مصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) (جزء 2) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) (جزء 2) - نسخه متنی

محمد حسن میر جهانی طباطبایی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید
الكتاب: مصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة)
المؤلف: الميرجهاني
الجزء: 2
الوفاة: 1388
المجموعة: مصادر الحديث الشيعية ـ قسم الفقه
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع: 1388
المطبعة:
الناشر:
ردمك:
ملاحظات: مستدرك نهج البلاغة الموسوم بمصباح البلاغة في مشكوة الصياغة / نسخة مخطوطة
الجزء الثاني من
مستدرك نهج البلاغة
الموسوم
بمصباح البلاغة في مشكاة الصياغة
تاليف العبد الفاني حسن الميرجهاني الطباطبائي
المحمد آبادي الجرقويي الأصبهاني نزيل عاصمة
طهران صانها الله عن طوارق الحدثان إلى ظهور
محور الكون ومصدر الامكان خاتم الأوصياء وخليفة
الرحمن صاحب العصر والزمان الحجة المنتظر والامام
الثاني عشر
محمد بن الحسن العسكري عجل الله
تعالى فرجه وسهل الله مخرجه
حق الطبع محفوظ للمؤلف
سنة 1388 ه‍

1
هذا هو الجزء الثاني من كتاب مصباح البلاغة في مشكاة الصياغة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لولى الحمد ومبتدعه الذي خص بالحمد نفسه وامر به ملائكته وجعله فاتحة كتابه و
منتهى شكره والصلاة على سيد رسله وامين وحيه ومبلغ رسالاته محمد وآله وعترته الذين
جاهدوا في سبيله حتى مضوا إلى رضوانه ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم لقائه إما بعد
فيقول العبد الفاني حسن الميرجهاني الطباطبائي ابن علي بن القاسم المحمد آبادي الجرقوئي
الأصفهاني عفى الله عن جرائمه هذا هو الجزء الثاني من كتابي مصباح البلاغة في
مشكاة الصياغة المحتوى للخطب المباركة العلوية والكلمات العاليات المرتضوية صلوات
الله وسلامه عليه مما روته العامة والخاصة ولم يجمعها الرضي رضي الله عنه في نهج
البلاغة أو قطعها فيه ولم يورد تمامها أو اوردها لكن فيها اختلاف مع النسخة التي
انا ناقلها منها ولعل الله ان يجعله ذخيرة ليوم فقري وفاقتي وما توفيقي الا بالله عليه توكلت واليه أنيب
99 / 1 ومن خطبه عليه السلام
نقلها في كتاب زهر الآداب وثمر الألباب لأبي إسحاق إبراهيم بن علي المعروف بالحصري
القيرواني المالكي وقد طبع هذا الكتاب في هامش كتاب امام الفاضل الوحيد شهاب الدين
احمد المعروف بابن عبد ربه الأندلسي المالكي الموسوم بعقد الفريد المطبوع بمصر نقلتها من الجزء
الثاني منه ص 103 قال قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه أعجب ما في الانسان
قلبه وله مواد من الحكمة واضداد من خلافها فان سنح له
الرجاء اذله الطمع وان هاجه الطمع أهلكه الحرص وان ملكه
الياس قتله الأسف وان عرض له الغضب اشتد به الغيظ
وان أسعد بالرضا نسى التحفظ وان اتاه الخوف شغله الحذر

2
وان اتسع له الا من استلبته الغرة وان اصابته مصيبة فضخه
الجزع وان استفاد مالا أطغاه الغنى وان عضته فاقة بلغ به
البلا وان جهد به الجوع قعد به الضعف وان أفرط في الشبع
كظته البطنة فكل تقصير به مضر وكل افراط له قاتل
100 / 2 ومن خطبه عليه السلام
العقد الفريد لابن عبد ربه المالكي المطبوع بمصر الجزء الثاني ص 163 قال وخطبة له أيضا
الحمد لله الذي استخلص الحمد لنفسه واستوجبه على جميع خلقه
الذي ناصيته كل شئ بيده ومصير كل شئ إليه القوى في
سلطانه اللطيف في جبروته لا مانع لما اعطى ولا معطى لما
منع خالق الخلائق بقدرته ومسخرهم بمشيته وفى العهد
صادق الوعد شديد العقاب جزيل الثواب احمده و
أستعينه على ما أنعم به مما لا يعرف كنهه غيره وأتوكل عليه
توكل المستسلم لقدرته المتبري من الحول والقوة إليه واشهد
شهادة لا يشوبها شك انه لا اله الا هو وحده لا شريك له الها

3
واحدا صمدا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ولم يكن له شريك في
الملك ولم يكن له ولى من الذل وكبره تكبيرا وهو على كل
شئ قدير قطع ادعاء المدعى بقوله عز وجل وما خلقت
الجن والإنس الا ليعبدون وأشهد أن محمدا صلى الله عليه
(وآله) وسلم صفوته من خلقه وأمينه على وحيه أرسله
بالمعروف آمرا وعن المنكر ناهيا والى الحق داعيا على حين
فترة من الرسل وضلالة من الناس واختلاف من الأمور
وتنازع من الألسن حتى تمم به الوحي وانذر به أهل الأرض
أوصيكم عباد الله بتقوى الله فإنها العصمة من كل ضلال
والسبيل إلى كل نجاة فكأنكم بالجثث قد زايلتها أرواحها و
تضمنتها أجداثها فلن يستقبل معمر منكم يوما من عمره الا بانتقاص
آخر من اجله وانما دنياكم كفئ الظل أو زاد الراكب وأحذركم
دعاء العزيز الجبار عنده يوم تعفى آثاره وتوحش منه دياره

4
ويؤتم صغاره ثم يصير إلى حفير الأرض متعفرا على خده غير
موسد ولا ممهد اسئل الذي وعدنا على طاعته جنته ان
يقينا سخطه ويجنبنا نقمته ويهب لنا رحمته ان أبلغ الحديث كتاب الله
101 / 3 ومن خطبه عليه السلام
العقد الفريد للمالكي أيضا ص 169 قال وخطب أيضا فقال (عليه السلام)
أيها الناس احفظوا عنى خمسا فلو شددتم إليها المطايا حتى
تنضوها لم تظفروا بمثلها الا لا يرجون أحدكم الا ربه ولا
يخافن الا ذنبه ولا يستحى أحدكم إذا لم يعلم أن يتعلم فإذا
سئل عما لا يعلم أن يقول لا اعلم الا وان الخامسة الصبر فان
الصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد من لا صبر له لا ايمان له
ومن لا رأس له لا حياة له ولا خير في قرائة الا بتدبير ولا في عبادة
الا بتفكير ولا في حلم الا بعلم الا أنبئكم بالعالم كل العالم من
لم يزين لعباد الله معاصي الله ولم يؤمنهم مكره ولم يؤيسهم
من روحه ولا تنزلوا المطيعين الجنة ولا المذنبين الموحدين النار

5
حتى يقضى الله فيهم امره لا تأمنوا على خير هذه الأمة عذاب
الله فإنه يقول فلا يا من مكر الله الا القوم الخاسرون ولا
تقنطوا شر هذه الأمة من رحمة الله فإنه لا ييئس من روح
الله الا القوم الكافرون
102 / 4 ومن خطبه عليه السلام
قال ابن أبي الحديد في شرح النهج (المطبوع في طهران ص 361 في الجزء السابع منه ناقلا عن شيخه
أبى جعفر الإسكافي أنه قال لما اجتمعت الصحابة في مسجد رسول الله بعد قتل عثمان للنظر
في أمر الإمامة أشار أبو الهيثم بن اليتهان ورفاعة بن رافع ومالك بن العجلان وأبو أيوب
الأنصاري وعمار بن ياسر بعلى عليه السلام وذكروا فضله وسابقته وجهاده وقرابته
فأجابهم الناس إليه فقام كل واحد منهم خطيبا يذكر فضل علي عليه السلام فمنهم من فضله
على أهل عصره خاصة ومنهم من فضله على المسلمين كلهم كافة ثم بويع وصعد المنبر في اليوم الثاني
من يوم البيعة وهو يوم السبت لاحدى عشر ليلة بقين من ذي الحجة فحمد الله وأثنى عليه وذكر
محمدا صلى الله عليه وآله فصلى عليه ثم ذكر نعمة الله على أهل الاسلام ثم ذكر الدنيا وزهدهم
فيها وذكر الآخرة فرغبهم إليها ثم قال
إما بعد فإنه لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
استخلف الناس أبو بكر ثم استخلف أبو بكر عمر فعمل بطريقه ثم
جعلها شورى بين ستة فافضى الامر منهم إلى عثمان فعمل
ما أنكرتم وعرفتم ثم حصر وقتل ثم جئتموني فطلبتم إلى وانما انا رجل

6
منكم لي ما لكم وعلى ما عليكم وقد فتح الله الباب بينكم وبين
أهل القبلة وأقبلت الفتن كقطع الليل المظلم ولا يحمل هذا الامر
الا أهل الصبر والنصر والعلم بمواقع الامر وانى حاملكم على منهج
نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم ومنفذ فيكم ما امرت به ان
استقمتم لي والله المستعان الا ان موضعي من رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم بعد وفاته كموضعي منه أيام حياته فامضوا لما
تؤمرون وقفوا عندما تنهون عنه ولا تعجلوا في أمر حتى نبينه
لكم فان لنا عن كل أمر تنكرونه عذرا الا وان الله عالم من
فوق سماءه وعرشه انى كنت كارها للولاية على أمة محمد حتى
اجتمع رأيكم على ذلك لانى سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم يقول أيما وال ولى الامر من بعدي أقيم على حد السراط و
نشرت الملائكة صحيفته فإن كان عادلا أنجاه الله بعدله وإن كان
جائرا انتقض به السراط تتزايل مفاصله ثم يهوى إلى النار فيكون

7
أول ما يتقيئها به انفه وحر وجهه ولكني لما اجتمع رأيكم لم يسعني
ترككم ثم التفت عليه السلام يمينا وشمالا فقال الا
لا يقولن رجال منكم غدا قد غمرتهم الدنيا فاتخذوا العقار
وفجروا الأنهار وركبوا الخيول الفارهة واتخذوا الوصائف
الروقة فصار ذلك عليهم عارا وشنارا إذا ما منعتهم ما
كانوا يخوضون فيه وأصرتهم إلى حقوقهم التي يعلمون
فينقمون ذلك ويستنكرون ويقولون حرمنا ابن أبي طالب حقوقنا
الا وأيما رجل من المهاجرين والأنصار من أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم يرى أن الفضل له على من سواه
لصحبته فان الفضل النير غدا عند الله وثوابه واجره على الله
وأيما رجل استجاب لله وللرسول فصدق ملتنا ودخل في
ديننا واستقبل قبلتنا فقد استوجب حقوق الاسلام وحدوده
فأنتم عباد الله والمال مال الله يقسم بينكم بالسوية لا فضل

8
فيه لاحد على أحد وللمتقين عند الله غدا أحسن الجزاء وأفضل
الثواب لم يجعل الله الدنيا للمتقين اجرا ولا وثوابا وما عند الله
خير للأبرار وإذا كان غدا إن شاء الله فاغدوا علينا فان عندنا
مالا نقسمه فيكم ولا يتخلفن أحد منكم عربي ولا عجمي كان من
أهل العطاء أولم يكن إذا كان مسلما حرا أقول قولي هذا و
استغفر الله لي ولكم ثم نزل
103 / 5 ومن خطبه عليه السلام
نقلها ابن أبي الحديد في شرح النهج (ص 361) عن شيخه الإسكافي لما اظهروا الطلب بدم
عثمان قال فخرج علي عليه السلام فدخل المسجد وصعد المنبر مرتديا بطاق مؤتزرا يرد
قطري متقلدا سيفا متوكيا على قوس فقال عليه السلام
إما بعد فانا نحمد الله ربنا والهنا وولينا وولى النعم علينا
الذي أصبحت نعمه عليا ظاهرة وباطنة امتنانا منه بغير حول منا
ولا قوة ليبلونا أنشكر أم نكفر فمن شكر زاده ومن كفر عذبه
فأفضل الناس عند الله منزلة وأقربهم من الله وسيلة أطوعهم
لامره وأعملهم بطاعته واتبعهم لسنة رسوله وأحياهم لكتابه

9
ليس لأحد عندنا فصل الا بطاعة الله وطاعة الرسول هذا
كتاب الله بين أظهرنا وعهد رسول الله وسيرته فينا لا يجهل
ذلك الا جاهل عاند عن الحق منكر قال الله تعالى يا أيها الناس
انا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان
أكرمكم عند الله أتقاكم ثم صاح بأعلى صوته أطيعوا الله وأطيعوا
الرسول فان توليتم فان الله لا يحب الكافرين ثم قال يا معشر
المهاجرين والأنصار أتمنون على الله ورسوله باسلامكم بل الله
يمن عليكم ان هداكم للايمان ان كنتم صادقين ثم قال انا
أبو الحسن وكان يقولها إذا غضب ثم قال الا ان هذه الدنيا
التي أصبحتم تمنونها وترغبون فيها وأصبحت تغضبكم وترضيكم ليست
بداركم ولا منزلكم الذي خلقتم له فلا تغرنكم فقد حذرتموها و
استتموا نعم الله عليكم بالصبر لأنفسكم على طاعة الله والذل لحكمه
جل ثناءه فاما هذا الفيئ فليس لأحد على أحد فيه اثرة وقد فرغ الله

10
من قسمته فهو مال الله وأنتم عباد الله المسلمون وهذا كتاب الله
به اقررنا وله أسلمنا وعهد نبينا بين أظهرنا فمن لم يرض به فليتول
كيف شاء فان العامل بطاعة الله والحاكم بحكم الله لا وحشة عليه ثم نزل
104 / 6 ومن خطبه عليه السلام
شرح النهج لكمال الدين ميثم بن علي بن ميثم البحراني المتوفى في سنه 679 ه‍ الجزء الأول وهو
المطبوع في طهران في المطبعة الحيدرية من منشورات مؤسسة النصر في شرح الخطبة الخامس عشر من
النهج قال أقول في هذا لفصل فصول من الخطبة التي أشرنا إليها في الكلام الذي قبله وكذلك
في الفصل الذي بعده ونحن نوردها بتمامها ليتضح ذلك وهي الحمد لله أحق
محمود بالجمد وأولاه بالمجد آلها واحدا صمدا أقام أركان العرش
فأشرق لضوء شعاع الشمس خلق فاتقن وأقام فذلت له وطأة
المستمكن واشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له و
اشهد ان محمدا عبده ورسوله أرسله بالنور الساطع والضياء
المنير أكرم خلق الله حسبا وأشرفهم نسبا لم يتعلق عليه
مسلم ولا معاهد بمظلمة بل كان يظلم إما بعد فان أول من
بغى على الأرض عناق ابنة آدم كان مجلسها من الأرض جريبا

11
وكان لها عشرون إصبعا وكان لها ظفران كالمنجلين فسلط
الله عليها أسدا كالفيل وذئبا كالبعير ونسرا كالحمار وكان
ذلك في الخلق الأول فقتلها وقد قتل الله الجبابرة على
أحسن أحوالهم وان الله أهلك فرعون وهامان وقتل
قارون بذنوبهم الا وان بليكم قد عادت كهيئتها يوم بعث
الله نبيكم والذي بعثه بالحق لتبلبلن بلبلة ولتغربلن
غربلة حتى يعود أسفلكم أعلاكم وأعلاكم أسفلكم وليسبقن
سابقون كانوا قصروا وليقصرن سابقون كانوا سبقوا والله
ما كثمت وشمة ولا كذبت كذبة ولقد نبئت بهذا اليوم و
هذا المقام الا وان الخطايا خيل شمس حمل عليها أهلها و
خلعت لجمها فقحمت في النار فهم فيها كالحون الا وان التقوى
مطايا ذلل حمل عليها أهلها فسارت بهم تأودا حتى إذا جاءوا
ظلا ظليلا فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم

12
فادخلوها خالدين الا وقد سبقني إلى هذا الامر من لم
أشركه فيه ومن ليست له منه توبة الا بنبي مبعوث ولا
نبي بعد محمد صلى الله عليه وآله وسلم اشفى منه على
شفا جرف هار فإنها ربه في نار جهنم أيها الناس كتاب الله
وسنة نبيه لا يرعى مرع الا على نفسه شغل من الجنة والنار
امامه ساع نجا وطالب يرجو ومقصر في النار ولكل أهل
ولعمرى لئن أمر الباطل لقديما فعل وان قل الحق لربما
ولعل وقل ما أدبر شئ فاقبل ولئن ردا امركم عليكم انكم
السعداء وما علينا الا الجهد قد كانت أمور مضت ملتم فيها
ميلة كنتم عندي فيها غير محمودي الرأي ولو أشاء ان أقول
لقلت عفى الله عما سلف سبق الرجلان وقام الثالث كالغراب
همه بطنه ويله لوقص خبأحاه وقطع رأسه كان خيرا له
شغل من الجنة والنار امامه ساع مجتهد وطالب يرجو ومقصر

13
في النار ثلاثة واثنان خمسة وليس فيهم سادس ملك
طائر بجناحيه ونبي آخذ بضبعيه هلك من ادعى وخاب
من افترى اليمين والشمال مضلة ووسط الطريق المنهج
عليه باق الكتاب وآثار النبوة الا وان الله قد جعل أدب
أدب هذه الأمة السوط والسيف ليس عند امام فيهما هوادة
فاستتروا بيوتكم واصلحوا ذات بينكم والتوبة من ورائكم
من ابدء صفحته للحق هلك الا وان كل قطيعة اقطعها
عثمان وما اخذه من بيت مال المسلمين فهو مردود عليهم
في بيت مالهم ولو وجدته قد تزوج به النساء وفرق
في البلدان فإنه ان لم يسعه الحق فالباطل أضيق عنه أقول
قولي هذا واستغفر الله لي ولكم
105 / 7 ومن كلامه عليه السلام
في كتاب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي المتوفى سنة 807 الهجرية
بتحرير الحافظين الجليلين العراقي وابن حجر المطبوع في المكتبة القدسي في مصر سنة 1353 الهجرية القمرية

14
نقله في الجزء التاسع منه ص 139 قال وعن عوانة بن الحكم قال لما ضرب عبد الرحمن بن ملجم
عليا وحمل إلى منزله اتاه العواد فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه (وآله)
وسلم ثم قال كل امرئ ملاق ما يفر منه والأجل مساق النفس
والهرب من آفاته كم اطردت الأيام ابحثها عن مكنون هذا الامر
فابى الله عز وجل الا خفاءه هيهات علم مخزون إما وصيتي
إياكم فالله عز وجل لا تشركوا به شيئا ومحمد صلى الله عليه (و
آله) وسلم لا تضيعوا سنته أقيموا هذين العمودين وخلاكم
ذم ما شردوا واحمل كل امرء مجهوده وخفف عن الجهلة برب
رحيم ودين قويم وامام عليم كنا في رياح وذرى اعصار وتحت
ظل غمامة اضمحل مر كدها فيخطها عارجا وركم بدني أياما
تباعا ثم هواء فستعقبون من بعده جثة خواء ساكنة بعد
حركة كاظمة بعد نطوق انه أبلغ للمعتبرين من نطق البليغ و
داعيكم داع مرصد للتلاق غدا ترون أيامي ويكشف عن سرائري
ان يحابيني الله عز وجل الا ان أتزلفه بتقوى فيغفر عن فرط

15
موعود عليكم السلام يوم اللزام ان ابق فانا ولى دمى وان
افنى فالفناء ميعادي العفولي فدية ولكم حسنة فاعفوا عفا
الله عنا وعنكم الا تحبون ان يغفر الله لكم والله غفور رحيم
ثم قال:
عش ما بدا لك قصرك الموت * لأمر حل عنه ولا فوت
ساغنى بيت وبهجته * زال الغنى وتقوض البيت
يا ليت شعري ما يراد بنا * ولعل ما تجدى لنا ليت
أقول وقد ذكر الرضي رضي الله عنه هذه الخطبة في نهج البلاغة باختلاف وزيادة ونقصان رأيت
نقلها هنا ليكون الناظر فيها على بصيرة
106 / 8 ومن كلامه عليه السلام
زهر الأدب وثمر الألباب لأبي إسحاق إبراهيم بن علي المعروف بالحصرمي القيرواني المالكي
في هامش الجزء الأول من كتاب عقد الفريد في ص 36 المطبوع بمصر قال قال علي بن أبي طالب رض
لا تكن ممن يرجو الآخرة بغير عمل ويؤخر التوبة لطول الأمل
ويقول في الدنيا بقول الزاهدين ويعمل فيها بعمل الراغبين
ان اعطى منها لم يشبع وان منع لم يقنع يعجز عن شكر ما أوتي
ويبتغي الزيادة فيما بقى ينهى ولا ينتهى ويأمر بما لا يأتي يحب
الصالحين ولا يعمل بأعمالهم ويبغض المسيئين وهو منهم

16
يكره الموت لكثرة ذنوبه ويقيم على ما يكره الموت له ان سقم ظل
نادما وان صح امن لاهيا يعجب بنفسه إذا عوفي ويقنط إذا ابتلى
تغلبه نفسه ولا يغلبها على ما يستيقن ولا يثق بالرزق بما ضمن
له ولا يعمل من العمل بما فرض عليه ان استغنى بطر وفتن وان
افتقر قنط وحزن فهو من الذنب والنعمة موقر يبتغي الزيادة و
لا يشكر ويتكلف من الناس مالم يؤمر ويضيع من نفسه ما هو
أكثر ويبالغ إذا سئل ويقصر إذا عمل يخشى الموت ولا يبادر الفوت
يستكثر من معصية غيره ما يستقله من نفسه ويستكثر من طاعته
ما يستقله من غيره فهو على الناس طاعن ولنفسه مداهن اللغو
مع الأغنياء أحب إليه من الذكر مع الفقراء يحكم على غيره لنفسه و
لا يحكم عليها لغيره وهو يطاع ويعصى ويستوفى ولا يوفى.
107 / 9 ومن كلامه عليه السلام
زهر الآداب للحصرمي المالكي أيضا في هامش كتاب عقد الفريد ص 39 ج 1 قال وقال على
رضوان الله عليه رحم الله عبدا سمع فوعى ودعى إلى الرشاد

17
فدنى واخذ بحجزة هاد فنجى وراقب ربه وخاف ذنبه وقدم خالصا
وعمل صالحا واكتسب مذخورا واجتنب محذورا ورمى غرضا وأصاب
عوضا وكابر هواه وكذب مناه وحذر اجلا ودأب عملا وجعل
الصبر رغبة حياته والتقى عدة وفاته يظهر دون ما يكتم ويكتفى
بأقل مما يعلم لزم الطريقة الغراء والمحجة ء البيضاء واغتنم المهل
وبادر الاجل وتزود من العمل
قد نقله الرضي رضي الله عنه في النهج باختلاف في بعض عباراته من حيث الزيادة والنقصان
108 / 10 ومن خطبه عليه السلام
نقلها العلامة المجلسي أعلى الله مقامه في المجلد الرابع عشر من كتابه بحار الأنوار أعني السماء والعالم في باب
البلدان الممدوحة والمذمومة (المطبوع في طهران بنفقة امين دار الضرب ص 341 عن شرح النهج لابن
ميثم البحراني ره قال لما فرغ أمير المؤمنين عليه السلام من حرب الجمل خطب الناس بالبصرة فحمد الله
وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم قال يا أهل البصرة يا أهل المؤتفكة
ائتفكت بأهلها ثلاثا وعلى الله تمام الرابعة يا جند المرأة وأعوان
البهيمة رغا فأجبتم وعقر فانهزمتم (فهربتم) اخلاقكم دقاق و
دينكم نفاق وماءكم زعاق بلادكم أنتن بلاد الله تربة وابعدها
من السماء بها تسعة أعشار الشر المحتبس فيها بذنبه والخارج منها

18
بعفو الله كأني انظر إلى قريتكم هذه وقد طبقها الماء حتى ما يرى
منها الا شرف المسجد كأنه جؤجؤ طير في لجة بحر فقام إليه الأحنف بن
قيس فقال له يا أمير المؤمنين ومتى يكون ذلك قال يا أبا بحر انك لن تدرك ذلك
الزمان وان بينك وبينه لقرون ولكن ليبلغ الشاهد منكم الغايب
عنكم لكي يبلغوا اخوانهم إذا هم رأوا البصرة قد تحولت اخصاصها دورا
واجامها قصورا فالهرب الهرب فإنه لا بصرة لكم يومئذ ثم التفت عن
يمينه فقال كم بينكم وبين الأبلة فقال المنذر بن الجارود فداك أبي وأمي أربعة
فراسخ قال له صدقت فوالذي بعث محمدا صلى الله عليه وآله وأكرمه
بالنبوة وخصه بالرسالة وعجل بروحه إلى الجنة لقد سمعت منه
كما تسمعون منى ان قال يا علي هل علمت أن بين التي تسمى البصرة و
تسمى الأبلة أربعة فراسخ وستكون التي تسمى الأبلة موضع أصحاب
العشور يقتل في ذلك الموضع من أمتي سبعون ألفا شهيدهم يومئذ
بمنزلة شهداء بدر فقال له المنذر يا أمير المؤمنين ومن يقتلهم فداك أبي وأمي فقال

19
يقتلهم اخوان الجن وهم جيل كأنهم الشياطين سود ألوانهم
منتنة أرواحهم شديد كلبهم قليل سلبهم طوبى لمن قتلهم
وطوبى لمن قتلوه ينفر لجهادهم في ذلك الزمان قوم هم أذلة عند
المتكبرين من أهل الزمان مجهولون في الأرض معرفون في السماء
تبكى السماء عليهم وسكانها والأرض وسكانها ثم هملت عيناه بالبكاء
ثم قال ويحك يا بصرة ويلك يا بصرة من جيش لا رهج له ولا حس
فقال له المنذر يا أمير المؤمنين وما الذي يصيبهم من قبل الغرق مما ذكرت وما الويل و
ما الويح فقال هما بابان فالويح باب رحمة والويل باب عذاب يا ابن الجارود
نعم تارات منها عظيمة يقتل بعضها بعضا ومنها فتنة تكون بها
اخراب منازل وخراب ديار وانتهاك أموال وقتل رجال وسباء
نساء يذبحن ذبحا يا ويل امرهن حديث عجيب منها ان يستحل بها
الدجال الأكبر الأعور الممسوح العين اليمنى والاخرى كأنها ممزوجة
بالدم لكأنها في الحمرة علقة نأتى الحدقة كهيئة حبة العنب الطافية

20
(الطائفية) على الماء فيتبعه من أهلها عدة من قتل بالأبلة
من الشهداء أناجيلهم في صدورهم يقتل من يقتل ويهرب من
يهرب ثم رجف ثم قذف ثم خسف ثم مسخ ثم الجوع الأغبر ثم
الموت الأحمر وهو الغرق يا منذر ان للبصرة ثلاثة أسماء سوى البصرة
في الزبر الأول لا يعلمها الا العلماء منها الحزيبة ومنها تدمر ومنها
المؤتفكة يا منذر والذي فلق الحبة وبرئ النسمة لو أشاء لأخبرنكم
بخراب العرصات عرصة عرصة متى تخرب ومتى تعمر بعد خرابها
إلى يوم القيمة وان عندي من ذلك علما جما وان تسئلوني
تجدوني به عالما لا أخطأ منه علما ولا دافنا ولقد استودعت
علم القرون الأولى وما هو كائن إلى يوم القيمة ثم قال يا أهل البصرة
ان الله لم يجعل لاحد من أمصار المسلمين خطة شرف و
لأكرم الا وقد جعل فيكم أفضل ذلك وزادكم من فضله بمنه
ما ليس لهم أنتم أقوم الناس قبلة قبلتكم على المقام حيث يقوم

21
يقوم الامام بمكة وقارئكم اقرأ الناس وزاهدكم أزهد الناس
وعابدكم أعبد الناس وتاجركم أتجر الناس وأصدقكم في تجارته
ومتصدقكم أكرم الناس صدقة وغنيكم أشد الناس بذلا و
تواضعا وشريفكم أحسن الناس خلقا وأنتم أكرم الناس جوارا
وأقلهم تكلفا لما لا يعنيه وأحرصهم على الصلاة في جماعة ثمراتكم
أكثر الثمار وأموالكم أكثر الأموال وصغاركم أكيس الأولاد و
نساءكم اقنع النساء وأحسنهن تبعلا سخر لكم الماء يغدو عليكم
ويروح صلاحا لمعاشكم والبحر سببا لكثرة أموالكم فلو صبرتم و
استقمتم لكانت شجرة طوبى لكم مقيلا وظلا ظليلا وغير ان حكم الله
فيكم ماض وقضاءه نافذ لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب يقول
الله وان من قرية الا نحن مهلكوها قبل يوم القيمة أو معذبوها
عذابا شديدا كان ذلك في الكتاب مسطورا وأقسم لكم يا أهل البصرة
ما الذي ابتدأتكم به من التوبيخ الا تذكير وموعظة لما بعد

22
لكيلا تسرعوا إلى الوثوب في مثل الذي وثبتم وقد قال الله لنبيه
صلوات الله عليه وآله وذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين ولا الذي
ذكرت فيكم من المدح والتطرية بعد التذكير والموعظة رهبة منى
لكم ولا رغبة في شئ مما قبلكم فانى لا أريد المقام بين أظهر كم
إن شاء الله لأمور تحضرني قد يلزمني المقام بها فيما بيني وبين الله
لا عذر لي في تركها ولا علم لكم بشئ منها حتى يقع مما أريد ان أخوضها
مقبلا ومدبرا فمن أراد ان يأخذ بنصيبه منها فليفعل فلعمري انه
للجهاد الصافي صفاه الله لنا كتاب الله ولا الذي أردت به من ذكر
بلادكم موجدة منى عليكم لما شافقتموني غير أن رسول الله صلى الله
عليه وآله قال لي يوما وليس معه غيري ان جبرئيل الروح الأمين
حملني على منكبه الأيمن حتى أراني الأرض ومن عليها وأعطاني أقاليدها
وعلمني ما فيها وما قد كان على ظهرها وما يكون إلى يوم القيمة ولم يكبر
ذلك على كما لم يكبر على أبى آدم علمه الأسماء كلها ولم تعلمها الملائكة

23
المقربون وانى رأيت بقعة على شاطئ البحر تسمى البصرة فإذا هي
أبعد الأرض من السماء واقربها وانها لأسرع الأرض خرابا
وأخشنها ترابا وأشدها عذابا ولقد خسف بها في القرون
الخالية مرارا وليأتين عليها زمان وان لكم يا أهل البصرة وما
حولكم من القرى من الماء ليوما عظيما بلاءه وانى لأعرف موضع
منفجرة من قريتكم هذه ثم أمور قبل ذلك تدهمكم أخفيت عنكم
وعلمناه فمن خرج عند دنو غرقها فبرحمة من الله سبقت له
ومن بقى فيها غير مرابط بها فبذنبه وما الله بظلام للعبيد
فقام إليه رجل فقال يا أمير المؤمنين اخبرنى من أهل الجماعة ومن أهل الفرقة
ومن أهل البدعة ومن أهل السنة فقال عليه السلام
إذا سئلتني فافهم عنى ولا عليك ان لا تسئل أحدا بعدي إما
أهل الجماعة فانا ومن اتبعني وان قلوا وذلك الحق عن أمر الله وامر
رسوله صلى الله عليه وآله واما أهل الفرقة فالمخالفون لي و
لمن اتبعني وان كثروا واما أهل السنة فالمستمسكون بما سنه الله و

24
رسوله لا العاملون برأيهم وأهوائهم وان كثروا وقد مضى
الفوج الأول وبقيت أفواج وعلى الله قصمها واستيصالها عن
جدد الأرض وبالله التوفيق
أقول قد ذكر ابن ميثم هذه الخطبة في شرح النهج متفرقا وجمعها المجلسي ره في البحار ونقلها
في الموضعين منه أحده في المجلد الثامن منه في باب احتجاجه على أهل البصرة في ص 447 طبع امين
الضرب كما نقلتها هنا بزيادة مما نقل في السماء والعالم وفيه إلى قوله بظلام للعبيد وقال في الثامن
من البحار في الصفحة أقول روى كما الدين بن ميثم البحراني مرسلا انه لما فرغ أمير المؤمنين من
أمر الحرب لأهل الجمل أمر مناديا ينادى في أهل البصرة ان الصلاة الجامعة لثلاثة أيام من غد إن شاء الله
ولا عذر لمن تخلف الا من حجة أو علة فلا تجعلوا على أنفسكم سبيلا فلما كان الذي
اجتمعوه فيه خرج عليه السلام فصلى بالناس الغداة في المسجد الجامع فلما قضى صلاته قام فأسند
ظهره إلى الحائط (حائط) القبلة عن يمين المصلى فخطب الناس بهذه الخطبة وبعد الحمد والثناء
لله والصلاة على النبي وآله استغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات ثم شرع في
الخطبة ولما كان فيها بعض لغات وفقرات تحتاج ايضاحه إلى البيان فنقول قوله المؤتفكة أي المنقلبة
إما حقيقة أو كناية عن الغرق كما مر وطبقها الماء أي غطاها وعمها والأحنف بالمهملة هو الذي كان
معتزلا عن الفريقين يوم الجمل ويكنى أبا الحر واسمه ضحاك بن قيس من تميم والاخصاص جمع خص
بالضم بيت يعمل من الخشب والقصب والأبله بضم الهمزة والباء وتشديد اللام المفتوحة اليوم موضع
العشاءين والجيل بكسر الجيم صنف من الناس وقيل كل قوم يختصمون بلغة والأرواح جمع ريح بمعنى
الرايحة والكلب محركة الشر والأذى وشبه جنون يعرض للانسان والسلب محركة ما يأخذه أحد القرنين
في الحرب عن قرنه مما يكون له وعليه ومعه من ثياب وسلاح ودابة وغيرها ينفر الجهاد أي يخرج إلى قتالهم
وهملت عينيه أي فاضت بالدموع والرهج محركة الغبار والحس بالكسر وكذلك الحسيس الصوت الخفى والتارات
جمع تارة أي مرة والعصبة إما بالضم بمعنى الجماعة أو ما بين العشرة إلى عشرين واما بالتحريك أي الأقرباء
وعصبة الرجل بنوه وقرابته لأبيه وانتهاك الأموال اخذها بما لا يحل وسبأ النساء بالكسر والمد
اسرهن والعلقة القطعة من الدم والناتي المرتفع وطفى على الماء إذ أعلا والرجف الزلزلة والاضطراب

25
والقذف الرمي بالحجارة ونحوها والخسف الذهاب في الأرض ووصف الجوع بالأغبر إما لان الجوع
غالبا تكون في السنين المجدبة واما من قلة الأمطار واما لان وجه الجائع يشبه الوجه المغبر وتدمر
من الدمار بمعنى الهلاك والجم بمعنى الكثير والعلم بالتحريك الراية والحيل دافنا الامر داخله والخطة
بالضم الامر والقصة وغدو الماء ورواحه كناية عن الجزر والمد المقيل موضع القائلة والخوض الدخول
والموجده الغضب وجدد الأرض الأرض الصلبة المستوية
109 / 11 ومن خطبه عليه السلام
المجلد الثامن من بحار الأنوار طبع امين دار الضرب ص 370 نقلها عن الكافي عن عدة من أصحابه
عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن محبوب عن علي بن رئاب عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن
جماعة من بنى أمية في امرة عثمان اجتمعوا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله في يوم جمعة
وهم يريدون ان يزوجوا رجلا منهم وأمير المؤمنين صلوات الله عليه قريب منهم فقال بعضهم
لبعض هل لكم ان نخجل عليا (عليه السلام الساعة نسأله ان يخطب بنا وبيتكلم فإنه يخجل ويعيا
في الكلام فاقبلوا إليه فقالوا يا أبا الحسن انا نريد ان نزوج فلانا فلانة ونحن نريد ان تخطب
فقال فهل تنتظرون أحدا فقالوا لا فوالله ما لبث حتى قال (عليه السلام)
الحمد لله المختص بالتوحيد المقدم بالوعيد الفعال لما يريد المحتجب
بالنور دون خلقه ذي الأفق الطامح والعز الشامخ والملك الباذخ
المعبود بالألآء رب الأرض والسماء احمده على حسن البلاء وفضل
العطاء وسوابغ النعماء وعلى ما يدفع ربنا من البلاء حمدا يستهل
له العباد وينمو به البلاد واشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له
لم يكن شئ قبله ولا يكون شئ بعده وأشهد أن محمدا عبده ورسوله

26
اصطفاه بالتفضيل وهدى به من التضليل اختصه لنفسه وبعثه
إلى خلقه برسالاته وبكلامه يدعوهم إلى عبادته وتوحيده والاقرار
بربوبيته والتصديق بنبيه صلى الله عليه وآله بعثه على حين فترة
من الرسل وصدف عن الحق وجهالة وكفر بالوعد والوعيد فبلغ
رسالاته وجاهد في سبيله ونصح لامته حتى اتاه اليقين صلى الله
عليه وآله وسلم كثيرا أوصيكم ونفسي بتقوى الله العظيم فان الله عز
وجل قد جعل للمتقين المخرج مما يكرهون والرزق من حيث لا يحتسبون
فتخزوا (أي تكلموا) من الله موعوده واطلبوا ما عنده بطاعته والعمل بمحابه لا
يدرك الخير الا به ولا ينال ما عنده الا بطاعته ولا تكلان فيما هو
كائن الا عليه ولا حول ولا قوة الا بالله إما بعد فان الله ابرم
الأمور وأمضاها على مقاديرها فهي غير متناهية عن مجاريها دون
بلوغ غاياتها فيما قدر وقضى من ذلك وقد كان فيما قدر وقضى من امره
المحتوم وقضاياه المبرمة ما قد تشعبت به الأخلاق وجرت به الأسباب

27
من تناهى القضايا بنا وبكم إلى حضور هذا المجلس الذي خصنا الله
وإياكم به للذي كان من تذكرنا آلائه وحسن بلائه وتظاهر
نعمائه فنسأل الله لنا ولكم بركة ما جمعنا وإياكم عليه وساقنا
وإياكم إليه ثم إن فلان بن فلان ذكر فلانة بنت فلان وهو في
الحسب من قد عرفتموه وفى النسب من لا تجهلونه وقد بذل لها
من الصداق ما قد عرفتموه فردوا خيرا تحمدوا عليه وتنسبوا إليه
وصلى الله على محمد وآله وسلم
قوله عليه السلام المختص بالتوحيد أي توحيد الناس له أو بتوحيده لنفسه قوله فإنه لم يوحده
حق توحيده غير المحتجب بالنور أي ليس له حجاب الا الظهور الكامل أو الكمال التام أو عرشه محتجب
بالأنوار الظاهرة الطامح المرتفع الشامخ العالي وكذا الباذخ يستهل له العباد أي يرفعون به
أصواتهم ويستبشرون بذكره النمو الزيادة وصدق أي ميل واليقين الموت وتنجز الحاجة أي
طلب قضاءها لمن وعدها والتوكل اظهار العجز والاعتماد على الغير والاسم منه التكلان بالضم
110 / 12 ومن خطبه عليه السلام
في الجزء الرابع عشر من كتاب الوافي للفيض الكاشاني ره وهو كتاب الروضة منه ص 1 رواها عن الكافي
لمحمد بن يعقوب الكليني ره عن محمد بن علي بن معمر عن محمد بن علي بن عكاية التميمي عن الحسين بن النضر
العبدي الفهري عن أبي عمرو الأوزاعي عن عمرو بن شمر عن جابر بن يزيد قال دخلت على أبى جعفر
عليه السلام فقلت يا ابن رسول الله قد أر مضي اختلاف الشيعة في مذاهبها فقال يا جابر ألم
أقفك على معنى اختلافهم من أين اختلفوا ومن أي جهة تفرقوا قلت بلى يا ابن رسول الله قال فلا
تختلف إذا اختلفوا يا جابر ان الجاحد لصاحب الزمان كالجاحد لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في

28
أيامه يا جابر اسمع وع قلت له إذا شئت قال اسمع وع وبلغ حيث انتهت بك راحلتك
ان أمير المؤمنين عليه السلام حطب الناس بالمدينة بعد سبعة أيام من وفات رسول الله
صلى الله عليه وآله وذلك فرغ من جمع القرآن وتأليفه فقال الحمد لله الذي منع
الأوهام ان تنال الا وجوده وحجب العقول ان يتخيل ذاته ولم
لامتناعها من الشبه والتشاكل بل هو الذي لا يتفاوت في ذاته
ولم يتبعض بتجزية العدد في كماله فارق الأشياء لا على اختلاف
الأماكن ويكون فيها لا على وجه الممازجة وعلمها لا بأداة يكون
العلم الا بها وليس بينه وبين معلومه علم عبره به كان عالما
بمعلومه ان قيل كان فعلى تأويل أزلية الوجود وان قيل لم يزل
فعلى تأويل نفى العدم فسبحانه تعالى عن قول من عبد سواه
واتخذ آلها غيره علوا كبيرا نحمده بالحمد الذي ارتضاه من خلقه
وأوجب قبوله على نفسه واشهد ان لا إله إلا الله وحده لا
شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله شهادتان ترفعان
القول وتضاعفان العمل خف ميزان ترفعان منه وثقل ميزان

29
توضعان فيه وبهما الفوز بالجنة والنجاة من النار والجواز
على الصراط وبالشهادة تدخلون الجنة وبالصلاة تنالون
الرحمة أكثروا من الصلاة على نبيكم ان الله وملائكته يصلون
على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما أيها الناس
انه لاشرف أعلى من الاسلام ولا كرم أعز من التقوى ولا
معقل أحرز من الورع ولا شفيع انجح من التوبة ولا لباس أجمل
من العافية ولا وقاية امنع من السلامة ولا مال اذهب بالفاقة
من الرضا بالقناعة ولا كنز اغنى من القنوع ومن اقتصر على بلغة
الكفاف فقد انتظم الراحة وتبوء خفض الدعة والرغبة مفتاح
التعب والاحتكار مطية النصب والحسد آفة الدين والحرص
داع إلى التقحم في الذنوب وهو داع الحرمان والبغي سايق إلى
الحين والشر جامع لمساوى العيوب رب طمع خائب ورجاء
يؤدى إلى الحرمان وأمل كاذب وتجارة تؤل إلى الخسران

30
الا ومن تورط في الأمور غير ناظر في العواقب فقد تعرض لمفضحات
النوائب وبئست القلادة قلادة الذنب للمؤمنين أيها الناس انه لا
كنز أنفع من العلم ولا عزة ارفع من الحلم ولا حسب أبلغ من الأدب
ولا نصب أوضع من الغضب ولا جمال أزين من العقل ولا سوءة
أسوء من الكذب ولا حافظا احفظ من الصمت ولا غائب أقرب من الموت
أيها الناس من نظر في عيب نفسه اشتغل عن عيب غيره ومن رضي
برزق الله لم يأسف على ما في يد غيره ومن سل سيف البغى قتل به
ومن حفر لأخيه بئرا وقع فيها ومن هتك حجاب غيره انكشفت عورات
بيته ومن نسى زلله استعظم زلل غيره ومن أعجب برايه ضل و
من استغنى بعقله زل ومن تكبر على الناس ذل ومن سفه على
الناس شتم ومن خالط الأنذال حقر ومن حمل مالا يطيق عجز
أيها الناس انه لا مال أعوذ من العقل ولا فقر أشد من الجهل
ولا واعظ أبلغ من النصح ولا عقل كالتدبير ولا عبادة كالتفكر

31
ولا مظاهرة أوثق من المشاورة ولا وحشة أشد من العجب ولا ورع
كالكف ولا حلم كالصبر والصمت أيها الناس في الانسان عشر
خصال يظهرها لسانه شاهد يخبر عن الضمير وحاكم يفصل بين
الخطاب وناطق يرد به الجواب وشاهد يدرك به الحاجة و
واصف يعرف به الأشياء وآمر يأمر بالحسن وواعظ ينهى عن
القبيح ومعز تسكن به الأحزان وحاضر تجلى به الضغائن و
مونق يلهى الاستماع أيها الناس انه لا خير بالصمت عن الحكم
كما أنه لا خير في القول بالجهل واعلموا أيها الناس انه من لم يملك
لسانه يندم ومن لا يعلم يجهل ومن لا يتحلم لا يحلم ومن لا
يرتدع لا يعقل ومن لا يعقل يهن ومن يهن لا يوقر ومن يتق
ينجح ومن يكتسب مالا من غير حقه يصرفه في غير اجره ومن لا يدع
وهو محمود يدع وهو مذموم ومن لم يعط قاعدا منع قائما ومن يطلب
العز من غير حق يذل ومن يغلب بالجور يغلب ومن عاند الحق لزمه

32
الوهن ومن تفقه وقر ومن تكبر حقر ومن لا يحسن لا يحمد واعلموا
أيها الناس ان المنية قبل الدنية والتجلد قبل التبلد والحساب قبل
العقاب والقبر خير من الفقر وغض البصر خير من كثير من النظر والدهر يوم
لك ويوم عليك فإذا كان لك فلا تنظر وإذا كان عليك فاصبر فبكليهما
تمتحن (وفى نسخة وكلاهما سيخسر) واعلموا أيها الناس أعجب ما في الانسان
قلبه وله مواد من الحكمة واضداد من خلافها فان سنح له الرجاء اذله
الطمع وان هاج به الطمع أهلكه الحرص وان ملكه الياس قتله الأسف
وان عرض له الغضب اشتد به الغيظ وان أسعد بالرضا نسى التحفظ
وان ناله الخوف شغله الحذر وان اتسع له الامن استلبته العزة
(وفى نسخة أخذته العزة) وان أفاد مالا أطغاه الغنى وان غضته
الفاقة شغله البلاء (وفى نسخة جهده البكاء) وان اصابته مصيبة
فضحه الجزع وان أجهده الجوع قعد به الضعف وان أفرط في الشبع
كظته البطنة فكل تقصير به مضر وكل افراط له مفسد أيها الناس

33
انه من فل ذل ومن جاد ساد ومن كثر ماله رؤوس ومن كثر
حلمه نبل ومن أفكر في ذات الله تزندق ومن أكثر من شئ عرف به
ومن كثر مزاحه استخف به ومن كثر ضحكه ذهبت هيبته فسد حسب
من ليس له أدب ان أفضل الفعال صيانة العرض بالمال ليس من
جالس الجاهل بذى معقول من جالس الجاهل فليستعد لقيل وقال
لن ينجو من الموت غنى بماله ولا فقير لإقلاله أيها الناس لو أن
الموت يشترى لاشتراه من أهل الدنيا الكريم الأبلج واللئيم الملهوج
أيها الناس ان للقلوب شواهد تجرى الأنفس عن مدرجة أهل
التفريط وتفطنه الفهم للمواعظ ما يدعوا لنفس إلى الحذر من الخطر
وللقلوب خواطر للهوى والعقول تنهى وتزجر وفى التجارب علم مستأنف
والاعتبار يقود إلى الرشاد وكفاك أدبا لنفسك ما تكرهه لغيرك
وعليك لأخيك المؤمن مثل الذي لك عليه لقد خاطر من استغنى
برايه والتدبر قبل العمل فإنه يؤمنك من الندم من استقبل وجوه

34
الآراء عرف مواقع الخطاء ومن أمسك عن الفضول عدلت رأيه
العقول ومن حصر شهوته فقد صان قدره ومن أمسك لسانه
امنه قومه ونال حاجته وفى تقلب الأحوال علم جواهر الرجال و
الأيام توضح لك السرائر الكامنة وليس في البرق الخاطف مستمتع لمن
يخوض في الظلمة ومن عرف بالحكمة لحظته العيون بالوقار والهيبة
وأشرف الغنى ترك المنى والصبر جنة من الفاقة والحرص علامة
الفقر والبخل جلباب المسكنة والمودة قرابة مستفادة ووصول
معدم خير من جاف مكثر والموعظة كهف لمن وعاها ومن اطلق
طرفه كثر أسفه وقد أوجب الدهر شكره على من نال سؤله وقل ما
ينصفك اللسان في نشر قبيح أو احسان ومن ضاق خلقه مله أهله
ومن نال استطال قل ما تصدقك الأمنية والتواضع يكسوك
المهابة وفى سعة الأخلاق كنوز الأرزاق كم من عاكف على ذنبه
في آخر أيام عمره ومن كساه الحياء ثوبه خفى على الناس عيبه وانح

35
القصد من القول فان من تحرى القصد خفت عليه المؤن وفى خلاف
النفس رشدك من عرف الأيام لم يغفل عن الاستعداد الا وان مع
كل جرعة شرقا وان في كل اكلة غصصا لا تنال نعمة الا بزوال
أخرى ولكل رمق قوت ولكل حبة آكل وأنت قوت الموت اعلموا
أيها الناس انه من مشى على وجه الأرض فإنه يصير إلى بطنها و
الليل والنهار يتسارعان (وفى نسخة يتنازعان) في هدم الأعمار
يا أيها الناس كفر النعمة لوم وصحبة الجاهل شوم ان من
الكرم لين الكلام ومن العبادة اظهار اللسان وافشاء السلام
إياك والخديعة فإنها من خلق اللئيم ليس كل طالب يصيب و
لاكل غائب يؤب لا ترغب فيمن زهد فيك رب بعيد هو أقرب
من قريب سل عن الرفيق قبل الطريق وعن الجار قبل الدار الا
ومن أسرع في المسير أدركه المقيل استر عورة أخيك لما تعملها فيك
اغتفر زلة صديقك ليوم يركبك عدوك من غضب على من لا

36
يقدر على ضره طال حزنه وعذب نفسه من خاف ربه كف
ظلمه (وفى نسخة من خاف ربه كفى عذابه) ومن لم يرع في كلامه
أظهر فخره ومن لم يعرف الخير من الشر فهو بمنزلة البهيمة
ان من الفساد إضاعة الزاد ما أصغر المصيبة مع عظم الفاقة
غدا هيهات هيهات وما تناكرتم الا لما فيكم من المعاصي والذنوب
فما أقرب الراحة من التعب والبؤس من النعيم وما شر بشر
بعده الجنة وما خير بخير بعده النار وكل نعيم دون الجنة محقور
وكل بلاء دون النار عافية وعند تصحيح الضمائر تبدو الكبائر
تصفية العمل أشد من العمل وتخليص النية من الفساد أشد
على العاملين من طول الجهاد هيهات لولا التقى لكنت أدهى
العرب أيها الناس ان الله تعالى وعد نبيه محمدا صلى الله
عليه وآله وسلم الوسيلة ووعده الحق ولن يخلف الله وعده
الا وان الوسيلة أعلى درج الجنة وذروة ذرايب الزلفة ونهاية

37
غايته الأمنية لها الف مرقاة ما بين المرقاة إلى المرقاة حضر الفرس
الجواد مأة عام (وفى نسخة الف عام) وهو ما بين مرقاة درة إلى
مرقاة جوهرة إلى مرقاة زبرجدة إلى مرقاة لؤلؤة إلى مرقاة
ياقوتة إلى مرقاة زمردة إلى مرقاة مرجانة إلى مرقاة كافور
إلى مرقاة عنبر إلى مرقاة يلنجوج إلى مرقاة ذهب إلى مرقاة فضة
إلى مرقاة غمام إلى مرقاة هواء إلى مرقاة نور قد أنافت على كل
الجنان ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يومئذ قاعد
عليها مرتد بريطتين ريطة من رحمة الله وريطة من نور الله
عليه تاج النبوة وإكليل الرسالة قد أشرق بنوره الموقف وانا
يومئذ على الدرجة الرفيعة وهي دون درجته وعلى ريطتان
ريطة من ارجوان النور وريطة من كافور والرسل والأنبياء
قد وقفوا على المراقي واعلام الأزمنة وحجج الدهور عن ايماننا قد
تجللتهم حلل النور والكرامة لا يرانا ملك مقرب ولا نبي مرسل الا

38
بهت بأنوارنا وعجب من ضياءنا وجلالتنا وعن يمين الوسيلة عن يمين
الرسول صلى الله عليه وآله وسلم غمامة بسيطة (بسطة) البصر يأتي
منها النداء يا أهل الموقف طوبى لمن أحب الوصي وآمن بالنبي الأمي
العربي ومن كفر به فالنار موعده وعن يسار الوسيلة عن يسار
الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ظلة يأتي منها النداء يا أهل
الموقف طوبى لمن أحب الوصي وآمن بالنبي الأمي والذي له الملك
الاعلى لا فاز أحد ولا ناله الروح والجنة الا من لقى خالقه بالاخلاص
لهما والاقتداء بنجومهما فايقنوا يا أهل ولاية الله ببياض وجوهكم
وشرف مقعدكم وكرم مأبكم وبفوزكم اليوم على سرر متقابلين
ويا أهل الانحراف والصدود عن الله عز ذكره ورسوله وصراطه
واعلام الأزمة أيقنوا بسواد وجوهكم وغضب ربكم جزاء بما كنتم
تعملون وما من رسول سلف ولا نبي مضى الا وقد كان مخبرا أمته
بالمرسل الوارد من بعده ومبشرا برسول الله صلى الله عليه وآله

39
وسلم وموصيا قومه باتباعه ومحليه عند قومه ليعرفوه بصفته
وليتبعوه على شريعته وكيلا يضلوا فيه من بعده فيكون من هلك
أو ضل بعد وقوع الاعذار والانذار عن بينة وتعيين حجة
فكانت الأمم في رجاء من الرسل وورود من الأنبياء ولئن
أصيبت بفقد نبي بعد نبي على عظم مصائبهم وفجائعها بهم
فقد كانت على سعة من الأمل ولا مصيبة عظمت ولا رزية
جلت كالمصيبة برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لان
الله ختم به الانذار والاعذار وقطع به الاحتجاج والعذر بينه
وبين خلقه وجعله بابه الذي بينه وبين عباده ومهيمنه
الذي لا يقبل الا به ولا قربة إليه الا بطاعته وقال في محكم
كتابه من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك
عليهم حفيظا فقرن طاعته بطاعته ومعصيته بمعصيته و
كان ذلك دليلا على ما فوض الله إليه وشاهدا له على من اتبعه

40
وعصاه وبين ذلك في غير موضع من الكتاب العظيم فقال تعالى
في التحريص على اتباعه والترغيب في تصديقه والقبول لدعوته
قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم
فاتباعه محبة الله ورضاه غفران الذنوب وكمال الفوز ووجوب
الجنة وفى التولي عنه والاغراض محادة الله وغضبه وسخطه
والبعد منه مسكن النار وذلك قوله ومن يكفر به من الأحزاب
فالنار موعده يعنى الجحود به والعصيان له فان الله تعالى امتحن
في عباده وقتل بيدي اضداده وافنى بسيفي جحاده وجعلني
زلفة للمؤمنين وحياض موت على الجبارين وسيفه على المجرمين
وشد بي ازر رسوله وأكرمني بنصره وشرفني بعلمه وحباني باحكامه
واختصني بوصيته واصطفاني بخلافته في أمته وقد حسده
المهاجرون والأنصار وانغضت به المحافل أيها الناس ان عليا منى
كهرون من موسى الا انه لا نبي بعده فعقل المؤمنون عن الله

41
نطق الرسول إذ عرفوني انى لست بأخيه لأبيه وامه ولا
كنت نبيا فاقتضى نبوة ولكن كان ذلك منه استخلافا لي كما
استخلف موسى هارون حيث يقول أخلفني في قومي وأصلح
ولا تتبع سبيل المفسدين وقوله صلى الله عليه وآله وسلم
حين تكلمت طائفة وقالت نحن موالى رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم فخرج رسول الله إلى حجة الوداع ثم صار
إلى غدير خم فامر فاصلح له شبه المنبر ثم علاه واخذ بعضدي
حتى رأى بياض إبطيه رافعا صوته قائلا في محفله من كنت
مولاه فعلى مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه و
كانت على ولايتي ولاية الله وعلى عداوتي عداوة الله وانزل
الله تعالى في ذلك اليوم اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم
نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا فكانت ولايتي كمال الدين
ورضا الرب تعالى وانزل الله تعالى اختصاصا لي وتكريما نحلنيه

42
واعظاما وتفضيلا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
منحنيه وهو قوله تعالى ثم ردوا إلى الله مولهم الحق الاله الحكم
وهو أسرع الحاسبين في مناقب لو ذكرتها لعظم بها الارتفاع و
طال لها الاستماع ولئن تقمصها دوني الأشقيان ونازعاني
فيما ليس لهما بحق وركباها ضلالة واعتقداها جهالة فلبئس ما
عليه وردا ولبئس ما لأنفسهما مهدا يتلاعنان في دورهما ويبرء
كل واحد منهما من صاحبه يقول لقرينه إذا التقيا يا ليت بيني و
بينك بعد المشرقين فبئس القرين فيجيبه الأشقى على وثوبه يا ليتني
لم أتخذك خليلا لقد أضللتني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان
الشيطان للانسان خذولا فانا الذكر عنه ضل والسبيل الذي
عنه مال والايمان الذي به كفر والقرءان الذي إياه هجر والدين
الذي به كذب والصراط الذي عنه نكب ولئن رتعا في الحطام المتصرم
والغرور المنقطع وكانا منه على شفا حفرة من النار لهما على شر

43
ورود في أخيب وفود وألعن مورود يتصارخان باللعنة و
يتناعقان بالحسرة مالهما من راحة ولا عن عذابهما من
مندوحة ان القوم لم يزالوا عباد أصنام وسدنة أوثان
يقيمون لها المناسك وينصبون لها العناير ويتخذون لها
القربان ويجعلون لها البحيرة والسائبة والوصيلة والحام و
يستقسمون بالأزلام عامهين عن الله عز ذكره حايرين عن الرشاد
مهطعين إلى البعاد قد استحوذ عليهم الشيطان وغمرتهم سوداء
الجاهلية ورضعوا جهالة وانفطموا ضلالة فأخرجنا الله إليهم
رحمة واطلعنا عليهم رأفة واسفر بنا عن الحجب نورا لمن اقتبسه
وفضلا لمن اتبعه وتأييدا لمن صدقه فتبوء العز بعد الذلة
والكثرة بعد القلة وهابتهم القلوب والابصار وأذعنت لهم
الجبابرة وطواغيتها وصاروا أهل نعمة مذكورة وكرامة منسورة
وامن بعد خوف وجمع بعد حوب وأضاءت بنا مفاخر معد بن

44
عدنان وأولجناهم باب الهدى وأدخلناهم دار السلام و
اشملناهم ثوب الايمان وفلجوا بنا في العالمين وأثبت لهم أيام
الرسول صلى الله عليه وآله وسلم آثار الصالحين من حام مجاهد
ومصل قانت ومعتكف زاهد يظهرون الأمانة ويأتون المثابة
حتى إذا دعا الله نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ورفعه إليه
لم يك ذلك بعده الا كلمحة من خفقة أو وميض من برقة إلى أن
رجعوا على الأعقاب وانتكصوا على الادبار وطلبوا بالأوتار وأظهروا
الكتائب وردموا الباب وقلوا الديار وغيروا آثار رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم ورغبوا عن احكامه وبعدوا من انواره واستبدلوا
بمستخلفه بديلا اتخذوه وكانوا ظالمين وزعموا أن من اختاروا
من آل أبي قحافة أولي بمقام رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم ممن اختار الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لمقامه
وان مهاجر آل أبي قحافة خير من المهاجري الأنصار الرباني

45
ناموس هاشم بن عبد مناف الا وان أول شهادة زور وقعت
في الاسلام شهادتهم ان صاحبهم مستخلف رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم فلما كان من أمر سعد بن عبادة ما كان
رجعوا عن ذلك فقالوا ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
مضى ولم يستخلف وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
الطيب المبارك أول مشهود عليه بالزور في الاسلام وعن
قليل يجدون غب ما يعملون وسيجد التالون غب ما أسسه
الأولون ولئن كانوا في مندوحة من المهل وشفا من الاجل
وسعة من المنقلب واستدراج من الغرور وسكون من الحال
وادراك من الأمل فقد امهل الله تعالى شداد بن عاد
وثمود بن عبود وبلعم بن باعور واسبغ عليهم نعمة ظاهرة
وباطنة وأمدهم بالأموال والأعمار واتتهم الأرض ببركاتها
ليذكروا آلاء الله وليعرفوا الا هابة له والإنابة إليه ولينتهوا

46
عن الاستكبار فلما بلغوا المدة واستتموا الأكلة اخذهم الله
تعالى واصطلمهم فمنهم من حصب ومنهم من أخذته الصيحة
ومنهم من أحرقته الظلة ومنهم من أودته الرجفة ومنهم
من أردته الخسفة وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم
يظلمون الا وان لكل أجل كتابا فإذا بلغ الكتاب اجله لو كشف
لك عما هوى عليه الظالمون وآل إليه الأخسرون لهربت إلى الله
تعالى مما هم إليه مقيمون واليه صائرون الا وانى فيكم أيها
الناس كهرون في آل فرعون وكباب حطة في بني إسرائيل وكسفينة
نوح في قوم نوح وانى النبأ العظيم والصديق الأكبر وعن قليل
ستعلمون ما توعدون وهل هي الا كلقمة الاكل ومذقة
الشارب وخفقة الوسنان ثم تلتزمهم المعرات خزيا في الدنيا
ويوم القيمة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما يعملون
فما جزاء من تنكب محجته وأنكر حجته وخالف هداته وحار عن

47
نوره واقتحم في ظلمه واستبدل بالماء السراب وبالنعيم العذاب
وبالفوز الشفاء وبالسراء الضراء وبالسعة الضنك الا جزاء
افتراقه وسوء خلافه فليوقنوا بالوعد على حقيقته وليستيقنوا
بما يوعدون يوم تأتي الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج انا
نحن نحيي ونميت والينا المصير يوم تشقق الأرض عنهم سراعا إلى آخر السورة
اللغات
أرمضني أوجعني واحرقني الجاحد لصاحب الزمان أي امام الوقت وجحوده إما بانكار إمامته أو انكار
وجوده وتبوء خفض الدعة أي تمكن واستقر في متسع الراحة والحين بفتح الحاء الهلاك والحسب
ما يعد من المفاخر والأنذال السفهاء والأخساء أعود من العقل أي أنفع ومعز تسكن به الأحزان أي
مسل من التسلية الضغينة الحقد المونق المعجب وما لا يدع وهو محمود أي من لا يدع الشر وما لا ينبغي على
اختيار بدعة على اضطرار ومن لم يعط قاعدا منع قائما يعنى ان الرزق قد قسمه الله فمن لم يرزق قاعدا لم يجد
له القيام والحركة ان المنية قبل الدنية أي ان الموت خير من الذلة المراد بالقبلية القبلية بأشرف؟؟ والحساب
قبل العقاب أي محاسبة النفس في الدنيا خير من التعرض للعقاب في الأخرى التجلد تكلف الشدة والقوة
والتبلد ضده سيحسر من الحسر بالمهولات بمعنى الكشف وعلى نسخة سيختبر من الاختبار الامتحان أسعد بالرضا
من المساعدة العض المسك بالأسنان كظته البطنة أي ملأته حق لا يطيق على النفس من فل ذل بالفاء
أي كسر النبل بالضم الذكاء المعقول بمعنى العقل الكريم الأبلج هو الذي اشتهر كرمه وظهر الملهوج
الحريص عدلت من التعديل أو بالتخفيف بمعنى المعادلة أي بمفرده يعدله سائر العقول الجلباب اللباس
وصول معدم بفتح الواو بمعنى البار والمعدم من اعدم المال كما أن المكثر من أكثره وقلما ينصفك اللسان
أي يحملك وهذا مبالغة للزيادة في القول النحو القصد والقصد من القول مالا افراط فيه ولا تفريط و
الشرق الشجا والغصة واللؤم بالضم ضد الكرم المقيل القيلولة ومن لم يرغ في كلامه يقال في حق من أظهر
فخره وهو من الارغاء ويقال أيضا فيمن لم يفصح في كلامه أو أظهر هجره في كلامه وما تناكرتم أي ينكر بعضكم بعضا

48
لكنت أدهى العرب الدهاء جودة الرأي وذروة ذوائب الألفة أي أعلاها والزلفة القرب و
يلنجوج العود وهو ما يتجز به والإنافة الاشراف وتشبيه المراقي بالجواهر المختلفة إشارة إلى
اختلاف الدرجات في الشرف والفضل الريطة كل ثوب رقيق لين الإكليل التاج حجج الدهور كناية عن
الأنبياء والأوصياء والعلماء بسطة البصر أي مده محليه عند قومه من التحلية بمعنى الوصف بالحلية
المهيمن الأمين والمؤتمن والشاهد الجحاد جمع جاحد الحياض السيال الأزر القوة حشده المهاجرون
أي اجتمعوا إليه وأطافوا به وانغضت بالغين المعجمة والضاد المهملة امتلأت نحلنيه أي منحنيه و
أختصنيه المولى هنا نفس الإمام عليه السلام الأشقيان الأول والثاني المنصوب في تقمصها مرجع
الضمير الخلافة نكب وتنكب عدل الحطام الهيثم العتاير جمع العتيرة وهي شاة يذبحونها في رجب لآلهتهم
والبحيرة والسائبة ناقتان مخصوصتان كانوا في الجاهلية يحرمون الانتفاع بهما والوصيلة شاة مخصوصة
يذبحونها على بعض الوجوه ويحرمونها على بعض والحام الفحل من الإبل الذي طال مكثه عندهم فلا يركب
ولا يمنع من كلا وماء والاستقسام بالأزلام طلب معرفة ما قسم لهم مما لم يقسم بالاقداح والعمه التحير
والتردد والاهطاع الاسراع الاستحواذ الاستيلاء الحوب الوحشة والحزن معد بن عدنان أبو العرب
الفلج الظفر والفوز المثابة موضع الثواب ومجتمع الناس بعد تفرقهم الخفقة النعاس الوميض اللمع
الخفى الانتكاص الرجوع الردم السد الغب بكسر الغين العاقبة الشفا بالفاء مقصورا الطرف الاصطلام
بالمهملتين الاستيصال الحصب رمى بالحصباء الظلة غيم تحته سموم الايداء والارداء الاهلاك الوسنان
من أخذته السنة المعرة الاثم والعزم والأذى والضنك الضيق (هذه الخطبة تعرف بالوسيلة)
111 / 13 ومن خطبه عليه السلام
في معاتبة أصحابه رواها الفيض في روضة الوافي في باب خطبه عليه السلام ص 10 عن روضة الكافي
عن محمد بن علي بن معمر عن محمد بن علي عن عبد الله بن أيوب الأشعري عن عمرو الأوزاعي عن عمرو بن
شمر عن سلمة بن كهيل عن الهيثم بن التيهان ان أمير المؤمنين عليه السلام خطب الناس بالمدينة فقال
الحمد لله الذي لا اله الا هو كان حيا بلا كيف ولم يكن له كان
ولا كان لكأنه كيف ولا كان له أين ولا كان في شئ ولا كان على
شئ ولا ابتدع لكأنه مكانا ولا قوى بعد ما كون شيئا ولا كان

49
ضعيفا قبل ان يكون شيئا ولا كان مستوحشا قبل ان يبتدع شيئا
ولا يشبه شيئا ولا كان خلوا من الملك قبل انشاءه ولا يكون خلوا
منه بعد ذهابه كان الها حيا بلا حياة ومالكا بعد انشاءه للكون
وليس يكون لله كيف ولا أين ولا حد يعرف ولا شئ يشبه ولا
يهرم لطول بقائه ولا يصعق لذعرة ولا يخاف كما يخاف خليقته
من شئ ولكن سميع بغير سمع وبصير بغير بصر وقوى بغير قوة من
خلقه لا يدركه حدق الناظرين ولا يحيط السمعه سمع السامعين
إذا أراد شيئا كان بلا مشورة ولا مظاهرة ولا مخابرة ولا يسئل أحدا
عن شئ من خلقه اراده لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار
وهو اللطيف الخبير واشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له و
اشهد ان محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره
على الدين كله ولو كره المشركون فبلغ الرسالة وانهج الدلالة صلى الله
عليه وآله وسلم أيها الأمة التي خدعت فانخدعت وعرفت خديعة

50
من خدعها فأ صرت على ما عرفت واتبعت أهوائها وضربت في غشواء
غوايتها وقد استبان لها الحق فصدت عنه والطريق الواضح فتنكبته
إما والذي فلق الحبة وبرء النسمة لو اقتبستم العلم من معدنه و
شربتم الماء بعذوبته وادخرتم الخير من موضعه واخذتم من الطريق
واضحه وسلكتم من الحق نهجه وتنهجت بكم السبل وبدت لكم الاعلام
وأضاء لكم الاسلام فاكلتم رغدا وما عال فيكم عائل وما ظلم منكم
مسلم ولا معاهد ولكن سلكتم سبيل الظلام فاظلمت عليكم دنياكم
برحبها وسددت عليكم أبواب العلم فقلتم باهواءكم واختلفتم في دينكم
فأفتيتم في دين الله بغير علم واتبعتم الغواة فأغوتكم وتركتم الأئمة فتركوكم
فأصبحتم تحكمون باهواءكم إذا ذكر الامر سئلتم أهل الذكر فإذا أفتوكم
قلتم هو العلم بعينه فكيف وقد تركتموه ونبذتموه وخالفتموه رويدا
عما قليل تحصدون جميع ما زرعتم وتجدون وخيم ما اجترمتم وما
اجتنبتم والذي فلق الحبة وبرء النسمة لقد علمتم انى صاحبكم

51
والذي به امرتم وانى عالمكم والذي بعلمه نجاتكم ووصيي نبيكم
وخيرة ربكم ولسان نوركم والعالم بما يصلحكم فعن قليل رويدا
ينزل بكم ما وعدتم وما نزل بالأمم قبلكم وسيسئلكم الله تعالى
عن أئمتكم معهم تحشرون والى الله غدا تصيرون إما والله لو كان
لي عدة أصحاب طالوت أو عدة أهل بدر وهم اعدادكم لضربتكم
بالسيف حتى تولوا إلى الحق وتنيبوا للصدق وكان ارتق للفتق و
آخذ بالرفق اللهم فاحكم بيننا بالحق وأنت خير الحاكمين قال ثم
خرج من المسجد فمر بصيرة فيها نحو من ثلاثين شاة فقال والله لو أن
لي رجالا ينصحون لله تعالى ولرسوله بعدد هذه الشياة لا زلت ابن
آكلة الذبان (الدبان) عن ملكه قال فلما امسى بايعه ثلاثمأة وستون
رجلا على الموت فقال أمير المؤمنين عليه السلام اغدوا بنا إلى أحجار الزيت
محلقين وحلق أمير المؤمنين عليه السلام فما وافى من القوم محلقا الا أبو ذر والمقداد
وحذيفة اليمان وعمار بن ياسر وجاء سلمان في آخر القوم فرفع يده إلى السماء و
فقال اللهم ان القوم استضعفوني كما استضعفت بنو إسرائيل

52
هارون اللهم فإنك تعلم ما نخفى وما نعلن وما يخفى عليك من
شئ في الأرض ولا في السماء توفني مسلما والحقني بالصالحين
إما والبيت والمفضى إلى البيت (وفى نسخة والمزدلفة والخفاف
إلى التجمير لولا عهد عهده إلى النبي الأمي إلا وردت المخالفين
خليج المنية ولأرسلت عليهم شأبيب صواعق الموت وعن
قليل سيعلمون
اللغات - الذعرة بالضم الخوف وبالفتح التخويف ولا يحيط السمعه أي بما يسمعه
والعشا مقصورة سوء البصر والعمى والعشواء الناقة لا تبصر امامها ولسان نوركم أي القرآن
اعداد جمع عديد وهو الند والصيرة بالصاد المهملة والياء ثم الراء خطيرة للغنم والبقر
الذبان بكسر الذال وتشديد الباء جمع ذباب وكنى بابن اكلتها عن سلطان الوقت فإنهم
كانوا في الجاهلية يأكلون من كل خبيث نالوه واحجار الزيت موضع داخل المدينة والمفضى
إلى البيت ماسه بيده والخفاف سرعة الحركة والتجمير لعله رمى الجمار والخليج النهر والشوبوب دفعة المطر
112 / 14 ومن خطبه عليه السلام
الوافي ص 13 خطبته عليه السلام في معاتبة الأمة ووعيد بنى أمية نقلها عن الكافي
عن أحمد بن محمد الكوفي عن جعفر بن عبد الله المحمدي عن أبي روح فرح بن قره عن جعفر بن
عبد الله عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه السلام قال خطب أمير المؤمنين عليه
السلام بالمدينة فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وآله ثم قال
إما بعد فان الله تعالى لم يقصم جباري دهر الا من بعد تمهيل
ورخاء ولم يجبر كسر عظم من الأمم الا بعد أزل وبلاء أيها

53
الناس في دون ما استقبلتم من خطب واستدبرتم من خطب
معتبر وما كل ذي قلب بلبيب ولا كل ذي سمع بسميع و
لاكل ذي ناظر عين ببصير عباد الله أحسنوا فيما يعنيكم (يغنيكم)
النظر فيه ثم انظروا إلى عرصات من قد افاده الله بعلمه كانوا
على سنة من آل فرعون أهل جنات وعيون وزروع ومقام
كريم ثم انظروا بما ختم الله لهم بعد النضرة والسرور والامر والنهى
ولمن صبر منكم العاقبة في الجنان والله مخلدون ولله عاقبة
الأمور فيا عجبا ومالي لا أعجب من خطأ هذه الفرق على اختلاف
حججها في دينها لا يقتصون اثر نبي ولا يقتدون بعمل وصى ولا
يؤمنون بغيب ولا يعفون عن عيب المعروف فيهم ما عرفوا و
المنكر عندهم ما أنكروا وكل امرء منهم امام نفسه آخذ منها فيما
بعرى ثقات وأسباب محكمات فلا يزالون بجور ولن يزدادوا
الأخطاء ولا ينالون تقربا ولن يزدادوا الا بعدا من الله تعالى

54
انس بعضهم ببعض وتصديق بعضهم لبعض كل ذلك وحشة
مما ورث النبي الأمي صلى الله عليه وآله وسلم ونفورا مما أدي
إليهم من اخبار فاطر السماوات والأرض أهل حسرات وكهوف
شبهات وأهل عشوات وضلالة وريبة من وكله الله إلى
نفسه ورأيه فهو مأمون عند من يجهله غير المتهم عند من لا
يعرفه فما أشبه هؤلاء بانعام قد غاب عنها رعائها وواسفا
من فعلات شيعتي من بعد قرب مودتها اليوم كيف يستذل بعدي
بعضها بعضا وكيف يقتل بعضها بعضا المتشتتة غدا عن الأصل
النازلة بالفرع المؤملة الفتح من غير جهته كل حزب منهم آخذ
منه بغصب من أينما مالها (مال الغصن) مال معه مع أن الله
وله الحمد سيجمع هؤلاء لشر يوم لبني أمية كما يجمع قزع الخريف
يؤلف الله بينهم ثم يجعلهم ركاما كر كأم السحاب ثم يفتح لهم
أبوابا يسيلون من مستثارهم كسيل الجنتين سيل العرم حيث نقب

55
عليه فأرة فلم يثبت عليه اكمة ولم يرد سننه رص طود يدغدغهم
الله في بطون أودية ثم يسلكهم ينابيع في الأرض يأخذ بهم من قوم
حقوق قوم ويمكن بهم قوما في ديار قوم (في نسخة أخرى ويمكن من قوم
لديار قوم) تشريدا لبني أمية ولكيلا يغتصبوا ما غصبوا يضعضع الله
بهم ركنا وينقض بهم طي الجنادل مولده ويملأ منهم بطنان
الزيتون فوالذي فلق الحبة وبرء النسمة ليكونن ذلك وكأني
اسمع صهيل خيلهم وطمطمة رجالهم وأيم الله ليذوبن ما في
أيديهم بعد العلو والتمكين في البلاد كما تذوب الالية على
النار من مات منهم مات ضالا والى الله عز وجل يفضى منهم
من درج ويتوب الله تعالى على من تاب ولعل الله يجمع شيعتي
بعد التشتت لشر يوم لهؤلاء ليس لأحد على الله عز ذكره الخيرة
بل لله الخيرة والامر جميعا أيها الناس ان المنتحلين للامامة
من غير أهلها كثير ولو لم تتخاذلوا عن مز الحق ولم تهنوا عن

56
عن توهين الباطل لم يتشجع عليكم من ليس مثلكم ولم يقو من قوى
عليكم وعلى هضم الطاعة وازواءها عن أهلها لكن تهتم كما تاهت
بنو إسرائيل على عهد موسى عليه السلام ولعمرى ليضاعفن
عليكم التيه من بعدي اضعاف ما تاهت بنو إسرائيل ولعمرى
ان لوقد استكملتم من بعدي مدة سلطان بنى أمية لقد اجتمعتم
على سلطان الداعي إلى الضلالة وأحييتم الباطل وخلفتم الحق
خلف ظهوركم وقطعتم الأدنى من أهل بدر ووصلتم الا بعد
من أبناء الحرب من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولعمرى
ان لو قد ذاب ما في أيديهم لدنا التمحيص للجزاء وقرب الوعد
وانقضت المدة وبدا لكم النجم ذوا الذنب من قبل المشرق ولاح
لكم القمر والمنير فإذا كان ذلك فراجعوا التوبة واعلموا انكم ان
اتبعتم طالع المشرق سلك بكم مناهج الرسول صلى الله عليه و
آله وسلم فتداويتم من العمى والصم والبكم وكفيتم مؤنة

57
الطلب والتعسف ونبذتم الثقل القادح عن الأعناق ولا يتعد
الله الا من أبى وظلم واعتسف واخد ما ليس له وسيعلم الذين ظلموا
أي منقلب ينقلبون
اللغات - الأزل بسكون الزاء الشدة والضيق فيما يعنيكم بالعين المهملة أي يهمكم وفى بعض
النسخ يغنيكم بالغين المعجمة وهو تصحيف أقاده الله من القود والقصاص ويؤيده ان في بعض النسخ
يعمله بتقديم الميم على اللام أو أقاده بمعنى أعطاه ليقودها ولعل المراد مكنه الله من الملك بان خلى بينه
وبين اختياره ولم يمسك يده عما اراده بعلمه وحكمته بما يقتضيه علمه من عدم اجبارهم على الطاعات
وترك المنهيات والاقتصاص الاقتفاء والاتباع فيما يرى من الرأي ولعل المراد من الأصل امام الحق
ومن الفرع الأئمة عليهم السلام ومن الفتح ظهور دولة الحق وبالغصن كل مدع منهم والقزع
بالقاف والزاء المعجمة ثم العين المهملة قطع السحاب وتخصيصه بالخريف لأنه أول الشتاء والسحاب
يكون فيه متفرقا غير متراكم ولا مطبق ثم يجتمع بعد ذلك بعضه إلى بعض والركام المتراكب بعضه فوق
بعض من مستشارهم أي محل انبعاثهم والعرم يطلق على الصعب أو المطر الشديد أو الجرذ أو الوادي
أو غيرها وقيل هو اسطرخ سبأ وقيل انما أضيف السيل إلى الجرذ لأنه نقب عليهم سدا ضربته لهم
بلقيس فحقنت به الماء وتركت فيه ثقبا على مقدار ما يحتاجون إليه أو المسناة التي عقدت سدا
على أنه جمع عرمه وهي الحجارة المركومة وكان ذلك بين عيسى عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وآله وسلم
والأكمة التل والرض الدق الجريش والطوط الجيل وفى بعض النسخ الرص بالصاد المهملة بمعنى الالزاق
والضم والشد ولعله الصواب والمجرور في سننه يرجع إلى السيل أو إلى الله تعالى والذعذعة
بالذالين المعجمتين والعينين المهملتين التفريق والتشريد التنفير والتضعضع الهدم والازلال الأرم
دمشق والإسكندرية وبطنان جمع بطن وهو الغامض من الأرض وزيتون مسجد دمشق أو جبال شام
والطمطمة في الكلام ان يكون فيه عجمة يفضى منهم من درج أي يرجع من مات والازواء الصرف والفادح
المثقل الصعب ولعل لطالع المشرق كناية عن الإمام القائم صلوات الله وسلامه عليه
113 / 15 ومن خطبه عليه السلام
في الفتن والبدع - الوافي ص 14 عن الكافي عن علي عن ابنه عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عثمان

58
عن سليم بن قيس الهلالي قال خطب أمير المؤمنين عليه السلام
فحمد الله وأثنى عليه ثم
صلى على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم قال
الا ان أخوف ما أخاف عليكم خلتان اتباع الهوى وطول الأمل
إما اتباع الهوى فيصد عن الحق واما طول الأمل فينسى الآخرة
الا ان الدنيا قد ترحلت مقبلة ولكل واحدة بنون فكونوا من
أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا فان اليوم عمل ولا حساب
وان غدا حساب ولا عمل وانما بدء وقوع الفتن أهواء تتبع و
احكام تبتدع يخالف فيها حكم الله يتولى فيها رجال رجالا الا
ان الحق لو خلص لم يكن اختلاف ولو أن الباطل خلص لم يخف
على ذي حجى لكنه يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث فيمزجان
فيجتمعان فيجللان معا فهنالك يستولى الشيطان على أوليائه و
نجا الذين سبقت لهم من الله الحسنى انى سمعت رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم يقول كيف أنتم إذا لبستكم فتنة يربوا فيها الصغير
ويهرم فيها الكبير يجرى الناس عليها ويتخذونها سنة فإذا غير

59
منها شئ قد غيرت السنة وقد اتى الناس منكرا ثم تشتد البلية
وتسبى الذرية وتدقهم الفتنة كما تدق النار الحطب وكما تدق
الرحى بثفالها ويتفقهون لغير الله ويتعلمون لغير العمل ويطلبون
الدنيا باعمال الآخرة ثم اقبل بوجهه وحوته ناس من أهل بيته
وخاصته وشيعته فقال قد عملت الولاة قبلي أعمالا خالفوا فيها
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم متعمدين لخلافه ناقضين
لعهده مغيرين لسنته ولو حملت الناس على تركها وحولتها
إلى مواضعها والى ما كانت في عهد رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم متعمدين لتفرق عنى جندي حتى أبقى وحدى أو قليل
من شيعتي الذين عرفوا فضلى وفرض إمامتي من كتاب الله و
سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أرأيتم لو امرت بمقام
إبراهيم عليه السلام فرددته إلى الموضع الذي وضعه فيه
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ورددت فدك إلى ورثة

60
فاطمة عليها السلام ورددت صاع رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم كما كان وأمضيت قطائع اقطعها رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم لاقوام لم تمض لهم ولم تنفذ ورددت دار
جعفر إلى ورثته وهدمتها من المسجد ورددت فضايا من الجور قضى
بها ونزعت نساء تحت رجال بغير حق فرددتهن إلى أزواجهن
واستقبلت بهذا الحكم في الفروج والاحكام وسبيت ذراري
بنى تغلب ورددت ما قسم من ارض خيبر ومحوت دواوين العطايا
وأعطيت كما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعطى
بالسوية ولم اجعلها دولة بين الأغنياء وألقيت المساحة و
سويت بين المناكح وأنفذت خمس الرسول صلى الله عليه وآله
وسلم كما انزل الله وفرضه ورددت مسجد رسول الله صلى الله
عليه وآله إلى ما كان عليه وسددت ما فتح فيه من الأبواب و
فتحت ما سد منه وحرمت المسح على الخفين وحددت على النبيذ

61
وأمرت باحلال المتعتين وأمرت بالتكبير على الجنائز خمس تكبيرات
وألزمت الناس بالجهر ببسم الله الرحمن الرحيم وأخرجت من ادخل
مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مسجده ممن كان
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ادخله وحملت الناس على حكم القرآن وعلى الطلاق على السنة واخذت الصدقات
على أصنافها وحدودها ورددت الوضوء والغسل والصلاة
إلى مواقيتها وشرايعها ومواضعها ورددت أهل نجران إلى
مواضعهم ورددت سبايا فارس وسائر الأمم إلى كتاب الله
وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم إذا لتفرقوا عنى والله
لقد امرت الناس ان لا يجتمعوا في شهر رمضان الا في فريضة و
أعلمتهم ان اجتماعهم في النوافل بدعة فتنادى بعض أهل عسكرى
ممن يقاتل معي يا أهل الاسلام غيرت سنة عمر نهانا عن الصلاة
في شهر رمضان تطوعا ولقد خفت ان يثوروا في ناحية جانب

62
عسكرى ما لقيت من هذه الأمة من الفرقة وطاعة أئمة الضلال
والدعاة إلى النار وأعطيت من ذلك سهم ذي القربى الذي قال
الله تعالى ان كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان
يوم التقى الجمعان فنحن والله عنى بذى القربى الذي قرننا الله بنفسه
وبرسوله صلى الله عليه وآله وسلم فقال فلله وللرسول و
لذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل منا خاصة كيلا
يكون دولة بين الأغنياء منكم وما آتاكم الرسول فخذوه و
ما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله في ظلم آل محمد صلوات الله عليهم
ان الله شديد العقاب لمن ظلمهم رحمة منه لنا وغنى اغنانا
الله به ووصى به نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ولم يجعل لنا
في سهم الصدقة نصيبا أكرم الله رسوله صلى الله عليه وآله و
سلم وأكرمنا أهل البيت ان يطعمنا من أوساخ الناس فكذبوا الله
وكذبوا رسوله وجحدوا كتاب الله الناطق بحقنا ومنعونا فرضا فرضه

63
الله لنا ما لقى أهل بيت نبي من أمته مثل ما لقينا بعد نبينا
صلى الله عليه وآله وسلم والله المستعان على من ظلمنا ولا
حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
اللغات - الحجى بتقديم المهملة العقل الضغث القبضة عن الشئ التجليل الستر يربوا فيها الصغير
أي يكبر كناية عن امتدادها الثفال بالكسر جلدة تبسط تحت رحا اليد ليقع عليها الدقيق ويسمى
الحجر الأسفل مثفالا قد عملت الولاة قبل أعمالا أراد عليه السلام بها الولاة الثلاثة واعمالهم التي خالفوا
فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقوله أرأيتم لو امرت بمقام إبراهيم عليه السلام إلى قوله إذا
لتفرقوا عنى إذا هذه جواب لو وان بعدت عنها وان عمر قد غير مقام إبراهيم زمان خلافته ورده إلى ما كان
في زمان الجاهلية وكان زمان رسول الله لازقا بالبيت وصاع رسول الله صلى الله عليه وآله كان خمسة
أرطال برطل المدينة القطيعة طائفة من أرض الخراج اقطعها أي عينها ورددت قضايا من الجور كقضاء
عمر بالعول والتعصيب في الإرث وغيرها مما يخالف حكم الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ونزعت نساء
تحت رجال يغر حق كمن طلقت بغير شهود وغير طهر وغير ذلك ومحوت دواوين العطايا إشارة بما ابتدع الثلاثة
في زمان خلافتهم من الخراجات وغيرها مما لم يكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا في عهد أبى بكر
ولم اجعلها دولة بين الأغنياء يعنى ان يتداولوه بينهم ويحرمون الفقراء والمراد بالمساحة مساحة الأرض
للخراج وسويت بين المناكح إشارة إلى ما ابتدعه عمر من منعه غير قريش ان يتزوج في قريش ومنعه الترويج بين
العرب مع العجم وأنفذت خمس الرسول إشارة إلى منع عمر أهل البيت خمسهم ورددت مسجد رسول الله إشارة
إلى اخراج ما زادوه فيه وسددت ما فتح فيه من الأبواب إشارة إلى ما نزل به جبرئيل من الله وأمره بسد الأبواب
من مسجده إلا باب علي عليه السلام كأنهم قد عكسوا بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحرمت المسح على
الخفين في الوضوء إشارة إلى تجويز عمر ذلك وأمره به وحددت على النبيذ لانهم استحلوه بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
وأمرت باحلال المتعتين متعة الحج ومتعة النساء إذ قال عمر متعتان كانتا على عهد رسول الله وانا احرمها
وأعاقب عليهما متعة النساء ومتعة الحج وأمرت بالتكبير على الجنائز خمس تكبيرات ذلك لانهم جعلوها أربعا
وألزمت الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم لانهم يتخافتون بها أو يسقطونها في الصلاة وأدخلت من اخرج إشارة
إلى من أمر الله باخراجهم عن المسجد وانهم خالفوا امره وامر رسوله وأخرجت من ادخل لعله إشارة إلى المدفونين

64
عنده في المسجد أو من ادخلوه فيه بعده وحملت الناس على حكم القرآن ذلك لانهم خالفوا القرآن في
كثير من احكامه وابدعوا فيها وهي كثيرة جدا من أراد الاطلاع بها فعليه بالكتب المبسوطة المتداولة بين الفريقين
114 / 16 ومن خطبه عليه السلام
في حقوق الوالي والرعية - نقلها في الوافي ص 17 عن الكافي عن علي بن الحسين المؤدب عن البرقي
وأحمد بن محمد بن أحمد عن التميمي جميعا عن إسماعيل بن مهران عن عبد الله بن الحارث عن جابر عن أبي جعفر
عليه السلام قال خطب أمير المؤمنين عليه السلام الناس بصفين فحمد الله وأثنى عليه وصلى على
نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ثم قال إما بعد فقد جعل الله لي عليكم حقا
بولاية امركم ومنزلتي التي أنزلني الله بها منكم ولكم على من
الحق مثل الذي لي عليكم والحق أجمل الأشياء في التواصف وأوسعها
في التناصف لا يجرى لاحد الا جرى عليه ولا يجرى عليه الا جرى
له ولو كان لاحد ان يجرى ذلك ولا يجرى عليه لكان ذلك لله
تعالى خالصا دون خلقه لقدرته على عباده ولعدله في كل ما
جرت عليه صروف قضائه ولكنه جعل حقه على العباد ان يطيعوه
وجعل كفارتهم عليه حسن الثواب تفضلا منه وتطولا بكرمه
وتوسعا بما هو من المريد له أهل ثم جعل من حقوقه حقوقا فرضها
لبعض الناس على بعض فجعلها تتكافئ في وجوهها ويوجب ببعضها

65
بعضا ولا يستوجب بعضها الا ببعض فاعظم ما افترض الله تعالى من تلك
الحقوق حق الوالي على الرعية وحق الرعية على الوالي فريضة فرضها
الله تعالى لكل على كل فجعلها نظام ألفتهم (وفى نسخة نظاما لألفتهم
وعزا لدينهم وقواما لسنن الحق فيهم فليست تصلح الرعية الا
بصلاح الولاة ولا تصلح الولاة الا باستقامة الرعية فإذا أدت
الرعية إلى الوالي حقه وادى إليها الوالي كذلك عن الحق بنيهم و
قامت مناهج الدين واعتدلت معالم العدل وجرت على أزلالها
السنن فصلح بذلك الزمان وطاب به العيش وطمع في بقاء الدولة
ويئست مطامع الأعداء وإذا غلبت الرعية على واليهم وعلا الوالي
الرعية اختلفت هنا لك الكلمة وظهرت مطامع الجور وكثر الأدغال
في الدين وتركت معالم السنن فعمل بالهوى وعطلت الآثار وكثر علل
النفوس ولا يستوحش لجسيم حق عطل ولا لعظيم باطل أثل فهنالك يذل
الا برار ويعز الأشرار وتحزب البلاد وتعظم تبعات الله عند العباد

66
فهلم أيها الناس إلى التعاون على طاعة الله عز وجل والقيام
بعدله والوفاء بعهده والانصاف له في جميع حقه فإنه ليس العباد
إلى شئ أحوج منهم إلى التناصح في ذلك وحسن التعاون عليه
وليس أحد وان اشتد على رضا الله حرصه وطال في العلم اجتهاده
ببالغ حقيقة ما اعطى الله تعالى من الحق أهل (وفى نهج البلاغة ببالغ حقيقة
ما الله أهله من الطاعة) ولكن من واجب حقوق الله على العباد النصيحة
له بمبلغ جهدهم والتعاون على إقامة الحق فيهم ثم ليس امرء وان عظمت
في الحق منزلته وجسمت في الحق فضيلته بمستغن عن أن يعان على ما
حمله الله من حقه ولا لامرء مع ذلك حست به الأمور واقتحمته العيون
بدون ما ان يعين على ذلك ويعان عليه وأهل الفضيلة في الحال و
أهل النعم العظام أكثر في ذلك حاجة وكل في الحاجة إلى الله تعالى
شرع سواء فاجابه رجل من عسكره لا يدرى من هو لأنه لم ير في عسكره قبل ذلك اليوم ولا بعده فقال
وأحسن الثناء على الله تعالى بما أبلاهم وأعطاهم من واجب حقه عليهم

67
والاقرار بكل ما ذكر من تصرف الحالات به وبهم ثم قال أنت أميرنا
ونحن رعيتك بك أخرجنا الله من الذل وباعزازك اطلق عباده
من الغل فاختر علينا وامض اختيارك وائتمر فامض ائتمارك فإنك القائل
المصدق والحاكم الموفق والملك المحول لا نستحل في شئ معصيتك ولا
نقيس علما بعلمك يعظم عندنا في ذلك خطرك ويجل عنه في أنفسنا فضلك
فاجابه أمير المؤمنين عليه السلام
فقال إن من حق من عظم جلال الله في نفسه وجل موضعه من
قلبه ان يصغر عنده كل ما سواه لعظم ذلك وان أحق من كان كذلك
لمن عظمت نعمة الله عليه ولطف احسانه إليه فإنه لم تعظم نعمة الله
على أحد الا ازداد حق الله عليه عظما وان من استخف حالات الولاة عند
صالح الناس ان يظن بهم حب الفخر ويوضع امرهم على الكبر وقد كرهت
ان يكون جال في ظنكم انى أحب الاطراء واستماع الثناء ولست بحمد الله
كذلك ولو كنت أحب ان يقال ذلك لتركته انحطاطا لله سبحانه عن تناول

68
ما هو أحق به من العظمة والكبرياء وربما استحلى الناس الثناء
بعد البلاء فلا تثنوا على بجميل ثناء لاخراجي نفسي إلى الله واليكم
من البقية في حقوق لم افرغ من أدائها وفرائض لابد من امضائها
فلا تكلموني بما تكلمون به الجبابرة ولا تتحفظوا منى بما يتحفظ به عند أهل
البادرة ولا تخالطوني بالمصانعة ولا تظنوا بي استشقالا لحق
قيل لي ولا التماس اعظام نفسي لما لا يصلح لي فإنه من استثقل
الحق ان يقال له أو العدل انى يعرض عليه كان العمل بهما أثقل عليه
فلا تكفوا عنى مقالة بحق أو مشورة بعدل فانى لست في نفسي بفوق
ما ان اخطئ ولا آمن ذلك من فعلى الا ان يكفي الله من نفسي ما هو
أملك به منى فإنما انا وأنتم عبيد مملوكون لرب لا رب غيره يملك منا
مالا نملك من أنفسنا إلى ما صلحنا عليه فابدلنا بعد الضلالة
بالهدى وأعطانا البصيرة بعد العمى فاجابه الرجل الذي اجابه من
قبل فقال أنت أهل ما قلت والله والله أهل فوق ما قلته فبلائه عندنا لا يكفر وقد
حملك الله رعايتنا وولاك سياسة أمورنا فأصبحت علمنا الذي نهتدى به وامامنا الذي

69
نقتدى به وأمرك كله رشد وقولك كله أدب قد قرت بك في الحياة أعيننا وامتلأت
من سرور بك قلوبنا وتحيرت من صفة ما فيك من بارع الفضل عقولنا ولسنا نقول
لك أيها الامام الصالح تزكية لك ولا نجاوز القصد في الثناء عليك ولمن يكون في
في أنفسنا طعن على يقينك أو غش في دينك فنتخوف أن تكون أحدثت بنعمة الله تعالى تجبرا
ودخلك كبر ولكنا نقول لك ما قلنا تقربا إلى الله تعالى بتوقيرك وتوسعا بتفضيلك وشكرا
باعظام امرك فانظر لنفسك ولنا وآثر أمر الله على نفسك وعلينا فنحن طوع فيما امرتنا ننقاد
من الأمور مع ذلك فيما ينفعنا فأجابه أمير المؤمنين فقال وانا استشهدكم
عند الله على نفسي لعلمكم فيما وليت به من أموركم وعما قليل
يجمعني وإياكم الموقف بين يديه والسؤال عما كنا فيه ثم
يشهد بعضنا على بعض فلا تشهدوا اليوم بخلاف ما أنتم شاهدون
غدا فان الله تعالى لا يخفى عليه خافية ولا يجوز عنده الا منا
صحة الصدر في جميع الأمور فاجابه الرجل ويقال لم يرى الرجل بعد كلامه
هذا لأمير المؤمنين عليه السلام فاجابه وقد عال الذي في صدره فقال والبكاء يقطع
منطقه وغصص الشجا يكسر صوته اعظاما لخطر مرزئته ووحشة من كون فجيعته فحمد الله
واثنى ثم شكا عليه هول ما اشفى إليه من الخطر العظيم والذل الطويل في فساد زمانه وانقلاب
حده وانقطاع ما كان من دولته ثم نصب المسألة إلى الله تعالى بالامتنان عليه والمدافعة
عنه بالتفجع وحسن الثناء فقال يا رباني العباد ويا ساكن البلاد أين يقع قولنا من فضلك و
أين يبلغ وصفنا من فعلك وانى نبلغ حقيقة حسن ثناءك أو نحصى جميل بلاءك وكيف ربك جرت
نعم الله علينا وعلى يدك اتصلت أسباب الخير إلينا ألم تكن لذل الذليل ملاذا وللعصاة الكفار اخوانا
فبمن الا باهل بيتك وبك أخرجنا الله من فضاعة تلك الخطرات أو بمن فرج عنا غمرات الكربات وبمن

70
الا بكم أظهر الله معالم ديننا واستصلح ما كان فسد من دنيانا حتى استبان بعد الجور ذكرنا و
قرت من رخاء العيش أعيننا لما ولينا بالاحسان جهدك ووفيت لنا بجميع وعدك وقمت لنا على
جميع عهدك فكنت شاهد من غاب منا وخلف أهل البيت لنا وكنت عز ضعفاءنا وعماد عظمائنا
يجمعنا في الأمور عدلك ويتسع لنا في الحق تأنيك فكنت لنا انسا إذا أريناك وسكنا إذا ذكرناك
فأي الخيرات لم تفعل وأي الصالحات لا تعمل ولو أن الامر الذي نخاف عليك منه يبلغ تحويله جهدنا
ويقوى لمدافعته طاقتنا أو يجوز الفداء عنك منه بأنفسنا وبمن نفد فيه بالنفوس من أبناءنا
لقدمنا أنفسنا وأبناءنا قبلك ولا خطرناها وقل خطرها دونك ولقمنا بجهدنا في محاولة من حاولك
وفى مدافعة من ناواك ولكنه سلطان لا يحاول وعز لا يزاول ورب لا يغالب فان يمنن علينا بعافيتك
ويترحم علينا ببقاءك ويتحنن علينا بتفريح هذا من حالك إلى سلامة منك لنا وبقاء منك بين
أظهرنا نحدث لله عز وجل بذلك شكرا نعظمه وذكرا نديمه ونقسم انصاف أموالنا صدقات وانصاف
رقيقنا عتقاء ونحدث له تواضعا في أنفسنا ونخشع في جميع أمورنا وان يمض بك الجنان ويجرى عليك
حتم سبيله فغير متهم فيك قضائه ولا مدفوع عنك بلاءه ولا مختلفة مع ذلك قلوبنا بان اختياره
لك ما عنده على ما كنت فيه ولكنا نبكى من غير اثم لعز هذا السلطان ان يعود ذليلا وللذين والدنيا
أكيلا فلا نرى لك خلفا نشكوا إليه ولا نظيرا نأمله ولا نقيمه
اللغات قوله فريضة فرضها الله إما مرفوع ليكون خبر مبتداء محذوف واما منصوب على الحالية أو باضمار
فعل عز الحق أي غلب على أزلالها زل الطريق بالكسر محجتها وأمور الله الجارية على أزلالها مجاريها وهي جمع
زل بالكسر أثل يقال ما مؤثل ومجد مؤثل أي مجموع ذو أصل واثلة أي زكاه وفى النهج انه بالحفيف خسئت
به الأمور أي طردت وبعدت قوله فاجابه رجل قال العلامة المجلسي ره في شرح الخطبة الظاهر هو الخضر
من الغل أي أغلال الشرك والمعاصي والمحكى عن بعض النسخ القديمة (اطلق عنا رهاين الغل) أي ما
يوجب اغلاله يوم القيمة وأتمر أي اقبل ما امرك الله به فامضه علينا والايتمار بمعنى المشاورة والمخول بالخاء
المنعم عليه من أسخف في بعض نسخ الكافي من استخف من الاستخفاف وفى النهج وبعض النسخ من أسخف بكسر
الميم من السخافة جال بالجيم من الجولان الاطراء المبالغة في المدح وربما استحلى الناس أي وجدوه
حلوا لاخراجي نفسي أي لاعترافي بين يدي الله وبمحضر منكم ان حقوقا على في ولايتكم ورياستي عليكم لم أقم بها
البادرة الحدة والكلام الذي يسبق من الانسان في الغضب المصانعة الرشوة والمداراة فبلائه عندنا
لا يكفر أي نعمته عندنا وافرة بحيث لا نستطيع كفرها وسترها وقد عال الذي في صدره يقال عالني الشئ أي
غلبني وعال امرهم اشتد غصص الشجا الغصة بالضم ما اعترض في الحلق والشجا والشجو الهم والحزن قوله

71
لخطر مرزئته الخطر بالتحريك القدر والمزلة والاشراف على الهلاك والمرزئة الفجيعة والمصيبة قوله
اشفى أي أشرف عليه الرباني منسوب إلى الرب بزيادة الألف والنون وهو العالم الراسخ في العلم و
الدين الذي يطلب بعلمه وجه الله والعصاة الكفار اخوانا أي كنت تعاشر من يعصيك كمعاشرة
الاخوان شفقة منك عليهم طالبا لهدايتهم الحور النقصان بعد الزيادة وفى بعض النسخ الجور و
الثمال الملجأ يبلغ تحريكه أي تغييره وصرفه وفى بعض النسخ القديمة تحويلة حاولك أي قصدك أكيلا
الأكيل بمعنى المأكول وبمعنى الاكل وهنا بمعنى الثاني أي نبلى بتبدل هذا السلطان الحق بسلطنة
الجور فيكون آكلا للدين والدنيا وفى بعض النسخ لعن الله هذا السلطان فمرجع الإشارة شخصه
أقول إن هذه الخطبة قد نقلها الرضي رضي الله عنه وارضاه في النهج لكن لما كان بين ما فيه
وفى الكافي اختلافا كثيرا وزيادة ونقصانا فلذا اوردتها في مجموعتي هذه تعميما للعائدة وتميما للفائدة
115 / 17 ومن خطبه عليه السلام
في معاتبة طالبي التفضيل نقلها في الوافي ص 20 عن الكافي عن علي عن أبيه ومحمد بن علي
جميعا عن إسماعيل بن مهران وبالاسنادين المتقدمين عن إسماعيل بن مهران عن المنذر بن جعفر
عن الحكم بن ظهير عن عبد الله بن جرير العبدي عن الأصبغ بن نباتة قال اتى أمير المؤمنين عليه السلام
عبد الله بن عمر وولد أبى بكر وسعد بن أبي وقاص يطلبون منه التفضيل لهم فصعد المنبر ومال الناس
إليه فقال الحمد لله ولى الحمد ومنتهى الكرم لا تدركه الصفات
ولا يحد باللغات ولا يعرف بالغايات واشهد ان لا إله إلا الله
وحده لا شريك له وأن محمدا رسول الله نبي الهدى وموضع التقوى
ورسول الرب الاعلى جاء بالحق من عنده لينذرك بالقرءان المبين والبرهان
المستبين صدع بالكتاب المبين ومضى على ما مضت عليه الرسل
الأولون إما بعد أيها الناس فلا تقولن رجال قد كانت الدنيا

72
غمرتهم فاتخذوا العقار وفجروا الأنهار وركبوا أقره الدواب و
لبسوا ألين الثياب فصار ذلك عليهم عارا وشنارا ان لم يغفر
لهم الغفار إذا منعتهم ما كانوا فيه يخوضون وصيرتهم
إلى ما يستوجبون فيفقدون ذلك فيسئلون ويقولون ظلمنا
علي بن أبي طالب وحرمنا ومنعنا حقوقنا فالله عليهم المستعان
من استقبل قبلتنا واكل ذبيحتنا وآمن بنبينا وشهد شهادتنا و
دخل في ديننا أجرينا عليه حكم القرآن وحدود الاسلام ليس لأحد
على أحد فضل الا بالتقوى الا وان للمتقين عند الله أفضل
الثواب وأحسن الجزاء والمآب لم يجعل الله تعالى الدنيا للمتقين
ثوابا وما عند الله خير للأبرار انظروا أهل دين الله فيما أصبتم
في كتاب الله وتركتم عند رسول الله وجاهدتم به في ذات الله
أبحسب أم بنسب أم بعمل أم بطاعة أم زهادة وفيما أصبحتم فيه راغبين
فسارعوا إلى منازلكم رحمكم الله التي امرتم بعمارتها العامرة التي

73
لا تخرب الباقية التي لا تنفذ التي دعاكم إليها وحضكم عليها ورغبكم
فيها وجعل الثواب عنده عنها فاستتموا نعم الله تعالى بالتسليم
لقضائه والشكر على نعمائه فمن لم يرض بهذا فليس منا ولا إلينا
وان الحاكم يحكم بحكم الله ولا خشية عليه من ذلك أولئك هم
المفلحون وفى نسخة ولا وحشة وأولئك لا خوف عليهم ولا هم
يحزنون وقال وقد عاتبتكم بدرتي التي أعاتب بها أهلي فلم تبالوا
وضربتكم بسوطي الذي أقيم به حدود ربى فلم ترعوا أتريدون
ان أضربكم بسيفي إما انى اعلم الذي تريدون ويقيم أودكم ولكن
لا اشترى صلاحكم بفساد نفسي بل يسلط الله عليكم قوما فينقسم
لي منكم فلا دنيان استمتعتم بها ولا آخرة صرتم إليها فبعدا وسحقا
لأصحاب السعير
اللغات ولد أبى بكر عبد الرحمن فصدع أي شق جماعاتهم بالتوحيد أو اجهر بالقرءان أو أظهر أو احكم
بالحق أفره الدواب يقال دابة فارهة أي نشيطة قوية نفيسة قوله بدرتي الدرة بالكسر التي يضرب بها
وهي أصغر من السوط وهو أكبر وأشد منها والارعواء الانزجار عن القبيح وقيل الندم على الشئ سحقا أي بعدا
116 / 18 ومن خطبه عليه السلام

74
في الزهد والعبادة - في الوافي ص 21 نقلها عن الكافي عن علي بن الحسين المؤدب وغيره
عن البرقي عن إسماعيل بن مهران عن عبد الله بن الحارث الهمداني عن جابر عن أبي عبد الله
عليه السلام قال خطب أمير المؤمنين عليه السلام فقال الحمد لله الخافض الرافع
الضار النافع الجواد الواسع الجيلي ثناءه الصادقة أسمائه المحيط
بالغيوب وما يخطر بالقلوب الذي جعل الموت بين خلقه عدلا
وانعم بالحياة عليهم فضلا فاحيى وأمات وقدر الأقوات أحكمها
بعلمه تقديرا وأتقنها بحكمه تدبيرا انه كان خبيرا بصيرا هو القائم
بلا فناء والباقي إلى غير منتهى يعلم ما في الأرض وما في السماء وما
بينهما وما تحت الثرى احمده بخالص حمده المخزون بما حمده به
الملائكة والنبيون حمدا لا يحصى له عدد ولا يتقدمه أمد ولا
يأتي بمثله أحد أو من به وأتوكل عليه واستهديه واستكفيه و
استقضيه بخير واسترضيه واشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك
له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق
ولو كره المشركون صلى الله عليه وآله وسلم أيها الناس ان الدنيا كله على الدين ليظهره

75
ليست لكم بدرا ولا قرار انما أنتم فيها كركب عرسوا فانا خوا ثم
استقلوا فعدوا وراحوا دخلوا خفافا وراحوا خفافا لم يجدوا
عن مضى نزوعا والى ما تركوا رجوعا جدبهم فجدوا وركنوا
إلى الدنيا فما استعدوا حتى إذا اخذ بكظمهم وخلصوا لي دار
قوم جفت أقلامهم لم يبق من أكثرهم خبر ولا اثر قل في الدنيا
لبثهم وعجل إلى الآخرة بعثهم فأصبحتم حلولا في ديارهم ظاعنين
على آثارهم المطايا بكم تسير سيرا ما فيه أين ولا تقصير نهاركم
بأنفسكم دؤوب وليلكم بأرواحكم ذهوب فأصبحتم تحكمون من
حالهم حالا وتحتدون من مسلكهم مثالا فلا تغرنكم الحياة
الدنيا فإنما أنتم فيها سفر حلول الموت بكم نزول تتنضل فيكم مناياه
وتمضى باخباركم مطاياه إلى دار الثواب والعقاب والجزاء والحساب
رحم الله امرءا راقب ربه وتنكب ذنبه وكابر هواه وكذب مناه
امرء أزم نفسه من التقوى بزمام وألجمها من خشية ربها بلجام فقادها

76
إلى الطاعة بزمامها وقدعها عن المعصية بلجامها رافعا إلى
المعاد طرفه متوقعا في كل أوان حتفه دائم الفكر طويل السهر
غروفا عن الدنيا ساما كدوحا لاخرته متحافظا امرءا جعل الصبر
مطية نجاته والتقوى عدة وفاته ودواء أجوائه فاعتبر وقاس
وترك الدنيا والناس يتعلم للتفقه والسداد وقد وقر قلبه ذكر
المعاد وطوى مهاده وهجر وساده منتصبا على أطرافه داخلا في
اعطافه خاشعا لله يراوح بين الوجه والكفين خشوع في السر لربه
لدمعه صبيب ولقلبه وجيب شديدة اسباله ترتعد من خوف
الله تعالى أوصاله قد عظمت فيما عند الله رغبته واشتدت منه رهبته
راضيا بالكفاف من امره وان أحسن طول عمره يظهر دون ما يكتم و
يكتفى بأقل مما يعلم أولئك ودايع الله في بلاده المدفوع بهم عن
عباده لم أقسم أحدهم على الله تعالى لا بره أو دعا على أحد نصره الله
يسمع إذا ناجاه ويستجيب له إذا دعاه جعل الله العاقبة للتقوى

77
والجنة لأهلها مأوى دعائهم فيها أحسن الدعاء سبحانك
اللهم دعاهم المولى على ما اتاهم وآخر دعواهم ان الحمد لله رب العالمين
اللغات - استقصنه بالصاد المهملة من قولهم استقصى في المسألة وتقصى إذا بلغ الغاية
أو بالضاد المعجمة كما في بعض النسخ من قولهم استقضى فلان أي طلب إليه ان يقضيه كركب عرسوا
الركب جمع راكب والتعريس نزول القوم في السفر من آخر الليل نزلة للنوم والاستراحة ثم استقلوا
استقل القوم أي مضوا وارتحلوا حكى عن الجوهري نزوعا نزع نزوعا أي كف واقلع عنه أي لم يقدروا
على الكف جدبهم فجدوا أي حشوهم على الاسراع في المسر فأسرعوا بكطمهم الكظم محركة الحلق والفم ومخرج
النفس من الحلق حلول جمع حال ظاعنين أي سائرين ما فيه أين قال الجوهري الأين الاعياء
تنضل فيكم مناياه التنضل والانتضال رمى السهام سفر حلول هما جمعان أي مسافرون حللتم في الدنيا دؤب
يقال فلان دؤوب في العمل إذا تعب وجد تمضى باخباركم مطاياه الاخبار الأعمال والمطايا يطلق على
الاشخاص والأعمار وحفظة الأعمال وكابر هواه أي غالبها وخالفها وفى بعض النسخ كابدها
بالدال المهملة أي قاساها شدته في ترك هواه قدعها بالقاذف كفها والحتف الموت والعزوف
عن الشئ الزهد فيه والانصراف عنه والملال منه والسامة الملال والكدح السعي والجواء حرقة
القلب والعطاف الرداء الوجيب اضطراب القلب الاسبال ارسال الدمع والأوصال المفاصل
117 / 19 ومن خطبه عليه السلام
في انذاره بما يأتي من زمان السوء - الوافي ص 22 عن الكافي عن أحمد بن سعيد بن المنذر بن محمد عن
أبيه عن جده قال خطب أمير المؤمنين عليه السلام ورواها غير بغير هذا الاسناد وذكر انه خطب بذي قار
فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إما بعد فان الله تعالى بعث محمدا صلى الله
عليه وآله وسلم بالحق ليخرج عباده من عبادة عباده إلى عبادته
ومن عهود عباده إلى عهوده ومن طاعة عباده إلى طاعته و
من ولاية عباده إلى ولايته بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله باذنه

78
وسراجا منيرا عودا وبدوا عذرا ونذرا بحكم قد فصله وتفصيل
قد احكمه وفرقان قد فرقه وقرآن قد بينه ليعلم العباد من ربهم
إذ جهلوه وليقروا به إذ جحدوه وليثبتوه بعد ان أنكروه فتجلى لهم
سبحانه في كتابه من غير أن يكون رأوه فأراهم حلمه كيف حلم
واراهم عفوه كيف عفى واراهم قدرته كيف قدر وخوفهم من
سطوته وكيف خلق ما خلق من الآيات وكيف محق من محق من العصاة
بالمثلات واحتصد من احتصد بالنقمات وكيف رزق وهدى و
اعطى واراهم حكمه كيف حكم وصبر حتى يسمع ما يسمع ويرى فبعث
الله محمدا صلى الله عليه وآله وسلم وليس عند أهل ذلك الزمان
شئ اخفى من الحق وأظهر من الباطل ولا أكثر من الكذب على الله
وعلى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وليس عند أهل ذلك الزمان
سلعة أبور من الكتاب إذا تلى حق تلاوته ولا سلعة أنفق بيعا
ولا أغلا ثمنا من الكتاب إذا حرف عن مواضعه وليس في العباد

79
ولا في البلاد شئ هو أنكر من المعروف ولا هو الأعرف من المنكر
وليس فيها فاحشة أنكر ولا عقوبة أنكا من الهدى عند الضلال
في ذلك الزمان فد نبذ الكتاب صلته وتناساه حفظته حتى
تمالت بهم الأهواء وتوارثوا ذلك من الاباء وعملوا بتحريف
الكتاب وأهل الكتاب في ذلك الزمان طريدان منفيان
وصاحبان مصطحبان في طريق واحد لا يؤويهما مؤو فحبذا ذانك
الصاحبان وأهالهما ولما يعملان (يعمدان) له فالكتاب وأهل الكتاب
في ذلك الزمان في الناس وليسوا فيهم ومعهم وليسوا
معهم وذلك لان الضلالة لا توافق الهدى وان اجتمعا وقد
اجتمع القوم على الفرقة وافترقوا عن الجماعة قد ولو امرهم وامر
دينهم من يعمل فيهم بالمكر والمنكر والرشا والقتل لم يعظهم
على تحريف الكتاب تصديقا لما يفعل وتزكية لفضله ولم يولوا

80
امرهم من يعلم الكتاب ويعمل بالكتاب ولكن ولهم من
يعمل بعمل أهل النار كأنهم أئمة الكتاب وليس الكتاب امامهم
لهم يبقهم من الحق الا اسمه ولم يعرفوا من الكتاب الا خطه
وزبره يدخل الداخل لما يسمع من حكم القرآن فلا يطمئن جالسا
حتى يخرج من الذين ينتقل من دين ملك إلى دين ملك ومن ولاية
ملك إلى ولاية ملك ومن طاعة ملك إلى طاعة ملك ومن عهود
ملك إلى عهود ملك فاستدرجهم الله تعالى من حيث لا يعلمون
وان كيده متين بالامل والرجاء حتى توالدوا في المعصية ودانوا
بالجور والكتاب لم يضرب عن شئ منه صفحا ضلالا تائهين قد ذلوا
بغير دين الله تعالى وأدانوا لغير الله مساجدهم في ذلك الزمان فقراءها
وعمارها أخائب خلق الله وخليفته من عندهم جرت الضلالة
واليهم تعود فحضورهم مساجدهم والمشي إليها كفر بالله العظيم الا

81
من مشى إليها وهو عارف بضلالهم فصارت مساجدهم من فعالهم
على ذلك النحو خربة من الهدى عامرة من الضلالة قد بدلت سنة
الله وتعديت حدود الله لا يدعون إلى الهدى ولا يقسمون الفئ
ولا يوفون بذمة يدعون القتل منهم على ذلك شهيدا فدانوا
الله بالافتراء والجحود واستغنوا بالجهل عن العلم ومن قبل ما
مثلوا بالصالحين من كل مثلة وسموا صدقهم على الله فرية
وجعلوا في الحسنة العقوبة السيئة وقد بعث الله تعالى إليكم
رسولا من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف
رحيم صلى الله عليه وآله وسلم وانزل على كتابا عزيزا لا يأتيه
الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من عزيز حكيم حميد قرآنا
غير ذي عوج لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين فلا
يلهينكم الأمل ولا يطولن عليكم الاجل فإنما أهلك من كان
قبلكم امتداد أملهم وتعطية الآجال عنهم حتى نزل بهم

82
الموعود الذي ترد عنه المعذرة وترفع عنه التوبة وتحل معه
القارعة والنقمة وقد أبلغ الله تعالى إليكم بالوعيد وفصل لكم
القول وعلمكم السنة وشرع لكم المناهج ليزيح العلة وحث على
الذكر ودل على النجاة وانه من انتصح الله واتخذ قوله دليلا هداه
للتي هي أقوم ووفقه للرشاد وسدده ويسره للحسنى فان جار
الله آمن محفوظ وعدوه خائف مغرور فاحترسوا من الله بكثرة
الذكر واخشوا منه بالتقوى (بالتقى) وتقربوا إليه بالطاعة
فإنه قريب مجيب قال الله تعالى وإذا سئلك عبادي عنى فانى قريب
أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم
يرشدون فاستجيبوا لله وآمنوا به وعظموا الله الذي لا ينبغي لمن
عرف عظمة الله تعالى ان يتعظم فان رفعة الدين يعلمون ما
عظمه الله ان يتواضعوا له وعز الدين يعلمون ما جلال الله ان
يذلوا له وسلامة الدين يعلمون ما قدرة الله ان يستسلموا له

83
فلا ينكرون أنفسهم بعد حد المعرفة ولا يضلون بعد الهدى فلا
تنفروا من الحق نفار الصحيح من الأجرب والباري من ذي السقم واعلموا
علما يقينا انكم لن تعرفوا الرشد حتى تعرفوا الذي تركه ولن
تأخذوا بميثاق الكتاب حتى تعرفوا الذي نقضه ولن تمسكوا به
حتى تعرفوا الذي تعدى نبذه (ولن تتلوا الكتاب حتى تعرفوا الذي
حرفه ولن تعرفوا الضلالة حتى تعرفوا الهدى ولم تعرفوا
التقوى حتى تعرفوا الذي تعدى) فإذا عرفتم ذلك عرفتم
البدع والتكلف ورأيتم الفرية على الله وعلى رسوله والتحريف
لكتابه ورأيتم كيف هدى الله من هدى فلا يجهلنكم الذين لا
يعلمون فان علم القرآن ليس يعلم ما هو الا من داق طعمه
فعلم بالعلم جهله وابصر به عماه وسمع به صمصمه وأدرك به
علم ما فات وحى به بعد إذ مات وأثبت عند الله تعالى به ذكره
الحسنات ومحى به السيئات وأدرك به رضوانا من الله تعالى

84
فاطلبوا ذلك من عند أهله خاصة فإنهم خاصة نور يستضاء به
وأئمة يهتدى بهم وهم عيش العلم وموت الجهل هم الذين يخبركم
حكمهم عن علمهم وصمتهم عن منطقهم وظاهرهم عن باطنهم
لا يخافون الدين ولا يختلفون فيه فهو بينهم شاهد صادق
وصامت ناطق فهو من شأنهم شهداء بالحف ومخبر صادق لا يخالفون
الحف ولا يختلفون فيه قد خلت لهم من الله سابقة ومضى فيهم
من الله تعالى حكم صادق وفى ذلك ذكرى للذاكرين فاعقلوا الحق
إذا سمعتموه عقل رعاية ولا تعقلوه عقل رواية فان رواة الكتاب
كثير ورعاته قليل والله المستعان
اللغات ذو قار موضع بين الكوفة وواسط عودا وبدوا يعنى عود إلى الدعوة بعد ما بدء فيها المثلاث
جمع المثله بفتح الميم وضم الثاء وهي العقوبة والاحتصاد المبالغة في القتل والاستيصال مأخوذ من
حصد الزرع والسلعة بكسر السين المتاع والبوار الكساد وقوله أنكى يقال نكيت في العدو أنكى نكاية إذا
كثرت فيهم الجراج والقتل فوهنوا لذلك وتناساه أي ارى من نفسه انه نسيه حتى تمالت بهم الأهواء
كذا في أكثر النسخ ويحتمل ان يكون بتشديد اللام تفاعلا من الملال أي بالغوا في متابعة الأهواء حق كأنها ملت
بهم أو بتخفيف اللام من قولهم تمالئوا عليه إلى تعاونوا واجتمعوا فخفف الهمزة ويكون الباء بمعنى على قال المجلسي ره
والأظهر ما في النسخة المصححة القديمة وهو تمايلت أي امالتهم الأهواء والشهوات عن الحق إلى الباطل وفى بعض
النسخ غالت بالغين المعجمة من قولهم غاله أي أهلكه لا يؤويهما مؤو كناية عن عدم الرجوع إليهما والاخذ بما يأمران به

85
والبخس بالباء والخاء الناقص وقوله واها كلمة تلهف وتوجع لما يعملان له في بعض النسخ لما يعمدان أي لعلة
الغائبة من خلقهما لم يعظم يعنى الوالي تصديقا متعلق بالتحريف الزبر بالفتح مصدر زبرت أي كتبت و
بالكسر الكتوب لم يضرب عن شئ منه صفحا أي لم يعرض عنه اعراضا بل بين ذلك جميعا فان فيه تبيان كل
شئ وأخايب جمع أخيب والمثلة بالضم النكال ومن روى مثلوا بالتشديد أراد جدعوهم بقطع الكلام
وهو الاذان والا نوف العقوبة السيئة في بعض الروايات عقوبة السيئة بالإضافة ولعله أفصح من أنفسكم
من جنسكم عربي مثلكم وقرئ من أنفسكم أي أشرفكم شديد شاق ما عنتم ولقاءكم المكروه حريص
عليكم أي على ايمانكم من صلاح شأنكم من كان حيا أي عاقلا فهما فان الغافل كما ليت أو مؤمنا في علم الله
تعالى بالموعود الموت القارعة الشديدة من شدائد الدهر وهي الداهية والانتصاح قبول النصيحة
118 / 20 ومن خطبه عليه السلام
مرآة العقول للعلامة المجلسي ره في شرح أصول الكافي ص 326 عن الكافي عن علي بن الحسين المؤدب وغيره
عن أحمد بن محمد بن خالد عن إسماعيل بن مهران عن عبد الله بن أبي الحرث الهمداني عن جابر عن أبي جعفر عليه
السلام قال خطب أمير المؤمنين عليه السلام فقال
مرآة العقول عن الكافي عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن محمد بن النعمان لو غيره عن أبي
عبد الله عليه السلام انه ذكر هذه الخطبة لأمير المؤمنين عليه السلام يوم الجمعة الحمد لله أهل
الحمد ووليه ومنتهى الحمد ومحله البدي البديع الاجل الأعظم
الأعز الأكرم المتوحد بالكبرياء والمتفرد بالألآء القاهر بعزة و
المتسلط بقهره الممتنع بقوته المهيمن بقدرته والمتعالى فوق كل شئ
يجبرونه والمحمود بامتنانه وباحسانه المتفضل بعطاءه وجزيل
فوائده الموسع برزقه المسبغ بنعمته نحمده على آلائه وتظاهر نعمائه

86
حمدا يزن عظمة جلاله ويملأ قدر آلائه وكبرياءه واشهد ان
لا إله إلا الله وحده لا شريك له الذي كان في أزليته متقادما
وفى ديموميته متسيطرا خضع الخلائق بوحدانية وربوبيته
وقديم أزليته ودانوا لدوام أبديته وأشهد أن محمدا عبده
ورسوله وخيرته من خلقه اختاره بعلمه واصطفاه لوحيه
وأتمنه على سره وارتضاه لخلقه وانتدبه لعظيم امره ولضياء
معالم دينه ومناهج سبيله ومفتاح وحيه وسببا لباب رحمته
ابتعته على حين فترة من الرسل وهداة من العلم واختلاف من الملل
وضلال عن الحق وجهالة بالرب وكفر بالبعث والوعد أرسله
إلى الناس أجمعين رحمة للعالمين بكتاب كريم قد فضله وفصله
وبينه وأوضحه وأعزه وحفظه من أن يأتيه الباطل من بين يديه
ومن خلفه تنزيل من حكيم حميد ضرب للناس فيه الأمثال وصرف
فيه الآيات لعلهم يعقلون أحل فيه الحلال وحرم فيه الحرام

87
وشرع فيه الدين لعباده عذرا أو نذرا لئلا يكون للناس على الله
حجة بعد الرسل ويكون بلاغا لقوم عابدين فبلغ رسالته و
جاهد في سبيله وعبده حتى اتاه اليقين صلى الله عليه وآله
وسلم تسليما كثيرا أوصيكم عباد الله واوصى نفسي بتقوى الله الذي
ابتدء بدؤ الأمور بعلمه واليه يصير غدا معادها ويبدء فنائها
وفنائكم وتصرم أيامكم وفنأ آجالكم وانقطاع مدتكم فكان
قد زالت عن قليل عنا وعنكم كما زالت عمن كان قبلكم واجعلوا عباد الله اجتهادكم في هذه الدنيا بالتزود من يومها القصير ليوم
الآخرة الطويل فإنها دار عمل والآخرة دار القرار والجزاء فتجافوا
عنا فإنها المغتر من اغتر بها لن تعدوا الدنيا إذا تناهت إليها أمنية
أهل الرغبة فيها المجين لها والمطمئنين إليها المفتونين بها أن تكون
كما قال الله تعالى كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض
مما تأكل الناس والانعام الآية مع أنه لم يصب امرؤ منكم في هذه

88
الدنيا خبرة الا أورثته غبرة ولا يصبح فيها في جناح امن الا وهو
يخاف فيها نزول جايحة أو تغير نعمة أو زوال عافية مع أن الموت
من وراء ذلك وهول المطلع والوقوف بين يدي الحكم العدل تجزى
كل نفس بما عملت ليجزى الذين أساءوا بما عملوا ويجزى الذين
أحسنوا بالحسنى فاتقوا الله عز ذكره وسارعوا إلى رضوان الله و
العمل بطاعته والتقرب إليه بكل ما فيه الرضا فإنه قريب مجيب
جعلنا الله وإياكم ممن يعمل بمحابته ويجتنب سخطه ثم إن أحسن
القصص وأبلغ الموعظة وانفع التذكر كتاب لله قال الله تعالى
إذا قرئ القرآن فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون أستعيذ بالله
من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم والعصر ان الانسان
لفى خسر الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا
بالصبر ان الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا
صلوا عليه وسلموا تسليما اللهم صلى على محمد وآل محمد وبارك

89
على محمد وآل محمد وتحنن على محمد وآل محمد وسلم على محمد وآل
محمد كأفضل ما صليت وباركت وترحمت وتحننت وسلمت على
إبراهيم وآل إبراهيم انك حميد مجيد اللهم اعط محمدا الوسيلة
والشرف والفضيلة والمنزلة الكريمة اللهم اجعل محمدا وآل محمد
أعظم الخلائق كلهم شرفا يوم القيمة وأقربهم منك مقعدا
وأوجههم عندك يوم القيمة جاها وأفضلهم عندك منزلة ونصيبا
اللهم اعط محمدا أشرف المقام وحباء السلام وشفاعة الاسلام
اللهم والحقنا به غير خزايا ولا ناكثين ولا نادمين ولا متبدلين
اله الحق آمين ثم جلس قليلا ثم قال الحمد لله أحق من خشى و
حمد وأفضل من القى وعبد واولى من عظم ومجد نحمده لعظيم
غنائه وجزيل عطائه وتظاهر نعمائه وحسن بلائه ونؤمن بهداه
الذي لا يخبؤ ضياءه ولا يتمهد سناءه ولا يوهن عزه ونعوذ
بالله من سوء كل الريب وظلم الفتن ونستغفره من مكاسب الذنوب

90
ونستعصمه من مساوى الأعمال ومكاره الآمال والهجوم في
الأهوال ومشاركة أهل الريب والرضا بما يعمل الفجار في الأرض
بغير الحق اللهم اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم
والأموات الذين توفيتهم على دينك وملة نبيك اللهم تقبل حسناتهم وتجاوز عن سيئاتهم وادخل عليهم المغفرة والرحمة
والرضوان واغفر للاحياء من المؤمنين والمؤمنات الذين وحدوك
وصدقوا رسلك وتمسكوا بدينك وعملوا بفرائضك واقتدوا
بنيك وسنوا سنتك وأحلوا حلالك وحرموا حرامك وخافوا
عقابك ورجوا ثوابك ووالوا أولياءك وعادوا أعداءك
اللهم اقبل حسناتهم وتجاوز عن سيئاتهم وادخلهم
برحمتك في عبادك الصالحين آل الحق آمين
اللغات - البدئ أي الأول كما ذكره الجوهري وهو بتشديد الياء ويحتمل ان يكون فعيلا
بمعنى مفعل كالبديع بمعنى المبدع وهو الذي لم يعهد مثله ولا نظيره البديع الخالق المخترع لا
عن مثال الممتنع أي يمتنع ان يصل إليه السوء أو يغلب عليه أحد المهيمن الرقيب وقيل الشاهد
وقيل المؤتمن وقيل القائم بأمور الخلق المتعالى مبالغة في علوه المسبغ المكمل بنعمته المتسيطر الرقيب

91
الحافظ كالمتسلط ودانوا أي أقروا وأذعنوا بدوام أبديته أو أطاعوا أو خضعوا وذلوا وعبدوا
وهذآه بفتح الهاء وسكون الدال أي بعده بلاغا أي كفاية أو سبب بلوغ إلى البيعة فتجافوا عنها أي
اتركوها وابعدوا عنها لن تعدوا الدنيا أي لا تتجاوزوا إذا انتهت إليها من عدا يعدوا الحبرة بالفتح النعمة
وسعة العيش العبرة بالفتح الدمعة قبل ان تفيض الجايحه الشدة التي تحتاج المال من شدته أو
فتنة هو المطلع أراد به الموقف التحنن الترحم الحباء بالكسر العطاء لا تخبو أي لا تسكن الهجوم الدخول
119 / 21 ومن خطبه عليه السلام
في الكافي لمحمد بن يعقوب الكليني عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن
محبوب عن محمد بن نعمان أبى جعفر الأحول عن سلام بن المستنير عن أبي جعفر عليه السلام
قال إن أمير المؤمنين عليه السلام لما انقضت القصة فيما بينه وبين طلحة والزبير
وعايشة بالبصرة صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسوله صلى الله عليه وآله و
سلم ثم قال أيها الناس ان الدنيا حلوة خضرة تفتن الناس
بالشهوات وتزين لهم بعاجلها وأيم الله لتعز من أهلها و
تخلف من رجاها وستورث غدا أقواما الندامة والحسرة
باقبالهم عليها وتنافسهم فيها وحسدهم وبغيهم على
أهل الدين والفضل فيها ظلما وعدوانا وبغيا وآشرا وبطرا
وبالله انه ما عاش قوم قط في غضارة من كرامة نعم الله
في معاش دنيا ولا دائم تقوى في طاعة الله والشكر لنعمه
فأزال ذلك عنهم الا من بعد تغيير من أنفسهم وتحويل

92
عن طاعة الله والحادث من ذنوبهم وقلة محافظة و
ترك مراقبة الله عز وجل وتهاون بشكر نعم الله لان الله
عز وجل يقول إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم
وإذا أراد الله بقوم سوء فلا مرد له وما لهم من دونه من
وال ولو أن أهل المعاصي وكسبته الذنوب إذا هم حذروا
زوال نعم الله وحلول نقمته وتحويل عافيته أيقنوا ان
ذلك من الله جل ذكره بصدق من نياتهم واقرار منهم
بذنوبهم واساءتهم لصفح لهم عن كل ذنب وإذا لأقالهم
كل عترة ولرد عليهم كل كرامة ونعمة ثم أعاد لهم من صالح
امرهم ومما كان أنعم به عليهم كلما زال عنهم وافسد
عليهم فاتقوا الله أيها الناس حق تقاته واستشعروا خوف الله
عن ذكره واخلصوا النفس وتوبوا إليه من قبيح ما استفزكم
الشيطان من قتال ولى الامر وأهل العلم بعد رسول الله

93
صلى الله عليه وآله وسلم وما تعاونتم عليه من تفريق
الجماعة وتشتت الامر وفساد صلاح ذات البين ان الله
عز وجل يقبل التوبة ويعفوا عن السيئات ويعلم ما تفعلون
اللغات - قوله حلوة خضرة أي غضة ناعمة طرية تفتن الناس بكسر التاء على بناء
المجرد أو على بناء التفعيل أو الافعال أي توقعهم في الفتنة قوله وزين لهم بعاجلها على بناء
التفعيل إما للمعلوم أي تزين نفسها لهم بعاجل نعيمها المنقطع الفاني ويحتمل أن تكون الباء زائدة
أي تزين عاجلها للناس أو للمجهول أي تزينها النفس أو الشيطان قوله وتخلف من رجاها
أي لا تفي بوعد من وثق بها ورجاها الأشر شدة الفرح والبطر قلة احتمال النعمة والغضارة طيب
العيش والاستفزاز الاستخفاف أقول نقل هذه الخطبة أيضا في الوافي ص 17 في روضته
120 / 22 ومن خطبه عليه السلام
كتاب التوحيد لأبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي رضي الله عنه وارضاه
قد نقلت هذه الخطبة من النسخة المطبوعة في بمبئ سنة 1322 الهجرية القمرية ص 23 في باب التوحيد
ونفى التشبيه عنه قال حدثنا أبي رضي الله عنه قال حدثنا سعد بن عبد الله قال حدثنا أحمد بن أبي
عبد الله عن أبيه محمد بن خالد البرقي عن أحمد بن النضر وغيره عن عمرو بن ثابت عن رجل سماه
عن أبي إسحاق السبعي عن الحرث الأعور قال خطب أمير المؤمنين عليه السلام علي بن أبي طالب يوما
خطبه بعد العصر فعجب الناس من حسن صفته وما ذكر من تعظيم الله جل جلاله قال أبو إسحاق فقلت
للحرث أو ما حفظتها قال قد كثبتها فأملاها علينا من كتابه الحمد لله الذي لا يموت
ولا تنقضى عجائبه لأنه كل يوم في شأن من احداث بديع لم يكن الذي
لم يولد فيكون في العز مشاركا ولم يلد فيكون موروثا هالكا
ولم يقع عليه الأوهام فتقدره شبحا ماثلا (مائلا) ولم تدركه

94
الابصار فيكون بعد انتقالها حائلا الذي ليست له في أوليته
نهاية ولا في آخريته حد ولا غاية الذي لم يسبقه وقت ولم
يتقدمه زمان ولم يتعاوده زيادة ولا نقصان ولم يوصف
باين ولا بم ولا بمكان الذي بطن من خفيات الأمور وظهر في
العقول بما يرى في خلقه من علامات التدبير الذي سئلت الأنبياء
عنه فلم تصفه بحد ولا بنقص بل وصفته بافعاله ودلت
عليه بآياته ولا يستطيع عقول المتفكرين جحده لان من كانت
السماوات والأرض فطرته وما فيهم وما بينهم وهو الصانع لهن
فلا مدافع لقدرته الذي بان من الخلق فلا شئ كمثله الذي خلق
الخلق لعبادته وأقدرهم على طاعته بما جعل فيهم وقطع
عذرهم بالحجج فعن بينة هلك من هلك وعن بينة يحيى من يحيى
ولله الفضل مبدءا ومعيدا ثم إن الله وله الحمد افتتح الكتاب
بالحمد لنفسه فقال وقضى بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب

95
العالمين الحمد لله اللابس الكبرياء بلا تجسد (تجسيد) والمرتدى
بالجلال بلا تمثيل والمستوى على العرش بلا زوال والمتعالى عن
الخلق بلا تباعد منهم القريب منهم بلا ملامسة منه لهم ليس
له حد ينتهى إلى حده ولا له مثل فيعرف بمثله ذل من تجبر غيره
وصغر من تكبر دونه وتواضعت الأشياء لعظمته وانقادت لسلطانه
وعزته وكلت عن ادراكه طروف العيون وقصرت دون بلوغ
صفته اوهام الخلائق الأول قبل كل شئ والاخر بعد كل
شئ ولا يعد له شئ ن الظاهر على كل شئ بالقهر له والمشاهد
لجميع الأماكن بلا انتقال إليها لا تلمسه لامسة ولا تحسه حاسة
وهو الذي في السماء اله وفى الأرض اله وهو الحكيم العليم اتقن
ما أراد خلقه من الأشياء كلها بلا مثال سبق إليه ولا لعوب
دخل عليه في خلق ما خلق لديه ابتدء ما أراد ابتدائه وأنشأ
ما أراد انشائه على ما أراد من الثقلين الجن والإنس لتعرف بذلك

96
ربوبيته وتمكن فيهم (فيه) طواعيته نحمده بجميع محامده
كلها على جميع نعمه (نعمائه) كلها ونستهديه لمراشد أمورنا
ونعوذ به من سيئات أعمالنا ونستغفره للذنوب التي سلفت منا
ونشهد ان لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله بعثه بالحق
دالا عليه وهاديا إليه فهدانا به من الضلالة واستنقذنا به
من الجهالة من يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما ونال
ثوابا كريما ومن يعص الله ورسوله فقد خسر خسرانا مبينا واستحق
عذابا أليما فأبخعوا بما يحق عليكم من السمع والطاعة واخلاص النصيحة
وحسن الموازرة وأعينوا أنفسكم بلزوم الطريقة المستقيمة وهجر
الأمور المكروهة وتعاطوا الحق بينكم وتعاونوا عليه وخذوا
على يدي الظالم السفيه مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر واعرفوا
لذوي الفضل فضلهم عصمنا الله وإياكم بالهدى وثبتنا و
إياكم على التقوى واستغفر الله لي ولكم

97
أقول قد روى الكليني ره هذه الخطبة في الكافي باختلاف يسير في بعض لكلماته نشير إليها
في طي بيان لغاتها اللغات قوله شها مائلا أي قائما أو مماثلا ومشاركا في الممكنات قوله
حائلا أي متغيرا من حال الشئ يحول إذا تغير وبعض الأفاضل قرء بعد مضمومة الباء مرفوعة الاعراب
على أن يكون اسم كان ولا بم أي لا يوصف بكلمة ما ولم يوصف باين أي بمكان ولا بما إذ ليست
له مهية يمكن ان تعرف حتى يسئل عنها بما هو بطن من خفيات أي أدرك الباطن من خفيات الأمور
محل الآخرة مصدر ميمي أي حلولها بما جعل فيهم أي من الأعضاء والجوارح وقوله بالحجج أي الباطنة
وهي العقول والظاهرة وهي الأنبياء قوله فعن بينة أي بسبب بنية واضحة أو معرضا ومجازا عنها
أو عن بمعنى بعد أي بعد وضوح بينة - وفى الكافي وبمنه نجي من نجي وقوله مبدء أو معيدا
أي حال ابداء الخلق وايجاده في الدنيا وحال ارجاعهم واعادتهم بعد الفناء أو مبدء حيث بدء العباد
مفطورين على معرفته قادرين على طاعة ومعيدا حيث لطف بهم ومن عليهم بالرسل والأئمة عليهم السلام
وقوله افتتح الكتاب وفى الكافي افتتح الحمد لنفسه أي في التنزيل الكريم أو في بد والايجاد بايجاد الحمد
قوله بلا تمثيل أي بمثال جسماني قوله افتتح من تجبر عنه في الكافي مكان عنه غيره فهو حال عن الفاعل وكذا
قوله دونه قوله ولا لغوب أي تعب وقوله ويمكن على التفعيل والطواعية الطاعة طروف العيون
الطرف تحريك الجفن بالنظر لغوب اعياء وتعب فانجعوا بالباء الموحدة والخاء المعجمة والعين المهملة
أي فبالغوا في أداء ما يجب عليكم وفى الصحاح والقاموس نجع أي خضع أو فلح أي افلحوا أو من النجعة
بالضم بالنون والجيم كما في بعض النسخ وهي طلب الكلام من موضعه والموازرة المعاونة وتعاطوا أي تناولوا
121 / 23 ومن خطبه عليه السلام
نقلها الصدوق ره في التوحيد ص 60 قال اخبرنى أبو العباس الفضل بن الفضل بن العباس
الكندي فيما اجازه لي بهمدان سنة أربع وخمسين وثلثمائة قال حدثنا محمد بن سهل يعنى العطار
البغدادي لفظا من كتابه سنة خمس وثلثمائة قال حدثنا عبد الله بن محمد البلوى قال حدثني
عمارة بن زيد قال حدثني عبد الله بن العلا قال حدثني صالح بن سبيع عن عمرو بن محمد بن صعصعة
بن صوحان قال حدثني أبي عن أبي المعتمر مسلم بن أوس قال حضرت مجلس علي عليه السلام في جامع
الكوفة فقام إليه رجل مصفر اللون كأنه من متهودة اليمن فقال يا أمير المؤمنين صف لنا خالقك
وانعته لنا كانا نراه وننظر إليه فسبح علي عليه السلام ربه وعظمه عز وجل وقال الحمد
لله الذي هو أول بلا بذئ مما ولا باطن فيما ولا يزال مهما ولا

98
ممازج معما ولا خيال وهما ليس بشبح فيرى ولا بجسم فيتجزى ولا
بذى غاية فيتناهى ولا بمحدث فيبصر ولا بمستتر فيكشف ولا بذى حجب
فيحوى كان ولا أماكن تحمله اكنافها ولا حملة ترفعه بقوتها ولا
كان بعد ان لم يكن بل حارت الأوهام ان يكيف المكيف للأشياء
ومن لم يزل بلا مكان ولا يزول باختلاف الأزمان ولا ينقلب شأن
بعد شأن البعيد من حدس القلوب المتعالى عن الأشباح والضروب
الوتر علام الغيوب فمعاني الخلق عنه منفية وسرائرهم عليه غير خفية
المعروف بغير كيفية لا يدرك بالحواس ولا يقاس بالناس ولا تدركه
الابصار ولا يحيطه (يحيط به) الأفكار ولا تقدره العقول ولا
تقع عليه الأوهام فكلما قدره عقل أو عرف له مثل فهو محدود
وكيف يوصف بالأشباح وينعت بالألسن الفصاح من لم يحلل
في الأشياء فيقال هو فيها كائن ولم ينأ عنها فيقال هو عنها
بائن ولم يخل منها فيقال أين ولم يقرب منها بالالتزاق ولم

99
يبعد عنها بالافتراق بل هو في الأشياء بلا كيفية وهو أقرب
أينا من حبل الوريد وابعد من الشبه من كل بعيد لم يخلق
الأشياء من أصول أزلية ولا من أوائل كانت قبله أبدية
بل خلق ما خلق وأتقن خلقه وصور ما صور فاحسن صورته
فسبحان من توحد في علوه فليس بشئ منه امتناع ولاله بطاعة
أحد انتفاع اجابته للداعين سريعة والملائكة له في السماوات
والأرض مطيعة كلم موسى تكليما بلا جوارح وأدوات ولا
شفه ولا لهوات سبحانه وتعالى عن الصفات فمن زعم أن
اله الخلق محدود فقد جهل الخالق المعبود والخطبة طويلة أخذنا منه موضع الحاجة انتهى
اللغات قوله لا بدئ على فعيل أي لا يقال بدء الأشياء مما إذ لم يخلقها من شئ قوله ولا يزال مهما
كلمة مهما هنا ظرف زمان جيئ بها لتعميم الأزمان أي لا يزول ابدا ويحتمل ان يكون حرف نفى آخر
مقدرا أو يكون معطوفا على المنفى سابقا أي ليس لا يزاله مقيدا بمهما يكن كذا ويمكن ان يكون سقوط
أحدهما من النساخ لتوهم التكرار ولا ممازج معما أي لا يمكن ان يقال مع أي شئ يمازج ولا خيال
وهما أي غير متخيل بالوهم ليس بشبه أي ليس بشخص ولا بمحدث فينبصر أي لو كان مبصرا لكان محدثا
فلا يتوهم منه ان كل محدث مبصر قوله فيحوى أي أن تكون الحجب حاوية له أو يكون جسما محويا بالحدود
والنهايات الضروب هي جمع الضرب بمعنى المثل أو المراد ضرب الأمثال الأشباح الصور الخيالية والعقلية
122 / 24 ومن خطبه عليه السلام

100
تفسير علي بن إبراهيم القمي طبع طهران في سنة 1313 الهجرية القمرية ص 4 قال قال أمير المؤمنين عليه السلام
أيها الناس ان الله عز وجل بعث نبيه محمدا صلى الله عليه
وآله وسلم بالهدى وانزل إليه الكتاب بالحق وأنتم أميون عن
الكتاب ومن أنزله وعن الرسول ومن أرسله أرسله على حين فترة
من الرسل وطول هجعة من الأمم وانبساط من الجهل واعتراض
من الفتنة وانتقاص من البرم وعمى عن الحق واعتساف من الجور
وامتحاق من الدين وتلظى من الحروب وعلى حين اصفرار من رياض جنات
الدنيا وبؤس من أغصانها وانتشار من ورقها وياس من ثمرتها
واغورار من مائها قد درست اعلام الهدى وظهرت اعلام الردى
متجهمة في وجوه أهلها مكفهرة مدبرة غير مقبلة ثمرتها الفتنة
وطعامها الجيفة وشعارها الخوف ودثارها السيف قد مزقهم
كل ممزق فقد أعمت عيون أهلها واظلمت عليهم أيامها قد
قطعوا أرحامهم وسفكوا دمائهم ودفنوا في التراب المؤودة

101
بينهم من أولادهم يختار دونهم طيب العيش ورفاهيته خطوط
الدنيا لا يرجون من الله ثوابا ولا يخافون والله منه عقابا
حيهم أعمى نجس ميتهم في النار مبلس فجاءهم نبيه صلى الله
عليه وآله بنسخة ما في الصحف الأولى وتصديق الذي بين يديه
وتفصيل الحلال من ريب الحرام ذلك القرآن فاستنطقوه ولم
ينطق لكم أخبركم عنه ان فيه علم ما مضى وعلم ما يأتي إلى
يوم القيمة وحكم ما بينكم وبيان ما أصبحتم فيه تختلفون
فلو سألتموني عنه لأخبرتكم عنه لانى أعلمكم وقال رسول
الله صلى الله عليه وآله في حجة الوداع في مسجد الخيف انى
فرطكم وانكم واردون على الحوض حوض عرضه ما بين بصرى
وصنعاء فيه قدحان من فضة عدد النجوم الا وانى سائلكم
عن الثقلين قالوا يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
وما الثقلان قال كتاب الله الثقل الأكبر طرف بيد الله وطرف

102
بأيديكم فتمسكوا به لن تضلوا ولن تزلوا والثقل الأصغر عترتي
وأهل بيتي فإنه قد نبأني اللطيف الخبير انهما لن يفترقا حتى
يردا على الحوض كأصبعي هاتين وجمع بين سبابتيه ولا أقول
كهاتين وجمع بين سبابته والوسطى فتفضل هذه على هذه
فالقرآن عظيم قدره جليل خطره بين شرفه من تمسك به
هدى ومن تولى عنه ضل وزل فأفضل ما عمل به القرآن
لقول الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وآله ونزلنا عليك
القرآن تبيانا لكل شئ وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين و
قال تعالى وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ففرض
الله على نبيه صلى الله عليه وآله ان يبين للناس ما في القرآن
من الفرائض والاحكام والسنن وفرض على الناس التفقه و
والتعليم والعمل بما فيه حتى لا يسمع أحدا جهله ولا يعذر في
تركه ونحن ذاكرون ومخبرون بما ينتهى إلينا أقول لا يخفى في أن هذا

103
علي بن إبراهيم صاحب التفسير الذي نقلت هذه الخطبة منه كان من كبار علماء الشيعة ومشيختهم
وكان ثقة ثبتا معتمدا صحيح المذهب وهو المتوفى بين المأة الثانية والثالثة وقيل في سنة مأتين
واثنين كما نقلها المامقاني ره في التنقيح اللغات الهجعة بضم الهاء الغفلة والبرم محركه الضجر
وهو مصدر برم بالكسر أي ضجر وسئم ومل الاعتساف الاخذ بالقوة امتحاق من الدين أي ذهاب
منه التلظي التلهب البؤس بضم الباء الفقر الخوف وشدة الافلاس وسوء الحال الاغورار
الاذهاب يقال غار الماء غورا أي ذهب في الأرض متجهمة أي عابسة وجهها مكفهرة أي
متعبسة المؤودة بنت تدفن حيا لا يرحبون أي لا يتسعون مبلس أي ايس ومتحير ونادم
الثقل محركة متاع المسافر وقيل سيما بذلك لان العمل بهما ثقيل
123 / 25 ومن خطبه عليه السلام
نقلها العياشي ره في تفسيره وانا نقلتها عن الجزء الأول من نسخة المطبوعة في بلدة قم ص 7 قال
عن مسعدة بن صدقه عن أبي عبد الله عليه السلام عن أبيه عن جده عليهما السلام قال خطبنا
أمير المؤمنين عليه السلام خطبة فقال فيها
نشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده
ورسوله أرسله بكتاب فضله واحكمه وأعزه وحفظه بعلمه
واحكمه بنوره وأيده بسلطانه وكلاه من لم يتنزه هوى أو يميل
به شهوة أو يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل
من حكيم حميد ولا يخلقه طول الرد ولا تفنى عجائبه من قال
به صدق ومن عمل به اجر ومن خاصم به فلح ومن قاتل
به نصر ومن قام به هدى إلى صراط مستقيم فيه نبأ من كان

104
قبلكم والحكم فيما بينكم وخيرة (خير) معادكم أنزله بعلمه و
اشهد الملائكة بتصديقه قال الله جل وجهه لكن الله
يشهد بما انزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى
بالله شهيدا فجعله الله نورا يهدى للتي هي أقوم وقال فإذا
قرأناه فاتبع قرآنه وقال اتبعوا ما انزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا
من دونه أولياء قليلا ما تذكرون وقال فاستقم كما امرت
ومن تاب معك ولا تطغوا انه بما تعملون بصير ففي اتباع ما
جاءكم من الله الفوز العظيم ففي تركه الخطاء المبين قال إما
يأتينكم منى هدى فمن تبع هداي فلا يضل ولا يشقى فجعل
في اتباعه كل خير يرجى في الدنيا والآخرة فالقرآن آمر و
زاجر حد فيه الحدود وسن فيه السنن وضرب فيه الأمثال
وشرع فيه الدين اعذارا من نفسه (اعذارا أمر نفسه خ ل) و
حجة على خلقه اخذ على ذلك ميثاقهم وارتهن عليه أنفسهم

105
ليبين لهم ما يأتون وما يتقون ليهلك من هلك عن بينة
ويحيى من حي عن بينة وان الله سميع عليم
124 / 26 ومن كلامه عليه السلام
تنبيه الخواطر ونزهة النواظر المعروف بمجموعة الورام وهو الأمير الزاهد أبى الحسين ورام
بن أبي فراس المالكي الأشتري المتوفى سنة 65 الهجرية قد نقله في الجزء الأول منه ص 11 طبع طهران
قال من كلام أمير المؤمنين عليه السلام ان الله يسئلكم معشر عباده عن
الصغيرة من أعمالكم والكبيرة الظاهرة والمستورة فان يعذبكم
فأنتم أظلم وان يعف فهو أكرم واعلموا عباد الله ان المتقين
ذهبوا بعاجل الدنيا وآجل الآخرة فشاركوا أهل الدنيا في
دنياهم ولم يشاركهم أهل الدنيا في آخرتهم سكنوا الدنيا
بأفضل ما سكنت وأكلوها بأفضل ما اكلت فخطوا من الدنيا
بما حظى بها المترفون واخذوا منها ما اخذه الجبابرة المتكبرون
ثم انقلبوا عنها بالزاد المبلغ والمتجر الرابح أصابوا لذة زهد
الدنيا في دنياهم وتيقنوا انهم جيران الله غدا في آخرتهم
لا ترد لهم دعوة ولا ينقص لهم نصيب من لذة فاحذروا عباد

106
الله الموت وقربه واعدوا له عدته فإنه يأتي بأمر عظيم و
خطب جليل بخير لا يكون معه شر ابدا وشر لا يكون معه
خير ابدا فمن أقرب من الجنة من عاملها ومن أقرب من النار
من عاملها وأنتم طرداء للموت فان أقسمتم له أخذكم وان
فررتم منه أدرككم وهو الزم لكم من ظلكم الموت معقود بنواصيكم
والدنيا تطوى من خلفكم فاحذروا نارا قعرها بعيد وحرها
شديد وعذابها جديد دار ليس فيها رحمة ولا تسمع فيها
دعوة ولا يفرج فيها كربة فان استطعتم ان يشتد خوفكم
من الله وان يحسن ظنكم به فاجمعوا ما بينهما فان العبد انما
يكون حسن ظنه بربه على قدر خوفه من ربه وان أحسن الناس
ظنا بالله أشدهم خوفا له
125 / 27 ومن كلامه عليه السلام
مجموعة الورام ص 13 ابن جمهور عن أبيه رفعه عن أبي عبد الله قال كان أمير المؤمنين عليه السلام
كثيرا ما يقول اعلموا علما يقينا ان الله تعالى لم يجعل العبد ان اشتد

107
جهده وعظمت حيلته وكثرت مكائدته ان يسبق ما سمى
في الذكر الحكيم أيها الناس انه لن يزداد امرء نقيرا بحذقه و
ولن ينقص امرء نقير الحمقة فالعالم بهذا العامل به أعظم راحة
في منفعة والعالم بهذا التارك له أعظم الناس شغلا في مضرة
ورب منعم عليه مستدرج بالاحسان إليه ورب مغرور في
الناس مصنوع له فارفق أيها الساعي من سعيك وأقصر من
عجلتك وانتبه من سنة غفلتك وتفكر فيما جاء عن الله عز
وجل على لسان نبيه صلى الله عليه وآله وسلم واحتفظوا
بهذه الحروف السبعة فإنها من قول أهل الحجى ومن غرائم الله
في الذكر الحكيم انه ليس لأحد ان يلقى الله عز وجل بخلة من هذا
الخلال الشرك بالله فيما افترض عليه أو شفاة غيظ بهلاك نفسه
أو أمر بأمر يعمل بغيره أو استنجح إلى مخلوق باظهار بدعة في دينه
أو سره ان يحمده الناس بما لم يفعل والمتجبر المختال وصاحب الأبهة

108
126 / 28 ومن كلامه عليه السلام
مجموعة الورام ص 97 وقال أمير المؤمنين عليه السلام من اشتاق إلى الجنة
سلا عن الشهوات ولا يمكن دفع النفس عن الشهوات مالم تمنعها
من التنعم بالمباحات فان النفس إذا لم تمنع بعض المباحات
طمعت في المحظورات فمن أراد حفظ لسانه عن الغيبة والفضول
فحقه ان يلزم السكوت الا عن المهمات ولا يتكلم الا بحق فيكون
سكوته عبادة وكلامه عبادة لان الذي يشتهى به الحرام
فالشهوة واحدة وقد وجب على العبد منعها عن الحرام فإن لم
يقودها الاقتصار على قدر الضرورة في الشهوات غلبته الشهوة
فان النفس تفرح بالتنعم في الدنيا وتركن إليها وتطمئن بها
أشرا وبطرا حتى تصير ممتلئا به كالسكران الذي لا يفيق من سكره
وذلك أن الفرح بالدنيا سم قاتل يسرى في العروة فيخرج من
القلب الخوف والحزن وذكر الموت وأهوال يوم القيمة قال الله

109
تعالى وفرحوا بالحياة الدنيا وما الحياة الدنيا في الآخرة الا
متاع وقال تعالى اعلموا انما الحياة الدنيا لعب ولهو إلى قوله
وما الحياة الدنيا الا متاع الغرور
اللغات - قوله سلا يقال سلاني من همى أي كشفه عنى المخطورات الممنوعات الاقتصار
الاكتفاء الأشر الفرح البطر كفران النعمة
127 / 29 ومن كلامه عليه السلام
مجموعة الورام الجزء الثاني ص 28 قال من كلام أمير المؤمنين عليه السلام ما الجزع مما
لابد منه وما الطمع فيما لا يرجى وما الحيلة فيما سيزول و
ما الشئ الا بأصله وقد مضت أصول نحن فروعها فما بقاء
فرع بعد ذهاب أصله وما الناس في هذه الدنيا الا اغراض
تنتصل فيها المنايا وهم فيها نهب المصائب مع كل جرعة شرق
وفى كل اكلة غصص لا ينالون نعمة الا بفراق أخرى ولا يعمر
معمر يوما من عمره الا بهدم آخر من اجله وأنتم أعوان
الخوف في أنفسكم فأين المهرب مما هو كائن وانما ينقلب في
قدره الطالب فما أصغر المصيبة اليوم مع عظم الفائدة غدا

110
وأكبر خيبة الخائب فيه والسلام
قوله ما الجزع في بعض النسخ ما الشئ قوله في كل جرعة شرق شرق بالماء شرقا بالفتح ثم السكون
من باب علم وتعب إذا أغص به في حلقه قوله غصص يقال غص غصصا بفتحتين بالماء أو الطعام
من باب نصر أي اعترض في حلقه شئ من الطعام أو غيره
128 / 30 ومن كلامه عليه السلام
مجموعة الورام ج 2 ص 36 قال ومن كلامه عليه السلام في ذم الدنيا هيهات من وطئ
دحضتك زلق ومن ركب لججك غرق ومن أزور عن حبائلك
وفق والسالم منك لا يبالي ان ضاق به مناخه والدنيا منه
كيوم حان منه انسلاخه اغربي عنى فوالله لا أذل لك فتستذلني
ولا أساس لك فتقوديني وأيم الله يمينا استثنى فيها بمشية الله
لأروضن نفسي رياضة تهش معها قرص الشعير إذا قدرت عليه
مطعوما وتقنع بالملح أدما ولا دعن مقلتى كعين ماء نضب معينها
مستفرغة دموعها أتمتلى السائمة من رعيها فتبرك وتشبع
الربيطة من عشها فتربض ويأكل على من زاده فيهتجع قرت
إذا عينه إذا اقتدى بعد السنين المتطاولة بالبهيمة الهاملة

111
والسائمة المرعية طوبى لنفس أدت إلى ربها فرضها و
وحركت بجنبها بؤسا وهجرت في الليل غمضها حتى إذا الكرى
غلبها افترشت أرضها وتوسدت كفها في معشر اسهر عيونهم
خوف معادهم وتجافت عن مضاجعهم جنوبهم وهمهمت
بذكر ربهم شفاهم وتقشعت بطول استغفارهم ذنوبهم
اللغات قوله دحضتك الدحضة واحد الدحض بفتح الدال وسكون الحاء المزلة زلق
يقال زلقت القدم من باب تعب أي لم تثبت القدم حتى سقطت والزلق الأرض الملساء قوله مناخه
أنخت الجمل فاستناخ أي أبركته فبرك ومثله أناخ الرجل الجمل اناخة فاستناخ ومناخ ركاب
موضع أناخته قوله أزور بتشديد الراء انحرف اسناس يقال سناس القوم سياسة من باب
نصر أي تولى امرهم ودبرهم وجعلهم رعايا تهش هش هشاشة من بابى
نصر ومنع أي ارتاح ونشط ادم جمع أدام ككتب وكتاب ما يؤتدم به جامدا كان أو مايعا نضب
سال وجرى معينها المعين الماء الصافي فيهتجع أي يغفل عركت أي دلكت البؤس الشدة
الهامل هملت عينه أي فاضت الكرى بفتحتين مصدر قولهم كرى الرجل من باب علم إذا نعس قشعت
يقال تقشع السحاب انكشف وزال
129 / 31 ومن كلامه عليه السلام
مجموعة الورام ج 2 ص 70 قال نوف بن عبد الله البكالي قال قال لي علي عليه السلام يا نوف
خلقنا من طينة طيبة وخلق شيعتنا من طينتنا فإذا كان يوم
القيمة الحقوا بنا قال نوف فقلت صف لي شيعتك يا أمير المؤمنين فبكى لذكرى

112
شيعته ثم قال يا نوف شيعتي والله الحلماء العلماء بالله ودينه
العاملون بطاعته وأمره المهتدون بحبه انضاء عبادة
أحلاس زهادة صفر الوجوه من التهجد عمش العيون من
البكاء ذبل الشفاه من الذكر خمص البطون من الطوى تعرف
الزهادة في وجوههم والرهبانية في سمتهم مصابيح
كل ظلمة وريحان كل قبيل لا يسبون من المؤمنين سلفا و
لا يقتفون لهم خلفا قال أبو الفضل من قول الله ولا تقف ما
ليس لك به علم شرورهم مكنونة وقلوبهم محزونة وأنفسهم
عفيفة وحوائجهم خفيفة أنفسهم منهم في عناء والناس منهم
في راحة فهم الأكايسة والأولياء والخالصة النجباء وهم الظماء
الروائون فرارا بدينهم ان شهدوا لم يعرفوا وان غابوا لم
يفتقدوا أولئك شيعتي الاطيبون وإخواني الأكرمون آها وشوقا إليهم
اللغات قوله انضاء جمع نضو بكسر النون وهو المهزول من الحيوان احلاس زهادة في بعض النسخ اجلاس
بالجيم عمش العيون بالتحريك في العين ضعف الرؤية مع سيلان دمعها في أكثر أوقاتها وهو من باب تعب

113
ذبل الشفاه من باب قعد يقال ذبلت بشرته أي قل ماء جلدته وذهب نضارته حمض البطون
يقال حمض إذا جاع قوله قال أبو الفضل ليس هذا من الحديث بل جملة معترضة أريد بها تفسير
ما قبلها يعنى ان قوله لا يقتفون لهم خلفا ما خود من قوله ولا تقف ما ليس لك به علم وشرورهم مكنونة
يعنى انه لا يظهر منهم شر للناس وفى بعض النسخ بالسين المهملة العناء بالفتح والمد التعب والضب
الأكايسة أي قطن قوله والخالصة النسخ فهم الأكياس والالباء والخاصة النجباء
الظماء بالكسر جمع الظمآن كالعطاش والعطشان وزنا ومعنى والرواء بالكسر جمع الريان
130 / 32 ومن خطبه عليه السلام
مجموعة الورام ج 2 ص 88 قال - علي بن الحسين بن علي أبى طالب عليهم السلام قال خطب أمير
المؤمنين يوم الجمعة بهذه الخطبة فقال الحمد لله المتوحد بالقدم الأزلي
الذي ليس له غاية في دوامه ولا له أولية انشاء ضروب البرية
لا من أصول كانت معه بدية وارتفع عن مشاركة الأنداد و
تعالى من اتخاذ صاحبة وأولاد وهو الباقي من غير مدة والمنشئ
لا باعوان ولا بآلة رد الأشياء فأتقنها في تدبير
سبحانه من لطيف خبير ليس كمثله شئ وهو السميع البصير
131 / 33 ومن بعض خطبه عليه السلام
مجموعة الورام ج 2 ص 88 أوصيكم بتقوى الله عباد الله فان التقوى
أفضل كنز واحرز حرز وأعز عز فيه نجاة كل هارب ودرك
كل طالب وظفر كل غالب وأحثكم على طاعة الله فإنها كهف

114
العابدين وفوز الفائزين وأمان المتقين واعلموا أيها الناس
انكم سيارة قد حدا بكمي وحدى بخراب الدنيا حاد و
ناداكم للموت ناد فلا تغرنكم الدنيا ولا يغرنكم بالله
الغرور الا وان الدنيا دار غرارة خداعة تنكح في كل يوم بعلا و
تقتل في كل يوم أهلا وتفرق في كل ساعة شملا فكم من متنافس
وراكن إليها من الأمم السالفة وقد قذفتهم في الهاوية و
دمرتهم تدميرا وتبرتهم تتبيرا أين من جمع فاوعى وشد
وأوكى ومنع وأكدى بل أين عسكر العساكر ودسكر
الدساكر وركب المنابر أين من بنى الدور وشرف القصور
وجهز الألوف قد تداولتهم أياما وابتلعتهم أعواما فصاروا
أمواتا في القبور فاتا قد يئسوا ما خلفوا ووقفوا على ما أسلفوا
ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين
وكفى بالموت للهو قامعا وللذات قاطعا ولخفض العيش مانعا

115
وكأني بها وقد أشرقت طلائعها وعسكرت بفظائعها فأصبح
المرء بعد صحته مريضا وبعد سلامته نقيضا يعالج كربا و
يقاسى تعبا في حشرجة السياق وتتابع الفراق وتردد
الأنين والذهول عن البنات والبنين والمرء قد اشتمل
عليه شغل شاغل وهو هائل قد اعتقل منه اللسان
وتردد منه البيان فأجاب مكروبا وفارق الدنيا مسلوبا
لا يملكون له نفعا ولا لما حل به دفعا يقول الله عز وجل في
كتابه فلولا ان كنتم غير مدينين ترجعونها ان كنتم صادقين
ثم من دون ذلك أهوال القيامة ويوم الحسرة والندامة يوم
ينصب فيه الموازين وتنشر الدواوين لاحصاء كل صغيرة و
اعلان كل كبيرة يقول الله في كتابه ووجدوا ما عملوا حاضرا
ولا يظلم ربك أحدا أيها الناس الان الان من قبل الندم و
من قبل ان تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله وان كنت

116
لمن الساخرين أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين
أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين
فيرد الجليل جل جلاله بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت
وكنت من الكافرين فوالله ما يسئل الرجوع الا ليعمل صالحا
ولا يشرك بعبادة ربه أحدا أيها الناس الان الان ما دام الوثاق
مطلقا والسراج منيرا وباب التوبة مفتوحا من قبل ان يجف القلم
وتطوى الصحف فلا رزق ينزل ولا عمل يصعد المضمار اليوم
والسباق عدا فإنكم لا تدرون إلى جنة أو إلى تغفر لكم
اللغات - متنافس أي راغب راكن أي قارب ان يميل القذف الرمي دمرتهم تدميرا أي أهلكتهم
اهلاكا وكذا تبرتهم تتبيرا بمعناه الوكاء بالكسر والمد خيط السترة والكيس أكدى قطع عطيته
الدسكرة بنا على هيئة القصر رفاتا أي فتاتا والفتات الحطام وما تناثر من كل شئ الحشرجة الغرغرة
عند الموت وتردد النفس الذهول الذهاب عن الامر بدهشة مدينين أي مملوكين من دان السلطان
الرعية إذا ساسه
132 / 34 ومن كلامه عليه السلام
مجموعة الورام ج 2 ص 103 قال ومن بعض كلام أمير المؤمنين عليه السلام
انما مثل من خير الدنيا كمثل قوم سفر نبا بهم
جديب فأموالا خصيبا وجنابا مريعا فاحتملوا وعثاء

117
الطريق وفراق الصديق وخشونة السفر وجثوبة المطعم
ليأتوا سعة دارهم ومنزل قرارهم فليس يجدون لشئ من ذلك
ألما ولا يرون نفقة مغرما ولا شئ أحب إليهم مما قربهم
من منزلهم وأدناهم من محلهم ومثل من اغتر بها كمثل
قوم كانوا بمنزل خصيب فنبا بهم زل فليس شئ
أكره إليهم ولا اقطع عندهم من مفارقة ما كانوا فيه إلى ما
يهجمون عليه ويصيرون إليه
اللغات قوله نبا بهم أبا فلا نوافقه لطبعن نفر ولم يقبله
قوله جديب الجدب بفتح الجيم وسكون الدال خلاف الخصب يقال جدب البلد بالضم جدوبة
فهو جدب واجدبت البلاد قحطت وغلت أسعارها والجناب بالفتح الغناء وما قرب من محله
القوم مريع مكان خصيب الوعثاء المشقة اخذا من الوعث وهو المكان السهل الكثير الرمل الذي
يتعب فيه الماشي ويشق عليه يقال رمل وعث ورملة وعثاء
133 / 35 ومن كلامه عليه السلام
مجموعة الورام ج 2 ص 103 قال ومنه (عليه السلام) أيضا واعلم أن امامك طريقا
ذا مسافة ومشقة لا غنى بك فيه عن
حسن الارتياد وقدر بلاغك من الزاد مع خفة الظهر

118
فلا تحملن على ظهرك فوق طاقتك فيكون ثقل ذلك وبالا عليك
وإذا وجدت من أهل الفاقة من يحمل لك زادك إلى يوم القيمة فيوافيك
به غدا حيث تحتاج إليه فاغتنمه وحمله إياه وأكثر من تزويده وأنت
قادر عليه فلعلك تطلبه فلا تجده واغتنم من استقرضك في غناك
ليجعل قضائه لك يوم عسرتك واعلم أن امامك عقبة كؤدان خف
أحسن حالا من المثقل والمبطئ عليها أقبح حالا من المسرع وان مهبطها
بك لا محالة على جنة أو على نار فارتد لنفسك قبل نزولك ووطئ
المنزل قبل حلولك فليس بعد الموت مستعتب ولا إلى الدنيا منصرف
ومنه أيضا واعلم أن الذي بيده خزائن السماوات والأرض قد
اذن لك في الدعاء وتكفل لك بالإجابة وأمرك ان تسئله ليعطيك و
ان تسترحمه ليرحمك وإذا ناديته سمع نداءك وإذا ناديته علم نجواك
فأفضيت إليه بحاجتك وأبديته ذات نفسك وشكوت إليه همومك
واستكشفته كروبك واستعنته على أمورك وسئلت من خزائن رحمته

119
مالا يقدر على اعطائه غيره من زيادة الأعمار وصحة الأبدان
وسعة الأرزاق ثم جعل في يديك مفاتيح خزائنه بما اذن لك
فيه من مسئلته فمتى جئت استفتحت بالدعاء أبواب نعمه واستمطرت
شئابيب رحمته فلا يقظنك ابطاء اجابته فان العطية على قدر
النية وربما أخرت عنك الإجابة ليكون ذلك أعظم لاجر السائل
واجزل لعطاء الأمل وربما سئلت الشئ فلا تؤتاه وأوتيت خيرا منه
عاجلا أو أجلاف لما هو خير لك فلرب أمر قد طلبته
فيه هلاك دينك وأوتيته مسألتك فيما يبقى لك جماله
وينفى عنك وباله فالمال لا يبقى لك ولا تبقى له واعلم انك انما
خلقت للآخرة لا للدنيا وللفناء لا للبقاء وللموت لا للحيوة وانك في
منزل قلعة ودار بلغة وطريق إلى الآخرة وانك طريد الموت
الذي لا ينجو منه هاربه ولابد انه مدركه فكن منه على حذر
ان يدركك وأنت على حال سيئة قد كنت تحدث نفسك منها

120
بالتوبة فيحول بينك وبين ذلك فإذا أنت قد أهلكت نفسك
رويدا يسفر الظلام وكان قد وردت الاظعان يوشك من
أسرع ان يلحق واعلم أن من كانت مطيته الليل والنهار فإنه
يسار به وإن كان واقفا ويقطع به المسافة وإن كان مقيما رادعا
واعلم يقينا انك لن تبلغ أملك ولن تعدوا جلك وانك في سبيل
من كان قبلك فخفض في الطلب وأجمل في المكتسب فإنه رب طلب
قد جر إلى حرب وليس كل طالب بمرزوق ولا كل مجمل بمحروم فأكرم
نفسك عن كل دنية وان ساقتك إلى الرغائب فإنك لن تعتاض
بما تبذل من نفسك عوضا ولا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حرا
وما خير خير لا ينال الا بشر ويسر لا ينال الا بعسر وإياك ان توجف
بك مطايا الطمع فتوردك مناهل الهلكة فان استطعت ان لا يكون
بينك وبين الله ذو نعمة فافعل فإنك مدرك قسمك وآخذ سهمك و
ان اليسير من الله سبحانه أكثر وأعظم من الكثير من خلقه وإن كان

121
كل منه ومنه أيضا احمل نفسك من أخيك عند صرمه على
الصلة وعند صدوده على اللطف والمقاربة وعند جموده على
البذل وعند تباعده على الدنو وعند شدته على اللين و
عند جرمه على العذر حتى كأنك له عبد وكانه ذو نعمة عليك
وإياك ان تضع ذلك في غير موضعه أو ان تفعله في غير أهله
ومنه أيضا ولا يكبرن عليك ظلم من ظلمك فإنه يسعى في مضرته
ونفعك وليس من جزاء من سرك ان تسوءه ما أقبح الخضوع
عند الحاجة والجفاء عند الغناء وانما لك من دنياك ما أصلحت
به مثواك وان جزعت على ما تفلت من يديك فاجزع على كل
مالم يصل إليك استدل على مالم يكن بما قد كان فان الأمور
أشباه ولا تكونن ممن لا ينفعه العظة الا إذا بالغت في ايلامه
فان العاقل يتعظ بالأدب والبهائم لا يتعظ الا بالضرب
اللغات الارتياد الذهاب والمجئ كئود كرسوله صعبة شافة المصعد الثئابيب جمع شؤبوب
وهو الدفعة من المطر وغيره كما في القاموس قلعه بضم القاف والتحول والارتحال الاظعان الارتحال

122
الحرب بفتحتين الهلاك والويل وما يتأسفه الرغائب ما يرغب فيها من العطايا والثواب العظيم
134 / 36 ومن كلامه عليه السلام
مجموعة الورام ج 2 ص 117 قال روى عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال
يا طالب العلم لكل شئ علامة بها نشهد له وعليه فللذين
ثلاث علامات الايمان بالله عز وجل وبكتبه ورسله وللعلم
ثلاث علامات المعرفة بالله وبما يحب ويكره وللعمل ثلاث علامات
الصلاة والزكاة والصوم وللمتكلف ثلاث علامات ينازع من فوقه
ويقول مالا يعلم ويتعاطى مالا يناله وللمنافق ثلاث علامات
يخالف لسانه قلبه وقوله فعله وسريرته علانيته وللظالم
ثلاث علامات يظلم من فوقه بالمعصية ومن دونه بالغلبة
ويظاهر الظلمة وللمرائي ثلاث علامات يكسل إذا كان وحده و
يحرص إذا كان معه غيره ويحرص على كل أمر يعلم فيه المدحة
135 / 37 ومن كلامه عليه السلام
مجموعة الورام ج 2 ص 149 قال ومن كلام أمير المؤمنين عليه السلام
أيها الناس ان الدنيا ليست لكم بدار قرار وانما أنتم فيها كركب عرسوا

123
فأناخوا ثم استقلوا فغدوا خفافا وراحوا خفافا ثم يجدوا عن
مضى نزوعا ولا إلى ما تركوا رجوعا جدبهم فجدوا وركنوا إلى
الدنيا فما استعدوا حتى اخذ بكظمهم فلا تغرنكم الحياة الدنيا
فإنما أنتم فيها سفر حلول الموت بكم نزول ينتصل فيكم مناياه
ويمضى باخياركم مطاياه إلى دار الثواب والعقاب والجزاء والحساب
فرحم الله امرءا راقب ربه وخاف ذنبه وكابر هواه وكذب
مناه ورحم الله امرءا أزم نفسه قوى وألجمها
من خشية ربها بلجام فقادها إلى الطاعة بزمامها وقدعها
عن المعصية بلجامها رافعا إلى المعاد طرفه متوقعا كل أوان
حتفه دائم الفكر طويل السهر غروف عن الدنيا كدوح لأمر
آخرته جعل الصبر مطية نجاته والتقوى عدة وفاته فاعتبر
وقاس وترك الدنيا والناس أيها الناس أحذركم الدنيا و
الاغترار بها فكان قد زالت عن قليل عنكم كما زالت عمن كان قبلكم

124
فاجعلوا اجتهادكم فيها لتزود من يومها القصير ليوم الآخرة
الطويل فإنها دار عمل والآخرة دار القرار والجزاء
اللغات - التعريس نزول المسافر للاستراحة وأناخ بالمكان أقام به واستقل القوم
ارتحلوا وذهبوا النزوع الوقوف الكظم كالفرس مخرج النفس من الحلق السفر وزان
الفلس المسافر يقال رجل سفر وقوم سفر وامرأة سفر والحلول بالضم جمع الحال و
قدعها أي كفها الكدوح كدح كدحا سعى واجتهد فهو كدوح الغروف والغرفة الذي
يكره الشئ ولا يشتهيه
136 / 38 ومن كلامه عليه السلام
مجموعة الورام ج 2 ص 161 قال جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال يا أمير المؤمنين
أوصني بوجه من وجوه البرا نجو به أمير المؤمنين عليه السلام أيها الانسان
اسمع ثم استفهم ثم استيقن ثم استعمل واعلم أن الناس ثلاثة
زاهد وصابر وراغب إما الزاهد فقد خرجت الآخران والافراح
من قلبه فلا يفرح بشئ من الدنيا ولا يأسف على شئ منها فاته
فهو مستريح واما الصابر فإنه يتمناها بقلبه فإذا نال عنها الجم
نفسه منها لسوء عاقبتها وشنئانها لو اطلعت على قلبه لعجبت من
عفته وتواضعه وحزمه واما الراغب فلا يبالي من أين جاءته
الدنيا من حلها أو من حرامها ولا يبالي ما دنس فيه عرضه وأهلك

125
نفسه واذهب مروته فهم في غمرة يضطربون
137 / 39 ومن كلامه عليه السلام
مجموعة الورام ج 2 ص 164 روى مرسلا عن نوف البكالي أنه قال أتيت أمير المؤمنين
عليه السلام وهو في رحبة مسجد الكوفة فقلت السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله
وبركاته فقال وعليك السلام يا نوف ورحمة الله وبركاته فقلت يا أمير المؤمنين عظني
فقال يا نوف أحسن يحسن الله إليك فقلت زدني يا أمير المؤمنين فقال
يا نوف ارحم ترحم فقلت زدني يا أمير المؤمنين فقال قل خيرا تذكر بخير
فقلت زدني يا أمير المؤمنين فقال يا نوف اجتنب الغيبة فإنها أدام كلاب
النار ثم قال يا نوف كذب من زعم أنه ولد من حلال وهو
يأكل لحوم الناس بالغيبة وكذب من زعم أنه ولد من حلال
(وفى نسخة كذب من زعم أنه ولد من حلال وهو يحب الزنا) و
كذب من زعم أنه ولد من حلال وهو يبغضني ويبغض الأئمة
من ولدى وكذب من زعم أنه يعرف الله وهو يجترى على معاصي
الله في كل يوم وليلة يا نوف وصيتي لا تكونن نقيبا و
لا عريفا ولا عشارا ولا بريدا يا نوف صل رحمك كل يوم وليلة
يزدك الله وحسن خلقك يخفف الله حسابك يا نوف ان

126
سرك أن تكون معي يوم القيمة فلا تكن للظالمين معينا يا نوف
من أحبنا كان معنا ولو أن رجلا أحب حجرا لحشرة الله معه
يا نوف إياك ان تتزين للناس وتبارز الله بالمعاصي فتلقى الله
يوم يلقاك وهو عليك غضبان يا نوف احفظ عنى ما أقول
لك تنل خير الدنيا والآخرة
اللغات - نوف بفتح النون والمعروف ضمها وسكون الواو والبكالى بفتح الباء الموحدة
والكاف المخففة والألف واللام والياء نسبة إلى بنى بكال ككتاب بطن من حمير منهم نوف بن فضالة
التابعي هذا قال المامقاني ره في رجاله نوف بن فضالة البكالي أبو يزيد أو أبو عمرو وأبو رشيد من
أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وخواصه وله عنه رواية تتضمن مواعظ بليغة بالتماس منه يظهر
منها جلالته وقوة ايمانه ولذلك أعده من الحسان العريف القيم بأمور القبيلة يتعرف منه أحوالهم
وهو ما دون الرئيس والنقيب هو الذي ينقب عن أحوال القوم أي يبالغ في الفحص عن حالهم
فيكون سيدهم وعريفهم عشار بفتح العين وتشديد الشين مأخوذ من التعشير وهو اخذ العشر من
أموال الناس بأمر الظالم
138 / 40 ومن كلامه عليه السلام
مجموعة الورام - ج 2 ص 173 عن علي بن الحسين عليهما السلام قال بينما أمير المؤمنين عليه السلام
ذات يوم جالس مع أصحابه يعبأهم للحرب إذا اتاه شيخ عليه شحبة السفر فقال أين أمير المؤمنين عليه السلام
فقيل هو ذا فسلم عليه ثم قال يا أمير المؤمنين انى اتيتك من ناحية الشام وانا شيخ كبير وقد سمعت فيك
من الفضل ملا أحصيه وانى أظنك ستغتال وفى نسخة ستقاتل وفى أخرى ستقتل) فعلمني مما علمك
الله قال نعم يا شيخ من اعتدل يوما فهو مغبون من كانت الدنيا
همته كثرت حسرته عند فراقها ومن كان غده شر يوميه فمحروم ومن

127
لم يبال ما رزأ من آخرته إذا سلمت له دنياه فهو هالك ومن لم
يتعاهد النقص من نفسه غلب عليه الهوى ومن كان في نقص
فالموت خير له يا شيخ ان الدنيا خضرة حلوة ولها أهل وان
الآخرة لها أهل ظلفت أنفسهم عن مفاخرة أهل الدنيا لا يتنافسون
في الدنيا ولا يفرحون بغضارتها ولا يحزنون لبؤسها يا شيخ
من خاف البيات يقل نومه ما أسرع الليالي والأيام في عمر
العبد فاخزن لسانك وعد كلامك لا تقل الا بخير يا شيخ ارض
للناس ما ترضى لنفسك وآت إلى الناس ما تحب ان يؤتى إليك
قال له زيد بن صوحان العبدي يا أمير المؤمنين أي سلطان أغلب وأقوى فقال
الهوى قال فأي ذل أذل قال الحرص على الدنيا قال فأي عمل أفضل
قال التقوى قال فأي عمل انجح قال طلب ما عند الله قال فأي صاحب
أشر قال المزين لك معصية الله قال فأي الخلق أشقى قال من باع
آخرته بدنيا غيره قال فأي الناس أكيس قال من أبصر رشده قال فمن

128
أحلم الناس قال الذي لا يغضب قال فأي الناس أثبت رأيا قال عن
لم تغره الناس من نفسه ولم تغره الدنيا بتشوفها قال فأي
الناس أحمق قال المغتر بالدنيا وهو يرى ما فيها من تقلب
أحوالها قال فأي الناس أعمى قال الذي عمل لغير الله يطلب
بعمله الثواب من عند الله عز وجل قال فأي المصائب أشد قال
المصيبة بالدين قال فأي الناس خير عند الله قال أخوفهم لله و
أعملهم بالتقوى وأزهدهم في الدنيا قال فأي الكلام أفضل عند الله
عز وجل قال كثرة ذكر الله والتضرع إليه ودعاءه قال فأي الأعمال
أفضل عند الله عز وجل قال التسليم والورع قال ثم اقبل عليه السلام على الشيخ
فقال يا شيخ ان الله عز وجل خلق خلقا ضيق عليهم الدنيا نظرا
لهم وزهدهم فيها وفى حطامها فرغبوا في دار السلام الذي
دعاهم وصبروا على ضيق المعيشة وصبروا على المكروه واشتاقوا
إلى ما عند الله من الكرامة وبذلوا أنفسهم ابتغاء رضوان الله

129
وكانت خاتمة أعمالهم الشهادة فلقوا الله وهو عنهم راض
اعلموا ان الموت سبيل لمن مضى وبقى فتزودوا لاخرتهم غير
الذهب والفضة ولبسوا الخشن وصبروا على القوت وقدموا
الفضل وأحبوا في الله وابغضوا في الله أولئك المصابيح وأهل
النعيم في الآخرة فقال الشيخ وأين اذهب وادع الجنة وانا أراها وارى
أهلها معك جهزني بقوة أتقوى بها على عدوك فأعطاه سلاحا وحمله وكان في
الحرب بين يدي أمير المؤمنين عليه السلام حتى استشهد اللغات شحب لونه
شحوبا من باب نصر وضرب أي تغير لمرض أو جوع أو غيرهما - وفى المطبوعة سحنة السفر
بفتح السين وسكون النون وفتح النون الهيئة واللون رزء من باب منع نقص وفى
بعض النسخ (ما زوى) ظلف نفسه ظلفا من باب ضرب منعها وكف عنه البيات الهجوم
على الأعداء ليلا تشوف تشوفا تزين وفى المطبوعة تشوقها بالقاف
139 / 41 ومن كلامه عليه السلام
مجموعة الورام - ج 2 ص 248 قال من كلام أمير المؤمنين عليه السلام
اسمعوا آذانكم مواعظ الحق وزواجر الصدق فان كلام الحكماء
دواء وكلام الله شفاء مالكم لا تتحابون ولا تتناصحون و
لا تتبارون فإنما أنتم اخوان على دين الله والله ما يفرق بين
اهواءكم الا خبث سرائركم ولو تحاببتم وتناصحتم لتعاونتم

130
على البر والتقوى فمالكم تفرحون باليسير من الدنيا حين يأتيكم
ويحزنكم اليسير منها حين يفوتكم ويفوتكم الكثير من دينكم
فلا يحزنكم ولا يخطر ببالكم إذا شرب القلب حب الدنيا لم ينجع
فيه كثرة المواعظ كالجسد الذي إذا استحكم فيه الداء لم ينجع فيه
كثرة الدواء اللغة - النجعة بضم النون طلب الكلاء فقوله عليه السلام
لم ينجع أي لم يطلب ونجع فيه الامر والخطاب والوعظ أي اثر فلم ينجع هنا أي لم يؤثر
140 / 42 ومن كلامه عليه السلام
أمالي الصدوق رئيس المحدثين محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي أعلى الله مقامه المتوفى
سنة إحدى وثمانين وثلثمأة من النسخة المطبوعة في طهران سنة ثلثمأة بعد الألف من الهجرة النبوية
بنفقة المرحوم الحاج محمد حسن الأصبهاني امين دار الضرب ص 17 قال حدثنا أبي رحمه الله قال حدثنا
سعد بن عبد الله عن الهيثم بن أبي مسروق الهندي عن الحسين بن علوان عن عمرو بن ثابت عن أبيه
عن سعد بن ظريف عن الأصبغ بن نباته قال قال أمير المؤمنين عليه السلام ذات يوم على منبر الكوفة
انا سيد الوصيين ووصى سيد النبيين انا امام المسلمين وقائد
المتقين وولى المؤمنين وزوج سيدة نساء العالمين انا المتختم باليمين
والمعفر للجبين انا الذي هاجرت الهجرتين وبايعت البيعتين انا صاحب
بدر وحنين انا الضارب بالسيفين والحامل على فرسين انا وارث علم

131
الأولين وحجة الله على العالمين بعد الأنبياء ومحمد بن عبد الله
خاتم النبيين أهل موالاتي مرحومون وأهل عداوتي ملعونون
ولقد كان حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله كثيرا ما يقول
يا علي حبك تقوى وايمان بغضك كفر ونفاق وانا بيت الحكمة
وأنت مفتاحه كذب من زعم أنه يحبني ويبغضك
141 / 43 ومن كلامه عليه السلام
أمالي الصدوق ره ص 24 قال حدثنا الحسين بن إبراهيم المؤدب قال حدثنا محمد بن أبي
عبد الله الكوفي عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمد بن بشار عن عبد الله الدهقان
عن درست بن أبي منصور الواسطي عن عبد الحميد بن أبي العلاء عن ثابت بن دينار عن سعد بن
ظريف الخفاف عن الأصبغ بن نباتة قال قال أمير المؤمنين عليه السلام انا خليفة رسول
الله ووزيره ووارثه انا أخو رسول الله ووصيه وحبيبه انا
صفى رسول الله وصاحبه انا ابن عم رسول الله وزوج ابنته
وأبو ولده وانا سيد الوصيين ووصى سيد النبيين انا الحجة
العظمى والآية الكبرى والمثل الاعلى وباب النبي المصطفى
انا العروة الوثقى وكلمة التقوى وامين الله تعالى ذكره على أهل الدنيا

132
142 / 44 ومن خطبه عليه السلام
أمالي الصدوق ره ص 61 قال حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق رضي الله عنه
قال حدثنا أحمد بن محمد الهمداني قال أخبرنا المنذر بن محمد قال حدثنا إسماعيل بن
عبد الله الكوفي عن أبيه عن عبد الله بن الفضل الهاشمي عن الصادق جعفر بن محمد عن
أبيه عن جده عليهم السلام قال خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام للناس يوم الفطر
فقال أيها الناس ان يومكم هذا يوم يشاب فيه المحسنون
ويخسر فيه المسيئون وهو أشبه يوم بيوم قيامتكم فاذكروا بخروجكم
من منازلكم إلى مصلاكم خروجكم من الأجداث إلى ربكم واذكروا
بوقوفكم في مصلاكم وقوفكم بين يدي ربكم واذكروا برجوعكم
إلى منازلكم رجوعكم إلى منازلكم في الجنة أو النار واعلموا عباد
الله ان أدنى للصائمين والصائمات ان يناديهم ملك في آخر يوم
من شهر رمضان أبشروا عباد الله فقد غفر لكم ما سلف من ذنوبكم
فانظروا كيف تكونون فيما تستأنفون
143 / 45 ومن خطبه عليه السلام
ولقد رواها سبط ابن الجوزي في التذكرة ص 144 باختلاف يسير
أمالي الصدوق ره ص 67 قال حدثنا محمد بن علي عن عمه محمد بن أبي القاسم عن هارون
بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم السلام
ان أمير المؤمنين عليه السلام قد خطب بالبصرة فقال بعد ما حمد الله عز وجل وأثنى عليه

133
وصلى على النبي وآله المدة وان طالت قصيرة والماضي للمقيم عبرة
والميت للحي عظة وليس لامس ان مضى عودة ولا المرء من غد
على ثقة الأول للأوسط رائد والأوسط للآخرة قائد وكل
لكل مفارق وكل بكل لاحق والموت لكل غالب واليوم الهائل
لكل أزف وهو اليوم الذي لا ينفع فيه مال ولا بنون الا من اتى
الله بقلب سليم ثم قال عليه السلام معاشر شيعتي اصبروا على
عمل لا غنى بكم عن ثوابه واصبروا عن عمل لا صبر لكم على
عقابه انا وجدنا الصبر على طاعة الله أهون من الصبر
على عذاب الله عز وجل اعلموا انكم في أجل محدود وأمل
ممدود ونفس معدود ولا بد للأجل ان يتناهى وللامل
ان يطوى وللنفس ان يحصى ثم دمعت عيناه وقرء وان
عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون
144 / 46 ومن خطبه عليه السلام

134
أمالي الصدوق ره ص 205 قال حدثنا أحمد بن الحسن القطان وعلي بن أحمد بن موسى
ومحمد بن أحمد السناني رضي الله عنه قالوا حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان
قال محمد بن العباس قال حدثني أبو محمد بن أبي السرى قال حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس
عن سعد بن طريف الكناني عن الأصبغ بن نباته قال لما جلس على (عليه السلام) في
الخلافة وبايعه الناس خرج إلى المسجد متعمما بغمامة رسول الله صلى الله عليه وآله
لابسا بردة رسول الله متقلدا سيف رسول الله صلى الله عليه وآله فصعد المنبر فجلس عليه
متهكنا ثم شبك بين أصابعه فوضعها أسفل بطنه ثم قال يا معاشر الناس سلوني
قبل ان تفقدوني هذا سبط العلم هذا لعاب رسول الله هذا
ما زقني رسول الله زقا سلوني فان عندي علم الأولين والآخرين
إما لو ثنيت لي وسادة فجلست عليها لا فتيت أهل التورية بتوراتهم
وأفتيت أهل الإنجيل بإنجيلهم حتى تنطق التورية فتقول صدق
على ما كذب لقد أفتاكم بما انزل الله في وأفتيت أهل الإنجيل
بإنجيلهم حتى ينطق الإنجيل فيقول صدق على ما كذب في
لقد أفتاكم بما انزل الله في وأفتيت أهل القرآن بقرآنهم
حتى ينطق القرآن فيقول صدق على ما كذب لقد أفتاكم بما انزل
الله في وأنتم تتلون القرآن ليلا ونهارا فهل فيكم أحد يعلم

135
ما نزل فيه ولولا آية في كتاب الله عز وجل لأخبرتكم بما كان
وبما يكون وبما هو كائن إلى يوم القيمة وهي هذه الآية
يمحوا لله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ثم قال عليه السلام
سلوني قبل ان تفقدوني فوالذي فلق الحبة وبرء النسمة
لو سألتموني عن آية آية في ليل أنزلت أو في نهار أنزلت
مكيها ومدنيها سفريها وحضريها ناسخها ومنسوخها و
محكمها ومتشابهها وتأويلها وتنزيلها لأخبرتكم فقام إليه
رجل يقال له ذعلب وكان زرب اللسان بليغا في الخطب شجاع القلب فقال لقد
ارتقى ابن أبي طالب مرقاة صعبة لأخجلنه اليوم لكم في مسئلتي إياه فقال يا أمير المؤمنين
هل رأيت ربك فقال عليه السلام ويلك يا ذعلب لم أكن بالذي أعبد
ربا لم أره قال فكيف رايته صفه لنا قال ويلك لم تره العيون بمشاهدة
الابصار ولكن رأته القلوب بحقائق الايمان ويلك يا ذعلب
ان ربى لا يوصف بالبعد ولا بالحركة ولا بالسكون ولا بقيام
قيام انتصاب ولا بجيئة ولا بذهاب لطيف اللطافة لا يوصف

136
باللطيف عظيم العظمة لا يوصف بالعظم كبير الكبرياء لا يوصف
بالكبر جليل الجلالة لا يوصف بالغلظ رؤوف الرحمة لا
يوصف بالرقة مؤمن لا بعبادة مدرك لا بحاسة قائل لا
بلفظ هو في الأشياء لا على ممازجة خارج منها على غير مباينة
فوق كل شئ ولا يقال شئ فوقه امام كل شئ ولا يقال له امام
داخل في الأشياء لا كشئ في شئ داخل وخارج منها لا كشئ من
شئ خارج فحز ذعلب مغشيا عليه السلام سلوني قبل ان تفقدوني فقام إليه الأشعث بن
قيس فقال يا أمير المؤمنين كيف تؤخذ من المجوس الجزية ولم ينزل عليهم كتاب ولم يبعث عليهم
نبي فقال بلى والله يا أشعث قد انزل الله عليهم كتابا وبعث إليهم
نبيا وكان لهم ملك سكر ذات ليلة فدعا بابنته إلى فراشه
فارتكبها فلما أصبح تسامع به قومه فاجتمعوا إلى بابه فقالوا أيها
الملك دنست علينا ديننا فاهلكته فاخرج نطهرك ونقم عليك
الحد فقال لهم اجتمعوا واسمعوا كلامي فان يكن لي مخرج مما ارتكبت

137
وإلا فشأنكم فاجتمعوا فقال لهم هل علمتم ان الله عز وجل
لم يخلق خلقا أكرم عليه من أبينا آدم وأمنا حواء قالوا
صدقت أيها الملك قال أفليس قد زوج بنيه بناته وبناته
من بنيه قالوا صدقت هذا هو الدين فتعاقدوا على ذلك
فحى الله ما في صدورهم من العلم ورفع عنهم الكتاب
فهم الكفرة يدخلون النار بلا حساب والمنافقون أشد حالا
منهم فقال الأشعث والله ما سمعت بمثل هذا الجواب والله لأعدت إلى مثلها
ابدا ثم قال عليه السلام سلوني قبل ان تفقدوني فقام إليه رجل من اقصى المسجد
متوكيا على عكازة فلم يزل يتخطأ الناس حتى دنى منه فقال يا أمير المؤمنين على عمل
إذا انا عملته نجاني الله من النار فقال عليه السلام له
اسمع يا هذا ثم افهم ثم استيقن قامت الدنيا بثلاثة بعالم
ناطق مستعمل لعلمه وبغنى لا يبخل بماله على أهل دين الله عز
وجل وبفقير صابر فإذا كتم العالم علمه وبخل الغنى ولم يصبر
الفقير فعندها الويل والثبور وعندها يعرف العارفون الله
ان الدار قد رجعت إلى بديها أي إلى الكفر بعد الايمان أيها

138
السائل فلا تغترن بكثرة المساجد وجماعة أقوام أجسادهم
مجتمعة وقلوبهم شتى أيها الناس انما الناس ثلاثة زاهد
وراغب وصابر فاما الزاهد فلا يفرح بشئ من الدنيا اتاه
ولا يحزن على شئ منها فاته واما الصابر فيتمناها بقلبه فان
أدرك منها شيئا صرف عنها نفسه لما يعلم من سوء عاقبتها واما
الراغب فلا يبالي من حل أصابها امن حرام قال يا أمير المؤمنين
ما علامة المؤمن في ذلك الزمان قال ينظر إلى ما أوجب الله عليه
من حق فيتولاه وينظر إلى ما خالفه فيتبرء منه وإن كان حبيبا
قريبا قال صدقت والله يا أمير المؤمنين ثم غاب الرجل فلم نره وطلبه الناس و
فلم يجدوه فتبسم علي عليه السلام على المنبر ثم قال مالكم هذا اخى الخضر عليه السلام
ثم قال عليه السلام سلوني قبل ان تفقدوني فلم يقم إليه أحد فحمد الله
وأثنى عليه وصلى على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم اللغات متهكنا أي متندما
قال في القاموس التهكن التندم سبط العلم أي كثير العلم زقني أي أطعمني ذعلب بكسر الذال
وفتح اللام اسم رجل من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام
145 / 47 ومن كلامه عليه السلام
أمالي الصدوق ره ص 211 قال حدثنا محمد بن علي ما جيلويه ره عن عمه محمد بن أبي القاسم عن أحمد بن
محمد بن خالد عن أبيه عن أحمد بن محمد بن يحيى عن عياذ بن إبراهيم عن الصادق جعفر بن محمد عن

139
أبيه عن آبائه عليهم السلام قال قال أمير المؤمنين عليه السلام لا نسبن الاسلام
نسبة لم ينسبه أحد قبلي ولا ينسبه أحد بعدي الاسلام
هو التسليم والتسليم هو التصديق والتصديق هو اليقين
واليقين هو الأداء والأداء هو العمل ان المؤمن اخذ دينه
عن ربه ولم يأخذه عن رأيه أيها الناس دينكم دينكم
تمسكوا به لا يزيلكم أحد عنه لان السيئة فيه خير من الحسنة
في غيره لان السيئة فيه تغفر والحسنة في غيره لا تقبل
146 / 48 ومن خطبه عليه السلام
أمالي الصدوق ره ص 243 محمد بن عمر البغدادي قال حدثنا أحمد بن عبد العزيز بن الجعد
قال حدثنا عبد الرحمن بن صالح قال حدثنا شعيب بن راشد عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام
قال قام علي عليه السلام يخطب الناس بصفين يوم جمعة وذلك قبل الهرير بخمسة أيام
فقال الحمد لله على جميع نعمه الفاضلة على جميع خلقه البر والفاجر
وعلى حججه البالغة على خلقه من عصاه أو اطاعه ان يعف فبفضل
منه وان يعذب فبما قدمت أيديهم وما الله بظلام للعبيد
احمده على حسن البلاء وتظاهر النعماء وأستعينه على ما نابنا

140
من أمر ديننا وأومن به وأتوكل عليه وكفى بالله وكيلا ثم انى
اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده و
رسوله أرسله بالهدى ودينه الذي ارتضاه وكان أهله
واصطفاه على جميع العباد بتبليغ رسالته وحججه على خلقه و
كان كعلمه فيه رؤوفا رحيما أكرم خلق الله حسبا وأجملهم منظرا
وأشجعهم نفسا وأبرهم بوالد وآمنهم على عقد لم يتعلق عليه
مسلم ولا كافر لمظلمة قط بل كان يظلم فيغفر ويقدر فيصفح و
يعفو حتى مضى مطيعا لله صابرا على ما اصابه مجاهدا في الله حق
جهاده عابدا لله حتى اتاه اليقين فكان ذهابه عليه السلام أعظم
المصيبة على جميع أهل الأرض البر والفاجر ثم ترك فيكم كتاب الله
يأمركم بطاعة الله وينهاكم عن معصيته وقد عهد إلى رسول الله
صلى الله عليه وآله عهدا لن اخرج عنه وقد حضركم عدوكم وقد
عرفتم من رئيسهم يدعوهم إلى باطل وابن عم نبيكم صلى الله عليه

141
وآله بين أظهركم يدعوكم إلى طاعة ربكم والعمل بسنة نبيكم
ولا سواء من صلى قبل كل ذكر لم يسبقني بالصلاة غير نبي الله
صلى الله عليه وآله وانا والله من أهل بدر والله انكم لعلى الحق
وان القوم لعلى الباطل فلا يصير القوم على باطلهم ويجتمعوا
عليه وتتفرقوا عن حقكم قاتلوهم يعذبهم بأيديكم فإن لم
تفعلوا ليعذبهم الله بأيدي غيركم فاجابه أصحابه فقالوا يا أمير المؤمنين
انهض إلى القوم إذا شئت فوالله ما نبتغي بك بدلا ونموت معك ونحيى معك فقال لهم
مجيبا لهم والذي نفسي بيده ينظر إلى رسول الله صلى الله عليه و
وآله وانا اضرب قدامه بسيفي فقال لا سيف الا ذو الفقار ولا
فتى الا على ثم قال لي يا علي أنت منى بمنزلة هارون من موسى
غير أنه لا نبي بعدي وحياتك يا علي وموتك معي فوالله ما
كذبت ولا كذبت ولا ضللت ولا ضل بي ولا نسيت ما عهد إلى انى
إذا لنسئ وانى لعلى بينة من ربى بينها لنبيه صلى الله عليه وآله

142
فبينها لي وانى لعلى الطريق الواضح القطه لقطا ثم نهض إلى القوم يوم
الخميس فاقتتلوا من حين طلعت الشمس حتى غاب الشفق ما كانت صلاة القوم يومئذ الا
تكبيرا عند مواقيت الصلاة فقتل علي عليه السلام يومئذ بيده خمسمائة وستة نفر من
جماعة القوم فأصبح أهل الشام ينادون يا علي اتق الله في البقية ورفعوا المصاحف على أطراف
147 / 49 ومن كلامه عليه السلام
أمالي الصدوق ره ص 298 قال حدثنا أبي رضي الله عنه قال حدثنا سعد بن عبد الله
قال حدثنا إبراهيم بن هاشم عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن عاصم بن حميد عن محمد بن قيس عن أبي
جعفر عليه السلام قال كان علي عليه السلام كل بكرة يطوف في أسواق الكوفة سوقا
سوقا ومعه الدرة على عاتقه وكان لها طرفان وكانت تسمى السبية فيقف على سوق سوق فينادى
يا معشر التجار قدموا الاستخارة وتبركوا بالسهولة واقتربوا من
المبتاعين وتزينوا بالحلم وتناهوا عن الكذب واليمين وتجافوا
عن الظلم وانصفوا المظلومين ولا تقربوا الربا وأوفوا الكيل و
الميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض
مفسدين يطوف في جميع أسواق الكوفة فيقول هذا ثم يقول
تفنى اللذاذة ممن نال صفوتها من الحرام ويبقى الاثم والعار
تبقى عواقب سوء في مغبتها لاخير في لذة من بعدها النار
148 / 50 ومن كلامه عليه السلام

143
أمالي الصدوق ره ص 298 بالاسناد الذي ذكرناه في الظهر آنفا قال قال أبو جعفر عليه السلام
كان أمير المؤمنين عليه السلام بالكوفة إذا صلى العشاء الآخرة ينادى الناس ثلاث
مرات حتى يسمع أهل المسجد أيها الناس تجهزوا رحمكم الله فقد
نودي فيكم بالرحيل فما التعرج على الدنيا بعد نداء فيها
بالرحيل تجهزوا رحمكم الله وانتقلوا بأفضل ما بحضرتكم
من الزاد وهو التقوى واعلموا ان طريقكم إلى المعاد وممركم
على الصراط والهول الأعظم امامكم وعلى طريقكم عقبة
كؤد ومنازل مهولة مخوفة لابد لكم من الممر عليها والوقوف
بها فاما برحمة من الله فنجاة من هو لها وعظم خطرها
وفظاعة منظرها وشدة مختبرها واما بهلكة ليس بعدها انجبار
149 / 51 ومن كلامه عليه السلام
أمالي الصدوق ره ص 358 قال حدثنا علي بن عيسى المجاوزة قال حدثنا علي بن أحمد بن بندار
عن محمد بن علي المقرى عن محمد بن سنان عن مالك ابن عطية عن نوير بن سعيد عن أبيه سعيد
بن علاقة عن الحسن البصري قال صعد أمير المؤمنين عليه السلام على منبر البصرة فقال
أيها الناس انسبوني فمن عرفني فلينسبني والا فإنما انسب نفسي انا
زيد بن عبد مناف بن عامر بن المغيرة بن زيد بن كلاب فقام إليه

144
ابن الكوا فقال يا هذا ما نعرف لك نسبا غير انك علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن
هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب فقال عليه السلام له
يا لكع ان أبى سماني زيدا باسم جده قصي وان اسم أبى عبد
مناف فغلبت الكنية على الاسم وان اسم عبد المطلب عامر فغلب
النسب على الاسم واسم هاشم عمر (عامر) فغلب اللقب على الاسم
واسم عبد مناف المغيرة فغلب اللقب على الاسم وان اسم قصي زيد
فسمته العرب مجمعا لجمعه إياها من البلد الأقصى إلى مكة فغلب اللقب على الأمة
150 / 52 ومن كلامه عليه السلام
أمالي الصدوق ره ص 360 قال حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق رضي الله عنه قال حدثنا
أحمد بن محمد الهمداني قال أخبرنا المنذر بن محمد قال حدثنا جعفر بن سليمان عن عبد الله بن
الفضل عن سعد بن ظريف عن الأصبغ بن نباته قال قال أمير المؤمنين عليه السلام في بعض خطبه
أيها الناس اسمعوا قولي واعقلوه عنى فان الفراق قريب انا امام
البرية ووصى خير الخليقة وزوج سيدة نساء هذه الأمة وأبو العترة
الطاهرة والأئمة الهادية انا أخو رسول الله ووصيه ووليه
ووزيره وصاحبه وصفيه وحبيبه وخليله انا أمير المؤمنين
وقائد الغر المحجلين وسيد الوصيين حربي حرب الله وسلمى

145
سلم الله وطاعتي طاعة الله وولايتي ولاية الله وشيعتي
أولياء الله وأنصاري أنصار الله والذي خلقني ولم أك
شيئا لقد علم المستحفظون من أصحاب رسول الله صلى الله
عليه وآله محمد ان الناكثين والقاسطين والمارقين ملعونون
على لسان النبي الأمي فقد خاب من افترى
151 / 53 ومن كلامه عليه السلام
أمالي الصدوق ره ص 366 قال حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين
بن بابويه القمي رضي الله عنه قال حدثنا أبي قال حدثنا سعد بن عبد الله قال
حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني قال حدثنا يوسف بن عبد الرحمن قال حدثنا
الحسن بن زياد العطار قال حدثنا طريف عن الأصبغ بن نباته قال قال أمير المؤمنين علي بن أبي
طالب عليه السلام
تعلموا العلم فان تعلمه حسنة ومدارسته تسبيح والبحث عنه
جهاد وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة وهو عند الله لأهله قربة
لأنه معالم الحلال والحرام وسالك بطالبه سبيل الجنة وهو
أنيس في الوحشة وصاحب في الوحدة وسلاح على الأعداء
وزين الأخلاء يرفع الله به أقواما يجعلهم في الخير أئمة

146
يقتدى بهم ترمق أعمالهم وتقتبس آثارهم وترغب الملائكة
يمسحونهم بأجنحتهم في صلاتهم لان العلم حياة القلوب و
نور الابصار من العمى وقوة الأبدان من الضعف وينزل الله حامله
منازل الأبرار ويمنحه مجالسة الأخيار في الدنيا والآخرة بالعلم
يطاع الله ويعبد وبالعلم يعرف الله ويوحد وبالعلم توصل
الأرحام وبه تعرف الحلال والحرام والعلم امام العقل
والعقل تابعه يلهمه الله السعداء ويحرمه الأشقياء
أقول واعلم أن الصدوق ره أيضا قد نقله في الخصال ورواه عن أبيه عن سعيد عن
اليقطيني عن جماعة من أصحابه رفعوه إلى أمير المؤمنين عليه السلام قال قال رسول الله
صلى اله عليه وآله تعلموا العلم إلى آخر كلامه هذا الا ان فيه مكان عند الله لأهله
بدل بذله لأهله وبعد قوله في الوحدة قال ودليل على السراء والضراء وبعد قوله
في صلاتهم زاد ويستغفر لهم كل شئ حتى حيتان البحور وهوامها وسباع البر وانعامها
وبدل مكان الأبرار الأخيار ومكان الأخيار الأبرار وقوله ترمق أعمالهم أي تنظر إلى أعمالهم
ونور الابصار أي ابصار القلوب ويحتمل حمله على الابصار الظاهرة أيضا وقوة الأبدان أي بالعلم
واليقين تقوى الجوارح على العمل ويسكن القلب عن التزلزل والاضطراب ويسهل على صاحبه المشاق
152 / 54 ومن خطبه عليه السلام
مختصر بصائر الدرجات للشيخ الجليل حسن بن سليمان الحلى تلميذ شيخنا الشهيد الأول
صاحب اللمعة رضي الله عنهما وهو من المشيخة العظام ومن علماء أوائل القرن التاسع من الهجرة

147
وقد طبع الكتاب في النجف الأشرف سنة (1370) وهو من منشورات المطبعة الحيدرية
قال ره في ص 195 ووقفت على كتاب خطب لمولنا أمير المؤمنين عليه السلام وعليه خط
السيد رضي الدين علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاوس ما صورته هذا الكتاب ذكر
كاتبه رجلين بعد الصادق عليه السلام فيمكن ان يكون تاريخ كتابته بعد المأتين
من الهجرة لأنه عليه السلام انتقل بعد سنة مأة وأربعين من الهجرة وقد روى بعض
ما فيه عن أبي روح فرج بن فروة عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عليهما السلام
وبعض ما فيه عن غيرهما ذكر في الكتاب المشار إليه خطبة لمولانا أمير المؤمنين
عليه السلام تسمى المخزون وهي
الحمد لله الاحد المحمود الذي توحد بملكه وعلا بقدرته
احمده على ما عرف من سبيله والهم من طاعته وعلم من
مكنون حكمته فإنه محمود بكل ما يولى ومشكور بكل ما يبلى
واشهد ان قوله عدل وحكمه فصل ولم ينطق فيه ناطق
بكان الا كان قبل كان وأشهد أن محمدا صلى الله عليه و
آله وسلم عبد الله وسيد عباده خير من أهل أولا وخير من
أهل آخرا فكلما نسبح الله الخلق فريقين جعله في خير الفريقين
لم يسهم فيه عاير ولا نكاح جاهلية ثم إن الله تعالى
قد بعث إليكم رسولا من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص

148
عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم فاتبعوا ما انزل إليكم من ربكم
ولا تبتغوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون فان الله تعالى
جعل للخير أهلا وللحق دعائم وللطاعة عصما يعصم بهم
ويقيم من حقه فيهم على ارتضاء من ذلك وجعل لها رعاة
وحفظة يحفظونها بقوة ويعينوا عليها أولياء ذلك بما ولوا
من حق الله فيها إما بعد فان روح البصر روح الحياة الذي
لا ينفع ايمان الا به مع كلمة الله والتصديق بها فالكلمة من
الروح والروح من النور والنور نور السماوات فبأيديكم سبب
وصل إليكم منه ايثار واختيار نعمة الله لا تبلغوا شكرها
خصصكم بها واختصكم لها وتلك الأمثال نضر بها للناس و
ما يعقلها الا العالمون فابشروا بنصر من الله عاجل وفتح يسير
يقر الله به أعينكم ويذهب بحزنكم كفوا ما تناهى الناس عنكم
فان ذلك لا يخفى عليكم ان لكم عند كل طلعة عونا من الله يقول

149
على الألسن ويثبت على الأفئدة وذلك عون الله لأوليائه
يظهر في خفى نعمته لطيفا وقد أثمرت لأهل التقوى أغصان لشجرة
الحياة وان فرقانا من الله بين أولياءه وأعدائه فيه شفاء
للصدور وظهور للنور يعز الله به أهل طاعته ويذل به أهل
معصيته فليعد لذلك امرء عدته ولا عدة له الا بسبب بصيرة
وصدق نية وتسليم سلامة أهل الخفة في الطاعة ثقل الميزان
والميزان بالحكمة والحكمة ضياء للبصر والشك والمعصية
في النار وليسا منا ولا لنا ولا إلينا قلوب المؤمنين مطوية على
الايمان إذا أراد الله اظهار ما فيها فتحها بالوحي وزرع فيها الحكمة
وان لكل شئ انا يبلغه لا يعجل الله بشئ حتى يبلغ أناه ومنتهاه
فاستبشروا ببشرى ما بشرتم به واعترفوا بقربان ما قرب لكم وتنجزوا
من الله ما وعدكم ان منا دعوة خالصة يظهر الله بها حجته
البالغة ويتم بها النعمة السابغة ويعطى بها الكرامة الفاضلة

150
من استمسك بها اخذ بحكمة منها آتاكم الله رحمته ومن رحمته
نور القلوب ووضع عنكم أوزار الذنوب وعجل شفاء صدوركم
وصلاح أموركم وسلام منا لكم دائما عليكم تسلمون به في
دول الأيام وقرار الأرحام أين كنتم وسلامه لسلامه عليكم
في ظاهره وباطنه فان الله عز وجل اختار لدينه أقواما ن انتجبهم
للقيام عليه والنصرة له بهم ظهرت كلمة الاسلام وارجاء
مفترض القرآن والعمل بالطاعة في مشارق الأرض ومغاربها
ثم إن الله تعالى خصكم بالاسلام واستخلصكم له لأنه اسم
سلامة وجماع كرامة ن اصطفاه الله فأنهجه وبين حججه و
أرف ارفه وحده ووصفه وجعله رضا كما وصفه ووصف
أخلاقه وبين اطباقه ووكد ميثاقه من ظهر وبطن ذي
حلاوة وامن فمن ظفر بظاهره رأى عجائب مناظره في موارده
ومصادره ومن فطن لما بطن رأى مكنون الفطن وعجائب

151
الأمثال والسنن فظاهره أنيق وباطنه عميق لا تنقضى عجائبه
ولا تفنى غرائبه فيه ينابيع النعم ومصابيح الظلم لا تفتح
الخيرات الا بمفاتيحه ولا تنكشف الظلم الا بمصابيحه فيه
تفصيل وتوصيل وبيان الاسمين الأعلين للذين جمعا فاجتمعا
لا يصلحان الا معا يسميان فيعرفان ويوصفان فيجتمعان
قيامهما في تمام أحدهما في منازلهما جرى بهما ولهما نجوم
وعلى نجومهما نجوم سواهما تحمى حماه وترعى مراعيه وفى
القرآن بيانه وحدوده وأركانه ومواضيع تقادير ما خزن بخزاينه
ووزن بميزانه ميزان العدل وحكم الفصل ان رعاة الدين فرقوا
بين الشك واليقين وجاءوا بالحق المبين قد بينوا الاسلام
تبيانا وأسسوا له أساسا وأركانا وجاءوا على ذلك شهودا و
برهانا من علامات وامارات فيها كفاء المكتف وشفاء المشتف
يحمون حماه ويرعون مرعاه ويصونون مصونه ويهجرون

152
مهجوره ويحبون محبوبه بحكم الله وبره وبعظيم امره وذكره
بما يجب ان يذكر به يتواصلون بالولاية ويتلاقون بحسن
اللهجة ويتساقون بكأس الرؤية ويتراعون بحسن الرعاية
بصدور برية واخلاق سنية لم يؤلم عليها وبقلوب رضية
لا تتسرب فيها الدنية ولا تشرع فيها الغيبة فمن استبطن من
ذلك شيئا ن استبطن خلفا سنيا وقطع أصله واستبدل منزله
بنقضه مبرما واستحلاله محرما من عهد معهود إليه و
عقد معقود عليه بالبر والتقوى وايثار سبيل الهدى
على ذلك عقد خلقهم وآخا ألفتهم فعليه يتحابون وبه
يتواصلون فكانوا كالزرع وتفاضله يبقى فيؤخذ منه و
يفنى ببقية التخصص ويبلغ منه التخليص فلينظر امرء في قصر
أيامه وقلة مقامه في منزل حتى يستبدل منزلا فليضع متحوله
ومعارف منتقله فطوبى لذي قلب سليم أطاع من يهديه و

153
تجنب ما يرديه فيدخل مدخل الكرامة فأصاب سبيل
السلامة يبصر ببصره وأطاع هادي امره دل أفضل الدلالة
وكشف غطاء الجهالة المضلة الملهية فمن أراد تفكرا وتذكرا
فليذكر رأيه وليبرز بالهدى مالم تغلق أبوابه وتفتح أسبابه
وقبل نصيحة من نصح بخضوع وحسن خشوع بسلامة الاسلام
ودعاء التمام وسلام بسلام تحية دائمة لخاضع متواضع يتنافس بالايمان ويتعارف عدل الميزان فليقبل امره واكرامه
بقبول وليحذر قارعة قبل حلولها ان امرنا صعب مستصعب
لا يحتمله ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد ن امتحن الله قلبه
للايمان لا يعى حديثنا الا حصون حصينة أو صدور أمينة
أو أحلام رزينة يا عجبا كل العجب بين جمادى ورجب فقال رجل
من شرطة الخميس ما هذا العجب يا أمير المؤمنين قال ومالي لا أعجب وقد سبق
القضاء فيكم وما تفقهون الحديث الا صوتات بينهن موتات

154
حصد نبات ونشر أموات يا عجبا كل العجب بين جمادى ورجب
قال رجل أيضا يا أمير المؤمنين ما هذا العجب الذي لا تزال تعجب منه قال ثكلتك
الآخرة امه وأي عجب يكون أعجب من أموات يضربون هامات
الاحياء قال انى يكون ذلك يا أمير المؤمنين قال والذي فلق الحبة
وبرء النسمة كأني انظر إليهم قد تخللوا سكك الكوفة وقد
شهروا سيوفهم على مناكبهم يضربون كل عدو لله ولرسوله
صلى الله عليه وآله وسلم وللمؤمنين ذلك قول الله عز وجل
يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم قد يئسوا من
الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور أيها الناس سلوني
قبل ان تفقدوني لأنا بطرق السماء اعلم من العالم بطرق الأرض
انا يعسوب المؤمنين وغاية السابقين ولسان المتقين وخاتم
الوصيين ووارث النبيين وخليفة رب العالمين انا قسيم النار
وخازن الجنان وصاحب الحوض وصاحب الأعراف فليس منا أهل

155
البيت امام الا وهو عارف بجميع أهل ولايته وذلك قول الله
تبارك وتعالى انما أنت منذر ولكل قوم هاد الا أيها الناس
سلوني قبل ان تشرع برجلها فتنة شرقية وتطأ في خطائها
بعد موت وحياة أو تشب نار بالحطب الجزل غربي الأرض ورافعة
ذيلها تدعو يا ويلها بذحلة أو مثلها فإذا استدار الفلك
قلت مات أو هلك بأي واد سلك فيومئذ تأويل هذه الآية
ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم
أكثر نفيرا ولذلك علامات أولهن احصار الكوفة بالرصد
والخندق وتحزيق الزوايا في سكك الكوفة وتعطيل المساجد
أربعين ليلة وتخفق رايات ثلاث حول المسجد الأكبر يشبهن
بالهدى القاتل والمقتول في النار وقتل كثير وموت ذريع
وقتل النفس الزكية بظهر الكوفة في سبعين والمذبوح بين
الركن والمقام وقتل الأسبع المظفر صبرا في بيعة الأصنام

156
مع كثير من شياطين الانس وخروج السفياني براية خضراء و
صليب من ذهب أميرها رجل كلب واثنى عشر الف عنان من
خيل يحمل السفياني متوجها إلى مكة والمدينة أميرها رجل من
(أحد من) بنى أمية يقال له خزيمة اطمس العين الشمال على عينه
طرفة تميل بالدنيا فلا ترد له راية حتى ينزل المدينة فيجمع رجالا
ونساءا من آل محمد صلى الله عليه وآله فيحبسهم في دار بالمدينة
يقال لها دار أبى الحسن الأموي ويبعث خيلا في طلب رجل من
آل محمد صلى الله عليه وآله قد اجتمع إليه رجال من المستضعفين
بمكة أميرهم رجل من غطفان حتى إذا توسطوا الصفايح البيض بالبيداء
خسف بهم فلا ينجو منهم أحد الا رجل واحد يحول الله وجهه في
القفاء لينذرهم وليكون آية لمن خلفه فيومئذ تأويل هذه الآية
ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت واخذوا من مكان قريب ويبعث السفياني
مأة وثلاثين ألفا إلى الكوفة فينزلون بالروحاء والفاروق وموضع

157
مريم وعيسى عليهما السلام بالقادسية ويسير منهم ثمانون
ألفا حتى ينزلوا الكوفة موضع قبر هود عليه السلام بالنخيلة
فيهجموا عليه يوم زينة وأمير الناس جبار عنيد يقال له الكاهن الساحر
فيخرج من مدينة يقال لها الزوراء في خمسة آلاف من الكهنة و
يقتل على جسرها سبعين ألفا حتى يحتمى الناس الفرات ثلاثة أيام من
الدماء ونتن الأجساد ويسبى من الكوفة ابكارا لا يكشف عنها كف و
لا قناع حتى يوضعن في المحامل يزلف بهن الثوية وهي الغربين ثم
يخرج عن الكوفة مأة الف بين مشرك ومنافق حتى يضربوا دمشق لا
يصدهم عنها صاد وهي ارم ذات العماد وتقبل رايات شرقي الأرض
ليست بقطن ولا كتان ولا حرير مختمة في رؤوس القنا بخاتم السيد الأكبر
يسوقها رجل من آل محمد صلى الله عليه وآله يوم تطير في المشرق يوجد
ريحها بالمغرب كالمسك الأذفر يسيرا الرعب امامها شهرا ويخلف أبناء سعد
السقاء بالكوفة طالبين بدماء آبائهم وهم أبناء الفسقة حتى تهجم

158
عليهم خيل الحسين عليه السلام يستبقان كأنها فرسا رهان شعث
غبر أصحاب بواكي وفوارح إذ يضرب أحدهم برجله باكية يقول
لاخير في مجلس بعد يومنا هذا اللهم فانا التائبون الخاشعون
الراكعون الساجدون فهم الابدال الذين وصفهم الله عز و
جل ان الله يحب التوابين ويحب المتطهرين والمطهرون نظرائهم
من آل محمد صلى الله عليه وآله ويخرج رجل من أهل نجران راهب
مستجيب للامام فيكون أول النصارى إجابة ويهدم صومعته
ويدق صليبها ويخرج بالموالي وضعفاء الناس والخيل فيسيرون
آل النخيلة باعلام هدى فيكون مجتمع الناس جميعا من الأرض
كلها بالفاروق وهي محجة أمير المؤمنين عليه السلام وهي ما
بين البرس والفرات فيقتل يومئذ فيما بين المشرق والمغرب ثلاثة
آلاف من اليهود والنصارى يقتل بعضهم بعضا فيومئذ تأويل
هذه الآية فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين

159
بالسيف وتحت ظل السيف ويخلف من بنى الأشهب الزاجر اللحظ في
أناس من غير أبيه هرابا يأتوا سبطرى عودا بالشجر فيومئذ تأويل
هذه الآية فلما أحسوا بأسنا اذاهم منها يركضون لا تركضوا وارجعوا
إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسئلون ومساكنهم الكنوز
التي غلبوا عليها من أموال المسلمين ويأتيهم يومئذ الخسف و
القذف والمسخ فيومئذ تأويل هذه الآية وما هي من الظالمين
ببعيد وينادى مناد في شهر رمضان من ناحية المشرق عندما
تطلع الشمس يا أهل الهدى اجتمعوا وينادى من ناحية المغرب
بعد ما يغيب الشمس يا أهل الضلالة اجتمعوا ومن الغد عند الظهر
تكور الشمس فتكون سوداء مظلمة واليوم الثالث يفرق بين الحق
والباطل بخروج دابة الأرض وتقبل الروم إلى قرية بساحل البحر
عند كهف الفتية ويبعث الله الفتية من كهفهم إليهم رجل
يقال له تملبخا والاخر مكسلمينا وهما الشهداء المسلمون للقائم

160
فيبعث أحد الفتية إلى الروم فيرجع بغير حاجة ويبعث بالآخر
فيرجع بالفتح فيومئذ تأويل هذه الآية وله أسلم من في
السماوات والأرض طوعا وكرها ثم يبعث الله من كل أمة فوجا
ليريهم ما كانوا يو عدون فيومئذ تأويل هذه الآية ويوم
نبعث من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون و
الوزع خفقان أفئدتهم ويسير الصديق الأكبر براية الهدى
والسيف ذو الفقار والمخصرة حتى ينزل ارض الهجرة مرتين وهي
الكوفة فيهدم مسجدها ويبنيه على بناءه الأول ويهدم ما دونه
من دور الجبابرة ويسير إلى البصرة حتى يشرف على بحرها ومعه
التابوت وعصا موسى فيعزم عليه فيزفر زفرة بالبصرة فتصير
بحرا لجيا فيغرقها لا يبقى فيها غير مسجدها كجؤجؤ السفينة على
ظهر الماء ثم يسير إلى حرور ثم يحرقها ويسير من باب بنى أسد
حتى يزفروا زفرة في ثقيف وهم زرع فرعون ثم يسير إلى مصر فيعلوا

161
منبره ويخطب الناس فتستبشر الأرض بالعدل وتعطى السماء
قطرها والشجر ثمرها والأرض نباتها وتتزين لأهلها وتأمن
الوحوش حتى ترتعى في طرف الأرض كانعامهم ويقذف في
قلوب المؤمنين العلم فلا تحتاج مؤمن إلى ما عند أخيه من العلم
فيومئذ تأويل هذه الآية يغنى الله كلا من سعته وتخرج لهم
الأرض كنوزها ويقوم يقول القائم عليه السلام كلوا هنيئا بما
أسلفتم في الأيام الخالية فالمسلمون يومئذ أهل صواب للدين
اذن لهم في الكلام فيومئذ تأويل هذه الآية وجاء ربك
والملك صفا صفا فلا يقبل الله يومئذ الا دينه الحق الا لله
الدين الخالص فيومئذ تأويل هذه الآية أولم يروا انا نسوق
الماء إلى الأرض الجرز فتخرج به زرعا تأكل منه انعامهم وأنفسهم
أفلا يبصرون ويقولون متى هذا الفتح ان كنتم صادقين قل يوم
الفتح لا ينفع الذين كفروا ايمانهم ولا هم ينصرون فاعرض عنهم

162
وانتظر انهم منتظرون فيمكث فيما بين خروجه إلى يوم موته
ثلاثمأة سنة ونيفا وعدة أصحابه ثلاثمأة وثلاثة عشر منهم
تسعة من بني إسرائيل وسبعون من الجن ومأتان وأربعة و
ثلاثون فيهم سبعون الذين غضبوا للنبي صلى الله عليه
وآله إذ هجته مشركوا قريش فطلبوا إلى نبي الله صلى الله عليه
وآله ان يأذن لهم في اجابتهم فاذن لهم حيث نزلت هذه
الآية الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا
وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب
ينقلبون وعشرون من أهل اليمن منهم المقداد بن الأسود
ومائتان وأربعة عشر الذين كانوا بساحل البحر مما يلي عدن
فبعث إليهم نبي الله برسالة فاتوا مسلمين وتسعة من بني إسرائيل
ومن افناء الناس الفان وثمان مأة وسبعة عشر ومن الملائكة
أربعون ألفا من ذلك من المسومين ثلاثة آلاف ومن المردفين

163
خمسة آلاف فجميع أصحابه عليه السلام سبعة وأربعون ألفا و
مأة وثلاثون من ذلك تسعة رؤوس مع كل رأس من الملائكة
أربعة آلاف من الجن والإنس عدة يوم بدر فيهم يقاتل و
إياهم ينصر الله وبهم ينتصر وبهم يقدم النصر ومنهم
نضرة الأرض كتبتها كما وجدتها وفيها نقص حروف انتهى كلامه رحمه الله في المقام أقول
لا يخفى على أولي النهى ان العلامة المجلسي أعلى الله مقامه قد نقل هذه الخطبة بتمامها في المجلد
الثالث عشر من مجلدات بحار الأنوار في باب الرجعة وقال بعد نقلها وشرح بعض من فقراتها
أقول هكذا وجدتها في الأصل سقيمة محرقة وقد صححت بعض اجزائها من بعض مؤلفات
بعض أصحابنا ومن الاخبار الاخر وقد اعترف صاحب الكتاب بسقمها ومع ذلك يمكن الانتفاع
بأكثر فوائدها ولذا اوردتها مع ما أرجو من فضله تعالى ان تيسر لي نسخة يمكن تصحيحها بها
وقد سبق كثير من فقراتها في باب علامات ظهوره انتهى كلامه رفع الله مقامه قوله
عليه السلام لم ينطق فيه ناطق بكان أي كلما عبر عنه بكان فهو لضرورة العبارة وضيقها
لان مفاد كان دال على الزوال والزمان وهو تعالى شانه منزه ومعرى عنه وقوله من أهله
أي جعله الله أهلا للنبوة والخلافة وكلما نسبح الله أي جمع الله لم يسهم أي لم يشرك والعاير
من السهام الذي لا يدرى راميه المراد انه لم يولد من الزنا واختلاط النسب ويمكن ان يقال إنه
مأخوذ من العار ويحتمل ان يكون تصحيف هاهر وقوله روح البصر لا يبعد ان يكون خبران
مع كلمة الله وروح الحياة بدل من روح البصر والمراد منه روح الايمان التي تكون مع المؤمن
إذ المؤمن به يكون بصيرا وحيا في الحقيقة وكلمة الله هي الإمام الهادي فالكلمة من الروح أي أخذت
من الروح التي هي روح القدس ويمكن ان يقال من الروح بمعنى مع الروح والروح يأخذ من
النور أي من نور الله تعالى فبأيديكم سبب من كلمة الله الموصولة من الله إليكم هي السبب الذي
آثركم واختار لكم وخصصكم به وهو النعمة التي من الله تعالى خصصتم بها بحيث لا يمكن لكم ان

164
تؤدوا شكرها ويظهر بمعنى يعين سلامة مبتداء وثقل الميزان خبره ويحتمل ان يكون التسليم
مضافا إلى سلامة وأهل مبتداء وثقل بتشديد القاف على صيغة الجمع خبره وانا بالكسر و
القصر أي الوقت واعترفوا بقربان ما قرب لكم أي اعترفوا وصدقوا بقرب ما أخبركم بأنه
قريب منكم وقوله أرف أرفة الأرف كصرد جمع الأرفة أي حدد حدوده وبينها والظاهر أن
بعد هذه الفقرة سقط كلام يشتمل على ذكر القرآن أي بعد فقرة وكد ميثاقه قبل قوله من ظهر
وبطن لان ما ذكر قبل هذه في أوصاف الاسلام وقوله من ظهر وبطن من أوصاف القرآن وان أمكن
ان يستفاد اشتراك هذا التوصيف والتحديد والتبيين في بينهما الاسمين الأعلين هما محمد وعلى
صلى الله عليهما وآلهما أو القرآن والعترة وقوله ولهما نجوم المراد منها الأئمة عليهم السلام وقوله
وعلى نجومهما نجوم أي على كل من تلك النجوم دلائل وبراهين من الكتاب والسنة والمعجزات والآيات
الدالة على حقيقتهم وقوله تحمى على بناء المجهول أو على بناء المعلوم والفاعل النجوم وعلى التقديرين
الضمير في حماه ومراعيه راجع إلى الاسلام وكذا الضمائر التي بعدهما والطرفة بفتح الطاء نقطة
حمراء من الدم الحادثة في العين الرصد الطريق يقال رصدته رصدا من باب قتل إذا قعدت له على
طريقه والجمع ارصاد الخندق معرب كنده التخريق النقطيع السكة الزقاق والطريق جمعها سكك
والخفق الاضطراب المسجد الأكبر جامع الكوفة الذريع السريع الاسبع يحتمل انه تصحيف الأبقع
كما يستفاد من سائر الأخبار الواردة في الباب اطمس الذي ذهب ضوء بصره أو محت عينه وهو افعل
وصفى للذكر روخاء موضع بين مكة والمدينة الفاروق موضع بين البرس والفرات قادسية
قرية من مضافات الكوفة الثوية موضع بين النجف والكوفة وبالنجف أقرب وفيها بقعة كميل بن
زياد رضي الله عنه رايات شرقي لعل المراد منها رايات الحسنى وأصحابه وكذاك رجل من آل محمد
يطير بالمشرق لعل إشارة إلى حركته وحركة أصحابه بالطيارات المخترعة العصرية شعث غبر عبارة
عن القشف ويبس الجلود الفادح الذي يثقل ويبهض والجمع الفوادح الخمود الغشية والموت
الأشهب الذي لا خضرة فيه الزاجر الصايح والمانع اللحظ النظر بطرف العين سبطري بكسر السين
وفتح الباء وسكون الطاء الذهاب بالعجب والخيلاء والتكبر والتبختر الركض السعي الاتراف الاصرار
على المعصية والاضلال القذف الرمي بالحجارة المسخ تغيير صورة الانسانية وتبديلها بالسباع و
البهائم ونحوها
153 / 55 ومن كلامه عليه السلام

165
الاختصاص للشيخ المفيد رضي الله عنه وارضاه من النسخة المطبوعة في طهران سنة 1379
الهجرية القمرية - ص 226 روى عن محمد بن الحسن عن محمد بن سنان عن بعض رجاله عن أبي
الجارود يرفعه قال قال أمير المؤمنين عليه السلام من أوقف نفسه
موقف التهمة فلا يلومن من أساء به الظن ومن كتم سره
كانت الخيرة في يده وكل حديث جاوز اثنين فشا وضع أمر
أخيك على أحسنه حتى يأتيك منه ما يغلبك ولا تظنن
بكلمة خرجت من أخيك سوءا أنت تجد بها في الخير محملا
وعليك باخوان الصدق فكثر في اكتسابهم عدة عند
الرخاء وجندا عند البلاء وشاور حديثك الذين يخافون
الله أحبب الاخوان على قدر التقوى واتقوا شرار النساء و
كونوا من خيارهن على حذر ان امرنكم بالمعروف فخالفوهن
حتى لا يطمعن في المنكر
154 / 56 ومن كلامه عليه السلام
المفيد ره في الاختصاص ص 251 عن يونس بن عبد الرحمن عن أبي مريم عن أبي جعفر عليه السلام
قال قام إلى أمير المؤمنين عليه السلام رجل بالبصرة فقال يا أمير المؤمنين اخبرنى عن الاخوان

166
فقال الاخوان صنفان اخوان الثقة واخوان الكاشرة فاما
اخوان الثقة فهم كالكف والجناح والاهل والمال فإذا كنت
من أخيك على الثقة فابذل له مالك وبدنك وصاف من صافاه
وعاد من عاداه واكتم سره وعيبه وأظهر منه الحسن واعلم
أيها السائل انهم أعز من الكبريت الأحمر واما اخوان
المكاشرة فإنك تصيب منهم لذتك فلا تقطعن ذلك منهم ولا
تطلبن ما وراء ذلك من ضميرهم وابذل ما بذلوا لك من طلاقة
الوجه وحلاوة اللسان
قوله عليه السلام اخوان المكاشرة من كاشره إذا تبسم في وجهه وانبسط معه أقول
قد روى هذا الكلام أيضا في الكافي ج 2 ص 248 والصدوق في الخصال وفى البحار عن الاختصاص
156 / 57 ومن خطبه عليه السلام
كتاب الاحتجاج للشيخ الجليل أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي نقلتها من نسخته المطبوعة في النجف
الأشرف في المطبعة المرتضوية في سنة 1350 الهجرية القمرية ص 106 ونقلها المجلسي ره عن الاحتجاج أيضا
في المجلد الثاني من بحار الأنوار وهو كتاب التوحيد وهو من الكتب التي أمر بطبعها الحاج محمد حسن
الشهير بأمين الضرب الأصبهاني رحمة الله عليه ص 186 قال قال عليه السلام في خطبة أخرى
لا يشمل بحد ولا يحسب بعد وانما تحد الأدوات أنفسها وتشير الآلات

167
إلى نظائرها منعتها منذ القدمة رحمتها قد الأزلية وجنبتها
لولا التكملة بها تجلى صانعها للعقول وبها امتنع من نظر العيون
لا تجرى عليه الحركة والسكون وكيف يجرى عليه ما هو اجراه
ويعود فيه ما هو أبداه ويحدث فيه ما هو أحدثه إذا لتفاوتت
ذاته ولتجزى كنهه ولامتنع من الأزل معناه وكان له وراء
إذا وجد له امام ولا التمس التمام إذا لزمه النقصان وإذا
لقامت آية المصنوع فيه ولتحول دليلا بعد إن كان مدلولا
عليه وخرج بسلطان الامتناع من أن يؤثر فيه ما في غيره الذي
لا يحول ولا يزول ولا يجوز عليه الأفول لم يلد فيكون مولودا
ولم يولد فيصير محدودا جل عن اتخاذ الأبناء وطهر عن ملامسة
النساء لا تناله الأوهام فتقدره ولا تتوهمه الفطن فتصوره
ولا تدركه الحواس فتحسه ولا تلمسه الأيدي فتمسه ولا
يتغير بحال ولا يتبدل بالأحوال ولا تبليه الليالي والأيام

168
ولا يغيره الضياء والظلام ولا يوصف بشئ من الأجزاء ولا
بالجوارح والأعضاء ولا يعرض من الاعراض بالغيرية والابغاض
ولا يقال له حد ولا نهاية ولا انقطاع ولا غاية ولا ان الأشياء
تحويه فتقله أو تهويه ولا ان الأشياء تحمله فيميله أو يعدله
ليس في الأشياء يوالج ولا عنها بخارج يخبر لا بلسان ولهوات
ويسمع لا بخروق وأدوات يقول ولا يلفظ ويحفظ ولا يتحفظ و
يريد ولا يضمر يحب ويرضى من غير رقة ويبغض ويغضب من غير
مشقة يقول لما أراد كونه كن فيكون لا بصوت يقرع ولا نداء يسمع
وانما كلامه سبحانه فعل منه انشاه ومثله لم يكن من قبل ذلك
كائنا ولو كان قديما لكان الها ثانيا ولا يقال له بعد ان لم يكن
فتجرى عليه الصفات المحدثات ولا يكون بينها وبينه فصل ولا
له عليها فضل فيستوى الصانع والمصنوع ويتكافؤ المبتدع و
البديع خلق الخلائق على غير مثال خلا من غيره ولم يستعن على خلقها

169
بأحد من خلقه وأنشأ الأرض فامسكها من غير اشتغال وأرساها
على غير قرار وأقامها بغير قوائم ورفعها بغير دعائم وحصنها
من الأود والاعوجاج ومنعها من التهافت والانفراج ارسى
أوتادها وضرب أسدادها واستفاض عيونها وخد أوديتها
فلم يهن ما بناه ولا ضعف ما قواه هو الظاهر عليها بسلطانه
وعظمته وهو الباطن لها بعلمه ومعرفته والعالي على كل
شئ منها بجلالته وعزته لا يعجزه شئ منها طلبه ولا يمتنع
عليه فيغلبه ولا يفوته السريع منها فيسبقه ولا يحتاج إلى
ذي مال فيرزقه خضعت الأشياء له وذلت مستكينه العظمة
لا يستطيع الهرب من سلطانه إلى غيره فيمتنع من نفعه وضره و
لا كفؤ له فيكافئه ولا نظير له فيساويه هو المفنى لها بعد وجودها
حتى تصير موجودها كمفقودها وليس فناء الدنيا بعد ابتداعها
بأعجب من انشاءها واختراعها وكيف ولو اجتمع جميع حيوانها من

170
طيرها وبهائما وما كان من مراخها وسائمها واصناف اسناخها و
أجناسها ومتبلدة أممها وأكياسها على احداث بعوضة ما قدرت على
احداثها ولا عرفت كيف السبيل إلى ايجادها ولتحيرت عقولها في علم
ذلك وتاهت وعجزت قواها وتناهت ورجعت خاسئة حسيرة عارفة
بأنها مقهورة مقرة بالعجز عن انشاءها مذعنة بالضعف عن افنائها
وانه يعود سبحانه بعد فناء الدنيا وحده لا شئ معه كما كان قبل ابتدائها
كذلك يكون بعد فناءها بلا وقت ولا مكان ولا حين ولا زمان
عدمت عند ذلك الآجال والأوقات وزالت السنون والساعات
فلا شئ الا الواحد القهار الذي إليه مصير جميع الأمور بلا قدرة
منها كان ابتداء خلقها وبغير امتناع منها كان فنائها ولو قدرت
على الامتناع لدام بقاءها لم يتكاده صنع شئ منها إذا صنعه ولم
يؤده منها خلق ما برءه وخلقه ولم يكونها لتشديد سلطان ولا
خوف من زوال ونقصان ولا للاستعانة بها على ند مكاثر ولا

171
للاحتراز بها من ضد مشاور ولا للازدياد بها في ملكه ولا
لمكاثرة شريك في شركته ولا لوحشة كانت منه فأراد ان يستأنس
إليها ثم هو يفنيها بعد تكوينها لا لسام دخل عليه من تصريفها و
تدبيرها ولا لراحة واصلة إليه ولا لثقل شئ منها عليه لا
يمله طول بقاءها فيدعوه إلى سرعة افناءها لكنه سبحانه
دبرها بلفظه وامسكها بأمره وأتقنها بقدرته ثم يعيد ها بعد
الفناء من غير حاجة منه إليها ولا استعانة بشئ منه عليها ولا
لانصراف من حد وحشة إلى حال استيناس ولا من حال جهل و
عمى إلى حال علم والتماس ولا من فقر وحاجة إلى غنى وكثرة ولا
من ذل وضعة إلى عز وقدرة
أقول في بيان بعض ما يحتاج إلى البيان وايضاح بعض فقرات الخطبة الشريفة قوله لا يشمل
بحد أي بالحدود والنهايات الجسمانية وبالحد العقلي من الجنس والفصل ولا يحسب بعد أي بالاجزاء
والصفات الزائدة المعدودة اللهوات بالتحريك جمع لهاة كحصاة وهي سقف الفم وقيل هي اللحمة الحمراء
المتعلقة في أصل الحنك الخرق بالفتح الثقب في الحائط وغيره والجمع خروق على وزن فلس وفلوس
التكافؤ الاستواء والتساوي الأود الاعوجاج والعوج التهافت التساقط الوهن الضعف
التبلد ضد التجلد والبلادة نقيض النفاذ والمضى والمضى لم يتكأده أي لم يشقه السام الملال سئمت مللت

172
ومن كلامه عليه السلام
المجلد الثاني من بحار الأنوار للعلامة المجلسي ره طبع امين الضرب ص 111 نقل عن التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري
عليه السلام قال عن أبي محمد عن آبائه عليهم السلام قال أمير المؤمنين عليه السلام لا تتجاوزوا
بنا العبودية ثم قولوا ما شئتم ولا تغلوا وإياكم والغلو كغلو النصارى
فانى برئ من الغالين
156 / 58 ومن خطبه عليه السلام
المجلد السابع عشر من البحار ص 97 عن أمالي الشيخ ره عن الحسين بن عبيد الله عن علي بن محمد
بن محمد العلوي عن محمد بن موسى الرقي عن علي بن محمد بن أبي القاسم عن أحمد بن أبي عبد الله
البرقي عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنى عن أبيه عن ابان مولى زيد بن علي عن عاصم بن
بهدلة عن شريح القاضي قال قال أمير المؤمنين عليه السلام لأصحابه يوما وهو يعظم
ترصدوا مواعيد الآجال وباشروها بمحاسن الأعمال ولا تركنوا إلى
ذخائر الأموال فتخليكم خداج الآمال ان الدنيا خداعة ضراعة
مكارة غرارة سحارة أنهارها لامعة وثمراتها يانعة ظاهرها
سرور وباطنها غرور تاكلكم بأضراس المنايا وتبيركم باتلاف
الرزايا لهم بها أولاد الموت آثروا زينتها وطلبوا رتبتها جهل
الرجل ومن ذلك الرجل المولع بلذتها والساكن إلى فرحتها
والا من لغدرتها دارت عليكم بصروفها ورمتكم بسهام حتوفها

173
وهي تنزع أرواحكم نزعا وأنتم تجمعون لها جمعا للموت تولدون
والى القبور تنقلون وعلى التراب تتوسدون (تنومون) و
إلى الدود تسلمون والى الحساب تبعثون يا ذا الحيل والآراء
والفقه والأنباء اذكروا مصارع الاباء فكأنكم بالنفوس
قد سلبت والابدان قد عريت وبالمواريث قد قسمت فتصير
يا ذا الدلال والهيبة والجمال إلى منزلة شعثاء ومحلة غبراء
فتنوم على خدك في لحدك في منزل قل زواره ومل عماره
حتى تشق عن القبور وتبعت إلى النشور فان ختم لك بالسعادة
صرت إلى الحبور وأنت ملك مطاع وآمن لا تراع يطوف عليكم
ولدان كأنهم الجمان بكأس من معين لذة للشاربين أهل
الجنة فيها يتغمون وأهل النار فيها معذبون هؤلاء في
السندس والحرير يتجنترون وهؤلاء في الجحيم والسعير يتقلبون
هؤلاء تحشى جماجمهم بمسك الجنان وهؤلاء يضربون بمقامع

174
النيران هؤلاء يعانقون الحور في الحجال وهؤلاء يطوقون
اطواقا بالاغلال في النار قلبي فزع قد أعيى الأطباء وبه
داء لا يقبل الدواء يا من يسلم إلى الدود ويهدى إليه اعتبر
بما تسمع وترى وقل لعينيك تجفوا لذة الكرى وتفيض من
الدموع بعد الدموع تترى بيتك القبر بيت الأهوال والبلى
وغايتك الموت يا قليل الحياء اسمع يا ذا الغفلة والتصريف من
ذي الوعظ والتعريف جعل يوم الحشر يوم العرض والسؤال والحباء
والنكال يوم تقلب فيه اعمال الأنام يوم تذوب من النفوس
احداق عيونها وتضع الحوامل ما في بطونها وتفرق من كل
كل نفس وحبيبها ويحار في تلك الأهوال عقل لبيبها إذا تنكرت
الأرض بعد حسن عمارتها وتبدلت بالخلق بعد أنيق زهرتها
أخرجت من معادن الغيب أثقالها ونفضت إلى الله احمالها يوم
لا ينفع الجد إذا عاينوا الهول الشديد فاستكانوا وعرف المجرمون

175
بسيماهم فاستبانوا فانشقت القبور بعد طول انطباقها واستسلمت
النفوس إلى الله بأسبابها كشف عن الآخرة غطاءها وظهر
للخلق انباءها فدكت الأرض (الجبال) دكا دكا ومدت لأمر
يراد بها مدا مدا واشتد المثارون (المبادون) إلى الله
شدا شدا وتزاحفت الخلائق إلى المحشر زحفا زحفا ورد
المجرمون إلى الأعقاب ردا ردا وجد الامر ويحك يا انسان
جدا جدا وقربوا للحساب فردا فردا وجاء ربك والملك صفا
صفا يسئلهم عما عملوا حرفا حرفا وجئ بهم عراة الأبدان
خشعا أبصارهم امامهم الحساب ومن ورائهم جهنم يسمعون
زفيرها ويرون سعيرها فلم يجدوا ناصرا ولا وليا يجيرهم من الذل
فهم يعدون سراعا إلى مواقف الحشر يساقون سوقا فالسماوات
مطويات بيمينيه كطي السجل للكتب والعباد على الصراط وجلت
قلوبهم يظنون أنهم لا يسلمون ولا يؤذن لهم فيتكلمون

176
ولا يقبل منهم فيعتذرون قد ختم على أفواههم واستنطقت
أيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون يا لها من ساعة ما اشجى
مواقعها من القلوب حين ميز بين الفريقين فريق في الجنة و
فريق في السعير مثل هذا فليهرب الهاربون إذا كانت الدار الآخرة لها
يعمل العاملون
اللغات الترصد الترقب ضراعة يقال ضرع يضرع من باب تعب إذا ذل يانعة يقال ينع
إذا أدرك ونضج المولع المعزى من الغرور الحتوف جمع الحتف وهو الموت يقال مات حتف انفه
أي مات على فراشه من غير قتل التوسد جعل الشئ تحت رأسه من الوسادة وهي المتكى الدود السوس
وهو اسم لما يتولد من الانسان أو الحيوان أو غيرهما الدلال المجالفة من دلت المرأة إذا أجرئت وجلفت
الجمان بضم الجيم وخفة الميم الدر الكرى السهر الأنيق الحسن المعجب الدك الدق والهدم وما استوى
من الرمل المثار المستغيث ليثار بمقتوله (اشجى افعل التفضيل من شجى الرجل شجا إذا حزن الشجى الحزن
157 / 59 ومن خطبه عليه السلام
تحف العقول المطبوع في طهران في المطبعة الحيدرية سنة (1376) ه‍ ق ص 61 للشيخ الثقة الجليل
الأقدم أبى محمد الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة الحراني من اعلام القرن الرابع قال أعلى الله مقامه
خطبته عليه السلام في اخلاص التوحيد
ان أول عبادة الله معرفته واصل معرفته توحيده ونظام توحيده
نفى الصفات عنه لشهادة العقول ان كل صفة وموصوف مخلوق
وشهادة كل مخلوق ان له خالقا ليس بصفة ولا موصوف و

177
شهادة كل صفة وموصوف بالاقتران وشهادة الاقتران
بالحدث وشهادة الحدث بالامتناع من الأزل الممتنع من حدثه
فليس الله عرف من عرف ذاته ولاله وحد من نهاه ولا به
صدق من مثله ولا حقيقته أصاب من شبهه ولا إياه
أراد من توهمه ولا له وحد من اكتنهه ولا به آمن من
جعل له نهاية ولا صمده من أشار إليه ولا إياه عنى من
حده ولا له تذلل من بعضه كل قائم بنفسه مصنوع و
كل موجود في سواه معلول بصنع الله يستدل عليه وبالعقول
تعتقد معرفته وبالفكرة تثت حجته وبآياته احتج على خلقه
خلق الله الخلق فعلق حجابا بينه وبينهم فبما ينته إياهم
مفارقته آنيتهم وابداءه إياهم شاهد على الا أداة فيه
لشهادة الأدوات بفاقة المؤدين وابتداءه إياهم دليل على
الا ابتداء له لعجز كل مبتدء عن ابتداء غيره أسماءه تعبير و

178
أفعاله تفهيم وذاته حقيقة وكنهه تفرقة بينه وبين خلقه
قد جهل الله من استوصفه وتعداه من مثله واخطاه من اكتنهه
فمن قال أين فقد بوأه ومن قال فيم فقد ضمنه ومن قال إلى
م فقد نهاه ومن قال لم فقد علله ومن قال كيف فقد شبهه
ومن قال إذ فقد وقته ومن قال حتى فقد غياه ومن غياه
فقد جزاه ومن جزاه فقد وصفه ومن وصفه فقد الحد فيه
ومن بعضه فقد عدل عنه لا يتغير الله بتغيير المخلوق كما لا يتحدد
بتحديد المحدود أحد لا بتأويل عدد صمد لا بتبعيض بدد باطن
لا بمداخلة ظاهر لا بمزايلة متجل لا باشتمال رؤية لطيف لا بتجسم
فاعل لا باضطراب حركة مقدر لا بجول فكر (ة) مدبر لا بحركة
سميع لا بالة بصير لا بأداة قريب لا بمداناة بعيد لا بمسافة
موجود لا بعد عدم لا تصحبه الأوقات ولا تتضمنه الأماكن
ولا تأخذه السناة ولا تحده الصفات ولا تقيده الأدوات سبق

179
الأوقات كونه والعدم وجوده والابتداء أزله بتشعيره المشاعر
علم أن لا مشعر له وبتجهيره الجواهر علم أن لا جوهر له وبانشائه
البرايا علم أن لا منشئ له وبمضادته بين الأمور عرف ان لاضد
له وبمقارنته بين الأشياء علم أن لا قرين له ضاد النور
بالظلمة والصرد بالحرور مؤلفا بين متعادياتها متقاربا
بين متبايناتها دالة بتفريقها على مفرقها وبتاليفها على مؤلفها
جعلها سبحانه دلائل على ربوبيته وشواهد على غيبته ونواطق
عن حكمته إذ ينطق تكونهن عن حدثهن ويخبرن بوجودهن
عن عدمهن وينبأن بتنقيلهن عن زوالهن ويعلن بأفولهن
ان لا أفول لخالقهن وذلك قوله جل ثناءه ومن كل شئ
خلقنا زوجين لعلكم تذكرون ففرق بين هاتين قبل وبعد
ليعلم ان لا قبل له ولا بعد شاهد بغرائزها ان لا غريزة لمغرزها
دالة بتفاوتها ان لا تفاوت في مفاوتها مخبرة بتوقيتها ان

180
لا وقت لموقتها حجب بعضها عن بعض ليعلم ان لا حجاب بينه و
بينها ثبت له معنى الربوبية إذ لا مربوب وحقيقة الإلهية
ولا مألوه وتأويل السمع ولا مسموع ومعنى العلم ولا معلوم
ووجوب القدرة ولا مقدور عليه ليس مذ خلق الخلق استحق
اسم الخالق ولا باحداثه البرايا استحق اسم الباري فرقها لامن
شئ والفها لا بشئ وقدرها لا بالاهتمام لا تقع الأوهام
على كنهه ولا تحيط الافهام بذاته لا تفوته متى ولا تدينه
قد ولا تحجبه لعل ولا تقارنه مع ولا تشتمله هو انما تحد
الأدوات أنفسها وتشير الآلة إلى نظائرها وفى الأشياء توجد
أفعالها وعن الفاقة تخبر الأداة وعن الضد يخبر التضاد والى
شبهه يؤل الشبيه ومع الاحداث أوقاتها وبالأسماء تفترق
صفاتها ومنها فصلت قرائنها واليها آلت احداثها منعتها مذ
القدمة وحمتها قد الأزلية ونفت عنها لولا الجبرية افترقت

181
فدلت على مفرقها وتباينت فأعربت عن مباينها تجلى صانعها
للعقول وبها احتجب عن الرؤية واليها تحاكم الأوهام وفيها
أثبتت العبرة ومنها أنيط الدليل بالعقول يعتقد التصديق
بالله وبالاقرار يكون الايمان لا دين الا بمعرفة ولا معرفة
الا بتصديق ولا تصديق الا بتجريد التوحيد ولا توحيد الا
بالاخلاص ولا اخلاص مع التشبيه ولا نفى مع اثبات الصفات
ولا تجريد الا باستقصاء النفي كله اثبات بعض التشبيه يوجب
الكل ولا يستوجب كل التوحيد ببعض النفي دون الكل والاقرار
نفى الانكار ولا ينال الاخلاص بشئ من الانكار كل موجود
في الخلق لا يوجد في خالقه وكلما يمكن فيه يمتنع في صانعه
لا تجرى عليه الحركة ولا يمكن فيه التجزية ولا الاتصال وكيف
يجرى عليه ما هو اجراه ويعود عليه ما هو ابتداه ويحدث
فيه ما هو أحدثه إذا لتفاوتت ذاته ولتجزئ كنهه ولامتنع من

182
الأزل معناه ولما كان للأزل معنى الا معنى الحدث ولا
للبارئ الا معنى المبروء لو كان له وراء لكان له امام ولا التمس
التمام إذ لزمه النقصان وكيف يستحق اسم الأزل من لا يمتنع
من الحدث وكيف يستأهل الدوام من تنقله الأحوال و
الأعوام وكيف ينشئ الأشياء من لا يمتنع من الأشياء إذا
لقامت فيه آلة المصنوع ولتحول دليلا بعد إن كان مدلولا
عليه ولاقترنت صفاته بصفات ما دونه ليس في محال القول
حجة ولا في المسألة عنها جواب هذا مختصر منها
أقول قوله عليه السلام أول عبادة الله معرفته أي أشرفها وأقدمها زمانا ورتبة معرفته لأنها
شرط لقبول الطاعات واصل معرفته توحيده إذ مع اثبات الشريك أو القول بتركيب الذات أو
زيادة الصفات يلزم القول بالامكان فلم يعرف المشرك الواجب ولم يثبته فمن لم يوحده لا ينال بدرجة
المعرفة ونظام التوحيد وتمامه نفى الصفات الزائدة الموجودة عنه إذ أول التوحيد نفى الشرك عنه
ثم نفى التركيب ثم نفى الصفات الزائدة فهذا كماله ونظامه قوله لشهادة العقول إلى من حدثه استدل
عليه السلام على نفى زيادة الصفات بان العقول شهدت بان كل صفة محتاجة إلى الموصوف لقيامها
به والموصوف كذلك لتوقف كماله بالصفة فهو في كماله محتاج إليها وكل محتاج إلى الغير ممكن فلا يكون
شئ منهما واجبا ولا المركب منهما فثبت احتياجهما إلى علة ثالثة ليست بموصوف ولا صفة والا لعاد
المحذور قوله ومن نهاه بالتشديد أي جعل له حدا ونهاية قوله ومن مثله أي من جعل له شخصا ومثالا
في ذهنه وجعل الصورة الذهنية ومثالا له فهو لا يصدق بوجوده ولا يصاب بحقيقته لان كلما

183
توهمه المتوهم فهو مخلوقة ومصنوع وهمه وقوله من اكتنهه أي بين كنه ذاته أو طلب الوصول إلى
كنهه إذ لو كان يعرف كنهه لكان شريكا مع الممكنات في التركيب والصفات الامكانية فهو
ينافي التوحيد قوله من أشار إليه أي لا قصد نحوه من أشار إليه بإشارة حسية أو الأعم
منها ومن الوهمية والعقلية قوله من بعضه أي حكم بان له اجزاء أو ابعاضا قوله وكل موجود
في سواه معلول أي كل ما يعلم وجوده ضرورة بالحواس من غير أن يستدل عليه بالآثار فهو
مصنوع أو أراد ان كل معلوم بحقيقته فإنما يعلم من جهة اجزائه وكل ذي جزء فهو مركب
فكل معلوم الحقيقة مركب وكل مركب محتاج إلى مركب يركبه وصانع يصنعه فإذا كل معلوم
الحقيقة هو مصنوع قوله كل موجود في سواه معلول لعل هذا الكلام وما قبله إشارة إلى أن
الله تعالى لا جوهر ولا عرض ولا يوصف بشئ منهما قوله بصنع الله يستدل عليه يعنى
بالآثار يستدل على وجوده وبالتعقل يكمل معرفته وبالتذكر والتدبر تثبت حجته وفى بعض النسخ
بالفطرة تثبت حجته قوله خلق الله الخلق الخلقة سبب لاحتجاب الخالق عن المخلوق لان الخلقة صفة كمال
له وكماله تعالى ونقض مخلوقه حجاب بينه وبينهم قوله مفارقته آنيتهم يعنى بمفارقة ذاته تعالى
وحقيقة عن ذاتهم وحقيقتهم - اعلم أن مباينته تعالى إياهم ليس بحسب المكان حتى يكون في
مكان وغيره في مكان آخر بل انما هي بان فارق اينيتهم فليس له أين ومكان وهو محبوسون في
مطمورة المكان أو المعنى ان مباينته لمخلوقه في الصفات صار سببا لان ليس له مكان قوله أسماءه
تعبير أي ليست عين ذاته وصفاته بل هي معبرات تشهد عنها وافعاله تفهيم ليعرفوه وليستدلوا
على وجوده وعلمه وقدرته وحكمته ورحمته وذاته حقيقة أي حقيقة مكونة عالية لا تصل إليها
عقول الخلق بان يكون التنوين للتعظيم والتبهيم أو خليفة بان تتصف بالكمالات دون غيرها
أو ثابتة واجبة لا يعتريها التغير والزوال فان الحقيقة ترد بتلك المعاني كلها وكنهه تفرقه
بينه وبين خلقه لعدم اشتراكه معهم في شئ والحاصل عدم امكان معرفة كنهه قوله تعداه
أي تجاوزه قوله من اكتنه أي توهم انه أصاب كنهه وفى بعض النسخ اعله وهو تصحيف ولعله قوله
غياه أي جعل لبقائه غاية ونهاية قوله أحد لا بتأويل عدد بان يكون معه ثان من جنسه أو بان
يكون واحدا مشتملا على اعداد وقوله صمد لا بتبعيض بدد الصمد هو السيد المقصود إليه في الحوائج
لأنه القادر على أدائه والبدد جاء بمعنى الحاجة فعلى هذا يكون المعنى هو السيد المصمود المقصود إليه
في الحوائج من دون تبعيض الحاجة وقوله متجل لا باشتمال رؤية التجلي الانكشاف والظهور لا من جهة

184
وقوله لا بمزايلة أي لا بمفارقة مكان بان انتقل عن مكان إلى مكان حتى خفى عنهم أو بان دخل
في بواطنهم حتى عرفها بل لخفاء كنهه عن عقولهم وعلمه ببواطنهم واسرارهم وقوله لا بتجسم
أي لطيف لا بكون جسما له قوام رقيق أو حجم صغير أو تركيب غريب وصنع عجيب وقوله فاعل لا باضطراب
حركة إما فاعل فلانه موجد العالم واما تنزيهه في فاعليته عن الاضطراب فلتزهه عن عوارض الأجسام
وقوله مقدر لا بجول فكرة أي ليس في تقديره الأشياء محتاجا إلى جولان الفكر قوله قريب لا بمداناة
أي ليس قربه قربا مكانيا بالدنو من الأشياء بل بالعلم والعلية والرحمة وقوله بعيد لا بمسافة أي
ليس بمباينة لبعده بحسب المسافة عنهم بل لغاية كماله ونقصهم باينهم في الذات والصفات قوله لا
تصحبه الأوقات لحدوثها وقدمه تعالى أوليس بزماني أصلا قوله ولا تأخذه السنات السنات جمع
السنة بالكسر وهي النعاس وأول النوم قوله سبق الأوقات كونه أي كان وجوده سابقا على الأزمنة
والأوقات بحسب الزمان الوهمي والتقديري قوله والعدم وجوده بنصب العدم ورفع الوجود أي
وجوده لوجوبه سبق وغلب العدم فلا يعتريه عدم أصلا قوله بتشعيره المشاعر أي بخلقه المشاعر
الادراكية وأفاضتها على الخلق عرف ان لا مشعر له وهو إما لأنه تعالى لا يتصف بخلقه أو لأنا
بعد افاضته المشاعر علمنا احتياجا في الادراك إليها فحكمنا بتنزهه تعالى عنها لاستحالة احتياجه
تعالى إلى شئ أو لما يحكم العقل به من المباينة بين الخالق والمخلوق في الصفات وقوله بتجهيره
الجواهر أي بتحقيق حقائقها وإيجاد ماهياتها عرف انها ممكنة وكل ممكن محتاج إلى مبدء فمبدأ
المبادى لا يكون حقيقة من هذه الحقائق وقوله بمضادته بين الأمور أي عقدة التضاد بين
الأشياء دليل على استواء نسبتها إليه فلا ضد له إذ لو كانت له طبيعة تضاد شيئا لاختص ايجاده
بما يلائمها لا ما يضادها فلم تكن اضداد والمقارنة بين الأشياء في نظام الخلقة دليل على أن صانعها
واحد لا قرين له إذ لو كان له شريك لخالفه في النظام الايجادي فلم تكن مقارنة والمقارنة هي
المشابهة في هنا الصرد البرد فارسي معرب المتعاديات كالعناصر المختلفة الغرائز الطبائع والمغرز
موجد الغرائز ومفيضها عليه والمفاوت على صيغة اسم الفاعل من جعل بينها التفاوت وانما قال
تأويل السمع لأنه ليس فيه تعالى حقيقة بل مؤول يعلمه بالمسموعات قوله ليس مذ خلق وذلك لان
خالقية التي هي كماله هي القدرة على كل ما علم أنه أصلح ونفس الخلق من آثار تلك الصفة الكمالية ولا يتوقف
كماله عليه والبرايا جمع البرية وهي الخلق قوله ولا تدنيه قد يعنى لما لم يكن زمانيا لا تدينه كلمة قد
التي للتحقيق إلى العلم بحصول شئ ولا تحجبه كلمة لعل التي هي لترجى أمر في المستقبل أي لا يخفى عليه الأمور

185
المستقبلة أوليس له شك في أمر حتى يمكن أن يقول لعل قوله ولا تقارنه مع بان يقال كان
شئ معه أزلا أو مطلق المعية بناء على نفى الزمان أو الأعم من المعية الزمانية أيضا ولا
تشتمله هو لعله تصحيف من النساخ والصحيح انه لا يشمله حين كما في النهج أولا يشمل بحد والمراد إما
الحد اللغوي وهو النهاية التي تحيط بالجسم وذلك من لواحق الكم المتصل والمنفصل وهما من الاعراض
ولا شئ من واجب الوجود بعرض أو محل له فامتنع ان يوصف بالنهاية وانما تحد الأدوات أنفسها
المراد بالأدوات هنا آلات الادراك التي هي حادثة ناقصة وكيف يمكن لها ان تحد الأزلي المتعالى
عن النهاية قوله وعن الفاقة تخبر الأداة أي يكشف بالأدوات والآلات عن احتياج الممكنات
وبالضد عن التضاد وبالتشبيه عن شبه الممكنات بعضها من بعض وبالحديثة يكشف عن توقيتها
وتفترق الأسماء عن صفاتها مذ وقد ولولا كلها فواعل لأفعال قبلها ومذ وقد
لابتداء والتقريب ولا تكونان الا في الزمان المتناهى وهذا مانع للقدم والأزلية وكلمة لولا
مركب من لو بمعنى الشرط ولا بمعنى النفي ويستفاد منها التعليق وهو ينافي الجبرية وقوله بها تجلى
أي بهذه الآلات والأدوات التي هي حواسنا ومشاعرنا وبخلقه إياها وتصويره لنا تجلى للعقول
وعرف لأنه لو لم يخلقها لم يعرف وقوله بها احتجب عن الرؤية أي بها استنبطنا استحالة كونه
مرئيا بالعيون لا بالمشاعر والحواس كملت عقولنا وبعقولنا استخرجنا الدلالة على أنه لا تصح رؤيته
فاذن بخلقه الآلات والأدوات لنا عرفناه عقلا قوله وإذا لتفاوتت ذاته أي لاختلف ذاته
باختلاف الاعراض عليها ولتجزأت حقيقته وقوله لامتنع عن الأزل معناه أي لو كان قابلا
للحركة والسكون لكان جسما ممكنا لذاته فكان مستحقا للحدوث الذاتي بذاته فلم يكن مستحقا للأزلية
بذاته فيبطل من الأزلية معناه وهذا القول وما بعده كالتعليل لما سبق قوله إذا لقامت يعنى لو
كان فيه تلك الحوادث والتغيرات لقامت فيه علامة المصنوع وكان دليلا على وجود صانع آخر
غيره ومشترك مع غيره في الصفات فليس في هذا القول المحال حجته ولا في السؤال عنه جواب لظهور
خطاءه لأنه إذا يكون ممكنا كسائر الممكنات وليس واجب الوجود أقول هذه الخطبة منقول في النهج
مع اختلاف وزيادات ورواها الصدوق في التوحيد والعيون عن علي بن موسى الرضا عليه السلام
بأدنى تفاوت
158 / 60 ومن خطبه عليه السلام

186
تحف العقول ص 149 قال خطبته عليه السلام المعروفة بالديباج الحمد لله فاطر
الخلق وخالق الاصباح ومنشر الموتى وباعث من في القبور
اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده
ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم عباد الله ان أفضل ما
توسل به المتوسلون إلى الله جل ذكره الايمان بالله وبرسله
وما جاءت به من عند الله والجهاد في سبيله فإنه ذروة
الاسلام وكلمة الاخلاص فإنها الفطرة وإقامة الصلاة
فإنها الملة وايتاء الزكاة فإنها فريضة وصوم شهر رمضان
فإنه جنة حصينة وحج البيت والعمرة فإنهما ينفيان الفقر
ويكفران الذنب ويوجبان الجنة وصلة الرحم فإنها ثروة
في المال ومنساة في الاجل وتكثير للعدد والصدقة في السر
فإنها تكفر الخطاء وتطفئ غضب الرب تبارك وتعالى والصدقة
في العلانية فإنها تدفع ميتته السوء وصنائع المعروف فإنها

187
تقى مصارع السوء وأفيضوا في ذكر الله جل ذكره فإنه أحسن
الذكر وهو أمان من النفاق وبرائة من النار وتذكير لصاحبه
عند كل خير يقسمه الله جل وعز وله دوى تحت العرش وارغبوا
فيما وعد المتقون فان وعد الله أصدق الوعد وكلما وعد فهو
آت كما وعد فاقتدوا بهدى رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم فإنه أفضل الهدى واستنوا بسنته فإنها أشرف السنن
وتعلموا كتاب الله تبارك وتعالى فإنه أحسن الحديث وأبلغ
الموعظة وتفقهوا فيه فإنه ربيع القلوب واستشفوا بنوره
فإنه شفاء لما في الصدور وأحسنوا تلاوته فإنه أحسن القصص
وإذا قرئ عليكم القرآن فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون و
إذا هديتم لعلمه فاعملوا بما علمتم منه لعلكم تفلحون واعلموا عباد
الله ان العالم العامل بغير علمه كالجاهل الحائر الذي لا يستفيق
من جهله بل الحجة عليه أعظم وهو عند الله ألوم والحسرة أدوم

188
على هذا العالم المنسلخ من علمه مثل ما على هذا الجاهل المتحير
في جهله وكلاهما حائر بائر مضل مفتون مبتور ما هم فيه و
باطل ما كانوا يعملون عباد الله لا ترتابوا فتشكوا ولا تشكوا
فتكفروا ولا تكفروا فتندموا ولا ترخصوا لأنفسكم فتدهنوا و
تذهب بكم الرخص مذاهب الظلمة فتهلكوا ولا تداهنوا في الحق
إذا ورد عليكم وعرفتموه فتخسروا خسرانا مبينا عباد الله ان من الحرم
ان تتقوا الله وان من العصمة ان لا تغتروا بالله عباد الله ان
انصح الناس لنفسه أطوعهم لربه واغشهم لنفسه أعصاهم لربه
عباد الله انه من يطع الله يا من ويستبشر ومن يعصه يخب ويندم
ولا يسلم عباد الله سلوا لله اليقين فان اليقين رأس الدين و
ارغبوا إليه في العافية فان أعظم النعمة العافية فاغتنموها للدنيا
والآخرة وارغبوا إليه في التوفيق فإنه أس وثيق واعلموا ان خير
ما لزم القلب اليقين وأحسن اليقين التقى وأفضل أمور الحق عزائمها

189
وشرها محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة و
بالبدع هدم السنن المغبون من غبن دينه والمغبوط من سلم
له دينه وحسن يقينه والسعيد من وعظ بغيره والشقي من انخدع
لهواه عباد الله اعلموا ان يسيرا الريا شرك وان اخلاص العمل
اليقين والهوى يقود إلى النار ومجالسة أهل اللهو ينسى القرآن
ويحضر الشيطان والنسئ زيادة في الكفر واعمال العصاة تدعوا
إلى سخط الرحمن وسخط الرحمن يدعو إلى النار ويزيغ القلوب
والرمق لهن يخطف نور ابصار القلوب ولمح العيون مصائد الشيطان
ومجالسة السلطان يهيج النيران عباد الله اصدقوا فان الله مع
الصادقين وجانبوا الكذب فإنه حجاب للايمان وان الصادق
على شرف منجاة وكرامة والكاذب على شفا مهواة وهلكة وقولوا
الحق تعرفوا به واعملوا به تكونوا من أهله وأدوا الأمانة إلى
من أئتمنكم عليها وصلوا أرحام من قطعكم وعودوا بالفضل على من

190
حرمكم وإذا عاقدتم فأوفوا وإذا حكمتم فاعدلوا وإذا ظلمتم فاصبروا
وإذا أسيئ إليكم فاعفوا واصفحوا كما تحبون ان يعفى عنكم ولا تفاخروا
بالإباء ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الايمان
ولا تمازحوا ولا تغاضبوا ولا تباذخوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب
أحدكم ان يأكل لحم أخيه ميتا ولا تحاسدوا فان الحسد يأكل
الايمان كما تأكل النار الحطب ولا تباغضوا فإنها الحالقة و
افشوا السلام في العالم وردوا التحية على أهلها بأحسن منها وارحموا
الأرملة واليتيم وأعينوا الضعيف والمظلوم والغارمين وفى سبيل
الله وابن السبيل والسائلين وفى الرقاب والمكاتب والمساكن و
انصروا المظلوم واعطوا الفروض وجاهدوا أنفسكم في الله حق جهاده
فإنه شديد العقاب وجاهدوا في سبيل الله وأقروا الضيف و
أحسنوا الوضوء وحافظوا على الصلوات الخمس في أوقاتها من الله جل
وعز بمكان ومن تطوع خيرا فهو خبز له فان الله شاكر عليم تعاونوا

191
على البر والتقوى ولا تعانوا على الاثم والعدوان واتقوا الله
حق تقاته ولا تموتن الا وأنتم مسلمون واعلموا عباد الله
ان الأمل يذهب العقل ويكذب الوعد ويحث على الغفلة
ويورث الحسرة فأكذبوا الأمل فإنه غرور وان صاحبه مأزوره
فاعملوا في الرغبة والرهبة فان نزلت بكم رغبة فاشكروا
وأجمعوا معها رغبة فان الله قد تأذن للمسلمين بالحسنى و
لمن شكر بالزيادة فانى لم أر مثل الجنة نام طالبها ولا كالنار
نام هاربها ولا أكثر مكتسبا ممن كسبه اليوم تذخر فيه الذخاير
وتبلى فيه السرائر وان مل لا ينفعه الحق يضره الباطل ومن
لا يستقيم به الهدى تضره الضلالة ومن لا ينفعه اليقين يضره
الشك وانكم قد امرتم بالظعن ودللتم على الزاد الا ان
أخوف ما أتخوف عليكم اثنان طول الأمل واتباع الهوى
الا وان الدنيا قد أدبرت وآذنت بانقلاع الاوان الآخرة

192
قد أقبلت وآذنت باطلاع الا وان المضمار اليوم والسباق غدا
الا وان السبقة الجنة والغاية النار الا وانكم في أيام مهل
من ورائه أجل يحثه عجل (العجل) فمن أخلص لله عمله في أيامه
قبل حضور اجله نفعه عمله ولم يضره اجله ومن لم يعمل في
أيام مهله ضره اجله ولم ينفعه عمله عباد الله افزعوا إلى
قوادم دينكم باقام الصلاة لوقتها وايتاء الزكاة في حينها و
التضرع والخشوع وصلة الرحم وخوف المعاد واعطاء السائل
واكرام الضعفة (والضعيف) وتعلم القرآن والعمل به
وصدق الحديث والوفاء بالعهد وأداء الأمانة إذا ائتمنتم
وارغبوا في ثواب الله وارهبوا عذابه وجاهدوا في سبيل الله
بأموالكم وأنفسكم وتزودا من الدنيا ما تحرزون به أنفسكم
واعملوا بالخير تجزوا بالخير يوم يفوز بالخير من قدم الخير
أقول قولي واستغفر الله لي ولكم

193
اللغات الذروة بالكسر والضم من كل شئ أعلاه الثروة الكثرة المنسأة من النساء التأخير
أفيضوا أي أسرعوا واندفعوا الدوى الصوت الهدى بالفتح الطريقة والسيرة قوله لا يستفيق من
جهله أي كجاهل المتحير الذي لا افاق من جهله البائر الفاسد الهالك الذي لا خير فيه وفى المثل -
حائر بائر أي لا يطيع مرشدا ولا يتجه لشئ المبتور المقطوع لا ترخصوا أي لا تجعلوه رخيصا والرخصة
بالضم التسهيل والتخفيف والأدهنان المصانعة كالمداهنة أي المساهلة الأس بالتثليث الأساس
الرمق طول النظر إلى الشئ وفعله من باب قتل واللمحة بالفتح النظرة بالعجلة والنظرة الخفيفة أي ونظر
العيون إليه خفيفة أي بنظر خفيف من جائل الشيطان ومكائده الشرف بالتحريك العلو والمكان العالي
والمنجاة بالفتح الباعث على النجاة ويقال الصدق منجاة أي منج وشفا المراد به كل شئ طرفه وجانبه
والهواة ما بين الجبلين ونحوه التمارخ التداعب والتلاعب والتباذخ التفاخر الحالقة الخصلة
السيئة التي تحلق أي تهلك كل خصلة حسنة الأرملة الضعفاء ويطلق أيضا على المسكين ومن لا أهل
له ومن ماتت زوجها قرى الضيف أي اضافه المأزور الاسم المفعول من وزر وقياسه موزور
أي الاثم الحسنى العاقبة الحسنة الظعن الرحيل والامر تكويني والمراد بالزاد اتيان الأعمال الصالحات و
ترك السيئات آذنت أي أعلمت من الاذن بمعنى الاعلام الاطلاع من اطلع على فلان أي أشرف و
اتاه ويفهم منه الاتيان بفجأة المضمار الموضع الذي تضمر فيه الخيل والسباق المسابقة السبعة
بفتح السين وسكون الباء المهل بالفتح المهلة الافزاع الإخافة
159 / 61 ومن كلامه عليه السلام
تحف العقول ص 154 قال ومن حكمه صلوات الله عليه وترغيبه وترهيبه ووعظه
إما بعد فان المكر والخديعة في النار فكونوا من الله على وجل
ومن صولته على حذر ان الله لا يرضى لعباده بعد اعذاره
وانداره استطرادا واستدراجا من حيث لا يعلمون ولهذا يضل
سعى العبد حتى ينسى الوفاء بالعهد ويظن انه قد أحسن صنعا

194
ولا يزال كذلك في ظن ورجاء وغفلة عما جاءه من النبأ يعقد
على نفسه العقد ويهلكا بكل جهد وهو في مهلة من الله على
عهد يهوى مع الغافلين ويغدو مع المذنبين ويجادل في
طاعة الله المؤمنين ويستحسن تمويه المترفين فهؤلاء قوم
شرحت قلوبهم بالشبهة وتطاولوا على غيرهم بالفرية و
حسبوا انها لله قربة وذلك لانهم عملوا بالهوى وغيروا كلام
الحكماء وحرفوه بجهل وعمى وطلبوا به السمعة والرياء بلا
سبل قاصدة ولا اعلام جارية ولا منار معلوم إلى أمدهم
والى منهل هم وأردوه حتى إذا كشف الله لهم عن ثواب
سياستهم واستخرجهم من جلابيب غفلتهم استقبلوا مدبرا
واستدبروا مقبلا فلم ينتفعوا بما ادركوا من أمنيتهم ولا بما تألوا
من طلبتهم ولا ما قضوا من وطرهم وصار ذلك عليهم وبالا
فصاروا يهربون مما كانوا يطلبون وانى أحذركم هذه المزلة

195
وآمركم بتقوى الله الذي لا ينفع غيره فلينتفع بنفسه إن كان
صادقا على ما يجن ضميره فإنما البصير من سمع وتفكر
ونظر وابصر وانتفع بالعبر وسلك جددا واضحا يتجنب فيه
الصرعة في الهوى ويتنكب طريق العمى ولا يعين على فساد
نفسه الغواة بتعسف في حق أو تحريف في نطق أو تغيير في صدق
ولا قوة الا بالله قولوا ما قيل لكم وسلموا لما روى لكم
ولا تكلفوا مالم تكلفوا فإنما تبعته عليكم فيما كسبت أيديكم
ولفظت ألسنتكم أو سبقت إليه غايتكم واحذروا الشبهة
فإنها وضعت للفتنة واقصدوا السهولة واعملوا فيما
بينكم بالمعروف من القول والفعل واستعملوا الخضوع و
استشعروا الخوف والاستكانة لله واعملوا فيما بينكم
بالتواضع والتناصف والتباذل وكظم الغيظ فإنها وصية
الله وإياكم والتحاسد والاحقاد فإنهما من فعل الجاهلية

196
ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله ان الله خبير بما تعملون
أيها الناس اعلموا علما يقينا ان الله لم يجعل للعبد وان اشتد
جهده وعظمت حيلته وكثرت نكايته أكثر مما قدر له في الذكر
الحكيم أيها الناس انه لن يزداد امرء نقيرا بحذقه ولن
ينتقص نقيرا بحمقه فالعالم بهذا العامل به أعظم الناس
راحة في منفعة والتارك له أكثر الناس شغلا في مضرة رب
منعم عليه في نفسه مستدرج بالاحسان إليه ورب مبتلى
عند الناس مصنوع له فأفق أيها المستمتع من سكرك وانبته
من غفلتك وقصر من عجلتك وتفكر فيما جاء عن الله تبارك
وتعالى فيما لا خلف فيه ولا محيص عنه ولابد منه ثم ضع فخرك
ودع كبرك واحضر ذهنك واذكر قبرك ومنزلك فان عليه ممرك
واليه مضيرك وكما تدين تدان وكما تزرع تحصد وكما تصنع يصنع
بك وما قدمت إليه تقدم عليه غدا لا محالة فلينفعك النظر

197
فيما وعظت به وع ما سمعت ووعدت فقد اكتنفك بذلك
خصلتان ولابد ان تقوم بأحدهما إما طاعة الله تقوم لها
بما سمعت واما حجة الله تقوم لها بما علمت والحذر الحذر
والجد الجد وانه لا ينبئك مثل خبير ان من عزائم الله في الذكر
الحكيم التي لها يرضى ولها يسخط ولها يثبت وعليها يعاقب
انه ليس بمؤمن وان حسن قوله وزين وصفه وفضله غيره
إذا خرج من الدنيا فلقى الله بخصلة من هذه الخصال لم يتب
منها الشرك بالله فيما افترض عليه من عبادته أو شفاء غيظ
بهلاك نفسه أو يقر بعمل فعمل بغيره أو يستنجح حاجة إلى
الناس باظهار بدعة في دينه أو سره ان يحمده الناس
بما لم يفعل من خير أو مشى في الناس بوجهين ولسانين و
التجبر والأبهة واعلم أن (واعقل ذلك فان) المثل دليل
على شبهه ان البهائم همها بطونها وان السباع همها التعدي

198
والظلم وان النساء همهن زينة الدنيا والفساد فيها وان
المؤمنين مشفقون مستكينون خائفون
اللغات الصولة السطوة والقدرة الاستدراج الارتقاء من درجة إلى درجة ويطلق على
الخدعة أيضا واستدراج الله للعبد انه كلما جدد خطيئته جدد له نعمة وأنساه الاستغفار فيأخذه
قليلا قيلا قال الله تعالى سنستدرجهم من حيث لا يعلمون التمويه التبليس والممزوج من الحق والباطل
المترف المتنعم والذي يترك ويصنع ما يشاء ولا يمنع تطاول عليه أي اعتدى وترفع عليه والفرية
بالكسر الكذب القذف الرمي والكذبة العظيمة التي بتعجب منها السمعة بالضم ما يسمع يقال فعله رياءا و
سمعة أي ليراه الناس ويسمعونه المنار بالفتح ما يجعل في الطريق للاهتداء والمنهل المورد وموضع
الشرب على الطريق ويطلق أيضا على المنزل الذي في المفاوز على طريق المسافر لان فيه ماء الأمنية هي
ما يتمنى وتطلق على البغية والطلبة بكسر اللام اسم من المطالبة وبالفتح المرة والوطر بفتحتين الحاجة الجدد
بفتحتين الأرض الصلبة المستوية التي يسهل المشي عليها التنكب العدول والتجنب والغواة بالضم جمع غاوى
بمعنى الضال التناصف الانصاف النقير النكتة التي في ظهر النواة والمراد بها هنا الحقير والقليل من
الشئ الذكر الحكيم القرآن ولا ينال الانسان من الكرامة فوق ما نص عليه القرآن قوله وقصر من عجلتك
أي العجلة في طلب الدنيا كما تدين تدان أي كما تجازى بالمبنى للفاعل تجازى بالمبنى للمفعول قوله عليه السلام
أمر من وعى يعى أي احفظ قوله ويستنجح أي يسئل ان يقضوها له والتجبر التكبر الأبهة العظمة والنخوة
160 / 62 ومن كلامه عليه السلام
تحف العقول ص 185 قال ومن كلامه في وضع المال مواضعه لما رأت من أصحابه يفعله معاوية
بمن انقطع إليه وبذله لهم الأموال والناس أصحاب دنيا قالوا لأمير المؤمنين عليه السلام اعط هذا
المال وفضل الاشراف ومن تخوف خلافه وفراقه حتى إذا استتب لك ما تريد عدت إلى أحسن ما
كنت عليه من العدل في الرعية والقسم بالسوية فقال عليه السلام
أتامروني ان اطلب النصر بالجور فيمن وليت عليه من أهل الاسلام
والله لا أطور به ما سمر به سمير وما أم نجم في السماء نجما ولو

199
كان مالهم مالي لسويت بينهم فكيف وانما هي أموالهم ثم
أزم طويلا ساكتا ثم قال من كان له مال فإياه والفساد
فان اعطاءك المال في غير وجهه تبذير واسراف وهو يرفع
ذكر صاحبه في الناس ويضعه عند الله ولم يضع امرء
ماله في غير حقه وعند غير أهله الا حرمه شكرهم وكان
خيره لغيره فان بقى معه منهم من يريد الود ويظهر له الشكر
فإنما هو ملق وكذب وانما يقرب لينال من صاحبه مثل الذي
كان يأتي إليه قبل فان زلت بصاحبه النعل واحتاج إلى
معونته ومكافاته فأشر خليل وآلم خدين مقالة جهال
ما دام عليهم منعما وهو عن ذات الله بخيل فأي حظ أبور
وأخس من هذا الحظ وأي معروف أضيع وأقل عائدة من
هذا المعروف فمن اتاه مال فليصل به القرابة وليحسن به
الضيافة وليفك به العاني والأسير وليعن به الغارمين

200
وابن السبيل والفقراء والمهاجرين وليصبر نفسه على الثواب و
الحقوق فإنه يجوز بهذه الخصال شرفا في الدنيا ودرك فضائل الآخرة
اللغات قوله استتب أي استقام واطرد واستمر لا أطور به أي لا أقاربه والسمير الدهر
يعنى لا أقاربه مدى الدهر ولا افعله ابدا وفى الأمالي (أتامروني ان اطلب النصر بالجور
والله لا افعلن ما طلعت شمس ولاح في السماء نجم والله لو كان مالي لواسيت بينهم و
كيف وانما هو أموالهم) أم أي قصد أي ما قصد نجم نجما أزم أي أمسك ملق ككذب
وزنا مصدر التودد والتذلل والاظهار باللسان من الاكرام والود ما ليس في القلب الخدين
الحبيب والصديق العاني السائل أشرف علينا أي دنا منا وأشفق ما أنتم فيه أي في أي حال
أنتم أقول وقد رواه الشيخ في الأمالي في الجزء السابع مسند أو قال أخبرنا محمد بن محمد قال حدثنا
أبو الحسن علي بن بلال المهلبي قال أخبر نا علي بن عبد الله الأسدي الأصفهاني قال حدثنا إبراهيم بن
محمد الثقفي قال حدثني محمد بن عبد الله بن عثمان قال حدثني علي بن أبي سيف عن علي بن خباب
عن ربيعة وعماره وغيرهما وفى نسخة التحف والأمالي اختلاف يسير نقلت السند من نسخة المطبوعة في طهران
سنة 1313 الهجرية القمرية ص 121
161 / 63 ومن خطبه عليه السلام
أمالي الشيخ ره المطبوع في طهران سنة 1313 الهجرية القمرية الجزء الثاني ص 23 عنه عن شيخه رحمه الله قال
محمد بن محمد بن النعمان قال أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عمران المرزباني قال حدثني أحمد بن سليمان
الطوسي عن الزبير بن بكار قال حدثني عبد الله بن وهب عن السدى عن عبد الخير عن جابر الأسدي
قال قام رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام على ابن أبي طالب فسأله عن الايمان فقام عليه السلام
خطيبا فقال
الحمد لله الذي شرع الاسلام فسهل شرايعه لمن ورده وأعز
أركانه على من حاربه وجعله عزا لمن والاه وسلما لمن دخله
وهدى لمن أئتم به وزينة لمن تحلى به وعصمة لمن اعتصم به

201
وحبلا لمن تمسك به وبرهانا لمن تكلم به ونورا لمن استضاء
به وشاهدا لمن خاصم به وملجأ لمن حاج به وعلما لمن وعاه
وحديثا لمن رواه وحكما لمن قضى به وحلما لمن جرب ولبا
لمن تدبر وفهما لمن فطن ويقينا لمن عقل وتبصرة لمن عزم
وآية لمن توسم وعبرة لمن اتعظ ونجاة لمن صدق ومودة
من الله لمن أصلح وزلفى لمن ارتقى وثقة لمن توكل و
راحة لمن فوض وجنة لمن صبر الحق سبيله والهدى
صفته والحسنى مأثره فهو أبلج المنهاج مشرق المنار
مضئ المصابيح رفيع الغاية يسير المضمار جامع الخلبة (الخيلة)
متنافس السبقة كريم الفرسان التصديق منهاجه والصالحات
مناره والفقه مصابيحه والموت غايته والدنيا مضماره
والقيامة حليته (حلبته) والجنة سبقه والنار نقمته و
التقوى عدته والمحسنون فرسانه فبالايمان يستدل على

202
الصالحات وبالصالحات يعمر الفقه وبالفقه يرهب الموت و
بالموت تحتم الدنيا وبالقيمة تزلف الجنة للمتقين وتبرز الجحيم
للغاوين والايمان على أربع دعائم الصبر واليقين والعدل
والجهاد فالصبر على أربع شعب الشوق والشفق والزهادة
والترقب الا من اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات ومن
أشفق من النار رجع عن المحرمات ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات
ومن ارتقب الموت سارع إلى الخيرات واليقين على أربع شعب تبصرة
الفطنة وتأول الحكمة وموعظة العبرة وسنة الأولين فمن تبصر في
الفطنة تبين الحكمة ومن تبين الحكمة عرف العبرة ومن عرف العبرة
عرف السنة فكانما كان في الأولين والعدل على أربع شعب على
غامض الفهم وعمارة العلم وزهرة الحكم وروضة الحلم فمن فهم
نشر جميع العلم ومن علم عرف شرائع الحكم ومن عرف شرائع الحكم
لم يضل ومن حلم لم يفرط امره وعاش في الناس حميدا والجهاد

203
على أربع شعب على الامر بالمعروف والنهى عن المنكر والصدق
في المواطن وشنئان الفاسقين فمن أمر بالمعروف شد ظهر
المؤمن ومن نهى عن المنكر ارغم أنف الكافر ومن صدق في
المواطن قضى ما عليه ومن شنأ الفاسقين غضب لله و
من غضب لله فهو مؤمن حقا فهذه صفة الايمان ودعائمه
فقال له السائل لقد هديت يا أمير المؤمنين وأرشدت فجزاك الله عن الدين خيرا
اللغات التوسم التفرس والمتوسم المتفرس المتأمل للتثبت في نظره حتى يعرف حقيقة سمت الشئ
أبلج المنهاج الواضح الطريق المضمار الموضع الذي تضمر فيها وتضمر الخيل الخيل والخيلة جماعة من الأفراس
لا واحد له وفى بعض النسخ الحلبه ولعل هذا هو الأصح ووصفه عليه السلام الاسلام بيسير المضمار جامع
الحلبة سريع السبقة اليم النقمة استعارة فلفظ الحلبة استعارة للقيمة والسبقة للجنة وذلك
لان الدنيا مضماره وهي يسيرة والقيمة حلبته وهي مجمعة والجنة سبقته والنار نقمته وفى بعض النسخ
كريم المضمار رفيع الغاية شريف الفرسان فيكون استعارة لفظ المضمار للدين باعتبار ان النفوس
تضمر فيه للسباق إلى حضرة الله تعالى وظاهر كرم ذلك المضمار وشرفه وغايته الوصول إلى خضرة الربوبية
ولا ارفع منها مرتبة وقوله شريف الفرسان لان فرسانه المؤمنون والصديقون والحلبة بالتسكين
خيل تجمع للسباق قوله ثنئان البغضاء يقول المؤلف الفقير عفى الله عن جرائمه
اعلم أن الرضي رضي الله عنه قد نقل بعض هذه الخطبة في النهج باختلاف ونقصان في بعض فقراتها إلى قوله
عليه السلام والجنة سبقته وفى أمالي الشيخ ره بزيادات إلى قوله عليه السلام فهذه صفة الايمان ودعائمه
كما نقلتها عنه ههنا وفى الوافي في الجزء الثالث منه في باب أركان الايمان وصفاته ص 31 نقل شطرا
منها عن الكافي مسندا بزيادة بعض الفقرات وشطر الأخير برواية أخرى وفى تحف العقول نقلها ابسط
وأوفى رأيت نقلها بتمامه عنه تتميما للفائدة وتعميما للعائدة لمن أراد الانتفاع بها والله هو المستعان وولى التوفيق
162 / 64 ومن خطبه عليه السلام

204
تحف العقول ص 162 قال خطبته عليه السلام التي يذكر فيها الايمان ودعائمه وشعبها والكفر
ودعائمه وشعبها ان الله ابتدء الأمور فاصطفى لنفسه منها ما
شاء واستخلص منها ما أحب فكان مما أحب انه ارتضى الايمان
فاشتقه من اسمه فنحله من أحب من خلقه ثم بينه فسهل
شرايعه لمن ورده وأعز أركانه على من جانبه وجعله عزا
لمن والاه وامنا لمن دخله وهدى لمن أئتم به وزينة لمن
تحلى به ودينا لمن انتحله وعصمة لمن اعتصم به وحبلا لمن
استمسك به وبرهانا لمن تكلم به وشرفا لمن عرفه وحكمة
لمن نطق به ونورا لمن استضاء به وحجة لمن خاصم به و
فلجا لمن حاج به وعلما لمن وعى وحديثا لمن روى وحكما
لمن قضى وحلما لمن حدث ولبا لمن تدبر وفهما لمن تفكر
ويقينا لمن عقل وبصيرة لمن عزم وآية لمن توسم وعبرة لمن
اتعظ ونجاة لمن آمن به ومودة من الله لمن صلح وزلفى لمن

205
ارتقب وثقة لمن توكل وراحة لمن فوض وصبغة لمن
أحسن وخيرا لمن سارع وجنة لمن صبر ولباسا لمن اتقى
وتطهيرا لمن رشد وآمنة لمن أسلم وروحا للصادقين
فالايمان أصل الحق واصل الحق سبيله الهدى وصفته
الحسنى ومأثرته المجد فهو أبلج المنهاج مشرق المنار مضئ
المصباح رفيع الغاية يسير المضمار جامع الحلبة متنافس
السبقة قديم العدة كريم الفرسان الصالحات مناره و
العفة مصابيحه والموت غايته والدنيا مضماره والقيمة
حليته والجنة سبقته والنار نقمته والتقوى عدته و
المحسنون فرسانه فبالايمان يستدل على الصالحات و
بالصالحات يعمر الفقه وبالفقه يرهب الموت وبالموت تختم
الدنيا وبالدنيا تحذو الآخرة وبالقيمة تزلف الجنة و
الجنة حسرة أهل النار والنار موعظة التقوى والتقوى سنخ

206
الاحسان والتقوى غاية لا يهلك من تبعها ولا يندم من
يعمل بها لان بالتقوى فاز الفائزون وبالمعصية خسر
الخاسرون فليزدجر أولوا لنهى وليتذكر أهل التقوى
فالايمان على أربع دعائم ثم ساق الكلام إلى آخر دعائم الايمان وشعبها
نحو ما نقلتها عن الأمالي في الخطبة السابقة وشرع في بيان دعائم الكفر وشعبها وقال
والكفر على أربع دعائم على الفسق والغلو والشك والشبهة
فالفسق من ذلك على أربع شعب الجفاء والعمى والغفلة و
العتو فمن جفا حقر المؤمن ومقث الفقهاء وأصر على الحنث
ومن عمى نسى الذكر بذى خلقه وبارز خالقه وألح عليه الشيطان
ومن غفل جنى على نفسه وانقلب على ظهره وحسب غيه رشدا
وغرته الأماني واخذته الحسرة إذا انقضى الامر وانكشف عنه
الغطاء وبدا له من الله مالم يكن يحتسب ومن عتا عن أمر الله
شك ومن شك تعالى الله عليه ثم اذله سلطانه وصغره
بجلاله كما فرط في حياته واغتر بربه الكريم والغلو على

207
أربع شعب على التعمق والتنازع والزيغ والشقاق فمن
تعمق لم ينته إلى الحق ولم يزده الا غرقا في الغمرات لا تخسر
عنه فتنة الا غشيته أخرى فهو يهوى في أمر مريج ومن
نازع وخاصم قطع بينهم الفشل ويلي امرهم من طول اللجاج
ومن زاغ ساءت عنده الحسنة وحسنت عنده السيئة و
سكر سكرا الضلال ومن شاق اعورت عليه طرقه و
اعترض عليه امره وضاق مخرجه وحرام ان ينزع من دينه
من اتبع غير سبيل المؤمنين والشك على أربع شعب على
المرية والهول والتردد والاستسلام فبأي آلاء ربك
تتمارى الممترون ومن هاله ما بين يديه نكص على عقبيه
ومن تردد في دينه سبقه الأولون وادركه الآخرون
ووطئته سنابك الشياطين ومن استسلم لهلكة الدنيا
والآخرة هلك فيها ومن نجا من ذلك فبفضل اليقين

208
والشبهة على أربع شعب على اعجاب بالزينة وتسويل
النفس وتأول العوج ولبس الحق بالباطل وذلك أن
الزينة تصدف عن البينة وتسويل النفس تقحم إلى الشهوة
والعوج يميل بصاحبه ميلا عظيما واللبس ظلمات بعضها
فوق بعض فذلك الكفر ودعائمه وشعبه والنفاق على
أربع دعائم على الهوى والهوينا والحفيظة والطمع
والهوى من ذلك على أربع شعب على البغى والعدوان والشهوة
والعصيان فمن بغى كثرت غوائله وتخلى عنه ونصر عليه
ومن اعتدى لم تؤمن بوائقه ولم يسلم قلبه ومن لم يعذل
نفسه عن الشهوات خاض في الحسرات وسبح فيها ومن عصى
ضل عمدا بلا عذر ولا حجة واما شعب الهوينا فالهيبة والعزة
والمماطلة والأمل وذلك أن الهيبة ترد عن الحق والاغترار
بالعاجل وتفريط الاجل وتفريط المماطلة مورط في العمى

209
ولولا الأمل علم الانسان حساب ما هو فيه ولو علم حساب ما
هو فيه مات خفاتا من الهول والوجل واما شعب الحفيظة
فالكبر والفخر والحمية والعصبية فمن استكبر أدبر ومن فخر
فجر ومن حمى أصر ومن أخذته العصبية جار فبئس الامر
بين ادبار وفجور واصرار وشعب الطمع الفرح والمرح و
التكبر فالفرح مكروه عند الله والمرح خيلاء واللجاجة
بلاء لمن اضطرته إلى حمل الآثام والتكبر لهو ولعب وشغل
واستبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير فذلك النفاق
ودعائمه وشعبه والله قاهر فوق عباده تعالى ذكره و
استوت به مرته واشتدت قوته وفاضت بركته واستضاءت
حكمته وفلجت حجته وخلص دينه وحقت كلمته وسبقت
حسناته وصفت نسبته وأقسطت موازينه وبلغت رسالته
وحضرت حفظته ثم جعل السيئة ذنبا والذنب فتنة و

210
الفتنة دنسا وجعل الحسنى غنما والعتبى توبة والتوبة طهورا
فمن تاب اهتدى ومن افتتن غوى مالم يتب إلى الله ويعترف
بذنبه ويصدق بالحسنى ولا يهلك على الله الا هالك
فالله الله ما أوسع ما لديه من التوبة والرحمة والبشرى
والحلم العظيم وما أنكر ما لديه من الانكال والجحيم والعزة والقدرة
والبطش الشديد فمن ظفر بطاعة الله اختار كرامته ومن لم
يزل في معصية الله ذاق وبيل نقمته هنالك عقبى الدار
أقول
قوله فاشتقه من اسمه ليس المراد من اشتقاقه اشتقاق اللفظ من اللفظ فقط بل اشتقاق
الحقيقة والمعنى من اسمه تعالى كاشتقاق أسماء النبي والأئمة وفاطمة الزهراء صلوات الله عليهم
أجمعين من اسمه تعالى وتبارك والايمان حقيقة رابطة باطنية بين الرب والعبد به يعبد الله و
به يتقرب إليه وبه ينجو من الهلكة وباعتبار هو الاقرار باللسان والاعتقاد بالجنان والعمل بالأركان
قوله جانبه أي صار إلى جنبه وفى الكافي لمن حاربه وفى النهج لمن غالبه أي حاول ان يغلبه ولعله هو
الاظهر الفلج الظفر والفوز والفلاح الامنة بفتح الثلاثة الا من والسلم المأثرة بفتح الثاء وضمها
المكرمة والفعل الحميد أبلج أي أوضح والمنهاج الطريق والمنار علم الطريق ومنار الأمان دلائله الواضحة
من الأعمال الصالحة والافعال المحمودة والأخلاق الحسنة المضمار موضع الذي تضمر فيه الخيل فالمراد
هنا به الدنيا لأنها يسيرة الحلبة بسكون اللام خيل تجمع للسباق والتنافس الراغب على وجه المباراة
والمفاخرة والسبقة بفتحتين الغاية المحبوبة التي يحب السابق ليصل إليها وبالضم والسكون ما يراهن
عند السباق أي جزاء السابقين العدة بضم العين ما أعددته لحوادث الدهر وبمعنى الاستعداد وبالفتح

211
الجماعة قوله والموت غايته أي غايته في حفظه فالمؤمن كان في مدة حياته في الدنيا في التعب والمشقة
وقيل يريد الموت عن الشهوات البهيمة والحياة بالسعادة الأبدية والدنيا مضماره أي موضع الذي
يضمر فيه لأنها مزرعة الآخرة قوله تحذو الآخرة أي تقابل الآخرة من حذاه أي كان بازائه الفسق
الخروج من الطاعة والغلو التجاوز عن الحد في الدين والشك خلاف اليقين وهو التردد و
الشبهة ترجيح الباطل بالباطل وتصوير غير الواقع بصورة الواقع والجفاء الغلظة في الطبع
والخرق في المعاملة والفظاظة فيها ورفض الصلة والبر والرفق والعمى ابطال البصيرة القلبية و
ترك التفكر في الأمور النافعة في الآخرة والغفلة هي غيبة الشئ عن بال الانسان وعدم تذكره
له والعتو مصدر بمعنى التجبر والاستكبار التعمق أصله التشدد في الامر طلبا لأقصى غاية و
المراد به هنا كما يعلم عن تفسيره الذهاب في الأوهام لرغم طلب الاسرار الانحسار الانكشاف ومريج
المختلط والمضطرب العتل بضم العين الحمق شاق أي خالف وعاند واعورت أي صارت أعور
لا علم لها المرية بالكسر والضم الجدل والشك والهول بالفتح المخالفة الاستسلام الانقياد السنابك
جمع سنبك بضم السين طرف الحافر أي تستزله الشياطين فتطرحه في المهلكة تسويل النفس تزيينها
وتأول العوج تأويل المعوج والباطل بوجه يخفى عوجه ويبرز استقامته فيظن انه حق ومستقيم الصدف
الصرف الهوينا تصغير الهوني تأنيث الاهون وهو من الهون الرفق واللين والمراد هنا التهاون
في أمر الدين وترك الاهتمام فيه والحفيظة الغضب والحمية الغوائل جمع الغائلة الداهية والمهلكة
والبوائق جمع البائقة الشر والداهية العذل اللوم الهيبة المخافة والمهابة والمماطلة التعلل والتسويف
الخفات بضم الخاء موت الفجأة الفرح السرور والمرح شدة الفرح حتى جاوز القدر المرة بكسر الميم القوة و
العقل والرشد الدنس الوسخ غنما بضم الغين الفوز والعتبى الرضا الانكال جمع النكل بفتح النون
القيد الشديد والبطش الاخذ بسطوة وصولة والوبيل الوخيم
163 / 65 ومن كلامه عليه السلام
تحف العقول ص 224 وقال عليه السلام
ذللوا اخلاقكم بالمحاسن وقودوها
إلى المكارم وعودوا أنفسكم الحلم واصبروا على الايثار على أنفسكم

212
فيما تحمدون عنه ولا تداقوا الناس وزنا بوزن وعظموا اقداركم
بالتغافل عن الدنى من الأمور وامسكوا رمق الضعيف بجاهكم و
بالمعونة له ان عجزتم عما رجاه عندكم ولا تكونوا بحاثين عما غاب
عنكم فيكثر غائبكم وتحفظوا من الكذب فإنه من أدنى الأخلاق
قدرا وهو نوع من الفحش وضرب من الدناءة وتكرموا بالتعامي
عن الاستقصاء وروى بالتعامس من الاستقصاء
اللغات قوله لا تداقوا وزنا بوزن أي لا تحاسبوهم بالدقة في الأمور ولا تستقصوهم قوله
رمق الضعيف في بعض النسخ من الضعيف والجاه القدر والشرف فيكثر عائبكم في بعض النسخ
فيكبر غائبكم التعامي يقال تعامى فلان أي أظهر من نفسه العمى والتعامس التغافل
164 / 66 ومن خطبه عليه السلام
الوافي ج 2 ص 98 عن الكافي عن علي بن محمد عن سهل عن السراد عن هشام بن سالم ان أبى حمزه
عن أبي إسحاق قال حدثني الثقة من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام انهم سمعوا أمير المؤمنين عليه
السلام يقول في خطبة له
اللهم وانى لاعلم ان العلم لا يأزر كله ولا ينقطع موادة وانك لا
تخلى أرضك من حجة لك على خلقك ظاهر ليس بالمطاع أو خائف
مغمود كيلا تبطل حجتك (حججك) ولا يضل أولياءك بعد إذ هديتم
بل أين هم وكم أولئك الا قلون عددا والأعظمون عند الله جل

213
ذكره قدرا المتبعون لقادة الدين الأئمة الهادين الذين يتأدبون
بآدابهم وينهجون نهجهم فعند ذلك يهجم بهم العلم على حقيقة
الايمان فتستجيب أرواحهم لقادة العلم ويستلينون من حديثهم
ما استوعر على غيرهم ويأنسون بما استوحش منه المكذبون
وأباه المسرفون أولئك اتباع العلماء صحبوا أهل الدنيا بطاعة
الله تبارك وتعالى وأولياءه وذابوا بالتقية عن دينهم والخوف
من عدوهم فأرواحهم معلقة بالمحل الاعلى فعلمائهم و
اتباعهم خرص صمت في دولة الباطل ينتظرون لدولة الحق
وسيحق الله الحق بكلماته ويمحق الباطل هاه هاه طوبى لهم
على صبرهم على دينهم في حال هدنتم ويا شوقاه إلى رؤيتهم
في حال ظهور دولتهم وسيجمعنا الله واياهم في جنات عدن
ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم أقول
قوله يهجم بهم العلم أي يرد عليهم ورودا من حيث لا يشعرون قوله فتستجيباه أي تطيع ما استوعر أي
ما استصعب يعنى من الاسرار المكنونة صحبوا أهل الدنيا بطاعة الله يعنى بسبب طاعته وطاعة أولياءه

214
أو ان مشاركتهم معهم انما هي في طاعة الله تعالى وطاعة أوليائه ظاهرا واما في الاعتقاد فهم
في واد وأولئك في واد عن دينهم مصروفين عن دينهم بحسب الظاهر أو ذابين عنه والخوف عطف
على التقية فأرواحهم معلقة بالمحل الاعلى يعنى نفضوا عن أذيال قلوبهم غبار التعلق بهذه
الخربة الموحشة الدنية وتوجهت أرواحهم إلى مشاهدة جمال حضرة الربوبية فهم مصاحبون
بأشباحهم لأهل هذه الدار وبأرواحهم للملائكة المقربين الأبرار
165 / 67 ومن كلامه عليه السلام
الوافي ج 3 ص 73 عن الكافي عن أحمد بن مهران رفعه والقميان عن القسم بن محمد الرازي
عن علي بن محمد الهرمزاني عن أبي عبد الله الحسين بن علي عليهما السلام قال لما قبضت فاطمة
عليها السلام دفنها أمير المؤمنين عليه السلام سرا وعفى على موضع قبرها ثم قام فحول وجهه
إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال السلام عليك يا رسول الله عنى و
السلام عليك عن ابنتك وزائرتك والبايتة في الثرى ببقعتك و
المختار الله لها سرعة اللحاق بك قل يا رسول الله عن صفيتك صبري و
عفى عن سيدة نساء العالمين تجلدي الا ان في التأسي لي بسنتك
في فرقتك موضع تعز فلقد وسدتك في ملحودة قبرك وفاضت
نفسك بين نحري وصدري بلى وفى كتاب الله لي أنعم القبول إنا لله وإنا إليه
راجعون قد استرجعت الوديعة واخذت الرهينة
وأخلست الزهراء فما أقبح الخضراء والغبراء يا رسول الله إما حزني

215
فسرمد واما ليلى فمسهد وهم لا يبرح من قلبي أو يختار الله لي
دارك التي أنت مقيم فيها كمد مقيح وهم مهيج سرعان ما فرق
بيننا والى الله أشكو وستنبئك ابنتك بتظافر أمتك على هضمها
فأحفها السؤال واستخبرها الحال فكم من غليل معتلج بصدرها
لم تجد إلى بثه سبيلا وستقول ويحكم الله وهو خير الحاكمين
سلام مودع لا قال ولا سئم فان انصرف فلا عن ملالة وان
أقم فلا عن سوء ظن بما وعد الله الصابرين واه واها والصبر
أيمن وأجمل ولولا غلبة المستولين لجعلت المقام واللبث لزاما
معكوفا ولا عولت اعوال الثكل على جليل الرزية فبعين الله
تدفن ابنتك سرا ويهضم حقها ويمنع ارثها ولم يتباعد الدهر
ولم يخلق منك الذكر والى الله يا رسول الله المشتكى وفيك يا
رسول الله أحسن العزاء صلى الله عليك وعليها السلام والرضوان
أقول قال الفيض ره العفو المحو وعفى على الأرض غطاها بالنبات قوله ببقعتك دلالة على أن
فاطمة عليها السلام مدفونة في بقعة أبيها صلى الله عليه وآله دون البقيع والمختار الله إضافة

216
إلى الفاعل ومفعوله سرعة اللحاق والتجلد التكلف الجد بالتحريك القوة والشدة و
أشار بسنته صلى الله عليه وآله الصبر في المصائب فإنه صلى الله عليه وآله كان صبورا
في المصائب أراد من قوله عليه السلام انى قد تأسيت بسنتك في فرقتك يعنى صبرت عليها
فبالحري ان اصبر في فرقة ابنتك فان مصيبتي بك أعظم وقد ورد عن النبي صلى الله عليه
وآله أنه قال إذا أصاب أحدكم مصيبة فليذكر مصيبته بي فإنها من أعظم
المصائب وعنه
صلى الله عليه وآله من عظمت مصيبة فليذكر مصيبة بي فإنها ستهون عليه والملحودة
اللحد وفيض النفس خروج الروح والخلس السلب الأوق وأوفى أو يختار الله بمعنى الا ان أو إلى
إلى أن والكمد بالضم والفتح والتحريك الحزن الشديد والقيح المدة لا يخالطها دم يقال قاح الجرح
يقيح ويقوح وقيح وأقاح والجملتان تفسران للحزن والهم السابقين بحذف مبتدأهما والهضم الظلم
والغضب واخفاء السؤال استقصاءه والغليل حرارة الجوف والاعتلاج الاضطراب والبث
النشر والقلا البغض والسامة الملال فان انصرف يعنى قبرك واه منونا وغير منون كلمة تعجب
وتلهف والاعوال البكاء والثكلى التي فقدت ولدها أو حميمها والخلق البلى
166 / 68 ومن كلامه عليه السلام
الوافي ج 3 ص 36 عن الكافي باسناده عن عبد الله بن القاسم عن أبي بصير عن أبي عبد الله
عليه السلام قال قال أمير المؤمنين عليه السلام ان لأهل الدين علامات يعرفون
بها صدق الحديث وأداء الأمانة ووفاء العهد وصلة
الرحم (الأرحام) ورحمة الضعفاء وقلة المراقبة للنساء
أو قال قلة المواتاة للنساء وبذل المعروف وحسن الخلق و
اتباع العلم وما يقرب إلى الله تعالى زلفى طوبى لهم وحسن
مأب وطوبى شجرة في الجنة أصلها في دار النبي صلى الله عليه

217
وآله وسلم وليس من مؤمن الا وفى داره غصن منها لا
يخطر على قلبه شهوة شئ الا اتاه به ذلك ولو أن راكبا
مجدا سار في ظلها مأة عام ما خرج منه ولو طار من أسفلها
غراب ما بلغ أعلاها حتى يسقط هرما الا ففي هذا فارغبوا
ان المؤمن من نفسه في شغل والناس منه في راحة إذا
جن عليه الليل افترش وجهه وسجد لله تعالى بمكارم
بدنه يناجى الذي خلقه في فكاك رقبته الا فهكذا فكونوا
اللغات المواتاة المطاوعة والزلفى القرب وقال الفيض ره تأويل طوبى العلم فان
لكل نعيم من الجنة مثالا في الدنيا ومثال شجرة طوبى شجرة العلم الدينية التي أصلها
في دار النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي هو مدينة العلم وفى دار كل مؤمن غصن منها
وانما شهوات المؤمن ومثوباته في الآخرة فروع معارفه واعماله الصالحة في الدنيا فان
المعرفة بذر المشاهدة والعمل الصالح غرس النعيم الا ان من لم يذق لم يعرف ولا يذوق الا
من أخلص دينه لله وقوى ايمانه بالله بان يتصف بصفات المؤمن المذكورة في هذا الباب أي باب صفاته
167 / 69 ومن كلامه عليه السلام
الوافي ج 3 ص 63 عن الكافي عن علي عن أبيه والعدة عن سهل جميعا عن السراد عن ابن رئاب عن
الثمالي عن علي بن الحسين عليهما السلام قال كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول انما الدهر
ثلاثة أيام أنت فيما بينهن مضى أمس بما فيه فلا يرجع ابدا فان

218
كنت عملت فيه خيرا لم تحزن لذهابه وفرحت بما أسلفته منه و
ان تكن قد فرطت فيه فحسرتك شديدة لذهابه وتفريطك فيه
وأنت في يومك الذي أصبحت فيه من غد في غرة ولا تدرى لعلك
لا تبلغه وان بلغته لعل حظك فيه في التفريط مثل حظك في
الأمس الماضي عنك فيوم من الثلاثة قد مضى أنت فيه مفرط
ويوم تنتظره لست أنت منه على يقين من ترك التفريط وانما هو يومك
الذي أصبحت فيه وقد ينبغي لك ان عقلت وفكرت فيما فرطت
في الأمس الماضي مما فات فيه من حسنات الا تكون اكتسبتها و
من سيئات الا تكون أقصرت عنها فأنت مع هذا مع استقبال غد
على غير ثقة من أن تبلغه وعلى غير يقين من اكتساب حسنة أو
مرتدع من سيئة محبطة وأنت من يومك الذي تستقبل على مثل
يومك الذي استدبرت فاعمل بعمل رجل ليس يأمل من الأيام الا
يومه الذي أصبح فيه وليلته فاعمل أودع والله تعالى المعين على ذلك

219
أقول قوله إن عقلت بفتح الهمزة ان أثبت الواو بعده والا فبالكسر وفى بعض النسخ وددت بدل
وفكرت من دون واو وعليها فالكسر متعين والا في الموضعين للتخضيض
168 / 70 ومن كلامه عليه السلام
الوافي ج 3 ص 94 عن الكافي عن محمد عن ابن عيسى عن عثمان عن يحيى عن أبي عبد الله
عليه السلام قال قال أمير المؤمنين عليه السلام
لن يرغب المرء عن عشيرته وإن كان ذا مال وولد وعن
مودتهم وكرامتهم ودفاعهم بأيديهم وألسنتهم هم
أشد الناس حيطة من ورائه واعطفهم عليه والمهم
لشعثه ان اصابته مصيبة أو نزل به بعض مكاره الأمور
ومن يقبض يده عن عشيرته فإنما يقبض عنهم يدا واحدة
ويقبض عنه منهم أيدي كثيرة ومن يلن حاشيته يعرف
صديقه منه المودة ومن بسط يده بالمعروف إذا وجده يخلف
الله له ما أنفق في دنياه ويضاعف له في آخرته ولسان
الصدق للمرء يجعله الله في الناس خيرا من المال يأكله ويورثه
ولا يزدادن أحدكم كبرا وعظما في نفسه ونأيا عن عشيرته إن كان

220
موسرا في المال ولا يزدادن أحدكم في أخيه زهدا ولا منه
إذا لم ير منه مروة وكان معوزا في المال لا يغفل أحدكم عن
القرابة بها الخصاصة ان يسدها بما لا ينفعه ان امسكه و
لا يضره ان استهلكه
اللغات دفاعهم يعنى لن يرغب عن دفاعهم حيطة أي محافظة وحماية وذبا عنه المهم لشعثه
أي اجمعهم لتفرقه يلن حاشيته أي يخفض جناحه وكان معوزا أي فقيرا وأعوزه إذا أجاج به
169 / 71 ومن كلامه عليه السلام
الوافي ج 3 ص 104 عن الكافي عن العدة عن البرقي عن إسماعيل بن مهران عن يونس بن يعقوب
عن أبي مريم الأنصاري عن أبي جعفر عليه السلام قال قام رجل بالبصرة إلى أمير المؤمنين عليه السلام
فقال يا أمير المؤمنين أخبرنا عن الاخوان فقال عليه السلام
الاخوان صنفان اخوان الثقة واخوان المكاشرة فاما اخوان
الثقة فهم الكف والجناح والاهل والمال فإذا كنت من أخيك
على حد الثقة فابذل له مالك وبدنك وصاف من صافاه وعاد
من عاداه واكتم سره وعيبه وأظهر منه الحسن واعلم أيها السائل
انهم أقل من الكبريت الأحمر واما اخوان المكاشرة فإنك تصيب
لذتك منهم فلا تقطعن ذلك منهم ولا تطلبن ما وراء ذلك عن

221
ضميهم وابذل لهم ما بذلوا لك من طلاقه الوجه وحلاوة اللسان
أقول الكشر التبسم كاشره إذا كشف له عن أنيابه
170 / 72 ومن كلامه عليه السلام
الوافي ج 3 ص 105 عن الكافي العدة عن البرقي عن عمرو بن عثمان عن محمد بن سالم الكندي
عمن حدثه عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان أمير المؤمنين إذا صعد المنبر قال ينبغي للمسلم
ان يجتنب مواخاة ثلاثة الماجن الفاجر والأحمق والكذاب
فاما الماجن الفاجر فيزين لك فعله ويحب انك مثله ولا
يعينك على أمر دينك ومعادك ومقاربته جفاء وقسوة
ومدخله ومخرجه عار عليك واما الأحمق فإنه لا يشير عليك
بخير ولا يرجى لصرف السوء عنك ولو اجهد نفسه وربما أراد
منفعتك فضرك فموته خير من حياته وسكوته خير من نطقه
وبعده خير من قرنه واما الكذاب فإنه لا يهنأك معه عيش
ينقل حديثك وينقل إليك الحديث كلما افنى أحدوثة مطها
بأخرى مثلها حتى أنه يحدث بالصدق فما يصدق ويعرف بين
الناس بالعداوة فينبت السخايم في الصدور فاتقوا الله عز وجل وانظروا لأنفسكم

222
اللغات - الماجن من لا يبالي قولا ولا فعلا لصلابة وجهه من المجون بمعنى الصلابة
والغلظة لا يهنأك بالتخفيف أي لا يصير لك هنيئا والمط المد والقوة والسخيمة الضغينة
171 / 73 ومن كلامه عليه السلام
الوافي ج 3 ص 169 عن الكافي العدة عن البرقي عن أبيه رفعه عن محمد بن داود الغنوي عن
الأصبغ بن نباته قال جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال يا أمير المؤمنين ان أناسا
زعموا ان العبد لا يزنى وهو مؤمن ولا يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر وهو مؤمن ولا يأكل
الربا وهو مؤمن ولا يسفك الدم الحرام وهو مؤمن فقد ثقل على هذا وخرج منه صدري
حين ارغم ان هذا العبد يصلى صلاتي ويدعو دعائي ويناكحني وأناكحه ويوارثني وأوارثه وقد
خرج من الايمان من أجل ذنب يسيرا اصابه فقال أمير المؤمنين عليه السلام
صدقت سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول و
الدليل عليه كتاب الله خلق الله عز وجل الناس على ثلاث طبقات
وأنزلهم ثلاث منازل وذلك قول الله عز وجل في الكتاب أصحاب
الميمنة وأصحاب المشئمة والسابقون فاما ما ذكره من أمر السابقين
فإنهم أنبياء مرسلون وغير مرسلين جعل الله فيهم خمسة أرواح
روح القدس وروح الايمان وروح القوة وروح الشهوة وروح
البدن فبروح القدس بعثوا أنبياء مرسلين وغير مرسلين وبها عملوا
الأشياء وبروح الايمان عبدوا الله ولم يشركوا به شيئا وبروح

223
القوة جاهدوا عدوهم وعالجوا معاشهم وبروح الشهوة أصابوا
لذيذ الطعام ونكحوا الحلال من شباب النساء وبروح البدن
دبوا ودرجوا فهؤلاء مغفور لهم مصفوح عن ذنوبهم ثم قال
قال الله عز وجل تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم
من كلم الله ورفع بعضهم (فوق بعض) درجات وآتينا عيسى بن
مريم البينات وأيدناه بروح القدس ثم قال في جماعتهم وأيدهم
بروح منه يقول أكرمهم بها ففضلهم على من سواهم فهؤلاء
مغفور لهم مصفوح عن ذنوبهم ثم ذكر أصحاب الميمنة وهم
المؤمنون حقا بأعيانهم جعل الله فيهم أربعة أرواح روح
الايمان وروح القوة وروح الشهوة وروح البدن فلا يزال العبد
يستكمل هذه الأرواح الأربعة حتى يأتي عليه حالات فقال الرجل
ما هذه الحالات فقال إما أولهن فهو كما قال الله عز وجل ومنكم
من يرد إلى أرذل العمر فهو لا يعرف للصلاة وقتا ولا يستطيع التهجد

224
بالليل ولا بالنهار ولا القيام في الصف مع الناس فهذا نقصان
روح الايمان وليس يضره شيئا ومنهم من ينتقص منه روح القوة
ولا يستطيع جهاد عدوه ولا يستطيع طلب المعيشة ومنهم من ينتقص
منه روح الشهوة فلو مرت به أصبح بنات آدم لم يحن إليها ولم يقم
وتبقى روح البدن فيه فهو يدب ويدرج حتى يأتيه ملك الموت
فهذا بحال خير لان الله عز وجل هو الفاعل به وقد يأتي عليه
حالات في قوته وشبابه فيهم بالخطيئة فيشجعه روح القوة و
يزين له روح الشهوة ويقوده روح البدن حتى يوقعه في الخطيئة
فإذا لامسها نقص من الايمان وتفصى منه فليس يعود فيه حتى يتوب
فإذا تاب تاب الله عليه وان عاد ادخله الله نار جهنم فاما أصحاب
المشئمة فهم اليهود والنصارى يقول الله عز وجل الذين آتيناهم
الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم يعرفون محمدا والولاية في
التورية والإنجيل كما يعرفون أبناءهم في منازلهم وان فريقا منهم

225
ليكتمون الحق وهم يعلمون الحق من ربك انك الرسول إليهم
فلا تكونن من الممترين فلما جحدوا ما عرفوا ابتلاهم بذلك فسلبهم
روح الايمان واسكن أبدانهم ثلاثة أرواح روح القوة وروح
الشهوة وروح البدن ثم أضافهم إلى الانعام فقال إن هم الا
كالانعام لان الدابة انما تحمل بروح القوة وتعتلف بروح الشهوة
وتسير بروح البدن فقال السائل أحييت قلبي بإذن الله يا أمير المؤمنين
قوله صدقت على البناء للمفعول أي صدقوك فيما زعموا وليس بالذي يخرج من دين الله
172 / 74 ومن خطبه عليه السلام
السماء والعالم وهو المجلد الرابع عشر من بحار الأنوار للعلامة المجلسي أعلى الله مقامه ص 41 عن
كتاب الوصية للمسعودي باسناده عن أمير المؤمنين عليه السلام قال خطب فقال الحمد لله
الذي توحد بصنع الأشياء وفطر أجناس البرايا على غير أصل ولا
مثال سبقه في انشاءها ولا اعانة معين على ابتدائها ابتدعها
بلطف قدرته فامتثلت بمشيته خاضعة ذليلة مستحدثة لامره
الواحد الاحد الدائم بغير حد ولا أمد ولا زوال ولا نفاد وكذلك
لم يزل ولا يزال لا تغيره الأزمنة ولا تحيط به الأمكنة ولا

226
تبلغ صفاته الألسنة ولا تأخذه نوم ولا سنة لم تره العيون
فتخبر عنه برؤيته ولم تهجم عليه العقول فتوهم كنه صفته
ولم تدر كيف هو الا بما أخبر عن نفسه ليس لقضائه مرد ولا
لقوله مكذب ابتدع الأشياء بغير تفكر ولا معين ولا ظهير و
لا وزير فطرها بقدرته وصيرها إلى مشيته وصاغ أشباحها
وبرء أرواحها واستنبط أجناسها خلقا مبروءا مذروءا في
أقطار السماوات والأرضين لم يأت بشئ على غير ما أراد ان يأتي
عليه ليرى عباده آيات جلاله وآلائه فسبحانه لا اله الا هو
الواحد القهار وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليما اللهم
فمن جهل فضل محمد صلى الله عليه وآله فانى مقر بأنك ما
سطحت أرضا ولا برأت خلقا حتى أحكمت خلقه من نور سبقت
به السلالة وأنشأت له آدم جرما فأودعته منه قرارا
مكينا ومستودعا مأمونا إلى آخر الخطبة الطويلة

227
173 / 75 ومن كلامه عليه السلام
السماء والعالم ص 51 عن مروج الذهب للمسعودي عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عن آبائه
عن أمير المؤمنين عليهم السلام قال إن الله حين شاء تقدير الخليفة
وذرء البرية وابداع المبدعات ونصب الخلق في صور كالهباء
(الهياة) قبل دحو الأرض ورفع السماء وهو في انفراد ملكوته
وتوحد جبروته فأساخ نورا من نوره فلمع وقبسا من ضيائه
فسطع ثم اجتمع النور في وسط تلك الصور الخفية فوافق ذلك
صورة نبينا محمد صلى الله عليه وآله فقال الله عز من قائل
أنت المختار المنتجب وعندك استودع نوري وكنوز هدايتي و
من اجلك أسطح البطحاء وارفع السماء وامزج الماء واجعل
الثواب والعذاب والجنة والنار وانصب أهل بيتك بالهداية
وآيتهم من مكنون علمي مالا يخفى عليهم دقيق ولا يغيبهم
خفى واجعلهم حجة على بريتي والمنبهين على علمي ووحدانيتي
ثم اخذ الله سبحانه الشهادة للربوبية والاخلاص بالوحدانية

228
فبعد اخذ ما اخذ من ذلك شاء ببصائر الخلق انتخاب محمد و
أراهم ان الهداية معه والنور له والإمامة في أهله تقديما
لسنة العدل وليكون الاعذار متقدما ثم اخفى الله الخليفة
في غيبه وغيبها في مكنون علمه ثم نصب العوالم وبسط الزمان
ومزج الماء واثار الزبد وأهاج الدخان فطفى عرشه على الماء
وسطح الأرض على ظهر الماء ثم استجابهما إلى الطاعة فأذعنتا
بالاستجابة ثم انشاء الملائكة من أنوار قد ابتدعها وأنوار اخترعها وقرن بتوحيده نبوة نبيه محمد صلى الله عليه وآله فشهرت
نبوته في السماء قبل بعثته في الأرض فلما خلق الله آدم ابان
له فضله للملائكة واراهم ما خصه به من سابق العلم من حيث
عرفهم عند استنباءه إياه أسماء الأشياء فجعل الله آدم محرابا
وكعبة وقبلة اسجد إليها الأنوار والروحانيين والأبرار ثم
نبه آدم على مستودعه وكشف له خطر ما أئتمنه على أن سماه إماما

229
عند الملائكة فكان حظ آدم من الخير انبأءه ونطقه بمستودع
نورنا ولم يزل الله تعالى يخبأ النور تحت الزمان إلى أن فصل
محمد صلى الله عليه وآله في طاهر القنوات فدعى الناس ظاهرا
وباطنا وندبهم سرا واعلانا واستدعى عليه السلام
التنبيه على العهدي الذي قدمه إلى الذر قبل النسل ومن
وافقه قبس من منساج (مصباح) النور المتقدم اهتدى
إلى واستبان واضحة امره ومن أبلسته الغفلة استحق
السخطة لم يهتد إلى ذلك ثم انتقل النور إلى غرايزنا ولمع مع
(من) أئمتنا فنحن أنوار السماء وأنوار الأرض فينا (منا)
النجاة ومنا مكنون العلم والينا مصير الأمور وبنا تقطع الحجج
ومنا خاتم الأئمة ومنقذ الأمة وغاية النور ومصدر
الأمور فنحن أفضل المخلوقين وأكمل الموجودين وحجج رب
العالمين فلتهنأ النعمة من تمسك بولايتنا وقبض عروتنا

230
اللغات امزج الماء أي اخلطه بغيره فاخلق منه المركبات ويمكن ان يكون بالراء المهملة
كقوله تعالى مرج البحرين أي خلاهما ببصائر الخلق أي لان يجعلهم ذوي بصائر أو متلبسا
ببصائرهم وعلمهم والقنوات جمع قناة وقال الجوهري قناة الظهر التي تنتظم الفقار انتهى
والابلاس بمعنى الحيرة أو الياس لازم واستعمل ها متعديا والظاهران فيه تصحيف كما في كثير من الفقرات
174 / 76 ومن كلامه عليه السلام
السماء والعالم ص 79 عن قصص الراوندي باسناده إلى الصدوق عن أبيه ومحمد بن الحسين
الوليد معا عن سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحسن بن محبوب عن عمرو بن أبي
المقدام عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال سئل أمير المؤمنين عليه السلام هل كان في الأرض
خلق من خلق الله تعالى يعبدون الله قبل آدم وذريته فقال عليه السلام
نعم قد كان في السماوات والأرض خلق من خلق الله يقدسون
الله ويسبحونه ويعظمونه بالليل والنهار لا يفترون فان الله
عز وجل لما خلق الأرضين خلقها قبل السماوات ثم خلق الملائكة
روحانيين لهم أجنحة يطيرون بها حيث يشاء الله فاسكنهم
فيما بين اطباق السماوات يقدسونه الليل والنهار واصطفى منهم
إسرافيل وميكائيل وجبرئيل ثم خلق عز وجل في الأرض الجن
روحانيين لهم أجنحة فخلقهم دون خلق الملائكة وخفظهم
ان يبلغوا مبلغ الملائكة في الطيران وغير ذلك فاسكنهم فيما

231
بين اطباق الأرضين السبع وفوقهن يقدسون الليل والنهار
لا يفترون ثم خلق خلقا دونهم لهم أبدان وأرواح بغير أجنحة
يأكلون ويشربون نسناس أشباه خلقهم ليسوا بأنس واسكنهم
أوساط الأرض على ظهر الأرض مع الجن يقدسون الله بالليل
والنهار لا يفترون قال وكان الجن تطير في السماء فتلقى الملائكة
في السماوات فيسلمون عليهم ويزورونهم ويستريحون إليهم
ويتعلمون منهم الخبر ثم إن طائفة من الجن والنسناس الذين
خلقهم الله واسكنهم أوساط الأرض مع الجن تمردوا وعتوا
عن أمر الله فمرحوا وبغوا في الأرض بغير الحق وعلا بعضهم على
بعض في العتو على الله تعالى حتى سفكوا الدماء فيما بينهم
وأظهروا الفساد وجحدوا ربوبية الله تعالى قال وأقامت
الطائفة المطيعون من الجن على رضوان الله وطاعته وباينوا
الطائفتين من الجن والنسناس الذين عتوا عن أمر الله تعالى

232
قال فحط الله أجنحة الطائفة من الجن الذين عتوا عن أمر الله و
تمردوا فكانوا لا يقدرون على الطيران إلى السماء والى ملاقاة
الملائكة لما ارتكبوا من الذنوب والمعاصي قال وكانت الطائفة
المطيعة لأمر الله من الجن تطير إلى السماء الليل والنهار على ما
كانت عليه وكان إبليس واسمه الحرث يظهر للملائكة انه
من الطائفة المطيعة ثم خلق الله خلقا على خلاف خلق الملائكة
وعلى خلاف خلق الجن وعلى خلاف خلق النسناس يدبون كما
يدب الهوام في الأرض يأكلون ويشربون كما تأكل الانعام من
مراعى الأرض كلهم ذكران ليس فيهم إناث لم يجعل الله فيهم
شهوة النساء ولا حب الأولاد ولا الحرص ولا طول الأمل ولا
لذة عيش لا يلبسهم الليل ولا يغشاهم النهار ليسوا ببهائم ولا
هوام لباسهم ورق الشجر وشربهم من العيون الغزار والأودية
الكبار ثم أراد الله ان يفرقهم فرقتين فجعل فرقة خلف مطلع

233
الشمس من وراء البحر فكون لهم مدينة أنشأها تسمى جابرسا
طولها اثنى عشر الف فرسخ في اثنى عشر الف فرسخ وكون عليها سورا
من حديد يقطع الأرض من السماء ثم أسكنهم فيها واسكن الفرقة
الأخرى خلف مغرب الشمس من وراء البحر كون لهم مدينة
أنشأها تسمى جابلقا طولها اثنى عشر الف فرسخ في اثنى عشر الف
فرسخ وكون لهم سورا من حديد يقطع إلى السماء فاسكن
الفرقة الأخرى فيها لا يعلم أهل جابرسا بموضع أهل جابلقا
ولا يعلم أهل جابلقا بموضع أهل جابرسا ولا يعلم بهم أهل أوساط
الأرض من الجن والنسناس فكانت الشمس تطلع على أهل أوساط
الأرضين من الجن والنسناس فينتفعون بحرها ويستضيئون
بنورها ثم تغرب في عين حمئة فلا يعلم بها أهل جابلقا إذا غربت
ولا يعلم بها أهل جابرسا إذا طلعت لأنها تطلع من دون جابرسا
وتغرب من دون جابلقا فقيل يا أمير المؤمنين فكيف يبصرون ويحيون و

234
كيف يأكلون ويشربون وليس تطلع الشمس عليهم فقال عليه السلام انهم يستضيئون
بنور الله فهم في أشد ضوء من نور الشمس ولا يرون ان الله
تعالى خلق شمسا ولا قمرا ولا نجوما ولا كواكب ولا يعرفون
شيئا غيره فقيل يا أمير المؤمنين فأين إبليس عنهم قال لا يعرفون إبليس ولا
سمعوا بذكره لا يعرفون الا الله وحده لا شريك له لم يكتسب أحد
منهم قط خطيئة ولم يقترف اثما لا يسقمون ولا يهرمون ولا
يموتون إلى يوم القيمة يعبدون الله ولا يفترون الليل والنهار
عندهم سواء وقال إن الله أحب ان يخلق خلقا وذلك بعد
ما مضى للجن والنسناس سبعة آلاف سنة فلما كان من خلق
(شأن) الله ان يخلق آدم للذي أراد من التدبير والتقدير
فيما هو مكونه في السماوات كشط عن اطباق السماوات ثم قال للملائكة
انظروا إلى أهل الأرض من خلقي من الجن والنسناس هل ترضون
أعمالهم وطاعتهم لي فلما اطلعت (فاطلعت) (فلما اطلعوا)

235
ورأوا ما يعملون فيها من المعاصي وسفك الدماء والفساد في الأرض
بغير الحق أعظموا ذلك وغضبوا لله وأسفوا على أهل الأرض ولم
يملكوا غضبهم وقالوا يا ربنا أنت العزيز الجبار القاهر العظيم الشأن
وهؤلاء كلهم خلقك الضعيف الذليل وفى أرضك كلهم يتقلبون
في قبضتك ويعيشون برزقك ويتمتعون بعافيتك وهو يعصونك
بمثل هذه الذنوب العظام لا تغضب ولا تنتقم منهم لنفسك بما
تسمع منهم وترى وقد عظم ذلك علينا وأكبرناه فيك قال
فلما سمع الله تعالى مقالة الملائكة قال انى جاعل في الأرض
خليفة فيكون حجتي على خلقي في ارضى فقالت الملائكة سبحانك
أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك
ونقدس لك فقال الله تعالى يا ملائكتي انى اعلم ما لا تعلمون
انى أخلق خلقا بيدي واجعل من ذريته أنبياء ومرسلين و
عبادا صالحين وأئمة مهتدين واجعلهم خلفائي على خلقي

236
في ارضى ينهونهم عن معصيتي وينذرونهم من عذابي و
يهدونهم إلى طاعتي ويسلكون بهم طريق سبيلي اجعلهم
حجتي عذرا أو نذار وانفى الشياطين من ارضى وأطهرها منهم
فاسكنهم في الهواء وأقطار الأرض وفى الفيافي فلا يراهم خلقي
ولا يرون شخصهم ولا يجالسونهم ولا يخالطونهم ولا يواكلونهم
ولا يشاربونهم وانفر مردة الجن العصاة من نسل بريتي وخلقى و
خيرتي فلا يجاورون خلقي واجعل بين خلقي وبين الجان حجابا فلا
يرى خلقي شخص الجن ولا يجالسونهم ولا يشاربونهم ولا يتهجمون
تهجمهم ومن عصاني من نسل خلقي الذي عظمته واصطفيته
لغيبي أسكنهم مساكن العصاة واوردهم موردهم ولا أبالي فقالت
الملائكة لا علم لنا الا ما علمتنا انك أنت العليم الحكيم فقال للملائكة
انى خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون فإذا سويته ونفخت فيه
من روحي فقعوا له ساجدين قال وكان ذلك من الله تقدمة

237
للملائكة قبل ان يخلقه احتجاجا منه عليهم وما كان الله
ليغير ما بقوم الا بعد الحجة عذرا أو نذرا فامر تبارك وتعالى
ملكا من الملائكة فاغترف غرفة بيمينه فصلصلها في كفه
فجمدت فقال الله عز وجل منك أخلق أقول ولقد نقل علي بن
إبراهيم القمي أعلى الله مقامه تمام الكلام في تفسيره مثله وزاد بعد قوله عليه السلام فصلصلها
في كفه فجمدت فقال لها منك أخلق النبيين والمرسلين وعبادي الصالحين
والأئمة المهتدين والدعاة إلى الجنة واتباعهم إلى يوم القيمة
ولا أبالي ولا اسئل عما افعل وهم يسئلون ثم اغترف غرفة أخرى
من الماء المالح الأجاج فصلصلها في كفه فجمدت ثم قال لها منك
أخلق الجبارين والفراعنة والعتاة واخوان الشياطين والدعاة إلى
النار إلى يوم القيمة وأشياعهم والا أبالي ولا اسئل عما افعل و
هم يسئلون قال وشرط في ذلك البداء فيهم ولم يشترط في أصحاب
اليمين البداء ثم اخلط المائين جميعا في كفه فصلصلهما ثم
كفاهما قدام عرشه وهما سلالة من طين ثم أمر الله الملائكة

238
الأربعة الشمال والجنوب والصبا والدبور ان يجولوا على هذه
السلالة الطين فابدأوها وأنشأوها ثم أبروها وجزوها و
فصلوها واجروا فيها الطبايع الأربعة الريح والدم والمرة و
البلغم فجالت الملائكة عليها وهي الشمال والجنوب والصبا
والدبور واجروا فيها الطبايع الأربعة الريح في الطبايع الأربعة
من البدن من ناحية الشمال والبلغم في الطبايع الأربعة من ناحية
الصبا والمرة في الطبايع الأربعة من ناحية الدبور والدم في
الطبايع الأربعة من ناحية الجنوب قال فاستقلت النسمة و
كمل البدن فلزمه من ناحية الريح حب النساء وطول الأمل و
الحرص ولزمه من ناحية البلغم حب الطعام والشراب والبر و
الحلم والرفق ولزمه من ناحية المرة الغضب والسفه والشيطنة
والتجبر والتمرد والعجلة ولزمه من ناحية الدم حب النساء واللذات
وركوب المحارم والشهوات

239
أقول قوله عليه السلام أشباح خلقهم أي بالانس أو بعضهم ببعض أو بالإضافة أي أشباح
خلق الجن فمرحوا بالحاء المهملة يقال مرح كفرح أي أشر وبطر واختال ونشط وتبختر أو بالجيم
أيضا كفرح بالتحريك الفساد والقلق والاختلاط والاضطراب لا يلبسهم الليل لعل المعنى
انهم لم يكونوا يحتاجون في الليل إلى ستر وفى النهار إلى غشاء وسترا وانهم لما لم تطلع عليهم
الشمس لا ليل عندهم ولا نهار ويظهر من هذا الخبران جابلقا وجابرسا خارجان من هذا
العالم خلف السماء الرابعة بل السابعة على المشهور وأهلها صنفا من الملائكة أو شبيههم
قوله لما هو مكونة في صدر الخبر متعلق بالتقدير والتكوين أو التدبير على التنازع وعلمه معطوف
على الذي أو على شأن الله أو علمه بصيغة الماضي عطفا على هو مكونه ولما أراد بالتشديد تأكيدا
لقوله لما أحب لبعد العهد بين الشرط والجزاء قوله كشط قال الجوهري كشطت الجل عن ظهر الغرس
والغطاء على الشئ إذا كشفته عنه قوله أسفوا أي غضبوا وزنا ومغى ان قالوا أي إلى أن قالوا
أبين النسناس أي أخرجهم وفى بعض النسخ ابير بالراء أي أهلك وفى التفسير أبيد بمعناه والمردة
جمع المارد أي العاتي الصلصال الطين الحر إذا خلط بالرمل فصار يتصلصل إذا جف والحمأ الطين
الأسود والمسنون المتغير المنتن والثلاثة بالضم الجماعة من الناس وسلالة الشئ ما استل منه و
ان يجولوا من الجولان وفى التفسيران يحولوا بالمهملة وابرؤوها من البرئ بمعنى النحت أو بالهمزة أي
جعلوها مستعدة لان أبرأها وانشأها مجازا والبر التراب ويمكن ان يكون من التابر ولقد روى
الصدوق ره هذا الخبر أيضا في العلل عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن
محبوب عن عمرو بن أبي المقدام عن جابر عن أبي عبد الله عن أمير المؤمنين عليهما السلام
175 / 77 ومن خطبه عليه السلام
كتاب التوحيد للصدوق ره ص 287 في باب ذكر عظمة الله جل جلاله قال حدثنا أحمد بن الحسن
القطان قال حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا قال حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب عن تميم بن بهلول
عن نصر بن مزاحم عن عمر بن سعد عن أبي مخنف لوط بن يحيى عن أبي منصور عن زيد بن وهب قال
سئل أمير المؤمنين عليه السلام عن قدرة الله تعالى جلت عظمته فقام خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن
لله تعالى ملائكة لو أن ملكا منهم هبط إلى الأرض ما وسعته

240
لعظم خلقه وكثرة أجنحته منهم من لو كلفت الجن والإنس ان
يصفوه ما وصفوه لبعد ما بين مفاصله وحسن تركيب صورته
وكيف يوصف من ملائكته من سبعمأة عام ما بين منكبيه و
شحمة اذنيه ومنهم من يسد الأفق بجناح من أجنحته دون
عظم بدنه ومنهم من السماوات إلى حجزته ومنهم من قدمه
على غير قرار في جو الهواء الأسفل والأرضون إلى ركبتيه
ومنهم من لو القى في نقرة ابهامه جميع المياه لو سعتها
ومنهم من لو ألقيت السفن في دموع عينيه لجرت دهرا الداهرين
فتبارك الله أحسن الخالقين وسئل عليه السلام عن الحجب فقال
أول الحجب سبعة غلظ كل حجاب منها مسيرة خمسمائة عام وبين
كل حجابين منها مسيرة خمسمائة عام حجبته كل حجاب منها سبعون
الف ملك والحجاب الثالث سبعون حجابا بين كل حجابين منها
مسيرة خمسمائة عام وطوله خمسمائة عام حجته كل حجاب منها

241
سبعون الف ملك قوة كل ملك منهم قوة الثقلين منها ظلمة
ومنها نور ومنها نار ومنها دخان ومنها سحاب ومنها برق
ومنها مطر ومنها رعد ومنها ضوء ومنها رمل ومنها جبل
ومنها عجاج ومنها ماء ومنها انهار وهي حجب مختلفة غلظ
كل حجاب مسيرة سبعين الف عام ثم سرادقات الجلال وهي سبعون
سرادقا في كل سرادق سبعون الف ملك بين سرادق وسرادق
مسيرة خمسمائة عام ثم سرادق العز ثم سرادق الكبرياء ثم سرادق
العظمة ثم سرادق القدس ثم سرادق الجبروت ثم سرادق
الفخر من النور (ثم النور) الأبيض ثم سرادق الوحدانية وهو
مسيرة سبعين الف عام ثم الحجاب الاعلى
وانقضى كلامه عليه السلام
وسكت فقال له عمر لا بقيت ليوم لا أراك فيه يا أبا الحسن أقول العجاج بالفتح الغبار
والدخن والعجاجة أخص منه السرادق بالضم كل ما أحاط بشئ من حائط أو مضرب أو خباء و
قيل السرادق ما يحيط بالخيمة وله باب يدخل منه إلى الخيمة وقيل ما هو يمد فوق البيت شبه
سبحانه تعالى ما يحيط بهم الناس بقوله نارا أحاط به سرادقها ما يحيط بهم الناس من جوانبهم بالسرادق
الذي يدار حول الفسطاط وفيه سرادق الجلال والعظمة وغيرهما والجميع على الاستعارة
176 / 78 ومن كلامه عليه السلام

242
المناقب تاليف المولى الهمام رشيد الدين محمد بن علي بن شهرآشوب السروي المازندراني ره
المتوفى سنة ثمان وثمانين وخمسمأة الهجرية المدفون بظاهر مدينة حلب طبع طهران المجلد الأول
ص 276 قال إنه عليه السلام قد فسر الناقوس ذكره صاحب مصباح الواعظ وجمهور أصحابنا
عن الحارث الأعور وزيد وصعصعة بن صوحان والبراء بن سيرة والأصبغ بن نباته وجابر بن
شرحبيل ومحمود بن الكواء أنه قال عليه السلام سبحان الله حقا حقا ان المولى
صمد يبقى يحلم عنا رفقا رفقا لولا حلمه كنا نشفى حقا حقا
صدقا صدقا ان المولى يسائلنا ويوافقنا ويحاسبنا يا مولانا
لا تهلكنا وتداركنا واستخدمنا واستخلصنا حلمك عنا
قد جرانا عفوك عنا ان الدنيا قد غرتنا واشتغلتنا واستهوتنا
واستهلتنا واستغوتنا يا ابن الدنيا جمعا جمعا يا ابن الدنيا مهلا
مهلا يا ابن الدنيا دقا دقا وزنا وزنا تفنى الدنيا قرنا قرنا مامن
يوم يمضى عنا الا يهوى (اوهن) منا ركنا قد ضيعنا دارا تبقى واستوطنا
دارا تفنى تفنى الدنيا قرنا قرنا كلا موتا كلا موتا قرنا قرنا دفنا
دفنا كلا فيها موتا كلا نقلا نقلا دفنا دفنا يا ابن الدنيا مهلا
مهلا زن ما يأتي وزنا وزنا لولا جهلي ما إن كانت عندي الدنيا

243
الا سجنا خيرا خيرا شرا شرا شيئا شيئا حزنا حزنا ماذا من ذا كم
ذا أم ذا أسنا هذا ترجو تنجو تخشى تردى عجل قبل الموت الوزنا
ما من يوم يمضى عنا الا اوهن منا ركنا ان المولى قد انذرنا انا
نحشر عزلا بهما قال ثم انقطع صوت الناقوس فسمع الديراني ذلك واسلم وقال انى
وجدت في الكتاب ان في آخر الأنبياء من يفسر ما يقول الناقوس
177 / 79 ومن كلامه عليه السلام
المناقب ج 1 ص 272 قال وسئل عليه السلام عن العالم العلوي فقال صور عارية
عن المواد عالية عن القوة والاستعداد تجلى لها فأشرقت
وطالعها فتلألأت وألقى في هويتها مثاله فاظهر عنها أفعاله
وخلق الانسان ذا نفس ناطقة ان زكاها بالعلم فقد شابهت
جواهر أوايل عللها وإذا اعتدل مزاجها وفارقت الأضداد فقد
شارك بها السبع الشداد
178 / 80 ومن خطبه عليه السلام
بحار الأنوار المجلد السابع عشر ص 81 في باب خطبه صلوات الله عليه قال خطبه وتعرف
بالبالغة روى ابن أبي ذئب عن أبي صالح العجلي قال شهدت أمير المؤمنين كرم الله وجهه

244
وهو يخطب فقال بعد ان حمد الله تعالى وصلى على محمد رسوله صلى الله عليه وآله) أيها
الناس ان الله ارسل إليكم رسولا ليزيح به عليكم ويوقظ به
غفلتكم وانى أخوف ما أخاف عليكم اتباع الهوى وطول
الأمل إما اتباع الهوى فيصدكم عن الحق واما طول الأمل
فينسيكم الآخرة الا وان الدنيا قد ترحلت مدبرة وان
الآخرة قد أقبلت مقبلة ولكل واحد منهما بنون فكونوا
من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا فان اليوم عمل و
لا حساب وغدا حساب ولا عمل واعلموا انكم ميتون ومبعوثون
من بعد الموت ومحاسبون على أعمالكم ومجاوزون بها فلا تغرنكم
الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور فإنها دار بالبلاء محفوفة
وبالعناء والغدر موصوفة وكل ما فيها إلى زوال وهي بين
أهلها دول وسجال لا تدوم أحوالها ولا يسلم من شرها نزالها
بينا أهلها منها في رخاء وسرور اذاهم في بلاء وغرور العيش

245
فيها مذموم والرخاء فيها لا يدوم أهلها فيها اغراض مستهدفة
كل حتفه فيها مقدور وحظه من نوائبها موفور وأنتم عباد
الله على محجة من قد مضى وسبيل من كان ثم انقضى ممن
كان أطول منكم أعمارا وأشد بطشا واعمر ديارا أصبحت
أجسادهم بالية وديارهم خالية فاستبدلوا بالقصور
المشيدة والنمارق الموسدة بطون اللحود ومجاورة الدود
في دار ساكنها مغترب ومحلها مقترب وبين قوم مستوحشين
متجاورين غير متزاورين لا يستأنسون بالعمران ولا يتواصلون
تواصلوا الجيران على ما بينهم من قرب الجوار ودنوا لدار وكيف
يكون بينهم تواصل وقد طحنتهم البلى وأظللتهم الجنادل
والثرى فأصبحوا بعد الحياة أمواتا وبعد غضارة العيش رفاتا
قد فجع بهم الأحباب وأسكنوا التراب وظعنوا فليس لهم اياب
وتمنوا الرجوع فحيل بينهم وبينما يشتهون كلا انها كلمة هو

246
قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون قال المجلسي رحمه الله تعالى
وقد اخرج أبو نعيم طرفا من هذه الخطبة في كتابه المعروف بالحلية الدول بضم الدال جمع
الدولة وهي ما يتداوله الناس بعضهم عن بعض أي يتناولونه قوله عليه السلام سجال أي مرة
لنا ومرة علينا البطش الاخذ بالسرعة الغضارة طيب العيش وانهم لفى غضارة من العيش أي في خصب و
خير وظعنوا أي ساروا وارتحلوا الرفات بالضم الفتات والفتات الحطام وما تناثر من كل شئ
179 / 81 ومن خطبه عليه السلام
بحار الأنوار ج 3 ص 87 نقل عن الاحتجاج في باب علة خلق العباد وتكليفهم قال وروى أنه اتصل
بأمير المؤمنين عليه السلام ان قوما من أصحابه خاضوا في التعديل والتجوير فخرج حتى صعد المنبر
فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها الناس ان الله تبارك وتعالى لما خلق
خلقه أراد ان يكونوا على آداب رفيعة واخلاق شريفة فعلم أنهم
لم يكونوا كذلك الا بان يعرفهم مالهم وما عليهم و
التعريف لا يكون الا بالامر والنهى والامر والنهى لا يجتمعان الا
بالوعد والوعيد والوعد لا يكون الا بالترغيب والوعيد لا يكون
الا بالرهيب والترغيب لا يكون الا بما تشتهيه أنفسهم وتلذه أعينهم
والترهيب لا يكون الا بضد ذلك ثم خلقهم في داره واراهم
طرفا من اللذات ليستدلوا به على ما ورائهم من اللذات الخالصة

247
التي لا يشوبها ألم الا وهي الجنة واراهم طرفا من الآلام ليستدلوا
به على ما ورائهم من الآلام الخالصة التي لا يشوبها لذة الا وهي
النار فمن أجل ذلك ترون نعيم الدنيا مخلوطا بمحنها وسرورها
ممزوجا بكدرها وغمومها الكدر مثلثة الدال بالتحريك نقيض الصفا
180 / 82 ومن خطبه عليه السلام
بحار الأنوار ج 3 ص 100 عن محاسن البرقي عن أبيه رفعه قال إن أمير المؤمنين عليه السلام
صعد المبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها الناس ان الذنوب ثلاثة ثم
أمسك فقال له حبة العرني يا أمير المؤمنين فسرها لي فقال ما ذكرتها الا وانا
أريد ان أفسرها ولكنه عرض لي بهر حال بيني وبين الكلام
نعم الذنوب ثلاثة فذنب مغفور وذنب غير مغفور وذنب
نرجو لصاحبه ونخاف عليه قيل يا أمير المؤمنين فبينها لنا قال نعم إما
الذنب المغفور فعبد عاقبه الله تعالى على ذنبه في الدنيا
فالله احكم وأكرم ان يعاقب عبده مرتين واما الذنب الذي
لا يغفر فظلم العباد بعضهم لبعض ان الله تعالى وتبارك إذا برز

248
لخلقه أقسم قسما على نفسه فقال وعزتي وجلالي لا يجوز لي ظلم
ظالم ولو كف بكف ولو مسحة بكف ونطحة الشاة القرناء إلى الشاة
الجماء فيقتص الله للعباد بعضهم من بعض حتى لا يبقى لاحد عند
أحد مظلمة ثم يبعثهم الله إلى الحساب واما الذنب الثالث فذنب
ستره الله على عبده ورزقه التوبة فأصبح خاشعا من ذنبه راجيا
لربه فنحن له كما هو لنفسه نرجو له الرحمة ونخاف عليه العقاب
أقول قال المجلسي ره لعل المراد بالكف أولا المنع والزجر وبالثاني اليد ويحتمل ان يكون المراد
بهما معا اليد أي تضرب كف انسان بكف آخر بغمز وشبهه أو تلذد كف بكف والمراد بالمسحة
بالكف ما يشتمل على إهانة وتحقير أو تلذد ويمكن حمل التلذد في الموضعين على ما إذا كان
من امرأة ذات بعل أو قهرا بدون رضا الممسوح ليكون من حق الناس والجماء التي لا قرن لها
قال في النهاية فيه ان الله ليدين الحماء من ذوات القرن الجماء التي لا قرن لها ويدين أي يجزى
انتهى واما الخوف بعد التوبة فلعله لاحتمال التقصير في شرايط التوبة
181 / 83 ومن كلامه عليه السلام
بحار الأنوار ج 3 ص 134 عن معاني الأخبار للصدوق ره عن المفسر عن أحمد بن الحسن الحسيني عن
الحسن بن علي الناصري عن أبيه عن أبي جعفر الجواد عن آبائه عليهم السلام قال قيل لأمير المؤمنين
عليه السلام صف لنا الموت فقال على الخبير سقطتم هو أحد ثلاثة أمور يرد
عليه إما بشارة بنعيم الأبد واما بشارة بعذاب الأبد واما

249
تحزين وتهويل وأمره مبهم لا يدرى من أي الفرق هو فاما
ولينا المطيع فهو المبشر بنعيم الأبد واما عدونا المخالف علينا
فهو المبشر بعذاب الأبد واما المبهم امره الذي لا يدرى ما
خاله وهو المؤمن المسرف على نفسه لا يدرى ما يؤل إليه حاله
يأتيه الخبر مبهما مخوفا ثم إن يسويه الله عز وجل بأعدائنا
لكن يخرجه من النار بشفاعتنا فاعملوا وأطيعوا ولا تتكلوا
ولا تستصغروا عقوبة الله عز وجل فان من المسرفين من لا
تلحقه شفاعتنا الا بعد عذاب ثلاث مأة الف سنة
182 / 84 ومن كلامه عليه السلام
البحار ج 3 ص 130 عن الاحتجاج في خبر الزنديق والمدعى للتناقض في القرآن قال قال أمير
المؤمنين عليه السلام في قوله تعالى الله يتوفى الأنفس حين موتها وقوله يتوفاكم
ملك الموت وتوفته رسلنا وتتوفاهم الملائكة طيبين والذين تتوفاهم الملائكة ظالمي
أنفسهم قال فهو تبارك وتعالى أجل وأعظم من أن يتولى ذلك
بنفسه وفعل رسله وملائكته فعله لانهم بأمره يعملون
فاصطفى جل ذكره من الملائكة رسلا وسفرة بينه وبين خلقه

250
وهم الذين قال الله فيهم الله يصطفى من الملائكة رسلا ومن
الناس فمن كان من أهل الطاعة تولت (تولى) قبض روحه ملائكة
الرحمة ومن كان من أهل المعصية تولى (تولت) قبض روحه ملائكة
النقمة ولملك الموت أعوان من ملائكة الرحمة والنقمة يصددون
عن امره وفعلهم فعله وكل ما يأتونه منسوب إليه وإذا
كان فعلهم فعل ملك الموت وفعل ملك الموت فعل الله
لأنه يتوفى الأنفس على يد من يشاء ويعطى ويمنع ويثبت و
يعاقب على يد من يشاء وان فعل امنائه فعله كما قال ما تشاءون
الا ان يشاء الله
183 / 85 ومن كلامه عليه السلام
الاحتجاج للطبرسي ره ص 43 طبع النجف في ذكر طرف مما جرى بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه
وآله روى عن أبي المفضل الشيباني وهو محمد بن عبد الله باسناده الصحيح من رجال ثقة في طي خبر
طويل في كيفية غصب أهل الجلافة الخلافة أطال الكلام إلى أن قال فقال أمير المؤمنين عليه السلام
يا معشر المهاجرين والأنصار الله الله لا تنسوا عهد نبيكم
إليكم في امرى ولا تخرجوا سلطان محمد صلى الله عليه وآله

251
من داره وقعر بيته إلى أدوركم وقعر بيوتكم ولا تدفعوا أهله
عن حقه ومقامه في الناس فوالله معاشر الجمع ان الله قضى
وحكم ونبيه اعلم وأنتم تعلمون بانا أهل البيت أحق بهذا
الامر منكم إما كان القارئ لكتاب الله الفقيه في دين الله
المضطلع بأمر الرعية والله انه لفينا لا فيكم فلا تتبعوا الهوى
فتزدادوا من الحق بعدا وتفسدوا قديمكم بشر من حديثكم
فقال بشير بن سعد الأنصاري الذي وطأ الأرض لأبي بكر وقالت جماعة من الأنصار
يا أبا الحسن لو كان هذا الامر سمعته منك الأنصار قبل بيعتها لأبي بكر ما اختلف فيك اثنان
فقال علي عليه السلام يا هؤلاء كنت ادع رسول الله مسجى
لا أواريه واخرج أنازع في سلطانه والله ما خفت أحدا يسمو له و
ينازعنا أهل البيت فيه ويستحل ما استحللتموه ولا علمت أن
رسول الله صلى الله عليه وآله ما ترك يوم غدير خم لاحد حجة
ولا لقائل مقالا فانشد الله رجلا سمع النبي صلى الله عليه و
آله يوم غدير خم يقول من كنت مولاه فعلى مولاه اللهم وال

252
من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله ان
يشهد بما سمع قال زيد بن أرقم فشهد اثنى عشر رجلا بدريا بذلك وكنت ممن سمع القول
من رسول الله صلى الله عليه وآله فكتمت الشهادة يومئذ فدعا على على فذهب بصرى الخبر
184 / 86 ومن كلامه عليه السلام
الاحتجاج ص 60 رسالة لأمير المؤمنين عليه السلام إلى أبى بكر لما بلغه عنه كلام بعد منع الزهراء فدك
شقوا متلاطمات أمواج الفتن بحيازيم سفن النجاة وحطوا تيجان
أهل الفخر بجميع أهل الغدر واستضاؤوا (واستضيئوا) بنور
الأنوار واقتسموا مواريث الطاهرات الأبرار واحتقبوا ثقل
الأوزار بغصبهم نحلة النبي المختار فكأني بكم تترددون في العمى
كما يتردد البعير في الطاحونة إما والله لو اذن لي بما ليس لكم به علم
لحصدت رءوسكم عن أجسادكم كحب الحصيد بقواضب من حديد
ولقلعت (ولفلقت) من جماجم شجعانكم ما اقرح به آماقكم وأوحش
به محالكم فانى منذ عرفتموني مردى العساكر ومفنى الجحافل و
مبيد خضراءكم ومخمد ضوضائكم وجزار الدوارين إذ أنتم في

253
بيوتكم معتكفون وانى لصاحبكم بالأمس لعمر أبى لن تحبوا أن تكون
فينا الخلافة والنبوة وأنتم تذكرون احقاد بدر وثارات أحد إما
والله لو قلت ما سبق من الله فيكم لتداخلت أضلاعكم في أجوافكم
كتداخل أسنان دوارة الرحى فان نطقت تقولون حسد وان
سكت فيقال ابن أبي طالب جزع من الموت هيهات هيهات انا
الساعة يقال لي هذا وانا المميت المائت وخواض المنايا في جوف
ليل حالك حامل السيفين الثقيلين والرمحين الطويلين ومنكس
الرايات في غطامط الغمرات ومفرج الكربات عن وجه خير البريات
أيهنوا فوالله لابن أبي طالب انس بالموت إلى محالب امه هبلتكم
الهوابل لو بحت بما انزل الله سبحانه في كتابه فيكم لا اضطربتم
اضطراب الأرشية في الطوى البعيدة ولخرجتم من بيوتكم
هاربين وعلى وجوهكم هائمين ولكني أهون وجدى حتى القى
ربى بيد جزاء صفراء من لذاتكم خلوا من طحناتكم فما مثل دنياكم

254
عندي الا كمثل غيم علاء فاستعلى ثم استغلظ فاستوى ثم
تمزق فانجلى رويدا فعن قليل ينجلى لكم القسطل وتجنون (فتجدون)
ثمر فعلكم مرا وتحصدون غرس أيديكم ذعافا ممزقا (ممقرا) وسما
قاتلا وكفى بالله حكيما (حكما) وبرسول الله خصيما وبالقيمة
موقفا فلا أبعد الله فيها سواكم ولا اتعس فيها غيركم و
السلام على من اتبع الهدى
أقول لقد نقل الرضي رضي الله عنه بعض تلك الفقرات في نهج البلاغة في غير هذا الموضع
حيث قال في الخطبة الخامس منه لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وخاطبه العباس وأبو
سفيان بن حرب في أن يبايعا له بالخلافة قال أيها الناس شقوا أمواج الفتن بسفن النجاة و
عرجوا عن طريق المنافرة وضعوا تيجان المفاخرة أفلح من نهض بجناح أو استسلم فأراح إلى
آخر ما نقل فيه فيمكن ان يقال إن ما نقل هناك ملخص مما نفلنا ههنا عن الاحتجاج أو ان يكون
كلاما صدر عنه عليه السلام في موضع آخر غير هذا ويحتمل أن تكون كلمة شقوا وأمثالها في هنا
بصيغة الماضي ليكون بيان حالهم أم لا أي انهم في زمن الرسول صلى الله عليه وآله ركبوا سفن
النجاة فخرجوا من بين الفتن فشبه الفتن بالأمواج لاشتراكهما في اضطراب النفس بهما وكونهما سبب
الهلاك كما احتمله المجلسي ره في المجلد الثامن من البحار ص 97 والحيازيم جمع الحيزوم وهو ما استدار
بالظهر والبطن أو ضلع الفؤاد وما اكتنف الحلقوم من جانب الصدر والغليظ من الأرض المرتفع ذكرها الفيروزآبادي
في القاموس ولعل المراد هنا صدر السفينة فإنه يشق الماء ويحتمل ان يكون تصحيف المجاذيف
جمع المجذاف وهو الذي تحرك به السفينة وينجان أهل الفخر كناية عن اتباع أهل الحق وترك المفاخرة
الداعية إلى ترك اتباع الحق وجمع أهل الغدر مجمعهم أي تركوا المفاخرة الواقعة بجميع أهل الغدرة و

255
هو ضد المتفرق والحيش والحي المجتمع ذكرها الفيروزآبادي والحاصل انهم كانوا في حياة
الرسول صلى الله عليه وآله ظاهرا على الحق وتابعين لأهله وآل امرهم بعده إلى أن اقتسموا
مواريث العترة الطاهرة ويحتمل ان يكون الجميع بصيغة الامر كما أن في بعض النسج كانت العبارة
استضيؤوا بدل استضاء فيكون أولا امرهم بمتابعة أهل الحق ثم بين حالهم بقوله واقتسموا على سبيل
الالتفات ويحتمل على الأول ان يكون الجميع مسوقا للذم فالمعنى انهم دخلوا في غمرات الفتنة و
تشبثوا ظاهرا بما يوهم انه وسائل النجاة وتركوا المفاخرة واستسلموا بان جمعوا أهل الغدر و
اظهروا للناس النصح وترك الأغراض ليتمشى لهم ما دبروا فيكون قوله استضاءوا واقتموا بمنزلة
فقرة واحدة أي تمسكوا في اقتسام مواريث الطاهرات بالاستضائة بنور الأنوار وبخبر وضعوه و
افتروه على سيد الأبرار وكل من الوجوه لا يخلو عن بعد وقال المجلسي ره بعد ذكر الاحتمالات والظاهر أنه
سقط شئ من الكلام أو زيد فيه ولعل الايراد على التغليب وقوله احتقبوا من الحقب بالتحريك وهو
حبل يشتد به الرحل إلى بطن البعير والحقيقة واحدة الحقائب واحتقبه واستحقبه بمعنى أي احتمله وقيل احتقب
فلان الاثم أي جمعه واحتقبه من خلفه قوله بقواضب هي جمع القاضب وقضيب أي القطاع والجماجم
جمع جمجمة وهي عظم الرأس المشتمل على الدماغ قوله آماقكم جمع مؤق ومؤق العين طرفها وأرداه أي
أهلكه وهو من الردى أي الهلاك والجحفل الجيش ورجل جحفل عظيم القدر وقوله مبيد خضرائكم أي مهلك
سوادكم ومعظمكم أو خيركم وغضارتكم الضوضاء أصوات الناس وغلبتهم وجزار الدوارين أي قطاع الدهور
والأزمنة الشجعان جمع الشجاع بفتح الشين المعجمة وهم الذين يدورون ويجولون في المعركة لطلب المبارزة
وفى بعض النسخ جرار الدوائر بالمهملتين أي كنت اجر الدولة والغلبة للمسلمين على الكافرين قوله انى لصاحبكم
أي امامكم الذي بايعتموني يوم الغدير والثأر بالهمزة طلب الدم وقوله ما سبق من الله فيكم أي من
العذاب والنكال في الآخرة قوله خواض المنيات الخوض الدخول والمنيات جمع المنية وهي الموت وفى
بعض النسخ خواض الغمرات الغمرة الكثير من الناس والماء وغمرات الموت شدائده وليل حالك المظلم وفى
بعض النسخ ليل خامد أي ساكن نام الناس فيه فلا تسمع أصواتهم الغطامط بالضم صوت غليان القدر
وموج البحر والتغطمط صوت معه بحح قوله ايهنو كلمة يراد بها الاستزادة وهي مبنية على الكسر إذا وصلت
نونت لو لم يكن فيه تصحيف فالخبر دال على جواز اتيانه بلفظ التثنية أو الجمع وان لم ير فيه تجويز الاتيان بهما
والمحالب جمع المحلب بالفتح وهو موضع الحلب أو الثدي أور رأسه وهبلته أمة بكسر الباء أي ثكلته وباح
بالشئ يبوح به أي أعلنه واظهره والرشاء بالكسر والمد الحبل وجمعه الأرشية والطوى البئر المطوية

256
قوله هائمين من هام يهيم هيما وهيمانا إذا ذهب من العشق أو غيره قوله بيد جذاء أي
مقطوعة أو مكسورة والصفر الخالي كالخلو بكسر الخاء والطحنات يقال هي جمع الطحنة أي البر
المطحونة وأشباهها فاستعلى أي اشتد علوه والتمرق التفرق كالتمزق وزنا ومعنى رويدا
أي اصبروا قليلا وامهلوا والقسطل الغبار الذعاف السم وطعام مذعوف وموت ذعاف
أي سريع لا أبعد الله فيها أي في القيامة وأتعسه الله أي أهلكه
185 / 87 ومن كلامه عليه السلام
الاحتجاج ص 84 قال قال سليم بن قيس سئل رجل علي بن أبي طالب عليه السلام فقال و
انا اسمع اخبرنى بأفضل منقبة لك قال ما انزل الله في كتابه قال ما انزل الله في كتابه قال
أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه انا الشاهد
من رسول الله وقوله ويقول الذين كفروا لست مرسلا قل كفى
بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب إياي عنى بمن
عنده علم الكتاب فلم يدع شيئا أنزله الله فيه الا ذكره مثل قوله
انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون
الزكاة وهم راكعون وقوله أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولوا
الامر منكم وغير ذلك قال قلت فأخبرني بأفضل منقبة لك من رسول الله صلى الله
عليه وآله فقال نصبه إياي يوم الغدير (غدير خم) فقال لي بالولاية

257
بأمر الله عز وجل وقوله أنت منى بمنزلة هارون من موسى الا انه
لا نبي بعدي وسافرت مع رسول الله صلى الله عليه وآله
ليس له خادم غيري وكان له لحاف ليس له لحاف غيره ومعه عايشة
وكان رسول الله ينان بيني وبين عايشة ليس علينا ثلاثة لحاف
غيره فإذا قام إلى صلاة الليل يخط بيده اللحاف من وسطه بيني و
بين عايشة حتى يمس اللحاف الفراش الذي تحتنا فأخذتني الحمى
ليلة فأسهرتني فسهر رسول الله صلى الله عليه وآله لسهري
فبات ليلة بيني وبين مصلاه يصلى ما قدر له ثم يأتيني يسألني و
ينظر إلى فلم يزل ذلك دابه حتى أصبح فلما صلى بأصحابه الغداة قال
اللهم اشف عليا وعافه فإنه أسهرني الليلة مما به ثم قال رسول
الله صلى الله عليه وآله بمسمع من أصحابه ابشر يا علي قلت بشرك
الله بخير يا رسول الله وجعلني فداك قال انى لم اسئل الله الليلة
شيئا الا أعطانيه ولم أسئله لنفسي شيئا الا سئلت لك مثله

258
وانى دعوت الله عز وجل ان يواخى بيني وبينك ففعل وسألته
ان يجعلك ولى كل مؤمن ومؤمنة ففعل وسألته ان يجمع عليك
أمتي بعدي فابى على فقال رجلان أحدهما لصاحبه أرأيت ما سئل فوالله الصاع
من تمر خير مما سئل ولو كان سئل ربه ان ينزل عليه ملكا يعينه على عدوه أو ينزل عليه
كنز ينفقه وأصحابه فان بهم حاجة كان خيرا مما سئل وما دعا عليا قط إلى خير الا استجاب له
186 / 88 ومن كلامه عليه السلام
بحار الأنوار المجل الثامن ص 236 في باب كفر الثلاثة ونفاقهم قال كتاب سليم بن قيس عن ابان
عن سليم قال سمعت علي بن أبي طالب عليه السلام يقول قبل وقعة صفين ان هؤلاء
القوم لن ينيبوا إلى الحق ولا إلى كلمة سواء بيننا وبينهم حتى يرامونا
بالعساكر تتبعها العساكر حتى يردفونا بالكتائب تتبعها الكتائب
وحتى يجر ببلادهم الخميس تتبعها الخميس وحتى ترعى الخيول بنواحي
أرضهم وتنزل عن (على) مسالحهم وحتى يشن الغارات
عليهم من كل فج وحتى يلقاهم قوم صدق صير لا يزيدهم هلاك
من هلك من قتلاهم وموتاهم في سبيل الله الا جدا في طاعة الله
والله لقد رايتنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله نقتل آباءنا و

259
أبناءنا وأخوالنا وأعمامنا وأهل بيوتنا ثم لا يزيدنا ذلك الا
ايمانا وتسليما وجدا في طاعة الله واستقلالا بمبارزة الاقران
وإن كان الرجل منا والرجل من عدونا ليتصاولان تصاول الفحلين
يتخالسان أنفسهما أيهما يسقى صاحبه كأس الموت فمرة لنا من عدونا
ومرة لعدونا منا فلما رأى الله منا صدقا وصبرا انزل الكتاب بحسن
الثناء علينا والرضا عنا وانزل علينا النصر ولست أقول إن كل من
كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله كذلك ولقد كانت معنا
بطانة لا يألونا خبالا قال الله عز وجل قد بدت البغضاء من أفواههم
وما تخفى صدورهم أكبر ولقد كان منهم بعض من تفضله أنت و
أصحابك يا ابن قيس فارين فما رمى بسهم ولا ضرب بسيف ولا طعن
برمج إذا كان الموت والنزال توارى واعتل ولاذ كما تلوذ النعجة
العوراء لا يدفع يد لامس وإذا القى العدو فرو ومنح العدو و
دبره جبنا ولوما وإذا كان عند الرخاء والغنيمة تكلم كما قال الله

260
سلقوكم بالسنة حداد أشحة على الخير فلا يزال قد استأذن
رسول الله صلى الله عليه وآله في ضرب عنق الرجل الذي ليس
يريد رسول الله صلى الله عليه وآله قتله فابى عليه ولقد نظر
رسول الله صلى الله عليه وآله يوما وعليه السلاح تأم فضحك رسول
الله صلى الله عليه وآله ثم قال يكنيه أبا فلان اليوم يومك فقال
الأشعث ما أعلمني من تعنى ان ذلك يفر منه الشيطان قال يا ابن قيس
لا آمن الله روعة الشيطان إذا قال ثم قال ولو كنا حين كنا مع رسول
الله صلى الله عليه وآله وقضينا الشدائد والأذى والباس فعلنا
كما تفعلون اليوم لما قام لله دين ولا أعز الله الاسلام وأيم الله لتحلبنها
دما وندما وحيرة فاحفظوا ما أقول لكم واذكروه فليسلطن عليكم
شراركم والأدعياء منكم والطلقاء والطرداء والمنافقون فليقتلنكم
ثم لتدعن الله فلا يستجيب لكم ولا يدفع البلاء عنكم حتى تتوبوا وترجعوا
فان تتوبوا وترجعوا فاستنقذكم الله من فتنتهم وضلالتهم كما

261
استنقذكم من شرككم وجهالتكم ان العجب كل العجب من جهال
هذه الأمة وضلالها وقادتها وساقتها إلى النار انهم قد سمعوا
رسول الله صلى الله عليه وآله يقول عودا وبدءا ما ولت أمة رجلا
قط امرها وفيهم اعلم منه الا لم يزل امرهم يذهب سفالا حتى يرجعوا
إلى ما تركوا فولوا امرهم قبلي ثلاثة رهط ما منهم رجل جمع القرآن
ولا بدعى ان له علما بكتاب الله ولا سنة نبيه صلى الله عليه وآله
وقد علموا انى اعلمهم بكتاب الله وسنة نبيه وأفقههم واقراهم
بكتاب الله وأقضاهم بحكم الله وانه ليس رجل من الثلاثة له سابقة مع
رسول الله صلى الله عليه وآله ولا عنأ معه في جميع مشاهده فرمى بسهم
ولا طعن برمح ولا ضرب بسيف جبنا ولوما ورغبة في البقاء وقد علموا ان
رسول الله صلى الله عليه وآله قد قائل بنفسه فقتل أبي بن خلف و
قتل مسجع بن عوف وكان من أشجع الناس وأشدهم لقاء وأحقهم بذلك
وقد علموا يقينا انه لم يكن فيهم أحد يقوم مقامي ولا يبادر الأبطال

262
ويفتح الحصون غيري ولا نزلت برسول الله شديدة قط ولا كربه
أمر ولاضيق ولا مستضعف من الامر الا قال أين اخى على أين سيفي
أين رمحي أين المفرج عنى عن وجهي فيقدمني فأتقدم فأقيه بنفسي
ويكشف الله بيدي الكرب عن وجهه ولله عز وجل ولرسوله
صلى الله عليه وآله بذلك المن والطول حيث خصني بذلك و
وفقني له وان بعض من قد سميت ما كان له بلاء ولا سابقة ولا
مبارزة قرن ولا فتح ولا نصر غير مرة واحدة ثم فر ومنح عدوه
دبره ورجع يجبن أصحابه ويجبنونه وقد فر مرارا فإذا كان عند
الرخاء والغنيمة تكلم وامر ونهى ولقد ناداه ابن عبد ود باسمه
يوم الخندق فحاذر عنه ولاذ بأصحابه حتى تبسم رسول الله صلى الله
عليه وآله لما رأى به الرعب وقال أين جيبي على تقدم يا جيبي يا علي
ولقد قال لأصحابه الأربعة أصحاب الكتاب الرأي والله ان
ندفع محمدا صلى الله عليه وآله برمته ونسلم من ذلك حين جاء

263
العدو من فوقنا ومن تحتنا كما قال الله تعالى وزلزلوا زلزالا شديدا
وظنوا بالله الظنون وقال المنافقون والذين في قلوبهم مرض
ما وعدنا الله ورسوله الا غرورا فقال صاحبه لا ولكن نتخذ
صنما عظيما نعبده لأنا لا نأمن ان يظفر ابن أبي كبشة فيكون
هلاكنا ولكن يكون هذا الصنم لنا زخرا فان ظفرت قريش أظهرنا
عبادة هذا الصنم واعلمنا هم انا لن نفارق ديننا وان رجعت دولة
ابن أبي كبشة كنا مقيمين على عبادة هذا الصنم سرا فنزل جبرئيل
عليه السلام فأخبر النبي صلى الله عليه وآله بذلك ثم خبرني
به رسول الله صلى الله عليه وآله بعد قتلى ابن عبد ود فدعهما
فقال كم صنما عبدتما في الجاهلية فقالا يا محمد لا تعيرنا بما مضى
في الجاهلية فقال فكم صنم تعبدان وقتكما هذا فقالا والذي
بعثك بالحق نبيا ما نعبد الا الله منذ أظهرنا لك من دينك ما
أظهرنا فقال يا علي خذ هذا السيف فانطلق إلى موضع كذا وكذا

264
فاستخرج الصنم الذي يعبدانه فان حال بينك وبينه أحد
فاضرب عنقه فانكبا على رسول الله صلى الله عليه وآله فقالا
استرنا سترك الله فقلت انا لهما أضمنا لله ولرسوله الا تعبدا الا الله
ولا تشركا به شيئا فعاهدا رسول الله صلى الله عليه وآله على هذا
وانطلقت حتى استخرجت الصنم من موضعه وكسرت وجهه ويديه
وجزمت رجليه ثم انصرفت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله
فوالله لقد عرفت ذلك في وجههما حتى ما تأثم انطلق هو وأصحابه
حين قبض رسول الله صلى الله عليه وآله فخاصموا الأنصار بحقي
فان كانوا صدقوا واحتجوا بحق انهم أولي من الأنصار لانهم من
قريش ورسول الله صلى الله عليه وآله من قريش فمن كان أولي برسول
الله صلى الله عليه وآله كان أولي بالامر وانما ظلموني حقي وان
كانوا احتجوا بباطل فقد ظلموا الأنصار حقهم والله يحكم بيننا وبين
من ظلمنا وحمل الناس على رقابنا والعجب لما قد أشربت قلوب هذه

265
الأمة من حبهم وحب من صدقهم وصدهم عن سبيل ربهم
وردهم عن دينهم والله لو أن هذه الأمة قامت على أرجلها
على التراب والرماد واضعة على رؤوسها وتضرعت ودعت إلى
يوم القيمة على من أضلهم وصدهم عن سبيل الله ودعاهم
إلى النار وعرضهم بسخط ربهم وأوجب عليهم عذابه بما أجرموا
إليهم لكانوا مقصرين في ذلك وذلك أن المحب الصادق و
العالم بالله ورسوله يتخوفان ان غيرا شياء من بدعهم وستهم
واحداثهم عادية العامة ومتى فعل شاقوه وخالفوه وتبرأوا
منه وخذلوه وتفرقوا عن حقه وان اخذ ببدعهم واقربها
وزينها ودان بها أحبته وشرفته وفضلته والله لو ناديت
في عسكرى هذا بالحق الذي انزل الله على نبيه وأظهرته و
دعوت إليه وشرحته وفسرته على ما سمعت من نبي الله عليه
وآله السلام فيه ما بقى فيه الا أقله وأذله وأرزله ولاستوحشوا

266
منه ولتفرقوا منى لولا ما عاهد رسول الله صلى الله عليه وآله
إلى وسمعته منه وتقدم إلى فيه لفعلت ولكن رسول الله صلى الله
عليه وآله قد قال كلما اضطر إليه العبد فقد أحله الله له واباحه
إياه وسمعته يقول إن التقية من دين الله ولا دين لمن لا تقية له
ثم اقبل علي عليه السلام فقال ادفعهم بالراح دفعا عنى ثلثا ومن حي وثلث منى فان عوضى ربى فاعذرنى
أقول
قال المجلسي ره أقول روى ابن ميثم بعض الخطبة وفيه حتى يرموا بالمناسر تتبعها العساكر و
حتى يرجموا بالكتائب تقفوها الجلائب وحتى يجر ببلادهم الخميس يتلوه الخميس وحتى
تدعق الخيول في نواحي أرضهم باحناء مشاربهم ومسارحهم وبعد قوله في طاعة الله
وحرصا على لقاء الله وروى في النهج أيضا بأدنى اختلاف قوله إلى كلمة سواء أي عادلة أو مشتركة
بيننا وبينهم والمنسر خيل من المأة إلى المأتين ويقال هو الجيش ما يمر بشئ الا اقتلعه والجلائب الإبل التي
تجلب إلى الرجل النازل على الماء ليس له ما يحمل عليه فيحملونه عليها ولا يبعدان يكون بالنون والخميس الجيش
وقال الجوهري دعق الطريق فهو مدعوق أي كثر عليه الوطي ودعقته الدواب اثرت فيه والاحناء الجوانب
والمسارح مواضع سرح الدواب والمسالح الثغور والمراقب قوله عليه السلام لقد رأيتنا في النهج لقد كنا مع رسول الله
صلى الله عليه وآله نقتل آباءنا وأبناءنا وأخواتنا وأعمامنا ما يزيدنا ذلك الا ايمانا وتسليما ومضيا على
اللقم وصبرا على مضض الألم وجدا في جهاد العدو ولقد كان الرجل منا والاخر من عدونا يتصاولان
تصاول الفحلين يتخالسان أنفسهما أيهما يسقى صاحبه كأس المنون فمرة لنا من عدونا ومرة لعدونا منا فلما
رأى الله صدقنا انزل بعدونا الكبت وانزل علينا النصر حتى استقر الاسلام ملقيا جرانه ومتبوءا أوطانه
ولعمرى لو كنا نأتى ما أتيتم ما قام للدين عمود ولا أخضر للايمان عود وأيم الله لتحلبنها دما ولتتبعنها
ندما والشن الصب والتفريق وشن الغارات تفريقها عليهم من كل ناحية واللقم منهج الطريق والمضض
حرقة الألم والتصاول ان يحمل كل من القرنين على صاحبه والتخالس التسالب أي ينتهز كل منهما فرضه صاحبه

267
والمتون الموت والكبت الاذلال والظرف والجران مقدم عنق البعير من منخره إلى منحره كناية عن استقراره في
قلوب عباد الله كالبعير الذي اخذ مكانه واستقر فيه ويقال تبوء وطنه أي سكن فيه شبه عليه السلام الاسلام
بالرجل الخائف المتزلزل الذي استقر في وطنه بعد خوفه قوله لتحتلبنها الضمير مبهم يرجع إلى أفعالهم شبهها
بالناقة التي أصيب ضرعها بآفة من تفريط صاحبها فيها ولعل المقصود عدم انتفاعهم بتلك الافعال عاجلا
وآجلا والبطانة الوليجة وهو الذي يعرفه الرجل اسراره ثقة به لا يألونا خبالا أي لا يقصرون لنا في الفساد
والاكوا لتقصير قد بدت البغضاء من أفواههم أي في كلامهم لانهم لا يملكون أنفسهم لفرط بغضهم
وما تخفى صدورهم أكبر مما بدا لان بدوه ليس عن روية واختيار قوله سلقوكم أي ضربوكم وآذوكم
بالسنة حداد ذربة يطلبون الغنيمة والسلق البسط بقهر بالبيدا وباللسان وقوله يكنيه أي ناداه بالكنية
فقال يا أبا حفص فقال الأشعث انا اعرف انك تعنى عمرو هو الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وآله ان
الشيطان يفر منه فقال عليه السلام استهزء وتكذيبا للخبر الموضوع ما امن الله روعة الشيطان إذا كان
يفر من مثل عمر ويقال كربه الغم أي اشتد عليه والجذم القطع قوله لقد عرفت ذلك أي اثر البغض
والعداوة لذلك الامر انتهى ما قاله المجلسي ره
187 / 89 ومن خطبه عليه السلام
الثامن من بحار الأنوار ص 413 عن أمالي الشيخ عن المفيد عن الكاتب عن الزعفراني عن الثقفي عن
عبيد الله بن إسحاق الضبي عن حمزة بن نصر عن إسماعيل بن رجاء الزبيدي قال لما رجعت رسل أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام من عند طلحة والزبير وعايشة يؤذنونه بالحرب قام فحمد الله
وأثنى عليه وصلى على محمد صلى الله عليه وآله ثم قال
أيها الناس انى قد راقبت هؤلاء القوم كيما يرعووا ويرجعوا وقد
وبختهم بنكثهم وعرفتهم بغيهم فليسوا يستجيبون الا وقد بعثوا
إلى أن أبرز للطعان واصبر للجلاد فإنما منتك نفسك من أبناء
الأباطيل هبلتهم الهبول قد كنت وما أهدد بالحرب ولا أرهب بالضرب

268
وانا على ما وعدني ربى من النصر والتأييد والظفر وانى لعلى
يقين من ربى وفى غير شبهة من امرى أيها الناس ان الموت
لا يفوته المقيم ولا يعجزه الهارب ليس عن الموت محيض من لم يمت
يقتل ان أفضل الموت القتل والذي نفس ابن أبي طالب بيده
لألف ضربة بالسيف لاهون على من موت على فراش يا عجبا
لطلحة ألب على ابن عفان حتى إذا قتل أعطاني صفقة يمينه طائعا
ثم نكث بيعتي وطفق ينعى ابن عفان ظالما وجاء يطلبني يزعم بدمه
والله ما صنع في أمر عثمان واحدة من ثلاث لان كان ابن عفان
ظالما كما كان يزعم حين حصره والب عليه انه لينبغي ان يوازر قاتليه
وان ينابذ ناصريه وإن كان في تلك الحال مظلوما انه لينبغي ان
يكون معه وإن كان في شك من الخصلتين لقد كان ينبغي ان يعتز له
ويلزمه بيته ويدع الناس جانبا فما فعل من هذه الخصال واحدة
وها هو ذا قد أعطاني صفقة يمينه غير مرة ثم نكث بيعته اللهم

269
فخذه ولا تمهله الا وان الزبير قطع رحمي وقرابتي ونكث بيعتي
ونصب لي الحرب وهو يعلم أنه ظالم لي اللهم فاكفنيه بم شئت
أقول لقد نقل الرضي رضي الله عنه وارضاه بعض هذه الخطبة في النهج باختلاف في بعض
فقراتها ورواها ابن أبي الحديد في شرح النهج عن أبي مخنف عن مسافر بن عفيف بن أبي الأخنس أيضا
بزيادة ونقصان الإرعواء الندم على شئ وتركه قوله ونجتهم أي هددتهم من قولهم ونجه توبيخا
إذ ألامه وهدده على عدم الفعل والجلاد هو الضرب بالسيف في القتال هبلتهم الهبول الهبول الثكلى
والهبل الثكل وهو فقد الولد ألب الرجل في المكان إذا أقام إليه
188 / 90 ومن خطبه عليه السلام
شرح النهج لكمال الدين علي بن ميثم البحراني الجزء الأول طبع منشورات مؤسسة النصر ص 333 قال إنه
عليه السلام خطبها حين بلغه ان طلحة والزبير خلعا بيعته وهي الخطبة قال عليه السلام بعد
حمد الله والسناء عليه والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله
أيها الناس ان الله افترض الجهاد فعظمه وجعله نصرته و
ناصره والله ما صلحت دنيا ولا دين الا به وقد جمع الشيطان حزبه
واستجلب خيله ومن اطاعه ليعود له دينه وسنته وخدعه و
قد رأيت أمورا قد تمحضت والله ما أنكروا على منكرا ولا جعلوا
بيني وبينهم نصفا وانهم ليبطلون حقا تركوه ودما سفكوه
فان كنت شريكهم فيه فان لهم لنصيبهم منه وان كانوا
ولوه دوني فما الطلبة الا قبلهم وان أول عدلهم لعلى أنفسهم

270
ولا اعتذر مما فعلته ولا أتبرأ مما صنعت وان معي لبصيرتي
ما لبست ولا لبس على وانها للفئة الباغية فيها الحم والحمة
طالت جلبتها وانكفت جونتها ليعودن الباطل في نصابه يا خيبة
الداعي من دعا لو قيل ما أنكر في ذلك وما امامه وفيمن سنته
(فيما سننه) والله اذن لزاح الباطل عن نصابه وانقطع لسانه
وما أظن الطريق له فيه واضح حيث نهج والله ما تاب من قتلوه قبل
موته ولا تنصل من (عن) خطيئته وما اعتذر إليهم فعذروه
ولا دعا فنصروه وأيم الله لأفرطن لهم حوضا انا ماتحه لا يصدرون
عنه برى ولا يعبون خسوة ابدا وانها لطيبة نفسي بحجة الله عليهم
وعلمه فيهم وانى داعيهم فمعذر إليهم فان تابوا وقبلوا وأجابوا
وأنابوا فالتوبة مبذولة والحق مقبول ليس على كفيل وان أبوا أعطيتهم
حد السيف وكفى به شافيا من باطل وناصرا لمؤمن ومع كل صحيفة
شاهدها وكاتبها والله ان الزبير وطلحة وعايشة ليعلمون انى

271
على الحق وهم مبطلون
أقول قد نقل بعض فصول هذه الخطبة السيد رضي الله عنه وارضاه في النهج وفيه زيادة ونقصان
ونقل بعض فصوله الاخر فيما بعده وعلة التكرار اختلاف العبارات مع الزيادة والنقصان ونقل
ابن ميثم تمام الخطبة كما نقلنا هنا من شرحه قوله عليه السلام استجلب أي استجمع والجلب الجماعة من
الناس وغيرهم تجمع وتؤلف تمحضت أي تحرك والنصف بكسر النون وسكون الصاد النصفة
وهي الاسم من الانصاف اللبس والالتباس الاشتباه والحم بفتح الحاء وتشديد الميم بقية الالية
التي أذيبت واخذ دهنها والحمة السواد وهما استعارتان لأرزال الناس وعوامهم والجبلة
الأصوات وجونتها بالضم سوادها وانكفت واستكفت أي استدارت وزاح وانزاح تنحى
والنصاب الأصل وتنصل من الذنب تبرء منه والعب الشرب من غير مص والحسوة بضم الحاء
قدر ما يحسى مرة والجلاد المضاربة بالسيف والهبول الثكول
189 / 91 ومن خطبه عليه السلام
شرح النهج لابن ميثم ص 297 ج 1 طبع المنشورات وقد نقل بعض فصولها السيد في النهج وأورد تمامها
ابن ميثم في شرحه عليه وهي هذه ونقلها المفيد في الارشاد وابن أبي الحديد في شرح النهج مغايرا في
ألفاظها وانى نقلت ما في الارشاد في الجزء الأول وما في هذا مزيدا للفائدة وتتميما للعائدة قال
قال عليه السلام الحمد لله أحق محمود بالحمد وأولاه بالمجد الها
واحدا صمدا أقام أركان العرش فأشرق بضوئه شعاع الشمس
خلق فاتقن وأقام فذلت له وطأة المستكمن واشهد ان لا إله إلا الله
وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله
بالنور الساطع والضياء المنير أكرم خلق الله حسبا وأشرفهم نسبا
لم يتعلق عليه مسلم ولا معاهد بمظلمة بل كان يظلم إما بعد

272
فان أول من بغى على الأرض عناق ابنة آدم كان مجلسها من
الأرض جريبا وكان لها عشرون إصبعا وكان لها ظفران كالمنجلين
فسلط الله عليها أسدا كالفيل وذئبا كالبعير ونسرا كالحمار وكان
ذلك في الخلق الأول فقتلها وقد قتل الله الجبابرة على أحسن
أحوالهم وان الله أهلك فرعون وهامان وقتل قارون
بذنوبهم وان بليتكم قد عادت كهيئتها يوم بعث الله نبيكم والذي
بعثه بالحق لتبلبلن بلبلة ولتعز غربلة حتى يعود أسفلكم
أعلاكم وأعلاكم أسفلكم وليسبقن سابقون كانوا قصروا وليقصرن
سابقون كانوا سبقوا والله ما كتمت وشمة ولا كذبت كذبة ولقد
نبئت بهذا اليوم وهذا المقام الا وان الخطايا خيل شمس حمل عليها
أهلها وخلعت لجمها فقحمت بهم في النار فهم فيها كالحون الا وان
التقوى مطايا ذلل حمل عليها أهلها فسارت بهم تأودا حتى إذا جاءوا
ظلا ظليلا فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها

273
خالدين الا وقد سبقني إلى هذا الامر من لم أشركه فيه و
من ليست له منه توبة الا بنبي مبعوث ولا نبي بعد محمد
صلى الله عليه وآله اشفى منه على شفا جرف هار فانهار به
في نار جهنم أيها الناس كتاب الله وسنة نبيه لا يرعى مرع
الا على نفسه شغل من الجنة والنار امامه ساع نجا وطالب
يرجو ومقصر في النار ولكل أهل ولئن أمر الباطل فقديما
ولئن قل الحق لربما ولعل ولقلما أدبر شئ فاقبل ولئن
رد امركم عليكم انكم السعداء وما علينا الا الجهد قد كانت
أمور مضت ملتم فيها ميلة كنتم عندي فيها محمودي الرأي ولو
أشاء ان أقول لقلت عفا الله عما سلف سبق الرجلان و
قام الثالث كالغراب همه بطنه ويله لو قص جناحاه وقطع
رأسه كان خيرا له شغل من الجنة والنار امامه ساع مجتهد
وطالب يرجو ومقصر في النار ثلاثة واثنان خمسة ليس فيهم

274
سادس ملك طار بجناحيه ونبى اخذ الله بضبعيه هلك من
ادعى وخاب من افترى اليمين والشمال مضلة ووسط الطريق
المنهج عليه باقي الكتاب وآثار النبوة الا وان الله قد جعل أدب
هذه الأمة بالسوط والسيف ليس عند امام فيهما هوادة فاستزوا
ببيوتكم واصلحوا ذات بينكم والتوبة من وراءكم من أبدى صفحته
للحق هلك الا وان كل قطيعة اقطعها عثمان أو مال اخذه من
بيت مال المسلمين فهو مردود عليهم في بيت مالهم ولو وجدته
قد تزوج به النساء وفرق في البلدان فإنه ان لم يسعه الحق
فالباطل أضيق عليه أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم
أقول
الوطأة بالسكون مزلة القدم وموضع الزلل والخطر البغى الزنا والضلال وأول بغى بغى في الأرض هي
عناق بنت آدم وهي أول قتيل قتلها الله المنجل ما يحصد به الزرع الجريب قدره من الأرض بستين ذراع
في ستين ذراع والذراع بست قبضات فالقبضة بأربع أصابع والبلبلة الاختلاط والغربلة نخل الدقيق
وغيره والقتل أيضا وساط القدر إذا قلب ما فيها من طعام بالمحراك واداره والوشمة بالشين المعجمة الكلمة
وبغير المعجمة العلامة والأثر والشمس جمع شمس وكذا الشموس وهي الدابة تمنع ظهرها والتاود السبر الثقيل
بالثباب والذلول الساكنة والكلوح تكسر في عبوس وامر الباطل بكسر الميم كثر وفلان يرعى على نفسه إذا كان
بتفقد أحوالها الضبع كفرح العضد الهوادة بفتح الهاء السكون والمحاباة ومنه التهويد وهو النوم أيضا

275
190 / 92 ومن خطبه عليه السلام
شرح النهج لابن أبي الحديد ج 5 ص 203 قال روى زرارة بن أعين عن أبيه عن أبي جعفر محمد بن علي
عليهما السلام قال كان علي عليه السلام إذا صلى الفجر لم يزل معقبا إلى أن تطلع الشمس فإذا طلعت
اجتمع إليه الفقراء والمساكين وغيرهم من الناس فيعلمهم الفقه والقرءان كان له وقت يقوم فيه
من مجلسه ذلك فقام يوما فمر برجل فرماه بكلمة هجر وقال لم يسمه محمد بن علي عليهما السلام
فرجع عوده على بدئه حتى صعد المنبر وامر فنودي الصلاة جامعة فحمد الله وأثنى عليه وصلى على
نبيه صلى الله عليه وآله ثم قال أيها الناس انه ليس شئ أحب إلى الله
ولا أعم نفعا من حلم امام وفقه ولا شئ أبغض إلى الله
ولا أعم ضررا من جهل امام وخرقه الا وانه من لم يكن له
من نفسه واعظ لم يكن له من الله حافظ الا وانه من انصف
من نفسه لم يزده الله الا عزا الا وان الذل في طاعة الله
أقرب إلى الله من التعزز في معصيته ثم قال أين المتكلم
آنفا فلم يستطع الانكار وقال ها أنا ذا يا أمير المؤمنين فقال انى لو شاء لقلت
فقال إن تعفو وتصفح فأنت أهل ذلك قال قد عفوت وصفحت فقيل لمحمد بن علي
عليهما السلام ما أراد أن يقول قال عليه السلام أراد ان ينسبه
191 / 93 ومن خطبه عليه السلام
شرح النهج له أيضا ص 317 قال خطب علي عليه السلام لما توافق الجمعان - فقال عليه السلام

276
لا تقاتلوا القوم حتى يبدأوكم فإنكم بحمد الله على حجة وكفكم
عنهم حتى يبدأوكم حجة أخرى وإذا قاتلتموهم فلا تجهزوا
على جريح وإذا هزمتموهم فلا تتبعوا مدبرا ولا تكشفوا عورة و
لا تمثلوا بقتيل وإذا وصلتم إلى رحال القوم فلا تهتكوا سترا و
لا تدخلوا دارا ولا تأخذوا من أموالهم شيئا ولا تهيجوا امرأة
بأذى وان شتمن اعراضكم وسببن أمرائكم وصلحائكم فإنهن
ضعاف القوم والأنفس والعقول كنا نؤمر عنهن بالكف عنهن
وأنهن لمشركات وإن كان الرجل ليتناول المرأة بالهراوة و
الجريدة فيعير بها وعقبه من بعده
192 / 94 ومن خطبه عليه السلام
جد ما قيله له عليه السلام يا أمير المؤمنين انظر في امرك وعاتب قومك هذا الحي من قريش
فإنهم قد نقضوا عهدك واخلفوا وعدك وقد دعونا في السر إلى رفضك هداك الله لرشدك
وذاك لانهم كرهوا الأسوة وفقدوا الأثرة ولما آسيت بينهم وبين الأعاجم أنكروا واستشاروا
عدوك وعظموه وأظهروا الطلب بدم عثمان فرقه للجماعة وتالفا لأهل الضلالة فرأيك فخرج علي عليه
السلام فدخل المسجد وصعد المنبر مرتديا بطاق مؤتزرا ببرد قطري متقلدا سيفا متوكيا على
قوس (نقلها ابن أبي الحديد في شرح النهج ص 361 قال فقال إما بعد فانا نحمد الله

277
الله ربنا وإلهنا وولينا وولى النعم علينا الذي أصبحت نعمه
علينا ظاهرة وباطنة وامتنانا منه بغير حول منا ولا قوة ليبلونا
أنشكر أم نكفر فمن شكر زاده ومن كفر عذبه فأفضل الناس
عند الله منزلة وأقربهم من الله وسيلة أطوعم لامره و
أعملهم بطاعته واتبعهم لسنة رسوله صلى الله عليه وآله
وأحياهم لكتابه ليس لأحد عندنا فضل الا بطاعة الله و
طاعة الرسول هذا كتاب الله بين أظهرنا وعهد رسول الله
وسيرته فينا لا يجهل ذلك الا جاهل عاند عن الحق منكر قال
الله تعالى يا أيها الناس انا خلقنا كم من ذكر وأنثى وجعلناكم
شعوبا وقبائل لتعارفوا ان أكرمكم عند الله أتقاكم ثم
صاح بأعلى صوته أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فان توليتم
فان الله لا يحب الكافرين ثم قال يا معشر المهاجرين و
الأنصار أتمنون على الله ورسوله اسلامكم بل الله يمن عليكم

278
ان هداكم للايمان ان كنتم صادقين ثم قال انا أبو الحسن وكان
يقولها إذا غضب ثم قال الا ان هذه الدنيا التي أصبحتم تتمنونها
وترغبون فيها وأصبحت تغضبكم وترضيكم ليست بداركم ولا
منزلكم الذي خلقتم له فلا تغرنكم فقد حذرتموها واستتموا
نعم الله عليكم بالصبر لأنفسكم على طاعة الله والذل لحكمه
جل ثناءه قاما هذا الفيئ فليس لأحد على أحد فيه اثرة وقد
فرغ الله من قسمته فهو مال الله وأنتم عباد الله المسلمون و
هذا كتاب الله به اقررنا وله أسلمنا وعهد نبينا بين أظهرنا
فمن لم يرض به فليتول كيف شاء فان العامل بطاعة الله والحاكم
بحكم الله لا وحشة عليه ثم نزل عن المنبر فصلى ركعتين ثم بعث بعمار بن ياسر
وعبد الرحمن بن حنبل القرشي إلى طلحة والزبير وهما في ناحية المسجد فاتياهما ودعواهما فقاما
حتى جلسا إليه عليه السلام فقال لهما نشدتكما الله هل جئتماني طائعين
للبيعة ودعوتماني إليها وانا كاره لها قالا نعم فقال غير مجبرين
ولا مقسورين فأسلمتما لي بيعتكما وأعطيتماني عهدكما قالا نعم قال

279
فما دعاكما بعد إلى ما ارى قالا أعطيناك بيعتنا على أن لا تقتضى الأمور ولا
تقطعها دوننا وان تستشيرنا في كل أمر ولا تستبد بذلك علينا ولنا من الفضل على غيرنا على ما
قد علمت فأنت تقسم القسم وتقطع الامر وتمضى الحكم بغير مشاورتنا ولا علمنا فقال لقد
نقمتما يسيرا وأرجأتما كثيرا فاستغفر الله بغفر كما الا تخبر أنني
دفعتكما عن حق وجب لكما فظلمتكما إياه قالا معاذ الله قال فهل
استأثرت من هذا المال لنفسي بشئ قالا معاذ الله قال أفوقع حكم
أو حق لاحد من المسلمين فجهلته أو ضعفت عنه قالا معاذ الله
قال فما الذي كرهتما من امرى حتى رأيتما خلافي (قالا خلافك عمر بن
الخطاب في القسم انك جعلت حقنا في القسم كحق غيرنا وسويت بيننا وبين من لا يماثلنا فيما أفاء
الله تعالى بأسيافنا ورماحنا وأوجفنا عليه بخيلنا وظهرت عليه دعوتنا واخذناه قسرا قهرا
ممن لا يرى الاسلام الا كرها فقال إما ما ذكرتموه من الاستشارة بكما فوالله
ما كانت لي في الولاية رغبة ولكنه دعوتموني إليها وجعلتموني
عليها فخفت ان أردتكم فتختلف الأمة فلما أفضت إلى نظرت في
كتاب الله وسنة رسوله فأمضيت ما دلاني عليه وابتعته و
لم احتج إلى رأيكما فيه ولا رأى غيركما ولو وقع حكم ليس في كتاب

280
الله بيانه ولا في السنة برهانه واحتيج إلى المشاورة فيه لشاورتكما
فيه واما القسم والأسوة فان ذلك أمر لم احكم فيه بادي
بدء قد وجدت انا وأنتما رسول الله صلى الله عليه وآله يحكم
بذلك وكتاب الله ناطق به وهو الكتاب الذي لا يأتيه الباطل
من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد واما قولكما
جعلت فيئنا وما أفاءته سيوفنا ورماحنا سواء بيننا وبين غيرنا
فقديما سبق إلى الاسلام قوم ونصروه بسيوفهم ورماحهم
فلا يفضلهم رسول الله صلى الله عليه وآله في القسم ولا آثرهم
بالسبق والله سبحانه موف السابق والمجاهد يوم القيمة أعمالهم
وليس لكما والله عندي ولا لغير كما الا هذا اخذ الله بقلوبنا و
قلوبكم إلى الحق والهمنا وإياكم الصبر
193 / 95 ومن كلامه عليه السلام
حين اتاه أبو عبيدة بن الجراح بالرسالة عن أبي بكر بعد استقرار خلافته فاجابه عليه السلام بقوله
عليه السلام نقله ابن أبي الحديد في الجزء العاشر من شرحه على النهج ص 569 قال قال عليه السلام

281
يا أبا عبيدة هذا كله في أنفس القوم يضطبنونه ويضطغنون عليه
فقلت لا جواب عندي انما جئتك قاضيا حق الدين وراتقا فتق الاسلام وسادا
ثلمة الأمة يعلم الله ذلك من جلجلال قلبي وفرارة نفسي فقال عليه السلام ما
كان قعودي في كسر هذا البيت قصد الخلاف ولا انكار المعروف
ولا زراية على مسلم بل لما وقذني به رسول الله صلى الله عليه
وآله من فراقه وأودعني من الحزن لفقده فانى لم اشهد بعده
مشهدا الا جدد على حزنا وذكرني شجنا وان الشوق إلى اللحاق
به كاف عن الطمع في غيره وقد عكفت على عهد الله انظر فيه
واجمع ما تفرق منه رجاء ثواب معد لمن أخلص لله عمله
وسلم لعلمه ومشية امره على انى اعلم أن التطاهر على واقع و
لي عن الحق الذي سيق إلى دافع وإذا قد اقعم الوادي لي و
حشد النادي على فلا مرحبا بما ساء أحدا من المسلمين وفى
النفس كلام لولا سابق قول ولا سالف عهد لشفيت غيظي

282
بخنصري وبنصري وخضت لجته بأخمصي ومفرقي ولكني ملجم
إلى أن القى الله تعالى عنده احتسب ما نزل بي وانا غار إن شاء الله
إلى جماعتكم ومبايع لصاحبكم وصابر على ما ساءني و
سركم ليقضى الله أمرا كان مفعولا وكان
الله كل شئ شهيدا
أقول قوله عليه السلام زراية يقال زرى عليه زريا وزراية بالكسر إذا عابه واستهزأ به وقوله
وقذني به يقال وقذه يقذه وقذا إذا ضربه حتى استرخى شجنا الشجن محركة الهم والحزن وقوله عكفت
أي أقمت قوله اقعم بضم الهمزة وكسر العين أي اصابه داء واقعمت الشمس إذا ارتفعت قوله حشد أي جمع
خنصر بكسر الخاء وتفتح الصاد الإصبع الصغرى من الأصابع بنصر بكسر الباء والصاد وتفتح الصاد الإصبع
التي بين الوسطى والخنصر أخمص القدم باطنها المفرق وسط الرأس قوله غار من الغراء وهو ما يلصق به
قوله يضطبنونه أي يضيقون عليه يضطغنون أي ينطوون على الأحقاد
194 / 96 ومن كلامه عليه السلام
شرح النهج أيضا ج 10 ص 570 قال التفت علي عليه السلام إلى عمر فقال يا أبا حفص والله
ما قعدت عن صاحبك جزعا ما صار إليه ولا أتيته خائفا منه
ولا أقول ما أقول بعلة وانى لأعرف مسمى طرفي ومخطى قدمي و
منزع قوسي وموقع سهمي ولكني تخلفت اعذارا إلى الله والى
من يعلم الامر الذي جعله لي رسول الله صلى الله عليه وآله و

283
أتيت فبايعت حفظا للدين وخوفا من انتثار (انتشار) أمر الله
195 / 97 ومن كلامه عليه السلام
قال ابن أبي الحديد في الجزء الأول من شرحه على النهج ص 43 لما خرج الزبير وطلحة من المدينة
إلى مكة لم يلقيا أحدا الا وقالا له ليس لعلى في أعناقنا بيعة وانما بايعناه مكرهين فبلغ
عليا عليه السلام قولهما فقال عليه السلام ابعدهما الله واعزب
دارهما واما والله لقد علمت انهما سيقتلان أنفسهما
أخبث مقتل ويأتيان من وردا عليه بأشأم يوم والله
ما العمرة يريدان وقد اتياني بوجهي فاجرين ورجعا بوجهي
غادرين ناكثين والله يلقيانني بعد اليوم الا في كتيبة
خشناء يقتلان فيها نفسهما فبعدا لهما وسحقا
196 / 98 ومن خطبه عليه السلام
قال ابن الحديد فيه أيضا ج 1 ص 43 وذكر أبو مخنف في كتاب الجمل ان عليا عليه السلام
خطب لما سار الزبير وطلحة من مكة ومعهما عايشة يريدون البصرة فقال أيها
الناس ان عايشة صارت إلى البصرة ومعها طلحة والزبير
وكل منهما يرى الامر له دون صاحبه إما طلحة فابن
عمها واما الزبير فختنها والله لو ظفروا بما أرادوا ولن

284
ينالوا ذلك ابدا ليضربن أحدهما عنق صاحبه بعد تنازع
منهما شديد والله ان راكبة الجمل الأحمر ما تقطع عقبة و
لا تحل عقدة الا في معصية الله وسخطه حتى تورد نفسها و
من معها موارد لهلكة أي والله ليقتلن ثلاثهم وليهربن
ثلاثهم وليتوبن ثلاثهم وانما التي تنبحها كلاب الحوأب و
انهما ليعلمان انهما مخطئان ورب عالم قتله جهله ومعه علمه
ولا ينفعه حسبنا الله ونعم الوكيل فقد قامت الفتنة وفيها الفئة
الباغية أين المحتسبون أين المؤمنون مالي ولقريش إما والله
لقد قتلتهم كافرين ولأقتلنهم مفتونين وما لنا إلى عايشة
من ذنب الا انا أدخلنا ها في حيزنا والله لا بقرن الباطل حتى
يظهر الحق من خاصرته فقل لقريش فلتضج ضجيجها ثم نزل عليه السلام
197 / 99 ومن خطبه عليه السلام
رواها ابن أبي الحديد في شرح النهج ص 55 ج 1 قال رواها أبو الحسن علي بن محمد المدائني عن
عبد الله بن جنادة قال قدمت من الحجاز أريد العراق في أول امارة علي عليه السلام فمر رب بمكة

285
فاعتمرت ثم قدمت المدينة فدخلت مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله إدا نودي الصلاة
جامعة فاجتمع الناس وخرج علي عليه السلام متقلدا سيفه فشخصت الابصار نحوه فحمد الله و
صلى على رسوله صلى الله عليه وآله ثم قال إما بعد فإنه لما قبض الله نبيه
صلى الله عليه وآله قلنا نحن أهله وورثته وعترته وأوليائه
دون الناس لا ينازعنا سلطانه أحد ولا يطمع في حقنا طامع
إذا تبرى لنا قومنا فغصبونا سلطان نبينا فصارت الامرة لغيرنا
وصرنا سوقه يطمع فينا الضعيف ويتعزز علينا الذليل فبكت
الأعين منا لذلك وخشنت الصدور وجزعت النفوس وأيم الله
لولا مخافة الفرقة بين المسلمين وان يعود الكفر ويبور الدين
لكنا على غير ما كنا لهم عليه فولى الامر ولاة لم يألوا الناس خيرا
ثم استخرجتموني أيها الناس من بيتي فبايعتموني على شأن منى
لامركم وفراسة تصدقني ما في قلوب كثير منكم وبايعني هذان
الرجلان في أول من بايع يعلمون ذلك وقد نكثا وغدرا
ونهضا إلى البصرة بعايشة ليفرقا جماعتكم ويلقيا بأسكم

286
بينكم اللهم فخذهما بما عملا اخذة واحدة رابية ولا تنعش
لهما صرعة ولا تقلهما عثرة ولا تمهلهما فواقا فإنهما يطلبان
حقا تركاه ودما سفكاه اللهم إني أقتضيك وعدك فإنك قلت
وقولك الحق لمن بغى عليه لينصرنه الله اللهم فأنجز لي موعدي
ولا تكلني إلى نفسي انك على كل شئ قدير
أقوله قوله يبور من البوار وهو الهلاك ويبور أي يبطل من بار عمله إذ أبطل قوله لم يألو أي لم يستطيعوا
قوله رابية أي زائدة في الشدة على الاخذات كما زادت قبائحهم في القبح قوله ولا تنعش أي لا تقوية
ولا تقمه
198 / 100 ومن كلامه عليه السلام
الوافي ج 2 ص 151 في باب سيرتهم في أنفسهم إذا ظهر امرهم عن الكافي عن علي بن صالح بن أبي
حماد والعدة عن أحمد وغيرهما بأسانيد مختلفه في احتجاج أمير المؤمنين عليه السلام على عاصم بن
زياد حين لبس العباء وترك الملأ وشكاه اخوه الربيع بن زياد إلى أمير المؤمنين عليه السلام انه قد غم أهله
واحزن ولده بذلك فقال أمير المؤمنين عليه السلام على بعاصم بن زياد فجيئ به فلما رآه عبس في وجهه
فقال له إما استحييت من أهلك إما رحمة ولدك أترى الله لك
أحل الطيبات وهو يكره اخذك منها أنت أهون على الله من ذلك أوليس
الله يقول والأرض وضعها للأنام فيها فاكهة والنخل فات الأكمام
أوليس الله يقول مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان إلى قوله

287
يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان فبالله لابتذال نعم الله بالفعال
أحب إليه من ابتذاله لها بالمقال وقد قال الله عز وجل واما
بنعمة ربك فحدث فقال عاصم يا أمير المؤمنين فعلى ما اقتصرت في مطعمك على الجشوبة
وفى ملبسك على الخشونة فقال ويحك ان الله عز وجل فرض على أئمة
العدل ان يقدروا أنفسهم بضعفة الناس كيلا يتبيغ بالفقير
فقره فالقى عاصم بن زياد العباء ولبس الملاء قوله الملاء ثوب لين رقيق والاكمام جمع
الكم بكسر الكاف وهو وعاء الطلع مرج البحرين أي خلاهما لا يلتبس أحدهما بالآخر والبرزخ الحاجز
بين الشيئين ابتذال النعمة بالفعال أي يصرفها فيما ينبغي متوسعا من غير ضيق وبالمقال ان يدعى
الغناء ويظهر بلسانه الاستغناء بها والتحديث بها يتعلق بكلا الامرين ان يقدروا أنفسهم يقيسوها
والتبيغ الهيجان والغلبة
199 / 101 ومن خطبه عليه السلام
الوافي ج 2 ص 168 عن الفقيه عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباته قال قال أمير المؤمنين
عليه السلام في بعض خطبه أيها الناس اسمعوا قولي والله فان الفراق
قريب انا امام البرية ووصى خير الخليفة وزوج سيدة نساء
العالمين وأبو العترة الطاهرة والأئمة الهادية وأخو رسول الله
صلى الله عليه وآله ووصيه ووليه ووزيره وصاحبه وصفيه

288
وحبيبه وخليله وانا أمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين سيد
الوصيين حربي حرب الله وسلمى سلم الله وطاعتي طاعة الله
وولايتي ولاية الله وشيعتي أولياء الله وأنصاري أنصار
الله والله الذي خلقني ولم أك شيئا لقد علم المستحفظون من
أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم ان الناكثين والقاسطين
والمارقين ملعونون على لسان النبي الأمي وقد خاب من افترى
أقول نكث العهد نقضه وقسط يقسط قسطا بالفتح جار وعدل عن الحق ومرق السهم مروقا خرج
200 / 102 ومن كلامه عليه السلام
بشارة المصطفى لشيعة المرتضى المطبوع في النجف ص 104 قال اخبرنى الشيخ المفيد أبو علي الحسن بن
محمد بن الحسن الطوسي رحمه الله بقرائتي عليه في مشهد مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه
السلام في شعبان سنة إحدى عشرة وخمسمأة قال أخبرنا السعيد الوالد أبو جعفر الطوسي رضي الله عنه
قال أخبرنا الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان قال أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد قال
حدثني أبي عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن صفوان بن يحيى عن يعقوب بن شعيب
عن صالح بن ميثم التمار رحمه الله قال وجدت في كتاب ميثم رحمه الله يقول تمسينا ليلة عند أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فقال لنا ليس من عبد امتحن الله قلبه
للايمان الا أصبح يجد مودتنا على قلبه ولا أصبح عبد ممن سخط
الله عليه الا يجد بغضنا على قلبه أصبحنا نفرح بحب المحب لنا

289
ونعرف بغض المبغض لنا وأصبح محبنا مغتبطا برحمة من الله
ينتظرها كل يوم وأصبح مبغضنا يؤسس بنيانه على شفا جرف
هار فكان ذلك الشفا قد انها ربه في نار جهنم وكان أبواب
الرحمة قد فتحت لأهل الرحمة فهنيئا لأصحاب الرحمة رحمتهم
وتعسا لأهل النار مثواهم ان عبدا لم يقصر في حبنا لخير
يجعله الله في قلبه ولن يحبنا من يحب مبغضنا ان ذلك
لم يجتمع في قلب واحد وما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه
يحب بهذا قوما ويحب بالآخر عدوهم والذي يحبنا فهو
يخلص بحبنا كما يخلص الذهب الذي لاغش فيه نحن النجباء و
افراطنا افراط الأنبياء وانا وصى الأوصياء وانا حزب الله
ورسوله والفئة الباغية حزب الشيطان فمن أحب ان يعلم
حاله في حبنا فليمتحن قلبه فان وجد فيه حب من ألب
علينا فليعلم ان الله تعالى عدوه وجبريل وميكائيل والله عدو للكافرين

290
201 / 103 ومن كلامه عليه السلام
بشارة المصطفى ص 4 قال أخبرنا الشيخ أبو البقاء إبراهيم بن الحسين بن إبراهيم الرقا البصري
بقرائتي عليه في مشهد مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في المحرم سنة ست
عشرة وخمسمأة قال حدثنا الشيخ أبو طالب محمد بن الحسين بن عتبة في ربيع الأول سنة ثلاث
وستين وأربعمأة بالبصرة في مسجد النخاسين على صاحبه السلام قال حدثنا الشيخ أبو الحسن محمد بن
الحسن بن الحسين بن أحمد الفقيه قال حدثنا حمويه أبو عبد الله بن علي بن حمويه قال أخبرنا محمد بن
عبد الله بن المطلب الشيباني قال حدثنا محمد بن علي بن مهدي الكندي قال حدثنا محمد بن علي بن
عمر بن ظريف الحجري قال حدثني أبي عن جميل بن صالح عن أبي خالد الكابلي عن الأصبغ بن نباته
قال دخل الحارث الهمداني على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في نفر من الشيعة و
كنت فيهم فجعل الحارث يتلوذ في مشيه ويخبط الأرض بمحجنه وكان مريضا فدخل فاقبل عليه
أمير المؤمنين عليه السلام وكانت له منزلة منه فقال كيف تجدك يا حارث فقال نال منى الدهر يا أمير
المؤمنين وزادني غليلا اختصام أصحابك ببابك قال وفيم خصومتهم قال في شانك والثلاثة
من قبلك فمن مفرط غال ومقتصد وال ومن مترود مرتاب لا يدرى أيقدم أم يحجم قال عليه السلام
فحسبك يا أخا همدان الا ان خير شيعتي النمط الأوسط إليهم يرجع الغالي وبهم يلحق التالي فقال
له الحارث لو كشفت فداك أبي وأمي الريب عن قلوبنا وجعلتنا في ذلك على بصيرة في امرنا قال
فذاك فإنه أمر ملبوس عليه ان دين الله لا يعرف بالرجال بل
باية الحق فاعرف الحق تعرف أهله يا حار ان الحق أحسن الحديث
والصادع به مجاهد وبالحق أخبرك فاعزني سمعك ثم خبر به
من كان له حصافة من أصحابك الا انى عبد الله وأخو رسول
الله صلى الله عليه وآله وصديقه الأكبر صدقته وآدم

291
بين الروح والجسد ثم انى صديقه الأول في امتكم لحقا
فنحن الأولون ونحن الآخرون الا وانى خاصته يا حارث
وصنوه ووصيه ووليه وصاحب نجواه وسره أوتيت فهم
الكتاب وفصل الخطاب وعلم القرآن واستودعت الف
مفتاح يفتح كل مفتاح الف باب يفضى كل باب إلى الف الف
عهد وأيدت أو قال وأمددت بليلة القدر نفلا وان
ذلك ليجرى لي والمتحفظين من ذريتي كما يجرى الليل والنهار
حتى يرث الله الأرض ومن عليها أنشدك يا حارث لتعرفني
ووليي وعدوى في مواطن شتى لتعرفني عند الممات و
عند الصراط وعند الحوض وعند المقاسمة قال الحارث
ما المقاسمة يا مولاي قال عليه السلام مقاسمة النار
أقاسمها قسمة صحاحا أقول هذا وليي وهذا عدوى ثم
اخذ أمير المؤمنين بيد الحارث فقال يا حارث أخذت بيدك

292
كما اخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بيدي فقال لي واشتكيت
إليه صلى الله عليه وآله حسدة قريش والمنافقين انه إذا كان
يوم القيمة أخذت بحبل الله أو بحجزته يعنى عصمة من ذي العرش
واخذت أنت يا علي بحجزتي واخذت ذريتك بحجزتك واخذت
شيعتكم بحجزتهم فماذا يصنع الله عز وجل بنبيه وماذا يصنع
نبيه بوصية خذها إليك يا حارث قصيرة من طويلة أنت مع من
أجبت ولك ما اكتسبت قالها ثلاثا فقال الحارث وقام يجر ردائه جذلا
لا أبالي وربى بعد هذا أمتي لقيت الموت أو لقيني قال جميل بن صالح فانشد أبو هاشم السيد بن
محمد في كلمة له
202 / 104 ومن خطبة له عليه السلام
بشارة المصطفى ص 125 قال أخبرنا الشيخ الفقيه أبو علي الحسن بن محمد بن الحسن الطوسي رحمه الله
بقرائتي عليه في شعبان سنة إحدى عشر وخمسمأة بمشهد مولانا أمير المؤمنين عليه السلام علي بن أبي
طالب قال أخبرنا السعيد الوالد أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي رحمه الله قال أخبرنا الشيخ أبو
عبد الله محمد بن محمد بن النعمان رحمه الله قال أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الكاتب قال أخبرنا الحسن بن علي
الزعفراني قال حدثنا إبراهيم بن محمد الثقفي قال حدثني عمار بن أبي شيبة عن عمر بن ميمون عن
جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عليهم السلام قال قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام على
منبر الكوفة يا أيها الناس انه كان لي من رسول الله صلى الله عليه
وآله عشر هن أحب إلى سما طلعت عليه الشمس قال قال لي رسول

293
الله صلى الله عليه وآله أنت اخى في الدنيا والآخرة وأنت أقرب
الخلائق إلى يوم القيمة في الموقف بين يدي الجبار ومنزلك في
الجنة مواجه منزلي كما تتواجه منازل الاخوان في الله عز وجل
وأنت الوصي من بعدي في عداتي وامري وأنت الحافظ لي في
أهلي عند غيبتي وأنت الامام لامتى والقائم بالقسط في رعيتي
وأنت وليي وولى (مؤخر) وليي (مقدم) الله وعدوك عدوى وعدوى عدو الله
203 / 105 ومن خطبه عليه السلام
بشارة المصطفى ص 172 قال أخبرنا الشيخ العفيف أبو البقاء إبراهيم بن الحسن البصري رحمه الله
قرأته عليه في صفر سنة عشر وخمسمأة بمشهد مولانا أمير المؤمنين عليه السلام قال حدثني
الشيخ أبو طالب محمد بن الحسين بن عتبة قال حدثني أبو الحسين محمد بن أحمد بن محمد بن مخلد
المداري قال حدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله بن محمد بن المطلب الشيباني في شعبان سنة
ست وثمانين وثلاثمأة ببغداد في نهر الدجاج في دار الصيداوي المنشد قال حدثنا أحمد بن
محمد بن أبي نصر عن أبان بن عثمان الأحمري عن أبان بن تغلب عن عكرمة مولى عبد الله بن عباس
عن عبد الله بن عباس قال عقم النساء ان يأتين بمثل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام
ما كشفت النساء ذيولهن بمثله لا والله ما رأيت فارسا محدثا يوزن به لرايته يوما ونحن معه
بصفين وعلى رأسه عمامة سوداء وكان عينيه سراجا سليط تتواقدان من تحتهما يقف على
شر ذمة يخطبهم حتى انتهى إلى نفر انا فيهم وطلعت خيل لمعاوية لعنه الله تدعى بالكتيبة الشهباء
عشرة آلاف دارع على عشرة آلاف اشهب فاقشعر الناس لها لما رواها وانحاز بعضهم إلى بعض فقال
أمير المؤمنين عليه السلام فيما النخع والخنع يا أهل العراق هل هي الا

294
اشخاص مائلة فيها قلوب طائرة لو مستها سيوف أهل الحق
لرأيتموها كجراد بقيعة سفته الريح في يوم عاصف الا فاستشعروا
الخشية وتجلببوا السكينة وادرعوا الصبر وغضوا الأصوات
وقلقوا الأسياف في الأغماد قبل السلة وانظروا الخزر
واطعنوا الشزر وكافحوا بالضبا وصلوا السيوف بالخطى والنبال
بالرماح وعاودوا الكر واستحيوا من الفر فإنه عار في الأعقاب
ونار يوم الحساب فطيبوا أنفسكم نفسا وامشوا إلى الموت مشية
سجحا فإنكم بعين الله عز وجل ومع اخى رسول الله صلى الله
عليه وآله وعليكم بهذا السرادق الأدلم والرواق المظلم و
اضربوا بثجه فان الشيطان راقد في كسره نافش حضينه مفترش
ذراعيه قد قدم للوثبة يدا واخر للنكوس رجلا فصمدا صمدا
حتى ينجلى لكم عمود الحق وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم
أعمالكم ها انا شاد فشدوا بسم الله حم لا ينصرون

295
أقول السليط هو الزيت عند عامة العرب وعند أهل اليمن هو دهن السمسم قوله تتواقدان
أي تضيئان اقشعر إذا اخذ قشعريرة وانحاز أي وانضم النخع الذلة والخنع الخضوع والذلة أيضا
القيعة بكسر القاف المستوى من الأرض سفة الريح أي ذرته أو حملته يوم عاصف وهو فاعل بمعنى
مفعول أي يوم وقعت فيه الشدة القلق التوشح أي قلدوا بالأسياف سل السيف اخراجه من الغمد
وانظروا الخزر أي بلحظ العين والشزر بسكون الزاء الطعن على غير استقامة بل يمينا وشمالا وفائدته
توسعة المجال للطاعن وكافحوهم في الحرب أي استقبلوهم الضبا الظفر وصلوا السيوف أي اتبعوها
سجحا أي سهلا السرادق كلما أحاط بشئ من حائط أو مضرب أو خباء وقيل هو ما يحيط بالخيمة و
الأدلم شديد السواد الثج الروضة فيها حياض ومساكات للماء نفش من باب قتل إذا هيجه
نافش حضينه من الحضانة أي يهيج من ألصقه بصدره النكوص الاحجام عن الشئ الصمد القصد والضرب والنصب
204 / 106 ومن خطبه عليه السلام
بشارة المصطفى ص 190 وبالاسناد قال حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين قال حدثني أبي
قال حدثني سعد بن عبد الله عن الهيثم بن أبي مسروق عن الحسين بن علوان عن عمر بن
ثابت عن أبيه عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباته قال قال علي بن أبي طالب عليه السلام
ذات يوم على منبر الكوفة انا سيد الوصيين ووصى سيد المرسلين
وانا امام المتقين ومولى المؤمنين وقائد المتقين وزوج سيدة
نساء العالمين انا المتختم باليمين والمعفر للجبين انا الذي هاجرت
الهجرتين وبايعت البيعتين انا صاحب بدر وحنين وانا الضارب
بالسيفين والحامل على فرسين وانا وارث علم الأولين والآخرين
انا حجة الله عز وجل على العالمين بعد الأنبياء والمرسلين

296
ومحمد بن عبد الله خاتم النبيين أهل موالاتي مرحومون و
أهل عداوتي ملعونون ولقد كان رسول الله صلى الله عليه
وآله يقول كثيرا مالي يا علي حبك تقوى وبغضك كفر ونفاق
وانا بيت الحكمة وأنت مفتاحه وكذب من زعم أنه يحبني ويبغضك
205 / 107 ومن خطبه عليه السلام
الوافي ج 3 ص 105 في باب من تكره مصاحبته ومشاورته عن الكافي العدة عن البرقي عن عمرو بن
عثمان عن محمد بن سالم الكندي عمن حدثه عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان أمير المؤمنين
عليه السلام إذا صعد المنبر قال ينبغي للمسلم ان يجتنب مواخاة ثلاثة
الماجن الفاجر والأحمق والكذاب فاما الماجن الفاجر فيزين
لك فعله ويحب انك مثله ولا يعينك على أمر دينك ومعادك
ومقاربته جفاء وقسوة ومدخله ومخرجه عار عليك واما
الأحمق فإنه لا يشير عليك بخير ولا يرجى لصرف السوء عنك
ولو اجهد نفسه وربما أراد ان ينفعك فضرك فموته خير من حياته
وسكوته خير من نطقه وبعده خير من قربه واما الكذاب فإنه
لا يهنئك معه عيش ينقل حديثك وينقل إليك الحديث كلما

297
افنى أحدوثة مطها بأخرى مثلها حتى أنه يحدث بالصدق
فما يصدق ويعرف بين الناس بالعداوة فينبت السخايم في
الصدور فاتقوا الله عز وجل وانظروا لأنفسكم
الماجن من لا يبالي قولا ولا فعلا لصلابة وجهه من المجون بمعنى الصلابة والغلظة لا يهنأك
بتخفيف النون أي لا يصير لك هنيئا والمط المد والقوة والسخايم الضغاين
206 / 108 ومن خطبه عليه السلام
وهي التي اوردها الرضي رضي الله عنه وارضاه في نهج البلاغة باختلاف كثيرة في ألفاظها
وعباراتها وبين ما اوردها هناك وما رواه في الكافي وهي التي انا ناقلها الان اختلاف
بين فلذا نقلتها عن الوافي ج 3 ص 34 للانتفاع بعباراتها المتغايرة مع ما في النهج تذكرة
لمن أراد الانتفاع بها وهي هذه الوافي عن الكافي في باب صفات المؤمن وعلاماته عن محمد عن
محمد بن إسماعيل عن عبد الله بن داهر عن الحسن بن يحيى عن قثم أبى قتادة الحراني عن عبد الله بن
يونس عن أبي عبد الله عليه السلام قال قام رجل يقال له همام وكان عابدا ناسكا مجتهدا
إلى أمير المؤمنين عليه السلام وهو يخطب فقال يا أمير المؤمنين صف لنا صفة المؤمن كأننا
ننظر إليه فقال عليه السلام يا همام المؤمن هو الكيس الفطن بشره
في وجهه وحزنه في قلبه أوسع شئ صدرا وأذل شئ نفسا
زاجر عن كل فان حاض على كل حسن لا حقود ولا حسود ولا
وثاب ولا سباب ولا عياب ولا مغتاب يكره الرفعة ويشنأ
السمعة طويل الغم بعيد الهم كثير الصمت وقور ذكور صبور

298
شكور مغموم بفكره مسرور بفقره سهل الخليفة لين العريكة
رصين الوفاء قليل الأذى لا متأفك ولا متهتك ان ضحك
لم يخرق وان غضب لم يترق ضحكه تبسم واستفهامه تعلم
ومراجعته تفهم كثير علمه عظيم حلمه كثير الرحمة لا يبخل
ولا يعجل ولا يضجر ولا يبطر ولا يحيف في حكمه ولا يجوز في
علمه نفسه أصلب من الصلد ومكادحته أحلى من الشهد لا
جشع ولا هلع ولا عنف ولا صلف ولا متعمق ولا متكلف جميل
المنازعة كريم المراجعة عدل ان غضب رفيق ان طلب لا
يتهور ولا يتهتك ولا يتجبر خالص الود وثيق العهد وفى العقد
شفيق وصول حليم حمول قليل الفضول راض عن الله تعالى
مخالف لهواه لا يغلظ على من يؤذيه ولا يخوض فيما لا يعنيه
ناصر للدين محامى عن المؤمنين كهف المسلمين لا يخرق الثناء
سمعه ولا ينكى الطمع قلبه ولا يصرف اللعب حكمه ولا يطلع

299
الجاهل علمه قوال عمال عالم حازم لا بفحاش ولا بطياش
وصول في غير عنف بذول في غير سرف ولا بختار ولا بغدار
ولا يقتفى اثرا ولا يحيف بشرا رفيق بالخلق ساع في الأرض
عون للضعيف غوث للملهوف لا يهتك سترا ولا يكشف سرا
كثير البلوى قليل الشكوى ان رأى خيرا ذكره وان عاين شرا
ستره يستر العيب ويحفظ الغيب ويقيل العثرة ويغفر الزلة
لا يطلع على نصح فيذره ولا يدع جنح حيف فيصلحه امين رصين
تقى نقى زكى رضي يقبل العذر ويجمل الذكر ويحسن
بالناس الظن ويتهم على الغيب نفسه يحب في الله يفقه
وعلم ويقطع في الله بحزم وعزم لا يخرق به فرح ولا يطيش
به مرح مذكر للعالم معلم للجاهل ولا يتوقع به (له) بائقة
ولا يخاف له غائلة كل سعى أخلص عنده من سعيه وكل
نفس أصلح عنده من نفسه عالم بعيبه شاغل بغمه لا يثق

300
بغير ربه قريب وحيد حزين يحب في الله ويجاهد في الله ليتبع
رضاه ولا ينتقم لنفسه بنفسه ولا يوالي في سخط ربه مجالس لأهل
الفقر مصادق لأهل الصدق موازر لأهل الحق عون للغريب
أب لليتيم بعل للأرملة حفى باهل المسكنة مرجو لكل كريهة
مأمول لكل شدة هشاش بشاش لا بعباس ولا بجساس
صليب كظام بسام دقيق النظر عظيم الحذر لا يبخل وان بخل
عليه صبر عقل فاستحيى وقنع فاستغنى حياءه يعلو شهوته وود
يعلو حسده وعفوه يعلو حقده لا ينطق بغير صواب ولا يلبس الا
الاقتصاد مشيه التواضع خاضع لربه بطاعته راض عنه في
كل حالاته نيته خالصة أعماله ليس فيها غش ولا خديعة نظره
عبرة وسكوته فكرة وكلامه حكمة مناصحا متباذلا متواخيا
ناصح في السر والعلانية لا يهجر أخاه ولا يغتابه ولا يمكر به
ولا يأسف على ما فاته ولا يحزن على ما اصابه ولا يرجو مالا

301
يجوز له الرجاء ولا يفشل في الشدة ولا يبطر في الرخاء يمزج
العلم بالحلم والعقل بالصبر تراه بعيدا كسله دائما نشاطه قريبا
امله قليلا زلله متوقعا لأجله خاشعا قلبه ذكرا ربه قانعة
نفسه منفيا جهله سهلا امره حزينا لذنبه ميتة شهوته
كظوما غيظه صافيا خلقه آمنا منه جاره ضعيفا كبره قانعا
بالذي قدر له متينا صبره محكما امره كثيرا ذكره يخالط الناس
ليعلم ويصمت ليسلم ويسئل ليفهم ويتجز ليغنم لا ينصت للخير
ليفخر به ولا يتكلم ليتجبر به على من سواه نفسه منه في غناء و
الناس منه في راحة أتعب نفسه لاخرته فأراح الناس من نفسه
ان بغى عليه صبر حتى يكون الله الذي ينتصر له بعده ممن تباعد
منه بغض ونزاهة ودنوه ممن دنا منه لين ورحمة ليس
تباعده تكبرا ولا عظمة ولا دنوه خديعة ولا خلابة بل يقتدى
بمن كان قبله من أهل الخير فهو امام لمن بعده من أهل البر

302
قال فصاح همام صيحة ثم وقع مغشيا عليه فقال أمير المؤمنين عليه السلام إما والله
لقد كنت أخافها عليه وقال هكذا تصنع الموعظة البالغة
بأهلها فقال له قائل يا أمير المؤمنين فما بالك فقال إن لكل اجلا لن يعدوه
وسببا لا يجاوزه فمهلا لا تعد فإنما نفث على لسانك شيطان
أقول همام هذا هو همام بن شريح بن يزيد بن مرة وكان من شيعة علي عليه السلام وأوليائه
البشر بالكسر الطلاقة والحصن الحث والترغيب والوثبة الطيش والشنائة البغض والسمعة الصيت
والعريكة الطبيعة لانت عريكة إذا انكسرت نخوته الرصين كامين بالمهملتين المحكم الثابت الإفك
الكذب الخرق الحمق الترق الطيش الضجر الملال البطر افراط الفرح الحيف الظلم الصلد الصلب
الأملص الكدح الكد والسعي وحلاوة مكادحته لحلاوة ثمرتها ويقينه في نيلها فان التعب في سبيل
المحبوب راحة الجشع محركة أشد الحرص وأسوءه وان تأخذ نصيبك وتطمع في نصيب غيرك الهلع
الجزع الصلف ان تدعى ما ليس فيك من الكمال الرفق المداراة التهور ايقاع النفس فيما لا تطيق
ونفى الخرق والنكاية كناية عن عدم التأثر بهما والنكاية الجرح والحكم الحكمة والختر الغدر والخديعة
أو أقبح الغدر ونفى اقتفاء الأثر كناية عن عدم التجسس لعيوب الناس الجنح الجانب الحزم التيقظ المرح
شدة الفرح يعنى لا يحمله الفرح على الحماقة ولا شدته على العدول عن الحق والميل إلى الباطل يقال للش
السهم عن الهدف أي عدل البايقة الشر الغائلة الشدة الموازرة المعاونة مرجو لكل كريمة أي خصلة
كريمة وفى بعض النسخ كريهة بالهاء وهو أوفق لقوله مأمول لكل شدة والمراد رفعهما والهشاشة الارتياح
والخفة والبشاشة طلاقة الوجه ورجل هشاش بشاش أو هش بش أي طلق الوجه طيبة الاقتصاد
في الملبس ان لا تلبس ما يلحقك بدرجة المترفين ولا ما يلحقك باهل الخسة والدنائة ويحتمل ان يكون
المراد جعله الاقتصاد لباسا لنفسه أي يقتصد في كل أموره والتواضع في المشي العدل بين رزيلتي المهانة
والكبر بغض ونزاهة أي بغض له في الله أو بغض لما في أيدي الناس من متاع الدنيا ونزاهة عنه
والخلابة الخديعة باللسان وهذه الخطبة من جليل خطبه وبليغ وصفه فعلت بهمام ما فعلت

303
207 / 109 ومن خطبه عليه السلام
قال العلامة المجلسي أعلى الله في الخلد مقامه في الجزء الثامن عشر من بحار الأنوار ص 873 في باب أدعية
عيد الأضحى حاكيا عن المتهجد أنه قال روى أبو مخنف عن جندب بن عبد الله الأزدي عن أبيه ان عليا
عليه السلام كان يخطب يوم الفطر فيقول
الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات و
النور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون لا أشرك بالله شيئا و
لا اتخذ من دونه وليا والحمد لله الذي له ما في السماوات وما
في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير يعلم ما يلج في الأرض
وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو الرحيم
الغفور كذلك الله ربنا جل ثناءه لا أمد له ولا غاية له ولا
نهاية ولا اله الا هو إليه المصير والحمد لله الذي يمسك السماء
ان تقع على الأرض الا باذنه ان الله بالناس لرءوف رحيم اللهم
ارحمنا برحمتك واعممنا بعافيتك وامددنا بعصمتك ولا تخلنا
من رحمتك انك أنت الغفور الرحيم والحمد لله لا مقنوطا من
رحمته ولا مخلوا من نعمته ولا مؤيسا من روحه ولا مستنكفا

304
عن عبادته الذي بكلمته قامت السماوات السبع وثبتت الجبال
الرواسي وجرت الرياح اللواقح وسارت في جو السماء السحاب
وقامت على حدودها البحار فتبارك الله رب العالمين اله
قاهر قادر ذل له المتعززون وتضائل له المتكبرون ودان
طوعا وكرها له العالمون نحمده بما حمد به نفسه وكما هو أهله
ونستعينه ونستغفره ونشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك
له يعلم ما تخفى النفوس وما تجن البحار وما توارى الاسراب وما
تغيض الأرحام وما تزداد وكل شئ عنده بمقدار لا توارى منه
ظلمة ولا تغيب عنه غائبة وما تسقط من ورقة الا يعلمها و
لاحبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس الا في كتاب مبين و
يعلم ما يعمل العاملون والى أي منقلب ينقلبون ونستهدى
الله بالهدى ونعوذ به من الضلال والردئ ونشهد ان محمدا
عبده ونبيه ورسوله إلى الناس كافة وأمينه على وحيه وانه

305
بلغ رسالة ربه وجاهد في الله المدبرين عنه وعبده
حتى اتاه اليقين صلى الله عليه وآله أوصيكم عباد الله
بتقوى الله الذي لا تبرح منه نعمة ولا تفقد له رحمة و
لا تستغنى عنه العباد ولا تجزى انعمه الأعمال الذي رغب
في الآخرة وزهد في الدنيا وحذر المعاصي وتعزز بالبقاء
وتفرد بالعز والبهاء وجعل الموت غاية المخلوقين وسبيل
الماضين وهو معقود بنواصي الخلق كلهم حتم في رقابهم لا
يعجزه لحوق الهارب ولا يفوته ناء ولا آئب يهدم كل لذة
ويزيل كل بهجة وصحة ويقشع كل نعمة عباد الله ان الدنيا
دار رضي الله لأهلها الفناء وقدر عليهم بها الجلاء فكل ما
فيها نافد وكل من يسلكها بائد وهي مع ذلك حلوة خضرة رائقة
نضرة قد زينت للطالب ولاطت بقلب الراغب يطيبها الطامع
ويجتويها الوجل الخائف فارتحلوا رحمكم الله منها بأحسن ما

306
بحضرتكم من الزاد ولا تطلبوا منها سوى البلغة وكونوا فيها
كسفر نزلوا منزلا فتمتعوا منه بأدنى ظل ثم ارتحلوا لشأنهم و
لا تمدوا أعينكم فيها إلى ما متع به المترفون وأضروا فيها بأنفسكم
فان ذلك أخف للحساب وأقرب من النجاة الا وان الدنيا قد
تنكرت وأدبرت وآذنت بوداع الا وان الآخرة قد أقبلت
وأشرفت ونادت باطلاع وان المضمار اليوم وغدا السباق
الا وان السبقة الجنة والغاية أفلا تائب من خطيئة قبل
هجوم منية أولا عامل لنفسه قبل يوم فقره وبؤسه جعلنا
الله وإياكم ممن يخافه ويرجو ثوابه الا وان هذا اليوم يوم
جعله الله عيدا وجعلكم له أهلا فاذكروا الله يذكركم وكبروه
وعظموه وسبحوه ومجدوه وادعوه يستجب لكم واستغفروه يغفر
لكم وتضرعوا وابتهلوا وتوبوا وأنيبوا وأدوا فطرتكم فإنها
سنة نبيكم وفريضة واجبة من ربكم فليخرجها كل امرء منكم

307
عن نفسه وعن عياله كلهم ذكرهم وأنثاهم صغيرهم
وكبيرهم وحرهم ومملوكهم يخرج عن كل واحد منهم
صاعا من شعير أو صاعا من تمر أو نصف صاع من بر من
طيب كسبه طيبة بذلك نفسه عباد الله وتعاونوا على
البر والتقوى وتراحموا وتعاطفوا وأدوا فرائض الله عليكم
فيما امركم به من إقامة الصلاة المكتوبات وأداء الزكاة و
صيام شهر رمضان وحج البيت الحرام والامر بالمعروف و
النهى عن المنكر والاحسان إلى نسائكم وما ملكت ايمانكم و
اتقوا الله فيما نهيكم عنه وأطيعوه في اجتناب قذف المحصنات
واتيان الفواحش وشرب الخمر ونجس المكيال ونقص الميزان
وشهادة الزور والفرار من الزحف عصمنا الله وإياكم بالتقوى
وجعل الآخرة خيرا لنا ولكم من هذه الدنيا ان أحسن الحديث
وأبلغ الموعظة كلام الله تعالى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

308
بسم الله الرحمن الرحيم قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم
يولد ولم يكن له كفوا أحد ثم جلس وقام وقال الحمد لله نحمده
ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونؤمن به ونتوكل عليه
ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهدى
الله فهو المهتدى ومن يضل فلن تجد له وليا مرشدا واشهد
ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده و
رسوله أقول قال المجلسي ره وذكر باقي الخطبة في يوم الجمعة انتهى وانا الحق الباقي الذي ذكره
هناك والحقه بها ههنا كيلا يحتاج الناظر إلى الرجوع إلى محل ذكره وهو هذا قال عليه السلام
بعد اشهد ان محمدا عبده ورسوله صلوات الله عليه وآله وسلامه و
مغفرته ورضوانه اللهم صل على محمد عبدك ورسولك ونبيك
وصفيك صلاة تامة نامية زاكية ترفع بها درجته وتبين بها
فضيلته وصل على محمد وآل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم
وآل إبراهيم انك حميد مجيد اللهم عذب كفرة أهل الكتاب و
المشركين الذين يصدون عن سبيلك ويجحدون آياتك ويكذبون

309
رسلك اللهم خالف بين كلمتهم وألق الرعب في قلوبهم وانزل
عليهم رجزك ونقمتك وبأسك الذي لا ترده عن القوم المجرمين
اللهم انصر جيوش المسلمين وسراياهم ومرابطيهم حيث كانوا
في مشارق الأرض ومغاربها انك على كل شئ قدير اللهم اغفر
للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات ولمن هو لاحق بهم و
اجعل التقوى زادهم والجنة مأبهم والايمان والحكمة في
قلوبهم واوزعهم ان يشكروا نعمتك التي أنعمت عليهم وان
يوفوا بعهدك الذي عاهدتم عليه اله الحق وخالق الخلق آمين
ان الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء
والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون اذكروا الله فإنه ذاكر لمن ذكره
وسلوه رحمته وفضله فإنه لا يخيب عليه داع من المؤمنين دعاه
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
أقول اعلم أن الرضي رضي الله عنه قد نقل بعض فصول هذه الخطبة في نهج البلاغة ونقل تمامها
الصدوق ره في الفقيه باختلاف يسير قوله أمدا الأمد نهاية البلوغ وجمعه آماد يقال بلغ أمده أي

310
غايته وحكى عن الراغب ان الأمد والأبد متقاربان قوله واعممنا أي اغفر لنا جميع خطايانا أو الأعم
وامددنا على بناء الافعال أو بضم الدال على بناء المجرد أي قونا وأيدنا ولا مقنوطا حال من الجلالة
ومن رحمته قائم مقام الفاعل لقوله مقنوطا والروح بالفتح الرحمة ولا مستنكفا في بعض النسخ
بفتح الكاف على سياق سائر الفقرات وفى أكثرها بكسر الكاف وفى النهج الحمد لله غير مقنوط من رحمته
ولا مخلو من نعمته ولا مأيوس من مغفرته ولا مستنكف عن عبادته الذي لا تبرح منه رحمة ولا تفقد
له نعمة القنوط والقنط المنع الذي بكلمته أو بقوله كن بقدرته وارادته مجازا أو ما يعمه الأعظم كما في
القاموس والمهاد ككتاب الفراش والبساط والرواحي الثوابت الرواسخ واللواقح أي الحوامل السحائب
جمع السحاب المتعززون أي الأعزاء بين الخلق والذين يتكلفون العزة وليسوا بأهلها ولا متصفين
بها والتضاءل التصاغر والضئيل الخيف الجسم والحقير ودان أي ذل وأطاع وجنه واجنه أي
ستره والأسراب جمع السرب بالتحريك وهو حجر الوحشي والحفير تحت الأرض وما تغيض الأرحام أي
تنقص من المدة أو العدد ولا يفوته ناء أي بعيد ولا آئب أي راجع وقشعت أي كشفت و
الجلاء الخروج من البلد والنافد الفاني والبائد الهالك ولاطت بقلب الراغب قال في الصحاح
ولاط الشئ بقلبي يلوط ويليط وانى لاجدله في قلبي لوطا هو الحب اللازق بالقلب وأطابه جعله
طيبا والنسخ هنا مختلفة وأجودها يستطيبها وفى بعض النسخ يطيبها من قولهم طباه يطبوه
ويطيبه إذا دعاه والظاهر أنه تصحيف ويجتويها الوجل الخائف من قولهم اجتواه أي كرهه
وفى بعض النسخ يحتويها من الاحتواء بالحاء المهملة أي يجمعها ويحوزها والارتحال السفر و
الانتقال والباء للمصاحبة وقرب الرجل وحضوره هو الحضرة وما هو موجود وحاضر لديكم
من الزاد وهو التقوى والزاد طعام يتخذ للسفر ولا تمدوا أعينكم أي لا تنظروا نظر رغبة أو
لا تطمحوا بأنفسكم طموح راغب إلى ما متع به المترفون وفى القاموس المترف كمكرم يصنع ما يشاء
والسبقه بضم السين اسم لما يجعل للسابق المضمار تضمير الفرس وموضعه وقد يطلق على ميدان
المسابقة وتضمير الفرس تعليفه حتى يسمن ويقال لمكان التضمير المضمار والغاية بمعنى غاية الميدان
والمنية الموت والبؤس الخضوع لشدة الحاجة والابتهال التضرع والإنابة التوبة أو الرجوع إلى
الطاعة قوله أو نصف صاع كذا في أكثر النسخ ونسب إلى خطه ره وفى بعض النسخ صاعا من برو
الأول محمول على التقية لأنه من بدع عثمان كما ذكر في محله والبخس النقص والظلم
208 / 110 ومن خطبه عليه السلام

311
الجزء الثامن عشر من البحار ص 736 عن المتهجد روى جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال خطب
أمير المؤمنين عليه السلام فقال
الحمد لله ذي القدرة والسلطان والرأفة والامتنان احمده
على تتابع النعم وأعوذ به من العذاب والنقم واشهد
ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له مخالفة للجاحدين و
معاندة للمبطلين واقرارا بأنه رب العالمين وأشهد أن محمدا
عبده ورسوله قفى به المرسلين وختم به النبيين وبعثه رحمة
للعالمين صلى الله عليه وآله أجمعين وقد أوجب الصلاة عليه و
أكرم مثواه لديه وأجمل احسانه إليه أوصيكم عباد الله بتقوى الله
الذي هو ولى ثوابكم واليه مردكم ومأبكم فبادروا في العمل الصالح
قبل ان يهجم عليكم الموت الذي لا ينجيكم منه حصن منيع ولا هرب
سريع فإنه وارد نازل وواقع عاجل فان تطاول الاجل وامتد
المهل فكل ما هو آت قريب ومن مهد لنفسه فهو المصيب فتزودوا
رحمكم الله ليوم الممات واحذروا اليم هول البيات فان عقاب الله

312
عظيم وعذابه اليم نار تلهب ونفس تعذب وشراب من صديد
ومقامع من حديد أعاذنا الله وإياكم من النار ورزقنا وإياكم
مرافقة الأبرار وغفر لنا ولكم جميعا انه هو الغفور الرحيم ان أحسن
الحديث وأبلغ الموعظة كتاب الله ثم نعوذ بالله وقرء سورة العصر
ثم قال جعلنا الله وإياكم ممن تسعهم رحمته ويشملهم عفوه و
رأفته واستغفر الله لي ولكم ثم جلس يسيرا ثم قال الحمد لله الذي
دنا في علوه وعلا في دنوه وتواضع كل شئ لجلاله واستسلم كل
شئ لعظمة وخشع كل شئ لقدرته مقصرا عن كنه شكره و
أو من به اذعانا لربوبيته وأستعينه طالبا لعصمته وأتوكل عليه
مفوضا إليه واشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له الها
واحدا أحدا فردا صمدا وترا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا وأشهد أن محمدا
عبده المصطفى ورسوله المجتبى وأمينه المرتضى أرسله بالحق
بشيرا ونذيرا وداعيا إليه باذنه وسراجا منيرا فبلغ الرسالة و

313
أدي الأمانة ونصح الأمة وعبد الله حتى اتاه اليقين فصلى الله
عليه وآله في الأولين وصلى الله عليه وآله في الآخرين وصلى الله
عليه وآله يوم الدين أوصيكم عباد الله بتقوى الله والعمل بطاعته
واجتناب معصيته فإنه من يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما
ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا بعيدا وخسر خسرانا
مبينا ان الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا
صلوا عليه وسلموا تسليما اللهم صلى على محمد عبدك ورسولك
أفضل صلواتك على أنبياءك وأولياءك
أقول السلطان الحجة والبرهان وقدره الملك والامتنان الانعام وقفيته زيدا أي اتبعته
والمثوى المنزل والمرد والمآب المرجع فبادروا بذلك أي سارعوا بالتقوى والمهل بالتحريك
المهلة وبالسكون أيضا المهلة والرفق وتلهب أي تتلهب بحذف إحدى التائين وتلهب النار
اشتعالها والصديد ماء الجرح الرقيق والمقامع جمع المقمعة كمكنسة العمود من حديد أو كالمحجن
يضرب به رأس الفيل وخشبة يضربه بها الانسان رأسه دنى في علوه أي دنوه دنو العلية والإحاطة
العلمية والرأفة والرحمة وكذا العكس صمدا أي مقصود إليه في جميع الأمور واليقين هو الموت
209 / 111 ومن خطبه عليه السلام
الجزء الثامن عشر من البحار ص 736 عن مصباح المتهجد للشيخ الطوسي رضوان الله عليه روى عن
زيد بن وهب قال خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وصلوات الله عليه يوم الجمعة فقال

314
الحمد لله الولي الحميد الحكيم المجيد الفعال لما يريد علام الغيوب
وستار العيوب وخالق الخلق ومنزل القطر ومدبر الامر ورب
السماوات والأرض والدنيا والآخرة وارث العالمين وخير الفاتحين
الذي من عظم شانه انه لا شئ مثله تواضع كل شئ لعظمته وذل
كل شئ لعزته واستسلم كل شئ لقدرته وقر كل شئ قراره
لهيبته وخضع كل شئ من خلقه لملكه وربوبيته الذي يمسك السماء
ان تقع على الأرض الا باذنه ولن تقوم الساعة ويحدث شئ الا بعلمه و
نحمده على ما كان ونستعينه من امرنا على ما يكون ونستغفره ونستهديه
واشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له ملك الملوك وسيد السادات
وجبار السماوات والأرض الواحد القهار الكبير المتعال ذو الجلال و
الاكرام ديان الدين وربنا ورب آبائنا الأولين وأشهد أن محمدا
عبده ورسوله أرسله داعيا إلى الحق وشاهدا على الخلق فبلغ رسالات
ربه كما امره لا متعديا ولا مقصرا وجاهد في الله أعداءه لا وانيا ولا

315
ناكلا ونصح له في عباده صابرا محتسبا وقبض الله إليه وقد رضي
عمله وتقبل سعيه وغفر ذنبه صلى الله عليه وآله أوصيكم عباد
الله بتقوى الله واغتنام طاعته ما استطعتم في هذه الأيام الخالية
الفانية واعداد العمل الصالح الجليل ما يشفى به عليكم الموت وآمركم
بالرفض لهذه الدنيا التاركة لكم الزائلة عنكم وان لم تكونوا تحبون
تركها والمبلية لأجسادكم وان أجبتم تجديدها فإنما مثلكم ومثلها
كركب سلكوا سبيلا فكانهم قد قطعوه وافضوا إلى علم فكانهم قد
بلغوه وكم عسى المجرى إلى الغاية ان يجرى إليها حتى يبلغها وكم عسى
ان يكون بقاء من له يوم لا يعدوه وطالب حثيث من الموت يجدوه فلا
تنافسوا في عز الدنيا وفخرها ولا تعجبوا بزينتها ونعيمها إلى ارتجاع و
ان ضراءها وبؤسها إلى نفاد وكل مدة منها إلى منتهى وكل حي فيها
إلى بلى أوليس لكم في آثار الأولين وفى آبائكم الماضين معتبر وبصيرة
ان كنتم تعقلون أولم تروا إلى الأموات لا يرجعون والى الاخلاف منكم

316
لا يخلدون قال الله والصدق قوله وحرام على قرية اهلكنا ها
انهم لا يرجعون وقال كل نفس ذائقة الموت وانما توفون أجوركم
يوم القيمة فمن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز وما الحياة
الدنيا الا متاع الغرور اولستم ترون إلى أهل الدنيا وهم يصحبون على
أحوال شتى فمن ميت يبكى ومفجوع يعزى وصريع يتلوى وآخر
يبشر ويهناء ومن عائد وآخر بنفسه يجود وطالب للدنيا والموت
يطلبه وغافل وليس بمغفول عنه وعلى اثر الماضي من ما يمضى الباقي
والحمد لله رب العالمين ورب السماوات ورب الأرضين السبع ورب العرش
العظيم الذي يبقى ويفنى ما سواه واليه موئل الخلق ومرجع الأمور
وهو ارحم الراحمين ان هذا يوم جعله الله لكم عيدا وهو سيد أيامكم
وأفضل أعيادكم وقد امركم الله في كتابه بالسعي فيه إلى ذكره فلتعظم
فيه رغبتكم ولتخلص نيتكم وأكثروا فيه من التضرع إلى الله والدعاء
ومسألة الرحمة والغفران فان الله يستجيب لكل مؤمن دعاءه ويورد

317
النار كل مستكبر عن عبادته وقال الله تعالى ادعوني استجب لكم
ان الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين و
اعلموا ان فيه ساعة مباركة لا يسئل الله فيها عبد مؤمن خيرا الا
أعطاه الله والجمعة واجبة على كل مؤمن الا الصبى والمرأة أو العبد
والمريض غفر الله لنا ولكم سالف ذنوبنا وعصمنا وإياكم من اقتراف
الذنوب بقية اعمارنا ان أحسن الحديث وأبلغ الموعظة كتاب الله
الكريم أعوذ بالله السميع العليم وكان يقرء قل هو الله أحدا وقل يا أيها الكافرون
أو إلهكم التكاثر والعصر وكان مما يدوم عليه قل هو الله أحد ثم يجلس جلسة كلا ولا ثم يقوم فيقول
الحمد لله ونحمده ونستعينه ونؤمن به ونتوكل عليه ونشهد ان
لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله صلوات
الله عليه وآله وسلامه ومغفرته ورضوانه اللهم صل على
محمد عبدك ورسولك ونبيك وصفيك صلاة تامة نامية زاكية
ترفع بها درجته وتبين بها فضيلته وصل على محمد وآل محمد

318
كما صليت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم انك حميد مجيد اللهم
عذب كفرة أهل الكتاب والمشركين الذين يصدون عن سبيلك و
يجحدون آياتك ويكذبون رسلك اللهم خالف بين كلمتهم و
الق الرغب في قلوبهم وانزل عليهم رجزك ونقمتك وبأسك الذي
لا ترده عن القوم المجرمين اللهم انصر جيوش المسلمين وسراياهم
ومرابطيهم حيث كانوا في مشارق الأرض ومغاربها انك على كل
شئ قدير اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات
ولمن هو لاحق بهم واجعل التقوى زادهم والجنة مأبهم والايمان
والحكمة في قلوبهم واوزعهم ان يشكروا نعمتك التي أنعمت عليهم
وان يوفوا بعهدك الذي عاهدتهم عليه اله الحق وخالق الخلق
آمين ان الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى وينهى
عن الفحشاء والمنكر والبغي يعطكم لعلكم تذكرون اذكروا الله فإنه
ذاكر لمن ذكره وسلوه رحمته وفضله فإنه لا يخيب عليه داع من

319
المؤمنين دعاه ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة
وقنا عذاب النار
أقول قد نقل الرضي رضي الله بعض فصول هذه الخطبة في النهج رأيت أن انقلها بتمامها هنا مزيدا للفائدة
وتتميما للعائدة الولي المتولى الأمور العالم والخلائق الحميد أي المحمود على كل فعال المجد الشرف الواسع
والمجيد فعيل للمبالغة القطر جمع قطرة وهي المطر والعزة الغلبة والشدة والقوة والاستيلاء على الأشياء
الاذن المشية قوله لا وانيا من الونى أي الضعف والفتور ولا ناكلا نكل عن الامر أي امتنع فالناكل
الممتنع والركب جمع راكب والحثيث المسرع الحريص وحدوته أي حثثة ومنه الحداء للغناء المعروف
للإبل والجزع نقيض الصبر والضراء الحالة التي تضر والبؤس شدة الحاجة النفاد الفناء و
الذهاب والبلى بالكسر والقصر الخلق والاندراس والاعتبار الاتعاظ والدخور الصغار و
الذل والزجر العذاب والسرايا جمع السرية وهي قطعة من الجيش وقد نقل الصدوق هذه في الفقيه
210 / 112 ومن خطبه عليه السلام
الوافي المجلد الثاني الجزء الخامس ص 172 باب خطب صلاة الجمعة عن الكافي عن علي عن أبيه عن
السراد عن محمد بن النعمان أو غيره عن أبي عبد الله عليه السلام انه ذكر هذه الخطبة لأمير المؤمنين عليه
السلام يوم الجمعة الحمد لله أهل الحمد ووليه ومنشئ الحمد ومحله البدي
البديع الاجل الأعز الأكرم الأعظم المتوحد بالكبرياء والمتفرد
بالألآء القاهر بعزة والمتسلط بقهره الممتنع بقوته المهيمن بقدرته
والمتعالى فوق كل شئ بجبروته المحمود بامتنانه وباحسانه
المتفضل بعطائه وجزيل فوائده الموسع برزقه المسبغ بنعمته

320
نحمده على آلائه وتظاهر نعمائه حمدا يزن عظمة جلاله و
يملأ قدر آلائه وكبريائه واشهد ان لا إله إلا الله وحده
لا شريك له الذي كان في أوليته متقادما وفى ديموميته
متسطرا خضع الخلائق بوحدانيته وربوبيته وقديم أزليته و
دانوا لدوام أبديته وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وخيرته
من خلقه اختاره بعلمه واصطفاه لوحيه وائتمنه على سره و
ارتضاه لخلقه وائتد به لعظيم امره ولضياء معالم دينه و
مناهج سبيله ومفتاح وحيه وسببا لباب رحمته ابتعثه على
حين فترة من الرسل وهدئة من العلم واختلاف من الملل و
ضلال عن الحق وجهالة بالرب وكفر بالبعث والوعد أرسله إلى
الناس أجمعين رحمة للعالمين بكتاب كريم قد فضله وفصله
وبينه وأوضحه وأعزه وحفظه من أن يأتيه الباطل من بين
يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ضرب للناس فيه الأمثال

321
وصرف فيه الآيات لعلهم يعقلون أحل فيه الحلال وحرم
فيه الحرام وشرع فيه الدين لعباده عذرا ونذرا لئلا يكون
للناس على الله حجة بعد الرسل ويكون بلاغا لقوم عابدين
فبلغ رسالته وجاهد في سبيله وعبده حتى اتاه اليقين صلى الله
عليه وآله وسلم تسليما كثيرا أوصيكم عباد الله واوصى نفسي
بتقوى الله الذي ابتدء الأمور بعلمه واليه يصير غدا معادها
وبيده فناءها وفناءكم وتصرم أيامكم وفناء آجالكم وانقطاع
مدتكم فكان قد زالت عن قليل عنا وعنكم كما زالت عمن كان قبلكم
فاجعلوا عباد الله اجتهادكم في هذه الدنيا التزود من يومها
القصير ليوم الآخرة الطويل فإنها دار عمل والآخرة دار القرار و
الجزاء فتجافوا عنها فان المغتر من اغتربها لن تعدوا لدنيا إذا
إليها أمنية أهل الرغبة فيها المحبين لها المطمئنين إليها المفتونين
بها أن تكون كما قال الله كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات

322
الأرض مما يأكل الناس والانعام الآية مع أن لم يصب امرء منكم
في هذه الدنيا خيرة الا أورثته عبرة ولا يصبح فيها في جناح امرء
الا وهو يخاف فيها نزول جائحة أو تغير نعمة أو زوال عافية مع أن
الموت من وراء ذلك وهول المطلع والوقوف بين يدي الحكم
العدل يجزى كل نفس بما عملت ليجزى الذين أسائوا بما عملوا ويجزى
الذين أحسنوا بالحسنى واتقوا لله وسارعوا إلى رضوان الله والعمل
بطاعته والتقرب إليه بكل ما فيه الرضا فإنه قريب مجيب جعلنا
الله وإياكم ممن يعمل بطاعته ويجتنب سخطه ثم إن أحسن القصص و
أبلغ الموعظة وانفع التذكر كتاب الله قال الله تعالى وإذا قرء القرآن
فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم والعصر ان الانسان لفى خسر الا الذين آمنوا
وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ان الله وملائكته
يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما اللهم

323
صل على محمد وآل محمد وبارك على محمد وآل محمد وتحنن على
محمد وآل محمد وسلم على محمد وآل محمد كأفضل ما صليت و
باركت وترحمت وتحننت وسلمت على إبراهيم وآل إبراهيم انك حميد
مجيد اللهم اعط محمدا ن الوسيلة والشرف والفضيلة والمنزلة
الكريمة اللهم اجعل محمدا وآل محمد أعظم الخلائق كلهم شرفا
يوم القيمة وأقربهم منك مقعدا وأوجههم عندك يوم القيمة
جاها وأفضلهم عندك منزلة ونصيبا اللهم اعط محمدا أشرف
المقام وحباء السلام وشفاعة الاسلام اللهم والحقنا غير
خزايا ولا ناكبين ولا نادمين ولا مبدلين اله الحق آمين ثم جلس قليلا
ثم قام وقال الحمد لله أحق من خشى وحمد وأفضل من اتقى وعبد
واولى من عظم ومجد نحمده لعظيم غنائه وجزيل عطائه وتظاهر
نعمائه وحسن بلائه ونؤمن بهداه الذي لا يخبو ضيائه ولا
يهمد ثنائه ولا يوهن عراه ونعوذ بالله من سوء كل الريب وظلم

324
الفتن ونستغفره من مكائب الذنوب ونستعصمه من مساوى
الأعمال ومكاره الآمال والهجوم في الأهوال ومشاركة
أهل الريب والرضا بما يعمل الفجار في الأرض بغير الحق اللهم اغفر
لنا وللمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والأموات الذين توفيتهم
على دينك وملة نبيك صلى الله عليه وآله اللهم تقبل حسناتهم
وتجاوز عن سيئاتهم وادخل عليهم الرحمة والمغفرة والرضوان
واغفر للاحياء من المؤمنين والمؤمنات الذين وحدوك وصدقوا
رسولك وتمسكوا بدينك وعملوا بفرائضك واقتدوا بنبيك وسنوا
سنتك وأحلوا حلالك وحرموا حرامك وخافوا عقابك ورجوا ثوابك
ووالوا أولياءك وعادوا أعداءك اللهم اقبل حسناتهم وتجاوز
عن سيئاتهم وادخلهم برحمتك في عبادك الصالحين
أقول المهيمن الرقيب الحافظ متسطرا متسلطا دانوا نقادوا وائتديه أي اجابه الهدئة السكون عذرا أو
نذرا أي محوا لإسائة المحقين وتخويفا للمبطلين لن تعدوا أي لن تتجاوزوا الخيرة بالفتح النعمة وسعة العيش و
الجائحة بالجيم أولا وبالحاء المهملة ثانيا؟ الآفة كل مصيبة عظيمة وفتنة مبيرة والمطلع بتشديد الطاء وفتح
اللام ما أشرف عليه من أمر الآخرة والحباء بالحاء المهملة والباء الموحدة العطية ويهمد ثنائه من الهمود أي الانطفاء
وفى بعض النسح شواكل الريب بدل سوء كل الريب ولعل المراد بشواكله متشابهاته المكائب الغموم وسوء الحال

325
211 / 113 ومن كلامه عليه السلام
كتاب السقيفة لسليم بن قيس الهلالي العامري الكوفي صاحب أمير المؤمنين عليه السلام المتوفى
حدود سنة التسعين من الهجرة المطبوع المعروف بكتاب سليم بن قيس ص 96 قال ابان قال سليم
وسمعت علي بن أبي طالب عليه السلام يقول إن
الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة اثنتان وسبعون
فرقة في النار وفرقة في الجنة وثلاث عشرة فرقة من
الثلاث والسبعين تنتحل محبتنا أهل البيت واحدة في الجنة و
اثنتا عشرة في النار واما الفرقة الناجية المهدية المؤمنة
المسلمة الموفقة المرشدة فهي المؤتمنة بي المسلمة لأمري المطيعة
لي المتبرئة من عدوى المحبة لي المبغضة لعدوى التي قد عرفت
حقي وإمامتي وفرض طاعتي من كتاب الله وسنة نبيه فلم ترتد
ولم تشك لما قد نور الله في قلبها من معرفة حقنا وعرفها من فضلها
والهمها واخذ بنواصيها فأدخلها في شيعتنا حتى اطمانت قلوبها
واستيقنت يقينا لا يخالطه شك انى انا وأوصيائي بعدي إلى يوم
القيمة هداة مهتدون الذين قرنهم الله بنفسه ونبيه في آي من

326
كتاب الله كثيرة وطهرنا وعصمنا وجعلنا شهداء على خلقه و
حجته في ارضه وخزانه على علمه ومعادن حكمه وتراجمه
وحيه وجعلنا مع القرآن والقرءان معنا لا نفارقه ولا يفارقنا
حتى نرد على رسول الله صلى الله عليه وآله على حوضه كما قال
صلى الله عليه وآله وتلك الفرقة الواحدة من الثلاث والسبعين
فرقة هي الناجية من النار ومن جميع الفتن والضلالات والشبهات
هم من أهل الجنة حقا وهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير
حساب وجميع تلك الفرق الاثنين والسبعين فرقة هم المتدينون
بغير الحق الناصرون دين الشيطان الآخذون عن إبليس وأوليائه
هم أعداء الله ورسوله وأعداء المؤمنين يدخلون النار بغير حساب
براء من الله ومن رسوله وأشركوا بالله وكفروا به وعبدوا غير
الله من حيث لا يعلمون وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا يقولون
يوم القيمة والله ربنا ما كنا مشركين يحلفون لله كما يحلفون لكم

327
ويحسبون انهم على شئ الا انهم هم الكاذبون قال قبل يا أمير المؤمنين
أرأيت من قد وقف فلم يأتم بكم ولم يعادكم ولم ينصب لكم ولم يتولكم ولم يتبرء من عدوكم
وقال لا أدرى وهو صادق قال عليه السلام ليس أولئك من الثلاث والسبعين
فرقة انما عنى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالثلاث
والسبعين فرقة الناصبين الذين شهروا أنفسهم ودعوا إلى دينهم
ففرقة واحدة منها تدين بدين الرحمن واثنتان وسبعون تدين
بدين الشيطان وتتولى على قبولها وتتبرأ ممن خالقها فاما
من وحد الله وآمن برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم و
لم يعرف ولم يتناول ضلالة عدونا ولم ينصب شيئا ولم يحل و
لم يحرم واخد بجميع ما ليس بين المختلفين من الأمة فيه خلاف
في أن الله عز وجل أمر به وكف عما بين المختلفين من الأمة خلاف
في أن الله أمر به أو نهى عنه فلم ينصب شيئا ولم يحلل ولم يحرم
ولا يعلم ورد علم ما أشكل عليه إلى الله فهذا ناج وهذه الطبقة
بين المؤمنين وبين المشركين هم أعظم الناس واجلهم وهم

328
أصحاب الحساب والموازين والأعراف والجهنميون الذين يشفع
لهم الأنبياء والملائكة والمؤمنون ويخرجون من النار فيسمون
الجهنميون فاما المؤمنون فينجون ويدخلون الجنة بغير حساب و
انما الحساب على أهل هذه الصفات بين المؤمنين والمشركين والمؤلفة
قلوبهم والمتفرقة والذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا والمستضعفين
الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا إلى أن يكونوا مؤمنين
عارفين فهم أصحاب الأعرف وهؤلاء لله فيهم المشية ان ادخل
أحدا منهم النار فبذنبه وان تجاوز عنه فبرحمته قلت أيدخل النار
المؤمن العارف الداعي قال لا قلت أيدخل الجنة كافرا ومشرك قال لا يدخل النار
الا كافرا الا ان يشاء الله قلت فمن لقى الله مؤمنا عارفا بامامه مطيعا له من
أهل الجنة هو قال نعم إذا لقى الله وهو مؤمن من الذين قال الله عز
وجل الذين آمنوا وعملوا الصالحات الذين آمنوا وكانوا يتقون الذين
آمنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم قلت فمن لقى الله منهم على الكبائر قال هو في

329
مشيته ان عذبه فبذنبه وان تجاوز عنه فبرحمته قلت فيدخله النار
وهو مؤمن قال نعم بذنبه لأنه ليس من المؤمنين الذين عنى الله
انه ولى المؤمنين لان الذين عنى الله انه لهم ولى وانه لا
خوف عليهم ولاهم يحزنون هم المؤمنون الذين يتقون الله و
الذين عملوا الصالحات والذين لم يلبسوا ايمانهم بظلم قلت يا أمير
المؤمنين ما الايمان وما الاسلام قال الايمان فالاقرار بالمعرفة والاسلام
فما أقررت به واما التسليم للأوصياء والطاعة لهم وفى رواية أخرى
والاسلام إذا ما أقررت به قلت الايمان الاقرار بعد المعرفة قال من عرفه
الله نفسه ونبيه وامامه ثم أقر بطاعته فهو مؤمن قلت المعرفة
من الله والاقرار من العبد قال المعرفة من الله دعاء أو حجة والاقرار من
الله (بالله) قبول العبد يمن على من يشاء والمعرفة صنع الله في
القلب والاقرار فعال القلب من الله وعصمته ورحمته فمن لم
يجعله الله عارفا فلا حجة عليه وعليه ان يقف ويكف عما لا يعلم

330
فلا يعذبه الله على جهله فإنما يحمده على عمله بالطاعة ويعذبه
على عمله بالمعصية ويستطيع ان يطيع ويستطيع ان يعصى ولا
يستطيع ان يعرف ويستطيع ان يجهل هذا محال لا يكون شئ من ذلك
الا بقضاء من الله وقدره وعلمه وكتابه بغير جبر (وفى رواية أخرى)
(لا يكون شئ من ذلك الا بعون من الله وبعلمه وكتابه بغير جبر)
لانهم لو كانوا مجبورين كانوا معذورين وغير محمودين ومن جهل
وسعه ان يرد إلينا ما أشكل عليه ومن حمد الله واستغفره من
المعصية وأحب المطيعين وحمدهم على الطاعة وابغض العاصين
وذمهم فإنه يكتفى بذلك إذا رد علمه إلينا
212 / 114 ومن كلامه عليه السلام
في ذم الذين ظلماه وغضبا حقه عليه السلام قال سليم ابن قيس ره في كتابه السقيفة ص 138 ثم اقبل عليه
السلام على العباس ومن حوله ثم قال الا تعجبون من حبسه وحبس صاحبه
عنا سهم ذي القربى الذي فرضه الله لنا في القرآن وقد علم الله
انهم سيظلموناه وينتزعونه منا فقال إن كنتم آمنتم بالله و

331
ما أنزلنا على عبدنا يوم التقى الجمعان والعجب لهدمه منزل اخى
جعفر والحاقه في المسجد ولم يعط بنيه من ثمنه قليلا ولا كثيرا
ثم لم يعب ذلك عليه الناس ولم يعيروه فكانما اخذ منزل رجل
من الديلم (وفى رواية أخرى دار رجل من ترك كابل والعجب لجهله
وجهل الأمة انه كتب إلى جميع عماله ان الجنب إذا لم يجد الماء
فليس له ان يصلى وليس له ان يتيمم بالصعيد وان لم يجده حتى
يلقى الله (وفى رواية أخرى وان لم يجده سنة) ثم قبل الناس ذلك
ورضوا به وقد علم وعلم الناس ان رسول الله صلى الله عليه و
آله وسلم قد أمر عمارا وامر أبا ذر ان يتيمما من الجنابة ويصليا
وشهدا به عنده وغيرهما فلم يقبل ذلك ولم يرفع به رأسا و
العجب لما خلط قضايا مختلفة في الحد بغير علم تعسفا وجهلا وادعائهما
مالم يعلما جرأة على الله وقلة ورع ادعيا ان رسول الله مات
ولم يقض في الجد شيئا منه ولم يدع أحدا يعلم ما للجد من الميراث

332
ثم بايعوهما على ذلك وصدقوهما وعتقه أمهات الأولاد فاخذ
الناس بقوله وتركوا أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
وما صنع بنصر بن الحجاج وبجعدة بن سليم وبابن وبرة واعجب من
ذلك ان أبا كنف العبدي اتاه فقال انى طلقت امرأتي وانا غائب
فوصل إليها الطلاق ثم راجعتها وهي في عدتها وكتبت إليها فلم
يصل الكتاب إليها حتى تزوجت فكتب له إن كان هذا الذي تزوجها
قد دخل بها فهي امرأته وإن كان لم يدخل بها فهي امرأتك وكتب له
ذلك وانا شاهد فلم يشاورني ولم يسألني يرى استغناءه بعلمه عنى
فأردت ان أنهاه ثم قلت ما أبالي ان يفضحه الله ثم لم يعبه الناس
بل استحسنوه واتخذوه سنة وقبلوه منه ورأوه صوابا وذلك
قضاء لو قضى به سخيف مجنون نحيف لما زادهم ثم تركه من الاذان
حي على خير العمل فاتخذوه سنة وتابعوه على ذلك وقضية في
المفقود ان أجل امرأته أربع سنين ثم تتزوج فان جاء زوجها خير

333
بين امرأته وبين الصداق فاستحسنه الناس واتخذوه سنة و
قبلوه منه جهلا وقلة علم بكتاب الله عز وجل وسنة نبيه
صلى الله عليه وآله وسلم واخراجه من المدينة كل أعمى
وارساله إلى عماله بالبصرة بحبل خمسة أشبار وقوله من أخذتموه
من الأعاجم فبلغ طول هذا الحبل فاضربوا عنقه ورده
سبايا تستروهن حبالى وارساله بحبل في صبيان سرقوا
بالبصرة وقوله من بلغ طول هذا الحبل فاقطعوه واعجب من
ذلك ان كذابا رجم بكذابة فقبلها وقبلها الجهال فزعموا أن
الملك ينطق على لسانه ويلقنه واعتساقه سبايا أهل اليمن
وتخلفه وصاحبه عن جيش أسامة بن زيد مع تسليمهما عليه بالامرة
ثم أعجب من ذلك أنه قد علم الله واعلم الناس انه الذي صد
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الكتف الذي دعاه به
ثم لم يضره ذلك عندهم ولم ينقصه وانه صاحب صفية حين

334
قال لها ما قال فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى
قال ما قال وانه الذي مررت به يوما ما مثل محمد في أهل بيته
الا كنخلة نبتت في كناسة فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم فغضب وخرج فاتى المنبر وفزعت الأنصار فجاءت شاكة
في السلاح لما رأت من غضب رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم فقال ما بال أقوام يعيرونني بقرابتي وقد سمعوا منى ما قلت
في فضلهم وتفضيل الله إياهم وما اختصهم الله به من اذهاب
الرجس عنهم وتطهير الله إياهم وقد أسمعتهم ما قلت في أفضل أهل بيتي
وخيرهم مما خصه الله به وأكرمه وفضله على من سبقه في الاسلام
وبلائه فيه وقرابته منى وانه منى بمنزلة هارون من موسى ثم
تزعمون أن مثلي في أهل بيتي كمثل نخلة نبتت في كناسة الا
ان الله خلق خلقه ففرقهم فرقتين فجعلني في خير الفرقتين ثم
ثم فرق الفرقة ثلاث فرق شعوبا وقبائل وبيوتا فجعلني في خيرها

335
شعبا وخيرها قبيلة ثم جعلهم بيوتا فجعلني في خيرها بيتا فذلك
قوله انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم
تطهيرا فحصلت (فحضلت) في أهل بيتي وعترتي انا واخى علي بن أبي
طالب الا وان الله نظر إلى أهل الأرض نظرة فاختارني منهم
ثم نظر نظرة فاختار اخى عليا ووزيري ووصيي وخليفتي في
أمتي وولى كل مؤمن بعدي فبعثني رسولا ونبيا ودليلا فاوحى
إلى أن اتخذ عليا أخا ووليا ووصيا وخليفة في أمتي بعدي
الا وانه ولى كل مؤمن بعدي من والاه والاه الله ومن عاداه
عاداه الله ومن أحبه أحبه الله ومن أبغضه أبغضه الله لا يحبه
الا مؤمن ولا يبغضه الا كافر رب الأرض بعدي وسكنها وهو
كلمة الله التقوى وعروة الله الوثقى أتريدون ان تطفأوا نور
الله بأفواهكم والله متم نوره ولو كره المشركون (وفى نسخة ولو كره الكافرون)
يا أيها الناس ليبلغ مقالتي شاهدكم غائبكم اللهم اشهد عليهم

336
أيها الناس ان الله نظر نظرة ثالثة فاختار منهم بعدي اثنى عشر
وصيا من أهل بيتي وهم خيار أمتي منهم أحد عشر إماما بعد اخى
واحدا بعد واحد كلما هلك واحد قام واحد منهم مثلهم كمثل
النجوم في السماء كلما غاب نجم طلع نجم لانهم أئمة هداة مهتدون
لا يضرهم كيد من كادهم ولا خذلان من خذلهم بل يضر الله
بذلك من كادهم وخذلهم فهم حجة الله في ارضه وشهداءه
على خلقه من أطاعهم أطاع الله ومن عصاهم عصى الله هم مع
القرآن والقرءان معهم لا يفارقونه ولا يفارقهم حتى يردوا
على حوضي أول الأئمة على (عليه السلام خيرهم ثم ابني الحسن
ثم ابني الحسين ثم تسعة من ولد الحسين وأمهم ابنتي فاطمة
صلوات الله عليهم ثم من بعدهم جعفر بن أبي طالب ابن عمى وأخو
اخى وعمى حمزة بن عبد المطلب انا خير المرسلين والنبيين وفاطمة
ابنتي سيدة نساء أهل الجنة وعلى وبنوه الأوصياء خير

337
الوصيين وأهل بيتي خير أهل بيوتات النبيين وابناي سيدا
شباب أهل الجنة أيها الناس ان شفاعتي ليرجوها رجاءكم أفينعجز
عنها أهل بيتي ما من أحد ولده جدي عبد المطلب يلقى الله
موحدا لا يشرك به شيئا الا ادخله الجنة ولو كان فيه الذنوب
عدد الحصى وزبدا البحر أيها الناس عظموا أهل بيتي في حياتي
ومن بعدي واكرموهم وفضلوهم فإنه لا يحل لاحد ان يقوم
من مجلسه لاحد الا لأهل بيتي (وفى نسخة أخرى أيها الناس عظموا
أهل بيتي في حياتي وبعد موتى) انى لو أخذت بحلقة باب
الجنة ثم تجلى لي ربى فسجدت واذن لي بالشفاعة لم أؤثر
على أهل بيتي أحدا أيها الناس انسبوني من انا وفى رواية أخرى
فقالت الأنصار فقالت نعوذ بالله من غضب الله ومن غضب رسوله أخبرنا يا رسول الله
من الذي آذاك في أهل بيتك حتى نضرب عنقه (وفى رواية أخرى حتى نقتله) وليبر عترته فقال
انسبوني انا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم حتى انتسب
إلى نزار ثم مضى في نسبه إلى إسماعيل بن إبراهيم خليل الله ثم قال انى وأهل بيتي

338
لطينة من تحت العرش إلى آدم نكاح غير سفاح لم يخالطنا نكاح
الجاهلية فسلوني فوالله لا يسألني رجل عن أبيه وامه وعن
نسبه الا أخبرته به فقام رجل فقال من أبى فقال صلى الله عليه وآله وسلم
أبوك فلان الذي تدعى إليه فحمد الله وأثنى عليه وقال لو نسبتني إلى غيره
لرضيت وسلمت ثم قام رجل آخر فقال من أبى فقال أبوك فلان لغير أبيه الذي يدعى إليه
فارتد عن الاسلام ثم قام رجل آخر فقال امن أهل الجنة انا أم من أهل النار فقال من أهل
الجنة ثم قام رجل آخر فقال امن أهل الجنة انا أم من أهل النار فقال من أهل النار ثم قال
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو مغضب ما يمنع الذي عير أهل بيتي
واخى ووزيري وخليفتي في أمتي وولى كل مؤمن بعدي ان
يقوم فيسألني من أبوه وأين هو في الجنة أم في النار فقام عمر بن الخطاب
فقال أعوذ بالله من سخط الله وسخط رسوله أعف عنا يا رسول الله عفا الله عنك أقلنا
أقالك الله استرنا سترك الله اصفح عنا صلى الله عليك فاستحى رسول الله صلى الله عليه وآله
وكف قال علي عليه السلام
وهو صاحب العباس الذي بعثه رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم ساعيا فرجع وقال إن العباس قد منع صدقة ماله فغضب
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال الحمد لله الذي
عافا نا أهل البيت من شر ما يلطخونا به ان العباس لم يمنع صدقة

339
ماله ولكنك عجلت عليه وقد عجل زكاة سنين ثم اتانى بعد
يطلب ان امشي معه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
ليرضى عنه ففعلت وهو صاحب عبد الله بن أبي سلول حين تقدم
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليصلى عليه فاخذ بثوبه
من ورائه وقال قد نهاك الله ان تصلى عليه ولا يحل لك ان
تصلى عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انما
صليت عليه كرامة لابنه وانى لأرجو ان يسلم به سبعون
رجلا من بنى أبيه وأهل بيته وما يدريك ما قلت انما دعوت
الله عليه وهو صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
يوم الحديبية حين كتب القضية إذ قال انعطي الدنية في ديننا
ثم جعل يطوف في عسكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
يحضضهم ويقول أنعطى الدنية في ديننا فقال رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم أفرجوا عنى أتريدون ان اغدر بذمتي

340
(وفى نسخة رواية أخرى أخرجوه عنى أتريدون أخفر ذمتي) ولا في لهم
بما كتبت لهم خذ يا سهيل ابنك جندلا فاخذه فشده وثاقا
في الحديد ثم جعل الله عاقبة رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم إلى الخير والرشد والهدى والعزة والفضل وهو صاحب
يوم غدير خم إذ قال هو وصاحبه حين نصبني رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم لولايتي فقال مالا يألو ان يرفع خسيسة
وقال الآخر ما يألو رفعا بضبع ابن عمه وقال لصاحبه وانا منصوب
ان هذه لهى الكرامة فقطب صاحبه في وجهه وقال لا والله
لا اسمع ولا أطيع ابدا ثم اتكأ عليه ثم تمطى وانصرفا فأنزل الله
فيه فلا صدق ولا صلى ولكن كذب وتولى ثم ذهب إلى أهله
يتمطى أولي لك فأولى وعيدا من الله له وانتهارا وهو الذي دخل
على على مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعودني في
رهط من أصحابه حين غمزه صاحبه فقال يا رسول الله انك

341
قد كنت عهدت إلينا في علي عهدا وانى لأراه لما به فان هلك
فإلى من فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اجلس فأعادها
ثلاث مرات فاقبل إليهما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
فقال إنه لا يموت في مرضه هذا ولا يموت حتى تملياه غيظا و
توسعا غدرا وظلما ثم تجداه صابرا قواما ولا يموت حتى يلقى
منكما هنات وهنات ولا يموت الا شهيدا مقتولا وأعظم من
ذلك كله ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جمع ثمانين
رجلا أربعين من العرب وأربعين من العجم وهما فيهم وسلموا على
على بإمرة المؤمنين ثم قال اشهد كم ان عليا اخى ووزيري و
وارثي وخليفتي في أمتي ووصيي وولى كل مؤمن من بعدي
فاسمعوا له وأطيعوا وفيهم أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير
وسعد وابن عوف وأبو عبيدة وسالم ومعاذ بن جبل ورهط
من الأنصار ثم قال اشهد الله عليكم ثم اقبل علي عليه السلام

342
على القوم فقال سبحان الله ما أشربت قلوب هذه الأمة من بليتها
وفتنتها من عجلها وسامريها انهم أقروا وادعوا ان رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم قال لا يجمع الله لنا أهل البيت النبوة و
والخلافة وقد قال لأولئك الثمانين رجلا سلموا على على بإمرة المؤمنين
وأشهدهم على ما اشهدهم عليه ثم زعموا ان رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم لم يستخلف أحدا وانهم أقروا بالشورى
ثم أقروا انهم لم يشاوروا ان بيعته كانت فلتة وأي ذنب أعظم
من الفلتة ثم استخلف أبو بكر عمر ولم يقتد برسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم فقيل له في ذلك فقال ادع أمة محمد كالنعل
الخلق ادعهم بلا استخلاف طعنا منه على رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم ورغبة عن رأيه ثم صنع عمر شيئا ثالثا لم يدعهم
على ما ادعى ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يستخلف
كما استخلف أبو بكر وجاء بشئ ثالث جعلها شورى بين ستة نفر

343
واخرج منها جميع العرب ثم حظى بذلك عند العامة فجعلهم مع
ما أشربت قلوبهم من الفتنة والضلالة اقرانى ثم بايع ابن عوف
عثمان فبايعوه وقد سمعوا من رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم في عثمان ما سمعوا من لعنه إياه في غير موطن فعثمان
على ما كان عليه خير منهما ولقد قال منذ أيام قولا وقفت له
واعجبتني مقالته بينما انا قاعد عنده في بيته إذا اتته عايشة
وحفصة تطلبان ميراثهما من ضياع وأموال رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم التي في يديه فقال لا والله ولا كرامة
لكن أجيز شهادتكما على أنفسكما فإنكما شهدتما عند أبويكما
إنكما سمعتما من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول إن
لا يورث ما ترك فهو صدقة لقنتما أعرابيا جلفا يبول على
عقبيه يتطهر ببوله مالك بن الحرث بن الحدثان فشهد معكما
لامن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا من

344
من الأنصار أحد شهد بذلك غير اعرابى إما والله ما أشك في
في أنه قد كذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
وكذبتما عليه معه فانصرفتا من عنده تبكيان وتشتمانه فقال
ارجعا أليس قد شهدتما بذلك عند أبي بكر فقالتا نعم قال فان
شهدتما بحق فلا حق لكما وان كنتما شهدتما بباطل فعليكما و
على من أجاز شهادتكما على أهل هذا البيت لعنة الله والملائكة
والناس أجمعين قال ثم نظر إلى وتبسم وقال يا أبا الحسن شفيتك
منهما قلت نعم والله وأبلغت وقلت حقا فلا يرغم الله الا بأنفيهما
فرققت لعثمان وعلمت انه أراد بذلك رضاي وانه أقرب منهما
رحما واكف عنا منهما وإن كان لاعذر له ولا حجة بتامره علينا و
ادعائه حقنا
أقول قد نقل المجلسي ره ما قاله سليم في كتابه وهو ما نقلته هنا عنه في الثامن من البحار ص 233 في باب كفر الثلاثة و
فضائحهم قوله ما يلطخونا به الطلخ التسويد وافساد الكتابة واللطخ بالعذرة قوله ما يألو أي ما يقصر يقال
الا الرجل والا إذا قصر وترك الجهد قال الله تعالى لا يألوكم خبالا والخسيسة والخساسة الحالة التي يكون عليها
الخسيس والضبع بسكون الباء وسط العضد وقيل هو ما تحت الإبط وقوله يتمطى قال البيضاوي أي يتبختر افتخارا

345
بذلك من المط فان المتبختر يمد خطاه فيكون أصله يتمطط أو من المطا وهو الظهر فإنه يلويه قوله أولي لك
فأولى أي ويل لك من الولي واصله أو لاك الله ما تكره واللام مزيدة كما في أولي لك الهلاك وقيل
افعل من الويل بعد القلب كادنى من دون أو فعل من آل يؤل بمعنى عقباك النار وقوله على ما أشهدكم
أي على نحو ما أشهدكم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفى بعض النسخ وأشهدهم على ما اشهدهم عليه
213 / 115 ومن خطبه عليه السلام
ذكر هذه الخطبة الشريف الرضي رضي الله عنه وارضاه في النهج بنوع من الاختلاف مع ما نقلها سليم بن
قيس في كتابه من حيث الزيادة والنقصان فلذا رأيت نقلها في كتابي هذا ليكون الطالب على بصيرة
وكأنها هي غير ما نقلها الرضي بحيث لا يخفى على الناظر فيهما أقول في كتاب سليم ص 156 رواها ابان
عن سليم بن قيس قال صعد أمير المؤمنين عليه السلام المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال
أيها الناس انا الذي فقأت عين الفتنة ولم يكن ليجترأ عليها
غيري وأيم الله لو لم أكن فيكم لما قوتل أهل الجمل ولا أهل
صفين ولا أهل النهروان وأيم الله لولا أن تتكلموا وتدعوا
العمل لحدثتكم بما قضى الله على لسان نبيه صلى الله عليه و
آله وسلم لمن قاتلهم مستبصرا في ضلالتهم عارفا بالهدى
الذي نحن عليه ثم قال عليه السلام سلوني عما شئتم قبل ان
تفقدوني فوالله انى بطرق السماء اعلم بطرق الأرض انا يعسوب
المؤمنين وأول المسلمين وامام المتقين وخاتم الوصيين

346
ووارث النبيين وخليفة رب العالمين انا ديان الناس يوم
القيمة وقسيم الله بين أهل الجنة والنار وانا الصديق الأكبر
والفاروق الذي أفرق بين الحق والباطل وان عندي علم المنايا
والبلايا وفصل الخطاب وما من آية نزلت الا وقد علمت فيما نزلت
أيها الناس انه وشيك ان تفقدوني انى مفارقكم وانى ميت
أو مقتول ما ينتظر أشقهاها ان يخضبها من فوقها (وفى رواية أخرى
ما ينتظر أشقاها ان يخضب هذه من دم هذا) يعنى لحيته من
دم رأسه والذي فلق الحبة وبرء النسمة (وفى رواية أخرى والذي
نفسي بيده) لا تسئلوني عن فئة تبلغ ثلاثمأة فما فوقها مما بينكم
وبين قيام الساعة الا نبأتكم بسائقها وقائدها وناعقها و
بخراب العرصات متى تخرب ومتى تعمر بعد خرابها إلى يوم القيمة
فقام رجل فقال يا أمير المؤمنين أخبرنا عن البلاد يا فقال إذا سئل سائل فليعقل
وإذا سئل مسؤول فليلبث ان من ورائكم أمورا ملتجة مجلجلة

347
وبلاء مكلحا مبلحا والذي فلق الحبة وبرئ النسمة لو قد فقدتموني
ونزلت غرائم الأمور وحقائق البلاء لقد أطرق كثير من السائلين
واشتغل كثير من المسؤولين (وفى نسخة أخرى وفشل كثير من المسؤولين
وذلك إذا ظهرت حربكم ونصلت عن ناب وقامت على ساق و
صارت الدنيا بلاء عليكم حتى يفتح الله لبقية الأبرار فقام رجل و
قال يا أمير المؤمنين حدثنا عن الفتن فقال عليه السلام ان الفتن إذا أقبلت
شبهت (وفى نسخة أخرى اشبهت) وإذا أدبرت أسفرت وان الفتن لها
موج كموج البحر واعصار كاعصار الريح تصيب بلدا وتخطئ الاخر
فانظروا أقواما كانت أصحاب الرايات يوم بدر فانصروهم تنصروا
وتؤجروا وتعذروا الا ان أخوف الفتن عليكم من بعدي فتنة
بنى أمية؟ انها فتنة عمياء صماء مطبقة مظلمة عمت فتنتها و
خصت بليتها أصاب البلاء من أبصر فيها وأخطأ البلاء من عمى
عنها أهل باطلها ظاهرون على أهل حقها يملؤون الأرض بدعا

348
وظلما وجورا وأول من يضع جبروتها ويكسر عمودها وينزع
أوتادها الله رب العالمين وقاصم الجبارين الا انكم ستجدون
بنى أمية أرباب سوء بعدي كالناب الضروس تعض بفيها و
تخبط بيديها وتضرب برجليها وتمنع درها وأيم الله لا تزال
فتنتهم حتى لا تكون نصرة أحدكم لنفسه الا كنصرة العبد لنفسه
من سيده إذا غاب سبه وإذا حضر اطاعه (وفى رواية أخرى يسبه
في نفسه) (وفى رواية وأيم الله لو شردوكم تحت كل كوكب لجمعكم
الله لشر يوم لهم) فقال الرجل فهل من جماعة يا أمير المؤمنين بعد ذلك قال إنها
ستكون جماعة شتى عطاءكم وحجكم واسفاركم والقلوب
مختلفة قال قال واحد كيف تختلف القلوب قال هكذا وشبك بين أصابعه ثم قال يقتل
هذا هذا وهذا هذا هرجا ومرجا ويبقى طغام جاهلية ليس فيها
منار هدى ولا علم يرى نحن أهل البيت منها بمنجاة ولسنا فيها
بدعاة قال فما اصنع في ذلك يا أمير المؤمنين قال انظروا أهل بيت نبيكم فان

349
لبدوا وان استنصروكم فانصروهم تنصروا وتعذروا فإنهم لن
يخرجوكم من هدى ولن يدعوكم إلى ردئ ولا تسبقوهم بالتقدم
فيصرعكم البلاء وتشمت بكم الأعداء قال فما يكون بعد ذلك يا أمير المؤمنين
قال يفرج الله برجل من أهل بيتي كانفراج الأديم من بيته ثم
يرفعون إلى من يسومهم خسفا ويسقيهم بكأس مصبرة ولا يعطيهم
ولا يقبل منهم الا السيف هرجا مرجا يحمل السيف على عاتقه ثمانية
أشهر حتى قريش كذا رأيت في النسخة بالدنيا وما فيها ان يروني مقام واحد فأعطيهم واخذ
منهم بعض ما قد منعوني واقبل منهم بعض ما يرد عليهم حتى يقولوا
ما هذا من قريش لو كان هذا من قريش ومن ولد فاطمة لرحمنا يغر به
الله ببنى أمية فيجعلهم تحت قدميه ويطحنهم طحن الرحى ملعونين
أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن
تجد لسنة الله تبديلا إما بعد فإنه لابد من رحى تطحن ضلالة فإذا
طحنت قامت على قطبها الا وان لطحنها روقا وان روقها حدها وعلى الله

350
فلها الا وانى وابرار عترتي وأطائب أرومتي أحلم الناس صغارا
واعلمهم كبارا معنا راية الحق والهدى من سبقها مرق و
من خذلها محق ومن لزمها لحق (وفى رواية أخرى ومن لزمها سبق)
انا أهل بيت من علم الله علمنا ومن حكم الله الصادق قبلنا ومن
قول الصادق سمعنا فان تتبعونا تهتدوا ببصائرنا وان تتولوا عنا
يعذبكم الله بأيدينا أو بما شاء نحن أفق الاسلام بنا يلحق المبطئ
والينا يرجع التائب والله لولا أن تستعجلوا ويتأخر الحق لنباتكم
بما يكون في شباب العرب والموالي فلا تسئلوا أهل بيت محمد العلم
قبل إبانة ولا تسألوهم المال على العسر فتبخلوهم فإنه ليس منهم البخل
وكونوا احلاس البيوت ولا تكونوا عجلا بذرا كونوا من أهل الحق
تعرفوا به وتتعارفوا عليه فان الله خلق الخلق بقدرته وجعل
بينهم الفضائل بعلمه وجعل منهم عبادا اختارهم لنفسه ليحتج بهم
على خلقه فجعل علامة من أكرم منهم طاعته وعلامة من أهان

351
منهم معصيته وجعل ثواب أهل طاعته النضرة في وجهه في دار
الامن والخلد الذي لا يروع أهله وجعل عقوبة أهل معصيته نارا
تأجج لغضبه وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون يا أيها
الناس انا أهل بيت بنا ميز الله الكذب وبنا يفرج الله الزمان الكلب
وبنا ينزع الله ربق الذل من أعناقكم وبنا يفتح الله وبنا يختم الله
فاعتبروا بنا وبعدونا وبهدانا وبهداهم وبسيرتنا وسيرتهم وميتتنا
وميتتهم يموتون بالداء والقرح والدبيلة ونموت بالبطن والقتل والشهادة ثم التفت إلى بنيه فقال يا نبي ليبر كباركم كباركم وليرحم كباركم
صغاركم ولا تكونوا أمثال السفهاء الجفاة الجهال الذين لا يعطون
في الله اليقين كقيض بيض في اداح الاويح للفراخ فراخ آل محمد من
خليفة مستخلف عتريف مترف يقتل خلفي وخلف الخلف بعدي إما
والله لقد علمت تبليغ الرسالات وتنجيز العداة وتمام الكلمات و
فتحت لي الأسباب واجرى لي السحاب ونظرت في ملكوت لم يغرب

352
عنى شئ فات ولم يفتني ما سبقني ولم يشركني أحد فيما اشهدنى
ربى يوم يقوم الاشهاد وبي يتم الله موعده ويكمل كلماته و
انا النعمة التي انعمها الله على خلقه وانا الاسلام الذي ارتضاه
لنفسه كل ذلك من الله به على وأذل به منكبي وليس امام الا و
هو عارف أهل ولايته وذلك قول الله عز وجل انما أنت منذر و
لكل قوم هاد ثم نزل صلى الله عليه وآله الطاهرين الأخيار وسلم تسليما كثيرا
قوله فقأت عين الفتنة يقال فقأت العين ان شققتها أو قلعتها يشحمها أو أدخلت الإصبع فيها وفقأ
عين الفتنة أو كسر ثورانها وحذف المضاف أي عين أهلها بعيد قوله ولم يكن ليجترأ عليها غيري عدم اجتراء
غيره عليه السلام على اطفاء تلك الفتنة لان الناس كانوا يهابون قتال أهل القبلة ويقولون كيف نقاتل
من يؤذن كأذاننا ويصلى بصلاتنا قوله أمورا ملتجة أي مختلطة من التجت الأصوات أي اختلطت ولحجب السفينة
أي خاضت اللجة والتج البحر التجاجا وفى بعض النسخ بالباء الموحدة من قولهم لبجت به الأرض إذا جلدت به وقوله
مجلجلة الحلجل واحد الجلاجل وصوته الجلجلة وصوت الرعد أيضا والمجلجل السحاب الذي فيه صوت الرعد و
جلجلت الشئ إذا حركته بيدك وتجلجل أي ساخ فيها وتجلجلت قواعد البيت أي تضعضعت قوله عليه السلام مكلحا
كلح كمنع وتكلح وأكلح وأكلحته ودهر كالح شديد وقوله مبلحا يقال بلح الرجل ملوحا إذا أعيى والماء ذهب
والبلوح البئر الذاهبة الماء وبلحت خفارته إذا لم تف والبالح الأرض التي لا تنبت شيئا وقوله نصلت أي
خرجت كاشفا عن ناب ونصل الحافر أي خرجت عن موضعه وفى بعض النسخ قلصت بالتخفيف أو التشديد
يقال قلص الشئ إذا ارتفع وقلص وقلص وتقلص كله بمعنى انضم وانزوى يقال قلصت شفته أي انزوت قوله
هرجا هرجا يقال هرج الناس يهرجون أي وقعوا في فتنة واختلاف واختلاط وقتل وقوله وان لطحنها روقا
أي حسنا واعجابا وازروق أي إذا صار بحيث أعجبت الناس وقوله حدها أي نهايتها ووقت انقضائها
وقوله وعلى الله فلها أي كسرها الأرومة كالأكولة بفتح الهمزة وقد تضم بمعنى الأصل والبذر بضمتين

353
جمع البذور وهو الذي يزيع الاسرار والنضرة الحسن والرونق وقوله لا يروع أهله أي لا يفزع ولا يخاف
وفى بعض النسخ بالغين المعجمة أي لا يحيد ولا يميل أهلها عنها والدبيلة خراج ودمل كبير تظهر في الجوف
فتقتل صاحبها غالبا قوله كقيض بيض في اداح القيض قشر البيض الاداح أصله الاداحى جمع الادحى و
هو الموضع الذي تبيض فيه النمامة وتفرخ وهوا فعول من دحوت لأنها تدحوه برجلها أي تبسطه
ثم تبيض فيه قوله الاويح الويح كلمة رحمة كما أن الويل كلمة عذاب وقيل هما بمعنى واحد والخف القرن بعد
القرن وما جاء من بعد وبمعنى ما استخلف قوله عتريف أو عتروف أي خبيث المترف الطاغي من كثرة
النعمة يقال أترفته النعمة أي أطغته وأذل به منكبي لعله كناية من كثرة الحمل وثقله أو المعنى ان مع تلك الفضائل
رفع التكبر والترفع عنى أقول قد نقل العلامة المجلسي ره في المجلد الثامن من البحار ص 724 هذه الخطبة
أيضا من كتاب سليم بتمامها وعن كتاب الغارات لإبراهيم بن محمد الثقفي عن إسماعيل بن ابان عن عبد الغفار
بن القسم عن المنهال بن عمرو عن زرين بن جيش قال سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يخطب وقال إبراهيم
واخبرنى أحمد بن عمران بن محمد بن أبي ليلى عن أبيه عن ابن أبي ليلى عن المنهال عن رزين بن جيش قال خطب
علي عليه السلام بالنهروان وساق الحديث نحو حديث سليم إلى قوله ولن تجد لسنة الله تبديلا انتهى كلامه
وإبراهيم بن محمد الثقفي هذا كان وفاته سنة ثلاث وثمانين ومأتين من الهجرة وقد روى عنه الأجلة من العلماء
الأفاخم والمحدثين الأعاظم وكان ثقة جليلا وفى التشيع والديانة متصلبا رفع الله في الخلد مقامه
214 / 116 ومن كلامه عليه السلام
نقله العلامة المجلسي أعلى الله مقامه في الجزء الثامن من البحار ص 681 فيما نقله عن كتاب الغارات
لإبراهيم بن محمد الثقفي الذي مر ذكره آنفا انه روى عن المسيب بن نجبة الفزاري أنه قال سمعت عليا عليه السلام يقول
انى قد خشيت ان يدال هؤلاء القوم عليكم بطاعتهم امامهم
ومعصيتكم امامكم وبأدائهم الإمامة وخيانتكم وبصلاحهم
في أرضهم وفسادكم في أرضكم وباجتماعهم على باطلهم و
تفرقكم عن حقكم حتى تطول دولتهم وحتى لا يدعوا لله محرما الا

354
استحلوه حتى لا يبقى بيت وبر ولا بيت مدر الا دخله جورهم و
ظلمهم حتى يقوم الباكيات باك يبكى لدينه وباك يبكي لدنياه
وحتى لا يكون منكم الا نافعا لهم أو غير ضار بهم وحتى يكون
نصرة أحدكم منهم كنصرة العبد من سيدة إذا شهد اطاعه وإذا غاب
عنه سبه فان اتاكم الله بالعافية فاقبلوا وان ابتلاكم فاصبروا
فان العاقبة للمتقين
215 / 117 ومن خطبه عليه السلام
قال العلامة المجلسي ره ناقلا عن نصر بن مزاحم في الثامن من البحار ص 476 ان عليا عليه السلام صعد المنبر
فخطب الناس ودعاهم إلى الجهاد فبدء بحمد الله والثناء عليه ثم قال عليه السلام
ان الله قد أكرمكم بدينه وخلقكم لعبادته فانصبوا أنفسكم في
أدائها وتنجزوا موعوده واعلموا ان الله جعل امراس الاسلام
متينة وعراه وثيقة ثم جعل الطاعة خط الأنفس ورضا الرب و
غنيمة الأكياس عند تفريط العجزة وقد حملت أمر أسودها وأحمرها
ولا قوة الا بالله ونحن سائرون إن شاء الله إلى من سفه نفسه
وتناول ما ليس له وما لا يدركه معاوية وجنده الفئة الطاغية

355
الباغية يقود هم إبليس ويبرق لهم ببارق تسويفه ويدليهم
بغروره وأنتم اعلم الناس بالحلال والحرام فاستغنوا بما علمتم و
احذروا ما حذركم من الشيطان وارغبوا فيما هيأ لكم عنده من
الاجر والكرامة واعملوا ان المسلوب من سلب دينه وأمانته
والمغرور من آثر الضلالة على الهدى فلا اعرفن أحدا منكم
تقاعس عنى وقال في غير كفاية فان الذود إلى الذود ابل
ومن لا يذد عن حوضه يهدم ثم انى آمركم بالشدة في الامر و
الجهاد في سبيل الله وان لا تغتابوا مسلما وانتظروا لنصر العاجل
من الله إن شاء الله
قوله إلى من سفه نفسه أي جعلها سفيهة استعمل استعمال المتعدى فهو في قوة سفه نفسا ما لا يدركه أي
الخلافة الواقعية وبرقت السماء أي لمعت أو جاءت تبرق والبارق سحاب ذو برق الذود من الإبل ما بين
الثلاث إلى العشر وهي مؤنثة لا واحد لها من لفظها والكثير أزواد وفى المثل الذود من الذودا بل قولهم
إلى بمعنى مع أي إذا جمعت القليل مع القليل صار كثيرا وقال الزمخشري في المستقصى من لا يذد عن حوضه
يهدم من قول زهير ومن لا يذد عن حوضه بسلاحه يهدم ومن لا يظلم الناس يظلم يضرب في تهضم
غير المدافع عن نفسه كذا نقلها المجلسي ره تقاعس الرجل عن الامر إذا تأخر ورجع إلى خلف ولم يتقدم فيه
216 / 118 ومن خطبه عليه السلام
الثامن من البحار ص 398 عن تفسير علي بن إبراهيم القمي أنه قال أبى عن ابن أبي عمير عن جميل عن أبي عبد الله

356
عليه السلام قال خطب أمير المؤمنين صلوات عليه بعد ما بويع بخمسة أيام خطبة فقال واعلموا
ان لكل حق طالبا ولكل دم ثائرا والطالب كقيام الثائر
بدمائنا والحاكم في حق نفسه هو العدل الذي لا يحيف والحاكم
الذي لا يجوز وهو الله الواحد القهار واعلموا ان على كل شارع
بدعة وزره ووزر كل مقتد به من بعده إلى يوم القيمة من غير أن
ينقص من أوزار العاملين شيئا وسينتقم الله من الظلمة ما كل
بما كل ومشرب بمشرب من لقم العلقم ومشارب الصبر الأدهم فليشربوا
الصلب من الراح السم المداف وليلبسوا دثار الخوف دهرا طويلا ولهم
بكل ما اتوا وعملوا من أفاريق الصبر الأدهم فوق ما اتوا وعملوا إما انه لم
يبق الا الزمهرير من شتائهم ومالهم من الصيف الا رقدة ويحبسهم وما
توازروا وجمعوا على ظهورهم من الآثام فيا مطايا الخطايا ويا زور الزور و
أوزار الآثام مع الذين ظلموا اسمعوا واعقلوا وتوبوا وابكوا على أنفسكم
فسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون فاقسم ثم أقسم لتحملنها بنو أمية

357
من بعدي وليعرفنها في دار غيرهم عما قليل فلا يبعد والله الا
من ظلم وعلى البادئ يعنى الأول ما سهل لهم من سبيل الخطايا
مثل اوزارهم واوزار كل من عمل بوزرهم إلى يوم القيمة و
من أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يرزون
قوله عليه السلام والطالب كقيام الثائر أي طلب الطالب للحق كقيام الطالب بدمائنا والثار
بالهمزة الدم والطلب به وقاتل حميمك والثائر من لا يبقى على شئ حتى يدرك ثاره ذكره الفيروزآبادي و
الحاكم في حق نفسه لعل المعنى ان في قتلنا حقا لنا وحقا لله تعالى حيث قتلوا حجته ووليه والقائم بطلب
حقنا والله العادل يحكم في حق نفسه ان على كل شارع بدعة وزره شرع لهم كمنع سن وقوله وزره اسم
ان وخبره الظرف المقدم أي يلزم مبدع البدعة ومحدثها وزر نفسه ووزر كل من اقتدى به اللقم جمع
اللقمة والعلقم الحنظل وكل شئ مر والأدهم الأسود فليشرب الصلب أي الشديد الغليظ فان شربه أعسر
أو تصحيف الصئب بالهمز يقال صئب من الشراب كفرح إذا روى وامتلأ أو الصبب بالباء محركة أي المصبوب
والراح الخمر اطلق هنا تهكما والدوف الخلط والبل بماء ونحوه الأفاريق جمع الجمع والجمع فرق والفرقة
السقاء الممتلى لا يستطاع يمخض حتى يفرق والطائفة من الناس الا الزمهرير من شتائهم أي لم يبق من شدائد
الدنيا الا ما أصابهم من تلك الشدة وليس لهم لذلك الأرقدة أي نومة بالهاء أي الانومه وفى بعض
النسخ بالفاء مع الضمير والرفد بالكسر العطاء وبالكسر والفتح القدح الضخم والحاصل انه لم يبق لهم من راحة
الدنيا الإراحة قليلة ذهبت عنهم ويحبسهم ما توازروا أي يحسبهم يوم القيمة اوزارهم وفى بعض النسخ
وما توازروا أي يحبسهم الله ويا زور الزور قال في القاموس الزورة الناقة التي تنظر بمؤخر عينها
لشدتها ولعل في بعض الفقرات تصحيفات انتهى ايضاح العلامة أعلى الله مقامه
217 / 119 ومن كلامه عليه السلام
كتاب الغيبة لشيخ الطائفة الإمامية الاثني عشرية ورئيسها الشيخ محمد بن الحسن الطوسي قدس سره القدوسي
الطبعة الأولى ص 292 قال أخبرنا جماعة عن أبي المفضل الشيباني عن أبي نعيم نصر بن عصام بن المغيرة

358
العمرى عن أبي يوسف يعقوب بن نعيم بن عمرو قرقارة الكاتب عن أحمد بن محمد الأسدي عن
محمد بن أحمد عن إسماعيل بن عباس عن مهاجر بن حكيم عن معوية بن سعيد عن أبي جعفر محمد
بن علي قال قال علي بن أبي طالب عليه السلام إذا اختلف رمحان بالشام
فهو آية من آيات الله تعالى قيل ثم مه قال ثم رجفة تكون بالشام
يهلك فيها مأة الف يجعله الله رحمة للمؤمنين وعذابا على
الكافرين فإذا كان ذلك فانظروا إلى أصحاب البرازين الشهب و
الرايات الصفر تقبل من المغرب حتى تحل بالشام فإذا كان ذلك
فانتظروا خسفا بقرية من قرى الشام يقال لها خرشا (خرشنا)
فإذا كان ذلك فانتظروا ابن آكلة الاكبار بوادي اليابس أي السفياني
218 / 120 ومن كلامه عليه السلام
كتاب منتخب كنز العمال في سنن الأقوال والافعال للشيخ الامام العلام علاء الدين علي بن حسام الدين
الشهير بالمتقى الهندي من أعاظم علماء العامة الموضوع بهامش كتاب المسند لأحمد بن حنبل امام
الحنابلة المطبوع بالمطبعة الميمنية بمصر سنة 1313 في الجزء السادس من المسند ص 34 روى عن علي عليه السلام
قال ليخرجن رجل من ولدى عند اقتراب الساعة حين تموت قلوب
المؤمنين كما تموت الأبدان لما لحقهم من الضر والشدة والجوع والقتل
بتواتر الفتن والملاحم العظام وإماتة السنن واحياء البدع و

359
ترك الامر بالمعروف والنهى عن المنكر فيحيى الله بالمهدى محمد بن
عبد الله السنن التي قد أميتت ويسر بعد له وبركته قلوب
المؤمنين وتتالف إليه عصب من العجم وقبائل من العرب فيبقى
على ذلك سنين ليست بالكثيرة دون العشرة ثم يموت أقول إن
المهدى هو محمد بن الحسن العسكري عليهما السلام والتعبير عن أبيه هنا بعبد الله لو
صدر عن أمير المؤمنين عليه السلام فمحمول على التقية لكي يشتبه الامر على أعدائه بعد ولادته حفظا
لوجوده الشريف عن كيد الأعادي أو مصحف عن النساخ كما صحفوا كلمة ابني في الخبر المشتهر النبوي
بابى كما لا يخفى خصوصا مع أن الكثيرين من كبار علماء هم وافقونا في اسمه واسم أبيه عليهما السلام
ولقد نظمت أربعين اسما من أسماء الأعاظم من علماءهم في ارجوزتي المسماة بالدرر المكنونة في الامام
والإمامة مع أسامي كتبهم التي ذكروا فيها اسمه واسم أبيه صلوات الله عليهما وعلى جدهما وآبائهما
219 / 121 ومن خطبه عليه السلام
في منتخب كنز العمال الذي مر ذكره ووصفه انفا ص 34 نقل عن سعد الإسكاف عن الأصبغ بن
نباته أنه قال خطب علي بن أبي طالب (عليه السلام) فحمد الله وأثنى عليه ثم قال
أيها الناس ان قريشا أئمة العرب ابرارها لابرار وفجارها
لفجارها ولابد من رحى تطحن على ضلالة وتدور فإذا قامت على
قلبها طحنت بحدتها الا ان لطحينها روقا وروقها حدتها وفلها
على الله الا وانى وابرار عترتي وأهل بيتي اعلم الناس صغارا وأحلم

360
الناس كبارا معنا ركبته الحق من تقدمها مرق ومن تخلف عنها
محق ومن لزمها لحق انا أهل الرحمة وبنا فتحت الحكمة وبعلم الله
علمنا ومن صادق سمعنا فان تتبعونا تنجوا وان تتولوا يعذبكم
الله بأيدينا وبنا فك ربق الذل عن أعناقكم وبنا يختم لابكم و
بنا يلحق التالي والينا يفئ الغالي فلولا تستعجلوا وتستأخروا القدر
لأمر قد سبق في البشر لحدثتكم بشباب من الموالى وأبناء العرب و
نبذ من الشيوخ كالملح في الزاد وأقل الزاد الملح فينا معتبر ولشيعتنا
منتظر انا وشيعتنا نمضى إلى الله بالبطن والحمى والسيف ان عدونا
يهلك بالداء والدبيلة وبما شاء الله من البلية والنقمة أيم الله
الأعز الأكرم ان لو حدثتكم بكل ما اعلم لقالت طائفة ما اكذب
وارجم ولو انتقيت منكم مأة قلوبهم كالذهب ثم انتخبت من المأة
عشرة ثم حدثتهم حديثا فينا أهل البيت لينا لا أقول بيه الا حقا
ولا اعتمد فيه الا صدقا لخرجوا وهم يقولون على من اكذب الناس و

361
لو اخترت من غيركم عشرة فحدثتهم في عدونا وأهل البغى علينا
أحاديث كثيرة لخرجوا وهم يقولون على من أصدق الناس هلك
حاطب الحطب وحاصر صاحب القصب وبقيت القلوب تقلب فمنها
مشعب ومنها مجدب ومنصب ومنا مسيب يا بنى ليبر صغاركم
كباركم وليرأف كباركم صغاركم ولا تكونوا كالغواة الجفاة الذين
لم يتفقهوا في الدين ولم يعطوا في الله محض اليقين كبيض بيض في
اداحى ويل لفراخ فراخ آل محمد من خليفة جبار عتريف مترف
مستخف بخلفي وخلف الخلف وبالله لقد علمت تأويل الرسالات
وانجاز العدات وتمام الكلمات وليكونن من يخلفني في أهل
بيتي رجل يأمر بأمر الله قوى يحكم بحكم الله وذلك بعد زمان مكلح
مفصح يشتد فيه البلاء وينقطع فيه الرجاء ويقبل فيه الرشاء
فعند ذلك يبعث الله رجلا من شاطئ دجلة لأمر حزبه يحمله الحقد
على سفك الدماء قد كان في ستر وغطاء فيقتل قوما وهو غضبان

362
شديد الحقد حران في سنة بخت نصر يسومهم خسفا ويسقيهم
سوط عذاب وسيف دمار ثم يكون بعده هنات وأمور مشتبهات
الا من شط الفرات إلى النجفات فاتى إلى القطقطانيات في آيات وآفات
متواليات يحدث شكا بعد يقين يقوم بعد حين يبنى المدائن ويفتح
الخزائن ويجمع الأمم ينفذها شخص البصر وطمح النظر وعنت الوجوه
وكشف البال حتى يرى مقبلا مدبرا فيا لهفا على ما اعلم رجب شهر ذكر
رمضان تمام السنين شوال يشال فيه أمر القوم ذو القعدة يقتعدون
فيه ذو الحجة الفتح من أول العشر الا ان العجب كل العجب بين جمادى و
رجب جمع اشتات وبعث أموات وحديثات هونات هونات بينهن
موتات رافعة ذيلها داعية عولها معلنة قولها بدجلة أو حولها الا
ان منا قائما عفيفة احسابه سادة أصحابه ينادى عند اصطلام أعداء
الله باسمه واسم أبيه في شهر رمضان ثلاثا بعد هرج وقتال وضنك
وخبال وقيام من البلاء على ساق وانى لاعلم إلى من تخرج الأرض

363
ودائعها وتسلم إليه خزائنها ولو شئت ان اضرب برجلي فأقول اخرجى
من ههنا بيضا ودروعا كيف أنتم يا ابن هنات إذا كانت سيوفكم
بايمانكم مصلتات ثم رملتم رملات ليلة البيات ليستخلفن الله
خليفة يثبت على الهدى ولا يأخذ على حكمه الرشا إذا دعى
دعوات بعيدات المدى دامغات للمنافقين فارجات عن المؤمنين
الا ان ذلك كائن على رغم الراغمين والحمد لله رب العالمين و
صلواته على سيدنا محمد خاتم النبيين وآله وأصحابه أجمعين
أقول داق الشئ إذا صفا وخلص وراقني جماله يروقني أعجبني قوله فل الفل بالفتح واحد فلول السيف
وهي كسور في حده والفلة مثله وفللت الجيش من باب قتل كسرته وهزمته قوله ركية الحق أي اقامته
المارق الخارج عن الدين المحق المحو والباطل والفيئ الرجوع الغالي المتجاوز عن الحد البطن الباطن
والحقيقة الحمى الحفظ والمحافظة والدبيلة الداهية والشدة والحاصر البخيل صاحب القصب الذي ذهب
الرحمة قلبه ومن يعيب الناس ويشتمه المشعب فارق طريق الحق عن الباطل والمجدب المعيوب ومن ليس
فيه نفع ولا خير والمنصب من به تعب وشدة وألم والمسبب من يسب ويشتم بيض بيض أي بياض البيض
الأذاحى المحال التي تبيض فيها النعامة ونحوه العتريف الخبيث المترف المتقلب في لين العيش والمسرف
المتروك الذي يخالف أمر الله ويفعل ما يشاء والكالح العابس وكذا المكلح والمتكلح المفضح السيئ الكاشف
للمساوى العول والعويل رفع الصوت بالبكاء والصياح الارجاء التأخير الحران العطشان بخت نصر
بتشديد الصاد هنات خصال الشر ولا يطلق على خصال الخير وجمعه هنوات طمح بصره أي ارتفع بصره الهنات
الداهية جمه هنوات والهون الاستخفاف وجمعه هونات والهوان الاصطلام الاستيصال
220 / 122 ومن كلامه عليه السلام

364
منتخب كنز العمال ص 36 عن محمد بن الحنفية ان علي بن أبي طالب (عليه السلام قال يوما في مجلسه
والله لقد علمت لتقتلنني ولتخلفنني ولتكفؤون اكفاء الاناء بما
فيه ما يمنع أشقاكم ان يخضب هذه يعنى لحيته بدم من فود هذه
يعنى هامته فوالله ان ذلك لفى عهد رسول الله صلى الله عليه
(وآله) وسلم إلى وليدالن عليكم هؤلاء باجتماعهم على أهل
باطلهم وتفرقكم على أهل حقكم حتى يملكوا الزمان الطويل فيستحلوا
الدم الحرام والفرج الحرام والخمر الحرام والمال الحرام فلا يبقى بيت
من بيوت المسلمين الا دخلت عليهم مظلمتهم فيا ويح بنى أمية
من ابن أمتهم يقتل زنديقهم ويسير خليفتهم في الأسواق فإذا
كان ذلك ضرب الله بعضهم ببعض والذي فلق الحبة وبرء النسمة
لا يزال ملك بنى أمية ثابتا لهم حتى يملك زنديقهم فإذا قتلوه
وملك ابن أمتهم خمسة أشهر القى الله بأسهم بينهم فيخرجون
بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين وتعطل الثغور وتهراق

365
الدماء وتقع الشحناء في العالم والهرج سبعة أشهر فإذا قتل
زنديقهم فالويل ثم الويل للناس في ذلك الزمان يسلط بعض
بني هاشم على بعض حتى من الغيرة تغير خمسة نفر على الملك كما
يتغاير الفتيان على المرأة الحسناء فمنهم الهارب والمشؤم و
منهم السناط الخليع يبايعه جل أهل الشام ثم يسير إليه حمار
الجزيرة من مدينة الأوثان فيقاتله الخليع ويغلب على الخزائن
فيقاتله من دمشق إلى حران ويعمل عمل الجبابرة الأولى فيغضب
الله من السماء لكل عمله فيبعث عليه فتى من المشرق يدعو إلى
أهل بيت النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم هم أصحاب الرايات
السود المستضعفون فيعزهم الله وينزل عليهم النصر فلا يقاتلهم
أحد الا هزموه ويسير الجيش القحطاني حتى يستخرجوا الخليفة وهو
كاره خائف فيسير معه تسعة آلاف من الملائكة معه راية النصر
وفتى اليمن في نحر حمار الجزيرة على شاطئ نهر فيلتقى هو وسفاح

366
بني هاشم فيهزمون الحمار ويهزمون جيشه ويغرقونهم في النهر
فيسير الحمار حتى يبلغ حرام فيتبعونه. فيهزم منهم فيأخذ على
المدائن التي بالشام على شاطئ البحر حتى ينتهى إلى البحرين ويسير
السفاح وفتى اليمن حتى ينزلوا دمشق فيفتحونها أسرع من التماع
البرق ويهدمون سورها ثم يبنى ويغمر ويساعدهم عليها رجل
من بني هاشم اسمه اسم نبي فيفتحونها من الباب الشرقي قبل ان يمضى
من اليوم الثاني أربع ساعات فيدخلها سبعون الف سيف مسلول
بأيدي أصحاب الرايات السود شعارهم أمت أمت أكثر قتلاها فيما
يلي المشرق والفتى في طلب الحمار فيدركانه فيقتلانه من وراء
البحرين من المعرتين واليمن ويكمل الله للخليفة سلطانه ثم يثور
سميات أحدهما بالشام والاخر بمكة فيهلك صاحب المسجد الحرام
ويقبل حتى تلقى جموعه جموع صاحب الشام فيهزمونه (ابن المناوي)
أقول الأكفاء (الانقلاب يقال كفئت الاناء وأكفأته إذا كبيته وقلبته الاناء الظرف والوعاء الفود
هامة الرأس التداول التصرف والاخذ قوله وتهراق الدماء بالبناء للمفعول أي تصب وتراق الشحناء

367
العداوة والبغضاء السناط بالكسر والضم كوسج لا لحية له حمار الجزيرة يقال لمن كفر بعد الاسلام
وهذا مثل بين وله حكاية حران بلدة من بلاد الشام قوله من المعرتين واليمن أي القرنيين
يقول المؤلف الحقير
الحمد لله الذي هداني ومن على بفضله ووفقني لتاليف الجزء الثاني من كتابي هذا المسمى بمصباح
البلاغة في مشكاة الصياغة ويتلوه إن شاء الله تبارك وتعالى الجزء الثالث منه بعونه و
عنايته وحسن توفيقه ومشيته واسئله ان يوفقني لاتمامه وتقبله بقبول حسن من عبيده الحسن
وقد وقع الفراغ من تاليف هذا الجزء وتسويده عشية يوم الجمعة العاشر
من شهر جمادى الثانية من شهور سنة سبع وثمانين
وثلاثمائة بعد الألف من الهجرة المقدسة
النبوية على مهاجرها آلاف
الصلوات و
التحيات
وانا المؤلف المحتاج إلى عفو ربه الحسن بن علي الميرجهاني
الطباطبائي المحمد آبادي الجرقوئي الأصفهاني نزيل
عاصمة طهران عفى عنه
1388 ه‍

368
/ 1