف عليه لائمتنا، نعم في كتب المالكية خلاف: فقيل يقضي عليهما بأربع في الليل وأربع في النهار، وقيل بأربع فيهما. وعن أنس بن مالك: عشر مرات فيهما. وفي دقائق ابن فرحون بأثني عشر مرة. وعندي أن الرأي فيه للقاضي، فيقضي بما يغلب على ظنه أنها تطيقه اه. قال الحموي عقبه: وأقول: ينبغي أن يسألها القاضي عما تطيق، ويكون القول لها بيمينها لأنه لا يعلم إلا منها، وهذا طبق القواعد، وأما كونه منوطا بظن القاضي فهو إن لم يكن صحيحا فبعيد. هذا، وقد صرح ابن مجد أن في تأسيس النظائر وغيره أنه إذا لم يوجد نص في حكم من كتب أصحابنا يرجع إلى مذهب مالك. وأقول: لم أر حكم ما لو تضررت من عظم آلته بغلظ أو طول وهي واقعة الفتوى اه. أقول: ما نقله عن ابن مجد غير مشهور، ولم أر من ذكره غيره، نعم ذكر في الدرر المنتقى في باب الرجعة عن القهستاني عن ديباجة المصفى أن بعض أصحابنا مال إلى أقواله ضرورة. هذا، وقد صرحوا عندنا بأن الزوجة إذا كانت صغيرة لا تطيق الوطئ لا تسلم إلى الزوج حتى تطيقه. والصحيح أنه غير مقدر بالسن، بل يفوض إلى القاضي بالنظر إليها من سمن أو هزال. وقدمنا عن التاترخانية أن البالغة إذا كانت لا تحتمل لا يؤمر بدفعها إلى الزوج أيضا، فقوله: لا تحتمل يشمل ما لو كان لضعفها أو هزالها أو لكبر آلته. وفي الأشباه من أحكام غيبوبة الحشفة فيما يحرم على الزوج وطئ زوجته مع بقاء النكاح، قال: وفيما إذا كانت لا تحتمله لصغر أو مرض أو سمنة اه. وربما يفهم من سمنه عظم آلته. وحرر الشرنبلالي في شرحه على الوهبانية أنه لو جامع زوجته فماتت أو صارت مفضاة، فإن كانت صغير أو مكرهة أو لا تطيق تلزمه الدية اتفاقا. فعلم من هذا كله أنه لا يحل له وطؤها بما يؤدي إلى إضرارها، فيقتصر على ما تطيق منه عددا
223 بنظر القاضي أو إخبار النساء، وإن لم يعلم بذلك فبقولها، وكذا في غلظ الآلة، ويؤمر في طولها بإدخال قدر ما تطيقه منها أو بقدر آلة رجل معتدل الخلقة، والله تعالى أعلم. قوله: (بلا فرق الخ) لأنه حيث علم أن وجوب القسم إنما للصحبة والمؤانسة دون المجامعة، فلا فرق بين زوج وزوج. بحر. قوله: (ومريض) قال في البحر: ولم أر كيفية قسمه في مرضه، حيث كان لا يقدر على التحول إلى بيت الأخرى، والظاهر أن المراد أنه إذا صح ذهب عند الأخرى بقدر ما أقام عند الأولى مريضا اه. ولا يخفى أنه إذا كان الاختيار في مقدار الدور إليه حال صحته ففي مرضه أولى، فإذا مكث عند الأولى مدة أقام عند الثانية بقدرها. نهر. قلت: وهذا إذا أراد أن يجعل مدة إقامته دورا حتى لا ينافي ما يأتي من أنه لو أقام عند إحداهما شهرا هدر ما مضى. قوله: (وصبي دخل بامرأته) الذي في البحر وغيره بامرأتيه بالتثنية. قال في البحر: لان وجوبه لحق النساء، وحقوق البعاد تتوجه على الصبيان عند تقرر السبب. وفي الفتح: وقال مالك: ويدور ولي الصبي به على نسائه، وظاهره أنه لم يطلع على شئ عندنا، وينبغي أن يأثم الولي إذا لم يأمره بذلك ولم يدر به اه. قال الخير الرملي: وقيد في الخانية الصبي بالمراهق فلا قسم على غيره، وليس بقيد بل المميز الممكن وطؤه كذلك اه. قوله: (وبالغ لم يدخل) ومثله ما لو دخل بالأولى ح. قوله: (بحر بحثا) راجع إلى قوله: بالغ لم يدخل قال في البحر: وفي المحيط وإن لم يدخل الصغير بها فلا فائدة في كونه معها اه. وظاهره أن القسم على البالغ لغير المدخول بها، لان في كونه معها فائدة، ولذا إنما قيدوا بالدخول في امرأة الصبي اه. قلت: يظهر لي أن دخول الصبي غير قيد، وإنما المراد به الذي بلغ سن الدخول وحصول الصحبة والاستئناس به، ولذا لم يقيد في الخانية بالدخول، بل قال: والمراهق والبالغ في القسم سواء، فقوله في المحيط: وإن لم يدخل: أي لم يبلغ هذا السن، بقرينة قوله فلا فائدة في كونه معها، إذ لا شك أن لها فائدة في كون المراهق معها من الاستئناس به والعشرة معه زيادة على ما إذا كانت وحدها. وحينئذ فلا فرق بين المراهق والبالغ في وجوب القسم كما هو صريح عبارة الخانية، وهو شامل لما بعد الدخول وقبله، لان سبب وجوبه عقد النكاح كما في البدائع، فإذا وجب عليه نفقتها قبل الدخول وجب عليه القسم في البيتوتة معها ما لم ترض بالإقامة في بيت أهلها لاصلاح شأنها، وإلا فهو ظالم لها. قوله: (ومجنونة لا تخاف) بضم التاء: أي لا يخاف منها الزوج، بأن كانت لا تضرب ولا تؤذي، لأنها حينئذ تجب عليه نفقتها وسكناها، وإلا فهي في حكم الناشزة. قوله: (يمكن وطؤها) عبر عنها في الخانية وغيرها بالمراهقة. قال الخير الرملي في حاشية المنح: بخلاف ما لا يمكن وطؤها فإنه لا حق لها، فاعلم ذلك ولا تغتر بما في كثير من نسخ المنح: لا يمكن وطؤها، فإنه خطأ اه. قوله: (ومحرمة) أي بحج أو عمرة أو بهما. قوله: (ومظاهر) بفتح الهاء، وقوله: ومولى بضم الميم وسكون الواو وفتح اللام منونة من الايلاء، وقوله: منها تنازعه كل
224 من مظاهر ومولى ح. قوله: (ومقابلاتهن) أي مقابل ما ذكر من قوله: وحائض الخ ط. قوله: (رجعية) منصوب على أنه صفة لمفعول مطلق محذوف: أي وكذا مطلقة طلقة رجعية ح. تنبيه: قال في النهر: ولم أر حكم المنكوحة إذا وطئت بشبهة وهي في العدة، والمحبوسة بدين لا قدرة لها على وفائه والناشزة، والمسطور في كتب الشافعية أنه لا قسم لها في الكل. وعندي أنه يجب للموطوءة بشبهة أخذا من قولهم: إنه لمجرد الإيناس ودفع الوحشة، وفي المحبوسة تردد. وأما الناشزة فلا ينبغي التردد في سقوطه لها، لأنها بخروجها رضيت بإسقاط حقها اه. واعترضه الحموي بأن الموطوءة بشبهة لا نفقة لها عليه في هذه العدة، ومعلوم أن القسم عبارة عن التسوية في البيتوتة والنفقة والسكنى اه. زاد بعض الفضلاء أنه يخاف من القسم لها الوقوع في الحرام، لأنها معتدة للغير، ويحرم عليه مسها وتقبيلها فلا يجب لها، وكذا المحبوسة لان في وجوبه عليه ضررا به بدخوله الحبس. قوله: (ولو أقام عند واحدة شهرا) أي قبل الخصومة أو بعدها. خانية. قوله: (في غير سفر) أما إذا سافر بإحداهما ليس للأخرى أن تطلب منه أن يسكن عندها مثل التي سافر بها. ط عن الهندية. قوله: (وهدر ما مضى) فليس لها أن تطلب أن يقيم عندها مثل ذلك. ط عن الهندية. والذي يقتضيه النظر أن يؤمر بالقضاء إذا طلبت لأنه حق آدمي وله قدرة على إيفائه. فتح. وأجاب في النهر بما ذكره الشارح من التعليل. قال الرحمتي: ولأنه لا يزيد على النفقة وهي تسقط بالمضي. قوله: (لان القسمة تكون بعد الطلب) علة لقوله: هدر ما مضى وقدمنا عن البدائع أن سبب وجوب القسم عقد النكاح ولهذا بأثم بتركه قبل الطلب، وهذا يؤيد بحث الفتح. وقد يجاب بأن المعنى أن الاجبار على القسمة من القاضي يكون بعد الطلب، وإلا لزم أنها لو طالبته بها ثم جار يلزمه القضاء، وهو مخالف لما قدمناه عن الخانية من قوله قبل الخصومة أو بعدها، وكذا تعليل المسألة في البزازية وغيرها بأن القسم لا يصير دينا في الذمة فإنه يشمل ما بعد الطلب. قوله: (بعد نهي القاضي) أفاد أنه لا يعزر بالمرة الأولى، وبه صرح في البحر ط. قوله: (عزر بغير حبس) بل يوجعه عقوبة ويأمره بالعدل، لأنه أساء الأدب وارتكب ما هو محرم عليه وهو الجور. معراج. وهذا مستثنى من قولهم: إن للقاضي الخيار في التعزير بين الضرب والحبس. بحر. قلت: ومثله ما لو امتنع من الانفاق على قريبه. قوله: (لتفويته الحق) الضمير للحبس. ويؤيده قول الجوهرة لأنه لا يستدرك الحق فيه بالحبس لأنه يفوت بمضي الزمان اه: أي لما مر أن القسم للصحبة والمؤانسة، ولا شك أنه في مدة الحبس يفوتها ذلك، وكذا عللوا لعدم الحبس بالامتناع من الانفاق على قريبه، فافهم. قوله: (فحينئذ يقضي القاضي بقدره) أي للتي خاصمت، ومفهومه أنه لو لم يقل ذلك يسقط ما مضى مع أن هذا بعد المخاصمة والطلب، لما علمت من أن القسم لا
225 يصير دينا، وأطلق القدر مع أن فيه كلاما يأتي. قوله: (والبكر الخ) نص على الأوليين لان فيهما خلاف الأئمة الثلاثة، وعلى الأخيرة لدفع ما يتوهم من عدم مساواة الكتابية للمسلمة بسبب ارتفاعها عليها بالاسلام. أفاده في النهر. ولعله لم يقتصر على قوله: والجديدة والقديمة ليشمل لو كانت البكر والثيب جديدتين بأن تزوجهما معا. تأمل. قوله: (لاطلاق الآية) أي قوله تعالى: * (ولن تستطيعوا أن تعدلوا) * (سورة النساء: الآية 4) أي في المحبة * (فلا تميلوا) * في القسم، قاله ابن عباس، وقوله تعالى: * (وعاشروهن بالمعروف) * (سورة النساء: الآية 91) وغايته القسم، وقوله تعالى: * (فإن خفتم ألا تعدلوا) * (سورة النساء: الآية 3) ولاطلاق أحاديث النهي، ولان القسم من حقوق النكاح، ولا تفاوت بينهما في ذلك. وأما ما روي من نحو للبكر سبع وللثيب ثلاث فيحتمل أن المراد التفضيل في البداءة دون الزيادة، فوجب تقديم الدليل القطعي كما في البحر. وفي شرح درر البحار أن الحديث لا يدل على نفي التسوية، بل على اختيار الدور بالسبع والثلاث جمعا بينه وبين ما روينا، قوله: (وللأمة الخ) أي إذا كان له زوجتان: أمة وحرة، فللأمة النصف، وهذا إذا بوأها السيد منزلا، ولم أر من ذكره وكأنه لظهوره. قوله: (أما النفقة) هي الأكل والشرب واللبس والمسكن. قوله: (فبحالهما) أي إن كان كل من الزوج والزوجة غنيين فالواجب نفقة الأغنياء، أو فقيرين فنفقة الفقراء، أو مختلفين فالوسط، وهذا هو المفتى به كما مر، وقدمنا أن كلام المصنف والشارح محمول عليه، فافهم. قوله: (ولا قسم في السفر الخ) لأنه لا يتيسر إلا بحملهن معه، وفي إلزامه ذلك من الضرر ما لا يخفى. نهر. ولأنه قد يثق بإحداهما في السفر وبالأخرى في الحضر، والقرار في المنزل لحفظ الأمتعة أو لخوف الفتنة أو يمنع من سفر إحداهما كثرة سمنها فتعين من يخاف صحبتها في السفر للسفر لخروج قرعتها إلزام للضرر الشديد، وهو مندفع بالنافي للحرج. فتح. وانظر ما لو سافر بهن هل يقسم. قوله: (والقرعة أحب) وقال الشافعي مستحقة، لما رواه الجماعة من أنه (ص) كان إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه، فمن خرج سهمها خرج بها معه قلنا: كان استحبابا لتطييب قلوبهن، لان مطلق الفعل لا يقتضي الوجوب، مع أنه (ص) لم يكن القسم واجبا عليه، وتمامه في الفتح والبحر. وهذا مع قوله قبله: فتعيين من يخاف صحبتها الخ صريح في أن من خرجت قرعتها لا يلزمه السفر بها. قوله: (صح) شمل ما لو كان بشرط رشوة منه أو منها وإن بطل الشرط كما أوضحه في الفتح، خلافا لما بحثه الباقاني، لأنه اعتياض عن حق لم يجب، ولذا لم يسقط حقها. ولا يقال: إنه مثل أخذ العوض في النزول عن الوظائف، لان من أجازه بناه على العرف ولا عرف هنا، فتدبر. نعم ذكر بعض الشافعية أنه يستنبط من هذه المسألة ومن خلع الأجنبي عن مال جواز النزول عن الوظائف بالدراهم، وأنه أفتى به شيخ الاسلام زكريا من الشافعية، والشيخ نور الدين الدميري من المالكية، والشيشي من الحنابلة
226 قلت: واضطرب فيه رأي المتأخرين من الحنفية، وأفتى الخير الرملي بعدمه، وسيأتي تمام الكلام عليه إن شاء الله تعالى في الوقف. قوله: (لأنه) أي حقها، وهو القسم ما وجب: أي لم يجب بعد، فما سقط أي فلم يسقط بأسقاطها ح. قوله: (وفي البحر بحثا نعم) حيث قال: ولعل المشايخ إنما لم يعتبروا هذا التفصيل، لأن هذه الهبة إنما هي إسقاط عنه، فكان الحق له سواء وهبت له أو لصاحبتها، فله أن يجعل حصة الواهبة لمن شاء ح. قوله: (ونازعه في النهر) حيث قال: أقول كون الحق له فيما إذا وهبت لصاحبتها ممنوع. ففي البدائع في توجيه المسألة بأنه حق يثبت لها، فلها أن تستوفي ولها أن تترك اه. ح. أقول: وقد نقل المحقق ابن الهمام ما ذكره الشافعية وأقره، غير أنه قال: وفرعوا إذا كانت ليلة الواهبة تلي ليلة الموهوبة قسم لها ليلتين متواليتين، وإن كانت لا تليها فهل له نقلها فيوالي لها ليلتين؟ على قولين للشافعية والحنابلة، والأظهر عندي أن ليس له ذلك إلا برضا التي تليها في النوبة، لأنها قد تتضرر بذلك اه. فما استظهره المحقق يقتضي ترجيح ما في النهر بالأولى. قوله: (لكن الخ) قال في الفتح: لا نعلم خلافا في أن العدل الواجب في البيتوتة والتأنيس في اليوم والليلة، وليس المراد أن يضبط زمان النهار، فبقدر ما عاشر فيه إحداهما يعاشر الأخرى، بل ذلك في البيتوتة، وأما النهار ففي الجملة اه: يعني لو مكث عند واحدة أكثر النهار كفاه أن يمكث عند الثانية ولو أقل منه، بخلافه في الليل. نهر. قوله: (ولا يجامعها في غير نوبتها) أي ولو نهارا ط. قوله: (يعني إذا لم يكن الخ) هذا التقييد لصاحب النهر بحثا وهو ظاهر، وأطلقه في الشرنبلالية ط. قوله: (ولو مرض هو في بيته) هذا إذا كان له بيت ليس فيه واحدة منهن وإلا فإن لم يقدر على التحول إلى البيت الأخرى يقيم بعد الصحة عند الأخرى بقدر ما أقام عند الأولى مريضا كما قدمناه عن البحر. قوله: (ولا يقيم عن إحداهما أكثر الخ) لم يبين ما لو أقام أكثر من ثلاثة أيام، هل يهدر الزائد أو يقيم عند الأخرى بقدر ما أقام عند الأولى ثم يقسم بينهما ثلاثة وثلاثة أو يوما ويوما؟ والظاهر الثاني، لان هدر ما مضى فيما إذا أقام عند إحداهما لا على سبيل القسم كما تقدم، وهنا في الإقامة على سبيل القسم فلا يهدر شئ، ويؤيده ما في الخانية من أنه لو أقام عند الجديدة ثلاثة أيام أو سبعة أيام يقيم عند الأولى كذلك اه. لكن ظاهره أن له أن يجعل الدور مستمرا ثلاثة أو سبعة، وهذا مخالف لما ذكره المصنف، ويؤيده ما قدمناه عن شرح درر البحار في التوفيق بين الأدلة: أن الحديث يدل على اختيار الدور بالسبع أو الثلاث. تأمل. وعن هذا نقل القهستاني عن الخانية
227 والسراجية وغيرهما أن له أن يقيم عند امرأته ثلاثة أو سبعة وعند أخرى كذلك اه. والذي في الخانيه هو ما ذكرناه. وفي كافي الحاكم الشهيد: يكون عند كل واحدة منهما يوما وليلة، وان شاء أن يجعل لكل واحدة منهما ثلاثة أيام فعل. وروي عن الأشعث عن الحكم عن رسول الله (ص) أنه قال لام سلمة حين دخل بها إن شئت سبعة لك، وسبعة لهن (1) اه. ومقتضى روايته الحديث أن له التسبيع، بل في غاية البيان إن شاء ثلث لكل واحدة، وإن شاء سبع إلى غير ذلك. قوله: (زاد في الخانية) يوهم أن عبارة الخانية صريحة في الحصر كعبارة الخلاصة، وليس كذلك، فإن الذي فيها عليه أن يسوي بينهما فيكون عند كل واحدة منهما يوما وليلة أو ثلاثة أيام ولياليها، والرأي في البداية إليه اه. فالظاهر أن هذا بيان للأفضل لا لنفي الزيادة بقرينة عبارته المارة. تأمل. قوله: (وقيده في الفتح) أي قيد كلام الهداية المذكور، حيث قال: اعلم أن هذا الاطلاق لا يمكن اعتباره على صراحته، لأنه لو أراد أن يدور سنة سنة ما يظن إطلاق ذلك، بل ينبغي أن يطلب له مقدار مدة الايلاء وهو أربعة أشهر، وإذا كان وجوبه للتأنس ورفع الوحشة وجب أن تعتبر المدة القريبة، وأظن أن أكثر من جمعة مضارة إلا أن يرضيا اه. فقوله: وأظن الخ إضراب إبطالي عن مدة الايلاء، فيناسب أن تكون أو في قول الشارح أو جمعة بمعنى بل كما في قول الشاعر: كانوا ثمانين أو زادوا ثمانية ح. قوله: (وعممه في البحر) حيث قال: والظاهر الاطلاق، لأنه لا مضارة حيث كان على وجه القسم لأنها مطمئنة بمجئ نوبتها. قوله: (ونظر فيه في النهر) حيث قال: في نفي المضارة مطلقا نظر لا يخفى اه. قلت: وأيضا فإن الاطمئنان بمجئ النوبة منتف مع طول المدة كسنة مثلا لاحتمال موته أو موتها مع ما فيه من تفويت المعنى الذي شرع القسم لأجله وهو الاستئناس. قوله: (وظاهر بحثهما) أي صاحب الفتح والبحر كما في المنح ح. قوله: (من التقييد بالثلاثة أيام) قد علمت ما ينافي هذا التقييد. قوله: (وهو حسن) كذا قاله في النهر. قوله: (في كل مباح) ظاهره أنه عند الامر به منه يكون واجبا عليها كأمر السلطان الرعية به ط. قوله: (ومن أكل ما يتأذى به) أي برائحته كثوم وبصل. ويؤخذ منه أنه لو تأذى من رائحة الدخان المشهور له منعها من شربه. قوله: (بل ومن الحناء) ذكره في الفتح بحثا أخذا مما قبله. قوله: (وتمامه فيما علقته على الملتقى) وعبارته عن
(1) قوله: (سبعة لك وسبعة لهن) كذا بالنسخة المقابلة على خط المؤلف بالتاء المربوطة، والذي في سائر روايات مسلم " سبعت " في الموضعين بالتاء المجرورة ا ه مصححه. 228 الخانية معزيا للمنتقى: لو كان له امرأة وسراري أمر بيوم وليلة من أربع عندها، وفي البواقي عند من شاء منهن، وكذا لو كان له ثلاثة نسوة أمر بيوم وليلة عند كل منهن، ويقيم في يوم وليلة عند من شاء من السراري، ولو له أربعة أقام عند كل يوما وليلة ولم يكن عند السراري إلا وقفة المار. ويكره للرجل أن يطأ امرأته وعندها صبي يعقل أو أعمى أو ضرتها أو أمتها أو أمته اه. ثم قال: ولا يجمع بين الضرائر إلا بالرضا، ولو قالت لا أسكن مع أمتك ليس لها ذلك، ولو أقام عند الأمة يوما، فعتقت يقيم عند الحرة يوما، وكذلك العكس اه: أي لو أقام عند الحرة يوما فعتقت زوجته الأمة يتحول إلى المعتقة، ولا يكمل للحرة يومين تنزيلا للحرية انتهاء منزلتها ابتداء كما في المعراج. أقول: وما نقله أولا عن المنتقى مبني على رواية الحسن المرجوع عنها كما تقدم من أن للحرة يوما وليلة من كل أربع، هكذا خطر لي. ثم رأيت الشرنبلالي صرح به في رسالته (تجدد المسرات بالقسم بين الزوجات،) وقال: ولم أر من نبه على ذلك. ومبنى الرسالة على سؤال في رجل له زوجتان وجوار: يقسم للزوجين ثم يبيت عند جواريه ما شاء ثم يرجع إلى زوجتيه ويقسم لهما. أجاب بالجواز أخذا من قول ابن الهمام: اللازم أنه إذا بات عند واحدة ليلة يبيت عند الأخرى كذلك، لا أنه يجب أن يبيت عند واحدة منهما دائما، فإنه لو ترك المبيت عند الكل بعض الليالي وانفرد لم يمنع من ذلك اه: يعني بعد تمام دورهن، وسواء انفرد بنفسه أو كان مع جواريه اه. فافهم، والله سبحانه أعلم. باب الرضاع لما كان من المقصود من النكاح الولد وهو يعيش غالبا في ابتداء إنشائه إلا بالرضاع وكان له أحكام تتعلق به وهي من آثار النكاح المتأخرة عنه بمدة وجب تأخيره إلى آخر أحكامه، ثم قيل: كتاب الرضا ليس من تصنيف محمد، إنما عمله بعض أصحابه ونسبه إليه ليروجه، ولذا لم يذكره الحاكم أبو الفضل في مختصره المسمى بالكافي مع التزامه إيراد كلام محمد في جميع كتبه محذوفة التعاليل وعامتهم على أنه من أوائل مصنفاته، وإنما لم يذكره الحاكم اكتفاء بما أورده من ذلك في كتاب النكاح. فتح، قوله: (بفتح وكسر) وليذكروا الضم مع جوازه لأنه بمعنى أن ترضع معه آخر كما في القاموس. وفيه أن فعله جاء من باب علم في لغة تهامة: وهي ما فوق نجد، ومن باب ضرب في لغة نجد، وجاء من باب كرم. نهر. زاد في المصباح لغة أخرى من باب فتح مصدره رضاعا ورضاعة بالفتح. قوله: (مص الثدي) قال في المصباح: الثدي للمرأة، و يقال في الرجل أيضا: قال ابن السكيت: يذكر ويؤنث اه. وهذا التعريف قاصر لأنه في اللغة يعم المص ولو من بهيمة، فالأولى ما في القاموس: هو لغة شرب اللبن من الضرع والثدي ط. قوله: (آدمية) خرج بها الرجل والبهيمة. بحر. قوله: (أو آيسة) ذكره في النهر أخذا من إطلاقهم قال: وهو حادثة الفتوى. قوله: (وألحق بالمص الخ) تعريض بالرد على صاحب البحر حيث قال: التعريف منقوض طردا، إذ قد يوجد المص ولا رضاع إن لم يصل إلى الجوف وعكسا، إذ قد يوجد الرضاع ولا مص كما في
229 الوجور والسعوط. ثم أجاب بأن المراد بالمص الوصول إلى الجوف من المنفذين، وخصه لأنه سبب للوصول فأطلق السبب وأراد المسبب. واعترضه في النهر بأن المص يستلزم الوصول إلى الجوف لما في القاموس: مصصته شربته شربا رقيقا، وجعل الوجور والسعوط ملحقين بالمص. وفي المصباح: الوجور بفتح الواو الدواء يصب في الحلق، وأوجرت المريض إيجارا فعلت به ذلك، ووجرته أجره من باب وعد لغة. والسعوط: كرسول دواء يصب في الانف، والسعوط كقعود مصدر، وأسعطته الدواء يتعدى إلى مفعولين. قوله: (في وقت مخصوص) قد يقال: إنه لا حاجة إليه للاستغناء عنه بالرضيع، وذلك أنه بعد المدة لا يسمى رضيعا، نص عليه في العناية. نهر. وفيه نظر. والذي في العناية أن الكبير لا يسمى رضيعا، ذكره ردا على من سوى في التحريم بين الكبير والصغير. قوله: (عن العون) كذا في عامة النسخ، وفي بعضها عن العيون بالياء بين العين والواو، وهو اسم كتاب أيضا، وهو الذي رأيته في النهر، وفي تصحيح القدوري أيضا، فافهم. قوله: (لكن الخ) استدراك على قوله: وبه يفتي وحاصله أنهما قولان، أفتى بكل منهما ط. قوله: (أي مدة كل منهما ثلاثون) تقدير المضاف ليس لصحة الحمل، لان الاخبار بالزمان عن المعنى صحيح بلا تقدير فافهم، ل لبيان حاصل المعنى. قال في الفتح: ووجهه أنه سبحانه ذكر شيئين وضرب لهما مدة، فكانت لكل واحدة منهما بكمالها كالأجل المضروب لدينين على شخصين، بأن قال: أجلت الدين الذي على فلان والدين الذي على فلان سنة، يفهم منه أن السنة بكمالها لكل. قوله: (غير أن النقص) أي عن الثلاثين في الأول: يعني في مدة الحمل أي أكثر مدته قام: أي تحقق وثبت. قوله: (لا يبقى الولد الخ) الذي في الفتح: الولد لا يبقى في بطن أمه أكثر من سنتين ولو بقدر فلكة مغزل، وفي رواية: ولو بقدر ظل مغزل، وسنخرجه في موضعه اه. وفلكة المغزل كتمرة معروفة. مصباح، وهو على تقدير مضاف، وقد جاء صريحا في شرح الارشاد: ولو بدور فلكة مغزل، والغرض تقليل المدة. مغرب. قوله: (ومثله لا يعرف إلا سماعا) لان المقدرات لا يهتدي العقل إليها. فتح: أي فهو من حكم المرفوع المسموع من النبي (ص). قوله: (والآية مؤولة) أي قابلة للتأويل بمعنى آخر، فلم تكن قطعية الدلالة على المعنى الأول فجاز تخصيصها بخبر الواحد. قوله: (لتوزيعهم) أي العلماء كالصاحبين وغيرهما الاجل: أي ثلاثون شهرا على الأقل: أي أقل مدة الحمل وهو ستة أشهر، والأكثر: أي أكثر مدة الرضاع وهو سنتان، فالثلاثون بيان لمجموع المدتين لا لكل واحدة. قوله: (على أن الخ) ترق في الجواب. وفيه إشارة إلى ما أورده في الفتح على دليل الامام المار من أنه يستلزم كون لفظ ثلاثين مستعملا في إطلاق واحد في مدلول ثلاثين وفي أربعة وعشرين، وهو الجمع بين الحقيقة
230 والمجاز بلفظ واحد، ومن أن أسماء العدد لا يتجوز بشئ منها في الآخر نص عليه كثير من المحققين، لأنها بمنزلة الاعلام على مسمياتها اه. وأجاب الرحمتي بأن حمله وفصاله مبتدآن، وثلاثون خبر عن أحدهما: أي الثاني وحذف خبر الآخر، فأحد الخبرين مستعمل في حقيقته والآخر في مجازه فلا جمع في لفظ واحد. وعن الثاني بأنه أطلق أشهر في قوله تعالى: * (الحج أشهر معلومات) * (سورة البقرة: الآية 791). على شهرين وبعض الثالث اه. قلت: وفيه أن الشهر ليس من أسماء العدد، فالمناسب الجواب بما قاله الجمهور من أن عشرة إلا اثنين أريد به ثمانية كما أشار إليه في الفتح، لكن هذا خاص بالاستثناء والكلام ليس فيه. قوله: (كما أفاده في رسم المفتي) المفيد لذلك الامام قاضيخان في فضل رسم المفتي من أول فتاواه بطريق الإشارة لا بصريح العبارة. قوله: (لكن الخ) استدراك على قوله: الواجب على المقلد الخ فإنه يفيد وجوب اتباعه سواء وافقه صاحباه أو خالفاه، وهو قول عبد الله بن المبارك. قوله: (قيل يخير المفتي) أي وقيل لا يخير مطلقا كما علمت، فهذا قول ثان. قال في السراجية: والأول أصح إن لم يكن المفتي مجتهدا، ومفاده اختيار القول الثاني: أي التخيير إن كان مجتهدا، ولا يخفى أن تخيير المجتهد إنما هو في النظر في الدليل، وهذا معنى قول الحاوي: والأصح أن العبرة لقوة الدليل، لان قوة الدليل لا تظهر لغير المجتهد في المذهب. تأمل. وتمام تحرير هذه المسألة في شرح أرجوزتي في رسم المفتي. قوله: (والأصح أن العبرة لقوة الدليل) قال في البحر: ولا يخفى قوة دليلهما، فإن قوله تعالى: * (والوالدات يرضعن) * (سورة البقرة: الآية 332) يدل على أنه لا رضاع بعد التمام وأما قوله تعالى: * (فإن أرادا فصالا عن تراض منهما) * (سورة البقرة: الآية 332) فإنما هو قبل الحولين بدليل تقييده بالتراضي والتشاور، وبعدهما لا يحتاج إليهما، وأما الاستدلال صاحب الهداية للامام بقوله تعالى: * (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) * (سورة الأحقاف: الآية 51) بناء على أن المدة لكل منهما كما مر، فقد رجع إلى الحق في باب ثبوت النسب من أن الثلاثين لهما للحمل ستة أشهر والعامان للفصال اه. قوله: (أما لزوم أجر الرضاع الخ) وكذا وجوب الارضاع على الام ديانة. نهر. عن المجتبى. قوله: (في المدة فقط) أما بعدها فإنه لا يوجب التحريم. بحر. قوله: (فما في الزيلعي) أي من قوله: وذكر الخصاف أنه إن فطم قبل مضي المدة واستغنى بالطعام لم يكن رضاعا، وإن لم يستغن تثبت به الحرمة، وهو رواية عن أبي حنيفة رحمه الله وعليه الفتوى. قوله: (لان الفتوى الخ) ولان الأكثرين على الأول كما في النهر. قوله: (ولم يبح الارضاع بعد مدته) اقتصر عليه الزيلعي، وهو الصحيح كما في شرح المنظومة. بحر. لكن في القهستاني عن المحيط: لو استغنى في حولين حل الارضاع بعدهما إلى نصف، ولا تأثم عند العامة خلافا لخلف بن أيوب اه. ونقل أيضا قبله عنه إجارة القاعدي أنه واجب إلى الاستغناء، ومستحب إلى حولين، وجائز إلى حولين ونصف اه.
231 قلت: قد يوثق بحمل المدة في كلام المصنف على حولين بقرينة أن الزيلعي ذكره بعدها، وحينئذ فلا يخالف قول العامة. تأمل. قوله: (وفي البحر) عبارته، وعلى هذا: أي الفرع المذكور لا يجوز الانتفاع به للتداوي. قال في الفتح: وأهل الطب يثبتون للبن البنت: أي الذي نزل بسبب بنت مرضعة نفعا لوجع العين، واختلف المشايخ فيه: قيل لا يجوز، وقيل يجوز إذا علم أنه يزول به الرمد. ولا يخفى أن حقيقة العلم متعذرة، فالمراد إذا غلب على الظن وإلا فهو معنى المنع اه. ولا يخفى أن التداوي بالمحرم لا يجوز في ظاهر المذهب. أصله بول ما يؤكل لحمه فإنه لا يشرب أصلا اه. قوله: (بالمحرم) أي المحرم استعماله طاهرا كان أو نجسا ح. قوله: (كما مر) أي قبيل فصل البئر حيث قال: فرع: اختلف في التداوي بالمحرم وظاهر المذهب المنع كما في إرضاع البحر، لكن نقل المصنف ثمة وهنا عن الحاوي: وقيل يرخص إذا علم فيه الشفاء ولم يعلم دواء آخر كما خص الخمر للعطشان، وعليه الفتوى اه ح. قلت: لفظ وعليه الفتوى رأيته في نسختين من المنح بعد القول الثاني كما ذكره الشارح كما علمته، وكذا رأيته في الحاوي القدسي، فعلم أن ما في نسخة ط تحريف، فافهم. قوله: (وللأب إجبار أمته الخ) لأنها لا حق لها في التربية في حال رقها، بل الحق له لأنها ملكه، وكذا الحكم في ولدها من غيره لأنه ملك له. رحمتي. قلت: والظاهر أن للمولى إجبارها أيضا، وإن شرط الزوج حرية الأولاد، لان الرضاع يهزلها ويشغلها عن خدمته. قوله: (على الارضاع) الاطلاق شامل لولده منها أو من غيرها، ولولد أجنبي بأجرة أو بدونها، لان له استخدامها بما أراد. قوله: (بنوعيه) أي الاجبار على الفطام وعلى الارضاع. قوله: (مع زوجته الحرة) أما زوجته الأمة فالحق لسيدها وإن شرط الزوج حرية الأولاد فيما يظهر كما ذكرناه آنفا، فافهم. قوله: (ولو قبلهما) أي قبل الحولين، وهذا التعميم المستفاد من زيادة لو صحيح بالنسبة إلى عدم الاجبار على الرضاع: أي ليس له إجبارها عليه في القضاء ما لم تتعين لذلك في المدة بأن لم يأخذ ثدي غيرها أو لم يكن للأب لا للصغير مال كما سيأتي في الحضانة والنفقة، أما بالنسبة إلى النوع الآخر وهو عدم الاجبار على الفطام فإنما يصح قبل الحولين، وأما بعدهما فالظاهر أنه يجبرها على الفطام، لما أن الارضاع بعدهما حرام على القول بأن مدته الحولان. تأمل ح بزيادة. قلت: وما استظهره مبني على ظاهر كلام المصنف السابق، وقدمنا الكلام فيه. قوله: (ولو بين الحربيين) قال في البحر وفي البزازية: والرضاع في دار الاسلام ودار الحرب سواء، حتى إذا رضع في دار الحرب وأسلموا وخرجوا إلى دارنا تثبت أحكام الرصاع فيما بينهم اه ح. قوله: (وإن قل) أشار به إلى نفي قول الشافعي وإحدى الروايتين عن أحمد أنه لا يثبت التحريم إلا بخمس
232 رضعات مشبعات، لحديث مسلم لا تحرم المصة والمصتان وقول عائشة رضي الله عنها: كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخ (1) بخمس رضعات معلومات يحرمن، فتوفي رسول الله (ص) وهي فيما يقرأ من القرآن رواه مسلم. والجواب أن التقدير منسوخ صرح بنسخه ابن عباس وابن مسعود. وروي عن ابن عمر أنه قيل له: إن ابن الزبير يقول لا بأس بالرضعة والرضعتين، فقال: قضاء الله خير من قضائه. قال تعالى: * (وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة) * (سورة النساء: الآية 32) فهذا إما أن يكون ردا للرواية بنسخها أو لعدم صحتها أو لعدم إجازته تقييد إطلاق الكتاب بخبر الواحد، وهذا معنى قوله في الهداية: إنه مردود بالكتاب أو منسوخ به. وأما ما روته عائشة فالمراد به نسخ الكل نسخا قريبا حتى أن من لم يبلغه كان يقرؤها، وإلا لزم ضياع بعض القرآن كما تقوله الروافض، وما قيل ليكره نسخ التلاوة مع بقاء الحكم فليس بشئ، لان ادعاء بقاء حكمه بعد نسخه يحتاج إلى دليل، وتمام ذلك مبسوط في الفتح والتبيين وغيرهما. تنبيه: نقل ط عن الخيرية أنه لو قضى شافعي بعدم الحرمة برضعة نفذ حكمه، وإذا رفع إلى حنفي أمضاه اه. فتأمل. قوله: (لا غير) يأتي محترزه في قول المصنف: والاحتقان والأقطار في أذن وجائفة وآمة. قوله: (فلو التقم الخ) تفريع على التقييد بقوله: إن علم. وفي القنية: امرأة كانت تعطي ثديها صبية واشتهر ذلك بينهم ثم تقول: لم يكن في ثديي لبن ألقمتها ثديي ولم يعلم ذلك إلا من جهتها، جاز لابنها أن يتزوج بهذه الصبية اه ط. وفي الفتح: لو أدخلت الحلمة في في الصبي وشكت في الارتضاع لا تثبت الحرمة بالشك، ثم قال: والواجب على النساء أن لا يرضعن كل صبي من غير ضرورة، وإذا أرضعن فليحفظن ذلك وليشهرنه ويكتبنه احتياطا اه. وفي البحر عن الخانية: يكره للمرأة أن ترضع صبيا بلا إذن زوجها إلا إذا خافت هلاكه. قوله: (ثم لم يدر) أي لم يدر من أرضعها منهم فلا بد أن تعلم المرضعة. قوله: (إن لم تظهر علامة) لم أر من فسرها، ويمكن أن تمثل بتردد المرأة ذات اللبن على المحل الذي فيه الصبية أو كونها ساكنة فيه فإنه أمارة قوية على الارضاع ط. قوله: (ولم يشهد بذلك) بالبناء للمجهول والجار والمجرور نائب الفاعل. قوله: (جاز) هذا من باب الرخصة كي لا ينسد باب النكاح، وهذه المسألة خارجة عن قاعدة: الأصل في الارضاع التحريم، ومثلها ما لو اختلطت الرضيعة بنساء يحصرن، وهذا بخلاف المسألة الأولى فإنه لا حاجة إلى إخراجها لان سبب الحرمة غير متحقق فيها، كذا أفاده في الأشباه. قوله: (أمومية) بالرفع فاعل يثبت قال القهستاني: والأمومة مصدر هو كون الشخص أما اه. قوله: (وأبوة زوج مرضعة لبنها منه) المراد به اللبن الذي
(1) قوله: (ثم نسخ الخ) الذي في صحيح مسلم " ثم نسخن بخمس معلومات فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن الخ، ا ه فراجعه ان شئت ا ه مصححه. 233 نزل منها بسبب ولادتها من رجل زوج أو سيد، فليس الزوج قيدا بل خرج مخرج الغالب. بحر. وأما إذا كان اللبن من زنى ففيه خلاف سيذكره الشارح، ويأتي الكلام فيه. قوله: له أي للرضيع وهو متعلق بالأبوة ح: أي لأنه مصدر معناه كونه أبا. ط. قوله: (كما سيجئ) أي في قوله: طلق ذات لبن ح. قوله: (أي بسببه) أشار إلى أن من بمعنى باء السببية ط. قوله: (ما يحرم من النسب) معناه أن الحرمة بسبب الرضاع معتبرة بحرمة النسب، فشمل زوجة الابن والأب من الرضاع لأنها حرام بسبب النسب فكذا بسبب الرضاع، وهو قول أكثر أهل العلم، كذا في المبسوط. بحر. وقد استشكل في الفتح الاستدلال على تحريمها بالحديث، لان حرمتها بسبب الصهرية لا النسب، ومحرمات النسب هي السبع المذكورة في آية التحريم، بل قيد الأصلاب فيها يخرج حليلة الأب والابن من الرضاع فيفيد حلها، وتمامه فيه. قوله: (رواه الشيخان) أشار به إلى أنه حديث، لكن فيه تغيير اقتضاه تركيب المتن وهو زيادة الفاء ووضع المضمر موضع الظاهر، وأصله يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب وتقدم أنه يجوز رواية الحديث بالمعنى للعارف، على أن المصنف لم يقصد رواية الحديث ط. قوله: (يفارق النسب الارضاع) بنصب النسب ورفع الارضاع ح. ولعله إنما نسبت إليه المفارقة وإن كان مفاعلة من الجانبين، لأنه الفرع والنسب هو الأصل المعتبر في التحريم، والمفارقة غالبا تكون من العارض ط. قوله: (وفي صور) أي سبع، وإنما كانت إحدى وعشرين باعتبار تعلق الرضاع بالمضاف أو المضاف إليه أو بهما كما سيأتي إيضاحه. ولا يخفى عليك أن المذكور في البيتين ست صور، فإن قوله: وأم أخ مكرر مع قوله: وأم أخت إذ كل واحدة من هذه المذكورات كذلك، فإن أخت البنت مثل أخت الابن وأم الخالة مثل أم الخال، وقس عليه ح. قوله: (كأم نافلة) أشار بالكاف إلى عدم الحصر في ذلك، لما قال في الفتح: إن المحرم في الرضاع وجود المعنى المحرم في النسب، فإذا انتفى في شئ من صور الرضاع انتفت الحرمة، فيستفاد أنه لا حصر فيما ذكر اه فافهم. والنافلة: الزيادة، تطلق على ولد الولد لزيادته على الولد الصلبي، وتقدم أن كل صورة من هذه السبع تتفرع إلى ثلاث صور، فولد ولدك إذا كان نسبيا وله أم من الرضاع تحل لك، بخلاف أمه من النسب لأنها حليلة ابنك، وإن كان رضاعيا بأن رضع من زوجة ابنك ولهذا الرضيع أم نسبية أرضاعية أخرى تحل لك. قوله: (أو جدة الولد) صادق بأن يكون الولد رضاعيا بأن رضع من زوجتك وله جدة نسبية أو جدة أم أم أخرى أرضعته، وبأن يكون نسبيا له جدة رضاعية، بخلاف النسبية فلا تحل لك لأنها أمك أو أم زوجتك. واحترز بجدة الولد عن أم الولد لأنها حلال من النسب وكذا من الرضاع. قوله: (وأم أخت) صادق بأن يكون كل منهما من الرضاع كأن يكون لك أخت من الرضاع لها أم أخرى من الرضاع أرضعتها وحدها، وبأن تكون الأخت فقط من الرضاع لها أم نسبية، وبأن تكون الام فقط من الرضاع كأن تكون لك أخت نسبية لها أم رضاعية، بخلاف النسبية لأنها إما أمك أو حليلة أبيك. قوله: (وأخت ابن) أي كل منهما رضاعي،
234 أو الأول رضاعي والثاني نسبي، أو العكس، بخلاف ما إذا كان كل منهما نسبيا، فلا تحل أخت الابن لأنها إما بنتك أو ربيبتك، ومن هنا يعلم ما إذا رضع ولدك من أم أمه فإن أمه لا تحرم عليك لكونها أخت ابنك رضاعا. أفاده الرملي ط. وأخت البنت كأخت الابن . وأورد أنه يتصور الحل في أخت ابنه وبنته نسبا بأن يدعي شريكان في أمة ولدها، فإذا كان لكل منهما بنت من غير الأمة حل لشريكه التزوج بها وهي أخت ولده نسبا من الأب. وألغز بها في شرح الوهبانية وأجاب عنها. شرنبلالية. قوله: (وأم أخ) الكلام فيه كالكلام في أم الأخت، وفيه ما مر عن ح. قوله: (وأم خال) فيه الصور الثلاث، أما إذا كانا نسبيين فلا تحل، لان أم خالك من النسب جدتك أو منكوحة جدك. قوله: (وعمة ابن) فيه الصور الثلاث أيضا بأن يكون كل منهما رضاعيا كأن رضع صبي من زوجتك ورضع أيضا من زوجة رجل آخر له أخت، فهذه الأخت عمة ابنك من الرضاع، أو الأول رضاعيا فقط بأن يكون ذلك الرضيع ابنك من النسب، أو الثاني فقط بأن يكون ابنك من الرضاع له عمة من النسب، بخلاف ما لو كان كل منهما من النسب فإن العمة لا تحل لك لأنها أختك. قوله: (استثناء منقطع الخ) جواب عن قول البيضاوي: إن استثناء أخت ابنه وأم أخيه من الرضاع من هذا الأصل ليس بصحيح فإنما حرمتهما في النسب بالمصاهرة دون النسب اه. فعدم الصحة مبني على جعل الاستثناء متصلا. وفيه جواب أيضا عن قوله في الغاية: إن هذا تخصيص للحديث بدليل عقلي. وبيان الجواب ما قاله الزيلعي: إن هذا سهو، فإن الحديث يوجب عموم الحرمة لأجل الرضاع حيث وجدت الحرمة لأجل النسب وحرمة أم أخيه من النسب، لا لأجل أنها أم أخيه بل لكونها أمه أو موطوءة أبيه، ألا ترى أنها تحرم عليه وإن لم يكن له أخ؟ وكذا أخت ابنه من النسب إنما حرمت عليه لأجل أنها بنته أو بنت امرأته بدليل حرمتها وأن لم يكن له ابن، وهذا المعنى يوجب الحرمة في الرضاع أيضا حتى لا يجوز له أن يتزوج بأمه ولا موطوءة أبيه ولا بنت امرأته، كل ذلك من الرضاع، فبطل دعوى التخصيص اه. وحاصله يرجع إلى أن الاستثناء منقطع كما قال الشارح لعدم تناول الحديث له. هذا، وقد اعترض ح قول الشارح تبعا للبيضاوي: إن حرمة من ذكر بالمصاهرة بأن فيه نظرا من وجهين: الأول: أن المصاهرة لا تتصور في عمة ولده لأنها أخته الشقيقة أو لأب أو لام، وكذا في بنت عمة ولده لأنها بنت أخته الشقيقة أو لأب أو لام. الثاني: أن المصاهرة في الصور السبعة الباقية إنما تتصور على تقدير واحد فقط. وعلى التقدير الآخر أو التقديرين الآخرين، فالحرمة بالنسب لا بالمصاهرة. بيان ذلك أن أم أخيك إنما تكون حرمتها بالمصاهرة إذا كان الأخ أخا لأب، فإن أمه حينئذ امرأة أبيك، بخلا ف الأخ الشقيق أو لام فإن حرمة أمه بالنسب لأنها أمك، وحرمة أخت ابنك النسبي إنما تكون بالمصاهرة إن كان أخت الابن لامه لأنها ربيبتك، بخلافها شقيقة أو لأب فإنها بنتك، وحرمة جدة ابنك إنما تكون بالمصاهرة إذا كانت أم أمه لأنها أم امرأتك، بخلافها أم أبيه لأنها أمك، وحرمة أم عمك إنما تكون بالمصاهرة لو العم لأب، بخلافه لو شقيقا أو لام لأنها جدتك، ومثل أم
235 العم أم الخال، وحرمة بنت ولدك إنما تكون بالمصاهرة لو كانت الأخت لام لأنها تكون بنت ربيبتك، بخلافها شقيقة أو لأب لأنها بنت بنتك، وحرمة أم ولد ولدك إنما تكون بالمصاهرة إذا كانت أم ابن ابنك لأنها حليلة ابنك، بخلاف أم بنت بنتك فإنها بنتك، فقد ظهر أن التعليل بهذا غير صحيح، بل التعليل الصحيح ما ذكره بقوله: فإن حرمة أم أخته الخ كما سنبينه اه. أقول: والجواب عن الأول أن قول الشارح: إن حرمة من ذكر بالمصاهرة المراد بمن ذكر هو أم أخيه وأخته، لأنه هو الذي سبق ذكره دون بقية الصور الآتية، ولأنه ذكر بعده تعليلا آخر شاملا للجميع وهو قوله: فإن حرمة أم أخته وأخيه الخ مع قوله: وقس عليه أخت ابنه الخ كما سنوضحه. وعن الثاني: أعني قوله: إن المصاهرة إنما تتصور على تقدير واحد فقط بأن المراد هو ذلك التقدير. وبيان ذلك أن الحديث دل على أن كل ما يحرم من النسب يحرم نظيره من الرضاع، فيقال: تحرم الام نسبا فكذا تحرم الام رضاعا،. وتحرم البنت نسبا فكذا تحرم البنت رضاعا، وهكذا إلى آخر المحرمات النسبية، فأم أخيك الشقيق أو لام إنما تحرم لكونها أمك لا لكونها أم أخيك، ولذا تحرم عليك ولو لم يكن لك أخ منها، فلا يحسن أن يقال: تحرم أم الأخ الشقيق أو لام لأنه يتكرر مع قولهم تحرم الام، فعلم أن المراد أم الأخ لأب فقط، ولما ورد عليه أن أم الأخ لأب إنما حرمت بالمصاهرة، والحديث إنما رتب حرمة الرضاع على حرمة النسب لا على حرمة المصاهرة. أجاب بأن الاستثناء منقطع، وكذا يقال: أخت الابن إذا كانت شقيقة أو لأب إنما تحرم لكونها بنتك، وقد علم تحريم البنت من النسب فيراد بها الأخت لام لأنها ربيبتك، فلم تعلم حرمتها من محرمات النسب فلم تكن تكرارا، لكن لما لم تدخل في الحديث كان استثناؤها منقطعا، وهكذا يقال في البواقي. والحاصل أن الحديث لما رتب حرمة الرضاع على حرمة النسب وكان ما يحرم من النسب من نظائر هذه المستثنيات قد يحرم من النسب على تقدير ومن المصاهرة على تقدير لم يصح أن يراد منه التقدير الأول، لأنه يلزم منه التكرار بلا فائدة، فتعين إرادة التقدير الثاني وإن كان الاستثناء فيه منقطعا، دفعا للتكرار وتنبيها على بيان ما يحل لزيادة التوضيح، هذا غاية ما يمكن توجيه كلامهم به، والله تعالى أعلم، فافهم. قوله: (وهذا المعنى مفقود في الرضاع) لان أم أخته وأخيه رضاعا ليست أمه ولا موطوءة أبيه. قوله: (وقس عليه الخ) أي قس على ما ذكر من المعنى أخت ابنه وبينه الخ بأن تقول: إنما حرمت عليه أخت ابنه وبنته نسبا لكونها بنته أو بنت امرأته، وهذا المعنى مفقود في الرضاع، وكذا جدة ابنه وبنته نسبا إنما حرمت عليه لكونها أمه أو أم امرأته، وهذا مفقود في الرضاع، وهكذا البواقي. وبهذا التقرير علم أن التعليل المذكور بقوله: فإن حرمة أم أخته الخ جار في جميع الصور، لكن لكل صورة عبارة تليق بها فلذا قال: وقس عليه الخ وإن ضمير عليه راجع إليه لا إلى أم أخته وأخيه، حتى يرد أنه لا معنى لجعل البعض مقيسا والبعض مقيسا عليه، فافهم. قوله: (وكذا
236 عمة ولده) لم يذكروا خالة ولده لأنها حلال من النسب أيضا لأنها أخت زوجته. بحر قوله: (وبنت عمته) أي عمة ولده، وتحرم من النسب لأنها بنت أخته، وأما بنت عمة نفسه فإنها حلال نسبا ورضاعا ط. قوله: (وبنت أخت ولده) وتحرم من النسب لأنها بنت بنته أو بنت ربيبته ط. قوله: (للرجل) متعلق بالمستثنى في قوله: إلا أم أخته الخ يعني أن شيئا من النسوة المذكورات لا يحرم للرجل إذا كانت من الرضاع اه ح. عن المنح. وهذا بالنظر إلى المتن وإلا فهو متعلق بقول الشارح حلال. قوله: (وكذا أخو ابن المرأة لها) في ذكر هذه العاشرة نظر، فإنها من مقابلات التسعة لا قسم مباين للتسعة كما سنبينه. أفاده ح. قوله: (باعتبار الذكورة والأنوثة) أي في المضاف إليه، فتصير مع الذكورة أم أخيه وأخت ابنه وجدة ابنه وأم عمه وأم خاله وعمة ابنه وبنت عمة ابنه وبنت أخت ابنه وأم ولد ابنه، ومع الأنوثة أم أخته وأخت بنته وجدة بنته وأم عمته وأم خالته وعمة بنته وبنت عمة بنته وبنت أخت بنته وأم ولد بنته اه. فهذه ثمانية عشر، وعدها عشرين بالنظر إلى العاشرة المكررة. قوله: (وباعتبار ما يحل له) أي إذا نسب الحل للرجل، بأن يقال: تحل له أم أخيه وأخت ابنه إلى آخر الأمثلة المذكورة. قوله: (أو لها) أي إذا نسب الحل لها، بأن يقال: يحل لها أبو أخيها وأخو ابنها وجد ابنها وأبو عمها وأبو خالها وخال ولدها وابن خالة ولدها وابن أخت ولدها وابن ولد ولدها، وإنما قلنا: وخال ولدها وابن خالة ولدها، وكان القياس أن نقول: وعم ولدها وابن عمة ولدها، لأنهما لا يحرمان عليهما من النسب أيضا كما صرح به في البحر. أفاده ح وأفاد ط أنه يمكن تقرير المقام بحل آخر، فيقال في مقابلة تزوجه أم أخيه وأخته تزوجها أخا ابنها وبنتها، وفي أخت ابنه أو بنته أو أخيها أو أختها، وفي جدة ابنه أو بنته جد ابنها أو بنتها، وفي أم عمه ابن أخي ابنها، وفي أم عمته ابن أخي بنتها، وفي أم خاله ابن أخت ابنها، وفي أم خالته ابن أخت بنتها، وفي عمة ولده عم ولدها، وفي بنت عمة ولده خالها، وفي مقابلة تزوجها بأخي ابنها تزوجه بأم أخيه وهي المكررة اه. لكن الصواب في الثامنة والتاسعة أن يقال: وفي عمة ولده أبو ابن أخيها، وفي بنت عمة ولده أبو ابن خالها، فافهم. والذي قرره ح هو الذي في البحر وهو الأوفق لقول الشارح وتزوجها بأبي أخيها. وحاصله أن تبدل المضاف الأول المؤنث بمذكر مقابل له وتبدل الضمير المذكر بضمير المؤنث، فتبدل الام بالأب والأخت بالأخ والجدة بالجد وهكذا، وتذكر الضمير، فتقول في أم أخيه أبو أخيها، وفي أخت ابنه أخو ابنها، وفي جدة ابنه جد ابنها الخ. وحاصل التقرير الثاني أن تنظر إلى كل صورة، وتنظر إلى نسبة المرأة فيها إلى الزوج فتسميها باسم تلك النسبة، مثلا: إذا تزوج أم أخيه أو أخته تكون المرأة قد تزوجت أخا ابنها أو بنتها وإذا تزوج أخت ابنه أو بنته تكون قد تزوجت أبا أخيها أو أختها وهكذا، ولا يخفى أن هذا تكرار محض وإنما اختلف بالتعبير فقط، فافهم. قوله: (وتزوجها بأبي أخيها) كذا في بعض النسخ، ومثله في البحر، وهو الأوفق لما قرره ح كما علمت. وفي بعض النسخ بابن أخيها وهو كذلك في النهر
237 ولا وجه له، فإن هذا لا يقابل تزوجه بأم أخيه على التقريرين المارين. ووقع في بعض نسخ البحر التعبير بأخي ابنها، وهو موافق لما قرره ط كما مر، وفيه ما علمت. قوله: (وكل منها) أي من الأربعين ح. وفي بعض النسخ منهما بضمير التثنية: أي كل من الاعتبارين اللذين بلغ العدد فيهما أربعين، فافهم. قوله: (الجار والمجرور) أي المقدر بعد الاستثناء المدلول عليه بالمستثنى منه، والتقدير: فيحرم من الرضاع ما يحرم من النسب إلا أم أخيه من الرضاع فإنها لا تحرم اه ح. قوله: (تعلقا معنويا) على أنه صفة أو حال لأنه معرفة غير محضة، لان التعريف الإضافي هنا كالتعريف الجنسي، وأما تعلقه الصناعي فباستقرار محذوف وجوبا، وتمام ذلك في ح عن البحر. قوله: (كالأخ) الأولى أن يقول كالأخت، أو يقول في الأول كأن يقول له أخ نسبي، إلا أن يقال مراده التنويع في المضاف إليه ذكوره وأنوثة ح. قوله: (كأن يكون له أخ نسبي له أم رضاعية) تبع في هذه العبارة النهر. قال ح: وصوابه كأن يكون له أخ رضاعي له أم نسبية كما لا يخفى قوله: (وهذا من خواص كتابنا) اعلم أن ابن وهبان في شرح منظومته أوصلها إلى نيف وستين، وبينها صاحب البحر وزاد عليها حتى أوصلها إلى إحدى وثمانين وقال: إنه من خواص هذا الكتاب، وأوصلها في النهر إلى مائة وثمانية وقال: إنها من خواص كتابه، فأراد الشارح أن يوصلها إلى مائة وعشرين بزيادة العاشرة من الصور لتكون من خواص كتابه كما قال، لكنها ما تمت له. أفاده ح: أي بل بقي العدد مائه وثمانية. قوله: (وهو ظاهر) كأن يكون له أخ رضاعي رضع مع بنت من امرأة أخرى. قوله: (فهو) أي قوله: نسبا ط. قوله: (للزوم التكرار) لأنه إذا اتصل بالمضاف فقط كان المضاف إليه من الرضاع أو بالمضاف إليه فقط كان المضاف من الرضاع، وهما داخلان في قوله: وتحل أخت أخيه رضاعا ح. قوله: (لكونهما أخوين) أي شقيقين إن كان اللبن الذي شرباه منها لرجل واحد أو لام إن لم يكن كذلك وقد يكونان لأب كما إذا كان لرجل امرأتان وولدتا منه فأرضعت كل واحدة صغيرا فإن الصغيرين أخوان لأب، حتى لو كان أحدهما أنثى لا يحل النكاح بينهما كما ذكره مسكين ح. قوله: (وإن اختلف الزمن) كأن أرضعت الولد الثاني بعد الأول بعشرين سنة مثلا وكان كل منهما في مدة الرضاع. قوله: (وولد مرضعتها) أي من النسب، أما الذي من الرضاع فإنه وإن كان كذلك لكنه فهم حكمه من قوله: ولا حل بين رضيعي امرأة ح. وأطلقه فأفاد التحريم وإن لم ترضع ولدها النسبي، بخلاف ما إذا كالولدان أجنبيين فإنه لا بد من ارتضاعهما من امرأة واحدة
238 كما أفادته الجملة الأولى، ولهذا لم يستغن بها عن هذه الجملة، وما في البحر والمنح رده في النهر، وشمل أيضا ما لو ولدته قبل إرضاعها للرضيعة أو بعده ولو بسنين. فرع: في البحر آخر المبسوط: لو كانت أم البنات أرضعت أحد البنين وأم البنين أرضعت إحدى البنات لم يكن للابن المرتضع من أم البنات أن يتزوج واحدة منهن، وكان لاخوته أن يتزوجوا بنات الأخرى، إلا الابنة التي أضرعتها أمهم وجدها لأنها أختهم من الرضاعة. قوله: (أي التي أرضعتها) تفسير للمضاف إلى الضمير. قوله: (ولبن بكر) المراد بها التي تجامع قط بنكاح أو سفاح وإن كانت العذرة غير باقية كأن زالت بنحو وثبة. حموي. والحرمة لا تتعدى إلى زوجها، حتى لو طلقها قبل الدخول له التزوج برضيعتها، لان اللبن ليس منه. قهستاني ط، أما لو طلقها بعد الدخول فليس له التزوج بالرضيعة لأنها صارت من الربائب التي دخل بأمها. بحر عن الخانية. قوله: (وإلا لا) أي وإن لم تبلغ تسع سنين فنزل لها لبن لا يحرم. جوهرة. لأنهم نصوا على أن اللبن لا يتصور إلا ممن تتصور منه الولادة فيحكم بأنه ليس لبنا كما لو نزل للبكر ماء أصفر لا يثبت من إرضاعه تحريم كما في شرح الوهبانية. قوله: (ولو محلوبا) سواء حلب قبل موتها فشربه الصبي بعد موتها أو حلب بعد موتها. بحر. قوله: (فيصير ناكحها) أي ناكح الرضيعة المعلومة من المقام. إفادة ح. قوله: (محرما للميتة) لأنها أم امرأته. بحر. قوله: (فييممها) أي بلا خرقة إذا ماتت بين رجال فقط، أما غير المحرم فييممها بخرقة، وقيل تغسل في ثيابها. أفاده ط. قوله: (ويدفنها) لان الأولى بالدفن المحارم ط. قوله: (بخلاف وطئها) أي الميتة فإنه لا يتعلق به حرمة المصاهرة. قوله: (وفرق بوجود التغذي لا اللذة) لان المقصود من اللبن التغذي والموت لا يمنع منه، والمقصود من الوطئ اللذة المعتادة وذلك لا يوجب في الميتة. بحر عن الجوهرة. وإذا انتفت اللذة المعتادة بالوطئ لكون الميتة ليست محلا له عادة صارت كالبهيمة أبلغ، لان الموت منفر طبعا فيلزم انتفاء قصد الولد الذي هو في الحقيقة علة حرمة المصاهرة، فالمراد نفي اللازم بانتفاء الملزوم فلا يرد أن اللذة ليست هي العلة، فافهم. قوله: (ومخلوط) عطف على لبن ميتة: أي وكذا يحرم لبن امرأة مخلوط بماء الخ اه ح. ومثل الماء كل مائع بل والجامد كذلك. أفاده في النهي ط. قوله: (إذا غلب لبن المرأة) أي على أحد المذكورات، وفسر الغلبة في أيمان الخانية من حيث الاجزاء. وقال هنا: فسرها محمد في الدواء بأن يغيره عن كونه لبنا. وقال الثاني: إن غير الطعم واللون لا إن غير أحدهما. نهر، ونحوه في البكر. ووفق في الدرر المنتقى فقال: تعتبر الغلبة بالاجزاء في الجنس ، وفي غيره بتغير طعم أو لون أو ريح كما روي عن أبي يوسف اه. إلا أنه اعتبر التغير في غير الجنس بوصف واحد والمذكور آنفا أنه لا يعتبر إلا إذا غير الطعم واللون، نعم يوافقه ما في الهندية من اعتبار أحد الأوصاف إلا أنه لم يعزه لأبي يوسف ط. قوله: (وكذا إذا استويا) أي لبن المرأة وأحد المذكورات ح. قوله: (لعدم الأولوية) علة لاستواء لبن المرأتين، وأفاد به ثبوت التحريم منهما. وأما علة استواء لبن المرأة مع الباقي فهي أن لبنها غير مغلوب فلم يكن مستهلكا كما في
239 البحر. قوله: (وعلق محمد الخ) مقابل لما أفاده كلام المصنف من أنه لو كان لبن إحدى المرأتين غالبا تعلق التريم به فقط، ولو استويا تعلق بهما. قوله: (مطلقا) أي تساويا أو غلب أحدهما لان الجنس لا يغلب الجنس ح. قوله: قيل وهو الأصح) قال في البحر: وهو رواية عن أبي حنيفة. قال في الغاية: وهو أظهر وأحوط. وفي شرح المجمع: قبل إنه الأصح اه. وهو الشرنبلالية: ورجح بعض المشايخ قول محمد، وإليه مال صاحب الهداية لتأخيره دليل محمد كما في الفتح اه ح. قوله: (مطلقا) أي سواء كان غالبا أو مغلوبا عند الامام وقال: إن كان غالبا يحرم، والخلاف مقيد بالذي لم تمسه النار، فإذا طبخ فلا تحريم مطلقا اتفاقا، وبما إذا كان الطعام ثخينا، أما إذا كان رقيقا يشرب اعتبرت الغلبة اتفاقا، قيل وبما إذا لم يكن اللبن متقاطرا عند رفع اللقمة، أما معه فيحرم اتفاقا، والأصح عدم اعتبار التقاطر على قوله. نهر. قوله: (وإن حساه حسوا) في القاموس: حسا زيد المرق: شربه شيئا بعد شئ. بحر، وما أفاده من أنه لا يحرم وإن حساه مخالف لما ذكرناه آنفا عن النهر، وكذا ما جزم به في الفتح من أن الطعام لو كان رقيقا يشرب اعتبرنا غلبة اللبن إن غلب وأثبتنا الحرمة، وكذا في الخانية لو حساه حسوا تثبت الحرمة في قولهم جميعا، وكذا في البحر عن المستصفى وقال: إن وضع محمد في الاكل يدل عليه اه: أي يدل على أن الشرب محرم، نعم نقل ح عن مجمع الأنهر عن الخانية أنه قيل: إنه لا تثبت الحرمة بكل حال، وإليه مال السرخسي وهو الصحيح كما في أكثر الكتب اه. قلت: والذي رأيته في الخانية وكذا في البحر عنها هو ما نقلناه عنها آنفا، وليس فيها ما ذكره عن السرخسي، والمنقول عن السرخسي ليس في الحسو بل في غيره. ففي الذخيرة: قيل إنما لا تثبت الحرمة على قول أبي حنيفة إذا كان لا يتقاطر اللبن عند حمل اللقمة، فلو يتقاطر تثبت، وقيل لا تثبت وإليه مال شمس الأئمة السرخسي. وذكر شيخ الاسلام: إنما لا تثبت على قول أبي حنيفة إذا أكل لقمة لقمة، فلو حساه حسوا تثبت اه. فما قاله شمس الأئمة إنما هو عدم اعتبار التقاطر عند الاكل وهو الأصح كما مر عن النهر، وصرح بتصحيحه أيضا في الهداية وغيرها، وكلامنا فيما إذا كان الطعام رقيقا يشرب حسوا، وهذا تثبت به الحرمة كما سمعته، ولم أر من صحح خلافه، ولا يقال: يلزم من تقاطر اللبن عند رفع اللقمة أن يكون الطعام رقيقا يشرب، لأنه لو كان كذلك لم يكن التقاطر من اللبن وحده بل يكون منهما معا، فعلم أن المراد كون الطعام ثخينا لا يشرب، ولفظ اللقمة مشعر بذلك أيضا، فافهم. قوله: (وكذا لجبنه) قال في البحر: ولو جعل اللبن مخيضا أو رائبا أو شيرازا أو جبنا أو أقطا أو مصلا فتناوله الصبي لا تثبت به الحرمة، لان اسم الرضاع لا يقع عليه، وكذا لا ينبت اللحم ولا ينشر العظم ولا يكتفي به الصبي في الاغتذاء فلا يحرم اه ح. وفي القاموس: اللبن المخيض: ما أخذ زبده. والشيراز: اللبن الرائب المستخرج ماؤه. والأقط مثلث ويحرك: شئ يتخذ من المخيض الغنمي. والمصل: اللبن يوضع في وعاء خوص أو خزف ليقطر ماؤه اه ط. قوله: (ولا الاحتقان) في المصباح: حقنت المريض: إذا أوصلت الدواء إلى باطنه من مخرجه بالمحقنة واحتقن هو، والاسم الحقنة مثل الغرفة من الاغتراف، ثم أطلقت على ما يتداوى به، والجمع حقن مثل غرفه وغرف اه بحر.
240 والمناسب أن يقال: ولا الحقن أي حقن الصبي باللبن، إذ الاحتقان من احتقن، وهو فعل قاصر، والصبي لا يحتقن بنفسه بل يحقنه غيره، ولا يصح أخذه من احتقن المبني للمجهول لأنه لا يبنى من القاصر، ولا يلزم من تفسير الاحتقان في تاج المصادر بعمل الحقنة تعديته المفعول الصريح كالصبي في عبارة الهداية حيث قال: إذا احتقن الصبي، خلافا لما في النهاية والمعراج كما حققه في الفتح، وتنظير النهر فيه نظر، فتدبر. قوله: (والافطار) في بعض النسخ الاقتطار من الافتعال، والظاهر أنه تحريف. قوله: (وجائفة) الجراحة في الجوف. والآمة بالمد والتشديد: الجراحة في الرأس تصل إلى أم الدماغ. قوله: (ومشكل) أي خنثى مشكل. قوله: (إلا إذا قال الخ) لأنه حينئذ يتضح أنه امرأة كما ذكروه في باب الخنثى فيثبت به التحريم. رحمتي. قوله: (وإلا لا) تكرار لأنه علم من إطلاق قوله: ومشكل بدليل الاستثناء. قوله: (لعدم الكرامة) لان ثبوت الحرمة بالرضاع بطريق الكرامة للجزئية فلم تعتبر الشاة أم الصبي وإلا لكان الكبش أباه، والاختية فرع الأمية، وتمام تحقيقه في الفتح. قوله: (ولو أرضعت الكبيرة) أطلقها فشمل المدخولة وغيرها، وسواء كان لبنها منه أو من غيره وقع الارضاع قبل الطلاق أو بعده في عدة رجعي أو بائن بينونة صغرى أو كبرى، فقوله: ولو مبانة يفهم منه حكم الرجعية بالأولى، لان الزوجية قائمة من كل وجه، ثم التقيد بها ليس احترازيا، لان أخت الكبيرة وأمها بنتها نسبا ورضاعا إن دخل بالكبيرة مثلها للزوم الجمع بين المرأة وبنت أختها في الأول وبين الأختين في الثاني وبين المرأة وبنت بنتها في الثالث، وليس له أن يتزوج بواحدة منهما قط ولا المرضعة أيضا، وإن لم يكن دخل بالكبيرة في الثالث فإن المرضعة لا تحل له لكونها أم امرأته، ولا الكبيرة لكونها أم أم امرأته، وتحل الصغيرة لكونها ابنة ابنة امرأته ولم يدخل بها، وتمامه في البحر ط. قوله: (ضرتها الصغيرة) أي التي في مدة الرضاع، ولا يشترط قيام نكاح الصغيرة وقت إرضاعها، بل وجوده فيما مضى كاف لما في البدائع: لو تزوج صغيرة فطلقها ثم تزوج كبيرة لها لبن فأرضعتها حرمت عليه لأنها صارت أم منكوحة كانت له فتحرم بنكاح البنت اه بحر. وإن كان دخل بالام حرمت الصغيرة أيضا، لا لأنه صار جامعا بينهما، بل لان الدخول بالأمهات يحرم البنات، والعقد على البنات يحرم الأمهات، والرضاع الطارئ على النكاح كالسابق. وفي الخانية: لو زوج أم ولده بعبده الصغير فأرضعته بلبن السيد حرمت على زوجها وعلى مولاها، لان العبد صار ابنا للمولى فحرمت عليه لأنها كانت موطوءة أبيه، وعلى المولى لأنها امرأة ابنه اه. نهر. قوله: (وكذا لو أوجره) أي لبن الكبيرة رجل في فيها: أي الصغيرة، وأشار إلى أن الحرمة لا تتوقف على الارضاع بل المدار على وصول لبن الكبيرة إلى جوف الصغيرة، فتبين كلاهما منه، ولكل نصف الصداق على الزوج، ويغرم الرحل للزوج نصف مهر كل واحدة منهما إن تعمد الفساد بأن أرضعها من غير حاجة، بأن كانت شبعى، ويقبل قوله إنه يتعمد الفساد. بحر. قوله: (إن دخل بالام) سواء كان اللبن منه أو من غيره، وسواء وقع الارضاع في النكاح أو بعد الطلاق ولو بائنا ولو بعد العدة، أما إذا كان اللبن منه ووقع الارضاع في النكاح أو عدة الرجعي أو البائن أو بعد العدة حرمتا أبدا
241 وانفسخ النكاح في الأوليين. أما حرمة الصغيرة فلأنها صارت بنته وبنت مدخولته رضاعا، وأما حرمة الكبيرة وإذا كان اللبن من غيره حرمتا أيضا وانفسخ النكاح في الأوليين، أما حرمة الصغيرة فلأنها بنت مدخولته رضاعا، وأما حرمة الكبيرة فلأنها أم معقودته رضاعا. أفاده ح. وذكر في البحر أن النكاح لا ينفسخ، لان المذهب عنه علمائنا أن النكاح لا يرتفع بحرمة الرضاع والمصاهرة بل يفسد، حتى لو وطئها قبل التفريق لا يحد، نص عليه محمد في الأصل اه. ثم قال: وينبغي أن يكون الفساد في الرضاع الطارئ على النكاح: أي كما هنا، أما لو تزوجها فشهدا أنها أخته ارتفع النكاح، حتى لو وطئها يحد، ولها التزوج بعد العدة من غير متاركة اه. قال الرملي: لكن سيأتي أنه لا تقع الفرقة إلا بتفريق القاضي، فراجعه. تأمل اه. قوله: (أو اللبن منه) هذا يقتضي إمكان انفراد كون اللبن منه عن كونها مدخولة، وهو فاسد لأنه يلزم من كون اللبن منه أن تكون مدخولة. وفي نسخة واللبن منه بالواو، وهي فاسدة أيضا لأنها تقتضي عدم حرمتها إذا كانت مدخولة واللبن من غيره، وهو ظاهر البطلان، فالصواب إسقاطها اه ح. قلت: والشارح متابع للبحر والنهر والمقدسي. وأجاب عنه ط بإمكان أن تكون حبلى من زناه بها فنزل لها لبن فأرضعتها به فقد حرمتا واللبن منه مع عدم تحقيق الدخول اه. وفيه أن الحبل من الزنى دخول بها، وحمل الدخول المذكور على الدخول في النكاح اللاحق لا فائدة فيه بعد تحقق الدخول في الزنى السابق. وأجاب السائحاني بالحمل على ما إذا طلق ذات لبنه ثلاثا ثم تزوجها بعد زوج آخر وبقي لبنها فأرضت به ضرتها وفيه ما علمت. والأحسن الجواب بأن قوله: إن دخل بالام على تقدير قولنا واللبن من غيره، وقوله: أو اللبن منه عطف على هذا المقدار وهو القرينة على هذا التقدير لتحصيل المقابلة بين المتعاطفين، ولو قال: واللبن منه أولا، لكان أوضح وأولى. قوله: (وإلا) أي وإن لم تكن مدخولة ولبنها حينئذ من غيره قطعا، وهذا شامل لما إذا كان الارضاع قبل الطلاق أو بعده، فإن كان قبله انفسخ نكاحهما لكونه جامعا بين البنت وأمها رضاعا. وله أن يعيد العقد على البنت لعدم الدخول بالام، وإن كان بعده لا ينفسخ نكاح البنت، وحرمت الام أبدا في الصورتين للعقد على البنت، وكلام الشارح قاصر على الصورة الأولى اه ح. قوله: (إن لم توطأ) فلو وطئت لها كمال المهر مطلقا، لكن لا نفقة لها في هذه العدة إذا جاءت الفرقة من قبلها وإلا فلها النفقة. بحر. قوله: (لمجئ الفرقة منها) فصار كردتها، وبه يعلم أنها لو كانت مكرهة أو نائمة فارتضعتها الصغيرة أو أخذ شخص لبنها فأوجر به الصغيرة أو كانت الكبيرة مجنونة كان لها نصف المهر لانتفاء إضافة الفرقة إليها. بحر. قوله: (لعدم الدخول) تعليل لتصنيف المهر، وأما علة أصل استحقاقها له فهي وقوع الفرقة لا من جهتها، والارتضاع وإن كان فعلها وبه وقع الفساد لكن لا يؤثر في إسقاط حقها لعدم خطابها بالأحكام كما لو قتلت مورثها، ولأنها مجبورة طبعا عليه، وإنما سقط مهرها بارتداد أبويها ولحاقها بهما مع أنها لا فعل منها أصلا، لان الردة محظورة في حق الصغيرة أيضا، وإضافة الحرمة إلى ردتها التابعة أبويها والارتضاع لا حاظر فيستحق النظر فتستحق المهر اه. ملخصا من الفتح وغيره. قوله: (لعدم الدخول) إذ لا يتأتى في الرضيعة. قوله: (وكذا على المؤجر) أي يرجع الزوج عليه بما لزم الزوج وهو نصف صداق كل منهما كما قدمناه. بحر. وقدمنا
242 عنه أيضا أن الشرط فيه أيضا تعمد الفساد. قوله: (إن تعمدت الفساد) قيد في الرجوع عليها، أما سقوط مهرها قبل الوطئ فلا يشترط له تعمد الفساد. ط عن أبي السعود. قوله: (بأن تكون عاقلة) فلا رجوع على المجنونة والمكرهة والنائمة. وفيه أن اشتراط العلم يغني عن قوله: عاقلة متيقظة أفاده في النهر. قوله: (ولم تقصد الخ) فلو أرضعتها على ظن أنها جائعة ثم ظهر أنه شبعانة لا تكون متعمدة. بحر. قوله: (يشترط فيه) أي في التضمين به التعدي كحافر البئر، إن كان في ملكه لا يضمن وإلا ضمن، وتمامه في البحر. قوله: (والقول لها) أي في أنها لم تتعمد مع يمينها. بحر. قوله: (طلق ذات لبن) أي منه، بأن ولدت منه، لأنه لو تزوج امرأة ولم تلد منه قط ونزل لها لبن وأرضعت ولدا لا يكون الزوج أبا للولد، لان نسبته إليه بسبب الولادة منه، وإذا انتفت انتفت النسبة فكان كلبن البكر، ولهذا لو ولدت للزوج فنزل لها لبن فأرضعت به ثم جف لبنها ثم در فأرضعته صبية فإن لابن زوج المرضعة التزويج بهذه الصبية، ولو كان صبيا كان له التزوج بأولاد هذا الرجل من غير المرضعة. بحر عن الخانية. قوله: (ويكون ربيبا للثاني) فيحل له التزوج ببنات الثاني من غير المرضعة. بحر. قوله: (والوطئ بشبهة كالحلال) صورته: وطئت امرأة بشبهة فحبلت وولدت ثم تزوجت ثم أرضعت صبيا كان ابنا للوطئ بشبهة لا للزوج، ومثله صورة الزنى اه ح. قوله: (فتح) وذلك حيث قال: ولبن الزنى كالحلال، فإذا أرضعت به بنتا حرمت على الزاني وآبائه وأبنائه وإن سفلوا. وفي التجنيس عن الجرجاني: ولعم الزاني التزوج بها كالمولودة من الزاني لأنه لم يثبت نسبها من الزاني، والتحريم على آباء الزاني وأولاده للجزئية ولا جزئية بينها وبين العم، وإذا ثبت هذا في المتولدة من الزنى فكذا في المرضعة بلبن الزنى: قال في الخلاصة: وكذا لو لم تحبل من الزنى وأرضعت لا بلبن الزنى تحرم على الزاني كما تحرم بنتها عليه. وذكر الوبري أن الحرمة تثبت من جهة الام خاصة ما لم يثبت النسب، فحينئذ تثبت من الأب، وكذا ذكر الأسبيجابي وصاحب الينابيع، وهو أوجه، لان الحرمة من الزنى للبعضية وذلك في المولود نفسه لأنه مخلوق من مائه دون اللبن، إذ ليس اللبن كائنا من منيه لأنه فرع التغذي وهو لا يقع إلا بما دخل من أعلى المعدة لا من أسفل البدن كالحقنة فلا إنبات فلا حرمة، بخلاف ثابت النسب لان النص أثبت الحرمة منه. وإذا ترجح عدم حرمة الرضيعة بلبن الزاني على الزاني فعدمها على من ليس اللبن منه أولى، خلافا لما في الخلاصة، ولأنه يخالف المسطور في الكتب المشهورة، إذ يقتضي تحريم بنت المرضعة بلبن غير الزوج على الزوج بطريق أولى اه. كلام الفتح ملخصا. وحاصله أن في حرمة الرضيعة بلبن الزنى على الزاني وكذا على أصوله وفروعه روايتين، كما صرح به القهستاني أيضا، وإن الأوجه رواية عدم الحرمة، وإن ما في الخلاصة من أنها لو رضعت لا
243 بلبن الزاني تحرم على الزاني، مردود لان المسطور في الكتب المشهورة أن الرضيعة بلبن غير الزوج لا تحرم على الزوج كما تقدم في قوله: طلق ذات لبن الخ وكلام الخلاصة يقتضي تحريمها بالأولى، وما في الفتاوى إذا خالف ما في المشاهير من الشروح لا يقبل، هذا تقرير كلام الفتح، وقد وقع في فهمه خبط كثير، منه ما ادعاه في البحر من أن محل الخلاف أصول الزاني وفروعه، وأنها لا تحل للزاني اتفاقا اه. والحاصل كما قال في البحر أن المعتمد في المذهب أن لبن الزاني لا يتعلق به التحريم، وظاهر المعراج والخانية أن المعتمد ثبوته اه. قلت: وذكر في شرح المنية أنه لا يعدل عن الدراية إذا وافقتها رواية، وقد علمت أن الوجه مع رواية عدم التحريم. قوله: (قال لزوجته) التقييد بالزوجة لقوله بعده فرق بينهما وإلا فقوله ذلك لأجنبية قبل العقد عليها كذلك. قوله: (هكذا فسر الثبات في الهداية وغيرها) أتى بذلك للرد على من جعل تكرار الاقرار ثباتا أيضا مثل قوله: هو حق ونحوه، وجزم في البحر بأنه ليس مثله، وهذه المسألة صارت واقعة الفتوى في زمن العلامة عبد البر بن الشحنة، خالفه فيها بعض معاصريه وعقد لها مجالس عديدة بأمر السلطان قايتباي، وكتب خطوط العلماء من المذاهب الأربعة كما ذكره المقدسي في شرحه، وسرد فيه نصوص أئمتنا، ثم قال: ظاهر هذه العبارات أن الثبات على الاقرار المانع عن الرجوع هو أن يقول ما قلته حق، أو ما أقررت به ثابت، وأما تكرار الاقرار فلا يكون مانعا،. وقد لوح المصنف في مسائل شتى من المنح آخر الكتاب إلى تلك الواقعة، وأنها عرضت على شيخ الاسلام زكريا الشافعي فأجاب بما فيه كفاية اه. قلت: ورأيتها في فتاوى شيخ الاسلام زكريا فقال بعد عرض النقول من كلام أئمتنا ما صورته: صريح هذه النقول ومنطوقها مع العلم بوقوع العطف التفسيري في الكلام الفصيح ومع النظر إلى ما هو واجب من الجمع بين كلام الأئمة المذكورين وغيرهم، ومن النظر إلى المعنى المفهوم من كلامهم شاهد بأن المراد بالثبات والدوام والإصرار واحد بأن المقر بأخوة الرضاع ونحوها إن ثبت على إقراره لا يقبل رجوعه عنه وإلا قبل، وبأن الثبات عليه لا يحصل إلا بالقول بأن يشهد على نفسه بذلك، أو يقول هو حق أو كما قلت أو ما في معناه، كقوله هو صدق أو صواب أو صحيح أو لا شك فيه عندي، إذ لا ريب أن قوله صدق آكد من قوله هو كما قلت، فكلام من جمع بين هو حق وكما قلت كما فعل في السراج الهندي محمول على التأكيد، وكلام من اقتصر على بعضها ولو بطريق الحصر مؤول بتقدير أو ما في معناه كما قلنا في قوله تعالى: * (قل إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد) * (سورة الأنبياء: الآية 801) وقوله (ص): إنما الربا في النسيئة وليس في منطوق النصوص المذكور أن التكرار يقوم مقام قوله: هو حق أو ما في معناه حتى يمتنع الرجوع بعده، نعم يؤخذ من قول صاحب المبسوط: ولكن الثابت على الاقرار كالمجدد له بعد العقد أنه إذا أقر بذلك قبل عقد ثم أقر به بعده يقوم مقام ذلك اه.
244 قلت: لكن مراد صاحب المبسوط بقوله كالمجدد الخ: أي مع الثبات، لان مراده بيان أن الاقرار قبل العقد بمنزلة الاقرار بعده في إثبات الحرمة لان عبارته هكذا: ولكن الثابت على الاقرار كالمجدد له بعد العقد وإقراره بالحرمة بعد العقد صحيح موجب للفرقة، فكذلك إذا أقر به قبل العقد وثبت عليه حتى تزوجها. ثم قال في مسألة الاقرار بعد العقد: ولو ثبت على هذا النطق وقال هو حق وشهدت عليه الشهود بذلك فرقت بينهما اه. وفي البدائع: أما الاقرار، فهو أن يقول لامرأة تزوجها هي أختي من الرضاع ويثبت على ذلك ويصر عليه فيفرق بينهما، وكذلك إذا أقر بهذا قبل النكاح وأصر على ذلك ودام عليه لا يجوز له أن يتزوجها اه. قلت: ووجه ذلك أن الرضاع لما كان مما يخفى لأنه لا يعلمه إلا بالسماع من غيره لم يمنع التناقض فيه لاحتمال أنه لما أقر به بناء على ما أخبره به غيره تبين له كذبه فرجع عن إقراره ولا فرق في ذلك بين كونه أقر مرة أو أكثر، بخلاف ما إذا شهد على إقراره أو قال هو حق أو نحوه، فإنه يدل على علمه بصدق المخبر، وأنه جازم به فلا يقبل رجوعه بعده. قوله: (فرق بينهما) أي ولو جحد بعد ذلك، لان شرط الفرقة وهو الثبات قد وجد فلا ينفعه الجحود بعده. ذخيرة. قوله: (جاز) أي صح النكاح. قوله: (لان الحرمة ليست إليها) أي لم يجعلها الشارع لها فلا يعتبر إقرارها بها ط: قوله: (في جميع الوجوه) أي سواء أقرت قبل العقد أو لا، وسواء أصرت عليه أو لا، بخلاف الرجل فإن إصراره مثبت للحرمة كما علمت. ويفهم مما في البحر عن الخانية أن إصرارها قبل العقد مانع من تزوجها به، ونحوه في الذخيرة، لكن التعليل المذكور يؤيد عدمه. قوله: (بزازية) ذكر ذلك في البزازية آخر كتاب الطلاق حيث قال: قالت لرجل: إنه أبي رضاعا وأصرت عليه، يجوز أن يتزوجها إذا كان الزوج ينكره، وكذا إذا أقر به ثم أكذبته فيه لا يصدق على قولها، لان الحرمة ليست إليها، حتى ولو أقرت به بعد النكاح لا يلتفت إليه، وهذا دليل على أن لها أن تزوج نفسها منه في جميع الوجوه، وبه يفتى اه. قوله: (ومفاده الخ) هذا ذكره في الخلاصة عن الصغرى للصدر الشهيد بلفظ: وفيه دليل على أنها لو ادعت الطلقات الثلاث وأنكر الزوج حل لها أن تزوج نفسها منه، وذكره في البزازية آخر الطلاق بقوله: قالت طلقني ثلاثا ثم أرادت تزويج نفسها منه ليس لها ذلك أصرت عليه أو أكذبت نفسها، ونص في الرضاع على أنها إذا قالت: هذا ابني رضاعا وأصرت عليه جاز له أن يتزوجها، لان الحرمة ليست إليها. قالوا: وبه يفتى في جميع الوجوه اه كلام البزازية، فقوله: ونص الخ يريد به الاستدلال على أن لها التزوج به في مسألة الطلاق كما فعل في الخلاصة، وبهذا يعلم ما في كلام الشارح قبيل باب الايلاء حيث ذكر عبارة البزازية هذه وأسقط قوله: ونص في الرضاع الخ قوله: (حل لها تزوجه) لان الطلاق في حقها مما يخفى لاستقلال الرجل، فصح رجوعها. نهر أي حل في
245 الحكم، أما فيما بينها وبين الله تعالى فلا إذا كانت عالمة بالثلاث ح. قوله: أو أقرا بذلك) أي بأخوة الرضاع: أي ولم يصر الرجل على إقراره، فإنه إذا أصر لا ينفعه إكذاب نفسه بعده كما مر. قوله: (وإن ثبت عليه فرق بينهما) أي إذا لم يكن لها نسب معروف وكانت تصلح أما له أو بنتا له فيفرق بينهما لظهور السبب بإقراره مع إصراره. وإن كان لها نسب معروف أو لا تصلح أما له أو بنتا له لا يفرق بينهما وإن دام على ذلك، لأنه كاذب في إقراره بيقين. بدائع. قوله: (حجته الخ) أي دليل إثباته وهذا عند الانكار لأنه يثبت بالاقرار مع الاصرار كما مر. قوله: (وهي شهادة عدلين الخ) أي من الرجال. وأفاد أنه لا يثبت بخبر الواحد امرأة كان أو رجلا قبل العقد أو بعده، وبه صرح في الكافي والنهاية تبعا، لما في رضاع الخانية: لو شهدت به امرأة قبل النكاح فهو في سعة من تكذيبها، لكن في محرمات الخانية إن كان قبله والمخبر عدل ثقة لا يجوز النكاح، وإن بعده وهما كبيران فالأحوط التنزه، وبه جزم البزازي معللا بأن الشك في الأول وقع في الجواز، وفي الثاني في البطلان، والدفع أسهل من الرفع. ويوفق بحمل الأول على ما إذا لم تعلم عدالة المخبر أو على ما في المحيط من أن فيه روايتين، ومقتضاه أنه بعد العقد لا يعتبر اتفاقا، لكن نقل الزيلعي عن المغني: وكراهية الهداية أن خبر الواحد مقبول في الرضاع الطارئ بأن كان تحته صغيرة فشهدت واحدة بأن أمه أو أخته أرضعتها بعد العقد. قلت: ويشير إليه ما مر من قول الخانية: وهما كبيران، لكن قال في البحر بعد ذلك: إن ظاهر المتون أنه لا يعمل به مطلقا، فليكن هو المعتمد في المذهب. قلت: وهو أيضا ظاهر كلام كافي الحاكم الذي هو جمع كتب ظاهر الرواية، وفرق بينه وبين قبول خبر الواحد بنجاسة الماء أو اللحم، فراجعه من كتاب الاستحسان. تنبيه: في الهندية: تزوج امرأة فقالت امرأة أرضعتكما فهو على أربعة أوجه: أن صدقاها فسد النكاح ولا مهر إن لم يدخل، وإن كذباها وهي عدلة فالتنزه المفارقة والأفضل له إعطاء نصف المهر لو لم يدخل، والأفضل لها أن لا تأخذ شيئا، ولو دخل فالأفضل دفع كماله والنفقة والسكنى، والأفضل لها أخذ الأقل من مهر المثل والمسمى لا النفقة والسكنى ويسعه المقام معها، وكذا لو شهد غير عدول أو امرأتان أو رجل وامرأة، وإن صدقها الرجل وكذبتها فسد النكاح والمهر بحاله، وإن بالعكس لا يفسد ولها أن تحلفه، ويفرق إذا نكل اه. قوله: (وعدلتين) أي ولو إحداهما المرضعة، ولا يضر كون شهادتها على فعل نفسها لأنه لا تهمة في ذلك كشهادة القاسم والوزان والكيال على رب الدين حيث كان حاضرا. بحر. قلت: وما في شرح الوهبانية عن النتف من أنه لا تقبل شهادة المرضعة عند أبي حنيفة وأصحابه، فالظاهر أن المراد إذا كانت وحدها احترازا عن قول مالك وإن أوهم نظم الوهبانية
246 خلاف ذلك، فتأمل. قوله: (لتضمنها) أي الشهادة حق العبد: أي إبطال حقه وهو حل التمتع فلا بد من القضاء: أي إن لم توجد المتاركة لما في النهر: الحاصل أن المذهب عندنا كما قال الزيلعي في اللعان أن النكاح لا يرفع بحرمة الرضاع والمصاهرة، بل يفسد، حتى لو وطئها قبل التفريق لا يجب عليه الحد، اشتبه الامر أو لم يشتبه، نص عليه في الأصل. وفي الفاسد لا بد من تفريق القاضي أو المتاركة بالقول في المدخول بها، وفي غيرها يكتفي بالمفارقة بالأبدان كما مر اه. قوله: (الظاهر لا) كذا استظهره في البحر مستندا لمسألة الطلاق المذكورة، ومثلها الشهادة بعتق الأمة ونحوها من المسائل الأربعة عشر التي تقبل الشهادة فيها حسبة بلا دعوى، وهي مذكورة في قضاء الأشباه فتزاد هذه عليها. قوله: (ثم ماتا) أي الشاهدان. قوله: (لا يسعها المقام معه) لأن هذه شهادة لو قامت عند القاضي يثبت الرضاع، فكذا إذا أقامت عندها. خانية. قوله: (وقيل لها التزوج ديانة) أشار إلى ضعفه، لما في شرح الوهبانية عن القنية عن العلاء الترجماني أنه لا يجوز في المذهب الصحيح اه. وجزم به الشارح في آخر باب الرجعة، فافهم. قوله: (قضى القاضي) أي المجتهد أو المقلد كمالكي. قوله: (لم لينفذ) لأنه من المسائل التي لا يسوغ فيها الاجتهاد، وهي نيف وثلاثون مذكورة في قضاء الأشباه. قوله: مص رجل. قيد به احترازا عما إذا كان الزوج صغيرا في مدة الرضاع فإنها تحرم عليه. قوله: (ولبنهما من رجل) أي واحد، وقيد به ليتصور التحريم بين الصغيرتين لأنهما صارتا أختين لأب رضاعا، أما لو كان لبن كل واحدة من رجل لم تحرم الصغيرتان، والمراد بالرجل غير الزوج، إذ لو كان لبنهما من الزوج ففي الفتح أن الصواب وجوب الضمان على كان منهما، لان كلا أفسدت، لصيرورة كل صغيرة بنتا له، خلافا لمن حرف المسألة وقال: لبنهما منه بدل قوله: من رجل اه. قوله: (لم يضمنا الخ) بخلاف ما مر فيما لو أرضعت الكبيرة ضرتها متعمدة الفساد حيث ضمنت، لان فعل الكبيرة هناك مستقل بالافساد فيضاف الافساد إليها، أما هنا ففعل كل من الكبيرتين غير مستقبل بها فلا يضاف إلى واحدة منهما، لان الفساد باعتبار الجمع بين الأختين منهما، بخلاف الحرمة هناك لأنه للجمع بين الام والبنت وهو يقوم بالكبيرة. فتح ملخصا. قوله: (غرم المهر) أي يجب المهر على الأب ويرجع به على الابن، والمسألة مذكورة في الهندية في المحرمات، وقيدها بما إذا كانت الزوجة مكرهة وصدق الزوج أن التقبيل بشهوة لتقع الفرقة، وإلا
247 فالقول له اه. وأما لو كانت مطاوعة فلا مهر لها، لان الفرقة جاءت من قبلها، ثم ينبغي كما قاله الرحمتي أن يكون ذلك مقيدا بما قبل الدخول، وأن المراد بالمهر نصفه، أما بعد الدخول فلا غرم، لان المهر وجب بالدخول والأب قد استوفاه، كما قالوا في رجوع شاهدي الطلاق: إن كان قبل الدخول غرما نصف المهر، وإن بعده فلا غرم أصلا. قوله: (وقال ذلك) أي تعمدت الفساد. قوله: (لا) أي لا يغرما لزم الأب من نصف المهر. بزازية. وتعبيره بالنصف مؤيد لما قاله الرحمتي قوله: (فلم يلزم المهر) لأنه لا يجمع بين حد ومهر. بزازية، والله تعالى أعلم، وله الحمد على ما علم.
248 كتاب الطلاق لما ذكر النكاح وأحكامه اللازمة والمتأخرة عنه شرع فيما به يرتفع، وقدم الرضاع لأنه يوجب حرمة مؤبدة، بخلاف الطلاق تقديما للأشد على الأخف. بحر. قوله: (لكن جعلوه الخ) عبارة البحر قالوا: إنه استعمل في النكاح بالتطليق وفي غيره بالاطلاق، حتى كان الأول صريحا والثاني كناية، فلم يتوقف على النية في طلقتك وأنت مطلقة بالتشديد، ويتوقف عليها في أطلقتك ومطلقة بالتخفيف اه. قال في البدائع: وهذا الاستعمال في العرف وإن كان المعنى في اللفظين لا يختلف في اللغة، ومثل هذا جائز كما يقال حصان وحصان، فإنه بفتح الحاء يستعمل في المرأة، وبكسرها في الفرس اه. والظاهر أنه أراد بالعرف عرف اللغة، لأنه صرح في محل آخر أن الطلاق في اللغة والشرع عبارة عن رفع قيد النكاح، وصرح أيضا بما يدل على أن الطلاق في اللغة صريح وكناية، فافهم. قوله: (وشرعا رفع قيد النكاح) اعترضهم في البحر بأمور: الأول: أنهم قالوا: ركنه اللفظ المخصوص الدال على رفع القيد فينبغي تعريفه به، لان حقيقة الشئ ركنه، فعلى هذا هو لفظ دال على رفع قيد النكاح. الثاني: أن القيد صيرورتها ممنوعة عن الخروج والبروز كما في البدائع، فكان هذا التعريف مناسبا للمعنى اللغوي لا الشرعي. الثالث: أنه كان ينبغي تعريفه بأنه رفع عقد النكاح بلفظ مخصوص ولو مآلا اه. أقول: والجواب عن الأول أن الطلاق اسم بمعنى المصدر الذي هو التطليق كالسلام والسراح بمعنى التسليم والتسريح، أو مصدر طلقت بضم اللام أو فتحها طلاقا كالفساد، كذا في الفتح، وتقدم أنه لغة: رفع الوثاق مطلقا: أي حسيا كوثاق البعير والأسير، ومعنويا كما هنا، وأن المعنى الشرعي مستعمل في اللغة أيضا، فقد ثبت أن حقيقة الطلاق الشرعي هو الحدث الذي هو مدلول المصدر لا نفس اللفظ، لكن لما كان أمرا معنويا لا يتحقق إلا بلفظه المستعمل فيه قبل إن ركنه اللفظ، فليس اللفظ حقيقته بل دال عليه، فلذا قال المصنف تبعا للفتح: إنه رفع قيد النكاح بلفظ مخصوص. وعن الثاني والثالث أن المراد بالقيد العقد، ولذا قال في الجوهرة: هو في الشرع عبارة عن المعنى الموضوع لحل عقدة النكاح، فقد فسره بالمعنى المصدري كما قلنا أولا وعبر عن رفع القيد بحل العقدة: أي بفك رابطة النكاح استعارة، والمراد برفع العقد رفع أحكامه، لأن العقود كلمات لا تبقى بعد التكلم بها كما حققه في التلويح في بحث العلل وعن هذا قال في البدائع: وأما بيان ما يرفع حكم النكاح فالطلاق، وقال قبله: للنكاح الصحيح أحكام بعضها أصلي وبعضها من التوابع: فالأول حل الوطئ إلا لعارض. والثاني حل النظر وملك المتعة وملك الحبس وغير ذلك اه. وأما ما ورد في البحر من أن من آثار العقد العدة في المدخول بها فلذا لم يفسروه برفع العقد، ففيه أن العدة ليست من أحكام النكاح لأنه غير موضوع لها، وكونها من آثاره لا ينافي وجودها بعد رفع أحكامه كما أن نفس الطلاق من آثار عقد النكاح، ولا يصح أن يكون من أحكامه،
249 بيان ذلك أن العقود علل لأحكامها كما صرحوا به. وقالوا أيضا: إن الخارج المتعلم بالحكم إن كان مؤثرا فيه فهو العلة، وإن كان مفضيا إليه بلا تأثير فهو السبب، وإن لم يكن مؤثرا فيه ولا مفضيا إليه: فإن توقف عليه وجود الحكم فهو الشرط، وإلا فإن دل عليه فهو العلامة، وتمامه في كتب الأصول، ولا شبهة أن عقد النكاح علة لحل الوطئ ونحوه لا لرفع الحل، بل رفع الحل علته الطلاق لأنه وضع له، نعم النكاح شرطه كما أن الطلاق شرط لوجوب العدة الواجبة لأجله، فقد صرحوا في باب العدة أن شرطها رفع النكاح أو شبهته، فالنكاح شرط لانعقاد الطلاق شرطا للعدة فصح كونها من آثاره بهذا الاعتبار، فافهم. قوله: (في الحال البائن) متعلقان برفع. قوله: (أو المآل) أي بعد انقضاء العدة أو انضمام طلقتين إلى الأولى، وعليه فلو ماتت في العدة أو بعد ما راجعها ينبغي أن يتبين عدم وقوع الطلقة الأولى، حتى لو حلف أنه لم يوقع عليها طلاقا قط لا يحنث. بحر وفيه أن المراجعة تقتضي وقوع الطلاق، فقد صرح الزيلعي وغيره بأن المراجعة بدون وقوع الطلاق محال. مقدسي. فالصواب في تعريفه الشامل لنوعيه ما في القهستاني، من أنه إزالة النكاح أو نقصان حله بلفظ مخصوص. قلت: ولذا قال في البدائع: أمر الطلاق الرجعي فالحكم الأصلي له نقصان العدد، فأما زوال الملك وحل الوطئ فليس بحكم أصلي له لازم حتى لا يثبت للحال بل بعد انقضاء العدة، وهذا عندنا. وعند الشافعي زوال حل الوطئ من أحكامه الأصلية له حتى لا يحل له وطؤها قبل المراجعة. قوله: (هو ما اشتمل على الطلاق) أي على مادة ط ل ق صريحا، مثل أنت طالق، أو كناية كمطلقة بالتخفيف وكانت ط ل ق وغيرهما كقول القاضي فرقت بينهما عند إباء الزوج الاسلام، والعنة واللعان وسائر الكنايات المفيدة للرجعة والبينونة ولفظ الخلع فتح، لكن قوله وغيرهما: أي غير الصريح والكناية يفيد أن قول القاضي فرقت، والكنايات ولفظ الخلع مما اشتمل على ما مادة ط ل ق وليس كذلك، فالمناسب عطفه على ما اشتمل، والضمير عائد على وثناه نظرا للمعنى لأنه واقع على الصريح والكناية. قوله: (فخرج الفسوخ الخ) قال في الفتح: فخرج تفريق القاضي في إبائها، وردة أحد الزوجين، وتباين الدار حقيقة وحكما، وخيار البلوغ، والعتق، وعدم الكفاءة، ونقصان المهر فإنها ليست طلاقا اه. وقد مر نظما في باب الولي، ما هو طلاق وما هو فسخ وما يشترط فيه قضاء القاضي وما لا يشترط فراجعه. قوله: (وبهذا) أي بزيادة قوله: أو المآل وقوله: بلفظ مخصوص. قوله: (عبارة الكنز والملتقى) هي رفع القيد الثابت شرعا بالنكاح. قوله: (منقوضة طردا وعكسا) أي أنها غير مانعة لدخول الفسوخ فيها وغير جامعة لخروج الرجعي. قوله: (كريبة) هي الظن والشك: أي ظن الفاحشة. قوله: (والمذهب الأول) لاطلاق قوله تعالى: * (فطلقوهن لعدتهن ) * سورة الطلاق: الآية 1) * (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء) * (سورة البقرة: الآية 632) ولأنه (ص) طلق حفصة لا لريبة ولا كبر، وكذا فعله الصحابة، والحسن بن علي رضي الله عنهما استكثر النكاح والطلاق. وأما ما رواه أبو داود أنه (ص) قال: أبغض الحلال إلى الله عز وجل الطلاق فالمراد بالحلال ما ليس فعله بلازم
250 الشامل للمباح والمندوب والواجب والمكروه كما قاله الشمني. بحر. ملخصا. قلت: لكن حاصل الجواب أن كونه مبغوضا لا ينافي كونه حلالا، فإن الحلال بهذا المعنى يشمل المكروه وهو مبغوض، بخلاف ما إذ أريد بالحلال ما لا يترجح تركه على فعله، وأنت خبير أن هذا: الجواب مؤيد للقول الثاني، ويأتي بعده تأييده أيضا، فافهم. قوله: (وقولهم الخ) جواب عن قوله في الفتح إن قولهم بإباحته وإبطالهم قول من قال لا يباح إلا لكبر أو ريبة بأنه (ص) طلق حفصة ولم يقترن بواحد منهما مناف لقولهم الأصل فيه الحظر، لما فيه من كفران نعمة النكاح والإباحة للحاجة إلى الخلاص، ولحديث: أبغض الحلال إلى الله تعالى الطلاق وأجاب في البحر بأن هذا الأصل لا يدل على أنه محظور شرعا، وإنما يفيد أن الأصل فيه الحظر وترك ذلك بالشرع فصار الحل هو المشروع، فهو نظير قولهم: الأصل في النكاح الحظر، وإنما أبيح للحاجة إلى التوالد والتناسل، فهل يفهم منه أنه محظور فالحق إباحته لغير حاجة طلبا للخلاص منها للأدلة المارة اه. أقول: لا يخفى ما بين الأصلين من الفرق، فإن الحظر الذي هم الأصل في النكاح قد زال بالكلية، فلم يبق فيه حظر أصلا إلا لعارض خارجي بخلاف الطلاق، فقد صرح في الهداية بأنه مشروع فيه ذاته من حيث إنه إزالة الرق، وأن هذا لا ينافي الحظر لمعنى في غيره، وهو ما فيه من قطع النكاح الذي تعلقت به المصالح الدينية والدنيوية اه. فهذا صريح في أنه مشروع ومحظور من جهتين، وأنه لا منافاة في اجتماعهما لاختلاف الحيثية كالصلاة في الأرض المغصوبة، فكون الأصل فيه الحظر لم يزل بالكلية بل هو باق إلى الآن، بخلاف الحظر في النكاح فإنه من حيث كونه انتفاعا بجزء الآدمي المحترم واطلاعا على العورات قد زال للحاجة إلى التوالد وبقاء العالم. وأما الطلاق فإن الأصل فيه الحظر، بمعنى أنه محظور إلا لعارض يبيحه، وهو معنى قولهم: الأصل فيه الحظر والإباحة للحاجة إلى الخلاص، فإذا كان بلا سبب أصلا لم يكن فيه حاجة إلى الخلاص، بل يكون حمقا وسفاهة رأي ومجرد كفران النعمة وإخلاص الايذاء بها وبأهلها وأولادها، ولهذا قالوا: إن سببه الحاجة إلى الخلاص عند تباين الأخلاق وعروض البغضاء الموجبة عدم إقامة حدود الله تعالى، فليست الحاجة مختصة بالكبر والريبة كما قيل، بل هي أعم كما اختاره في الفتح، فحيث تجرد عن الحاجة المبيحة له شرعا يبقى على أصله من الحظر، ولهذا قال تعالى: * (فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا) * (سورة النساء: الآية 43) أي لا تطلبوا الفراق، وعليه حديث أبغض الحلال إلى الله عز وجل الطلاق قال في الفتح: ويحمل لفظ المباح على ما أبيح في بعض الأوقات: أعني أوقات تحقق الحاجة المبيحة اه. وإذا وجدت الحاجة المذكورة أبيح، وعليها يحمل ما وقع منه (ص) ومن أصحابه وغيرهم من الأئمة صونا لهم عن العبث والإيذاء بلا سبب، فقوله في البحر: إن الحق إباحته لغير حاجة طلبا للخلاص منها، إن أراد بالخلاص منها الخلاص بلا سبب كما هو المتبادر منه فهو ممنوع لمخالفته لقولهم: إن إباحته للحاجة إلى الخلاص، فلم يبيحوه إلا عند الحاجة إليه لا عند مجرد إرادة الخلاص، وإن أراد الخلاص عند الحاجة إليه فهو المطلوب. وقوله في البحر أيضا: إن ما صححه في الفتح اختيار للقول الضعيف وليس المذهب عن علمائنا، فيه نظر، لان الضعيف هو عدم إباحته إلا لكبر أو ريبة. والذي صححه في الفتح عدم التقييد بذلك كما هو مقتضى إطلاقهم الحاجة.
251 وبما قررناه أيضا زال التنافي بين قولهم بإباحته، وقولهم إن الأصل فيه الحظر لاختلاف الحيثية، وظهر أيضا أنه لا مخالفة بين ما ادعاه أنه المذهب وما صححه في الفتح، فاغتنم هذا التحرير فإنه من فتح القدير. قوله: (بل يستحب) إضراب انتقالي ط. قوله: (لو مؤذية) أطلقه فشمل المؤذية له أو لغيره بقولها أو بفعلها ط. قوله: (أو تاركة صلاة) الظاهر أن ترك الفرائض غير الصلاة كالصلاة. وعن ابن مسعود: لان ألقى الله تعالى وصداقها بذمتي خير من أن أعاشر امرأة لا تصلي ط. قوله: (ومفاده) أي مفاد استحباب طلاقها، وهذا قاله في البحر. وقال ولهذا قالوا في الفتاوى: له أن يضربها على ترك الصلاة، ولم يقولوا عليه مع أن في ضربها على تركها روايتين ذكرهما قاضيخان اه. قوله: (لو فات الامساك بالمعروف) كما لو كان خصيا أو مجبوبا أو عنينا أو شكازا أو مسحرا. والشكاز: بفتح الشين المعجمة وتشديد الكاف وبالزاي هو الذي تنتشر آلته للمرأة قبل أن يخالطها، ثم لا تنتشر آلته بعده لجماعها. والمسحر بفتح الحاء المشددة وهو المسحور، ويسمى المربوط في زماننا. ح عن شرح الوهبانية. قوله: (لو بدعيا) يأتي بيانه. قوله: (ومن محاسنه التخلص به من المكاره) أي الدينية والدنيوية. بحر: أي كأن عجز عن إقامة حقوق الزوج، أو كان لا يشتهيها. قال في الفتح: ومنها: أي من محاسنه جعله بيد الرجال دون النساء لاختصاصهن بنقصان العقل وغلبة الهوى ونقصان الدين. ومنها شرعه ثلاثا، لان النفس كذوبة ربما تظهر عدم الحاجة إليها ثم يحصل الندم فشرع ثلاثا ليجرب نفسه أولا وثانيا اه ملخصا. مطلب: طلاق الدور قوله: (وبه) أي بكون التخلص المذكور من محاسنه، إذ لو لم يقع طلاق الدور لفاتت هذه الحكمة اه ح. وسمي بالدور لأنه دار الامر بين متنافيين، لأنه يلزم من وقوع المنجز وقوع الثلاث المعلقة قبله، ويلزم من وقوع الثلاث قبله عدم وقوعه، فليس المراد الدور المصطلح عليه في علم الكلام، وهو توقف كل من الشيئين على الآخر، فيلزم توقف الشئ على نفسه وتأخره، إما بمرتبة أو مرتبتين ط. قوله: (واقع) أي إذا طلقها واحدة يقع ثلاث: الواحدة المنجزة وثنتان من المعلقة، ولو طلقها ثنتين وقعتا وواحدة من المعلقة، أو طلقها ثلاثا يقعن فينزل الطلاق المعلق لا يصادف أهلية فيلغو، ولو قال: إن طلقتك فأنت طالق قبله ثم طلقها واحدة وقع ثنتان: المنجزة والمعلقة، وقس على ذلك، كذا في فتح القدير. قوله: (حتى لو حكم الخ) تفريع على قوله: واقع إجماعا ثم هذا ذكره المصنف أيضا عن جواهر الفتاوى، فإنه قال: ولو حكم حاكم بصحة الدور وبقاء النكاح وعدم وقوع الطلاق لا ينفذ حكمه، ويجب على حاكم آخر تفريقهما، لان مثل هذا لا يعد خلافا لأنه قول مجهول باطل فاسد ظاهر البطلان، ونقل قبله عن جواهر الفتاوى أن هذا القول لأبي العباس بن سريج
252 من أصحاب الشافعي، وأنه أنكر عليه جميع أئمة المسلمين، وأنه قول مخترع، فإن الأمة من الصحابة والتابعين وأئمة السلف من أبي حنيفة والشافعي وأصحابهما أجمعت على أن طلاق المكلف واقع اه. قلت: لكن يشكل على دعوى الاجماع أن كثيرا من أئمة الشافعية قالوا بصحة الدور، كالمزني وابن الحداد والقفال والقاضي أبي الطيب والبيضاوي، وكذا الغزالي والسبكي، لكنهما رجعا عنه. وقد عزا في فتح القدير القول ببطلان الدور إلى بعض المتأخرين من مشايخنا والقول بصحته، وأنها لا تطلق إلى أكثرهم، وانتصر له صاحب البحر، لكن رأيت مؤلفا حافلا للعلامة ابن حجر المكي في بطلانه، وأنه قول أكثر الشافعية، وإن القرافي من المالكية نقل عن شيخه العز بن عبد السلام الشافعي الملقب بسلطان العلماء أنه لا يصح، بل يحرم تقليد القائل بصحته وينقض قضاء القاضي به لمخالفته لقواعد الشرع، وقال: إنه شنع على القائل به جماعة من الحنفية والمالكية والحنابلة، وأنه نقل بعض الأئمة عن أبي حنيفة وأصحابه الاتفاق على فساد الدور، وإنما وقع عنهم في وقوع الثلاث أو المنجز وحده، وأن شارح الارشاد قال: إن المعتمد في الفتوى وقوع المنجز، وعليه العمل في الديار المصرية والشامية، وعزاه الرافعي إلى أبي حنيفة، وأنه بالغ السروجي من الحنفية فقال: إنه يشبه مذاهب النصارى أنه لا يمكن الزوج إيقاع طلاق على زوجته مدة عمره اه ملخصا. وذكر في فتح القدير أيضا أن القول بصحة الدور مخالف لحكم اللغة ولحكم العقل ولحكم الشرع، وقرره بما لا مزيد عليه فارجع إليه. تنبيه: قد بان لك أن المعتمد عنه الشافعية وقوع المنجز فقط بناء على إبطال الكلام كله وهو جملة التعليق، وقد مر عن الفتح الجزم بوقوع الثلاث عندنا بناء على إبطال لفظ قبله فقط، لان الدور إنما حصل به، ونقل ابن حجر عن مغني الحنابلة حكاية القولين عندهم، وقدمنا ما يفيد أن الخلاف ثابت عندنا أيضا، والله أعلم. قوله: (وأقسامه ثلاثة الخ) يأتي بيانها قريبا. قوله: (صريح) هو ما لا يستعمل إلا في حل عقدة النكاح، سواء كان الواقع به رجعيا أو بائنا كما سيأتي بيانه في الباب الآتي. قوله: (وملحق به) أي من حيث عدم احتياجه إلى النية كلفظ التحريم أو من حيث وقوع الرجعي به وإن احتاج إلى نية كاعتدي، واستبرئي رحمك، وأنت واحدة. إفادة الرحمتي. قوله: (وكناية) هي ما لم يوضع للطلاق واحتمله وغيره كما سيأتي في بابه. قوله: (ومحله المنكوحة) أي ولو معتدة عن طلاق رجعي أو بائن غير ثلاث في حرة وثنتين في أمة أو عن فسخ بتفريق لآباء أحدهما عن الاسلام أو بارتداد أحدهما، ونظم ذلك المقدسي بقوله: بعدة عن الطلاق يلحق أو ردة بالإباء يفرق بخلاف عدة الفسخ بحرمة مؤبدة كتقبيل ابن الزوج، أو غير مؤبدة كالفسخ بخيار عتق وبلوغ وعدم كفاءة ونقصان مهر وسبي أحدهما ومهاجرته، فلا يقع الطلاق فيها كما حرره في البحر عن الفتح، وكذا ما سيأتي آخر الباب: لو حررت زوجها حين ملكته فطلقها في العدة لا يقع، ويأتي تمام الكلام عليه آخر الكنايات. قوله: (وأهله زوج عاقل الخ) احترز بالزوج عن سيد العبد ووالد
253 الصغير، وبالعاقل ولو حكما عن المجنون والمعتوه والمدهوش والمبرسم والمغمى علية، و (بخلاف السكران مضطرا أو مكرها، وبالبالغ عن الصبي ولو مراهقا، وبالمستيقظ عن النائم. وأفاد أنه لا يشترط كونه مسلما صحيحا طائعا جادا عامدا فيقع طلاق العبد والسكران بسبب محظور، والكافر والمريض والمكره والهازل والمخطئ كما سيأتي. قوله: (وركنه لفظ مخصوص) هو ما جعل دلالة على معنى الطلاق من صريح أو كناية فخرج الفسوخ على ما مر، وأراد اللفظ ولو حكما ليدخل الكتابة المستبينة وإشارة الأخرس وإشارة إلى العدد بالأصابع في قوله أنت طالق هكذا كما سيأتي، وبه ظهر أن من تشاجر مع زوجته فأعطاها ثلاثة أحجار ينوي الطلاق ولم يذكر لفظا صريحا ولا كناية لا يقع عليه كما أفتى به الخير الرملي وغيره، وكذا ما يفعله بعض سكان البوادي من أمرها بحلق شعرها لا يقع به طلاق وإن نواه. قوله: (خال عن الاستثناء) أما إذا صاحبه استثناء بشروطه فلا يتحقق طلاق كقوله: إن شاء الله تعالى، أو: إلا أن يشاء الله تعالى. زاد في البحر: وأن لا يكون الطلاق انتهاء غاية، فإنه لو قال أنت طالق من واحدة إلى ثلاث لم تقع الثالثة عند الامام ط. قوله: (طلقة) التاء للوحدة، وقيد بها لان الزائد عليها بكلمة واحدة بدعي ومتفرقا ليس بأحسن. بحر. قوله: (رجعية) فالواحدة البائنة بدعية في ظاهر الرواية، وفي رواية: الزيادات لا تكره. بحر عن الفتح. ثم ذكر عن المحيط أن الخلع في حالة الحيض لا يكره بالاجماع لأنه لا يمكن تحصيل العوض إلا به اه. وسيذكره الشارح، ويأتي تمامه. قوله: (في طهر) هذا صادق بأوله وآخره، قيل والثاني أولى احترازا من تطويل العدة عليها، وقيل الأول. قال في الهداية: وهو الأظهر من كلام محمد. نهر، واحترز به عن الحيض فإنه فيه بدعي كما يأتي. قوله: (لا وطئ فيه) جملة في محل جر صفة لطهر، ولم يقل منه ليدخل في كلامه ما لو وطئت بشبهة فإن طلاقها فيه حينئذ بدعي نص عليه الأسبيجابي، لكن يرد عليه الزنى، فإن الطلاق في طهر وقع فيه سني، حتى لو قال لها أنت طالق للسنة وهي طاهرة ولكن وطئها غيره، فإن كان زنى وقع، وإن بشبهة فلا، كذا في المحيط، وكأن الفرق أن وطئ الزنى لم يترتب عليه أحكام النكاح فكان هدرا، بخلاف الوطئ بشبهة، وبهذا عرف أن كلام المصنف أولى من قول غيره لم يجامعها فيه، لكن لا بد أن يقول: ولا في حيض قبله ولا طلاق فيهما، ولم يظهر حملها، ولم تكن آيسة ولا صغيرة كما في البدائع: لأنه لو طلقها في طهر وطئها في حيض قبله كان بدعيا، وكذا لو كان قد طلقها فيه وفي هذا الطهر، لان الجمع بين تطليقتين في طهر واحد مكروه عندنا، ولو طلقها بعد ظهور حملها أو كانت ممن لا تحيض في في طهر وطئها فيه لا يكون بدعيا لعدم العلة: أعني تطويل العدة عليهما. نهر. قوله: (وتركها حتى تمضي عدتها) معناه الترك من غير طلاق آخر لا الترك مطلقا، لأنه إذا راجعها لا يخرج الطلاق عن كونه أحسن. بحر. قوله: (أحسن) أي من القسم لأنه الثاني متفق عليه. بخلاف الثاني فإن مالكا قال بكراهته لاندفاع الحاجة بواحدة بحر عن المعراج. قوله: (بالنسبة إلى البعض الآخر) أي لا أنه في نفسه حسن، فاندفع به ما قيل كيف يكون حسنا مع أنه أبغض الحلال، وهذا أحد قسمي المسنون، ومعنى المسنون هنا ما ثبت على وجه لا يستوجب عتابا لا أنه المستعقب للثواب، لان الطلاق ليس عبادة في نفسه ليثبت له ثواب، فالمراد هنا المباح، نعم لو وقعت له داعية أن يطلقها بدعيا فمنع
254 نفسه إلى وقت السني يثاب على كف نفسه عن المعصية لا عن نفس الطلاق ككف نفسه عن الزنى مثلا بعد تهيؤ أسبابه ووجود الداعية، فإنه يثاب لا على عدم الزنى لأن الصحيح أن المكلف به الكف لا العدم كما عرف في الأصول. بحر وفتح. قوله: (وطلقة) مبتدأ ولغير موطوءة أي مدخول بها متعلق بمحذوف صفة له، وكذا الجار في قوله ولو في حيض وقوله: ولموطوءة متعلق بتفريق أو حال منه على رأي، وتفريق معطوف بهذه الواو على المبتدأ قبله، وقوله: في ثلاث أطهار متعلق ب تفريق أيضا، وقوله: فيمن تحيض حال من ثلاث المضاف إليه تفريق لكونه مفعوله في المعنى، وقوله: وفي ثلاثة أشهر عطف على في ثلاثة أطهار وقوله: حسن خبر المبتدأ وما عطف عليه. وحاصله أن السنة في الطلاق من وجهين العدد والوقت، فالعدد وهو أن لا يزيد على الواحدة بكلمة واحدة لا فرق فيه بين المدخولة وغيرها، لكنه في المدخولة خاص بما إذا كان في طهر لا وطئ فيه ولا في حيض قبله كما مر وإلا فهو بدعي، وفي غيرها لا فرق بين كونه في طهر أو في حيض، لان الوقت: أعني الطهر الخالي عن الجماع خاص بالمدخولة، فلزم في المدخولة مراعاة الوقت والعدد، بأن يطلقها واحدة في الطهر المذكور فقط وهو السني الأحسن، أو ثلاثا مفرقة في ثلاثة أطهار أو أشهر وهو السني الحسن. وذكر في البحر عن المعراج أن الخلوة كالوطئ هنا، وتقدم التصريح بذلك في أحكام الخلوة من كتاب النكاح. قوله: (في ثلاثة أطهار) أي إن كانت حرة، وإلا ففي طهرين. برجندي، والخلاف المتقدم في أول الطهر، وآخره يجري هنا كما نبه عليه في البحر. قوله: (ولا طلاق فيه) أي في الحيض، لأنه بمنزلة ما لو أوقع التطليقتين في هذا الطهر وهو مكروه، وإنما لم يقل ولا طلاق فيه ولا في الطهر لان الموضوع تفريق الثلاث في ثلاثة أطهار ط. قوله: (وفي ثلاثة أشهر) أي هلالية إن طلقها في أول الشهر وهو الليلة التي رؤي فيها الهلال، وإلا اعتبر كل شهر ثلاثين يوما في تفريق الطلاق اتفاقا، وكذا في حق انقضاء العدة عنده. وعندهما شهر بالأيام وشهرين بالأهلة. قال في الفتح: قيل الفتوى على قولهما لأنه أسهل، وليس بشئ اه. قوله: (في حق غيرها) أي في حق من بلغت بالسن ولم تر دما أو كانت حاملا أو صغيرة لم تبلغ تسع سنين على المختار، أو آيسة بلغت خمسا وخمسين سنة على الراجح، أما ممتدة الطهر فمن ذوات الأقراء لأنها شابة رأت الدم فلا يطلقها للسنة إلا واحدة ما لم تدخل فحد الإياس، إذ الحيض مرجو في حقها صرح به غير واحد. نهر. قال في البحر فعلى هذا لو كان قد جامعها في الطهر وامتد لا يمكن تطليقها للسنة حتى تحيض ثم تطهر وهي كثيرة الوقوع في الشابة التي لا تحيض زمان الرضاع اه. قلت: وتقييد الصغيرة بالتي لم تبلغ تسعا يفيد أن التي بلغتها لا يفرق طلاقها على الأشهر وليس كذلك وإنما تظهر فائدته في قوله بعده: وحل طلاقهن عقب وطئ كما تعرفه. قوله: (بالأولى) لان الأول أحسن منه، وهذا جواب لصاحب النهر عن قول الفتح: لا وجه لتخصيص هذا
255 باسم طلاق السنة، لان الأول أيضا كذلك، فالمناسب تمييزه بالمفضول من طلاق السنة اه. قوله: (أي الآيسة والصغيرة والحامل) أي المفهومات من قوله: في غيرها وكان الأولى للمصنف التصريح بهن هناك ليعود الضمير في طلاقهن إلى مذكور صريحا، ولئلا يرد عليه من بلغت بالسن وامتد طهرها أو بلغت تسعا كما يظهر مما بعده. قوله: (لان الكراهة الخ) أي لان كراهة الطلاق في طهر جامع فيه ذوات الحيض لتوهم الحبل فيشتبه وجه العدة أنها بالحيض أو بالوضع. قال في الفتح: وهذا الوجه يقتضي في التي لا تحيض لا لصغر ولكبر، بل اتفق امتداد طهرها متصلا بالصغر وفي التي لم تبلغ بعد وقد وصلت إلى سن البلوغ أن لا يجوز تعقيب وطئها بطلاقها لتوهم الحبل في كل منهما اه. وقال قبله: وفي المحيط قال الحلواني: هذا في صغيرة لا يرجى حبها، أما فيمن يرجى فالأفضل له أن يفصل بين وطئها وطلاقها بشهر كما قال زفر. ولا يخفى أن قول زفر ليس هو أفضلية الفصل بل لزومه اه. وأجاب في البحر بأن التشبيه إنما هو بأصل الفاصل وهو الشهر لا في الأفضلية اه. واحترز بقوله متصلا بالصغر: أي بأن بلغت بالسن وامتد طهرها عمن امتد طهرها بعد ما بلغت بالحيض فإنها لا تطلق للسنة إلا واحدة كما مر، لأنها شابة قد رأت الدم وهو مرجو الوجود ساعة فساعة، فبقي فيها أحكام ذوات الأقراء، بخلاف من بلغت ولم تر الدم أصلا. قوله: (والبدعي) منسوب إلى البدعة، والمراد بها هنا المحرمة لتصريحهم بعصيانه. بحر: قوله: (ثلاثة متفرقة) وكذا بكلمة واحدة بالأولى. وعن الامامية: لا يقع بلفظ الثلاث ولا في حالة الحيض لأنه بدعة محرمة. وعن ابن عباس: يقع به واحدة، وبه قال ابن إسحاق وطاوس وعكرمة، لما في مسلم أن ابن عباس قال: كان الطلاق على عهد رسول الله (ص) وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر: إن الناس قد استعجلوا في أمر كان لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم. وذهب جمهور الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أئمة المسلمين إلى أنه يقع ثلاث. قال في الفتح بعد سوق الأحاديث الدالة عليه: وهذا يعارض ما تقدم، وأما إمضاء عمر الثلاث عليهم مع عدم مخالفة الصحابة له وعلمه بأنها كانت واحدة فلا يمكن إلا وقد اطلعوا في الزمان المتأخر على وجود ناسخ أو لعلمهم بانتهاء الحكم لذلك لعلمهم بإناطته بمعان علموا انتفاءها في الزمن المتأخر وقول بعض الحنابلة: توفي رسول الله (ص) عن مائة ألف عين رأته، فهل صح لكم عنهم أو عن عشر عشر عشرهم القول بوقوع الثلاث باطل؟ أما أولا فإجماعهم ظاهر، لأنه لم ينقل عن أحد منهم أنه خالف عمر حين أمضى الثلاث، ولا يلزم في نقل الحكم الإجماعي عن مائة ألف تسمية كل في مجلد كبير لحكم واحد على أنه إجماع سكوتي. وأما ثانيا فالعبرة في نقل الاجماع نقل ما عن المجتهدين والمائة ألف لا يبلغ عدة المجتهدين الفقهاء منهم أكثر من عشرين كالخلفاء والعبادلة وزيد بن ثابت ومعاذ بن جبل وأنس وأبي هريرة، والباقون يرجعون إليهم ويستفتون منهم. وقد ثبت
256 النقل عن أكثرهم صريحا بإيقاع الثلاث ولم يظهر لهم مخالف. فماذا بعد الحق إلا الضلال. وعن هذا قلنا: لو حكم حاكم بأنها واحدة لم ينفذ حكمه لأنه لا يسوغ الاجتهاد فيه، فهو خلاف لا اختلاف، وغاية الامر فيه أن يصير كبيع أمهات الأولاد أجمع على نفيه وكن في الزمن الأول يبعن اه ملخصا. ثم أطال في ذلك. قوله: (في طهر واحد) قيد للثلاث والثنتين. قوله: (لا رجعة فيه) فلو تخلل بين الطلقتين رجعة لا يكره إن كانت بالقول أو بنحو القبلة أو اللمس عن شهوة، لا بالجماع إجماعا لأنه طهر فيه جماع، وهذا على رواية الطحاوي الآتية. وظاهر الرواية أن الرجعة لا تكون فاصلة، وكذا لو تخلل النكاح. أفاده في البحر. قوله: (وطئت فيه) أي ولم تكن حبلى ولا آيسة ولا صغيرة لم تبلغ تسع سنين كما مر. قوله: (في حيض موطوءة) أي مدخول بها، ومثلها المختلى بها كما مر. قوله: (لكان أوجز وأفود) أما الأول فظاهر، وأما الثاني فلانه يشمل ما ذكره ويشمل الطلاق البائن كما مر، وما لو طلقها في النفاس فإنه بدعي كما في البحر، وما لو طلقها في طهر لم يجامعها فيه بل في حيض قبله، وما لو طلقها في طهر طلقها في حيض قبله، فافهم. قوله: (وتجب رجعتها) أي الموطوءة المطلقة في الحيض. قوله: (على الأصح) مقابله قول القدوري: إنها مستحبة، لان المعصية وقعت فتعذر ارتفاعها، ووجه الأصح قوله (ص) لعمر في حديث ابن عمر في الصحيحين مر ابنك فليراجعها حين طلقها في حالة الحيض، فإنه يشتمل على وجوبين: صريح وهو الوجوب على عمر أن يأمر. وضمني، وهو ما يتعلق بابنه عند توجيه الصيغة إليه، فإن عمر نائب فيه عن النبي (ص) فهو كالمبلغ، وتعذر ارتفاع المعصية لا يصلح صارفا للصيغة عن الوجوب لجواز إيجاب رفع أثرها وهو العدة وتطويلها، إذ بقاء الشئ ما هو أثره من وجه فلا تترك الحقيقة، وتمامه في الفتح. قوله: (رفعا للمعصية) بالراء، وهي أولى من نسخة الدال ط: أي لان الدفع بالدال لما لم يقع والرفع بالراء للواقع والمعصية هنا وقعت، والمراد رفع أثرها وهو العدة وتطويلها كما علمت، لان رفع الطلاق بعد وقوعه غير ممكن. قوله: (فإذا طهرت طلقها إن شاء) ظاهر عبارته أنه يطلقها في الطهر الذي طلقها في حيضه وهو موافق لما ذكره الطحاوي، وهو رواية عن الامام، لان أثر الطلاق انعدم بالمراجعة فكأنه لم يطلقها في هذه الحيضة فيسن تطليقها في طهرها، لكن المذكور في الأصل وهو ظاهر الرواية كما في الكافي وظاهر المذهب، وقول الكل كما في فتح القدير: إنه إذا راجعها في الحيض أمسك عن طلاقها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر فيطلقها ثانية. ولا يطلقها في الطهر الذي يطلقها في حيضه لأنه بدعي، كذا في البحر والمنح وعبارة المصنف تحتمله اه ح ويدل لظاهر الرواية حديث الصحيحين مر ابنك فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض فتطهر فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها قبل أن يمسها، فتلك العدة كما أمر الله عز وجل بحر. قال في الفتح: ويظهر من لفظ الحديث تقييد الرجعة بذلك الحيض الذي أوقع فيه، وهو المفهوم من كلام الأصحاب إذا تؤمل، فلو لم يفعل حتى طهرت تقررت المعصية اه. وقد يقال: هذا ظاهر على رواية الطحاوي، أما على المذهب فينبغي أن لا تقرر المعصية حتى يأتي الطهر الثاني. بحر.
257 قلت: وفيه نظر، فإنه حيث كان ذلك هو المفهوم من الحديث وكلام الأصحاب يحمل المذهب عليه، فتأمل. قوله: (قيد بالطلاق) أي في قوله: أو في حيض موطوءة والمراد أيضا بالطلاق الرجعي احترازا عن البائن فإنه بدعي في ظاهر الرواية وإن كان في الطهر كما مر. قوله: (لان التخيير الخ) أي قوله لها اختاري نفسك وهي حائض، وكذا لو اختارت نفسها. قال في الذخيرة عن المنتقى: ولا بأس بأن يخلعها في الحيض إذا رأى منها ما يكره، ولا بأس بأن يخيرها في الحيض، ولا بأس بأن تختار نفسها في الحيض، ولو أدركت فاختارت نفسها فلا بأس للقاضي أن يفرق بينهما في الحيض اه. وفي البدائع: وكذا إذا أعتقت فلا بأس بأن تختار نفسها وهي حائض، وكذا امرأة العنين اه. وكذا الطلاق على مال لا يكره في الحيض كما صرح به في البحر عن المعراج، والمراد بالخلع ما إذا كان خلعا بمال، لما قدمناه عن المحيط من تعليل عدم كراهته بأنه لا يمكن تحصيل العوض إلا به. وفي الفتح: من فصل المشيئة عن الفوائد الظهيرية: لو قال لها طلقي نفسك من ثلاث ما شئت فطلقت نفسها ثلاثا على قولهما أو ثنتين على قوله لا يكره لأنها مضطرة، فإنها لو فرقت خرج الامر من يدها اه. قوله: (لا يكره) لأن علة الكراهة دفع الضرر عنها بتطويل العدة، لان الحيضة التي وقع فيها الطلاق لا تحسب من العدة وبالاختيار والخلع قد رضيت بذلك. رحمتي. وفيه أنه يلزم حل الطلاق مطلقا في الحيض إذا رضيت به مع أن إطلاقهم الكراهة ينافيه، فالأظهر تعليل الخلع والطلاق بعوض بما مر عن المحيط، وبأن التخيير ليس طلاقا بنفسه لأنها لا تطلق ما لم تختر نفسها فصارت كأنها أوقعت الطلاق على نفسها في الحيض، والممنوع هو الرجل لا هي أو القاضي، هذا ما ظهر لي، فتأمل. قوله: (والنفاس كالحيض) قال في البحر، ولما كان المنع منه الطلاق في الحيض لتطويل العدة عليها كان النفاس مثله كما في الجوهرة. قوله: (قال لموطوءته) أي ولو حكما كالمختلى بها كما مر. قوله: (للسنة) اللام فيه للوقت وليست اللام بقيد، فمثلها في السنة أو عليها أو معها، وكذا السنة بقيد بل مثلها ما في معناه، كطلاق العدل وطلاقا عدلا وطلاق العدة أو للعدة وطلاق الدين أو الاسلام أو أحسن الطلاق أو أجمله أو طلاق الحق أو القرآن أو الكتاب، وتمامه في البحر. قوله: (وتقع أولاها) أي أولى المذكورات من الثلاث أو الثنتين، فافهم. وقوله: في طهر لا وطئ فيه أي ولا في حيض قبله كما يفيده ما تقدم، فإن كان ذلك الطهر هو الذي طلقها فيه تقع فيه واحدة للحال، ثم عند كل طهر أخرى، وإن كانت حائضا أو جامعها فيه لم تطلق حتى تحيض ثم تطهر كما في البحر. قوله: (فلو كانت غير موطوءة) محترز قوله: لموطؤته وقوله: أو لا تحيض محترز قوله: وهي ممن تحيض وشمل من لا تحيض الحامل خلافا لمحمد كما في البحر. قوله: (تقع واحدة للحال) أي في الصورتين، وأطلق في الحال فشمل
258 حالة الحيض. قوله: (ثم كلما نكحها) راجع للصورة الأولى: أي فإذا وقعت عليها واحدة للحال بانت منه بلا عدة لأنه طلاق قبل الدخول فلا يقع غيرها، ما لم يتزوجها فتقع أخرى بلا عدة، فإذا تزوجها أيضا وقعت الثلاثة. وعلله في البحر بأن زوال الملك بعد اليمين لا يبطلها اه. فتأمل. قوله: (أو مضى شهر) يرجع إلى الصورة الثانية. قوله: (وإن نوى الخ) أفاد أن وقوع الثلاث على الأطهار مقيد بما إذا نواه أو أطلق. أما إذا نوى غيره فإنه يصح. نهر. قوله: (لأنه محتمل كلامه) وهذا لان اللام كما جاز أن تكون للوقت جاز أن تكون للتعليل: أي لأجل السنة التي أوجبت وقوع الثلاث، وإذا صحت نيته للحال فأولى أن تقع عند كل رأس شهر، قيد بذكر الثلاث، لأنه لو لم يذكرها وقعت واحدة للحال إن كانت في طهر لم يجامعها فيه وإلا فحتى تطهر، ولو نوى ثلاثا مفرقة على الأطهار صح، ولو جملة فقولان، ورجح في الفتح القول بأنه لا يصح، وتمامه في النهر. قوله: (ويقع طلاق كل زوج) هذه الكلية منقوضة بزوج المبانة، إذ لا يقع طلاقه بائنا عليها في العدة. وأجيب بأنه ليس بزوج من كل وجه أو أن امتناعه لعارض هو لزوم تحصيل الحاصل، ثم كلامه شامل لما إذا وكل به أو أجازه من الفضولي. نهر. وسيأتي. قوله: (ليدخل السكران) أي فإنه في حكم العاقل زجرا له، فلا منافاة بين قوله عاقل وقوله الآتي أو سكران. مطلب في الاكراه على التوكيل بالطلاق والنكاح والعتاق قوله: (فإن طلاقه صحيح) أي طلاق المكره، وشمل ما إذا أكره على التوكيل بالطلاق فوكل فطلق الوكيل فإنه يقع. بحر. قال محشيه الخير الرملي: ومثله العتاق كما صرحوا به، وأما التوكيل بالنكاح فلم أر من صرح به، والظاهر أنه لا يخالفهما في ذلك، لتصريحهم بأن الثلاث تصح مع الاكراه استحسانا. وقد ذكر الزيلعي في مسألة الطلاق أن الوقوع استحسان، والقياس أن لا تصح الوكالة، لان الوكالة تبطل بالهزل، فكذا مع الاكراه كالبيع وأمثاله. وجه الاستحسان أن الاكراه لا يمنع انعقاد البيع ولكن يوجب فساده، فكذا التوكيل ينعقد مع الاكراه والشروط الفاسدة لا تؤثر في الوكالة لكونها من الإسقاطات، فإذا لم تبطل فقد نفذ تصرف الوكيل اه. فانظر إلا علة الاستحسان في الطلاق تجدها في النكاح فيكون حكمهما واحد تأمل اه كلام الرملي. قلت: وسيأتي تمام الكلام على ذلك في كتاب الاكراه إن شاء الله تعالى. قوله: (لا إقراره بالطلاق) قيد بالطلاق لان الكلام فيه، وإلا فإقرار المكره بغيره لا يصح أيضا، كما لو أقر بعتق أو نكاح أو رجعة أو فئ، أو عفو عن دم عمد، أو بعبده أنه ابنه، أو جاريته أنها أم ولده كما نص عليه الحاكم في الكافي. هذا، وفي البحر أن المراد الاكراه على التلفظ بالطلاق، فلو أكره على أن يكتب طلاق امرأته
259 فكتب لا تطلق، لان الكتابة أقيمت مقام العبارة باعتبار الحاجة ولا حاجة هنا، كذا في الخانية. ولو أقر بالطلاق كاذبا أو هازلا وقع قضاء لا ديانة اه. ويأتي تمامه. مطلب في المسائل التي تصح مع الاكراه قوله: (طلاق) أطلقه فشمل البائن بقسميه والرجعي، وهو مع ما عطف عليه مبتدئا والخبر محذوف تقديره: تصح مع الاكراه، دل عليه قوله آخرا: فهذه تصح مع الاكراه. ثم إن كان الزوج قد وطئ فلا رجوع له على المكره، وإلا فله الرجوع بنصف المسمى، كذا ذكره المصنف في الاكراه ط. قوله: (وإيلاء) فإن تركت أربعة أشهر بانت منه، فإن لم يكن دخل بها وجب نصف المهر ولم يرجع به على الذي أكرهه. كافي. قوله: (نكاح) يشمل ما إذا أكره الزوج أو الزوجة على عقد النكاح كما هو مقتضى إطلاقهم، خلافا لما قيل من أن العقد لا يصح إذا أكرهت هي عليه، كما أوضحناه في النكاح قبيل قوله: وشرط حضور شاهدين فافهم. قوله: (مع استيلاد) بكسر الدال من غير تنوين لضرورة النظم ح. وصورته: أن يكرهه على استيلاد أمته، فإذا وطئها وأتت بولد ثبت منه. ولا يجوز له نفيه ط. وفيه أن هذا إكراه على فعل حسي وهو الوطئ ترتب عليه حكم آخر وهو صيرورتها أم ولد، وأمثلته كثيرة، كما لو أكره على دخول دار علق عتق عبده على دخولها فإنه يعتق ولا يضمن له المكره شيئا، وأكره على شراء عبد علق على ملكه له فإنه يعتق وعليه قيمته للبائع ولا يرجع على المكره بشئ كما في كافي الحاكم من الاكراه. قال: وكذا لو أكرهه على شراء ذي رحم محرم منه، أو أمة قد ولدت منه، أو أمة قد جعلها مدبرة إذا ملكها اه. وصورة الرحمتي بأن يكره على أن يقر بأنها أم ولده، وفيه ما علمته مما نقلناه قبله عن الكافي أيضا، والله أعلم. قوله: (عفو عن العمد) أي لو وجب له على رجل قصاص في نفس أو فيما دونها فأكره بو عيد تلف أو حبس حتى عفا فالعفو جائز، ولا ضمان له على الجاني وعلى المكره لأنه لم يتلف له مالا، وكذلك الشهود إذا رجعوا فلا ضمان عليهم، ولو وجب له على رجل حق من مال أو كفالة بنفس أو غير ذلك فأكره بو عيد بقتل أو حبس حتى أبرأه من ذلك كانت البراءة باطلة، كذا في الكافي، وبه علم أنه احترز بالعمد عن الخطأ لان موجبه المال فلا تصح البراءة منه. قوله: (رضاع) يرد عليه ما ذكرناه في الاستيلاد، فإنه أيضا فعل حسي ترتب عليه حكم آخر، وهذا لا ينحصر كما علمته، وكذا يقال مثله ما لو أكره على الخلوة بزوجته أو على وطئها فإنه يتقرر عليه جميع المهر، وكذا لو أكره على وطئ أم زوجته أو بنتها تحرم عليه زوجته. قوله: (وإيمان) جمع يمين. قال في الكافي في باب الاكراه على النذر واليمين: ولو أكره رجل بو عيد تلف حتى جعل على نفسه صدقة الله تعالى أو صوما أو حجا أو عمرة أو غزوة في سبيل الله تعالى أو بدنة أو شيئا يتقرب به إلى الله تعالى لزمه ذلك وضمان على المكره، وكذلك لو أكرهه على اليمين بشئ من ذلك أو بغيره من الطاعات أو المعاصي اه. قوله: (وفئ) أي في الايلاء بقول أو فعل ذكره الشارح في الاكراه. قوله: (ونذره) قدمنا الكلام عليه قريبا. قوله: (قبول لإيداع) أخذ في البحر من قوله في القنية: أكره على قبول الوديعة فتلفت في يده فلمستحقها تضمين المودع اه. بناء على أن المودع بفتح الدال. قال في النهر بعد نقله: ثم ظهر لي
260 أنه بكسر الدال، فليس من المواضع في شئ وذلك أنه في البزازية قال: أكره بالحبس على إيداع ماله عند هذا الرجل وأكره المودع أيضا على قبوله فضاع، لا ضمان على المكره والقابض، لأنه ما قبضه لنفسه، كما لو هبت الريح فألقته في حجره فأخذه ليرده فضاع في يده لا يضمن اه. قلت: وحاصله أن التعليل المذكور يدل على أن المستحق للوديعة في مسألة القنية ليس له تضمين المودع، بالفتح، لأنه إذا كان مكرها على قبولها لم يكن قابضا لنفسه، فتعين أنه بالكسر لأنه دفعها باختياره للمستحق تضمينه، ولكن مع هذا أيضا لو صح قراءته بالفتح لم يكن من هذه المواضع أيضا لان الكلام فيما يصح مع الاكراه، وتضمينه يدل على أنه لم يصح قبوله للوديعة، لان حكم المودع، بالفتح: عدم الضمان بالتلف، فتأمل. قوله: (كذا الصلح عن عمد) أي قبول القاتل الصلح عن دم العمد على مال، كذا في البحر: أي إذا أكره على أن يصالح صاحب الحق على مال أكثر من الدية أو أقل فصالحه بطل الدم ولم يلزم الجاني شئ كما في كافي الحاكم، وذكر قبله أنه لو أكره ولي دم العمد على أن صالح منه على ألف فلا شئ له غير الألف اه. وإنما لزم المال القاتل في الثانية لأنه غير مكره. قوله: (طلاق على جعل) أي قبول المرأة الطلاق على مال. بحر. فيقع الطلاق ولا شئ عليها من المال، ولو كان مكان التطليقة خلع بألف درهم كان الطلاق بائنا ولا شئ عليها، ولو كان هو المكره على الخلع على ألف وقد دخل بها وهي غير مكرهة وقع الخلع ولزمها الألف، وتمامه في الكافي. قوله: (يمين به أتت) أي بالطلاق وفاعل أتت ضمير اليمين ح. والمراد به تعليق الطلاق على شئ، كما إذا أكره على أن يقول: إن كلمت زيدا فزوجتي كذا. قوله: (كذا العتق) أي الاكراه على اليمين بالعتق. وأما الاكراه على نفس العتق فسيأتي، فافهم، كما لو أكره على أن قال: إن دخلت الدار فأن حر، أو إن صليت أو أكلت أو شربت ففعل، يعتق العبد ويغرم الذي أكرهه قيمته، وتمامه في الكافي. قوله: (والاسلام) ولو من ذمي كما أطلقه كثير من المشايخ. وما في الخانية من التفصيل بين الذمي فلا يصح والحربي فيصح فقياس، والاستحسان صحته مطلقا. أفاده الشارح في الاكراه ط. ولو كان أكرهه على الاقرار بالاسلام فيما مضى فالاقرار باطل، كذا في الكافي. قوله: (تدبير للعبد) بضم الراء من غير تنوين للضرورة ح، وتقييده بالعبد لمناسبة الروي والأمة مثله ط. قوله: (وإيجاب إحسان) أي إيجاب صدقة. بحر. وتقدم نقله عن الكافي. قوله: (وعتق) ويرجع بقيمة العبد على المكره إذا أعتقه لغير كفارة، وإلا فلا رجوع كما ذكره المصنف في الاكراه ط. وشمل العتق بفعل كما لو أكرهه على شراء محرمه، لكنه لا يرجع على المكره بشئ كما قدمناه عن الكافي، وبه صرح في البزازية من الاكراه خلافا لما يوهمه ما نقله الشارح في الاكراه عن ابن الكمال، فافهم. قوله: (عشرين في العد) حال من فاعل تصح. قال في النهر: وهي ترجع إلى ستة عشر لدخول إيجاب الاحسان في النذر، ودخول الطلاق على جعل، واليمين بالطلاق في الطلاق، ودخول اليمين في العتيقة في العتق اه ح. وتقدم عن النهر أن قبول الايداع ليس منها فعادت إلى خمسة عشر، وقدمنا أن الاستيلاد والرضاع من الافعال الحسية المترتب عليها أمر آخر فلا ينبغي تخصيصها بالذكر فعادت إلى ثلاثة عشر، وقد زدت عليها خمسة أخر التقطتها من إكراه كما في الحاكم
261 : الأولى: الخلع على مال، بأن أكره على خلع امرأته على ألف وقد تزوجها على أربعة آلاف ودخل بها والمرأة غير مكرهة فالخلع واقع ولها عليه (1) الألف، ولا شئ على الذي أكرهه، ولو كانت هي المكرهة كان الطلاق بائنا ولا شئ عليها. الثانية: الفسخ، كما لو أعتقت ولها زوج حر لم يدخل بها فأكرهت على أن اختارت نفسها في مجلسها بطل المهر عن الزوج ولا شئ على المكره، ولو كان دخل بها الزوج قبل ذلك فالمهر لمولاها على الزوج ولا يرجع على المكره. الثالثة: التكفير، كما لو أكره بوعيد تلف على أن يكفر يمينا قد حنث فيها ولا رجوع له على المكره، وإن أكرهه على عتق عبده هذا عنها لم يجزه وعلى المكره قيمته، ولو أكره بالحبس أجزأه عنها، وكذلك كل شئ وجب عليه لله تعالى من نذر أو هدي أو صدقة أو حج فأكره على أن يمضيه ولم يأمره المكره بشئ بعينه أجزأه، ولا ضمان على المكره. الرابعة: ما كان شرطا لغيره كما لو علق عتق عبد على شرائه أو طلاق زوجته على دخول الدار فأن على الشراء أو الدخول أو أكره على شراء ذي محرمه أو أمة قد ولدت منه ونحو ذلك، ويدخل فيه الرضاع فإنه شرط للمحرمية والاستيلاد: أي الوطئ لطلب الولد فإنه شرط لثبوته منه أيضا. الخامسة: ما قدمناه من التوكيل بالطلاق والعتق، فقد صارت ثماني عشرة صورة نظمتها بقولي: طلاق واعتاق نكاح ورجعة * ظهار وإيلاء وعفو عن العمد يمين واسلام وفئ ونذره * قبول لصلح العمد تدبير للعبد ثلاث وعشر صححوها لمكره * وقد زدت خمسا وهي خلع على نقد وفسح وتكفير وشرط لغيره * وتوكيل عتق أو طلاق فخذ عدي قوله: (أو هازلا) أي فيقع قضاء وديانة كما يذكره الشارح، وبه صرح في الخلاصة معللا بأنه مكابر باللفظ فيستحق التغليظ، وكذا في البزازية. وأما ما في إكراه الخانية: لو أكره على أن يقر بالطلاق فأقر لا يقع، كما لو أقر بالطلاق هازلا أو كاذبا فقال في البحر: إن مراده لعدم الوقوع في المشبه به عدمه ديانة، ثم نقل عن البزازية والقنية: لو أراد به الخبر عن الماضي كذبا لا يقع ديانة، وإن أشهد قبل ذلك لا يقع قضاء أيضا اه. ويمكن حمل ما في الخانية على ما إذا أشهد على أنه يقر بالطلاق هازلا، ثم لا يخفى أن ما مر عن الخلاصة إنما هو فيما لو أنشأ الطلاق هازلا، وما في الخانية فيما لو أقر به هازلا فلا منافاة بينهما. قال في التلويح: وكأنه يبطل الاقرار بالطلاق والعتاق مكرها كذلك يبطل الاقرار بهما هازلا، لان الهزل دليل الكذب كالاكراه، حتى لو أجاز ذلك لم يجز، لان الإجازة إنما تلحق سببا منعقدا يحتمل الصحة والبطلان، وبالإجازة لا يصير الكذب صدقا، وهذا بخلاف إنشاء الطلاق والعتاق ونحوهما مما لا يحتمل الفسخ، فإنه لا أثر فيه للهزل اه. وبهذا اندفع ما أورده الرملي من المنافاة بين عبارة الخانية وغيرها. قوله: (لا يقصد حقيقة كلامه) بيان لمعنى الهازل، وفيه قصور.
(1) قوله: (ولها عليه) لعل الصواب وله عليها تأمل. 262 ففي التحرير وشرحه: الهزل لغة اللعب. واصطلاحا: أن لا يراد باللفظ ودلالته المعنى الحقيقي ولا المجازي بل أريد به غيرهما، وهو ما لا تصح إرادته منه. وضده الجد، وهو أن يراد باللفظ أحدهما. قوله: (خفيف العقل) في التحرير وشرحه: السفه في اللغة: الخفة. وفي اصطلاح الفقهاء: خفة تبعث الانسان على العمل في ماله بخلاف مقتضى العقل. مطلب في تعريف السكران وحكمه قوله: (أو سكران) السكر: سرور يزيل العقل فلا يعرف به السماء من الأرض. وقالا: بل يغلب على العقل فيهدي في كلامه. ورجحوا قولهما في الطهارة والايمان والحدود. وفي شرح بكر: السكر الذي تصح به التصرفات أن يصير بحال يستحسن ما يستقبحه الناس وبالعكس، لكنه يعرف الرجل من المرأة. قال في البحر: والمعتمد في المذهب الأول. نهر. قلت: لكن صرح المحقق ابن الهمام في التحرير أن تعريف السكر بما مر عن الامام إنما هو في السكر الموجب للحد، لأنه لو ميز بين الأرض والسماء كان في سكره نقصان وهو شبهة العدم فيندرئ به الحد. وأما تعريفه عنده في غير وجوب الحد من الاحكام فالمعتبر فيه عنده اختلاط الكلام والهذيان كقولهما. ونقل شارحه ابن أمير حاج عنه أن المراد أن يكون غالب كلامه هذيانا، فلو نصفه مستقيما فليس بسكر، فيكون حكمه حكم الصحاة في إقراره بالحدود وغير ذلك لان السكران في العرف من اختلط جده بهزله فلا يستقر على شئ، ومال أكثر المشايخ إلى قولهما، وهو قول الأئمة الثلاثة، واختاروه للفتوى لأنه المتعارف، وتأيد بقول علي رضي الله عنه: إذ سكر هذى، رواه مالك والشافعي، ولضعف وجه قوله: ثم بين وجه الضعف، فراجعه. وبه ظهر أن المختار قولهما في جميع الأبواب، فافهم. وبين في التحرير حكمه أنه إن كان سكره بطريق محرم لا يبطل تكليفه فتلزمه الاحكام وتصح عباراته من الطلاق والعتاق، والبيع والاقرار، وتزويج الصغار من كف ء، والاقراض والاستقراض، لان العقل قائم، وإنما عرض فوات فهم الخطاب بمعصيته، فبقي في حق الاثم ووجوب القضاء، ويصح إسلامه كالمكره لا ردته لعدم القصد. وأما الهازل فإنما كفر مع عدم قصده لما يقول بالاستخفاف لأنه صدر منه قصد صحيح استخفافا بالدين، بخلاف السكران. قوله: (بنبيذ) أي سواء كان سكره من الخمر أو الأشربة الأربعة المحرمة أو غيرها من الأشربة المتخذة من الحبوب والعسل عند محمد. قال في الفتح: وبقوله يفتى، لان السكر من كل شراب محرم. وفي البحر عن البزازية: المختار في زماننا لزوم الحد ووقوع الطلاق اه. وما في الخانية من تصحيح عدم الوقوع فهو مبني على قولهما من أن النبيذ حلال والمفتى به خلافه. وفي النهر عن الجوهرة أن الخلاف مقيد بما إذا شربه للتداوي، فلو للهو والطرب فيقع بالاجماع. مطلب في الحشيشة وافيون والبنج قوله: (وحشيش (1)) قال في الفتح: اتفق مشايخ المذهبين من الشافعية والحنفية بوقوع طلاق من غاب عقله بأكل الحشيش، وهو المسمى بورق القنب لفتواهم بحرمته بعد أن اختلفوا فيها.
(1) قوله: (قول المحشي وحشيش) كذا بالأصل المقابل على خط المؤلف، والذي في نسخ الشارح (أو حشيش) ا ه مصححه. 263 فأفتى المزني (1) بحرمتها، وأفتى أسد بن عمرو بحلها، لان المتقدمين لم يتكلموا فيها بشئ لعدم ظهور شأنها فيهم، فلما ظهر من أمرها من الفساد كثير وفشا عاد مشايخ المذهبين إلى تحريمها. وأفتوا بوقوع الطلاق ممن زال عقله بها اه. قوله: (أو أفيون أو بنج) الأفيون: ما يخرج من الخشخاش. والبنج: بالفتح نبت مسبت. وصرح في البدائع وغيرها بعدم وقوع الطلاق بأكله معللا بأن زوال عقله لم يكن بسبب هو معصية. والحق التفصيل، وهو إن كان للتداوي لم يقع لعدم المعصية، وإن للهو وإدخال الآفة قصدا فينبغي أن لا يتردد في الوقوع. وفي تصحيح القدوري عن بالجواهر: وفي هذا الزمان إذا سكر من البنج والأفيون يقع زجرا، وعليه الفتوى، وتمامه في النهر. قوله: (زجرا) أشار به إلى التفصيل المذكور، فإنه إذا كان للتداوي لا يزجر عنه لعدم قصد المعصية ط. قوله: (اختلف التصحيح الخ) فصحح في التحفة وغيرها عدم الوقوع. وجزم في الخلاصة بالوقوع. قال في الفتح: والأول أحسن، لان موجب الوقوع عند زوال العقل ليس إلا التسبب في زواله بسبب محظور وهو منتف. وفي النهر عن تصحيح القدوري أنه التحقيق. قوله: (نعم لو زال عقله بالصداع) لأن علة زوال العقل الصداع والشرب علة العلة، والحكم لا يضاف إلى علة العلة إلا عند عدم صلاحية العلة، وتمامه في الفتح. هذا، وقد فرض المسألة في الفتح والبحر فيما إذا شرب خمرا فصدع. ويخالفه ما في الملتقط: لو كان النبيذ غير شديد فصدع فذهب عقله بالصداع لا يقع طلاقه، وإن كان النبيذ شديدا حراما فصدع فذهب عقله يقع طلاقه اه. فقد فرق بين ما إذا كان بطريق محرم وغير محرم كما ترى، فتأمل قوله: (أو بمباح) كما إذا سكر من ورق الرمان فإنه لا يقع طلاقه ولا عتاقه. ونقل الاجماع على ذلك صاحب التهذيب كذا في الهندية ط. قلت: وكذا لو سكر ببنج أو أفيون تناوله لا على وجه المعصية بل للتداوي كما مر قوله: (وفي القهستاني الخ) هذا مبني على تعريف السكران الذي تصح تصرفاته عندنا بأنه من معه من العقل ما يقوم به التكليف. وتعجب منه في الفتح وقال: لا شك أنه على هذا التقدير لا يتجه لاحد أن يقول لا تصح تصرفاته، قوله: (منها الوكيل بالطلاق صاحيا) أي فإنه إذا طلق سكران لا يقع. ومنها الردة. ومنها: الاقرار بالحدود الخالصة. ومنها: الاشهاد على شهادة نفسه. ومنها: تزويج الصغيرة بأقل من مهر المثل أو الصغير بأكثر فإنه لا ينفذ. ومنها: الوكيل بالبيع لو سكر فباع لم ينفذ على موكله. ومنها: الغصب من صاح ورده عليه وهو سكران، كذا، في الأشباه ح. قلت: لكن اعترضه محشيه الحموي في الأخيرة بأن المنقول في العمادية أن الغاصب يبرأ بالرد
(1) المزني من أصحاب الإمام الشافعي، وأسد بن عمرو صاحب الامام أبي حنيفة ل ه منه. 264 عليه من الضمان فيه كالصاحي، وكذا في مسألة الوكالة بالطلاق بأن الصحيح الوقوع، نص عليه في الخانية والبحر. قوله: (لكن قيده البزازي) قال في النهر عن البزازية: وكله بطلاقها على مال فطلقها في حال السكر فإنه لا يقع، وإن كالتوكيل والإيقاع حال السكر وقع ولو بلا مال وقع مطلقا، لان الرأي لا بد منه لتقدير البدل اه. أقول: والتعليل يفيد أنه لو وكله بطلاقها على ألف فطلقها في حال السكر وقع مطلقا ح. قوله: (واختاره الطحاوي والكرخي) وكذا محمد بن سلمة، وهو قول زفر كما أفاده في الفتح. قوله: (عن التفريق) صوابه عن التفريد، بالدال آخره لا بالقاف كما رأيته في نسخ التاترخانية. قوله: (والفتوى عليه) قد علمت مخالفته لسائر المتون ح. وفي التاترخانية، طلاق السكر واقع إذا سكر من الخمر أو النبيذ وهو مذهب أصحابنا، قوله: (إن دام للموت) قيد في طارئا فقط ح. قال في البحر: فعلى هذا إذا طلق من اعتقل لسانه توقف، فإن دام به إلى الموت نفذ، وإن زال بطل اه. قلت: وكذا لو تزوج بالإشارة لا يحل له وطؤها لعدم نفاذه قبل الموت، وكذا سائر عقوده، ولا يخفى ما في هذا من أحرج. قوله: (به يفتى) وقدر التمرتاشي الامتداد بسنة. بحر. وفي التاترخانية عن الينابيع: ويقع طلاق الأخرس بالإشارة، يريد به الذي ولد وهو أخرس أو طرأ عليه ذلك ودام حتى صارت إشارته مفهومة، وإلا لم تعتبر. قوله: (واستحسن الكمال الخ) حيث قال: وقال بعض الشافعية: إن كان يحسن الكتابة لا يقع طلاقه بالإشارة لاندفاع الضرورة بما هو أدل على المراد من الإشارة، وهو قول حسن، وبه قال بعض مشايخنا اه. قلت: بل هذا القول تصريح بما هو المفهوم من ظاهر الرواية. ففي كافي الحاكم الشهيد ما نصه: فإن كان الأخرس لا يكتب وكان له إشارة تعرف في طلاقه ونكاحه وشرائه وبيعه فهو جائز، وإن كان لم يعرف ذلك منه أو شك فيه فهو باطل اه. فقد رتب جواز الإشارة على عجزه عن الكتابة، فيفيد أنه إن كان يحسن الكتابة لا تجوز إشارته. ثم الكلام كما في النهر إنما هو في قصر صحه تصرفاته على الكتابة، وإلا فغيره يقع طلاقه بكتابته كما يأتي آخر الباب، فما بالك به. قوله: (بإشارته المعهودة) أي المقرونة بتصويت منه، لان العادة منه ذلك فكانت الإشارة بيانا لما أجمله الأخرس. بحر عن الفتح، وطلاقه المفهوم بالإشارة إذا كان دون الثلاث فهو رجعي، كذا في المضمرات. ط عن الهندية. قوله: بأن أراد التكلم بغير الطلاق بأن أراد أن يقول سبحان الله فجرى على لسانه أنت طالق تطلق، لأنه صريح لا يحتاج إلى النية، لكن في القضاء كطلاق الهازل واللاعب. ط عن المنح. وقوله كطلاق الهازل واللاعب مخالف لما قدمناه ولما يأتي قريبا. وفي فتح القدير عن الحاوي معزيا إلى الجامع الأصغر أن أسدا سأل عمن أراد أن يقول زينب طالق فجرى على لسانه عمرة، على أيهما يقع الطلاق؟ فقال: في القضاء تطلق التي تسمى، وفيما بينه وبين الله تعالى لا تطلق واحدة منهما، أما التي سمى فلانه لم يردها، وأما غيرها فلأنها لو
265 طلقت طلقت بمجرد النية. قوله: (غير عالم بمعناه) كما لو قالت لزوجها، اقرأ علي اعتدي أنت طالق ثلاثا ففعل، طلقت ثلاثا في القضاء لا فيما بينه وبين الله تعالى إذا لم يعلم الزوج ولم ينو. بحر عن الخلاصة. قوله: (أو غافلا أو ساهيا) في المصباح: الغفلة غيبة الشئ عن بال الانسان وعدم تذكره له. وفيه أيضا سها عن الشئ يسهو: غفل قبله عنه حتى زال عنه فلم يتذكره. وفرقوا بين الساهي والناسي بأن الناسي إذا ذكر تذكر والساهي بخلافه اه. فالظاهر أن المراد هنا بالغافل الناسي بقرينة عطف الساهي عليه. وصورته أن يعلق طلاقها على دخول الدار مثلا فدخلها ناسيا التعليق أو ساهيا. قوله: (أو بألفاظ مصحفة) نحو طلاغ وتلاغ وطلاك وتلاك كما يذكره أول الباب الآتي. قوله: (يقع قضاء) متعلق بالمخطئ وما بعده ح. لكن في وقوعه في الساهي والغافل على ما صورناه لا يظهر التقييد بالقضاء، إذ لا فرق في مباشرة سبب الحنث بين التعمد وغيره. تنبيه: في الحاوي الزاهدي: ظن أنه وقع الثلاث على امرأته بإفتاء من لم يكن أهلا للفتوى وكلف الحاكم كتابتها في الصك فكتبت، ثم استفتى ممن هو أقل للفتوى فأفتى بأنه لا يقع والتطليقات الثلاث مكتوبة في الصك بالظن فله أن يعود إليها ديانة ولكن لا يصدق في الحكم اه. قوله: (واللاعب) الظاهر أنه عطف على الهازل للتفسير ح. قوله: (جعل هزله به جدا) لأنه تكلم بالسبب قصدا فيلزمه حكمه وإن لم يرض به، لأنه مما لا يحتمل النقض كالعتاق والنذر واليمين. قوله: (أو مريضا) أي لم يزل عقله بالمرض بدليل التعليل. ط. قوله: (أو كافرا) أي وقد ترافعا إلينا، لأنه لا يحكم بالفرقة إلا في ثلاث كما مر في نكاح الكافر ط. قوله: (لوجود التكليف) علة لهما، وهو جرى على المعتمد في الكفار أنهم مكلفون بأحكام الفروع اعتقادا وأداء ط. قوله: (فكالنكاح) أي فكما أن نكاح الفضولي صحيح موقوف على الإجازة بالقول أو بالفعل فكذا طلاقه ح. فلو حلف لا يطلق فضولي: إن أجاز بالقول حنث، وبالفعل لا. بحر. والإجازة بالفعل يمكن أن تكون بأن يدفع إليها مؤخر صداقها بعد ما طلق الفضولي كما أفاده في النهر، لكن في حاشية الخير الرملي أنه نقل في جامع الفصولين عن فوائد صاحب المحيط أن بعث المهر إليها ليس بإجازة لوجوبه قبل الطلاق، بخلاف النكاح، وأنه نقل عن مجموع النوازل في الطلاق والخلع قولين في قبض الجعل: هل هو إجازة، أم لا فراجعه اه. قلت: وقد يحمل ما في الفوائد على بعث المعجل، فلا ينافي ما في النهر. تأمل. قوله: (لحديث ابن ماجة) رواه عن ابن عباس من طريق فيها ابن لهيعة، ورواه الدارقطني أيضا من غيرها كما في الفتح، ومراده تقوية الحديث، لان ابن لهيعة متكلم فيه، فقد اختلف المحدثون في جرحه وتوثيقه. قوله: (الطلاق لمن أخذ بالساق) كناية عن ملك المتعة. قوله: (إلا إذا قال) أي المولى عند تزويج أمته من عبده وصورها بما إذا بدأ المولى، لأنه لو بدأ العبد فقال زوجني أمتك هذه على أن أمرها بيدك تطلقها كما شئت فزوجها منه يجوز النكاح ولا يكون الامر بيد المولى، كما في البحر عن الخانية ولم يذكر وجه الفرق. وذكره في الخانية في
266 مسألة قبلها، وهي إذا تزوج امرأة على أنها طالق جاز النكاح وبطل الطلاق. وقال أبو الليث: هذا إذا بدأ الزوج وقال تزوجتك على أنك طالق: وإن ابتدأت المرأة فقالت زوجت نفسي منك على أني طالق، أو على أن يكون الامر بيدي أطلق نفسي كلما شئت فقال الزوج قبلت، جاز النكاح ويقع الطلاق ويكون الامر بيدها، لان البداءة إذا كانت من الزوج كان الطلاق والتفويض قبل النكاح فلا يصح، أما إذا كانت من المرأة يصير التفويض بعد النكاح، لان الزوج لما قال بعد كلام المرأة قبلت، ولجواب يتضمن إعادة ما في السؤال صار كأنه قال قبلت على أنك طالق أو على أن يكون الامر بيدك، فيصير مفوضا بعد النكاح اه. قوله: (وكذا الخ) هذه الصورة حيلة لصيرورة الامر بيد المولى بلا توقف على قبول العبد، لأنه في الأولى قد تم النكاح بقول المولى زوجتك أمتي فيمكن العبد أن لا يقبل فلا يصير الامر بيد المولى. أفاده في البحر. قوله: (والمجنون) قال في التلويح، الجنون اختلال القوة المميزة بين الأمور الحسنة والقبيحة المدركة للعواقب، بأن لا تظهر آثارها وتتعطل أفعالها، إما لنقصان جبل عليه دماغه في أصل الخلقة، وإما لخروج مزاج الدماغ عن الاعتدال بسبب خلط أو آفة، وإما لاستيلاء الشيطان عليه وإلقاء الخيالات الفاسدة إليه بحيث يفرح ويفزع من غير ما يصلح سببا اه. وفي البحر عن الخانية: رجل عرف أنه كان مجنونا فقالت له امرأته طلقتني البارحة فقال أصابني الجنون ولا يعرف ذلك إلا بقوله، كان القول قوله اه. قوله: (إلا إذا علق عاقلا الخ) كقوله إن دخلت الدار فدخلها مجنونا، بخلاف إن جننت فأنت طالق فجن لم يقع، كذا ذكره الشارح في باب نكاح الكافر فالمراد إذا علق على غير جنونه. قوله: (أو كان عنينا) أي وفرق القاضي بينه وبين زوجته بطلبها بعد تأجيله سنة، لان الجنون لا يعدم الشهوة كما سيأتي في بابه إن شاء الله تعالى. قوله: (أو مجبوبا) أي وفرق القاضي بينهما في الحال بطلبها. قوله: (وقع الطلاق) جواب إذا ووقوعه المسائل الأربع للحاجة، ودفع الضرر لا ينافي عدم أهليته للطلاق في غيرها كما مر تحقيقه في باب نكاح الكافر. قوله: (والصبي) أي إلا إذا كان مجبوبا وفرق بينهما أو أسلمت زوجته فعرض الاسلام عليه مميزا فأبى وقع الطلاق. رملي. قال: وقد أفتيت بعدم وقوعه فيما إذا زوجه أبوه امرأة وعلق عليه متى تزوج أو تسرى عليه فكذا فكبر فتزوج عالما بالتعليق أو لا اه. قوله: (أو أجازه بعد البلوغ) لأنه حين وقوعه وقع باطلا والباطل لا يجاز ط. قوله: (لأنه ابتداء إيقاع) لان الضمير في أوقعته راجع إلى جنس الطلاق، ومثله ما لو قال أوقعت ذلك الطلاق، بخلاف قوله أوقعت الذي تلفظته، فإنه إشارة إلى المعين الذي حكم ببطلانه، فأشبه ما إذا قال أنت طالق ألفا ثم قال ثلاثا عليك والباقي على ضراتك، فإن الزائد على الثلاث ملغى. أفاده في البحر. قوله: (وجوزه الإمام أحمد ) أي إذا كان مميزا يعقله بأن يعلم أن زوجته تبين منه كما هو مقرر في متون مذهبه، فافهم. قوله: (من العته) بالتحريك من باب تعب. مصباح. قوله: (وهو اختلال في العقل) هذا ذكره في البحر تعريفا للجنون وقال: ويدخل فيه المعتوه. وأحسن الأقوال في الفرق بينهما أن المعتوه هو
267 القليل الفهم المختلط الكلام الفاسد التدبير، لكن لا يضرب ولا يشتم، بخلاف المجنون اه. وصرح الأصوليون بأن حكمه كالصبي، إلا أن الدبوسي قال: تجب عليه العبادات احتياطا. ورده صدر الاسلام بأن العته نوع جنون فيمنع وجوب أداء الحقوق جميعا كما بسطه في شرح التحرير. قوله: (بالكسر الخ) أي كسر الباء. قال في البحر وفي بعض كتب الطب أنه ورم حار يعرض للحجاب الذي بين الكبد والأمعاء ثم يتصل بالدماغ. قوله: (هو لغة المغشي) قال في التحرير: الاغماء آفة في القلب أو الدماغ تعطل القوى المدركة والمحركة عن أفعالها مع بقاء العقل مغلوبا وإلا عصم منه الأنبياء، وهو فوق النوم فلزمه ما لزمه وزيادة كونه حدثا ولو في جميع حالات الصلاة ومنع البناء، وبخلاف النوم في الصلاة إذا اضطجع حالة النوم له البناء. قوله: (وفي القاموس دهش) أي بالكسر كفرح. ثم إن اقتصاره على ذكر التحير غير صحيح، فإنه في القاموس قال بعده: أو ذهب عقله حياء أو خوفا اه. وهذا هو المراد هنا، ولذا جعله في البحر داخلا في المجنون. مطلب في طلاق المدهوش وقال في الخيرية: غلط من فسره هنا بالتحير، إذ لا يلزم من التحير وهو التردد في الامر ذهاب العقل. وسئل نظما فيمن طلق زوجته ثلاثا في مجلس القاضي وهو مغتاظ مدهوش، فأجاب نظما أيضا بأن الدهش من أقسام الجنون فلا يقع، وإذا كان يعتاده بأن عرف منه الدهش مرة يصدق بلا برهان اه. قلت: وللحافظ ابن القيم الحنبلي رسالة في طلاق الغضبان قال فيها: إنه على ثلاثة أقسام: أحدها أن يحصل له مبادي الغضب بحيث لا يتغير عقله ويعلم ما يقول ويقصده، وهذا لا إشكال فيه. الثاني أن يبلغ النهاية فلا يعلم ما يقول ولا يريده، فهذا لا ريب أنه لا ينفذ شئ من أقواله. الثالث من توسط بين المرتبتين بحيث لم يصر كالمجنون فهذا محل النظر، والأدلة تدل على عدم نفوذ أقواله اه. ملخصا من شرح الغاية الحنبلية. لكن أشار في الغاية إلى مخالفته في الثالث حيث قال: ويقع طلاق من غضب خلافا لابن القيم اه. وهذا الموافق عندنا لما مر في المدهوش، لكن يرد عليه أنا لم نعتبر أقوال المعتوه مع أنه لا يلزم فيه أن يصل إلى حالة لا يعلم فيها ما يقول ولا يريده. وقد يجاب بأن المعتوه لما كان مستمرا على حالة واحدة يمكن ضبطها اعتبرت فيه، واكتفى فيه بمجرد نقص العقل، بخلاف الغضب فإنه عارض في بعض الأحوال، لكن يرد عليه الدهش فإنه كذلك. والذي يظهر لي أن كلا من المدهوش والغضبان لا يلزم فيه أن يكون بحيث لا يعلم ما يقول، بل يكتفى فيه بغلبة الهذيان واختلاط الجد بالهزل، كما هو المفتى به في السكران على ما مر، ولا ينافيه تعريف الدهش بذهاب العقل، فإن الجنون فنون، ولذا فسره في البحر باختلال العقل وأدخل فيه العته والبرسام والاغماء والدهش، ويؤيد ما قلنا بعضهم: العاقل من يستقيم كلامه وأفعاله إلا نادرا، والمجنون ضده. وأيضا فإن بعض المجانين يعرف ما يقول ويريده، ويذكر ما يشهد
268 الجاهل به بأن عاقل ثم يظهر منه في مجلسه ما ينافيه، فإذا كان المجنون حقيقة قد يعرف ما يقول ويقصده فغيره بالأولى، فالذي ينبغي التعويل عليه في المدهوش ونحوه إناطة الحكم بغلبة الخلل في أقواله وأفعاله الخارجة عن عادته، وكذا يقال فيمن اختل عقله لكبر أو لمرض أو لمصيبة فاجأته، فما دام في حال غلبة الخلل في الأقوال والافعال لا تعتبر أقواله وإن كان يعلمها ويريدها، لأن هذه المعرفة والإرادة غير معتبرة لعدم حصولها عن إدراك صحيح كما لا تعتبر من الصبي العاقل، نعم يشكل عليه ما سيأتي في التعليق عن البحر، وصرح به في الفتح والخانية وغيرهما، وهو: لو طلق فشهد عنده اثنان أنك استثنيت وهو غير ذاكر، إن كان بحيث إذا غضب لا يدري ما يقول وسعه الاخذ بشهادتهما، وإلا لا اه. فإن مقتضاه أنه إذا كان لا يدري ما يقول يقع طلاقه، وإلا فلا حاجة إلى الاخذ بقولهما إنك استثنيت، وهذا مشكل جدا، إلا أن يجاب بأن المراد بكونه لا يدري ما يقول أنه لقوة غضبه قد ينسى ما يقول ولا يتذكره بعد، وليس المراد أنه صار يجري على لسانه ما لا يفهمه أو لا يقصده، إذ لا شك أنه حينئذ يكون في أعلى مراتب الجنون، ويؤيد هذا الحمل أنه في هذا الفرع عالم بأنه طلق وهو قاصد له، لكنه لم يتذكر الاستثناء لشدة غضبه، هذا ما ظهر لي في تحرير هذا المقام، والله أعلم بحقيقة المرام. ثم رأيت ما يؤيد ذلك الجواب، وهو أنه قال في الولوالجية: إن كان بحال لو غضب يجري على لسانه ما لا يحفظه بعده جاز له الاعتماد على قول الشاهدين، فقوله لا يحفظه بعده صريح فيما قلنا، والله أعلم. قوله: (لأنه أعاد الضمير إلى غير معتبر) أشار به إلى أن الفرق بين كلام الصبي وبين كلام النائم هو أن كلام الصبي معتبر في اللغة والنحو، غاية الأمر أن الشارع ألغاه، بخلاف كلام النائم فإنه غير معتبر عند أحد اه ح. قلت: وهو مأخوذ من قول الشارح، ولذا لا يتصف بصدق ولا كذب ولا خبر ولا إنشاء. وفي التحرير: وتبطل عباراته من الاسلام والردة والطلاق، ولم توصف بخبر وإنشاء وصدق وكذب كألحان الطيور اه. ومثله في التلويح، فهذا صريح في أن كلام النائم لا يسمى كلاما لغة ولا شرعا بمنزلة المهمل. وأما فساد صلاته به فلان إفسادها لا يتوقف على كون الكلام معتبرا في اللغة أو الشرع، لأنها تفسد بالمهمل أكثر من غيره، فقد اتضح الفرق بين كلامه وكلام الصبي، فافهم. ثم لا يخفى أنه لا حاجة إلى الفرق بينهما في قوله: أجزته لأنه لا يقع فيهما، لان الإجازة لما ينعقد موقوفا، وكل من طلاق الصبي والنائم وقع باطلا لا موقوفا، كما هو الحكم في تصرفات الصبي التي هي ضرر محض كالطلاق والعتق، بخلاف المتردد بين النفع والضرر كالبيع والشراء والنكاح فإنه ينعقد موقوفا حتى لو بلغ فأجازه صح كما قدمناه قبيل باب المهر، وإنما يحتاج إلى الفرق بينهما في قوله: أوقعته فإنه قدم في الصبي أنه يقع لأنه ابتداء إيقاع، ولم يجعل في النائم كذلك. وتوضيح الفرق أن كلام الصبي له معنى لغوي وإن لم يلزمه الشرع بموجبه، فصح عود الضمير في أوقعته إلى جنس الطلاق الذي تضمنه قوله لزوجته طلقتك، بخلاف النائم فإن كلامه لما لم يعتبر لغة أيضا كان مهملا لم يتضمن شيئا، فقد عاد الضمير على غير مذكور أصلا، فكأنه قال: أوقعت بدون ضمير، فلم يصح جعله ابتداء إيقاع. قوله: (أو جعلته طلاقا) كذا عبارة البحر.
269 والذي رأيته في التاترخانية: أو قال جعلت ذلك الطلاق طلاقا باسم الإشارة كالتي قبلها. قلت: ويشكل الفرق، فإن اسم الإشارة كالضمير في عوده إلى ما سبق فينبغي عدم الوقوع هنا أيضا. وقد يجاب بأن اسم الإشارة لما لغا مرجعه اعتبر لفظ الطلاق المذكور بعده فصار كأنه قال أوقعت الطلاق أو جعلت الطلاق طلاقا، فصح جعله ابتداء إيقاع، بخلاف الضمير إذا لغا مرجعه كما قررناه. وفي التاترخانية: ولو قال أوقعت ما تلفظت به حال النوم لا يقع شئ اه. وهو ظاهر كما مر في طلاق الصبي. قوله: (وإذا ملك أحدهما الآخر) يعني ملكا حقيقيا، فلا تقع الفرقة بين المكاتب وزوجته إذا اشتراها لقيام الرق والثابت له حق الملك وهو لا يمنع بقاء النكاح كما في الفتح. شرنبلالية. قوله: (ألغاه الثاني) أي قال أبو يوسف: لا يقع الطلاق في المسألتين وأوقعه محمد فيهما، لأن العدة قائمة والمعتدة محل للطلاق. ولأبي يوسف أن الفرقة وقعت بملك أحد الزوجين صاحبه أو بتباين الدارين فخرجت المرأة من محلية الطلاق، وبالعدة لا تثبت المحلية كما في النكاح الفاسد، قيد بالتحرير والمهاجرة لان الطلاق قبلهما لا يقع اتفاقا، لأن العدة لم يظهر أثرها في حق الطلاق، وإنما يظهر أثرها في حق التزوج بزوج آخر، كذا في المصفى اه. ابن ملك على المجمع. تنبيه: قال في الشرنبلالية: لم يذكر المصنف عكس المسألة الأولى، وهو ما لو حررها بعد شرائه ثم طلقها في العدة والحكم وقوع الطلاق في قول محمد وأبي يوسف الأول. ورجع أبو يوسف عن هذا قال: لا يقع، وهو قول زفر، وعليه الفتوى. قاله قاضيخان. فعليه تكون الفتوى على ما مشى عليه المصنف تبعا للمجمع من عدم وقوع الطلاق فيما لو حررته هي بعد شرائها إياه اه. مطلب: اعتبار عدد الطلاق بالنساء قوله: (واعتبار عدده بالنساء) لقوله (ص): طلاق الأمة ثنتان وعدتها حيضتان رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة والدار قطني عن عائشة ترفعه. وقال الترمذي: حديث غريب، والعمل عليه عند أهل العلم من أصحاب رسول الله (ص) وغيرهم. وفي الدارقطني قال القاسم وسالم: عمل به المسلمون، وتمامه في الفتح، وحقق أنه إن لم يكن صحيحا فهو حسن. قوله: (مطلقا) راجع إلى الحرة والأمة: أي سواء كانت الحرة أو الأمة تحت حر أو عبد ط. قوله: (ويقع الطلاق الخ) يعني إذا قال لامرأته أعتقتك، تطلق إذا نوى أو دل عليه الحال، وإذا قال لامته طلقتك، لا تعتق، لان إزالة الملك أقوى من إزالة القيد، وليست الأولى لازمة للثانية فلا تصح استعارة الثانية للأولى، ويصح العكس. درر.
270 مطلب في الطلاق بالكتابة قوله: (كتب الطلاق الخ) قال في الهندية: الكتابة على نوعين: مرسومة، وغير مرسومة. ونعني بالمرسومة أن يكون مصدرا ومعنونا مثل ما يكتب إلى الغائب، وغير المرسومة أن لا يكون مصدرا ومعنونا، وهو على وجهين: مستبينة، وغير مستبينة فالمستبينة ما يكتب على الصحيفة والحائط والأرض على وجه يمكن فهمه وقراءته، وغير المستبينة ما يكتب على الهواء والماء وشئ لا يمكن فهمه وقراءته، ففي غير المستبينة لا يقع الطلاق وإن نوى، وإن كانت مستبينة لكنها غير مرسومة إن نوى الطلاق يقع، وإلا لا، وإن كانت مرسومة يقع الطلاق نوى أو لم ينو. ثم المرسومة لا تخلو أما إن أرسل الطلاق بأن كتب: أما بعد فأنت طالق، فكما كتب هذا يقع الطلاق وتلزمها العدة من وقت الكتابة، وإن علق طلاقها بمجئ الكتاب بأن كتب، إذا جاءك كتابي فأنت طالق فجاءها الكتاب فقرأته أو لم تقرأ يقع الطلاق، كذا في الخلاصة ط. قوله: (إن مستبينا) أي ولم يكن مرسوما: أي معتادا، وإنما لم يقيده به لفهمه من مقابله وهو قوله: ولو كتب على وجه الرسالة الخ فإنه المراد بالمرسوم. قوله: (مطلقا) المراد به في الموضعين نوى أو لم ينو، وقوله: ولو على نحو الماء مقابل قوله: إن مستبينا قوله: (طلقت بوصول الكتاب) أي إليها، ولا يحتاج إلى النية في المستبين المرسوم، ولا يصدق في القضاء أنه عنى تجربة الحظ ط. بحر. ومفهومه أنه يصدق ديانة في المرسوم. رحمتي. ولو وصل إلى أبيها فمزقه ولم يدفعه إليها، فإن كان متصرفا في جميع أمورها فوصل إليه في بلدها وقع، وإن لم يكن كذلك فلا ما لم يصل إليها، وإن أخبرها بوصوله إليه ودفعه إليها ممزقا، إن أمكن فهمه وقراءته وقع، وإلا فلا. ط عن الهندية. وفي التاترخانية: كتب في قرطاس: إذا أتاك كتابي هذا فأنت طالق ثم نسخه في آخر أو أمر غيره بنسخه ولم يمله عليه فأتاها الكتابان، طلقت ثنتين قضاء إن أقر أنهما كتاباه أو برهنت، وفي الديانة: تقع واحدة بأيهما أتاها ويبطل الآخر، ولو قال للكاتب: اكتب طلاق امرأتي، كان إقرارا بالطلاق وإن لم يكتب، ولو استكتب من آخر كتابا بطلاقها وقرأه على الزوج فأخذه الزوج وختمه وعنونه وبعث به إليها فأتاها، وقع إن أقر الزوج أنه كتابه، أو قال للرجل ابعث به إليها، أو قال له اكتب نسخة وابعث بها إليها، وإن لم يقر أنه كتابه ولم تقم بينة لكنه وصف الامر على وجهه لا تطلق قضاء ولا ديانة، وكذا كل كتاب لم يكتبه بخطه ولم يمله بنفسه لا يقع الطلاق ما لم يقر أنه كتابه اه ملخصا. قوله: (كتاب لامرأته الخ) صورته: له امرأة تدعى زينب ثم تزوج في بلدة أخرى امرأة تدعى عائشة فبلغ زينب فخاف منها، فكتب إليها: كل امرأة لي غيرك وغير عائشة طالق، ثم محا قوله وغير عائشة اه ح.
271 قلت: وينبغي أن يشهد على كتابه ما محاه لئلا يظهر الحال فيحكم عليه القاضي بطلاق عائشة. تأمل. قوله: (عجيبة) وجه العجب نفع الكتابة بعد محوها ط. قوله: (وسيجئ ما لو استثنى بالكتابة) أي في باب التعليق عند قوله قال لها أنت طالق إن شاء الله متصلا اه ح. وفي الهندية وإذا كتب الطلاق واستثنى بلسانه أو طلق بلسانه واستثنى بالكتابة هل يصح؟ لا رواية لهذه المسألة وينبغي أن يصح، كذا في الظهيرية ط. والله سبحانه وتعالى أعلم. باب الصريح لما قدم ذكر الطلاق نفسه وأقسامه الأولية السني والبدعي وبعض أحكام تلك الكليات، ذكر أحكام بعض جزئياتها مضافة إلى المرأة أو إلى بعضها وما هو صريح منها أو كناية، فصار كتفصيل يعقب إجمالا. قوله: (ما لم يستمل إلا فيه) أي غالبا كما يفيده كلام البحر. وعرفه في التحرير بما يثبت حكمه الشرعي بلا نية، وأراد بما اللفظ أو ما يقوم مقامه من الكتابة المستبينة أو الإشارة المفهومة، فلا يقع بإلقاء ثلاثة أحجار إليها أو بأمرها بحلق شعرها وإن اعتقد الالقاء والحلق طلاقا كما قدمناه، لان ركم الطلاق اللفظ أو ما يقوم مقامه مما ذكر كما مر. قوله: (ولو بالفارسية) فما لا يستعمل فيها إلا في الطلاق فهو صريح يقع بلا نية، وما استعمل فيها استعمال الطلاق وغيره فحكمه حكم كنايات العربية في جميع الأحكام. بحر. وفي حاشيته للخير الرملي عن جامع الفصولين أنه ذكر كلاما بالفارسية معناه: إن فعل كذا تجري كلمة الشرع بيني وبينك، ينبغي أن يصح اليمين على الطلاق لأنه متعارف بينهم فيه اه. قلت: لكن قال في نور العين الظاهر أنه لا يصح اليمين لما في البزازية من كتاب ألفاظ الكفر: إنه قد اشتهر في رساتيق شروان أن من قال: جعلت كلما أو علي كلما أنه طلاق ثلاث معلق، وهذا باطل ومن هذيانات العوام اه. فتأمل. مطلب: سن بوش يقع به الرجعي تنبيه: قال في الشرنبلالية: وقع السؤال عن التطليق بلغة الترك هل هو رجعي باعتبار القصد؟ أو بائن باعتبار مدلول سن بوش أو سن بوش أول لان معناه خالية أو خلية؟ فينظر اه. قلت: وأفتى الرحيمي تلميذ الخير الرملي بأنه رجعي وقال: كما أفتى به شيخ الاسلام أبو السعود. ونقل مثله شيخ مشايخنا التركماني عن فتاوى على أفند مفتي دار السلطنة وعن الحامدية. قوله: (بالتشديد) أي تشديد اللام في مطلقة أما بالتخفيف فيلحق بالكناية. بحر. وسيذكره في بابها. قوله: (لتركه الإضافة) أي المعنوية فإنها الشرط والخطاب من الإضافة المعنوية، وكذا الإشارة نحو هذه طالق، وكذا نحو امرأتي طالق وزينب طالق اه ح.
272 أقول: وما ذكره الشارح من التعليل أصله لصاحب البحر أخذا من قول البزازية في الايمان: قال لها: لا تخرجي من الدار إلا بإذني فإني حلفت بالطلاق، فخرجت لا يقع لعدم ذكر حلفه بطلاقها، ويحتمل الحلف بطلاق غيرها فالقول له اه. ومثله في الخانية. وفي هذا الاخذ نظر، فإن مفهوم كلام البزازية أنه لو أراد الحلف بطلاقها يقع، لأنه جعل القول له في صرفه إلى طلاق وغيرها، والمفهوم من تعليل الشارح تبعا للبحر عدم الوقوع أصلا لفقد شرط الإضافة، مع أنه لو أراد طلاقها تكون الإضافة موجودة ويكون المعنى: فإني حلفت بالطلاق منك أو بطلاقك، ولا يلزم كون الإضافة صريحة في كلامه لما في البحر لو قال: طالق، فقيل له من عنيت؟ فقال امرأتي طلقت امرأته اه. على أنه في القنية قال عازيا إلى البرهان صاحب المحيط: رجل دعته جماعة إلى شرب الخمر فقال إني حلفت بالطلاق أني لا أشرب وكان كاذبا فيه ثم شرب طلقت. وقال صاحب التحفة: لا تطلق ديانة اه. وما في التحفة لا يخالف ما قبله لان المراد طلقت قضاء فقط، لما مر من أنه لو أخبر بالطلاق كاذبا لا يقع ديانة، بخلاف الهازل، فهذا يدل على وقوعه وإن لم يضفه إلى المرأة صريحا، نعم يمكن حمله على ما إذا لم يقل إني أردت الحلف بطلاق غيرها فلا يخالف ما في البزازية. ويؤيده ما في البحر لو قال: امرأة طالق أو قال طلقت امرأة ثلاثا وقال لم أعن امرأتي يصدق اه. ويفهم منه أنه لو يقل ذلك تطلق امرأته، لان العادة أن من له امرأة إنما يحلف بطلاقها لا بطلاق غيرها، فقوله إني حلفت بالطلاق ينصرف إليها ما لم يرد غيرها لأنه يحتمله كلامه، بخلاف ما لو ذكر اسمها أو اسم أبيها أو أمها أو ولدها فقال: عمرة طالق أو بنت فلان أو بنت فلانة أو أم فلان، فقد صرحوا بأنها تطلق، وأنه لو قال: لم أعن امرأتي لا يصدق قضاء إذا كانت امرأته كما وصف كما سيأتي قبيل الكنايات، وسيذكر قريبا أن من الألفاظ المستعملة: الطلاق يلزمني، والحرام يلزمني، وعلي الطلاق، وعلي الحرام، فيقع بلا نية للعرف الخ، فأوقعوا به الطلاق مع أنه ليس فيه إضافة الطلاق إليها صريحا، فهذا مؤيد لما في القنية، وظاهره أنه لا يصدق في أنه لم يرد امرأته للعرف، والله أعلم. قوله: (وما بمعناها من الصريح) أي مثل ما سيذكره من نحو: كوني طالقا وأطلقي ويا مطلقة بالتشديد، وكذا المضارع إذا غلب في الحال مثل أطلقك كما في البحر. قلت: ومنه في عرف زماننا: تكوني طالقا، ومنه: خذي طلاقك فقالت أخذت، فقد صحح الوقوع به بلا اشتراط نية كما في الفتح، وكذا لا يشترط قولها أخذت كما في البحر. وأما ما في البحر من أن منه: شئت طلاقك، ورضيت طلاقك، ففيه خلاف. وجزم الزيلعي بأنه لابد فيهما من النية كما ذكره الخير الرملي: أي فيكون كناية لان الصريح لا يحتاج إلى النية. وأما ما في البحر أيضا من أنه منه: وهبت لك طلاقتك وأودعتك طلاقك ورهنتك طلاقك فسيذكر الشارح تصحيح الوقوع به. وأما أنت الطلاق فليس بمعنى المذكورات، لان المراد بها ما يقع به واحدة رجعية وإن نوى خلافها كما صرح به المصنف، وأنت الطلاق تصح فيه نية الثلاث كما ذكره عقبة. وأما أنت أطلق من فلانة، ففي النهر عن الولوالجية أنه كناية. قال: فإن كان جوابا لقولها إن فلان طلق امرأته وقع ولا يدين كما في الخلاصة، لان دلالة الحال قائم مقام النية، حتى لو لم تكن قائمة لم يقع إلا بالنية اه فافهم.
273 مطلب: من الصريح الألفاظ المصحفة قوله: (ويدخل نحو طلاغ وتلاغ الخ) أي بالغين المعجمة. قال في البحر: ومنه الألفاظ المصحفة وهي خمسة، فزاد على ما هنا تلاق. وزاد في النهر إبدال القاف لاما. قال ط: وينبغي أن يقال: إن فاء الكلمة إما طاء أو تاء، واللام إما قاف أو عين أو غين أو كاف أو لام، واثنان في خمسة بعشرة تسعا منها مصحفة، وهي ما عدا الطاء مع القاف اه. قوله: (أو ط ل ق) ظاهر ما هنا ومثله في الفتح والبحر أن يأتي بمسمى أحرف الهجاء، والظاهر عدم الفرق بينها وبين أسمائها. ففي الذخيرة من كتاب العتق: وعن أبي يوسف فيمن قال لامته: ألف نون تاء حاء راء هاء، أو قال لامرأته ألف نون تاء طاء ألف لام قاف أنه إن نوى الطلاق والعتاق تطلق المرأة وتعتق الأمة، وهذا بمنزلة الكناية، لأن هذه الحروف يفهم منها ما هو المفهوم من صريح الكلام، إلا أنها لا تستعمل كذلك فصارت كالنكاية في الافتقار إلى النية اه. وأنه خبير بأنه إذا افتقر إلى النية لا يناسب ذكره هنا، لان الكلام فيما يقع به الرجعية وإن لم ينو، وسيصرح الشارح أيضا بعد صفحة بافتقاره إلى النية، وذكره أيضا في باب الكناية، وقدم ناه أيضا أول الطلاق عن الفتح. وفي البحر: يقع بالتهجي كأنت ط ل ق، وكذا لو قيل له طلقتها فقال: ن ع م أو ب ل ي بالهجاء وإن لم يتكلم به أطلقه في الخانية ولم يشترط النية، وشرطها في البدائع اه. قلت: عدم التصرح بالاشتراط لا ينافي الاشتراط، على أن الذي في الخانية هو مسألة الجواب بالتهجي والسؤال بقول القائل طلقتها قرينة على إرادة جوابه فيقع بلا نية، بخلاف قوله ابتداء أنت طالق بالتهجي. تأمل. قوله: (أو طلاق باش) كلمة فارسية. قال في الذخيرة: ولو قال لها سه طلاق باش، أو قال بطلاق باش تحكم النية، وكان الامام ظهير الدين يفتي بالوقوع في هذه الصورة بلا نية. قوله: (بلا فرق الخ) هذا ذكره في الألفاظ المصحفة، فكان عليه ذكره عقبها بلا فاصل. قوله: (تعمدته) أي التصحيف تخويفا لها بلا قصد الطلاق. قوله: (طلقت امرأتك) وكذا تطلق لو قيل له ألست طلقت امرأتك؟ على ما بحثه في الفتح من عدم الفرق في العرف بين الجواب بنعم أن بلى كما سيأتي في الفروع آخر هذا الباب. قوله: (طلقت) أي بلا نية على ما قررناه آنفا. قوله: (واحدة) بالرفع فاعل قوله: ويقع وهو صفة لموصوف محذوف: أي طلقة واحدة. أفاده القهستاني. قوله: (رجعية) أي عند عدم ما يجعل بائنا. مطلب: الصريح نوعان: رجعي، وبائن ففي البدائع أن الصريح نوعان: صريح رجعي، وصريح بائن. فالأول أن يكون بحروف الطلاق بعد الدخول حقيقة غير مقرون بعوض، ولا بعدد الثلاث لا نصا ولا إشارة، ولا موصوف بصفة تنبئ عن البينونة أو تدل عليها من غير حرف العطف، ولا مشبه بعدد أو صفة تدل عليها، وأما الثاني فبخلافه، وهو أن يكون بحروف الإبانة وبحروف الطلاق، لكن قبل الدخول حقيقة أو بعده، لكن مقرونا بعدد الثلاث نصا أو إشارة، أو موصوفا
274 بصفة تنبئ عن البينونة أو تدل عليها من غير حرف العطف، أو مشبها بعدد أو صفة تدل عليها اه. ويعلم محترز القيود مما يذكره المصنف آخر الباب من وقوع الثلاث في أنت هكذا، مشيرا بأصابعه، ووقوع البائن في أنت طالق بائن، بخلاف وبائن وبأنت طالق كألف أو تطليقة طويلة، واختار في الفتح أن القسم الثاني ليس من الصريح، فلا حاجة للاحتراز عنه. واستظهر في البحر ما في البدائع معللا بأن حد الصريح يشمل الكل. قال في النهر: للقطع بأنه قبل الدخول أو على مال ونحوه ذلك ليس كناية، وإلا لاحتاج إلى النية أو دلالة الحال، فتعين أن يكون صريحا، إذ لا واسطة بينهما اه. وفيه عن الصيرفية: لو قال لها: أنت طالق ولا رجعة لي عليك فرجعية، ولو قال: على أن لا رجعة لي عليك فبائن اه. وسيأتي آخر الباب تمام الكلام على الفرع الأخير. قوله: (وإن نوى خلافها) قيد بنيته، لأنه لو قال جعلتها بائنة أو ثلاثا كانت كذلك عند الامام، ومعنى جعل الواحدة ثلاثا على قوله إنه ألحق بها اثنتين لا أنه جعل الواحدة ثلاثا، كذا في البدائع، ووافقه الثاني في البينونة دون الثلاث ونفاهما الثالث. نهر، وتمامه فيه. وفي البحر: وسيذكره المصنف في باب الكنايات. وعلم مما ذكرنا أنه لو قرنه بالعدد ابتداء فقال أنت طالق ثنتين، أو قال ثلاثا، يقع لما سيأتي في الباب الآتي أنه متى قرن بالعدد كان الوقوع به، وسنذكر في الكنايات ما لو ألحق العدد بعد ما سكت. قوله: (من البائن أو أكثر) بيان لقوله: خلافها فإن الضمير فيه للواحدة الرجعية، فخلاف الواحدة الأكثر رجعيا أو بائنا، وخلاف الرجعية البائن، ففي كلامه لف ونشر مشوش. وفيه أيضا إشارة إلى أنه لا يشمل نية المكره الطلاق عن وثاق، فلا يرد أنه تصح نيته قضاء كما يأتي قريبا، فافهم. قوله: (خلافا للشافعي) راجع إلى قوله: أو أكثر فقط، والأولى أن يقول: خلافا للأئمة الثلاثة كما يفاد من البحر، وهو القول الأول للامام، لأنه نوى محتمل لفظه ط. مطلب في قول البحر: إن الصريح يحتاج في وقوعه ديانة إلى النية قوله: (أو لم ينو شيئا) لما مر أن الصريح لا يحتاج إلى النية، ولكن لا بد في وقوعه قضاء وديانة من قصد إضافة لفظ الطلاق إليها عالما بمعناه ولم يصرفه إلى ما يحتمله، كما أفاده في الفتح، وحققه في النهر، احترازا عما لو كرر مسائل الطلاق بحضرتها، أو كتب ناقلا من كتاب امرأتي طالق مع التلفظ، أو حكى يمين غيره فإنه لا يقع أصلا ما لم يقصد زوجته، وعما لو لقنته لفظ الطلاق فتلفظ به غير عالم بمعناه فلا يقع أصلا على ما أفتى به مشايخ أوزجند صيانة عن التلبيس وغيرهم من الوقوع قضاء فقط، وعما لو سبق لسانه من قول أنت حائض مثلا إلى أنت طالق فإنه يقع قضاء فقط، وعما لو نوى بأنت طالق الطلاق من وثاق فإنه يقع قضاء فقط أيضا. وأما الهازل فيقع طلاقه قضاء وديانة، لأنه قصد السبب عالما بأنه سبب فرتب الشرع حكمه عليه أراده أو لم يرده كما مر، وبهذا ظهر عدم صحة ما في البحر والأشباه من أن قولهم: إن الصريح لا يحتاج إلى النية، إنما هو في القضاء. أما في الديانة فمحتاج إليها أخذا من قولهم: لو نوى الطلاق عن وثاق أو سبق لسانه إلى لفظ الطلاق يقع قضاء فقط: أي لا ديانة، لأنه لم ينوه. وفيه نظر، لأن عدم وقوعه ديانة في الأول لأنه صرف اللفظ إلى ما يحتمله، وفي الثاني لعدم قصد
275 اللفظ، واللازم من هذا أنه يشترط في وقوعه ديانة قصد اللفظ وعدم التأويل الصحيح أما اشتراط نية الطلاق فلا، بدليل أنه لو نوى الطلاق عن العمل لا يصدق، ويقع ديانة أيضا كما يأتي مع أنه لم ينو معنى الطلاق، وكذا لو طلق هازلا. قوله: (عن وثاق) بفتح الواو وكسرها: القيد، وجمعه وثق كرباط وربط. مصباح وعلم أنه لو نوى الطلاق عن قيد دين أيضا. قوله: (دين) أي تصح نيته فيما بينه وبين ربه تعالى، لأنه نوى ما يحتمله لفظه فيفتيه المفتي بعدم الوقوع. أما القاضي فلا يصدقه ويقضي عليه بالوقوع لأنه خلاف الظاهر بلا قرينة. قوله: (إن لم يقرنه بعدد) هذا الشرط ذكره في البحر وغيره فيما لو صرح بالوثاق أو القيد، بأن قال أنت طالق ثلاثا من هذا القيد فيقع قضاء وديانة كما في البزازية، وعلله في المحيط بأنه لا يتصور رفع القيد ثلاث مرات فانصرف إلى قيد النكاح كي لا يلغوا اه. قال في النهر: وهذا التعليل يفيد اتحاد الحكم فيما لو قال مرتين اه. ولذا أطلق الشارح العدد. ولا يخفى أنه إذا انصرف إلى قيد النكاح بسبب العدد مع التصريح بالقيد فمع عدمه بالأولى. قوله: (صدق قضاء أيضا) أي كما يصدق ديانة لوجود القرينة الدالة على عدم إرادة الايقاع، وهي الاكراه ط. قوله: (كما لو صرح الخ)، أي فإنه يصدق قضاء وديانة، إلا إذا قرنه بالعدد فلا يصدق أصلا كما مر. قوله: (وكذا لو نوى الخ) قال في البحر: ومنه: أي من الصريح: يا طالق أو يا مطلقة بالتشديد، ولو قال أردت الشتم لم يصدق قضاء ودين. خلاصة: ولو كان لها زوج طلقها قبل فقال أردت ذلك الطلاق صدق ديانة باتفاق الروايات، وقضاء في رواية أبي سليمان، وهو حسن كأم في الفتح، وهو الصحيح كما في الخانية. ولو لم يكن لها زوج لا يصدق، وكذا لو كان لها زوج قد مات اه. قلت: وقد ذكروا هذا التفصيل في صورة النداء كما سمعت، ولم أر من ذكره في الاخبار كأنت طالق، فتأمل. قوله: (لم يصدق أصلا) أي لا قضاء ولا ديانة. قال في الفتح: لان الطلاق لرفع القيد، وهي ليست مقيدة بالعمل فلا يكون محتمل اللفظ. وعنه أنه يدين لأنه يستعمل للتخلص. قوله: (دين فقط) أي ولا يصدق قضاء لأنه يظن أنه طلق ثم وصل لفظ العمل استدراكا، بخلاف ما لو وصل لفظ الوثاق لأنه يستعمل فيه قليلا. فتح. والحاصل كما في البحر أن كلا من الوثاق والقيد والعمل إما أن يذكر، أو ينوي، فإن ذكر فإما أن يقرن بالعدد أو لا، فإن قرن به وقع بلا نية، وإلا ففي ذكر العمل وقع قضاء فقط، وفي لفظي الوثاق والقيد لا يقع أصلا، وإن لم يذكر بل نوى لا يدين في لفظ العمل ودين في الوثاق والقيد، ويقع قضاء إلا أن يكون مكرها، والمرأة كالقاضي إذا سمعته أو أخبرها عدل لا يحل لها تمكينه. والفتوى على أنه ليس لها قتله، ولا تقتل نفسها بل تفدي نفسها بمال أو تهرب، كما أنه ليس له قتلها إذا حرمت عليه وكلما هرب ردته بالسحر. وفي البزازية عن الأوزجندي أنها ترفع الامر للقاضي، فإن حلف ولا بينة لها فالاثم عليه اه. قلت: أي إذا لم تقدر على الفداء أو الهرب ولا على منعه عنها فلا ينافي ما قبله. قوله: (وفي أنت الطلاق أو طلاق الخ) بيان لما إذا أخبر عنها
276 بمصدر معرف أو منكر أو اسم فاعل بعده مصدر كذلك. قوله: (يعني بالمصدر الخ) الأولى ذكره بعد قول المصنف أو ثنتين قوله: (وقعتا رجعيتين) هذا ما مشى عليه في الهداية ويروى عن الثاني، وبه قال أبو جعفر. ومقتضى الاطلاق عدم الصحة، وبه قال فخر الاسلام، وأيده في الفتح. وذكر في النهر أنه المرجح في المذهب. قوله: (لو مدخولا بها) وإلا بانت بالأول فيلغو الثاني. قوله: (أو ثنتين) أي في الحرة. قوله: (لأنه صريح مصدر) علة لقوله: أو ثنتين يعني أن المصدر من ألفاظ الوحدان لا يراعى فيها العدد المحض بل التوحيد، وهو بالفردية الحقيقية أو الجنسية والمثنى بمعزل عنهما. نهر. قوله: (لأنه فرد حكمي) لان الثلاث كل الطرق، فهي الفرد الكامل منه، فإرادتها لا تكون إرادة العدد ط. قوله: (ولذا كان) أي للفردية الحكمية. قوله: (لكن جزم في البحر أنه سهو) حيث قال: وأما ما في الجوهرة من أنه إذا تقدم على الحرة واحدة فإنه يقع ثنتان إذا نواهما: يعني مع الأولى فسهو ظاهر اه. ونظر فيه صاحب النهر، بأنه إذا نوى الثنتين مع الأولى فقد نوى الثلاث، وإذا لم يبق في ملكه الاثنتان وقعتا اه ح. أقول: إن كان المراد أنه نوى الثنتين مضومتين إلى الأولى لم يخرج بذلك عن نية الثنتين، وذلك عدد محض لا تصح نيته، وإن كان المراد أنه نوى الثلاث التي من جملتها الأولى فهو صحيح، لان الثلاث فرد اعتباري. قال في الذخيرة: ولو طلق الحرة واحدة ثم قال لها أنت علي حرام ينوي ثنتين لا تصح نيته، ولو نوى الثلاث تصح نيته وتقع تطليقتان أخريان اه. فافهم. فرع: في البزازية: قال لامرأتيه أنتما علي حرام، ونوى الثلاث في إحداهما والواحدة في الأخرى صحت نيته عند الامام، وعليه الفتوى. قوله: (فيقع بلا نية للعرف) أي فيكون صريحا لا كناية، بدليل عدم اشتراط النية وإن كان الواقع في لفظ الحرام البائن، لان الصريح قد يقع به البائن كما مر، لكن في وقوع البائن به بحث سنذكره في باب الكنايات، وإنما كان ما ذكره صريحا لأنه صار فاشيا في العرف في استعماله في الطلاق لا يعرفون من صيغ الطلاق غيره ولا يحلف به إلا الرجال، وقد مر أن الصريح ما غلب في العرف استعماله في الطلاق بحيث لا يستعمل عرفا إلا فيه من أي لغة كانت، وهذا في عرف زماننا كذلك، فوجب اعتباره صريحا كما أفتى المتأخرون في أنت علي حرام بأنه طلاق بائن للعرف بلا نية مع أن المنصوص عليه عند المتقدمين توقفه على النية، ولا ينافي ذلك ما يأتي من أنه لو قال طلاقك علي لم يقع، لان ذاك عند عدم غلبة العرف. وعلى هذا يحمل ما أفتى به العلامة أبو السعود أفندي مفتي الروم، من أن علي الطلاق أو يلزمني الطلاق ليس بصريح ولا كناية: أي لأنه لم يتعارف في زمنه، ولذا قال المصنف في منحه: إنه في ديارنا صار
277 العرف فاشيا في استعماله في الطلاق لا يعرفون من صيغ الطلاق غيره، فيجب الافتاء به من غير نية، كما هو الحكم في الحرام يلزمني وعلي الحرام، وممن صرح بوقوع الطلاق به للتعارف الشيخ قاسم في تصحيحه وإفتاء أبي السعود مبني على عدم استعماله في ديارهم في الطلاق أصلا كمالا يخفى اه. وما ذكره الشيخ قاسم ذكره قبله شيخه المحقق ابن الهمام في فتح القدير، وتبعه في البحر والنهر. ولسيدي عبد الغني النابلسي رسالة في ذلك سماها رفع الانغلاق في علي الطلاق ونقل فيها الوقوع عن بقية المذاهب الثلاثة. أقول: وقد رأيت المسألة منقولة عندنا عن المتقدمين. ففي الذخيرة وعن ابن سلام فيمن قال: إن فعلت كذا فثلاث تطليقات علي، أو قال علي واجبات، يعتر عادة أهل البلد، هل غلب ذلك في أيمانهم؟ اه. وكذا ذكرها السروجي في الغاية كما يأتي، وما أفتى به في الخيرية من عدم الوقوع تبعا لأبي السعود أفندي فقد رجع عنه وأفتى عقبه بخلافه، وقال: أقول الحق: الوقوع به في هذا الزمان لاشتهاره في معنى التطليق، فيجب الرجوع إليه والتعويل عليه عملا بالاحتياط في أمر الفروج اه. تنبيه: عبارة المحقق ابن الهمام في الفتح هكذا: وقد تعورف في عرفنا في الحلف: الطلاق يلزمني لا أفعل كذا: يريد إن فعلته لزم الطلاق ووقع، فيجب أن يجري عليهم، لأنه صار بمنزلة قوله: إن فعلت فأنت طالق، وكذا تعارف أهل الأرياف الحلف بقوله علي الطلاق لا أفعل اه. وهذا صريح في أنه تعليق في المعنى على فعل المحلوف عليه بغلبة العرف وإن لم يكن فيه أداة تعليق صريحا. ورأيت التصريح بأن ذلك معتبر في الفصل التاسع عشر من التاترخانية حيث قال: وفي الحاوي عن أبي الحسن الكرخي فيمن اتهم أنه لم يصل الغداة فقال عبده حر أنه قد صلاها وقد تعارفوه شرطا في لسانهم، قال: أجري أمرهم على الشرط على تعارفهم، كقوله: عبدي حر إن لم أكن صليت الغداة وصلاها لم يعتق، كذا هنا اه. وفي (البزازية): وإن قال أنت طالق لو دخلت الدار لطلقتك، فهذا رجل حلف بطلاق امرأته ليطلقنها إن دخلت الدار، بمنزلة قوله عبده حر إن دخلت الدار لأضربنك، فهذا رجل حلف بعتق عبده ليضربنها إن دخلت الدار، فإن دخلت الدار لزمه أن يطلقها، فإن مات أو ماتت فقد فات الشرط في آخر الحياة اه: أي فيقع الطلاق كما في منية المفتي. قلت: فيصير بمنزلة قوله إن دخلت الدار ولم أطلقك فأنت طالق، وإن دخلت الدار ولم أضربك فعبدي حر. وذكر الحنابلة في كتبهم أنجار مجرى القسم بمنزلة قوله والله فعلت كذا. مطلب في قولهم: علي الطلاق، على الحرام قال في النهر: ولو قال علي الطلاق أو الطلاق يلزمني أو الحرام ولم يقل لا أفعل كذا لم أجده في كلامهم اه. وفي حواشي مسكين: وقد ظفر فيه شيخنا مصرحا به في كلام الغاية للسروجي معزيا إلى المغني. ونصه: الطلاق يلزمني أو لازم لي صريح لأنه يقال لمن وقع طلاقه لزمه الطلاق، وكذا
278 قوله علي الطلاق اه. ونقل السيد الحموي عن الغاية معزيا إلى الجواهر: الطلاق لي لازم يقع بغير نيه اه. قلت: لكن يحتمل أن مراد الغاية ما إذا ذكر المحلوف عليه لما علمت من أنه يراد به في العرف التعليق، وأن قوله علي الطلاق لا أفعل كذا بمنزلة قوله إن فعلت كذا فأنت طالق، فإذا لم يذكر لا أفعل كذا بقي قوله على الطلاق بدون تعليق، والمتعارف استعماله في موضوع التعليق دون الانشاء، فإذا لم يتعارف استعماله في الانشاء منجزا لم يكن صريحا، فينبغي أن يكون على الخلاف الآتي فيما لو قال طلاقك علي، ثم رأيت سيد عبد الغني ذكر نحوه في رسالته. تتمة: ينبغي انه لو نوى الثلاث تصح نيته، لان الطلاق مذكور بلفظ المصدر، وقد علمت صحتها في، وكذا في قوله علي الحرام فقد صرحوا بأنه تصح نية الثلاث في أنت علي حرام. قوله: (يكون يمينا الخ) يعني في صورة الحلف بالحرام فإنه المذكور في الذخيرة وغيرها. ثم رأيت في البزازية قال في المواضع التي يقع الطلاق بلفظ الحرام إن لم تكن له امرأة إن حنث لزمته الكفارة، والنسفي على أنه لا يلزم اه. مطلب في قوله علي الطلاق من ذراعي قوله: (وكذا علي الطلاق من ذراعي) هذا بحث لصاحب البحر آخذه مما مر، من أنه لو قال: أنت طالق من هذا العمل ولم يقرنه بالعدد وقع قضاء ديانة، قال: فإنه يدل على الوقوع قضاء هنا بالأولى. ورده العلامة المقدسي: بأنه في المقيس عليه خاطب المرأة التي هي محل للطلاق ثم ذكر العمل الذي لم تكن مقيدة به حسا ولا شرعا فلم يصح صرف اللفظ عن المعنى الشرعي المتعارف إلى غيره بلا دليل، بخلاف المقيس، لأنه أضاف الطلاق إلى غير محله وهو ذراعه، مع أنه إذا قال أنا منك طالق يلغو اه ملخصا. وذكر نحوه الخير الرملي. قلت: وقد يقال: ليس فيه إضافة الطلاق إلى غير محله، لما مر من أن قوله علي الطلاق لا أفعل كذا بمنزلة إن فعلت فأنت طالق، فهو في العرف مضاف إلى المرأة معنى، ولولا اعتبار الإضافة المذكورة لم يقع، فكذلك صار هذا بمنزلة قوله إن فعلت كذا فأنت طالق من ذراعي، فساوى المقيس عليه في الإضافة إلى المرأة. وأيضا فإن قوله: أما منك طالق فيه وصف الرجل بالطلاق صريحا فلا يقع، لان الطلاق صفة للمرأة. وأما قوله علي الطلاق فإن معناه وقوع طلاق المرأة على الزوج، فليس فيه إضافة الطلاق إلى غير محله، بل إلى محله مع إضافة الوقوع إلى محله أيضا، فإنه شاع في كلامهم قولهم إذا قال كذا وقع عليه الطلاق، نعم قال الخير الرملي: إن الحالف بقوله علي الطلاق من ذراعي لا يريد به الزوجة قطعا إذ عادة العوام الاعراض به عنها خشية الوقوع، فيقولون تارة من ذراعي وتارة من كشتواني وتارة من مروتي، وبعضهم يزيد بعد ذكره: لأن النساء لا خير في ذكرهن اه. قلت: إن كان العرف كذلك فينبغي أن لا يتردد في عدم الوقوع، لأنه أوقع الطلاق على ذراعه ونحوه لا على المرأة. ثم قال الخير الرملي: اللهم إلا أن يقول علي الطلاق ثلاثا من ذراعي، فللقول بوقوعه وجه لان ذكر الثلاث يعينه، فتأمل اه. قوله: (ولو قال وطلاقك علي لم يقع) قال
279 في الخانية ولو قال طلاقك علي ذكر في الأصل على وجه الاستشهاد فقال: ألا ترى أنه لو قال لله علي طلاق امرأتي لا يلزمه شئ؟ اه. قلت: ومقتضاه أن علة عدم الوقوع في طلاقك على أنه صيغة نذر كقوله علي حجة فكأنه نذر أن يطلقها، النذر لا يكون إلا في عبادة مقصودة، والطلاق أبغض الحلال إلى الله تعالى فليس عبادة فلذا لم يلزمه شئ. قوله: (ولو زاد الخ) ظاهره أن قوله طلاقك علي بدون زيادة ليس فيه الخلاف المذكور، وهو المفهوم من الخانية والخلاصة أيضا، لكن نقل سيدي عبد الغني عن أدب القاضي للسرخسي: رجل قال لامرأته: طلاقك علي فرض ولازم، أو قال طلاقك علي فالصحيح أنه يقع في الكل، بخلاف العتق لأنه مما يجب فجعل إخبارا، ونقل مثله عن مختصر المحيط. قوله: (وقال الخاصي المختار نعم) عبارة فتوى الخاصي: قال لها: طلاقك علي واجب، أو قال وطلاقك لازم لي، يقع بلا نية عند أبي حنيفة، وهو المختار، وبه قال محمد بن مقاتل، وعليه الفتوى اه. وأنت خبير بأن لفظ الفتوى آكد ألفاظ التصحيح. ونقل في الخانية عن الفقيه أبي جعفر أنه يقع في قوله واجب لتعارف الناس، لا في قوله ثابت أو فرض أو لازم لعدم التعارف، ومقتضاه الوقوع في قوله علي الطلاق لأنه المتعارف في زماننا كما علمت. وعلل الخاصي الوقوع بقوله: لان الطلاق لا يكون واجبا أو ثابتا بل حكمه، وحكمه لا يجب ولا يثبت إلا بعد الوقوع. قال في الفتح: وهذا يفيد أن ثبوته اقتضاء، ويتوقف على نيته إلا أن يظهر فيه عرف فاش فيصير صريحا فلا يصدق قضاء في صرفه عنه، وفيا بينه وبين الله تعالى إن قصده وقع، وإلا لا، فإنه قد يقال: هذا الامر علي واجب، بمعنى ينبغي أن أفعله، لا أني فعلته، فكأنه قال ينبغي أن أطلقك اه. قوله: (قال الكمال الحق نعم) نقله عنه في البحر والنهر، وأقراه عليه بعد حكايتهما الخلاف. ووجهه أنه يحتمل الدعاء فتوقف على النية. وفي التاترخانية عن العتابية: المختار عدم توقفه عليها، وبه كان يفتى: ظهير الدين. قال المقدسي: ويقع في عصرنا نظير هذا، يطلب الرجل من المرأة فتقول أبرأك الله، وكانت حادثة الفتوى وكتبت بصحبتها لتعارفهم بذلك اه. قلت: ومثله في فتاوى قارئ الهداية والمنظومة المحبية، وسيأتي تمامه في الخلع. قوله: (كوني طالقا أو أطلقي) قال في الفتح عن محمد: إنه يقع لان كوني ليس أمرا حقيقة لعدم تصور كونها طالقا منها بل عبارة عن إثبات كونها طالقا كقوله تعالى: * (كن فيكون) * (سورة آل عمران: الآية 74) ليس أمرا بل كناية عن التكوين، وكونها طالقا يقتضي إيقاعا قبل فيتضمن إيقاعا سابعا، وكذا قوله اطلقي، ومثله للأمة كوني حرة. قوله: (أو يا مطلقة) قدمنا أنه لو كان لها زوج طلقها قبل فقال أردت ذلك الطلاق صدق ديانة، وكذا قضاء في الصحيح. وفي التاترخانية عن المحيط قال: أنت طالق ثم قال يا مطلقة لا تقع أخرى. قوله: (بالتشديد) أي تشديد اللام، أما بتخفيفها فهو ملحق بالكناية كما قدمناه عن البحر. قوله: (وقع) أي من غير نية لأنه صريح. قوله: (بكسر اللام وضمها) ذكر الضم بحث لصاحب النهر حيث قال: وينبغي أن يكون الضم كذلك، إذ هو لغة من لا ينتظر، بخلاف الفتح فإنه يتوقف على النية اه.
280 واعترض بأنه ينبغي توقف الضم أيضا على النية، لأنه إذا لم ينتظر الآخر لم تكن مادة ط ل ق موجودة ولا ملاحظة فلم يكن صريحا، بخلاف الكسر على لغة من ينتظر اه. قلت: قد يجاب بأن الضم في نداء الترخيم لما كان لغة ثابتة لم يخرج به اللفظ عن إرادة معناه المراد به قبل النداء، فإن كان من سمع اللفظ المرخم يعلم أن المراد به نداء تلك المادة، وأن انتظار المحذوف وعدمه أمر اعتباري قدروه ليبنوا عليه الضم والكسر، وإلا لزم أن يكون المنادى اسما آخر غير المقصود نداؤه، هذا ما ظهر لي، فتأمل. قوله: (أو أنت طال بالكسر) أي فإنه يقع بلا نية، بخلاف أنت طالق بحذف اللام فلا يقع، لان حذف آخر الكلام معتاد عرفا، تاترخانية. قوله: (وإلا توقف على النية) أي وإن لم يكسر اللام في غير المنادى توقف الوقوع على نية الطلاق: أي أو ما في حكمها كالمذاكرة والغضب كما في الخانية. وفي كنايات الفتح أن الوجه إطلاق التوقف على النية مطلقا لأنه بلا قاف ليس صريحا بالاتفاق لعدم غلبة الاستعمال ولا الترخيم لغة جائز في غير النداء، فانتفى لغة وعرفا، فيصدق قضاء مع اليمين، إلا عند الغضب أو مذاكرة الطلاق فيقع قضاء أسكنها أو لا، وتمامه فيه. قلت: وما قدمناه آنفا عن التاترخانية من أن حذف آخر الكلام معتاد عرفا يفيد الجواب، فإن لفظ طالق صريح قطعا، فإذا كان حذف الآخر معتادا عرفا لم يخرجه عن صراحته، وقد عد حذف آخر الكلمة من محسنات الكلام، وعده أهل البديع من قسم الاكتفاء، ونظم فيه المولدون كثيرا، ومنه: أين النجاة لعاشق أين النجا وأيضا فإن إبدال الآخر بحرق غيره كالألفاظ المصحفة المتقدمة لم يخرجه عن صراحته مع عدم غلبة الاستعمال فيها وما ذاك إلا لكونها أريد بها اللفظ الصريح وأن التصحيف عارض لجريانه على اللسان خطأ أو قصدا لكونه لغة التكلم وهذا ما ظهر لفهمي القاصر. قوله: (كما لو تهجى به أي فإنه يتوقف على النية، وقد مر بيانه، فافهم، قوله: (وفي النهر عن التصحيح الخ) أي تصحيح القدوري للعلامة قاسم وقصد به الرد على ما فهمه في البحر، من أن وهبتك طلاقك من الصريح، وكذا أودعتك ورهنتك. قال في النهر: نقل في تصحيح القدوري عن قاضيخان: وهبتك طلاقك الصحيح فيه عدم الوقوع اه. ففي أودعتك ورهنتك بالأولى وسيأتي أن رهنتك كناية. وفي المحيط: لو قال رهنتك طلاقك قالوا لا يقع، لان الرهن لا يفيد زوال الملك اه. قلت: ومقتضى كونه كناية أنه يقع بشرط النية، وقد عده في البكر في باب الكنايات منها، وكذا عد منها وهبتك طلاقك، وأودعتك طلاقك، وأقرضتك طلاقك وسيأتي تمامه هناك. قوله: (كأنت طالق) وكذا لو أتى بالضمير الغائب أو اسم الإشارة العائد إليها أو باسمها العلمي ونحو ذلك، وأشار إلى أن المراد به ما يعبر به عن جملتها وضعا، والمراد بقوله: أو إلى ما يعبر به عنها
281 ما يعبر به عن الجملة بطريق التجوز كرقبتك، وإلا فالكل يعبر به عن الجملة كما في الفتح، وهو أظهر مما في الزيلعي من أن الروح والبدن والجسد مثل أنت كما في البحر، لان الروح بعض الجسد، وكذا الجسد باعتبار الروح والبدن لا تدخل فيه الأطراف. أفاده في النهر. قوله: (كالرقبة الخ) فإنه عبر بها عن الكل في قوله تعالى: * (فتحرير رقبة) * (سورة النساء: الآية 29) والعنق في * (فظلت أعناقهم لها خاضعين) * (سورة الشعراء: الآية 4) لوصفها بجمع المذكر الموضوع للعاقل والعقل للذوات لا للأعضاء، والروح في قولهم: هلكت روحه أي نفسه، ومثلها أنفس كما في * (وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس) * (سورة المائدة: الآية 4). قوله: (الأطراف الخ) أي اليدان والرجلان والرأس، وهذه التفرقة بين الجسد والبدن عزاها في النهر إلى ابن كمال في إيضاح الاصلاح، وعزاها الرحمتي إلى الفائق للزمخشري والمصباح. ورأيت في فصل العدة من الذخيرة: قال محمد: والبدن هو من أليتيه إلى منكبيه. قوله: (والفرج) عبر به عن الكل في حديث: لعن الله الفروج على السروج قال في الفتح: إنه حديث غريب جدا. قوله: (والوجه والرأس) في قوله تعالى: * (كل شئ هالك إلا وجهه) * (سورة القصص: الآية 88) * (ويبقى وجه ربك) * (سورة الرحمن: الآية 72) أي ذاته الكريمة، وأعتق رأسا ورأسين من الرقيق، وأنا بخير ما دام رأسك سالما، يقال مرادا به الذات أيضا. فتح. قال في البحر: وفي الفتح من كتاب الكفالة: ولم يذكر محمد ما إذا كفل بعينه. قال البلخي: لا يصح كما في الطلاق، إلا أن ينوي به البدن، والذي يجب أن يصح في الكفالة والطلاق إذ العين مما يعبر به عن الكل، يقال عين القوم، وهو عين في الناس، ولعله لم يكن معروفا في زمانهم، أما في زماننا فلا شك في ذلك اه. قوله: (وكذا الاست الخ) قال في البحر: فالإست وإن كان مرادفا للدبر لا يلزم مساواتهما في الحكم، لأن الاعتبار هنا لكون اللفظ يعبر به عن الكل، ألا ترى أن البضع مرادف للفرج وليس حكمه هنا كحكمه في التعبير اه. والحاصل أن الاست والفرج يعبر بهما عن الكل، فيقع إذا أضيف إليهما، بخلاف مرادف الأول وهو الدبر، ومرادف الثاني وهو البضع، فلا يقع لعدم التعبير بهما عن الكل، ولا يلزم من الترادف المساواة في الحكم، لكن أورد في الفتح أنه إن كان المعتبر اشتهار التعبير يجب أن لا يقع بالإضافة إلى الفرج: أي لعدم اشتهار التعبير به عن الكل، وإن كان المعتبر وقوع الاستعمال من بعض أهل اللسان يجب أن يقع في اليد بلا خلاف، لثبوت استعمالها في الكل في قوله تعالى: * (ذلك بما قدمت يداك) * أي قدمت، وقوله (ص): على اليد ما أخذت حتى ترد اه. قلت: قد يجاب بأن المعتبر الأول، لكن لا يلزم اشتهار التعبير به عن الكل عند جميع الناس، بل في عرف المتكلم في بلد مثلا، فيقع بالإضافة إلى اليد إذا اشتهر عنده التعبير بها عن الكل، ولا يقع بالإضافة إلى الفرج إذا لم يشتهر. ثم رأيت في كلام الفتح ما يفيد ذلك حيث قال ووقوعه بالإضافة إلى الرأس باعتبار كونه معبرا به عن الكل، لا باعتبار نفسه مقتصرا، ولذا لو قال الزوج عنيت الرأس مقتصرا قال الحلواني: لا يبعد أن يقال لا يقع، لكن ينبغي أن يكون ذلك ديانة. وأما في القضاء إذا كان التعبير به عن الكل عرفا مشتهرا لا يصدق. ولو قال عنيت باليد صاحبتها كما أريد ذلك في الآية والحديث وتعارف قوم التعبير بها عن الكل وقع، لان الطلاق مبني على العرف،
282 ولذا لو طلق النبطي بالفارسية يقع، ولو تكلم به العربي ولا يدريه لا يقع اه. فقد قيد الوقوع قضاء في الإضافة إلى الرأس أو اليد بما إذا كان التعبير به عن الكل متعارفا، وصرح أيضا بقوله: وتعارف يوم التعبير بها: أي باليد، فأفاد أنه عند عدم تعارف ذلك عندهم لا يقع، مع أن التعبير بالرأس واليد عن الكل ثابت لغة وشرعا، والله تعالى أعلم. قوله: (والدم) كان المناسب إسقاطه حيث ذكر في محله فيما سيأتي، وأما ذكر البضع والدبر هنا فلذكر مرادفهما ح. قوله: (كنصفها وثلثها إلى عشرها) وكذا لو أضافه إلى جزء من ألف جزء منها كما في الخانية، لان الجزء الشائع محل لسائر التصرفات كالبيع ويغره. هداية. قال ط: إلا أنه يتجزأ في غير الطلاق. وقال شيخي زاده: إنه يقع في ذلك الجزء ثم يسري إلى الكل لشيوعه فيقع في الكل. قوله: (لعدم تجزيه) علة لقوله: أو إلى جزء شائع منها ط. وفيه أنه يلزم منه وقوع الطلاق بالإضافة إلى الإصبع مثلا، فالمناسب التعليل بما ذكرناه آنفا عن الهداية. قوله: (ولو قال الخ) أشار به إلى أن تقييد الجزء بالشائع ليس للاحتراز عن المعين لما ذكر من الفرع. أفاده في البحر. قوله: (وقعت ببخارى) أي ولم يوجد فيها نص عن المتقدمين ولا عن المتأخرين. تاترخانية. قوله: (عملا بالإضافتين) أي لان الرأس في النصف الاعلى والفرج في الأسفل فيصير مضيفا الطلاق إلى رأسها وإلى فرجها. ط عن المحيط،. قال في البحر: وقد علم به أنه لو اقتصر على أحدهما وقعت واحدة اتفاقا اه. وهو ممنوع في الثاني كما هو ظاهر. نهر: أي لان من أوقع واحدة بالإضافتين لم يعتبر كون الفرج في الثانية، فإذا اقتصر على الإضافة الثانية فقط كيف يقع بها اتفاقا، نعم لو اقتصر على الإضافة الأولى يقع اتفاقا. ثم اعلم أن كلا من القولين مشكل، لان النصف الاعلى أو الأسفل ليس جزءا شائعا وهو ظاهر، ولا مما يعبر به عن الكل، ووجود الرأس في الأول والفرج في الثاني لا يصيره معبرا به من الكل، لان ما مر من أنه يقع بالإضافة إلى جزء يعبر به عن الكل على تقدير مضاف: أي اسم جزء كما أفاده في الفتح وقال: فإن نفس الجز لا يتصور التعبير به عن الكل اه. وحينئذ فالموجود في النصف الاعلى نفس الرأس، وفي الأسفل نفس الفرج لا اسمهما الذي يعبر عن الكل، ولهذا لو وضع يده على رأسها وقال هذا الرأس طالق لا تطلق، لان وضع اليد قرينة على إرادة نفس الرأس، بخلاف ما إذا لم يضعها عليه كما يأتي، لأنه يكون بمعنى هذه الذات، فليتأمل. قوله: (أو الوجه) أي منك ط. قوله: (بل عن البعض) بقرينة ذكر منك في الأول ووضع اليد في الأخير. قوله: (بل قال هذا الرأس) ومثله فيما يظهر هذا الوجه أو هذه الرقبة. والظاهر أنه هنا لا بد من التعبير باسم الرأس ونحوه، وأنه لو عبر عنه بقوله: هذا العضو لم يقع، لان المعبر بن عن الكل هو اسم الرأس
283 ونحوه لا اسم العضو، نظير ما قدمناه آنفا. تأمل. قوله: (وقع في الأصح) ولهذا لو قال لغيره: بعت منك هذا الرأس بألف درهم وأشار إلى رأس عبده فقال المشتري قبلت جاز البيع. بحر عن الخانية. قوله: (فتح) قدمنا عبارته قبل صفحة. قوله: (كما لا يقع لو أضافه إلى اليد) لأنه لم يشتهر بين الناس التعبير بها عن الكل، حتى لو اشتهر بين قوم وقع، كما قدمناه عن الفتح. قوله: (إلا بنية المجاز) أي بإطلاق البعض على الكل إذا لم يكن مشتهرا، فلو اشتهر بذلك فلا حاجة إلى نية المجاز. وذكر في الفتح ما حاصله أنه عند الشافعي يقع بإضافته إلى اليد والرجل ونحوهما حقيقة. وبيان ذلك أن الطلاق محله المرأة لأنها محل النكاح، ومحلية أجزائها للنكاح بطريق التبعية فلا يقع الطلاق إلا بالإضافة إلى ذاتها أو إلى جزء شائع منها هو محل للتصرفات أو إلى معين عبر به عن الكل، حتى لو أريد نفسه لم يقع، فالخلاف في أن ما يملك تبعا هل يكون محلا لإضافة الطلاق إليه على حقيقته دون صيرورته عبارة عن الكل؟ فعنده نعم، وعندنا لا، وأما على كونه مجازا عن الكل فلا إشكال أنه يقع يدا كان أو رجلا بعد كونه مستقيما لغة اه. أي بخلاف نحو الريق والظفر فإنه لا يستقيم إرادة الكل به. والحاصل كما في البحر أن هذه الألفاظ: ثلاثة: صريح يقع قضاء بلا نية كالرقبة، وكناية لا يقع إلا بالنية كاليد، وما ليس صريحا ولا كناية لا يقع به وإن نوى كالريق والسن والشعر والظفر والكبد والعرق والقلب. قوله: (والذقن) قلت: إطلاق الذقن مرادا بها الكل عرف مشتهر الآن، فإنه يقال: لا أزال بخير ما دامت هذه الذقن سالمة، فينبغي أن تكون كالرأس. قوله: (وكذا الثدي والدم جوهرة) أقول: الذي في الجوهرة: إذا قال دمك فيه روايتان، الصحيحة منهما يقع لان الدم يعبر به عن الجملة، يقال ذهب دمه هدرا اه. وهكذا نقل عن الجوهرة في البحر والنهر. ونقل في النهر عن الخلاصة تصحيح عدم الوقوع كما هو ظاهر المتون. قوله: (لأنه لا يعبر به) أي بالمذكور من هذه الألفاظ اه ط. قوله: (فول عبر قوم) أي بما ذكر ولا خصوص له، بل لو عبروا بأي عضو كان فهو كذلك، ذكره أبو السعود عن الدرر، ونقل الحموي عن المحاكمات لجلال زاده ما نصه: يجب أن يحتاط في أمر الطلاق إذا أضيف إلى اليد والرجل باللسان التركي فإنهما فيه يعبر بهما عن الجملة والذات اه ط. قوله: (وكذا الخ) أصل هذا في الفتح، حيث ذكر أنه ما لا يعبر به عن الجملة كاليد والرجل والإصبع والدبر لا يقع الطلاق بإضافته إليه، خلافا لزفر والشافعي ومالك وأحمد. ولا خلاف أنه بالإضافة إلى الشعر والظفر والسن والريق والعرق لا يقع. ثم قال: والعتاق والظهار والايلاء، وكل سبب من أسباب الحرمة على هذا الخلاف، فلو ظاهر أو آلى أو أعتق أصبعها لا يصح عندنا، ويصح عندهم، وكذا العفو عن القصاص، وما كان من أسباب الحل كالنكاح لا يصح إضافته إلى الجزء المعين الذي لا يعبر به عن الكل بلا خلاف اه. قلت: ولم يعلم منه حكم الإضافة إلى جزء شائع أو ما يعبر به عن الكل في النكاح، وتقدم هناك قوله: ولا ينعقد بتزوجت نصفك في الأصح احتياطا خانية. بل لا بد أن يضيفه إلى كلها أو
284 ما يعبر به عن الكل ومنه الظهر والبطن على الأشبه. ذخيرة. ورجحوا في الطلاق خلافه فيحتاج للفرق اه. وقدمنا الكلام على ذلك وأن من اختار صحة النكاح بالإضافة إلى الظهر والبطن اختار الوقوع في الطلاق، ومن اختار عدم الصحة في النكاح اختار عدم الوقوع فلا حاجة إلى الفرق. قوله: (ولو من ألف جزء) بأن يقول أنت طالق جزءا من ألف جزء من طلقة ط. قوله: (لعدم التجزئ) أي في الطلاق، فذكر جزئه كذكر كله صونا لكلام العاقل عن الالغاء، ولذا جعل الشارع العفو عن بعض القصاص عفوا عن كله. نهر وعلى هذا لو قال: أنت طالق طلقة وربعا أو نصفا طلقت طلقتين. جوهرة. قوله: (فلو زادت الاجزاء) أي مع الإضافة إلى الضمير كأنت طالق نصف طلقة وثلثها وربعها فقد زادت الاجزاء على الواحدة بنصف السدس فتقع به طلقة أخرى ط. قوله: (وهكذا) يعني لو زادت الاجزاء على الطلقتين وقع ثلاث، نحو: أنت طالق ثلثي طلقة وثلاثة أرباعها وأربعة أخماسها ح. قال في فتح القدير: إلا أن الأصح في اتحاد المرجع وإن زادت أجزاء واحدة أن تقع واحدة، لأنه أضاف الاجزاء إلى واحدة، نص عليه في المبسوط. والأول هو المختار عند جماعة من المشايخ. اه. قال في البحر: وعلى الأصح لو قال أنت طالق واحدة ونصفها تقع واحدة كما في الذخيرة، بخلاف واحدة ونصفا اه. وما في الذخيرة عزاه في الهندية إلى المحيط والبدائع، لكن الذي رأيته في البدائع: ولو تجاوز العدد عن واحدة لم يذكر، هذا في ظاهر الرواية. واختلف المشايخ فيه: قال بعضهم: تقع تطليقتان. وقال بعضهم: واحدة اه. قوله: (فيقع الثلاث) لان المنكر إذا أعيد منكرا كان الثاني غير الأول فيتكامل كل جزء، بخلاف ما إذا قال نصف تطليقة وثلثها وسدسها حيث تقع واحدة، لان الثاني والثالث عين الأول، وهذا في المدخول بها، أما غيرها فلا يقع إلا واحدة في الصور كلها. بحر. قوله: (ولو بلا واو فواحدة) أي بأن قال: نصف طلقة، ثلث طلقة، سدس طلقة، لدلالة حذف العاطف على أن هذه الاجزاء من طلقة واحدة، وأن الثاني بدل من الأول، والثالث بدل من الثاني، والبدل هو المبدل منه أو بعضه. قوله: (على المختار) أي عند جماعة من المشايخ، وقد علمت عن المبسوط أن الأصح خلافه عند اتحاد المرجع، وأنه جرى عليه في الذخيرة والمحيط. قوله: (وكذا لو كان مكان السدس ربعا الخ) نص عبارة القهستاني نقلا عن المحيط: لو قال نصف تطليقة وثلث تطليقة وربع تطليقة فثنتان على المختار، وقيل واحدة، ولو كان مكان الربع سدسا فثلاث، وقيل واحدة اه. والظاهر أنه سبق قلم من القهستاني، فإنه في الثانية لم تزد الاجزاء على الواحدة، وجعل الواقع فيها ثلاثا، وفي الأولى زادت، وجعل الواقع ثنتين، مع أنه يجب أن يكون الواقع ثلاثا في الصورتين، لان اعتبار الاجزاء إنما هو عند اتحاد المرجع، أما عند الاتيان بالاسم النكرة فيعتبر كل جزء بطلقة كما تقدم. على أن عبارة المحيط كما نقله ط عن الهندية هكذا: لو قال أنت طالق نصف تطليقة وثلث تطليقة وسدس تطليقة يقع ثلاث، لأنه أضاف كل جزء إلى تطليقة منكرة، والنكرة إذا كررت كانت الثانية غير الأولى، ولو قال نصف تطليقة وثلثها وسدسها يقع واحدة، فإن جاوز مجموع الاجزاء تطليقة بأن قال: نصف تطليقة وثلثها وربعها، قيل
285 تقع واحدة، وقيل ثنتان وهو المختار، كذا في محيط السرخسي، وهو الصحيح، كذا في الظهيرية اه. وقدمنا عن الفتح أنه في المبسوط صح وقوع الواحدة، وعلى كل فموضوع الخلاف هو الإضافة إلى الضمير لا إلى الاسم المنكر، لكن رأيت في التاترخانية عن المحيط ما نصه: وذكر الصدر الشهيد في واقعاته: إذا قال لها أنت طالق نصف تطليقة وثلث تطليقة وربع تطليقة تقع ثنتان هو المختار، فعلى قياس ما ذكر الصدر الشهيد ينبغي في قوله أنت طالق نصف تطليقة وثلث تطليقة وسدس تطليقة تقع تطليقة واحدة اه. وهذا أقل إشكالا، وكأنه مبني على اعتبار الاجزاء في الإضافة إلى الاسم النكرة أيضا كالإضافة إلى الضمير، لكنه خلاف ما جزم به في البدائع والفتح والنهر من الفرق بينهما. قوله: (وسيجئ) أي متنا في آخر التعليق حيث قال: إخراج بعض التطليق لغو، بخلاف إيقاعه، فلو قال: أنت طالق ثلاثا إلا نصف تطليقة وقع الثلاث في المختار اه. قال في الفتح: وقيل على قول أبي يوسف ثنتان، لان التطليق لا يتجزأ في الايقاع، فكذا في الاسثتناء، فكأنه قال إلا واحدة. قوله: (بخلاف إيقاعه) أي إيقاع البعض وهو ما ذكره هنا. قوله: (ويقع الخ) كان الأولى بالمصنف تأخير هذه المسألة عما بعدها كما فعل في الهداية والكنز ليضع الكلام على الاجزاء متصلا. قوله: (فيما أصله الحظر) أي بأن لا يباح إلا لدفع الحاجة كالطلاق. قوله: (عند الامام) وقال بدخول الغايتين، فيقع في الأولى ثنتان، وفي الثانية ثلاث. وقال زفر: لا يقع في الأولى شئ، ويقع في الثانية واحدة، وهو القياس لعدم دخول الغايتين في المحدود، كبعتك من هذا الحائط إلى هذا الحائط، وقول الثلاثة استحسان بالعرف، وهو أن هذا الكلام متى ذكر في العرف وكان بين الغايتين عدد يراد به الأكثر من الأقل والأقل من الأكثر، كقولك سني من سني إلى ستين إلى سبعين: أي أكثر من ستين وأقل من سبعين، ففي نحو طالق من واحدة إلى ثنتين انتفى ذلك العرف عند الامام، فوجب إعمال طالق فوقع به واحدة، ويدخل الكل فيما أصله الإباحة كخذ من مالي من درهم إلى درهمين، أما ما أصله الحظر فلا، فإن حظره قرينة على عدم إرادة الكل، إلا أن الغاية الأولى دخلت ضرورة، إذ لا بد من وجودها ليترتب عليها الطلقة الثانية، إذ لا ثانية بلا أولى، بخلاف الغاية الثانية وهي ثلاث فإنه يصح وقوع الثانية بلا ثالثة، أما في صورة من واحد إلى ثنتين فلا حاجة إلى إدخالها لعدم الضرورة المذكورة، وتمام تقريره في الفتح. قوله: (الغايتين) أي دخول الغايتين، فله أخذ الكل: أي الألف في المثال المذكور كما أفاده في البحر، فافهم. قوله: (ثلاثة الخ) لان نصف التطليقتين واحدة، فثلاثة أنصاف تطليقتين ثلاثة تطليقات ضرورة. نهر. قوله: (وقيل ثنتان) لان التطليقتين إذا نصفتا كانت أربعة أنصاف، فثلاثة منها طلقة ونصف فتكمل تطليقتين. وأجيب بأن هذا التوهم منشؤه اشتباه قولنا نصفا تطليقتين ونصفنا كلا من تطليقتين، والثاني هو الموجب للأربعة أنصاف، واللفظ وإن كان يحتمله، ولذا لو نواه دين لكنه خلاف الظاهر. نهر. قال في الفتح: لأن الظاهر هو أن نصف التطليقتين تطليقة لا نصفا تطليقتين. قوله: (أو نصفي
286 طلقتين) وكذا نصف ثلاث تطليقات، ولو قال نصف تطليقتين فواحدة، أو نصفي ثلاث تطليقات فثلاث. بحر. قوله: (طلقتان) لأنها طلقة ونصف فيتكامل النصف، وفي نصفي طلقتين يتكامل كل نصف فيحصل طلقتان. قلت: وينبغي أن يكون أربعة أثلاث طلقة وخمسة أرباع طلقة مثل أنصاف طلقة. تأمل. قوله: (وقيل يقع ثلاث) لان كل نصف يتكامل في نفسه فتصير ثلاثا. قوله: (والأول أصح) قال في البحر: وهو المنقول في الجامع الصغير، واختاره الناطفي، وصححه العتابي اه. ثم ذكر للتنصيف اثنتي عشرة صورة وذكر أحكامها، فراجعه. قوله: (لأنه يكثر الاجزاء الخ) أي أن الضرب يؤثر في تكثير أجزاء المضروب لا في زيادة العدد، والطلقة التي جعل لها أجزاء كثيرة لا تزيد على طلقة، ولو زاد في العدد لم يبق في الدنيا فقير، لأنه يضرب درهمه في مائة فيصير مائة، ثم المائة في ألف فتصير مائة ألف. وقال زفر والحسن بن زياد والأئمة الثلاثة: يقع ثنتان، لان عرف أهل الحساب فيه تضعيف أحد العددين بعدد الآخر، ورجحه في الفتح بأن العرف لا يمنع، والفرض أنه تكلم بعرفهم وأراده، فصار كما لو أوقع بلغة أخرى فارسية أو غيرها وهو يدركها، والالزام بأنه لو كان كذلك لم يبق في الدنيا فقير غير لازم، لان ضرب درهمه في مائة، إن كان إخبارا كقوله عندي درهم في مائة فهو كذب، وإن كان إنشاء كجعلته في مائة لا يمكن، لأنه لا ينجعل بقوله ذلك، واختاره أيضا في غاية البيان. وما أجاب به في البحر من أن قوله: في ثنتني ظرف حقيقة وهو لا يصلح له، وإذا لم يكن صالحا لم يعتبر في العرف ولا النية، كما لو نوى بقوله: اسقني الماء الطلاق فإنه لا يقع، رده المقدسي بأن اللفظ صريح: أي حقيقة عرفية لأهل الحساب صريح في معناه العرفي، وكذا رده في النهر والمنح. قال الرحمتي: فتزاد هذه المسألة على المسائل المفتى بها بقول زفر اه: أي لان المحقق ابن الهمام من أهل الترجيح كما اعترف به صاحب البحر في كتاب القضاء. قوله: (فثلاث) لأنه يحتمله كلامه، فإن الواو للجمع والظرف يجمع المظروف، فصح أن يراد به معنى الواو. بحر. وفيه تشديد على نفسه. نهر. قوله: (لو مدخولا بها) أي ولو حكما ليشمل المختلى بها، فإن الطلاق في العدة يلحقها احتياطا، وهو الأقرب للصواب كما تقدم في أحكام الخلوة من باب المهر، وبسطنا الكلام عليه هناك. قوله: (كقوله لها) أي لغير الموطوءة أنت طالق واحدة وثنتين فإنها تبين بقوله واحدة، لا إلى عدة فلا يلحقها ما بعدها. قوله: (فثلاث) لان إرادة معنى مع نفي ثابت كقوله تعالى: (ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة) * (سورة الأحقاف: الآية 61) فصار كما إذا قال لها أنت طالق واحدة مع ثنتني: أفاده في البحر. قوله: (مطلقا) أي مدخولا بها أو لا ح. قوله: (لما مر) أي من قوله: لأنه يكثر الاجزاء لا الافراد ح. قوله: (فكما مر) أي فيقع في صورة معنى الواو ثلاث في المدخول بها وثنتان في غيرها، وفي صورة معنى مع ثلاث مطلقا ح. قوله: (واحدة رجعية لأنه
287 وصفه بالقصر، لأنه متى وقع في مكان وقع في كل الأماكن، فتخصيصه بالشام تقصير بالنسبة إلى ما وراءه، ثم لا يحتمل القصر حقيقة، فكان قصر حكمه وهو بالرجعي وطوله بالبائن، ولأنه لم يصفها بعظم ولا كبر بل مدها إلى مكان وهو لا يحتمله، فلم يثبت به زيادة شدة. نهر. قوله: (أو ثوب كذا) أي وعليها ثوب غيره. نهر. قوله: (يقع للحال) تفسير لقوله: تنجيز وذلك لان الطلاق الذي هو رفع القيد الشرعي معدوم في الحال، وقد جعل الشارع لمن أراده أن يعلق وجوده بوجود أمر معدوم يوجد الطلاق عند وجوده، والافعال والزمان هما الصالحان لذلك، لان كلا منهما معدوم في الحال ثم يوجد، بخلاف المكان الذي هو عين ثابتة فإنه لا يتصور الإناطة به، وتمامه في الفتح. قوله: (لا قضاء) لما فيه من التخفيف على نفسه. بحر. قوله: (فيتعلق) عطف على قوله: ويصدق وقوله: به أي بالشرط المذكور في الصور ط. قوله: (كقوله إلى سنة الخ) في التاترخانية عن المحيط: ولو قال أنت طالق إلى الليل أو إلى الشهر أو إلى السنة أو إلى الصيف أو إلى الشتاء أو إلى الربيع أإلى الخريف فهو على ثلاثة أوجه: إما أن ينوي الوقوع بعد الوقت المضاف إليه فيقع الطلاق بعد مضيه، أو ينوي الوقوع ويجعل الوقت للامتداد فيقع للحال، أو لا تكون له نية أصلا فيقع بعد الوقت عندنا، وللحال عند زفر، قاسه على ما إذا جعل الغاية مكانا كإلى مكة أو إلى بغداد فإنه تبطل الغاية ويقع للحال اه. قوله: (تعليق) لوجود حقيقته. بحر. قوله: (وكذا الخ) أي فيتعلق بالفعل فلا تطلق حتى تفعل. بحر. قوله: (أو في صلاتك) ولا تطلق حتى تركع وتسجد، وقيل حتى ترفع رأسها من السجدة، وقيل حتى توجد القعدة. تاترخانية. قوله: (ونحو ذلك) كقوله في مرضك أو وجعك، فإنه لا فرق بين الفعل الاختياري وغيره كما في البحر ط. قوله: (لان الظرف يشبه الشرط) من حيث إن المظروف لا يوجد بدون الظرف كالمشروط لا يوجد بدون الشرط، فيحمل عليه عند تعذره معنا: أعني الظرف. نهر. قوله: (تنجيز) الأولى تنجز على أنه فعل ماض جواب لو كما قال بعده تعلق بصيغة الفعل، وإنما تنجز لأنه أوقع الطلاق للحال، وعلله بما ذكر فيقع سواء وجد الدخول أو الحيض أو لا. رحمتي. قلت: وينبغي أن يتعلق لو نوى باللام التوقيت كما في: * (أقم الصلاة لدلوك الشمس) * (سورة الإسراء: الآية 87). قوله: (ولو بالباء تعلق) لأنها للالصاق، وقد أوقع عليها طلاقا ملصقا بما ذكر فلا يقع إلا به. رحمتي. قوله: (وفي حيضك الخ) قال في البدائع: وإذا قال أنت طالق في حيضك أو مع حيضك فحيثما رأت الدم تطلق بشرط أن يستمر ثلاثة أيام، لان كلمة في للظرف والحيض لا يصلح ظرفا فيجعل شرطا وكلمة مع للمقارنة، فإذا استمر ثلاثا تبين أنه كان حيضا من حين وجوده فيقع من ذلك الوقت، ولو قال: في حيضتك فما لم تحض وتطهر لا تطلق، لان الحيضة اسم للكامل وذلك باتصال الطهر بها، ولو
288 كانت حائضا في هذه الفصول كلها لا يقع ما لم تطهر وتحيض أخرى، لأنه جعل الحيض شرطا للوقوع، والشرط ما يكون معدوما على خطر الوجود وهو الحيض المستقبل لا الموجود في الحال اه. قلت: وينبغي الوقوع لو نوى في مدة حيضك الموجود. تأمل. وفي الجوهرة: ولو قال لها وهي حائض إذا حضت فهو على حيض مستقبل، فإن عنى ما يحدث من هذا الحيض فكما نوى لأنه يحدث حالا فحالا، بخلاف قوله للحبلى: إذا حبلت ونوى هذا الحبل لا يحنث، لأنه ليس له أجزاء متعددة اه. وفي الخانية: قال لحائض إذا حضت فأنت طالق فهو على حيض مستقبل، ولو قال لها: إذا حضت غدا فهو على دوام ذلك الحيض إلى فجر الغد، لأنه لأي تصور حدوث حيضة في الغد فيحمل على الدوام، وكذا إذا مرضت وهي مريضة بخلاف قوله للصحيحة إذا صححت فيقع كما سكت، لان الصحة أمر يمتد فلدوامه حكم الابتداء، كقوله للقائم إذا قمت، وللقاعد إذا قعدت، وللمملوك إذا ملكتك، والحيض والمرض وإن كان يمتد إلا أن الشرع لما علق بالجملة أحكاما لا تتعلق بكل جزء منه فقد جعل الكل شيئا واحدا اه. قوله: (وفي ثلاثة أيام تنجيز) لان الوقت يصلح ظرفا لكونها طالقا، ومتى طلقت في وقت طلقت في سائر الأوقات. بحر. قوله: (بمجئ الثالث) لان المجئ فعل فلم يصح ظرفا فصار شرطا بحر. قوله: (لان الشروط تعتبر في المستقبل) علة لقوله: سوى يوم حلفه فإن مجئ اليوم عبارة عن مجئ أول جزئه، يقال جاء يوم الجمعة كما طلع الفجر واليوم الأول قد مضى أول جزئه، أفاده في البحر. ومفاده أن هذا فيما لو حلف نهارا. وفي التاترخانية: ولو قال في الليل أنت طالق في مجئ ثلاثة أيام طلقت كما طلع الفجر من اليوم الثالث ولو قال في مضي ثلاثة أيام إن قال ذلك ليلا طلقت بغروب شمس الثالث، هكذا في بعض نسخ الجامع، وفي بعضها لا تطلق حتى تجئ ساعة حلفه من الليلة الرابعة، وهكذا ذكره القدوري اه. قوله: (لغو) لان التكاليف رفعت فيه، وإنما لم يتنجز لأنه جعل الوقوع في زمان معين والزمان يصلح للايقاع، إلا أنه منع مانع من إيقاعه فيه ط. قوله: (وقبله تنجيز) لان القبلية ظرف متسع فيصدق بحين التكلم ط. قوله: (إن رفع الخ) الفرق أنه على الرفع يكون نعتا للمرأة فكان فاصلا، وعلى النصب يكون نعتا للتطليقة، فلم يكن فاصلا. نهر عن المحيط: أي وإذا لم يكن فاصل أجنبي لم يكن قوله: في دخولك مستأنفا، بل يتعلق بطالق فيتقيد به. قوله: (وسأل الكسائي محمدا الخ) أشار به إلى رد ما ذكره ابن هشام في المغني من الباب الأولى من بحث اللام: أنه كتب الرشيد إلى أبي يوسف يسأله عن ذلك. فقال: هذه مسألة نحوية فقهية، ولا آمن من الخطأ إن قلت فيها، فسألت الكسائي، فقال: إن رفع ثلاثا طلقت واحدة لأنه قال أنت طالق ثم أخبر أن الطلاق التام الثلاث، وإن نصبها طلقت ثلاثا لان معناه أنت طالق ثلاثة، وما بينهما جملة معترضة اه ملخصا.
289 قال في الفتح: وهو بعد كونه غلطا بعيد عن معرفة مقام الاجتهاد، فإن من شرطه معرفة العربية وأساليبها، لان الاجتهاد يقع في الأدلة السمعية العربية. والذي نقله أهل الثبت من هذه المسألة عمن قرأ الفتوى حين وصلت خلافه، وأن المرسل الكسائي إلى محمد بن الحسن، ولا دخل لأبي يوسف أصلا ولا للرشيد، ولمقام أبي يوسف أجل من أن يحتاج في مثل هذا التركيب مع إمامته واجتهاده وبراعته في التصرفات من مقتضيات الألفاظ. في المبسوط: ذكر ابن سماعة أن الكسائي بعث إلى محمد بفتوى فدفعها إلي فقرأتها عليه، فكتب في جوابه ما مر، فاستحسن الكسائي جوابه اه. وذكر ح في حاشية المغني للجلال السيوطي أن هذا هو المروي في تاريخ الخطيب البغدادي. قوله: (فإن ترفقي الخ) بعد هذين البيتين بيت ثالث وهو قوله: فبيني بها إن كنت غير رفيقة وما لامرئ بعد الثلاث مقدم قال في النهر: وفي شرح الشواهد للجلال: الرفق ضد العنف، يقال رفق بفتح الفاء يرفق بضمها. والخرق: بالضم وسكون الراء الاسم، من خرق بالكسر يخرق بالفتح خرقا بفتح الخاء والراء: وهو ضد الرفق. وفي القاموس أن ماضيه بالكسر كفرح وبالضم ككرم. وأيمن من اليمن: وهو البركة. وأشأم من الشؤم: وهو ضد اليمن. وذكر ابن يعيش أن في البيت الثاني حذف الفاء والمبتدأ: أي فهو أعق، وإن تعليلية، واللام مقدرة: أي لأجل كونك غير رفيقة. والمقدم مصدر ميمي من قدم بمعنى تقدم: أي ليس لأحد تقدم إلى العشرة والألفة بعد تمام الثلاث، إذ بها تمام الفرقة اه. مطلب في قول الشاعر: فأنت طلاق والطلاق عزيمة قوله: (فأنت طلاق) يقال فهي ما قيل في زيد عدل ط. قوله: والطلاق عزيمة) أي معزوم عليه ليس بلغو ولا لعب. نهر. قوله: (وتمامه في المغني) حيث قال: أقول: إن الصواب أن كلا من الرفع والنصب محتمل لوقوع الثلاث والواحدة، أما الرفع فلان أل في والطلاق إما لمجاز الجنس كزيد الرجل: أي هو الرجل المعتد به، وإما للعهد الذكري: أي وهذا الطلاق المذكور عزيمة ثلاث، فعلى العهدية تقع الثلاث وعلى الجنسية تقع واحدة. وأما النصب فإنه يحتمل أن يكون على المفعول المطلق فيقتضي وقوع الثلاث، إذ المعنى فأنت طالق طلاقا ثلاثا، ثم اعترض بينهما بقوله: والطلاق عزيمة، وأن يكون حالا من المستتر في عزيمة وحينئذ لا يلزم وقوع الثلاث، لان المعنى: والطلاق عزيمة إذا كان ثلاثا، بل يقع ما نواه، هذا ما يقتضيه اللفظ، والذي أراده الشاعر الثلاث لقوله: فبيني بها الخ اه. وذكر في الفتح أن الظاهر في النصب المفعول المطلق، وفي الرفع العهد الذكري فيقع الثلاث، ولذا ظهر من الشاعر أنه أراده.
290 مطلب في إضافة الطلاق إلى الزمان قوله: (وبقوله أنت الخ) هذا عقد له في الهداية وغيرها فصلا في إضافة الطلاق إلى الزمان. قوله: (يقع عند طلوع الصبح) أي الفجر الصادق لا الكاذب، ولكونه أخص من الفجر عبر به. ووجه الوقوع عند طلوعه أنه وصفها بالطلاق في جميع الغد فيتعين الجزء الأول لعدم المزاحم. بحر. قوله: (وصح في الثانية نية العصر) لأنه وصفها به في جزء منه. بحر. قوله: (أي آخر النهار) تفسير مراد. والظاهر أنه لو أراد وقت الصحوة أو الزوال صدق كذلك ط. قوله: (قضاء) وقالا: لا تصح كالأول، ولا خلاف في صحتها فيهما ديانة. والفرق له عموم متعلقها بدخولها مقدرة لا ملفوظا بها للفرق لغة بين صمت سنة وفي سنة. وشرعا بين لأصومن عمري حيث لا يبر بصوم كله، وفي عمري حيث يبر بساعة وبين قوله إن صمت شهرا فعبده حر حيث يقع على صوم جميعه، بخلاف إن صمت في هذا الشهر حيث يقع على صوم ساعة منه كما في المحيط، فنية جزء من الزمان مع ذكرها نية الحقيقة، ومع حذفها نية تخصيص العام فلا يصدق قضاء، وهذا بخلاف ما لا يتجزأ الزمان في حقه، فإنه لا فرق فيه بين الحذف والاثبات، كصمت يوم الجمعة أو في يومها، وتمامه في البحر والنهر. قلت: وكذا لا فرق بينهما فيما يتجزأ زمانه مع العلم بعدم شموله مثل أكلت يوم الجمعة أو في يومها. قوله: (أو في شعبان) فإذا لم تكن له نية طلقت حين تغيب الشمس من آخر يوم من رجب، وإن نوى آخر شعبان فهو على الخلاف. فتح. قوله: (اعتبر اللفظ الأول) فيقع في اليوم في الأول وفي غد في الثاني، لأنه يذكره اللفظ الأول ثبت حكمه تنجيزا في الأول وتعليقا في الثاني، فلا يحتمل التغيير بذكر الثاني، لان المنجز لا يقبل التعليق ولا المعلق التنجيز. نهر. قوله: (ولو عطف الخ) قال في التبيين: لان المعطوف غير المعطوف عليه، غير أنه لا حاجة لنا إلى إيقاع الأخرى في الأولى لامكان وصفها غدا بطلاق واقع عليها اليوم ولا يمكن ذلك في الثانية فيقعان اه ح. قوله: (كقوله أنت طالق بالليل والنهار) أي فإنه يقع واحدة إذا كانت هذه المقالة في الليل، وكذا أول النهار وآخره إن كانت هذه المقالة في أول النهار ح. قوله: (وعكسه) بالجر عطف على مدخول الكاف: يعني إذا قال أنت طالق بالنهار والليل أو آخر النهار وأوله طلقت ثنتين إذا كانت هذه المقالة بالليل في أول النهار أيضا، فلو كانت هذه المقالة بالنهار أو آخر النهار انعكس الحكم في الكل كما في البحر ح. قلت: وهذا لم يصرح في المعطوف بلفظ: في لما في الذخيرة، ولو قال ليلا: أنت طالق في ليلك وفي نهارك، أو قال نهارا: أنت طالق في نهارك وفي ليلك طلقت في كل وقت تطليقة، فإن نوى واحدة دين لأنه يحتمله لفظه بحمل لفظ: في علي معنى مع. قوله: (أو اليوم ورأس الشهر) أي فيقع واحدة، ولو قال: رأس الشهر واليوم فثنتان، فكان الأولى تقديمه على قوله:
291 وعكسه كما لا يخفى. قوله: (كائن ومستقبل) كاليوم وغدا، وأما الماضي والكائن كأمس واليوم ففيه كلام يأتي قريبا في الشرح. وفي الخانية: قال لها في وسط النهار أنت طالق أول هذا اليوم وآخره فهي واحدة، ولو عكس فثنتان، لان الطلاق الواقع في آخر اليوم لا يكون واقعا في أوله فيقع طلاقان. قوله: (اتحد) لأنها إذا طلقت اليوم تكون طالقا في غد فلا حاجة إلى التعدد، لكن في البحر عن الخانية: أنت طالق اليوم وبعد غد طلقت ثنتان في قول أبي حنيفة وأبي يوسف، ولعل وجهه أن اليوم وغدا بمنزلة وقت واحد لدخول الليل فيه، بخلاف وبعد غد فهما كوقتين، لان تركه يوما من البين قرينة على إرادته تطليقا آخر في الغد كما يأتي قريبا مات يؤيده، لكن يشكل عليه وقوع الواحدة في اليوم ورأس الشهر، إلا أن يجاب بأن لمراد ما إذا كان الحلف في آخر اليوم من الشهر فلا يوجد فاصل. تأمل. قوله: (طلقت واحدة للحال وأخرى في الغد) أما في قوله أنت طالق اليوم وإذا جاء غد فلان المجئ شرط معطوف على الايقاع والمعطوف غير المعطوف عليه، والموقع للحال لا يكون متعلقا بشرط، فلا بد وأن يكون المتعلق تطليقة أخرى، فإن لم يذكر الواو لا تطلق إلا بطلوع الفجر فتوقف المنجز لاتصال مغير الأول بالآخر، كذا في البحر. وأما في قوله أنت طالق لا بد غدا، فلانه أراد بلا ضراب إبطال المنجز ولا يمكنه إبطاله، ويقع بقله بل غدا أخرى ح. قوله: (فلحرف الشك) هذا قول الإمام والثاني آخرا. وقال محمد: والثاني أولا تطلق رجيعة، لأنه أدخل الشك في الواحدة فبقي قوله أنت طالق. ولهما أن الوصف متى قرن بذكر العدد كان الوقوع بالعدد، بدليل ما أجمعوا عليه من أنه لو قال لغير المدخول بها أنت طالق ثلاثا وقعن، ولو كان الوقوع بالوصف للغى ذكر الثلاث. نهر. وقيد بالعدد، لأنه لو قال أنت طالق أو لا، لا يقع في قولهم لأنه أدخل الشك في الايقاع، وكذا أنت طالق إلا، لأنه استثناء، وكذا أنت طالق إن كان أو إن لم يكن أو لولا، لأنه شرط والإيقاع إذا لحقه استثناء أو شرط لم يبق إيقاعا. بحر، وتمام فروع المسألة فيه. قوله: (لحالة منافية للايقاع أو الوقوع) نشر مرتب ح: أي لان موته مناف لايقاع الطلاق منه وموتها مناف لوقوعه عليها. قوله: (كذا أنت طالق الخ) لأنه أسند الطلاق إلى حالة معهودة منافية لمالكية الطلاق، فكان حاصله إنكار الطلاق فيلغو، ولأنه حين تعذر تصحيحه إنشاء أمكن تصحيحه إخبارا عن عدم النكاح: أي طالق أمس عن قيد النكاح إذ لم تنكحي بعد، أو عن طلاق كان لها إن كان اه. فتح. وقيد بكونه لم يعلقه بالتزوج لأنه لو علقه به كأنت طالق قبل أن أتزوجك إذا تزوجتك، أو أنت طالق إذا تزوجتك قبل أن أتزوجك، ففيهما يقع عند التزوج اتفاقا وتلغو القبلية، وإن أخر الجزاء كإن تزوجتك فأنت طالق قبل أن أتزوجك لم يقع، خلافا لأبي يوسف لان الفاء رجحت الشرطية، والمعلق بالشرط كالمنجز عند وجوده، فصار كأنه قال بعد التزوج أنت طالق قبل أن أتزوجك، وتمامه في البحر. قوله: (ولو نكحها قبل أمس الخ) لم أر ما لو نكحها في الأمس، ومقتضى قول الفتح المذكور آنفا: ولأنه حين تعذر تصحيحه إنشاء الخ أنه يقع لأنه لم يتعذر. تأمل.
292 ثم رأيت التصريح بالوقوع في شرح درر البحار حيث قال: ولو تزوجها فيه أو قبله تنجز. قوله: (لان الانشاء في الماضي إنشاء في الحال) لأنه ما أسنده إلى حالة منافية، ولا يمكن تصحيحه إخبارا لكذبه وعدم قدرته على الاسناد، فكان إنشاء في الحال، وعلى هذه النكتة حكم بعض المتأخرين من مشايخنا في مسألة الدور بالوقوع، وحكم أكثرهم بعدمه، وتمامه في الفتح والبحر والنهر، وقدمنا الكلام عليه مستوفى أول الطلاق. قوله: (تعدد) لان الواقع في اليوم لا يكون واقعا في الأمس، فاقتضى أخرى. بحر عن المحيط. قال في النهر: أنت خبير بأن العلة المذكورة في الأمس واليوم تأتي في اليوم والأمس، فتدبر في الفرق بينهما فإنه دقيق، وعلى أن مقتضى الأصل: أي المتقدم قريبا وقوع واحدة في الأمس واليوم، لأنه بدأ بالكائن اه تأمل. قوله: (وقيل بعكسه) جزم به في الخانية. وقال في الذخيرة عازيا إلى المنتقى: أنت طالق أمس واليوم، يقع واحدة، وفي عكسه ثنتان، كأنه قال أنت طالق واحدة قبلها واحدة اه. قال ح: وهذا هو الحق، لان إيقاعه في الأمس إيقاع في اليوم كما قال المقدسي. قوله: (وكان معهودا) أي الجنون ولو بإقامة بينة عليه. قوله: (كان لغوا) لان حاصله إنكار الطلاق كما مر. قوله: (لاقراره بحريته) علة للصور الثلاث ط. قوله: (قبل موتي) مثله قبل موتك ط. قوله: (لانتفاء الشرط) اعترض بأن الموت كائن لا محالة، فليس بشرط إلا في معناه، بل هو معرف للوقت المضاف إليه الطلاق، ولذا يقع مستندا لو مات بعد الشهرين، بخلاف القدوم كما سيأتي. وأجاب الرحمتي بأن المراد لانتفاء شرط صحة الاستناد، لان شرطه وجود زمان يستند إليه الوقوع قبل الموت، وهو المدة المعينة اه. قلت: على أن الشرط ليس هو الموت، بل مضي شهرين بعد الحلف، وهذا محتمل الوقوع وعدمه، فإذا لم يمض لم يوجد الشرط. فإن قيل: يمكن تكميل ذلك من الماضي كأنت طالق أمس. قلت: هنا يحتمل أن يموت بعد شهرين فاعتبر حقيقة كلامه بخلاف الأمس. تأمل. قوله: (مستندا لأول المدة) هذا قول الإمام. وعندهما يقع عند الموت مقتصرا وقد انتفت أهلية الايقاع أو الوقوع فيلغو، فقوله: لا عند الموت رد لقولهما. رحمتي. قوله: (وفائدته أنه لا ميراث لها الخ) اعترضه الشرنبلالي لما حاصله أن عدم ميراثها بناء على إمكان انقضاء العدة بشهرين ضعيف، والصحيح المفتى به اقتصار العدة عند الامام على وقت الموت فترثه، نص عليه في شرح الجامع الكبير، إذ لا يظهر الاستناد في الميراث كما في الطلاق، لما فيه من إبطال حقها، ومع ضعفه فوجهه غير ظاهر لان عدة زوجة الفار أبعد الأجلين، وبمضي ثلاث حيض في شهرين حقيقة لا تنقضي عدتها، ويبقى شهران وعشرة أيام لاتمام أبعد الأجلين فترثه، فكيف تمنع بإمكان الثلاث في شهرين اه.
293 وأوضحه الرحمتي بأن الطلاق يقع عنده مستندا لأول المدة. فإن كان فيها مريضا إلى الموت فقد تحقق الفرار منه، وإلا فكذلك لأنه لا يعلم وقوع طلاقه إلا بموته وتعلق حقها بماله، ولا يتأتى موته بعد العدة لأنها تجب بالموت عنده على الصحيح، لأنها لا تثبت مع الشك في وجود سببها، وعلى الضعيف من أنها تستند إلى حين الوقوع فإنها تكون بأبعد الأجلين لا بمجرد ثلاث حيض في شهرين، ولو سلم فلا بد من تحقق ذلك، بأن تعترف بأنها حاضت ثلاثا لا بمضي الشهرين بل ولا بمضي السنة والسنتين، فما ذكره المصنف تبعا للدرر لا ينطبق على قواعد الفقه بوجه فلينتبه له اه. قوله: (بشهرين بثلاث حيض) الباء الأولى للتعدية متعلقة بتنقضي، والثانية للمصاحبة في موضع الحال من شهرين، فافهم. قوله: (أنت طالق كل يوم) قال في البحر: ومما تفرع على حذف في وإثباتها لو قال أنت طالق كل يوم تقع واحدة عند أئمتنا الثلاث. وقال زفر: تقع ثلاث في ثلاثة أيام، ولو قال في كل يوم طلقت ثلاثا في كيوم واحدة إجماعا كما لو قال: عند كل يوم أو كلما مضى يوم. والفرق لنا أن في للظرف، والزمان إنما هو طرف من حيث الوقوع فيلزم من كل يوم فيه وقوع تعدد الواقع، بخلاف كل يوم فيه الاتصاف بالواقع، فلو نوى أن تطلق كل يوم تطليقة أخرى صحت نيته اه. قوله: (أو كل جمعة) محله ما إذا نوى كل جمعة تمر بأيامها على الدهر أو لم تكن له نية، وإن كانت نيته على كل يوم جمعة فهي طالق في كل يوم جمعة حتى تبين بثلاث. ط عن البحر. وحاصله إن نوى بالجملة الأسبوع أو أطلق فواحدة، وإن نوى اليوم المخصوص فثلاث لوجود الفاصل بين الأيام كما يتضح قريبا. قوله: (أو رأس كل شهر) الصواب حذف رأس. ففي الذخيرة والهندية والتاترخانية: أنت طالق رأس كل شهر تطلق ثلاثا في رأس كل شهر واحدة، ولو قال أنت طالق كل شهر طلقت واحدة، لان في الأول بينهما فصل في الوقوع، ولا كذلك الثاني اه: أي لان رأس الشهر أوله، فبين رأس الشهر ورأس الآخر فاصل، فاقتضى إيقاع طلقة في أول كل شهر، ونظيره ما مر عن الخانية في أنت طالق اليوم وبعد غد، بخلاف قوله في كل شهر، فإن الوقت المضاف إليه الطلاق متصل فصار بمنزلة وقت واحد، فكان الواقع في أوله واقعا في كله، ونظيره أنت طالق اليوم وغدا، هذا ما ظهر لي. قوله: (فإن نوى كل يوم) أي نوى أن يقع تطليقه في كل يوم أو في كل جمعة أي أسبوع، وكذا لو نوى بالجملة يومها المخصوص كما مر. قوله: (أو قال في كل يوم) لأنه جعل كل يوم ظرفا للوقوع فيتعدد الواقع: قوله: (وفي الخلاصة الخ) كذا في البحر، وتبعه الشارح، وفيه تحريف بزيادة لفظة يوم فإن عبارة الخلاصة: أنت طالق مع كل تطليقة بدون لفظة يوم وحينئذ فلا يناقض قوله: أو مع فافهم. قوله: (فتطلق الأخرى) أي مستندا عنده ومقتصرا عندهما. فتح. قال المقدسي: قلت فيلزمه العقر لو وطئها بينهما لو كان بائنا ويراجع لو رجعيا، ولو قال نظيرة لاحدى أمتيه فالحكم كذلك فليتأمل اه.
294 وقوله بينهما اه: أي بين الحلف والموت. قوله: (لوجود شرطه) أي المعنوي وهو طول العمر، وقوله: حينئذ أي حين إذا ماتت الأخرى قبلها ط. وهذا مبني على أن المراد بأطولكما عمرا: من تأخرت حياتها عن حياة الأخرى، لا من زاد عمرها من حين المولد إلى حين لوفاة على عمر الأخرى، وإلا فقد تكون التي ماتت أولا أطول عمرا من الأخرى، كأن ماتت الأولى في سن السبعين مثلا وكانت الأخرى في سن العشرين، فلو كان المراد الثاني لم تطلق الباقية حتى يزيد سنها على السبعين، وكل من المعنيين مستعمل في العرف، والأقرب للمراد هنا تعبير الفتح وغيره بقوله: أطولكما حياة، فإن المتبادر منه من تأخرت حياتها عن حياة الأخرى، فكان الأولى للمصنف التعبير به. قوله: (وقع الطلاق مقتصرا) وقال زفر مستندا: وإن قال قبل موت زيد بشهر وقع مستندا عند أبي حنيفة وقالا: مقتصرا على الموت، وفائدة الخلاف تظهر في اعتبار العدة: فعند أبي حنيفة تعتبر من أول الشهر، فلو كان وطئها في الشهر يصير مراجعا إن كان الطلاق رجعيا، ولو كان ثلاثا ووطئها فيه غرم العقر. وعندهما تعتبر العدة من الحال، ولا يصير مراجعا ولا يلزمه عقر، وقيل تعتبر العدة من وقت اتفاقا احتياطا، ولو مات زيد قبل تمام الشهر لا تطلق لعدم شهر قبل الموت، ولو مات بعد العدة فيما إذا طلقها في أثناء الشهر ثم وضعت حملها أو لم تكن مدخولا بها فلم تجب عدة لا يقع لعدم المحل، إذ المستقبل يثبت للحال ثم يستند، كذا في الجامع الكبير والاسرار. والفرق لأبي حنيفة بين القدوم والموت: أن الموت معرف والجزاء لا يقتصر على المعرف، كما لو قال: إن كان زيد في الدار فأنت طالق فخرج منها آخر النهار طلقت من حين تكلم، وهذا لان الموت في الابتداء يحتمل أن يقع قبل الشهر فلا يوجد الوقت أصلا، فأشبه سائر الشروط في احتمال الخطر، فإذا مضى شهر فقد علمنا بوجود شهر قبل الموت، لان الموت كائن لا محالة، إلا أن الطلاق لا يقع في الحال، لأنا نحتاج إلى شهر يتصل بالموت وأنه غير ثابت والموت يعرفه، ففارق من هذا الوجه الشرط، وأشبه الوقت في قوله أنت طالق قبل رمضان بشهر فقلنا بأمر بين الظهور والاقتصار وهو الاستناد، ولو قال قبل رمضان بشهر وقع في شعبان اتفاقا، وتمامه في الفتح. مطلب: انقلاب والاقتصار والاستناد والتبيين قوله: (أن طريق ثبوت الحكم أربعة) المراد جنس الطريق فصح الاخبار بقوله: أربعة ط. قو له: (والتبيين) كذا عبارتهم، فهو مصدر بمعنى التين: أي الظهور. قوله: (كالتعليق) كما في أنت طالق إن دخلت الدار، فإن أنت طالق علة لثبوت حكمه وهو الطلاق، مثل بعت علة لثبوت الملك، وأعتقت علة لثبوت الحرية، لكنه بالتعليق لم ينعقد علة إلا عند وجود شرطه وهو دخول الدار. وعند الشافعي: ينعقد علة في الحال، والتعليق يؤخر نزول حكمه إلى وجود الشرط، وثمرة الخلاف في قوله إن تزوجتك فأنت طالق فإنه يصح عندنا لانعقاد علته وقت الملك، لا عنده
295 لعدمه كما بسط في الأصول، فافهم. قوله: (ثبوت الحكم في الحال) كإنشاء البيع والطلاق والعتاق وغيرها. ح عن المنح. قوله: (والاستناد الخ) قال في الأشباه: وهو دائر بين التبيين والاقتصار، وذلك كالمضمونات تملك عند أداء الضمان مستندا إلى وقت وجود السبب، وكالنصاب فإنه تجب الزكاة عند تمام الحول مستندا إلى وقت وجوده، وكطهارة المستحاضة والمتيمم تنتقض عند خروج الوقت ورؤية الماء مستندا إلى وقت الحدث، ولهذا لا يجوز المسح لهما. قوله: (بشرط بقاء المحل الخ) هذا الشرط هو الفارق بين الاستناد والتبيين كما أوضحه عن المنح. ومن فروع المسألة ما قالوه: لو قال لامته أنت حرة قبل موت فلان بشهر ثم ولدت ولدا ثم باعه ما أو لم يبعهما أو باع الام فقط أو بالعكس عتق الولد عند لا عندهما، وعتقت الام بالاجماع لو لم يبعها، وهذا لان عنده لما استند العتق سرى إلى الولد، وعندهما لا يسري لعدم الاستناد، ولو باعها في وسط الشهر ثم اشتراها ثم مات فلان لتمام الشهر، فعنده لا تعتق لعدم إمكان الاستناد إلى أول الشهر لزوال الملك في أثنائه، وعندهما تعتق لأنه مقتصر. وتمام الفروع في حواشي الأشباه. قوله: (حين الحول) أي حين تمامه. قوله: (مستندا لوجود النصاب) أي في أول الحول بشرط وجود النصاب كل المدة. قال ط: والمراد أن لا يعدم كله في الأثناء لأنه إذا عدم جميعه ثم ملك نصابا آخر ولو بعد الأول بساعة اعتبر حول مستأنف. قوله: (تطلق من حين القول) أي بلا اشتراط بقاء المحل، حتى لو حاضت بعد القول ثلاثا ثم طلقها ثلاثا ثم ظهر أنه كان في الدار لا تقع الثلاث لأنه تبين وقوع الأول، وأن إيقاع الثاني كان بعد انقضاء العدة كما في المنح عن الأكمل. قوله: (فتعتد منه) أي من حين القول. قوله: (وسكت) محترزه قوله الآتي وفي قوله: أنت طالق ما لم أطلقك أنت طالق. قوله: (طلقت للحال) وكذا لو قال أنت طالق زمان لم أطلقك أو حيث لم أطلقك أو يوم لم أطلقك، لأنه أضاف الطلاق إلى زمان أو مكان خال عن طلاقها، وبمجرد سكوته وجد المضاف إليه فيقع وما وإن كانت مصدرية إلا أنها تأتي نائبة عن ظرف الزمان، ومنه ما دمت حيا. وهي وإن استعملت للشرط إلا أن الوضع للوقت، لان التطليق استدعى الوقت لا محالة فرجحت جهة الوقت، وتمامه في النهر. وفيه: ثم لا يخفى أن الفرق بين البر والحنث لا يظهر له أثر في أنت طالق ما لم أطلقك ونحوه، ومن ثم قيد بعض المتأخرين موضوع المسألة بقوله ثلاثا وهو الأولى، نعم لو قال كلما لم أطلقك فأنت طالق وقع الثلاث متتابعات، ولذا لو كانت غير مدخول بها وقعت واحدة لا غير اه. قوله: (وفي إن لم أطلقك) ذكرهم إن وإذا هنا بالتبعية، وإلا فالمناسب لهما باب التعليق. ط عن البحر. قوله: (لا تطلق بالسكوت الخ) لان شرط البر تطليقه إياها في المستقبل، وهو ممن في كل وقت يأتي ما لم يمت أحدهما فيتحقق شرط الحنث وهو عدم التطليق، وهذا عند عدم النية أو دلالة الفور كما يأتي في إذا. قوله: (حتى يموت أحدهما) أشار به إلى أن موته كموتها، وهو الصحيح خلافا لرواية النوادر، بخلاف قوله إن لم أدخل الدار فأنت طالق حيث يقع بموته لا بموتها، لأنه بعد
296 موتها يمكنه الدخول فلا يتحقق اليأس بموتها فلا يقع، أما الطلاق فإنه يتحقق اليأس عنه بموتها. فتح. قوله: (لتحقق الشرط) أي شرط الحنث، أما في موته فظاهر، وأما في موتها فلتحقق اليأس عنه. قال في الفتح: وإذا حكمنا بوقوعه قبل موتها لا يرثها الزوج، لأنها بانت قبل الموت فلم تبق بينهما زوجية حالة الموت، وإنما حكمنا بالبينونة وإن كان المعلق صريحا لانتفاء العدة كغير المدخول بها، لان الفرض أن الوقوع في آخر جزء، لا يتجزأ فلم يله إلا الموت وبه تبين. قال في البحر: وقد ظهر أن عدم إرثه منها مطلق سواء كانت مدخولا بها أو لا، ثلاثا أو واحدة، وبه ظهر أن تقييد الزيلعي عدمه بعدم الدخول أو الثلاث غير صحيح اه. ومثله في النهر. قوله: (ويكون فارا) أي إذا كان هو الميت لوقوع طلاقه في حال إشرافه على الموت، ويأتي في باب طلاق المريض: لو علق الطلاق في صحته وحنث مريضا كان فارا وهذا منه. رحمتي. فإن كانت مدخولا بها ورثته بحكم الفرار وإن كان الطلاق ثلاثا، وإلا لا ترثه. بحر. قوله: (مثل إن عنده الخ) أي فلا تطلق عنده ما لم يمت أحدهما وتطلق عندهما للحال بسكوته. والحاصل أن إذا عنده هنا حرف لمجرد الشرط، لأنها تستعمل ظرفا وحرفا، فلا يقع الطلاق للحال بالشك، وهذا قول بعض النحاة في المغني، لكن ذكر أن جمهورهم على أنها متضمنة معنى الشرط ولا تخرج عن الظرفية. قال في البحر: وهو مرجح لقولهما هنا، وقد رجحه في فتح القدير. قوله: (وإن نوى الوقت والشرط الخ) قال في البحر: وقيدنا بعدم النية، لأنه لو نوى بإذا معنى متى صدق اتفاقا قضاء وديانة لتشديده على نفسه، وكذا إذا نوى بإذا معنى إن على قولهما، وينبغي أن يصدق عندهما ديانة فقط لأنها ظاهرة في الظرفية والشرطية احتمال فلا يصدقه القاضي اه. والبحث أصله لصاحب الفتح. وانظر لو نوى بأن الفور هل يصح؟ الظاهر نعم، كما لو قامت قرينة عليه. قوله: (ما لم تقرينه الفور) وهي قد تكون لفظية وقد تكون معنوية، فمن الأول طلقني طلقني، فقال: إن لم أطلقك فأنت كذا كان على الفور كما في القنية. ومن الثاني ما لو طلب جماعها فأبت فقال إن لم تدخلي البيت فأنت كذا فدخلته بعد ما سكنت شهوته طلقت والبول لا يقطعه، وينبغي أن يكون الطيب ونحوه وكل ما كان من دواعي الجماع كذلك، وفي الصلاة خلاف. نهر: أي إذا خافت خروج وقتها. قال الحسن: لا تقطع الفور، وبه يفتى. وقال نصير: تقطع، وستأتي مسائل الفور في آخر باب اليمين على الدخول والخروج إن شاء الله تعالى. بحر. وفي المثالين دلالة على اعتبار قرينة الفور في إن وإن كانت لمحض الشرط اتفاقا. قوله: (فعلى الفور) جواب شرط مقدر: أي فإن قامت قرينة الفور فتطلق على الفور ط. قوله: (مع الوصل) فلو كان مفصولا وقع المنجز والمعلق. بحر. قوله: (فقط) أي دون المعلقة، وفائدة وقوع المنجزة دون المعلقة أن المعلق لو كان ثلاثا وقعت واحدة بالمنجز فقط. بحر. قلت: بل تظهر فائدته وإن كان المعلق واحدة حيث لم تقع المعلقة أيضا، بل هذه فائدة تنجيز
297 الواحدة موصولا فإنه لولا إيقاعه الواحدة موصولا لوقع الثلاث المعلقة، أما لو كان المعلق واحدة فلا فرق بين تنجيز الواحدة وعدمه، إلا على قول زفر الآتي، فافهم. قوله: (استحسانا) والقياس أن يقع المضاف والمنجز جميعا إن كانت مدخولا بها، وإلا وقع المضاف وحده، وهو قول زفر لأنه وجد زمان لم يطلقها فيه وإن قل، وهو زمان قوله أنت طالق قبل أن يفرغ منه. وجه الاستحسان أن زمان البر مستثنى بدلالة حال الحالف، لان مقصوده باليمين البر، ولا يمكن إلا بجعل هذا القدر مستثنى، وتمامه في الفتح. قوله: (لان التطليق المقيد) أي بقوله على ألف يدخل تحت المطلق: أي الذي في قوله: إن لم أطلقك فإنه صادق بالمقيد وغيره، فإذا وجد التطليق ولو مقيدا انعدم شرط الحنث وهو عدم التطليق. مطلب في قولهم اليوم متى قرن بفعل ممتد قوله: (والأصل أن اليوم الخ) قيد باليوم، لان الليل لا يستعمل لمطلق الوقت، بل هو اسم لسواد الليل وضعا وعرفا، فلو قال إن دخلت ليلا لم تطلق إن دخلت نهارا، أما لفظ اليوم فيطلق على بياض النهار حقيقة اتفاقا. قيل وعلى مطلق الوقت حقيقة أيضا فيكون مشتركا. وقيل مجازا وهو الصحيح، لان المجاز أولى من الاشتراك. أي لعدم احتياجه إلى تكرر الوضع، والمشهور أن اليوم من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، والنهار من طلوعها إلى غروبها. ولو نوى باليوم بياض النهار صدق قضاء، لأنه نوى حقيقة كلامه فيصدق وإن كان فيه تخفيف على نفسه. ذكره الزيلعي. ثم اليوم إنما يكون لمطلق الوقت فيما لا يمتد إذا كان منكرا، فلو عرف بأل التي للعهد الحضوري مثل لا أكلمك اليوم فإنه يكون لبياض النهار، وتمامه في البحر. وما في النهر من أنه لو خرج الفرع المذكور على أن الكلام مما يمتد، لاستغنى عن هذا التقييد، فيه نظر، لأنه يقتضي دخول الليل على القول بأن الكلام لا يمتد مع اليوم معرف بالعهد الحضوري، فكيف يكون لغيره؟ فالحق ما في البحر، نعم قد يدخل الليل إذا اقترن المعرف بما يدخله كما في أمرك بيدك اليوم وغدا، ففي الجامع الصغير: دخلت فيه الليلة. قال في التلويح: وليس مبنيا على أن اليوم لمطلق الوقت بل على أنه بمنزلة: أمرك بيدك يومين، وفي مثله يستتبع اسم اليوم الليلة، بخلاف أمرك بيدك اليوم وبعد غد، فإن اليوم المنفرد لا يستتبع بإزالة من الليل اه. قوله: (متى قرن بفعل ممتد الخ) المراد بالممتد ما يصح ضرب المدة له كالسير والركوب والصوم وتخيير المرأة وتفويض الطلاق، وبما لا يمتد عكسه، كالطلاق والتزوج والكلام والعتاق والدخول والخروج. بحر. فيقال: لبست الثوب يومين، وركبت الفرس يوما: بخلاف قدمت يومين، ودخلت ثلاثة أيام. تلويح. وذكر بعض محشيه أن المراد بامتداد اللبس والركوب امتداد بقائهما مجازا، والقرينة التقييد باليوم لا أصلهما: أي لان حقيقة الركوب الحركة التي يصير بها فوق الدابة، واللبس جعل
298 الثوب على بدنه وذلك غير ممتد، وأشار الشارح بقوله: يستوعب المدة إلى ما في شرح الوقاية من أن المراد امتداد يمكن أن يستوعب النهار لا مطلق الامتداد، لأنهم جعلوا التكلم من قبيل غير الممتد، ولا شك أنه يمتد زمانا طويلا لكن لا بحيث يستوعب النهار اه. وجزم في الهداية بأن التكلم غير ممتد. وقال في البحر: إنه الحق، وجزم الهندي في شرح المغني بأنه ممتد، وجعل ما في الهداية ظنا لبعض المشايخ، ورجحه أيضا فيل الفتح. وعليه فلا حاجة إلى تقييد الامتداد بنهار، بل هو مبني على القول الأول كما حققه قول صاحب النهر والمقدسي، ويشير إليه قول التلويح: ما يصح ضرب المدة له. تأمل، وأشار بقوله كالأمر باليد إلى أن المراد بالفعل الممتد المظروف: أي العامل في اليوم لا الذي أضيف إليه اليوم فإنه لا عبرة بامتداده وعدمه عند المحققين، لأنه و إن كان مظروفا أيضا يمكنه ذكر لتعيين الظرف، والمقصود بذكر الظرف إنما هو إفادة وقوع العامل فيه. وحاصله أن الصور أربع، لأنه قد يكون المضاف إليه، ومظروف اليوم مما يمتد كأمرك بيدك يوم يركب زيد، وقد يكونان من غير الممتد كأنت طالق يوم يقدم زيد، وفي هذين لا فرق بين اعتبار المضاف إليه أو المظروف، وقد يكون المظروف ممتدا والمضاف إليه غير ممتد كأمرك بيدك يوم يقدم زيد، أو بالعكس كأنت حر يوم يركب زيد، وفي هذين يظهر الفرق، واتفقوا فيهما على اعتبار المظروف، فإذا قدم زيد أو ركب ليلا لا يكون الامر بيدها ولا يعتق العبد اتفاقا (1). ووقع في كلام بعضهم أن المعتبر المضاف إليه لكنه لم يعتبر في هذين بل اعتبره في الأولين، وقد علمت أنه لا فرق فيهما بين اعتبار المضاف إليه أو المظروف، فعلى هذا لا خلاف في الحقيقة كما في الكشف والتلويح وغيرهما، وبه يرد على من حكى الخلاف، وعلى ما في الزيلعي وشرح الوقاية من ترجيح اعتبار الممتد منهما كما في البحر. ثم اعلم أن ما ذكر من الأصل إنما هو عند الاطلاق والخلو عن الموانع، فلا تمتنع مخالفته للقرينة، فكثيرا ما يمتد الفعل مع كون اليوم لمطلق الوقت، مثل اركبوا يوم يأتيكم العدو، وأحسنوا الظن بالله يوم يأتيكم الموت، وبالعكس مثل أنت طالق يوم يصوم زيد، وأنت حر يوم تكسف الشمس. أفاده في التلويح: قوله: (كإيقاع الطلاق) أشار به إلى أن قولهم: الطلاق مما لا يمتد المراد به إيقاعه، لا كون المرأة طالقا لأنه يمتد، بل هو أمر مستمر لا فائدة في تعليق الظرف به كما أفاده صدر الشريعة. والحاصل أن المراد إنشاء الطلاق، وهو لا يمتد بل ينقضي بمجرد صدوره لا أثره وهو كونها طالقا. قوله: (أو برئ) بخلاف أنت بريئة، فإنه يقع به البائن كما يأتي في الكنايات، أفاده ح. قوله: (ليس بشئ) لان محلية الطلاق قائمة بها لا به، فالإضافة إليه إضافة إلى غير محله فيلغو. نهر ولهذا لو ملكها الطلاق فطلقته لا يقع. بحر. قوله: (أو أنا عليك حرام) الأولى وأنا بالواو كما في بعض النسخ. قوله: (لان الإبانة) أي لفظها موضوع لإزالة وصلة النكاح من البون وهو
(1) قوله: (لا يكون الامر بيدها ولا يعتق العبد الخ) لعل الصواب اسقاط لا فيهما تأمل ا ه. 299 الفصل، وكذا يقال في التحريم. قوله: (وهما مشتركان) بفتح الراء مبنيا للمجهول: أي الوصلة والتحريم مشتركان بين الزوجين، أو بكسرها مبنيا للمعلوم: أي الزوجان مشتركان في الوصلة والتحريم. قوله: (حتى لو لم يقل الخ) أي بأن قال أنا بائن أو أنا حرام، ثم الأولى أن يقول ولو لم يقل لأنه محترز التقييد بمنك وعليك مما في البحر ط. ويوجد في بعض النسخ ولو لم بدون حتى. قوله: (لم يقع بخلاف الخ) قال في التبيين: والفرق أن البينونة أو الحرام إذا كان مضافا إليها تعين لإزالة ما بينهما من والصلة والحل، وإذا أضيف إليه لا يتعين، لجواز أن تكون له امرأة أخرى فيريد بقوله أنا بائن منها أو حرام عليها اه. ح. قوله: (إذا نوى) هذا القيد جار في أنت حرام على أصل المذهب، أما في الفتوى فيقع بلا نية كما يأتي في الايلاء اه ح. قوله: (وإن لم يقل مني) رد على ما في خزانة الأكمل (1) لأبي عبد الله الجرجاني حيث ذكر أنه لم يقل مني يكون باطلا وهو سهو، ومحله في الصورة المذكورة بعد، كما أوضحه في البحر عن القنية. قوله: (نعم الخ) قال في البحر: والحاصل أنه إذا أضاف الحرمة أو البينونة إليها كأنت بائن أو حرام وقع من غير إضافة إليها، وإن أضاف إلى نفسه كأنا حرام أو بائن لا يقع من غير إضافة إليها، وإن خيرها فأجابت بالحرمة أو البينونة فلا بد من الجمع بين الإضافتين: أنت حرام علي أنا حرام عليك، أنت بائن مني أنا بائن منك. قوله: (بلا نية) في حال الغضب وغيره. تاترخانية. ومقتضاه أنه طلاق صريح، وفيه نظر. وفي: (كنايات الجوهرة): أنا برئ من نكاحك يقع إن نوى، وفي أنا برئ من طلاقك لا يقع، لان البراءة من الشئ ترك له اه. قوله: (لأنه شرط) لأنه علق التطليق بالاعتاق، غير أنه عبر عنه بالعتق مجازا من استعارة الحكم للعلة، والمعلق يوجد بعد الشرط فتطلق وهي حرة، وهذا لان الشرط ما يكون معدوما على خطر الوجود وللحكم تعلق به والمذكور بهذه الصفة. وأورد أن كلمة مع للقران فيكون منافيا لمعنى الشرط. وأجيب بأنها قد تذكر للمتأخر تنزيلا له منزلة المقارن لتحقق وقوعه، ومنه * (أن مع العسر يسرا) * (سورة الشرح: الآية 6) وصير إليه هنا لموجب هو وجود معنى الشرط لها وتمامه في النهر. قوله: (بين جنسين) كالطلاق والعتاق والعسر واليسر ط. قوله: (يحل محل الشرط) فكأنه قال إن أعتقتك فتكون مع بمعنى بعد ح. قوله: (ولو علق الخ) أي علق الزوج والسيد بأن قال السيد إذا جاء الغد فأنت حرة، وقال الزوج إذا جاء الغد فأنت طالق ثنتين ط. قوله: (بمجئ الغد) أي مثلا، إذ المدار اتحاد المعلق عليه. أفاده ط. قوله: (لا رجعة له)
(1) قوله: (خزانة الأكمل) اسم كتاب في ست مجلدات تصنيف أبي عبد الله يوسف بن علي بن محمد الجرجاني، ونسب لأبي الليث، والصحيح انه لهذا كذا في تاج التراجم للعلامة قاسم ا ه منه. 300 أي اتفاقا في رواية، وفي رواية أن عند محمد له الرجعة، لان الطلاق والعتق لما تعلقا بشرط واحد وجب أن تطلق زمان الحرية فيصادفها وهي حرة لاقترانهما وجودا فلا تحرم بهما حرمة غليظة. ولهما أن مكان ثبوت العتق هو زمان ثبوت الطلاق ضرورة تعلقهما بشرط واحد، ولاخفاء أن العتق في زمان ثبوته ليس بثابت لاطباق العقلاء على أن الشئ في زمان ثبوته ليس بثابت، فلا تصادفها التطليقتان وهي حرة، بخلاف المسألة الأولى، لان العتق ثمة شرط فيقع الطلاق بعده، وتمامه في النهر. قوله: (في المسألتين) أي اتفاقا. بحر عن المحيط. قوله: (ثلاث حيض) أي إن كانت من ذوات الحيض، وإلا فثلاثة أشهر، أو وضع الحمل ط. قوله: (احتياطا) متعلق بالمسألة الثانية فقط ح. يعني أن التعليل بالاحتياط لوجوب الاعتداد بثلاث حيض خاص بالثانية، لان مقتضى وقوع الطلاق عليها وهي أمة، تكون عدتها حيضتين ولذا بانت بالطلقتين، لكن وجبت العدة بثلاث حيض للاحتياط، ولعل وجهه أنها وإن طلقت في حال الرقية لكن لما أعقبه الحرية بلا مهلة وجبت العدة عليها وهي حرة، لان الطلاق وإن كان علة لوجوب العدة والعلة مقارنة للمعلول في الزمان لكنه متأخر عنها في الرتبة. تأمل. أما في المسألة الأولى فوجوب الاعتداد بثلاث حيض ظاهر، لان وقوع الطلاق عليها بعد الاعتاق من كل وجه، ولذا لم تبن بالطلقتين كما مر. قوله: (ولو كان الزوج مريضا) أي وقت التعليل. قوله: (لا ترث منه) إنما يظهر في الصورة الثانية ط. ويدل عليه التعليل. أما في الصورة الأولى فالظاهر أنها ترث، لان التطليق فيها بعد الاعتاق كما مر، والطلاق رجعي، فيكون قد مات عنها وهي حرة في عدة طلاق رجعي فترث منه. قوله: (لوقوعه) أي الطلاق وهي أمة: أي والأمة لا ترث، فلا يتحقق الفرار. قال في النهر: ومقتضى ما مر عن محمد أن ترث اه: أي لان عنده يقع الطلاق عليها وهي حرة ويملك الرجعة فترث، وهذا مؤيد لما قلنا في الصورة الأولى. قوله: (المنشورة) يغني عنه قول المصنف وتعتبر المنشورة. قوله: (وقع بعدده) أي بعدد ما أشار إليه من الأصابع الإشارة اللغوية، أو بعدد ما أشار به منها الإشارة الحسية. تأمل. فإن أشار بثلاث فهي ثلاث، أو بثنتين فثنتان، أو بواحدة فواحدة كما في الهداية. قال في البحر: لان هذا تشبيه بعدد المشار إليه، وهو العدد المفاد كميته بالأصابع المشار إليه بذا لان الهاء للتنبيه والكاف للتشبيه وذا للإشارة اه. وانظر هل الإشارة إلى غير الأصابع من المعدودات كذلك أم لا لاختصاص إرادة العدد في العادة بالأصابع. تأمل. قوله: (بخلاف مثل هذا) أي بخلاف قوله أنت طالق مثل هذا، وأشار بأصابعه الثلاث. بحر. قوله: (وإلا فواحدة) أي بائنة كقوله أنت طالق كألف. بحر عن المحيط. وبيانه ما نقله أيضا عن البدائع من أنه: أي هذا اللفظ يحتمل التشبيه في العدد أو الصفة وهي الشدة فأيهما نوى صح، وإن لم تكن له نية يحمل على التشبيه في الصفة لأنه أدنى اه: أي إن لم ينو يحمل على أن الواقع طلقة واحدة شبيهة بالثلاث في الشدة وهي البينونة. قوله: (لان الكاف) أي في هذا ط. قوله: (ولذا) أي للفرق المذكور بين الكاف ومثل ط.
301 مطلب في قول الإمام: إيماني كإيمان جبريل قوله: (كإيمان جبريل) فإن الحقيقة في الفردين واحدة وهي التصديق الجازم. قوله: (لا مثل إيمان جبريل) لزيادته في الصفة من كونه عن مشاهدة فيحصل به زيادة الاطمئنان، كما أشير إليه في قوله تعالى: * (رب أرني كيف تحيي الموتى) * (سورة البقرة: الآية 062) الآية، وبه يحصل زيادة القرب ورفع المنزلة، لكن ما نقل عن الامام هنا يخالفه ما في الخلاصة من قوله: قال أبو حنيفة: أكره أن يقول الرجل إيماني كإيمان جبريل، ولكن يقول: آمنت بما آمن به جبريل اه. وكذا ما قاله أبو حنيفة في كتاب العالم والمتعلم: إن إيماننا مثل إيمان الملائكة لأنا آمنا بوحدانية الله تعالى وربوبيته وقدرته، وما جاء من عند الله عز وجل بمثل ما أقر ت به الملائكة وصدقت به الأنبياء والرسل، فمن ها هنا إيماننا مثل إيمانهم، لأنا آمنا بكل شئ آمنت به الملائكة مما عاينته من عجائب الله تعالى ولم نعاينه نحن، ولهم بعد ذلك علينا فضائل في الثواب على الايمان وجميع العبادات الخ. ولا يخفى أن بين هذه العبارات الثلاث تحالفا بسبب الظاهر. ويمكن التوفيق بحمل الأولى على العالم لأنه قال: أقول إيماني كإيمان جبريل، ولا أقول مثل إيمان جبريل. والثانية على غيره لقوله: أكره أن يقول الرجل. والثالثة على ما إذا فصل، وصرح بالمؤمن به وإن كان بلفظ المثلية لعدم الايهام بعد التصريح فيجوز للعالم والجاهل، وللعلامة ابن كمال باشا رسالة في هذه المسألة، هذا خلاصة ما فيها. قوله: (ككف) يعني إذا نوى الكف صدق ديانة ووقفت عليه واحدة، لان الكف واحدة ح. قوله: (والمعتمد الخ) لم أر من صرح بها الاعتماد، وكأنه فهمه من عبارة البحر، وهو فهم في غير محله كما تعرفه. وفي الهداية: والإشارة تقع بالمنشورة منها، فلو نوى الإشارة بالمضمومتين يصدق ديانة لا قضاء، وكذا إذا نوى الإشارة بالكف حتى تقع في الأولى ثنتان وفي الثانية واحدة لأنه يحتمله، لكنه خلاف الظاهر يحتمله، لكنه خلاف الظاهر اه. قال في غاية البيان: وأراد بالأولى نية الإشارة بالمضمومتين، وبالثانية نيتها بالكف، فلا يصدد قضاء في الصورتين، وتطلق ثلاثا لأنه أشار إليها بأصابعه الثلاث المنشورة اه. وفي كافي الحاكم: وإن كان يعني بثلاث أصابع أنها واحدة ويقول إنما أشرت بالكاف دين ولا يصدق قضاء، فهذا صريح في أن إرادة الكف تصح ديانة مع الإشارة بثلاث أصابع فقط. وعبارة البحر: والإشارة تقع بالمنشورة منها دون المضمومة للعرف والسنة، ولو نوى الإشارة بالمضمومتين صدق ديانة لا قضاء، وكذا لو نوى الإشارة بالكف، والإشارة بالكف أن تقع الأصابع كلها منشورة، وهذا هو المعتمد. وهناك أقوال ذكرها في المعراج: الأول: لو جعل ظهر الكف إلى المرأة وبطون الأصابع المنشورة إليه صدق قضاء وبالعكس لا. الثاني: لو باطن كفه إلى السماء فالعبرة للنشر، وإن للأرض فللضم. الثالث: إن نشرا عن ضم فالعبرة للنشر، وإن ضما عن نشر فللضم اه ملخصا. فقوله: وهذا هو المعتمد راجع لقوله: والإشارة تقع بالمنشورة أي بدون تفصيل بقرينة حكايته الأقوال الثلاثة بعده، ويدل عليه أيضا قوله في الفتح بعد حكايته الأقوال المذكورة: و المعول عليه إطلاق المصنف: أي أن العبرة للمنشورة مطلقا، وليس راجعا لقوله: والإشارة بالكف أن تقع الأصابع كلها
302 منشورة كما فهمه الشارح لما علمت، ولما ذكرناه من أن صريح الهداية وغاية البيان وكافي الحاكم صحة إرادة الكف ديانة مع نشر الثلاث فقط، وما ذكره من اشتراط نشر الأصابع كلها عزاه في الفتح إلى معراج الدراية، ولعله قول آخر، أو هو محمول على أنه حينئذ يصدق قضاء كما يشعر به كلام الفتح كما أوضحته فيما علقته على البحر، فيوافق ما يأتي عن القهستاني، ووجهه ظاهر، فإن نشر الكل قرينة على أنه لم يرد الثلاث بل الكف. والظاهر أنه احتراز عن نشر البعض، إذ لو ضم الكل فهو أظهر في إرادة الكف دون الثلاث، هذا ما ظهر لي في هذا المحل، والله أعلم. قوله: (ونقل القهستاني الخ) قد علمت ظهور وجهه فافهم. قوله: (ولو لم يقل هكذا) أي بأن قال أنت طالق وأشار بثلاث أصابع ونوى الثلاث ولم يذكر بلسانه فإنها تطلق واحدة. خانية. قوله: (لفقد التشبيه) أي بالعدد. قال القهستاني: لأنه كما لا يتحقق الطلاق بدون اللفظ لا يتحقق عدده بدونه قوله: (لم أره) كذا قال في الأشباه من أحكام الإشارة، وجزم الخير الرملي بأنه لغو وإن نوى به الطلاق، وقال: لان اللفظ لا يشعر به، والنية لا تؤثر بغير اللفظ. قال الزيلعي في تعليل أصل المسألة: لان الإشارة بالأصابع تفيد العلم بالعدد عرفا وشرعا إذا اقترنت بالاسم المبهم اه. ولاطلاق هنا يشار إليه به، فتأمل. وقد رأيت كما ذكرته بالعلة المذكورة في كتب الشافعية اه كلام الرملي ملخصا. ورأيت بخط السائحاني: مقتضى ما في الخانية من قوله: ولو قال لامرأته أنت بثلاث: قال ابن الفضل: إذا نوى يقع أنه هنا إذا نوى. وفيها أيضا إذا قال طالق فقيل من عنيت فقال امرأتي طلقت، ولو قال أنت مني ثلاثا طلقت إن نوى أو كان في مذاكرة الطلاق، وإلا قالوا يخشى أن لا يصدق قضاء اه. وكذا نقل الرحمتي عبارة الخانية الأولى ثم قال: والظاهر أن قوله هكذا مثل قوله بثلاث اه. أقول: أي لان كلا منهما مرتبط بلفظ طالق مقدرا، وقول الرملي: إن اللفظ لا يشعر به غير مسلم. وما نقله عن الزيلعي لا ينافيه، لان المراد بالاسم المبهم لفظ هكذا المراد به العدد الذي أشير به إليه، وسماه مبهما لكونه لم يصرح بكميته كما حققه في النهر. والاسم المبهم مذكور في مسألتنا، فيفيد العلم بعد الطلاق المقدر الذي نواه المتكلم، كما أن قوله بثلاث دل على عدد طلاق مقدر نواه المتكلم، ولا فرق بينهما إلا من جهة أن العدد في أحدهما صريح وفي الآخر غير صريح، وهذا الفرق غير مؤثر بدليل أنه لا فرق بين قوله أنت طالق هكذا مشيرا إلى الأصابع الثلاث وبين قوله أنت طالق بثلاث، هذا ما ظهر لي، فافهم. قوله: (ولو أشار بظهورها فالمضمومة) أراد به تقييد قوله قبله: وتعتبر المنشورة لا المضمومة أي تعتبر إذا أشار ببطونها، بأن جعل باطن المنشورة إلى المرأة وظهرها إلى نفسه، أما لو أشار بظهورها بأن جعل ظهرها إلى المرأة وباطنها إليه فالمعتبر المضمومة، وهذا التفصيل عبر عنه في الهداية بقيل، وصرح في الشرنبلالية بأنه ضعيف وقال: إن المعتبر المنشورة مطلقا، وعليه المعول، فلا تعتبر المضمومة مطلقا قضاء للعرف والسنة، وتعتبر ديانة كما في التبيين والمواهب والخانية والبحر والفتح، وقيل النشر لو عن طي والطي لو عن نشر. وقيل إن بطن كفه إلى السماء فالمنشور، وإن للأرض فالمضموم اه. وكذا قدمنا عن البحر أن
303 المعتمد الاطلاق، وعن الفتح أنه المعول عليه، فالأقوال الثلاثة المفصلة ضعيفة وإن مشى على الأول منها في الوقاية والدرر، فافهم. قوله: (ويقع الخ) شروع في بيان وقوع البائن بوصف الطلاق بما ينبئ عن الشدة والزيادة. نهر. وفاعل يقع قوله الآتي واحدة بائنة. قوله: (البتة) مصدر بت أمره إذا قطع به وجزم. نهر. قوله: (وقال الشافعي الخ) كان المناسب ذكره بعد قوله: واحدة بائنة وذكره هنا لأنه محل الخلاف دون الألفاظ التي بعده كما يفيده كلام الهداية، لكن كلام درر البحار وشرحه يفيد أن الخلاف في الكل. قوله: (أو أفحش الطلاق) أشار به إلى كل وصف على أفعل مما يأتي، لأنه للتفاوت وهو يحصل بالبينونة، وهو أفحش من الطلاق الرجعي بحر. قوله: (أو طلاق الشيطان أو البدعة) إنما وقع بائنا، لان الرجعي سني غالبا. فإن قلت: قد تقدم في الطلاق البدعي أنه لو قال أنت طالق للبدعة أو طلاق البدعة ولا نية: فإن كان في طهر فيه جماع أو في حالة الحيض أو النفاس وقعت واحدة من ساعته، وإن كان في طهر لا جماع فيه لا يقع في الحال حتى تحيض أو يجامعها في ذلك الطهر. قلت: لا منافاة بينهما، لان ما ذكروه هنا هو وقوع الواحدة البائنة بلا نية أعم من كونه تقع الساعة أو بعد وجود شئ. بحر. لكن قال في النهر: مقتضى كلام المصنف وقوع بائنة للحال وإن لم تتصف بهذا الوصف، لان البدعي لم ينحصر فيما ذكره، إذ البائن بدعي كما مر اه. قلت: وبوقوع البائنة للحال صرح في شرح درر البحار. ويرد عليه أيضا ما في البدائع من هذا الباب: ولو قال أنت طالق للبدعة فهي واحدة رجعية، لان البدعة قد تكون في البائن، وقد تكون في الطلاق حالة الحيض فيقع الشك في البينونة فلا تثبت بالشك، وكذا إذا قال طلاق الشيطان. وروي عن أبي يوسف في أنت طالق للبدعة إذا نوى واحدة بائنة صح لان لفظه يحتمل ذلك اه. لكن في الهداية ذكر أولا وقوع البائن. ثم ذكر ما عن أبي يوسف، ثم قال: وعن محمد يكون رجعيا، فعلم أن ما ذكره أولا قول الإمام وعليه المتون، وما في البدائع أولا قول محمد، وما نقله في البحر فالظاهر أنه مبني على قول أبي يوسف لأنه لم يوقع البائن إلا بنيته، فإذا لم ينوه فهو على التفصيل الذي ذكره في البحر. تأمل. قوله: (أو كالجبل) قال في البحر: الحاصل أن الوصل بما ينبئ عن الزيادة يوجب البينونة والتشبيه كذلك: أي شئ كان المشبه به كرأس إبرة وكحبة خردل وكسمسمة لاقتضاء التشبيه بالزيادة، واشترط أبو يوسف ذكر العظم مطلقا. وزفر أن يكون عظيما عند الناس. فرأس إبرة بائن عند الأول فقط، وكالجبل عند الأول والثالث فقط، وكعظم الجبل عند الكل، وكعظم إبرة عند الأولين. ومحمد قيل مع الأول، وقيل مع الثاني. قوله: (أو كألف) لاحتمال كون التشبيه في القوة أو في العدد، فإن نوى الثاني وقع الثلاث. وإلا يثبت الأقل وهو البينونة، وكذا في مثل ألف ومثل ثلاث، بخلاف كعدد الألف أو كعدد الثلاث فثلاث بلا نية، وفي واحدة كألف واحدة اتفاقا وإن نوى الثلاث، لان الواحدة لا تحتمل الثلاث، وتمامه في البحر. قوله: (أو ملء البيت) وجه البينونة به أن الشئ قد يملا البيت لعظمه في نفسه وقد يملؤه لكثرته، فأيهما نوى
304 صحت نيته، وعند عدمها يثبت الأقل. بحر. قوله: (أو تطليقة شديدة الخ) لان ما يصعب تداركه يشتد عليه ويقال فيه لهذا الامر طول وعرض وهو البائن. بحر. قيد بذكر التطليقة لأنه لو قال: أنت طالق قوية أو شديدة أو طويلة أو عريضة كان رجعيا لأنه لا يصلح صفة للطلاق بل للمرأة. قاله الأسبيجابي. وبطويلة لأنه لو قال: طول كذا أو عرض كذا لم تصح نية الثلاث وإن كانت بائنة أيضا. نهر. قوله: (أو خشنة) بالشين المعجمة قبل النون ويرجع إلى معنى الأشدية ط. قوله: (أو أكبره) بالباء الموحدة، أما أكثره بالمثناة أو المثلثة فيأتي قريبا. قوله: (لأنه وصف الطلاق بما يحتمله) وهو البينونة، فإنه يثبت به البينونة قبل الدخول للحال، وكذا عند ذكر المال وبعده إذا انقضت العدة، بحر. قوله: (فيصح لما مر) أي في أول هذا الباب من أنه مصدر يحتمل الفرد الاعتباري، وهو الثلاثة في الحرة والثنتان في الأمة فتصح نيته، والفاء في جواب شرط محذوف: أي فإن نوى ما ذكر صح. أفاده ح. فإن قالت لم يذكر المصدر في نحو طالق أشد الطلاق. قلت: قال في الفتح: وأن المعنى طالق طلاقا هو أشد الطلاق، لان أفعل التفضيل بعض ما أضيف إليه، فكان أشد معبرا به عن المصدر الذي هو الطلاق. تنبيه: ظاهر كلامه صحة نية الثلاث في جميع ما مر. وقال في النهر: لكن قال العتابي: الصحيح أنها لا تصح في تطليقة شديدة أو طويلة أو عريضة، لأن النية إنما تعمل في المحتمل، وتطليقة بتاء الوحدة لا تحتمل الثلاث، ونسبه إلى السرخسي اه. ومثله في الفتح والبحر. قلت: لكن المتون على خلافه. وقد يجاب بأن التاء لا يلزم أن تكون هنا للوحدة بل لتأنيث اللفظ، أو زائدة كقولهم في الذنب ذنبة. وفي أمثال العرب: إذا أخذت بذنبة الضب أغضبته. ذكره الزمخشري. ولو سلم أن التاء هنا للوحدة فيجاب بأنهم قد عللوا صحة نية الثلاث في جميع ما مر بأنه وصف الطلاق بالبينونة، وهي نوعان: خفيفة، وغليظة، فإذا نوى الثانية صح، فيقال حينئذ: إن تاء الوحدة لا تنافي إرادة البينونة الغليظة، وهي ما لا تحل له المرأة معها إلا بزوج آخر، فليس المراد أنه نوى بها أنت طالق ثلاث طلقات بل نوى حكم الثلاث وهو البينونة الغليظة، ونظيره قولهم: لو نوى الثلاث بأنت بائن أو حرام فهي ثلاث، فإن معناه: لو نوى حكم الثلاث لا لفظها، لان اللفظ بائن وحرام لا يفيد ذلك فكذلك هنا، على أن الثلاث فرد اعتباري، ولهذا صح إرادته بالمصدر ولم تصح إرادة الثنتين به لأنها عدد محض، وفرديته باعتبار ما قلنا، فلا ينافي تاء الوحدة، هذا ما ظهر لي. قوله: (كما لو نوى) تشبيه في الصحة ط. قوله: (وبنحو بائن) أي من كل كناية قرنت بطالق كما في الفتح والبحر. قوله: (فيقع ثنتان بائنتان) أي على أن التركيب خبر بعد خبر، ثم بينونة الأولى ضرورة بينونة الثانية، إذ معنى الرجعي كونه بحيث يملك رجعتها وذلك منتف باتصال البائنة الثانية، فلا فائدة في وصفها بالرجعية. فتح. قوله: (ولو عطف الخ) محترز تقييد المصنف المسألة بدون عطف. قوله: (فرجعية)
305 أي فهي طالق طلقة رجعية. ذخيرة. قوله: (ولو بالفاء فبائنة) أي إذا لم ينو شيئا كما أفاده في الذخيرة بقوله: ولو عطف بالفاء وباقي المسألة بحالها، فهي طالق طلقة بائنة اه. ولعل وجه الفرق أن الفاء للتعقيب بلا مهلة، والطلاق الذي يعقبه البينونة لا يكون إلا بائنا، أما الواو فلا تقتضي التعقيب بل تصلح له وللتراخي الذي هو معنى ثم، والطلاق الذي تتراخى عنه البينونة لا يلزم كونه بائنا فيكون قوله: وبائن لغوا، ولا تحمل الواو على التعقيب لأنه عند الاحتمال يراد الأدنى وهو الرجعي هنا، كما لا يراد تكرير الايقاع لعدم النية، ونظر لم لم يتعين تكرير الايقاع مع وجود مذاكرة الطلاق، فإن الأصل في العطف المغايرة، فكان ينبغي وقوع بائنتين مع الواو وثم، ومفهوم التقييد بعدم النية أنه لو نوى تكرير الايقاع مع الحروف الثلاثة أو نوى بالبائن الثلاث أنه يقع ما نوى. قوله: (كما لو قال الخ) يشعر كلام المصنف في المنح أن هذا الفرع غير منقول حيث قال: فإنه يقع به الطلاق البائن، كما أفتى به مولانا صاحب البحر، واستظهر له بما في البدائع من قوله: إذا وصف الطلاق بصفة تدل على البينونة كان بائنا الخ. قوله: (تملكي بها نفسك) حقه أن يقال: تملكين لأنه مضارع مرفوع بالنون، نعم سمع حذفها في قول الشاعر: أبيت أسري وتبيتي تدلكي * وجهك بالعنبر والمسك الذكي وهو لغة خرج عليها بعض المحققين حديث كما تكونوا يولى عليكم وحديث: لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا. قوله: (لأنها لا تملك نفسها إلا بالبائن) صرح به في البدائع، وقال أيضا: إذا وصف الطلاق بصفة تدل على البينونة كان بائنا اه وهذه الصفة بمعنى قوله أنت طالق طلقة بائنة، لان ملكها نفسها ينافي الرجعي الذي يملك هو رجعتها فيه بدون رضاها. قوله: (ورجح في البحر الثاني) وذلك أنه تقدم أنه إذا وصف الطلاق بضرب من الشدة والزياد يقع به البائن عندنا. وقال الشافعي: يقع به الرجعي لأنه خلاف المشروع، فيلغو كما إذا قال أنت طالق على أن لا رجعة لي عليك. ورده في الهداية بأنه وصفه بما يحتمله وبأن مسألة الرجعة ممنوعة: أي لا نسلم أنه يقع فيها الرجعي بل تقع واحدة بائنة، كما في العناية والفتح وغاية البيان والتبيين قال في البحر: فقد علمت أن المذهب في مسألة الرجعة وقول البائن. قوله: (وخطأ) أي نسبه إلى الخطأ، مثل فسقته نسبته إلى الفسق، وقوله قول الموثقين بالجر قال ح: عطف تفسير على التعاليق، وهو بكسر الثاء المثلثة، وهم عدول دار القاضي ويسمون بالشهود وسموا موثقين لأنهم يوثقون من يشهد ببيان أنه ثقة اه. أو لأنهم يكتبون صكوك الوثائق. أفاده ط. قلت: وأصل المسألة التي ذكرها صاحب البحر. وقد ألف فيها رسالة أيضا هي: أن رجلا قال لزوجته: متى ظهر لي امرأة غيرك أو أبرأتني (1) من مهرك فأنت طالق واحدة تملكين بها نفسك
(1) قوله: (أو أبرأتني) هكذا بالأصل المقابل على خط المؤلف، ولعل الظاهر اسقاط الألف. 306 ثم ظهر له امرأة غيرها وأبرأته من مهرها، فأجاب فيها بأنه بائن، ورد على من أفتى بأنه رجعي. قوله: (لكن في البزازية الخ) انتصار لذلك المفتي. ورده الخير الرملي في حواشي المنح بأن المعلق في حادثة التعاليق هو الطلاق الموصوف بالبينونة. في مسألة البزازية: المعلق وصف البينونة فقط، والموصوف لم يوجد بعد، فهو في مسألة التعاليق، كأنه قال: إن تزوجت عليك فأنت طالق بائنا ولا قائل بمنعه. تأمل اه. والحاصل أنه في مسألة البزازية الأولى قد علقت الصفة وحدها على وجود الموصوف، والحكم في المعلق أنه لولا التعليق لوجد في الحال، ولا يمكن أن يوجد في الحال بينونة طلقة غير موجودة ولا كونها ثلاثا، لان الوصف لا يسبق موصوفه، وكذا في المسألة الثانية جعل الطلقة المعلقة بائنة أو ثلاثا قبل وجودها، فيلزم أيضا سبق الصفة موصوفها، فافهم. قوله: (ومفاده الخ) هذه عبارة المصنف في الكنايات مع بعض تغيير، وقد علمت الفرق بين المقيسة والمقيس عليها. قوله: (مساواته لانت بائن) كان حق التعبير أن يقال: مساواته لهو بائن بناء على ما فهمه من أنه تعليق لوصف الطلاق فقط، وقد علمت عدم المساواة، نعم هو مساو لانت بائن على ما قاله صاحب البحر من أنه تعليق للموصوف وصفته معا فصار في معنى: متى تزوجت عليك فأنت بائن، فهذا نطق بالحق بلا قصد. تتمة: يقع كثيرا في كلام العوام: أنت طالق تحلي للخنازير وتحرمي علي، وأفتى في الخيرية بأن رجعي، لان قوله وتحرمي علي أن كان للحال فخلاف المشروع، لأنها لا تحرم إلا بعد انقضاء العدة، وإن كان للاستقبال فصحيح ولا ينافي الرجعة، وكذلك أفتى بالرجعي في قولهم أنت طالق لا يردك قاض ولا عالم، لأنه لا يملك إخراجه عن موضوعه الشرعي. وأيده في حواشيه على المنح بما في الصيرفية: لو قال أنت طالق ولا رجعة لي عليك فرجعية، ولو قال على أن لا رجعة لي عليك فبائن اه. وقال: إن قولهم لا يردك قاض الخ مثل قوله ولا رجعة لي عليك، لأنه حذف الواو كإثباتها كما هو ظاهر، لا مثل على أن لا رجعة اه. قلت: والفرق أن على أن لا رجعة قيد للطلاق لأنه شرط فيه، فهو في معنى أنت طالق طلاقا مشروطا فيه عدم الرجعة: أي طلاقا بائنا، فهو داخل تحت القاعدة من أنه إذا وصف الطلاق بضرب من الشدة والزيادة يقع به البائن كما مر عن الهداية. أما ولا رجعة لي عليك فليس صفة للطلاق، بل هو كلام مستأنف أخبر به عما هو خلاف الشرع فإن الشرع هو وقوع الرجعي بأنت طالق، فقوله ولا رجعة لغو، مثل قوله: أنت طالق وبائن أو ثم بائن بلا نية كما مر، وكذا قولهم لا يردك قاض الخ ليس صفة للطلاق، بل هو صفة للمرأة فلم يدخل تحت القاعدة المذكورة، ومثله تحلي للخنازير وتحرمي علي، وقد خفي ذلك على الرحمتي فجزم بأن هذا وما في الصيرفية من الفرق بين المسألتين مخالف للقاعدة المذكورة، نعم لو قصد بقوله وتحرمي علي إيقاع الطلاق وقع به أخرى بائنة ما لم ينو
307 به الثلاث فثلاث كما في أنت طالق وبائن كما قدمناه، ومثله قول العوام في زماننا أيضا، أنت طالق كلما أحلك شيخ حرمك شيخ، فإن مرادهم بالثاني تأبيد الحرمة، فهو بمنزلة قوله كلما حللت لي حرمت علي فكلما عقد عليها بانت منه إلا أن يريد بذلك الكلام الاخبار عن الطلاق المذكور دون إنشاء التحريم ودون جعل هذه الجملة صفة للطلاق المذكور فلا تحرم أبدا، لأنه إخبار بخلاف المشروع، لكن العامي لا يفهم ذلك، بل الظاهر أنه يريد إنشاء تأبيد الحرمة، فيما وقع في فتاوى الشيخ إسماعيل الحائك من وقوع الرجعي به فقط مرة واحدة غير ظاهر، فاغتنم تحرير هذا المحل فإنه مما يخفى. قوله: (بالتاء المثناة من فوق) الظاهر أنه قيد بذلك ليعلم بالأولى ما إذا قاله بالثاء المثلثة، وليفيد أن هذا التحريف هنا لا يضر، لان ذلك صار لغة عامية، وقد مر أن الطلاق يقع بالألفاظ المصحفة، فلا يرد ما اعترض به في الخيرية على المصنف من أن هذا ذهول منه، وأن المذكور في كلامهم ضبطه بالمثلثة، ولم نر أحدا ضبطه بالمثناة. وعبارة البحر: إلا أكثره بالثاء المثلثة فإنه يقع به الثلاث، ولا يدين إذا قال نويت واحدة. قوله: (ولا يدين في إرادة الواحدة) مفهومه أنه يدين في إرادة الثنتين. ووجهه أن أفعل التفضيل قد يراد به أصل الفعل: أي كثير الطلاق، فكان محتمل كلامه فيصدق ديانة اه ح. قلت: لكن يأتي ترجيح أن الكثير ثلاث لا اثنتان، وحينئذ فلا فرق بين أكثر وكثير، فافهم. قوله: (كما لو قال أكثر الطلاق) أي بالثاء المثلثة، وأشار به إلى ما قلنا من أن ضبطه بالمثناة ليس للاحتراز عن المثلثة. قوله: (أو أنت طالق مرارا) في البحر عن الجوهرة: لو قال أنت طالق مرارا تطلق ثلاثا إن كان مدخولا بلها، كذا في النهاية اه. وذكر في البحر قبله بأكثر من ورقة عن البزازية: أنت علي حرام ألف مرة تقع واحدة اه. وما في البزازية ذكره في الذخيرة أيضا، وذكره الشارح آخر باب الايلاء. أقول: ولا يخالف ما في الجوهرة، لان قوله ألف مرة بمنزلة تكريره مرارا متعددة، والواقع به في أول مرة طلاق بائن، ففي المرة الثانية لا يقع شئ، لان الباين لا يلحق البائن إذا أمكن جعل الثاني خبرا عن الأول، كما في أنت بائن أنت بائن كما يأتي بيانه في الكنايات، بخلاف ما إذا نوى الثلاث بأنت حرام أو بأنت بائن فإنه يصح، لان لفظ واحد صالح للبينونة الصغرى، والكبرى، وقوله أنت طالق مرارا بمنزلة تكرار هذا اللفظ ثلاث مرات فأكثر، والواقع بالأولى رجعي، وكذا بما بعدها إلى الثالثة لأنه صريح والصريح يلحق الصريح ما دامت في العدة، ولذا قيد بالمدخول بها، لان غيرها تبين بالمرة الأولى لا إلى عدة فلا يلحقها ما بعدها، فاغتنم تحرير هذا المقام فقد خفي على كثير من الافهام. قوله: (أو ألوفا) جمع ألف ح: أي فيقع به الثلاث ويلغو الزائد. قوله: (أو لا قليل الخ) عبارة الجوهرة: وإن قال أنت طالق لا قليل ولا كثير تقع ثلاثا هو المختار، لان القليل واحدة والكثير ثلاث، فإذا قال أولا لا قليل فقد قصد الثلاث ثم لا يعمل قوله ولا كثير بعد ذلك اه. قلت: لكن في الخلاصة والبزازية يقع الثلاث في المختار. وقال الفقيه أبو جعفر: ثنتان في الأشبه اه. وذكر في الذخيرة أن الأول اختيار الصدر الشهيد وعلله بما مر
308 . ثقال: وحكي عن أبي جعفر الهنداوني أنه يقع ثنتان، لأنه لما قال لا قليل فقد قصد إيقاع الثنتين، لان الاثنتين كثير فلا يعمل قوله ولا كثير بعد ذلك، وهذا القول أقرب إلى الصواب اه. وفي الخانية أنه الأظهر اه. وبه علم أنهما قولان مرجحان، ومبناهما على الاختلاف في الكثير. ففي البحر عن المحيط: ولو قال أنت طالق كثيرا ذكر في الأصل أنه يقع الثلاث، لان الكثير هو الثلاث. وذكر أبو الليث في الفتاوى: يقع ثنتان اه. قلت: وينبغي أرجحية القول الأول، لان الأصل من كتب ظاهر ثنتان اه. لرواية، وهو مقدم على ما في الفتاوى. قوله: (فواحدة) أي رجعية لعدم ما يفيد البائن، ولان الرجعي أقل الطلاق. قوله: (ولو قال عامة الطلاق) إنما وقع به ثنتان لكثرة استعماله في الغالب وغالب الطلاق ثنتان ط. قوله: (أو أجله) كأنه تحريف من الكاتب. والذي في البحر جعله بضم الجيم و تشديد اللام، وكذا في الذخيرة. وجل الشئ. معظمه، أما الاجل فينبغي أن يكون ثلاثا. رحمتي. والأحسن ما قاله ط من أنه إن نوى بالأجل الأعظم من جهة الكم فثلاث، أو من جهة موافقته للسنة فواحدة رجعية في طهر ولا وطئ فيه ولا في حيض قبله. قوله: (أو لونين منه) وهما طلقتان رجعيتان، ولو قال ثلاثة ألوان فثلاثة، وكذلك لو قال ألونا من الطلاق فثلاثة، وإن نوى ألوان الحمرة والصفرة صح ديانة، وكذا ضروبا أو أنواعا أو وجوها من الطلاق. ذخيرة. قلت: وينبغي فيما لو نوى ألوان الحمرة والصفرة أن يكون الواقع واحدة بائنة لما مر من أصل الامام فيما إذا وصف الطلاق. قوله: (وكذا لا كثير ولا قليل) الذي في قوله: (البحر) عن المحيط أنه يقع به واحدة، وكذا في الذخيرة والبزازية والخلاصة والجوهرة وغيرها، فليراجع كتاب المضمرات، نعم لكل وجه: فوجه الواحدة أنه لما نفى الكثير أثبت القليل فلا يفيد نفيه بعد. ووجه الثنتين أن الكثير ثلاث والقليل واحدة، فإذا نفاهما ثبت ما بينهما. قوله: (والفرق دقيق حسن) وجه الفرق أنه أضاف إلى ثلاث معهودة ومعهوديتها بوقوعهما، بخلاف المنكر اه ح. أقول: هذا بعد تسليمه إنما يتم بناء على ما ذكره الشارح تبعا للبحر في أول باب الطلاق الصريح من تعريف لفظ ثلاث في الأولى وتنكيره في الثانية، مع أنه منكر في الصورتين كما رأيته في عدة كتب كالتاترخانية والهندية والبزازية، وقد ذكر الفرق في البزازية بأن الآخر وهو الثالث، ولا يتحقق إلا بتقدم مثليه عليه، لكنه في الأولى أخبر عن إيقاع الثلاث، وفي الثانية وصف المرأة بكونها آخر الثلاث بعد الايقاع وهي لا توصف بذلك، فبقي أنت طالق وبه تقع الواحدة اه. فمناط الفرق من التعبير بالفعل الماضي في الأول واسم الفاعل في الثاني لا من التعريف والتنكير فافهم ممكن (1) ومقتضاه أن لفظ آخر في الثانية مرفوع خبرا ثانيا عن أنت ليصير وصفا للمرأة، أما لو
(1) قوله: (ممكن) هكذا بالأصل المقابل على خط فليحرر. 309 كان منصوبا يكون وصفا للطلاق فيساوي الصورة الأولى، واحتمال كونه منصوبا على الظرفية خبرا ثانيا بعيد. قوله: (يقع بأنت طالق الخ) لان كلا إذا أضيفت إلى معرف أفادت عموم الاجزاء، وأجزاء الطلقة لا تزيد على طلقة، وإذا أضيفت إلى منكر أفادت عموم الافراد اه ح. ولذا كان قولك كل الرمان مأكول كاذبا لان قشره لا يؤكل، بخلاف كل رمان بالتنكير، وهذا عند الخلو عن القرائن كما حررناه في باب المسح على الخفين. تنبيه: ذكر في الذخيرة لو قال: كل الطلاق فواحدة، وهكذا نقل عنها في البحر: لكن في مختارات النوازل أنه يقع ثلاث. قلت: وهو الذي يظهر، لان الطلاق مصدر يحتمل الثلاث، بخلاف الطلقة، على أنه ذكر في الذخيرة أيضا أنت طالق الطلاق كله فهو ثلاث، ولا فرق يظهر بين كل الطلاق والطلاق كله. تأمل. قوله: (وعدة التراب واحدة) قال في الفتح: ولو شبه بالعدد فيما لا عدد له فقال طالق كعدد الشمس أو التراب أو مثله: فعند أبي يوسف رجعية، واختاره إمام الحرمين من الشافعية، لان التشبيه بالعدد فيما لو عدد لغو ولا عدد للتراب. وعند محمد: يقع ثلاث، وهو قول الشافعي وأحمد لأنه يراد بالعدد إذا ذكر الكثرة، وفي قياس قول أبي حنيفة واحدة بائنة، لان التشبيه يقتضي ضربا من الزيادة كما مر. أما لو قال مثل التراب يقع واحدة رجعية عند محمد اه. قوله: (وعدد الرمل ثلاث) أي إجماعا كما في البحر عن الجوهرة وإنما كان التراب غير معدود لأنه اسم جنس إفرادي، بخلاف رمل لأنه اسم جنس جمعي لا يصدق على أقل من ثلاثة. نهر. وحاصله أن ما دل على الماهية صادقا على القليل والكثير كالتراب والماء والعسل، فهو اسم جنس إفرادي، بخلاف ما لا يدل على أقل من ثلاث، وميز بين قليله وكثيره بالتاء كالرمل والتمر فهو اسم جنس جمعي، والجمع ذو أفراد أقلها ثلاث فيقع بإضافة العدد إليه ثلاث. قوله: (وعدد شعر إبليس الخ) أي تقع واحدة لو أضافه إلى عدد مجهول النفي والاثبات، أو إلى عدد معلوم النفي كالمثالين كما في الفتح، ولم يذكر أنها بائنا أو لا. ومقتضى ما ذكره في عدد التراب أنها بائنة في قياس قول أبي حنيفة، ورجعية عند أبي يوسف، ويدل عليه ما نذكره قريبا عن المحيط من أنه يلغو ذكر العدد ويصير كأنه قال أنت طالق، قوله: (وقع بعدده) أي مما يقبله المحل والزائد لغو ط. قوله: (وإلا لا) أي وإن لم يوجد شئ من الشعر بأن أطلي بالنورة مثلا ولا وجد شئ من السمك لم يقع شئ، وهذا صحيح في غير مسألة السمك، أما فيهما ؤ فقد ذكر في الجوهرة وكذا في البحر عن الظهيرية أنه إذا لم يكن في الحوض سمك تقع واحدة، فكان الصواب ذكرها مع مسألة شعر إبليس وشعر بطن كفي. وقد ذكر في النهر أنه علل في المحيط مسألة السمك وشعر إبليس وبطن كفي بأنه إذا لم يكن شعر ولا سمك لم يعتبر ذكر العدد بل يصير لغوا وصار كأنه قال أنت طالق اه.
310 وفي البحر عن محمد في الفرق بين مسألة ظهر كفي وقد أطلي ومسألة بطن كفي، أنه في الأولى لا يقع شئ، لأنه يقع على عدد الشعور النابتة، فإذا لم يكن عليه شعر لم يوجد الشرط، وفي الثانية تقع واحدة لأنه لا يقع على عدد الشعر اه. قلت: وحاصله أن ظهر الكف ومثله الساق والفرج لما كان محل الشعر غالبا وزواله لا يكون إلا بعارض صار العدد بمنزلة الشرط فلا يقع شئ عند عدمه، بخلاف ما إذا كان معلوم الانتفاء كشعر بطن كفي أو مجهوله ولا يمكن علمه كشعر إبليس أو يمكن، لكن انتفاؤه لا يتوقف على عارض كسمك الحوض فلا يتوقف على وجود عدد بل يقع الطلاق مطلقا، لكن في مسألة السمك لما أمكن وجود العدد فإذا وجد وقع بقدره. قوله: (طلاق إن نواه) لان الجملة تصلح لانشاء الطلاق كما تصلح لانكاره فيتعين الأول بالنية، وقيد بالنية لأنه لا يقع بدونها اتفاقا لكونه من الكنايات وأشار إلى أنه لا يقوم مقامها دلالة الحال، لان ذلك فيما يصلح جوابا فقط وهو ألفاظ ليس هذا منها، وأشار بقوله طلاق إلى أن الواقع بهذه الكناية رجعي، كذا في البحر من باب الكنايات. قوله: (لا تطلق اتفاقا وإن نوى) ومثله قوله لم أتزوجك أو لم يكن بيننا نكاح، أو لا حاجة لي فيك. بدائع. لكن في المحيط ذكر الوقوع في قول لا عند سؤاله. قال: ولو قال لا نكاح بيننا يقع الطلاق، والأصل إن نفي النكاح أصلا لا يكون طلاقا بل يكون جحودا ونفي النكاح في الحال يكون طلاقا إذا نوى، وما عداه فالصحيح أنه على هذا الخلاف اه. بحر. قوله: (قريتنا إرادة النفي فيهما) وذلك لان اليمين لتأكيد مضمون الجملة الخبرية فلا يكون جوابه الأخير، وكذا جواب السؤال والطلاق لا يكون إلا إنشاء فوجب صرفه إلى الاخبار عن نفي النكاح كاذبا. قوله: (وفي الخلاصة الخ) عبارة الخلاصة: ألست طلقتها؟ ووجد كذلك في بعض النسخ كما يفيده ما في ح. قال صاحب البحر في شرحه على المنار: وذكر في التحقيق أن موجب نعم تصديق ما قبلها من كلام منفي أو مثبت استفهاما كان أو خبرا، كما إذا قيل لك قام زيد أو أقام زيد أو لم يقم زيد فقلت نعم كان تصديقا لما قبله وتحقيقا لما بعد الهمزة، وموجب بلى إيجاب ما بعد النفي استفهاما كان أو خبرا، فإذا قيل لم يقم زيد فقلت بلى كان معناه قد قام، إلا أن المعتبر في أحكام الشرع العرف حتى يقام كل واحد منهما مقام الآخر اه. قوله: (وفي الفتح الخ) عبارته: والذي ينبغي عدم الفرق فإن أهل العرف لا يفرقون بل يفهمون منهما إيجاب المنفي. قوله: (وفي البزازية) أي في أوائل كتاب النكاح. قوله: (كان إقراره بالنكاح وتطلق) أي فإذا كان أنكره، يلزمه مهرها ونفقة عدتها، وترثه لو مات في عدتها. قوله: (لاقتضاء الطلاق النكاح وضعا) لان الطلاق لغة وشرعا: رفع القيد الثابت بالنكاح فلا بد لصحته من سبق النكاح، لان المقتضي ما يقدر لصحة الكلام، فكأنه قال نعم أنت امرأتي وأنت طالق، كما قالوا في: أعتق عبدك عني بألف. قلت: وهذا حيث لا مانع. ففي الخلاصة من النكاح عن المنتقى قال لها ما أنت لي بزوجة وأنت طالق فليس بإقرار
311 بالنكاح. قال في البزازية: لقيام القرينة المتقدمة على أنه ما أراد الطلاق حقيقة اه: أي لان تصريحه بنفي الزوجية ينافي اقتضاءها فلا يكون مرادا به حقيقة. قوله: (بنى على الأقل) أي كما ذكره الأسبيجابي، إلا أن يستيقن بالأكثر أو يكون أكبر ظنه. وعن الإمام الثاني: إذا كان لا يدري أثلاث أم أقل يتحرى، وإن استويا عمل بأشد ذلك عليه. أشباه عن البزازية. قال ط: وعلى قول الثاني اقتصر قاضيخان: ولعله لأنه يعمل بالاحتياط خصوصا في باب الفروج اه. قلت: ويمكن حمل الأول على القضاء والثاني على الديانة، ويؤيده مسألة المتون في باب التعليق لو قال: إن ولدت ذكرا فأنت طالق واحدة وإن ولدت أنثى فأنت طالق ثنتين فولدتهما ولم يدر الأول، تطلق واحدة قضاء وثنتين تنزها: أي ديانة. هذا وفي الأشباه أيضا: وإن قال عزمت على أنه ثلاث يتركها، وإن أخبره عدول حضروا ذلك المجلس بأنها واحدة وصدقهم أخذ بقولهم. قوله: (له تزوجها بلا محلل) لان الطلاق إنما يلحق المنكوحة نكاحا صحيحا، أو المعتدة بعدة الطلاق، أو الفسخ بالردة، أو الاباء عن الاسلام كما قدمناه عن البحر ح: أي والمنكوحة فاسدا ليست واحدة ممن ذكر ط: أي فلا يتحقق الطلاق في النكاح الفاسد ولا ينقص عددا لأنه متاركة، كما قدمناه عن البحر والبزازية في باب المهر عند الكلام على النكاح الفاسد، فحيث كان متاركة لا طلاقا حقيقة كان له تزوجها بعقد صحي بلا محلل، ويملك عليها ثلاث طلقات، والله تعالى أعلم. باب طلاق غير المدخول بها قوله: (فلا حد ولا لعان الخ) أي عند الامام بناء على أنه كلام واحد، وأن قوله: يا زانية ليس بفاصل بين الطلاق والعدد ولا بين الجزاء والشرط، في مثل: أنت طالق يا زانية إن دخلت الدار، فيتعلق الطلاق بالدخول ويقع الثلاث في أنت طالق يا زانية ثلاثا، ولا حد عليه لوقوع القذف وهي زوجته، لما يأتي من أنه متى ذكر العدد كان الوقوع به ولا لعان أيضا، لان أثره التفريق بينهما وهو لا يتأتى بعد البينونة، وهو لا يصح بدون أثره، ومثله: يا زانية أنت طالق ثلاثا، بخلاف أنت طالق ثلاثا يا زانية حيث يحد كما في لعان البحر لوقوع القذف بعد الإبانة. وعند أبي يوسف: يقع في مسألتنا وعليه الحد، لأنه جعل القذف فاصلا فيلغو قوله: ثلاثا، وكان الوقوع بقوله: أنت طالق فكان بعد الطلاق البائن لأنها غير مدخول بها فوجب الحد اه ح ملخصا مع زيادة. قوله: (لوقوع الثلاث الخ) كذا في البزازية، وصوابه لوقوع القذف، ويكون الضمير في بعده للقذف كما ظهر لك مما قررناه. قوله: (وكذا الخ) أي يقع الثلاث ولا حد ولا لعان كما هو مقتضى التشبيه بناء على أن
312 المراد بالوصف ما وصفها به في قوله يا زانية وهو القذف، فإذا انصرف الاستثناء إليه ينتفي الحد واللعان، لأنه لم يبق قذفا منجزا وتقع الثلاث لعدم تعلقها بالاستثناء، وهذا التقرير هو الموافق لما في شرحه على الملتقى، ولعبارة البزازية ونصها: أنت طالق ثلاثا يا زانية إن شاء الله يقع، وصرف الاستثناء إلى الوصف، وكذا أنت طالق يا طالق إن شاء الله، وكذا أنت طالق يا خبيثة إن شاء الله يصرف الاستثناء إلى الكل ولا يقع الطلاق، كأنه قال يا فلانة، والأصل عنده أن المذكور في آخر الكلام إذا كان يقع به طلاق أو يلزم به حد كقوله يا طالق يا زانية فلاستثناء على الوصف، وإن كان لا يجب به حد ولا يقع به طلاق كقوله يا خبيثة فالاستثناء على الكل اه. لكن قوله: وكذا أنت طالق يا خبيثة صوابه: ولو قال أنت طالق يا خبيثة كما عير في الذخيرة وغيرها، لكنه تساهل لظهور المراد بذكر الأصل المذكور، وقوله: يقع: أي الطلاق دليل على أن المراد بالوصف القذف لا الطلاق، وإلا لم يصح قوله: وصرف الاستثناء إلى الوصف، وكذا ما قرره من الأصل. وأصرح منه قوله: في الذخيرة وغيرها: فالاستثناء على الآخر وهو القذف ويقع الطلاق، فافهم. ثم اعلم أن هذا الذي ذكره الشارح عن البزازية عزاه في الذخيرة إلى النوادر وهو ضعيف فقد ذكر الفارسي في شرح تلخيص الجامع أن قوله يا زانية إن تخلل بين الشرط والجزاء كأنت طالق يا زانية إن دخلت الدار أو بين الايجاب والاستثناء كأنت طالق يا زانية إن شاء الله لم يكن قذفا في الأصح، وإن تقدم عليهما أو تأخر عنهما كان قذفا في الحال. وعن أبي يوسف أن المتخلل لا يفصل، فلا يتعلق الطلاق بل يقع للحال ويجب اللعان. وعن محمد: يتعلق الطلاق ويجب اللعان. وجه ظاهر الرواية أن يا زانية نداء للاعلام بما يراد به فلا يفصل، ويتعلق الطلاق بالشرط فيتعلق القذف أيضا، لأنه أقرب إلى الشرط اه ملخصا، فهذا تصريح بأن انصراف الاستثناء إلى الكل هو الأصح وظاهر الرواية، وصرح بذلك في الذخيرة أيضا، ومشى عليه الشارح في باب التعليق. قوله: (وقعن) جواب الشرط المقدر في قول المتن قال لزوجته وكان الأولى للشارح ذكره عقب قوله ثلاثا. قوله: (لما تقرر الخ) لان الواقع عند ذكر العدد مصدر موصوف بالعدد: أي تطليقا ثلاثا فتصير الصيغة الموضوعة لانشاء الطلاق متوقفا حكمها عند ذكر العدد عليه. بحر. قال في الفتح: وبه اندفع قول الحسن البصري وعطاء وجابر بن زيد: إنه يقع عليها واحدة لبينونتها ، ولا يؤثر العدد شيئا. ونص محمد رحمه الله تعالى قال: وإذا طلق الرجل امرأته ثلاثا جميعا فقد خالف السنة وأثم، وإن دخل بها أو لم يدخل سواء، بلغنا ذلك عن رسول الله (ص) وعن عليا بن مسعود وابن عباس وغيرهم رضوان الله عليهم. قوله (وما قيل الخ) رد على ما نقله في شرح المجمع عن كتاب المشكلات وأقره عليه، حيث قال: وفي المشكلات من طلق امرأته الغير مدخول بها ثلاثا فله أن يتزوجها بلا تحليل، وأما قوله تعالى: * (فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره) * (سورة البقرة: الآية 032) ففي حق المدخول بها اه. ووجه الرد مخالف للمذهب: لأنه إما أن يريد عدم وقوع الثلاث عليها بل تقع واحدة كما هو قول الحسن وغيره وقد علمت رده، أو يريد أنه لا يقع شئ أصلا. وعبارة الشارح تحتمل
313 الوجهين، لكن كلام الدرر يعين الأول. أو يريد وقوع الثلاث مع عدا اشتراط المحلل. وقد بالغ المحقق ابن الهمام في رده حيث قال في آخر باب الرجعة: لا فرق في ذلك أي اشتراط المحلل بين كون المطلقة مدخولا بها أو لا لصريح إطلاق النص، وقد وقع في بعض الكتب أن غير المدخول بها تحل بلا زوج، وهو زلة عظيمة مصادمة للنص والاجماع، لا يحل لمسلم رآه أن ينقله فضلا عن أن يعتبره لان في نقله إشاعته، وعند ذلك ينفتح باب الشيطان في تخفيف الامر فيه. ولا يخفى أن مثله مما لا يسوغ الاجتهاد فيه لفوات شرطه من عدم مخالفة الكتاب والاجماع، نعوذ بالله من الزيغ والضلال، والامر فيه من ضروريات الدين لا يبعد إكفار مخالفه اه. قوله: (لعموم اللفظ) أي لفظ النص، فإنه يعم غير المدخول بها. وفيه أن الآية صريحة في المدخول بها لان الطلاق ذكر فيها مفرقا وتفريقه يخصها، ولا يكون في غير المدخول بها إلا بتجديد النكاح، فالأولى الاستناد إلى السنة، وهو ما ذكر عن الإمام محمد ط. قوله: (وحمله في غرر الأذكار) حيث قال: ولا يشكل ما في المشكلات، لان المراد من قوله ثلاثا: ثلاث طلقات متفرقات ليوافق ما في عامة كتب الحنفية اه فافهم. قلت: يؤيد هذا الحل قوله في المشكلات: وأما قوله تعالى: * (فإن طلقها) * (سورة البقرة: الآية 032) الخ فإنه ذكر في الآية مفرقا فلذا أجاب عنه صاحب المشكلات بأن ما في الآية وارد في المدخول بها، فتأمل. قوله: (وإن فرق بوصف) نحو أنت طالق واحدة وواحدة، وواحدة أو خبر نحو: أنت طالق طالق طالق، أو أجمل نحو: أنت طالق أنت طالق أنت طالق ح، ومثله في شرح الملتقى. قوله: (بعطف) أي في الثلاثة، سواء كان بالواو أو الفاء أو ثم أو بل ح. وسيذكر المصنف مسألة العطف منجزة ومعلقة مع تفصيل في المعلقة. قوله: (أو غيره) الأولى أو دونه ط. قوله: (بانت بالأولى) أي قبل الفراغ من الكلام الثاني عند أبي يوسف. وعند محمد بعده: لجواز أن يلحق بكلامه شرطا أو استثناء، ورجح السرخسي الأول، والخلاف عند العطف بالواو. وثمرته فيمن ماتت قبل فراغه من الثاني وقع عند أبي يوسف لا عند محمد، وتمامه في البحر والنهر. قوله: (ولذا) أي لكونها بانت لا إلى عدة ح. قوله: (لم تقع الثانية) المراد بها ما بعد الأولى، فيشمل الثالثة. قوله: (بخلاف الموطوءة) أي ولو حكما كالمختلى بها فإنها كالموطوءة في لزوم العدة، وكذا في وقوع طلاق بائن آخر في عدتها، وقيل لا يقع، والصواب الأول كما مر في باب المهر نظما وأوضحناه هناك. قوله: (حيث يقع الكل) أي في جميع الصور المتقدمة لبقاء العدة، ولا يصدق قضاء أنه عنى الأولى كما سيأتي في الفروع، إلا إذا قيل له ماذا فعلت؟ فقال طلقتها، أو قد قلت هي طالق، لان السؤال وقع عن الأول فانصرف الجواب إليه. بحر. قوله: (أو ثنتين مع طلاقي إياك الخ) أي لان مع هنا بمعنى بعد كما تقدم في قوله مع عتق مولاك إياك اه ح: أي فيكون الطلاق شرطا، فإذا طلقها واحدة لا تقع الثنتان، لان الشرط قبل المشروط. قوله: (كما لو قال نصفا وواحدة) أي تقع واحدة لأنه غير
314 مستعمل على هذا الوجه فلم يجعل كله كلاما واحدا وعزاه في المحيط إلى محمد. بحر. أي لان المستعمل عطف الكسر على الصحيح. قوله: (لأنه جملة واحدة لأنه إذا أراد الايقاع بهما ليس لهما عبارة يمكن النطق بها أخصر منهما)، وكذا لو قال واحدة وأخرى وقع ثنتان لعدم استعمال أخرى ابتداء. نهر. لا يقال: أنت طالق ثنتين أحضر منهما، لان الكلام عند إرادة الايقاع بالصحيح والكسر وبلفظ أخرى فقد يكون فيه غرض. على أنه إن لم يكن غرض صحيح فالعبرة للفظ، ولفظ ثنتين لا يؤدي معنى النصف، ومعنى أخرى لغة وإن كان المراد بهما طلقة، بخلاف أنت طالق واحدة وواحدة فإنه يغني عنه طالق ثنتين، فعدوله عن ثنتين إليه قرينة على إرادة التفريق، وكذا نصفا وواحدة، لان نصف الطلقة في حكم الطلقة كما مر في محله فصار بمنزلة واحدة وواحدة، وهو من المتفرق بقرينة العدول عن الأصل من تقديم الصحيح على الكسر، فافهم. قوله: (لما مر) أي من قوله: لأنه جملة واحدة اه ح. أي أنه أخصر ما يتلفظ به إذا أراد الايقاع بهذه الطريقة وهو مختار في التعبير لغة اه. بحر. لكنه ذكر ذلك في إحدى وعشرين لا في واحدة وعشرين، ثم نقل عن المحيط: لو قال واحدة وعشرا وقعت واحدة، بخلاف أحد عشر فثلاث لعدم العطف، وكذا لو قال واحدة ومائة أو احدة وألفا أو واحدة وعشرين تقع واحدة، لان هذا غير مستعمل في المعتاد، فإنه يقال في العادة مائة واحدة وألف وواحدة، تجعل هذه الجملة كلاما واحدا، بل اعتبر عطفا. قال أبو يوسف: يقع الثلاث، لان قوله: واحدة ومائة ومائة وواحدة سواء اه. وظاهره أن قول أبي يوسف: في هذه المسائل غير المعتمد، لكن قال في النهر: وجزم الزيلعي به في واحدة وعشرين يومئ إلى ترجيحه. مطلب: الطلاق يقع بعدد قرن به لا به قوله: (والطلاق يقع بعدد قرن به لا به) أي متى قرن الطلاق بالعدد كان الوقوع بالعدد بدليل ما أجمعوا عليه من أنه لو قال لغير المدخول بها أنت طالق ثلاثا طلقت ثلاثا، ولو كان الوقوع بطالق لبانت لا إلى عدة فلغا العدد، ومن أنه لو قال أنت طالق واحدة إن شاء الله لم يقع شئ، ولو كان الوقوع بطالق لكان العدد فاصلا فوقع. ثم اعلم أن الوقوع أيضا بالمصدر عند ذكره، وكذا بالصفة عند ذكرها كما إذا قال أنت طالق البتة، حتى لو قال بعدها إن شاء الله متصلا لا يقع، ولو كان الوقوع باسم الفاعل لوقع، ويدل عليه ما في المحيط: لو قال أنت طالق للسنة أو أنت طالق بائن فماتت قبل قوله: للسنة أو بائن لا يقع شئ لأنه صفة للايقاع لا للتطليقة فيتوقف الايقاع على ذكر الصفة وأنه لا يتصور بعد الموت اه. وكذا ما في عتق الخانية قال لعبده أنت حر البتة فمات العبد قبل البتة بموت عبدا. بحر من الباب المار عند قوله: أنت طالق واحدة أولا، وقال هنا: ويدخل في العدد أصله وهو الواحد ولا بد من اتصاله بالايقاع، ولا يضر انقطاع النفس، فلو قال أنت طالق وسكت ثم قال ثلاثا فواحدة، ولو انقطع النفس أو أخذ إنسان فمه ثم قال ثلاثا على الفور فثلاث، ولو قال لغير المدخولة أنت طالق يا
315 فاطمة أو يا زينب ثلاثا وقعن، ولو قال أنت طالق اشهدوا ثلاثة فواحدة، ولو قال فاشهدوا فثلاث، كذا في الظهيرية اه. قلت: وحاصله أن انقطاع النفس وإمساك الفم لا يقطع الاتصال بين الطلاق وعدده، وكذا النداء لأنه لتعيين المخاطبة، وكذا عطف فاشهدوا بالفاء لأنها تعلق ما بعدها بما قبلها فصار الكل كلاما واحدا. قوله: (عند ذكر العدد) أي عند التصريح به، فلا يكفي قصده كما يأتي فيما لو مات أو أخذ أحد فمه، فافهم. قوله: (بعد الايقاع) المراد به ذكر الصيغة الموضوعة للايقاع لولا العدد. قوله: (قبل تمام العدد) قدر لفظ تمام تبعا للبحر احترازا عما لو قال أنت طالق أحد عشر فماتت قبل تمام العدد. قوله: (لغا) أي فلا يقع شئ. نهر. فيثبت المهر بتمامه ويرث الزوج منها ط. قوله: (لما تقرر) أي من أن الوقوع بالعدد وهي لم تكن محلا عند وقوع العدد ح. أو لما تقرر من أن صدر الكلام يتوقف على آخره لوجود ما يغيره كالشرط والاستثناء، حتى لو قال أنت طالق إن دخلت الدار أو إن شاء الله فماتت قبل الشرط أو الاستثناء لم تطلق، لان وجودهما يخرج الكلام عن أن يكون إيقاعا، بخلاف: أنت طالق ثلاثا يا عمرة فماتت قبل قوله: يا عمرة طلقت لأنه غير مغير، وكذا أنت طالق وأنت طالق فماتت قبل الثاني، لان كل كلام عامل في الوقوع إنما يعمل إذا صادفها وهي حية، ولو قال أنت طالق وأنت طالق إن دخلت الدار فماتت عند الأول أو الثاني لا يقع لما مر كما في البحر عن الذخيرة. قوله: (أو أخذ أحد فمه) أي ولم يذكر العدد على الفور عند رفع اليد عن فمه، أما لو قال ثلاثا مثلا على الفور وقعن كما مر. قوله: (عملا بالصيغة) أشار إلي وجه الفرق بين موتها وموته، وهو أن الزوج وصل لفظ الطلاق بذكر العدد في موتها ولم يتصل في موته ذكر العدد يلفظ الطلاق، فبقي قوله: أنت طالق وهو عامل بنفسه في وقوع الطلاق كما في أخذ الفم إذا لم يقل بعده شيئا حيث تقع واحدة. أفاده في البحر عن المعراج. قوله: (لان الوقوع بلفظه لا بقصده) الضميران للزوج أو للعدد، وعلى الأول يكون التعليل لمنطوق العلة التي قبله، وعلى الثاني لمفهومها وهو عدم العمل بالعدد الذي قصد، فافهم. قوله: (بالعطف) أي بالواو فتقع واحدة، لان الواو لمطلق الجمع أعم من كونه للمعية أو للتقدم أو التأخر، فلا يتوقف الأول على الآخر إلا لو كانت للمعية وهو منتف فيعمل كل لفظ عمله، فتبين بالأولى فلا يقع ما بعدها، ومثل الواو العطف بالفاء، وثم بالأولى لاقتضاء الفاء التعقيب، وثم للتراخي مع الترتيب فيهما، وأما بل في أنت طالق واحدة لا بل ثنتين فكذلك لأنها باق بالأولى، ولو كانت مدخولا بها تقع ثلاث لأنه أخبر أنه غلط في إيقاع الواحدة ورجع عنها إلى إيقاع الثنتين بدلها فصح إيقاعهما دون رجوعه، نعم لو قال لها طلقتك أمس واحدة لا بل ثنتين تقع ثنتان، لأنه خبر يقابل التدارك في الغلط، بخلاف الانشاء. بحر ملخصا. قوله: (أو قبل واحدة الخ) الضابط أن الظرف حيث ذكر بين شيئين إن أضيف إلى
316 ظاهر كان صفة للأول كجاءني زيد قبل عمرو، وإن أضيف إلى ضمير الأول كان صفة للثاني كجاءني زيد قبله أو بعده عمرو، لأنه حينئذ خبر عن الثاني والخبر وصف للمبتدأ، والمراد بالصفة المعنوية والمحكوم عليه بالوصفية هو الظرف فقط، إلا فالجملة في قبله عمرو حال من زيد لوقوعها بعد معرفة والحال وصف لصاحبها، ففي واحدة قبل واحدة أوقع الأولى قبل الثانية فبانت بها، فلا تقع الثانية وفي بعدها ثانية كذلك لأنه وصف الثانية بالبعدية، ولو لم يصفها بها لم تقع فهذا أولى وهذا في غير المدخول بها، وفي المدخول بها تقع ثنتان لوجود العدة كما يأتي. قوله: (ثنتان) لأنه في واحدة بعد واحدة جعل البعدية صفة للأولى فاقتضى إيقاع الثانية قبلها، لان الايقاع في الماضي إيقاع في الحال لامتناع الاستناد إلى الماضي فيقترنان فتقع ثنتان، وكذا في واحدة قبلها واحدة، لأنه جعل القبلية صفة للثانية فاقتضى إيقاعها قبل الأولى فيقترنان، وأما مع فللقران. فلا فرق فيها بين الاتيان بالضمير، وإلا فاقتضى وقوعهما معا تحقيقا لمعناها. قوله: (متى أوقع بالأول كما في قبل واحدة وبعدها واحدة فإن الأولى فيهما هي الواقعة لوصف بأنها قبل الثانية أو بأن الثانية بعدها، وهو معنى كونها قبل الثانية فتكون الثانية متأخرة في الصورتين فلغت. قوله: (أو بالثاني اقترنا) المراد بالثاني المتأخر في إنشاء الايقاع لا في اللفظ، وذلك كما في بعد واحدة وقبلها واحدة فإنه أوقع فيهما واحدة وهي الأولى الموصوفة بأنها بعد الثانية، أو بأن الثانية قبلها، وهو معنى كونها بعد الثانية فيقترنان. ويحتمل أن يراد بالثاني اللفظ المتأخر، فإنه سابق في الايقاع من حيث الاخبار لتضمن الكلام الاخبار عن إيقاع الثانية قبل الأولى. قوله: (ويقع الخ) من عطف الخاص على العام لدخوله تحت قوله: وإن فرق فكان الأولى ذكره عقبه. قوله: (ثنتان) أي إن اقتصر عليهما، وإن زاد فثلاث. قوله: (لتعلقهما بالشرط دفعة) لان الشرط مغير للايقاع، فإذا اتصل المغير توقف صدر الكلام عليه فيتعلق به كل من الطلقتين معا فيقعان عند وجود الشرط كذلك، بخلاف ما لو قدم الشرط فلا يتوقف لعدم المغير. قوله: (وتقع واحدة إن قدم الشرط) هذا عنده، وعندهما ثنتان أيضا، ورجحه الكمال وأقره في البحر، قوله: لان المعلق كالمنجز أي يصير عند وجود شرطه كالمنجز ولو نجزه حقيقة لم تقع الثانية، بخلاف ما إذا أخر الشرط لوجود المغير. زيلعي. تنبيه: العطف بالفاء كالواو فتقع واحدة إن قدم الشرط اتفاقا على الأصح وتلغو الثانية، وثنتان إن أخره، وفي العطف بثم إن أخره تنجزت واحدة ولغا بعدها، ولو موطوءة تعلق الأخير وتنجز ما قبله، وإن قدم الشرط لغا الثالث وتنجز الثاني وتعلق الأول، فيقع عند الشرط بعد التزوج الثاني، ولو موطوءة تعلق الأول وتنجز ما بعده. وعندهما تعلق الكل بالشرط قدمه أو أخره، إلا أن عند
317 وجود الشرط تطلق الموطوءة ثلاثا وغيرها واحدة، وتمامه في البحر. قوله: (كلها) أي كل الصور التي ذكرها في العطف بلا تعليق بشرط، وفي قبل وبعد وفي الشرط المتقدم أو المتأخر. مطلب في قبل ما بعده قبله رمضان قوله: (ومن مسائل قبل وبعد ما قيل) أي ما قاله بعضهم نظما من بحر الخفيف. ورأيت في شرح المجموع للاشموني شارح الألفية أن هذا البيت رفع للعلامة أبي عمرو بن الحاجب بأرض الشام وأفتى فيه وأبدع وقال: إنه من المعاني الدقيقة التي لا يعرفها أحد في مثل هذا الزمان، وإنه ينشد على ثمانية أوجه لان ما بعد ما قد يكون قبلين أو بعدين أو مختلفين، فهذه أربعة أوجه كل منها قد يكون قبله قبل أو بعد صارت ثمانية والقاعدة في الجميع أنه كلما اجتمع فيه منها قبل وبعد فالغهما، لان كل شهر حاصل بعد ما هو قبله وحاصل قبل ما هو بعده، ولا يبقى حينئذ إلا بعده رمضان فيكون شعبان، أو قبله رمضان فيكون شوالا الخ. قوله: (في ذي الحجة) لان قبله ذا القعدة، وقيل هذا القبل شوال، وقبل قبل القبل رمضان ط. قوله: (في جمادى الآخرة) لان بعده رجبا، وبعد ذلك البعد شعبان وبعد بعد البعد رمضان ط. قوله: (في شوال) صوابه في شعبان ح: أي لان فرض المسألة أن قبلا ذكر مرة واحدة وتكرر بعد فيلغى لفظ قبل ولفظ بعد مرة ويبقى لفظ بعد الثاني هو المعتبر، فيصير كأنه قال بعده رمضان وهو شعبان كما مر. قوله: (ويبعد كذلك) أي أو لا وسطا أو واسطا أو آخرا ح. قوله: (في شعبان) صوابه في شوال ح: أي لنظير ما قلنا. قوله: (لالغاء الطرفين) المراد بالطرفين قبل وبعد، وكأنه إنما أطلق عليهما طرفين لما بينهما من التقابل. وعبارة الفتح: يلغى قبل ببعد. وعبارة النهر: يلغى قبل وبعد لان كل شهر بعد قبله وقبل بعده، فيبقى قبله رمضان وهو شوال، أو بعده رمضان وهو شعبان ح. قلت: وأما ما في البحر من أن الملغى الطرفان الأولان: يعني الحاليين عن الضمير سواء اختلفا أو اتفقا، وفرع عليه معتبرا للأخير المضاف للضمير فقط فهو خطأ مخالف لما قرره نفسه أولا ولما قرره غيره. تنبيه: هذا كله مبني على أن ما ملغاة لا محل لها من الاعراب ويحتمل أن تكون موصولة أو نكرة موصوفة فتكون في محل جر بإضافة الظرف الذي قبله إليها، وفيه الأوجه الثمانية، لكن أحكامها تختلف. ففي محض قبل يقع في شوال، وفي محض بعد في شعبان، وفي قبل ثم بعدين في جمادى الآخرة، وفي بعد ثم قبلين في ذي الحجة، وفي الصور الأربع الباقية على عكس ما مر في إلغاء ما أي فما وقع منها في شوال أو في شعبان على تقدير الالغاء يقع بعكسه على تقدير الموصولية أو الموصوفية، كما ذكره العلامة بدر الدين الغزي الشافعي. ورأيته بخطه معزيا إلى
318 العلامة ابن الحاجب، وقال: إن للسبكي في ذلك مؤلفا. قلت: وقد أوضحت هذه المسألة في رسالة كنت سميتها إتحاف الذكي النبيه بجواب ما يقول الفقيه وبينت فيها المقام بما لا مزيد عليه، وخلاصة ذلك أن قوله: بشهر قبل ما قبل قبله رمضان على كون ما زائدة يكون رمضان مبتدأ والظرف الأول خبر عنه وهو مضاف إلى الثاني، لان ما الزائدة لا تكف عن العمل نحو. فيما رحمة. ويغر ما رجل، والثاني مضاف إلى الثالث، والجملة من المبتدأ والخبر صفة شهر، والرابط الضمير المضاف إليه الظرف الأخير، والمعنى: بشهر رمضان كائن قبل قبل قبله وهو ذو الحجة، وعلى كون ما موصولة يكون الظرف الأول صفة لشهر وهو مضاف إلى الموصول والظرف الثاني المضاف إلى الثالث خبر مقدم عن رمضان والجملة صلة ما والعائد الضمير الأخير، والمعنى: بشهر كائن قبل الشهر الذي رمضان كائن قبل قبله، فالشهر الذي قبل هو ذو الحجة، فالذي قبله هو شوال، وكذا يقال على تقدير ما نكرة موصوفة، وعلى هذا القياس في باقي الصور، وقد نظمت جميع ما مر من الصور فقلت: خذ جوابا عقود المرجان * فيه عما طلبته تبيان فجمادى الأخير في محض بعد * ولعكس ذو حجة إبان ثم شوال لو تكرر قبل * مع بعد وعكسه شعبان ألغ ضدا بضده وهو بعد * مع قبل وما بقي الميزان ذاك إن تلغ ما وأما إذا ما * وصلت أو صفتها فالبيان جاء شوال في تمحض قبل * ولعكس شعبان جاء الزمان وجمادى لقبل ما بعد بعد * فهو ثم ذو حجة لعكس أوان وسوى ذا بعكس إلغائها افهم * فهو تحقيق من هم الفرسان وتوضيح ذلك في رسالتنا المذكورة، والحمد لله رب العالمين. قوله: (وأما تصحيح الزيلعي الخ) رد على صاحب الدرر حيث ذكر ما ذكره المصنف وقال: هو الصحيح، احترازا عما قبل يقع على كل واحدة طلاق، وعزاه إلى إيلاء الزيلعي. واعترضه في المنح بأن عبارة الزيلعي هكذا، وذكر في الفتاوى: إذا قال لامرأته أنت علي حرام والحرام عنده طلاق ولكن لم ينو الطلاق وقع الطلاق، ولو كان أربع نسوة والمسألة بحالها تقع على كل واحدة منهن طلقة بائنة، وقيل تطلق واحدة منهن، وإليه البيان وهو الأظهر والأشبه. وفي إيلاء الفتح والبحر أن في المواضع التي يقع الطلاق بلفظ الحرام، إن كان له أكثر من زوجة واحدة تقع على كل تطليقة واحدة، بخلاف الصريح نحو: امرأته طالق وله أكثر من واحدة فلا تقع إلا واحدة. وأجاب الأوزجندي أنه لا يقع على واحدة، وهو الأشبه، وعزاه في البحر إلى البزازية والخلاصة والذخيرة. وفي الفتح: الأشبه عندي ما في الفتاوى، لان قوله حلال الله أو حلال المسلمين يعم كل زوجة على سبيل الاستغراق، كقوله هن طوالق لا البدل كإحداكن طالق، وحيث وقع بهذا اللفظ وقع بائنا.
319 مطلب فيما قال: امرأته طالق وله امرأتان أو أكثر تطلق واحدة وفي الخانية: امرأته طالق وله امرأتان معروفتان له أن يصرف الطلاق إلى أيتهما شاء، ولم يحك خلافا، فظهر أن التصحيح في غير الصريح كحلال المسلمين ونحوه، لكونه يعم كل زوجة لا كما زعم في الدرر اه كلام المنح ملخصا. وسيأتي في الايلاء عن النهر أن قول الزيلعي هنا: والمسألة بحالها: يعني التحريم، لا بقيد أنت علي حرام مخاطبا لواحدة، بل يجب فيه أن لا يقع إلا على المخاطبة اه. أقول: والحاصل أنه لا خلاف في امرأته طالق أن له أن يصرفه إلى أيتهما شاء، خلافا لما في الدرر، وفي أنت علي حرام أنه لا يقع إلا على المخاطبة فقط، خلافا لما يوهمه كلام الزيلعي، وإنما الخلاف فيما يعم كل زوجة على سبيل الاستغراق، فاختار الأوزجندي أنه لا يقع إلا على واحدة فله صرفه إلى أيتهما شاء نظرا إلى أنه لفظ مفرد، واختار المحقق ابن الهمام أنه يقع على الكل لاستغراقه، وهذا هو الظاهر، ويدل على أن محل الخلاف ما قلنا إنه في الذخيرة حكاه في حلال المسلمين علي حرام، وهو صريح تعليل الفتح. والظاهر أنه لا خلاف في كل حل علي حرام، لأنه بعد التصريح بأداة العموم لا يمكن حمله على فرد خاص، بخلاف العموم المستفاد من الإضافة، ويظهر لي أن عدم الخلاف في الصريح لا لخصوص صراحته بل لكونه بلفظ امرأتي الذي عمومه بدلي: أي صادق على واحدة لا بعينها أي واحدة كانت، مثل قوله: إحداهن طالق حتى لو كان الصريح بلفظ عمومه استغراقي مثل: حلال الله طالق أو من يحل لي طالق أو من في عقد نكاحي طالق، جرى فيه الخلاف المذكور، وكان فيه ترجيح ابن الهمام أظهر، ويظهر من هذا أن قوله: امرأتي حرام لا يتأتى فيه خلاف المذكور، لما علمت من أن عمومه بدلي لا استغراقي فهو مثل امرأتي طالق، وبه ظهر أن حمل الشارح تصحيح الزيلعي على امرأتي حرام غير مناسب للمقام، وقوله: كما حرره المصنف الخ فيه أنه مخالف لما قدمناه عن المصنف من قوله: فظهر أن الصحيح في غير الصريح كحلال المسلمين ونحوه لكونه يعم كل زوجة فالذي حرره المصنف هو الحمل على العام الاستغراقي كما اختاره ابن الهمام، فافهم. ويظهر مما قررناه أيضا أن قوله: علي الطلاق كما هو الشائع في زماننا مثل قوله: امرأتي طالق، لان معناه كما مر إن فعلت كذا لزم الطلاق ووقع. ولا يخفى أن هذا محتمل لان يكون المراد لزم الطلاق من امرأة أو من أكثر ولا ترجيح لأحدهما على الآخر، فينبغي أن يثبت له صرفه إلى من شاء، وينبغي أن يكون قوله علي الحرام كذلك، لان معناه: إن فعل كذا فامرأته حرام عليه. تنبيه: لا فرق في ذلك بين المعلق والمنجز، وكذا لا فرق بين حلفه مرة أو أكثر، فله صرف الأكثر إلى واحدة. ففي البزازية عن فوائد شيخ الاسلام قال: حلال الله عليه حرام إن فعل كذا وفعله وحلف بطلاق امرأته إن فعل كذا وفعله وله امرأتان فأراد أن يصرف هذين الطلاقين في واحدة منهما أشار في الزيادات إلى أنه يملك ذلك اه. لكن إذا بانت إحداهما قبل وقوع الثاني ليس له صرفه إليها. ففي البزازية أيضا من كتاب الايمان: إن فعلت كذا فامرأته طالق وله امرأتان أو أكثر طلقت
320 واحدة وإليه البيان وإن طلق إحداهما بائنا أو رجعيا ومضت عدتها ثم وجد الشرط تعينت الأخرى للطلاق وإن كان لم تنقض العدة فالبيان إليه اه. بقي شئ، وهو ما لو كان الطلاق ثلاثا فهل له أو يوقع على كل واحدة طلقة أم لا بد أن يجمع الثلاث على واحدة؟ وعلى الأول فهل تكون كل واحدة من الثلاث بائنة لئلا يلغو وصف البينونة وهي صفة الأصل، أو تكون رجعية نظرا للواقع؟ ورأيت بخط شيخ مشايخنا السائحاني عن المنية: لو كان لرجل ثلاث نساء فقال امرأتي ثلاث تطليقات يقع ثلاث لكل واحدة، وعند أبي حنيفة: لكل واحدة منهن طلاقا بائن وهو الأصح اه. وفيه مخالفة لما قدمناه من أنه لا خلاف في أن له صرفه إلى من شاء. فليتأمل. قوله: (قال لنسائه الخ) وجه وقوع الواحدة في هذه الصور أن بعض الطلقة طلقة كما مر، فيصيب كل واحدة في إيقاع طلقة بينهن ربعها، وفي طلقتين نصف طلقة، وفي ثلاث ثلاثة أرباع طلقة، وفي أربع طلقة كاملة. قوله: (فتطلق كل واحدة ثلاثا) أي إلا في التطليقتين، فيقع على كل واحدة منهن طلقتان، كذا في كافي الحاكم الشهيد ومثله في الفتح والبحر. قوله: (يقع على كل واحدة طلاقان الخ) لأنه يصيب كل واحدة منهن في الخمس طلقة وربع طلقة، وفي الست طلقة ونصف، وفي السبع طلقة وثلاثة أرباع، وفي الثمان طلقتان، وهذا حيث لا نية له كما في الكافي والفتح احترازا عما إذا نوى قسمة كل واحدة بينهن فإنه يقع على كل واحدة ثلاث. قوله: (ثلاثا) لأنه يصيب كل واحدة من الثمانية طلقتان وتقسم التاسعة منهن، فيقع على كل طلقة ثالثة. قوله: (ومثله) أي مثل بين. قال في الفتح: فلفظ بين ولفظ الاشراك سواء، بخلاف ما لو طلق امرأتين كل واحدة واحدة ثم قال لثالثة أشركتك فيما أوقعت عليهما يقع عليها تطليقتان اه. وتمامه عند قوله في الباب السابق: ولو قال أنت طالق ثلاثة أنصاف تطليقة. قوله: (امرأتي طالق امرأتي طالق) مثل ما لو قال وامرأتي بالعطف كما في الذخيرة: قوله: (لصحة تفريق الطلاق الخ) كذا علل في البحر بعد نقله المسألة عن الذخيرة: أي لان المدخولة محل لايقاع الثانية بسبب العدة، فله إيقاع الطلاقين عليها، بخلاف غير المدخولة لأنها بانت بالأول فلا يصدق في إرادته لها بالثاني، كما لو كان طلق المدخولة بائنا أو رجعيا وانقضت عدتها، فلا تصح إرادتها بالأول ولا بالثاني كما يعلم مما نقلناه قريبا عن البزازية. بقي، ما إذا كانت إحداهما مدخولا بها فقط وهي في نكاحه، فإن أرادها بالطلاقين صح، وإن أراد غير المدخول بها لا يصدق في الثاني لأنها لم تبق امرأته، بل الثانية امرأته فيقع عليها الثاني كما هو ظاهر. قوله: (ولم يسم) أما لو سماها باسمها فكذلك بالأولى، ويقع على التي عناها أيضا لو
321 كانت زوجته. قال في البزازية: ولو قال فلانة بنت فلان طالق ثم قالت أردت امرأة أخرى أجنبية بذلك الاسم والنسب لا يصدق ويقع على امرأته، بخلاف ما إذا أقر بمال لمسمى فادعى رجل أنه هو وأنكر يصدق بالحلف ما له على هذا المال لا ما هو فلان، وكذا لو قال زينب طالق وهو اسم امرأته ثم قال أردت به غير امرأتي لا يصدق ويقع عليهما إن كانتا زوجة له، وكذا لو نسبها إلى أمها أو أختها أو ولدها وهي كذلك، ولو حلف إن خرج من المصر فامرأته عائشة كذا واسمها فاطمة لا تطلق إذا خرج اه. قوله: (استحسانا) كذا في البحر عن الظهيرية، ومثله في الخانية ومقتضاه أن القياس خلافه تأمل قوله: (كلتاهما معروفة) احتراز عما لو كانت إحداهما معروفة فقط وهو المسألة التي قبلها، وأما المجهولتان فكالمعروفتين، ثم هذه المسألة كما قال ح مكررة مع قوله: ولو قال امرأتي طالق وله امرأتان أو ثلاث. قوله: (ولم يحك خلافا) رد على صاحب الدرر كما مر تقريره. قوله: (كرر لفظ الطلاق) بأن قال للمدخولة: أنت طالق أنت طالق أو قد طلقتك قد طلقتك أو أنت طالق قد طلقتك أو أنت طالق وأنت طالق، وإذا قال: أنت طالق ثم قيل له ما قلت؟ فقال: قد طلقتها أو قلت هي طالق فهي طالق واحدة لأنه جواب، كذا في كافي الحاكم. قوله: (وإن نوى التأكيد دين) أي ووقع الكل قضاء، وكذا إذا طلق أشباه: أي بأن لم ينو استئنافا ولا تأكيدا، لان الأصل عدم التأكيد. قوله: (وإلا لا) أي بأن قصد النداء أو أطلق فلا يقع على المعتمد أشباه في العاشر من مباحث النية، وذكر قبله في التاسع أنه فرق المحبوبي في التلقيح بين الطلاق فلا يقع بين العتق فيقع، وهو خلاف المشهور اه. قلت: وفي عبارة الأشباه قلت: لان المحبوبي فرق بأن الحر اسم صالح للتسمية وهو اسم لبعض الناس، بخلاف طالق أو مطلقة فالنداء به يقع على إثبات المعنى فتطلق، بخلاف الحر، ويوافقه ما في الخلاصة: أشهد أن اسم عبده حر ثم دعاه يا حر لا يعتق، ولو سمى امرأته طالقا ثم دعاها يا طالق تطلق. قوله: (قال لامرأته هذه الكلبة طالق طلقت الخ) لما قالوا: من أنه لا تعتبر الصفة والتسمية مع الإشارة، كما لو كان له امرأة بصيرة فقال امرأته هذه العمياء طالق وأشار إلى البصيرة تطلق، ولو رأى شخصا ظن أنه امرأته عمرة فقال يا عمرة أنت طالق ولم يشر إلى شخصها فإذا الشخص غير امرأته تطلق، لان المعتبر عند عدم الإشارة الاسم وقد وجد كما في الخانية، وقدمنا بسط الكلام على مسألة الإشارة والتسمية في باب الإمامة. قوله: (وعنى الاخبار كذبا الخ) قدمنا الكلام عليه في أول الاطلاق. قوله: (على ذلك) أي على أنه يخبر كذبا. قوله: (وكذا المظلوم إذا أشهد الخ) أقول: التقييد بالاشهاد إذا كان مظلوما غير لازم، ففي الأشباه: وأما نية تخصيص العام في اليمين فمقبولة ديانة اتفاقا وقضاء عند الخصاف، والفتوى على قوله: إن كان الحالف
322 مظلوما، كذلك اختلفوا هل الاعتبار لنية الحالف أو المستحلف؟ والفتوى على نية الحالف إن كان مظلوما لا إن كان ظالما، كما في الولوالجية والخلاصة اه. قلت:. وفي حواشيه عن مآل الفتاوى: التحليف بغير الله تعالى ظلم، والنية نية الحالف وإن كان المستحلف محقا. قوله: (أنه يحلف) متعلق بأشهد ح. قوله: (قال فلانة) أي زينب مثلا، وقوله: واسمها كذلك: أي زينب وضمير غيره عائد إليه. أفاده ح: قوله: (وعلى هذا الخ) أي لان المعتبر الاسم عند عدم الإشارة كما ذكرناه آنفا، وهذا الفرع منقول ذكرناه قريبا عن البزازية، فافهم. قوله: (وينبغي الجزم بوقوعه قضاء وديانة) ولا شبهة في كونه رجعيا لا بائنا لاتفاق المذاهب كلها على وقوع الرجعي بأنت طالق، وتمامه في الخيرية، وكذا أنت طالق على مذهب اليهود والنصارى كما أفتى به الخير الرملي أيضا، وكذا أنت طالق لا يردك قاض ولا عالم، أو أنت تحلي للخنازير وتحرمي علي فيقع بالكل طلقة رجعية كما قدمناه قبل هذا الباب. قوله: (في قول الفقهاء الخ) وكذا في قول القضاة أو المسلمين أو القرآن فتطلق قضاء ولا تطلق ديانة إلا بالنية. خانية. لكن في الفتح أول الطلاق: ولو قال طالق في كتاب الله أو بكتاب الله أو معه، فإن نوى طلاق السنة وقع في أوقاتها، وإلا وقع في الحال، لان الكتاب يدل على الوقوع للسنة والبدعة فيحتاج إلى النية، ولو قال: علي الكتاب أو به أو على قول القضاة أو الفقهاء أو طلاق القضاة أو الفقهاء فإن نوى السنة دين، وفي القضاء يقع في الحال، لان قول القضاة والفقهاء يقتضي الامرين، فإذا خصص دين ولا يسمع في القضاة لأنه غير ظاهر اه. فتأمل. قوله: (قال نساء الدنيا الخ) في الأشباه علل عتق الخانية: رجل قال: عبيد أهل بغداد أحرار ولينو عبده وهو من أهلها، أو قال كل عبيد أهل بغداد أو كل عبد في الأرض أو في الدنيا، قال أبو يوسف: لا يعتق عبده، وقال محمد: يعتق، وعلى هذا الخلاف الطلاق والفتوى على قول أبي يوسف. ولو قال: كل عبد في هذه السكة أو في المسجد الجامع حر فهو على هذا الخلاف، ولو قال: كل عبد في هذه الدار وعبيده فيها عتقوا في قولهم، لا لو قال ولد آدم كلهم أحرار في قولهم اه. وهو صريح في جريان الخلاف في المحلة كالبلدة لأنها بمعنى السكة، لكن ذكر في الذخيرة أولا الخلاف في: نساء أهل بغداد طالق، فعند أبي يوسف ورواية عن محمد لا تطلق إلا أن ينويها، لان هذا أمر عام. وعن محمد أيضا تطلق بلا نية. ثم نقل عن فتاوى سمرقند أن في القرية اختلاف المشايخ، منهم من ألحقها بالبيت والسكة، ومنهم من ألحقها بالمصر اه. ومقتضاه عدم الخلاف في السكة، ثم علل عدم الوقوع في المصر وأهل الدنيا، بأنه لو
323 وقع به لكان إنشاء في حقه فيكون إنشاء أيضا في حقهم وهو متوقف على إجازتهم وهي متعذرة. قوله: (فقال فعلت) أي طلقت بقرينة الطلب. قوله: (فواحدة إن لمك ينو الثلاث) أي بأن نوى الواحدة أو لم ينو شيئا لأنه بدون العطف يحتمل تكرير الأول ويحتمل الابتداء فأي ذلك نوى الزوج صحت نيته، كذا في عيون المسائل. وفي المنتقى أنه تقع الثلاث ولم يشترط نية الزوج. ذخيرة. قوله: (ولو عطفت بالواو فثلاث) لأنه قرينة التكرار فيطابقه الجواب. وفي الخانية: قالت له طلقني ثلاثا فقال فعلت، أو قال طلقت وقعن، ولو قال مجيبا لها: أنت طالق أو فأنت طالق تقع واحدة اه. أي وإن نوى الثلاث. والفرق أن طلقني أمر بالتطليق، وقوله: طلقت تطليق فصح جوابا، والجواب يتضمن إعادة ما في السؤال، بخلاف أنت طالق فإنه إخبار عن صفة قائمة بالمحل، وإنما يثبت التطليق اقتضاء تصحيحا للوصف والثابت اقتضاء ضروري فيثبت التطليق في حق صحة هذا الوصف لا في حق كونه جوابا، فبقي أنت طالق كلاما مبتدأ وأنه لا يحتمل الثلاث. أفاده في الذخيرة. قوله: (اعتبارا بالانشاء) لأنه يملك إنشاء الطلاق عليها فيملك الإجازة التي هي أضعف بالأولى. (شرح تلخيص الجامع) للفارسي. قوله: (إذا نوى) صوابه إذا نويا بضمير المثنى كما هو في تلخيص الجامع. قال الفارسي في شرحه: وكذا لو قالت المرأة أبنت نفسي فقال الزوج أجزت لما قلنا، لكن بشرط نية الزوج والمرأة الطلاق، وتصح هنا نية الثلاث. أما اشتراط نية الزوج فلان لفظ البينونة من كنايات الطلاق، وأما نية المرأة فلم يذكر محمد في الكتاب وقالوا: يجب أن يشترط حتى يقع التصرف تطليقا فيتوقف على الإجازة، وأما بدون نيتها يقع إخبارا عن بينونة الشخص أو بينونة شئ آخر، كما لو كان من جانب الزوج فلا يحتمل الإجازة فلا يتوقف، وأما صحة نية الثلاث فلما عرف من احتمال لفظ هذه الكناية الثلاث اه. قوله: (بخلاف الأول) لان قوله أجزت بمنزلة قوله: طلقت، فلا يحتاج إلى نية ولا تصح في نية الثلاث ح. قوله: (وفي اخترت لا يقع الخ) أي لو قالت المرأة اخترت نفسي منك فقال الزوج أجزت ونوى الطلاق لا يقع شئ، لان قولها اخترت لم يوضع للطلاق لا صريحا ولا كناية، ولهذا لو أنشأ بنفسه فقال لها اخترتك أو اخترت نفسك ونوى الطلاق لم يقع شئ، لأنه نوى ما لا يحتمله لفظه ولا عرف في إيقاع الطلاق به إلا إذا وقع جوابا لتخيير الزوج إياها في الطلاق. شرح التلخيص. قوله: (من كانت امرأته عليه حرام) كذا في بعض النسخ برفع حرام والصواب ما في أكثر النسخ من النصب لأنه خبر كان. قوله: (فهو إقرار منه بحرمتها) عبارة البزازية: قال في المحيط: فهذا إقرار منه بحرمتها عليه في الحكم اه. وأفاد قوله في الحكم: أي في القضاء أنها لا تحرم ديانة إذا لم يكن حرمها من قبل، كما لو أخبر بطلاقها كاذبا. لا يقال: إن هذه تصلح لغزا لأنه وقع الطلاق بلا لفظ أصلا لا صريح ولا كناية وبلا ردة
324 وإباء، لأنا نقول: هذا إقرار عن تحريم منه سابق لا إنشاء طلاق في الحال بغير لفظ، نعم يقال هذا إقرار بغير لفظ بل بالفعل، وقد صرحوا بأن الاقرار قد يكون بالإشارة وقد يكون بلا لفظ ولا فعل كالسكوت في بعض المواضع، فافهم. قوله: (وقيل لا) بناء على أن هذا الفعل لا يكون إقرارا فافهم. قوله: (وسئل الخ) تأييد لما قبله، وبيان لعدم الفرق بين الفعل من واحد أو أكثر وبين التحريم المفيد البائن والتطليق المفيد الرجعي. قوله: (طلقن) أي طلق نساء كل من المصفقين بناء على أن هذا التصفيق إقرار. قوله: (ثم تكلم الحالف) سكت عما إذا تكلم غيره، والظاهر أنه لا يقع لان تعليق المتكلم لا يسري حكمه إلى غيره، إلا إذا قال الغير: وأنا كذلك مثلا، وأما الفرعان السابقان فجعلا من الاقرار لا الانشاء، والتعليق إنشاء ط. قلت: يؤيده ما في أيمان البزازية: جماعة كان يصفع بعضهم بعضا فقال واحد منهم من صفع صاحبه بعده فامرأته طالق فقال واحد هلا ثم صفع القائل صاحبه لا يقع، لان هلا ليس بيمين اه. وهلا كلمة فارسية. قوله: (والحالف لا يخرج نفسه عن اليمين) أشار بهذا إلى أن دخول الحالف هنا في عموم كلامه لقرينة إن قلنا إن المتكلم لا يدخل في عموم كلامه. وفي التحرير أن دخوله قول الجمهور، والله تعالى أعلم. باب الكنايات لما فرغ من أحكام الصريح الذي هو الأصل في الكلام لما أنه موضوع للأفهام والصريح أدخل فيه شرع في الكنايات وهو مصدر كنا يكنو: إذا ستر. نهر. قوله: (كنايته عند الفقهاء) أي كناية الطلاق المرادة في هذا المحل، وإلا فمعناها عندهم مطلقا كالاصوليين: ما استتر المراد منه في نفسه. قال في النهر: وخرج بالأخير ما استتر المراد في الصريح بواسطة نحو غرابة اللفظ، أو انكشف المراد في الكناية بواسطة التفسير، والصريح والكناية من أقسام الحقيقة والمجاز، فالحقيقة التي لم تهجر صريح، والمهجورة التي غلب معناها المجاز كناية، والمجاز الغالب الاستعمال صريح وغير الغالب كناية اه ح. قوله: (ما لم يوضع له الخ) أي بل وضع لما هو أعم منه ومن حكمه، لان ما سوى الثلاث الرجعية الآتية لم يرد به الطلاق أصلا، بل هو حكمه من البينونة من النكاح، وعليه ففي قوله: واحتمله تساهل، والمراد احتمله متعلقا لمعناه، أفاده في الفتح، وأشار به إلى عدم حصرها، ولذلك قال في شرح الملتقى: ثم ألفاظ الكناية كثيرة ترتقي إلى أكثر من خمسة وخمسين لفظا على ما في النظم والنتف وزيد وغيرها فتنبه اه. ومنها: عديت عنها فيقع به البائن بالنية كما أفتى به الشيخ إسماعيل الحائك. قلت ومنها أنت خالصة المستعمل في زماننا فإنه في معنى
325 خلية وبرية. تأمل. وفي البزازية: قال لآخر: إن كنت تضربني لأجل فلانة التي تزوجتها فإني تركتها فخذها ونوى الطلاق تقع واحدة بائنة. تنبيه: أفتى بعض المتأخرين بأن منها: علي يمين لا أفعل كذا ناويا الطلاق، فتقع به واحدة بائنة لقولهم: الكناية ما احتمل الطلاق وغيره، ورده عصريه السيد محمد أبو السعود في حاشية مسكين بأنه لا يلزمه إلا كفارة يمين، لان ما ذكروه في تعريف الكناية ليس على إطلاقه، بل هو مقيد بلفظ يصح خطابها به ويصلح لانشاء الطلاق الذي أضمره أو للاخبار بأنه أوقعه كأنت حرام، إذ يحتمل لأني طلقتك أو حرام الصحبة، وكذا بقية الألفاظ، وليس لفظ اليمين كذلك إذ لا يصح بأن يخاطبها بأنت يمين فضلا عن إرادة إنشاء الطلاق به أو الاخبار بأنه أوقعه، حتى لو قال أنت يمين لأني طلقتك لا يصح، فليس كل ما احتمل الطلاق من كنايته، بل بهذين القيدين ولا بد من ثالث هو كون اللفظ مسببا عن الطلاق وناشئا عنه كالحرمة في أنت حرام، ونقل في البحر عدم الوقوع، بلا أحبك لا أشتهيك لا رغبة لي فيك وإن نوى ووجهه أن معاني هذه الألفاظ ليست ناشئة عن الطلاق، لان الغالب الندم بعده فتنشأ المحبة والإشتهاد والرغبة، بخلاف الحرمة، فإذا لم يقع بهذه الألفاظ مع احتمال أن يكون المراد لأني طلقتك، ففي لفظ اليمين بالأولى، ولأنهم قسموا الكناية ثلاثة أقسام كما يأتي: ما يصلح جوابا لسؤال الطلاق لا غير كاعتدي، وما يصلح جوابا وردا لسؤالها كإخرجي، وما يصلح جوابا وسبا كخلية. ولا شك أن هذا اللفظ غير صالح لشئ من الثلاثة، لأنها إذا سألته الطلاق لا يصلح جوابها بقوله علي يمين لأفعلن كذا، لا الجواب يكون بما يدل على إنشاء الطلاق إجابة لسؤالها كاعتدي، أو على عدمه ردا لطلبها كإخرجي، أو سبا لها كخلية، وعلي يمين لا يدل على إنشاء الطلاق اه ملخصا مع زيادة، ثم قال: وبه ظهر أن ما نقل عن فتاوى الطوري إذا قال أيمان المسلمين تلزمني تطلق امرأته خطأ فاحش، وسمعت كثيرا من شيخنا أن فتاوى الطوري كفتاوى ابن نجيم لا يوثق بها إلا إذا تأيدت بنقل آخر اه. واعترضه ط بأن علي يمين يحتمل الطلاق وغيره لأنه يكون به وبالله تعالى، فحيث نوى الطلاق عملت نيته وكأنه قال علي الطلاق لا أفعل كذا، وتقدم أن علي الطلاق من التعليق المعنوي. وما في فتاوى الطوري من تخصيصه بالطلاق للعرف كحلال المسلمين علي حرام اه. أقول: والحاصل أن علي يمين ليس كناية لما مر، وليس صريحا أيضا لأنه ما لا يستعمل إلا في الطلاق وهذا ليس كذلك، وهو ظاهر، لكن لفظ اليمين جنس من إفراده الحلف بالطلاق، فإذا عينه صار كأنه قال علي حلف بالطلاق لا أفعل كذا، وهو لو صرح بهذا المنوي صار حالفا به، والأعم إذا أريد به الأخص ثبت به حكم ذلك الأخص، والأخص هنا طلاق صريح فتقع به واحدة رجعية لا بائنة. وفي أيمان البزازية من الفصل الثاني قال لي: حلف أو قال لي حلف بالطلاق أن لا أفعل كذا ثم فعل طلقت وحنث وإن كان كاذبا، وقدمنا في أول فصل الصريح عن جامع الفصولين: إن فعلت كذا تجري كلمة الشرع بيني وبينك ينبغي أن يصح اليمين علي الطلاق لأنه متعارف بينهم فيه، وقدمنا
326 هناك أيضا عن الذخيرة: لو قال لها ألف نون تاء طاء ألف لام قاف إن نوى الطلاق تطلق، لأن هذه الحروف يفهم منها ما هو المفهوم من الصريح إلا أنها لا تستعمل كذلك فصارت كالكناية في الافتقار إلى النية، فهذا يدل على أنه لو أراد باليمين الطلاق يصح، ويقع به رجعية إذا حنث. وأما أيمان المسلمين فإنه جمع يمين، والإضافة إلى المسلمين قرينة على أنه أراد جميع أنواع الايمان التي يحلف بها المسلمون كاليمين بالله تعالى والطلاق والعتاق المعلقين، وسيأتي لهذا زيادة بيان في كتاب الايمان إن شاء الله تعالى. قوله: (قضاء) قيد به لأنه يقع ديانة بدون النية، ولو وجدت دلالة الحال فوقوعه بواحد من النية أو دلالة الحال إنما هو في القضاء فقط كما هو صريح البحر وغيره. قوله: (أو دلالة الحال) المراد بها الحالة الظاهرة المفيدة لمقصوده ومنها تقدم ذكر الطلاق. بحر عن المحيط، ومقتضى إطلاقه هنا كالكنز أن الكنايات كلها يقع بها الطلاق بدلالة الحال. قال في البحر: وقد تبع في ذلك القدوري والسرخسي في المبسوط، وخالفهما فخر الاسلام وغيره من المشايخ فقالوا: بعضها لا يقع بها إلا بالنية اه. وأراد بهذا البعض ما يحتمل الرد كإخرجي واذهبي وقومي، لكن المصنف وافق المشايخ في التفصيل الآتي، فبقي الاعتراض على عبارة الكنز. وأجاب عنه في النهر بما ذكره ابن كمال باشا في إيضاح الاصلاح بأن صلاحية هذه الصور للرد كانت معارضة لحال مذاكرة الطلاق فلم يبق الرد دليلا، فكانت الصورة المذكورة خالية عن دلالة الحال ولذلك توقف فيها على النية اه. قوله: (وهي حالة مذاكرة الطلاق) أشار به إلى ما في النهر من أن دلالة الحال تعم دلالة المقال. قال: وعلى هذا فتفسر المذاكرة بسؤال الطلاق أو تقديم الايقاع كما في اعتدي ثلاثا. وقال قبله: المذاكرة أن تسأله هي أو أجنبي الطلاق. قوله: (أو الغضب) ظاهره أنه معطوف على مذاكرة فيكون من دلالة الحال. قوله: (فالحالات ثلاث) لما كان الغضب يقابله الرضا فهو مفهوم منه صح التفريع. وفي الفتح: واعلم أن حقيقة التقسيم في الأحوال قسمان: حالة الرضا، وحالة الغضب. وأما حالة المذاكرة فتصدق مع كل منهما، بل لا يتصور سؤالها الطلاق إلا في إحدى الحالتين لأنهما ضدان لا واسطة بينهما. قال في البحر بعد نقله: وبه علم أن الأحوال ثلاثة: حالة مطلقة عن قيدي الغضب والمذاكرة، وحالة المذاكرة، وحالة الغضب اه. وفي النهر: وعندي أن الأولى هو الاقتصار على حالة الغضب والمذاكرة، إذ الكلام في الأحوال التي تؤثر فيها الدلالة مطلقا. ثم رأيته في البدائع بعد أن قسم الأحوال ثلاثة قال: ففي حالة الرضا يدين في القضاء وإن كان في حالة مذاكرة الطلاق أو الغضب، فقد قالوا: إن الكنايات أقسام ثلاثة الخ. وهذا هو التحقيق اه. قوله: (والكنايات ثلاث الخ) حاصله أنها كلها تصلح للجواب: أي إجابته لها في سؤالها الطلاق منه، لكن منها قسم يحتمل الرد أيضا: أي عدم إجابة سؤالها، كأنه قال لها لا تطلبي الطلاق فإني لا أفعله، وقسم يحتمل السب والشتم لها دون الرد، وقسم لا يحتمل الرد ولا السب بل يتمحض للجواب كما يعلم من القهستاني وابن الكمال، ولذا عبر بلفظ يحتمل. وفي أبي السعود عن الحموي أن الاحتمال إنما يكون بين شيئين يصدق بهما اللفظ الواحد
327 معا، ومن ثم لا يقال يحتمل كذا أو كذا كما نبه عليه العصام في شرح التلخيص من بحث المسند إليه. قوله: (فنحو أخرجي واذهبي وقومي) أي من هذا المكان لينقطع الشر فيكون ردا، أو لأنه طلقها فيكون جوابا. رحمتي. ولو قال: فبيعي الثوب لا يقع، وإن نوى عند أبي يوسف لان معناه عرفا لأجل البيع، فكان صريحه خلاف المنوي، ووافقه زفر. نهر. ولو قال: اذهبي فتزوجي بالفاء أو الواو فسيأتي الكلام عليه في الفروع. قوله: (تقنعي تخمري استتري) أمر بأخذ القناع: أي الخمار على الوجه، ومثله تخمري وأمر بالاستتار. قال في البحر: أي لأنك بنت وحرمت علي بالطلاق أو لئلا ينظر إليك أجنبي اه. فهو على الأول جواب، وعلى الثاني رد. وفي البحر عن شرح قاضيخان: لو قال استتري مني خرج عن كونه كناية اه. وهل المراد عدم الوقوع به أصلا أو أنه يقع بلا نية؟ والظاهر الثاني، وعليه فهل الواقع بائن أو رجعي. والظاهر البائن، لكون قوله: مني قرينة لفظية على إرادة الطلاق بمنزلة المذاكرة. تأمل. قوله: (انتقلي انطلقي) مثل أخرجي، وقد تقدم ح. قوله: (من الغربة) بالغين المعجمة والراء راجع للأول، وقوله: أو من العزوبة بالمهملة والزاي راجع للثاني، من عزب عني فلان يعزب: أي فمعناه أيضا تباعدي ح بزيادة، ففيه ما في أخرجي أيضا من الاحتمالين. قوله: (يحتمل ردا) أي ويصلح جوابا أيضا ولا يصلح سبا ولا شتما ح. قوله: (خلية) بفتح الخاء المعجمة فعيلة بمعنى فاعلة: أي خالية إما عن النكاح أو عن الخير ح: أي فهو على الأول جواب، وعلى الثاني سب وشتم، ومثله ما يأتي. قوله: (برية) بالهمزة وتركه، أي منفصلة إما عن قيد النكاح أو حسن الخلق ح. قوله: (حرام) من حرم الشئ بالضم حراما امتنع، أريد بها هنا الوصف، معناه الممنوع فيحمل على ما سبق، وسيأتي وقوع البائن به بلا نية في زماننا للتعارف، لا فرق في ذلك بين محرمة وحرمتك، سواء قال علي أو لا، أو حلال المسلمين علي حرام، وكل حل علي حرام، وأنت معي في الحرام، وفي قوله حرمت نفسي لا بد أن يقول عليك، وأورد أنه إذا وقع الطلاق بهذه الألفاظ بلا نية ينبغي أن يكون كالصريح في أعقابه الرجعية. وأجيب بأن المتعارف إنما هو إيقاع البائن لا الرجعي، حتى لو قال لم أنو لم يصدق، ولو قال مرتين ونوى بالأولى واحدة وبالثانية ثلاثا صحت نيته عند الامام، وعليه الفتوى كما في البزازية. ح عن النهر. قلت: لكن عبارة البزازية: قال لامرأتيه أنتما علي حرام، ونوى الثلاث في إحداهما والواحدة في الأخرى صحت نيته عند الامام، وعليه الفتوى. ثم اعلم أن ما ذكره من الايراد والجواب مذكور في البزازية أيضا، ومقتضى الجواب وقوع الرجعي به في زماننا، لأنه لم يتعارف إيقاع البائن به، فإن العامي الجاهل الذي يحلف بقوله علي الحرام لا أفعل كذا لا يميز بين البائن والرجعي، فضلا عن أن يكون عرفه إيقاع البائن به، وإنما المعروف عنده أن من حنث بهذا اليمين يقع عليه الطلاق مثل قوله: علي الطلاق لا أفعل كذا، وقد مر أن الوقوع بقوله: علي الطلاق إنما هو للعرف لأنه في حكم التعليق، وكذا علي الحرام، وإلا فالأصل عدم الوقوع أصلا كما في طلاقك علي كما تقدم تقريره، فحيث كان الوقوع بهذين اللفظين للعرف ينبغي أن يقع بهما المتعارف بلا فرق بينهما، وإن الحرام في الأصل كناية يقع بها البائن، لأنه
328 لما غلب استعماله في الطلاق لم يبق كناية، ولذا لم يتوقف على النية أو دلالة الحال، ولا شئ من الكناية يقع به الطلاق بلا نية أو دلالة الحال كمصرح به في البدائع. ويدل على ذلك ما ذكره الرازي عقب قوله في الجواب المار إن المتعارف به إيقاع البائن لا الرجعي، حيث قال ما نصه: بخلاف فارسية قوله سرحتك وهو رهاء كردم لأنه صار صريحا في العرف على ما صرح به نجم الزاهدي الخوارزمي في شرح القدوري اه. وقد صرح البزازي أولا بأن: حلال الله علي حرام بالعربية أو الفارسية لا يحتاج إلى نية، حيث قال: ولو قال حلال أيزدبروي أو حلال الله عليه حرام لا حاجة إلى النية، وهو الصحيح المفتى به للعرف وأنه يقع به البائن لأنه المتعارف ثم فرق بينه وبين سرحتك، فإن سرحتك كناية لكنه في عرف الفرس غلب استعماله في الصريح، فإذا قال رها كردم أي سرحتك يقع به الرجعي مع أن أصله كناية أيضا، وما ذاك إلا لأنه غلب في عرف الناس استعماله في الطلاق، وقد مر أن الصريح ما لم يستعمل إلا في الطلاق من أي لغة كانت، لكن لما غلب استعمال حلال الله في البائن عند العرب والفرس وقع به البائن لولا ذلك لوقع به الرجعي. والحاصل أن المتأخرين خالفوا المتقدمين في وقوع البائن بالحرام بلا نية حتى لا يصدق إذا قال: لم أنو لأجل العرف الحادث في زمان المتأخرين، فيتوقف الآن وقوع البائن به على وجود العرف كما في زمانهم. وأما إذا تعورف استعماله في مجرد الطلاق لا بقيد كونه بائنا يتعين وقوع الرجعي به كما في فارسية سرحتك، ومثله ما قدمناه في أول باب الصريح من وقوع الرجعي بقوله: سن بوش أو بوش أو في لغة الترك مع أن معناه العربي أنت خلية، وهو كناية، لكنه غلب في لغة الترك استعماله في الطلاق، هذا ما ظهر لفهمي القاصر، ولم أر أحدا ذكره وهي مسألة مهمة كثيرة الوقوع، فتأمل. ثم ظهر لي بعد مدة ما عسى يصلح جوابا، وهو أن لفظ حرام معناه عدم حل لوطئ ودواعيه، وذلك يكون بالايلاء مع بقاء العقد وهو غير متعارف، ويكون بالطلاق الرافع للعقد، وهو قسمان: بائن، ورجعي، لكن الرجعي لا يحرم الوطئ فتعين البائن، وكونه التحق بالصريح للعرف لا ينافي وقوع البائن به، فإن الصريح قد يقع به البائن كتطليقة شديدة ونحوه، كما أن بعض الكنايات قد يقع به الرجعي، مثل اعتدي واستبرئي رحمك وأنت واحدة. والحاصل أنه لما تعورف به الطلاق صار منعها تحريم الزوجة، وتحريمها لا يكون إلا بالبائن، هذا غاية ما ظهر لي في هذا المقام، وعليه فلا حاجة إلى ما أجاب به في البزازية من أن المتعارف به إيقاع البائن، لما علمت مما يرد عليه، والله سبحانه أعلم. قوله: (بائن) من بان الشئ: انفصل: أي منفصلة من وصلة النكاح أو عن الخير ح. قوله: (كبتة) من البت بمعنى القطع، فيحتمل ما احتمله البائن، وأوجب سيبويه فيه الألف واللام، وأجاز الفراء إسقاطهما، أو بتلة من البتل وهو الانقطاع، وبه سميت مريم لانقطاعها عن الرجال، وفاطمة الزهراء لانقطاعها عن نساء زمانها فضلا ودينا وحسبا، وقيل عن الدنيا إلى ربها، وفيه من الاحتمال ما مر. ح من النهر. قوله: (يصلح سبا) أي ويصلح جوابا أيضا ولا يصلح ردا ح. ومثله في النهر وابن الكمال والبدائع، خلافا لما يظهر من البحر من أنه يصلح للرد أيضا. قوله: (اعتدي) أمر بالاعتداد الذي هو من العدة أو من العد: أي اعتدي نعمي عليك. بدائع. قوله: (واستبرئي) أمر بتعرف براءة الرحم وهي طهارتها من الماء، وأنه كناية عن الاعتداد الذي هو من
329 العدة. ويحتمل استبرئي لطلقك. بدائع. قوله: (أنت واحدة أي طالق تطليقة واحدة. ويحتمل أنت واحدة عندي أو في قومك مدحا أو ذما، فإذا نوى الأول فكأنه قاله. مطلب لا اعتبار بالاعراب هنا ولا اعتبار بإعراب الواحدة عند عامة المشايخ، وهو الأصح، لان العوام لا يميزون بين وجوهه والخواص لا يلتزمونه في مخاطبتهم، بل تلك صناعتهم والعرف لغتهم، ولذا ترى أهل العلم في مجاري كلامهم لا يلتزمونه، على أن الرفع لا ينافي الوقوع لاحتمال أن يريد أنت طلقة واحدة، فجعلها نفس الطلقة مبالغة كرجل عدل، لكن قد اعتبروا الاعراب في الاقرار فيما لو قال له علي درهم غير دانق رفعا ونصبا فيطلب الفرق، وكأنه عملا بالاحتياط في البابين، فتدبره. وتمامه في قوله: (النهر). قوله: (أنت حرة) أي لبراءتك من الرق أو من رق النكاح، وأعتقتك مثل أنت حرة كما في الفتح، وكذا كوني حرة أو اعتقي كما في البدائع. نهر. قوله: (اختاري أمرك بيدك) كنايتان عن تفويض الطلاق: أي اختاري نفسك بالفراق أو في عمل، أو أمرك بيدك في الطلاق أو في تصرف آخر. وفي النهر عن الحواشي السعدية: وهذا لا يناسب ذكره في هذا المقام، ولقد وقع بسبب ذلك خطأ عظيم من بعض المفتين، فزعم أنه يقع به الطلاق وأفتى به وحرم حلالا، ونعوذ بالله من ذلك اه. وقد نبه عليه الشارح عنه قوله: خلا اختاري ح. أي حيث ذكر أنه لا يقع بهما الطلاق ما لم تطلق المرأة نفسها: أي مع نية الزوج تفويض الطلاق لها أو دلالة الحال من غضب أو مذاكرة، كما يأتي في الباب الآتي ويعلم مما هنا. قوله: (سرحتك) من السراح بفتح السين: وهو الارسال: أي أرسلتك لأني طلقتك أو لحاجة لي، وكذا فارقتك لأني طلقتك أو في هذا المنزل. نهر. قوله: (لا يحتمل السب والرد) أي بل معناه الجواب فقط ح: أي جواب طلب الطلاق: أي التطليق. فتح. قوله: (تأثيرا) تمييز محول عن الفاعل: أي يتوقف تأثير الأقسام الثلاثة على نية ط. قوله: (للاحتمال) لما ذكرنا من أن كل واحدة من الألفاظ يحتمل الطلاق وغيره والحال لا تدل على أحدهما فيسأل عن نيته ويصدق في ذلك قضاء. بدائع. قال ط. فإن قلت: إن ما يصلح جوابا ينبغي الوقوع به وإن لم تكن نية. قلت: ليس المراد بكونه جوابا أنه جواب لتحصيل الطلاق، بل هو جواب لكلامها بغير السؤال، أما إذا تكلمت بسؤال الطلاق فقد حصلت المذاكرة، وفيها لا يتوقف على النية إلا الأول كما يأتي اه. قلت: لكنه مخالف لما ذكرناه آنفا عن الفتح من تفسيره المحتمل للجواب بأنه جواب طلب الطلاق: أي التطليق، فالأولى الجواب عن الايراد بأن يقال: إن نحو اعتدى يتمحض للتطليق إجابة لسؤالها: أنه إن كانت هناك سؤال الطلاق تمحض للتطليق، ولا يلزم وجود سؤال الطلاق في جميع الحالات، لأنه قد تكون الحالة حالة رضا فقط أو حالة غضب فقط بدون سؤال الطلاق، ومع ذلك لا يخرج نحو اعتدي عن كونه متمحضا للجواب، بمعنى أنه لو كان سؤال لتمحض جوابا له، ولذا يقع بلا توقف على نية في حالة الغضب المجردة عن السؤال. تأمل. قوله: (بيمينه) فاليمين لازمة
330 له سواء ادعت الطلاق أم لاحقا لله تعالى. ط عن البحر. قوله: (فإن نكل) أي عند القاضي، لا النكول عند غيره لا يعتبر ط. قوله: (توقف الأولان) أي ما يصلح ردا وجوابا، وما يصلح سبا وجوابا ولا يتوقف ما يتعين للجواب. بيان ذلك أن حالة الغضب تصلح للرد والتبعيد وللسب والشتم كما تصلح للطلاق، وألفاظ الأولين يحتملان ذلك أيضا، فصار الحال في نفسه محتملا للطلاق وغيره، فإذا عنى به غيره فقد نوى ما يحتمله كلامه ولا يكذبه الظاهر فيصدق في القضاء، بخلاف ألفاظ الأخير: أي ما يتعين للجواب، لأنها وإن احتملت الطلاق وغيره أيضا لكنها لما زال عنها احتمال الرد والتبعيد والسب والشتم اللذين احتملتهما حال الغضب تعينت الحال دالة على إرادة الطلاق فترجح جانب الطلاق في كلامه ظاهرا، فلا يصدق في الصرف عن الظاهر، فلذا وقع بها قضاء بلا توقف على النية، كما في صريح الطلاق إذا نوى به الطلاق عن وثاق. قوله: (يتوقف الأول فقط) أي ما يصلح للرد والجواب، لان حالة المذاكرة تصلح للرد والتبعيد كما تصلح للطلاق دون الشتم، وألفاظ الأول كذلك، فإذا نوى بها الرد لا الطلاق فقد نوى محتمل كلامه بلا مخالفة للظاهر فتوقف الوقوع على النية، بخلاف ألفاظ الأخيرين فإنها وإن احتملت الطلاق لكنها لا تحتمل ما تحتمله المذاكرة من الرد والتبعيد، فترجح جانب الطلاق فلا يصدق في الصرف عنه، فلذا وقع بها قضاء بلا نية. والحاصل أن الأول يتوقف على النية في حالة الرضا والغضب والمذاكرة. والثاني في حالة الرضا والغضب فقط، ويقع في حالة المذاكرة بلا نية، والثالث يتوقف عليها في حالة الرضا فقط، ويقع في حالة الغضب والمذاكرة بلا نية، وقد نظمت ذلك بقولي: نحو أخرجي قومي اذهبي رد يصح خلية برية سبا صلح واستبرئي اعتدي جوابا قد حتم فالأول القصد له دوما لزم والثاني في الغضب والرضا انضبط * لا الذكر والثالث في الرضا فقط ورسمتها في شباك لزيادة الايضاح بهذه الصورة: رد وجواب بسب وجواب جواب فقط أخرجي اذهبي خلية برية اعتدي استبرئي رضا تلزم النية تلزم النية تلزم النية غضب تلزم النية تلزم النية يقع بلا نية مذاكرة تلزم النية يقع بلا نية يقع بلا نية
331 قوله: (لان مع الدلالة) اسم إن ضمير الشأن محذوف. قوله: (لأنها) أي الدلالة. قوله: بينتها) أي المرأة. قوله: (على الدلالة) أي الغضب أو المذاكرة. قوله: (لا على النية) أي لو برهنت فيما يتوقف على نية الطلاق على أنه نوى لا تقبل. قوله: (فلو السؤال بها يقع) يعني إذا قال السائل: قلت كذا هل يقع على الطلاق: يقول المفتي نعم إن نويت ح. قوله: (ولو بكم يقع) يعني لو قال السائل: قلت كذا كم يقع على يقول له المفتي يقع واحدة، ولا يتعرض لاشتراط النية: يعني لا يقول له المفتي تقع واحدة إن نويت ح. قوله: (وتقع رجعية) أي وإن نوى البائن ح. قوله: (بقوله اعتدي) لأنه من باب الاضمار: أي طلقتك فاعتدي أو اعتدي لأني طلقتك، ففي المدخول بها يثبت الطلاق وتجب العدة، وفي غيرها يثبت الطلاق عملا بنيته ولا تجب العدة، كذا في التلويح، وتمامه في النهر. قوله: (واستبرئي رحمك) قدمنا عن البدائع أنه كناية عن الاعتداد من العدة: فيقال فيه ما قلناه آنفا في اعتدي. قوله: (وأنت واحدة) لأنه إذا نوى الطلاق صار لفظ واحدة صفة لمصدر محذوف: اي طالق طلقة واحدة وصريح الطلاق يعقب الرجعة والمصدر وإن احتمل نية الثلاث، لكن التنصيص على الواحدة يمنع إرادة الثلاث. قوله: (في الأصح) كذا صححه في الهداية وغيرها، وقدمنا الكلام عليه. قوله: (فلا يرد الخ) أي إذا علمت أن الضمير في باقيها عائد إلى الألفاظ المذكورة في المتن، فلا يرد أن غيرها من ألفاظ الكنايات قد يقع به الرجعي من كل كناية كان فيها ذكر الطلاق، لكن جعلها في البحر داخلة بالأولى تحت الألفاظ الثلاثة الواقع بها الرجعي، لأن علة وقوع الرجعي بها وجود الطلاق مقتضى أو مضمرا، فما ذكر فيها الطلاق يقع بها الرجعي بالأولى. قوله: (نحو أنا برئ من طلاقك) أي يقع به الرجي إذا نوى. فتح. لكن في الجوهرة: ولو قال أنا برئ من نكاحك وقع الطلاق إذا نواه، وإن قال أنا برئ من طلاقك لا يقع شئ، لان البراءة من الشئ ترك له اه. وذكر في البزازية اختلاف التصحيح في: برئت من طلاقك، وجزم في الخانية بتصحيح عدم الوقوع به، لكن قال في الفتح: وفي الخلاصة: اختلف في برئت من طلاقك، والأوجه عندي أن يقع بائنا، لان حقيقة تبرئته منه تستلزم عجزه عن الايقاع وهو بالبينونة بانقضاء العدة أو الثلاث أو عدم الايقاع أصلا، وبذلك صار كناية، فإذا أراد الأول وقع وصرف إلى إحدى البينونتين وهي التي دون الثلاث اه. قلت: مقتضى هذا وقوع واحدة بائنة، لان الوقوع ليس بلفظ الصريح بل بلفظ برئت. تأمل. قوله: (وخليت سبيل طلاقك) وكذا خليت طلاقك أو تركت طلاقك، إن نوى وقع وإلا فلا. خانية. قوله: (بالتخفيف) أي تخفيف اللام، أما بالتشديد فهو صريح يقع به بلا نية كما مر
332 في بابه. قوله: (وأنت أطلق من امرأة فلان) فإن كان جوابا لقولها إن فلانا طلق امرأته وقع، ولا يدين لان دلالة الحال قائمة مقام النية، حتى لو لم تكن قائمة لم يقع إلا بالنية. نهر في باب الصريح عن الخلاصة، فليس من الصريح وإلا لم يتوقف على النية، وعلله في الفتح بأن أفعل التفضيل ليس صريحا، فافهم. قوله: (وهي مطلقة) أي والحال أن امرأة فلان مطلقة وإلا فلا يقع، وهذا القيد ذكره في البحر، لكن في الفتح في أول باب الصريح أنه لا فرق بين كونها مطلقة أو لا. قال: والمعنى عند عدم كونها مطلقة لأجل فلانة: يعني أن من في قوله: من امرأة فلان للتعليل. قوله: (وأنت ط ل ق) قدمنا في باب الصريح عن الذخيرة بأن هذه الحروف يفهم منها ما هو المفهوم من صريح الكلام، إلا أنها لا تستعمل كذلك، فصارت كالكناية في الافتقار إلى النية. قوله: (وغير ذلك الخ) مثل الطلاق عليك، وهبتك طلاقك، بعتك طلاقك، إذا قالت اشتريت من غير بدل خذي طلاقك، أقرضتك طلاقك، قد شاء الله طلاقك أو قضاه، أو شئت، ففي الكل يقع بالنية رجعي كما في الفتح. زاد في البحر: الطلاق لك أو عليك، أنت طال بحذف الآخر، لست لي بامرأة وما أنا لك بزوج، أعرتك طلاقك، ويصير الامر بيدها على ما في المحيط اه. ومثله طلقك الله وهو الحق، خلافا لمن قال لا تشترط له النية كما قدمه الشارح في باب الصريح، لكن قدمنا هناك تصحيح عدم اشتراط النية في خذي طلاقك فهو من الصريح. وأما ما قيل من أن الصريح أيضا في الأصح أعرتك طلاقك ووهبته لك وشئت طلاقك، فقدمنا تصحيح خلافه هناك، فافهم، وقدم الشارح هناك أن أنت طال إن بالكسر لا يتوقف على النية، وإلا توقف، وقدمنا الكلام عليه ثمة. وذكر في الفتح هناك: لو قال أنت بثلاث وقعت ثلاث إن نوى لأنه محتمل لفظه، ولو قال لم أنو لا يصدق إذا كان في حال مذاكرة الطلاق لأنه لا يحتمل الرد، وإلا صدق. قوله: (خلا اختاري) استثناء من قوله: وبباقيها بالنظر إلى قوله الآتي وثلاث إن نواه ولو أخره بعده بأن يقول: وثلاث إن نواه إلا في اختاري لكان أولى ط. قوله: (لا تصح فيه أيضا) أي كما لا تصح نية الثلاث في الألفاظ الثلاثة السابقة. قوله: (ما لم تطلق المرأة نفسها) أي مع نية الزوج الطلاق أو دلالة الحال، لان ذلك كناية إيقاع كما يأتي في الباب الآتي. قوله: (البائن) بالرفع فاعل يقع في قوله: ويقع بباقيها. قوله: (إن نواها) أي نوى الواحدة وليس الضمير للبائن، وأنثه لكونه بمعنى الطلقة، لان وقوع البائن لا يتوقف على نيته، وقوله: أو الثنتين عطف على الهاء. وحاصله أنه إذا نوى الواحدة أو الثنتين لا تقع إلا واحدة، حتى لو طلق الحرة واحدة ثم أبانها ونوى ثنتين كانت واحدة، ولو نوى الثلاث ووقعت لحصول البينونة في حقها بالثنتين وبالواحدة السابقة. بحر عن المحيط. وتقدم في باب الصريح أن ما في الجوهرة سهو، وقدمنا الكلام عليه. قوله: (لما تقرر أن الطلاق مصدر) فيه أن ألفاظ الكنايات سوى الثلاثة السابقة غير متضمنة للفظ الطلاق، لأنها كناية عما هو أعم منه ومن حكمه لأنها لم يرد بها الطلاق أصلا بل البينونة كما قدمناه أول الباب، وإلا لكان الواقع بها رجعيا كالألفاظ الثلاثة والألفاظ المصرح فيها بذكره، فالمناسب التعبير بالبينونة فإنها مصدر، والمصدر من ألفاظ الوحد ان لا يراعى فيها العدد المحض بل التوحيد،
333 وهو بالفردية الحقيقية أو الجنسية، والمثنى بمعزل عنهما لأنه عدد محض. ثم رأيت صاحب الجوهرة عبر بالبينونة كما قلنا بدل الطلاق. وبما قررناه علم أنه ليس المراد بالمصدر نفس ألفاظ الكناية حتى يعترض عليه بأن نحو سرحتك فارقتك خلية برية لا مصدر فيها، فافهم. قوله: (ولدا صح في الأمة الخ) لان الثنتين في حقها كل الجنس كالثلاث للحرة. قوله: (قال اعتدي ثلاثا) أي قاله ثلاث مرات. قوله: (وبالباقي حيضا) هذا إذا كان الخطاب مع من هي من ذوات الحيض، فلو كانت آيسة أو صغيرة فقال أردت بالأول طلاقا وبالباقي تربصا بالأشهر كان حكمه كذلك. فتح قوله: (لنيته حقيقة كلامه) وهو إرادته أمرها بالاعتداد بالحيض بعد الطلاق. قوله: (بنية الأول) أي دلالة الحال بسبب نيته الايقاع بالأول. قال في فتح القدير: فقد ظهر مما ذكر أن حالة مذاكرة الطلاق لا تقتصر على السؤال، وهو خلاف ما قدموه من أنها حال سؤالها أو سؤال أجنبي طلاقها، بل هي أعم منه ومن مجرد ابتداء الايقاع. قوله: (حتى) تفريع على ما فهم من اعتبار دلالة الحال ط. قوله: (لو نوى بالثاني فقط) أي نوى به الطلاق ولم ينو بغيره شيئا فثنتان: أي يقبه واحدة، وكذا بالثالث أخرى وإن لم ينو به لدلالة الحال بإيقاع الثاني، ولا يقع بالأول شئ لأنه لم ينو به ودلالة الحال وجدت بعده. قوله: (أربعة وعشرون) حاصلها أنه إما أن ينوي لكل طلاقا، أو بالأولى طلاقا أو حيضا لا غير، أو بالأوليين طلاقا لا غير، أو بالأولى والثالثة كذلك، أو بالثانية والثالثة طلاقا وبالأولى حيضا، ففي هذه الستة تقع الثلاث، أو بالثانية طلاقا لا غير، أو بالأولى طلاقا وبالثانية حيضا لا غير، أو بالأولى طلاقا وبالثالثة حيضا لا غير، أو بالأخريين طلاقا لا غير، أو بالأوليين حيضا لا غير، أو بالأولى والثالثة حيضا لا غير، أو بالأولى والثانية طلاقا وبالثانية حيضا، أو بالأولى والثالثة طلاقا وبالثانية حيضا، أو بالأولى والثانية حيضا وبالثالثة طلاقا، أو بالأولى والثالثة حيضا وبالثانية طلاقا، أو بالثانية حيضا لا غير. فهذه إحدى عشرة تقع فيها ثنتان، أو بكل منها حيضا أو بالثالثة طلاقا أو حيضا لا غير، أو بالثانية طلاقا وبالثالثة حيضا لا غير أو بالأخريين حيضا لا غير، أو بالأولى طلاقا وبالثانية والثالثة حيضا، وفي هذه الستة تقع واحدة، والرابعة والعشرون أن لا ينوي بكل منها شيئا فلا يقع شي، والأصل أنه إذا نوى الطلاق بواحدة ثبتت مذاكرة الطلاق: فإذا نوى بما بعدها الحيض صدق لظهور الامر بالاعتداد بالحيض عقب الطلاق، ولا يصدق في عدم نية شئ بما بعدها. وإذا لم ينو الطلاق بشئ صح وكذا كل ما قبل المنوي بها، ونية الحيض بواحدة غير مسبوقة بواحدة ينوي بها الطلاق يقع بها الطلاق وتثبت حالة المذاكرة فيجري فيها الحكم المذكور، بخلاف ما إذا كانت مسبوقة بواحدة أريد بها الطلاق حيث لا تقع بها الثانية، كذا في النهر عن الفتح ح. قلت: ولنبين هذا الفصل في بعض الصور المارة لزيادة التوضيح، فإذا نوى بالأولى حيضا لا غير وقع الثلاث، لأنه لما نوى بالأولى الحيض وقعت طلقة لأنها غير مسبوقة بإيقاع، ولما نوى بالثانية والثالثة الحيض أيضا صحت نيته. لوقوع الأولى قبلهما، وإذا نوى بالأولى طلاقا وبالثانية
334 حيضا لا غير يقع ثنتان، لان نيته الحيض بالثانية صحيحة لسبقها بإيقاع الأولى، ولما لم ينو بالثالثة شيئا وقع بها أخرى لثبوت المذاكرة بوقوع الأولى، وإذا نوى بالكل حيضا تقع واحدة وهي الأولى لعدم سبقها بإيقاع، وصحت نيته بالثانية والثالثة الحيض لسبق الايقاع بواحدة قبلهما، وعلى هذا القياس. قوله: (فواحدة ديانة) لاحتمال قصده التأكيد كأنت طالق طالق. فتح. قوله: (وثلاث قضاء) لأنه يكون ناويا بكل لفظ ثلث تطليقة، وهو مما لا يتجزئ فيتكامل فيقع الثلاث. بحر عن المحيط. قال في الفتح: والتأكيد خلاف الظاهر، وعلمت أن المرأة كالقاضي لا يحل لها أن تمكنه إذا علمت منه ما ظاهر خلاف مدعاه اه. وفي البحر عن المحيط: لو قال عنيت تطليقة تعتد بها ثلاث حيض يصدق، لأنه محتمل والظاهر لا يكذبه اه. قلت: ومثله في كافي الحاكم الشهيد. قوله: (فإن نوى واحدة) أي بأن نوى باعتدي في الصور الثلاث الامر بالعدة بالحيض دون الطلاق فيصدق لظهور الامر فيه عقب الطلاق كما مر. قوله: (وقعتا) وتكونان رجعيتين، لان اعتدي لا يقع به البائن كما علمت. قوله: (ففي الواو ثنتان) وكذا في صورة عد العطف أصلا لأنه في الصورتين يكون أمرا مستأنفا وكلاما مبتدأ، وهو في حال مذاكرة الطلاق، فيحمل على الطلاق. بحر عن المحيط. قوله: (قيل واحدة) جزم به في المحيط على أنه المذهب معللا بأن الفاء للوصل: أي فتفيد حمل الامر على الاعتداد بالحيض. قوله: (وقيل ثنتان) مشى عليه في الخانية، ووجهه حمل الامر على الطلاق للمذاكرة. قلت: والأول أوجه. تأمل. قوله: (طلقها واحدة الخ) عبارة الذخيرة وغيرها: طلقها رجعية ثم قال في العدة جعلت هذه التطليقة بائنة أو ثلاثا صح عند أبي حنيفة، وهي أحضر من عبارة المصنف وأظهر، وقيد بقوله: في العدة لأنه بعدها تصير المرأة أجنبية فلا يمكنه جعل طلاقها ثلاثا أو بائنا، ولذا قيد الشارح بقوله: بعد الدخول لأنه لو قبله لا يمكن جعلها ثلاثا لكونها بانت قبل الجعل لا إلى عدة، وبقوله: قبل الرجعة لأنه بعدها يبطل عمل الطلاق فيتعذر جعلها بائنة أو ثلاثا أيضا، وإذا جعلها بائنة في العدة فالعدة من يوم إيقاع الرجعي كما ذكره في البزازية: أي لا من يوم الجعل، وقدمنا في أول باب الصريح من البدائع أن معنى جعل الواحدة ثلاثا أنه ألحق بها اثنتين، لا أنه جعل الواحدة ثلاثا. تنبيه: ذكر الطلاق بلا عدد فقيل له بعد ما سكت كم؟ فقال ثلاثا، وقع ثلاث عندهما خلافا لمحمد، ولو لم يسأل وقال بعد ما سكت ثلاثا: إن كان سكوته لانقطاع النفس تطلق ثلاثا، لأنه مضطر له فلا يعد فاصلا، وإلا فواحدة كما في البزازية. وفي الجوهرة قال أنت طالق فقيل له بعد ما سكت كم؟ فقال ثلاث، فعنده ثلاث. وفي الخانية: ويحتمل أن هذا قول أبي حنيفة، فإن عنده إذا طلق واحدة ثم قاله جعلتها ثلاثا تصير ثلاثا اه. ومن هنا يعلم حكم ما لو قيل للمطلق قل بالثلاث فقال بالثلاث أنه يقع بالأولى، لان
335 الجعل فيه أظهر، وفي البزازية قال لها: أنت طالق واحدة فقالت هزار فقال هزار فعلى ما نوى، وإلا فلا شئ اه. وهزار بالفارسية: ألف، ولا يخالف هذا ما فهمناه لأنها لم تأمره أن يجعله ألفا وإنما تعرضت تعريضا محتملا، وفيما نحن فيه أمر بأن يصيره ثلاثا فأجاب، والجواب يتضمن ما في السؤال، كذا بخط شيخ مشايخنا السائحاني. قلت: والذي يظهر أن قولها له قل بالثلاث أمر بإلحاق العدد بأول كلامه فلا يحلق كما لو تكلم به بعد سكوته بلا طلب، نعم لو قال لها: أنت طالق فقالت طلقني بالثلاث فقال بالثلاث، فإنه لا شبهة في كونه جعلا وإنشاء لأنه جواب للطلب، والله أعلم. قوله: (فهو كما قال) أي فهي ثلاث في الأول وثنتان في الثاني كما في الخانية والبزازية، وعليه فيكون قد ألحق بالطلقة الأولى طلقتين في الأولى وطلقة في الثاني. قوله: (كما مر) أي قبيل طلاق غير المدخول بها ح، وقوله: فتذكر أشار به إلى البحث السابق هناك مع صاحب البحر في مسألة التعاليق، وقد علمت ما فيه. مطلب: الصريح يلحق الصريح والبائن قوله: (الصريح يلحق الصريح) كما لو قال لها: أنا طالق ثم قال أنت طالق أو طلقها على مال وقع الثاني. بحر. فلا فرق في الصريح الثاني بين كون الواقع به رجعيا أو بائنا. قوله: (ويلحق البائن) كما لو قال لها أنت بائن أو خالعها على مال ثم قال أنت طالق أو هذه طالق. بحر عن البزازية. ثم قال: وإذا لحق الصريح البائن كان بائنا، لان البينونة السابقة عليه تمنع الرجعة كما في الخلاصة. وقال أيضا: قيدنا الصريح اللاحق للبائن بكونه خاطبها به وأشار إليها للاحتراز عما إذا قال كل امرأة طالق فإنه لا يقع على المختلعة الخ، وسيذكره الشارح في قوله ويستثنى ما في البزازية الخ. ويأتي الكلام فيه. قوله: (بشرط العدة) هذا الشرط لا بد منه في جميع صور اللحاق، فالأولى تأخيره عنها اه ح. قوله: (الصريح ما لا يحتاج إلى نية) من هنا إلى قوله: على المشهور كان الواجب ذكره قبل قوله: والبائن يلحق الصريح لان هذا كله من متعلقات الجملة الأولى: أعني قوله: الصريح يلحق الصريح والبائن ولان المراد بالصريح في الجملة الثانية خصوص الرجعي كما تعرفه قريبا: يعني أن المراد بالصريح هنا حقيقته لا نوع خاص منه، وهو ما وقع به الرجعي فقط بل الأعم. وأما الكنايات الرواجع كاعتدي واستبرئي رحمك وأنت واحدة وما ألحق بها، فإنها وإن كانت تلحق البائن في ظاهر الرواية بشرط النية، لكنها لم وقع بها الرجعي كانت في معنى الصريح كما في البدائع: أي فهي ملحقة بالصريح في حكم اللحاق للبائن. وقال في المنح: إن صحة هذه الألفاظ بالاضمار، فإن معنى قوله أفاده في البحر وقال في المنع: إن صحة هذه الألفاظ بالاضمار، فان معنى قوله أنت واحدة أنت طالق طلقة واحدة فيصير الحكم للصريح، لكن لا بد من النية ليثبت هذا المضمر اه. فأفاد وجه كونها في حكم الصريح وهو كونه مضمرا فيها، وأن الايقاع إنما هو به لا بها نفسها لكن ثبوته مضمرا توقف على النية، وبعد ثبوته بالنية لا يحتاج إلى نية. قال ح: ولا يرد أنت علي حرام على المفتى به من عدم
336 توقفه على النية مع أنه لا يلحق البائن، ولا يلحقه البائن لكونه بائنا لما أن عدم توقفه على النية أمر عرض له لا بحسب أصل وضعه اه. قوله: (بائنا كان الواقع به أو رجعيا) يؤيده ما قدمناه في أول فصل الصريح عن البدائع من أن الصريح نوعان: صريح رجعي، وصريح بائن، وحينئذ فيدخل فيه الطلاق الرجعي والطلاق على مال، وكذا ما مر قبل فصل طلاق غير المدخول بها من ألفاظ الصريح الواقع بها البائن، مثل: أنت طالق بائن أو البتة أو أفحش الطلاق أو طلاق الشيطان أو طلقة طويلة أو عريضة الخ، فهذا كله صريح لا يتوقف على النية، ويقع به البائن ويلحق الصريح والبائن. قال في الخلاصة: والصريح يلحق البائن وإن لم يكن رجعيا. هذا، وفي المنصوري شرح المسعودي للراسخ المحقق أبي منصور السجستاني: المختلعة يلحقها صريح الطلاق إذا كانت في العدة، والكناية أيضا تلحقها إذا كانت في حكم الصريح كاعتدي الخ. ثم قال: والكنايات والبوائن لا تلحقها: أي المختلعة، وإن كان الطلاق رجعيا يلحقها الكنايات، لان ملك النكاح باق. قال في عقد الفرائد: هذا مؤيد لما في الفتح، ومعنى العطف في قول المنصوري والبوائن ما أوقع من البوائن لا بلفظ الكنايات فإنه يلغو ذكر البائن كما أطبقوا عليه اه. ونقله في النهر وأقره. أقول: والصواب أن الواو في والبوائن زائدة من الناسخ، وأن مراد، المنصوري الكنايات البوائن المقابلة للكنايات الرجعية التي ذكرها قبله، لما علمته من أن البوائن بغير لفظ الكناية من الصريح الذي يلحق البائن، وإلا صار منافيا لكلام الفتح لا مؤيدا له، فتدبر. قوله: (فمنه الخ) أي إذا عرفت أن قوله: الصريح يلحق والبائن المراد بالصريح فيه ما ذكر ظهر أن منه الطلاق الثلاث فيلحقهما: أي يلحق الصريح والبائن، فإذا أبان امرأته ثم طلقها ثلاثا في العدة وقع وهي واقعة حلب. قال في فتح القدير: الحق أنه يلحقها لما سمعت من أن الصريح وإن كان بائنا يلحق البائن، ومن أن المراد بالبائن الذي لا يلحق هو ما كان كناية اه. وتبعه تلميذه ابن الشحنة في عقد الفرائد، وكذا صاحب البحر والنهر والمنح والمقدسي والشرنبلالي وغيرهم، وهو صريح ما نقلناه آنفا عن الخلاصة وأيده صاحب الدرر والغرر كما نذكره قريبا، خلافا لمن رجح عدم وقوع الثلاث فإنه خلاف المشهور كما يأتي. قوله: (وكذا الطلاق على مال) أي أنه أيضا من الصريح وإن كان الواقع به بائنا. قوله: (والبائن) بالنصب معطوف على قوله الرجعي. قوله: (ولا يلزم المال) أي إذا أبانها ثم طلقها في العدة على مال وقع الثاني أيضا، ولا يلزمها المال، لان إعطاءه لتحصيل الخلاص المنجز، وأنه حاصل كما في البحر عن البزازية: أي بخلاف ما قبله، فإنه إذا طلقها رجعيا توقف الخلاص على انقضاء العدة، فإذا طلقها بعده بمال في العدة لزم المال لأنها بانت منه في الحال. قال في البحر: ثم اعلم أن المال وإن لم يلزم: أي في مسألتنا فلا بد في الوقوع من قبلوها، لان قوله أنت طالق على ألف تعليق طلاقها بالقبول، فلا يقع بلا وجود الشرط كما في البزازية، فالمعتبر فيه: أي في الصريح هنا اللفظ: أي كونه من ألفاظ الصريح وإن كان معناه: أي الواقع به البائن، والمراد باللفظ ما يشمل المضمر كما في الكنايات الرجعية كما مر. قوله: (على المشهور)
337 رد على ما ذكره بعضهم في واقعة حلب المذكورة آنفا من أنه لا يقع الثلاث، لأنه بائن في المعنى والبائن لا يلحق البائن، واعتبار المعنى أولى من اعتبار اللفظ، وجعله الأصح المفتى به. أفاده المصنف. قلت: وفي الحاوي الزاهدي عازيا إلى الاسرار لنجم الدين قال لها أنت بائن، ثم قال في العدة أنت طالق ثلاثا، لا يقع الثلاث عند أبي حنيفة لكون الثلاث بينونة غليظة في المعنى. وعندهما: يقع لكونها في اللفظ صريحا. والأصح قوله: لأن الاعتبار للمعنى دون اللفظ، ثم عزا إلى شرح العيون مثله، ثم عزا إلى كتاب آخر. قال محمد: لا يقع الثلاث، والفتوى على قوله. ثم قال : وفي فصول الاسروشني مثله اه. وقد تكفل برده المصنف في المنح، ونقله عنه في الشرنبلالية وأقره. وقد تكرر أن الزاهدي ينقل الروايات الضعيفة فلا يتابع فيما ينفرد به، وقد وجد النقل عن الخلاصة والبزازية وغيرهما بما يخالفه كما قدمناه. وقد استدل في الدرر واليعقوبية على خلافه أيضا كما نذكره قريبا، ويكفينا قدوة ما ذكره في فتح القدير وتابعه عليه من بعده كما قدمناه، فلذا اعتمده الشارح وجعله المشهور، ومما يدل عليه قطعا أنه لو طلقها ثم خلعها ثم قال في عدة الخلع أنت طالق فهذا صريح لفظا بائن معنى، وهو واقع قطعا: فقد استدلوا على لحوق الصريح البائن لقوله تعالى: * (فلا جناح عليهما فيما افتدت به) * (سورة البقرة: الآية 922) يعني الخلع، ثم قال تعالى: * (فإن طلقها فلا تحل له من بعد) * (سورة البقرة: الآية 032) الخ، والفاء للتعقيب. قال في الفتح: فهو نص على وقوع الثالثة بعد الخلع اه. ومثله في الدرر عن التلويح. وفي حواشي الخير الرملي قال في مشتمل الاحكام: والبائن لا يلحق البائن: يعني البائن اللفظي، أما البائن المعنوي يلحق اللفظي مثل الثلاث من المبسوط اه. قوله: (لا يلحق البائن البائن) المراد بالبائن الذي لا يلحق هو ما كان بلفظ الكناية، لأنه هو الذي ليس ظاهرا في إنشاء الطلاق، كذا في الفتح. وقيد بقوله: الذي لا يلحق إشارة إلى أن البائن الموقع أولا أعم من كونه بلفظ الكناية أو بلفظ الصريح المفيد للبينونة كالطلاق على مال، وحينئذ فيكون المراد بالصريح في الجملة الثانية: أعني قولهم: والبائن يلحق الصريح لا البائن هو الصريح الرجعي فقط دون الصريح البائن، وبه ظهر أن ما نقله الشارح أولا عن الفتح من أن الصريح ما لا يحتاج إلى نية بائنا كان الواقع به أو رجعيا خاص بالصريح في الجملة الأولى: أعني قولهم الصريح يلحق الصريح والبائن كما دل عليه كلام الفتح الذي ذكرناه هنا، ويدل عليه أيضا أمور: منها: ما أطبقوا عليه من تعليلهم عدم لحوق البائن البائن بإمكان جعل الثاني خبرا عن الأول، ولا يخفى أن ذلك شامل لما إذا كان البائن الأول بلفظ الكناية أو بلفظ الصريح. ومنها: ما في الكافي للحاكم الشهيد الذي هو جمع كلام محمد في كتبه ظاهر الرواية حيث قال: وإذا طلقها تطليقة بائنة ثم قال لها في عدتها أنت علي حرام أو خلية أو برية أو بائن أو بتة أو شبه ذلك وهو يريد به الطلاق لم يقع عليها شئ، لأنه صادق في قوله هي علي حرام وهي مني بائن اه: أي لأنه يمكن جعل الثاني خبرا عن الأول، وظاهر قوله طلقها تطليقة بائنة أن المراد به الصريح البائن بقرينة مقابلته له بألفاظ الكناية. تأمل. ومنها: قول الزيلعي: أما كون البائن يلحق الصريح فظاهر، لان القيد الحكمي باق من كل
338 وجه لبقاء الاستمتاع اه. فهذا صريح في أن المراد بالصريح في الجملة الثانية هو الصريح الرجعي، إذ لا يخفى أن بقاء النكاح من كل وجه وبقاء الاستمتاع لا يكون بعد الصريح البائن. ومنها: ما قدمناه من قول المنصوري: وإن كان الطلاق رجعيا يلحقها الكنايات، لان ملك النكاح باق، فتقييده بالرجعي دليل على أن الصريح البائن لا يلحقه الكنايات، وكذا تعليله دليل على ذلك. ومنها: ما في التاترخانية قبيل الفصل السادس: ولو طلقها على مال أو خلعها بعد الطلاق الرجعي يصح، ولو طلقها بمال ثم خلعها في العدة لا يصح اه. فانظر كيف فرق بين الرجعي والصريح البائن وهو الطلاق على مال، حيث جعل الخلع واقعا بعد الأول لا بعد الثاني، فهذا صريح فيما قلناه من أن المراد بالصريح هنا الرجعي فقط، وبالبائن الأول ما يشمل البائن الصريح. ومنها: فرعان ذكرهما في البحر: الأول ما في القنية عن الأوزجندي: طلقها على ألف فقبلت ثم قال في عدتها أنت بائن لا يقع ا. والثاني ما في الخلاصة من الجنس السادس من الخلع: لو طلقها بمال ثم خلعها في العدة لم يصح اه. فهذا أيضا صريح فيما قلناه، وبه سقط مال في البحر وتبعه في النهر من استشكاله الفرعين بناء على فهمه أن المراد بالصريح ما يشمل الصريح البائن. قال: وقد جعلوا الطلاق على مال من قبيل الصريح، وقالوا: إن البائن يلحق الصريح فينبغي الوقوع في الفرع الأول وصحة الخلع في الفرع الثاني. ثم قال في البحر ولا مخلص إلا بكون المراد بعدم صحة الخلع عدم لزوم المال، والدليل عليه أن صاحب الخلاصة صرح في عكسه، وهو ما إذا طلقها بمال بعد الخلع أنه يقع ولا يجب المال، ولا فرق بينهما كما لا يخفى اه. أقول: وهذا عجيب من مثله، أما أولا فلا المراد بالصريح في الجملة الثانية هو الرجعي فقط، بخلاف الصريح في الجملة الأولى كما دل عليه ما ذكرناه من تعليلاتهم وفروعهم، وعليه فلا إشكال في الفرعين أصلا، بل هما دليلان على ما قلناه، وأما الثانية فلان ما ذكره من المخلص بعيد جدا، بل المخلص ما قلناه، وأما ثالثا فلان دعواه عدم الفرق بين هذا الفرع وعكسه كما لا يخفى في غاية الخفاء للفرق الواضح بينهما، لأنه إذا طلقها بمال بعد الخلع إنما لا يجب المال، لان إعطاء المال لتحصيل الخلاص المنجز وأنه حاصل كما قدمنا بيانه. أما إذا طلقها على مال قبل الخلع فلا وجه لسقوط المال، لان الطلاق بدونه لا يحصل به الخلاص المنجز بل يتوقف إلى انقضاء العدة، فقد حصل بالمال ما هو المطلوب به ولا يبطل بالخلع العارض بعده بعد تحقق المطلوب به، بل يبطل الخلع نفسه، لان الخلاص المنجز حاصل قبله فلا يفيد. هذا ما ظهر لي في تقرير هذا المقام، الذي زلت فيه أقدام الافهام، فاغتنمه فإنه من جملة ما اختص به هذا الكتاب، بعون الملك الوهاب. ثم رأيت في الحواشي اليعقوبية على صدر الشريعة ما نصه: وأيضا قولهم والبائن الغير الصريح يلحق الصريح ينبغي أن لا يكون على إطلاقه، لأنه لا يلحق الصريح البائن لاحتمال الخبرية عن الأول كما لا يخفى، إلا أن يدعي الفرق بين البائنين فلا يصح الخبر بأحدهما عن الآخر اه.
339 وهذا عين ما فهمته بحد الله تعالى من أن المراد بالصريح في الجملة الثانية الصريح الرجعي فقط، وقوله: إلا أن يدعي الفرق الخ قد علمت مما قررناه أولا عدم الفرق فإنه لا شبهة فيه لذي فهم، والله سبحانه أعلم. قوله: (إذا أمكن الخ) قيد في عدم لحاق البائن البائن، ومحترزه ما أفاده بقوله بخلاف أبنتك بأخرى الخ ط. قال في البحر: وينبغي أنه إذا أبانها ثم قال لها أنت بائن ناويا طلقة ثانية أو تقع للثانية بنيته لأنه ينبته لا يصلح خبرا، فهو كما لو قال أبنتك بأخرى، إلا أن يقال: إن الوقوع إنما هو بلفظ صالح له وهو أخرى، بخلاف مجرد النية اه. وفيه أن اللفظ الثاني صالح، ولو أبدل صالح بمعين له لكن أظهر ط. أقول: ويدفع البحث من أصله تعبيرهم بالامكان، وبأنه لا حاجة إلى جعله إنشاء متى أمكن جعله خبرا عن الأول لأنه صادق بقوله أنت بائن، على أن البائن لا يقع إلا بالنية، فقولهم البائن لا يلحق البائن لا شك أن المراد به البائن المنوي، إذ غير المنوي لا يقع به شئ أصلا، ولم يشترطوا أن ينوي به الطلاق الأول. فعلم أن قولهم إذا أمكن الخ احتراز عما إذا لم يمكن جعله خبر كما في أبنتك بأخرى، لا عما إذا نوى به طلاقا آخر فتدبر. وأما اعتدي اعتدي فإنه ملحق بالصريح كما تقدم، فلا ينافي ما هنا حيث أوقعوا به مكررا. تأمل. قوله: (كأنت بائن بائن) كذا في بعض النسخ مكررا، وفي بعضها كأنت بائن بدون تكرار وهو الأصوب، لان المقصود، التمثيل لايقاع البائن على المبانة، ولأنه كما قال ط: ليس المراد الاخبار النحوي بل الاخبار عما صدر أولا، ولأنه يوهم أن يلزم كونه في مجلس واحد وهو غير لازم اه. قوله: (أو أبنتك بتطليقة) عطف على بائن الثانية: أي أنت بائن أبنتك بتطليقة اه ح. وأشار به إلى أنه لا يشترط اتحاد اللفظين، فشمل ما إذا كان الأول بلفظ الكناية البائنة أو الخلع أو الطلاق الصريح إذا كان على مال، أو موصوفا بمعنى ينبئ عن البينونة كما علم مما قدمناه بعد كون الثاني بلفظ الكناية البائنة كالخلع ونحوه مما يتوقف على النية ولو باعتبار الأصل كأنت حرام، بخلاف الكناية الرجعية فإنها في حكم الصريح فتلحق البائن كما مر. قوله: (فلا يقع) أي وإن نوى، لما في البحر عن الحاوي: ولا يقع بكنايات الطلاق شئ وإن نوى اه. قوله: (لأنه إخبار) أي يجعل إخبارا لأنه أمكن ذلك. قوله: (بخلاف أبنتك بأخرى) أي لو أبانها أولا ثم قال في العدة أبنتك بأخرى وقع، لان لفظ أخرى مناف لامكان الاخبار بالثاني عن الأول. قوله: (أو أنت طالق بائن) لان وقوعه بأنت طالق وهو صريح، ويلغو قوله: بائن لعدم الحاجة إليه، لان الصريح بعد البائن بائن، كذا في شرح المنار لصاحب البحر، وهو إشارة إلى ما ذكره البحر عن الذخيرة من الفرق بين هذا وبين قوله للمبانة أبنتك بتطليقة وهو أنه إذا ألغينا بائنا يبقى قوله طالق وبه يقع، ولو ألغينا أبنتك يبقى قوله بتطليقة وهو غير مفيد اه. قلت: لكن يشكل عليه ما قطعناه في باب طلاق غير المدخول بها أن الطلاق متى قيد بعدد أو وصف أو مصدر فالوقوع بالقيد، حتى لو قال: أنت طالق وماتت قبل قوله ثلاثا أو بائن لم يقع، فهذا ينافي ما أطبقوا عليه من إلغاء الوصف هنا، إلا أن يجاب بأن اعتبار الوقوع به هنا لا يصح
340 لسبق البينونة قبله لوقوع البائن بالصريح هنا وإن لم يوصف، فتعين إلغاء الوصف كما علمت آنفا. وبقي إشكال آخر مذكور مع جوابه في البحر. قوله: (أو قال نويت) أي بالبائن الثاني البينونة الكبرى: أي الحرمة الغليظة وهي التي لا حل بعدها إلا بنكاح زوج آخر، وهذا هو المعتمد كما في البحر، وقيل لا يقع لان التغليظ صفة البينونة، فإذا ألغت النية في أصل البينونة لكونها حاصلة لغت في إثبات وصف التغليظ. محيط. وهذا صريح في إلغاء نية البينونة، ومثله ما قدمناه آنفا عن الحاوي فلا تصح نية بينونة أخرى، خلافا لما بحثه في البحر كما مر. قال في الدرر: أقول: وهذا يدل قطعا على أنه إذا أبانها ثم قال في العدة أنت طالق ثلاثا يقع الثلاث، لان الحرمة الغليظة إذا ثبتت بمجرد النية بلا ذكر الثلاث لعدم ثبوتها في المحل فلان تثبت إذا صرح بالثلاث أولى، وتمامه فيه ونحوه في اليعقوبية. قوله: (لتعذر الخ) علة لقوله: بخلاف الخ. قوله: (ولذا) أي لتعذر حمله على الاخبار. قوله: (إلا إذا كان البائن معلقا الخ). يشمل ما إذا آلى من زوجته ثم أبانها قبل مضي أربعة أشهر ثم مضت قبل أن يقربها وهي في العدة فإنه يقع خلافا لزفر، بحر. قوله: (قبل إيجاد المنجز) سيذكر الشارح محترز القبلية، وتنجيز الثاني غير قيد، بل لو علقه جعل وقوع المعلق الأول فكذلك كما يذكره أيضا. قوله: (ناويا) لأنه كناية فلا بد له من نية. قوله: (لأنه لا يصلح إخبارا) أي لان التعليق قبل فلا يصح إخبارا عنه، وكذا الإضافة ح. وأعاد التعليل وإن علم من قول سابقا ولذا وقع المعلق لطول الفصل، فافهم. قوله: (ومثله المضاف) الأولى ومثال المضاف، لان المماثلة في الحكم فهمت من قوله سابقا أو مضافا ط. قوله: (وفي البحر الخ) مراده بهذا النقل الاستدلال على قوله ناويا ح. قوله: (فيفتقر للنية) أي أو المذاكرة. قوله: (ولو قال إن دخلت) بيان لما إذا كانا معلقين كما في البحر قوله: (ثم دخلت وبانت) أشار بالعطف بثم إلى أنه لا بد من كون التعليق الثاني قبل وجود شرط الأول. لأنها لو دخلت وبانت ثم قال إن كلمت زيدا فكلمته لا يقع، لان الأول لما وجد شرطه قبل تعليق الثاني صار منجزا، والمعلق لا يلحق إلا إذا كان التعليق قبل إيجاد المنجز كما علمته من كلام المتن، لان قوله ثانيا فأنت بائن صادق بثبوت البينونة أولا فيصلح كون الثاني خبرا عن الأول، وبه سقط ما قيل إن كلامه شامل لكون التعليق الثاني بعد وجود الشرط الأول أو قبله، وكذا سقط قول هذا القائل: إن تعذر جعله إخبارا عن الأول موجود في المعلق والمضاف، سواء كان التعليق أو الإضافة قبل التنجيز أو بعده، فينبغي عدم الفرق وإن اتفقت كلمتهم على اشتراط كونه قبل إيجاد المنجز اه. إذ لا يخفى أن التعليق بعد إيجاد المنجز يصلح كون المعلق فيه وهو البينونة الثانية خبرا عن المنجز الثابت أولا، بخلاف ما قبله، فالوجه ما قالوه دون ما قبله، فتدبر. قوله: (ثم كلمت) فلو عكست: أي بأن كلمته
341 أولا ثم دخلت، فالظاهر أن الحكم كذلك لوجود العلة، لان كلا من تعليقه لا يصلح إخبارا عن الآخر لعدم كونها طالقا عند كل من التعليقين اه ح. قوله: (وفي البزازية الخ) لا فرق بينه وبين ما في الذخيرة إلا في لفظ البائن والحرام. وفي إفادة أنه يقع بأيهما سبق من قوله ففعل أحدهما وهذا مؤيد لما بحثه المحشي. أفاده ط. قوله: (وكذا لو فعل الثاني) أراد بالثاني الآخر لا الترتيب بدليل قوله أحدهما ح. قوله: (قيد بالقبلية) أي بقوله في المتن قبل المنجز البائن. قوله: (لم يصح) لأنه يمكن جعله خبرا عن الأول المنجز كما قلنا. قوله: (ويستثنى الخ) أي من قولهم الصريح يلحق البائن وأنت خبير بأنه لم يقع الطلاق في هاتين الصورتين لعدم تناول لفظ المرأة معتدة البائن، حتى لو لم يذكر لفظ المرأة وقع. قال في النهر: وفي المنصوري شرح المسعودي: المختلعة يلحقها صريح الطلاق إذا كانت في العدة اه ح. مطلب: المختلعة والمبانة ليست امرأة من كل وجه وحاصله أن عدم الوقوع لكونها ليست امرأة له من كل وجه بل تسمى مختلعة ومبانته وإن كان أثر النكاح وهو العدة باقيا حتى لحقها الصريح إذا أضافه إليها بخطاب أو إشارة، وكذا لو نواها بالطلاق كما صرح به في كافي الحاكم، ومثله في الذخيرة حيث قال: كل امرأة لي لا تدخل المبانة بالخلع والايلاء إلا أن يعينها: أي فعند عدم النية صارت في حكم الأجنبية فلا تسمى امرأته، ولذا قال في حاوي الزاهدي: قال لامرأته أنت طالق واحدة ثم قال إن كنت امرأة لي فأنت طالق ثلاثا إن كان الطلاق الأول بائنا لا يقع الثاني، وإن كان رجعيا يقع الثاني اه. لكن يشكل على هذا ما في تعليق البحر عن المحيط: لو حلف لا تخرج امرأته من هذه الدار فطلقها وانقضت عدتها وخرجت يحنث، وكذا لو قال إن قبلت امرأته فعبدي حر فقبلها بعد البينونة لان الإضافة للتعريف لا للتقييد اه: أي لتعيين ذات المحلوف عليها لا بقيد كونها امرأة له، فإذا كان لفظ المرأة شاملا لها بعد البينونة وانقضاء العدة ففي حال بقاء العدة كما في مسألتنا بالأولى. وقد يجاب بأن المعتبر في المعلق حالة التعليق لا حالة وجود الشرط، وهي في حالة التعليق كانت امرأة له من كل وجه ولذا وقع البائن المعلق قبل وجود البائن المنجز كما مر، وسنذكر تحقيق المسألة إن شاء الله تعالى في التعليق عند قوله: وزوال الملك لا يبطل اليمين. قوله: (ويضبط الكل) بضم الباء وكسرها، والمراد بالكل صور اللحاق والمستثنى منها ط. قوله: (ما قيل) البيت الأول لوالد شيخ الاسلام عبد البر شارح النظم الوهباني كما في المنح، والبيت الثاني لصاحب النهر ح. قوله: (كلا أجز) أي أجز كلا من وقوع الصريح والبائن بعد الصريح والبائن ح. ولا يخفى ما في قوله: كلا من الابهام. نهر. وفي كثير من نسخ الشرح لحوقا بدل كلا ولا يستقيم معه الوزن. قوله: (لا بائنا) عطف على كلا ومع بسكون العين للوزن بمعنى بعد كما في قوله
342 تعالى: * (إن مع العسر يسرا) * (سورة الشرح: الآية 6) نعت لقوله بائنا أي لا تجز بائنا كائنا بعد مثله، وهذا العطف كالاستثناء في المعنى كأنه قال: كلا أجز إلا بائنا بعد مثله، وقوله: إلا إذا علقته من قبله استثناء من العطف الذي هو بمنزلة الاستثناء: أي لا تجز بائنا إلا إذا علقت البائن الواقع بعد المثل قبل المثل فضمير علقته للبائن الأول، وضمير قبله للمثل الذي هو البائن الثاني اه ح. والتعبير بالمثل مشعر بإخراج البينونة الكبرى، ولا يخفى ما في البيت من التعقيد، والأوضح ما قيل: صريح طلاق المرء يلحق مثله * ويلحق أيضا بائنا كان قبله كذا عكسه لا بائن بعد بائن * سوى بائن قد كان علق قبله قوله: (إلا بكل امرأة) استثناء ثان من قوله كلا أجز فإنه بعد إخراج البائن بعد البائن منه بقي البائن بعد الصريح والصريح بعد الصريح والصريح بعد البائن، فاستثنى منه باعتبار هذا الأخير ما في البزازية من قوله كل امرأة لي طالق وكان له مختلعة فإنه صريح لحق بائنا ولم يقع لما قدمنا. وباء بكل بمعنى فوكل بالضم على الحكاية، والواو في قوله: وقد خلع للحال، والحق مبني للفاعل معطوف على خلع وبعد مبني على الضم لقطعه عن الإضافة، ونية معناها وهو ظرف لا لحق: أي والحق الصريح بعد الخلع ح. قوله: (كل فرقة الخ) أفاد به أن قوله والصريح يلحق الصريح الخ إنما هو في الطلاق لا الفسخ. هذا، ويرد على الكلية الأولى إباء أحدهما عن الاسلام وارتداد أحدهما، وعلى الثانية الفرقة كاللعان كما يأتي بيانه. قوله: (كإسلام) أي إسلام الزوج لو امرأته مجوسية أبت الاسلام أو إسلام زوجة حربي هاجرت إلينا دونه، كذا بخط السائحاني. وذكر في الفتح أول كتاب الطلاق: إذا سبي أحد الزوجين لا يقع طلاقه عليها، وكذا لو هاجر أحدهما مسلما أو ذميا أو خرجا مستأمنين فأسلم أحدهما أو صار ذميا فهي امرأته حتى تحيض ثلاث حيض فتقع الفرقة بلا طلاق فلا يقع عليها طلاقه، ثم قال: إذا أسلم أحد الزوجين الذميين وفرق بينهما بإباء الآخر فإنه يقع عليها طلاقه وإن كانت هي الآبية: أي وإن كانت مجوسية. قال: وبه ينتقض ما قيل: إذا أسلم أحد الزوجين لم يقع عليه طلاقه اه. قلت: وهو رد على ما في البزازية: إذا أسلم أحد الزوجين لا يقع على الآخر طلاقة وتبعه الشارح، لكن ذكر الخير الرملي أن موضوع ما في البزازية في طلاق أهل الحرب. قلت: وعليه، فكان لفظ أسلم محرف عن سبي. تأمل. ومسألة الاباء واردة على المصنف لأنها فسخ ولحق فيها الطلاق. قوله: (وردة مع لحاق) أي إذا ارتد ولحق بدار الحرب فطلق امرأته لا يقع، وإن عاد مسلما فطلقها في العدة يقع، والمرتدة إذا لحقت فطلقها زوجها ثم عادت مسلمة قبل الحيض، فعنده لا يقع، وعندهما يقع. خانية، وقيد باللحاق إذ بدونه يقع لان الحرمة غير متأبدة فإنهتر تقع بالاسلام. فتح ومر تمامه في باب نكاح الكافر. وفي الذخيرة: ولو ارتدت المرأة ولم تلحق وطلقها في العدة وقع لا لو خالعها، لأنها بالارتداد بانت والمبانة يلحقها صريح الطلاق لا الخلع اه. ولا يخفى أن الفرقة بالردة فسخ ولو
343 بدون لحاق، فهي واردة على المصنف. قوله: (وخيار بلوغ وعتق) وكذا الفرقة بحرمة المصاهرة كتقبيل ابن الزوج، لأنها حرمة مؤبدة فلا يفيد الطلا ق فائدته كما في الفتح أول الطلاق، وصرح في موضع آخر بأنه لا يقع في الفرقة باللعان لأنه حرمة مؤبدة أيضا. قلت: ومثله الفرقة بالرضاع، وصرح أيضا بعدم اللحاق في الفسخ بعدم الكفاء ونقصان المهر. وذكر في الذخيرة أيضا عدم اللحاق في ملكها زوجها وقد طلقها قبل أن تبيعه أو تعتقه، لا لو أخرجته عن ملكها وهي في العدة فإنه يقع، لأنه ما دام عبدا لها لا نفقة عليه لها ولا سكنى فلا يقع طلاقه عليها، بخلاف ما إذا باعته أو أعتقته فيقع. قوله: (مطلقا) أي صريحا أو كناية ح. ويفيده ما بعده. قوله: (وكل فرقة هي طلاق) كالفرقة في الايلاء واللعان والجب والعنة، وتقدم في باب المهر نظما بيان الفرق، وبيان ما يكون منها فسخا وما يكون طلاقا. وما يتوقف منها على قضاء القاضي، وما لا يتوقف، وصرح في الذخيرة بأن معتدة اللعان يلحقها الطلاق، وهو خلاف ما قدمناه آنفا عن الفتح، مع أن الفرقة باللعان طلاق لا فسخ، لكن تعليله بأنها حرمة مؤبدة يرجح ما قاله، لكن سيأتي في بابه أنها حرمة مؤبدة ما داما أهلا للعان، فإذا خرجا عن أهلية اللعان أو أحدهما له أن ينكحها، وكذا لو أكذب نفسه حد، وله أن ينكحها. تأمل. قوله: (على نحو ما بينا) أي من قوله الصريح يلحق الصريح الخ ح. قوله: (إنما يلحق الطلاق لمعتدة الطلاق الخ) اعترضه في أول طلاق الفتح بأنه غير حاصر، لأن العدة قد تتحقق بدون الطلاق والوطئ كما لو عرض الفسخ بخيار بعد مجرد الخلوة، إلا أن يجاب بأن الخلوة ملحقة بالوطئ، ثم يقتضي أن عدة الفسخ لا يقع فيها طلاق مع أنه منقوض بما إذا أسلم أحدهما وأبت عن الاسلام فإنه يقع طلاقه عليها مع أن الفرقة فيها فسخ، وبما إذا ارتد أحدهما فإنه يقع طلاقه مع أن الفرقة بردته فسخ، خلافا لأبي يوسف، وكذا بردتها إجماعا اه. وهذا النقض وارد أيضا على عبارة المتن كما قدمناه. فصار الحاصل أن الطلاق يلحق في عدة فرقة عن طلاق أو إباء أو ردة بدون لحاق بدار الحرب، ونظمت ذلك بقولي: ويلحق الطلاق فرقة الطلاق * أو الابا أو ردة بلا لحاق وهو أحسن من قول المقدسي: في عدة عن الطلاق يلحق * أو ردة أو بلا باء يفرق قوله: (أما المعتدة للوطئ فلا يلحقها) مثاله لو طلقها بائنا أو خالعها ثم بعد مضي حيضتين من عدتها مثلا وطئها عالما بالحرمة فلزمها عدة ثانية وتداخلتا، فإذا حاضت الثالثة فهي منهما ولزمها حيضتان أيضا لاكمال الثانية، فلو طلقها في الحيضتين الأخيرتين لا يقع لأنها عدة وطئ لا طلاق. أفاده في الذخيرة. قوله: (ثم رقم) أي رمز عازيا إلى كتاب آخر، لان عادته ذكر حروف اصطلح عليها يرمز بها إلى أسماء الكتب. قوله: (إن نوى طلقت) لعل وجهه أن قوله زوجتك امرأتي فلانة
344 يحتمل أن يكون على تقدير إن صح تزويجها منك، أو تقدير لأنها طالق مني، فإذا نوى الطلاق تعين الثاني فتطلق. قوله: (تقع واحدة بلا نية) لان تزوجي قرينة، فإن نوى الثلاث فثلاث. بزازية. ويخالفه ما في شرح الجامع الصغير لقاضيخان: ولو قال اذهبي فتزوجي وقال لم أنو الطلاق لا يقع شئ، لان معناه أن أمكنك اه. إلا أن يفرق بين الواو والفاء وهو بعيد هنا. بحر. على أن تزوجي كناية مثل اذهبي فيحتاج إلى النية، فمن أين صار قرينة على إرادة الطلاق بإذهبي مع أنه مذكور بعده؟ والقرينة لا بد أن تتقدم كما يعلم مما مر في اعتدى ثلاثا، فالأوجه ما في شرح الجامع، ولا فرق بين الواو والفاء، ويؤيده ما في الذخيرة اذهبي وتزوجي لا يقع إلا بالنية، وإن نوى فهي واحدة بائنة، وإن نوى الثلاث فثلاث. قوله: (وافلحي) في البدائع قال محمد: قال لها: افلحي يريد الطلاق يقع لأنه بمعنى اذهبي، تقول العرب أفلح بخير: أي ذهب بخير، ويحتمل اظفري بمرادك، يقال أفلح الرجل إذا ظفر بمراده. بحر. قوله: (وأنت علي كالميتة) أي يقع إن نوى، والمراد التشبيه بما هو محرم العين كالخمر والخنزير والميتة، فالحكم فيه كالحكم في أنت علي حرام، بخلاف ما لو قال أنت علي كمتاع فلان فلا يقع وإن نوى. أفاده في الذخيرة: أي لان متاع فلان ليس محرم العين وجعله كأنت علي حرام مبني على مذهب المتقدمين من توقع الوقوع به على النية. قوله: (لأنه تشبيه بالسرعة) الأولى في السرعة كأنه قال أنت حرام سريعا كسرعة الماء في جريه، وقد مر أن أنت حرام ملحق بالصريح فلا يحتاج إلى نية، فلعل هذا مبني على غير المفتى به ط. قلت: وهو المتعين: قوله: (ما لم يقل خذي أي طريق شئت) أي فإن نوى ثلاث في رواية أسد عن محمد. وقال ابن سلام: أخاف أن يقع ثلاث لمعاني كلام الناس، كأنه يريد أن مراد الناس بمثله اسلكي الطريق الأربع، وإلا فاللفظ إنما يعطي الامر بسلوك أحدها، والأوجه أن تقع واحدة بائنة. فتح. والله سبحانه أعلم. باب تفويض الطلاق أي تفويضه للزوجة أو غيرها صريحا كان التفويض أو كناية، يقال: فوض له الامر: أي رد ه إليه. حموي فالكناية قوله اختاري أو أمرك بيدك، والصريح قوله طلقي نفسك. أبو السعود. قوله: (بنوعيه) أي الصريح والكناية ح. قوله: (وأنواعه) الضمير عائد إلى ما يوقعه الغير لا للتفويض، وإلا يلزم تقسيم الشئ إلى نفسه وإلى غيره. أبو السعود. قوله: (تفويض وتوكيل) المراد بالتفويض تمليك الطلاق كما يأتي . وذكر في الفتح في فصل المشيئة أن صاحب الهداية جعل مناط الفرق بين التمليك والتوكيل مرة بأن المالك يعمل برأي نفسه، بخلاف الوكيل، ومرة بأنه عامل لنفسه بخلافه، ومرة بأنه يعمل
345 بمشيئة نفسه بخلافه. قال: والفرق بين الرأي والمشيئة أن العمل بالرأي عمل بما يراه أصوب بلا اعتبار كونه لنفسه أو غيره، والعمل بمشيئته: أي باختياره ابتداء بلا اعتبار مطابقة أمر الآمر ولا اعتبار معنى الأصوبية ثم قال بعد ما بحث في الأولين أن الفرق الثالث أصوب. قوله: (ورسالة) كأن يقول لرجل: اذهب إلى فلانة وقل لها إن زوجك يقول لك اختاري، فهو ناقل لكلام المرسل لا منشئ لكلامه، بخلاف المالك والوكيل، لأنهم قالوا: إن الرسول معبر وسفير هذا ما ظهر لي. قوله: (ثلاثة) أي بالاستقراء بدأ المصنف منها بالاختيار لثبوته بصريح الاخبار ولم يجعل له فصلا على حدة كصاحب الهداية، لأنه لم يسبقه شئ يفصل به عما قبله بخلاف الأخيرين، فاكتفى فيه بالباب. نهر. وحاصله أن التفويض أعم فناسب أن يترجم له بالباب، والثلاثة أنواعه فناسب أن يترجم لكل منها بفصل، لكن لم يترجم به للتخيير لأنه لم يسبقه كلام، وبه ظهر أن ترجمة المصنف للثاني بالباب غير مناسبة. قوله: (قال لها اختاري) أشار بعدم ذكر قبولها إلى أنه تمليك يتم بالمملك وحده، فلو رجع قبل انقضاء المجلس لم يصح، وقيد باقتصاره على التخيير المطلق، لأنه لو قال اختاري الطلاق فقالت اخترت الطلاق فهي واحدة رجعية، لأنه لما صرح بالطلاق كان التخيير بين الاتيان بالرجعي، وتركه ط عن البحر. قوله: (أو أمرك بيدك) لا حاجة إليه لذكر أحكام الامر باليد في فصل مستقل يأتي ط. قوله: (تفويض الطلاق) دل على هذا المضاف عقد الباب له كما في النهر ح. قوله: (لأنهما كناية) أي من كنايات التفويض. شرنبلالية. قوله: فلا يعملان بلا نية) أي قضاء وديانة في حالة الرضا، أما في حالة الغضب أو المذاكرة فلا يصدق قضاء في أنه لم ينو الطلاق، لأنهما مما تمحض للجواب كما مر، ولا يسعها المقام معه إلا بنكاح مستقبلي لأنها كالقاضي. أفاده في الفتح والبحر. ثم اعلم أن اشتراط النية إنما هو فيما إذا لم يذكر النفس أو ما يقوم مقامها في كلامه، وإنما ذكرت في كلامها فقط كما يأتي تحريره، فتنبه لذلك فإني لم أر من نبه عليه. قوله: (أو طلقي نفسك) هذا تفويض بالصريح ولا يحتاج إلى نية، والواقع به رجعي، وتصح فيه نية الثلاث كما سيذكره المصنف أول فصل المشيئة. قوله: (في مجلس علمها) أفاد أنه لا اعتبار بمجلسه، فلو خيرها ثم قام هو لم يبطل، بخلاف قيامها. بحر عن البدائع ط. قوله: (مشافهة) أي في الحاضرة أو إخبارا في الغائبة منصوبان على الحالية من علمها. قوله: (ما لم يوقته الخ) فلو قال: جعلت لها أن تطلق نفسها اليوم اعتبر مجلس علمها في هذا اليوم، فلو مضى اليوم ثم علمت خرج الامر عن يدها، وكذا كل وقت قيد التفويض به وهي غائبة ولم تعلم حتى انقضى بطل خيارها. فتح وبحر. وسيأتي فروع في التوقيت آخر الباب وأنه لا يبطل الموقت بالاعراض. قوله: (ويمضي الوقت) معطوف على يؤقته المجزوم، وإثبات الياء فيه من تحريف النساخ أو على لغة كما هو أحد الأوجه التي يجاب بها عن قوله تعالى: * (إنه من يتق ويصبر) * (سورة يوسف: الآية 09) في قراءة رفع يصبر، فالمعنى لها أن
346 تطلق في المجلس وإن طال مدة عدم توقيته، ومضي الوقت بأن لم يوقته أو وقته ولم يمض، فإن وقته ومضي سقط الخيار، وأما جعله مرفوعا والواو فيه للحال فهو فاسد صناعة ومعنى، أما الأول فلان جملة الحال التي فعلها مضارع مثبت لا تقترن بالواو، وأما الثاني فلصيرورة المعنى مدة لم يؤقت في حال مضي الوقت وإذا لم يوقت كيف يمضي الوقت، فافهم، نعم في بعض النسخ فمبضي الوقت بالفاء والباء الجارة للمصدر والمعنى: فإن وقت فينتهي المجلس بمضي الوقت. قوله: (قبل علمها) ليس قيدا احترازيا، بل هو تنبيه على الأخفى ليعلم مقابله بالأولى كما هو عادة الشارح في مواضع لا تحصى، فافهم. قوله: (ما لم تقم الخ) الأولى أن يذكر له عاطفا يعطفه على قوله ما لم يوقته، ولو قال ما لم تفعل ما يدل على الاعراض مكان أحضر وأفود، ليصح عطف قوله: أو حكما على حقيقة، لأنه يغنيه عن قوله أو تعمل ما يقطعه ولان بطلانه بكل قيام مطلقا قول البعض. والأصح كما في البحر والنهر أنه لا بد أن يدل على الاعراض، وأثر الخلاف يظهر فيما لو قامت لتدعو الشهود كما يأتي، ولو أقامها أو جامعها بطل كما يأتي لتمكنها من المبادرة إلى اختيارها نفسها فعدم ذلك دليل الاعراض. قوله: (لتبدل مجلسها حقيقة) أفاد أن القيام يختلف به المجلس حقيقة وهو خلاف ما في إيضاح الاصلاح، فإنه قال: إن المجلس وإن لم يتبدل بمجرد القيام إلا أن الخيار يبطل به لأنه يدل على الاعراض، وهذا ظاهر من كلام صاحب الهداية. وفي التبيين: المجلس يتبدل تارة حقيقة بالتحول إلى مكان آخر، وتارة حكما بالأخذ في عمل آخر اه ط. قلت: وكأن الشارح حمل القيام على التحول، فإنه يقال قام عن مجلسه: إذا تحول عنه، لا مجرد القيام عن قعود، لما علمت من أن بطلانه بكل قيام مطلقا خلاف الأصح. قوله: (مما يدل على الاعراض) قيد به لأنه لو خيرها فلبست ثوبا أو شربت لا يبطل خيارها، لان اللبس قد يكون لتدعو شهودا، والعطش قد يكون شديدا يمنع من التأمل، ودخل في العمل الكلام الأجنبي، وهذا في التخيير المطلق، أما المؤقت بشهر مثلا فلا يبطل بذلك ما دام الوقت باقيا كما مر. أفاده في البحر ويأتي تمام الكلام فيما يكون إعراضا وما لا يكون. قوله: (فيتوقف على قبولها في المجلس) أراد بالقبول الجواب، والضمير في يتوقف عائد على التطليق المفهوم من قوله: فلها أن تطلق لا على التمليك لما صرحوا به من أن هذا التمليك يتم بالمملك وحده، ولا يتوقف على القبول لكونها تطلق بعد التفويض وهو بعد تمام التمليك كما أوضحه في الفتح النهر، وبه علم أن هذا التمليك لا يتوقف تمامه في القبول ولا على الجواب في المجلس، لان الجواب: أي التطليق بعد تمامه، وإنما المتوقف على الجواب هو صحة التطليق، فافهم. قوله: (فلم يصح رجوعه) تفريع على كونه ليس توكيلا، فإن الوكالة غير لازمة فلو كان توكيلا لصح عزلها. قال في البحر عن جامع الفصولين: تفويض الطلاق إليها، قيل هو وكالة يملك عزلها، والأصح أنه لا يملكه اه. لكن إذا كان تمليكا لا يلزم منه عدم صحة الرجوع، كما في المعراج قال: لانتفاضه بالهبة فإنها تمليك ويصح الرجوع اه. وعلل له في الذخيرة بأنه بمعنى اليمين، إذ هو تعليق الطلاق بتطليقها نفسها، واعترضه في الفتح بأن هذا يجري في سائر الوكالات لتضمنه معنى إذا بعته فقد أجزته، مع أن الرجوع عنها
347 صحيح، وإنما العلة هي كونه تمليكا يتم بالمملك وحده بلا قبول، وتمامه في النهر فافهم. قوله: (حتى لو خيرها الخ) تفريع ثان على عدم كونه توكيلا بل هو تمليك، فأن علة الحنث وهو قول محمد كونها نائبة عنه وهو ممنوع كما في الفتح عن الزيادات لصاحب المحيط: أي لكونها صارت مالكة، وعليه فلو وكل رجلا بطلاقها يحنث كما سيأتي في الايمان إن شاء الله تعالى عند ذكر ما يحنث فيه بفعل مأموره. قوله: (وأخواته) الأولى وأختيه، وهما: اختاري، وأمرك بيدك، واعلم أن ما ذكره المصنف هنا إلى قوله: وجلوس القائمة سيذكره أيضا في فصل المشيئة. قوله: (فلا يتقيد بالمجلس) أما في متى ومتى ما فلأنهما لعموم الأوقات فكأنه قال: في أي وقت شئت فلا يقتصر على المجلس، وأما في إذا وإذا ما فإنهما ومتى سواء عندهما، وأما عنده فيستعملان الشرط كما يستعملان للظرف لكن الامر صار بيدها فلا يخرج بالشك. ح عن المنح. قوله: (لما مر) أي من أنه ليس توكيلا، بل لو صرح بتوكيلها لطلاقها يكون تمليكا كما في البحر عن الفصولين. قوله: (أو قوله لأجنبي طلق امرأتي) قيد بالطلاق، لأنه لو قال: أمر امرأتي بيدك يقتصر على المجلس ولا يملك الرجوع على الأصح. بحر. عن الخلاصة في فصل المشيئة. ولو جمع له بين الامر باليد والامر بالتطليق ففيه تفصيل مذكور هناك. قوله: (فيصح رجوعه) زاد الشارح الفاء لتكون في جواب أما التي زادها قبل. قوله: (لأنه توكيل محض) أي بخلاف طلقي نفسك، لأنها عاملة لنفسها فكان تمليكا لا توكيلا. بحر قوله: (كان تمليكا في حقها) لأنها عاملة فيه لنفسها، وقوله: توكيلا في حق ضرتها لأنها عاملة فيه لغيرها، والظاهر أيضا أنه ليس من عموم المجاز ولا من استعمال المشترك في معنييه، لان حقيقة قوله: طلقي واحدة وهي الامر بالتطليق وإن اختلف الحكم المترتب عليه باختلاف متعلقه، كما قال الآخر طلق امرأتي وامرأتك فإنه وكيل وأصيل، فافهم. قوله: (فيصير تمليكا) فلا يملك الرجوع لأنه فوض الامر إلى رأيه، والمالك هو الذي يتصرف عن مشيئته والوكيل مطلوب منه الفعل شاء أو لم يشأ. ط عن المنح. قوله: (لا توكيلا) أي وإن صرح بالوكالة. بحر عن الخانية. قوله: (لا يرجع ولا يعزل) لا يلزم من عدم ملك الرجوع عدم ملك العزل، لأنه لو قال لأجنبي أمر امرأتي بيدك ثم قال عزلتك وجعلته بيدها لا يصح عزله مع أنه لم يرجع عن التفويض بالكلية، فافهم. قوله: (ولا يبطل بجنون الزوج) نظرا إلى أنه تعليق ط. قوله: (لا بعقل) هو الخامس ط قوله: (فيصح) تفريع على الخامس. وبيانه ما في البحر عن المحيط: لو جعل أمرها بيد صبي لا يعقل أو مجنون فذلك إليه ما دام في المجلس، لان هذا تمليك في ضمنه تعليق، فإن لم يصح باعتبار التمليك يصح باعتبار معنى التعليق، فصححناه باعتبار التعليق، فكأنه قال: إن قال لك المجنون أنت طالق فأنت طالق، وباعتبار معنى التمليك يقتصر على المجلس عملا بالشبهين اه ط. قال في الذخيرة: ومن هذا استخرجنا جواب مسألة صارت واقعة الفتوى. صورتها إذا قال لامرأته الصغيرة أمرك بيدك ينوي الطلاق فطلقت نفسها صح، لان تقدير كلامه: إن طلقت نفسك
348 فأنت طالق. قوله: (وصبي لا يعقل) بشرط أن يتكلم، فيصح أن يوقع عليها الطلاق ولا يلزم من التعبير العقل. طعن البحر قوله: (بخلاف التوكيل) أي في المسائل الخمس، لكن في الأخيرة بحث سأذكره في فصل المشيئة. قوله: (نعم لو جن) أي المفوض إليه ط. قوله: (فهنا تسومح الخ) نظيره كما في البحر من فصل المشيئة: لو جن الوكيل بالبيع جنونا يعقل فيه البيع والشراء ثم باع لا ينعقد بيعه، بخلاف ما لو وكل مجنونا بهذه الصفة، لأنه في الأول كان التوكيل ببيع تكون العهدة فيه على الوكيل، وبعد ما جن تكون العهدة على الموكل فلا ينفذ، وفي الثاني إنما وكل ببيع عهدته على الموكل فينفذ عليه كما في الخانية وفي تفويض الطلاق وإن كان لا عهدة أصلا، لكن الزوج حني التفويض لم يعلق إلا على كلام عاقل، فإذا طلق وهو مجنون لم يوجد الشرط، بخلاف ما إذا فوض إلى مجنون ابتداء وإن لم يعقل أصلا فإنه يصح باعتبار معنى التعليق، وفي التوكيل بالبيع لا يصح إلا إذا كان يعقل البيع والشراء كما مر، وكأنه بمعنى المعتوه، ومن فرعي التفويض والتوكيل بالبيع ظهر أنه تسومح في الابتداء ما لم يتسامح في البقاء، وهو خلاف القاعدة الفقهية من أنه يتسامح في البقاء ما لم يتسامح في الابتداء اه ما في البحر ملخصا. قلت: وهذه القاعدة عبر عنها في الأشباه بقوله: الرابعة يغتفر في التوابع ما لا يغتفر في غيرها، ثم فرع عليها فروعا، ثم فرع على عكسها فرعين غير هذين الفرعين، فتصير فروع العكس أربعة بزيادة هذين الفرعين. قوله: (وجلوس القائمة) في جامع الفصولين: ولو مشت في البيت من جانب إلى جانب لم يبطل اه. قال في البحر: ومعناه أن يخيرها وهي قائمة فمشت من جانب إلى آخر، أما لو خيرها وهي قاعدة في البيت فقامت بطل خيارها بمجرد قيامها لأنه دليل الاعراض اه. قلت: وفيه أن هذا قول البعض، وأن الأصح أنه لا بد أن يكون مع القيام دليل الاعراض كما مر. قوله: (واتكاء القاعدة) أما لو اضطجعت، فقيل لا يبطل، وقيل إن هيأت الوسادة كما يفعل للنوم بطل. بحر عن الخلاصة. قوله: (للمشورة) فلو دعته لغيرها بطل، لما مر من أن الكلام الأجنبي دليل الاعراض. قوله: (بفتح وضم) أي فتح الميم وضم الشين، وكذا بسكون الشين مع فتح الميم والواو كما في المصباح قوله: (إذا لم يكن عندها من يدعوهم) صادق بما إذا لم يكن عندها أحد أصلا، أو عندها ولا يدعوهم، فلو عندها من يدعوهم فدعت بنفسها بطل، والظاهر أن هذا الحكم يجري في دعاء الأب للمشورة ط. قوله: (في الأصح) وقيل إن تحولت بطل بناء على أن المعتبر إما تبدل المجلس أو الاعراض والأصح اعتبار الاعراض. أفاده في البحر. قوله: (لتمكنها
349 من الاختيار أي اختيارها نفسها، فعدم ذلك دليل الاعراض. بحر. قوله: (والفلك) أي السفينة. قوله: (حتى لا يتبدل الخ) لان سيرها غير مضاف إلى راكبها بل إلى غيره من الريح ودفع الماء، فلا يبطل الخيار بسيرها بل بتبدل المجلس. فتح. قوله: (إلا أن تجيب مع سكوته) لأنها لا يمكنها الجواب بأسرع من ذلك فلا يتبدل حكما، لان اتحاد المجلس إنما يعتبر ليصير الجواب متصلا بالخطاب وقد وجد إذا كان بلا فصل، كذا في الفتح. وفسر الاسراع في الخلاصة بأن يسبق جوابها خطوتها. نهر وظاهر قول الفتح: فلا يتبدل حكما أنه لا يشترط هذا السبق، لأنه لا يحصل به التبدل لا حقيقة ولا حكما. قوله: (فإنه كالسفينة) يعني بجامع أن السير في كل منهما غير مضاف إلى راكب، وقياس هذا أنها لو كانت على دابة وثمة من يقودها أن لا يبطل بسيرها. نهر. وأقره الرملي. قلت: قد يقال: إنه قياس مع الفارق، فإنهما لو كانا في محمل يقودهما آخر ينسب السير إلى القائد لعدم تمكن راكب المحمل من تسيير الدابة، بخلاف راكب الدابة فإنه يمكنه التسيير فينسب إليه وإن قاده غيره. تأمل. قال الرحمتي: وينبغي أن الدابة لو جمحت وعجزت عن ردها أن تكون كالسفينة، لان فعلها حينئذ لا ينسب إلى الراكب كما يأتي في الجنايات . تتمة: لا يبطل خيارها فيما لو نامت قاعدة أو كانت تصلي المكتوبة أو الوتر فأتمتها، أو السنة المؤكدة في الأصح، أو ضمت إلى النافلة ركعة أخرى، أو لبست من غير قيام، أو أكلت قليلا، أو شربت، أو قرأت قليلا، أو سبحت، أو قالت لم لا تطلقني بلسانك. قال في الفتح: لان المبدل للمجلس ما يكون قطعا للكلام الأول وإفاضة في غيره، وليس هذا كذلك،. بل الكل يتعلق بمعنى واحد وهو الطلاق وتمامه في النهر. قوله: (لعدم تنوع الاختيار) لان اختيارها إنما يفيد الخلوص والصفاء، والبينونة تثبت به مقتضى ولا عموم له. نهر. أي معنى اخترت نفسي اصطفيتها من ملك أحد لها وذلك بالبينوية فصارت البينونة مقتضى وهو ما يقدر ضرورة تصحيح الكلام، فإن اصطفاءها نفسها مع ملك الزوج لا يمكن فيقدر لأني أبنت نفسي، والمقتضى لا عموم له لأنه ضروري، فيقدر بقدر الضرورة وهو البينونة الصغرى، إذ بها تستخلص نفسها وتصطفيها من ملك الزوج فلا تصح نية الكبرى لعدم احتمال اللفظ لها. رحمتي. قوله: (بخلاف أنت بائن) لأنه ملفوظ به لا مانع من عمومه، فإذا أطلق انصرف إلى الأدنى وهو البينونة الصغرى، ولو نوى الكبرى صح لأنه نوى محتمل لفظه، وكذا قوله: أمرك بيدك ولا يصح إيقاع الرجعي لأنه تفويض بلفظ الكناية والواقع بها البائن، وهو يحتمل البينونتين فينصرف إلى الصغرى، وإن نوى الكبرى فأوقعتها بلفظها أو بنيتها صح لما قلنا. أفاده الرحمتي. قوله: (استحسانا) راجع إلى قوله: أو أنا أختار نفسي أي لو ذكرت بلفظ المضارع سواء ذكرت أنا أو لا، ففي القياس: لا يقع لأنه وعد. ووجه الاستحسان قول عائشة رضي الله عنها لما خيرها النبي (ص): بل أختار الله ورسوله، واعتبره (ص) جوابا، لان المضارع حقيقة في الحال مجاز في الاستقبال كما هو أحد المذاهب، وقيل بالقلب، وقيل مشترك بينهما، وعلى الاشتراك يرجع هنا إرادة الحال بقرينة كونه إخبارا عن أمر قائم في الحال، وذلك ممكن في الاختيار
350 لان محله القلب، فيصح الاخبار باللسان عما هو قائم بمحل آخر حال الاخبار كما في الشهادة، بخلاف قولها أطلق نفسي لا يمكن جعله إخبارا عن طلاق قائم، لأنه إنما يقوم باللسان، فلو جاز لقام به الأمران في زمن واحد وهو محال، وهذا بناء على أن الايقاع لا يكون بنفس أطلق لعدم التعارف، وقدمنا أنه لو تعورف جاز، ومقتضاه أن يقع به هنا لأنه إنشاء لا إخبار، كذا في الفتح ملخصا. قال في النهر: وقيد المسألة في المعراج بما إذا لم ينو إنشاء الطلاق، فإن نواه وقع اه. والمناسب التعبير بضمير المؤنث، لان المسألة هي قول المرأة أطلق نفسي. تأمل. قوله: (أنا طالق) ليس هذا في الجوهرة ولا في البحر والنهر والمنح والفتح، بل صرح في البحر في الفصل الآتي نقلا عن الاختيار وغيره وسيذكره الشارح أيضا هناك أنه يقع بقولها أنا طالق، لأن المرأة توصف بالطلاق دون الرجل اه. وعبارة الجوهرة: وإن قال طلقي نفسك فقالت أنا أطلق لم يقع قياسا واستحسانا اه، نعم ذكر في البحر في فصل المشيئة عن الخانية: قال لامرأته: أنت طالق ثلاثا إن شئت فقالت أنا طالق لا يقع شئ اه. لكن عدم الوقوع لأنه علق الثلاث على مشيئتها الثلاث، ولا يمكن إيقاع الثلاث بلفظ طالق، فلا يقع شئ لأنه لم يوجد المعلق عليه، والذي قال في الذخيرة: لا يقع إلا أن تقول أنا طالق ثلاثا وبه علم أن لفظ أنا طالق يصلح جوابا، وإنما لم يقع هنا لما قلنا فتدبر. قوله: (أو تنو) مضارع مبني للمعلوم فاعله ضمير المرأة مجزوم بحذف الياء عطفا على يتعارف المبني للمجهول ح. ثم هذا ليس من عبارة الفتح بل من زيادة الشارح أخذا مما نقلناه آنفا عن النهر عن المعراج. قوله: (أو الاختيارة) مصدر اختاري، وأفاد أن ذكر النفس ليس شرطا بخصوصه، بل هي أو ما يقوم مقامها مما يأتي. قوله: (في أحد كلاميهما) وإذا كانت النفس في كلاميهما فبالأولى، وإذا خلت عن كلاميهما لم يقع. بحر. قوله: (بالاجماع) لان وقوع الطلاق بلفظ الاختيار عرف بإجماع الصحابة وإجماعهم في اللفظة المفسرة من أحد الجانبين. ط عن إيضاح الاصلاح. قوله: (لأنها تملك فيه الانشاء) أي فتملك تفسيره أيضا ط. قال في البحر عن المحيط والخانية: لو قالت في المجلس عنيت نفسي يقع لأنها ما دامت فيه تملك الانشاء. قوله: (إلا أن يتصادقا) ظاهره ولو بعد المجلس. بحر. قوله: (والتاجية) نسبة إلى تاج الشريعة. قوله: (لكن رده الكمال) حيث قال: الايقاع بالاختيار على خلاف القياس فيقتصر على مورد النص فيه، ولولا هذا لأمكن الاكتفاء بتفسير القرينة الحالية دون المقالية بعد أن نوى الزوج وقوع الطلاق به وتصادقا عليه لكنه باطل وإلا لوقع بمجرد النية مع لفظ لا يصلح له أصلا كاسقني اه. قوله: (ونقله الأكمل) أي في العناية ط. قوله: (فلو قال الخ) تفريع على ما علم من أن الشرط ذكر النفس أو ما يقوم مقامها في تفسير الاختيار. قوله: (إذ التاء فيه
351 للوحدة) أي واختيارها نفسها هو الذي يتحد مأة، بأن قال لها اختاري فقالت: اخترت نفسي تقع واحدة، ويتعدد أخرى كاختاري نفسك بثلاث تطليقات فقالت: اخترت وقعن، فلما قيده بالوحدة ظهر أنه أراد تخييرها في الطلاق فكان مفسرا ولا يرد أن هذا مناقض لما مر من أن الاختيار لا يتنوع لأنه لا يلزم مما ذكرنا كون الاختيار نفسه يتنوع كالبينونة إلى غليظة وخفيفة حتى يصاب كل نوع منه بالنية من غير زيادة لفظ آخر. أفاده في الفتح. قوله: (وكذا ذكر التطليقة) وتقع بائنة إن في كلامها بأن قالت اخترت نفسي بتطليقة، بخلافها في كلامه فإنه يقع بها طلقة رجعية لأنه تفويض بالصريح، وتصح فيه نية الثلاث كما مر. قوله: (وتكرار لفظ اختياري) لان الاختيار في حج الطلاق هو الذي يتكرر فكان متعينا. ط عن الايضاح. لكن في كون التكرار مفسرا كالنفس كلام يأتي قريبا. قوله: (وقولها اخترت أبي الخ) لان الكون عندهم إنما يكون للبينونة وعدم الوصلة مع الزوج، بخلاف اخترت قومي أو ذا رحم محرم لا يقع، وينبغي أن يحمل على ما إذا كان لها أب أو أم، أما إذا لم يكن وكان لها أخ ينبغي أن يقع لأنها حينئذ تكون عنده عادة، كذا في الفتح. قال في النهر: ولم أر ما لو قالت اخترت أبي أو أمي وقد ماتا ولا أخ لها، وينبغي أن يقع لقيام ذلك مقام اخترت نفسي اه. والحاصل أن المفسر ثمانية ألفاظ: النفس، والاختيارة، والتطليقة، والتكرار، وأبي، وأمي، وأهلي، والأزواج، ويزاد تاسع وهو العدد في كلامه، فلو قال: اختاري ثلاثا فقالت اخترت يقع ثلاث لأنه دليل إرادة اختيار الطلاق لاه هو الذي يتعدد، وقولها اخترت ينصرف إليه فيقع الثلاث أفاده في البحر. قوله: (والشرط الخ) إنما اكتفى بذكر هذه الأشياء في أحد الكلامين، لأنها إن كانت في كلامه تضمن جوابها إعادتها كأنها قالت فعلت ذلك، وإن كانت في كلامها فقد وجد ما يختص بالبينونة في اللفظ العامل في الايقاع، فإذا وجدت نية الزوج تمت علة البينونة فتثبت، بخلاف ما إذا لم يذكر النفس ونحوها في شئ من الطرفين، لان المبهم لا يفسر المبهم وللاجماع المار، وتمامه في الفتح. قوله: (فلم يختص الخ) أخذه من القهستاني ح. وكيف يختص مع مخالفته لقول المتون: وذكر النفس أو الاختيارة في أحد كلاميهما شرط. قوله: (وما في الاختيار) هو شرح المختار لمؤلفه. قوله: (من عدم الوقوع) أي في مسألة الاضراب. قوله: (سهو) لمخالفته لما هو المنقول في الكتب المعتمدة. بحر. قوله: (لو عكست) بأن قالت اخترت زوجي لا بل نفسي، أو قالت زوجي ونفسي. بحر. قوله: (اعتبارا للمقدم) لعدم صحة الرجوع عنه. قوله: (وبطل أمرها) عطف على لم يقع ح: أي خرج الامر من يدها في مسألتي العكس. قوله: (كما لو عطفت بأو) أي فإنه لا يقع ويخرج الامر من يدها، لان أو لاحد الشيئين فلم يعلم اختيارها نفسها ولا زوجها على التعيين، فكان اشتغالا بما لا يعنيها فكان إعراضا اه ح. قوله: (أو أرشاها الخ) أي جعل لها مالا لتختاره فاختارته لا يقع ولا يجب المال لأنه رشوة، إذا هو اعتياض عن ترك حق تملك نفسها
352 فهو كالاعتياض عن ترك حق الشفعة. فتح. قوله: (أو قالت الخ) قال في البحر: ولو قال لها اختاري فقالت ألحقت نفسي بأهلي لم يقع كما في جامع الفصولين وهو مشكل لأنه من الكنايات، فهو كقولها أنا بائن اه ح. وهذا ذكره في البحر في الفصل الآتي، وسنذكر جوابه ثمة عند قوله: وكل لفظ يصلح للايقاع الخ. قوله: (بعطف) أي بواو أو فاء أو ثم، وفي شرح التلخيص للفارسي أنه في العطف بثم لو اختارت نفسها قبل تكلم الزوج بالثانية وهي غير مدخول بها بانت بالأولى ولم يقع بغيرها شئ. بحر. قوله: (بلا نية) كذا في الكنز والهداية والصدر الشهيد والعتابي، ووجهه ما قاله الشارح من دلالة التكرار على إرادة الطلاق، وكذا قال في تلخيص الجامع الكبير: والتعدد: أي التكرار خاص بالطلاق، فأغنى عن ذكر النفس والنية، لكن قال في غاية البيان: إن المصرح به في الجامع الكبير اشتراط النية وهو الظاهر اه. وذهب إليه قاضيخان، وأبو المعين النسفي، ورجحه في الفتح بأن تكرار الامر باختيار لا يصيره ظاهرا في الطلاق، لجواز أن يريد اختاري في المال أو اختاري في المسكن. قال في البحر: والاختلاف في الوقوع قضاء بلا نية مع الاتفاق، على أنه لا يقع في نفس الامر إلا بها. والحاصل أن المعتمد رواية ودراية اشتراط النية دون النفس اه. أقول: والذي مال إليه العلامة [قاسم والمقدسي هو الأول، وقول البحر باشتراط النية دون النفس فيه نظر، لان من قال بعدم اشتراط النية بناء على التكرار دليل إرادة الطلاق يقول: لا يشترط ذكر النفس أيضا بدلالة التكرار، كما هو صريح عبارة التلخيص المارة، وصريح ما مر أيضا من عد التكرار من المفسرات التسعة، ومن قال باشتراط النية لم يجعل التكرار دليلا على إرادة الطلاق، كما هو صريح كلام الفتح المار، ومثله في شرح الزيادات لقاضيخان، فحيث لم يكن التكرار دليلا على إرادة الطلاق بقي لفظ الاختيار بلا مفسرا، وتقدم الاجماع على اشتراطه، فلزم من القول باشتراط النية اشتراط ذكر النفس، ولا يحصل التفسير بالنية لما في الفتح حيث قال: والإيقاع بالاختيار على خلاف القياس، فيقتصر على مورد النص، ولولا هذا لأمكن الاكتفاء بتفسير القرينة الحالية دون المقالية إن نوى الزوج وقوع الطلاق به وتصادقا عليه، لكنه باطل اه. نعم حيث كان الاختلاف المار إنما هو الوقوع قضاء ينبغي أن يقال: إن ذكر الزوج النفس مع التكرار لا يشترط معه النية اتفاقا، لما علمته من أن مناط الاختلاف هو أن التكرار هل يقوم مقام ذكر النفس في الدلالة على إرادة الطلاق أو لا؟ فإذا وجد التصريح بذكر النفس تعينت الدلالة على إرادة الطلاق، فلا يبقى محل للخلاف في اشتراط النية قضاء، لان ذكر النفس يكذبه في دعواه أنه لم ينو كما مر في كنايات الطلاق من أن الدلالة أقوى من النية لكونها ظاهرة والنية باطنة، فتعين كون الخلاف المار في أنه هل
353 تشترط النية في صورة التكرار أو لا تشترط، محله ما إذا لم يذكر النفس أو ما يقوم مقامها، هذا ما ظهر لي في هذا المقام فتدبره فإنه مفرد، ومن هنا ظهر لك أنه لا تنافي بين قوله هنا بلا نية، وقوله في أول الباب ينوي الطلاق لان ما ذكره أولا من اشتراط النية إنما هو فيما إذا لم تذكر النفس ونحوها من المفسرات في كلام الزوج، وإنما ذكرت في كلام المرأة فتشترط النية لتتم علة البينونة كما قدمناه سابقا عن الفتح، وقدمنا أن الغضب أو المذاكرة يقوم مقام النية في القضاء. أما إذا ذكرت النفس ونحوها في كلامه فلا حاجة إلى النية في القضاء لوجود ما يختص بالبينونة، وهل التكرار في كلامه مفسر كالنفس فيغني عن النية أو لا؟ فيه الخلاف الذي سمعته، وأما إذا لم تذكر النفس أو نحوها لا في كلامه ولا في كلامها لا يقع أصلا وإن نوى كما مر. قوله: (ثلاثا) يوجد في بعض النسخ ذكرها قبل قوله: بلا نية وهو الذي في المنح، وهو الأنسب لافادته أن الثلاثة لا تشترط لها النية أيضا ط. قوله: (في اخترت الأولى) قيد به لان في قولها اخترت أو اخترت اختيارة يقع ثلاث اتفاقا وكذا اخترت مرة أو بمرة أو دفعة أو بدفعة أو بواحدة أو اختيارة واحدة تقع الثلاث في قولهم. بحر. قوله: (إلى آخره) أي أو الوسطى أو الأخيرة، والمراد أنها قالت اخترت الأولى، أو قالت اخترت الوسطى أو قالت الأخيرة ويحتمل كون المراد أنها ذكرت الثلاثة من العطف بأو. قوله: (وأقره الشيخ علي المقدسي) فيه أن المقدسي في شرحه على نظم الكنز إنما حكى القولين، ثم ذكر توجيه قولهما وأعقبه بتوجيه قول الإمام. قوله: (فقد أفاد الخ) فيه أن قول الإمام مشى عليه أصحاب المتون، وأخر دليله في الهداية فكان هو المرجح عنده على عادته، وأطال في الفتح وغيره في توجيهه ودفع ما يرد عليه، وتبعه في البحر والنهر فكان هو المعتمد لأصحاب المتون والشروح فلا يعارضه اعتماد الحاوي القدسي. قوله: (في جواب التخيير المذكور) أي المرر ثلاثا كما في النهر. وعبارة البحر: في جواب قوله اختاري قوله: (في الأصح) الأنسب إبداله بقوله: هو الصواب لان ما في الهداية وبعض نسخ الجامع الصغير من أنه يملك الرجعة جزم الشارحون بأنه غلط وما في البحر من أنه رواية رده في النهر. قوله: (لتفويضه بالبائن) لان لفظ التخيير كناية فيقع به البائن. قوله: (فلا تملك غيره) لأنه لا عبرة لإيقاعها بل لتفويض الزوج، ألا ترى أنه لو أمرها بالبائن أو الرجعي فعكست وقع ما أمر به الزوج. بحر. قوله: (فاختارت نفسها) أشار إلى أن اخترت كما يصلح جوابا للاختيار يصلح جوابا للامر باليد كما يأتي. أفاده ط. قوله: (والمفيد للبينونة الخ) جواب عن سؤال هو أن كلا من أمرك بيدك واختاري
354 يفيد البينونة فلا يجوز صرفه عنها إلى غيرها. قال السائحاني: ومن هنا يعلم أن قوله لزوجته روحي طالقة رجعي. قوله: (كعكسه) يعني أن الصريح إذا قرن بالكناية كان بائنا نحو أنت طالق بائن ح. قوله: (بخلاف) الباء للسببية متعلق بقيد: أي إنما قيد بفي بسبب مخالفة الخ، وقوله: ومثلها الباء اعتراض ح. قوله: (فهي بائنة لأنه فوض إليها بلفظ البائن، وذكر الصريح علة أو غاية لا على أنه هو المفوض، بخلاف في لأنه جعل الامر مظروفا في التطليقة، والباء هنا. بمعنى في رحمتي. قوله: (كما لو جعل أمرها بيدها) أي بأن قال أمرك بيدك لو لم الخ، فقوله له لم تصل شرط، وقوله أمرك بيدك دليل جوابه، وقوله فطلقي تفسير لكون أمرها بيدها ح. قوله: لان لفظة الطلاق علة للمسائل الثلاث ط. قوله: (لم تكن في نفس الامر) أي في نفس الامر باليد: أي لم تكن معمولا له، وليس المراد بنفس الامر الواقع ح. قوله: (فلم تختر) يعني لم يكن لها الخيار كما عبر به في البحر، وحيث ارتكب الشارح هذا التركيب كان عليه أن يحذف الفاء كما لا يخفى ح. وفي بعض النسخ: فلا خيار لها ما لم يخيرها. قوله: (بخلاف أخبرها بالخيار) أي فقبل أن يخبرها سمعت الخبر فاختارت نفسها وقع، لان الامر لا بالاخبار يقتضي تقدم المخبر عنه، فكان هذا إقرارا من الزوج بثبوت الخيار لها. بحر. قوله: (وقع ثنتان) إحداهما بالمشيئة وأخرى بالخيار، لأنه فوض إليها طلاقين: أحدهما صريح، والآخر كناية، والكناية حال ذكر الصريح لا تفتقر إلى نية. بحر. قوله: (اتحد) حتى إذا ردت في اليوم بطل أصلا. هندية. ومثله إذا قال اختاري في اليوم وغد كما في البحر ط. قوله: (ولو واختاري غدا) بأن قال اختاري اليوم واختاري غدا، فهما خياران بقرينة إعادة ذكر الاختيار ط، وسيأتي ما يتحد وما يتعدد في الباب الآتي. قوله: (قال اختاري اليوم الخ) لما ذكره معرفا انصرف إلى المعهود وهو الحاضر، ولم يمكن تخييرها في الماضي منه فكانت مخيرة إلى انقضائه، وذلك بغروب الشمس في اليوم وبرؤية الهلال في الشهر وبتمام ذي الحجة في السنة، كما لو حلف لا يكلمه اليوم أو الشهر أو السنة، وأما لو نكره انصرف إلى كامله وكان ابتداؤه من حين التخيير فينتهي بمثله من الغد، فيدخل ما بينهما من الليل ضرورة مع أن الليل لا يتبع اليوم المفرد، وكأن هذه المسألة مستثناة من ذلك. رحمتي. وما ذكره الشارح مأخوذ من الجوهرة. وعبارة البحر في الفصل الآتي عن الذخيرة: لو قال أمرك بيدك يوما أو شهرا أو سنة فلها الامر من تلك الساعة إلى استكمال المدة المذكورة اه. وهذه العبارة تحتمل أن يكون المراد أنه يكمل من الليل أو يكمل من اليوم الثاني مع دخول الليل وعدمه، لكن صرحوا في الايمان في: لا أكلمه يوما بتكميله من اليوم الثاني مع دخول الليل كما مر عن الرحمتي. قوله: (وإلى تمام ثلاثين يوما) لان
355 التفويض حصل في بعض الشهر فلا يمكن اعتبار الأهلة فيه فيعتبر بالأيام بالاجماع. ذخيرة، ومفهومه أنه لو كان حين أهل الهلال كما في مسألة الإجارة. قوله: (في الليلة الأولى ويومها) لان الرأس الأول، وتحت الشهر نوعان: الليل والنهار، فأول الليالي الليلة الأولى، وأول الأشهر اليوم الأول ط. قوله: (ولا يبطل المؤقت) أي الخيار المؤقت بيوم أو شهر أو سنة بالاعراض في مجلس العلم بل بمضي الوقت المعين علمت بالتخيير أو لا، أما الخيار المطلق فيبطل الاعراض ط. والله أعلم. باب الأمر باليد الأمر هنا بمعنى الحال واليد بمعنى التصرف. بحر عن المصباح والمعنى باب بيان حال طلاق المرأة الذي جعله زوجها في تصرفها ط وقدمنا أن المناسب الترجمة هنا بالفصل بدل الباب قوله (هو كالاختيار) أي في اشتراط النية وذكر النفس أولى ما يقوم مقامها وعدم ملك الزوج الرجوع وتقيده بمجلس التفويض أو مجلس علمها إذا كانت غائبة أو بالمدة إذا كان مؤقتا قوله (إلا في نية الثلاث) فإنها تصح هنا لا في التخيير لأن الأمر جنس يحتمل الخصوص والعموم فأيهما نوى صحت نيته وما في البدائع من عدم اشتراط ذكر النفس هنا مخالف لعامة الكتب كما في البحر والنهر قوله (ولو صغيرة) هذه واقعة الفتوى التي قدمناها في الباب المار عن الذخيرة قوله (لأنه كالتعليق) أي لأنه وإن كان تمليكا لكن فيه معنى التعليق كما مر بيانه في التخيير قوله (أمرك بيدك) مثله المعلق كإن دخلت الدار فأمرك بيدك فإن طلقت نفسها كما وضعت القدم فيها طلقت وإن بعدما مشت خطوتين لم تطلق لأنها طلقت بعدما خرج الأمر من يدها بحر عن المحيط وفي العتابية وإن مشت خطوة بطل فيحمل على ما إذا كانت رجلها فوق العتبة والأخرى دخلت بها وما سبق على ما إذا كانت خارج العتبة فبأول خطوة لم تتعد أول الدخول وبالثانية تتعدى ويخرج الأمر من يدها مقدسي قوله (أو بشمالك الخ) وفي البزازية أمرك في عينيك وأمثاله يسأل عن النية بحر قوله (ينوي ثلاثا) أشار إلى أنه لا بد من نية التفويض ديانة أو دلالة الحال قضاء كما في البحر وسيأتي محترز قوله ثلاثا قوله (أي تفويضها) أي تفويض الثلاث وأشار إلى أن هذا كناية عن التفويض لا عن الإيقاع حتى لو نوى بها الإيقاع لم يقع لأن لفظها لا يحتمل ذلك وهو ظاهر في غير الأمر باليد أما هو فيحتمل الإيقاع لأنه إذا أبانها كان أمرها بيدها وكأنه لم يجعل كناية عنه لعدم التعارف رحمتي قوله (في مجلسها) استفيد هذا القيد من الفاء التعقيبية. نهر وهذا قيد في التفويض المطلق عن الوقت كما مر قوله (وقعن) أي الثلاث لأن الاختيار يصلح جوابا للأمر باليد لكونه تمليكا كالتخيير والواحدة صفة للإختيارة فصار كأنها قالت
356 اخترت نفسي بمرة واحدة وبذلك أنكر الثلاث نهر أما طلقي نفسك فإن الاختيار لا يصلح جوابا له كما يأتي في الفصل الآتي قوله (وينبغي الخ) وعبارة لخلاصة عن المنتقى لو جعل أمرها بيد أبيها فقال أبوها قبلتها طلقت وكذا لو جعل أمرها بيدها فقالت قبلت نفسي طلقت اه وفي مثل هذا لا يتوقف على صغرها لأنه يصح أن يجعل الأمر بيد أجنبي وإن كانت بالغة وليس في عبارة الخلاصة أنه جعل أمرها بيدها فقبل أبوها حتى يتأتى ما بحثه الشارح تبعا لصاحب النهر رحمتي قلت على أنه إذا جعل أمرها بيدها يكون في معنى التعليق على اختيارها نفسها فلا يصح من أبيها ولو كانت صغيرة وكذا لو جعله بيد أبيها لا يصح منها ولو كبيرة لعدم وجود المعلق عليه قوله (وذكر اسمه تعالى للتبرك) أي فتنفرد المخاطبة بالأمر قوله (وإن لم ينو ثلاثا) محترز قوله ينوي ثلاثا وهو صادق بأن لم ينو عددا أو نوى واحدة أو ثنتين في الحرة فإنها أنكر واحدة بائنة وقدمنا أنه لا بد من نية التفويض إليها ديانة أو يدل الحال عليه قضاء بحر قوله (ولا دلالة) أما إذا وجدت الدلالة على الثلاث كمذاكرتها أو الإشارة بثلاث أصابع فيعمل بها وهذا أولى من قول النهر كما إذا كان في حال الغضب أو مذاكرة الطلاق فإنه لا يدل على نية الثلاث ط قوله (وتقبل بينتها على الدلالة) أي على الغضب أو المذاكرة مثلا، ولا تقبل على النية إلا أن تقام على إقراره بها كما في النهر عن العمادية قوله (كما مر) أي في أول الكنايات ح قوله (أو ما يقوم مقامها) كالاختيارة واخترت أمري ط وكاخترت أبي أو أمي أو أهلي أو الأزواج كما يعلم مما مر في التخيير والظاهر أن التكرار هنا مثله هناك قوله (فلو جعل أمرها بيدها الخ) محترز قوله وعلمها وترك الآخرين لظهورهما فلو اختارت نفسها بعد انقضاء المجلس لا يقع وهذا إذا أطلق إما إذا وقته كأمرك بيدك يوما لها الخيار ما دام الوقت ولو قال لها أمرك بيدك فقالت اخترت ولم تقل نفسي ولا ما يقوم مقامها لم يقع رحمتي قوله (لم تطلق) كالوكيل لا يصير وكيلا قبل العلم بالوكالة حتى لو يطلق لا يصح تصرفه بخلاف الوصي لأنه خلافة كالوراثة بزازية قوله (وكل لفظ الخ) نقل هذا الأصل في البحر عن البدائع ولم أر من أوضحه والذي ظهر لي في بيانه أنه ليس المراد تشخيص اللفظ بمادته وهيئته ولا بتغيير الضمائر والهيئات كما قيل بل المراد أن تسند اللفظ إلى ما لو أسنده إليه الزوج يقع به الطلاق فبهذا يكون ما يصلح للإيقاع منه يصلح للجواب منها فقولها أنت علي حرام أو أنت مني بائن أو أنا منك بائن يصلح للجواب كما مر لأنها أسندت الحرمة البينونة في الأوليين إلى الزوج وهو لو أسندهما إليه يقع بأن قال أنا عليك حرام أو أنا منك بائن وفي الثالث أسندت البينونة إلى نفسها وهو لو أسندها إلى نفسها يقع بأن قال أنت مني بائن وكذا قولها أنا طالق أو طلقت نفسي أسندت الطلاق إلى
357 نفسها فيصح جوابا لأنه لو أسند الطلاق إليها يقع بخلاف قولها طلقتك ومثله قولها أنت مني طالق لأنها أسندت الطلاق إليه ولو أسنده إلى نفسه لم يقع فحيث لم يكن صالحا للإيقاع منه لم يصلح للجواب منها فهذا هو الصواب في تقرير هذا الضابط وبه سقط ما قيل إنه منقوض بهذا الأخير لأنه لو قال لها طلقتك يقع وهو مبني على أن المراد تغيير الضمائر والهيئات وليس كذلك بل المراد ما ذكرنا ثم اعلم أن المراد من قولهم كل ما صلح للإيقاع من الزوج ما يصلح له بلا توقف على نية بعد طلبها منه الطلاق لما في جامع الفصولين الأصل أن كل شئ من الزوج طلاق إذا سألته فأجابها به فإذا أوقعت مثله على نفسها بعد ما صار الطلاق بيدها تطلق فلو قالت طلقني فقال أنت حرام أو بائن أو خلية أو برية تطلق فلو قالته بعد ما صار الطلاق بيدها تطلق أيضا ولو قالت له طلقني فقال الحقي بأهلك وقال لم أنو طلاقا صدق فلو قالته بعدما صار الأمر بيدها بأن قالت ألحقت نفسي بأهلي لا تطلق أيضا اه أي لأنه من الكنايات التي تحتمل الرد فتتوقف على النية في حالة الغضب والمذاكرة فلا تتعين للإيقاع بعد سؤالها الطلاق إلا بالنية بخلاف حرام وبائن فإنه يقع بلا نية في حال المذاكرة وبه اندفع ما في البحر من استشكاله الفرق بين ألحقت نفسي وأنا بائن فافهم قوله (فإنه ليس من ألفاظ الطلاق) لأنه لو نوى به الإيقاع لم يقع لأنه كناية تفويض لا إيقاع لكنه ثبت بالإجماع على خلاف القياس كما مر ومثله أمرك بيدك وإنما لم يستثنه لأنه لا يصلح جوابا منها بأن تقول أمري بيدي كما صرح به في البحر قوله (لكن يرد عليه) أي على هذا الضابط صحته أي صحة الجواب منها بقولها قبلت أو قول أبيها ذلك إذا كان التفويض إليه مع أن القبول لا يصلح للإيقاع منه وهذا الإيراد لصاحب البحر وقد يجاب عنه بأن قولها قبلت عبارة عن اخترت نفسي فهو انظر تحت المستثني قوله (لما تقرر الخ) علة لقوله بانت يعني وأن أجابت بالصريح الواقع به الرجعي لكن يقع بائنا لأن المعتبر تفويض الزوج وأنبل إنما يكون بالبائن لأنها به تملك أمرها لا بالرجعي وأما علة وقوع الواحدة دون الثلاث فهي أن الواحدة في كلامها صفة لمصدر هو طلقة إذ خصوص العامل اللفظي قرينة خصوص المقدر وبهذا وقع الفرق بين طلقت نفسي بواحدة واخترت نفسي بواحدة واندفع ما قبل إنه ينبغي وقوع الواحدة في الثاني أيضا وتمامه في الفتح قوله (ولا يدخل الليل) أراد صارت الجنس فيشمل الليلتين وكذا ولا يدخل اليوم الفاصل وسكت عنه لظهوره ح وفي الحاوي القدسي ولا يدخل الليلان وغد فيه قوله (لأنها تمليكان) قال في البحر لأن عطف زمن على مماثل مفصول بينهما بزمن مماثل لهما ظاهر في قصد تقييد الأمر
358 المذكور بالأول وتقييد أمر آخر بالثاني فيصير لفظ اليوم مفردا غير مجموع إلى ما بعده في الحكم المذكور لأنه صار عطف جملة على جملة أي أمرك بيدك اليوم وأمرك بيدك بعد غد ولو أفرد اليوم لا يدخل الليل فكذا إذا عطف جملة أخرى اه ح قوله (فكان أمرها بيدها بعد غد) الذي شرح عليه المصنف وكان بالواو وهي الأولى ط قلت وهي كذلك في بعض النسخ قوله (ولو طلقت) مضعف مبني للمعلوم حذف مفعوله يعني ولو طلقت نفسها ليلا أي في إحدى الليلتين لا يصح وهذا تصريح بما فهم من قوله ولا يدخل الليل ح قوله (ولا تطلق إلا مرة) أراد بهذا دفع ما يتوهم من اقتضاء كونهما تمليكين جواز أن تطلق نفسها مرتين في كل يوم مرة اه ح أقول هذا يحتاج إلى نقل صريح بهذا المعنى لأن كونهما تمليكين يدل على أن لها أن تطلق نفسها اليوم وبعد غد وفي المنح لما ثبت أنهما أمران لانفصال وقتهما ثبت لها الخيار في كل واحد من الوقتين على حدة فبرد أحدهما لا يرتد الآخر وفيه خلاف زفر اه فالظاهر أن مراد الشارح أنها لا تطلب في كل يوم إلا مرة قال في البدائع ولو اختارت نفسها في الوقت مرة ليس لها أن تختار مرة أخرى لأن اللفظ يقتضي الوقت لا التكرار ذكر ذلك في بحث المؤقت كاليوم والشهر فإذا كان تمليكين في وقتين فلها أن تختار في كل واحد منهما مرة فقط ويدل عليه ما نذكره قريبا عن البدائع أيضا فافهم قوله (وإن ردته الخ) عطف على قوله ويدخل الليل لبيان الفرق بين هذه المسألة والتي قبلها من وجهين أحدهما أن لها أن تطلق نفسها ليلا والثاني لو ردت الأمر اليوم لم تملكه في الغد وبه علم أن العطف بالواو أحسن منه بالفاء فافهم قوله (لم يبق في الغد) قال في الهداية هو ظاهر الرواية وعن أبي حنيفة لها أن تختار نفسها غدا لأنها لا تملك رد الأمر كما لا تملك رد الإيقاع اه قوله (لأنه تفويض واحد) لأنه لم يفصل بينهما بيوم آخر وكان جمعا بحرف الجمع في التمليك الواحد فهو كقوله أمرك بيدك يومين وفيه الخطبة الليلة المتوسطة استعمالا لغويا وعرفيا بحر قوله (فهما أمران) قال في البدائع حتى لو اختارت زوجها اليوم أو ردت الأمر فهي على خيارها غدا لأنه لما كرر اللفظ فقد تعدد التفويض فرد أحدهما لا يكون ردا للآخر ولو اختارت نفسها في اليوم الأول فطلقت ثم تزوجها قبل الغد فأرادت أن تختار نفسها فلها ذلك وتطلق أخرى لأنه ملكها بكل واحد من التفويضين طلاقا فالإيقاع بأحدهما لا يمنع الإيقاع بالآخر اه فهذا دليل على ما ذكرناه في المسألة الأولى من أن لها تطلق في كل يوم مرة واحدة قوله (ولم يذكر خلافا) أي لم يذكر في الخانية خلافا في كونهما أمرين فما في الهداية من تخصيص أبي يوسف برواية ذلك عنه ليس لإثبات الخلاف وإنما هو لأنه مخرج الفرع المذكور كما في الفتح قوله (ولا يدخل الليل) لأنه أثبت لها الأمر في يوم مفرد والثابت في اليوم الذي
359 يليه أمر آخر فتح قوله (ظاهر ما مر) أي من قوله فإن ردت الأمر في يومها بطل الأمر في ذلك اليوم وإنما قال ظاهر لاحتمال أن يراد برد الأمر اختيارها زوجها لا قولها رددته وستسمع التفصيل فيه ح قوله (لكن في العمادية الخ) فيه اختصار فكان عليه أن يقول وفي الذخيرة أنه لا يرتد ووفق في العمادية الخ وبيان ذلك أن الحكم بصحة ردها مناقض لما في الذخيرة من أنه لو جعل أمرها بيدها أو يد أجنبي ثم ردت الأمر أو رده الأجنبي لا يصح لأن هذا تمليك شئ السري فيقع لازما والمسألة مروية عن أصحابنا رحمهم الله تعالى اه قال العمادي في فصوله والتوفيق أنه يرتد بالرد عند التفويض لا بعد قبوله نظيره الإقرار فإن من أقر لإنسان بشئ فصدقه المقر له ثم رد إقراره لا يصح الرد اه ومشى على هذا التوفيق شراح الهداية واختار المحقق ابن الهمام في الفتح توفيقا آخر وهو أن المراد بقولهم فإن ردت الأمر في يومها بطل هو اختيارها زوجها اليوم وحقيقته انتهاء ملكها والمراد بما في الذخيرة أن تقول رددت اه وإليه يرشد قول الهداية لأنها إذا اختارت نفسها اليوم لا يبقى لها الخيار في غد فكذا إذا اختارت زوجها برد الأمر ووفق في جامع الفصولين بأنه يحتمل أن يكون في المسألة روايتان لأنه تمليك من وجه فيصح رده قبل قبوله نظرا إلى التمليك ولا يصح نظرا إلى التعليق لا قبله ولا بعده فرواية صحة الرد نظرا للتمليك وفساده نظرا للتعليق اه واستظهره في البحر وأيده بأنه في الهداية نقل رواية عن أبي حنيفة بأنها لا تملك رد الأمر كما لا تملك رد الإيقاع وقال فلا حاجة إلى ما تكلفه ابن الهمام والشارحون وأورد قبل ذلك على ما قاله العمادي والشارحون أن قولها بعد القبول رددت إعراض مبطل لخيارها وتابعه على هذا الإيراد المقدسي فقال وهذا عجيب حيث أبطلوه بما يدل على الإعراض والرد كالأكل والشرب ولم يبطلوه بصريح الرد اه أقول هذا مدفوع بأن الكلام في المؤقت وقد صرحوا بأنه لا يبطل بالقيام عن المجلس والأكل والشرب ما لم يمض الوقت بخلاف المطلق عن الوقت كما مر قوله (قبل قبوله) الحدود مضاف لمفعوله أي قبول المرأة التفويض قوله (كالإبراء) أي عن الدين فإنه بعد ثبوته لا يتوقف على القبول ويرتد بالرد لما فيه من معنى الإسقاط والتمليك فتح قوله (وأنه في المتحد) عطف على قوله إنه يرتد بردها أي وظاهر ما مر أيضا أنه في المتحد مثل أمرك بيدك اليوم وغدا لا يبقى في الغد وفيه أن هذا منصوص في كلام المصنف صريحا وقوله لكن الخ استدراك على قوله لا يبقى في الغد قوله (إلى رأس الشهر) أي الشهر الآتي قوله (بطل خيارها في اليوم الخ) المراد باليوم والغد المجلس كما عبر به في التاترخانية لا خصوص اليوم الأول والثاني قوله ( ولها أن تختار نفسها في الغد) أي فقد بقي مع أنه من المتحد ح قوله (عند الإمام) وكذا عند محمد وقال أبو يوسف خرج الأمر من يدها في الشهر كله وذكر في البدائع أن بعضهم ذكر
360 الخلاف على العكس أي أنه يخرج الأمر في الشهر كله عندهما لا عند أبي يوسف وكذا في التاترخانية وقال إنه الصحيح قوله (بأنه متى ذكر الوقت) أي كأمرك بيدك اليوم وغدا أو إلى رأس الشهر اعتبر تعليقا أي والتعليق لا يرتد بالرد وإلا أي وإن لم يذكر الوقت كأمرك بيدك يعتبر تمليكا أي والتمليك يرتد قبل قبوله كما مر وفيه نظر من وجهين الأول أن القبول هنا بمعنى اختيارها أحد الأمرين نفسها أو زوجها فإذا قالت اخترت زوجي وجد القبول فلا تملك الرد بعده باختيارها نفسها فلا فرق حينئذ بين اعتبار التعليق والتمليك فليتأمل الثاني ما أورده ح من أن هذا التوجيه لا يدفع التناقض بين ما في المتن وما في الولوالجية لأنه يقتضي أن يبقي الأمر بيدها في الغد إذا اختارت زوجها اليوم في أمرك بيدك اليوم وغدا مع أنه خلاف ما نص عليه المصنف وأجاب ط بأن مقصود الشارح ثبوت التناقض لا دفعه أقول والجواب عن التناقض أن الخلاف جار في مسألة المتن أيضا كما قدمناه عن الهداية وفي البدائع ولو قال أمرك بيدك اليوم وغدا فهو على ما مر من الاختلاف وصرح به الولوالجي أيضا فقال في مسألة اليوم وغدا لو ردت الأمر في اليوم يبقى في الغد وفي الجامع الصغير لا يبقى وعليه الفتوى اه وقد علمت مما مر من حكاية الخلاف في مسألة الشهر أن الأمر لا يبقى في الغد عندهما خلافا لأبي يوسف فافهم قوله (بقي لو طلقها بائنا الخ) قيد بالبائن لأنه لو طلقها رجعيا بقي أمرها قولا واحدا ح وأراد الشارح الجواب عن مناقضة أخرى بين كلامهم فإن العمادي ذكر في فصوله أنه لو قال أمرك بيدك ثم طلقها بائنا خرج من يدها في ظاهر الرواية قال في موضع آخر لا يخرج ثم وفق بحمل الأول على التفويض المنجز والثاني على المعلق قال في النهر وأصله ما مر من أن البائن لا يلحق البائن إلا إذا كان معلقا قوله (لكن في البحر الخ) استدراك على توفيق العمادي فإنه صرح في القنية بأنه إذا قال إن فعلت كذا فأمرك بيدك ثم طلقها قبل وجود الشرط طلاقا بائنا ثم تزوجها يبقى الأمر في يدها ثم رقم لا يبقى في ظاهر الرواية فهذا صريح في أن المعلق يخرج كالمنجز في ظاهر الرواية قال في البحر فالحق أن المسألة اختلاف الرواية وأن ظاهر الرواية بطلانه بالإبانة لو طلقت نفسها في العدة لا بعد زوج آخر لقولهم إن زوال الملك بعد اليمين لا يبطلها والتخيير بمنزلة التعليق وأجاب في النهر بأن ما في القنية مبني على الطلاق وظاهر الرواية وهو مقيد بما مر من التوفيق قلت ويؤيده ما في شرح المقدسي على الخلاصة قال السرخسي قال لامرأته اختاري ثم طلقها بائنا بطل الخيار وكذا الأمر باليد ولو رجعيا لا يبطل أصله أن البائن لا يلحق البائن فلو تزوجها في العدة أو بعدها لا يعود الأمر بخلاف ما إذا كان الأمر معلقا بشرط ثم أبانها ثم وجد الشرط وفي الإملاء لو قال اختاري إذا شئت أو أمرك بيدك إذا شئت ثم طلقها واحدة بائنة
361 ثم تزوجها واختارت نفسها عند أبي حنيفة تطلق بائنا وعند أبي يوسف لا قال الإمام السرخسي قوله ضعيف اه فظهر بهذا قوة ما وفق به في الفصول فإن قلت نفس الاختيار فيه معنى التعليق فينبغي أن لا يكون فرق قلنا الفرق بين التعليق الصريح وما فهي معنى التعليق ظاهر لا يخفى على من عنده نوع تحقيق ولبعضهم هنا كلام يغني النظر إليه عن التكلم عليه اه والظاهر أنه أراد بالبعض صاحب البحر فإن ما ذكره من عدم الفرق بين المنجز والمعلق وتقييده البطلان بما إذا طلقت نفسها في العدة لا بعدها بناء على أن التخيير بمنزلة التعليق يرده صريح كلام السرخسي فافهم قوله (صح) مقيد بما إذ ابتدأت المرأة فقالت زوجت نفسي منك على أن أمري بيدي أطلق نفسي كلما أريد أو على أني طالق فقال الزوج قبلت أما لو بدأ الزوج لا تطلق ولا يصير الأمر بيدها كما في البحر عن الخلاصة والبزازية قوله (لم تسمع) أي لعدم حصول ثمرته ط قوله (بحكم الأمر) الباء للسببية لأن حكم الشئ ثمرته وأثره المترتب عليه وحكم الأمر ملكها طلاق نفسها قوله (ثم ادعته) أي ادعت الجعل المذكور أو الطلاق قوله (فالقول لها) لأنه وجد سببه بإقراره وهو التخيير فالظاهر عدم الاشتغال بشئ آخر بحر ولأنه لما أقر بالتخيير والطلاق صار بإنكاره مدعيا بطلان السبب والأصل عدمه وهذا بخلاف ما لو قال لقنه جعلت أمرك بيدك في العتق أمس فلم تعتق نفسك وقال القن فعلت لا يصدق إذ المولى لم يقر بعتقه لأن جعل الأمر بيده لا يوجب العتق ما لم يعتق الق نفسه والمولى ينكره بخلاف الطلاق فإنه أقربه وادعى إبطاله فلم يقبل منه كما أوضحه في البحر جوابا عما في جامع الفصولين من أنه ينبغي عدم الفرق قوله (ثم اختلفا) أي قال ضربتها بجناية وقالت بدونها وينبغي أن يكون ذلك بعد اختيارها نفسها كما علم مما قبله قوله (فالقول له) لأنه فقلنا صيرورة الأمر بيدها وإن لم يبين الجناية ولو أقامت بينة على أنه بغير جناية ينبغي أن تقبل وإن قامت على النفي لكونها على الشرط والشرط يجوز إثباته بالبينة وإن كان نفيا نهر عن العمادية قوله (كما سيجئ) أي في باب التعليق عند قوله إلا إذا برهنت ح قوله (ما تريد مني) استفهام وقوله افعل ما تريد أمر قوله (لم تطلق الخ) أي لأنه وإن كان في مذاكرة الطلاق لكنه لا يتعين تفويضا لاحتمال التهكم أي افعل إن قدرت تأمل قوله (لا يدخل نكاح الفضولي الخ) في البحر عن القنية إن تزوجت عليك امرأة فأمرها بيدك فدخلت امرأة في نكاحه بنكاح الفضولي وأجاز بالفعل ليس لها أن تطلقها ولو قال إن دخلت امرأة في نكاحي فلها ذلك وكذا في التوكيل بذلك اه أي لأنه بعقد
362 الفضولي مع عدم الإجازة بالقول لم يصدق أنه تزوجها بل صدق أنها دخلت في نكاحه ومثل دخلت قوله تحل لي لكن سيذكر في آخر كتاب الأيمان عدم الحنث مطلقا حيث قال كل امرأة الخطبة في نكاحي أو تصير حلالا لي فكذا فأجاز نكاح فضولي بالفعل لا يحنث ومثله إن تزوجت امرأة بنفسي أو بوكيلي أو بفضولي أو دخلت في نكاحي بوجه ما تكن زوجته طالقا لأن قوله أو بفضولي عطف على قوله بنفسي وعامله تزوجت وهو خاص بالقول وإنما ينسد باب الفضولي لو زاد أو أجزت نكاح فضولي ولو بالفعل ولا مخلص له إلا كان المعلق طلاق المتزوجة فيرفع الأمر إلى شافعي ليفسخ اليمين المضافة اه وحاصلة أنه إما أن يعلق طلاق زوجته أو طلاق التي يتزوجها ففي الثاني يرفع الأمر إلى شافعي بعدم أن في المسألة قولين ووجه عدم الحنث في أو دخلت امرأة في نكاحي أن دخولها لا يكون إلا بالتزويج فكأنه قال إن تزوجتها وبتزويج الفضولي لا يصير متزوجا بخلاف كل عبد دخل في ملكي فإنه يحنث بعقد الفضولي فإن ملك اليمين لا يختص بالشراء بل له أسباب سواه وقد ذكر المصنف القولين في فتاواه ورجح القول بعدم الحنث وسيأتي إن شاء الله تعالى تمام الكلام على ذلك في الأيمان قوله (لم يقع) لأنه تمليك منهما وهو في معنى التعليق على فعلهما فلم يوجد المعلق عليه بفعل أحدهما والله تعالى أعلم في المشيئة هذا هو النوع الثالث من يجري التفويض وليس تعليق الطلاق على المشيئة صريحا بل ما يشمله ويشمل الضمني فقد قال في كافي الحاكم وإذا قال لها طلقي نفسك ولم يذكر فيه مشيئة فذلك بمنزلة المشيئة غنم ذلك في المجلس اه أي لأنه موقوف على مشيئتها وتطليقها مشيئة ولذا قال في الكافي لو قال لها طلقي نفسك واحدة إن شئت فقالت قد طلقت نفسي واحدة فهي طالق وقد شاءت حيث طلقت نفسها اه وبما قررناه اندفع ما أورده في النهر عن العناية من أن المناسب للترجمة الابتداء بمسألة فيها ذكر المشيئة ولا حاجة إلى ما أجاب عنه في الحواشي السعدية من أن ذكر ما فيه المشيئة منزل مما لم تذكر فيه منزلة المركب من المفرد يعني والمفرد يسبق المركب فكذا ما نزل منزلته اه وإن أقره في النهر نعم يصلح هذا للجواب عما قد يقال لم ذكر مسائل المشيئة ضمنا قبل مسائل المشيئة صريحا وإن كان كل منهما مقصودا من هذا الباب فافهم قوله (أو نوى واحدة) لو حذف هذا العلم بالأولى نهر قوله (أو اثنتين في الحرة) لأنهما في حقها عدد محض بخلاف الأمة فتصح نية الثنتين في حقها لأنهما فرد اعتباري كالثلاث في حق الحرة قوله (فطلقت) أي واحدة أو ثنتين أو ثلاثا وكل مع عدم النية أصلا أو من نية الواحدة أو الثنتين في الحرة فهي تسعة والواقع فيها طلقة رجعية أما في الأمة فالصور أربع أفاده ح لأنها إما أن تطلق واحدة أو ثنتين وكل مع عدم النية أو مع نية الواحدة لكن قوله أو ثلاثا جار على قولهما بوقوع واحدة رجعية أما عند
363 الإمام فإنها إذا طلقت ثلاثا ونوى واحدة أو لم ينو أصلا لا يقع شئ لأن موجب طلقي هو الفرد الحقيقي فيثبت وإن لم ينوه والفرد الاعتباري حنث الثلاث محتملة لا يثبت إلا بنيته فإتيانها بالثلاث حينئذ اشتغال بغير ما فوض إليها فلا يقع شئ كما أفاده في الشرنبلالية ومقتضاه أنه إذا نوى اثنتين فطلقت ثلاثا لا يقع عنده شئ أيضا فافهم قوله (ونواه) أي الثلاث وأفرد الضمير باعتبار المذكور أو لأنها فرد اعتباري وقيد به احترازا عما إذا لم ينو أصلا أو نوى واحدة أو اثنتين فإنه لا يقع شئ عنده كما علمت قوله (وقعن) أي الثلاث سواء أوقعتها بلفظ واحد أو متفرقا وإنما صح إرادة الثلاث لأن قوله طلقي نفسك معناه افعلي التطليق فهو مذكور لغة لأنه جزء معنى اللفظ فصح نية العموم في حق الأمة ثنتان وفي حق الحرة ثلاث فتح وقوله أو متفرقا يدل على أنه لو نوى الثلاث فطلقت واحدة أو ثنتين وقع ويأتي التصريح بوقوع الواحدة في طلقي نفسك ثلاثا فطلقت واحدة ويأتي تمامه قوله (قيد بخطابها) أي بقوله نفسك فافهم قوله (وبقولها في جوابه الخ) اعلم أنه لو قال لها طلقي نفسك فقالت في جوابه أبنت نفسي طلقت رجعية ولو قالت اخترت نفسي لم تطلق قال في الفتح وحاصل الفرق أن المفوض الطلاق والإبانة من ألفاظه التي تستعمل في إيقاعه كناية فقد أجاب بما فوض إليها بخلاف الاختيار ليس من ألفاظ الطلاق لا صريحا ولا كناية ولهذا لو قالت أبنت نفسي توقف على إجازته ولو قالت اخترت نفسي فهو باطل ولا يلحقه إجازة وإنما صار كناية بإجماع الصحابة فيما إذا جعل جوابا للتخيير غير أنها زادت وصف تعجيل البينونة فيه فيلغو الوصف ويثبت الأصل اه وقوله ولهذا الخ استدلال على إثبات الفرق في مسألتنا بإثباته في مسألة أخرى وهي ما لو ابتدأت وقالت أبنت نفسي بدون قوله لها طلقي نفسك وقع إن أجازه أي مع النية منه وكذا منها كما قدمناه معي الكنايات عن تلخيص الجامع وشرحه ولو ابتدأت وقالت اخترت نفسي لا يقع وإن أجازه مع النية لأن اخترت لم يوضع كناية إلا في جواب التخيير ولهذا لو قال لها اخترتك ناويا الطلاق لم يقع بخلاف لفظ الإبانة وقوله غير أنها الخ بيان لوقوع الرجعي في مسألتنا وبما قررناه ظهر لك أنه اشتبه على الشارح مسألة الابتداء بمسألة الجواب فالصواب إسقاط قوله إن أجاز وقوله بعده وإن أجازه لأن ذلك فيما إذا ابتدأت بقولها أبنت نفسي أو فاخترت وقد ذكر المسألة معي الكنايات وكلامنا الآن فيما إذا قالت ذلك في جواب قوله لها طلقي نفسك ذلك لا يتوقف على الإجازة أصلا ولا على نيتها الطلاق خلافا لما في النهر عن التلخيص لأن ما في التلخيص من اشتراط نيتها إنما ذكره في مسألة الابتداء لا في مسألة الجواب لأن قولها أبنت نفسي في جواب قوله طلقي نفسك غير محتاج إلى النية وأيضا فإن الواقع هنا رجعي وفي مسألة الابتداء بائن ورأيت ط نبه على بعض ما قلنا وكذا الرحمتي فافهم قوله (لأنه كناية) علة لقوله طلقت وأما علة كونها رجعية فتقدمت قوله (ولا كناية) أي ليس من كنايات الطلاق بل هو كناية تفويض وإنما عرف جوابا للتخيير بلفظ اختاري بالإجماع وألحق به الأمر باليد بخلاف طلقي فإنه لا يقع الاختيار جوابا
364 قال في البحر وأفاد بعدم صلاحيته للجواب أن الأمر يخرج من يدها لاشتغالها بما لا يعنيها كما في الفتح ودل اقتصاره على نفي الاختيار أن كل لفظ يصلح للإيقاع من الزوج يصلح جوابا لطلقي نفسك كجواب الأمر باليد كما صرح به في الخلاصة اه قوله (بأنواعه الثلاث) أي التخيير والأمر باليد والمشيئة قوله (لما فيه من معنى التعليق) أو لكونه تمليكا يتم بالملك وحده بلا توقف على القبول كما علل به في الفتح وقدمناه في التفويض قوله (لأنه تمليك) أي وإن صرح بلفظ الوكالة كما إذا قال وكلتك في طلاقك كما في الخانية أي لأنها عاملة لنفسها والوكيل عامل لغيره أفاده في البحر ثم قال والظاهر أنه لا فرق بين تعليق التطليق أو الطلاق في حق هذا الحكم أي تقييده بالمجلس لما في المحيط إذ قال لها طلقي نفسك ولم يذكر مشيئة فهو بمنزلة المشيئة إلا في خصلة وهي أن نية الثلاث صحيحة في طلقي دون أنت طالق إن شئت اه وظاهره أنها إذا لم تشأ في المجلس خرج الأمر من يدها اه قوله (ونحوه الخ) كإذا شئت أو إذا ما شئت أو حين شئت فإن لها أن تطلق في المجلس وبعده لأن هذه الألفاظ لعموم الأوقات فصار كما إذا قال في أي وقت شئت وكلما كمتى مع إفادة التكرار إلى الثلاث بخلاف إن وكيف وحيث وكم وأين وأينما فإنه في هذه يتقيد بالمجلس والإرادة والرضا والمحبة كالمشيئة بخلاف ما إذا علقه بشئ آخر من أفعالها كالأكل فإنه لا يقتصر على المجلس نهر في الجميع بحر فتأمله واعلم أنه متى ذكر المشيئة سواء أتى بلفظ يوجب العموم أو لا إذا طلقت نفسها بلا قصد غلطا لا يقع بخلاف ما إذا لم يذكرها حيث يقع قال في الفتح وقدمنا ما يوجب حمل ما أطلق من كلامهم من الوقوع بلفظ الطلاق غلطا على الوقوع قضاء لا ديانة نهر قوله (مطلقا) أي في المجلس وبعده قوله (وإذا قال لرجل ذلك) اسم الإشارة راجع إلى الأمر بالتطليق أي قال له طلق امرأتي قيد به احترازا عما لو قال له أمر امرأتي بيدك فإنه يقتصر على المجلس ولا يملك الرجوع على الأصح وكذا جعلت إليك طلاقها فطلقها يقتصر على المجلس ويكون رجعيا بحر أراد بالرجل العاقل احترازا عن الصبي والمجنون لأنه لا بد في صحة التوكيل من عقل الوكيل كما صرح به كتاب الوكالة بخلاف ما إذا جعل أمرها بيد صبي أو مجنون فإنه يصح لأنه تمليك في ضمنه تعليق فكأنه قال إن قال لك المجنون أنت طالق فأنت طالق فهذا مما خالف فيه التمليك التوكيل أفاده في البحر وتقدم ذلك في باب التفويض لكن نقل في البحر بعد ذلك عن البزازية التوكيل بالطلاق تعليق الطلاق بلفظ الوكيل ولذا يقع منه حال سكره اه إلا أن يقال إن هذا لا ينافي اشتراط العقل لصحة التوكيل ابتداء لكن مقتضى التعليق بلفظ الوكيل عدم اشتراط عقله لوجود المعلق عليه بالتطليق وعليه فلا فرق بين التمليك والتوكيل في ذلك فليتأمل قوله (إلا إذا زاد وكلما عزلتك الخ) أي فإنه لا يقبل الرجوع ويصير لازما كما في الخلاصة وغيرها نهر ومقتضاه أنه لا يمكنه عزله لأنه من يجري الرجوع ويخالفه ما في البحر عن الخانية الصحيح أنه يملك عزله وفي طريقه أقوال قال السرخسي يقول عزلتك عن جميع الوكالات فينصرف إلى المعلق والمنجز وقيل يقول عزلتك كما وكلتك وقيل يقول رجعت عن الوكالات المعلقة وعزلتك
365 عن الوكالة المطلقة قوله (فيتقيد به الخ) لأنه علقه بالمشيئة والمالك هو الذي يتصرف عن مشيئته هداية ثم اعلم أنه قال شئت لا يقع لأن الزوج أمره بتطليقها إن شاء ويوجد التطليق بقوله شئت ولو قال هي طالق إن شئت فقال شئت وقع لوجود الشرط وهو مشيئته ولو قال طلقها فقال فعلت وقع لأنه كناية عن قوله طلقت بحر عن المحيط وفيه عن كافي الحاكم لو وكله أن يطلق امرأته فطلقها الوكيل ثلاثا إن نوى الزوج الثلاث وقعن وإلا لم يقع شئ عنده وقالا أنكر واحدة قوله (طلقها في مجلسه لا غير) فلو قام من مجلسه بطل التوكيل هو الصحيح لأن ثبوت الوكالة بالطلاق بناء على ما فوض إليها من المشيئة ومشيئتها تقتصر على المجلس فكذا الوكالة كذا في الخانية قال الحلواني ينبغي أن يحفظ هذا فإنه مما عمت به البلوى فإن الوكلاء يؤخرون الإيقاع عن مشيئتها ولا يدرون أن الطلاق لا يقع وهذا مما يستثنى من قوله لم يتقيد بالمجلس نهر وهذا مما يلغز به فيقال وكالة تقيدت بمجلس الوكيل بحر قوله (وطلقت واحدة) قال في البحر لا فرق بين الواحدة والثنتين ولو قال وطلقت أقل وقع ما أوقعته لكان أولى وأشار إلى أنها لو طلقت ثلاثا فلأنه يقع بالأولى وسواء كانت متفرقة أو بلفظ واحد اه قوله (وقعت) أي رجعية لأن اللفظ صريح كذا في بعض النسخ قوله (لأنها) أي الواحدة وقال في الفتح لأنها لما ملكت إيقاع الثلاث كان لها أن توقع منها ما شاءت كالزوج نفسه اه قال الرملي مقتضاه أن في مسألة ما إذا قالها طلقي نفسك ونوى ثلاثا فطلقت ثنتين أنكر ثنتان لأنها ملكت أيضا إيقاع الثلاث فكان لها أن توقع منها ما شاءت ولم أر من نبه عليه ويدل عليه قولهم فيها إنه لا فرق بين إيقاعها الثلاث بلفظ واحد أو متفرقة فإنا عند التفريق قد حكمنا بوقوع الثانية قبل الثالثة فلو اقتصرنا على الثانية أنكر الثنتان فقط فلو لم تملك الثنتين لما جاز التفويض تأمل اه قوله (وكذا الوكيل الخ) قال في البحر وفرق في هذا الحكم بين التمليك والتوكيل فلو وكله أن يطلقها ثلاثا فطلقها واحدة وقعت واحدة فلو وكله أن يطلقها ثلاثا بألف درهم فطلقها واحدة لم يقع شئ إلا أن يطلقها واحدة بكل الألف كذا في كافي الحاكم اه أي لأن الواحدة وإن كانت بعض ما فوض إليه لكن الزوج لم يرض بالطلاق إلا بعوض مخصوص فلا يصح بدونه قوله (لا يقع شئ في عكسه) أي فيما إذا أمرها بالواحدة فطلقت ثلاثا بكلمة واحدة عند الإمام أما لو قالت واحدة وواحدة وواحدة وقعت واحدة اتفاقا لامتثالها بالأولى ويلغو ما بعده وكذا لو قال أمرك بيدك ينوي واحدة فطلقها نفسها ثلاثا قال في المبسوط أنكر واحدة اتفاقا لأنه لم يتعرض للعدد لفظا واللفظ صالح للعموم والخصوص وتمامه في البحر قوله (وقالا واحدة)
366 أي أنكر واحدة قوله (طلقي نفسك الخ) لا فرق في المعلق بالمشيئة بين كونه أمرا بالتطليق أو نفس الطلاق حتى لو قال لها أنت طالق ثلاثا إن شئت أو واحدة إن شئت فخالفت لم يقع شئ بحر قوله (وكذا عكسه) بأن يقول طلقي نفسك واحدة إن شئت فطلقت ثلاثا بحر قوله (لا يقع فيهما) بلا خلاف في الأولى لأن تفويض الثلاث معلق بشرط هو مشيئتها إياها لأن معناه إن شئت الثلاث فلم يوجد الشرط لأنها لم تشأ إلا واحدة بخلاف ما إذا لم يقيد بالمشيئة ودخل في كلامه ما لو قالت شئت واحدة وواحدة وواحدة منفصلا بعضها عن بعض بالسكوت لأنه فاصل فلم توجد مشيئة الثلاث بخلاف المتصلة بلا سكوت لأن مشيئة الثلاث قد وجدت بعد الفراغ من الكل وهي في نكاحه ولا فرق بين المدخولة وغيرها وأما الثانية فعدم الوقوع فيها قول الإمام وعندهما أنكر واحدة بحر قوله (الاشتراط الموافقة لفظا) إنما تشترط الموافقة لفظا فيما هو أصل لا فيما هو تبع وهنا كذلك لأن الإيقاع بالعدد عند ذكره لا بالوصف فإذا أمرها بثلاث أو بالواحدة فعكست تكون قد خالفت في الأصل الذي به الإيقاع بخلاف ما مر من أنه لو قال لها طلقي نفسك فقالت أبنت نفسي فإنها تطلق لأنها خالفت في الوصف فقط فيلغو ويقع الرجعي كما مر لكن هذا يقتضي عدم الفرق بين المعلق بالمشيئة وغيره مع أنه تقدم في غير المعلق بها كطلقي نفسك ثلاثا وطلقت واحدة أنه يقع واحدة إلا أن يقال إن اشتراط الموافقة لفظا خاص بالمعلق بالمشيئة فيكون تعليقا للإتيان بصورة اللفظ كما يفيده ما يذكره الشارح قريبا عن الخانية فليتأمل قوله (لما في تعليق الخانية) عبارته على ما في البحر طلقي نفسك عشرا إن شئت فقالت طلقت نفسي ثلاثا لا يقع ثم قال لو قال لها أنت طالق واحدة إن شئت فقالت شئت نصف واحدة لا تطلق اه وبه علم أن الشارح أسقط قيد المشيئة ووجه عدم الوقوع المخالفة في اللفظ وإن وافق في المعنى لأن العشرة لا يقع منها إلا ثلاثة والنصف يقع واحدة قوله (أمرها ببائن أو رجعي الخ) بأن قال لها طلقي نفسك بائنة فقالت طلقت نفسي رجعية أو قال لها رجعية فقالت طلقت نفسي بائنة وشمل ما إذا قلت أبنت نفسي لأنه راجع لما قبله وقد فرق بينهما قاضيخان في حق الوكيل فقال رجل قال لغيره طلق امرأتي رجعية فقال لها الوكيل طلقتك بائنة أنكر واحدة رجعية ولو قال الوكيل ابنتها لا يقع شئ اه ولعل الفرق بين الوكيل والمأمورة أن الوكيل بالطلاق لا يملك الإيقاع بلفظ الكناية لأنها متوقفة على نيته وقد أمره بطلاق لا يتوقف على النية فكان مخالفا في الأصل بخلاف المرأة فإنه ملكها الطلاق بكل لفظ يملك الإيقاع به صريحا كان أو كناية لكنه يتوقف على وجود النقل بأن الوكيل لا يملك الإيقاع بالكناية بحر واعترضت في النهر بأن ما في الخانية صريح في أن الوكيل يكون مخالفا بإيقاعه بالكناية هذا وقيد الشهاب الشلبي كلام المتن بما إذا قالت طلقت نفسي بائنة بخلاف أبنت نفسي فإنه لا يقع شئ وقال فاغتنم هذا التحرير فإنك لا تجده في شرح من الشروح ونقله الشرنبلالي وأقره قلت لكن الشلبي قيد بذلك أخذا من كلام قاضيخان في الوكيل وهو يتوقف على ثبوت
367 عدم الفرق بينهما وفيه ما علمت مع أنه تقدم أول الفصل أنها تطلق بقولها أبنت نفسي فليتأمل قوله (والأصل الخ) قال في الفتح والحاصل أن المخالفة إن كانت في الوصف لا تبطل الجواب بل يبطل الوصف الذي به المخالفة ويقع على الأوجه الذي فوض به بخلاف ما إذا كانت في الأصل حيث يبطل كما إذا فوض واحدة فطلقت ثلاثا على قول أبي حنيفة أو فوض ثلاثا فطلقت ألفا قوله (خانية بحر) أي نقله في البحر عن الخانية وفي بعض النسخ وبحر بالواو وهي صحيحة أيضا بل أولى لأن ذلك مستفاد من مجموع الكتابين فإنه في الخانية ذكر في باب التعليق قال لها طلقي نفسك واحدة بائنة إن شئت فطلقت نفسها رجعية أو قال واحدة أملك الرجعة إن شئت فطلقت بائنة لا يقع شئ في قياس قول أبي حنيفة لأنها ما أتت بمشيئة ما فوض إليها فاستنبط منه في البحر أن ما ذكره المصنف مفروض في غير المعلق بالمشيئة فافهم قوله (أي لم يوجد بعد) لما كان قوله لمعدوم صادقا على ما مضى وانقطع مع أن التعليق به تنجيز خصصه بقوله أي لم يوجد بعد ح وإنما أطلقه المصنف اعتمادا على ما ذكره في مقابله قوله (كإن شاء الخ) مثل بمثالين إشارة إلى أنه لا فرق بين أن يكون المعلوم محقق المجئ أو محتملة ح قوله (بطل الأمر الخ) أي حال الطلاق قال في البحر لأنه علق الطلاق بمشيئتها المنجزة وهي أتت بالمعلقة فلم يوجد الشرط قيد بقوله شئت مقتصرة عليه لأنها لو قالت شئت طلاقي الخ وقع لأنها إذا لم تذكر الطلاق لا تعتبر النية بلا لفظ صالح للإيقاع ويستفاد منه أنه لو قال شئت طلاقك وقع بالنية لأن المشيئة تنبئ عن الوجود لأنها من الشئ وهو الموجود بخلاف أردت طلاقك لأنه لا ينبئ عن الوجود فقد فرق الفقهاء بين المشيئة والإرادة في صفات العبد وإن كانا مترادفين في صفاته تعالى كما هو اللغة فيهما وأحببت ورضيت مثل أردت اه قوله (وإن قالت) أي في المجلس بحر قوله (أراد بالماضي المحقق الجوزي) أي سواء وجد وانقضى مثل إن كان فلان قد جاء وقد جاء أو كان حاضرا كما مثل الشارح قوله (مثلا) راجع على قوله ليلا قوله (لأنه تنجيز) أي لأن التعليق بكائن تنجيز ولذا صح تعليق الإبراء بكائن ولا يرد أنه لو قال هو كافر إن كنت كذا وهو يعلم أنه قد فعله مع أن المختار أنه لا يكفر لأن الكفر يبتنى على تبدل الاعتقاد وتبدله غير واقع مع ذلك الفعل وتمامه في البحر قوله (فردت الأمر) بأن قالت لا أشاء نهر قوله (لا يرتد) فلها بعد ذلك أن تشاء لأنه لم يملكها في الحال شيئا بل أضافه إلى وقت مشيئتها فلا يكون تمليكا قبله فلا يرتد بالرد كذا في الهداية
368 وقد يقال إنه ليس تمليكا في حال أصلا بل هو تعليق للطلاق على مشيئتها وقولها طلقت إيجاد للشرط الذي هو مشيئتها وليس الواقع إلا طلاقه المعلق نعم هذا صحيح في قوله طلقي نفسك إن شئت فتح وأجاب في البحر بما في المحيط من أنه يتضمن معنى التعليق وهو السري لا يقبل الإبطال ومعنى التمليك لأن المالك هو الذي يتصرف عن مشيئته وإرادته وهي عاملة في التطليق لنفسها والمالك هو الذي يعمل لنفسه وجواب التمليك يقتصر على المجلس وفي الجامع أنت طالق إن شئت أو أحببت أو هويت ليس بيمين لأنه تمليك معنى تعليق صورة ولهذا يقتصر على المجلس والعبرة للمعنى دون الصورة اه وفائدته أنه لا يحنث في يمينه لا يحلف () اه أقول وقوله وجواب التمليك يقتصر على المجلس خاص بما إذا علق بأداة لا تفيد عموم الوقت كان وكيف وحيث وكم وأين بخلاف ما يدل على العموم وهو المذكور هنا وتقدم أيضا أول الفصل قوله (ولا يتقيد بالمجلس) أما في كلمة متى ومتى ما فلأنها للتوقيت وهي عامة في الأوقات كلها كأنه قال في أي وقت شئت وأما إذا وإذا ما فكمتى عندهما وعند الإمام وإن كانت تستعمل للشرط فكما تستعمل له تستعمل للوقت لكن الأمر صار بيدها فلا يخرج بالقيام عن المجلس بالشك نعم لو قال أردت مجرد الشرط لنا أن تقول يتقيد بالمجلس ويحلف لنفي التهمة نهر وتمامه في الفتح قوله (لأنها تعم الأزمان) تعليل لعدم التقييد بالمجلس كما أن قوله لا الأفعال علة لقوله ولا تطلق إلا واحدة ط قوله (لا تطليقا) كذا في بعض النسخ بالنصب عطفا على التطليق وفي أكثر النسخ لا تطليق ويمكن تأويله بجعل لا نافية للجنس والخبر محذوف دل عليه ما قبله والتقدير لا تطليق بعد تطليق مملوك لها فافهم قوله (ولا تجمع ولا تثني) عبارة الهداية فلا تملك الإيقاع جملة وجمعا قال في العناية قيل معناهما واحد وقيل الجملة أن تقول طلقت نفسي ثلاثا والجمع أن تقول طلقت نفسي واحدة وواحدة وواحدة هذا هو الظاهر اه يعني في تفسير الجمع فكأنه يشير إلى ما في الدراية حيث فسر الجمع بأن تقول طلقت وطلقت وطلقت قال والأول أصح يعني كونهما بمعنى واحد كذا في النهر ويمكن أن يراد بالجملة الثنتان وبالجمع الثلاث ويكون قوله ولا تجمع ولا تثني إشارة إلى ذلك ثم اعلم أن ما في الدراية من تفسير الجمع بأن تقول طلقت وطلقت وطلقت وأن الأصح خلافه يفيد أن لها أن تطلق ثلاثا متفرقة في مجلس واحد على الأصح وإليه يشير ما في العناية أيضا حيث فسره بطلقة واحدة وواحدة وواحدة فإنه جمع لاتحاد العامل بخلاف ما في الدراية فإنه تفريق لا جمع لتكرر الفعل وعلى هذا فما في القهستاني من قوله تطلق ثلاثا متفرقة أي في ثلاثة مجالس فلا تطلق نفسها في كل مجلس أكثر من واحدة لأن كلما لعموم الإفراد فلا تطلق ثلاثا مجتمعة اه مبني على خلاف الأصح إلا أن يحمل قوله أكثر من واحدة على المجتمعة بقرينة قوله فلا تطلق ثلاثا مجتمعة تأمل ويدل على ما قلنا ما في جامع الفصولين أمرك بيدك كلما شئت فلها أن تختار نفسها كلما شاءت في المجلس أو بعده حتى تبين بثلاث إلا أنها لا تطلق نفسها في دفعة واحدة أكثر من واحدة اه فإن مقتضاه أن لها أن
369 تطلق في مجلس واحد ثلاثا متفرقة إلا أن يفرق بين أنت طالق وأمرك بيدك لكن في غاية البيان قال وهذه من مسائل الجامع الصغير وصورتها محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة في رجل قال لامرأته أنت طالق كما شئت قال لها أن تطلق نفسها وإن قامت من مجلسها وأخذت في عمل آخر واحدة بعد واحدة حتى تطلق نفسها ثلاثا الخ قال في غاية البيان لأن كلمة كلما لتعميم الفعل فلها مشيئة بعد مشيئة إلى أن تستوفي الثلاث فإذا قامت من المجلس أو أخذت في عمل آخر بطلت مشيئتها المملوكة لها في ذلك المجلس بوجود دليل الإعراض ولكن لها مشيئة أخرى بحكم كلما اه فهذا صريح في أن لها تفريق الثلاث في مجلس واحد اه وأصرح منه ما في التاترخانية عن المحيط ولو قال لها أنت طالق كلما شئت فلها ذلك أبدا كلما شاءت في المجلس وغيره واحدة بعد واحدة حتى تطلق ثلاثا اه فافهم تنبيه قال في الفتح فلو طلقت ثلاثا أو ثنتين وقع عندهما واحدة وعنده لا يقع شئ اه وفي البحر عن المبسوط كلما شئت فأنت طالق ثلاثا فقالت شئت واحدة فهذا باطل لأن معنى كلامه كلما شئت الثلاث اه قلت فأفاد أن تفريق الثلاث إنما هو فيما إذا لم يصرح بالعدد وفي كافي الأحكام كلما شئت فأنت طالق ثلاثا فشاءت واحدة فذلك باطل وكذا فأنت طالق واحدة فشاءت ثلاثا وكذا لو قال فأنت طالق ولم يقل ثلاثا فشاءت ثلاثا اه أي جملة فلو متفرقة ولو في مجلس جاز كما علمت قوله (لأنها لعموم الإفراد) بكسر الهمزة أي الانفراد كذا ضبطه الشارح في شرحه على المنار وكذا ضبطه ح وقال هو الحدود فيوافق تعبيرهم بالانفراد ويجوز فتحها اه وفي شرح العيني لأن كلما تعم الأوقات والأفعال عموم الانفراد لا عموم الاجتماع فيقتضي إيقاع الواحدة في كل مرة إلى ما لا يتناهى إلا أن اليمين يطلق إلى الملك القائم اه قوله (لا يقع) لأن التعليق إنما ينصرف إلى الملك القائم وهو الثلاث فباستغراقه ينتهي التفويض بحر قوله (وإلا) أي وإن لم تطلق نفسها أصلا أو طلقت نفسها ثلاثا في مجلس أو طلقت نفسها واحدة فقط أو ثنتين في مجلس ح مطلب في مسالة الهدم قوله (وهي مسألة الهدم الآتية) أي في آخر باب الرجعة وهي أن الزوج الثاني يهدم ما دون الثلاث كما يهدم الثلاث فمن طلق امرأته واحدة أو أكثر ثم عادت إليه بعد زوج آخر عادت إليه بملك جديد فيملك عليها ثلاث طلقات وهذا عندهما وعند محمد إنما يهدم الثاني الثلاث فقط لا ما دونها فمن طلق امرأته ثنتين ثم عادت إليه بعد زوج آخر عادت إليه بما بقي وهو طلقة واحدة فإذا طلقها بعد العود طلقة واحدة لا تحرم عليه حرمة غليظة عندهما وعنده تحرم وكذا إذا قال كلما دخلت الدار فأنت طالق فدخلتها مرتين ووقع عليها الطلاق وانقضت عدتها ثم عادت إليه بعد زوج آخر فعندهما تطلق كما دخلت الدار إلى أن تبين بثلاث طلقات خلافا لمحمد كما ذكره
370 الزيلعي في باب التعليق عند قوله وتعليق الثلاث يبطل تنجيزه بحال البحر هنا قيدنا بكونه بعد الطلاق الثلاث لأنها لو طلقت نفسها واحدة أو ثنتين ثم عادت إليه بعد زوج آخر فلها أن تفرق الثلاث خلافا لمحمد وهي مسألة الهدم الآتية اه وهو موافق لما نقلناه عن الزيلعي ومثله في الفتح وغاية البيان وهذا صريح في أنها بعد العود لها أن تطلق نفسها ثلاثا متفرقة عندهما وعند محمد تطلق ما بقي فقط فتفريق الثلاث مبني على قولهما لا على قول محمد فافهم ونعم يشكل على هذا التعليل المار بأن التعليق إنما ينصرف إلى الملك القائم وهو الثلاث فإنه يقتضي أنها لو طلقت نفسها ثنتين ثم عادت إليه بعد زوج آخر ليس لها أن تطلق نفسها أصلا عندهما لأنها عادت إليه بملك حادث وطلقات الملك الأول هدمها الزوج الثاني ولا إشكال على قول محمد من أنها تطلق واحدة فقط لأنها الباقية لكون الزوج الثاني لم يهدم ما دون الثلاث عنده ثم رأيت المحقق في الفتح أفاد الجواب عن ذلك في باب التعليق بما حاصله أن قولهم إن المعلق طلقات هذا الملك الثلاث مقيد بما دام ملكا لها فإذا زال ملكه لبعضها صار المعلق ثلاث مطلقة قوله (لأنهما للمكان) صلاية ظرف مكان مبني على الضم وأين ظرف مكان يكون استفهاما فإذا قيل أين زيد لزم الجواب بتعيين مكانه ويكون شرطا وتزاد فيه ما فيقال أينما تقم أقم بحر عن المصباح قوله (ولا تعلق للطلاق به) ولذا لو قال أنت طالق بمكة أو في مكة كان تنجيزا للطلاق كما مر فتكون طالقا في كل مكان في الحال بخلاف الزمان فإن الطلاق يتعلق به قوله (فجعلا مجازا عن إن الخ) جواب عن إيرادين أحدهما أنه إذا ألغى ذكر المكان صار أنت طالق شئت وبه يقع الحال كأنت طالق دخلت الدار ثانيهما أنه إذا كان مجازا عن الشرط فلم حمل على إن دون متى مما لا يبطل بالقيام عن المجلس والجواب عن الأول أنه جعل الظرف مجازا عن الشرط لأن كلا منهما يفيد ضربا من التأخير وهو أولى من إلغائه بالكلية وعن الثاني بأن حمله على إن أولى لأنها أم الباب ولأنها حرف الشرط وفيه يبطل بالقيام أفاده في الفتح قوله (ويقع في الحال رجعية الخ) أي تطلق طلقة رجعية بمجرد قوله ذلك شاءت أو لا ثم إن قالت شئت بائنة أو ثلاثا وقد نوى الزوج ذلك تصير كذلك للموافقة وهذا عنده أما عندهما فما لم تشأ لم يقع شئ فعنده أصلا الطلاق لا يتعلق بمشيئتها بل صفته وعندهما يتعلقان معا وتمامه في الفتح وكتبت في حاشيتي على شرح المنار الفرق بين هذا التفويض وعامة التفويضات حيث لم تحتج إلى نية الزوج أن المفوض ها هنا حال الطلاق وهو متنوع بين البينونة والعدد فيحتاج إلى النية لتعيين أحدهما بخلاف عامة التفويضات قوله (وإلا فرجعية) صادق بما إذا شاءت خلاف ما نوى وربما إذا لم ينو شيئا والمراد الأول لما في الفتح وإن اختلفا بأن شاءت بائنة والزوج ثلاثا أو على القلب فهي رجعية لأنه لغت مشيئتها
371 لعدم الموافقة فبقي إيقاع الزوج بالصريح ونيته لا تعمل في جعله بائنا أو ثلاثا ولو لم تحضر الزوج نية لم يذكره في الأصل ويجب أن تعتبر مشيئتها حتى لو شاءت بائنة أو ثلاثا ولم ينو الزوج يقع ما أوقعت بالاتفاق الخ اه قوله (لو موطوءة) قيد لقوله رجعية في الموضعين وتقدم في باب المهر نظما أن المختلى بها كالموطوءة في لزوم العدة وكذا في وقوع طلاق آخر في عدتها فافهم قوله (وإلا) أي بأن كانت غير مدخول بها طلقت طلقة بائنة وخرج الأمر من يدها لفوات محليتها بعدم العدة كذا في الفتح أما المختلى بها فتلزمها العدة كما علمت فتطلق رجعية ولا يخرج الأمر من يدها فافهم قوله (وقول الزيلعي) عبارته وثمرة الخلاف تظهر في موضعين فيما إذا قامت عن المجلس قبل المشيئة وفيما إذا كان ذلك قبل الدخول فإنه يقع عنده طلقة رجعية وعندهما لا يقع شئ والرد كالقيام اه ح قوله (لها أن تطلق ما شاءت) أي واحدة أو ثنتين أو ثلاثا ويتعلق أصل الطلاق بمشيئتها بالاتفاق بخلاف مسألة كيف شئت على قوله لأن كم اسم للعدد وما شئت تعميم للعدد والواحد عدد على اصطلاح الفقهاء فكان التفويض في نفس العدد والواقع ليس إلا العدد إذا ذكر فصار التفويض في نفس الواقع فلا يقع شئ ما لم تشأ فتح تنبيه لم يذكر اشتراط النية من الزوج وشرطه الشارح في شرحه على المنار وكذا في شرح المرقاة وذكر في الكشف أنه رأى بخط شيخه معلما بعلامة البزدوي أن مطابقة إرادة الزوج شرط لأنه لما كان للعدد المبهم احتيج إلى النية وأقره في التقرير لكن ظاهر الهداية والفتح وغيره أنه لا يشترط واستظهره صاحب البحر في شرحه على المنار لأنه لا اشتراك لأن المفوض إليها القدر فقط وله أفراد فلا إبهام بخلافه في كيف لأن المفوض إليها الحال وهو مشترك كما قدمناه قلت وهو ظاهر المتون أيضا قوله (في مجلسها) لأنه تمليك فيقتصر عليه كما مر قوله (ولم يكن بدعيا) قال في البحر وأفاد بقوله ما شاءت أن لها أن تطلق أكثر من واحدة من غير كراهة ولا يكون بدعيا إلا ما أوقعه الزوج لأنها مضطرة إلى ذلك لأنها لو فرقت خرج الأمر من يدها اه قلت كذا لو كانت حائضا وقد مر التصريح به في أول الطلاق قال ط ويقال وكما ذلك في كيف شئت السابق إذا وقعت ثلاثا مع النية قوله (وإن ردت) بأن قالت لا أطلق فتح قوله (بما يفيد الإعراض) كالنوم والقيام عن المجلس قوله (لأنه تمليك في الحال) احتراز عن إذا ومتى يعني هذا تمليك منجز غير مضاف إلى وقت في المستقبل فاقتضى جوابا في الحال فتح قوله (والأول أظهر) لأنه لو كان المراد البيان لكفى قوله طلقي ما شئت كما في النهر عن التحرير ح
372 مطلب أنت طالق إن شئت وإن لم تشائي قوله (إن شئت وإن لم تشائي) اعلم أنه إذا جعل المشيئة وعدمها شرطا واحدا أو المشيئة والإباء فإنها لا تطلق أبدا للتعذر كأنت طالق إن شئت ولم تشائي أو إن شئت أو أبيت وإن كرر إن ربع الجزاء كأنت طالق إن شئت وإن لم تشائي فشاءت في مجلسها أو لم تشأ تطلق لأنه جعل كلا منهما شرطا على حدة كقوله أنت طالق إن دخلت الدار أو لم تدخلي وإن آخر الجزاء كإن شئت وإن لم تشائي فأنت طالق لا تطلق أبدا لأنه مع التأخير صارا كشرط واحد وتعذر اجتماعهما بخلاف ما إذا أمكن فلا تطلق حتى يوجدا كإن أكلت وإن شربت فأنت طالق وإن كرر إن وأحدهما المشيئة والآخر الإباء كأنت طالق إن شئت وإن أبيت وقع شاءت أو أبت وإن سكتت حتى قامت من المجلس لا يقع لأن كلا منهما شرط على حدة والإباء فعل كالمشيئة فأيهما وجد لا يقع وإذا انعدما لا يقع وكذا لو لم يكرر إن وعطف بأو كأنت طالق إن شئت أو أبيت لأنه علقه بأحدهما ولو قال إن شئت فأنت طالق وإن لم تشائي فأنت طالق طلقت للحال بخلاف إن كنت تحبين الطلاق فأنت طالق وإن كنت تبغضين فأنت طالق لأنه يجوز أن لا تحب ولا تبغض فلم يتيقن شرط الوقوع ولا يجوز أن تشاء ولا تشاء فيكون أحد الشرطين ثابتا لا محالة فوقع ولو قال أنت طالق إن أبيت أو كرهت فقالت أبيت تطلق ولو قال إن لم تشائي فأنت طالق فقالت لا أشاء لا تطلق لأن أبيت صيغة لإيجاد الإباء فقد علق بالإباء منها وقد وجد فوقع وقوله وإن لم تشائي صيغة للعدم لا للإيجاد فصار بمنزلة إن لم تدخلي الدار وعدم المشيئة لا يتحقق بقولها لا أشاء لأن لها أن تشاء من بعد وإنما يتحقق بالموت بحر عن المحيط وذكر بعده أنه لو علقه بعدم مشيئة نفسه فهو كذلك بخلاف إن لم يشأ فلان فقال لا أشاء والفرق أن شرط البر في الأجنبي مشيئة طلاقها في المجلس وبقوله لا أشاء تبدل المجلس لأنه اشتغال بما لا يحتاج إليه إذ يكفيه في الإيقاع السكوت حتى يقوم قوله (لم تطلق) محله ما إذا قالت لا أحب ولا أبغض أو سكتت أما لو قالت أحب أو أبغض طلقت لأن التعليق بالمحبة ونحوها تعليق على الإخبار بذلك ولو كان مخالفا لما في الواقع كما سيأتي قوله (ولا يجوز أن تشاء ولا تشاء) لأن المشيئة تنبئ عن الوجود ولا واسطة بين الوجود وعدمه قوله (أو أشدكما بغضا له) هذه مسألة ثانية وقوله فقالت كل أنا أشد حبا له الخ جواب المسألة الأولى وترك جواب المسألة الثانية لكونه معلوما بالمقايسة تقديره فقالت كل أنا أشد بغضا له لم يقع لدعوى كل أن صاحبتها أقل بغضا منها فلم يتم الشرط ح قوله (فقالت كل الخ) أي وكذبهما الزوج كما قيده في حاكم الحاكم ومقتضاه لو صدقتهما وقع عليهما لأن أفعل التفضيل ينتظم الواحد ولأكثر كما سيأتي في الوقف فيما لو شرط النظر للأرشد تأمل قوله (فلم يتم الشرط) لأنها غير مصدقة في الشهادة على صاحبتها بحر أي لأنها لا تكون أشد حبا أو بغضا إلا إذا كانت الأخرى أقل وهي لا تصدق على ما في قلب الأخرى فلم يثبت كونها أشد من
373 الأخرى ويقال في الأخرى كذلك فلم يثبت الأرياح واحدة منهما فلم يتم شرط الوقوع على واحدة منهما ومقتضى التعليل أنه لو قالت واحدة منهما فقط أنا أشد لم يقع عليها إلا أن يقال في أن دعوى كل منهما تكذيب كل للأخرى بخلاف دعوى إحداهما وسيأتي في التعليق أنه لو قال إن كنت تحبين كذا فأنت كذا وفلانة فقالت أحب تصدق في حق نفسها تأمل (ثم التعليق بالمشيئة الخ) وكذا التعليق بكل ما هو من المعاني التي لا يطلع عليها غيرها بحر ط قوله (فيتقيد بالمجلس) وكذا إذا كانت كاذبة في الإخبار بالمحبة والبغض يقع بخلاف التعليق بالحيض ونحوه ثم إن هذا تفريع على التمليك قيل والأولى زيادة ولا يملك الرجوع عنه ليتفرغ على كونه تعليقا فإنه ظهر من تفريعه على التمليك قلت وفيه أن المراد بيان ما خالف التعليق بهذه المذكورات التعليق بغيرها وعدم الرجوع عنه مما توافق فيه الجميع فافهم قوله (بخلاف التعليق بغيرها) كالتعليق على الحيض أو على دخول الدار فإنه تعليق محض لا يتقيد بالمجلس وكذا لا يقع في نفس الأمر بالإخبار كذبا كما سيأتي والله سبحانه وتعالى أعلم باب التعليق ذكره بعد بيان تنجيز الطلاق صريحا وكناية لأنه مركب ذكر الطلاق والشرط فأخره عن المفرد نهر مطلب فيما لو حلف لا يحلف فغلق قوله (من علقه تعليقا) كذا في البحر والأولى أن يقول وهو الحدود علقه جعله معلقا ط أي لأن كلامه يوهم اشتقاق المصدر من الفعل وهو خلاف المختار لكن المراد بيان المادة لإفادة أن المراد به لغة مطلق التعليق الشامل للحسي والمعنوي قوله (واصطلاحا ربط الخ) فهو خاص بالمعنوي والمراد بالجملة الأولى في كلامه جملة الجزاء وبالثانية جملة الشرط وبالمضمون ما تضمنته الجملة من المعنى فهو في مثل إن دخلت الدار فأنت طالق ربط حصول طلاقها بحصول دخولها الدار قوله (ويسمى يمينا مجازا) لما في النهر من أن التعليق في الحقيقة إنما هو شرط جزاء فإطلاق اليمين عليه مجاز لما فيه من معنى السببية اه وفيه أن هذا بيان للجملة الشرطية المتضمنة للتعليق المعرف بالربط الخاص كما علمت وهذا الربط يسمى يمينا قال في الفتح إن اليمين في الأصل القوة وسميت إحدى اليدين باليمين لزيادة قوتها على الأخرى وسمي الحلف بالله تعالى يمينا لإفادته القوة على المحلوف عليه من الفعل أو الترك بعد تردد النفس فيه ولا شك في أن تعليق المكروه للنفس على أمر بحيث ينزل شرعا عند نزوله يفيد قوة الامتناع عن ذلك الأمر وتعليق المحبوب لها أي للنفس على ذلك يفيد الحمل عليه فكان يمينا اه لكن هذا يحتمل أنه حقيقة أو مجازا في اللغة
374 وفي أيمان البحر ظاهر ما في البدائع أن التعليق يمين في اللغة أيضا قال لأن محمدا أطلق عليه يمينا وقوله حجة في اللغة اه فأفاد أنه يمين لغة واصطلاحا ولذا قال في معراج الدراية اليمين يقع على الحلف بالله تعالى وعلى التعليق قلت لكن مقتضى كلام الفتح المر أن المراد به التعليق على أمر اختياري للمعلق ليفيد قوة الامتناع عن الأمر المحلوف عليه أو قوة الحمل عليه نحو إن بشرتني بكذا فأنت حر فغيره من التعليق لا يسمى يمينا مثل إن طلعت الشمس أو إن حضت فأنت كذا لكن في تلخيص الجامع وشرحه للفارسي لو حلف لا يحلف بيمين حنث بتعليق الجزاء بما يصلح شرطا سواء كان الشرط فعل نفسه أم فعل غيره أم مجئ الوقت كأنت طالق إن دخلت أو إن قدم زيد أو إذا جاء غد وكذا إذا جاء رأس الشهر أو إذا أهل الهلال والمرأة عن ذوات الحيض دون الأشهر لوجود ركن اليمين وهو تعليق الجزاء ووجود اليمين شرط الحنث فيحنث إلا أن يعلق بعمل من أعمال القلب كإن شئت أو أردت أو أحببت أو هويت أو رضيت أو بمجئ الشهر كإذا جاء رأس الشهر والمرأة من ذوات الأشهر فلا يحنث أما الأول فلأنه مستعمل في التمليك ولذا يقتصر على المجلس فلم يتمحض للتعليق وأما الثاني فلأنه مستعمل في بيان وقت السنة لأن رأس الشهر في حقها وقت وقوع الطلاق السني فلم يتمحض للتعليق وبهذا لم يحنث بتعليق الطلاق بالتطليق كأنت طالق إن طلقتك لاحتمال إرادة الحكاية عن الواقع من كونه مالكا لتطليقها فلم يتمحض للتعليق ولا بقوله لعبده إن أديت إلي ألفا فأنت حر وإن عجزت فأنت رقيق وإن وجد الشرط والجزاء لأنه تفسير الكتابة فلم يتمحض للتعليق ولا لقوله أنت طالق إن حضت حيضة لأن الحيضة الكاملة لا وجود لها إلا بوجود جزء من الطهر فيقع في الطهر فأمكن جعله تفسيرا لطلاق السنة فلم يتمحض للتعليق وإنما لم نحنثه بما لم يتمحض للتعليق في هذه الصور لأن الحلف بالطلاق محظور وحمل كلام العاقل على وجه فيه إعدام المحظور أولى وقد أمكن حمله هنا على ما يحتمله من التمليك أو التفسير فلا يحمل على الحلف بالطلاق وإنما حنث في قوله إن حضت فأنت طالق لوجود شرط الحنث وهو اليمين بذكر ركنه وهو الجزاء والشرط وقوله إن حضت لا يصلح تفسيرا للطلاق البدعي لتنوع البدعي إلى يجري فلم يمكن جعله تفسيرا بخلاف السني فإنه نوع واحد وإنما حنث فيما لو قال لها أنت طالق إن طلعت الشمس مع أن معنى اليمين وهو الحمل أو المنع مفقود ومع أن طلوع الشمس متحقق الوجود لا يصلح شرطا لأنه لا حظر في الجوزي لأنا نقول الحمل والمنع ثمرة اليمين وحكمته فقد قتم الركن في اليمين دون الثمرة والحكمة إذا الحكم الشرعي في العقود الشرعية يتعلق بالصورة لا بالثمرة والحكمة ولذا لو حلف لا يبيع فباع فاسدا حنث لوجود ركن البيع وإن كان المطلوب منه وهو انتقال الملك غير ثابت ولا تسلم عدم الخطر لاحتمال قيام الساعة في كل زمان اه ملخصا مطلب لا يحنث بتعليق لطلاق بالتطليق وحاصله أن كل تعليق يمين سواء كان تعليقا على فعله أو فعل غيره أو على مجئ الوقت وإن لم توجد فيه ثمرة اليمين وهي الحمل أو المنع فيحنث به في حلفه لا يحلف إلا إذا أمكن صرفه عن صورة التعليق إلى جعله تمليكا أو تفسيرا لطلاق السنة أو لبيان الواقع أو للكتابة كما في هذه
375 المسائل الخمس المستثناة كما سيأتي في كتاب الأيمان إن شاء الله تعالى وبهذا يتضح ما قاله في البحر من أن تعبير المصنف بالتعليق أولى من قول الهداية باب اليمين بالطلاق لأن التعليق يشمل الصوري كهذه الخمس وبعضها قد ذكر في هذا الباب مع أنها ليست يمينا كما علمت وقوله في النهر إنه لا يحنث فيها لأنها ليست يمينا عرفا فلا ينافي كونها يمينا في اصطلاح الفقهاء ساقط لما علمت من أن عدم الحنث فيها لعدم تمحضها تعليقا وأنها ليست يمينا عندهم وأيضا لو كان ذلك مبنيا على العرف فما الفرق في العرف بين إن حضت وإن حضت حيضة حتى كان الأول يمينا دون الثاني قوله (كون الشرط) أي مدلول فعل الشرط قوله (على خطر الوجود) أي مترددا بين أن يكون وأن لا يكون لا مستحيلا ولا متحققا لا محالة لأن الشرط للحمل والمنع وكل منهما لا يتصور فيهما شرح التحرير قوله (فالمحقق) محترز قوله معدوما ح قوله (تنجيز) ليس على إطلاقه بل فيما لبقائه حكم ابتدائه كقوله لعبده إن ملكتك فأنت حر عتق حين سكت وقوله لها إن أبصرت أو سمعت أو صححت وهي بصيرة أو سمعية أو صحيحة طلقت الساعة لأن ذلك أمر يمتد فكان لبقائه حكم الابتداء بخلاف إن حضت أو مرضت وهي حائض أو مريضة فعلى حيضة مستقبلة لأن الحيض والمرض مما لا يمتد أفاده في البحر ووجهه كما في الخانية أن الحيض والمرض وإن كان يمتد إلا أن الشرط لما علق بالجملة أحكاما لا تتعلق بكل جزء منه فقد جعل الكل شيئا واحدا فافهم قوله (والمستحيل) محترز قوله (على خطر الوجود) ح قوله (لغو) فلا يقع أصلا لأن غرضه منه تحقيق النفي حيث علقه بأمر محال وهذا يرجع إلى قولهما إمكان البر شرط انعقاد اليمين خلافا لأبي يوسف وعلى هذا ظهر ما في الخانية لو قال لها إن لم تردي علي الدينار الذي أخذتيه من كيسي فأنت طالق فإذا الدينار في كيسه لا تطلق بحر ومنه ما في القنية سكران طرق الباب فلم يفتح له فقال إن لم تفتحي الباب الليلة فأنت طالق ولم يكن في الدار أحد لا تطلق نهر ومنه مسائل ستأتي في الفروع آخر الباب مطلب إن لم تتزوجي بفلان فأنت طالق تنبيه في فتاوى الكازروني عن فتاوى المحقق عبد الرحمن المرشدي أنه سئل عمن قال لزوجته أنت طالق إن لم تتزوجي بفلان فأجاب لا خفاء في أن مراد الزوج بهذا التعليق إنما هو عدم تزوجها بفلان بعد زوال سلطانه عنها بانفصال العصمة وانقضاء العدة وهي حينئذ في غير ملكه فيكون لغوا فيلغو الشرط ويبقى قوله أنت طالق فتطلق منجزا كما اختاره بعض المتأخرين من علماء اليمن بناء استحالة وجود الشرط المعلق عليه الطلاق حالة بقائها في عصمة الزوج واختار بعض منهم صحة التعليق وجعله ممكنا وأوقع الطلاق في آخر جزء من حياته أو حياتها لأنه في معنى العدم والعدم متحقق مستمر لكنه لما علقه بالمستقبل صلح جميع زمان لاستقبال لوجوده فلا يتعين له وقت آخر إلى أن ينتهي إلى آخر جزء من الحياة فيتضيق فيقع ولحظ بعضهم أنه شرط إلزامي فكأنه يريد إلزامها بعدم تزوجها بفلان وهو إلزام ما لا يلزم فيلغو ويقع الطلاق منجزا
376 أقول ولو قيل بأن مراد الزوج التعليق بعدم إرادتها التزوج بفلان بعد الطلاق صونا لكلام العاقل عن الإلغاء لم يبعد ويكون في ذلك القول قولها مع يمينها كما في نظائره من الأمور القلبية نحو إن كنت تحبيني فإن قالت له لم أرد التزوج به بعدك وقع الطلاق وإلا فلا اه ملخصا ثم نقل الكازروني هذه المسألة ثانيا عن الحدادي صاحب الجوهرة أجاب عنها سراج الدين الهاملي رواية عن شيخه علي بن نوح بأنها تطلق وتتزوج من أرادت قال الكازروني وهو الذي ينبغي أن يعول عليه أي بناء على أنه تعليق بمستحيل أو شرط إلزامي (1) قوله (وكونه متصلا الخ) أي بلا فاصل أجنبي وسيأتي الكلام عليه عند قوله قال لها أنت طالق إن شاء الله متصلا مطلب لتعليق لمراد به لمجازاة دون لشرط قوله (وأن لا يقصد به المجازاة الخ) قال في البحر فلو سبته بنحو قرطبان وسفلة فقال إن كنت كما قلت فأنت طالق تنجز سواء كان الزوج كما قالت أو لم يكن لأن الزوج في الغالب لا يريد إلا إيذاءها بالطلاق فإن أراد التعليق يدين وفتوى أهل بخارى عليه كما في الفتح اه يعني على أنه للمجازاة دون الشرط كما رأيته في الفتح وكذا في الذخيرة وفيها والمختار والفتوى أنه إن كان في حالة الغضب فهو على المجازاة وإلا فعلى الشرط اه ومثله في التاترخانية عن المحيط وفي الولوالجية إن أراد التعليق لا يقع ما لم يكن سفلة وتكلموا في معنى السفلة عن أبي حنيفة أن المسلم لا يكون سفلة إنما السفلة الكافر وعن أبي يوسف أنه الذي لا يبالي ما قال وما قيل له وعن محمد أنه الذي يلعب بالحمام ويقامر وقال خلف إنه من إذا دعي لطعام يحمل من هناك شيئا والفتوى على ما روي عن أبي حنيفة لأنه هو السفلة مطلقا اه والقرطبان الذي لا غيرة له قوله (تنجيز) الأولى تنجز بصيغة الماضي لأنه جواب قوله فلو قال قوله (وذكر المشروط) أي فعل الشرط لأنه مشروط لوجود الجزاء قوله (لغو) أي فلا تطلق لأنه ما أرسل الكلام إرسالا وكذا لو قال أنت طالق ثلاثا لولا أو وإلا أو إن كان أو إن لم يكن بحر قوله (به يفتى) هو قول أبي يوسف وقال محمد تطلق للحال (بحر) قوله (ووجود رابط) أي كالفاء وإذا الفجائية ح قوله (كما يأتي) أي عند قوله وألفاظ الشرط ح قوله (شرطه الملك) أي شرط لزومه (2) فإن التعليق في غير الملك والمضاف إليه صحيح موقوف على إجازة الزوج حتى لو قال
(1) قوله: (أو شرط الزامي) قلت: ورأيت في وصايا خزانة الأكمل مما يؤيده، حيث قال: أوصى لأمته ان تعتق على أن لا تتزوج ثم مات فقالت: لا أتزوج فإنها تعتق من ثلثه، فان تزوجت بعده لم تبطل الوصية، وكذا لو قال هي حرة على أن تثبت على الاسلام أو على أن لا ترجع عن الاسلام، فان أقامت على الاسلام ساعة فهي حرة من ثلثه ولا تبطل بارتدادها بعده، وكذا نصراني قال إن ثبتت على النصرانية بعده أو على الاسلام، وان أوصى لام ولده ان لم تتزوج ابدا ان وقت وقتا فهو كما قال فان تزوجت بعد ذلك بطلت وصيته، وكذا ان قال لامته هي حرة ان لم تتزوج شهرا ا ه منه. (2) قوله: (اي شروط لزومه الخ) لعل هذا التقدير خاص بالمتزوجة، واما الخالية عن الأزواج فالملك فيه شرط صحة، حتى لو قال رجل لامرأة خالية عن الزوج أنت طالق أو ان دخلت الدار فأنت طالق كان قوله لاغيا لعدم الملك ا ه. 377 أجنبي لزوجة إنسان إن دخلت الدار فأنت طالق توقف على الإجازة فإن أجازه لزم التعليق فتطلق بالدخول بعد الإجازة لا قبلها وكذا الطلاق المنجز من الأجنبي موقوف على إجازة الزوج فإذا أجازه وقع مقتصرا على وقت الإجازة بخلاف البيع فإنه بالإجازة يستند إلى وقت البيع والضابط فيه أن ما صح تعليقه بالشرط (1) يقتصر وما لا يصح يستند بحر قوله (حقيقة) أشار إلى أن المراد ما يشمل تعليق الطلاق والعتق وكذا النذر كإن شفي الله مريضي فلله علي أن أتصدق بهذا الثوب اشترط ملكه له حالة التعليق أفاده الرحمتي قوله (أو حكما) أي أو كان الملك حكما كملك النكاح فإنه ملك انتفاع بالبضع لا ملك رقبة ثم إن هذا الحكمي إن كان النكاح قائما فهو حكمي حقيقة وإن كان بعد الطلاق وهي في العدة فهو حكمي حكما وإلى هذا أشار بقوله لو حكما ط قوله (لمنكوحته أو معتدته) فيه نشر مرتب قال في البحر وقدمنا آخر الكنايات عند قوله والصريح يلحق الصريح أن تعليق طلاق المعتدة فيها صحيح في جميع الصور إلا إذا كانت معتدة عن بائن وعلق بائنا كما في البدائع اعتبارا للتعليق بالتنجيز قوله (أو الإضافة إليه) بأن يكون معلقا بالملك كما مثل وكقوله إن صرت زوجة لي أو سبب الملك كالنكاح أي التزوج وكالشراء في إن اشتريت عبدا بخلاف قوله لعبد مورثه إن مات سيدك فأنت حر فإنه لا يصح التعليق لأن الموت ليس بموضوع للملك بل لإبطاله ثم اعلم أن المراد هنا بالإضافة معناها اللغوي الشاملة للتعليق المحض وللإضافة الاصطلاحية كأنت طالق يوم أتزوجك كما أشار إليه في الفتح وقد أطال في البحر في بيان الفرق بينهما فراجعه قوله الحقيقي ح. قوله (كذلك) أي عاما أو خاصا وأشار بذلك إلى خلاف مالك رحمه الله حيث خصه بالخاص بامرأة أو بمصر أو قبيلة أو بكارة أو ثيوبة ككل بكر أو ثيب قوله (كإن نكحت امرأة) أي فهي طالق وحذفه لدلالة ما بعده عليه قوله (أو إن نكحتك) لا فرق بين كونها أجنبية أو معتدة كما في البحر قوله (وكذا كل امرأة) أي إذا قال كل امرأة أتزوجها طالق والحيلة فيه ما في البحر من أنه يزوجه فضولي ويجيز بالفعل كسوق الواجب إليها أو يتزوجها بعدما وقع الطلاق عليها لأن كلمة كل لا تقتضي التكرار اه وقدمنا قبل فصل المشيئة ما يتعلق بهذا البحث فرع: قال كل امرأة أتزوجها فهي طالق إن كلمت فلانا فكلم ثم تزوج لا يقع الطلاق عليها وإن كلم ثم تزوج ثم كلم طلقت المتزوجة بعد الكلام الأول خانية وانظر ما في الفصل العاشر (2)
(1) قوله: (ما صح تعليقه بالشرط الخ) اي الموقوف معلق في المعنى على إجازة المالك والتعليق الحقيقي يقتصر على وقت الشرط فيصح، هذا في الطلاق دون البيع فيستند ا ه. (2) قوله: (وانظر ما الفصل العاشر) حاصل ما ذكره صاحب البحر في هذه المسألة لو قدم الشرط بان قال كلمت زيدا فكل الخ يكون الشرط حصول كلام قبل التزوج، واما لو عكس بان أخر الشرط انعكس الحكم وكان الشرط حصول كلام بعد التزوج، حتى لو تكلم ثم تزوج تطلق في المسألة الأولى دون الثانية، ولو كلم بعد هذا التزوج على المسألة الثانية تطلق لحصول الشرط وهو الكلام بعد التزوج ا ه. 378 من الذخيرة قوله (باسم أو نسب) الذي في البحر وغيره ونسب بالواو قال فلو قال فلانة بنت فلان التي أتزوجها طالق فتزوجها لم تطلق اه أي لأنه لغا الوصف بالتزوج بقي قوله فلانة بنت فلان طالق وهي أجنبية ولم توجد الإضافة إلى الملك فلا يقع إذا تزوجها قوله (أو إشارة) التعريف بالإشارة في الحاضرة وبالاسم والنسب في الغائبة حتى لو كانت المرأة حاضرة عند الحلف لا يحصل التعريف بذكر اسمها ونسبها ولا تلغو الصفة ويتعلق الطلاق بالتزوج وعليه ما في الجامع رجل اسمه محمد بن عبد الله وله غلام فقال إن كلم غلام محمد بن عبد الله هذا أحد فامرأته طالق وأشار الحالف إلى الغلام لا إلى نفسه ثم كلم الغلام بنفسه تطلق لأن الحالف حاضر فتعريفه بالإشارة أو الإضافة ولم يوجد فبقي منكرا فدخل تحت اسم النكرة أفاده في البحر عن جامع شيخ الإسلام قوله (فلغا الوصف) أي قوله أتزوجها فصار كأنه قال هذه طالق كقوله لامرأته هذه المرأة التي الخطبة الدار طالق فإنها تطلق للحال دخلت أو لا بحر وإنما لم تطلق الأجنبية لعدم الملك وعدم الإضافة إليه لإلغاء الوصف بخلاف امرأته قوله (لعدم الملك والإضافة إليه) أما في مسألة المتن فظاهر وكذا فيما بعدها لأن الاجتماع في فراش لا يلزم كونه عن نكاح كما أن وطء الجارية لا يلزم كونه عن ملك ومثل ذلك ما لو قال لوالديه إن زوجتماني امرأة فهي طالق ثلاثا فزوجاه بلا أمره لا تطلق لأنه غير مضاف إلى ملك النكاح لأن تزويجهما له بلا أمره لا يصح بحر عن المحيط ثم قال لا فرق بين كونه بأمره أو بلا أمره كما في المعراج اه قلت لكن في الخانية في صورة الأمر أن الصحيح أنه يصح اليمين وتطلق اه وهو مشكل لأن الكلام في وجود شرط التعليق وهو الملك أو الإضافة إليه وتزويج الأبوين غير سبب للملك من كل وجه لأنه قد يكون بأمره وبدونه اللهم إلا أن يكون مراد الخانية ما إذا قال إن زوجتماني بأمري فحينئذ يصح اليمين وتطلق وإلا فلا وجه للتفصيل المذكور قبل صحة التعليق فالأوجه ما في المعراج قوله (وأفاد في البحر الخ) قلت هذا العرف في دمشق الآن غير مطرد بل كان وبان نعم بقي بين أطراف الناس وقال ط قلت العرف الجاري في مصر الآن أنها تعد زائرة ولو معها شئ غير ما يطبخ قوله (كما لغا الخ) أصل ذلك ما في البحر عن المعراج ولو أضافه إلى
379 النكاح لا يقع كما لو قال أنت طالق مع نكاحك أو في نكاحك ذكره في الجامع بخلاف أنت طالق مع تزوجي إياك فإنه يقع وهو مشكل وقيل الفرق أنه لما أضاف التزوج إلى فاعله واستوفى مفعوله جعل التزويج مجازا عن الملك لأنه سببه وحمل مع علي بعد تصحيحا له وفي نكاحك لم يذكر الفاعل فالكلام ناقص فلا يقدر بعد النكاح فلا يقع ويصح النكاح اه وأشار الشارح إلى هذا الفرق بقوله لتمام الكلام الخ ومقتضاه أنه لو قال مع نكاحي إياك أو قال مع تزوجك انعكس الحكم لكن قال ح وفي النفس من هذا التعليل شئ فإن قوله مع نكاحك على تقدير مع نكاحي إياك والمقدر كالملفوظ وإلى هذا الضعف أشار بصيغة التمريض اه قلت الأظهر الفرق بأنه عند عدم التصريح بالفاعل يحتمل تزوجه لها أو تزوج غيره لها لكن مقتضى هذا عدم الفرق بين النكاح والتزوج في أنه إن صرح بذكر الفاعل يقع فيهما وإلا فلا فيهما فتأمل وأقرب من هذا كله ما استنبطه بعض فضلاء الدرس أن التزوج يعقب التزويج فإذا قارن الطلاق الزوج وجد الملك قبله بالتزويج فيصح وتطلق بخلاف مع نكاحك لأنه مقارن للملك قوله (كمع موتي أو موتك) لإضافته لحالة منافية للإيقاع في الأول والوقوع في الثاني كما تقدم في باب الصريح قوله (في المجتهى عن محمد في المضافة) أي في اليمين المضافة إلى الملك بحال وعبارة المجتبى على ما في البحر وقد ظفرت برواية عن محمد أنه لا يقع وبه كان يفتي كثير من كثرة خوارزم اه وأما ما في الظهيرية من أنه قول محمد وبه يفتى فذاك غير ما نحن فيه كما يأتي بيانه قريبا فافهم قوله (وللحنفي تقليده الخ) أي تقليد الشافعي مطلب في فسخ لمضافة إلى لملك قال في البحر وللحنفي أن يرفع الأمر إلى شافعي مطلب في فسخ اليمين المضافة إلى الملك قال إن تزوجت فلانة فهي طالق ثلاثا فتزوجها فخاصمته إلى قاض شافعي وادعت الطلاق فحكم بأنها امرأته وأن الطلاق ليس بشئ حل له ذلك ولو وطئها الزوج بعد النكاح قبل الفسخ ثم فسخ يكون الوطء حلالا إذا فسخ وإذا فسخ لا يحتاج إلى تجديد العقد ولو قال كل امرأة أتزوجها فهي طالق فتزوج امرأة وفسخ اليمين ثم تزوج امرأة أخرى لا يحتاج إلى الفسخ في كل امرأة وكذا في الخلاصة وفي الظهيرية أنه قول محمد وبقوله يفتى اه قلت ومفهومه أن عندهما يحتاج إلى الفسخ في كل امرأة وبه صرح في الظهيرية أيضا فالخلاف هنا فيما إذا فسخ القاضي الشافعي اليمين في امرأة ثم تزوج الحالف امرأة أخرى فعندهما لا يكفي الفسخ الأول بل يقع الطلاق على الثانية ما لم يفسخ ثانيا وعند محمد يكفي لأنها يمين واحدة فلا يحتاج إلى فسخها ثانيا وبقول محمد يفتى ولا يخفى أن هذا مبني على صحة اليمين عنده وأنه يقع بها الطلاق فلا ينافي ما مر عن المجتبى من أن عدم الوقوع رواية عنه فمن زعم أنه في الظهيرية جعل عدم الوقوع قول محمد لا رواية عنه وأنه المفتى به فقد وهم فافهم
380 ثم قال في البحر وإذا عقد أيمانا على امرأة واحدة فإذا قضى بصحة النكاح بعده ارتفعت الأيمان كلها وإذا عقد على امرأة يمينا على حدة لا شك أنه إذا فسخ على امرأة لا ينفسخ على الأخرى وإذا يمينه بكلمة كلما فإنه يحتاج إلى تكرار الفسخ في كل يمين اه فهي أربع مسائل في شرح المجمع للمصنف فإن أمضاه قاض حنفي بعد ذلك كان أحوط اه ومحل الفسخ من الشافعي إذا كان قبل أن يطلقها ثلاثا لأنه لو فسخ تطلق ثلاثا بالتنجيز بعد النكاح فلا يفيد كما في الخانية وفيها أيضا شرطه أن لا يأخذ القاضي عليه ما لا فلو أخذ لا ينفذ عند الكل إلا إن أخذ على الكتابة قدر أجرة المثل فلو أزيد لا ينفذ والأولى أن لا يأخذ مطلقا اه تنبيه ذكر في البحر في كتاب القاضي إلى القاضي عن الولوالجية لو قال لها أنت طالق البتة فترافعا إلى قاض يراها رجعية وهو يراها بائنة فإنه يتبع أجرة القاضي عند محمد فيحل له المقام معها وقيل إنه قول أبي حنيفة وعند أبي يوسف لا يحل هذا إن قضى له فإن قضى عليه بالبينونة والزوج لا يراها يتبع القاضي إجماعا هذا كمله إذا كان الزوج عالما له رأى واجتهاد فلو عاميا اتبع أجرة القاضي سواء قضى له أو عليه وهذا إذا قضى له أما إذا أفتى له فهو على الاختلاف السابق لأن قول المفتي في حق الجاهل بمنزلة رأيه واجتهاده اه أي فيلزم الجاهل اتباع قول المفتي كما يلزم العالم اتباع رأيه واجتهاده وبهذا علم أنه لا حاجة إلى التقليد مع القضاء لأن القضاء ملزم سواء وافق أجرة الزوج أو خالفه وكذا مع الإفتاء لو الزوج جاهلا قوله (بل محكم) في الخانية حكم المحكم كالقضاء على الصحيح وفي البزازية وعن الصدر أقول لا يحل لأحد أن يفعل ذلك وقال الحلواني يعلم ولا يفتى به لئلا يتطرق الجهال إلى هدم المذهب اه بحر قوله (بل إفتاء عدل الخ) عطف على مجرور الباء وهو فسخ وفي البحر عن البزازية وعن أصحابنا ما هو أوسع من ذلك وهو أنه لو استفتى ففيها عدلا فأفتاه ببطلان اليمين حل له العمل بفتواه وإمساكها وروى أوسع من هذا وهو أنه لو أفتاه مفت بالحل ثم أفتاه آخر بالحرمة بعدما عمل بالفتوى الأولى فإنه يعمل بفتوى الثاني في حق امرأة أخرى لا في حق الأولى ويعمل بكلا الفتوتين (1) في حادثتين لكن لا يفتى به اه قلت يعني أن المفتي لا يفتي صاحب الحادثة بما يتوصل به إلى فسخ اليمين فلا يقول له ارفع الأمر إلى شافعي أحكمه في ذلك أو استفته بل يقول يقع عليك الطلاق لأن عليه أن يجيب بما يعتقده وليس له أن يدله على ما يهدم مذهبه وليس المراد أن لا يفتيه بفسخ اليمين إذا فعل صاحب الحادثة شيئا من ذلك لما علمت من أن الجاهل يلزمه اتباع أجرة القاضي والمفتي على أن قضاء القاضي في محل الاجتهاد يرفع الخلاف فإذا فعل شيئا عن ذلك فعلى الحنفي أن يفتيه بصحة الفسخ لا يقال إذا كان ذلك قول محمد فكيف لا يفتيه به لما علمت من أن ذلك رواية عن محمد وأن قوله كقول الشيخين بالوقوع وأن ما في الظهيرية لا ينافي ذلك كما قررناه آنفا وليس للمفتي الإفتاء بالرواية الضعيفة وكونها أفتى بها كثر من كثرة خوارزم لا ينافي ضعفها ولذا تقدم عن
(1) قوله: (قول المحشي الفتوتين) وقع فيما سيستعرض به على الشارح من أن الصواب الفتوتين قاله نصر. 381 الصدر أنه لا يحل لأحد أن يفعل ذلك وكذا ما يقدم عن الحلواني من أنه يعلم ولا يفتى به فلو ثبتت هذه الرواية عن محمد أو كانت صحيحة لبنوا الحكم عليها لوم يحتاجوا إلى بنائه على مذهب الشافعي فهذا يدل على أنها رواية شاذة كما يشير إليه كلام المجتبى المار فافهم هذا وفي البحر عن البزازية والتزوج فعلا أو من فسخ اليمين من زماننا وينبغي أن يجئ إلى عالم ويقوله له ما حلف واحتياجه إلى نكاح الفضولي فيزوجه العالم امرأة ويجيز بالفعل فلا يحنث وكذا إذا قال لجماعة لي حاجة إلى نكاح الفضولي فزوجه واحد منهم أما إذا قال لرجل اعقد لي عقد فضولي يكون توكيلا اه قوله (وبفتوتين) صوابه وبفتوتين بياءين إحداهما منقلبة عن الألف المقصورة والثانية ياء التثنية كما في تثنية حبلى وقصوى قال في الألفة آخر مقصور تثنى اجعله يا * إن كان عن ثلاثة مرتقيا مطلب في معنى قولهم ليس للمقلد لرجوع عن مذهبه قوله (في حادثتين) قيد به لأن المستفتي إذا عمل بقول المفتي في حادثة فأفتاه آخر بخلاف قول الأول ليس له نقض عمله السابق في تلك الحادثة نعم له به في حادثة أخرى كمن صلى الظهر مثلا مع مس امرأة أجنبية مقلدا لأبي حنيفة فقلد الشافعي ليس له إبطال تلك الظهر نعم يعمل بقول الشافعي في ظهر آخر وهذا هو المراد من قول من قال ليس للمقلد الرجوع عن مذهبه وتقدم تمام الكلام على ذلك أول الكتاب في رسم المفتي قوله (ولا يفتى به) علمت وجهه آنفا قوله (تعليقه للثلاث) هذا خاص بالحرة وقولهم وما دونها يعم الحرة والأمة وتقديره في الأمة ويبطل تنجيز الثنتين في الأمة تعليق ما دون الثلاث وهو صادق بالثنتين وبالواحدة وظاهر عبارة الشارح أن ضمير تعليقه للزوج المعلق وهو أولى من عوده على الطلاق لأن الأصل إضافة المصدر إلى فاعله كما ذكره في النهر ط قوله (إلا المضافة إلى الملك) أي في نحو كلما تزوجت امرأة فهي طالق ثلاثا فطلق امرأته ثلاثا ثم تزوجها فإنها تطلق لأنها ما نجزه غير ما علقه فإن المعلق طلاق ملك حادث فلا يبطله تنجيز طلاق ملك قبله قوله (كما مر) لم يتقدم ذلك في كلامه صريحا ويمكن أن يكون مراده ما قدمه في فصل المشيئة فيما لو قال لها أنت طالق كلما شئت فطلقت بعد زوج آخر لا يقع إن كانت طلقت نفسها ثلاثا متفرقة قوله (يبطل بزوال الحل) وذلك بوقوع الثلاث وقوله لا بزال الملك أي بوقوع ما دونها فإن الملك وإن زال به عند انقضاء العدة لكن الحل ثابت فإن له أن يعود إليها بلا زوج آخر محلل بخلاف الثلاث فإن وقوعها يزيل الحل بالكلية بحيث لا يعود إلا بمحلل ولما كان المعلق هو طلقات هذا للملك بطل التعليق بزوالها لا بزوالها ما دونها قوله (بطل التعليق) أي لزوال الحل بتنجيز الثلاث قوله (لم يبطل) لأنه لم يزل الحل بتنجيز ما دون الثلاث وإن زال الملك
382 قوله (فيقع المعلق كله) لأن بطلان التعليق بزوال الحل ولم يزل فيبقى التعليق فإذا وجد المعلق عليه وهو دخول الدار يقع المعلق وهو الثلاث ولا ينافيه قولهم إن المعلق طلقات هذا الملك وقد زال بعضها لأنه مقيد بما إذا كانت الثلاث باقية فإذا زال بعضها صار المعلق ثلاثا مطلقة كما أفاده في الفتح وقدمناه قبل هذا الباب قوله (بقية الأول) أي ما بقي من طلقات النكاح الأول (وهي مسألة الهدم الآتية) قدمنا قبل هذا الباب الكلام عليها وحاصلها أن الزوج الثاني يهدم الثلاث وما دونها عندهما وعند محمد يهدم الثلاث فقط قوله (وثمرته) أي ثمرة الخلاف في مسألة الهدم قوله (له رجعيتها) أي عندهما لأن الزوج الثاني عدم الواحدة الباقية وعادت المرأة إلى الأول بملك جديد فيملك عليها ثلاث طلقات فإذا دخلت الدار أنكر واحدة من الثلاث ويبقى منها ثنتان فيملك الرجعة قوله (خلافا لمحمد) فعنده لا يملك الرجعة لعودها بما بقي من الملك الأول وهي واحدة وقد وقعت بالدخول ط قوله (وكذا يبطل) أي التعليق وهذا عطف على المتن ح قوله (بلحاقه) بفتح اللام ط عن القاموس قوله (خلافا لهما) أي للصاحبين فعندهما لا يبطل التعليق لأن زوال الملك لا يبطله وله أن بقاء تعليقه باعتبار قيام أهليته وبالارتداد ارتفعت العصمة فلم يبق تعليقه لفوات الأهلية فإذا عاد إلى الإسلام لم يعد ذلك التعليق الذي حكم بسقوطه بحر عن شر المجمع للمصنف قوله (وبفوت محل البر الخ) نقله في البحر عن الثاني لكن بلفظ ومما يبطله فوت محل الشرط كفوت محل الجزاء كما إذا قال إن كلمت فلانا الخ والتمثيل المذكور لفوات محل الشرط فإن الشرط هو كلمت ودخلت أي طفقوا وهو الكلام والدخول ومحلهما هو فلان والدار المشار إليها وفوت محل الجزاء كموت المرأة التي هل محل الطلاق فإن يفوت هذين المحلين يبطل التعليق لأن التعليق لا بد أن يكون على خطر الوجود وقد تحقق عدمه ولا يقال يمكن حياة زيد بعد موته وإعادة البستان دارا لأن يمينه انعقدت على حياة كانت فيه كما قالوا في ليقتلن فلانا وما أعيد بعد البناء دار أخرى غير المشار إليها كما صرحوا به في أيضا في لا يدخل هذه الدار تأمل مطلب في مسألة لكوز قوله (وستجئ مسألة الكوز بفروعها) أي في باب اليمين في الأكل والشرب من كتاب الأيمان وحاصلها أن إمكان تصور البر في المستقبل شرط انعقاد اليمين وشرط بقائها خلافا لأبي يوسف فلو حلف ليشربن ماء هذا الكوز اليوم ولا ماء فيه أو كان فيه فصب قبل مضي اليوم لا يحنث عندهما لعدم انعقادها في الأول ولبطلانها في الثاني وإن لم يقل اليوم ولا ماء فيه فكذلك لعدم انعقادها أما إن كان فيه ماء فصب فإنه يحنث اتفاقا لا انعقادهما بإمكان البر ثم يحنث بالصب لأن البر يجب عليه كما فرغ فإذا صب فات البر فيحنث كما لو مات الحالف والماء باق بخلاف المؤقتة فإنه لا يجب عليه البر إلا في آخر أجزاء الوقت المعين ومن فروعها ليقتلن زيدا اليوم أو
383 ليأكلن هذا الرغيف اليوم أو ليقضين دينه غدا فمات زيد أو أكل الرغيف غيره قبل مضي اليوم أو قضى الدين أو أبرأه فلان قبل الغد لم يحنث وتمامه في البحر من الأيمان أقول وإنما لم يذكر هذا التفصيل في المسألة السابقة لأن شرط الحنث فيها أمر وجودي وهو الكلام أو الدخول فإذا مات أو جعلت بستانا فقد مات المحل ووقع اليأس من الحنث فلا فائدة في بقاء اليمين سواء كانت مؤقتة أو مطلقة بخلاف ما إذا كان شرط الحنث أمرا عدميا مثل إن لم أكلم زيدا أو إن لم أدخل فإنها لا تبطل بفوت المحل بل يتحقق به الحنث لليأس من شرط البر وهذا إذا لم يكن شرط البر مستحيلا وإلا فهو مسألة الكوز وقد علمت ما فيها من التفصيل وليس منها قوله لأصعدن السماء فإن اليمين فيها منعقدة ويحنث عقبها لأن صعود السماء أمر ممكن في نفسه وقد وقع لبعض الأنبياء وللملائكة وغيرهم ولكنه يحنث عقب اليمين أو في آخر الوقت في المؤقتة لتحقق اليأس عادة وهذا بخلاف مسألة الكوز فإن شرب ما ليس موجودا في الكوز أو ما أريق منه غير ممكن في نفسه ولا في العادة فلذا تبطل اليمين ولا يحنث إلا إذا صب منه وكانت اليمين مطلقة كما سيأتي تحقيقه في الأيمان إن شاء الله تعالى وانظر ما سنذكره آخر الباب قوله (له رجعتها) لأنه لما علق الثلاثة كانت أمة وهو لا يملك عليها إلا ثنتين فكان معلقا ثنتين ح مطلب في ألفاظ لشرط قوله (وألفاظ الشرط) عدل عن الأسماء والحروف لاشتمالها عليهما وهو بسكون الراء مشتق اشتقاقا كبيرا من الشرط محركة بمعنى العلامة سمي بذلك لأنه علامة على ترتيب الثانية على الأولى وسمي الثاني جوابا لأنه لما لزم على القول الأول وصار كالكلام الآتي بعد كلام السائل وجزاء تجوزا لأنه لما ترتب على فعل آخر أشبه الجزاء كما في النهر فإضافة الألفاظ إلى الشرط إضافة المسمى إلى الاسم ح وقدمنا في صدر الكتاب الكلام على الاشتقاق والظاهر أنه لا اشتقاق هنا إذ لا بد من المغايرة لفظا بل الشرط هنا بمعنى العلامة على شئ خاص تأمل قوله (أي علامات وجود الجزاء) أي أن هذه الأدوات أخذت بالذات على وجود الجزاء كما في النهر أي عند وجود الشرط ح قوله (فلو فتحها وقع للحال) هو قول الجمهور لأنها للتعليل ولا يشترط وجود العلة وقت الوقوع بل يقع الطلاق نظرا لظاهر اللفظ وزعم الكسائي مناظرا للشيباني في مجلس الرشيد أنها شرطية بمعنى إذا وهو مذهب الكوفيين ورجحه في المغني وعلى كل حال إذا نوى التعليق ينبغي أن تصح نيته نهر مختصرا وإلى ذلك أشار الشارح بقوله فيدين ط مطلب فيما لو حذف لفاء من لجواب قوله (وكذا لو حذف الفاء من الجواب) يعني يقع للحال ما لم ينو التعليق فيدين وعن أبي يوسف أنه يتعلق حملا لكلامه على الفائدة فتضمر الفاء والخلاف مبني على جواز حذفها اختيارا فأجازه أهل الكوفة وعليه فرع أبو يوسف ومنعه أهل البصرة وعليه تفرع المذهب بحر وذكر قبله
384 عن المفني أن الأخفش قال إن ذلك واقع في النشر الفصيح وأنه منه * (إن ترك خيرا الوصية للوالدين) * (سورة البقرة الآية 180) وقال ابن مالك يجوز في النثر نادرا ومنه حديث اللقطة فإن جاء المؤلف وإلا ستمتع بها اه قلت ينبغي في زماننا إذا قال إن دخلت أنت طالق أن يتعلق قضاء لأن فضالة لا يفرقون بين دخول الفاء وعدمه عند قصد التعليق وقد صار ذلك لغتهم ولا سيما مع وقوعه في الكلام الفصيح كما مر وكما في قوله تعالى * (وإن أطعتموهم إنكم لمشركون) * (سورة الإنعام الآية 121) * (وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات ما كان حجتهم) * (سورة الجاثية الآية 25) * (والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون) * (سورة الشورى الآية 39) وغير ذلك وإن ادعى تأويل الأول بأنه على تقدير القسم والثاني والثالث على جعل إذا لمجرد الوقت بلا ملاحظة الشرط فإنه مؤيد لقول الكوفيين والتأويل خلاف الظاهر وإذا صار ذلك لغة للعامة ينبغي حمل كلامهم عليه كما لو تكلم به من كان من أهل تلك اللغة من العرب وكذا لو كان التعليق بلفظ أعجمي وقد قال العلامة قاسم إنه يحمل كلام كل عاقد وناذر وحالف على لغته هذا ما ظهر لي والله سبحانه وتعالى أعلم ثم رأيت بعد كتابتي لهذا في شرح نظم الكنز للعلامة المقدسي أقول ينبغي ترجيح قول أبي يوسف لكثرة حذف الفاء كما سمعت وقالوا العوام لا يعتبر منهم اللحن في قولهم أنت واحدة بالنصب الذي لم يقل به أحد اه مطلب لمواضع التي يجب قترانها بالفاء تنبيه وجوب اقتران الجواب بالفاء حيث تأخر الجواب كما قدمه الشارح أول الباب وإذا كانت الأداة أن تقوم إذا الفجائية مقام الفاء في ربط الجواب كما تقرر في محله قوله (في نحو طلبية الخ) أي في نحو المواضع السبعة المذكورة في قول الشاعر طلبية الخ فإنها إذا وقعت جوابا فعلى يجب اقترانها بالفاء قال في النهر أي جملة طلبية كالأمر والنهي والاستفهام والتمني والعرض والتحضيض والدعاء وأراد بالجامد نعم وبئس وعسى وفعل التعجب وقوله وبما أي وبالجملة الفعلية المقرونة بما النافية وبقد ظاهرة أو مقدرة كما في التسهيل وعارة الرضى كل جملة فعلية مصدرة بحرف سوى لا ولم في المضارع سواء كان الفعل المصدر ماضيا أو مضارعا فدخل النفي بأن كما زاده المرادي وزاد المقرونة بالقسم أو رب لكن جعل ابن هشام القسيمة من الطلبية اه وتمام ذلك في البحر والحاصل أن المزيد أربعة المقرونة بسوف أو إن أو رب أو القسم فالجملة أحد عشر موضعا أشار إليها الشارح بقوله في نحو طلبية الخ ونظمها المحقق ابن الهمام في الفتح بقوله تعلم جواب الشرط حتم قرانه * بفاء إذا ما فعله طلبا أتى كذا جامدا أو مقتسما كإن أو بقد * ورب وسين أو بسوف ادر يا فتى أو اسمية أو كان منفي ما وإن * ولن من يحد عما حددناه قد عتا
385 مطلب ما يكون في حكم لشرط قوله (وكل) لم يذكر النحاة كلا وكلما في أدوات الشرط لأنهما ليسا منها وإنما ذكرهما الفقهاء لثبوت معنى الشرط معهما وهو التعليق بأمر على خطر الوجود وهو الفعل الواقع صفة الاسم الذي أضيفا إليه بحر قوله (ولم تسمع كلما إلا منصوبة الخ) قال في النهر نقل النحاة أن كلما المقتضية للتكرار منصوبة على الظرفية والعامل فيها محذوف دل عليه جواب الشرط والتقدير أنت طالق كلما كان كذا وكذا وما التي معها هي المصدرية التوقيتية وزعم ابن عصفور أنها مبتدأ وما نكرة موصوفة والعائد محذوف وجملة الشرط والجزاء في موضع الخبر ورده أبو حيان بأن كلما لم تسمع إلا منصوبة وأنت خبير بأن هذا بعد تسليمه لا ينافي كونها مبتدأ إذ الفتحة فيها فتحة بناء وبنيت لإضافتها إلى مبني اه فمراد الشارح بالنصب ما يشمل فتحة الإعراب وفتحة البناء كما هو عرف المتقدمين وقوله ولو مبتدأ أي كما هو قول ابن عصفور أشار به إلى الرد على أبي حيان فإن المسموع فيها فتح لامها ولا ينافي ذلك كونها مبتدأ بجعل الفتحة فتحة بناء لإضافتها إلى مبني فقد أفاد ما في النهر بأوجز عبارة فافهم قوله (ونحو ذلك) أشار به إلى أنه ليس المراد حصر ألفاظ الشرط بالستة المذكورة فإن منها لو ومن وأين وأيان وأنى وأي وما وفي الفتح فرع قال أنت طالق لولا دخولك أو لولا أبوك أو صهرك لا يقع وكذا في الإخبار بأن قال طلقتك بالأمس لولا كذا اه قلت ومنها ما أفاد معناها ففي البحر أنت طالق بدخول الدار أو بحيضك لم تطلق حتى الخطبة أو تحيض لأن الباء للوصل والإلصاق وإنما يتصل الطلاق ويلصق بالدخول إذا تعلق به ولو قال أنت طالق على دخولك الدار إن قبلت يقع وإلا فلا لأنه استعمل الدخول استعمال الأعواض فكان الشرط قبل العوض لا الجوزي كما لو قال على أن تعطيني ألف درهم اه قلت وقد يكون الكلام متضمنا للتعلق بدون تصريح بأداة كما مر في قوله ويكفي معنى الشرط الخ ومنه ما في البحر حيث قال وفي المحيط وعن أبي يوسف لو قال أنت طالق لدخلت فهذا يخبر أنه دخل الدار وأكده باليمين فيصير كأنه قال إن لم أكن دخلت الدار فإن لم يكن دخل طلقت ولو قال أنت طالق لا دخلت الدار يتعلق بالدخول اه ثم قال ولو قال أنت طالق ووالله لا أفعل كذا فهو تعليق ويمين ولو قال أنت طالق والله لا أفعل كذا طلقت للحال ذكرهما في جوامع الفقه اه قلت والفرق أنه إذا لم يعطف القسم تعين ما بعده جوابا له وصار فاصلا فلم يصلح أنت طالق للتعليق فتنجز ومنه أيضا علي الطلاق لا أفعل كذا قوله (كلوا) هذا ما جزم به في البحر من أن المذهب أنها بمعنى الشرط خلافا لما في الفتح من أنها لتحقيق عدم الشرط فلا تأتي للتعليق على ما فيه خطر الوجود قوله (تعلق بدخولها) كذا في المحيط وفيه وعن أبي يوسف أنت طالق لو دخلت الدار لطلقتك فهذا رجل حلف بطلاق امرأته ليطلقنها إن دخلت الدار فإذا دخلت لزمه أن يطلقها ولا يقع إلا بموت أحدهما كقوله إن لم آت البصرة اه بحر وقدمنا الكلام في
386 ذلك أوائل باب الصريح قوله (فازداد عموما) فيه أن الفعل لا عموم له بحال الغاية كما في الفتح والبحر لأن الفعل وهو الدخول أضيف إلى جماعة فيراد به عمومه عرفا مرة بعد أخرى اه فمراده بالعموم التكرار قوله (وهي غريبة) أي لمخالفتها لقول المتون وفيها تنحل اليمين إذا وجد الشرط مرة إلا في كلما وجزم بغرابتها في الفتح والبحر واستشكلها الزيلعي قوله (وجعله في البحر أحد القولين) ذكر ذلك عند قول الكنز ففيها إن وجد الشرط حيث قال والحق أن ما في الغاية أحد القولين نقل القولين في القنية في مسألة صعود السطح اه ونقل هنا عن المعراج وعن بعض الحنابلة أن متى تقتضي التكرار والصحيح أن غير كلما لا يوجب التكرار اه فأفاد ضعف هذا القول وضعف ما عن بعض الحنابلة فافهم قوله (أي تبطل اليمين) أي تنتهي وتتم وإذا تمت حنث فلا يتصور الحنث ثانيا إلا بيمين أخرى لأنها غير مقتضية للعموم والتكرار لغة نهر قوله (ببطلان التعليق) فيه أن اليمين (1) هنا هي التعليق قوله (إلا في كلما) فإن اليمين لا تنتهي بوجود الشرط مرة وأفاد حصره أن متى لا تفيد التكرار وقيل تفيده والحق أنها إنما تفيد عموم الأوقات ففي متى خرجت فأنت طالق المفاد أن أي وقت تحقق فيه الخروج يقع الطلاق ثم لا يقع بخروج آخر وإن المقرونة بلفظ أبدا كمتى فإذا قال إن تزوجت فلانة أبدا فهي كذا فتزوجها فطلقت ثم تزوجها ثانيا لا تطلق لأن التأبيد إنما ينفي التوقيت فيتأبد عدم التزوج ولا يتكرر وأي كذلك حتى لو قال أي امرأة أتزوجها فهي طالق لا يقع إلا على امرأة واحدة كما في المحيط وغيره بخلاف كل امرأة أتزوجها نهر والفرق أن لفظ كل للعموم ولفظ أي إنما يعم بعموم الصفة لقولهم في أي عبيدي ضربته فهو حر لا يتناول إلا واحدا لأنه أسند إلى خاص وفي أي عبيدي ضربك يعتق الكل إذا ضربوا لإسناده إلى عام وفي أي امرأة زوجت نفسها مني فهي طالق يتناول الجميع وتمام تحقيقه في البحر قوله (كاقتضاء كل عموم الأسماء) لأن كلما الخطبة على الأفعال وكل الخطبة على الأسماء فيفيد كل منهما عموم ما دخلت عليه فإذا وجد فعل واحد أو اسم واحد فقد وجد المحلوف عليه فانحلت اليمين في حقه وفي حق غيره من الأفعال والأسماء باقية على حالها فيحنث كلما وجد المحلوف عليه غير أن المحلوف عليه طلقات هذا الملك وهي متناهية فالحاصل أن كلما لعموم الأفعال وعموم الأسماء ضروري فيحنث بكل فعل حتى تنتهي طلقات هذا الملك وكل لعموم الأسماء وعموم الأفعال ضروري ولو قال المصنف إلا في كل وكلما لكان أولى لأن اليمين في كل وإن انتهت في حق اسم بقيت في حق غيره من الأسماء
(1) قوله: (فيه أن اليمين الخ) قال شيخنا: يمكن تصحيح العبارة بان يراد باليمين فعل الفاعل الذي هو الالزام وبالتعليق نفس جملتي الشرط والجزاء ا ه ويمكن ان يراد باليمين نفس الطلاق المعلق، وبالتعليق معناه العرفي الذي هو ربط الطلاق بدخول الدار مثلا. وأظن أن هذا أحسن لاطلاق اليمين على نفس الطلاق كثيرا في لسان الفقهاء، تأمل بانصاف ا ه. 387 ومن فروعها لو كان له أربع نسوة فقال كل امرأة الخطبة الدار فهي طالق فدخلت واحدة طلقت ولو دخلن طلقن فإن دخلت تلك المرأة مرة أخرى لا تطلق ولو قال كلما دخلت فدخلت امرأة طلقت ولو دخلت ثانيا تطلق وكذا ثالثا فإن تزوجت بعد الثلاث وعادت إلى الأول ثم دخلت لم تطلق خلافا لزفر ومنها لو قال كلما دخلت فامرأتي طالق وله أربع نسوة فدخل أربع مرات ولم يعن واحدة بعينها يقع بكل دخلة واحدة إن شاء فرقها عليهن وإن شاء جمعها على واحدة بحر وفي الشرنبلالية فرع يكثر وقوعه قال في السراج نقلا عن المنتقى قال إن تزوجت امرأة فهي طالق ثلاثا وكلما حلت حرمت فتزوجها فبانت بثلاث ثم تزوجها بعد زوج يجوز وإن عنى بقوله كلما حلت حرمت الطلاق فليس بشئ وإن لم يكن أراد به طلاقا فهو يمين اه قلت ولعل وجهه أن قوله وكلما حلت حرمت ليس تعليقا بالملك الخاص لأنه لا يلزم أن يكون حلها بالعقد لجواز أن ترتد ثم تسترق فليتأمل قوله (فلا يقع) تفريع على قوله فإنه ينحل بعد الثلاث وإنما لم يقع لأن المحلوف عليه طلقات هذا الملك وهي متناهية كما مر أما لو كان الزوج الآخر قبل الثلاث فإنه يقع ما بقي قوله (لدخولها على سبب الملك) أي التزوج فكلما وجد هذا الشرط وجد ملك الثلاث فيتبعه جزاؤه بحر وفيه عن الكافي وغيره لو قال كلما نكحتك فأنت طالق فنكحها في يوم ثلاث مرات ووطئها في كل مرة طلقت طلقتين وعليه مهران ونصف وقال محمد بانت بثلاث وعليه أربعة مهور ونصف اه قلت ووجهه ما في الولوالجية أنه لما تزوجها أولا وقعت واحدة ووجب نصف مهر فإذا دخل بها وجب مهر كامل لأنه وطء بشبهة في المحل ووجبت العدة فإذا تزوجها ثانيا وقعت أخرى وهذا طلاق بعد الدخول معنى فإن من تزوج المعتدة وطلقها قبل الدخول بها يكون عند أبي حنيفة وأبي يوسف طلاقا بعد الدخول معنى فيجب مهر كامل فصار مهران ونصف فإذا دخل بها وهي معتدة عن رجعي صار مراجعا ولا يجب بالوطء شئ فإذا تزوجها ثالثا لم يصح النكاح لأنه تزوجها وهي منكوحته اه لتكرار الوقوع إشارة إلى الفرق وحاصله أنه في الأول علق وقوع الطلاق على إيقاعه طلاق فإذا طلق مرة يقع الطلاق عليها مرة أخرى ولا تقع الثالثة لأن الثانية واقعة وليست بموقعة بخلاف الثاني فإن المعلق عليه فيه وقوع الطلاق الصادق بالإيقاع فإن الإيقاع يستلزم الوقوع فإذا طلقها مرة وجد الشرط فتقع أخرى وبوقوع أخرى وجد شرط آخر فتقع أخرى اه ح مطلب المنعقد بكلمة كلما أيمان منعقدة للحال لا يمين واحدة تنبيه المنعقد بكلمة كلما إيمان منعقدة للحال لأن كلما بمنزلة تكرار الشرط والجزاء وهذه رواية الجامع وعليها الفتوى لأنها أحوط وفي رواية المبسوط المنعقد للحال يمين واحدة ويتجدد انعقادها مرة بعد أخرى كلما حنث اه محيط
388 وينبغي أن تظهر الثمرة فيما إذا قال كلما حلفت فأنت طالق ثم علق بكلمة كلما فيقع الآن ثلاث على الأول وواحدة على الثاني وفي قضاء البزازية قال كلما تزوجتك فأنت كذا ثلاثا فتزوجها وفسخ اليمين شافعي ثم طلقها ثلاثا ثم تزوجها بعد زوج آخر فعلى رواية الجامع وهي الأصح يحتاج إلى الحكم بالفسخ ثانيا بحر ملخصا زوال لملك لا يبطل ليمين قوله مطلب (وزوال الملك لا يبطل اليمين) قوله: (وزوال الملك لا يبطل اليمين) أي زواله بما دون الثلاث كما في الفتح وأطلقه اكتفاء بما مر من أن التعليق يبطل بزوال الحل أي بتنجيز الثلاث نعم يرد عليه أنه يبطل بالردة مع اللحاق خلافا لهما وأجاب في البحر بأن البطلان فيه لخروج المعلق عن الأهلية لا لزوال الملك واعترضه في النهر بأن عتق مدبره وأمهات أولاده دليل زوال ملكه وقيد بزوال الملك لأن زوال محل البر مبطل لليمين كما مر فإن قلت قد جعلوا زوال الملك مبطلا لليمين فيما لو حلف لا تخرج امرأته إلا بإذنه فخرجت بعد الطلاق وانقضاء العدة لم يحنث وبطلت اليمين بالبينونة حتى لو تزوجها ثانيا لم خرجت بلا إذن لم يحنث قلت اليمين مقيدة بحال ولاية يأمر والمنع بدلالة الحال وذلك حال قيام الزوجية فسقط اليمين بزوال الزوجية كما لو حلف لا يخرج إلا بإذن غريمه فقضى دينه ثم خرج لم يحنث بخلاف إلا بإذن فلان معاملة بينهما لأنها مطلقة كما في المحيط بحر وحاصله أنها لم تبطل لزوال الملك بل لفقد شرط قيدت به اليمين ونظيره لو حلفه الوالي ليعلمنه بكل مفسد تقيد بحال قيام ولايته كما سيأتي في الأيمان تنبيه استثنى في البحر من عدم بطلانها بزوال الملك فرعا في القنية إن سكنت في هذه البلدة فامرأته طالق وخرج على الفور وخلع امرأته ثم سكنها قبل انقضاء العدة لا تطلق لأنها ليست امرأته وقت وجود الشرط اه قال في البحر فقد بطلت اليمين بزوال الملك هنا فعلى هذا يفرق بين كون الجزاء فأنت طالق وبين كونه فامرأته طالق لأنها بعد البينونة لم تبق امرأته فليحفظ هذا فإنه حسن جدا اه وسيذكر الشارح في الفروع وحاصله تقييد قولهم زوال الملك لا يبطل اليمين بما إذا لم يكن الجزاء فامرأته طالق أما لو كان كذلك فإنها تبطل أقول ما في القنية ضعيف لأنه مبني على اعتبار حالة الشرط بدليل التعليل بقوله لأنها وقت وجود الشرط ليست امرأته وهو خلاف الأظهر ففي القنية أيضا إن فعلت كذا فحلال الله علي حرام ثم قال إن فعلت كذا فحلال الله علي حرام ففعل أحد الفعلين حتى بانت امرأته ثم فعل الآخر فقيل لا يقع الثاني لأنها ليست امرأته عند وجود الشرط وقيل يقع وهو الأظهر اه فأفاد أن الأظهر اعتبار حالة التعليق لا حالة وجود الشرط وهي في حالة التعليق كانت امرأته فلا يضر بينونتها بعده وهذا هو الموافق لما أطلقه أصحاب المتون هنا ولما صرحوا به أيضا في الكنايات من أن البائن لا يلحق البائن إلا إذا كان البائن معلقا قبل إيجاد المنجز البائن كقوله إن دخلت الدار فأنت بائن ثم أباها ثم دخلت بانت بأخرى وذلك باعتبار حالة التعليق فإنها كانت امرأة له من كل وجه ولو اعتبر حالة وجود الشرط لزم أن لا يقع المعلق فقد ظهر أن المرجع اعتبار حالة التعليق
389 مطلب مهم لإضافة للتعريف لا للتقييد فيما لو قال لا تخرج مرأتي من لدار وعليه ما في البحر عن المحيط لو حلف لا تخرج امرأته من هذه الدار فطلقها وانقضت عدتها وخرجت أو قال إن قبلت امرأتي فلانة فعبدي حر فقبلها بعد البينونة يحنث فيهما لأن الإضافة للتعريف لا للتقييد اه وكذا ما قدمناه عن البحر لو قال كلما دخلت فامرأتي طالق وله أربع نسوة فدخل أربع مرات الخ فإن تصريحه بأن له أن يجمعها على واحدة يشمل ما إذا كانت غير موطوءة وذلك بناء على اعتبار حالة التعليق لأنها وقته كانت امرأته فدخلت في الأيمان الثلاث لما علمت من ترجيح أن المنعقد بكلمة كلما أيمان منعقدة للحال وينبغي على القول بأنه كلما حنث ينعقد يمين آخر لأنه لا يملك جمعها على واحدة لأنها بعد الحنث لم تبق امرأته فلا الخطبة في اليمين المنعقدة بعده لما قدمناه في آخر الكنايات من أنه إذا قال كل امرأة لي لا الخطبة المبانة بالخلع والإيلاء إلا أن يعينها فاغتنم تحقيق هذا المقام وعليك السلام قوله (من نكاح أو يمين) بيان للملك وقوله فلو أبانها أو باعه الخ تفريع عليهما بطريق النشر المرتب قوله (فلو أبانها) أي بما دون الثلاث قوله (وتنحل اليمين الخ) لا تكرار بين هذه وبين قوله فيما سبق وفيها تنحل اليمين إذا وجد الشرط مرة لأن المقصود هناك الانحلال بمرة في غير كلما وهنا مجرد الانحلال اه ح ولأنه هنا بين انحلالها بوجودها في غير الملك بخلاف ما سبق ط قوله (مطلقا) أي سواء وجد الشرط في الملك أو لا كما يدل عليه اللاحق ح قوله (لكن إن وجد في الملك طلقت) أطلق الملك فشمل ما إذا وجد في العدة والمراد وجود تمامه في الملك لا جميعه حتى لو قال إن حضت حيضتين فأنت طالق فحاضت الأولى في غير ملكه والثانية في ملكه طلقت وتمامه في البحر وسيأتي عند قول المصنف علق الثلاث بشيئين يقع المعلق إن وجد الثاني في الملك وإلا لا قوله (فحيلة الخ) تفريع على قوله وإلا لا مطلب اختلاف الزوجين في وجود الشرط قوله (في وجود الشرط أو تحققا كما في شرح المجمع أي اختلفا في وجود أصل التعليق بالشرط أو في تحقق الشرط بعد التعليق وفي البزازية ادعى الاستثناء أو الشرط فالقول له ثم قال وذكر النسفي ادعى الزوج الاستثناء وأنكرت فالقول لها ولا يصدق بلا بينة وإن ادعى تعليق الطلاق بالشرط وادعت الإرسال فالقول له اه وسيذكر المصنف الاختلاف في دعوى الاستثناء وظاهر ما ذكر عن النسفي أن الاختلاف غير جار في دعوى الشرط تأمل وفي البحر عن القنية ادعت أنه طلقها من غير شرط والزوج طلقتها بالشرط ولم يوجد فالبينة فيه للمرأة ولو ادعت عليه أنه حلف لا يضربها وادعى هو أنه لا يضربها من غير ذنب أقاما
390 البينة فيثبت كلا الأمرين وتطلق بأيهما كان اه قوله (ليعم العدمي) نحو إن لم تدخلي الدار اليوم قوله (قالقول له) أي إذا لم يعلم الجوزي إلا منها ففيه القول لها في حق نفسها كما يأتي قوله (لإنكاره الطلاق) أي إنكاره وقوعه وهذا أولى من التعليل بأنه متمسك بالأصل وهو عدم الشرط لأنه لا يشمل مثل إن لم أجامعك في حيضتك فالقول له أنه جامعها مع أن الظاهر شاهد لها من وجهين كون الأصل عدم العارض وكون الحرمة مانعة له من الجماع ومفاده أي مفاد إطلاق قوله فالقول له قوله وجوابها خبر أن الأولى المفتوحة الهمزة والمصدر المنسبك من المفتوحة وجملتها خبر المبتدأ وهو مفاد قال في البحر ثم اعلم أن ظاهر المتون يقتضي أنه لو علق طلاقها بعدم وصول نفقتها شهرا ثم ادعى الوصول وأنكرت فالقول قوله في عدم وقوع الطلاق وقولها في عدم وصول المال الخ قوله (فادعى الوصول) أي بعد مضي الأيام المعينة كما في القنية والذخيرة (وبه جزم في القنية) كذا قال في البحر والنهر لكن الذي رأيته في القنية رامزا للعيون وللأصل القول للمرأة ثم رمز للمنتقى على العكس أي القول للرجل قوله (وأقره في البحر) حيث قال في فصل الأمر باليد قيل القول له لأنه فقلنا الوقوع لكن لا يثبت وصول النفقة إليها والأصح أن القول قولها في هذا وفي كل موضع يدعي إيفاء حق وهي تنكر اه وقال هنا وكأنه ثبت في ضمن قبول قولها في عدم وصول المال اه ونقل الخير الرملي أيضا تصحيحه عن الفيض والفصول ثم اعلم أنه ذكر في جامع الفصولين برمز فوائد صدر الإسلام أنه قال في مسألة النفقة لو نشزت حتى مضت المدة ينبغي أن لا تطلق لأنها لما نشرت لم يبق لها نفقة قوله (وهو يقتضي تخصيص المتون) أي تخصيصها بكون القول له إذا لم يتضمن دعوى إيصال مال حملا للمطلق على المقيد قوله (وجزم شيخنا) يعني الشيخ زين بن نجيم صاحب البحر حيث سأل عمن حلف بالطلاق لدائنه أنه يدفع به الدين في وقت معين فأجاب بأنه يصدق في الدفع بيمينه بالنسبة إلى عدم وقوع الطلاق ولا يبرأ من الدين ويحلف بالدائن على عدم القبض ويستحقه اه قلت وهذا وكما المأمور بدفع الدين إذا ادعى الدفع من مال الآمر فإنه يصدق في حق براءة نفسه لا في حق براءة الآمر هذا وقد علم مما قدمناه عن القنية وعن صاحب البحر أن في المسألة قولين فقط أحدهما القول بالتفصيل والآخر كون القول للمرأة في حق الطلاق وفي حق عدم وصول المال وأما كون القول للرجل في الأمرين فلا قائل به خلافا لما توهمه الخير الرملي وكذا صاحب نور العين من كلام جامع الفصولين حيث ذكر أن القول للرجل لأهله منكر للحكم ثم ذكر أن القول لها وأنه الأصح ثم رمز للذخيرة التفصيل فتوهم منه أن الأقوال ثلاثة مع أنه لا يمكن أن يقال إن القول له في إيفاء المال إليها أو إلى الدائن أصلا إذ لا وجه له مع ما يلزم عليه من اتخاذ ذلك حيلة لكل
391 مديون أراد منع الحق عن مستحقه حيث يمكنه أن يعلق الطلاق على عدم الأداء في وقت معين ثم يدعي الأداء وهذا مما لا يقول به أحد فضلا عن أن يكون هو المفاد من المتون والشروح فعلم أن ما حكاه في جامع الفصولين آخرا هو المراد بالقول الذي ذكره أولا ويدل عليه التعليل بأنه منكر للحكم أي حكم التعليق وهو الحنث عند وجود الشرط فتدبر قوله (إلا إذا برهنت) وكذا لو برهن غيرها لأنه لا يشترط دعوى المرأة للطلاق ولا أن تبرهن لأن الشهادة على عتق الأمة وطلاق المرأة تقبل حسبة بلا دعوى أفاده في البحر ولو برهنا فالظاهر ترجيح برهانها لأنه إذا كان القول له كان برهانه لغوا ويدل عليه أيضا ما قدمناه عن البحر عن القنية فيما لو ادعت أنه طلقها بلا شرط الخ قوله (وإن كان نفيا) لأنها على النفي صورة وعلى إثبات الطلاق حقيقة والعبرة للمقاصدة لا للصورة كما لو شهدا أنه أسلم واستثنى وشهد آخران أنه أسلم ولم يستثن تقبل الثانية ولو كان فيها نفي إذ غرضهما إثبات إسلامه ويشكل عليه ما سيأتي في الأيمان لو قال عبده حر إن لم يحج العام فشهدا بنحره بكار لم يعتق خلافا لمحمد لأنها شهادة نفي معنى لأنها بمعنى لم يحج العام فهذا يدل على أن شهادة النفي لا تقبل على الشرط ولذا قال في الفتح إن قول محمد أوجه لكن قيل إن علة عدم العتق اشتراط الدعوى في شهادة عتق العبد وعليه فلو كانت أمة تعتق اتفاقا إذ لا تشترط دعواها فحينئذ لا إشكال أفاده في البحر قوله (لأنه يملك الإنشاء) أي فلا يهتم أما إن كانت طاهرة فلا يصدق لأنه يريد إبطال حكم واقع في الظاهر لوجود وقت السنة وقد اعترف بالسبب لأن المضاف سبب للحال زيلعي قلت وهذا مشكل لأن الاعتراف بالسبب إنما يثبت عند ثبوت الشرط وقد أنكر الشرط نعم هذا يظهر لو قال أنت طالق للسنة بدون تعليق ففي البحر عن الكافي لو قال لامرأته الموطوءة أنت طالق للسنة لا يقع إلا في طهر خال عن الطلاق والوطء عقيب حيض خال عن الطلاق والوطء فإذا حاضت وطهرت وادعى الزوج جماعها أو طلاقها في الحيض لا يقبل قوله في منع الطلاق السني لانعقاد المضاف سببا للحال وإنما يتراخى حكمه فقط فدعوى الطلاق أو الجماع بعده دعوى المانع فلا يقبل قوله في منع وقوع الطلاق في الطهر لكن يقع طلاق آخر بإقراره بالطلاق في الحيض وإن ادعى الطلاق أو الجماع وهي حائض صدق ولو قال إن لم أجامعك في حيضتك فأنت طالق ادعى الجماع في الحيض لا تطلق لأنه علق الطلاق بصريح الشرط والمعلق بالشرط إنما ينعقد سببا عند الشرط لما عرف فإذا أنكر الشرط فقد أنكر السبب فيقبل قوله وكذا لو قال والله لا أقربك أربعة أشهر فمضت المدة ثم ادعى قربانها في المدة لا يقبل لأن الإيلاء سبب في الحال لكن تراخي وقوع الطلاق إلى مضي المدة وقد مضت المدة ووقع ظاهرا فدعوى القربان دعوى المانع فلا يقبل ولو ادعى القربان قبل مضي المدة يقبل قوله لأنه لم يقع الطلاق بعد وقد أخبر عما يملك إنشاءه فيقبل قوله ولو قال إن لم أقربك في أربعة أشهر فأنت
392 طالق فمضت المدة ثم ادعى القربان في المدة لا يقع لأنه علق الطلاق بصريح الشرط فمتى أنكر الشرط فقد أنكر السبب فيقبل قوله اه فهذا كما ترى مخالف لما مر عن الزيلعي فليتأمل قوله ( فالمسألة السابقة) هي قوله إن اختلفا في وجود الشرط الخ والآتية هي قوله إن حضت كما بينه الشارح فيها ح والأحسن تفسير الآية بقوله وما لا يعلم إلا منها الخ قوله (ليستا على إطلاقهما) فتقيد الأولى بما إذا كان يملك الإنشاء وتقيد الآتية بما إذا كان لا يملكه أخذا من هذا التفصيل المذكور هنا وما قاله الشارح تبع فيه ابن كمال في شرح الإصلاح وفيه بحث أما أولا فلما علمت من مخالفة هذا التفصيل لما ذكرناه عن الكافي وأما ثانيا فلأن الاختلاف هنا في الجماع لا في الحيض والجماع ليس مما لا يعلم الجوزي إلا منها لأن الرجل يعلمه لكونه فعله وأما ثالثا فلأنه لو سلمك هذا التفصيل في هذه المسألة لا يلزم منه تقييد هاتين المسألتين اللتين هما قاعدتان تحتهما مسائل جزئية لهما قد أطلق بعضها وصرح في بعضها بما يخالف هذا التفصيل كما قدمناه في مسألة النفقة عن الذخيرة والقنية من دعوى الوصول بعد مضي الأيام المعينة وكما قدمناه عن الكافي قريبا من قوله إن لم أقربك في أربعة أشهر من أن الدعوى بعد مضي المدة فقد قبل قوله مع أنه لا يملك الإنشاء فتدبر قوله (وما لا يعلم إلا منها) قيد به لأنه لو كان يعلم من غيرها توقف الوقوع على تصديقه أو البينة كالدخول والكلام اتفاقا واختلفوا فيما لو علق بولادتها فقالا يقع بشهادة القابلة وعنده لا بد من شهادة رجلين أو رجل وامرأتين جوهرة ولا يشمل ما لو قال إن شربت مسكرا بغير إذنك فأمرك بيدك وشرب ثم اختلفا فالقول له لأنه فقلنا وقوع الطلاق مع أن يأمر لا يستفاد إلا منها لكن يطلع عليه بالقول بخلاف الحيض والمحبة قوله (استحسانا) والقياس أن يكون القول قوله لأنها تدعي شرط الحنث على الزوج ووقوع الطلاق وهو منكر فيكون القول قوله ولا تصدق إلا بحجة كغيره من الشروط وجه الاستحسان أن هذا الأمر لا يعرف إلا من قبلها وقد ترتب عليه حكم شرعي فيجب عليها أن تخبر كي لا أنكر في الحرام إذ الاجتناب عنه واجب عليهما شرعا فيجب طريقه وهو الإخبار فتعينت له فيجب قبول قولها لتخرج عن عهدة الواجب زيلعي قوله (نهر بحثا) أصل البحث لأخيه صاحب البحر حيث قال وظاهره أنه لا يمين عليها ويدل عليه قولهم إن الطلاق المعلق بإخبارها وقد وجد ولا فائدة في التحليف لأنه وقع بقولها والتحليف لرجاء النكول وهي لو أخبرت ثم قالت كنت كاذبة لا يرتفع الطلاق لتناقصها اه لكن في حواشي مسكين نقل الحموي عن رمز المقدسي أن عليها اليمين بالإجماع إذ ليس هذا من المواضع المستثناة من قولهم كل من قبل قوله فعليه اليمين اه قلت: ولا يخفى ما فيه لما علمت من عدم الفائدة في التحليف ومن وجه الاستحسان وعدم ذكرها في المستثنيات لا يدل على عدم كونها منها فكم من أصل استثنى منه أشياء مع بقاء غيرها لكون ذلك بحسب ما خطر في ذهن المستثنى ولا سيما مع ظهور الوجه نعم هذا في الفضاء ظاهر وأما في الديانة فينبغي التفرقة بين الحيض والمحبة لأن تعلق الطلاق بإخبارها قضاء وديانة إنما هو في المحبة أما في الحيض فلا تطلق ديانة إلا إذا كانت صادقة كما تعرفه قريبا فافهم
393 قوله (ومراهقة كبالغة) وأما حكم الصغيرة التي لا تحيض مثلها والآيسة فقال في النهر لم أره وينبغي أن يقبل من الآيسة لا الصغيرة قوله (واحتلام كحيض في الأصح) قال في قوله (النهر) واختلف فيما لو قال لعبده إن احتملت فأنت حر فقال احتملت فروى هشام أنه لا يصدق والأصح أنه يصدق لأن الاحتلام لا يعرفه غيره كالحيض كذا في المحيط قوله (كقوله إن حضت الخ) اعلم أن التعليق بالمحبة كالتعليق بالحيض إلا في شيئين أحدهما أن التعليق بالمحبة يقتصر على المجلس لكونه تخييرا حتى لو قامت وقالت أحبك لا تطلق والتعليق بالحيض لا يبطل بالقيام كسائر التعليقات الثاني أنها إن كانت كاذبة في الإخبار تطلق في التعليق بالمحبة لما قلنا وفي التعليق بالحيض لا تطلق فيما بينه وبين الله تعالى زيلعي ومثله في الفتح وغيره وفي كافي الحاكم الشهيد ولو قال أنت طالق إن كنت تحبين كذا وكذا لشئ يعرف أنها تحبه أو لا تحبه كالموت والعذاب فقالت أنا أحبه فالقول قولها ما دامت في مجلسها وكذا إن كنت تبغضين كذا لشئ يعلم أنها تحبه كالحياة والغنى فقالت أنت أبغضه فهي طالق وإن قال أنت طالق ثلاثا إن كنت تحبين كذا فقالت لست أحبه وهي كاذبة لم يقع وكذا لو قال أنت طالق ثلاثا إن كنت أنا أحب ذلك ثم قال لست أحبه وهو كاذب فهي امرأته ويسعه فيما بينه وبين الله تعالى أن يطأها وكذا اليمين على البعض وكذلك لو قال إن كنت تحبين الطلاق بقلبك أو تريدينه أو تشتهينه بقلبك دون لسانك فأنت طالق ثلاثا فقالت لا أشاء ولا أحب ولا أهوى ولا أريد ولا أشتهي فهي امرأته ولا تصدق بعد ذلك على قولها خلافه وإن كانت في مجلسها ذلك أو سكتت فلم تقل شيئا حتى يقوم فهي امرأته وإن كان في قلبها خلاف ما أظهرت فإنه يسعها أن تقيم معه فيما بينها وبين الله تعالى في قول أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد لا يسعها المقام معه إن كان ما في قلبها خلاف ما أظهرت على لسانه اه وذكر في البحر في مسألة إن كنت أنا أحب كذا الخ قال شمس الأئمة هذا مشكل لأنه يعرف ما في قلبه حقيقة وإن كان لا يعرف ما في قلبها لكن الطريق ما قلنا إن الحكم يدار على الظاهر وهو الإخبار وجودا وعدما وذكر قاضيخان قال لامرأته إن سررتك فأنت طالق فضربها فقالت سرني قالوا لا تطلق لأنا نتيقن بكذبها قال قاضيخان وفيه إشكال وهو أن السرور مما لا يوقف عليه فينبغي أن يتعلق الطلاق بخبرها ويقبل قولها في ذلك وإن كنا نتيقن بكذبها كما لو قال إن كنت تحبين أ يعذبك الله بنار جهنم فأنت طالق فقالت أحب يقع اه قال في البحر وهو ممنوع لقول الهداية إنه لا يتيقن بكذبها لأنها لشدة بغضها إياه قد تحب التخلص منه بالعذاب اه وبهذا ظهر أنه لو علق بفعل قلبي وأخبرت به فإن تيقنا بكذبها لم يقع وإلا وقع وفي البدائع إن كنت تكرهين الجنة تعلق بإخبارها بالكراهة مع أنها لا تصل إلى حالة تكره الجنة فقد تيقنا بكذبها وقد يقال إنها لشدة محبتها للحياة الدنيا تكره الجنة لأنها لا تتوصل إليها إلا بالموت وهي
394 تكرهه فلم نتيقن بكذبها وظاهر كلامهم هنا أنها لا تكفر بقولها أنا أحب عذاب جهنم وأكره الجنة اه وفرق في النهر بينه وبين مسألة السرور بأن إيلام الضرب القائم بها دليل ظاهر على كذبها بخلاف مجرد محبة العذاب فإنه لا دليل فيه على التيقن بكذبها لما مر اه قلت لكن يبقى الإشكال في مسألة إن كنت أنا أحب كذا إذا أخبر بخلاف ما في قلبه فإنه يتيقن بكذبه وإذا أدير الحكم على الإخبار كما مر عن شمس الأئمة لم يرد هذا لكن يتوجه إشكال قاضيخان في مسألة السرور إلا أن يجاب بأنه يتعلق الحكم بالإخبار ما لم يتيقن غير المخبر بكذبه وبه يندفع إشكال شمس الأئمة وإشكال قاضيخان فتأمل تنبيه قال في البحر قيد بمحبتها لأنه لو علقه بمحبة غيرها فظاهر ما في المحيط أنه لا بد من تصديق الزوج فإنه قال لو قال أنت طالق إن لم تكن أمك تهوى ذلك فقالت الأم أنا أهوى وكذبها الزوج لا تطلق فإن صدقها طلقت لما عرف وروى ابن رستم عن محمد أنه لو قال إن كان فلانا مؤمنا فأنت طالق لا تطلق لأن هذا لا يعلمه إلا هو ولا يصدق هو على غيره وإن كان هو من المسلمين يصلي ويحج ولو قال لآخر لي إليك حاجة فاقضها لي فقال امرأته طالق إن لم أقض حاجتك فقال حاجتي أن تطلق زوجتك فله أن لا يصدقه فيه ولا تطلق زوجته لأنه محتمل للصدق والكذب فلا يصدق على غيره اه قال الخير الرملي فقد علم من هذه الفروع أنه إن علق بفعل الغير لا يصدق ذلك الغير عليه سواء كان مما لا يعلم إلا منه أم لا، ولا بد من تصديق الزوج فيهما أو البينة فيما يثبت بها من الأمر الذي يعلم قوله (لم يقبل قولها) لأنه ضروري فيشترط فيه قيام الشرط زيلعي أي لأن قبول قولها ضرورة ترتب حكم شرعي عليه ويأتي تمامه قوله (طلقت هي فقط) أي دون فلانة لأن المنظور إليه في حقها شرعا الإخبار به لأنها أمينة وفي حق ضرتها متهمة وشهادتها على ذلك شهادة فرد ولا بعد في أن يقبل قول الإنسان في حق نفسه لا في حق غيره كأحد الورثة إذا أقر بدين على الميت اقتصر على نصيبه إذا لم يصدقه الباقون وتمامه في البحر قوله (أو علم وجود الحيض منها) لا ينافيه ما تقدم من قوله وما لا يعلم إلا منها الخ لأن ذاك فيما إذا أشكل أمرها وذا فيما لم يشكل بأن أخبرت في وقت عدتها المعروفة لزوجها وضرتها وشوهد الدم منها بحيث لم يبق شك تأمل رملي قوله (وفي إن حضت الخ) تفصيل وبيان لما أجمله أولا ومثله التعليق بقي أو مع كأنت طالق في حيضك أو مع حيضك كما في البحر قوله (وقع من حين رأت) لأنه بالاستمرار تبين أنه حيض من الابتداء فيجب على المفتي أن يعينه فيقول طلقت من حين رأيت الدم وليس هذا من باب الاستناد وإنما هو من باب التبيين ولذا قال من حين رأت وتمام بيانه في البحر وفيه عن الكافي في مسألة إن حضت فعبدي حر وضرتك طالق إذا رأت الدم فقالت حضت وصدقها
395 أنه قبل الاستمرار بمنع الزوج عن وطء المرأة واستخدام العبد في الثلاثة لاحتمال الاستمرار قوله (وكان بدعيا) لوقوعه في الحيض بخلاف أن حضت حيضة كما يأتي وهذا بيان لثمرة التبين وتظهر أيضا فيما لو كان المعلق بالحيض عتقا فجنى العبد أو جني عليه بعد رؤية الدم فبالاستمرار تكون الجناية جناية الأحرار وفي أنها لا تحتسب هذه الحيضة من العدة لأن الشرط حيث كان هو رؤية الدم لزم أن يكون الوقوع بعد بعضها ولذا قلنا إنه بدعي وفيما إذا خالعها في الثلاث حيث يبطل الخلع لأنها مطلقة قاله الحدادي ونظر فيه في البحر بأن الخلع يلحق الصريح وأجاب في النهر بأن الظاهر أنه أمرهم على ما إذا لم تكن مدخولا بها قوله (فإن غير مدخولة) تفريع على قوله وقع من حين رأت واحترز عن المدخول بها ولو حكما كالمختلى بها لأنها لا يمكنها التزوج بآخر في الأيام الثلاثة لوجوب العدة عليها من الأول قوله (في ثلاثة أيام) الأولى في الثلاثة الأيام بحال النهر فتزوجت حين رأت الدم ح قوله (فإرثها للزوج الأول) لأنه لا يدري أكان ذلك حيضا أو لا بحر أي فلم يتحقق شرط وقوع الطلاق فهي باقية على عصمته ومقتضاه أن عقد الثاني عليها باطل فلا يلزمه المهر قوله (وتصدق في حقها الخ) أي فيما إذا علق طلاقها وطلاق ضرتها على حيضها وهذا يعني عن قول المصنف المار طلقت هي فقط وفي البحر عن شرح المجمع فإن قال الزوج انقطع الدم في الثلاثة وأنكرت المرأة والعبد فالقول لهما (1) لأن الزوج أقر بوجود شرط العتق ظاهرا لأن رؤية الدم في وقته تكون حيضا ولهذا تؤمر بترك الصلاة والصوم ثم ادعى عارضا يخرج المرئي من أن يكون حيضا فلا يصدق فإن صدقته المرأة وكذبه العبد في الأيام الثلاث فالقول لهما وإن كان بعدها فالقول للعبد قوله (وفي إن حضت حيضة الخ) مثله أنت طالق مع حيضتك أو في حيضتك بالتاء بحر قوله (لعدم تجزيها) علة لمساواة التعبير بنصفها ونحوه للتعبير بحيضة فإن ذكر بعض ما لا يتجزأ كذكر كله وفي النهر عن الجوهرة ولو قال إذا حضت نصفها فأنت كذا وإذا حضت نصفها الآخر فأنت كذا لا يقع شئ ما لم تحض وتطهر فإذا طهرت وقع طلقتان قوله (لا يقع حتى تطهر منها) إما بانقطاعه لعشرة أو بالاغتسال أو بما يقوم مقامه من صيرورة الصلاة دينا في ذمتها فيما إذا انقطع لما دونها نهر قوله (لأن الحيضة) بفتح الحاء المرة الواحدة والحيضة بالكسر الاسم والجمع الحيض بحر عن الصحاح قوله (اسم للكامل) أي ولا تكمل الحيضة إلا بالطهر منها فلو كانت حائضا لا تطلق حتى تطهر ثم تحيض فإن نوى ما يحدث من هذه الحيضة فهو على ما نوى وكذا إذا قال إن حبلت إلا أن هنا إذ نوى الحبل الذي فيه لا يحنث لأنه ليس له أجزاء متعددة بخلاف الحيض قاله الحدادي نهر قوله (ما لم تر حيضة أخرى) وذلك بأن تخبر وهي متلبسة
(1) قوله: (فالقول لهما) اي الزوج والزوجة، فلا تطلق ولا يعتق العبد ا ه منه. 396 بالحيض أو بعد الطهر منه أما إذا أخبرت بعد تلبسها بحيضة أخرى لا يقبل قولها إلا إذا طهرت من الحيضة الأخرى وهذا بخلاف قوله إذا حضت ولم يقل حيضة فإن الشرط إخبارها حال قيام الحيض فلا يقبل بعده كما مر قال في الفتح لأنه ضروري فيشترط قيام الشرط بخلاف قوله إن حضت حيضة حيث يقبل قولها في الطهر الذي يلي الحيضة لا قبله ولا بعده حتى ولو قالت بعد مدة حضت وطهرت وأنا الآن حائض بحيضة أخرى لا يقبل قولها ولا يقع لأنها أخبرت عن الشرط حال عدمه ولا يقع إلا إذا أخبرت عن الطهر بعد انقضاء هذه الحيضة فحينئذ يقع لأنها جعلت أمينة شرعا فيما تخبر من الحيض والطهر ضرورة إقامة الأحكام المتعلقة بها فلا تكون مؤتمنة حال عدم تلك الأحكام لعدم الحاجة إذا كذبها الزواج اه ومفهومه أنها لا تطلق بمجرد طهرها من الحيضة الأخرى بل لا بد من الأخبار لما مر من أن ما لا يعلم إلا منها يتعلق بإخبارها ويفهم منم قوله إذا كذبها الزوج أنه إذا صدقها يقع وإن لم تطهر من الثانية قوله (وفي إن صمت يوما) نظيره إن صمت صوما لا يقع إلا بتمام يوم لأنه مقدر بمعيار اه فتح قوله (بخلاف إن صمت الخ) أي أنه يتعلق بما يسمى صوما في الشرع وقد وجد بركنه وشرطه بإمساك ساعة فيقع به وإن قطعته بعده وكذا إذا صمت في يوم أو في شهر لأنه لم يشترط إكماله وإذا صليت صلاة يقع بركعتين وفي إذا صليت يقع بركعة قوله (فولدتهما) أي واحدا بعد واحد نهر ويأتي محترزة ومحترز قوله ولم يدر الأول وقوله (وثنتان تنزها) أي تباعدا عن الحرمة نهر في القهستاني أي ديانة يعني فيما بينه وبين الله تعالى كما ذكره المصنف وغيره اه قلت ومقتضاه أنه إذا وقعت عليه طلقة أخرى يجب عليه ديانة أن يفارقها للاحتياط والتباعد عن الحرمة وإن كان القاضي لا يحكم عليه بذلك بل يفتيه المفتي بذلك ويدل على الوجوب تعبير المصنف وغيره باللزوم ولكن في الهداية والأولى أن يأخذ بالثنتين تنزها واحتياطا فتأمل وإنما تلزمه الثنتان في القضاء لأن وقوعهما غير محقق والحل كان ثابتا بيقين فلا يزول بالاحتمال قيل ولو قال وأخرى تنزها لكان أولى لإيهام العبارة أو الثنتين غير الواحدة وإن سلم فالتنزه إنما هو بواحدة والأخرى قضاء قوله (أو مضت العدة بالثاني) أشار إلى أنه لا رجعة ولا إرث بحر قوله (فلا كلام) أي فإنه يقع المعلق بالسابق ولا يقع بالأخرى شئ لما ذكره من أن الطلاق والمقارن الخ قوله (لأنه منكر) أي للطلقة الزائدة وهذا من فروع قوله وإن اختلفا في وجود الشرط الخ قوله (وإن تحقق ولادتهما معا الخ) لم يذكره المصنف لاستحالته عادة نهر وإن ولدت خنثى وقعت واحدة وتوقفت الأخرى حتى يتبين حاله هندية عن البحر الزاخر ط قوله
397 (يقع ثنتان قضاء الخ) لأن الغلام إن كان أولا أو ثانيا تطلق ثلاثا واحدة به وثنتين بالجارية الأولى لأن العدة لا تنقضي ما بقي في البطن ولد وإن كان آخرا يقع ثنتان بالجارية الأولى ولا يقع بالثانية شئ لأن اليمين بالجارية انحلت بالأولى ولا يقع بالغلام شئ لأنه حال انقضاء العدة وتردد بين ثلاث وثنتين فيحكم بالأقل قضاء وبالأكثر تنزها فتح قوله (فواحدة قضاء) لأنه إن كان الغلامان أولا وقعت واحدة بأولهما ولا يقع بالثاني شئ ولا بالجارية الأخيرة لانقضاء العدة وإن كانت الجارية أولا أو وسطا وقع ثنتان بها وواحدة بالغلام بعدها أو قبلها فتردد بين ثلاث وواحدة قوله (لأن الحمل اسم للكل) لأنه اسم جنس مضاف فيهم كله فتح قوله (والمسألة بحالها) أي وولدت غلاما وجارية قوله (لعموم ما) أي فيقتضي أن شرط وقوع الواحدة أو الثنتين كون جميع ما في بطنها غلاما أو جارية ومثله ما في الفتح إن كان ما في هذا العدل حنطة فهي طالق أو دقيقا فطالق فإذا فيه حنطة ودقيق لا تطلق قوله (لعدم اللفظ العام) أي ولصدق اللفظ فإنه يصدق على الجارية والغلام أنهما كانا في البطن ط وفي الجامع لو قال إن ولدت ولدا فأنت طالق فإن كان الذي تلدينه غلاما فأنت طالق ثنتين فولدت غلاما يقع الثلاث لوجود الشرطين لأن المطلق موجود في المقيد وهو قول مالك والشافعي فتح قوله (لم تطلق حتى تلد الخ) لأنه علقه بحدوث الحبل بعد اليمين ويتوهم حدوث الحبل قبل اليمين إلى سنتين فوقع الشك في الموقع فلا يقع بالشك كذا في المحيط بحر ويقتضي العدة بالولد كما في كافي الحاكم وهو صريح في أن الطلاق لم يقع بعد الولادة وإلا لم تنقض العدة بها بل يقع قبلها بالحبل الحادث بعد اليمين لأنه المعلق عليه فقوله حتى تلد معناه طهر بالولادة لأكثر من سنتين من وقت اليمين أن الطلاق قد وقع من أول الحبل وإنما اشترط كون الولادة لأكثر من سنتين من وقت اليمين ليتحقق حدوث الحبل بعد اليمين إذ لو كان لأقل من ذلك احتمل حدوثه قبل اليمين فلا يقع بالشك ثم إذ ظهر بالولادة وقوع الطلاق من وقت الحبل فوقت الحبل مجهول فلم يعلم وقت الوقوع إلا أن يقال بوقوعه قبل الولادة بستة أشهر لتيقن الحبل فيه وما قبله مشكوك فيه فلا يقع بالشك كذا بحثه ح تنبيه هذه اليمين لا تحرم الوطء لكن يستحب أن لا يطأها إلا بالاستبراء لتصور حدوث الحبل كما في البحر عن المحيط وإنما لم يجب بالاستبراء لأن حل الوطء أصل وحدوث الحبل موهوم كما أفاده ح قوله (تنقضي به العدة) في العبارة سقط والأصل عتقت لأنه ولد تنقضي به العدة بحال الجوهرة هكذا وإذا قال إن ولدت ولدا فأنت طالق فولدت ولدا ميتا طلقت وكذا إذا
398 قال لأمته إذا ولدت ولدا فأنت حرة فهو كذلك لأن الموجود مولود فيكون ولدا حقيقة ويعتبر ولدا في الشرع حتى تنقضي به العدة والدم بعده نفاس وأمه أم ولد فتحقق الشرط وهو ولادة الولد اه فقوله حتى تنقضي به العدة غاية لقوله ويعتبر ولدا في الشرع وليس معناه ما يفهم من الشرح من أن أم الولد تخرج به من العدة لأن العدة تجب عقب الحرية والحرية معلقة بالولادة فهي واقعة عقبها فالولادة متقدمة على وجوب العدة بمرتبتين فكيف تنقضي العدة بالولادة كما أفاده ح مطلب فيما لو تكرر الشرط بعطف أو بدونه قوله (بتكرر بأن عطف شرطا على آخر وأخر الجزاء نحو إذا قدم فلان وإذا قدم فلان فأنت طالق فإنه لا يقع حتى يقدما لأنه عطف شرطا محضا على شرط لا حكم له ثم ذكر الجزاء فيتعلق بهما فصارا شرطا واحدا فلا يقع إلا بوجودهما فإن نوى الوقوع بأحدهما صحت نيته بتقديم الجزاء على أحدهما وفيه تغليظ أو بأن كرر أداة الشرط بغير عطف كإن أكلت إن لبست فأنت طالق لا تطلق ما لم تلبس ثم تأكل وتقدم المؤخر والتقدير إن لبست فإن أكلت فأنت طالق وكذا كل امرأة أتزوجها إن كلمت فلانا فهي طالق يقدم المؤخر فيصير التقدير إن كلمت فلانا فكل امرأة أتزوجها طالق وعلى هذا إذا قال إن أعطيتك إن وعدتك إن سألتني فأنت طالق لا تطلق حتى تسأله أو لا ثم يعدها ثم يعطيها لأنه شرط في العطية لوعد وفي الوعد السؤال فكأنه قال إن سألتني إن وعدتك إن أعطيتك كذا في الفتح وهذا إذا لم يكن الشرط الثاني مترتبا على الأول عادة وكان الجزاء متأخرا عن الشرطين أو متقدما عليهما وإلا كان كل شرط في موضعه كإن أكلت إن شربت فأنت حر حتى إذا شرب ثم أكل لم يعتق وكذا إن دعوتني إن أجبتك أو إن ركبت الدابة إن أتيتني يقر كل شرط في موضعه لأنهما إذا كانا مرتبين عرفا أضمرت كلمة ثم وكذا إن توسط الجزاء بين الشرطين يقر كل شرط في موضعه لأنه تخلل الجزاء بين الشرطين بحرف الوصل وهو الفاء فيكون الأول شرطا لانعقاد اليمين والثاني شرط الحنث كإن دخلت الدار فأنت طالق إن كلمت فلانا ويشترط قيام الملك عند الشرط الأول لأنه جعل شرط انعقاد اليمين كأنه قال عند الدخول إن كلمت فلانا فأنت طالق واليمين لا تنعقد إلا في الملك أو مضافة إليه فإن كانت في ملكه عند دخول الدار صحت اليمين المتعلقة بالكلام فإذا كلمت يقع وإلا بأن دخلت بعد الطلاق والعدة لم يصح وإن كلمت وإذا دخلت الدار في العدة وكلمت فيها طلقت مطلب لو تكررت أداة لشرط بلا عطف فهو على لتقديم ولتأخير والحاصل أنه إذا كرر أداء الشرط بلا عطف توقف الوقوع على وجودهما لكن إن قدم الجزاء عليهما أو أخره فالملك يشترط عند آخرهما وهو الملفوظ به أولا على التقديم والتأخير وإن وسطه فلا بد من الملك عندهما وإن كان بالعطف توقف على أحدهما قدم الجزاء أو وسطه فإن أخره توقف عليهما وإن لم يكرر أداة الشرط فلا بد من وجود الشيئين قدم الجزاء عليهما أو أخره بحر ملخصا وتمامه فيه قوله (أولا) عطف على حقيقة قال في البحر وأما الثاني حنث ما ليسا شرطين حقيقة وهو أن يكون فعلا متعلقا بشيئين من حيث هو متعلق بهما نحو إن دخلت هذه الدار وهذه أو إن كلمت أبا عمرو وأبا يوسف فكذا
399 فإنهما شرط واحد إلا أن ينوي الوقوع بأحدهما فاشتمال ط للوقوع قيام الملك عند آخرها وكذا إذا كان فعلا قائما باثنين من حيث هو قائم بهما نحو إن جاء زيد وعمرو فكذا فإن الشرط مجيئهما اه قوله (إن وجد الشرط الثاني في الملك) احتراز عن الشرط الأول فإنه على التفصيل كما علمت وأما أصل التعليق فشرط صحته الملك أو الإضافة إليه كما مر أول الباب فالكلام فيما بعد صحة التعليق قوله (والمسألة رباعية) لأنهما إما أن يوجدا في الملك أو خارجه أو الأول فقط في الملك أو العكس فإن كان الثاني في الملك وقع الطلاق سواء كان في الملك أو لا وإن كان الثاني خارج الملك لا يقع سواء كان الأول في الملك أو لا اه ح ففي قوله إذا جاء زيد وبكر فأنت طالق إذا جاءا معا وهي في ملكه أو طلقها وانقضت عدتها فجاء زيد ثم تزوجها فجاء عمر طلقت وإن جاء بعد العدة قبل التزوج أو جاء في العدة وعمرو بعدها قبل التزوج لا تطلق قوله (ولم يجب عليه العقر) أشار بنفي العقر فقط إلى ثبوت الحرمة باللبث فإن الواجب عليه النزع للحال والعقر بالضم مهر المرأة إذا وطئت بشبهة وبالفتح الجرح كما في الصحاح بحر وقد مر الكلام عليه في باب المهر قوله (باللبث) بفتح اللام وسكون الباء المكث من لبث كسمع وهو نادر لأن المصدر من فعل بالكسر قياسه التحريك إذا لم يتعد بحر عن القاموس قوله (لأن اللبث ليس بوطء) أي الجماع إدخال الفرج في الفرج وليس له دوام حتى يكون لدوامه حكم ابتدائه كمن حلف لا يدخل هذا الدار وهو فيها لا يحنث باللبث بحر قوله (لم يصر به مراجعا) أي عند محمد لأنه فعل واحد فليس لآخره حكم فعل على حدة وقال أبو يوسف يصير مراجعا لوجود المس بشهوة وهو القياس نهر قال في البحر وجزم المصنف بقول محمد دليل على أنه المختار وقيل ينبغي أن يصير مراجعا عند الكل لوجود المساس بشهوة كذا في المعراج وينبغي تصحيح قول أبي يوسف لظهور ذليله اه قوله (في الطلاق الرجعي) أي فيما إذا كان المعلق على الوطء طلاقا رجعيا قوله (حقيقة أو حكما الخ) لا يصح جعله تعميما لقوله ثم أولج ثانيا بعد قوله إذا أخرج لأنه بعد الإخراج لا يمكنه تحريك نفسه إلا بعد إيلاج ثان حقيقة فيصير مراجعا بالإيلاج الثاني لا بالتحريك فيتعين جعله تعميما لمجموع قوله أخرج ثم أولج وعلى كل فقوله فيصير مراجعا بالحركة الثانية لا وجه لتقييدها بالثانية إلا أن أتصور المسألة بما إذا أولج فقال إن جامعتك فأنت طالق فإنه كما في البحر إذا لم ينزع ولم يتحرك حتى أنزل لا تطلق فإن حرك نفسه طلقت ويصير مراجعا بالحركة الثانية قوله (ويجب العقر) أي فيما إذا علق الثلاث أو عتق الأمة ط ن البضع المحترم لا غلام عن عقر أو عقر بحر قوله (لاتحاد المجلس) أي لا يجب الحد بالإيلاج ثانيا وإن كان جماعا لما فيه من شبهة أنه جماع واحد بالنظر إلى اتحاد المقصود وهو قضاء الشهوة في المجلس الواحد وقد كان أوله غير موجب للحد فلا يكون آخره موجبا له وإن قال ظننت أنها علي حرام
400 وبهذا اندفع ما يقال إنه ينبغي أن يجب الحد في العتق لأنه وطء لا في ملك ولا في شبهته وهي العدة بخلاف الطلاق لوجود العدة أفاده في المعراج لكن روي عن محمد لو زنى بامرأة ثم تزوجها في تلك الحالة فإن لبث على ذلك ولم ينزع وجب مهران مهر بالوطء أي لسقوط الحد بالعقد ومهر بالعقد وإن لم يستأنف الإدخال لأن دوامه على ذلك فوق الخلوة بعد العقد قال في النهر وهذا يشكل على ما مر إذ قد جعل لآخر هذا الفعل الواحد حكم على حدة اه وأجاب ح تبعا للحموي بأن هذا مروي عن محمد وذاك قوله فلا تنافي واعترضت ط بما في البحر عقب هذه المسألة من أن تخصيص الرواية بمحمد لا يدل على خلاف بل لأنها رويت عنه دون غيره اه فتأمل قلت والجواب الحاسم للإشكال من أصله أن اعتبار آخر الفعل هنا من جهة كونه لخلوة مقررة للمهر بل فوقها لا من جهة كونه وطأ ولا يمكن اعتبار ذلك في إيجاب الحد وثبوت الرجعة لأن الخلوة لا توجب ذلك فافهم قوله (لأن الشرط الخ) عبارة البحر لأن الشرط لم يوجد لأن التزوج عليها أن يدخل عليها من ينازعها في الفراش ومن يزاحمها في القسم ولم يوجد قوله (وقيده) أي قيد الطلاق إذا نكحها في عدة الرجعي بما ذكر أخذا من مفهوم التعليل وقال إن هذه واردة على المصنف يعني صاحب الكنز قلت وقد يقال إن المزاحمة في القسم موجودة حكما وإن لم يرد مراجعتها وقت الطلاق لاحتمال تغير الإرادة بعده بإرادة المراجعة كما لو تزوجها في حال سفره أو حال نشوز الأولى فإن الذي يظهر الوقوع وإن لم توجد المزاحمة حقيقة وقت التزوج فتأمل قوله (كما مر) أي في باب القسم ح مطلب مسائل لاستثناء ولمشيئة قوله (قال لها الخ) شروع في مسائل الاستثناء وعقد لها في الهداية فصلا على حدة قال في الفتح وألحق الاستثناء بالتعليق لاشتراكهما في منع الكلام من إثبات موجبه إلا أن الشرط يمنع الكل والاستثناء البعض وقد مسألة إن شاء الله لمشابهتها الشرط في منع الكل وذكر أداة التعليق ولكنه ليس على طريقة لأنه منع لا إلى غاية والشرط منه إلى غاية تحققه كما يفيده أكرم بني تميم إن دخلوا ولذا لم يورده في بحث التعليقات ولفظ استثناء اسم توقيفي قال تعالى * (ولا يستثنون) * (سورة القلم الآية 18) أي لا يقولون إن شاء الله مطلب الاستثناء يثبت حكمه في صيغ لإخبار لا في لأمر ولنهي وللمشاركة في الاسم أيضا اتجه ذكره في فصل الاستثناء وإنما يثبت حكمه في صيغ الإخبار وإن كان إنشاء إيجاب لا في الأمر والنهي فلو قال أعتقوا عبدي من بعد موتي إن شاء الله لا يعمل
401 الاستثناء فلهم عتقه ولو قال بع عبدي هذا إن شاء الله كان للمأمور بيعه وعن الحلواني كل ما يختص باللسان يبطله الاستثناء كالطلاق والبيع بخلاف ما يختص به كالصوم لا يرفعه لو قال نويت صوم غد إن شاء الله تعالى له أداؤه بتلك النية كذا في الفتح ومعنى قوله توقيفي أنه وارد في اللغة لا الاصطلاحي فقط مطلب الاستثناء يطلق على لشرط لغة واستعمالا وفي حاشية البيضاوي للخفاجي من سورة الكهف الاستثناء يطلق على التقييد بالشرط في اللغة والاستعمال كما نص عليه السيرافي في شرح الكتاب قال الراغب الاستثناء رفع ما يوجبه عموم سابق كما في قوله تعالى * (قل لا أجد في ما أوحى إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة) * (سورة الأنعام الآية 145) أو رفع ما يوجبه اللفظ كقوله امرأتي طالق إن شاء الله اه وفي الحديث من حلف على شئ فقال إن شاء الله فقد ستثنى اه ويأتي الخلاف في أنه إبطال أو تعليق قوله (متصلا) احتراز عن المنفصل بأن وجد بين اللفظين فاصل من سكون بلا ضرورة تنفس ونحوه أو من كلام كما يأتي وقيد في الفتح السكوت بالكثير مطلب قال أنت طالق وسكت ثم قال ثلاثا أنكر واحدة وفي الخانية: قال لزوجته أنت طالق وسكت ثم قال ثلاثا وإن كان سكوته لانقطاع النفس تطلق ثلاثا وإلا أنكر واحدة وفي أيمان البزازية أخذه الوالي وقال بالله فقال مثله ثم قال لتأتين يوم الجمعة فقال الرجل مثله فلم يأت لم يحنث لأنه بالحكاية والسكوت صار فاصلا بين اسم الله تعالى وحلفه وكذا فيما لو كان الحلف بالطلاق اه قوله (إلا التنفس) أي وإن كان له منه بد بخلاف ما لو سكت قدر النفس ثم استثنى لا يصح الاستثناء للفصل كذا في الفتح فعلم أن السكوت قدر النفس بلا تنفس كثير وأن السكوت للتنفس ولو بلا ضرورة قوله عند عقب قوله (أو إمساك فم) أي إذا أتى بالاستثناء عقل رفع اليد عن فمه قوله (لتأكيد) نحو أنت طالق طالق إن شاء الله إذا قصد التأكيد فإنه تقدم في الفروع معي الكنايات أنه لو كرر لفظ الطلاق وقع الكل فإن نوى التأكيد دين اه وكذا أنت حر حر إن شاء الله كما في البحر ح ويأتي تمام الكلام على ذلك قوله (أو تكميل) نحو أنت طالق واحدة وثلاثا إن شاء الله بخلاف ثلاثا وواحدة أن شاء الله فيقع الثلاث كما في البحر لأن ذكر الواحدة بعد الثلاث لغو بخلاف العكس قوله (كأنت طالق يا زانية أو يا طلق) إن شاء الله مثالان المفيد الحد والطلاق على سبيل النشر المرتب قال في البحر وفي البزازية أنت طالق ثلاثا يا زانية إن شاء الله يقع وصرف الاستثناء إلى الوصف وكذا أنت طالق يا طالق إن شاء الله وكذا أنت طالق يا صبية إن شاء الله يصرف الاستثناء إلى الكل ولا يقع الطلاق كأنه قال يا فلانة والأصل عنده أن المذكور في آخر الكلام إذا كان يقع به طلاق أو يلزمه حد كقوله يا طالق يا زانية فالاستثناء على الكل اه ح أقول في هذه العبارة تحريف وسقط فالأول في قوله وكذا أنت طالق يا صبية فإن صوابه ولو قال أنتن طالق يا صبية الخ كما عبر في الذخيرة لمخالفته حكم ما قبله والثاني في
402 قوله والأصل الخ فإن قوله فالاستثناء على الكل مخالف لقوله قبله يقع وصرف الاستثناء إلى الوصف أي يقع الطلاق بقوله أنت طالق ويصرف الاستثناء إلى الوصف أي ما وصفها به من قوله يا طالق يا زانية فلا يقع به طلاق ولا يلزمه حد فالصواب قوله في الذخيرة والأصل أن المذكور في آخر الكلام إذا كان يقع به طلاق أو يجب به حد فالاستثناء عليه نحو قوله يا زانية أو يا طالق وإن كان لا يجب به حد ولا يقع به طلاق فالاستثناء على الكل نحو قوله يا خبيثة اه ثم اعلم أن هذا التفصيل نقله في الذخيرة بلفظ وفي نوادر أبي الوليد عن أبي يوسف الخ ونقل قبله عن ظاهر الرواية انصراف الاستثناء إلى الكل بدون تفصيل وقال إنه الصحيح ومثله في شرح تلخيص الجامع فما مشى عليه في البزازية خلاف الصحيح كما أوضحناه أول باب طلاق غير المدخول بها ويوافقه قول الشارح هنا صح الاستثناء فإن المتبادر منه انصراف الاستثناء إلى ذلك أي الطلاق والوصف لا إلى الوصف فقط وحينئذ فلا يقع الطلاق ولا يلزمه حد ولا لعان لكن هذا مخالف لما مشى عليه في البزازية كما علمت فلا يناسب عزو الشارح المسألة إلى البزازية فافهم قوله (وقع) الأولى فإنه يقع وإنما كان الفاصل هنا لغوا لأنه لا فائدة في ذكر الرجعي لكونه مدلول الصيغة شرعا ط وانظر لم لم يجعل تأكيدا أو تفسيرا كما قالوا في حر حر أو حر وعتيق قوله (وقواه في النهر) اعلم أنه قال في القنية لو قال أنت طالق رجعيا أو بائنا إن شاء الله يسال عن نيته فإن عنى الرجعي لا يقع وإن عنى البائن يقع ولا يعمل الاستثناء اه قال في البحر وصوابه أن عنى الرجعي يقع لعدم صحة الاستثناء للفاصل وإن عنى البائن لم يقع لصحة الاستثناء اه قال في النهر أقول بل الصواب ما في القنية وذلك أن معنى كلامه أنت طالق أحد هذين وبهذا لا يكون الرجعي لغوا وإن نواه بخلاف ما إذا نوى البائن وأما البائن فليس لغوا على كل حال اه أقول لا يخفى ما في هذا الكلام من عدم الالتئام والتناقض التام بيانه أن قوله وأما البائن فليس لغوا على كل حال يقتضي عدم الوقوع لصحة الاستثناء ومساواته للرجعي الذي قال فيه إنه لا يكون لغوا وإن نواه وحينئذ فلا يقع فيهما وهو خلاف ما في القنية ومناقض لقوله بخلاف ما إذا نوى البائن فافهم ولذا قال ح إن الحق ما في البحر لأنه إذا نوى الرجعي فجملة أنت طالق تفيده فكان قوله رجعيا أو بائنا الذي هو بمعنى أحد هذين لغوا بخلاف ما إذا نوى البائن فإن تلك الجملة لا تفيده فلم يكن قوله رجعيا أو بائنا لغوا فإن قلت لما نوى البائن كان قوله رجعيا لغوا إذا كان يكفيه أن يقول أنت طالق بائنا قلت هو تركيب صحيح لغة وشرعا كما في إحدى امرأتي طالق وحيث كان مقصوده البائن وكان قوله أنت طالق غير مفيد للبائن فهو مخير بين أن يقول أنت طالق رجعيا أو بائنا وينوي البائن وبين أن يقول أنت طالق بائنا اه قوله (مسموعا) هذا عند الهندواني وهو الصحيح كما في البدائع وعند الكرخي ليس بشرط قوله (بحيث الخ) أشار به إلى أن المراد بالمسموع ما شأنه أن يسمع وإن لم
403 يسمعه المنشئ لكثرة أصوات مثلا ط قوله (للشك) أي للشك في مشيئة الله تعالى الطلاق لعدم الاطلاع عليها ح قوله (وإن ماتت قبل قوله إن شاء الله) لأن ما جرى تعليق لا تطليق وموتها لا ينافي التعليق لأنه مبطل والموت أيضا مبطل فلا يتنافيان فيكون الاستثناء صحيحا فلا يقع عليها الطلاق كذا في التبيين ح قوله (وإن مات يقع) أي إذا مات الزوج وهو يريده يقع لأنه لم يتصل به الاستثناء وتعلم إرادته بأن يذكر لآخر ذلك قبل الطلاق وكذا في النهر ح قوله (ولا يشترط فيه القصد) هو الظاهر من المذهب لأن الطلاق مع الاستثناء ليس طلاقا قال شداد بن حكيم رحمه الله وهو الذي صلى بوضوء الظهر ظهر اليوم الثاني ستين سنة خالفني في هذه المسألة خلف بن أيوب الزاهد فرأيت أبا يوسف في المنام فسألته فأجاب بمثل قولي وطالبته بالدليل فقال أرأيت لو قال أنت طالق فجرى على لسانه أو غير طالق أيقع قلت لا قال هذا كذلك بزازية وفتح قوله (ولا التلفظ بهما) أي بالطلاق والاستثناء قوله (أو عكس) أي كتب الطلاق وتلفظ بالاستثناء قوله (أو أزال الاستثناء الخ) أشار به إلى قسم أربع وهو ما إذا كتبهما معا فإنه يصح أيضا وإن أزال الاستثناء بعد الكتابة فافهم قوله (ولا العلم بمعناه) فصار كسكوت البكر إذا زوجها أبوها ولا تدري أن السكوت رضا يمضي به العقد عليها فتح قوله (من غير قصد) راجع لقوله ولا يشترط القصد وقوله جاهلا راجع لقوله ولا العلم بمعناه ح مطلب فيما لو حلف وأنشأ له آخر قوله (وأفتى الشيخ الخ) اعلم أن هذه المسألة مبنية عند الشافعية على أن من أخذ بقول غيره معتمدا عليه لا يحنث وفرعوا عليه ما لو فعل المحلوف عليه معتمدا على إفتاء مفت بعدم حنثه به وغلب على ظنه صدقه لم يحنث وإن لم يكن أهلا للإفتاء إذ المدار على غلبة الظن وعدمها لا على الأهلية قالوا ومنه قول غير الحالف له بعد حلفه إلا أن يشاء الله ثم يخبره بأن مشية غيره تنفعه فيفعل المحلوف عليه اعتمادا على خبر المخبر اه وبهذا تعلم ما في عبارة الشارح من الخفاء لأن قوله ظانا صحته حال من الضمير في له وهو مشروط بالإخبار كما علمته وقوله بعدم الوقوع متعلق بقوله وأفتى قوله (قلت الخ) اعلم أن المقرر عندنا أنه يحنث بفعل المحلوف عليه ولو مكرها أو مخطئا أو ذاهلا أو ناسيا أو ساهيا أو مغمى عليه أو مجنونا فإذا كان يحنث بفعله مكرها ونحوه فكيف لا يحنث بفعله قصدا مع ظن عدم الحنث نعم صرحوا في الأيمان بأنه لن أحلف على ماض أو حال يظن نفسه صادقا لا يؤاخذ فيها إلا في ثلاث طلاق وعتاق ونذر وقد قال الشارح هناك فيقع الطلاق على غالب الظن إذا تبين خلافه وقد اشتهر
404 عن الشافعية خلافه اه قوله (إن كان بحال الخ) أما لو لم يكن بتلك الحال لا يجوز له الاعتماد عليهما كما في الفتح وغيره قلت ومقتضى هذا الفرع أن من وصل في الغضب إلى حال لا يدري فيها ما يقول يقع طلاقه وإلا لم يحتج إلى اعتماد قول الشاهدين إنه استثنى مع أنه مر أول الطلاق أنه لا يقع طلاق المدهوش وأفتى به الخير الرملي فيمن طلق وهو مغتاظ مدهوش لأن الدهش من أقسام الجنون ولا يخفى أن من وصل إلى حالة لا يدري فيها ما يقول كان في حكم المجنون وقدمنا الجواب هناك بأنه ليس المراد بما هنا أنه وصل إلى حالة لا يدري ما يقول بأن لا يقصده ولا يفهم معناه بحيث يكون كالنائم والسكران بل المراد قد ينسى ما يقول لاشتغال فكره باستيلاء الغضب والله تعالى أعلم مطلب فيما لو دعى الاستثناء وأنكرته لزوجة قوله (ويقبل قوله الخ) قال الخير الرملي في حواشي المنح لم يذكر أهو بيمينه وكذلك صاحب البحر والنهر والكمال ولم أره لأحد وينبغي على ما هو المعتمد أإن يكون بيمينه إذا أنكرته الزوجة وأما إذا لم تنكره فلا يمين عليه اللهم إلا إذا اتهمه القاضي اه قوله (إن ادعاه وأنكرته) أي ادعى الاستثناء ومثله الشرط كما في الفتح وغيره وقيد بإنكارها لأنه محل الخلاف إذ لو لم يكن له منازع فلا إشكال في أن القول قوله كما صرح به في الفتح قلت لكن في التاترخانية عن الملتقط إذا سمعت المرأة الطلاق ولم تسمع الاستثناء لا يسعها أن تمكنه من الوطء اه أي فيلزمها منازعته إذا لم تسمع قال في البحر ولو شهدوا بأنه طلق أو خالع بلا استثناء أو شهدوا بأنه لم يستثن تقبل وهذا مما تقبل فيه البينة على النفي لأنه في المعنى أمر وجودي لأنه عبارة عن ضم الشفتين عقيب التكلم بالموجب وإن قالوا طلق ولم نسمع غير كلمة الخلع والزوج يدعي الاستثناء فالقول له لجواز أنه قاله ولم يسمعوه والشرط سماعه لا سماعهم على ما عرف في الجامع الصغير اه قال في النهر عقبه وفي فوائد شمس الإسلام لا يقبل قوله وفي الفصول وهو الصحيح اه قلت وكذا لا يقبل قوله إذا ظهر منه دليل صحة الخلع كقبض البدل أو نحوه كما في جامع الفصولين قال في التاترخانية والمراد ذكر البدل لا حقيقة الأخذ فعلى هذا إذا ذكر البدل وقت الطلاق والخلع لا يصدق قضاء في دعوى الاستثناء اه قوله (وقيل لا يقبل الخ) قال الخير الرملي أقول حيثما وقع خلاف وترجيح لكل من القولين فالواجب الرجوع إلى ظاهر الرواية لأن ما عداها ليس مذهبا لأصحابنا وأيضا كما غلب الفساد في الرجال غلب في النساء فقد تكون كارهة له فتطلب الخلاص منه فتفتري عليه فيفتي المفتي بظاهر الرواية الذي هو المذهب ويفوض باطن الأمر إلى الله تعالى فتأمل وأنصف من نفسك
405 قلت الفساد وإن كان في الفريقين لكن أكثر العوام لا يعرفون أن الاستثناء مبطل لليمين وإنما يعلمه ذلك حيلة بعض من لا يخاف الله تعالى وأيضا فإن دعوى الزوج خلاف الظاهر فإنه بدعوى الاستثناء يدعي إبطال الموجب بعد الاعتراف به بخلاف ما مر من أن القول قوله في وجود الشرط كدخولها الدار مثلا فإنه بعد قوله إن دخلت الدار فأنت طالق لم ينعقد الموجب للطلاق إلا بعد وجود الدخول وهو ينكره والظاهر يشهد له أما هنا فالأظهر خلاف قوله وإذا عم الفساد ينبغي الرجوع إلى الظاهر قال في الفتنة نقل نجم الدين النسفي عن شيخ الإسلام أبي الحسن أن مشايخنا أجابوا في دعوى الاستثناء في الطلاق أن لا يصدق الزوج إلا ببينة لأنه خلاف الظاهر وقد فسد حال الناس اه قوله (وقيل إن عرف بالصلاح الخ) قائله صاحب الفتح حيث قال عقب ما نقلناه عنه آنفا والذي عندي أن ينظر فإن كان الرجل معروفا بالصلاح والشهود لا يشهدون على النفي ينبغي أن يؤخذ بما في المحيط من عدم الوقوع تصديقا له وإن عرف بالفسق أو جهل حاله فلا لغلبة الفساد في هذا الزمان اه قلت ولا يخفى أن هذا تحقيق للقول الثاني المفتى به لأن المشايخ عللوه بفساد الزمان أي فيكون الزوج متهما وإذا كان صالحا تنتفي التهمة فيقبل قوله فلا يكون هذا قولا ثالثا فتدبر قوله (وحكم من لم يوقف على مشيئته الخ) تعميم بعد تخصيص فإن الباري عز وجل ممن لا يوقف على مشيئته وأفاد التمثيل أن المراد ما يعم من له مشيئة لا يوقف عليها كإن شاء الإنس ومن لا مشيئة له أصلا كإن شاء الجدار أفاده ط قوله (فيما ذكر) متعلق بحكم والمراد بما ذكر التعليق بالمشيئة ح قوله (كذلك) أي كالمعلق بمشيئة الله تعالى في عدم الوقوع ح قوله (وكذا إن شرك) بأن علق بمشيئة الله تعالى مثلا ومشيئة من يوفق على مشيئته قوله (لم يقع أصلا) أي وإن شاء زيد بحر قوله (ومثل إن لا) أي إذا قال إلا أن يشاء الله تعالى فهو مثل إن شاء الله تعالى ويحتمل أن يراد إلا المركبة من إن الشرطية ولا النافية كما في قوله تعالى * (إلا تفعلوه تكن فتنة) * (سورة الأنفال الآية 73) تنبيه ذكر في الولوالجية رجل قال لا أكلمه إلا ناسيا فكلمه ناسيا ثم كلمه ذكرا حنث بخلاف إلا إن أنسى فلا يحنث والفرق أنه في الأول أطلق واستثنى الكلام ناسيا فقط وفي الثاني وقت اليمين بالنسيان لأن قوله إلا أن بمعنى حتى فينتهي اليمين بالنسيان قوله (وإن لم) أي إن لم يشأ الله تعالى فلو قال أنت طالق واحدة إن شاء الله تعالى وأنت طالق ثنتين إن لم يشأ الله تعالى (لا يقع) شئ أما في الأولى فللاستثناء وأما في الثانية فلأنا لو أوقعناه علمنا أن الله تعالى شاءه لأن الوقوع دليل المشيئة لأن كل واقع بمشيئة الله تعالى هو علق بعدم مشيئة الله تعالى الطلاق لا بمشيئته جل وعلا فيبطل الإيقاع ضرورة بحر وتمام الكلام على هذه المسألة في التلويح عند الكلام على في الظرفية قوله (وما) أي ما شاء الله تعالى فلا يقع أما على كونها مصدرية ظرفية فظاهر للشك وأما على كونها موصولا اسميا فكذلك لأن المراد أنت طالق الطلاق الذي شاء الله تعالى ومشيئته لا تعلم فلا يقع إذ العصمة ثابتة بيقين فلا تزول بالشك أفاده في النهر قوله
406 (وما لم يشأ) ومعناه أنت طالق مدة عدم مشيئة الله طلاقك والوجه في عدم الوقوع ما ذكر في أن لم ط قوله (لولا أبوك الخ) إنما كان هذا استثناء لأن لولا أخذت على امتناع الجزاء الذي هو الطلاق لوجود الشرط الذي هو وجود الأب أو حسنها ط قوله (ذكره ابن الهمام في فتواه) كأن الشارح رأى ذلك في فتوى معزوة إلى ابن الهمام لأنا لم نسمع أن له كتاب فتاوى والظاهر أن ذلك غير ثابت عنه لمخالفته لما ذكره في فتح القدير حيث قال ويتراءى خلاف في الفصل بالذكر القليل فإنه ذكر في النوازل لو قال والله لا أكلم فلانا أستغفر الله إن شاء الله تعالى هو مستثن ديانة لا قضاء وفي الفتاوى لو أراد أن يحلف رجلا ويخاف أن يستثني في السر يحلفه ويأمره أن يذكر عقب الحلف موصولا سبحان الله أو غيره من الكلام والأوجه أن لا يصح الاستثناء بالفصل بالذكر اه فهذا كما ترى صريح في أن نحو سبحان الله عقب اليمين فاصل مبطل للاستثناء أما أنه استثناء فلم يقل به أحد فافهم قوله (لأنه توكيد) راجع لقوله حر حر قال في الفتح وقياسه إذا كرر ثلاثا بلا واو أن يكون مثله اه وقوله (وعطف تفسير) راجع لقوله (حر وعتيق) ففيه لف ونشر مرتب وإنما لم يجعل حر حر من عطف التفسير لأنه إنما يكون بغير لفظ الأول كما في الفتح مطلب مهم لفظ إن شاء لله هل هو إبطال أو تعليق قوله (فإنه تطليق الخ) اعلم أن التعليق بمشيئة الله تعالى إبطال عندهما أي رفع لحكم الإيجاب السابق وعند أبي يوسف تعليق ولهذا شرط كونه متصلا كسائر الشروط ولهما أنه لا طريق للوصول إلى معرفة مشيئته تعالى كان إبطالا بخلاف بقية الشروط وعلى كل لا يقع الطلاق في مثل أنت طالق إن شاء الله تعالى نعم تظهر ثمرة الخلاف في مواضع منها ما إذا قدم الشرط ولم يأت بالفاء في الجواب كإن شاء الله أنت طالق فعندهما لا يقع لأنه إبطال فلا يختلف وعنده يقع لأن التعليق لا يصح بدون الفاء في موضع وجوبها ومنها ما إذا حلف لا يحلف بالطلاق وقاله حنث على بالتعليق لا الإبطال كما يأتي هذا ما قرره الزيلعي وابن الهمام وغيرهما ومثله في متن مواهب الرحمن حيث قال ويجعل أي أبو يوسف إن شاء الله للتعليق وهما للإبطال وبه يفتى فلو قال إن شاء الله أنت كذا فاء يقع على الأول ويلغو على ألهاني اه لكن ذكر في متن المجمع عكس ذلك حيث قال وإن شاء الله أنت طالق يجعله تعليقا وهما تطليقا وحمله في البحر على ما تقدم وفيه نظر فإن مقابلة التعليق بالتطليق تقتضي عدم الوقوع على قول أبي يوسف القائل بالتعليق والوقوع على قولهما على أنه صرح بذلك صاحب المجمع في شرحه ولا يخفى أن صاحب الدار أدرى وصرح بذلك أيضا في شرح درر البحار حيث ذكر أولا أن أبا يوسف يجعله تعليقا لأن المبطل لما اتصل بالإيجاب أبطل حكمه ثم قال وجعلاه تنجيزا لأنه لما انتفى رابط الجملتين وهو الفاء بقي قوله (أنت طالق) منجزا اه
407 وقال في التاترخانية وإن قال إن شاء الله أن طالق بدون حرف الفاء فهذا استثناء صحيح في قول أبي حنيفة وأبي يوسف وفي الولوالجية وبد نأخذ وفي المحيط وقال محمد هذا استثناء منقطع والطلاق واقع في القضاء ويدين إن أراد به الاستثناء وذكر الحلاف على هذا الوجه في القدوري وفي الخانية لا تطلق في قول أبي يوسف وتطلق في قول محمد والفتوى على قول أبي يوسف اه ومثله في الذخيرة وذكر في الخانية قبل هذا أول باب التعليق مثل ما مر عن الزيلعي وغيره والحاصل أن أبا يوسف قائل بأن المشيئة تعليق ولكن اختلف في التخريج على قوله فقيل تلزم الفاء في الجواب كما في بقية الشروط بدونها وقيل لا فلا يقع وإن محمدا قائل بأنها إبطال واختلف في التخريج على قوله فقيل إنما تكون إبطالا إن صح الربط بوجود الفاء في الجواب فلو حذفت في موضع وجوبها وقع منجزا وهو معنى كونها حينئذ للتطليق وقيل إنها عنده للإبطال مطلقا فلا يقع وإن سقطت الفاء وأما أبو حنيفة فقيل مع أبي يوسف وقيل مع محمد وبهذا ظهر أن ما في البحر من أنه على القول بالتعليق لا يقع الطلاق إذا لم يأت بالفاء خلافا لما توهمه في الفتح من أنه يقع فيه نظر لما علمت من اختلاف التخريج وظهر أيضا أن ما في الفتح من أن أبا يوسف قائل بأنها للإبطال وأنه صرح في الخانية بذلك فهو مخالف لما سمعته على أن الذي رأيته في الخانية التصريح بأنها عنده للتعليق وكذا ما فيه من أن ما في شرح المجمع غلط وتبعه في النهر فهو بعيد لما علمت من موافقته لعدة كتب معتبرة ولتصريح القدوري به بل هو أحد قولين وقد خفي هذا على صاحب الفتح والبحر والنهر وغيرهم فاغتنم تحرير هذا المقام الذي زلت فيه أقدام الأفهام قوله (لاتصال المبطل بالإيجاب) علة لقوله (تعليق) كما مر عن شرح درر البحار والمراد بالمبطل لفظ إن شاء الله فإنه استثناء صحيح وإن سقطت الفاء من جوابه كما مر عن التاترخانية فليغو الإيجاب وهو قوله أنت طالق فلا يقع واستشكله في البحر بأن مقتضى التعليق الوقوع عند عدم الفاء لعدم الرابط وأجاب الرملي بما في الولوالجية من أن المقصود منه إعدام الحكم لا التعليق وفي الإعدام لا يحتاج إلى حرف الجزاء بخلاف قوله إن دخلت الدار فأنت طالق لأن المقصود منه التعليق فافترقا اه قلت وهذا على أحد التخريجين وهو ما مشى عليه في المجمع وغيره أما على التخريج الآخر من عدم صحة التعليق بدون الفاء وهو ما في الزيلعي وغيره وغيره فيقع كما مر فافهم قوله (وقيل الخلاف بالعكس) يعني الخلاف في أن التعليق بالمشيئة هل هو إبطال أو تعليق لا مسألة المتن أي فقيل إنه إبطال عند أبي يوسف تعليق عند محمد ولم يذكر هذا القائل أبا حنيفة ويحتمل إرادة الخلاف في مسألة المتن أي قيل إنه يقع عند أبي يوسف لا عندهما كما مر عن الزيلعي وغيره فافهم قوله (وعلى كل الخ) أي سواء قيل إن التعليق أو الإبطال قول أبي يوسف أو قول غيره فالمفتي به عدم الوقوع فما مشى عليه المصنف خلاف المفتى به قوله (لم يقع اتفاقا) إذ
408 لا شك حينئذ في صحة التعليق قوله (وثمرته الخ) هذا الضمير لا مرجع له في كلامه لأنه راجح إلى أنه لو أخر الشرط وقال أنت طالق إن شاء الله أو قدمه وأتى بالفاء في الجواب فهو إبطال عندهما تعليق عند أبي يوسف وقدمنا أن ثمرة الخلاف تظهر في مواضع منها مسألة المتن وهي ما إذا قدم الشرط ولم يأت بالفاء في الجواب كما قررناه سابقا ومنها هذه وبيانها ما في الخانية حيث قال ولو قال إن حلفت بطلاقك فأنت طالق ثم قال لها طالق إن شاء الله طلقت امرأته في قول أبي يوسف ولا تطلق في قول محمد لأن على قول أبي يوسف أنت طالق إن شاء الله يمين لوجود الشرط والجزاء وعلى قول محمد ليس بيمين اه أي لأنه عنده الإبطال وقدمنا أن الفتوى عليه وبما ذكرناه علم أن الضمير في قوله (وقاله) راجع إلى ما لو أخر الشرط كأنت طالق إن شاء الله أو قدمه وأتى بالفاء الرابطة كإن شاء الله فأنت طالق قوله (أو برضاه) الرضا ترك الاعتراض على الفاعل وأن لم يكن معه محبة ط قوله (لأن الباء للإلصاق) أي هو المعنى لها فيلتصق وقوع الطلاق بأحد هذه الأربعة وهي حيث لا يطلع عليها فلا تطلق بالشك ط قوله (وإن أضافه) أي بالباء قوله (أي المذكور) جواب عن المصنف حيث أفراد الضمير ومرجعه متعدد ط قوله (فيقتصر على المجلس) أي مجلس علمه فإن شاء فيه طلقت وإلا خرج الأمر من يده قوله (كما مر) أي في فضل المشيئة ح قوله (إذ يراد بمثله التنجيز عرفا) أي فلا يصدق في إرادة التعليق والظاهر أنه يصدق ديانة تأمل قوله (وإن قال ذلك) أي المذكور من الألفاظ العشرة قوله (في الوجوه كلها) أي سواء أضيفت إلى الله أو إلى العبد قوله (لأنه تعليل) أي تعليل الإيقاع كقوله طالق لدخولك الدار فتح أي والإيقاع لا يتوقف على وجود علته كما مر فلا يرد أن المشيئة ونحوها غير معلومة ولا كون محبة الله تعالى للطلاق معدومة لكونه أبغض الحلال إليه تعالى قوله (لأن في بمعنى الشرط) فيكون تعليقا بما لا يوفق عليه فتح قيل وفي قوله (بمعنى الشرط) إشارة إلى أنه لا يصير شرطا محضا حتى يقع الطلاق بعده بل يقع معه وتظهر الثمرة فيما لو قال للأجنبية أنت طالق في نكاحك فتزوجها لا تطلق كما لو قال مع نكاحك بخلاف إن تزوجتك تلويح أي لأن الطلاق لا يكون إلا متأخرا عن النكاح قوله (فإنه يقع في الحال) لأنه لا يصح نفيه عن الله تعالى بحال لأنه يعلم ما كان وما لم يكن فكان تعليقا بأمر موجود فيكون إيقاعا زيلعي قوله (إن نوى ضد العجز) أي نوى حقيقتها لأنها صفة منافية للعجز فيكونه تعليقا بأمر موجود أما لو نوى بها التقدير فلا يقع لأنه تعالى قد يقدر شيئا وقد لا
409 يقدره قوله (والرؤية) الكثير فيها أن تكون الحدود أجرة البصرية ومصدر القلبية الرأي ومصدر الحلمية الرؤيا وقد يستعمل كل في الآخر وهذا منه لأن رؤية طلاقها بالقلب لا بالبصر رحمتي قوله (ثم العشرة) الأظهر في التركيب أن يقول فالحاصل أن العشرة الخ كما لا يخفى ح قوله (إما أن تكون بباء) ترك إن من التقسيم كما ترك المصنف بقية الكلام عليها وحاصل حكمها أنها إبطال أو تعليق في العشرة إن أضيفت إلى الله تعالى وتمليك فيها إن أضيفت إلى العبد قال في البحر والحاصل أنه إن أبى بأن لم يقع في الكل اه إذا أضيفت إلى الله تعالى فلأقسام حينئذ ثمانون اه ح قلت الذي ذكره المصنف كغيره أن الأربعة الأول للتمليك وهذا وإن ذكره مع الباء وفي لكنهما بمعنى الشرط وأصل أدوات الشرط هو إن فلا بكون الستة الباقية للتمليك أصلا ثم رأيت الزيلعي صرح بذلك حيث قال فالحاصل أن هذه الألفاظ عشرة أربعة منها للتمليك وهي المشيئة وأخواتها وستة ليست للتمليك وهي الأمر وأخواته الخ وعلى هذا فإذا أضيفت إلى العبد بأن الشرطية كانت الأربعة الأول للتمليك فتتوقف على المجلس والستة الباقية للتعليق لا تتوقف عليه فقوله في البحر لم يقع في الكل أي لم يقع أصلا إن أضيفت إلى الله تعالى ولم يقع في الحال إن أضيفت إلى العبد فافهم لكن يرد على البحر كما قال ط إن هذا ينافي ما ذكره المصنف في صورة العلم إذا أضيفت إليه تعالى فإنه يقع وعلله بأنه تعليق بأمر موجود فيكون تنجيزا قوله (وعلى ما مر عن العمادية) أي من قوله فلو تلفظ الطلاق وكتب الاستثناء موصولا أو عكس أو أزال الاستثناء بعد الكتابة لم يقع قوله (فهي مائة وثمانون) صوابه مائتان وأربعون لأن ما في البزازية صوره هي كتابة الطلاق والاستثناء معا وما في العمادية ثلاث صور ويضرب أربعة في ستين تبلغ مائتين وأربعين وقد تزيد وذلك إن العشرة إما أن تضاف إلى الله تعالى أو إلى من يوقف على مشيئته من العباد أو من لا يوقف أو إلى الثلاثة أو إلى اثنين منها فهي سبعة تضرب في العشرة تبلغ سبعين وعلى كل إما بأن أو الباء أو اللام أو في تبلغ مائتين وثمانين وعلى كل إما أن يتلفظ بالطلاق والاستثناء وما بمعناه أو يكتبهما أو يمحوهما بعد الكتابة أو يمحو الطلاق أو الإنشاء أو يتلفظ بالطلاق ويكتب الآخر أو بالعكس أو يمحو ما كتب فهي ثمانية في مائتين وثمانين وتبلغ ألفين ومئتين وأربعين قوله (تطلق رجعية) لأن المضاف إلى مشيئة الله تعالى حال الطلاق وكيفيته من المفرد والمتعدد والرجعي والبائن لا أصله فيقع أقله لأنه المتيقن وهو الواحدة الرجعية قوله (أنت طالق ثلاثا إلا واحدة) شروع في استثناء التحصيل بعد الفراغ من استثناء التعطيل كما ذكره القهستاني أحكام الاستثناء الوضعي وفي البحر الاستثناء نوعان عرفي وهو ما مر من التعليق بالمشيئة ووضعي وهو المراد هنا وهو بيان بإلا أو إحدى أخواتها أن ما تدعها لم يرد بحكم الصدر ويبطل بخمسة بالسكتة
410 اختيارا بالزيادة على المستثنى منه وبالمساواة وباستثناء بعض الطلقة وبإبطال البعض كأنت طالق ثنتين وثنتين إلا ثلاثا كما في الخانية اه ملخصا أي لأن إخراج الثلاث من إحدى الثنتين لغو في الفتح عن المنتقى أنت طالق ثلاثا وثلاثا إلا أربعا فهي ثلاث عنده لأنه يصير قوله وثلاثا فاصلا لغوا وعندهما يقع ثنتان كأنه قال ستا إلا أربعا ولو قال ثلاثا إلا واحدة أو ثنتين طولب بالبيان فإن مات قبله طلقت واحدة هو الصحيح وفي رواية ثنتين قوله (وفي الاثنتين واحدة) عن أبي يوسف لا يصح وهو قول طائفة من أهل العربية وبه قال أحمد وتحقيق ذلك في الفتح قوله (لأن استثناء الكل باطل) هذا مقيد بما إذا لم يكن بعده استثناء بكون جبرا للصدر فإن كان صح وعلى هذا تفرع ما لو قال أنت طالق ثلاثا إلا ثلاثا إلا واحدة حيث يقع واحدة ولو قال الاثنتين إلا واحدة وقع ثنتان نهر وهذا من تعدد الاستثناء ويأتي بيانه وإنما بطل استثناء الكل لأنه لا يبقي بعده شئ يصير متكلما به والاستثناء لم يوضع إلا للتكلم بالباقي بعد الثنيا لا لأنه رجوع بعد التقرر كما قيل وإلا لصح فيما يقبل الرجوع كما لو قال أوصيت لفلان بثلث مالكا إلا ثلاث مالكا أفاده في الفتح قوله (إن كان بلفظ الصدر) أي كما مثل به في المتن وكقوله نسائي طوالق إلا نسائي وعبيدي أحرار إلا عبيدي كما في البحر ح وفي الفتح ولو قال واحدة وثنتين إلا ثنتين أم قال ثنتين وواحدة إلا ثنتين يقع الثلاث وكذا ثنتين وواحدة إلا واحدة لأنه في الأوليين إخراج الثنتين من الثنتين أو من الواحدة وفي الثالثة واحدة من واحدة فلا يصح بخلاف ما لو قال واحدة وثنتين إلا واحدة حيث تطلق ثنتين لصحة إخراج الواحدة من الثنتين والأصل أن الاستثناء إنما ينصرف إلى ما يليه وإذا تعقب حملا فهو قيد الأخيرة منها اه قوله (أو مساوية) نحو أنت طالق ثلاثا إلا واحدة وواحدة وواحدة وأنت طالق ثلاثا إلا ثنتين وواحدة ونحو أنتن طوالق إلا زينت وعمرة وهندا ليس له رابعة التجارة أحرر إلا سالما وغانما وراشدا وليس له رابع اه قوله (صح) أي صح الاستثناء في هذه الأمثلة وكذا قوله كل امرأة لي طالق إلا هذه وليس له سواها لا تطلق لأن المساواة في الوجود لا تمنع صحته إن عم وضعا لأنه يطلق صيغي بحر يعني أنه ينظر فيه إلى صيغة المستثنى منه فإن عمت المستثنى وغير وضعا صح الاسثناء فأن كل امرأة يعم في الوضع هذه وغيرها وكذا لفظ نسائي يعم المسميات وغيرهن بخلاف أنتن فإنه لا يعم غير المسميات المخاطبات وبخلاف ما إذا لم يكن فيه عموم أصلا ومنه ما في الفتح حيث قال ولو قال طالق واحدة وواحدة وواحدة إلا ثلاثا بطل الاستثناء اتفاقا لعدم تعدد يصح معه إخراج شئ اه وكذا ما في البحر لو قال للمدخولة أنت طالق أنت طالق أنت طالق إلا واحدة أنكر الثلاث وكذا لو قال أنت طالق واحدة وواحدة وواحدة إلا واحدة لأنه ذكر كلمات متفرقة فيعتبر كل كلام في حق صحة الاستثناء كأنه ليس معه غيره وكذا هذه طالق وهذه وهذه إلا هذه ولو قال أنتن طوالق إلا هذه صح الاستثناء اه قوله (أنكر واحدة) ولو كان المعتبر ما يحكم بصحته من
411 العشرة وهو الثلاث لزم استثناء التسعة من الثلاث فيلغو ويقع الثلاث فيما لو تعدد الاستثناء قوله (ومتى تعدد الاستثناء) أن وأمكن استثناء بعضه من بعض بخلاف ما لا يمكن كقاموا إلا زيدا إلا بكرا إلا عمرا فإن حكم ما بعد الأول كحكمه قال في الفتح وأصل صحة الاستثناء من الاستثناء قوله تعالى * (إلا آل لوط إنا لمنجوهم أجمعين إلا امرأته) * (سورة الحجر الآية 59 60) قوله (بلا واو) فإن كان بالواو كان الكل إسقاطا من الصدر نحو أنت طالق عشرا إلا خمسا وإلا ثلاثا وإلا واحدة أنكر واحدة ح قوله (كان كل) أي كل واحد من المستثنيات إسقاطا مما يليه أي مما قبله فالضمير المستتر في يليه عائد على كل والبارز على ما فهو صلة جرت على غير من هي له لكن اللبس مأمون لعدم صحة إسقاط الأكثر من الأقل فلا يجب إبراز الضمير اه ح وبيان ذلك في مسألة الطلاق أن تسقط السبعة من الثمانية يبقى واحد تسقطه من التسعة يبقى ثمانية تقسطها من العشرة يبقى ثنتان قوله (إن تأخذ العدد الأول الخ) بيانه أن تعد الأوتار بيمينك أي الأول والثالث والخامس والسابع والتاسع وهي تسعة وسبعة وخمسة وثلاثة وواحدة وجملتها خمسة قرة وتعد الأشفاع بيسارك أي الثاني والرابع والسادس والثامن وهي ثمانية وستة وأربعة واثنان وجملتها عشرون تسقطها مما باليمين يبقى خمسة قلت وله طريقة ثانية وهي إخراج الأوتار وإدخال الأشفاع بأن تخرج كل وتر من شفع قلبه بيانه أن تخرج التسعة من العشرة يبقى واحد تضمه إلى الثمانية تصير تسعة أخرج منها سبعة يبقى اثنان تضمها إلى الستة تصير ثمانية أخرج منها خمسة يبقى ثلاثة تضمها إلى الأربعة تصير سبعة أخرج منها ثلاثة يبقى أربعة تضمها إلى الاثنين تصير ستة أخرج منها الواحد يبقى خمسة والطريقة الثالثة إسقاط كل مما يليه كما مر بأن تسقط الواحد من الاثنين يبقى واحد أسقطه من الثلاثة يبقى اثنان سمائين من الأربعة يبقى اثنان أيضا سمائين من الخمسة يبقى ثلاثة أسقطها من الستة يبقى ثلاثة أيضا أسقطها من السبعة يبقى أربعة أسقطها من الثمانية يبقى أربعة أيضا أسقطها من التسعة يبقى خمسة أسقطها من العشرة يبقى خمسة قوله (فهو الواقع) أي المقر به ط قوله (وعن الثاني ثنتان) لأن التطليقة لا تنجزأ في الإيقاع فكذا في الاستثناء فكأنه قال إلا واحدة والجواب أن الإيقاع إنما لا يتجزأ المعنى في الموقع وهو لم يوجد في الاستثناء فيتجزأ فيه فصار كلامه عبارة عن تطليقتين ونصف فتطلق ثلاثا كذا في الفتح وحاصله أن إيقاع نصف الطلقة مثلا غير متصور شرعا فكان إيقاع للكل بخلاف استثناء النصف فإنه ممكن لكنه يلغو لأن النصف الباقي أنكر به طلقة
412 قلت والأقرب في الجواب أنه لما أخرج نصفا له حكم الكل وأبقى نصفا كذلك أوقعنا عليه طلقة بما أبقى ولم يصح إخراجه لأنه لو صح لزم إخراج طلقة حكمية من طلقة حكمية فيلغو قوله (فكأنه استثنى من ثلاث مقدر) قلت وجهه أن لفظ طالق لا يحتمل الثنتين لأنهما عدد محض بل يحتمل الفرد الحقيقي أو الجنس حنث الثلاث والأول لا يصح هنا لأنه يلزم منه إلغاء الاستثناء فتعين الثاني فافهم قوله (في أيمان الفتح) خبر عن ما وليس نعتا لفروع لأن الفرع الأول فقط في أيمان الفتح ح قوله (وقع الثلاث) يعني بدخول واحد كما أخذت عليه عبارة أيمان الفتح حيث قال ولو قال لامرأته والله لا أقربك ثم قال والله لا أقربك فقربها مرة لزمه كفارتان اه والظاهر أنه إن نوى التأكيد بدين ح قلت وتصوير المسألة بما إذا ذكر لكل شرط جزاء فلو اقتصر على جزاء فلو اقتصر على جزاء واحد ففي البزازية إن دخلت هذه الدار فعبدي حر وهما واحد فالقياس عدم الحنث حتى الخطبة دخلتين فيها والاستحسان يحنث بدخول واحد ويجعل الباقي تكرارا وإعادة اه ثم ذكر إشكالا وجوابه وذكر عبارته بتمامها في البحر عند قوله والملك يشترط لآخر الشرطين وقوله وهما واحد أي الداران في الموضعين واحد بخلاف ما لو أشار إلى دارين فلا بد من دخولين كما هو ظاهر قوله (لم تطلق) هذا مبني على قول ضعيف كما حققناه عند قوله وزوال الملك لا يبطل اليمين فافهم قوله (بخلاف ما لو قدم الجزاء) هكذا في بعض النسخ وفي بعضها بخلاف ما لو لم يؤخذ الجزاء وكلاهما صحيح وأما ما في بعض النسخ بخلاف ما لو أخر الجزاء فقال ح صوابه قدم الجزاء ومع ذلك فقد ترك ما إذا وسطه قال في النهر وفي المحيط لو قال إن تزوجتك وإن تزوجتك فأنت طالق لم يق حتى يتزوجها مرتين بخلاف ما إذا قدم الجزاء أو وسطه اه كلام النهر وفضله في الفتاوى الهندية فقال وإن كرر بحرف العطف فقال إن تزوجتك وإن تزوجتك أو قال إن تزوجتك فإن تزوجتك أو إذا تزوجتك أو متى تزوجتك لا يقع الطلاق حتى يتزوجها مرتين ولو قدم الطلاق فقال أنت طالق إن تزوجتك وإن تزوجتك فهذا على تزوج واحد ولو قال إن تزوجتك فأنت طالق وإن تزوجتك طلقت
413 بكل واحد من التزويجين قوله (إن غبت عنك الخ) أقول المسألة ذكرها في البحر عند قول الكنز وزوال الملك بعد اليمين لا يبطلها ونصه في القنية لو قال لها أمرك بيدك ثم اختلعت منه وتفرقا ثم تزوجها ففي بقاء الأمر بيدها روايتان والصحيح أنه لا يبقى قال إن غبت عنك أربعة أشهر فأمرك بيدك ثم طلقها وانقضت عدتها وتزوجت ثم عادت إلى الأول وغاب عنها أربعة أشهر فلها أن تطلق نفسها اه والفرق بينهما أن الأول تنجيز للتخيير فيبطل بزوال الملك والثاني تعليق التخيير فكان يمينا فلا يبطل اه كلام البحر وبه تعلم ما في كلام الشارح من الإيجاز المخل والحاصل أن التخيير يبطل بالطلاق البائن إذا كان التخيير منجزا بخلاف المعلق وهذا ما وفق به في الفصول العمادية بين كلامهم كما حررناه معي فصل المشيئة قوله (لا يقع) لأن الحنث شرطه أن يطلب منها غدا وتمتنع ولم يطلب بحر ونحوه في التاترخانية عن المنتقى قلت ومقتضاه أن النسيان لا تأثير له هنا لكن سيأتي في الأيمان بأن تعليله إمكان البر شرط لبقاء اليمين بعد انعقادها كما هو شرط لانعقادها خلافا لأبي يوسف ولا يخفى ما فيه فإن إمكان البر محقق بالتذكر على أنه يلزم أن يكون النسيان عذرا في عدم الحنث في غير هذه الصورة أيضا وهو خلاف المنصوص فافهم قوله (إن مستيقظا حنث) لأنه يسمى إتيانا منه قال تعالى * (فأتوا حرثكم أنى شئتم) * (سورة البقرة الآية 223) فعلى إنزالها أي تنعقد اليمين على أن يجامعها حتى تنزل لأن شعبها يراد به كسر شهوتها به قوله (فعلى المبالغة لا العدد) فلا تقدير لذلك والسبعون كثير خانية والظاهر أن محله ما لو ينو العدد فإن نواه عملت نيته لأنه شدد على نفسه ط قوله (حنث به أيضا) أي كما يحنث بالجماع فلا يصح نفيه المعنى المتبادر ويؤاخذ بما نواه لأنه شدد على نفسه فأيهما فعل حنث به بقي لو فعل كلا منهما هل يحنث مرتين الظاهر نعم وينبغي أن لا يحنث في الديانة إلا بما نوى قال ط ولو قال إن وطئت من غير ذكر امرأة ولا ضميرها فهو على الدوس بالقدم هو اللغة والعرف وذلك باتفاق أصحابنا ومحله ما لم ينو الجماع وإلا عملت نيته فيما يظهر قوله (له امرأة الخ) لا مناسبة لها في هذا الباب إذ ليس فيها تعليق وقوله طلقت النفساء لعل وجهه أن الخبيث
414 قد يطلق على المستكره ريحه كالثوم والبصل ودم النفساء منتن لطول مكثه قوله (فعلى الحائض) لعل وجهه النهي عنه في القرآن نصا أو كثرته وزيادة أوقاته ومنه غبن فاحش ثم رأيت في البحر عن القنية علل له بقوله لأنه نص قوله (فله أن لا يصدقه) ولا تطلق زوجته لأنه محتمل للصدق والكذب فلا يصدق على غيره بحر عن المحيط ولا يقال إن هذا مما لا يوقف عليه إلا منه فالقول له كقوله لها إن كنت تحبين فقالت أحب لأن ذاك فيما إذا كان المعلق عليه من جهة الزوجة لا من جهة أجنبي كما قدمناه وأفاد أنه لو صدقه حنث قوله (لا يحنث) ينافي ما يأتي قريبا من أن شرط الحنث إن كان عدميا وعجز حنث اه ح وأصله لصاحب البحر أقول لا إشكال لأنه صدق عليه أنه ذهب فعدم الحنث لوجود البر ويشهد له ما يأتي متنا في الأيمان لا يخرج أو لا يذهب إلى مكة فخرج يريدها ثم رجع حنث إذا جاوز عمران مصره على قصدها اه فإن عدم الحنث فيها (1) لوجود المحلوف عليه ط قلت وذكر في الخانية تخريج عدم الحنث في مسألة العسس على قول أبي حنيفة ومحمد فيما إذا حلف ليشربن الماء الذي في هذا الكوز اليوم فأهرقه قبل مضي اليوم لا يحنث عندهما اه وفي الذخيرة ما يدل على أن في المسألة خلافا قوله (فخرجت لحريقها لا يحنث) وكذا لو خرجت للغرق لأن الشرط الخروج بغير إذنه لغير الغرق والحرق بحر أي لأن ذلك غير مراد عرفا فلا يدخل في اليمين وكذا يتقيد ببقاء النكاح كما سيأتي في الأيمان وعلله في الفتح هناك بأن يأمر إنما يصح لمن له المنع وهو مثل السلطان إذا حلف إنسانا ليرفعن إليه خير كل داعر في المدينة كان على مدة ولايته فلو أبانها ثم تزوجاه فخرجت بلا إذن لا تطلق وإن كان زوال الملك لا يبطل اليمين عندنا لأنها لم تنعقد إلا على بقاء النكاح اه ومثله تحليف رب الدين الغريم أن لا يخرج من البلد إلا بإذنه تقيد بقيام الذي كما سيأتي هناك إن شاء الله تعالى قوله (حلف لا يرجع الخ) في الخانية رجل خرج مع الوالي فحلف أن لا يرجع إلا بإذن الوالي فسقط من الحالف شئ فرجع لأجله لا يحنث لأن هذا الرجوع مستثنى من اليمين عادة اه أي لأن المحلوف عليه هو الرجوع بمعنى ترك الذهاب معه فإذا رجع لحاجة على نية العود لم يتحقق المحلوف عليه
(1) قوله: (فان عدم الحنث فيها) اي في أصل مسألة الشارح لا مسألة دخول مكة ا ه. 415 مطلب ليمين تتخصص بدلالة لعادة ولعرف والحاصل أن هذه المسألة والتي قبلها تخصصت اليمين فيهما بدلالة العادة والعادة مخصصة كما تقرر في كتاب الأصول ونظير ذلك ما في الخانية أيضا رجل حلف رجلا أن يطيعه في كل ما يأمره وينهاه عنه ثم نهاه عن جماع امرأته لا يحنث إن لم يكن هناك سبب يدل عليه لأن الناس لا يريدون بهذا النهي عن جماع امرأته عادة كما لا يراد به النهي عن الأكل والشرب وفيها أيضا اتهمته امرأته بجارية فحلف لا يمسها انصرف إلى المس الذي تكره المرأة وكذا لو قال إن وضعت يدي على جاريتي فهي حرة فضربها ووضع يده عليها لا يحنث إن كانت يمينه لأجل المرأة ولأمر يدل على أنه يريد الوضع لغير الضرب اه قلت ومثله فيما يظهر ما ذكره بعض محققي الحنابلة فيمن قال لزوجته إن قلت لي كلاما ولم أقل لك مثله فأنت طالق فقالت له أنت طالق ولم يقل لها مثله من أنها لا تطلق لأن كلام الزوج مخصص بما كان سبا أو دعاء أو نحوه إذ ليس مراده أنها لو قالت اشتر لي ثوبا أن يقول لها مثله بل أراد الكلام الذي كان سبب حلفه اه قوله (فاليمين على التلفظ باللسان) كذا في القنية والحاوي للزاهدي معزيا للوبري ولعله أمرهم على ما إذا كان الحالف عالما وقت الحلف بأنه لا يمكنه إخراجه بالفعل فينصرف إلى التلفظ بقوله أخرج من داري ولو حمل على اليمين المؤقتة كما في لأشربن ماء هذا الكوز اليوم ولا ماء فيه لكان ينبغي عدم الحنث بمضي اليوم وإن لم يقل له أخرج ولعله لم يحمل عليها لإمكان صرف اليمين إلى التلفظ المذكور بقرينة العجز عن الحقيقة لا يدع فلان يسكن في هذه لدار كما لو حلف لا، لا يدع فلانا يسكن في هذا الدار فقد قالوا إن كانت الدار ملكا للحالف فالمنع بالقول والفعل وإلا فبالقول فقط أي لأنه لا يملك منعه بالفعل ومثله ما لو كان آجره الدار فقد صرحوا بأنه يبر بقوله أخرج من داري ووجهه أن المستأجر ملك المنافع فصار الحالف كالأجنبي الذي لا ملك له في الدار وأما ما سيذكره الشارح آخر كتاب الأيمان حيث قال لا يدخل فلان داره فيمينه على النهي إن لم يملك منعه وإلا فعلى النهي والمنع جميعا فهو مخالف لما رأيته في كثير من الكتب من ذكر هذا التفصيل في حلفه لا يدعه أو لا يتركه ففي الولوالجية قال إن دخلت فلانا بيتي أو قال إن دخل فلان بيتي أو قال إن تركت فلانا يدخل بيتي فامرأته طالق فاليمين في الأول على أن يدخل بأمره لأنه متى دخل بأمره فقد أدخله وفي الثاني على الدخول أمر الحالف أو لم يأمر علم أو لم يعلم لأنه وجد الدخول وفي الثالث على الدخول بعلم الحالف لأن شرط الحنث الترك للدخول فمتى علم ولم يمنع فقد ترك اه ومثل في أيمان البحر عن المحيط وغيره فتعليله للثاني بأنه وجد الدخول صريح في انعقاد اليمين على نفس فعل الغير ولذا قال الشارح هناك قال لغيره والله لتفعلن كذا فهو حالف فإذا لم بالصلاة المخاطب حنث الخ فعلم أنه في حلفه لا يدخل فلان داره يحنث بدخوله وإن نهاه الحالف لأنه وجد شرط الحنث بخلاف لا يتركه يدخل فإنه فيه التفصيل المار ولو جرى هذا التفصيل في
416 الحلف على فعل الغير لزم أنه لو قال إن دخل فلان داري فأنت طالق أنه لو نهاه عن الدخول ثم دخل لا يقع الطلاق وأنه لو قال والله لتفعلن كذا وأمره بالفعل فلم يفعل لا يحنث وقد يجاب بحمل قول الشاعر في الأيمان فيمينه على النهي إن لم يملك منعه على ما ذكره هنا من كون المحلوف عليه ظالما بقرينة أن فرض المسألة في الحلف على دار الحالف فلا يمن حمله على التفصيل المذكور فيها إذا كانت الدار ملك الحالف أو ملك غير وسيأتي إن شاء الله تعالى زيادة تحرير هذا المحل في الأيمان وإنما تعرضنا لذكر ذلك هنا لأن بعض محشي الأشباه اغتر بعبارة الشارح المذكورة في الأيمان فأفتى بعدم الحنث بعدم الدخول في قوله لا يدخل فلان داري وهو ما اشتهر على ألسنة العوام من أنه لا يحنث في الحلف على ما لا يملكه وليس على إطلاقه فتنبه لذلك قوله (إن لم تجيئي) بفعل المؤنثة المخاطبة ليناسب قوله فأنت طالق ح قوله (الساعة) راجع إليهما وقيد بها لأن المطلقة لا يحنث فيها إلا باليأس بنحو موت الحالف أو ضياع الثوب ط قوله (لا يحنث) لعدم إمكان البر وقيل يحنث فيهما ط عن البحر قلت وفي الخانية قال لامرأته إن لم تجيئي بمتاع كذا غدا فأنت طالق فبعثت المرأة به على يد إنسان فإن كان نوى وصول المتاع إليه غدا لا يحنث لأنه نوى محتمل يسير وإن لم ينو شيئا أو نوى حملها بنفسها حنث ولا يكون اليمين على الوصول إلا بالنية اه قوله (بطل اليمين) لأنه بعد إبرائها منه لم يبق لها عليه فلا يمكن دفعه قوله (ما يكتب في التعاليق) أي ما يكتبه الزوج على نفسه عند خوف المرأة من نقلها أو تزوجه عليها قوله (متى نقلها الخ) جواب متى محذوف أي فهي طالق وقوله وأبرأته بالواو العاطفة على قوله نقلها أو تزوج عليها قوله (فلو دفع لها الكل) أي كل الدين المعبر عنه بقوله من كذا أو كل باقي الصداق قوله (هل تبطل) أي اليمين المذكور ووجه التوقف أن الطلاق معلق على الشرطين وهما النقل والإبراء أو التزوج والإبراء فإذا وجد أحدهما فلا بد من وجود الآخر وهو الإبراء مع أن المبرأ عنه قد دفعه لها قوله (لتصريحهم الخ) قال في الأشباه الإبراء بعد قضاء الدين صحيح لأن الساقط بالقضاء المطالبة لا أصل الدين فيرجع المديون بما أداه إذا أبرأه براءة إسقاط وإذا أبرأه استيفاء فلا رجوع واختلفوا فيما إذا طلقها وعلى هذا لو علق طلاقها بإبرائها عن المهر ثم دفعه لها لا يبطل التعليق فإذا أبرأته براءة إسقاط وقع ورجع عليها اه والحاصل أن الدين وصف في ذمة المديون والدين يقضي بمثله أي إذا أوفى ما عليه لغريمه ثبت له على غريمة مثل ما لغريمه عليه فتسقط المطالبة فإذا أبرأه غريمه براءة إسقاط سقط ما بذمته لغريمه فتثبت له مطالبة غريمه بما أوفاه فقد صحت البراءة بعد الدفع فلا تبطل اليمين بل يتوقف الوقوع على البراءة بخلاف ما إذا أبرأه براءة استيفاء لأنها بمعنى إقراره باستيفاء دينه وبأنه لا مطالبة
417 له عليه فلا يرجع عليه المديون لعدم سقوط ما بذمته بذلك وأما لو أطلق فينبغي في زماننا حملها على الاستيفاء لعدم فهمهم غيرها قوله (حلف بالله أنه لم يدخل) كذا في بعض النسخ وفي بعضها لا يدخل والصواب الأول لأنه على الثاني تكون اليمين منعقدة لكونها على المستقبل وفرض المسألة فيما إذا كانت على الماضي لتناقض اليمين الثانية ففي البحر عن المحيط من باب الأيمان التي يكذب بعضها بعضا حلف بالله تعالى أنه لم يدخل هذه الدار اليوم ثم قال عبده حر إن لم يكن دخلها اليوم لا كفارة ولا يعتق عبده لأنه إن كان صادقا في اليمين بالله تعالى لم يحنث ولا كفارة وإن كان كاذبا فهي يمين الغموس فلا توجب الكفارة واليمين بالله تعالى لا مدخل لها في القضاء فلم يصر فيها مكذبا شرعا فلم يتحقق شرط الحنث في اليمين بالعتق وهو عدم الدخول حتى لو كانت اليمين الأولى بعتق أو طلاق حنث في اليمينين لأن لها مدخلا في القضاء اه قوله (حنث في اليمينين) لأن بكل زعم الحنث في الأخرى كما يأتي في باب عتق البعض اه ح قوله (ولو ضاع من اللحام الخ) هذا نقله في البحر عن الخانية في اليمين المطلقة عن ذكر اليوم ثم قال ومفهومه أنه إذا لم يكن رده فإنه يحنث فعلم به أن قولهم يشترط لبقاء اليمين إمكان البر إنما هو في المقيدة بالوقت فعدمه مبطل لها أما المطلقة لها فعدمه موجب للحنث اه وحاصله أنه إذا كانت اليمين مقيدة بالوقت يحنث بمضيه إلا إذا عجزت عن رده بأن ضاع أو أذيب أما لو كانت مطلقة فلا يحنث وإن ضاع ما داما حيين لإمكان وجدانه أما لو مات أحدهما أو علم أنه أذيب أو سقط في البحر فإنه يحنث لتعذر الرد وبه تعلم ما في كلام الشارح قوله (إن لم أكن الخ) كذا في البحر عن الصيرفية وقد راجعت عبارة الصيرفية فرأيت فيها إن أكن بدون لم وهو الصواب قوله (يحبس الخ) سواء حبسه القاضي أو الوالي لأن الحبس يسمى نفيا قال تعالى * (أو ينفوا من الأرض) * (سورة المائدة الآية 23) بحر عن الصيرفية أي فإن الآية محمولة عندنا على الحبس مطلب المحبوس ليس في الدنيا ورأيت في بضع الكتب أن الوزير ابن مقلة لما حبسه الراضي بالله سنة اثنتين وعشرين وثلاث مائة أنشد قوله خرجنا من الدنيا ونحن من أهلها * فلسنا من الموتى نعد ولا الأحيا إذا جاءنا السجان يوما لحاجة * فرحنا وقلنا جاء هذا من الدنيا
418 قوله (لا يحنث في المختار) لأنه مسكن لا ساكن وشرط الحنث هو السكنى وإنما تكون السكنى بفعله إذا كان باختياره بخلاف إن لم أخرج ونحوه لأن شرط الحنث عدم الفعل والعدم يتحقق بدون الاختيار أفاده في الذخيرة وأفاد أيضا أن الخلاف فيما إذا أغلق الباب لا فيما إذا منع بقيد ومثله في البحر وصر به في البزازية وحاصله أنه لو كان المنع حسيا لا يحنث بلا خلاف ولو كان بغيره لا يحنث أيضا في المختار وقيل لا يحنث مطلب الأصل أن شرط الحنث إن كان عدميا وعجز يحنث قوله (والأصل الخ) عبارة ولا الشحنة والأصل أن شرط الحنث إن كان عدميا وعجز عن مباشرته فالمختار الحنث وإن كان وجوديا وعجز فالمختار عدم الحنث اه قلت والظاهر أن الضمير في قوله مباشرته يعدو إلى شرط البر لا شرط الحنث لأن العجز عن الشئ فرع من تطلبه والحالف إنما يطلب شرط البر فيحصله أو يعجز عنه فكان على الشارح أن يقول متى عجز عن شرط البر فافهم هذا وقد استشكل في البحر فرعين أحدهما مسألة العسس المارة والثاني ما في القنية إن لم أعمل هذه السنة في المزارعة بتمامها فمرض ولم يتم حنث ولو حبسه السلطان لا يحنث اه قال فإن الشرط فيهما العدم وقد أثر فيه الحبس اه قلت أما مسألة العسس فقد مر الجواب عنها وأما مسألة القنية فالظاهر أنها مبنية على خلاف المختار وهو عدم الحنث فيما إذا كان المنع غير حسي فلذا فرق بين المنع بالمرض والمنع بحبس السلطان لأن الحبس إغلاق لباب الحبس فهو منع غير حسي بخلاف المرض فإنه كالقيد فهو منع حسي لكن في أيمان البزازية من الخامس عشر أن لم تحضريني الليلة فكذا فقيدت ومنعا حسيا ذكر الفضلي أنه يحنث والأصح أنه لا يحنث فقد صحح عدم الحنث في المنع الحسي لكن ذكر في الذخيرة أن المختار الحنث ولم يقيد بكونها منعت منعا حسيا فالظاهر أنه ترجيح لقول الفضلى وهو الموافق للأصل المار لأن الشرط هنا عدمي ويكون التفصيل بين المنع الحسي وغيره خاصا فيما إذا كان الشرط وجوديا ويكون ما في القنية والبزازية مبنيا على إجرائه في العدمي أيضا والله أعلم تنبيه اعلم أنهم صرحوا بأن فوات المحل يبطل اليمين وبأن العجز عن فعل المحلوف عليه يبطلها أيضا لو موقتة لا لو مطلقة وبأن إمكان تصور البر شرط لانعقادها في الابتداء مطلقا وشرط لبقائها لو موقتة وعلى هذا فقولهم في ليشربن ماء هذا الكوز اليوم ولا ماء فيه لا يحنث وجهه أنها لم تنعقد لعدم إمكان البر ابتداء وفيما لو كان فيها ماء فصب تبطل لعدم إمكان البر بعد انعقادها
419 والعجز فيه ناشئ عن فوات المحل وفي إن لم أخرج ونحوه فقيد ومنع يحنث لأن العجز لم ينشأ عن فوات المحل لأن المحل فيه هو الحالف أو المرأة ونحو ذلك وهو موجود بخلاف الماء الذي صب فإذا لم يخرج تحقق شرط الحنث لبقاء المحل وإن عجز حقيقة لإمكان البر عقلا بأن يطلقه الحابس له كما في قوله إن لم أمس السماء اليوم فإنه يحنث بمضيه لأنه وإن استحال عادة لكنه في نفسه ممكن لأنه وجد من بعض الأنبياء بخلاف ما لو صب الماء لأن عود الماء المحلوف عليه غير ممكن أصلا وفي لا أسكن فقيد ومنع لا يحنث لأن شرط الحنث وجودي وهو سكناه بنفسه والوجودي يمكن إعدامه بالإكراه والمنع بأن ينسب لغيره وهو المكره بالكسر بخلاف لا يخرج لأن شرط الحنث عدمي وهو لا يمكن إعدامه بالإكراه لتحققه من المكره بالفتح وهذا معنى قولهم الإكراه يؤثر في الوجودي لا في العدمي فصار الحاصل أنه إذا كان شرط الحنث عدميا فإن عجز عن شرط البر بفوات محله لا يحنث وإن مع بقاء المحل حنث سواء كان المانع حسيا أو لا وكذا لو كان المانع كونه مستحيلا عادة كمس السماء وإن كان الشرط وجوديا لا يحنث مطلقا ولو كان المانع غير حسي في المختار هذا ما تحرر لي من كلامهم والله تعالى أعلم فافهم قوله (ومفاده الخ) أي لأن شرط الحنث فيه عدمي وهو عدم الأداء والمحل وهو الحالف باق وإذا كان يحنث في حلفه ليمس السماء اليوم مع كون شرط البر مستحيلا عادة فحنثه هنا بالأولى لأن شرط البر ممكن بأن يغصب مالا أو يجد من يقرضه أو يرث قريبا له ونحو ذلك فإن ذلك ليس بأبعد من مس السماء ولا يرد ما قيل إنه يستفاد عدم الحنث من قوله في المنح حلف ليقضين فلانا دينه غدا ومات أحدهما قبل مضي الغد أو قضاه قبله أو أبرأه لم تنعقد اه لأن عدم الحنث فيه لبطلان اليمين بفوات المحل كما لو صب ما في الكوز فإن شرط البر صار مستحيلا عقلا وعادة بخلاف مس السماء فإنه ممكن عقلا وإن استحال عادة وكذا لا يرد ما في الخانية إن لم آكل هذا الرغيف اليوم فأكله غيره قبل الغروب لا يحنث لأنه من فروع مسألة الكوز كما صرحوا به لفوات المحل وهو الرغيف وما استشهد به صاحب البحر حيث قال إن قوله في القنية متى عجز عن المحلوف عليه واليمين مؤقتة فإنها تبطل يقتضي بطلانها في الحادثة المذكورة فيه نظراه لأن مراد القنية العجز الحقيقي كما في مسألة الكوز وإلا ناقضه ما أطبق عليه أصحاب المتون من عدم البطلان في لأصعدن السماء ثم رأيت الرملي نقل عن فتاوى صاحب البحر أنه أفتى بالحنث في مسألتنا مستندا إلى إمكان البر حقيقة وعادة مع الإعسار بهبة أو تصدق أو إثر اه وهو عين ما قلناه أولا ولله الحمد طلاق المريض لما كان المرض من العوارض أخره قوله (عنون به لأصالته) أي اقتصر على ذكر المريض في الترجمة مع أن قوله من غالب حاله الهلاك بمرض أو غيره صريح في أن الحكم في غير المريض
420 كذلك ولكن الأصل في هذا الباب المريض وغيره ممن كان في حكمه ملحق به وقيل المراد بالمريض من غالب حاله الهلاك مجازا فيشتمل غيره قوله (لفراره من إرثها) أي ظاهرا وإن اتفق أنه لم يقصد الفرار قوله (فيرد عليه قصده) بيان لوجه توريثها منه اعتبارا بقاتل مورثه بجامع كونه فعلا محرما لغرض فاسد وتمام تقريره في الفتح وعن هذا قال في البحر وقد علم من كلامهم أنه لا يجوز للزوج المريض التطليق لتعلق حقها بماله إلا إذا رضيت به اه قال في النهر وفيه نظر لأن الفاء حيث رد عليه قصده لم يكن آتيا إلا بصورة الإبطال لا بحقيقته فتدبر اه وقد يقال لو لم يكن ذلك القصد محظورا لم يرده عليه الشارح كقتل المورث استعجالا لإرثه ثم رأيت في التاترخانية عن الملتقط قال محمد إذا مرض الرجل وقد دخل بامرأته أكره له أن يطلقها ولو كان قبل الدخول لا يكره اه قوله (إلى تمام عدتها) لأن يفرق لا بد أن يكون لنسب أو سبب وهو الزوجية والعتق والزوجية تنقطع بالبينونة وهذه إشارة إلى خلاف مالك في قوله بإرثها وإن مات بعد تزوجها كما يأتي قوله (كما سيجئ) أي في قول المصنف ولو باشرت سبب الفرقة وهي مريضة الخ ط قوله (بأن أضناه مرض) أي لازمه حتى أشرف على الموت مصباح قوله (عجز به الخ) فلو قدر على إقامة مصالحة في البيت كالوضوء والقيام إلى الخلاء لا يكون فارا (1) وفسره في الهداية بأن يكون صاحب فراش وهو أن لا يقوم بحوائجه كما يعتاد الأصحاء وهذا أضيق من الأول لأن كونه ذا فراش يقتضي اعتبار العجز عن مصالحة في البيت فلو قدر عليها فيه لا يكون فارا وصححه في الفتح حيث قال فأما إذا أمكنه القيام بها في البيت لا في خارجه فالصحيح أنه صحيح اه أقول ومقتضى هذا كله أنه لو كان مريضا مرضا يغلب منه الهلاك لكنه لم يعجزه من مصالحة كما يكون في ابتداء المرض لا يكون فارا وفي نور العين قال أبو الليث كونه صاحب فراش ليس بشرط لكونه مريضا مرض الموت بل العبرة للغلبة لو الغالب من هذا المرض الموت فهو مرض الموت وإن كان يخرج من البيت وبه كان يفتي الصدر الشهيد ثم نقل عن صاحب المحيط أنه ذكر محمد في الأصل مسائل أخذت عن أن الشرط خوف الهلاك غالبا لا كونه صاحب فراش اه ويأتي تمامه قوله (هو الأصح) صححه الزيلعي وقيل من لا يصلي قائما وقيل من لا يمشي وقيل من يزداد مرضه ط عن القهستاني قوله (كعجز الفقيه الخ) ينبغي أن يكون المراد العجز عن نحو ذلك من الإتيان إلى المسجد أو الدكان لإقامة المصالح القريبة في حق الكل إذ لو كان محترفا بحرفة شاقة كما لو كان مكاريا أو حمالا على ظهره أو دقاقا أو نجارا أو نحو ذلك مما لا يمكن إقامته مع أدنى مرض وعجز عنه مع قدرته على الخروج إلى المسجد أو السوق لا يكون مريضا وإن
(1) قوله: (إلى الخلاء لا يكون فارا) لعل الصواب اسقاط لا حيث كان مقرها على كلام المصنف تأمل ا ه. 421 كانت هذه مصالحه وإلا لزم أن يكون عدم القدرة على الخروج إلى الدكان للبيع والشراء مثلا مرضا وغير مرض بحسب اختلاف المصالح تأمل ثم هذا إنما أيضا يظهر في حق من كان له قدرة على الخروج قبل المرض أما لو كان غير قادر عليه قبل المرض لكبر أو لعلة في رجليه فلا يظهر فينبغي اعتبار غلبة الهلاك في حقه وهو ما مر عن أبي الليث وينبغي اعتماده لما علمت من أنه كان يفتي به الصدر الشهيد وأن كلام محمد يدل عليه ولا طراده فيمن كان عاجزا قبل المرض ويؤيده أن من ألحق بالمريض كمن بارز رجلا ونحوه إنما اعتبر فيه غلبة الهلاك دون العجز عن الخروج ولأن بعض من يكون مطعونا أو به استسقاء قبل غلبة المرض عليه قد يخرج لقضاء مصالحه مع كونه أقرب إلى الهلاك من مريض ضعف عن الخروج لصداع أو هزال مثلا وقد يوفق بين القولين بأنه إن علم أن به مرضا مهلكا غالبا وهو يزداد إلى الموت فهو المعتبر وإن لم يعلم أنه ملك يعتبر العجز عن الخروج للمصالح هذا ما ظهر لي فإن قلت إن مرض الموت هو الذي يتصل به الموت فما فائدة تعريفه بما ذكر قلت فائدته أنه قد يطول سنة فأكثر كما يأتي فلا يسمى مرض الموت وإن اتصل به الموت وأيضا فقد يموت المريض بسبب آخر كالقتل فلا بد من حد فاصل تبتنى عليه الأحكام قوله (قال في النهر وهو الظاهر) رد على قوله في الفتح أما المرأة فإن لم يمكنها الصعود إلى السطح فهي مريضة فإنه يقتضي أنها لو عجزت عنه لا عما دونه كالطبخ تكون مريضة مع أنه خلاف ما في الملتقى وغيره من اعتبار عدم قدرتها على القيام بمصالح بيتها تأمل قوله (المرض) مبتدأ والمعتبر صفته والمضني خبره وقد علمت أن هذا القول مقابل الأصح قوله (والمقعد) هو الذي لا حراك به من داء في جسده كأن الداء أقعده وعند الأطباء هو الزمن وبعضهم فرق وقال المقعد المتشنج الأعضاء والزمن الذي طال مرضه مغرب قوله (ولم يقعده في الفراش) احترازا عما إذا تطاول ثم تغير حاله فإنه إذا مات من ذلك التغير يعتبر تصرفه من الثلث كما في الخلاصة قوله (ثم رمز شح) أي شين وحاء وهو رمز لشمس الأئمة الحلواني وفي الهندية عن التمرتاشي وفسر أصحابنا التطاول بالسنة فإذا بقي على هذه العلة سنة فتصرفه بعدها كتصرفه حال صحته اه أي ما لم يتغير حاله كما علمت قوله (وفي القنية الخ) قال ح أخذا مما تقدم عن الهندية أن هذا لا ينافي ما قبله لأن ازدياده إلى السنة فقط اه ولا يخفى ما فيه وفي الهندية أيضا المقعد والمفلوج ما دام يزداد ما به كالمريض فإن صار قديما ولم يزد فهو كالصحيح في الطلاق وغيره كذا في الكافي وبه أخذ بعض المشايخ وبه يفتى الصدر
422 الشهيد حسام الأئمة والصدر الكبير برهان الأئمة وفسر أصحابنا إلى آخر ما مر قلت وحاصله أنه إن صار قديما تطاول سنة ولم يحصل فيه ازدياد فهو صحيح أما لو مات حالة الازدياد الواقع قبل التطاول أو بعده فهو مريض قوله (أو بارز رجلا أقوى منه) بيان الحكم الصحيح الملحق بالمريض هنا وهو من كان غالب حاله الهلاك كما في النهاية وغيرها والأولى أن يقال من يخاف عليه الهلاك غالبا على أن غالبا متعلق بالخوف وإن لم يكن مواقع غلبة الهلاك فإن في المبارزة لا يكون الهلاك غالبا إلا أن يبرز لمن علم أنه ليس من أقرانه بخلاف غلبة خوف الهلاك كذا في البحر ومثله في الفتح ومقتضاه أن الأولى ترك التقييد بكونه أقوى منه ولذا لم يقيد به في الكنز وغيره بناء على أن المعتبر غلبة خوف الهلاك لا غلبة الهلاك فإن من خرج عن صف القتال وبارز رجلا يغلب عليه خوف الهلاك وإن لم يكن الرجل أقوى منه ولا يغلب عليه الهلاك إلا إذا علم أنه أقوى منه فما جرى عليه المصنف مبني على ما في النهاية من أن المعتبر غلبة الهلاك وعليه جرى في النهر وقال ولذا قيد بعضهم المسألة بما إذا علم أن المبارز ليس من أقرانه بل أقوى منه اه وبما قررناه علم أن ما في المتن مخالف لما اختاره في البحر تبعا للفتح فافهم ويؤيد ما في الفتح ما ذكره في معراج الدراية من كتاب الوصايا لو اختلطت الطائفتان للقتال وكل منهما مكافئة للأخرى أو مقهورة فهو في حكم مرض الموت وإن لم يختلطوا فلا اه فإنه يدل على أن المكافئة تكفي قوله (من قصاص أو رجم) وكذا لو قدمه ظالم ليقتله قهستاني قوله (أو بقي على لوح من السفينة) يوهم أن انكسار السفينة شرط لكونه فارا وليس كذلك فقد قال في المبسوط فإن تلاطمت الأمواج وخيف الغرق فهو كالمريض وكذا في البدائع وقيده الإسبيجابي بأن يموت من ذلك الموج أما لو سكن ثم مات لا ترث اه بحر قلت وهذا شرط في المبارزة وغيرها أيضا كما يأتي قوله (وبقي في فيه) أما لو تركه فهو كالصحيح ما لم يجرحه جرحا يخاف منه الهلاك غالبا كما يفهم مما مر قوله (فار بالطلاق) أي هارب من توريثها من ماله بسبب الطلاق في هذه الحالة قوله (خبر من) أي خبر من الموصولة في قوله من غالب حالة الهلاك الخ قوله (ولا يصح تبرعه إلا من الثلث) أي كوقفة ومحاباته وتزوجه بأكثر من مهر المثل واستفيد من هذا المرض في حق الوصية والفرار لا يختلف ط والمراد بقوله تبرعه أي الأجنبي فلو لوارث لم يصح أصلا قوله (فلو أبانها) أي بواحدة أو أكثر ولم يقل أو طلقها رجعيا كما قال في الكنز لما قال في النهر وعندي أنه كان ينبغي حذف الرجعي من هذا الباب لأنها فيه ترث ولو طلقها في الصحة ما بقيت العدة بخلاف البائن فإنها لا ترثه إلا إذا كان في المرض وقد أحسن القدوري في اقتصاره على البائن ولم أر من نبه على هذا اه قال ط والطلاق ليس بقيد بل كذلك لو أبانها بخيار بلوغه أو تقبيله أمها أو بنتها أو ردته كما في البدائع وكأنه كنى به عن كل فرقة جاءت من قبله حموي اه لكن هذا في قول الكنز طلقها أما قول المصنف أبانها لا
423 يحتاج إلى دعوة الكناية قوله (وهي من أهل يفرق) أي من وقت الطلاق إلى وقت الموت كما سيوضحه الشارح قوله (علم بأهليتها أم لا الخ) هذا كله سيأتي متنا وشرحا وأشار إلى أن الأولى ذكره هنا قوله (فلو أكره) محترز قوله طائعا أي لو كره على طلاقها البائن لا ترث وهذا لو كان الإكراه بوعيد أسيد فلو كان بحبس أو قيد يصير فارا كما في الهندية عن العتابية ثم إنه ذكر في جامع الفصولين أنه لا رواية لهذه المسألة في الكتب وذكر فيها عن المشايخ قولين الأول أنها ترث لأن الإكراه لا يؤثر في الطلاق بدليل وقوع طلاق المكره والثاني أنه ينبغي أن لا ترث للجبر إذا لو أكره على قتل مورثه يرثه ولا يرثه المكره أي بالكسر لو وارثا ولو لم يوجد منه القتل اه واستظهر الرحمتي الأول لتعلق حقها في إرثه بمرضه ولم يوجد منها ما يبطله إلا إذا كانت هي التي أكرهته على الطلاق ويؤيده لو جامعها ابنه مكرهة ورثت مع أن الفرقة ليست باختيارهما اه قلت الظاهر ترجيح الثاني ولذا جزم به الشارح تبعا ل البحر لأن إرث من أبانها في مرضه لرد قصده عليه وهو فراره من إرثها ومع الإكراه لم يظهر منه فرار فيعمل الطلاق عمله فلا ترثه كما أن علة عدم إرث القاتل لمورثه قصده تعجيل يفرق فيرد قصده عليه وإذا كان مكرها لم يظهر هذا القصد فيرثه مع أن القتل محظور عليه بخلاف الألاق فإنه مع الإكراه غير محظور وقوله أو جامعها ابنه مكرهة ورثت صوابه لم ترث كما يأتي التنبيه عليه فهو مؤيد لما قلنا قوله (أو رضيت) محترز قوله بلا رضاها أي كأن خالعت وفي حكمه كل فرقة وقعت من قبلها كاختيار امرأة العنين نفسها قهستاني ط قوله (ولو أكرهت على رضاها) أي على مفيد رضاها كسؤالها الطلاق ولو قال على سؤالها الطلاق كما قال غيره لكان أولى ط قوله (أو جامعها ابنه مكرهة) بحث لصاحب النهر وأقره الحموي عليه ويخالفه ما في البحر عن البدائع الفرقة لو وقعت بتقبيل ابن الزوج لا ترث مطاوعة كانت أو مكرهة أما الأول فلرضاها بإبطال حقها وأما الثاني فلم يوجد من الزوج إبطال حقها المتعلق بالإرث لوقوع الفرقة بفعل غيره اه والجماع كالتقبيل في حرمة المصاهرة وليس لنا إلا اتباع النص ط قلت وفي جامع الفصولين أيضا جامعها ولا مريض مكرهة لم ترثه إلا أن أمره الأب بذلك فينتقل فعل الابن إلى الأب في حق الفرقة فيصير فارا اه ومثله في الذخيرة معزيا للأصل وكذا في الولوالجية والهندية وللرحمتي هنا كلام مصادم للمنقول فهو غير مقبول قوله (بذلك الحال) بدل من قوله كذلك والمراد به حال غلبة الهلاك من مرض ونحوه واحترز به عما إذا طلق في الصحة ثم مرض ومات وهي في العدة لا ترث منه بحر أي إذا كان الطلاق رجعيا فإنها ترثه وكذا يرثها لو ماتت في العدة جامع الفصولين وفيه قال في مرضه قد كنت أبنتك في صحتي أو تزوجتك بلا شهود أو بيننا رضاع قبل النكاح أو تزوجتك في العدة وأنكرت المرأة ذلك بانت منه وترثه لا لو صدقته قوله (فلو صح)
424 الأولى فلو زال ذلك الحال اه ح أي ليعم ما لو عاد المبارز إلى الصف أو أعيد المخرج للقتل إلى الحبس أو سكن الموج ثم مات فهو كالمريض إذا برئ من مرضه كما في البدائع وعزاه إليها في الفتاوي الهندية ويؤيد ما قدمناه عن الإسبيحابي من التصريح بأنه سكن الموج ثم مات لا ترث لكن في الفتح ولو قرب للقتل فطلق ثم خلي سبيله أو حبس ثم قتل أو مات فهو كالمريض ترثه لأنه ظهر فراره بذلك الطلاق ثم ترتب موته فلا يبالي بكونه بغيره اه ومثله في معراج الدراية بدون تعليل وتبعه في البحر والنهر وهو مشكل لأنه يلزم عليه أن المريض لو صح ثم مات أن ترثه لصدق التعليل المذكور عليه مع أنه خلاف ما أطبقوا عليه من اشتراطهم موته في ذلك الوجه أي الوجه الذي هو حالة غلبة الهلاك ولا شك أنه بعد ما خلى سبيله أو أعيد للحبس ثم مات لم يمت في ذلك الوجه بل مات في غيره في حالة لا يغلب فيها الهلاك ولذا لو طلق وهو في الحبس قبل إخراجه للقتل لم يكن فارا فكذا بعد إعادته إليه نعم ما ذكر من التعليل إنما يصح لموته في ذلك الوجه بسبب آخر كموت المريض بقتل وموت من أخرج للقتل بافتراس سبع ونحوه والظاهر إن في عبارة الفتح سقطا من قلم الناسخ والأصل في العبارة فهو كالمريض إذا برئ بخلاف موته بسبب غيره فإنها ترثه لأنه ظهر فراره الخ فليتأمل قوله (بذلك السبب) متعلق بقوله ومات لكن زيادة الشارح قوله موته اقتضت إعرابه خبرا مقدما وموته مبتدأ مؤخر ولا حاجة إلى هذه الزيادة وقد سقطت من بعض النسخ قوله (في العدة) والقول لها في أنه مات قبل انقضاء العدة مع اليمين فإن نكلت فلا إرث لها ولو تزوجت قبل موته ثم قالت لم تنقض عدتي لا يقبل قولها ولو كانت أمة قد عتقت ومات الزوج فادعت العتق في حياته وادعت الورثة أنه بعد موته فالقول لهم ولا يعتبر قول المولى كما إذا ادعت أنها أسلمت في حياته وقالت الورثة بعد موته فالقول لهم وتمامه في البحر عن الخانية قوله (للمدخولة) أي المدخول بها حقيقة حنث الموطوءة ليخرج المختلي بها فإنها وإن وجبت عليها العدة لكنها لا ترث كما مر في باب المهر في الفرق بين الخلوة والدخول أفاده ط فافهم قوله (لا هو منها) أي لو أبانها في مرضه فماتت هي قبل انقضاء عدتها لا يرث منها بخلاف ما لو طلقها رجعيا كما يأتي قوله (وعند أحمد إلخ) وعن مالك وإن تزوجت بأزواج وعند الشافعي لا ترث المختلعة والمطلقة ثلاثا وغيرهما يرث لأن الكنايات عنده رواجع در منتقى قوله (وكذا ترث طالبة رجعية) أي في مرضه كما هو الموضوع واحترز بالرجعية عما لو أبانها بأمرها كما يذكر قوله (أو طلاق فقط) أي بأن قالت له في مرضه طلقني فطلقها ثلاثا فمات في العدة ترثه إذا صار مبتدئا فلا يبطل حقها في الإرث كقولها طلقني رجعية فأبانها جامع الفصولين قوله (لأن الرجعي لا يزيل النكاح) أي قبل انقضاء العدة أي فلم تكن راضية بإسقاط حقها بخلاف ما لو طلبت البائن قوله (حتى حل وطؤها) أي بدون تجديد عقد لكن إذا الوطء قبل المراجعة بالقول كان هو مراجعة مكروهة قوله (ويتوارثان في
425 العدة مطلقا) أي سواء كان طلاقه لها في صحته أو مرضه برضاها أو بدونه كما في البدائع فأيهما مات وهي في العدة يرثه الآخر بخلاف ما بعد العدة لأنه زال النكاح وقدمنا قريبا أن القول لها في أنه مات قبل انقضاء العدة بقي هنا مسألة هي واقعة الفتوى سألت عنها ولم أرها صريحة في رجل طلق زوجته المريضة طلاقا رجعيا ثم ماتت بعد شهرين فادعى عدم انقضاء العدة ليرث منها وادعى ورثتها انقضاءها وهي لم تقر قبل موتها بانقضائها ولم تبلغ سن اليأس فهل القول له أو لهم والذي يظهر لي أن القول للزوج لأن سبب الإرث وهو الزوجية كان متحققا لأن الرجعي لا يزيله فلا يزول بالاحتمال وهي لو ادعت قبل موتها انقضاءها في مدة تحتمله يكون القول لها لأنه لا يعلم إلا من جهتها بخلاف ورثتها فتأمل قوله (بخلاف البائن) فإن فيه لا بد من استمرار الأهلية من وقت الطلاق إلى وقت الموت كما يذكره قريبا قوله (وكذا ترث مبانة الخ) أي من طلقها بائنا قيد بها لأنه لو كانت مطلقة رجعية لا ترث كما يذكره المصنف وكذا لو بانت بتقبيل ابن الزوج ولو مكرهة كما مر قوله (لمجئ الحرمة ببينونته) أي فكان الفرار منه قوله (ومن لاعنها في مرضه) أطلقه فشمل ما إذا كان القذف في الصحة أو في المرض وقال محمد إن كان القذف في الصحة واللعان في المرض لم ترث نهر قوله (أو آلى منها مريضا) أراد به أن يكون مضى المدة في المرض أيضا بحر قوله (لما مر) أي من أن الفرقة جاءت بسبب منه قال في الهداية وهذا ملحق بالتعليق بفعل لا بد منه إذ هي ملجأة إلى الخصومة لدفع العار عنها قوله (وإن آلى في صحته الخ) وجه عدم الإرث فيها أن الإيلاء في معنى تعليق الطلاق بمضي أربعة أشهر خالية عن الوقاع لا بد أن يكون التعليق والشرط في مرضه وهنا وإن تمكن من إبطاله بالفئ لكن بضرر يلزمه وهو وجوب الكفارة عليه فلم يكن متمكنا بحر قوله (فمات) أي في عدتها كما مر قوله ((لأنه لا بد الخ) تعليل للمسألة الثانية ط قوله (ولا بد في البائن الخ) تعليل للمسألة الثالثة أي والردة تقطع أهلية الإرث ط قوله (أو لم يطلقها) أي لا فرق بين الطلاق الرجعي وعدم الطلاق أصلا قوله (فطاوعت) المطاوعة ليست بقيد إذ لو كانت مكرهة لا ترث أيضا لأنه لم يوجد من الزوج إبطال حقها كما في البحر عن البدائع لكن لو أمره أبوه بذلك ورثت كما قدمناه قوله (لمجئ الفرقة منها) أي فكانت راضية بإسقاط حقها قوله (أو أبانها بأمرها) يصدق بما إذا سألته واحدة بائنة
426 فطلقها ثلاثا فقوله في البحر لم أر حكمه أي صريحا ثم قال كما يوجد في بعض نسخ البحر وينبغي أن لا ميراث لها لرضاها البائن اه قوله (وأشار بإجازته) لأنها هي المبطلة للإرث واعترضه في النهر بأن هذا لا يجدي نفعا فيما إذا كان الطلاق في مرضه إذ دليل الرضا فيه قائما اه قلت فيه نظر لأنها رضيت بطلاق موقوف غير مبطل لحقها ولا يلزم منه رضاها بما يبطله عبارة جامع الفصولين وليس هذا كطلاق بسؤالها إذا لم ترض بعمل المبطل إذا قولها طلقت نفسي لم يكن مبطلا بل يتوقف على إجازته فإذا أجاز في مرضه فكأنه أنشأ الطلاق فكان فارا اه فافهم قوله (أو اختلعت منه) قيد به لأنه لو خلعها أجنبي من زوجها المريض فلها الإرث لو مات في العدة لأنها لم ترض بهذا الطلاق فيصير الزوج فارا بحر عن جامع الفصولين قلت ومفاد التعليل أن الأجنبي لو خلعها من زوجها على مهرها وأجازت فعله ترث أيضا لأن إجازتها حصلت بعد البينونة فلم تأثر فيها بل أثرت في سقوط مهرها فقد ثبت الفرار قبل الإجازة فلا يرتفع بها فلا يصح أن يقال أنها لا ترث لأن دليل الرضا قائم لأن المعتبر قيامه قبل البينونة لا بعدها فافهم قوله (ولو ببلوغ الخ) أفاد أنه غير مقصور على اختيار بتفويض الطلاق لا يقال إن الفرقة في خيار البلوغ تتوقف على فسخ القاضي فلم تكن بفعلها فصار كما لو أبانت نفسها فأجازه الزوج لأن فسخ القاضي موقوف على طلبها ذلك منه فصار كطلبها البائن من زوجها وذلك رضا هذا ما ظهر لي قوله (لرضاها) أي لأن الفرقة وقعت باختيارها لأنها تقدر على الصبر عليه بدائع قوله (محصورا بحبس) عبارته في الدر المنتقى في حصن وكذا عبارة غيره والحصر وإن كان بمعنى المنع ويشمل الحبس والحصن لكن مسألة الحبس ذكرها بعد وقوله أو في صف القتال احترز عما إذا خرج عن الصف للمبارزة فإنه يكون فارا كما مر وكذا لو التحم القتال واختلط الصفان كما قدمناه عن المعراج وإنما لم يكن فارا هنا لما قالوا من أن الحصن لدفع بأس العدو وكذا المنعة إي بمن معه من المقاتلين قال في النهر وإطلاقه يفيد أنه لا فرق بين أن تكون فئة قليلة بالنسبة إلى الأخرى أو لا ولم أره لهم اه قلت الظاهر أنه ما دام في الصف لا فرق أما لو اختلطوا فقد علمت مما قدمناه عن المعراج أنه في حكم المرض ألا إذا كانت إحداهما غالبة تنبيه مثل من في الصف من كان راكب سفينة قبل خوف الغرق أو نزل بمسبعة أو مخيف من عدو بحر مطلب حال فشو الطاعون هل للصحيح حكم المريض قوله (ومثله الطاعون) نقل في الفتح عن الشافعية أنه في حكم المرض وقال ولم أره لمشايخنا اه وقواعد الحنفية تقتضي أنه كالصحيح قال الحافظ العسقلاني في كتابه بذل الماعون وهو الذي ذكره لي جماعة من علمائهم وفي الأشباه غايته أن يكون كمن في صف القتال فلا يكون فارا اه وهو الصحيح عند مالك كما في الدر المنتقى قال في الشرنبلالية وليس
427 مسلما إذا لا مماثلة بين من هو مع قوم يدفعون عنه في الصف وبين من هو مع قوم هم مثله ليس لهم قوة الدفع عن أحد حال فشو الطاعون اه قلت إذا دخل الطاعون محلة أو دارا يغلب على أهلها خوف الهلاك كما في حال التحام القتال بخلاف المحلة أو الدار التي لم يدخلها فينبغي الجري على هذا التفصيل لما علمت من أن العبرة لغلبة خوف الهلاك ثم لا يخفى أن هذا كله فيمن لم يطعن قوله (أو محموما) عطف على مشتكيا وقوله أو محبوسا عطف على قائما ولا يصح عطف محموما على قائما لأنه يلزم عليه أن لا ترث منه وإن لم يقم بمصالحه خارج البيت لأن العطف يقتضي المغايرة والحاصل أن المحموم إذا كان يقدر على القيام بمصالحه لا يكون مريضا وإلا فهو مريض كما يعلم من عبارة الملتقى وأما ما في الدراية من التصريح بأن المحموم مريض فهو أمرهم على ما إذا عجز عن القيام بمصالحه فلا يخالف ما في الملتقى وأما ما في النهر من دعوى المخالفة والتوفيق بحمل ما في الدراية على ما إذا جاءت نوبة الحمى ففيه نظر لأنها إذا جاءت نوبتها ولم يعجز عن القيام بمصالحه لم يكن مريضا بمنزلة الحامل التي يأخذها الطلق ثم يسكن كما يأتي قريبا قوله (لغلبة السلامة) لأن الحصن لدفع العدو وقد يتخلص من المسبعة والحبس بنوع من الحيل ط عن الهندية قوله (وهو الطلق) اختلف في تفسير الطلق فقيل الوجع الذي لا يسكن حتى تموت أو تلد وقيل وإن سكن لأن الوجع يسكن تارة ويهيج أخرى والأول أوجه البحر عن المجتبى قوله (إذا علق المريض) أي من كان مريضا عند التعليق والشرط عند أحدهما احترازا عما إذا كان صحيحا عند كل من التعليق والشرط فليس من صور المسألة فافهم قوله (البائن) قيد به لأن حكم الفرار لا يثبت إلا به بحر لأن الرجعي لا فرار فيه ولو نجزه في المرض بدون رضاها كما مر قوله (بفعل أجنبي) سواء كان له منه بد أم لا بحر والمراد بالفعل ما يعم الترك كما في إيضاح الإصلاح ط قوله (أي غير الزوجين) دفع به ما يتوهم من إرادة حقيقة الأجنبي وهو من لا قرابة له ط قوله (أو بمجئ الوقت) المراد به التعليق بأمر سماوي أي مالا صنع فيه للعبد وجعله من التعليق لأن المضاف في معنى الشرط من حيث إن الحكم يتوقف عليه كما حققه في البحر من باب التعليق فافهم قوله (بفعل نفسه) أي سواء كان له منه بد أو لا قوله (أو الشرط فقط) أي المعلق عليه كدخول الدار مثلا في إن دخلت الدار قوله (كأكل وكلام أبوين) لف ونشر مرتب وكالأبوين كل ذي رحم محرم كما في الحموي عن البرجندي ط ومثله الصوم والصلاة وقضاء الدين واستيفاؤه نهر
428 وفي التاترخانية لو علقه على الخروج إلى منزل والديها فخرجت ترث لأنه مما لا بد لها منه اه وينبغي تقييده بما إذا خرجت على وجه ليس له منعها منه قوله (أو الشرط فيه فقط) فيه خلاف محمد فعنده إذا كان التعليق في الصحة فلا ميراث لها مطلقا قال في البحر وصححوا قول محمد ونقل في النهر تصحيحه عن فخر الإسلام قوله (ورثت لفراره) أما إذا كان التعليق بفعل أجنبي أو بمجئ الوقت ووجدوا في المرض فلأن القصد إلى الفرار قد تحقق بمباشرة التعليق في حال تعلق حقها بماله ولذا لو كان الموجود في المرض الشرط فقط لم ترث عندنا خلافا لزفر وإما إذا كان بفعل نفسه وكانا في المرض أو الشرط فيه فقط فلأنه قصد إبطال حقها بالتعليق والشرط أو بالشرط وحده واضطراره لا يبطل حق غيره كإتلاف مال الغير حالة الاضطرار وأما إذا كان بفعلها الذي لا بد لها منه وكان الشرط في المرض فلأنها مضطرة في المباشرة لخوف الهلاك في الدنيا أو في العقبى نهر ملخصا قوله (ومنه) أي من الفرار وهو من قسم التعليق بفعل نفسه وإنما ورثته لأنه وجد الشرط وهو عدم التطليق أو عدم التزوج معي موته وهو وقت مرض فكان فارا وإن كان التعليق في الصحة إنما لم يرثها لرضاه بإسقاط حقه حيث أخر الشرط إلى موتها وذكر في البدائع أيضا أنه لو قال إن لم آت البصرة فأنت طالق ثلاثا فلم يأتها حتى مات ورثته لما قلنا أما إذا ماتت هي يرثها لأنها ماتت وهي زوجته لعدم شرط الوقوع لجواز أن يأتي البصرة بعد موتها اه أي بخلاف تطليقها وتزوجه عليها فإنه لا يمكن بعد موتها تنبيه تقييد الشارح الطلاق بكونه ثلاثا غير السري في مسألة موتها لأنه لو كان رجعيا حكمنا بالوقوع في آخر جزء من أجزاء حياتها وهو الجزء الذي يعقبه الموت يكون الواقع به بائنا لعدم إمكان العدة كمن لم يدخل بها كما قدمناه عن الفتح في باب الصريح عند قوله إن لم أطلقك فأنت طالق قوله (أو التعليق فقط) أي التعليق بفعل أجنبي أو بمجئ الوقت كما في البحر وهو المفهوم من المتن فيما مر فالتعليق هنا لا يحمل على عمومه حتى يشمل فعل نفسه لأن التعليق به إذا وجد في الصحة فقط أي ووجد الشرط في المرض ورثت منه وقد صرح به المتن فلا يصح دخوله في العموم كذا بخط السائحاني فافهم قوله (أو بفعلها غنم منه بد) أي مطلقا سواء كان التعليق والشرط في المرض أو أحدهما أولا ولا. قال في التبيين) وفي غيرهما أي في هذه الصور التي ذكرناها لا ترث وهو ما إذا كان التعليق والشرط في الصحة في الوجوه كلها أو كان التعليق في الصحة فيما إذا علقه بفعل الأجنبي أو بمجئ الوقت أو كيفما كان إذا علقه بفعلها الذي لها منه بد فإنها لا ترث في هذه الصورة كلها اه ح قوله (وحاصلها ستة عشر) يمكن بسطها إلى ثمانية وعشرين لأنه إذا علقه على فعله أو فعلها أو فعل أجنبي فالفعل إما منه بد أو لا فهذه ستة تضرب في أوجه الشرط والتعليق الأربعة فتبلغ أربعة وعشرين وفي تعليقه على الوقت أربع صور فتبلغ ثمانية وعشرين لكن في فعله الأجنبي لا فرق بين ما منه بد أو لا بخلاف فعلها كما علمت ثم لا يخفي أن كون كل من التعليق والشرط في الصحة لا دخل له في طلاق المريض ولذا
429 لم يذكر في البحر فالمناسب إسقاطه وتكون الصور إحدى وعشرين قوله (أو أحدهما) بالنصب أو الرفع عطفا على اسم إن أي أو أحدهما في أحد المذكورين بأن يكون التعليق في الصحة والشرط في المرض أو بالعكس قوله (قال لها في صحته) أما إذا كان هذا التعليق في المرض ورثت في جميع الصور لأنه من التعليق بفعل الأجنبي وفعله وقد تقدم ما يدل عليه من الصور السابقة ط قوله (والفرق لا يخفى) قال في البحر وحاصله أن الطلاق تعلق على مشيئتهما فإذا شاءا معا لم يكن الزوج تمام العلة فلا يكون فارا بخلاف ما إذا تأخرت مشيئة الزوج لأنه حينئذ تمت العلة به اه أي فيكون من التعليق بفعله فيكفي فيه كون الشرط فقط في المرض بخلاف الوجهين الأولين فإنهما من معي التعليق بفعل الأجنبي فلا بد فيه من كون التعليق والشرط في المرض والفرض أن التعليق في الصحة قوله (وعلى مضي العدة) قيد به ليظهر خلاف الصاحبين حيث قالا بجواز إقراره ووصيته لانتفاء التهمة بانتفاء العدة كما في التبيين فيفهم منه أنه لو تصادقا على الثلاث في الصحة ولم يتصادقا على انقضاء العدة يكون لها الأقل اتفاقا اه ح قوله (فلها الأقل منه ومن يفرق) من في الموضعين بيان للأقل والواو بمعنى أو وصلة الأقل محذوفة تقديرها من الآخر والمعنى فلها الموصى به الذي هو أقل من يفرق أو يفرق الذي هو أقل من الموصى به ولا يجوز أن تكون الواو للجمع إذ يصير المعنى حينئذ فلها يفرق والموصى به اللذان هما الأقل وهو فاسد كما لا يجوز أن تكون في الموضعين صلة الأقل سواء كانت الواو للجمع أو بمعنى أو إذ يصير المعنى على الأول فلها الأقل من (كل واحد منهما وعلى الثاني فلها الأقل من) أحدهما وكلاهما فاسد اه ح أي لأنه يصير الأقل شيئا خارجا عن يفرق والموصى به مع أن المراد بالأقل واحد منهما هو الأقل من الآخر قوله (للتهمة) أي التهمة مواضعة الزوجين على الإقرار بالفرقة وانقضاء العدة ليعطيها الزوج زيادة على ميراثها وهذه التهمة في الزيادة فقط فرددناها وقالا بجواز الإقرار والوصية لأنها صارت أجنبية عنه لعدم العدة بدليل قبول شهادته لها ودفع زكاته لها وتزوجها بآخر والجواب أنه لا مواضعه عادة في حق الزكاة والشهادة والتزوج فلا تهمة بحر ملخصا عن الهداية وشروحها قوله (وتعتد من وقت إقراره الخ) كذا ذكر في الهداية والخانية في باب العدة أن الفتوى عليه وحينئذ فلا يثبت شئ من هذه الأحكام المذكورة آنفا ولا تزوجه بأختها وأربع سواها وهو خلاف ما صرحوا به هنا وبه اندفع ما في غاية السروجي من أنه ينبغي تحكيم الحال فإن كان جرى بينهما خصومة وتركت خدمته في مرضه فهو دليل عدم
430 المواضعة فلا تهمة وإلا فلا تصح للتهمة بحر ملخصا وأقره في النهر وحاصله أن ما قرره هنا من قبول شهادته لها ونحوه من الأحكام يقتضي أن ابتداء العدة يستند إلى وقت الطلاق وما صححوه في باب العدة وقت الإقرار يقتضي انتفاء هذه الأحكام أقول لا يخفى أن العدة إنما تجب من وقت الطلاق وإذا أقر الزوجان بمضيها صدقا فيما لا تهمة فيه ولذا صرحوا بأنه لا تجب لها نفقة ولا سكنى وأشار بتصديقها له والشهادة ونحوها مما مر لا تهمة فيها إذ لا مواضعة عادة فيها كما تقدم بخلاف الوصية بما زاد على قدر يفرق فلم يصدقا في حقها عند أبي حنيفة وقدر أن العدة لم تنقض لإبطال الزيادة لأنها موضع تهمة فليس المراد عدم انقضاء العدة في سائر الأحكام بل في موضع التهمة فقط وبه علم أن كلا من القول باعتبارها من وقت الطلاق والقول باعتبارها من وقت الإقرار ليس على عمومه ولذا قال في فتح القدير في باب العدة إن فتوى المتأخرين أي بوجوبها من وقت الإقرار مخالفة للأئمة الأربعة وجمهور الصحابة والتابعين وحيث كانت مخالفتهم للتهمة فينبغي أن يتحرى به محالها والناس الذين هم مظانها ولهذا فصل الإمام السعدي بحمل كلام محمد في المبسوط من أن ابتداء العدة من وقت الطلاق على ما إذا كانا متفرقين من الوقت الذي أسند الطلاق إليه أما إذا كانا مجتمعين فالكذب في كلامهما ظاهر فلا يصدقان في الإسناد قال في البحر هناك وهذا هو التوفيق اه أي بين كلام المتقدمين والمتأخرين وبه ظهر صحة ما قاله السروجي من أنه ينبغي تحكيم الحال لكن ما قاله من أن الخصومة وترك الخدمة دليل على عدم المواضعة رده في الفتح بأنه غير ظاهر لأن وصيته لها بأكثر من يفرق الميراث ظاهرة في أن تلك الخصومة حيلة ليست على حقيقتها اه نعم ما ذكره الإمام السعدي من التفرق ظاهر في عدم المواضعة لتصح وصيته لها وتزوجه أختها وأربعا سواها والله سبحانه أعلم تنبيه اعلم أن ما تأخذه له العطار بالميراث فلو ترى شئ من التركة قبل القسمة كان على الكل ولو طلبت أخذ الدراهم والتركة عروض لم يكن لها ذلك وشبه بالدين حتى كان للورثة أن يعطوها من غير التركة مؤاخذة لها بزعمها أن ما تأخذه دين كذا أفاده في فتح القدير والبحر وغيرهما قوله (بعد مضيها) أي مضي العدة من وقت الإقرار قوله (فلها جميع ما أقر أو أوصى) لأنها صارت أجنبية فانتفت التهمة ومقتضاه أن ما تأخذه لم يبق له العطار بالميراث أصلا فلا يأتي فيه ما مر آنفا لأنه قبل مضي العدة لم تعط الزائدة على يفرق التهمة فكان ما تأخذه إرثا نظرا للورثة ووصية نظرا لزعمها فاعتبر فيه الشبهان وبعد مضي العدة لم تبق التهمة فلذا استحقت جميع ما أقر أو أوصى به وتمخض كونه دينا أو وصية وبه علم أن ن ذكر الشبهين هنا تبعا لظاهر عبارة النهر لم يصب فافهم قوله (ولو لم يكن بمرض موته) الباء بمعنى في أي ولو لم يكن هذا التصادق في مرض موته تعلق بأن صح منه أو كان غير مريض أصلا ثم مات في عدتها صح إقراره ووصيته لعدم التهمة قوله (ولو كذبته) محترز قوله تصادقا ط قوله (لم يصح إقراره) أي ولا وصيته معاملة لها بزعمها أنها زوجة وهي وارثة ولا وصية للوارث ولا إقرار له ط وينبغي تقييده بما إذا مات في مرضه قبل مضي عدتها من وقت الإقرار لأنه لما أقر بطلاقها ثلاثا بانت منه وأشار بإقراره وإن
431 كذبته وصار فارا فإذا صح من مرضه ثم مات في العدة أو لم يصح ومات بعد العدة لم ترث منه فتصح وصيته وإقراره لها بالمال وليس تكذيبها له في الطلاق السابق رضا بالطلاق الواقع الآن كما لا يخفى هذا ما ظهر لي قوله (لا لو بعده) أقول هذا إنما يظهر لو ادعت أن الإبانة كانت في الصحة لأن دعواها تتضمن اعترافها بأنها لا ترث معه لكونه غير فار أما لو ادعت أن الإبانة كانت في ذلك المرض الذي مات فيه فلا لأنها ادعت عليه طلاقا ترث منه غير أنها لما زعمت أنها بانت منه وجب عليها مفارقته فإذا ادعت عليه ذلك الواجب لا يلزم منه أن تكون راضية بطلاقها كما لا يخفى فيجب أن ترث سواء أصرت على دعواها أو صدقته قبل موته أو بعده كما لو أقر لها بما ادعت عليه ولم أر من تعرض لذلك وكأنهم سكتوا عنه لظهوره فافهم قوله (كمن طلقت الخ) جهل حكم المسألة الأولى مشبها بهذه لأنه لا خلاف فيها بخلاف الأولى كما علمت قوله (بأمرها) الأولى برضاها ليشمل اختيارها نفسها في التفويض أفاده الحموي عن البرجندي ط قوله (فإن لها الأقل) أي مما أقر أو أوصى به ومن الإرث وهذا تصريح بوجه الشبه المفاد بالكاف قوله (قال صحيح) قيد به ليكون فراره بالبيان أما لو كان مريضا يكون فارا بذلك القول لا بنفس البيان فافهم قوله (إحداكما طالق) أي ثلاثا كما في عبارة الفتح عن الكافي وهو المراد لأن الكلام فيما يكون به فارا ولا فرار في الرجعي قوله (فترث منه) لأنه بين الطلاق بعد تعلق حقها بماله فيرد عليه قصده كما لو أنشأ فجعل إنشاء في حق الإرث للتهمة ولو ماتت إحداهما قبله ثم مات تعينت الأخرى ولم ترث لأنه بيان حكمي فانتفت التهمة عنه وتمامه في الفتح قلت وما ذكر من أنه يصير فارا بهذا البيان مؤيد للقول بأن البيان في الطلاق المبهم إيقاع الطلاق معلقا بشرط البيان معنى أي ينعقد سببا للحال لوقوع الطلاق عند البيان فيقع عند البيان بالكلام السابق أما على القول بأنه إيقاع للحال في واحدة غير عين والبيان تعيين لمن وقع عليها الطلاق فينبغي أن لا يصير فارا لأن الوقوع يكون في حال صحته كذا في البدائع وتمام الكلام على ذلك مبسوط فيه قوله (لو حلف صحيحا) أي بأن علق على فعل غيه كأن قال إن دخل زيد قاصدا داره فأحداكما طالق ثلاثا أما لو علق فعله أي بأن فعله صار فارا بالفعل في مرضه لا بنفس البيان فافهم قوله (صار فارا) يظهر لك وجهه بما ذكرناه آنفا عن البدائع قوله (ولا يشترط علمه الخ) حاصله أن أهلية الزوجة للميراث شرط في كونه فارا فإذا كانت أمة أو كتابية فأبانها في مرضه لم ترث لعدم أهليتها لذلك لكن لو كانت أعتقت أو أسلمت وهو غير عالم فأبانها في مرضه صار فارا وترثه
432 لتحقق الشرط وقت الإبانة قوله (بعد غد) أما لو قال لها أيضا أنت طالق ثلاثا غدا يقع الطلاق والعتاق معا ولا ميراث لها ولو قال إذا أعتقت فأنت طالق ثلاثا كان فارا كذا في الظهيرية أي لأن المعلق يعقب المعلق عليه فيتحقق شرط الفرار قبل وقوع الطلاق بخلاف ما قبله فإن المضافين إلى الغد وقعا معا قوله (وإلا يعلم لا ترث) لأنه وقت التعليق لم يقصد إبطال حقها حيث لم يعلم وإن صارت أهلا قبل نزول الطلاق ولم تكن حرة وقت التعليق لأن عتقها مضاف بخلاف ما إذا كانت حرة وقته ولم يعلم به لأنه أمر حكمي فلا يشترط العلم به كذا في البحر والأظهر أن يقال لأنه أمر ثابت تأمل تنبيه مقتضى قول المصنف كان فارا أنه يقع عليها ثلاث طلقات وإلا كان رجعيا لأنها صارت حرة ولا فرار في الرجعي فافهم ويشكل عليه ما مر معي ألفاظ الشرط من باب التعليق أنه لو قال لزوجته الأمة إن دخلت الدار فأنت طالق ثلاثا فعتقت فدخلت له رجعتها اه ومقتضاه أن يقع هنا طلقتان ولا يكون فارا وقد يجاب أخذا مما قالوا (1) في الفرق بين الإضافة والتعليق إن المضاف ينعقد سببا للحال بخلاف المعلق حتى لو قال أنت حر غدا لم يملك بيعه اليوم ويملكه إذا قال إذا جاء غدا كما في طلاق الأشباه والنظائر ففي مسألتنا لما قال لأمته أنت حرة غدا انعقد سببا للحال فإذا قال الزوج أنت طالق ثلاثا بعد غد انعقد سببا للطلاق بعد تحقق سبب الحرية فتطلق ثلاثا بخلاف مسألة التعليق فإنه وقت التعليق لا يملك أكثر من طلقتين ولم يتحقق سبب الحرية وقته فلا يقع أكثر مما يملك هذا غاية ما ظهر لي فتأمله قوله (ولو علقه) أي الطلاق البائن بعتقها وكان التعليق والشرط في المرض لأنه تعليق بفعل أجنبي ط قوله (أو بمرضه) كقوله إن مرضت فأنت طالق ثلاثا يكون فارا لأنه جعل شرط الحنث المرض مطلقا والمرض المطلق هو صاحب الفراش الذي كان الموت غالبا فيه وذا مرض الموت كذا في الولوالجية ونقل في البحر تصحيحه عن الخانية قلت ومقتضاه أنه لو مرض قبله ثم صح منه لم تطلق لحمله المرض على المطلق أي الكامل منه وهو الذي يتصل به الموت فليس المراد مطلق مرض بل المراد مرض مطلق وبينهما فرق واضح مثل ماء مطلق ومطلق ماء فافهم قوله (أو وكل به الخ) قال في البدائع وقالوا فيمن فوض طلاق امرأته إلى أجنبي في الصحة وطلقها في المرض إن التفويض إن كان على وجه لا
(1) قوله: (وقد يجاب اخذا مما قالوا الخ) قال شيخنا: التحقيق ان التعليق والإضافة مستويات في عدم الانعقاد الا عند وجود الشرط أو الوقت، حتى يملك المولى بيع المضاف عتقه الا إذا كانت الإضافة إلى ما بعد الموت فحينئذ يكون الاشكال باقيا. ويمكن دفعه بان مسألة التعليق لم يوجه فيها ما يقتضي العتق قبل التعليق، بخلاف مسألة الإضافة فإنه قد وجد فيها إضافة الطلاق قبل إضافة العتق، فنقول ابتداء بالغاء الطلقة الزائدة على ما يملكه في الأولى لعدم تقدم مقتضى العتق. وفي الثانية لما وجدت الإضافة المقتضية للعتق لم نقل بالغاء الثالثة ولو كانت هذه الإضافة لا تعمل الا بعد وجود الوقت ا ه. 433 يملك عزله عنه بأن ملكه الطلاق لا ترث لأنه لما لم يقدر على فسخه بعد مره صار الإيقاع في المرض كالإيقاع في الصحة وإن كان يمكنه عزله فلم يفعل صار كإنشاء التوكيل في المرض فترثه قوله (ولو باشرت الخ) شروع في كون المرأة فارة بعد بيان كون الرجل فارا وهذا ما أشار إليه في أول الباب بقوله وقد يكون الفرار منها قوله (ورثها الزوج) لأنه كما تعلق حقها بماله في مرض موته حقه بما لها في مرض موتها بحر قوله (أو مطاوعتها ولا زوجها) احتراز عما لو أكرهها فإنه لا يرثها لعدم مباشرتها سبب الفرقة ومثله بالأولى ما لو أمر ابنه بإكراهها بخلاف ما إذا كان هو المريض وأمر ابنه بإكراهها فإنه يكون فارا وترثه وإن لم يأمره فلا كما مر قوله (وهي مريضة) قيد للفروع المذكورة صرح به ليصح اندراجها تحت الأصل المذكور وهو قوله ولو باشرت المرأة الخ فلا تكرار فافهم قوله (لأنها) أي الفرقة بالأسباب المذكورة ومثلها ردة المرأة كما يأتي قوله (ولذا) أي لكونها جاءت من قبلها لم تكن طلاقا بل هي فسخ لأن المرأة ليست أهلا للطلاق قوله (فإنه لا يرثها) أي ولا ترثه كما مر عند قول المصنف السدف منه أو اختارت نفسها أي إذا كان ذلك في مرضه ط لكن في اللعان ترثه كما مر لأن ابتداءه من جهته قوله (لأنها طلاق) فيعتبر إيقاعا من جهته فلا تكون فارة لاضطرارها إلى ذلك أما في اللعان فلدفع العار عنها وأما في الجب والعنة فلعدم حصول الإعفاف المطلوب من النكاح فصار مثل التعليق بفعلها الذي لا بد لها منه بخلاف ما إذا سألته الطلاق في مرضه فطلقها لرضاها بأسقاط حقها بلا ضرورة فلا ترثه وإن كان إيقاعا من جهته فافهم نعم يشكل عدم إرثها منه باختيار نفسها في مرضه للجب والعنة فإن علة عدم إرثها كونها راضية كما مر فينافي دعوى اضطرارها والجواب أنه ليس اضطرارا حقيقيا فلا منافاة ولو سلم اضطرارها حقيقة لا يلزم منه إرثها منه لأن إرثها منه لا يكون ألا إذا ثبت فراره ولم يثبت لأنه لم يضطرها إلى ذلك فهي كمن وطئها ابنه مكرهة لا ترث منه إلا إذا أمر ابنه بذلك كما مر فلم يلزم من اضطرارها فراره لعدم جنايته عليها بخلاف ما هنا فإن اضطرارها عذر في نفي فرارها لأنه من جهتها فيؤثر فيه بخلاف فراره فإنه من جهته فلا يؤثر اضطرارها فيه كالمكره فإن اضطراره إلى قتل غيره أنما يؤثر في فعله من حيث نفي القود عنه لا في فعل غيره وهو من أكرهه ويؤيد ما قلنا قوله في الفتح لو حصلت الفرقة في مرضه بالجب والعنة وخيار البلوغ والعتق لا ترثه لرضاها بالمبطل وأن كانت مضطرة لأن سبب الاضطرار ليس من جهته فلم يكن جانبا في الفرقة اه هذا ما ظهر لي في هذا المحل فتأمله (ثم ماتت أو ألحقت) أي قبل انقضاء العدة ط قوله (ورثها) لأنه تبين أن قصدها
434 الفرار ط قوله (استحسانا) والقياس أن لا يرثها لعدم جريانه بين المسلم والكافر ط قوله (لا يرثها) لأنها بانت بنفس الردة قبل أ تصيد شرفة على الهلاك وليست بالردة مشرفة عليه لأنها لا تقتل وكذا في الفتح قوله (بخلاف ردته الخ) لأنه يقتل إن استدامها ط قوله (مطلقا) أي سواء كانت في الصحة أو المرض ط قوله (ولو ارتدا معا الخ) قال في البحر وإن ارتدا معا ثم أسلم أحدهما ثم مات أحدهما إن مات المسلم لا يرث المرتد وإن كان الذي مات مرتدا هو الزوج ورثته المسلمة وإن كانت المرتدة قد ماتت فإن كانت ردتها في المرض ورثها الزوج المسلم وإن كانت في الصحة لم ترث كذا في الخانية اه قوله (طلقت الأخرى) زاد الشارح ذلك تبعا ل (للدرر) لإصلاح عبارة المتن لأنه قوله عند التزوج متعلق بقوله طلقت وعلى ما في المتن متعلق بقوله مات وليس المعنى عليه وقوله ولا يصير فارا الواو فيه من الشرح للعطف على طلقت وإذا لم يصر فارا لا ترث منه فإن كان دخل بها فلها مهر ونصف فالمهر بالدخول بشبهة والنصف بالطلاق قبل الدخول وعدتها بالحيض بلا إحداد زيلعي من باب اليمين بالطلاق والعتاق قوله (خلافا لهما) وعندهما يقع عند الموت لأنه الوقت الذي تحققت فيه الآخرية ويصير فارا فترثه غنم مهر واحد وتعتد بأبعد الأجلين من عدة الطلاق والوفاة وإن كان الطلاق رجعيا فعليهما عدة الوفاة والإحداد أفاده الزيلعي قوله (لأن الموت معرف الخ) علة لقول الإمام أي يعرف أن هذه المرأة آخر امرأة قوله (واتصافه) أي التزوج من وقت الشرط وهو التزوج ط قوله (فيثبت مستندا) أي إلى وقت التزوج كما لو علق الطلاق بحيضها لم يحنث برؤية الدم لاحتمال الانقطاع فإذا استمر ثلاثا ظهر أنه وقع من أولها زيلعي ومقتضى هذا أنه لو كان وقت التزوج مريضا أن يصير فارا فترثه قوله (لم ترث الخ) بيانه أن عدتها الأولى قد بطلت بالتزوج فبطل إرثها الثابت لها بسبب الإبانة في مرضه لأنها أنما ترث ما دامت في العدة وقد زالت ووجب عليها عدة مستقبلة بالطلاق الثاني كما يأتي في العدة أن من طلق معدته قبل الوطء يجب عليها عدة مستقبلة ولا يمكن أن ترث بعد الطلاق الثاني لأن شرط وقوعه التزوج وقد حصل بفعلهما فكانت راضية بوقوع الثلاث وهذا عندهما ومحمد يقول ترثه لأن عليها تمام العدة الأولى فقط حكم الفرار بالطلاق الأول لبقاء عدته رحمتي قوله (كذبها الورثة الخ) أي لو ادعت أنه أبانها في مرض موته
435 وأنه مات وهي في العدة وقالت الورثة بل في الصحة فالقول لها بيمينها لإنكارها سقوط الإرث لأنها تقر بطلاق لا يسقط يفرق قوله (فالمشكل من متاع البيت) هو ما يصلح للرجل والمرأة أما ما يصلح لأحدهما فالقول لكل فيما يصلح له وفي المسألة تفصيل سيأتي إن شاء الله تعالى في باب التحالف من كتاب الدعوى قوله (لصيرورتها أجنبية) أي فلم تبق ذات يد بل اليد للورثة والقول لذي اليد قوله (بخلافه في العدة) أي بخلاف موته في عدتها فإن المشكل حينئذ للمرأة عند أبي حنيفة لأنها ترث فلم تكن أجنبية فكأنه مات قبل الطلاق جامع الفصولين والله سبحانه أعلم باب الرجعة ذكرها بعد الطلاق لأنها متأخرة عنه طبعا فكذا وضعا نهر قوله (بالفتح وتكسر) قال في النهر والجمهور على أن الفتح فيها أفصح من الكسر خلافا كالمهد في دعوى أكثرية الكسر ولمكي تبعا لابن دريد في إنكار الكسر على الفقهاء قوله (يتعدى ولا يتعدى) أي يستعمل فعله متعديا بنفسه ولازما فيتعدى بإلى قال في الفتح يقال رجع إلى أهله ورجعته إليهم أي رددته وقال تعالى * (فإن رجعك الله إلى طائفة منهم) * ويقال في مصدره أيضا رجعا ورجوعا ومرجعا والرجعة والرجعي بكسر الراء وربما قالوا إلى الله رجعاتك قوله (هي استدامة الملك) عبر بالاستدامة بدل الرد الذي هو معنى الرجعة لأن المتبادر منه ما يكون بعد الزوال فينافي قوله القائم ولأن المراد به هنا الإبقاء قال تعالى * (وبعولتهن أحق بردهن) * (البقرة 228) قال في الفتح والرد يصدق حقيقة بعد انعقاد سبب زوال الملك وإن لم يكن زال بعد يقال رد البائع المبيع في بيع الخيار للبائع اه فهذا الرد إبقاء للملك القائم أي إدامة له وإمساك قال تعالى * (فإذا بلغن أجلهن) * (الطلاق 2) أي قارب البلوغ * (فأمسكوهن بمعروف) * (الطلاق 2) قال في النهر والإمساك استدامة القائم لا إعادة الزائل ولذا صح الإيلاء منها والظهار واللعان وتناولها قوله زوجاتي طوالق ولم يشترط فيها شهود ولم يجب عوض مالكا حتى لو راجعتها فلا يجب توقف لزومه على قبولها وتعجل زيادة في مهرها وقال أبو بكر لا يصير زيادة فلا تجب ولو راجع الأمة على الحرة التي تزوجها بعد طلاقها صح اه قوله (بلا عوض) أي بلا اشتراط عوض فالمراد نفي اشتراطه لا نفي الجوزي لما علمت وإنما ذكره تأكيدا لدعوى قيام الملك إذ لو زال اشترط في ردها إليه العوض قوله (أي عدة الدخول حقيقة) أي الوطء ح قوله (إذ لا رجعة في عدة الخلوة) أي ولو كان معها لمس أو نظر بشهوة ولو إلى الفرج الداخل ح ووجهه أن الأصل في مشروعية العدة بعد الوطء تعرف براءة
436 الرحم تحفظا عن اختلاط الأنساب ووجبت بعد الخلوة بلا وطء احتياطا وليس من الاحتياط تصحيح الرجعة فيها رحمتي قوله ابن كمال حيث قال في العدة بعد الدخول لا بد من هذا القيد لأن العدة قد تجب بالخلوة الصحيحة بلا دخول ولا تصح فيها الرجعة اه قلت وتقدم أيضا في باب في المهر أن الخلوة الصحيحة لا تكون كالوطء في الرجعة اه وإذا كان ذلك في الخلوة الصحيحة فالفاسدة بالأولى قوله (وفي البزازية الخ) الأولى إسقاطه لأنه سيأتي متنا وشرحا وقوله بعد الدخول المراد به بعد الخلوة والأولى التعبير به كما عبر به فيما سيأتي قوله (وتصح مع إكراه الخ) قال في البحر ومن أحكامها أنها لا تصح إضافتها إلى وقت في المستقبل ولا تعليقها بالشرط كما إذا قال إذا جاء غد فقد راجعتك أو إن دخلت الدار فقد راجعتك وتصح مع الإكراه والهزل واللعب والخطأ كالنكاح كذا في البدائع ط وفي القنية لو أجاز مراجعة الفضولي صح ذلك بحر قوله (وهزل ولعب) فسرهما في القاموس بضد الجد أفاده ط قوله (وخطأ) كأن أراد أن يقول اسقني الماء فقال رجعت زوجتي قوله (بنحو راجعتك) الأولى أن يقول بالقول نحو راجعتك ليعطف عليه قوله الآتي وبالفعل ط وهذا بيان لركنها وهو قول أو فعل والأول قسمان صريح كما مثل ومنه النكاح والتزويج كما يأتي وبدأ به لأنه لا خلاف فيه وكناية مثل أنت عندي كما كنت وأنت امرأتي فلا يصير مراجعا إلا بالنية أفاده في البحر والنهر قوله (راجعتك) أي في حال خطابها ومثله راجعت امرأتي في حال غيبتها وحضورها أيضا ومنه ارتجعتك ورجعتك فتح قوله (ورددتك ومسكتك) قال في الفتح وفي المحيط مسكتك بمنزلة أمسكتك وهما لغتان وفي بعض المواضع يشترط في رددتك ذكر الصلة فيقول إلى أو إلى نكاحي أو إلى عصمتي وهو حسن إذ مطلقة يستعمل لضد القبول اه قوله (وبالفعل) هذا ليس من الصريح ولا الكناية لأنهما من عوارض اللفظ فافهم نعم ظاهر كلامهم أن الفعل في حكم الصريح لثبوت الرجعة به من المجنون كما يأتي قوله (مع الكراهة) الظاهر أنها تنزيهية كما يشير إليه كلام البحر في شرح قوله والطلاق الرجعي لا يحرم الوطء رملي ويؤيده قوله في الفتح عند الكلام على قول الشافعي بحرمة الوطء إنه عندنا يحل لقيام ملك النكاح من كل وجه إنما يزول عند انقضاء العدة فيكون الحل قائما قبل انقضائها اه ولا يرد حرمة السفر بها لأن ذلك ثابت بالنص على خلاف القياس كما يأتي ويؤيده قوله في الفتح والمستحب أن يراجعها بالقول فافهم قوله (بكل ما يوجب حرمة المصاهرة) بدل من الفعل (1) بدل بعض من كل ح أي لأن من الفعل ما لا يوجب حرمة المصاهرة كالتزوج والوطء
(1) قوله: (قول الحلبي بدل من الفعل) فيه جعل كلام المصنف بدلا من كلام الشارح الا ان يقال لما امتزجا كانا كأنهما على كلام ط يكون قول الشارح أو قال معطوفا على قول المتن وان أبت، ويكون قول المحشي قوله وان قال صوابه قوله أو قال حتى يلتئم الكلامان فليتأمل كتبه نصر الهوريني. 437 في الدبر ولذا عطفهما المصنف على قوله بكل فليس مراده الحصر بما يوجب حرمة المصاهرة فافهم وباعتبار هذا العطف يصح كونه بدل مفصل من مجمل قوله (كمس) أي بشهوة كما في المنح ويفيده قوله بما يوجب حرمة المصاهرة ح قال في البحر ودخل الوطء والتقبيل بشهوة على أي موضع كان فما أو خدا أو ذقنا أو جبهة أو رأسا والمس بلا حائل أو بحائل يجد الحرارة معه بشهوة والنظر إلى انظر الفرج بشهوة بأن كانت متكئة وخرج ما إذا كانت هذه الأفعال غير شهوة أو نظر إلى انظر الفرج بشهوة ولو إلى حلقة الدبر فإنه لا يكون مراجعا لكنه مكروه كما في الولوالجية وفي القنية ويصير مراجعا بوقوع بصره على فرجها بشهوة من غير قصد المراجعة اه وفي المحيط ويكره التقبيل واللمس بغير شهوة إذا لم يرد الرجعة اه قوله (ولو منها اختلاسا) خلست الشئ خلسا من باب ضرب اختطفته بسرعة على غفلة واختلسته كذلك مصباح قال في البحر ولا فرق بين كون التقبيل والمس والنظر بشهوة منه أو بشرط أن يصدقها سواء كان بتمكينه أو فعلته اختلاسا أو كان نائما أو مكرها أو معتوها أما إذا ادعته وأنكره لا تثبت الرجعة الا قوله (إن صدقها الخ) قال في الفتح هذا إذا صدقها الزوج في الشهوة فإن أنكر لا تثبت الرجعة وكذا إن مات فصدقها الورثة ولا يتقبل البينة على الشهوة لأنها غيب كذا في الخلاصة اه قلت لكن مر في محرمات النكاح متنا وشرحا وإن ادعت الشهوة في تقبيله أو تقبيلها ابنه وأنكرها الرجل فهو مصدق لا هي إلا أن يقوم إليها منتشرة آلته فيعانقها لقرينة كذبه أو يأخذ ثديها أو يركب معها أو يمسها على الفرج أو يقبلها على الفم اه ومقتضاه أنها لو مست فرجه أو قبلته على الفم أن تصدق وإن كذبها وأنه تقبل البينة على الشهوة لأنها مما تعرف بالآثار كما صرح به هناك ويأتي تمامه فتأمل قوله (ورجعة المجنون بالفعل) أي إذا طلق رجعيا ثم جن قال في الفتح ورجعة المجنون بالفعل ولا تصح بالقول وقيل بالعكس وقيل بهما اه وظاهره ترجيح الأول واقتصر عليه البزازي قال في البحر ولعله الراجح لما عرف أنه مؤاخذ بأفعاله دون أقواله وعلله في الصيرفية بأن الرضا ليس بشرط ولهذا لو أكره على الرجعة بالفعل يصح اه قوله (وتصح بتزوجها) الأولى حذف تصح لأن قول المصنف ويتزوجها معطوف على قوله بكل المتعلق بقوله استدامة قوله (به يفتى) قال في البحر وهو ظاهر الرواية كذا في البدائع وهو المختار كذا في الولوالجية وعليه الفتوى كذا في الينابيع فقول الشارحين إنه ليس برجعة عنده خلافا لمحمد على غير ظاهر الرواية كما لا يخفى فعلم أن لفظ النكاح يستعار للرجعة ولا تستعار هي له اه ملخصا قلت وفيه أنه صرح نفسه في النكاح بأنه ينعقد بقوله لمبانته راجعتك بكذا فافهم إلا أن يجاب بأن مراده في نكاح الأجنبية قوله (على المعتمد) لأن عليه الفتوى كما في الفتح والبحر قوله (لأنه لا خلو عن مس بشهوة) المعتبر هنا المس بالشهوة بخلاف المصاهرة لأنه يعتبر فيها زيادة على ذلك شهوة تكون سببا للولد ولذا لم يوجبها ذلك الوطء كما لو أنزل بعد المس ولذا
438 لم يشرط أحد هنا عدم الإنزال بالمس ونحوه قوله (إن لم يطلق بائنا) هذا بيان لشرط الرجعة غنم ولها شروط خمس تعلم بالتأمل شرنبلالية قلت هي أن لا يكون الطلاق ثلاثا في الحرة أو اثنتين في الأمة ولا واحدة مقترنة بعوض مالي ولا بصفة تنبئ عن البينونة كطويلة أو شديدة ولا مشبهة كطلقة مثل الجبل ولا كناية يقع بها بائن ولا يخفى أن الشرط واحد هو كون الطلاق رجعيا وهذه شروط كونه رجعيا متى فقد منها شرط كان بائنا كما أوضحناه أول كتاب الطلاق وقد استغنى عنها المصنف بقوله إن لم يطلق بائنا وهو أولى من قول الكنز إن لم يطلق ثلاثا لكن قال الخير الرملي لا حاجة إلى هذا مع قوله استدامة الملك القائم في العدة لأن البائن ليس فيه ملك من كل وجه والكلام في الرجعي لا في البائن فقد غفل أكثرهم في هذا المحل اه لكن لا يخفي أن المساهلة في العبارة لزيادة الإيضاح لا بأس بها في مقام الإفادة تنبيه شرط كون الثنتين في الأمة كالثلاث في الحرة أن لا يكون رقها ثابتا بإقرارها بعدهما ففي النهر عن الخانية لو كان اللقيط امرأة أقرت بالرق لآخر بعد ما طلقها ثنتين كان له الرجعة ولو بعد ما طلقها واحد لا يملكها والفرق أنها بإقرارها في الأول تبطل حقا ثابتا له وهو الرجعة بخلافه في الثاني إذ لم يثبت له حق البتة اه قوله (فلا) أي فلا رجعة قوله (وإن أبت) أي سواء رضيت بعد علمها أو أبت وكذا لو تعلم بها أصلا وما في العناية من إنه يشترط إعلام الغائبة بها فسهو لما استقر من أن إعلامها إنما هو مندوب فقط نهر قوله (وإن قال) كذا في بعض النسخ وفي بعضها قالت بتاء المؤنثة والظاهر أنها تحريف قوله (فله الرجعة) لأنه حكم أثبته الشارع غير مقيد برضاها ولا يسقط بالإسقاط كالميراث وقد جعل الشارح إن الوصلية من كلام المصنف شرطية وجعل قوله فله الرجعة جوابها ط ويجوز إبقاؤها وصلية ويكون قوله فله الرجعة تفريعا على ما فهم مما قبله وتصريحا به ليرتب عليه ما بعده قوله (بلا عوض) قد تقدم وكأنه أعاده تمهيدا لما بعده رحمتي قوله (قولان) أي قيل نعم إن قبلت وقيل لا كما قدمناه ووجه الثاني ما في الجوهرة من أن الطلاق الرجعي لا يزيل الملك والعوض لا يجب على الإنسان في مقابلة ملكه اه قوله (ويتعجل المؤجل بالرجعي) أي لو طلقها رجعيا صار ما كان مؤجلا بذمته من المهر حالا فتطالبه به في الحال ولو قبل انقضاء العدة ولا يعود مؤجلا إذا راجعها في العدة قال في البحر من باب المهر يعني إذا كان التأجيل إلى الطلاق أما إذا كان إلى مدة معينة فلا يتعجل بالطلاق اه قوله (وفي الصيرفية الخ) قال في البحر من باب المهر وذكر قولين في الفتاوي الصيرفية في كونه يتعجل المؤجل بالطلاق الرجعي مطلقا أو إلى انقضاء العدة وجزم في القنية بأنه لا يحل إلى انقضاء العدة قال وهو قول عامة مشايخنا اه أي لأن العادة تأجيله إلى طلاق يزيل الملك أو إلى الموت والرجعي لا يزيل إلا بعد مضي العدة فلا يصير حالا قبلها وقد ظهر لك بما نقلناه أن ما في الخلاصة أحد القولين وأنه ليس في كلام الصيرفية الذي
439 اقتصر عليه الشارح ما يفيد حلوله بالمراجعة وإن بطلت العدة بها لأن القول بحلوله بانقضاء العدة بسبب حصوله الفرقة وزوال الملك كما قلنا لا بسبب زوال العدة ومع المراجعة لا يوجد انقضاء العدة المشروط لحلوله لأن فائدة هذا الشرط عدم حلوله بالمراجعة لا حلوله بها فافهم قوله (لئلا تنكح غيره) أولى من قوله الهداية لئلا أنكر في المعصية إذا لا معصية فيه مع عدم علمها بالرجعة وإن أجيب بأن المعصية لتقصيرها بترك السؤال لما فيه من إيجاب السؤال عليها وإثبات المعصية بالعمل بما ظهر عندها وتمامه في الفتح قوله (فرق بينهما) أي إذا ثبتت المراجعة بالبينة قوله وإن دخل أي الزوج الثاني وقوله في الفتح دخل بها الأول أو لا لعله من تحريف النساخ أو سبق قلم إذ لا رجعة مع عدم دخول الأول كما لا يخفى قوله (وندب الإشهاد) احترازا عن التجاحد وعن الوقوع في مواقع التهم لأن الناس عرفوه مطلقا فيتهم بالقعود معها وإن لم يشهد صح والأمر في قوله تعالى * (وأشهدوا ذوي عدل) * (الطلاق 2) للندب زيلعي قوله (ولو بعد الرجعة بالفعل) لما في البحر عن الحاوي القدسي وإذا راجعها بقبلة أو لمس فالأفضل أن يراجعها بالاشهاد ثانيا اه أي الإشهاد على القول فلا يشهد على الوطء والمس والنظر بشهوة لأنه لا علم للشاهد بها كما أشير إليه في الظهيرية در منتقى قال في البحر وأشار المصنف إلى أن الرجعة على ضربين سني وبدعي فالسني أن يراجعها بالقول ويشهد على رجعتها ويعلمها ولو راجعها بالقول ولم يشهد أو أشهد ولم يعلمها كان مخالفا للسنة كما في شرح الطحاوي اه قلت وكذا لو راجعها بالفعل ولم يشهد ثانيا قال الرحمتي والبدعي هنا خلاف المندوب وفي الطلاق مكروه تحريما قوله (بلا إذنها) حقه أن يقول بلا إيذانها أي إعلامها إذ لا يكره دخوله إذا لم تأذن له بحال الكنز حتى يؤذنها قال في البحر أي يعلمها بدخوله إما بخفق النعل أو بالتنحنح أو بالنداء ونحو ذلك قوله (وإن قصد رجعتها) خلافا لما في الهداية وغيرا من التقييد بعدم قصدها ولذا قال في البحر أطلقه فشمل ما إذا قصد رجعتها أو لا فإن كان الأول فإنه لا يأمن أن يرى الفرج بشهوة فتكون رجعة بالفعل من غير إشهاد وهو مكروه من جهتين كما قدمناه وإن كان الثاني فإنه ربما يؤدي إلى تطويل العدة عليها بأن يصير مراجعا بالنظر من غير قصد ثم يطلقها وذلك إضرار بها اه وقوله وهو مكروه من جهتين أي لكونها رجعة بالفعل بدون إشهاد والكراهة تنزيهية فيهما كما علمت وبه اندفع ما في الشرنبلالية قوله (ادعاها) أي الرجعة بعد العدة فيها أي في العدة والظرف متعلق بادعى والجار والمجرور متعلق بالضمير العائد على الرجعة أي ادعى بعد العدة الرجعة في العدة فهو على حد قول الشاعر وما هو عنها بالحديث المترجم (1)
(1) قوله: (بالحديث المترجم) كذا بالأصل المقابل على خط المؤلف، والمعروف بالحديث المترجم: اي الذي لا يوقف على حقيقة كما يؤخذ من الصحاح ا ه مصححه. 440 أي وما الحديث عنها قوله (صح بالمصادقة) لأن النكاح يثبت بتصادقهما فالرجعة أولى بحر وظاهره ولو كانا كاذبين ولا يخفى أن هذا حكم القضاء أما الديانة فعلى ما في نفس الأمر قوله (وإلا لا يصح) أي ما ادعاه من الرجعة لأنه أخبر عن شئ لا يملك إنشاءه في الحال وهي تنكره فكان القول بلا يمين لما عرف في الأشياء الستة بحر أي الأتية في كتاب الدعوى حيث قال المصنف هناك ولا تحليف في نكاح ورجعة وفي الإيلاء واستيلاد ورق ونسب وولاء وحد ولعان والفتوى على أنه يحلف في الأشياء السبعة اه اي السبعة الأولى وهذا قولهما أما الأخيران فلا تحليف اتفاقا قوله (ولذا) أي لكونه لا يقبل قوله إذا لم تصدقه لو أقام ببينة تقبل لأنه إذا كان القول لها تكون البينة عليه لأن البينة لإثبات خلاف الظاهر وفي نسخة وكذا بالكاف وكلاهما صحيحتان فافهم قوله (وتقدم الخ) أي في فصل المحرمات ح حيث قال وتقبل الشهادة على الاقرار باللمس والتقبيل عن شهوة وكذا تقبل على نفس اللمس والتقبيل والنظر إلى ذكره أو فرجها عن شهوة في المختار تجنيس لأن الشهوة ربما يوقف عليها في الجملة بانتشار أو آثار اه وقدمنا قريبا أن القول لمدعى الشهوة في المعانقة مع الانتشار والمس للفرج والتقبيل على الفم وهو مؤيد لقبول الشهادة بالشهوة قوله (وهذا من أعجب المسائل الخ) نقلوا ذلك عن مبسوط الإمام السرخسي أي لأنه إذا قيل لك رجل أقر بشئ في الحال فلم يثبت إقراره ولو برهن على أنه أقر به في الماضي يثبت فإنك تتعجب من ذلك لأن إقراره في الحال ثابت بالمعاينة وهو أقوى من الثابت بالبينة لاحتمال أن البينة كاذبة ولذلك لو ادعى على آخر بمال وبرهن عليه ثم أقر المدعى عليه بطلت البينة لأن الإقرار أقوى وهنا عكسوا ذلك ووجهه أن إقراره في الحال بأنه أقر في العدة مجرد دعوى فلا تثبت بلا بينة وإذا ظهر السبب بطل العجب فإطلاق الاعتراض عليهم بأنه لا عجب ناشئ عن سوء الأدب فافهم قوله (لملكه الإنشاء في الحال الخ) أي ومن ملك الإنشاء ملك الإخبار كالوصي والمولى والوكيل بالبيع ومن له خيار بحر عن تلخيص الجامع قوله (يريد الإنشاء) أما إذا أراد الإخبار فيرجع إلى تصديقها ط قوله (فقالت مجيبة له) أشار إلى أنها قالته موصولا كما يأتي محترزة وإلى أن الزوج بدأ فلو بدأت فقالت انقضت عدتي فقال الزوج راجعتك فالقول لها اتفاقا وفي الفتح لو وقع الكلامان معا ينبغي أن لا تثبت الرجعة نهر قوله (فإنها لا تصح الخ) لا يخفى أن هذا مقيد بما إذا كانت المدة تحتمل الانقضاء وإلا تثبت الرجعة إلا أن ادعت أنها ولدت وثبت ذلك وعندهما تصح لأنه إنشاء حال قيام العدة ظاهرا وأبو حنيفة يمنع قيامها حال كلامه لأنه أمينة في الإخبار وأقرب زمان يحال عليه خبرها زمان تكلمه فتكون الرجعة مقارنة لانقضاء العدة قلا تصح وتمامه في الفتح قوله (صحت اتفاقا) لأنها متهمة بسبب سكوتها وعدم
441 جوابها على الفور فتح قوله (كما لو نكات الخ) قال في الفتح وتستحلف المرأة هنا بالإجماع على أن عدتها كانت منقضية حال إخبارها والفرق لأبي حنيفة بين هذه وبين الرجعة حيث لا تستحلف عنده أنه لم يراجعها في العدة أن إلزام اليمين لفائدة النكول وهو بذل عنده وبذل الرجعة وغيرها من الأشياء الستة لا يجوز والعدة هي الامتناع عن التزوج والاحتباس في منزل الزوج وبذله جائز ثم إذا نكلت هنا تثبت الرجعة بناء على ثبوت العدة لنكولها ضرورة كثبوت النسب بشهادة القابلة بناء على شهادتها بالولادة اه لكن ما ذكره من الإجماع تبعا ل الزيلعي وشرح المجمع اعترضه في البحر بأن مذهبهما صحة الرجعة هنا فلا يتصور الاستحلاف عندهما ولذا اقتصر على الاستحلاف عنده في البدائع وغيرها قوله (عن مضي العدة) الأولى على مضي العدة لأنه متعلق باليمين ط قوله (فصدقه السيد وكذبته) قيد به لأنهما لو صدقاه تثبت الرجعة اتفاقا ولو كذباه لا تثبت اتفاقا ط عن النهر قوله (ولا بينة) فلو أقامها تثبت الرجعة نهر قوله (فالقول لها عند الإمام) وقالا القول للمولى لأنه أقر بما هو خالص حقه فيقبل كما لو أقر عليها بالنكاح وله أن حكم الرجعة من الصحة عدمها مبني على العدة من قيامها وانقضائها وهي أمينة فيها مصدقة بالإخبار بالانقضاء والبقاء لا قول للمولى فيها أصلا وإنما قيل قوله في النكاح لانفراده به بخلاف الرجعة نهر قوله (على الصحيح) أي عند الكل قال في الفتح إن القول للمولى بالاتفاق وقوله على الصحيح احتراز عما في الينابيع أنه على الخلاف أيضا اه قوله (بظهور الخ) قال في النهر والفرق للإمام بين هذا وما مر أنها منقضية العدة في الحال ويستلزم ظهور ملك المولى المتعة فلا يقبل قولها في إبطاله بخلاف ما مر لأن المولى بالتصديق في الرجعة مقر بقيام العدة فلم يظهر ملكه مع العدة ليقبل قوله اه قال في البحر فالحاصل أنه لا فرق في الحكم بين المسألتين وهو عدم صحة الرجعة وإن اختلف التصوير قوله (ثم إنما تعتبر المدة) يعني أن في المسائل التي يقبل فيها قوله انقضت عدتي لا بد من كون المدة تحتمل ذلك ثم إنما يشترط احتمال المدة ذلك إذا كانت العدة بالحيض فلو كانت العدة بوضع الحمل ولو سقطا مستبين الخلق فلا تشترط مدة اه ح وسيأتي آخر الباب بيان المدة قوله (يعم الأمة) لأن عدتها حيضتان والأخير يشتمل الثانية فهو أولى من قول الهداية من الحيضة الثالثة قوله (لعشرة) علة لطهرت أي لأجل تمامه سواء انقطع الدم أو لا نهر لكن إذا لم ينقطع على العشر غنم عادة انقطعت الرجعة من حين انتهاء عادتها كما في الدر المنتقى عن الزيلعي وغيره
442 قوله (مطلقا) يفسر ما بعده ويحتمل أن يكون المراد به انقطع الدم أو لا فهو إشارة ما ذكرناه آنفا عن النهر قوله (احتياطا) راجع للكل لأن سؤر الحمار مشكوك في طهوريته فإذا اغتسلت به مع وجود الماء المطلق فالاحتياط انقطاع الرجعة لاحتمال تطهيره وعدم الصلاة والتزوج لاحتمال عدمه قوله (أو بمضي جميع وقت صلاة) المراد خروج الوقت بتمامه سواء كان الانقطاع قبله في وقت مهمل كوقت الشروق أو في أوله أو في أثنائه احتراز عن مضي زمن منه يسع الصلاة فإنه لا يعتبر ما لم يخرج الوقت بتمامه لأن المراد أن تصير الصلاة دينا في ذمتها ولهذا لو طهرت في آخر الوقت بحيث لم يبق منه ما يسع الغسل والتحريمة لا تنقطع الرجعة ما لم يخرج الوقت الذي بعده لأنها بخروج الوقت الأول لم تصر الصلاة دينا بذمتها لعدم قدرتها فيه على الأداء فافهم قوله (ولو عاودها الخ) قال في البحر وإنما شرط في الأقل أحد الشيئين لأنه لما احتمل عود الدم لبقاء المدة فلا بد من أن يتقوى الانقطاع بحقيقة الاغتسال أو بلزوم شئ من أحكام الطاهرات فخرجت الكتابية لأنه لا يتوقع في حقها إمارة زائدة فاكتفي بالانقطاع كذا ذكره الشارحون وظاهره أن القاطع للرجعة الانقطاع لكن لما كان غير محقق اشترط معه ما يحققه فأفاد أنها لو اغتسلت ثم عاد الدم ولم يجاوز العشرة كان له الرجعة وتبين أن الرجعة لم تنقطع بالغسل ولو تزوجت بعد الانقطاع للأقل قبل الغسل ومضي الوقت تبين صحة النكاح هكذا أفاده في فتح القدير بحثا وهو وإن خالف ظاهر المتون لكن المعنى يساعده والقواعد لا تأباه اه أي لأن عبارة المتون تفيد أن القاطع للرجعة هو الاغتسال أو مضي الوقت لا نفس الانقطاع أي انقطاع الدم فلو انقطع ثم اغتسلت أو مضى الوقت ثم راجعها أو تزوجت ثم عاد الدم ولم يجاوز العشرة فظاهر المتون صحة التزوج دون المراجعة ولو انقطع ولم يعاودها فتزوجت بآخر قبل الاغتسال مضى الوقت لم يصح التزوج وبقيت الرجعة ولا شك أن هذا خلاف ما بحثه في الفتح خلافا لما فهمه في النهر وقد يقال إن مرادهم بالانقطاع لما دون العشرة الانقطاع حقيقة بأن لا يكون معه معاودة لأنه إذا عاودها ولم يجاوز العشرة تبين أن غسلها لم يصح وإن الصلاة لم تصر دينا بذمتها فبقيت الرجعة ولم تصح تزوجها لكن تبقى المخالفة فيما لو راجعها أو تزوجت قبل الغسل ومضي وقت الصلاة ولم يعاودها الدم أصلا فإن مقتضى المتون صحة الرجعة دون التزوج وهذا لا يحتمل التأويل فمخالفته بمجرد البحث غير مقبوله وإذا كان الانقطاع هو نفسه للرجعة فلا بعد في أن يكون مشروطا بشرط يقويه وهو حكم الشرع عليها بأخذ أحكام الطاهرات لأنها إذا اغتسلت يجوز لها الشرع القراءة والطواف ونحوهما وكذا إذا حكم عليها بصيرورة الصلاة دينا بذمتها فإن القياس بقاء حيضها ما دامت مدة يعود فيها الدم فإذا حكم الشرع عليها بشئ من أحكام الطاهرات يكون حكما منه بارتفاع الحيض ما لم يتيقن عدمه بالعود في المدة فإذا عاد زال الحكم المذكور وإلا بقي وحينئذ فلا يعمل الانقطاع عمله من انقطاع الرجعة وصحة التزوج إلا بهذا الشرط وهو الحكم المذكور المستمر فإذا زال بعود الدم بطل عمله وإن بقي الحكم بقي العمل وعن هذا والله تعالى أعلم اقتصر الشارح على بعض البحث المذكور الذي يمكن حمل كلامهم عليه وترك منه ما لا
443 يمكن قوله (في الأصح) نقل تصحيحه في الفتح عن المبسوط وكذا في التبيين وشرح المجمع لكن نقل في الجوهرة عن الفتاوي تصحيح انقطاعها بمجرد الشروع ولو مست المصحف أو قرأت القرآن أو دخلت المسجد قال الكرخي تنقطع وقال الرازي لا كذا في الفتح شرنبلالية قال في النهر وتقييد المصنف بالصلاة يومئ إلى اختيار قول الرازي وهذا عندهما وقال محمد تنقطع بمجرد التيمم وهو القياس لأنه طهارة مطلقة ورجحه في الفتح وأقره في البحر والنهر قوله (بمجرد الانقطاع) أي بلا توقف على غسل أو مضي وقت أو تيمم كما قدمناه عن البحر لعدم خطابها بالأداء حالة الكفر قوله (قلت ومفاده) البحث لصاحب النهر قوله (ونسيت أقل من عضو) كالأصبع والأصبعين وبعض العضد والساعد بحر والمراد بالنسيان الشك لأن المراد أنها وجدت بعض العضو جافا ولم تدر هل أصابه ماء أو لا بقرينة ما بعده أفاده الرحمتي وط قوله (تنقطع) أي الرجعة وقيد به لأنه لا يحل لزوجها قربانها ولا يحل تزوجها بآخر ما لم تغسل تلك اللمعة أو يمضي عليها أدنى وقت صلاة مع القدرة على الاغتسال بحر عن الإسبيجابي أي احتياطا في أمر الفروج نهر فلذا لم يعتبروا هنا ما اعتبروه في الطهارة من أنه إذا شك قبل الفراغ غسل ما شك فيه ولو بعده لا يعتبر فافهم قوله (لتسارع الجفاف) ظاهره أن الحكم المذكور فيما إذا حصل الشك قبل ذهاب البلة فلو شكت بعد مدة طويلة ذهبت فيها البلة فالظاهر عدم اعتباره سواء حصل الشك في عضو تام أو أقل لعدم ظهور العلة هنا تأمل قوله (ولو نسيت عضوا) كاليد والرجل بحر قوله (لأنهما عضو واحد) أي بمنزلته وكل واحد بانفراده بمنزلة ما دون العضو وهذا قول محمد ورواية عن أبي يوسف وفي رواية عنه أن ترك كل بانفراده كترك عضو وأشار إلى تصحيح الأول في الملتقى حيث قدمه وفي الهداية حيث أخره مع تعليله بأن في فرضيته اختلافا بخلاف غيره من الأعضاء قوله (طلق حاملا) أي من ظهر كونها حاملا وقت الطلاق بولادتها لأقل من ستة أشهر من وقت الطلاق قوله (فراجعها قبل الوضع) هذا زاده المصنف تبعا لصدر خالف كما يأتي لأنه بعد الوضع لا مراجعة قوله (فجاءت بولد لأقل من ستة أشهر فصاعدا من وقت النكاح) كذا في أكثر النسخ وفي بعضها فجاءت بولد لأقل من ستة أشهر من وقت الطلاق ولستة أشهر فصاعدا من وقت النكاح وهذه هي الصواب لأنه بذلك يعلم أن الولد علق بعد النكاح قبل الطلاق قوله (صحت رجعته السابقة) أي المذكورة في قوله فراجعها قبل الوضع أي ظهر بهذه الولادة أن
444 تلك الرجعة كانت صحيحة وإن كان مقتضى إنكاره الوطء أنها لا تصح لأنها على زعمه قبل الدخول والمطلقة لا رجعة لها لكن لما ثبت نسبه منه صار مكذبا شرعا فصحت رجعته مطلب فيما قيل إن لحبل لا يثبت إلا بالولادة قوله (وتوقف ظهور صحتها الخ) اعلم أنه قال في الوقاية طلق ذات حمل أو ولد وقال لم أطأ راجع اه ومثله في الكنز والهداية وغيرهما واعترضهم المحقق صدر خالف بأن ذات الحمل فيها إشكال وذلك أن وجود الحمل وقت الطلاق أنما يعرف إذا ولدته لأقل من ستة أشهر من وقته وإذا ولدت انقضت العدة فكيف يملك الرجعة ولا يرد انه يملك الرجعة قبل وضع الحمل أي بأن يحكم بصحتها قبله لأنه لما أنكر الوطء لم يكن مكذبا شرعا إلا بعد الولادة لأقل من ستة أشهر لا قبلها فالصواب أن يقال ومن طلق حاملا منكرا وطأها فراجعها فجاءت بولد لأقل من ستة أشهر صحت الرجعة اه ملخصا وقد تبعه المصنف في متنه كما رأيت وقد أشار الشارح إلى الجواب عن الوقاية بأن قوله راجع معناه أنه لو راجع قبل الولادة وصحت رجعته متوقفة على الولادة لأقل من ستة أشهر من وقت الطلاق وتوقف ظهور صحتها على الولادة لا ينافي صحتها لكن لا يخفى ما في ذلك من البعد لكن انتصر في البحر للمشايخ ورد قول صدر خالف أن وجود الحمل الخ بأن الحمل يثبت قبل الوضع ويثبت به النسب لما صرحوا به باب خيار عقب أن حمل الجارية المبيعة يثبت بظهوره قبل الوضع وفي باب ثبوت النسب أنه يثبت بالحبل الظاهر اه أي وإذا كان الحمل يثبت قبل الولادة يمكن الحكم بصحة الرجعة قبلها ورده أيضا يعقوب باشا في حواشيه عليه من وجهين أحدهما ما مر عن البحر والثاني أنه سيجئ في المسألة الآتية أنه لو راجعها ثم ولدته لأقل من عامين ثبت نسبه قال فعلم أن الحمل يعرف بالولادة لأكثر من ستة أشهر اه وأقره في النهر أقول قد أجاب عن الوجه الأول العلامة المقدسي حيث قال إن كلام صدر خالف تحقيق بالقبول حقيق وقول من رده بأن الحمل يثبت قبل الوضع ويثبت النسب به قبله مردود أما ما استدل به في باب خيار عقب فرواية ضعيفة عن محمد أنه يرد بشهادة المرأة بالعيب وعن أبي يوسف روايتان أظهرهما أنه إنما يقبل قولها للخصومة لا للرد (1) وأما ما في باب ثبوت النسب من قولهم الحبل الظاهر فإنما يثبت النسب بالفراش والولادة بقول المرأة والخلاف هناك معروف أن أبا حنيفة يقول إذا جحد الزوج ولادة المعتدة لا تثبت إلا بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين إلا أن يكون الحبل ظاهرا فيثبت معه شهادة المرأة وهي القابلة فليس في هذا أن الحبل يثبت وإنما ظهوره يؤيد شهادة المرأة وأما ثبوته فمتوقف على الولادة كما نص عليه في المبسوط فيما لو قال إن حبلت
(1) قوله: (للخصومة لا للرد) يعني إذا ادعى المشتري الحبل لا تتوجه له الخصومة على المشتري ما لم تشهد النساء به، فحينئذ تتوجه الخصومة، فيحلف البائع على انها ليس بها حبل البيع، فان حلف بها والا ردت عليه، وليس المراد انه يثبت الرد بمجرد شهادة النساء به، ومثل هذا في دعوى الثيوبة وغيرها مما لا يطلع عليه الرجال ا ه منه. 445 فطالق فقال لو وطئها مرة فالأفضل أن لا يقر بها ثم قال إن أتت بولد بعد قوله المذكور لأكثر من سنتين يقع الطلاق وتنقضي العدة بالولد فلم يثبته إلا بالولادة على الوجه المخصوص وظهوره لا يسمى ثبوتا ولا يترتب عليه ما يتوقف على الثبوت اه قلت وفيه نظر فإن الذي حرره الزيلعي هناك أن الولادة تثبت بقول المرأة ولدت إذا كان هناك حبل ظاهر أو فراش قائم أو اعتراف من الزوج بظهور الحبل حتى لو علق طلاقها بولادتها يقع بقولها ولدت عند أبي حنيفة وشهادة القابلة شرط عنده لتعيين الولد وعندهما لا تثبت الولادة إلا بشهادة القابلة فقد ظهر أن الولادة تثبت بظهور الحبل عنده وقد قال العلامة قاسم هناك إن المراد بظهوره أن تظهر أماراته بحيث يغلب ظن كل من شاهدها بكونها حاملا نعم يعتبر ظهوره حيث لم يعارضه غيره كما في مسألتنا فإن إقراره بأنه لم يطأ ينافي صحة رجعته ما لم يظهر كذبه بأن تلد لدون ستة أشهر ونظيره ما لو أخبرت المعتدة بانقضاء عدتها ثم ادعت الحبل فإنهم لم ينظروا إلى ظهور الحبل وإنما نظروا إلى ولادتها فإذا ولدت لأقل من ستة أشهر من وقت الإخبار ثبت النسب للتيقن بكذبها ولو لأكثر فلا للتناقض فلم ينظروا إلى ظهور الحبل عند التناقض وإنما نظروا إلى ما يظهر به كذب الإخبار الأول يقينا فهذا مؤيد لما قاله صدر خالف وأما الجواب عن الوجه الثاني فهو أن الطلاق في المسألة الآتية مفروض بعد إقراره بالخلوة بها والطلاق بعد الخلوة موجب العدة ومعتدة الرجعي إذا لم تقر بانقضاء عدتها وجاءت بولد ثبت نسبه لكن أن ولدته لأكثر من سنتين كانت الولادة رجعة وإلا لا لجواز علوقه قبل الطلاق كما سيأتي في العدة فإذا ثبت نسبه وكان قد راجعها بالقول مثلا تبين صحة تلك الرجعة بالولادة لأقل من عامين أما في مسألتنا فإنه لم يقر بالخلوة لتلزمها العدة فإذا طلقها يكون طلاقا قبل الدخول ظاهرا فلا عدة عليها فإذا ولدت لأقل من ستة أشهر عن وقت الطلاق تبين أن الطلاق كان بعد الدخول وأنها معتدة فإذا كان قد راجعها قبل الولادة تبين صحة الرجعة لأنها في العدة بخلاف ما إذا ولدت بعد ستة أشهر من وقت الطلاق فإنه لا يعلم أن الرجعة كانت في العدة ولا يثبت نسب الولد لما صرحوا به من أن الأصل أن كل امرأة لم تجب عليها العدة فإن نسب ولدها لا يثبت من الزوج إلا إذا علم يقينا أنه منه بأن تجئ به لأقل من ستة أشهر وبه ظهر أنه لا فرق بين المسألتين في توقف صحة الرجعة على الولادة وثبوت النسب وأن النسب لا يثبت في مسألتنا إلا بالولادة لأقل من ستة أشهر من وقت الطلاق للعلم بأنها علقت به قبل الطلاق وأنها معتدة بخلاف المسألة الآتية لأنها مفروضة في المختلي بها الواجب عليها العدة فنصح رجعتها وإن ولدت لأكثر من ستة أشهر فاغتنم تحرير هذا المقام الذي زلت فيه أقدام الأفهام والسلام فافهم قوله (من ولدت قبل الطلاق) أي إذ جاءت به لستة أشهر فأكثر من وقت النكاح قوله (حيث لم يتعلق بإقراره حق الغير) قال في البحر ولا يرد ما أورده في الكافي بأن من أقر بعبد لآخر ثم اشتراه ثم استحق منه ثم وصل إليه فإنه يؤمر بالتسليم إلى المقر له وإن صار مكذبا شرعا لكونه تعلق بإقراره حق الغير بخلاف مسألة الرجعة اه ح
446 قوله (لأن الشرع لم يكذبه) لأنه لا يملك الرجعة إلا في عدة الدخول أي الوطء لا في عدة الخلوة وهو قد أنكر الوطء فيصدق في حق نفسه والرجعة حقه ولم يكذبه الشرع فيه بخلاف ما مر وما يأتي فإنه بثبوت النسب صار مكذبا شرعا ولا يرد أنه بالخلوة يتأكد المهر وتجب العدة لأن تأكد المهر يبتنى على تسليم المبدل والعدة تجب احتياطا لاحتمال الوطء ولا يلزم من ذلك إثبات الوطء فلم يكن مكذبا شرعا بإنكاره كذا يفاد من البحر قوله (فله الرجعة) لأن الظاهر شاهد له فإن الخلوة دلالة الدخول بحر قوله (والمسألة بحالها) يعني اختلى بها وأنكر وطأها قوله (صحت رجعته) أي ظهر صحتها قوله (لصيرورته مكذبا) أي في قوله لم أجامعها لأنه بثبوت النسب نزل واطئا قبل الطلاق لا بعده وإن أنكر لأن تكذيبه أولى من حمله على الزنا نهر وقدمنا تحقيق المسألة قوله (فاعتدت) أي دخلت في العدة وهو معنى قول البحر ووجبت العدة وليس معناه مضت عدتها حتى يقال إن الصواب حذفه فافهم قوله (ببطنين) حال من مفعول ولدت الأول وولدت الثاني لا متعلق بولدت قوله ( يعني بعد ستة أشهر) تفسير لقوله ببطنين لأنه لو كان بين الولادتين أقل من ذلك تعين كون الثاني موجودا قبل ولادة الأول فيكون قد اجتمعا في بطن فلا تكون ولادة الثاني رجعة لأنه علق قبل الطلاق يقينا قوله (فهو رجعة) أي الوطء الذي كان الولد منه رجعة وأسندها إليه لأن الوطء لم يعلم إلا به قوله (بوطء حادث) أي بعد الطلاق في العدة فيصير به مراجعا حملا لحالهما على الصلاح حيث لم تقر بانقضاء العدة كما إذا طلقها رجعيا فولدت لأكثر من سنتين فإنه يكون بوطء حادث البتة بخلاف ما إذا ولدته لأقل من سنتين فإنه لا يكون رجعة لاحتمال علوقه قبل الطلاق كما قدمناه وهذا الاحتمال ساقط هنا لأنهما متى كانا من بطنين كان الثاني من وطء حادث بعد الطلاق البتة كما ذكره في الفتح وبه اندفع ما في شرح مسكين من دعوى المخالفة قوله (بخلاف الخ) قد علمت وجهه آنفا قوله (ثلاث بطون) بأن كان بين كل ولادتين ستة أشهر فأكثر قوله (كما مر) أي من جعل العلوق بوطء حادث في العدة
447 لا يقال فيه الحكم عليه بالوطء في النفاس وهو حرام لأن النفاس ليس لأقله عدد ويجوز أن لا ترى دما أصلا نهر قوله (ثلاثا) الأولى أن يقول ثالثا ليوافق قوله ثانيا قوله (وأشار بكلما) علة لقوله وتطلق في الموضعين أي فإن كلما تقتضي التكرار لأنها لعموم الأفعال قوله (فبالأشهر) أي فتعتد بالأشهر ويبطل ما مضى من الحيض إن وجد منه شئ ط قوله (ولو كانوا ببطن) بأن يكون بين كل اثنين أقل من ستة أشهر قوله (لانقضاء العدة به) فيكون قت الشرط وهو الولادة قارن وقت انقضاء العدة فلا يقع به شئ قال في الدر المنتقى إلا أن تجئ برابع أي فتطلق بالثالث ولو لم تلد الثالث لا تطلق بالثاني ولو كان الأولان في بطن والثالث في بطن أنكر واحد بالأول وتنقضي العدة بالثاني ولا يقع شئ بالثالث ولو كان الأول في بطن والثاني والثالث في بطن أنكر ثنتان بالأول والثاني وتنقضي العدة بالثالث فلا يقع شئ بحر عن الفتح اه قوله (والمطلقة الرجعية تتزين) لأنها حلال للزوج لقيام نكاحها والرجعة مستحبة والتزين حامل عليها فيكون مشروعا بحر قوله (ويحرم ذلك في البائن والوفاة) أما في البائن فلحرمة النظر إليها وعدم مشروعية الرجعة وأما في الوفاة فلوجوب الإحداد أفاده في البحر قوله (لفقد العلة) وهي الحلم على المراجعة ط قوله (وإلا) بأن كانت تعلم أنه لا يراجعها لشدة بغضها بحر قوله (ذكره مسكين) أي ذكر قوله إذا كانت الرجعة مرجوة الخ أقره في البحر وغيره قوله (للنهي المطلق) أي في قوله تعالى * (لا تخرجوهن من بيوتهن) * (الطلاق 1) نزل في المطلقة رجعية والنهي عن الإخراج مطلق شامل لما دون سفر قوله (ما لم يشهد على رجعتها) لعل الأولى ما لم يراجعها لأن الإشهاد مندوب فقط ط أي فلا يحسن جعل الإشهاد غاية لحرمة الإخراج لأنها تنتهي بالرجعة مطلقا وذكر في الفتح أن مقتضى ما في الهداية قصر كراهة المسافر والخلوة أيضا عند عدم قصد المراجعة على تقدير ما إذا لم يراجعها بعد ذلك في العدة لأنه تبين أنها لم تكن أجنبية لأن الطلاق لم يعمل عمله والأوجه تحريم السفر مطلقا لإطلاق النص في منعه دون الخلوة لعدم النص فيها اه ملخصا فافهم قوله (فتبطل العدة) أي فإن أشهد فتبطل قوله (وهذا الخ) الإشارة إلى ما فهم من قوله ما لم يشهد من أن الإخراج ليس رجعة ففي البحر أن المراد إن كان يصرح بعدم رجعتها أما إذا سكت كانت المسافرة رجعة دلالة كما أشار إليه في الفتح وشرح الجامع الصغير للقاضي وفتاويه والبدائع وغاية البيان معللين بأن السفر دلالة الرجعة فانتفى به ما ذكره الزيلعي من أن السفر ليس دلالة الرجعة اه قوله (فتح بحثا) فيه أنه ليس في كلام الفتح ما يفيد أنه بحث منه كيف وهو مشار إليه في الكتب السابقة بحال الفتح ولحرمتها أي المسافرة بهذا النص لم تكن رجعة قيل ولا دلالتها أي ولا تكون دلالة الرجعة لأن الكلام فيمن يصرح بعدم رجعتها
448 وأورد عليه أن التقبيل بشهوة ونحوه يكون نفسه رجعة وإن نادى على نفسه بعدم الرجعة وجوابه الفرق بالحل والحرمة اه أي فإن التقبيل حلال فيكون رجعة والمسافرة حرام فلا تكون رجعة ولا دلالة عليها مع التصريح بعدمها فقوله لأن الكلام الخ يفيد أن ذلك منقول لا بحث فافهم قوله (خلافا للشافعي) مبنى الخلاف هو أن الرجعة عندنا استدامة الملك القائم وعنده استحداث الحل الزائل فيحل عندنا لقيام ملك النكاح من كل وجه وإنما يزول عند انقضاء العدة قوله (لأنه مباح) فيه مسامحة لأن الوطء مكروه عندنا لمخالفته للسنة كما مر تحريره والمباح ما تعلق به خطاب الفاء تخييرا بين الفعل والترك على السواء والمكروه ولو تنزيها راجح الترك فلا يكون مباحا فالأولى أن يقول لأنه جائز فإن الجائز يطلق على ما لا يحرم شرعا ولو واجبا أو مكروها كما ذكره في التحرير قوله (لكن تكره الخلوة بها) الاستدراك مستدرك فإن الوطء مثلها كما علمت قوله (إن لم يكن من قصده الرجعة) لأن الخلوة ربما أدت إلى المس بشهوة فيصير مراجعا وهو لا يريدها فيطلقها فتطول العدة عليها ط عن البحر قوله (ويثبت القسم لها الخ) سيأتي في الباب الآتي أن المطلقة الرجعية لا حق لها في الجماع لا قضاء ولا ديانة ولذ استحب مراجعتها بغيره وحينئذ فالقسم لأجل الاستئناس تأمل قوله (وإلا لا) أي وإن لم يكن من قصده المراجعة لا يثبت القسم لأنه لو ثبت مع عدم قصدها ربما أدى إلى الخلوة فيلزم ما مر ط مطلب في لعقد على لمبانة قوله (وينكح مبانته بما دون الثلاث) لما ذكره ما يتدارك به الطلاق الرجعي ذكر ما يتدارك به غيره فتح ولذا عقد له في الهداية هنا فصلا قوله (بالإجماع) راجع إلى قوله في العدة وهو جواب عن سؤال هو أن قوله * (ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله) * (البقرة 235) يعني انقضاء العدة عام فكيف جاز للزوج تزوجها في العدة والنص بعمومه يمنعه والجواب أنه خص منه العدة من الزوج نفسه بالإجماع قوله (ومنع غيره) أي غير الزوج في العدة لاشتباه النسب بالعلوق فإنه لا يوقف على حقيقته أنه من الأول أو الثاني وهذا حكمة شرعية العدة في الأصل والمراد بذكرها هنا بيان عدم المانع من تخصيص الزوج بالإجماع لا بيان علته لأنه يرد عليه عليه الصغيرة والآيسة وعدة الوفاة قبل الدخول ومعتدة الصبي والحيضة الثانية والثالثة فإنه لا اشتباه في ذلك ولا يجوز التزوج في المدة لعلة أخرى هي إظهار خطر المحل أو هو حكم تعبدي وتمام بيانه في الفتح قوله (لا ينكح مطلقة) تقديره لفظ ينكح هو مقتضى العطف على ما قبله لكن الأولى أن يزيد ولا يطأ بملك يمين لأنه كما لا يحل له نكاحها بالعقد لا يحل له وطؤها بالملك كما يأتي ولو قال لا تحل كما في الآية الكريمة لشمل كلا منهما قوله (من نكاح صحيح نافذ) احترز بالصحيح عن الفاسد وهو ما عدم بعض شروط الصحة ككونه يغير شهود فإنه لا حكم قبل الوطء وبعده
449 يجب مهر المثل والطلاق فيه لا ينقص عددا لأنه متاركة فلو طلقها ثلاثا لا يقع شئ وله تزوجها بلا محلل كما تقدم آخر باب الصريح واحترز بالنافذ عن الموقوف ففي نكاح الرقيق من الفتاوي الهندية عن المحيط إذا تزوج العبد أو المكاتب أو المدبر أو ابن أم الولد بلا إذن المولى ثم طلقها ثلاثا قبل إجازة المولى فهذا الطلاق متاركة النكاح لا طلاق على الحقيقة حتى لا ينقص من عدد الطلاق فإن أجاز المولى النكاح بعد لا تعمل إجازته وإن أذن له بتزوجها بعده كرهت له تزوجها ولم أفرق بينهما اه قوله (كما سنحققه) أي في باب العدة حيث قال هناك والخلوة في النكاح الفاسد لا توجب العدة والطلاق فيه لا ينقص عدد الطلاق لأنه فسخ جوهرة اه ولم يذكر الموقوف هناك لأنه من أقسام الفاسد ويحتمل أن مراده ما يأتي قريبا من قوله خرج الفاسد والموقوف الخ فإنه وإن كان في المحلل لكنه يفهم أنه في الذي طلق غير معتبر أيضا وليس مراده الإشارة إلى تحقيق ما يأتي بعده من قوله ثم هذا كله فرع صحته النكاح الأول الخ لأن مراده به صحته في المذاهب كلها كما ستعرفه وليس مما نحن فيه فافهم قوله (وما في المشكلات) حيث قال من طلق امرأته قبل الدخول بها ثلاثا فله أن يتزوجها بلا تحليل وأما قوله تعالى * (فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره) * (البقرة 230) ففي المدخول بها قوله (باطل) أي إن حمل على ظاهره ولذا قال في الفتح إنه زلة عظيمة مصادمة للنص والإجماع لا يحل لمسلم رآه أن ينقله فضلا عن أن يعتبره لأن في نقله إشاعته وعند ذلك ينفتح باب الشيطان في تخفيف الأمر فيه ولا يخفى أن مثله مما لا يسوغ الاجتهاد فيه لفوت شرطه من عدم مخالفة الكتاب والإجماع نعوذ بالله من الزيغ والضلال والأمر فيه من ضروريات الدين لا يبعد إكفار مخالفة اه أقول وإياك أن تغتر بما ذكره الزاهدي في آخر الحاوي في أو كتاب الحيل فإنه عقد فيه فصلا في حيلة تحليل المطلقة ثلاثا وذكر فيه هذه المسألة غير قابلة للتأويل الآتي وذكر حيلا كثيرة كلها باطلة مبنية على ما يأتي رده من الاكتفاء بالعقد بدون وطء قوله (أو مؤول) أي بما قاله العلامة البخاري في شرحه غرر الأذكار على درر البحار ولا يشكل ما في المشكلات لأن المراد من قوله ثلاثا ثلاث طلقات متفرقات ليوافق ما في عامة الكتب الحنفية اه وقدمنا تأييد هذا التأويل بجواب صاحب المشكلات عن الآية فإن الطلاق ذكر فيها مفرقا مع التصريح فيها بعدم الحل فأجاب بأنها في المدخول بها فافهم قوله (كما مر) أي في أول باب طلاق غير المدخول بها قوله (حتى يطأها غيره) أي حقيقة أو حكما كما لو تزوجت بمجبوب فحبلت منه كما يأتي وشمل ما لو وطئها حائضا أو محرمة وشمل ما لو طلقها أزواج كل زوج ثلاثا قبل الدخول قتزوجت بآخر ودخل بها تحل للكل بحر ولا بد من كون الوطء بالنكاح بعد مضي عدة الأول لو مدخولا بها وسكت عنه لظهوره ثم اعلم أن اشتراط الدخول ثابت بالإجماع فلا يكفي مجرد العقد قال القهستاني وفي الكشف وغيره من كتب الأصول أن العلماء غير سعيد بن المسيب اتفقوا على اشتراط الدخول وفي الزاهدي أنه ثابت بإجماع الأمة وفي المنية أن سعيدا رجع عنه إلى قول الجمهور فمن علم به يسود وجهه
450 ويبعد ومن أفتى به يعزر وما نسب إلى الصدر الشهيد فليس له أثر في مصنفاته بل فيها نقيضه وذكر في الخلاصة عنه أن من أفتى به فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين فإنه مخالف الإجماع ولا ينفذ قضاء القاضي به وتمامه فيه قوله (ولو مراهقا) هو الداني من البلوغ نهر ولا بد أن يطلقها بعد البلوغ لأن طلاقه غير واقع در منتقى عن التاترخانية قوله (يجامع مثله) تفسير للمراهق ذكره في الجامع وقيل هو الذي تتحرك آلته ويشتهي النساء كذا في الفتح ولا يخفى أنه لا تنافي بين القولين نهر والأولى أن يكون حرا بالغا فإن الإنزال شرط عن مالك كما في الخلاصة مال أصحابنا إلى بعض أقوال مالك رحمه الله ضرورة فالأولى الجمع بين المذهبين لأنه كالتلميذ لأبي حنيفة ولذا مال أصحابنا إلى بعض أقواله ضرورة كما في ديباجة المصفى قهستاني وفي حاشية الفتال وذكر الفقيه أبو الليث في تأسيس النظائر أنه إذا لم يوجد في مذهب الإمام قول في مسألة يرجع إلى مذهب مالك لأنه أقرب المذاهب إليه اه قوله (أو خصيا) بفتح الخاء وهو من قطعت خصيتاه وأنما جاز تحليله لوجود الآلة ط قوله (أو مجنونا) بنونين ح وفي نسخة أو مجبوبا ببائين وهو الذي لم يبق له شئ ليجعلوا في محل الختان لكن شرط تحليله أن تحبل منه كما يأتي قوله (أو ذميا لذمية أي ولو كان التحليل لأجل زوجها المسلم كما في البحر قوله (خرج الفاسد والموقوف) أي خرجا بقيد النافذة وفيه أن الفاسد يقابل الصحيح لا النافذ لأن النافذ من العقود ما لا يتوقف على إجازة غير العاقد فالبيع بشرط فاسد نافذ بالمعنى المذكور نعم الموقوف فيه طريقان للمشايخ قيل هو قسم من الصحيح وقيل من الفاسد كما سيأتي تحقيقه في البيوع إن شاء الله تعالى فعلى الطريق الثاني كل موقوف فاسد ولا عكس لغويا ويقال أيضا كل صحيح نافذ ولا يصح العكس على الطريقين فافهم وبه علم أنه كان ينبغي للمصنف متابعة الكنز وغيره في التعبير بنكاح صحيح فيخرج الفاسد وكذا الموقوف على أحد الطريقين وقد يجاب بأن النكاح المطلق هو الصحيح فيخرج به الفاسد قوله (ووطئها قبل الإجازة لا يحلها) أي وإن أجاز بعد ولعل وجهه أن النكاح المشروط بالنص ينصرف إلى الكامل لأنه المعهود شرعا بخلاف الفاسد والموقوف (1) وإلا فقد صرحوا بأن الموقوف ينعقد سببا في الحال ويتأخر حكمه إلى وقت الإجازة فيظهر بها الحل من وقت العقد حيلة إسقاط عدة المحلل قوله (ومن لطيف الحيل الخ) أي حيل التحليل على وجه يؤمن فيه من علوقها منه ومن
(1) قوله: (بخلاف القاصد والموقوف الخ) انظر هذا مع قوله فيظهر بها الحل، فإنه بظهور الحل يظهر الكمال أيضا. قال شيخنا: الا ان الاسناد لا يؤثر في الاحكام المتلاشية بل تأثيره قاصر على القائم والآتي، فحينذاك يحكم على الوطء الماضي بالكمال ا ه. 451 امتناعها من طلاقها ومن ظهور أمر التحليل بين الناس بخلاف ما إذا كان حرا بالغا قوله (لكن الخ) استدراك على هذه الحيلة وحاصله أنها إنما تتم على ظاهر المذهب من أن الكفاءة في النكاح ليست بشرط للانعقاد أما على رواية الحسن المفتى بها من أنها شرط فلا يحلها الرقيق لعدم الكفاءة إن كان لها ولي لم يرض بذلك وإلا بأن لم يكن لها ولى أصلا أو كان ورضي فيحلها اتفاقا كما مر في باب الكفاءة وهذا أحد وجهين أو ردهما الإمام الحلواني ثانيهما كما في البزازية أن المراهق فيه خلاف فلعله يرفع إلى حاكم يرى مذهب من لا يقول بالصحة فيفسخه فلا يحصل المرام قوله (إنه لا يحلها) الأولى حذف أنه قوله (وتمضي عدته) ذكر بعض الشافعية حيلة لإسقاط العدة بأن تزوج لصغير لم يبلغ عشر سنين ويدخل بها مع انتشار آلته ويحكم بصحة النكاح شافعي ثم يطلقها الصبي ويحكم حنبلي بصحة طلاقه وأنه لا عدة عليها أما لو بلغ عشرا لزمت العدة عند الحنبلي أو يطلقها وليه إذا رأى في ذلك المصلحة ويحكم به مالكي وبعدم وجوب العدة بوطئه ثم يتزوجها الأول ويحكم شافعي بصحته لأن حكم الحاكم يرفع الخلاف بعد تقدم الدعوى مستوفيا شرائطه فتحل للأول اه قلت ومن شروطه أن لا يأخذ على الحكم مالا وفي قوله ويحكم به مالكي (1) مخالفة لما قدمناه من اشتراط الإنزال عند مالك وكأنه قول آخر قوله (أي الثاني) أي النكاح الثاني ويجوز أن يراد بالزوج الثاني وعليه جرى الزيلعي لكنه مجاز قال العيني والأول أقرب والثاني أظهر نهر قوله (لا بملك يمين) عطف على قوله بنكاح نافذ قوله (لاشتراط الزوج بالنص) أي في قوله تعالى * (حتى تنكح زوجا غيره) * (البقرة 230) فإنه جعل غاية لعدم الحل الثابت بقوله تعالى * (فلا تحل له) * فإذا طلق زوجته الأمة ثنتين ثم بعد العدة وطئها مولاها لا يحلها للأول لأن المولى ليس بزوج قوله (ولا ملك أمة الخ) عطف على قوله وطء المولى أي لو طلقها ثنتين وهي أمة ثم ملكها أو ثلاثا وهي حرة فارتدت ولحقت بدار الحرب ثم سبيت وملكها لا يحل له وطؤها بملك اليمين حتى يزوجها فيدخل بها الزوج ثم يطلقها كما في الفتح ثم لا يخفى أن هذه المسألة لم يشملها كلام المصنف لا منطوقا ولا مفهوما فلا يصح تفريعها على قوله بملك يمين لأن معناه لا ينكحها المطلق حتى يطأها غيره بالنكاح لا بملك اليمين فالمشروط وطؤه بالنكاح لا بالملك هو الغير لا نفس المطلق بل يصح تفريغ الأولى وهي عدم حلها للمطلق بوطء المولى نعم لو قال المصنف فيما مر لا ينكح ولا يطأ بملك يمين الخ لصح تفريغ هذه أيضا كما أفاده ح فيتعين جعله تفريعا على قوله لاشتراط الزوج بالنص فإن الزوج المشروط بالنص جعل غاية لعدم الحل كما علمت وهو شامل لعدم الحل بنكاح أو ملك يمين فيصح تفريع المسألتين
(1) قوله: (وفي قوله ويحكم به مالكي الخ) لا مخالفة أصلا، لان المالكي لم يحكم بالتحليل بوطء الصبي بل انما حكم بصحة طلاق الولي فقط ا ه. 452 عليه فافهم قوله (من فرق بينهما) أراد بالتفريق المنع عن الوطء من عموم المجاز فيشمل القاطع للنكاح وغيره فلا يرد أنه لا تفريق في الظهار فافهم قوله (لم تحل له أبدا) أي ما لم يكفر في الظهار ويكذب نفسه أو تصدقه في اللعان ح فوجه الشبه بين المسألتين أن الردة واللحاق والسبي لم تبطل حكم الظهار واللعان كما لم تبطل حكم الطلاق قوله (في المحل المتيقن) هو محل غيبوبة الحشفة من القبل قوله فلو كانت صغيرة محترز قوله والشرط التيقن بوقوع الوطء وقوله فلو وطئ مفضاة تفريغ على قوله في المحل المتيقن وكان عليه عطفه بالواو قوله (لم تحل للأول) لأن قبلها لا تغيب فيه الحشفة ولذا لم يجب الغسل بمجرد وطئها ولم تثبت به حرمة المصاهرة حتى حل لو وطئها تزوج بنتها قوله (وإلا) أي بأن كانت صغيرة يوطأ مثلها حلت للأول لوجود الشرط وهو الوطء في محله المتيقن الموجب للغسل كما يأتي وإن أفضاها بهذا الوطء لأن الإفضاء حصل بعد الوطء المعتبر شرعا بخلاف المفضاة قبله لحصول الشك في كون الوطء في القبل أو في الدبر وهذا الشك حاصل قبل الوطء لا بعده فأفهم قوله (بزازية) لم أر فيها قوله وإن أفضاها نعم رأيته في الفتح والنهر قوله (إلا إذا حبلت الخ) قال في الدر المنتقى وقد نظم الفقيه الأجل سراج الدين أبو بكر علي بن موسى الهاملي رحمه الله تعالى ذلك نظما جيدا فقال وفي المفضاة مسألة عجيبه * لدى من ليس يعرفها غريبه إذا حرمت على زوج وحلت * لثان نال من وطء نصيبه فطلقها فلم تحبل فليست * حلالا للقديم ولا خطيبه لشك أن ذاك الوطء منها * بفرج أو شكيلته القريبة فإن حبلت فقد وطئت بفرج * ولم تبق الشكوك لنا مريبه قوله (فإنها لا تحل حتى تحبل الخ) هذه العبارة عزاها المصنف في المنح للبزازية والذي في الفتح هكذا فلا تحل بسحقه حتى تحبل ثم قال وفي التجريد لو كان مجبوبا لم تحل فإن حبلت وولدت حلت للأول عند أبي يوسف خلافا لمحمد اه قوله (حتى يثبت) برفع يثبت على أن حتى ابتدائية قوله (فالاقتصار على الوطء قصور الخ) أي اقتصار المتون على قولهم حتى يطأها غيره وهذا مأخوذ من المصنف في المنح وقال الرحمتي جعله قصورا مع أنه هو الذي عليه المتون والشروح ويشهد له حديث العسيلة الذي ثبت به الحكم وما تمسك به رواية عن أبي يوسف لم تعتمد فترجيحها على ما هو المذهب هو القصور اه لكن جزم به في الخانية وغيرها وكذا في الفتح كما علمت ونقله الزيلعي عن الغاية وقال خلافا لزفر ومثله في البدائع وهذا يفيد اعتماد قول أبي يوسف نعم الأوجه قول محمد
453 وزفر ولا ينافيه ثبوت النسب فإنه يعتمد قيام الفراش وإن لم يوجد وطء حقيقة والتحليل يعتمد الوطء لا مجرد العقد المثبت للنسب فإنه خلاف الإجماع كما تقدم ويلزم على هذا ثبوت التحليل بتزوج مشرقي بمغربية جاءت بولد لستة أشهر لثبوت نسبه مع العلم بعدم الوطء وما ذاك إلا لكون النسب مما يحتال لإثباته بما أمكن ولو توهما وأشار بنص الولد للفراش وإقامة للعقد مقام الوطء كالخلوة الموجبة للعدة وأما التحليل فقد شدد الشرع في ثبوته ولذا قالوا إن شرعيته لإغاظة الزوج عومل بما يبغض حين عمل أبغض ما يباح فلذا اشترطوا فيه الوطء الموجب للغسل بإيلاج الحشفة بلا حائل في المحل المتيقن احترازا عن المفضاة والصغيرة من بالغ أو مراهق قادر عليه بعقد صحيح لا فاسد ولا موقوف ولا بملك يمين قوله (والموت عنها لا) أو لو مات عنها قبل الوطء لا يحلها للأول وإن كان الموت كالدخول في إيجاب العدة وتقرير المهر المسمى لأن الشرط هنا الوطء قوله (واستشكله المصنف) الضمير يرجع إلى الإحلال المفهوم من قول المصنف يحلها وأصل الإشكال لصاحب البحر فإنه قال بعد ذكر هذا في الفرع مع أنه نقل في المحيط من كتاب الطهارة أنه لو أتى امرأة وهي عذراء لا غسل عليه ما لم ينزل لأن العذرة مانعة من مواراة الحشفة اه أي ولا يحلها الوطء الموجب للغسل ط وأجاب الرحمتي والسائحاني بحمل ما في القنية على ما إذا أزال البكارة بقرينة الإيلاج فإنه لا يكون بدونه وفيه أن عبارة القنية هكذا إذا أولج إلى مكان البكارة وحمل إلى علي معنى في بعيد ثم لا يخفى أن ما ينفرد به صاحب القنية لا يعتمد عليه كيف وهو مخالف لما في المشاهير كقول الهداية والشرط الإيلاج وقول الفتح بقيد كونه عن قوة نفسه وإن كان ملفوفا بخرقة إذا كان يجد حرارة المحل الخ ما يأتي عن التبيين وكذا ما مر عن البزازية ومسألة المفضاة وبعد اعتراف المصنف بإشكاله ما كان ينبغي له جعله متنا قوله) (إلا إذا انتعش وعمل) هذا لم يذكره في التبيين نعم ذكره في الفتح والنهر والظاهر أن الاستثناء منقطع لأن الانتعاش الانتهاض والمراد به وبالعمل أن يكون له نوع انتشار يحصل به إيلاج كي لا يكون بمنزلة إدخال خرقة في المحل فإنه ربما لا يحصل به التقاء الختانين ولذا قال بعد ذلك في الفتح بخلاف من في آلته فتور وأولجها فيها حتى التقى الختانان فإنها تحل به قوله (ولو في حيض الخ) الأولى حذف هذه الجملة من هنا وذكرها عند قول المصنف حتى يطأها غيره قوله (مطلقا) أي سواء كان الإيلاج بمساعدة اليد أو لا بحال المجتبى وقيل إيلاج الشيخ الفاني بيده يحلها وقيل إذا لم تنتشر آلته فأدخلها بيده أو بيدها أو كان الذكر أشل لا يحلها بالإيلاج والصواب حلها لأنه متعلق بدخول الحشفة اه وأقره في الشرنبلالية وهو خلاف ما مشى عليه الزيلعي وابن الهمام المنكر النهر كما مر وفيه أن الحل معلق بذوق العسيلة كما علمت فتأمل قوله (لكن في شرح المشارق الخ) فيه أن هذا الكتاب
454 ليس موضوعا لنقل المذهب وإطلاق المتون والشروح يرده وذوق العسيلة للنائمة موجود حكما ألا ترى أن النائم إذا وجد البلل يجب عليه الغسل وكذا المغمى عليه مع أن خروج المني لا يوجبه إلا مع وجود اللذة وما ذاك إلا لوجودهما حكما لأنه ربما حصلت وذهل عنها بثقل النوم الإغماء وقد تقدم أن المجنون يحلها والجنون فوق الإغماء والنوم رحمتي قلت ورأيت في معراج الدراية ووطء النائمة والمغمى عليه يحل عندنا وفي أحد قولي الشافعي اه هكذا رأيته في نسخة سقيمة فلتراجع نسخة أخرى ثم لا يخفى أن نومه وإغماءه كنومها وإغمائها لكن إذا قلنا (1) إن إيلاج الشيخ الفاني لا يحلها ما لم ينتعش ويعمل يلزم أن يكون مثله النائم والمغمى عليه وكذا في جانبها نعم على تصويب المجتبى من الاكتفاء بدخول الحشفة يظهر الإحلال في الكل فتأمل قوله (وكره التزوج للثاني) كذا في البحر لكن في القهستاني وكره للأول والثاني وعزاه محشي مسكين إلى الحموي عن الظهيرية وينبغي أن يزاد المرأة بل هي أولى من الأول في الكراهة لأن العقد بشرط التحليل إنما جرى بينها وبين الثاني والأول ساع في ذلك ومتسبب والمباشر أولى من المتسبب ولفظ الحديث يشمل الكل فإن المحلل له يصدق على المرأة أيضا قوله (لحديث لعن المحلل والمحلل له) بإضافة حديث إلى لعن فهو حكاية للمعنى وإلا فلفظ الحديث كما في الفتح لعن الله المحلل والمحلل له بإضافة حديث إلى لعن فهو حكاية للمعنى وإلا فلفظ الحديث كما في الفتح لعن الله المحلل والمحلل له وهو كذلك في بعض النسخ قوله (بشرط التحليل) تأويل للحديث بحمل اللعن على ذلك ويأتي تمام الكلام عليه قوله (وإن حلت للأول الخ) هذا قول الإمام وعن أبي يوسف أنه يفسد النكاح لأنه في معنى المؤقت لا يحلها وعن محمد يصح ولا يحلها لأنه استعجل ما أخره الشرع كما في قتل المورث هداية قوله (خلافا لما زعمه البزازي) حيث قال زوجت المطلقة نفسها من الثاني بشرط أن يجامعها ويطلقها لتحل للأول قال الإمام النكاح والشرط جائزان حتى إذا أبى الثاني طلاقها أجبره القاضي على ذلك وحلت للأول اه وهو مأخوذ من روضة الزندوستي قال في النهر قال الإمام ظهير الدين هذا البيان لم يوجد في غيره من الكتب كذا في العناية وفي فتح القدير هذا مما لم يعرف في ظاهر الرواية ولا ينبغي أن يعول عليه ولا يحكم به لأنه مع كونه ضعيف الثبوت تنبو عنه قواعد المذهب لأنه لا شك أنه شرط في النكاح لا يقتضيه العقد وهو مما لا يبطل بالشروط الفاسدة بل يبطل الشرط ويصح فيجب بطلان هذا وأن لا يجبر على الطلاق اه قوله (أو وأمسكتك) أي أو يقول إن تزوجتك
(1) قوله: (لكن إذا قلنا الخ) فيه ان ايلاج الشيخ للفاني لا يفيد لذة أصلا، بخلاف النائم الخ، فان فيه لذة كايلاج المستيقظ، غاية الامر انه بالنوم أو الاغماء يحصل ذهول عنها ولم يقل أحد باشتراط تذكرها، فقوله يلزم ان يكون مثله النائم الخ غير مناسب للفرق الجلي بين المسألتين وقد تقدم له قريبا ما يفيد هذا الفرق ا ه. 455 وأمسكتك وهذا إذا خافت إمساكها مطلقا والأول خافت إمساكها بعد الجماع قوله (ولو خافت الخ) الأولى أو تقول زوجتك الخ لأن الحيلتين السابقتين سببهما الخوف المذكور ط قوله ( وتمامه في العمادية) حيث قال ولو قال لها تزوجتك على أن أمرك بيدك فقبلت جاز النكاح ولغا الشرط لأن الأمر إنما يصح في الملك أو مضافا إليه ولم يوجد واحد منهما بخلاف ما مر فإن الأمر صار بيدها مقارنا لصيرورتها منكوحة اه نهر وقدمناه قبل فصل المشيئة والحاصل أن الشرط صحيح إذا ما ابتدأت المرأة لا إذا ابتدأ الرجل ولكن الفرق خفى (1) نعم يظهر القول بأن الزوج هو الموجب تقدم أو تأخر والمرأة هي القابلة كذلك تأمل قوله (أما إذا أضمرا ذلك) محترز قوله بشرط التحليل (لا يكره) بل يحل له في قولهم جميعا قهستاني عن المضمرات قوله (لقصد الإصلاح) أي إذا كان قصده ذلك لا مجرد قضاء الشهوة ونحوها وأورد السروجي أن الثابت عادة كالثابت نصا أي فيصير شرط التحليل كأنه منصوص عليه في العقد فيكره وأجاب في الفتح بأنه لا يلزم من قصد الزوج ذلك أن يكون معروفا بين الناس إنما ذلك فيمن نصب نفسه لذلك وصار مشتهرا به اه تأمل قوله (وتأويل اللعن الخ) الأولى أن يقول وقيل تأويل اللعن الخ كما هو عبارة البزازية ولا سيما وقد ذكره بعد ما مشى عليه المصنف من التأويل المشهور عند علمائنا ليفيد أنه تأويل آخر وأنه ضعيف قال في الفتح وهنا قول آخر وهو أنه مأجور وإن شرط لقصد الإصلاح وتأويل اللعن عند هؤلاء إذا شرط الأجر على ذلك اه قلت واللعن على هذا الحمل أظهر لأنه كأخذ الأجرة على عسب التيس وهو حرام ويقربه أنه عليه الصلاة والسلام سماه التيس المستعار وأورد على التأويل الأول أنه مع اشتراط التحليل مكروه تحريما وفاعل الحرام لا يستوجب اللعن ففاعل المكروه أولى مطلب في حكم لعن العصاة أقول حقيقة اللعن المشهور هي الطرد عن الرحمة وهي لا تكون إلا لكافر ولذا لم تجز على معين لم يعلم موته على الكفر بدليل وإن كان فاسقا متهورا كيزيد على المعتمد بخلاف نحو إبليس وأبي لهب وأبي جهل فيجوز وبخلاف غير المعين كالظالمين والكاذبين فيجوز أيضا لأن المراد جنس الظالمين وفيهم من يموت كافرا فيكون اللعن لبيان أن هذا الوصف وصف الكافرين للتنفير عنه والتحذير منه لا لقصد اللعن على كل فرد من هذا الجنس لأن لعن الواحد المعين كهذا الظالم لا يجوز فكيف كل فرد من أفراد الظالمين وإذا كان المراد الجنس لما قلنا من التنفير والتحذير لا يلزم أن تكون تلك المعصية حراما من الكبائر خلافا لمن أناط اللعن بالكبائر فإنه ورد اللعن في غيرها كلعن المصورين ومن أم قوما وهم له كارهون ومن سل سخيمته أي تغوط على
(1) قوله: (ولكن الفرق خفي) قال شيخنا: لعل وجهه هو ان قول المرأة على أن أمري بيدي لاغ لكونه قبل النكاح فلا يؤثر قبول الزوج فيه، وليس صحيحا موقوفا على الإجازة حتى يكون القبول تأثير فساوى بدء الزوج ا ه. 456 الطريق والمرأة أفوض أي التي لا تخضب يديها والمرهاء أي التي لا تكتحل والمرأة إذا خرجت من دارها بغير إذن زوجها وناكح اليد وزائرات القبور ومن جلس وسط الحلقة وغير ذلك ومنه ما هنا هذا ما ظهر لي لكن يشكل على منع لعن المعين مشروعية اللعان وفيه لعن معين نعم يجاب بأنه معلق على تقدير كونه كاذبا لكنه لا يخرج عن لعن معين تأمل ثم رأيت في لعان القهستاني قال اللعن في الأصل الطرد وشرعا في حق الكفار الإبعاد من رحمة الله تعالى وفي حق المؤمنين الإسقاط عن درجة الأبرار اه وفي لعان البحر فإن قلت هل يشرع لعن الكاذب المعين قلت قال في غاية البيان من باب العدة عن ابن مسعود أنه قال من شاء باهلته والمباهلة الملاعنة وكانوا يقولون إذا اختلفوا في شئ بهلة الله على الكاذب منا قالوا هي مشروعة في زماننا أيضا اه وعن هذا قيل إن المراد باللعن في مثل ذلك الطرد عن منازل الأبرار لا عن رحمة العزيز الغفار وقيل إن الأشبه أن حقيقة اللعن هنا ليست بمقصودة بل المقصود إظهار خساسة المحلل بالمباشرة والمحلل له بالعود إليها بعد مضاجعة غيره وعزاه القهستاني في الكشف ثم قال وفيه كلام فتأمل اه لعل وجهه أنه لو كان كذلك لا يلزم كونه مكروها تحريما قوله (ثم هذا كله) أي كل ما مر من لزوم التحليل بالشروط المارة وكراهة التصريح بالشرط (فرع صحة النكاح) كذا عبر في النهر والمراد صحته باتفاق الأئمة لا صحته عندنا بقرينة ما بعده فافهم وقد مر أنه لو كان فاسدا أو موقوفا لا يلزم التحليل بل تحل بدونه وإن كره وهل تقبل دعواه الفساد عندنا لإسفاط التحليل لم أره الآن نعم يأتي آخر الباب أنه لو ادعى بعد الثلاث أنه طلقها واحدة قبل وانقضت عدتها لا يصدقان وستأتي هذه المسألة في العدة وتأتي هنا حادثة الفتوى في ذلك فراجعها قوله (أو بحضرة فاسقين) أي تحقيق فسقهما وإلا فظاهر العدالة يكفي عند الشافعي فافهم حيلة إسقاط التحليل بحكم شافعي بفساد النكاح الأول قوله (الأمر لشافعي الخ) أقول الذي عليه العمل عند الشافعية هو ما حرره ابن حجر في التحفة من أن الحاكم لا يحكم بفسخ النكاح بالنسبة لسقوط التحليل وذلك أنه ذكر أن الزوجين لو توافقا أو أقاما بينة بفساد النكاح لم يلتفت لذلك بالنسبة لسقوط التحليل لأنه حق الله تعالى نعم يجوز لهما العمل به باطنا لكن إذا علم بهما الحاكم فرق بينهما ثم قال في موضع آخر وحينئذ فمن نكح مختلفا فيه فإن قلد القائل بصحته أو حكم بها من يراها ثم طلق ثلاثا تعين التحليل وليس له تقليد من يرى بطلانه لأنه تلفيق للتقليد في مسألة واحدة وهو ممتنع قطعا وإن انتفى التقليد والحكم لم يحتج لمحلل نعم يتعين أنه لو ادعى بعد الثلاث عدم التقليد لم يقبل منه لأنه يريد بذلك رفع التحليل الذي لزمه باعتبار ظاهر فعله وأيضا ففعل المكلف يصان عن الإلغاء لا سيما إن وقع منه ما يصرح بالاعتداد به كالتطليق ثلاثا هنا اه والذي تحرر من كلاميه أن الزوج إن علم بفساد النكاح فإن قلد القائل بصحته أو حكم بها حاكم يراها لا يسقط التحليل وإلا سقط وله تجديد العقد بعد الثلاث ديانة وإذا علم به الحاكم فرق بينهما ولو ادعى عدم التقليد لم يصدقه الحاكم
457 وإذا علمت ذلك علمت أنه لا فائدة في قول الشارح تبعا لغيره يرفع الأمر لشافعي إذ لا يحكم الشافعي بسقوط التحليل ولا يقبل ما يسقطه لكن قال ابن قاسم في حاشية التحفة أن له تقليد الشافعي والعقد بلا محلل لأن هذه قضية أخرى فلا يليق ما لم يحكم بصحة التقليد الأول حاكم اه قلت لكن هذا في الديانة لما علمت من أن الحاكم يفرق بينهما إذا علم به لأن التحليل حق الله تعالى نعم صرح شيخ الإسلام زكريا في شرح منهجه بأن الزوجين لو اختلفا في المسمى ومهر المثل وأقيمت بينة على فساده يثبت مهر المثل ويسقط التحليل تبعا اه لكن استظهر ابن حجر عدم سقوطه والله أعلم فإن قلت يمكن الحكم به عندنا على قول محمد باشتراط الولي قلت لا يمكن في زماننا لأنه خلاف المعتمد في المذهب والقضاة مأمورون بالحكم بأصح الأقوال على أنه نقل في التاترخانية أن شيخ الإسلام سئل هل يصح القضاء به فقال لا أدري فإن محمدا وإن شرط الولي لكنه قال لو طلقها ثم أراد أن يتزوجها فإني أكره له ذلك اه أي فإن لفظ أكره قد يستعمل من المجتهد في الحرام قوله (فيقضي به) أي بحلها للأول وقوله وببطلان النكاح عطف سبب على مسبب فإن قضاءه ببطلان النكاح الأول سبب لحلها بلا زوج آخر اه ح وإنما ذكر القضاء لتقصير الحادثة الخلافية كالمجمع عليها ط وقدمنا في باب التعليق ما ينبغي استذكاره هنا ولا نعيده لقرب العهد به قوله (أي في القائم والآتي لا في المنقضي) عبارة البزازية على ما في النهر وبه لا يظهر أن الوطء في النكاح الأول كان حراما وأن في الأولاد خبثا لأن القضاء اللاحق كدليل النسخ يعمل في القائم والآتي لا في المنقضي اه أي لأن ما مضى كان مبينا على اعتقاد الحل تقليدا لمذهب صحيح وأنما لزمه العمل بخلافه بعد الحكم الملزوم كما لو نسخ حكم إلى آخر لا يلزم منه بطلان ما مضى ومثله ما لو تغير أجرة المجتهد وكذا لو توضأ حنفي ولم ينو وصلى به الظهر ثم صار شافعيا بعد دخول وقت العصر يلزمه إعادة الوضوء بالنية دون ما صلاه به قوله (فالقول لها) كذا في البحر بحال البزازية ادعت أن الثاني جامعها وأنكر الجماع حلت للأول وعلى القلب لا اه ومثله في الفتاوي الهندية عن الخلاصة ويخالف قوله وعلى القلب لا (1) ما في الفتح والبحر ولو قالت دخل بي الثاني والثاني منكر فالمعتبر قولها وكذا في العكس اه فتأمل قوله (فالقول له) أي في حق الفرقة كأنه طلقها لا في حقها حتى يجب لها نصف المسمى أو كماله إن دخل بها بحر
(1) قوله: (ويخالف قوله وعلى القلب لا الخ) لا يخفى ان قول البزازي وعلى القلب لا، معناه انه لو ادعى الزوج الثاني الجماع وأنكرته لا يحل للأول، فهذا اعتبار لقولها كالمسألة الأولى، وحينئذ فلا مخالفة بين ما في البزازية والفتح، فان قول الفتح وكذا في العكس اي الحكم في مسألة العكس كالحكم في الأصل من اعتبار قول المرأة فيكون قوله وكذا في العكس مساويا لقول البزازي وعلى القلب لا ا ه. 458 مسألة الهدم قوله (والزوج الثاني) أي نكاحه نهر قوله (ما دون الثلاث) أي يهدم ما وقع من الطلقة أو الطلقتين فيجعلهما كأن لم يكونا وما قيل إن المراد أنه يهدم ما بقي من الملك الأول فهو من سوء التصور كما نبه عليه الهندي أفاده في النهر قوله (أي كما يهدم الثلاث) تفسيره لقوله أيضا قوله (لأنه الخ) جواب عما قال محمد من أن قوله تعالى * (حتى تنكح زوجا غيره) * (البقرة 230) جعل غاية لانتهاء الحرمة الغليظة فيهدمها والجواب أنه إذا هدمها يهدم ما دونها بالأولى فهو مما ثبت بدلالة النص وتمام مباحث ذلك في كتب الأصول وقولهما مروي عن ابن عمر وابن عباس وقول محمد مروي عن عمر وعلي وأبي بن كعب وعمران بن الحصين كما في الفتح قوله (وهو الحق) ليس هذا في عبارة الفتح بل ذكره في التحرير وتبعه في النهر عبارة الفتح بعد ما أطال في الكلام من الجانبين فظهر أن القول ما قاله محمد وباقي الأئمة الثلاثة ولقد صدق قول صاحب الأسرار ومسألة يخالف فيها كبار الصحابة يعوز فقهها (1) ويصعب الخروج منها قوله (وأقره المصنف كغيره) أي كصاحب البحر والنهر والمقدسي والشرنبلالي والرملي والحموي وكذا شارح التحرير المحقق ابن أمير حاج لكن المتون على قول الإمام وأشار في متن الملتقى إلى ترجيحه ونقل ترجيحه العلامة قاسم عن جماعة من أصحاب الترجيح ولم يعرج على ما قاله شيخه في الفتح وكذا لم يعرج عليه في مواهب الرحمن مع أنه كثيرا ما يتبع صاحب الفتح في ترجيحه قوله (بمضي عدته) أي الزوج الأول أسند العدة إليه لأنه سببها نهر وألا فالعدة للطلاق قوله (وعدة الزوج الثاني) ليس المراد أنها قالت مضت عدتي من الثاني فقط بل قالت تزوجت ودخل بي الزوج وطلقني وانقضت عدتي كما ذكره في الهداية لأن قولها مضت عدتي لا يفيد ما ذكر لوجوبها بالخلوة وبمجردها لا تحل ومن ثم قال في النهاية إنما ذكر في الهداية إخبارها مبسوطا لأنها لو قالت حللت لك فتزوجها ثم قالت لم يكن الثاني دخل بي إن كانت عالمة بشرائط الحل لم تصدق وإلا تصدق وفيما ذكرته مبسوطا لا تصدق في كل حال وعن السرخسي لا يحل له أن يتزوجها حتى يستفسرها لاختلاف الناس في حلها بمجرد العقد وعن الإمام الفضلي لو قالت تزوجني فإني تزوجت غيرك وانقضت عدتي ثم قالت ما تزوجت صدقت إلا أن تكون أقرت بدخول الثاني اه لأنها غير متناقضة بحمل قولها تزوجت على العقد وقولها ما تزوجت معناه ما دخل بي فإذا أقرت بالدخول ثبت تناقضها كما أفاده في الفتح
(1) قوله: (يعوز فقهها الخ) يعوز بالفتح الواو من عوز كفرح، بمعنى فقد: اي المسألة الخلافة بين كبار الصحابة يفقد فقهها: اي فهمها اي لا يوقف فيها على الواقع؟ ا ه. 459 ويأتي تمامه قوله (له أن يصدقها) لأنه إما من المعاملات لكون البضع متقوما عند الدخول أو الديانات لتعلق الحل به وقول الواحد مقبول فيهما درر قوله (إن غلب على ما ظنه صدقها) أشار به إلى أن عدالتها ليست شرطا ولهذا قال في البدائع وكافي الحاكم وغيرهما لا بأس أن يصدقها أن كانت ثقة عنده أو وقع في قلبه صدقها اه وكذا لو قالت منكوحة رجل لآخر طلقني زوجي وانقضت عدتي جاز تصديقها إذا وقع في ظنه عدلة كانت أم لا ولو قالت نكاحي الأول فاسد لا ولو عدلة كذا في البزازية بحر قوله (وأقل مدة عدة عنده) أي عند الإمام وهذا بيان لقوله والمدة تحتمله فلا احتمال فيما دون ذلك قوله (بحيض) متعلق بقوله عدة وهذا أولى مما قيل أي بسبب كون المرأة حائضا فافهم واحترز به عن العدة بالأشهر في حق ذوات الأشهر فإن عدتها ليس لها أقل وأكثر بل هي ثلاثة أشهر لو حرة ونصفها لو أمة قوله (شهران) أي ستون يوما عنده لأنه يجعله مطلقا في أول الطهر حذرا من وقوع الطلاق في طهر وطئ فيه فيحتاج إلى ثلاثة أطهار فخمسة وأربعين وثلاث حيض بخمسة عشر حملا للطهر على أقله والحيض على وسطه لأن اجتماع أقلهما في مدة واحدة نادر وهذا على تخريج محمد لقول الإمام أما على تخريج الحسن فيجعله مطلقا في آخر الطهر حذرا من تطويل العدة عليها فيحتاج إلى طهرين بثلاثين وثلاث حيض بثلاثين حملا للطهر على أقله والحيض على أكثره ليعتد لا (1) وتحتاج إلى مثلها في عدة الزوج الثاني وزيادة طهر على تخريج الحسن فتصدق في مائة وخمسة وثلاثين يوما وعلى تخريج محمد في مائة وعشرين يوما اه أفاده ح قلت والمراد بزيادة الطهر هو الطهر الذي تزوجها فيه الثاني وطلقها في آخره لكن يلزم على هذا التخريج وقوع الطلاق في طهر وطئها فيه إذ لا بد من دخوله بها تأمل وهذا يؤيد تخريج محمد قوله (ولأمة أربعون) عطف على محذوف كأنه قال لحرة شهران ولأمة أربعون يوما أي على تخريج محمد طهران بثلاثين وحيضتان بعشرة وعلى تخريج الحسن خمسة وثلاثون يوما طهر بخمسة عشر وحيضتان بعشرين فتصدق بثمانين يوما على تخريج محمد خمسة وثمانين يوما على تخريج الحسن وتمام التفصيل وحكاية الخلاف في التبيين ح قوله (ما لم تدع السقط) أي من الزوج الأول لأنه يمكن إسقاطها في يوم الطلاق فتنقضي عدتها به أما ادعاؤه عن الثاني فلا بد من أنه يمضي عليه زمن يمكن أن يستبين فيه بعض خلقه رحمتي قلت وكذا لو ادعته من الأولى لا بد من أن يكون بينه وبين عقد الأول مدة أربعة أشهر قوله (كما مر) أي وأول الباب حلبي الإقدام على لنكاح إقرار بمضي لعدة قوله (ولو تزوجت الخ) قال في الفتح وفي التفاريق لو تزوجها ولم يسألها ثم قالت ما تزوجت أو ما دخل بي صدقت إذ لا يعلم ذلك إلا من جهتها
(1) قوله: (وعلى تخريج محمد في مائة وعشرين يوما) ينبغي ان يزاد طهر هنا أيضا ليكون زواج الثاني وطلاقه واقعين فيه، وحينئذ يلزم عليه ان يطلقها في طهر وطئت فيه فيساوي تخريج الحسن، وبهذا نعلم ما في قول المحشي لكن يلزم على هذا التخريج الخ ا ه. 460 واستشكل بأن إقدامها على النكاح اعتراف منها بصحته فكانت مناقضة فينبغي أن لا يقبل منها كما لو قالت بعد التزوج بها كنت مجوسية أو مرتدة أو معتدة أو منكوحة الغير أو كان العقد بغير شهود ذكره في الجامع الكبير وغيره بخلاف قولها لم تنقض عدتي ثم رأيت في الخلاصة ما يوافق الإشكال المذكور قال في الفتاوي في باب الباء لو قالت بعد ما تزوجها الأول ما تزوجت بآخر فقال الزوج الأول تزوجت بآخر ودخل بك لا تصدق المرأة اه ما في الفتح أقول قد يدفع الإشكال بأن المطلقة ثلاثا قام فيها المانع من إيراد العقد عليها ولا يزول إلا بعد وجود شرط الحل وذلك بأن تخبر بأنها تزوجت بعده آخر ودخل بها وانقضت عدتها والمدة تحتمله أو تخبر بأنه حلت له وهي عالمة بشرائط الحل على ما مر عن النهاية فحينئذ لا يقبل قولها للتناقض أما بدون ذلك فيقبل ولا تناقض لاحتمال ظنها الحل بمجرد العقد ولأن إقدامها على العقد بدون تفسير لا يزول به المانع فلم يكن اعترافا ولذا قال السرخسي لا بد من استفسارها ويؤيده ما مر عن الفضلي أيضا وهذه بخلاف قولها كنت مجوسية الخ فإنها حين العقد لم يقم مانع من إيراد العقد عليها فصح العقد فلا يقبل إخبارها بما ينافيه لتناقضها فإن مجرد إقدامها على العقد اعتراف بعدم مانع منه فإذا ادعت ما ينافيه لم يقبل وما مر عن الفتاوي أمرهم على ما إذا تزوجها بعد ما فسرت توفيقا بين كلامهم وفي البزازية تزوجت المطلقة ثم قالت للثاني تزوجتني في العدة إن كان بين النكاح والطلاق أقل من شهرين صدقت في قول الإمام وكان النكاح الثاني فاسدا وإن أكثر لا وصح الثاني والإقدام على النكاح إقرار بمضي العدة لأن العدة حق الأول والنكاح حق الثاني ولا يجتمعان فدل الإقدام على المضي بخلاف المطلقة ثلاثا إذا تزوجت بالأول بعد مدة ثم قالت بك تزوجت قبل نكاح الثاني حيث لا يكون أقدامها دليل على إصابة الثاني ونكاحه قالت المطلقة ثلاثا تزوجت غيرك وتزوجها الأول ثم قالت كنت كاذبة فيما قلت لم أكن تزوجت فإن لم تكن أقرت بدخول الثاني كان النكاح باطلا وإن كانت أقرت به لم تصدق اه وهذا مؤيد لما قلنا من الفرق والتوفيق وبالله التوفيق وبما قررناه ظهر لك ما في كلام الشارح والظاهر أنه تابع ما بحثه في الفتح قوله (وفي البزازية الخ) اقتصر على بعض عبارة البزازية تبعا ل البحر وهو غير مرضي وتمام عبارتها هكذا ونص في الرضاع على أنها إذا قالت هذا مشهور رضاعا وأصرت عليه له أن يتزوجها لأن الحرمة ليست إليها قالوا وبه يفتى في جميع الوجوه اه ومقتضاه أن المفتى به أن لها أن تزوج نفسها منه هنا وهذا ما قدمه الشارح في آخر الرضاع بقوله ومفاده الخ وقدمنا أن ما ذكره الشارح هناك نقله في الخلاصة عن الصدر الشهيد بلفظ وفيه دليل على أنه لو ادعت الطلقات الثلاث وأنكر الزوج حل لها أن تزوج نفسها منه اه وعلله في النهر بأن الطلاق في حقها مما يخفى لاستقلال الرجل به فصح رجوعها اه أي صح في الحكم أما في لديانة لو كانت عالمة بالطلاق فلا يحل ربما قررناه علمت أن ما قدمه الشارح منقول لا بحث منه فأفهم
461 قوله (أنه طلقها) أي ثلاثا لأن ما دونها يمكن فيه تجديد العقد إلا إذا كان فقلنا قوله لها قتله بدواء قال في المحيط وينبغي لها أن تفتدي بمالها أو تهرب منه وإن لم تقدر قتلته متى علمت أنه يقربها ولكن ينبغي أن تقتله بالدواء وليس لها أن تقتل نفسها وأن قتلته بالآلة يجب القصاص اه بحر قوله (فالإثم عليه) أي وحده وينبغي تقييده بما إذا لم تقدر على الافتداء أو الهرب قوله (وإن قتلته الخ) أفاده إباحة الأمرين ط قوله (لو غائبا) تمام عبارة البزازية وإن كان حاضرا لا لأن الزوج إن أنكر احتيج بالفرقة ولا يجوز القضاء بها إلا بحضرة الزوج اه قوله (والصحيح عدم الجواز) قال في القنية قال يعني البديع والحاصل أنه على جواب شمس الأئمة الأوزجندي ونجم الدين النسفي والسيد أبي شجاع وأبي حامد والسرخسي يحل لها أن تتزوج بزوج آخر فيما بينها وبين الله تعالى وعلى جواب الباقين لا يحل وفي الفتاوى السراجية إذا أخبرها ثقة أن الزوج طلقها وهو غائب وسعها أن تعتد وتتزوج ولم يقيده بالديانة اه كذا في شرح الوهبانية قلت هذا تأييد لقول الأئمة المذكورين فإنه إذا حل لها التزوج بإخبار ثقة فيحل لها التحليل هنا بالأولى إذا سمعت الطلاق أو شهد به عدلان عندها بل صرحوا بأن لها التزوج إذا أتاها كتاب منه بطلاقها ولو على يد غير ثقة إن غلب على ظنها أنه حق وظاهر الإطلاق جوازه في القضاء حتى لو علم بها القاضي يتركها فتصحيح عدم الجواز هنا مشكل إلا أن يحمل على القضاء وإن كان خلاف الظاهر فتأمل نعم لو طلقها وهو مقيم معها يعاشرها الأزواج ليس لها التزوج لعدم انقضاء عدتها منه كما سيأتي بيانه في العدة قوله (لا يحل له قتلها) ينبغي جريان الخلاف فيه بل القول بقتلها هنا أقرب من القول بقتلها له فيما مر لأنها ساحرة والساحر يقتل وإن تاب تأمل قوله (وقيل لا تقتله الخ) نقل في التاترخانية أيضا القول الأول بقتله عن الشيخ الإمام أبي القاسم وشيخ الإسلام أبي الحسن عطاء بن حمزة والإمام أبي شجاع ونقله عن فتاوي الإمام محمد بن الوليد السمرقندي عن عبد الله بن المبارك عن أبي حنيفة ونقل أيضا أن الشيخ الإمام نجم الدين كان يحكي قول الإمام أبي شجاع ويقول إنه رجل كبير وله مشايخ أكابر لا يقول ما يقول إلا عن صحة فالاعتماد على قوله اه وبه علم أنه قول معتمد أيضا قوله (وانقضت عدتها) إنما قال ذلك لتصير أجنبية لا يلحقها الطلاق الثلاث
462 أقول وهذا إذا لم يكن انقضاء العدة معروفا لما سيذكره الشارح في آخر العدة عن القنية أيضا طلقها ثلاثا ويقول كنت طلقتها واحدة ومضت عدتها فلو مضيها معلوما عند الناس لم أنكر الثلاث وإلا أنكر ولو حكم عليه بوقوع الثلاث بالبينة بعد إنكاره فلو برهن أنه طلقها قبل ذلك بمدة طلقة لم يقبل اه قوله (أخذ بالثلاث) لأن إقدامه على الطلاق يدل على بقاء العصمة وتطلق ثلاثا بإقراره واحتياطا ط والله سبحانه وتعالى أعلم الإيلاء قوله (مناسبة البينونة مآلا) أي مناسبة ذكر عقب باب الرجعة ما ذكره في البحر من أن الإيلاء يوجب البينونة في ثاني الحال كالطلاق الرجعي اه ويحتمل أن المناسب للبائن المذكور آخر باب الرجعة في قوله وينكح مبانته الخ لكن فيه أن المطلوب إبداء المناسبة بين كل باب وما قبله والبائن ذكر في باب الرجعة استطرادا فافهم قوله (هو لغة اليمين) وجمعه ألايا وفعله آلي يولي إيلاء كتصريف أعطى فتح قوله (وشرعا الحلف الخ) يشمل التعليق بما يشق فإنه يسمى يمينا كما قدمناه في باب التعليق ولهذا قال في الفتح وفي الشرع هو اليمين على ترك قربان الزوجة أربعة أشهر فصاعدا بالله تعالى أو بتعليق ما يستشقه على القربان قال وهو أولى من قول الكنز الحلف على ترك قربانها أربعة أشهر لأن مجرد الحلف يتحقق في نحو إن وطئتك فلله علي أن أصلي ركعتين أو أغزو فإنه لا يكون بذلك موليا لأنه ليس مما يشق في نفسه وإن تعلق إشقاقه بعارض ذميم من النفس من الجبن والكسل اه وهذا ورد على المصنف وما أجاب به في البحر رده في النهر وشرح المقدسي قوله (على ترك قربانها) أي الزوجة حالا أو مالا كقوله لأجنبية إن تزوجتك فوالله لا أقربك لأن المعتبر وقت تنجيز الإيلاء كما يأتي فلا حاجة إلى قول ابن كمال إنه لا بد من أن يقال في التعريف حاصلا في النكاح أو مضافا إليه على أن ذلك كما قال في النهر شرط وشأن الشروط خروجها من التعريف اه ودخل في الزوجة حالا معتدة الرجعي وما لو آلى من زوجته الحرة ثم أبانها بطلقة ثم مضت مدة الإيلاء وهي معتدة فإنه يقع عليها أخرى كما سيأتي وأورد عليه القهستاني ما في الخانية لو آلى من زوجته الأمة ثم اشتراها فانقضت مدته لم يقع اه قلت يجاب بأن شراءها فسخ للعقد فكأنها لم تكن زوجة وقته أو بأن الشرط بقاء الزوجية أو أثرها كالعدة ولا عدة هنا كما لو مضت عدة الحرة قبل المدة ودخل أيضا الصغيرة ولولا توطأ وقيد بالقربان أي الوطء لأنه لو حلف على غيره كوالله لا يمس جلدي جلدك أو لا أقرب فراشك ونحو ذلك ولم ينو الوطء لم يكن موليا كما يأتي قوله (مدته) أي الآتي بيانها قوله (ولو ذميا) تعميم لفاعل المصدر وهو قربانها ذكره هنا وإن صرح به المصنف بعد إشارة إلى دخوله في التعريف على قول الإمام لصحة حلفه وإن لم تلزمه الكفارة كما يأتي فافهم قوله (والمولى) بضم الميم وكسر اللام اسم فاعل من آلى قوله (إلا بشئ مشى يلزمه) الشرط كونه مشقا في نفسه
463 كالحج ونحوه كما يأتي فخرج غيره كالغزو وصلاة ركعتين وإن عرض إشقاقه لجبن أو كسل كما مر عن الفتح ومن المشق الكفارة وأورد في البحر إيلاء الذمي بما في كفارة كوالله لا أقربك فإنه يصح عند الإمام بلا لزوم كفارة وما إذا قال لنسائه الأربع والله لا أقربكن فإنه يمكنه قربان ثلاث منهن بلا شئ يلزمه وأجاب عن الأول بما في الكافي من أنه ما خلا عن حنث لزمه بدليل أنه يحلف في الدعاوي بالله العظيم ولكن منع من وجوب الكفارة عليه مانع وهو كونها عبادة وهو ليس من أهلها قلت والجواب عن الثاني أن الإيلاء وقع على جملة الأربع لا على بعضهن ولذا لم يحنث بقربان البعض لأنه غير المحلوف عليه بل بعضه كما أفاده شراح الهداية فهو كقوله لا أكلم زيدا وعمرا لا يحنث بأحدهما ما لم يكلم الآخر وفي البدائع لو قال لامرأته وأمته والله لأقربكما لا يكون موليا من امرأته حتى يقرب الأمة اه أي لأن شرط الحنث قربانهما فلا يحنث بقربان إحداهما لكن إذا قربها تعين شرط البر بالمنع عن قربان الثانية فإن كانت الثانية هي الزوجة صار موليا منها ومقتضاه أنه لو قرب الثلاثة في المسألة المارة صار موليا من الرابعة تنبيه لو حلف على ترك قربانها بعتق عبده ثم باعه أو مات العبد سقط الإيلاء لأنه صار بحال لا يلزمه بقربانها فلو عاد إلى ملكه بعده البيع قبل القربان عاد حكم الإيلاء بدائع قوله (إلا لمانع كفر) إشارة إلى ما مر عن الكافي قوله (وركنه الحلف) أي الحلف المذكور قوله (بكونها منكوحة) أي ولو حكما كمعتدة الرجعي كما قدمناه وشمل ما لو أبانها بعده ثم مضت مدته في العدة كما مر وبه علم أنه لا يبطل بالإبانة بما دون الثلاث قال في البدائع والإيلاء لا ينعقد في غير الملك ابتداء وإن كان يبقى بدون الملك اه فخرجت الأجنبية والمبانة كما سيأتي وكذا الأمة والمدبرة وأم الولد لقوله تعالى * (للذين يؤلون من نسائهم) * (البقرة 226) والزوجة هي المملوكة ملك النكاح كما في البدائع قوله (ومنه) أي من كونها منكوحة وقت تنجيز الإيلاء إن تزوجتك فوالله لا أقربك لأن المعلق بالشرط كالمنجز عند وجود الشرط فهي منكوحة وقت التنجيز ح قوله (ثم تزوجها) أي بعد ما وقع عليه الطلاق المعلق وقوله لزمه كفارة الخ معناه ثبت حكم الإيلاء وعمل عمله من لزوم الكفارة بالقربان في المدة ووقوع البائن يترك القربان وهذا لأنه لما علق الإيلاء والطلاق على التزويج نزلا مرتبين فنزل الإيلاء قبل البينونة ونزل الطلاق عقبة وبانت به لأنه قبل الدخول وزوال الملك لا يبطل حكم الإيلاء فإذا تزوجها في مدته عمل عمله أما لو قدم الطلاق على الإيلاء بطل حكمه عند الإمام لأنه ينزل عقب البينونة والإيلاء لا ينعقد في غير الملك كما أفاد في البحر في باب التعليق بقوله لو قال إن تزوجتك فأنت طالق وأنت علي كظهر أمي ووالله لا أقربك ثم تزوجها وقع الطلاق ويلغو الظهار والإيلاء عنده لأنه ينزل الطلاق أولا فتصير مبانة وعندهما ينزلن جميعا ولو آخر الطلاق فتزوجها وقع وصح الظهار والإيلاء اه فافهم قوله (وأهلية الزوج للطلاق) أفاد اشتراط العقل والبلوغ فلا يصح إيلاء الصبي والمجنون لأنهما ليسا من أهل الطلاق ويصح إيلاء العبد مما لا يتعلق بالمال كإن قربتك فعلي صوم أو حج أو
464 عمرة أو امرأتي طالق فإن حنث لزمه الجزاء أو والله لا أقربك فإن حنث لزمه الكفارة بالصوم بخلاف ما يتعلق بالمال مثل فعلي عتق رقبة أو أن أتصدق بكذا لأنه ليس من أهل مالك المال بدائع قوله (فصح إيلاء الذمي) أي عنده لا عندهما لكن كل من القولين ليس على اطلاقه لأن إيلاءه بما هو قربة محضة كالحج لا يصح اتفاقا وبما لا يلزم كونه قربة كالعتق يصح اتفاقا وبما فيه كفارة كوالله لا أقربك يصح عنده لا عندهما كما في البحر وغيره قوله (بغير ما هو قربة) أي محضة احترز به عن نحو الحج والصوم كما علمت قوله (وفائدته الخ) أي أن تصحيح إيلاء الذمي وإن لم تلزمه الكفارة بالحنث له فائدة وهي وقوع الطلاق بترك قربانها في المدة قوله (ومن شرائطه الخ) ومنها أن لا يقيد بمكان لأنه يمكن قربانها في غيره وأن لا يجمع بين الزوجة وغيرها كأمته أو أجنبية لأنه يمكنه قربان امرأته وحدها بلا لزوم شئ كما مر وأما اشتراط أن لا يقيد بزمان فغير صحيح لأنه إن أريد بالزمان مدة الإيلاء فلا يصح نفيه وإن أريد نفي ما دونها فهو ما زاده الشارح فافهم نعم يشترط أن لا يستثنى بعض المدة مثل لا أقربك سنة إلا يوما على تفصيل فيه سيأتي وأن لا يكون المنع عن القربان فقط لما في الولوالجية لو قال إن قربتك أو دعوتك إلى الفراش فأنت طالق لا يصير موليا لأنه يمكنه القربان بلا شئ يلزمه بأن يدعوها إلى الفراش فيحنث ثم يقربها في المدة اه قوله (وحكمه) أي الدنيوي أما الأخروي فالإثم إن لم يفئ إليها كما يفيده قوله تعالى * (فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم) * (البقرة 226) وصرح القهستاني عن النتف بأن الإيلاء مكروه وصرحوا أيضا بأن وقوع الطلاق بمضي المدة جزاء لظلمه لكن ذكر في الفتح أول الباب أن الإيلاء لا يلزمه المعصية إذ قد يكون برضاها لخوف غيل على الولد وعدم موافقة مزاجها ونحوه فيتفقان عليه لقطع لجاج النفس قوله (ولم يطأ) عطف تفسير والمراد بالوطء حقيقته عند القدرة أو ما يقوم مقامه كالقول عند العجز فالمراد ولم يفئ أي لم يرجع إلى ما حلف عليه قوله (والكفارة أو الجزاء) بالعطف بأو وفي بعض النسخ بالواو موافقا لما في الدرر الحربي المصنف وهي بمعنى أو لأن المراد بيان نوعية بقرينة قوله الآتي ففي الحلف بالله تعالى وجبت الكفارة وفي غيره وجب الجزاء أي المعلق عليه كالحج والعتق والطلاق ونحو ذلك ويمكن حمل الواو على معناها إذ يمكن اجتماع الكفارة والجزاء في نحو والله لا أقربك وإن قربتك فعلي حج كذا قيل وفيه أنهما إيلاء أن يجب بالحنث في أحدهما الكفارة وفي الآخر الجزاء وإن وقع عند البر طلاق واحد بدليل ما قالوا في والله لا أقربك إذا كرره ثلاثا ولم ينو التأكيد أنه أيمان ثلاثة يجب لكل كفارة ويقع بها طلقة واحدة كما سيأتي آخر الباب فافهم قوله (أن حنث بالقربان) أي الوطء حقيقة فلا يحنث بالفئ باللسان عند العجز عن الوطء لأنه غير المحلوف عليه ولو وطئ بعده في المدة حنث كما سيأتي قوله (أربعة أشهر) لا خلاف أنه إن وقع في غرة الشهر اعتبرت مدته بالأهلة ولو وقع وفي بعضه فلا رواية عن الإمام وقال الثاني تعتبر بالأيام وعن زفر اعتبار بقية الشهر بالأيام والشهر الثاني والثالث بالأهلة
465 ويكمل أيام الشهر الأول بالأيام من أول الشهر الرابع (1) نهر عن البدائع قوله (وللأمة شهران) يعم ما لو كان زوجها حرا ولو أعتقت في أثناء المدة بعد ما طلقت انتقلت إلى مدة الحرائر نهر ومثله في البدائع قوله (فلا إيلاء) أي في حق الطلاق بدائع أي لا في حق الحنث فلو قال لحرة والله لا أقربك شهرين ولم يقربها فيهما لم تطلق ولو قربها فيهما حنث قوله (وسببه كالسبب في الرجعي) هو الداعي من قيام المشاجرة وعدم الموافقة نهر ومثله في شرح درر البحار وكأنه خص الرجعي لكونه أشبهه في البينونة مآلا على ما مر فتأمل قوله (صريح وكناية) وقيل ثلاثة صريح وما يجري مجراه وكناية فالصريح لفظان الجماع والنيك أما القربان والمباضعة والوطء فهي كنايات تجري مجرى الصريح قال في الفتح والأولى جعل الكل من الصريح لأن الصراحة منوطة بتبادر المعنى لغلبة الاستعمال فيه سواء كان حقيقة أو مجازا لا بالحقيقة وإلا لوجب كون الصريح لفظ النيك فقط وفي البدائع الافتضاض في البكر يجري مجرى الصريح اه وستأتي ألفاظ الكناية وفي البحر لو ادعى في الصريح أنه لم يعن الجماع لا يصدق قضاء ويصدق ديانة والكناية كل لفظ لا يسبق إلى الفهم بمعنى الوقاع منه ويحتمل غيره ولا يكون إيلاء بلا نية ويدين في القضاء قوله (فمن الصريح الخ) ذكر منه أربعة ألفاظ وأشار إلى أنه بقي غيرها فإن منه قوله للبكر لا أفتضك كما مر وفي المنتقى لا أنام معك إيلاء بلا نية وكذا لا يمس فرجي فرجك وهذا يخالف ما في البدائع من أن لا أبيت معك في فراش كناية وما في جوامع الفقيه من أنه لو قال لا يمس جلدي جلدك لا يصير موليا لأنه يمكن أن يلف ذكره بشئ أفاده في الفتح وظاهر ما في الجوامع أنه ليس صريحا ولا كناية قلت والذي يظهر ما في المنتقى من أن اللفظين من الصريح لما علمت من أن الصراحة منوطة بتبادر المعنى والمتبادر من قولك فلان نام مع زوجته هو الوطء نعم لا يتبادر ذلك من قولك بات معها في فراش وتبقى المخالفة في مسألة المس وما ذكر من الإمكان لا ينافي التبادر وإلا لزم أن تكون المباضعة كذلك لأنها بمعنى وضع البضع على البضع أي الفرج فيمكن أن يقال لا يلزم منه الجماع وكذا الافتضاض أي إزالة البكارة يمكن بأصبع ونحوها تأمل قوله (لو قال والله الخ) قيد بالقسم لأنه لو قال لا أقربك ولم يقل والله لا يكون موليا ذكره الإسبيحابي بحر أي لأنه لا بد من لزوم ما يشق قوله (وكل ما ينعقد به اليمين) كل مبتدأ حذف خبره تقديره كذلك قال في البحر وأراد بقوله والله ما ينعقد به اليمين كقوله تالله وعظمة الله وجلاله وكبريائه فخرج ما لا ينعقد به كقوله بعدم الله لا أقربك وعليه غضب الله تعالى وسخطه إن قربتك اه ط قوله (لا أقربك) أي بلا بيان مدة أشار إلى أنه كالمؤقت بمدة الإيلاء لأن الإطلاق كالتأبيد ومثله لو جعل له غاية لا يرجى وجودها في مدة الإيلاء كقوله في رجب لا أقربك حتى أصوم المحرم وكقوله إلا في مكان كذا أو حتى تفطمي ولدك وبينهما أربعة أشعر
(1) قوله: (من أول الشهر الرابع الخ) صوابه الخامس، وكذا قوله والثالث صوابه والرابع أيضا تأمل والله أعلم ا ه. 466 فأكثر ولو أقل لم يكن موليا وكذا حتى تطلع الشمس من مغربها أو حتى تخرج الدابة أو الدجال استحسانا لأنه في العرف للتأبيد وكذا إن كان يرجى وجودها في مدته لكن لا يتصور بقاء النكاح معه كحتى تموتي أو أموت أو أطلقك ثلاثا أو حتى أملكك أو أملك شقصا منك وهي أمة وإن تصور بقاؤه كحتى أشتريك لا يكون موليا لأن مطلق الشراء لا يزيل النكاح لأنه قد يشتريها لغيره ولو زاد لنفسي فكذلك لأنه قد يكون الشراء فاسدا لا يملك إلا بالقبض حتى لو قال لنفسي وأقبضك كان موليا فيصير تقديره لا أقربك ما دمت في نكاحي ولو قال حتى أعتق عبدي أو أطلق زوجتي فهو إيلاء عندهما خلافا لأبي يوسف ولا خلاف في عدمه في حتى أدخل الدار أو أكلم زيدا كما في النهر وغيره قوله (لغير حائض الخ) في غاية البيان معزيا للشامل حلف لا يقربها وهي حائض لم يكن موليا لأن الزوج ممنوع عن الوطء بالحيض فلا يصير المنع مضافا لليمين اه وبهذا علم أن الصريح وإن كان لا يحتاج إلى النية لا يقع به لوجود صارف كذا في البحر وقيده الشرنبلالي بحثا بما إذا كان عالما بحيضها وفصل سعدي في حواشي العناية بحمل ما في الشامل على ما إذا قال لا أقربك ولم يقيد بمدة أما لو قال أربعة أشهر فإنه يكون موليا ولو كانت حائضا وهذا معنى قول الشارح هنا لغير حائض وقوله بعده في المقيد ولو لحائض وأوضحه في النهر بأنه إذا قيده بأربعة أشهر يكون قرينة على إضافة المنع إلى اليمين اه أقول هذا كله مبنى على أن قول الشامل وهي حائض ليس من كلام الزوج لكن ذكر المقدسي أنه حال من مفعول يقربها لا من فاعل حلف أي فهو من كلام الزوج قلت وربما أفاده ما في كافي الحاكم حيث قال وإن حلف لا يقربها وهي حائض لم يكن موليا وإن حلف لا يقربها حتى تفعل شيئا تقدر على فعله قبل مضي أربعة أشهر لم يكن موليا وإن تأخر ذلك أربعة أشهر لم يضره اه فقوله حي تفعل من كلام الزوج قطعا فكذا قوله وهي حائض وقد أفاد علته بما ذكره بعده وهي أن مدة الحيض يمكن مضيها قبل أربعة أشهر فلا يصير موليا وإن زادت عليها ويؤيده تعليل الولوالجية بقوله لأنه منع نفسه عن قربانها في مدة الحيض وأنه أقل من أربعة أشهر اه ولو كانت العلة ما مر من كون الزوج ممنوعا عن الوطء بالحيض الخ لكان الواجب ذكر ذلك في شروط صحة الإيلاء بأن يقال يشترط في صحته أن لا يكون الزوج ممنوعا عن وطئها وقت الإيلاء ويرد عليه أنه يشمل ما إذا كانت محرمة أو معتكفة أو صائمة أو مصلية مع أنه سيأتي أنه يصح الإيلاء وهي محرمة وإن كان بينها وبين الحرم أكثر من أربعة أشهر ولا يكون فيؤه باللسان بل بالجماع لأن الإحرام مانع شرعي وهو لا يسقط حقها في الجماع فقد صح الإيلاء مع علمه بأنه ممنوع عن قربانها شرعا في مدة أربعة أشهر ففي حالة الحيض يصح بالأولى فما كان الجواب عن حالة الإحرام فهو الجواب عن حالة الحيض فاغتنم تحرير هذا المقام والسلام قوله (لتعيين المدة) أي لأن ذكر المدة قرينة على أن المنع لليمين لا للحيض بخلاف ما إذا لم يذكرها كما مر
467 قوله (أو نحوه مما يشق) فعلي عمرة أو صدقة أو صيام أو هدى أو اعتكاف أو يمين أو كفارة يمين أو فأنت طالق أو هذه الزوجة أخرى أو فعبدي حر أو فعلي عتق لعبد مبهم أو فعلي صوم يوم بخلاف صوم هذا الشهر لأنه يمكنه قربانها بعد مضيه بلا شئ يلزمه ولو قال فعلي اتباع جنازة أو سجدة تلاوة أو قراءة القرآن أو تسبيحة أو الصلاة في بيت المقدس لم يكن موليا وفي الذخيرة خلاف محمد لأنها تلزم بالنذر كذا في الفتح وأشار في الفتح إلى الجواب عن قول محمد بأن المدار على لزوم ما يشق لا على صحة النذر وإلا لزم أن يكون موليا بالتعليق على صلاة ركعتين والمذهب أنه يسقط النذر بصلاتها في غير بيت المقدس قوله (لعدم مشقتهما) أي وإن لزماه بالحنث لصحة النذر بهما وأشار إلى أنه لا تعتبر المشقة العارضة بنحو كسل كما لا تعتبر العارضة بالجبن في نحو فعلي غزو كما مر قوله (وقياسه الخ) هذا البحث لصاحب النهر وهو في غير محله لما تقدم من أن المولى هو الذي لا يمكنه قربان زوجته إلا بشئ مشق يلزمه فلا بد من كونه لازما وكونه مشقا (1) ولا يصح النذر بقراءة القرآن وصلاة الجنازة وتكفين الموتى كما في أيمان القهستاني فإذا لم يصح نذره أمكنه قربانها بلا شئ يلزمه أصلا كما لو قال إن قربتك فعلي ألف وضوء فلا يكون موليا فافهم قوله (فأنت طالق أو عبده حر) كان ينبغي ذكره قبل قوله أو نحوه فإن قربها تطلق رجعية ويعتق العبد وظاهره وإن لم يكن ممن يشق عليه لأنه في الأصل مشق كما أفاده ط وقدمنا أنه لو باع العبد سقط الإيلاء ولو عاد إلى ملكه عاد ولو قال فعلي ذبح ولدي يصح ويلزمه بالحنث ذبح شاه كما في البدائع قوله (ومن الكناية الخ) ومنها لا أجمع رأسي ورأسك لا المسك لا أضاجعك لأغيظنك لأسوأنك فتح والأخيران باللام الجوابية وذكر أيضا أنه عد منها في البدائع الدنو وكذا لا أبيت معك وتقدم الكلام على الأخير قوله (ومن المؤبد الخ) لأنه يذكر في العرف للتأبيد ولأن له إمارات سابقة أخذت على أنه لا يقع في مدة أربعة أشهر وكان المناسب ذكر هذه الجملة عند قول المصنف الآتي لا لو كان مؤبدا كما فعل في الفتح قوله (فإن قربها في المدة الخ) إنما ذكره وإن أغنى عنه قوله سابقا وحكمه الخ ليرتب عليه ما بعده اه قوله (ولو مجنونا) لأن الأهلية تعتبر وقت الحلف لا وقت الحنث قوله (وجبت الكفارة) ولو كفر قبل الحنث لا تعتبر بحر قوله (وجب الجزاء) سيأتي في الأيمان أن في مثله يخير بين الوفاء بما التزمه من النذر أو كفارة اليمين رحمتي أي على الصحيح الذي رجع إليه الإمام شرنبلالية وهذا إن بقي الإيلاء فلو سقط بموت العبد المحلوف بعتقه فلا يجب شئ كما علمت
(1) قوله: (بشئ مشق وكونه مشقا) كذا بالأصل المقابل على خطه، والمعروف من كتب اللغة بأيدينا شاق لا مشق ا ه مصححه. 468 قوله (وسقطت الإيلاء) عطف على حنث فلو مضت أربعة أشهر لا يقع طلاق لانحلال اليمين بالحنث وسواء حلف على أربعة أشهر أو أطلق أو على الأبد بحر قوله (بانت بواحدة) أي بطلقة واحدة وقوله بمضيها أي بسبب مضي المدة وأشار إلى أنه لا حاجة إلى إنشاء تطليق أو الحكم بالتفريق خلافا للشافعي كما أفاده في الهداية قوله (ولو ادعاه) أي القربان في المدة قوله (لم يقبل قوله إلا ببينة) أي على إقراره في المدة أنه جامعها بحر لأنه في المدة يملك الإنشاء فيملك الإخبار فصح إشهامه عليه وتقدم في الرجعة نظيره وأنه من أعجب المسائل قوله (ولو بمدتين الخ) بأن حلف على ثمانية أشهر كما في الدر المنتقى تبعا ل القهستاني وهو مخالف لما في الكنز وغيره من قوله وسقط الإيلاء لو حلف على أربعة أشهر فإنه يقتضي أنه لو حلف على مدتين أو أكثر لا يسقط وهو معنى قوله إذ بمضي الثانية تبين بثانية لكن الشارح أنه يسقط بعد مضي المدتين قوله (تبين بثانية) يعني إذا تزوجها ثانيا وإلا فهو على غير الأصح الآتي في المؤبد إذ لا فرق يظهر بينهما ثم رأيت القهستاني قال وفي الثانية أي في مسألة المدتين إذا بانت ثم تزوجها ثانيا ثم مضت أربعة أشهر أخرى بانت بواحدة أخرى وسقط الإيلاء اه وفي الولوالجية والله لا أقربك سنة فمضى أربعة أشهر فبانت ثم تزوجها ومضى أربعة أشهر أخرى بانت أيضا فإن تزوجها ثالثا لا يقع لأنه بقي من السنة بعد التزوج أقل من أربعة أشهر قوله (لا لو كان مؤبدا) أي لا يسقط الحلف أي الإيلاء لو كان مؤبدا قال في الفتح هو أن يصرح بلفظ الأبد أو يطلق فيقول لا أقربك إلا أن تكون حائضا فليس بمول أصلا اه قوله (وكانت طاهرة) هو معنى قول الفتح إلا أن تكون حائضا وقد علمت فيه مما مر قوله (وفرع عليه فلو نكحها) أي فرع هذا الكلام وضمير عليه لقوله لا لو كان مؤبدا وأفاد أنه لا يتكرر الطلاق بدون تزوج لعدم منع حقها وقيل لو بانت بمضي أربعة أشهر بالإيلاء ثم مضت أربعة أخرى وهي في العدة وقعت أخرى فإن مضت أربعة أخرى وهي في العدة وقعت أخرى والأول أصح لأن وقوع الطلاق جزاء الظلم وليس للمبانة حق فلا يكون ظالما كما في الزيلعي ووافقه في الفتح والنهر وعليه المتون قوله (والمدة من وقت التزوج) سواء كان التزوج في العدة أو بعد انقضائها قال في النهر واختلف في اعتبار ابتداء مدته ففي الهداية وعليه جرى في الكافي أنها من وقت التزوج وقيد في النهاية والعناية تبعا ل التمرتاشي والمرغيناني بما إذا كان التزوج بعد انقضاء العدة فإن كان فيها اعتبر ابتداؤه من وقت الطلاق قال الزيلعي وهذا لا يستقيم (1) إلا على قول من قال بتكرر الطلاق قبل التزوج وقد مر ضعفه قال في الفتح فالأولى الإطلاق كما في
(1) قوله: (وهذا لا يستقيم الخ) أقول: بل لا يستقيم أيضا على ذلك القول، فان أصحاب ذاك يحسبون المدة من وقت الطلاق على كل حال، ويحتاج للفرق بين ما إذا تزوجت بعد العدة حيث لم تحسب مدتها وبين ما إذا تزوجت فيها حيث احتسب من وقت الطلاق، فالظاهر أنه قول ثالث ا ه. 469 الهداية ح قوله (فإن نكحها) أي المولى الذي انتهى ملكه بالثلاث ح أي نكحها (1) قبل أن تتزوج بغيره وكذا بعده ولكنها مسألة الهدم الآتية قوله (لانتهاء هذا الملك) فهذه المسألة فرع ما إذا علق طلاقها بالدخول مثلا ثم نجز الثلاث فتزوجت بغيره ثم أعادها فدخلت لا تطلق خلافا لزفر وكذا لو آلى منها ثم طلقها ثلاثا بطل الإيلاء حتى لو مضت أربعة أشهر وهي في العدة لم يقع الطلاق خلافا لزفر ولو تزوجها بعد زوج آخر في الإيلاء المؤبد لا يعود الإيلاء خلافا له فتح قوله (بتنجيز الطلاق) أي بتنجيز طلقة أو طلقتين ح قوله (ثم عادت بثلاث) بأن تزويجها بعد زوج آخر بناء على قولهما إن الزوج الثاني يهدم ما دون الثلاث ويثبت حلا جديدا فتعود للأول بثلاث لا بما بقي قوله (يقع بالأيلاء) الضمير عائد إلى الثلاث باعتبار معنى الطلاق الثلاث والأولى أن يقول أنكر بالتاء الفوقية يعني تطلق كلما مضى عليها أربعة أشهر لم يجامعها فيها حتى تبين بثلاث كذا قال في الفتح والنهر والتبيين قلت ولا بد من تقييده بأن يتزوجها بعد كل مدة على ما هو الأصح ليكون الطلاق جزاء الظلم كما مر وكأنهم أطلقوه هنا لقرب العهد فتأمل قوله (خلافا لمحمد) فعنده لا أنكر الثلاث بل ما بقي من واحدة أو ثنتين بناء على قوله إن الثاني لا يهدم ما دون الثلاث كما مر معي هذا الباب ومر اعتماد قوله قوله (بعد زوج آخر) مكرر بما ذكره المصنف قبل وكان الأولى للمصنف في التعبير أن يقول وكفر إن وطئ ليكون عطفا على جواب الشرط وهو قوله لم تطلق قوله (لبقاء اليمين للحنث) أي لحق الحنث وإن لم تبق في حق الطلاق فصار كما لو قال لأجنبية لا أقربك لا يكون بذلك موليا وتجب الكفارة إذا قربها زيلعي قوله (بعد هذين الشهرين) قيد اتفاقي لأنه لو قال شهرين كان الحكم كذلك كما صرح به في التبيين ح ومثله في الفتح والبحر قوله (لتحقق المدة) أي أربعة أشهر ولهذا لو قال لا أكلم فلانا يومين ويومين كان كقوله لا أكلمه أربعة أيام والأصل في جنس هذه المسائل أنه متى عطف من غير إعادة حرف النفي ولا تكرار اسم الله تعالى يكون يمينا واحدا ولو أعاد حرف النفي أو كرر اسم الله تعالى يكون يمينين وتتداخل مدتهما بيانه لو قال والله لا أكلم زيدا يومين ولا يومين يكون يمينين ومدتهما واحدة حتى لو كلمه في اليوم الأول أو الثاني يحنث فيهما ويجب عليه كفارتان وإن كلمه في اليوم الثالث لا يحنث لانقضاء مدتهما وكذا لو قال والله لا أكلم زيدا يومين والله لا أكلم زيدا يومين لما ذكرنا ولو قال والله لا أكلمه يومين ويومين كان يمينا واحدا ومدته أربعة أيام حتى لو كلمه فيهما تجب
(1) قوله: (اي نكحها الخ) هذا لا يناسب ذكره هنا فان فرض المسألة فيما إذا طلق ثلاثا، وحينئذ لا يمكن تزوجها قبل زوج آخر. والظاهر أن محل هذا الكلام عند قول المصنف، فلو نكحها ثانيا وثالثا ا ه. (2) قوله: (لم يقع الطلاق خلافا الخ) لعل هذا سبق قلم، والا فبعد تنجيز الثلاث لا يتصور وقوع طلاق آخر اجماعا وهو واضح ا ه. (3) قوله: (يومين ولا يومين) هكذا في الزيلعي، وما وقع في حاشية ح يوما ولا يومين فهو تحريف فافهم ا ه منه. 470 عليه كفارة واحدة وعلى هذا لو قال والله لا أكلمه يوما ويومين كانت يمينا واحدة إلى ثلاثة أيام حتى لو كلمه فيها تجب كفارة واحدة ولو قال والله لا أكلمه يوما ولا يومين أو قال والله لا أكلمه يوما والله لا أكلمه يومين يكون يمينين فمدة الأولى يوم ومدة الثانية يومان حتى لو كلمه في اليوم الأول يجب عليه كفارتان وفي اليوم الثاني كفارة واحدة ولو كلمة في اليوم الثالث لا يحنث لانقضاء مدتهما وعلى هذا لو قال والله لا أقربك شهرين ولا شهرين أو قال والله لا أقربك شهرين والله لا أقربك شهرين لا يكون موليا لأنهما يمينان فتتداخل مدتهما حتى لو قربها قبل مضي شهرين تجب عليه كفارتان ولو قربها بعض مضيهما لا يجب عليه شئ لانقضاء مدتهما زيلعي قلت وحاصله أنه يحكم بتعدد اليمين بإعادة حرف النفي أو بتكرار اسم الله تعالى ومتى كانت اليمين متعددة كانت المدة متحدة أي تكون المدة في اليمين الأولى داخلة في مدة اليمين الثانية ومتى كانت اليمين متحدة كانت المدة متعددة أي تكون المدة الثانية غير الأولى وقد تتعدد المدة مع تعدد اليمين بأن نص على مغايرة المدة فيجب في كل مدة كفارة واحدة كما يأتي في المسألة الثانية قوله (ولو مكث يوما) يعني بعد قوله والله لا أقربك شهرين قوله (إذ الساعة كذلك) أي الزمانية فالمراد أن يفصل بين الحلفين بفاصل (1) قوله (قال بعد الشهرين الأولين أولا) أي أن التقييد بالظرف هنا اتفاقي كما في المسألة الأولى قوله (لنقص المدة) أي بقدر الفاصل بين الحلفين وهو اليوم مثلا لأن مدة الامتناع عن قربانها في الحلف الأول شهران وفي الثاني شهران بعدهما وبين الحلفين مدة لم يلزمه شئ بقربانها فيها فلم توجد مدة الإيلاء بخلاف المسألة الأولى فإن الأربعة أشهر فيها لا فاصل بينها كما مر وهذا إن قال هنا بعد الشهرين الأولين فإنه نص على تغاير المدة وإن تعدد القسم أما إذا لم يقله تتحد المدة لتعدد القسم بتكرار اسمه تعالى بلا موجب لتعدد المدة فلم توجد مدة الإيلاء أيضا قوله (لكن إن قاله الخ) استدراك على ما ذكره من عدم الفرق بين ذكر الظرف وعدمه أي أنه لا فرق بينهما من حيث إنه لا يكون موليا ولكن بينهما فرق من جهة أخرى أفادها في الفتح وغيره وهي أنه إن قاله تتعين مدة اليمين الثانية كذا في البحر والنهر أي تصير مرادة بعينها غير داخلة فيما قبلها وعبر الشارح عن هذا بقوله اتحدت الكفارة أخذا من قوله في الفتح في هذه الصورة فلو قربها في الشهرين الأولين لزمته كفارة واحدة وكذا في الشهرين الآخرين لأنه لم يجتمع على الشهرين يمينان بل على كل شهرين يمين واحدة اه وما توارد عليه شراح الهداية من أنه يلزمه بالقربان كفارتان قال في الفتح إنه خطأ لما علمت قال في النهر لأنه إذا كان لكل يمين مدة على حدة فلا تداخل بين المدتين حتى تلزمه الكفارتان إلا أن يراد القربان في مدتيهما كذا في الحواشي السعدية وعندي أن هذا الحل مما يجب المصير إليه اه
(1) قوله: (بفاصل) هل يشترط ان يكون الفاصل مدة تسع الوطء، الظاهر نعم، ولكن لم أره فليراجع ا ه ثم سمعت من شيخنا الاطلاق، وليس للنفس ميل إليه، والظاهر أن يكون السكوت اختيارا كالمفاصل في الاستثناء ا ه شمس الأئمة الكردي هو أول من قرأ الهداية على مؤلفها كما في حاشية سعدي علي العناية ا ه منه. 471 قلت وما وقع في الفتح وتبعه عليه في البحر من قوله ولكن تتداخل المدتان فلو قربها في الشهرين الأولين لزمته كفارة واحدة الخ سبق قلم وصوابه لا تتداخل ولم أر من نبه عليه ولكن المعنى وسوابق الكلام ولواحقه أخذت عليه وكذا صريح ما نقلناه عن النهر وأما إذا لم يقل بعد الشهرين الأولين تصير مدتهما واحدة وتتأخر الثانية عن الأولى بيوم كذا في البحر والنهر وعبر الشارح عن هذا بقوله وإلا تعددت أي وإن لم يقله تعددت الكفارة أخذا من قوله في الفتح لم يكن موليا لتداخل المدتين فتتأخر المدة الثانية عن الأولى بيوم واحد أو ساعة بحسب ما فصل بين اليمينين فالحاصل من اليمينين الحلف على شهرين ويوم أو ساعة على حسب الفاصل اه قلت وحاصله أنه لما قال لا أقربك شهرين ثم بعد يوم مثلا قال كذلك اتحدت المدتان لتعدد القسم كما مر لكن اليوم الفاصل بين اليمينين دخل في اليمين الأولى دون الثانية فلزم تكميل الشهرين في اليمين الثانية بزيادة يوم على الشهرين وهذا اليوم الزائد دخل في اليمين الثانية دون الأولى عكس اليوم الفاصل ولزم من هذا تداخل الحدتين ما عدا اليومين المذكورين لأنه لم يجتمع عليهما يمينان فلو قربها في أحدهما تلزمه كفارة واحدة بخلاف بقية المدة لدخولها تحت اليمينين فتتعدد فيها الكفارة هذا ما ظهر لي في هذا المقام قوله (إلا يوما) مثله الساعة ط عن الحموي قوله (لم يكن موليا للحال) لأنه استثنى يوما منكرا فيصدق على كل يوم من أيام السنة حقيقة فيمكنه قربانها قبل مضي أربعة أشهر من غير شئ يلزمه وصرفه إلى الأخير كما يقوله زفر إخراج له عن حقيقته وهي التنكير إلى التمكين بلا حاجة بخلاف قوله إلا نقصان يوم لأن النقصان لا يكون عرفا إلا من آخرها وبخلاف قوله أجرتك داري أو أجلت ديني سنة إلا يوما فإنه يراد به الأخير لحاجة تصحيح العقد وتأخير المطالبة وبخلاف قوله والله لا أكلم زيدا سنة إلا يوما لأن الحامل وهو المغايضة اقتضى عدم كلامه في الحال فتأخر والإيلاء قد يكون عن تراض كما مر وإن كان عن مغايظة لكن لزوم أحد المكروهين فيه لو تأخر عارض جهة المغايظة فتساقطا وعمل بمقتضى اللفظ وهو التنكير هذا حاصل ما في البحر والنهر قوله (بل إن قربها) أي في يوم ولم يقربها بعده قوله (وصار موليا) أي إذا غربت الشمس من ذلك اليوم لا بمجرد القربان بخلاف قوله سنة إلا مرة فإنه إذا قربها صار موليا من ساعته بحر قوله (وإلا لا) أي وإن لم يبق أربعة أشهر لا يصير موليا قوله (فيصير موليا) أي مؤبدا لأن ما بعد اليوم المستثنى لا غاية له فيجري عليه ما مر به حكم الإيلاء المؤبد ولو حذف قوله إلا يوما وتركها سنة صار موليا ووقع عليه طلقتان فقط كما في البحر عن الولوالجية وقدمنا عبارتها قوله (لم يكن موليا أبدا) سواء قربها أو لا بحر قوله (وهي بها) أي قال ذلك والحال أن زوجته بمكة قوله (فيطأها) أي في المدة من غير شئ يلزمه فإن كان لا يمكنه بأن كان بين الموضعين ثمانية أشهر صار موليا على ما في جوامع الفقه وأما على ما ذكره قاضيخان فالعبرة لأربعة أشهر والذي يظهر ضعفه لإمكان خروج
472 كل منهما إلى الآخر فيلتقيان في أقل من ذلك بحر وفيه أنه لم يتحقق الإيلاء على كل من القولين لأنه الحلف على ترك قربانها والحلف هنا على عدم الدخول وقد يجاب بأنه من كناية فلا يكون موليا به إلا بالنية ط قوله (لبقاء الزوجية) فيتناولها قوله تعالى * (للذين يؤلون من نسائهم) * (البقرة 226) واعترض بأن الإيلاء جزاء الظلم بمنع حقها والرجعية لا حق لها فيه لا قضاء ولا ديانة حتى استحب له مراجعتها بدون الجماع فلا يكون ظالما وأجاب شمس الأئمة الكردي بأن الحكم في المنصوص مضاف إلى النص لا إلى المعنى وتمامه في العناية قال في الفتح ألا ترى لا يثبت الإيلاء وأثرا سقطت حقها في الجماع لخوف الغيل على ولد أو غيره فعلم أن التعليل بالظلم باعتبار بناء الأحكام على الغالب قوله (ويبطل بمضي العدة) أي بمضيها قبل تمام مدته أما لو كانت من ذوات الإقراء وامتد طهرها بانت بمضي مدته نهر قوله (من مبانته) أي بثلاث أو ببائن نهر قوله (نكحها) أي الأجنبية بعده فلو مضي أربعة أشهر وهي في نكاحه ولم يقربها لم تبن وأما لو نكح المبانة (1) فنذكره قريبا عن الخانية قوله (ولم يضفه للملك) أما إذا أضافه بأن قال إن تزوجتك فوالله لا أقربك كان مواليا ط قوله (كما مر) في شرح قول المصنف وشرطه محلية المرأة ط قوله (لفوات محله) لأن شرط محلية المرأة بكونها منكوحة وقت تنجيز الإيلاء كما قدمه المصنف قوله (لبقاء اليمين) أي في حق وجوب الكفارة عند الحنث لأن انعقاد اليمين يعتمد التصور حسا لا شرعا ألا ترى أنها تنعقد على ما هو معصية فتح قوله (ولو آلى) أي من زوجته فأبانها بعده صح أشار به إلى بقاء النكاح بعده غير شرطه قوله (وإلا لا) أي وإن لم تمض المدة في العدة بل بعدها لا تبين وفي الخانية أيضا (2) إن تزوجها قبل انقضاء العدة كان الإيلاء على حاله حتى لو تمت أربعة أشهر من وقت الإيلاء بانت بأخرى وإن تزوجها بعد انقضاء العدة كان موليا وتعتبر مدته من وقت التزوج قوله (عجز عن وطئها) ظاهر صنيعه أن العجز حدث بعد الإيلاء مع أنه يشترط في العجز دوامه من وقت الإيلاء إلى مضي مدته كما يأتي التصريح به فالمراد به العجز القائم لا العارض ثم رأيت في الهندية عن الفتح هذا إذا كان عاجزا من وقت الإيلاء إلى مضي أربعة أشهر الخ ثم قال وإن كان الإيلاء معلقا بالشرط فإنه تعتبر الصحة والمرض في حق جواز الفئ باللسان حال وجود الشرط لا حالة التعليق اه قوله (عجزا حقيقيا) بأن لا يكون المانع عن الوطء شرعيا فإنه لو كان شرعيا يكون قادرا عليه حقيقة عاجزا عنه حكما كما في البدائع
(1) قوله: (واما لو نكح المبانة الخ) اي المبانة بعد الايلاء كما هو موضوع مسألة الخالية الآتية، وليس المراد انه آلى من المبانة ثم تزوجها، لان الحكم في هذه المسألة كالحكم في الأجنبية ا ه. (2) قوله: (وفي الخانية أيضا الخ) موضوع المسألة، ذكره الشارح بقوله ولو آلى فأبانها: اي آلى من زوجته فأبانها كما نبهنا عليه قريبا. 473 قوله (لا حكميا كإحرام) أي كما إذا آلى من امرأته وهي محرمة أو هو محرم وبينهما وبين الحج أربعة أشهر فإن فيأه لا يصح إلا بالفعل وإن كان عاصيا في فعله كذا في التاترخانية عن شرح الطحاوي وعلله في الفتح والبحر بأنه المتسبب باختياره بطريق محظور فيما لزمه فلا يستحق تخفيفا اه وقوله فيما لزمه أي من وقوع الطلاق وهو متعلق بالمتسبب والطريق المحظور هو الإيلاء فإنه فعله باختياره فكان متسببا فيما لزمه مع قدرته على الجماع حقيقة ظالما بمنع حقها وهو حق عبده فلا يسقط وإن عجز عنه حكما بسبب الإحرام ولا يكون عجزه الحكمي سببا للتخفيف بالفئ باللسان لأنه بمباشرته المحظور لم يستحق التخفيف وإنما استحقه في العجز الحقيقي لأنه لا تكليف بما لا يطاق فصار كالعاصي بسفره إذا عجز عن الماء يباح له التيمم هذا ما ظهر لي قوله (لكونه باختياره) أي لكون الإيلاء لا الإحرام كما ظهر لك مما قررناه ولا سيما في صور إحرام المرأة وهذا يؤيد ما قلنا من أن حيضها غير مانع من صحة الإيلاء لأن غايته أنه مانع شرعي وإلا لزم أن لا يصح في مسألة الإحرام كما قدمناه قوله (أو صغرها) أما صغره فهو مانع من صحة الإيلاء كما قدمناه قوله (أو رتقها) رتقت المرأة من باب تعب فهي رتقاء إذا انسد مدخل الذكر من فرجها ولا يستطاع جماعها مصباح قوله (أو جبة أو عنته) أي كونه مجبوبا أو عنينا قوله (أو بمسافة الخ) عطف على قوله لمرض قوله (في مدة الإيلاء) أي أربعة أشهر أو أكثر كما صرح به في الفتح وكافي الحاكم الشهيد وقال وإن كان أقل من أربعة أشهر لم يجز الفئ إلا بالجماع أي وإن منعه سلطان أو عدو ولأنه نادر على شرف الزوال كما في الفتح قوله (أو لحبسه الخ) قال في الفتح واختلف في الحبس فصحح الفئ باللسان بسببه في البدائع وفي شرح الطحاوي خلافه وهو جواب الرواية نص عليه الحاكم في الكافي ووفق في البدائع بحمل ما في الكافي وشرح الطحاوي على إمكان الوصول إلى السجن بأن الخطبة عليه فيجامعها والحبس بحق لا يعتبر في الفئ باللسان وبظلم يعتبر اه فما ذكره الشارح هو التوفيق المذكور وأفاد في الفتح بقوله والحبس بحق الخ أن هذا الخلاف والتوفيق إنما هو فيما إذا كان الحبس بظلم فلو بحق لا يعتبر أصلا لأنه قادر على الخروج منه بإيفاء الحق ويحتمل أن يكون إشارة إلى توفيق آخر وعليه مشى المقدسي قوله (فليراجع) قال ح راجعناه فرأينا منقولا في الفتاوي الهندية عن غاية السروجي قلت ولقد أبعد في النجعة (1) فإنه مذكور في الفتح كما سمعته قوله (وكذا حبسها) أي سواء كان بحق أو بظلم لأن العذر إذا لم يكن منه لم يقدر على رفعه رحمتي قوله (ونشوزها) قال في البحر ودخل تحت العجز أن تكون ممتنعة منه أو كانت في مكان لا يعرفه وهي ناشزة أو حال القاضي بينهما لشهادة الطلاق الثلاث للتزكية قوله (ففيؤه الخ) أي المبطل للإيلاء في حق الطلاق أما في حق بقاء اليمين باعتبار الحنث فلا حتى لو وطئها بعد الفئ باللسان في مدة الإيلاء لزمه كفارة لتحقق الحنث بحر لأن اليمين لا تنحل إلا بالحنث
(1) النجعة: اسم من الانتجاع، وهو طلب الكلام، ومنه أبعد في النجعة، كذا في المغرب ا ه منه. 474 والحنث إنما يحصل بفعل المحلوف عليه والقول ليس محلوفا عليه فلا تنحل اليمين بدائع قوله (بلسانه) قيد به لأن المريض لوفاء بقلبه لا بلسانه لا يعتبر بحر عن الخانية وقيل يعتبر إن صدقته والأول أوجه فتح قوله (ونحوه) كرجعتك وارتجعتك فقول المصنف نحو قوله الخ لبيان أن لفظ فئت غير قيد وقول الشارح هنا ونحوه لبيان أنه لم يستوف ألفاظه لأن المراد يدل على الفئ فافهم قوله (فإن قدر على الجماع الخ) شمل ما إذا كان قادرا وقت الإيلاء ثم عجز بشرط أن يمضي زمن يقدر على وطئها بعد الإيلاء وما إذا كان عاجزا وقته ثم قدر في المدة وقيد بكونه في المدة لأنه لو قدر عليه بعدها لا يبطل بحر قوله (لأنه الأصل) أي واللسان خلفه وإذا قدر على الأصل قبل حصول المقصود بالبدل بطل كالمتيمم إذا رأى الماء في صلاته بحر قوله (فإن وطئ في غيره) كذا إذا وطئها حال الحيض أو قبلها بشهوة أو لمسها أو نظر إلى فرجها بشهوة كما في الهندية ط قلت لكن الذي في الهندية خلاف ما نقله عنها في مسألة الحيض ونصها المريض المولى إذا جامع فيما دون الفرج لا يكون ذلك فيئا منه وإن قربها في حالة الحيض يكون فيئا كذا في الظهيرية اه ويؤيده ما قدمناه عن التاترخانية من صحة الفئ بالوطء حال الإحرام فإن المانع الشرعي موجود في كل منهما فافهم قوله (ومفاده الخ) أي مفاد قوله قدر على الجماع الخ أنه يشترط لصحة الفئ باللسان دوام العجز قلت ومفاد هذا الشرط أنه لو زال العجز بطل الفئ باللسان وأن وجد في المدة عجز غيره لما في جامع الفصولين في الطلاق المريض إذا آلى مريض ثم مرضت امرأته قبل برئه ثم برئ وبقيت مريضة إلى مضي المدة فإن فيئه بجماع عندنا وعند زفر بلسانه لنا أنه اختلف سبب الرخصة إذا كلا المريضين يوجب جواز الفئ بلسانه واختلاف أسباب الرخصة يمنع الاحتساب بالرخصة الأولى على الثانية وتصير الأولى كأن لم تكن كمسافر تيمم لعدم الماء ثم مرض مرضا يبيح له التيمم بانفراده كذا هنا مرض المرأة يبيح الفئ بلسانه فلا يبني حكمه على مرض الزوج اه ح وقد لخص الشارح هذه العبارة في باب التيمم لكن في الفتح والبدائع ولو آلى إيلاء مؤبدا وهو مريض وبانت بمضي المدة ثم صح وتزوجها هو مريض ففاء بلسانه لم يصح عندهما وصح عند أبي يوسف وهو الأصح على ما قالوا لأن الإيلاء وجد منه وهو مريض وعاد حكمه وهو مريض وفي زمان الصحة هي مبانة لا حق لها في الوطء فلا يعود حكم الإيلاء فيه ولهما أنه إذا صح في المدة الثانية فقد قدر على الجماع حقيقة فسقط اعتبار الفئ باللسان في تلك المدة وإن كان لا يقدر على جماعها إلا بمعصية كما مر فيما إذا كان محرما اه فهنا اختلف سبب الرخصة ولم يعتبر على قول أبي يوسف فتأمل ولعل الجواب أن احتلاف أسباب الرخصة إنما يمنع الاحتساب بالرخصة الأولى إذا اجتمع السببان في وقت واحد فإنه حينئذ يعتبر الأول ويلغو الثاني فإذا زال الأول لم يعتبر الثاني بعد الحكم بإلغائه بخلاف ما إذا وجد الثاني
475 بعد زوال الأول فإن الثاني يعمل عمله لعدم ما يلغيه كما في المسألة الثانية ويدل على ذلك أنهم لم يعللوا قول الإمامين باختلاف أسباب الرخصة كما سمعت فاغتنم هذا التحرير فإنه مفرد قوله (وبه صرح في الملتقى) قلت وكذا في البدائع قوله (وفي الحاوي الخ) من فروع الشرط المذكور كما في البدائع قوله (ثم مرض) أي بعد مضي مدة من صحته يقدر فيها على الجماع فإن كان لا يقدر لقصرها ففيؤه بالقول لأنه ليس بمفرط في ترك الجماع فكان معذورا بدائع قوله (وبقي شرط ثالث) أي زائد على ما مر من اشتراط العجز واشتراط دوامه قوله (وهو قيام النكاح) بأن تكون زوجته غير بائنة منه قوله (بقي الإيلاء) فإن تزوجها ومضت المدة تبين منه لأن الفئ بالقول حال قيام النكاح إنما يرفع الإيلاء في حق الطلاق لحصول إيفاء حقها به ولا حق لها حال البينونة بخلاف الفئ بالجماع فإنه يصح بعد ثبوت البينونة حتى لا يبقى الإيلاء بل يبطل لأنه حنث بالوطء فانحلت اليمين وبطلت ولم يوجد الحنث وها هنا لا تنحل اليمين ولا يرتفع الإيلاء بدائع في قوله أنت علي حرام قوله (قال لامرأته أنت علي حرام إيلاء إن نوى التحريم الخ) أقول هكذا عبارة المتون هنا وعبارتها في كتاب الأيمان كل حل علي حرام فهو على الطعام والشراب والفتوى على أنه تبين امرأته من غير نية وذكر في الهداية هناك أنه ينصرف إلى الطعام والشراب للعرف فإنه يستعمل فيما يتناول عادة فيحنث إذا أكل وشرب ولا يتناول المرأة إلا بالنية وإذا نواها كان الإيلاء ولا يطلق اليمين عن المأكول والمشروب وهذا كله جواب ظاهر الرواية ثم ذكر المشايخ المتأخرين أنه تبين امرأته بلا نية وحاصله أن ظاهر الرواية انصرافه للطعام والشراب عرفا وإذا نوى تحريم المرأة لا يختص بها بل يصير شاملا لها وللطعام والشراب وبه ظهر أن ما هنا من التفصيل بين نية تحريم المرأة أو الظهار أو الكذب أو الطلاق خاص بما إذا لم يكن اللفظ عاما بخلاف ما إذا كان عاما مثل كل حل أو حلال الله أو حلال المسلمين فإنه ينصرف للطعام والشراب بلا نية للعرف وللمرأة أيضا إن نواها والفتوى على قول المتأخرين بانصرافه إلى الطلاق البائن عاما كان أو خاصا فاغتنم هذا التحرير قوله (ونحو ذلك) أي من الألفاظ الخاصة كما علمت قوله (إيلاء الخ) أي مطلق في معنى المؤبد وقد مر حكمه قال في الدر فإن هذا اللفظ مجمل فكان بيانه إلى المجمل فإن قال أردت به التحريم أو لم أرد به شيئا كان يمينا ويصير به موليا لأن تحريم الحلال يمين قوله (وظهار إن نواه) لأن في الظهار حرمة فإذا نواه صح لأنه محتملة درر قوله (وهدر) بالتحريك أي باطل قوله (إن نوى الكذب) لأنه نوى حقيقة كلامه إذ حقيقته وصفها بالحرمة وهي موصوفة بالحل فكان كذبا
476 وأورد لو كان حقيقة كلامه لانصراف إليه بلا نية مع أنه بلا نية ينصرف إلى اليمين والجواب أن هذه حقيقة أولى فلا تنال إلا بالنية واليمين الحقيقة الثانية بواسطة الاشتهار بحر عن الفتح وحاصله أن الأولى حقيقة لغوية والثانية عرفية قوله (وأما قضاء فإيلاء) أي لا يصدق في القضاء أنه أراد الكذب لأن تحريم الحلال يمين بالنص هذا قول شمس الأئمة السرخسي قال في الفتح وهذا هو الصواب على ما عليه العمل والفتوى كما سنذكر والأول قول الحلواني وهو ظاهر الرواية لكن الفتوى على العرف الحادث اه وحاصله أن فيه عرفين عرف أصلي وهو كونه بمعنى الإيلاء وعرف حادث وهو إرادة الطلاق وما قاله شمس الأئمة من أنه لا يصدق في القضاء بل يكون إيلاء مبني على العرف الأصلي والفتوى على العرف الحادث لأن كلام كل عاقد وحالف ونحوه يحمل على عرفه وإن خالف ظاهر الرواية كما قالوا من أن الحاكم أو المفتي ليس له أن يحكم أو يفتي بظاهر الرواية ويترك العرف فكذا الصواب ما قاله شمس الأئمة من أنه لا يصدق قضاء ولكن حمله على الإيلاء ليس هو الصواب في زماننا بل الصواب في حمله على الطلاق لأنه العرف الحادث المفتى به فقوله في الفتح وهذا هو الصواب على ما عليه العمل والفتوى احتراز عن إرادة (1) اليمين أي الإيلاء الذي هو العرف الأصلي وبهذا التقرير سقط ما في البحر والنهر من أن فيه نظرا لأن العمل والفتوى إنما هو في انصرافه إلى الطلاق من غير نية لا في كونه يمينا اه قوله (إن نوى الطلاق) أي أو دلت عليه الحال نهر أي بأن كان في حال مذاكرة الطلاق أما في حالة الرضا أو الغضب فلا بد من النية لأنه مما يصلح سبا كما مر في الكنايات فافهم وشمل نية الطلاق ما إذا نوى واحدة أو ثنتين في الحرة وما إذا طلقها واحدة ثم قال أنت علي حرام ناويا ثنتين فإنه وإن تم به الثلاث لم يقع بالحرام إلا واحدة كما في البحر وسيأتي في الفروع آخر الباب خلافا لما يوهمه كلام الفتح من أنه لا يقع به شئ كما سنذكره قوله (وثلاث إن نواها) لأن هذا اللفظ من الكنايات على ما مر وفيها تصح نية الثلاث نهر ولا تصح نية الثنتين لأنهما عدد محض كما مر إلا إذا كانت أمة قوله (وإن لم ينوه) هذا في القضاء وأما في الديانة فلا يقع ما لو ينو وعدم نية الطلاق صادق بعدم نية شئ أصلا وبنية الظهار أو الإيلاء فإنه لا يصدق قضاء كما صرح به الزيلعي حيث قال وعن هذا لو نوى غيره لا يصدق قضاء ح قلت الظاهر أنه إذا لم ينو شيئا أصلا يقع ديانة أيضا قال في البحر وذكر الإمام ظهير الدين لا نقول لا تشترط النية لكن يجعل عرفا اه وفي الفتح فصار كما إذا تلفظ بطلاقها لا يصدق في القضاء بل فيما بينه وبين الله تعالى اه فهذا ظاهر فيما قلنا فافهم قوله (لغلبة
(1) قوله: (احتراز عن إرادة الخ) لعل هذا سبق قلم، وأصل العبارة احتراز عن تصديقه في نية الكذب كما يدل عليه سياق الكلام. وقد أبقى شيخنا العبارة على حالها، وأفاد ان قول المحشي احتراز عن إرادة اليمين الخ معناه انه احتراز عن قول السرخسي: وحمل مرجع الضمير في قول الكمال، وهذا هو الصواب على قول ذكره أولا ولم يذكره والمحشي هنا. قال: ويدل عليه الكمال: على ما عليه العمل والفتوى، فان ما عليه العمل والفتوى انما هو الحكم بالطلاق لا الايلاء ا ه فتأمل. 477 العرف) إشارة إلى ما في البحر حيث قال فإن قلت إذا وقع الطلاق بلا نية ينبغي أن يكون كالصريح فيكون الواقع به رجعيا قلت المتعارف به إيقاع البائن كذا في البزازية اه أقول وفي هذا الجواب نظر فإنه يقتضي أنه لو لم يتعارف به إيقاع البائن يقع به الرجعي كما في زماننا فإنه المتعارف الآن استعمال الحرام في الطلاق ولا يميزون بين الرجعي والبائن فضلا عن أن يكون عرفهم فيه البائن وعلى هذا فالتعليل بغلبة العرف لوقوع الطلاق به بلا نية وأما كونه بائنا فلأنه مقتضى لفظ الحرام لأن الرجعي لا يحرم الزوجة ما دامت في العدة وإنما يصح وصفها بالحرام بالبائن وهذا حاصل ما بسطناه في الكنايات فافهم تنبيه قال الخير الرملي في حاشية المنح في كتاب الأيمان أقول أكثر عوام بلادنا لا يقصدون بقولهم أنت محرمة علي أو حرام علي أو حرمتك علي إلا حرمة الوطء المقابل لحمله ولذلك أكثرهم يضرب مدة لتحريمها ولا يريد قطعا إلا تحريم الجماع إلى هذه المدة ولا شك أنه يمين موجب للإيلاء تأمل فقل من حقق هذه المسألة على وجهها وانظر إلى قولهم لا نقول لا تشترط النية لكن يجعل ناويا عرفا فهو صريح في اعتبار العرف فإن لم يكن العرف كذلك بل كان مشتركا تعين اعتبار النية وتصديق الحالف كما هو مذهب المتقدمين اه وفي أيمان الفتح وقال البزدوي في مبسوطه لم يتضح لي عرف الناس في هذا أي في كل حل علي حرام لأن من لا امرأة به يحلف به كما يحلف ذو الحليلة ولو كان العرف مستفيضا في ذلك لما استعمله إلا ذو الحليلة فالصحيح أن نقول إن نوى الطلاق يكون طلاقا فأما من غير دلالة فالاحتياط أن يقف الإنسان فيه ولا يخالف المتقدمين واعلم أن مثل هذا اللفظ لم يتعارف في ديارنا بل المتعارف فيه حرام علي كلامك ونحوه كأكل كذا ولبسه دون الصيغة فضالة وتعارفوا أيضا الحرام يلزمني ولا شك في أنهم يريدون الطلاق معلقا فأنهم يزيدون بعده لا أفعل كذا فهي طلاق ويجب إمضاؤه عليهم والحاصل أن المعتبر في انصراف هذه الألفاظ عربية أو فارسية إلى معنى بلا نية التعارف فيه فإن لم يتعارف سئل عن نيته وفيما ينصرف بلا نية لو قال أردت غيره يصدق ديانة لا قضاء اه ما في الفتح وتبعه في البحر قلت والمتعارف في ديارنا إرادة الطلاق بقولهم علي الحرام لا أفعل كذا دون غيره من الألفاظ المذكورة قوله (ولذا لا يحلف به إلا الرجال) أي حيث يقال إن فعلت كذا فكل حلال عليه حرام قوله (ولو لم تكن له امرأة) قال في البزازية وفي المواضع التي يقع الطلاق بلفظ الحرام إن لم تكن له امرأة إن حنث لزمته الكفارة والنسفي على أنه لا تلزمه اه ومثله في البحر قلت وفي الظهيرية ما يفيد التوفيق فإنه قال وإن حلف بهذا اللفظ أنه ما كان فعل كذا وقد كان فعل ولم تكن له امرأة لا يلزمه شئ لأنه جعل يمينا بالطلاق ولو جعلناه يمينا بالله تعالى فهو غموس وإن حلف على أمر في المستقبل ففعل وليس له امرأة كان عليه الكفارة لأن تحريم الحلال يمين اه فيحمل كلام النسفي على الحلف على غير المستقبل وبما قررناه ظهر لك أن ما في أيمان النهاية عن النوازل إن لم تكن له امرأة تلزمه الكفارة معناه إذا حلف على أنه لا يفعل كذا في المستقبل وحنث بفعله لا كما حمله عليه في البحر هناك
478 من أن معناه إذا أكل أو شرب وقال لانصرافه عند عدم الزوجة إلى الطعام والشراب اه لأن انصرافه إلى ذلك قبل تغير العرف بإرادة الطلاق من لفظ الحرام أما بعده فيصير يمينا عند عدم الزوجة كما سمعت من كلامهم ويأتي قريبا مثله قوله (أو حلفت به المرأة) قال في البحر قيد بالزوج لأن الزوجة لو قالت لزوجها أنا عليك حرام أو حرمتك صار يمينا حتى لو جامعها طائعة أو مكرهة تحنث اه وقوله طائعة أو مكرهة أولى من قول الفتح فلو مكنته حنثت وكفرت قوله (كما لو ماتت الخ) نص عبارة البزازية وإذا كان له امرأة وقت الحلف وماتت قبل الشرط أو بانت لا إلى عدة ثم باشر الشرط الصحيح أنه لا تطلق امرأته المتزوجة وعليه الفتوى لأن حلفه صار حلفا بالله تعالى وقت الوجود فلا ينقلب طلاقا اه وهكذا نقل العبارة في البحر عن البزازية ولا يخفى أن التعليل لا يناسب ما قبله وفي العبارة سقط يدل عليه ما نقله عن الخانية ونصه وإن كان له امرأة وقت اليمين فماتت قبل الشرط أو بانت لا إلى عدة ثم باشر الشرط لا تلزمه كفارة اليمين لأن يمينه انصرفت إلى الطلاق وقت وجودها وإن لم تكن له امرأة وقت اليمين فتزوج امرأة ثم باشر الشرط اختلفوا فيه قال الفقيه أبو جعفر تبين المتزوجة وقال غيره لا تطلق وعليه الفتوى لأن يمينه جعلت يمينا بالله تعالى وقت وجودها فلا تصير طلاقا بعد ذلك اه قلت ومثله في أيمان البحر عن الظهيرية فقد سقط من عبارة البزازية قوله ثم باشر الشرط إلى قوله ثانيا ثم باشر الشرط قوله (ومثله) أي مثل أنت علي حرام والأولى ذكر هذه الجملة عند أول المسألة كما فعل في النهر قوله (والحرام يلزمني) هذا ذكره في الفتح كما قدمناه ومثله علي الحرام كما مر قوله (أو لم يقل علي) رد على صاحب خزانة الأكمل حيث اشترط كما أوضحه في البحر عن القنية وقدمناه في الكنايات عن البحر أنه إذا أضاف الحرمة أو البينونة إليها كأنت بائن أو حرام وقع من غير إضافة إليه وإن أضاف إلى نفسه كأنا حرام أو بائن لا يقع من غير إضافة إليها وإن خيرها فأجابت بالحرمة أو البينونة فلا بد من الجمع بين الإضافتين أنت حرام علي أو أنا حرام عليك أنت بائن مني أو أنا بائن منك اه قوله (أو حرمت نفسي عليك) في هذا يشترط أن يقول عليك نهر لأنه أضاف الحرمة إلى نفسه قال في البزازية حتى لو قال حرمت نفسي ولم يقل عليك ونوى الطلاق لا يقع قوله (أو أنت علي كالحمار الخ) قال في البزازية وإن قال أنت علي كالحمار والخنزير أو ما كان محرم العين فهو كقوله أنت علي حرام وإن لم ينو هل يكون يمينا فقد اختلفوا فيه اه ومقتضاه أنه لو لم ينو الطلاق لا يكون طلاقا لعدم العرف بخلاف أنت علي حرام فإن العرف فيه قام مقام النية كما مر فافهم قوله ( والمسألة بحالها) سيأتي عن النهر بيانه قوله (كما مر في الصريح) أي في باب طلاق غير المدخول بها أنه لو طلق بالصريح كقوله امرأتي طالق وله أربع مثلا يقع على واحدة منهن بلا
479 حكاية خلاف وقدمنا بسطه هناك قوله (ذكره الزيلعي) الضمير عائد إلى المذكور متنا وشرحا من قوله ولو كان له الخ قوله (وقال دابة) عبارته وفي الفتاوي لو قال لامرأته أنت علي حرام أو حلال الله علي حرام فهذا على ثلاثة أوجه إلى أن قال وإن كان له أربع طلقات كل واحدة طلقة وعلى فتوى الأوزجندي والإمام مسعود الكشاني أنكر واحدة وإليه البيان قال في الذخيرة والخلاصة هو الأشبه وعندي أن الأشبه ما في الفتاوي لأن قوله حلال الله أو حلال المسلمين يعم كل زوجة فإذا كان فيه عرف في الطلاق يكون بمنزلة قوله هن طوالق لأن حلال الله يشملهن على سبيل الاستغراق لا على سبيل البدل كما في قوله إحداكن طالق اه وأنت خبير بأن تعليله صريح في أن محل الخلاف والترجيح هو اللفظ العام لا الخاص كأنت علي حرام وإن كان مذكورا في عبارة الفتاوي إذ لا يخفى على أحد أنه لا يدخل فيه سوى المخاطبة فليس النزاع فيه كما يأتي عن النهر ويدل على ذلك أيضا أنه في الذخيرة قد حكى الخلاف المذكور في حلال المسلمين علي حرام كذا في البزازية وقوله (لكن في النهر الخ) استدراك على ما مر من قول الزيلعي والمسألة بحالها فإنه يوهم أن المراد المسألة المذكورة قبله في الكنز وهي أنت علي حرام مع أن هذا لا يمكن جريان الخلاف فيه فيجب كون المراد الإتيان بلفظ حرام لكن لا بالخطاب مع واحدة كما وقع في المتن بل على وجه عام كحلال الله أو حلال المسلمين علي حرام فإن هذا هو محل النزاع كما علمته من عبارة دابة قوله (قلت الخ) بيان لقول النهر لا بقيد أنت علي حرام الخ وحاصله أنه ليس مراد الزيلعي اللفظ الخاص بل العام كما قلنا قوله (وبه يحصل التوفيق) أي بما ذكره في النهر وذلك بحمل القول بأنه يقع على كل واحدة منهم طلقة على ما إذا كان اللفظ عاما والقول بأنه تطلق واحدة منهن فقط على ما إذا كان اللفظ خاصا هذا هو المتبادر من كلام الشارح ولا يخفى ما فيه فإن الزيلعي قد ذكر الخلاف وقد حملنا كلامه على أن مراده ما إذا كان اللفظ عاما فيكون الخلاف فيه وهو صريح كلام الفتح والذخيرة والبزازية كما علمت وأيضا كيف يصح في أنت علي حرام أن يقال يقع على واحدة من الأربع وإليه البيان بل لا يقع إلا على المخاطبة فقط وأما ما ذكره الشارح في باب طلاق غير المدخول بها من حمله كلام الزيلعي على نحو امرأتي علي حرام وتفرقته بينه وبين امرأتي طالق حيث جعل الخلاف المذكور جاريا في الأول دون الثاني وعزاه هناك إلى المصنف فقد ذكرنا هناك أنه مخالف لكلام المصنف فإن المصنف حمل كلام الزيلعي على حلال المسلمين وحققنا هناك عدم الفرق بين قوله امرأتي حرام وامرأتي طالق وأنه في كل منهما يقع على واحدة وإليه البيان لأن لفظ امرأتي عمومه بدلي يصدق على واحدة منهن لا بعينها بخلاف حلال المسلمين فإن عمومه استغراقي يعم الكل دفعة واحدة وإذا كان لا خلاف في
480 قوله امرأتي طالق في أنه لا يقع إلا على واحدة يقال مثله في امرأتي حرام وكون أحدهما صريحا والآخر كناية لا يوجب الفرق ومن ادعاه فعليه البيان والحاصل أنه لا خلاف في إن أنت عليه حرام يخص المخاطبة وفي أن كل حل عليه حرام يعم الأربع لصريح أداة العموم الاستغراقي وفي امرأته حرام أو طالق يقع على واحدة غير معينة وأنما الخلاف في نحو حلال الله أو حلال المسلمين فقيل يقع على واحدة غير معينة نظرا إلى صورة أفراده والأشبه أنه يعم الكل وقدمنا هناك تمام الكلام على ذلك فافهم واغنم هذا التقرير الفريد وانزع عنك قلادة التقليد قوله (أنكر واحدة) كذا في الذخيرة والبزازية ووجهه أنه عبارة عن تكرير هذا اللفظ ألف مرة وهو لو كرره لا يقع إلا الأول لأن البائن لا يلحق البائن بخلاف ما مر معي طلاق غير المدخول بها من أنه يقع الثلاث فيما لو قال للمدخول بها أنت طالق مرارا أو ألوفا لأنه صريح والصريح إذا تكرر الصريح يلحق الصريح ولذا قيد بالمدخول بها لبقاء العدة كما أوضحناه هناك فافهم قوله (ناويا ثنتين) أو بقوله أنت علي حرام وقوله أنكر واحدة الثنتين عدد محض ولفظ حرام لا يحتمله إلا أن تكون أمة لأنه في حقها الفرد الاعتباري وفي قوله أنكر واحدة رد على ما في الفتح من قوله لم يقع شئ فإنه سبق قلم والواقع في عباراتهم لم تصح نيته بخلاف ما إذا نوى الثلاث فإنه يصح وتقع ثنتان تكملة للثلاث كما في الخانية وغيرها أفاده في البحر وأجاب في النهر بأن قوله لم يقع شئ أي بنيته وإن وقع بلفظه تأمل وفيه رد أيضا على ما في الجوهرة من أنه يقع ثنتان إذا نواهما مع الأولى كما قدمه الشارح في أول باب الصريح وقدمنا الكلام عليه هناك قوله (وبالثاني يمينا) أي إيلاء (1) وقوله (صح) أي ما نوى لأن فيه تشديدا على نفسه لأنه لو نوى به طلاقا أو أطلق وانصرف إلى الطلاق كما هو المفتى به ولم يقع به شئ لأنه بائن والبائن لا يلحق مثله كما مر فافهم قوله (وقع الثلاث) لأن البائن يلحق البائن إذا كان معلقا لأنه حينئذ لا يصلح جعله خبرا عن الأول كما مر في بابه قوله (وتمامه في البزازية) وعبارته قال لامرأتيه أنتما علي حرام ونوى الثلاث في إحداهما والواحدة في الأخرى صحت نيته عند الإمام وعليه الفتوى ولو قال نويت الطلاق في إحداهما واليمين في الأخرى عند الثاني يقع الطلاق عليهما وعندهما كما نوى قال لثلاث أنتن علي حرام ونوى الثلاث في الواحدة واليمين في الثانية والكذب في الثالثة طلقن ثلاثا وقيل هذا على قول الثاني وعلى قولهما ينبغي أن يكون على ما نوى اه قوله (حنث بوطء كل) يعني يكون إيلاء من كل واحدة منهما وهذا على غير المفتى
(1) قوله: (اي ايلاء الخ) فيه ان شرط صحة الايلاء قيام الزوجية حقيقة وقد زالت بالبينونة، تأمل ذلك. 481 به وعلى المفتى به يقع على كل واحدة منهما طلقة بائنة اه ح أي لأنه في العرف طلاق قوله (والفرق لا يخفى) الفرق هو أن هتك حرمة اسم الله تعالى لا تتحقق إلا بوطئها وفي قوله أنتما علي حرام صار إيلاء باعتبار معنى التحريم وهو موجود في كل منهما كذا في الفتح عن المحيط ومثله في البحر وغيره وقال ح الفرق هو أن في قوله أنتما علي حرام حرمهما على نفسه وتحريمهما تحريم لكل منهما وفي قوله لا أقربكما منع نفسه من قربانها جميعا فلا يحنث إلا بوطئهما وقد صرح بهذا الفرق صاحب النهر في كتاب الأيمان عند قوله من حرم ملكه لم يحرم حيث فرق بين أكل هذا الرغيف علي حرام وبين لا آكل هذا الرغيف بأن بتحريمه الرغيف على نفسه حرم أجزاءه أيضا وفي الثاني إنما منع نفسه من أكل الرغيف كله فلا يحنث بالبعض اه قلت لكن ذكر في البحر هناك عن الخانية قال مشايخنا الصحيح أنه لا يحنث بأكل لقمة لأن قوله هذا الرغيف علي حرام بمنزلة قوله والله لآكل هذا الرغيف اه أي لأن تحريم الحلال يمين لكن مقتضى ما مر عن الفتح أنه يفرق بين الحلف باسمه تعالى وبين غيره مما ألحق به تأمل قوله (إن نوى التكرار) أي التأكيد اتحدا أي يكون إيلاء واحدا ويمينا واحدة حتى لو لم يقربها في المدة طلقت طلقة واحدة وإن قربها فيها لزمه كفارة واحدة قوله (وإلا) أي وإن لم ينو شيئا أو أراد التشديد والتغليظ وهو الابتداء دون التكرار كذا في الفتح قوله (فالإيلاء واحد الخ) والقياس أن يكون الإيلاء ثلاثا أيضا وهو قول محمد حتى إذا مضت أربعة أشهر ولم يقربها تبين بطلقة ثم عقبيها تبين بأخرى ثم بأخرى إلا أن تكون غير مدخول بها فلا يقع واحدة وفي الاستحسان وهو قولهما الإيلاء واحد فلا يقع إلا واحد لأن المدة لما كانت متحدة كان المنع متحدا فلا يتكرر الإيلاء ويجب بالقربان ثلاث كفارات إجماعا لأن الشرط الواحد يكفي لأيمان كثيرة كما في الفتح والله سبحانه أعلم الخلع أخره عن الإيلاء لأن الإيلاء لتجرده عن المال كان أقرب إلى الطلاق بخلاف الخلع فإن معنى المعاوضة من جانب المرأة ولأن مبنى الإيلاء نشوز من قبله والخلع نشوز من قبلها غالبا فقدم ما بالرجل على ما بالمرأة عناية قوله (هو لغة الإزالة الخ) يقال خلعت النعل وغيره خلعا نزعته وخالعت المرأة زوجها مخالعة إذا افتدت منه فخلعها هو خلعا والاسم الخلع بالضم هو استعارة من خلع اللباس لأن كل واحد منهما لباس للآخر فإذا فعلا ذلك فكأن كل واحد نزع لباسه عنه بحر عن المصباح قوله (واستعمل الخ) ظاهره أنه خاص بالضم في ذلك وهو اسم المصدر وهو خلاف ما مر عن المصباح وأنه يطلق لغوي ونظيره ما مر في الطلاق أن الطلاق والإطلاق رفع القيد مطلقا لكنه خص الطلاق لغة برفع قيد النكاح واستعمل في غيره
482 الإطلاق قوله (وفي غيره) الأنسب وفي غيرها ط قوله (إزالة ملك النكاح) شمل ما لو خالع المطلقة رجعيا بمال فإنه يصح ويجب المال بحر وسيأتي قوله) (فإنه لغو) لأن النكاح الفاسد لا يفيد ملك المتعة وبالبينونة والردة حصلت الإزالة قبله فلم يكن في الخلع إزالة قال في البحر فلا يسقط المهر ويبقى له بعد الخلع ولاية الجبر على النكاح في الردة كما في البزازية اه قلت وظاهر إطلاقه أنه لا يسقط المهر في النكاح الفاسد ولو بعد الوطء لكن في جامع الفصولين نكحها فاسدا فوطئها فاختلعت بالمهر قيل يسقط إذ الخلع يجعل كناية عن الإبراء لأن الخلع وضع لهذا وقيل لا يسقط لأن الخلع لغا لأنه إنما يصح في النكاح القائم اه وفي البحر أيضا ولو خالعها بمال ثم خالعها في العدة لم يصح كما في القنية لكن يحتاج إلى الفرق ما إذا خالعها بعد الخلع حيث لم يصح وبين ما إذا طلقها بمال بعد الخلع حيث يقع ولا يجب المال قد ذكرناه آخر الكنايات اه قلت قدمنا الفرق هناك وهو أن الخلع بائن وهو لا يلحق مثله والطلاق بمال صريح فيلحق الخلع وأنما لم يجب المال هنا لأن المال إنما يلزمه إذا كانت تملك به نفسها ولذا يقع به البائن وإذا طلقها بمال بعد الخلع لم يفد الطلاق ملكها نفسها لحصوله بالخلع قبله ولذا لزم المال فيما لو طلقها بمال ثم خلعها وقدمنا تمام الكلام على ذلك هناك قوله (المتوقفة) بالرفع صفة لإزالة وقوله على قبولها أي المرأة قال في البحر ولا بد من القبول منها حيث كان على مال أو كان بلفظ خالعتك أو اختلعي اه وفي التاترخانية قال لامرأته إذا دخلت الدار فقد خالعتك على ألف فدخلت الدار يقع الطلاق بألف يريد به إذا قبلت عند الدخول اه ومفاده عدم صحة القبول قبل الشرط كما نذكره قوله (خرج ما لو قال خلعتك الخ) أي ولم يذكر المال لأنه متى كان على مال لزم قبولها كما ذكرناه آنفا وقيد بقوله ناويا بناء على ظاهر الرواية لأنه كناية فلا بد له من النية أو دلالة الحال لكن سيأتي أنه لغلبة الاستعمال صار كالصريح قوله (غير مسقط للحقوق) أي المتعلقة بالزوجية وسيأتي بيانها قوله (بخلاف خالعتك الخ) كان الأولى أن يقول بخلاف ما إذا ذكر المال أو قال خلعتك الخ أفاد أن التعريف خاص بالخلع المسقط للحقوق فقوله لها خالعتك بلا ذكر مال لا يسمى خلعا شرعا بل هو طلاق بائن غير متوقف على قبولها بخلاف ما إذا ذكر معه المال أو كان بلفظ المفاعلة أو الأمر فإنه لا بد من قبولها كما مر معاوضة من جانبها كما يأتي والظاهر أن خالعتك بلفظ المفاعلة إنما يتوقف على القبول شرط لسقوط المهر لا لوقوع الطلاق به إذ لا يظهر فرق في الوقوع بين خالعتك وخلعتك وسيأتي ما يؤيده تأمل وفي حكمه الطلاق على مال فلا بد من القبول وإن لم يسم خلعا وبه ظهر أنه لا فرق عند ذكر المال بين خلعتك خالعتك وأنه ليس كل ما توقف على قبولها يسمى خلعا ولا كل ما كان بلفظ الخلع يتوقف على القبول ويسقط الحقوق تنبيه في التاترخانية وغيرها مطلق لفظ الخلع أمرهم على الطلاق بعوض حتى لو قال لغيره اخلع امرأتي فخلعها بلا عوض لا يصح قوله (أو اختلعي الخ) إذا قال لها اخلعي نفسك فهو
483 على أربعة أوجه إما أن يقول بكذا فخلعت يصح وإن لم يقل الزوج بعده أجزت أو قبلت على المختار وإما أن يقول بمال لم يقدره أو بما شئت فقالت خلعت نفسي بكذا ففي ظاهر الرواية لا يتم الخلع ما لم يقبل بعده وإما أن يقول اخلعي ولم يزد عليه فخلعت فعند أبي يوسف لم يكن خلعا وعن محمد تطلق بلا بدل وبه أخذ كثير من المشايخ والرابع أن يقول بلا مال فخلعت يتم بقولها وتمامه في جامع الفصولين ومثله في الخانية ولا يخفى أن ما ذكره الشارح هو الوجه الثالث وقد ذكر في الخانية الخلاف المار وذكر أن قول محمد أخذ به أكثر المشايخ فما فيها خلاف ما عزاه إليها نعم ذكر في الخانية قال خالعتك فقبلت برئ عما عليه من المهر فإن لم يكن عليه مهر ردت ما ساق إليها كذا ذكر الحاكم الشهيد وبه أخذ ابن الفضل وهذا يؤيد ما ذكرنا عن أبي يوسف أن الخلع لا يكون إلا بعوض اه لكن فيه كلام سنذكره قوله (بلفظ الخلع) متعلق بإزالة قوله (فإنه غير مسقط) أي للمهر على المعتمد كما سيذكره المصنف نعم يسقط النفقة ولو مفروضة كما سيأتي قوله (كما سيجئ) في قول المصنف ويسقط الخلع والمبارأة الخ قوله (فإنه كذلك) أي خلع مسقط للحقوق بحر قال في العمادية وذكر في الملتقط لو قال بعت منك نفسك ولم يذكر مالا فقالت اشتريت يقع الطلاق على ما قبضت من المهر وترده إليه وإن لم تقبض سقط ما في ذمة الزوج اه قوله (خلافا ل للخانية) حيث قال إن الصحيح أن الخلع بلفظ البيع والشراء لا يوجب البراءة عن المهر ألا بذكره وفيه كلام سنذكره قوله (وأفاد التعريف الخ) لأن الرجعي لا يزيل الملك قوله (ولا بأس به) أي ولو في حالة الحيض فلا يكره بالإجماع لأنه لا يمكن تحصيل العوض إلا به بحر أول كتاب الطلاق وقدمه الشارح هناك قوله (للشقاق) أي لوجود الشقاق وهو الاختلاف والتخاصم وفي القهستاني عن شرح الطحاوي السنة إذا وقع بين الزوجين اختلاف أن يجتمع أهلهما ليصلحوا بينهما فإن لم يصطلحا جاز الطلاق والخلع اه ط وهذا هو الحكم المذكور في الآية وقد أوضح الكلام عليه في الفتح آخر الباب قوله (بما يصلح للمهر) هذا التركيب يوهم اشتراط البدل في الخلع لأن الظاهر تعلقه بإزالة مع أنك علمت أنه لو قال خالعتك أنه لو قال خالعتك فقبلت تم الخلع بلا ذكر بدل وبهذا اعترض في البحر على الفتح حيث ذكر في التعريف قوله ببدل ثم قال إلا أن يقال مهرها الذي سقط به بدل فلم يعر عن البدل اه والأولى تعتبر الكنز وغيره بقوله وما صلح مهرا صلح بحل الخلع فإن معناه أنه إذا ذكر في الخلع بحل يصلح جعله مهرا فإنه يصح وسيأتي أنه إذا بطل العوض فيه تطلق بائنا مجانا قوله (بغير عكس كلي) فلا يصح أن يقال ما لا يصلح مهرا لا يصلح بدل الخلع لأن بعض ما لا مهرا يصلح بدل خلع كما مثل فالكلية كاذبة نعم يصدق عكسها موجبة جزئية كبعض ما يصلح بدل خلع يصلح مهرا قوله (وجوز العيني انعكاسها) أي كلية تبعا لقوله في غاية البيان إنه مطرد
484 منعكس كليا لأن الغرض من طرد الكلي أن يكون مالا متقوما ليس فيه جهالة مستتمة وما دون العشرة بهذه المثابة ومن عكس الكلي أن لا يكون مالا متقوما أو أم يكون فيه جهالة مستتمة وما دون العشرة مال متقوم ليس فيه جهالة فلا يرد السؤال لا على الطرد الكلي ولا على عكسه اه قال في النهر لا يخفى أن الصلاحية لمطلقة هي الكاملة وكون مطلق المال المتقوم خاليا عن الكمية يصلح مهرا ممنوع فلذا منع المحققون انعكاسها كلية قوله (وشرطه كالطلاق) وهو أهلية الزوج وكون المرأة محلا للطلاق منجزا أو معلقا على الملك وأما ركنه فهو كما في البدائع إذا كان بعوض الإيجاب والقبول لأنه عقد على الطلاق بعوض فلا أنكر الفرقة ولا يستحق العوض بدون القبول بخلاف ما إذا قال خالعتك ولم يذكر العوض ونوى الطلاق فإنه يقع وإن لم تقبل لأنه طلاق بلا عوض فلا يفتقر إلى القبول اه ونحوه في الشرنبلالية آخر الباب عن الخانية وظاهره أن خالعتك مثل خلعتك في أنه بلا ذكر مال لا يتوقف على القبول وهو خلاف ظاهر ما مر إلا أن يقال لفظ المفاعلة على القبول شرطا لكونه مسقطا للحقوق بخلاف خلعتك فإنه لا يسقط ولو مع القبول تأمل وفي الخانية قال خالعتك فقبلت يقع البائن وكذا إن لم تقبل لأن الطلاق يقع بقوله خالعتك وفيها أيضا قال خالعتك على كذا وسمي مالا معلوما لا يقع الطلاق ما لم تقبل كما لو قال طلقتك على ألف اه أي لأنه معلق على القبول وأما إذا لم يذكر المال فلا يكون معلقا على القبول معنى فيقع الطلاق وإن لم تقبل تأمل قوله (لأنه تعليق الطلاق بقبول المال) كذا صرح به في البدائع ولذا قال في الخانية ولو قال خالعتك على كذا وسمى مالا معلوما لا يقع الطلاق ما لم تقبل كما لو قال طلقتك على ألف درهم لا يقع ما لم تقبل اه ويتفرع على هذا ما سيأتي آخر الباب في أول الفروع كما سنوضحه فافهم قوله (فلا يصح رجوعه الخ) أي لو ابتدأ الزوج الخلع فقال خالعتك على ألف درهم لا يملك الرجوع عنه وكذا لا يملك فسخه ولا نهى المرأة عن القبول وله أن يعلقه بشرط ويضيفه إلى وقت مثل إذ قدم زيد فقد خالعتك على كذا أو خالعتك على كذا غدا أو رأس الشهر والقبول إليها بعد قدوم زيد ومجئ الوقت لأنه تطليق عند وجود الشرط والوقت فكان قبولها قبل ذلك لغوا بدائع قوله (ولا يقتصر على المجلس) فلا يبطل بقيامه عنه قبل قبولها بدائع قوله (ويقتصر قبولها الخ) فيه أن هذا من فروع كونه معاوضة من جانبها فكان الأولى تأخيره بحال البدائع ولا يشترط حضور المرأة بل يتوقف على ما وراء المجلس حتى لو كانت غائبة فبلغها فلها القبول لكن في مجلسها لأنه في جانبها معاوضة قوله (وفي جانبها معاوضة عطف) على قوله يمين في جانبه أي لأن المرأة لا تملك الطلاق بل هو ملكه وقد علقه بالشرط والطلاق يحتمله ولا يحتمل الرجوع ولا شرط الخيار بل يبطل الشرط دونه ولا يتقيد بالمجلس وأما في جانبها فإنه معاوضة المال لأنه تمليك المال بعوض فيراعى فيه أحكام معاوضة المال كالبيع ونحوه كما في البدائع قوله (فصح رجوعها) أي إذا كان الابتداء منها بأن
485 قالت اختلعت نفسي منك بكذا فلها أن ترجع عنه قبل قبول الزوج ويبطل بقيامها عن المجلس وبقيامه أيضا ولا يتوقف على ما وراء المجلس بأن كان الزوج غائبا حتى لو بلغه وقبل لم يصح ولا يصح تعليقه ولا إضافته بدائع قوله (وصح شرط الخيار لها) بأن قال خالعتك على كذا على أنك بالخيار ثلاثة أيام فقبلت جاز الشرط عنده حتى ولو اختارت في المدة وقع الطلاق ووجب المال وإن ردت لا يقع ولا يجب وعندهما شرط بالخيار باطل والطلاق واقع والمال السري بدائع قال في البحر قيد بخيار الشرط لأن خيار الرؤية لا يثبت في الخلع ولا في كل عقد لا يحتمل الفسخ كما في الفصول وأما خيار عقب في بدل الخلع فثابت في عقب الفاحش وهو ما يخرجه من الجودة إلى الوساطة ومنها إلى الرداءة دون اليسير قوله (ولو أكثر من ثلاثة أيام) أي بخلاف البيع لأن اشتراطه في البيع على خلاف القياس لأنه من التمليكات وتمامه في البحر عن الكشف وإذا أطلقا أي عن ذكر المدة ينبغي أن يكون لها الخيار في مجلسها فقط استنباطا مما إذا أطلقا في البيع بحر وفيه نظر لأنه إن أراد ذكر الخيار المطلق ففيه أن ثبوته في البيع مقيد بما بعد العقد أما عند العقد فيفسد البيع كما في النهر وحينئذ فإن ذكره بعد قوله الخلع لا يفيد لأنه لا يحتمل الفسخ بعد تمامه خلاف البيع وإن ذكره قبل القبول لم يصح قياسه على البيع لأنه لا يثبت فيه اللهم إلا أن يقال لا يثبت فيه لأنه يفسد بالشروط الفاسدة بخلاف الخلع لكن لو ثبت في البيع لثبت مقتصرا على المجلس كما لو ثبت فيه بعد العقد فكذلك في الخلع لا يتجاوز المجلس تأمل قوله (ويقتصر على المجلس) الضمير راجع للخلع فيبطل بقيامها عن المجلس وبقيامها أيضا كما مر قوله (يشترط الخ) فلو لقنها اختلعت منك بالمهر ونفقة العدة بالعربية وهي لا تعلم معناه أو لقنها أبرأتك من نفقة العدة الأصح أنه لا يصح لأن التفويض كالتوكيل لا يتم إلا بعلم الوكيل والإبراء عن نفقة العدة والمهر وإن كان إسقاطا لكنه إسقاط يحتمل الفسخ فصار فيه شبهة البيع والبيع وكل المعاوضات لا بد فيها من العلم وهذه الصورة كثيرا ما أنكر فتح قلت والظاهر أن المراد يصح الخلع ولا يلزم البدل لأن جهلها بمعناه عذر في عدم سقوط حقها ولا يلزم منه عدم طلاقها إذا قبل فتأمل هذا وعامة نساء زماننا لا يعرفون موجب الخلع أنه مسقط للحقوق فإذا طلبت منه أن يخلعها فقال خالعتك ورضيت فهل يسقط مهرها بمجرد ذلك أم لا لم أر من صرح به ومقتضى ما ذكروه في سقوط خيار البلوغ أنها لا تعذر بالجهل وسيأتي في الشركة أن المفاوضة لا تصح إلا بلفظ المفاوضة وإن لم يعرفا معناها فتأمل قوله (يصح مع الجهل) أي قضاء فقط كما قدمه في باب الطلاق رحمتي قوله (وطرف العبد الخ) أي جانبه قال في النقاية وشرحها للقهستاني والعبد والأمة في العتق بمنزلتها أي المرأة في الخلع فالمولى بمنزلته حتى إذا قال العبد للمولى اشتريت نفسي منك بكذا كان له الرجوع قبل دخول المولى له إذا قال المولى بعت نفسك منك بكذا ليس له الرجوع وقس عليه شرط الخيار والاقتصار على المجلس اه ط وحاصله أن العتق بمال معاوضة من جانب العبد كالخلع في جانب المرأة فيعتبر من جانبه
486 احكام المعاوضات بخلاف جانب المولى فإنه بمنزلة الزوج فتنعكس فيه تلك الأحكام قوله (كطرفها في الطلاق) أي في الخلع لأن الكلام فيه وأطلقه عليه لأنه طلاق بالكناية تأمل لخلع خمسة قوله (والخلع يكون الخ) في الجوهرة ألفاظ الخلع خمسة خالعتك باينتك بارأتك فارقتك طلقي نفسك على ألف اه ويزاد عليه ما ذكره المصنف من لفظ البيع والشراء قوله (كبعت نفسك) تقدم عن الصغرى تصحيح أنه مسقط للحقوق قوله (أو طلاقك) في البحر ولو قال بعت منك طلاقك بمهرك فقالت طلقت نفسي بانت منه بمهرها بمنزلة قولها اشتريت وقيل يقع رجعيا والأول أصح ولو قال بعت منك تطليقك فقال اشتريت يقع رجعيا مجانا لأنه صريح اه وقيد الثانية في الخانية بما إذا لم يذكر البدل ثم قال ولو قال بعت نفسك منك فقالت اشتريت يقع طلاق بائن لأن بيع الطلاق تمليك الطلاق فإذ لم يذكر البدل يصير كأنه قال طلقتك فيكون رجعيا أما بيع نفسها تمليك النفس من المرأة وملك النفس لا يحصل إلا بالبائن فيكون بائنا اه فأفاد أن بعت منك تطليقة بكذا يقع به البائن أيضا قوله (أو طلقتك على كذا) هذا مبني على أن الطلاق على مال مسقط للمهر وهو خلاف المعتمد كما سيأتي ح أي لما مر أن المراد الخلع المسقط للحقوق والطلاق على مال ليس منه قوله (إن الواقع به) أي بالخلع ولو بلفظ البيع والمبارأة بحر قوله (ولو بلا مال) هذا إذا كان بلفظ الخلع أو بلفظ بيع النفس بخلاف بيع الطلاق أو الطلقة بلا ذكر بدل فإنه يقع به الرجعي كما علمته آنفا قوله (ولو بالطلاق الخ) في بعض النسخ وبالطلاق بإسقاط لو وهو الأولى لما علمت من أن الطلاق على مال خارج عن الخلع المسقط للحقوق لكن لما كان المراد بيان وقوع البائن به صح إطلاق الخلع عليه وإنما ذكر الصريح نصا على المتوهم إذ الكناية كذلك كما أفاده ط وأراد بالمال ما يشمل الإبراء منه حتى لو قالت أبرأتك عما لي عليك على طلاقي ففعل برئ وبانت بخلاف طلقني على أن أؤخر مالكا عليك فإن التأخير ليس بمال وصح التأخير لو له غاية معلومة وإلا فلا والطلاق رجعي مطلقا بحر عن البزازية أبرأته من حق يكون للنساء على الرجال وفي الفتح آخر الباب قال أبرئيني من كل حق يكون للنساء على الرجال ففعلت فقال في فوره طلقتك وهي مدخول بها يقع بائنا لأنه بعوض وإذا اختلعت بكل حق لها عليه فلها النفقة ما دامت في العدة لأنها لم يكن لها حق حال الخلع فقد ظهر أن تسمية كل حقه لها عليه وكل حق يكون للنساء صحيحة وينصرف إلى القائم لها إذ ذاك اه قلت نعم لو قالت من كل حق للنساء على الرجال قبل الخلع وبعده فإن النفقة تسقط كما في البزازية وسيأتي تمامه وسيأتي أيضا ما لو خالعها على البراءة من نفقة الولد قوله (وثمرته) أي ثمرة تقييد الطلاق على مال دون الخلع تظهر فيما لو بطل البدل كما سيجئ أنه لو طلقها بخمر أو خنزير أو ميتة وقع بائن في الخلع رجعي في الطلاق مجانا فيهما لبطلان البدل وإذا بطل
487 بقي الخلع والواقع به بائن ولفظ الطلاق والواقع به رجعي لأنه صريح فلو لم يكن ذكر المال شرطا في وقوع البائن بالطلاق دون الخلع لم تظهر ثمرة للتقييد به لكن الاقتصار في بيان الثمرة على بطلان البدل محل نظر فإن مثله ما لو لم يذكر البدل أصلا تأمل وأما كون الخلع يسقط الحقوق والطلاق على مال لا يسقطها فليس ثمرة التقييد بالمال كما لا يخفى فافهم قوله (والخلع من الكنايات) لأنه يحتمل الانخلاع عن اللباس أو الخيرات أو عن النكاح عناية ومثله المبارأة قوله (فيعتبر فيه ما يعتبر فيها) ويقع به تطليقة بائنة إلا إن نوى ثلاثا فتكون ثلاثا وإن نوى ثنتين كانت واحد بائنة كما في الحاكم قوله (من قرائن الطلاق) كمذاكرة الطلاق وسؤالها له وفي الدر المنتقى وتسمية المال وإن لم يكن متقوما من القرائن اه ط قوله (لو قضى بكونه فسخا) أي كما هو قول الحنابلة إنه لا يقع به طلاق بل هو فسخ لا ينقص العدد بشرط عدم نية الطلاق بحر معنى لمجتهد فيه قوله (نفذ لأنه مجتهد فيه) أي موضع اجتهاد صحيح بمعنى أنه يسوغ فيه الاجتهاد لأنه لم يخالف كتابا ولا سنة مشهورة ولا إجماعا إذ لو خالف شيئا من ذلك في أجرة المجتهد لم يكن مجتهدا فيه حتى لو حكم به حاكم يراه لا ينفذ كما قرر في محله ويأتي في أول الباب الآتي عن الفتح ما يوضحه ولا يخفى أن المراد بقوله نفذ هو ما لو حكم به حنبلي في مسألتنا بخلاف الحنفي فإنه وإن صح حكمه بغير مذهبه على أحد القولين لكنه في زماننا لا يصح اتفاقا لتقييد السلطان قضاءه بالحكم بالصحيح من مذهبنا فلا ينفذ حكمه بالضعيف فضلا عن مذهب الغير فافهم قوله (لم يصدق قضاء) أي بل ديانة لأن الله تعالى عالم بسره لكن لا يسع المرأة أن تقيم معه لأنها كالقاضي لا تعرف منه إلا الظاهر بحر عن المبسوط قوله (في الصور الأربع) أي فيما لو كان بلفظ الخلع أو البيع والشراء أو الطلاق المبارأة قوله (بخلاف لفظ بيع وطلاق) لأنهما صريحان تارترخانية لكن صراحة البيع مثل بعت نفسك أو طلاقك بمعنى أن دلالته عليه قطعية لا تتخلف عنه لأن البيع فيه زوال ملك اليمين فيلزم منه قطعا زوال ملك المتعة كما أفاده المصنف في المنح تأمل وأما صراحة الطلاق فظاهرة وإن كان لا يكون حكمه حكم الخلع إلا عند ذكر المال لأن الكلام في أنه يقع به الطلاق أي الرجعي إذا لم يكن بمال ولا يصدق في أنه لم يرد به الطلاق لكونه صريحا فافهم قوله (وفيه إشارة إلى اشتراط النية) أي اشتراطها للوقوع بها ديانة وكذا قضاء إذا لم تكن قرينة من ذكر مال ونحوه كما هو الحكم في سائر الكنايات قوله (هاهنا) أي في لفظ الخلع
488 وفي البحر عن البزازية فلو كانت المبارأة أيضا كذلك أي غلب استعمالها في الطلاق لم تحتج إلى النية وإن كانت من الكنايات وإلا تبقى النية مشروطة فيها وفي سائر الكنايات على الأصل اه وفيه إشارة إلى أن المبارأة لم يغلب استعمالها في الطلاق عرفا بخلاف الخلع فإنه مشتهر بين الخاص والعام فافهم قوله (وكره تحريما أخذ شئ) أي قليلا أو كثيرا والحق أن الأخذ إذا كان النشوز منه حرام قطعا لقوله تعالى * (فلا تأخذوا منه شيئا) * (النساء 20) إلا أنه إن أخذ ملكه بسبب خبيث وتمامه في الفتح لكن نقل في البحر عن الدر المنثور للسيوطي أخرج ابن جرير (1) عن ابن زيد في الآية قال ثم رخص بعده فقال * (فإن خفتم أن لا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما إفتدت به) * (البقرة 229) قال فنسخت هذه تلك اه وهو يقتضي حل الأخذ مطلقا إذا رضيت اه أي سواء كان النشوز منه أو منها أو منهما لكن فيه أنه ذكر في البحر أولا عن الفتح أن الآية الأولى فيما إذا كان النشوز منه فقط والثانية فيما إذا لم يكن منه فلا تعارض بينهما وأنهما لو تعارضتا فحرمة الأخذ بلا حق ثابت بالإجماع وبقوله تعالى * (ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا) * (البقرة 231) وإمساكها لا لرغبة بل إضرارا لأخذ ما لها في مقابلة خلاصها منه مخالف للدليل القطعي فافهم قوله (ويلحق به) أي بالأخذ قوله (إن نشز) في المصباح نشزت المرأة من زوجها نشوزا من باب قعد وضرب عصته ونشز الرجل من امرأته نشوزا بالوجهين تركها وجفاها وأصله الارتفاع اه ملخصا قوله (ولو منه نشوز أيضا) لأن قوله تعالى * (فلا جناح عليهما فيما افتدت به) * يدل على الإباحة إذا كان النشوز من الجانبين بعبارة النص وإذا كان من جانبها فقط بدلالته بالأولى قوله (وبه يحصل التوفيق) أي بين ما رجحه في الفتح من نفي كراهة أخذ الأكثر وهو رواية الجامع الصغير وبين ما رجحه الشمني من إثباتها وهو رواية الأصل فيحمل الأول على نفي التحريمية والثاني على إثبات التنزيهية وهذا التوفيق مصرح به في الفتح فإنه ذكر أن المسألة مختلفة بين الصحابة ذكر النصوص من الجانبين ثم حقق ثم قال وعلى هذا يظهر كون رواية الجامع أوجه نعم يكون أخذ الزيادة خلاف الأولى والمنع أمرهم على الأولى اه ومشى عليه في البحر أيضا قوله (عليه) أي على الخلع منح أي على أن تقول له خالعني وفي البحر على القبول أي إذا كان هو المبتدئ بقوله خالعتك فافهم قوله (تطلق) أي بائنا إن كان بلفظ الخلع ورجعيا إن كان بلفظ الطلاق على مال كما مر ويأتي قوله (شرط للزوم المال) أي عليها وهو البدل المذكور في الخلع وقوله وسقوطه أي عن الزوج وهو المهر الذي عليه قوله (أو استحق) أي ادعاه آخر وأثبت أنه له ومثله ما في الفتح عن كافي الحاكم لو
(1) قوله: (ابن أبي جرير) هكذا بالأصل المقابل على خطه، ولعل الصواب اسقاط لفظ أبي كما هو مشهور ا ه مصححه. 489 كان عبدا حلال الدم مولاه عنده رجع عليها بقيمته وكذا لو وجب قطع يده فقطع عنده رده وأخذ قيمته اه قوله (مما ليس بمال) كالدم والحر قوله (وقع) أي إن قبلت بحر قوله (بائن في الخلع) لأنه من الكنايات الدالة على قطع الوصلة فكان الواقع بائنا بخلاف لفظ اعتدى وأخويه كما مر في بابه بخلاف الطلاق فإنه صريح لا يقتضي البينونة أيضا قوله (مجانا فيهما) أي في الصورتين والمجان كشداد عطية الشئ بلا بدل قال في الفتح أي بلا شئ يجب للزوج لأن ملك النكاح في الخروج غير متقوم ولذا لا يلزم شئ في الطلاق اه وأوجب زفر عليها رد المهر كما في المحيط بحر وأما لو كان المهر في ذمته فإنه يسقط لما مر من أن خالعتك مسقط للحقوق وإن لم يكن بعوض تأمل قوله (كما مر) أي في قوله وثمرته فيما لو بطل البدل وقدمنا بيانه قوله (ولو سمت حلالا الخ) قال في الفتح وفي كتب المالكية لو خلعها على حلال وحرام كخمر ومال صح ولا يجب له إلا المال قيل وهو قياس قول أصحابنا وهو صحيح اه قوله (رجع بالمهر) أي إن أخذته وإلا سقط عنه وهذا عند الإمام وعندهما يجب مثله من خل وسط لأنه صار مغرورا من جهتها بتسمية المال اه ح قوله (أي الحسية) قيد به لئلا يتكرر مع قوله الآتي والبيت والصندوق الخ مما هو في يدها الحكمية فافهم قوله (ولا شئ في يدها) ما لو كان فيها شئ ولو قليلا فهو له بحر قوله (لعدم التسمية) علة لما فهم من التشبيه وهو وقوع البائن مجانا أي لعدم تسمية شئ تصير به غارة له بحر لأن ما في يدها قد يكون متقوما وقد يكون غيره فكان راضيا بذلك فتح قوله (وكذا عكسه) بأن قال لها خالعتك على ما في يدي ولا شئ فيها بحر وهذا مفهوم بالأولى قوله (لكن الخ) لما كان عدم لزوم شئ في المسألة الأولى لعدم التغرير منها صار مظنة أن يتوهم هنا أنه لا يستحق الجوهرة لتغريره لها فاستدرك على ذلك بأنها له لأن المرأة أضرت بنفسها حيث قبلت الخلع قبل أن تعلم ما في يده فهذا الاستدراك في محله فافهم قوله (وإن زادت) أي على قولها خالعني على ما في يدي أي ولا شئ في يدها قوله (ردت عليه في الأولى مهرها) أي في قولها من مال ومثله من متاع أو من مال المهر وقد أوفاه لها أو على ما في بطن جاريتي أو غنمي من حمل لأنها لما سمت مالا لم يكن الزوج راضيا بالزوال إلا بالعوض ولا وجه إلى إيجاب المسمى أو قيمته للجهالة ولا إلى قيمة البضع حنث مهر المثل لأنه غير متقوم حالة الخروج فتعين إيجاب ما قام عن الزوج من المسمى أو مهر المثل نهر قوله (وإلا) أي وإن لم تكن قبضته برئ منه ولا شئ عليها وكذا لا شئ عليها لو كان قد أبرأته منه بحر قوله (أو ثلاثة دراهم في الثانية) أي في قولهم من دراهم معرفا أو منكرا لأنها ذكرت الجمع وأقصاه لا غاية له وأدناه ثلاثة فوجبت ولو قالت على ما في هذا المكان من الشياه
490 والخيل والبغال والحمير أو الثياب لزمها ثلاثة أيضا كذا في الدراية قاله في البحر وفي الثياب نظر للجهالة وأقول ينبغي إيجاب الوسط في الكل وبه يندفع ما قال نهر قلت وفيه نظر لأن الثياب مجهول الجنس مثل الدابة والعبد بخلاف البغل والحمار ولذا لو تزوجها على ثوب أو عبد وجب مهر المثل ولو على فرس أو ثوب هروي وجب الوسط وعليه فينبغي في الثياب المطلقة رد المهر كما في الأولى ثم رأيت في كافي الحاكم الشهيد ما نصه وإن اختلعت منه على موصوف من المكيل والموزون والثياب فهو جائز وإن اختلعت منه بثوب غير منسوب إلى نوع أو على دار كذلك فله المهر الذي أعطاها وكذلك الدابة اه قوله (ولو في يدها أقل الخ) ولو كان أكثر من ثلاثة فله ذلك درر عن النهاية قوله (لم أره) قال في النهر ولو سمت دراهم فإذا في يدها دنانير لا يجب له غير الدراهم ولم أره اه ح قلت وينبغي في عرفنا لزوم الدنانير لأن الدراهم تطلق عرفا على ما يشملهما والحاصل أنها إذا اختلعت على شئ غير المهر فهو على أوجه الأول أن يكون ذلك المسمى غير متقوم كالخمر والميتة فيقع مجانا الثاني أن يحتمل كونه مالا أو غيره ما في بيتها أو يدها في شئ فإن الشئ يشمل المال وغيره وكذا ما في بطن شاتها أو جاريتها فإن ما في البطن قد يكون ريحا فإن وجد المسمى فهو له وإلا وقع مجانا الثالث أن يكون مالا سيوجد ما تثمر نخيلها أو تلد غنمها العام أو ما تكتسب العام فعليها رد ما قبضت من المهر سواء وجد ذلك أو لا الرابع أن يكون مالا لكنه لا يوقف على قدر مثل ما في بيتها أو يدها من المتاع أو ما في نخيلها من الثمار أو ما في بطون غنمها من الولد فإن وجد منه شئ فهو له وإلا ردت ما قبضت من المهر الخامس أن يكون مالا له مقدار معلوم مثل ما في يدها من دراهم فإن أقله ثلاث فكان مقداره ومعلوما له الثلاثة أو الأكثر السادس إذا سمت مالا وأشارت إلى غير مال كهذا الخل فإذا هو خمر فإن علم بأنه خمر فلا شئ له وإلا رجع بالمهر هذا حاصل ما في الذخيرة قوله (إذا لم تلد لأقل المدة) أي مدة الحمل وهذا قيد لعدم وجوب شئ أما لو ولدت لأقلها فهو له لتحقق الجوزي والأولى ذكر هذا بعد قوله وبطن الغنم لأن الظاهر اعتبار أقل مدته أيضا فائدة في إقرار الجوهرة أقل مدة حمل الدواب سوى الشاة ستة أشهر وأقل مدة حمل الشاة أربعة أشهر قوله (وقيده في الخلاصة وغيرها) كان المناسب ذكر هذا عقب قوله ردت مهرها أو ثلاثة دراهم كما فعل في البحر ليعلم أن مرجح الضمير هو الرد المذكور بحال الخلاصة هكذا وفي الفتاوي رجل خلع امرأته بمالها عليه من المهر ظنا منه أن لها عليه بقية المهر ثم تذكر أنه لم يبق لها عليه شئ من المهر وقع الطلاق عليها بمهرها فيجب عليها
491 أن ترد المهر إن قبضته أما إذا علم أن لا مهر لها عليه بأن وهبت صح الخلع ولا ترد على الزوج شيئا كما إذا خالعها على ما في هذا البيت من المتاع بعدم أنه لا متاع في هذا البيت اه وكذا على ما في يدها من المال بعدم أنه ليس في يدها شئ كما في المجتبى قوله (على براءتها من ضمانه) معناه أنها إن وجدته سلمته وإلا فلا شئ عليها وأما لو شرطت البراءة من شئ في البدل صح الشرط بحر قوله (لم تبرأ) لأنه عقد معاوضة فيقتضي سلامة العوض بحر قوله (لأنه) تعليل لما استفيد من المقام أن الخلع صحيح فيصح الخلع ويبطل الشرط الفاسد ومنه لو خالعها على أن يمسك الولد عنده أو على أن يكون صداقها لولدها أو لأجنبي بخلاف الشرط الملائم كما لو اختلعت بشرط الصك أو بشرط أن يرد إليها أقمشتها فقبل لا تحرم ويشترط كتب الصك ورد الأقمشة في المجلس كما سيأتي في الفروع وتمامه في البحر قوله (طلقني ثلاثا بألف) أما لو قالت واحدة بألف فطلقها ثلاثا فإن قال بألف وقبلت وقعن وأن لم تقبل لا يقع شئ وإن لم يذكر المال طلقت عنده ثلاثا بلا شئ وعندهما واحدة بألف وثنتان بلا شئ كما لو فرقها وقال أنت طالق واحدة وواحدة وواحدة عند الكل كما في البحر عن الخانية قوله (فطلقها واحدة) مثلها ثنتان شلبي ولو طلقها ثلاثا كان له جميع الألف سواء كانت بلفظ واحد أو متفرقة في مجلس واحد بحر ط قوله (بثلثه) لأن الباء تصحب الأعواض وهو ينقسم على المعوض بحر قوله (إن طلقها في مجلسه) فلو قام فطلقها لم يجب شئ نهر ووجهه أنه معاوضة من جانبها فيشترط في قبوله المجلس كما في قبول البيع رحمتي ولو بدأ هو فقال خالعتك على ألف اعتبر مجلسها دونه فلو ذهب ثم قبلت في مجلسها ذلك صح بحر عن الجوهرة قوله (لو كان طلقها ثنتين) أي قبل قولها له طلقني الخ ثم طلقها واحدة بعد قولها ذلك فله كل الألف لحصول المقصود ولذا قال في الخلاصة قالت طلقني أربعا بألف فطلقها فهي بالألف ولو طلقها واحدة فبثلث الألف وتمامه في البحر قوله (لأن على للشرط) والمشروط لا يتوزع على أجزاء الشرط ولو طلقها ثلاثا متفرقة في مجلس واحد لزمها الألف لأن الأولى والثانية أنكر عنده رجعية فأيقاع الثالثة وهي منكوحة فله الألف وإن في ثلاثة مجالس فعندهما له ثلث الألف وعنده لا شئ له بحر عن المحيط تستعمل على في لاستعلاء وللزوم تنبيه قيل إن على للاستعلاء مجاز للشرط والحق أنها حقيقة الاستعلاء إن اتصلت بالأجسام المحسوسة كقمت على السطح وفي غيرها حقيقة في معنى اللزوم الصادق على شرط المحض نحو * (يبايعنك على أن لا يشركن) * (الممتحنة 12) وأنت طالق على أن تدخلي الدار
492 وعلى المعاوضة الشرعية المحضة كبعني هذا على ألف والعرفية كافعل هذا على أن أشفع لك عند زيد وما نحن فيه مما يصح فيه كل من معني اللزوم لأن الطلاق مما يتعلق على الشرط المحض والاعتياض وذكر المال لا يرجح الثاني فإن المال يصح جعله شرطا محضا حتى لا تنقسم أجزاؤه على أجزاء مقابله كما يصح جعله عوضا منقسما فلا يجب المال بالشك وعلى هذا يكون لفظ على مشتركا بين الاستعلاء واللزوم لقيام دليل الحقيقة فيهما وهو التبادر بمجرد الإطلاق وكون المجاز خيرا من الاشتراك هو عند التردد وقول أهل العربية إنها للاستعلاء أمرهم على هذا فإن أهل الاجتهاد هم أهل العربية وتمام تحقيقه في الفتح وذكر في البحر إنه ذكر في التحرير ترجيح العوضية بذكر المال لأنها الأصل قوله (فببعضها أولى) فيه بحث لأنها قد يكون لها غرض في الثلاث حسما لمادة الرجوع إليه لشدة بغضه فتخاف من أن يحملها على المعاودة إليه فلا يتم إلا بالثلاث مقدسي وقد يقال إن هذا لا ينظر إليه بعض حصول المقصود بملكها نفسها على أن إمكان المعاودة حاصل بالحل على التحليل فافهم قوله (وقبلت في مجلسها) فلو بعده لم يلزمها المال لأنه مبادلة من جانبها كما مر وهذا إذا لم يكن معلقا ولا مضافا وإلا اعتبر القبول بعد وجود الشرط والوقت كما قدمناه عن البدائع ومثله في البحر قوله (كما مر) أي في قول المصنف أكرهها عليه تطلق بلا مال قوله (ولا سفيهة ولا مريضة) فلو سفيهة لم يلزم المال ولو مريضة اعتبره من الثلث كما يأتي بيانه قوله (لأنه تعويض) بالعين المهملة لا بالفاء كما يوجد في بعض النسخ وهذا راجع لقوله بألف وقوله أو تعليق راجع لقوله على ألف قال الزيلعي ولا بد من قبولها لأنه عقد معاوضة أو تعليق بشرط فلا تنعقد المعاوضة بدون القبول ولا ينزل المعلق بدون الشرط إذ لا ولاية لأحدهما في إلزام صاحبه بدون رضاه والطلاق بائن لأنها ما التزمت المال إلا لتسلم لها نفسها وذلك بالبينونة اه قوله (طلقتا بغير شئ) لأنه علق طلاقها على قبولهما وقد وجد ولم يعلم ما يلزم كل واحدة منهما فإن لكل أن تقول لا يلزمني إلا الدراهم وينبغي أن يلزم لو رضي منهما بالدراهم وإذا طلقتا بلا شئ كان رجعيا (1) لأنه بلفظ الصريح رحمتي وما قيل من أنه ينبغي أن يلزمهما رد مهرهما فهو مما لا ينبغي فإن الطلاق الصريح ولو على مال غير مسقط للمهر على المعتمد كما يأتي متنا فافهم قوله (وإن لم يقبلا) مبالغة على قوله طلقت وعتق لأنه عند القبول تطلق ويعتق بالأولى لأنه متفق عليه فالمبالغة إشارة إلى رد قولهما ولا يصح جعل المبالغة لقوله
(1) قوله: (كان رجعيا الخ) قال شيخنا: فيه ان هذا طلاق بمال، وانما سقط المال للجهالة فيكون بائنا، الا ترى إلى قوله ينبغي انه يلزم لو رضي منهما بالدرهم فإنه حينئذ يكون الواقع بائنا جزما ا ه. 493 مجانا لأن المناسب له أن يقول وإن قبلا كما لا يخفى قوله (جملة تامة) أي فلا ترتبط بما قبلها لا بدلالة الحال إذ الأصل في الجملة الاستقلال ولا دلالة هنا لأن الطلاق والعتاق ينفكان عن المال بخلاف البيع والإجارة فإنهما لا يوجدان بدونه درر تنبيه اتفقوا على أنها للحال في أد إلي ألفا وأن حر لتعذر عطف الخبر على الإنشاء وعلى أنها بمعنى باء المعاوضة في احمل هذا ولك درهم لأن المعاوضة في الإجارة أصلية وعلى تعين العطف في قول المضارب خذ هذا المال واعمل به في البز للإنشائية فلا تتقيد المضاربة به وعلى احتمال الأمرين في أنت طالق وأنت مريضة أو مصلية إذ لا مانع ولا معين فيتنجز الطلاق قضاء ويتعلق ديانة إن نواه وتمامه في البحر قوله (وأشار بأن الواو للحال) فكأنه قال أنت طالق في حال وجوب الألف لي عليك ولا يتحقق ذلك إلا بالقبول وبه يلزم المال نهر قوله (وكذا لو قال لعبده كذلك) أي كذا الحكم لو قال لعبده أعتقتك أمس على ألف فلم تقبل أو بعتك أمس نفسك منك بألف فلم تقبل بحر قوله (يمين من جانبه) فهو عقد تام فلا يكون الإقرار به إقرار بقبول المرأة بخلاف البيع فإنه بلا قبول ليس ببيع بحر قوله (أخذ بينتها) على أنها قبلت لأن الأصل أن من كان القول له لا يحتاج إلى بينة لأنها لإثبات خلاف الظاهر والظاهر لمن كان القول له وهو هنا الزوج المنكر وجود شرط الحنث وهو القبول وخلاف الظاهر قول المرأة فتقدم بينتها عند التعارض لأنها أكثر إثباتا لأنها تثبت الطلاق وأما ما قيل من أن بينتها قامت على الإثبات وبينته على النفي فلم تقبل ففيه أن البينة على النفي في شرط الحنث مقبولة كما مر في التعليق فافهم قوله (يقع الطلاق بأقراره) أي الطلاق البائن وإن لم يثبت المال لأنه يبقى لفظ الخلع المقر به وهو كناية فيقع به البائن كما مر قوله (بحالها) أي على حالها المعروف في الدعاوي من أن القول للمنكر والبينة للمدعي قوله (وعكسه) أي لو ادعت الخلع لا يقع بدعواها شئ لأنها لا تملك الإيقاع رحمتي قوله (كيفما كان) أي سواء ادعته بمال أو بدونه ولا يلزمها المال لأنها إنما أقرت به في مقابلة الخلع فحيث لم يثبت الخلع لم يثبت المال ولأن الزوج بإنكاره قد رد إقرارها به رحمتي اختلفا في كمية الخلع فقال مرتان وقالت ثلاث قيل القول له وقيل لو اختلفا بعد التزوج فقالت لم يجز التزوج لأنه وقع بعد الخلع الثالث وأنكره فالقول له ولو اختلفا في العدة أو بعد
494 مضيها فقال هي عدة الخلع الثاني وقالت عدة الخلع الثالث فالقول لها فلا يحل النكاح جامع الفصولين قوله (أنكر الخلع) مكرر مع قول المصنف وعكسه لا اه ط قوله (أو ادعى شرطا أو استثناء) بأن قال أنت طالق بألف فقبلت ثم ادعى أنه قال إن دخلت الدار أو إن شاء الله قال في جامع الفصولين طلق أو خلع ثم ادعى الاستثناء صدق لو لم يذكر البدل في الخلع لا لو ذكره بأن قال خلعتك بكذا ولو ادعى الاستثناء وقال ما قبضته منك فهو حق كان عليك وقالت إني دفعته لبدل الخلع فالقول له لأنه لما أنكر صحة الخلع فقد أنكر وجوب البدل عليها وأقر أن له عليها مالا واحدا لا مالين والمرأة مقرة أن له عليها مالا آخر فصدق الزوج بخلاف ما لو لم يدع الاستثناء لأنه أقر أن عليها بدل الخلع والمملك هو المرأة فقبل قولها وفيه نظر اه وحاصله أن دعواه الاستثناء مقبولة إلا إذا كان لي الخلع ببدل فإن البدل قرينة على قصد الخلع فلا تقبل دعوى إبطاله بالاستثناء إلا إذا ادعى أن ما قبضه ليس بدل الخلع بل عن حق آخر فإن القول له لإنكاره صحة الخلع ووجوب البدل بدعوى الاستثناء قلت لكن فيه أن المانع من صحة دعوى الاستثناء ذكر البدل في عقد الخلع لا قبضه بعده فحيث ذكر البدل لم تقبل دعواه الاستثناء فلم يقبل إنكاره صحة الخلع ووجوب البدل بل بقي الخلع ببدل وادعى بعد ذلك أن ما قبضه هو حق آخر وهي تقول بل بدل الخلع فيكون القول قولها لأنها المملكة بالدفع والقول قول المملك فلم يبق فرق بين ما إذا ادعى الاستثناء أو لم يدعه ولعل هذا وجه النظر والله تعالى أعلم هذا وقد مر في باب التعليق أن الفتوى على عدم قبول قوله في دعوى الاستثناء والشرط لفساد الزمان وتقدم الكلام فيه هناك قوله (أو أن ما قبضه من دينه) في البزازية دفعت بدل الخلع وزعم الزوج أن قبضه بجهة أخرى أفتى الإمام ظهير الدين أن القول له وقيل لها لأنها المملكة اه قلت الظاهر الثاني ولذا جزم به في جامع الفصولين كما علمت وهذه مسألة مستقلة مبناها على ما إذا اتفقا على الخلع ببدل واختلفا في جهة القبض ولذا عطفها بأو ويصح عطفها بالواو فتكون من تتمة ما قبلها لكن يرد ما علمته من النظر فافهم قوله (واختلفا في الطوع والكره) أي في القبول وأما إيقاع الخلع بإكراه فصحيح كما يأتي ط قوله (فالقول لها) لأن صحة الخلع لا تستدعي البدل فتكون منكرة ويكون القول قولها بحر قوله (وادعى الخلع) ينبغي حمله على ما إذا كان مدعيا أن نفقة العدة من جملة بدل الخلع بحر قوله (فالقول لها في المهر وله في النفقة) لأن المهر كان ثابتا عليه قبله فدعوى سقوطه غير مقبولة وأما نفقة العدة فليست واجبة قبله وهي تدعى ا استحقاقها بالطلاق وهو فقلنا فكان القول له وهو مشكل فإنهما اتفقا على سبب استحقاقها لأن الخلع والطلاق يوجبان نفقة العدة فكيف تسقط بحر قلت وأصل الاستشكال لصاحب جامع
495 الفصولين واعترضه في نور العين على أنه ساقط بلامين (1) قوله (قسمت قيمته على مسميهما) فإذا كانت قيمته ثلاثين ومهر إحداهما مائتان ومهر الأخرى مائة لزم الأولى عشرون والأخرى عشرة ولا يقسم بينهما مناصفة ومحله إذا كان العبد لأجنبي أو لهما والمهران متفاوتان أما لو كان بينهما مناصفة والمهران متساويان يكون العبد بدل الخلع ط وفرض المسألة في كافي الحاكم بما إذا خلع امرأتيه على ألف قوله (وقف على قبولها) قال في المجتبى والظاهر أنه عني به وقوع الطلاق ومعرفة هذه المسألة من أهم المهمات في هذا الزمان لأن الناس يعتادون إضافة الخلع إلى مال الزوج بعد إبرائها إياه من المهر فبهذا علم أنه إذا قبلت وقع الطلاق ولم يجب على الزوج شئ وفي منية الفقهاء خلعتك بمالي عليه من الدين وقبلت ينبغي أن يقع الطلاق ولا يجب شئ ويبطل الدين اه ما في المجتبى وسيذكر الشارح آخر الباب صحة إيجاب بدل الخلع عليه وسيأتي تمامه قوله (في نكاح صحيح) ذكره لبيان الواقع وإلا فقد أخرج الفاسد أول الباب بقوله إزالة ملك النكاح أفاده ط وقدمناه قولين في سقوط المهر بعد الدخول في الفاسد وتقدم أيضا أنه لو أبانها ثم خالعها على مهرها لم يسقط المهر قال في الفصولين لأنه لم يسلم لها بعد الخلع شئ وكذا لو ارتدت فخالعها قوله (كما اعتمده العمادي وغيره) أي كصاحب الفتاوي الصغرى فإنه صحح أنه يسقط المهر كالخلع والمبارأة وصحح في الخانية أنه لا يسقط المهر إلا بذكره وصححه في جامع الفصولين أيضا فقد اختلف التصحيح وقول الشارح أول الباب خلافا ل للخانية تبع فيه قول البحر وإن صرح قاضيخان بخلافه ولم يظهر لي وجه ترجيح التصحيح الأول على الثاني مع أنهم قالوا أن قاضيخان من أجل من يعتمد على تصحيحه قوله (والمبارأة) بفتح الهمزة مفاعلة من البراءة وترك الهمزة خطأ وهي أن يقول الزوج برئت من نكاحك بكذا قاله صدر خالف وفي الفتح هو أن يقول بارأتك على ألف فتقبل نهر قلت وما في الفتح موافق لما في كافي الحاكم قال في النهر قيد المصنف بقوله بارأها لأنه لو قال لها برئت من نكاحك وقع الطلاق وينبغي أن لا يسقط به شئ اه أي لأنه لم يكن بلفظ المفاعلة ولم يذكر له بذلا لم يتوقف على قبولها فيقع به البائن ولا يكون مسقطا بمنزلة قوله خلعتك بخلاف ما إذا كان بلفظ المفاعلة أو ذكر له بدلا فإنه يتوقف على القبول حتى يكون مسقطا وبهذا ظهر أنه لا منافاة بين ما نقله أولا عن صدر خالف المصرح فيه بذكر البدل وبين ما ذكره آخرا فافهم تنبيه ذكر في النهر أول الباب أخذا من عبارة الفتح أن المبارأة من ألفاظ الخلع
(1) قوله: (ساقط بلامين) بيانه هو ان موضوع المسألة ان الزوج يدعي الخلع مع التنصيص على سقوط النفقة، وبالتنصيص في أصل الخلع على سقوط النفقة لا يكون هذا الخلع سببا لاستحقاق النفقة، فاعترافه بهذا الخلع لا يكون اعترافا بالسبب لان السبب الخلع الخالي، من اشتراط سقوط النفقة ولم يوجد من الزوج اعتراف بذلك ا ه. 496 قلت وقدمنا عن الجوهرة التصريح به لكن تقدم عن البزازية أن لفظ الخلع من ألفاظ الكناية إلا أن المشايخ قالوا إنه لغلبة استعماله صار كالصريح فلا يفتقر إلى النية وأن المبارأة إذا غالب فيها الاستعمال فهي كذلك وتقدم أيضا أن الواقع والخلع تطليقه بائنة سواء نوى الواحدة أو الثنتين وإن نوى الثلاث فثلاث وإن أخذ عليه جعلا لم يصدق أنه لم يرد به الطلاق قال في الكافي للحاكم والمبارأة بمنزلة الخلع في جميع ذلك قوله (أي الإبراء من الجانبين) أي بأن تقول به اعتقدوا فيقول لها بارأتك أو يقول لها ذلك وتقول هي قبلت كما في شرح المنظومة فالمراد ما يعم الإبراء من أحدهما والقبول من الآخر ط قوله (كل حق) شمل المهر والنفقة المفروضة والماضية والكسوة كذلك وكذا المتعة تسقط بلا ذكر ويستثنى ما إذا خالعها على مهرها أو بعضه وكان مقبوضا فإنها ترده ولا تبرأ ومقتضى إطلاقهم البراءة إلا أن يقال مرادهم ما عدا بدل الخلع والمهر بدله فلا تبرأ عنه كما لو كان مالا لآخر بحر وهذا قول الإمام وعند محمد لا يسقط إلا ما سمياه فيهما أي في الخلع والمبارأة وأبو يوسف مع الإمام في المبارأة ومع محمد في الخلع ملتقى حاصل مسائل لخلع ولمباراة على أربعة وعشرين وجها ثم اعلم أن حاصل وجوه المسألة أن البدل إما أن يكون مسكوتا عنه أو منفيا أو مثبتا على الزوج أو عليها بمهرها كله أو بعضه أو مال آخر وكل من الستة على وجهين إما أن يكون المهر مقبوضا أو لا وكل من الاثني عشر إما أن يكون قبل الدخول بها أو بعده فإن كان البدل مسكوتا عنه ففيه روايتان أصحهما براءة كل منهما عن المهر لا غير فلا ترد ما قبضت ولا يطالب هو بما بقي وسيأتي تمام الكلام عليه عند قول المصنف وبرئ عن المؤجل لو عليه الخ وإن كان منفيا كقوله اخلعي نفسك مني بغير شئ ففعلت وقبل الزوج صح بغير شئ لأنه صريح في عدم المال ووقوع البائن فلا يبرأ كل منهما عن حق صاحبه وإن كان معينا على الزوج فسيأتي آخر الباب وإن كان بكل المهر فإن كان مقبوضا رجع بجميعه وإلا سقط عنه كله مطلقا أي قبل الدخول أو بعده وإن خالعها على أن يجعله لولدها أو لأجنبي جاز الخلع والمهر للزوج وإن ببعضه كالعشر مثلا والمهر عشرون فإن قبضته رجع بدرهمين لو بعد الدخول وسلم لها الباقي وبدرهم فقط إن كان قبله لأنه عشر النصف وإن لم يكن مقبوضا سقط الكل مطلقا المسمى بحكم الشرط والباقي بحكم لفظ الخلع وإن بمال آخر غير المهر فله المسمى وبرئ كل منهما مطلقا في الأحوال كلها اه ملخصا من البحر والنهر وغرر الأذكار لكن المراد بالأخير ما إذا كان منه معلوما موجودا في الحال وإلا فهو على ستة أوجه قدمناها عن الذخيرة قوله (ثابت وقتهما) أي وقت الخلع والمبارأة احترز به عن حق يثبت بعدهما كنفقة العدة والسكنى كما يشير إليه الشارح قوله (مما يتعلق) أي من الحق الذي يتعلق بذلك النكاح الذي وقع الخلع منه قوله (لا الأول) لأنه ليس من حق ذلك النكاح بل هو حق النكاح الأول قوله (ومثله المتعة) الأولى ومنه أي من الحق الذي يسقط قال في البحر وأما المتعة فقال في البزازية خالعها قبل الدخول وكان لم يسم مهرا تسقط
497 المتعة بلا ذكر اه ويحتمل أن مراده أن المتعة مثل المهر فتسقط إذا كانت متعة ذلك النكاح لا متعة نكاح قبله كما حمله ح قوله (صح الخ) قال في البحر ومقتضى الإبراء العام عدم الصحة وكأنه لما وقع في ضمن الخلع تخصص بما هو من حقوق النكاح قوله (إلا إذا نص عليها) أي على النفقة في الخلع أما لو لم تسقطها حتى انخلعت ثم أسقطتها لا تسقط لإسقاطها حينئذ قصدا لما لم يجب فإنها إنما تجب شيئا فشيئا بخلاف ذلك الإسقاط الضمني فإنه يسقط باعتبار ما تستحقه وقت الخلع والباقي سقط تبعا في ضمن الخلع فتح وفي الذخيرة من النفقة قالت لزوجها أنت برئ من نفقتي أبدا ما دمت امرأتك لا يصح لأن صحة الإبراء تعتمد الوجوب أو قيام سبب الوجوب ولم يوجدا هنا لأن سبب وجوبها في المستقبل هو الاحتباس في المستقبل وهو غير موجود في الحال ثم قال وإذا أبرأته عن النفقة قبل أن تصير دينا في ذمته لا يصح بالاتفاق وإذا شرطت في الخلع يصح لأنه إبراء بعوض فيكون استيفاء لما وقعت البراءة عنه لأن العوض قائم مقامه والاستيفاء قبل الوجوب يصح بالاتفاق اه وفي القنية وإن لم تكن النفقة واجبة لكن سببها قائم فصح الإبراء منها اه أي فإن الخلع سبب لوجوب نفقة العدة وهذا معنى قوله في البدائع فأما نفقة العدة فإنها تجب عند العدة فكان الخلع على النفقة مانعا من وجوبها أي بخلاف إبرائها عن النفقة قبل الخلع أو بعده فإنه لا يصح وفي البزازية وقيل يصح وهو الأشبه قلت لكن المذكور في عامة الكتب أنه لا يصح ولذا جزم به في الفتح وشرح الطحاوي والبدائع وكذا في الخانية وغيرها بل علمت أنه بالاتفاق وفي الولوالجية اختلعت منه بكل حق هو لها عليه فلها النفقة ما دامت في العدة لأنها لم تكن حقا لها وقت الخلع وفي البحر عن البزازية اختلعت بتطليقة بائنة على كل حق يجب للنساء على الرجال قبل الخلع وبعده ولم تذكر الصداق ونفقة العدة تثبت البراءة عنهما لأن المهر ثابت قبل الخلع والنفقة بعده اه حادثة لفتوى أبرأته عن مهرها وعن أعيان معلومة تنبيه وقعت حادثة سألت عنها في امرأة طلبت من زوجها الطلاق على أن تبرئه من مهرها ومن أعيان معلومة فرضي وأبرأته من ذلك فقالت إن كانت براءتك صادقة فأنت طالقة فأجبت بأنها لا تطلق لقولهم إن البراءة عن الأعيان لا تصح ومراده الزوج التعليق على صحة البراءة عن الكل ليسلم له جميع العوض هكذا ظهر لي ثم رأيت بعد جوابي هذا في فتاوي الكازروني نقلا عن فتاوي العلامة عبد الرحمن المرشدي أنه سأل عما يقع كثيرا من قول المرأة أبرأتك من المهر ونفقة العدة وقول الزوج طلاقك بصحة براءتك فأجاب بعدم الوقوع قال ووافقني بعض حنفية العصر وتوقف بعضهم محتجا بأن شيخنا جار الله بن ظهيرة كان يفتي بالوقوع لقولهم أن نفقة العدة تسقط بالتسمية فقلت هذا بمعزل عما نحن فيه لأن النفقة بالطلاق يوما فيوما والإبراء عن المعدوم
498 باطل والمعلق به كذلك لانتفاء المعلق عليه بانتفاء جزئه وأما المذكور في باب الخلع فالمراد به المبارأة التي هي نوع من الخلع الموقوف على قبولها في المجلس فإذا كان على المهر ونفقة العدة سقطت النفقة تبعا له أما هنا فهو تعليق محض فلا يقع ببطلان بعض المعلق عليه اه ملخصا ثم رأيت البيري في شرح الأشباه صوب ما أفتى به ولا ظهيرة ورد على المرشدي مستندا لما مر من التصريح بسقوط النفقة بالشرط أقول والصواب أنه إذا لم يكن الإبراء مبنيا على طلب الطلاق لم تسقط النفقة وإن طلقها عقبة لأنه في حال قيام النكاح وإن كان مبنيا عليه سقطت وإن كان حال قيام النكاح لأنه حينئذ يصير مقابلا بعوض ففي الذخيرة والخانية وغيرهما طلبت طلاقها فقال أبرئيني عن كل حق لك حتى أطلقك فقالت أبرأتك عن كل حق للنساء على الأزواج فقال الزوج في وفوره طلقتك واحدة وهي مدخول بها أنكر بائنة لأنه طلاق بعوض وهو الإبراء دلالة اه وأفاد في الفتح أن النفقة لا تسقط بذلك لانصراف الحق إلى القائم لها إذا ذاك اه نعم قدمنا آنفا أنها لو أبرأته عن كل حق قبل الخلع وبعده تسقط فكذا إذا طلب إبراءها له عن المهر والنفقة صريحا ليطلقها فأبرأته وطلقها فورا يصح الإبراء لأنه إبراء بعوض وهو ملكها نفسها فكأنها استوفت النفقة باستيفاء بدلها والاستيفاء قبل الوجوب يصح كما لو دفع له نفقة شهر يصح وعلى هذا يكون إبراء بشرط فإذا لم يطلقها لم يبرأ فقد صرح في الخانية بأنها لو أبرأته عما لها عليه على أن يطلقها فإن طلقها جازت البراءة وإلا فلا بخلاف ما لو أبرأته على أن لا يتزوج عليها فتصح البراءة دون الشرط لأن الأول يصح فيه الجعل دون الثاني فيكون الشرط فيه باطلا وفي الحاوي الزاهدي ولو أبرأته ليطلقها فقام ثم طلقها يبرأ إن لم ينقطع حكم المجلس والا فلا اه إذا علمت ذلك فقد ظهر لك أن صحة هذه البراءة موقوفة على الطلاق فورا أي في المجلس فإذا قال لها طلاقك بصحة براءتك يكون قد علق الطلاق على صحة البراءة فيقتضي تحقق صحتها قبله كما هو مقتضى الشرط ولا صحة لها إلا به فلم يوجد المعلق عليه فلا يقع الطلاق البحر بخلاف ما لو نجز الطلاق فإنه يقع وتصح به البراءة فقد ظهر أن الحق ما قاله المرشدي ولا ينافيه تصريحهم بسقوط النفقة بالشرط لما علمت من أن سقوطها موقوف على الطلاق أو الخلع فلا توجد البراءة قبله وإنما توجد بطلاق أو خلع منجز لا معلق على صحتها هذا ما ظهر لي في هذا المحل وهذه المسألة كثيرة الوقوع فاغتنم تحريرها والله سبحانه أعلم قوله (لأنها حق الشرع) لأن سكناها في غير بيت الطلاق معصية بحر عن الفتح قوله (إلا إذا أبرأته عن مؤنة السكنى) بأن كانت ساكنة في بيت نفسها أو تعطي الأجرة من مالها فيصح التزامها ذلك فتح لكن مقتضى هذا أنه لا بد من التصريح بمؤنة السكنى مع أنه ذكر في الفتح وغيره في فصل الإحداد لو اختلعت على أن لا سكنى لها فإن مؤنة السكنى تسقط عن الزوج ويلزمها أن تكتري بيت الزوج ولا يحل لها أن تخرج منه اه تأمل قوله (وهو) أي قول المصنف إلا نفقة العدة الخ مستغنى عنه بما قدره الشارح من قوله ثابت وقتهما لأن قوله لكل منهما متعلق بذلك المحذوف على أنه صفة لحق فإذا كان تقدير كلامه ذلك استغنى به عن الاستثناء المذكور فكان الأولى تركه فافهم قوله
499 (مسقط للمهر) قيد به لما في البحر أنه صرح في شرح الوقاية والخلاصة والبزازية والجوهرة بأن النفقة المقضي بها تسقط بطلاق وأطلقوه فشمل الطلاق بمال وغيره اه وفيه كلام سيأتي في النفقة قوله (ذكره البزازي) بلفظ وعليه الفتوى ومثله في الفصول وغيرها وفي البحر أنه ظاهر الرواية وصححه الشارحون وقاضيخان اه قلت وحاصل عبارة قاضيخان أن الطلاق بمال حكمه حكم الخلع عندهما أي أنه غير مسقط للمهر وعنده في رواية كقولهما وهو الصحيح وفي رواية كالخلع عنده أي في أنه مسقط اه وقدمنا ذكر الخلاف في الخلع عن الملتقى وبهذا تعلم ما في عبارة النهر الذي وقع غيره في الغلط فافهم في البراءة بقولها أبرأك لله قوله (ذكره البهنسي) وتبعه تلميذه الباقاني في شرحه على الملتقى وأفتى به الخير الرملي لكن نقل ط عن العلامة المقدسي أنه أفتى بصحة البراءة به للتعارف قلت وبه أفتى قارئ الهداية وابن الشلبي معللا بأن العرف على كونه إبراء قال وكتب مثله الناصر اللقاني وشيخ الإسلام الحنبلي اه وكذا ذكره في المنظومة المحبية وأفتى به في الحامدية وأيده السائحاني بما في البزازية قال طلقك الله أو لأمته أعتقك الله يقع الطلاق والعتاق زاد في الجوهرة نوى أو لم ينو في الخلع على نفقة لولد قوله (من نفقة الولد) شمل الحمل بأن شرط براءته من نفقته إذا ولدته قوله (من نفقة الولد) وهي مؤنة الرضاع كذا في البحر عن الفتح ومثله في الكفاية والاختيار قوله (وفيه عن المنتقى الخ) ظاهره أن هذه رواية أخرى يؤيده ما في الخلاصة وإنما يصح على إمساك الولد إذا بين المدة وإن لم يبين لا يصح سواء كان الولد رضيعا وفطيما وفي المنتقى الخ قلت ولعل وجه الرواية الأولى أن الخلع إذا قع على نفقته أو أمساكه وهو رضيع يفضي إلى المنازعة لأن المرأة تقول أردت نفقته شهرا مثلا والزوج يقول أكثر ووجه الرواية الثانية أن كونه رضيعا قرينة على إرادة مدة الرضاع وقد جزم بهذه الرواية في الخانية والبزازية قوله (بخلاف الفطيم) لأن مدة بقائه عندها استغناء الغلام وحيض الجارية وهي مجهولة اه ح قلت لم أر هذا التعليل لغيره وهو ظاهر إذا كان الخلع على إمساكه عندها مدة الحضانة على أنه لا يظهر على القول المعتمد من تقدير مدة الحضانة بسبع للغلام وعشر للجارية بل الظاهر أن مراده أن الخلع إذا كان على نفقة الولد وهو رضيع يراد بها مؤنة الرضاع لأن نفقته هي إرضاعه وهو مؤقت شرعا فتنصرف إليه بخلاف ما إذا كان فطيما فلا بد من التوقيت لأن نفقته طعامه وشرابه وذلك ليس له وقت مخصوص لأنه يأكل مدة عمره فلا تصح التسمية بدون توقيت للجهالة وفي الذخيرة روى أبو سليمان عن محمد عن أبي حنيفة في المرأة تختلع من زوجها بنفقة ولد له
500 منها ما عاشوا فإن عليها أن ترد المهر الذي أخذت منه اه أي فهو وكما ما إذا خالعها على ما في بيتها من المتاع ولم يوجد فيه شئ فافهم قوله (ولو تزوجها) أي وقد خالعها على نفقة العدة أو الولد نهر ط أي وكان التزوج قبل تمام المدة قوله (أو هربت) أي وتركت الولد على الزوج بحر وكذا لو خالعته على نفقة العدة ولم تكن في منزل الطلاق حتى سقطت نفقتها يرجع عليها بالنفقة كما بحثه في البحر قوله (أو مات الولد) وكذا لو لم يكن في بطنها ولد فيما إذا خالعها على إرضاع حملها إذا ولدته إلى سنتين فترد قيمة الرضاع ولو قالت عشر سنين رجع عليها بأجرة رضاع سنتين ونفقته باقي السنين فتح قوله (رجع ببقية نفقة الولد) بأن مضت سنة من السنتين مثلا ترد قيمة رضاع سنة كما في الفتح قوله (والعدة) أي وبقية نفقة العدة فيما لو خالعها عليها أيضا قوله (إلا إذا شرطت براءتها) أي وقت الخلع بموت الولد أو موتها كما في الفتح قال في البحر والحيلة في براءتها أن يقول الزوج خالعتك على أني برئ من نفقة الولد إلى سنتين فإن مات الولد قبلها فلا رجوع لي عليك كذا في الخانية بخلاف ما لو استأجر الظئر للإرضاع سنة بكذا على أنه مات قبلها فالأجر لها فالإجارة فاسدة كذا في إجارات الخلاصة اه قال في البزازية إذ يجوز في الخلع ما لا يجوز في غيره قوله (غنم مطالبته الخ) أي أن الكسوة لا الخطبة إلا بالتنصيص عليها قال في الفتح غنم أن تطالبه بكسوة الصبي إلا أن اختلعت على نفقته وكسوته فليس لها وإن كانت مجهولة وسواء كان الولد رضيعا أو فطيما اه ومثله في الخلاصة وانظر ما فائدة التعميم (1) في الولد. هذا وقد تعورف الآن خلع المرأة على كفالتها للولد بمعنى قيامها بمصالحة كلها وعدم مطالبة أبيه بشئ منها إلى تمام المدة والظاهر أنه يكفي عن التنصيص على الكسوة لأن المعروف كالمشروط تأمل قوله (فيصح كالظئر) أي كما يصح في استئجار الظئر وهي المرضعة قال في البزازية وإن خالعها على إرضاع ولده سنة وعلى نفقة ولده بعد الفطام عشر سنين يصح والجهالة لا تمنع هنا كما لو استأجر ظئرا بطعامها وكسوتها يصح عند الإمام لأن العادة جرت بالتوسعة على الأظآر وهنا يصح عند الكل لأنه لا تجرى المناقشة ولو من لئيم في نفقة ولده اه قوله (يجبر عليها) لأن بدل الخلع دين عليها فلا تسقط نفقة الولد بدين له عليها كما إذا كان له عليها دين آخر وهي لا تقدر على قضائه لا تسقط الولد عنه قال وعليه الاعتماد لا على ما أجال به سائر المفتين أنه تسقط كذا في القنية والحاوي ونحوه في الفتح وغيره وأفاد هذا أن الأب يرجع عليها بعد يسارها قوله (صح في الأنثى لا الغلام) لأنه لا يحتاج إلى معرفة آداب الرجال والتخلق بأخلاقهم فإذا طال مكثه مع الأم يتخلق بأخلاق النساء وفي ذلك من الفساد ما لا يخفى كذا في
(1) قوله: (وانظر ما فائدة التعميم الخ) لعل فائدته دفع توهم الفرق بينهما، بان نفقة الرضيع انما هي ارضاعه فتصح المطالبة بكسوته، بخلاف الفطيم فان نفقته أكله وشربه وكسوته فاحتاج إلى دفع هذا الوهم بالتعميم ا ه. 501 الفتاوي الهندية قال المقدسي وفي قوله صح في الأنثى بحث لأن المفتى به الآن أن الأنثى لا تبقى عند الأم إلى البلوغ فتأمل اه قلت العلة تضييع حق الولد ولا تضييع في إبقاء الأنثى إلى البلوغ عند أمها نعم يرد أن يقال إن مدة البلوغ مجهولة ولعل الجهالة تغتفر لأن الغالب البلوغ في خمسة عشر قوله (لأنه حق الولد) لأن إبقاءه عند زوجها الأجنبي مضر بالولد ولذا سقط حقها في الحضانة ومثله ما في الخانية لو خالعها على أن يكون الولد عنده سنين معلومة صح وبطل الشرط لأن كون الولد الصغير عند الأم حق الولد فلا يبطل بإبطالهما قوله (وينظر إلى إمساكه) أي أجر مثل إمساكه كما عبر في الخلاصة مطلب في خلع الصغيرة قوله (طلقت) أي بائنا لو بلفظ الخلع كما يأتي ومر أيضا قوله (في الأصح) وقيل لا تطلق لأنه معلق بلزوم المال وقد عدم ووجه الأصح أنه معلق بقبول الأب وقد وجد بزازية قوله (كما لو قبلت هي) أشار بالكاف إلى أنها مسألة اتفاقية فافهم قال في الفتح هذا أي ما ذكر من الخلاف إذا قبل الأب فإت قبلت وهي عاقلة تعقل أن النكاح جالب والخلع سالب وقع الطلاق بالاتفاق ولا يلزمها المال اه قلت ويقع كثيرا إنه يطلقها بمقابلة إبرائها إياه من مهرها والظاهر أنه يقع الرجعي لعدم سقوط المهر ثم رأيت في جامع الفصولين ما نصه واقعة قال لامرأته الصبية أنت طالق بمهرك فقبلت فينبغي أن تطلق رجعيا ولا يسقط المهر اه ويأتي ما يؤيده عن شرح الوهبانية قوله (ولم يلزم المال) أي لا عليها ولا على الأب على قول ابن سلمة وعنه يلزمه وإن لم يضمن جامع الفصولين أما إذا ضمنه فلا كلام في لزومه عليه وهي مسألة المتن الآتي قال في البحر ومذهب مالك أن الأب إذا علم أن الخلع خير لها بأن كان الزوج لا يحسن عشرتها فالخلع على صداقها صحيح فإن قضى به قاض نفذ قضاؤه كذا في البزازية والمراد بالقاضي المالكي قوله (وكذا الكبيرة الخ) أي إذا خالعها أبوها بلا إذنها فإنه لا يلزمها المال بالأولى لأنه كالأجنبي في حقها وفي الفصولين إذا ضمنه الأب أو الأجنبي وقع الخلع ثم إن أجازت نفذ عليها وبرئ الزوج من المهر وإلا ترجع به على الزوج والزوج على المخالع وإن لم يضمن توقف الخلع على إجازتها فإن أجازت جاز وبرئ الزوج عن المهر وإلا لم يجز قال في الذخيرة ولا تطلق قال غيره ينبغي أن تطلق لأنه معلق بالقبول وقد وجد اه أي بقبول المخالع وفي البزازية وإن لم يضمن توقف على قبولها في حق المال قال وهذا دليل على أن الطلاق واقع وقيل لا يقع إلا بإجازتها اه قوله (ولا يصح من الأم الخ) قال في البحر قيد بالأب لأنه لو جرى الخلع بين زوج الصغيرة وأمها فإن أضافت الأم البدل إلى مال نفسها أو ضمنت تم الخلع كالأجنبي وإلا فلا
502 رواية فيه والصحيح أنه لا يقع الطلاق بخلاف الأب قوله (ولا على صغير أصلا) قال في البحر وقيد بالأنثى لأنه لو خلع ابنه الصغير لا يصح ولا يتوقف خلع الصغير على إجازة الولي وحاصله أنه في الصغيرة لا يلزم المال مع وقوع الطلاق وفي الصغير لا وقوع أصلا في خلع غير الرشيدة قوله (وهي غير رشيدة) في ماله ولو فاسقا كما سيأتي في الحجر وذكروا هناك أن الحجر بالسفه يفتقر عند أبي يوسف إلى القضاء كالحجر بالدين وقال محمد يثبت بمجرد السفه وهو تبذير للمال وتضييعه على خلاف الشرع وظاهر ما في شرح الوهبانية اعتماد الثاني فإنه قال عن المبسوط وإذا بلغت المرأة مفسدة فاختلعت من زوجها بمال جاز الخلع لأن وقوع الطلاق في الخلع يعتمد القبول وقد تحقق منها ولم يلزمها المال لأنها التزمته لا لعوض هو مال ولا بمنفعة ظاهرة فتجعل كالصغيرة فإن كان طلقها تطليقة على ذلك المال يملك رجعتها لأن وقوعه بالصريح لا يوجب البينونة إلا بوجوب البدل بخلاف ما إذا كان بلفظ الخلع اه ملخصا قوله (فإنها تطلق الخ) تصريح بوجه المشابهة بين مسألتي الصغيرة وغير الرشيدة وقوله فيهما أي في المسألتين قوله (فإن خالعها) أي الصغيرة قوله (على مال) شمل المهر قوله (لعدم وجوب المال عليها) فلم تتحقق الكفالة لأنها ضم ذمة الكفيل إلى ذمة الأصيل في المطالبة ولا مطالبة على الأصيل ط قوله (كالخلع من الأجنبي) أي الفضولي وحاصل الأمر فيه أنه إذا خاطب الزوج فإن أضاف البدل إلى نفسه على وجه يفيد ضمانه له أو ملكه إياه كاخلعها بألف علي أو على أني ضامن أو على ألفي هذه أو عبدي هذا ففعل صح والبدل عليه فإن استحق لزمه قيمته ولا يتوقف على قبول المرأة وإن أرسله بأن قال على ألف أو على هذا العبد فإن قبلت لزمها تسليمه أو قيمته إن عجزت وإن أضافه إلى غيره كعبد فلان اعتبر قبول فلان ولو خاطبها الزوج أو خاطبته بذلك اعتبر قبولها سواء كان البدل مرسلا أو مضافا إليها أو إلى الأجنبي ولا يطالب الوكيل بالخلع بالبدل إلا إذا ضمنه ويرجع به عليها وتمامه في البحر قوله (فالأب أولى) لأنه يملك التصرف في نفسها ومالها فتح قوله (بلا سقوط مهر) أي سواء كان الخلع على المهر أو على ألف مثلا لكن إذا كان على المهر فلها أن ترجع به على الزوج والزوج يرجع به على الأب لضمانه أما لو كان على ألف فإنها إذا رجعت بالمهر على الزوج لا يرجع به على الأب لأنه لم يضمن له المهر بل ضمن له الألف وكلام الفتح أمرهم على هذا التفصيل كما في النهر الحربي المقدسي خلافا لما فهمه في البحر فحكم عليه بالخطأ وما ذكره الشارح في شرح الملتقى في حل هذا المحل فيه إيجاز مخل قوله (ومن حيل سقوطه) أي سقوط المهر عن الزوج وأشار إلى أن له حيلا أخر منها ما قدمناه من حكم مالكي بصحته ومنها أن يقر
503 الأب بقبض صداقها ونفقة عدتها لصحة إقرار الأب بقبضه بخلاف سائر الأولياء ثم طلقها الزوج بائنا لكنه يبرأ في الظاهر أما عند الله تعالى فلا كما في البحر واعترضهم في جامع الفصولين بأن فيه تعليم الكذب وشغل ذمة الزوج وأجاب المقدسي بأنه عند إضرار الزوج بها وعدم إمكان الخلاص إلا بذلك لا يضر في خلع الفضولي قوله (أن يجعل) أي الزوج وفي نسخة أن يجعلا أي هو والأب وقوله ثم يحيل به أي بالمهر والزوج فاعل يحيل وقوله عليه أي على الأجنبي وهي موجود في بعض النسخ وقوله من له ولاية مفعول يحيل وقوله قبض ذلك منه أي قبض المهر من الزوج والمراد بمن له ولاية قبض المهر منه هو الأب إن كان وإلا نصب القاضي وصيا وصورتها أنه إذا كان المهر ألفا مثلا يخالع الزوج مع أجنبي على ألف من ماله ثم يحيل الزوج أو الأب أو الوصي بالمهر على الأجنبي بشرط القبول وأن يكون الأجنبي أملأ من الزوج فحينئذ يبرأ الزوج من المهر ويصير في ذمة ذلك الأجنبي لكن في ذلك ضرر للأجنبي فلذا قيل ثم يبرئه الأب أو يقر بقبضه منه لكن يكفي في الظاهر إقرار الأب ابتداء بدون هذا التكليف كما قدمناه آنفا وفي بعض النسخ ثم يحيل به الزوج على من له ولاية قبض ذلك منه وهده حيلة أخرى ذكرها في البحر عن البزازية وعليه ففاعل يحيل ضمير يعود على الأجنبي والزوج مفعوله والضمير في به يعود على بدل الخلع أي يحيل الأجنبي الزوج بالألف بدل الخلع على من له ولاية القبض أي على الأب أو الوصي فيبرأ الأجنبي من البدل ويصير في ذمة الأب وقوله في البزازية فيبرأ الزوج منه غير ظاهر تأمل لكن يغني عن هذه الحيلة الثانية التزام الأب البدل ابتداء بدون هذا التكلف تأمل قوله (أي الزوج الضمان) تفسير للضمير المستتر والبارز والمراد بالضمان المضمون ليوافق قول الفتح أي لو شرط الزوج الألف عليها توقف على قبولها الخ وفي البزازية الخلع إذا جرى بين الزوج والمرأة فإليها القبول كان البدل مرسلا أو مطلقا أو مضافا إلى المرأة أو الأجنبي إضافة ملك أو ضمان اه أمثلة ذلك اخلعني على هذا العبد أو على عبد أو على عبدي هذا أو على عبد فلان قوله (طلقت) لوجود الشرط هو قبولها والبينونة تعتمد القبول دون لزوم المال كما إذا سمت خمرا ونحوه فتح قوله (وإن قبل الأب) لأن قبولها شرط وهو لا يحتمل النيابة فتح قوله (في الأصح) وفي رواية يصح لأنه نفع محض إذا تتخلص من عهدته بلا مال فتح قوله (وأجازت) أي أجازت قبول الأب ح ومثله في الدر المنتقى وهو المفهوم من الفتح فافهم قوله (قال الزوج خالعتك) قيد بصيغة المفاعلة لأنه لو قال خلعتك لا يتوقف على القبول ولا يبرأ كما في البحر وتقدم أول الباب وهذه المسألة في
504 الزوجة البالغة قوله (وبرئ عن المهر المؤجل الخ) ذكر في الخلاصة والبزازية أنه في هذه الصورة يبرأ كل واحدة منهما عن صاحبه في إحدى الكلب عن أبي حنيفة وهو الصحيح وإن لم يكن على الزوج مهر فعليها رد ما ساق إليها من المهر لأن المال مذكور عرفا بذكر الخلع اه وهكذا في الفتح وظاهر أول العبارة أن المهر إذا كان مقبوضا فلا رجوع له وصريح أخرها الرجوع وبه صرح في الخانية فحينئذ لم يبرأ كل منهما عن صاحبه قال وقد ظهر لي أن محل البراءة ما إذا خالعها بعد دفع المعجل فإنها تبرأ عن المعجل ويبرأ هو عن المؤجل ولذا قال في المحيط الصحيح أنه يسقط المهر ما قبضت المرأة فهو لها وما بقي في ذمته يسقط اه قلت ويؤيده أنه في الخانية لم يقل يبرأ كل واحد منهما بل قال ويبرأ الزوج عن المهر الذي لها عليه فإن لم يكن لها عليه مهر لزمها رد ما ساق إليها كذا ذكره الحاكم الشهيد وابن الفضل اه وحاصله أن الزوج يبرأ مما لها في ذمته من المهر كلا أو بعضا وأما هي فلا تبرأ إلا من البعض ولو قبضت الكل لزمها رده وبهذا ظهر ما في قول المصنف وإلا ردت ما ساق إليها من المعجل فإنه يوهم أنه لا يلزمها رد المؤجل إذا قبضت كل المهر فكان حقه أن يقول وإلا ردت المهر إلا أن يجاب بأنها إذا قبضت الكل صار كله معجلا فتأمل ثم اعلم أن هذا كله مخالف لما في الفتح عند قوله ويسقط الخلع والمبارأة كل حق الخ من أن البدل إن كان مسكوتا عنه ففيه ثلاث روايات أصحها براءة كل منهما عن المهر لا غير فلا يطالب به أحدهما الآخر قبل الدخول أو بعده مقبوضا أو لا حتى لا ترجع عليه بشئ إن لم يكن مقبوضا ولا يرجع الزوج عليها إن كان مقبوضا كله والخلع قبل الدخول لأنه المال مذكور عرفا بالخلع الخ ومثله في الزيلعي وشرح الوهبانية والمقدسي والشرنبلالية وقوله والخلع قبل الدخول أي ومثله لو بعده بالأولى لأنها إذا طلقت قبل الدخول لزمها رد نصف المهر فإذا لم يلزمها رد شئ منه هنا لم يلزمها بعد الدخول بالأولى وفي شرح الجامع الصغير لقاضيخان خلعها ولم يذكر العوض عندهما لم يبرأ أحدهما عن صاحبه عن المال الواجب بالنكاح وعن أبي حنيفة روايتان والصحيح براءة كل منهما عن صاحبه اه وفي متن المختار والمبارأة كالخلع يسقطان كل حق لكل منهما على الآخر مما يتعلق بالنكاح حتى لو كان قبل الدخول وقد قبضت المهر لا يرجع عليها بشئ ولو لم تقبض شيئا لا ترجع عليه بشئ اه مثله في متن الملتقى وفي شرح درر البحار وشرح المجمع إن لم يسميا شيئا برئ كل منهما من الآخر قبضت المهر أم لا دخل بها أم لا اه قلت وبه علم أن ما مر عن الفتاوى قول آخر غير المصحح في الشروح والمتون وظهر بهذا خلل كلام المصنف من وجهين أحدهما أنه مشى على خلاف الصحيح والثاني أنه يوهم أنها ترد المعجل فقط مع أنه لم يقل به أحد وإنما الخلاف في رد جميع المهر إذا كانت قبضته
505 في خلع لمريضة قوله (خلع المريضة) أي مرض الموت إذ لو برئت منه كان للزوج كل البدل لتراضيهما كما لو وهبته شيئا برئت من مرضها وإن ماتت في العدة قوله (لأنه تبرع) لما تقرر أن البضع غير متقوم عند الخروج فما بذلته من بدل الخلع تبرع لا يصح لوارث وينفذ للأجنبي من الثلث لكنه يعطي الأقل دفعا لتهمة المواضعة كما مر في طلاقه لها في مرضه قوله (فله الأقل الخ) بيانه لو كان إرثه منها خمسين وبدل الخلع ستين والثلث مائة فقد خرج الإرث والبدل من الثلث فلها الأقل وهو خمسون وإن كان الثلث أربعين فلها الأقل منه ومن الإرث وهو أربعون والحاصل أن له الأقل من ميراثه ومن بدل الخلع ومن الثلث ولو عبر بذلك تبعا ل جامع الفصولين لكان أخصر وأظهر قوله (فله البدل إن خرج من الثلث) أفاد أنه لا ينظر إلى الإرث هنا لعدمه بموتها بعد العدة أو قبل الدخول لحصول البينونة فينظر إلى البدل والثلث فيعطي الأقل لكن أفاد في التاترخانية أنه لو قبل الدخول والخلع على المهر يسقط نصفه بطلاقها والنصف الآخر وصية لغير الوارث فلو لم يكن لها مال غيره يسلم له ثلث ذلك النصف قوله (وتمامه في الفصولين) أي في أحكام المرضي أواخر الكتاب وذكر عبارته بتمامها في البحر عند قول الكنز ولزمها المال قوله (لحجرها عن التبرع) أي ولو بالإذن كهبتها بحر وهذا علة لتأخره إلى ما بعد العتق قوله (لزمها المال للحال) لانفكاك الحجر بإذن المولى فظهر في حقه كسائر الديون بحر قوله (فتباع الأمة) أي إلا أن يفيدها المولى كسائر الديون جامع الفصولين الأمة تفارق الحرة الصغيرة العاقلة إذا اختلعت من زوجها بأنها لا تؤاخذ ببدل الخلع بعد البلوغ كما لا تؤاخذ به في الحال كما في الذخيرة وفي جامع الفصولين ولو طلق الصبية بمال يصير رجعيا وفي الأمة يصير بائنا إذ الطلاق بمال يصح في الأمة لكنه مؤجل وفي الصبية يقع بلا مال ولو عاقلة قوله (على رقبتها) أي جعل السيد للزوج رقبتها بدل الخلع ط قوله (صح الخلع مجانا) ظاهره أنه لا يسقط المهر والظاهر سقوطه لبطلان التسمية فهو كتسمية الخمر والخنزير ط قوله (للسيد) أي سيد الزوج غير المكاتب قوله (فلا يبطل النكاح) لأنها لا تصير مملوكة للزوج بل لسيده وأما المكاتب فإنه يثبت له فيها وحق الملك لا يمنع بقاء النكاح فلا يفسد بحر عن الجامع وما في المنح من أن الملك يقع لسيد المكاتب وهو مقتضى إطلاق متنه يمكن
506 تأويله بأن للسيد فيها حقا وبحيث لو عجز المكاتب صارت لسيده أفاده الرحمتي قوله (فكان في تصحيح إبطاله) أي وما كان كذلك فهو باطل والمراد بطلان كونه معاوضة لا مطلقا لما مر أول الباب أنه يمين في جانب الزوج ومعاوضة في جانبها فإذا بطلت جهة المعاوضة بقيت الجهة الأخرى وإلى هذا أشار في الفتح بقوله لكنه يقع طلاق بائن لأنه بطل البدل وبقي لفظ الخلع وهو طلاق بائن اه قوله (طلقت بثلاثة آلاف) أي طلقت ثلاثا بثلاثة آلاف كما صرح به في البحر عن المحيط عند قول الكنز ولزمها المال وقال لأنه لم يقع شئ إلا بقبولها لأن الطلاق يتعلق بقبولها في الخلع فوقع الثلاث عند قبولها جملة بثلاثة آلاف اه قلت وهذا إذا كان بمال وإلا لم يكن معاوضة فلا يتوقف على القبول فتقع الأولى ويلغو ما بعدها لأن البائن لا يلحق البائن ولذا قال في جامع الفصولين قال لها قد خلعتك وكرره ثلاثا وأراد به الطلاق فهي واحدة بائنة ولو قال قد خلعتك على مالك علي من المهر قاله ثلاثا فقبلت فطلقت ثلاثا لأنه لم يقع إلا بقبولها وكذا لو قالت خلعت نفسي منك بألف قالته فقال رضيت أو أجزت ثلاثا بثلاثة آلاف وهذا خلاف ما في فتاوى العدة هو الصحيح اه قلت وما في العدة هو أنه يقع واحدة بالمسمى ويبطل الأول بالثاني والثاني بالثالث كما في المعاوضات اه ولعل وجهه أنه لما كان يمينا من جانبه صار معلقا على قبولها إذا ابتدأ بخلاف ما إذا ابتدأت هي فإنه من جانبها معاوضة فلا يصير تعليقا على قبوله فإذا قبل يكون قبولا للعقد الثالث ويلغو الثاني به والأول بالثاني هذا ما ظهر لي وفي جامع الفصولين أيضا قال طلقتك على ألف طلقتك على ثلاثة آلاف قبلت فهو على المالين جميعا ومثله العتق على مال بخلاف البيع فإنه ليقع على آخر الأثمان إذ الرجوع في البيع قبل قبوله يصح بخلاف عتق 462 وطلاق اه والظاهر أنها لو ابتدأت هي بذلك فقبل أنكر طلقة واحدة بالمال الأخير فقط لأنه يصح رجوعها لا رجوعه كما مر أول الباب بناء على ما قلنا من أنه يمين من جانبه معاوضة من جانبها قوله (طلقت ثلاثا الخ) أي بألف فتح وفيه عن الخلاصة عن أبي يوسف لو قالت طلقني أربعا بألف فطلقها ثلاثا فهي بألف ولو طلقها واحدة فبثلث الألف اه أي لأنها إذا ابتدأت ان معاوضة لا تعليقا بخلاف ما إذا ابتدأ من كما قلنا في الفرق بين على أن تدخلي وعلى دخولك وعلى أن تعطيني قوله (قلت فيطلب الفرق الخ) وكذا يطلب الفرق بين أن على تدخلي الدار حيث توقف على الدخول وبين على أن تعطيني كذا حيث توقف على القبول مثل على دخولك الدار وقد سئل عن هذه الفروع الثلاثة في البحر فلم يبد فرقا ونقل كلامه في النهر وسكت عليه
507 في لفرق بين لمصدر لصريح ولمؤول ونقل في الدر المنتقى عن شرح اللباب الفرق بين المصدر الصريح والمؤول صحة حمل الثاني على الجثة لدون الأول أي فيصح زيد إما أن يقوم وأما أن يقعد بخلاف زيد إما قيام وإما قعود ولكن لم يظهر الفرق فيما نحن فيه كما قاله ح أقول قد يظهر الفرق ولا بد له من مقدمات إحداها ما قاله السبكي في التعليقات الفرق بين المصدر الصريح والمؤول مع اشتراكهما في الدلالة على الحدث أن موضوع الصريح الحدث فقط وهو أمر تصوري والمؤول يزيد عليه بالحصول إما ماضيا وإما حالا وإما مستقبلا إن كان إثباتا وبعدم الحصول في ذلك إن كان منفيا وهو أمر تصديقي ولهذا يسد أن والفعل مسد المفعولين لما بينهما من النسبة اه ونقله السيوطي في الأشباه النحوية ونقل أيضا أن المصدر الصريح غير مؤقت بخلاف المؤول فالصريح دال على الأزمنة الثلاثة دلالة مبهمة فهو عام بخلاف المؤول وأيضا المؤول اسم تقديري غير ملفوظ به وإنما الملفوظ به حرف وفعل وله العطار بالمضمر ولذا لم يصح وصفه بخلاف الصريح فإنه يقال يعجبني ضربك الشديد بخلاف أن تضرب الشديد ثانيها ما قدمناه عن المحقق ابن الهمام أن على تستعمل حقيقة للاستعلاء إن اتصلت بالأجسام وفي غيرها لمعنى اللزوم الصادق على الشرط المحض وعلى المعاوضة الشرعية أو العرفية وتترجح المعاوضة عند ذكر العوض لأنها الأصل كما في التحرير ثالثها أن الطلاق يتعلق بالزمان دون المكان ونحوه إذا علمت ذلك فنقول إذا قال لها على أن تعطيني كذل فهو تعليق على فعل مستقبل صالح للمعاوضة فيشترط قبولها ليلزمها المال فصار كأنه علقه على القبول إذ به يحصل غرضه من الطلاق بعوض فتطلق بالقبول وإن لم تعطه في الحال بخلاف على أن تدخلي فإنه صالح للشرط المحض لعدم ما يفيد المعاوضة فتعين تعلقه بالدخول بلا توقف على قبول إذ لا غرامة تلحقها وأما على دخولك الدار فليس فيه فعل يصلح جعله شرطا بل هو أمر تصوري لا يصلح جعله شرطا إلا بذكر فعل معه يدل على الحصول في أحد الأزمنة الثلاثة ليصير بمنزلة إن دخلت أو بتقدير الوقت كما أنت طالق في دخولك الدار بقرينة في الظرفية إذ الطلاق لا يكون مظروفا في الدخول بل في زمانه ولا يحسن هنا تقدير الوقت لعدم ما يقتضيه لأن جعل على للمعاوضة يغنى عنه بدون تكلف فإن العاقل قد يكون له غرض في جعل الدخول مثلا عوضا عن طلاق هذا غاية ما ظهر من الفرق والله تعالى أعلم قوله (فالقول لها) لأنها تنكر الزيادة على ثلث الألف فتصدق قال في البحر مع يمينها فإن أقاما البينة فالبينة بينة الزوج اه قوله (صح الخلع) لأنه لا يفسد بالشرط الفاسد كما مر قوله (وبطل الشرط) أي فلا يكون المهر للولد ولا للأجنبي بل يكون للزوج كما في البزازية وغيرها وليس له إمساك الولد عنده لأن إمساكه عند أمه حقه فلا يبطل بإبطالهما كما قدمناه عن الخانية قوله (بانت الخ) قال في الخانية قالت له اخلعني على ألف
508 فقال أنت طالق قيل هو جواب ويتم الخلع وقيل لا بل طلاق والمختار الأول لأنه جواب ظاهرا فإن قال لم أعن به الجواب صدق ووقع الطلاق بلا شئ وكذا لو قالت المرأة اختلعت منك فقال طلقتك قيل هو جواب ويتم الخلع وقيل لا بل رجعي وقيل يسأل الزوج عن النية وفي المسألة الأولى ينبغي أن يسأل أيضا اه وفي البزازية والمختار أنه إذا أراد الجواب يكون جوابا ويجعل كأنه قال أنت طالق بالخلع لأنه خرج جوابا فيكون خلعا ويبرأ عن المهر قوله (ولا رواية الخ) ذكر ذلك في آخر القنية في باب المسائل التي لم يوجد فيها رواية ولا جواب شاف للمتأخرين وقال فهل يقع بائنا للمقابلة بالمال كمسألة الزيادات أم رجعيا وهل يبرأ الزوج لوجود الشرط صورة أو لا يبرأ اه ونقل عبارته في البحر معي قوله ولزمها المال وكتبت فيما علقته عليه أن صاحب القنية ذكر في الحاوي عن الأسرار الجواب بين الواقع رجعي ويبرأ الزوج لتراضيهما على وقوع الرجعي ومقابلته بالمال لا تغيره عن وصفه بالرجعي وأما مسألة الزيادات فهي فيما إذا طلبت منه المرأة طلقتين بائنتين بألف فمقابلة المال تغير وصفه بالرجعي فيلغو لأنها لم ترض بلزوم الألف مع بقاء النكاح ولأنه الباء تصحب الأعواض والعوض يستلزم المعوض وهو انصرام النكاح بينهما اه ملخصا قلت هذا الجواب إنما يظهر إذا كان الواقع أنه قال ذلك بعد طلبها منه البائنتين أما لو ابتدأ الزوج بذلك وقالت قبلت يلزم أن يقع به الرجعي لوجود تراضيهما على ذلك مع أن المنقول يخالفه ففي الذخيرة من الباب السادس في الطلاق أنت طالق الساعة واحدة وغدا أخرى بألف فقبلت وقع في الحال واحدة بنصف الألف وغدا أخرى بلا شئ لأن شرط وجوب البدل بالطلاق زوال الملك به وقد زال الملك بالأولى لكن إن تزوجها قبل مجئ الغد تطلق أخرى غدا بنصف الألف لزوال الملك بها ولو قال للمدخولة أنت طالق الساعة واحدة رجعية وغدا أخرى بألف فقبلت وقعت في الحال واحدة بلا شئ لوصفها بما ينافي البدل فإن الطلاق ببدل لا يكون رجعيا وفي الغد تطلق أخرى بألف لزوال الملك بها لأن الأولى رجعية لا تزيله ولو قال أنت طالق اليوم بائنة وغدا أخرى بألف أنكر في الحال بائنة بلا شئ لأن البائن بصريح الإبانة لا يقابله شئ وغدا أي أخرى بلا شئ لأن الملك زال بالأولى لا بها إلا إذا تزوجها قبل مجئ الغد فتقع أخرى بألف لزوال الملك بها ولو قالت أنت طالق الساعة واحدة رجعية وغدا أخرى رجعية بألف ينصرف البدل إليهما وكذا أنت طالق الساعة ثلاثا وغدا أخرى بائنة بألف أو الساعة واحدة بغير شئ وغدا أخرى بغير شئ بألف درهم ينصرف إليهما فتكونان بائنتين لأنه لا بد من إلغاء الوصف المنافي أو البدل وإلغاء الأول أولى لأن الآخر ناسخ له فتقع واحدة في الحال بنصف الألف وغدا أخرى مجانا إلا إذا تزوجها قبل الغد فتقع الثانية بنصفه ولو قال أنت طالق اليوم واحدة وغدا أخرى رجعية بألف ينصرف البدل إليهما أيضا لأنه وصف الثانية بالمنافي فينصرف البدل إلى الطلقتين اه ملخصا وقد ذكر في الفتح لذلك أصلا وهو أنه متى ذكر طلاقين وذكر عقبيهما مالا يكون مقابلا بهما إلا إذا وصف الأول بما ينافي وجوب المال فيكون المال حينئذ مقابلا بالثاني وأنه يشترط للزوم حصول المال حصول البينونة به اه وقوله إلا إذا وصف الأول أي فقط فلو وصف بالمنافي كلا
509 منهما أو الثاني فقط أو لم يصف شيئا منهما بما ينافي يكون المال مقابلا بهما لا يضر عدم وجوب شئ بالثاني لعارض بينونة سابقة عليه لأن ذلك العارض إذا قال كما إذا تزوجها قبل وقت الثاني يجب المال به أيضا وبهذا يسهل فهم هذه المسائل قوله (لكن في الزيادات الخ) ليس في عبارة القنية والحاوي المنقولة عن الزيادات لفظ رجعيا في الموضعين بل في الأول فقط والمناسب ما فعله الشارح من ذكره في الموضعين ليوافق ما ذكرناه آنفا إذ على ما في القنية لا يكون البدل لهما بل للثاني فقط لزوال الملك به كما مر التصريح به في عبارة الذخيرة بحال الفتح قوله (لكن يقع الخ) هذا غير مذكور في عبارة الزيادات المنقولة في القنية ولا يناسبها أيضا لما علمت نعم هو الصحيح على ما ذكره الشارح ومر التصريح به في عبارة الذخيرة في هذه المسألة فافهم قال ح يعني أن في اليوم الأول يقع طلقة بائنة بخمسمائة وفي غد أنكر أخرى بخمسمائة إن عقد عليها قبل مجئ الغد وإلا وقعت أخرى بغير شئ اه قوله (وفي الظهيرية الخ) لم أجده فيها ونقله في البحر عن الولوالجية بلفظ فأمرك بيدك فطلقي نفسك متى شئت ومثله في جامع الفصولين بلفظ لتطلقي وقد أسقطه الشارح ولا بد منه لقوله بعده ويقع الرجعي إذ لو لم يذكر الصريح تفسيرا لما قبله لكان الواقع البائن لأن التفويض بالأمر باليد من الكنايات ويقع به البائن وإن قالت طلقت نفسي لأن العبرة بتفويض الزوج لا لإيقاع المرأة كما مر في محله فإذا أتى بعده بالصريح اعتبر كما هنا ففي الذخيرة أمرك بيدك في تطليقة فهي رجعية اه ولذا قال في البحر لا يسقط المهر لعدم صحة إبراء الصغيرة ويقع الرجعي لأنه كالقائل لها عند وجود الشرط أنت طالق على كذا وحكمه ما ذكرنا اه ومثله في جامع الفصولين في إيجاب بدل لخلع على لزوج قوله (أو كذا منا) المن رطلان والأرز بفتح الهمزة وتشديد الزاي معروف ط قوله (أوسع من البيع) أي من السلم لأنه هو الذي يشترط فيه ذلك ط قوله (قلت ومفاده الخ) مخالف لما قدمه معي قوله ويسقط الخلع والمبارأة الخ من قوله خلعتك على عبدي وقف على قبولها ولم يجب شئ وقدمنا هناك عن المجتبى ما يؤيده لكن ذكر في البحر هناك عن البزازية اختلعت مع زوجها على مهرها ونفقة عدتها على أن الزوج يرد عليها عشرين درهما صح ولزم الزوج عشرون دليله ما ذكر في الأصل خالعت على دار على أن الزوج يرد عليها ألفا لا شفعة فيه وفيه دليل على أن إيجاب بدل الخلع عليه يصح وفي صلح القدوري ادعت عليه نكاحا وصالحها على مال بدله لها لم يجز وفي بعض
510 النسخ جاز والرواية الأولى تخالف المتقدم والتوفيق أنها إذا خالعت على بدل يجوز إيجاب البدل على الزوج أيضا ويكون مقابلا ببدل الخلع وكذا إذا لم يذكر نفقة العدة في الخلع يكون تقدير النفقة العدة أما إذا خالعت على نفقة العدة ولم تذكر عوضا آخر ينبغي أن لا يجب بدل الخلع على الزوج اه ما في البحر عن البزازية وهذا من الحسن بمكان نهر والحاصل أنه لا وجه لإيجاب البدل على الزوج لأن الخلع عقد معاوضة من جهتها فإنها تملك نفسها بما تدفعه له ولذا كان الطلاق على مال بائنا حتى لو أبانها قبله لم يجب المال لعدم ما يقابله وحينئذ فإن خالعها على مال أو على ما في ذمته من المهر وشرط على نفسه لها ما لا يجعل ذلك استثناء من بدل الخلع فإن زاد عليه أو لم يكن بدل أصلا يجعل تقديرا لنفقة العدة إلا إذا كانت النفقة مخالعا عليها أيضا فلا يجب الزائد والله سبحانه أعلم لكن ذكر في البزازية في موضع آخر وأقره عليه في البحر أن المختار جواز البدل عليه وطريقه بالحمل على الاستثناء من المهر إن كان عليه مهر وإلا فهو استثناء من النفقة فإن زاد عليها يجعل كأنه زاد على مهرها ذلك القدر قبل الخلع ثم خالعها تصحيحا للخلع بقدر الإمكان اه وقوله استثناء من النفقة أي إذا خالعها عليها وإلا فهو تقدير لها كما مر وفي جامع الفصولين لا حاجة إلى هذا التطويل وتلحق الزيادة بأصل العقد كما في البيع قوله (اختلعت بشرط الصك) أي بشرط أن يكتب لها صكا فيه ذلك والصك الكتاب الذي يكتب في المعاملات والأقارير جمعه صكوك كفلس وفلوس وصكاك كسهم وسهام مصباح قوله (لم تحرم) أي بمجرد قبوله بل لا بد من كتابة الصك ورد الأقمشة ولا بد أن يكون ذلك في المجلس ح والله تعالى أعلم الظهار مناسبته للخلع أن كلا منهما يكون عن النشوز ظاهرا أو قدم الخلع لأنه أكمل في باب التحريم إذ هو تحريم يقطع النكاح وهذا مع بقائه فتح قوله (هو لغة الخ) هذا أحد معانيه في اللغة لأن ظاهر مفاعلة من الظهر فيقال ظاهرته إذا قابلت ظهرك لظهره حقيقة وإذا غايظته لأن المغايظة تقتضي هذه المقابلة وإذا نصرته لأنه يقال قوي ظهره إذا نصره وتمامه في الفتح وفيه وإنما عدي بمن مع أنه متعد بنفسه لتضمنه معنى التعبد لأنه كان طلاقا وهو مبعد اه وفي البحر عن المصباح وإنما خص بذكر الظهر لأنه من الدابة موضع الركوب والمرأة مركوبة وقت الغشيان فركوب الأم مستعار من ركوب الدابة ثم العطار ركوب الزوجة بركوب الأم الممتنع وهو استعارة لطيفة فكأنه قال ركوبك للنكاح حرام علي قوله (وشرعا تشبيه المسلم الخ) شمل التشبيه الصريح والضمني كما لو كانت امرأة رجل ظاهر منها زوجها فقال أنت علي مثل فلانة ينوي ذلك وكذا لو ظاهر من امرأته فقال للأخرى أشركتك في ظهارها أو أنت علي مثل هذه ناويا فإنه يكون مظاهرا ولو بعد موتها وبعد التكفير لتضمنه أنت علي كظهر أمي وشمل المعلق ولو
511 بمشيئتها والمؤقت بيوم أو شهر كما سيأتي بحر واحترز به عن نحو أنت أمي بلا تشبيه فإنه باطل وإن نوى كما سيأتي والمراد بالمسلم العاقل ولو حكما البالغ فلا يصح ظهار المجنون والصبي والمعتوه والمدهوش والمبرسم والمغمى عليه والنائم ويصح من السكران والمكره والمخطئ والأخرس بإشارته المفهمة ولو بكتابة الناطق المستبينة أو بشرط الخيار كما في البدائع نهر ولو ظاهر ثم ارتد بقي ظهاره عنده لا عندهما بحر قوله (فلا ظهار لذمي) لأنه ليس من أهل الكفارة ويصح عند الشافعي ط قوله (زوجته) شمل الأمة وخرجت مملوكته والأجنبية إلا إذا أضافه إلى سبب الملك كما سيأتي والمبانة بواحدة أو ثلاث قال في البحر حتى لو علق الظهار بشرط ثم أبانها ثم وجد الشرط في العدة لا يصير مظاهرا لأنه وقت وجود الشرط صادق في التشبيه بخلاف الإبانة المعلقة لأن فائدتها تنقيص العدد قوله (ولو كتابية) الأولى ولو كافرة ليشمل المجوسية ففي البحر عن المحيط أسلم زوج المجوسية فظاهر منها قبل عرض الإسلام عليها صح لكونه من أهل الكفارة ودخل فيه الرتقاء والمدخولة وغيرها كما في النهر قوله (من أعضائها) كالرأس والرقبة قوله (أو تشبيه جزء شائع) كنصفك ونحوه والأصوب أن يقول أو تشبيه جزءا شائعا بالإضافة إلى ضمير الفاعل ونصب جزءا شائعا لأنه في كلام المصنف معطوف على زوجته المنصوب على المفعولية قوله (بمحرم عليه) أي بعضو يحرم النظر إليه من أعضاء محرمة عليه نسبا أو صهرية أو رضاعا كما في البحر أو بجملتها كأنت علي كأمي فإنه تشبيه بالظهر وزيادة كما يأتي لكن هذا كناية لا بد له من النية كما سيأتي بعدم أنه لا بد في المشبه به من كون الجزء يحرم النظر إليه وإلا فلا يصح وإن كان يعبر به عن الكل كرأسك أمي أو وجهها بخلاف الزوجة المشبهة فإنه يكفي ذكر الجزء الذي يعبر به عن الكل منها وإن لم يحرم النظر إليه كرأس فتنبه وخرج بالمحرمة عليه زوجته الأخرى وأمته قال في الفتح ولا فرق بين كون ذلك العضو الظهر أو غيره مما لا يحل النظر إليه وإنما خص باسم الظهار تغليبا للظهر لأنه كان الأصل في استعمالهم وقيد في النهاية التحريم بكونه متفقا عليه احترازا عن أن المزني بها وبنتها فلو شبهها بهما لم يكن مظاهرا وعزاه إلى شرح الطحاوي لكن هذا قول محمد وقال أبو يوسف يكون مظاهرا قيل وهو قول الإمام قال القاضي ظهير الدين وهو الصحيح لكن رجح العمادي قول محمد نهر ما يسوغ فيه لاجتهاد قال في الفتح والخلاف مبني على نفاذ حكم الحاكم بحل نكاحها وعدمه لا عن كون الحرمة مجمعا عليها أو لا بل على كونها يسوغ فيه الاجتهاد أو لا وعدم تسويغ الاجتهاد لوجود الإجماع أو النص الغير المحتمل للتأويل بلا معارضة نص آخر في نظر المجتهد وإن كانت المعارضة ثابتة في الواقع ولهذا يختلف في كون المحل يسوغ فيه الاجتهاد وفي نفاذ حكم الحاكم بخلافه اه قوله (بوصف) الباء لسببية التحريم أو التأبيد قوله (لا يمكن زواله) كالأمية والأختية ولو رضاعا والمصاهرة قوله (لجواز إسلامها) أي وصيرورتها كتابية كما في البحر فحرمتها مؤبدة
512 بالنظر إلى بقاء وصف المجوسية غير مؤبدة إذا انقطع ط قوله (ورده في النهر بما في البدائع الخ) أقول ومثله ما في الخانية التشبيه بالرجل أي رجل كان لا يكون ظهارا ونحوه في التاترخانية عن التهذيب وكذا في الظهيرية ثم رأيته أيضا صريحا في كافي الحاكم وهذا يعارض ما بحثه في المحيط بلفظ وينبغي أن يكون مظاهرا قال في النهر وبه اندفع ما في البحر حيث جزم بما في المحيط ولم ينقله بحثا قوله (نعم يرد ما في الخانية الخ) كذا في النهر وهو مردود فإن الذي في الخانية خلاف هذا ونصه ولو قال لامرأته أنت علي كالميتة والدم ولحم الخنزير اختلفت الروايات فيه والصحيح أنه إن لم ينو شيئا لا يكون إيلاء وإن نوى الطلاق يكون طلاقا وأن نوى الظهار لا يكون ظهارا اه وكذا في التاترخانية والشرنبلالية معزيا ل للخانية فعلم أن لفظة لا ساقطة من نسخة صاحب النهر وبه تأيد ما في البدائع وغيرها فافهم قوله (فإن التشبيه بالأم الخ) جواب عما قيل إنه ليس فيه تشبيه بعضو يحرم النظر إليه من محرمه قوله (معزيا ل للمحيط) الذي رأيته في القهستاني عزوه للنظم بدون ذكر التصحيح وإنما هو مذكور في الخانية ولكن لعكس ما قال كما علمت قوله (كإن نكحتك) أي تزوجتك وهذا مثال لسبب الملك ومثال الملك كإن صرت زوجة لي قوله (فكذا) أي فأنت علي كظهر أمي ولو زاد وأنت طالق ثم تزوجها بعد ما وقع الطلاق المعلق بقي حكم الظهار إلا إذا قدم فقال أنت طالق وأنت علي كظهر أمي لأنها بانت بنزول الطلاق أو لا لكونه قبل الدخول بناء على الترتيب في النزول عنده خلافا لهما كما في الدر المنتقى آخر الباب وقدمناه في التعليق وفي أول باب الإيلاء قوله (مائة مرة) يحتمل أن يكون حالا من مقول القول أي قال ذلك الكلام مكررا له مائة مرة والأقرب المتبادر أنه حال من جملة جواب الشرط فهو من تتمة القول وتكرر الظهار والكفارة على الأولى ظاهر وكذا على الثاني بمنزلة ما لو قال أنت مرارا أو ألوفا حيث تطلق ثلاثا كما مر معي باب طلاق غير المدخول بها بخلاف ما لو قال أنت علي حرام ألف مرة وهي مدخول بها حيث أنكر واحدة فقط وقدمنا هناك وكذا في آخر الإيلاء الفرق بينهما بأن هذا بمنزلة تكرار هذا الكلام بقدر العدد المذكور والحرام إذا كرر مرارا لا يقع به إلا واحدة لأنه بائن بخلاف الطلاق لأنه صريح يلحق مثله والظهار يلحق الظهار أيضا كما سيأتي متنا فافهم قوله (وظهارها منه لغو) أي إذا قالت أنت علي كظهر أمي أو أنا عليك كظهر أمك فهو لغو لأن التحريم ليس إليها ط قوله (فلا حرمة الخ) بيان لكونه لغوا أي فلا حرمة عليها إذا مكنته من نفسها ولا كفارة ظهار ولا يمين ط قوله (به يفتى)
513 مقابلة ما في شرح الوهبانية للشرنبلالي عن الحسن بن زياد من صحة ظهارها وعليها كفارة الظهار وروى عن أبي يوسف اه ط قوله (إيجاب كفارة يمين) فتجب بالحنث وقيل كفارة ظهار فإن كان تعليقا تجب متى تزوجت به وإن كانت في نكاحه تجب للحال ما لم يطلقها لأنه لا يحل لها العزم على منعه من الجماع بحر عن ابن وهبان قوله (كأنت علي) قال في البحر ومني وعندي ومعي كعلي قوله (على كما في النهر) أي بحثا مخالفا لما بحثه في البحر من أنه ينبغي أن لا يكون مظاهرا وقال الخير الرملي لا يكون ظهارا ما لم ينو به الظهار لأن حذف الظرف عند العلم به جائز وإذا نواه صح تأمل اه وعليه فهو كناية ظهار تتوقف على النية لاحتمال كظهر أمي على غيري قوله (ونحوه الخ) قال في البحر كل ما صح إضافة الطلاق إليه كان مظاهرا به فخرج اليد والرجل أي ونحوهما قوله (كظهر أمي الخ) أي من كل عضو لا يحل النظر إليه من محرمة تأبيدا كما مر فخرج ما يحل النظر إليه كاليد والرجل والجنب فلا يكون ظهارا وفي الخانية أنت علي كركبة أمي في القياس يكون مظاهرا ولو قال فخذك كفخذ أمي لا يكون مظاهرا وكذا رأسك كرأس أمي اه أي لفقد الشرط في الثانية من جهة المشبه وفي الثالثة من جهة المشبه به قوله (ولا يخفى ما فيه من التكرار) وذلك في فرج الأم فإنه ذكر مرتين وأجاب ط بأن المراد بقوله أو فرج أمي أو فرج بنتي أنه ذكره مرددا بينهما قوله (والذي في نسخ المتن) أي المجرد عن الشرح قوله (يصير به مظاهرا بلا نية) أي لا يكون ظهارا ولو نوى به الطلاق لا يصح لأنه منسوخ فلا يتمكن من الإتيان به كذا في الهداية وهو يقتضي أن الظهار كان طلاقا في الإسلام حتى يوصف بالنسخ مع أنه قال أولا إنه كان طلاقا في الجاهلية وهو يقتضي أن جعله ظهارا ليس ناسخا بحر والجواب أنه كان طلاقا فيهما بدليل قوله عليه الصلاة والسلام ما أراك إلا قد حرمت عليه فنزلت الآية * (قد سمع) * (المجادلة 1) قوله (لأنه صريح) ظاهر كلامهم أن الصريح ما كان فيه ذكر العضو در منتقى وسيذكر المصنف ألفاظ الكناية قال ط فيصح ظهار الهازل ولا يوجب الظهار نقصان عدد الطلاق ولا بينونة وإن طالت المدة هندية قوله (ودواعيه) من القبلة والمس والنظر إلى فرجها بشهوة أما المس بغير شهوة فخارج بالإجماع نهر قوله (للمنع عن التماس الخ) أي في قوله تعالى * (من قبل أن يتماسا) * فإنه شامل للوطء ودواعيه ولا موجب فيه للحمل على المجاز وهو الوطء لإمكان الحقيقة فيحرم الكل بالنص كما في الفتح قلت وخروج المس بغير شهوة بالإجماع غير موجب للحمل على المجاز خلافا لما في البحر قوله (ولا يحرم النظر) أي إلى ظهرها وبطنها ولا إلى الشعر والصدر بحر أي ولو
514 بشهوة بخلاف النظر إلى الفرج بشهوة كما مر قوله (للشفقة) أفاد أن التقبيل لا يحرم إلا إذا كان عن شهوة وينبغي تقييده بأن لا يكون على الفم لأنه على الفم يوجب حرمة المصاهرة مطلقا تأمل (1) قوله (حتى يكفر) غاية لقوله فيحرم وهذا إذا لم يكن مؤقتا فلو مؤقتا سقط بمضي الوقت كما يأتي قوله (وإن عادت إليه الخ) قال في النهر أفاد ب الغاية أي بقوله حتى يكفر أنه لو طلقها ثلاثا ثم عادت إليه تعود بالظهار وكذا لو كانت أمة فاشتراها وانفسخ العقد أو كانت حرة فلحقت مرتدة بدار الحرب وسبيت ثم اشتراها لا تحل له ما لم يكفر قوله (وكذا اللعان) أي تبقى حرمته مؤبدة ولو عادت إليه بعد زوج آخر حتى تصدقه أو يكذب نفسه أو يخرجا أو أحدهما عن أهلية اللعان كما سيأتي تقريره ولا يخفى أن كونها أمة أو مرتد مخرج لها عن أهلية اللعان فلا يصح تصوير المسألة بهما أيضا فافهم قوله (تاب واستغفر) قال في البحر الاستغفار منقول في الموطأ من قول مالك والمراد منه التوبة من هذه المعصية وهي حرمة الوطء قبل الكفارة اه وأفاد أنه لم يثبت به حديث كما في الفتح لكن نقل نوح أفندي عن العلامة قاسم أنه ذكره محمد في الأصل فقال باب الظهار بلغنا عن رسول الله أن رجلا ظاهر من امرأته فوقع عليها قبل أن يكفر فبلغ ذلك النبي فأمره أن يستغفر الله تعالى ولا يعود حتى يكفر بلاغات محمد رحمه الله مسندة وبلاغات محمد مسندة وقد أسند كتاب الصوم قوله (وقيل عليه أخرى للوطء) ظاهره أن القائل به من أهل المذهب وليس كذلك لما في الفتح فلا تجب كفارتان كما نقل عن عمرو بن العاص وقبيصة وسعيد بن حبير والزهوي وقتادة ولا ثلاث كفارات كما هو عن الحسن البصري والنخعي قوله (ولا يعود الخ) فإن عاد تاب واستغفر أيضا لقيام الحرمة قبل التكفير قوله (عزما مؤكدا) أي مستمرا بدليل ما بعده ط قوله (ولا كفارة عليه) لعدم العزم المؤكد لا لأنها وجبت عليه بنفس العزم ثم سقطت كما قال بعضهم لأنها بعد سقوطها لا تعود إلا بسبب جديد بحر عن البدائع لكن فيه في الباب الآتي ولو عزم ثم أبانها سقطت اه ويمكن الجواب بأنه عبر به عن عدم الوجوب مسامحة قوله (على استباحة وطئها) قدر استباحة لقوله في البحر ومراد المشايخ من قولهم العزم على وطئها العزم على استباحة وطئها لا العزم على نفس الوطء لأنهم قالوا المراد في الآية * (ثم يعودون) * (المجادلة 3) لنقض ما قالوا ورفعه وهو إنما يكون باستباحتها بعد تحريمها لكونه ضدا للحرمة لا نفس وطئها قوله (أي يرجعون الخ) تفسير لقوله
(1) قوله: (لأنه على الفم يوجب حرمة المصاهرة مطلقا تأمل) فيه ان ثبوت حرمة المصاهرة بهذا التقبيل لا تقتضي حرمته على المظاهر بدون شهوة لما بينهما من الفرق، فان حرمة المصاهرة فيها شبه المعاملات من حيث إن للقاضي التفريق بين المتعانقين على الفم إذا تزوجا بخلاف هذا فإنه امر ديني محض لا تعلق للقاضي به فيكون الفم في هذا الحكم كسائر الأعضاء متى علم الرجل من نفسه انه يأمن من وجود الشهوة بهذا التقبيل يكون له ذلك ولا اثم يفعله ا ه. 515 يعودون والمناسب التعبير بأو العاطفة بدل أي التفسيرية لأن تفسير العود بالعزم على استباحة الوطء مبني على أن الآية على تقدير مضاف أي يعودون لضد أو لنقض ما قالوا كما مر وهذا تفسير آخر مبني على ما نقله عن الفراء تأمل قوله (وعلى القاضي إلزامه به) اعترض بأنه لا فائدة للإجبار على التكفير إلا الوطء والوطء لا يقضي به عليه إلا مرة واحدة في العمر كما في القسم ولهذا لو صار عنينا بعد ما وطئها مرة لا يؤجل قال الحموي وفرض المسألة فيما إذا لم يطأها قبل الظهار أبدا بعيد وقد يقال فائدة الإجبار على التكفير رفع المعصية اه أي أن الظهار معصية حاملة له على الامتناع من حقها الواجب عليه ديانة فيأمره برفعها لتحل له كما يأمر المولى من امرأته بقربانها في المدة أو يفرق بينهما فإن لم يقر بها بانت منه لدفع كلاهما عنها قوله (بحبس أو ضرب) أي بحبسه أو لا فإن أبى ضربه كما في البحر قوله (ولو قيده بوقت الخ) فلو أراد قربانها انظر الوقت لا يجوز بلا كفارة بحر والظاهر أن الوقت إذا كان أربعة أشهر فأكثر أنه لا يكون إيلاء لعدم ركنه وهو الحلف أو التعليق كالصمم ط وهو ظاهر وفي الزيلعي في غير هذا المحل وقول من قال إن الظهار يمين فاسد لأن الظهار منكر من القول وزور محض واليمين يطلق مشروع مباح اه ثم رأيت في كافي الحاكم ولا يدخل على المظاهر إيلاء وإن لم يجامعها أربعة أشهر اه قوله (بخلاف مشيئة فلان) فإنها لا تبطله بل إن شاء فلان في المجلس كان ظهارا كما في النهر ح قوله (وإن نوى الخ) بيان لكنايات الظهار وأشار إلى أن صريحه لا بد فيه من ذكر العضو بحر قوله (لأنه كناية) أي من كنايات الظهار والطلاق قال في البحر وإذا نوى به الطلاق كان بائنا كلفظ الحرام وإن نوى فهو إيلاء عند أبي يوسف وظهار عند محمد والصحيح أنه ظهار عند الكل لأنه تحريم مؤكد بالتشبيه اه ونظر فيه في الفتح بأنه إنما يتجه في أنت علي حرام كأمي والكلام في مجرد أنت كأمي اه أي بدون لفظ حرام قلت وقد يجاب بأن الحرمة مرادة وإن لم تذكر صريحا هذا وقال الخير الرملي وكذا لو نوى الحرمة المجردة ينبغي أن يكون ظهارا وينبغي أن لا يصدق قضاء في إرادة البر إذا كان في حال المشاجرة وذكر الطلاق اه قوله (حذف الكاف) بأن قال أنت أمي ومن بعض الظن جعله من باب زيد أسد در منتقى عن القهستاني قلت ويدل عليه ما نذكره عن الفتح من أنه لا بد من التصريح بالأداة قوله (لغا) لأنه مجمل في حق التشبيه فما لم يتبين مراد مخصوص لا يحكم بشئ فتح قوله (ويكره الخ) جزم بالكراهة تبعا ل البحر والنهر والذي في الفتح وفي أنت أمي لا يكون مظاهرا وينبغي أن يكون مكروها فقد صرحوا بأن قوله لزوجته يا أخية مكروه وفيه حديث رواه أبو داود أن رسول الله سمع رجلا يقول لامرأته يا
516 أخية فكره ذلك ونهى عنه ومعنى النهي قربه من لفظ التشبيه ولولا هذا الحديث لأمكن أن يقول هو ظهار لأن التشبيه في أنت أمي أقوى منه مع ذكر الأداة ولفظ يا أخية استعارة بلا شك وهي مبنية على التشبيه لكن الحديث أفاد كونه ليعين ظهارا حيث لم يبين فيه حكما سوى الكراهة والنهي فعلم أنه لا بد في كونه ظهارا من التصريح بأداة التشبيه شرعا ومثله أن يقول لها يا بنتي أو يا أختي ونحوه قوله (من ظهار) لأنه شبهها في الحرمة بأمه وهو إذا شبهها بظهرها يكون مظاهرا فبكلها أولى نهر قوله (أو طلاق) لأن هذا اللفظ من الكنايات وبها يقع الطلاق بالنية أو دلالة الحال على ما مر وقوله كأمي تأكيد للحرمة ولم أر ما لو قامت دلالة على إرادة الطلاق بأن سألته إياه وقال نويت الظهار نهر قلت ينبغي أن لا يصدق لأن دلالة الحال قرينة ظاهرة تقدم على النية في باب الكنايات فلا يصدق قي نية الأدنى لأن فيه تخفيفا عليه تأمل هذا ولم يبين في هذه المسألة ما إذا نوى الإيلاء أو مجرد التحريم وفي التاترخانية عن المحيط وإن نوى التحريم لا غير صحت نيته وفيها عن الخانية إن نوى الطلاق أو الظهار أو الإيلاء فهو على ما نوى قال الخير الرملي وإذا قلنا بصحة نية التحريم يكون إيلاء عند أبي يوسف وظهارا عند محمد وعلى ما صحح فيما تقدم يكون ظهارا على قول الكل لأنه تحريم مؤكد بالتشبيه وإنما ذكرنا ذلك لكثرة وقوعه في ديارنا اه قلت وفي كافي الحاكم وإن أراد التحريم ولم ينو الطلاق فهو ظهار اه قوله (ثبت الأدنى) لعدم إزالته ملك النكاح وإن طال ط قوله (في الأصح) لأنه تحريم مؤكد بالتشبيه كما مر قال في الخانية وفي رواية عن أبي حنيفة يكون إيلاء والصحيح الأول قوله (لأنه صريح) لأن فيه التصريح بالظهر فكان مظاهرا سواء نوى الطلاق أو الإيلاء أو لم تكن له نية بحر وعندهما إذا نوى الطلاق أو الإيلاء فعلى ما نوى وعن أبي يوسف إذا أراد به الطلاق لزمه ولا يصدق في ابطال الظهار وكذا إذا أراد به اليمين فيكون موليا مظاهرا تاترخانية قوله (من أمته) أي لا يصح ظهاره منها ابتداء أما بقاء فيصح لما مر أنه لو ظاهر من زوجته الأمة ثم اشتراها بقي الظهار لأن حرمة الظهار إذا صادفت المحل لا تزول إلا بكفارة كما في النهر قوله (ثم أجازت) أي أجازت النكاح وإنما بطل الظهار لأنه صادق في التشبيه قبل الإجازة ولا يتوقف بالإرادة ظهاره على الإجازة وتمامه في البحر قوله (كالإيلاء) فإنه لو آلى منهن كان موليا منم ولزمه كفارة واحدة والفرق عندنا أن الكفارة في الظهار لرفع الحرمة وهي متعددة بتعددهن وفي الإيلاء لهتك حرمة الاسم الكريم وهو ليس بمتعدد أفاده في البحر وغيره قوله (فإن بمجلس صدق قضاء الخ)
517 أقول الذي في فتح القدير لو كرر الظهار من امرأة واحدة مرتين أو أكثر في مجلس أو مجالس تتكرر الكفارة بتعدده إلا إن نوى بما بعد الأول تأكيدا فيصدق قضاء فيهما لا كما قيل في المجلس لا المجالس اه ومثله في الشرنبلالية عن السراج وقال في البحر وفي بعض الكتب فرق بين المجلس والمجالس والمعتمد الأول اه وبه تعلم أنه اشتبه الأمر على المصنف والشارح ثم رأيت ط نبه على ذلك قوله (وكذا) أي يتكرر الظهار والكفارة لو علقه بنكاحها بما يفيد التكرار كما مر أي في قوله لو قال إن تزوجتك فأنت علي كظهر أمي مائة مرة وكذا لو علقه بشرط متكرر كما يأتي قريبا قوله (اتحد) أي كان ظهارا واحدا بحر فيبطل بكفارة واحدة هندية وليس له أن يقربها ليلا اه ط أي قبل الكفارة لأنه ظهار مؤبد قوله (تجدد) أي الظهار كل يوم فإذا مضى يوم بطل ظهار ذلك اليوم وكان مظاهرا في ذلك اليوم الآخر وله أن يقربها ليلا بحر لأن الظرف فيه معنى الشرط اه ط وإذا عزم على وطئها نهارا لزمه كفارة ذلك اليوم دون ما مضى لبطلانه كما هو ظاهر قوله (فكلما جاء يوم صار الخ) في العبارة سقط يوضحه ما في البحر أنت علي كظهر أمي اليوم وكلما جاء يوم كان مظاهرا منها اليوم وإذا مضى بطل هذا الظهار وله أن يقربها في الليل فإذا جاء غد كان مظاهرا ظهارا آخر دائما غير مؤقت وكذلك كلما جاء يوم صار مظاهرا ظهارا آخر مع بقاء الأول اه ومقتضاه أي يكفر لليوم الأول إذا عزم فيه ثم بعده إذا عزم يكفر عن كل واحد من الأيام السابقة على يوم عزمه لبقاء ظهار كل يوم مع تجدد ما يأتي بعده لأن كلما لتكرار الأفعال بخلاف كل لأنها لعموم الأفراد أي الأيام في مثل قوله كل يوم في المسألة السابقة قوله (بشرط متكرر) كقوله كلما دخلت الدار فأنت علي كظهر أمي فيتكرر بتكرر الدخول كما في البحر قوله (ويصح تكفيره في رجب) وكذا في رمضان فيما يظهر بل أولى قوله (لا في شعبان) لأن له وطأها فيه بلا كفارة لعدم دخوله في مدة الظهار والكفارة لاستباحة الوطء الممنوع شرعا عند العزم عليه فلا تجب قبله والظاهر أنه لا فرق في ذلك بين كونه وطئها في رجب أو لا لأنه بالوطء قبل التكفير لا يلزمه إلا التوبة والاستغفار ويلزمه التكفير عند العزم على الوطء ولزوم التكفير بالظهار السابق لا بالوطء فلا يصح التكفير في غير مدته سواء وطئها قبله أو لا فافهم والله سبحانه أعلم الكفارة قوله (اختلف في سببها) أي سبب وجوبها أما سبب مشروعيتها فما هو سبب لوجوب التوبة وهو إسلامه وعهده مع الله تعالى أن لا يعصيه وإذا عصاه تاب لأنها من تمام التوبة لأنها شرعت للتكفير بحر قوله (والجمهور أنه الظهار والعود) أي هو مركب منهما وقيل الظهار فقط والعود
518 شرط لأن سببها ما تضاف إليه وقيل عكسه وقيل العزم على إباحة الوطء وهو قول كثير من مشايخنا وتمام الكلام عليه في الفتح أول الباب السابق لاستحالة في جعل لمعصية سببا للعبادة وفي البحر ما يؤيد أنه الظهار حيث قال وفي الطريقة المعينية لا استحالة في جعل المعصية سببا للعبادة التي حكمها أن تكفر المعصية وتذهب السيئة خصوصا إذا صار معنى الزجر فيها مقصودا وإنما المحال أن تجعل سببا للعبادة الموصلة إلى الجنة اه وفيه أيضا أنه لا ثمرة لهذا الاختلاف قوله (من كفر) بيان لمادة الاشتقاق لا للمشتق منه لأنه المصدر لا الفعل قوله (محاه) كذا في المصباح والأنسب ستره ففي البحر عن المحيط أنها منبئة عن الستر لغة لأنها مأخوذة من الكفر وهو التغطية والستر اه ومنه سمي الزارع كافرا وظاهر هذا أن المعصية لا تمحى من الصحيفة بل تستر ولا يؤاخذ بها مع بقائها فيها وهو أحد قولين وأن الذنب يسقط بها بدون توبة وإليه يشير ما مر عن الطريقة المعينية لكن يخالفه ما مر عن البحر من أنها من تمام التوبة وهو الظاهر تنبيه ركن الكفارة الفعل المخصوص من إعتاق وصيام وإطعام ويشترط لوجوبها القدرة عليها ولصحتها النية المقارنة لفعلها لا المتأخرة ومصرفها مصرف الزكاة لكن الذمي مصرف لها أيضا دون الحربي وفيه كلام سيأتي وصفتها أنها عقوبة وجوبا عبادة أداء وحكمها سقوط الواجب عن الذمة وحصول النصارى المقتضي لتكفير الخطايا وهي واجبة على التراخي على الصحيح فلا يأثم بالتأخير عن أول أوقات الإمكان ويكون مؤديا لا قاضيا ويتضيق من آخر عمره فيأثم بموته قبل أدائها ولا تؤخذ من تركته بلا وصية من الثالث ولو تبرع الوارث بها جاز إلا في الإعتاق والصوم وتمامه في البحر قلت لكن مر أنه يجبر على التكفير للظهار ومقتضاه الإثم بالتأخير وأيضا فحيث كانت من تمام التوبة يجب تعجيلها فتأمل قوله (تحرير رقبة) لا بد أم تكون الرقبة غير المظاهر منها لما في الظهيرية والتاترخانية أمة تحت رجل ظاهر منها ثم اشتراها وأعتقها عن ظهاره قبل لم يجز عندهما خلافا لأبي يوسف بحر وفيه عن التاترخانية ولا بد أن يكون المعتق صحيحا وإلا فإن مات من مرضه وهو لا يخرج من الثلث لا يجوز وإن أجاز الورثة ولو برئ جاز قوله (قبل الوطء) ليس قيدا للصحة بل للوجوب ونفي الحرمة وفي معنى الوطء دواعيه قوله (بنية الكفارة) أي نية مقارنة لإعتاقه أو لشراء القريب كما يأتي قوله (فلو ورث أباه) تفريع على قوله أي إعتاقها فإنه يفيد أنه لا بد من صنعه والإرث جبري وصورة إرث الأب أن يملكه ذو رحم من الابن كخالته ثم تموت عنه فلو نوى الكفارة حين موتها لم يجزه بخلاف ما لو نواها عند شرائه أباه كما يأتي قوله (ولو صغيرا الخ) تعميم للرقبة لأن الرقبة كما في الهداية عبارة عن الذات أي الشئ المرقوق المملوك من كل وجه فشمل جميع ما ذكر وقوله من كل وجه متعلق بالمرقوق لأن دابة في الرق شرط دون الملك ولذا جاز المكاتب الذي لم يؤد شيئا لا المدبر عناية وخرج الجنين وإن ولدته لأقل من ستة أشهر لأنه رقبة من وجه جزء من الأم من وجه جزء من الأم من وجه حتى يعتق
519 بإعتاقها كما في البحر عن المحيط ودخل الكبير ولو شيخا فانيا والمريض الذي يرجى برؤه والمغصوب إذا وصل إليه بحر لكن في الهندية عن غاية السروجي ولا يجزئ الهرم العاجز قوله (أو مباح الدم) عزاه في البحر إلى جامع الجوامع وذكر قبله عن محمد أنه إذا قضى بدمه ثم أعتقه عن ظهاره ثم عفى عنه لم يجز ومثله في الفتح وظاهر الأول الجواز وإن لم يعف عنه وليراجع فافهم قوله (أو مرهونا) في البحر عن البدائع وكذا لو أعتق عبدا مرهونا فسعى العبد في الدين فإنه يجوز عن الكفارة ويرجع على المولى لأن السعاية ليست ببدل عن الرق قوله (أو مديونا) أي وإن اختار الغرماء استسعاءه لأن استغراق الدين برقبته واستسعاءه لا يخل بالرق والملك فإن السعاية لم توجب الإخراج عن الحرية فوقع تحريرا من كل وجه بغير بدل عليه بحر عن المحيط قوله (أو مرتدة) أي بلا خلاف لأنها لا تقتل كذا في المقنع قوله (وفي المرتد الخ) خبر مقدم وقوله خلاف مبتدأ مؤخر وقد علمت أن مباح الدم فيه خلاف أيضا فكان المناسب ذكره هنا وظاهر الفتح اختيار الجواز في المرتد فإنه قال ويدخل في الكافرة المرتدة والمرتدة ولا خلاف في المرتدة لأنها لا تقتل وظاهره أن العلة في المرتد أنه يقتل وفي النهر وفي المرتد خلاف وبالجواز قال الكرخي كما لو أعتق حلال الدم ومن منع قال إنه بالردة صار حربيا وصرف الكفارة إليه لا يجوز اه أي لأن إعتاقه في حكم صرف الكفارة إليه ومقتضى هذا التعليل أن إعتاق الحربي لا يجزئ اتفاقا ولذا أطلق في الفتح عدم الإجزاء لكن في البحر عن التاترخانية لو أعتق عبدا حربيا في دار الحرب إن لم يخل سبيله لا يجوز وإن خلى سبيله ففيه اختلاف المشايخ بعضهم قالوا لا يجوز قوله (إن صيح به يسمع وإلا لا) كذا في الهداية وبه حصل التوفيق بين ظاهر الرواية أنه يجوز ورواية النوادر أنه لا يجوز بحمل الثانية على الذي ولد أصم وهو الأخرس فتح قوله (أو خصيا إلى قوله أو قرناء) لأنهم وإن فات فيهم جنس المنفعة لكنها غير مقصودة في الرقيق إذ المقصود فيه الاستخدام ذكرا أو أنثى حتى قالوا إن وطء الأمة من باب الاستخدام فإذا لم يكن وطؤها كان استخدامها قاصرا لا منعدما رحمتي قوله (أو مقطوع الأذنين) أي إذا كان السمع باقيا بحر لأن الفائت في هذه المسائل الزينة وهي غير مقصودة في الرقيق أما إذا عجز عن الأكل فإنه يؤدي إلى هلاكه ومنفعة الأكل فيه مقصودة فكان هالكا حكما كالمريض الذي لا يرجى برؤه رحمتي قوله (أو مكاتبا) لأن الرق فيه كامل وإن كان الملك ناقصا فيه وجواز الإعتاق عنها يعتمد كمال الرق لا كمال الملك أما لو أدى شيئا فلا يجوز عنها كما يأتي بحر قوله (لا الوارث) أي لو أعتقه الوارث عن كفارته لا يجوز عنها لأن المكاتب لا ينتقل إلى ملك الوارث بعد موت سيده لبقاء الكتابة بعد موته فلا ملك للوارث فيه بخلاف سيده وإنما جاز اعتاق الوارث له لتضمنه الإبراء عن بدل الكتابة المقتضي للإعتاق بحر قوله (شراء قريبة) أي قريب العبد وهو كل ذي رحم محرم منه والمراد بالشراء تملكه بصنعه فيدخل فيه قبول الهبة
520 والصدقة والوصية قوله (بنية الكفارة) الباء بمعنى مع فلو تأخرت النية عن الشراء ونحوه لم يجزه كما مر قال في البحر وما في الخانية من باب عتق القريب لو وكل رجلا بأن عمي أباه فيعتقه بعد شهر عن ظهاره فاشتراه الوكيل يعتق كما اشتراه ويجزي عن ظهار الآمر اه فمبني على إلغاء قوله بعد شهر لمخالفته المشروع وهو عتق المحرم عند الشراء اه قوله (بخلاف الإرث) أي لو نوى إعتاقه عند موت مورثه لم يجزه لأن الإرث جبري كما مر قوله (ثم باقيه) أي قبل المسيس بحر قوله (استحسانا) وفي القياس لا يصح لأنه بعتق النصف تمكن النقصان في الباقي فصار كما لو أعتق نصيبه من العبد المشترك فضمن نصيب شريكه وجه الاستحسان أن هذا النقصان من آثار العتق الأول بسبب الكفارة في ملكه ومثله غير مانع كمن أضجع شاة للتضحية وأصاب السكين عينها فذهبت بخلاف العبد المشترك كما يأتي بيانه وهذا عنده أما عندهما فالعتق لا يتجزأ فلو أعتق نصف عبده ولم يعتق الباقي جاز عندهما لأنه يعتق كله منح قوله (لا يجزئ فائت جنس المنفعة) أي منفعة البصر والسمع والنطق والبطش والسعي والعقل قهستاني والمراد فوت منفعة بتمامها ط أي منفعة ومقصودة من العبد فلا يرد فوات منفعة النسل في الخصي ونحوه كما مر قوله (ومريض لا يرجى برؤه) لأنه ميت حكما بحر وينبغي تقييده بما إذا مات من مرضه ذلك تأمل قوله (وساقط الأسنان) لأنه لا يقدر على المضغ بحر عن الولوالجية لكن فيه أن ذلك لا يفوت جنس المنفعة بالكلية وإنما ينقصها وقد مر أنه يجوز عتق الشيخ الفاني والطفل تأمل بحال الفتح لا ساقط الأسنان العاجز عن الأكل وظاهره أنه عجز عنه بالكلية وعليه فلا إشكال قوله (والمقطوع يداه) مثل أشل اليدين أو الرجلين والمفلوج اليابس الشق والمقعد والأصم الذي لا يسمع شيئا على المختار كما في الولوالجية بحر قوله (أو إبهامها) يعني أبهامي اليدين فلو قال أو إبهامهما لكان أولى ليخرج إبهامي الرجلين إذ لا يمنع قطعهما كما في السراج شرنبلالية قوله (أو ثلاث أصابع) لأن للأكثر حكم للكل فتح قوله (من جانب) بخلاف ما إذا كان من خلاف فإنه يجوز كما مر لأنه يمكنه المشي بإمساك العصا باليد السالمة والمشي على الرجل الأخرى قوله (ومعتوه ومغلوب) عبارة البحر عن الكافي وكذا المعتوه المغلوب بدون واو وهي كذا في بعض النسخ وفي بعضها ومفلوج قوله (ولا يجزئ مدبر وأم ولد) لاستحقاقهما الحرية بجهة فكان الرق فيهما ناقصا والإعتاق عن الكفارة يعتمد كمال الرق كالبيع فلذا لا يجوز بيعهما بحر قوله (ومكاتب أدى بعض بدله) لأنه تحرير بعوض قوله (جاز) لأنه بالتعجيز بطل عقد للكتابة قوله (وهي) أي مسألة تعجيز نفسه قوله
521 (لتمكن النقصان) لأن نصيب صاحبه قد انتقض على ملكه لتعذر استدامة الرق فيه ثم يتحول إليه بالضمان لو موسرا عند الإمام أما لو معسرا وسعى العبد في بقية قيمته حتى عتق فلا يجزئه اتفاقا لأنه عتق بعوض وعندهما يجزئه لو موسرا لأنه عتق كله بإعتاق البعض بناء على تجزئ الإعتاق عنده لا عندهما قوله (للأمر به قبل التماس) فالشرط للحل مطلقا إعتاق الرقبة قبل التماس ولم يوجد فتقرر الإثم بذلك الوطء ثم لم يمكن اعتبار ذلك النصف من الشرط حتى يكفي معه عتق النصف الباقي لأن المجموع حينئذ ليس قبل التماس بل بعضه قبله وبعضه بعده فليس هو الشرط فتبقى الحرمة بعد المجموع كما كانت إلى أن يوجد الشرط وهو عتق كل الرقبة أي قبل التماس الثاني ليحل هو وما بعده وتمامه في الفتح ثم هذا عنده أما عندهما فإعتقا النصف قبل الوطء للكل كما مر قوله (فإن لم يجد) أي وقت الأداء لا وقت الوجوب بحر وسيأتي في الفروع قوله (وإن احتاجه لخدمته) مبالغة على المفهوم فكأنه قال أما إن وجد تعين عنقه وإن احتاجه لخدمته قوله (أو لقضاء دينه الخ) قال في البحر وفي البدائع لو كان في ملكه رقبة صالحة للتكفير يجب عليه تحريرها سواء كان عليه دين أو لم يكن لأنه واجد حقيقة اه وحاصله أن الدين لا يمنع تحرير الرقبة الموجودة ويمنع وجوب شراها بمال على أحد القولين اه قوله (يعني العبد) أي أن الضمير في قوله يكون زمنا راجع للعبد وهذا التأويل لصاحب البحر وتبعه في النهر والمنح والشرنبلالية قوله (ويحتمل الخ) هذا هو المتبادر فإن كونه للخدمة يوفي كونه زمنا قوله (لكنه يحتاج إلى نقل) أي لأن ما في الجوهرة محتمل وعارضه ما في التاترخانية من قوله ومن ملك رقبة لزمه العتق وإن كان يحتاج إليها اه وكذا قول البدائع المتقدم لأنه واجد حقيقة أي فإن النصف دل على إجزاء الصوم عند عدم الوجدان وهذا واجد فإن قلت المحتاج إليه كالعدم ولذا جاز التيمم مع وجود الماء المحتاج إليه للعطش مع أن إجزاء التيمم مرتب في النص على عدم وجدان الماء قلت ذكر في الفتح أن الفرق عندنا أن الماء مأمور بإمساكه لعطشه واستعماله محظور عليه بخلاف الخادم ونقل ط عن السيد الحموي لو قيل بجواز الصوم إذا كان المولى زمنا لا يجد من يخدمه إذا أعتقه كان له وجه وجيه قلت هو ظاهر إذا لزم من الإعتاق تحميل ما لا يطلق كما إذا كان يكتسب له وينفق عليه ونحو ذلك فإيجاب إعتاقه مع ذلك مما يخالف قواعد خالف فلا يحتاج إلى نقل بخصوصه كما لا يخفى قوله (ولا يعتبر مسكنه) أي لا يكون به قادرا على العتق فلا يتعين عليه بيعه وشراء رقبة بل يجزئه الصوم لأنه كلباسه ولباس أهله خزانة وتقييدهم بالمسكن يفيد أنه لو كان له بيت غير مسكنه لزمه بيعه وفي الدر المنتقى ولا تعتبر ثيابه التي لا بد له منها اه ومفاده لزوم بيع ما لا يحتاجه
522 منها ط قوله (ولو له مال الخ) أي ثمن عبد فاضلا عن قدر كفايته لأن قدره مستحق الصرف فصار كالعدم ومنها قدر كفايته لقوت يومه لو محترفا وإلا فقوت شهر بحر والحاصل أن المسألة على ثلاثة أوجه إن ملك القبة لا يجزئه الصوم ولو محتاجا إليها على ما مر تفصيله وإن وجد غيرها مما هو مشغول بحاجته الأصلية كالمسكن فهو بمنزلة العدم لأنه ليس عين الواجب ولا معد لتحصيله وإن وجد ما أعد لتحصيله كالدراهم والدنانير وهو مشغول بحوائجه الأصلية فإن صرفها إليه يجزئه الصوم لتحقق عجزه وإلا فقولان أحدهما أنه يصير بمنزلة المعدوم لحاجته إليه والآخر أنه مالك لما أعد لتحصليه فهو واجد للرقبة حكما أفاد الرحمتي والقولان المذكوران يشير إليهما كلام محمد كما أوضحه في البحر قوله (ولو له مال غائب انتظره) أي ليعتق به ولا يجزئه الصوم وكذا لو كان مريضا مرضا يرجى برؤه فإنه ينتظر الصحة ليصوم بحر بخلاف ما إذا كان لا يرجى برؤه فإنه يطعم كما سيأتي وفي البحر عن المحيط لو له دين لا يقدر على أخذه من مديونه يجزئه الصوم وإن قدر فلا وكذا لو وجبت عليها كفارة وقد تزوجها زوجها على عبد وهو قادر على أدائه إذا طالبته اه قوله (لم يجز) أي الصوم عن الأولى أما الإعتاق فجائز مطلقا ثم هذا ذكره في البحر بحثا وأقره عليه في النهر والمقدسي أخذا مما في المحيط عليه كفارتا يمين وعنده طعام يكفي إحداهما ثم أطعم عن الأخرى لا يجوز صومه لأنه أطعم وهو قادر (1) على التكفير بالمال قوله (بالهلال) حال من لفظ الشهرين المقدر بعد لو وفي بعض النسخ لو بالهلال وحاصله أنه إذا ابتدأ الصوم في أول الشهر كفاه صوم شهرين تامين أو ناقصين وكذا لو كان أحدهما تاما والأخر ناقصا قوله (وإلا) أي وإن لم يكن صومه في أول الشهر برؤية الهلال بأن غم أو صام في أثناء شهر فإنه يصوم ستين يوما وفي كافي الحاكم وإن صام شهرا بالهلال تسعة وعشرين وقد صام قبله خمسة عشر وبعده خمسة عشر يوما أجزأه قوله (ولو قدر الخ) أفاد بأن المراد بعدم الوجود في قوله * (فمن لم يجد) * (المجادلة 4) الخ عدما مستمرا إلى فراغ الشهرين بحر قوله (لزمه العتق) وكذا لو قدر على الصوم في آخر الإطعام لزمه الصوم وانقلب الإطعام نفلا شرنبلالية قوله (وإن صار نفلا) لأنه شرع مسقطا لا ملتزما منح أي وقد علم أن الظان لا يلزمه الإتمام إن قطع على الفور أما لو مضى عليه ولو قليلا صار بمنزلة الشروع في النقل فيلزمه إتمامه رحمتي لكن يشترط كون المضي عليه في وقت النية إذ لو كان بعد الزوال لا يمكنه الشروع ولا يكون العزم على المضي بمنزلة الشروع كما قررناه في الصوم قوله (ليس فيهما رمضان الخ) لأنه في حق الصحيح المقيم لا يسع غير فرض الوقت أما المسافر فله أن يصوم عن واجب آخر وفي
(1) قوله: (لأنه أطعم وهو قادر الخ) هكذا نسخة المحشي بلفظ أطعم، ولعل الصواب صام وهو قادر الخ تأمل ا ه. 523 المريض روايتان كما علم في الأصول في بحث الأمر والمراد بالأيام المنهية يوما العيد وأيام التشريق لأن الصوم بسبب النهي فيها ناقص فلا يتأدى به الكامل وأفاد أنه لا يشترط أن لا يكون فيها وقت نذر صومه لأن المنذور المعين إذا نوى فيه واجبا آخر وقع عما نوى بخلاف رمضان بحر وصورة عروض يوم الفطر عليه فيما لو كان مسافرا وصام رمضان عن كفارته قوله (وكذا كل صوم الخ) ككفارة قتل وإفطار ويمين وفي البحر عن أيمان الفتح وكالمنذور المشروط فيه التتابع معينا أو مطلقا بخلاف المعين الخالي عن اشتراطه فإن التتابع فيه وإن لزم لكن لا يستقبل إذا أفطر فيه يوما كرجب مثلا فإنه لا يزيد على رمضان وحكمه ما ذكرناه قوله (فإن أفطر) أفاد أنه لو أكل ناسيا لم يضر كما في الكافي قوله (بخلاف الحيض) فإنه لا يقطع كفارة قتلها وإفطارها لأنها لا تجد شهرين خاليين عنه بخلاف كفارة اليمين وعليها أن تصل ما بعد الحيض بما قبله فلو أفطرت بعده يوما استقبلت لتركها التتابع بلا ضرورة أما النفاس فيقطع التتابع في صوم كل كفارة وتمامه في البحر قوله (إلا إذا أيست) بأن صامت شهرا مثلا فحاضت ثم أيست استقبلت لأنها قدرت على مراعاة التتابع فلزمها بحر عن المنتقى أي قدرت عليه قبل إكمال الصوم بخلاف ما بعده ثم نقل عن المحيط وعن أبي يوسف إذا حبلت في الشهر الثاني بنت قوله (أو بغيره) أي بغير عذر وهذا تصريح بما هو مفهوم بالأولى قوله (وطأ غير مفطر) كأن وطئها ليلا مطلقا أو نهارا ناسيا كذا في الهندية أما إن وطئها نهارا عامدا بطل صومه ط وهذا انظر في قوله فإن أفطر قوله (كالوطء في كفارة القتل) فإنه لو وطئ فيه ناسيا لا يستأنف لأن المنع من الوطء في كفارة الظهار لمعنى يختص بالصوم نهر عن الجوهرة والأولى التعليل بأن النص اشترط الصوم قبل تمامهما قوله (وغيره) ك البدائع والتحفة وغاية البنيان والعناية والفتح قوله (وتقييد ولا ملك الخ) فيه أن التقييد بالعمد وقع في أكثر الكتب والغلط من ولا ملك هو جعله الاحتراز عن النسيان بل هو قيد اتفاقي كما في البحر قوله (لكن في القهستاني ما يخالفه) حيث قال وكذا استأنف الصوم إن وطئها أي المظاهر منها عمدا كما في المبسوط والنظم والهداية والكافي والقدوري والمضمرات والزاهدي والنتف وغيرها وبمجرد قول الإسبيجابي في شرح الطحاوي صارت عمدا أو نسيانا لا يليق أن يحمل العمد على أنه قيد اتفاقي كما فعله صاحب الكفاية ومن تابعه ومن تأييده عدم التفات صاحب النهاية إليه اه قلت وقد يقال إن ما في الإسبيجابي صريح فيقدم على المفهوم كما تقرر في محله ولذا مشى عليه في المختار وغيره كما علمت ومشى عليه أيضا العلامة ابن كمال باشا في متنه وقال في هامش الشرح منه هنا تبين أن من قال ليلا عمدا لم يحسن لأن العمد والسهو في الوطء صارت سواء اه وقال في الفتح والعناية إن جماعها ليلا عامدا أو ناسيا سواء لأن الخلاف في وطء لا يفسد الصوم اه أي الخلاف بين أبي يوسف والطرفين فعند جماع المظاهر منها إنما يقطع التتابع إن أفسد الصوم وعندهما طلقا لأن تقدم الكفارة على التماس شرط بالنص وتمام تقريره في الفتح
524 ولذا قال في الحواشي اليعقوبية إن عدم الفرق بين السهو والعمد هو الظاهر لأنه مقتضى دليل أبي حنيفة ومحمد قوله (لإطلاق النص الخ) ومن قواعدنا أن لا نحمل المطلق على المقيد وإن كانا في حادثة واحدة بعد أن يكونا في حكمين وإنما منع عن الوطء قبل الإطعام منع تحريم الجواز قدرته على العتق والصيام فيقعان بعده كذا قالوا وفيه نظر فإن القدرة حال قيام العجز والكبر والمرض الذي لا يرجى زواله أمر موهوم وباعتبار الأمور الموهومة لا تثبت الأحكام ابتداء بل يثبت الاستحباب لنهر وهو مأخوذ من الفتح قوله (والعبد) مبتدأ خبره قوله لا يجزئه إلا الصوم لأن العبد لا يملك وإن ملك والعتق الإطعام لا يصح إلا ممن يملك قوله (ولو مكاتبا) لأن ملكه غير تام بل على شرف الزوال قوله (أو مستسعي) هو الذي عتق بعضه وسعى في باقيه وهذا عنده وأما عندهما فيعتق كله ويكون حرا مديونا فيصح تكفيره بالإعتاق والإطعام رحمتي قوله (على المعتمد) أي من جريان الحجر على الحر السفيه وهو قولهما فلو أعتق عبده عنها يسعى في قيمته ولم يجز عن تكفيره كذا في خزانة الأكمل وغيرها نهر لغز أي حر ليس له كفارة إلا بالصوم وأفاد في البحر أنه يلغز فيه فيقال لنا حر ليس له كفارة إلا بالصوم قوله (ولم يتنصف) جواب عن سؤال كيف لزمه الصوم المذكور وهو صوم شهرين لانصافهما مع أن العبد على النصف من الحر في كثير من الأحكام والجواب أنه لم يتنصف لما في الكفارة من معنى العبادة والعبادة لا تتنصف في حقه وإنما تتنصف العقوبة كالحد والنعمة كالنكاح قوله (وليس للسيد منعه منه) أي من صوم هذه الكفارة لأنه تعلق بها حق المرأة بخلاف بقية الكفارات له أن يمنعه عن صومها لعدم تعلق حق عبد بها بحر قوله (ولو بأمره) أي أمر السيد له بأن ملكه ذلك وأمره أن يكفر به إذ لا بد من الاختيار في أداء ما كلف به أو بأمر العبد للسيد لأنه يتضمن تمليكه ثم التكفير به عنه كما لو أمر الحر غير بذلك قوله (فيطعم عنه المولى) فيه مسامحة بحال الفتح إلا في الإحصار فإن المولى يبعث عنه ليحل هو فإذا عتق فعليه حجة وعمرة قوله (قيل ندبا وقيل وجوبا) الخلاف في الوجوب وعدمه ففي البحر عن البدائع لو أحصر بعد ما أحرم بإذن المولى قيل لا يلزم المولى إنفاذ هدي لأنه لا يجب للعبد على مولاه حق فإذا عتق وجب عليه وقيل يلزمه لأن هذا دم وجب لبلية ابتلى بها العبد بإذن المولى فصار كالنفقة ملخصا قال ط وقد يقال من نفى الوجوب لا ينفي الندب بل يقول به مراعاة للقول الآخر قوله (لا يرجى برؤه) فلو برئ وجب الصوم رحمتي قوله (أي ملك) الإطعام لا يختص بالتمليك كما سيأتي لكن المراد به هنا التمليك وبما بعده
525 الإباحة ولذا قال في البدائع إذا أراد التمليك أطعم كالفطرة وإذا أراد الإباحة أطعمهم غداء وعشاء قوله (ولو حكما) أي فإن الفقير مثله وفي القهستاني وقيد المسكين اتفاقي لجواز الصرف إلى غيره من مصارف الزكاة اه ويحتمل أن يكون مبالغة في قوله ستين ليشمل ما لو أطعم واحدا ستين يوما لكن يغني عنه ما يأتي من تصريح المصنف به قوله (ولا يجزئ غير المراهق) أي لو كان فيهم صبي لم يراهق لا يجزئ واختلف المشايخ فيه ومال الحلواني إلى عدم الجواز بحر عند قول الكنز والشرط غداءان أو عشاءان مشبعان وذكر عند قول الكنز وهو تحرير رقبة عن البدائع وأما إطعام الصغير عن الكفارة فجائز بطريق التمليك لا الإباحة اه وبه علم أن ذكر ذلك هنا غير صحيح وإن وقع في النهر لأن الكلام هنا في التمليك وهو صحيح للصغير فالصواب ذكره عند قوله وإن غداهم وعشاهم الخ كما فعل في البحر وكذا في المنح حيث قال هناك ولو كان فيمن أطعمهم صبي فطيم لم يجزه لأنه لا يستوفي كاملا اه وفي التاترخانية وإذا دعا مساكين وأحدهم صبي فطيم أو فوق ذك لا يجزيه كذا ذكر في الأصل وفي المجرد إذا كانوا غلمانا يعتمد مثلهم يجوز اه وبه ظهر أيضا أن المراد بالفطيم وبغير المراهق من لا يستوفي الطعام المعتاد قوله (كالفطرة قدرا) أي نصف صاع من بر أو صاع من تمر أو شعير ودقيق كل كأصله وكذا السويق واختلفوا هل يعتبر الكيل أو القيمة فيهما كما في صدقة الفطر بحر وفي التاترخانية ولو أدى الدقيق أو السويق أجزأه لكن قيل يعتبر فيه تمام الكيل وذلك نصف صاع في دقيق الحنطة وصاع في دقيق الشعير وإليه مال الكرخي والقدوري وقيل بالقيمة فلا يعتبر فيه تمام الكيل اه فقول البحر ودقيق كل كأصله مبني على الأول تأمل قال في البحر ولو دفع البعض من الحنطة والبعض من الشعير جاز إذا كان قدر الواجب كربع صاع من بر ونصف من شعير لاتحاد المقصود وهو الإطعام ولا يجوز التكميل بالقيمة كنصف صاع من تمر جيد يساوي صاعا من الوسط قوله (ومصرفا) فلا يجوز إطعام أصله وفرعه وأحد الزوجين ومملوكه والهاشمي ويجوز إطعام الذمي لا الحربي ولو مستأمنا بحر قال الرملي وفي الحاوي وإن أطعم فقراء أهل الذمة جاز وقال أبو يوسف لا يجوز وبه نأخذ اه قلت بل صرح في كافي الحاكم بأنه لا يجوز ولم يذكر فيه خلافا وبه علم أنه ظاهر الرواية عن الكل قوله (إذ العطف للمغايرة) فإن عطف القيمة على المنصوص المفهوم من قوله كالفطرة يقتضي أن القيمة من غير المنصوص اه ح وما في النهر من قوله وفيه نظر إذ القيمة أعم من قيمة المنصوص عليه وغيره اه فيه كلام ذكرناه فيما علقناه على البحر فافهم والحاصل أن دفع القيمة إنما يجوز لو دفع من غير المنصوص أما لو دفع منصوصا بطريق القيمة عن منصوص آخر لا يجوز إلا أن يبلغ المدفوع الكمية المقدرة شرعا فلو دفع نصف صاع تمر تبلغ قيمته نصف صاع بر لا يجوز عليه أن يتم لمن أعطاهم القدر المقدر من ذلك الجنس الذي دفعه لهم فإن لم يجدهم بأعيانهم استأنف في غيرهم وتمامه في البحر قوله (فغداهم) في بعض النسخ غداهم بدون فاء كما هو أصل المتن والأول أولى فزاد الشارح الفاء لأنه قدر فعلا
526 للشرط وجواب الشرط هو قوله جاز قوله (أو غداهم وأعطاهم قيمة العشاء) أي يجوز الجمع بين الإباحة والتمليك لأنه جمع بين شيئين جائزين على الانفراد وكذا يجوز إذا ملك ثلاثين وأطعم ثلاثين وكذا يجوز تكميل أحدهما بالآخر بحر ففي كافي الحاكم وإن أعطى كل مسكين نصف صاع من تمر ومدا من حنطة أجزأه ذلك قوله (أو أطعمهم غداءين) أي أشبعهم بطعام قبل نصف النهار مرتين وقوله أو عشاءين أي أشبعهم بطعام بعد نصف النهار مرتين كذا في الدرر وهذا ظاهر في أن ذلك في يوم واحد فلا تكفي في يوم أكلة وفي آخر أخرى لكن صريح ما يأتي في الفروع آخر الباب يخالفهم قوله (وأشبعهم) أي وإن قل ما أكلوا كما في الوقاية فالشرط في طعام الإباحة أكلتان مشبعتان لكل مسكين ولو كان فيهم شبعان قبل الأكل أو صبي غير مراهق لم يجز بحر وسيأتي أيضا وقدمنا أن الصواب ذكر الصبي هنا لا في التمليك قوله (بشرط إدام الخ) أي ليمكنهم الاستيفاء إلى الشبع وهذا أحد قولين وإليه مال الكرخي والآخر لا يجوز إلا بخبز البر لأن محمدا نص على البر في الزيادات كما في البحر وفي التاترخانية والمستحب أن يغديهم ويعشيهم بخبز معه إدام قوله (كما جاز لو أطعم) يشمل التمليك والإباحة وعبر في الكنز بأعطى المختص بالتمليك والحق أنه لا فرق على المذهب وتمامه في البحر وفيه والكسوة في كفارة اليمين كالإطعام حتى لو أعطى واحدا عشرة أثواب في عشرة أيام يجوز ولو غدى واحدا عشرين يوما في كفارة اليمين أجزأه اه قلت ومقتضاه أنه لو غداه مائة وعشرين يوما أجزأه عن كفارة الظهار ثم رأيته صريحا قال في التاترخانية وعن الحسن بن زياد عن أبي حنيفة إذا غدى واحدا مائة وعشرين يوما أجزأه قوله (لتجدد الحاجة) لأن المقصود سد خلة المحتاج والحاجة تتجدد بتجدد الأيام فتكرر المسكين بتكرر الحاجة حكما فكان تعدادا حكما وفي المصباح الخلة بالفتح الفقر والحاجة بحر قوله (دفعة) أي أو بدفعات وقوله بدفعات أي أو بدفعة كما أفاده في البحر فهو من معي الاحتباك حيث صرح في كل من الموضعين بما سكت عنه في الموضع الآخر قوله (وكذا إذا ملكه) أي لا يجزئ إلا عن يوم واحد وفصله عما قبله لأن في التمليك خلافا وبخلاف الإباحة فافهم قوله (لفقد التعدد الخ) علة للمسألتين قال في المنح لأنه لما اندفعت حاجته في ذلك اليوم فانصرف إليه بعد ذلك يكون إطعام الطاعم فلا يجوز ط قوله (أمر غيره الخ) قيد بالأمر لأنه لو أطعم عنه بلا أمر لم يجز بالإطعام لأنه لو أمره بالعتق عن كفارته لم يجز عندهما خلافا لأبي يوسف ولو بجعل سماه جاز اتفاقا وتكفير الوارث بالإطعام جائز وفي كفارة اليمين بالكسوة أيضا بخلاف الإعتاق ولذا امتنع تبرعه في كفارة القتل كما في المحيط نهر قوله (صح) لأنه طلب منه التمليك معنى ويكون الفقير قابضا له أولا ثم لنفسه نهر قوله (ففي الدين يرجع) أي
527 لو أمره بأن يقضي دينه وكذا لو أمره بأن ينفق عليه بزازية من كتاب الوكالة قوله (وفي الكفارة والزكاة) أي لو قال أعطه عن كفارتي أو أد زكاة مالكا وكذا () عوض عن هبتي أو هب لفلان عني ألفا لا يرجع بلا شرط الرجوع ففي كل موضع ملك المدفوع إليه المال المدفوع مقابلا بملك المال فالمأمور يرجع بلا شرط ولو بلا مقابلة مال لا يرجع بلا شرط بزازية وتمام الكلام على هذه المسائل ذكرناه في تنقيح الحامدية قوله (في طعام الكفارات) قيد به لأن الإباحة في الكسوة في كفارة اليمين لا تجوز كما لو أعار عشرة مساكين كل مسكين ثوبا بحر قوله (سوى القتل) فإنه لا إطعام فيه فلا إباحة وإنما ذكره للرد على العيني حيث قال حنث كفارات الظهار واليمين والصوم والقتل قوله (وفي الفدية) هذا ظاهر الرواية وروى الحسن أنه لا بد فيها من التمليك بحر قوله (لصوم) أي في الشيخ الفاني أو من أخرج عنه بعد موته قوله (وجناية حج) كحلق أو لبس بعذر فإنه يذبح أو يطعم أو يصوم قوله (وجاز الجمع بين إباحة وتمليك) مكرر مع قوله المار أو غداهم وأعطاهم قيمة العشاء قوله (دون الصدقات) أي الزكاة وصدقة الفطر قوله (والضابط الخ) بيانه أن الوارد في الكفارات والفدية الإطعام وهو حقيقة في التمكين من الطعم وإنما جاز التمليك باعتبار أنه تمكين وفي الزكاة الإيتاء وفي صدقة الفطر الأداء وهما للتمليك حقيقة أفاده في البحر قوله (ومثله في الصحة الخ) قلت وكذا لو جمع بين التحرير والصيام والإطعام ففي كافي الحاكم وإن ظاهر من أربع نسوة فأعتق رقبة ليس له غيرها ثم صام أربعة أشهر متتابعة ثم مرض وأطعم ستين مسكينا ولم ينو بشئ من ذلك واحدة بعينها أجزأه عنهن كلهن استحسانا اه قوله (لاتحاد الجنس) أي فلا حاجة إلى نية معينة هداية وسيأتي بيانه في الأصل الآتي قوله (بخلاف اختلافه) أي الجنس كما لو كان عليه كفارة يمين وكفارة ظهار وكفارة قتل فأعتق عبيدا عن الكفارات لا يجزئه عن الكفارة ولو أعتق كل رقبة ناويا عن واحدة منها لا بعينها جاز بالإجماع ولا يضر جهالة المكفر عنه كذا في المحيط بحر وقوله ولو أعتق الخ هو المراد بقول الشارح إلا أن ينوي الخ وإن كان موهما خلاف المراد قوله (بتعيينه) هو معنى قول الزيلعي وكان له أن يجعل ذلك عن أيهما شاء وهذا الجعل هو تعيينه وفي بعض النسخ بعينه وهو تحريف رحمتي وفي نسخة يعينه بصيغة الفعل المضارع وهو في معنى الأولى قوله (لما مر) من قوله بخلاف اختلافه قوله (لعدم صلاحيتها) للقتل فإنه لا بد في كفارة القتل من
528 كونها مؤمنة للآية ونظيره ما إذا جمع بين المرأة وبنتها أو أختها ونكحهما معا فإن كانتا فارغتين لم يصح العقد على كل منهما وإن كانت إحداهما متزوجة صح في الفارغة بحر عن البدائع قوله (كلا صاعا) أي من البر إذ لو كان من تمر أو شعير يكون موضوع المسألة كلا صاعين بحر قوله (بدفعة واحدة) أما لو كانت بدفعات جاز اتفاقا كما في الكافي معللا بأنه في المرة الثانية كمسكين آخر بحر قوله (كما مر) نعت لظهارين أي عن ظهارين من امرأة أو امرأتين ح قوله (صح عن واحد) لأن النقصان عن العدد لا يجوز فالواجب في الظهارين إطعام مائة وعشرين لا يجوز صرف الواجب إلى الأقل كما لو أطعم ثلاثين مسكينا لكل واحد صاعا فإنه لا يكفي عن ظهار واحد وفي البدائع وكذا لو أطعم عشرة مساكين عن يمينه لكل مسكين صاعا فهو على هذا الخلاف بحر قوله (أي عنهما) فلا ينافي صحته عن أحدهما لكن لما كان فيه إيهام أنه لا يصح أصلا أصلحها المصنف حال شرحه ط قوله (خلافا لمحمد) حيث قال يصح عنهما قوله (ورجحه دابة) وكذا الإتقاني في غاية البيان قوله (والأصل الخ) لأن النية إنما اعتبرت لتمييز بعض الأجناس عن بعض لاختلاف الأغراض باختلاف الأجناس فلا يحتاج إليها في الجنس الواحد لأن الأغراض لا تخلف باعتباره فلا تعتبر فبقي فيه مطلق نية الظهار وبمجردها لا يلزم أكثر من واحد وكون المدفوع لكل مسكين أكثر من نصف صاع لا يستلزم ذلك لأن نصف الصاع أدنى المقادير لا لمنع الزيادة عليه بل النقصان بخلاف ما إذا فرق الدفع أو كانا جنسين وقد يقال اعتبارها للحاجة إلى التمييز وهو محتاج إليه في أشخاص الجنس الواحد كما الأجناس وقد ظهر أثر هذا الاعتبار فيما صرحوا به من أنه لو أعتق عبدا عن أحد الظهارين بعينه صح نية التعيين ولم تلغ حتى وطء التي عينها اه فتح وقوله وقد يقال الخ بيان لترجيح قول محمد وأقره في البحر أولا ثم قال بعده وقد قرر المراد في النهاية بما يدفع الإيراد فقال أراد به تعميم الجنس بالنية إلا ترى أنه إذا عين ظهار أحدهما صح وحل له قربانها وكذا في الفوائد الظهيرية اه قلت وحاصله أن المراد بالتعيين اللغو تعيين جميع أفراد الجنس لا فرد خاص فتأمل ثم اعلم أن متحد الجنس (1) يعرف باتحاد السبب ومختلفه باختلافه ولذا كان صوم رمضان من معي الأول والصلاة من الثاني وكذا صوم يومين من رمضانين وتمامه في البحر والنهر قوله (وقت التكفير) برفع وقت على أنه خبر المعتبر حتى لو كان وقت الظهار غنيا ووقت التكفير فقيرا
(1) قوله: (ثم اعلم أن متحد الجنس الخ) مقتضى هذا الكلام ان يكون الظهار من قبيل مختلف الجنس، لان الألفاظ، اعراض ميالة فقوله اليوم مثلا أنت علي كظهر أمي غير قوله ذلك أمس وأجاب شيخنا لان هذا تدقيق فلسفي لا تعتبره الفقهاء، بل يجعلون الثاني من الألفاظ عين الأول، وهذا هو التحقق، إذ لو قيل بالتغاير لزم ان ما يتلى الان غير المنزل ا ه. 529 أجزأه الصوم وعلى العكس لم يجزه تاترخانية قوله (أطعم مائة وعشرين) أي كل واحد أكلة واحدة قوله (فيعيد على ستين منهم) أي من المائة والعشرين وينبغي أنه إذا غدى العدد ثم غابوا أن ينتظر حضورهم أو يعيد الغداء مع العشاء على غيرهم بحر فلو كان المطعم وصيا ينبغي أن يجب عليه الانتظار إلا أن يغلب على ظنه عدم وجودهم فيستأنف نهر قوله (للزوم العدد) وهو الستون مع المقدار وهو الأكلتان المشبعتان في الإباحة والصاع أو نصفه في التمليك قوله (ولم يجز إطعام فطيم ولا شبعان) تقدم الكلام عليه والله سبحانه أعلم اللعان قوله (الحدود لاعن) أي سماعا والقياس الملاعنة لكن ذكر غير واحد من النحاة أنه قياسي أيضا نهر قوله (سمي به لا بالغضب) أي مع أنه مشتمل على ذكر الغضب في جانبها كما اشتمل على ذكر اللعن في جانبه قوله (شهادات أربعة) هذا بيان لركنه ودل على اشتراط أهليتهما للشهادة في حق كل منهما كما سيصرح به لا أهلية اليمين كما ذهب إليه الشافعي وسيأتي قوله (كشهود الزنا) أي اعتبرناه بهم فالملاعن لما كان شاهدا لنفسه كرر عليه أربعا أفاده في شرح الملتقى ط قوله (مؤكدات بالأيمان) أي مقويات بها لأن يسير أشهد بالله كما سيأتي قوله (باللعن) أي بعد الرابعة ومثله الغضب قوله (لأنهن يكثرن اللعن) كما ورد في الحديث إنهن يكثرن اللعن ويكفرن العشير أي الزوج قال في العناية فعساهن يجتزئن على الإقدام عليه لكثرة جريه على ألسنتهن وسقوط وقعه على قلوبهن فقرن الركن في جانبهن بالغضب ردعا لهن عن الإقدام قوله (في حقه) أي على تقدير كذبه وظاهر إطلاقه يقتضي عدم قبول شهادته أبدا وبه جزم العيني هنا تبعا لما في الاختيار وذكر الزيلعي في القذف أنها تقبل نهر قوله (ومقام حد الزنا في حقها) أي على تقدير صدقه كما في النهر ح قوله (أي إذا تلاعنا الخ) بيان لوجه قيام الشهادات من الجانبين مقام الحدين قوله (مهلك) أي إذا كان كاذبا كما في التبيين ح قوله (بل أشد) لأن إهلاك الحد دنيوي وإهلاك التجري على اسم الله تعالى أخروي * (ولعذاب الآخرة أشد) * (طه 127) قوله (وشرطه قيام الزوجية) فلا لعان بقذف المنكوحة فاسدا أو المبانة ولو بواحدة بخلاف المطلقة رجعية ولا بقذف زوجته الميتة
530 ويشترط أيضا الحرية والعقل والبلوغ والإسلام والنطق وعدم الحد في قذف وهذه شروط راجعة إليهما ويشترط في القاذف خاصة عدم إقامة البينة على صدقه وفي المقذوف خاصة إنكارها وجود الزنا منها وعفتها عنه ويشترط أيضا كون القذف بصريح الزنا وكونه في دار الإسلام هذا حاصل ما في البحر عن البدائع ونفي الولد بمنزلة صريح الزنا ويأتي أكثر هذه الشروط في غضون كلامه قوله (يوجب الحد في الأجنبية) أي بأن تكون محصنة قوله (خصت بذلك) أي باشتراط كونها محصنة وحاصله كما في الفتح أن المرأة هي المقذوفة دونه فاختصت باشتراط كونها ممن يحد قاذفها بعد اشتراط أهلية الشهادة بخلافه فإنه ليس مقذوفا وهو شاهد فاشترطت أهليته للشهادة دون كونه ممن يحد قاذفه اه وفيه رد لما في النهاية من أن كونه محصنا شرط أيضا في اللعان وقد خطأه الزيلعي وغيره قوله (فتتم لها شروط الإحصان) الفاء فصيحة إي إذا كانت هي المقذوفة دونه فيشترط أن يتم لها شروط الإحصان الخمسة وهي أن تكون عفيفة عن الزنا عاقلة بالغة حرة مسلمة قوله (وركنه) يغني عنه ما ذكره في تعريفه ط قوله (والاستمتاع) أي بالدواعي ومن حكمه وجوب التفريق بينهما ووقوع البائن بهذا التفريق بحر ط قوله (بعد التلاعن) أي ما دام حكمه باقيا فلو خرجا أو أحدهما عن أهلية اللعان له أن ينكحها كما يأتي وعليه حمل الحديث المذكور ولا ينافيه قوله أبدا في قوله تعالى * (إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا إذا أبدا) * (الكهف 120) أي ما دمتم في ملتهم كما في البدائع وتمام الكلام على الحديث مبسوط في الفتح فلا لعان بين كافرين وإن قبلت شهادة بعضهم على بعض عندنا ولا بين مملوكين ولا من أحدهما مملوك أو صبي أو مجنون أو محدود في قذف أو كافر وصح بين الأعميين والفاسقين لأنهما أهل للأداء إلا أنها لا تقبل للفسق ولعدم قدرة الأعمى على التمييز وقد قبلت شهادته فيما يثبت بالتسامع كالموت والنكاح والنسب وتمامه في البحر والنهر لكن قال في الدر المنتقى قلت الأصح عدم القبول كما سيجئ نعم عم القهستاني الأهلية ولو بحكم القاضي لنفوذ القضاء بشهادتهما اه أي المراد النفوذ وإن لم يجر للقاضي فعله لكن يرد عليه المحدود في القذف قال ابن كمال باشا وأما المحدود في القذف فلا يجوز القضاء بشهادته أصلا نعم لو قضى بها ينفذ لكن الكلام في الجواز فإنه أمر وراء النفاذ اه قلت ويرد عليه الفاسق فإنه ينفذ القضاء بشهادته مع أنه لا يجوز ولعل مراده بنفي الجواز نفي الصحة والنفاذ نفاذ الحكم بصحتها ممن يراها كشافعي والفاسق يصح القضاء بشهادته وكذا الأعمى على القول بصحتها فيما يثبت بالتسامع بخلاف المحدود في القذف قوله (بصريح الزنا)
531 كيا زانية أو يا زاني لأنه ترخيم قد زنيت قبل أن أتزوجك جسدك أو نفسك زان وخرج الكناية والتعريض نحو لست أنا بزان أفاده القهستاني وخرج بذكر الزنا اللواط فلا لعان فيه عنده وعندهما يثبت فيه كذا في البحر ط وخرج أيضا وجدت معها رجلا يجامعها لأن الجماع لا يستلزم الزنا بحر لا (في دار الإسلام) أخرج دار الحرب لانقطاع الولاية قوله (زوجته) شمل غير المدخول بها كما في الدر المنتقى وغيره قوله (الحية) لأن الميتة لم تبق زوجة ولأنه لا يتأتى منها اللعان فلو قذف زوجته الميتة فطلب من وقع القدح في نسبه من غير أولاد القاذف يحد للقذف إن لم يبرهن أما لو طالبه من القاذف عليه ولادة يسقط عنه لأنه لا يحد لوالده رحمتي قوله (بنكاح صحيح) هو إيضاح للتقليد بالزوجية لأن المنكوحة فاسدا غير زوجة ولو دخل بها فيه لم تبق عفيفة أيضا فلا يحد قاذفها أفاده الرحمتي قوله (ولو في عدة الرجعي) خرجت المبانة فلا لعان فيها لكنه يحد كالأجنبي قهستاني عن شرح الطحاوي ط قوله (العفيفة) ذات لها صفة تغلب على الشهوة وفي خالف امرأة بريئة من الوطء الحرام والتهمة قهستاني قوله (بأن لم توطأ الخ) بيان للعفة الشرعية وقوله حراما أي وطأ حراما أي محرما لعينه لا لعارض وذلك بأن يكون في غير ملك صحيح بخلاف ما لو كان في ملكه وحرم لعارض حيض ونحوه فليس المراد بالزنا هنا ما أوجب الحد ولذا قال ولو مرة بشبهة أي ولو كان بشبهة كوطء معتدته من بائن وإن ظن حله وقوله ولا بنكاح فاسد الأولى أو بنكاح فاسد عطفا على قوله بشبهة لأنه من الوطء الحرام وقوله ولا لها ولد الخ الأولى ولم يكن لها ولد عطفا على قوله لم توطأ لأنه بيان لقوله وتهمته فإنها تتهم بالزنا بوجود ولد لها بلا أب أي بلا أب معروف وسيأتي في باب القذف إن شاء الله تعالى أن المراد بعدم معرفته عدمها في بلد القدف لا في كل البلاد قوله (وصلحا) أي كل من الزوجين قوله (لأداء الشهادة) لا لنحملها كما مر فإن الصبي أهل للتحمل لا للأداء قوله (فخرج نحو قن الخ) أي من كل من لا تصح شهادته ومنه ما إذا كان أحدهما محدودا في قدف أو كافرا كما مر وصورة ما إذا كان الزوج كافرا فقط ما في البدائع أسلمت امرأته ثم قبل عرض الإسلام عليه قذفها بالزنا اه أي لأنه يشهد عليها بالزنا ولا شهادة لكافر على مسلم وهذا يرد ما في القهستاني من أنه يشترط صلاحية الشهادة حالة اللعان لا حالة القذف فإنه يلزم عليه جريانه بين كافرين ورقيقين بعد الإسلام والعتق والظاهر أنه شرط في الحالتين وسيذكر المصنف أيضا أن العبرة للإحصان حالة القذف قوله (ودخل الأعمى الخ) تقدم بيانه قوله (أو من نفى نسب الولد) أطلقه فشمل ما إذا صرح معه بالزنا أو لا على مختار صاحب الهداية والزيلعي وهو الحق خلافا لما في المحيط والمبتغي لأن قطع النسب من كل وجه يستلزم الزنا واحتمال كون الولد بوطء شبهة ساقط بالإجماع على أن من قال لست لأبيك يكون قاذفا لأمة حتى يلزمه حد القذف مع وجود هذا الاحتمال وتمامه في البحر تنبيه في الذخيرة لا يشرع اللعان بنفي الولد في المجبوب والخصي ومن لا يولد له ولد لأنه
532 لا يلحق به الولد اه وفيه نظر لأن المجبوب ينزل بالسحق ويثبت نسب ولده على ما هو المختار كذا في الفتح ويأتي في أول اللعان ما يؤيده قوله (منه) متعلق بنسب أو بنفي وقوله أو من غيره بأن نفى نسب ولد زوجته من أبيه قوله (وطالبته) قيد به لأنها لو لم تطالبه فلا لعان لأنه حقها لدفع العار عنها ومراده طلبها إذا كان القذف بصريح الزنا أما بنفي الولد فالطلب حقه أيضا لاحتياجه إلى نفي من ليس ولده عنه بحر قوله (أو طالبه الولد المنفي) هذا سبق قلم ولم أره لغيره والصواب أن يقال أو طالب النافي للولد بحال الفتح ويشترط طلبها بخلاف ما إذا كان القذف بنفي الولد فإن الشرط طلبه لاحتياجه إلى نفي من ليس ولده عنه بحال الزيلعي لا بد من طلبها إلا أن يكون القذف بنفي الولد فإن له أن يطالب لاحتياجه الخ ومثله ما ذكرناه آنفا عن البحر ولا يخفى أن الضمير في طلبه راجع للقاذف لا للولد نعم طلب الولد شرط لوجوب حد القذف إن كان ولد غير القاذف وكانت الأم ميتة وإلا فشرط طلبها كما سيأتي في بابه والكلام في الطلب الذي هو شرط وجوب اللعان ولا يكون بعد موتها وهذا ظاهر جلي ثم رأيت الرحمتي أشار إلى بعض ما قلنا قوله (أي بموجب القذف) أشار إلى أن الضمير راجع إلى القذف المفهوم من قوله قذف لكن على تقدير مضاف وهو موجب أو أعاد الضمير عليه بمعنى موجبه على طريق الاستخدام وعليه اقتصر القهستاني قوله (وهو الحد) أي حد القذف إن أكذب نفسه أو اللعان إن أصر كما يأتي قوله (عند القاضي) متعلق بطالبته قال في البحر ولا بد من كونه أي الطلب في مجلس القاضي كذا في البدائع قوله (ولو بعد العفو) أي لا يسقط بالعفو لكن مع العفو لا حد لا لصحة العفو بل لترك الطلب حتى لو عاد المقذوف وطلب يحد القاذف خلافا لمن فهم من عدم سقوطه بالعفو أن القاضي يقيم الحد عليه مع العفو كما نبه عليه في البحر في باب حد القذف قوله (لا يبطل الحق في قذف الخ) بخلاف بقية الحدود وسيأتي في القضاء إن شاء الله تعالى أن السلطان إذا نهى القاضي عن سماع الدعوى بعد مضي خمس عشرة سنة صح ولا يصح سماعها منه وهذا إذا كان الخصم منكرا ولم يكن الترك بعذر وإلا فإنه يصح ولا يخفى أن النهي عن سماعها لا يسقط الحق بل هو باق في الدنيا والآخرة ولذا لو أذن السلطان بسماعها بعد ذلك يثبت الحق فافهم قوله (إن أقر بقذفه الخ) قيد لقوله لاعن وهو مقيد أيضا بإصراره وبعجزه عن البينة على زناها أو على إقرارها به أو على تصديقها له وتمامه في البحر قوله (أو ثبت قذفه بالبينة) هي رجلان لا رجل وامرأتان بحر وعلله في كافي الحاكم بأنه شهادة للنساء في الحدود وهذا منها اه فما في النهر وتبعه في الدر المنتقى من قوله أو رجل وامرأتان سبق قلم قوله (لم يستحلف) أي لأنه حد كافي أي والاستحلاف فائدته النكول وهو إقرار معنى لا صريح ففيه شبهة يندرئ الحد بها قوله (حبس حتى يلاعن الخ) قال ابن كمال هنا غاية أخرى ينتهي الحبس بها وهي أن تبين منه بطلاق أو غيره ذكره السرخسي في المبسوط اه وهو مفهوم من قول
533 المصنف سابقا وشرطه قيام الزوجية شرنبلالية قوله (فيحد) فيه دلالة على أنه لا يحد امتناعه خلافا لمن شذ من المشايخ نهر قوله (لأنه المدعي) علة للبعدية قوله (فلو بدأ) ضميره يعود للقاضي وكذا ضمير فرق قوله (أعادت) ليكون على الترتيب المشروع بحر عن الاختيار وظاهره الوجوب لكن قال في محل آخر وفي الغاية لا تجب الإعادة وقد أخطأ السنة ورجحه في الفتح بأنه الوجه وهو قول مالك اه ومثلها في الشرنبلالية قوله (ولا تحد) وما في بعض نسخ القدوري فتحد غلط لأن الحد لا يجب بالإقرار مرة فكيف يجب بالتصديق مرة بحر وزيليعي قلت وقد يجاب بأن مراد القدوري بالتصدق الإقرار بالزنا لا مجرد قولها صدقت واكتفى عن ذكر التكرار اعتمادا على ما ذكره في بابه ويشير إلى هذا قول الحاكم في الكافي وإذا صدقت المرأة زوجها عند الإمام فقالت صدق ولم تقل زنيت وأعادت ذلك أربع مرات في مجالس متفرقة لم يلزمها حد الزنا ويبطل اللعان ولا يحد من قذفها بعد هذا اه قوله (ولا ينتفي النسب) لأنه إنما ينتفي باللعان ولو يوجد وبه ظهر أن ما في شرحي الوقاية والنقاية من أنها إذا صدقته ينتفي غير صحيح كما نبه عليه في شرح الدرر والغرر بحر وسيأتي أن شروط النفي ستة منها تفريق القاضي بينهما بعد اللعان قوله (لعدم وجوبه عليها حينئذ) أي حين امتنع لأنه لا يجب عليها إلا بعد لعانه فقبله ليس امتناعا لحق وجب نهر وأجاب ط بعد الترافع منهما صار إمضاء اللعان حق الشرع فإذا لم تعف وظهرت الامتناع تحبس بخلاف ما إذا أبى هو فقط فلا تحبس اه فتأمل وأجاب الرحمتي بأنه ليس المراد أنهما امتنعا في آن واحد بل المراد امتناعه بعد المطالبة به وامتناعها بعد لعانه فارجع المسألة إلى ما في المتن والله تعالى أعلم بالصواب قوله (لرقه) أو لكونه محدودا في قذف بحر قوله (أو كفره) بأن أسلمت ثم قذفها قبل عرض الإسلام عليه بحر قوله (أي بالغا عاقلا ناطقا) أما لو كان صبيا أو مجنونا أو أخرس فلا حد ولا لعان منح لأن قذفه غير صحيح قوله (إذا سقط لمعنى من جهته) بأن لم يصلح شاهدا لرقه ونحوه أما لو سقط لمعنى من جهتها وهو المسألة الآتية في كلام المصنف فلا حد ولا لعان وبقي ما لو سقط من جهتهما كما لو كانا محدودين في قذف فهو كالأول لأنه سقط لمعنى من جهته لأن البداءة به فلا تعتبر جهتها معه كما أفاده في الجوهرة ويأتي تمامه قريبا قوله (فلو القذف صحيحا) بأن كان بالغا عاقلا ناطقا قوله (وإلا) أي وإن لم يكن القذف صحيحا بأن لم يكن كذلك قوله (فلا حد ولا لعان) نفي اللعان تأكيد لأن الكلام فيما إذا سقط قوله (لم
534 تصلح) أي الشهادة وإنما زاده ليشمل المحدودة في قذف فإنها لم الخطبة في كلام المصنف لأنها مما يحد قاذفها كذا أفاده في البحر ولولا هذه الزيادة لكان المفهوم من كلام المصنف أنه يحد لها مع أنه لا يحد كما يأتي بيانه قوله (فلا حد عليه) لأن شرط الحد الإحصان وهو كونها مسلمة حرة بالغة عاقلة عفيفة كما مر وشرط اللعان الإحصان وأهلية الشهادة فإذا كانت غير محصنة فلا حد ولا لعان لفقد الإحصان وإذا كانت محصنة لكنها محدودة في قذف فلا لعان لعدم أهلية الشهادة ولا حد أيضا لأنه سقط اللعان لمعنى من جهتها لا من جهته والحاصل أنها إذا كانت كافرة أو رقيقة أو صغيرة أو مجنونة فلا حد لعدم الإحصان ولا لعان لذلك ولعدم أهليتها للشهادة وإذا كانت غير عفيفة سقطا أيضا لعدم الإحصان ولأنه صادق في قوله وإذا كانت عفيفة محدودة فلما علمت هكذا ينبغي تحرير هذا المقام فافهم قوله (كما لو قذفها أجنبي) هذا في غير العفيفة المحدودة أما فيها فيحد الأجنبي بقذفها كما في الشرنبلالية لأن سقوط الحد عن الزوج لعلة غير موجودة في الأجنبي قوله (لأنه خلفه) كذا في الدرر والصحيح في التعليل ما قدمناه لأن هذا لا يظهر في العفيفة المحدودة لأن اللعان فيها لم يسقط تبعا للحد بل بالعكس إلا أن يقال (1) الضمير في لأنه للحد وفي خلفه للعان بناء على أن الواجب الأصلي في قذف الزوج هو اللعان والحد خلف عنه بمعنى أنه إذا سقط اللعان وجب الحد حيث لا مانع منه وفي كلام ابن كمال ما يدل على هذا التأويل فتدبر قوله (لكنه يعزز أي وجوبا لأنه أذاها وألحق الشين بها كذا في البحر وظاهره وجوب التعزير في غير العفيفة قاله أبو السعود وقد يقال إنها هي التي ألحقت الشين بنفسها ط قلت هذا ظاهر إن كانت مجاهرة وإلا فيعزر بطلبها لإظهاره الفاحشة قوله (وهذا) أي قوله وإذا لم يصلح شاهدا الخ قوله (تصريح بما فهم) أي من قوله قذفا يوجب الحد في الأجنبية وقوله وصلحا لأداء الشهادة فإنه احتراز عن غير العفيفة وعما إذا لم يصلح وصلحت أو عكسه فافهم تتمة قال في البحر ولم يتعرض صريحا لما إذا لم يصلحا لأداء الشهادة وقد يفهم من اشتراطه أولا أنه لا لعان وأما الحد فلا يجب لو صغيرين أو مجنونين أو كافرين ومملوكين ويجب لو محدودين في قذف لامتناع العام لمعنى من جهته وكذا يجب لو كان هو عبدا وهي محدودة لأن قذف العفيفة موجب للحد ولو كانت محدودة قوله (ويعتبر الإحصان) يعلم منه ومن قوله وكذا يسقط
(1) قوله: (الا ان يقال الخ) قال شيخنا: فيه ان هذا التعليل لا ينتج المدعي، إذ لا يلزم من سقوط الأصل سقوط الخلف بل الكثير ثبوت الخلف عند سقوط الأصل بل هذا معنى الخليفة، ثم قال الا ان ان يكون في الكلام حذف، والتقدير: لأنه خلفه حيث لا مانع من ثبوت الخلف، وهنا قد وجد المانع وهو سقوط اللعان لمعنى من جهتها ا ه. 535 بزناها اشتراط دوامه من حين القذف إلى حين التلاعن ط قوله (بالطلاق البائن) لو قال بالبينونة لشمل البينونة بالطلاق أو الفسح أو الموت وفي كافي الحاكم وإذا قذف الرجل امرأته ثم بانت منه بطلاق أو غيره فلا حد عليه ولا لعان لأن حده كان اللعان فلما لم يستقر اللعان بعد البينونة لم يحول إلى الحد ولو أكذب نفسه لم يحد ولو قال أنت طالق ثلاثا يا زانية كان عليه الحد ولو قال يا زانية أنت طالق ثلاثا لم يلزمه الحد ولا اللعان اه أي لحصول البينونة بعد وجوب اللعان قوله (ويسقط بموت الخ) أي إذا شهد وعدله القاضي ثم مات أو غاب لا يقضي به قال في الفتح وفي الجامع لو مات الشاهدان أو غابا بعد ما عدلا لا يقضي باللعان وفي المال يقضي بخلاف ما لو عميا أو فسقا أو ارتدا حيث يلاعن بينهما اه قلت ولعل وجه الفرق أن الحد يدرأ بالشبهات واحتمال رجوع الشاهد عن شهادته قبل القضاء شبهة فما دام حيا حاضرا فالاحتمال قائم فإذا قضى القاضي بشهادته ولم يرجع زال الاحتمال وبعد القضاء يلغو ذلك الاحتمال التأكد الحق بالقضاء أما إذا مات أو غاب فلا يقضي بشهادته لأنه لو كان موجودا احتمل رجوعه قبل القضاء فتأمل هذا وفي اشتراط حضور الشاهدين لإقامة الحد كلام مذكور في الشرنبلالية في باب حد السرقة فراجعه وسيأتي بيانه هناك إن شاء الله تعالى قوله (معهود) أي عهد وقوعه منها قوله (فلا لعان) أي ولا حد لعدم الأحصان قوله (لإسناده لغير محله) أي لإسناده الزنا فإن محله البالغة العاقلة بحال الفتح لم يكن قذفا في الحال لأن فعلها لا يوصف بالزنا قوله (حيث يتلاعنا) صوابه يتلاعنان بالنون في آخره كما يوجد في بعض النسخ قوله (لاقتصاره) أي لأنه يقع مقتصرا على زمن التكلم ولا يستند لأنها توصف بالزنا وهي ذمية أو أمة فقد ألحق بها الشين فافهم وكذا في منذ أربعين سنة ولو عمرها أقل لأنه مبالغة في القدم تأمل قوله (من كتاب وسنة) بيان للنص الشرعي وبه استغنى عما في البحر الظاهر أنه أراد بالصفة الركن يعني الماهية إذ صفته على وجه السنة لم ينطق بها النص وهو أن القاضي يقيمهما متقابلين ويقول له التعن فيقول الزوج أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنا وفي الخامسة لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فيما رماها به من الزنا يشير إليها في كل مرة ثم تقول المرأة أربع مرات أشهد بالله إنه من الكاذبين فيما رماني به من الزنا وفي الخامسة غضب الله عليها إن كان من الصادقين فيما رماها به من الزنا كذا في النهر ح في الدعاء باللعن على معين تنبيه مقتضى مشروعية اللعان جواز الدعاء باللعن على كاذب معين فإن قوله لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين دعاء على نفسه باللعن على تقدير كذبه فتعليقه على ذلك لا يخرجه عن التعيين
536 نعم يقال إن مشروعيته إن كان صادقا فلو كان كاذبا لا يحل له وذكر في البحر ما يدل على الجواز بما في عدة غاية البيان من أن المباهلة مشروعة في زماننا وهي الملاعنة كانوا يقولون إذا اختلفوا في شئ بهلة الله على الكاذب منا وقدمنا الكلام على ذلك في باب الرجعة قوله (بانت بتفريق الحاكم) أي تكون الفرقة تطليقه بائنة عندهما وقال أبو يوسف هو تحريم مؤبد هداية قوله (فيتوارثان قبل تفريقه) لأنها امرأته ما لم يفرق القاضي بينهما كافي نعم يحرم الوطء ودواعيه قبل التفريق كما مر ويأتي ثم هذا تفريغ على المفهوم وهو أنه لا أنكر الفرقة بنفس اللعان قبل تفريق الحاكم ويتفرع عليه أيضا في السعدية عن الكفاية أنه لو طلقها في هذه الحالة طلاقا بائنا يقع وكذا لو أكذب نفسه حل له الوطء من غير تجديد النكاح اه وعند الشافعي أنكر الفرقة بنفس اللعان والكلام معه مبسوط في الفتح وهذا أحد المواضع التي شرط فيها القضاء وقد ذكرها في المنح منظومة وتقدمت في الطلاق قوله (الذي وقع اللعان عنده) محترزه قوله الآتي فلو لم يفرق الخ قوله (ولو زالت الخ) هذا أيضا من فروع عدم وقوع الفرقة قبل التفريق قوله (فرق) لأنه يرجى عود الإحصان فتح قوله (وإلا لا) أي وإن زالت أهلية اللعان بما لا يرجى زواله بأن أكذب نفسه أو قذف أحدهما إنسانا فحد للقذف أو وطئت هي وطأ حراما أو خرس أحدهما لا يفرق بينهما فتح قوله (ينتظر) لأن التفريق حكم فلا يصح على الغائب رحمتي قوله (استقبله الحاكم الثاني) أي استأنف اللعان قوله (خلافا لمحمد) فعنده لا يستقبل لأن اللعان قائم مقام الحد فصار كإقامة الحد حقيقة وذلك لا يؤثر فيه عزل الحاكم وموته ولهما أن تمام الإمضاء في التفريق والإنهاء فلا يتناهى قبله فيجب الاستقبال كذا في الاختيار ومفاده أنه لا تحصل حرمة الوطء قبل التفريق وسيأتي خلافه ومفاده أيضا أنه لا بد من طلبها التلاعن عند الحاكم الثاني فليراجع قوله (بعد وجود الأكثر) بأن التعن كل منهما ثلاث مرات قوله (صح) أي التفريق وقد أخطأ السنة كافي قوله (لأنه مجتهد فيه) فإن الإمام الشافعي رحمه الله تعالى قائل بوقوع الفرقة بلعان الزوج فقط كذا في النهر ح قلت وقدمنا في الخلع وفي أول الظهار معنى المجتهد فيه وإذا فهمته تعلم أنه لا يثبت كونه مجتهدا فيه بمجرد وقوع الخلاف فيه بين المجتهدين قوله (بغير القاضي الحنفي) المراد بغيره من يرى جوازه باجتهاد منه أو بتقليد للمجتهد كشافعي قوله (أما هو فلا ينفذ) أي بناء على المعتمد من أن القاضي ليس له الحكم بخلاف مذهبه ولا سيما قضاة زماننا المأمورين بالحكم بأصح أقوال أبي حنيفة قوله (وحرم وطؤها) أي ودواعيه كما مر ط قوله (لما مر) أي من
537 حديث المتلاعنان لا يجتمعان أبدا ح قوله (غنم) أي للملاعنة بعد التفريق ط قوله (نفقة العدة) أي والسكنى وإذا جاءت بولد إلى سنتين لزمه وإن لم تكن عليها عدة لزمه إلى ستة أشهر كما في الكافي قوله (حي) فلو نفاه بعد موته لاعن ولم يقطع نسبه وكذا لو جاءت بولدين أحدهما ميت فنفاهما أو مات أحدهما قبل اللعان كما سيأتي قوله (نفي نسبه) أي لا بد أن يقول قطعت نسب هذا الولد عنه بعد ما قال فرقت بينكما كما روى عن أبي يوسف وفي المبسوط هذا هو الصحيح لأنه ليس من ضرورة التفريق نفي النسب كما بعد الموت يفرق بينهما ولا ينتفي النسب بحر عن النهاية قوله (وألحقه بأمه) هذا غير السري في النفي وإنما خرج مخرج التأكيد نهر عن النهاية قوله (بشرط صحة النكاح) هذا الشرط والذي بعده زادهما في البحر على شروط النفي الستة المذكورة في البدائع وإنما لم يعدهما الشارح من الستة إشارة إلى أنهما ليسا شرطين للنفي أصالة وإنما هما شرطان للعان كما أفاده في النهر فهما من شروط النفي بواسطة لكن الثاني يغني عن الأول تأمل قوله (لعدم التلاعن) لأنه نفي نسبه مستندا إلى وقت العلوق وليست وقته من أهل اللعان ولا ينتفي النسب بدون لعان قوله (فستة) الأول التفريق الثاني أي يكون عند الولادة أو بعدها بيوم أو يومين الثالث أن لا يتقدم منه إقرار به ولو دلالة كسكوته عند التهنئة مع عدم رده الرابع حياة الولد وقت التفريق الخامس أن لا تلد بعد التفريق ولدا آخر من بطن واحد السادس أي لا يكون محكوما بثبوته شرعا كأن ولدت ولدا فانقلب على رضيع فمات الرضيع وقضى بديته على عاقلة الأب ثم نفى الأب نسبه يلاعن القاضي بينهما ولا يقطع نسب الولد لأن القضاء بالدية على عاقلة الأب قضاء بكون الولد منه ولا ينقطع النسب بعده وتمامه في البحر قوله (سيجئ) أي عند قوله نفي الولد الحي الخ لكن المذكور هناك أكثر الشروط لا كلها قوله (وإن أكذب نفسه حد) أي إذا أكذبها بعد اللعان فلو قبله ينظر فإن لم يطلقها قبل الإكذاب وإن أبانها ثم أكذب فلا حد ولا لعان زيلعي أي لأن اللعان لم يستقر بعد البينونة فلم يحول إلى الحد كما قدمناه عن الكافي قال في الشرنبلالية وقوله وإن أكذب نفسه ليس تكرار مع قوله حبس حتى يلاعن أو يكذب نفسه فيحد لأن ذلك فيما قبل اللعان وهذا فيما بعده قوله (ولو دلالة) أي سواء كان الإكذاب باعترافه أو بينة أو دلالة نهر قوله (فادعى نسبه) أي فإنه لا يصدق على النسب ولا يفرق ويضرب الحد فإن كان الولد ترك ولدا ذكرا أو أنثى يثبت نسبه من المدعي وورث الأب منه كافي الحاكم قوله (للقذف) أي لقذف الثاني الذي تضمنته كلمات اللعان كشهود الزنا إذا رجعوا فإنهم يحدون لا للقذف الأول لأنه أخذ بموجبه وهو اللعان كما أفاده في البحر وأفاد الرحمتي أنه لما أكذب نفسه تبين أن اللعان لم يقع موقعه من قيامه مقام حد القذف فرجعنا إلى الأصل من لزوم الحد بالقذف الأول فافهم قوله (حد أو لا) أشار إلى ما في البحر من أن تقييد الزيلعي بالحد اتفاقي قوله (أو زنت وإن لم تحد) أراد بالزنا الوطء الحرام وإن لم
538 يكن زنا شرعا كما ذكره الإسبيجابي بحر ثم إن عبارة الهداية والكنز أو زنت فحدت قال في الفتح قيل لا يستقيم لأنها إذا حدت كان حدها الرجم فلا يتصور حلها للزوج بل بمجرد أن تزني تخرج عن الأهلية ومنهم من ضبطه بتشديد النون بمعنى نسبت غيرها للزنا وهو معنى القذف فيستقيم حينئذ توقف حلها للأول على حدها لأنه حد القذف وتوجيه تخفيفها أن يكون القذف واللعان قبل الدخول بها ثم زنت فحدت فإن حدها حينئذ الجلد لا الرجم لأنها ليست بمحصنة اه وذكر القهستاني أنه يتصور الزنا في المدخولة كما أشار إليه في المضمرات بأن ترتد وتلحق بدار الحرب ثم تسبى وتقع في ملك رجل فيزني رجل بها اه وفيه أن الأهلية زادت بالردة لا بالزنا وذكر في البحر أن الرواية بالتخفيف فلذا لم يذكر المصنف الحد وأشار الشارح بقوله وإن لم تحد إلى أن التقييد بالحد غير معتبر المفهوم على رواية التخفيف وبخلافه على التشديد كما صرح به في النهر قوله (لزوال العفة) علة لحل النكاح فيما إذا صدقته أو زنت أما إذا أكذب نفسه ولم يحد أو حد بعد القذف فلظهور أن اللعان لم يقع موقعه كما قدمناه تأمل قوله (عن أهلية اللعان) لأنهما لم يبقيا متلاعنين لا حقيقة لأن حقيقة التلاعن حين وقوعه ولا حكما لزوال الأهلية التي كان التلاعن باقيا بها حكما بعد وقوعه فلا ينافي الحديث كما تقدم قوله (لدرئه بالشبهة) وهي احتمال تصديق أحدهما للآخر لو كان ناطقا قوله (مع فقد الركن) أي فيما إذا كان الخرس قبل اللعان قوله (ولذا) أي لفقد الركن أو للشبهة وهو أظهر لأن الكتابة قائمة مقام النطق في الطلاق ونحوه لكن فيها شبهة كإشارة الأخرس فيندرئ الحد بها الحمل يحتمل كونه نفخا وفيه حكاية قوله (لعدم تيقنه) قال في الفتح إذ يحتمل كونه نفحا أو ماء وقد أخبرني بعض أهلي عن بعض خواصها أنه ظهر بها حمل واستمر إلى تسعة أشهر ولم يشككن فيه حتى تهيأت له بتهيئة ثياب المولود ثم أصابها طلق وجلست الداية تحتها فلم تزل تعصر العصرة بعد العصرة وفي كل عصرة تصب الماء حتى قامت فارغة من غير ولد وأما توريثه والوصية به وله فلا يثبت له إلا بعد الانفصال فيثبتان للولد لا للحمل وأما العتق فإنه يقبل التعليق بالشرط فعتقه معلق معنى وأما رد الجارية المبيعة بالحمل فلأن الحمل ظاهر واحتمال الريح شبهة والرد بالعيب لا يمتنع بالشبهة ويمتنع باللعان بها لأنه من معي الحدود والنسب يثبت بالشبهة فلا يقاس على عقب اه قوله (ولو تيقناه الخ) جواب عن قول الصاحبين يجريان اللعان إذا جاءت به لأقل من ستة أشهر للتيقن بقيامه قوله (لعلمه بالوحي) أي لعلمه بالحمل وحيا من الله تعالى والمراد الجواب عما
539 استدلا به لقولهما إنه يلاعن إذا ولدته لأقل المدة وعن قول الشافعي إنه يلاعن قبل الولادة وهذا بعد تسليم كون هلال قذفها بنفي الحمل فقد أنكره ابن حنبل بل قذفها بالزنا وقال وجدت شريك بن سحماء على بطنها يزني بها على أن يكون لعانهما قبل الوضع معارض بما في الصحيحين من أنه بعده فلا يستدل بأحدهما بعينه للتعارض وتمامه في الفتح ولكن لم يذكر فيه أنه نفاه الوضع كما اقتضاه كلام الشارح تبعا ل النهر وإنما فيه قوله نظروها فإن جاءت به كذا فهو لهلال أو جاءت به فهو لشريك وأنها ولدت فألحق الولد بالمرأة وجاءت به أشبه الناس بشريك قوله (عند التهنئة) بالهمز من هنأته بالولد بالتثقيل والهمز مصباح قوله (ومدتها سبعة أيام عادة) أشار به إلى أنه لم يقدر زمنها بشئ كما هو ظاهر الرواية وعن الإمام تقديره بثلاثة أيام وفي رواية الحسن سبعة وضعفه السرخسي بأن نصب المقادير بالرأي لا يجوز شرنبلالية وعندهما تقديره بمدة النفاس فتح قوله (وعند ابتياع آلة الولادة) أي عند شرائها كالمهد ونحوه والواو بمعنى أو كما يفيده كلام المصنف في المنح وكلام الفتح وغيره قوله (وبعده لا) أي بعد قبوله التهنئة أو سكوته عندها أو شراء آلة الولادة وسكوته عن النفي ومضي ذلك الوقت إقرار منه منح قال في الفتح وهذا من المواضع التي اعتبر فيه السكوت رضا إلا في رواية عن محمد في ولد الأمة إذا هنئ به فسكت لا يكون قبولا لأنه ير ثابت إلا بالدعوة والسكوت ليس دعوة ونسب ولد المنكوحة ثابت منه فسكوته يسقط حقه في النفي اه وولد أم الولد كولد المنكوحة لأن لها فراشا بخلاف الأمة لأنها لا فراش لها جوهرة قوله (فحالة علمه كحالة ولادتها) فتعجل كأنها ولدته الآن فله النفي عند أبي حنيفة في مقدار ما يقبل فيه التهنئة وعندهما في مقدار مدة النفاس بعد القدوم كما في الفتح شرنبلالية قوله (ليس على إطلاقه) بل هو مشروط بالشروط الستة المارة قوله (نفي أول التوأمين) تثنية توأم فوعل والأنثى توأمة والجمع توائم وتوأم كدخان مصباح وهما ولدان بين ولادتهما أقل من ستة أشهر بحر قوله (إن لم يرجع) قيد به لأنه لو رجع عن الإقرار بالثاني يلاعن اه ح وذكر الرحمتي أن هذا القيد لم يذكره في البحر والنهر والدرر والمنح وغيرها ولا هو في شرح الملتقى وكأنه غلط من الكتاب لأنه بإقراره بالثاني كذب نفسه بنفي الولد لأنهما من ماء واحد فصار قاذفا ورجوعه لا يسقط الحد عنه اه قوله (لتكذيبه نفسه) أي بإقراره بالثاني وهذا علة لقوله حد قوله (وإن عكس) بأن أقرر بالأول ونفى الثاني قوله (إن لم يرجع) لأنه لو رجع لا يلاعن بل يحد اه ح لأنه أكذب نفسه وهذا صحيح موافق لما مر ولما يأتي قريبا فافهم قوله (لقذفها بنفيه) علة لقوله لاعن اه ح قال في الفتح لا يقال ثبوت نسب الأول معتبر باق بعد نفي الثاني فباعتبار بقائه شرعا يكون مكذبا نفسه بعد نفي الثاني وذلك يوجب الحد لأنا نقول الحقيقة انقطاعه وثبوته أمر حكمي والحد لا يحتاط في إثباته فكان اعتبار الحقيقة هنا متعينا لا الحكمي اه وقوله وذلك
540 يوجب الحد يؤيد ما قاله ح من أنه لو رجع يحد ولا ينافيه ما في البحر عن الفتح من أنه لو قال بعد نفي الثاني هما ابناي أو ليسا بابني فلا حد فيهما اه لعدم القذف في الثاني ففي الفتح ولو قال بعد ذلك هما ولداي لا حد عليه لأنه صادق لثبوت نسبهما ولا يكون رجوعا لعدم إكذاب نفسه بخلاف ما إذا قال كذبت عليها للتصريح بالرجوع ولو قال ليسا مشهور كانا ابنيه ولا يحد لأن القاضي نفى أحدهما وذلك نفى للتوأمين فليسا ولديه من وجه ولم يكن قاذفا لها مطلقا بل من وجه اه فافهم قوله (لاعن) كذا في الفتح والبحر ومثله في الجوهرة عن الوجيز ومقتضى ما في النهر أنه يحد وعزاه إلى الفتح وهو خلاف الواقع فافهم نعم قال الرحمتي إن ما هنا مشكل لأن بإقراره بالثالث صار مكذبا نفسه في نفي الثاني فينبغي أن يحد لأنه بعد الإكذاب لم يبق محلا للتلاعن اه قلت والجواب أنه لما أقر بالأول كان إقرارا بالكل فيكون إقرار بالثالث تأكيدا لإقراره أو لا فلم يكن رجوعا لأنه صادق فيه كما مر آنفا ولذا علل في الفتح المسألة بقوله لأن الإقرار بثبوت نسب بعض الحمل إقرار بالكل كمن قال يده أو رجله مني وقال وكذا في ولد واحد إذا أقر به ونفاه ثم أقربه يلاعن ويلزمه اه قوله (يحد) لأنه لما نفى الأول لزمه اللعان فلما أقر بالثاني صار مكذبا نفسه فلزمه الحد ولا يقبل رجوعه بعد قوله (كموت أحدهم) قال في الفتح لو نفاهما فمات أحدهما أو قتل قبل اللعان لزماه لأنه لا يمكن نفي الميت لانتهائه بالموت واستغنائه عنه فلا ينتفي الحي لأنه لا يفارقه ويلاعن بينهما عند محمد لوجود القذف واللعان ينفك عن نفي الولد ولا يلاعن عند أبي يوسف لأن القذف أوجب لعانا يقطع النسب اه ملخصا قلت واقتصر الحاكم في الكافي على ذكر الأول بلا حكاية خلاف فعلم أنه ظاهر الرواية عن الكل فكان ينبغي للشارح ذكر قوله كموت أحدهم عقب قوله في المسألة الأولى لاعن وهم بنوه ليكون التشبيه بثبوت النسب واللعان أما على ما ذكره فإنه يقتضي عدم اللعان وهو خلاف ظاهر الرواية ويقضي وجوب الحد وفيه نظر لأنه على القول بعدم اللعان فالظاهر عدم الحد أيضا لأن اللعان سقط لمعنى ليس من جهته قوله (يثبت نسبه) أي نسب ولد ولد اللعان قال في البحر وورث الأب منه اتفاقا لحاجة الولد الثاني إلى ثبوت النسب فبقاؤه كبقاء الأول قوله (لاستغنائه) أي استغناء ولد الأنثى بنسب أبيه فإن ولد البنت ينسب إلى أبيه قال في البحر قيد بموتها أي موت الأنثى المنفية لأنها لو كانت حية ثبت نسبها بدعوة ولدها اتفاقا قوله (خلافا لهما) فعندهما يثبت نسبه منه بحر قوله (الإقرار بالولد الخ) قال عليه الصلاة والسلام حين نزلت آية الملاعنة * (أيما مرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شئ ولن يدخلها الله
541 جنته وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه آحتجب الله عنه يوم القيامة وفضحه على رؤوس الأولين والآخرين) * رواه أبو داود والنسائي وفي الصحيحين عنه عليه الصلاة والسلام من دعى أبا في الإسلام غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام كذا في الفتح قوله (بوجه ما) كعدم صلوح أحدهما للشهادة أو عدم الإحصان قوله (فقد ثبت نسب الولد) أي ضمنا لأن حد قاذفها يتضمن ثبوت نسب الولد من أبيه قوله (فالإرث أثلاثا الخ) الإرث مبتدأ خبره محذوف تقديره يكون أو يثبت وفي كلام العرب حكمك مسمطا وما ذكره هنا هو ما جزم به في البحر والنهر نقلا عن شرح التلخيص وعزاه في البحر قبل هذا إلى شهادات الجامع وهو مخالف لما ذكره الشارح في الفرائض من أنه يرث من توأمه ميراث أخ لأبوين ومثله في سكب الأنهر معزيا إلى الاختيار لكن نسب السرخسي في المبسوط الأول إلى علمائنا ونسب الثاني إلى الإمام مالك وسيأتي تمام الكلام عليه في الفرائض إن شاء الله تعالى قوله (يرد عليهم) أي بقدر حصصهم فيخص كلا ثلث فالمسألة الفرضية من ستة والردية من ثلاثة ط قوله (وبه علم الخ) قال في البحر وهذا يبين أن قطع النسب جرى في التوأم لأنه لو لم يقطع نسبه عن أخيه التوأم لكان عصبة يأخذ الثلثين وقطع النسب عن أخيه التوأم بالتبعية لأبيهما وتمامه في شرح التلخيص اه قوله (في كل الأحكام) فيبقى النسب بين الولد والملاعن في حق الشهادة والزكاة والقصاص والنكاح وعدم واللحوق بالغير حتى لا يجوز شهادة أحدهما للآخر ولا صرف زكاة ماله إليه ولا يجب القصاص على الأب بقتله ولو كان لابن الملاعنة ابن وللزوج بنت من امرأة أخرى لا يجوز للابن أن يتزوج بتلك البنت ولو ادعى إنسان هذا الولد لا يصح وإن صدقه الولد في ذلك فتح عن الذخيرة قوله (لقيام فراشها) أي لثبوت كونها فراشا أي زوجة وقت الولادة قال في المصباح وكل واحد من الزوجين يسمى فراشا للآخر كما يسمى لباسا قال في البحر لأن النفي باللعان ثبت شرعا بخلاف الأصل بناء على زعمه وظنه مع كونه مولودا على فراشه وقد قال النبي الولد للفراش فلا يظهر في حق سائر الأحكام قوله (حتى لا تصح دعوة غير النافي) أما دعوة النافي فتصح مطلقا ولو كان المنفي كبيرا جاحدا للنسب من النافي بحر قوله (قال البهنسي الخ) كذا رأيته في شرح البهنسي على الملتقى غير معزي لأحد مع أن ذلك ذكره في الفتح بحثا فإنه قال بعد نقله ما مر عن الذخيرة وهو مشكل في ثبوت النسب إذا كان المدعي ممن يولد مثله لمثله وادعاه بعد موت الملاعن لأنه مما يحتاط في إثباته وهو مقطوع النسب من غيره ووقع الإياس من ثبوته من الملاعن وثبوته من أمه لا ينافيه اه أي لإمكان كونه وطئها بشبهة والله سبحانه وتعالى أعلم
542 العنين وغيره شروع في بيان من به مرض له تعلق قوله (وغيره) الأولى ونحوه من كل من لا يقدر على جماع زوجته كالمجبوب والخصي والمسحور والشيخ الكبير والشكاز كشداد بشين غدا وزاي من إذا حدث المرأة أنزل قبل أن يخالطها قاموس قوله (على الجماع) أي جماع زوجته أو غيرها فهو أعم من المعنى الشرعي الآتي قوله (فعيل بمعنى مفعول) هذا مبني على أنه من عن بمعنى حبس لا من عن بمعنى أعرض قال في المصباح قال الأزهري وسمي عنينا لأن ذكره يعن بقبل المرأة عن يمين وشمال أي يعترض إذا أراد إيلاجه والعنة بالضم حظيرة للإبل والخيل فقول الفقهاء لو عن عن امرأة يخرج على المعنى الثاني دون الأول لأنه يقال عن عن الشئ يعن من باب الضرب بالبناء للفاعل إذا أعرض عنه وانصرف ويجوز أن يقرأ بالبناء للمفعول اه وذكر أيضا أن قول الفقهاء به عنة وفي كلام الجوهري ما يشبه كلام ساقط والمشهور رجل عنين بين التعنين والعنية قوله (جمعه عنن) بضم أوله وثانيه أفاده ط قوله (على جماع فرج زوجته) أي مع وجود الآلة سواء كانت تقوم أو لا أخرج الدبر فلا يخرج عن العنة بالإدخال فيه خلافا لابن عقيل من الحنابلة معراج لأن الإدخال فيه وإن كان أشد لكنه قد يكون ممنوعا عن الإدخال في الفرج لسحر وأخرج أيضا ما لو قدر على جماع غيرها دونها أو على الثيب دون البكر وفي المعراج إذا أولج الحشفة فقط فليس بعنين وإن كان مقطوعها فلا بد من إيلاج بقية الذكر قال في البحر وينبغي الاكتفاء بقدرها من مقطوعها ولم أر حكم ما إذا قطعت ذكره وإطلاق المجبوب يشمله لكن قولهم لو رضيت به فلا خيار لها ينافيه وله نظيران أحدهما لو خرب المستأجر الدار الثاني لو أتلف البائع المبيع قبل القبض اه أي فإنه ليس له فسخ الإجارة ولا الرجوع بالثمن قوله (لمانع منه) أي فقط فخرج ما إذا كان المانع منها فقط أو منهما جميعا كما يأتي ط قوله (أو سحر) قال في البحر فهو عنين في حق من لا يصل إليها لفوات المقصود في حقها فإن السحر عندنا حق الجوزي وتصوره وتكون أثره كما في المحيط اه قوله (إذ الرتقاء) أي التي وجدت زوجها مجبوبا والقرناء مثلها كما يأتي قوله (مجبوبا) في المصباح جبيته جبا من باب قتل قطعته وهو مجبوب بين الجباب بالكسر إذا استؤصلت مذاكيره اه فالمصدر هو الجب والاسم هو الجباب فافهم والمذاكير جمع ذكر والمراد بها الذكر والخصيتان تغليبا قوله (أو مقطوع الذكر فقط) قال في النهر ولم يذكروه والظاهر أنه يعطي هذا الحكم اه وهذا لا شبهة فيه قوله (أو صغيرة) بهاء الضمير أي صغير الذكر وقوله جدا أي نهاية ومبالغة مصباح قوله (كالزر) بالزاي المكسورة واحد الأزرار قوله (وفيه نظر) أشار إلى ما قاله الشرنبلالي في شرحه على الوهبانية
543 أقول إن هذا حاله دون حال العنين لإمكان زوال عنته فيصل إليها وهو مستحيل هنا فحكمه حكم المجبوب بجامع أنه لا يمكنه إدخال آلته القصيرة انظر الفرج فالضرر الحاصل للمرأة به مساو لضرر المجبوب فلها طلب التفريق وبهذا ظهر أن انتقاء التفريق لا وجه له وهو من القنية فلا يسلم اه قلت لكن لم ينفرد به صاحب القنية بل نقله في الفتح والبحر عن المحيط والأحسن الجواب بأن المراد بداخل الفرج نهايته المعتاد الوصول إليها ولذا قال في البحر وظاهره أنه إذا كان لا يمكنه إدخاله أصلا فإنه كالمجبوب لتقييده بالداخل اه وقدمنا ما هو صريح في اشتراط إدخال الحشفة قوله (إلا في مسألتين التأجيل ومجئ الولد) أي أن المجبوب لا يؤجل بل يفرق في الحال ولو ولدت امرأته بعد التفريق لا يبطل التفريق كما يأتي وزاد في البحر مسألتين أيضا أنه يفرق بلا انتظار بلوغه ولا انتظار صحته لو مريضا قوله (فرق الحاكم) وهو طلاق بائن كفرقة العنين بحر عن الخانية غنم كل المهر وعليها العدة إن خلا بها وعندهما لها نصفه كما لو لم يخل بها بدائع قوله (بطلبها) هو على التراخي كما يأتي بيانه قوله (لو حرة) أما الأمة فالخيار لمولاها كما يأتي متنا قوله (بالغة) فلو صغيرة انتظر بلوغها في المجبوب والعنين لاحتمال أن ترضى بهما بحر وغيره وأما العقل فغير شرط فيفرق بطلب ولي المجنونة أو من ينصبه القاضي كما في الفتح ويأتي قوله (غير رتقاء وقرناء) أما هما فلا خيار لهما لتحقق المانع منهما كما مر ولأنه لا حق لهما في الجماع وفي البحر عن التاترخانية لو اختلفا في كونها رتقاء يريها النساء قوله (وغيره عالمة بحاله الخ) أما لو كانت عالمة فلا خيار لها على المذهب كما يأتي وكذا لو رضيت به بعد النكاح قوله (ولو المجبوب صغيرا) قيد بالمجبوب لأن العنين لو كان صغيرا ينتظر بلوغه كما مر وشمل إطلاقه المجنون بالنون ففي البحر عن الفتح لو كان أحدهما مجنونا فإنه لا يؤخر إلى عقله في الجب والعنة لعدم الفائدة ويفرق بينهما في الحال في الجب وبعد التأجيل في العنين لأن الجنون لا يعدم الشهوة اه قال في النهر ولو كان يجن ويفيق هل ينتظر إفاقته لم أر المسألة والذي ينبغي أن يقال إن كان هو الزوج لا ينتظر وفي الزوجة تنتظر لجواز رضاها به إذا هي أفاقت كما لو كانت غير بالغة اه وصحح في البدائع أن المجنون لا يؤجل لأنه لا يملك الطلاق لكن في البحر عن المعراج ويؤهل الصبي هنا للطلاق في مسألة الجب لأنه مستحق عليه كما يؤهل ليعتق القريب ومنهم من جعله فرقة بغير طلاق والأول أصح اه تتمة لو اختلفا في كونه مجبوبا فإن كان لا يعرف بالمس من وراء الثياب أمر القاضي أمينا أن ينظر إلى عورته فيخبر بحاله لأنه يباح عند الضرورة خانية قوله (لحصول حقها بالوطء مرة) وما زاد عليها فهو مستحق ديانة لا قضاء بحر عن جامع قاضيخان ويأثم إذا ترك الديانة متعنتا مع
544 القدرة على الوطء ط قوله (ولم تعلم) أي وقت العقد وقيد به ليثبت الخيار لها قوله (فادعاه ثبت نسبه) الذي في التاترخانية وأثبت القاضي نسبه فلو أتى بالعطف لزالت الركاكة قال ط وإنما قيد بالدعوى لدفع ما يتوهم أنه لما ادعاه وسلمت دعواه صريحا يسقط حقها وإلا فثبوت النسب منه لا يتوقف على الدعوى كما تفيده عبارة الهندية اه قلت وهو مفاده ما نذكره قريبا عن التاترخانية وفي عدة البحر عن كافي الحاكم والخصي كالصحيح في الولد والعدة وكذا المجبوب إذا كان ينزل وإلا لم يلزمه الولد فكان بمنزلة الصبي في الولد والعدة قوله (ثبت نسبه) أي إذا خلا بها قال في التاترخانية ولو كان الزوج مجبوبا ففرق القاضي بينهما فجاءت بولد لأقل من ستة أشهر من وقت الفرقة لزمه الولد خلا بها أو لم يخل وهذا عند أبي يوسف وقال أبو حنيفة يلزمه إلى سنتين إذا خلا بها والفرقة ماضية بلا خلاف قوله (قبل التفريق) متعلق بإقرارها قوله (لا بعده) أي لا يبطل التفريق لو أقرت بعده إن كان وصل إليها بحر فلا حاجة إلى إقامة الزوج البينة هنا فافهم قوله (للتهمة) أي باحتمال كذبها بل هي به متناقضة فتح قوله (فسقط نظر الزيلعي) هو أن الطلاق وقع بتفريقه وهو بائن فكيف يبطل بثبوت النسب ألا ترى أنها لو أقرت بعد التفريق أنه كان قد وصل إليها لا يبطل التفريق اه وجوابه أن ثبوت النسب من المجبوب باعتبار الإنزال بالسحق والتفريق بينهما باعتبار الجب وهو موجود بخلاف ثبوته من العنين فإنه يظهر به أنه ليس بعنين والتفريق باعتباره بخلاف ما استشهد به من إقرارها فإنها متهمة في إبطال القضاء لاحتمال كذبها فظهر أن البحث بعيد كما في فتح القدير بحر قلت لكن قد يقر به أن النسب يثبت من العنين مع بقاء عنته بالسحق أيضا أو بالاستدخال فلا يلزم زوال عنته به اللهم إلا أن يقال وجود الآلة دليل على أن الولد حصل بالوطء لأنه الأصل الغالب فلا ينظر إلى النادر بلا ضرورة قوله (ولو وجدته) أي لو وجدت المرأة الحرة غير الرتقاء كما مر في زوجة المجبوب زوجها ولو معتوها فيؤجل بحضرة خصم عنه كما في البحر ويشترط لتأجيله في الحال كونه بالغا أو مراهقا وكونه متلبس صحيحا وغير ملتبس بإحرام كما سيأتي وشمل ما لو وصل إليها ثم أبانها ثم تزوجها ولم يصل إليها في النكاح الثاني لتجدد حق المطالبة بكل عقد كما في البحر قوله (عنينا) ومثله الشكاز كما مر قوله (هو من لا يصل إلى النساء الخ) هذا معناه لغة وأما معناه الشرعي المراد هنا فهو من لا يقدر على جماع فرج زوجته مع قيام الآلة لمرض به كما مر فالأولى حذف هذه الجملة كما أفاده ط قوله (لمرض) أي مرض العنة وهو ما يحدث في خصوص الآلة مع صحة الجسد فلا ينافي ما يأتي من أن المريض لا يؤجل حتى يصح لأن المراد به المرض المضعف للأعضاء حتى حصل به فتور في الآلة تأمل قوله (أو سحر) زاد في العناية أو ضعف في أصل خلقته أو غير ذلك
545 لفك لمسحور والمربوط فائدة نقل ط عن تبيين المحارم عن كتاب وهب بن منبه أنه مما ينفع للمسحور والمربوط أن يؤتي بسبع ورقات سدر خضر وتدق بين حجرين ثم تمزج بماء ويحسو منه ويغتسل بالباقي فإنه يزول بإذن الله تعالى قوله (أو خصيا) يفتح الخاء من نزع خصيتاه وبقى ذكره فعيل بمعنى مفعول والجمع خصيات مصباح قوله (وعليه الخ) أي على التقييد بقوله لا ينتشر والمراد الجواب عن اعتراض البحر بأنه لا حاجة إلى عطفه على العنين لدخوله فيه في عطف الخاص على لعام فأجاب بأنه من عطف الخاص لا بد له من نكتة كما في عطف جبريل على الملائكة لزيادة شرفه وبينها بقوله لخفائه أي خفاء دخوله فيه بسبب تسميته باسم خاص ولما كان المشهور في عطف الخاص على العام اختصاصه بالواو وبحتي كما في مات الناس حتى الأنبياء دون أو أجاب بأنه تسامح للفقهاء والتسامح استعماله كلمة مكان أخرى لا لعلاقة وقرينة لكن فيه أنه وقع بأو في الحديث الصحيح ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو مرأة ينكحها وجوزه بعض المحققين بثم أيضا كما في حديث وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة ثم فميلوا ذبيحته وليحد شفرته قوله (لاشتمالها على الفصول الأربعة) لأن الامتناع لعلة معترضة أو آفة أصلية فإن كان من علة معترضة فإما عن غلبة حرارة أو برودة أو رطوبة أو يبوسة والسنة تشتمل على الفصول الأربعة في طبائع فصول لسنة لأربعة فالصيف حار يابس والخريف بارد يابس وهو أردأ الفصول والشتاء بارد رطب والربيع حار رطب فإن كان مرضه عن أحد هذه تم علاجه في الفصل المضاد فيه أو من كيفيتين فيتم في مجموع فصلين مضادين فكان السنة تمام ما يتعرف به الحال فإذا مضت ولم يصل عرف أنه بآفة أصلية وفيه نظر إذ قد يمتد سنين بآفة معترضة كالمسحور فالحق أن التفريق إما بغلبة ظن عدم زواله لزمانته أو للآفة الأصلية ومضي السنة السنة موجب لذلك أو هو عدم إيفاء حقها والسنة جعلت غاية في الصبر وإبلاء العذر شرعا وتمامه في الفتح قوله (ولا عبرة بتأجيله غير قاضي البلدة) لأن هذا مقدمة أمر لا يكون إلا عند القاضي وهو الفرقة فكذا مقدمته ولوالجية فلا يعتبر تأجيل المرأة ولا تأجيل غيرها بحر عن الخانية ولا يعتبر تأجيل غير الحاكم كائنا من كان فتح وظاهره ولو محكما تأمل وفي البحر ولو عزل القاضي بعد ما أجله بني المولى على التأجيل الأول قوله (بالأهلية على المذهب) وجهه أن الثابت عن الصحابة كعمر وغيره اسم السنة وأهل الشرع إنما يتعارفون الأشهر والسنين بالأهلة فإذا أطلقوا السنة انصرفوا إلى ذلك ما لم يصرحوا بخلافه فتح قوله (وبعض يوم) هو ثمان ساعات وثمان
546 وأربعون دقيقة قهستاني وذلك ثلث يوم وثلث عشر يوم قوله (وقيل شمسية) اختاره شمس الأئمة السرخسي وقاضيخان وظهير الدين وهي رواية الحسن عن أبي حنيفة فتح وعن محمد أن الاعتبار للعددية وهي ثلاثمائة وستون يوما قهستاني قوله (وهي أزيد بأحد عشر يوما) أي وخمس ساعات وخمس وخمسين دقيقة أو تسع وأربعين دقيقة وتمامه في القهستاني قوله (فبالأيام إجماعا) ظاهر إطلاقه اعتبار السنة العددية كل شهر ثلاثون يوما وأنه لا يكمل الأول ثلاثين من الشهر الأخير وباقي الأشهر بالأهلة كما هو قول الصاحبين في الإجازة وقد أجروا هذا الخلاف بين الإمام وصاحبيه في العدة وبعضهم ذكر أن المعتبر فيها الأيام إجماعا وأن الخلاف إنما هو في الإجازة وهو مقتضى إطلاق المصنف هناك قوله (وأيام حيضها) وكذا نفاسها ط عن البحر لكني لم أره في البحر فلتراجع نسخة أخرى قوله (منها) أي يحتسب عليه من السنة ولا يعوض عليه بدله قوله (وكذا حجه وغيبته) لأن العجز جاء بفعله ويمكنه أن يخرجها معه أو يؤخر الحج والغيبة فتح ولا يقال بعذر على القول بوجوب الحج فورا وعدم إمكان إخراجها معه لأن الحج حق الله تعالى فلا يسقط بع حق العبد تأمل قوله (لا مدة حجها وغيبتها) أي لا تحسب عليه لأن العجز من قبلها فكان عذرا فيعوض وكذا لو حبس الزوج ولو بمهرها وامتنعت من المجئ إلى السجن فإن لم تمتنع وكان له موضع خلوة فيه احتسب عليه فتح قوله (ومرضه ومرضها) أي مرضا لا يستطيع معه الوطء وعليه الفتوى قهستاني عن الخزانة قوله (مطلقا) أي سواء كان شهرا أو دونه أو أكثر كما يعلم بمراجعة كلام الولوالجية قال في البحر وصحح في الخانية أن الشهر لا يحتسب بل ما دونه وفي المحيط أصح الروايات عن أبي يوسف أن ما زاد على نصف الشهر لا يحتسب اه فافهم ولا يصح أن يدخل تحت الإطلاق أن يستطيع معه الوطء أو لا فإنه لا وجه لعدم احتساب أيام المرض التي يمكنه فيها الوطء لأن ذلك تقصير منه فكيف يعوض عليه بدلها فافهم والظاهر أن قول القهستاني المار وعليه الفتوى مقابل للتفصيل المذكور عن الخانية والمحيط فلم يكن في المسألة اختلاف الفتوى بل اختلاف تصحيح فقط فافهم والظاهر ترجيح ما ذكره الشارح لأن لفظ الفتوى آكد ألفاظ الترجيح فيقدم على ما في الخانية والمحيط وهو أيضا مقتضى إطلاق المتون كالهداية والملتقى وغيرها قوله (ما لم يكن صبيا) أي غير قادر على الوطء لما في الفتح عن قاضيخان الغلام الذي بلغ أربع عشرة سنة إذا لم يصل إلى امرأته ويصل إلى غيرها يؤجل اه تأمل قوله (وإحرامه) كذا عبر في الخلاصة والفتح والأولى إبدال الإحرام بالإحلال كما وقع في البدائع قوله (أجل سنة وشهرين) الأولى أجل سنة بعد شهرين أي لأجل الصوم وفي الفتح ولو رافعته وهو مظاهر منها تعتبر المدة من حين المرافعة إن كان قادرا على الإعتاق وإن كان عاجزا أمهله شهري الكفارة ثم أجله فيتم تأجيل سنة وشهرين ولو ظاهر بعد
547 التأجيل لم يلتفت إلى ذلك ولم يزد على المدة اه وينبغي أنه لو رافعته في رمضان أن يمهله رمضان وشهرين بعده لأنه لا يمكنه صوم الكفارة فيه قوله (فبها) أي فالبقضية المطلوبة أتى قوله (وإلا بانت بالتفريق) لأنها فرقة قبل الدخول حقيقة فكانت بائنة غنم كمال المهر وعليها العدة لوجود الخلوة الصحيحة بحر قوله (من القاضي إن أبى طلاقها) أي إن أبى الزوج لأنه وجب عليه التسريح بالإحسان حين عجز عن الإمساك بالمعروف فإذا امتنع كان ظالما فناب عنه وأضيف فعله إليه وقيل ينفي اختيارها نفسها ولا يحتاج إلى القضاء كخيار العتق قيل وهو الأصح كذا في غاية البيان وجعل في المجمع الأول قول الإمام والثاني قولهما نهر وفي البدائع عن شرح مختصر الطحاوي أن الثاني ظاهر الرواية ثم قال وذكر في بعض المواضع أن ما ذكر في ظاهر الرواية قولهما قوله (بطلبها) أي طلبا ثانيا فالأول للتأجيل والثاني للتفريق وطلب وكيلها عند غيبتها كطلبها على خلاف فيه ولم يذكره محمد بحر قوله (يتعلق بالجميع) أي جميع الأفعال وهي فرق وأجل وبانت ح عن النهر قوله (كما مر) المراد به قوله بطلبها المذكور بعد قوله فرق ح قوله (بطلب وليها) أفاد أنه لا يؤخر إلى عقلها لأنه ليس له غاية معروفة بخلاف الصغيرة فإنه يؤخر إلى بلوغها لاحتمال رضاها به كما مر نعم يتجه ما بحثه في النهر من أنها لو كانت تفيق تؤخر كما قدمناه فافهم قوله (أو من نصبه القاضي) أي إن لم يكن لها ولي ينصب لها القاضي خصما عنها كما أفاده في الفتح قوله (فالخيار لمولاها) أي كما في العزل وعند أبي يوسف لها كقوله فبالعزل بحر والفتوى على الأول الولوالجية قوله (لأن الولد له) مقتضى هذا التعليل أنه لو شرط حرية الولد لم يكن الخيار للمولى لكن علل في البدائع بعده بقوله ولأن اختيار الفرقة والمقام مع الزوج يطلق منها على نفسها ونفسها وجميع أجزائها ملك المولى فكان ولاية التصرف له قوله (أي هذا الخيار) الإشارة إلى الخيار في هذا الباب أي خيار زوجة العنين ونحوه احترز به عن خيار البلوغ فإنه على الفور وحينئذ فيشمل خيار الطلب قبل الأجل وبعده كما هو صريح ما في المتن فافهم وفي الفتح ولا يسقط حقها في طلب الفرقة بتأخير المرافعة قبل الأجل ولا بعد انقضاء السنة بعد التأجيل مهما أخرت لأن ذلك قد يكون للتجربة وترجي الوصول لا للرضا به فلا يبطل حقها بالشك اه وهذا قبل تخيير القاضي لها فلو بعده كان على الفور كما يأتي بيانه فافهم قوله (لم يبطل حقها) أي ما لم تقل رضيت بالمقام معه كذا قيده في التاترخانية عن المحيط هنا وفي قوله الآتي كما لو رفعته الخ قوله (ثم تركت مدة) أي قبل المرافعة والتأجيل لئلا يتكرر بما بعده قوله (ولو ادعى الوطء الخ) هذا شامل لما قبل التأجيل وبعده لكن قول الشارح الآتي في مجلسها يعين الثاني كما تعرفه
548 والحاصل كما في الملتقى وغيره أنهما إذا اختلفا في الوطء قبل التأجيل فإن كانت حين تزوجها ثيبا أو بكرا وقال النساء هي الآن ثيب فالقول له مع يمينه وإن قلن بكر أجل وكذا إن نكل وإن اختلفا بعد التأجيل وهي ثيب أو بكر وقلن ثيب فالقول له وإن قلن بكر أو نكل خيرت اه وحاصله كما في البحر أنها لو ثيبا فالقول له بيمينه ابتداء وانتهاء فإن نكل في الابتداء أجل وفي الانتهاء تخير للفرقة ولو بكرا أجل في الابتداء ويفرق في الانتهاء قوله (ثقة) يشير إلى ما في كافي الحاكم من اشتراط عدالته تأمل قوله (والثنتان أحوط) وفي البدائع أوثق وفي الإسبيجابي أفضل بحر قوله (أن تبول الخ) قال في الفتح وطريق معرفة أنها بكر أن تدفع يعني المرأة في فرجها أصغر بيضة للدجاج فإن دخلت من غير عنف فهي ثيب وإلا فبكر أو تكسر وتسكب في فرجها فإن دخلت فثيب وإلا فبكر وقيل إن أمكنها أن تبول على الجدار فبكر وإلا فثيب اه وتعبيره في الثالث بقيل مشير إلى ضعفه ولذا قال القهستاني وفيه تردد فإن موضع البكارة غير المبال اه قوله (أو يدخل الخ) بالبناء للمجهول أي يمتحن بإدخال ذلك فإن لم يدخل فهي بكر والأظهر ما في بعض النسخ أو لا يدخل بلا النافية قوله (مح بيضة) المح بالضم وبالحاء المهملة خالص كل شئ وصفرة البيضة كالمحة أو ما في البيض كله قاموس قوله (خيرت) أي يكون القول قولها ويخيرها القاضي قال في النهر وظاهره كلامه أنها لا تستحلف اه قلت صرح به في البدائع عن شرح الطحاوي معللا بأن البكارة فيها أصل وقد تفوت بشهادتهن قال في الفتح وإذا اختارت نفسها أمره القاضي أن يطلقها فإن أبى فرق بينهما قوله (في مجلسها) قال في البحر وعليه الفتوى كما في المحيط والواقعات وفي البدائع ظاهر الرواية أنه لا يتوقف على المجلس اه ومشى على الأول في الفتح هذا ثم اعلم أن ما مر من أن خيارها على التراخي لا على الفور لا ينافي ما هنا لأن ما مر إنما هو في الخيار قبل التأجيل أو بعده قبل المرافعة وتخيير القاضي لها وما هنا فيما بعد التأجيل والمرافعة ثانيا يعني أنها إذا وجدته عنينا فلها أن ترفعه إلى القاضي ليؤجله سنة وإن سكت مدة طويلة فإذا أجله ومضت السنة فلها أن ترفعه ثانيا إلى القاضي ليفرق بينهما وإن سكتت بعد مضي السنة مدة طويلة قبل المرافعة ثانيا فإذا رفعته إليه وثبت عدم وصوله إليها خيرها القاضي فإن اختارت نفسها في المجلس أمره القاضي أن يطلقها قال في البدائع فإن خيرها القاضي فأقامت معه مطاوعة في المضاجعة وغير ذلك كان دليل الرضا به ولو فعلت ذلك بعد مضي الأجل قبل تخيير القاضي لم يكن ذلك رضا وذكر الكرخي عن أبي يوسف أنه إذا خيرها الحاكم فقامت عن مجلسها قبل أن تختار أو قام الحاكم أو أقامها عن مجلسها أعوانه ولم تقل شيئا فلا خيار لها وذكر القاضي أنه لا يقتصر على المجلس في ظاهر الرواية اه ملخصا فهذا صريح فيما قلنا من أن الخيار الثابت لها قبل تخيير
549 القاضي على التراخي ولا يبطل بمضاجعتها له وأما بعد تخيير القاضي فيبطل بالمضاجعة ونحوها وكذا بقيامها عن المجلس قبل اختيار التفريق على ما عليه الفتوى هكذا فهمته قبل أن أرى النقل ولله تعالى الحمد فافهم قوله (أو كانت ثيبا) أي حين تزوجها وهو عطف على قالت قوله (صدق لحلفه) أي على أنه وطئها لأنه منكر استحقاق الفرقة والأصل والسلامة قوله (في الابتداء) أي قبل التأجيل قوله (لأنه ظاهر) أي أن الظاهر زوال عذرتها بالوطء وزوالها بسبب آخر خلاف الأصل بقي لو أقر بأنه أزالها بأصبعه وادعى صار قادرا على وطئها ووطئها فهل يبقى خيارها أم لا والظاهر الثاني لحصول المقصود وإن كان يمنع عن ذلك لما في أحكام الصفار من الجنايات أن الزوج لو أزال عذرة الزوجة بالأصبع لا يضمن ويعزز اه قوله (وإن اختارته) أي بعد تمام وتخيير القاضي لها بقرينة ما بعده أما قبل تخيير القاضي فإنه لا يبطل حقها قبل التأجيل أو بعده ما لم ترض صريحا ولا يتقيد بالمجلس كما مر تحريره قوله (ولو دلالة) أي بتأخير الاختيار إلى أن قامت أو أقيمت عناية ومثله في البحر والنهر قوله (كما لو وجد منها دليل إعراض الخ) بيان للاختيار دلالة كما علمت فإن دليل الإعراض عن التفريق دليل اختيارها الزوج قوله (لإمكانه) أي الاختيار قوله (أو فرق القاضي) أي إذا لم يطلق الزوج قوله (عالمة بحاله) قيد في قوله أو امرأة أخرى وأما الأولى فمعلوم أنها عالمة بحاله اه ح وكأنه حمل الأولى على التي اختارت فرقته وهو غير السري لصدقها على من طلقها قبل علمها بحاله كما أفاده ط قوله (خلافا لتصحيح الخانية) حيث قال فرق بين العنين وامرأته ثم تزوج بأخرى تعلم بحاله اختلفت الروايات والصحيح أن للثانية حق الخصومة لأن الإنسان قد يعجز عن امرأة ولا يعجز عن غيرها اه ح واستظهر الرحمتي ما في الخانية بأن عجزه عن الوصول إلى الأولى قد يكون لسحره عنها فقط قلت ووجه المفتى به أنه بعد علمها بتحقق عجزه وعدم علمها بأن عجزه مختص بالأولى تكون راضية به وطعمها في وصوله إليها يؤكد رضاها به قوله (ولا يتخير الخ) أي ليس لواحد من الزوجين خيار فسخ النكاح بعيب في الآخر عند أبي حنيفة وأبي يوسف وهو قول عطاء والنخعي وعمر بن عبد العزيز وأبي زياد وأبي قلابة وابن أبي ليلى والأوزاعي والثوري والخطابي وداود الظاهري وأتباعه وفي المبسوط أنه مذهب علي وابن مسعود رضي الله عنهم فتح قوله (وجذام) هو داء يتشقق به الجلد وينتن ويقطع اللحم قهستاني عن الطلبة قوله (وبرص) هو بياض في ظاهر الجلد يتشاءم به قهستاني قوله (ورتق) بالتحريك انسداد مدخل الذكر كما أفاده
550 في المصباح قوله (وقرن كفلس) لحم ينبت في مدخل الذكر كالغدة وقد يكون عظما مصباح ونقل الخير الرملي عن شرح الروض للقاضي زكريا أن الفتح على إرادة المصدر والأسكان على إرادة الاسم إلا أن الفتح أرجح لكونه موافقا لباب العيوب فإنها كلها مصادر هذا هو الصواب وأما إنكار بعضهم على الفقهاء فتحه وتلحينه إياهم فليس كما ذكر اه قوله (ولو بالزوج) في العبارة خلل فإنها تقتضي عدم خيار الزوج عندهم إذا كانت هذه الخمسة في الزوجة والواقع خلافه والظاهر أن أصلها وخالف الأئمة الثلاثة في الخمسة مطلقا ومحمد في الثلاثة الأول لو بالزوج كما يفهم من البحر وغيره اه ح قلت وفي نسخة وعند محمد لو بالزوج لكن يرد عليها أن الرتق والقرن لا يوجدان بالزوج هذا وقد تكفل في الفتح برد ما استدل به الأئمة الثلاثة ومحمد بما لا مزيد عليه قوله (ولو قضى بالرد صح) أي لو قضى به حاكم يراه فأفاد أنه مما يسوغ فيه الاجتهاد وهذه المسألة ذكرها في البحر ولم أرها في الفتح قوله صح إلا رواية عن أحمد أنهما لا يجتمعان كتفرقة اللعان وهذا باطل لا أصل له بحر عن المعراج قوله (وكذا زوجته) أي له شق رتقها لكن هذه العبارة غير منقولة وإنما المنقول قولهم في تعليل عدم الخيار بعيب الرتق لإمكان شقه وهذا يدل على أن له ذلك ولذا قال في البحر بعد نقل التعليل المذكور ولكن ما رأيت هل يشق جبرا أم لا قوله (لأن التسليم الواجب الخ) فيه أنه لا يلزم من وجوبه ارتكاب هذه المشقة فقد سقط القيام في الصلاة للمشقة وسقط الصوم عن المرضع إذا خافت على نفسها أو ولدها ونظائره كثيرة وقد يفرق بأن هذا واجب له مطالب من العباد ط قوله (لها الخيار) أي عدم الكفاءة واعترضه بعض مشايخ مشايخنا بأن الخيار للعصبة قلت وهو موافق لما ذكره الشارح أول باب الكفاءة من أنها حق الولي لا حق المرأة لكن حققنا هناك أن الكفاءة حقهما ونقلنا عن الظهيرية لو انتسب الزوج لها نسبا غير نسبه فإن ظهر دونه وهو ليس بكفء الفسخ ثابت للكل وإن كان كفؤا فحق الفسخ لها دون الأولياء وإن كان ما ظهر فوق ما أخبره فلا فسخ لأحد وعن الثاني أن لها الفسخ لأنها عسى تعجز عن المقام معه وتمامه هناك لكن ظهر لي الآن أن ثبوت حق الفسخ لها للتغرير لا لعدم الكفاءة بدليل أنه لو ظهر كفؤا يثبت له حق الفسخ لأنه غرها ولا يثبت للأولياء لأن التغرير لم يحصل لهم حقهم في الكفاءة وهي موجودة وعليه فلا يلزم من ثبوت الخيار لها في هذه المسائل ظهور غير كف ء والله سبحانه أعلم
551 العدة لما ترتبت في الوجود على الفرقة بجميع أنواعها أوردها الكل بحر قوله (الإحصاء) يقال عددت الشئ عدة أحصيته إحصاء وتقال أيضا على المعدود فتح قلت وفي الصحاح والقاموس وغيرهما عدة المرأة أيام أقرائها فهو معنى لغوي أيضا قوله (الاستعداد) أي التهيؤ للأمر ويقال لما أعددته لحوادث الدهر من مال وسلاح نهر ومصباح قوله (وشرعا تربص الخ) أي انتظار انقضاء المدة بالتزوج فحقيقته الترك للتزوج والزينة اللازم شرعا في مدة معينة شرعا قالوا وركنها حرمات تثبت عند الفرقة وعليه فينبغي أن يقال في التعريف هي لزوم التربص ليصح كون ركنها حرمات لأنها لزومات وإلا فالتربص فعلها والحرمات أحكام الله تعالى فلا تكون نفسه وتمامه في الفتح قلت لكن تقدير اللزوم مع قول الشارح كالكنز يلزم المرأة ركيك وأي مانع من أن يراد بالتربص الامتناع من التزوج والخروج ونحوهما ويكون المراد من الحرمات هذه الامتناعات بدليل أن العدة صفة شرعية قائمة بالمرأة فلا بد أن يكون ركنها قائما بالمرأة وعليه فلا حاجة إلى ما في الحواشي السعدية من أنه إذا كان ركنها الحرمات يكون التعريف بالتربص تعريفا باللازم اه وعرفها في البدائع بأنها أجل تضرب لانقضاء ما بقي من آثار النكاح قال وعند الشافعي هي اسم لفعل التربص الذي هو الكف قلت وهذا الموافق لما مر عن الصحاح وغيره وهو الذي حققه في الفتح عند قوله وإذا وطئت المعتدة بشبهة وقال إن الذي يفيده حقيقة كتاب الله تعالى وهو قوله سبحانه * (فعدتهن ثلاثة أشهر) * (الطلاق 4) أنه نفس المدة الخاصة التي تعلقت الحرمات فيها وتقيدت بها لا الحرمات الثابتة فيها ولا وجود الكفء ولا التربص اه ولا يشكل عليه كون الحرمات ركنا لأن له منعه ولذا جعلها بعضهم حكم العدة هو الأظهر على التعريفين قال في النهر وتعريف البدائع شامل لعدة الصغيرة بخلاف تعريف المصنف وأكثر المشايخ لا يطلقون لفظ الوجوب عليها بل يقولون تعتد والوجوب إنما هو على الولي بأن لا يزوجها حتى تنقضي العدة قال شمس الأئمة إنها مجرد مضي المدة فثبوتها في حقها لا يؤدي إلى توجيه خطاب الشرع عليها فإن قلت كون مسماها المدة لا يستلزم انتفاء خطاب الولي أن لا يزوجها قلت إذا كان كذلك فالثابت فيه عدم صحة التزوج لا خطاب أحد بل وضع الفاء عدم صحة التزوج لو فعل اه وهو ملخص من الفتح والحاصل أن الصغير أهل الخطاب الوضع وهذا منه كما خوطب بضمان المتلفات كما في البحر قوله (أو الرجل الخ) قال في الفتح حرمة تزوجه بأختها لا يكون من العدة بل هو حكم عدتها ولا شك أنه معنى كونه هو أيضا في العدة لأن معنى العدة وجوب الانتظار بالتزوج وهو مضي المدة وهو كذلك في العدة غير أن اسم العدة اصطلاحا خص بتربصها لا بتربصه اه
552 عشرون موضعا يعتد فيها لرجل قوله (عشرون) وهي نكاح أخت امرأته وعمتها وخالتها وبنت أخيها وبنت أختها والخامسة وإدخال الأمة على الحرة ونكاح أخت الموطوءة في نكاح فاسد أو في شبهة عقد ونكاح الرابعة كذلك أي إذا كان له ثلاث زوجات ووطئ أخرى بنكاح فاسد أو شبهة عقد ليس له تزوج الرابعة حتى تمضي عدة الموطوءة ونكاح المعتدة للأجنبي أي بخلاف معتدته ونكاح المطلقة ثلاثا أي قبل التحليل ووطء الأمة المشتراة أي قبل الاستبراء والحامل من الزنا إذا تزوجها أي قبل الوضع والحربية إذا أسلمت في دار الحرب وهاجرت إلينا وكانت حاملا فتزوجها رجل أي قبل الوضع والمسبية لا توطأ حتى تحيض أو يمضي شهر لولا تحيض لصغر أو كبر ونكاح المكاتبة ووطؤها لمولاها حتى تعتق أو تعجز نفسها ونكاح الوثنية والمرتدة والمجوسية لا يجوز حتى تسلم اه بحر موضحا وقوله والخامسة يحتمل أن يراد به أن من له أربع يمنع عن النكاح الخامسة حتى يطلق إحدى الأربع ويحتمل أن يراد أنه لو طلق إحدى الأربع يمنع عن تزوج خامسة مكانها حتى تمضي عدة المطلقة وهكذا يقال في المسائل الخمس التي قبلها وكذا في قوله وإدخال الأمة على الحرة فافهم قوله (لمانع) كحق الغير عقدا أو عدة وإدخال الأمة على الحرة والزيادة على أربع والجمع بين المحارم أو لوجوب تحليل أو استبرء قوله (وأربع سواها) أي تزوج أربع سوى امرأته بعقد واحد قوله (واصطلاحا) أي في اصطلاح الفقهاء وهو أخص من المعنى الشرعي المار لما علمت من أن اسم العدة خص بتربصها لا بتربصه قوله (أو ولي الصغيرة) بمعنى أنه يجب عليه أن يربصها أي يجعلها متصفة بصفة المعتدات لأن العدة صفتها لا صفة وليها إذ لا يصح أن يقال إذا طلقت أو مات زوجها وجب على وليها أن يعتد وقد مر أنهم يقولون تعتد هي والوجوب إنما هو على الولي بأن لا يزوجها حتى تنقضي العدة أي مدة العدة تأمل والمجنونة كالصغيرة قوله (عند زوال النكاح) أو رد عليه أن الرجعي لا يزول في النكاح إلا بانقضاء العدة فالأولى تعريف البدائع المار ويندفع عند إيراد الصغيرة إذ ليس فيه ذكر اللزوم وأولى منه قول ابن كمال هي اسم لأجل ضرب لانتفاء ما بقي ن آثار النكاح أو الفراش لشموله عدة أم الولد ط قوله (فلا عدة لزنا) بل يجوز تزوج المزني بها وإن كانت حاملا لكن يمنع عن الوطء حتى تضع وإلا فيندب الاستبراء ط وسيأتي آخر الباب لو تزوجت امرأة الغير ودخل بها عالما بذلك لا يحرم على الزوج وطؤها لأنه زنا قوله (أو شبهته) عطف على زوال لا على النكاح لأنه لو عطف عليه لاقتضى أنها لا تجب إلا عند زوال الشبهة وليس كذلك كذا في البحر ومراده الرد على الفتح حيث صرح بعطفه على النكاح قلت أي لأن الشبهة التي هي صفة الوطء السابق لا تزول عنه إذ لو زالت لوجب به الحد نعم إذا أريد زوال منشئها صح عطف أو شبهته على النكاح لما سيأتي من أن مبدأ العدة في النكاح الفاسد بعد التفريق من القاضي بينهما أو المتاركة وبذلك يزول منشؤها الذي هو النكاح الفاسد
553 وفي الوطء بشبهة عند انتهاء الوطء واتضاح الحال فافهم قوله (زيادة أو شبهة) أي بكسر الشين وسكون الباء أو بفتحها وكسر الهاءين ثانيتهما ضمير النكاح والشبه المثل قوله (ليشمل عدة أم الولد) لأن لها فراشا كالحرة وإن كان أضعف من فراشها وقد زال بالعتق بحر قوله (عقد النكاح) أي ولو فاسدا بحر قوله (بالتسليم) أي الوطء قوله (وما جرى مجراه) عطف على التسليم والضمير يعود إليه والأولى العطف بأو لأن التأكد يكون بأحدهما وهذا خاص بالنكاح الصحيح أما الفاسد فلا تجب فيه العدة إلا بالوطء كما مر في باب المهر ويأتي قلت ومما جرى مجراه ما لو استدخلت منيه في فرجها كما بحثه في البحر وسيأتي في الفروع آخر الباب قوله (أي صحيحة) فيه نظر فإن الذي تقدم في باب المهر أن المذهب وجوب العدة للخلوة صحيحة أو فاسدة وقال القدوري إن كان الفساد لمانع شرعي كالصوم وجبت وإن كان لمانع حسي كالرتق لا تجب فكلام الشارح لم يوافق واحدا من القولين اه ح قلت يمكن حمله على الثاني بجعل المانع الشرعي كالعدم غير مفسد لها فهي صحيحة معه وإنما المفسد المانع الحسي ويدل عليه قوله فلا عدة بخلوة الرتقاء قوله (وشرطها الفرقة) أي زوال النكاح أو شبهته كما في الفتح قال فالإضافة في قولنا عدة الطلاق إلى الشرط قوله (وركنها حرمات) أي لزومات كما مر عن الفتح لا نفس التحريم أي أشياء لازمة للمرأة يحرم عليها تعديها وقوله ثابتة بها على تقدير مضاف أي بسببها عند وجود (1) شرطها وإلا لزم ثبوت الشئ بنفسه لأن ركن الشئ ماهيته تأمل قوله (كحرمة تزوج) أي تزوجها غيره فإنها حرمة عليها بخلاف تزوجه أختها أو أربع سواها فإنه حرمة عليه فلا يكون من العدة بل هو حكمها كما أفاده في الفتح قوله (وخروج) أي حرمة خروجها من منزل طلقت فيه وسيأتي باقي الحرمات في فصل الحداد قوله (وصحة الطلاق فيها) لا وجه لجعله ركنا من العدة بل هو من أحكامها كما مشى عليه في الدرر على أنه لا يتحقق في عدة البائن بعد البائن ولا في عدة الثلاث فذكره هنا سبق قلم والظاهر أنه أراد أن يقول وحكمها حرمات الخ فسبق قلمه إلى قوله وركنها ويدل عليه تعبيره بقوله ثابتة بها فإنه يناسب الحكم لا الركن وجعل هذه الحرمات أحكاما تبعا لصاحب الدرر وغيره أظهر من جعلها أركانا كما مر فتدبر قوله (وحكمها حرمة نكاح أختها) أي من حكمها والمراد بالأخت ما يشمل كل ذات رحم محرم منها وكثير من المسائل التي يتربص فيها الرجل من حكم العدة ومنه صحة الطلاق فيها كما علمت قوله (ولو كتابية تحت مسلم) لأنها كالمسلمة حرتها كحرتها وأمتها كأمتها بحر واحترز عما لو كانت تحت ذمي وكانوا لا يدينون عدة
(1) قوله: (اي بسببها عند وجود الخ) معناه ان الحرمات المذكورة ثبتت بالسبب المؤثر في وجوب العدة وهو عقد النكاح الخ وليس معناه ان العدة سبب في ثبوت تلك الحرمات لئلا يلزم اتحاد السبب والمسبب ا ه. 554 كما سيأتي متنا آخر الباب قوله (لطلاق أو فسخ) تقدم في باب الولي نظما فرق النكاح التي تكون فسخا والتي تكون طلاقا قوله (بجميع أسبابه) مثل الانفساخ بخير البلوغ والعتق وعدم الكفاءة وملك أحد الزوجين الآخر والردة في بعض الصور والافتراق عن النكاح الفاسد والوطء بشبهة فتح لكن الأخير ليس فسخا ويرد على الإطلاق فسخ نكاح المسبية بتباين الدارين والمهاجرة إلينا مسلمة أو ذمية فإنه لا عدة على واحدة منهما ما لم تكن حاملا كما سيذكره المصنف آخر الباب تأمل وقيد في الشرنبلالية قوله وملك أحد الزوجين الآخر بما إذا ملكته لإخراج ما إذا ملكها لكن ذكر الزيلعي ما يخالفه في فصل الحداد وفي النسب ووفق بينهما السيد محمد أبو السعود بأنه إذا ملكها لا عدة عليها له بل لغيره وأيضا لا عدة عليها له فيما لو ملكته فأعتقته فتزوجته على ما يفهم من كلامهم اه قلت وفي البحر لو اشترى زوجته بعد الدخول لا عدة عليها له وتعتد لغيره فلا يزوجها لغيره ما لم تحض حيضتين ولهذا لو طلقها السيد في هذه العدة لم يقع لأنها معتدة لغيره ولذا تحل له بملك اليمين وتمامه فيه قوله (ومنه الفرقة الخ) رد على ابن كمال حيث قال للطلاق أو الفسخ أو الرفع فزاد الرفع وقال اعلم أن النكاح بعد تمامه لا يحتمل الفسخ عندنا فكل فرقة بغير طلاق قبل تمام النكاح كالفرقة بخيار بلوغ أو عتق أو بعدم كفاءة فسخ وبعد تمامه كالفرقة بملك أحد الزوجين للآخر أو بتقبيل ابن الزوج ونحوه رفع وهذا واضح عند من له خبرة في هذا الفن اه قال في النهر وهذا التقسيم لم نر من عرج عليه والذي ذكره أهل الدار أن القسمة ثنائية وأن الفرقة بالتقبيل من الفسخ كما قدمناه قوله (أو حكما) المراد به الخلوة ولو فاسدة كما مر وسيأتي قوله (أسقطه) أي أسقط المصنف قوله بعد الدخول حقيقة أو حكما من متنه الذي شرح عليه ط قوله (راجع للجميع) أي لأنواع المعتدة بالحيض والمعتدة بالأشهر ولا بد أيضا من ادعاء شموله للوطء الحكمي ليغني عن قوله أو حكما قوله (ثلاث حيض) بالنصب على الظرفية أي في مدة ثلاث حيض ليلائم كون مسمي العدة تربصا يلزم المرأة والرفع إنما يناسب كون مسماها نفس الأجل إلا أن يكون أطلقها على المدة مجازا كما في فتح القدير نهر تنبيه لو انقطع دمها فعالجتها بدواء حتى رأت صفرة في أيام الحيض أجاب بعض المشايخ بأنه تنقضي به العدة كما قدمناه في باب الحيض عن السراج قوله (لعدم تجزي الحيضة) علة لكون الثلاث كوامل حتى لو طلقت في الحيض وجب تكميل هذه الحيضة ببعض الرابعة لكنها لما لم تتجز اعتبرنا تمامها كما تقرر في كتب الأصول درر لكن سيأتي في المتن أنه لا اعتبار لحيض طلقت فيه ومقتضاه أن ابتداء العدة من الحيضة التالية له وهو الأنسب لعدم التجزي لتكون الثلاث كوامل قوله (فالأولى الخ) بيان لحكمة كونها ثلاثا مع أن مشروعية العدة لتعرف براءة الرحم أي خلوه عن الحمل وذلك يحصل بمرة فبين أن حكمة الثانية لحرمة النكاح أي لإظهار حرمته واعتباره حيث لم ينقطع أثره بحيضة واحدة في الحرة والأمة وزيد من الحرة ثالثة لفضيلتها قوله
555 (كذا) أي كالحرة في كون عدتها ثلاث حيض كوامل إذا كانت ممن تحيض درر وغيرها قوله (لأن لها فراشا) أي وقد وجبت العدة بزواله فأشبه عدة النكاح ثم أمامنا فيه عمر رضي الله عنه فإن قال عدة أم الولد ثلاث حيض كذا في الهداية ولأن لها فراشا يثبت نسب ولدها منه بالسكوت لكنه أضعف من فراش الحرة ولذا ينتفي بمجرد النفي بلا لعان حكاية شمس الأئمة السرخسي حكي أن شمس الأئمة لما أخرج زوج السلطان أمهات أولاده من خدامه الأحرار فاستحسنه العلماء وخطأه شمس الأئمة بأن تحت كل خادم حرة وهذا تزوج الأمة على الحرة فقال السلطان أعتقهن وأجدد العقد فاستحسنه العلماء وخطأه شمس الأئمة بأن عليهم العدة بعد الإعتاق وقيل إن هذا كان سبب حبسه وأن القاضي أغراه عليه وأن الطلبة لما لم تمتنع عنه منعوا عنه كتبه فأملى المبسوط من حفظه قوله (ما لم تكن حاملا) فإن كانت فعدتها الوضع بحر قوله (أو آيسة) فإن كانت فعدتها ثلاثة أشهر بحر قوله (أو محرمة عليه) فلا عدة لزوال فراشه قهستاني وأسباب الحرمة عليه ثلاث نكاح الغير وعدته وتقبيل ابن المولى فلا عدة عليها بموت المولى أو إعتاقه بعد تقبيل ابنه كما في الخانية بحر قوله (ولو مات مولاها وزوجها الخ) أي بعد ما أعتقها مولاها واعلم هذه المسألة على ثلاثة أوجه الأول أن يعلم أن بين موتيهما أقل من شهرين وخمسة أيام فعليها أن تعتد بأربعة أشهر وعشر لأن المولى لأن كان قد مات أولا ثم مات الزوج وهي حرة فلا يجب بموت المولى شئ وتعتد للوفاة عدة الحرة وإن كان الزوج مات أولا وهي أمة لزمها شهران وخمسة أيام ولا يلزمها بموت المولى شئ لأنها معتدة الزوج ففي حال يلزمها أربعة أشهر وعشر وفي حال نصفها فلزمها الأكثر احتياطا ولا تنتقل عدتها على احتمال الثاني لما قدمنا أنها لا تنتقل في الموت الثاني أن يعلم أن بين موتيهما شهرين وخمسة أيام أو أكثر فعليها أن تعتد أربعة أشهر وعشرا فيها ثلاث حيض احتياطا لأن المولى إن كان مات أولا لم تلزمها عدته لأنها منكوحة وبعد موت الزوج يلزمها أربعة أشهر وعشر لأنها حرة وإن مات الزوج أولا لزمها شهران وخمسة أيام وقد انقضت عدتها منها لأنها مصورة أن بينهما هذه المدة أو أكثر فموت المولى بعده يوجب عليها ثلاث حيض فيجمع بينهما احتياطا الثالث أن لا يعلم كم بين موتيهما ولا الأول منهما فالأول عنده وكالثاني عندهما كذا في المعراج وغيره بحر وتوجيه الثالث مذكور في ح عن البحر فراجعه وفي كلام الشارح إشارة إلى هذه الأوجه الثلاثة فأشار إلى الأولى والثالث بقوله تعتد بأربعة أشهر وعشر وإلى الثالث عندهما بقوله وأو بأبعد الأجلين قوله (ولا عدة على أمة) وأم ولد (1) أي إذا مات مولاهما أو أعتقهما
(1) قول المحشي: (وأم ولد) وصوابه ومدبرة كما هي عبارة الشارح ا ه. 556 إجماعا بحر وهذا محترز قول المصنف كذا أم ولد قوله (وكذا موطوءة بشبهة أو نكاح فاسد) أي عدة كل منهما ثلاث حيض وسيذكر المصنف هذه المسألة مرة ثانية ويأتي الكلام عليها حكاية أبي حنيفة في الموطوءة بشبهة لطيفة حكي في المبسوط رجلا زوج ابنيه بنتين فأدخل النساء زوجة كل أخ على أخيه فأجاب العلماء بأن كل واحد يجتنب التي أصابها وتعتد لتعود إلى زوجها وأجاب أبو حنيفة رحمه الله تعالى بأنه إذا رضي كل واحد بموطوءته يطلق كل واحد زوجته ويعقد على موطوءته ويدخل عليها للحال لأنه صاحب العدة ففعلا كذلك ورجع العلماء إلى جوابه قوله (في الموت) إنما تجب عدة الوفاة لأنها إنما تجب لإظهار الحزن على زوج عاشرها إلى الموت ولا زوجية هنا بحر قوله (يتعلق بالصورتين معا) أي إن قوله في الموت والفرقة مرتبط بصورتي الموطوءة بشبهة أو بنكاح فاسد قوله (والعدة في حق من لم تحض) شروع في النوع الثاني من يجري العدة وهو العدة بالأشهر وهو معطوف على قوله وهي في حق حرة تحيض قوله (حرة أم أم ولد) أي لا فرق بينهما فيما سيأتي من أن عدة كل منهما ثلاثة أشهر وهذا في أم الولد إذا مات مولاها أو أعتقها أما إذا كانت منكوحة فعدتها نصف ما للحرة في الموت أو الطلاق سواء كانت ممن تحيض أو لا كما يعلم مما سيأتي ثم إن أم الولد لا تكون إلا كبيرة فقوله أصغر خاص بالحرة وقوله أو كبر شامل لهما كما لا يخفي فافهم قوله (بأن لم تبلغ تسعا) وقيل سبعا بتقديم السين على الباء الموحدة في مدة لصغيرة لمراهقة وفي الفتح والأول أصح وهذا بين أقل سن يمكن فيه بلوغ الأنثى وتقييده بذلك تبعا للفتح والبحر والنهر لا يعلم منه حكم من زاد سنها على ذلك ولم تبلغ بالسن وتسمى المراهقة وقد ذكر في الفتح أن عدتها أيضا ثلاثة أشهر فلو أطلق الصغيرة وفسرها بمن لم تبلغ بالسن لشمل المراهقة ومن دونها وهي من لم تبلغ تسعا وقد يقال مراده إخراج المراهقة اختيارا لما ذكره في البحر بقوله وعن الإمام الفضلي أنها إذا كانت مراهقة لا تنقضي عدتها بالأشهر بل يوقف حالها حتى يظهر هل حبلت في ذلك الوطء أم لا فإن ظهر حبلها اعتدت بالوضع وإلا فبالأشهر قال في الفتح ويعتد بزمن التوقف من عدتها لأنه كان ليظهر حبلها فإذا لم يظهر كان من عدتها اه قلت يعني إذا ظهر عدم حبلها يحكم بمضي العدة بثلاثة أشهر مضت ويكون زمن التوقف بعدها لغوا حتى لو تزوجت فيه صح عقدها وفي نفقات الفتح فرع في الخلاصة عدة الصغيرة ثلاثة أشهر إلا إذا كانت مراهقة فينفق عليها ما لم يظهر فراغ رحمها كذا في المحيط اه من غير ذكر خلاف وهو حسن اه كلام الفتح لكن ينبغي الإفتاء به احتياطا قبل العقد بأن لا يعقد عليها إلا بعد التوقف لكن لم يذكروا مدة التوقف التي يظهر به الحمل وذكر في الحامدية عن بيوع البزازية أنه يصدق في دعوى الحبل في
557 رواية إذا كان من حين شرائها أربعة أشهر وعشر لا أقل وفي رواية بعد شهرين وخمسة أيام وعليه عمل الناس اه ومشى في الحامدية على الأخيرة ونظر لأن المراد في مسألتنا التوقف بعد مضي ثلاثة أشهر فالأولى الأخذ بالرواية الأولى فإذا مضت أربعة أشهر وعشر ولم يظهر الحبل علم أن العدة انقضت من حين مضي ثلاثة أشهر قوله (بأن بلغت سن الإياس) سيأتي تقديره في المتن ويأتي تمام الكلام عليها قوله (أو بلغت بالسن) أي خمس عشرة سنة عن العناية ومثلها لو بلغت بالإنزال قبل هذه المدة وقوله ولم تحض شامل لما إذا لم ترد دما أصلا أو رأت وانقطع قبل التمام قال في البحر عن التاترخانية بلغت فرأت يوما دما ثم انقطع حتى مضت سنة ثم طلقها فعدتها بالأشهر اه وسيذكر الشارح عن البحر أنها إذا بلغت ثلاثين سنة ولم تحض حكم بإياسها ويأتي بيانه قوله بأن حاضت أي ثلاثة أيام مثلا قوله (ثم امتد طهرها) أي سنة أو أكثر بحر قوله من انقضائها بتسعة أشهر ستة منها مدة الإياس وثلاثة منها للعدة ورأيت بخط شيخ مشايخنا السائحاني أن المعتمد عند المالكية أنه لا بد لوفاء العدة من سنة كاملة تسعة أشهر لمدة الإياس وثلاثة أشهر لانقضاء العدة قلت ولذا عبر في المجمع بالحول مطلب في الإفتاء بالضعيف قوله (فلا يفتى به) اعترض بأنه قول مالك والتقليد جائز بشرط عدم التلفيق كما ذكره الشيخ حسن الشرنبلالي في رسالة بل ومع التلفيق كما ذكره الملة بن فروخ في رسالة قلت ما ذكره ولا فروخ رده سيدي عبد الغني في رسالة خاصة والتقليد وإن جاز بشرطه فهو للعامل لنفسه لا للمفتي لغيره فلا يفتي بغير الراجح في مذهبه لما قدمه الشارح في رسم المفتي بقوله وحاصل ما ذكره الشيخ قاسم في تصحيحه أنه لا فرق بين المفتي والقاضي إلا أن المفتي مخبر عن الحكم والقاضي ملزم به وأن الحكم والفتيا بالقول المرجوح جهل وخرق للإجماع وأن الحكم الملفق باطل بالإجماع وأن الرجوع عن التقليد بعد العمل باطل اتفاقا الخ وقدمنا الكلام عليه هناك فافهم قوله (وجب أن يقول الخ) هذا مبني على قول بعض الأصوليين لا يجوز تقليد المفضول مع وجود الفاضل وبني على ذلك وجوب اعتقاد أن مذهبه صواب يحتمل الخطأ وأن مذهب غيره خطأ يحتمل الصواب فإذا سئل عن الحكم لا يجيب إلا بم هو صواب عنده فلا يجوز أن يجيب بمذهب الغير وقدمنا في ديباجة الكتاب تمام الكلام على ذلك قوله (نعم لو قضى مالكي بذلك نفذ) لأنه مجتهد فيه وهذا كله رد على ما في البزازية قال العلامة والفتوى في زماننا على قول مالك وعلى ما في جامع الفصولين لو قضى قاض بانقضاء عدتها بعد مضي تسعة أشهر نفذ اه لأن المعتمد أن القاضي لا يصح قضاؤه بغير مذهبه خصوصا
558 قضاة زماننا قوله (لممتدة) بالتنوين ونصف طهرا على التمييز ط قوله (وفا عدة) بقصر وفا للضرورة وهو مبتدى خبره قوله بتسعة أشهر والجملة دليل جواب الشرط الذي هو أن مالكي يقدر يعني أن حكم القاضي المالكي بتقدير التسعة أشهر لممتدة الطهر كان هذا المقدار عدتها ومن بعده أي من بعد قضاء القاضي المالكي بهذا المقدار لا وجه لنقض القاضي الحنفي لأنه فصل مجتهد فيه فقضاؤه رفع الخلاف اه ح وفي بعض النسخ أن مالكي يقرر بالراء لكن قد علمت أن المعتمد عند المالكية تقدير المدة بحول ونقله أيضا في البحر عن المجمع معزيا لمالك قوله (هكذا يقال) يعني ينبغي أن يقال مثل هذا القول الخالي من نقد واعتراض ينظر به عليه لا كما قال بعضهم من أنه يفتى به للضرورة اه ح قلت لكن هذا ظاهر إذا أمكن قضاء مالكي به أو تحكيمه أما في بلاد لا يوجد فيها مالكي يحكم به فالضرورة متحققة وكأن هذا وجه ما مر عن البزازية والفصولين فلا يرد قوله في النهر إنه لا داعي إلى الإفتاء بقول نعتقد أنه خطأ يحتمل الصواب مع إمكان الترافع إلى مالكي يحكم به اه تأمل ولهذا قال الزاهدي وقد كان بعض أصحابنا يفتون بقول مالك في هذه المسألة للضرورة اه ثم رأيت ما بحثته بعينه ذكره محشي مسكين عن السيد الحموي وسيأتي وكما هذه المسألة في زوجة المفقود حيث قيل إنه يفتي بقول مالك إنها تعتد عدة الوفاة بعد مضي أربع سنين قوله (وأما ممتدة الحيض) الأولى أن يقول ممتدة الدم أو المستحاضة والمراد بها المتحيرة التي نسيت عادتها وأما إذا استمر بها الدم وكانت تعلم عادتها فإنها ترد إلى عادتها كما في البحر قوله (فالمفتي به الخ) حاصله أنها تنقضي عدتها بسبعة أشهر وقيل بثلاثة قوله (وإلا فبالأيام) في المحيط إذا اتفق عدة الطلاق والموت في غرة الشهر اعتبرت الشهور بالأهلة وإن نقصت عن العدد وإن اتفق في وسط الشهر فعند الإمام يعتبر بالأيام فتعتد في الطلاق بتسعين يوما وفي الوفاة بمائة وثلاثين وعندهما يكمل الأول من الأخير وما بينهما بالأهلة ومدة الإيلاء واليمين أن لا يكلم فلانا أربعة أشهر والإجارة سنة وفي وسط الشهر وسن الرجل إذا ولد في أثنائه وصوم الكفارة إذا شرع فيه وسط على هذا الخلاف اه وقدمنا عن المجتبى تأجيل العنين إذا كان في أثناء الشهر فإنه يعتبر بالأيام إجماعا بحر ثم قال وفي الصغرى أن اعتبار العدة بالأيام إجماعا إنما الخلاف في الإجازة استشكله القهستاني بأن الأول هو المذكور في المحيط والخانية والمبسوط وغيرها قوله (في الكل) يعني أن التقييد بالوطء شرط في جميع ما مر من مسائل العدة بالحيض والعدة بالأشهر كما أفاده سابقا بقوله راجع للجميع قوله (ولو فاسدة) أطلقها فشمل ما إذا كان فسادها لمانع حسي أو شرعي وهذا هو الحق كما بيناه عند قوله صححه اه ح قوله (كما مر) أي في باب المهر لا في هذا الباب فإن الذي قدمه فيه التقييد بالصحة ط
559 في عدة زوجة لصغير قوله (ولو رضيعا الخ) فهي مسامحة لأن الكلام فمن وطئت والرضيع لا يتأتى منه وطء زوجته فكأن الأولى أن يقول ولو غير مراهق بحال القنية تجب العدة بدخول زوجها الصبي المراهق وفي آحاد الجرجاني في قول أبي حنيفة وأبي يوسف أن المهر والعدة واجبان بوطء الصبي وفي قول محمد تجب العدة دون المهر ثم قال ولا خلاف بينهم لأنهما في مراهق يتصور منه الإعلاق أي أن تعلق منه أي تحبل ومحمد أجاب فيمن لا يتصور منه لأن ذكره في حكم أصبعه اه وذكر في البحر قبل ذلك أنهم صرحوا بفساد خلوته وبوجوب العدة بالخلوة الفاسدة الشاملة لخلوة الصبي وبوجوب العدة إذا وطئها بنكاح فاسد فكذا الصحيح بالأولى ثم قال فحاصله أنه كالبالغ في الصحيح والفاسد وفي الوطء بشبهة في الوفاة والطلاق والتفريق ووضع الحمل كما لا يخفي فليحفظ اه ومسألة عدة زوجته بوضع الحمل تأتي قريبا وصورة الطلاق الموجب لعدتها بعض الدخول أن يكون ذميا فتسلم زوجته ويأبى وليه عن الإسلام أو أن يختلي في صغره ويطلقها في كبره وصورة التفريق أن يدخل بها بعقد فاسد في عدة لموت قوله (والعدة للموت) أي موت زوج الحرة أما الأمة فيأتي حكمها بعيده قوله (كما مر) أي قريبا قوله (من الأيام) أي والليالي أيضا كما في المجتبى وفي غرر الأذكار أي عشر ليال مع عشرة أيام من شهر خامس وعن الأوزاعي أن المقدر فيه عشر ليال لدلالة حذف التاء في الآية عليه فلها التزوج في اليوم العاشر قلنا إن ذكر كل من الأيام والليالي بصيغة الجمع لفظا أو تقديرا يقتضي دخول ما يوازيه استقراء اه ومثله في الفتح وما مر عن الأوزاعي عزاه في الخانية لابن الفضل وقال إنه أحوط لأنه يزيد بليلة أي لو مات قبل طلوع الفجر فلا بد من مضي الليلة بعد العاشر وعلى قول فضالة تنقضي بغروب الشمس كما في البحر وفيه نظر بل هو مساو لقول فضالة لما علمت من التقدير بعشرة أيام وعشر ليال وقد ينقص عن قولهم لو فرض الموت بعد الغروب فكان الأحوط قولهم لا قوله (بشرط بقاء النكاح صحيحا إلى الموت) لأن العدة في النكاح الفاسد ثلاث حيض للموت وغيره كما مر قال في البحر ولهذا قدمنا أن المكاتب لو اشترى زوجته ثم مات عن وفاء لم تجب عدة الوفاة فإن لم يدخل بها فلا عدة أصلا وإن دخل فولدت منه تعتد بحيضتين لفساد النكاح قبل الموت وإن لم يترك وفاء تعتد بشهرين وخمسة أيام عدة الوفاة لأنهما مملوكان للمولى كما في الخانية قوله (ولو صغيرة) الأولى ولو كبيرة لأن المراد أن عدة الموت أربعة أشهر وعشرا وإن كانت من ذوات الحيض فمن كانت من ذوات الأشهر بالأولى تأمل قوله (تحت مسلم) أما لو كانت تحت كافر لم تعتد إذا اعتقدوا ذلك كما سيذكره المصنف قوله (ولو عبدا) أي ولو كان زوج الحرة عبدا قوله (فلم يخرج عنها إلا الحامل) فإن عدتها للموت وضع الحمل كما في البحر وهذا إذا مات عنها وهي
560 حامل أما لو حبلت في العدة بعد موته فلا تتغير في الصحيح كما يأتي قريبا قوله (وعم كلامه ممتدة الطهر الخ) الظاهر أن محل ذكر هذه المسألة عند ذمه مسألة الشابة الممتدة الطهر يعني أنها مثلها في أنها تعتد للطلاق بالحيض لا بالأشهر وأما ذكرها هنا فلا محل له لأن التي ترى الدم تعتد للموت بأربعة أشهر وعشر فغيرها تعتد بالأشهر لا بالحيض بالأولى إذ لا دخل للحيض في عدة الوفاة وأيضا قوله فلم يخرج عنها إلا الحامل صريح في ذلك ثم رأيت الرحمتي أفاد بعض ذلك وقدمنا عن السراج ما يفيد بحث الشارح وهو أن المرضع إذا عالجت الحيض حتى رأت صفرة في أيامه تنقضي به العدة فأفاد أنه لا بد من حيض المرضع ولو بحيلة الدواء وأصرح منه ما في المجتبى قال أصحابنا إذا تأخر حيض المطلقة لعارض أو غيره بقيت في العدة حتى تحيض أو تبلغ حد الإياس اه قوله (وفي حق أمة) أطلقها فشمل الزوجة القنة وأم الولد والمدبرة والمكاتبة والمستسعاة عند الإمام ولا بد من قيد الدخول في الأمة إلا في المتوفي عنها زوجها بحر وقيد بالزوجة لأنها لو كانت موطوءة بملك اليمين لا عدة عليها إلا إذا كانت أم ولد مات عنها سيدها أو أعتقها فعدتها ثلاث حيض كما مر قوله (لعدم التجزي) يعني أن الرق منصف ومقتضاه لزوم حيضة ونصف لكن الحيض لا يتجزأ فوجبت حيضتان قوله (لطلاق أو فسخ) أو نكاح فاسد أو وطء بشبهة قهستاني قوله (نصف الحرة) أي شهر ونصف في طلاق ونحوه وشهران وخمسة أيام في الموت قوله (وفي حق الحامل) أي من نكاح ولو فاسدا فلا عدة على الحامل من زنا أصلا بحر قوله (مطلقا) أي سواء كان عن طلاق أو وفاة أو متاركة أو وطء بشبهة نهر قوله (ولو أمة) أي منكوحة سواء كانت قنة أو مدبرة أو مكاتبة أو أم ولد أو مستسعاة ط عن الهندية ومثل المنكوحة أم الولد إذا مات عنها سيدها أو أعتقها كما في كافي الحاكم قوله (أو كتابية) لم يقل تحت مسلم كما قال في سابقه إذ لا فرق هنا بين كونها تحت مسلم أو ذمي على ما سيأتي في المتن قوله (أو من زنا الخ) ومثله ما لو كان الحمل في العدة كما في القهستاني والدر المنتقى وفي الحاوي الزاهدي إذا حبلت المعتدة وولدت تنقضي به العدة سواء كان من المطلق أو من زنا وعنه لا تنقضي به من زنا ولو كان الحبل بنكاح فاسد وولدت تنقضي به العدة إن ولدت بعد المتاركة لا قبلها اه لكن يأتي قريبا فيمن حبلت بعد موت زوجها الصبي أن لها عدة الموت فالمراد بقوله إذا حبلت المعتدة معتدة الطلاق بقرينة ما بعده تأمل ثم رأيت في النهر عند مسألة الفار الآتية قال واعلم أن المعتدة لو حملت في عدتها ذكر الكرخي أن عدتها وضع الحمل ولم يفصل والذي ذكره محمد أن هذا في عدة الطلاق أما في عدة الوفاة فلا تتغير بالحمل وهو الصحيح كذا في البدائع اه وفي البحر عن التاترخانية المتعة عن وطء بشبهة إذا حبلت في العدة ثم وضعت انقضت عدتها وفيه عن الخانية المتوفي عنها زوجها إذا ولدت لأكثر من سنتين من الموت حكم بانقضاء
561 عدتها قبل الولادة بستة أشهر وزيادة فتجعل كأنها تزوجت بآخر بعد انقضاء العدة وحبلت منه قوله (بأن تزوج حبلى من زنا الخ) أفاد أن العدة ليست من أجل الزنا لما تقدم أنه لا عدة على الحامل من الزنا أصلا وإنما العدة لموت الزوج أو طلاقه قال الرحمتي ويعلم كون الحمل من زنا بولادتها قبل ستة أشهر من حين العقد قوله (ودخل بها) هو قيد لغير المتوفي عنها لما مر أن عدة الوفاة لا يشترط لها الدخول ودخوله بها الخلوة أو بوطئها مع حرمته لأنه وإن جاز نكاح الحبلى من زنا لا يحل وطؤها رحمتي ونقل المسألة في البحر عن البدائع بدون قيد الدخول قوله (وضع حملها) أي بلا تقدير بمدة سواء ولدت بعد الطلاق أو الموت بيوم أو أقل جوهرة والمراد به الحمل الذي استبان بعض خلقه أو كله فإن لم يستبن بعضه لم تنقض العدة لأن الحمل اسم لنطفة متغيرة فإذا كان مضغة أو علقة لم تتغير فلا يعرف كونها متغيرة بيقين إلا باستبانة بعض الخلق بحر عن المحيط وفيه عنه أيضا أنه لا يستبين إلا في مائة وعشرين يوما وفيه عن المجتبى أن المستبين بعض خلقه يعتبر فيه أربعة أشهر وتام الخلق ستة أشهر وقدمنا في الحيض استشكال صاحب البحر لهذا بأن المشاهد ظهور الخلق قبل أربعة أشهر فالظاهر أن المراد نفخ الروح لأنه لا يكون قبلها وقدمناه تمامه هناك قوله (لأن الحمل الخ) علة لتقدير لفظ الجميع فلو ولدت وفي بطنها آخر تنقضي العدة بالآخر وإذا أسقطت سقطا إن استبان بعض خلقه انقضت به العدة لأنه ولد وإلا فلا قوله (خروج أكثر الولد كالكل الخ) هذا ينافي تقدير جميع في قوله وضع جميع حملها إلا أن يراد جميع الأفراد لا جميع الأجزاء وقد يقال إن قوله إلا في حلها للأزواج يقتضي عدم انقضاء عدتها بخروج الأكثر وفيه أنها لو لم تنقض لصحت مراجعتها خروج باقيه فالمراد أنها تنقضي من وجه دون وجه ولذا قال في البحر وقال في الهارونيات لو خرج أكثر الولد لم تصح الرجعة وحلت للأزواج وقال مشايخنا لا تحل للأزواج أيضا لأنه قام مقام الكل في حق انقطاع الرجعة احتياطا ولا يقوم مقامه في حق حلها للأزواج احتياطا اه قوله (في جميع الأحكام) أي في وقوع الطلاق أو العتق المعلق بولادتها وصيرورتها نفساء فلا تصلي ولا تصوم هذا ما يقتضيه الإطلاق قوله (ولو مع الأقل) في بعض النسخ ولا مع الأقل بلا النافية وهي الصواب بحال البحر وخروج الرأس فقط أو مع الأقل لا اعتبار به وذكر قبله عن النوادر تفسير البدن بأنه من الأليتين إلى المنكبين ولا يعتد بالرأس ولا بالرجلين أي فقط قوله (فلا قصاص بقطعه) بل فيه الدية بحر قوله (ولا يثبت نسبه الخ) أي لو جاءت المبانة المدخولة بولد فخرج رأسه لأقل من سنتين وخرج الباقي لأكثر لم يلزمه حتى يخرج الرأس ونصف البدن لأقل من سنتين بحر قوله (ولو كان زوجها) لو وصلية وهو مبالغة على قوله وضع حملها قوله (غير مراهق) أي لم يبلغ ثنتي عشرة سنة قهستاني قوله (وولدت لأقل الخ) أي ليتحقق وجود الحمل وقت الموت قوله (في
562 الأصح) مقابله ما روي شاذا عن الثاني ى ن لها عدة الموت نهر قوله (بأن ولدت لنصف حول فأكثر) وقيل لأكثر من سنتين وليس بشئ فتح قوله (لعدم الحمل عند الموت) أي لعدم تحقق الجوزي عنده فلم تكن من أولات الأحمال قوله (في حاليه) أي حالي موت الصبي أو حالي وجود الحمل عند موته وحدوثه بعده قوله (إذ لا ماء للصبي) أي فلا يتصور منه العلوق وإما ثبت نسب ولد المشرقي من مغربية إقامة للعقد مقام العلوق لتصوره حقيقة بخلاف الصبي كما في البحر قوله (نعم ينبغي الخ) عبارة الفتح ثم يجب كون ذلك الصبي غير مراهق أما المراهق فيجب أن يثبت النسب منه إلا إذا لم يمكن بأن جاءت به لأقل من ستة أشهر من العقد اه وأيده في البحر بقوله ولهذا صور المسألة الحاكم الشهيد في الكافي بما إذا كان رضيعا اه ولا يخفي أن مفهوم الرواية معتبر فافهم قوله (أو تبلغ حد الإياس) يعني فتعتد بالأشهر بعده وفيه أنه مناف لقوله تعالى * (وأولات الأحمال) * (الطلاق 4) الآية فتأمل ح قلت وفي حاشية البحر للشيخ خير الدين لا معنى للقول بالانقضاء مع الجوزي لاشتغال الرحم به كذا في كتب الشافعية قال الرملي في شرح المنهاج ولو مات واستمر أكثر من أربع سنين لم تنقض إلا بوضعه لعموم الآية كما أفتى به الوالد ولا مبالاة بتضررها بذلك وقال ابن قاسم في حاشية شرح المنهج قال شيخنا الطبلاوي أفتى جماعة عصرنا بالتوقف على خروجه والذي أقوله عدم التوقف إذا أيس من خروجه لتضررها بمنعها من التزوج اه ولا شئ من قواعدنا يدفع ما قالوه فاعلم ذلك اه ملخصا وبه ظهر أن المراد من قوله أو تبلغ حد الإياس هو الإياس من خروجه وهل المراد منه نهاية حد الحمل وهو أربع سنين عند الشافعية وسنتان عندنا أو أعم من ذلك محتمل والذي ينبغي العمل بما قاله الجماعة لموافقته صريح الآية قوله (وفي حق امرأة الفار الخ) معطوف على قوله سابقا في حق حرة تحيض ومتعلق بما تعلق به وهو الضمير العائد على العدة وقوله من الطلاق متعلق به ولو قال للطلاق باللام لكان أظهر والمراد بامرأة الفار من أبانها في مرضه بغير رضاها بحيث صار فارا ومات في عدتها فعدتها أبعد الأجلين عندهما خلافا لأبي يوسف لأنه وإن انقطع النكاح بالطلاق حقيقة لكنه باق حكما في حق الإرث فيجمع بين عدة الطلاق والوفاة احتياطا وتمامه في الفتح قلت وهو صريح في أنه لو أبانها في مرضه برضاها بحيث لم يصر فارا تعتد عدة الطلاق فقط وهي واقعة الفتوى فلتحفظ وخرج أيضا ما لو طلقها بائنا في صحته ثم مات لا تنتقل عدتها ولا ترث اتفاقا صرح به في الفتح لأنه ليس فارا قوله (إن مات وهي في العدة) بأن لم تحض ثلاثا قبل موته فإن حاضت ثلاثا قبله انقضت عدتها ولم الخطبة تحت المسألة لأنه لا ميراث لها إلا إذا مات قبل انقضاء العدة وقد أشكل ذلك على بعض حنفية العصر لعدم التأمل بحر قوله (من عدة الوفاة الخ) بيان لأبعد الأجلين فمن بيانية لا متعلقة بأبعد ط قوله (احتياطا) علمت وجهه
563 قوله (وفيه قصور) لأن قوله فيها ثلاث حيض يقتضي أنه لا بد أن تكون الحيض الثلاث أو بعضها في مدة الأربع الأشهر وعشر قوله (حتى تبلغ الإياس) فإذا بلغت سن الإياس تعتد بالأشهر كما صرح به في الفتح أيضا فافهم قوله (وقيد بالبائن الخ) حاصل المسألة أن الزوج إذا طلق زوجته طلاقا رجعيا في صحته أو مرضه ودخلت في عدة الطلاق ثم مات والعدة باقية تنتقل عدتها إلى عدة الموت إجماعا لأنها حينئذ زوجته وترث منه أما إذا كانت منقضية لم تكن زوجته فلا يجب عليها بموته شئ ولا ترثه وكذا لو طلقها بائنا في صحته ثم مات في عدتها كما مر ثم لا يخفى أن امرأة الفار هي التي طلقها بائنا في مرضه ومات في عدتها فلو كان رجعيا لم تكن كذلك فقول المصنف تبعا للكنز وغيره ولمطلقه الرجعي عطفا على قوله من البائن يقتضي أن امرأة الفار تارة يكون طلاقها بائنا وتارة رجعيا وأن حكم طلاقها البائن ما مر وهذا حكم طلاقها الرجعي ولا يخفى أن مطلقة الرجعي لو سميت امرأة الفار لزم منه لوازم باطلة ذكرها في الشرنبلالية وألف لها رسالة خاصة وذكر أن هذا الإيهام وقع في كثير من الكتب وحكم عليها بالخطإ ولا يخفى أنه ليس فيها سوى المسامحة في العطف على امرأة الفار اعتمادا على ظهور المراد لأجل الاختصار ليستغني عن التقييد بموته في العدة قوله (والعدة) مبتدأ خبره قوله أن تتم وأشار به إلى أنها لا يجب عليها أن تستأنف عدة حرة بل انتقلت عدتها إلى عدة الحرائر فتبني على ما مضى وتكمل ثلاث حيض أو ثلاثة أشهر إن كانت ممن لا تحيض فافهم وأفاد قوله أعتقت في عدة رجعي أن العتق بعد طلاق الزوج إذ لو كان قبله لزمها عدة الحرة ابتداء وأن هذه عدة طلاق لا عتق لأنها لو كانت أم ولده وأعتقها وهي منكوحة الغير لا عدة عليها لكونها محرمة عليه كما مر وأفاد أن العدة باقية إذ لو أعتقها بعد انقضاء عدتها أو مات لزمها ثلاث حيض كما مر لأنها عادت فراشا له كما يعلم من الجوهرة قوله (فكعدة أمة) أي حيضتين أو شهر ونصف أو شهرين وخمسة أيام بلا انقلاب إلى عدة الحرة قهستاني قوله (لبقاء النكاح في الرجعي) بيان للفرق وهو أن النكاح قائم من كل وجه بعد الطلاق الرجعي وبالعتق كمل ملك الزوج عليها والعدة في الملك الكامل مقدرة شرعا بثلاث حيض بخلافه بعد البائن أو الموت قوله (وقد تنتقل العدة ستا) جعلها ستا باعتبار المنتقل عنه وإلا فالانتقالات خمس أفاده ط قوله (طلقت رجعيا) قيد بالرجعي ليمكن انتقالها بالعتق وبالموت وقد خفي ذلك على محشي مسكين أفاده ط قوله (فحاضت) أي قبل تمام العدة كذا يقال فيما بعده ط قوله (تصير ثلاثا) أي تنتقل إلى عدة الحرائر لأن طلاقها رجعي
564 كما علمت قوله (للإياس) أي إلى أن وصلت إلى سن الإياس قوله (تصير بالأشهر) ولا يعتبر الأيام التي وجدت حال الصغر قبل حدوث الحيض ط قوله (فعاد دمها) ومثله ما لو حبلت ولو ذكره لاستوفى المثال يجري العدة الثلاثة وهي العدة بالحيض وبالأشهر وبوضع الحمل لكن لو مات زوجها تبقى عدتها بوضع الحمل ولا تنتقل إلى الأشهر قوله (تصير بالحيض) مبني على أحد الأقوال الآتية قوله (تصير أربعة أشهر وعشرا) لأنها معتدة الرجعي فلها عدة الموت كما مر قلت وقد اشتمل هذا المثال على عدة الصغيرة والكبيرة والأمة والحرة والحائض والآيسة والمطلقة والمتوفي عنها زوجها والمعتقة ويزاد عاشرة وهي الحبلى على ما ذكرنا قوله (ثم عاد دمها) أي في أثناء الأشهر أو بعدها يدل عليه قوله أو حبلت من زوج آخر فإن حبلها منه لا يكون إلا بعد الأشهر ويدل عليه أيضا مقابله وهو قوله لكن اختار البهنسي الخ اه ح قوله (على جاري عادتها) مقتضاه اعتبار عادة نفسها وهذا أحد أقوال وهو غير المعتمد فالأولى التعبير بقوله على العادة كما في الهداية قال في البحر واختلفوا في معنى قوله إذا رأت الدم على العادة فقيل معناه إذا كان سائلا كثيرا احترازا عما إذا رأت بلة يسيرة وقيل معناه ما ذكر وأن يكون أحمر أو أسود لا أصفر وأخضر أو تربية وقيل معناه أن يكون على العادة الجارية حتى لو كان عادتها قبل الإياس أصفر فرأته كذلك انتقض كذا في الفتح وصرح في المعراج بأن الفتوى على الأول اه والأخير هو ما ذكره الشارح فافهم قوله (لأن شرط الخلفية) أي خلفية الأشهر عن الحيض والخلف هو الذي لا يصار إليه إلا عند تعذر الأصل كالفدية للشيخ الفاني وأما البدل كالمسح على الخفين فلا يشترط فيه ذلك أفاده ط قوله (ستة أقوال مصححة) أحدها ينتقض مطلقا واختاره في الهداية الثاني لا ينتقض مطلقا واختاره الإسبيجابي الثالث ينتقض إن رأته قبل تمام الأشهر لا بعدها وأفتى به الصدر الشهيد وفي المجتبى وهو الصحيح المختار للفتوى الرابع ينتقض على رواية عدم التقدير للإياس التي هي ظاهر الرواية فإنما ثبت الأمر على ظنها فلما حاضت تعين خطؤها ولا ينتقض على رواية التقدير له واختاره في الإيضاح واقتصر عليه في الخانية وجزم به القدوري والجصاص ونصره في البدائع الخامس ينتقض إن لم يكن حكم بإياسها وإن حكم به فلا كأن يدعي أحدهما فساد النكاح فيقضي بصحته وهو قول محمد بن مقاتل وصححه في الاختيار السادس ينتقض في المستقبل فلا تعتد إلا بالحيض للطلاق بعده لا الماضي فلا تفسد الأنكحة المباشرة بعد الاعتداد بالأشهر وصححه في النوازل اه قوله (وعليه) أي على هذا القول فالنكاح
565 جائز لأنه إنما يقع بعد تمام الأشهر فوقع معتبر الوجود شرطه وهو الإياس بوجود سببه وهو الانقطاع في مدته التي يغلب فيها ارتفاع الحيض وهو الخمس والخمسون ولا تعتد في المستقبل إلا بالحيض لتحقق الدم المعتاد خارجا من الفرج على غير وجه الفساد بل على الوجه المعتاد فإذا تحقق اليأس تحقق حكمه وإذا تحقق الحيض تحقق حكمه وأما اشتراط دوام الانقطاع إلى الموت في اليأس فلا دليل له فقد يتحقق اليأس من الشئ ثم يوجد وتمامه في الفتح وهذا كما ترى ترجيح أيضا لهذا القول قوله (لا تستأنف) لأنه لم يتبين بالحيض أنها كانت قبل من ذوات الأقراء بخلاف الآيسة ط قوله (إلا إذا حاضت) استثناء منقطع ط قوله (في أثنائها) أي قبل تمامها ولو بساعة ط قوله (ثم أيست) أي بلغت سن الإياس عند الحيضتين وانقطع دمها فتح قوله (للرومية وغيرها) وقيل للرومية خمس وخمسون ولغيرها ستون وقيل ستون مطلقا وقيل سبعون وفي ظاهر الرواية لا تقدير فيه بل أن تبلغ من السن ما لا يحيض مثلها فيه وذلك يعرف بالاجتهاد والمماثلة في تركيب البدن والسمن والهزال اه ح عن البحر وفي القهستاني وقيل ثلاثون قوله (وقيل الفتوى على خمسين) قال القهستاني وبه يفتي اليوم كما في المفاتيح قوله (وفي البحر عن الجامع الخ) يحتمل أن يكون مبنيا على القول بتقديره بثلاثين لكن ظاهر قوله ولم تحض أنها لم يسبق لها حيض أصلا وهي الشابة التي بلغت بالسن ومر حكمها ويؤيده ما في التاترخانية عن الينابيع امرأة ما رأت الدم وهي بنت ثلاثين سنة مثلا رأت يوما دما لا غير ثم طلقها زوجها قال ليست هي بآيسة وقال أبو جعفر تعتد بالشهور لأنها من اللاتي لم يحضن وبه نأخذ اه تنبيه هل يؤخذ بقولها إنها بلغت سن اليأس كما يقبل قولها بالبلوغ بعد الصغر أم لا بد من بينة لم أر من صرح به من علمائنا وينبغي الأول على رواية التقدير بمدة أما على رواية عدمه فالمعتبر اجتهاد الرأي كما مر تأمل تتمة ذكر في الحقائق شرح المنظومة النسفية في باب () الإمام مالك ما نصه وعندنا ما لم تبلغ حد الإياس لا تعتد بالأشهر وحده خمس وخمسون سنة هو المختار لكنه يشترط للحكم بالإياس في هذه المدة أن ينقطع الدم عنها مدة طويلة وهي ستة أشهر في الأصح ثم هل يشترط أن يكون انقطاع ستة أشهر بعد مدة الإياس الأصح أنه ليس بشرط حتى لو كان منقطعا قبل مدة الإياس ثم تمت مدة الإياس وطلقها زوجها يحكم بإياسها وتعتد بثلاثة أشهر هذا هو المنصوص في الشفاء في الحيض وهذه دقيقة تحفظ اه ونقل هذه العبارة وأقرها الشهاب أحمد بن يونس الشلبي في شرحه على الكنز عن خط العلامة باكير شارح الكنز غير معزية لأحد ونقلها ط عن السيد الحموي
566 عدة المنكوحة فاسدا ولموطوءة بشبهة قوله (وعدة المنكوحة الخ) مبتدأ خبره قوله الآتي الحيض وهذه الجملة بتمامها مستغني عنها بقوله سابقا كذا أم ولد مات عنها مولاها أو أعتقها وموطوءة بشبهة أو نكاح فاسد في الموت والفرقة ط على أن كلامه هنا يوهم وجوب العدة في النكاح الفاسدة ولو قبل الوطء وليس كذلك فإنها لا تجب فيه بالخلوة بل بالوطء في القبل كما مر في باب المهر قوله (نكاحا فاسدا) هي المنكوحة بغير شهود ونكاح امرأة الغير بلا علم بأنها متزوجة ونكاح المحارم مع العلم بعدم الحل فاسد عنده خلافا لهما فتح في لنكاح لفاسد ولباطل قوله (فلا عدة في باطل) فيه أن لا فرق بين الفاسد والباطل في النكاح بخلاف البيع كما في نكاح الفتح والمنظومة المحبية لكن في البحر عن المجتبى كل نكاح اختلف العلماء في جوازه كالنكاح بلا شهود فالدخول فيه موجب للعدة أما نكاح منكوحة الغير ومعتدته فالدخول فيه لا يوجب العدة إن علم أنها للغير لأنه لم يقل أحد بجوازه فلم ينعقد أصلا فعلى هذا يفرق بين فاسده وباطله في العدة ولهذا يجب الحد مع العلم بالحرمة لكونها زنا كما في القنية وغيرها اه قلت ويشكل عليه أن نكاح المحارم مع العلم بعدم الحل فاسد كما علمت مع أنه لم يقل أحد من المسلمين بجوازه وتقدم في باب المهر أن الدخول في النكاح الفاسد موجب للعدة وثبوت النسب ومثل له في البحر هناك بالتزوج بلا شهود وتزوج الأختين معا أو الأخت في عدة الأخت ونكاح المعتدة والخامسة في عدة الرابعة والأمة على الحرة اه قوله (اختيار) ومثله في المحيط معللا بأن النسب لا ثبت فيه لأنه موقوف فلم ينعقد في حق حكمه فلا يؤثر شبهة الملك اه قوله (لكن الصواب الخ) فقد نقل الزيلعي في النكاح الفاسد ما نصه وذكر في كتاب الدعوى من الأصل إذا تزوجت المرأة بغير إذن مولاها ودخل بها الزوج وولدت لستة أشهر مذ تزوجها فادعاه المولى والزوج فهو ابن الزوج فقد اعتبره من وقت النكاح لا من وقت الدخول ولم يحك خلافا قال الحلواني هذه المسألة دليل على أن الفراش ينعقد بنفس العقد في النكاح الفاسد خلافا لما يقوله البعض إنه لا ينعقد إلا بالدخول اه فهذا صريح في ثبوت النسب فيه ويتبعه وجوب العدة فكان ما في المحيط والاختيار سهوا بحر قلت لكن يشكل على هذا تصريحهم بأن النكاح الفاسد إنما يجب فيه مهر المثل والعدة بالوطء لا بمجرد العقد ولا بالخلوة لفسادها لعدم التمكن فيها من الوطء كالخلوة بالحائض فلا تقام مقام الوطء كما صرح بذلك في الفتح والبحر وغيرهما في باب المهر إلا أن يقال إن انعقاد الفراش بنفس العقد إنما هو بالنسبة إلى النسب لأنه يحتاط في إثباته إحياء للولد ثم اعلم أنه ذكر في البحر هناك أنه تعتبر مدة النسب وهي ستة أشهر من وقت الدخول عند محمد وعليه الفتوى لأن النكاح الفاسد ليس بداع إليه والإقامة باعتباره كذا في الهداية أي إقامة العقد مقام الوطء باعتبار كون العقد داعيا إلى الوطء وعندهما ابتداء المدة من وقت العقد قياسا
567 على الصحيح والمشايخ أفتوا بقول محمد لعدم صحة القياس المذكور وفائدة الخلاف فيما إذا أتت بولد لستة أشهر من وقت العقد ولأقل منها من وقت الدخول فإنه لا يثبت نسبه على المفتي به اه إذا علمت ذلك فيمكن أن يحمل ما في الاختيار والمحيط على قول محمد وأن المراد من عدم ثبوت النسب إذا أتت به لأقل من ستة أشهر من وقت الدخول وإن كان لأكثر منها من وقت العقد ويحمل ما تقدم عن الزيلعي على قولهما بدليل أنه فرض المسألة فيما إذا ولدت لستة أشهر مذ تزوجها ولم يعتبر وقت الدخول بقرينة تمام الكلام ولا يخفى أن التوفيق أولى من الخطأ وشق العصا قوله (والموطوءة بشبهة) كالتي زفت إلى غير زوجها والموجودة ليلا على فراشه إذا ادعى الاشتباه كذا في الفتح وأفاد في النهر بحثا أن من ذلك ما وقع الاستفتاء عنه فيمن اشترى أمة فوطئها ثم أثبتت أنها حرة الأصل اه وهو ظاهر ومن ذلك ما لو وطئ معتدته بشبهة وستأتي ومنه ما في كتب الشافعية إذا أدخلت منيا فرجها طنته مني زوج أو سيد عليها العدة كالموطوءة بشبهة قال في البحر ولم أره لأصحابنا والقواعد لا تأباه لأن وجوبها لتعرف براءة الرحم قوله (ومنه) أي من قسم الوطء بشبهة قال في النهر وأدخل في شرح السمرقندي منكوحة الغير تحت الموطوءة بشبهة حيث قال أي بشبهة الملك أو العقد بأن زفت إليه غير امرأته فوطئها أو تزوج منكوحة الغير ولم يعلم بحالها وأنت خبير بأن هذا يقتضي الاستغناء عن المنكوحة فاسدا إذ لا شك أنها موطوءة بشبهة العقد أيضا بل هي أولى بذلك من منكوحة الغير إذ اشتراط الشهادة في النكاح مختلف فيه بين العلماء بخلاف الفراغ عن نكاح الغير اه إذا علمت ذلك ظهر لك أن الشارح متابع لما في شرح السمرقندي لا مخالف له إذ لو قصد مخالفته كان عليه أن يذكر قوله ومنه الخ عقب قوله المنكوحة نكاحا فاسدا لا بعد قوله والموطوءة بشبهة فافهم ويمكن الجواب عن السمرقندي بأنه حمل المنكوحة نكاحا فاسدا على ما سقط منه شرط الصحة بعد وجود المحلية كالنكاح المؤقت أو بغير شهود أما منكوحة الغير فهي غير محل إذا لا يمكن اجتماع ملكين في آن واحد على شئ واحد فالعقد لم يؤثر ملكا فاسدا وإنما أثر في وجود الشبهة والشارح كثير المتابعة للنهر فلعله خالفه هنا إشارة إلى ما قلنا قوله (كما سيجئ) أي في المتن آخر الباب قوله (يعني إذا لم تكن عالمة راضية) هذا مذكور أيضا في البحر واستشهد صله بما في الخانية من أن المنكوحة إذا تزوجت رجلا ودخل بها ثم فرق بينهما لا يجب على الزوج الأول نفقتها ما دامت في العدة لأنهما لما وجبت عليها العدة صارت ناشزة اه قوله (كما سيجئ) أي معي الفروع قوله (وأم الولد) أي التي مات مولاها أو أعتقها ولا نفقة لها في هذه العدة كما في البحر عن كافي الحاكم أي لأنها عدة وطء لا عقد قوله (فلا عدة على مدبرة ومعتقة) المناسب وأمة بدل قوله ومعتقة قال في البحر وقيد بأم الولد لأن المدبرة والأمة إذا أعتقت أو مات سيدها لا عدة عليها بالإجماع كما ذكره الإسبيجابي اه أي لأنه لا فراش لهما كما قدمه الشارح قوله (غير الآيسة
568 والحامل) منصوب على الحالية من ضمير المنكوحة والموطوءة وأم الولد أو مجرور نعت لهن وكان الأولى أن يزيد قوله وغير المحرمة عليه وهذا في أم الولد وكأنه لم يذكره لكونه صرح به فيما مر قوله (بالأشهر والوضع) فيه لف ونشر مرتب قوله (الحيض) جمع حيضة أي عدة المذكورات ثلاث حيض إن كن من ذوات الحيض وإلا فالأشهر أو وضع الحمل وهذا إن كانت المنكوحة نكاحا فاسدا أو الموطوءة بشبهة حرة إذ للأمة حيضتان كما في البحر قوله (أي موت الواطئ) أي في المسائل الثلاث وأفاد أنه لا عدة في النكاح الفاسد بدون وطء كما قدمناه والواطئ في الأخيرة هو المولى الذي مات عنها أو أعتقها أما لو كان زوجا تكون عدتها عدة الأمة المنكوحة قوله (وغيره) أي غير الموت وهذا خاص فيما عدا الأخيرة قوله (كفرقة) الأولى كتفريق أي تفريق القاضي وسيأتي أن ابتداء العدة في الموت من وقت الموت وفي غيره من وقت التفريق أو المتاركة ويأتي بيان المتاركة قوله (لأن عدة هؤلاء الخ) جواب سؤال حاصله لم كانت عدة هؤلاء بالحيض ولم يعتبروا فيهن عدة وفاة ط قوله (لتعرف براءة الرحم) أي لأجل أن يعرف أن الرحم غير مشغول لا لقضاء حق النكاح إذ لا نكاح صحيح والحيض هو المعرف قوله (ولم يكتف بحيضة) كالاستبراء لأن الفاسد ملحق بالصحيح احتياطا منح قوله (ولا اعتداد بحيض طلقت فيه) أي إذا طلقها في الحيض لا يحسب من العدة لأن ما وجد قبل الطلاق لا يحتسب به منها لعدم التجزي فلو احتسب كمل من الرابعة فوجبت كلها لعدم التجزي أيضا نهر قال في الدر المنتقى لو قال بحيض وقعت الفرقة فيه لكان أشمل في وطء لمعتدة بشبهة قوله (وإذا وطئت المعتدة) أي من طلاق أو غيره در منتقى وكذا المنكوحة إذا وطئت بشبهة ثم طلقها زوجها كان عليها عدة أخرى وتداخلتا كما في الفتح وغيره قوله (بشبهة) متعلق بقوله وطئت وذلك كالموطوءة للزوج في العدة بعد الثلاث بنكاح وكذا بدونه إذا قال ظننت أنها تحل لي أو بعد ما أبانها بألفاظ الكناية وتمامه في الفتح ومفاده أنه لو وطئها بعد الثلاث في العدة بلا نكاح عالما بحرمتها لا تجب عدة أخرى لأنه زنا وفي البزازية طلقها ثلاثا ووطئها في العدة مع العلم بالحرمة لا تستأنف العدة بثلاث حيض ويرجمان إذا علما بالحرمة ووجد شرائط الإحصان ولو كان منكرا طلاقها لا تنقضي العدة ولو ادعى الشبهة تستقبل وجعل في النوازل البائن كالثلاث والصدر لم يجعل الطلاق على مال والخلع كالثلاث وذكر أنه لو خالعها ولو بمال ثم وطئها في العدة عالما بالحرمة تستأنف العدة لكل وطأة وتتداخل العدد إلى أن تنقضي الأولى وبعده تكون الثانية والثالثة عدة الوطء لا الطلاق حتى لا يقع فيها طلاق آخر ولا تجب فيها نفقة اه وما قاله الصدر هو ظاهر ما قدمناه آنفا عن الفتح حيث جعل الوطء بعد الأمانة ألفاظ الكناية من الوطء بشبهة أي لقول بعض الأئمة بأنه لا يقع بها البائن فأورث الخلاف فيها شبهة قوله (ولو من المطلق) أي كما مثلنا آنفا ثم الأولى أن يقول ولو من
569 غير المطلق لما في الفتح من أن الشافعي وافقنا في أحد قوليه فيما كان الواطئ المطلق اه فعلم أن غير المطلق هو محل الخلاف فكان المناسب التنصيص عليه ليدخل المطلق بالأولى وفي الدرر اعلم أن المرأة إذا وجب عليها عدتان فإما أن يكونا من رجلين أو من واحد ففي الثاني لا شك أن العدتين تداخلتا وفي الأول إن كانتا من جنسين كالمتوفي عنها زوجها إذا وطئت بشبهة أو من جنس واحد كالمطلقة إذا تزوجت في عدتها فوطئها الثاني وفرق بينهما تداخلتا عندنا ويكون ما تراه من الحيض محتسبا منهما جميعا وإذا انقضت العدة الأولى ولم تكمل الثانية فعليها إتمام الثانية اه قوله (والمرئي منهما الخ) بيان للتداخل فلو كانت وطئت بعد حيضة من الأولى فعليها حيضتان تكملة الأولى وتحتسب بهما من عدة الثاني فإذا حاضت واحدة بعد ذلك تمت الثانية أيضا نهر وهذا إذا كان بعد التفريق بينهما وبني الواطئ الثاني أما إذا حاضت حيضة قبله فهي من عدة الأول خاصة وتمامه في البحر عن الجوهرة وقال وإذا كان الواطئ هو المطلق فهل يشترط أن يكون بعد التفريق أيضا لم أره صريحا اه ح قلت الظاهر أن التفريق حكم العقد الفاسد لرفع شبهته أما الوطء بشبهة بدون عقد فإن الشبهة ترتفع بمجرد العلم بحقيقة الحال والله أعلم وفي البحر عن الخانية وإذا تمت عدة الأول حل للثاني أن يتزوجها لا لغيره ما لم تتم عدة الثاني بثلاث حيض من حين التفريق وإذا كان طلاق الأول رجعيا كان له أن يراجعها في عدته ولا يطؤها حتى تنقضي عدة الثاني اه ملخصا وفيه عن الجوهرة ثم إذا تداخلتا والعدة من رجعي فلا نفقة لها على واحد منهما ولو من بائن فنفقتها على الأول والزوجة إذا تزوجت بآخر وفرق بينهما بعد الدخول فلا نفقة لها على زوجها لأنها منعت نفسها في العدة اه قلت ولعل الفرق في البائن أن المنع بالبينونة لا بالعدة من الثاني بخلاف الرجعي وإنما لم تجب على الواطئ لأن عدتها منه عدة وطء ولا نفقة فيها تأمل تنبيه يمكن انقضاء العدتين معا كمعتدة بالأشهر لوفاة وطئت فيها بشبهة وحاضت فيها ثلاثا وانقضاء الثانية قبل الأولى كما لو تمت الحيض قبل تمام أربعة أشهر وعشر ويمكن تأخر الثانية بجملتها عن الأولى كما لو حاضت بعد تمام الأشهر قوله (وكذا لو بالأشهر) كآيسة وطئت بشبهة في خلال عدتها فإنها تتم الثانية بالأشهر أيضا نهر قوله (أو بهما لو معتدة وفاة) مثاله ما ذكرناه في التنبيه آنفا وكان الأولى أن يزيد أو بوضع الحمل وهو مسألة الحائل الآتية قوله (فلو حذف قوله والمرئي منهما) أي الذي هو قاصر على الحيض وقد يجاب بأن المراد بالمرئي الحاصل بالعلم لا برؤية البصر ط قوله (لعمهما) أي لعم من تعتد العدتين بالأشهر ومن تعتد بالأشهر للوفاة وبالحيض لوطء الشبهة قوله (وعم الحائل لو حبلت) عطف على لعمهما أي ولعم من تعتد العدتين بوضع الحمل كالحائل بالهمز وهي من لم تكن حبلى فإذا حبلت في العدة تنقضي بوضعه سواء كان من المطلق أو من زنا ومن نكاح فاسد إذا ولدته بعد المتاركة لا قبلها كما قدمناه عن
570 الحاوي الزاهدي قوله (إلا معتدة الوفاة الخ) أفاد أن المراد بالحائل إذا كانت معتدة من طلاق أو فسخ بخلاف المعتدة من وفاة فافهم قال في النهر وفي الخلاصة وكل من حملت في عدتها فعدتها أن تضع حملها وفي المتوفي عنها زوجها إذا حملت بعد موت الزوج فعدتها بالشهور اه وقد مر عن البدائع اه والذي مر عن البدائع ذكره في النهر عند مسألة عدة الفار وهو الذي كتبناه في عدة الحامل عند قوله أو من زنا حيث قال أما في عدة الوفاة فلا تتغير بالحمل وهو الصحيح أي بل تبقى عدتها أربعة أشهر وعشرا قوله (كما مر) أي عند قول المصنف وللموت أربعة أشهر وعشرا مطلقا حيث قال الشارح هناك فلم يخرج عنها إلا الحامل يعني من مات عنها وهي حامل كما قدمناه فعلم أن من لم تكن حاملا عند الموت وحبلت بعده فهي داخلة تحت الإطلاق فلا تتغير عدتها بل تبقى بالأشهر ويعلم أيضا من قوله بعده وفيمن حبلت بعد موت الصبي عدة الموت إجماعا لعدم الحمل عند الموت اه فافهم لكن الظاهر أن هذا بالنظر إلى الوفاة أما عدة الوطء الذي حصل منه الحمل فلا تنقضي إلا بوضعه إن كان بشبهة لأنه ثابت النسب بخلاف ما لو كان من زنا لأن الزنا لا عدة له أصلا فافهم قوله (لأنها أجل) أي لأن العدة أجل فلا يشترط العلم بمضيه أي بمضي الأجل اه ح وفي عامة النسخ لأنهما بضمير التثنية أي عدة الطلاق وعدة الموت قلت وهذا مبني على تعريف البدائع من أن العدة أجل ضرب لانقضاء ما بقي من آثار النكاح وقدمنا ترجيحه قوله (فلو طلق) تفريع على المتن ط قوله (من وقت البيان) لأنه إنشاء من وجه وبحر هذه الجملة بمنزلة الاستثناء من قوله ومبدأ العدة بعد الطلاق والموت اه ح قال في الشرنبلالية قوله وابتداؤها عقيبهما أي عقيب الطلاق والموت يستثنى منه من بين طلاقها فإن عدتها من وقت البيان لا من وقت قوله إحداكما طالق وإن مات قبل البيان لزم كلا منهما عدة الوفاة تستكمل فيها ثلاث حيض كما في البزاز اه وسيأتي استثناء مسائل أخر في كلامه قوله (عدلا) أي الشاهدان أي زكاهما غيرهما ليصح القضاء بشهادتهما على ما عرف في موضعه قوله (من وقت الشهادة) على حذف مضاف أي من وقت تحمل الشهادة لأن من وقت أدائها فإنهما لو شهدا في المحرم أنه طلقها في شوال كان ابتداء العدة من شوال كما تقدم ح قلت والظاهر أن يراد وقت الشهادة على ظاهره بناء على أن أداءها حصل وقت التحمل لأنها شهادة حسبة يفسق الشاهد بتأخيرها بلا عذر فلا تقبل كما أشار إليه في البحر قوله (بخلاف الخ)
571 مرتبط بقوله فالعدة من وقت الطلاق قوله (فإن الفتوى أنها من وقت الإقرار مطلقا) أي سواء صدقته أم كذبته أم قالت لا أدري كما يدل عليه السياق قال في البحر وظاهر كلام محمد في المبسوط بحال الكنز اعتبارها من وقت الطلاق إلا أن المتأخرين اختاروا وجوبها من وقت الإقرار حتى لا يحل له التزوج بأختها وأربع سواها زجرا له حيث كتم طلاقها وهو المختار كما في الصغرى اه ووفق السعدي بحمل كلام محمد على ما إذا كانا متفرقين من الوقت الذي أسند الطلاق إليه أما إذا كانا مجتمعين فالكذب في كلامهما ظاهر فلا يصدقان في الإسناد قال في البحر وهذا هو التوفيق إن شاء الله تعالى وفي الفتح أن فتوى المتأخرين مخالفة للأئمة الأربعة وجمهور الصحابة والتابعين وحيث كانت مخالفتهم للتهمة فينبغي أن يتحرى به محالها والناس الذين هم مظانها ولهذا فصل السعدي بما مر اه ملخصا وأقره في البحر والنهر قوله (نفيا لتهمة المواضعة) أي الموافقة على الطلاق وانقضاء العدة ليصح إقرار المريض لها بالدين أو ليتزوج أختها أو أربعا سواها فتح قوله (لكن الخ) استدراك على ما قبله حيث سكت فيه عن بيان النفقة والسكنى فإن فيها فرقا بين التصديق والتكذيب وكان الأخصر أن يقول فإنه الفتوى أنها إن كذبته الخ قوله (إن وطئها لزمه مهر ثان) ينبغي تقييده بما إذا كان في عدة ما دون الثلاث أو في عدة الثلاث لكن مع ظنه الحل لما قدمناه عن البزازية أنه لو وطئها في عدة الثلاث مع العلم بالحرمة كان زنا بقي هل يتكرر المهر بتكرر الوطآت ذكر في البحر في باب المهر عن الخلاصة لو وطئ المعتدة من ثلاث وادعى الشبهة يلزمه مهر واحد أم بكل وطء مهر قيل إن كانت الطلقات الثلاث جملة فظن أنها لم أنكر فهو ظن في موضعه فيلزمه مهر واحد وإن ظن أنها أنكر لكن ظن أن وطأها حلال فهو ظن في غير موضعه فيلزمه بكل وطء مهر اه تأمل قوله (ولا نفقة الخ) أي إذا كان الزمن الماضي استغرق العدة أما إذا بقي منها شئ تجب النفقة والسكنى فيه ط قوله (لقبول قولها على نفسها) أي في حق نفسها فيسقط ما وجب لها قال في البحر والحاصل أنها إن كذبته في الإسناد أو قالت لا أدري فمن وقت الإقرار وإن صدقته ففي حقها من وقت الطلاق وفي حق الله تعالى من وقت الإقرار اه وفيه أن السكنى من حق الله تعالى ومقتضاه لزومها وإن صدقته ط قلت وليس في عبارة البحر لفظ السكنى بل عبارته ولكن لا نفقة لها ولا كسوة إن صدقته وهكذا في النهر وأصل المسألة في الخانية كما عزاه الشارح إليها وعبارتها وفي الفتوى عليها العدة من وقت الإقرار ولا يظهر أثر تطليقها إلا في إبطال النفقة فقد ظهر أن ذكر السكنى في كلام المصنف مستدرك فافهم قوله ثم أقام معها) أطلقه فشمل ما إذا وطئها أولا اه ط قوله (إن مقرا بطلاقها تنقضي عدتها) أي يكون ابتداؤها من وقت الطلاق والظاهر أن المراد إقراره به بين الناس لا مجرد إقراره به عندها مع تصديقها له وأن المراد إقراره به من حين التطليق وبه ظهر الفرق بين هذه المسألة ومسألة المتن فإنها مفروضة فيما لو كتم طلاقها ثم أقر به بعد زمان وظهر أيضا
572 عدم مخالفته للتصحيح الآتي عن جواهر الفتاوي من الاعتبار الاشتهار ولا لما سيأتي في الفروع من اعتباره أيضا فافهم قوله (فإن اشتهر الخ) فلو طلقها ثلاثا بعد هذه الطلقة المشتهرة لا أنكر الثلاث كما سيأتي في الفروع قوله (وكذا لو خالعها) هو انظر تحت قوله أبانها لكن الإبانة قد تكون بدون علمها بخلاف المخالعة لأنها مفاعلة فأشار إلى أن لا فرق في اشتراط الاشتهار بين كونها عالمة أو لا فافهم قوله (وأشهد) أشار إلى أن الاشتهار لا بد أن يكون بإقراره بين الناس لا بمجرد سماعهم من غيره وإلى أن إقراره عند رجلين يكفي فلا يلزمه الإقرار عند أكثر فإن الشهادة إشهار كما قالوه في النكاح من أن الإعلان الذي قال باشتراطه الإمام مالك يحصل بالشاهدين فافهم قوله (وكذا لو كتم طلاقها لم تنقض زجرا) أي زجرا له عن الكتمان وهذا التعليل ذكره في الخانية وتقدم تعليل آخر وهو قوله نفيا لتهمة المواضعة وهو مذكور في الهداية وذكر هذه المسألة مكرر بما مر في المتن لأنه مفروض فيما لو كتم طلاقها ثم أخبر به بعد زمان كما مر وفي بعض النسخ ولذا باللام وهي أولى والحاصل أنه إن كتمه ثم أخبر به بعد مدة فالفتوى على أنه لا يصدق في الإسناد بل تجب العدة من وقت الإقرار سواء صدقته أو كذبته وإن لم يكتمه بل أقر به من وقت وقوعه فإن لم يشتهر بين الناس فكذلك وإن اشتهر بينهم تجب العدة من حين وقوعه وتنقضي إن كان زمانها مضى وهذا إذا لم يكن وطئها بشبهة ظن الحل وإن وجبت بالوطء عدة أخرى وتداخلتا كما مر وكذا كلما وطئها تجب عدة أخرى فلا يحل لها التزوج آخر ما لم تمض عدة الوطء الأخير بخلاف ما إذا كان الوطء بلا شبهة فإنه لا يوجب عدة لتمحضه زنا والزنا لا يوجب عدة كما مر فلها التزوج بآخر كما صرح به في التاترخانية في الفصل الثاني والعشرين من الطلاق أي إذا كان الطلاق مشتهرا ومضت عدته كما علمته وإلا فلا ولحوق الثلاث بعد هذه الطلقة على هذا التفصيل كما سيأتي في الفروع قوله ( وحينئذ فمبدؤها من وقت الثبوت والظهور) أي وحين إذ علمت هذا التفصيل الذي ذكرنا حاصله ظهر أن هذه المسائل إذا لم يكن الطلاق فيها مشتهرا يكون مبدأ العدة من وقع الثبوت أي ثبوت الطلاق وظهورة بينهم فقوله والظهور عطف تفسير أي يكون مبدؤها من وقت إقراره به بين الناس فتكون هذه المسائل مستثناة أيضا من قوله ومبدأ العدة بعد الطلاق بخلاف ما إذا كان مشتهرا من الأصل فإنها تكون من وقت الطلاق وقد علمت أن الإقرار في عبارة الخانية بمعنى الإشهار بين الناس من حين التطليق هكذا ينبغي حل هذا المقام فافهم قوله (ومبدؤها في النكاح الفاسد بعد التفريق الخ) وقال زفر من آخر الوطآت لأن الوطء هو السبب الموجب ولنا أن السبب الموجب للعدة شبهة النكاح ورفع هذه الشبهة بالتفريق ألا ترى أنه لو وطئها قبل التفريق لا يجب الحد وبعده يجب فلا تصير شارعة في العدة ما لم ترتفع الشبهة بالتفريق كما في الكافي وغيره اه سائحاني
573 قلت ولم أر من صرح بمبدأ العدة في الوطء بشبهة بلا عقد وينبغي أن يكون من آخر الوطآت عند زوال الشبهة بأن علم أنها غير زوجته وأنها لا تحل له إذ لا عقد هنا فلم يبق سبب للعدة سوى الوطء المذكور كما يعلم مما ذكرنا والله أعلم قوله (بعد التفريق من القاضي) أي عقبه وهذا إذا كان في زمان يصلح لابتدائها فلا يشكل بما إذا فرق في الحيض فإنه يعتبر ابتداؤها بعده إذ لا بد من ثلاث حيض أفاده القهستاني والمراد بالتفريق أن يحكم القاضي به بينهما كما في البحر عن العناية تأمل قوله (وقيده في البحر بحثا الخ) أقول لو كان مرادهم وجوب الحد إذا كان الوطء بعد العدة لم يبق لذكره فائدة إذ هذا حكم النكاح الصحيح فيعلم منه الفاسد بالأولى وقد نازعه العلامة المقدسي بقوله وقد يقال هذه العدة تخالف غيرها في هذا الحكم لأنها أثر نكاح فاسد كما خالفته في أنها لا تعتد في بيت الزوج اه وأيضا فقد رده السائحاني بأن هذا البحث وإن تابعه عليه غير واحد فيه غفلة عن فهم تعليل المسألة وهو ما مر في الرد على زفر من ارتفاع الشبهة بالتفريق الخ أي فلم يبق بعد التفريق ما يندرئ به الحد ورده الرحمتي أيضا بما حاصله أن درء الحد قبل التفريق بشبهة العقد والعدة بعده تكون شبهة الشبهة وهي غير معتبرة بخلاف عدة الثلاث في النكاح الصحيح إذا ظن الحل فإنها شبهة الفعل لأنها محبوسة في بيته ونفقته دارة عليها وهنا لا نفقة ولا احتباس اه قلت لكن يشكل عليه ما صرح به في البحر وغيره من أنه لو تزوج فاسدا أخت امرأته تحرم عليه امرأته إلى انقضاء عدة وهذا يدل على بقاء أثر هذا النكاح بالنسبة إليه وقد يجاب بأن بقاء أثره بالعدة لا يمنع كون وطئه فيها زنا به كما لو وطئ معتدته من الثلاث عالما بحرمتها فإنه زنا يحد به مع بقاء أثر النكاح قطعا قوله (من الزوج) قيد به لأن ظاهر كلامهم أنها لا تكون من المرأة قال في البحر ورجحنا في باب المهر أنها تكون من المرأة أيضا ولذا ذكر مسكين من صورها أن تقول فارقتك اه ورجحه باتفاقهم على أن لكل منهما فسخ هذا النكاح والفسخ متاركة اه قال في النهر وقدمنا ما يدفعه اه أي ذكر هناك أن المتاركة في معنى الطلاق فيختص بها الزوج اه ورده الخير الرملي بأنه لا طلاق في النكاح الفاسد وتقدم تمامه هناك وأن المقدسي تابع البحر قوله (ونحوه) بالنصب عطف على قوله تركتك أي كخليت سبيلك أو فارقتك قوله (ومنه) أي من النحو أو من الإظهار قوله (لا مجرد العزم) بالرفع عطفا على الطلاق أو بالجر عطفا على إظهار العزم قصد به التنبيه على ما في الكنز وغيره من قوله أو العزم على ترك وطئها وأنه على تقدير مضاف أي إظهار العزم كما عبر المصنف تبعا لابن كمال لما في العناية أن العزم أمر باطن لا يطلع عليه وله دليل ظاهر وهو الإخبار به قوله (وإلا فيكفي تفرق الأبدان) أي مع العزم على تركها قال في البحر من المهر وأما غير المدخول بها فتتحقق المتاركة بالقول وبالترك على بعضهم وهو تركها على قصد أن لا يعود إليها وعند البعض لا تكون المتاركة إلا بالقول فيهما قوله (والخلوة في النكاح الفاسد) أي سواء كانت صحيحة أو فاسدة ح وفيه أنها لا
574 تكون إلا فاسدة لأنه ممنوع شرعا عن وطئها كالخلوة بالحائض لكن المراد فسادها بغير فساد النكاح بأن كان ثم مانع آخر قوله (لا توجب العدة) أي ولا المهر وإنما يجبان بحقيقة الوطء قوله (ولا تعتد في بيت الزوج) لأنها في حال قيام العقد لا حق له عليها في احتباسها في بيته فبعده أولى لكن سيأتي في الفصل الآتي خلافه فما هنا أحد قولين ويأتي تمامه تتمة ذكر في البحر أنه قدم في النكاح الفاسد من باب المهر أن المراد بهذه العدة عدة المتاركة فلا عدة عليها بموته إلا الحيض بعد الدخول وأنه لا حداد ولا نفقة فيها وأنه تحرم عليه امرأته لو تزوج أختها فاسدا إلى انقضاء العدة وأن وجوبها في القضاء أما في الديانة لو علمت أنها حاضت بعد آخر وطء ثلاثا حل لها التزوج بلا تفريق ونحوه وأن الأرجح عدم اشتراط علمها بالمتاركة قوله (قالت مضت عدتي الخ) اعلم أن انقضاء العدة لا ينحصر في إخبارها بل يكون به وبالفعل بأن تزوجت بآخر بعد مدة تنقضي في مثلها العدة فلو قالت بعده لم تنقض لم تصدق لأن الإقدام عليه دليل الإقرار بحر عن البدائع قوله (وكذبها الزوج) وأما إذا ادعى هو مضي عدتها وكذبته فسيأتي آخر الفروع قوله (قبل قولها مع حلفها) أي لو كانت مرضعا لأنه يتصور من بعضهن كما في الأنقروي سائحاني قوله (ثم لو بالشهور الخ) شروع في بيان أدنى ما تحتمله المدة قوله (فالمقدر المذكور) أي إذا كانت ممن تعتد بالشهور فلا بد من مضي المقدر شرعا المذكور فيما مر وهو ثلاثة أشهر للحرة ونصفها للأمة قوله (ستون يوما) فيجعل كأنه طلقها في الطهر بعد الوطء ويؤخذ لها أقل الطهر خمسة عشر لأنه لا غاية الأكثر وأوسط الحيض خمسة لأن اجتماع أقلهما نادر فثلاثة أطهار بخمسة وأربعين وثلاث حيض بخمسة عشر فصارت ستين وهذا على تخريج محمد لقول الإمام وعلى تخريج الحسن له يجعل كأنه طلقها في آخر الطهر احترازا عن تطويل العدة عليها ويؤخذ لها أقل الطهر وأكثر الحيض ليعتدلا فطهران بثلاثين يوما وثلاث حيض بثلاثين أيضا وعندهما أقل مدة تصدق فيها الحرة تسعة وثلاثون يوما ثلاث حيض بتسعة أيام وطهران بثلاثين أفاده ط قوله (ولأمة أربعون) هذا على تخريج محمد طهران بثلاثين وحيضتان بعشرة وعلى تخريج الحسن خمسة وثلاثون يوما طهر بخمسة عشر وحيضتان بعشرين ط وفي بعض نسخ البحر أنه على رواية الحسن ثلاثون وصوابه خمسة وثلاثون كما في البدائع وغيرها قوله (ما لم تدع السقط) غاية لاشتراط المدة المذكورة في الحرة والأمة قال ط والمراد السقط الذي ظهر بعض خلقه ولا بد من مدة يحتمل فيها ظهور ذلك اه أي فلو نكحها ثم طلقها بعد شهر مثلا لا يقبل قولها لأنه لا يستبين بعض خلقه قبل أربعة أشهر كما تقدم وأشار إلى أنها لو ادعت انقضاء العدة ولم تقر بسقط لا تصدق وقيل تصدق لاحتماله قال في النهر والظاهر الأول وقال الرملي والثاني ضعيف كما تقدم في باب الرجعة فراجعه اه قوله (كما مر في الرجعة) حيث قال هناك ثم إنما تعتبر المدة لو بالحيض لا بالسقط وله تحليفها أنه مستبين الخلق ولو بالولادة لم تقبل إلا ببينة ولو حرة فتح اه
575 فال في البحر وفيه نظر فقد صرحوا في باب ثبوت النسب أن عدتها تنقضي بإقرارها بوضع الحمل وأن توقف الولادة على البينة إنما هو لأجل ثبوت النسب قوله (وما لم يكن) عطف على ما لم تدع قوله (معلقا بولادتها) مثله ما لو أوقعه عقب الولادة بلا فاصل ط قوله (فيضم) بالبناء للفاعل وضميره عائد إلى الأمام وقوله خمسة وعشرين مفعوله وفي نسخة قرة وعشرون بالرفع على أن يضم مبني للمفعول قوله (كما مر في الحيض) حيث قال ولا حد لأقله أي النفاس إلا إذا احتيج إليه لعدة كقوله إذا ولدت فأنت طالق فقالت مضت عدتي فقدره الإمام بخمسة وعشرين يوما مع ثلاث حيض والثاني بأحد عشر والثالث بساعة اه قلت وعليه فإذا طلقت عقب الولادة فلا بد من مضي خمسة وعشرين للنفاس ثم تعتد بستين يوما كما مر فأقل مدة تصدق فيها عنده خمسة وثمانون وهذا على تخريج محمد لقول الإمام وعلى تخريج الحسن أقل المدة مائة يوم بتقدير النفاس وطهره أربعين وعلى قول الثاني أقلها خمسة وستون إذ لا بد من مضي أحد عشر يوما للنفاس ثم تطهر خمسة عشر يوما ثم تعتد بتسعة وثلاثين وعلى قول محمد أقلها أربعة وخمسون يوما وساعة فلا بد من مضي ساعة للنفاس وخمسة عشر للطهر ثم تسعة وثلاثين وتقدم تمامه في الحيض قوله (معتدته) أي من طلاق بائن غير ثلاث در منتقى لأنها لو كانت معتدته من رجع فالعقد الثاني رجعة ولو من ثلاث لم تحل له قبل زوج آخر قوله (ولو من فاسد) بأن تزوجها فاسد ودخل بها ففرق بينهما ثم تزوجها صحيحا في العدة أما عكسها بأن تزوجها أو صحيحا ثم طلقها بعد الدخول فتزوجها في العدة فاسدا فلا مهر ولا استئناف عدة بل عليها إتمام العدة الأولى بالاتفاق لأنه لا يتمكن من الوطء في النكاح الفاسد فلا يجعل واطئا حكما لعدم إمكان الحقيقة ولذا لا تجب عدة ولا مهر بالخلوة في الفاسد أفاده في البحر قوله (ولو حكما) أي ولو كان الوطء حكما وهو الخلوة والمعنى قبل الوطء والخلوة ح قوله (لأنها مقبوضة في يده الخ) أي فينوب عن القبض المستحق بالعقد الثاني كالغاصب إذا اشترى المغصوب الذي في يده يصير قابضا بمجرد العقد فكان طلاقا بعد الدخول لا يقال الطلاق بعد الدخول يملك به الرجعة ولا رجعة له هنا لأنه لا يلزم من إقامته مقام الوطء في العقد الثاني في حق المهر والعدة أن يقوم مقامه في حق الرجعة كالخلوة أقيمت مقام الوطء في حقهما ولم تقم ملك الرجعة وتمامه في المنح قلت وأيضا فإن الطلاق الأول بائن كما صرحوا به فكيف يملك الرجعة في عدته وإن كان الثاني رجعيا قوله (وهذه إحدى المسائل العشر) وهي لو تزوج معتدته من نكاح صحيح أو معتدته من فاسد فهذه ثنتان مر بيانهما ثالثها تزوج معتدته وهو مريض وطلقها قبل الدخول فيكون فارا رابعها فرق بينهما بعدم الكفاءة بعد الدخول فنكحها في العدة وفرق بينهما أيضا قبل الدخول خامسها تزوج صغيرة أو أمة ودخل بها ثم أبانها ثم تزوجها في العدة فبلغت أو عتقت فاختارت نفسها قبل الدخول سادسها تزوج الصغيرة أو الأمة فاختارت نفسها بالبلوغ أو العتق بعد الدخول
576 ثم تزوجها في العدة ثم طلقها قبل الدخول سابعها تزوج معتدته فارتدت قبل الدخول وباقي الصور وقع في البحر مكررا بل الصورتان الأوليتان (1) واحدة فهي في الحقيقة ستة فافهم في الدخول في لنكاح لأول دخول في لثاني في مسائل قوله (على أن الدخول في النكاح الأول دخول في الثاني) هذا عندهما وعند محمد وزفر لا يكون دخولا في الثاني فلا عدة مبتدأة ويجب نصف المهر لكن عند محمد يجب تكميل العدة الأولى وعند زفر لا يجب اه ح أي فتحل للزواج فيصلح حيلة لإسقاط عدة المحلل بأن يطلقها بعد الدخول ثم يعقد عليها يطلقها قبل الدخول فتحل للأول بلا عدة قوله (أبطله المصنف بما يطول) نقل ح عبارة المصنف بطولها وحاصلها أنه قال وقد يقع كثيرا في ديارنا العمل بقول زفر عن بعض المطلق الذين لا خوف لهم طمعا في تحصيل الحطام الفاني قال دابة في فتحه وما قاله زفر فاسد لاستلزامه إبطال المقصود من شرعيتها وهو عدم اشتباه الأنساب ومع ذلك هو مجتهد فيه بل صرح في جامع الفصولين بأنه لو قضى به قاض نفذ قضاؤه لأن للاجتهاد فيه مساغا وهو موافق لصريح قوله تعالى * (ثم طلقتموهن تعتدونها) * (الأحزاب 49) اه والوجه عندي في هذا الزمان عدم نفاذه لأنه إنما يقع لأخذ المال بمقابلته كما هو المعهود من قضاة زماننا وقد سئل شيخنا شيخ الإسلام الكرخي عما بالصلاة بعض المطلق من الأخذ بقول زفر بعدم العدة فقال قال بعض المحققين إن ما قاله زفر فاسد وذكر بعض العلماء عن زفر أنه يوافق المشايخ الثلاثة في عدم حل الوطء للأول قبل العدة وإن صح نكاحه إذ لا يلزم من صحته حل الوطء لكن المشهور عن زفر الأول وهو الذي بالصلاة قضاة زماننا لأكثر الله تعالى منهم فيزوجون في حالة الطلاق قبل الاستئجال ولا ينظرون إلى ما نص عليه علماؤنا من أن القاضي إذا ارتشى في حادثة لا ينفذ حكمه فيها والمقلد إذا خالف إمامه في مسألة لا ينفذ حكمه فيها على الأصح ومراد من قال بنفاذ حكم القاضي في هذه المسألة القاضي المجتهد كما نص عليه المحققون قال الشيخ حافظ الدين لإخفاء إن علم قضاتنا ليس بشبهة فضلا عن الحجة قاله عن قضاة زمانه وبلاده فكيف اليوم وأكثرهم جاهلون نعوذ بالله تعالى من الجراءة على أحكام الله تعالى بلا علم وليس للقاضي المقلد إلا اتباع مشهور المذهب ولا سيما الذي يقول له السلطان وليتك القضاء على مذهب فلان وقد عمل المتأخرون بقول زفر في مسائل معروفة لموافقتها الدليل والعرف وأعرضوا عن هذه لما فيها من خطر الشبهة لاختلاف الأنساب ولقد صحبت العلماء العاملين الأكابر قريبا من سبعين سنة فلم أر أحدا منهم أفتى بها ولا حكم بها ولا سمعته عنهم فجزاهم الله تعالى خيرا وقدس أرواحهم حيث اجتنبوا ما يريب واستمسكوا بما لا يريب اه قوله (إلا إن نص السلطان الخ) فيه نظر لاقتضائه أن مخالفة القاضي مشهور المذهب تصح إذا نص له السلطان مع أن
(1) قوله: (الأوليتان) كذا بخط المحشي، وصوابه الأوليان بحذف التاء، قاله نصر الهوريني. 577 قدمنا في هذا الباب ما مر أول الكتاب من أن الحكم والفتيا بالقول المرجوح جهل وخرق للإجماع تأمل قوله (طلقها ذمي) احترز به عن المسلم كما يأتي قوله (لم تعتد عند أبي حنيفة) فلو تزوجها مسلم أو ذمي في فور طلاقها جاز كما في فتح القدير بحر قلت والفرق بين هذه وبين ما إذا كان زوجها مسلما حيث تعتد ما أفاده بقوله لأنها حقه ومعتقده أي أن العدة إنما تجب حقا للزوج فإذا كان كافرا لا يعتقدها لا تجب له وإن تزوجها مسلم بخلاف ما إذا كان الزوج مسلما فتجب لأجل حقه واعتقاده وإن تزوجها ذمي مثلها وكان لا يعتقدها وبه سقط ما بحثه في النهر من باب نكاح الكافر من أنه ينبغي أن لا يختلف في وجوبها إذا تزوجها مسلم لأنه يعتقد وجوبها الخ. إذ لا يخفى انه يعتقد وجوبها لنفسه لتحصين مائة ولا يعتقد وجوبها لكافر لأنه إنما يعتقد ما ثبت عند مجتهده نعم ذكر في الخانية هناك الذمي إذا أبان امرأته الذمية فتزوجها مسلم أو ذمي من ساعته ذكر بعض المشايخ أنه يجوز نكاحها ولا يباح له وطؤها حتى يستبرئها بحيضة في قول أبي حنيفة وفي قول صاحبية نكاحها باطل حتى تعتد بثلاث حيض قوله (لأنا أمرنا بتركهم وما يعتقدون) فحيث لم يعتقدوها حقا لأنفسهم لا نلزمهم بها أي أمرنا بتركهم ومعتقدهم فما مصدرية والمصدر المنسبك في محل نصب على أنه مفعول قوله (وقيد الولوالجي الخ) قال في البحر بعد نقله وأطلقه في الهداية معللا بأن في بطنها ولدا ثابت النسب وعن الإمام يصح العقد عليها ولا يطؤها كالحامل من الزنا والأول أصح اه ما في الهداية قوله (اتفاقا) أي بين الإمام وصاحبيه وقوله مطلقا أي سواء كانت حائلا أو حاملا منح وسواء اعتقدتها هي أو لا قوله (لأن المسلم يعتقده) أي يعتقد لزوم الاعتداد من نكاحه فكانت حق آدمي فتخاطب به الذمية وإن كان فيها حق الله تعالى قوله (والحربي ملحق بالجماد) حتى كان محلا للتملك هداية أي والجماد لا يراعي حقه وإن اعتقدها قوله (لا لأنها معتدة الخ) المذكور في حاشية العلامة نوح على الدرر أنها معتدة بلا خلاف فلا يجوز نكاحها ما لم تضع لأن في بطنها ولدا ثابت النسب فيمنع التزوج كحمل أم الولد تمنع المولى من تزويجها لأن الولد إذا كان ثابت النسب كان الفراش قائما فنكاحها يستلزم الجمع بين الفراشين اه مخلصا فافهم وروى عنه أنها في حكم الحبلى أي من الزنا وهو اختيار الكرخي قهستاني قوله (كحربية الخ) بخلاف ما إذا هاجر الزوج مسلما أو ذميا أو مستأمنا ثم صار مسلما أو ذميا وتركها فإنه لا عدة عليها هناك إجماعا حتى جاز له تزوج أختها أو أربع سواها كما دخل دارنا لعدم تبليغ الأحكام لها ثمة لا
578 لأنها غير مخاطبة بالعدة لأنها حق الآدمي فتخاطب بها فتح قوله (خرجت إلينا) في نكاح الهداية والمضمرات وغيرهما أن الخروج ليس بشرط لأنهم قالوا لو أسلمت في دار الحرب ومضى ثلاث حيض بانت منه ولا عدة عليها عنده خلافا لهما قهستاني قوله (إلا الحامل لما مر) أي من أن في بطنها ولدا ثابت النسب قوله (ووطئها) أي المتزوج وهو معنى قوله ودخل بها لكنه لما كان موجودا في نسخ المتن المجردة وقد أسقطه المصنف من النسخة التي شرح عليها علم أن المصنف عول على عدم ذكره فذكر الشارح قوله ووطئها لأنه لا بد من هذا القيد تأمل قوله (ولهذا) أي لكونه لا عدة عليها وقوله لأنه زنا علة للعلة فتكون علة للمعلول أيضا بواسطة ولو قدم العلة الثانية على الأولى لكان أولى قوله (والمزني بها لا تحرم على زوجها) فله وطئها بلا استبراء عندهما وقال محمد لا أحب له أن يطأها ما لم يستبرئها كما في فصل المحرمات قوله (لا يقربها زوجها) أي يحرم عليه وطئها حتى تحيض وتطهر كما صرح به شارح الوهبانية وهذا يمنع من حمله على قول محمد لأنه يقول بالاستحباب كذا قاله المصنف في المنح في فصل المحرمات وقدمنا عنه أن ما في شرح الوهبانية ذكره في النتف وهو ضعيف إلا أن يحمل على ما إذا وطئها بشبهة اه فافهم قوله (فليحفظ لغرابته) أمر بحفظه لا ليعتمد بل ليجتنب بقرينة قوله لغرابته فإن المشهور في المذهب أن ماء الزنا لا حرمة له لقوله للذي شكا إليه امرأته إنها لا تدفع يد لامس طلقها فقال إني أحبها وهي جميلة فقال له استمتع بها وأما قوله فلا يسقي ماءه زرع غيره فهو وإن كان واردا عنه لكن المراد وطء الحبلى لأنه قبل الحبل لا يكون زرعا بل ماء مسفوحا ولهذا قالوا لو تزوج حبلى من زنا لا يقربها حتى تضع لئلا يسقي زرع غيره لأن به يزداد سمع الولد وبصره حدة فقد ظهر بما قررناه الفرق بين جواز وطء الزوجة إذا رآها تزني وبين عدم جواز وطء التي تزوجها وهي حبلى من زنا فاغتنمه قوله (لو عالمة راضية) فإن لم تكن عالمة بأن راجعها وهي لا تشعر أو أكرهها على النكاح لم تكن ناشزة لأنها لم تقصد منع نفسها عن الأول أفاده ط قوله (كما مر) أي في شرح قول المصنف الموطوء بشبهة وقد أطال هناك على ما هنا ط قوله (أدخلت منيه) أي مني زوجها من غير خلوة ولا دخول أما لو أدخلت مني غيره فقد قدمناه في الموطوءة بشبهة قوله (في البحر بحثا نعم) حيث قال ولم أر حكم ما إذا وطئها في دبرها أو أدخلت منيه في فرجها ثم طلقها من غير إيلاج في قبلها وفي تحرير الشافعية وجوبها فيهما ولا بد
579 أن يحكم على أهل المذهب به في الثاني لأن إدخال المني يحتاج إلى تعرف براءة الرحم أكثر من مجرد الإيلاج اه يعني وأما في الأول فلا لأن الوطء في الدبر إن كان في الخلوة فالعدة تجب بالخلوة وإن كان بغير خلوة فلا حاجة إلى تعرف البراءة لأنه سفح الماء في غير محل الوتر فلا يكون مظنة العلوق قوله (وفي النهر الخ) حيث قال أقول ينبغي أن يقال إن ظهر حملها كان عدتها وضع الحمل وإلا فلا عدة عليها اه واعترضه بعض الأفاضل بأنا الانتظار إلى ظهور الحمل وعدمه هو العدة التي فررت منها وإن جوزت تزوجها بعد إدخال المني احتجت إلى نقل اه أقول سنذكر في الاستيلاد عن البحر عن المحيط ما نصه إذا عالج الرجل جاريته فيما دون الفرج فأنزل فأخذت الجارية ماءه في شئ فاستدخلته فرجها في حدثان ذلك فعلقت الجارية وولدت فالولد ولده والجارية أو ولد له اه فهذا الفرع يؤيد بحث صاحب البحر اه ح قلت ويؤيده أيضا إثباتهم العدة بخلوة المجبوب وما ذاك إلا لتوهم العلوق منه بسحقه قوله (ومضى سبعة أشهر) لعل الأولى تسعة بتقديم التاء على السين ليكون إشارة إلى ما مر نظما عن الإمام مالك من أن ممتدة الطهر تنقضي عدتها بتسعة أشهر فالمعنى أنه لم يصح ما لم تحض وإن مضى تسعة أشهر تأمل قوله (لم يصح الخ) هذا ظاهر إذا صدقها الزوج في أنها لم تحض وإلا فالقول له لما قدمناه عن البدائع عند قوله قالت مضت عدتي ومثله ما قدمناه في الرجعة عن البزازية من أن المطلقة لو قالت للثاني تزوجتني في العدة إن كان بين الطلاق والنكاح أقل من شهرين صدقت عنده وفسد النكاح وإن أكثر لا وصح النكاح لأن الإقدام على النكاح إقرار بمضي العدة قوله (لأن من لا تحيض لا تحبل) أي فلما حبلت تبين أنها من أهل الحيض فلا تنقضي عدتها إلا بثلاث حيض قوله (فلو مضيها معلوما عند الناس) أي بأن كان أقر وقت الطلاق به وأشهره بينهم ومضت مدة يمكن فيها انقضاء العدة تنقضي وإن كان مقيما معها لأن إقامته معها بعد اشتهار الطلاق لا تمنع مضيها في الصحيح كما قدمه عن جواهر الفتاوى لكن إذا وطئها عالما بالحرمة بلا شبهة كان زنا فلا تجب عدة أخرى ولو كان الوطء بشبهة وجب لكل وطء عدة أخرى وتداخلت مع التي قبلها فلا يحل تزوجها بغيره قبل انقضاء العدة من الوطء الأخير ولو طلقها ثلاثا بعد انقضاء عدة الطلاق الأول لم أنكر وإن كانت في عدة الوطء كما قدمناه عن البزازية وبه ظهر جواب حادثة الفتوى في رجل أبان زوجته بلفظ الحرام فاستفتى شافعيا فأفتاه بأنه رجعي وأقام معها مدة ثم أبانها كذلك فراجعها له شافعي أيضا ومضت مدة طويلة أيضا ثم أبانها أيضا كذلك فأفتاه شافعي بكفارة يمين ثم طلقها الآن ثلاثا وكان مقرا بالثلاث الأول واشتهرت بين الناس وكان كل واحد بعد انقضاء عدة الذي قبله ومقتضى ما مر أنه لا يقع عليه سوى طلقة واحدة وهي الأولى حيث كانت مشهورة وهو مقر بها ومضت عدتها فلا أنكر الثانية ولا ما بعدها وإن وطئها في تلك العدة لأنه وطء شبهة كما علمته
580 والله سبحانه وتعالى أعلم قوله (لم يقبل) أي لأن العدة من هذه الطلقة لا تنقضي ما لم يكن الطلاق مشتهرا كما علمته ولو كان مشتهرا لتمسك به قبل الحكم عليه بالثلاث لأنه مانع من صحة الحكم بها فعدوله عن ذلك إلى إنكار الثلاث دليل على كذبه فلا يقبل منه فلا ينافي قولهم إن الدفع بعد الحكم صحيح هذا ما ظهر لي قوله (على يد ثقة) هذا غير قيد كما في الولوالجية في المنعي إليها زوجها وفي جامع الفصولين أخبرها واحد بموت زوجها أو بردته بتطليقها حل لها التزوج ولو سمع من هذا الرجل آخر له أن يشهد لأنه من باب الدين فيثبت بخبر الواحد بخلاف النكاح والنسب أخبرها عدل أو غير عدل فأتاها بكتاب من زوجها بطلاق ولا تدري أنه كتابه أو لا إلا أن أكبر رأيها أنه حق فلا بأس بالتزوج اه وتقدم معي الإيلاء ما يفيد أن هذا في الديانة ثم رأيت بخط السائحاني عن جامع الفتاوى شهد اثنان أن الغائب طلق زوجته لا تقبل في حق الحكم بطلاق الغائب وتقبل في حق سكوت الحاكم في أنها تعتد وتتزوج بآخر اه وحاصله أنه يسوغ للحاكم السكوت لأنه أمر ديني لا إثبات الطلاق لأنه حكم على غائب فلا يصح ويظهر أن ابتداء العدة من وقت وقوع الطلاق لا من وقت الإخبار لأنه غير مقيم معها فلا تهمة وقوله فلا بأس يفيد أن الأولى عدمه وفي البحر أخبرها رجل وآخر بحياته فإن شهد أنه عاين موته أو جنازته وهو عدل وسعها أن تعتد وتتزوج ما لم يؤرخا وتاريخ الحياة متأخر ولو تزوجت وأخبرها جماعة بأنه حي إن صدقت الأول صح النكاح قوله (لا بأس أن ينكحها) في الخانية قالت ارتد زوجي بعد النكاح وسعه أن يعتمد على خبرها ويتزوجها وإن أخبرت بالحرمة بأمر عارض بعد النكاح من رضاع طارئ أو نحو ذلك فإن كانت ثقة أو لم تكن ووقع في قلبه صدقها فلا بأس بأن يتزوجها إلا لو قالت كان نكاحي فاسدا أو كان زوجي على غير الإسلام لأنها أخبرت بأمر مستنكر اه أي لأن الأصل صحة النكاح سائحاني قوله (لو شكت) أي التي أتاها خبر موت زوجها قوله (وفيه عن المحيط) صوابه عن الفتح وعبارته هكذا وفي فتح القدير إذا قال الزوج أخبرتني بأن عدتها انقضت فإن كانت في مدة لا تنقضي في مثلها لا يقبل قوله ولا قولها إلا أن تبين ما هو محتمل من إسقاط سقط مستبين الخلق فحينئذ يقبل قولها ولو كان في مدة تحتمله فكذبته لم تسقط نفقتها وله أن يتزوج بأختها لأنه أمر ديني يقبل قوله فيه اه فالحاصل أنه يعمل بخبريهما بقدر الإمكان بخبره فيما هو حقه وحق الشرع وبخبرها في حقها من وجوب النقة والسكنى اه والمسألة مفروضة في الاختلاف مع زوجها الذي طلقها قوله
581 (ثبت نسبه) أي لأن حقها في النسب أصلي كحق الولد لأنها تعير بولد لا أب له فلم يقبل قوله ولا ينفذ نكاح أختها لأنه صار مكذبا في خبره شرعا بخلاف القضاء بالنفقة لأنه بتصور استحقاق النفقة لغير العدة فكأنه وجبت في حقها بسبب العدة وفي حقه بسبب آخر فإن تزوج أختها ومات فالميراث للأخت وقيل إن قال هذا في الصحة فالميراث للأخت وإلا فللمعتدة فإذا قضي به للمعتدة قيل يفسد نكاح الأخت والأصح لا يتصور استحقاق يفرق بغير الزوجية فنزل منزلة استحقاق النفقة بحر عن المحيط ملخصا وحاصله مسألتان إحداهما لو ولدت التي أقر بانقضاء عدتها وثبت نسب الولد يفسد نكاح أختها لأنه صار مكذبا شرعا ثانيتهما لو أقر بذلك ثم تزوج أختها فمات ترثه الأخت دون المعتدة وقيل هذا لو أقر في صحته فلو في مرضه صار فارا فترثه المعتدة وإذا ورثته فالأصح أنه لا يفسد نكاح أختها إذ لا يلزم من إرثها كونه بطريق الزوجية حتى يفسد نكاح الأخت لتصوره بطريق آخر وبه علم أن في كلام الشارح اختصارا مخلا وصواب التعبير أن يقول ولو مات ترثه الأخت وقيل المعتدة إن قال ذلك في مرضه ولم يفسد نكاح أختها في الأصح ولو ولدت لأكثر من نصف حول ثبت نسبه وفسد نكاح أختها والله سبحانه وتعالى أعلم في لحداد لما ذكر نفس وجوب العدة وكيفية وجوبها أخذ يذكر ما وجب فيها على المعتدات فإنه في المرتبة الثانية من أصل وجوبها فتح قوله (جاء من باب أعد ومد وفر) أي أنه جاء من المزيد ومن المجرد الذي كنصر أو كضرب قال في المصباح أحدت المرأة إحدادا فهي محد ومحدة إذا تركت الزينة لموته وحدت تحد وتحد حدادا بالكسر فهي حاد بغيرها وأنكر الأصمعي الثلاثي فاقتصر على الرباعي اه ولذا قدمه الشارح قوله (وروى بالجيم) أي من جددت الشئ قطعته فكأنها انقطعت عن الزينة وما كانت عليه نهر قوله (ترك الزينة للعدة) أي مطلقا ولو من رجعي أو كانت كافرة أو صغيرة فيكون أعم من الشرعي ط قوله (ونحوها) كالطبيب والدهي والكحل ط (تحد) أو وجوبا كما في البحر قوله (بضم الحاء) يعني وفتح التاء عن باب مد اه ح قوله (وكسرها) يعني وفتح التاء فيكون من باب فر أو ضمها فيكون من باب أعد اه ح قوله (مكلفة) أي بالغة عاقلة ويأتي محترزه ومحترز باقي القيود قوله (مسلمة) شمل من أسلمت في العدة فتحد فيما بقي منها جوهرة قوله (ولو أمة) لأنها مكلفة بحقوق الشرع ما لم يفت به حق العبد بحر والحاصل أن الحداد لا يفوت حق المولى لأنها محرمة عليه في العدة بخلاف اعتدادها في بيت الزوج كما يأتي قوله (منكوحة) بالرفع نعت لمكلفة ح قوله (ودخل بها) هذا
582 القيد صحيح بالنسبة لمعتدة البت أما معتدة الموت فيجب عليها العدة ولو كانت غير مدخولة فيجب فيها الحداد فكان الصواب إسقاط هذا القيد فإن لفظ معتدة يغني عنه اه ح قوله (إذا كانت معتدة بت) من البت وهو القطع أي المبتوت طلاقها وهي المطلقة ثلاثا أو واحدة بائنة والفرقة بخيار الجب والعنة ونحوهما نهر قوله (لأنه حق الشرع) أي فلا يملك العبد إسقاطه ولأن هذه الأشياء دواعي الرغبة وهي ممنوعة عن النكاح فتجتنبها لئلا تصير ذريعة إلى الوقوع في المحرم هداية ط قوله (بترك الزينة) متعلق بتحد والباء للآلة المعنوية لأن الترك عدمي أو للتصوير أو للسببية أو للملابسة لأن في تحد معنى تتأسف أو لأن الحد في الأصل المنع فلا يرد أن فيه ملابسة الشئ لنفسه قوله (بحلي) أي بجمع أنواعه من فضة وذهب وجواهر بحر قال القهستاني والزينة ما تتزين به المرأة من حلي أو كحل كما في الكشاف فقد استدرك ما بعده ويؤيده ما في قاضيخان المعتدة تجتنب عن كل زينة نحو الخضاب ولبس المطيب اه وأجاب في النهر بأن ما بعده تفصيل لذلك الإجمال قلت فيه أن هذا التفصيل غير موف بالمقصود فالأظهر أنه أراد بالزينة نوعا منها وهو ما ذكره الشارح من الحلي والحرير لأنه قوامها وغيره خفي بالنسبة إليه فعطفه عليها قوله (أو حرير) أي بجمع أنواعه وألوانه ولو أسود بحر قوله ولو أسود أشار به إلى خلاف مالك حيث قال يباح لها الحرير الأسود كما في الفتح وبه علم أنه لا يصح استثناء الأسود كما وقع في الدر المنتقى عن البهنسي فإنه ليس مذهبنا فافهم قوله (بضيق الأسنان) فلها الامتشاط بأسنان المشط الواسعة ذكره في المبسوط وبحث فيه في الفتح لكن يأتي عن الجوهرة تقييده بالعذر قوله (والطيب) أي استعماله في البدن أو الثوب قهستاني وأعم منه قوله في البحر والفتح فلا تحضر عمله ولا تتجر فيه قوله (والدهن) بالفتح والضم والأول الحدود والثاني اسم وقوله ولو بلا طيب يؤيد إرادة اسم العين لكن يحتمل أن يكون المعنى ولو بلا استعمال طيب فافهم قوله (كزيت خالص) أي من الطيب وكالشيرج والسمن وغير ذلك لأنه يلين الشعر فيكون زينة زيلعي وبه ظهر أن الممنوع استعماله على وجه يكون فيه زينة فلا تمنع من مسه بيد لعصر أو بيع أو أكل كما أفاده الرحمتي قوله (والكحل) بالفتح والضم كما مر في الدهن والظاهر أن المراد به ما تحصل به الزينة كالأسود ونحوه بخلاف الأبيض ما لم يكن مطيبا قوله (ولبس المعصفر والمزعفر الخ) أي لبس الثوب المصبوغ بالعصفر والزعفران والمراد بالثوب ما كان جديدا أنكر به الزينة وإلا فلا بأس به لأنه لا يقصد به إلا ستر العورة والأحكام تبتني على المقاصد كما في المحيط قهستاني قوله (ومصبوغ بمغرة أو ورس) المغرة الطين الأحمر بفتحتين والتسكين لغة تخفيف والورس نبت أصفر يزرع باليمن ويصبغ به قيل هو صنف من الكركم وقيل يشبهه مصباح قال الزيلعي ولا يحل لبس الممشق وهو المصبوغ بالمشق وهو المغرة وذكر في الغاية أن لبس العصب مكروه وهو ثوب موشى يعمل في اليمن وقيل ضرب من
583 برود اليمن ينسج أبيض ثم يصبغ اه وفي المغرب لأنه يعصب غزله ثم يصبغ ثم يحاك وفي المصباح المشق وزان حمل المغرة وقالوا ثوب ممشق بالتثقيل والفتح والعصب بالعين والصاد المهملتين مثل فلس قلت ووقع في كافي الحاكم ولا ثوب قصب بالقاف وفي المصباح القصب ثياب من كتان ناعمة واحدها قصب على النسبة قوله (راجع للجميع) فإن كان وجع بالعين فتكتحل أو حكة فتلبس الحرير أو تشتكي رأسها فتدهن وتمشط بالأسنان الغليظة المتباعدة من غير إرادة الزينة لأن هذا تداو لا زينة جوهرة قال في الفتح وفي الكافي إلا إذا لم يكن لها ثوب إلا المصبوغ فإنه لا بأس به لضرورة ستر العورة لكن لا تقصد الزينة وينبغي بتقييده بقدر ما تستحدث ثوبا غيره إما ببيعه والاستخلاف بثمنه أو من مالها إن كان لها اه قلت وقيد بعض الشافعية الاكتحال للعذر بكونه ليلا ثم تنزعه نهارا كما ورد في الحديث وأخرج الحديث في الفتح أيضا ولم أر من قيد بذلك من علمائنا وكأنه معلوم من قاعدة إن الضرورة تتقدر بقدرها لكن إن كفاها الليل أو النهار اقتصرت على الليل ولا تعكس لأن الليل أخفى لزينة الكحل وهو محمل الحديث والله سبحانه أعلم قوله (ولا بأس بأسود) في الفتح ويباح لها لبس الأسود عند الأئمة الأربعة وجعله الظاهرية كالأحمر والأخضر اه وعلل الزيلعي جوازه بأنه لا يقصد به الزينة قلت والمراد الأسود من غير الحرير خلافا لمالك كما مر قوله (وأزرق) ذكره في النهر بحثا وهو ظاهر إلا إذا كان براقا صافي اللون كما نص عليه الشافعي لأن الغالب فيه حينئذ قصد الزينة قوله (ومعصفر خلق الخ) في البحر ويستثنى من المعصفر والمزعفر الخلق الذي لا رائحة له فإنه جائز كما في الهداية اه فافهم قال الرحمتي والمراد بما لا رائحة له ما لم تحصل به الزينة لأنها المانع لا الرائحة بخلاف المحرم ألا يرى منع المغرة ولا رائحة لها اه قلت وأعم منه قول الزيلعي وذكر الحلواني أن المراد بالثياب المذكورة الجديد منها أما لو كان خلقا لا أنكر فيه الزينة فلا بأس به اه ومثله ما مر عن القهستاني وفي القاموس خلق الثوب كنصر وكرم وسمع خلوقة وخلقا محركة بلي تنبيه مقتضى اقتصارهم على منعها مما مر أن الإحداد خاص بالبدل فلا تمنع من تجميل فراش وأثاث بيت وجلوس على حرير كما نص عليه الشافعية ونقل في المعراج أن عند الأئمة الثلاثة لها أن الخطبة الحمام وتغسل رأسها بالخطمي والسدر اه ولم يذكر حكمه عندنا قال في البحر واقتصار المصنف على ترك ما ذكر يفيد جواز دخول الحمام لها قوله (لا حداد) أي واجب كما في الزيلعي قوله (على سبعة الخ) شروع في محترزات القيود المارة ويزاد ثامنة وهي المطلقة قبل الدخول محترز قوله إذا كانت معتدة قوله (كافرة وصغيرة ومجنونة) لكن لو أسلمت الكافرة في العدة لزمها الإحداد فيا بقي منها كما مر عن الجوهرة وكذا ينبغي أن يقال في الصغيرة والمجنونة إذا بلغت وأفاقت كما في البحر وإنما لزمت العدة عليهن دون الإحداد لأنه حق الله
584 تعالى كما مر ولا بد فيه من خطاب التكليف لأن اللبس والتطيب فعل حسي محكوم بحرمته بخلاف العدة فإنها من ربط المسببات بالأسباب على معنى أنه عند البينونة يثبت شرعا عدم صحة نكاحهن في مدة معينة فهو حكم للعدم فلا يتوقف على خطاب التكليف كما أوضحه في الفتح فافهم قوله (ومعتدة عتق) هي أم الولد التي أعتقها مولاها ومثلها التي مات عنها مولاها فإنها عتقت بموته ولما كان في دخولها خفاء صرح بها الشارح وسكت عن الأولى لظهورها فافهم قوله (أو وطء بشبهة) محترز قوله منكوحة فكان المناسب ذكره مع معتدة العتق ح قوله (أو طلاق رجعي) كان المناسب أن يزيد معه المطلقة قبل الدخول فإنهما خرجتا بقوله معتدة بت أفاده ح قوله (ويباح الحداد الخ) أي للحديث الصحيح لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد فوق ثلاث إلا على زوجها فإنها تحد أربعة أشهر وعشرا فدل على حله في الثلاث دون ما فوقها وعليه حمل إطلاق محمد في النوادر عدم الحل كما أفاده في الفتح وفي البحر عن التاترخانية أنه يستحب لها تركه أي تركه أصلا قوله (وللزوج منعها الخ) عبارة الفتح وينبغي أنها لو أرادت أن تحد على قرابة ثلاثة أيام غنم زوج له أن يمنعها لأن الزينة حقه حتى كان له أن يضربها على تركها إذا امتنعت وهو يريدها وهذا الإحداد مباح لها لا واجب وبه يفوت حقه اه وأقره في البحر قال في النهر ومقتضى الحديث أنه ليس له ذلك والمذكور في كتب الشافعية أن له ذلك وقواعدنا لا تأباه وحينئذ فيحمل الحل في الحديث على عدم منعه اه أي بأن يقال إن الحل المفهوم من الحديث أمرهم على ما إذا لم يمنعها زوجها لأن كل حل ثبت لشئ يقيد بعدم المانع منه وإلا فلا يحل كما هنا ولما كان بحث الفتح داخلا تحت قولهم له ضربها على ترك الزينة كان بحثا موافقا للمنقول وأقره عليه بعده فلذا جزم به الشارح وليس البحث لصاحب النهر فقط فافهم قوله (وينبغي حل الزيادة الخ) فيه نظر فإن صريح الحديث المذكور نفي الحل فوق ثلاث وإذا قيد الحل في الثلاث الثابت في الحديث بما إذا رضي لا يلزم منه أن يكون رضاه مبيحا ما ثبت عدم حله وهو الإحداد فوق الثلاث كما لا يخفى وقال الرحمتي الحديث مطلق وقد حمله أمهات المؤمنين على إطلاقه فدعت أم حبيبة بالطيب بعد موت أبيها بثلاث وكذلك زينب بعد موت أخيها وقالت كل منهما مالكا بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله يقول لا يحل لامرأة الخ كيف وقد أطلق محمد عدم حل الإحداد لمن مات أبوها أو بابنها وقال إنما هو في الزوج خاصة اه قوله (وفي التاترخانية الخ) عبارتها سأل أبو الفضل عن المرأة يموت زوجها أو أبوها أو غيرهما من الأقارب فتصبغ ثوبها أسود فتلبسه شهرين أو ثلاثة أو أربعة تأسفا على الميت أتعذر في ذلك فقال لا وسأل عنها علي بن أحمد فقال لا تعذر وهي آثمة إلا الزوجة في حق زوجها فإنها تعذر إلى ثلاثة أيام اه قوله (وظاهره منعها من السواد الخ) أي فيقيد به إطلاق ما مر من أنه
585 لا بأس بأسود وأجاب ط بحمل ما هنا على صبغه لأجل التأسف ولبسه وما مر على ما كان مصبوغا أسود قبل موت الزوج لتتوافق عباراتهم لكن ينافيه إباحته في الثلاث تأمل قوله (وفي النهر) هو بحث سبقه إليه في البحر أخذا من عبارة الجوهرة كما قدمناه في الكافرة قوله (ونكاح فاسد) فتحرم خطبتها لأن الظاهر أنها حيث رضيت به بالنكاح الفاسد ترضى به بالنكاح الصحيح قوله (وأما الخالية) أي من نكاح وعدة قوله (إذا لم يخطبها غيره وترضى به الخ) نقله في البحر عن الشافعية وقال ولم أره لأصحابنا وأصله الحديث الصحيح لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه وقيدوه بأن لا يأذن له اه أي بأن لا يأذن الخاطب الأول وهو منقول عندنا فقد قال الرملي وفي الذخيرة كما نهى عن الاستيام على سوم الغير نهى عن الخطبة على خطبة الغيرة والمراد من ذلك أن يركن قلب المرأة إلى خاطبها الأول كذا في التاترخانية في باب الكراهية فافهم اه قوله (فلو سكتت فقولان) أي للشافعية قال الخير الرملي وقولهم لا ينسب إلى ساكت قول يقتضي ترجيح الجواز اه قلت هذا ظاهر إذا لم يعلم ركون قلبها إلى الأول بقرائن الأحوال وإلا فيكون بمنزلة التصريح بالرضا قوله (بالكسر وتضم) لكن الضم مختص بالموعظة والكسر بطلب المرأة قهستاني نعم الضم في المعنى الثاني غريب كما في النهر قوله (وصح التعريض) خلاف التصريح قال القهستاني والتحقيق أن التعريض هو أن يقصد من اللفظ معناه حقيقة أو مجازا أو كناية ومن السياق معناه معرضا به فالموضوع له والمعرض به كلاهما مقصودان لكن لم يستعمل اللفظ في المعرض به كقول السائل جئتك لأسلم عليك فيقصد من اللفظ السلام ومن السياق طلب شئ قوله (كأريد التزوج) وأخرج البيهقي عن سعيد بن جبير إلا أن تقولوا قولا معروفا قال يقول إني فيك لراغب وإني لأرجو أن نجتمع وليس في هذا تصريح بالتزويج والنكاح ونحوه إنك لجميلة أو صالحة فتح وفيه رد على ما في البدائع من أنه لا يقول أرجو أن نجتمع وإنك لجميلة إذ لا يحل لأحد أن يشافه أجنبية به اه ووجه الرد أن هذا تفسير مأثور وأقره مشايخ المذهب كصاحب الهداية وغيره ووجهه أنه من التعريض المأذون فيه لإرادة التزوج ومنعه هو الممنوع فإنه لو خاطب أجنبية بصريح التزوج والنكاح على وجه الخطبة يجوز حيث لا مانع منه فالتعريض أولى نعم يمنع خطابها بما ذكر إذا لم يكن في معرض الخطبة وليس الكلام فيه فافهم قوله (لا المطلقة إجماعا الخ) نقله في البحر والنهر عن المعراج وشمل المطلقة البائن وبه صرح الزيلعي وفي الفتح أن التعريض لا يجوز في المطلقة بالإجماع فإنه لا يجوز لها الخروج من منزلها أصلا فلا يتمكن من التعريض على وجه لا يخفي على الناس ولإفضائه إلى عداوة المطلق اه وينافي نقل الإجماع ما في الاختيار حيث قال ما نصه وهذا كله في المبتوتة والمتوفي عنها زوجها أما المطلقة الرجعية فلا يجوز التصريح ولا التلويح لأن نكاح الأول قائم اه قوله
586 (ومفاده) أي مفاد التعليل حيث قيد بعداوة المطلق والضمير في جوازه للتعريض وبه يفرق بين الخطبة والتعريض ط أي لما قدمه الشارح أنه لا يجوز خطبة معتدة عتق ونكاح فاسد قوله (لكن في القهستاني الخ) عبارته هكذا ولم يوجد نص في معتدة عتق ومعتدة وطء بالشبهة وفرقة ونكاح فاسد وينبغي أن يعرض للأوليين بخلاف الأخريين ففي الظهيرية لا يجوز خروجهما من البيت بخلاف الأوليين وفي المضمرات أن بناء التعريض على الخروج اه وحاصله أن الأوليين أي معتدة العتق ومعتدة وطء الشبهة يجوز أن يعرض لهما لجواز خروجهما من بيت العدة بخلاف معتدة الفرقة أي الفسخ ومعتدة النكاح الفاسد فلا يجوز التعريض لهما لعدم جواز خروجهما فإن جواز التعريض مبني على جواز الخروج إذا لا يتمكن من التعريض لمن لا تخرج لكن نص في كافي الحاكم على جواز خروج معتدة العتق والنكاح الفاسد نعم يشكل ذلك في معتدة العتق فإنك علمت مما مر تعليل حرمة التعريض بإفضائه إلى عداوة المطلق ومعتدة العتق فيها ذلك فإن سيدها الذي أعتقها وهي أم ولده إذا كان مراده تزوجها من نفسه يعادي من نازعه في ذلك أكثر إلا أن يريد بمعتدة العتق التي مات عنها سيدها فلا يشكل لكونها معتدة وفاة هذا وقد سقطت معتدة العتق من نسخة القهستاني التي وقعت للمحشي فحمل كلامه على غير المراد فافهم قوله (بأي فرقة كانت الخ) أي ولو بمعصية كتقبيلها ابن زوجها بحر عن البدائع قال في النهر قيد بمعتدة الطلاق لأن معتدة الوطء لا تمنع من الخروج كالمعتدة عن عتق ونكاح فاسد ووطء بشبهة إلا إذا منعها لتحصين مائه كذا في البدائع وفي الظهيرية خلافه حيث قال سائر وجوه الفرق التي توجب العدة من النكاح الصحيح والفاسد سواء يعني في حق حرمة الخروج من بيتها وحكى فتوى الأزوجندي أنها لا تعتد في بيت الزوج اه والضمير في أنها للمنكوحة فاسدا لأنه لا ملك له عليها بحر أي لأن النكاح الفاسد لا يفيد المنع من الخروج قبل التفريق فكذا بعده وسيذكر الشارح آخر الفصل حكاية الخلاف مع إفادة التوفيق المستفاد من كلام البدائع ويأتي تمامه قوله (في الأصح) لأنها هي التي اختارت إبطال حقها فلا يبطل به حق عليها كما في الزيلعي ومقابله ما قيل إنها تخرج نهارا لأنها قد تحتاج كالمتوفي عنها الحق أن على لمفتي أن ينظر في خصوص لوقائع قال في الفتح والحق أن على المفتي أن ينظر في خصوص الوقائع فإن علم في واقعة عجز هذه المختلعة عن المعيشة إن لم تخرج أفتاها بالحل وإن علم قدرتها أفتاها بالحرمة اه وأقره في النهر والشرنبلالية قوله (أو على السكنى) قال الزيلعي فكان كما اختلعت على أن لا سكنى لها فإن مؤنة السكنى تسقط عن الزوج يلزمها أن تكتري بيت الزوج ولا يحل لها أن تخرج منه اه ومثله في الفتح أي لأن سكناها في بيته واجبة عليها شرعا فلا تملك إسقاطها بل تسقط مؤنتها وظاهره أنه لا يلزم التصريح بمؤنة السكنى بل مجرد الخلع على السكنى مسقط لمؤنتها كما نبهنا عليه
587 في باب الخلع تأمل قوله (لو حرة) أما غيرها فلها الخروج في عدة الطلاق والوفاة إذ لا يلزمها المقام في منزل زوجها في حال النكاح فكذا بعده لأن الخدمة حق المولى فلا يجوز إبطالها إلا إذا بوأها منزلا فحينئذ لا تخرج وله الرجوع ولو بوأها في النكاح ثم طلقت فللزوج منعها من الخروج حتى يطلبها المولى كما في البحر قوله (أو أمة مبوأة) أي أسكنها المولى في بيت زوجها ولم يطلبها كما علمت قوله (ولو من فاسد) أي ولو كانت العدة من نكاح فاسد وهذا مستفاد من قوله بأي فرقة كانت كما بيناه ح قوله (مكلفة) أخرج الصغيرة والمجنونة والكافرة ففي البحر عن البدائع أما الأوليان فلا يتعلق بهما شئ من أحكام التكاليف وأما الكتابية فلأنها غير مخاطبة بحق الشرع ولكن للزوج منع المجنونة والكتابية صيانة مائة كذا إذا أسلم زوج المجوسية وأبت الإسلام اه وفيه عن المعراج الحربي النقاية المراهقة كالبالغة في المنع من الخروج وكالكتابية في عدم وجوب الإحداد اه أي لاحتمال علوقها منه قبل الطلاق فله منعها تحصينا لمائه قوله (من بيتها) متعلق بقوله ولا تخرج والمراد به ما يضاف إليها بالسكنى حال وقوع الفرقة والموت هداية سواء كان مملوكا للزوج أو غيره حتى لو كان غائبا وهي في دار بأجرة قادرة على دفعها فليس لها أن تخرج بل تدفع وترجع إن كان بإذن الحاكم بحر وزيلعي قوله (أصلا) تعميم لقوله لا تخرج وبينه بقوله لا ليلا ولا نهارا قوله (فيها منازل لغيره) أي غير الزوج بخلاف ما إذا كانت له فإن لها أن تخرج إليها وتبيت في أي منزل شاءت لأنها تضاف إليها بالسكنى زيلعي قوله (ولو بإذنه) تعميم أيضا لقوله ولا تخرج حتى أن المطلقة رجعيا وإن كانت منكوحة حكما لا تخرج من بيت العدة ولو بإذنه لأن الحرمة بعد العدة حق الله تعالى فلا يملكان إبطاله بخلاف ما قبلها لأنها حق الزوج فيملك إبطاله بحر قوله (بخلاف نحو أمة) أراد بالأمة القنة وبنحوها المدبرة وأم الولد والمكاتبة والمراد إذا لم تكن مبوأة لأن الخدمة حق المولى كما مر وعدم الخروج حق الله تعالى فيقدم حق العبد لاحتياجه قوله (في الجديدين) أي الليل والنهار فإنهما يتجددان دائما ط قوله (لأن نفقتها عليها) أي لم تسقط باختيارها بخلاف المختلعة كما مر وهذا بيان للفرق بين معتدة الموت ومعتدة والطلاق قال في الهداية وأما المتوفي عنها زوجها فلأنه لا نفقة لها فتحتاج إلى الخروج نهارا لطلب المعاش وقد يمتد إلى أن يهجم الليل ولا كذلك المطلقة لأن النفقة دارة عليها من مال زوجها اه قال في الفتح والحاصل أن مدار حل خروجها بسبب قيام شغل المعيشة فيتقدر بقدره فمتى انقضت حاجتها لا يحل لها بعد ذلك صرف الزمان خارج بيتها اه وبهذا اندفع قول البحر إن الظاهر من كلامهم جواز خروج المعتدة عن وفاة نهارا ولو كان عندها نفقة وإلا لقالوا لا تخرج المعتدة عن طلاق أو موت إلا لضرورة فإن المطلقة تخرج للضرورة ليلا أو نهارا اه ووجه الدفع أن معتدة الموت لما كانت في العادة محتاجة إلى الخروج لأجل أن تكتسب للنفقة قالوا إنها تخرج في النهار وبعض الليل بخلاف المطلقة وأما الخروج للضرورة فلا فرق فيه بينهما كما نصوا عليه فيما يأتي فالمراد به هنا غير الضرورة ولهذا بعد ما أطلق في كافي الحاكم
588 منع خروج المطلقة قال والمتوفي عنها زوجها تخرج بالنهار لحاجتها ولا تبيت في غير منزلها فهذا صريح في الفرق بينهما نعم عبارة المتون يوهم ظاهرها ما قاله في البحر فلو قيدوا خروجها بالحاجة كما فعل في الكافي لكان أظهر قوله (وجوز في القنية الخ) قال في النهر ولا بد أن يقيد ذلك بأن تبيت في بيت زوجها قوله (أي معتدة طلاق موت) قال في الجوهرة هذا إذا كان الطلاق رجعيا فلو بائنا فلا بد من سترة إلا أن يكون فاسقا فإنها تخرج اه فأفاد أن مطلقة الرجعي لا تخرج ولا تجب سترة ولو فاسقا لقيام الزوجية بينهما ولأن غايته أنه إذا وطئها صار مراجعا قوله (في بيت وجبت فيه) هو ما يضاف إليهما بالسكنى قبل الفرقة ولو غير بيت الزوج كما مر آنفا وشمل بيوت الأخبية كما في الشرنبلالية قوله (ولا يخرجان) بالبناء للفاعل والمناسب تخرجان بالتاء الفوقية لأنه مثنى المؤنث الغائب أفاده ط قوله (إلا أن تخرج) الأولى الإتيان بضمير التثنية فيه وفيما بعده ط وشمل إخراج الزوج ظلما أو صاحب المنزل لعدم قدرتها على الكراء أو الوارث إذا كان نصيبها من البيت لا يكفيها بحر أي لا يكفيها إذا قسمته لأنه لا يجبر على سكناها معه إذا طلب القسمة أو المهايأة ولو كان نصيبها يزيد على كفايتها قوله (أو لا تجد كراء البيت) أفاد أنها لو قدرت عليه لزمها من مالها وترجع به المطلقة على الزوج إن كان بإذن الحاكم كما مر قوله (ونحو ذلك) منه ما في الظهيرية لو خافت صارت من أمر الميت والموت ولا أحد معها لها التحول والخوف وعطاء وإلا فلا قوله (فتخرج) أي معتدة الوفاة كما دل عليه ما بعده ط قوله (وفي الطلاق الخ) عطف على محذوف تقديره هذا في الوفاة ط وتعيين المنزل الثاني للزوج في الطلاق غنم في الوفاة فتح وكذا إذا طلقها وهو غائب فالتعيين لها معراج وفيه أيضا عين انتقالها إلى أقرب مفوض إليها فافهم وحكم ما انتقلت إليه حكم المسكن الأصلي فلا تخرج منه بحر قوله (فليحرر) أقول الذي رأيته في نسختي المجتبى اشترت من الشراء ويؤيده أنه في المجتبى قال اشترت من الأجانب وأولاده الكبار اه إذ لا يجب عليها الاستتار من أولاد زوجها لكن رأيت في كافي الحاكم ما نصه وإذا طلقها زوجها وليس لها إلا بيت واحد فينبغي أن يجعل بينه وبينها حجابا وكذلك في الوفاة إذا كان له أولاد رجال من غيرها فجعلوا بينهم وبينها سترا أقامت وإلا انتقلت اه وأنت خبير بأن هذا نص ظاهر الرواية فوجب المصير إليه ولعل وجهه خشية الفتنة حيث كانوا رجالا معها في بيت واحد وإن كانوا محارم لها بكونهم أولاد زوجها كما قالوا بكراهة الخلوة بالصهرة الشابة وفي البحر عن المعراج وذلك حكم السترة إذا مات زوجها وله أولاد
589 كبار أجانب اه فسماهم أجانب لما قلنا وهذا مؤيد لنسخة الشارح ولا ينافيه أن فرض المسألة في المجتبى أن نصيبها لا يكفيها فإذا كان لا يكفيها فكيف تؤمر بالمكث فيه مع الاستتار لأن المراد أنه لا يكفيها بأن تختلي فيها وحدها ولذا فرض المسألة في الكافي كما مر في البيت الواحد ثم إن قول الكافي وإلا انتقلت يدل على أنه لا يلزمها الشراء ومثله ما في النهر عن الخانية وغيرها لو كان في الورثة من ليس محرما لها وحصتها لا تكفيها فلها أن تخرج وإن لم يخرجوها اه فهذا أيضا مؤيد لنسخة الشارح وبهذا التقرير سقط تحامل المحشين كلهم على الشارح فافهم قوله (ولا بد من سترة بينهما في البائن) وفي الموت تستتر عن سائر الورثة ممن ليس بمحرم لها هندية وظاهره أن لا سترة في الرجعي وقول المصنف الآتي ومطلقة الرجعي كالبائن يفيد طلب السترة فيه أيضا ويؤيده ما تقدم في باب الرجعة أنه لا يدخل على مطلقة إلا أن يؤذنها ثم الظاهر ندب السترة فيه لكونها ليست أجنبية ويحرر ط قلت وقدمنا عن الجوهرة ما يفيد عدم لزوم السترة في الرجعي ولو الزوج فاسقا لقيام الزوجية وإعلامها بالدخول لئلا يصير مراجعا وهو لا يريدها فلا يستلزم وجوب السترة بعد الدخول نعم لا مانع من ندبها قوله (ومفاده أن الحائل الثالث) أي مفاد التعليل أن الحائل يمنع الخلوة المحرمة ويمكن أن يقال في الأجنبية كذلك وإن لم تكن معتدته إلا أن يوجد نقل بخلافه بحر قوله (أو كان الزوج فاسقا) لأنه إنما اكتفى بالحائل لأن الزوج يعتقد الحرمة فلا يقدم على المحرم إلا أن يكون فاسقا فتح قوله (ومفاده) أي مفاد التعليل بوجوب مكثها وجوب الحكم به أي بخروجه عنها وقولهم وخروجه أولى لعل المراد أنه أرجح كما يقال إذا تعارض محرم ومبيح فالمحرم أولى أو أرجح فإنه يراد الوجوب فتح قوله (وحسن) أي إذا كان فاسقا ولم يخرج يحسن أن يجعل الخ قوله (امرأة ثقة) لا يقال إن المرأة على أصلكم لا تصلح للحيلولة حتى لم تجيزوا للمرأة السفر مع نساء ثقات وقلتم بانضمام غيرها تزداد الفتنة لأنا نقول تصلح للحيلولة في البلد لبقاء الاستحياء من العشيرة وإمكان الاستغاثة بخلاف المفاوز زيلعي وأفاد أن معنى قدرتها على الحيلولة إمكان الاستغاثة قوله (ترزق من بيت المال) لأنها مشغولة تمنع الزوج حقا لله تعالى احتياطا لأمر الفروج فكانت نفقتها في ما له تعالى ذخيرة من النفقات قوله (وفي المجتبى الخ) حيث قال والأفضل أن يحال بينهما في البيتوتة بستر إلا أن يكون فاسقا فيحال بامرأة ثقة وإن تعذر فلتخرج هي وخروجه أولى اه ملخصا وفيه مخالفة لما مر فإن السترة لا بد منها كما عبر المصنف تبعا للهداية وهو الظاهر لحرمة الخلوة بالأجنبية قوله (وسئل شيخ الإسلام) حيث أطلقوه ينصرف إلى بكر المشهور بخواهر زاده وكأنه أراد بنقل هذا تخصيص ما نقله عن المجتبى بما إذا كانت
590 السكنى معها لحاجة كوجود أولاد يخشى ضياعهم لو سكنوا معه أو معها أو كونهما كبيرين لا يجد هو من يعوله ولا هي من عمي لها أو نحو ذلك والظاهر أن التقييد بكون سنهما ستين سنة وبوجود الأولاد مبني على كونه كان كذلك في حادثة السؤال كما أفاده ط قوله (رجعت) سواء كانت في مصر أو غيره وهذا إذا كان المقصد مدة سفر بحر أي فيجب الرجوع لئلا تصير مسافرة في العدة بلا محرم بخلاف ما إذا لم يكن بينهما وبين المقصد مدة سفر فإنها تخير على إحدى الكلب لعدم السفر فافهم قوله (ولو بين مصرها الخ) هذه عكس المسألة الأولى قوله (مضت) أي إلى المقصد لأن في رجوعها إنشاء سفر قوله (وإن كانت تلك الخ) هذه مسألة ثالثة وفي حكمها عكسها وهو ما إذا لم يكن مدة سفر من الجانبين فتخير والرجوع أحمد وهذا على ما في الكافي أما على ما في النهاية وغيرها فيتعين الرجوع كما في البحر ولم يرجح أحدهما على الآخر ويظهر لي أرجحية الثاني لأن فيه قطع السفر وهو أولى من إتمامه إلا إذا لزم من قطعه إنشاء سفر آخر كما في المسألة الثانية ثم رأيت صاحب الفتح قال إنه الأوجه وإنه مقتضى إطلاق صاحب الهداية الرجوع في المسألة الأولى أي حيث لم يقيدها بما قيده في البحر قوله (ولا يعتبر ما في ميمنة وميسرة) أو من الأمصار أو القرى لأنه ليس وطنا ولا مقصدا ففي اعتباره إضرار بها قوله (في الصورتين) أي صورة تعيين الرجوع وصورة التخيير قوله (لتعتد الخ) لأنهما حيث تساويا في مدة السفر كان في العود مرجح وهو حصول الواجب الأصلي فكان أولى وإنما لم يجب لعدم التوصل إليه إلا بمسيرة سفر قوله (ولكن إن مرت) أي في المضي أو العود بحر والأنسب في التعبير أن يقول وإن كانت في مصر تعتد ثمة ليكون مقابلا لقوله وإن كانت في مفازة ثم يقول وكذا إن مرت بما يصلح اشتراط فتأمل ط قوله (وبينه) أي بين ما مرت به مما يصلح للإقامة وبين مقصدها الذي كانت ذاهبة إليه وانظر ما فائدة هذه الزيادة لأن فرض المسألة المرور على ذلك في رجوعها إلى مصرها أو مضيها وبين الجانبين مدة سفر ثم راجعت النهر فلم أرها فيه قوله (أو كانت) أي حين الطلاق أو الموت قوله (تصلح للإقامة) بأن تأمن فيها على نفسها ومالها وتجد ما تحتاجه قوله (وليس للزوج الخ) أي ليس له إذا طلقها في منزلها أن يسافر بها قوله (في محفة) بكسر الميم مركب النساء كالهودج قاموس قوله (مع زوجها) أي حالة كونها معه في المحفة أو
591 الخيمة فلو قدم الظرف على المجرور لكان أولى بحال البحر عن الظهيرية طلقها بالبادية وهي معه في محفة أو خيمة والزوج ينتقل من موضع الخ قلت والظاهر أن هذا إذا لم يمكن انفرادها في المحفة أو الخيمة عنه ولا عمل ساتر بينهما قال الرحمتي فإن كان فاسقا يجب أن يحال بينهما بامرأة ثقة قادرة على الحيلولة والله أعلم قوله (ولا عن رجعي) تقدم للكمال في الرجعة عد السفر رجعة ط قوله (فيما مر) أي من أحكام الطلاق في السفر هكذا يفهم من كلامهم قوله (بخلاف المبانة) فإنها ترجع أو تمضي مع من شاءت لارتفاع النكاح بينهما فصار أجنبيا زيلعي قوله (طلب من القاضي الخ) علم هذا مما مر متنا قوله (فلها السكنى) لأنها حق الشرع لا النفقة لأن الفرقة جاءت بمعصيتها ط قوله (مر عن البزازية خلافه) أي مر في باب العدة معي قول المصنف قالت مضت عدتي الخ حيث قال هناك ولا تعتد في بيت الزوج بزازية اه فافهم لكن هذا موافق لما في المجتبى لا مخالف فكان المناسب أن يقوم مر عن الظهيرية خلافه أي مر في هذا الفصل عند قول المصنف ولا تخرج معتدة رجعي وبائن حيث قال الشارح بأي فرقة كانت على ما في الظهيرية وقدمنا عبارتها هناك ومنها حكاية ما في البزازية عن الأوزجندي قوله (لكن في البدائع الخ) كأنه أراد بهذا الاستدراك رفع التنافي بين النصين بحمل جواز الخروج على عدم منع الزوج وعدم الخروج على المنع فتأمل اه ح قلت لكن ينبغي تقييده بما إذا لم يكن لها زوج لأن حق زوجها مقدم ويؤيده ما في كافي الحاكم وليس على أم الولد في عدتها من سيدها ولا عن المعتدة من نكاح فاسد اتقاء شئ من ذلك ولهما أن تخرجا وتبيتا في غير منازلهما ألا ترى أن امرأة رجل لو تزوجت ودخل بها الزوج ثم فرق بينهما وردت إلى زوجها الأول كان لها أن تتشوق إلى زوجها الأول وتتزين له وعليها عدة الآخر ثلاث حيض اه والله سبحانه أعلم في ثبوت النسب أي في بيان ما يثبت النسب فيه قال في النهر لما فرغ من ذكر يجري المعتدات ذكر ما يلزم من اعتداد ذوات الحمل وهو ثبوت النسب وهو الحدود نسبه إلى أبيه قوله (لخبر عائشة) هو ما أخرجه الدارقطني والبيهقي في
592 سننهما أنها قالت ما تزيد المرأة في الحمل على سنتين قدر ما يتحول ظل عمود المغزل وفي لفظ لا يكون الحمل أكثر من سنتين الخ وتمامه في الفتح قال في البحر وظل المغزل مثل للقلة لأنه حال الدوران أسرع زوالا من سائر الظلال قوله (أربع سنين) لما روى الدارقطني عن مالك بن أنس قال هذه جارتنا امرأة محمد بن عجلان امرأة صدق وزوجها رجل صدق حملت ثلاثة أبطن في اثنتي عشرة سنة كل بطن في أربع سنين ولا يخفي أن قول عائشة رضي الله تعالى عنها مما لا يعرف إلا سماعا فهو مقدم على هذا لأنه بعد صحة نسبته إلى الفاء لا يتطرق إليه الخطأ بخلاف الحكاية فإنها بعد صحة نسبتها إلى مالك يحتمل خطؤها وكون دمها انقطع أربع سنين ثم جاءت بولد فيجوز أنها امتد طهرها سنتين أو أكثر ثم حبلت ولو وجدت حركة في البطن مثلا فليس قطعا في الحمل وتمامه في الفتح قوله (ولو بالأشهر لإياسها) أي لظن إياسها لأنه تبين بولادتها أنها لم تكن آيسة ط عن أبي السعود قلت وهذا تعميم للمعتدة أي لا فرق بين المعتدة بالحيض أو بالأشهر في البائن والرجعي إذا لم تقر بانقضاء العدة وإن أقرت بانقضائها مفسرا بثلاثة أشهر فكذلك لأنه تبين أن عدتها لم تكن بالأشهر فلم يصح إقرارها وإن أقرت به مطلقا في مدة تصلح لثلاثة أقراء فإن ولدت لأقل من ستة أشهر مذ أقرت ثبت النسب وإلا فلا لأنه لما بطل اليأس حمل إقرارها على الانقضاء بالأقراء حملا لكلامها على الصحة عند الإمكان اه من البدائع ملخصا واختصره في البحر اختصارا مخلا قوله (وفاسد النكاح في ذلك كصحيحه) فيه نظر فإنه لا يلائم قولهم إذا أتت به لتمام السنتين أ ولأكثر منهما كان رجعة لأن الوطء في عدة النكاح الفاسد لا يوجب الرجعة فتأمل ح وأجاب ط بأن الإشارة في قوله ذلك لثبوت النسب لا للرجعة قال ثم إن محل ثبوت النسب فيه إذا أتت به لأقل من سنتين من وقت المفارقة لا لأكثر منهما ويحرر الحكم فيما إذا أتت به لتمامها اه وقدمنا في باب المهر تمام الكلام عليه قوله (والمدة تحتمله) أي تحتمل المضي وهذا القيد لمفهوم المتن لا لمنطوقه لأن عدم إقرارها بمضي العدة فيما إذا ولدته لأكثر من سنتين لا يصح تقييده باحتمال المضي بحال الفتح وغيره ما لم تقر بانقضاء العدة فإن أقرت بانقضائها والمدة تحتمله بأن تكون ستين يوما على قول الإمام وتسعة وثلاثين على قولهما ثم جاءت بولد لا يثبت نسبه إلا إذا جاءت به لأقل من ستة أشهر من وقت الإقرار فإنه يثبت نسبه للتيقن بقيام الحمل وقت الإقرار فيظهر كذبها وكذا هذا في المطلقة البائنة والمتوفي عنها إذا ادعت انقضاءها ثم جاءت بولد لتمام ستة أشهر لا يثبت نسبه ولأقل يثبت اه قوله (في الأكثر منهما) أي من السنتين قوله (أو لتمامهما) تصريح بما فهم من قوله لا في الأقل لأن التقييد به مع فهمه من التقييد بالأكثر لبيان أن حكم السنتين حكم الأكثر كما نبه عليه في البحر قوله (لعلوقها في العدة) فيصير بالوطء مراجعا نهر فقوله وكانت الولادة رجعة معناه أنها دليل الرجعة لأن الرجعة حقيقة بالوطء السابق لا بها قوله
593 (للشك) لأنه يحتمل العلوق قبل الطلاق ويحتمل بعده فلا يصير مراجعا بالشك قوله (وإن ثبت نسبه) لوجود العلوق في النكاح أو في العدة جوهرة قوله (كما في مبتوتة) يشمل البت بالواحدة والثلاث والحرة والأمة بشرط أن لا يملكها كما يأتي ويشمل ما إذا تزوجها في العدة أو لا بحر وسيأتي بيانه في الفروع ونقل ط عن الحموي عن البرجندي اشتراط كون المبتوتة مدخولا بها فلو غير مدخول بها فولدت لستة أشهر أو أكثر من وقت الفرقة لا يثبت وإن لأقل منها ثبت أي إذا كان من وقت العقد ستة أشهر فأكثر اه في ثبوت لنسب من لمطلقة وفي البحر واعلم أن شرط النسب فيما ذكر من ولد المطلقة الرجعية والبائنة مقيد بما سيأتي من الشهادة بالولادة أو اعتراف من الزوج بالحبل أو حبل ظاهر بحر قوله (لجواز الجوزي) أي الحمل وقته أي وقت الطلاق قوله (ولم تقر بمضيها) فلو أقرت به فكالرجعي كما قدمناه عن الفتح قوله (كما مر) أي اشتراط عدم الإقرار المذكور مماثل لما مر في الرجعي قوله (ولو لتمامهما لا) خصه بالذكر لأن في الولادة للأكثر لا يثبت بالأولى اه ح قوله (لا يثبت النسب) لأنه لو ثبت لزم سبق العلوق على الطلاق إذ لا يحل الوطء بعده بخلاف المطلقة الرجعية فحينئذ يلزم كون الولد في بطن أمه أكثر من سنتين بحر قوله (لتصور العلوق في حال الطلاق) أي فيكون قبل زوال الفراش كما قرره قاضيخان وهو حسن وحينئذ فلا يلزم كون الولد في البطن أكثر من سنتين أفاده في النهر وهو مأخوذ من الفتح قوله (وزعم في الجوهرة أنه الصواب) حيث جزم بأن قول القدوري لا يثبت سهو لأنه المذكور في غيره من الكتب أنه بثبت قال في النهر والحق حمله على اختلاف الكلب لتوارد المتون على عدم ثبوته كما قال القدوري إذ قد جرى الكنز والوافي وهكذا صدر خالف المنكر المجمع وهم بالرواية أدرى قوله (لأنه التزمه) أي وله وجه بأن وطئها بشبهة في العدة هداية وغيرها قوله (وهي شبهة عقد أيضا) أي كما أنها شبهة فعل وأشار به إلى الجواب عن اعتراض الزيلعي بأن المبتوتة بالثلاث إذا وطئها الزوج بشبهة كانت شبهة في الفعل وقد نصوا على أن شبهة الفعل لا يثبت فيها النسب ولن ادعاه وأجاب في البحر بأن وطء المطلقة بالثلاث أو على مال لم تتمحض للفعل بل هي شبهة عقد أيضا فلا تناقض أي لأن ثبوت النسب لوجود شبهة العقد على أنه صرح ابن مالك في شرح المجمع بأن من وطئ امرأة زفت إليه وقيل له إنها امرأتك فهي شبهة في الفعل وأن النسب يثبت إذا ادعاه فعلم أنه ليس كل شبهة في الفعل تمنع دعوى النسب اه وسيأتي في الحدود إن شاء الله تعالى تحقيق الفرق بين شبهة الفعل وشبهة العقد وشبهة المحل اه ح ملخصا قوله (وإلا إذا ولدت توأمين الخ) أي فيثبت نسبهما كمن باع جارية فجاءت بتوأمين كذلك فادعاهما البائع يثبت نسبهما وينقض البيع وهذا عندهما وقال محمد لا يثبت لأن الثاني من علوق حادث بعد الإبانة فيتبعه الأول لأنهما توأمان قيل هو الصواب لأن ولد الجارية الثاني يجوز كونه حدث
594 على ملك البائع قبل بيعه بخلاف الولد الثاني في المبتوتة فتح قوله (وإلا إذا ملكها) أقول هذه المسألة ستأتي في أول الفروع وحاصلها أنه إذا طلق أمته فاشتراها فإما أن يطلقها قبل الدخول أو بعده والثاني إما رجعي أو بائن بواحدة أو اثنتين فإن كل قبل الدخول اشترط لثبوت نسبه ولادته لأقل من نصف حول مذ طلقها وإن كان بعده بطلقتين اشترط سنتان فأقل مذ طلقها ولا اعتبار لوقت الشراء فيهما وإن بطلقة بائنة فكذلك ولو رجعيا يثبت ولو لعشر سنين بعد الطلاق بشرط كونه لأقل من ستة أشهر مذ شراها في المسألتين وبه علم أن قوله ولو أكثر من سنتين خاص بالرجعي وكلامنا في البائن فالصواب حذف لفظ أكثر فافهم قوله (بدائع) حيث قال وكل جواب عرفته في المعتدة عن طلاق فهو الجواب في المعتدة من غير طلاق من أسباب الفرقة اه بحر أي كالفرقة بردة أو بخيار بلوغ أو عتق أو عدم كفاءة أو عدم مهر مثل قوله (لكن في القهستاني الخ) استدراك على قول المصنف وإن لتمامهما لا إلا بدعوته بحال القهستاني لكن في شرح الطحاوي أن الدعوة مشروطة في الولادة لأكثر منهما اه فإنه يقتضي مفهومه أنه لا يحتاج إلى دعوة في الولادة لتمامهما ويمكن جريانه على الرواية التي جرى عليها في الجوهرة وكلام المصنف على رواية القدوري ط فافهم قوله (وإن لم تصدقه) أي في أن الولد منه قوله (وهي الأوجه) لأنه يمكن منه وقد ادعاه ولا معارض ولذا لم يذكر اشتراط تصديقها في رواية إلا السرخسي في المبسوط والبيهقي في الشامل وذلك ظاهر في ضعفها وغرابتها فتح في ثبوت لنسب من الصغيرة قوله (ويثبت الخ) قال في الفتح حاصل المسألة أن الصغيرة إذا طلقت فإما قبل الدخول أو بعده فإن كان قبله فجاءت بولد لأقل من ستة أشهر ثبت نسبه للتيقن بقيامه قبل الطلاق به وإن جاءت به لأكثر منها لا يثبت لأن الفرض أن لا عدة عليها ولا يستلزم كونه قبل الطلاق لتلزم العدة وإن طلقها بعد الدخول فإن أقرت بانقضاء العدة بعد ثلاثة أشهر ثم ولدت لأقل من ستة أشهر من وقت الإقرار ثبت وإن لستة أشهر أو أكثر لا يثبت لانقضاء العدة بإقرارها ولا يستلزم كونه قبلها حتى يتيقن بكذبها وإن لم تقر بانقضائها ولم تدع حبلا فعندهما إن جاءت به لأقل من تسعة أشهر من وقت الطلاق ثبت وإلا فلا وعند أبي يوسف يثبت إلى سنتين في البائن وإلى سبعة وعشرين شهرا في الرجعي لاحتمال وطئها في آخر عدتها الثلاثة الأشهر وإن ادعت حبلا فكالكبيرة في أنه لا يقتصر انقضاء عدتها على أقل من تسعة أشهر لا مطلقا اه وتمامه فيه قوله (ولد المطلقة) أما الصغيرة المتوفي عنها فيأتي بيانها قوله (ولو رجعيا) إنما بالغ به لأنه يخالف حكم البائن بالسهولة كما تقدم فأفاد بها اتحاده مع البائن هنا ط قوله (المراهقة) المقاربة للبلوغ وهي من بلغت سنا يمكن أن تبلغ فيه وهو تسع سنين ولم توجد منها علامة البلوغ أما من دونها فلا
595 يمكن فيها الحبل قوله (إن ولدت لأقل من الأقل) أي من أقل مدة الحمل فالمعنى لأقل من ستة أشهر أي من وقت الطلاق قوله (وكذا المقرة) أي من أقرت بانقضائها بعد ثلاثة أشهر قوله (إن ولدت لذلك) أي لأقل من ستة أشهر من وقت الإقرار أي ولأقل من تسعة أشهر من وقت الطلاق لظهور كذبها بيقين كما في الزيلعي وحينئذ فلا فرق بين الإقرار وعدمه في أنه لا يثبت النسب إلا إذا ولدته لأقل من تسعة أشهر وإنما قيد بعدم الإقرار لأن فيه خلاف أبي يوسف كما مر بخلاف ما إذا أقرت فإنه بالاتفاق كما علمت أفاده ح قوله (فلو ادعته فكبالغة) تكرار مع ما يأتي في المتن مع ما فيه من الإطلاق في محل التقييد ح قوله (لأقل من تسعة أشهر) قيد لقوله ويثبت ولد المطلقة المراهقة أي ولدها المولود لأقل الخ وإنما ثبت في ذلك لأن عدتها ثلاثة أشهر وأدنى مدة الحمل ستة أشهر فإذا ولدته لأقل من تسعة أشهر مذ طلقها تبين أن الحمل كان قبل انقضاء العدة وهذا معنى قول الشارح لكون العلوق في العدة قوله (وإلا لا) أي وإن لم يكن لأقل بل ولدته لتسعة أشهر فأكثر فإنه لا يثبت نسبه لأنه حمل حادث بعد العدة أما إن أقرت بانقضائها فظاهر وأما إن لم تقر فكان القياس على الكبيرة يقتضي أن يثبت إذا ولدته لأقل من سنتين كما قال أبو يوسف والفرق لهما أن لانقضاء عدة الصغيرة جهة واحدة في الشرع فيمضيها بحكم الشرع بالانقضاء وهي في الدلالة فوق إقرارها وتمامه في الفتح قوله (لكونه بعدها) لعلة لعدم الثبوت وقوله لأنها الخ علة للبعدية وقوله لصغرها علة للجعل مقدمة على معلولها قوله (في بعض الأحكام) أي في حق ثبوت نسبه من حيث إنه لا يقتصر على أقل من تسعة أشهر بل يثبت إذا ولدته لأقل من سنتين لو الطلاق بائنا ولأقل من سبعة وعشرين شهرا لو رجعيا لا مطلقا فإن الكبيرة يثبت نسب ولدها في الطلاق الرجعي لأكثر من سنتين وإن طال إلى سن الإياس لجواز امتداد طهرها ووطئه إياها في آخر الطهر بحر أما الصغيرة فإن عدتها ثلاثة أشهر فيحتمل وطئها في آخر عدتها ثم تحبل سنتين فلا بد من أن يكون أقل من سبعة وعشرين شهرا من حين الإقرار قوله (لاعترافها بالبلوغ) لأن غير البالغة لا تحبل قوله (لأقل منهما) أي من سنتين قوله (وإن كانت كبيرة) أي ولم تقر بانقضاء عدتها وأما إذا أقرت فهي داخلة في عموم قوله الآتي وكذا المقرة بمضيها الخ بحر قوله (أما الصغيرة) أي التي لم تقر بالحبل ولا بانقضاء العدة وهذا عندهما وعند أبي يوسف يثبت إلى سنتين والوجه ما بينا في المعتدة الصغيرة من الطلاق زيلعي قوله (ثبت) لأنه تبين أنه كان موجودا قبل مضي عدة الوفاة بحر قوله (وإلا لا) لأنه حادث بعد مضيها بحر قوله (ولو أقرت بمضيها الخ) يغني عنه ما يذكره المصنف في بيان المقرة لكنه لما رأى المصنف قيد أول المسألة بالكبيرة دفع توهم عدم دخول الصغيرة في كلامه الآتي فخصها بالذكر هنا
596 وبقي ما لو ادعت الصغيرة الحبل وهي كالكبيرة يثبت نسبه إلى سنتين لأن القول قولها في ذلك زيلعي قوله (لستة أشهر) أي فصاعدا زيلعي قوله (لم يثبت) لاحتمال حدوثه بعد الإقرار قال أما إذا كانت من ذوات الأشهر أو صغيرة فحكمها في الوفاة ما كما يأتي قوله (وأما الآيسة فكحائض الخ) اعلم أن ما ذكره الشارح هنا من حكم الصغيرة والآيسة تبع فيه الزيلعي ومشى عليه في النهر وكذا في البحر في مسألة المراهقة السابقة لكنه خالف هنا فقال وشمل ما إذا كانت من ذوات الأقراء أو الأشهر لكن قيده في البدائع بأن تكون من ذوات الأقراء قال وأما إذا كانت من ذوات الأشهر فإن كانت آيسة أو صغيرة فحكمها في الوفاة ما هو حكمها في الطلاق وقد ذكرناه اه وذكر في النهر أنه لم ير ذلك في البدائع قلت فلعله ساقط من نسخته فقد رأيته فيها قوله (إلا الحامل) فعدتها بوضع الحمل للموت وغيره قوله (من وقته) أي الموت قوله (ولو لهما) أي ولو ولدته لسنتين قوله (فكالأكثر) قياسا على ما مر في معتدة الطلاق البت لكن تقدم أن فيه اختلاف الكلب قوله (وكذا المقرة بمضيها) أي يثبت نسب ولدها أي مطلقا سواء كانت معتدة بائن أو رجعي أو وفاة كما في الهداية لكن في الخانية أنه يثبت في المطلقة الآيسة إلى سنتين وإن أقرت بانقضائها وقدمناه عن البدائع فارجع إليه بحر وشمل الإطلاق المراهقة أيضا كما في شرح مسكين ولذا قال ابن الشلبي في شرحه على الكنز ما ذكر من أول الفصل إلى هنا قبل الاعتراف بمضيها قوله (لو لأقل من أقل مدته) أي مدة الحمل أي لأقل من ستة أشهر قوله (ولأقل من أكثرها) أي أكثر مدة الحمل أي ولأقل من سنتين من وقت الفراق فإن الأكثر لا يثبت ولو لأقل من ستة أشهر من وقت الإقرار بحر قوله (للتيقن بكذبها) استشكله الزيلعي بما إذا أقرت بانقضائها بعد مضي سنة مثلا ثم ولدت لأقل من ستة أشهر من وقت الإقرار ولأقل من سنتين من وقت الفراق فإنه يحتمل أن عدتها انقضت في شهرين أو ثلاثة ثم أقرت بعد ذلك بزمان طويل ولا يلزم من إقرارها بانقضائها أن تنقضي في ذلك الوقت فلم يظهر كذبها بيقين إلا إذا قالت انقضت عدتي الساعة ثم ولدت لأقل المدة من ذلك الوقت اه واستظهره في البحر وقال يجب حمل كلامهم عليه كما يفهم من غاية البيان وتبعه في النهر والشرنبلالية لا يقال إن النسب يثبت عند الإطلاق لأنه حق الولد فيحتاط في إثباته نظرا للولد لأنا نقول إن ذلك عند قيام العقد أما بعد زواله أصلا فلا وهنا لما أقرت بانقضاء العدة والقول قولها في ذلك زال العقد أصلا وحكم الشرع يحلها للأزواج ما لم يوجد ما يبطل إقرارها ويتيقن بكذبها وعند الإطلاق لم يوجد ذلك وإلا لزم أن يثبت وإن ولدته لأكثر من ستة أشهر من وقت الإقرار مع أنهم أطبقوا على خلافه لاحتمال حدوثه فافهم قوله (وإلا لا) أي وإن لم تلد لأقل من ستة أشهر بأن ولدته لتمامها أو لأكثر من وقت الإقرار أو ولدته لأقل منها ولأكثر من سنتين من وقت البت وقوله لاحتمال حدوثه بعد الإقرار قاصر على الأول أما العلة في الثاني فهي أن الولد لا
597 يمكث في البطن أكثر من سنتين أفاده ط قوله (بموت أو طلاق) أي بائن أو رجعي وبه صرح فخر الإسلام وعليه جرى قاضيخان وقيده السرخسي بالبائن قال في البحر والحق أنها في الرجعي إن جاءت به لأكثر من سنتين احتيج إلى الشهادة كالبائن وإن لأقل يثبت نسبه بشهادة القابلة اتفاقا لقيام الفراش نهر وعليه جرى الشارح كما يأتي في قوله كما تكفي في معتدة رجعي الخ فيحمل الطلاق هنا على البائن ليوافق كلامه الآتي فافهم قوله (إن جحدت) بالبناء للمجهول والفاعل الورثة في الموت والزوج في الطلاق ح قوله (بحجة تامة) متعلق بيثبت أي بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين ويصور فيما إذا دخلت المرأة بحضرتهم بيتا يعلمون أنه ليس فيه غيرها ثم خرجت مع الولد فيعلمون أنها ولدته وفيما إذا لم يتعمدوا النظر بل وقع اتفاقا وبه يندفع ما أورد من أن شهادة الرجال تستلزم فسقهم فلا تقبل فتح ونهر قوله (واكتفيا بالقابلة) أي إذا كانت حرة مسلمة عدلة كما في النسفي قوله (قيل وبرجل) أي على قولهما وعبر عنه بقيل تبعا للفتح وغيره إشارة إلى ضعفه لكن قال في الجوهرة وفي الخلاصة يقبل على أصح الأقاويل كذا في المستصفى اه ولعل وجه أن شهادة الرجل أقوى من شهادة المرأتين قوله (أو حبل ظاهر) ظهوره بأن تأتي به لأقل من ستة أشهر كما في السراج وقال الشيخ قاسم المراد بظهوره أن تكون أمارات حملها بالغة مبلغا يوجب غلبة الظن بكونها حاملا لكل من شاهدها اه شرنبلالية ومشى في النهر على الثاني حيث قال أو حبل ظاهر يعرفه كل أحد اه وهذا يفيد أن الحبل قد يثبت بدون ولادة وهذا مؤيد لما قدمناه في باب الرجعة قوله (وهل تكفي الشهادة) أي إذا ولدت وجحد الزوج الولادة ظهور الحبل لأن الحبل وقت المنازعة لم يكن موجودا حتى يكفي ظهوره بحر وحاصله أنه قبل الولادة إذا كان ظاهرا يعرفه كل أحد فلا حاجة إلى إثباته وأما بعد الولادة فبحث في البحر أنه تكفي الشهادة على أنه كان ظاهرا وهو ظاهر فافهم قوله (ولو أنكر تعيينه الخ) ببناء أنكر للمجهول فيشمل إنكار الزوج وإنكار الورثة اه ح يعني لو اعترف بولادتها وأنكر تعيين الولد يثبت تعيينه بشهادة القابلة إجماعا ولا يثبت بدونها إجماعا لاحتمال أن يكون غير هذا المعين بحر تنبيه لم يذكر ما إذا اعترف بالحبل أو كان ظاهرا أو كان الفراش قائما هل يحتاج في ثبوت النسب إلى شهادة القابلة لتعيين الولد أم لا ظاهر كلام المصنف كالكنز والهداية لا وبه صرح في البدائع وكذا في غاية السروجي وأنكر على صاحب ملتقى البحار اشتراطه ذلك عند أبي حنيفة لكن رده الزيلعي بأنه سهو وأنه لا بد منها لتعيين الولد إجماعا في جميع هذه الصور وأطال فيه وجزم به ابن كمال ومثله ما في الجوهرة من أنه لا بد من شهادة القابلة لجواز أن تكون ولدت ولدا ميتا وأرادت إلزامه ولد غيره اه وهو صريح كلام الهداية آخرا وكذا كلام الكافي النسفي والاختيار
598 والفتح وغيرهم وذكر في البحر توفيقا بين القولين قال في النهر إنه بعيد عن التحقيق ورده أيضا المقدسي في شرحه والحاصل كما في الزيلعي أن شهادة النساء لا تكون حجة في تعيين الولد إلا إذا تأيدت بمؤيد من ظهور حبل أو اعتراف منه أو فراش قائم نص عليه في ملتقى البحار وغيره وإنما الخلاف في ثبوت نفس الولادة بقولها فعنده يثبت في الصور الثلاث وعندهما لا يثبت إلا بشهادة القابلة فلو علق الطلاق بولادتها يقع عنده بقولها ولدت لاعترافه بالحبل أو لظهوره وعندهما لا يقبل حتى تشهد القابلة ونص عليه في الإيضاح والنهاية وغيرها اه ملخصا قوله (كما تكفي الخ) تقييد لإطلاق قوله أو طلاق الشامل للرجعي والبائن لأن معتدة الرجعي إذا ولدت لأكثر من سنتين ولم تكن أقرت بانقضاء عدتها يكون ذلك رجعة أفاده ح أي رجعة الوطء السابق فتكون قد ولدت والنكاح قائم فلا يتوقف ثبوت الولادة على الشهادة إذا أنكرها بل يكفي شهادة القابلة لقيام الفراش فيثبت النسب بالفراش وتعيين الولادة بشهادة القابلة كما ذكره الزيلعي في ولادة المنكوحة قوله (لا لأقل) أي لا تكفي شهادة القابلة على الولادة لأقل من سنتين لانقضاء عدتها فلم تبق زوجة والولادة لتمام السنتين كذلك كما لا يخفي ح قوله (أو تصديق بعض الورثة) المراد بالبعض من لا يتم به نصاب الشهادة وهو الواحد العدة أو الأكثر مع عدم العدالة كما يظهر من مقابله ح وصورة المسألة لو ادعت معتدة الوفاة الولادة فصدقها الورثة ولم يشهد بها أحد فهو ابن الميت في قولهم جميعا لأن الإرث خالص حقهم فيقبل تصديقهم فيه فتح قوله (فيثبت في حق المقرين) الأولى في حق من أقر ليشمل الواحد ولأنهم لو كانوا جماعة ثبت في حق غيرهم أيضا إلا أن يحمل على ما إذا كانوا غير عدول أفاده ط قوله (في حق غيرهم) أي في حق من لم يصدق قوله (حتى الناس كافة) فإذا ادعى هذا الولد دينا للميت على رجل تسمع دعواه عليه بلا توقف على إثبات نسبه ثانيا قوله (إن تم نصاب الشهادة بهم) أي بالمقرين قوله (بأن شهد مع المقر رجل آخر) أفاد أنه لا يشترط في تمام نصاب الشهادة أن يكون كلهم ورثة لكن إذا كان أحد الشاهدين أجنبيا لا بد من شروط الشهادة من مجلس الحكم والخصومة ولفظ الشهادة إذ هم شهود محض ليسوا بمقرين بوجه رحمتي قوله (وكذا لو صدق المقر عليه الورثة الخ) كذا في أغلب النسخ فالمقر اسم فاعل منصوب على أنه مفعول صدق وعليه متعلق بصدق أي على الإقرار والورثة بالرفع فاعل صدق وفي بعض النسخ لو صدقه عليه الورثة وفي بعضها لو صدق المقر بقية الورثة الخ وهما أحسن من النسخة الأولى قوله (وهم من أهل التصديق) المناسب وهم من أهل الشهادة قال في الفتح أما في حق ثبوت النسب من الميت ليظهر في حق الناس كافة قالوا إذا كان الورثة من أهل الشهادة بأن الريح ذكورا مع إناث وهم عدول ثبت لقيام الحجة فيشارك المقرين منهم والمنكرين ويطالب غريم الميت بدينه اه قوله (وإلا يتم نصابها) بأن كان المصدق رجلا وامرأة مثلا وكذا لو كانا رجلين غير عدلين كما يظهر من عبارة الفتح المذكورة ومما يأتي
599 قوله (لا يشارك المكذبين) المناسب لعبارة المصنف أن يقول لا يثبت النسب فلا يشارك المكذبين قوله (الأصح لا) هذا إذا كان تقديم ورثة فلو فيهم غير وارث لا بد من لفظ الشهادة ومجلس الحكم والخصومة لعدم شبهة لإقرار في حقه كما تقدم رحمتي والمراد ما إذا لم يتم ا لنصاب من الورثة إذ لو تم بهم لم ينظر إلى شهادة غيرهم قوله (نظرا لشبه الإقرار) علله في الفتح بعلة أخرى وهي أن الثبوت في حق غيرهم تبع للثبوت في حقهم ولا يراعي للتبع شرائطه إلا إذا ثبت أصالة وعلى هذا فلو لم الريح من أهل الشهادة لا يثبت النسب إلا في حق المقرين منهم اه قوله (عن الزيلعي) حيث قال ويثبت في حق غيرهم أيضا إذا كانوا من أهل الشهادة بأن كان فيهم رجلان عدلان أو رجل وامرأتان عدول فيشارك المصدقين والمكذبين اه ومثله قول الفتح المار وهم عدول وتعبيره بأهلية الشهادة قوله (فقول شيخنا) الشيخ زين الدين بن نجيم صاحب البحر قوله (إلا أن يقال لأجل السراية) أي لأجل سراية ثبوت النسب إلى غير المقر وهذا الجواب ظاهر لا يحتاج إلى التأمل والمراجعة ح قوله (كما سيجئ في الدعوى) أي من أن الفتوى على قولهما بالتحليف في المسائل الستة قوله (بشهادة الظاهر لها الخ) وهو له ظاهر يشهد له أيضا وهو إضافة الحادث إلى أقرب أوقاته لكن ترجح ظاهرها بأن النسب يحتاط في إثباته نهر ولا تحرم عليه بهذا النفي فتح تنبيه لا تسمع ببنته ولا بينة ورثته على تاريخ نكاحها بما يطابق قوله لأنها شهادة على النفي معنى فلا تقبل والنسب يحتال لإثباته مهما أمكن والإمكان هنا بسبق التزوج بها سرا بمهر يسير وجهرا بأكثر سمعة ويقع ذلك كثيرا وهذا جوابي لحادثة فليتنبه له شرنبلالية قوله (فولدت لنصف حول) أي من غير زيادة ولا نقصان زيلعي قوله (لزمه نسبه) لأنها فراشه لأنه لما ولدت لستة أشهر من وقت النكاح فقد ولدت لأقل منها من وقت الطلاق فكان العلوق قبله في حالة النكاح والتصور ثابت الخ هداية قوله (لتصور الوطء حالة العقد) بأن عقدا بأنفسهما وسمع تقديم الشهود كلامهما وهو مخالط لها فوافق النكاح الإنزال أو وكلا في العقد في ليلة معينة فوطئها فيها فيحمل على المقارنة إذا لم يعلم تقدم العقد كما في شرح الشلبي أو يتزوجها عند تقديم والعاقد من طرفها فضولي ويكون تمام العقد برضاها حال المواقعة كما في منهوات ابن كمال قال في
600 الفتح وحاصله أن الثبوت يتوقف على الفراش وهو يثبت مقارنا للنكاح المقارن للعلوق فتعلق وهي فراش فيثبت نسبه قوله (لم يثبت) لأنه تبين أن العلوق كان سابقا على النكاح زيلعي قوله (وكذا لأكثر) لأنه تبين أنها علقت بعده لأنا حكمنا حين وقع الطلاق بعدم وجوب العدة لكونه قبل الدخول والخلوة ولم يتبين بطلان هذا الحكم زيلعي أما إذا ولدته لستة أشهر لا غير فعليها العدة لحملها بثابت النسب شرنبلالية أي لأنه حكم بعلوقها وقت النكاح قبل الطلاق كما علمت من عبارة الهداية فقد وقع الطلاق عليها وهي حامل وعليه فهو طلاق بعد الدخول فتعتد بوضع الحمل وقد صرح في النهر بأن هذا الطلاق رجعي وبانقضاء العدة بالوضع قوله (ولو بيوم) أي لحظة ح قوله (وأقره في البحر) حيث قال وتعقبه في فتح القدير بأن منعهم النسب هنا في مدة يتصور أن يكون منه وهي سنتان ينافي الاحتياط في إثباته والاحتمال المذكور في غاية البعد فإن العادة المستمرة كون الحمل أكثر من ستة أشهر وربما تمضي دهور ولم يسمع فيها بولادة ستة أشهر فكان الظاهر عدم حدوثه وحدوثه احتمال فأي احتياط في إثبات النسب إذا نفيناه لاحتمال ضعيف يقتضي نفيه وتركنا ظاهرا يقتضي ثبوته وليت شعري أي الاحتمالين أبعد الاحتمال الذي فرضوه لتصور العلوق منه لثبوت النسب وهو كونه تزوجها وهو يطؤها ووافق الإنزال العقد أو احتمال كون الحمل إذا زاد على ستة أشهر بيوم يكون من غيره اه ح أقول وحاصله إلحاق الولادة لأكثر من نصف حول بالولادة لنصفه في ثبوت النسب ويمكن الجواب بالفرق وهو أنه في صور النصف كان الولد موجودا وقت العقد يقينا فإذا أمكن حدوثه من العاقد ولو بوجه بعيد تعين ارتكابه بخلاف ما إذا أمكن حدوثه بعد العقد بأن ولدته لأكثر من نصف حول ولو بيوم فإنه لم يتيقن بوجوده وقته حتى يرتكب له الوجه البعيد مع حكم الشرع عليها بما ينافي الجوزي وهو عدم العدة والحاصل أن في كل من الصورتين الاحتمال البعيد المخالف للعادة المستمرة وهو الولادة لستة أشهر لكن إذا زاد عليها بيوم مثلا احتمل الجوزي وعدمه وقد عارض احتمال وجود الحكم عليها بعدم العدة بخلاف ما إذا لم يزد للتيقن بوجوده وقت العقد مع فقد المعارض هذا ما ظهر لي فتدبره قوله (بجعله واطئا) لأنه بثبوت النسب جعل واطئا حكما قال الزيلعي وكان ينبغي وجوب مهرين مهر بالوطء ومهر بالنكاح كما لو تزوج امرأة حال وطئها وأجاب في الفتح بمنع الفرع المشبه به وأنه مشكل لمخالفته صريح المذهب لأن الأصح في ثبوت النسب إمكان الدخول ولا يتصور إلا بتزوجها حال وطئها المبتدأ به قبل التزوج وقد حكم فيه بمهر واحد في صريح الرواية فالحكم بمهرين في الفرع المشبه به مخالف لذلك قلت الفرع منقول فالأحسن الجواب بأن الوطء في مسألتنا يمكن تصور حالة التزوج كما مر تصويره عن ابن الشلبي وابن كمال فلا يلزم إلا مهر واحد بالدخول المقارن للعقد بخلاف الفرع المذكور فإن العقد فيه عارض على الوطء فلذا وجب فيه مهران ونقل ح عن شيخه في تصوير المقارنة أن يقال إنه قال أولا تزوجتك ثم أولج وأمنى
601 وقالت قبلت في وقت واحد فكان الوطء حاصلا في صلب العقد غير متقدم عليه ولا متأخر عن وقوع الطلاق اه وما ذكرناه أقرب وقد يجاب بأحسن من هذا كله وهو أنه جعل واطئا حكما ضرورة ثبوت النسب لا حقيقة فلم يتحقق موجب المهرين فوجب أحدهما بخلاف الفرع المذكور قوله (ولا يكون به محصنا) لأنه وطء حكمي كما علمت فإذا زنى يجلد ولا يرجم قوله (لم تطلق بشهادة امرأة) أي على الولادة إذا أنكرها لأن شهادتهن ضرورية في حق الولادة فلا تظهر في حق الطلاق لأنه ينفك عنها بحر قوله (كما مر) حيث قال في شرح قول المصنف إن جحدت ولادتها الخ واكتفيا بالقابلة ط وقدمنا تقييدها بكونها حرة مسلمة عدلة قوله (مع ذلك) أي التعليق ط قوله (بلا شهادة) أي أصلا وعندهما تشترط شهادة القابلة بحر قوله (لإقراره بذلك) أي حكما لأن إقراره بالحبل إقرار بما يفضي إليه وهو الولادة وأما إذا كان الحبل ظاهرا فلأن الطلاق تعلق بأمر كائن لا محالة فيقبل قولها فيه بحر قوله (وأما النسب الخ) محترز قوله لم تطلق يعني أن النسب يثبت بشهادة امرأة وكذا ما هو من لوازمه كأمومية الولد لو كانت المعلق طلاقها أمة حتى لو ملكها صارت أم ولد له وكثبوت اللعان فيما إذا نفاه ووجوب الحد بنفيه إن لم يكن أهلا للعان أفاده في البحر قوله (أو إن كان بها حبل) (1) أي أو قال إن كان بها حبل فهو مني فلا فرق بينهما بحر وفي بعض النسخ إن كان بدون عطف وفي بعضها وكان بدون إن والظاهر أنهما تحريف قوله (ظاهره الخ) البحث لصاحب البحر وتبعه أخوه في النهر وهو ظاهر ومن عبر بالقابلة بناه على الأغلب قوله (فهي أم ولده) لأن سبب ثبوت النسب وهو الدعوة قد وجد من المولى بقوله فهو مني وإنما الحاجة إلى تعيين الولد وهو يثبت بشهادة القابلة اتفاقا درر قوله (وإن لأكثر منه لا) كذا قال الزيلعي وزاد في الفتح والبحر والنهر وغاية البيان والدرر أو لتمامها وهو مشكل لأنه لا يمكن حينئذ علوقه بعد مقالته لأن ما بعدها دون نصف الحول فليتأمل وليراجع رحمتي قوله (حتى ينفيه) هو كذلك في غاية البيان وقد يقال كيف يصح أن ينفيه بعد إقراره به فليتأمل رحمتي قلت بل لي وقفة في ثبوت نسبه لو جاءت به لأكثر من ستة أشهر
(1) قوله: (ان كان بها) في نسخة " بك " وهي أولى من الأولى التي فيها إعادة الضمير مؤنثا على البطن مع أنه مذكر قاله نصر الهوريني. 602 ورأيت في النهر من باب الاستيلاد أنه ينبغي أن يقيد بما إذا وضعته لأقل من نصف حول من وقت الاعتراف فلو لأكثر لا تصير أم ولد ثم نقله عن المحيط قوله (قال لغلام) أي يولد مثله لمثله ولم يكن معروف النسب ولم يكذبه ط قوله (المعروفة بحرية الأصل) كذا عبر بعض الشراح وذكر ابن الشلبي أن التقييد بالأصل غير ظاهر بل يكفي كونها حرة اه أي لأنه إذا أريد بحرية الأصل كون أوصالها أحرارا فهو غير شرط وكذا لو أريد به كونها حرة من حين أصل خلقتها لأن الحرية العارضة تكفي لكن قد يقال إن الحرية العارضة لا تكفي إلا إذا كانت قبل ولادة ذلك الغلام بسنتين وإلا فلا لاحتمال كونها أمة له واستولدها أو لغيره وتزوجها منه ثم ولدت هذا الغلام وأقر به فإنه حينئذ ليست من أهل الإرث بخلاف ما إذا علمت حريتها قبل الولادة بسنتين فأكثر فإنها يعلم كونها حرة وقت العلوق وأنها ولدت بالزوجية كما يأتي هذا ما ظهر لي قوله (وهو ابنه) لم يظهر لي وجه التقييد به فإن البنوة ثابتة بإقرار الميت تأمل اه ح قلت لعل وجهه أنها لو قالت أنا امرأته وهذا مشهور من رجل غيره تكون مكذبة له فيما توصلت به إلى إثبات كونها امرأته وهو قوله هو مشهور قوله (يرثانه) أي هي والغلام قوله (استحسانا) والقياس أن لا ميراث لها لأن النسب كما يثبت بالنكاح الصحيح يثبت بالنكاح الفاسد وبالوطء عن شبهة وبملك اليمين فلم يكن قوله إقرارا بالنكاح وجه الاستحسان أن المسألة فيما إذا كانت معروفة بالحرية وبكونها أم الغلام والنكاح الصحيح هو المتعين لذلك وضعا وعادة لأنه الموضوع لحصول الأولاد دون غيره فهما احتمالان لا يعتبران في مقابلة الظاهر القوي وكذا احتمال كونه طلقها في صحته وانقضت عدتها لأنه لما ثبت النكاح وجب الحكم بقيامه ما لم يتحقق زواله كذا في البحر ح قوله (فإن جهلت حريتها) أي بأن لم تعلم أصلا أو علم عروضها ولم تتحقق وقت العلوق على ما قررناه آنفا قوله (أو أمومتها) في بعض النسخ بياء وتاء ولا حاجة إلى الياء التحتية لأن المصدر الأمومة قال ط والمناسب زيادة أو إسلامها ليكون محترز الثالث قوله (قيد اتفاقي) فائدة ذكره أن للوارث أن يقول ذلك كما في البحر عن غاية البيان ح وكان ينبغي تأخير ذلك إلى آخر كلام المصنف قوله (أو كان صغيرا) أي الوارث قوله (لا ترث) لأن ظهور الحرية باعتبار الدار حجة في دفع الرق لا في استحقاق الإرث هداية فهي كالمفقود يجعل حيا في ماله حتى لا يرث غيره منه لا بالنسبة إلى غيره حتى لا يرث من أحد فتح وكذا إسلامها الآن لا يثبت إسلامها وقت موته ليثبت لها حق الإرث قوله (قيل نعم) قائله التمرتاشي قال لأنهم أقروا بالدخول ولم يثبت كونها أم ولد بقولهم اه وارتضاه في النهاية والزيلعي والفتح
603 قال في البحر ورده في غاية البيان بأن الدخول إنما يوجب مهر المثل في غير صورة النكاح إذا كان الوطء عن شبهة ولم يثبت النكاح هنا والأصل عدم الشبهة فبأي دليل يحمل على ذلك فلا يجب مهر المثل اه وأقره في النهر وأنت خبير بأن هذا خاص بما إذا قال أنت أم ولد أبي ما لو قال كنت نصرانية فقد أقر بالنكاح وكذا في قوله كانت زوجة وهي أمة لكن في هذه مطالبة المهر لمولاها لا لها قوله (فجاءت بولد) أي لستة أشهر فأكثر من وقت التزوج وإلا فالظاهر ثبوت نسبه منه لما صرحوا به من أن المنكوحة لو ولدت لدون ستة أشهر لم يثبت نسبه من الزوج ويفسد النكاح لأنه لا يلزم كونها حاملا من زنا حتى يصح بل يحتمل كونه من زوج أو وطء شبهة فإذا فسد النكاح هنا صحت دعواه لعدم المانع ثم رأيت في حاشية العلامة نوح نقل ذلك عن حاشية الدرر للواني وعن غيرها قوله (وهو لا يقبل الفسخ) يعني بعد تمامه احترازا عن فسخه بعدم الكفاءة وبالبلوغ والعتق وأما بالردة وبتقبيل ابن الزوج فهو وإن كان بعد التمام لكنه انفساخ لا فسخ أفاده ح قوله (لإقراره ببنوته وأمومتها) لف ونشر مرتب فالأول علة لعتقه والثاني لصيرورتها أم ولده فتعلق بموته قوله (عبارة الدرر استولدها) أي بضمير التثنية ونبه به على أن ما هنا سبق قلم لأنه إذا استولدها الشريكان بأن جاءت بولد فادعياه وصارت أم ولد لهما تبقى مشتركة فإذا جاءت بولد بعد ذلك لا يثبت نسبه بلا دعوة لأنه لا يحل وطئها لواحد منهما بخلاف ما إذا استولدها أحدهما ولزمه لشريكه نصف قيمتها ونصف عقرها وصارت مختصة به فإنه يحل له وطؤها فلا يحتاج الولد الثاني إلى دعوة أفاده الرحمتي فافهم قوله (كأم ولد كاتبها مولاها) فإنها إذا أتت بولد لا يثبت من المولى إلا إذا دعاه لحرمة وطئها عليه اه ح والتشبيه في عدم ثبوت نسب الولد الثاني إلا بدعوته فحال الولد بعد الكتابة يخالف حاله قبلها فإنه قبلها يثبت بلا دعوة ط مطلب لفراش على أربع مراتب قوله (على أربع مراتب) ضعيف وهو فراش الأمة لا يثبت النسب فيه إلا بالدعوة ومتوسط وهو فراش أم الولد فإنه يثبت فيه بلا دعوة لكنه ينتفي بالنفي وقوي وهو فراش المنكوحة ومعتدة الرجعي فإنه فيه لا ينتفي إلا باللعان وأقوى كفراش معتدة البائن فإن الولد لا ينتفي فيه أصلا لأن نفيه متوقف على اللعان وشرط اللعان الزوجية ح قوله (بلا دخول) المراد نفيه ظاهرا وإلا فلا بد من تصوره وإمكانه ولذا لم يثبتوا النسب من زوجة الطفل ولا ممن ولدت لأقل من ستة أشهر على ما مر تفصيله مطلب في ثبوت كرامات الأولياء ولاستخدامات وعبارة الفتح والحق ان التصور شرط ولذا لو جاءت امرأة الصبي بولد لا يثبت نسبه والتصور ثابت في المغربية لثبوته كرامات الأولياء والاستخدامات فيكون صاحب خطوة أو
604 جني اه قوله (ليس من الكرامة عندنا) لما في العمادية أنه سئل أبو عبد الله الزعفراني عما روى عن إبراهيم بن أدهم أنهم رأوه بالبصرة يوم التروية ورؤي ذلك اليوم بمكة قال كان ابن مقاتل يذهب إلى اعتقاد ذلك كفر لأن ذلك ليس من الكرامات بل هو من المعجزات وأما أنا فأستجهله ولا أطلق عليه الكفر اه قوله (لكن في عقائد التفتازاني) أي في شرحه على العقائد النسفية وهو متعلق بقوله جزم وكذا قوله بالأول والمراد به ما في الفتح من إثبات طي المسافة كرامة وذلك أن التفتازاني قال إنما العجب من بعض فقهاء أهل السنة حيث حكم بالكفر على معتقد ما روي عن إبراهيم بن أدهم الخ ثم قال والإنصاف ما ذكره الإمام النسفي حين سئل عن ما يحكى أن الكعبة كانت تزور واحدا من الأولياء هل يجوز القول به فقال نقض العادة على سبيل الكرامة لأهل الولاية جائز عند أهل السنة اه قال العلامة ابن الشحنة قلت النسفي هذا هو الإمام نجم الدين عمر مفتي الإنس والجن رأس الأولياء في عصره اه بحال النسفي في عقائده وكرامات الأولياء حق فتظهر الكرامة على طريق نقض العادة للولي من قطع المسافة البعيدة في المدة القليلة وظهور الطعام والشراب واللباس عند الحاجة والمشي على الماء والهواء وكلام الجماد والعجماء واندفاع المتوجة من البلاء وكفاية المهم من لأعداء وغير ذلك من الأشياء اه قوله (بل سئل) أي النسفي وقوله فقال الخ جواب بالجواز على وجه العموم وقدمنا في بحث استقبال القبلة عن عدة الفتاوى وغيرها لو ذهبت الكعبة لزيارة بعض الأولياء فالصلاة إلى هوائها اه ومثله في الولوالجية قوله (ولا لبس بالمعجزة الخ) جواب عن قول المعتزلة المنكرين الكرامات للأولياء لأنها لو ظهرت لاشتبهت بالمعجزة فلم يتميز النبي من غيره والجواب أن المعجزة لا بد أن تكون ممن يدعي الرسالة تصديقا لدعواه والولي لا بد من أن يكون تابعا لنبي وتكون كرامته معجزة لنبيه لأنه لا يكون وليا ما لم يكن محقا في ديانته واتباعه لنبيه حتى لو ادعى الاستقلال بنفسه وعدم المتابعة لم يكن وليا بل يكون كافرا ولا تظهر له كرامة فالحاصل أن الأمر الخارق للعادة بالنسبة إلى النبي معجزة سواء ظهر من قبله أو من قبل آحاد أمته وبالنسبة إلى الولي كرامة لخلوه عن دعوى النبوة وتمامه في العقائد وشرحها قوله (ومن لولي الخ) من موصول مبتدأ وقال صلته ولولي متعلق بيجوز وطي مبتدأ وجملة
605 يجوز خبره والجملة الخبرية مقول القول وجهول خبر من والقول بالتجهيل أو التكفير هو ما قدمناه عن العمادية قوله (أي ينصر هذا القول الخ) والحاصل أنه وقع الخلاف عندنا في مسألة طي المسافة البعيدة فمشايخ العراق قالوا لا يكون ذلك إلا معجزة فاعتقاده كرامة جهل أو كفر ومشايخ خراسان وما وراء النهر أثبتوه كرامة ولم يرد نص صريح في المسألة عن أئمتنا الثلاثة سوى قول محمد هذا ولم يفسر ذلك اه ملخصا من شرح الوهبانية عن جواهر الفتاوى وفي التاترخانية أن مسألة تزوج المغربي بمشرقية تؤيد الجواز أي فإنها نص المذهب والحاصل أنه لا خلاف عندنا في ثبوت الكرامة وإنما الخلاف فيما كان من جنس المعجزات الكبار والمعتمد الجواز مطلقا إلا فيا ثبت بالدليل عدم إمكانه كالإتيان بسورة وتمام الكلام على ذلك في حاشية ح قوله (غاب عن امرأته الخ) شامل لما إذا بلغها موته أو طلاقه فاعتدت وتزوجت ثم بان خلافه ولما إذا ادعت ذلك ثم بان خلافه اه ح قوله (وفي حاشية شرح المنار الخ) قال الشارح في شرحه على المنار لكن الصحيح ما أورده الجرجاني أن الأولاد من الثاني إن احتمله الحال وأن الإمام رجع إلى هذا القول وعليه الفتوى كما في حاشية ابن الحنبلي عن الواقعات والأسرار ونقله ابن نجيم عن الظهيرية اه واحتمال الحال بأن تلده لستة أشهر فأكثر من وقت النكاح قوله (حكى أربعة أقوال) حاصل عبارته مع شرحه لابن ملك أن الأولاد للأول عند أبي حنيفة مطلقا أي سواء أتت به لأقل من ستة أشهر أو لا لأن نكاح الأولى صحيح فاعتباره أولى وفي رواية للثاني وعليه الفتوى لأن الولد للفراش الحقيقي وإن كان فاسدا وعند أبي يوسف للأول إن أتت به لأقل من ستة أشهر من عقد الثاني لتيقن العلوق من الأول وإن لأكثر فللثاني وعند محمد للأول إن كان بين وطء الثاني والولادة أقل من سنتين فلو أكثر منهما فللثاني لتيقن أنه ليس من الأول والنكاح الصحيح مع احتمال العلوق منه أولى بالاعتبار وإنما وضع المسألة في الولد إذ المرأة ترد إلى الأول إجماعا اه قلت وظاهره أنه على المفتى به يكون الولد للثاني مطلقا وإن جاءت به لأقل من ستة أشهر من وقت العقد كما يدل عليه ذكر الإطلاق قبله والاقتصار على التفصيل بعده وهذا خلاف ما قاله ابن الحنبلي وهذا وجه الاستدراك لكن لا يخفى ما فيه فقد ذكرنا قريبا أن المنكوحة لو ولدت لدون ستة أشهر لم يثبت نسبه من زوج ويفسد النكاح أي لأنه لا بد من تصور العلوق منه وفيما دون ستة أشهر لا يتصور ذلك وهذا إذا لم يعلم بأن لها زوجا غيره فكيف إذا ظهر زوج غيره فلا شك في عدم ثبوته من الثاني ولهذا قال في شرح درر البحار إن هذا مشكل فيما إذا أتت به لأقل من ستة أشهر مذ تزوجها اه
606 والحق أن الإطلاق غير مراد وأن الصواب ما نقله ابن الحنبلي وبه يظهر أن هذه الرواية عن الإمام المفتي بها هي أخذ بها أبو يوسف وأنه لا بد من تقييد كلام المصنف والمجمع بما نقله ابن الحنبلي وأنه لا وجه للاستدراك عليه بما في المجمع والله أعلم قوله (نكح أمة الخ) قال في الفتح قوله ومن تزوج أمة فطلقها أي بعد الدخول واحدة بائنة أو رجعية ثم اشتراها قبل أن تقر بانقضاء عدتها فجاءت بولد لأقل من ستة أشهر مذ اشتراها لزمه وقيد ببعد الدخول فاجهروا لأنه لو كان قبله لا يلزمه إلا أن تجئ به لأقل من ستة أشهر مذ فارقها لأنه لا عدة لها أو بعده والطلاق ثنتان ثبت النسب إلى سنتين من وقت الطلاق ثم إذا كانت الواحدة رجعية فهو ولد المعتدة فيلزمه وإن جاءت لعشر سنين بعد الطلاق فأكثر بعد كونه لأقل من ستة أشهر من الشراء وإن كانت بائنا ثبت إلى أقل من سنتين أو تمام السنتين بعد كونه لأقل من ستة أشهر من الشراء اه قال في البحر فالحاصل أن المطلقة قبل الدخول والمبانة بالثنتين لا اعتبار فيهما لوقت الشراء بل لوقت الطلاق ففي الأولى يشترط لثبوت نسبه ولادته لأقل من ستة أشهر وفي الثانية لسنتين فأقل وأنه لو كان رجعيا يثبت ولو لعشر سنين بعد الطلاق أو أكثر ولو واحدة بائنة فلا بد أن تأتي به لتمام سنتين أو أقل بعد أن يكون لأقل من ستة أشهر من وقت الشراء في المسألتين قوله (فطلقها) أي بعد الدخول طلقة واحدة بائنة أو رجعية بدليل الاستثناء الآتي والطلاق غير قيد حتى لو اشتراها ولم يطلقها فالحكم كذلك نهر قوله (فشراها) أي ملكها بأي سبب كان أي قبل أن تقر بانقضاء عدتها كما مر لأنه مع الإقرار يشترط أن تأتي به لأقل من ستة أشهر من وقت الإقرار كما مر لأنه مع الإقرار يشترط أن تأتي به لأقل من ستة أشهر من وقت الإقرار كما مر لا من وقت الشراء كما هنا نهر قوله (لزمه) لأنه ولد المعتدة لتحقق كون العلوق سابقا على الشراء وولدها يثبت نسبه بلا دعوة نهر وإن ولدته لسنتين من وقت الطلاق بحر لكن في الرجعية ولو لأكثر من سنتين كما يأتي قوله (وإلا) أي بأن ولدته لتمام ستة أشهر أو لأكثر منها لا أي لا يلزمه لأنه ولد المملوكة لأنه شراها وهي معتدة منه ووطئها حلال له أما في الرجعي فظاهر وأما في البائن فلأن عدتها منه لا نحرمها عليه فإذا أمكن علوقه في الملك أسند إليه لأن الحادث يضاف إلى أقرب أوقاته وولد المملوكة لا يثبت بدون دعوة وهذا بخلاف البائن بينونة غليظة فإن شراءها لا يحلها فتعين العلوق قبله كما يأتي قوله (إلا المطلقة الخ) لما كان قوله فطلقها شاملا لما إذا طلقها واحدة رجعية وبائنة وثنتين قبل الدخول وبعده وكان الحكم المتقدم مختصا بالمطلقة واحدة بعد الدخول رجعية أو بائنة استثنى هذه الصور الثلاث فقوله قبل الدخول شامل للطلقة والطلقتين والصورة الثالثة قوله والمبانة لثنتين يعني بعد الدخول اه ح فافهم وقيد بقوله بثنتين لأنها أمة وبينونتها الغليظة ثنتان فقط والحاصل أن الصور خمس لأن الرجعي لا يكون قبل الدخول فلذا كان المستثنى ثلاث صور فقط قوله (فمذ طلقها) أي فالمعتبر في هذه الثلاث المستثناة وقت الطلاق ولا اعتبار فيها لوقت الشراء كما مر عن البحر قوله (لكن في الثانية) لما كان قضية الاستثناء أن المعتبر أن تلد
607 لأقل من نصف حول مذ طلقها بين أن هذا خاص بالمطلقة قبل الدخول واحدة أو ثنتين فلو ولدت لنصف حول أو لأكثر لا يلزمه لعدم العدة كما قدمناه أول الباب أما المطلقة ثنتين بعد الدخول فإنه يلزمه ولدها لسنتين فأقل من وقت الطلاق وإن كان لأقل من نصف حول من وقت الشراء لحرمتها عليه حرمة غليظة حتى تنكح غيره فلا يحلها الشراء فتعذر العلوق فيه وتعين كونه قبله فيلزمه مذ طلقها لجواز أنه كان موجودا وقت الطلاق لا لأكثر لتيقن عدمه لكن ثبوته لتمام السنتين مبني على ما زعم في الجوهرة أنه الصواب وهو أحد الكلب كما الروايتين قدمناه أول الباب فافهم قوله (وفي الرجعي لأكثر مطلقا) أي تثبت فيه وإن ولدته لأكثر من سنتين بلا تقييد لذلك الأكثر بمدة قوله (في المسألتين) يعني في مسألة الرجعي ومسألة الطلقة البائنة بعد الدخول كما يعلم من عبارة البحر المتقدمة وكلام الشارح يوهم أن إحدى المسألتين البائنة بثنتين لأن البائنة الواحدة لا ذكر لها هنا فلذا أورد عليه أن المبانة بثنتين لا يعتبر فيها وقت الشراء أصلا كما مر لكن لما ذكر الشارح في أول المسألة اختصاص وقت الشراء بالمطلقة بعد الدخول واحدة رجعية أو بائنة بدليل الاستثناء بعده كما بيناه وذكر هنا الرجعي بين أن قرينته الثانية مثله لكن لا يخفى ما فيه من الخفاء مع أن هذا الحكم في المسألتين صرح به أولا فلا حاجة إلى إعادته ولكن مع هذا لا يحكم عليه بالخطأ فافهم قوله (وكذا لو أعتقها بعد الشراء) لأن العتق ما زادها إلا بعدا منه وعند محمد يلزمه إلى سنتين بلا دعواه مذ شراها لأنه بطل النكاح بالشراء ووجبت العدة لكنها لا تظهر في حقه للملك وبالعتق ظهرت وحكم معتدة بائن لم تقر بانقضائها ذلك فتح قوله (قولان) فعند أبي يوسف يفتقر لبطلان النكاح وعند محمد لا إلا أنه لا بد من الدعوة هنا لأن العدة لم تظهر في حقه بخلاف العتق أفاده في الفتح قوله (لزمه) لأن ولد أم الولد لا يحتاج إلى الدعوة لكنه ينتفي بالنفي فهل يصح نفيه هنا يراجع رحمتي قوله (ولأكثر لا) لم يذكر حكم تمام السنتين وتقدم حكاية الكلب في معتدة البت وبحث البحر في معتدة الموت فينبغي أن يكون هنا كذلك ويأتي قريبا على أن التمام كالأقل قوله (إلا أن يدعيه) أي في صورة العتق قوله (ولو تزوجت) أي أم الولد قوله (وادعياه معا) هذا ظاهر في صورة العتق والظاهر أن المراد في صورة الموت ادعاه ورثته لقيامهم مقامه تأمل قوله (كان للمولى اتفاقا) كذا في عدة البحر عن الخانية فقد ثبت النسب هنا بالولادة لتمام السنتين فكان التمام في حكم الأقل قوله (لكونها معتد) أي من المولى ونكاح الزوج باطل فيكون الولد لصاحب العدة إذا ادعاه قوله (بخلاف ما لو تزوجت) أي فولدت لستة أشهر فأكثر مذ تزوجت فادعياه بحر عن الخانية قوله (فإنه للزوج اتفاقا) لعل وجهه أنها لما لزمها العدة منه للوطء بشبهة
608 العقد وحرم على المولى وطؤها لذلك كان إثباته لصاحب العدة أولى لأنه المستفرش حقيقة وإن كان فاسدا تأمل ثم لا يخفى أن الكلام الآن في أم ولد لم يعتقها مولاها فافهم قوله (لفساد نكاح الآخر) ينافي ما تقدم من أن العبرة للفراش الحقيقي ولو فاسدا فالأولى التعليل بعدم إمكان جعله من الثاني لعدم أقل مدة الحمل رحمتي وتعليل الشارح لم أره في البحر قوله (فالولد للثاني) لإمكانه مع تعذر كونه من الأول قوله (ولو لأقل من نصفه) أي مع كونه لأكثر من سنتين مذ بانت قوله (لم يلزم الأول ولا الثاني) لأن النساء لا يلدن لأكثر من سنتين ولا لأقل من ستة أشهر كافي الحاكم قوله (والنكاح صحيح) أي عندهما وعند أبي يوسف فاسد لأنه إذا لم يثبت من الثاني كان من الزنا ونكاح الحامل من الزنا صحيح عندهما لا عنده كذا في البدائع وتبعه في البحر ولم يظهر لي وجهه لأنه إذا لم يثبت من واحد منهما علم أنه من غيرهما ولا يلزم أن يكون من الزنا لاحتمال كونه بشبهة ولا يصح النكاح إلا إذا علم أنه من زنا ففي الزيلعي وغيره لو ولدت المنكوحة لأقل من ستة أشهر مذ تزوجها لم يثبت النسب لأن العلوق سابق على النكاح ويفسد النكاح لاحتمال أنه من زوج آخر بنكاح صحيح أو بشبهة اه فليتأمل قوله (ولو لأقل منهما) أي لأقل من سنتين من وقت الطلاق ولنصفه أي لنصف حول من وقت تزوج الثاني فقد أمكن هنا جعله من الأول أو من الثاني قوله (لكنه نقل هنا) أي في هذا الباب معي قوله إلا أن يدعيه أي والنص هو المتبع فلا يعول على البحث معه ط قوله (دليل انقضاء عدتها) فكان بمنزلة ما إذا أقرت بانقضائها قوله (إن أمكن إثباته منه) أما إذا لم يمكن بأن جاءت به لأكثر من سنتين مذ كانت ولستة أشهر مذ تزوجت فهو للثاني كما في البحر عن البدائع قوله (ولو نكح امرأة) الأولى نكحها ليعود الضمير على معتدة البائن وإن كان الحكم أعم لكن ليوافق آخر الكلام قوله (فنسبه للثني) أي وجاز النكاح بحر قوله (فنسبه للأول) لأن الخلق لا يستبين إلا في مائة وعشرين يوما فيكون أربعين يوما نطفة وأربعين علقة وأربعين مضغة بحر عن الولوالجية وقدمنا في العدة كلاما فيه قوله (لأنه نكاح باطل) أي فالوطء فيه زنا لا يثبت به النسب بخلاف الفاسد فإنه وطء بشبهة فيثبت به النسب ولذا تكون بالفاسد فراشا لا بالباطل رحمتي والله سبحانه أعلم
609 باب لحضانة لما ذكر ثبوت نسب الولد عقيب أحوال المعتدة ذكر من يكون عنده الولد فتح قوله (بفتح الحاء وكسرها) كذا في المصباح والبحر عن المغرب لكن في القاموس حضن الصبي حضنا وحضانة بالكسر جعله في حضنه أو رباه كاحتضنه ثم قال وحضن فلانا حضنا وحضانة بفتحهما نحاه عنه قوله (تربية الولد) هذا على إطلاقه معناه اللغوي أما الشرعي فهو تربية الولد لمن له حق الحضانة كما أفاده القهستاني قوله (تثبت للأم) ظاهره أن الحق لها وقيل للولد وسيأتي الكلام عليه مطلب شروط الحاضنة قال الرملي ويشترط في الحاضنة أن تكون حرة بالغة عاقلة أمينة قادرة وأن تخلو من زوج أجنبي وكذا في الحاضن الذي سوى الشرط الأخير هذا ما يؤخذ من كلامهم اه قلت وينبغي أن يزيد بعد قوله حرة أو مكاتبة ولدت في الكتابة وأن يزيد أن تكون رحما محرما ولم تكن مرتدة ولم تمسكه في بيت المبغض للولد ولم تمتنع عن تربيته مجانا عند إعسار الأب وسيأتي بيان ذلك كله والمراد بكونها أمينة أن لا يضيع الولد عندها باشتغالها عنه بالخروج من منزلها كل وقت وأفتى بعض المتأخرين بأن المراهقة لها حق الحضانة لقول العيني أحكام المراهقين أحكام البالغين في سائر التصرفات قلت لا يخفى أن هذا عند ادعاء البلوغ وإلا فهو في حكم القاصر كما حققناه في تنقيح الحامدية وأفتى به الخير الرملي وهل يشترط كونها بصيرة ففي الأشباه في أحكام الأعمى ولم أر حكم ذبحه وصيده وحضانته ورؤيته لما اشتراه بالوصف وينبغي أن يكره ذبحه وأما حضانته فإن أمكنه حفظ المحضون كان أهلا وإلا فلا اه وهو بحث وجيه وهو معلوم من قول الرملي قادرة كما يعلم منه حكم ما إذا كانت مريضة أو كبيرة عاجزة قوله (النسبية) احترز به عن الأم الرضاعية فلا تثبت لها اه ح وكذا الأخ رضاعا ونحوها قوله (ولو كتابية أو مجوسية) لأن الشفقة لا تختلف باختلاف الدين وصورة الثانية أن يكونا مجوسيين ترافعا إلينا أو أسلم الزوج وحده وسيأتي تقييده بما إذا لم يعقل الولد دينا قوله (أو بعد الفرقة) عطف على مدخول لو إشارة إلى عدم اختصاص الحضانة بما بعدها فتربية الولد في حال قيام النكاح تسمى حضانة قوله (لأنها تحبس) أي وتضرب فلا تتفرغ للحضانة بحر قوله (كما في البحر والنهر بحثا) قال في البحر وينبغي أن يكون المراد بالفسق في كلامهم هنا الزنا المقتضي لاشتغال الأم عن الولد بالخروج من المنزل ونحوه لا مطلقة الصادق بترك الصلاة لما سيأتي أن الذمية أحق بولدها المسلم ما لم يعقل الأديان فالفاسقة المسلمة أولى
610 قال في النهر وأقول في قصره على الزنا قصور إذ لو كانت سارقة أو مغنية أو نائحة فالحكم كذلك وعلى هذا فالمراد فسق يضيع الولد به اه ويمكن حمل ما في البحر عليه بأن يكون قوله ونحوه مرفوعا عطفا على الزنا ثم رأيت الخير الرملي أجاب كذلك قال ح وعلى هذا لو كانت صالحة كثيرة الصلاة قد استولى عليها محبة الله تعالى وخوفه حتى شغلاها عن الولد ولزم ضياعه انتزع منها ولم أره اه قوله (قال المصنف الخ) عبارته بعد أن نقل عبارة البحر لكن عندي في الاستدلال عليه بما ذكر نظر لأن الذمية إنما تفعل ما تفعل مما يوجب الفسق على جهة اعتقاده دينا لها فكيف يلحق بها الفاسقة المسلمة فالذي يظهر إجراء كلام دابة وغيره على اطلاقه كما هو مذهب الشافعي رضي الله تعالى عنه من أن الفاسقة بترك الصلاة لا حضانة لها اه وبعد ما علمت أن المناط هو الضياع حققت أن بحث المصنف لا حاصل له اه ح قوله (وفي القنية أخ) فيه رد على ما قاله المصنف والعجب أن المصنف نقله عقب عبارته السابقة قوله (ما لم يعقل ذلك) أي ما لم يعقل الولد حالها وحينئذ يجب تقييد الفجور بأن لا يلزم منه ضياع الولد كما لا يخفى وفي النهر ما لم تفعل ذلك وفسره بقوله أي ما لم يثبت فعله عنها وهو صحيح أيضا اه ح وفيه أن قول القنية معروفة بالفجور يقتضي فعلها له ط فالمناسب الأول وتكون الفاجرة بمنزلة الكتابية فإن الولد يبقى عندها إلى أن يعقل الأديان كما سيأتي خوفا عليه من تعلمه منها ما تفعله فكذا الفاجرة وقد جزم الرملي بأن ما في النهر تصحيف والحاصل أن الحاضنة إن كانت فاسقة فسقا يلزم منه ضياع الولد عندها سقط حقها وإلا فهي أحق به إلى أن يعقل فينزع منها كالكتابية قوله (بأن تخرج كل وقت الخ) المراد كثرة الخروج لأن المدار على ترك الولد ضائعا والولد في حكم الأمانة عندها ومضيع الأمانة لا يستأمن ولا يلزم أن يكون خروجها لمعصية حتى يستغني عنه بما قبله فإنه قد يكون لغيرها كما لو كانت قابلة أو غاسلة أو بلانة أو نحو ذلك ولذا قال في الفتح إن كانت فاسقة أو تخرج كل وقت الخ فعطفه على الفاسقة يفيد ما قلنا فافهم قوله (أو أم ولد) أي طلقها زوجها أما إذا أعتقها مولاها فهي بمنزلة المطلقة الحرة كما في كافي الحاكم قوله (ولدت ذلك الولد قبل الكتابة) أما لو بعدها فهي أحق به لدخوله تحت الكتابة فتح عن التحفة ومثله في البحر ومقتضى هذا أنها بعد الكتابة لا يثبت لها حق في المولود قبلها وإن لم تبق مشغولة بخدمة المولى لأنه لم يدخل في كتابتها فبقي قنا مملوكا للمولى من كل وجه فصار كولد القنة لو أعتقت ويدل عليه أيضا قول الكنز ولا حق للأمة وأم الولد ما لم يعتقا قال في الدرر فإذا عتقا كان لهما حق الحضانة في أولادهما الأحرار لأنهما وأولادهما أحرار حال ثبوت الحق اه فافهم قوله (لكن إن كان الولد الخ) قال في البحر ولم يذكر المصنف أن الحق في حضانة ولد الأمة للمولى أو لغيره
611 والحق التفصيل فإن كان الصغير رقيقا فمولاه أحق به حرا كان أبوه أو عبدا وكذا لو عتقت أمه بعد وضعه فلا حق لها في حضانته إنما الحق للمولى سواء كانت منكوحة أبيه أو فارقها لأنه مملوكة وأما إذا كان أي الصغير حرا فالحضانة لأقربائه الأحرار إن كانت أمه أمة لا لمولاها ولا لمولاة الذي أعتقه وإن أعتقت كانت الحضانة لها اه قوله (كن أحق به) قال في الدرر ولا يفرق بينه وبين أمه إن كان في ملكه اه ونحوه في البحر فالمراد بالأحقية عدم التفريق بينهما فلا ينافي ما تقدم من كون الحق للمولى تأمل قوله (بغير محرم) أي من جهة الرحم فلو كان محرما غير رحم كالعم رضاعا أو رحما من النسب محرما من الرضاع كابن عمه نسبا هو عمه رضاعا فهو كالأجنبي ط قوله (والحال أن الأب معسر) كذا قيده في الخانية والبزازية الخلاصة والظهيرية وكثر من الكتب وظاهره تخلف الحكم المذكور مع يساره لأن المفهوم في التصانيف حجة يعمل به رملي وفي الشرنبلالية تقييد الدفع للعمة بيسارها وإعسار الأب يفيد أن الأب الموسر يجبر على دفع الأجرة للأم نظرا للصغير اه قلت والمراد من هذه الأجرة أجرة الحضانة كما هو مفهوم من سياق كلام المصنف تبعا للفتح والدرر والبحر خلافا لما في العزمية على الدرر من أنها أجرة الرضاع والمراد بيسار العمة قدرتها على الإنفاق على الولد كما هو ظاهر إذ لا وجه لتقديره بنصاب قوله (والعمة تقبل ذلك) أي ولم يوجد أحد ممن هو مقدم على العمة متبرعا بمثل العمة ومع ذلك يشترط أن تكون متزوجة بغير محرم للصغير شرنبلالية قوله (ولا تمنعه عن الأم) أي عن رؤيتها له وتعهدها إياه قوله (أو تدفعيه للعمة) صريح في أنه ينزع من الأم مع أن الأم لو طلبت أجرا على الإرضاع ووجدت متبرعة به قدمت وترضعه عند الأم كما صرح به في البدائع ولكن هذا إذا بقيت مستحقة للحضانة وفي مسألتنا سقط حقها منها فلذا ينزع منها ومثله ما لو تزوجت بأجنبي وصارت الحضانة لغيرها كالأخت فإنها لا يلزمها أن تربيه أو ترضعه عند الأم قوله (على المذهب) لم أر هذه العبارة لغيره وإنما قالوا على الصحيح وهذا لا يلزم أن يكون من نص المذهب بل يحتمل التخريج تأمل ومقابله ما قيل إن الأم أولى قوله (مجتبى) هو شرح الزاهدي على مختصر القدوري وذلك حيث قال في النفقات وهل يرجع العم أو العمة على الأب إذا أيسر بما أنفق على الصغير ثم رمز لبعض الكتب لا يرجع من يؤدي النفقة على الأب ولا على الابن بخلاف الأم إذا أيسر زوجها ثم رمز يرجع ثم رمز فيه اختلاف المشايخ اه وهذا مفروض فيما إذا كان الأب معسرا ووجبت نفقة الولد على عمه أو عمته أو أمه فالأم ترجع على الأب إذا أيسر وفي العم والعمة الخلاف المذكور فلا محل لذكر هذا هنا ولا لذكر العم لأن الكلام في العمة إذا أخذته لتحضنه مجانا وإذا كان لها الرجوع فلا فائدة في أخذه من الأم إلا أن يقال مراده أن لا ترجع بأجرة الحضانة وأما النفقة على الولد إذا لم تتبرع بها فهل لها الرجوع بها على الأب قيل نعم تأمل قوله (والعمة ليست بقيد الخ) هو بحث لصاحب البحر ذكر في الباب الآتي قال بل كل
612 حاضنة كذلك بالأولى لأنها من قرابة الأم وقال ولم أر من صرح بأن الأجنبية كالعمة إذا كانت متبرعة ولا تقاس على العمة لأنها حاضنة في الجملة وقد كثر السؤال عنها في زماننا وظاهر المتون أن الأم تأخذ بأجر المثل ولا تكون الأجنبية أولى بخلاف العمة إلا أن يوجد نقل اه قلت وفي القهستاني بعد كلام ما نصه وفيه إشارة إلى أنها أي الأم أولى من المحرم وإن طلبت أجرا والمحرم لم يطلبه والأصح أن يقال لها أمسكيه أو ادفعيه إلى المحرم كما في النظم اه فهذا ظاهر في أن العمة غير قيد بل مثلها بقية المحارم وفي أن غير المحرم ليس كذلك وفي حاشية الخير الرملي على البحر أن هذا تفقه حسن صحيح قال وقد سئلت عن صغيرة لها أم تطلب زيادة على أجر المثل وبنت ابن عم تريد حضانتها مجانا فأجبت بأنها تدفع للأم لكن بأجر المثل فقط لأن تلك كالأجنبية لا حق لها في الحضانة أصلا فلا يعتبر تبرعها لأن في دفع الصغير إليها ضررا به فلا يعتبر معه كلاهما في المال لأن حرمته دون حرمته ولذا يختلف الحكم في نحو العمة والحالة عند اليسار فلا يدفع إليهما إذ لا ضرر على الموسر في دفع الأجرة وبه تتحرر هذه المسألة فاغتنمه فقد قل من تفطن له اه قلت ويؤيده أنه لو كان الأب حيا وطلبت الأم النفقة من مال الولد وأراد الأب تربيته عنده بمال نفسه لا يسقط حق الأم مع أن الأب أشفق من الأجنبية نعم لو كان للأب أم أو أخت عنده تحضن الولد مجانا ولا يرضى من هو أحق منها إلا بأجرة فلها أن تربيه عند الأب وهذه أنكر كثيرا لكن هذا إذا طلبت الأم أجرة على الحضانة فلو تبرعت بالحضانة وطلبت الأجرة على الإرضاع وقال الأب إن أمي أو أختي ترضعه مجانا تكون أولى ولكن يقال لها أرضعيه في بيت الأم لأن ذلك لا يسقط حضانتها كما علم مما مر فتنبه لذلك قوله (بلا نفقة) أي من مال الصغير الموروث له من أبيه فتح وظاهره أن المراد نفقة الصبي والظاهر أن أجرة الحضانة كذلك تأمل قوله (إبقاء لماله) هذا تعليل من المنصف فإنه بعد أن نقل في المنح كلام المنية قال وله وجه وجيه لأن رعاية المصلحة في إبقاء ماله أولى من مراعاة عدم لحوق كلاهما الذي يحصل له لكونه عند الأجنبي اه والمراد بالأجنبي زوج الأم وفيه نظر فإن الوصي أجنبي كزوج الأم إذا لم يذكر أنه رحم محرم منه فالأولى الاقتصار على أن في دفعه للأم مصلحة زائدة وهي إبقاء ماله فكانت أولى بل فيه مصلحة أخرى وهي كون الأم أشفق عليه من الوصي وهي أهل للحضانة في الجملة بخلاف الوصي ولا يخالف هذا ما قدمناه آنفا عن الرملي حيث لم يعتبر كلاهما في المال لأن ذاك عند لزوم دفعه للأجنبية التي لا حق لها في الحضانة أصلا بخلاف ما هنا حتى لو طلبت الأم المتزوجة بالأجنبي تربيته بنفقة مقدرة وتبرع الوصي ينبغي أن يدفع إليها أيضا على قياس ما ذكره الرملي ولا يعتبر تبرع الوصي تأمل ثم لا يخفى أن هذا كله عند عدم وجود متبرع من أهل الحضانة كالعمة أو الخالة وإلا فهي أحق من الأم والأجنبي تنبيه وقعت حادثة الفتوى سئلت عنها قديما وهي صغير ماتت أمه وتركت له مالا وله أب معسر وجدة أم أم وجدة أم أب متزوجة بجده أرادت أم أمه تربيته بأجر وأم أبيه ترضى بذلك مجانا
613 فأجبت بأنه يدفع للمتبرعة أخذا مما هنا فإنه إذا دفع للأم الساقطة الحضانة إبقاء لماله مع كونها تربيه في حجر زوجها الأجنبي فبالأولى دفعه لأم أبيه المتبرعة إبقاء لماله مع كونه في حجر أبيه وجده الشفوقين عليه وكنت جمعت فيها رسالة سميتها (الإبانة عن أخذ الأجر على الحضانة) والله أعلم قوله (والتزمه ابن عمه مجانا) في بعض النسخ والتزم ابن العم أن يربيه مجانا وهي أظهر قوله ولا (حاضنة له) أما لو كان له حاضنة كالعمة أو الخالة فهي أولى من أمه لسقوط حقها بالتزوج بأجنبي ومن ابن العم لتقدمها عليه والظاهر أنها أولى وإن طلبت النفقة لأنها الحاضنة حقيقة قوله (فله ذلك) أي الالتزام المفهوم من التزمه ووجهه أن ابن العم له حق حضانة الغلام حيث لا حاضنة غيره والأم ساقطة الحضانة هنا والظاهر أن له ذلك وإن طلب النفقة أيضا لأنه هو الحاضن حقيقة ثم رأيت السائحاني كتب كذلك قوله (ولا تجبر عليها) أي على الحاضنة والصواب أن يقول ولا تجبر على الإرضاع كما سيذكره المصنف في باب النفقة حيث قال وليس على أمه إرضاعه إلا إذا تعينت وبهذا تندفع المنافاة بينه وبين قوله ولا تقدر الحاضنة الخ فإنه بمعنى أنها تجبر على الحضانة وهو أحد قولين في المسألة كما يأتي وإلا فكيف يصح أن يمشي على قولين متقابلين قوله (بأن لم يأخذ الخ) هذا ذكره في الخانية في مقام تعينها للإرضاع فهو مؤيد لما صوبناه وقوله وسيجئ في النفقة مؤيد لما قلنا أيضا فإنه هو الذي سيجئ هناك قوله (فتنتقل للجدة) أي تنتقل الحضانة لمن يلي الأم في الاستحقاق كالجدة إن كانت وإلا فلمن يليها فيما يظهر واستظهر الرحمتي أن هذا الإسقاط لا يدوم فلها الرجوع لأن حقها يثبت شيئا فشيئا فيسقط الكائن لا المستقبل اه أي فهو كإسقاطها القسم لضرتها فلا يرد أن الساقط لا يعود لأن العائد غير الساقط بخلاف إسقاط حق الشفعة ثم رأيت بخط بعض العلماء وعن المفتي أبي السعود مسألة في رجل طلق زوجته غنم ولد صغير منه وأسقطت حقها من الحضانة وحكم بذلك حاكم فهل لها الرجوع بأخذ الولد الجواب نعم لها ذلك فإن أقوى الحقين في الحضانة للصغيرة ولئن أسقطت الزوجة حقها فلا تقدر على إسقاط حقه أبدا اه قوله (ولا تقدر الحاضنة الخ) اختلف في الحضانة هل هي حق الحاضنة أو حق الولد فقيل بالأول فلا تجبر إذا امتنعت ورجحه غير واحد وعليه الفتوى وقيل بالثاني فتجبر واختاره الفقهاء الثلاثة أبو الليث والهندواني وخواهر زاده وأيده في الفتح بما في كافي الحاكم الشهيد الذي هو جمع كلام محمد من مسألة الخلع المذكورة قال فأفاد أي كلام الحاكم أن قول الفقهاء جواب ظاهر الرواية قال في البحر فالترجيح قد اختلف والأولى الإفتاء بقول الفقهاء الثلاثة لكن قيده في الظهيرية بأن لا يكون للصغير ذو رحم محرم فحينئذ تجبر الأم كي لا يضيع الولد أما لو امتنعت الأم وكان له جدة رضيت بإمساكه دفع إليها لأن الحضانة كانت حقا للأم فصح إسقاطها
614 حقها وعزى هذا التفصيل للفقهاء الثلاثة وعلله في المحيط بأنها لما أسقطت حقها بقي حق الولد فصارت بمنزلة الميتة أو المتزوجة فتكون الجدة أولى اه ما في البحر ملخصا قلت ويؤخذ من هذا التوفيق بين القولين وذلك أن ما في المحيط يدل على أن لكل من الحاضنة والمحضون حقا في الحضانة ومثله ما قدمناه عن المفتي أبي السعود فقول من قال إنها حق الحاضنة فلا تجبر أمرهم على ما إذا لم تتعين لها واقتصر على أنها حقها لأن المحضون حينئذ لا يضيع حقه لوجود من يحضنه غيرها ومن قال إنها حق المحضون فتجبر أمرهم على ما إذا تعينت واقتصر على أنها حقه لعدم من يحضنه غيرها والدليل على ذلك أيضا ما مر عن الظهيرية حيث عزى إلى الفقهاء الثلاثة القائلين بالجبر إنها تجبر عندهم إذا لم يوجد غيرها لا إذا وجد وأما قوله في النهر إن ما في الظهيرية ليس بظاهر لما في الفتح من أنه لم يوجد غيرها أجبرت بلا خلاف ففيه نظر لأنه على ما علمت من التوفيق يرتفع الخلاف أصلا وإن كان حكاية القولين تفيد الخلاف فيما إذا وجد غيرها ولكن حيث أمكن التوفيق كان أولى ويكون الخلاف لفظيا وكم له من وكما فاغتنم هذا التحرير قوله (لأنه) أي الحضانة وذكر الضمير نظرا للخبر ط قوله (أجبرت بلا خلاف) ولو وجد غيرها لم تجبر بلا خلاف أيضا على ما ذكرناه من التوفيق قوله (وهذا يعم الخ) أي قوله ولو لم يوجد غيرها يشمل عدم الوجود حقيقة وعدمه حكما بأن وجد غيرها وامتنع بحال البحر هكذا وظاهر كلامهم أن الأم إذا امتنعت وعرض على من دونها من الحاضنات فامتنعت أجبرت الأم لا من دونها قوله (وحينئذ) أي حين لم يوجد (1) غيرها فلا أجرة لها لأنها قامت بأمر واجب عليها شرعا ط بحال الجوهرة إذا كان لا يوجد سواها تجبر على إرضاعه صيانة له عن الهلاك وعليه لا أجرة لها اه فكلام الجوهرة في الرضاع وكأن الشارح قاس الحضانة عليه لكن الظاهر أن ما في الجوهرة بحث منه كما يشعر به قوله وعليه لا أجرة لها ويخالفه ما في الهندية وغيرها لو استؤجر له من ترضعه شهرا ثم مضى ولم يأخذ ثدي غيرها تجبر على إبقاء الإجارة فإن مقتضاه أنها تستحق الأجرة وإلا لقيل تجبر على الإرضاع مجانا ورأيت بخط شيخ مشايخنا السائحاني قال البرجندي تجبر الأم على الحضانة إذا لم يكن لها زوج والنفقة على الأب وفي المنصورية أن أم الصغيرة إذا امتنعت عن إمساكها ولا زوج للأم تجبر عليه وعليه الفتوى وقال الفقيه أبو جعفر تجبر وينفق عليها من مال الصغيرة وبه أخذ الفقيه أبو الليث فهذا نص في أن الأجرة تؤخذ مع الجبر اه ويأتي بيان وجهه قريبا قوله (إذا لم تكن منكوحة ولا معتدة لأبيه) هذا قيد فيما إذا كانت الحاضنة أما فلو كانت غيرها فالظاهر استحقاقها أجرة الحضانة بالأولى وقوله لأبيه احتراز عما لو كانت في نكاح أو عدة رجل غير الأب فإنها تستحق الأجرة عليها لكن إذا كان الناكح محرما للصغير وإلا فلا حضانة لها كما مر هذا
(1) قوله: (اي حين لم يوجد) كذا بالأصل المقابل على خط المؤلف، والذي في ط: اي حين إذ لم يوجد ا ه مصححه. 615 وقال المصنف في المنح وعندي أنه لا حاجة إلى قوله إذا لم تكن منكوحة ولا معتدة لأن الظاهر وجوب أجرة الحضانة لها إذا كانت أهلا وما ذكر إنما هو شرط لوجوب أجر الرضاع لها لأنها إنما تستأجر له إذا لم تكن منكوحة أو معتدة اه ونازعه الخير الرملي في حاشيته على المنح بأن امتناع وجوب أجر الرضاع للمنكوحة ومعتدة الرجعي لوجوبه عليها ديانة وذلك موجود في الحضانة بل دعوى الأولوية فيها غير بعيد إلى آخر ما قاله قلت على أنك قد علمت مما قدمناه آنفا أن الأجرة تستحق مع وجود الجبر فلا تنافي الوجوب ولعل وجهه أن نفقة الصغير لما وجبت على أبيه لو غنيا وإلا فمن مال الصغير كان من جملتها الإنفاق على حاضنته التي حبست نفسها لأجله عن التزوج ومثلها أجرة إرضاعه فلم تكن أجرة خالصة من كل وجه حتى ينافيها الوجوب بل لها العطار الأجرة وشبه النفقة فإذا كانت منكوحة أو معتدة لأبيه لم تستحق أجرة لا على الحضانة ولا على الإرضاع لوجوبهما عليها ديانة النفقة ثابتة لها بدونهما بخلاف ما بعد انقضاء العدة فإنها تستحقها وأشار بشبه الأجرة وعن هذا كان الأوجه عدم الفرق بين معتدة الرجعي والبائن كما هو مقتضى إطلاق الكنز وظاهر الهداية ترجيحه فإنه ذكر في الرضاع أن في معتدة البائن روايتين وآخر دليل عدم الجواز لكن ذكر في الجوهرة وغيرها تصحيح الجواز ويأتي تمامه في الباب الآتي قوله (وهي غير أجرة إرضاعه ونفقته) قال في البحر فعلى هذا يجب على الأب ثلاثة أجرة الرضاع وأجرة الحضانة ونفقة الولد اه ومثله في الشرنبلالية قوله (عن السراجية) المراد بها هنا فتاوى سراج الدين قارئ الهداية فإنه في الباب الآتي عزي ذلك إليها صريحا فلا محل لترديد المصنف لأنه يحتمل أنه أراد بها الفتاوى السراجية المشهورة مع قوله لكني لم أقف على ذلك فيها فافهم لكن قوله إذا لم تكن منكوحة ولا معتدة لأبيه نقله في البحر عن السراجية ولم أره فيها فإن عبارة فتاوى قارئ الهداية سأل هل تستحق المطلقة أجرة بسبب حضانة ولدها خاصة من غير إرضاع له فأجاب نعم تستحق أجرة على الحضانة وكذا إذا احتاج إلى خادم يلزم به اه وأفتى بذلك أيضا صاحب البحر في فتاواه وكذا في الخيرية ومشى عليه في النهر وقدمناه أنه مفهوم من قولهم في مسألة العمة والخال أن الأب معسر قوله (خلافا لما نقله المصنف) حيث قال بعد نقل كلام قارئ الهداية لكن يشكل على هذا الإطلاق ما في جواهر الفتاوى قال سئل قاضي القضاة فخر الدين قاضيخان عن المبتوتة هل لها أجرة الحضانة بعد فطام الولد فقال لا والله تعالى أعلم اه قلت يمكن حمل المبتوتة على المعتدة من طلاق بات فهو مبني على إحدى الكلب في البائن كما قدمناه آنفا لكن التقييد بما بعد فطام الولد لم يظهر لي وجهه ولعله لكونه الواقع في حادثة الفتوى
616 مطلب في لزوم أجرة مسكن لحضانة قوله (وقال نجم عليه السكنى) في نفقات البحر عن التفاريق لا تجب في الحضانة أجرة المسكن وقال آخرون تجب إن كان للصبي مال وإلا فعلى من تجب عليه نفقته اه وفي النهر وينبغي ترجيح عدم الوجوب لأن وجوب الأجر لا يستلزم وجوب المسكن بخلاف النفقة اه قلت صاحب النهر ليس من أهل الترجيح فلا يعارض ترجيحه ترجيح نجم الأئمة ولا سيما مع ضعف تعليله فإن القول بوجوب أجرة المسكن ليس مبنيا على وجوب الأجر على الحضانة بل على وجوب نفقة الولد فقد تكون الحاضنة لا مسكن لها أصلا بل تسكن عند غيرها فكيف يلزمها أجرة مسكن لتحضن فيه الولد بل الوجه لزومه على من تلزمه نفقته فإن المسكن من النفقة ونقل الخير الرملي عن المصنف أنه اختلف في لزومه والأظهر اللزوم كما في بعض المعتبرات قال الرملي وهذا يعلم من قولهم إذا احتاج الصغير لخادم يلزم الأب فإن احتياجه إلى المسكن مقرر اه قلت واعتمده ابن الشحنة مخالفا لما اختاره ابن وهبان وشيخه الطرطوسي والحاصل أن الأوجه لزومه لما قلنا لكن هذا إنما يظهر لو لم يكن لها مسكن أما لو كان لها مسكن يمكنها أن تحضن فيه الولد ويسكن تبعا لها فلا لعدم احتياجه إليه فينبغي أن يكون ذلك توفيقا بين القولين ويشير إليه قول أبي حفص وليس لها مسكن ولا يخفى أن هذا هو الأرفق للمجانبين فليكن عليه العمل والله الموفق فافهم قوله (وكذا الخ) قدمناه عن فتاوى قارئ الهداية وله (قال شيخنا) يعني الخير الرملي في حواشيه على البحر فافهم قوله (وقواعدنا تقتضيه) قلت ما قدمناه قريبا عن خط شيخ مشايخنا السائحاني صريح في ذلك فقد وافق بحثه المنقول قوله (ثم حرر) أي الخير الرملي أن الحضانة كالرضاع أي في أنها لا أجر للأم فيها ولو منكوحة أو معتدة وإلا فلها الأجرة من مال الصغير إن كان له مال وإلا فمن مال أبيه أو من تلزمه نفقته هذا خلاصة ما حط عليه رأيه بعد كلام طويل وقد علمت تأييده بما نقلناه عن خط السائحاني قلت وهذا كله حيث لم يوجد متبرع بالحضانة فإن وجد فإما أن يكون أجنبيا عن الصغير أو لا وعلى كل فإما أن يكون الأب معسرا أو لا وعلى كل فإما أن يكون للصغير مال أو لا فإن كان أجنبيا يدفع للأهل للحضانة بأجر المثل ولو من مال الصغير وإن كان المتبرع غير أجنبي فإن كان الأب معسرا والصغير له مال أو لا يقال للأم إما أن تمسكيه مجانا أو تدفعيه للعمة مثلا المتبرعة صونا لماله لو له مال وإن كان الأب موسرا والصغير له مال فكذلك لأن الأجرة حينئذ على
617 الصغير وإن كان الأب موسرا ولا مال للصغير فالأم مقدمة وإن طلبت الأجرة نظرا للصغير بلا ضرر له في ماله هذا حاصل ما تحرر للعبد الضعيف بناء على أن الحضانة كالرضاع وتمام ذلك في رسالتنا الإبانة عن أخذ الأجر على الحضانة قوله (أو لم تقبل أو أسقطت حقها) مبني على عدم الجبر كما لا يخفى ح ومر الكلام فيه قوله (أو تزوجت بأجنبي) أشمل من ذلك قول البحر أو لم تكن أهلا للحضانة فإنه يدخل ما لو كانت فاجرة أو غير مأمونة قوله (عند عدم أهلية القربى) قيد لقوله وإن علت لأن البعيدة لا حق لها عند أهلية القربى قوله (بالشرط المذكور) هو عدم أهلية القربى قوله (بحر) أي أخذا من قول الخصاف إن أم أبي الأم لا تكون بمنزلة قرابة الأم من قبل أمها وكذا كل من كان من قبل أبي الأم اه زاد في الولوالجية لأن هذا الحق لقرابة الأم قال في البحر وظاهره تأخير أم أبي الأم عن أم الأب بل عن الخالة أيضا وقد صارت حادثة الفتوى اه قال ط ووجه ذلك أن الأخت لأم والخالات متأخرات عن أم الأب فإذا كن أولى من أم أبي الأم لكونهن من قرابة الأم فمن كانت مقدمة عليهن وهي أم الأب أولى بالتقدم اه تأمل قوله (ثم الأخت لأب وأم) أي أخت الصغير لأن قرابة الأب وإن كانت لا مدخل لها فيما يعتبر وهو الإدلاء بالأم لكنها تصلح للترجيح خلافا لقول زفر باشتراكها مع الأخت لأم أفاده الزيلعي قوله (لأن هذا الحق) أي الحضانة وهذا علة لكون الأخت لأم تلي الأخت الشقيقة قوله (ثم الأخت لأب) تقديمها على الخالة هو ما مشى عليه أصحاب المتون اعتبارا لقرب القرابة وتقديم المدلي بالأم على المدلي بالأب عند اتحاد رتبتهما قربا قال في البحر وهذه رواية كتاب النكاح وفي رواية كتاب الطلاق الخالة أولى لأنها تدلي بالأم وتلك بالأب قوله (ثم بنت الأخت لأبوين ثم لأم) كونهما أحق من الخالة باتفاق الروايات وأما بنت الأخت لأب ففي رواية أحق والصحيح أن الخالة أحق منها كما في البحر والزيلعي قوله (ثم لأب) هذا ساقط من بعض النسخ وهو المناسب لما علمت من أن الصحيح خلافه مع مخالفته لما بعده قوله (ثم الخالات) أي خالات الصغير قوله (ثم بنت الأخ لأب) هذا هو الصحيح كما علمت وبه صرح في الخانية أيضا قوله (ثم بنات الأخت) أي لأب وأم أو لأم أو لأب فيما يظهر ح أي على الترتيب قال الزيلعي وبنات الأخت أولى من بنات الأخ لأن الأخت لها حق في الحضانة دون الأخ فكان المدلى بها أولى قوله (ثم العمات كذلك) أي تقدم العمة لأب وأم ثم لأم ثم لأب ولم يذكر بنات الخالة والعمة لأنه لا حق لهن لأنهن غير محرم بحر ويأتي الكلام فيه قوله (ثم عمات الأمهات والآباء) قياس ما ذكره في الخالات تقديم عمات الأم على عمات الأب ويفيده ما مر من أن هذا الحق لقرابة الأم وكذا ما في كافي الحاكم من قوله وكل من كان من قبل الأم فهو أولى ممن هو من قبل الأب قوله (بهذا الترتيب) أي العمة لأبوين ثم لأم ثم لأب وله (ثم العصبات) أي إن لم يكن
618 للصغير أحد من محارمه النساء بحر أو كان إلا أنه ساقط الحضانة لأنه كالمعدوم رملي قوله (ثم الجد) أي أبو الأب وإن علا بحر قوله (ثم بنوه كذلك) أي بنو الأخ الشقيق ثم بنو الأخ لأب وكذا كل من سفل من أولادهم بحر قوله (ثم العم ثم بنوه) ينبغي أن يقول كذلك لما في البحر والفتح ثم العم شقيق الأب ثم لأب وأما أولاده فيدفع إليهم الغلام لا الصغيرة لأنهم غير محارم قوله (وإذا اجتمعوا الخ) أي كعمين ط وينبغي أسقاطه والاستغناء عنه بما سيأتي فإن راجع للكل ح قوله (سوى فاسق) استثناء من قوله ثم العصبات قال في البحر ولا للعصبة الفاسق ولا إلى مولى العتاقة تحرزا عن الفتنة اه مطلب لو كانت لإخوة أو لأعمام غير مأمونين لا تسلم لمحضونة إليهم وفي البدائع حتى لو كانت الإخوة والأعمام غير مأمونين على نفسها أو مالها لا تسلم إليها وينظر القاضي امرأة ثقة عدلة أمينة فيسلمها إليها إلى أن تبلغ قوله (ومعتوه) في نسخة ومعتق أي بكسر التاء لقول البحر المار ولا إلى مولى العتاقة وفي الفتح ويدفع الذكر إلى مولى العتاقة لأنه آخر العصبات ولا تدفع الأنثى إليه اه قلت ينبغي أنه لو كان مولى العتاقة امرأة أن تدفع الأنثى إليها دون الذكر تنبيه اشترط في البدائع في العصبة اتحاد الدين حتى لو كان للصبي اليهودي أخوان أحدهما مسلم يدفع لليهودي لأنه عصبته لا للمسلم اه قوله (وابن عم لمشتهاة الخ) أما إذا كانت لا تشتهي كبت سنة مثلا فلا منع لأنه لا فتنة وكذا إذا كانت تشتهي وكان مأمونا بحر بحثا وأيده بما في التحفة وإن لم يكن للجارية غير ابن العم فالاختيار للقاضي إن رآه أصلح ضمها إليه وإلا توضع عل يد أمينة اه قلت ما في التحفة علله في شرحها البدائع بقوله لأن الولاية في هذه الحالة إليه فيراعي الأصح اه وهو ظاهر في أنه لا حق لابن العم في الجارية مطلقا وأن للقاضي دفعها لأجنبية ولو مأمونا حيث رأى المصلحة في ذلك ولو كان الحق له لم يكن للقاضي الاختيار وقد رد الرملي ما بحثه في البحر بنحو ما قلنا وبتعليلهم بأن ابن العم غير محرم وأنه لا حق لغير المحرم قال ولعل وجهه أنه لو ثبت له حضانتها كانت عنده إلى أن تشتهي فتقع الفتنة فحسم من أصله قوله (ثم إذا لم يكن عصبة الخ) أفاد أن العصبات مقدمون على ذوي الأرحام الذكور والمراد العصبة المستحق إذ لو لم يستحق كابن عم لجارية يقدم عليه مثل الأخ لأم والحال كما صرح به في البدائع والمراد بذوي الأرحام من كان منهم محرما احترازا عن ابن العمة والخالة كما يأتي قوله (فتدفع لأخ لأم) كان ينبغي أن يذكر أولا الجد لأم ففي الهندية إنه أولى من الأخ لأم والخال اه قوله (ثم لأم) الذي في الشرنبلالية عن البرهان وكذا في الفتح ثم لأب ثم لأم قوله (برهان وعيني بحر) كذا في بعض النسخ وسقط من بعضها لفظ بحر وهو الأولى لأنه في البحر لم
619 يعزه إلى البرهان والعيني قوله (فإن تساووا) كإخوة أشقاء مثلا قوله (ولا حق لولد عم الأخ) كان المناسب التعبير بالبنات بدل الولد لأن الولد يشمل الذكر والأنثى وقد مر أن ابن العم له حق في الغلام دون الجارية وأما الفرق بين الجارية المشتهاة وغيرها فقد علمت ما فيه فافهم وفي البحر لا حق لبنات العمة والخالة لأنهن غير محرم وكذلك بنات الأعمام والأخوال بالأولى كذا في كثير من الكتب اه ووجه الأولوية أن العمة والخالة مقدمتان على العم والخال مع أنه لا حق لبناتهما ومقتضاه أنه لا حق لبنت العمة ونحوها في حضانة الجارية ولا لابن العمة في حضانة الغلام وينبغي إجراء التفصيل المذكور في ابن عم هنا ولم أر من ذكره تأمل وسئلت عن صغير له جد أبو أم وبنت عمة ولا شبهة أن الحضانة للجد كما علمته مما ذكرناه عن الهندية أما لو كان الصغير أنثى فإن قلنا إن لبنت العمة حقا في الأنثى ينبغي تقديمها على الجد لأم لأن النساء أقدر لكنه خلاف ما مر عن الهندية فليتأمل قوله (والحاضنة الذمية) أشار إلى أن ما في الكنز من التقييد بالأم اتفاقي بل كل حاضنة ذمية كذلك كما صرح به في خزانة الأكمل بحر قوله (ولو مجوسية) بأن أسلم زوجها وأبت قوله (بسبع سنين) فائدة هذا تظهر في الأنثى لأن الذكر تنتهي حضانته بالسبع حموي قوله (أو إلى أن يخاف) أشار إلى أن قول المصنف أو يخاف منصوب بأن مضمرة بعد أو التي بمعنى إلى كما في الفتح وهذا زاده في الهداية فظاهره أنه إذا خيف أن يألف الكفر نزع منها وإن لم يعقل دينا بحر قال ط ولم يمثلوا لآلف الكفر والظاهر أن يفسر سببه بنحو أخذه لمعابدهم وفي الفتح وتمنع أن تغذيه الخمر ولحم الخنزير وإن خيف ضم إلى ناس من المسلمين وقول البحر لم ينزع منها بل يضم إلى أناس من المسلمين فيه تحريف والظاهر أن لم زائدة وإلا تناقض تأمل قوله (بنكاح غير محرمة) أي سواء دخل بها أو لا وكان ينبغي أن يقول غير محرمة النسبي لأن الرضاعي كالأجنبي في سقوط حضانتها به رملي قلت ينبغي أنه لو لم يكن للغلام سوى مشهور عم تزوجت أمه أحدهما أن لا يسقط حقها لأن الآخر أجنبي مثله فلا فائدة في دفعه إليه بل إبقاؤه عندها أولى واحترز عما كان زوج الجدة الجد أو زوج الأم أو الخالة العم ونحوه قوله (في بيت الراب) بتشديد الباء اسم فاعل من التربية وهو زوج الأم والولد ربيب له قوله (فللأب أخذه) أي إلا إذا لم يكن لها مسكن وطلبت من الأب أن يسكنها في مسكن فإن السكنى في الحضانة عليه كما مر قوله (للفرق البين الخ) استظهر هذا
620 الخير الرملي أيضا بقولهم إن زوج الأم الأجنبي يطعمه نزرا أي قليلا وينظر إليه شزرا أي نظر البغض وهذا مفقود في الأجنبي عن الحاضنة قال ح وفي النفس من هذا الفرق شئ فإن الراب إذا كان كذلك فالأجنبي أولى كما هو المشاهد اه قلت الأصوب التفصيل وهو أن الحاضنة إذا كانت تأكل وحدها وابنها معها فلها حق لأن الأجنبي لا سبيل له عليها ولا على ولدها بخلاف ما إذا كانت في عيال ذلك الأجنبي أو كانت زوجة له وأنت علمت أن سقوط الحضانة بذلك لدفع كلاهما عن الصغير فينبغي للمفتي أن يكون ذا بصيرة ليراعي الأصلح للولد فإنه قد يكون له قريب مبغض له يتمنى موته ويكون زوج أمه مشفقا عليه يعز عليه فراقه فيريد قريبه أخذه منها ليؤذيه ويؤذيها أو ليأكل من نفقته أو نحو ذلك وقد يكون له زوجة تؤذيه أضعاف ما يؤذيه زوج أمه الأجنبي وقد يكون له أولاد يخشى على البنت منهم الفتنة لسكناها معهم فإذا علم المفتي أو القاضي شيئا من ذلك لا يحل له نزعه من أمه لأن مدار أمر الحضانة على نفع الولد وقد مر عن البدائع لو كانت الإخوة والأعمام غير مأمونين على نفسها أو مالها لا تسلم إليهم وقدمنا في العدة عن الفتح عند قوله إن المختلعة لا تخرج من بيتها في الأصح أن الحق أن على المفتي أن ينظر في خصوص الوقائع فإن علم عجزها عن المعيشة إن لم تخرج أفتاها بالحل لا إن علم قدرتها قوله (قال) أي في النهر وأصله للبحر حيث قال ودخل تحت غير المحرم الرحم الذي ليس بمحرم كابن العم فهو كالأجنبي هنا اه أي فإذا تزوجته سقط حقها وأنت خبير بأن هذا مفروض فيما إذا كان مستحق للحضانة أقرب منه فلو لم يكن غيره وكان الولد ذكرا يبقى عند أمه وكذا لو كان أنثى لا تشتهى أو كان مأمونا على ما بحثه في البحر فافهم قوله (البائنة) أما الرجعية فلا بد من انقضاء العدة فيها نهر ومقتضاه العود في البائنة قبل انقضاء العدة مع أنها تعتد في بيت الزوج ولعل وجهه ارتفاع ولايته عليها فلا ضرر للولد عنده وفي ذلك تأييد لما قدمناه من التفصيل تأمل قال في الدر المنتقى وكذا أي تعود الحضانة لو زالت بجنون وردة ثم زال المانع ذكره العيني وغيره فالأحسن ويعود الحق بزوال مانعه اه قوله (لزوال المانع) أي ليس من معي عود الساقط حتى يقال إن الساقط لا يعود فقولهم يسقط حقها معناه منع منه مانع كقولهم تسقط النفقة بالنشوز والولاية بالجنون ثم تعود بزوال ذلك أفاده في النهر وقد يقال إن الساقط لم يعد بل عاد حق جديد لقيام سببه بخلاف سقوط الشفعة لأنه حق واحد كما مر فتدبر قوله (والقول لها الخ) أي لو ادعى تزوجها وأنكرت فالقول لها ولو أقرت به لكنها ادعت الطلاق فإن لم تعين الزوج فالقول لها لا إن عينته وينبغي أن يكون مع اليمين في الفصلين نهر ووجه الفرق أن دعواها طلاق المعين لما أبطلها الشرع بدون تصديقه لم يقبل قولها أصلا قوله (حتى يستغني عن النساء) بأن يأكل ويشرب ويستنجي وحده والمراد بالاستنجاء تمام الطهارة بأن يتطهر بالماء بلا معين وقيل مجرد الاستنجاء وهو التطهير من النجاسة وإن لم يقدر على تمام الطهارة زيلعي أي الطهارة الشاملة للوضوء قوله (وقدر بسبع) هو قريب من الأول بل عينه لأنه حينئذ يستنجي وحده ألا ترى إلى ما يروي عنه أنه قال مروا صبيانكم إذا بلغوا
621 سبعا والأمر بما لا يكون إلا بعد القدرة على الطهارة زيلعي قوله (وبه يفتى) وقيل بتسع سنين قوله (لأنه الغالب) أي الاستغناء هو الغالب في هذا السن قوله (فإن أكل الخ) أفاد أن القاضي لا يحلف أحدهما بل ينظر فيما ذكر كما في البحر عن الظهيرية ووجهه أن اليمين للنكول ولا يملك أحدهما إبطال حق الولد من كونه عند أمه قبل السبع وعند أبيه بعدها قوله (ولو جبرا) أي إن لم يأخذه بعد الاستغناء أجبر عليه كما في الملتقى وفي الفتح ويجبر الأب على أخذ الولد بعد استغنائه عن الأم لأن نفقته وصيانته عليه بالإجماع اه في شرح المجمع وإذا استغنى الغلام عن الخدمة أجبر الأب أو الوصي أو الولي على أخذه لأنه أقدر على تأديبه وتعليمه اه وفي الخلاصة وغيرها وإذا استغنى الغلام وبلغت الجارية فالعصبة أولى يقدم الأقرب فالأقرب ولاحق لابن العم في حضانة الجارية اه قلت بقي ما إذا انتهت الحضانة ولم يوجد له عصبة ولا وصي فالظاهر أنه يترك عند الحاضنة إلا أن يرى القاضي غيرها أولى له والله أعلم قوله (وإلا) بأن فقدت الأربعة أو بعضها لا يدفع إليه ط قوله (والجدة) أي وإن علت ط قوله (أي تبلغ) وبلوغها إما بالحيض أو الإنزال أو السن ط قال في البحر لأنها بعد الاستغناء تحتاج إلى معرفة آداب النساء والمرأة على ذلك أقدر وبعد البلوغ تحتاج إلى التحصين والحفظ والأب فيه أقوى وأهدى قوله (في ظاهر الرواية) مقابله رواية محمد الآتية قوله (فالقول للأم) لأنه يدعي سقوط حقها بحر قوله (وأقول الخ) هو لصاحب النهر حيث قال وأقول ينبغي أن ينظر إلى سنها فإن بلغت سنا تحيض فيه الأنثى غالبا فالقول له وإلا لها اه والذي ينبغي الرجوع إلى الصغيرة فإن ادعت البلوغ في سن يحتمله صدقت كما هو المصرح به في باقي الأحكام أفاده الرحمتي قوله (مشتهاة اتفاقا) بل في محرمات المنح بنت تسع فصاعدا مشتهاة اتفاقا سائحاني قوله (كذلك) أي في كونها أحق بها حتى تشتهي قوله (وبه يفتى) قال في البحر بعد نقل تصحيحه ولحاصل أن الفتوى على خلاف ظاهر الرواية قوله (وأفاد أي المصنف بقوله حتى تشتهي من غير تقييد بما قبل التزوج قوله (بتزوجها) أي الصغيرة قوله (ما دامت لا تصلح للرجال) فإن صلحت تسقط وسيأتي في أول النفقات أن التي تشتهي للوطء فيما دون الفرج يلزمه نفقتها وكذا التي تصلح للخدمة أو للاستئناس إن أمسكها في بيته عند الثاني واختاره في التحفة اه ومقتضاه أن صلوحها للرجال يكفي بالوطء فيما دون الفرج ولذا لزمه نفقتها
622 بخلاف من تصلح للخدمة والاستئناس فقط حيث لا تلزمه نفقتها إلا إن رضي بها وأمسكها في بيته قوله (في رواية الخ) فيه إشارة إلى ضعفها وظاهره أنها إذا صلحت للرجال قبل البلوغ وقد زوجها أبوها لا حضانة لأمها اتفاقا وهذا ظاهر على القول المفتى به لا على ظاهر الرواية من قوله حتى تحيض فيحتاج إطلاقه إلى تقييد أفاده في البحر أي تقييد قوله حتى تحيض بما إذا لم تتزوج قوله (وفي الظهيرية الخ) دخول على المتن ط قوله (لكن أمه) أي التي هي ابنتك قوله (لأن الفراش لهما) لكون النكاح يثبت بالتصادق قوله (لما قلنا) من أن الفراش لهما قوله (وكذا لو قالت الجدة) سماها جدة نظرا لزعمها قوله (فقال بل من غيرها) أي من امرأة أجنبية عنك وهذا هو الفرق بين هذه وبين المسألة الأولى فإنه في الأولى اعترف بأنه من ابنتها وأنها جدته قوله (وكذبته الجدة) بأن قالت ما هذه أمه بل أمه ابنتي ظهيرية قوله (وصدقتها المرأة) بأن قالت صدقت ما أنا بأمه وقد كذب هذا الرجل ولكني امرأته ظهيرية قوله (لأنه لما قال هذا مشهور من هذه المرأة) وكذا قوله بل من غيرها قوله (انتهى ملخصا) أي انتهى كلام الظهيرية حال كونها ملخصا أفاد به أنه لم يأت بعين عبارتها بل حذف بعضها اختصارا وهو كذلك وإن استوفى في صور المسألة فافهم قوله (ولا خيار للولد عندنا) أي إذا بلغ السن الذي ينزع من الأم يأخذه الأب ولا خيار للصغير لأنه لقصور عقله يختار من عنده اللعب وقد صح أن الصحابة لم يخيروا وأما حديث أنه خير فلكونه قال اللهم اهده فوفق لا اختيارا لا نظر () بدعائه عليه الصلاة والسلام وتمامه في الفتح قوله (وأفاده) أي أفاد ما ذكر من ثبوت التخيير والانفراد للبالغ مع زيادة تفصيل وتقييد لذلك فافهم قوله (مبلغ النساء) أي بما تبلغ به النساء من الحيض ونحوه ولو حذفه لكان أصح قوله (ضمها الأب إلى نفسه) أي وإن لم يخف عليها الفساد لو حديثة السن بحر والأب غير قيد فإن الأخ والعم كذلك عند فقد الأب ما لم يخف عليها منهما فينظر
623 القاضي امرأة مسلمة ثقة فتسلم إليها كما نص عليه في كافي الحاكم وذكره المصنف بعد قوله (إلا إذا دخلت في السن) عبارة الوجيز مختصر المحيط إلا إذا كانت مسنة غنم أجرة وفي كفاية المتحفظ وفقه اللغة من رأى البياض فهو أشيب وأشمط ثم شيخ فإذا ارتفع عن ذلك فهو مسن رحمتي قوله (لا لغيرهما الخ) الفرق أن الأب والجد كان لهما ولاية الضم في الابتداء فجاز أن يعيداها إلى حجرهما إذا لم تكن مأمونة أما غيرهما فلم تكن له ولاية الضم في الابتداء فلا تكون له ولاية الإعادة أيضا بحر عن الظهيرية قلت وفيه نظر فإن المتون مصرحة بأنه إذا لم تكن امرأة فالحضانة للعصبات على ترتيبهم ففي ذلك إثبات ولاية الضم ابتداء لغير الأب والجد إلا أن يريد بقوله أما غيرهما العصبة غير المحرم كابن العم ومولى العتاقة فإن الأنثى لا تضم إليه كما مر وعبارة الفتح إلا أن تكون غير مأمونة على نفسها لا يوثق بها فللأب أن يضمها إليه وكذا للأخ والعم الضم إذا لم يكن مفسدا فإن كان فحينئذ يضعها القاضي عند امرأة ثقة اه وزاد الزيلعي وكذا الحكم في كل عصبة ذي رحم محرم منها اه وهذا الذي مشى عليه المصنف بعد قوله (والغلام إذا عقل الخ) كان ينبغي الابتداء بمسألة الغلام أو ذكرها آخرا لأن ما قبلها وما بعدها في الجارية ثم المراد الغلام البالغ لأن الكلام فيما بعد البلوغ بحال الزيلعي ثم الغلام إذا بلغ رشيدا فله أن ينفرد إلا أن يكون مفسدا مخوفا عليه الخ واحترز عما إذا بلغ معتوها ففي الجوهرة ومن بلغ معتوها كان عند الأم سواء كان ابنا أو بنتا اه وفي الفتح والمعتوه لا يخير ويكون عند الأم اه قال في البحر بعد نقله ما في الفتح وينبغي أن يكون عند من يقول بتخيير الولد وأما عندنا فالمعتوه إذا بلغ السن المذكور أي الذي ينزع فيه من الأم يكون عند الأب اه وتبعه في النهر وهو الموافق للقواعد تأمل قوله (فله ضمه) أي للأب ولاية ضمه إليه والظاهر أن الجد كذلك بل غيره من العصبات كالأخ والعم ولم أر من صرح بذلك ولعلهم اعتمدوا على أن الحاكم لا يمكنه من المعاصي وهذا في زماننا غير واقع فيتعين الإفتاء بولاية ضمه لكل من يؤتمن عليه من أقاربه ويقدر على حفظه فإن دفع المنكر واجب على كل من قدر عليه لا سيما من يلحقه عاره وذلك أيضا من أعظم صلة الرحم والشرع أمر بصلتها وبدفع المنكر ما أمكن قال تعالى * (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون) * (النحل 90) ثم رأيت في حاشية البحر للرملي ذكر ذلك بحثا أيضا وقال ولم أره ثم قال ثم رأيت النقل فيه وهو ما في المنهاج والخلاصة والتاترخانية وإن لم يكن للصبي أب وانقضت الحضانة فمن سواه من العصبة أولى الأقرب فالأقرب غير أن الأنثى لا تدفع إلا إلى محرم اه
624 قلت كلامنا فيما إذا بلغ الغلام وما نقله فيما قبل البلوغ ولذا لم يذكر فيه التفصيل بين كونه مأمونا أو غيره قوله (فيما ذكر) أي من أحكام البكر والثيب والغلام والتأديب ط قوله ( وإن لم يكن لها) أي للبكر كما قدمناه عن الكافي وكذا الثيب كما علمته خلافا لما مر عن الظهيرية وقد صرح المصنف به بعد في قوله بلا فرق في ذلك بين بكر وثيب تنبيه حاصل ما ذكره في الولد إذا بلغ أنه إما أن يكون بكرا مسنة أو ثيبا مأمونة أو غلاما كذلك فله الخيار وإما أن يكون بكرا شابة أو يكون ثيبا أو غلاما غير مأمونين فلا خيار لهم بل يضمهم الأب إليه قوله (وإذا بلغ الذكور حد الكسب) أي قبل بلوغهم مبلغ الرجال إذ ليس له إجبارهم عليه بعده قوله (بخلاف الإناث) فليس له أن يؤجرهن في عمل أو خدمة تاترخانية لأن المستأجر غلام بها وذلك سئ في الشرع ذخيرة ومفاده أنه يدفعها إلى امرأة تعلمها حرفة كتطريز وخياطة إذ لا محذور فيه وسيأتي تمامه في النفقات قوله (ولو الأب مبذرا) أي يخشى منه إتلاف كسب الابن قوله (كما في سائر الأملاك) أي أملاك الصبيان تاترخانية أي فإن القاضي ينصب لهم وصيا يحفظ لهم مالهم إذا كان الأب مبذرا قوله (للمطلقة بائنا الخ) أما المطلقة رجعية فحكمها حكم المنكوحة ليس لها الخروج لأن حق السكنى للزوج وأما المعتدة فليس لها الخروج قبل انقضاء العدة مطلقا بحر والظاهر أن المتوفي عنها زوجها كالمطلقة في ذلك فلا تملك ذلك بلا إذن الأولياء لقيامهم مقام الأب وما فيه إضرار بالولد ظاهر المنع اه رملي لا يقال إن معتدة الموت تخرج يوما وبعض الليل لأن المراد هنا الانتقال إلى بلدة أخرى وليس لها ذلك في العدة وأما بعد انقضائها فلم أره وقول الرملي لقيام الأولياء مقام الأب يفيد منعها من ذلك بعد العدة أيضا لكن سئل شيخ مشايخنا العلامة الفقيه منلا علي التركماني عن يتيم في حضانة أمه له جد لأب تريد أمه السفر به من بلدها التي تزوجت فيها إلى بلدة أخرى فهل لجده منعها فأجاب بأن الواقع في كتب المذهب متونا وشروحا تقييد المسألة بالمطلقة والأب ولم نر من أجراها في غيرهما ومفاده أن الجد ليس له منعها وما قاله الخير الرملي لم يستند فيه إلى نقل فينبغي التوقف حتى نرى النقل الصريح فإن العلم أمانة هذا حاصل ما رأيته بخطه رحمه الله تعالى ووجه توقفه التقييد بالأب والمطلقة فيحتمل كونه للاحتراز بقرينة تخصيصهم هذا الحكم بالأم
625 المطلقة فقط ويحتمل عدمه لما قاله الرملي والله سبحانه أعلم قوله (لم تمنع) إلا إذا انتقلت من مصر إلى قرية كما يأتي قوله (مطلقا) سواء كان وطنا لها أو لا وقع العقد فيه أو لا بحر قوله (من محلة إلى محلة) أي في بلد واحدة الظاهر أنه لو كان بين المحلتين تفاوت تمنع قوله (إلا إذا انتقلت الخ) قال الرملي في حواشي المنح هذا خطأ تبع فيه صاحب البحر إذ ليس لها نقله من قرية إلى مصر بينهما تفاوت والعجب في حكم لم يقل به أحد جعله متنا بمجرد تقليده للبحر اه وفي ط عن الهندية عن المحيط وإن أرادت نقله من قرية إلى مصر جامع وليس ذلك مصرها ولا وقع النكاح فيها فليس لها ذلك وإلا أن يكون المصر قريبا من القرية على التفسير الذي قلنا اه قوله (وفي عكسه لا الخ) أي وفي انتقالها من المصر إلى القرية لا تمكن من ذلك ولو كانت القرية قريبة لتضرر الولد بتخلفه بأخلاق أهل السواد أي أهل القرى المجبولة على الجفاء قوله (إلا إذا كان الخ) استثناء من قوله وفي عكسه لا ومثله ما إذا انتقلت من قرية إلى مصر أو إلى قرية أو من مصر إلى مصر ولذا عمم الشارح بقوله ما انتقلت إليه ويمكن جعله مستثنى من قوله ليس للمطلقة الخروج ولكن كان حقه العطف بالواو وطنها وأفاده ط قوله (أي عقد عليها في وطنها) أفاد أن المراد بالنكاح مجرد العقد وأن الإشارة بثمة للوطن فلا بد من جواز الانتقال إلى البلدة البعيدة من شرطين كونها وطنها وكون العقد فيها وفي رواية الجامع الصغير اشتراط العقد دون الوطن قال الزيلعي والأول أصح لأن التزوج في دار ليس التزاما للمقام فيها عرفا فلا يكون لها النقلة إليها قوله (ولو قرية في الأصح) أي ولو كان الوطن الواقع فيه العقد قرية خلافا لما في شرح البقالي فإنه ضعيف كما في البحر وقوله (إلا دار الحرب) استثناء من فيه العقد من الاستثناء في المتن وقوله إلا أن يكونا مستأمنين استثناء من قوله إلا دار الحرب أي لها الانتقال إلى وطنها الذي نكحها فيه إن لم يكن دار الحرب والزوج مسلم أو ذمي فلو كانا حربيين مستأمنين فلها ذلك كما في البدائع والحاصل أن عبارة المتن والشرح في غاية الخفاء مع التطويل فالأظهر والأخصر أن يقال وللمطلقة الخروج بالولد من قرية إلى مصر قريبة لا عكسه ومن بلدة إلى أخرى هي وطنها وقد نكحها فيها ولو دار حرب لو زوجها حربيا مثلها فهذه عبارة موجزة نافعة جامعة مانعة قوله (وهذا الحكم) أي الذي ذكر من الخروج والتفصيل فيه ط قوله (كجدة) وغير الجدة من الحاضنات مثلها بالأولى كما في البحر قوله (لعدم العقد بينهما) لأن العقد على الزوجة في وطنها دليل الرضا بإقامتها بالولد فيه ولا عقد بينه وبين الجدة قوله (إلا بإذنه) أي إذن الأب وكذا من له حق الحضانة من الرجال ط تأمل قوله (من إخراجه) أي إلى مكان بعيد أو قريب يمكنها أن
626 تبصره فيه ثم ترجع لأنها إذا كانت لها الحضانة يمنع من أخذه منها فضلا عن إخراجه فما في النهر من تقييده بالعبد أخذا مما يأتي عن الحاوي غير صحيح فافهم قوله (من بلد أمه) الظاهر أن غيرها من الحاضنات كذلك ط قوله (ما بقيت حضانتها) كذا في النهر وفيه كلام قوله (فلو أخذ الخ) تفريع على مفهوم ما قبله وفي المجمع ولا يخرج الأب بولده قبل الاستغناء وعلله في شرحه بما فيه من الإضرار بالأم بإبطال حقها في الحضانة قال في البحر وهو يدل على أن حضانتها إذا سقطت جاز له السفر به ثم نقل كلام السراجية المذكور وقال وهو صريح فيما قلنا اه لكن في الشر نبلالية عن البرهان وكذا لا يخرج الأب به من محل إقامته قبل استغنائه وإن لم يكن لها حق في الحضانة لاحتمال عوده بزوال المانع اه وهو المفهوم مما يأتي عن فتاوى الرملي ويدل له ما في الحاوي كما تعرف ولا ينافيه ما مر عن شرح المجمع لاحتمال أن يريد بالحق الحال أو المستقبل تأمل قوله (كما في السراجية) المراد بها فتاوى سراج الدين قارئ الهداية قوله (وقيده المصنف الخ) وكذا قيده في النهر ولا حاجة إليه لأنها إذا تزوجت وكان لها أم أهل للحضانة أو غيرها فليس لأبيه أخذه منها فضلا عن السفر به قوله (وفي الحاوي) يعني القدسي قوله (إخراجه الخ) أنت خبير بأن هذا أمرهم على ما إذا لم يكن لها حق الحضانة لا تمكنه من أخذه منها فضلا عن إخراجه عنها إلى قرية أو بلدة قريبة أو بعيدة خلافا لما في النهر كما مر فافهم ثم لا يخفى أنه مخالف لما مر عن السراجية ولما يأتي عن شيخه الرملي بل ولما مر عن المجمع والبرهان لأن ما في الحاوي يشمل ما بعد الاستغناء وهذا هو الأرفق بالأم ويؤيده ما في التاترخانية الولد متى كان عند أحد الأبوين لا يمنع الآخر عن النظر إليه تعهده أهم ولا يخفى أن السفر أعظم مانع قوله (كما في جانبها) أي كما أنها إذا كان الولد عندها لها إخراجه إلى مكان يمكنه أن يبصر ولده كل يوم قوله (لا يجبر على أن يرسله) وكذا يقال في جانبها وقت حضانتها ط ويفيده ما قدمناه آنفا عن التاترخانية قوله (بأنه يسافر به بعد تمام حضانتها) لم أره في الخيرية في هذا المحل قوله (وبأن غير الأب الخ) يوهم أن غير الأب له السفر به أيضا إذا كان عنده ولم أر من ذكره بل قال القهستاني فلا يخرجه الأب إلا أن يستغني ولا غيره ممن يستحق الحضانة نظرا للصغير اه والذي أفتى به الرملي في الخيرية هو أنه إذا تزوجت الأم بأجنبي وللصغير ابن عم له طلبه قال في المنهاج للعقيلي وإن لم يكن للصبي أو انقضت الحضانة فيمن سواه من العصبة أولى
627 الأقرب فالأقرب غير أن الأنثى لا تدفع إلى غير المحرم ومثله في الخلاصة والتاترخانية وغيرهما اه قوله (لا يلزمه رده) بل يقال اذهبي وخذيه نهر قوله (فعليه رده) لأنه وإن أخرجه بإذنها لكنها لما خرجت معه لم تكن راضية بفراقه فإذا ردها وحدها ثم طلقها لزمه رده إليها بخلاف ما إذا أذنت بإخراجه وحده والله سبحانه أعلم باب لنفقة قوله (هي لغة الخ) النفقة قوله هي لغة الخ مشتقة من النفوق وهو الهلاك نفقت الدابة نفوقا هلكت أو من النفاق وهو الرواج نفقت السلعة نفاقا راجت ذكر الزمخشري أن كل ما فاؤه نون وعينه فاء يدل على معنى الخروج والذهاب مثل نفق ونفر ونفس ونفي ونفد وفي الشرع الإدرار على شئ بما فيه بقاؤه كذا في الفتح قلت ولا يخفي أن ما ذكره بيان لأصل مادتها ومأخذ اشتقاقها ووجه تسميتها فإن بها هلاك المال ورواج الحال فلا ينافي قولهم أيضا إنها في اللغة ما ينفقه الإنسان على عياله ونحوهم فإنه بيان لحقيقة مدلولها وأنها اسم عين لا حدث مطلب للفظ جامد ومشتق وعن هذا قالوا إن اللفظ قسن جامد وهو ما لم يوافق مصدرا بحروفه الأصول ومعناه كرجل وأسد ومشتق وهو خلافه وهو قسمان مطرد وغيره فالأول كاسم الفاعل والمفعول وبقية المشتقات فضارب مثلا يطرد إطلاقه على كل من اتصف بمعنى المشتق هو منه والثاني ما كان معنى المشتق منه مرجحا للتسمية غير انظر فيها كقارورة حتى لا يطرد في كل ما وجد فيه ذلك المعنى فلا يصح إطلاق قارورة على نحو البئر وإن وجد فيه قرار الماء فالنفقة من هذا القبيل لا من المطرد ولا من الجامد غير المشتق وبهذا التقرير اندفع ما أورده في البحر فافهم قوله (وشرعا هي الطعام الخ) كذا فسرها محمد بالثلاثة لما سأله هشام عنها كما في البحر عن الخلاصة قوله (وعرفا) أي في العرف الطارئ في اختلفوا أهل الشرع هي الطعام فقط ولذا يعطفون عليه الكسوة والسكنى والعطف يقتضي المغايرة رحمتي بحال المتون كالكنز والملتقى وغيرهما على هذا قوله (وملك) شامل لنفقة المملوك من بني آدم والحيوانات والعقار كما في الدر المنتقى لكن في الأخير لا يجبر قضاء وفي الثاني خلاف كما سيأتي آخر الباب قوله (لمناسبة ما مر) أي من النكاح والطلاق والعدة بحر قوله (أو لأنها أصل الولد) أي لأن القرابة لا تكون إلا بالتوالد والولد الذي تكون ابنا وأبا أو أخا أو عما لا يحصل إلا بالزوجية فقدم الكلام عليها لتقدمها فافهم قوله (بنكاح صحيح) فلا نفقة على مسلم في نكاح فاسد لانعدام سبب الوجوب
628 وهو حق الحبس الثابت للزوج عليها بالنكاح وكذا في عدته لأن حق الحبس وإن ثبت لكنه لم يثبت بالنكاح بل لتحصين الماء ولأن حال العدة لا يكون أقوى من حال النكاح بدائع قوله (فلو بان فساده أو بطلانه الخ) لم يذكر في البحر البطلان وقدمناه في العدة عن الفتح وغيره عدم الفرق بين الفاسد والباطل في النكاح بخلاف البيع وفي الهندية عن الذخيرة ولو كان النكاح صحيحا من حيث الظاهر ففرض لها القاضي النفقة وأخذتها شهرا ثم ظهر فساد النكاح بأن شهدوا أنها أخته رضاعا وفرق بينهما رجع عليها بما أخذت ولو أنفق بلا فرض القاضي لم يرجع بشئ اه ونحوه في الفتح وفي الهندية أيضا عن الخلاصة وأجمعوا أن في النكاح بلا شهود تستحق النفقة اه قال ط ونظر فيه الحموي بأنه من أفراد الفاسد اه قلت ومثله في النهر والظاهر أن الصواب لا تسحق بلا النافية إذ لا احتباس فيه قوله (على زوجها) أي ولو عبدا حتى يباع في نفقتها قوله (وكل محبوس الخ) هذه كبرى قياس من الشكل الأول طويت صغراه للعلم بها من التعليل السابق والتقدير الزوجة محبوسة لمنفعة الزوج الخ وينتج لزوم نفقتها عليه فافهم قوله (كمفت وقاض) أي ووال فلهم قدر ما يكفيهم ويكفي من تلزمهم نفقتهم من بت المال لاحتباسهم في مصلحة المسلمين رحمتي قوله (ووصي) فله الأقل من نفقته وأجر عمله في مال الميت رحمتي وظاهره ولو غنيا أو وصي الميت وفيه كلام سيأتي إن شاء الله تعالى في باب آخر الكتاب قوله (زيلعي) يوهم أن الزيلعي ذكر هذه الثلاثة فقط مع أنه ذكر الستة وزاد عليهم الوالي ح قوله (وعامل) أي في الصدقات زيلعي قوله (قاموا بدفع العدو) أي نصبوا أنفسهم لذلك وترقبوا غرته فتجب النفقة لهم ولذريتهم قوله (ومضارب) فنفقته في مال المضاربة ما دام مسافرا لاحتباسه لها فلو كان مضاربا بالرجلين أو أكثر فنفقته على حسب المال رحمتي قوله (ولا يرد الرهن) قال في البحر واعترض بأن الرهن محبوس لحق المرتهن وهو الاستيفاء ولذا كان أحق به من سائر الغرماء مع أن نفقته على الراهن وأجيب بأنه محبوس بحق الراهن أيضا وهو وفاء دينه عنه عند الهلاك مع كونه ملكا اه فقوله مع كونه ملكا له ترجيح لجانب الراهن في وجوب النفقة عليه وحده مع كونه محبوسا لحقهما والشارح أخل به ح قلت لا إخلال بتركه فإن المحقق ابن الهمام لم يذكره لأن منفعة الحبس إذا كانت غير مختصة بالغير لا تجب النفقة على الغير فهو كالأجير إذا علم في المشترك لا يستحق أجرا لأنه عامل لنفسه من وجه فافهم مطلب لا تجب على الأب نفقة زوجة بنه لصغير قوله (في ماله لا على أبيه الخ) كذا في كافي الحاكم الشهيد حيث قال فإن كان صغيرا لا مال له لم يؤخذ أبوه بنفقة زوجته إلا أن يكون ضمنها اه وفي الخانية وإن كانت كبيرة وليس للصغير مال لا تجب على الأب نفقتها ويستدين الأب
629 عليه ثم يرجع على الابن إذا أيسر اه وعزاه في البحر والنهر إلى الخلاصة أيضا قال الرملي ومثله في الزيلعي وكثير من الكتب اه قلت وبه جزم المصنف والشارح في باب المهر وأنت خبير أن الكافي هو نص المذهب ولا سيما وأكثر الكتب عليه فيقدم على ما سيذكره الشارح في الفروع عن المحتار والملتقى من وجوبها على أبيه إلا أن يحمل على وجوب الاستدانة ليرجع تأمل تنبيه قال في الشرنبلالية بعد نقله ما في الخانية أقول هذا إذا كان في تزويج الصغير مصلحة ولا مصلحة في تزويج قاصر مرضع بالغة حد الشهوة وطاقة الوطء بمهر كثير ولزوم نفقة يقررها القاضي فتستغرق ماله إن كان أو يصير ذا دين كثير ونص المذهب أنه إذا عرف الأب بسوء الاختيار مجانة أو فسقا فالعقد باطل اتفاقا صرح به في البحر وغيره وقدمه المصنف في باب الولي اه قلت المصرح به في المتون والشروح أن للأب تزويج الصغير والصغيرة غير كف ء وبدون مهر المثل بغبن فاحش لأن كمال شفقة الأب دليل على وجود المصلحة ما لم يكن سكران أو معروفا بسوء الاختيار لأن ذلك على عدم تأمله في المصلحة وأنت خبير بأن الشرط أن لا يكون معروفا بسوء الاختيار قبل العقد فلا يثبت سوء اختياره بمجرد العقد المذكور وإلا لزم أن لا يتصور صحة عقده بالغبن الفاحش ولغير الكفء كما مر تقريره في باب الولي فظهر أنه إذا لم يكن معروفا بذلك وزوج طفله امرأة صح ذلك مطلقا كما هو المنصوص في عامة كتب المذهب إقامة لشفقته مقام المصلحة فافهم قوله (لأن المانع من قبله) دخل في هذا المجبوب والعنين والمريض الذي لا يقدر على الجماع كما صرح به في الهندية قوله (أو فقيرا) ليس عنده قدر النفقة لزوجته منح فتستدين عليه بأمر القاضي ط وسيأتي قوله (ولو مسلمة أو كافرة) الأولى إسقاط مسلمة قوله (تطيق الوطء) أي منه أو من غيره كما يفيد كلام الفتح وأشار إلى ما في الزيلعي من تصحيح عدم تقديره بالسن فإن السمينة الضخمة تحتمل الجماع ولو صغيرة السن قوله (أو تشتهي للوطء فيما دون الفرج) لأن الظاهر أن من كانت كذلك فهي مطيقة للجماع في الجملة وإن لم تطقه من خصوص زوج مثلا فتح قوله (فلا نفقة) أي ما لم يمسكها في بيته للخدمة أو الاستئناس كما يأتي قريبا قوله (كما لو كانا صغيرين) لأن المانع من الوطء وجد منها ووجوده منه أيضا لا يضر بعد عدم وجود التسليم الموجب للنفقة منها قوله (موطوءة أو لا) أي سواء دخل بها أم لا قوله (كأن كان الزوج الخ) تمثيل لقوله أو لا أفاد به أن عدم وطئها لا فرق فيه بين أن يكون لا مانع منه أصلا أو له مانع من جهته أو من جهتها وهي مشتهاة كالقرناء ونحوها لأن المعتبر في إيجاب النفقة الاحتباس لانتفاع مقصود من وطء أو من دواعيه ولذا وجبت لصغيرة تشتهي للجماع فيما دون الفرج كما مر فافهم قوله (أو معتوهة) في التاترخانية المجنونة لها النفقة إذا لم تمنع نفسها بغير حق قوله (وكذا صغيرة) أي لا تشتهي أصلا ولو
630 للجماع فيما دون الفرج وإلا لزمه نفقتها أمسكها أو لا كما مر آنفا قوله (إن أمسكها في بيته) وإن ردها فلا نفقة لها بدائع وحاصله أنه مخير أما في مسألة المشتهاة فلا تخيير بل يلزمه نفقتها مطلقا كما علمته فافهم قوله (ولو متعت نفسها للمهر) أي الذي تعورف تقديمه لأنه منع يحق لتقصير من جهته فلا تسقط النفقة به زيلعي قوله (دخل بها أو لا) تعميم للمنع أي لها النفقة بالمنع المذكور سواء كان قبل الدخول أو بعده لكن عند أبي يوسف يسقط حقها في المنع إذا دخل بها برضاها قوله (وعليه الفتوى) أي استحسانا لأنه لما طلب تأجيله كله فقد رضي بإسقاط حقه في الاستمتاع وفي الخلاصة أن الأستاذ ظهير الدين كان يفتي بأنه ليس لها الامتناع والصدر الشهيد كان يفتي بأن لها ذلك اه فقد اختلف الإفتاء بحر من باب المهر وقدمنا هناك أن الاستحسان مقدم فلذا جزم به الشارح وفي البحر عن الفتح وهذا كله إذا لم يشترط بالدخول قبل حلول الأجل فلو شرطه ورضيت به ليس لها الامتناع على قول الثاني اه وتمام الكلام قدمناه هناك قوله (فتستحق النفقة) أي وإن لم يكن لها المطالبة بالمهر قوله (به يفتى) كذا في الهداية وهو قول الخصاف وفي الولوالجية وهو الصحيح وعليه الفتوى وظاهر الرواية اعتبار حله فقط وبه قال جمع كثير من المشايخ ونص عليه محمد وفي التحفة والبدائع أنه الصحيح بحر لكن المتون والشروح على الأول وفي الخانية وقال بعض الناس يعتبر حال المرأة قال في البحر واتفقوا على وجوب نفقة الموسرين إذا كانا موسرين وعلى نفقة المعسرين إذا كانا معسرين وإنما الاختلاف فيما إذا كان أحدهما موسرا والآخر معسرا فعلى ظاهر الرواية الاعتبار لحال الرجل فإن كان موسرا وهي معسرة فعليه نفقة الموسرين وفي عكسه نفقة المعسرين وأما على المفتى به فتجب نفقة الوسط في المسألتين وهو فوق نفقة المعسرة ودون نفقة الموسرة اه تنبيه صرحوا ببيان اليسار والإعسار في نفقة الأقارب ولم أر من عرفهما في نفقة الزوجة ولعلهم وكلوا ذلك إلى العرف والنظر إلى الحال من التوسع في الإنفاق وعدمه ويؤيده قول البدائع حتى لو كان الرجل مفرطا في اليسار يأكل خبز الحواري ولحم الدجاج والمرأة مفرطة في الفقر تأكل في بيت أهلها خبز الشعير يطعمها خبز الحنطة ولحم الشاة قوله (ويخاطب الخ) صرح به في الهداية وقد غفل عنه في غاية البيان فقال إذا كان معسرا وهي موسرة وأوجبنا الوسط فقط كلفناه بما ليس في وسعه قوله (والباقي) أي ما يكمل نفقة الوسط قوله (ولو هي في بيت أبيها) تعميم لقوله فتجب للزوجة وهذا ظاهر الرواية فتجب النفقة من حين العقد الصحيح وإن لم تنتقل إلى منزل الزوج إذا لم يطلبها وقال بعض المتأخرين لا تجب ما لم تزف إلى منزله وهو رواية عن أبي يوسف واختاره القدوري وليس الفتوى عليه وتمامه في الفتح قوله (إذا لم
631 يطالبها الخ) الأخصر والأظهر أن يقول به يفتى إذا لم تمتنع من النقلة بغير حق في الفتح قوله (لقيام الاحتباس) فإنه يستأنس بها ويمسها وتحفظ البيت والمانع لعارض فأشبه الحيض هداية قوله (وكذا لو مرضت الخ) هذا خلاف المفهوم من قول المصنف أو مرضت في بيت الزوج أي بعد ما سلمت نفسها صحيحة فإن مفهومه أنها لو سلمت نفسها مريضة لا نفقة لها لأن التسليم لم يصح كما في الهداية لكن حقق في الفتح أن هذا مبني على قول البعض من اشتراط التسليم لوجوب النفقة وقد علمت أنه خلاف المفتى به من تعلقها بالعقد الصحيح لا بالتسليم فالمختار وجوب النفقة لقيام الاحتباس قوله (وإلا لا) أي وإن أمكن نقلها إلى بيت الزوج بمحفة ونحوها فلم تنتقل لا نفقة لها كما في البحر لمنعها نفسها عن النقلة مع القدرة بخلاف ما إذا لم تقدر أصلا لكن سيأتي أنها لا تجب لمريضة لم تزف إذا لم يمكنها الانتقال معه أصلا فقد جعل عدم إمكان الانتقال مانعا من وجوب النفقة وهنا جعل موجبا لها وقد يجاب بالفرق وهو أنها هنا لما انتقلت إلى بيته فقد تحقق التسليم ولا تصير بعده ناشزة إلا إذا أمكنها الانتقال إليه وامتنعت بخلاف ما إذا لم يوجب تسليم أصلا ومرضت بحث لا يمكنها الانتقال فلا نفقة لها لعدم التسليم أصلا لا حقيقة ولا حكما وسيأتي ما يؤيده قوله (كما لا يلزمه مداواتها) أي إتيانه لها بدواء المرض ولا أجرة الطبيب ولا الفصد ولا الحجامة هندية عن السراج والظاهر أن منها ما تستعمله النفساء مما يزيل الكلف ونحوه وأما أجرة القابلة فسيأتي الكلام عليها قوله (لا نفقة لأحد عشر) أي بعد المنكوحة فاسدا وعدتها أمرا واحدا وذكر العدد لعدم التمييز اه ح وقد ذكر المصنف منها هنا خمسة وذكر الشارح ستة لكن ما زاده الشارح سيذكره المصنف مفرقا سوى منكوحة فاسد وعدته لأنها غير زوجة وسنتكلم عليها في محالها وينبغي أن يذكر الموطوءة بشبهة لما في الخلاصة كل من وطئت بشبهة فلا نفقة لها اه لأن زوجها ممنوع عنها بمعنى من جهتها ويمكن إدخالها في الناشزة تأمل قوله (ومنكوحة فاسدا وعدته) الأولى ومعتدته وتقدم الكلام على المنكوحة فاسدا وفي الخانية غاب عنها فتزوجت بآخر ودخل بها وفرق بينهما بعد عود الأول فلا نفقة لها في عدتها لا على الأول ولا على الثاني بخلاف المدخولة إذا طلقت ثلاثا فتزوجت في العدة ودخل بها الثاني فلها النفقة والسكنى على الأول اه أي لأنها معتدة من طلاق بائن من الأول أما في الأولى فإنها معتدة من وطء الثاني بعقد فاسد فلا نفقة لها عليه ولا على زوجها لأنها منعت نفسها من جهتها وفي الهندية اتهم بامرأة فتزوجها وأنكر أن حبلها منه لا نفقة عليه لأنه ممنوع من استمتاعها بمعنى من قبلها وإن أقر به لزمته
632 تنبيه تزوج معتدة البائن إنما لا يسقط نفقتها ما دامت في بيت العدة وإلا صارت ناشزة كما في الذخيرة قوله (صغيرة لا توطأ) وكذا إن صلحت للخدمة أو الاستئناس ولم يمسكها في بيته كما مر فافهم قوله (بغير حق) ذكر محترزه بقوله بخلاف ما لو خرجت الخ وكذا هو احتراز عما لو خرجت حتى يدفع لها المهر غنم الخروج في مواضع مرت في المهر وسيأتي بعضها عند قوله ولا يمنعها من الخروج إلى الوالدين قوله (وهي الناشزة) أي بالمعنى الشرعي أما في اللغة فهي العاصية على الزوج المبغضة له قوله (ولو بعد سفره) أي لو عادت إلى بيت الزوج بعد ما سافر خرجت عن كونها ناشزة بحر عن الخلاصة أي فتستحق النفقة فتكتب إليه لينفق عليها أو ترفع أمرها للقاضي ليفرض لها عليه نفقة أما لو أنفقت على نفسها بدون ذلك فلا رجوع لها لما سيأتي أنها تسقط بالمضي بدون قضاء ولا تراض قوله (والقول لها الخ) أي حيث لا بينة له وهذا أخذه في البحر مما في الخلاصة لو قال هي ناشزة فلا نفقة لها فإن شهدوا أنه أوفاها المعجل وهي لم تكن في بيته سقطت النفقة وإن شهدوا أنها ليست في طاعته للجماع لم تقبل لاحتمال كونها في بيته ولا تسقط لأن الزوج يغلب عليها اه قلت ويؤخذ منه أيضا تقييد كون القول لها بما إذا كانت في بيته وهذا ظاهر لو كان الاختلاف في نشوز في الحال أما لو ادعى عليها سقوط النفقة المفروضة في شهر ماض مثلا لنشوزها فيه فالظاهر أن القول لها أيضا لإنكارها موجب الرجوع عليها تأمل ولو ادعت أن خروجها إلى بيت أهلها كان بإذنه وأنكر أو ثبت نشوزها ثم ادعت أنه بعده بشهر مثلا أذن لها بالمكث هناك هل يكون القول لها أم لا لم أره والظاهر الثاني لتحقق المسقط تأمل قوله (وتسقط به) أي بالنشوز النفقة المفروضة يعني إذا كان لها عليه نفقة أشهر مفروضة ثم نشزت سقطت تلك الأشهر الماضية بخلاف ما إذا أمرها بالاستدانة فاستدانت عليه فإنها لا تسقط كما س يأتي في مسألة الموت اه ح قلت وسقوط المفروضة منصوص عليه في الجامع أما المستدانة فذكر في الذخيرة أنه يجب أن يكون على الكلب في سقوطها بالموت والأصح منهما عدم السقوط اه ومقتضى هذا أنها لو عادت إلى بيته لا يعود ما سقط وهل يبطل الفرض فيحتاج إلى تجديده بعد العود إلى بيته أم لا لم أره ويظهر عدم بطلانه لأن كلامهم في سقوط المفروض لا الفرض فتأمل قوله (لو مانعته من الوطء الخ) قيده في السراج بمنزل الزوج وبقدرته على وطئها كرها وقال بعضهم لا نفقة لها لأنها ناشزة اه والثاني وجبه في حق من يستحي وهذا يشير إلى أن هذا المنع في منزلها نشوز بالاتفاق سائحاني قوله (لها) أي ملكا أو إجازة قوله (ما لم تكن سألته النقلة) بأن قالت له حولني إلى منزلك أو أكثر لي منزلا فإني محتاجة إلى منزلي هذا آخذ كراءه فلها النفقة بحر قوله ( لعدم اعتبار الشبهة في زماننا) نقله صاحب الهداية في التجنيس المنكر المحيط في الذخيرة
633 قوله (بخلاف الخ) لأن السكنى في المغصوب حرام والامتناع عن الحرم واجب بخلاف الامتناع عن الشبهة فإنه مندوب فيقدم عليه حق الزوج الواجب وسألت عن امرأة أسكنها زوجها في بلاد الدروز الملحدين ثم امتنعت وطلبت منه السكنى في بلاد الإسلام خوفا على دينها ويظهر لي أن لها ذلك لأن بلاد الدروز في زماننا شبيهة بدار الحرب قوله (أو السفر معه) أي بناء على المفتى به من أنه ليس لها السفر بها لفساد الزمان فامتناعها بحق قوله (أو مع أجنبي الخ) هذا مفهوم بالأولى لأنها إذا استحقت النفقة عند امتناعها عن السفر معه فمع الأجنبي بالأولى أو هو مبني على أصل المذهب من أن للزوج السفر بها لكنه لما بعث إليها أجنبيا ليأتيه بها كان امتناعها من السفر معه بحق ولذا قيد بالأجنبي إذ لو كان محرما لها لم يكن لها نفقة لأنه ليس لها الامتناع ومسألة السفر فيها كلام بسطناه في باب المهر قوله (وقيل تكون ناشزة) أشار إلى ضعفه وبه صرح في البحر لكن قواه الرحمتي وغيره بأنه قائم بمصالحها وله منعها من الغزل ونحوه وعن كل ما يتأذى برائحته كالحناء والنقش والإرضاع أولى لأن يهز لها ويلحقه عار به إذا كان من الأشراف أقول وأنت خبير بأن هذا كله لا يدل للقول بأنها تصير بذلك ناشزة لأنها الخارجة بغير حق كما مر وإلا لزم أنها تصير ناشزة إذا خالفته في الغزل والنقش والحناء ونحو ذلك مما تخالف به أمره وهي في بيته وفساده لا يخفى نعم يفيد أن له منعها من هذا الإيجاز بل ذكر الخير الرملي أن له أن يمنعها من إرضاع ولدها من غيره وتربيته أخذا مما في التاترخانية عن الكافي في إجارة الظئر وللزوج أن يمنع امرأته عما يوجب خللا في حقه وما فيها أيضا عن السغناقي ولأنها في الإرضاع والسهر تتعب وذلك ينقص جمالها وجمالها حق الزوج فكان له أن يمنعها اه فافهم قوله (قال في النهر وفيه نظر) وجهه أنها معذورة لاشتغالها بمصالحها بخلاف المسألة المقيس عليها فإنها لا عذر لها فنقص التسليم منسوب إليها أفاده ح وفيه أن المحبوسة ظلما والمغصوبة وحاجة الفرض مع غيره معذورة وقد سقطت نفقتها وفي الهندية في الأمة إذا سلمها السيد لزوجها ليلا فقط فعليه نفقة النهار وعلى الزوج نفقة الليل وقياسه هنا كذلك ط قلت وسيذكر الشارح معي قوله وتفرض لزوجة الغائب عن البحر أن له منعها من الغزل وكل عمل ولو قابلة ومغسلة اه وأنت خبير بأنه إذا كان له منعها من ذلك فإن عصته وخرجت بلا إذنه كانت ناشزة ما دامت خارجة وإن لم يمنعها لم تكن ناشزة والله تعالى أعلم قوله (ومحبوسة ولو ظلما) شمل حبسها بدين تقدر على إيفائه أولا قبل النقلة إليه أو بعدها وعليه الاعتماد
634 زيلعي وعليه الفتوى فتح لأن المعتبر في سقوط نفقتها فوات الاحتباس لا من جهة الزوج بحر قوله (صيرفية) كذا نقله عنها في المنح وأقره ونقله في الشرنبلالية عن الخانية قوله (كحبسه) الحدود مضاف لمفعوله أي ككونه محبوسا فافهم قوله (مطلقا) أي ولو ظلما أو حبسته هي لدين عليه أو أجنبي قوله (لكن الخ) قال في النهر قيد بحبسها لأن حبسه مطلقا غير مسقط لنفقتها كذا في غير كتاب إلا أنه في تصحيح القدوري نقل عن قاضيخان أنه لو حبس في سجن السلطان ظلما اختلفوا فيه والصحيح أنها لا تستحق النفقة اه قلت ونقل المقدسي عبارة الخانية كذلك وقال كذا في نسخة المؤيدية ونسخ جديدة لعلها كتبت منها وفي نسختي العتيقة التي عليها خط بعض المشايخ حذف لا فليحرر اه قلت وهكذا رأيته بدون لا في نسخة عتيقة عندي في الخانية وكذا نقله في الهندية عن الخانية فلعل صاحب تصحيح القدوري نقل ذلك من نسخة المدرسة المؤيدية أيضا أو مما نقل عنها فتكون لا زائدة ليوافق ما في بقية النسخ القديمة وما في غير كتاب والمعنى يساعده أيضا لأن الاحتباس جاء لمعنى من جهته لا من جهتها كما لو كان مريضا أو صغيرا أو مجبوبا أو عنينا قوله (وفي البحر الخ) عبارته وفي الخلاصة أنها إذا حبسته وطلب أن تحبس معه فإنها لا تحبس وذكر في مآل الفتاوى الخ قلت وهذا إذا كان في الحبس موضع خال كما في التاترخانية ثم لا يخفى أن تقييده بما لو خيف عليها الفساد ظاهر في أن فرض المسألة فيما إذا ظهر للقاضي أن قصدها بحبسه أن تفعل ما تريد حيث كانت من أهل التهمة والفساد لا بمجرد دعوى الزوج ذلك فينبغي للقاضي أن يتحرى في ذلك فقد وقع في زماننا أن امرأة حبست زوجها بدين لها عليه فطلب حبسها معه لأجل أن تخرجه من الحبس ويأكل مالها ولا يخفى وإن حبسها له غير قيد بل لو حبسه غيرها وخاف عليها الفساد فالحكم كذلك لأن العلة خوف الفساد قوله (لم تزف) أي لم تنتقل إلى بيت زوجها قوله (أي لا يمكنها الخ) اعلم أن المذهب المصحح الذي عليه الفتوى وجوب النفقة للمريضة قبل النقلة أو بعدها أمكنه جماعها أو لا معها زوجها أو لا حيث لم تمنع نفسها إذا طلب نقلتها فلا فرق حينئذ بينها وبين الصحيحة لوجود التمكين من الاستمتاع كما في الحائض والنفساء وحينئذ فلا ينبغي إدخالها فيمن لا نفقة لهن لكن ظاهر التجنيس أنه إذا كان مرضا مانعا من النقلة فلا نفقة لها وإن لم تمنع نفسها لعدم التسليم بالكلية فهذا مراد من فرق بين المريضة والصحيحة وعليه يحمل كلام المصنف هذا حاصل ما حرره في البحر ومشى عليه الشارح حيث ذكر فيما مر أن لها النفقة إذا مرضت بعد النقلة في بيت الزوج أو قبل النقلة ثم انتقلت إلى بيته أو لم تنتقل ولم تمنع نفسها ثم ذكر هنا أن التي لا نفقة لها هي التي مرضت قبل النقلة مرضا لا يمكنها الانتقال معه
635 وقدمنا الفرق بين هذه وبين التي مرضت عند الزوج ثم عادت إلى دار أبيها ولا يمكنها الانتقال قوله (ومغصوبة) أي من أخذها رجل وذهب بها وهذا ظاهر الرواية وعن أبي يوسف لها النفقة والفتوى على الأول لأن فوات الاحتباس ليس منه ليجعل باقيا تقديرا هداية وقيد بقوله كرها لأنه لو ذهب بها على صورة الغصب لكن برضاها فلا خلاف فيها إذ لا شك في أنها ناشزة فافهم قوله (ولو نفلا) المناسب ولو فرضا فيفهم عدم الوجوب في النفل بالأولى لأنه متفق عليه أما الفرض ففي البحر عن الذخيرة عن أبي يوسف أنه عذر فلها نفقة الحضر وفي رواية عنه يؤمر بالخروج معها والإنفاق عليها قوله (لا معه) عطف على مقدر أي حاجة وحدها أو مع غير الزوج لا معه قوله (لفوات الاحتباس) علة لقوله لا لنفقة لأحد عشر الخ قوله (ولو معه) أي ولو حجت مع الزوج ولو كان الحج نفلا كما في الهندية ط قلت وكذا لو خرجت معه لعمرة أو تجارة لقيام الاحتباس لكونها معه قوله (لا نفقة السفر والكراء) فينظر إلى قيمة الطعام في الحضر لا في السفر بحر قلت لا يخفى أن هذا إذا خرج معها لأجلها أما لو أخرجها هو يلزمه جميع ذلك قوله (من الطحن والخبز) عبارة الهندية من الطبخ والخبز قوله (فعليه أن يأتيها بطعام مهيأ) أو يأتيها بمن يكفيها عمل الطبخ والخبز هندية قوله (لا يجب عليه) وفي بعض المواضع تجبر على ذلك قال السرخسي لا تجبر ولكن إذا لم تطبخ لا يعطيها الإدام وهو الصحيح كذا في الفتح وما نقله عن بعض المواضع عزاه في البدائع إلى أبي الليث ومقتضى ما صححه السرخسي أنه لا يلزمه سوى الخبز تأمل لكن رأيت صاحب النهر قال بعد قوله لا يعطيها الإدام أي إدام هو طعام لا مطلقا كما لا يخفى قوله (على ذلك) أي على الطحن والخبز قوله (لوجوبه عليها ديانة) فتفتي به لكنها لا تجبر عليه إن أبت بدائع قوله (ولو شريفة) كذا قاله في البحر أخذا من التعليل وهو مخالف لما قبله من أنها إذا كانت ممن لا تخدم فعليه أن يأتيها بطعام وإلا لا فلو وجب عليها ديانة لم يبق فرق بين الصورتين اللهم إلا أن يقال إن الشريفة قد تكون ممن تخدم نفسها وقد لا تكون والذي يظهر اعتبار حالها في الغنى والفقر لا في الشرف وعدمه فإن الشريفة الفقيرة تخدم نفسها وحاله عليه الصلاة والسلام وحال أهل بيته في غاية من التقلل من الدنيا فلا يقاس عليه حال أهل التوسع تأمل بحال صاحب الهداية في مختارات النوازل تؤيده حيث قال وإن كانت ممن تخدم نفسها فعليها الطبخ والخبز لأنه عليه الصلاة والسلام الخ
636 قوله (ولبد) كجلد واحد اللبود والطنفسة مثلثا البساط قوله (وتمامه في الجوهرة) حيث قال ويجب عليه ما تنطف به وتزيل الوسخ كالمشط والدهن والسدر والخطمي والأشنان والصابون على عادة أهل البلد أما الخضاب والكحل فلا يلزمه بل هو على اختياره وأما الطيب فيجيب عليه ما يقطع به السوكة لا غير وعليه ما تقطع به الصنان لا الدواء للمرض ولا أجرة الطبيب ولا الحجام وعليه من الماء ما تغسل به ثيابها وبدنها لا شراء ماء الغسل من الجنابة بل ينقله إليها أو يأذن لها بنقله وإن كانت موسرة استأجرت من ينقله إليها وعليه ماء الوضوء اه لكن في الهندية أن ثمن ماء الاغتسال على الزوج وكذا ماء الوضوء وعليه فتوى مشايخ بلخ والصدر الشهيد وهو اختيار قاضيخان اه وفي البزازية ولا تفرض لها الفاكهة والسهك بالتحريك ريح العرق والصنان دفر الإبط بالدال المهملة أي نتنه كما في المصباح تنبيه قد علم مما ذكر أنه لا يلزمه لها القهوة والدخان وإن تضررت بتركهما لأن ذلك إن كان من معي الدواء أو من معي التفكه فكل من الدواء والتفكه لا يلزمه كما علمت قوله (قيل عليه الخ) عبارة البحر عن الخلاصة فلقائل أن يقول عليه لأنه مؤنة الجماع ولقائل أن يقول عليها كأجرة الطبيب اه وكذا ذكر غيره ومقتضاه أنه قياس ذو وجهين لم يجزم أحد من المشايخ بأحدهما خلاف ما يفهمه كلام الشارح ويظهر لي ترجيح الأول لأن نفع القابلة معظمه يعود إلى الولد فيكون على أبيه تأمل قوله (وتفرض لها الكسوة) كان على المصنف أن يصل الكلام على الكسوة بعضه ببعض بأن يقدم قوله وتزاد في الشتاء الخ هنا أو يؤخر هذه الجملة هناك ط واعلم أن تقدير الكسوة مما يختلف باختلاف الأماكن والعادات فيجب على القاضي اعتبار الكفاية بالمعروف في كل وقت ومكان فإن شاء فرضها أصنافا وإن شاء قومها وقضى بالقيمة كذا في المجتبى وفي البدائع الكسوة على الاختلاف كالنفقة من اعتبار حاله فقط أو حالهما بحر قوله (في كل نصف حول مرة) إلا إذا تزوج وبنى بها ولم يبعث لها كسوة فتطالبه بها قبل نصف الحول والكسوة كالنفقة في أنه لا يشترط مضي المدة بحر عن الخلاصة وحاصله أنها تجب لها معجلة لا بعد تمام المدة واعلم أنه لا يجدد لها الكسوة ما لم يتخرق ما عندها أو يبلغ الوقت الذي يكسوها كافي الحاكم وفيه تفصيل سيأتي معي قوله ولخادمها قوله (وللزوج الإنفاق عليها بنفسه) لكونه قواما عليها لا ليأخذ ما فضل فإن المفروضة أو المدفوعة لها ملك لها فلها الإطعام منها والتصدق ومقتضاه أنها لو أمرته بإنفاق بعض المقرر لها فالباقي لها أو بشراء طعام ليس له أكل ما فضل عنها وفي الخانية لو أكلت من مالها أو من المسألة لها الرجوع عليه بالمفروض بحر ملخصا قوله ( ولو بعد فرض القاضي) لا محل له هنا لأن من شروط فرض القاضي أن يظهر له مطله وعدم إنفاقه كما تعرفه قوله (فيفرض الخ) تفريع على الاستثناء وبيان نتيجته لكنه غير مفيد فكان عليه أن
637 يبدله بقوله فيأمره ليعطيها أي ليس له أن ينفق عليها بل يدفع لها ما تنفقه على نفسها وقد أصلح الشارح عبارة المصنف حيث عطف قوله ويأمره الخ على قوله فيفرض لكن كان عليه حذف قوله إن شكت مطله لأنه يغني عنه قول المصنف أن يظهر للقاضي عدم إنفاقه مع إيهامه الاكتفاء بمجرد الشكاية ويوضح ما قلناه ما في البحر عن الخلاصة والذخيرة الزوج هو الذي يلي الإنفاق إلا إذا ظهر عند القاضي مطله فحينئذ يفرض النفقة ويأمره ليعطيها لتنفق على نفسها نظرا لها فإن لم يعط حبسه ولا تسقط عنه النفقة اه وقوله بطلبها مع حضرته بيان لشرطين لجواز فرض القاضي النفقة ذكرهما في البدائع لكن سيأتي في المتن فرضها على الغائب لو له مال عند من يقربه وبالزوجية ومطلقا على قول زفر المفتي به ويؤخذ من كلام الذخيرة والخلاصة شرط ثالث وهو ظهور مطله وقوله ولم يكن صاحب مائدة بيان لشرط رابع ذكره في غاية البيان حيث قال إذا كان له طعام كثير وهو صاحب مائدة يمكن المرأة من تناول مقدار كفايتها فليس لها أن تطالبه بفرض النفقة وإن لم يكن بهذه الصفة فإن رضيت أن تأكل معه فبها ونعمت وإن خاصمته يفرض لها بالمعروف اه وهو كالصريح في أن المراد بصاحب المائدة من يمكنها تناول كفايتها من طعامه سواء كان ينفق على من لا تجب عليه نفقته أو لا فافهم قوله (لأن لها الخ) تعليل لما فهم من الشرط الرابع أي لكونها يحل لها تناول كفايتها ولو بدون إذنه لا يفرض لها إذا أمكنها ذلك فافهم قوله (فإن لم يعط الخ) تفريع على قوله ليعطيها وفي الفتح امتنع عن الإنفاق عليها مع اليسر لم يفرق بينهما ويبيع الحاكم ماله عليه ويصرفه في نفقتها فإن لم يجد ماله يحبسه حتى ينفق عليها ولا يفسخ ولا يباع مسكنه وخادمه لأنه من أصول حوائجه وهي مقدمة على ديونه وقيل يبيع ما سوى الإزار إلا في البرد وقيل ما سوى دست من الثياب وإليه مال الحلواني وقيل دستين وإليه مال السرخسي ولا تباع عمامته قهستاني عن المحيط در منتقى والدست من الثياب ما يلبسه الإنسان ويكفيه لتردده في حوائجه جمعه دسوت مصباح قوله (أي كل مدة تناسبه الخ) قالوا يعتبر في الفرض الأصلح والأيسر ففي المحترف يوما بيوم لأنه قد لا يقدر على تحصيل نفقة شهر دفعة وهذا بناء على أنه يعطيها معجلا ويعطيها كل يوم عند المساء عن اليوم الذي يلي ذلك المساء لتتمكن من الصرف في حاجتها في ذلك اليوم وإن كانا تاجرا فنفقته شهر بشهر أو من الدهاقين فنفقة سنة بسنة أو من الصناع الذين لا ينقضي عملهم إلا بانقضاء الأسبوع كذلك فتح وغيره قلت ومشى في الاختبار وغيره على ما ذكره المصنف من التقدير بشهر لأنه وسط وهو الذي ذكره محمد نعم في الذخيرة عن السرخسي أنه ليس بتقدير السري وأن بعض المتأخرين اعتبر ما مر من التفصيل في حال الزوج قوله (وله الدفع كل يوم) ذكر في البحر بحثا حيث ذكر التفصيل المذكور ثم قال وينبغي أن يكون محله ما إذا رضي الزوج وإلا فلو قال أنا أدفع نفقة كل يوم معجلا لا يجبر على غيره لأنه إنما اعتبر ما ذكر تخفيفا عليه فإذا كان يضره لا يفعل وظاهر كلامهم أن كل مدة ناسبت حال الزوج أنه يعجل نفقتها كما صرحوا به في اليوم اه فتأمل قوله
638 (كما لها الطلب الخ) ذكر في الذخيرة ما مر عن محمد من التقدير بشهر لأنه أقل الآجال المعتادة ثم قال وفرع على هذا أنه لو لم يدفع لها فأرادت أن تطلب كل يوم فإنما تطلب عند المساء لأن حصة كل يوم معلومة فيمكن طلبها بخلاف ما دون اليوم لأنه مقدر بالساعات فلا يمكن اعتباره اه فأفاد أن الخيار لها في طلب كل يوم إذا لم يدفع لها نفقة الشهر فلا ينافي ما بحثه في البحر من جعل الخيار له في الدفع كل يوم فافهم نعم جعل الخيار له قد يكون فيه إضرار بها كما هو مشاهد حيث يحوجها إلى الخروج من بيتها في كل يوم وإلى المخاصمة والمنازعة وربما لا تجده وإن وجدته لا يعطيها فالأولى في زماننا ما نقلناه عن الذخيرة من التقدير بالشهر وجعل الخيار لها في الأخذ كل يوم لكن إذا ماطلها كما ذكرناه لا مطلقا لأنه إذا دفع لها نفقة كل شهر فامتنعت وطلبت الأخذ كل يوم تكون متعنتة قاصدة لإضراره ومخاصمته في كل يوم فينبغي التعويل على هذا التفصيل الموافق لقواعد الشرع المعلومة من قطع المنازعة والخصومة مطلب في أخذ لمرأة كفيلا بالنفقة قوله (أخذ كفيل الخ امرأة قالت إن زوجي يطيل الغيبة عني فطلبت كفيلا بالنفقة قال أبو حنيفة ليس لها ذلك وقال أبو يوسف تأخذ كفيلا بنفقة شهر واحد استحسانا وعليه الفتوى فلو علم أنه يمكث في السفر أكثر من شهر أخذ عند أبي يوسف الكفيل بأكثر من شهر اه فظهر أن محل أخذ الكفيل بنفقة شهر هو عدم العلم بقد غيبته فيخاف أن يمكث أقل أو أكثر فيقتصر على الشهر لأنه أقل الآجال المعتادة كما مر ومحل الأكثر لو علم أن يغيب أكثر كما لو خرج للحج مثلا فيؤخذ بقدرها فافهم نعم في عبارة الشارح اختصار يوهم خلاف المراد وما أفاده كلامه من أن خلاف أبي يوسف في المحلين لا في الأول فقط هو صريح عبارة الفتح المذكورة فافهم قوله (وقس سائر الديون عليه) أي على دين النفقة قال في نور العين وفي آخر كفالة المحيط والفتوى في مسألة النفقة على قول أبي يوسف وفي سائر الديون لو أفتى مفت بذلك كان حسنا رفقا بالناس وفي الأقضية أجمعوا أن في الدين المؤجل إذا قرب حلول الأجل وأراد المديون السفر لا يجب عليه إعطاء الكفيل وفي الصغرى المديون إذا أراد أن يغيب ليس لرب الدين أن يطالبه بإعطاء الكفيل وقال أبو يوسف لو قال قائل بأن له أن يطالبه قياسا على نفقة شهر لا يبعد وفي المنتقى رب الدين لو قال للقاضي إن مديوني فلانا يريد أن يغيب عني فإنه يطالبه بإعطاء الكفيل وإن كان الدين مؤجلا اه ثم لا يخفى أنه لا يتأتى هنا التقييد الشهر بل المراد الكفالة بكل الدين لأنه شئ مقدر ثابت في ذمة المديون بخلاف النفقة فإنها تزداد بزيادة المدة فتقييد الكفالة بقدر مدة الغيبة نعم لو كان الدين مقسطا يظهر التقييد بأخذ الكفيل بأقساط مدة الغيبة فافهم قوله (ولو كفل لها كل شهر كذا الخ) اعلم أن ما مر إنما هو في الخلاف في جواز أخذها الكفيل منه جبرا عند خوف الغيبة والكلام الآن في قدر المدة التي تصح بها الكفالة فإن كفل لها كل شهر عشرة دراهم فإن قال أبدا أو ما دمتما زوجين وقع على الأبد اتفاقا وإلا وقع
639 على شهر واحد عند أبي حنيفة وعلى الأبد عند أبي يوسف وهو أرفق وعليه الفتوى كما في البحر ومفاده أنها لا تصح قبل الفرض أو التراضي على شئ معين وصرح به في البحر عن الذخيرة في شرح قوله (ولا تجب نفقة مضت إلا بالقضاء أو الرضا) لكن نقل بعده عن الواقعات لو قالت إنه يريد الغيبة وطلبت منه كفيلا ليس لها ذلك لأن النفقة لم تجب وقال أبو يوسف أستحسن أخذ كفيل بنفقة شهر وعليه الفتوى لأنها إن لم تجب للحال تجب بعده فيصير كأنه كفل بما ذاب لها على الزوج فيجبر استحسانا رفقا بالناس قال وزاد في الذخيرة إنه لا فرق بين كونها مفروضة أو لا اه قلت وهذا مخالف لما قبله من أنها لا تصح قبل الفرض أو التراضي ووفق الرملي بحمل ما قبله على حال الحضور وحمل هذا على حال إرادة الغيبة فيصح في الغيبة مطلقا استحسانا وعليه فما مر من أن الأب لا يطالب بنفقة زوجة ابنه إلا إذا ضمنها مقيد بالمفروضة أو المقضية توفيقا بين كلامهم قلت وفي الذخيرة عن كتاب الأقضية إذا ضمن النفقة والمهر عن زوجها فضمان النفقة باطل إلا أن يسمي شيئا بأن يصطلحا على شئ مقدر لنفقة كل شهر ثم يضمنه رجل فيجوز لوجوب النفقة بهذا الاصطلاح فيصح الضمان ولكن لا يلزمه أكثر من نفقة شهر اه والظاهر أن هذا هو القياس إذ لا يصح الضمان بما لم يجب لأن النفقة لا تجب قبل الاصطلاح على قدر معين بالقضاء وأو الرضا ولذا تسقط بالمضي عند عدم ذلك لكن علمت مما مر أن الاستحسان الجواز وإن لم تجب للحال وأنه يصير كأنه كفل لها بما ذاب لها على الزوج أي بما ثبت لها عليه بعد والكفالة بذلك جائزة في غير النفقة فكذا في النفقة ولا يخفى أن علة الاستحسان جارية في مسألتي الحضرة والغيبة ويدل عليه إطلاقهم مسألة ضمان الأب نفقة زوجة الابن وكذا قوله في فتح القدير ولو ضمن لها نفقة سنة جاز وإن لم تكن واجبة هذا ما ظهر لي من التوفيق وهو بالقبول حقيق فاغتنمه تنبيه هذه الكفالة تتضمن زمان العدة أيضا لأنه كفيل ما دام النكاح وهو في العدة باق من وجه كما في الذخيرة ونحوه في الفتح ولو كفل لها بنفقة ولدها أبدا أو بنفقة خادمها ما عاش لم يصح لسقوط النفقة عنه إذا أيسر الولد أو بلغ أو استغنت المرأة عن الخادم فكان الوقت مجهولا بخلاف نفقة المرأة لوجوبها ما بقي النكاح كما في الذخيرة ثم اعلم أن الكفالة بالمال يشترط لصحتها أن يكون المال دينا صحيحا وهو ما لا يسقط إلا بالأداء أو الإبراء ودين النفقة يسقط بالموت والطلاق فالقياس أو لا تصح فيه الكفالة وكأنهم أخذوا بالاستحسان كما ذكره الشارح في كتاب الكفالة فافهم قوله (لسقوطه) أي لسقوط دين النفقة بموت أحدهما وكذا بالطلاق على ما فيه من الخلاف على ما سيأتي فكان أضعف من دين الزوج فلا بد من رضاه اه ح قوله (بخلاف سائر الديون) أي فإنه يقع التقاص فيها تقاصا أو لا بشرط التساوي فلو اختلفا كما إذا كان أحدهما جيدا والآخر رديئا فلا بد من رضا صاحب الجيد
640 كما في البحر ح قوله (وفيه) أي في البحر عند قول الكنز والسكنى في بيت خال الخ لكن هذا يوجد في بعض نسخ البحر قوله (لا أجر عليه) لأن منفعة سكنى الدار تعود إليها لكن سيأتي في الإجارات أن الفتوى على الصحة لتبعيتها له في السكنى أفاده ح قوله (ومفهومه الخ) من كلام البحر قوله (فالأجرة عليه) لأن هذه الثلاثة تضمن بالغصب وهي تابعة للزوج في السكنى ولم يوجد العقد منها واعترضه ط بأن سكناه عارضة بعد تحقق الغصب منها ولا اعتبار لنسبة السكنى العارضة إليه بعد تحقق الفعل منها اه وقد يجاب بأنها لما كانت تابعة له في السكنى صارت اليد له فصار كغاصب الغاصب لكن مقتضى هذا جواز تضمينها وتضمنيه الأجرة كما هو الحكم في الغاصب وغاصب الغاصب قوله (بقدر الغلاء والرخص) أي يراعي كل وقت أو مكان بما يناسبه وفي البزازية إذا فرض القاضي النفقة ثم رخص تسقط الزيادة ولا يبطل القضاء وبالعكس لها طلب الزيادة اه وكذا لو صالحته على شئ معلوم ثم غلا السعر أو رخص كما سيذكره المصنف والشارح قوله (ولا تقدر بدراهم ودنانير) أي لا تقدر بشئ معين بحيث لا تزيد ولا تنقص في كل مكان وزمان وما ذكره محمد من تقديرها على المعسر بأربعة دراهم في كل شهر فليس بلازم وإنما هو على ما شاهد في زمانه وإنما على القاضي في زماننا اعتبار الكفاية بالمعروف كما في الذخيرة قوله (لكن في البحر الخ) حيث قال فالحاصل أنه ينبغي للقاضي إذا أراد فرض النفقة أن ينظر في سعر البلد وينظر ما يكفيها بحسب عرف تلك البلدة ويقوم الأصناف بالدراهم ثم يقدر بالدراهم كما في المحيط إما باعتبار حاله أو باعتبار حالهما كما مر ثم قال وفي المجتبى إن شاء فرض لها أصنافا وإن شاء قومها وفرض لها بالقيمة اه ثم اعلم أن هذا لا ينافي ما عزاه إلى الاختيار والمجمع من عدم تقديرها بدراهم أي بشئ معين لا يزيد ولا ينقص بل هو مؤكد له ومفسر فلا وجه للاستدراك عليه فالأولى جعل قوله لكن الخ استدراكا على قوله ويقدرها بقدر الغلاء والرخص فإن ما ذكره في البحر يفيد أن القاضي مخير بين ذلك وبين فرضها أصنافا أي من خبز وإدام ودهن وصابون ونحو ذلك فإذا ظهر للقاضي عدم إنفاقه بنفسه يأمره بدفع ذلك أو بقيمته بقدر كفايتها وحينئذ فالاستدراك صحيح فافهم قوله (وفيه) أي في البحر بحثا قوله (كما له أن يرفعها) الأولى أن يقول بدليل أن له
641 أن يرفعها الخ ليفيد أنه بحث فإن صاحب البحر ذكر هذه المسألة عن الخلاصة ثم قال وهو يدل على أن له الخ قوله (وتزاد في الشتاء الخ) أي تزاد على ما قدره محمد في الكسوة بدرعين وخمارين وملحفة في كل سنة قال في الظهيرية إن هذا في عرفهم أما في عرفنا فيجب السراويل والجبة والفراش واللحاف وما تدفع به أذى الحر والبرد وفي الشتاء درع خزرجية قز وخمار آبريسم اه وفي الذخيرة ما ذكره محمد على عادتهم وذلك يختلف باختلاف الأماكن حرا وبردا والعادات فعلى القاضي اعتبار الكفاية بالمعروف في كل وقت ومكان وكل جواب عرفته في النفقة من اعتبار حاله أو حالهما فهو الجواب في الكسوة قوله (وما يدفع الخ) مفعول لفعل مقدر دل عليه المذكور إذ عطفه على جبة لا يناسبه تقييد الفعل بالشتاء وما يدفع أذى الحر يناسب الصيف قوله (إن طلبته) راجع لقوله ويقدرها وقوله وتزاد قوله (ويختلف ذلك الخ) هو معنى ما ذكرنا آنفا عن الظهيرية وعن الذخيرة وقوله وحالا أي حال الزوجين في اليسار والإعسار فهو عطف مرادف تأمل ولو قال بدله ووقتا لكان أولى قوله (وليس عليه خفها الخ) قال في البزازية ولم يذكر الخف والإزار في كسوة المرأة وذكرهما في كسوة الخادم وذلك في ديارهم بحكم العرف وفي ديارنا يفرض الإزار والمكعب وما تنام عليه اه وقال السرخسي ولم يوجب محمد الإزار لأنه إنما يحتاج للخروج والمرأة منهية عنه قال في الذخيرة هذا التعليل إشارة إلى أنه لا يفرض للمرأة الإزار في ديارنا أيضا اه والحاصل أنه اختلف التعليل لعدم ذكر الإزار فقيل للعرف ولذا أوجبه الخصاف لاختلاف العرف في زمانه وقيل لحرمة الخرج ولعل الأول أوجه لأنها يحل لها الخروج في مواضع فلا بد لها من ساتر وتقدم أنه يجب لها مداس رجلها والظاهر أنه لا خلاف فيه إذا كان المراد به ما تلبسه في البيت وكذا الخف أو الجوارب في الشتاء لدفع البرد الشديد قوله (وفي البحر الخ) وعبارته والحاصل أن المرأة ليس عليها إلا تسليم نفسها في بيته وعليه لها جميع ما يكفيها بحسب حالها من أكل وشرب ولبس وفرش ولا يلزمها أن تتمتع بما هو ملكها ولا تفرش له شيئا من فراشها الخ قلت ومفاده أنه يلزمه كسوتها من حين عقدة عليها أو دخوله بها ومر التصريح به عن الخلاصة فتجب حالة لا مؤجلة إلى مضي نصف الحول وإن زفت إليه بثياب فلا يلزمها استعمالها كما لو مضت المدة ولم تلبس ما دفعه لها فلها غيره كما مر ويأتي وكما لو كانت تملك طعاما يكفيها أو قترت على نفسها وبقي معها دراهم مما فاض لها عليه فيجب لها غيره عليه مطلب فيما لو زفت إليه بلا جهاز قوله (بلا جهاز يليق به) الضمير في عبارة البحر عن المبتغى عائد إلى ما بعثه الزوج إلى الأب من الدراهم والدنانير ثم قال والمعتبر ما يتخذ للزوج لا ما يتخذ لها اه وقدمنا في باب
642 المهر أن هذا المبعوث إلى الأب يسمى في عرف الأعاجم بالدستيمان وأنه في الكافي وغيره فسره بالمهر المعجل وأن غيره فصل وقال إن أدرج في العقد فهو المهر المعجل حتى ملكت المرأة منع نفسها لاستيفائه فلا يملك الزوج طلب الجهاز لأن الشئ لا يقابله عوضان وإن لم يدرج فيه ولم يعقد عليه فهو كالهبة بشرط العوض فله طلب الجهاز على قدر العرف والعادة أو طلب الدستيمان وبذلك يحصل التوفيق بين القولين قوله (فله مطالبة الأب بالنقد) أي المنقود وهو ما بعثه إلى الأب لا على كونه من المهر بل على كونه بمقابلة ما يتخذ للزوج في الجهاز لما علمت من أنه هبة بشرط العوض فله الرجوع بها عند عدم المعوض فافهم قوله (إلا إذا سكت) أي زمانا يعرف به رضاه قوله (وعليه) أي يبتني على ما ذكر من أن له المطالبة به لأنه يصير ملكه حين تسلمه بعد الزفاف قوله (فينبغي العمل بما مر) أي من أنه لا يحرم الانتفاع به بلا إذنها وأما ما ذكره صاحب النهر هناك عن البزازية من أن الصحيح أنه لا يرجع على الأب بشئ لأن المال في النكاح غير مقصود اه فهو مبني على أن ذلك المعجل أدرك في العقد بدليل التعليل بأن المال وهو الجهاز غير مقصود في النكاح لأن المهر يجعل بدلا عن البضع وحده لا يقال إنه وإن أدرج في العقد يعتبر بدلا عن الجهاز أيضا بحكم العرف فصار المعقود عليه كلا منهما لأنا نقول يلزم منه فساد التسمية لعدم العلم بما يخص كل واحد منهما وأيضا صرح بجعله مهرا وهو بدل البضع لا يعتبر المعنى على أن هذا العرف غير معروف في زماننا فإن كل أحد يعلم أن الجهاز ملك المرأة وأنه إذ طلقها تأخذه كله وإذا ماتت يورث عنها ولا يختص بشئ منه وإنما المعروف أنه يزيد في المهر لتأتي بجهاز كثير ليزين به بيته وينتفع به بإذنها ويرثه هو وأولاده إذا ماتت كما يزيد في مهر الغنية لأجل ذلك لا ليكون الجهاز كله أو بعضه ملكا لها ولا ليملك الانتفاع به وإن لم تأذن فافهم قوله (هل تقدير القاضي) أي من غير قوله حكمت بذلك ط والظاهر أنه بالدال هنا وفيما بعده من المواضع ويصح بالراء وكان ينبغي ذكر هذه المسائل عند قول المصنف الآتي والنفقة لا تصير دينا إلا بالقضاء أو الرضا قوله (بشرطه) هو شكوى المطل وحضور الزوج وكونه غير صاحب مائدة ط قوله (فلا تسقط) أي النفقة وهذا تفريع على كونه حكما ح قوله (هل يكون قضاء الخ) قال في البحر ومسألة الإبراء أي الآتية قريبا أخذت على أن الفرض في الشهر الأول منجز وفيما بعده مضاف فينجز بدخوله وهكذا اه قوله (إلا لمانع) كنشوزها فتسقط في مدته كما مر وكتغير السعر غلاء أو رخصا فتنقص أو تزاد قوله (ولذا) أي لما علم مما سبق أن النفقة تصير دينا بالقضاء ولا تسقط بمضي المدة ط قوله (قبل الفرض) يشمل الفرض بالقضاء أو بالرضا وقوله باطل لأنها لا تصير دينا بدون الفرض المذكور فليس في كلامه قصور فافهم
643 مطلب في لإبراء عن النفقة تنبيه يستثنى من ذلك ما لو خالعها على أن تبرئه من نفقة العدة كما قدمناه في بابه لأنه إبراء بعوض وهو استيفاء قبل الوجوب فيجوز أما الأول فهو إسقاط للشئ قبل وجوبه فلا يجوز كما في الفتح قوله (ومن شهر مستقبل) أي إذا كانت مفروضة بالأشهر فلو بالأيام يبرأ من نفقة يوم مستقبل وكذا لو بالسنين يبرأ عن نفقة سنة مستقبلة كما هو ظاهر والظاهر أن المراد بالمستقبل ما دخل أوله لأنه إنما وكذا يتنجز بدخوله كما علمته آنفا وقبل دخوله حكمه حكم ما بعده من الأشهر المستقبلة ويؤيده ما في البحر وكذا لو كانت أبرأتك عن نفقة سنة لم يبرأ إلا من نفقة شهر واحد لأن القاضي لما فرض نفقة كل شهر فإنما فرض لمعنى يتجدد بتجدد الشهر فما لم يتجدد الشهر لا يتجدد الفرض وما لم يتجدد الفرض لا تصير نفقة الشهر الثاني واجبة الخ وحاصله أن النفقة تفرض لمعنى الحاجة المتجددة فإذا فرضت كل شهر كذا صارت الحاجة متجددة يتجدد كل شهر فقبل تجدده لا يتجدد الفرض ف (لم تجب النفقة قبله ولا يصح الإبراء عما لم يجب ومقتضاه أنه لو فرضها كل سنة كذا صح الإبراء عن سنة دخلت لا عن أكثر ولا عن سنة لم الخطبة هذا لم تدخل ظهر لي فتدبره قوله (حتى لو شرط) تفريع على مفهوم كون تقدير القاضي النفقة حكما منه اه ح والمفهوم هو كونها بدون تقدير القاضي لا تكون لازمة وفيه أنها تلزم بالتراضي على قدر معلوم وتصير به دينا في ذمة الزوج فيتعين كونه تفريعا على مفهوم قوله الإبراء قبل الفرض باطل وقد علمت أن الفرض شامل للقضاء والرضا لأن الفرض معناه التقدير وهو حاصل بكل منهما ومفهوم أنها قبل الفرض المذكور لا تكون لازمة لأن الشرط المذكور ليس في تقدير كما يظهر قريبا فافهم قوله (تكون من غير تقدير) كذا في بعض النسخ وفي بعضها تموين بدل تكون فقوله من غير تقدير تفسير للتموين قوله (والكسوة كسوة الشتاء والصيف) أي يأتيها بالكسوة الواجبة في كل نصف حول بأن يأتيها بها ثيابا بلا تقويم وتقدير بدراهم بدل الثياب فافهم قوله (لم يلزم الخ) كذا ذكره في البحر بحثا ووجهه أن ذلك الشرط وعدمه سواء لأن ذلك هو الواجب عليه بنفس العقد سواء شرطه أو لا وإنما يعدل إلى التقدير بشئ معين بالصلح والتراضي أو بقضاء القاضي إذا ظهر له مطله فتصير النفقة بذلك لازمة عليه ودينا بذمته حتى لا تسقط بمضي المدة ويصح الإبراء عنها وقبل ذلك لا تصير كذلك كما علمت قوله (فلها بعد ذلك الخ) أي بعد ما ذكر من الشرط طلب التقدير في النفقة والكسوة من الزوج أو القاضي بشرطه المار قوله (ولو حكم بموجب العقد مالكي الخ) أي لو ترافعا إلى مالكي بعد المنازعة في صحة العقد فقال حكمت بصحته وصحة شروطه وبموجبه أي بما يستوجبه العقد ويقتضيه من لزوم المهر ولزوم تسليمها نفسها ونحوه صح الحكم لكن للحنفي تقدير النفقة دراهم وإن كان مذهب المالكي لزوم الشرط بالتموين لأن ذلك لم يصح حكم المالكي فيه إذ لا بد في صحة الحكم من الدعوى والحادثة أي ترافعهما لديه في الحادثة التي يحكم بها ولم يقع بينهما تنازع في صحة اشتراط التموين حتى يصح حكمه به وإن قال حكمت بشروطه وموجبه إذ ليس لزوم اشتراط التموين من موجبات العقد اللازمة له فللحنفي الحكم
644 بخلافه قوله (بقي لو حكم الحنفي) أي حكما مستوفيا شرائطه كما مر قوله (لا) أي ليس للشافعي الحكم بالتموين لأن فيه إبطال قضاء الحنفي ط قوله (وعليه إلخ) هذا بحث لصاحب النهر ط قوله (فلو حكم الشافعي بالتموين) بأن ترافعا إليه وطلبت منه التقدير وأبى ولم يظهر للقاضي مطله فحكم لها بالتموين لم يكن للحنفي نقضه قلت إلا أن يظهر بعد ذلك مطله فيفرضها دراهم لكون ذلك حادثة أخرى غير التي حكم بها الشافعي قوله (بطل الفرض السابق) أي الفرض الحاصل بالقضاء أو بالرضا قوله (لرضاها بذلك) لأن الفرض كان حقها لكونه أنفع لها فإن النفقة تصير به دينا في ذمته فلا تسقط بالمضي فإذا اتفقا على التموين في المستقبل يكون إعراضا عن الفرض السابق وهذه المسألة ذكرها في البحر بحثا وقال إنها كثيرة الوقوع وقد أخذها مما في الذخيرة لو صالحته على ثلاثة دراهم كل شهر قبل التقدير بالقضاء أو الرضا أو بعده كان تقديرا للنفقة فتجوز الزيادة عليه لو قالت لا يكفيني والنقصان منه لو قال لا أطيقه بعدم القاضي صدقه بالسؤال عنه وإلا لا لأن التزامه ذلك باختياره دليل قدرته عليه ولو صالحته على نحو ثوب أو عبد مما لا يصح للقاضي أن يفرضه في النفقة فإن كان قبل التقدير بانقضاء أو الرضا كان تقديرا أيضا وإن كان بعده كان معاوضة فلا تجوز الزيادة عليه ولا النقصان اه ملخصا قال في البحر بعدم منه أن تراضيهما على ما يصلح للنفقة مبطل لفرض القاضي فيستفاد منه أنهما لو اتفقا إلخ قوله (وفي السراجية إلخ) أي فتاوي سراج الدين قارئ الهداية وهذا مخالف لما قاله الشيخ قاسم وكون ذاك مفروضا في النفقة وهذا في الكسوة لا يجدي نفعا في الفرق تأمل وقد يجاب بأن ذاك في فرض القاضي وهذا في التراضي بدليل قوله ورضيت وقوله وقضى به لم يرد به القضاء الحقيقي بل الصوري لأن التقدير صح بتراضيهما قبل القضاء وأيضا فإن شرط القضاء ظهور المطل وبمجرد التراضي لم يظهر مطل وحينئذ فرجوعها وطلب الكسوة قماشا ليس فيه إبطال قضاء سابق بل فيه إعراض عن حقها لكون التقدير برضاهما أنفع لها كما مر في فرض القاضي ويظهر من هذا أن قوله السابق لو اتفقا إلخ غير قيد بل يكفي طلبها ويظهر منه أيضا أنه لا فرق بين كون طلبها بعد الفرض والتقدير بالقضاء أو الرضا ولذا ذكر ما في السراجية عقب قوله لو اتفقا إلخ لكن يشكل على هذا ما مر عن الشيخ قاسم فإنه إذا لم يصح حكم الشافعي بالتموين بعد حكم الحنفي بالتقدير بالدراهم فعدم صحة طلبها بدون حكم يكون بالأولى فليتأمل قوله (وقالوا الخ) الأصل أن القاضي إذا ظهر له الخطأ في التقدير يرده وإلا فلا فلو قدر لها عشرة دراهم نفقة شهر فمضى الشهر وبقي منها شئ يفرض لها عشر أخرى إذا لم يظهر خطؤه في التقدير بيقين لجواز أنها قترت على نفسها فيبقى التقدير معتبرا فيقضي لها بأخرى
645 بخلاف ما إذا أسرفت فيها أو سرقت أو هلكت قبل مضي الوقت لا يقضي بأخرى ما لم يمض الوقت لعدم ظهور الخطأ بخلاف نفقة المحرم وكذا كسوته فإنه إذا مضى الوقت وبقي شئ لا يقضي بأخرى لأنها في حقه باعتبار الحاجة ولذا لو ضاعت منه يفرض له أخرى وفي حق المرأة معاوضة عن الاحتباس وبخلاف كسوة المرأة فإنها لا يقضي لها بأخرى إلا إذا تخرقت قبل مضي المدة بالاستعمال المعتاد فيقضي لها بأخرى قبل تمام المدة لظهور خطئه في التقدير حيث وقت وقتا لا تبقى معه الكسوة وإلا إذا مضت المدة وهي باقية لكونه استعملت أخرى معها فيقضي لها بأخرى أيضا لعدم ظهور الخطأ ومثله ما إذا لم تستعملها أصلا وسكت عنه الشارح لعلمه بالأولى وفهم من كلامه أنها إذا تخرقت قبل مضي المدة باستعمال غير معتاد لا يقضي بأخرى ما لم تمض المدة لعدم ظهور الخطأ في التقدير وأنها إذا بقيت في المدة مع استعمالها وحدها فكذلك لا يقضي لها بأخرى ما لم تتخرق لظهور خطئه حيث وقت وقتا تبقى الكسوة بعده وتمام الكلام في البحر عن الذخيرة مطلب في نفقة خادم لمرأة قوله (وتجب لخادمها المملوك لها) لأن كفايتها واجبة عليه وهذا من تمامها إذ لا بد لها منه هداية ويعلم منه أنها إذا مرضت وجب عليه إخدامها ولو كانت أمة وبه صرح الشافعية وهو مقتضى قواعد مذهبنا ولم أره صريحا وإن علم من كلامهم رملي قلت هذا ظاهر على خلاف الظاهر ففي البحر قيل هو أي الخادم كل من يخدمها حرا كان أو عبدا ملكا لها أو له أو لهما أو لغيرهما وظاهر الرواية عن أصحابنا الثلاثة كما في الذخيرة أنه مملوكها فلو لم يكن لها خادم لا يفرض عليه نفقة خادم لأنها بسبب الملك فإذا لم يكن في ملكها لا تلزمه نفقته اه ثم قال وبهذا علم أنه إذا لم يكن لها خادم مملوك لا يلزمه كراء غلام يخدمها لكن يلزمه أن يشترى لها ما تحتاجه من السوق كما صرح به في السراجية اه إلا أن يقال هذا في غير المريضة لأنه إذا اشترى لها ما تحتاجه تستغني عنه بخلاف المريضة إذا لم تجد من يمرضها فيكون من تمام الكفاية الواجبة على الزوج نعم إذا طلبته ليقوم عنها في الطبخ ونحوه فقد مر أنها إذا لم تفعل يأتيها بمن يكفيها ذلك إذا كانت ممن لا يخدم أو لا تقدر وكذا إذا كان لخدمة أولاده كما يأتي قوله (على الظاهر) أي ظاهر الرواية كما علمت قوله (ملكا تاما) احترز به عن الزوجة المكاتبة إذا كان لها مملوك فإن نفقته لا تجب على زوجها كما في المنح أخذا من تقييد الزيلعي وغيره بالحرة بقي لو كانت الزوجة حرة وكاتبت أمتها فالظاهر أن نفقتها على الزوج إن لم تشتغل عن خدمتها لأن التقييد بالحرة لا يلزم منه إخراج أمتها المكاتبة فافهم قوله (بالفعل) ليس المراد أنه إنما يستحق النفقة في حال تلبسه بالخدمة دون ما قبل الشروع فيها أو بعد الفراغ منها إذ لا يتوهمه أحد وإنما المراد الاحتراز عما إذا لم يخدمها وإن كان لا شغل له غير خدمتها ولذا قال في الدر
646 المنتقى فلو لم يكن في ملكها أو كان له شغل غير خدمتها أو لم يكن له شغل لكن لم يخدمها فلا نفقة له اه فقد فرع على القيود الثلاثة وفي البحر عن الذخيرة نفقة الخادم إنما تجب عليه بإزاء الخدمة فإذا امتنعت عن الطبخ والخبز وأعمال البيت لم تجب بخلاف نفقة المرأة فإنها بمقابلة الاحتباس اه فافهم قوله (ولو جاءها بخادم الخ) أي قاصدا إخراج خادمها من بيته فلا يملك ذلك في الصحيح خانية لأنه قد لا تتهيأ لها الخدمة بخادم الزوج ولولوالجية قال في النهر وينبغي أن يقيد بما إذا لم يتضرر من خادمها أما إذا تضرر منه بأن كان يختلس من ثمن ما يشتريه كما هو دأب صغار العبيد في ديارنا ولم تستبدل به غيره وجاءها بخادم أمين فإنه لا يتوقف على رضاها اه وفيه أنه يمكن الزوج تعاطي الشراء بخادمة لأنه من الواجب عليه وليس ذلك من خدمتها الخاصة بها والكلام فيما يتعلق بها ط نعم لو كان خادمها يختلس أمتعة بيته يمكن أن يكون عذرا للزوج في إخراجه قوله (بحر بحثا) راجع لقوله بل ما زاد وعبارته وظاهره أي ظاهر قولهم لا يملك إخراج خادمها أنه يملك إخراج ما عدا خادم واحد من بيته لأنه زائد على قولهما اه أما على قول أبي يوسف الآتي فلا قوله (لو حرة) لا حاجة إليه بعد قول المتن المملوك كما صرح به المصنف في المنح أفاده ح وأشار إليه الشارح بقوله لعدم ملكها قوله (موسرا) منصوب على أنه خبر كان المقدرة بعد لو وعلى حل الشارح صار منصوبا على الحالية من الزوج في قول المصنف أول الباب فتجب للزوجة على زوجها فإن قوله هنا ولخادمها معطوف على قوله للزوجة فافهم قال في البحر وفي غاية البيان واليسار مقدر بنصاب حرمان الصدقة لا بنصاب وجوب الزكاة اه وفي الذخيرة ولا تقدر نفقة الخادم بالدراهم على ما ذكرنا في نفقة المرأة بل يفرض له ما يكفيه بالمعروف ولكن لا تبلغ نفقته نفقتها لأنه تبع لها فتنقص نفقته عنها في الإدام وما ذكره محمد في الكتاب من ثياب الخادم فهو بناء على عاداتهم وذلك يختلف في كل وقت فعل القاضي اعتبار الكفاية فيما يفرض له في كل وقت ومكان اه ملخصا قوله (في الأصح) خلافا لما يقوله محمد من أنه يفرض لخادمها ولو كان الزوج معسرا وتمامه في الفتح والبحر قوله (والقول له في العسار) لأنه متمسك بالأصل منح ولأنه منكر لسبب الوجوب قال في البحر إلا أن تقيم المرأة البينة ويشترط في هذا الخبر العدد والعدالة لا لفظ الشهادة وفي القهستاني العسار اسم من الإعسار أي الافتقار يستعمله بعض أهل العلم إلا أنه غير مسموع كما في الطلبة وقال المطرزي إنه خطأ محض وكأنهم ارتكبوها لمزاوجة اليسار قوله (لا يكفيه) عبارة الفتح لا يكفيهم قوله (فرض عليه لخادمين أو أكثر) ظاهره أن الخدم لها أي لا يلزمه نفقة أكثر من خادم لها إلا إذا احتاجهم لأولاده لأنها لو لم يكن لها خدم واحتاج أولاده إلى أكثر من خادم يلزمه لأن
647 ذلك من جملة نفقتهم كما لا يخفي قوله (وعن الثاني) أي أبي يوسف أشار إلى أن هذا رواية عن أبي يوسف لأن المنقول عنه في الهداية وغيرها أنه يفرض لخادمين لاحتياج أحدهما لمصالح الداخل والآخر لمصالح الخروج قوله (زفت إليه) أشار إلى أن المعتبر حالها في بيت أبيها لا حالها الطارئ عليها في بيت الزوج تأمل رملي قوله (ثم قال وفي البحر الخ) عبارة البحر هكذا قال الطحاوي وروى صاحب الإملاء عن أبي يوسف أن المرأة إذا كانت ممن يجل مقدارها عن خدمة خادم واحد أنفق على من لا بد لها منه من الخدم ممن هو أكثر من الخادم الواحد أو الاثنين أو أكثر من ذلك قال وبه نأخذ كذا في غاية البيان وفي الظهيرية والولوالجية المرأة إذا كانت من بنات الأشراف غنم خدم يجبر الزوج على نفقة خادمين اه فالحاصل أن المذهب الاقتصار على واحد مطلقا والمأخوذ به عند المشايخ قول أبي يوسف اه مطلب في فسخ النكاح لعجز عن لنفقة وبلغيبة قوله (ولا يفرق بينهما بعجزه عنها) أي غائبا كان أو حاضرا قوله (بأنواعها) وهي مأكول وملبوس ومسكن ح قوله (حقها) أي من النفقة وهو منصوب مفعول المصدر وهو إيفاء قوله (ولو موسرا) المناسب ولو معسرا لأنه إشارة إلى خلاف الشافعي رحمه الله والأصح عنده عدم الفسخ بمنع الموسر حقها كمذهبنا قوله (بإعسار الزوج) مقابل قوله ولا يفرق بينهما بعجزه ط قوله (وبتضررها بغيبته) أي تضرر المرأة بعدم وصول النفقة بسبب غيبته وفي بعض النسخ وبتعذرها بغيبته أي تعذر النفقة وهي أظهر وهذا مقابل قوله ولا بعدم إيفائه حقها والحاصل أن عند الشافعي إذا أعسر الزوج بالنفقة فلها الفسخ وكذا إذا غاب وتعذر تحصيلها منه على ما اختاره كثيرون منهم لكن الأصح المعتمد عندهم أن لا فسخ ما دام موسرا وإن انقطع خبره وتعذر استيفاء النفقة من ماله كما صرح به في الأم قال في التحفة بعد نقله ذلك فجزم شيخنا في شرح منهجه بالفسخ في منقطع خبر لا مال له حاضر مخالف للمنقول كما علمت ولا فسخ بغيبة من جهل حاله يسارا وإعسارا بل وشهدت بينة أنه غاب معسرا فلا فسخ ما لم تشهد بإعساره الآن وإن علم استنادها للاستصحاب أو ذكرته تقوية لا شكا كما يأتي اه قوله (نعم لو أمر شافعيا) أي بشرط أن يكون مأذونا له بالاستنابة خانية قال في غرر الأذكار ثم اعلم أن مشايخنا استحسنوا أن ينصب القاضي الحنفي نائبا ممن مذهبه التفريق بينهما إذا كان الزوج حاضرا وأبى عن الطلاق لأن دفع الحاجة الدائمة لا يتيسر بالاستدانة
648 إذ الظاهر أنها لا تجد من يقرضها وغنى الزوج مآلا أمر متوهم فالتفريق ضروري إذا طلبته وإن كان غائبا لا يفرق لأن عجزه غير معلوم حال غيبته وإن قضى بالتفريق لا ينفذ قضاؤه لأنه ليس في مجتهد فيه لأن العجز لم يثبت اه ونقل في البحر اختلاف المشايخ وأن الصحيح كما في الذخيرة عدم النفاذ لظهور مجازفة تقديم الشهود كما في العمادية والفتح وذكر في قضاء الأشباه في المسائل التي لا ينفذ فيها قضاء القاضي أن منها التفريق للعجز عن الإنفاق غائبا على الصحيح لا حاضرا اه والحاصل أن التفريق بالعجز عن النفقة جائز عند الشافعي حال حضرة الزوج وكذا حال غيبته مطلقا أو ما لم تشهد بينة بإعساره الآن كما علمت مما نقلناه عن التحفة والحالة الأولى جعلها مشايخنا حكما مجتهدا فيه فينفذ فيه القضاء دون الثانية وبه تعلم ما في كلام الشارح حيث جزم بالنفاذ فيهما فإنه مبني على خلاف الصحيح المار عن الذخيرة وذكر في الفتح أنه يمكن الفسخ بغير طريق إثبات عجزه بل بمعنى فقده وهو أن تتعذر النفقة عليها ورده في البحر بأنه ليس مذهب الشافعي قلت ويؤيده ما قدمناه عن التحفة حيث رد على شرح المنهج بأنه خلاف المنقول فعلى هذا ما يقع في زماننا من فسخ القاضي الشافعي بالغيبة لا يصح وليس للحنفي تنفيذه سواء بني على إثبات الفقر أو على عجز المرأة عن تحصيل النفقة منه بسبب غيبته فليتنبه لذلك نعم يصح الثاني عند أحمد كما ذكر في كتب مذهبه وعليه يحمل ما في فتاوى قارئ الهداية حيث سأل عمن غاب زوجها ولم يترك لها نفقة فأجاب إذا أقامت بينة على ذلك وطلبت فسخ النكاح من قاض يراه ففسخ نفذ وهو قضاء على الغائب وفي نفاذ القضاء على الغائب روايتان عندنا فعلى القول بنفاذه يسوغ للحنفي أن يزوجها من الغير بعد العدة وإذا حضر الزوج الأول وبرهن على خلاف ما ادعت من تركها بلا نفقة لا تقبل بينته لأن البينة الأولى ترجحت بالقضاء فلا تبطل بالثانية اه وأجاب عن نظيره في موضع آخر بأنه إذا فسخ النكاح حاكم يرى ذلك ونفذ فسخه قاض آخر وتزوجت غيره صح الفسخ والتنفيذ والتزوج بالغير ولا يرتفع بحضور الزوج وادعائه أنه ترك عندها نفقة في مدة غيبته الخ فقوله من قاض يراه لا يصح أن يراد به الشافعي فضلا عن الحنفي بل يراد به الحنبلي فافهم قوله (إذا لم يرتش الآمر والمأمور) أما الأول فلأن نصب القاضي بالرشوة لا يصح وأما الثاني فلأن حكمه بها لا يصح ولو صح نصبه وعليه فالمناسب العطف بأو مطلب في لأمر بالاستدانة على لزوج قوله (وبعد الفرض) أشار إلى أن في عبارة المصنف كلاما مطويا بعد قوله ولا يفرق بينهما بعجزه عنها الخ تقديره بل يفرض لها النفقة عليه ويأمرها بالاستدانة لكن الفرض يظهر فميا لو كان المعسر عن النفقة حاضرا لأن الغائب إذا لم يكن له مال حاضر لا يفرض لها نفقة عليه كما في الحاكم وسيذكره المصنف بعد نعم سيذكر أن المفتى به قول زفر فافهم قوله (بالاستدانة) ذكر الخصاف وتبعه الشارحون أنها الشراء بالنسيئة لتقضي الثمن من مال الزوج وفي المجتبى أنها الاستقراض بحر ونقل القستاني عن صدر خالف قال وإليه يشير كلام المغرب اه وفي
649 اليعقوبية أنه الأولى كما لا يخفى قال في الدر المنتقى لكن التوكيل بالاستقراض لا يصح على فالأصح الأول اه ومثله في الحموي عن البرجندي قلت الثاني أيسر على المرأة لأنها قد لا تجد من يبيعها بالنسيئة ما تحتاجه في كل يوم بخلاف الاستقراض لنفقة شهر مثلا ويأتي قريبا الجواب عن الإيراد تنبيه في قضاء الحاوي الزاهدي فإن لم تجد من تستدين منه عليه اكتسبت وأنفقت وجعلته دينا عليه بأمر القاضي وإن لم تقدر على الاكتساب لها السؤال ليومها وتجعل مسؤولها دينا عليه أيضا بأمره به قوله (لاكها عليه الخ) اعلم أنهم قالوا إن للمرأة حق الرجوع على الزوج بالنفقة بعد فرض القاضي سواء أكلت من ماله أو استدانتها بأمر القاضي أو بدونه ولكن فائدة الأمر بالاستدانة عدم سقوطها بموت أحدهما كما سيذكره المصنف بقوله بموت أحدهما وطلاقها يسقط المفروض إلا إذا استدانت بأمر قاض وأشار الشارح إلى فائدة أخرى وهي ما في تجريد القدوري والهداية من أن فائدة الأمر بها أن تحيل الغريم على الزوج وإن لم يرض الزوج وبدون الأمر ليس لها ذلك وذكر في الفتح عن التحفة أن فائدته رجوع الغريم على الزوج أو على المرأة قال في البحر وظاهره أن للغريم الرجوع عليه بلا حوالة منها وعلى ما في التجريد لا رجوع له بلا حوالة اه قلت الظاهر عدم المخالفة وأن المراد بالإحالة دلالتها الغريم على زوجها ليطالبه بأن تقول له إن زوجي فلان فطالبه بالدين إذ لا يمكن إرادة حقيقة الحوالة هنا بدليل تصريحهم بأن للغريم مطالبة المرأة بها أيضا وأنه لا يشترط رضا الزوج بالحوالة هذا وقد صرحوا بأن الاستدانة بأمر القاضي إيجاب الدين على الزوج لأن للقاضي ولاية كاملة عليه فلذا كان للغريم أن يرجع عليه وبدون الأمر بها لا يرجع عليه بل عليها وهي ترجع على الزوج فقد ظهر من هذا أن الاستدانة بالأمر أنكر لها ويجب بها الدين على الزوج بسبب ولاية القاضي عليه لا بطريق الوكالة عن الزوج وبه اندفع ما مر من أن التوكل بالاستقراض لا يصح فافهم قوله (إن صرحت الخ) لا يصح جعله قيدا لقوله وهي عليه لأن رجوع المرأة على الزوج ثابت لها قبل الأمر بالاستدانة كما علمته بل هو قيد لقوله لنحيل عليه وعبار المجتبى فإذا استدانت هل تصرح بأني أستدين على زوجي أو تنوي أما إذا صرحت فظاهر وكذا إذا نوت وإذا لم تصرح ولم تنو لا يكون عليه ولو ادعت أنها نوت الاستدانة عليه وأنكر الزوج فالقول له اه قلت وفائدة إنكاره عدم رجوع الغريم عليه بل يرجع عليها وهي ترجع عليه وأنها تسقط بموت أحدهما أو طلاقهما كما علم مما مر والظاهر أنه لا يمين على الزوج إذ كيف يحلف على عدم نيتها ولذا لم يقيد اليمين خلافا لما نقله الرحمتي من التقييد به فإني لم أره في المجتبى ولا في البحر قوله (وتجب الإدانة الخ) قال في الاختيار المعسرة إذا كان زوجها معسرا غنم ولا من غيره موسر أو أخ موسر فنفقتها على زوجها ويؤمر الابن أو الأخ بالإنفاق عليها ويرجع به على الزوج إذا أيسر ويحبس الابن أو الأخ إذا امتنع لأن هذا من المعروف قال الزيلعي فتبين بهذا أن الإدانة
650 لنفقتها إذا كان الزوج معسرا وهي معسرة تجب على من كانت تجب عليه نفقتها لولا الزوج وعلى هذا لو كان للمعسر أولاد صغار ولم يقدر على إنفاقهم تجب نفقتهم على من تجب عليه لولا الأب كالأم والأخ والعم ثم يرجع به على الأب إذا أيسر بخلاف نفقة أولاده الكبار حيث لا يرجع عليه بعد اليسار لأنه لا تجب مع الإعسار فكان كالميت اه وأقره في فتح القدير بحر قلت ومقتضاه أنه لا فرق بين الأم وغيرها في ثبوت الرجوع على الأب مع أنه سيذكر معي الفروع أنه لا رجوع في الصحيح إلا للأم وفيه كلام سنذكره هناك قوله (كأخ وعم) يصح رجوعه لكل من الزوجة والصغار اه ح أي كأن يكون لها أخ أو عم ولأولادها أخ من غيرها أو عم فتستدين لنفسها من أخيها أو عمها ولأولادها من أخيهم أو عمهم وظاهره أنه لا يقدم الأخ على العم هنا تأمل قوله (وسيتضح) أي في الفروع قوله (ثم أيسر) أي الزوج كما فسره في المنح والأولى أن يقول ثم أيسر أحدهما ح قلت ومثله ما لو أيسرا قوله (فخاصمته) إذ لا تقدير بدون طلبها قوله (تمم) أي القاضي نفقة يساره أي يسار الزوج الذي امرأته فقيرة وهي الوسط ولو قال وجب الوسط كما قال فيما بعده لكان أوضح ح قوله (في المستقبل) أما الماضي قبل المخاصمة فقد رضيت به ولو بعد عروض اليسار قوله (وبالعكس) بأن قضى بنفقة اليسار لكونهما موسرين ثم أعسر الزوج على ما قال أو ثم أعسر أحدهما على ما هو الأولى ولو قال قضى بنفقة الإعسار ثم أيسر أحدهما أو بالعكس وجب الوسط لكان أوضح وأخصر اه ح قوله (كما مر) في قوله بقدر حالهما ح مطلب في لصلح عن لنفقة قوله (صالحت زوجا الخ) قدمنا عند قوله لرضاها بذلك عن الذخيرة أن الصلح على النفقة تارة يكون تقديرا للنفقة كالصلح على نحو الدراهم قبل تقدير النفقة بالقضاء أو الرضا أو بعده فتجوز الزيادة عليه والنقصان عنه أي بالغلاء أو الرخص وتارة يكون معاوضة كالصلح على نحو عبد إن كان بعد تقديرها بما ذكر فلا تجوز الزيادة ولا النقصان ولو قبل التقدير فهو تقدير فكلامه هنا أمرهم محمول على ما إذا لم يكن معاوضة ولذا قيد بقوله على دراهم قوله (زيدت) أي يسمع القاضي دعواها ويزيد لها إذا كانت لا تكفيها لما في كافي الحاكم صالحت المرأة زوجها على نفقة لا تكفيها فلها أن ترجع عنه وتطالب بالكفاية اه قوله (فلا التفات لمقالته) فإن التزامه باختياره وذلك دليل على كونه قادرا على أداء ما التزم فيلزمه جميع ذلك إلا أن يتعرف القاضي عن حاله بالسؤال من الناس فإذا أخبروه أنه لا يطيق ذلك نقص عنه وأوجب على قدر طاقته ذخيرة وحاصله أنه لا يقبل قوله لتناقضه ما لم يظهر للقاضي حاله بخلاف المرأة فإنه لا تناقض
651 منها فإنها غير ملتزمة لأن لها الرجوع عن الصلح كما مر الكلام فيه فحيث لم تكن متناقضة تسمع دعواها على أزوج بعدم الكفاية فإن أقر بذلك ألزمه بالزيادة وإن أنكر حلفه أو طلب منها بينة ولا يفعل كذلك في دعوى الزوج لعدم سماعها هذا ما ظهر لي في بيانه فافهم هذا وأما ما في الذخيرة من أن القاضي لو فرض لها مالا يكفيها فلها أن ترجع لأنه ظهر خطؤه فعليه التدارك بالقضاء بما يكفيها وكذلك لو فرض على الزوج زيادة على الكفاية فله الامتناع عنها اه فلا يرد على ما مر لأن هذا في القضاء بطريق الإلزام على الزوج فلم يظهر فيه التناقص منه بخلاف الصلح برضاه وقد خفى هذا على غير واحد فافهم قوله (لكل حال) تابع فيه المصنف في شرحه ولم أره لغيره مع عدم ظهور وجهه فالمناسب إسقاطه تأمل قوله (إلا إذا تغير سعر الطعام الخ) لأن ذلك عارض فلا يكون به متناقضا لأنه لم يدع أن ذلك كان وقت الصلح بل عرض بعده وكذلك الحكم في دعوى المرأة بالأولى وكالصلح القضاء ففي البحر عن الظهيرية إذا فرض القاضي للمرأة النفقة فغلا الطعام أو رخص فإن القاضي يغير ذلك الحكم اه قوله (إلا أن يتعرف الخ) أي يطلب المعرفة وهذا استثناء من قوله فلا التفات لمقالته كما علمته فكان المناسب ذكره عقبه قوله (لم يلزمه إلا نفقة مثلها) لظهور أن المائة لكل شهر على الفقير المحتاج شئ كثير في زمانهم لا يتغابن فيه قال في الخلاصة لو صالحته على أكثر من حقوقها في النفقة والكسوة وإن كان قدر ما يتغابن الناس في مثله جاز وإلا فالزيادة مردودة ولا يبطل القضاء اه وعليه فلو مضت مدة لا تسقط النفقة إذ لو بطل أصل القضاء لسقطت بالمضي وتمامه في البحر وكأنه أراد بالقضاء التقدير تأمل مطلب لنفقة دينا بالقضاء أو الرضا قوله (والنفقة لا تصير دينا الخ) أي إذا لم ينفق عليها بأن غاب عنها أو كان حاضرا فامتنع فلا يطالب بها بل تسقط بمضي المدة قال في الفتح وذكر في الغاية معزوا إلى الذخيرة أن نفقة ما دون الشهر لا تسقط فكأنه جعل القليل مما لا يمكن الاحتراز عنه إذ لو سقطت بمضي يسير من الزمان لما تمكنت من الأخذ أصلا اه ومثله في البحر وكذا في الشرنبلالية عن البرهان ووجهه في غاية الظهور لمن تدبر فافهم ثم اعلم أن المراد بالنفقة نفقة الزوجة بخلاف نفقة القريب فإنها لا تصير دينا ولو بعد القضاء والرضا حتى لو مضت مدة بعدهما تسقط كما يأتي وسيأتي أن الزيلعي استثنى نفقة الصغير ويأتي تمام الكلام عليه عند قول المصنف قضى بنفقة غير الزوجة الخ قوله (إلا بالقضاء) بأن
652 يفرضها القاضي عليه أصنافا أو دراهم أو دنانير نهر قوله (فقبل ذلك لا يلزمه شئ) أي لا يلزمه عما مضى قبل الفرض بالقضاء أو الرضا ولا عما يستقبل لأنه لم يجب بعد ولذا لا يصح الإبراء عنها قبل الفرض وبعده يصح مما مضى ومن شهر مستقبل كما تقدم قبل قوله ولخادمها وأما الكفالة بها شهرا أو أكثر فصرح في البحر هنا عن الذخيرة أنها لا تصح قبل الفرض والتراضي ونقل بعده عن الذخيرة أيضا ما يخالفه وقدمنا الكلام عليه والتوفيق بين كلاميه قوله (وبعد) أي وبعد القضاء أو الرضا ترجع لأنها بعده صارت ملكا لها كما قدمناه ولذا قال في الخانية لو أكلت من مالها أو من المسألة لها الرجوع بالمفروض اه وكذا لو تراضيا على شئ ثم مضت مدة ترجع بها ولا تسقط قال في البحر فهذا هو المراد بقولهم أو الرضا فأما ما توهمه بعض حنيفة العصر من أن المراد به إذا مضت مدة بغير فرض ولا رضا ثم رضي الزوج بشئ فإنه يلزمه فخطأ ظاهر لا يفهمه من له أدنى تأمل اه ومقتضاه أنه لا يلزمه شئ بهذا الرضا لكون ما مضى قبله لم يجب عليه فهو التزام ما يلزم وإنما يلزمه ما يمضي بعد الرضا لأنه صار واجبا به كالقضاء وأطلق في الرجوع فشمل ما إذا شرط الرجوع لها أو لا كما هو ظاهر المتون والشروح وأما ما في الخانية والظهيرية من أن القاضي إذا فرض لها النفقة فقال الزوج استقرضي كل شهر كذا وأنفقي لا ترجع ما لم يقل وترجعي بذلك علي فلعل المراد لا ترجع بما استقرضت بل المفروض فقط وإلا فهو غلط محض أفاده في البحر وأجاب المقدسي بأن التوكيل في القرض لا يصح وإذا شرط الرجوع يكون كالاصطلاح على هذا المقدار فترجع به وكذا أجاب الخير الرملي بأنه لما لم يصح الأمر بالاستقراض عليه صارت مستقرضة على نفسها متبرعة إن لم يشترط الرجوع عليه تنبيه أطلق النفقة فشمل نفقة العدة إذا لم تقبضها حتى انقضت العدة ففي الفتح أن المختار عند الحلواني أنها لا تسقط وسنذكر عن البحر أن الصحيح السقوط وأنه لا بد من إصلاح المتون هنا لإطلاقها عدم السقوط وأن هذا كله في غير المستدانة وسيأتي تمام الكلام فيه قوله (ولو اختلفا في المدة) أي في قدر ما مضى منها من وقت القضاء أو الرضا وكذا لو اختلفا في قدر النفقة أو جنسها كما في البزازية قوله (فالقول له) لأنها تدعي زيادة دين وهو فقلنا فالقول له مع يمينه ذخيرة قوله (وبموت أحدهما وطلاقها) وكذا بنشوزها كما قدمه الشارح بقوله وتسقط به أي بالنشوز المفروضة لا المستدانة في الأصح كالموت اه وموت أحدهما غير قيد فكذا موتهما بالأولى كما لا يخفى قال الخير الرملي وقيد السقوط بالطلاق شيخنا الشيخ محمد بن سراج الدين الحانوتي بما إذا مضى شهر يعين فأزيد وهو قيد لا بد منه تأمل اه قوله (واعتمد في البحر بحثا الخ) فإنه أولا نقل السقوط بالطلاق عن النقاية والجوهرة والخانية والظهيرية والمجتبى والذخيرة وأن القاضي أبا علي النسفي نص على أن ذلك مروي وأنه أفتى به الصدر الشهيد والإمام ظهير الدين المرغيناني وشبهه بالذمي إذا اجتمع عليه خراج رأسه وأسلم يسقط عنه ما اجتمع عليه ثم قال فقد ظهر من هذا أن الراجح عندهم سقوطها بالطلاق كالموت ثم قال بعده
653 قال العبد الضعيف ينبغي ضعف القول بسقوطها بالطلاق ولو بائنا لأمور وذكر ثلاثة اثنان منها ضعيفان وقال الثالث وهو أقواها ما في البدائع من الخلع لو قال خالعتك ونوى الطلاق يقع الطلاق ولا يسقط شئ من المهر والنفقة قال فهذا صريح في المسألة وفي البدائع أيضا ولا خلاف بينهم في الطلاق على مال أنه لا يبرأ به عن سائر الحقوق التي وجبت لها بسبب النكاح اه فالذي يتعين المصير إليه على كل مفت وقاض اعتماد عدم السقوط خصوصا ما تضمنه القول بالسقوط من الإضرار بالنساء اه ملخصا ورد عليه العلامة المقدسي والخير الرملي بإمكان حمل ما في البدائع من الحقوق التي لا تسقط على المهر ونفقة ما دون الشهر والنفقة المستدانة بأمر وبأن هذه الرواية قد أفتى بها من تقدم وذكرت في المتون كالوقاية والنقاية والإصلاح والغرر وغيرها قال المقدسي ولهذا توقفت كثيرا في الفتوى بالسقوط وظفرت بنقل صريح في تصحيح عدم السقوط في خزانة المفتين وفي الجواهر أنه لا ينبغي أن يفتي بسقوطها بالطلاق الرجعي لئلا يتخذها الناس وسيلة لقطع حق النساء اه والذي يتعين المصير إليه أن يقال يتأمل عند الفتوى كما جرت به عادة المشايخ في هذا المقام اه ملخصا قوله (لكن الخ) استدراك على إطلاق الطلاق الشامل للبائن والرجعي بتخصيص السقوط بالبائن وعدمه بالرجعي قوله (والفتوى الخ) هذه عبارة جواهر الفتاوى كما في المنح فيكون بدلا من ما اه ح وفي هذه العبارة مخالفة لما نقله المقدسي عنها قوله (وبالأول) أي بالسقوط الطلاق مطلقا ح قوله (أفتى شيخنا) يعني الخير الرملي قال في الخيرية بعد عزوه إلى الخلاصة والبزازية وكثير من الكتب وأفتى به الشيخ زين الدين بن نجيم ووالد شيخنا الشيخ أمين الدين وهي في فتاويهما قوله (لكن صحح الشرنبلالي الخ) وعبارته المرأة إذا طلقت وقد تجمد لها نفقة مفروضة قيل تسقط وهو غير المختار وأشار إليه المصنف أي ابن وهبان بصيغة قيل والأصح عدم السقوط ولو كان الطلاق بائنا لئلا يتخذ حيلة لسقوط حقوق النساء وما ذكره الشارح أي ابن الشحنة غير التحقيق في المسألة اه ويوافقه ما في القهستاني عن خزانة المفتين أن المفروضة لا تسقط بالطلاق على الأصح اه ط قوله (فيتأمل عند الفتوى) بأن ينظر في حال الرجل هل فعل ذلك تخلصا من النفقة أو لسوء أخلاقها مثلا فإن كان الأول يلزم بها وإن كان الثاني لا يلزم وهذا ما قاله المقدسي وينبغي التعويل عليه ط قوله (لأنها صلة) أي والصلات تبطل بالموت قبل القبض هداية وهذا التعليل لا يظهر في الطلاق وتعليله ما قدمناه من أنها كخراج رأس الذمي قوله (في الصحيح) كذا في الزيلعي عن النهاية والبحر والنهر وغيرها ومقابله قول الخصاف بسقوطها ولو مع الأمر بالاستدانة وهو ظاهر الهداية قال في الفتح والصحيح ما ذكره الحاكم الشهيد مع الأمر بالاستدانة لا تسقط بالموت لأن الاستدانة بأمر من له ولاية تامة عليه كالاستدانة بنفسه فلا تسقط بالموت وعلى هذا الخلاف سقوطها بعد
654 الأمر بالاستدانة بالطلاق والصحيح لا تسقط اه قوله (لما مر الخ) لم يمر هذا في كلامه ط قوله (فليحرر) أنت خبير بأنه مخالف للمتون والشروح فلا يعول عليه اه ح وقد علمت قول الخصاف بسقوط المفروضة مع الأمر بالاستدانة فكيف بدون والظاهر أن ما ذكره ابن كمال سبق قلم قوله (بموت أو طلاق) هذا عندهما وقال محمد يرفع عنها حصة ما مضى ويجب رد الباقي إن كان قائما وقيمته إن كان مستهلكا ذخيرة قال في الفتح والموت والطلاق قبل الدخول سواء وفي نفقة المطلقة إذا مات الزوج اختلفوا فيه قيل ترد وقيل لا تسترد بالاتفاق لأن العدة قائمة في موته كذا في الأقضية اه قال الخير الرملي واستفيد منه ومما في الذخيرة جواب حادثة الفتوى طلقها بائنا وعجل لها نفقة تسعة أشهر فأسقطت سقطا بعد عشرة أيام فانقضت بذلك عدتها هل يرجع عليها بما زاد على حصة العشرة أم لا الجواب لا يرجع عندهما لا عند محمد وهو القياس قوله (عجلها الزوج أو أبوه) لما في الولوالجية وغيرها أبو الزوج إذا دفع نفقة امرأة ابنه مائة ثم طلقها الزوج ليس للأب أن يسترد ما دفع لأنه لو أعطاها الزوج والمسألة بحالها لم يكن له ذلك عند أبي يوسف وعليه الفتوى فكذا إذا أعطاها أبوه اه ووجهه أنها صلة لزوجته ولا رجوع فيما يهبه لزوجته والعبرة لوقت الهبة لا لوقت الرجوع فالزوجية من الموانع من الرجوع كالموت ودفع الأب كدفع الابن فلا إشكال بحر قلت وظاهره أن دفع الأجنبي ليس كذلك ولعل وجهه أن الأب يدفع بطريق النيابة عن ابنه عادة فكان هبة من الابن فلا رجوع بخلاف دفع الأجنبي فتأمل مطلب في بيع لعبد لنفقة زوجته قوله (يباع القن) أي يبيعه سيده لأنه دين تعلق رقبته بإذن المولى فيؤمر ببيعه فإن امتنع باعه القاضي بحضرته كما قدمناه في النهر في نكاح الرقيق والقن عند الفقهاء من لا حرية فيه بوجه وفي اللغة من ملك هو وأبوه بحر قوله (ويسعى مدبر ومكاتب) لعدم صحة بيعهما ومثلهما ولد أم الولد وقوله في البحر والنهر وأم الولد فيه سقط ومعتق البعض عند الإمام بمنزلة المكاتب هندية عن المحيط ولو اختارت استسعاء القن دون بيعه ينبغي أن لها ذلك كما قالوا في المأذون المديون إذا اختار الغرماء استسعاءه بحر وأقره أخوه والمقدسي قوله (لم يعجز) أما لو عجز نفسه عاد إلى الرق فيجري عليه حكم القن قوله (وبدونه الخ) يعين إذا تزوج القن أو المدبر ونحوه بلا إذن السيد يطالب بالنفقة بعد العتق أي بالنفقة المستقبلة لا التي في حال رقه لعدم كونها زوجة وقته قال في الفتاوى الهندية فإن تزوج هؤلاء بغير إذن المولى فلا نفقة عليهم ولا مهر كذا في الكافي وإن أعتق واحد منهم جاز نكاحه حين عتق وعليه المهر والنفقة في المستقبل اه ح قوله (المفروضة) كذا قيد به في النهر وعزاه إلى الفتح وغيره أي لأنها بدون الفرض تسقط بالمضي كنفقة زوجة الحر والذي في الفتح فرضها بقضاء القاضي وهل بالتراضي
655 كذلك لم أره وذكرت في باب نكاح الرقيق بحثا أنه ينبغي أن لا يصح فرضها بتراضيهما لحجر العبد عن التصرف ولاتهامه بقصد الزيادة لإضرار المولى تأمل قوله (إذا اجتمع عليه الخ) أفاد أنه لا يباع بالقدر اليسير كنفقة كل يوم وأنه لا يلزمها أن تصبر إلى أن يجتمع لها من النفقة قدر قيمته لما في الأول من الإضرار بالمولى وما في الثاني من الإضرار بها أفاده في البحر قلت والظاهر أن الخيار للمولى إن شاء باعه جميعه أو باع منه بقدر ما لها عليه ثم إذا تجمد لها عليه نفقة أخرى يباع من حصة كل من السيد والمشتري بقدر ما يخصه لأنه عبد مشترك لزمه دين فيغرم كل منهما بقدر ما يملكه وهكذا لو بيع منه لثالث ورابع تأمل قوله (ولم يفده) فلو اختار المولى فداءه لا يباع لأن حقها في النفقة لا في رقبة العبد قوله (ولو بنت المولى) تعميم للزوجة فإن لها النفقة على عبد أبيها لأن البنت تستحق الدين على الأب فكذا على عبده بحر عن الذخيرة قوله (لا أمته) أي أمة مولاه أي لا يجب على العبد نفقة زوجته التي هي أمة مولاه سواء بوأها أو لا لأنهما جميعا ملك المولى ونفقة المملوك على المالك بحر وينظر ما لو كان مكاتبا للمولى ولعلها عليه شرنبلالية قوله (ولا نفقة ولده الخ) لأنه إذا كانت زوجته حرة فأولادها أحرار تبعا لها ونفقتهم عليها لو قادرة وإلا فعلى الأقرب فالأقرب ممن يرثهم وإذا كانت مكاتبة فأولادها تبع لها في الكتابة فنفقتهم عليها وإذا كانت الزوجة قنة أو مدبرة أو أم ولد فأولادها تبع لها في الرق والتدبير والاستيلاد ونفقتهم على مولاهم لأنهم ملكه وهذا معنى قوله لتبعية الأم أي لا تلزم العبد نفقة ولده سواء كانت زوجته حرة أو غيره لتبعية الولد لأمه في الحرية لو حرة والكاتبة لو مكاتبة والرق لو قنة والتدبير أو الاستيلاد لو مدبرة أو أم ولد فافهم قوله (ولو ما تبين الخ) في البحر عن كافي الحاكم وشرحه للنسفي الحربي الطحاوي والشامل وكذا في الفتح المكاتب لا تجب عليه نفقة ولده سواء كانت امرأته حرة أو أمة لهذا المعنى وإذا كانت امرأة المكاتب مكاتبة وهما لمولى واحد فنفقة الولد على الأم لأن الولد تابع للأم في كتابتها ولهذا كان كسب الولد لها وأرش الجناية عليه لها وميراثه لها فكذلك النفقة تكون عليها اه وبه ظهر أن الضمير في قوله سعى وكذا ما بعده عائد على الولد لأنه معنى كون كسبه لأمه ولا ضرورة لإرجاعه للزوج لأن الكلام في نفقة ولد المكاتب أما نفقة زوجته فعلم حكمها من قوله ومكاتب لم يعجز فافهم نعم قوله ونفقته على أبيه الظاهر أنه سبق قلم من صاحب الجوهرة لما علمت من صريح هذه الكتب المعتمدة من أن نفقته على أمه ونحوه في ح عن الذخيرة قوله (ثم علم فرضي) أما إذا لم يعلم المشتري بحاله أو علم بعد الشراء ولم يرض فله رده لأنه شئ اطلع عليه فتح قوله (لأنه دين حادث) أي عند المشتري لأن النفقة تتجدد شيئا فشيئا على حسب تجدد الزمان على وجه يظهر في حق السيد فهو في الحقيقة دين حادث عند
656 المشتري فتح قوله (فما في الدرر الخ) تفريع على قوله بعد ما اشتراه وقوله لأنه دين حادث فإن معناه أنه إنما يباع ثانيا بما يجتمع عليه من النفقة عند المشتري لا بما بقي عليه من عند الأول كما إذا بيع فلم يف العجلي بما عليه لا يباع ثانيا بما بقي بل بما يحدث عند الثاني ولهذا رد تبعا لغيره على ما في الدرر تبعا لصدر خالف حيث قالا صورته عبد تزوج امرأة بإذن المولى ففرض القاضي النفقة عليه فاجتمع عليه ألف درهم فبيع بخمسمائة وهي قيمته والمشتري عالم أن عليه دين النفقة يباع مرة أخرى بخلاف ما إذا كان عليه ألف بسبب آخر فبيع بخمسمائة لا يباع مرة أخرى اه وأجاب ح بأن قوله يباع مرة أخرى يحتمل أن يكون المراد به يباع فيما تجدد لا في الخمسمائة الباقية فالأحسن قول الشرنبلالية فيه تساهل لأنه وهم أن يباع فيما بقي عليه من الألف وليس كذلك بل فيما يتجدد عليه من النفقة عند المشتري كما هو منقول في المذهب اه لكن قوله بخلاف الخ يمنع من هذا التأويل كما لا يخفى قوله (في الأصح) وقيل لا تسقط بالقتل لأنه أخلف القيمة فتنتقل إليه كسائر الديون وليس بشئ لأن الدين إنما ينتقل إلى القيمة إذا كان دينا لا يسقط بالموت وهذا يسقط بالموت زيلعي قوله (ويباع في دين غيرها) بتنوين دين وجر غيرها على أنه صفة له أي غير النفقة كالمهر وما لزمه بتجارة بإذن أو بضمان متلف قال ح وفيه أنه لا يظهر فرق بين النفقة وغيرها فإن الدين الحادث في ملك مولى إذا بيع فيه لا يباع في بقيته عند مولى آخر نفقة كان أو غيرها إلا أن يقال إن سبب النفقة لما كان أمرا واحدا مستمرا يقال إنه بيع فيه مرارا عند موال متعددة بخلاف غيره قوله (ومفاده أن لها استسعاءه) لكونها من جملة الغرماء ولذ تخاصصهم ط قوله (قال) أي صاحب البحر وأقره أخوه والمقدسي وذكر الرملي أنه سئل عن ذلك فأجاب كذلك قبل وقوفه على ما في البحر اه قلت ورأيته مصرحا في الذخيرة عن أبي يوسف قوله (على قول الثاني) أي من أن مؤنة تجهيزها على الزوج وإن تركت مالا لأن الكفن كالكسوة حال الحياة قوله (المنكوحة) أي التي زوجها سيدها لرجل أما غير المنكوحة فنفقتها على سيدها مطلقا قوله (أما المكاتبة فكالحرة) لملكها منافعها فلم يبق للمولى عليها ولاية الاستخدام فلها النفقة بمجرد التمكين من نفسها وإن لم تنتقل وتسقط بالنشوز كالحرة ط قوله (ولو عبدا) أي لغير سيد الأمة إذا لو كان عبده فنفقتها على السيد بوأها أولا ط عن الزيلعي قوله (بأن يدفعها إليه الخ) أي بأن يخلي المولى بين الأمة وزوجها في منزل الزوج ولا يستخدمها كذا في كافي الحاكم الشهيد بحر لأن الاحتباس لا يتحقق إلا بالتبوئة لأن المعتبر في استحقاق النفقة تفريغها لمصالح الزوج وذلك يحصل بالتبوئة وإن استخدمها بعد التبوئة سقطت نفقتها لزوال الموجب زيلعي أي لزوال الاحتباس الموجب للنفقة ومقتضاه أنه استخدمها في غير بيت
657 الزوج ويدل عليه قوله في الهداية إذا بوأها معه أي مع الزوج منزلا فعليه النفقة لأنه تحقق الاحتباس ولو استخدمها بعد التبوئة سقطت النفقة لأنه فات الاحتباس وفسر التبوئة بما مر فعلم أن النفقة لا تجب إلا بالتبوئة لأن بها يحصل الاحتباس الموجب فلو استخدمها وهي في بيت الزوج بخياطة أو غزل مثلا لم تسقط النفقة لبقاء الاحتباس في بيت الزوج ولا ينافيه قولهم لو استخدمها سقطت النفقة فإن المراد استخدامها في غير بيت الزوج كما دل عليه كلام الزيلعي والهداية خلافا لما فهمه في البحر بناء على ما فهمه من أن قولهم ولا يستخدمها في تعريف التبوئة شرط آخر لها وليس كذلك بل هو عطف تفسير فمعناه التخلية بينها وبين الزوج ويدل عليه قوله في الذخيرة ثم إذا استخدمها المولى بعد ذلك ولم يخل بينها وبين الزوج فلا نفقة لها لفوات موجب النفقة وهو التبوئة من جهة من له الحق فشابهت الحرة الناشزة فهذا كالصريح في أن الاستخدام بدون فوات التخلية لا يضر إذا لا تشبه الناشزة إلا بالخروج من بيت الزوج فافهم قوله (فلو استخدمها المولى) أي في غير بيت الزوج كما علمت فافهم وقيد بالاستخدام لأنها لو كانت تأتي إلى المولى في بعض الأوقات وتخدمه من غير أن يستخدمها لم تسقط نفقتها لأن النفقة حق المولى فلا تسقط بصنع غيره ذخيرة فرع لو سلمها للزوج ليلا واستخدمها نهارا فعلى الزوج نفقة الليل كما أفتى به والد صاحب التتمة كما في التاترخانية قوله (أو أهله) أي لو جاءت إلى بيته وليس هو فيه فاستخدمها أهل البيت ومنعوها من الرجوع إلى بيت الزوج فلا نفقة لها لأن استخدام أهل المولى إياها بمنزلة استخدامها ذخيرة قوله (بعدها) أي بعد التبوئة قوله (لأجل انقضاء العدة) الأولى لأجل الاعتداد لأن انقضاءها لا يتوقف على التبوئة وقد مر في فصل الحداد أنه يجوز للأمة المطلقة الخروج إلا إذا كانت مبوأة قوله (أي ولم يكن بوأها قبل الطلاق) كذا في البحر عن الولوالجية والمراد نفي التبوئة المستمرة إلى وقت الطلاق لا مطلقا لأنه لو بوأها ثم أخرجها قبل الطلاق لم يكن له إعادتها لتطالب بالنفقة كما نص عليه في كافي الحاكم قوله (سقطت) هذا ظاهر في مسألة الاستخدام بعد التبوئة أما لو لم يبوئها إلا بعد الطلاق لم تجب أصلا لأنها لم تستحق النفقة بهذا الطلاق فلا تستحق بعده ثم اعلم أن للمولى أن يرجع ويبوئها ثانيا وثالثا وهكذا فتجب النفقة وكلما استردها سقطت كما في الفتح قوله (بخلاف حرة نشزت الخ) أي أن الحرة إذا نشزت فطلقها زوجها فلها النفقة والسكنى إذا عادت إلى بيت الزوج والفرق كما في الولوالجية أن نكاح الأمة لم يكن سببا لوجوب النفقة لأنها تجب بالاحتباس وهو التبوئة والتبوئة لا تجب فيه ونكاح الحرة حال الطلاق سبب لوجوب النفقة إلا أنها فوتت بالنشوز فإذا عادت وجبت اه قوله (وفي البحر الخ) حيث قال عقب الفرق المذكور وظاهره أن تقدير النفقة من القاضي قبل التبوئة لا يصح لأنه قبل السبب ولم أره صريحا اه قوله (ونفقات الزوجات الخ) في الذخيرة والولوالجية وإذا كان للرجل نسوة بعضهن أحرار مسلمات وبعضهن إماء ذميات فهن في النفقة سواء لأنها مشروعة للكفاية وذلك لا يختلف باختلاف الدين والرق والحرية إلا أن الأمة لا
658 تستحق نفقة الخادم اه قال في البحر وينبغي أن يكون هذا مفرعا على ظاهر الرواية من اعتبار حاله وأما على المفتى به فلسن في النفقة سواء لاختلاف حالهن يسارا وعسرا فليست نفقة الموسرة كنفقة المعسرة وأن نفقة الحرة كالأمة كما لا يخفى ولم أر من نبه عليه اه قال المقدسي ولا معنى لهذا بعده قولهم لأن النفقة مشروعة للكفاية الخ اه أي لأنه صريح في ذلك مطلب في مسكن الزوجة قوله (وكذا تجب لها) أي للزوجة السكنى أي الإسكان وتقدم أن اسم النفقة يعمها لكنه أفردها لأن لها حكما يخصها نهر قوله (خال عن أهله الخ) لأنها تتضرر بمشاركة غيرها فيه لأنها لا تأمن على متاعها ويمنعها ذلك من المعاشرة مع زوجها ومن الاستمتاع إلا أن تختار ذلك لأنها رضيت بانتقاص حقها هداية قوله (وأمته وأم ولده) قال في الفتح وأما أمته فقيل أيضا لا يسكنها معها إلا برضاها والمختار أن له ذلك لأنه يحتاج إلى استخدامها في كل وقت غير أنه لا يطؤها بحضرتها كما أنه لا يحل له وطء زوجته بحضرتها ولا بحضرة الضرة اه وذكر أم الولد في البحر معزيا إلى آخر الكنز قلت وذكر في الذخيرة أن هذا مشكل أما على المعنى الأول (1) فظاهر وأما على الثاني فلأنه تكره المجامعة بين يدي أمته اه قلت وقد يكون إضرار أم ولده لها أكثر من إضرار ضرتها وفي الدر المنتقى عن المحيط أن أم الولد كأهله قوله (وأهلها) أي له منعهم من السكنى معها في بيته سواء كان ملكا له أو إجارة أو عارية قوله (من غيره) حال من ولدها لا صفة له وإلا لزم حذف الموصول مع بعض الصلة قهستاني إذ التقدير الكائن من غير اه ح وأطلق ولدها فشمل الذي لا يفهم الجماع لأنه لا يلزمه إسكان ولدها في بيته وفي حاشية الخير الرملي على البحر له منعها من إرضاعه وتربيته لما في التاترخانية أن للزوج منها عما يوجب خللا في حقه وما فيها عن السغناقي ولأنها في الإرضاع والسهر ينقص جمالها وجمالها حقه فله منعها تأمل اه قلت وعليه فله منعها من إرضاعه ولو كان البيت لها قوله (بقدر حالهما) أي في اليسار والإعسار فليس مسكن الأغنياء كمسكين الفقراء كما في البحر لكن إذا كان إحدهما غنيا والآخر فقيرا فقد مر أنه يجب لها في الطعام والكسوة والوسط ويخاطب بقدر وسعه والباقي دين عليه إلى الميسرة فانظر هل يتأتى ذلك هنا قوله (وبيت منفرد) أي ما يبات فيه وهو محل منفرد معين قهستاني والظاهر أن المراد بالمنفرد ما كان مختصا بها ليس فيه ما يشاركها به أحد من أهل الدار قوله (له غلق) بالتحريك ما يغلق ويفتح بالمفتاح قهستاني قوله (زاد في الاختيار والعيني)
(1) قوله: (على المعنى الأول) اي ما مر قبله من التضرر بمشاركة غيرها، وقوله: واما على الثاني، اي منعها من المعاشرة مع زوجها ا ه منه. 659 ومثله في الزيلعي وأقره في الفتح بعد ما نقل عن القاضي الإمام أنه إذا كان له غلق يخصه وكان الخلاء مشتركا ليس لها أن تطالبه بمسكن آخر قوله (ومفاده لزوم كنيف ومطبخ) أي بيت الخلاء وموضع الطبخ بأن يكونا انظر البيت أو في الدار لا يشاركها فيهما أحد من أهل الدار قلت وينبغي أن يكون هذا في غير الفقراء الذين يسكنون في الربوع والأحواش بحيث يكون لكل واحد بيت يخصه وبعض المرافق مشتركة كالخلاء والتنور وبئر الماء ويأتي تمامه قريبا قوله (لحصول المقصود) هو أنها على متاعها وعدم ما يمنعها من المعاشرة مع زوجها والاستمتاع قوله (وفي البحر عن الخانية) عبارة الخانية فإن كانت دار فيها بيوت وأعطى لها بيتا يغلق ويفتح لم يكن لها أن تطلب بيتا آخر إذا لم يكن ثمة أحد من أحماء الزوج يؤذيها اه قال المصنف في شرحه فهم شيخنا أن قوله ثمة إشارة للدار لا البيت لكن في البزازية أبت أن تسكن مع أحماء الزوج وفي الدار بيوت إن فرغ لها بيتا له غلق على حدة وليس فيه أحد منهم لا تمكن من مطالبته ببيت آخر اه فضمير فيه راجع للبيت لا الدار وهو الظاهر لكن ينبغي أن يكون الحكم كذلك فيما إذا كان في الدار من الأحماء من يؤذيها وإن لم يدل عليه كلام البزازي اه قلت وفي البدائع ولو أراد أن يسكنها مع ضرتها أو مع أحمائها كأمه وأخته وبنته فأبت فعليه أن يسكنها في منزل منفرد لأن إباءها دليل الأذى والضرر ولأنه محتاج إلى جماعها ومعاشرتها في أي وقت يتفق لا يمكن ذلك مع ثالث حتى لو كان في الدار بيوت وجعل لبيتها غلقا على حدة قالوا ليس لها أن تطالبه بآخر اه فهذا صريح في أن المعتبر عدم وجدان أحد في البيت لا في الدار قوله (من أحماء الزوج) صوابه في أحماء المرأة كما عبر به في الفتاوى الهندية عن الظهيرية لأن أقارب الزوج أحماء المرأة وأقاربها أحماؤه اه ح وأجيب بأن الزوج يطلق على المرأة أيضا وهذا التأويل بعيد وهو في عبارة البزازية المارة أبعد قوله (ونقل المصنف عن الملتقط الخ) وعبارته وفرق في الملتقط لصدر الإسلام بين ما إذا جمع بين امرأتين في دار وأسكن كلا في بيت له غلق على حدة لكل منهما أن تطالب ببيت في دار على حدة لأنه لا يتوفر على كل منهما حقها إلا إذا كان لها دار على حدة بخلاف المرأة مع الأحماء فإن المنافرة في الضرائر أوفر اه قلت وهكذا نقله في البزازية عن الملتقط المذكور والذي رأيته في الملتقط لأبي القاسم الحسيني وكذا في تجنيس الملتقط المذكور للإمام الأستروشني هكذا أبت أن تسكن مع ضرتها وأو صهرتها إن أمكنه أن يجعل لها بيتا على حدة في داره ليس لها غير ذلك وليس للزوج أن يسكن امرأته وأمه في بيت واحد لأنه يكره أن يجامعها وفي البيت غيرهما وإن أسكن الأم في بيت داره والمرأة في بيت آخر فليس لها غير ذلك وذكر الخصاف أن لها أن تقول لا أسكن مع والديك وأقربائك في الدار فأفرد لي دارا قال صاحب الملتقط هذه الرواية محمولة على الموسرة الشريفة وما ذكرنا قبله أن إفراد بيت في الدار كاف إنما هو في المرأة الوسط اعتبارا في السكنى بالمعروف اه
660 قلت والحاصل أن المشهور وهو المتبادر من إطلاق المتون أنه يكفيها بيت له غلق من دار سواء كان في الدار ضرتها أو أحماؤها وعلى ما فهمه في البحر من عبارة الخانية وارتضاه المصنف في شرحه لا يكفي ذلك إذا كان في الدار أحد من أحمائها يؤذيها وكذا الضرة بالأولى وعلى ما نقله المصنف عن ملتقط صدر الإسلام يكفي مع الأحماء لا مع الضرة وعلى ما نقلنا عن ملتقط أبي القاسم وتجنيسه للأستروشني أن ذلك يختلف باختلاف الناس ففي الشريفة ذات اليسار لا بد من إفرادها في دار ومتوسط الحال يكفيها بيت واحد من دار ومفهومه أن من كانت من ذوات الإعسار يكفيها بيت ولو مع أحمائها وضرتها كأكثر الأعراب وأهل القرى وفقراء المدن الذين يسكنون في الأحواش والربوع وهذا التفصيل هو الموافق لما مر من أن المسكن يعتبر بقدر حالهما ولقوله تعالى * (أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم) * (الطلاق 6) وينبغي اعتماده في زماننا هذا فقد مر أن الطعام والكسوة يختلفان باختلاف الزمان والمكان وأهل بلادنا الشامية لا يسكنون في بيت من دار مشتملة على أجانب وهذا في أوساطهم فضلا عن أشرافهم إلا أن تكون دارا مورثة بين إخوة مثلا فيسكن كل منهم من جهة منها مع الاشتراك في مرافقها فإذا تضررت زوجة أحدهم من أحمائها أو ضرتها وأراد زوجها إسكانها في بيت منفرد من دار لجماعة أجانب وفي البيت مطبخ وخلاء يعدون ذلك من أعظم العار عليهم فينبغي الإفتاء بلزوم دار من بابها نعم ينبغي أن لا يلزمه إسكانها في دار واسعة كدار أبيها أو كداره التي هو ساكن فيها لأن كثيرا من الأوساط والأشراف يسكنون الدار الصغيرة وهذا موافق لما قدمناه عن الملتقط من قوله اعتبارا في السكنى بالمعروف إذ لا شك أن المعروف يختلف باختلاف الزمان والمكان فعلى المفتي أن ينظر إلى حال أهل زمانه وبلده إذ بدون ذلك لا تحصل المعاشرة بالمعروف وقد قال تعالى * (ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن) * (الطلاق 6) مطلب في الكلام على المؤنسة قوله (ولا يلزمه إتيانها بمؤنسة الخ) قال في النهر ولم نجد في كلامهم ذكر المؤنسة إلا في فتاوى قارئ الهداية قال إنها لا تجب الخ قوله (ومفاده الخ) عبارة البحر هكذا قال للزوج أن يسكنها حيث أحب ولكن بين جيران صالحين ولو قالت إنه يضربني ويؤذيني فمره أن يسكنني بين قوم صالحين فإن علم القاضي ذلك زجره ومنعه عن التعدي في حقها وإلا يسأل الجيران عن صنيعه فإن صدقوها منعه عن التعدي في حقها ولا يتركها ثمة وإن لم يكن في جوارها من يوثق به أو كانوا يميلون إلى الزوج أمره بإسكانها بين قوم صالحين اه ولم يصرحوا بأنه يضرب وإنما قالوا زجره ولعله لأنها لم تطلب تعزيره وإنصما طلبت الإسكان بين قوم صالحين وقد علم من كلامهم أن البيت الذي ليس له جيران ليس بمسكن شرعي اه قوله (لكن نظر في الشرنبلالي الخ) أي نظر في كلام النهر وأجيب عنه بحمله على ما إذا رضيت بذلك ولم تطالبه بمسكن له جيران
661 فالحاصل أن الإفتاء بلزوم المؤنسة وعدمه يختلف باختلاف المساكن ولو مع وجدوا الجيران فإن كان صغيرا كمساكن الربوع والحيشان فلا يلزم لعدم الاستيحاش بقرب الجيران وإن كان كبيرا كالدار الخالية من السكان المرتفعة الجدارن يلزم لا سيما إن خشيت على عقلها كما أفاده السيد محمد أبو السعود في حواشي مسكين وهو كلام وجيه لأن ما في السراجية من عدم اللزوم مشروط بشرطين إسكانها بين جيران صالحين وعدم الاستيحاش فإذا أسكنها في دار وكان يخرج ليلا ليبيت عند ضرتها ونحوه وليس لها ولد أو خادم تستأنس به أو لم يكن عندها من يدفع عنها إذا خشيت من اللصوص أو ذوي الفساد كان من المضارة المنهي عنها ولا سيما إذا كانت صغيرة السن فليزمه إتيانها بمؤنسة وإسكانها في بيت من دار عند من لا يؤذيها إن كان مسكنا يليق بحالهما والله سبحانه أعلم قوله (على ما اختاره في الاختيار) الذي رأيته في الاختيار شرح المختار هكذا قيل لا يمنعها من الخروج إلى الوالدين وقيل يمنع ولا يمنعهما من الدخول إليها في كل جمعة وغيرهم من الأقارب في كل سنة هو المختار اه فقوله هو المختار مقابله بالشهر في دخول المحارم كما أفاده في الدرر والفتح نعم ما ذكره الشارح اختاره في فتح القدير حيث قال وعن أبي يوسف في النوادر تقييد خروجها بأن لا يقدرا على إتيانها فإن قدرا لا تذهب وهو حسن وقد اختار بعض المشايخ منعها من الخروج إليهما وأشار إلى نقله في شرح المختار والحق الأخذ بقول أبي يوسف إذا كان الأبوان بالصفة التي ذكرت وإلا ينبغي أن يأذن لها في زيارتهما في الحين بعد الحين على قدر متعارف أما في كل جمعة فهو بعيد فإن في كثرة الخروج فتح باب الفتنة خصوصا إذا كانت شابة والزوج من ذوي الهيئات بخلاف خروج الأبوين فإنه أيسر اه وهذا ترجيح منه لخلاف ما ذكر في البحر أنه الصحيح المفتى به من أنها تخرج للوالدين في كل جمعة بإذنه وبدونه وللمحارم في كل سنة مرة بإذنه وبدونه قوله (زمنا) أي مريضا مرضا طويلا قوله (فعليها تعاهده) أي بقدر احتياجه إليها وهذا إذا لم يكن له من يقوم عليه كما قيده في الخانية قوله (ولو كافرا) لأن ذلك من المصاحبة بالمعروف المأمور بها قوله (وإن أبى الزوج) لرجحان حق الوالد وهل لها النفقة الظاهر لا وإن كانت خارجة من بيته بحق كما لو خرجت لفرض الحج قوله (في كل جمعة) هذا هو الصحيح خلافا لمن قال له المنع من الدخول معللا بأن المنزل ملكه وله حق المنع من دخول ملكه دون القيام على باب الدار ولمن قال لا منع من الدخول بل من القرار لأن الفتنة في المكث وطول الكلام أفاده في البحر وظاهر الكنز وغيره اختيار القول بالمنع من الدخول مطلقا واختاره القدوري وجزم به في الذخيرة وقال ولا يمنعهم من النظر إليها والكلام معها خارج المنزل إلا أن يخاف عليها الفساد فله منعهم من ذلك أيضا قوله (في كل سنة) وقيل في كل شهر كما مر قوله (لها الخروج ولهم الدخول زيلعي) المناسب إسقاط هذه الجملة كما في بعض النسخ وعبارة الزيلعي وقيل لا يمنعها من الخروج إلى الوالدين ولا يمنعهم من الدخول عليها في كل جمعة الخ قوله ويمنعهم من الكينونة الظاهر أن
662 الضمير عائد إلى الأبوين والمحارم قوله (وفي نسخة من البيتوتة الخ) وبه عبر في النهر وتعبير منلا مسكين يؤيد النسخة الأولى ومثله في الزيلعي والبحر ويؤيده ما مر من التعليل بأن الفتنة في المكث وطول الكلام قوله (ويمنعها الخ) ولا تتطوع الولاء والصوم بغير إذن الزوج بحر عن الظهيرية قلت ينبغي تقييد الصلاة بصلاة التهجد في الليل لأن في ذلك منعا لحقه وتنقيصا لجمالها بالسهر والتعب وجمالها حقه أيضا كما مر أما غيره ولا سيما السنن الرواتب فلا وجه لمنعها كما لا يخفى قوله (والوليمة) ظاهره ولو كانت عند المحارم لأنها تشتمل على جمع فلا تخلو من الفساد عادة رحمتي قوله (وكل عمل ولو تبرعا لأجنبي) كذا ذكره في البحر بحثا حيث قال وينبغي عدم تخصيص الغزل بل له أن يمنعها من الأعمال كلها المقتضية للكسب لأنها مستغنية عنه لوجوب كفايتها عليه وكذا من العمل تبرعا لأجنبي بالأولى اه وقوله بالأولى ينافي قول الشارح ولو تبرعا لاقتضاء لو الوصيلة كون غير التبرع أولى وهو غير صحيح كذا قيل وقد يجاب بأن ما كان غير تبرع بل بالأجرة قد يستدعي خروجها لمطالبة الأجنبي بالأجرة تأمل قلت ثم إن قولهم له منعها من الغزل يشمل غزلها لنفسها فإن كانت العلة فيه السهر والتعب المنقص لجمالها فله منعها عما يؤدي إلى ذلك لا ما دونه وإن كانت العلة استغناءها عن الكسب كما مر ففيه أنها قد تحتاج إلى ما لا يلزم الزوج شراؤه لها والذي ينبغي تحويره أن يكون له منعها عن كل عمل يؤدي إلى تنقيص حقه أو ضرره أو إلى خروجها من بيته أما العمل الذي لا ضرر له فيه فلا وجه لمنعها عنه خصوصا في حال غيبته من بيته فإن ترك المرأة بلا عمل في بيتها يؤدي إلى وساوس النفس والشيطان أو الاشتغال بما لا يعني مع الأجانب والجيران قوله (ولو قابلة ومغسلة) أي التي تغسل الموتى كما في الخانية ونقل في البحر عنها تقييد خروجها بإذن الزوج بعدما نقل عن النوازل أن لها الخروج بلا إذنه واقتصر عليه في الفتح وقوي في البحر الأول بما علل به الشارح قوله (على فرض الكفاية) بخلاف فرض العين كالحج فلها الخروج إليه مع محرم قوله (ومن مجلس العلم) معطوف على قوله من الغزل فإن لم أنكر لها نازلة وأرادت الخروج لتعلم مسائل الوضوء والصلاة إن كان الزوج يحفظ ذلك ويعلمها له منعها وإلا فالأولى أن يأذن لها أحيانا بحر مطلب في منع النساء من الحمام قوله (ومن الحمام الخ) المنع منه قول الفقيه وخالفه قاضيخان فقال دخوله مشروع للنساء والرجال خلافا لما قاله بعض الناس لكن إنما يباح إذا لم يكن فيه إنسان مكشوف العورة اه وعلى ذلك فلا خلاف في منعهم للعلم بأن كثيرا منهن مكشوف العورة وقد وردت أحاديث تؤيد قول الفقيه وورد استثناء النفساء والمريضة وتمامه في الفتح وقال قبله وحيث أبحنا لها
663 الخروج فإنما يباح بشرط عدم الزينة وتغير الهيئة إلى ما يكون داعية لنظر الرجال والاستمالة قال الله تعالى * (ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى) * (الأحزاب 33) اه وأشار الشارح بقوله وإن جاز إلى قول قاضيخان وإلى أنه لا ينافي منع الزوج لها من دخوله مع مشروعيته لها كما لا ينافي منعها من صوم النفل وإن كان مشروعا نعم ينافي منعها من دخوله ولو بإذن الزوج والظاهر أنه مراد الفقيه خلافا لما فهمه الشرنبلالي مطلب في فرض النفقة لزوجة الغائب قوله (وتفرض النفقة) وكذا لو كانت مفروضة ومضت مدة ثم غاب لها أخذ الماضي من ماله المذكور كما أفاده في البدائع قوله (مدة سفر) متعلق بالغائب قوله (واستحسنه في البحر) قال وهو قيد حسن يجب حفظه فإنه فيما دونها يسهل إحضاره ومراجعته اه لكن في القهستاني ويفرض القاضي نفقة عرس الغائب عن البلد سواء كان بينهما مدة سفر أو لا كما في المنية وينبغي أن تفرض نفقة عرس المتوارى في البلد ويدخل فيه المفقود اه ح وفي الحموي عن البرجندي عن القنية عن المحيط سواء كانت الغيبة مدة سفر أو لا حتى لو ذهب إلى القرية وتركها في البلد فللقاضي أن يفرض لها النفقة اه قوله (وطفله) أي الفقير الحر ط قوله (ومثله كبير زمن) المراد به الابن العاجز عن الكسب لمرض أو غيره كما سيأتي بيانه قوله (وأنثى مطلقا) أي ولو غير مريضة لأن مجرد الأنوثة عجز ط والمراد بها البنت الفقيرة قوله (وأبويه) أي الفقيرين ولو قادرين على الكسب على أحد القولين كما سيأتي قوله (فلا تفرض لمملوكه وأخيه) المراد به كل ذي رحم محرم مما سوى قرابة الولاد لأن نفقتهم لا تجب قبل القضاء وهذا ليس لهم أن يأخذوا من ماله شيئا قبل القضاء إذا ظفروا به فكان القضاء في حقهم ابتداء إيجاب ولا يجوز ذلك على الغائب بخلاف الزوجة وقرابة الولاد لأن لهم الأخذ قبل القضاء بلا رضاه فيكون القضاء في حقهم إعانة وفتوى من القاضي كما في الدرر ويرد المملوك فإنه إذا كان عاجزا عن الكسب وامتنع مولاه من الإنفاق عليه فإن له الأخذ من مال مولاه ومقتضاه أن يفرض للعاجز في مال مولاه إلا أن يجاب بأن العبد لا يجب له دين على مولاه فليتأمل وإذا لم يجد ما يأكله في بيت مولاه ولم يفرض له القاضي كيف يفعل وينبغي أن يؤجره بقدر نفقته لو قادرا على الكسب ويبيعه لو عاجزا كما يأتي في العبد الوديعة ولم أره فليراجع قوله (ولا يقضى عنه دينه) فلو أحضر صاحب الدين غريما أو مودعا للغائب لم يأمره القاضي بقضاء الدين وإن كان مقر بمال وبدينه لأن القاضي إنما يأمر في حق الغائب بما يكون نظرا له وحفظا لملكه وفي الإنفاق على زوجته من ماله حفظ ملكه وفي وفاء دينه قضاء عليه بقول الغير بحر عن الذخيرة ولا يرد
664 المملوك لأن القاضي لا يقضي على مولاه بنفقته بخلاف الزوجة تأمل قوله (لأنه قضاء على الغائب) علة لقوله ولا تفرض ولقوله ولا يقضى قوله (في مال له) فلو لا مال له فيذكره المصنف ط قوله (كتبر) هو غير المضروب من الذهب أو منه ومن الفضة وفي بعض النسخ كبر ويغني عنه قوله أو طعام فكان الأول أولى ودخل فيه الدارهم والدنانير بالأولى قال الزيلعي والتبر بمنزلة الدراهم في هذا الحكم لأنه يصلح قيمة للمضروب اه وينبغي تقييده بما إذا وقع به التعامل كما قال الرحمتي قوله (أو طعام) زاد في البحر وغيره أو كسوة قوله (أما خلافه) أي خلاف جنس الحق كعروض وعقار قوله (عند أو على الخ) يشمل ما كان مال وديعة أو مضاربة بحر ومثله الاستحقاق في غلة الوقف إذا أقر به الناظر كما أفتى في الحامدية لأن الناظر كوكيل عن أهل الوقف وكذا غلة العبد والدار كما في النهر وقيد بكون المال عند شخص إذا لو كان في بيته بعدم القاضي بالنكاح فرض لها فيه لأنه إيفاء لحقها لا قضاء على الزوج بالنفقة كما لو أقر بدين ثم غاب وله من جنسه مال في بيته يقضى لصاحب الدين فيه بحر وقيد بإقراره بما ذكر لما يأتي قريبا قوله (ويبدأ بالأول) أي بمال الوديعة لأن القاضي نصب ناظرا فيبدأ به لأنه أنظر للغائب لأن الدين محفوظ لا يحتمل الهلاك بخلاف الوديعة فتح وذخيرة وفي البحر عن الخانية الوديعة أولى من الدين في البداءة بالإنفاق منها وذكر الرحمتي أن القاضي والسلطان وولي اليتيم والمتولي يجب عليهم العمل بما هو الأولى وإلا نظر كما لا يخفى اه تأمل قلت وإذا خاف إفلاس المديون أو هربه أو إنكاره فالبداءة به أولى قوله (لا المديون) والفرق أن القاضي له ولاية الإلزام فإذا فرض النفقة في ذلك المال صار المودع مأمورا بالدفع منه إلى المفروض له فإذا ادعى دفع الأمانة صدق بخلاف المديون فإنه لا يصدق لأنه يدعي ثبوت دين له بذمة الغائب لما تقرر أن الديون تقضى بأمثالها قوله (أو إقرارها) ذكره في البحر بحثا وعلله بأنها مقرة على نفسها اه أي لأن النفقة تصير بالقضاء دينا لها على الزوج قلت لكن ينبغي صحة إقرارها في حق نفسها فلا ترجع على الزوج لا في حق الزوج تأمل قوله (ولو أنفقا الخ) هذه الجملة في بعض النسخ مذكورة قبل قوله ويقبل والمراد بضمان المديون عدم براءته وقوله ولا رجوع أي لهما على من أنفقا عليه قوله (وبالزوجية) عطف على الضمير المجرور في قوله من يقر به ولذا أعاد الجار قوله (إذا علم قاض بذلك) أي ولم يقر به المديون والمودع ولا ينافي هذا قولهم إن القاضي لا يقضي بعلمه لما مر من أن هذا ليس قضاء بل إعانة وفتوى أفاده الرحمتي قوله (ولو علم) أي القاضي بأحدهما أي أحد الأمرين بأن علم بالمال مثلا احتيج إلى إقرار المديون أو المودع بالآخر أي بالزوجية أو النسب قوله (ولا يمين ولا بينة هنا الخ) محترز قوله من يقر به الخ أي إنه لو جحد المال أو النكاح أو جحدهما لا تقبل بينتها على المال لأنها ليست بخصم في
665 إثبات الملك للغائب ولا على الزوجية لأن المودع والمديون ليسا بخصم في إثبات النكاح على الغائب ولا يمين عليهما لأنه لا يستحلف إلا من كان خصما كذا في الخانية وهذا يستثنى من قولهم كل من أقر بشئ لزمه فإذا أنكره يحلف بحر ولو قال أوفيته فالظاهر أنه لا يمين لها عليه لأنه ليست خصما في ذلك رملي ولو برهن على أن زوجها دفع لها قبل غيبته نفقة تكفيها أو أنه طلقها ومضت عدتها ينبغي قبوله في حق منع ما تحت يده مقدسي قلت إلا أن تدعي ضياع ما دفعه لها أو أنه لم يكفها تأمل قوله (وكفلها) لجواز أنه عجل لها النفقة أو كانت ناشزة أو مطلقة انقضت عدتها بحر قوله (في الأصح) راجع لكل من قوله بما أخذته وقوله وجوبا لأن القاضي نصب ناظرا للعاجز فيجب عليه النظر إليه ومقابل الأول القول بأخذ كفيل بنفسها ومقابل الثاني قوله الخصاف إنه حسن أفاده ح قوله (ويحلفها) كان الأولى تقديمه على الكفيل لأن القاضي يحلف أولا ثم يعطي النفقة ويأخذ الكفيل كما في إيضاح الاصطلاح اه ح قوله (أي مع الكفيل) على حذف مضاف أي مع أخذ الكفيل وعبارة الزيلعي مع التكفيل قوله (وكذا كل آخذ نفقته) بتنوين آخذ ونصب نفقته على أنه مفعول قوله (كابن دابة) حيث قال ويحلفه أي يحلف من يطلب النفقة ويكفله ونقل مثله في البحر عن المستصفى قال في الشنبلالية ولكنه لو كان صغيرا كيف يحلف فلينظر اه قلت الظاهر أنه يحلف أمه أن أباه ما دفع لها نفقته فافهم وفي البحر وهذا يدل على أنه يؤخذ الكفيل من الوالدين أيضا وهو الظاهر لأنه أنظر للغائب وقد يقال إنما يؤخذ من الوالدين لاحتمال التعجيل وقدمنا أن النفقة المعجلة للقريب إذا هلكت أو سرقت يقضى له بأخرى بخلاف الزوجة فليس في تكفيله احتياط للغائب لأنه لو ادعى هلاكها قبل منه اه وفيه أنه قد يدعي عدم الأخذ دون الهلاك فكان الاحتياط في تكفيله فافهم قوله (ولا كانت ناشزة) كذا في البحر والأولى ولا هي ناشزة الآن لأنها لو كانت ناشزة ثم عادت لبيته ولو بعد غيبته عادت نفقتها كما مر قوله (طولبت هي أو كفيلها) أي يخير الزوج بين مطالبتها ومطالبة كفيلها قوله (وكذا) أي يخير الزوج أيضا إذا استحلفها ونكلت ولو أقرت يأخذ منها دون الكفيل لأن الإقرار حجة قاصرة فيظهر في حقها فقط بدائع ومثله في القهستاني حيط قال وإن حلفها فنكلت رجع على الكفيل أو الزوجة فإذا أقرت بأخذها يرجع عليها فقط كما في شرح الطحاوي اه قلت وهو مشكل فإن النكول إقرار أيضا فما وجه الفرق هنا وذكر في الذخيرة لو نكلت خير الزوج وإن لم ينكل الكفيل لأن النكول إقرار والأصيل إذا أقر بالمال لزم الكفيل وإن جحد الكفيل اه وهذا يقتضي ثبوت التخيير فيهما ولا إشكال فيه لكن اعترض في البحر على قوله والأصيل إذا أقر الخ بأن هذا فيما لو أقر بدين يجب كقوله ما ثبت لك عليه أو ذاب أما لو أقر بدين قائم في الحال كقوله كفلت بمالك عليه فلا يلزم الكفيل وهنا ضمن ما أخذته ثانيا فكان الدين قائما وقت الضمان في ذمتها للحال فلا يلزم الكفيل قال فالحق ما في المبسوط وشرح الطحاوي من أنها إذا أقرت بالأخذ يرجع عليها فقط اه
666 قلت لكن يعود الإشكال المار فقد علمت مما في القهستاني أنه في شرح الصحاوي فرق بين النكول والإقرار ولعل له وجها لم يظهر لنا فافهم قوله (ولو أقرت طولبت فقط) كذا في بعض النسخ وهو موافق لما ذكرناه وفي بعضها ولو حلفت وكأنه فهمه مما في البحر عن الذخيرة فإن لم يكن للزوج بينة وحلفت المرأة على ذلك فلا شئ على الكفيل فإنه يوهم أن عليها شيئا وليس بمراد بل المراد أنه لا يحلف الكفيل أيضا بل حلفها يكفي عنها وعنه في دفع المطالبة كما أفاده بعض المحشين وهو كلام جيد إذ لو كان عليها شئ فما فائدة التحليف ويلزم أن يقول القول للزوج بل ببينة ولا يخفى فساده قوله (بإقامة الزوجة بينة على النكاح أو النسب) هذا محترز ما تقدم من اشتراط إقرار المودع أو المديون بالزوجية أو النسب أو علم القاضي بذلك كما أشار إليه بقوله فيما مر ولا يمين ولا بينة هنا قال ح وكان المناسب لقوله أو النسب أن يقول قبله لا تفرض على غائب بإقامة الزوجة أو القريب ولادا كما لا يخفى قوله (إن لم يخلف مالا) أي إن لم يترك مالا في بيته ولا عند مودع ولا على مديون وهذا محترز قوله في مال له قال في الذخيرة إنه إذا لم يكن للزوج مال حاضر وأرادت إقامة بينة على النكاح أو كان القاضي يعلم به وطلبت أن يفرض لها النفقة ويأمرها بالاستدانة لا يجيبها إلى ذلك خلافا لزفر قوله (ويأمرها) بالنصب عطفا على يفرض وقوله ولا يقضى به أي بالنكاح عطفا على قوله لا تفرض قوله (يقضى بها) وتعطاها من ماله إن كان له مال وإلا تؤمر بالاستدانة ولا تحتاج إلى بينة على أنه لم يخلف نفقة بحر قوله (للحاجة) لأن الزوج كثيرا ما يغيب ويتركها بلا نفقة خصوصا في زماننا هذا قال الزيلعي لأن في قبول البينة بهذه الصفة نظرا لها وليس فيه ضرر على الغائب لأنه لو حضر وصدقها أو أثبتت ذلك بطريقة كانت آخذة لحقها وإلا فيرجع عليها أو على الكفيل قوله (فيفتى به) وهو الأصح كما في البرهان وقال الخصاف وهذا أرفق بالناس كما في النهر وهو المختار كما في ملتقى الأبحر وفي غيره وبه يفتى شرنبلالية واستحسنه أكثر المشايخ فيفتى به شرح مجمع قوله (وهذا من الست التي يفتى بها بقول زفر) أوصلها الحموي إلى خمس عشرة مسألة ونظمها في قصيدة إحداها هذه قعود المريض في الصلاة كهيئة المتشهد قعود المتنفل كذلك تغريم من سعى إلى ظالم يبرئ فغرمه لا بد في دعوى العقار من بيان حدوده الأربع قبول شهادة الأعمى فيما فيه تسامع الوكيل بالخصومة لا يملك قبض المال لا يسقط خيار المشتري برؤية الدار من صحتها لا يسقط خياره برؤية الثوب مطويا يشترط تسليم الكفيل المكفول عنه في مجلس الحكم إذا تعيب المبيع يجب على المرابح بيان أنه اشتراه سليما بكذا تأخير الشفيع الشفعة شهرا بعد الإشهاد يبطلها إذا أوصى بثلث نقده وغنمه فضاع الثلثان فله ثلث الباقي مهما إذا قضى الغريم جيادا بدل زيوفه لا يجبر على
667 القبول إذا أنفق الملتقط على اللقطة وحبسها للاستيفاء فهلكت سقط ما أنفقه اه قلت ويجب إسقاط ثلاثة وهي دعوى العقار وشهادة الأعمى والوصية بثلث النقد فإن المفتى به خلاف قول زفر فيها وهو قول أئمتنا الثلاثة وعليه المتون وغيرها كما نبه عليه سيدي عبد الغني النابلسي في شرحه على النظم المذكور هذا وقد زدت على ذلك ثماني مسائل إذا قال أنت طالق واحدة في ثنتين وأراد الضرب أنكر ثنتان عنده ورجحه المحقق دابة بن الهمام والإتقاني في غاية البيان تعليق عتق العبد بقوله إن مت أو قتلت فأنت حر تدبير عنده ورجحه ابن الهمام ومن بعده النكاح المؤقت يصح عنده رجحه ابن الهمام بإهمام التوقيت وقف الدارهم والدنانير يصح عند زفر وهي رواية الأنصاري عنه وعليها العمل اليوم في بلاد الروم لتعارفه عندهم فهو في الحقيقة وقف منقول فيه تعامل وسيأتي في الوقف تحقيقه لو وجد في بيته امرأة في ليلة مظلمة ظنها امرأته فوطئها لا يحد ولو نهارا يحد وهو قول زفر وعن أبي يوسف يحد مطلقا قال أبو الليث الكبير وبرواية زفر يؤخذ كذا في التاترخانية لو حلف لا يعير زيدا كذا فدفع لمأمور زيد لا يحنث عند زفر وعليه الفتوى خلافا لأبي يوسف وهذا إذا أخرج الكلام مخرج الرسالة بأن قال إن زيدا يستعير منك كذا وإلا حنث كما في النهر وغيره جواز التيمم لمن خاف فوت الوقت إذا توضأ وهو قول زفر وقدمنا في التيمم ترجيحه لكن مع الأمر بالإعادة احتياطا طهارة زبل الدواب على قول زفر يفتى بها في محل الضرورة كمجرى مياه دمشق الشام كما حرره العمادي في هديته وشرحها لسيدي عبد الغني وتقدم بيانه في الطهارة فصارت جملة المسائل عشرين مسألة بعد إسقاط الثلاثة المارة وقد نظمتها كذلك بقولي بحمد إله العالمين مبسملا * أتوج نظمي والصلاة على العلا وبعد فلا يفتى بما قاله زفر * سوى صور عشرين تقسيمها انجلى جلوس مريض مثل حال تشهد * كذا من يصلي قاعدا متنفلا وتقدير إنفاق لمن غاب زوجها * بلا ترك مال منه ترجو تخولا يرابح شاري ما تعيب عنده * إذا قال إني ابتعته سالم الحلى وليس يلي قبضا وكيل خصومة * ويضمن ساع بالبرئ تقولا وتسليم مكفول بمجلس حاكم * تحتم أن يشرط على من تكفلا ويبقى خيار عند رؤية مشتر * لثوب بلا نشر لمطويه خلا كذا رؤية للبيت من صحن داره * إذا لم يكن من انظر قد تأملا قضاه جيادا عن زيوف أدانها * فلا جبر إن لم يرض أن يتقبلا مبادر إشهاد على أخذ شفعة * بتأخيره شهرا لذلك أبطلا نوى لقطة في حال حبس لأخذ ما * صرفت عليها مسقط ذا مكملا وزد ضرب حساب أراد مطلق * يصح بترجيح دابة تعدلا ورجح أيضا عقد تدبير عبده * بترديده بالقتل والموت فانقلا
668 وأيضا نكاحا فيه توقيت مدة * يصح وذا التوقيت يجعل مرسلا ووقف دنانير أجز ذو دراهم * كما قاله الأنصاري دام مبجلا وواطئ من قد ظنها زوجة إذا * أتته بليل حده صار مهملا ويحنث في والله لست معير ذا * لزيد إذا أعطى لمن جاء مرسلا لمن خاف فوت الوقت ساغ تيمم * ولكن ليحتط بالإعادة غاسلا طهارة زبل في محل ضرورة * كمجرى مياه الشام صينت من البلا فهاك عروسا بالجمال تسربلت * وجاءت عقود الدر في جيدها حلى وصلى على ختم النبيين ربنا * وآل وأصحاب ومن بالتقى علا قوله (وعليه الخ) أي على قول زفر وهذا تفريع من صاحب البحر قوله تقبل بينتها على النكاح أي لا ليقضى به بل ليفرض لها النفقة ولم يذكر البينة على النسب إما اختصارا أو لأنها حيث قامت على النكاح تكون قائمة على النسب ضمنا لقيام الفراش تأمل قوله (إن لم يكن عالما به) إذ لو كان عالما لم يحتج إلى بينة وتكون المسألة على قول أئمتنا الثلاثة كما مر قوله (ثم يفرض لهم) أي للزوجة والصغار بحر قوله (ثم يأمرها بالإنفاق أو بالاستدانة) عبارة البحر ثم يأمرها بالاستدانة وبه علم أن المناسب عطف الاستدانة بالواو كما يوجد في بعض النسخ لأنها لو لم يستدن ومضت مدة تسقط نفقة غير الزوجة ولو بعد القضاء كما مر لكن سيأتي أن الزيلعي جعل الصغير كالزوجة في عدم السقوط بالمضي بخلاف بقية الأقارب ويأتي تمام الكلام عليه في نفقة المطلقة قوله (وتجب لمطلقة الرجعي والبائن) كان عليه إبدال المطلقة بالمعتدة لأن النفقة تابعة للعدة وقيد بالرجعي والبائن احترازا عما لو أعتق أم ولده فلا نفقة لها في العدة كما في كافي الحاكم وعما لو كان النكاح فاسدا ففي البحر لو تزوجت معتدة البائن وفرق بعد الدخول فلا نفقة على الثاني لفساد نكاحه ولا على الأول إن خرجت من بيته لنشوزها وفي المجتبى نفقة العدة كنفقة النكاح وفي الذخيرة وتسقط بالنشوز وتعود بالعود وأطلق فشمل الحامل وغيرها والبائن بثلاث أو أقل كما في الخانية ويستثنى ما لو خالعها على أن لا نفقة لها ولا سكنى فلها السكنى ومن النفقة كما مر في بابه ويأتي قريبا قوله (والفرقة بلا معصية) أي من قبلها فلو كانت بمعصيتهما فليس لها سوى السكنى كما يأتي قال في البحر فالحاصل أن الفرقة إما من قبله أو من قبلها فلو من قبله فلها النفقة مطلقا سواء كانت بمعصية أو لا طلاقا أو فسخا وإن كانت من قبلها فإن كانت بمعصية فلا نفقة لها غنم السكنى في جميع الصور اه ملخصا قوله (وتفريق بعدم كفاءة) ومثله عدم مهر المثل ولا يخفى أن هذا في البالغة التي زوجت نفسها بلا ولي فإن العقد يصح في ظاهر الرواية وللولي حق الفسخ لكن المفتى به الآن بطلانه كالصغيرة التي زوجها غير الأب والجد غير كف ء أو بدون مهر المثل
669 وهذا كله فيما بعد الدخول أما قبله فلا نفقة لعدم العدة قوله (النفقة الخ) بالرفع فاعل تجب قوله (والسكنى) يلزم أن تلزم المنزل الذي يسكنان فيه قبل الطلاق فهستاني وتقدم الكلام عليه في باب العدة قوله (إن طالت المدة) أشار إلى الاعتذار عن محمد حيث لم يذكر الكسوة وذلك لأن العدة لا تطول غالبا فيستغنى عنها حتى لو احتاجت إليها لطول المدة كممتدة الطهر يجب قوله (ولا تسقط النفقة الخ) أي إذا مضت مدة العدة ولم تقبضها فلها أخذها لو مفروضة أي أو مصطلحا عليها لكن لو مستدانة بأمر القاضي فلا كلام وإلا ففيه خلاف اختار الحلواني أنها لا تسقط أيضا وأشار السرخسي إلى أنها تسقط وفي الذخيرة وغيرها أنه الصحيح قال في البحر وعليه فلا بد من إصلاح المتون فإنهم صرحوا بأن النفقة تجب بالقضاء أو الرضا وتصير دينا وهنا لا تصير دينا إذا لم تنقض العدة لكن في النهر أن إطلاق المتون يشهد لما اختاره الحلواني قلت وظاهر الفتح اختياره حيث اقتصر عليه قوله (فلها النفقة) أي يكون القول قولها في عدم انقضائها مع يمينها غنم النفقة كما في البحر قوله (ما لم يحكم بانقضائها) فإن حكم به بأن أقام الزوج بينة على إقرارها به برئ منها كما في البحر ح قوله (ما لم تدع الحبل) في بعض النسخ وما لم تدع بالعطف على ما لم يكن (1) وهي الصواب لأنها إذا أقرت بانقضاء عدتها في مدة تحتمله ثم ولدت لا يثبت النسب فكيف تجب النفقة نعم يثبت لو ولدت لأقل من أقله من حين الإقرار ولأقل من أكثره من حين الطلاق لظهور كذبها في الإقرار كما مر في بابه ولا يمكن حمله على هذا لأنه ينافيه قوله فلها النفقة إلى سنتين بحال البحر وإن ادعت حبلا الخ ولا غبار عليه قوله (فلا رجوع عليها) أي إذا قالت ظننت الحبل ولم أحض وأنا ممتدة الظهر وقال الزوج قد ادعيت الحبل وأكثره سنتان فلا يلتفت إلى قوله وتلزمه النفقة حتى تحيض ثلاثا أو تبلغ سن اليأس وتمضي بعده ثلاثة أشهر وتمامه في البحر فلو أقرت أن عدتها انقضت منذ كذا وأنها لم تكن حاملا رجع عليها بما أخذت بعد انقضائها كما لا يخفى فرع في الخلاصة عدة الصغيرة ثلاثة أشهر إلا إذا كانت مراهقة فينفق عليها ما لم يظهر فراغ رحمها كذا في المحيط اه من غير ذكر خلاف وهو حسن كذا في الفتح وقدمناه في العدة بأبسط مما هنا قوله (وإن شرط الخ) ذكر في البحر جوابا عن حادثة في زمانه قوله (وإن الحيض لا للجهالة) أي لاحتمال أن يمتد الطهر بها كذا في الفتح ومقتضاه أن الحامل كذلك هذا ويرد على التعليل المذكور أن جهالة المصالح عنه لا تضر ثم رأيت المقدسي في باب الخلع اعترض كذلك وقد يجاب بأن المراد جهالة ما يثبت في الذمة بخلاف الدين الثابت في الذمة إذا صولح عنه فإن جهالته لا تضر تأمل قوله (ولو حاملا) قال القهستاني وقيل للحامل
(1) قول المحشي: (على ما لم يكن) سبق قلم، وصوابه ما لم يكن قاله نصر. 670 النفقة في جميع المال كما في المضمرات قوله (من مولاها) ليس هذا من كلام الجوهرة بل ذكره في النهر حيث قال وينبغي أن يكون معناه إذا حبلت أمة من سيدها واعترف بأن الحمل منه لكنها لم تلد إلا بعد الموت اه ثم اعلم أن استثناء هذه المسألة تبع فيه المصنف صاحب الجوهرة وقال إنها واردة على كثير من المتون واعترضه الرحمتي بأنه لم يذكرها إلا صاحب الجوهرة أو من تابعه وهذه العبارة الشاذة لا تعارض المتون الموضوعة لنقل المذهب مع أنه لا وجه لها لأن أم الولد تعتق بموته وتصير أجنبية عنه فلا وجه لإيجاب نفقتها في تركته قلت ويؤيده ما في البدائع إذا أعتقت أم الولد أو مات عنها مولاها فلا نفقة ولا سكنى لأن عدتها عدة الوطء كعدة المنكوحة فاسدا وقال في موضع آخر لا نفقة لها إذا أعتقها وإن كانت ممنوعة من الخروج لأن هذا الحبس لم يثبت بسبب النكاح بل لتحصين الماء فأشبهت معتدة الفاسد وفي الذخيرة وكذا لو مات عنها لا نفقة في تركته ولكن إن كان لها ولد فنقتها عليه ولو صغيرا فهذه العبارات تشمل الحامل وغيرها وإذا كانت معتدة الموت من نكاح صحيح لا نفقة لها ولو حاملا فكيف الأمة التي عدتها عدة الوطء لا عدة عقد فعلم أنه لا وجه لاستثنائها قوله (بمعصيتها) احتراز عن معصيته كتقبيل بنتها أو إيلائه أو ردته أو إبائه عن الإسلام وعما إذا لم يكن بمعصية منه ولا منها كخيار بلوغ ونحوه ووطء ابن الزوج لها مكرهة فإن النفقة واجبة لها بأنواعها كما مر قوله (قهستاني وكفاية الأولى) قهستاني عن الكفاية وعبارته وهذا إذا خرجت من بيته وإلا فواجب كما أشير إليه في الكفاية اه ح قوله (كردة وتقبيل ابنه) أي كردتها وتقبيلها ابنه قوله (لا غيرها) بالرفع عطفا على السكنى قوله (والفرق) أي بين السكنى وغيرها وعن هذا قال في الذخيرة وغيرها لو شرط في الخلع أن لا نفقة لها ولا سكنى فلها السكنى لا النفقة لأن النفقة حقها والسكنى في بيت العدة حقها وحق الشرع وإسقاطها لا يعمل في حق الشرع حتى لو شرط الزوج عدم مؤنة السكنى ورضيت السكنى في بيتها أو في بيت كانا يسكنان فيه بالكراء صح ولزمها الأجر لأن ذلك محض حقها قوله (حق الله) أي من وجه حيث أوجب عليها القرار في منزل الزوج وفيه حقها من وجه لوجوبه لها على الزوج قوله (بعد البت) أي الطلاق البائن بواحدة أو أكثر وتقييد الهداية بالثلاث اتفاقي واحترز به عن معتدة الرجعي إذا طاوعت ابن زوجها أو قبلها بشهوة فلا نفقة لها لأن الفرقة لم أنكر بالطلاق بل بمعصيتها بحر قوله (حتى لو لم تحبس فلها النفقة) يعني إن بقيت في بيته كما هو صريح عبارة القهستاني المارة وحينئذ يستغنى عن هذه الجملة بعبارة القهستاني ويقال بدلها فإن عادت إلى بيته عادت النفقة إلا إذا لحقت بدار الحرب وحكم بلحاقها ثم عادت اه ح
671 والحاصل كما في البحر أنه لا فرق بين الردة والتمكين لأن المرتدة بعد البينونة لو لم تحبس لها النفقة كالممكنة والممكنة إذا لم تلزم بيت العدة لا نفقة لها فليس للردة أو التمكين دخل في الإسقاط وعدمه بل إن وجد الاحتباس في بيت العدة وجبت وإلا فلا اه ومثله في الفتح قوله (وهو مشير الخ) أي التعليل بأنه كالموت قال في الشرنبلالية وهو يشير إلى أنه قد حكم بلحاقها وهو محمل ما في الجامع من عدم عود النفقة بعدما لحقت وعادت ومحمل ما في الذخيرة من أنها تعود نفقتها بعودها على ما إذا لم يحكم بلحاقها توفيقا بينهما كما في الفتح اه قوله (وإلا فتعود نفقتها بعودها) كالناشزة إذا عادت لزوال المانع بخلاف المبانة بالردة إذا أسلمت لا تعود نفقتها لسقوط نفقتها بمعصيتها والساقط لا يعود بحر الصغير والمكتسب نفقة في كسبه لا على أبيه قوله (من الطعام والكسوة والسكنى ولم أر من ذكر هنا أجرة الطبيب وثمن الأدوية وإنما ذكروا عدم الوجوب للزوجة نعم صرحوا بأن الأب إذا كان مريضا أو به زمانة يحتاج إلى الخدمة فعلى ابنه خادمه وكذلك الابن قوله (لطفله) هو الولد حين يسقط من بطن أمه إلى أن يحتلم ويقال جارية طفل وطفلة كذا في المغرب وقيل أول ما يولد صبي ثم طفل ح عن النهر قوله (يعم الأنثى والجمع) أي يطلق على الأنثى كما علمته وعلى الجمع كما في قوله تعالى * (أو الطفل الذين لم يظهروا) * (النور 31) فهو مما يستوى فيه المفرد والجمع كالجنب والفلك والإمام * (واجعلنا للمتقين إماما) * (الفرقان 74) ولا ينافيه جمعه على أطفال أيضا كما جمع إمام على كثرة أيضا فافهم قوله (الفقير) أي إن لم يبلغ حد الكسب فإن بلغه كان للأب أو يؤجره أو بدفعه في حرفة ليكتسب وينفق عليه من كسبه لو كان ذكرا بخلاف الأنثى كما قدمه في الحضانة عن المؤيدية قال الخير الرملي لو استغنت الأنثى بنحو خياطة وغزل يجب أن تكون نفقتها في كسبها كما هو ظاهر ولا نقول تجب على الأب مع ذلك إلا إذا كان لا يكفيها فتجب على الأب كفايتها بدفع القدر المعجوز عنه ولم أره لأصحابنا ولا ينافيه قولهم بخلاف الأنثى لأن الممنوع إيجارها ولا يلزم منه عدم إلزامها بحرفة تعلمها اه أي الممنوع إيجارها للخدمة ونحوها مما فيه تسليمها للمستأجر بدليل قولهم لأن المستأجر غلام بها وذا لا يجوز في الشرع وعليه فله دفعها لامرأة تعلمها حرفة كتطريز وخياطة مثلا قوله (على مالكه) أي لا على أبيه الحر أو العبد بحر قوله (والغنى في ماله الحاضر) يشمل العقار والأردية والثياب فإذا احتيج إلى النفقة كان للأب بيع ذلك كله وينفق عليه لأنه غني بهذه الأشياء بحر وفتح لكن سيذكر الشارح عنه قوله ولكل ذي رحم محرم أن الفقير من تحل له الصدقة ولو له منزل وخادم على الصواب ويأتي تمام الكلام عليه قوله (فلو غائبا) أي فلو كان للولد مال لكنه غائب فنفقته على الأب أن يحضر ماله وسئل الرملي عما إذا كان له غلة في وقف فأجاب بأنه لم ير من صرح بالمسألة والظاهر أنه بمنزلة المال الغائب قوله (إن أشهد) أي على أنه ينفق عليه ليرجع وكالإشهاد الإنفاق بإذن القاضي كما
672 في البحر قوله (لا إن نوى) أي لا يرجع إن نوى الرجوع بلا إشهاد ولا إذن قاض أي لا يصدق في القضاء أنه نوى ذلك وإنما يثبت له الرجوع فيما بينه وبين ربه تعالى قوله (يكتسب أو يتكفف) قدم الكسب لأنه الواجب أولا إذ لا يجوز التكفف أي طلب الكفاف بمسألة الناس إلا عند العجز عن الاكتساب قال في الذخيرة فإن قدر على الكسب تفرض النفقة عليه فيكتسب وينفق عليهم وإن عجز لكونه زمنا أو مقعدا يتكفف الناس وينفق عليهم كذا في نفقات الخصاف وذكر الخصاف في أدب القضاء أنه في هذه الصورة يفرضها القاضي على الأب ويأمر المرأة بالاستدانة على الزوج فإذا قدر طالبته بما استدانت عليه وكذا لو فرضها القاضي عليه ثم امتنع مع قدرته اه وقال أيضا وإن امتنع عن الكسب حبس بخلاف سائر الديون ولا يحبس والد وإن علا في دين ولده وإن سفل إلا في النفقة لأن فيه إتلاف الصغير قوله (وينفق عليهم) أي على أولاده الصغار وقيل نفقتهم في بيت المال بحر وفي القهستاني عن المحيط وتفرض على المعسر بقدر الكفاية وعلى الموسر بقدر ما يراه الحاكم قوله (ولو لم يتيسر) أي الإنفاق عليهم أو الاكتساب قال في الفتح وإن لم يف كسبه بحاجتهم أو لم يكتسب لعدم تيسر المكسب أنفق عليهم القريب الخ ومثله في البحر وظاهره أن إنفاق القريب يثبت بمجرد عجز الأب عن الكسب وينافيه ما مر من أنه إذا عجز عنه يتكفف ولعل المراد أنه يتكفف إن لم يوجد قريب ينفق عليهم وبه يجمع بين الكلب المنقولتين آنفا عن الخصاف لكن في الثانية أمر الزوجة بالاستدانة والظاهر أنه أمرهم على ما إذا كانت معسرة فلو موسرة تنفق من مالها لترجع ويأتي قريبا أنها أولى بالتحمل من سائر الأقارب الكلام على نفقة الأقارب قوله (ورجع على الأب إذا أيسر) في جوامع الفقه إذا لم يكن للأب مال والجد أو الأم أو الخال أو العم موسر يجبر على نفقة الصغير ويرجع بها على الأب إذا أيسر وكذا يجبر الأبعد إذا غاب الأقرب فإن كان له أم موسرة فنفقته عليها وكذا إن لم يكن له أب إلا أنها ترجع في الأول اه فتح قلت وهذا هو الموافق لما يأتي من أنه لا يشارك الأب في نفقة أولاده أحد فلا يجعل كالميت بمجرد إعساره لتجب النفقة على من بعده بل تجعل دينا عليه وسيذكر الشارح تصحيح خلافه وأنه لا بد من إصلاح المتون ويأتي الكلام فيه وهذا إذا لم يكن الأب زمنا عاجزا عن الكسب وإلا قضى بالنفقة على الجد اتفاقا لأن نفقة الأب حينئذ واجبة على الجد فكذا نفقة الصغار ولا يخفى أن كلامنا الآن في الأب العاجز عن الكسب تأمل قوله (ولو خاصمته الأم) أي بأن شكت منه أن لا ينفق أو أنه يقتر عليهم قوله (ما لم تثبت خيانتها) أي إنه لا يقبل قوله إنها لا تنفق أو تضيق عليهم لأنها أمينة ودعوى الخيانة على الأمين لا تسمع بلا حجة فيسأل القاضي جيرانها ممن يداخلها فإن أخبروه بما قال الأب زجرها ومنعها عن ذلك نظرا لهم ذخيرة قوله (فيدفع لها الخ) هذا نقله في الذخيرة عن بعض المشايخ عقب ما مر فقال إن شاء القاضي
673 دفعها إلى ثقة يدفع لها صباحا ومساء ولا يدفع إليها جملة وإن شاء أمر غيرها لينفق عليهم قوله (وصح صلحها) قيل في وجهه إن الأب هو العاقد من الجانبين وقيل من جانب نفسه والأم من جانب الصغار لأن نفقتهم من أسباب الحضانة وهي للأم ذخيرة قوله (الخطبة تحت التقدير) تفسير لليسيرة وذلك كما لو وقع الصلح على عشرة وإذا نظر الناس فبعضهم يقدر الكفاية بعشرة وبعضهم بتسعة بخلاف ما لو وقع الصلح على خمسة عشر أو على عشرين فإن الزيادة حينئذ تطرح عن الأب قلت وتقدم متنا أنه لو صالح على نفقة الزوجة ثم قال لا أطيق ذلك فهو السري إلا إذا تغير سعر الطعام الخ والفرق ما قدمناه من أن النفقة في حق القريب باعتبار الحاجة والكفاية وفي حق الزوجة معارضته عن الاحتباس ولذا لو مضى الوقت وبقي منها شئ يقضي بأخرى لها لا له وكذا لو ضاعت قوله (زيدت) أي على قدر الكفاية قوله (ولو ضاعت الخ) الفرق ما ذكرناه آنفا قوله (وهي أولى من الجد الموسر) أي لو كان مع الأم الموسرة جد موسر أيضا تؤمر الأم بالإنفاق من مالها لترجع على الأب ولا يؤمر الجد بذلك لأنها أقرب إلى الصغير فالأم أولى بالتحمل من سائر الأقارب وتمامه في البحر عن الذخيرة قلت اعلم أنه إذا مات الأب فالنفقة على الأم والجد على قدر ميراثهما أثلاثا في ظاهر الرواية وفي رواية على الجد وحده كما سيأتي وأما إذا كان الأب معسرا فهي على الأب وتستدينها الأم عليه لأنها أقرب من الجد هذا على ظاهر المتون كما قدمناه وأما على ما يأتي تصحيحه من أن المعسر يجعل كالميت فمقتضاه أنها تجعل عليهما أثلاثا تأمل قوله (لأولاده من الأمة) بل نفقتهم على سيد الأمة إلا أن يشترط الزوج حريتهم فنفقتهم عليه والمراد بالأمة غير المكاتبة أما هي فنفقتهم عليها لتعينهم لها في الكتابة ط وتقدمت المسألة قوله (ولو من حرة) بل النفقة عليها وإن كانت أمة لمولاه فنفقة الجميع عليه أو لغيره فنفقتهم على مولى الأم كما علمت ونفقة العقد على مولاه قوله (وعلى الكافر الخ) في الجوهرة ذمي تزوج ذمية ثم أسلمت غنم منه ولد يحكم بإسلام الولد تبعا لها ونفقته على الأب الكافر وكذا الصبي إذا ارتد فارتداده صحيح عند أبي حنيفة ومحمد ونفقته على الأب اه قوله (وسيجئ) يأتي ذلك في عموم قول المصنف ولا نفقة مع الاختلاف دينا إلا للزوجة والأصول والفروع الذميين قوله (لولده الكبير الخ) فإذا طلب من القاضي أن يفرض له النفقة على أبيه أجابه ويدفعها إليه لأن ذلك حقه وله ولاية الاستيفاء ذخيرة وعليه فلو قال له الأب أنا أطعمك ولا أدفع إليك لا يجاب وكذا الحكم في نفقة كل محرم بحر قوله (كأنثى مطلقا) أي ولو لم يكن بها زمانة تمنعها عن الكسب فمجرد الأنوثة عجز إلا إذا كان لها زوج فنفقتها عليه ما دامت زوجة وهل إن نشزت عن طاعته
674 تجب لها النفقة على أبيها محل تردد فتأمل وتقدم أنه ليس للأب أن يؤجرها في عمل أو خدمة وأنه لو كان لها كسب لا تجب عليه قوله (وزمن) أي من به مرض مزمن والمراد هنا من به ما يمنعه عن الكسب كعمي وشلل ولو قدر على اكتساب ما لا يكفيه فعلى أبيه تكميل الكفاية قوله (ومن يلحقه العار بالتكسب) كذا في البحر والزيلعي واعترضه الرحمتي بأن الكسب لمؤنته ومؤنة عياله فرض فكيف يكون عارا الأولى ما في المنح عن الخلاصة إذا كان من أبناء الكرام ولا يستأجره الناس فهو عاجز اه ومثله في الفتح وسيأتي تمامه قوله (كما بسطه في القنية) حاصله أن السلف قالوا بوجوب نفقته على الأب لكن أفتى أبو حامد بعدمه لفساد أحوال أكثرهم ومن كان بخلافهم نادر في هذا الزمان فلا يفرد بالحكم دفعا لحرج التمييز بين المصلح والمفسد قال صاحب القنية لكن بعد الفتنة فضالة يعني فتنة التاتار التي ذهب بها أكثر العلماء والمتعلمين نرى المشتغلين بالفقه والأدب اللذين هما قواعد الدين وأصول كلام العرب يمنعهم الاشتغال بالكسب عن التحصيل ويؤدي إلى ضياع العلم والتعطيل فكان المختار الآن قول السلف وهفوات البعض لا تمنع الوجوب كالأولاد والأقارب اه ملخصا وأقره في البحر وقال ح وأقول الحق الذي تقبله الطباع المستقيمة ولا تنفر منه الأذواق السليمة القول بوجوبها لذي الرشد لا غيره ولا حرج في التمييز بين المصلح والمفسد لظهور مسالك الاستقامة وتمييزه عن غيره وبالله التوفيق قوله (ولذا الخ) أي لكونها لا تجب لطلبة زماننا الغالب عليهم الفساد قوله (لا يشاركه) جملة استئنافية أو حالية من الضمير المضاف إليه في تجب لطفله الفقير الخ تأمل قوله (ولو فقيرا) هذا مجاراة لظاهر إطلاق المصنف الأب تبعا لإطلاق المتون فلا ينافيه قوله ما لم يكن معسرا تأمل قوله (في ذلك) أي في نفقة طفله وولده الكبير العاجز عن الكسب قوله (كنفقة أبويه وعرسه) أي كما لا يشاركه أحد في نفقة أبويه ولا في نفقة زوجته قوله (به يفتى) راجع إلى مسألة الفروع ومقابله ما روي عن الإمام أن نفقة الولد على الأب والأم أثلاثا يعني الكبير أما الصغير فعلى أبيه خاصة بلا خلاف قال الشرنبلالي ووجه الفرق أنه اجتمع للأب في الصغير ولاية ومؤنة حتى وجب عليه صدقة فطره فاختص بلزوم نفقته عليه ولا كذلك الكبير لانعدام الولاية فتشاركه الأم اه ط وصرح العلامة قاسم بأن عدم الفرق بينهما هو ظاهر الرواية وبأن عليه الفتوى فلذا تبعه الشارح قوله (ما لم يكن معسر الخ) الضمير راجع للأب قال في الذخيرة ولو كان للفقير أولاد صغار وجد موسر يؤمر الجد بالإنفاق صيانة لولد الولد ويكون دينا على والدهم هكذا ذكر القدوري فلم يجعل النفقة على الجد حال عسرة الأب وهذا قول الحسن بن صالح والصحيح في المذهب أن الأب الفقير يلحق بالميت في استحقاق النفقة على الجد وإن كان الأب زمنا يقضي بها على الجد بلا رجوع اتفاقا لأن نفقة الأب حينئذ على الجد فكذا نفقة الصغار اه
675 وقال في الذخيرة أيضا قبل هذا ولو لهم أم موسرة أمرت أن تنفق عليهم فيكون دينا ترجع به على الأب إذ أيسر وهي أولى بالتحمل من سائر الأقارب الخ قال في البحر وحاصله أن الوجوب على الأب المعسر إنما هو إذا أنفقت الأم الموسرة وإلا فالأب كالميت والوجوب على غيره لو كان ميتا ولا رجوع عليه في الصحيح وعلى هذا فلا بد من إصلاح المتون والشروح كما لا يخفي اه أي لأن قول المتون والشروح إن الأب لا يشاركه في نفقة ولده أحد يقتضي أنه لو كان معسرا وأمر القاضي غيره بالإنفاق يرجع سواء كان أما أو جدا أو غيرهما إذا لم يرجع عليه لحصلت المشاركة () وأجاب المقدسي بحمل ما في المتون على حالة اليسار لكن قال الرملي لا حاجة إلى ذلك لأن ما في المتون مبني على الرواية الثانية وقد اختارها أهل المتون والشروح مقتصرين عليها اه قلت وعلى هذا فلا فرق بن كون المنفق أما أو جدا أو غيرهما في ثبوت الرجوع على الأب ما لم يكن الأب زمنا فإنه حينئذ يكون في حكم الميت اتفاقا وقدمنا على جوامع الفقه ما يؤيد ما في المتون ومثله ما في الخانية من أن نفقة الصغار والإناث المعسرات على الأب لا يشاركه في ذلك أحد ولا تسقط بفقره اه وكذا ما في البدائع من قوله وأن كان لهم جد موسر لم تفرض عليه بل يؤمر بها ليرجع على الأب لأنها لا تجب على الجد عند وجود الأب القادر على الكسب ألا ترى أنه لا يجب على الجد نفقة ابنه المذكور فنفقة أولاده أولى نعم لو كان الأب زمنا قضي بنفقتهم ونفقة الأب على الجد اه على أن ما صححه في الذخيرة يرد عليه تسليمه رجوع الأم مع أنها أقرب إلى أولادها من الجد والعم والخال فكيف يرجع الأقرب دون الأبعد ومسألة رجوع الأم منصوص عليها في كافي الحاكم وغيره وهي تثبت رجوع غيرها بالأولى وهذا مؤيد لما في المتون والشروح كما لا يخفي فأفهم تنبيه في البحر الفقير لا يجب عليه نفقة غير الأصول والفروع والزوجة اه وشمل الفروع الولد الكبير العاجز والأنثى وتقدم آنفا في عبارة الخانية قوله (جوهرة) كذا في عامة النسخ ولا وجه له فإن هذا الكلام لم ينقله في البحر عن الجوهرة ولا هو موجود فيها وفي نسخة الرحمتي وفي الجوهرة فروع إلى آخره وهي الصواب الفروع فإن هذه إلى قوله وفي المختار ذكرها في الجوهرة فيكون الجار والمجرور خبرا مقدما وفروع مبتدأ مؤخرا قوله (فالأم أحق) لأنها لا تقدر على الكسب وقال بعضهم الأب أحق لأنه هو الذي يجب عليه نفقة الابن في صغره دون الأم وقيل يقسمها بينهما جوهرة قلت ويؤيد الأول ما رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه عن معاوية القشيري قلت يا رسول الله من أبر قال أمك قلت ثم من قال أمك (1) قلت ثم من قال أباك ثم الأقرب
(1) قوله: (أمك الخ) كذا بخط المحشي " أنه صلى الله عليه وسلم أجابه مرتين بقوله أمك " والذي في الترمذي عن معاوية المذكور أجابه ثلاثا ا ه مصححه. 676 فالأقرب أورد الحديث في الفتح قوله (وقيل يقسمها فيهما) أي في المسألتين في نفقة زوجة الأب قوله (وعليه نفقة زوجة أبيه) أي في رواية وفي أخرى إن كان الأب مريضا أو به زمانه يحتاج للخدمة قال في المحيط فعلى هذا لا فرق يبن الأب والابن فإن الابن إذا كان بهذه المثابة يجبر الأب على نفقة خادمه قال في البحر وظاهر الذخيرة أن المذهب عدم وجوب نفقة امرأة الأب أو جاريته أو أم ولده حيث لم يكن بالأب علة وأن الوجوب مطلقا عن رواية أبي يوسف وفي حاشية الرملي والذي تحرر من المذهب أنه لا فرق بين الأب والابن في نفقة الخادم وأنه إذا احتاج أحدهما لخادم وجبت نفقته كما وجبت نفقة المخدوم فكان من جملة نفقته وإذا لم يحتج إليه فلا تجب فأعلم ذلك واغتنمه فإنه كثير الوقوع والله سبحانه وتعالى أعلم اه قلت بقي ما إذا كانت الزوجة أم الابن فهل تجب نفقتها في هذه الحالة على الابن أم لا فإن كانت معسرة فالظاهر وجوبها عليه ولو لم يكن الأب محتاجا إليها لقولهم لا يشارك الولد في نفقة أبويه أحد وأما لو كانت موسرة والأب محتاج إليها فكذلك وإلا فالظاهر أنه يؤمر بها ليرجع على أبيه أو تنفق هي لترجع على الأب وهذا أقرب تأمل قوله (بل وتزويجه أو تسريه) ذكره في الشرنبلانية أيضا عن الجوهرة وهو مخالف لما مر في باب نكاح الرقيق وعزوناه إلى الزيلعي والدرر وشروح الهداية فيقدم على ما هنا قوله (فعليه نفقة واحدة) بالإضافة فلو موسرات فالوسط أو معسرات فالدون ولو مختلفات فالظاهر أنه يدفع نصف نفقة الوسط ونصف الدون أفاده ط قوله (ليوزعها عليهن) ولهن رفع أمرهن للقاضي ليأمرهن باستدانة الباقي كفايتهن لتكون دينا على الزوج وتجب الإدانة على من تجب عليه نفقتهن كما تقدم فأفهم قوله (وفي المختار والملتقى إلخ) هذا خلاف نص المذهب كما قدمناه أول الباب فافهم قوله (أو زمنا) أي أو كبيرا زمنا قوله (لقدري أفندي) هو من متأخري علماء الروم اسمه عبد القادر قوله (ويجبر الأب إلخ) هذه العبارة في القنية والمجتبى وقد علمت أن المذهب عدم وجوب النفقة لزوجة الابن ولو صغيرا فقيرا فلو كان كبيرا غائبا بالأولى إلا أن يحمل على أن الوجوب هنا بمعنى أن الأب يؤمر بالإنفاق عليها ليرجع بها على الابن إذا حضر لكن تقدم أن زوجة الغائب يفرض القاضي لها النفقة على زوجها ويأمرها بالاستدانة وأنه تجب الإدانة على من تجب عليه نفقتها قوله (وكذا الأم إلخ) أي إذا غاب الأب ولم يترك نفقة تجبر الأم على الإنفاق على الولد من مالها إن كان لها مال كما في الخانية ربع الشارح عن البحر تفريعا على قول زفر المفتى به أنها تقبل بينتها على النكاح إن لم يكن القاضي عالما به ثم يفرض لهم ويأمرها بالإنفاق والاستدانة ليرجع اه ولا يخفي أن هذا كله فيما إذا لم يترك مالا عنده أو على من يقر به وبالزوجية والولاد وإلا
677 فقد مر أنه يفرض لها في ذلك المال وكذا لو ترك مالا في بيته كما مر بيانه قوله (وكذا الابن) أي الموسر إذا غاب زوج أمه الفقيرة وهذا ظاهر السياق لأن كلامه في الغيبة ويحتمل أن يكون المراد ما إذا كان الزوج حاضرا وهو معسر لكن هذه تقدمت قبل قوله (قضي بنفقة الإعسار) وهذا إذا كان زوجها غير أبيه فلو كان أباه هو معسر فهل يرجع عليه إذا أيسر قدمنا الكلام عليه قريبا قوله (كذا الأخ إلخ) الظاهر أنه مقيد بما إذا لم يكن للأولاد أم موسرة لما مر من أن الأم أولى بالتحمل من سائر الأقارب لأنها أقرب إلى أولادها قوله (وكذا الأبعد إذا غاب الأقرب) عطف عام على خاص فيشمل ما إذا كان الغائب أبنا أو أبا أو أما أو أخا والحاضر الموسر خال أو عم أو جد وقد استفيد مما هنا وكذا ما قدمناه عن جوامع الفقه أن الغيبة كالإعسار في وجوب النفقة على الأبعد ورجوعه على الأقرب بعد حضوره أو يساره وليس الرجوع على الأب خاصا بالأم خلافا لقوله المار إلا الأم موسرة قوله (أجنبي أنفق الخ) ظاهره أنه أنفق من مال نفسه مع أنه ذكر في جامع الفصولين معي هذه المسألة عن أدب القاضي ادعى وصي أو قيم أنه أنفق من مال نفسه وأراد الرجوع في مال اليتيم والوقف ليس له ذلك إذ يدعي دينا لنفسه على اليتيم والوقف فلا يصح بمجرد الدعوى فلو ادعى الإنفاق من مال الوقف واليتيم نفقة المثل في تلك المدة صدق اه إلا أن يحمل على أن الأجنبي أنفق من مال اليتيم أو يفرق بين مال الأجنبي ومال الوصي لكن فيه إثبات دين للأجنبي على اليتيم بمجرد إقرار الوصي ولم أر صريحا صحته نعم في القنية وغيرها أو أنفق ماله على الصغير ولم يشهد فلو كان المنفق أبا لم يرجع وفي الوصي اختلاف اه وقدمنا في باب المهر عند الكلاع على ضمان الولي المهر أن اشتراط الإشهاد استحسان وعليه فلا فرق بين الوصي والأدب إن كانت العادة أن الأب ينفق تبرعا ومر تمام الكلام هناك فراجعه وسيأتي أيضا آخر الكتاب إن شاء الله تعالى أمر غيره بالإنفاق ونحوه هل برجع قوله (وفيه إلخ) أقول في الخانية ذكر في الأصل إذا أمر صيرفيا في المصارفة أن يعطي رجلا ألف درهم قضاء عنه أو لم يقل قضاء عنه ففعل يرجع على الآمر في قول أبي حنيفة فإن لم يكن صيرفيا لا يرجع إلا أن يقول عني ولو أمره بشرائه أو بدفع الفداء يرجع عليه استحسانا وإن لم يقل على أن ترجع علي بذلك وكذا لو قال أنفق من مالك على عيالي أو في بناء داري يرجع بما أنفق وكذا لو قال اقض ديني يرجع على كل حال ولو قضى نائبه غيره بأمره رجع عليه وإن لم يشترط الرجوع هو الصحيح اه قلت والمراد بالصيرفي من يستدين منه التجار ويقبض لهم فيرجع بمجرد الأمر للعرف بأن ما يؤمر بإعطائه هو دين على الآمر بخلاف غير الصيرفي فلا يرجع بقوله أعط فلانا كذا إلا بشرط
678 الرجوع قوله (كجناية) الذي في جامع الفصولين جباية بالباء بعد الجيم لا بالنون المراد بها لا يجيبه السلطان بحق أو بغيره وسيأتي في كتاب الكفالة معي كفالة الرجلين أنه تجوز الكفالة بالنوائب ولو بغير حق كجبايات زماننا فإنها في المطالبة كالديون بل فوقها قوله (ومؤن مالية) الظاهر أنه من عطف العام على الخاص لشموله مثل العشر والخراج لك في جامع الفصولين أيضا الأمر بإنفاق وأداء خراج وصدقات واجبة لا يوجب الرجوع بلا شرط إلا رواية عن أبي يوسف اه وعليه فيكون عطف مرادف لئلا يشمل العشر والخراج قوله (ليصادره) أي ليأخذ منه ماله قوله (وقيل لا في الصحيح) سيذكر الشارح في كتاب الكفالة تصحيح الأول ومثله في البزازية ويؤيده ما قدمناه عن الخانية من تصحيح الرجوع بلا شرط في النائبة فإن الظاهر أن النائبة تشمل مسألة الأسير والمصادرة وقاضيخان من أجل من يعتمد على تصحيحه كما نص عليه العلامة قاسم وسيأتي تمام الكلام على ذلك في متفرقات البيوع في إرضاع الصغير قوله (وليس على أمه) أي التي في نكاح الأب أو المطلقة ط قوله (إلا إذا تعينت) بأن لم يجد الأب من ترضعه أو كان الولد لا لأخذ ثدي غيرها وهذا هو الأصح وعليه الفتوى خانية ومجتبى وهو الأصوب فتح وظاهر الكنز أنها لا تجبر وإن تعينت لتغذية بالدهن وغيره وفي الزيلعي وغيره إنه ظاهر الرواية وبالأول جزم في الهداية وتمامه في البحر وفيه عن الخانية وإن لم يكن للأب ولا للولد مال تجبر الأم إلى إرضاعه عند الكل اه قال فمحل الخلاف عند قدرة الأب بالمال قال الرملي وما في الخانية نقله الزيلعي عن الخصاف وزاد عليه قوله وتجعل الأجرة دينا على الأب اه قلت ومثله في المجمع وبه علم أنه لا منافاة بين إجبارها ولزوم الأجرة لها خلافا لما قدمه في الحضانة عن الجوهرة ومر تمامه هناك قوله (وكذا الظئر إلخ) في البحر عن غاية البيان عن العيون عن محمد فيمن استأجر ظئر الصبي شهرا فلما أقضي الشهر أبت أن ترضعه والصبي لا يقبل ثدي غيرها قال أجبرها أن ترضع اه فالمراد بإبقاء الإجارة استدامة حكمها بعد مضي مدتها كما لو مضت إجارة السفينة في وسط البحر وهي في الحقيقة إجارة مبتدأة والظاهر أن مثلها ما إذا تعينت لإرضاعه قبل استئجارها فتجبر عليها وإن أمكن تغذيه بالدهن مثلا فإن فيه تعريضا لضعفه وموته وبهذا رجحوا إجبار الأم على ظاهر الرواية تأمل قوله (عندها) أي عند الأم وظاهر التعليل أن كل من ثبتت لها الحضانة في حكم الأم ط قوله (ولا يلزم الظئر المكث إلخ) أي بل لها أن ترضعه ثم ترجع إلى منزلها فيما يستغنى عنها من الزمان أو تقول أخرجوه فترضعه عند فناء الدار ثم الخطبة الصبي إلى أمه أو تحمل الصبي معها إلى البيت نهر عن الزيلعي وحاصله أن الظئر مخيرة بين هذه الأمور إذا لم يشترط عليها المكث عند الأم ومقتضاه أن
679 الأم لو طلبت المكث عندها لا يلزم الظئر وإن كان ذلك حق الأم فعلى الأب إحضار مرضعة ترضعه وهو عند أمه لأن الظئر قد تغيب عند حاجة الولد إلى الرضاع ولا يمكن الأم إحضارها وقد لا ترضى بإخراج ولدها إلى فناء الدار قوله (لا يستأجر الأب أمه إلخ) علله في الهداية بأن الإرضاع مستحق عليها ديانة بقوله تعالى * (والوالدات يرضعن) * (البقرة 233) فلا يجوز أخذ الأجر عليه واعترضه في الفتح بجواز أخذ الأجرة بعد انقضاء العدة مع أن الوجوب في الآية يشمل ما قبل العدة وما بعدها ثم قال والحق أنه تعالى أوجبه عليها مقيدا بإيجاب رزقها على الأب بقوله تعالى * (وعلى المولود له رزقهن) * (البقرة 233) ففي حال الزوجية والعدة هو قائم برزقها بخلاف ما بعدهما فيقوم الأجر مقامه اه قلت وتحقيقه أن فعل الإرضاع واجب عليها ومؤنته على الأب لأنها من جملة نفقة الولد ففي حال الزوجية والعدة هو قائم بتلك المؤنة بعد البيونة فتجب عليه بعدها وإن وجب على الأم إرضاعه لقوله تعالى * (لا تضار والدة بولدها) * (البقرة 233) فإن الزامها بإرضاعه مجانا مع عجزها وانقطاع نفقتها عن الأب مضارة لها فساغ لها أخذ الأجرة بع البينونة لأنه لا تجبر على إرضاعه قضاء وامتناعها عن إرضاعه مع وفور شفقتها عليه دليل حاجتها ولا يستغنى الأب عن أرضاعه عند غيرها فكونه عند أمه بالأجرة أنفع له غنم إلا أن توجد متبرعة فتكون أولى دفعا للمضارة عن الأب أيضا قوله (خلافا للذخيرة والمجتبى) أي لصاحبيهما حيث قالا يجوز استئجارها من مال الصغير لعدم اجتماع الواجبين على الزوج وهما نفقة النكاح والإرضاع قال في النهر والأوجه عندي عدم الجواز ويدل على ذلك ما قالوه من أنه لو استأجر منكوحته لإرضاع ولده من غيرها جاز من غير ذكر خلاف لأنه غير واجب عليها مع أنه فيه اجتماع أجرة الرضاع والنفقة في مال واحد ولو صح مانعا لما جاز هنا فتدبره اه ح قلت غاية ما استند إليه يفيد عدم تسليم التعليل المار وأن اجتماع الواجبين على الزوج لا ينفي جواز الاستئجار ولا يخفى أن هذا يثبت عدم الجواز في المسألة الأولى لظهور الفرق بيت المسألتين فإنك قد علمت أن إرضاع الولد واجب على أمه ما دام الأب ينفق عليها فلا يحل لها أخذ الأجرة مع وجوب نفقتها عليه وفي أخذها الأجرة من مال الصغير أخذ للأجرة على الواجب عليها مع استغنائها بخلاف أخذها على ولده من غيرها فإن إرضاعه غير واجب عليها فهو كأخذها على إرضاع ولد لغير زوجها فإنه جائز وإن كان زوجها ينفق عليها والحاصل أن الفرق ظاهر بين أخذ الأجرة على إرضاع ولدها الواجب عليها وعلى إرضاع غيره ولذا علل الثانية بأنه غير واجب عليها وأيضا فقد نقل الحموي عن البرجندي معزيا للمنصورية أن الفتوى علي الجواز أي الذي مشى عليه في الذخيرة والمجتبى قوله (في الأصح) وذكر في الفتح عن بعضهم أنه ظاهر الرواية ولكن ذكر أيضا أن الأوجه عدم الفارق بين عدة الرجعي والبائن وأن في كلام الهداية إيماء على أنه المختار عنده إذ من عادته تأخير وجه القول المختار وكذا هو ظاهر إطلاق القدوري المعتدة وفي النهر أنه رواية الحسن عن الأمام وهي الأولى اه وفي حاشية الرملي على المنح عن التاترخانية عليه الفتوى قوله (كاستئجار منكوحته إلخ) أي فيجوز
680 لأن أرضاعه غير واجب عليها كما مر قوله (وهي أحق) أي إذا طلبت الأجرة ولذا قيده بقوله بعد العدة وإلا فهي أحق قبل العدة أيضا قوله (ولو دون أجر المثل) أي ولو كان الذي تأخذه الأجنبية دون أجر المثل وطلبت الأم أجر المثل فالأجنبية أولى ط قوله (أحق منها) أي من الأم حيث طلبت شيئا ولم يقيدوا هنا يكون الأب معسرا كما في الحضانة ط قوله (أما أجرة الحضانة إلخ) أفاد أن الحضانة تبقى للأم فترضعه الأجنبية المتبرعة بالإرضاع عند الأم كما صرح به في البدائع ونحوه ما مر في المتن وإن للأم أخذ أجرة المثل على الحضانة ولا تكون الأجنبية المتبرعة بها أولى نعم لو تبرعت العمة بحضانته من غير أن نمنع الأم عنه والأب معسر فالصحيح أنه يقال للأم إما أن تمسكي الولد بلا أجر وإما أن تدفعيه إليها كما مر في الحضانة وبه ظهر الفرق بين الحضانة والإرضاع هنا وهو أن انتقال الإرضاع إلى غير الأم لا يتقيد بطلب الأم أكثر من أجد المثل ولا بإعسار الأب ولا بكون المتبرعة عمة أو نحوها من الأقارب فأفهم قوله (كما مر) أي في الحضانة قوله (وللرضيع النفقة والكسوة) فبذلك صار على الأب ثلاث نفقات أجرة الرضاع وأجرة الحضانة ونفقة الولد من صابون ودهن وفرض وغطاء وفي المجتبى وإذا كان للصبي مال فمؤنة الرضاع ونفقته بعد الفطام في مال الصغير بحر وسكت عن المسكن الذي تحضنه فيه والذي في معين المفتي المختار أنه على الأب وهو الأظهر حموي عن شرح الوهبانية ط وفيه كلام قدمناه في الحضانة قوله (وللأم أجرة الإرضاع بلا عقد إجارة) بل تستحقه بالإرضاع في المدة مطلقا كذا في البحر أخذا من ظاهر كلامهم ورده المقدسي في الرمز شرح نظم الكنز بأن الظاهر اشتراط العقد ومن قال بخلافه فعليه إثباته اه فأفهم ويؤيده ما في شرح حسام الدين على أدب القاضي للخصاف فإن انقضت عدتها وطلبت أجر الرضاع فهي أحق به وينظر القاضي بكم يجد امرأة غيرها فيأمر بدفع ذلك إليها لقوله تعالى * (فإن أرضعن لكم فاتوهن أجورهن) * (الطلاق 6) إلخ قال في البحر وأكثر المشايخ على أن مدة الرضاع في حق الأجرة حولان عند الكل حتى لا تستحق بعد الحولين إجماعا وتستحق فهما إجماعا وفيه لو لم يستغن بالحولين لها أن ترضعه بعدهما عند عامة المشايخ إلا عند خلف بن أيوب قوله (وحكم الصلح كالاستئجار) يعني لو صالحت زوجها على أجرة الرضاع على شئ إن كان الصلح حال قيام النكاح أو في عدة الرجعي لا يجوز وإن كان في عدة البائن بواحدة أو ثلاث جاز على إحدى الكلب ح عن البحر قوله (وفي كل موضع جاز الاستئجار) أي كما إذا كان بعد انقضاء العدة أو في عدة البائن على إحدى الكلب وهي المعتمدة كما مر وقوله ووجبت النفقة الظاهر أنه عطف مرادف والمراد به نفقة المرضعة بالأجرة التي تأخذها من الزوج بقرينة التعليل يعني أن ما تأخذه الأم من الأب لتنفقه على نفسها بمقابلة إرضاع الولد هو أجرة لا نفقة فإذا مات الأب لا تسقط هذه الأجرة بموته بل تجب لها في تركته وتشارك غرماءه فهي كغيرها من أصحاب ديونه ولو كان نفقة لسقطت كما تسقط بالموت نفقة الزوجة والقريب ولو بعد القضاء ما لم تكن مستدانة
681 بأمر القاضي هذا ما ظهر لي في حل هذه العبارة وأصلها لصاحب الذخيرة ونقلها عنه في البحر بلفظها في نفقة الأصول قوله (وتجب إلخ) شروع في من نفقة الفروع قوله (ولو صغيرا) لأنه كالكبير فيما يجب في ماله من حق عبد فيطالب به وليه كما يطالب بنفقة زوجته قوله (يسار الفطرة على الأرجح) أي بأن يملك ما يرحم به أخذ الزكاة وهو نصاب ولو غير تام فاضل عن حوائجه الأصلية وهذا قول أبي يوسف وفي الهداية وعليه الفتوى وصححه في الذخيرة ومشى عليه في متن الملتقى وفي البحر أنه الأرجح وفي الخلاصة أنه نصاب الزكاة وبه يفتي واختاره الولوجي قوله ورجح الزيلعي عبارته وعن محمد أنه قدره بما يفضل عن نفقة نفسه وعياله شهرا إن كان من أهل الغلة وإن كان من أهل الحرف فهو مقدر بما يفضل عن نفقته ونفقة عياله كل يوم لأن المعتبر في حقوق العباد القدرة دون النصاب وهو مستغن عما زاد على ذلك فيصرفها إلى أقاربه وهذا أوجه وقالوا الفتوى على الأول اه والذي في الفتح أن هذا توفيق بين روايتين عن محمد الأولى اعتبار فاضل نفقة شهر والثانية فاضل كسبه كل يوم حتى لو كان كسبه درهما ويكفيه أربعة دوانق وجب عليه دانقان للقريب قال ومال السرخسي إلى قول محمد في الكسب وقال صاحب التحفة قول محمد أرفق ثم قال في الفتح بعد كلام وإن كان كسوبا يعتبر قول محمد وهذا يجب أن يعول عليه في الفتوى اه وبه علم أن الزيلعي المنكر التحفة رجحا قول محمد مطلقا السرخي والكمال رجحا قوله لو كسوبا وهي الرواية الثانية عنه وفي البدائع أيضا أنه الأرفق قلت والحاصل أن في حد اليسار أربعة أقوال مروية كما قال في البحر وأن الثالث تحته قولان وعلى توفيق الفتح هي ثلاثة فقط وبه علم أن الثالث ليس تقييدا لما ذكره المصنف بل هو قول آخر فافهم وقال في البحر ولم أر من أفتى به أي بالثالث المذكور فالاعتماد على الأولين والأرجح الثاني اه قلت مر في رسم المفتي أن الأصح الترجيح بقوة الدليل فحيث كان الثالث هو الأوجه أي الأظهر من حيث التوجيه والاستدلال كان هو الأرجح وإن صرح بالفتوى على غيره ولذا قال الزيلعي قالوا الفتوى على الأول بصيغة قالوا للتبري وكذا قال في الفتح وهذا يجب أن يعول عليه في الفتوى أي على الثالث صاحب الفتح بن الهمام من أهل الاجتهاد والكمال صاحب الفتح من أهل الترجيح بل من أهل الاجتهاد كما قدمناه في نكاح الرقيق وقد نقل كلامه تلميذه العلامة قاسم وكذا صاحب النهر والمقدسي والشرنبلالي وأقروه عليه ويكفي أيضا ميل الإمام السرخسي إليه وقول التحفة والبدائع إنه الأرفق فحيث كان هو الأوجه والأرفق واعتمده المتأخرون وجب التعويل عليه فكان هو المعتمد
682 ثم أعلم أن ما ذكره المصنف من اشتراط اليسار في نفقة الأصول صرح به في كافي الحاكم والدرر النقاية والفتح والملتقى والموهب والبحر والنهر وفي كافي الحاكم أيضا ولا يجبر المعسر على نفقة أحد إلا على نفقة الزوجة والولد اه ومثله في الاختيار ونحو في الهداية وفي الخانية لا يجب على الابن الفقير نفقة والده الفقير حكما إلا إن كان والده زمنا لا يقدر على العمل وللابن عيال فعليه أن يضمه إلى عياله وينفق على الكل وفي الذخيرة أنه ظاهر الرواية عن أصحابنا لأن طعام الأربعة إذا فرق على الخمسة لا يضرهم ضررا فاحشا بخلاف إدخال الواحد في طعام الواحد لتفاحش كلاهما وفي البزازية إن رأى القاضي أنه يفضل من قوته شئ أجبره على النفقة من الفاضل على الفاضل على المختار وإن لم يفضل فلا شئ في الحكم لكن في ظاهر الرواية يؤمر ديانة بالإنفاق إن كان الابن وحده ولو له عيال أجبر على ضم أبيه معهم كيلا يضيع ولا يجبر على أن يعطيه شيئا على حدة اه والحاصل أنه يشترط في نفقة الأصول اليسار على الحلاف المار في تفسيره إلا إذا كان الأصل زمنا لا كسب له فلا يشترط سوى قدرة الولد على الكسب فإن كان لكسبه فضل أجبر على إنفاق الفاضل وإلا فلو كان الولد وحده أمر ديانة بضم الأصل إليه ولو له عيال يجبر في الحكم على ضمه إليهم ولا يخفي أن الأم بمنزلة الأب الزمن لأن الأنوثة بمجردها عجز وبه صرح في البدائع لكن صرح أيضا بأنه لا يشترط في نفقة الأصول يسار الولد بل قدرته على الكسب وعزاه في المجتبى إلى الخصاف وقد أكثرنا لك من النقل بخلافه لتعلم أنه غير المعتمد في المذهب قوله (وفي الخلاصة إلخ) هذا أمرهم على ما إذا كان الأب زمنا لا قدرة له على الكسب وإلا اشترط يسار الولد على الخلاف المار في تفسيره وعلى ما إذا كان للولد عيال فلو كان وحده فلا يدخل أباه في نفقته بل يؤمر به ديانة والأم كالأب الزمن وذلك كله معلوم مما قررناه آنفا فافهم وعبارة الخلاصة هكذا وفي الأقضية الفقر أنواع (1) ثلاثة فقير لا مال له وهو قادر على الكسب والمختار أنه يدخل الأبوين في نفقته الثاني فقير لا مال له وهو عاجز عن الكسب فلا تجب عليه نفقة غيره الثالث أن يفضل كسبه عن قوته فإنه يجبر على نفقة البنت الكبيرة والأبوين والأجداد وفي المحرم كالعم يشترط النصاب إلخ قلت وهذا مبني على رواية الخصاف من عدم اشتراط اليسار في نفقة الأصول بل قدرة الكسب كافية والمعتمد خلافه كما علمت قوله (وفي المبتغى إلخ) سيأتي قريبا لو أنفق الأبوان ما عندهما للغائب من ماله على أنفسهما وهو من جنس النفقة لا يضمنان لوجوب نفقة الأبوين والزوجة قبل القضاء حتى لو ظفر بجنس حقه فله أخذه ولذا فرضت في مال الغائب بخلاف بقية الأقارب ونحوه في المنح والزيلعي وفي زكاة الجوهرة الدائن إذا ظفر بجنس حقه له أخذه بلا قضاء ولا رضا وفي الفتح عند
(1) قوله: (الأقضية الفقر أنواع) لعل الأولى ان يقول الفقير أنواع، بدليل التفصيل بعده قاله نصر. 683 قوله ويحلفها بالله ما أعطاها النفقة وفي كل موضع جاز القضاء بالدفع كان لها أن تأخذ بغير قضاء من ماله شرعا اه فقول المبتغي ولا قاضي ثمة أمرهم على ما إذا كان يأخذه من خلاف جنس النفقة كالعروض أما الدراهم والدنانير فهي من جنس النفقة فلا حاجة فيها إلى القاضي وتمامه في حاشية الرحمتى وقد أطال وأطاب قوله (النفقة) أشار إلى أن جميع ما وجب للمرأة وجب للأب والأم على الولد من طعام وشراب وكسوة وسكنى حتى الخادم بحر وقدمنا في الفروع الكلام على خادم الأب وزوجته قوله (لأصوله) إلا الأم المتزوجة فإن نفقتها على الزوج كالبنت المراهقة إذا زوجها أبوها وقدمنا أن الزوج لو كان معسرا فإن الابن يؤمر بأن يقرضها ثم يرجع عليه إذا أيسر لأن الزوج المعسر كالميت كما صرح به في الذخيرة بحر والحاصل أن الأم إذا كان لها زوج تجب نفقتها على زوجها لا على ابنها وهذا لو كان الزوج غير أبيه كما صرح به في الذخيرة ومفهومه أنه لو كان أباه تجب نفقته ونفقتها على الابن لكن هذا ظاهر لو كانت الأم معسرة أيضا أما لو كانت موسرة لا تجب نفقتها على ابنها بل على زوجها وهل يؤمر الابن بالإنفاق عليها ليرحع على أبيه لم أره نعم لو كان الأب محتاجا إليها فقد مر أن نفقته زوجته حينئذ على ابنه وهذا يشمل ما لو كانت موسرة فتأمل قوله (ولو أب أمه) شمل التعميم الجدة من قبل الأب أو الأم وكذا الجد من قبل الأم كما في البحر بحال الكنز ولأبويه وأجداده وجداته قوله (الفقراء) قيد به لأنه لا تجب نفقة الموسر إلا الزوجة قوله (ولو قادرين على الكسب) جزم به في الهداية فالمعتبر في إيجاب نفقة الوالدين مجرد الفقر قيل وهو ظاهر الرواية فتح ثم أيده بكلام الحاكم الشهيد وقال وهذا جواب الرواية اه والجد كالأب بدائع فلو كان كل من الابن والأب كسوبا يجب أن يكتسب الابن وينفق على الأب بحر عن الفتح أي ينفق عليه من فاضل كسبه على قول محمد كما مر قوله (والقول إلخ) أي لو ادعى الولد غنى الأب وأنكره الأب فالقول له والبينة وللابن بحر قوله (بالسوية بين الابن والبنت) هو ظاهر الرواية وهو الصحيح هداية وبه يفتى خلاصة وهو الحق فتح وكذا لو كان الفقير ابنان أحدهما فائق في الغنى والآخر يملك مصابا فهي عليهما سوية خانية وعزاه في الذخيرة إلى مبسوط محمد ثم نقل عن الحلواني قال مشايخنا هذا لو تفاوتا في اليسار تفاوتا يسيرا فلو فاحشا يجب التفاوت فيها بحر قلت بقي لو كان أحدهما كسوبا فقط وقلنا بما رجحه الزيلعي والكمال من إعطاء فاضل كسبه فهل يلزمه هنا أيضا أم تلزم الابن الغني فقط تأمل وفي الذخيرة قضي بها عليهما فأبى أحدهما أن لا يعطي للأب ما عليه يؤمر الآخر بالكل ثم يرجع على أخيه بحصته اه ولا يخفي أن هذا حيث لم يمكن الأخذ منه لغيبته أو عتوه وإلا فكيف يؤمر الآخر بمجرد الإباء كما أفاده المقدسي قوله (والمعتبر فيه القرب والجزئية لا الإرث) أي الأصل في نفقة الوالدين والمولودين القرب بعد الجزئية دون يفرق كذا في الفتح أي تعتبر إلا الجزئية أي جهة الولاد أصولا أو فروعا
684 وتقدم على غيرها من الرحم ثم يقدم فيها الأقرب فالأقرب ولا ينظر إلى الإرث فلو له أخ شقيق وبنت بنت فالنفقة عليها فقط للجزئية وإن كان الوارث هو الأخ ولو له بنت وابن ابن فعلى البنت لقربها في الجزئية وإن اشتركا في الإرث كما في الفتح وغيره قلت ويرد عليه قولهم لو له أم وجد لأب فعليهما أثلاثا اعتبارا للإرث مع أن الأم أقرب في الجزئية وكذا قولهم لو له أم وجد لأب وأخ شقيق فعلى الجد عند الإمام مع أن الأم أقرب أيضا وغير ذلك من المسائل ضابط في حصر أحكام نفقة الأصول والفروع واعلم أن مسائل هذا الباب مما تحير فيها أولوا الألباب لما يتوهم فيها من الاضطراب وكثيرا ما رأيت من ضل فيها عن الصواب حيث لم يذكروا لها ضابطا نافعا ولا أصلا جامعا حتى وفقني الله تعالى إلى جمع رسالة فيها سميتها تحرير النقول في نفقات الفروع والأصول أعانني فيها المولى سبحانه على شئ لم أسبق إليه ولم يحم أحد قبلي عليه باختراع ضابط كلي مبني على تقسيم عقلي مأخوذ من كلامهم تصريحا أو تلويحا جامع لفروعهم جمعا صحيحا بحيث لا تخرج عنه شاذة ولا يغادر منها فاذة وبيان ذلك أن نقول لا يخلوا إما أن يكون الموجود من قرابة الولاد شخصا واحدا أو أكثر والأول ظاهر وهو أن تجب النفقة عليه استيفاء شروط الوجوب والثاني لا غلام إما أن الريح فروعا فقط أو فروعا وحواشي أو فروعا وأصولا أو فروعا وأصولا وحواشي أو أصولا فقط أو أصولا وحواشي فهذه ستة أقسام وبقي قسم سابع تتمة الأقسام العقلية وهو الحواشي فقط نذكره تتميما للأقسام وإن لم يكن من قرابة الولادة القسم الأول الفروج فقط والمعتبر فيهم القرب والجزئية أي القرب بعد الجزئية دون يفرق كما علمت ففي ولدين لمسلم فقير ولو أحدهما نصرانيا أو أنثى تجب نفقته عليهما سوية ذخيرة للتساوي في القرب والجزئية وإن اختلفا في الإرث وفي ابن علي ابن فقط لقربه بدائع وكذا تجب في بنت وابن ابن علي البنت فقط لقربها ذخيرة ويؤخذ من هذا أنه لا ترجيح لابن ابن علي بنت بنت وإن كان هو الوارث لاستوائهما في القرب والجزئية ولتصريحهم بأنه لا اعتبار للإرث في الفروع وإلا لوجبت أثلاثا في ابن بنت ولما لزم الابن النصراني مع الابن المسلم شئ وبه ظهر أن قول الرملي في حاشية البحر إنها على ابن الابن لرجحانه مخالف لكلامهم القسم الثاني الفروع مع الحواشي والمعتبر فيه أيضا القرب والجزئية دون الإرث ففي بنت وأخت شقيقة البنت فقط وإن ورثتا بدائع وذخيرة وتسقط الأخت لتقديم الجزئية وفي ابن نصراني وأخ مسلم على الابن فقط وإن كان الوارث هو الأخ ذخيرة أي لاختصاص بالجزئية وإن استويا في القرب لإدلاء كل منهما بواسطة والمراد والحمارية هنا من ليس من عمود النسب أي ليس أصلا ولا فرعا فيدخل فيه ما في الذخيرة لو له بنت ومولى عتاقه فعلى البنت فقط وإن ورثا أي لاختصاصها بالجزئية
685 القسم الثالث الفروع مع الأصول والمعتبر فيه الأقرب جزئية فإن لم يوجد اعتبر الترجيح إن لم يوجد اعتبر الإرث ففي أب وابن تجب على ابن لترجحه بأنت ومالك لأبيك ذخيرة وبدائع أي وإن استويا في قرب الجزئية مثله أم وابن لقول المتون ولا يشارك الولد في نفقة أبويه أحد قال في البحر لأن لهما تأويلا في مال الولد بالنص ولأنه أقرب الناس إليهما اه فليس ذلك خاصا بالأب كما قد يتوهم بل الأم كذلك وفي جد وابن ابن علي قدر يفرق أسداسا للتساوي في القرب وكذا في الإرث وعدم المرجح من وجه آخر بدائع وظاهره أنه لو له أب وابن ابن أو بنت بنت فعلى الأب لأنه أقرب في الجزئية فانتفى التساوي ووجد القرب المرجح وهو انظر تحت الأصل المار عن الذخيرة والبدائع وكذا تحت قول المتون لا يشارك الأب في نفقة ولده أحد القسم الرابع الفروع مع الأصول والحواشي وحكمه كالثالث لما علمت من سقوط الحواشي بالفروع لترجحهم بالقرب والجزئية فكأنه لم يوجد سوى الفروع والأصول وهو القسم الثالث بعينه القسم الخامس الأصول فقط فإن كان معهم أب فالنفقة عليه فقط لقول المتون لا يشارك الأب في نفقة لا ولده أحد وإلا فإما أن يكون بعضهم وارثا وبعضهم غير وارث أو كلهم وارثين ففي الأول يعتبر الأقرب جزئية لما في القنية له أم وجد لأم فعلى الأم أي لقربها ويظهر منه أن أم الأب كأبي الأم وفي حاشية الرملي إذا اجتمع أجداد وجدات فعلى الأقرب ولو لم يدل به الآخر اه فإن تساووا في القرب فالمفهوم من كلامهم ترجح الوارث بل هو صريح قول البدائع في قرابة الولادة إذا لم يوجد الترجيح اعتبر الإرث اه وعليه ففي جد لأم وجد لأب تجب على الجد لأب فقط اعتبارا للإرث وفي الثاني حنث لو كان كل الأصول وارثين فكالإرث ففي أم وجد لأب تجب عليهما أثلاثا في ظاهر الرواية خانية وغيرها القسم السادس الأصل مع الحواشي فإن كان أحد الصنفين غير وارث اعتبر الأصول وحدهم ترجيحا للجزئية ولا مشاركة في الإرث حتى يعتبر فيقدم الأصل سواء كان هو الوارث أو كان الوارث الصنف الآخر مثال الأول ما في الخانية لو له جد لأب وأخ شقيق فعلى الجد اه ومثال الثاني ما في القنية لو له جد لأم وعم فعلى الجد اه أي لترجحه في المثالين بالجزئية مع عدم الاشتراك في الإرث لأنه هو الوارث في الأول والوارث هم العم في الثاني وإن كان كل في الصنفين حنث الأصول والحواشي وارثا اعتبر الإرث ففي أم وأخ عصبي أو ابن أخ كذلك أو عم كذلك على الأم الثلث وعلى العصبة الثلثان بدائع ثم إذا تعدد الأصول في هذا القسم بنوعيه ننظر إليهم ونعتبر فيهم ما اعتبر في القسم الخامس مثلا لو وجد في المثال الأول المار عن الخانية جد لأم مع الجد لأب تقدم عليه الجد لأب لترجحه بالإرث مع تساويهما في الجزئية ولو وجد في المثال الثاني المار عن القنية أم مع الجد لأم نقدمها عليه لترجحها بالإرث وبالقرب وبهذا يسقط الإشكال الذي سنذكره عن القنية كما ستعرفه وكذلك لو وجد في الأمثلة الأخيرة مع الأم جد لأم نقدمها عليه لما قلنا ولو وجد معها جد لأب بأن كان للفقير أم وجد لأب وأخ عصبي أو ابن أخ أو عم كانت النفقة على الجد وحده كما صرح به في الخانية
686 ووجه ذلك أن الجد يحجب الأخ وابنه والعم لتنزيله حينئذ منزلة الأب وحيث تحقق تنزيله منزلة الأب صار كما لو كان الأب موجودا حقيقة وإذا كان الأب موجودا حقيقة لا تشاركه الأم في وجوب النفقة فكذا إذا كان موجودا حكما فتجب على الجد فقط بخلاف ما لو كان للفقير أم وجد لأب فقط فإن الجد لم ينزل منزلة الأب فلذا وجبت النفقة عليهما أثلاثا في ظاهر الرواية كما مر القسم السابع الحواشي فقط والمعتبر فيه الإرث بعد كونه إذا رحم محرم وتقديره واضح في كلامهم كما سيأتي ثم هذا كله إذا كان جميع الموجودين موسرين فلو كان فيهم معسر فاترة ينزل المعسر منزلة الميت وتجب النفقة على غيره وتارة ينزل منزلة الحي وتجب على من بعده بقدر حصصهم من الإرث وسيأتي بيانه أيضا فهذا خلاصة ما اشتملت عليه تلك الرسالة النافية للجهالة فعض عليه بالنواجذ وكن له أرغب آخذ وإن أردت الزيادة على ذلك فارجع إليها وعول عليها فإنها فريدة في بابها نافعة لطلابها وهي من محض فضل الله تعالى فله في كل وقت ألف حمد يتوال قوله (النفقة على البنت أو بنتها) لف ونشر مرتب ففي الأول النفقة على البنت وحدها للقرب وفي الثاني على بنتها للجزئية ومثله ابن نصراني وأخ مسلم وأن كان الوارث هو الأخ كما قدمناه قوله (لأنه لا يعتبر الإرث) علة لقوله النفقة على البنت أو بنتها قوله (إلا إذا استويا) أي في القرب والجزئي ففي هذا المثال يجب للفقير على جده سدس النفقة وعلى ابن ابنه باقيها فإن هذا الفقير لو مات يرثان منه كذلك وقوله إلا لمرجح استثناء من هذا الاستثناء أي عند التساوي يعتبر الإرث إلا إذا ترجح أحد المتساويين فعلى من معه رجحان فتجب على ابنه دون أبيه مع استوائهما في القرب ويرد على هذا ما لو كان له ابن وبنت فإنهما استويا في القرب الجزئية مع عدم المرجح والنفقة عليهما بالسوية وكذا لو له ابن نصراني وابن مسلم مع أن المسلم ترجح بكونه هو الوارث فيتعين حمل قولهم والمعتبر فيه القرب والجزئية لا الإرث على ما إذا كان الواجب عليه النفقة فروعا فقط أو فروعا وحواشي وهو القسم الأول والثاني من الأقسام السبعة المارة أما بقية الأقسام فيعتبر فيه الإرث على التفصيل المار فيها ثم أعلم أن قوله والمعتبر فيه إلخ الضمير فيه راجع إلى ما قبله من نفقة الفروع والأصول على ما قدمناه عن الفتح ومثله في الذخيرة والبحر وإن كان الأصوب إرجاعه إلى نفقة الأصول فقط أي نفقة الأصول الواجبة على الفروع لما علمت من أن عدم اعتبار الإرث على إطلاقه خاص بهم لكن الشارح تابع صاحب الفتح في إرجاعه الضمير إلى نوعين فلذا أورد مسائل من كل منهما بعضها من نفقة الأصول الواجبة على الفروع وبعضها من عكسه فافهم قوله (لترجحه بأنت ومالك لأبيك) أي بهذا الحديث الذي رواه عن النبي جماعة من الصحابة كما في الفتح وهو مؤول للقطع بأن الأب يرث السدس من ولده مع وجود ولد الولد فلو كان ملكه لم يكن لغيره شئ معه قال الرحمتي وينبغي في جد وابن ابن وجوب النفقة على ابن الابن لهذا المرجح فإنهم جعلوه مطردا في جميع الأصول مع الفروع وبنوا عليه مسائل منها أن الجد إذا ادعى ولد أمة ابن
687 ابنه عند فقد الابن صحت دعواه ويتملكها بالقيمة كما هو الحكم في الأب لهذا الحديث فتأمل اه قوله (فكإرثهما) أي ثلاثا لأن كلا منهما وإرث فلا يرجح أحدهما على الآخر كما مر في القسم الخامس قوله (فعلى الأم) أي لكونها أقرب من أبيها حيث كان أحدهما وارثا والآخر غير وارث كما مر قوله (فعلى أبي الأم) لأن الجزئية تقدم على غيرها عند عدم المشاركة في الإرث قوله (واستشكله في البحر إلخ) أصل الإشكال لصاحب القنية وجهه أن وجوبها في أم وعم كإرثها نص عليها محمد في الكتاب فيقتضي جعل العلم بمنزلة الأم وفي المسألة التي قبلها جعل أبو الأم متقدما على العم فيلزم أن يتقدم أيضا على الأم لمساواتها للعم فيشكل جعل النفقة على الأم في مسألة أم وأبي أم بل الظاهر جعلها على أبي الأم لتقدمه عليها وجعلها على الأم يقتضي على أبيها ويلزم منه تقدمها على العم لأن أباها متقدم عليه فكيف تكون عليهما كإرثهما أفاده ط وحاصله أن هذه المسائل الثلاثة متناقضة وأقول لا تناقض فيها أصلا لما علمت من أن الإرث إنما لا يعتبر في نفقة الأصول الواجبة على الفروع أما في غيرها من نفقة الفروع وذوي الرحم فله اعتبار فيها على التفصيل الذي قررناه في الضابط وحينئذ فما ذكر في المسألة الأولى من تقديم الأم على أبيها لكونها أقرب في الجزئية مع عدم المشاركة في الإرث وبذلك أجاب الخير الرملي في دفع الإشكال وما في المسألة الثانية من تقديم أبي الأم على العم لاختصاصه بالجزئية مع عدم المشاركة في الإرث أيضا وما ذكر في المسألة الثالثة من كونها عل قدر الإرث لوجود المشاركة في الإرث لما قلنا من اعتبار يفرق في غير نفقة الأصول فحيث وجدت المشاركة في الإرث اعتبر قدر يفرق فقد ظهر أن جهة التقديم في إيجاب النفقة أو المشاركة فيها مختلفة في المسائل الثلاث فلا تناقض فيها أصلا فافهم والله أعلم قوله (قال إلخ) أي صاحب البحر وقد نقله أيضا عن القنية حيث قال فيها ويتفرع من هذه الجملة فرع أشكل الجواب فيه وهو ما إذا كان له أم وعم وأبو أم موسورون فيحتمل أن تجب على الأم لا غير لأن أبا الأم لما كان أولى من العم والأم أولى من أبيها كانت الأم أولى من العم لكن يترك جواب الكتاب ويحتمل أن تكون على الأم والعم أثلاثا اه قلت ووجهة الاحتمال الثاني أنه لما نص في مسألة الكتاب على وجوبها على الأم والعم كإرثهما أي أثلاثا علم أن المعتبر الإرث هنا فيحنئذ يسقط أبو الأم في هذه المسألة المشكلة وهو الصواب وبه أجاب الخير الرملي أيضا فقال إن الظاهر من فروعهم أن الأقربية إنما تقدم إذا لم الريح وارثين كلهم فأما إذا كانوا كذلك فلا كالأم والعم والجد لقولهم بقدر الإرث اه وبذلك أجاب أيضا شيخ مشايخنا السائحاني وفقيه عصره شيخ مشايخنا من علي التركماني وهو الموافق لما قدمناه في الضابط في قسم اجتماع الأصول مع الحواشي وقد نبهنا على سقوط الإشكال هناك فافهم قوله (وتجب أيضا إلخ) شروع في نفقة قرابة غير الولاد وجوبها لا يثبت إلا بالقضاء أو
688 الرضا حتى لو ظفر أحدهم بجنس حقه قبل القضاء أو الرضا ليس له الأخذ بخلاف الزوجة والولد والأبوين فإن لهم الأخذ قبل ذلك كما مر كذا في الذخيرة وغيها واعترض بأن القاضي غير مشروع بل الوجوب ثابت بقوله تعالى * (وعلى الوارث مثل ذلك) * (البقرة 233) وأجيب بأن نفقة القريب المحرم فيها اختلاف المجتهدين بخلاف الزوجية والولاد واعترض بأن الخلافيات يعمل فيها بدون القضاء وأجيب بأنه إذا قوي قول المخالف روعي خلافه وأستعين بالحكم كالرجوع في الهبة وخيار البلوغ وأجيب أيضا بأن الوجوب ثابت قبل الحكم وإنما يتوقف عليه وجوب الأداء فقد يجب الشئ ولا يجب أداؤه كدين على معسر واعترض بأنه لو ثبت الوجوب لجاز أخذ القريب بما ظفر من جنس حقه وأجيب بمنع اللزوم لوقوع الشبهة بالاختلاف في باب الحرمة فنزلت منزلة اليقين خصوصا في الأموال وبالقضاء ترتفع الشبهة وله نظائر كثيرة وبسط ذلك في البحر وفيما علقناه عليه في نفقة قرابة غير الولاد من الرحم المحرم قوله (لكل ذي رحم محرم) خرج بالأول الأخ رضاعا وبالثاني ابن العم ولا بد من كون المحرمية بجهة القرابة فخرج ابن العم إذا كان أخا من الرضاع فلا نفقة له كذا في شرح الطحاوي وأطلق فيمن تجب عليه النفقة فشمل الصغير الغني والصغيرة الغنية فيؤمر الوصي بدفع نفقة قريبهما المحرم بشرطه كذا في أنفع الوسائل بحر ثم إن قول المصنف ولكل معطوف على قوله لأصوله أي أصول الموسر فأفاد اشتراط اليسار فيمن تجب عليه النفقة هنا أيضا إذ لا تجب على فقير إلا للزوجة والولد الصغير كما في كافي الحاكم وفي تفسير الخلاف المار قوله (مطلقا) قيد للأنثى أي سواء كانت بالغة أو صغيرة صحيحة أو زمنة كما أفاده بقوله ولو كانت إلخ والمراد بالصحيحة القادرة على الكسب لكن لو كانت مكتسبة بالفعل كالقابلة والمغسلة لا نفقة لها كما مر قوله (أو كان الذكر بالغا) لا يصح دخوله تحت المبالغة بعد تقييده بقوله صغير فما على المصنف أن يقول أو بالغ عاجز بالجر عطفا على صغير قوله (لكن عاجزا) الأولى إسقاط لكن لأن العطف بها يشترط له تقدم نفي أو نهي ط قوله (كعمي إلخ) أفاد أن المرغد بالزمانة العاهة كما في القاموس وفي الدر المنتقى أن الزمانة تكون في ستة العمى وفقد اليدين أو الرجلين أو اليد والرجل من جانب والخرس والفلج اه فإن قلت أن من ذكر قد يكتسب فالأعمى يقدر على العمل بالدولاب ومقطوع اليدين على دوس العنب برجليه أو الحراسة وكذا الأخرس قلنا إن اكتسب بذلك واستغنى عن الإنفاق فلا وجوب وإلا فلا يكلف لأن هذه الأعذار تمنع عن الكسب عادة فلا يكلف به قوله (وعته) بالتحريك نقصان العقل قوله (لحرفة) كذا في بعض النسخ بالحاء والفاء وفي المغرب الحرفة
689 بالكسر الاسم من الاحتراف الاكتساب ولا يخفي أنه لا يناسب هنا فالصواب ما في بعض النسخ لخرقه بالخاء المعجمة والقاف وآخره ضمير الغيبة وهو عدم معرفة عمل اليد خرق خرقا من باب قرب () فهو أخرق مصباح وفي الاختيار لأن شرط وجوب نفقة الكبيرة العجز عن الكسب حقيقة كالزمن والأعمى ونحوهما أو معنى كمن به خرق ونحوه اه قوله (أو لكونه من ذوي البيوتات) أي من أهل الشرف قال في المغرب البيوتات جمع بيت ويختص بالأشراف بحال الفتح وكذا إذا كان من أبناء الكرام لا يجد من يستأجره بحال الزيلعي أو يكون من أعيان الناس يلحقه العار بالتكسب واعترضه الرحمتي بأن كسب الحلال فريضة وبأن عليا سيد العرب كان يؤجر نفسه لليهود كل دلو ينزعه من البئر بتمرة والصديق بعد أن بويع بالخلافة حمل أثوابا وقصد السوق فردوه وفرض له من بيت المال ما يكفيه وأهله وقال سأتجر للمسلمين في ما لهم حتى أعوضهم عما أنفقت على نفسي وعيالي اه وأي فضل لبيوت تحمل أهلها أن تكون كلا على الناس اه ملخصا قلت لا يخرج أن ذلك لم يكن عارا في زمن الصحابة بل يعدونه فخرا بخلاف من بعدهم ألا ترى أن ناحية بل من دونه في زماننا لو فعل كذلك لسقط من أعين رعيته فضلا عن أعدائه وقد أثبت الفاء لولي المرأة فسخ النكاح لدفع العار عنه فحيث كان الكسب عارا له كما لو كان ابنا أو أخا للأمير أو قاضي المطلق مثلا تجب له النفقة عليه بشروطها قوله (أو طالب علم) أي إذا كان به رشد ومر الكلام عليه قوله (حال من المجموع) أي من صغير وأنثى وبالغ قال ط والأولى جعله حالا من ذي رحم محرم لعمومه الكل وفي نسخة فقراء قوله (بحيث تحل له الصدقة) كذا فسره في البدائع وذلك بأن لا يملك نصابا ناميا أو غير نام زائدا عن حوائجه الأصلية والظاهر أن المراد به كما كان من غير جنس النفقة إذ لو كان يملك دون نصاب من طعام أو نقود تحل له الصدقة ولا تجب له النفقة فيما يظهر لأنها معللة بالكفاية وما دام عنده ما يكفيه من ذلك لا يلزم كفايته تأمل قوله (ولو له منزل وخادم) أي وهو محتاج إليهما وهذا عام في الوالدين والمولودين وذوي الأرحام كما صرح به في الذخيرة وفيها لو كان يكفيه بعض المنزل أمر ببيع بعضه وإنفاقه على نفسه وكذا لو كانت له دابة نفيسة يؤمر بشراء الأدنى وإنفاق الفضل اه ومثله في شرح أدب القضاء ومتاع البيت المحتاج إليه مثل المنزل والدابة كما في شرح أدب القضاء وهل مثله جهاز المرأة قدمنا في الزكاة خلافا في أنها هل تحرم عليها الصدقة بسببه فراجعه وهل تجب نفقة الخادم هنا مقتضي ما في البدائع نعم فإنه قال وكل من وجبت عليه نفقة غيره يجب عليه المأكل والملبس والمسكن والرضاع إن كان رضيعا لأن وجوبها للكفاية الكفاية تتعلق بهذه الأشياء وإن كان له خادم يحتاج إلى خدمته يفرض له أيضا لأن ذلك من جملة الكفاية اه واحتياجه إلى خدمته بأن يكون به علة كما قدمناه في خادم الأب وكذا لو كان من أهل البيوتات لا يتعاطى خدمة نفسه بيده تأمل قوله (بقدر الإرث) أي تجب نفقة المحرم الفقير على من يرثونه إذا مات بقدر إرثهم منه قوله (وعلى الوارث مثل ذلك) أي مثل الرزق والكسوة التي وجبت على المولود له فأناط الله تعالى النفقة باسم الوارث فوجب التقدير بالإرث ط قوله
690 (ولذا) أي للآية الشريفة حيث عبر فيها بعلى المفيدة للإلزام ط ويوجد في بعض النسخ بين قوله ولذا وقوله يجبر عليه ما نصه ينظر ما المراد بالجبر هنا هل هو الحبس أو غيره وقد ذكروا في القضاء حبسه لنفقة الولادة ومفاده عدم الحبس لغيرهم قلت وكان المناسب ذكر هذا بعد قوله يجبر عليه ثم لا يخفى أنه إذا حبس الأب فغيره بالأولى لأن الأب لا يحبس في دين ولده سوى النفقة على أ المذكور في القضاء أنه يحبس لنفقة القريب والزوجة وأما ما سيذكره عن البدائع من أن الممتنع من نفقة القريب يضرب ولا يحبس فهو خطأ في النقل كما ستعرفه معي قوله ولمملوكه قوله (يجبر عليه) أي على الإنفاق وقدمنا عن البحر أنه لو قال أنا أطعمك ولا أدفع شيئا لا يجاب بل يدفعها إليه قوله (أي فقير) مقيد أيضا بالعاجز عن الكسب إن كان ذكرا بالغا ولو صغيرا أو أنثى فمجرد الفقر كاف كمال مر قوله (له أخوات متفرقات) أي أخت شقيقة وأخت لأب وأخت لأم قوله (أخماسا) ثلاثة أخماس على الشقيقة وخمس على الأخت لأب وخمس على الأخت لأم لأنهن لو ورثنه كانت المسألة من ستة ثلاثة للأولى وسهم للثانية وسهم للثالثة وسهم يرد عليهن فتصير المسألة ردية من خمسة اه ح وكذلك تبقى النفقة أخماسا عند عدم الرد بأن كان معهن ابن عم إذ لا نفقة عليه لأنه غير محرم فلو كان بدله عم عصبي تصير أسداسا قوله (ولو إخوة متفرقين) أي ولو كان الورثة إخوة متفرقين قوله (فسدسها) أي النفقة على الأخ لأم والباقي على الشقيق لسقوط الأخ لأب بالشقيق في الإرث ح قوله (كإرثه) الحدود مضاف لمفعوله أي كإرثهم إياه قوله (وكذا) أي الحكم كذلك لو كان معهن أي مع الأخوات أو معهم أي مع الإخوة قوله (ابن معسر) أي صغير أو كبير عاجز كما في الذخيرة إذ لو كان صحيحا أمر بالكسب لينفق على نفسه وعلى أبيه على رواية محمد التي رجحها الزيلعي والكمال وفي الذخيرة أن نفقة ذلك الابن على عمته الشقيقة في الأولى وعمه الشقيق في الثانية لأن الأب المعسر كالميت فيكون إرث الابن لعمه أو عمته المذكورين فقط فكذا نفقته قوله (ليصيروا ورثة) أي ويقضي عليهم بالنفقة وما لم يجعل الابن كالمعدوم لا تصير الإخوة والأخوات ورثة فيتعذر إيجاب النفقة عليهم ط قوله (فنفقة الأب على الأشقاء) أي على الأخت الشقيقة في المسألة الأولى وعلى الأخ الشقيق في الثانية فأطلق الجمع على ما فوق الواحد وقوله لإرثهم أي الأشقاء معها أي مع البنت فلا تجعل البنت كالميت لأنها لا تحرز كل يفرق وإنما يجعل كالميت من يحرز كل يفرق لينظر إلى من يرث بعده فتجب النفقة عليه ففي مسألة الابن تجب على كل الإخوة أو الأخوات وهنا على الأشقاء فقط لسقوط الأخوة أو الأخوات لأب أو لأم قوله (عند التعدد) أي تعدد المعسرين والأولى وعند الاجتماع وفي الخانية وغيرها الأصل أنه إذا اجتمع في قرابة من تجب له النفقة موسر ومعسر ينظر
691 إلى المعسر فإن كان يحرز كل يفرق يجعل كالمعدوم ثم ينظر إلى ورثة من تجب له النفقة فتجعل النفقة عليهم على قدر مواريثهم وإن كان المعسر لا يحرز كل يفرق تقسم النفقة عليه وعلى من يرث معه فيعتبر المعسر لإظهار قدر ما يجب على الموسرين ثم يجعل من النفقة على الموسرين على اعتبار ذلك اه قوله (كذي أم) أي كصغير فقير أو كبير زمن فقير له أم إلخ قوله (فالنفقة عليهما أرباعا) لأن النصف في الإرث الشقيقة والسدس للأم والسدس للأخت لأب والسدس للأخت لأم فكان نصيب الشقيقة والأم أربعة فربع النفقة على الأم وثلاثة أرباعها على الشقيقة اه ح ولو جعل المعسر كالمعدوم أصلا كانت النفقة على الأم والشقيقة أخماسا ثلاثة أخماس على الشقيقة والخمسان على الأم اعتبارا بالميراث خانية وفيها ولو كان للصغير أم معسرة ولأمه أخوات متفرقات موسرات فالنفقة على الخالة لأب وأم لأن الأم تحرز كل يفرق فتجعل كالمعدومة وأما نفقة الأم فعلى أخواتها أخماسا على الشقيقة ثلاثة أخماس وعلى الأخت لأب خمس وعلى الأخت لأم خمس اه وتمام ذلك في رسالتنا (تحرير النقول) قوله (إذ لا يتحقق إلخ) حاصله أن حقيقة الوارث في الآية غير مرادة فإنه قام به الإرث بالفعل وهذا لا يتحقق إلا بعد موت من تجب له النفقة ولا نفقة بعد الموت فكان المراد من يثبت له ميراث فتح قوله (ولو استويا في المحرمية إلخ) أي وفي أهلية الإرث ذخيرة قال في الفتح والحاصل أن قوله أهلية يفرق لا إحرازه فيما إذا كان المحرز للميراث غير محرم ومعه محرم أما إذا ثبت محرمية كلهم وبعضهم لا يحرز يفرق في الحال كالخال والعم إذا اجتمعا فإنه يعتبر إحراز يفرق في الحال وتجب على العم وإذا اتفقوا في المحرمية والإرث في الحال وكان بعضهم فقيرا جعل كالمعدوم ووجبت على الباقين على قدر إرثهم كأن ليس معهم غيرهم اه وفي الذخيرة لو له عم وعمة وخالة موسرون فالنفقة على العم فلو العم معسرا فعلى العمة والخالة أثلاثا كإرثهما قوله (وفي القنية إلخ) مكرر مع ما قدمه في الفروع عن الواقعات قوله (وفي السراج إلخ) مكرر أيضا مع ما قدمه معي قوله قضي بنفقة الإعسار وأما ما قدمه معي الفروع من أن الرجوع يثبت للأم فقط على الأب دون غيرها فلا يرد وأما أولا فلأنه خلاف المعتمد كما حررناه هناك وأما ثانيا فلأن الرجوع هنا على الزوج لا على الأب فافهم قوله (على من رحمه كامل) أي بأن يكون محرما أيضا قوله (ولذا) أي لاشتراط كونه رحما محرما وهو الرحم الكامل قوله (قولهم) أي في مسألة خال وابن عم قوله (فيه نظر إلخ) عبارة القهستاني فيه نوع مخالفة لكلام القوم اه فبين الشارح المخالفة بقوله لأنه ليس بمحرم إلخ وأنت خبير بأنه غير مخالف لكلامهم أصلا بل هو مقرر له ومؤكد فإن مسألة خال وابن عم مذكورة في متون المذهب
692 وشروحه فصرحوا بوجوب النفقة فيها على الخال لكون رحمه كاملا كما اشترطوا وإن كان يفرق كل لابن العم لكون رحمه ناقصا ونبهوا بهذا المثال على شئ آخر أيضا وهو أن المعتبر أهلية الإرث لا الإرث حقيقة كما مر فمن أين جاءت المخالفة لكلامهم وأوهى من هذا ما نقله القهستاني عن بعضهم من أن الأولى التمثيل بخال وعم لأب فإنه خطأ محض كما لا يخفي إن أراد أن النفقة على الخال وإن أراد أنها على العم فلا فائدة في ذكر الخال ولم يبق لأهلية الإرث مثال فأفهم قوله (مع الاختلاف دينا) أي كالكفر والإسلام فلا يجب على أحدهما الإنفاق على الآخر وفي إشعار بأن نفقة السني على الموسر الشيعي كما أشار إليه في التكميل قهستاني والمراد الشيعي المفضل بخلاف الساب القاذف فإنه مرتد يقتل إن ثبت عليه ذلك فإن لم يقتل تساهلا في إقامة الحدود فالظاهر فالظاهر عدم الوجوب لأن مدار نفقة الرحم المحرم على أهلية الإرث ولا توارث بين مسلم ومرتد نعم لو كان يجحد ذلك ولا بينة يعامل بالظاهر وإن اشتهر حاله بخلافه والله سبحانه أعلم قوله (إلا للزوجة إلخ) لأن نفقة الزوجة جزاء الاحتباس وهو لا يتعلق باتخاذ الملة ونفقة الأصول والفروع للجزئية وجزء المرء في معنى نفسه فكما لا تمتنع نفقة نفسه بكفره لا تمتنع نفقة جزئه إلا أنهم إذا كانوا حربيين لا تجب نفقتهم على المسلم وإن كانوا مستأمنين لأننا نهينا عن البر في حق من يقاتلنا في الدين كما في الهداية قوله (الانقطاع الإرث) تعليل لقوله ولا نفقة مع الاختلاف دينا ولقوله لا الحربيين فإن العلة فيهم عدم التوارث كما نص عليه في كافي الحاكم فقد أخر التعليل ليكون للمسألتين فأفهم قوله (لأن له ولاية التصرف) فيه نظر بحال الهداية وغيرها لأن للأب ولاية الحفظ في مال الغائب ألا ترى أن للوصي ذلك فالأب أولى لوفور شفقته اه قال في الفتح وإذا جاز بيعه صار الحاصل عنده الثمن وهو جنس حقه فيأخذه بخلاف العقار لأنه محصن بنفسه فلا يحتاج إلى الحفظ بالبيع اه وحاصله أن المنقول مما يخشى هلاكه فللأب بيعه حفظا له وبيع بيعه يصير الثمن من جنس حقه فله الإنفاق منه فلا يقال إنه إنما يكون حفظا إذا لم ينفق العجلي لأن نفس البيع حفظا فلا ينافي تعلق حقه في الثمن بعد البيع فأفهم نعم استشكل الزيلعي أنه إذا كان البيع من باب الحفظ وله ذلك فما المانع منه لأجل دين آخر قال في البحر وأجاب عنه في غاية البيان بأن النفقة واجبة قبل القضاء والقضاء فيها إعانة لا قضاء على الغائب بخلاف سائر الديون اه تأمل ثم إن ما ذكر هنا قول الإمام وهو الاستحسان وعندهما وهو القياس أن المنقول كالعقار لانقطاع ولاية الأب بالبلوغ وهل الجد كالأب أم أره قوله (لا الأم) ذكر في الأقضية جواز بيع الأبوين فيحتمل أن هذا رواية في أن الأم كالأب ويحتمل أن المراد أن الأب هو الذي يتولى البيع وينفق عليه وعليها وأما بيعها بنفسها فبعيد لعدم ولاية الحفظ كما في الفتح وغيره فأفاد ترجيح الثاني وفي الذخيرة أنه الظاهر ومثله في النهر عن الدراية وفي القهستاني عن الخلاصة أن ظاهر الرواية أن الأم لا تبيع قوله (ولا بقية أقاربه) وكذا ابنه في القهستاني عن شرح الطحاوي
693 قوله (فيبيع عقار صغير ومجنون) تفريع على قوله لا عقارة الراجع إلى الابن الكبير وزاد المجنون لأنه في حكم الصغير قوله (ولزوجته وأطفاله) المتبادر من كلامه أن الضمير راجع للأب في حكم كضمير له بحال النهر ولم يقل لنفقته لما مر من أنه ينفق على الأم أيضا من الثمن وينبغي أن تكون الزوجة وأولاده الصغار كذلك اه والمتبادر منها أن المراد زوجة الغائب وأولاده لأن المراد من الأم أمه أيضا قوله (بقدر حاجته) قال في النهر وفي قوله للنفقة إيماء إلى أنه لا يجوز له بيع زيادة على قدر حاجته فيها كذا في شرح الطحاوي اه وعزاه في البحر إلى غاية البيان قلت وهذا مخالف لبحث النهر إلا أن يحمل على ما إذا لم يكن غيره ويؤيده أنه ينفق على أم الغائب أيضا كما علمته قوله (ولا في دين له) أي للأب على الابن الغائب قوله (لمخالفة إلخ) أشار إلى ما مر من إشكال الزيلعي وجوابه قوله (لا ديانة) فلو مات الغائب حل له أن يحلف لورثته أنهم ليس لهم عليه حق لأنه لم يرد بذلك غير الإصلاح بحر عن الفتح قوله (كمديونة) أي فإنه إذا أنفق على من ذكر مما عليه يضمن بمعنى أنه لا يبرأ قضاء ويبرأ ديانة رحمتي قوله (وزوجته وأطفاله) أشار إلى أن ذكر الأبوين غير قيد كما نبه عليه في البحر وفي النهر إنما خص الأبوين ليعم الزوجة والأولاد بالأولى قوله (إن كان) أي إن وجد ثم قاض شرعي وهو من لم يأخذ القضاء بالرشوة ولم يطلب رشوة على الأذن وإلا فهو كالعدم رحمتي قوله (استحسانا) لأنه لم يرد به إلا الإصلاح ذخيرة وفيها وكذا قالوا في مسافرين أغمي على أحدهما أو مات فأنفق الآخر عليه من ماله وفي عبد مأذون مات مولاه فأنفق في الطريق وفي مسجد بلا متول له أوقاف أنفق عليه منها بعض أهل المحلة لا يضمن استحسانا فيما بينه وبين الله تعالى وحكي عن محمد أنه مات تلميذ له فباع كتبه وأنفق في تجهيزه فقيل له إنه لم يوص بذلك فتلا محمد قوله تعالى * (والله يعلم المفسد من المصلح) * (البقرة 220) فما كان على قياس هذا لا يضمن ديانة استحسانا أما في الحكم فيضمن وكذا لو عرف الوصي دينا على الميت فقضاه لا يأثم وكذا لو مات رب الوديعة وعليه مثلها دين آخر لم يقضه فقضاه المودع ومثله المديون لو مات دائنه وعليه دين لآخر مثله لم يقضه فقضاه المديون وكذا الوارث الكبير لو أنفق على الصغير ولا وصي له فهو محسن ديانة متطوع حكما اه ملخصا من البحر لكن ذكر في التاترخانية في المسألة الأخيرة أنه كان طعاما لا ينفق سواء كان الصغير في حجره أو لا وإن كان دراهم يملك شراء الطعام لو في حجره وإن كان شيئا يحتاج إلى بيعه لا يملك إلا إن كان وصيا قوله (كما لا رجوع) أي للمودع على الأب بما أنفقه عليه إذا ضمنه الغائب لأن المودع ملك المدفوع بالضمان فكان مترعا بملك نفسه قال في البحر وظاهره أنه لا فرق بين أن ينفق عليهم أو يدفع إليهم في وجوب الضمان وعدم الرجوع عليهم لوجود العلة فيهما ويظهر أنه لا ضمان لو أجاز المالك لأن الإجازة إبراء منه ولأنها كالوكالة السابقة قوله (وكما لو انحصر إرثه إلخ) فإذا أنفق على أبي الغائب مثلا بلا أمر
694 ثم مات الغائب ولا وارث له غير الأب فلا رجوع للأب على المودع لأنه وصل إليه عين حقه وهذا ذكره في النهر بحثا وشبهه بما لو أطعم المغصوب للمالك بغير علمه قوله (لغائب) أي هو ولدهما قوله (أي جنس النفقة) الأنسب لتذكير الضمير قول المنح من جنس حقهما أي النفقة قوله (لوجوب نفقة الولاد والزوجية) أشار بهذا إلى أن الأبوين في لمتن ليس بقيد بل الزوجة وبقية الأولاد كذلك كما في البحر ح قوله (حتى لو ظفر) أي أحد هؤلاء قوله (فله أخذه) أي بلا قضاء ولا رضاء بحر وهذا مقيد بإباء الابن وأن لا يكون ثمة قاض كما سلف ط قوله (حكم الحاكم) كذا في بعض النسخ وفي بعضها حكم الحال أي حال لأب يوم الخصومة فإن كان معسرا فالقول له استحسانا في نفقة مثله وإلا فالقول للابن بحر قوله (ولو برهنا فبينه الابن) أي لأنه يثبت أمرا عارضا خانية أي لأن الأصل الإعسار واليسار عارض ومقتضى هذا الإطلاق أنه مع البينة لا ينظر إلى تحكيم الحال وإلا فهذا ظاهر فيما إذا كان معسرا يوم الخصومة لأن الظاهر للأب ولذا كان القول له فتكون البينة المعتبرة بينة الابن لإثباتها خلاف الظاهر أما لو كان موسرا يومها فينبغي أن تقدم بينة الأب على أنه كان معسرا يوم الإنفاق كما لو برهن وحده تأمل (قلت) وما مر أن القول المنكر اليسار والبينة لمدعيه فلعله عند عدم العلم بالحال تأمل قوله (غير الزوجة) يشمل الأصول والفروع والمحارم والمماليك قوله (زاد الزيلعي والصغير) يعني استثناه أيضا فلا تسقط نفقته المتقضي بها بمضي المدة كالزوجة بخلاف سائر الأقارب ثم اعلم أن ما ذكره الزيلعي نقله عن الذخيرة عن الحاوي في الفتاوي وأقره عليه في البحر والنهر وتبعهم الشارح مع أنه مخالف لإطلاق المتون والشروح وكافي الحاكم في مواضع لا يضمن فيها المنفق إذا قصد الإصلاح وفي الهداية ولو قضي القاضي للولد والوالدين وذوي الأرحام بالنفقة فمضت مدة سقطت لأن نفقة هؤلاء تجب كفاية للحاجة حتى لا تجب مع اليسار وقد حصلت بمضي المدة بخلاف نفقة الزوجة إذا قضي بها القاضي لأنها تجب مع يسارها فلا تسقط بحصول الاستغناء فيما مضى اه وقرر كلامه في فتح القدير ولم يعرج على ما مر عن الذخيرة على أنه في الذخيرة صرح بخلافه وعزاه إلى الكتاب فإن قال فيها قال أي في الكتاب وكذلك إن فرض القاضي على الأب فغاب الأب وتركهم بلا نفقة فاستدانت بأمر القاضي وأنفقت عليهم ترجع عليه بذلك فإن لم تستدن بعد الفرض وكانوا يأكلون من مسألة الناس لم ترجع على الأب بشئ لأنهم إذا سألوا وأعطوا صار ملكا لهم فوقع الاستغناء عن نفقة الأب واستحقاق هذه النفقة باعتبار الحاجة فإن كانوا أعطوا مقدار نصف الكفاية سقط نصف الكفاية عن الأب وتصح الاستدانة في
695 النصف بعد ذلك وعلى هذا القياس وليس هذا في حق الأولاد خاصة بل في نفقة جميع المحارم إذا أكلوا من مسألة الناس لا رجوع لهم لأن نفقة الأقارب لا تصير دينا بالقضاء بل تسقط بمضي المدة بخلاف نفقة الزوجة اه ومثله في شرح أدب القضاء للخصاف وذكر مثله قاضيخان جازما به وقد قال في أول كتابه إن ما فيه أقوال اقتصرت فيه على قول أو قولين قدمت ما هو الأظهر وافتتحت بما هو الأشهر وقد راجع الرحمتي نسخة من الذخيرة محرفة حتى اشتبه عليه ما مر بمسألة الموت الآتية وحكم على الزيلعي ومن تبعه بالوهم وقال لأن مراد الحاوي أن نفقة الصغير لا تسقط بعد الاستدانة وأطال بما لا يجدي نفعا والصواب في الرد على الزيلعي ما قدمناه قوله (وأما ما دون شهر) محترز قوله أي شهر فأكثر ووجهه أن المدة القصيرة وأن القاضي مأمور بالقضاء فلو سقطت المدة القصيرة لم يكن للأمر بالقضاء فائدة لأنه إذا كان كل ما مضى سقط لم يمكن استيفاء شئ كما في الفتح قوله (ونفقة الزوجة والصغير) محترز قوله غير الزوجة والصغير أما الصغير ففيه ما علمت وأما الزوجة فإنما تصير دينا بالقضاء ولا تسقط بمضي المدة لأن نفقتها لم تشرع لحاجتها كالأقارب بل لاحتباسها وقد علم من هذا أنها بعد القضاء لا تسقط بمضي المدة سواء كانت شهرا أو أكثر أو أقل نعم تسقط نفقتها بمضي المدة قبل القضاء إن كانت شهرا فأكثر كما قدمناه عند قول المصنف والنفقة لا تصير دينا إلا بالقضاء والحاصل أن نفقة الزوجة قبل القضاء كنفقة الأقارب بعد القضاء في أنها تسقط بمضي المدة الطويلة قوله (غير الزوجة) أما هي فترجع بما فرض لها ولو أكلت من مال نفسها أو من مسألة كما في الخانية وغيرها فاستدانتها بعد الفرض غير شرط نعم استدانتها للصغير شرط كما علمته مما مر ويأتي قوله (فلو لم يستدن) أفاد أن مجرد الأمر بالاستدانة لا يكفي وما فهمه بعضهم من عبارة الهداية فهو غلط كما نبه عليه في (أنفع الوسائل) قوله (بل في الذخيرة) هذا محل التفريع فكان المناسب أن يقول ففي الذخيرة إلخ وهذا أيضا فيما إذا فرض القاضي لهم النفقة وأمر الأم بالاستدانة كما علمته من كلام الذخيرة وأنت خبير بأن هذا مخالف لما قدمه عن الزيلعي من قوله والصغير كما نبهنا عليه آنفا فافهم قوله (أو أنفقت من مالها) هذا من كلام الخانية كما تعرفه وما قبله مذكور في الخانية أيضا وقوله رجعت بما زادت أي بما استدانته أو أنفقته من مالها لتكميل نفقتها وأفاد أن الإنفاق من مالها على الأولاد قائم مقام الاستدانة فهو تقييد لقوله فلو لم تستدن بالفعل فلا رجوع لكن هذا فهم لصاحب البحر وهو غير صحيح فإنه قال وفي الخانية رجل غاب ولم يترك لأولاده الصغار نفقة ولأمهم مال تجبر الأم على الإنفاق ثم ترجع بذلك على الزوج اه قال في البحر ولم يشترط الاستدانة ولا يأمر بها فيفرق بين ما إذا أنفقت عليهم من مالها وبين ما إذا أكلوا من المسألة اه قلت لا يخفي عليك أن ما في الخانية من مسائل أمر الأبعد بالإنفاق عند غيبة الأقرب وهي
696 كثيرة تقدمت في الفروع عن واقعات المفتين لقدري أفندي ففيها يأمر القاضي الأبعد ليرجع على الأقرب كالأم ليرجع على الأب فهو أمر بالإدانة ويحبس الممتنع عنها لأن هذا من المعروف كما قدمه عن الزيلعي والاختيار معي قول المصنف قضي بنفقة الإعسار فإذا كانت الأم موسرة تؤمر بالإدانة من مالها وإن كانت معسرة تؤمر بالاستدانة ففي كل منهما إذا أكل الأولاد من مسألة الناس سقطت نفقتهم عن أبيهم لحصول الاستغناء فلا ترجع الأم بشئ في الصورتين وأما إذا أمرت بالاستدانة ولم تستدن بل أنفقت من مالها فلا رجوع لها أيضا بمنزلة ما إذا أكلوا من المسألة لأنها لم تفعل ما أمرها به القاضي القائم مقام الغائب ولذا صرحوا باشتراط الاستدانة بالفعل ولم يكف مجرد الأمر بها خلافا لمن غلط فيه كما قدمناه عن أنفع الوسائل ويدل على أن إنفاقها لا يقوم مقام الاستدانة ما صرح به في البزازية بقوله وإن أنفقت عليه من مالها أو من مسألة الناس لا ترجع على الأب وكذا في نفقة المحارم اه فهذا صريح فيما قلناه وأشار إلى بعضه المقدسي والخير الرملي فافهم نعم لو أمرت بالإنفاق وهي موسرة فاستدانت وأنفقت منه ترجع لأن ما استدانته دين عليها لا على الأب لأنه لا يصير دينا على الأب إلا بالأمر بالاستدانة عليه لعموم ولاية القاضي فإذا كان دينا عليها صار من مالها فلا فرق بين الإنفاق منه أو من مال آخر بخلاف ما إذا أمرت بالاستدانة وأنفقت من مالها فإنها تكون متبرعة فاغتنم تحرير هذا المقام قوله (وينفق منها) الأولى منه أي مما استدانه قوله (لكن نظر فيه في النهر إلخ) قد يجاب عن البحر بأن المراد من قوله وينفق مما استدانه تحقيق الاستدانة فهو للاحتراز عما إذا لم يستدن وأنفق من ماله أو من صدقة ولذا قال في البحر بعد ذكر هذا الشرط قال في المبسوط فلو أنفق بعد يأمر بالاستدانة من ماله أو من صدقة لا رجوع له لعدم الحاجة وحينئذ فلا خلاف وسقط التنظير أفاده ط وحاصله أن الإنفاق مما استدانه غير شرط لكن قال الرحمتي لو أنفق من غيره فإما أن يكون من ماله فلا يستحق نفقة لغناه به أو من مال غيره فهو استدانة ويصدق أنه أنفق مما استدانه لكن صاحب النهر مولع بالاعتراض على أخيه في غير محله اه قلت لكن هذا ظاهر إذا كان قبل الاستدانة أما بعد أن استدان وصار ما استدانه دينا على المقضي عليه ثم تصدق عليه بشئ فهل تسقط نفقته عن قريبه لأنها تجب كفاية للحاجة وقد حصلت بما صار معه من الصدقة فليس له أن ينفق مما استدانه حتى ينفق ما معه ولذا لو دفع له القريب نفقة شهر قضى الشهر وبقي معه شئ لم يقض له بأخرى ما لم ينفق ما بقي أم لا تسقط لكون ما اساتدانه صار ملكه ولذا لو عجل له نفقة مدة فمات أحدهما قبل تمام المدة لا يسترد شئ منها اتفاقا كما في البدائع ونظيره ما مر في موت الزوجة أو طلاقها فما استدانه في حكم المعجل فيما يظهر فحيث ملكه فله أن ينفق منه أو من الصدقة لكن ليس له الاستدانة ثانيا ما لم يفرغ جميع ما معه لتتحقق الحاجة فالحاصل أنه إذا استدان بأمر قاض صار ملكه ولذا لو مات القريب بعدها يؤخذ من تركته ولا يسقط بالموت فلا فرق حينئذ بين أن ينفق منه أو مما ملكه بعد الاستدانة بصدقة أو غيرها هذا
697 ما ظهر لفهمي القاصر فتأمله قوله (أو من عليه النفقة) أي من بقية الأقارب فالأب غير قيد قوله (دين ثابت في تركته) فللأم أن تأخذها من تركته ذخيرة قوله (فتأمل) أي عند الفتوى ما هو الأولى من هذين القولين المصححين قلت لكن نقل الثاني في الذخيرة عن الخصاف الأول عن الأصل قال الخير الرملي وأنت على علم بأن تصحيح الخصاف لا يصادم تصحيح الأصل مع ما فيه من الإضرار بالنساء فينبغي أن يعول عليه اه أي على ما في الأصل للإمام محمد وفي شرح المقدسي ولو مات من عليه النفقة المستدانة بإذن لم تسقط في الصحيح فتؤخذ من تركته وإن صحح في الخلاصة خلافه اه ووفق ط بين القولين بما لا يظهر وعزا ما في المتن إلى الكنز والوقاية والإيضاح مع أنه غير واقع فإن مسألة الموت مما زادها المصنف على المتون تبعا لشيخه صاحب البحر فافهم قوله (وفي البدائع إلخ) تبع في النقل عنها صاحب البحر والنهر والذي رأيته في البدائع عكس ذلك فإنه قال ويحبس في نفقة الأقارب كالزوجات أما غير الأب فلا شك فيه وأما الأب فلأن في النفقة ضرورة دفع الهلاك عن الولد ولأنها تسقط بمضي الزمان فلو لم يحبس سقط حق الولد رأسا فكان في حبسه دفع الهلاك واستدراك الحق عن الفوات لأن حبسه يحمله على الأداء وهذا لم يوجد في سائر ديون الولد لأنها لا تفوت ولهذا قال أصحابنا إن الممتنع من القسم يضرب ولا يحبس بخلاف سائر الحقوق لأنه لا يمكن استدراك هذا الحق بالحبس لأنه يفوت بمضي الزمان فيستدرك بالضرب بخلاف سائر الحقوق اه ملخصا وبه علم أن ما ذكره هو حكم الممتنع عن القسم بين الزوجات وقدمنا عن الذخيرة لا يحبس والد وإن علا في دين ولده وإن سفل إلا في النفقة لأن فيه إتلاف الصغير وسيأتي في فصل الحبس التصريح بذلك وفي الكنز لا يحبس في دين ولده إلا إذا أبى عن الإنفاق عليه وذكر المصنف هنا مثله وعلى هذا فلا يصح أن يقال إنه يمكن أن يستدين بأمر القاضي فلا يلزم المحذور لأن الكلام في الممتنع من الإنفاق وهو شامل للإنفاق بالاستدانة فحبس لينفق من ماله أو ليستدين فافهم وقول البدائع فلو لم يحبس سقط حق الولد رأسا أي كله بخلاف ما إذا حبس فإنه إنما يسقط حقه في مدة الحبس فقط وفي هذا دليل على أن الصغير ليس في حكم الزوجة خلافا لما مر عن الزيلعي لو كان في حكمها لكان يمكن للقاضي أن يقضي عليه بالنفقة فلا يسقط منها شئ كسائر ديون الصغير قوله (وقيده) أي قيد عدم الحبس في نفقة القريب وهذا مبني على النقل الخطأ أما على الصواب الذي نقلناه فلا تقييد ثم قوله بما فوق الشهر حقه كما في ط أن يقال بالشهر فما فوقه لأن الذي لا يسقط هو القليل وهو ما دون شهر كما مر قوله (ولا يصح الأمر إلخ) في التاترخانية امرأة لها ابن صغير لا مال له ولا للمرأة فاستدانت وأنفقت على الصغير بأمر القاضي فبلغ لا ترجع عليه بذلك اه أي أمرها القاضي بأن تستدين وترجع عليه بعد بلوغه ما في البزازية
698 قال في المنح فقد أفاد أنه يملك الأمر بالاستدانة إلا إذا كان للصغير مال أو كان هناك من تجب نفقته عليه قوله (النفقة) أي على المولى ولو فقيرا قهستاني في نفقة المملوك قوله (لمملوكه) أي بقدر كفايته من غالب قوت البلد وإدامه وكذا الكسوة ولا يجوز الاقتصار فيها على ستر العورة ولا يلزم السيد إن تنعم على أن يدفع له مثله بل يستحب ولو قتر علي نفسه شحا أو رياضة لزمه الغالب في الأصح ويستحب التسوية بين عبيده وجواريه في الأصح ويزيد جارية الاستمتاع في الكسوة للعرف وعليه شراء ماء الطهارة لهم وينبغي أن يجلسه ليأكل معه ط ملخصا عن الهندية قوله (منفعة) تمييز محول عن نائب الفاعل وخرج به مالك لمنافعه دخل فيه المدبر وأم الولد فإنهما كالقن لو له كبيرا (1) ذكرا صحيحا ولو له أب حاضر ولو أمة متزوجة ما لم يبوئها منزل الزوج كما في البحر قوله (كموصي بخدمته) إلا إذا مرض مرضا يمنعه من الخدمة أو كان صغيرا لا يقدر على الخدمة فنفقته على الموصي له بالرقبة حتى يصح ويبلغ الخدمة نهر قوله (هو الصحيح) وقيل يرفع البائع الأمر إلى الحاكم فيأذن له في بيعه أو إجارته قنية وفيها أن نفقة المبيع بشرط الخيار على من له الملك في العبد وقت الوجوب وقيل على البائع وقيل يستدين فيرجع على من يصير له الملك كصدقة الفطر اه قوله (فينبغي أن تلزم المشتري) تتمة عبارة البحر هكذا وتكون تابعة للملك كالمرهون كما بحثه بعضهم كما في القنية أيضا اه ومثله في النهر والجواب أن المبيع باق في ضمان البائع واجب تسليمه كالمغصوب نفقته على الغاصب ولا ملك له فيه رقبة ولا منفعة ولأنه قبل القبض بفرض العود إلى ملكه إذا هلك ولذا يسقط العجلي رحمتي قوله (كمعين البناء) هو من يعجن له الطين ويناوله ما يبني به وهو تمثيل للصحيح غير العارف بصناعة قوله (وإلا) أي إن لم يكن له كسب قوله (أو جارية لا يؤجر مثلها) بأن كانت حسناء يخشى عليها الفتنة والحال أنها عاجزة عن الكسب حتى لو كانت الأمة قادرة عليه ومعروفة بذلك بأن كانت خبازة أو غسالة تؤمر به أيضا هكذا قال الإمام أبو بكر البلخي وأبو إسحاق الفقيه الحافظ هندية قال في الشرنبلالية فعلم أن الأنوثة هنا ليست إمارة العجز بخلافها في ذوي الأرحام اه وتمامه في ط وقدمنا هناك عن الرملي أن البنت لو كان لها كسب لا تلزم نفقتها الأب قوله (أمره القاضي) وإن امتنع حبسه كما في الدر المنتقى قلت فلو كان السيد غائبا هل يبيعه القاضي الظاهر نعم كما يأتي في العبد الوديعة وتقدم أنه لا يفرض له القاضي في مال سيده الغائب بخلاف الزوجة وقرابة الولاد قوله (وقالا يبيعه
(1) قوله: (وقوله كبيرا الخ) هكذا بالأصل المقابل على خطه، ولعل الظاهر اسقاط لفظ له ا ه مصححه. 699 القاضي) لأنهما يريان جواز البيع على الحر لأجل حق الغير وسيأتي في الحجر أن الفتوى عليه فأما الإمام فإنه لا يرى ذلك ولكن يحبسه نهر قوله (ألزم بالإنفاق) فإن غاب ولا مال له حاضر فالظاهر أن القاضي بأمره بالاستدانة على سيده إحياء لمهجته ويحتمل أن تلزم نفقته على بيت المال كالمعتق تأمل قوله (أو أخذ) أي ثوبا يكتسي به أم دراهم عمي بها قوله (وإلا) أي إن لم يكن عاجزا عن الكسب وأذن له فيه قوله (كما لو قتر) أي ضيق قوله (لا يأكل منه) أي من مال مولاه قوله (يجبران على نفقته) وكذا ولد أمة مشتركة ادعاه الشريكان وعليه إذا كبر نفقة كل واحد منهما ط عن الهندية ولو أثبت أحدهما الحق له لم يرجع عليه الآخر لتبرعه حيث تعرض لمال غيره أو لوجوبه عليه رحمتي قوله (لأنه مضمون عليه) فإنه لو تعيب عنده أو هلك يضمن للمالك إلى أن يرده عليه والرد واجب وإن كان المالك غائبا فما بقي عند الغاصب فهو متبرع بما ينفقه (ولكن إن خاف إلخ) بأن خاف هربه بالعبد أو نحوه قوله (أو آخذ الآبق) ما كان ينبغي ذكره على هذا الوجه لأن ذلك بحث لصاحب النهر حيث قال ونقلوا في آخذ الآبق إذا طلب من القاضي ذلك فإن رأى الإنفاق أصلح أمره وإن خاف أن تأكله النفقة أمره بالبيع فيقال إن أمره بالإجارة أصلح فلم لم يذكروه اه فالمنقول في حكمه مخالف للمودع والمشترك على أن الرملي وغيره أجاب بأن الآبق يخشى عليه الإباق ثانيا فالغالب انتفاء أصلحية إجارته للغير فلذا سكتوا عنه ثم بحث الرملي أن الحكم دائر مع الأصلحية حتى في المودع لو كان الأصلع الإنفاق عليه أمره به فلا فرق بينهما تأمل اه قال في البحر وكذلك أي كالبعد الآبق إذا وجد دابة ضالة في المصر أو في غير المصر قوله (أو أحد شريكي عبد إلخ) أي فيرفع الشريك الأمر إلى القاضي ويقيم البينة على ذلك والقاضي بالخيار في قبول هذه البينة وعدمه فإن قبلها فالحكم ما ذكر كما في البحر عن الخانية ويأتي ما إذا امتنع أحدهما عن الإنفاق قوله (ونحوها) وهو الآبق والمشترك قوله (لا يجيبه إلخ) ذكر في الذخيرة أن القاضي إن رأى الإنفاق أصلح أمره بذلك وكذلك في اللقيط واللقطة وبه علم أن المدار على الأصلحية قوله (والنفقة على الآجر والراهن) أي نفقة العبد المأجور والمرهون على مالكه والمستعار على المستعير لأنه يستوفي منفعته بلا عوض فهو محبوس في منفعته وقد مر أول الباب أن كل محبوس لمنفعه غيره تلزمه نفقته وما في البحر من قوله وكذا النفقة على الراهن والمودع فالظاهر أن المودع بكسر الدال اسم فاعل وإلا خالف ما
700 تقدم من القاضي يؤجره لينفق عليه أو يبيعه قوله (وأما كسوته فعلى المعير) لعل وجه الفرق بين نفقته وكسوته أن الطعام يستهلكه العبد في حال احتباسه في منفعة المستعير فلا يملكه المولى أما الكسوة فتبقى فلو لزمته كسوته صارت ملكا لمولى العبد والعارية تمليك المنفعة بلا عوض ففي إيجاب الكسوة عليه إيجاب العوض تأمل قوله (وتسقط بعتقه) أي إذا أعتق السيد عبده سقطت عنه نقفته قوله (وتلزم بيت المال) أي إذا كان عاجزا وليس له قريب ممن تلزمه نفقته قوله (أجبره القاضي) أي على الإنفاق عليها وهذا ذكره في المحيط وذكر الخصاف أن القاضي يقول للآبي إما أن تبيع نصيبك من الدابة أو تنفق عليها رعاية لجانب الشريك كذا في الفتح والبحر قوله (جوهرة) لم يذكر في الجوهرة مسألة الدابة المشتركة وإنما ذكر ما بعدها فالمناسب عزو ذلك للفتح أو البحر كما ذكرنا قوله (ويؤمر إلخ) المالك الذي لا شريك معه فهنا لا يجبر قضاء ما لو كان معه شريك فإنه يجبر رعاية لحق الشريك كما علمت قوله (لا قضاء) لأنها ليست من أهل الاستحقاق بخلاف العبد كما في الهداية قوله (والكمال) قال والحق ما عليه الجماعة لأن غاية ما فيه أن يتصور فيه دعوى حسبة فيجبر القاضي على ترك الواجب ولا بدع فيه وأقره في البحر والنهر والمنح قوله (ولا يجبر في غير الحيوان) أي كالدور والعقار والزرع قوله (ما لم يكن له شريك) أي فإن كان له شريك فإنه يجبر حيث لم تمكن القسمة ككرى نهر ومرمة قناة وبئر ودولاب وسفينة معيبة وحائط إلا إن كان يمكن قسمه من أساسه ويبني كل واحد في نصيبه السترة وسيأتي تمام الكلام عليه في آخر الدوري إن شاء الله تعالى قوله (كما مر) أي وكما ما مر آنفا في الدابة المشتركة من أنه يجبر الممتنع لئلا يتضرر شريكه قوله (أنفق الثاني ورجع عليه) هذا خلاف ما قدمه من أن حكمه حكم عبد الوديعة وأجاب ح بأن هذا متعنت في الامتناع بخلاف ما تقدم فإنه معذور بغيبته اه قلت لكن لا بد من إذن القاضي أو الشريك كما أفاده الشارح بعده وفي البزازية قال أحدهما ليس لي شئ أنفقه وأنفق الآخر على حصته يبيع الحاكم حصة الآبي ممن ينفق عليه فإن لم يجد استدان عليه فإن لم يجد أنفق من بيت المال فإن قال الشريك أنفق على حصته أيضا ويكون ذا دينا على المولى فعل لكن لا يجبر عليه فإن فضل عن قيمة العبد لا يكون على العبد بل على المولى اه قوله (والوديعة واللقطة) أي إذا أقام بينة على ذلك فإن شاء القاضي قبلها وأمره بالإنفاق إن كان أصلح وإلا أمره ببيعها كما في الذخيرة والأمر بالإنفاق يحتمل كونه من أجرتها أو من مال المأمور أيهما كان أصلح يأمره القاضي به كما علم مما مر قوله (إذا استرمت) أي احتاجت للإصلاح كأنها تطلبه وفي المصباح رممت الحائط وغيره رما من باب قتل أصلحته والله سبحانه وتعالى أعلم
701 العتق قوله (ميزت الإسقاطات إلخ) جمع إسقاط والمراد به ما وضعه الفاء لإسقاط حق للعبد على آخر وأشار إلى وجه مناسبة ذكر العتق عقب الطلاق وهو اشتراكهما في أن كلا منهما إسقاط الحق ربع الطلاق لمناسبة النكاح قوله (اختصارا) لأن أعتق أخصر من أسقط حقه عن مملوكه وكذا الباقي قوله (وعن الرق عتق) المناسب إعتاق لأن العتق قائم بالعبد والإعتاق وهو الإسقاط فعل المولى أفاده الرحمتي قال في المصباح ويتعدى بالهمزة فيقال أعتقته فهو معتق لا بنفسه فلا يقال عتقه ولا أعتق هو بالألف مبنيا للفاعل بل الثلاثي السري والرباعي متعد ولا يجوز عبد معتوق لأن مجئ مفعول من أفعلت شاذ مسموع لا يقاس عليه وهو عتيق فعيل بمعنى مفعول وجمعه عتقاء وأمة عتيق أيضا وربما قيل عتيقة وجمعه عتائق اه لكن قال في الفتح وقد يقال العتق بمعنى الإعتاق في الاستعمال الفقهي تجوزا باسم المسبب كقول محمد أنت طالق مع عتق مولاك إياك اه قوله (وعنون به إلخ) أي جعله عنوانا بضم العين وقد تكسر ما يستدل به على الشئ مصباح ومراده أن العتق صفة قائمة بمن كان رقيقا والإعتاق إيقاع العتق من المولى وليس في الاستيلاء وملك القريب إعتاق بل عتق فلذا عنون به لا بالإعتاق وقد يقال إن الاستيلاء والشراء فعلى المولى والجواب أن العتق حصل بموت سيد المستولدة وفي الشراء هو أثر الملك لا فعل منه قوله (لغة الخروج عن المملوكية) عزاه في البحر إلى ضياء الحلوم ورد به قولهم إنه في اللغة القوة وفي الشرع القوة الشرعية لأن أهل اللغة لم يقولوا ذلك واعترضه في النهر بأن ما رده نقله في المبسوط عليه جري كثير فبعد كون الناقل ثقة لا يلتفت إلى رد قلت وحقق في الفتح هذا المقام بما يشفي المرام قوله (ومصدره عتق وعتاق) وكذا عتاقة بفتح الأول فيهن والعتق بالكسر اسم منه مصباح ومثله في القهساني وما نقل عن (البحر) من أن الأول بالكسر والثاني بالفتح لم أجده فيه فافهم قوله (وشرعا عبارة عن إسقاط إلخ) المناسب عن سقوط لأن المحدث عنه العتق والإسقاط معنى الإعتاق كما علمت إلا أن يكون أطلق العتق على الإعتاق تجوزا كما مر والمراد بالوجه المخصوص ما استوفى ركنه وشروطه من قول أو فعل كملك القريب بشراء ونحوه فإن فيه إسقاطا معنى وإلا كان التعريف قاصرا فافهم وعرفه في الكنز وغيره بأنه إثبات القوة الشرعية للمملوك وهي قدرته على التصرفات الشرعية وأهليته للولايات والشهادات ورفع يطلق الغير عليه ثم أعلم أنه سيأتي في عتق البعض أن الإعتاق يتجزأ عنده لا عندهما ومبنى الخلاف على ما يوجبه الإعتاق أولا وبالذات فعنده زوال الملك ويتبعه زوال الرق لكن بعد زوال الملك عن الكل وعندهما زوال الرق ولا يخفي أن كلا من التعريفين يأتي على كل من القولين بأن يراد بالأول
702 إسقاط الملك أو إسقاط الرق وبالثاني إثبات القوة المستتبعة لزوال الملك أو زوال الرق فافهم قوله (يصير به المملوك من الأحرار) خرج به التدبير والكتابة قبل موت السيد وأداء النجوم فإن فيهما إسقاط البيع والهبة والوصية لكن لم يصر العبد بهما من الأحرار ط قوله (وركنه اللفظ الدال عليه) سواء كان إقرارا بالحرية أو ادعاء النسب أو لفظا إنشائيا والضمير يرجع إلى العتق سواء نشأ عن إعتاق أو لا ليصح قوله وملك قريب قوله (ودخول حربي إلخ) صورته اشترى حربي مستأمن عبدا مسلما فأدخله دار الحرب عتق عند مولانا الإمام رضي الله عنه وقال صاحباه لا يعتق ط وإنما عتق إقامة لتباين الدارين مقام الإعتاق وهذه إحدى مسائل تسع يعتق العبد فيها بلا إعتاق لأنه عتق حكمي كما سيأتي في الجهاد معي باب المستأمن إن شاء الله تعالى قوله (واجب لكفارة) أي كفارة قتل وظهار وإفطار ويمين وهل المراد بالواجب المصطلح عليه أو الافتراض ط قوله (بلا نية) أي نية قربة أو معصية ط قوله (لأنه ليس بعبادة) أي وضعا ويصير عبادة أو معصية بالنية كغيره من العبادات رحمتي قوله (لحديث عتق الأعضاء) هو ما رواه الستة عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله أيما مرئ مسلم أعتق مرأ مسلما استنقذ الله بكل عضو منه عضوا من النار وفي لفظ من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل عضو منها عضوا من أغصانه من النار حتى الفرج بالفرج وأخرج أبو داود وابن ماجة عنه أيما رجل مسلم أعتق رجلا مسلما كان فكاكه من النار وأيما آمرأة مسلمة أعتقت مرأة مسلمة كانت فكاكها من النار وروي أبو داود وأيما رجل أعتق مرأتين مسلمتين إلا كانتا فكاكه من النار يجزي مكان عظمين منهما عظما من عظامه وهذا دليل ما في الهداية من استحباب عتق الرجل الرجل والمرأة المرأة لأنه ظهر أن عتقه بعتق المرأتين بخلاف عتقه رجلا كذا في الفتح قوله (وهل يحصل ذلك) أي المندوب المترتب عليه النصارى المذكور مع النية من غير توقف على مادة العتق والبحث لصاحب النهر ط قوله (الظاهر نعم) لأن بالتدبير إعتاقا مالا وبشراء القريب إعتاقا وصلة وفي الحديث لن يجزي ولد والده إلا أن يجده رقيقا فيشتريه فيعتقه أي فيتسبب عن شرائه عتقه إذ هو لا يتأخر عنه رحمتي قوله (ومكروه لفلان) صرح في الفتح بأنه من المباح وكذا في البحر عن المحيط ثم قال في البحر ففرق بين الإعتاق لآدمي وبين الإعتاق للشيطان وعلل حرمة الإعتاق للشيطان بأنه قصد تعظيمه اه أي بخلاف قصد تعظيم فلان لأنه غير منهي تأمل قوله (وحرام بل كفر للشيطان) وكذا للصنم كما سيأتي ولعل وجه القول بأنه كفر هو ما سيذكره عن الجوهرة أن تعظيمهما دليل الكفر الباطل كالسجود للصنم ولو هزلا فيحكم بكفره وهذا كله إذا لم يقصد التقرب والعبادة وإلا فهو كفر بلا شبهة سواء كان لفلان أو للشيطان وذكر في فتح القدير أن من الإعتاق المحرم إذا غلب على ظنه أنه لو أعتقه يذهب إلى دار الحرب أو يرتد أو يخاف منه السرقة وقطع الطريق وينفذ عتقه مع تحريمه خرفا للظاهرية قال
703 وفي عتق العبد الذمي ما لم يخف منه ما ذكرنا أجر لتحصيل الجزية منه للمسلمين في البحر عن المحيط ويستحب أن يكتب للعتق كتابا ويشهد عليه شهودا توثيقا وصيانة عن التجاحد والتنازع فيه كما في المداينة بخلاف سائر التجارات لأنه مما يكثر وقوعها فالكتابة فيها تؤدي إلى الحرج ولا كذلك العتق قوله (ويصح من حر) فلا يصح من عبد ومكاتبا لمنعه عن التبرعات أو مأذونا لذلك ولعدم الملك ولذا قال في البحر لا حاجة إليه ذكر الملك قوله (مكلف) أي عاقل بالغ ومحترزه قوله لا من صبي إلخ ولم يشترط الإسلام لأنه يصح من الكافر ولو مرتدا أما إعتاق المرتد فموقوف عنده نافذ عندهما ولا قبول العبد لأنه غير شرط إلا في الإعتاق على مال كما سيذكره في بابه بحر ولا النطق باللسان لأنه يصح بالكتابة المستبينة والإشارة المفهمة بدائع أي من الأخرس قوله (ولو سكران أو مكرها إلخ) سيأتي في المتن التصريح بهذين لكن ذكرهما تتميما للتعميم فإنه أشار إلى أنه لا يشترط كونه صاحيا أو طائعا أو عامدا أو مريضا أو عالما بأنه مملوك لأن السكران بمحظور غير معذور فهو في حكم الصاحي في الأحكام والمكره اختار أيسر الأمرين فكان قاصدا له وإن عدم الرضا وما صح مع الهزل لا يؤثر فيه الإكراه لعدم توقفه على الرضا ولذا صح من المخطئ أيضا قوله (وأشار إلى المبيع) فيه اكتفاء والأصل أو إلى المغصوب قوله (عتق) أي إذا قال المشتري أم المالك أعتقته ويكون هذا بمنزلة القبض من المشتري فليزمه الثمن وبمنزلة القبض من المغصوب منه فلا يلزم الغاصب شئ سائحاني قوله (ومعتوه إلخ) تقديم في أول الطلاق بيان معانيها فراجعه قوله (ومجنون) أي في حال جنونه حتى لو كان يجن ويفيق فأعتق في حال إفاقته يصح قوله (أو قال وأنا حربي إلخ) كونه حربيا غير قيد بل يشترط كون العبد حربيا فإنه لا يعتق إلا بالتخلية بخلاف المسلم أو الذمي كما يذكره قوله (وقد علم ذلك) أي علم منه وقوع العته ونحوه وكونه في دار الحرب وأما الصبا والنوم فمعلومان قطعا لكن ينبغي تقييد تصديقه فيهما بما إذا لم يعلم ملكه له بعد صباه وبعد إفاقته من آخر نومة تأمل قوله (فالقول له) هل يحلف إذا طلب العبد تحليفه يحرر ط قلت كل من إذا أقر بشئ لزمه فإنه يحلف رجاء نكوله إلا في اثنين وخمسين تأتي معي البيوع ليست هذه منها قوله (في ملكه) خرج إعتاق غير المملوك ولا يرد عتق الفضولي المجاز كما توهمه في البحر لأن الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة نهر قوله (إذا ولدته لستة أشهر) أي من وقت العتق لعدم التيقن بوجوده بحر قوله (ولو بإضافة إليه) (1) أي بإضافة العتق إلى الملك وأشار إلى أن الشرط وجود الملك وقت وقع العتق فإن كان منجزا اشترط وجود الملك وقت
(1) قوله: (ولو بإضافة إليه) هكذا بخطه بغير ضمير. والذي في المتن (ولو بإضافته) بالضمير، وهو الذي يشير إليه تفسيره بقوله اي بإضافة العتق الخ تأمل ا ه مصححه. 704 التنجيز لأنه وقت الوقوع وإن كان معلقا بالملك أو سببه اشترط تحقق ذلك فينزل الجزاء وقت الملك والحاصل كما في البحر أنه إذا علق بالملك أو بسببه كالشراء لا يشترط تحقق الملك وقت التعليق وإن علق بغيرهما كدخول الدار اشترط وجود الملك وقت التعليق ووقت نزول الجزاء ولا يشترط وجود الملك فيما بينهما قوله (بخلاف إلخ) محترز الإضافة إلى سبب الملك لأن موت المورث ليس سببا للملك لأنه قد يخرج من ملك المورث قبل موته وإن بقي فقد يوجد مانع من الإرث كقتل وردة نعم إذا قال إن ورثتك فهو مثل إن اشتريتك وهذا إذا كان الخطاب لعبد المورث أما إذا قال لعبده إن مات ليس سببا مساويا بل قد يكون وقد لا يكون كما قلنا فهو وكما ما قدمه الشارح في أول باب التعليق لو قال كل امرأة أجتمع معها في فراش فهي طالق فتزوج لم تطلق وكذا كل جارية أطؤها فهي حرة فاشترى جارية فوطئها لم تعتق أي لأن الاجتماع في فراش لا يلزم كونه عن نكاح كما أن وطء الجارية لا يلزم كونه ملك فلم توجد الإضافة إلى سبب الملك قوله (فمات الأب) أي ولم يترك وارثا غيره أو ترك بالأولى ط قوله (وكأنه إلخ) التوجيه لصاحب النهر وتوضيحه أن العتق معلق بالموت وحين الموت لم تكن في ملكه فلا تعتق لأن لملك ينتقل إليه عقبه والمعلق بشئ وهو العتق هنا يقع بعد وجود ذلك الشئ وهو الموت فصار كل من الملك والعتق حاصلا عقب الموت في آن واحد شرط العتق وقوعه على مملوك وهي لم تصر مملوكة إلا مع وجود العتق فلم يوجد شرطه قبله فلم يقع وكذا الطلاق معلق على الموت فحقه أن يوجد عقبه لكن وجد الملك عقب الموت أيضا وانفسخ به النكاح فلا يقع الطلاق لأنه وجد في وقت انفساخ النكاح كما في أنت طالق مع موتي أو موتك فالعتق والطلاق ثبت الملك مقارنا لهما ولا بد من سبقه عليهما حتى يقعا ولم يوجد فلذا لم تطلق ولم تعتق فله وطؤها بملك اليمين ولو أعتقها ثم تزوجها ملك عليها ثلاثا لعدم وقوع الطلقتين المعلقتين أفاده الرحمتي قوله (بالموت) متعلق بثبت والباء للسببية ح قوله (فتأمل) أشار به إلى دقة تعليل المسألة ح قوله (بصريحه) متعلق بيصح وصريحه كما في الإيضاح وغيره ما وضع له وقد استعمل الشرع والعرف واللغة هذه الألفاظ في ذلك فكانت حقائق شرعية على وفق اللغة فيها وتمامه في الفتح قوله (بلا نية) أي بلا توقف على نيته فيقع به نواه أو لم ينو شيئا وكذا لو نوى غيره في القضاء أما فيما بينه وبين الله تعالى فلا يقع كما لو قال نويت بالمولى الناصر وإن نوى الهزل وقع قضاء وديانة كما يقتضيه كلام محمد وتمامه في الفتح وفي البحر عن الخانية لو قال أردت به اللعب يعتق قضاء وديانة قوله (كأنت حر) أي بفتح التاء وكسرها لكل من اللعب والأمة كما يذكره عن الخانية
705 الفقهاء لا يعتبرون الإعراب قال القهستاني وفي حروف المعاني من الكشف أن الفقهاء لا يعتبرون الإعراب ألا ترى أنه لو قال لرجل زنيت بكسر التاء أو لامرأة بفتحها وجب عليه حد القذف قوله (أو عتق) يحتمل قراءته بكسر التاء صيغة مبالغة فيناسب وما قبله وما بعده ويحتمل السكون مصدرا فإنه من الصريح كما سيصرح به وجزم به في الفتح خلافا لما في جوامع الفقه من أنه لا يعتق إلا بالنية في أنت عتق أو إعتاق ففي البحر والنهر أنه ضعيف قوله (كان كناية) فيتوقف على النية ولذا قال في الخانية لو قال حر فقيل له لمن عنيت فقال عبدي عتق عبده بحر قلت لكن هذه النية ليست نية معنى العتق بل نية العبد لأن المبتدأ المحذوف لما احتمل أن يكون تقديره عبدي وأن يكون عبد فلان مثلا توقف إعتاق عبده على قصده إياه لا على قصده معنى التحرير الشرعي وفي كون ذلك كناية نظر تأمل قوله (أو أخبر) عطف على قوله وصفه به أي أتى بصيغة الخبر الموضوعة للإنشاء لأن الكلام في الصريح وهو ما وضع له ما مر قوله (في الأصح) لأن المعنى أعتقك الله لأني أعتقتك وعن هذا أفتى قارئ الهداية وغيره في أبرأك الله أنه يبرأ ولا سيما والعرف يساعده كما قدمناه في الخلع ومقابل الأصح ما قيل إنه إنما يعتق بالنية كما حكاه في الفتح قوله (أو هو مولاي) فإنه ملحق بالصريح لأنه وإن كان يأتي لمعان أوصلها ابن الأثير إلى نيف وعشرين كالناصر وابن العم والمعتق بالكسر والمعتق بالفتح إلا أن إضافته للعبد تعين الأخير وهو الأصح وقيل لا يعتق إلا النية وأيده الإتقاني في غاية البيان ورده المحقق ابن الهمام كما بسطه في البحر وفيه عن الظهيرية وغيرها لو قال أت مولى فلان عتق قضاء كانت عتيق فلان بخلاف أعتقك فلان قوله (أو نادى) عطف على قوله وصفه ط لأن النداء لإحضار المنادي فإذا ناداه بوصف يملك إنشاءه كان تحقيقا لذلك الوصف درر قوله (نحو يا مولاي) قيد به لأنه لا يعتق بيا سيدي أو يا سيد أو يا مالكي إلا بالنية لأنه قد يذكر على وجه التعظيم والإكرام بحر أي وحقيقته كذب بخلاف يا مولاي وفي النهر وقيل يعتق والأصح لا ما لم ينو قوله (في الأصح) أي أنه لا يعتق حكي عن أبي القاسم الصفار أنه سئل عن رجل جاءت جاريته بسراج فوقفت بين يديه فقال لها ما أصنع بالسراج فوجهك أضوأ من السراج يا من أنا عبدك قال هذه كلمة لطف لا تعتق بها هذا إذا لم ينو العتق فإن نوى عن محمد فيه روايتان خانية قوله (دين) أي فيما بينه وبين ربه تعالى أما القاضي فلا يصدقه وكذا لو صرح بقوله من هذا العمل كما يذكره قريبا وهذا بخلاف ما لو أراد الهزل أو اللعب فإنه لا يدين أيضا كما قدمناه ووجهه أنه قصد التلفظ بما هو موضوع للعتق ولم يرد به معنى آخر فتعين المعنى الموضوع وإن لم يقصده أما هنا فقد أراد به معنى آخر يصلح له اللفظ فصح قصده ديانة لكنه خلاف الظاهر فلذا لم يصدق قضاء وفي التاترخانية عن المنتقى له عند حل دمه بالقصاص فقال له أعتقتك ثم قال نويت به العتق عن الدم عتق قضاء ولزمه العفو
706 بإقراره وإن لم ينو لم يلزمه العفو ولو أعتقه لوجه الله تعالى عن القصاص كان كما قال ولو كان له على رجل قصاص فقال أعتقتك فهو عفو قياسا واستحسانا قوله (إلا إذا سماه) لأن مراده الإعلان باسم علمه هداية قوله (وأشهد) أي على أنه سماه بذلك وهذا إذا لم يكن معروفا به عند الناس فلو معروفا به لا يعتق كما في البحر عن المبسوطة قوله (وكذا في الطلاق) رد على ما في التنقيح فرق حيث بين هذا وبين ما لو سمى المرة بطالق حيث يقع إذا ناداها لأنه عهد التسمية بحر كالحر بن قيس بخلاف طالق فإنه لم تعهد التسمية به قال في البحر وفي أكثر الكتب لم يفرق بينهما لأن العلم لم يشترط فيه أن يكون معهودا والكلام فيما إذا أشهد وقت التسمية فيهما فالظاهر عدم الفرق اه والظاهر أن ما في التنقيح مبنى على عدم اشتراط الإشهاد أو الشهرة فيهما قوله (بمرادفه بالعجمية) أي بلفظه الأعجمي وليس احترازا عن مرادفه العربي كيا عتيق كما يدل عليه التعليل قوله (كيا أزاد) بفتح الهمزة وبالزاي المعجمة بعدها ألف ثم دال الركعة ساكنة ح قوله (لعدم العلمية) لأن العلمية بصيغة حر أو أزاد لا بالمعنى فيعتبر إخبارا عن الوصف لا طلبا لإقبال الذات قوله (ونحوهما) مما يعبر به عن البدن كالفرج للعبد والأمة بخلاف الذكر في ظاهر الرواية خانية وكذا رقبتك أو بدنك أو بدنك كبدن حر قوله (كثلثه) ولو قال سهم منك حر عتق سدس ولو قال جزء أو شئ يعتق منه ما شاء المولى في قوله بحر عن الخانية قوله (لتجزيه عند الإمام) أشار إلى الفرق بينه وبين الطلاق فإنه لا يتجزأ اتفاقا فذكر بعضه كذكر كله فما في غاية البيان من التسوية بينهما سهو بحر ولعله بنى التسوية على قولهما قوله (ومن الصريح إلخ) لأن الفقهاء لا يعتبرون الإعراب كما مر آنفا قوله (ومنه وهبتك أو بعتك نفسك) زاد في الخانية تصدقت بنفسك عليك فقيل إن هذه الثلاثة ملحقة بالصريح وقيل إنها كناية وهما مبنيان على أن الصريح يخص الوضعي والحق أنها صرائح حقيقة كما قال به جماعة لأنه لا يخص الوضعي واختاره المحقق ابن الهمام بحر قوله (فيعتق مطلقا) أي سواء قبل أو لا نوى أو لا لأن الإيجاب من الواهب والبائع إزالة الملك وإنما الحاجة إلى القبول من الموهوب له والمشتري لثبوت الملك لهما وهنا لا يثبت الملك للعبد في نفسه لأنه لا يصح مملوكا لنفسه فبقي البيع والهبة إزالة الملك عن الرقيق لا إلى أحد وهذا معنى الإعتاق بحر عن البدائع قوله (توقف على القبول) أي في المجلس لأنه مبادلة كما سيأتي في بابه قوله (لجواز وجوبه لكفارة ظهيرية) تمام عبارة الظهيرية هكذا بخلاف طلاقك علي واجب لأن نفس الطلاق غير واجب وإنما يجب حكمه وحكمه وقوعه أما العتق فجاز أن يكون واجبا اه أي فإذا صرح بالوجوب في العتق لم ينو العتق صدق لأنه محتل كلامه واعترض الرحمتي بأن على تفيد اللزوم فينبغي اشتراط النية وإن لم يصرح بالوجوب اه
707 قلت لا يخفي أن الوجوب أو اللزوم عامل خاص فلا يتعلق به لفظ على بدون قرينة بل يتعلق بالاستقرار العام والحصول فيدل على ثبوته في الحال تأمل واعترض الرملي قوله لأن نفس الطلاق غير واجب بأنه ممنوع لأنه قد يجب عند عدم الإمساك بالمعروف ولو سلم فلا يلزم وجوبه الجوزي في الخارج قوله (لم يعتق) في النهر عن المحيط يعتق وكأنه تحريف فقد رأيت في الذخيرة البرهانية لصاحب المحيط مثل ما هنا وفرق يبن العتق والنسب حيث يثبت أن العتق يفتقر إلى العبارة ولا تقوم الإشارة مقام العبارة حالة القدرة والنسب لا يفتقر إلى العبارة وسيأتي في أوائل كتاب الإقرار متنا ما نصه والإيماء بالرأس من الناطق ليس بإقرار بمال وعتق وطلاق وبيع ونكاح وإجارة وهبة بخلاف إفتاء ونسب وإسلام وكفر إلخ وفي الجوهرة ولو قال العبد لمولاه وهو مريض أنا حر فحرك رأسه أي نعم لا يعتق اه وأما ما قدمناه عن البدائع من أنه يصح بالإشارة المفهمة فهو أمرهم على الأخرس وتقدم الكلام على ذلك في أوائل كتاب الطلاق قوله (ولو زاد من هذا العمل إلخ) كان الأولى ذكره عقب قوله لو قال أردت الكذب أو حريته من العمل دين قال في البدائع ولو قال أنت حر من عمل كذا أو أنت حر اليوم من هذا العمل عتق في القضاء لأن العتق بالنسبة إلى الأعمال لا يتجزأ فكان إعتاقا عن الأعمال وفي الأزمان جميعا ونية البعض خلاف الظاهر فلا يصدقه القاضي قوله (عتق المجيب) لأنه المخاطب بالإعتاق قوله (عتقا قضاء) أما ديانة فالذي ناداه فقط ولو قال يا سالم أنت حر فإذا عبد آخر له أو لغيره عتق سالم لأنه لا مخاطبة هنا إلا له فينصرف إليه بحر عن البدائع قوله (عتق قضاء) أي لا ديانة لعدم القصد ط قوله (لا يعتق) لأنه على معنى التشبيه كما لو قال مثل رأس حر فإنه لا يعتق كما في الهندية عن السراج قوله (لأنه وصف) أي للرأس بالحرية والرأس مما يعبر به عن الكل فكأنه قال أنت حر ط في كنايات الإعتاق قوله (وبكنايته إن نوى) قال الحموي ثبت في الأصول أن الشرط في الكناية النية أو ما يقوم مقامها من دلالة الحال ليزول ما فيها من الاشتباه اه ط قوله (للاحتمال) لأن نفي الملك وما بعده جاز أن يكون بالبيع والكتابة كما جاز أن يكون بالعتق ونفي السبيل يحتمل أن يكون عن العقوبة واللوم لكمال الرضا وأن يكون للعتق فيؤول إلى معنى لا ملك لي عليك إذ هو الطريق إلى نفاذ التصرف نهر قوله (قد أطلقتك) بهمز في أوله من الإطلاق وهو رفع القيد بخلافه بدون همز فإنه ليس بصريح ولا كناية فلا يقع به أصلا كما يأتي قوله (وأنت أعتق) فيه حذف دل عليه ما بعده والتقدير وأنت أعتق من فلانة وهي معتقة ح
708 فإن قيل إنما كان أعتق وأطلق كناية لاحتماله أقدم في ملكي وأطلق يدا فيقال إن مثله عتيق فالجواب أن المتبادر في عتيق إرادة التحرير بخلاف أعتق وأطلق لعدم احتمال العتق والطلاق للتفاضل الذي هو أصل أفعل التفضيل رحمتي قوله (كتهجيمها) أي تهجي ألفاظ الطلاق والعتق قال في الذخيرة وعن أبي يوسف فيمن قال لأمته ألف نون تاء حاء راء هاء أو قال لامرأته ألف نون تاء طاء ألف لام قاف إنه إن نوي الطلاق والعتاق تطلق المرأة وتعتق الأمة وهذا بمنزلة الكتابة لأن هذه الحروف فهم منها ما هو المفهوم من صريح الكلام إلا أنها لا تستعمل كذلك فصار كالكناية في الافتقار إلى نية اه قوله (وفي الخلاصة) عبارتها لو قال لعبده أنت غير مملوك لا يعتق لكن ليس له أن يدعيه بعد ذلك ولا أن يستخدمه فإن مات لا يرثه بالولاء فإن قال المملوك بعد ذلك أنا مملوك له فصدقه كان مملوكا ظاهرا وكذا لو قال ليس هذا بعبدي لا يعتق اه قلت وذكر في الذخيرة المسألة الأولى ثم ذكر الثانية بعبارة فارسية ثم قال في جوابها يعتق في القضاء لأنه أقر بالعتق والصحيح أنه لا يعتق بدون النية عند أبي حنيفة كما في قوله ليست بامرأتي لأنه ليس من ضرورة أن لا يكون عبدا له أن يكون حرا ويؤيد هذا القول المسألة الأولى اه وحاصله أن اللفظ في المسألتين كناية فإن نوى عتق فيهما وإلا فلا لكن ليس له أن يدعيه لنفاذ إقراره على نفسه ولهذا قال في البحر وظاهره أنه لا يكون حرا ظاهرا معتقا فتكون أحكامه أحكام الأحرار حتى يأتي من يدعيه ويثبت فيكون ملكا له اه قوله (وقاس عليه إلخ) أي جعله في حكم مسألة الخلاصة وهو أنه إذا لم ينو العتق ليس له أن يدعيه لإقراره بعدم الملك قوله (نازعه في النهر) حيث قال وعندي أن هذه المسألة أي مسألة الخلاصة مغايرة لمسألة الكتاب أي قوله لا ملك لي عليك وذلك أنه في مسألة الكتاب إنما أقر بأنه لا ملك له فيه وهذا لا ينافي ملكا لغيره ومسألة الخلاصة موضوعها أقداره بأنه غير مملوك أصلا إما لعتقه له أو لحريته الأصلية فتنبه لهذا فإنه مهم اه قال ح قلت والذي يظهر بأدنى تأمل أن الحل مع صاحب البحر فإن الفرق الذي أبداه في النهر غير مؤثر فإنه إذا نفي ملكه عنه وليس هناك من يدعيه ساوى من قيل له أنت غير مملوك ويدل لما قلنا تسوية صاحب الخلاصة بين قوله أنت غير مملوك وبين قوله ليس هذا بعبدي تأمل اه قلت والحاصل أن كلا من مسألة الكتاب ومسألتي الخلاصة كناية في العتق فلا بد له من النية وقد نص في مسألتي الخلاصة على أنه إذا لم يعتق أي عدم النية ليس له أن يدعيه أي لإقراره على نفسه بأنه غير مملوك وأنه ليس عبده وهذا موجود في مسألة الكتاب أيضا فينبغي منع دعواه فيها أيضا ولا فرق في صحة إقراره على نفسه بين نفيه عن نفسه فقط أو عنه وعن غيره بل نفيه عن غيره لا فائدة فيه لأنه لا ولاية له على غيره في ذلك فافهم قوله (أو بنتي) أي أو هذه
709 بنتي ولا يصح أن يكون التقدير أو هذا بنتي لما سيأتي أنه كناية وكلامه الآن في الصريح ولو قال أو هذه بنتي لكان أولى ح وقوله إنه كناية فهو كلام يأتي قوله (وإن لم يصلحوا لذلك) أي للأبوة والجدودة والأمومة قوله (لذا جاء بالباء إلخ) أي إن قول المصنف وبهذا مشهور بإعادة الباء الجارة ليفيد أنه عطف على قوله وبكنايته مقابل له لو حذف الباء لأوهم أنه عطف على أمثلة الكناية مع أنه من أمثلة الصريح وإنما أخره وذكره بعد ألفاظ الكناية لما فيه من التفصيل المفاد بقوله فإن صلحوا إلخ قوله (فإن صلحوا) حاصله أن هذا مشهور على وجهين إما أن يصلح ابنا له بأن كان مثله يولد له أو لا وكل منهما إما أن يكون العبد مجهول النسب أو لا فإن صلح وهو مجهول عتق وثبت نسبه منه إجماعا وإن كان معروف النسب لا يثبت منه بلا شك لن يعتق عندنا وإن لم يصلح ولدا لله فكذلك عند الإمام وعندهما لا يعتق وكذلك الكلام في هذا أبي أو أمي فإن صلح أبا له أو أما وليس للقائل أب أو أم معروف ثبت النسب العتق بلا خلاف وإن صلح وله أب معروف لا يثبت النسب ويعتق عندنا وإن لم يصلح لا يثبت النسب ولكن يعتق عنده لا عندهما ولو قال لصغير هذا جدي فقيل هو على الخلاف وهو الأصح لأنه وصفه بصفة من يعتق عليه بملكه كما في البحر قوله (في مولدهم) قال في القنية مجهول النسب الذي يذكر في الكتاب هو الذي لا يعرف نسبه في البلدة التي هو فيها اه ومختار المحققين من شراح الهداية وغيرهم أنه الذي يعرف نسبه في مولده ومسقط رأسه وتمامه في الدرر قوله (وليس للقائل أب معروف) أراد بالأب الأصل فيشمل الجد والأم قال ط وهذا يغني عن قوله وجهل نسبهم قوله (فيعتق فقط) أي بلا ثبوت نسب لأن العتق باعتبار الجزئية والزنا ينفي النسبة الشرعية لا الجزئية قوله (وهل يشترط) أي في ثبوت النسب تصديق العبد للسيد فقيل لا لأن إقرار السيد على مملوكه يصح بلا تصديق وقيل يشترط فيما سوى دعوى النبوة لأن فيه حمل النسب على الغير زيلعي قلت ومشى في كافي الحاكم على الثاني حيث قال في مسألة الأب والأم وصدقا في ذلك ولم يذكر ذلك في مسألة الابن قوله (ولا تصير أمه أم ولد) قال في الفتح القدير ثم إذا قال هذا مشهور هل تصير أمه أم ولد له إذا كانت في ملكه فقيل لا سواء كان الولد مجهول النسب أو معروفه وقيل تصير في الوجهين وقيل إن كان معروف النسب حتى لم يثبت نسبه منه لا تصير أم ولد له وإن كان مجهوله حتى يثبت نسبه منه صارت أم ولد له وهذا أعدل اه وبه علم ما في كلام الشارح من الإطلاق في محل التفصيل فافهم قوله (افتقر للنية) فيه نظر ففي المجتبى قال لغلامه هذه بنتي أو لجاريته هذا مشهور يعتق عندهما خلافا لأبي حنيفة وقيل لا يعتق عند الكل وهو الأظهر اه ومثله في الذخيرة والقهستاني وقال في النهر قال في المجتبى والأظهر أنه لا يعتق يعني إلا بالنية ويدل عليه ما مر من أنه لو قال لعبده أنت حرة أو لأمته أنت حر في بعض
710 المواضع أنه صريح وفي بعضها كناية اه فقوله يعني إلا بالنية إلخ ليس من كلام المجتبى كما علمت وفيه نظر وما استدل به يدل له لجواز كون التأنيث في قوله للعبد أنت حرة باعتبار كونه ذاتا أو جثة أو نسمة والتذكير في قوله للأمة أنت حر باعتبار كونها شخصا أو خلقا بخلاف إطلاق البنت على الابن وعكسه لما في الفتح القدير حيث قال في تعليل المسألة لأن الأول مجاز عن عتق في الذكر والثاني عنه في الأنثى فانتفى حقيقته لانتفاء محل ينزل فيه ولا يتجوز في لفظ الابن في البنت وعكسه اتفاقا ثم قال وما ذكره المصنف يعني صاحب الهداية بيان لتعذر عتقه بطريق آخر وهو أنه إذا اجتمعت الإشارة والتسمية والمسمى من جنس المشار تعلق بالمشار وإن كان من خلاف جنسه يتعلق بالمسمى والمشار إليه هنا مع المسمى جنسان لأن الذكر والأنثى في الإنسان جنسان لاختلاف المقاصد فيلزم أن يتعلق الحكم بالمسمى حنث مسمى بنت وهو معدوم لأن الثابت ذكر اه فأنت ترى أن مقتضى التعليل بهذين الوجهين كون الكلام لغوا لا يتعلق به حكم سواء نوى أو لا ويظهر من هذا أنه لا فرق بين قوله للعبد هذا بنتي أو هذه بنتي بتذكير اسم الإشارة أو تأنيثه لأن اللغو جاء من إطلاق البنت على الابن حيث لا يستعمل أحدهما في الآخر حقيقة ولا مجازا ومن كونه خلاف جنس المشار إليه كما لو باع فصا على أنه ياقوت فإذا هو زجاج فالبيع باطل ويدل لما قلنا أنه في متن المنتقى عبر يقوله هذا ابنتي قوله (عتق) أي بلا خلاف فتح وينبغي توقفه على النية تأمل قوله (وأخي لا) أي وفي قوله هذا أخي لا يعتق بدون نية قال في النهر وفرق في البدائع بأن الأخوة تحتمل الإكرام والنسب بخلاف العم لأنه لا يستعمل للإكرام عادة وهذا كله إذا اقتصر فلو قال أخي من أبي أو من أمي أو من النسب فإنه يعتق كما في الفتح وغيره ولا يخفي أنه إذا اقتصر يكون من الكنايات فيعتق بالنية اه قوله (لا يعتق بيا مشهور ويا أخي) أي بدون نية كما يأتي قال في الدر المنتقى وعنه أنه يعتق والظاهر الأول لأن المقصود بالنداء استحضار المنادي فإن كان بوصف يمكن إثباته من جهته نحو يا حر كان لإثياب ذلك الوصف وإن لم يكن كالنبوة كان لمجرد الإعلام قال في الفتح وينبغي أن يكون محل المسألة ما إذا كان العبد معروف النسب وإلا فهو مشكل إذ يجب أن يثبت النسب تصديقا له فيعتق اه ولو قال يا أخي من أمي أو من أبي أو من النسب عتق كما مر اه قوله (ولا سلطان لي عليك) لأن السلطان عبارة عن الحجة واليد ونفي كل منهما لا يستدعي نفي الملك كالمكاتب يثبت للمولى فيه الملك دون اليد قوله (بخلا ف عكسه) وهو وقوع الطلاق بألفاظ العتق لأن إزالة ملك الرقبة تستلزم إزالة ملك المتعة بلا عكس درر قوله (كما مر) أي في أوائل الطلاق قوله (قيد للأخيرة) يعني أن قوله وإن نوى راجع إلى المسألة الأخيرة وهي ألفاظ الطلاق أما الأولى وهي مسألة النداء والثانية وهي مسألة نفي السلطان فيتوقف وقوع العتق فيهما على النية فهما من كناياته قوله (كما نقله ولا دابة) أي عن غاية البيان وكذا نقله في البحر عنها عن التحفة وقال فحينئذ لا ينبغي الجمع بين هذه المسائل في حكم واحد وأقره في النهر أيضا
711 قلت بل على ما مر من بحث الفتح ينبغي أن يثبت العتق بلا نية إذا كان مجهول النسب قوله (كما رجحه دابة) ونقله أيضا عن بعض المشايخ وبه قال الأئمة الثلاثة إذ لا يظهر فرق بينه وبين لا سبيل وعن الإمام الكرخي فني عمري ولم يتضح لي الفرق بينهما ثم قال دابة بعد تقرير عدم الفرق والذي يقتضيه النظر كونه من الكنايات قوله (وأقره في البحر) وكذا في النهر والشرنبلالية والمقدسي قوله (يعتق بالنية) الأولى لا يعتق إلا بالنية قوله (ذكره ولا دابة وغيره) أي ذكر اشتراط النية للعتق ومثله في البحر عن الزيلعي وغاية البيان وعزاه في النهر إلى العناية عن المبسوط قوله (إلا في قوله إلخ) استثناء من قوله بألفاظ الطلاق وزاد قوله أطلقتك مع أنه قدمه المصنف لتكميل ما استثنى ولكن استثناء الأمر باليد والاختيار منقطع لأنهما من كنايات التفويض لا كنايات الطلاق قوله (أو اختاري) عزاه في البحر والنهر إلى البدائع قلت وهو خلاف المذهب ففي الذخيرة قال محمد في الأصل إذا قال الرجل لأمته أمرك بيدك ينوي به العتق يصير العتق بيدها حتى لو أعتقت نفسها في المجلس جاز ولو قال لها اختاري ينوي العتق لا يصير العتق في يدها فقد فرق بين الأمر باليد وبين قوله اختاري في العتق وسوى بينهما في الطلاق اه كلام الذخيرة وكذا صرح في الفتح بأنه لو قال لها اختاري اختارت نفسها لا يثبت العتق وإن نواه اه وصرح بذلك أيضا في كافي الحاكم بلا حكاية خلاف وأنت خبير بأن ما في الأصل والكافي هو نص المذهب فلا يعدل عنه ولم أر من نبه على ذلك فاغتنمه قوله (ولا بدع) أي ليس ذلك أمرا منفردا خرجا عن نظائره وهو جواب عن قوله فهو من كنايات العتق أيضا أي كما أنه من كنايات الطلاق لأنه لما احتمل العتق وغيره كان من كناياته أيضا قوله (ويتوقف) أي العتق في أمرك بيدك واختاري بخلاف أطلقتك فإنه لا تمليك فيه حتى يتوقف قوله (وإن لم يحتج للنية) لأنه صريح حيث ذكر لفظ العتق ح قوله (لأنه تمليك) تعليل للتشبيه أي وكذا اختر العتق يتوقف على المجلس لأنه تمليك ح أو هو علة لقوله يتوقف قوله (وإن نوى) لأنه من كنايات الطلاق المختصة به ح قوله (لكن يكفر بوطئها) لأن تحريم أسمع يمين فكأنه قال الله لا أطؤك ح قوله (بقوله عبدي أو حماري) يعي جمع بين هذين اللفظين وقوله أو جداري أي بدل حماري وهذا عنده وقال لا يصح وبيانه في الزيلعي ط قوله (الحية) نعت لامرته وأمته وأفرده لكون العطف بأو وقوله والميتة بمعنى وامرأته أو أمته الميتة فهو مقابل مدخول بين قوله (جوهرة) ونصها ولو جمع بين عبد وبين ما لا يقع عليه العتق كالبهيمة والحائط والسارية فقال عبدي حر أو هذا أو قال أحدكما عتق العبد عند أبي حنيفة وعندهما لا يعتق وإن قال
712 لعبده أنت حر أولا لا يعتق إجماعا وإن قال لعبده وعبد غيره أحدكما لم يعتق عبده إجماعا إلا بالنية لأن عبد الغير لا يوصف بالحرية إلا من جهة مولاه وقد يجوز أن يكون أوقع حرية موقوفة على إجازة المولى كذا إذا جمع بين أمة حية وأمة ميتة فقال أنت حرة أو هذه أو إحداكما حرة لم تعتق أمته لأن الميتة توصف بالحرية فيقال ماتت حرة وماتت أمة فلا تختص الحرية بأمته اه ح في ملك الرحم المحرم قوله (بملك ذي رحم محرم) شمل الملك بشراء أو هبة أو وصية أو غيره قهستاني وشمل ما لو باشره بنفسه أو نائبه فدخل ما إذا اشترى العبد المأذون ذا رحم محرم من مولاه ولا دين عليه أما المديون فلا يعتق ما اشتراه عنده خلافا لهما وخرج المكاتب إذا اشترى ابن مولاه فإنه لا يعتق اتفاقا بحر عن الظهيرية (تنبيه) القنية وطئ جارية أبيه فولدت منه لا يجوز بيع الولد ادعى الواطئ الشبهة أو لا لأنه ولد ولده فيعتق عليه حين دخل في ملكه وإن لم يثبت النسب كمن زنى بجارية غيره فولدت منه ثم ملك الولد يعتق عليه وإن لم يثبت نسبه منه اه وفي حاشية الحموي عن غاية البيان لو اشترى أخاه من الزنا لا يعتق عليه لأنه ينسب إليه بواسطة الأب ونسبة الأب منقطعة فلا تثبت الأخوة قالوا إلا إذا كان من أمه فيعتق عليه إذا ملكه لأن نسبة الولد إليها لا تنقطع فتكون الأخوة ثابتة اه قوله (أي قريب) تفسير لذي الرحم وقوله حرم نكاحه أبدا تفسير للمحرم قال في الدر المنتقى ثم المحرمان شخصان لا يجوز النكاح بينهما لو كان أحدهما ذكر والآخر أنثى فالمحرم بلا رحم كابنه رضاعا وزوجة أصله وفرعه فلا يعتق عليه اتفاقا وكذا الرحم بلا محرم كبني الأعمام والأخوال لا يعتق عليه اتفاقا كافي وغيره اه قوله (عنده) أي عند الإمام لتجزئ العتق عنده خلافا لهما ط قوله (أو حملا إلخ) فيعتق دون أمه وليس له بيعها قبل أن تضع حملها لأنه ملك أخاه فيعتق عليه بدائع وهذا مناف لقولهم إن حمل لا يدخل تحت المملوك حتى لا يعتق بكل مملوك لي حر فيحتاج إلى الجواب بحر وأقول لا يلزم من كون الشئ ملكا كونه مملوكا مطلقا نهر وتوضيحه أن المملوك في كل مملوك حر حيث أطلق ينصرف إلى ذات مملوكة له مستقلة بنفسها والحمل جزء من أمه فلا يلزم من كونه ملكا أن يصدق عليه اسم مملوك حيث أطلق وهنا علق العتق على دخول القريب في ملكه لا على كونه مما يصدق عليه لفظ مملوك مطلق فلذا دخل الحمل هنا لا هناك فافهم قوله (ولو المالك صبيا أو مجنونا) إنما جعلا أهلا لعتق القريب عليهما لأنه تعلق به حق العبد فشابه النفقة بحر قوله (في دارنا) أي دار الإسلام قيد به لأنه لا حكم لنا في دار الحرب فتح قوله (حتى ل أعتق إلخ) تفريع على التقييد بقوله في دارنا وكان الأظهر أن يقول حتى لو ملك قريبه في دار الحرب لكن أفاد ذلك بالأولى لأنه إذا كان لا يعتق بالإعتاق الصريح فكذلك بالملك الأولى وقد جميع بينهما في الفتح فقال فلو ملك قريبه في دار
713 الحرب أو أعتق المسلم قريبه في دار الحدب لا يعتق خلافا لأبي يوسف وعلى هذا الخلاف إذا أعتق الحربي عبده في دار الحرب ذكر الخلاف في الإيضاح وفي كافي الحاكم عتق الحربي في دار الحرب قريبه باطل لم يذكر خلافا فأما إذا أعتقه خلاه فقال في المختلف يعتق عند أبي يوسف وولاؤه له وقالا لا ولاء له لكنه عتق بالتخلية لا بالإعتاق فهو كالمراغم (1) ثم قال المسلم إذا دخل دار الحرب فاشترى عبدا حربيا فأعتقه ثمة القياس لا يعتق بدون التخلية لأنه في دار الحرب ولا تجري عليه أحكام الإسلام وفي الاستحسان يعتق من غير تخلية لأنه لم تنقطع عنه أحكام المسلمين ولا ولاء له عندهما وهو القياس وقال أبو يوسف له الولاء وهو الاستحسان ذكر قول محمد مع أبي يوسف في كتاب السير وعلى هذا فالجميع بينه وبين ما في الإيضاح أن يراد بالمسلم ثمة الذي نشأ في دار الحرب وهنا نص على أنه انظر هناك بعد أن كان هنا فلذا لم تنقطع عنه أحكام الإسلام اه ما في الفتح وحاصله أن الحربي إذا أسلم في دار الحرب أو بقي حربيا لو ملك أو عتق قريبه ثمة لا يعتق خلافا لأبي يوسف إلا إذا خلى سبيله بأن رفع يده عنه وأطلقه فيعتق بالتخلية لا بالإعتاق ولا ولاء له خلافا لأبي يوسف فعنده له الولاء وأما المسلم الأصلي إذا دخل دار الحرب فاشترى عبدا حربيا فأعتقه ثمة فالاستحسان أنه يعتق بدون التخلية وله الولاء وعلى هذا فإطلاق الشارح المسلم مقيد بكونه ناشئا في دار الحرب فالأحسن ما في بعض النسخ حتى لو أعتق المسلم الحربي بدون أو أي المسلم الناشئ في دار الحرب قوله (عبده) أي الحربي بقرينة قوله ولو عبده مسلما إلخ ح قوله (فلا ولاء له) تفريع على عتقه بالتخلية لا بالإعتاق لأن الولاء من أحكام الإعتاق ولم يعتق به قوله (عتق بالاتفاق) أي بإعتاق سيده أو بشرائه إن كان ذا رحم محرم ح قوله (وبتحرير لوجه الله تعالى إلخ) لأنه نجز الحرية وبين عرضه الصحيح أو الفاسد فلا يقدح فيه كما في البدائع والمراد بوجه الله تعالى ذاته أو رضاه والشيطان واحد شياطين الإنس أو الجن بمعنى مردتهم والصنم صورة الإنسان من خشب أو ذهب أو فضة فلو من حجر فهو وثن كما في البحر قوله (وإن أثم وكفر به) لف ونشر مرتب فالإثم في الإعتاق للشيطان والكفر في الإعتاق للصنم بقرينة تفسيره مرجع الضمير المجرور وإلا فلا فائدة في زيادة لفظ إثم لكن لا يظهر فرق بينهما وما فعله الشارح هو ما مشى عليه المصنف في المنح وهو ظاهر البحر أيضا والأظهر ما في المتن والجوهرة من الكفر بكل منهما قوله (أي إكراه) هو حمل الغير على ما يرضاه بحر وأشار إلى أن المراد الحدود المزيد لأن الكره أثر الإكراه لكن كل منهما صحيح أيضا فافهم قوله (وله غير ملجئ) الملجئ ما يفوت النفس أو العضو وغير الملجئ بخلافه والأولى المبالغة بالملجئ كما لا يخفي ط وتجب القيمة على الكره جوهرة
(1) قوله: (كالمراغم) اي من خرج من دار الحرب على رغم مولاه: اي خرج إلينا مسلما أو أسلم بعد ا ه منه. 714 وفي التاترخانية قال لمولاه في موضع خال إن أعتقتني وإلا قتلتك فأعتقه مخافة القتل يعتق ويسعى في قيمته لمولاه قوله (سيجئ) أي في كتاب الأشربة أن كل مسكر حرام أي كل ما أسكر كثيره حرم قليله وهو قول محمد المفتي به فيدخل فيه الأشربة المتخذة من غير العنب والمثلث لا بقصد السكر بل يقصد الاستمراء والتقوى ونقيع الزبيب بلا طبخ فالسكر بها يكون بسبب محظور كالسكر من الخمر وأما على قول الإمام إذا شربها لا بقصد المعصية فلا يكون محظورا فإذا سكر بها لا يصح طلاقه ولا عتاقه أما السكر نفسه فهو حرام اتفاقا بمعنى أنه يحرم القدر المؤدي إلى الإسكار حتى لو علم أن شرب كأسين لا يسكر وإنما يسكر الكأس الثالث حرم شرب الثالث فقد عند الإمام فلو سكر من كأسين لم يكن بسبب محظور وأما عند محمد فإن الحرام كل ذلك وإن قل كالخمر فافهم قوله (فلا يخرج) أي عن السبب المحظور إلا شرب المضطر أي لإساغة اللقمة أو بسبب الإكراه ومثله ما يحصل من مباح كالعسل عند غلبة الصفراء قوله (مع هزل) هو اللعب وقدمنا الكلام فيه قوله (وإن علق العتق بشرط إلخ) شمل تعليقه بالملك أو بسببه كما مر الصريح به لكن لا بد من تعليقه على ملك صحيح ففي الجوهرة لو قال المكاتب أو العبد كل مملوك أملكه فيما أستقبل فهو حر فعتق ثم ملك مملوكا لا يعتق عنده وعندهما يعتق وإن قال إذا عتقت فملكت عبدا فهو حر فأعتق فملك عبدا عتق إجماعا لأنه أضاف الحرية إلى ملك صحيح وإن قال إن اشتريت هذا العبد فهو حر لم يعتق حتى يقول أنا اشتريته بعد العتق وعندهما يعتق اه قوله (وعتق إن دخل) أي إن بقي في ملكه فإنه يجوز له بيعه وإخراج عن ملكه قبل وجود الشرط لأن تعليق العتق بالشرط لا يزيل ملكه إلا في التدبير خاصة جوهرة ولو باعه ثم اشتراه فدخل عتق كافي قوله (لقصور الإضافة) لأن في إضافة المكاتب إلى نفسه بعنوان العبد قصورا أي عدم تحقق إذ مراده بقوله إن أنت عبدي إن كان لا يصدر منك أمر إلا بإذني فأنت حر والمكاتب ليس بهذه الصفة ط والحاصل أن المطلق ينصرف إلى الكامل والمكاتب عبد ناقص قوله (تعليق) كأنه قال إذا أصبحت فأنت حر ط قوله (تنجيز) لأن المراد أنه معتوق (1) في جميع أحواله ط قوله (لأن المراد عرض الماء عليه) أي لا إزالة لعطش لأنه ليس في وسعه ولأنه يقال سقيته فلم يشرب قوله (عتق من صحبه سنة) المراد أنه يعتق من دخل في ملكه منذ سنة صاحبه أو لا ط قوله
(1) قوله: (معتوق) صوابه معتق، لان عتق الثلاثي لازم، فلا يأتي منه اسم المفعول، ولا يصح ان يكون اسم المفعول من أعتق الرباعي. قال في المصباح: ولا يجوز عبد معتوق لان مجئ مفعول من افعلت شيئا مسموع لا يقامر عليه ا ه مصححه. 715 (ونوى في الملك) أي أنه قديم في ملكه ط قوله (دين) ولا يصدق قضاء قوله (ولو زاد في السن) أي صرح بذلك بأن قال أنت عتيق في السن أي كبير في السن وفي البحر عن الخانية لو قال أنت حر النفس يعني في الأخلاق عتق في القضاء قوله (وعتق بما أنت إلا حر) لأن الاستثناء من النفي على إثبات وجه التأكيد كما في كلمة الشهادة هداية ويستثنى منه ما نقله الحموي عن منية المفتي إذا أمر غلامه بشئ فامتنع فقال له ما أنت إلا حر فإنه لا يعتق ذكره أبو السعود قال ط لأن قرينة الحال دالة على أن المراد ما أفعالك هذه إلا أفعال الحر قوله (لا بما أنت إلا مثل الحر) وإن نوى كذا نقله في الدر المنتقى عن المحيط مع أنه في البحر والقهستاني نقلا هذه المسألة عن المحيط بدون قوله وإن نوى وكذا في الجوهرة لكن بدون عزو نعم في القهستاني لا يصح بقوله أنت مثل الحر أو الحرة وإن نوى وقال بعضهم إنه يعتق بالنية كما في الاختيار اه واقتصر الزيلعي على الثاني وقال لأنه أثبت المماثلة بينهما وهي قد تكون عامة وقد تكون خاصة فلا يعتق بلا نية للشك قوله (ولا بكل مالكا حر) لأنه يراد به الصفاء والخلوص عن شركة الغير بحر قوله (أو أهل بلخ) أي كل عبيد أهل بلخ وهو من أهل بلخ ولم ينو عبده كما في التاترخانية ومقتضاه أنه نوى عبده يعتق والظاهر أن مثله يقال في كل عبده في الأرض وعبيد أهل الدنيا ويؤيده أنه قال بعده ولو قال ولده آدم كلهم أحرار لا يعتق عبده إلا بالنية بالاتفاق قوله (حر) أفرد الخبر نظرا للفظ كل في المسألة الثانية ط قوله (بخلاف هذه السكة أو الدار) أي فإنه يعتق وإن لم ينو بلا خلاف كما في التاترخانية وقال قبله وعلى هذا الخلاف إذا قال كل عبد في هذا المسجد المسجد الجامع يوم الجمعة فهو حر وعبده في المسجد إلا أنه ينوه أو وقال كل امرأة طالق وامرأته في المسجد إلا أنه لم ينوها اه وحينئذ فالفرق بين السكة والجامع أن المسجد الجامع في حكم البلدة لكونه جامعا لأهلها ولذا قيده بيوم الجمعة بخلاف السكة لأنها لها أهلا محصورين فلذا عتق فيها بلا نية اتفاقا هذا والشارح عزا المسألة إلى البحر مع أنه في البحر لم يذكر السكة بل ذكر الدار قوله (عتقا) أطلقه فشمل ما إذا استثنى حملها فإنه يعتق تبعا لها كما في التاترخانية قوله (أصالة) بفتح الهمزة وعطف القصد عليها عطف العلة على المعلول ط أما في الأم فظاهر وأما في الجنين فمن حيث أنه جزء والتحرير المسلط على المال مسلط على الجزاء أصالة وقصدا وهذا لا ينافي قول البحر عتقا أي الأم والحمل تبعا لها لأنه باعتبار كون الجزء في ضمن الكل ح وهذا مقيد بأن لا يكون خرج أكثر الولد فإن خرج أكثره لا يعتق لأنه كالمنفصل في حق الأحكام ألا ترى أنه تنقضي به العدة ولو مات في هذه الحالة يرث وتمامه في البحر قوله (إذا ولدته إلخ) للتيقن بوجوده وقت الإعتاق ط قوله (ولو لأكثر) أي من الأقل فيشمل تمام النصف ح قوله (عتق تبعا) حاصله أن الحمل يعتق بإعتاق أمة مطلقا لكنه إذا ولدته لأقل من نصف حول يعتق أصالة ولأكثر تبعا وإنما
716 قيد المصنف بالأول لئلا يتكرر مع قوله الآتي والولد يتبع الأم إلخ قوله (وثمرته) أي ثمرة الفرق بين عتقه أصالة أو تبعا إنجرا ولائه وهي مذكورة في كتاب الولاء حيث قال هناك ومن أعتق أمته والحال أن زوجها قن للغير فولدت لأقل من نصف حول مذ عتقت لا ينتقل ولاء الحمل عن موالي الأم أبدا فإن ولدت بعد عتقها لأكثر من نصف حول فولاؤه لموالي الأم أيضا لتعذر تبعيته للأب لرقه فإن عتق القن وهو الأب قبل موت الولد جر ولائه ابنه إلى مواليه لزوال المانع هذا إذا لم تكن معتدة فلو معتدة فولدت لأكثر من نصف حول من العتق ولدون حولين من الفراق لا ينتقل لموالي الأب اه أي للتيقن بوجود الحمل عند العتق حيث وجبت إضافة العلوق إلى ما قبل الفراق قوله (ولو حدره إلخ) أي حدد الحمل وحده بأن قال ملك حد أو قال المضغة أو العلقة التي في بطنك حر عتق خانية لكن لا بد من تحقق الجوزي قبل التحرير بأن ولدته لأقل من ستة أشهر فلو لستة فأكثر لا يعتق ولا يكون قوله ما في بطنك حر إقرارا بوجوده لعدم التيقن به لجواز حدوثه وتمامه في البحر قوله (أو إن حملت بولد فهو حر) الظاهر أنه يشترط أن تلده لأكثر من ستة أشهر إذا لو كان أقل علم أنه حمل موجود والشرط حمل حادث وينبغي أنه لو أنكر حدوثه بعد ستة أشهر أن يكون القول له إلى سنتين أما بعدهما فهو حمل حادث يقينا تأمل قوله (عتق فقط) أي دون الأم إذ لا وجه لإعتاقها مقصودا لعدم الإضافة ولا تبعا لأن فيه قلب الموضوع نهر قوله (ولم يجز بيع الأم إلخ) لأنه لما كان ما في بطنها لا يقبل النقل صار بمنزلة الحمل المستثنى والاستثناء شرط فاسد في البيع الهبة لكن البيع يبطل بالشروط الفاسدة بخلاف الهبة كما يأتي في البيع الفاسد ح قوله (لم تجز هبتها في الأصح) والفرق أن بالتدبير لا يزول ملكه عما في البطن فإذا وهب الأم بعد التدبير فالموهوب متصل بما ليس موهوب فيكون في معنى هبة المشاع فيما يحتمل القسمة وأما بعد العتق ما في البطن غير مملوك بحر عن المبسوط قوله (وبطل شرط المال عليه إلخ) لأنه لا وجه إلى إلزام المال على الجنين لعدم الولاية عليه ولا إلى إلزام أمه فإذا قال أعتقت ما في بطنك على ألف عليك فقبلت فجاءت بولد لأقل من ستة أشهر يعتق بلا شئ لأنه معلق بقبولها الألف وقد قبلته فعتق الولد وبطل المال لأن اشتراط بدل العتق على غير المعتق لا يجوز بحر ملخصا قوله (لكن يشترط قبولها) أي قبولها المال إذ شرطه عليها وقوله للعتق متعلق ب يشترط قوله (قال ما في بطنك) الخبر محذوف تقديره حر وهو موجود في بعض النسخ قوله (تعليق) أي على الأداء فإذا ولدت لأقل من ستة أشهر فهو حر متى أدى إليه الألف كما في البحر قوله (أوصى به) أي بما في بطن أمته ومات أي الموصي وأعتقه الورثة أي أعتقوا ما في بطنها تبعا لإعتاق أمه والعبارة في البحر عن الظهيرية وهكذا رأيتها في الظهيرية والأحسن عبارة كافي الحاكم فأعتق الوارث الأمة إلخ قال ط قوله والظاهر عدم جوار إعتاقه إنه غير مملوك لهم قوله (جاز) أي إعتاقهم لأنها دخلت في ملكهم ولم يدخل حملها في ملك الموصى له إذ (يدخل في ملكه بعد الولادة ط قوله: (وضمنوه يوم الولادة) لأنه أول يوم يدخل في ملكه أن لو بقي بلا إعتاق ط قوله (فأولهما
717 خروجا أكبر) ظاهره لو خرجت معا لم يعتق واحد منهما إلا أن تلد ثالثا قبل مضي ستة أشهر فيعتقان لأنهما أكبر منه والولد وإن ذكر مفردا لكنه مفرد مضاف فيعم ط عن السيد أبي السعود قوله (ما دام جنينا) أما بعد الولادة فلا يتبعها في شئ مما ذكروه حتى لو أعتقت لا يعتق بحر وسيذكر الشارح استثناء مسألتين مع زيادة ثلاثة أخر قوله (يتبع الأم) للإجماع ولأنه متيقن به من جهتها ولذا تثبت نسب الزنا وولد الملاعنة من أمه حتى ترثه ويرثها لأنه قبل الانفصال كعضو منها حسا وحكما ويتبعها في البيع العتق غيرهما فكان جانبها أرجح بحر قوله (فيكون لصاحب الأنثى) كما إذا نزا ذكر لرجل على أنثى لآخر كان حملها لصاحبها فقط قوله (لو أمه كذلك) أي لو كانت أمه مما يؤكل ويضحي بها والمراد أنه يأخذ حكم أمه ولا يزول عنه بعد الولادة كما يأخذ حكمها في العتق وغيره كذلك فلا يرد أن الكلام في الجنين وهو لا يضحي به قبل الولادة فافهم وفي شرح الوهبانية للشرنبلالي عن جوامع الفقه والولوالجية الاعتبار في المتولد للأم في الأضحية والحل وقيل يعتبر بنفسه فيهما حتى إذا نزا ظبي على شاة أهلية فإن ولدت شاة تجوز التضحية بها وإن ولدت ظبيا لم تجز ولو ولدت الرمكة حمارا لم يؤكل وفي الخلاصة في الأضحية المتولدة بين الكلب والشاة قال عامة العلماء لا يجوز وقال الإمام الجرجاني إن كان يشبه الأم يجوز اه وستأتي مسألة المتولدة بين الكلب والشاة في الذبائح عن نظم الوهبانية والحاصل أن المفهوم مما مر أن الولد تبع لأمه مطلقا وقيل لا تعتبر التبعية بل يعتبر بنفسه والأول المعتمد كما يقتضيه كلام البدائع في كتاب الأضحية وهو مقتضي إطلاق المتون لكن ما قاله عامة العلماء يستثنى ولد الكلب والظاهر أن المتولد بين آدمي وشاة كذلك بل أولى لأنه جزء آدمي لا يحل الانتفاع به فضلا عن أكله فافهم قوله (بسائر أسبابه) كشراء وهبة وإرث ح قوله (إلا ولد المغرور) كما إذا تزوج امرأة على أنها حرة فإذا في قنة فأولاده منها أحرار بالقيمة وتعتبر القيمة يوم الخصومة شرنبلالية وهذا إذا كان المغرور حرا فلو مكاتبا أو عبدا أو مدبرا فالأولاد أرقاء حموي عن البرجندي قال ط وينبغي أن يستثنى أيضا ما لو تزوج أمة وشرط حرية الولد فإنه يكون حرا أهل الحرب كلهم أرقاء قوله (وصورة الرق بلا ملك إلخ) لما كان الأصل في العطف كان مظنة أن يقال هل يتصور رق بلا ملك فبين صورته وأما صورة الملك بلا رق فهي ظاهرة كالحيوان الثياب وكذا صورة اجتماعهما لكن قد يكونان كاملين كما في القن وقد يكون أحدهما كاملا الآخر ناقضا فالمدبرة وأم الولد الرق فيهما ناقص فلم يجد عتقهما عن الكفارة والملك فيهما كامل حتى جاز وطؤهما والمكاتب رقه كامل فجاز عتقه عن الكفارة وملكه ناقص حتى خرج من يد المولى وتمامه في البحر قوله (فإن كلهم أرقاء) أي بعد الاستيلاء عليهم بدليل التفريع أما قبله فهم أحرار لما في الظهيرية لو قال لعبده نسبك حر أن أصلك حر إن علم أنه سبي لا تعتق وإن لم يعلم في أنه سبي فهو حر قال وهذا دليل على أن أهل الحرب أحرار اه وسيأتي في باب استيلاء الكفار ما
718 يؤيده أيضا قوله (فإذا أخذت إلخ) ليس هذا التصوير في القهستاني وهو خطأ إذ الولد حينئذ مسترق أصالة والمثال الصحيح كما قال ح أخد حاملا يتبعها الحمل في الرق وذلك لأن المقام في تبعية الجنين لا الولد المنفصل ط قوله (والحرية) أي الأصلية بأن تزوج عبد حرة أصلية فحملت منه وأما الطارئة فقد مرت نهر أي في قوله حرر حاملا عتقا قوله (والعتق) هو حرية طارئة وقد مرت كما علمت لكن المراد بما مر عتق الولد قصدا ولذا قيده المصنف هناك بما إذا ولدته بعد عتقها لأقل من نصف حول والمراد بما هنا العتق تبعا للأم فيراد به ما إذا ولدته لنصف حول فأكثر فيكون هذه الصورة مفهوم قوله هناك إذا ولدته لأقل من نصف حول فلا تكرار كما أفاده ح ربع الشارح الثمرة في إنجرار الولاء وما قيل إن هذه الصورة سبق قلم لأن الموضوع في الجنين لا في الولد بعد انفصاله ففيه أن المراد أنه يحكم بعتقه قبل الولادة ولكن إذا ولد لنصف حول فأكثر علم أنه عتق تبعا لأمه لكونه جزءا منها وإن ولدته لأقل علم أنه عتق قصدا وأصالة لتيقن الجوزي وقت الإعتاق فافهم قوله (ككتابة) بأن غالبا أمته الحامل فجاءت به لأقل من ستة أشهر من وقت الكتابة نهر قال ح فيعتقان معا بأدائها البدل وكذا كل ولد تلده في مدة الكتابة اه وعليه فتقييد النهر بأقل من ستة أشهر لتكون الكتابة واقعة على الجمل إصالة وقصدا وإلا فكل حمل في المدة يتبعها من حكم الكتابة كما علمت قوله (وتدبير مطلق) احترز به عن المقيد كإن مت من مرضي هذا فأنت حرة فإنه لا يتبعها فيه اه وعزاه في النهر للظهيرية قلت هذا ظاهر في الولد الذي تأتي به بعد التدبير كلامنا في الحمل فإذا دبر حاملا من غير سيدها صار الحل مدبرا قصدا وأصالة إن ولدته لأقل من ستة أشهر وإن لأكثر فهو مدبر تبعا لها لكن لا فرق هنا بين التدبير المطلق والمقيد لأن المقيد في حكم المعلق فإذا قال إن مت من مرضي هذا فأنت حرة ثم مات بعد شهر مثلا عتقت وعتق حملها تبعا لها لكن هذا من مسائل التبعية في الحرية العارضة وهذا لو ولدت بعد موت المولى أما قبله فلا يعتق ولدها لأنه ولد قبل عتقها بخلاف التدبير المطلق فإنه لا فرق فيه بين ولادتها قبل موته أو بعده لأنه ثبت تدبيرها قبله حتى لا يجوز له بيعها فلعل تقييده بالمطلق لهذا فتأمل قوله (واستيلاد) بأن زوج أم ولده فحملت تبعها ولدها في حكم الأمومية الولد فيعتق بموت السيد كالأم نهر قوله (إذا لم يشترط الزوج حرية الولد) هذا بحث لصاحب النهر فلو شرط ذلك عتق بالولادة قبل موت السيد ح وينبغي أن يستثنى أيضا المغرور كما لا يخفي قوله (كما مر) أي في باب نكاح الرقيق كما قاله في الدر المنتقى قوله (وفي رهن) أي إذا رهن حاملا كان ولدها رهنا معها ح أي فإذا وضعته ليس للرهن نزعته من يد المرتهن ط قوله (ودين) صورته أذن لأمته الحامل في التجارة ثم لزمها دين تبعها الولد فيه حتى يباع فيه ح قوله (وحق أضحية) أي إذا اشترى شاة حاملا للأضحية لزمه التضحية بولد أيضا ح أي بعد خروجه حيا قوله (واسترداد بيع) أي إذا باع أمة بيعا فاسدا ثم استردها وهي حامل يتبعها الولد في الاسترداد ح قوله (وسريان الملك) قال في الأشباه وحق المالك القديم يسري إليه اه ح وصورته إذا تداولت الأيدي الجارية فردت بعيب قديم على المالك الأول وهي
719 حامل تبعها حملها وكذا إذا استحقت اه ط قوله (فهي اثنا عشر) أي المسائل التي يتبع فيها الحمل أمه قوله (ولا يتبعها في كفالة) أي إذا كفلت وهي حامل بمال أو نفس لا يتبعها الولد في طلب إذا استمرت الكفالة حتى ولدته وكبر وكذا إذا كفلت أمة حامل بإذن السيد لا يتبعها ولدها ط أي لا يتبعها بعد الولادة أما قبلها فلرب المال بيعها حاملا إذا لم يفدها المولى فإذا ولدت بعد البيع كان الولد للمشتري تأمل قوله (وإجارة) أي إذا آجرها عشر سنين مثلا وكانت حاملا فولدت في أثنائها لا يدخل الولد في الإجارة حتى لا يستخدمه ط قوله (وإجارة) أي إذا آجرها عشر سنين مثلا وكانت حاملا فولدت في أثنائها لا يدخل الولد في الإجارة حتى لا يستخدمه ط قوله (وجناية) بأن قتلت رحلا خطأ وهي حامل فلا يتبعها ولدها في الدفع عن الجناية وإذا فدى السيد إنما يفدي الأم فقط اه وحاصله أنه لو تبعها للزم بعد الولادة دفعه معها أو فداؤه أيضا أما لو دفعها قبل الولادة ملكه المجني عليه حتى لو ولدت بعد الدفع لم يكن للسيد أخذ الولد كما لا يخفي لأنه تبعها في الملك قوله (وحد) فلا تحد وهي حامل أي حد كان فإذا ولدته فإن كان حدها الرجم رجمت إلا إذا كان الولد لا يستغني عنها وإن كان الجلد فبعد النفاس كما يأتي في الحدود ط قوله (وقود) فلا تقتل إلا بعد الوضع ح قوله (وزكاة سائمة) لأنه لا شئ في الفصلان والعجاجيل والحملان إلا إذا مات الكبار أثناء الحول وخلفت صغارا فيها كبير فبالأولى لا يجب في الحمل شئ قوله (ورجوع في هبة) سيذكر في الهبة ما نصه ولو حبلت ولم تلد هل للواهب الرجوع قال في السراج لا وفي الزيلعي نعم ووجه في المنح الأول بأن الولد زيادة متصلة لم تكن وقت الهبة والثاني بأن الحبل نقصان لا زيادة اه قلت والتوفيق ما سيذكره في باب خيار عقب من أن الحبل شئ في الآدمية لا في البهيمة أو ما في الهندية من الهبة من أن الجواري تختلف فمنهن من تسمن به ويحسن لونها فيكون زيادة تمنع الرجوع ومنهن بالعكس فيكون نقصانا لا يمنع الرجوع اه ويؤيد هذا التوفيق ما في الخلاصة والبزازية من أن الحبل زاد خيرا منع الرجوع وإن نقص لا اه وإن نقص اه فإذا كانت الموهوبة أمة وحبلت عند الموهوب له ونقصت بذلك كان لواهب الرجوع ولا يتبعها حملها بل إذا ولدت بعد الرجوع يسترده الموهوب له لكونه حدث على ملكه كما قالوا فيما لو بنى في الدار الموهوبة بناء منقصا كبناء تنور في بيت السكنى فإنه لا يمنع الرجوع كما في الخانية وللموهبون له أخذه فقد سقط ما قيل إن ما ذكره الشارح لا يوافق القولين فافهم ثم لا يخفى أن هذا الحبل العارض أما لو وهبها حبلى ورجع بها كذلك صح وليس الكلام فيه خلافا لما فهمه الحموي وبقي ما لو كان الحبل من الموهوب فبحث بعضهم بأنه مانع من الرجوع وسيأتي تمام الكلام على ذلك في الهبة إن شاء الله تعالى قوله (وإيصاء بخدمتها) يعنى إذا أوصى بخدمة جاريته الحامل من غيره ليس للموصي له أن يستخدم الحمل بعد وضعه لعدم دخوله في الوصية وإن كان متحققا وقتها لأنه إنما جعل له الانتفاع بها خاصة بذات أخرى ط وحاصله أن الخدمة منفعة وهو إنما أوصى بمنفعتها لا بذاتها ولا بمنفعة ولدها بخلاف ما إذا أوصى بذاتها فإن الحمل الموجود يتبعها في الملك للموصي له لأنه يملكها بسائر أجزائها وحملها جزء منها قوله (ولا يتذكى بذكاة أمه) أي بذبحها سواء كان تام الخلق أم لا حتى إذا خرج ميتا لم يؤكل وهو الصحيح
720 وقالا إن تم خلقه أكل ط قوله (وزاد في البحر إلخ) زاد البيري ثانية وهي ما في خزانة الأكمل لو قال لجارية إذا ملكتك فأنت حرة فولدت ثم اشتراها عتقت دون الولد اه قلت وزدت ثالثة وهي ولد المغصوبة لا يتبعها في الغصب حتى لو ولدته ومات عند الغاصب بلا تعد منه لم يضمنه وكذا سائر زوائد الغصب كثمر الشجر ونحوه لأنه أمانة كما سيأتي في بابه الشرف لا يثبت من جهة الأم الشريفة قوله (ولا في نسب إلخ) لأن النسب للتعريف وحال الرجال مكشوف دون النساء كذا في الشمني فهذا صريح بأن الشريف لا يثبت من جهة الأم الشريفة باقاني نعم لولدها شرف ما بالنسبة لغيره قوله (رقيق كأمه) لأن الزوج قد رضي برق الولد حيث قدم على تزوجها مع العلم برقها بحر يتصور هاشمي رقيق والداه هاشميان قال الخير الرملي فلو كان هذا الولد أنثى فزوجت بهاشمي فأتى له ولد منها فهو أي هذا الولد رقيق وهو هاشمي ابن هاشمي وهاشمية فيتصور هاشمي من هاشميين وهو رقيق يصح بيعه وسائر ما يجوز في الرقيق من التصرفات اه قوله (ولا يتبعها بعد الولادة) أي في حكم حدث بعد الولادة أما الحكم الحادث قبلها ولو كان قبل الحمل كالتدبير والاستيلاد فإن الأولاد المتأخرين يتبعونها فيه كما سبق ط قوله (إذا استحقت الأم ببينة) أي إذا ولدت المبيعة عند المشتري لا باستيلاده فاستحقت ببينة يتبعها ولدها بشرط القضاء به في الأصح إذا سكت تقديم فلو بينا أنه لذي اليد أو قالوا لا ندري لا يقضي به وإن أقر ذو اليد بها لرجل لا يتبعها كما سيأتي في الاستحقاق إن شاء الله تعالى والفرق كما ذكره في الدرر هناك أن البينة تثبت من الأصل والولد كان متصلا بها يومئذ فيثبت بها الاستحقاق فيهما والإقرار حجة قاصرة تثبت الملك في المخبر به ضرورة صحة الخبر فتقدر بقدرها قوله (وإذا بيعت البهيمة إلخ) سيأتي في فصل ما يدخل في البيع تبعا أنه يدخل ولد البقرة الرضيع لا ولد الأتان رضيعا أو لا به يفتى اه والفرق أن البقرة لا ينتفع بها إلا بالعجل ولا كذلك الأتان كما في البحر هناك أي لأن البقرة تقصد للحلب ومثلها الشاة والناقة بخلاف الأتان وبخلاف الولد الفطيم (تتمة) يزاد تبعية الولد لها إذا أسلمت فإن الولد يتبع خير الأبوين دينا كما مر في النكاح وزاد البيري مسألتين أيضا عن خزانة الأكمل ما لو وكله أن يعتق أمته فولدت ولدا له أن يعتق ولدها أيضا وما لو ولدت الوديعة للوكيل قبضه معها إلا إذا ولدت قبل أن يوكله اه فالمستثنى خمس قوله (ملك لسيدها) هذا دخل تحت قوله والولد يتبع الأم في الملك وتقدم استثناء المغرور من شرط حرية الولد قوله (حر) لأنه علق حرا لأن ماء جاريته مملوك له فلا يعارض ماءه كما في
721 المبسوط وقيل إنه يعتق عليه وتمامه في النهر قوله (كأن نكح عبد) أي بإذن سيده قوله (وعليه) أي على ما في الظهيرية والتفريع لصاحب البحر وفيه استدراك على تقييد المصنف بالمولى قوله (أو ابنه أو أبيه) أي ونحوهما من كل ذي رحم محرم منه قوله (من كافر) أي من زوج كافر قوله (قلت إلخ) البحث لصاحب النهر قوله (لأنه قبل الوضع موهوم) مفاده أنه تحقق الجوزي بالعلامات القاطعة التي تدركها أرباب الخبرة أنه يجبر إلا أن يراد بكونه موهوما ما يعم ما ذكر ويعم كونه ينفصل عنها أو يموت في بطنها فإن انفصاله موهوم ط قوله (وبه) أي بتوهم الحمل المأخوذ من موهوم ط قوله (لا يسقط حق المالك) أي من عينها فلا يجبر على بيعها ط والله سبحانه أعلم عتق البعض أخره عن الكل إما لأنه من العوارض لقلة وقوعه أو للخلاف أي لأنه تبع للكل أو لأنه دونه في النصارى نهر قوله (ولو مبهما) كجزء منك حر أو شئ منك حر ولو قال سهم منك حر عتق السدس خانية قوله (صح) أي إعتاقه وهو عبارة عن زوال الملك عن البعض لا عن زوال الرق لأنه عند الإمام رقيق كله كما في الفتح ويأتي تمامه قوله (ولزمه بيانه) أي في المبهم قوله (ويسعى فيما بقي) أي في بقية قيمته لمولاه وتعتبر قيمته في الحال (فتح) وفي البحر عن جوامع الفقه الاستسعاء أن يؤاجره ويأخذ قيمة ما بقي من أجره اه في القهستاني وعن أبي يوسف أنه يؤجر ولو صغيرا يعقل فيأخذ من أجرته كالحر المديون إلى أن يؤدي السعاية قوله (كمكاتب) في أنه لا يباع ولا يرث ولا يورث ولا يتزوج ولا تقبل شهادته ويصير أحق بمكاسبه ويخرج إلى الحرية بالسعاية والإعتاق ويزول بعض الملك عنه كما يزول ملك اليد عن المكاتب فيبقى هكذا إلى أن يؤدي السعاية در منتقى وقهستاني قوله (بلا رد إلى الرق لو عجز) لأنه إسقاط محض فلا يقبل الفسخ بخلاف الكتابة در منتقى قوله (بطل فيهما) لأنه لما تعذر رده إلى الرق صار بمنزلة الحر ولو جمع بين قن وحر في البيع بطل فيهما فكذا هذا ح قوله (ولو قتل) أي لا قتله أحد عمدا أو لم يترك وفاء أي ما يفي بما عليه لسيدة فلا قود بقتله أي قصاص للاختلاف في أنه يعتق كله أو لا كالمكاتب إذا قتل عن وفاء وله وارث فقيل يموت حرا وقيل لا فقد جهل المستحق هل هو الوارث أو المولى أما المكاتب الذي لم
722 يترك وفاء فإنه مات رقيقا بلا خلاف قوله (والصحيح قول الإمام إلخ) وكذا نقل العلامة قام تصحيحه عن كثرة الصحيح وأيده في فتح القدير بالمعنى وبالسمع ومنه حديث الصحيحين من أعتق شركا له في عبد فكان له مال يبلغ ثمن العبد قوم عليه قيمة عدل فأعطى شركاءه حصصهم وعتق العبد عليه وإلا فقد عتق منه ما عتق أفاد تصور عتق البعض فقط إلخ قوله (والخلاف مبني إلخ) هذا ما حققه في فتح القدير وهو أن يراد الخلاف في تجزي العتق أو الإعتاق وعدمه غلط في تحرير محل النزاع بل الخلاف فيما يوجبه الإعتاق أو لا وبالذات فعندهما زوال الرق وهو غير منجز اتفاقا وعنده زوال الملك ويتبعه زوال الرق فلزم تجزي موجبه غير أن زوال الرق لا يثبت إلا عند زوال الملك عن الكل شرعا كحكم الحدث لا يزول إلا عند غسل كل الأعضاء وغسلها منجز وهذا لضرورة أن العتق قوة شرعية هي قدرة على التصرفات ولا يتصور ثبوتها في بعضه شائعا وتمامه فيه قوله (وعلى هذا الخلاف التدبير) فإذا دبر بعض عبده اقتصره عليه عنده وسعى في الباقي بعد موت سيده وسرى إلى كله عندهما ولا سعاية عليه ط قوله (والاستيلاد) أي فإنه منجز عنده لا عندهما والخلاف في استيلاد المشتركة المدبرة لا القنة قال في الفتح وأما الاستيلاد فمنجز عنده حتى لو استولد نصيبه من مدبرة اقتصر عليه حتى لو مات المستولد تعتق من جميع ماله ولو مات المدبر عتقت من ثلث ماله وإنما كمل في القنة لأنه لما ضمن نصيب صاحبه بالإتلاف ملكه من حين الاستيلاد فصار مستولدا جارية فثبت عدم التجزي ضرورة اه قوله (ولا خلاف في عدم تجزي العتق والرق) فيه أن العتق إن كان بمعنى زوال الملك تجزي وإن كان بمعنى زوال الرق لا يتجزى اه ح قلت ليس مراد الشارح موجب العتق وهو ما ذكر بل مراده نفس العتق ففي الزيلعي الإعتاق يوجب زوال الملك عنده وهو منجز وعندهما زوال الرق وهو غير منجز وأما نفس الإعتاق أو العتق فلا يتجزى بالإجماع لأن ذات القول (1) هو العلة وحكمه وهو نزول الحرية فيه لا يتصور فيه التجزي وكذا الرق لا يتجزى بالإجماع لأنه ضعف حكمي والعتق والحرية قوة حكمية فلا يتصور اجتماعهما في شخص واحد اه أي اجتماع الضعف الحكمي والقوة الحكمية وهما الرق والعتق قوله (ومن الغريب إلخ) إنما كان غريبا لمخالفته المشهور من الاتفاق المذكور ولكن هذا حكاه في البدائع عن بعض المشايخ جوابا عن استدلال الصاحبين بأن الرق لا يتجزى في حالة الثبوت حتى لا يصرف الإمام الرق في نصف السبايا ويمن على نصفهم فكذا في حال البقاء ثم قال في جوابه من مشايخنا من منع ذلك فإن الإمام لو فعل ذلك جاز ويكون حكمهم حكم معتق البعض في حالة البقاء اه قلت ويظهر لي الجواب بأنه ليس في ذلك تجزي الرق في حالة الثبوت لأن الرق ثبت
(1) قوله: (لان ذات القول) اي الاعتاق، وقوله: (وحكمه) اي العتق، ففيه لف ونشر مرتب ا ه منه. 723 عليهم حالة الاستيلاد كما مر فصرف الرق إلى نصف كل واحد منهم تقرير للثابت والمن على النصف الباقي بمعنى إعتاق أنصافهم فصار ذلك إعتاق البعض ابتداء وبقاء فتدبر قوله (فلشريكه) أي الذي يصح منه الإعتاق حتى لو كان صبيا أو مجنونا انتظر بلوغه وإفاقته إن لم يكن ولي أو وصي فإن كان امتنع عليه العتق فقط نهر قوله (بل سبع) لأن التحرير نوعان منجز ومضاف وهذا قول الإمام وقالا ليس له إلا الضمان مع اليسار والسعاية مع الإعسار نهر قوله (أو مضافا لمدة كمدة الاستسعاء) قال في الفتح وينبغي إذا أضافه أن لا تقبل منه إضافته إلى زمان طويل لأنه كالتدبير معنى ولو دبره وجب عليه السعاية في الحالة فيعتق كما صرحوا به فينبغي أن يضاف إلى مدة تشاكل مدة الاستسعاء وكذا في البحر ح قوله (أو يصالح) أي الساكت المعتق أو العبد كما يفاد من البحر ط قوله (لا على أكثر من قيمته) راجع إلى الصلح والكتابة والمراد قيمة حصته كالنصف مثلا فيصح على نصف القيمة أو أقل لا أكثر بزيادة لا يتغابن الناس فيها فالفضل باطل لأنه ربا كما في البحر قوله (من النقدين) فلو على عروض أكثر من قيمته جاز بحر قوله (ولو عجز استسعى) أي لو عجز العبد عن بدل الكتابة استسعاه الساكت أفاده في البحر والظاهر أن عجزه عن بدل الصلح كذلك ط قوله (فإن امتنع آجره جبر) أي ويؤخذ نصف القيمة من الأجرة كذا في الشلبي ومنه يستفاد أنه عند العجز عن بدل الكتابة والصلح يرجع إلى اعتبار القيمة لا ما وقع عليه العقد وإن كانت الزيادة يسيرة ط قوله (وتلزمه السعاية للحال) ولا يجوز لسيده أن يتركه على حاله ليعتق بعد الموت بل إذا أدى عتق لأن تدبيره اختيار منه للسعاية بحر قوله (فلو مات المولى الخ) ظاهر كلام الفتح أنه لا فائدة للتدبير والكتابة لرجوعهما إلى السعاية وأجاب في البحر بأن للتدبير فائدة هي أنه لو مات المولى سقطت عنه السعاية إذا خرج من الثلث كما أن فائدة الكتابة تعيين البدل لأنه لولا الكتابة لاحتيج إلى تقويمه وإيجاب نصف القيمة وقد يحتاج فيها إلى القضاء عند التنازع في المقدار قوله (كما مر) من كونه يؤجره جبرا إن امتنع كما يفهم من النهر ح قوله (والولاء لهما) أي في جميع الخيارات السابقة ط قوله (أو يضمن المعتق) وحينئذ فالسيد أيضا بالخيار إن شاء أعتق ما بقي وإن شاء دبر وإن شاء كاتب وإن شاء استسعى بدائع وإن أبرأه الشريك عن الضمان فله أن يرجع على العبد والولاء للمعتق هندية ط قوله (استسعاه على المذهب) وعن أبي يوسف أن له التضمين لأنه عنده ضمان تمليك لا إتلاف بحر والظاهر أن اقتصاره على السعاية يريد به نفي الضمان لا نفي الإعتاق والتدبير والكتابة والصلح فإنها بمنزلة السعاية ط قوله و (يرجع بما ضمن) له أن يحيل الساكت على
724 العبد فيوكله بقبض السعاية اقتضاء من حقه هندية قوله (إن تعدد الشركاء نعم) أي إذا اختار بعضهم السعاية وبعضهم الضمان فلكل منهم ما اختار في قول أبي حنيفة بحر عن البدائع قوله (وإلا لا) أي وإن لم يتعدد الشركاء فليس للساكت أن يختار التضمين في البعض والسعاية في البعض بحر عن المبسوط وفي الهندية عن الفقيه أبي الليث أنه لا رواية في ذلك فلقائل أن يقول له ذلك ولقائل أن يقول ليس له ذلك قوله (ومتى اختار أمرا تعين) واختياره أن يقول اخترت أن أضمنك أو يقول أعطني حقي أما إذا اختار بالقلب فليس بشئ ط عن النهاية قوله (إلا السعاية فله الإعتاق) الظاهر أن الكتابة والتدبير والصلح مثل السعاية ط قوله (ولو باعه) أي ولو باع الساكت لشريكه المعتق لم يجز استحسانا لأنه ليس محلا للتمليك وإنما يملك بالضمان ضرورة قلت فلو فعل ذلك هل يترتب عليه موجبه حتى لو أعتقه صح أو يكون لغوا فلو أعتقه الساكت صح وصار الولاء لهما الظاهر الثاني مقدسي قوله (لأنه كمكاتب) عندهما حر مديون قوله (ويساره بكونه ملكا إلخ) هذا ظاهر لا رواية كما في الفتح واقتصر عليه في الهداية واختار بعض المشايخ يسار الغني المحرم للصدقة والأول أصح كما في المجتبى قوله (يوم الإعتاق) مرتبط بقوله مالكا وبقوله قيمة فلو أعتق وهو موسر ثم أعسر فلشريكه حق التضمين وبعكسه لا ولو كان العبد يوم العتق أعمى فانجلى بياض عينيه تجب قيمته أعمى وعكسه في عكسه كما في الفتح قوله (سوى ملبوسه الخ) قال في الفتح وفي رواية الحسن استثنى الكفاف وهو المنزل والخادم وثياب البدن قال في البحر والذي يظهر أن استثناء الكفاف لا بد منه على ظاهر الرواية ولذا اقتصر عليه في المحيط وصححه في المجتبى اه قوله (إن قائما قوم للحال) هذا إذا لم يتصادقا على العتق فيما مضى وإلا ينظر إلى قيمته يوم ظهر العتق لأن العتق حادث فيحال على أقرب أوقات حدوثه كذا في الفتح قوله (وإلا) بأن كان العبد هالكا فالقول للمعتق لتعذر معرفة قيمته بالعيان بتغير أوصافه بالموت والساكت يدعي الزيادة والمعتق فقلنا فيكون القول له وتمامه في البحر قوله (وكذا) أي يكون القول للمعتق إذا كان العتق متقدما على يوم الخصومة في مدة يختلف فيها اليسار والإعسار وإلا فيعتبر للحال فإن علم يساره في الحال فلا معنى للاختلاف وإن لم يعلم فالقول للمعتق بحر وبه علم أن القول للمعتق عن الجهالة ولم يقيد بذلك لأنه لا معنى للاختلاف عند العلم كما علمت فافهم ولم يذكر مسألة ما إذا مات العبد أو المعتق أو الشريك قبل أن يختار شيئا وهي مبسوطة في البحر والفتح قوله (لعدم قبولها) علة لتفسير الشهادة بالإخبار وقوله لجرهم مغنما علة للعلة وأشار إلى أن العلة ليست كونها شهادة فرد إذ لا يطرد لو كانوا جماعة فشهد كل اثنين منهما (1) على آخر فإنها لا تقبل أيضا لأنهما
(1) قوله: (منهما) كذا بخطه بضمير التثنية، ولعل الصواب منها أو منهم: اي الجماعة، فتأمل ا ه مصححه. 725 يثبتان لأنفسهما حق التضمين زاد في الفتح أو يشهدان لعبدهما وإنما أثبتنا السعاية باعتراف كل منهما على نفسه بحرمة استرقاقه ضمنا لشهادته فتعين السعاية اه قوله (كل من الشريكين) قيد اتفاقي إذ لو شهد أحدهما على صاحبه أنه أعتقه وأنكره الآخر فالحكم كذلك بحر ونهر قوله (وأنكر كل) فلو اعترفا أنهما أعتقا معا أو على التعاقب وجب أن لا يضمن كل الآخر إن كانا موسرين ولا يستسعى العبد لأنه عتق كله من جهتهما ولو اعترف أحدهما وأنكر الآخر فإن المنكر يجب أن يحلف لأن فيه فائدة فإنه إن نكل صار معترفا أو باذلا فصارا معترفين فلا تجب على العبد سعاية كما قلنا فتح قوله (ما لم يحلفهما القاضي إلخ) أشار إلى أن ما ذكره المصنف تبعا لغيره من لزوم استسعاء كل منهما للعبد إنما هو فيما إذا لم يترافعا إلى قاض بل خاطب كل منهما الآخر بأنك أعتقت نصيبك وهو فقلنا أما لو أراد أحدهما التضمين أو أراده أو نصيبهما متفاوت فترافعا أو رفعهما ذو حسبة فيما لو استرقاه بعد قولهما فإن القاضي لو سألهما فأجابا بالإنكار فحلفا لا يسترق لأن كلا يقول إن صاحبه حلف كاذبا واعتقاده أن العبد يحرم استرقاقه ولكل استسعاؤه وإن اعترفا أو أحدهما فقد مر آنفا فتح والحاصل أنهما إن حلفا لا يسترق بل يسعى لهما وإن اعترفا لا يسترق ولا يسعى ومثله ما لو نكلا لأن النكول اعتراف وبذل كما مر وعلى هذا فقول الشارح فحينئذ يسترق أو يسعى صوابه لا يسرق أو ولا يسعى أي لا يسترق إن حلفا ولا يسترق ولا يسعى إن اعترفا أو نكلا قوله (ولو نكل أحدهما) أي وحلف الآخر إذ لو نكل أيضا صار معترفين وقد مر قوله (فلا سعاية) أي على العبد للمعترف وعليه السعاية للحالف ح قوله (ولو مات قبل أن يتفقا) يعني لو مات العبد قبل أن يتفقا على إعتاق أحدهما فولاءه لبيت المال وأعلم أن وضع الجملة في هذا الموضع غلط لأنه يقتضي أن الولاء عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى موقوف وليس كذلك وموضعها بعد قوله حتى يتصادقا كما فعل في البحر والفتح وغيرهما لأنها من تتمة كلام الصاحبين ح قوله (أو مختلفين) صرح به وإن فهم مما قبله تمهيدا للاعتراض الآتي ولأنه منشأ الوهم في كلام المصنف فافهم قوله (والولاء لهما) لأن كلا منهما يقول عتق نصيب صاحبي عليه بإعتاقه وولاؤه له وعتق نصيبي بالسعاية وولاؤه لي وهو عبد ما دام يسعى كالمكاتب بحر ط قوله (ولو تخالفا إلخ) عطف على قوله يسعى للمعسرين قوله (يسعى للموسر) لأنه لا يدعى الضمان على صاحبه لإعساره وإنما يدعي عليه السعاية فلا يبرأ عنها ولا يسعى للمعسر لأنه يدعي الضمان على صاحبه ليساره فيكون مبرئا للعبد عن السعاية ح عن البحر قوله (والولاء موقوف) أي عندهما في الكل أي في يسارهما وإعسارهما واختلافهما لأن كل واحد منهما يحيله على صاحبه ويتبرأ عنه كذا في البحر قوله (حتى يتصادقا) أي على إعتاق أحدهما فلو مات قبل أن يتفقا وجب أن يأخذه بيت المال كذا في البحر قوله (كذا في
726 البحر إلخ) الإشارة راجعة إلى ما قرره من مذهب الإمام ومذهب الصاحبين قوله (ففي المتن خلل) هو قوله ولو تخالفا يسارا إلخ حيث أوهم أنها من كلام أبي حنيفة مع أنها منافية لقوله مطلقا والشارح أصلح المتن بقوله وقالا يسعى للمعسرين لا للموسرين وجعل قوله ولو تخالفا إلخ من تتمة كلام الصاحبين ح قوله (نبه على ذلك) أي نبه في حاشيته على المنح على هذا الخلل كذلك أي كما فهمه الشارح قوله (ولا بينة للبائع) أما لو كان له بينة ثبت حنث منكر الشراء فيعتق العبد كله عليه ويلزمه ثمن حصة البائع بموجب الشراء لا الإعتاق قوله (عتق بلا سعاية) أما عتقه فلأن كلا منهما يزعم أن شريكه الآخر حانث وأما عدم السعاية لمدعي البيع فلأن شريكه لما أنكر الشراء وكان القول قوله لم يثبت بيعه فقد وجد شرط عتق مدعي البيع فكان العتق من جهته فليس له سعاية على العبد وأما سعايته لمنكر الشراء فلأنه لم يثبت عتقه لإنكاره وإنما ثبت عتق شريكه لكن لم يثبت عتق شريكه إلا بسبب إنكاره فلم يكن له تضمينه لو كان موسرا وإن أضيف العتق حقيقة إلى تعليق مدعي البيع فكان المعلق صاحب العلة ومنكر صاحب الشرط والحكم يضاف لعلته ولذا لو رجع شهود الزنا وشهود الإحصان يضمن شهود الزنا فقط فلما كان إنكاره شرطا للعتق صار له دخل في عتقه فلا يضمن شريكه ولما كان الشريك مباشر العلة أضيف العتق إليه فكان للمنكر استسعاء العبد بكل حال أي سواء كان البائع موسرا أو معسرا هذا ما ظهر لي في توجيهه لكن قد يقال إنه كان ينبغي أن يسعى في نصفه لهما لأنه عتق نصفه بيقين لتعليق عتقه على الشراء وعدمه فلا بد من أن يكون الذي عتق منه حصة أحدهما وهو مجهول وكون الذي عتق حصة مدعي البيع غير ظاهر لأنه منكر شرط العتق وكون القول لشريكه أنه ما اشترى إنما يظهر بالنسبة لعدم لزوم الثمن فيكون القول له فيه والقول للبائع بالنسبة لعدم العتق كما لو علق طلاقها على عدم وصول نفقته إليها يوم كذا فادعى الوصول وأنكرت فالقول لها بالنسبة إلى لزوم النفقة والقول له بالنسبة إلى عدم الطلاق لأن القول لمنكر شرط الحنث وهنا كذلك نعم قيل إن القول للمرأة في الطلاق أيضا فيمكن أن يكون ما هنا مبنيا عليه فليتأمل قوله (لو البائع معسرا) لأنه عندهما يلزم السعاية عند الإعسار والضمان عند اليسار قوله (لم يسع لأحد) أي للبائع فلأن العتق من جهته وأما للشاري فلأن حقه في التضمين حينئذ دون الاستسعاء كما علمت قوله (في الأصح) هو رواية أبي حفص وفي رواية أبي سليمان يسعى لهما عندهم جميعا إن كانا معسرين وإن كانا موسرين يسعى لمدعي البيع في نصف قيمته فقط نهر عن المحيط قوله (ولو علق أحدهما) أي أحد الشريكين في عبد واحد ط قوله (بفعل) سواء كان فعل أجنبي أو المحلوف بعتقه ط قوله (مثلا) يعني أن ذكر الغد ليس قيدا بل المراد وقت معين لا فرق بين الغد واليوم والأمس بحر
727 وكذا ذكر الدخول ط قوله (فقال إن لم يدخل) أي فلان غدا الدار فأنت حر ط قوله (فمضى الغد) أي مع بقاء ملكهما إلى آخر الغد أما إذا أخرجه أحدهما عن ملكه قبل الغد بطل تعليقه بمضي الغد وينظر في تعليق الآخر إن علم وقوع شرطه عتق حظه وإلا فلا كما لا يخفي ط قوله (وجهل شرطه) أي شرط العتق وهو الدخول نفيا أو إثباتا فلو علم أحدهما ببينة أو إقرار الحالف لا إقرار فلان عمل بمقتضاه قوله (وسعى في نصفه) هذا عندهما وقال محمد يسعى في جميع قيمته لأن المقضي عليه بسقوط السعاية مجهول نهر قوله (مطلقا) أي موسرين أو معسرين أو مختلفين ح قوله (والمسألة بحالها) أي بأن حلف أحدهما على فعل فلان غدا عكسه الآخر قوله (كل واحد منهما لأحدهما) أي كل واحد من العبدين بتمامه مملوك لواحد معين من الحالفين قوله (لتفاحش الجهالة) لأن المجهول هنا شيئان العبد المقضي له بالحرية وبسقوط نصف السعاية عنه والحانث المقضي عليه بالعتق والمعلوم واحد وهو المقضي به حنث الحرية وسقط السعاية وفي العبد الواحد بالعكس لأن المقضي له بالحرية والمقضي به معلومان المجهول واحد وهو الحانث المقضي عليه فيمتنع القضاء عند غلبة الجهالة كما أفاده عن الزيلعي قوله (حتى لو اتحد المالك) غاية على مفهوم التقييد بتفاحش الجهالة وإنما حكم بعتق أحدهما لأن الجهالة في المقضي عليه ارتفعت ط قوله (عتق عليه أحدهما) ولا ينافي علمه بحنث أحد المالكين صحة شرائه للعبد لأنه قبل ملكه له غير معتبر كما لو أقر بحرية عبد ومولاه فقلنا ثم اشتراه صح وإذا صح شراؤه لهما واجتمعا في ملكه عتق عليه أحدهما لأن علمه معتبر الآن ويؤمر بالبيان لأن المقضي عليه معلوم كذا في الفتح قال في البحر وهو يفيد أن أحد الحالفين لو اشترى العبد من الحالف الآخر يصح ويعتق عليه ويؤمر بالبيان كما لا يخفي وفي المحيط هذا إذا علم المشتري بحالهما فإن لم يعلم فالقاضي يحلفهما ولا يجبر على البيان ما لم تقم البينة على ذلك اه قوله (أو الحالف) عطف على المالك فإنه لا جهالة هنا أصلا العلم بالحانث والمقضي له وهو العبد والمرأة والمقضي به وهو الحرية والطلاق فافهم والظاهر أن الحكم كذلك لو كانت اليمينان على عبديه في الفرق بين إن لم يدخل وبين إن لم يكن دخل قوله (عتق وطلقت) وقيل لا يعتق ولا تطلق لأن أحدهما معلق بعدم الدخول والآخر بوجوده وكل منهما يحتمل تحققه وعدمه قلنا ذاك في مثل قوله إن لم يدخل فعبدي حر بخلاف إن لم يكن دخل فإنه يستعمل لتحقيق الدخول في الماضي ردا على المماري في الدخول وعدمه فكان معترفا بالدخول وهو شرط الطلاق فوقع بخلاف إن لم يدخل ليس فيه تحقق وصيغة إن كان
728 دخل ظاهرة لتحقيق عدم الدخول ردا على من تردد فيه فكان معترفا بعد الدخول وهو شرط وقوع العتق فوقع بخلاف إن دخل فإنه ليس فيه تحقق أصلا فقد أشتبه على ذلك القائل تركيب بآخر وبه سقط أيضا قول الزيلعي فينبغي أن يفرق بين التعليق بكائن فيقع لتصور الإقرار فيه وبين غيره لعدمه اه من البحر والنهر وأصل الجواب للفتح قوله (بخلاف ما لو كانت الأولى بالله) قال ابن بلبان في باب اليمين تنقض صاحبتها من أيمان شرح تلخيص الجامع ما نصه لو كانت الأولى بالله تعالى بأن قال والله ما دخل هذه الدار ثم قال عبده حر إن لم يكن دخل لا تلزمه كفارة ولا عتق لأنه إن كان صادقا فلا كفارة وإن كان متعمدا للكذب فهو الغموس والغموس ليس مما يدخل تحت حكم الحاكم ليكون الحكم إكذابا لليمين الأخرى اه وقد تقدمت هذه المسألة معي طلاق المريض ونبهنا هناك على غلط الشارح في تصويرها ح قوله (ومن ملك قريبه) أي من يعتق عليه قوله (بسبب ما) أي بشراء أو هبة أو صدقة أو إرث نهر وصورة الإرث امرأة اشترت ابن زوجها ثم ماتت عن زوجها وعن أخيها وكذلك إذا كان لرجلين ابن عم لابن العم جارية تزوجها أحدهما فولدت ولدا ثم مات ابن العم جوهرة قوله (مع رجل آخر) أي بعقد واحد قبلاه جميعا قاله الإتقاني ويوضح هذا القيد المسألة الآتية حموي عن شرح ابن الحموي والمراد بالمسألة الآتية قوله وإن اشترى بعضه أجنبي أبو السعود قوله (بلا ضمان) أي لقيمة نصيب شريكه لو موسرا نهر قوله (علم الشريك) أي لأجنبي والضمير في بقرابته للشريك القريب ط قوله (على الظاهر) أي ظاهر الرواية وهو مرتبط بقوله بسبب ما وبقوله علم الشريك بقرابته أو لا وهذا قول الإمام وقالا يضمن في غير الإرث نصف قيمته إن كان موسرا وإن كان معسرا يسعى العبد في نصف قيمته لشريك قريبه المشتري كذا في مسكين ط قوله (لأن الحكم) هو الضمان أو عدمه يدار على السبب وهو التعدي أو عدمه وقد عدم التعدي هنا ط كما إذا قال لغيره كل هذا الطعام وهو مملوك للآمر ولا يعلم الآمر بملكه بحر قوله (أما لو ملك مستولدته) ولو بالإرث بحر وقوله بالنكاح متعلق بقوله مستولدته ط قوله (لكونه ضمان تملك) أي فلا يختلف باليسار والإعسار اه ح ولو قال الشارح فيضمن حظ شريكه ولو كان معسرا لكان أولى ليفيد أن هذه العلة للإطلاق ط قوله (فله) أي للأجنبي أن يضمن المشتري لوجوب التعدي ولو أبدل المشتري بالقريب لكان أوضح ط قوله (أو يستسعى العبد) لأن يسار المعتق لا يمنع السعاية عنده خلافا لهما قوله (هذه ساقطة) أي جملة قوله إن اشترى نصفه أجنبي إلخ سقطت من نسخة المتن التي شرحها المصنف ط قوله (لا يضمن لبائعه) وحينئذ فالبائع إن شاء أعتق نصيبه وإن شاء استسعى بحر قوله (مطلقا) أي موسرا كان أو معسرا وقالا لو موسرا
729 يجب عليه الضمان بحر قوله (لمشاركته) فإن علة دخول المبيع في ملك المشتري الإيجاب والقبول وقد تشاركا فيه نهر قوله (لزمه الضمان) أي لزم المشتري ضمان حصة الشريك الذي لم يبع لأنه لم يشاركه في العلة فلا يبطل حقه بفعل غيره ولا يضمن البائع شيئا بحر ط قوله (موسرا) فلو معسرا سعى العبد بالإجماع هندية ط قوله (وبعده أعتقه آخر) أي قبل الضمان أما لو أعتقه بعد تضمين الساكت المدبر ضمن المدبر المعتق ثلث قيمته قنا لأن الإعتاق وجد بعد تملك المدبر نصيب الساكت وإنما ضمنه الثلث الذي ضمنه الساكت قنا لبقائه قنا على ملكه فإن التدبير يتجزأ وثلثا الولاء للمدبر وثلثه للمعتق لأن ضمان المعتق ضمان جنايته لا ضمان تمليك ح عن البحر قوله (وهما موسران) أما لو كان المدبر معسرا فللمدبر الاستسعاء دون التضمين وكذا المعتق لو كان معسرا فللمدبر الاستسعاء دون تضمين المعتق بحر قوله (إن شاء) وإن شاء دبر نصيبه أو استسعى العبد في نصيبه أو أعتقه أو كاتبه أو تركه على حاله لأن نصيبه باق على ملكه فاسد بإفساد شريكه حيث سد عليه طرق الانتفاع بالبيع ونحوه ح عن الزيلعي قوله (ورجع بها) أي بثلث قيمته وأنث الضمير لاكتساب المضاف التأنيث من المضاف إليه كما في قطعت بعض أصابعي قوله (لأن التدبير إلخ) على حذف مضاف أي ضمان التدبير والحاصل أن التدبير لما كان متجزئا عنده اقتصر على نصيب المدبر وفسد به نصيب الآخرين حيث امتنع بيعه وهبته فلكل منهما الخيارات المارة فإذا اختار أحدهما العتق تعين حقه فيه فتوجه للساكت سببا ضمان تدبير المدبر وإعتاق المعتق غير أن له تضمين المدبر ليكون ضمان معاوضة إذ هو الأصل في المضمونات عندنا لكونه قابلا للنقل من ملك إلى ملك وقت التدبير لكونه قنا وقته ولا يمكن ذلك في الإعتاق لأجل التدبير لأنه لا يقبل النقل المذكور ولهذا يضمن المدبر وهذا عنده وعندهما صار العبد كله مدبرا وإعتاق المعتق باطل ويضمن لشريكيه ثلثي قيمته موسرا كان أو معسرا لأن التدبير لا يتجزأ عندهما وتمامه في الزيلعي قوله (لنقصه بتدبيره) علة لتضمينه المعتق ثلثه مدبرا فكان الأولى ذكره عقبة فإن المعتق أفسد على المدبر نصيبه مدبرا والضمان يتقدر بقدر المتلف زيلعي وأما علة عدم تضمينه المعتق ثلثه قنا وهو ما ملكه المدبر من جهة الساكت فهي إن ملكه ثبت مستندا أي إلى ما قبل الإعتاق فكان ثابتا من وجه غير ثابت من وجه فلا يظهر في حق التضمين ولهذا قلنا لو أعتقه بعد تضمين الساكت المدبر كان للمدبر تضمين المعتق ثلث قيمته قنا مع ثلثه مدبرا لأن الإعتاق وجه بعد تملك المدبر نصيب الساكت فله تضمين كل ثلث بصفته وتمامه في الفتح والحاصل أن المدبر يرجع على المعتق بما كان له قبل الإعتاق فإن كان الساكت ضمنه قيمة ثلثه صار للمدبر الثلثان قبل الإعتاق ثلث مدبر وثلث قن فيرجع بقيمتهما على المعتق وإن لم يكن ضمن للساكت شيئا حتى أعتق الآخر يرجع المدبر بما ضمنه للساكت على العبد كما مر
730 ويرجع بقيمة ثلثه المدبر على المعتق قوله (وسيجئ) أي في المتن آخر باب التدبير قال في البحر فلو كانت قيمته قنا سبعا وعشرين دينارا ضمن أي المعتق للمدبر ستة دنانير لأن ثلثيها وهو قمية المدبر ثمانية عشر وثلثها وهو المضمون ستة والمدبر يضمن للساكت تسعة قوله (أثلاثا) هذا قول الإمام وعلى قولهما الولاء كله للمدبر كما في الهداية وقد أهمل الشراح التنبيه على ذلك أبو السعود قوله (لعتقه هكذا على ملكهما) فإن أحد الثلثين كان للمدبر أصالة والآخر تملكه بأداء الضمان للساكت فصار كأنه دبر ثلثيه من الابتداء بخلاف المعتق فإنه وإن كان له ثلث أعتقه وثلث أدى ضمانه للمدبر ليس له إلا ثلث الولاء لأن ضمانه ضمان إفساد لا ضمان تملك ومعاوضة لما ذكرنا من أن المدبر غير قابل للنقل وحين أعتقه كان مدبرا ولو كان الساكت اختار سعاية العبد فالولاء بينهم أثلاثا لكل ثلثه فتح قوله (وأنكر شريكه) فلو صدقة كانت أم ولد له ولزمه نصف قيمتها ونصف عقرها كالأمة المشتركة إذا أتت بولد فادعاه أحدهما كما سيأتي بحر قوله (ولا بينة) أما لو كانت له بينة فهو كما لو صدقه قوله (تخدمه) أي المنكر قوله (بلا خدمة) أي لا تخدم أحدا ولا سعاية عليها للمنكر ولا للمقر لأنه يتبرأ منها ويدعي الضمان على شريكه وهذا عند أبي حنيفة وهو قول الثاني آخرا كما في الأصل وقال محمد ليس للمنكر إلا الاستسعاء في نصف قيمتها نهر قوله (ونفقتها في كسبها) قال في الفتح وفي المختلف في باب محمد أن نفقتها في كسبها فإن لم يكن لها كسب فعلى المنكر ولم يذكر خلافا في النفقة وقال غيره نصف كسبها للمنكر ونصفه موقوف ونفقتها من كسبها فإن لم يكن لها كسب فنصف نفقتها على المنكر لأن نصف الجارية للمنكر وهذا اللائق بقول أبي حنيفة اه قال في النهر ونسبه العيني إليه قوله (وجنايتها موقوفة) أي إلى تصديق أحدهما صاحبه فتح ولم يفصل بين جنايتها والجناية عليه وفي النهر عن المحيط والجناية عليها موقوفة في نصيب المقر دون المنكر فيأخذ نصف الأرش وأما جنايتها فقيل هي كذلك والصحيح أنها موقوفة في حقها لأنه تعذر إيجابها في نصيب المنكر عليه لعجزه عن دفعها لها من غير صنع منه فلا تلزمه الفدية فوجب التوقف في نصيبه ضرورة كالمقر بخلاف الجناية عليها لأنه أمكن دفع نصف الأرش إلى المنكر اه أم الولد لا قيمة لها خلافا لهما قوله (إلا لضرورة إسلام أم ولد النصراني) فإنها تسعى في قيمتها وهو ثلث قيمتها قنة كما يأتي في الاستيلاد لأنه يعتقد تقومها أمرنا بتركهم وما يدينون وحكمنا بكتابتها عليه دفعا للضرر عنها إذ لا يمكن بقاؤها مملوكة له ولا إخراجها مجانا ط عن الزيلعي قوله (وقوماها) أي قالا لها قيمة وهي ثلث قيمتها قنة قوله (فلا يضمن غني إلخ) تفريع على ما مهده به يظهر أثر الخلاف وقيد بالغني لأنه محل الخلاف أما المعسر فلا يضمن اتفاقا بل تسعى عندهما للساكت
731 في نصف قيمتها قوله (فأعتقها أحدهما إلخ) أي أعتق نصيبه فإن يعتق كلها ولا سعاية عليها ولا ضمان على المعتق عند أبي حنيفة خانية وبه علم أن عتق أم الولد لا يتجزأ لأنه عتق كلها بعتق بعضها اتفاقا كما سيأتي في بابها قوله (وكذا لو ولدت) أي ولدا آخر به الولد المشترك ط قوله (ولا ضمان) أي لا يضمن لشريكه قيمة الولد عنده لأن ولد أم الولد كأمه فلا يكون متقوما عنده بحر عن الكافي وقوله ولا سعاية أي على الولد ولا على أمه قوله (خلافا لهما) فعندهما يضمن الموسر في المسألتين ولو معسرا تسعى الأم في الأولى والولد في الثانية (تنبيه) زعم الزيلعي أن ما هنا مخالف لما سيأتي في الاستيلاد من أنه لو ادعى ولد أمه مشتركة ثبت نسبه منه وهي أم ولده وضمن نصف قيمتها ونصف عقرها لا قيمة ولدها ولم يذكروا خلافا فيه فإذا لم يضمن ولد القنة فكيف يضمن عندهما ولد أم ولده مع أنه لم يعلق شئ منه على ملك الشريك وأجاب في البحر بأنه لم يضمن ولد القنة لأن ملكها بالضمان فتبين إنه علق على ملكه فلا يغرمه بخلاف ولد أم الولد لأنها لا تقبل النفل فلم يكن الاستيلاد في ملكه التام فيضمن نصيب شريكه وتمامه فيه قوله (وإنما تضمن بالجناية إجماعا) أي بثلث قيمتها قنة ط واحترز بالجناية عن الغصب فإنه على الخلاف فلا تضمن به عنده لو ماتت خلافا لهما كما في النهر قوله (لأنه ضمان) كما لو قتلها حيث يضمن بالاتفاق فتح قوله (ولذا يضمن الصبي الحر بمثله) أي بمثل هذا الفعل فإنه لو قربه رجل إلى سبع فافترسه يضمن الرجل ديته مع أنه حر لا قيمة له أصلا فأم الولد بالأولى فليس التقييد بالحر للاحتراز عن المملوك بل لكون الحر أشبه أم الولد في عدم التقوم فافهم قوله (عنده) أي حصرا عنده ط قوله (يؤمر بالبيان) فإن بدأ ببيان الإيجاب الأول فإن عنى به الخار عتق الخارج بالإيجاب الأول وتبين أن الإيجاب الثاني بين الثابت والداخل وقع صحيحا لوقوعه بين عبدين فيؤمر بالبيان لهذا الإيجاب وإن عني بالإيجاب الأول الثابت عتق الثابت بالإيجاب الأول وتبين أن الإيجاب الثاني وقع لغوا لوقوعه بين حر وعبد في ظاهر الرواية وإن بدأ ببيان الإيجاب الثاني فإن عني به الداخل عتق الداخل بالإيجاب الثاني وبقي الإيجاب الأول بين الخارج والثابت على حاله كما كان فيؤمر بالبيان وإن عني به الثابت بالإيجاب الثاني وعتق الخارج بالإيجاب الأول لتعينه للعتق بإعتاق الثابت وكذا في البحر ح قوله (وإن مات) أي السيد أما لو مات أحد العبيد قبل البيان فالموت بيان فإن مات الخارج عتق الثابت بالإيجاب الأول لزوال المزاحم وبطل الإيجاب الثاني وإن مات الثابت تعين الخارج بالإيجاب الأول والداخل بالإيجاب الثاني وإن مات الداخل خير في الإيجاب الأول فإن عنى به الخارج تعين الثابت بالإيجاب الثاني وإن عنى به الثابت بطل الإيجاب الثاني كذا في التاترخانية ومثله في المعراج والعناية والفتح القدير وغرر الأذكار وغيرها فما في البحر تبعا للبدائع من قوله في الصورة الأخيرة
732 فإن عني به الخارج عتق بالإيجاب الأول وبقي الإيجاب الثاني بين الداخل والثابت فيؤمر بالبيان إلخ مشكل فإن الموت بيان فموت الداخل يقتضي تعين الثابت بالإيجاب الثاني فلعله تحريف أو سبق فلم فافهم قوله (عتق ممن ثبت ثلاثة أرباعه ومن كل من غيره نصفه) الخارج فلأن الإيجاب الأول دائر بينه وبين الثابت فأوجب عتق رقبة بينهما فيصيب كلا منهما النصف إذ لا مرجح وكذا الإيجاب الثاني بينه وبين الداخل غير أن نصف الثابت شاع في نصفيه فما أصاب منه المستحق بالأول لغا وما أصب الفارغ من العتق فتم له ثلاثة الأرباع ولا معارض لنصف الداخل فعتق نصفه عندهما قال محمد يعتق ربعه لأنه إن أريد بالإيجاب الأول الخارج صح الثاني وإن أريد الثابت بطل فدار بين أن يوجب أو لا فينتصف فيعتق نصف رقبة بينهما نهر قوله (لثبوته إلخ) جواب عما يقال هذا ظاهر عند الإمام لتجزي العتق عنده أما عندهما فلا لعدم تجزيه والجواب أن قولهما بعدم التجزي إذا وقع في محل معلوم أما إذا كان الحكم بثبوته للضرورة وهي متضمنة لانقسامه انقسم للضرورة وهي لا تتعدى موضعها والحاصل أن عدم التجزي عند الإمكان والانقسام ضروري كذا في الفتح ثم ذكر فيه إيرادا قويا لبعض الطلبة ونقله ح فراجعه وذكره أيضا في البحر والنهر قوله (وضاق الثلث عنهم إلخ) أما لو خرجوا في الثلث أو أجاز الورثة فحكم المرض كالصحة قوله (وقيمتهم سواء) ليس هذا القيد لازما حكما شرنبلالية قوله (كما مر) أي على ثلاثة أرباع الثابت ونصفي الداخل والخارج قوله (بأن جعل إلخ) بيانه أن حق الخارج في النصف وحق الثابت في ثلاثة الأرباع وحق الداخل عندهما في النصف أيضا فيحتاج إلى مخرج له نصف وربع وأقله فتعول إلى سبعة فحق الخارج في سهمين وحق الثابت في ثلاثة وحق الداخل في سهمين فبلغت سهام العتق سبعة فجعل ثلث المال سبعة لأن العتق في المرض وصية ويصير ثلثا المال أربعة عشر هي سهام السعاية وصار جمع المال أحدا وعشرين وماله ثلاثة أعبد فيصير كل عبد سبعة فيعتق من الخارج سهمان ويسعى في خمسة وكذا الداخل ويعتق من الثابت ثلاثة ويسعى في أربعة فبلغ سهام الوصايا سبعة وسهام السعاية أربعة عشر فاستقام الثلث والثلثان وتمامه في الدرر قال السائحاني فإن لم تستو قيمتهم بأن كانت قيمة الثابت أحدا وعشرين والخارج أربعة عشر والداخل سبعة فالمال اثنان وأربعون وثلثه أربعة عشر وسهام الوصية سبعة فيوضع عن الثابت ستة وعن الخارج أربعة وكذا عن الداخل ويسعى الثابت في خمسة عشر والخارج في عشرة والداخل في ثلاثة فسهام السعاية ثمانية وعشرون قوله (ومهرهن سواء) هذا القيد ليس لازما أيضا كما في الشرنبلالية قوله (ليفيد البينونة) قال في المنح إنما فرضت المسألة في الطلاق قبل الوطء ليكون الإيجاب الأول موجبا
733 للبينونة فما أصاب الإيجاب الأول لا يبقى محلا للإيجاب الثاني فيصير في هذا المعنى كالعتق اه ح قوله (ثم بالإيجاب الثاني سقط الربع إلخ) قيل هذا قول محمد وعندهما يسقط ربع مهر الداخلة كما في العتق والمختار أنه بالاتفاق كما في الملتقى وغيره والفرق لهما كما في العناية هو أن الثابت في العتق بمنزلة المكاتب لأنه حين تكلم كان له حق البيان وصرف العتق إلى أيهما شاء من الثابت والخارج فما دام له حق البيان كان كل واحد من العبدين حرا من وجه عبدا من وجه فإذا كان الثابت كالمكاتب كان الكلام الثاني صحيحا من وجه لأنه دار بين المكاتب والعبد إلا أنه أصاب الثابت منه الربع والداخل النصف لما قلنا فأما الثابتة في الطلاق فمترددة بين أن تكون منكوحة أو أجنبية لأن الخارجة أن كانت المرادة بالإيجاب الأول كانت الثابتة منكوحة فيصح الإيجاب الثاني فيسقط نصف النصف هو الربع موزعا بين مهر الداخلة والثابتة فيصيب كل واحدة منهما الثمن اه قوله (من ربع) أي إن لم يكن فرع وارث وقوله أو ثمن أي إذا كان فرع وارث ط قوله (لأنه لا يزاحمها إلا الثابتة) أي لا يشاركها في الزوجية واعلم أنه لم يزاحم الداخلة إلا إحدى الأوليين غير معينة والأخرى مطلقة بيقين فاستحقت الداخلة النصف وتنصف النصف الآخر بين الخارجة والثابتة فالأولى أن يقول لأنه لا يزاحمها إلا واحدة أي غير معينة ط ملخصا من ح قوله (احتياطا) في أمر الفروج وهي مما يجب الاحتياط فيها ط عن المصنف قوله (الطلاق) أي لا عدة الطلاق لعدم الدخول بهن والعدة في الطلاق إنما تجب بعد الدخول ط والمراد بالدخول الشامل للخلوة الصحيحة قوله (في طلاق بائن) بأن كان قبل الدخول أو بعده فقال طالق بائن أو ثلاثا فتح ثم قال وإنما قيدنا به لأنه لو كان رجعيا لا يكون الوطء بيانا لطلاق الأخرى لأنه يحل وطء المطلقة الرجعية اه وأما بالنسبة إلى الموت فهو غير قيد لأن الطلاق مطلقا لا يقع على الميتة فتعينت الأخرى قوله (قيل إلخ) قال في الفتح وهل يثبت البيان في الطلاق بالمقدمات في الزيادات لا يثبت وقال الكرخي يحصل بالتقبيل كما يحصل بالوطء اه قوله (لا الطلاق) قال في البحر قيد بالوطء والموت لأنه لو طلق إحداهما ينبغي أن لا يكون بيانا لأن المطلقة يقع الطلاق عليها ما دامت في العدة فلا يدل على أن الأخرى هي المطلقة اه وفيه إجمال والتفصيل أن يقال ن كان الطلاق المبهم رجعيا لا يكون طلاق المعينة بيانا رجعيا كان أو بائنا وإن كان بائنا فإن كان طلاق المعينة رجعيا فكذلك وإن كان بائنا كان بيانا لما علم من أن البائن لا يلحق البائن ح قلت ويشير إلى هذا قول القهستاني ولو طلق طلقة واحدة فهل هو بيان قبل مدة صالحة
734 لانقضاء العدة وينبغي أن يكون بيانا لأن الطلاق الرجعي لا يحرم الوطء اه وأفاد بقوله قبل مدة إلخ إلى زيادة قيد آخر قوله (وهل التهديد بالطلاق كالطلاق) لا معنى لهذا البحث بالنسبة لما قاله من أن الطلاق لا يكون بيانا لأن الطلاق إذا لم يكن بيانا وهو أقوى فلأن يكون التهديد بيانا وهو أدنى أولى نعم لو كان كل من المبهم والمعين بائنا لكان له وجه كما هو ظاهر ح قلت قد يجاب بأن الطلاق إنما لم يكن بيانا لإمكان وقوعه على المطلقة كما علمت أما التهديد فإنما يكون بغير الحاصل إذ لو كان المهدد به حاصلا لم يكن للتهديد به معنى فعلم بالتهديد أن المطلقة غيرها إلا أنه قد يقال يجوز أن يكون تهديدا بطلاق آخر لكنه خلاف المتبادر فظهر أن تردد الشارح في محله فافهم قوله (كالعرض على البيع كالبيع) في بعض النسخ والعرض بالواو عطفا على التهديد والصواب الكاف لأنه لا يناسبه قوله لم أره فإن كون العرض على البيع بيانا في العتق المبهم كالبيع مشهور فإنه صرح به في متن الملتقى الذي شرحه وكذا في البحر والنهر والقهستاني الحربي المجمع وغيرها وهذه الكتب مآخذ شرحه فكيف يقول لم أره وحينئذ فوجه الشبه أن التهديد بالطلاق في معنى عرض الطلاق عليها لأن قوله أطلقك إن فعلت كذا بمنزلة قوله أبيع عبدي هذا قوله (كبيع إلخ) ابتداء كلام لتشبيه البيع وما عطف عليه بما مر من كون كل من المذكورات بيانا في عتق مبهم فإنه لو قال أحدكما حر ثم باع عبدا معينا منهما لم يبق محلا للعتق من جهته فتعين الآخر للعتق وقوله ولو فاسدا شمل ما كان معه قبض أو لا وما كان مطلقا أو بشرط خيار كما في القهستاني وغيره قال في النهر وظاهر أنه لو باعهما معا لم يكن بيانا لبطلان البيع لأن أحدهما حر بيقين اه قلت التعليل ببطلان البيع غير مفيد لما علمت من أن العرض على البيع كالبيع وكذا المساومة وليس في ذلك بيع أصلا بل الأولى التعليل بأنه لم يخص أحدهما بتصرف يدل على تعين الآخر للعتق قوله (وموت) أي موت أحد العبدين لأنه لم يبق محلا للعتق أصلا وقوله ولو بقتل العبد نفسه بحث لصاحب النهر أخذا من الإطلاق فإنه مثل ما لو قتله أجنبي أما لو قتله المولى فظاهر كونه بيانا لأنه بفعله قال في النهر وإذا أخذ المولى القيمة من الأجنبي القاتل فبين العتق في المقتول عتقا وكانت القيمة لورثة المقتول اه أي الإقرار المولى بحريته فلا يستحقها بحر واحترز بالموت عن قطع اليد فإنه لا يكون بيانا غير أن المولى إن بين العتق فيه فالأرش له فيما ذكر القدوري وقال الإسبيجابي للمجني عليه نهر قوله (وتحرير) المراد به إنشاؤه فيعتق هذا بالإعتاق المستأنف وذاك باللفظ السابق ولو ادعى أنه عنى بقوله أعتقتك ما لزمه بقوله أحدكما حر صدق قضاء ولو لم يقل شيئا عتقا بحر ونهر قوله (ولو معلقا) كأن قال لأحدهما إن دخلت الدار فأنت حر يعتق الآخر بحر أي يتعين للعتق الأول وكذا المضاف كأنت حر غدا قال ط لأنه أقوى لتحقق مجئ الزمان بخلاف دخول الدار اه قلت ولانعقاده علة في الحال بخلاف المعلق قوله (وتدبير) لأن فيه إبقاء الانتفاع إلى موته أو إلى ما قيده به وكذا الاستيلاد وذلك يعين إرادة العبد الآخر بالعتق المبهم قوله (وإجارة) قال الزيلعي ولا يقال الإجارة لا تختص
735 بالملك لجواز إجارة الحر لأنا نقول الاستبداد بإجارة الأعيان على وجه يستحق الأجر لا يكون إلا بالملك فتكون تعيينا دلالة وهكذا تقول في الإنكاح اه ح قوله (وإيصاء) أي إيصاء به بحر لأنه تمليك بعد الموت للموصي له قوله (ورهن) لأن استبداده به على وجه يكون مضمونا بالدين لو هلك دليل على استبقائه على ملكه فيعين الآخر مرادا بالعتق قوله (ولو غير مسلمتين) أشار به إلى أن قول المتن مسلمتين تبعا للهداية قيد اتفاقي كما نبه عليه في كافي النسفي لأن قيد التسليم لإفادة الملك وهو غير السري قوله (فهذه) أي هذه التصرفات حنث الهبة والصدقة أولى بكونها بيانا حالة كونها بدون قبض وتسليم قوله (بخلاف الإقرار) أي بالمال قال في الاختيار كأن قال لأحد هذين الرجلين علي ألف درهم فقيل أهو هذا فقال لا لا يجب للآخر شئ والفرق أن التعيين في الطلاق العتاق واجب عليه فإذا نفاه عن أحدهما تعين الآخر إقامة للواجب أما الإقرار فلا يجب عليه البيان فيه لأن الإقرار بالمجهول (1) لا يلزم حتى لا يجبر عليه فلم يكن نفي أحدهما تعيينا للآخر اه قوله (ولو جنى أحدهما) أما لو جنى عليه بقتل أو قطع فقد مر قوله (دفعا للضرر) أي عن المولى قوله (لا يكون الوطء إلخ) لأن الملك قائم في الموطوءة لأن الإيقاع في المنكرة والموطوءة معينة فكان وطؤها حلالا فلا يجعل بيانا ولهذا حل وطؤها على مذهبه بحر قوله (فيه) أي في العتق المبهم قوله (حبلت أو لا) أشار به إلى أن قول الإمام مقيد بعدم الحبل فلو حبلت عتقت الأخرى اتفاقا كما في البحر لقوله (وعليه الفتوى) قال في البحر والحاصل أن الراجح قولهما وأنه لا يفتي بقول الإمام كما في الهداية وغيرها لما فيه من ترك الاحتياط مع أن الإمام ناظر إلى الاحتياط في أكثر المسائل وفي الفتح الحق أنه لا يحل وطؤهما كما لا يحل بيعهما قوله (لعدم حله إلا في الملك) حاصله أن وطء إحداهما جائز بلا خلاف فلو لم يكن بيانا لتخصيص العتق الأخرى لزم وقوع الوطء في غير الملك ولا سيما على قوله بحل وطء الأخرى إذ لا شك أن إحداهما حرة بيقين كذا ظهر لي في تقرير هذا المحل قوله (بخلاف الإنشاء) ظاهره أن جملة أحدكما مشهور لا تصلح لإنشاء الحرية مع أنه يصلح فالوجه التفصيل بين إرادة الإخبار فلا يكن الموت بيانا وبين إرادة الإنشاء فيكون ط قوله (ولم يدر الأول)
(1) قوله: (لان الاقرار بالمجهول) هكذا بخطه، ولعل الأصوب للمجهول باللام بدليل صدر العبارة تأمل ا ه مصححه. 736 أي بأن تصادقا على ذلك أما لو اتفقا على أن الغلام أولا عتقت الأم والجارية أو أنه كان ثانيا لم يعتق أحد وتمامه في ح عن الشرنبلالية قوله (بكل حال) أي على تقدير ولادته أولا أو ثانيا لأن ولادته شرط لحرية الأم فتعتق بعد ولادته فلا يتبعها قوله (لعتقهما بتقديم الذكر) فتعتق الأم بالشرط وعتق البنت بالتبعية لأن الأم حرة حين ولدتها بحر وتمام الكلام على هذه المسألة فيه قوله (لو أمتيه) أتى بالمبالغة لأن عتق الأمة لا يتوقف على الدعوى إجماعا لما فيه من تحريم فرجها على المولى وهو خالص حقه تعالى فأشبه الطلاق لكن لم تقبل الشهادة هنا لأنها على عتق مبهم وهو لا يحرم الفرج عنده قوله (لكونها على عتق مبهم) أي فلم تصح الدعوى لجهالة من له الحق قوله (ألا أن تكون إلخ) الاستثناء منقطع بحر ورده في النهر بأن متصل وفيه نظر إذ لا يصح اتصاله قي قوله أو طلاق مبهم فافهم قوله (ومنها التدبير في الصحة والعتق في المرض) المناسب إسقاط قوله ومنها والإتيان بالكاف لأن المراد بالوصية هنا ما ذكر كما فسرها به في البحر والنهر وغيرهما وقيد بالتدبير في الصحة لا للاحتراز بل للعلم بكونه وصية في حال المرض بالأولى ثم اعلم أن المتبادر من كلام المصنف قبول الشهادة فيما ذكر سواء أديت في مرض موته أو بعده وبه صرح في الهداية وقال إنه الاستحسان يعني عند الإمام وللشرنبلالي رسالة سماها (إصابة الغرض الأهم في العتق المبهم) اعترض فيها على الهداية وشرحها بما في شرح الطحاوي للإسبيجابي حيث قال فيه وإذا شهد على رجل أنه قال لعبديه أحدكما حر والعبدان يدعيان أو يدعي أحدهما ففي قولهما تقبل هذه الشهادة يجبر على البيان وأما على قول أبي حنيفة إن كان هذا في حال الحياة فلا تقبل وإن شهدا بعد الوفاة فإن قالا إن كان في حال الصحة فهو على الاختلاف أيضا وإن قالا كان كذلك في المرض تقبل استحسانا ويعتق من كل واحد نصفه على اعتبار الثلث ولو شهدا أنه قال لعبديه أحدهما مدبر فإن شهدا في حال الحياة فهو على الاختلاف وإن كان بعد الوفاة يقبل سواء ان القول في المرض أو الصحة لأن هذه وصية والجهالة لا تبطل الوصية اه ثم قال في آخر الرسالة والحاصل أن الشهادة بأنه أعتق أحدهما في صحته لا تقبل عنده أصلا غير أن الأصح أنهما لو شهدا بعد موت المولى أنه قال في صحته أحدكما حر تقبل كما ذكره ابن الهمام ونقل تصحيحه ابن كمال باشا عن المحيط وأما الشهادة على أنه أعتق أحدهما في المرض أو دبر أحدهما في الصحة أو في المرض فلا تقبل حال حياة المولى بل بعد موته اه ملخصا قلت ويؤيده ما في كافي الحاكم حيث قال وإن شهدا أنه أعتق أحد عبديه بغير عينه فالشهادة باطلة في قول أبي حنيفة ولو قالا كان هذا الموت استحسنت أن أعتق من كل واحد منهما نصفه
737 وقال أبو يوسف ومحمد الشهادة جائزة في الحياة أيضا اه قوله (يحرم الفرج) أي فرجيهما حتى يبين ولو بوطء وإذا تبين به أنها زوجته تبين عدم حرمته ط قوله (فلا يحرمه عنده) أي لا يحرم فرجيهما بل يحل وطؤهما عنده كما مر قوله (على الأصح) مقابله ما مر آنفا عن شرح الطحاوية قوله (ولا يعرفونه) الأولى ولا يعرفانه قوله (للجهالة) علة لقوله فلا عتق ولقوله لم تقبل أي لجهالة المشهود له وهما لم يشهدا بما تحملاه وهو عتق معلوم أو معلومة أو طلاقها وهو قول في الإمام وعند زفر تقبل ويجبر على البيان قال في الفتح ويجب أن يكون قولهما كقول زفر في هذه لأنها كشهادتهما على عتق إحدى أمتيه أو طلاق إحدى زوجتيه اه ط والله سبحانه أعلم الحلف بالعتق شروع في بيان التعليق بعد التنجيز وإنما مسألة التعليق بالولادة في معتق البعض لبيان أنه يعتق منه البعض عند عدم العلم نهر وهو بكسر اللام الحدود سماعي وجاء بسكونها وتدخله التاء للمرة كقوله حلفت لها بالله حلفة فاجر وتمامه في الفتح قوله (فكل مملوك لي) يشمل العبد والأمة فإنه كالآدمي يقع على الذكر والأنثى كما في الذخيرة قهستاني ويأتي بيانه وفي بعض النسخ بعد قوله لي زيادة وهي بخلاف قوله لعبد غيره إن دخلت الدار فأنت حر فاشتراه فدخل لم يعتق لأنه لم يضف العبد إلى ملكه لا صريحا ولا معنى قوله (ولو ليلا) أي ولو كان دخوله ليلا أفاد أن لفظ اليوم مراد به الوقت لأنه ضيف إلى فعل لا يمتد وهو الدخول فتح تحقيق مهم في يومئذ قوله (لأن المعنى يوم إذ دخلت) أشار به إلى أن إضافة يوم إلى الدخول أخذ بالحاصل وميل إلى جانب المعنى وإلا فالذي يقتضيه التركيب أن يوما إلى إذ المضافة إلى الدخول قال في الفتح لأنه أضيف إلى فعل لا يمتد وهو الدخول وإن كان في اللفظ إنما أضيف إلى إذ المضافة للدخول لكن معنى إذ غير ملاحظ وإلا كان المراد يوم وقت الدخول وهو إن كان يمكن على معنى يوم الوقت الذي فيه الدخول تقييدا لليوم لكن إذا أريد به مطلق الوقت يصير المعنى
738 وقت وقت الدخول ونحن نعلم مثله كثيرا في الاستعمال الفصيح كنحو (ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله) ولا يلاحظ فيه شئ من ذلك إذ لا يلاحظ في هذه الآية وقت يغلبون (1) يفرح المؤمنون ولا يوم وقت يغلبون يفرحون ونظائره كثيرة في كتاب الله تعالى وغيره فعرف أن لفظ إذ لم يذكر إلا تكثيرا للعوض عن الجملة المحذوفة أو عمادا له حنث التنوين لكونه حرفا واحدا ساكنا تحسينا ولم يلاحظ معناها ومثله كثير في أقوال أهل العربية في بعض الألفاظ لا تخفي على من له نظر فيها اه ح قوله (فاعتبر ملكه وقت دخوله) فيشمل من لم يكن في ملكه وقت الحلف ثم اشتراه ثم دخل ومن كان وبقي حتى دخل قوله (ولذا) أي لكون المعنى ما ذكر فإنه مستفاد من لفظة يومئذ قوله (لأن لي أو أملكه للحال) أي فإن لي متعلق بثابت مثلا وهو اسم فاعل والمختار في الوصف من اسم الفاعل أو المفعول أن معناه قائم حال التكلم بمن نسب إليه على وجه قيامه به أو وقوعه عليه وصيغة المضارع وإن كانت تستعمل للاستقبال لكن عند الإطلاق يراد بها الحال عرفا وشرعا ولغة واللام للاختصاص فلزم من التركيب اختصاص ياء المتكلم بالمتصف بالمملوكية للحال فلو نوى الاستقبال لم يصدق لصرفه عن ظاهره فيعتق ما ملكه للحال لما ذكرنا وكذا ما استحدث الملك فيه لإقراره ولو قال كل مملوك أملكه اليوم فهو حر عتق ما في ملكه وما استفاد ملكه في اليوم ومثل اليوم الشهر والسنة فإن عني أحد الصنفين صدق ديانة لا قضاء وتمامه في البحر وفيه كل مملوك أشتريه فهو حر إن كلمت زيدا أو إذا كلمته فهو على ما يشتريه قبل الكلام لا بعده وإن قدم الشرط فبالعكس وكذا إن وسطه مثل كل مملوك اشتريته إذا أدخلت الدار فهو حر ولا يعتق ما اشترى قبله إلا أن ينويهم قوله (ودبر) بالبناء للفاعل كما يفيده قول المصنف في شرحه إن من مفعوله لكن الأظهر بناؤه للمفعول ومن نائب الفاعل قوله (مملوك) كذا في النسخ التي رأيناها وصوابه النصب اه ح قوله (بل مقيدا من ملكه بعده) حاصله أن من كان في ملكه يوم الحلف يصير مدبرا مطلقا فلا يصح بيعه بعد هذا القول ومن ملكه بعده يصير مدبرا مقيدا فيصح بيعه قبل موت سيده قوله (عتقا من الثلث) هذا ظاهر مذاهب الكل وعن الثاني لا يعتق ما استفاده بعد لأن اللفظ حقيقة للحال كما سبق فلا يعتق به ما سيملكه لهما أن هذا أي مجموع التركيب إيجاب عتق وإيصاء أيضا بقوله بعد موتي ولذا اعتبر من الثلث فمن حيث الجهة الأولى يتناول المملوك حتى صار مدبرا مطلقا ومن حيث الجهة الثانية يتناول المستفاد لما استقر أن الوصية يعتبر فيها كل من الجهتين ألا ترى أنه يدخل في الوصية بالمال الأولاد فلأن ما يستفيده ومن يولد له بعدها
(1) قوله: (وقت يغلبون الخ) الخ هكذا بخطه، ولعل الموافق لأول العبارة وقت وقت يغلبون بتكرار كلمة وقت تأمل ا ه مصححه. 739 فيصير كأنه قال عند الموت كل مملوك أملكه فهو حر اه نهر قوله (لأنه تبع لأمه) لأنه كعضو من أعضائها ولذا لم يجز عن الكفارة ولم تجب صدقة فطره ولا يجوز بيعه منفردا نهر قوله (ولو لم يقل إلخ) يعني أن المملوك لا يتناول الحمل سواء وصف المملوك بذكر أو لا وإنما فائدة وصفه به عدم دخول أم الحمل فلو لم يوصف به الخطبة أمه ولكن يعتق هو بتناول اللفظ له بل بتبعيته لها وبه اندفع ما فهمه في البحر كما أفاده في النهر ذكر في الفتح أن تناول مملوك للأم على أن الاستعمال استمر فيه على الأعمية أو على أنه اسم لذا متصفة بالمملوكية وقيد التذكير ليس جزء مفهوم وإن كان التأنيث جزء مفهوم مملوكة فيكون مملوك أعم من مملوكة فالثابت فيه عدم الدلالة على التأنيث لا الدلالة على عدم التأنيث اه لكن ذكر أيضا في الأيمان في باب الحلف بالعتق والطلاق أن لفظ كل مملوك للرجال حقيقة لأنه تعميم مملوك وهو الذكر وإنما يقال للأنثى مملوكة ولكن عند الإطلاق يستعمل لها المملوك عادة إذا عم بإدخال كل ونحوه فيشمل الإناث حقيقة فلذا كان نية الذكور خاصة خلاف الظاهر فلا يصدق قضاء ولو نوى النساء وحدهن لم يصدق أصلا اه قوله (لا يتناول المكاتب) لأنه غير مملوك على الإطلاق إذ هو حر يدا ولأنه غير عبد كذلك لأنه يتصرف بلا إذن سيده والعبد ليس كذلك وسيأتي في باب الحلف بالعتق والطلاق عن الفتح أنه ينبغي في كل مرقوق لي حر أن يعتق المكاتب لأن الرق فيه كامل لا أم الولد إلا بالنية قوله (والمشترك) قال في البحر إلا بالنية وذكر في المحيط إلا إذ ملك النصف الأخير بعده فإنه يعتق في قوله إن ملكت مملوكا فهو حر لأنه وجد الشرط وهو مملوك كامل فلو باع نصيبه ثم اشترى نصيب شريكه لم يعتق استحسانا وتمامه فيه قوله (على الصواب) تخطئه لصاحب المجتبى في قوله لا يدخل العبد المرهون والمأذون في التجارة كما ذكره في البحر ح ثم المأذون إن لم يكن عليه دين عتق عبيده إن نواهم السيد وإلا فلا وإن كان عليه دين لم يعتقوا وإن نواهم كذا في الفتح وغيره ط قوله (ولو نوى الذكور) أي بقوله كل مملوك لي حر فإنه لا يصدق في القضاء لأنه خلاف الظاهر في عرف الاستعمال ويصدق ديانة ط قوله (دين) لأنه نوى تخصيص العام فقد نوى ما يحتمله يسير فيصدق ديانة لكنه خلاف الظاهر فلم يصدق قضاء اه ح والأولى أن يقول أو نوى غير المدبر لأن عدم نية المدبر صادق بعدم نية شئ أصلا وذلك لا يكون تخصيصا أفاده ط قوله (لم يدين إلخ) أي في نيه المذكور لأنه تخصيص للعام وهو مماليكي فإنه جمع مضاف فيعم مع احتمال التخصيص ولما أكد بكلهم ارتفع احتمال التخصيص بخلاف كل مملوك فإن الثابت فيه أصل العموم فقط فقبل التخصيص أفاده في البحر قوله (حنث) لأن الكتابة عتق معلق بأداء النجوم وفي شراء القريب قد باشر سبب الإعتاق وفي الثالثة باع العبد لنفسه وهو إعتاق ط قوله (وصحيحا لا) والفرق أن
740 نزول العتق المعلق بعد الشرط وهو بعد البيع ليس بمملوك فلا يعتق والملك في البيع الفاسد باق لا يزول إلا بتسليمه فيعتق إلا أن يكون المشتري تسلمه قبل البيع فحينئذ يزول ملكه بنفس البيع فلا يعتق كما في الفتح عن المبسوط قوله (عتق) لأن الدخول فعل العبد المنكر الدار في شهادته به غير متهم فصحت شهادته فتح قوله (لأنها على فعل نفسه) كذا قال في الفتح أي لأن شهادة فلان على فعل نفسه وهو التكليم قال المقدسي وفيه أنه إنما شهد على فعل العبد وإنما يظهر هذا لو قال إن كلمك فلان قوله (ولو شهد ابنا فلان) أي في صورة التعليق على كلام أبيهما قوله (جازت إن جحد) أي الأب لأنها على أبيهما بالكلام وعلى أنفسهما بوجود الشرط فتح قوله (عند محمد) لأنه لا منفعة للمشهود به لأبيهما فمحمد يعتبر المنفعة لثبوت التهمة وأبو يوسف يعتبر مجرد الدعوى والإنكار لأن بشهادتهما يظهر أن صدقه فيما يدعيه فتح والله سبحانه أعلم العتق على جعل أخره لأن الأصل عدمه قوله (بالضم إلخ) قال في البحر والجعل في اللغة بضم الجيم ما يجعل للعامل على عمله ثم سمي به ما يعطي المجاهد ليستعين به على جهاده أو جعلت له أعطيته له والجعائل جمع جعيلة أو جعالة بالحركات بمعنى الجعل وكذا في المغرب وقوله بالحركات أي حركات الفاء في جعالة أي الضم والفتح والكسر وقد اقتصر في العناية تبعا للجوهري على الكسر واعترضه في النهر بأن المذكور في ديوان الأدب وغيره الفتح ثم ذكر ما في المغرب فعل أن الضم ضعيف وأن الأشهر الكسر والفتح هذا في الجعالة وأما في الجعل فلم نر من ذكر غير الضم فقول الشارح ويفتح يحتاج إلى نقل وعبارته في شرح الملتقى أحسن حيث قال والجعل بالضم ما جعل للإنسان من شئ على فعل وكذا الجعالة بالكسر والفتح قوله (المال) أي المراد به هنا المال المجعول شرطا لعتقه نهر قوله (أعتق عبده على مال) مثل أن يقول أنت حر على ألف درهم أو بألف درهم أو على أن تعطيني ألفا أو على أن تؤدي إلي ألفا أو على أن تجيئني بألف أو على أن لي عليك ألفا أو على ألف تؤديها إلي أو قال بعتك نفسك منك على كذا أو وهبت لك نفسك على أن تعوضني كذا ح عن البحر وله (صحيح معلوم الجنس والقدر) هذه شروط لصحة التسمية لا لنفاذ العتق في هذه المسألة لأن نفاذه موقوف على القبول وإن لم تصح التسمية وفسادها موجب لقيمة العبد احترز بصحيح عن الخمر في حق المسلم قال في البحر وشمل إطلاق المال الخمر في حق الذمي فإنها مال عندهم فلو أعتق الذمي عبده على خمر أو خنزير فإنه يعتق بالقبول ويلزمه قيمة المسمى فإن أسلم أحدهما قبل قبض الخمر فعندهما على العبد قيمته وعند محمد عليه قيمة الخمر كذا في المحيط اه وقوله معلوم إلخ قال في البدائع وإن كان المسمى معلوم الجنس والنوع والصفة كالمكيل والموزون فعليه المسمى
741 وإن كان معلوم الجنس والنوع مجهول الصفة كالثياب الهروية والحيوان من الفرس والعبد والجارية فعليه الوسط منه وإذا جاء بالقيمة يجبر المولى على القبول وإن كان مجهول الجنس كالثوب والدابة والدار فعليه قيمة نفسه لأن الجهالة متفاحشة ففسدت التسمية اه وفي النهر وإن لم يعلم الجنس كثوب وحيوان عتق بالقبول ولزمه قيمة رقبته اه فقد ثبت ما قلنا من أن شروط لصحة التسمية لا لنفاذ العتق هنا وأما نقله ح عن النهر من أنه إذا لم يكن معلوما كدراهم أو كان مجهول الجنس كثوب أو غير صحيح ككذا من الخمر لم يجبر على القبول ففيه أن هذا ذكره في النهر في المسألة الآتية وهي تعليق عتقه بأدائه ففيها لا يعتق إلا بالأداء ويجبر المولى على القبول المؤدي إلا إذا كان مجهولا أو غير صحيح فلا يجبر على قبوله وهذا لا يتأنى في مسألتنا لأن الشرط فيها قبول العبد على المال فإذا قبل عتق بالقبول ثم إذا كان المال صحيحا معلوما لزمه لصحة التسمية وإلا لزمه قيمة نفسه كما قلنا فافهم قوله (فقبل العبد) شرط قبوله لأنه معاوضة من جانبه ولذا ملك الرجوع لو ابتداء وبطل بقيامه قبل قبول المولى وبقيام المولى وإن كان تعليقا من جانب المولى ولذا لم يصح رجوعه عند ولم يبطل بقيامه عن المجلس نهر قوله (كل المال) فلو قبل في النصف لم يجز عند الإمام لما فيه من الإضرار بالمولى وقالا يجوز ويعتق كله بالكل بناء على تجزي الإعتاق وعدمه نهر قوله (يعم مجلس علمه لو غائبا) فإن قبل فيه صح وإلا بطل أما الحاضر يعتبر فيه مجلس الإيجاب قوله (لأنه) أي العتق المفهوم من عتق معلق على القبول أي قبول العبد العتق لأنه معاوضة من جانبه كما علمت قوله (حتى لو رد إلخ) تفريع على التعليل ط قوله (أو أعرض) بأن قام من مجلسه أو اشتغل بعمل آخر يعلم منه أنه قاطع لما قبله بحر قوله (فأنت حر) أتى بالفاء في الجواب لأنه لو لم يأت لها أو أتى بالواو تنجز لكونه ابتداء لا جوابا لعدم الرابط بحر وفيه كلام قدمناه في تعليق الطلاق قوله (صار مأذونا) لم يشترط قبوله هنا أي فيما إذا علق عتقه بأدائه إذ لا يحتاج إليه ولا يبطل بالرد كما في التبيين بخلاف المسألة السابقة وهي ما إذا قال له أنت حر على ألف شربلالية قوله (دلالة) لأنه رغبة في الاكتساب بطلبه الأداء منه ومراده التجارة لا التكدي فكان إذنا له دلالة درر قوله (تردد فيه في البحر) حيث قال ولم أر صريحا أنه لو حجر على هذا العبد المأذون هل يصح حجره وقد يقال إنه لا يصح لأن يأمر له ضروري لصحة التعليل بأداء المال وقد يقال إنه يصح لما أنه يملك بيعه فيملك حجره بالأولى اه واستظهر السائحاني الأول والأظهر الثاني لأن له أيضا أخذ ما ظفر به من كسب العبد فليتأمل قوله (لأنه صريح في تعليق العتق بالأداء) أما الكتابة فهي صريحة في عقد المعاوضة نعم هو تعليق نظرا إلى اللفظ ومعاوضة نظرا إلى المقصود لكن لما لم يكن المال لازما على العبد تأخر اعتار المعاوضة إلى وقت أدائه إياه ولما تأخر إلى ذلك لم يثبت من أحكام المعاوضة إلا ما هو بعد الأداء وهو ما إذا وجد السيد بعض المؤدي زيوفا
742 له أن يرجع بالجياد وتقديم ملك العبد لما أداه وإنزاله قابضا إذا أتاه به وأما فيما قبل أداء فالمعتبر جهة التعليق فكثرت آثاره فلذا خالف المعاوضة التي هي الكتابة في صور كثيرة اه ملخصا من الفتح قوله (فلا يتوقف عتقه على قبوله) فإذا أدى بعد قول المولى إن أديت إلخ عتق ويشترط القبول في الكتابة كما في الوقاية ط قوله (ولا يبطل برده) أي ولو صريحا كقوله لا أرضى قوله (قبل وجود شرطه) أي شرط العتق قوله (خلاف) فعند أبي يوسف يجب وعند محمد لا ولكن لو قبضه عتق بخلاف الكتابة فإنه لا خلاف في أنه يجب أن يقبله ويعد قابضا بحر واختار في الفتح الأولى وبين وجهه ثم إن هذه المسألة رابعة قال ط ولا يظهر كون هذه المسألة من مسائل الخلاف وإن عدها في البحر و النهر منها لأن المكاتب لا يباع قوله (وعتق بالتخلية) التخلية رفع الموانع بأن يضع المال بين يدي المولى بحيث لو الفساد يده أخذه فحينئذ يحكم القاضي بأنه قبضه وكذا في ثمن المبيع وبدل الإجارة وسائر الحقوق وهذا معنى قولهم أجبره الحاكم على قبضه أي حكم به لا أنه يجبره عليه بحبس ونحوه وإنما ذكر التخلية ليفيد أنه يعتق بحقيقة القبض بالأولى بحر قال في الفتح وهذا إذا كان العوض صحيحا أما لو كان خمرا أو مجهولا جهالة فاحشة كما لو قال إن أديت إلي خمرا أو ثوبا فأنت حر فأدى ذلك لا يجبر على قبولهما أي لا ينزل قابضا إلا أخذه مختارا وحاصله أن العتق بالتخلي إنما يثبت لو العوض صحيحا معلوما وإلا فلا يثبت إلا بحقيقة القبض وهذا معنى ما نقله ح عن النهر في المسألة الأولى ومحل ذكره هنا كما نبهنا عليه (تنبيه) العتق بالتخلية لا يختص العتق المعلق فإن الكتابة كذلك فلا وجه لعد ذلك من مسائل المخالفة كما أفاده ح ولذا لم يعدها منها في البحر وغيره نعم ذكر في الفتح أنه عند زفر لا يعتق بالتخلية وعليه تظهر المخالفة بينه وبين الكتابة قوله (أو أمر غيره بالأداء إلخ) مثله ما إذا أدى مديون العبد عنه كما لا يخفي فلو أسقط التبرع كان أخصر وأعم ح قلت وفيه أن أداء المديون دينا على دائنه إن كان بأمره برئ المديون وإلا فهو متبرع فمسألة مديون العبد لم تخرج عن أحدهما نعم لو أسقط متبرعا استغنى عن قوله أو أمر غيره هذا وقد نقل في البحر مسألة الأمر عن المحيط ثم نقله بعد ورقة عن البدائع لو قال لعبدين له إن أديتما إلي ألفا فأنتما حران فأدى أحدهما حصته لم يعتق أحدهما لأنه علق العتق بأداء الألف ولم يوجد وكذا لو أدى أحدهما الألف كله من عنده وإن أدى أحدهما الألف وقال خمسمائة من عندي وخمسمائة بعث بها صاحبي ليؤديها إليه عتقا لوجود الشرط حصة أحدهما بطريق الأصالة وحصة الآخر بطريق النيابة لأن هذا باب تجري فيه النيابة فقام أداؤه مقام أداء صاحبه اه قال وبين النقلين تناف إلا أن يوفق بأن ما في المحيط إنما هو في الأمر من غير إعطاء شئ من العبد وما في البدائع فيما إذا بعث مع غيره المال فلا إشكال اه قوله (لأن الشرط أداؤه) لما مر من أنه صريح في تعليق العتق بالأداء بخلاف الكتابة فإنها معاوضة فيها معنى التعليق فكان
743 المقصود منها حصول البدل قوله (أو حط عنه البعض بطلبه) الظاهر أنه إنما قيد بالطلب لأن الحط يلتحق بأصل العقد فإذا لم يلتحق هنا بتراضيهما لا يلتحق بدونه بالأولى أفاده السائحاني وهذا بخلاف مال الكتابة فإنه مال واجب شرعا لأنها عقد معاوضة أما هنا فغير واجب بل هو شرط للعتق وشرط العتق لا يحتمل الحط ذخيرة قوله (وكذا لو أبرأه) أي عن البعض أو عن الكل لا يبرأ ولا يعتق بخلاف المكاتب (جوهرة) واعترض في البحر تبعا للفتح بأن الفرق إنما يكون بعد تحقق الإبراء في الموضعين والإبراء لا يتصور في مسألة التعليق لأنه لا دين على العبد بخلاف الكتابة اه ومثله يقال في الحط لكن قال ح ويمكن أن يجاب بأنه يكفي في الفرق عتق المكاتب إذا قال له مولاه أبرأتك عن بدل الكتابة لصحة الإبراء عنه لأنه دين وعدم عتق العلق عتقه على الأداء إذا أبرأه مولاه لعدم صحة الإبراء قوله (وأداه إلى الورثة) أي أدى المال المعلق عليه العتق قوله (لعدم الشرط) علة للمسائل الست المذكورة في قوله كما لا يعتق إلخ قوله (بل العبد بإكسابه للورثة) أي فلهم بيعه وأخذ كسبه بخلاف المكاتب وهذه المسألة عدها في البحر وغيره من جملة المسائل ولو عدت هنا لزادت على العشرين لأنها الرابعة عشرة ولعل الشارح لم يعد منها قوله وعتق بالتخلية لما مر فتكون هذه الثالثة عشرة فافهم قوله (بل له أخذ ما ظفر به) أي من كسب العبد قبل أداء البدل وقوله أو ما فضل عنده أدى بعد أداء البدل وحاصله أن السيد أخذ ما ظفر به مما في يد العبد قبل عتقه بأداء البدل وبعده بخلاف المكاتب في الصورتين كما في البحر قوله (ولو أدى ن كسبه قبل التعليق) أي مما أكتسبه قبل التعليق عتق بخلاف الكتابة فإنه لا يعتق بأدائه لأنه ملك المولى إلا أن يكون كاتبه على نفسه وماله فإنه حينئذ يكون أحق به من سيده فإذا أدى منه عتق بحر وقوله قبل التعليق متعلق بكسبه وقيد به لما في البحر عن الهداية لو أدى ألفا اكتسبها قبل التعليق رجع المولى عليه وعتق لاستحقاقها ولو كان اكتسبها بعده لم يرجع عليه لأنه مأذون من جهته بالأداء منه اه قوله (وتعلق أداؤه) في بعض النسخ وتقيد أداه بالمجلس أي فلا يعتق ما لم يؤد في ذلك المجلس فلو اختلف بأن أعرض أو أخذ في عمل آخر فأدى لا يعتق بخلاف الكتابة فتح قوله (وبإذا لا) أي لا يتقيد بالمجلس ومثلها متى كما في الفتح لأنهما لعموم الأوقات كما مر في الطلاق قوله (ولا يتبعه أولاده) أي لو كان المعلق عتقه بأدائه أمة فولدت ثم أدت فعتقت لم يعتق ولدها لأنه ليس لها حكم الكتابة وقت الولادة بخلاف الكتابة فتح قوله (دين صحيح يصح التكفيل به) فيه أنه قبل الأداء لا دين لأن السيد لا يستوجب على عبده دينا وبعد الأداء لا دين أيضا فلا معنى لهذا
744 الكلام بل ذكر هذه المسألة غلط هنا ومحلها أول الباب عند قول المتن عتق عبده على مال فقبل العبد في المجلس عتق كما فعل في البحر حيث قال فإذا قبل صار مرا وما شرط دين عليه حتى تصح الكفالة به بخلاف بدل الكتابة لأنه ثبت مع المنافي وهو قيام الرق على ما عرف اه ح والكفالة لا تصح إلا بالدين الصحيح وهو ما لا يسقط إلا بالأداء أو الإبراء وبدل الكتابة يسقط بغيرهما وهو التعجيز قوله (وهذه الموفية عشرون) صوابه عشرين على أنه مفعول الموفية ح وقد علمت أن هذه المسألة ساقطة لأنها ليست من مسائل التعليق على مال فالموفي للعشرين ما في الذخيرة قوله (ورجع الغريم على المولى) أي رجع المقرض على المولى بالألف والظاهر أن المولى لا يرجع به على العبد لأنه إنما يرجع بما اكتسبه قبل التعليق لا بعده كما قدمناه آنفا عن الهداية وهنا الاستقراض بعد التعليق فافهم قوله (فدفع أحدهما) المناسب لما قبله وما بعده إحداهما بألف التأنيث قبل ضمير التثنية قوله (فللغريم مطالبة المولى بهما) أي بالألف التي قبضها وبالألف التي استهلكها العبد وقيد المسألة في الذخيرة بما إذا كانت قيمة العبد ألفين أي فلو أقل فللغريم طالبة المولى بقدر القيمة لأنه بالعتق عطل على الغريم قيمته فقط إذ لولا العتق كان له بيعه لاستيفاء دينه قوله (لمنعه بعتقه إلخ) الضمير الأول والأخير للغريم والثاني والثالث للعبد وهذا التعليل كما قال ط إنما يظهر للألف التي استهلكها أما التي دفعها للمولى فعلتها ما مر من أن الغرماء أحق بمال المأذون قوله (إن قبل بعده إلخ) أما لو قبل قبل الموت لا يعتق لأنه مثل أنت مر غدا بألف فإن القبول محله الغد لأن القبول إنما يعتبر في مجلسه ومجلسه وقت الجوزي والإضافة تؤخر وجوده إلى وجود المضاف إليه وهو هنا بعد الموت بخلاف أنت مدبر على ألف فإن القبول للحال لأنه إيجاب التدبير في الحال إلا أنه لا يجب المال في الحال لقيام الرق المولى لا يستحق على عبده دينا ولا بعده لأنه لما لم يجب عند القبول لم يجب بعده وروي عن أبي حنيفة أن القبول هنا أيضا بعد الموت وكذا روي عن أبي يوسف إلا أنه اختلف كلامه في لزوم المال والأعدل لزومه وهو المروي عن محمد أيضا لأن المولى ما رضي بعتقه إلا ببدل والمولى يستحق على عبده المال إذا كان بالعتق كالمكاتب على أن استحقاق المال بعد موت المولى وحينئذ يكون حرا اه ملخصا من الفتح قوله (مع ذلك) أي مع وجود القبول المذكور قوله (هو الأصح) مقابله ما روي عن الإمام أنه يعتق بمجرد القبول كما هو ظاهر إطلاق المتون وأيده في غاية البيان والفتح قوله (لأن الميت ليس بأهل للإعتاق) تعليل للأصح واعترض بأنه لو جن بعد تعليق العتق أو الطلاق ثم وجد الشرط وقع لأن الأهلية ليست بشرط إلا عند التعليق أو الإضافة ولذا يعتق المدبر بعد الموت وليس التدبي إلا تعليق العتق
745 بالموت وأجيب بالفرق وهو أنه هنا خرج عن ملك المعلق إلى ملك الورثة فلم يوجد الشرط إلا وهو في ملك غيره ولا يخفي أن هذا غير دافع لأن الاعتراض على التعليل هو أن فوات أهلية المعلق لا أثر له وهذا الجواب إبداء علة أخرى والصواب في الجواب أن المعترض فهم أن فوات الأهلية بسبب الموت والمراد أنه بخروجه عن ملكه وتمامه في الفتح وقد عن لي هذا الجواب قبل أن أراه ولله الحمد وبه ظهر أن تعليل الشارح تبعا للهداية صحيح فافهم قوله (والولاء للميت) أي لا للوارث كما في البحر فيرثه عصبته المتعصبون بأنفسهم دون الإناث ولو كان الولاء للورثة ابتداء لدخل فيه الإناث فليتأمل ط وهو ظاهر قوله (لا يعتق بذلك) أي بذلك القول لأنه عتق بمال فلا بد فيه من القبول ولما كان القبول بعد الموت لزم تأخر العتق عن الموت ويلزم منه خروجه إلى ملك الورثة فلا يعتق إلا بعتقهم كما لو قال أنت حر بعد موتي بشهر وتمامه في الفتح قوله (ولو حرره على خدمته) أي خدمة العبد للمولى لغيره أفاده في النهر قوله فقبل أي في المجلس در منتقى قوله (عتق في الحال) لأن الإعتاق على الشئ يشترط فيه وجود القبول في المجلس لا وجود المقبول كسائر العقود بحر قوله (وفي إن خدمتني إلخ) تقدم أنه إن علق تقيد أداؤه بالمجلس ولو علقها بأن فلينظر اه شرنبلالية قوله (لا يعتق إلا بالشرط) أي لا يتوقف على القبول بل لا بد من وجود الشرط وهو الخدمة لأنه تعليق لا معاوضة بخلاف مسألة المتن قوله (فلو خدمه أقل منها) أي ولو لعجزه عنها بمرض أو حبس فيما يظهر قوله (لأن إن للتعليق إلخ) بيان لوجه الفرق بين ما في المتن وما في الشرح حيث توقف الأول على القبول فقط الثاني على الشرط فقط قوله (وخدمه) يعني من ساعته بحر أي أن ابتداء المدة من وقت الحلف قوله (الخدمة المعروفة) عبارة كافي الحاكم والخدمة خدمة البيت المعروفة بين الناس اه والظاهر أن المراد خدمة مصالح البيت لكن تختلف باختلاف المولى فلو كان صاحب حرفة أو زراعة يخدمه في عمله حيث كان معروفا تأمل وصرحوا في الإجارة بأنه لو استأجره للخدمة يخدمه في الحضر لا السفر لأن خدمة السفر أشق قوله (أيا كانت) أي سنة أو أقل أو أكثر بحر أي المدة المشروطة قوله (أو مات هو) أي العبد قوله (ولو حكما) المراد به أن يصير بحالة لا يمكن فيها الخدمة وهذا بحث لصاحب البحر وتبعه أخوه في النهر قوله (قبلها) أي الخدمة متعلق بمات بصورتيه ط قوله (ولو خدم بعضها فبحسابه) كسنة من أربع سنين ثم مات فعندهما عليه ثلاثة أرباع قيمته أو عند محمد قيمة خدمته ثلاث سنين بحر عن شرح الطحاوي قوله (فتؤخذ منه للورثة) أي لورثة المولى وقال عيسى بن أبان بل يخدمهم ما بقي منها لأنها دين فيخلفه وارثه فيه كما لو أعتقه على ألف فاستوفى بعضها ومات لكن في ظاهر الرواية لا يخدمهم لأن الخدمة منفعة وهي لا تورث أو لأن الناس يتفاوتون فيها
746 وتمامه في البحر قوله (حاوي) المراد به الحاوي القدسي نقله عنه في البحر قوله (وهل نفقة عياله إلخ) هذه حادثة سئل عنها في البحر ولم يجد لها نقلا قلت وهذا خاص بمسألة المعاوضة كما هو صورة الحادثة أما في مسألة التعليق فلا شبهة في أن نفقته على سيده لأنه باق على ملكه إلى انتهاء مدة الخدمة قوله (حتى يستغنى) أي عن الاكتساب قوله (بحث في البحر الثاني) وقال لأنه الآن معسر عن أداء البدل فصار كما إذا أعتقه على مال ولا قدرة له عليه فإنه يؤخر إلى الميسرة وأقره في النهر قوله (والمصنف الأول) حيث قال ويمكن أن يقال بوجوبها على المولى في المدة المذكورة ويجعل الموصي له بالخدمة فإن النفقة واجبة عليه وإن لم يكن له ملك الرقبة لكونه محبوسا بخدمته والحبس عن الأصل في هذا الباب (1) أصله القاضي والمفتي فإن مرض فينبغي أن تفرض في بيت المال بخلاف الموصي بخدمته إذا مرض فإن نفقته على مولاه اه واعترضه ح بأنه قياس مع الفارق فإن الموصى به يخدم الموصي له لا في مقابلة شئ فلذا كانت نفقته عليه أما هذا فإنه يخدم في مقابلة رقبته فكان كالمستأجر تأمل اه وكذا اعترضه الخير الرملي بأن الموصي بخدمته رقيق محبوس في خدمة الموصي له وليست الخدمة بدل شئ فيه وما نحن فيه هو حر قادر على الكسب فكيف نوجب نفقته ونفقة عياله على معتقه بسبب دين واجب عليه فإن الخدمة هنا بمنزلة الدين لما في التاترخانية عن الأصل إذا قال أنت حر على أن تخدمني سنة فقيل العبد فهو كما لو قال أنت حر على ألف درهم فقبل اه وقد صرحوا قاطبة بأنها بدل في هذا المحل تأمل اه قوله (كبيع عبد منه) أي من العبد يعني أن الخلاف المار مبني على الخلاف في مسألة أخرى وهي ما إذا باع نفس العبد منه بجارية بعينها ثم استحقت أو هلكت قبل تسليمها يرجع عليه بقيمة نفسه عندهما وعند محمد بقيمة الجارية وتمامه في الهداية وغيرها قال في الفتح ولا يخفي أن بناء هذه على تلك ليس بأولى من عكسه بل الخلاف فيهما معا ابتدائي قوله (بألف علي على أن تزوجنيها) كذا في بعض النسخ بزيادة على الجارة لضمير المتكلم وفائدتها الدلالة على عدم وجوب المال عند عدم ذكرها بالأولى أفاده في الفتح والبحر قوله (وأبت النكاح) أفاد أن لها الامتاع من تزوجه لأنها ملكت نفسها بالعتق فتح وقيد به لأنها لو تزوجته قسم الألف على قيمتها ومهر مثلها كما يأتي قوله (ولا شئ له على آمره) لأن حاصل كلام الآخر أمره المخاطب بإعتاقه أمته بتزويجها منه على عوض ألف مشروطة عليها عنها وعن مهرها فلما لم تتزوجه بطلت عنه حصة المهر منها وأما حصة العتق فباطله لأن العتق يثبت للعبد فيه قوة حكمية هي ملك
(1) قوله: (في هذا الباب) يعني باب النفقة ا ه منه. 747 البيع والشراء ونحو ذلك ولا يجب العوض إلا على من حصل له المعوض اه فتح أي ومن حصل له المعوض لا يجب عليه لأنه لم يشرط عليه قوله (في الطلاق) كخلع الأب صغيرته لأنه ليس في مقابلة عوض حقيقة لأن المرأة لم يحصل لها ملك ما لم تكن تملكه بخلاف العتق قوله (ولو زاد إلخ) أي بأن قال أعتق أمتك عني بألف إلخ لم تتزوجه قوله (لتضمينه الشراء اقتضاء) أي مع المقابلة بالبضع أيضا في قوله على أن تزوجنيها ولما كان ذلك واضحا لكونه مذكورا صريحا لم يذكره في علة الانقسام فافهم والحاصل أن إعتاقه عن الآمر يقتضي سبق ملكه له فصار المعنى بعه مني وأعتقه عني وصار إعتاق المأمور قبولا قال في الدرر وإذا كان كذلك فقد قابل الألف بالرقبة شراء والبضع نكاحا فانقسم عليهما ووجب حصة ما سلم له وهو الرقبة وبطل عنه ما لم يسلم وهو البضع اه فلو فرض أن قيمتها ألف ومهر مثلها خمسمائة قسم الألف على الألف وخمسمائة فثلثا الألف حصة القيمة وثلثه حصة المهر فيأخذ المولى الثلثين ويسقط الثلث وعكس في الشرنبلالية وهو سبق قلم قوله (ولذا) لا داعي للتعليل هنا فالأولى إبقاء المتن على حاله لأن قوله وتجب عطف على قسم من تتمة الحكم قوله (فحصة مهر مثلها مهرها) أي إذا نكحته يقسم الألف أيضا على مهر مثلها وقيمتها فما أصاب المهر وجب لها في الوجهين حنث الوجه الأول على مهر مثلها وقيمتها فما أصاب المهر وجب لها في الوجهين حنث الوجه الأول وهو ما إذا لم يقل عني والوجه الثاني وهو ما إذا قاله وما أصاب قيمتها سقط عنه في الوجه الأول لعدم الشراء فيه وأخذه مولاها في الوجه الثاني لتضمن الثاني الشراء اقتضاء كما مر فلو فرض أن قيمته مائة ومهرها مائة قسم الألف عليهما نصفين فيجب لها نصفه في الوجهين والنصف الثاني يسقط عنه في الوجه الأول ويأخذ المولى في الوجه الثاني وكذا لو تفاوتا بأن كان قيمتها مائتين ومهرها مائة فيجب لها ثلث الألفين في الوجهين ويسقط عنه ثلثاه في الوجه الأول ويأخذهما المولى في الوجه الثاني قوله (ضم عني وتركه) بدل من وجهيه بدل مفصل من مجمل ح قوله (وما أصاب قيمتها إلخ) قيل فيه تكرار مع ما سبق وليس كذلك فافهم قوله (باعتبار تضم الشراء وعدمه) لف ونشر مشوش ط قوله (فلها مهر مثلها) أي عندهما لأن العتق ليس بمال فلا يصح مهرا بحر قوله (وجوزه الثاني) أي أبو يوسف أي جوز هذا التعويض المعلوم من المقام فقال بجواز جعل العتق صداقا ط قوله (في صفية) هي بنت حيي أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها من سبي خيبر أعتقها وجعل عتقها مهرها ط قوله (قيمتها) بدل من السعاية اه ح وفي نسخة في قيمتها وهي أوضح لكن فيها تغيير إعراب المتن وفي نسخة سعاية قيمتها بالإضافة على معنى في
748 وفيه تغيير المتن أيضا لكن الشارح يرتكبه كثيرا قوله (على ذلك) أي على شرط التزوج ط قوله (فقبلت) أفاد به أن القبول شرط العتق هنا وفيما قبلها ط لأنه معاوضة لا تعليق قوله (لعدم تقوم أم الولد) هذا إنما يظهر على قول الإمام لا على قولهما إذ هما يقولان بتقومها ط قوله (لأنه إدخال إلخ) ذكر هذا التعليل في البحر عن المحيط ومقتضاه أنه يعتق بالعبد الردئ في الوجه الأول وهو مخالف لما في الهندية من أنه ينصرف إلى الوسط ويصير العبد مأذونا في التجارة فلو أعتق عبدا رديئا أو مرتفعا لا يجوز وفي الأداء إذا لم يبين القيمة ولا الجنس لو أتى بعبد وسط أو مرتفع يجبر المولى على القبول لا لو أتى بردئ إلا إن قبله ولو أتى بقيمة الوسط لا يجبر ولا يعتق وإن قبلها اه ملخصا (تتمة) وقال أد إلي ألفا وأنت حر بالواو لا يعتق ما لم يؤد ولو قال فأنت حر بالفاء يعتق في الحال والفرق أن جواب الأمر بالواو بمعنى الحال معناه أنت حر حال الأداء فلا يعتق قبله وأما بالفاء فهو بمعنى التعليل أي فإنك حر مثل أبشر فقد أتاك الغوث قيل هذا قولهما أما عنده فينبغي أن يعتق في الحال كما في طلقني ولك ألف فطلقها يقع مجانا عنده وقيل إنه قول الكل وتمامه في الذخيرة التدبير شروع في العتق بعد الموت بعد الفراغ من الواقع في الحياة وقدمه على الاستيلاد لشموله الذكر أيضا وركنه اللفظ الدال على معناه وشرائطه نوعان عام وخاص فالعام ما مر في شرائط العتق كونه من الأهل في المحل منجزا أو معلقا أو مضافا إلى الوقت أو إلى الملك أو سببه والخاص تعليقه بمطلق موت المولى لا بموت غيره كما يأتي وصفته التجزي عنده خلافا لهما فلو دبره أحدهما اقتصر على نصيبه وللآخر عند يسار شريكه ست خيارات الخمسة المارة والترك على حاله وسيأتي بيان أحكامه من عدم جواز إخراجه عن الملك ومن عتقه من الثلث بعد موت المولى إلخ بحر قوله (هو لغة إلخ) يشمل تعليقه بموته مقيدا وبموت غيره فهو أعم من المعنى الشرعي وفيه بيان وجه التسمية فإن الدبر كما في المصباح بضمتين ويخفف خلاف القبل من كل شئ ومنه يقال لآخر الأمر دبر وأصله ما أدبر عنه الإنسان ومنه دبر عبده وأعتقه عن دبر أي بعد دبر وفي ضياء الحلوم التدبير العتق بعد الموت وتدبير الأمر النظر فيه إلى ما تصير إليه العاقبة وقصر في الدرر تفسيره لغة على هذا الأخير وقال كأن المولى نظر إلى عاقبة أمره فأخرج عبده إلى الحرية بعده ثم قال إنه شرعا يستعمل في المطلق والمقيد اشتراكا معنويا وهو تعليق العتق بالموت أي موت المولى غيره فما مر من المعنى اللغوي جعله المعنى الشرعي ورد بأنه
749 خلاف ظاهر كلام عامة أئمتنا حيث قصروه شرعا على المدبر المطلق كما بسطه في الشرنبلالية ولذا خالفه المصنف والشارح مع كثرة متابعتهما له قوله (ولو معنى) قال في النهر وقولنا لفظا أو معنى يصح أن يكونا حالين من التعليق والتعليق معنى الوصية برقبته أو بنفسه أو بثلث ماله لأمته وأن يكونا حالين من مطلق والمطلق معنى كإن مت إلى مائة سنة فأنت حر فإنه مطلق في المختار اه وتمثيل الشارح للثاني فقط يوهم قصره عليه قوله (وخرج إلخ) فيه رد على الدرر كما مر ومن التدبير المقيد تعليقه بموته وموت فلان كما سيأتي وكذا أنت حر قبل موتي بشهر وسيأتي تمامه قوله (أصلا) أي لا مطلقا ولا مقيدا خلافا لما يذكره المصنف قوله (أو حدث بي حادث) لأنه تعورف الحدث والحادث في الموت بحر قوله (زاد بعد موتي أو لا) أي لا يصير مدبرا الساعة لأن التدبير بعد الموت لا يتصور فيلغوا قوله بعد موتي أو يجعل قوله أنت مدبر بمعنى أنت حر كما في البحر عن المحيط قوله (أو أنت حر يوم أموت) لا فرق في العتق المضاف إلى الموت بين أن يكون معلقا بشرط آخر أو لا فلو قال إن كلمت فلانا فأنت حر بعد موتي فكلمه صار مدبرا لأنه بعد الكلام صار التدبير مطلقا وكذا لو قال أنت حر بعد كلامك فلانا وبعد موتي فكلمه فلان كان مدبرا كذا في البدائع ولا فرق في التدبير بين كونه منجزا أو مضافا كأنت مدبر غدا أو رأس شهر كذا فإذا جاء الوقت مدبرا بحر قوله (صح إلخ) لأنه نوى حقيقة كلامه وكان مدبرا مقيدا لأنه علق عتقه بما ليس بكائن لا محالة وهو موته بالنهار بحر عن المبسوط قوله (وغلب موته قبلها) بأن كان كبير السن قوله (وهو المختار) كذا في الزيلعي لكن ذكر قاضيخان أنه على قول أصحابنا مدبر مقيد وهكذا في الينابيع وجوامع الفقه واعترض في الفتح على صاحب الهداية بأنه كالمناقض لأنه اعتبر في النكاح توقيتا وأبطل به النكاح وهنا جعله تأبيدا وأجاب في البحر بأنه اعتبر في النكاح توقيتا للنهي عن النكاح المؤقت فالاحتياط في منعه تقديما للمحرم لأنه موقت صورة وهنا نظر إلى التأبيد المعنوي لأن الأصل اعتبار المعنى بلا مانع فلذا كان المختار وإن جزم الولوالجي بأنه غير مدبر مطلق تسوية بينه وبين النكاح في الوصية للعبد قوله (وأفاد بالكاف) أي في قوله كإذا مت عدم الحصر لما في الفتح أن كل ما أفاد إثبات العتق عن دبر فهو صريح وهو ثلاثة أقسام الأول ما يكون بلفظ إضافة كدبرتك ومنه حررتك أو أعتقتك أو أنت حر أو عتيق بعد موتي
750 الثاني ما يكون بلفظ التعليق كإن مت إلخ وكذا أنت حر مع موتي أو في موتي بناء على أن مع وفي تستعار بمعنى حرف الشرط الثالث ما يكون بلفظ الوصية أوصيت لك برقبتك أو بنفسك أو بعتقك وكذا أوصيت لك بثلث مالكا فتدخل رقبته لأنها من ماله فيعتق ثلث رقبته اه ملخصا قوله (وذكرناه في شرح الملتقى) عبارته وعن الثاني أوصى لعبده بسهم من ماله يعتق بعد موته ولو بجزء لا إذ الجزء عبارة عن الشئ المبهم والتعيين فيه للورثة أي فلم تكن الرقبة داخلة تحت الوصية بخلاف السهم فإنه السدس فكان سدس رقبته انظر في الوصية اه ومثله في البحر عن المحيط ثم قال وما عن أبي يوسف هنا جزم به في الاختيار اه قلت ومقتضى قوله يعتق بعد موته أنه يعتق كله وهو خلاف ما مر آنفا عن الفتح في أوصيت لك بثلث مالكا أنه يعتق ثلث رقبته إذ لا فرق بين الوصية بالثلث أو بالسدس الذي هو معنى السهم ولعل ما هنا مبني على قول الصاحبين بعدم تجزي التدبير كالإعتاق فحيث دخل سدسه في الوصية عتق كله وما في الفتح مبني على قول الإمام فتأمل ثم رأيت في وصايا خزانة الأكمل أوصى لعبده بدراهم مسماة أو بشئ من الأشياء لم يجز ولو أوصى له ببعض رقبته عتق ذلك القدر ويسعى في الباقي عند أبي حنيفة ولو وهب له رقبته أو تصدق عليه بها عتق من ثلثه ولو أوصى له بثلث ماله صح وعتق ثلثه فإن بقي من الثلث أكمل له وإن كان في قيمته فضل على الثلث سعى للورثة اه وقوله عند أبي حنيفة يشير إلى أنه عندهما يعتق كله بلا سعاية وقوله فإن بقي من الثلث إلخ معناه والله أعلم أنه بحكم الوصية استحق ثلث جميع المال ومنه ثلث رقبته فإن كانت رقبته جميع لمال سعى للورثة في ثلثي رقبته وإن كان المال أكثر فإن زاد له على ثلثي رقبته شئ أكمل له ليستوفي ثلث جميع المال وإن كان ثلثا رقبته أقل من ثلث باقي المال سعى للورثة فيما زاد قوله (لما مر) أي في تعريفه أنه تعليق لكن فيه معنى الوصية لأنه معلق على الموت فكان تعليقا صورة ووصية معنى قوله (ولا رجوع) تكرار مع قول المتن ولا يقبل الرجوع اه ح قوله (ثم جن) قيل شهرا وقيل تسعة أشهر وقيل سنة والفتوى على التفويض لرأي القاضي ط عن الحموي وجزم الشارح في الوصايا بتقديره بستة أشهر قوله (بطلت) الأولى فإنها تبطل قوله (ويزاد مدبر السفيه) في الخانية يصح تدبير المحجور عليه بالسفه بالثلث وبموته يسعى في كل قيمته وإن وصية المحجوز عليه بالسفه بالثلث جائزة اه فيطلب الفرق ولعل الفرق هو أن التدبير إتلاف الآن بخلاف الوصية فإنها بعد الموت وله الرجوع قبله فلا إتلاف فيها نهر والمراد بقوله يسعى بكل قيمته كل قيمته مدبرا كما في البحر ح قلت وحيث وجبت عليه السعاية في كل قيمته لم يأخذ حكم التدبير من كل وجه فكأن تدبيره لم يصح فافهم قوله (ومدبر قتل سيده) يعني إذا قتل المدبر سيده عتق وسعى في قيمته وإذا قتل الموصى له الموصي
751 فلا شئ له لأنه لا وصية لقاتل وسيأتي تفصيله ح قوله (فلا يباع المدبر المطلق) استشكل بما إذا قال كل مملوك أملكه فهو حر بعد موتي وله مماليك واشترى مماليك ثم مات فإنهم يعتقون ولو باع الذين اشتراهم صح وأجيب بأن الوصية بالنسبة إلى المعدوم تعتبر يوم الموت وإلى الموجود عند الإيجاب وتمام تقريره في الفتح قال ط والمراد أنه لا يباع من غيره وأما بيعه من نفسه وهبته منه فإعتاق بمال أو بلا مال فلا إشكال كما في شرح النقاية للبرجندي قوله (قيل نعم) قال في البحر وفي الظهيرية فإن باعه وقضي القاضي بجواز بيعه نفذ قضاؤه ويكون فسخا للتدبير حتى لو عاد إليه يوما من الدهر بوجه من الوجوه ثم مات لا يعتق وهذا مشكل لأنه يبطل بقضاء القاضي ما هو مختلف فيه وما هو مختلف فيه لزوم التدبير لا صحة التعليق فينبغي أن يبطل وصف اللزوم لا غير اه وقله وهذا مشكل إلخ من كلام الظهيرية قوله (نعم لو قضي ببطلان بيعه صار كالحر) أي في سريان الفساد إلى القن إن ضم إليه في صفقة قال في البحر وسيأتي في البيوع أن بيع المدبر باطل لا يملك بالقبض فلو باعه المولى فرفعه العبد إلى قاض حنفي وادعى عليه وعلى المشتري فحكم الحنفي ببطلان البيع ولزوم التدبير فإنه يصير متفقا عليه فليس للشافعي أن يقضي بجواز بيعه بعده كما في فتاوي الشيخ قاسم وهو موافق للقواعد فينبغي أن يكون كالحر فلو جمع بينه وبين قن ينبغي أن يسري الفساد إلى القن كما سنبينه إن شاء الله في محله ح قوله (ولا يرهن) لأن الرهن والارتهان من باب إيفاء الدين واستيفائه عندنا فكان من باب تمليك العين وتملكها بحر عن البدائع في شرط واقف الكتب الرهن بها قوله (فشرط إلخ) تفريع على العلة التي ذكرناها كما فعل في البحر وأشار إليه الشارح ووجه التفريع أن العلة كما أفادت أن الرهن لا بد أن يمكن الاستيفاء منه فقد أفادت أيضا أن المرهون به لا بد أن يكون دينا مضمونا يطالب بإيفائه فبالنظر إلى الأول لا يصح رهن المدبر بمال آخر وبالنظر إلى الثاني لا يصح رهن مال بكتب الوقف فالجامع بينهما عدم صحة الرهن في كل للعلة المذكورة فلا تضر المغايرة في كون المدبر مرهونا والكتب مرهونا الكتب مرهونا بها فافهم قوله (فلا يتأتى إلخ) قيل مقتضى كونها أمانة أنها تضمن بالتعدي فما المانع من صحة الرهن لهذه الحيثية وعليه يحمل شرط الواقفين تصحيحا لأغراضهم قلت قد صرحوا بأن الرهن لا يصح إلا بدين مضمون وأنه لا يصح بالأمانات والودائع وسيأتي في بابه متنا والأمانات تضمن بالتعدي مطلقا برهن أو غيره ولا يمكن الاستيفاء من الرهن الباطل ولا حبسه على ذلك فلا فائدة له فافهم ثم أعلم أن هذا كله إن أريد بالرهن مدلوله الشرعي أما إن أريد مدلوله اللغوي وأن يكون تذكرة فيصح الشرط لأنه غرض صحيح كما قاله السبكي قال وإذا لم يعلم مراد الواقف فالأقرب
752 حمله على اللغوي تصحيحا لكلامه ويكون المقصود تجويز الواقف الانتفاع لمن يخرجه من خزانته مشروطا بأن يضع في خزانة ما يتذكر هو به إعادة الموقوف ويتذكر الخازن به مطالبته من غير أن تثبت له أحكام الوقف قال في الأشباه في القول في الدين بعد أن نقل عبارة السبكي بطولها وأما وجوب اتباع شرطه وحمله على المعنى اللغوي فغير بعيد قوله (ولا يخرج من الملك) عطف عام على خاص وفي الذخيرة وغيرها كل يطلق لا يقع في الحر نحو البيع والإمهار يمنع في المدبر لأنه باق على حكم ملك المولى إلا أنه انعقد له سبب الحرية فكل يطلق يبطل هذا السبب يمنع المولى منه اه فلذا لا تجوز الوصية به ولا رهنه بحر قوله (إلا بالإعتاق) أي بلا بدل أو به نهر قوله (وسيتضح في بابه) إيضاحه أن المدبر الذي كوتب إما أن يسعى في ثلثي قيمته إن شاء أو يسعى في كل البدل بموت سيده فقيرا لم يترك غيره وأما إذا ترك مالا غيره وهو يخرج من الثلث عتق مجانا ط وهو حاصل ما في البحر عن الفتح قوله (أو إن بقيت إلخ) حيلة ثانية اختصرها مما في البحر عن الولوالجية قال هذه أمتي إن احتجت إلى بيعها أبيعها وإن بقيت بعد موتي فهي حرة فباعها جاز كذا في فتاوي الصدر الشهيد اه فافهم قال في البحر ولم يصرح بأنها مدبرة تدبيرا مطلقا أو مقيدا اه قلت كيف يصح كون تدبيرها مطلقا مع تصريحه بجواز بيعها فلذا جزم الشارح بكونه مقيدا قوله (ويستخدم المدبر إلخ) هو وما بعده بالبناء للمجهول وكان المناسب أن يقول ويؤجر بدل ويستأجر كما عبر في الكنز وغيره قوله جبرا قيد للجميع أي للمولى أن يجبره على الخدمة وعلى أن يؤجره وعلى أن ينكحه أي يزوجه بالولاية عليه وعلى أن يطأ المدبرة وعلى أن ينكحها أي يزوجها لغيره قال في البحر وإنما جازت هذه التصرفات لأن الملك ثابت فيه وبه يستفاد ولاية هذه التصرفات قوله (وأرشه) أي أرش الجناية عليه وما أرش الجناية منه فعلى المولى ويطالب بالأقل من القيمة ومن أرش الجناية ولا يضمن أكثر من قيمة واحدة وإن كثرت الجنايات أفاده في البحر وفي بعض النسخ وارثه وهو تحريف لأنه ما دام سيده حيا لا يملك شيئا ط قوله (لبقاء ملكه في الجملة) تبع فيه الدرر واعترضه في الشلانبلالية بأن الملك في المدبر كامل لعتقه بقوله كل مملوك لي حر اه ح وقد يجاب بأن معنى كمال ملكه أنه مملوك رقبة ويدا بخلاف المكاتب وهذا لا ينافي نقصه من جهة أخرى وهي أنه لا يملك التصرف فيه بما يخرجه عن ملكه بغير العتق والكتابة لأنه انعقد له سبب الحرية كما مر بخلاف القن فإنه ملكه كامل كمن كل وجه قوله (وبموته) أي المولى قوله (كلحاقه) بفتح اللام أي مع الحكم به كما في الدر المنتقى وكذا المستأمن إذا اشترى عبدا في دار الإسلام فدبره ولحق بدار الحرب فاسترق عتق مدبره كما في البدائع نهر قوله (عتق في آخر جزء إلخ) نقله في البحر عن المحيط ثم قال وهو التحقيق وعليه يحمل كلامهم اه ومفاده أن فيه
753 قولين وفيه نظر فإنه إذا قال إن مت فأنت حر أو أنت حر بعد موتي لا أنكر الحرية إلا بعد الموت ط قوله (يوم موته) صفة لماله أي من ثلث ماله الكائن يوم موته لا يوم التدبير قوله (في صحته) فلو في مرضه فكل من النصفين يخرج من الثلث ط قوله (أنت حر أو مدبرا) أي ردد بينهما قوله (ومات مجهلا) اسم فاعل من المضعف أي لم يبين مراده فلو بين فعلى ما بين ح قوله (فيعتق إلخ) أي مراعاة اللفظين فلو لم يترك غيره كانت قيمته ستمائة مثلا عتق نصفه بثلاثمائة وعتق من نصفه الآخر مائتان وسعى بمائة قوله (إن لم يخرج من الثلث) كما لو كانت قيمته ثلاثمائة وكان الثلث مائتين فإنه يسعى في مائة قوله (وفي ثلثيه) عطف على قوله بحسابه قوله (لأن عتقه من الثلث) لما مر أنه تعليق العتق بالموت فحيث لم يترك سيده غيره يعتق من الثلث ويسعى في ثلثيه أما إذا خرج من الثلث فلا سعاية عليه إلا إذا كان السيدة سفيها وقت التدبير أو قتل سيده فإنه يسعى في قيمته كما في الدر المنتقى عن الأشباه وقد مر ويأتي قوله (سعى في قيمته) لأنه لا وصية لقاتل إلا أن فسخ العقد بعد وقوعه لا يصح فوجب عليه قيمة نفسه ثم إذا كان القتل خطأ فالجناية هدر وكذا فيما دون النفس ولو عمدا فللورثة تعجيل القصاص أو تأخيره إلى ما بعد السعاية جوهرة ملخصا قوله (كمدبر السفيه) فإنه يسعى في كل قيمته مدبرا وليس عليه نقصان التدبير كالصالح إذا دبره ومات عليه ديون بحر قوله (لا شئ عليها) أي أنها تعتق لأن القتل موت ويقتص منها لو القتل عمدا وإلا فلا سعاية ولا غيرها لأن عتقها ليس بوصية بخلاف المدبرة فإن قتلها له رد للوصية جوهرة ملخصا قوله (أي كل قيمته مدبرا) وهي ثلثا قيمته لنا كما مر في عتق البعض ويأتي قوله (وهو حينئذ كمكاتب إلخ) كذا ذكر في البحر وفرع عليه أنه لا تقبل شهادته ولا يزوج نفسه عنده مستدلا بما في المجمع لو ترك مدبرا مولاه خطأ وهو يسعى للوارث فعليه قيمته لوليه وقالا ديته على عاقلته اه قال وكذا المنجز عتقه في مرض الموت إذا لم يخرج من الثلث فإنه في زمن السعاية كالمكاتب عنده وللعلامة الشرنبلالي رسالة سماها (إيقاظ ذوي الدراية لوصف من كلف السعاية) حرر فيها أنه لم يخرج من الثلث يسعى وهو حر وأحكامه أحكام الأحرار اتفاقا وكذا المعتق في مرض الموت والمعتق على مال أو خدمة وأطال وأطاب ولخصنا كلامه فيما علقناه على البحر وقال السيد الحموي في حاشية الأشباه وهو تحقيق بالقبول حقيق يعض عليه بالنواجذ قوله (بمحيط) أي بدين محيط بجميع ماله الذي من جملته المدبر أو برقبة المدبر إن لم يكن مال سواه اه ح أما لو كان الدين أقل من قيمته فإنه يسعى في قدر الدين والزيادة على الدين ثلثها وصية ويسعى في ثلثي الزيادة بحر في شرح الطحاوي قوله (خيارات العتق) وهي سبعة إذا كان الشريك موسرا وستة إذا كان معسرا
754 بإسقاط التضمين ط ومرت في باب عتق البعض قوله (فإن ضمن شريكه) أي ضمن الساكت الشريك المدبر فللضامن أن يرجع بما ضمن على العبد وإن لم يرجع حتى مات عتق نصيبه من ثلث ماله وسعى العبد في النصف الآخر كاملا للورثة وهذه الخيارات عند الإمام وعندهما صار العبد كله مدبرا بتدبير أحدهما وهو ضامن لنصيب شريكه موسرا كان أو معسرا ح عن الهندية ملخصا قوله (وولد المدبرة) أي المولود بعد التدبير لا قبله لأن حق الحرية لم يكن ثابتا في الأم وقت الولادة حتى يسري إلى الولد ولو اختلفا فادعت ولادته بعد التدبير فالقول للمولى أنها قبله مع يمينه على العلم والبينة لها وتمامه في البدائع والفتح قوله (مدبر) فيعتق بموت سيد أمه قوله (وذكر المصنف إلخ) عبارته وولد المدبر كهو اه ووقع نحوه في بعض نسخ الهداية بلفظ وولد المدبر مدبر ورده في البحر بأن التبعية إنما هي للأم لا للأب وأجاب ح بأن لفظ المدبر يتناول الذكر والأنثى كما مر في لفظ المملوك ويكون المراد به في عبارتهما الأنثى بقرينة ما قدمناه من أن الولد يتبع الأم في التدبير لا الأب اه لكن هذا الجواب لا يصح في عبارة الشارح حيث عبر بقوله كأبيه فلو ذكر عبارة المصنف من غير يطلق فيها لكان أولى ط قوله (فتأمل) أمر بالتأمل لمخالفته لما مر من عدم تبعيته للأب وفي بعض النسخ قال وهو تحريف ظاهر لأن ما بعده لم يذكره المصنف في البيع الفاسد ولو كان ذكره لا يناسب تفريعه على ما قبله كما قاله المحشي قوله (وأما تدبير الحمل فكعتقه) أي أنه يصح تدبيره وحده لكن قال في الكافي لم يكن له أن يبيع الأم ولا يهبها ولا يمهرها فإن ولدت لأقل من ستة أشهر كان الولد مدبرا وإن لأكثر كان رقيقا اه وتقدم في كتاب العتق أنه لو أعتق الحمل لم يجز بيع الأم وجاز هبتها ولو دبره لم تجز هبتها في الأصح وتقدم وجه الفرق وهذا قبل الولادة فيجوز بعدها البيع والهبة قوله (وبطل التدبير) معنى البطلان كما قاله صاحب الذخيرة أنه لا يظهر حكمه بعد الاستيلاد فكأنه بطل وليس المراد بطلانه بالكلية فإن قلت ما فائدة التدبير حينئذ قلت دخولها في قوله كل مدبر لي حر فعتق حالا ولا يتوقف عتقها إلى ما بعد الموت ط قوله (وبيع إلخ) قال في البحر بيان المدبر المقيد وأحكامه وحاصله أن يعلق عتقه بموته على صفة بمطلقة أو بزيادة شئ بعد موته كأن مت وغسلت أو كفنت ودفنت فأنت حر فيعتق إذا مات استحسانا وإنما بيع المدبر المقيد لأن سبب الحرية لم ينعقد في الحال للتردد في هذا القيد لجواز أن لا يموت منه فصار كسائر التعليقات بخلاف المدبر المطلق لأنه تعلق عتقه بمطلق موته وهو كائن لا محالة اه وأشار الشارح بقوله ووهب إلى أن المراد بالبيع الإخراج عن الملك لا خصوصه ط قوله (مما يقع غالبا) أي مما يقع حياته بعدها غالبا
755 احترز به عن نحو إلى مائة سنة فإنه يكون مدبرا مطلقا وقد مر الكلام عليه ومعنى قوله إلى عشرين سنة أي إن وقع موتي في هذه المدة التي ابتداؤها هذا الوقت وتنتهي إلى عشرين ط وكذا إلى سنة فلو مات قبلها عتق وبعدها لا ولو في رأسها فمقتضى الوجه يعتق لأن الغاية هنا للإسقاط إذ لولاها تناول الكلام ما بعدها فتح ملخصا وأجاب في البحر بأن هذا غير مطرد لانتقاضه في لا أكلمه إلى غد فإن الغاية لا الخطبة في ظاهر الرواية فله أن يكلمه في الغد مع أنها للإسقاط ونازعه المقدسي بأن السنة ليست في الحقيقة غاية فلا بد أن يقدر إلى ما مضي سنة بخلاف الغد فإنه اسم لزمان مستقبل له اسم خاص دخل عليه إلى التي للغاية تأمل قوله (وكفنت) في نسخ بأو وهي الموافقة لما في البحر ط قوله (أو إن مت أو قتلت) أي بترداده بين الجملتين فليس بمدبر مطلق عند أبي يوسف لأن الموت ليس بقتل وتعليقه بأحد الأمرين يمنع كونه عزيمة في إحدهما خاصة بحر دابة ابن الهمام من أهل الترجيح قوله (ورجحه دابة) أي رجح قوله زفر إنه مدبر مطلق بأنه أحسن لأنه في المعنى تعليق بمطلق موته كيفما كان قتلا أو غير قتل وقدمنا غير مرة أن دابة من أهل الترجيح كما أفاده في قضاء البحر بل صرح بعض معاصريه بأنه من أهل الاجتهاد ولا سيما وقد أقره على ذلك في البحر والنهر والمنح ورمز المقدسي والشارح وهم أعيان المتأخرين فافهم قوله (بعد موتي وموت فلان) أو موت فلان وموتي كافي الحاكم قوله (فيصير مطلقا) جواب للمفهوم والتقدير فإن مات فلان قبله صار الآن مدبرا مطلقا قال في الكافي ألا ترى أنه لو قال أنت حر بعد كلامك فلانا وبعد موتي فكلم فلانا كان مدبرا وكذلك قوله إن كلمت فلانا فأنت حر بعد موتي فكلمه صار مدبرا اه قال ح عن الهندية فلو مات المولى قبل موت فلان لا يصير مدبرا وكان للورثة أن يبيعوه قوله (من أنه) أي ما ذكره من مسألة المتن وكذا قوله بعد موتي وموت فلان كما في البحر قوله (حتى لو مات الخ) تفريع على كونه تعليقا متضمن لبيان الفرق بينه وبين التدبير المقيد بعد اشتراكهما في جواز البيع والعتق بالموت والفرق هو أنه إن مات فلان فقط في مسألة المتن عتق من كل المال وإن مات المولى أولا في المسألتين بطل التعليق كما لو قال إن دخلت الدار فأنت حر فمات المولى قبل الدخول والمدبر المقيد مثل المطلق لا يعتق إلا بموت المولى ومن ثلث ماله لا كله قوله (بأن مات من سفره أو مرضه ذلك) أي أو في المدة المعينة فلو أقام أو صح أو مضت المدة ثم مات ويعتق لبطلان اليمين قبل الموت بحر قوله (من الثلث) متعلق بقوله ويعتق وذكره بيانا لوجه الشبه وأفاد أنه يسعى فيما زاد وإن استغرق ففي كله كما في الدر المنتقى قوله (ففرق بين من وفي) ووجهه أن من تفيد أن الموت مبتدأ وناشئ من
756 ذلك المرض بأن يكون ذلك المرض سبب الموت والقتل سبب آخر وأما في فإنها تفيد أن الموت واقع في ذلك المرض سواء كان بسببه أو بسبب آخر قوله (فتحول) أعاد الضمير مذكرا مع أن الحمى مؤنثة على تأويلها بالمرض قوله (وهو مرض واحد) لعل وجهه أن أحد هذين المرضين ينشأ عن الآخر غالبا فعدا مرضا واحدا وإلا فالمذكور في كتب الطب أنهما مرضان ولعل تخصيص محمد بالذكر لكونه المخرج للفرع وإلا فلم أر له مقابلا أفاده ط قوله (به يفتى) وقيل هي قيمته قنا وقيل قيمة خدمته مدة عمره وقيل نصف قيمته فقنا كالمكاتب وهو الأصح وعليه الفتوى باقاني وفي البحر أنه مختار الصدر الشهيد والولواجي قال في الدر المنتقى في باب عتق البعض قلت ولكن المتون على الأول ووجهه كما صرح به في الهداية أن المنافع يجري ثلاثة البيع وأشباهه والاستخدام وأمثاله والإعتاق وتوابعه وبالتدبير فات البيع قوله (يقوم قنا) فإذا لم يخرج من الثلث ولزمه السعاية في ثلثي قيمته أو في كلها يقوم قنا لا مدبرا قوله (قبل موتي بشهر) أما لو قال بعد موتي بشهر فهو وصية بالإعتاق فلا يعتق إلا بإعتاق الوارث أو الوصي كما في البحر عن المجتبى قوله (عتق من كل ماله) في الخانية ولو مات بعد شهر قيل يعتق من الثلث قيل من الكل لأن على قول الإمام يستند العتق إلى أول الشهر وهو كان صحيحا فيعتق من الكل وهو الصحيح وعلى قولهما يصير مدبرا بعد مضي الشهر قبل موته اه وفي الظهيرية فإن مضى شهر كان مطلقا عند البعض وقال بعضهم وهو باق على التقييد اه قلت القول بعتقه من الثلث يصح بناؤه على كل من القولين الأخيرين وأما ما صححه في الخانية من عتقه من الكل فهو على أنه غير مدبر أصلا لما علمت من أن المدبر المطلق والمقيد إنما يعتق من الثلث وقيد بأنه مات بعد شهر لما في المجتبى من أنه لو مات المولى قبل مضي الشهر لا يعتق بالإجماع قوله (ولمولاه بيعه) قال في الشرنبلالية وتفيد صحة بيعه بأن يعيش المولى بعد البيع أكثر من شهر لينتفي المحل للعتق حال المدة التي يليها موت المولى تأمل اه أي لأنه لو مات بعد البيع بأقل من شهر ظهر أنه وقت البيع كان حرا لإسناد معتق إلى أول الشهر الذي يلي الموت فافهم لكن هذا التقييد غير صحيح لما قالوا من أن الاستناد هو أن يثبت الحكم في الحال ثم يستند إلى وقت وجود السبب حتى لو قال أنت حرة قبل موت فلان بشهر ثم باعها ثم مات فلان لتمام الشهر لم تعتق لعدم المحلية أي لعدم كونها محلا في الحال وانظر ما مر في الطلاق في الأحكام الأربعة في باب الطلاق الصريح قوله (في الأصح) راجع إلى قوله عتق من كل ماله وقوله ولمولاه بيعه قوله (لأن الأول أمر الخ) أي الأمر هو طلب الفعل من المأمور وهو أمر متحقق مع التلفظ به فلا يصح استثناؤه بخلاف أنت حر فإنه في الأصل إخبار محتمل للصدق والكذب ثم استعمل لإنشاء الحرية فيصح استثناؤه نظرا لأصله كما مر في
757 بابه وفرق في الذخيرة هنا بأن الإيجاب يقع ملزما بحيث لا يقدر على إبطاله بعده فيحتاج إلى الاستثناء فيه حتى لا يلزمه حكمه والأمر لا يقع لازما فإنه يقدر على إبطاله بعزل المأمور به فلا يحتاج للاستثناء اه وسيأتي تمامه معي باب اليمين في الدخول الخروج والله تعالى أعلم الاستيلاد تقدم في التدبير وجه المناسبة وهو على تقدير مضاف أحكام الاستيلاد قوله (وخصه الفقهاء بالثاني) أي خصوا الاستيلاد بطلب الولد من الأمة أي استلحاقه قال في الدر المنتقى فأم الولد جارية استولدها الرجل بملك اليمين أو النكاح أو بالشبهة ثم ملكها فإذا استولدها بالزنا لا تصير أم ولد عندهم استحسانا وتصير أم ولد قياسا كما قال زفر اه لكن لو ملك الولد عتق عليه كما سيأتي في الفروع قوله (ولو سقطا) قال في البحر أطلق في الولد فشمل الولد الحي والميت لأن الميت ولد بدليل أنه يتعلق به أحكام الولادة حتى تنقضي به العدة وتصير به المرأة نفساء وشمل السقط الذي استبان بعض خلقه وإن لم يستبن شئ لا تكون أم ولد وإن ادعاها اه قوله (ولو مدبرة) فيجتمع لحريتها سببان التدبير والاستيلاد وقوله في الباب السابق وبطل التدبير تقدم معناه قوله (من سيدها) أي المالك لها كلا أو بعضا وشمل المسلم والكافر ذميا أو مرتدا أو مستأمنا كما في البدائع قال في الدر المنتقى وسواء كان مولاها حقيقة أو حكما ليشمل ما إذا وطئ الأب جارية الابن ثم ولدت فادعاه قوله (ولو باستدخال الخ) تعميم للولادة أي سواء كان بسبب الوطء أو بإدخالها منيه في فرجها قوله (بإقراره) أي بإقرار المولى بأن الولد منه منح ومثله في الدرر وقوله ولو حاملا أي ولو كان إقراره حال كونها حاملا درر قلت فالباء في إقراره بمعنى مع حال من الولادة المفهومة من ولدت وقوله ولو حاملا حال من إقراره والمراد منه إقراره بالولد كما علمت فصار المعنى إذا ولدت من سيدها ولادة مقترنة بإقراره بالولد ولو كان إقراره بالولد في حال كونها حاملا لأن الإقرار وإن كان قبل الولادة يبقى حكمه فيقارن الولادة ولا يخفي أن هذا المعنى صحيح فلا حاجة إلى تطريق احتمالات لا تصح وردها فافهم وأفاد أن المدار على الإقرار والدعوى سواء ثبت النسب معها أو لا لما قالوا من أنه لو ادعى نسب ولد أمته التي زوجها من عبده فإن نسبه إنما يثبت من العبد لا من السيد وصارت أم ولد له لإقرار بثبوت النسب منه وإن لم يصدقه الشرع وبه اندفع ما في الفتح من أنهم أخلوا بقيد ثبوت النسب كما حرره في النهر قلت لكن يرد عليه ما لو زنى بأمة غيره وادعى أن الولد منه فإنها لا تصير أم ولده إذا ملكها عندنا كما مر لأن أمومية الولد فرع ثبوت النسب وسيأتي آخر الباب مزيد بيان قوله (كقوله حملها الخ) قال في النهر ينبغي أن يقيد بما إذا وضعته لأقل من ستة أشهر من وقت الاعتراف فإن وضعته لأكثر لا تصير أم ولد
758 وفي الزيلعي لو اعترف بالحمل فجاءت به لستة أشهر من وقت الإقرار لزمه للتيقن بوجوده يوافقه ما في المحيط لو أقر أن أمته حبلى منه بولد لستة أشهر يثبت نسبه منه لأنها صادفت ولدا موجودا في البطن وإن جاءت به لأكثر من ستة أشهر لم يلزمه النسب لأنا لم نتيقن بوجوده وقت الدعوى لاحتمال حدوثه بعدها فلا تصح الدعوة بالشك اه قوله (وما في بطنها مني) لكن إن قال ما في بطنها من حمل أو لد لم يقبل قوله إنها لم تكن حاملا وإنما كان ريحا ولو صدقته وإن لم يقل وصدقته يقبل كما في البحر قوله (أما ديانة إلخ) قال في الفتح فأما الديانة فالمروي عن أبي حنيفة رحمه الله أنه إن كان حين وطئها لم يعزل عنها وحصنها عن مظان ريبه الزنا يلزمه من قبل الله تعالى أن يدعيه بالإجمال لأن الظاهر والحالة هذه كونه منه والعمل وبالظاهر واجب وإن كان عزل حصنها أولا لم يعزل ولكن لم يحصنها فتركها الخطبة وتخرج بلا رقيب مأمون جاز له أن ينفيه لأن هذا الظاهر وهو كونه منه يعارضه ظاهر آخر وهو كونه من غيره لوجود أحط الدليلين على ذلك وهما العزل أو عدم التحصين قوله (كاستيلاد معتوه ومجنون) مقتضي التشبيه أنه يثبت بلا دعوة ديانة لا قضاء والمتبادر من نظم الوهبانية أنه يثبت قضاء أيضا وأصله ما في القنية عن نجم الأئمة البخاري متى ولدت الجارية من مولاها صارت أم ولد له في نفس الأمر وإنما تشترط دعوته للقضاء ولهذا يصح استيلاد المعتوه والمجنون مع عدم الدعوة منهما اه قال العلامة عبد البر بن الشحنة في شرح النظم وعامة المصنفين لم يستثنوا هاتين الصورتين من القاعدة المقررة في المذهب أنه لا يثبت النسب في ولد الأمة الأول إلا بالدعوة اه وظاهره أنه فهم أن المراد ثبوت الاستيلاد فيهما قضاء وإلا فلا حاجة إلى التنبيه على أن عامتهم لم يستثنوهما وهكذا فهم في البحر حيث قال فهذا إن صح يستثنى وهو مشكل فإن الاستثناء والإشكال في ثبوته قضاء لا في ثبوته ديانة كما لا يخفي وهكذا فهم في النهر أيضا حيث أجاب عن الإشكال بأنه يمكن أن تكون الدعوى من وليه كعرض الإسلام عليه بإسلام زوجته اه واعترضه بعضهم أن الفرق ظاهر إذ في دعوى الولي تحميل النسب على الغير ثم لا يخفي أن المشكل الذي فيه الكلام هو ما إذا كان للمجنون أو المعتوه أمة يطؤها فولدت أما إذا كانت به زوجة هي أمة للغير ولدت منه وثبت نسب الولد منه بحكم الفراش ثم ملكها فلا شبهة في أنها تصير أم ولد قضاء بلا دعوى كالعاقل فحمل كلام النظم والقنية عليه غير صحيح بل هو أمرهم على ما قلنا فافهم ولكن الحق أن ثبوته في القضاء مشكل إذ هو فرع العلم بالوطء وهذا عسير فمجرد ولادتها في ملكه أن ثبوته في القضاء مشكل بدون دعوى صحيحة لا يثبت به الاستيلاد ولا النسب فلذا لم يستثنه عامة المصنفين من القاعدة المذكورة فالأقرب حمل كلام القنية على ما فهمه الشارح من ثبوته ديانة لا قضاء وإن خالف ما فهمه غيره والمعنى أنها إذا ولدت له ثم أفاق بعدم أنه وطئها في حال جنونه وأن هذا الولد منه صارت أم ولد له في نفس الأمر ووجب عليه ديانة أن يدعيه وأن يبيعها وإلا فلا هذا ما ظهر لي تحريره والله سبحانه أعلم قوله (من زوج) خرج ما لو ولدت من زنا فملكها الزاني كما في البحر وسيأتي في الفروع قوله (ولو فاسدا) كنكاح بلا شهود قوله (كوطء بشبهة) تنظير لا تمثيل للفاسد لأن المراد به ما ليس بعقد أصلا كما لو وطئها على ظن أنها
759 زوجته قوله (فاشتراها الزوج) الأولى أن يزيد أو الواطئ ليشمل الشبهة قوله (أي ملكها) تعميم للشراء ليدخل فيه الملك بإرث أو هبة وقوله كلا أو بعضا تعميم للضمير المفعول وأفاد به عدم تجزئ الاستيلاد وفي الدر المنتقى هل يتجزأ الاستيلاد في التبيين نعم وفي غيره لا إذا أمكن تكميله اه وفي البدائع الاستيلاد لا يتجزأ عندهما كالتدبير وعنده هو متجزئ إلا أنه قد يتكامل عند وجود سبب التكامل وشرطه وهو إمكان التكامل وقيل لا يتجزأ عنده أيضا لكن فيما يحتمل النقل فيه ويتجزأ فيما لا يحتمله كأمة بين اثنين ولدت فادعاه أحدهما صارت أو ولد له وإن إدعياه جميعا صارت أم ولد لهما قوله (أو بعضا) بأن اشتراها هو وآخر فتصير أم ولد للزوج ويلزمه قيمة نصيب شريكه وتمامه في البحر قوله (من حين الملك) أي لا من حين العلوق بحر قوله (فلو ملك ولدها من غيره) يعني الولد الحادث قبل ملكه إياها قال في الفتح وفي المبسوط لو طلقها فتزوجت بآخر فولدت منه ثم اشترى الكل صار أم ولد وعتق ولده وولدها من غيره يجوز بيعه خلافا لزفر بخلاف الحادث في ملكه من غيره فإنه في حكم أمه اه (تنبيه) استثنى في الفتح من قوله إن الحادث في ملكه من غيره حكمه كأمه ما إذا كان جارية فإنه لا يستمتع بها لأنه وطئ أمها وزاد في البحر ما لو سرى أم ولد الغير من رجل جاهلا بحالها فولدت له ثم استحقها مولاها فله على المشتري قيمة الولد للغرور وكان ينبغي أن لا يلزمه شئ عند الإمام لأن أم الولد لا مالية فيه كأمه إلا أنه ضمن عنده لأن عدم ماليته بعد ثبوت حكم أمية الولد فيه لم يثبت لعلوقه حر الأصل فلذا يضمن بالقيمة اه قوله (وكذا لو استولدها بملك) عطف على قوله أو ولدت من زوج أي وكذا تكون أم ولد استولدها ثم استحقت أو لحقت ثم ملكها اه ح قوله (ثم استحقت) أي استحقها الغير بأن أثبت أنها أمته قال ح وينبغي أن يكون ولدها حرا بالقيمة لأنه مغرور قوله (فإن عتق أم الولد يتكرر) يعني أن كونها أم ولد يتكرر وأطلق عليه العتق لأنه إعتاق مالا لحديث أعتقها ولدها وحاصله أن الاستحقاق أو اللحاق لا ينافي عودها أم ولد بتجدد الملك ولو بعد إعتاقها لأن سبب صيرورتها أم ولد قائم وهو ثبوت النسب منه فافهم وما ذكره مأخوذ من الخانية ونصها عتق أم الولد يتكرر بتكرر الملك كعتق المحرم يتكرر بتكرر الملك وتفسيره أم الولد إذا أعتقها وارتدت ولحقت بدار الحرب ثم سبيت واشتراها المولى فإنها تعود أم ولد له وكذا لو ملك ذات رحم محرم منه وعتقت عليه ثم ارتدت ولحقت بدار الحرب ثم سبيت فاشتراها عتقت عليه وكذا ثانيا وثالثا اه قوله (بخلاف المدبرة) أي فإنه إذا أعتقها ثم ارتدت وسبيت فملكها لا تصير مدبرة والفرق أن عتق المدبرة وصل إليها بالإعتاق وبطل التدبير فلا يبقى عتقها معلقا بالموت بخلاف الاستيلاد فإنه لا يبطل بالإعتاق والارتداد لقيام سببه وهو ثبوت نسب الولد بحر قوله (حكمها كالمدبرة) في كونها لا يمكن تمليكها بعوض ولا بدونه قوله (وقد مر) في قوله لا تباع المدبرة
760 في القضاء بجواز بيع أم الولد قوله (في ثلاثة عشر) قال في البيع الفاسد من البحر وفي فتح القدير هنا أعلم أن أم الولد تخالف المدبر في ثلاثة عشر حكما لا تضمن بالغصب وبالإعتاق والبيع ولا تسعى لغريم وتعتق من جميع المال وإذا استولد أم ولد مشتركة لم يتملك نصيب شريكه وقيمتها الثلث ولا ينفذ القضاء بجواز بيعها وعليها العدة بموت السيد أو إعتاق يثبت نسب ولده بلا دعوة ولا يصح تدبيرها ويصح استيلاد المدبرة ولا يملك الحربي بيع أم ولده ويملك بيع مدبره ويصح استيلاد جارية ولده ولا يصح تدبيرها كذا في التنقيح اه ح وذكر منها هنا أربعة قوله (تعتق بموته) أي ولو حكما كلحاقه بدار الحرب مرتدا وكذا المستأمن لو عاد إلى دار الحرب فاسترق وله أم ولدا في دار الإسلام نهر قوله (من كل ماله) هذا إذا كان إقراره بالولد في الصحة أو المرض ومعها ولد أو كانت حبلى فإن لم يكن شئ من ذلك عتقت من الثلث لأنه عند عدم الشاهد إقرار بالعتق وهو وصية كذا في المحيط وغيره نهر وسيأتي في الفروع قوله (والمدبرة تسعى) أي إن لم تخرج من الثلث على ما مر تفصيله في قضاء القاضي بخلاف مذهبه قوله (ولو قضي بجواز بيعها) أي قضي به حنفي مثلا على إحدى الكلب عن الإمام من أن القاضي لو قضي بخلاف رأيه ينفذ قضاؤه أي ما لم يقيده السلطان بمذهب خاص أما على الرواية الأخرى وهو قولهما المرجح لا ينفذ مطلقا فيراد القاضي المقلد لداود الظاهري فإنه يقول بجواز بيعها وله واقعة مع أبي سعيد البردعي شيخ الكرخي حكاها الزيلعي وغيره وذكرها ح فراجعه قوله (لم ينفذ) هذا عند محمد وعليه الفتوى وقالا ينفذ والخلاف مبني على خلاف في مسألة أصولية هي أن الإجماع المتأخر هل يرفع الخلاف المتقدم عندهما لا يرفع لما فيه من تضليل بعض الصحابة رضي الله عنهم وعنده يرفع ح عن المنح وذكر في التحرير أن الأظهر من الروايات أنه لا ينفذ عندهم جميعا اه ومفاده ارتفاعه عندهم فيثبت الإجماع المتأخر لأنه حيث ارتفع الخلاف المتقدم لم يبق في المسألة قول آخر فكان القضاء به قضاء بما لا قائل به فلا ينفذ لمخالفته الإجماع قلت لكن المقرر في كتاب القضاء كما سيأتي تحريره إن شاء الله تعالى أن الحكم ثلاثة يجري منه ما لا يصح أصلا وإن نفذه ألف قاض وهو ما خالف كتابا أو سنة مشهورة أو إجماعا ومنه ما ثبت فيه الخلاف قبل الحكم ويرتفع بالحكم حتى لو رفع إلى قاض آخر لا يراه أمضاه ومنه ما ثبت فيه الخلاف بعد الحكم أي وقع الخلاف في صحة الحكم به فهذا إن رفع إلى قاض آخر فإن كان لا يراه أبطله وإن كان يراه أمضاه ومقتضى قوله بل يتوقف الخ أنه من هذا النوع ومقتضى كونه مخالفا للإجماع أنه من النوع الأول وبه صرح الشارح في كتاب القضاء حيث قال عند قول المصنف أو إجماعا كحل المتعة لإجماع الصحابة على فساده وكبيع أم ولد على الأظهر وقيل ينفذ على الأصح فجعل عدم النفاذ مبنيا على مخالفته للإجماع وعليه فلا يصح قوله بل يتوقف الخ فتأمل
761 ثم رأيت في التحرير عز قوله بل يتوقف إلى الجامع ووجهه بأن الإجماع المبسوط بخلاف مختلف في كونه إجماعا ففيه شبهة كخبر الواحد فكذا في متعلقه وهو ذلك الحكم المجمع عليه فكان القضاء به نافذا لأنه غير مخالف للإجماع القطعي وقال شارحه ثم الأظهر أن الخلاف في القضاء ببيع أم الولد في نفس القضاء كما في متعلقه الذي هو جواز البيع لا في نفس متعلقه فقط فيتجه ما في الجامع لأن قضاء الثاني هو الذي يقع في مجتهد فيه حنث الأول فلذا قال في الكشف وهذا أوجه الأقاويل اه والله سبحانه أعلم باع أم ولده والمشتري يعلم بها فولدت فادعاه فهو للبائع لأن له فراشا عليها فإن نفاه ثبت المشتري استحسانا وكذا لو يعلم المشتري إلا أن الولد يكون حرا لو نفاه البائع ولو باع مدبرته ووطئها المشتري عالما بها فولدت منه ثبت منه ولم يعتق ورده مع أمه إلى البائع لأنه غير مغرور محيط قوله (وإن ولدت بعده) أي بعد الولد الذي ثبت منه باعترافه أو بنكاحه قوله (إذا لم تحرم) قيد لقوله بلا دعوى قوله (بنحو نكاح) أي من كل حرمة مزيلة للفراش بخلاف الحرمة بالحيض والنفاس والصوم والإحرام وأدخل بلفظ نحو الاشتراك فيها فلو ولدت المشتركة ولدا ثانيا لم يثبت بلا دعوى كما سيذكره معي قوله وهي أم ولدهما ويأتي بيانه أو كانت الحرمة بسبب إرضاعها زوجته الصغيرة نهر قوله (أو وطء ابنه) الحدود مضاف لفاعله والمراد أن يطأها أحد أصوله أو فروعه قوله (أو المولى أمها) المراد أن يطأ مولى إحدى أصولها أو فروعها ح قوله (فحينئذ) أي فحين إذ حرمت عليه بأحد هذه الأشياء اه ح قوله (لأكثر من ستة أشهر) كذا في البحر عن البدائع قال ح والأولى لستة أشهر فأكثر كما لا يخفي قوله (لا يثبت إلا بدعوة) لأن الظاهر أنه ما وطئها بعد الحرمة فكانت حرمة الوطء كالنفي دلالة فإن ادعاه يثبت لأن الحرمة لا تزيل الملك قوله (فلا يثبت) لأن الولد للفراش وهو الزوج قوله (ولو لأقل إلخ) قال في البحر بعد عزوه ما مر للبدائع وظاهر تقييده بالأكثر من الستة أنها لو ولدته بعد عروض الحرمة لأقل من ستة أشهر فإنه يثبت نسبه بلا دعوة للتيقن بأن العلوق كان قبل عروضها وقد ذكره في فتح القدير بحثا اه أي فقد وافق بحثه مفهوم الرواية فافهم لكن ينبغي تقييد هذا بما إذا زوجها المولى غير عالم بالحمل لما في التوشيح وغيره من أنه ينبغي أنه لو زوجها بعد العلم قبل اعترافه به أنه يجوز النكاح ويكون نفيا اه ذكره في البحر وغيره في فصل محرمات النكاح وقدمناه في نكاح العبد والمدبرة والقنة كأم الولد بالأولى لأنه إذا كان نفيا فيما يثبت بالسكوت ففيما لا يثبت إلا بالدعوة أولى كما في النهر من المحرمات قوله (لندب استبرائها قبله) أي استبراء المولى إياها قبل النكاح وظاهره أن العلة في فساد النكاح ندب الاستبراء وأن ذلك مذكور في البحر وليس كذلك بل العلة في فساده ظهور الحبل قبل تمام الستة أشهر كما تفيده عبارة البحر حيث قال وأفاد بالتزويج أنه لا يجب عليه الاستبراء قالوا هو مستحب كاستبراء البائع لاحتمال أنها حبلت منه فيكون النكاح فاسدا فكان تعريضا للفساد اه ط
762 قلت وقدمنا في فصل المحرمات أن الصحيح وجوب الاستبراء قبل التزويج وقوله لاحتمال الخ يفيد أنه لو تحقق حبلها منها بأن ولدت لأقل من ستة أشهر يكون النكاح فاسدا سواء استبرأها أو لا ويفيده عبارة كافي الحاكم حيث قال ولا ينبغي له أن يزوج أم ولده حتى يستبرئها فيعلم أنها ليست بحامل فإن زوجها فولدت لأقل من ستة أشهر فهو من المولى والنكاح فاسد اه ووجهه أن الاستبراء علامة ظاهرة باعتبار الغالب وإلا فقد تكون حاملا وما رأته من الدم استحاضة والولادة لأقل من ستة أشهر من وقت التزويج دليل قطعي على كونها حاملا وقته فلا تعارضه العلامة الظاهرة الغالبة ولا يقال إن تزويجها بعد الاستبراء يكون نفيا للولد فلا يثبت منه لأنا نقول إنما يكون نفيا له إذا علم بوجوده كما مر عن التوشيح أما إذا زوجها على ظن عدم الجوزي ثم علم أنه موجود فمن أين يكون نفيا لنسبه فافهم قوله (للأمة) فإنه لا يثبت إلا بالدعوة وينتفي بلا لعان قوله (لأم الولد) يثبت بلا دعوة وينتفي بلا لعان ويملك نقل فراشها بالتزويج (للمعتدة) أي معتدة البائن ح قوله (لعدم اللعان) لأن شرط اللعان قيام الزوجية بأن تكون منكوحة أو معتدة رجعي كما تقدم في بابه ح قوله (إلا إذا قضي به) استثناء من قوله لكنه ينتفي بنفيه ط قوله (غير حنفي) أما الحنفي فليس له الحكم من غير صريح الدعوى بحر قوله (يرى ذلك) أي يرى صحة القضاء بأنه ولد بعد نفيه من غير دعوى قوله (كما مر في اللعان) حيث قال هناك نفي الولد الحي عند التهنئة ومدتها سبعة أيام عادة وعند ابتياع آلة الولادة صح وبعده لا لإقراره به دلالة اه قوله (لأنه دليل الرضا) عبارة البحر لأن التطاول دليل إقراره لوجود دليله من قبول التهنئة ونحوه فيكون كالتصريح قوله (في هاتين الصورتين) زاد في الشرنبلالية ما لو أعتقها فإنه يثبت نسب ولدها إلى سنتين من يوم الإعتاق كما إذا مات ولا يمكن نفيه لأن فراشها تأكد بالحرية اه قوله (يعني الكافر) أي ليشمل الحربي المستأمن أما الذي في دار الحرب فلا يتمكن من عرض الإسلام عليه فهو معلوم أنه غير مراد فافهم قوله (أو مدبرته) ذكره في البحر والنهر أيضا قوله (نظرا للجانبين) أي جانب أم الولد بدفع الذل عنها بصيرورتها حرة يدا وجانب الذمي ليصل إلى بدل ملكه خصومة الذمي أشد من خصومة المسلم قوله (لأن خصومة الذمي الخ) في الخانية من الغصب مسلم غصب من ذمي مالا أو سرقة فإنه يعاقب عليه يوم القيامة لأنه أخذ مالا معصوما والذمي لا يرجى منه العفو بخلاف المسلم فكانت خصومة الذمي أشد وعند الخصومة لا يعطي ثواب طاعة المسلم للكافر لأنه ليس من أهل النصارى الثواب ولا وجه لأن يوضع على المسلم وبال كفر الكافر فيبقى في خصومته وعن هذا قالوا إن
763 خصومة الدابة تكون أشد من خصومة الآدمي على الآدمي اه قوله (في ثلث قيمتها قنة) كذا قاله الإتقاني بأن يقدر القاضي قيمتها فينجمها عليها فتصبر مكاتبة وهي وإن كانت عند الإمام غير متقومة إلا أن الذمي يعتقد في هذا تقومها أفاده في النهر ومثله في الفتح قوله (إذ لو ردت) أي إلى الرق لأعيدت مكاتبة لقيام الموجب ما لم يسلم مولاها عيني قوله (ولو مات قبل سعايتها غنم ولد إلخ) كذا في عامة النسخ وفي بعضها ولو مات قبل سعايتها عتقت بلا سعاية ولو ماتت هي غنم ولد إلخ وهو الصواب لأن قوله غنم ولد إنما يناسب موتها هي لا موت سيدها لكن يبقى قوله وإلا عتقت مجانا غير مرتبط بما قبله ولا معنى له فكان عليه أن يقول بعد تمام عبارة المصنف ولو ماتت هي ومعها ولد ولدته في سعايتها سعى فيما عليها كما عبر به في شرحه على الملتقى قوله (فيسعى في ثلثي قيمته) أي قنا وقيل في نصفها كما مر قوله (وإلا أمر ببيعها) لأن البيع هنا ممكن بخلاف أم الولد والمدبر قوله (ذكره مسكين) أي ذكر تقييد الجبر على البيع بعرض الإسلام عليه وإبائه كما في البحر قوله (ولو مع ابنه) في بعض النسخ ولو مع أبيه بالموحدة ثم المثناة وهي الموافقة لقوله في الدر المنتقى ولو كان الشريك أباه واعترضها ج بأنها غير صحيحة واستدل لذلك بقول البحر وشمل ما إذا كان المدعي منهما الأب كما إذا كانت مشتركة بين الأب وابنه فادعاه الأب صح ولزمه نصف القيمة والعقر كالأجنبي بخلاف ما إذا استولدها ولا ملك له فيها حيث لا يجب العقر عندنا اه قلت وفيه نظر ظاهر إذ لا مانع من دعوى الابن ولد الأمة المشتركة مع أبيه نعم يقدم الأب إذا ادعاه معه كما سيأتي ولا دعوى هنا إلا من واحد وتخصيص صاحب البحر بكون المدعي الأب لبيان الفرق بين هذه المسألة وبين مسألة أخرى وهي ما إذا ادعى ولد أمة ابنه حيث لا يجب عليه العقر لأنه إذا لم يكن للأب فيها ملك مست الحاجة إلى إثبات الملك فيها سابقا على الوطء نفيا له عن الزنا فلا عقر وإذا كان له فيها ملك في شقص منها لم يكن زنا وانتفت الحاجة فيلزمه نصف العقر فافهم قوله (ثبت نسبه منه) لأن النسب إذا ثبت منه في نصفه لمصادفته ملكه ثبت في الباقي ضرورة أنه لا يتجزأ لما أن سببه وهو العلوق لا يتجزأ إذ الولد الواحد لا يعلق من ماءين درر قوله (أو مكاتبا الخ) في كافي الحاكم وإذا كانت الجارية بين حر ومكاتب فولدت ولدا فادعاه المكاتب فإن الولد ولده والجارية أم ولد له ويضمن نصف قيمتها يوم علقت منه ونصف عقرها ولا يضمن من قيمة الولد شيئا فإن ضمن ذلك ثم عجز كانت الجارية وولدها مملوكين لمولاه وإن لم يضمنه ذلك ولم يخاصمه رجع نصف الجارية ونصف الولد للشريك الحر اه قوله (لكنه إن عجز فله بيعها) قد علمت أنه إن عجز بعد الضمان صارت
764 الجارية وولدها لمولاه وإن عجز قبله رجع نصف الجارية والولد للشريك وحينئذ فالضمير في له بيعها على الأول يرجع للمكاتب يعني بإذن مولاه أو للمولى وعلى الثاني يرجع للشريك ويكون المراد في بيعها بيع حصته منها فافهم قوله (يوم العلوق) الأولى ذكره بعد قوله نصف قيمتها ونصف عقرها فإن كلا من القيمة والعقد يعتبر يوم العلوق كما في الفتح وغيره قوله (نصف قيمتها) لأنه تملك نصيب صاحبه حين استكمل الاستيلاد درر قوله (ونصف عقرها) لأنه وطئ جارية مشتركة إذ ملكه يثبت بعد الوطء حكما للاستيلاد فيعقبه الملك في نصيب صاحبه درر وقدمنا في أول باب المهر عن الفتح أن العقر هو مهر مثلها في الجمال أي ما يرغب به في مثلها جمالا فقط قوله (ولو معسرا) لأنه ضمان تملك بخلاف ضمان العتق كما تقرر في موضعه درر قوله (لأنه علق حر الأصل) إذ النسب يستند إلى وقت العلوق والضمان يجب في ذلك الوقت فيحدث الولد على ملكه ولم يعلق منه شئ على ملك شريكه درر (تنبيه) قيد المسألة في الفتح بقوله هذا إذا حملت على ملكهما فلو اشترياها حاملا فادعاه أحدهما ثبت نسبه منه ويضمن لشريكه نصف قيمة الولد لأنه لا يمكن استناد الاستيلاد إلى وقت العلوق لأنه لم يحصل في ملكها ولذا لا يجب عليه عقر لشريكه هنا وتمامه فيه قوله (وإن ادعياه معا) قيد بالمعية لأنه لو سبق أحدهما بالدعوة فالسابق أولى كائنا من كان جوهرة وكونهما اثنين غير قيد عنده بل عند أبي يوسف وعند محمد يثبت من ثلاثة لا غير وعند زفر من خمسة قوله (وقد استويا الخ) أي بأن يكونا مالكين أجنبيين مسلمين أو حرين أو ذميين أو مجوسيين قوله (وقت الدعوة الخ) فلو كان أحدهما مسلما والآخر ذميا وقت العلوق ثم أسلم الذمي وقت الدعوة كانا متساويين وكان لهما كما ذكره في غاية البيان قوله (قدم من العلوق في ملكه) قال في الفتح إذا حملت على ملك أحدهما رقبة فباع نصفها من آخر فولدت يعني لتمام ستة أشهر من بيع النصف فادعياه يكون الأول أولى لكون العلوق في ملكه اه وكان المناسب أن يقول لأقل من ستة أشهر من بيع النصف بدليل قوله لكن العلوق في ملكه وبدليل ما يأتي في مسألة النكاح اه ح وفي كافي الحاكم من باب دعوة الحمل وإذا كانت الأمة بين رجلين فولدت ولدا فادعياه جميعا وقد ملك أحدهما نصيبه منذ شهر والآخر منذ ستة أشهر قدم صاحب الملك الأول قوله (ولو بنكاح) قال في الفتح إذا كان الحمل على الملك أحدهما نكاحا ثم اشتراها هو وآخر فولدت لأقل من ستة أشهر من الشراء فادعياه فهي أم ولد الزوج فإن نصيبه صار أم ولد له والاستيلاد لا يحتمل التجزي عندهما ولا بقاءه عنده فيثبت في نصيب شريكه أيضا اه ح قوله (وأب) معطوف على من في قوله قدم من العلوق في ملكه ط قوله (على ابن الخ) لف على سبيل المرتب ط قوله (ومرتد) كذا وقع في البحر وتبعه في النهر والشرنبلالية وهو سبق قلم من صاحب البحر لمخالفته لما في كافي الحاكم وغاية البيان والفتح والزيلعي من تقديم المرتد على الذمي لأنه أقرب
765 إلى الإسلام أي لأنه يجبر على الإسلام فيكون الولد مسلما وهذا أنفع له ونقل ط عن أبي السعود التنبيه على أنه سبق قلم كما قلنا ثم اعلم أن مقتضى تقديم أحدهما في هذه المسائل وهو من وجد معه المرجح أنه يصير حكمه حكم ما لو ادعاه أحد الشريكين فقط لما سمعت من عبارة الفتح من أنها تصير أم ولد الزوج ويثبت النسب منه وعليه فيضمن نصف قيمتها ونصف عقرها هذا ما ظهر لي فاغتنمه فإني لم أرى من صرح به ثم رأيت في كافي الحاكم الشهيد ما نصه وإذا كانت الجارية بين مسلم وذمي ومكاتب وعبد فادعوا جميعا ولدها فدعوة المسلم أولى وإن كان نصيبه أقل الأنصباء وعليه ضمان حصة شركائه من قيمة الأم والعقر وعلى كل واحد من الآخرين حصة شركائه ومن العقر لإقراره بالوطء إلا أن العبد يؤخذ به بعد العتق اه فهذا صريح فيما قلنا ولله الحمد قوله (ثم لا يثبت الخ) أقول هذا راجع لأصل المسألة وهو ما إذا ادعياه معا وقد استويا في الأوصاف وثبت نسبه منهما لا لصور الدعوى مع المرجح وإن أوهم كلامه تبعا للبحر والنهر خلافه لما علمت من تقديم من معه الترجيح وأنها تصير أم ولده ويثبت النسب منه وحيث صارت أم ولده وحده لم يبق له شريك فيها فلا يحرم وطؤها عليه فإذا جاءت بولد ثان يثبت منه بلا دعوى كما لو ادعاه أحد الشريكين فقط وقد نقل في البحر والنهر المسألة عن المجتبى والذي في المجتبى دليل لما قلنا فإنه قال في تعليل أصل المسألة ولأنهما استويا في سبب الاستحقاق فيستويان فيه حتى لو وجد المرجح لا يثبت منهما بأن أحدهما أبا لاخر أو كان مسلما والآخر ذميا ثبت من الأب والمسلم لوجود المرجح ولما ثبت نسبه منهما صارت أمة أم ولد لهما ويقع عقرها قصاصا ولو جاءت بآخر لم يثبت نسبه من واحد إلا بالدعوى لأن الوطء حرام فتعتبر الدعوى اه فقوله ولما ثبت نسبه منهما راجع لأصل المسألة لا لمسألة المرجح لقوله في مسألة المرجح لا يثبت منهما فقوله ولو جاءت بآخر من فروع أصل المسألة أيضا كما هو ظاهر فافهم اغتنم هذا التحرير فإنه من فتح القدير قوله (كما مر) أي في قوله إذا لم تحرم عليه ح قوله (وهي أم ولدهما) فتخدم كلا منهما يوما وإذا مات أحدهما عتقت لا وضمان للحي في تركة الميت لرضا كل منهما بعتقها بعد الموت ولا تسعى للحي عند أبي حنيفة لعدم تقومها وعلى قولهما تسعى في نصف قيمتها بحر قوله (إن حبلت في ملكهما) بأن ولدت لستة أشهر فأكثر من يوم الشراء ح عن البحر قوله (لا) أي لا تكون أم ولد لهما لو اشترياها حبلى بأن ولدت لأقل من ستة أشهر من وقت الشراء فادعياه وكذا لو اشترياها بعد الولادة ثم ادعياه بحر قوله (لأنها دعوة عتق) أي لا دعوة استيلاد فيعتق الولد مقتصرا على وقت الدعوة بخلاف دعوى الاستيلاد فإن شرطها كون العلوق في الملك وتستند الحرية إلى وقت العلوق فيعلق حرا اه فتح وحاصله أن قول كل منهما هذا الولد مشهور تحرير منهما ولا تصير أمه أم ولد لهما ولا يجب على كل واحد منهما العقر لصاحبه لعدم الوطء في ملكه كما في الزيلعي قوله (فولاؤه لهما)
766 تفريع على كونها دعوة عتق من كل منهما فكأن كل واحد أعتق نصيبه منه فيكون ولاؤه له لكن صرح الزيلعي وكذا في الدرر بثبوت النسب منهما فحيث ثبت النسب فما فائدة الولاء تأمل نعم تقدم أول العتق أنه إذا قال هذا مشهور عتق مطلقا وكذا يثبت نسبه إذا صلح ابنا له وكان مجهول النسب وإلا لم يثبت نسبه وبه يحصل التوفيق تأمل قوله (يضمن نصف قيمة الولد) أي لأنها دعوة إعتاق فيضمن حصة شريكه من الولد بخلاف ما إذا حبلت في ملكهما فإنه لا يضمنه كما مر في قوله لا قيمة ولدها قوله (لا العقر) لعدم الوطء في ملك صاحبه قوله (وعلى كل نصف عقرها) لأن الوطء في المحل المحترم لا غلام عن عقر أو عقر وقد تعذر الأول للشبهة فتعين الثاني نهر قوله (وتقاصا) أي سقط ما على كل واحد منهما للآخر بما له على الآخر إن تساويا قال في النهر وفائدة إيجاب العقر مع هذا أنه لو أبرأ أحدهما صاحبه بقي حق الآخر ولو قوم نصيب أحدهما بالدراهم والآخر بالذهب كان له أن يدفع الدراهم ويأخذ الذهب قوله (فيأخذ منه الزيادة) وكذا الغلة والكسب والخدمة نهر قوله (بخلاف البنوة) أي النسب قوله (والإرث) أي إرث الولد منهما قوله (والولاء) حق التعبير والولاية أي ولاية الإنكاح فإنها تثبت لكل من المدعيين كملا وكذا في المال عند أبي يوسف قال في البحر عن وصايا الخانية فإن كان لهذا الولد مال ورثه من أخ له من أمه أو وهب له لا ينفرد بالتصرف فيه أحد الأبوين عندهما وعند أبي يوسف ينفرد اه قوله سوية أي لا على قدر الحصص بل يستويان في ثبوته لكل منهما كملا قوله (لعدم تجزي النسب إلخ) قال الزيلعي النسب وإن كان لا يتجزى لكن يتعلق به أحكام متجزئة كالميراث والنفقة والحضانة والتصرف في المال وأحكام غير متجزئة كالنسب وولاية الإنكاح فما يقبل التجزئة يثبت بينهما على التجزئة وما لا يقبلها يثبت في حق كل واحد منهما على دابة كأنه ليس معه غير اه وتمامه في البحر قوله (إرث ابن كامل) لإقرار كل منهما أنه ابنه على دابة نهر قوله (وورثا منه إرث أب واحد) لأن المستحق أحدهما فيقتسمان نصيبه لعدم الأولوية نهر وإذا مات أحدهما كان كل يفرق للباقي منهما ولا يكون نصفه للباقي ونصفه لورثة الميت كذا قالوا ويلزم عليه أن تكون أمه أم ولد للباقي فلا يعتق شئ منها بموت أحدهما حموي عن اليعقوبية وأجاب السيد أبو السعود بأن عدم توريث ورثة الميت للمانع وهو حجبهم نسع الباقي لثبوتها له كملا ولا مانع لعتق الأم بموته فظهر الفرق قوله (وكذا الحكم إلخ) أي أن قوله وإن ادعياه معا ليس بقيد بل إذا كان الشركاء جماعة وادعوه يثبت نسبه منهم عند الإمام وعند أبي يوسف يثبت النسب من اثنين فقط وعند محمد من ثلاثة وعند زفر من خمسة قوله (ولو نساء) أي لو تنازع فيه امرأتان قضي به أيضا بينهما عنده لا عندهما ولو معهما رجل يقضي بينهما عنده وللرجل فقط عندهما بحر قوله (عتقت بلا شئ) أي بلا سعاية ولا ضمان لما مر
767 من عدم تقومها عنده قوله (قلت إلخ) هو صاحب البحر وقال إنه نبه عليه في المجتبى قلت والذي في المجتبى قال أستاذنا ظن بعض الناس أن قوله عتقت بالإجماع دليل على أن الإعتاق لا يتجزأ عند أبي حنيفة وقد كشف السر فيه القاضي الصدر في غنى الفقهاء وشيخ الإسلام بأن الإعتاق يتجزأ عنده لكن العتق لا يتجزأ فيسري إلى نصيب شريكه وإنما أخر العتق فيما إذا أعتق بعض القن نظرا للساكن ليصل إلى حقه بالضمان أو السعاية قبل بطلان ملكه ولا كذلك هنا لأنه لا يجب لا الضمان ولا السعاية عنده فلا فائدة في تأخير العتق فيه فيعتق في الحال اه ثم اعلم أن الكلام في تجزي إعتاق أم الولد وأما نفس الاستيلاد فإنه يتجزأ عنده كالتدبير كما قدمناه عن البدائع وقوله لا في أم الولد يفيد أن الإعتاق يتجزأ في المدبر والمكاتب وذكرت فيما علقته على البحر ما يدل عليه وأما ما استدل به ط على ذلك فهو إنما يدل على تجزي التدبير والكتابة لا على تجزي إعتاق المكاتب والمدبر فافهم قوله (وخرج الكلامان منهما معا) أما لو تقدم أحدهما فإن كان الدعوى فهو كذلك بالأولى وإن كان الإعتاق فالظاهر أنه أولى لكون المعتق قد أعتق نصيبه فلشريكه الخيارات السابقة ومنها الإعتاق وقوله إنه مشهور إعتاق ويثبت نسبه منه إن جهل نسبه وكأنهم سكتوا عن بيان ذلك لظهوره قوله (فالدعوة أولى) ولو المدعي كافرا كما في كافي الحاكم قوله (لاستنادها للعلوق) أي لوقت العلوق والإعتاق يقتصر على الحال فيكون المعتق معتقا ولد الغير ط عن المنح قوله (كدعوته ولد جارية الأجنبي) يجامع عدم ملكه التصرف فيها بخلاف ما لو ادعى ولد جارية ابنه لأن الأب يملك تملكه فلا تعتبر تصديق الابن بل يعتبر تصديق المكاتب والأجنبي لكن يأتي أنه يعتبر في الأجنبي تصديقه في الولد والإحلال إذ لو ادعاه من زنا لا يثبت نسبه قوله (أما ولد مكاتبته) أي لو ادعى ولد نفس مكاتبته لم يشترط تصديقها وخيرت بين البقاء على كتابتها وأخذ عقرها وبين أن تعجز نفسها وتصير أم ولد كذا في الهداية والدراية نهر قوله (كما سيجئ) أي في كتاب المكاتب ح قوله (ولزم المدعي العقر) لأنه وطئ بغير نكاح ولا ملك يمين درر قوله (وقيمة الولد) لأنه في معنى المغرور حيث اعتمد ليلا وهو أنه كسب كسبه فلم يرض برقه فيكون حرا بالقيمة ثابت النسب منه إلا أن القيمة هنا تعتبر يوم ولد وقيمة ولد المغرور يوم الخصومة بحر والفرق في الفتح قوله (لحجره على نفسه) أي
768 لمنع السيد نفسه عن التصرف في كسب المكاتب بالعقد أي بعقد الكتابة فاشترط تصديقه إلا أنه لو ملك يوما عتقه عليه نهر قوله (ولدت منه الخ) في كافي الحاكم وإذا وطئ جارية رجل وقال أحلها لي والولد ولدي وصدقة المولى بأنه أحلها له وكذبه في الولد لم يثبت نسب الولد منه لأن الإحلال ليس بنكاح ولا ملك يمين فإن ملكه يوما ثبت نسبه منه وإن ملك أمه كانت أم ولد له وإن صدقه المولى بأن الولد منه فهو ابنه حين صدقه وهو عبد لمولاه وكذلك الجواب في جارية الزوجة والأبوين إن ادعى أن مولاها أحلها له وأن الولد ولده إلا أن الولد يعتق بالقرابة إذا ثبت نسبه اه وظاهر قوله لأن الإحلال ليس بنكاح لا ملك يمين يفيد أن المراد به أن يقول أحللتها لك ولعل وجه ثبوت النسب أن هذا القول صار شبهة عقد لأن حلها له لا يكون إلا بالنكاح أو بملك اليمين فكأنه قال ملكتك بضعها بأحد هذين السببين وذلك وإن لم يصح لكنه يصير شبهة مؤثرة في تفي الحد وفي ثبوت النسب إذا صدقه السيد أو ملك الولد لما مر من أنه إذا ملكها بعد ما ولدت منه بنكاح فاسد أو وطء بشبهة تصير أم ولد أي لثبوت النسب بذلك هذا ما ظهر لي وفي حدود الفتاوي الهندية عن المحيط رجل أحل جاريته لغيره فوطئها ذلك الغير لا حد عليه اه فهذا يؤيد ما مر من أن الإحلال قوله أحللتها لك بدون ملك ولا نكاح إذ لو كان بأحدهما لم يكن للتصريح بسقوط الحد وجه إذ لا معنى للقول بأن من وطئ زوجته أو أمته لا حد عليه فافهم قوله (وإلا لا) أي وإن لم يصدقه فيهما جميعا بأن كذبه فيهما جميعا أو في الإحلال فقط أو في الولد فقط لم يثبت نسبه لكن الأخيرة مذكورة في المتن والأولى مفهومه منها بالأولى فبقيت الثانية مقصودة بالتنبيه عليها لمخالفتها لظاهر كلام الزيلعي المذكور ولدفع المخالفة بينهما فافهم قوله (وقول الزيلعي الخ) هذا الجواب للمصنف ح قوله (فلا مخالفة) أي بين ما في الزيلعي وبين ما في الخانية والدرر من أنه لا يثبت النسب إلا إذا صدقه في الأمرين جميعا ومثل ما في الزيلعي ما قدمناه من عبارة الكافي قوله (أي المولى) أفاد أن إضافة تكذيب للضمير من إضافة المصدر لفاعله والمفعول محذوف أي تكذيب المولى إياه قوله (ولو مكاتبه) أي ولو كان مولى الأمة مكاتب المدعي أفاد به ثبوت النسب بملك الولد في مسألة المكاتب المارة قوله (ثبت النسب) أي في الصورتين صورة ملكها وصورة ملكه أما الثانية فظاهرة وأما الأولى فقد تبع المصنف فيها الخانية والدرر واستشكلها بأن المكذب لدعواه قبل أن يملكه موجود بخلاف ما إذا ملكه فإنه ارتفع المانع وزال المنازع اللهم إلا أن يكون قولهما ملكها أي مع ولدها اه قلت لكنه خلاف ما فهمه الشارح حيث عطف بأو قوله أو ملكه فإنه ظاهر في أن المراد ملكها وحدها ولعل وجهه أنه إذا ملكها وصارت أم ولده بحكم إقراره لزم ثبوت نسب الولد منه لأن أمومية الولد فرع ثبوت نسب الولد فيثبت نسبه من المدعي ضرورة مع بقائه على ملك المولى حتى إذا ملكه المدعي عتق عليه وهذا إذا كان المراد بقوله بعد تكذيبه أي في الإحلال والولد أما إذا كان المراد تكذيبه في الولد فقط مع تصديقه في الإحلال فالأمر أظهر
769 لتصادقهما على أن وطأها كان حلالا له فتأمل قوله (إذا ملكها) قيد به ليفيد أن قوله وتصير أم ولده راجع للصورة الأولى فقط ولولا ذلك لتوهم أنه راجع للصورتين كما رجع إليهما قوله ثبت النسب وهو غير صحيح لأنه إذا ملك الولد ولم يملكها لا تصير أم ولد له ما لم يملكها ولا يلزم من ملك الولد وثبوت نسبه أن تكون أمه أم ولد قبل أن يملكها كما لا يخفى فعلم أن هذا القيد لا بد منه فافهم قوله (ولا نسب) أي لتمحضه زنا كما عللوا به في كتاب الحدود قوله إلا أن يصدقه فيهما مخالف لإطلاقهم في كتاب الحدود عدم ثبوت النسب وإن ادعاه وتعليلهم بتمحضه زنا يدل عليه فلا محل لهذا الاستثناء هنا ولم نجده لغيره نعم محله في المسألة السابقة وضمير فيهما يعود إلى الإحلال والولد قوله (عتق عليه) أي ولم يثبت نسبه كما في الكافي فعلة العتق هنا الجزئية لا النسب كما يأتي لكن توقف عتقه على ملكه خاص بما إذا كانت الجارية لامرأته بخلاف أبيه أو أمه لما في القنية وطئ جارية أبيه فولدت منه سواء ادعى شبهة أو لم يجز يبع الولد لأنه ولد ولده فيعتق عليه وإن لم يثبت النسب اه أي يعتق على الأب للجزئية قوله (لعدم ثبوت النسب) لأن أمومية الولد فرع ثبوت النسب كما قدمناه قال في الكافي قوله ظننتها تحل لي لم يكن شبهة في ذلك اه أي في ثبوت النسب وإنما هو شبهة في سقوط الحد بخلاف ما مر من دعوى الإحلال فإنها شبهة فيها كما مر والحاصل أن الوطء في دعوى الإحلال وطء شبهة وبه يثبت النسب فتثبت أمومية الولد بخلاف الوطء مع ظن الحل فإنه زنا محض وإن سقط فيه الحد وإذا كان ظن الحل غير معتبر في ثبوت النسب وتمحض الفعل معه زنا لا تثبت أمومية الولد إذا ملك الأم وإن كان أقر بالولد لأن الزنا لا يثبت فيه النسب وأمومية الولد فرع ثبوته وفي الفتح عن الإيضاح أمة جاءت بولد فادعاه أجنبي لا يثبت نسبه صدقه المولى أو كذبه فإن ملكه المدعي عتق ولا تصير أمه أم ولد اه أي لأن عتقه للجزئية لا لثبوت النسب لذا قال عتق ولم يقل ثبت نسبه وبهذا سقط ما أورد على تعليل الشارح أنه لما ادعى الولد فقد أقر له بالنسب ولأمه بأمومية الولد فإذا ملك الأم زال المانع وهو كونها الغير ملك فينبغي أن تصير أم ولد وإن لم يثبت نسب الولد اه لأنه إذا لم يثبت النسب لا تصير أم ولد فافهم فإن قلت قد تصير أم ولد مع عدم ثبوت النسب فيما لو زوج أمته من عبده ثم ولدت فادعاه قلت إنما صارت أم ولد للمولى لإقراره بأن الولد علق منه قبل التزويج بوطء حلال لكن لم يثبت منه لوجود الفراش الصحيح فقد تعلق به حق الغير وهو الزوج ولولاه لثبت من المولى فلم يثبت منه هنا لعارض والزنا لا يثبت منه الولد على كل حال هذا ما ظهر لي قوله (لكنه نقل) أي المصنف قوله ثبت النسب أي فتصير أم ولده ضرورة ثبوت النسب مع زوال المانع وهو ملك الغير فينافي قوله لا تصير أم ولده لعدم ثبوت نسبه والجواب أن ما نقله لمصنف عن الدرر والخانية ليس في هذه المسألة وهي قوله ظننت حلها لي بل في مسألة دعوى الإحلال ونقل ح
770 عبارتهما بتمامها وقد علمت الفرق بين المسألتين وأن ظن الحل شبهة في سقوط الحد لا في ثبوت النسب بخلاف دعوى الإحلال فإنها شبهة فيهما فالاستدراك في غير محله فافهم قوله (نعم في الخانية الخ) يعني أن هذا الإشكال فيه لأن الزنا لا يثبت فيه النسب فلا تصير أم ولده وإن ملكها لكن قد علمت أن الوطء في مسألة ظن الحل زنا أيضا قوله (لم تصر أم ولده) أي فله بيعها ط قوله (وإن ملك الولد عتق) لأنه جزؤه حقيقة قوله (ولو أخته لأبيه) والفرق أن الأخ ينسب إلى أخته لأبيه بواسطة الأب ونسبة الأب منقطعة فلا تثبت الأخوة أما بالنسبة إلى الأم تنقطع فتكون الأبوة ثابتة من جهتها فيعتق بالملك كما في شروح الهداية ولذا لو مات يرثه أخوه لأمه دون أخيه لأبيه قوله (يملكها لطفله) فائدة ذلك وإن خرجت من ملكه أنه يخاف أنها ولدت منه قد تتمرد عليه وتكدر عيشه فإذا علمت أن له بيعها كلما أراد انقادت له وإذا باعها ينفق ثمنها على طفله بدلا عما كان ينفقه عليه من ماله وله أيضا إنفاقه على نفسه عند الاحتياج إليه فظهر أن بيعها لطفله ينتفع بلا ضرر يلحقه فافهم قوله (ثم يتزوجها) أي يزوجها لنفسه وإذا ولدت منه ولدا يعتق على الطفل لكونه ملك أخاه قوله (وإلا فمن الثلث) لأنه عند عدم الشاهد إقرار بالعتق في المرض وهو من الثلث كما قدمناه قوله (وما في يدها للمولى) لأنه كان ملكا له قبل أن تعتق بموته قوله (إلا إذا أوصى لها به) لأنها تعتق بموته فيكون وصية لحرة بخلاف القن إذا أوصى له بشئ من ماله فلا يصح إلا إذا أوصى له بثلث ماله أو برقبته فإنه يصح كما مر في باب التدبير قوله (أن يترك لها الخ) ظاهر الإطلاق أنها تستحق ذلك لأنه يشمل أما إذا كان في الورثة صغار ولو كان ذلك على وجه التبرع لم يصح تأمل وقد مر تفسير الملحفة والقميص والمقنعة في المتعة من باب المهر قوله (ولا شئ للمدبر) أي من الثياب وغيرها بحر عن المجتبى ثم هل المدبرة كذلك لم أره ولينظر وجه الفرق بينه وبين أم الولد وفي الخانية رجل أعتق عبده وله مال فماله لمولاه إلا ثوبا يواري العبد أي ثوب شاء المولى (تتمة) نقل ط في هذا الباب عن قاضيخان سئل أبو بكر عن رجل مات وترك أم ولد هل يجب لها النفقة في ماله قال إن كان لها ولد فلها النفقة وإلا فلا نفقة لها اه قلت المراد أنها تجب نفقتها على ولدها ولو صغيرا كما قدمنا التصريح به في باب النفقة عن الذخيرة أي فتنفق من مال ولدها الذي ورثه لا من أصل مال الميت لأنه صار مال الورثة وهي أجنبية عنهم فافهم والله سبحانه وتعالى أعلم