بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
الكتاب: موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) المؤلف: الشيخ هادي النجفي الجزء: 1 الوفاة: معاصر المجموعة: مصادر الحديث الشيعية ـ القسم العام تحقيق: الطبعة: الأولى سنة الطبع: 1423 - 2002 م المطبعة: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت - لبنان الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت - لبنان ردمك: ملاحظات: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت - لبنان - شارع دكاش - هاتف : 272652 - 272655 - 272782 - فاكس : 850717 - 850623 - ص . ب : 7957 / 11 موسوعة أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) تأليف: الشيخ هادي النجفي الجزء الأول أ دار احياء التراث العربي بيروت _ لبنان
1 حقوق الطبع محفوظة الطبعة الأولى 1423 ه _ 2002 م دار احياء التراث العربي DAR EHIA AL - TOURATH AL - ARABI للطباعة والنشر والتوزيع Publishing & amp Distributing بيروت _ لبنان _ شارع دكاش _ هاتف 272652 _ 272655 _ 272782 فاكس 850717 _ 850623 ص. ب. 7957 / 11
2 اهداء إلى: سيد الأنبياء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)... إلى سادة الأولياء أئمة أهل البيت (عليهم السلام)... إليكم أرفع هذا الجهد المتواضع... وكلي أمل في قبوله ورعايته... المؤلف
3 مقدمة المؤلف بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين المعصومين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين. قد ورد الأمر بكتابة الحديث في عدة من الروايات: 1 - منها: صحيحة أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: اكتبوا فإنكم لا تحفظون حتى تكتبوا (1). 2 - ومنها: معتبرة عبيد بن زرارة قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): احتفظوا بكتبكم فإنكم سوف تحتاجون إليها (2). 3 - ومنها: خبر حسين الأحمسي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: القلب يتكل على الكتابة (3). 4 - ومنها: خبر المفضل بن عمر قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): اكتب وبث علمك في إخوانك فإن مت فأورث كتبك بنيك، فإنه يأتي على الناس زمان هرج لا يأنسون فيه إلا بكتبهم (4).
(1) الكافي: 1 / 52. (2) الكافي: 1 / 52. (3) الكافي: 1 / 52. (4) الكافي: 1 / 52. 5 5 - ومنها: صحيحة اخرى لأبي بصير قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: دخل علي أناس من أهل البصرة فسألوني عن أحاديث فكتبوها، فما يمنعكم من الكتاب؟ أما إنكم لن تحفظوا حتى تكتبوا... الحديث (1). 6 - ومنها: خبر أنس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): المؤمن إذا مات وترك ورقة واحدة عليها علم تكون تلك الورقة يوم القيامة سترا بينه وبين النار وأعطاه الله تبارك وتعالى بكل حرف مكتوب عليها مدينة أوسع من الدنيا سبع مرات... الحديث (2). 7 - ومنها: ما رواه النجاشي بسنده المتصل إلى داود بن القاسم الجعفري قال: عرضت على أبي محمد صاحب العسكر (عليه السلام) كتاب يوم وليلة ليونس فقال لي: تصنيف من هذا؟ فقلت: تصنيف يونس مولى آل يقطين، فقال: أعطاه الله بكل حرف نورا يوم القيامة (3). ولأجل هذه الروايات وما شابهها قد عكف أصحابنا الإمامية قدس الله أسرارهم على كتابة الحديث وتدوينه من الصدر الأول إلى زماننا هذا، عملا بما فيها من الحث على التحديث وتأسيا بإمامهم وأميرهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه صلوات المصلين، فقد دون الحديث على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكتب بخطه وإملاء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كتابا سمي في رواياتنا ب «الجامعة». منها: صحيحة أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: وذكر ابن شبرمة فقال أبو عبد الله (عليه السلام): أين هو من الجامعة؟ إملاء رسول الله وخط علي (عليه السلام) فيها الحلال والحرام حتى أرش الخدش (4).
(1) كتاب عاصم بن حميد الحناط: 33. (2) أمالي الصدوق: المجلس العاشر ح 3 / 40. (3) رجال النجاشي: 447 الرقم 1208. (4) بصائر الدرجات: 145 ح 15. 6 ومنها: صحيحة ابن رئاب عن أبي عبد الله (عليه السلام) انه سئل عن الجامعة؟ فقال: تلك صحيفة سبعون ذراعا في عرض الأديم (1). وإن شئت أكثر من هذا فراجع مجاميعنا الحديثية نحو الكافي: 1 / 238، وبصائر الدرجات: 142، والوافي: 3 / 579، وبحار الأنوار: 26 / 18، وغير ذلك من كتب الأخبار. وكذلك جمع أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) القرآن الكريم وتفسيره وشأن نزول آياته يحدثنا ابن النديم في فهرسته عن ذلك:... عن علي (عليه السلام) رأى من الناس طيرة عند وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فأقسم انه لا يضع عن ظهره رداءه حتى يجمع القرآن، فجلس في بيته ثلاثة أيام حتى جمع القرآن، فهو أول مصحف جمع فيه القرآن من قلبه، وكان المصحف عند أهل جعفر... (2). وقد أطلق في رواياتنا عليه «مصحف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)» وفيه مضافا إلى الآيات، تفسيرها وشأن نزولها وغير ذلك. ثم كتب (عليه السلام) بخطه مصحف بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) زوجته وأم أئمة المؤمنين فاطمة الزهراء سلام الله عليها، يحدثنا أبو عبيدة الحذاء في صحيحته عن ذلك قال: سأل أبا عبد الله (عليه السلام) بعض أصحابنا عن الجفر، فقال: هو جلد ثور مملوء علما، قال له: فالجامعة؟ قال: تلك صحيفة طولها سبعون ذراعا في عرض الأديم مثل فخذ الفالج، فيها كل ما يحتاج الناس اليه، وليس من قضية إلا وهي فيها حتى أرش الخدش، قال: فمصحف فاطمة (عليها السلام)؟ قال: فسكت طويلا، ثم قال: إنكم لتبحثون عما تريدون وعما لا تريدون، إن فاطمة مكثت بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خمسة وسبعين يوما وكان دخلها حزن شديد على أبيها، وكان جبرئيل (عليه السلام) يأتيها فيحسن عزاءها على أبيها ويطيب نفسها
(1) بصائر الدرجات: 149 ح 13. (2) الفهرست لابن النديم: 30. 7 ويخبرها عن أبيها ومكانه ويخبرها بما يكون بعدها في ذريتها وكان علي (عليه السلام) يكتب ذلك، فهذا مصحف فاطمة (عليه السلام) (1). يبدو مما ورد في الروايات أن مصحف فاطمة (عليها السلام) والجامعة والجفر وكتاب علي (عليه السلام) ومصحفه كلها موجودة عند أئمتنا (عليهم السلام) وهي الآن موجودة عند إمام زماننا بقية الله الأعظم الحجة ابن الحسن العسكري روحي وأرواح العالمين لتراب مقدمه الفداء. وبعد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) اهتم جماعة من الشيعة باقتفاء أثره في ضبط كتابة الحديث وتدوينه في كتب ومصاحف خاصة بهم، نذكر منهم: 1 - أبو عبد الله سلمان الفارسي، صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) صنف كتاب حديث الجاثليق الرومي الذي بعثه ملك الروم بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). ذكره الشيخ الطوسي في فهرسته (2) وابن شهر آشوب في معالم العلماء (3) والسيد الصدر في التأسيس (4). 2 - أبو ذر الغفاري، صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) له كتاب كالخطبة يشرح فيها الامور بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). ذكره الشيخ في الفهرست (5) وأوصل إسناده في روايته إلى أبي ذر. 3 - أبو رافع، مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) واسمه أسلم، كان للعباس بن عبد المطلب (رحمه الله) فوهبه للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلما بشر النبي بإسلام العباس أعتقه. وأسلم أبو رافع قديما بمكة وهاجر إلى المدينة وشهد مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مشاهده ولزم أمير المؤمنين (عليه السلام) بعده، وكان من خيار الشيعة وشهد معه حروبه، وكان صاحب بيت ماله بالكوفة، وابناه عبيد الله وعلي كاتبا أمير المؤمنين (عليه السلام).
(1) الكافي: 1 / 241 ح 5. (2) الفهرست للشيخ الطوسي: 8. (3) معالم العلماء: 2. (4) تأسيس الشيعة لعلوم الاسلام: 280. (5) الفهرست للشيخ: 54. 8 ولأبي رافع كتاب السنن والأحكام والقضايا. قال كل ذلك النجاشي في فهرسته (1) ثم ذكر سنده إلى كتاب أبي رافع. 4 - ابنه عبيد الله بن أبي رافع، كاتب أمير المؤمنين (عليه السلام) وأحد خواصه وكان من خيار الشيعة، وشهد مع أمير المؤمنين حروبه، وله كتاب قضايا أمير المؤمنين وكتاب تسمية من شهد مع أمير المؤمنين الجمل وصفين والنهروان من الصحابة. ذكره الشيخ في الفهرست (2). 5 - ابنه الآخر علي بن أبي رافع، تابعي من خيار الشيعة، كانت له صحبة من أمير المؤمنين (عليه السلام) وكان كاتبا له وحفظ كثيرا، وجمع كتابا في فنون الفقه: الوضوء والصلاة وسائر الأبواب. ذكره النجاشي في فهرسته (3) ثم ذكر سنده إلى كتابه. 6 - ربيعة بن سميع، وهو من كبار التابعين، له كتاب في زكوات النعم عن أمير المؤمنين (عليه السلام). ذكره النجاشي في فهرسته (4) ثم ذكر سنده إلى الكتاب. 7 - سليم بن قيس الهلالي، يكنى أبا صادق، له كتاب. ذكره النجاشي (5) ثم أوصل سنده إلى الكتاب، وقد طبع باسم مؤلفه مرات. 8 - الأصبغ بن نباتة المجاشعي كان من خاصة أمير المؤمنين (عليه السلام) وعمر بعده، وروى بسند معتبر عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى مالك الأشتر النخعي. ذكره النجاشي (6) والشيخ (7). 9 - محمد بن قيس البجلي التابعي، صاحب أمير المؤمنين (عليه السلام) له كتاب يرويه عنه (عليه السلام). ذكره الشيخ في الفهرست (8) ثم أوصل سنده إلى الكتاب.
(1) رجال النجاشي: 4 الرقم 1. (2) الفهرست للشيخ: 107. (3) رجال النجاشي: 6 الرقم 2. (4) رجال النجاشي: 7 الرقم 3. (5) رجال النجاشي: 8 الرقم 4. (6) رجال النجاشي: 8 الرقم 5. (7) الفهرست للشيخ: 37. (8) الفهرست للشيخ: 131. 9 10 - عبيد الله بن الحر الجعفي، الفارس الفاتك الشاعر، له نسخة يرويها عن أمير المؤمنين (عليه السلام). ذكره النجاشي (1) ثم ذكر سنده اليه. ويلي هذه الطبقة أصحاب الأئمة (عليهم السلام) في الاهتمام بنقل الحديث وضبطه، فقد صنفوا الاصول الوفيرة حتى عدوها أربعمائة أصلا على ما هو المشهور عند الرجاليين وأصحاب الحديث. وقد يقال في تعريف الأصل: انه مجمع أخبار سمعت من الأئمة (عليهم السلام) من دون واسطة أو معها، وجمعت في زمنهم ابتداء من غير أخذ من كتاب آخر بل أخذت مما حفظ في الصدور ونحوها لتصير مصونة محفوظة عن حوادث الأيام، وتكون مبنى لأنواع الأحكام ومرجعا للأنام. ولكون المقصود الأقصى في الأصل هو ضبط الأخبار وجمعها فلا يلزم فيه مراعاة الترتيب غالبا، ولا يكون فيه من كلام الجامع شيء إلا نادرا ولا يكون غالب الرواة إلا أصل واحد، بل لا يسمع من قيل فيه: إن له أصلين أو أصولا كما يقال: له كتب ومصنفات. وقد سميت بالأصول لأنها بمنزلة أصل المذهب وعروقها ولها دور عظيم في حفظ المذهب وعدم ضياعه. وفي هذا المجال إن شئت راجع مرآة الكتب: 2 / 47، وكشف الاستار عن وجه الكتب والأسفار في مختلف مجلداته، والذريعة إلى تصانيف الشيعة: 2 / 125. وبعد عصر الأئمة (عليهم السلام) جمع أصحابنا الإمامية مجاميع حديثية معروفة من الاصول الأربعمائة، أهمها «الكافي» و «الفقيه» و «التهذيب» و «الاستبصار» للمحمدين الثلاثة الأول، تلي هذه المجاميع موسوعات اخرى تعرف بالمجاميع المتأخرة نحو «الوافي» و «بحار الأنوار» و «وسائل الشيعة» و «مستدرك الوسائل» و «جامع أحاديث الشيعة».
(1) رجال النجاشي: 9 الرقم 6. 10 فظهر مما ذكرنا تقدم أصحابنا الإمامية قدس الله أسرارهم في علم الحديث وتدوينه على سائر المسلمين، إذ بدأ عملهم في هذا المجال منذ عصر النبوة مباشرة. ثم إني رأيت حاجة الناس إلى روايات الأئمة المعصومين (عليهم السلام) وكلامهم وهي مبثوثة في كتب الحديث تصعب مراجعة جميعها إلا للأوحدي من الناس في هذه الأزمان، ولهذا عزمت على عمل كتاب يوصل القارئ الكريم إلى روايات أئمة أهل البيت (عليهم السلام) بسهولة تامة، فعملت هذا الكتاب على منهج خاص وسميته ب: «موسوعة أحاديث أهل البيت (عليهم السلام)». عسى أن ينتفع بها مؤلفها إن شاء الله تعالى في يوم القيامة يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. عملي في الكتاب رتبت العناوين المنتخبة في الموضوعات المختلفة على حروف المعجم، ثم جعلت الأحاديث الواردة في كل عنوان مبتدئا بكتاب الكافي ثم كتب الصدوق ثم المفيد ثم الشيخ الطوسي ثم من بعدهم على الترتيب الزمني وقدمناهم لكون كتبهم واسعة تسمى الجوامع. ثم تعرضت للأخبار الواردة في كتب غيرهم. وقد استفدت كثيرا من الجوامع الأولية والثانوية كما لا يخفى على أهله. ذكرت أسانيد الروايات وابتدأت بصاحب الكتاب ثم بإسناده إلى الإمام الذي نقلت الرواية عنه (عليه السلام) واحترزت عن التقطيع غالبا. وقد لاحظت سند الروايات ونبهت على حكمها من الصحة وغيرها. وربما شرحت اللغات الصعبة وبينت المعاني الدقيقة في ذيل الروايات بقدر الوسع والبضاعة المزجاة. وإذا كثرت الروايات الواردة في عنوان مما يمكن جعلها تحت عناوين فرعية، وزعتها على هذه العناوين الفرعية. وإلا اقتصرت على عشرة أو عشرين وربما ثلاثين منها أو أكثر
11 من ثلاثين نادرا، ثم في ختام العنوان أرشدت القارئ المتتبع إلى مظانها لتسهيل رجوعه إليها إن شاء، وذكرت مصادر الروايات في هامش الصفحة، وسأعين الطبعة التي نقلت منها في آخر جزء من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى. ثم لسهولة الرجوع إلى عناوين الموسوعة جعلت فهرسها بعد هذه المقدمة مع الإرشاد على رقم الجزء والصفحة وعدد أحاديثها. وصارت عدد العناوين الأصلية الواردة في الموسوعة (899) عنوانا وعدد أحاديثها (15802) حديثا من الجزء الأول إلى الجزء الثاني عشر. ومن الواضح أن كتابي هذا ليس كتاب فقه ولا فتوى بل هو كتاب رواية وحديث، ويجب في مقام الحكم الشرعي الرجوع إلى فقهائنا العظام والمراجع الكرام أعلى الله كلمتهم وكثر الله أمثالهم وأدام الله ظلهم على رؤوس الأنام. سندي إلى روايات الكتاب لا يخفى على من ألقى السمع وهو شهيد أني أروي هذه الأحاديث المذكورة بطرق مختلفة معنعنة عن مشايخي العظام إلى أرباب الكتب: منهم: المرجع الفقيد فقيه أهل البيت (عليهم السلام) المرحوم آية الله العظمى الحاج السيد محمد رضا الموسوي الگلپايگاني (قدس سره) المتوفى عام 1414 ه. ومنهم: المرجع الفقيد والرجالي الكبير المرحوم آية الله العظمى السيد شهاب الدين الحسيني المرعشي النجفي (قدس سره) المتوفى عام 1411 ه. ومنهم: المرجع الفقيد آية الله العظمى المرحوم الحاج الشيخ محمد علي الأراكي (قدس سره) المتوفى عام 1415 ه. ومنهم: المرجع الفقيد آية الله العظمى المرحوم الحاج السيد علي العلامة الفاني
12 الإصفهاني (قدس سره) المتوفى عام 1409 ه. ومنهم: الفقيه المتظلع والرجالي المتطلع المحقق المرحوم آية الله الحاج الشيخ محمد تقي التستري (الشيخ) (قدس سره) المتوفى عام 1415 ه. صاحب «قاموس الرجال». عن السادة الأفاخم الآيات الگلپايگاني والمرعشي والفاني قدس الله أسرارهم عن جدنا العلامة آية الله العظمى أبي المجد الشيخ محمد الرضا النجفي الإصفهاني (قدس سره) المتوفى عام 1362 ه صاحب «وقاية الأذهان» و «نقد فلسفة دارون» المطبوعين عن شيخه المحدث النوري (قدس سره) المتوفى عام 1320 ه. صاحب «مستدرك الوسائل». (حيلولة): وعن الشيخ الأراكي (قدس سره) عن شيخه المقدس الحاج الشيخ عباس القمي (رحمه الله) المتوفى عام 1359 ه صاحب المؤلفات الكثيرة النافعة الرايجة، عن شيخه النوري. (حيلولة): وعن الشيخ التستري (قدس سره) عن شيخه العلامة الشيخ آقا بزرك الطهراني (رحمه الله) المتوفى عام 1389 ه صاحب «الذريعة إلى مصنفات الشيعة» و «طبقات أعلام الشيعة» عن المحدث النوري. ويروي المحدث النوري، عن الشيخ الأعظم مرتضى الأنصاري، عن المولى أحمد النراقي، عن السيد مهدي الطباطبائي بحر العلوم، عن الوحيد البهبهاني، عن والده محمد أكمل، عن الشيخ جعفر القاضي والميرزا محمد الشيرواني، عن العلامة محمد باقر المجلسي، عن والده المولى محمد تقي، عن الشيخ بهاء الدين العاملي، عن والده الشيخ حسين بن عبد الصمد، عن الشيخ زين الدين الشهيد الثاني، عن الشيخ علي بن عبد العالي الميسي، عن سميه الشيخ علي بن عبد العالي الكركي المحقق الثاني، عن الشيخ الثقة المعمر ملحق الأحفاد بالأجداد علي بن هلال الجزائري، عن الشيخ أحمد بن فهد الحلي، عن الشيخ علي بن الخازن الحائري، عن الشيخ محمد بن مكي الشهيد الأول، عن فخر الدين محمد، عن والده آية الله العلامة الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي، عن خاله أبي القاسم جعفر بن حسن الحلي
13 المحقق الأول، عن الشيخ حسن بن الدربي، عن الشيخ محمد بن علي بن شهر آشوب، عن جده شهر آشوب، عن الشيخ محمد بن الحسن الطوسي شيخ الطائفة الإمامية، عن الشيخ محمد بن محمد بن النعمان العكبري البغدادي الملقب بالشيخ المفيد، عن محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي الشيخ الصدوق قدس الله أسرارهم. (حيلولة): الشيخ الطوسي، عن الشيخ المفيد، عن جعفر بن محمد بن قولويه، عن محمد ابن يعقوب الكليني صاحب الكافي قدس الله أسرارهم. والسند من الشيخ الطوسي والشيخ المفيد والشيخ الصدوق والشيخ الكليني رحمة الله عليهم أجمعين وغيرهم إلى الأئمة (عليهم السلام) مذكور مع الأسانيد الواردة في متن الكتاب. هذا مجمل أسانيدي إلى المشايخ، والتفصيل يأتي في آخر أجزاء الكتاب تحت عنوان «المشيخة» إن شاء الله تعالى. والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين المعصومين. هادي النجفي
14 عناوين موسوعة أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) باب الألف العنوان... عدد الأحاديث... رقم الجزء والصفحة 1 - الاتكاء والاحتباء... 6... 1 / 83 2 - الإجابة... 43... 1 / 85 أوقات الإجابة... 10... 1 / 85 من يستجاب دعاؤه ومن لا يستجاب... 10... 1 / 88 من أبطأت عليه الإجابة... 10... 1 / 91 كهف الإجابة... 1... 1 / 96 الإجابة تحت قبة الحسين (عليه السلام)... 1... 1 / 96 من اعطي الدعاء اعطي الإجابة... 1... 1 / 97 علامة الإجابة... 1... 1 / 97 دعاء سريع الإجابة... 1... 1 / 98 يلقى صاحبه الإجابة من ساعته... 1... 1 / 98 إجابة الإمام... 1... 1 / 98 إجابة دعوة المؤمن... 5... 1 / 99 الإجابة قبل أن يسمع من أخلاق الجاهل... 1... 1 / 99
15 3 - اجتناب المحارم... 20... 1 / 100 4 - الاحتجاب... 10... 1 / 106 5 - الاحتقار... 10... 1 / 111 6 - الاحتكار... 10... 1 / 115 7 - الإحسان... 20... 1 / 119 8 - اختتال الدنيا بالدين... 4... 1 / 124 9 - الاختصام... 1... 1 / 126 10 - الإخلاص... 12... 1 / 127 11 - أخلاق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)... 13... 51 / 131 خلقه وخلقه وسيرته (صلى الله عليه وآله وسلم) مع جلسائه... 1... 1 / 131 تواضعه وحياؤه (صلى الله عليه وآله وسلم)... 16... 1 / 136 شجاعته (صلى الله عليه وآله وسلم)... 4... 1 / 138 علامة رضاه وغضبه (صلى الله عليه وآله وسلم)... 5... 1 / 138 الرفق بأمته (صلى الله عليه وآله وسلم)... 8... 1 / 139 جوده (صلى الله عليه وآله وسلم)... 7... 1 / 141 مزاحه وضحكه (صلى الله عليه وآله وسلم)... 6... 1 / 142 بكاؤه (صلى الله عليه وآله وسلم)... 2... 1 / 143 مشيه (صلى الله عليه وآله وسلم)... 5... 1 / 143 جمل من أحواله وأخلاقه (صلى الله عليه وآله وسلم)... 13... 1 / 144 جلوسه (صلى الله عليه وآله وسلم) وتعليمه أصحابه آداب الجلوس... 11... 1 / 147 صفة أخلاقه (صلى الله عليه وآله وسلم) في مطعمه... 17... 1 / 148 صفة أخلاقه (صلى الله عليه وآله وسلم) في مشربه... 1... 1 / 153 غسل رأسه (صلى الله عليه وآله وسلم)... 1... 1 / 155
16 دهنه (صلى الله عليه وآله وسلم)... 1... 1 / 155 تسريحه (صلى الله عليه وآله وسلم)... 2... 1 / 155 طيبه (صلى الله عليه وآله وسلم)... 5... 1 / 156 تكحله (صلى الله عليه وآله وسلم)... 1... 1 / 157 نظره (صلى الله عليه وآله وسلم) في المرآة... 11 / 157 إطلاؤه (صلى الله عليه وآله وسلم)... 1... 1 / 157 لباسه (صلى الله عليه وآله وسلم)... 4... 1 / 158 عمامته وقلنسوته (صلى الله عليه وآله وسلم)... 5... 1 / 158 كيفية لبسه (صلى الله عليه وآله وسلم)... 5... 1 / 159 خاتمه (صلى الله عليه وآله وسلم)... 1... 1 / 160 نعله (صلى الله عليه وآله وسلم)... 1... 1 / 160 فراشه (صلى الله عليه وآله وسلم)... 2... 1 / 161 نومه (صلى الله عليه وآله وسلم)... 1... 1 / 161 دعاؤه عند مضجعه (صلى الله عليه وآله وسلم)... 1... 1 / 161 ما يقول عند نومه (صلى الله عليه وآله وسلم)... 1... 1 / 162 ما يقول عند استيقاظه (صلى الله عليه وآله وسلم)... 4... 1 / 162 سواكه (صلى الله عليه وآله وسلم)... 2... 1 / 162 12 - الأخوة... 18... 1 / 163 فضل المؤاخاة في الله وعلتها... 5... 1 / 163 حفظ الأخوة... 5... 1 / 164 الإخوان صنفان... 1... 1 / 165 حقوق الإخوان... 5... 1 / 166 صفة الأخ الذي يجب أداء حقه... 2... 1 / 169
18 22 - الاستعداد للموت... 10... 1 / 215 23 - الاستغفار... 37... 1 / 218 أهمية الاستغفار... 10... 1 / 218 الاستغفار من الذنب والمبادرة به قبل سبع ساعات... 5... 1 / 220 الاستغفار من الذنب كلما ذكره... 5... 1 / 222 الاستغفار في السحر... 5... 1 / 223 كلما عاد المؤمن بالاستغفار عاد الله عليه بالمغفرة... 2... 1 / 225 من لحقته شدة أو نكبة أو ضيق فقال ثلاثين ألف مرة «أستغفر الله»... فرج الله عنه... 4... 1 / 226 الاستغفار في رجب وشعبان... 5... 1 / 227 سيد الاستغفار... 1... 1 / 228 24 - الاستغناء... 10... 1 / 229 25 - الاستقامة... 16... 1 / 232 الاستقامة من دين الأئمة (عليهم السلام)... 1... 1 / 232 الاستقامة إنما هي على الولاية... 5... 1 / 232 الاستقامة على طريقة الإمام... 1... 1 / 234 شيعة علي (عليه السلام) على منهاج الحق والاستقامة... 1... 1 / 236 الاستقامة في العمل... 2... 1 / 239 لا تصلح الولاة إلا باستقامة الرعية... 1... 1 / 239 الاستقامة سلامة... 5... 1 / 240 26 - الاستهزاء... 5... 1 / 241 إن الله عز وجل لا يسخر ولا يستهزئ... 1... 1 / 241 الاستهزاء من الذنوب التي تنزل النقم... 1... 1 / 242
19 سبعة أشياء بغير سبعة أشياء من الاستهزاء... 1... 1 / 244 ترى هاهنا شيئا من الاستهزاء؟... 1... 1 / 244 لا يطمعن المستهزئ بالناس في صدق المودة... 1... 1 / 245 27 - الإسراف... 20... 1 / 246 28 - الإسلام... 10... 1 / 256 29 - الاشتغال... 10... 1 / 267 30 - الإصلاح... 20... 1 / 270 31 - الإطاعة... 19... 1 / 278 وعد الله من أطاعه الجنة... 1... 1 / 278 من أطاع عليا (عليه السلام) أطاع الله تعالى... 1... 1 / 279 من أحب عليا (عليه السلام) وأطاعه... 1... 1 / 279 علي (عليه السلام) إمام أهل طاعتي... 1... 1 / 280 ما شيعتنا إلا من أطاع الله... 5... 1 / 281 من أطاع المخلوق في معصية الخالق... 10... 1 / 283 32 - الإطعام... 31... 1 / 286 فضل إطعام الطعام... 10... 1 / 286 إطعام المؤمن... 7... 1 / 289 إطعام من ينظر إلى الطعام... 5... 1 / 291 الإطعام عند التزويج... 5... 1 / 293 الإطعام عند الولادة... 2... 1 / 294 من شبع وبحضرته مؤمن جائع... 2... 1 / 295 33 - الإعانة... 16... 1 / 296 ثواب الإعانة... 5... 1 / 296
25 103 - التعاهد... 10... 2 / 175 104 - التعاون... 10... 2 / 181 105 - التعصب... 10... 2 / 184 106 - التعيير... 10... 2 / 187 107 - تفريج كربة المؤمن... 10... 2 / 190 108 - التفريط... 10... 2 / 193 109 - التفكر... 20... 2 / 196 110 - التفويض... 15... 2 / 201 لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين... 5... 2 / 201 التفويض إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهم السلام) في أمر الدين... 5... 2 / 202 التفويض إلى الله عز وجل... 5... 2 / 205 111 - التقبيل... 10... 2 / 207 112 - التقدير... 10... 2 / 210 113 - التقوى... 30... 2 / 213 114 - التقية... 20... 2 / 221 115 - التكاتب... 10... 2 / 227 116 - التكبر... 10... 2 / 230 117 - التكفير... 6... 2 / 233 118 - التكلف... 10... 2 / 235 119 - التلافي في اليوم ما فرط في الأمس... 5... 2 / 238 120 - التهاون... 10... 2 / 241 121 - التهمة... 14... 2 / 2245
26 122 - التواضع... 29... 2 / 249 استحباب التواضع وتعريفه... 20... 2 / 249 التواضع عند تجدد النعمة... 1... 2 / 253 التواضع للعالم والمتعلم... 5... 2 / 254 التواضع في المأكل والمشرب... 3... 2 / 255 123 - التوبة... 77... 2 / 257 وجوب التوبة من جميع الذنوب والعزم على ترك العود أبدا... 20... 2 / 257 إخلاص التوبة وشروطها... 10... 2 / 263 صحة التوبة مع الإتيان بشرائطها وإن تكرر نقضها... 7... 2 / 268 تكرار التوبة في كل يوم وليلة من غير ذنب أو مع الذنب... 5... 2 / 270 صوم الأربعاء والخميس والجمعة للتوبة والغسل والصلاة لها... 3... 2 / 272 اشتراط توبة من أضل الناس برده لهم إلى الحق... 1... 2 / 273 عدم قبول توبة من أضل الناس أو اغتصب أجرا لأجير أو باع حرا أو كان سئ الخلق... 5... 2 / 274 اشتراط رد المظالم إلى أهلها في التوبة... 5... 2 / 275 صحة التوبة من الكبائر... 10... 2 / 276 من شرائط التوبة عدم الإصرار على الذنب... 5... 2 / 280 الكفر مع التوبة لا يبطل العمل... 1... 2 / 281 صحة التوبة في آخر العمر ولو عند بلوغ النفس الحلقوم... 5... 2 / 281 124 - التودد... 10... 2 / 285 125 - التوفيق... 10... 2 / 288 126 - التوقير... 10... 2 / 291 127 - التوكل... 20... 2 / 294
33 ان الخمر رأس كل إثم وشر... 8... 3 / 348 شارب الخمر... 10... 3 / 350 مدمن الخمر... 5... 3 / 353 الخمر حرمت لفعلها فما فعل فعل الخمر فهو خمر... 4... 3 / 354 حد شارب الخمر وإنه يقتل في الثالثة... 6... 3 / 355 من شرب الخمر بجهالة وهو لا يعلم أنها محرمة... 4... 3 / 357 نكاح شارب الخمر... 5... 3 / 358 حرمة الأكل على مائدة يشرب عليها الخمر... 2... 3 / 359 ما يتخذ منه الخمر... 3... 3 / 360 الأواني يكون فيها الخمر... 2... 3 / 361 الخمر تجعل خلا... 4... 3 / 361 من اضطر إلى الخمر للدواء أو للعطش أو للتقية... 10... 3 / 362 بيع الخمر... 10... 3 / 365 شاة تشرب الخمر... 1... 3 / 368 228 - الخمس... 20... 3 / 369 229 - الخمول... 2... 3 / 375 230 - الخوارج... 10... 3 / 376 231 - الخوف من الله... 20... 3 / 382 232 - الخوف والرجاء... 12... 3 / 389 233 - الخياطة... 5... 3 / 393 234 - الخيانة... 20... 3 / 395 235 - الخير... 30... 3 / 402
34 باب الدال 236 - الداء... 20... 3 / 413 237 - الدراسة... 10... 3 / 418 238 - الدراية... 5... 3 / 420 239 - الدعاء... 65... 3 / 422 فضل الدعاء... 5... 3 / 422 الدعاء سلاح المؤمن... 5... 3 / 423 الدعاء يرد البلاء والقضاء... 5... 3 / 424 الدعاء شفاء من كل داء... 1... 3 / 425 من دعا استجيب له... 2... 3 / 426 الهام الدعاء... 2... 3 / 426 التقدم في الدعاء... 6... 3 / 427 اليقين في الدعاء... 1... 3 / 428 الإقبال على الدعاء... 3... 3 / 428 الإلحاح في الدعاء... 4... 3 / 429 تسمية الحاجة في الدعاء... 1... 3 / 430 إخفاء الدعاء... 1... 3 / 430 الثناء قبل الدعاء... 5... 3 / 430 الاجتماع في الدعاء... 3... 3 / 432 العموم في الدعاء... 1... 3 / 433 الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته (عليهم السلام) في الدعاء... 5... 3 / 433 الدعاء للإخوان بظهر الغيب... 5... 3 / 434
35 الدعاء على العدو... 5... 3 / 436 الدعاء للرزق... 5... 3 / 437 240 - دعائم الإسلام... 5... 3 / 440 241 - الدعابة... 5... 3 / 444 242 - الدماء... 20... 3 / 446 243 - الدنيا... 30... 3 / 452 244 - الدنية... 20... 3 / 464 245 - الدهر... 20... 3 / 468 246 - الدهقان... 10... 3 / 473 247 - الدواء... 20... 3 / 478 248 - الدولة... 20... 3 / 483 249 - الدين... 30... 3 / 490 250 - الدين... 20... 3 / 501 باب الذال 251 - الذرية... 10... 4 / 5 252 - ذكر الله عز وجل... 51... 4 / 9 الأمر بذكر الله عز وجل... 5... 4 / 9 ذكر الله عز وجل في كل مجلس... 10... 4 / 10 ذكر الله عز وجل كثيرا... 10... 4 / 13 الاشتغال بذكر الله عز وجل... 3... 4 / 16 ذكر الله تعالى في السر... 5... 4 / 16 ذكر الله عز وجل في الغافلين... 5... 4 / 18
36 ذكر الله تعالى عند ما أحل وحرم... 5... 4 / 19 ذكر الله عز وجل في الوادي والسوق... 3... 4 / 20 إن الصاعقة لا تصيب ذاكرا... 5... 4 / 21 253 - ذكر الموت... 20... 4 / 23 254 - الذلة... 35... 4 / 27 موجبها وأثرها وقبحها... 20... 4 / 27 إذلال المؤمن... 10... 4 / 29 إن الله لم يأذن للمؤمن أن يذل نفسه... 5... 4 / 32 255 - الذنب... 122... 4 / 34 آثار الذنوب... 20... 4 / 34 اجتناب الذنوب... 10... 4 / 39 اجتناب المحقرات من الذنوب... 10... 4 / 43 الإصرار على الذنب... 10... 4 / 45 التبجح بالذنب... 3... 4 / 47 الذنوب التي توجب غضب الله وسرعة العقوبة... 10... 4 / 47 روح الإيمان يفارق المؤمن عند الذنب... 10... 4 / 52 تعجيل عقوبة الذنب... 10... 4 / 55 ستر الذنوب... 5... 4 / 58 الاعتراف بالذنب... 10... 4 / 59 الندم على الذنب... 10... 4 / 61 تأجيل المذنب إلى أن يستغفر... 5... 4 / 63 ما يغفر من الذنوب وما لا يغفر... 5... 4 / 65 دواء الذنوب... 4... 4 / 66
37 256 - الذهب... 20... 4 / 68 257 - ذو اللسانين وذو الوجهين... 10... 4 / 74 باب الراء 258 - الراحة... 10... 4 / 79 259 - الرئاسة... 20... 4 / 83 260 - الرأفة... 6... 4 / 88 261 - الرأي... 20... 4 / 91 262 - الرؤيا... 20... 4 / 96 263 - الربا... 20... 4 / 104 264 - الربح... 20... 4 / 110 265 - الرجاء... 10... 4 / 116 266 - رجب... 42... 4 / 119 الغسل في أول رجب ووسطه وآخره... 1... 4 / 119 صلاة الليالي البيض في رجب وشعبان وشهر رمضان... 1... 4 / 119 صلاة كل ليلة من رجب... 4... 4 / 120 ليلة أول جمعة من رجب وصلاة الرغائب... 1... 4 / 123 صلاة ليلة المبعث ويومه... 3... 4 / 124 صوم النصف من رجب ويوم المبعث... 5... 4 / 125 صوم رجب كله أو بعضه وخصوصا الأيام البيض والخامس... والعشرين والسادس والعشرين والسابع والعشرين... 7... 4 / 126 الصدقة والتسبيح والتلاوة والاستغفار والتوبة والتهليل في رجب... 7... 4 / 130 العمرة في رجب... 9... 4 / 132
38 زيارة الحسين (عليه السلام) في أول رجب والنصف منه... 3... 4 / 134 زيارة الرضا (عليه السلام) في رجب... 1... 4 / 135 267 - الرجعة... 10... 4 / 136 268 - الرجم... 10... 4 / 140 269 - الرحم... 20... 4 / 143 270 - الرحم... 20... 4 / 147 صلة الرحم... 10... 4 / 147 قطيعة الرحم... 10... 4 / 150 271 - الرخاء... 10... 4 / 154 272 - رد المظالم إلى أهلها... 10... 4 / 158 273 - الرذائل... 10... 4 / 162 274 - الرزق... 68... 4 / 166 الرزق وحدوده وإنه مقسوم... 10... 4 / 166 الدعاء للرزق... 5... 4 / 169 الصلاة في طلب الرزق... 5... 4 / 171 نهى الصوفية من طلب الرزق واحتجاج أبي عبد الله (عليه السلام) معهم... 1... 4 / 173 الاقتداء بالأئمة (عليهم السلام) في التعرض للرزق... 10... 4 / 178 الحث على الطلب والتعرض للرزق... 5... 4 / 182 الإبلاء في طلب الرزق... 2... 4 / 183 الإجمال في طلب الرزق... 5... 4 / 184 الرزق من حيث لا يحتسب... 5... 4 / 185 التزويج يزيد في الرزق... 5... 4 / 186 ما يزيد في الرزق... 10... 4 / 188
39 ما ينقص من الرزق... 5... 4 / 190 275 - رسائل الأئمة (عليهم السلام)... 12... 4 / 193 رسالة أمير المؤمنين (عليه السلام)... 1... 4 / 193 رسالة السبط الأكبر الإمام الحسن بن علي (عليهما السلام)... 1... 4 / 193 رسالة سيد الشهداء الإمام أبي عبد الله الحسين بن علي (عليهما السلام)... 1... 4 / 194 رسالة الإمام زين العابدين علي بن الحسين (عليهما السلام)... 1... 4 / 194 رسالة الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السلام)... 1... 4 / 197 رسالة الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)... 1... 4 / 198 رسالة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام)... 1... 4 / 200 رسالة الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام)... 1... 4 / 204 رسالة الإمام أبي جعفر محمد بن علي الجواد (عليه السلام)... 1... 4 / 208 رسالة الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السلام)... 1... 4 / 211 رسالة الإمام أبي محمد الحسن بن علي العسكري (عليه السلام)... 1... 4 / 211 رسالة الإمام الحجة المنتظر المهدي (عليه السلام)... 1... 4 / 213 276 - الرشد... 10... 4 / 215 277 - الرشوة... 10... 4 / 217 278 - الرضا... 20... 4 / 219 279 - الرضاع... 20... 4 / 224 280 - الرعاية... 5... 4 / 230 281 - الرعية... 10... 4 / 232 282 - الرغبة... 10... 4 / 236 283 - الرفق... 30... 4 / 239 284 - الرفض... 10... 4 / 245
40 285 - الرفيق... 5... 4 / 251 286 - الركوب... 20... 4 / 252 كراهية الركوب مع الجنازة... 2... 4 / 252 اختيار المشي في الحج على الركوب... 5... 4 / 252 اختيار الركوب في الحج على المشي إذا كان يضعفه عن العبادة... أو لمجرد تقليل النفقة... 5... 4 / 254 الركوب في السعي... 3... 4 / 255 التسمية عند الركوب والدعاء بالمأثور وتلاوة القدر عند الركوب... 5... 4 / 256 287 - الركون إلى الظالمين... 20... 4 / 259 288 - الرماية... 7... 4 / 265 فضل الرمي... 5... 4 / 265 شرط الجعل على الرماية... 1... 4 / 266 تعليم الصبي الرماية... 1... 4 / 266 289 - رمضان... 71... 4 / 267 فضل شهر رمضان... 5... 4 / 267 ختم القرآن في شهر رمضان... 2... 4 / 273 نافلة شهر رمضان... 5... 4 / 274 صلاة ليالي البيض من شهر رمضان... 1... 4 / 275 صلاة ليلة النصف من شهر رمضان عند قبر الإمام الحسين (عليه السلام)... 1... 4 / 276 صلاة ألف ركعة في كل يوم وليلة من شهر رمضان... 2... 4 / 276 صلاة مأة ركعة في ليلة النصف من شهر رمضان... 2... 4 / 277 زيادة ألف ركعة في شهر رمضان... 5... 4 / 277 الصلاة المخصوصة في كل ليلة من شهر رمضان وأول يوم منه... 2... 4 / 281
41 عدم جواز الجماعة في صلاة النوافل في شهر رمضان... 4... 4 / 286 الصدقة في شهر رمضان... 2... 4 / 288 قتل من أفطر في شهر رمضان مستحلا... 5... 4 / 288 الإفطار في شهر رمضان... 3... 4 / 290 السحور في شهر رمضان... 3... 4 / 291 الشعر في شهر رمضان... 2... 4 / 292 رؤية الهلال علامة شهر رمضان... 5... 4 / 293 الاجتهاد في العبادة في شهر رمضان... 10... 4 / 294 كراهة قول رمضان من غير إضافته إلى الشهر... 5... 4 / 297 العمرة في شهر رمضان... 3... 4 / 298 زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) في شهر رمضان... 4... 4 / 299 290 - الرهبانية... 10... 4 / 301 291 - الرهن... 10... 4 / 306 292 - الرواية... 10... 4 / 310 293 - الروح... 10... 4 / 313 294 - الروضة... 10... 4 / 317 295 - الرياء... 20... 4 / 321 296 - الريبة... 20... 4 / 327 باب الزاء 297 - الزاد... 10... 4 / 333 298 - الزرع... 10... 4 / 336 299 - الزكاة... 85... 4 / 339
42 وجوب الزكاة... 10... 4 / 339 الجود والسخاء بالزكاة... 5... 4 / 342 وضع الزكاة في مواضعها... 10... 4 / 343 اشتراط الولاية في مستحق الزكاة... 5... 4 / 346 استحباب أن يعطي الإنسان زكاته لأقاربه المؤمنين... 5... 4 / 348 إخراج الزكاة من غير تأخير... 5... 4 / 349 إخراج الزكاة علانية... 5... 4 / 350 تحريم الزكاة الواجبة من غير بني هاشم عليهم... 5... 4 / 352 قضاء الزكاة عن الميت من ماله... 5... 4 / 353 الحقوق المالية غير الزكاة الواجبة... 5... 4 / 355 البخل بالزكاة... 5... 4 / 358 منع الزكاة... 10... 4 / 359 ثبوت الكفر والارتداد بمنع الزكاة... 5... 4 / 362 زكاة الفطرة... 5... 4 / 363 300 - الزلل... 10... 4 / 365 301 - الزمان... 10... 4 / 368 302 - الزميل... 3... 4 / 372 303 - الزنا... 10... 4 / 374 304 - الزهد... 20... 4 / 377 305 - الزيارة... 154... 4 / 383 ثواب الزيارة... 6... 4 / 383 فضل زيارة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)... 10... 4 / 385 فضل زيارة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)... 5... 4 / 387
43 فضل زيارة ام الأئمة سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام)... 10... 4 / 390 فضل زيارة الإمام أبي محمد الحسن بن علي (عليهما السلام)... 8... 4 / 394 فضل زيارة الإمام أبي عبد الله الحسين الشهيد (عليه السلام)... 61... 4 / 396 زيارة الله سبحانه للحسين (عليه السلام)... 1... 4 / 396 زيارة الأنبياء للحسين (عليه السلام)... 3... 4 / 396 زيارة الملائكة الحسين (عليه السلام)... 3... 4 / 398 دعاء رسول الله وعلي وفاطمة والأئمة (عليهم السلام) لزوار الحسين (عليه السلام)... 4... 4 / 399 زيارة الحسين (عليه السلام) فرض وعهد لازم له ولجميع الأئمة على كل... مؤمن ومؤمنة... 4... 4 / 401 ثواب نفقة الرجل إلى زيارة الحسين (عليه السلام)... 3... 4 / 402 من زار الحسين (عليه السلام) وعليه خوف... 4... 4 / 404 من زار الحسين (عليه السلام) تشوقا إليه واحتسابا... 5... 4 / 405 زيارة الحسين (عليه السلام) تزيد في العمر والرزق... 3... 4 / 407 زيارة الحسين (عليه السلام) تحط الذنوب... 5... 4 / 408 زيارة الحسين (عليه السلام) أفضل ما يكون من الأعمال... 2... 4 / 409 من زار الحسين (عليه السلام) كان كمن زار الله عز وجل في عرشه... 6... 4 / 410 ان زيارة الحسين (عليه السلام) تعدل حججا... 12... 4 / 412 ثواب من زار الحسين (عليه السلام) يوم عاشوراء... 6... 4 / 416 فضل زيارة الإمام علي بن الحسين السجاد والإمام محمد بن علي... الباقر والإمام جعفر بن محمد الصادق (عليهم السلام)... 6... 4 / 421 فضل زيارة الإمام أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام)... 10... 4 / 423 فضل زيارة الإمام أبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام)... 20... 4 / 425 فضل زيارة الإمام أبي جعفر محمد بن علي الجواد (عليه السلام)... 3... 4 / 432
44 فضل زيارة الإمام علي الهادي (عليه السلام) والإمام الحسن العسكري (عليه السلام)... 3... 4 / 433 فضل زيارة الإمام المنتظر الحجة بن الحسن (عجل الله فرجه)... -... 4 / 434 فضل زيارة فاطمة بنت موسى بن جعفر (عليها السلام) بقم... 5... 4 / 434 فضل زيارة عبد العظيم بن عبد الله الحسني (قدس سره) بالري... 1... 4 / 435 زيارة قبر المؤمن... 5... 4 / 436 اكرام القادم من الزيارة... 1... 4 / 438 306 - زيارة الإخوان... 10... 4 / 439 307 - الزينة... 10... 4 / 443 باب السين 308 - السادة... 30... 5 / 5 فضل السادة واصطناع المعروف إليهم... 20... 5 / 5 تحريم زكاة غير السادة عليهم... 5... 5 / 11 سهم السادة من الخمس... 5... 5 / 12 309 - السؤال... 30... 5 / 15 السؤال من الله... 10... 5 / 15 السؤال من الناس... 10... 5 / 17 السؤال للتعلم... 10... 5 / 18 310 - سامراء... 3... 5 / 20 311 - السب... 20... 5 / 23 312 - السبب... 10... 5 / 29 313 - السبق... 10... 5 / 31 314 - الستر... 27... 5 / 34
60 537 - الغدير... 41... 8 / 24 مسجد غدير خم... 1... 8 / 24 استحباب الصلاة في مسجد غدير خم... 2... 8 / 24 غسل يوم الغدير... 3... 8 / 25 صلاة يوم الغدير... 5... 8 / 26 صوم يوم الغدير... 7... 8 / 32 تأكد استحباب زيارة أمير المؤمنين (عليه السلام) يوم الغدير... 1... 8 / 34 زيارة أمير المؤمنين (عليه السلام) يوم الغدير من قريب أو بعيد... 1... 8 / 35 يوم الغدير أفضل الأعياد... 7... 8 / 36 عمل عيد الغدير... 1... 8 / 39 خطبة الغدير وما بعدها... 1... 8 / 40 كيفية إقامة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عليا (عليه السلام) يوم الغدير... 1... 8 / 44 أوقف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عليا (عليه السلام) يوم الغدير وقال... 1... 8 / 46 احتجاج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم الغدير... 1... 8 / 48 لقد حضر الغدير اثنا عشر ألف رجل... 1... 8 / 65 يوم الغدير في السماء أشهر منه في الأرض... 1... 8 / 66 نزلت يوم الغدير... 1... 8 / 67 أخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بيد علي (عليه السلام) يوم الغدير... 1... 8 / 69 ما أراد رسول الله لعلي (عليه السلام) يوم الغدير... 1... 8 / 69 رن إبليس يوم الغدير... 1... 8 / 70 الولاية في يوم الغدير من دعائم الإسلام... 1... 8 / 70 خطبة أمير المؤمنين (عليه السلام) في يوم الغدير... 1... 8 / 70 عوذة تعوذ بها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في يوم الغدير... 1... 8 / 75
79 باب الياء 890 - يأتي على الناس... 30... 12 / 267 891 - اليأس... 30... 12 / 278 892 - اليتم... 40... 12 / 288 893 - اليد... 40... 12 / 299 894 - اليسر... 30... 12 / 310 895 - اليقظة... 20... 12 / 320 896 - اليقين... 40... 12 / 325 897 - اليمن... 10... 12 / 337 898 - اليمين... 40... 12 / 341 899 - اليوم... 63... 12 / 352 ما ورد في أيام الأسبوع... 10... 12 / 352 ما ورد في يوم السبت... 5... 12 / 358 ما ورد في يوم الأحد... 3... 12 / 359 ما ورد في يوم الاثنين... 5... 12 / 360 ما ورد في يوم الثلاثاء... 5... 12 / 361 ما ورد في يوم الأربعاء... 5... 12 / 362 ما ورد في يوم الخميس... 10... 12 / 365 ما ورد في يوم الجمعة... 20... 12 / 367 ? خاتمة: المشيخة... - -... 12 / 375
80 باب الألف
81 الإتكاء والإحتباء [1] 1 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول (صلى الله عليه وآله وسلم): الإتكاء في المسجد رهبانية العرب، إن المؤمن مجلسه مسجده وصومعته بيته (1). الرواية معتبرة الإسناد. [2] 2 - الكليني بهذا الإسناد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الاحتباء في المسجد حيطان العرب (2). الاحتباء هو أن يضم الإنسان ساقيه إلى بطنه بثوب يجمعهما به مع ظهره ويشده عليهما. والمراد بالحديث: ان العرب تتوسل في الاتكاء بالإحتباء. [3] 3 - الكليني، عن محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الاحتباء حيطان العرب (3). الرواية صحيحة الإسناد. [4] 4 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يحتبي بثوب واحد قال: إن كان يغطي عورته فلا بأس (4).
(1) الكافي: 2 / 662. (2) الكافي: 2 / 662. (3) الكافي: 2 / 662. (4) الكافي: 2 / 663. 83 الرواية موثقة سندا. [5] 5 - الكليني، عن العدة، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن علي، عن علي بن أسباط، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا يجوز للرجل أن يحتبي مقابل الكعبة (1). [6] 6 - الكليني، عن العدة، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله ابن عبد الرحمن، عن مسمع أبي سيار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: فيما أخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) البيعة على النساء أن لا يحتبين ولا يقعدن مع الرجال في الخلاء (2).
(1) الكافي: 2 / 663. (2) الكافي: 5 / 519. 84 الإجابة أوقات الإجابة [7] 1 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن يحيى بن إبراهيم بن أبي البلاد، عن أبيه، عن زيد الشحام قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): اطلبوا الدعاء في أربع ساعات: عند هبوب الرياح، وزوال الأفياء، ونزول القطر، وأول قطرة من دم القتيل المؤمن، فإن أبواب السماء تفتح عند هذه الأشياء (1). الرواية صحيحة من حيث السند، والأفياء: جمع الفيء وهو رجوع الظل من المغرب إلى المشرق، فزوال الفيء: زوال الشمس. [8] 2 - الكليني، عن العدة، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه وغيره، عن القاسم بن عروة، عن أبي العباس فضل البقباق، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): يستجاب الدعاء في أربعة مواطن: في الوتر وبعد الفجر وبعد الظهر وبعد المغرب (2). الرواية حسنة بالقاسم. [9] 3 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): اغتنموا الدعاء عند أربع: عند قراءة القرآن، وعند الأذان، وعند نزول الغيث، وعند التقاء الصفين للشهادة (3).
(1) الكافي: 2 / 476. (2) الكافي: 2 / 477. (3) الكافي: 2 / 477. 85 الرواية معتبرة سندا. [10] 4 - الكليني، عن الحسين بن محمد، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان بن مسلم، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان أبي إذا طلب الحاجة طلبها عند زوال الشمس، فإذا أراد ذلك قدم شيئا فتصدق به وشم شيئا من طيب وراح إلى المسجد ودعا في حاجته بما شاء الله (1). الرواية حسنة. [11] 5 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حسين ابن المختار، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا رق أحدكم فليدع، فإن القلب لا يرق حتى يخلص (2). الرواية موثقة. [12] 6 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن اذينة، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن في الليل لساعة ما يوافقها عبد مسلم ثم يصلي ويدعو الله فيها إلا استجاب له في كل ليلة، قلت: أصلحك الله وأي ساعة هي من الليل؟ قال: إذا مضى نصف الليل وهي السدس الأول من أول النصف (3). الرواية صحيحة، والمراد السدس الأول من النصف الثاني من الليل. [13] 7 - الصدوق قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن عيسى، عن القاسم ابن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن أبي بصير ومحمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام) في حديث الأربعمائة:... من
(1) الكافي: 2 / 477. (2) الكافي: 2 / 477. (3) الكافي: 2 / 478. 86 كانت له إلى ربه عز وجل حاجة فليطلبها في ثلاث ساعات: ساعة في الجمعة، وساعة تزول الشمس حين تهب الرياح وتفتح أبواب السماء وتنزل الرحمة ويصوت الطير، وساعة في آخر الليل عند طلوع الفجر، فإن ملكين يناديان: هل من تائب يتاب عليه؟ هل من سائل يعطى؟ هل من مستغفر فيغفر له، هل من طالب حاجة فتقضى له، فأجيبوا داعي الله واطلبوا الرزق فيما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، فانه أسرع في طلب الرزق من الضرب في الأرض، وهي الساعة التي يقسم الله فيها الرزق بين عباده... الحديث (1). [14] 8 - المفيد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا محمد بن عبد الله العلوي الزيدي، قال: حدثني الرضا علي بن موسى (عليه السلام)، قال: حدثني أبي العبد الصالح موسى بن جعفر (عليه السلام)، قال: حدثني أبي الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: حدثني أبي الباقر محمد بن علي (عليهما السلام)، قال: حدثني أبي زين العابدين علي بن الحسين (عليه السلام)، قال: حدثني أبي الحسين بن علي الشهيد (عليه السلام)، قال: حدثني أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من أدى فريضة فله عند الله دعوة مستجابة (2). [15] 9 - الراوندي رفعه إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: اغتنموا الدعاء عند الرقة فإنها رحمة (3). [16] 10 - الراوندي رفعه إلى الصادق (عليه السلام) انه قال: الوقت الذي لا يرد فيه الدعاء هو ما بين وقتكم في الظهر إلى وقتكم في العصر (4). وفي هذا المجال إن شئت راجع الكافي: 2 / 476، وبحار الأنوار: 90 / 343.
(1) الخصال: 2 / 615. (2) أمالي المفيد: 117 المجلس الرابع عشر ح 1. (3) الدعوات: 30 ح 60. (4) الدعوات: 34 ح 76. 87 من يستجاب دعاؤه ومن لا يستجاب [17] 1 - الصدوق، عن ابن وليد، عن الصفار، عن ابن أبي الخطاب، عن علي بن النعمان، عن عبد الله بن طلحة النهدي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله: أربعة لا ترد لهم دعوة وتفتح لها أبواب السماء وتصير إلى العرش: دعاء الوالد لولده، والمظلوم على من ظلمه، والمعتمر حتى يرجع، والصائم حتى يفطر (1). [18] 2 - الصدوق، عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن بعض أصحابنا، عن محمد بن بكر، عن ابن زكريا، عن أبي سيار، عن سورة بن كليب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): قال الله عز وجل: من سألني وهو يعلم أني أضر وأنفع استجبت له (2). [19] 3 - الطوسي، عن المفيد، عن محمد بن عمر الجعابي، عن أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة، عن علي بن الحسن بن فضال، عن الحسن بن علي بن يوسف، عن زكريا بن محمد، عن أبي عبد الله المؤمن، عن ابن مسكان، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أربعة لا ترد لهم دعوة: الإمام العادل لرعيته، والأخ لأخيه بظهر الغيب يوكل الله به ملكا يقول له: ولك مثل ما دعوت لأخيك، والوالد لولده، والمظلوم، يقول الرب: وعزتي وجلالي لأنتقمن لك ولو بعد حين (3). [20] 4 - الطوسي، عن ابن خشيش، عن عبد الغني بن سعيد الأزدي المصري الحافظ املاء من حفظه في المسجد الحرام في ذي الحجة سنة ثمان وسبعين وثلاث مائة، عن عثمان بن محمد السمرقندي، عن محمد بن حماد الظهراني، عن عبد الرزاق، عن
(1) أمالي الصدوق: المجلس الخامس والأربعون ح 4 / 218، ونقل عنه في بحار الأنوار: 90 / 354 ح 1. (2) ثواب الأعمال: 183. (3) أمالي الطوسي: 150 المجلس الخامس ح 61 الرقم 248. 88 سفيان الثوري، عن أبي معشر، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: دعوة المظلوم مستجابة وإن كانت من فاجر مخوف على نفسه. قال عبد الرزاق: ثم لقيت أبا معشر فحدثني به (1). [21] 5 - وفي صحيفة الرضا (عليه السلام) باسناده قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): دعاء أطفال أمتي مستجاب ما لم يقاربوا الذنوب (2). [22] 6 - ابن فهد الحلي قال: روي ان الله سبحانه وتعالى قال لموسى: ادعني على لسان لم تعصني به، فقال: يا رب أنى لي بذلك؟ فقال: ادعني على لسان غيرك (3). [23] 7 - الصدوق قال: حدثنا أبي، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، عن عبد الله بن سنان، عن الوليد بن صبيح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كنت عنده وعنده جفنة من رطب، فجاء سائل فأعطاه، ثم جاء سائل آخر فأعطاه، ثم جاء آخر فأعطاه، ثم جاء آخر فقال: وسع الله عليك، ثم قال: إن رجلا لو كان له مال يبلغ ثلاثين أو أربعين ألفا ثم شاء أن لا يبقى منه شيء إلا قسمه في حق فعل فيبقى لا مال له، فيكون من الثلاثة الذين يرد دعاؤهم عليهم. قال: قلت: جعلت فداك من هم؟ قال: رجل رزقه الله عز وجل مالا فأنفقه في وجوهه ثم قال: يا رب ارزقني [فيقول الله عز وجل: أو لم أرزقك] ورجل دعا على امرأة وهو ظالم لها فيقال له: ألم أجعل أمرها بيدك، ورجل جلس في بيته وترك الطلب ثم يقول: يا رب ارزقني فيقول [الله] عز وجل: ألم أجعل لك السبيل إلى الطلب للرزق (4). الرواية من حيث السند موثقة. ولعل الصواب «هي ظالمة له» بدل «هو ظالم لها» كما هو الظاهر. ونقل الكليني بسنده عن الوليد نظيرها في الكافي: 2 / 510 ح 1 و 2 / 511 ح 3.
(1) أمالي الطوسي: 311 المجلس الحادي عشر ح 75 الرقم 628. (2) صحيفة الامام الرضا (عليه السلام): 55 ح 68. (3) عدة الداعي: 170. (4) الخصال: 1 / 160 ح 208. 89 [24] 8 - الحميري، عن هارون، عن ابن زياد، عن الصادق، عن آبائه (عليهم السلام) ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: أصناف لا يستجاب لهم، منهم: من أدان رجلا دينا إلى أجل فلم يكتب عليه كتابا ولم يشهد عليه شهودا، ورجل يدعو على ذي رحم، ورجل تؤذيه امرأته بكلمة ما يقدر عليه وهو في ذلك يدعو الله عليها ويقول اللهم أرحني منها فهذا يقول الله له: عبدي أو ما قلدتك أمرها فإن شئت خليتها وإن شئت أمسكتها، ورجل رزقه الله تبارك وتعالى مالا ثم أنفقه في البر والتقوى فلم يبق له منه شيء وهو في ذلك يدعو الله أن يرزقه فهذا يقول له الرب تبارك وتعالى أولم أرزقك وأغنيك أفلا اقتصدت ولم تسرف اني لا أحب المسرفين، ورجل قاعد في بيته وهو يدعو الله أن يرزقه لا يخرج ولا يطلب من فضل الله كما أمره الله هذا يقول الله له: عبدي إني لم أحظر عليك الدنيا ولم أرمك في جوارحك وأرضي واسعة فلا تخرج وتطلب الرزق فإن حرمتك عذرتك وإن رزقتك فهو الذي تريد (1). [25] 9 - الصدوق قال: حدثنا أبي، عن سعد بن عبد الله، عن أيوب بن نوح، عن الربيع بن محمد المسلي، عن عبد الأعلى، عن نوف قال: بت ليلة عند أمير المؤمنين علي (عليه السلام) فكان يصلي الليل كله ويخرج ساعة بعد ساعة وينظر إلى السماء ويتلو القرآن. قال: فمر بي بعد هدوء من الليل فقال: يا نوف أراقد أنت أم رامق؟ قلت: بل رامق أرمقك ببصري يا أمير المؤمنين، قال: يا نوف طوبى للزاهدين في الدنيا والراغبين في الآخرة أولئك الذين اتخذوا الأرض بساطا وترابها فراشا وماءها طيبا والقرآن دثارا والدعاء شعارا وقرضوا من الدنيا تقريضا على منهاج عيسى بن مريم (عليه السلام)، إن الله عز وجل أوحى إلى عيسى بن مريم (عليه السلام): قل للملأ من بني إسرائيل: لا يدخلوا بيتا من بيوتي إلا بقلوب طاهرة وأبصار خاشعة وأكف نقية وقل لهم: اعلموا أني غير مستجيب لأحد منكم دعوة ولأحد من خلقي قبله مظلمة.
(1) قرب الاسناد: 79 ح 258. 90 يا نوف إياك أن تكون عشارا أو شاعرا أو شرطيا أو عريفا أو صاحب عرطبة وهي الطنبور أو صاحب كوبة وهو الطبل، فإن نبي الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خرج ذات ليلة فنظر إلى السماء فقال: إنها الساعة التي لا ترد فيها دعوة إلا دعوة عريف أو دعوة شاعر أو دعوة عاشر أو شرطي أو صاحب عرطبة أو صاحب كوبة (1). [26] 10 - الحسن بن الفضل الطبرسي رفعه إلى رسول الله (عليه السلام) انه قال: أطب كسبك تستجب دعوتك، فإن الرجل يرفع اللقمة إلى فيه فما تستجاب له دعوة أربعين يوما (2). إن شئت أكثر من هذا فراجع الكافي: 2 / 509 و 510، وبحار الأنوار: 90 / 354. من أبطأت عليه الإجابة [27] 1 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: قلت لأبي الحسن (عليه السلام): جعلت فداك إني قد سألت الله حاجة منذ كذا وكذا سنة، وقد دخل في قلبي من إبطائها شيء، فقال: يا أحمد إياك والشيطان أن يكون له عليك سبيل حتى يقنطك، إن أبا جعفر صلوات الله عليه كان يقول: إن المؤمن يسأل الله عز وجل حاجة فيؤخر عن تعجيل إجابته حبا لصوته واستماع نحيبه. ثم قال: والله ما أخر الله عز وجل عن المؤمنين ما يطلبون من هذه الدنيا خير لهم مما عجل لهم فيها، وأي شيء الدنيا، إن أبا جعفر (عليه السلام) كان يقول: ينبغي للمؤمن أن يكون دعاؤه في الرخاء نحوا من دعائه في الشدة، ليس إذا اعطي فتر، فلا تمل الدعاء، فانه عز وجل بمكان، وعليك بالصبر وطلب الحلال وصلة الرحم، وإياك ومكاشفة الناس، فإنا أهل البيت نصل من قطعنا ونحسن إلى من أساء إلينا، فنرى
(1) الخصال: 1 / 337 ح 40. (2) مكارم الأخلاق: 275. 91 والله في ذلك العاقبة الحسنة، إن صاحب النعمة في الدنيا إذا سأل فاعطي طلب غير الذي سأل وصغرت النعمة في عينه فلا يشبع من شيء، وإذا كثرت النعم كان المسلم من ذلك على خطر للحقوق التي تجب عليه وما يخاف من الفتنة فيها، أخبرني عنك لو أني قلت لك قولا أكنت تثق به مني؟ فقلت له: جعلت فداك إذا لم أثق بقولك فبمن أثق وأنت حجة الله على خلقه؟! قال: فكن بالله أوثق فإنك على موعد من الله، أليس الله عز وجل يقول: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب اجيب دعوة الداع إذا دعان) (1)، وقال: (لا تقنطوا من رحمة الله) (2)، وقال: (والله يعدكم مغفرة منه وفضلا) (3)، فكن بالله عز وجل أوثق منك بغيره ولا تجعلوا في أنفسكم إلا خيرا فانه مغفور لكم (4). الرواية من حيث السند صحيحة، وأبو الحسن هو الرضا (عليه السلام) وأبو جعفر هو الباقر (عليه السلام)، والنحيب: أشد البكاء. [28] 2 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان بين قول الله عز وجل: (قد أجيبت دعوتكما) (5) وبين أخذ فرعون أربعين عاما (6). الرواية صحيحة سندا. [29] 3 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن المغيرة، عن غير واحد من أصحابنا قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن العبد الولي لله يدعو الله عز وجل في الأمر ينوبه فيقول للملك الموكل به: اقض لعبدي حاجته ولا تعجلها
(1) سورة البقرة: 186. (2) سورة الزمر: 53. (3) سورة البقرة: 286. (4) الكافي: 2 / 488. (5) سورة يونس: 89. (6) الكافي: 2 / 489. 92 فإني أشتهي أن أسمع نداءه وصوته، وإن العبد العدو لله ليدعو الله عز وجل في الأمر ينوبه فيقال للملك الموكل به: اقض [لعبدي] حاجته وعجلها فإني أكره أن أسمع نداءه وصوته (1). الرواية صحيحة. ينوبه: يصيبه والنائبة: المصيبة. وفي بعض النسخ بدلها «ينوبه» في الموضعين. [30] 4 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا يزال المؤمن بخير ورجاء ورحمة من الله عز وجل ما لم يستعجل فيقنط ويترك الدعاء، قلت له: كيف يستعجل؟ قال: يقول: قد دعوت منذ كذا وكذا وما أرى الإجابة (2). الرواية صحيحة سندا. [31] 5 - الكليني، عن الحسين بن محمد، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان بن مسلم، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن المؤمن ليدعو الله عز وجل في حاجته فيقول الله عز وجل أخروا إجابته شوقا إلى صوته ودعائه، فإذا كان يوم القيامة قال الله عز وجل: عبدي دعوتني فأخرت إجابتك وثوابك كذا وكذا، ودعوتني في كذا وكذا فأخرت إجابتك وثوابك كذا وكذا، قال: فيتمنى المؤمن أنه لم يستجب له دعوة في الدنيا مما يرى من حسن الثواب (3). الرواية حسنة. [32] 6 - علي بن إبراهيم القمي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال له رجل: جعلت فداك إن الله يقول (ادعوني أستجب لكم) (4) فإنا ندعو فلا يستجاب لنا! قال: لأنكم لا تفون لله بعهده وإن الله يقول:
(1) الكافي: 2 / 490. (2) الكافي: 2 / 490. (3) الكافي: 2 / 490. (4) سورة غافر: 60. 93 (أوفوا بعهدي أوف بعهدكم) (1) والله لو وفيتم لله لوفى الله لكم (2). الرواية صحيحة. [33] 7 - القطب الراوندي باسناده إلى الصدوق، عن أبيه، عن سعد، عن ابن عيسى، عن ابن محبوب، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن رجلا كان في بني إسرائيل قد دعا الله أن يرزقه غلاما يدعو ثلاثا وثلاثين سنة، فلما رأى أن الله تعالى لا يجيبه قال: يا رب أبعيد أنا منك فلا تسمع مني أم قريب أنت فلا تجيبني؟ فأتاه آت في منامه فقال له: إنك تدعو الله بلسان بذيء وقلب غلق غير نقي وبنية غير صادقة، فاقلع من بذائك فليتق الله قلبك ولتحسن نيتك. قال: ففعل الرجل ذلك فدعا الله عز وجل فولد له غلام (3). الرواية صحيحة الاسناد. [34] 8 - ابن طاوس الحسيني باسناده إلى محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن العبد يسأل الله تبارك وتعالى الحاجة من حوائج الدنيا، قال: فيكون من شأن الله قضاؤها إلى أجل قريب أو وقت بطيء، قال: فيذنب العبد عند ذلك الوقت ذنبا، قال: فيقول الله للمالك الموكل بحاجته: لا تنجز له حاجته واحرمه إياها فانه قد تعرض لسخطي واستوجب الحرمان مني (4). الرواية صحيحة الاسناد. [35] 9 - الراوندي قال: روي ان موسى رأى رجلا يتضرع تضرعا عظيما يدعو
(1) سورة البقرة: 40. (2) تفسير علي بن إبراهيم القمي: 1 / 46. (3) قصص الأنبياء: 181 ح 218. (4) فلاح السائل: 38. 94 رافعا يديه ويبتهل، فأوحى الله إلى موسى: لو فعل كذا وكذا لما استجبت دعاءه لأن في بطنه حراما وعلى ظهره حراما وفي بيته حراما (1). [36] 10 - المجلسي نقلا من كتاب دعائم الدين: روي في كتاب التنبيه عن أمير المؤمنين (عليه السلام) انه خطب في يوم جمعة خطبة بليغة فقال في آخرها: أيها الناس سبع مصائب عظام نعوذ بالله منها: عالم زل، وعابد مل، ومؤمن خل، ومؤتمن غل، وغني أقل، وعزيز ذل، وفقير اعتل. فقام اليه رجل فقال: صدقت يا أمير المؤمنين: أنت القبلة إذا ما ضللنا والنور إذا ما أظلمنا ولكن نسألك عن قول الله تعالى (ادعوني أستجب لكم) (2) فما بالنا ندعو فلا يجاب؟ قال: إن قلوبكم خانت بثمان خصال: أولها: انكم عرفتم الله فلم تؤدوا حقه كما أوجب عليكم، فما أغنت عنكم معرفتكم شيئا. والثانية: انكم آمنتم برسوله ثم خالفتم سنته وأمتم شريعته، فأين ثمرة إيمانكم؟ والثالثة: انكم قرأتم كتابه المنزل عليكم فلم تعملوا به، وقلتم سمعنا وأطعنا ثم خالفتم. والرابعة: انكم قلتم انكم تخافون من النار وأنتم في كل وقت تقدمون إليها بمعاصيكم، فأين خوفكم؟ والخامسة: انكم قلتم انكم ترغبون في الجنة وأنتم في كل وقت تفعلون ما يباعدكم منها، فأين رغبتكم فيها؟ والسادسة: انكم أكلتم نعمة المولى ولم تشكروا عليها. والسابعة: أن أمركم بعداوة الشيطان وقال: (ان الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا) (3) فعاديتموه بلا قول وواليتموه بلا مخالفة.
(1) الدعوات: 24 ح 34. (2) سورة غافر: 60. (3) سورة فاطر: 6. 95 والثامنة: انكم جعلتم عيوب الناس نصب عيونكم وعيوبكم وراء ظهوركم تلومون من أنتم أحق باللوم منه، فأي دعاء يستجاب لكم مع هذا وقد سددتم أبوابه وطرقه، فاتقوا الله وأصلحوا أعمالكم وأخلصوا سرائركم وأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر فيستجيب الله لكم دعاءكم (1). وإن شئت أكثر من هذا فراجع بحار الأنوار: 90 / 367. كهف الإجابة [37] 1 - الحسن بن الفضل الطبرسي رفعه إلى عبد الله بن ميمون القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: الدعاء كهف الإجابة كما أن السحاب كهف المطر (2). الإجابة تحت قبة الحسين (عليه السلام) [38] 1 - المجلسي نقلا من كفاية النصوص قال: علي بن الحسين، عن التلعكبري، عن الحسن بن علي بن زكريا، عن محمد بن إبراهيم بن المنذر، عن الحسين بن سعيد بن الهيثم، عن الأجلح الكندي، عن أفلح بن سعيد، عن محمد بن كعب، عن طاوس اليماني، عن عبد الله بن العباس قال: دخلت على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والحسن على عاتقه والحسين على فخذه يلثمهما ويقبلهما ويقول: اللهم وال من والاهما وعاد من عاداهما. ثم قال: يا بن عباس كأني به وقد خضبت شيبته من دمه يدعو فلا يجاب ويستنصر فلا ينصر، قلت: فمن يفعل ذلك يا رسول الله؟ قال: شرار أمتي، مالهم لا أنالهم الله شفاعتي. ثم قال: يا بن عباس من زاره عارفا بحقه كتب له ثواب ألف حجة وألف عمرة، ألا ومن زاره فكأنما قد زارني، ومن زارني فكأنما قد زار الله، وحق
(1) بحار الأنوار: 90 / 376 ح 17. (2) مكارم الأخلاق: 269. 96 الزائر على الله أن لا يعذبه بالنار، وأن الإجابة تحت قبته والشفاء في تربته والأئمة في ولده... الحديث (1). من اعطي الدعاء اعطي الإجابة [39] 1 - الصدوق قال حدثنا أبي، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: يا معاوية من اعطي ثلاثة لم يحرم ثلاثة: من اعطي الدعاء اعطي الإجابة، ومن اعطي الشكر اعطي الزيادة ومن اعطي التوكل اعطي الكفاية، فإن الله عز وجل يقول في كتابه (ومن يتوكل على الله فهو حسبه) (2) ويقول (لئن شكرتم لأزيدنكم) (3) ويقول (ادعوني أستجب لكم) (4) (5). الرواية من حيث السند صحيحة. وقد ورد هذا المضمون في عدة من الروايات نحو خبر معاوية بن وهب المروي في الكافي: 2 / 65، ونهج البلاغة: الحكمة 135، وبحار الأنوار: في أربع مواضع، منها: 68 / 44 و 48. علامة الإجابة [40] 1 - ابن طاوس الحسيني بإسناده إلى جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) في ختام الدعاء المعروف بدعاء ام داود:... واجتهدي أن تسح عيناك ولو بقدر رأس الذبابة دموعا، فإن ذلك علامة الإجابة (6).
(1) بحار الأنوار: 36 / 285 ح 107. (2) سورة الطلاق: 3. (3) سورة إبراهيم: 7. (4) سورة غافر: 60. (5) بحار الأنوار: 36 / 285 ح 107. (6) الاقبال: 662. 97 دعاء سريع الإجابة [41] 1 - المجلسي في الحث على دعاء الجوشن الكبير رفعه إلى الحسين بن علي (عليه السلام) أنه قال: أوصاني أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وصية عظيمة بهذا الدعاء [الجوشن الكبير] وحفظه وقال: يا بني اكتب هذا الدعاء على كفني. وقال الحسين (عليه السلام): فعلت كما أمرني أبي (عليه السلام) وهو دعاء سريع الإجابة خص الله به عباده المقربين وما منعه عن الأولياء والأصفياء وهو كنز من كنوز الله وهو المعروف بدعاء الجوشن (1)... يلقى صاحبه الإجابة من ساعته [42] 1 - ابن طاوس الحسيني بإسناده إلى جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) في ابتداء الدعاء المعروف بدعاء ام داود:... أين أنت عن دعاء الاستفتاح وهو الدعاء الذي تفتح له أبواب السماء ويلقى صاحبه الإجابة من ساعته، وليس لصاحبه عند الله تعالى جزاء إلا الجنة... الحديث (2). إجابة الإمام [43] 1 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال في آخر خطبة خطبها: أيها الناس إن لي عليكم حقا ولكم علي حق: فأما حقكم علي فالنصيحة لكم وتوفير فيئكم عليكم وتعليمكم كيلا تجهلوا وتأديبكم كيما تعلموا، وأما حقي عليكم فالوفاء بالبيعة والنصيحة في المشهد والمغيب والإجابة حين أدعوكم والطاعة حين آمركم (3).
(1) بحار الأنوار: 91 / 402. (2) الاقبال: 659. (3) نهج البلاغة: الخطبة 34. 98 إجابة دعوة المؤمن [44] 1 - البرقي، عن ابن فضال، عن ثعلبة، عن عبد الأعلى، عن ابن خنيس، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من الحقوق الواجبات للمؤمن على المؤمن أن يجيب دعوته (1). الرواية معتبرة. [45] 2 - البرقي، عن ابن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أوصي الشاهد من امتي والغائب أن يجيب دعوة المسلم ولو على خمسة أميال، فإن ذلك من الدين (2). الرواية صحيحة. [46] 3 - البرقي، عن ابن محبوب، عن إبراهيم الكوفي قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لو أن مؤمنا دعاني إلى ذراع شاة لأجبته وكان ذلك من الدين، أبى الله لي زي المشركين والمنافقين وطعامهم (3). [47] 4 - البرقي بهذا الإسناد قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لو دعيت إلى ذراع شاة لأجبت (4). [48] 5 - البرقي قال: بعض أصحابنا رفعه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من أعجز العجز رجل دعاه أخوه إلى طعام فتركه من غير علة (5). إن شئت أكثر من هذا فراجع بحار الأنوار: 72 / 446، وكتابنا ألف حديث في المؤمن: 52. الإجابة قبل أن يسمع من أخلاق الجاهل [49] 1 - الشهيد رفعه إلى الصادق (عليه السلام) أنه قال: من أخلاق الجاهل الإجابة قبل أن يسمع والمعارضة قبل أن يفهم والحكم بما لا يعلم (6).
(1) المحاسن: 410. (2) المحاسن: 411. (3) المحاسن: 411. (4) المحاسن: 411. (5) المحاسن: 411. (6) الدرة الباهرة: 31. 99 اجتناب المحارم [50] 1 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن داود بن كثير الرقي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل (ولمن خاف مقام ربه جنتان) (1) قال: من علم أن الله عز وجل يراه ويسمع ما يقوله ويفعله من خير أو شر فيحجزه ذلك عن القبيح من الأعمال فذلك الذي (خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى) (2) (3). الرواية صحيحة الاسناد. [51] 2 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كل عين باكية يوم القيامة غير ثلاث: عين سهرت في سبيل الله، وعين فاضت من خشية الله، وعين غضت عن محارم الله. الرواية صحيحة. [52] 3 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبيدة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من أشد ما فرض الله على خلقه ذكر الله كثيرا. ثم قال: لا أعني «سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر» وإن كان
(1) سورة الرحمن: 46. (2) سورة النازعات: 40. (3) الكافي: 2 / 80. (4) الكافي: 2 / 80. 100 منه ولكن ذكر الله عندما أحل وحرم، فإن كان طاعة عمل بها وإن كان معصية تركها (1). الرواية صحيحة. [53] 4 - الكليني، عن علي، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من ترك معصية لله مخافة الله تبارك وتعالى أرضاه الله يوم القيامة (2). الرواية معتبرة. [54] 5 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن بعض أصحابنا، عن محمد بن هشام، عن ميسر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: شكر النعمة اجتناب المحارم، وتمام الشكر قول الرجل: الحمد لله رب العالمين (3). [55] 6 - الصدوق قال: حدثنا أبي، عن سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن محمد بن حمران، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من قال: «لا إله إلا الله» مخلصا دخل الجنة، وإخلاصه أن يحجزه «لا إله إلا الله» عما حرم الله عز وجل (4). الرواية صحيحة. [56] 7 - الصدوق قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أحمد بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن زياد، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام) أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: من أطاع الله فقد ذكر الله وإن قلت صلاته وصيامه وتلاوته، ومن عصى الله فقد نسي الله وإن كثرت صلاته
(1) الكافي: 2 / 80. (2) الكافي: 2 / 81. (3) الكافي: 2 / 95. (4) معاني الأخبار: 370 ح 1. 101 وصيامه وتلاوته للقرآن (1). الرواية معتبرة. [57] 8 - الصدوق، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن ابن المغيرة، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: من أشد ما عمل العباد إنصاف المرء من نفسه ومواساة المرء أخاه وذكر الله على كل حال. قال: قلت: أصلحك الله وما وجه ذكر الله على كل حال؟ قال: يذكر الله عند المعصية يهم بها فيحول ذكر الله بينه وبين تلك المعصية وهو قول الله عز وجل (إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون) (2) (3). الرواية صحيحة. [58] 9 - الصدوق بإسناده إلى الأعمش، قال الصادق (عليه السلام) بعد ذكر الأئمة (عليهم السلام): ودينهم الورع والعفة والصدق والصلاح والاجتهاد وأداء الأمانة إلى البر والفاجر وطول السجود وقيام الليل واجتناب المحارم وانتظار الفرج بالصبر وحسن الصحبة وحسن الجوار (4). [59] 10 - الحسين بن سعيد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين (عليه السلام) قال: من عمل بما افترض الله فهو من خير الناس، ومن اجتنب ما حرم الله عليه فهو من أعبد الناس، ومن قنع بما قسم الله له فهو من أغنى الناس (5). الرواية صحيحة الإسناد.
(1) معاني الأخبار: 399 ح 56. (2) سورة الأعراف: 201. (3) معاني الأخبار: 192 ح 2. (4) الخصال: 2 / 478 ح 46. (5) كتاب الزهد: 19 ح 40، ونقل عنه في وسائل الشيعة: 11 / 204. 102 [60] 11 - الحسين بن سعيد، عن النضر، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن زيد الشحام قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: احذروا سطوات الله بالليل والنهار، فقلت ما سطوات الله؟ قال أخذه على المعاصي (1). الرواية صحيحة الإسناد. ونقلها الكليني بسنده الصحيح في الكافي: 2 / 269 ح 6. [61] 12 - الطوسي، عن المفيد، عن المظفر بن محمد البلخي، عن محمد بن همام، عن حميد ابن زياد، عن إبراهيم بن عبيد الله بن حيان، عن الربيع بن سليمان، عن إسماعيل بن مسلم السكوني، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام) قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: اعمل بفرائض الله تكن من أتقى الناس، وارض بقسم الله تكن من أغنى الناس، وكف عن محارم الله تكن أورع الناس، وأحسن مجاورة من جاورك تكن مؤمنا، وأحسن مصاحبة من صاحبك تكن مسلما (2). [62] 13 - إبراهيم بن محمد الثقفي باسناده عن ابن نباته قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في بعض خطبه: يقول الرجل جاهدت ولم يجاهد، إنما الجهاد اجتناب المحارم ومجاهدة العدو، وقد يقاتل أقوام فيحسنون القتال لا يريدون إلا الذكر والأجر، وإن الرجل ليقاتل بطبعه من الشجاعة فيحمي من يعرف ومن لا يعرف، ويجبن بطبيعته من الجبن فيسلم أباه وأمه إلى العدو، وإنما المثال (3) حتف من الحتوف، وكل امرئ على ما قاتل عليه، وإن الكلب ليقاتل دون أهله (4). [63] 14 - علي بن إبراهيم القمي، عن أبيه، عن ابن مسكان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: اصبروا على المصائب. وقال: إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين الصابرون؟
(1) كتاب الزهد: 18 ح 39، ونقل عنه في وسائل الشيعة: 11 / 205. (2) أمالي الطوسي: 120 المجلس الرابع ح 41 الرقم 187. (3) كذا في المصدر ولعل الصحيح «القتال». (4) الغارات: 2 / 503، ونقل عنه في بحار الأنوار: 97 / 42 ح 51. 103 فيقوم فئام من الناس. ثم ينادى أين المتصبرون؟ فيقوم فئام من الناس. قلت: جعلت فداك وما الصابرون وما المتصبرون؟ قال: الصابرون على أداء الفرائض والمتصبرون على اجتناب المحارم (1). الرواية صحيحة. [64] 15 - الشهيد رفعه قيل لأمير المؤمنين (عليه السلام): ما الاستعداد للموت: فقال: أداء الفرائض واجتناب المحارم والاشتمال على المكارم، ثم لا يبالي أوقع على الموت أو وقع الموت عليه، والله لا يبالي ابن أبي طالب أوقع على الموت أم وقع الموت عليه (2). [65] 16 - عاصم بن حميد الحناط، عن أبي حمزة، عن علي بن الحسين (عليه السلام) أنه قال: من اجتنب ما حرم الله عليه فهو من أعبد الناس (3). الرواية صحيحة الإسناد. [66] 17 - جعفر بن أحمد القمي رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: أزهد الناس من اجتنب المحارم - إلى أن قال: - وأشد الناس اجتهادا من ترك الذنوب (4). [67] 18 - جعفر بن أحمد القمي رفعه إلى عبد الله بن حبش أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سئل: أي الأعمال أفضل؟ - إلى أن قال: - فأي الهجرة أفضل؟ قال: من هجر ما حرم الله عليه (5). [68] 19 - صاحب جامع الأخبار رفعه إلى عبد الله بن عباس، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: ألا إن مثل هذا الدين كمثل شجرة ثابتة، الإيمان أصلها والزكاة فرعها والصلاة ماؤها والصيام عروقها وحسن الخلق ورقها والإخاء في الدين لقاحها والحياء لحاؤها
(1) تفسير القمي: 1 / 129، ونقل عنه في بحار الأنوار: 68 / 83 ح 25. (2) الدرة الباهرة: 21. (3) كتاب عاصم بن حميد الحناط: 38. (4) الغايات: 69. (5) الغايات: 68. 104 والكف عن محارم الله ثمرتها، فكما لا تكمل الشجرة إلا بثمرة طيبة كذلك لا يكمل الإيمان إلا بالكف عن محارم الله (1). [69] 20 - الديلمي رفعه إلى حذيفة بن اليمان، رفعه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: إن قوما يجيئون يوم القيامة ولهم من الحسنات أمثال الجبال فيجعلها الله هباء منثورا ثم يؤمر بهم إلى النار، فقال سلمان: صفهم يا رسول الله، فقال: أما إنهم قد كانوا يصومون ويصلون ويأخذون أهبة من الليل ولكنهم كانوا إذا عرض لهم شيء من الحرام وثبوا عليه (2). إن شئت أكثر من هذا فراجع الكافي: 2 / 80، وبحار الأنوار: 68 / 194، ووسائل الشيعة: 11 / 200، ومستدرك الوسائل: 11 / 277، وغيرها من كتب الأخبار.
(1) جامع الأخبار: 108 ح 7 الرقم 191. (2) إرشاد القلوب: 191. 105 الاحتجاب [70] 1 - الكليني عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن حسان، وعدة من أصحابنا، عن أحمد ابن محمد بن خالد جميعا، عن محمد بن علي، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): أيما مؤمن كان بينه وبين مؤمن حجاب ضرب الله عز وجل بينه وبين الجنة سبعين ألف سور، ما بين السور إلى السور مسيرة ألف عام (1). [71] 2 - الكليني عن علي بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن أحمد بن الحسين، عن أبيه، عن إسماعيل بن محمد، عن محمد بن سنان قال: كنت عند الرضا صلوات الله عليه فقال لي: يا محمد إنه كان في زمن بني إسرائيل أربعة نفر من المؤمنين فأتى واحد منهم الثلاثة وهم مجتمعون في منزل أحدهم في مناظرة بينهم، فقرع الباب فخرج اليه الغلام فقال: أين مولاك؟ فقال: ليس هو في البيت، فرجع الرجل ودخل الغلام إلى مولاه فقال له: من كان الذي قرع الباب قال: كان فلان فقلت له: لست في المنزل فسكت ولم يكترث ولم يلم غلامه ولا اغتم أحد منهم لرجوعه عن الباب وأقبلوا في حديثهم. فلما كان من الغد بكر إليهم الرجل فأصابهم وقد خرجوا يريدون ضيعة لبعضهم فسلم عليهم وقال: أنا معكم؟ فقالوا له: نعم، ولم يعتذروا اليه، وكان الرجل محتاجا ضعيف الحال، فلما كانوا في بعض الطريق إذا غمامة قد أظلتهم فظنوا انه مطر
(1) الكافي: 2 / 364. 106 فبادروا، فلما استوت الغمامة على رؤوسهم إذا مناد ينادي من جوف الغمامة أيتها النار خذيهم وأنا جبرئيل رسول الله، فإذا نار من جوف الغمامة قد اختطفت الثلاثة النفر، وبقي الرجل مرعوبا يعجب مما نزل بالقوم ولا يدري ما السبب، فرجع إلى المدينة، فلقي يوشع بن نون (عليه السلام) فأخبره الخبر وما رأى وما سمع، فقال يوشع بن نون (عليه السلام): أما علمت أن الله سخط عليهم بعد أن كان عنهم راضيا وذلك بفعلهم بك. فقال: وما فعلهم بي؟ فحدثه يوشع، فقال الرجل: فأنا أجعلهم في حلة وأعفو عنهم، قال: لو كان هذا قبل لنفعهم، فأما الساعة فلا، وعسى أن ينفعهم من بعد (1). [72] 3 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن بكر بن صالح، عن محمد بن سنان، عن مفضل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: أيما مؤمن كان بينه وبين مؤمن حجاب ضرب الله بينه وبين الجنة سبعين ألف سور، غلظ كل سور مسيرة ألف عام (ما بين السور إلى السور مسيرة ألف عام) (2). [73] 4 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله بن جبلة، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: جعلت فداك ما تقول في مسلم أتى مسلما زائرا (أو طالب حاجة) وهو في منزله فاستأذن عليه فلم يأذن له ولم يخرج اليه؟ قال: يا أبا حمزة أيما مسلم أتى مسلما زائرا أو طالب حاجة وهو في منزله فاستأذن له ولم يخرج اليه لم يزل في لعنة الله حتى يلتقيا، فقلت: جعلت فداك في لعنة الله حتى يلتقيا؟ قال: نعم يا أبا حمزة (3). [74] 5 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله ابن جبلة، عن إسحاق بن عمار، قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فنظر إلي بوجه قاطب، فقلت: ما الذي غيرك لي؟ قال: الذي غيرك لإخوانك، بلغني
(1) الكافي: 2 / 364. (2) الكافي: 2 / 365. (3) الكافي: 2 / 365. 107 يا إسحاق إنك أقعدت ببابك بوابا يرد عنك فقراء الشيعة، فقلت: جعلت فداك إني خفت الشهرة، فقال: أفلا خفت البلية؟ أو ما علمت أن المؤمنين إذا التقيا فتصافحا أنزل الله عز وجل الرحمة عليهما؟ فكانت تسعة وتسعين لأشدهما حبا لصاحبه، فإذا توافقا غمرتهما الرحمة، فإذا قعدا يتحدثان قال الحفظة بعضها لبعض: اعتزلوا بنا فلعل لهما سرا وقد ستر الله عليهما، فقلت: أليس الله عز وجل يقول: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) (1) فقال: يا إسحاق إن كانت الحفظة لا تسمع فإن عالم السر يسمع ويرى (2). [75] 6 - الصدوق، قال أبي (رحمه الله): قال: حدثني سعد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن علي الكوفي، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): أيما مؤمن كان بينه وبين مؤمن حجاب ضرب الله بينه وبين الجنة سبعين ألف سور بين كل سور مسيرة ألف عام (3). وذكره الديلمي مرسلا في «أعلام الدين في صفات المؤمنين»: 403. [76] 7 - الصدوق، حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل، قال حدثنا محمد بن يحيى العطار قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، قال: حدثنا محمد بن سنان، عن المفضل ابن عمر، عن يونس بن ظبيان، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: دخل ضرار ابن ضمرة النهشلي على معاوية بن أبي سفيان، فقال له: صف لي عليا (عليه السلام) قال: أو تعفيني، فقال: لا بل صفه لي، فقال له ضرار: رحم الله عليا، كان والله فينا كأحدنا، يدنينا إذا أتيناه، ويجيبنا إذا سألناه، ويقربنا إذا زرناه، لا يغلق له دوننا باب ولا يحجبنا عنه حاجب، ونحن والله مع تقريبه لنا وقربه منا لا نكلمه لهيبته ولا نبتديه لعظمته فإذا تبسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم.
(1) سورة ق: 18. (2) الكافي: 2 / 182. (3) عقاب الأعمال: 285. 108 فقال معاوية: زدني من صفته، فقال ضرار: رحم الله عليا، كان والله طويل السهاد قليل الرقاد، يتلو كتاب الله آناء الليل وأطراف النهار ويجود لله بمهجته ويبوء اليه بعبرته، لا تغلق له الستور ولا يدخر عنا البدور، ولا يستلين الاتكاء ولا يستخشن الجفاء، ولو رأيته إذ مثل في محرابه وقد أرخى الليل سدوله وغارت نجومه وهو قابض على لحيته يتملل تململ السليم ويبكي بكاء الحزين وهو يقول: يا دنيا إلي تعرضت أم إلي تشوقت، هيهات هيهات لا حاجة لي فيك، أبنتك ثلاثا لا رجعة لي عليك، ثم واه واه لبعد السفر وقلة الزاد وخشونة الطريق، قال: فبكى معاوية وقال: حسبك يا ضرار كذلك كان والله علي، رحم الله أبا الحسن (1). [77] 8 - المفيد رفعه إلى الصادق (عليه السلام) انه قال: من صار إلى أخيه المؤمن في حاجة أو مسلما فحجبه لم يزل في لعنة الله إلى أن حضرته الوفاة (2). [78] 9 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه كتب في عهده إلى الأشتر النخعي:... وأما بعد فلا تطولن احتجابك عن رعيتك فإن احتجاب الولاة عن الرعية شعبة من الضيق وقلة علم بالامور، والاحتجاب منهم يقطع عنهم علم ما احتجبوا دونه، فيصغر عندهم الكبير ويعظم الصغير ويقبح الحسن ويحسن القبيح ويشاب الحق بالباطل، وإنما الوالي بشر لا يعرف ما توارى عنه الناس به من الامور، وليست على الحق سمات تعرف بها ضروب الصدق من الكذب، وإنما أنت أحد رجلين: إما امرؤ سخت نفسك بالبذل في الحق ففيم احتجابك من واجب حق تعطيه؟ أو فعل كريم تسديه؟ أو مبتلى بالمنع فما أسرع كف الناس عن مسألتك إذا أيسوا من بذلك، مع أن أكثر حاجات الناس إليك مما لا مؤونة فيه عليك من شكاة مظلمة أو طلب انصاف في معاملة (3).
(1) أمالي الصدوق: المجلس الحادي والتسعون ح 2 / 499. (2) الاختصاص: 31. (3) نهج البلاغة: الكتاب 53. 109 إن لهذا العهد سند معتبر. [79] 10 - ابن فهد الحلي رفعه إلى عبد المؤمن الأنصاري انه قال: دخلت على أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) وعنده محمد بن عبد الله الجعفري فتبسمت اليه فقال (عليه السلام): أتحبه؟ فقلت: نعم وما أحببته إلا لكم، فقال (عليه السلام): هو أخوك والمؤمن أخ المؤمن لأبيه وأمه، ملعون ملعون من اتهم أخاه، ملعون ملعون من غش أخاه، ملعون ملعون من لم ينصح أخاه، ملعون ملعون من استأثر على أخيه، ملعون ملعون من احتجب عن أخيه، ملعون ملعون من اغتاب أخاه (1). في هذا المجال راجع إلى الوافي: 5 / 991، وجامع أحاديث الشيعة: 16 / 296، وكتابنا ألف حديث في المؤمن: 59.
(1) عدة الداعي: 174. 110 الإحتقار [80] 1 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن عثمان، عن محمد بن أبي حمزة، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من حقر مؤمنا مسكينا أو غير مسكين لم يزل الله عز وجل حاقرا له ماقتا حتى يرجع عن محقرته إياه (1). [81] 2 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من استذل مؤمنا واستحقره لقلة ذات يده ولفقره شهره الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق (2). [82] 3 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن عمر بن يزيد، عن أبيه قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إنني آكل الطعام الطيب وأشم الريح الطيبة وأركب الدابة الفارهة ويتبعني الغلام فترى في هذا شيئا من التجبر فلا أفعله؟ فأطرق أبو عبد الله (عليه السلام) ثم قال: إنما الجبار الملعون من غمص الناس وجهل الحق. قال عمر: فقلت: أما الحق فلا أجهله والغمص لا أدري ما هو؟ قال: من حقر الناس وتجبر عليهم فذلك الجبار (3). [83] 4 - الصدوق، عن محمد بن موسى بن المتوكل، عن عبد الله بن جعفر الحميري،
(1) الكافي: 2 / 351. (2) الكافي: 2 / 353. (3) الكافي: 2 / 311. 111 عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن محبوب، عن المثنى، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا تحقروا مؤمنا فقيرا فانه من حقر مؤمنا فقيرا واستخف به حقره الله تعالى ولم يزل ماقتا له حتى يرجع عن محقرته أو يتوب. وقال: من استذل مؤمنا وحقره لقلة ذات يده ولفقره شهره الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق (1). الرواية من حيث السند صحيحة لأن المراد بالمثنى هو حميد بن المثنى الثقة. [84] 5 - الصدوق بإسناده المتصل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث الأربعمائة:... لا تحقروا ضعفاء إخوانكم فانه من احتقر مؤمنا لم يجمع الله عز وجل بينهما في الجنة إلا أن يتوب... الحديث (2). [85] 6 - ابن شعبة الحراني رفعه إلى الصادق (عليه السلام) في رسالته إلى جماعة شيعته وأصحابه:... وعليكم بحب المساكين المسلمين فإن من حقرهم وتكبر عليهم فقد زل عن دين الله والله له حاقر ماقت. وقد قال أبونا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «أمرني ربي بحب المساكين المسلمين منهم» واعلموا أن من حقر أحدا من المسلمين ألقى الله عليه المقت منه والمحقرة حتى يمقته الناس أشد مقتا، فاتقوا الله في إخوانكم المسلمين المساكين فإن لهم عليكم حقا أن تحبوهم فإن الله أمر نبيه بحبهم، فمن لم يحب من أمر الله بحبه فقد عصى الله ورسوله، ومن عصى الله ورسوله ومات على ذلك مات من الغاوين (3). [86] 7 - البرقي، عن نوح النيسابوري، عن صفوان قال: جاءني عبد الله بن سنان قال: هل عندك شيء؟ قلت: نعم، بعثت ابني وأعطيته درهما يشتري به لحما
(1) عقاب الأعمال: 299. (2) الخصال: 2 / 614. (3) تحف العقول: 315. 112 وبيضا، فقال: أين أرسلت ابنك؟ فخبرته فقال: رده رده، عندك خل؟ عندك زيت؟ قلت: نعم، قال: فهاته فإني سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول هلك امرء احتقر لأخيه ما حضره، هلك امرء احتقر من أخيه ما قدم إليه (1). [87] 8 - الكراجكي، رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: لا تحقرن عبدا أتاه الله علما، فإن الله لم يحقره حين أتاه إياه (2). [88] 9 - الكراجكي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: من جالس العلماء وقر، ومن خالط الأنذال حقر (3). وقد ورد شطرها الثاني أعني «من خالط الأنذال حقر» في الخطبة المعروفة بالوسيلة ونقلها الكليني في الكافي: 8 / 20. [89] 10 - المجلسي رفعه إلى بعض أصحاب جعفر بن محمد (عليه السلام) قال: دخلت على جعفر (عليه السلام) وموسى ولده بين يديه وهو يوصيه بهذه الوصية، فكان مما حفظت منه أن قال: يا بني اقبل وصيتي واحفظ مقالتي، فإنك إن حفظتها تعش سعيدا وتمت حميدا. يا بني انه من قنع بما قسم الله له استغنى، ومن مد عينيه إلى ما في يد غيره مات فقيرا، ومن لم يرض بما قسم الله عز وجل اتهم الله في قضائه، ومن استصغر زلة نفسه استعظم زلة غيره، ومن استصغر زلة غيره استعظم زلة نفسه. يا بني من كشف حجاب غيره انكشفت عورات نفسه، ومن سل سيف البغي قتل به، ومن حفر لأخيه بئر أسقط فيها، ومن دخل مداخل السفهاء حقر، ومن خالط العلماء وقر، ومن دخل مداخل السوء اتهم. يا بني قل الحق لك وعليك، وإياك والنميمة فإنها تزرع الشحناء في قلوب الرجال. يا بني إذا طلبت الجود فعليك بمعادنه، فإن للجود معادن وللمعادن أصولا
(1) المحاسن: 414. (2) كنز الفوائد: 1 / 319. (3) كنز الفوائد: 1 / 319. 113 وللأصول فروعا وللفروع ثمرا، ولا يطيب ثمرا إلا بفرع ولا فرع إلا بأصل ولا أصل إلا بمعدن طيب. يا بني إذا زرت فزر الأخيار ولا تزر الفجار، فإنهم صخرة لا ينفجر ماؤها وشجرة لا يخضر ورقها وأرض لا يظهر عشبها، قال علي بن موسى (عليه السلام): فما ترك أبي هذه الوصية إلى أن مات (1).
(1) بحار الأنوار: 75 / 201 ح 33. 114 الإحتكار [90] 1 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن جعفر بن يحيى الخزاعي، عن أبيه يحيى بن أبي العلاء، عن إسحاق بن عمار قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فخبرته أنه ولد لي غلام، فقال: ألا سميته محمدا؟ قال: قلت: قد فعلت، قال: فلا تضرب محمدا ولا تسبه، جعله الله قرة عين لك في حياتك وخلف صدق من بعدك، فقلت: جعلت فداك في أي الأعمال أضعه؟ قال: إذا عدلته عن خمسة أشياء فضعه حيث شئت: لا تسلمه صيرفيا فإن الصيرفي لا يسلم من الربا، ولا تسلمه بياع الأكفان فإن صاحب الأكفان يسره الوبا إذا كان، ولا تسلمه بياع الطعام فانه لا يسلم من الاحتكار، ولا تسلمه جزارا فإن الجزار تسلب منه الرحمة، ولا تسلمه نخاسا فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: شر الناس من باع الناس (1). [91] 2 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن يحيى، عن غياث ابن إبراهيم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ليس الحكرة إلا في الحنطة والشعير والتمر والزبيب والسمن (2). الرواية معتبرة الإسناد. [92] 3 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الحكرة أن يشتري طعاما ليس في المصر غيره
(1) الكافي: 5 / 114. (2) الكافي: 5 / 164. 115 فيحتكره، فإن كان في المصر طعام أو يباع غيره فلا بأس بأن يلتمس بسلعته الفضل، قال: وسألته عن الزيت فقال: إن كان عند غيرك فلا بأس بإمساكه (1). الرواية صحيحة الإسناد. [93] 4 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الحكرة في الخصب أربعون يوما، وفي الشدة والبلاء ثلاثة أيام، فما زاد على الأربعين يوما في الخصب فصاحبه ملعون، وما زاد على الثلاثة أيام في العسرة فصاحبه ملعون (2). الرواية معتبرة الإسناد. [94] 5 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الأشعري، عن ابن القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الجالب مرزوق والمحتكر ملعون (3). [95] 6 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن الرجل يحتكر الطعام ويتربص به هل يجوز ذلك؟ فقال: إن كان الطعام كثيرا يسع الناس فلا بأس به، وإن كان الطعام قليلا لا يسع الناس فانه يكره أن يحتكر الطعام ويترك الناس ليس لهم طعام (4). الرواية صحيحة الإسناد. [96] 7 - الكليني، عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن أبي المفضل سالم الحناط قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): ما عملك؟ قلت: حناط وربما قدمت على نفاق وربما قدمت على كساد فحبست، فقال: فما يقول من قبلك فيه؟
(1) الكافي: 5 / 164. (2) الكافي: 5 / 165. (3) الكافي: 5 / 165. (4) الكافي: 5 / 165. 116 قلت: يقولون محتكر، فقال: يبيعه أحد غيرك؟ قلت: ما أبيع أنا من ألف جزء جزءا، قال: لا بأس إنما كان ذلك رجل من قريش يقال له حكيم بن حزام، وكان إذا دخل طعام المدينة اشتراه كله فمر عليه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا حكيم بن حزام إياك أن تحتكر (1). الرواية صحيحة الإسناد. [97] 8 - الصدوق رفعه وقال: مر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالمحتكرين فأمر بحكرتهم أن تخرج إلى بطون الأسواق وحيث ينظر الناس إليها، فقيل لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لو قومت عليهم، فغضب حتى عرف الغضب في وجهه، وقال: أنا أقوم عليهم إنما السعر إلى الله عز وجل يرفعه إذا شاء ويخفضه إذا شاء (2). [98] 9 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه كتب في عهده لمالك الأشتر: ثم استوص بالتجار وذوى الصناعات وأوص بهم خيرا... واعلم مع ذلك أن في كثير منهم ضيقا فاحشا وشحا قبيحا واحتكارا للمنافع وتحكما في البياعات، وذلك باب مضرة للعامة وعيب على الولاة، فامنع من الاحتكار، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) منع منه، وليكن البيع بيعا سمحا بموازين العدل وأسعار لا تجحف بالفريقين من البائع والمبتاع، فمن قارف حكرة بعد نهيك إياه فنكل به وعاقبه في غير إسراف (3). للشيخ والنجاشي سند معتبر بهذا العهد الشريف. [99] 10 - المجلسي نقلا من كتاب «طب النبي» للشيخ أبي العباس المستغفري رفعه إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) انه قال: المحتكر ملعون. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): الاحتكار في عشرة: البر والشعير والتمر والزبيب والذرة
(1) الكافي: 5 / 165. (2) الفقيه: 3 / 265 الرقم 3955. (3) نهج البلاغة: الكتاب 53. 117 والسمن والعسل والجبن والجوز والزيت. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا لم يكن للمرء تجارة إلا في الطعام طغى وبغى. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): من جمع طعاما يتربص به الغلاء أربعين يوما فقد برئ من الله وبرئ الله منه. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): من احتكر على المسلمين طعاما ضربه الله بالجذام والإفلاس (1). إن شئت أكثر من هذا فراجع الكافي: 5 / 164، والفقيه: 3 / 265، والتهذيب: 7 / 157، والاستبصار: 3 / 113، وبحار الأنوار: 100 / 87.
(1) بحار الأنوار: 14 / 552 من طبع الكمباني و 59 / 292 من طبع بيروت و 62 / 292 من طبع إيران. 118 الإحسان [100] 1 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في خطبته: ألا اخبركم بخير خلائق الدنيا والآخرة؟ العفو عمن ظلمك، وتصل من قطعك، والإحسان إلى من أساء إليك، وإعطاء من حرمك (1). الرواية من حيث السند موثقة، بل صحيحة، والخلائق: جمع خليقة وهي الطبيعة. [101] 2 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى وعلي بن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن الحسن بن محبوب، عن أبي ولاد الحناط قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: (وبالوالدين إحسانا) (2) ما هذا الإحسان؟ فقال: الإحسان أن تحسن صحبتهما وأن لا تكلفهما أن يسألاك شيئا مما يحتاجان إليه وإن كانا مستغنيين، أليس يقول الله عز وجل: (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) (3). قال: ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): وأما قول الله عز وجل: (إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما اف ولا تنهرهما) (4) قال: إن أضجراك فلا تقل لهما: اف ولا تنهرهما إن ضرباك، قال: (وقل لهما قولا كريما) (5) قال: إن ضرباك فقل لهما:
(1) الكافي: 2 / 107. (2) سورة الإسراء: 23. (3) سورة آل عمران: 92. (4) سورة الإسراء: 23. (5) سورة الاسراء: 23. 119 غفر الله لكما، فذلك منك قول كريم قال: (واخفض لهما جناح الذل من الرحمة) (1) قال: لا تملأ عينك من النظر إليهما إلا برحمة ورقة، ولا ترفع صوتك فوق أصواتهما، ولا يدك فوق أيديهما، ولا تقدم قدامهما (2). الرواية من حيث السند صحيحة، ونقلها الصدوق أيضا بسنده الصحيح إلى أبي ولاد الحناط في الفقيه: 4 / 407 الرقم 5883. [102] 3 - الكليني، عن العدة، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن علي، عن ذبيان بن حكيم، عن بهلول بن مسلم، عن يونس بن عمار قال: زوجني أبو عبد الله (عليه السلام) جارية كانت لإسماعيل ابنه، فقال: أحسن إليها، فقلت: وما الإحسان إليها؟ فقال: أشبع بطنها واكس جثتها واغفر ذنبها، ثم قال: اذهبي وسطك الله ماله (3). [103] 4 - الكليني، بإسناده إلى جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) في رسالته التي كتبها إلى جماعة الشيعة:... وإياكم ومعاصي الله ان تركبوها، فانه من انتهك معاصي الله فركبها فقد أبلغ في الإساءة إلى نفسه، وليس بين الاحسان والإساءة منزلة، فلأهل الإحسان عند ربهم الجنة، ولأهل الإساءة عند ربهم النار، فاعملوا بطاعة الله واجتنبوا معاصيه... (4). [104] 5 - الصدوق قال: وخطب أمير المؤمنين (عليه السلام) يوم الفطر فقال:... أطيعوا الله فيما فرض الله عليكم وأمركم به من إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم شهر رمضان والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإحسان إلى نسائكم وما ملكت أيمانكم... (5).
(1) سورة الاسراء: 24. (2) الكافي: 2 / 157. (3) الكافي: 5 / 511. (4) الكافي: 8 / 11. (5) الفقيه: 1 / 517 الرقم 1482. 120 [105] 6 - الصدوق بإسناده إلى صفوان بن يحيى، عن أبي الصباح الكناني قال: قلت للصادق جعفر بن محمد (عليه السلام): أخبرني عن هذا القول قول من هو؟... وزينة العلم الإحسان... فقال الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام): هذا قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (1). الرواية صحيحة. [106] 7 - الصدوق، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي محمد الوابشي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا أحسن العبد المؤمن ضاعف الله له عمله بكل حسنة سبعمائة ضعف وذلك قول الله عز وجل: (والله يضاعف لمن يشاء) (2). [107] 8 - المفيد، عن الجعابي، عن أبي القاسم الحسن بن علي بن الحسن، عن جعفر بن محمد ابن مروان، عن أبيه، عن محمد بن إسماعيل الهاشمي، عن عبد المؤمن، عن محمد بن علي ابن الحسين (عليهم السلام)، عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أسرع الأشياء عقوبة رجل تحسن إليه ويكافيك على إحسانك بإساءة، ورجل عاهدته فمن شأنك الوفاء له ومن شأنه أن يكذبك، ورجل لا تبغي عليه وهو دائما يبغي عليك، ورجل تصل قرابته فيقطعك (3). [108] 9 - الطوسي، عن المفيد، عن عمر بن محمد بن علي الزيات، عن عبيد الله بن جعفر بن محمد بن أعين، عن مسعر بن يحيى النهدي، عن شريك بن عبد الله القاضي، عن أبي إسحاق الهمداني، عن أبيه، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ثلاثة من الذنوب تعجل عقوبتها ولا تؤخر إلى الآخرة: عقوق الوالدين، والبغي على الناس، وكفر الإحسان (4).
(1) الفقيه: 4 / 402 الرقم 5868. (2) ثواب الأعمال: 201، والآية: 261 من سورة البقرة. (3) أمالي المفيد: المجلس العشرون ح 5 / 165. (4) أمالي الطوسي: المجلس الأول ح 17 / 13. 121 [109] 10 - ابن شعبة الحراني رفعه إلى موسى بن جعفر (عليه السلام) أنه قال لعلي بن يقطين: كفارة عمل السلطان الاحسان إلى الإخوان (1). [110] 11 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) في عهده لمالك الأشتر النخعي:... لا يكونن المحسن والمسيء عندك بمنزلة سواء، فإن في ذلك تزهيدا لأهل الإحسان في الإحسان وتدريبا لأهل الإساءة على الإساءة وألزم كلا منهم ما ألزم نفسه، واعلم أنه ليس شيء بأدعى إلى حسن ظن راع برعيته من إحسانه إليهم وتخفيفه المؤونات عليهم وترك استكراهه إياهم على ما ليس له قبلهم... (2). وللنجاشي والشيخ في فهرستهما سند معتبر إلى هذا العهد، وقد ذكراه في ترجمة الأصبغ بن نباته، فراجع إن شئت. [111] 12 - المجلسي رفعه إلى ابن عباس أنه قال: حبس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مجلسا فأتاه جبرئيل فجلس بين يدي رسول الله واضعا كفيه على ركبتي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)... فقال: يا رسول الله حدثني ما الإحسان؟ قال: الإحسان أن تعمل لله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فانه يراك (3). [112] 13 - الآمدي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: الإنسان عبد الإحسان (4). [113] 14 - وعنه (عليه السلام): المحسن حي وإن نقل إلى منازل الأموات (5). [114] 15 - وعنه (عليه السلام): اتباع الإحسان بالإحسان من كمال الجود (6).
(1) تحف العقول: 410. (2) نهج البلاغة: الكتاب 53. (3) بحار الأنوار: 56 / 260 ح 35. (4) غرر الحكم: ح 263. (5) غرر الحكم: ح 1521. (6) غرر الحكم: ح 2020. 122 [115] 16 - وعنه (عليه السلام): أحسن إلى من شئت وكن أميره (1). [116] 17 - وعنه (عليه السلام): أحق الناس بالإحسان من أحسن الله إليه وبسط بالقدرة يديه (2). [117] 18 - وعنه (عليه السلام): آفة القدرة منع الإحسان (3). [118] 19 - وعنه (عليه السلام): رأس الإحسان، الإحسان إلى المؤمنين (4). [119] 20 - وعنه (عليه السلام): نعم زاد المعاد الإحسان إلى العباد (5).
(1) غرر الحكم: ح 2311. (2) غرر الحكم: ح 3369. (3) غرر الحكم: ح 3955. (4) غرر الحكم: ح 5229. (5) غرر الحكم: ح 9912. 123 اختتال الدنيا بالدين [120] 1 - الكليني عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل ابن جابر، عن يونس بن ظبيان قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إن الله عز وجل يقول: ويل للذين يختلون الدنيا بالدين وويل للذين يقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس، وويل للذين يسير المؤمن فيهم بالتقية، أبي يغترون أم علي يجترئون، فبي حلفت لأتيحن لهم فتنة تترك الحليم منهم حيران (1). يختلون: أي يخدعون ويمكرون. الاختتال والختل: الخداع والمكر. [121] 2 - الكليني، عن علي بن إبراهيم رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال: طلبة العلم ثلاثة فاعرفهم بأعيانهم وصفاتهم: صنف يطلبه للجهل والمراء، وصنف يطلبه للاستطالة والختل، وصنف يطلبه للفقه والعقل. فصاحب الجهل والمراء موذ ممار متعرض للمقال في أندية الرجال بتذاكر العلم وصفة الحلم قد تسربل بالخشوع وتخلى من الورع فدق الله من هذا خيشومه وقطع منه حيزومه، وصاحب الاستطالة والختل ذو حب وملق يستطيل على مثله من اشباهه ويتواضع للأغنياء من لونه فهو لحلوائهم هاضم ولدينه حاطم فأعمى الله على هذا خبره وقطع من آثار العلماء أثره، وصاحب الفقه والعقل ذو كآبة وحزن وسهر قد تحنك في برنسه وقام الليل في حندسه يعمل ويخشى وجلا داعيا مشفقا مقبلا على شأنه عارفا بأهل زمانه مستوحشا من أوثق
(1) الكافي: 2 / 299. 124 إخوانه فشد الله من هذا أركانه وأعطاه يوم القيامة أمانه (1). وحدثني به محمد بن محمود أبو عبد الله القزويني، عن عدة من أصحابنا منهم جعفر بن محمد الصيقل بقزوين، عن أحمد بن عيسى العلوي، عن عباد بن صهيب البصري، عن أبي عبد الله (عليه السلام). الحيزوم: وسط الصدر، خب: الخدعة. [122] 3 - الصدوق، عن محمد بن موسى بن المتوكل، عن محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد، عن موسى بن عمر، عن ابن فضال، عمن حدثه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من مشى على الأرض اختيالا لعنته الأرض ومن تحتها ومن فوقها (2). [123] 4 - الصدوق، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن أبيه رفعه قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ويل لمن يختال في الأرض يعارض جبار السماوات والأرض (3). في هذا المجال إن شئت راجع الوسائل: 11 / 285، والمستدرك: 12 / 5.
(1) الكافي: 1 / 49. (2) عقاب الأعمال: 324. (3) عقاب الأعمال: 324. 125 الاختصام [124] 1 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم قال: كان أبو عبد الله (عليه السلام) إذا مر بجماعة يختصمون لا يجوزهم حتى يقول ثلاثا: اتقوا الله، يرفع بها صوته (1). الرواية موثقة. ونقلها الكليني مرة اخرى في الكافي: 5 / 61 ح 4 ونقلها أيضا الشيخ بسنده الموثق في التهذيب: 6 / 180 ح 19.
(1) الكافي: 5 / 59 ح 12. 126 الإخلاص [125] 1 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله (حنيفا مسلما) (1) قال: خالصا مخلصا ليس فيه شيء من عبادة الأوثان (2). الرواية موثقة بل صحيحة. [126] 2 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام): أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه كان يقول: طوبى لمن أخلص لله العبادة والدعاء ولم يشغل قلبه بما ترى عيناه ولم ينس ذكر الله بما تسمع أذناه ولم يحزه صدره بما اعطي غيره (3). [127] 3 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن القاسم بن محمد، عن المنقري، عن سفيان بن عيينة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل (ليبلوكم أيكم أحسن عملا) (4) قال: ليس يعني أكثركم عملا ولكن أصوبكم عملا، وإنما الإصابة خشية الله والنية الصادقة والحسنة. ثم قال: الإبقاء على العمل حتى يخلص أشد من العمل. والعمل الخالص الذي لا تريد أن يحمدك عليه أحد إلا الله عز وجل والنية أفضل من العمل، ألا وإن النية هي العمل، ثم تلا قوله عز وجل (قل كل يعمل على
(1) سورة آل عمران: 67. (2) الكافي: 2 / 15. (3) الكافي: 2 / 16. (4) سورة الملك: 2. 127 شاكلته) (1) يعني على نيته (2). [128] 4 - الصدوق، عن أبيه، عن محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي الكوفي، عن المفضل بن صالح، عن محمد بن علي الحلبي، عن زرارة وحمران، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لو أن عبدا عمل عملا يطلب به وجه الله عز وجل والدار الآخرة فأدخل فيه رضا أحد من الناس كان مشركا، وقال أبو عبد الله (عليه السلام): من عمل للناس كان ثوابه على الناس، إن كل رياء شرك. وقال أبو عبد الله (عليه السلام): قال الله عز وجل: من عمل لي ولغيري فهو لمن عمل له (3). [129] 5 - الصدوق، عن أبيه، عن سعد، عن البرقي، عن البزنطي، عن حماد بن عثمان، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: خطب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الناس بمنى في حجة الوداع في مسجد الخيف فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: نضر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها ثم بلغها إلى من لم يسمعها، فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه. ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم: إخلاص العمل لله، والنصيحة لأئمة المسلمين، واللزوم لجماعتهم، فإن دعوتهم محيطة من ورائهم. المسلمون إخوة تتكافأ دماؤهم يسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم (4). الرواية صحيحة الإسناد. [130] 6 - الصدوق، عن أبي بكر محمد بن أحمد بن الحسين بن يوسف بن زريق البغدادي، عن علي بن محمد بن عيينة مولى الرشيد، عن دارم بن قبيصة بن نهشل بسر من رأى قال: حدثنا الرضا عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
(1) سورة الإسراء: 84. (2) الكافي: 2 / 16. (3) عقاب الأعمال: 289. (4) الخصال: 1 / 72. 128 ما أخلص عبد لله عز وجل أربعين صباحا إلا جرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه (1). [131] 7 - البرقي، عن عثمان بن عيسى، عن علي بن سالم قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: قال الله عز وجل: أنا خير شريك، من أشرك معي غيري في عمله لم أقبله إلا ما كان خالصا (2). [132] 8 - البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن إسماعيل بن يسار قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن ربكم لرحيم يشكر القليل، إن العبد ليصلي الركعتين يريد بها وجه الله فيدخله الله به الجنة (3). [133] 9 - البرقي، عن ابن أبي نجران، عن المفضل بن صالح أبي جميلة، عن جابر الجعفي رفعه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): خرج ثلاث نفر يسيحون في الأرض، فبينا هم يعبدون في كهف في قلة جبل حتى بدت فقال بعضهم لبعض: يا عباد الله والله ما ينجيكم مما وقعتم إلا أن تصدقوا الله، فهلم ما عملتم لله خالصا فإنما ابتليتم بالذنوب، فقال أحدهم: اللهم إن كنت تعلم أني طلبت امرأة لحسنها وجمالها فأعطيت فيها مالا ضخما حتى إذا قدرت عليها وجلست منها مجلس الرجل من المرأة ذكرت النار فقمت عنها فرقا منك، اللهم فادفع عنا هذه الصخرة، فانصدعت حتى نظروا إلى الصدع. ثم قال الآخر: اللهم إن كنت تعلم أني استأجرت قوما يحرثون كل رجل منهم بنصف درهم، فلما فرغوا أعطيتهم أجورهم فقال أحدهم: قد عملت عمل اثنين والله لا آخذ إلا درهما واحدا وترك ماله عندي، فبذرت بذلك النصف الدرهم في
(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 2 / 69 ح 321. (2) المحاسن: 252. (3) المحاسن: 253. 129 الأرض، فأخرج الله من ذلك رزقا، وجاء صاحب النصف الدرهم فأراده فدفعت إلى ثمان عشرة آلاف، فإن كنت تعلم أنما فعلته مخافة منك فادفع عنا هذه الصخرة، قال: فانفجرت عنهم حتى نظر بعضهم إلى بعض. ثم إن الآخر قال: اللهم إن كنت تعلم أن أبي وأمي كانا نائمين فأتيتهما بقعب من لبن فخفت - أن أضعه - أن تمج فيه هامة وكرهت أن أوقظهما من نومهما فيشق ذلك عليهما، فلم أزل كذلك حتى استيقظا وشربا، اللهم إن كنت تعلم أني كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فادفع عنا هذه الصخرة، فانفجرت لهم طريقهم. ثم قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): من صدق الله نجا (1). [134] 10 - ابن فهد الحلي رفعه إلى سيدة النساء فاطمة الزهراء (عليها السلام) إنها قالت: من اصعد إلى الله خالص عبادته أهبط الله عز وجل اليه أفضل مصلحته (2). [135] 11 - صاحب جامع الأخبار رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) انه قال: إن المؤمن ليخشع له كل شيء ويهابه كل شيء. ثم قال: إذا كان مخلصا لله أخاف الله منه كل شيء حتى هوام الأرض وسباعها وطير السماء (3). [136] 12 - ثاني الشهيدين رفعه إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال مخبرا عن جبرئيل عن الله عز وجل أنه قال: الإخلاص سر من أسراري استودعته قلب من أحببت من عبادي (4). إن شئت أكثر من هذا فراجع الكافي: 2 / 15، وبحار الأنوار: 67 / 213، وغيرها من كتب الأخبار.
(1) المحاسن: 253. (2) عدة الداعي: 123، طبع الهند. (3) جامع الأخبار: 268. (4) منية المريد: 133. 130 أخلاق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (1) خلقه وخلقه وسيرته (صلى الله عليه وآله وسلم) مع جلسائه [137] 1 - الحسن بن الفضل الطبرسي قال: برواية الحسن والحسين (عليهما السلام) من كتاب محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني، عن ثقاته، عن الحسن بن علي (عليه السلام) قال: سألت خالي هند بن أبي هالة التميمي (2) وكان وصافا عن حلية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأنا أشتهي أن يصف لي منها شيئا أتعلق به فقال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فخما مفخما يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر، أطول من المربوع وأقصر من المشذب (3)، عظيم الهامة، رجل الشعر (4)، إذا انفرقت عقيصته (5) قرن وإلا فلا يجاوز شعره شحمة أذنيه إذا هو وفرة، أزهر اللون واسع الجبين، أزج الحواجب سوابع (6) في غير قرن، بينهما عرق يدره الغضب، أقنى العرنين (7)، له نور يعلوه يحسبه من لم يتأمله أشم (8)،
(1) كل ما ذكرته في هذا العنوان مأخوذ من كتاب مكارم الأخلاق: 11 - 39. (2) هو أخو فاطمة (عليها السلام) من قبل أمه، وكان رجلا فصيحا، قتل مع علي (عليه السلام) يوم الجمل. (3) المشذب كمعظم: الطويل. (4) أي ليس كثير الجعودة ولا شديد السبوطة، بين الجعودة والاسترسال. (5) العقيصة: الفتيلة من الشعر وفي الشعر كثرته. (6) وفرة كدفعة. أزج الحواجب: أي الدقيق الطويل. السوابع: الاتصال بين الحاجبين. (7) العرنين: الأنف. أقنى العرنين أي محدب الأنف. (8) الشمم: ارتفاع في قصبة الأنف مع استواء أعلاه. 131 كث اللحية (1)، سهل الخدين، أدعج، ضليع الفم (2)، أشنب مفلج الأسنان (3)، دقيق المسربة كأن عنقه جيد دمية (4) في صفاء الفضة، معتدل الخلق بادنا متماسكا، سواء البطن والصدر، عريض الصدر، بعيد ما بين المنكبين، ضخم الكراديس (5)، أنور المتجرد، موصول ما بين اللبة (6) والسرة بشعر يجري كالخط، عاري الثديين والبطن مما سوى ذلك، أشعر الذراعين والمنكبين، أعلى الصدر، طويل الزندين، رحب الراحة، سبط القصب، شثن الكفين والقدمين (7)، سائل الأطراف، خمصان الأخمصين (8)، مسيح القدمين (9)، ينبو عنهما الماء، إذا زال زال قلعا، يخطو تكفئا ويمشي هونا، سريع المشية، إذا مشى كأنما ينحط من صبب، وإذا التفت التفت جميعا، خافض الطرف، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء، جل نظره الملاحظة، يسوق أصحابه ويبدر من لقي بالسلام. قال: قلت له: صف لي منطقه؟ قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) متواصل الأحزان، دائم الفكرة، ليست له راحة، ولا يتكلم في غير حاجة، طويل السكوت، يفتتح الكلام ويختمه بأشداقه (10)،
(1) يعني كثيف الشعر في لحيته. رجل سهل الوجه: قليل لحمه. (2) الدعج: سواد العين. وضليع الفم: واسعه وعظيمه. (3) شنب الرجل فهو أشنب: كان أبيض الأسنان، والمفلجة من الأسنان: المنفرجة. (4) المسربة: الشعر وسط الصدر إلى البطن. والدمية بالضم: الصورة المزينة فيها حمرة كالدم. (5) الكردس: الوثاق المفصل. (6) اللبة: موضع القلادة من الصدر. (7) رحب الراحة: وسيع الكف كناية عن الرجل الكثير العطاء. القصب: كل عظم ذي مخ أي ممتد القصب. شثن الأصابع: غليضها. (8) لم يصب باطن قدمه الأرض. (9) مقدم قدمه ومؤخره مساو. (10) الأشداق: جوانب الفم، والمراد أنه لا يفتح فاه كله، وفي بعض النسخ (بابتدائه). 132 ويتكلم بجوامع الكلم، فصلا لا فضولا ولا قصيرا فيه، دمثا (1) ليس بالجافي ولا بالمهين، يعظم النعمة وإن دقت ولا يذم منها شيئا، ولا يذم ذواقا ولا يمدحه، ولا تغضبه الدنيا وما كان لها إذا تعوطي الحق لم يعرفه أحد، ولم يقم لغضبه شيء حتى ينتصر له، ولا يغضب لنفسه ولا ينتصر لها، إذا أشار أشار بكفه كلها، وإذا تعجب قلبها، وإذا تحدث أشار بها، فضرب براحته اليمنى باطن إبهامه اليسرى، وإذا غضب أعرض وأشاح (2)، وإذا فرح غض من طرفه، جل ضحكه التبسم، ويفتر عن مثل حب الغمام (3). قال الحسن (عليه السلام): فكتمتها الحسين زمانا ثم حدثته فوجدته قد سبقني اليه، فسألته عمن سألته فوجدته قد سأل أباه عن مدخله ومخرجه وشكله فلم يدع منها شيئا. قال الحسين بن علي: سألت أبي عن دخول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: كان دخوله لنفسه مأذونا له في ذلك وكان إذا أوى إلى منزله جزأ دخوله ثلاثة أجزاء، جزءا لله عز وجل، وجزءا لأهله، وجزءا لنفسه، ثم جزأ جزءه بينه وبين الناس، فيرد ذلك على العامة والخاصة ولا يدخر - أو قال: لا يدخر - عنهم شيئا. فكان من سيرته في جزء الأمة إيثار أهل الفضل بإذنه وقسمه على قدر فضلهم في الدين، فمنهم ذو الحاجة، ومنهم ذو الحاجتين، ومنهم ذو الحوائج، فيتشاغل بهم ويشغلهم فيما أصلحهم وأصلح الأمة من مسألته عنهم، وإخبارهم بالذي ينبغي لهم، ويقول: ليبلغ الشاهد الغائب وأبلغوني في حاجة من لا يستطيع إبلاغ حاجته، فانه من أبلغ سلطانا حاجة من لا يستطيع إبلاغها إياه ثبت الله قدميه يوم القيامة، لا يذكر
(1) الدماثة: سهولة الخلق. (2) أشاح: أظهر الغيرة، والشائح الغيور. (3) الغمام: السحاب، والمراد أنه تبسم ويكثر حتى تبدو أسنانه من غير قهقهة. 133 عنده إلا ذلك ولا يقبل من أحد غيره، يدخلون زوارا، ولا يفرقون إلا عن ذواق، ويخرجون أدلة فقهاء. قال: فسألته عن مخرجه كيف كان يصنع فيه؟ قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يخزن لسانه إلا فيما يعنيه، ويؤلفهم ولا يفرقهم - أو قال: ولا ينفرهم - ويكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم، ويحذر الناس الفتن، ويحترس منهم من غير أن يطوي عن أحد بشره ولا خلقه، ويتفقد أصحابه، ويسأل الناس عما في الناس فيحسن الحسن ويقويه ويقبح القبيح ويوهنه، معتدل الأمر غير مختلف، لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يملوا، لكل حال عنده عتاد، لا يقصر عن الحق ولا يجوزه، الذين يلونه من الناس خيارهم، أفضلهم عنده أعمهم نصيحة، وأعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة ومؤازرة. قال: فسألته عن مجلسه؟ فقال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يجلس ولا يقوم إلا على ذكر الله جل اسمه، ولا يوطن الأماكن وينهي عن إبطانها (1)، وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس ويأمر بذلك، يعطي كلا من جلسائه نصيبه، حتى لا يحسب جليسه أن أحدا أكرم عليه منه، من جالسه أو قاومه في حاجة صابره حتى يكون هو المنصرف عنه، ومن سأله حاجة لم يرده إلا بها أو بميسور من القول، قد وسع الناس منه بسطه وخلقه فكان لهم أبا وصاروا عنده في الحق سواء، مجلسه مجلس حلم وحياء وصبر وأمانة، لاترفع فيه الأصواب ولا يوهن فيه الحرم ولا تنثى فلتأته (2)، متعادلون متفاضلون فيه بالتقوى، متواضعون، يوقرون فيه الكبير ويرحمون فيه الصغير، ويؤثرون ذا الحاجة، ويحفظون - أو قال: يحوطون الغريب.
(1) يعني لا يتخذ لنفسه مجلسا يعرف به. (2) نثوته نثوا من باب قتل: أظهرته. والفلتات: الهفوات أو الأمر فجأة. 134 قال: قلت: كيف كانت سيرته مع جلسائه؟ قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بفظ ولا غليظ، ولا صخاب (1) ولا فحاش، ولا عياب ولا مداح، يتغافل عما لا يشتهي، فلا يؤيس منه ولا يخيب فيه مؤمليه، قد ترك نفسه من ثلاث: المراء والإكثار ومما لا يعنيه، وترك الناس من ثلاث: كان لا يذم أحدا ولا يعيره، ولا يطلب عورته، ولا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه، إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير، فإذا سكت تكلموا، ولا يتنازعون عنده الحديث، من تكلم أنصتوا له حتى يفرغ، حديثهم عنده حديث أوليهم، يضحك مما يضحكون منه ويتعجب مما يتعجبون منه، ويصبر للغريب على الجفوة في منطقه ومسألته، حتى ان كان أصحابه ليستجلبونهم (2)، ويقول: إذا رأيتم طالب الحاجة يطلبها فأرفدوه (3) ولا يقبل الثناء إلا عن مكافئ، ولا يقطع على أحد حديثه حتى يجوز فيقطعه بانتهاء أو قيام. قال: قلت: كيف كان سكوته؟ قال: كان سكوت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على أربعة: على الحلم والحذر والتقدير والتفكر. فأما تقديره ففي تسوية النظر والاستماع بين الناس. وأما تفكره ففيما يبقى ويفنى. وجمع له الحلم والصبر، فكان لا يغضبه شيء ولا يستنفره. وجمع له الحذر في أربعة: أخذه بالحسن ليقتدي به، وتركه القبيح لينتهى عنه، واجتهاده فيما أصلح أمته، والقيام فيما جمع لهم خير الدنيا والآخرة.
(1) الصخاب من الصخب وهو شدة الصوت. (2) يعني أنهم يستجلبوا الفقير لئلا يؤذي النبي. (3) الرفادة. الضيافة وورود المدعو على الداعي. والرفد بكسر الراء: الهبة والعطية. 135 تواضعه وحياؤه (صلى الله عليه وآله وسلم) [138] 1 - عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يعود المريض، ويتبع الجنازة، ويجيب دعوة المملوك، ويركب الحمار، وكان يوم خيبر ويوم قريضة والنضير على حمار مخطوم بحبل من ليف تحته إكاف من ليف (1). [139] 2 - عن أنس بن مالك قال: لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكانوا إذا رأوه لم يقوموا إليه لما يعرفون من كراهيته لذلك. [140] 3 - عن ابن عباس قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يجلس على الأرض ويأكل على الأرض ويعتقل الشاة ويجيب دعوة المملوك. [141] 4 - عن أنس بن مالك قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مر على صبيان فسلم عليهم وهو مغذ. [142] 5 - عن أسماء بنت يزيد قالت: إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مر بنسوة فسلم عليهن. [143] 6 - عن ابن مسعود قال: أتى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) رجل يكلمه فأرعد، فقال: هون عليك فلست بملك، إنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القد (2). [144] 7 - عن أبي ذر قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يجلس بين ظهراني أصحابه فيجيء الغريب فلا يدري أيهم هو حتى يسأل، فطلبنا إلى النبي أن يجعل مجلسا يعرفه الغريب إذا أتاه فبنينا له دكانا من طين فكان يجلس عليها ونجلس بجانبه. [145] 8 - سئلت عائشة: ما كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يصنع إذا خلا؟ قالت: يخيط ثوبه ويخصف نعله ويصنع ما يصنع الرجل في أهله. [146] 9 - وعنها: أحب العمل إلى رسول الله الخياطة. [147] 10 - من كتاب النبوة عن أبي عبد الله (عليه السلام) يقول: مرت برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) امرأة
(1) المخطوم: من خطم الحمار بحبل أي جعله على أنفه. والإكاف: برذعة الحمار وجله. (2) القد بالكسر: الشيء المقدود، وبالفتح جلد السخلة، وبالضم: سمك بحري. 136 بذية وهو جالس يأكل، فقالت: يا محمد إنك لتأكل أكل العبد وتجلس جلوسه، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ويحك! وأي عبد أعبد مني، فقالت: أما لي فناولني لقمة من طعامك، فناولها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لقمة من طعامه، فقالت: لا والله إلا التي في فيك، قال: فأخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لقمة من فيه فناولها فأكلتها. قال أبو عبد الله (عليه السلام): فما أصيبت بداء حتى فارقت الدنيا. [148] 11 - عن أنس بن مالك قال: خدمت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تسع سنين فما أعلمه قال لي قط: هلا فعلت كذا وكذا، ولا عاب علي شيئا قط. [149] 12 - عن أنس بن مالك قال: صحبت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عشر سنين وشممت العطر كله فلم أشم نكهة أطيب من نكهته، وكان إذا لقيه أحد من أصحابه قام معه فلم ينصرف حتى يكون الرجل هو الذي ينصرف عنه، وإذا لقيه أحد من أصحابه فتناول بيده ناولها إياه فلم ينزع عنه حتى يكون الرجل هو الذي ينزع عنه، وما أخرج ركبتيه بين يدي جليس له قط، وما قعد إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) رجل قط فقام حتى يقوم. [150] 13 - عن أنس بن مالك قال: إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أدركه أعرابي فأخذ بردائه فجبذه (1) جبذة شديدة حتى نظرت إلى صفحة عنق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد أثرت بها حاشية الرداء من شدة جبذته، ثم قال له: يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك، فالتفت اليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فضحك وأمر له بعطاء. [151] 14 - عن أبي سعيد الخدري يقول: كان رسول الله حييا، لا يسأل شيئا إلا أعطاه. [152] 15 - وعنه قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أشد حياءا من العذراء في خدرها، وكان
(1) جبذه: أي جذبه. 137 إذا كره شيئا عرفناه في وجهه. [153] 16 - عن ابن مسعود قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لا يبلغني أحد منكم عن أصحابي شيئا، فاني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر. شجاعته (صلى الله عليه وآله وسلم) [154] 1 - عن علي (عليه السلام) قال: لقد رأيتني يوم بدر ونحن نلوذ (1) بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو أقربنا إلى العدو وكان من أشد الناس يومئذ بأسا. [155] 2 - وعنه (عليه السلام) قال: كنا إذا احمر البأس ولقي القوم القوم اتقينا برسول الله فيما يكون أحد أقرب إلى العدو منه. [156] 3 - عن أنس بن مالك قال: كان في المدينة فزع فركب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فرسا لأبي طلحة فقال: ما رأينا من شيء وإن وجدناه لبحرا. [157] 4 - وبرواية اخرى عن أنس قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أشجع الناس وأحس الناس وأجود الناس، قال: لقد فزع أهل المدينة ليلة فانطلق الناس قبل الصوت. قال: فتلقاهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد سبقهم وهو يقول: لم تراعوا؟ وهو على فرس لأبي طلحة وفي عنقه السيف قال: فجعل يقول للناس: لم تراعوا وجدناه بحرا أو إنه لبحر. علامة رضاه وغضبه (صلى الله عليه وآله وسلم) [158] 1 - عن ابن عمر قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يعرف رضاه وغضبه في وجهه، كان إذا رضي فكأنما يلاحك الجدر وجهه (2) وإذا غضب خسف لونه واسود. [159] 2 - عن كعب بن مالك قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا سره الأمر استنار وجهه
(1) اللوذ: الاستتار والاحتصان به. ولاذ به: أي استتر والتجأ اليه. (2) لحك بالشيء: شد التيامه وألزقه به، وسيجئ توضيحها في آخر الحديث الخامس. 138 كأنه دارة القمر. [160] 3 - عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا رأى ما يحب قال: الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. [161] 4 - عن عبد الله بن مسعود يقول: شهدت من المقداد مشهدا لأن أكون أنا صاحبه أحب إلي مما في الأرض من شيء، قال: كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا غضب احمر وجهه. [162] 5 - عن ابن عمر قال: كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يعرف رضاه وغضبه في وجهه، كان إذا رضي فكأنما يلاحك الجدر ضوء وجهه وإذا غضب خسف لونه واسود. قال أبو البدر: سمعت أبا الحكم الليثي يقول: هي المرآة توضع في الشمس فيرى ضوؤها على الجدار يعني قوله: يلاحك الجدر. الرفق بأمته (صلى الله عليه وآله وسلم) [163] 1 - عن أنس قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا فقد الرجل من إخوانه ثلاثة أيام سأل عنه فإن كان غائبا دعا له، وإن كان شاهدا زاره، وإن كان مريضا عاده. [164] 2 - عن جابر بن عبد الله قال: غزا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إحدى وعشرين غزوة بنفسه شاهدت منها تسع عشر غزوة وغبت عن اثنتين، فبينا أنا معه في بعض غزواته إذ أعيا ناضحي تحت الليل فبرك، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في أخريات الناس يزجي الضعيف، ويردفه ويدعو لهم، فانتهى إلي وأنا أقول: يا لهف أماه ما زال لنا ناضح سوء (1)، فقال: من هذا؟ فقلت: أنا جابر بأبي وأمي يا رسول الله، قال: وما شأنك؟ قلت: أعيا ناضحي، فقال: أمعك عصا؟ فقلت: نعم، فضربه، ثم بعثه، ثم أناخه ووطئ على ذراعه وقال: اركب، فركبت وسايرته فجعل جملي يسبقه فاستغفر لي تلك الليلة خمسة وعشرين مرة.
(1) نضح الماء: حمله من البئر أو النهر. هذا أصله ثم استعمل في كل بعير وإن لم يحمل الماء. 139 فقال لي: ما ترك عبد الله من الولد؟ - يعني أباه - قلت: سبع نسوة، قال: أبوك عليه دين؟ قلت: نعم، قال: فإذا قدمت المدينة فقاطعهم فإن أبوا فإذا حضر جداد نخلكم (1) فآذني، فقال: هل تزوجت؟ قلت: نعم، قال: بمن؟ قلت: بفلانة بنت فلان بأيم (2) كانت بالمدينة، قال: فهلا فتاة تلاعبها وتلاعبك؟ قلت: يا رسول الله، كن عندي نسوة خرق - يعني أخواته - فكرهت أن آتيهن بامرأة خرقاء، فقلت هذه أجمع لأمري، قال: أصبت ورشدت، فقال: بكم اشتريت جملك؟ فقلت: بخمس أواق من ذهب، قال: بعنيه ولك ظهره إلى المدينة. فلما قدم المدينة أتيته بالجمل، فقال: يا بلال، أعطه خمس أواق من ذهب يستعين بها في دين عبد الله، وزده ثلاثا، ورد عليه جمله، قال: هل قاطعت غرماء عبد الله؟ قلت: لا يا رسول الله، قال: أترك وفاء؟ قلت: لا، قال: [لا عليك] فإذا حضر جداد نخلكم فآذني، فآذنته فجاء فدعا لنا فجددنا واستوفي كل غريم ما كان يطلب تمرا وفاء وبقي لنا ما كنا نجد وأكثر، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ارفعوا ولا تكيلوا، فرفعناه وأكلنا منه زمانا. [165] 3 - عن ابن عباس قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا حدث الحديث أو سئل عن الأمر كرره ثلاثا ليفهم ويفهم عنه. [166] 4 - عن ابن عمر قال: قال رجل: يا رسول الله، فقال: لبيك. [167] 5 - روي عن زيد بن ثابت قال: كنا إذا جلسنا اليه (صلى الله عليه وآله وسلم) إن أخذنا في حديث في ذكر الآخرة أخذ معنا، وإن أخذنا في ذكر الدنيا أخذ معنا، وإن أخذنا في ذكر الطعام والشراب أخذ معنا، فكل هذا أحدثكم عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). [168] 6 - عن أبي الحميساء قال: تابعت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل أن يبعث فواعدته مكانا
(1) أجد النخل: حان وقت جداده، أعني قطعه. (2) أيم وزان كيس: المرأة التي لا زوج لها وهي مع ذلك لا يرغب أحد في تزويجها. 140 فنسيته يومي والغد فأتيته اليوم الثالث، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): يا فتى لقد شققت علي، أنا هاهنا منذ ثلاثة أيام. [169] 7 - عن جرير بن عبد الله أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) دخل بعض بيوته فامتلأ البيت، ودخل جرير فقعد خارج البيت، فأبصره النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فأخذ ثوبه فلفه ورمى به اليه وقال: اجلس على هذا، فأخذه جرير فوضعه على وجهه وقبله. [170] 8 - عن سلمان الفارسي قال: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو متكئ على وسادة فألقاها إلي، ثم قال: يا سلمان ما من مسلم دخل على أخيه المسلم فيلقي له الوسادة إكراما له إلا غفر الله له. جوده (صلى الله عليه وآله وسلم) [171] 1 - عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أجود الناس كفا وأكرمهم عشرة (1) من خالطه فعرفه أحبه. [172] 2 - من كتاب النبوة عن ابن عباس عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: أنا أديب الله وعلي أديبي، أمرني ربي بالسخاء والبر ونهاني عن البخل والجفاء، وما شيء أبغض إلى الله عز وجل من البخل وسوء الخلق، وإنه ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل. [173] 3 - وبرواية اخرى عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه كان إذا وصف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: كان أجود الناس كفا وأجرأ الناس صدرا وأصدق الناس لهجة وأوفاهم ذمة وألينهم عريكة وأكرمهم عشرة، من رآه بديهة هابه، ومن خالطه معرفة أحبه، لم أر قبله ولا بعده مثله (صلى الله عليه وآله وسلم). [174] 4 - عن ابن عمر قال: ما رأيت أحدا أجود ولا أنجد ولا أشجع ولا أوضأ من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
(1) العشرة: بالكسر، وفي بعض النسخ «عشيرة» وهما بمعنى واحد. 141 [175] 5 - عن جابر بن عبد الله قال: لم يكن يسأل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) شيئا قط فيقول: لا. [176] 6 - عن ابن عباس قال: كان المسلمون لا ينظرون إلى أبى سفيان ولا يقاعدونه فقال: يا رسول الله ثلاث أعطنيهن، قال: نعم، قال: عندي أحسن العرب وأجملهم ام حبيبة أزوجكها، قال: نعم، قال: ومعاوية تجعله كاتبا بين يديك، قال: نعم، قال: وتؤمرني حتى أقاتل الكفار كما قاتلت المسلمين، قال: نعم. قال ابن زميل: ولولا أنه طلب ذلك من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ما أعطاه إياه لأنه لم يكن يسأل شيئا قط إلا قال: نعم. [177] 7 - عن عمر قال: إن رجلا أتى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فسأله فقال: ما عندي شيء ولكن ابتع علي فإذا جاءنا شيء قضيناه. قال عمر: فقلت: يا رسول الله ما كلفك الله ما لا تقدر عليه. قال: فكره النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله [ذلك] فقال الرجل: أنفق ولا تخف من ذي العرش إقلالا. قال فتبسم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعرف السرور في وجهه. مزاحه وضحكه (صلى الله عليه وآله وسلم) [178] 1 - روي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يقول: إني لأمزح ولا أقول إلا حقا. [179] 2 - عن ابن عباس أن رجلا سأله: أكان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يمزح؟ فقال: كان النبي يمزح. [180] 3 - عن الحسن بن علي (عليه السلام) قال: سألت خالي هندا عن صفة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: كان إذا غضب أعرض وأشاح، وإذا فرح غض طرفه، جل ضحكه التبسم، يفتر عن مثل حبة الغمام. [181] 4 - عن أنس بن مالك قال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تبسم حتى بدت نواجذه. [182] 5 - عن أبي الدرداء قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا حدث بحديث تبسم في حديثه. [183] 6 - عن يونس الشيباني قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): كيف مداعبة بعضكم
142 بعضا قلت: قليلا، قال: هلا تفعلوا فإن المداعبة من حسن الخلق، وإنك لتدخل بها السرور على أخيك. ولقد كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يداعب الرجل يريد به أن يسره. بكاؤه (صلى الله عليه وآله وسلم) [184] 1 - عن أنس بن مالك قال: رأيت إبراهيم بن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يجود بنفسه، فدمعت عينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون. [185] 2 - عن خالد بن سلمة المخزومي قال: لما أصيب زيد بن حارثة انطلق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى منزله، فلما رأته ابنته جهشت (1) فانتحب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال له بعض أصحابه: ما هذا يا رسول الله؟ قال: هذا شوق الحبيب إلى الحبيب. مشيه (صلى الله عليه وآله وسلم) [186] 1 - عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا مشى تكفأ تكفؤا كأنما يتقلع من صبب (2)، لم أر قبله ولا بعده مثله (صلى الله عليه وآله وسلم). [187] 2 - عن جابر قال: كان رسول الله إذا خرج مشى أصحابه أمامه وتركوا ظهره للملائكة. [188] 3 - عن ابن عباس قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا مشى مشى مشيا يعرف أنه ليس بمشي عاجز ولا بكسلان. [189] 4 - عن أنس قال: كنا إذا أتينا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) جلسنا حلقة. [190] 5 - روي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يدع أحدا يمشي معه إذا كان راكبا حتى يحمله معه فإن أبى قال: تقدم أمامي وأدركني في المكان الذي تريد، ودعاه (صلى الله عليه وآله وسلم) قوم من أهل
(1) جهش اليه: فزع اليه باكيا. (2) تكفأ في مشيته أي مشى الهوينا والصبب الانحدار والمراد نفي التبختر في مشيه (صلى الله عليه وآله وسلم). 143 المدينة إلى طعام صنعوه له، ولأصحاب له خمسة فأجاب دعوتهم، فلما كان في بعض الطريق أدركهم سادس، فماشاهم، فلما دنوا من بيت القوم قال (صلى الله عليه وآله وسلم) للرجل السادس: إن القوم لم يدعوك فاجلس حتى نذكر لهم مكانك ونستأذنهم لك. جمل من أحواله وأخلاقه (صلى الله عليه وآله وسلم) [191] 1 - من كتاب النبوة عن علي (عليه السلام) قال: ما صافح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أحدا قط فنزع يده من يده حتى يكون هو الذي ينزع يده، وما فاوضه أحد قط في حاجة أو حديث فانصرف حتى يكون الرجل هو الذي ينصرف، وما نازعه أحد الحديث فيسكت حتى يكون هو الذي يسكت، وما رئي مقدما رجله بين يدي جليس له قط، ولا خير بين أمرين إلا أخذ بأشدهما، وما انتصر لنفسه من مظلمة حتى ينتهك محارم الله فيكون حينئذ غضبه لله تبارك وتعالى، وما أكل متكئا قط حتى فارق الدنيا، وما سئل شيئا قط فقال لا، وما رد سائل حاجة قط إلا بها أو بميسور من القول، وكان أخف الناس صلاة في تمام، وكان أقصر الناس خطبة وأقلهم هذرا (1) وكان يعرف بالريح الطيب إذا أقبل. وكان إذا أكل مع القوم كان أول من يبدأ وآخر من يرفع يده، وكان إذا أكل أكل مما يليه، فإذا كان الرطب والتمر جالت يده (2) وإذا شرب شرب ثلاثة أنفاس، وكان يمص الماء مصا ولا يعبه عبا (3)، وكان يمينه لطعامه وشرابه وأخذه وإعطائه، فكان لا يأخذ إلا بيمينه، ولا يعطي إلا بيمينه، وكان شماله لما سوى ذلك من بدنه، وكان يحب التيمن في كل أموره: في لبسه وتنعله وترجله، وكان إذا دعا دعا ثلاثا، وإذا تكلم تكلم وترا، وإذا استأذن استأذن ثلاثا.
(1) هذر في منطقه: تكلم بما لا ينبغي. (2) جالت يده: أي أخذت من كل جانب. (3) مص الماء مصا: أي شربه شربا رقيقا مع جذب نفس، بخلاف العب فانه شرب الماء بلا تنفس. 144 وكان كلامه فصلا يتبينه كل من سمعه، وإذا تكلم رئي كالنور يخرج من بين ثناياه، وإذا رأيته قلت: أفلج الثنيتين وليس بأفلج (1)، وكان نظره اللحظ بعينه، وكان لا يكلم أحدا بشيء يكرهه، وكان إذا مشى كأنما ينحط من صبب، وكان يقول: إن خياركم أحسنكم أخلاقا، وكان لا يذم ذواقا ولا يمدحه، ولا يتنازع أصحابه الحديث عنده، وكان المحدث عنه يقول: لم أر بعيني مثله قبله ولا بعده (صلى الله عليه وآله وسلم). [192] 2 - عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا رئي في الليلة الظلماء رئي له نور كأنه شقة قمر. [193] 3 - وعنه (عليه السلام) قال: نزل جبرئيل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: إن الله جل جلاله يقرئك السلام ويقول لك: هذه بطحاء مكة إن شئت أن تكون لك ذهبا، قال: فنظر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى السماء ثلاثا، ثم قال: لا يا رب، ولكن أشبع يوما فأحمدك، وأجوع يوما فأسألك. [194] 4 - وعنه (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يحلب عنز أهله. [195] 5 - وعنه (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لست أدع ركوب الحمار مؤكفا (2) والأكل على الحصير مع العبيد ومناولة السائل بيدي. [196] 6 - عن جابر بن عبد الله قال: كان في رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خصال: لم يكن في طريق فيتبعه أحد إلا عرف أنه قد سلكه من طيب عرقه وريح عرقه، ولم يكن يمر بحجر ولا شجر إلا سجد له. [197] 7 - عن ثابت بن أنس بن مالك قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان أزهر اللون، كأن لونه اللؤلؤ، وإذا مشى تكفأ، وما شممت رائحة مسك ولا عنبر أطيب من رائحته،
(1) الفلج: فرجة بين الثنايا والرباعيات. (2) مؤكفا من اكف الحمار: شد عليه الأكف أي البرذعة وهي جلته. 145 ولا مسست ديباجا ولا حريرا ألين من كف رسول الله، كان أخف الناس صلاة في تمام. [198] 8 - عن جرير بن عبد الله قال: لما بعث النبي أتيته لأبايعه، فقال لي: يا جرير لأي شيء جئت؟ قال: قلت لأسلم على يديك يا رسول الله، فألقى لي كساءه، ثم أقبل على أصحابه فقال: إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه. [199] 9 - عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) واعد رجلا إلى الصخرة فقال: أنا لك هنا حتى تأتي، قال: فاشتدت الشمس عليه، فقال له أصحابه: يا رسول الله لو أنك تحولت إلى الظل، قال: وعدته هاهنا وإن لم يجئ كان منه الجشر (1). [200] 10 - عن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله إنك إذا دخلت الخلاء فخرجت دخلت في أثرك فلم أر شيئا خرج منك غير أني أجد رائحة المسك، قال: يا عائشة إنا معشر الأنبياء بنيت أجسادنا على أرواح أهل الجنة، فما خرج منا من شيء ابتلعته الأرض. [201] 11 - عن ابن عباس قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) دخل عليه عمر وهو على حصير قد أثر في جنبيه، فقال: يا نبي الله لو اتخذت فراشا، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): ما لي وللدنيا وما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف (2) فاستظل تحت شجرة ساعة من نهار ثم راح وتركها. [202] 12 - عن ابن عباس قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) توفي ودرعه مرهونة عند رجل من اليهود على ثلاثين صاعا من شعير أخذها رزقا لعياله. [203] 13 - عن أبي رافع قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: إذا سميتم محمدا فلا
(1) الجشر: الترك. وبالتحريك المال الذي يرعى في مكانه ولا يرجع إلى أهله في الليل. (2) الصائف: الحار، ويقال: «صيف صائف» كما يقال: «ليل لائل». 146 تقبحوه ولا تجبهوه (1) ولا تضربوه، بورك لبيت فيه محمد، ومجلس فيه محمد، ورفقة فيها محمد. جلوسه (صلى الله عليه وآله وسلم) وتعليمه أصحابه آداب الجلوس [204] 1 - وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يؤتى بالصبي الصغير ليدعو له بالبركة، أو يسميه فيأخذه فيضعه في حجره تكرمة لأهله، فربما بال الصبي عليه فيصيح بعض من رآه حين يبول فيقول (صلى الله عليه وآله وسلم) لا تزرموا بالصبي (2)، فيدعه حتى يقضي بوله، ثم يفرغ له من دعائه أو تسميته ويبلغ سرور أهله فيه، ولا يرون أنه يتأذى ببول صبيهم، فإذا انصرفوا غسل ثوبه بعده. [205] 2 - ودخل عليه (صلى الله عليه وآله وسلم) رجل المسجد وهو جالس وحده فتزحزح له (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال الرجل: في المكان سعة يا رسول الله: فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): إن حق المسلم على المسلم إذا رآه يريد الجلوس إليه أن يتزحزح له. [206] 3 - وروي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: من أحب أن يمثل له الرجال فليتبوأ مقعده من النار. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): لا تقوموا كما يقوم الأعاجم بعضهم لبعض، ولا بأس بأن يتخلل عن مكانه. [207] 4 - روي عن أبي عبد الله من كتاب المحاسن قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا دخل منزلا قعد في أدنى المجلس حين يدخل. [208] 5 - وروي عنه (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أكثر ما يجلس تجاه القبلة. [209] 6 - وروي عنه (عليه السلام) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إذا أتى أحدكم مجلسا فليجلس حيث ما انتهى مجلسه.
(1) جبهه الرجل: رده عن حاجته. ضربه على جبهته. (2) زرم البول: انقطع. ولا تزرموا: يعني لا تقطعوا بوله. 147 [210] 7 - وروي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إذا قام أحدكم من مجلسه منصرفا فليسلم فليست الاولى بأولى من الاخرى. [211] 8 - وروي عنه (عليه السلام) أنه قال: إذا قام أحدكم من مجلسه ثم رجع فهو أولى بمكانه. [212] 9 - وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: أعطوا المجالس حقها، قيل: وما حقها؟ قال: غضوا أبصاركم وردوا السلام وأرشدوا الأعمى وأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر. [213] 10 - عن أبي أمامة قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا جلس جلس القرفصاء (1). [214] 11 - من كتاب المحاسن كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يجلس ثلاثا: يجلس القرفصاء وهو أن يقيم ساقيه ويستقلهما بيديه فيشد يده في ذراعيه، وكان يجثو على ركبتيه وكان يثني رجلا واحدا ويبسط عليها الاخرى; ولم ير متربعا قط، وكان يجثو على ركبتيه ولا يتكئ (2). صفة أخلاقه (صلى الله عليه وآله وسلم) في مطعمه [215] 1 - من كتاب مواليد الصادقين كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يأكل كل الأصناف من الطعام، وكان يأكل ما أحل الله له مع أهله وخدمه إذا أكلوا، ومع من يدعوه من المسلمين على الأرض، وعلى ما أكلوا عليه، ومما أكلوا، إلا أن ينزل بهم ضيف فيأكل مع ضيفه، وكان أحب الطعام اليه ما كان على ضفف (3)، ولقد قال ذات يوم وعنده أصحابه: اللهم إنا نسألك من فضلك ورحمتك اللذين لا يملكهما غيرك، فبينما
(1) القرفصاء ممدودا، ومثلثة القاف والفاء: أن يجلس الرجل على أليته، ويلصق فخذين ببطنه: ويحتبي بيديه، ويضعهما على ساقيه، أو يجلس على ركبتيه منكبا، ويلصق بطنه بفخذيه، ويتأبط كفيه. (2) جثا فلان كرمى ودعا: جلس على ركبتيه، أو قام على أطراف الأصابع. (3) الضفف: التناول مع الناس، أو كثرة الأيدي، ومعناه: أنه لم يأكل خبزا ولا لحما وحده. 148 هم كذلك إذ أهدي إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) شاة مشوية فقال: خذوا هذا من فضل الله ونحن ننتظر رحمته، وكان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا وضعت المائدة بين يديه قال: بسم الله اللهم اجعلها نعمة مشكورة نصل بها نعمة الجنة. وكان كثيرا إذا جلس ليأكل يأكل ما بين يديه ويجمع ركبتيه وقدميه كما يجلس المصلي في اثنتين إلا أن الركبة فوق الركبة والقدم على القدم ويقول (صلى الله عليه وآله وسلم): أنا عبد آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد. [216] 2 - عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما أكل رسول الله متكئا منذ بعثه الله عز وجل نبيا حتى قبضه الله اليه متواضعا لله عز وجل، وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا وضع يده في الطعام قال: بسم الله اللهم بارك لنا فيما رزقتنا وعليك خلفه. [217] 3 - عن الصادق عن آبائه (عليهم السلام): أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان إذا أفطر قال: اللهم لك صمنا وعلى رزقك أفطرنا فتقبله منا، ذهب الظمأ وابتلت العروق وبقي الأجر. [218] 4 - وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أكل عند قوم قال: أفطر عندكم الصائمون وأكل طعامكم الأبرار. [219] 5 - وقال: دعوة الصائم تستجاب عند إفطاره. [220] 6 - وقد جاءت الرواية: أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يفطر على التمر، وكان إذا وجد السكر أفطر عليه. [221] 7 - عن الصادق (عليه السلام) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يفطر على الحلو فإذا لم يجده يفطر على الماء الفاتر، وكان يقول: إنه ينقي الكبد والمعدة ويطيب النكهة والفم ويقوي الأضراس والحدق ويحد الناظر ويغسل الذنوب غسلا ويسكن العروق الهائجة والمرة (1) الغالبة ويقطع البلغم ويطفي الحرارة عن المعدة ويذهب بالصداع. [222] 8 - وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يأكل الحار حتى يبرد ويقول: إن الله لا يطعمنا نارا، إن الطعام
(1) فتر الماء: سكن حره. النكهة: ريح الفم. الأضراس جمع ضرس: الأسنان والسن. النقاء: النظافة. وأحداق وحداق جمع حدقة محركة: سواد العين. المرة: خلط من أخلاط البدن غير الدم والجمع مرار. 149 الحار غير ذي بركة فأبردوه. [223] 9 - وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أكل سمى ويأكل بثلاث أصابع ومما يليه ولا يتناول من بين يدي غيره، ويؤتى بالطعام فيشرع قبل القوم ثم يشرعون. وكان يأكل بأصابعه الثلاث الإبهام والتي تليها والوسطى وربما استعان بالرابعة، وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يأكل بكفه كلها ولم يأكل بإصبعين ويقول: إن الأكل بإصبعين هو أكلة الشيطان. [224] 10 - ولقد جاءه بعض أصحابه يوما بالفالوذج فأكل منه وقال: مم هذا يا أبا عبد الله؟ فقال: بأبي أنت وأمي نجعل السمن والعسل في البرمة (1) ونضعها على النار ثم نقليه ثم نأخذ مخ الحنطة إذا طحنت فنلقيه على السمن والعسل ثم نسوطه حتى ينضج (2) فيأتي كما ترى، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): إن هذا الطعام طيب. [225] 11 - ولقد كان يأكل الشعير غير منخول خبزا أو عصيدة في حالة كل ذلك كان يأكله (صلى الله عليه وآله وسلم). [226] 12 - ومن كتاب روضة الواعظين قال العيص بن القاسم: قلت للصادق (عليه السلام): حديث يروى عن أبيك أنه قال: ما شبع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من خبز بر قط، أهو صحيح؟ فقال: لا، ما أكل رسول الله خبز بر قط ولا شبع من خبز شعير قط. [227] 13 - وقالت عائشة: ما شبع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من خبز الشعير يومين حتى مات. [228] 14 - وروي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يأكل على خوان قط حتى مات ولا أكل خبزا مرققا (3) حتى مات. [229] 15 - وقالت عائشة: ما زالت الدنيا علينا عسرة كدرة حتى قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فلما قبض صبت الدنيا علينا صبا.
(1) البرمة كغرفة: قدر من الحجر. (2) السوط: الخلط. ونضج اللحم: استوى وطاب أكله. (3) يقال: خبز رقاق بالضم: أي رقيق خلاف الغليظ. 150 [230] 16 - ومن كتاب النبوة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما زال طعام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الشعير حتى قبضه الله اليه. [231] 17 - عن أنس قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يجيب دعوة المملوك ويردفه خلفه ويضع طعامه على الأرض، وكان يأكل القثاء بالرطب والقثاء بالملح، وكان يأكل الفاكهة الرطبة، وكان أحبها اليه البطيخ والعنب، وكان يأكل البطيخ بالخبز وربما أكل بالسكر. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) ربما أكل البطيخ بالرطب، ويستعين باليدين جميعا. ولقد جلس يوما يأكل رطبا فأكل بيمينه وأمسك النوى بيساره ولم يلقه في الأرض، فمرت به شاة قريبة منه فأشار إليها بالنوى الذي في كفه فدنت إليه وجعلت تأكل من كفه اليسرى ويأكل هو بيمينه ويلقي إليها النوى حتى فرغ وانصرفت الشاة حينئذ. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا كان صائما يفطر على الرطب في زمانه وكان ربما أكل العنب حبة حبة، وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) ربما أكل خرطا حتى يرى رواله على لحيته كتحدر اللؤلؤ (1). والروال الماء الذي يخرج من تحت القشر. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يأكل الحيس (2)، وكان يأكل التمر ويشرب عليه الماء، وكان التمر والماء أكثر طعامه. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يتمجع (3) باللبن والتمر ويسميهما الأطيبين، وكان يأكل العصيدة من الشعير باهالة الشحم (4) وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يأكل الهريسة أكثر ما يأكل ويتسحر بها، وكان جبرئيل قد جاءه بها من الجنة فتسحر بها، وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يأكل في بيته مما يأكل الناس.
(1) خرط العنقود: وضعه في فمه وأخرج عمشوشه عاريا. (2) الحيس: طعام مركب من تمر وسمن وأقط، وربما جعل معه سويق. (3) التمجع. أكل التمر اليابس باللبن معا أو أكل التمر وشرب عليه اللبن. (4) العصيدة: طعام من الشعير باهالة الشحم. والإهالة: شحم المذاب أو دهن يؤتدم به. 151 وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يأكل اللحم طبيخا بالخبز ويأكله مشويا بالخبز، وكان يأكل القديد وحده وربما أكله بالخبز، وكان أحب الطعام اليه اللحم ويقول: هو يزيد في السمع والبصر. وكان يقول (صلى الله عليه وآله وسلم): اللحم سيد الطعام في الدنيا والآخرة، ولو سألت ربي أن يطعمنيه كل يوم لفعل. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يأكل الثريد باللحم والقرع (1) ويقول: إنها شجرة أخي يونس. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يعجبه الدباء ويلتقطه من الصحفة (2). وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يأكل الدجاج ولحم الوحش ولحم الطير الذي يصاد، وكان لا يبتاعه ولا يصيده، ويحب أن يصاد له ويؤتى به مصنوعا فيأكله أو غير مصنوع فيصنع له فيأكله. وكان إذا أكل اللحم لم يطأطئ رأسه اليه ويرفعه إلى فيه ثم ينتهشه انتهاشا (3). وكان يأكل الخبز والسمن. وكان يحب من الشاة الذراع والكتف، ومن الصباغ (4) الخل ومن البقول الهندباء والباذروج (5) وبقلة الأنصار ويقال إنها الكرنب (6). وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يأكل الثوم ولا البصل ولا الكراث ولا العسل الذي فيه المغافير وهو ما يبقى من الشجر في بطون النحل فيلقيه في العسل فيبقى ريح في الفم. وما ذم رسول الله طعاما قط، كان إذا أعجبه أكله وإذا كرهه تركه. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا عاف شيئا فانه لا يحرمه على غيره ولا يبغضه اليه. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يلحس الصحفة ويقول: آخر الصحفة أعظم الطعام بركة، وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا فرغ من طعامه لعق أصابعه
(1) القرع: نوع من اليقطين ويقال أيضا: الدباء، والقديد: اللحم المقدد. (2) الصحفة: قصعة كبيرة منبسطة تشبع الخمسة، أو مناقع صغيرة للماء. (3) ينتهشه انتهاشا: الأخذ بمقدم الأسنان للأكل. وقيل: النهس بالمهملة. (4) الصبغ بالكسر: ما يصطبغ به من الادام والزيت لأن الخبز يغمس فيه. (5) باذروج: نبات يؤكل، وهو نوع من الريحان الجبلي. (6) نبات بستاني أحلى وأغض من القنبيط. 152 الثلاث التي أكل، بها فإن بقي فيها شيء عاوده فلعقها حتى تتنظف، ولا يمسح يده بالمنديل حتى يلعق أصابعه واحدة واحدة ويقول: إنه لا يدري في أي الأصابع البركة. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يأكل البرد ويتفقد ذلك أصحابه فيلتقطونه له فيأكله ويقول إنه يذهب بأكلة الأسنان (1). وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يغسل يديه من الطعام حتى ينقيهما فلا يوجد لما أكل ريح. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أكل الخبز واللحم خاصة غسل يديه غسلا جيدا، ثم مسح بفضل الماء الذي في يده وجهه. وكان لا يأكل وحده ما يمكنه وقال: ألا أنبئكم بشراركم؟ قالوا: بلى، قال: من أكل وحده وضرب عبده ومنع رفده (2). صفة أخلاقه (صلى الله عليه وآله وسلم) في مشربه [232] 1 - وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا شرب بدأ فسمى وحسا حسوة وحسوتين (3) ثم يقطع فيحمد الله ثم يعود فيسمي، ثم يزيد في الثالثة، ثم يقطع فيحمد الله، فكان له في شربه ثلاث تسميات وثلاث تحميدات، ويمص الماء مصا ولا يعبه عبا، ويقول (صلى الله عليه وآله وسلم): إن الكباد من العب (4). وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يتنفس في الإناء إذا شرب، فإن أراد أن يتنفس أبعد الإناء عن فيه حتى يتنفس. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) ربما شرب بنفس واحد حتى يفرغ. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يشرب في أقداح القوارير التي يؤتى بها من الشام، ويشرب في الأقداح التي يتخذ من الخشب، وفي الجلود، ويشرب في الخزف، ويشرب بكفيه، يصب فيهما الماء ويشرب ويقول:
(1) أكل وتأكل السن، صار منخورا وسقط. (2) الرفد: الضيف. (3) الحسوة بالضم والفتح: الجرعة، وحسا حسوا: شرب منه شيئا بعد شيء. (4) الكباد بالضم: وجع الكبد. 153 ليس إناء أطيب من الكف ويشرب من أفواه القرب والأداوي (1) ولا يختنثها اختناثا ويقول: إن اختناثها (2) ينتنها. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يشرب قائما وربما يشرب راكبا وربما قام فشرب من القربة أو الجرة (3) أو الإداوة وفي كل إناء يجده، وفي يديه. وكان يشرب الماء الذي حلب عليه اللبن ويشرب السويق. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) أحب الأشربة اليه الحلو، وفي رواية: أحب الشراب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الحلو البارد. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يشرب الماء على العسل. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يماث له الخبز فيشربه أيضا. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: سيد الأشربة في الدنيا والآخرة الماء. وقال أنس بن مالك: كانت لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) شربة يفطر عليها وشربة للسحر وربما كانت واحدة وربما كانت لبنا وربما كانت الشربة خبزا يماث، فهيأتها له (صلى الله عليه وآله وسلم) ذات ليلة فاحتبس النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فظننت أن بعض أصحابه دعاه فشربتها حين احتبس، فجاء (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد العشاء بساعة، فسألت بعض من كان معه: هل كان النبي أفطر في مكان أو دعاه أحد؟ فقال: لا، فبت بليلة لا يعلمها إلا الله خوف أن يطلبها مني النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا يجدها، فيبيت جائعا فأصبح صائما وما سألني عنها ولا ذكرها حتى الساعة. ولقد قرب اليه إناء فيه لبن وابن عباس عن يمينه وخالد بن الوليد عن يساره، فشرب ثم قال لعبد الله بن عباس: إن الشربة لك أفتأذن أن اعطي خالد بن الوليد - يريد الأسن -؟ فقال ابن عباس: لا والله لا أوثر بفضل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أحدا، فتناول ابن عباس القدح فشربه.
(1) أداوي جمع أدواة: المطهرة، وهي إناء صغير من جلد يتطهر ويشرب. (2) الاختناث من خنث السقاء: كسر فمه وثناه إلى الخارج. (3) الجرة، المرة من الجر: إناء من خزف له بطن كبير وعروتان وفم واسع. 154 ولقد جاءه (صلى الله عليه وآله وسلم) ابن خولي بإناء فيه عسل ولبن فأبى أن يشربه فقال: شربتان في شربة وإناءان في إناء واحد، فأبى أن يشربه. ثم قال: ما أحرمه ولكني أكره الفخر والحساب بفضول الدنيا غدا وأحب التواضع، فإن من تواضع لله رفعه الله. غسل رأسه (صلى الله عليه وآله وسلم) [233] 1 - وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا غسل رأسه ولحيته غسلهما بالسدر. دهنه (صلى الله عليه وآله وسلم) [234] 1 - وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يحب الدهن ويكره الشعث (1) ويقول: إن الدهن يذهب بالبؤس. وكان يدهن بأصناف من الدهن. وكان إذا ادهن بدأ برأسه ولحيته ويقول: إن الرأس قبل اللحية. وكان يدهن بالبنفسج ويقول: هو أفضل الأدهان. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا ادهن بدأ بحاجبيه ثم بشاربيه ثم يدخله في أنفه ويشمه ثم يدهن رأسه. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يدهن حاجبيه من الصداع ويدهن شاربيه بدهن سوى دهن لحيته. تسريحه (صلى الله عليه وآله وسلم) [235] 1 - وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يتمشط ويرجل رأسه بالمدرى (2) وترجله نساؤه وتتفقد نساؤه تسريحه إذا سرح رأسه ولحيته فيأخذن المشاطة، فيقال: إن الشعر الذي في أيدي الناس من تلك المشاطات، فأما ما حلق في عمرته وحجته فإن جبريل (عليه السلام) كان ينزل فيأخذه فيعرج به إلى السماء. ولربما سرح لحيته في اليوم مرتين. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يضع
(1) الشعث: تلبد الشعر، ومنه رجل أشعث وامرأة شعثاء، وأصله الانتشار والتفرق. (2) المدرى: نوع من المشط، يقال درى الرأس: حكه بالمدرى. 155 المشط تحت وسادته إذا تمشط به ويقول: إن المشط يذهب بالوباء. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يسرح تحت لحيته أربعين مرة ومن فوقها سبع مرات ويقول: إنه يزيد في الذهن ويقطع البلغم. [236] 2 - وفي رواية عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: من أمر المشط على رأسه ولحيته وصدره سبع مرات لم يقاربه داء أبدا. طيبه (صلى الله عليه وآله وسلم) [237] 1 - وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يتطيب بالمسك حتى يرى وبيصه في مفرقه (1). وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يتطيب بذكور الطيب (2) وهو المسك والعنبر. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يطيب بالغالية تطيبه بها نساؤه بأيديهن. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يستجمر بالعود القماري (3) وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يعرف في الليلة المظلمة قبل أن يرى بالطيب. فيقال: هذا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). [238] 2 - عن الصادق (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ينفق على الطيب أكثر ما ينفق على الطعام. [239] 3 - وقال الباقر (عليه السلام): كان في رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثلاث خصال لم تكن في أحد غيره: لم يكن له فيء. وكان لا يمر في طريق فيمر فيه أحد بعد يومين أو ثلاثة إلا عرف أنه قد مر فيه لطيب عرفه. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يمر بحجر ولا بشجر إلا سجد له. [240] 4 - وكان لا يعرض عليه طيب إلا تطيب به ويقول: هو طيب ريحه خفيف حمله، وإن لم يتطيب وضع إصبعه في ذلك الطيب ثم لعق منه. [241] 5 - وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: جعل الله لذتي في النساء والطيب، وجعل قرة عيني في الصلاة والصوم.
(1) وبيصه: من وبص وبصا: لمع وبرق. والمفرق: موضع افتراق الشعر كالفرق. (2) الذكارة والذكورة: ما يصلح للرجل. وهو ما لا لون له كالمسك والعنبر والعود. (3) القماري بالفتح: نوع من عود منسوب إلى القمار، وهو موضع. 156 تكحله (صلى الله عليه وآله وسلم) [242] 1 - وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يكتحل في عينه اليمنى ثلاثا وفي اليسرى اثنتين. وقال: من شاء اكتحل ثلاثا وكل حين، ومن فعل دون ذلك أو فوقه فلا حرج. وربما اكتحل وهو صائم. وكانت له مكحلة يكتحل بها بالليل. وكان كحله الإثمد. نظره (صلى الله عليه وآله وسلم) في المرآة [243] 1 - وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) ينظر في المرآة ويرجل جمته (1) ويتمشط. وربما نظر في الماء وسوى جمته فيه. ولقد كان يتجمل لأصحابه فضلا عن تجمله لأهله. وقال ذلك لعائشة حين رأته ينظر في ركوة (2) فيها ماء في حجرتها ويسوي فيها جمته وهو يخرج إلى أصحابه، فقالت: بأبي أنت وأمي تتمرأ (3) في الركوة وتسوي جمتك وأنت النبي وخير خلقه؟! فقال: إن الله يحب من عبده إذا خرج إلى إخوانه أن يتهيأ لهم ويتجمل. إطلاؤه (صلى الله عليه وآله وسلم) [244] 1 - وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يطلي فيطليه من يطليه حتى إذا بلغ ما تحت الإزار تولاه بنفسه. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يفارقه في أسفاره قارورة الدهن والمكحلة والمقراض والمسواك والمشط. وفي رواية: يكون معه الخيوط والإبرة والمخصف والسيور فيخيط ثيابه ويخصف نعله. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا استاك استاك عرضا (4).
(1) الجمة بالضم: مجتمع شعر الرأس. (2) الركوة: إناء صغير من جلد يشرب فيه الماء. (3) من الرؤية والميم زائدة، أي تنظر. (4) استاك استياكا: أي تدلك بالمسواك. 157 لباسه (صلى الله عليه وآله وسلم) [245] 1 - وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يلبس الشملة ويأتزر بها ويلبس النمرة ويأتزر بها أيضا (1) فتحسن عليه النمرة لسوادها على بياض ما يبدو من ساقيه وقدميه. [246] 2 - وقيل: لقد قبضه الله جل وعلا وأن له لنمرة تنسج في بني عبد الأشهل ليلبسها (صلى الله عليه وآله وسلم). [247] 3 - وربما كان يصلي بالناس وهو لابس الشملة. [248] 4 - وقال أنس: ربما رأيته (صلى الله عليه وآله وسلم) يصلي بنا الظهر في شملة عاقدا طرفيها بين كتفيه. عمامته وقلنسوته (صلى الله عليه وآله وسلم) [249] 1 - وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يلبس القلانس تحت العمائم ويلبس القلانس بغير العمائم، والعمائم بغير القلانس. [250] 2 - وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يلبس البرطلة (2) وكان يلبس من القلانس اليمنية ومن البيض (3) المصرية ويلبس القلانس ذوات الآذان في الحرب ومنها ما يكون من السيجان (4) الخضر. وكان ربما نزع قلنسوته فجعلها ستره بين يديه يصلي إليها. [251] 3 - وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) كثيرا ما يتعمم بعمائم الخز السود في أسفاره وغيرها ويعتجر إعتجارا (5)، وربما لم تكن له العمامة فيشد العصابة على رأسه أو على جبهته وكان شد
(1) الشملة: كساء دون القطيفة يشتمل به. والنمرة بالفتح والكسر: شملة أو بردة من صوف فيها خطوط بيض وسود. (2) البرطلة: قلنسوة طويلة. وفي بعض النسخ «البرطل». (3) البيض: الخوذة، وهو من آلات الحرب لوقاية الرأس. (4) السيجان جمع الساج: الطيلسان الواسع المدور. (5) اعتجر: لف عمامته. والاعتجار: لبس العمامة دون التلحي وهو أن يلفها على رأسه ويرد طرفها على وجهه، ولا يعمل منها شيئا تحت ذقنه. 158 العصابة من فعاله كثيرا ما يرى عليه. [252] 4 - وكانت له (صلى الله عليه وآله وسلم) عمامة يعتم بها يقال لها: السحاب، فكساها عليا (عليه السلام) وكان ربما طلع علي فيها فيقول: أتاكم علي تحت السحاب يعني عمامته التي وهبها له. [253] 5 - وقالت عائشة: ولقد لبس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جبة صوف وعمامة صوف ثم خرج فخطب الناس على المنبر، فما رأيت شيئا مما خلق الله تعالى أحسن منه فيها. كيفية لبسه (صلى الله عليه وآله وسلم) [254] 1 - وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا لبس ثوبا جديدا قال: «الحمد لله الذي كساني ما يواري عورتي وأتجمل به في الناس». وكان إذا نزعه نزع من مياسره أولا. [255] 2 - وكان من أفعاله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا لبس الثوب الجديد حمد الله ثم يدعو مسكينا فيعطيه القديم ثم يقول: ما من مسلم يكسو مسلما من شمل ثيابه إلا يكسوه الله عز وجل إلا كان في ضمان الله عز وجل وحرزه وخيره وأمانه، حيا وميتا. [256] 3 - وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا لبس ثيابه واستوى قائما قبل أن يخرج قال: «اللهم بك استترت وإليك توجهت وبك اعتصمت وعليك توكلت، اللهم أنت ثقتي وأنت رجائي، اللهم اكفني ما أهمني وما لا أهمني وما لا أهتم به وما أنت أعلم به مني عز جارك وجل ثناؤك ولا اله غيرك، اللهم زودني التقوى واغفر لي ذنبي ووجهني للخير حيثما توجهت» ثم يندفع لحاجته. [257] 4 - وكان له (صلى الله عليه وآله وسلم) ثوبان للجمعة خاصة سوى ثيابه في غير الجمعة. [258] 5 - وكانت له (صلى الله عليه وآله وسلم) خرقة ومنديل يمسح به وجهه من الوضوء، وربما لم يكن معه المنديل فيمسح وجهه بطرف الرداء الذي يكون عليه.
159 خاتمه (صلى الله عليه وآله وسلم) [259] 1 - وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) لبس خاتما من فضة وكان فصه حبشيا فجعل الفص مما يلي بطن الكف. ولبس خاتما من حديد ملويا عليه فضة أهداها له معاذ بن جبل فيه: محمد رسول الله، ولبس خاتمه في يده اليمنى ثم نقله إلى شماله، وكان خاتمه الآخر الذي قبض وهو في يده خاتم فضة فصه فضة ظاهرا كما يلبس الناس خواتيمهم وفيه: محمد رسول الله. وكان يستنجئ بيساره وهو فيها. ويروى أنه لم يزل كان في يمينه إلى أن قبض. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) ربما جعل خاتمه في إصبعه الوسطى في المفصل الثاني منها. وربما لبسه كذلك في الإصبع التي تلي الإبهام. وكان ربما خرج على أصحابه وفي خاتمه خيط مربوط ليستذكر به الشيء. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يختم بخواتيمه على الكتب ويقول: الخاتم على الكتاب حرز من التهمة. نعله (صلى الله عليه وآله وسلم) [260] 1 - وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يلبس النعلين بقبالين (1) وكانت مخصرة معقبة حسنة التخصير مما يلي مقدم العقب مستوية ليست بملسنة (2) وكان منها ما يكون في موضع الشيء الخارج قليلا. وكان كثيرا ما يلبس السبتية (3) التي ليس لها شعر. وكان إذا لبس بدأ باليمنى وإذا خلع بدأ باليسرى. وكان يأمر بلبس النعلين جميعا وتركها جميعا كراهة أن يلبس واحدة دون الاخرى. وكان يلبس من الخفاف من كل ضرب.
(1) القبال بالكسر: زمام النعل. (2) مخصرة: أي مستدقة الوسط، وكانت نعله مخصرة أي لها دقة في الوسط. وكانت معقبة: أي جعل لها العقب. غير ملسنة: أي ما جعلت شبيهة باللسان في دقة مقدمه. (3) السبت: الجلد المدبوغ. 160 فراشه (صلى الله عليه وآله وسلم) [261] 1 - وكان فراشه (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي قبض وهو عنده من أشمال وادي القرى محشوا وبرا، وقيل: كان طوله ذراعين أو نحوهما وعرضه ذراع وشبر. [262] 2 - عن علي (عليه السلام): كان فراش رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عباءة، وكانت مرفقته (1) أدم حشوها ليف. فثنيت ذات ليلة، فلما أصبح قال: لقد منعني الليلة الفراش الصلاة فأمر (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يجعل له بطاق واحد. وكان له (صلى الله عليه وآله وسلم) فراش من أدم حشوه ليف، وكانت له عباءة تفرش له حيثما انتقل وتثنى ثنتين. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) كثيرا ما يتوسد وسادة له من أدم حشوها ليف ويجلس عليها. وكانت له قطيفة فدكية يلبسها يتخشع بها، وكانت له قطيفة مصرية قصيرة الخمل (2)، وكان له بساط من شعر يجلس عليه وربما صلى عليه. نومه (صلى الله عليه وآله وسلم) [263] 1 - وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) ينام على الحصير ليس تحته شيء غيره. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يستاك إذا أراد أن ينام ويأخذ مضجعه. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أوى إلى فراشه اضطجع على شقه الأيمن ووضع يده اليمنى تحت خده الأيمن، ثم يقول: اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك. دعاؤه عند مضجعه (صلى الله عليه وآله وسلم) [264] 1 - وكان له أصناف من الدعوات يدعو بها إذا أخذ مضجعه، فمنها أنه كان يقول: «اللهم إني أعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بك منك، اللهم إني لا أستطيع أن أبلغ في الثناء عليك ولو حرصت أنت كما أثنيت على نفسك». وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول عند منامه: «بسم الله أموت وأحيا وإلى الله المصير، اللهم آمن روعتي واستر عورتي وأد عني أمانتي».
(1) المرفقة: المخدة. (2) الخمل بالفتح: ما يكون كالزغب على القطيفة والثوب ونحوهما وهو من أصل النسيج. 161 ما يقول عند نومه (صلى الله عليه وآله وسلم) [265] 1 - كان يقرأ آية الكرسي عند منامه ويقول: أتاني جبرئيل فقال: يا محمد إن عفريتا من الجن يكيدك في منامك فعليك بآية الكرسي. ما يقول عند استيقاظه (صلى الله عليه وآله وسلم) [266] 1 - عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: ما استيقظ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من نوم إلا خر لله ساجدا. [267] 2 - وروي أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) كان لا ينام إلا والسواك عند رأسه، فإذا نهض بدأ بالسواك. [268] 3 - وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): لقد أمرت بالسواك حتى خشيت أن يكتب علي. [269] 4 - وكان مما يقول: «اللهم إني أسألك خير هذا اليوم ونوره وهداه وبركته وطهوره ومعافاته، اللهم إني أسألك خيره وخير ما فيه وأعوذ بك من شره وشر ما بعده». سواكه (صلى الله عليه وآله وسلم) [270] 1 - وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يستاك كل ليلة ثلاث مرات: مرة قبل نومه ومرة إذا قام من نومه إلى ورده، ومرة قبل خروجه إلى صلاة الصبح. وكان يستاك بالأراك، أمره بذلك جبرئيل (عليه السلام). [271] 2 - عن الصادق (عليه السلام) قال: إني لأكره للرجل أن يموت وقد بقيت عليه خلة من خلال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يأت بها.
162 الأخوة فضل المؤاخاة في الله وعلتها [272] 1 - البرقي، عن أبيه، عن فضالة، عن عمر بن أبان الكليني، عن جابر الجعفي قال: تنفست بين يدي أبي جعفر (عليه السلام) ثم قلت: يا ابن رسول الله: أهتم من غير مصيبة تصيبني أو أمر نزل بي حتى تعرف ذلك أهلي في وجهي ويعرفه صديقي، قال: نعم يا جابر، قلت: مم ذاك يا ابن رسول الله؟ قال: وما تصنع بذاك؟ قلت: أحب أن أعلمه فقال: يا جابر إن الله خلق المؤمنين من طينة الجنان وأجرى فيهم من ريح روحه، فلذلك المؤمن أخو المؤمن لأبيه وأمه، فإذا أصاب تلك الأرواح في بلد من البلدان شيء حزنت عليه الأرواح لأنها منه (1). الرواية صحيحة ونقلها الكليني بسنده الصحيح في الكافي: 2 / 166. [273] 2 - الصدوق، عن محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن محمد، عن محفوظ بن خالد، عن محمد بن زيد قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يقول: من استفاد أخا في الله عز وجل استفاد بيتا في الجنة (2). [274] 3 - المفيد رفعه إلى الصادق (عليه السلام) أنه قال: المؤمن أخ المؤمن كالجسد الواحد إن اشتكى شيئا وجد ألم ذلك في سائر جسده، وإن روحهما من روح الله وإن روح المؤمن لأشد اتصالا بروح الله من اتصال شعاع الشمس بها (3).
(1) المحاسن: 133. (2) ثواب الأعمال: 182. (3) الاختصاص: 32. 163 نقلها الكليني بسنده الصحيح في الكافي: 2 / 166. [275] 4 - الطوسي، عن المفيد في شهر رمضان سنة تسع وأربعمائة، عن الصيرفي بن زيات، عن الإسكافي، عن جعفر بن محمد بن مالك، عن أحمد بن سلامة الغنوي، عن محمد بن الحسين العامري، عن أبي معمر، عن أبي بكر بن عياش، عن الفجيع العقيلي قال: حدثني الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) قال: لما حضرت والدي الوفاة أقبل يوصي فقال:... وآخ الاخوان في الله وأحب الصالح لصلاحه ودار الفاسق عن دينك وابغضه بقلبك وزايله بأعمالك... (1). [276] 5 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: أعجز الناس من عجز عن اكتساب الإخوان، وأعجز منه من ضيع من ظفر به منهم (2). حفظ الأخوة [277] 1 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: المؤمن أخو المؤمن عينه ودليله لا يخونه ولا يظلمه ولا يغشه ولا يعده عدة فيخلفه (3). الرواية صحيحة وقد ذكرها الكليني بسند آخر صحيح إلى علي بن عقبه مثله في الكافي: 2 / 167. [278] 2 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) ودخل عليه رجل فقال لي: تحبه؟ فقلت: نعم، فقال لي: ولم لا تحبه وهو أخوك وشريكك في دينك وعونك على عدوك ورزقه
(1) أمالي الطوسي: المجلس الأول ح 8 / 8 الرقم 8. (2) نهج البلاغة: الحكمة 12. (3) الكافي: 2 / 166. 164 على غيرك (1). الرواية صحيحة. [279] 3 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعا، عن حماد بن عيسى، عن ربعي، عن فضيل بن يسار قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله [ولا يغتابه ولا يخونه ولا يحرمه]. قال ربعي: فسألني رجل من أصحابنا بالمدينة فقال: سمعت فضيل يقول ذلك؟ قال: فقلت له: نعم، فقال: فإني سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يغشه ولا يخذله ولا يغتابه ولا يخونه ولا يحرمه (2). الرواية صحيحة. [280] 4 - الكراجكي قال: وروي أن داود قال لابنه سليمان (عليهما السلام): يا بني لا تستبدلن بأخ قديم أخا مستفادا ما استقام لك، ولا تستقلن أن يكون لك عدو واحد، ولا تستكثرن أن يكون لك ألف صديق (3). [281] 5 - الراوندي باسناده عن موسى بن جعفر عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (عليه السلام): لا تقطع أوداء أبيك فيطفى نورك (4). وان شئت أكثر من هذا فراجع الكافي: 2 / 165، وبحار الأنوار: 71 / 264. الإخوان صنفان [282] 1 - الصدوق، عن أبيه، عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد، عن عبد الله بن أحمد الرازي، عن بكر بن صالح، عن إسماعيل بن مهران، عن محمد بن حفص،
(1) الكافي: 2 / 166. (2) الكافي: 2 / 167. (3) كنز الفوائد: 1 / 98 طبع بيروت. (4) النوادر: 10. 165 عن يعقوب بن بشير، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قام إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) رجل بالبصرة فقال: يا أمير المؤمنين أخبرنا عن الإخوان؟ قال: الإخوان صنفان: إخوان الثقة وإخوان المكاشرة، فأما إخوان الثقة فهم الكف والجناح والأهل والمال، فإذا كنت من أخيك على حد الثقة فابذل له مالك وبدنك وصاف من صافاه وعاد من عاداه واكتم سره وعيبه وأظهر منه الحسن، واعلم أيها السائل أنهما أقل من الكبريت الأحمر. وأما إخوان المكاشرة فإنك تصيب منهم لذتك، فلا تقطعن ذلك منهم، ولا تطلبن ما وراء ذلك من ضميرهم، وابذل لهم ما بذلوا لك من طلاقة الوجه وحلاوة اللسان (1). ونقلها الكليني بسنده الصحيح في الكافي: 2 / 248. الكاشر: المتبسم من غير صوت، وإن كان معه صوت فهو ضحك. حقوق الإخوان [283] 1 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن جميل، عن مرازم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما عبد الله بشيء أفضل من أداء حق المؤمن (2). الرواية صحيحة. [284] 2 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: حق المسلم على المسلم أن لا يشبع ويجوع أخوه ولا يروى ويعطش أخوه ولا يكتسي ويعرى أخوه، فما أعظم حق المسلم على أخيه المسلم. وقال: أحب لأخيك المسلم ما تحب لنفسك، وإذا احتجت فسله، وإن
(1) الخصال: 1 / 49 ح 56. (2) الكافي: 2 / 170. 166 سألك فأعطه، لا تمله خيرا ولا يمله لك، كن له ظهرا فانه لك ظهر، إذا غاب فاحفظه في غيبته، وإذا شهد فزره وأجله وأكرمه فانه منك وأنت منه، فإن كان عليك عاتبا فلا تفارقه حتى تسأل سميحته، وإن أصابه خير فاحمد الله، وان ابتلى فاعضده، وان تمحل له فأعنه، وإذا قال الرجل لأخيه: اف انقطع ما بينهما من الولاية، وإذا قال: أنت عدوي كفر أحدهما، فإذا اتهمه إنماث الإيمان في قلبه كما ينماث الملح في الماء. وقال: بلغني أنه قال: إن المؤمن ليزهر نوره لأهل السماء كما تزهر نجوم السماء لأهل الأرض. وقال: إن المؤمن ولي الله يعينه ويصنع له ولا يقول عليه إلا الحق ولا يخاف غيره (1). الرواية صحيحة. تمحل له: كيد. ينماث: يذاب. [285] 3 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن علي بن الحكم، عن عبد الله بن بكير الهجري، عن معلى بن خنيس، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: ما حق المسلم على المسلم؟ قال: له سبع حقوق واجبات ما منهن حق إلا وهو عليه واجب، إن ضيع منها شيئا خرج من ولاية الله وطاعته ولم يكن لله فيه نصيب، قلت له: جعلت فداك وما هي؟ قال: يا معلى إني عليك شفيق أخاف أن تضيع ولا تحفظ وتعلم ولا تعمل. قال: قلت له: لا قوة إلا بالله، قال: أيسر حق منها أن تحب له ما تحب لنفسك وتكره له ما تكره لنفسك. والحق الثاني: أن تجتنب سخطه وتتبع مرضاته وتطيع أمره. والحق الثالث: أن تعينه بنفسك ومالك ولسانك ويدك ورجلك. والحق الرابع: أن تكون عينه ودليله ومرآته. والحق الخامس: أن لا تشبع ويجوع ولا تروى ويظمأ ولا تلبس ويعرى. والحق السادس: أن يكون لك خادم وليس لأخيك خادم فواجب أن تبعث
(1) الكافي: 2 / 170. 167 خادمك فيغسل ثيابه ويصنع طعامه ويمهد فراشه. والحق السابع: أن تبر قسمه وتجيب دعوته وتعود مريضه وتشهد جنازته، وإذا علمت أن له حاجة تبادره إلى قضائها ولا تلجئه أن يسألكها ولكن تبادره مبادرة، فإذا فعلت ذلك وصلت ولايتك بولايته وولايته بولايتك (1). الرواية معتبرة الاسناد. تبر قسمه: أي تقبل قسمه. [286] 4 - الطوسي، عن جماعة، عن أبي المفضل الشيباني، عن محمد بن هارون بن حميد بن المجدر وعبد الله بن محمد البغوي، عن أبي بكير بن أبي شيبة، عن أبي الأحوص، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): للمسلم على المسلم ست بالمعروف: يسلم عليه إذا لقيه، ويجيبه إذا دعاه، ويسمته إذا عطس، ويعوده إذا مرض، ويحضر جنازته إذا مات، ويحب له ما يحب لنفسه (2). [287] 5 - المجلسي نقلا من الكراجكي بإسناده عن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): للمسلم على أخيه ثلاثون حقا لا براءة له منها إلا بالأداء أو العفو: يغفر زلته، ويرحم عبرته، ويستر عورته، ويقيل عثرته، ويقبل معذرته، ويرد غيبته، ويديم نصيحته، ويحفظ خلته، ويرعى ذمته، ويعود مرضته، ويشهد ميته، ويجيب دعوته، ويقبل هديته، ويكافئ صلته، ويشكر نعمته، ويحسن نصرته، ويحفظ حليلته، ويقضي حاجته، ويشفع مسألته، ويسمت عطسته، ويرشد ضالته، ويرد سلامه، ويطيب كلامه، ويبر إنعامه، ويصدق أقسامه، ويوالي وليه ولا يعاديه، وينصره ظالما ومظلوما، فأما نصرته ظالما فيرده عن ظلمه، وأما نصرته مظلوما فيعينه على أخذ حقه ولا يسلمه ولا يخذله، ويحب له من الخير ما يحب لنفسه، ويكره
(1) الكافي: 2 / 169. (2) أمالي الطوسي: المجلس الحادي والثلاثون ح 11 / 634 الرقم 1309. 168 له من الشر ما يكره لنفسه. ثم قال (عليه السلام): سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: إن أحدكم ليدع من حقوق أخيه شيئا فيطالبه به يوم القيامة فيقضى له وعليه (1). وإن شئت أكثر من هذا فراجع الكافي: 2 / 169، والوافي: 5 / 557، وبحار الأنوار: 71 / 221، وغيرها. صفة الأخ الذي يجب أداء حقه [288] 1 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال: من عامل الناس فلم يظلمهم وحدثهم فلم يكذبهم ووعدهم فلم يخلفهم كان ممن حرمت غيبته وكملت مروءته وظهر عدله ووجبت أخوته (2). الرواية موثقة. [289] 2 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: وسئل عن إيمان من يلزمنا حقه وأخوته كيف هو وبما يثبت ويبطل؟ فقال: إن الإيمان قد يتخذ على وجهين: أما أحدهما فهو الذي يظهر لك من صاحبك، فإذا ظهر لك منه مثل الذي تقول به أنت حقت ولايته وأخوته إلا أن يجيء منه نقض للذي وصف من نفسه وأظهره لك، فإن جاء منه ما تستدل به على نقض الذي أظهر لك خرج عندك مما وصف لك وأظهر وكان لما أظهر لك ناقضا إلا أن يدعي أنه إنما عمل ذلك تقية، ومع ذلك ينظر فيه فإن كان ليس مما يمكن أن تكون التقية في مثله لم يقبل منه ذلك، لأن للتقية مواضع، من أزالها عن مواضعها لم تستقم له وتفسير ما يتقى مثل [أن يكون] قوم سوء ظاهر حكمهم وفعلهم على غير
(1) بحار الأنوار: 71 / 236. (2) الكافي: 2 / 239. 169 حكم الحق وفعله فكل شيء يعمل المؤمن بينهم لمكان التقية مما لا يؤدي إلى الفساد في الدين فانه جائز (1). الرواية من حيث السند لا بأس به لوثاقة مسعدة عندنا والله العالم، وإن شئت أكثر من هذا فراجع الكافي: 2 / 165، وجميع ما في رسالة مصادقة الإخوان للشيخ الصدوق، وأعلام الدين للديلمي: 178، والوافي: 5 / 551، وبحار الأنوار: 71 / 221، وجامع أحاديث الشيعة: 16 / 28.
(1) الكافي: 2 / 168. 170 الأدب [290] 1 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: العلم وراثة كريمة، والآداب حلل مجددة، والفكر مرآة صافية (1). [291] 2 - الكراجكي رفعه إلى أمير المؤمنين أنه قال: الأدب يغني من الحسب (2). [292] 3 - وعنه (عليه السلام): الآداب تلقيح الأفهام ونتائج الأذهان (3). [293] 4 - وعنه (عليه السلام): لا نسب أنفع من الحلم، ولا حسب أنفع من الأدب، ولا نصب أوجع من الغضب (4). [294] 5 - وعنه (عليه السلام): حسن الأدب ينوب عن الحسب (5). [295] 6 - الطوسي، عن المفيد، عن الجعابي، عن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن ياسين قال: سمعت العبد الصالح علي بن محمد بن علي الرضا (عليهم السلام) بسر من رأى يذكر عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): العلم وراثة كريمة والآداب حلل حسان والفكرة مرآة صافية، والاعتذار منذر ناصح، وكفى بك أدبا تركك ما كرهته من غيرك (6). [296] 7 - الديلمي رفعه إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: أدبني ربي بمكارم الأخلاق (7).
(1) نهج البلاغة: الحكمة 5. (2) كنز الفوائد: 1 / 319. (3) كنز الفوائد: 1 / 319. (4) كنز الفوائد: 1 / 319. (5) كنز الفوائد: 1 / 320. (6) أمالي الطوسي: المجلس الرابع ح 29 / 114 الرقم 175. (7) إرشاد القلوب: 160. 171 [297] 8 - الديلمي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال لولده الحسن: يا بني احرز حظك من الأدب وفرغ له قلبك فانه أعظم من أن يخالطه دنس واعلم أنك إذا افتقرت عشت به وإن تغربت كان لك كالصاحب الذي لا وحشة معه، يا بني الأدب لقاح العقل وذكاء القلب وعنوان الفضل. واعلم أنه لا مروة لأحد بماله ولا حاله بل الأدب عماد الرجل وترجمان عقله ودليله على مكارم الأخلاق، وما الإنسان لولا الأدب إلا بهيمة مهملة (1). [298] 9 - الديلمي رفعه إلى الجواد (عليه السلام) أنه قال: ما اجتمع رجلان إلا كان أفضلهما عند الله أ أدبهما... (2). [299] 10 - الآمدي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: إن بذوي العقول من الحاجة إلى الأدب كما يظمأ الزرع إلى المطر (3). [300] 11 - وعنه (عليه السلام): إن الناس إلى صالح الأدب أحوج منهم إلى الفضة والذهب (4). [301] 12 - وعنه (عليه السلام): أفضل الأدب أن يقف الإنسان عند حده ولا يتعدى قدره (5). [302] 13 - وعنه (عليه السلام): خير ما ورث الآباء الأبناء الأدب (6). [303] 14 - وعنه (عليه السلام): سبب تزكية الأخلاق حسن الأدب (7). [304] 15 - وعنه (عليه السلام): لكل أمر أدب (8). [305] 16 - وعنه (عليه السلام): كل شيء يحتاج إلى العقل والعقل يحتاج إلى الأدب (9).
(1) إرشاد القلوب: 160. (2) إرشاد القلوب: 160. (3) غرر الحكم: ح 3475. (4) غرر الحكم: ح 3595. (5) غرر الحكم: ح 3241. (6) غرر الحكم: ح 5036. (7) غرر الحكم: ح 5520. (8) غرر الحكم: ح 7280. (9) غرر الحكم: ح 6911. 172 [306] 17 - وعنه (عليه السلام): من قل أدبه كثر مساويه (1). [307] 18 - وعنه (عليه السلام): لا ميراث كالأدب (2) [308] 19 - وعنه (عليه السلام): لاعقل لمن لا أدب له (3). [309] 20 - وعنه (عليه السلام): لا حسب أرفع من الأدب (4).
(1) غرر الحكم: ح 8089. (2) غرر الحكم: ح 10480. (3) غرر الحكم: ح 10768. (4) غرر الحكم: ح 10616. 173 أداء الفرائض [310] 1 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد وعلي بن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن ابن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي قال: قال علي بن الحسين صلوات الله عليهما: من عمل بما افترض الله عليه فهو من خير الناس (1). الرواية صحيحة ظاهرا، وفي نقل ابن محبوب عن أبي حمزة بلا واسطة نظر. [311] 2 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن عبد الله بن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل (اصبروا وصابروا ورابطوا) (2) قال: اصبروا على الفرائض (3). الرواية معتبرة. [312] 3 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): اعمل بفرائض الله تكن أتقى الناس (4). الرواية معتبرة. [313] 4 - الكليني، عن الحسين محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة، عن علي بن الحسين (عليه السلام) قال: من عمل بما افترض الله عليه فهو
(1) الكافي: 2 / 81. (2) سورة آل عمران: 200. (3) الكافي: 2 / 81. (4) الكافي: 2 / 82. 174 من أعبد الناس (1). الرواية صحيحة. [314] 5 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن حماد بن عيسى، عن أبي السفاتج، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل (اصبروا وصابروا ورابطوا) (2) قال: اصبروا على الفرائض وصابروا على المصائب ورابطوا على الأئمة (عليهم السلام) (3). [315] 6 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن أبي جميلة، عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال الله تبارك وتعالى: ما تحبب إلي عبدي بأحب مما افترضت عليه (4). [316] 7 - الصدوق، عن علي بن أحمد، عن الأسدي، عن النخعي، عن النوفلي، عن محمد بن سنان، عن المفضل قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): روي عن المغيرة أنه قال: إذا عرف الرجل ربه ليس عليه وراء ذلك شيء، قال: ما له لعنه الله؟! أليس كلما ازداد بالله معرفة فهو أطوع له؟! أفيطيع الله عز وجل من لا يعرفه؟! إن الله عز وجل أمر محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) بأمر وأمر محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) المؤمنين بأمر، فهم عاملون به إلى أن يجيء نهيه، والأمر والنهي عند المؤمن سواء. قال: ثم قال: لا ينظر الله عز وجل إلى عبد ولا يزكيه إذا ترك فريضة من فرائض الله أو ارتكب كبيرة من الكبائر. قال: قلت: لا ينظر الله اليه؟ قال: نعم، قد أشرك بالله قال: قلت: أشرك؟ قال: نعم، إن الله جل وعز أمره بأمر وأمره إبليس بأمر فترك ما أمر الله عز وجل به وصار إلى ما أمر إبليس به، فهذا
(1) الكافي: 2 / 84. (2) سورة آل عمران: 200. (3) الكافي: 2 / 81. (4) الكافي: 2 / 82. 175 مع إبليس في الدرك السابع من النار (1). [317] 8 - الصدوق، عن محمد بن أحمد السناني، عن محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن يونس بن ظبيان، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) أنه قال: الاشتهار بالعبادة ريبة، إن أبي حدثني عن أبيه عن جده عن علي (عليهم السلام) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: أعبد الناس من أقام الفرائض... الحديث (2). [318] 9 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: إن الله افترض عليكم فرائض فلا تضيعوها، وحد لكم حدودا فلا تعتدوها، ونهاكم عن أشياء فلا تنتهكوها، وسكت لكم عن أشياء ولم يدعها نسيانا فلا تتكلفوها (3). [319] 10 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: لا عبادة كأداء الفرائض (4). [320] 11 - الطبري باسناده المتصل إلى محمد بن إسحاق قال: لقيت كميل بن زياد وسألته عن فضل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: ألا أخبرك بوصية أوصاني بها يوما هي خير لك من الدنيا بما فيها، فقلت: بلى... قال (عليه السلام): يا كميل لا رخصة في فرض ولا شدة في نافلة، يا كميل إن الله عز وجل لا يسألك إلا عما فرض، وإنما قدمنا عمل النوافل بين أيدينا للأهوال العظام والطامة يوم المقام (5). [321] 12 - القطب الراوندي قال: روي أن ملكا ينادي من الكعبة من ترك فرائض الله
(1) عقاب الأعمال: 294، ونقل عنه في بحار الأنوار: 68 / 207. (2) أمالي الصدوق: المجلس السادس ح 4 / 20، ونحوها في الفقيه 4 / 394 ح 5840. (3) نهج البلاغة: الحكمة 105. (4) نهج البلاغة: الحكمة 113. (5) بشارة المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) لشيعة المرتضى (عليه السلام): 28. 176 خرج من أمان الله وينادي مناد من بيت المقدس: ألا من كان قوته حراما رد الله عليه عمله، وينادي مناد من قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من ترك سنة هذا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) برء من شفاعته (1). وإن شئت أكثر من هذا فعليك بمراجعة الوافي: 4 / 321، وبحار الأنوار: 68 / 194، ووسائل الشيعة: 11 / 205، ومستدرك الوسائل: 11 / 281، وجامع أحاديث الشيعة: 14 / 97.
(1) لب اللباب: ونقل عنه في مستدرك الوسائل: 11 / 379. 177 ادخال السرور على المؤمنين [322] 1 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى جميعا، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من سر مؤمنا فقد سرني ومن سرني فقد سر الله (1). الرواية صحيحة ولكن في نقل ابن محبوب عن أبي حمزة بلا واسطة تنظر بعض أصحابنا، والصحيح إمكانه بل وقوعه. [323] 2 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن مالك بن عطية، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أحب الأعمال إلى الله سرور [الذي] تدخله على المؤمن تطرد عنه جوعته أو تكشف عنه كربته (2). الرواية صحيحة. [324] 3 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن السياري، عن محمد بن جمهور قال: كان النجاشي وهو رجل من الدهاقين عاملا على الأهواز وفارس فقال بعض أهل عمله لأبي عبد الله (عليه السلام): إن في ديوان النجاشي علي خراجا وهو مؤمن يدين بطاعتك فإن رأيت أن تكتب لي إليه كتابا قال: فكتب إليه أبو عبد الله (عليه السلام): بسم الله الرحمن الرحيم سر أخاك يسرك الله. قال: فلما ورد الكتاب عليه دخل عليه وهو في مجلسه فلما خلا ناوله الكتاب وقال: هذا كتاب أبي عبد الله (عليه السلام) فقبله ووضعه على عينيه وقال له: ما حاجتك؟ قال: خراج علي في
(1) الكافي: 2 / 188. (2) الكافي: 2 / 191. 178 ديوانك، فقال له: وكم هو؟ قال: عشرة آلاف درهم، فدعا كاتبه وأمره بأدائها عنه ثم أخرجه منها وأمر أن يثبتها له لقابل ثم قال له: سررتك؟ فقال: نعم جعلت فداك، ثم أمر له بمركب وجارية وغلام وأمر له بتخت ثياب في كل ذلك يقول له: هل سررتك؟ فيقول: نعم جعلت فداك، فكلما قال: نعم زاده حتى فرغ، ثم قال له: احمل فرش هذا البيت الذي كنت جالسا فيه حين دفعت إلي كتاب مولاي الذي ناولتني فيه وارفع إلي حوائجك. قال: ففعل وخرج الرجل فصار إلى أبي عبد الله (عليه السلام) بعد ذلك فحدثه الرجل بالحديث فجعل يسر بما فعل. فقال الرجل: يا ابن رسول الله كأنه قد سرك ما فعل بي؟ فقال: إي والله لقد سر الله ورسوله (1). [325] 4 - الصدوق، عن محمد بن موسى بن المتوكل، عن علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن الحسن بن علي، عن أبي حمزة قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): من سر امرء مؤمنا سره الله يوم القيامة وقيل له: تمن على ربك ما أحببت فقد كنت تحب أن تسر أولياءه في دار الدنيا، فيعطى ما تمنى ويزيده الله من عنده ما لم يخطر على قلبه من نعيم الجنة (2). [326] 5 - الصدوق رفعه إلى عبد الله بن الوليد الوصافي قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: فيما ناجاه الله به عبده موسى قال: ان لي عبادا أبيحهم جنتي وأحكم فيها، قال: يا رب ومن [هم] هؤلاء الذين تبيحهم جنتك وتحكمهم فيها؟ قال: من أدخل على مؤمن سرورا (3). الروايات في هذا المجال كثيرة جدا فراجع ان شئت إلى الكافي: 2 / 188، والوافي: 5 / 653، وجامع أحاديث الشيعة: 15 / 532، والف حديث في المؤمن: 77 وفيه أكثر من عشرين رواية.
(1) الكافي: 2 / 190. (2) ثواب الأعمال: 179. (3) مصادقة الإخوان: 60 ح 2. 179 الإذاعة [327] 1 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، عن ابن أبي يعفور قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): من أذاع علينا حديثنا سلبه الله الإيمان (1). الرواية صحيحة. [328] 2 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن العلاء، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: يحشر العبد يوم القيامة وما ندى دما فيدفع اليه شبه المحجمة أو فوق ذلك فيقال له: هذا سهمك من دم فلان فيقول: يا رب لتعلم أنك قبضتني وما سفكت دما، فيقول: بلى سمعت من فلان رواية كذا وكذا فرويتها عليه فنقلت حتى صارت إلى فلان الجبار فقتله عليها، وهذا سهمك من دمه (2). الرواية صحيحة. ما ندى دما: ما ابتل بدم وهو مجاز شايع. [329] 3 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابن سنان، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) وتلا هذه الآية: (ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون) (3) قال: والله ما قتلوهم بأيديهم ولا ضربوهم بأسيافهم ولكنهم سمعوا
(1) الكافي: 2 / 370. (2) الكافي: 2 / 370. (3) سورة البقرة: 61. 180 أحاديثهم فأذاعوها فأخذوا عليها فقتلوا فصار قتلا واعتداء ومعصية (1). الرواية ضعيفة بابن سنان لأنه محمد لا عبد الله الثقة. [330] 4 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: (ويقتلون الأنبياء بغير حق) (2) فقال: أما والله ما قتلوهم بأسيافهم ولكن أذاعوا سرهم وأفشوا عليهم فقتلوا (3). الرواية موثقة. [331] 5 - الكليني، عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من استفتح نهاره بإذاعة سرنا سلط الله عليه حر الحديد وضيق المحابس (4). الرواية من حيث السند صحيحة. [332] 6 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن محمد الخزاز، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من أذاع علينا حديثنا فهو بمنزلة من جحدنا حقنا. قال: وقال لمعلى بن خنيس: المذيع حديثنا كالجاحد له (5). [333] 7 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حسين بن عثمان، عمن أخبره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من أذاع علينا شيئا من أمرنا فهو كمن قتلنا عمدا ولم يقتلنا خطاء (6).
(1) الكافي: 2 / 371. (2) سورة آل عمران: 112. (3) الكافي: 2 / 371. (4) الكافي: 2 / 372. (5) الكافي: 2 / 370. (6) الكافي: 2 / 371. 181 [334] 8 - الكليني، عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن نصر بن صاعد مولى أبي عبد الله (عليه السلام)، عن أبيه قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: مذيع السر شاك، وقائله عند غير أهله كافر، ومن تمسك بالعروة الوثقى فهو ناج، قلت: ما هو؟ قال: التسليم (1). [335] 9 - الكليني، عن علي بن محمد، عن صالح بن أبي حماد، عن رجل من الكوفيين، عن أبي خالد الكابلي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: إن الله عز وجل جعل الدين دولتين دولة آدم - وهي دولة الله - ودولة إبليس، فإذا أراد الله أن يعبد علانية كانت دولة آدم، وإذا أراد الله أن يعبد في السر كانت دولة إبليس، والمذيع لما أراد الله ستره مارق من الدين (2). [336] 10 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن محمد بن عجلان قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن الله عز وجل عير أقواما بالإذاعة في قوله عز وجل: (وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به) (3) فإياكم والإذاعة (4). الروايات تدل على وجوب التقية في محلها وعند أهلها والله العالم، والشاهد على ذلك جعلها في مقابل التقية في عدة من الروايات ومنها: حديث جنود العقل والجهل المروية في الخصال: 2 / 588 ح 13 وفيها:... التقية وضدها الإذاعة. [337] 11 - البرقي، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حسين بن مختار، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن حديث كثير فقال: هل كتمت علي شيئا قط؟ فبقيت أتذكر فلما رأى ما بي قال: أما ما حدثت به أصحابك فلا بأس، إنما الإذاعة أن تحدث
(1) الكافي: 2 / 371. (2) الكافي: 2 / 372. (3) سورة النساء: 83. (4) الكافي: 2 / 369. 182 به غير أصحابك (1). [338] 12 - المفيد رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: جمع خير الدنيا والآخرة في كتمان السر ومصادقة الأخيار وجمع الشر في الإذاعة ومؤاخاة الأشرار (2). [339] 13 - الطوسي، عن المفيد، عن محمد بن محمد بن طاهر، عن ابن عقدة، عن أحمد بن الحسين بن سعيد، عن أبيه، عن ظريف بن ناصح، عن محمد بن عبد الله الأصم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعت أبي يقول لجماعة من أصحابه: والله لو أن على أفواههم أوكيه لأخبرت كل رجل منهم ما لا يستوحش إلى شيء، ولكن فيكم الإذاعة والله بالغ أمره (3). [340] 14 - الإربلي نقلا من كتاب الدلائل للحميري، عن إسحاق بن عمار الصيرفي قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) وكنت تركت التسليم على أصحابنا في مسجد الكوفة وذلك لتقية علينا فيها شديدة، فقال لي أبو عبد الله: يا إسحاق متى أحدثت هذا الجفاء لإخوانك تمر بهم فلا تسلم عليهم؟ فقلت له: ذلك لتقية كنت فيها، فقال: ليس عليك في التقية ترك السلام وإنما عليك في التقية الإذاعة، إن المؤمن ليمر بالمؤمنين فيسلم عليهم فترد الملائكة: سلام عليك ورحمة الله وبركاته أبدا (4). [341] 15 - الراوندي رفعه إلى أبي القاسم الهروي أنه قال: خرج توقيع من أبي محمد (عليه السلام) إلى بعض بني أسباط قال: كتبت إلى أبي محمد أخبره من اختلاف الموالي وأسأله بإظهار دليل، فكتب: إنما خاطب الله العاقل وليس أحد يأتي بآية ويظهر دليلا أكثر مما جاء به خاتم النبيين وسيد المرسلين، فقالوا كاهن وساحر وكذاب وهدى من اهتدى، غير أن الأدلة يسكن إليها كثير من الناس، وذلك أن الله يأذن لنا
(1) المحاسن: 258 ح 306، ونقل عنه في بحار الأنوار: 2 / 75 ح 48. (2) الاختصاص: 218. (3) أمالي الطوسي: المجلس السابع ح 38 / 197 الرقم 336. (4) كشف الغمة: 2 / 409، ونقل عنه في بحار الأنوار: 73 / 5 ح 18. 183 فنتكلم ويمنع فنصمت، ولو أحب الله أن لا يظهر حقنا ما ظهر، بعث الله النبيين مبشرين ومنذرين يصدعون بالحق في حال الضعف والقوة وينطقون في أوقات ليقضي الله أمره وينفذ حكمه، والناس على طبقات مختلفين شتى، فالمستبصر على سبيل نجاة متمسك بالحق فيتعلق بفرع أصيل غير شاك ولا مرتاب، لا يجد عني ملجأ، وطبقة لم يأخذ الحق من أهله فهم كراكب البحر يموج عند موجه ويسكن عند سكونه، وطبقة استحوذ عليهم الشيطان شأنهم الرد على أهل الحق ودفع الحق بالباطل حسدا من عند أنفسهم، فدع من ذهب يمينا وشمالا كالراعي إذا أراد أن يجمع غنمه جمعها بأدون السعي، ذكرت ما اختلف فيه موالي، فإذا كانت الوصية والكبر فلا ريب، ومن جلس بمجالس الحكم فهو أولى بالحكم أحسن رعاية من استرعيت، فإياك والإذاعة وطلب الرئاسة فإنهما تدعوان إلى الهلكة، ذكرت شخوصك إلى فارس فاشخص عافاك الله خار الله لك وتدخل مصر إن شاء الله آمنا، فاقرأ من تثق به من موالي السلام ومرهم بتقوى الله العظيم وأداء الأمانة، وأعلمهم أن المذيع علينا حرب لنا، فلما قرأت «وتدخل مصر» لم أعرف له معنى، وقدمت بغداد وعزيمتي الخروج إلى فارس فلم يتهيأ لي الخروج إلى فارس وخرجت إلى مصر (1).
(1) الخرائج: 1 / 449. ونقل عنه في بحار الأنوار: 2 / 181 ح 4. 184 الأذية من آذى عليا (عليه السلام) [342] 1 - المجلسي نقلا من التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام) أنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إن النطفة تثبت في الرحم أربعين يوما نطفه..، ثم تصير علقة أربعين يوما، ثم مضغة أربعين يوما، ثم بعده عظما، ثم يكسى لحما، ثم يلبس الله فوقه جلدا، ثم ينبت عليه شعرا، ثم يبعث الله عز وجل إليه ملك الأرحام ويقال له: اكتب أجله وعمله ورزقه وشقيا يكون أو سعيدا، فيقول الملك يا رب أنى لي بعلم ذلك؟! فقال: استمل ذلك من قراء اللوح المحفوظ فيستمليه منهم. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): وإن من كتب أجله وعمله ورزقه وسعادة خاتمته علي بن أبى طالب كتبوا [كتب] من عمله أنه لا يعمل ذنبا أبدا إلى أن يموت. قال: وذلك قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم شكاه بريدة، وذاك أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعث جيشا ذات يوم لغزاة أمر عليهم عليا صلوات الله عليه وما بعث جيشا قط فيهم علي إلا جعله أميرهم، فلما غنموا رغب علي في أن يشتري من جملة الغنائم جارية ثمنها في جملة الغنائم، فكايده فيها حاطب بن أبي بلتعة وبريدة الأسلمي وزايداه، فلما نظر إليهما يكايدانه نظر إليها إلى أن بلغت قيمتها قيمة عدل في يومها فأخذها بذلك، فلما رجعا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تواطئا على أن يقول ذلك بريدة لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فوقف بريدة قدام رسول الله فقال: يا رسول الله ألم تر إلى ابن أبي طالب أخذ جارية من المغنم دون المسلمين! فأعرض عنه رسول الله، ثم جاء عن يمينه فقالها فأعرض عنه رسول الله، فجاء عن يساره فقالها فأعرض عنه رسول الله، وجاء من خلفه فقالها فأعرض عنه،
185 ثم عاد إلى بين يديه فقالها فغضب رسول الله غضبا لم ير قبله ولا بعده غضب مثله وتغير لونه وانتفخت أوداجه وارتعدت فرائصه وقال: يا بريدة ما لك آذيت رسول الله منذ اليوم؟ إني سمعت الله عز وجل يقول: (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا * والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا) (1) قال بريدة: يا رسول الله ما علمتني قصدتك بأذى، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أو تظن يا بريدة أنه لا يؤذيني إلا من قصد ذات نفس؟ أما علمت أن عليا مني وأنا منه، وأن من آذى عليا فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذى الله فحق على الله أن يؤذيه بأليم عذابه في نار جهنم؟ يا بريدة أنت أعلم أم الله؟ أنت أعلم أم قراء اللوح المحفوظ؟ أنت أعلم أم ملك الأرحام؟ قال بريدة: بل الله أعلم وقراء اللوح المحفوظ أعلم وملك الأرحام أعلم، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): فأنت أعلم يا بريدة أم حفظة علي بن أبي طالب؟ قال: بل حفظة علي بن أبي طالب، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): فكيف تخطئه وتلومه وتوبخه وتشنع عليه في فعله، وهذا جبرئيل أخبرني عن حفظة علي أنهم ما كتبوا عليه قط خطيئة منذ ولد، وهذا ملك الأرحام حدثني أنهم كتبوا قبل أن يولد حين استحكم في بطن أمه أنه لا يكون من خطيئة أبدا، وهؤلاء قراء اللوح المحفوظ أخبروني ليلة أسري بي أنهم وجدوا في اللوح المحفوظ: علي المعصوم من كل خطأ وزلة فكيف تخطئه أنت يا بريدة وقد صوبه رب العالمين والملائكة المقربون؟ يا بريدة لا تعرض لعلي بخلاف الحسن الجميل فانه أمير المؤمنين وسيد الوصيين وسيد الصالحين وفارس المسلمين وقائد الغر المحجلين وقسيم الجنة والنار، يقول هذا لي وهذا لك. ثم قال: يا بريدة أترى لعلي من الحق عليكم معاشر المسلمين أن لا تكايدوه ولا
(1) سورة الأحزاب: 57 و 58. 186 تعاندوه ولا تزايدوه، هيهات إن قدر علي عند الله أعظم من قدره عندكم، أو لا اخبركم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): فإن الله يبعث يوم القيامة أقواما يمتلئ من جهة السيئات موازينهم فيقال لهم: هذه السيئات فأين الحسنات وإلا فقد عصيتم، فيقولون: يا ربنا ما نعرف لنا حسنات، فإذا النداء من قبل الله عز وجل: لئن لم تعرفوا لأنفسكم عبادي حسنات فاني أعرفها لكم وأوفرها عليكم، ثم يأتي برقعة صغيرة يطرحها في كفة حسناتهم فترجح بسيئاتهم بأكثر مما بين السماء إلى الأرض، فيقال لأحدهم: خذ بيد أبيك وأمك وإخوانك وأخواتك وخاصتك وقرابتك وأخدامك ومعارفيك فأدخلهم الجنة، فيقول أهل المحشر: يا رب أما الذنوب فقد عرفناها فماذا كانت حسناتهم؟ فيقول الله عز وجل: يا عبادي مشى أحدهم ببقية دين لأخيه إلى أخيه فقال: خذها فاني أحبك بحبك علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال له الآخر: قد تركتها لك بحبك لعلي ولك من مالي ما شئت، فشكر الله تعالى ذلك لهما فحط به خطاياهما وجعل ذلك في حشو صحيفتهما وموازينهما وأوجب لهما ولوالديهما الجنة. ثم قال: يا بريدة إن من يدخل النار ببغض علي أكثر من حصي الخذف الذي يرمى عند الجمرات، فإياك أن تكون منهم فذلك قوله تبارك وتعالى (واعبدوا ربكم الذي خلقكم) اعبدوه بتعظيم محمد وعلي بن أبي طالب الذي خلقكم نسما وسواكم من بعد ذلك وصوركم فأحسن صوركم ثم قال عز وجل (والذين من قبلكم) (1) قال: وخلق الذين من قبلكم من سائر أصناف الناس لعلكم تتقون (2). تواترت الروايات في هذا المعنى عند العامة والخاصة وليس هنا موضع ذكرها. وأما نسبة التفسير إلى الامام العسكري (عليه السلام) عندنا غير تام لذا رواياته صارت مراسيل، نحو روايات كتابي جامع الأخبار ومشكاة الأنوار ونحوهما.
(1) سورة البقرة: 21. (2) بحار الأنوار: 38 / 67 ح 6. 187 من آذى فاطمة (عليها السلام) [343] 1 - المجلسي نقلا من كشف الغمة نقلا من كتاب معالم العترة لعبد العزيز بن الأخضر مرفوعا إلى قتادة عن أنس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): خير نسائها مريم وخير نسائها فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله وسلم). وبإسناده إلى أحمد بن حنبل يرفعه إلى أنس ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون. وبإسناده عن أنس ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد. ومنه قالت عائشة لفاطمة (عليها السلام): ألا أبشرك أني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: لسيدات نساء أهل الجنة أربع: مريم بنت عمران وفاطمة بنت محمد وخديجة بنت خويلد وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون. ومن مسند أحمد، عن عائشة قالت: أقبلت فاطمة تمشي كأن مشيتها مشية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: مرحبا يا بنتي، ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله ثم أسر إليها حديثا فبكت، قلت: استخصك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بحديثه ثم تبكين؟! ثم أسر إليها حديثا فضحكت، فقلت: ما رأيت كاليوم فرحا أقرب من حزن؟ فسألتها عما قال فقالت: ما كنت لأفشي سر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فسألتها فقالت: أسر إلي فقال: إن جبرئيل (عليه السلام) كان يعارضني بالقرآن في كل عام مرة وإنه عارضني به العام مرتين ولا أراه إلا قد حضر أجلي، وإنك أول أهل بيتي لحوقا بي ونعم السلف أنا لك، فبكيت لذلك، فقال: ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء هذه الأمة ونساء المؤمنين؟ قالت: فضحكت لذلك. وروى ابن خالويه في كتاب الآل، عن أبي عبد الله الحنبلي، عن محمد بن أحمد بن
188 قضاعة، عن عبد الله بن محمد، عن أبي محمد العسكري، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لما خلق الله آدم وحواء تبخترا في الجنة، فقال آدم لحواء: ما خلق الله خلقا هو أحسن منا، فأوحى الله إلى جبرئيل: ائت بعبدي الفردوس الأعلى، فلما دخلا الفردوس نظرا إلى جارية على درنوك من درانيك الجنة وعلى رأسها تاج من نور وفي أذنيها قرطان من نور قد أشرقت الجنان من حسن وجهها، فقال آدم: حبيبي جبرئيل من هذه الجارية التي قد أشرقت الجنان من حسن وجهها؟ فقال: هذه فاطمة بنت محمد نبي من ولدك يكون في آخر الزمان، قال: فما هذا التاج الذي على رأسها؟ قال: بعلها علي بن أبي طالب (عليه السلام). قال ابن خالويه: البعل في كلام العرب خمسة أشياء: الزوج، والصنم من قوله: (أتدعون بعلا) والبعل اسم امرأة وبها سميت بعلبك، والبعل من النخل ما شرب بعروقه من غير سقي، والبعل السماء والعرب يقول السماء بعل الأرض. قال: فما القرطان اللذان في أذنيها؟ قال: ولداها الحسن والحسين، قال آدم: حبيبي جبرئيل أخلقوا قبلي؟ قال: هم موجودون في غامض علم الله قبل أن تخلق بأربعة آلاف سنة. وعن ابن خالويه من كتاب الآل يرفعه إلى علي بن موسى الرضا، عن آبائه، عن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش: يا معشر الخلائق غضوا أبصاركم حتى تجوز فاطمة بنت محمد. وزاد ابن عرفة عن رجاله يرفعه إلى أبي أيوب الأنصاري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش: يا أهل الجمع نكسوا رؤوسكم وغضوا أبصاركم حتى تجوز فاطمة على الصراط، فتمر ومعها سبعون ألف جارية من الحور العين. ومنه عن نافع بن أبي الحمراء قال: شهدت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثمانية أشهر إذا خرج إلى صلاة الغداء مر بباب فاطمة (عليها السلام) فقال: السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله
189 وبركاته، الصلاة (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (1). ومنه عن الحسين بن علي، عن أبيه، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: يا فاطمة ان الله ليغضب لغضبك ويرضى لرضاك. ومن كتاب أبي إسحاق الثعلبي، عن جميع بن عمير، عن عمته قالت: سألت عائشة: من كان أحب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ فقالت: فاطمة (عليها السلام) قلت: إنما أسألك عن الرجال: قالت: زوجها، وما يمنعه؟ فوالله إن كان ما علمت صواما قواما جديرا أن يقول بما يحب الله ويرضى. وعن جابر قال: ما رأيت فاطمة (عليها السلام) تمشي إلا ذكرت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تميل على جانبها الأيمن مرة وعلى جانبها الأيسر مرة. وعن عائشة وذكرت فاطمة (عليها السلام): ما رأيت أصدق منها إلا أباها. ومن كتاب مولد فاطمة لابن بابويه: روي ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: اشتاقت الجنة إلى أربع من النساء: مريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم زوجة فرعون وهي زوجة النبي في الجنة، وخديجة بنت خويلد زوجة النبي في الدنيا والآخرة، وفاطمة بنت محمد. وروى عن علي (عليه السلام) قال: كنا جلوسا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال أخبروني أي شيء خير للنساء؟ فعيينا بذلك كلنا حتى تفرقنا، فرجعت إلى فاطمة (عليها السلام) فأخبرتها الذي قال لنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وليس أحد منا علمه ولا عرفه، فقالت: ولكني أعرفه، خير للنساء أن لا يرين الرجال ولا يراهن الرجال، فرجعت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقلت: يا رسول الله سألتنا أي شيء خير للنساء، وخير لهن أن لا يرين الرجال ولا يراهن الرجال، قال: من أخبرك فلم تعلمه وأنت عندي؟
(1) سورة الأحزاب: 33. 190 قلت: فاطمة، فأعجب ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال: ان فاطمة بضعة مني. وروى عن مجاهد قال: خرج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو آخذ بيد فاطمة (عليها السلام) فقال: من عرف هذه فقد عرفها ومن لم يعرفها فهي فاطمة بنت محمد، وهي بضعة مني وهي قلبي وروحي التي بين جنبي، فمن آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله. وروى عن جعفر بن محمد (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إن الله ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها. وبهذا الإسناد عنه (عليه السلام) مثله، فقال له: يا بن رسول الله بلغنا إنك قلت - وذكر الحديث - قال: فما تنكرون من هذا؟! فوالله إن الله ليغضب لغضب عبده المؤمن ويرضى لرضاه. وعنه (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ان فاطمة شجنة مني يسخطني ما أسخطها ويرضيني ما أرضاها. وبالإسناد عنه (عليه السلام) مثله. ونقلت من كتاب لأبي إسحاق الثعلبي عن مجاهد قال: خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد أخذ بيد فاطمة وقال: من عرف هذه فقد عرفها ومن لم يعرفها فهي فاطمة بنت محمد، وهي بضعة مني وهي قلبي الذي بين جنبي، فمن آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله. وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ان فاطمة شعرة مني، فمن آذى شعرة مني فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذى الله لعنه الله ملء السماوات والأرض. وعن حذيفة: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا ينام حتى يقبل عرض وجنة فاطمة (عليها السلام) أو بين ثدييها. وعن جعفر بن محمد (عليه السلام): كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لا ينام ليلته حتى يضع وجهه بين ثديي فاطمة (عليها السلام).
191 وروى ان محمد بن أبي بكر قرأ (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي) (1) ولا محدث قلت: وهل تحدث الملائكة إلا الأنبياء؟ قال: مريم لم تكن نبية وسارة امرأة إبراهيم قد عاينت الملائكة وبشروها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ولم تكن نبية، وفاطمة بنت محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كانت محدثة ولم تكن نبية. وعن ام سلمة قالت: كانت فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أشبه الناس وجها وشبها برسول الله. وروى عن علي (عليه السلام) عن فاطمة (عليها السلام) قالت: قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يا فاطمة من صلى عليك غفر الله له وألحقه بي حيث كنت من الجنة. وروى عن الزهري، عن علي بن الحسين (عليه السلام) قال: قال علي بن أبي طالب لفاطمة (عليها السلام): سألت أباك فيما سألت أين تلقينه يوم القيامة؟ قالت: نعم، قال لي: اطلبيني عند الحوض، قلت: إن لم أجدك هاهنا؟ قال: تجديني إذا مستظلا بعرش ربي ولن يستظل به غيري، قالت فاطمة: فقلت: يا أبه أهل الدنيا يوم القيامة عراة؟ فقال: نعم يا بنية، فقلت: وأنا عريانة؟ قال: نعم وأنت عريانة وأنه لا يلتفت فيه أحد إلى أحد، قالت فاطمة (عليها السلام): فقلت له: وا سوأتاه يومئذ من الله عز وجل. فما خرجت حتى قال لي: هبط علي جبرئيل الروح الأمين (عليه السلام) فقال لي: يا محمد اقرأ فاطمة السلام وأعلمها أنها استحيت من الله تبارك وتعالى فاستحيى الله منها، فقد وعدها أن يكسوها يوم القيامة حلتين من نور. قال علي (عليه السلام) فقلت لها: فهلا سألتيه عن ابن عمك؟ فقالت: قد فعلت فقال: ان عليا أكرم على الله عز وجل من أن يعريه يوم القيامة (2). تواترت الروايات في هذا المعنى عند العامة والخاصة، ولكن ليس هنا موضع ذكرها.
(1) سورة الحج: 52. (2) بحار الأنوار: 43 / 51 ح 48. 192 من آذى ذرية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) [344] 1 - المجلسي نقلا من أمالي الصدوق، عن ابن المتوكل، عن محمد العطار، عن ابن أبي الخطاب، عن النضر بن شعيب، عن القلانسي، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا قمت المقام المحمود تشفعت في أصحاب الكبائر من أمتي فيشفعني الله فيهم، والله لا تشفعت فيمن آذى ذريتي (1). من آذى مؤمنا [345] 1 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: قال الله عز وجل: ليأذن بحرب مني من آذى عبدي المؤمن، وليأمن غضبي من أكرم عبدي المؤمن، ولو لم يكن من خلقي في الأرض فيما بين المشرق والمغرب إلا مؤمن واحد مع إمام عادل لاستغنيت بعبادتهما عن جميع ما خلقت في أرضي ولقامت سبع سماوات وأرضين بهما ولجعلت لهما من إيمانهما أنسا لا يحتاجان إلى انس سواهما (2). الرواية صحيحة سندا. [346] 2 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن سنان، عن منذر بن يزيد، عن المفضل بن عمر قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين الصدود لأوليائي؟ فيقوم قوم ليس على وجوههم لحم فيقال: هؤلاء الذين آذوا المؤمنين ونصبوا لهم وعاندوهم وعنفوهم في دينهم ثم يؤمر بهم إلى جهنم (3).
(1) بحار الأنوار: 8 / 37 ح 12. (2) الكافي: 2 / 350. (3) الكافي: 2 / 351. 193 [347] 3 - صاحب جامع الأخبار رفعه إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: من آذى مؤمن فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله فهو ملعون في التوراة والإنجيل والزبور والفرقان. وفي خبر آخر: فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين (1). من آذى جاره [348] 1 - علي بن إبراهيم القمي، عن أبيه رفعه إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: من آذى جاره طمعا في مسكنه ورثه الله داره (2). [349] 2 - الصدوق في حديث مناهي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال:... من آذى جاره حرم الله عليه ريح الجنة ومأواه جهنم وبئس المصير، ومن ضيع حق جاره فليس منا. وما زال يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه (3). [350] 3 - المجلسي نقلا من كنز الكراجكي بإسناده إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ملعون ملعون من آذى جاره (4).
(1) جامع الأخبار: 415. (2) تفسير القمي: 1 / 368، ونقل عنه في بحار الأنوار: 71 / 150. (3) أمالي الصدوق: المجلس السادس والستون ح 1 / 349، ونقل عنه في بحار الأنوار: 71 / 150. (4) بحار الأنوار: 71 / 153. 194 الاستئكال الاستئكال بالعلم [351] 1 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الفقهاء امناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا، قيل: يا رسول الله وما دخولهم في الدنيا؟ قال: اتباع السلطان، فإذا فعلوا ذلك فاحذروهم على دينكم (1). الرواية معتبرة. [352] 2 - الكليني، عن الحسين بن محمد بن عامر، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من أراد الحديث لمنفعة الدنيا لم يكن له من الآخرة نصيب، ومن أراد به خير الآخرة أعطاه الله خير الدنيا والآخرة (2). الرواية معتبرة لاعتبار أبي خديجة وهو سالم بن مكرم عندنا. [353] 3 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم، عن المنقري، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا رأيتم العالم محبا لدنياه فاتهموه على دينكم، فإن كل محب لشيء يحوط ما أحب. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): أوحى الله إلى داود (عليه السلام): لا تجعل بيني وبينك عالما مفتونا بالدنيا فيصدك عن طريق محبتي، فإن اولئك قطاع
(1) الكافي: 1 / 46. (2) الكافي: 1 / 46. 195 طريق عبادي المريدين، إن أدنى ما أنا صانع بهم أن أنزع حلاوة مناجاتي عن قلوبهم (1). [354] 4 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى وعلي بن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن حماد بن عيسى، عن عمر بن اذينة، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: منهومان لا يشبعان: طالب دنيا وطالب علم، فمن اقتصر من الدنيا على ما أحل الله له سلم، ومن تناولها من غير حلها هلك إلا أن يتوب أو يراجع، ومن أخذ العلم من أهله وعمل بعمله نجا، ومن أراد به الدنيا فهي حظه (2). رجال السند كلهم ثقات إلا أبان وقد يقال بحسنه، وعليه فالرواية حسنة. المنهوم: الحريص. [355] 5 - الصدوق، عن أحمد بن محمد بن الهيثم العجلي، عن أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، عن بكر بن عبد الله بن حبيب، عن تميم بن بهلول، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن حمزة بن حمران قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: من استأكل بعلمه افتقر، فقلت له: جعلت فداك إن من شيعتك ومواليك قوما يتحملون علومكم ويبثونها في شيعتكم فلا يعدمون على ذلك منهم البر والصلة والإكرام. فقال (عليه السلام): ليس اولئك بمستأكلين، إنما المستأكل بعلمه الذي يفتي بغير علم ولا هدى من الله عز وجل ليبطل به الحقوق طمعا في حطام الدنيا (3).
(1) الكافي: 1 / 46. (2) الكافي: 1 / 46. (3) معاني الأخبار: 181. 196 الاستئكال بالقرآن [356] 1 - الصدوق، عن حمزة بن محمد العلوي، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام) قال: من قرأ القرآن ليأكل به الناس جاء يوم القيامة ووجهه عظم لا لحم فيه (1). الرواية حسنة سندا. الاستئكال بأهل البيت (عليهم السلام) [357] 1 - الصدوق، عن حمزة بن محمد بن أحمد الطوسي، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن خالد البرقي، عن خلف بن حماد، عن معاوية بن وهب قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): الشيعة ثلاث: محب واد فهو منا، ومتزين بنا ونحن زين لمن تزين بنا، ومستأكل بنا الناس ومن استأكل بنا افتقر (2). الرواية حسنة سندا.
(1) عقاب الأعمال: 329. (2) الخصال: 1 / 103 ح 61. 197 الاستخفاف الاستخفاف بالدين [358] 1 - الصدوق بإسناده المتصل إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: إني أخاف عليكم استخفافا بالدين وبيع الحكم وقطيعة الرحم وأن تتخذوا القرآن مزامير وتقدمون أحدكم وليس بأفضلكم في الدين (1). [359] 2 - الصدوق، عن جفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنه) قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، عن عمه عبد الله بن عامر، عن محمد بن زياد، عن سيف بن عميرة قال: قال الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام): من لم يبال ما قال وما قيل فيه فهو شرك شيطان، ومن لم يبال أن يراه الناس مسيئا فهو شرك شيطان، ومن اغتاب أخاه المؤمن من غير ترة بينهما فهو شرك شيطان، ومن شعف بمحبة الحرام وشهوة الزنا فهو شرك شيطان، ثم قال (عليه السلام): إن لولد الزنا علامات: أحدها بغضنا أهل البيت، وثانيها أنه يحن إلى الحرام الذي خلق منه، وثالثها الاستخفاف بالدين، ورابعها سوء المحضر للناس، ولا يسيء محضر إخوانه إلا من ولد على غير فراش أبيه أو [من] حملت به أمه في حيضها (2). من غير ترة: أي من غير أن يصابه بظلم أو مكروه. شرك شيطان: الشيطان شرك في نطفته.
(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 2 / 42 ح 140. (2) الخصال: 1 / 216 الرقم 40. 198 [360] 3 - الصدوق بإسناده إلى ما كتب الرضا (عليه السلام) إلى محمد بن سنان في جواب مسائله:... وحرم الله الفرار من الزحف لما فيه من الوهن في الدين والاستخفاف بالرسل والأئمة العادلة (عليهم السلام) وترك نصرتهم على الأعداء والعقوبة لهم على انكار ما دعوا اليه من الإقرار بالربوبية وإظهار العدل وترك الجور وإماتة الفساد لما في ذلك من جرأة العدو على المسلمين وما يكون في ذلك من السبي والقتل وإبطال دين الله عز وجل وغيره من الفساد (1). [361] 4 - ابن شعبة الحراني رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال في صفة الخروج من الايمان: وقد يخرج من الإيمان بخمس جهات من الفعل كلها متشابهات معروفات: الكفر والشرك والضلال والفسق وركوب الكبائر. فمعنى الكفر كل معصية عصى الله بها بجهة الجحد والإنكار والاستخفاف والتهاون في كل ما دق وجل، وفاعله كافر ومعناه معنى كفر، من أي ملة كان ومن أي فرقة كان، بعد أن تكون منه معصية بهذه الصفات فهو كافر. ومعنى الشرك كل معصية عصى الله بها بالتدين فهو مشرك، صغيرة كانت المعصية أو كبيرة، ففاعلها مشرك. ومعنى الضلال الجهل بالمفروض، وهو أن يترك كبيرة من كبائر الطاعة التي لا يستحق العبد الإيمان إلا بها بعد ورود البيان فيها والاحتجاج بها، فيكون الترك لها تاركا بغير جهة الإنكار والتدين بإنكارها وبجحودها، ولكن يكون تاركا على جهة التواني والإغفال والاشتغال بغيرها، فهو ضال متنكب طريق الإيمان جاهل به خارج منه، مستوجب لاسم الضلالة ومعناها ما دام بصفة التي وصفناه بها. فإن كان هو الذي مال بهواه إلى وجه من وجوه المعصية بجهة الجحود والاستخفاف والتهاون كفر. وإن هو مال بهواه إلى التدين بجهة التأويل والتقليد والتسليم والرضا بقول الآباء
(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 2 / 88 ح 1. 199 والأسلاف فقد أشرك، وقل ما يلبث الإنسان على ضلالة حتى يميل بهواه إلى بعض ما وصفناه من صفته. ومعنى الفسق فكل معصية من المعاصي الكبار فعلها فاعل أو دخل فيها داخل بجهة اللذة والشهوة والشوق الغالب فهو فسق، وفاعله فاسق خارج من الإيمان بجهة الفسق، فإن دام في ذلك حتى يدخل في حد التهاون والاستخفاف فقد وجب أن يكون بتهاونه واستخفافه كافرا. ومعنى راكب الكبائر التي بها يكون فساد إيمانه فهو أن يكون منهمكا على كبائر المعاصي بغير جحود ولا تدين ولا لذة ولا شهوة، ولكن من جهة الحمية والغضب يكثر القذف والسب والقتل وأخذ الأموال وحبس الحقوق وغير ذلك من المعاصي الكبائر التي يأتيها صاحبها بغير جهة اللذة. ومن ذلك الأيمان الكاذبة وأخذ الربا وغير ذلك التي يأتيها من أتاها بغير استلذاذ والخمر والزنا واللهو، ففاعل هذه الأفعال كلها مفسد للإيمان، خارج منه من جهة ركوبه الكبيرة على هذه الجهة، غير مشرك ولا كافر ولا ضال، جاهل على ما وصفناه من جهة الجهالة، فإن هو مال بهواه إلى أنواع ما وصفناه من حد الفاعلين كان من صفاته (1). الاستخفاف بالصلاة [362] 1 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال: لا تتهاون بصلاتك فإن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال عند موته: ليس مني من استخف بصلاته، ليس مني من شرب مسكرا، لا يرد علي الحوض لا والله (2). الرواية صحيحة.
(1) تحف العقول: 330. (2) الكافي: 3 / 269 ح 7. 200 [363] 2 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن العيص بن القاسم قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): والله إنه ليأتي على الرجل خمسون سنة وما قبل الله منه صلاة واحدة، فأي شيء أشد من هذا؟! والله إنكم لتعرفون من جيرانكم وأصحابكم من لو كان يصلي لبعضكم ما قبلها منه لاستخفافه بها، إن الله عز وجل لا يقبل إلا الحسن فكيف يقبل ما يستخف به (1)؟! الرواية صحيحة سندا. [364] 3 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن أبي إسماعيل السراج، عن ابن مسكان، عن أبي بصير قال: قال أبو الحسن الأول (عليه السلام): إنه لما حضر أبي الوفاة قال لي: يا بني إنه لا ينال شفاعتنا من استخف بالصلاة (2). الرواية صحيحة لأن أبا إسماعيل السراج هو عبد الله بن عثمان بن عمرو الفزاري الثقة. وأبو الحسن الأول هو موسى بن جعفر (عليهما السلام). [365] 4 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جالس في المسجد إذ دخل رجل فقام يصلي فلم يتم ركوعه ولا سجوده فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): نقر كنقر الغراب، لئن مات هذا وهكذا صلاته ليموتن على غير ديني (3). الرواية صحيحة الإسناد. [366] 5 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا قام العبد في الصلاة فخفف صلاته قال
(1) الكافي: 3 / 269 ح 9. (2) الكافي: 3 / 270 ح 15. (3) الكافي: 3 / 268 ح 6. 201 الله تبارك وتعالى لملائكته: أما ترون إلى عبدي كأنه يرى أن قضاء حوائجه بيد غيري، أما يعلم أن قضاء حوائجه بيدي (1)؟ الرواية صحيحة. [367] 6 - الصدوق، عن محمد بن علي ماجيلويه، عن عمه، عن محمد بن علي القرشي، عن ابن فضال، عن المثنى، عن أبي بصير قال: دخلت على أم حميدة أعزيها بأبي عبد الله (عليه السلام) فبكت وبكيت لبكائها ثم قالت: يا أبا محمد لو رأيت أبا عبد الله عند الموت لرأيت عجبا، فتح عينيه ثم قال: اجمعوا لي كل من بيني وبينه قرابة، قالت: فلم نترك أحدا إلا جمعناه، قالت: فنظر إليهم ثم قال: إن شفاعتنا لا تنال مستخفا بالصلاة (2). [368] 7 - الصدوق، عن أبيه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن عبيد الله بن علي الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام): أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: الموتور أهله وماله من ضيع صلاة العصر، قلت: ما الموتور أهله وماله؟ قال: لا يكون له في الجنة أهل ولا مال، يضيعها فيدعها متعمدا حتى تصفر الشمس وتغيب (3). الرواية صحيحة الإسناد والضمير في «يضيعها فيدعها» يرجع إلى صلاة العصر. [369] 8 - الحميري، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) وسئل ما بال الزاني لا تسميه كافرا وتارك الصلاة قد تسميه كافرا؟ وما الحجة في ذلك؟ قال: لأن الزاني وما أشبهه إنما يفعل ذلك لمكان الشهوة وإنها تغلبه، وتارك الصلاة لا يتركها إلا استخفافا بها وذلك أنك لا تجد الزاني يأتي المرأة إلا
(1) الكافي: 3 / 269 ح 10. (2) عقاب الأعمال: 272. (3) علل الشرايع: 356 ح 4. 202 وهو مستلذ لإتيانه إياها قاصدا إليها، وكل من ترك الصلاة قاصدا إليها فليس يكون قصده لتركها اللذة، فإذا انتفت اللذة وقع الاستخفاف، وإذا وقع الاستخفاف وقع الكفر (1). وقريب منها الرواية التي رواها الحميري بعدها فراجع إن شئت. [370] 9 - قال ابن طاوس: روي بحذف الإسناد عن سيدة النساء فاطمة ابنة سيد الأنبياء صلوات الله عليها وعلى أبيها وعلى بعلها وعلى أبنائها الأوصياء، انها سألت أباها محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالت: يا أبتاه ما لمن تهاون بصلاته من الرجال والنساء؟ قال: يا فاطمة من تهاون بصلاته من الرجال والنساء ابتلاه الله بخمس عشرة خصلة: ست منها في دار الدنيا، وثلاث عند موته، وثلاث في قبره، وثلاث في القيامة إذا خرج من قبره. فأما اللواتي تصيبه في دار الدنيا: فالأول يرفع الله البركة من عمره، ويرفع الله البركة من رزقه، ويمحو الله عز وجل سيماء الصالحين من وجهه، وكل عمل يعمله لا يؤجر عليه، ولا يرتفع دعاؤه إلى السماء، والسادسة ليس له حظ في دعاء الصالحين. وأما اللواتي تصيبه عند موته: فأولهن أنه يموت ذليلا، والثانية يموت جايعا، والثالثة يموت عطشانا فلو سقي من أنهار الدنيا لم يرو عطشه. وأما اللواتي تصيبه في قبره: فأولهن يوكل الله به ملكا يزعجه في قبره، والثانية يضيق في قبره، والثالثة تكون الظلمة في قبره. وأما اللواتي تصيبه يوم القيامة إذا خرج من قبره: فأولهن أن يوكل الله به ملكا يسحبه على وجهه والخلايق ينظرون اليه، والثانية يحاسب حسابا شديدا، والثالثة لا ينظر الله إليه ولا يزكيه وله عذاب أليم (2).
(1) قرب الإسناد: 22 الطبعة الاولى، و 47 ح 155 من الطبعة الحديثة. (2) فلاح السائل: 22. 203 [371] 10 - صاحب جامع الأخبار رفعه إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: عشرون خصلة تورث الفقر: أولها القيام من الفراش للبول عريانا، والأكل جنبا، وترك غسل اليدين عند الأكل، وإهانة الكسرة من الخبز، وإحراق الثوم والبصل، والقعود على أسكفة البيت، وكنس البيت بالليل وبالثوب، وغسل الأعضاء في موضع الاستنجاء، ومسح الأعضاء المغسولة بالمنديل والكم، ووضع القصاع والأواني غير مغسولة، ووضع أواني الماء غير مغطاة الرؤوس، وترك بيوت العنكبوت في المنزل، والاستخفاف بالصلاة، وتعجيل الخروج إلى المسجد، والبكور إلى السوق وتأخير الرجوع عنه إلى العشاء، وشراء الخبز من الفقراء، واللعن على الأولاد، والكذب، وخياطة الثوب على البدن، وإطفاء السراج بالنفس (1). الاستخفاف بالحج [372] 1 - الصدوق، عن أحمد بن محمد بن الهيثم العجلي، عن أحمد بن الحسن القطان ومحمد بن أحمد السناني والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب وعبد الله بن محمد الصائغ وعلي بن عبد الله الوراق رضي الله عنهم قالوا: حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، عن بكر بن عبد الله بن حبيب، عن تميم بن بهلول، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال: هذه شرايع الدين لمن أراد أن يتمسك بها وأراد الله هداه:... والكبائر محرمة، وهي الشرك بالله عز وجل وقتل النفس التي حرم الله وعقوق الوالدين والفرار من الزحف وأكل مال اليتيم ظلما وأكل الربا بعد البينة وقذف المحصنات وبعد ذلك الزنا واللواط والسرقة وأكل الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به من غير ضرورة وأكل السحت والبخس من المكيال والميزان والميسر وشهادة الزور واليأس من روح الله والأمن من مكر الله والقنوط من
(1) جامع الأخبار: 343 ح 1. 204 رحمة الله وترك معاونة المظلومين والركون إلى الظالمين واليمين الغموس وحبس الحقوق من غير عسر واستعمال الكبر والتجبر والكذب والإسراف والتبذير والخيانة والاستخفاف بالحج والمحاربة لأولياء الله عز وجل، والملاهي التي تصد عن ذكر الله تبارك وتعالى مكروهة كالغناء وضرب الأوتار والإصرار على صغائر الذنوب، ثم قال (عليه السلام): إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين (1). [373] 2 - الصدوق حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري العطار (رضي الله عنه) بنيسابور في شعبان سنة اثنين وخمسين وثلثمأة، قال: حدثنا علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري، عن الفضل بن شاذان قال: سأل المأمون علي بن موسى الرضا (عليه السلام) أن يكتب له محض الإسلام على سبيل الإيجاز والاختصار، فكتب (عليه السلام) له:... واجتناب الكبائر وهي قتل النفس التي حرم الله تعالى والزنا والسرقة وشرب الخمر وعقوق الوالدين والفرار من الزحف وأكل مال اليتيم ظلما وأكل الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله تعالى به من غير ضرورة وأكل الربا بعد البينة والسحت والميسر والقمار والبخس في المكيال والميزان وقذف المحصنات واللواط وشهادة الزور واليأس من روح الله والأمن من مكر الله والقنوط من رحمة الله ومعونة الظالمين والركون إليهم واليمين الغموس وحبس الحقوق من غير العسرة والكذب والكبر والإسراف والتبذير والخيانة والاستخفاف بالحج والمحاربة لأولياء الله تعالى والاشتغال بالملاهي والإصرار على الذنب (2). الرواية معتبرة سندا. والمراد باليمين الغموس: اليمين الكاذبة.
(1) الخصال: 2 / 603 ح 9. (2) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 2 / 121 ح 1. 205 الاستخفاف بالحرام [374] 1 - الصدوق بإسناده إلى محمد بن سنان في ما كتب إليه الرضا (عليه السلام) في جواب مسائله:... وعلة تحريم الربا بعد البينة لما فيه من الاستخفاف بالحرام المحرم وهي كبيرة بعد البيان وتحريم الله تعالى لها، ولم يكن ذلك منه إلا استخفاف بالتحريم للحرام، والاستخفاف بذلك دخول في الكفر (1). الاستخفاف بالمشايخ [375] 1 - الحسن بن محمد بن الحسن القمي، عن سهل بن زياد، عن عبد العظيم الحسني، عن إسحاق الناصح مولى جعفر، عن أبي الحسن الأول (عليه السلام) قال: قم عش آل محمد (عليهم السلام) ومأوى شيعتهم، ولكن سيهلك جماعة من شبابهم بمعصية آبائهم والاستخفاف والسخرية بكبرائهم ومشايخهم، ومع ذلك يدفع الله عنهم شر الأعادي وكل سوء (2). الاستخفاف بالمؤمن [376] 1 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن أبي هارون، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال لنفر عنده وأنا حاضر: مالكم تسخفون بنا؟ قال: فقام اليه رجل من خراسان فقال: معاذ لوجه الله أن نستخف بك أو بشيء من أمرك، فقال: بلى إنك أحد من استخف بي فقال: معاذ لوجه الله أن أستخف بك، فقال له: ويحك ألم تسمع فلانا ونحن بقرب الجحفة وهو يقول لك: احملني قدر ميل فقد والله أعييت، والله ما رفعت به رأسا، لقد
(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 2 / 88 ح 1. (2) تاريخ قم: ونقل عنه في بحار الأنوار: 14 / 339 من طبع الكمباني و 60 / 214 ح 31 من طبعة طهران. 206 استخففت به، ومن استخف بمؤمن فينا استخف وضيع حرمة الله عز وجل (1). [377] 2 - الحسين بن سعيد الأهوازي رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: لا تستخف بأخيك المؤمن فيرحمه الله عز وجل عند استخفافك ويغير ما بك (2). [378] 3 - سبط الطبرسي رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: لا تستخفوا بفقراء شيعة علي (عليه السلام) فإن الرجل منهم يشفع في مثل ربيعة ومضر (3)
(1) الكافي: 8 / 102 ح 73، ونقل عنه في وسائل الشيعة: 12 / 272 طبع آل البيت (عليهم السلام). (2) المؤمن: 68 ح 181. (3) مشكاة الأنوار: 322. 207 الاستدراج [379] 1 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن عبد الله بن جندب، عن سفيان بن السمط قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن الله إذا أراد بعبد خيرا فأذنب ذنبا أتبعه بنقمة ويذكره الاستغفار، وإذا أراد بعبد شرا فأذنب ذنبا أتبعه بنعمة لينسيه الاستغفار ويتمادى بها، وهو قول الله عز وجل: (سنستدرجهم من حيث لا يعلمون) (1) بالنعم عند المعاصي (2). [380] 2 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن سماعة بن مهران قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (سنستدرجهم من حيث لا يعلمون) قال: هو العبد يذنب الذنب فتجد له النعمة معه تلهيه تلك النعمة عن الاستغفار من ذلك الذنب (3). [381] 3 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد وعلي بن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن بعض أصحابه قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن الاستدراج فقال: هو العبد يذنب الذنب فيملى له ويجدد له عندها النعم فتلهيه عن الاستغفار من الذنوب، فهو مستدرج من حيث لا يعلم (4). الإملاء: الإمهال.
(1) سورة الأعراف: 182. (2) الكافي: 2 / 452. (3) الكافي: 2 / 452. (4) الكافي: 2 / 452. 208 [382] 4 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن سليمان [ابن داود] المنقري، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كم من مغرور بما قد أنعم الله عليه، وكم من مستدرج بستر الله عليه، وكم من مفتون بثناء الناس عليه (1). الرواية معتبرة الإسناد. [383] 5 - الكليني، عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسن بن عطية، عن عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إني سألت الله عز وجل أن يرزقني مالا فرزقني، وإني سألت الله أن يرزقني ولدا فرزقني ولدا، وسألته أن يرزقني دارا فرزقني، وقد خفت أن يكون ذلك استدراجا، فقال: أما والله مع الحمد فلا (2). الرواية صحيحة لأن المراد بعمر بن يزيد بياع السابري الثقة بقرينة نقل الحسن عنه. [384] 6 - الصدوق، عن ماجيلويه، عن عمه، عن البرقي، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن إبراهيم بن زياد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله تبارك وتعالى أهبط ملكا إلى الأرض فلبث فيها دهرا طويلا ثم عرج إلى السماء فقيل له: ما رأيت؟ قال رأيت عجائب كثيرة، وأعجب ما رأيت أني رأيت عبدا متقلبا في نعمتك يأكل رزقك ويدعي الربوبية فعجبت من جرأته عليك ومن حلمك عنه، فقال الله جل جلاله: فمن حلمي عجبت؟ قال: نعم، [يا رب] قال: قد أمهلته أربعمائة سنة لا يضرب عليه عرق ولا يريد من الدنيا شيئا إلا ناله ولا يتغير عليه فيها مطعم ولا مشرب (3).
(1) الكافي: 2 / 452. (2) الكافي: 2 / 97 ح 17. (3) الخصال: 41 ح 31، ونقل عنه في بحار الأنوار: 70 / 381. 209 [385] 7 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: أيها الناس ليركم الله من النعمة وجلين كما يراكم من النقمة فرقين، إنه من وسع عليه في ذات يده فلم ير ذلك استدراجا فقد أمن مخوفا، ومن ضيق عليه في ذات يده فلم ير ذلك اختبارا فقد ضيع مأمولا (1). [386] 8 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: كم من مستدرج بالاحسان اليه ومغرور بالستر عليه ومفتون بحسن القول فيه، وما ابتلى الله أحدا بمثل الإملاء له (2). [387] 9 - الآمدي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: إذا رأيت الله سبحانه يتابع عليك النعم مع المعاصي فهو استدراج لك (3). [388] 10 - المجلسي نقلا من الطبرسي رفعه إلى الصادق (عليه السلام) قال: إذا أحدث العبد ذنبا جدد له نقمة فيدع الاستغفار فهو الاستدراج (4).
(1) نهج البلاغة: الحكمة 358. (2) نهج البلاغة: الحكمة 116. (3) غرر الحكم: ح 4047. (4) بحار الأنوار: 90 / 281. 210 الاستعانة [389] 1 - الصدوق، عن محمد بن علي ماجيلويه، عن محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي القرشي، عن نصر بن مزاحم، عن عمر بن سعد، عن يوسف بن يزيد، عن عبد الله بن عوف بن الأحمر قال: لما أراد أمير المؤمنين (عليه السلام) المسير إلى النهروان أتاه منجم فقال له: يا أمير المؤمنين لا تسر في هذه الساعة وسر في ثلاث ساعات يمضين من النهار، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): لم ذاك؟ قال: لأنك إن سرت في هذه الساعة أصابك وأصاب أصحابك أذى وضر شديد، وإن سرت في الساعة التي أمرتك ظفرت وظهرت وأصبت كلما طلبت، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): تدري ما في بطن هذه الدابة أذكر أم أنثى؟ قال: إن حسبت علمت، قال له أمير المؤمنين (عليه السلام): من صدقك على هذا القول فقد كذب بالقرآن، قال الله تعالى: (إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير) (1) ما كان محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) يدعي ما ادعيت، أتزعم أنك تهدي إلى الساعة التي من سار فيها صرف عنه السوء والساعة التي من سار فيها حاق به الضر، من صدقك بهذا استغنى بقولك عن الاستعانة بالله عز وجل في ذلك الوجه وأحوج إلى الرغبة إليك في دفع المكروه عنه، وينبغي له أن يوليك الحمد دون ربه عز وجل فمن آمن لك بهذا فقد اتخذك من دون الله ندا وضدا. ثم قال (عليه السلام): اللهم
(1) سورة لقمان: 34. 211 لا طير إلا طيرك ولا ضير إلا ضيرك ولا خير إلا خيرك ولا إله غيرك، بل نكذبك ونخالفك ونسير في الساعة التي نهيت عنها (1). [390] 2 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصية له لنجله الحسن (عليه السلام) التي كتبها اليه بحاضرين عند انصرافه من صفين:... واعلم يا بني أن أحب ما أنت آخذ به إلي من وصيتي تقوى الله والاقتصار على ما فرضه الله عليك والأخذ بما مضى عليه الأولون من آبائك والصالحون من أهل بيتك، فإنهم لم يدعوا أن نظروا لأنفسهم كما أنت ناظر وفكروا كما أنت مفكر ثم ردهم آخر ذلك إلى الأخذ بما عرفوا والإمساك عما لم يكلفوا، فإن أبت نفسك أن تقبل ذلك دون أن تعلم كما علموا فليكن طلبك ذلك بتفهم وتعلم لا بتورط الشبهات وعلق الخصومات، وابدأ قبل نظرك في ذلك بالاستعانة بإلهك والرغبة إليه في توفيقك وترك كل شائبة أولجتك في شبهة أو أسلمتك إلى ضلالة، فإن أيقنت أن قد صفا قلبك فخشع وتم رأيك فاجتمع وكان همك في ذلك هما واحدا فانظر فيما فسرت لك... (2). [391] 3 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) في كتاب له إلى الأشتر النخعي لما ولاه على مصر وأعمالها:... وليس يخرج الوالي من حقيقة ما ألزمه الله من ذلك إلا بالاهتمام والاستعانة بالله وتوطين نفسه على لزوم الحق والصبر عليه فيما خف عليه أو ثقل... (3). وقد روى النجاشي والشيخ هذا العهد بسندهما المعتبر كما مر منا. [392] 4 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) قاله لبعض أصحابه لما عزم على المسير إلى الخوارج وقد قال له: إن سرت يا أمير المؤمنين في هذا الوقت خشيت أن لا تظفر
(1) أمالي الصدوق: المجلس الرابع والستون ح 16 / 500 الرقم 687 الطبعة الحديثة، ونقل عنه في بحار الأنوار: 58 / 223 طبع إيران و 55 / 223 طبع بيروت. (2) نهج البلاغة: الكتاب 31. (3) نهج البلاغة: الكتاب 53. 212 بمرادك من طريق علم النجوم، فقال (عليه السلام): أتزعم أنك تهدي إلى الساعة التي من سار فيها صرف عنه السوء؟ وتخوف من الساعة التي من سار فيها حاق به الضر؟ فمن صدقك بهذا فقد كذب القرآن واستغنى عن الاستعانة بالله في نيل المحبوب ودفع المكروه، وتبتغي في قولك للعامل بأمرك أن يوليك الحمد دون ربه، لأنك بزعمك أنت هديته إلى الساعة التي نال فيها النفع وأمن الضر!! ثم أقبل (عليه السلام) على الناس فقال: أيها الناس، إياكم وتعلم النجوم إلا ما يهتدى به في بر أو بحر فإنها تدعو إلى الكهانة، والمنجم كالكاهن، والكاهن كالساحر، والساحر كالكافر، والكافر في النار، سيروا على اسم الله. [393] 5 - ابن شعبة الحراني رفعه إلى علي بن الحسين (عليه السلام) في ختام رسالة الحقوق:... فهذه خمسون حقا محيطا بك لا تخرج منها في حال من الأحوال يجب عليك رعايتها والعمل في تأديتها والاستعانة بالله جل ثناؤه على ذلك ولا حول ولا قوة إلا بالله والحمد لله رب العالمين (1). [394] 6 - ابن أبي جمهور الأحسائي قال: روي في بعض الأخبار انه دخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) رجل اسمه مجاشع فقال: يا رسول الله كيف الطريق إلى معرفة الحق؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): معرفة النفس، فقال: يا رسول الله فكيف الطريق إلى موافقة الحق؟ قال: مخالفة النفس، فقال: يا رسول الله فكيف الطريق إلى رضا الحق؟ قال: سخط النفس، فقال: يا رسول الله فكيف الطريق إلى وصل الحق؟ قال: هجر النفس، فقال: يا رسول الله فكيف الطريق إلى طاعة الحق؟ قال: عصيان النفس، فقال: يا رسول الله فكيف الطريق إلى ذكر الحق؟ قال: نسيان النفس، فقال: يا رسول الله فكيف الطريق إلى قرب الحق؟ قال: التباعد من النفس، فقال: يا رسول الله فكيف
(1) تحف العقول: 272. 213 الطريق إلى انس الحق؟ قال: الوحشة من النفس، فقال: يا رسول الله فكيف الطريق إلى ذلك؟ قال: الاستعانة بالحق على النفس (1). [395] 7 - القطب الراوندي بإسناده إلى الصدوق، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن القاسم بن محمد، عن داود بن سليمان، عن حماد بن عيسى، عن الصادق (عليه السلام) انه قال في حديث: إن لقمان قال لابنه: ولا تستعن في أمورك إلا بمن يحب أن يتخذ في قضاء حاجتك أجرا، فانه إذا كان كذلك طلب قضاء حاجتك لك كطلبه لنفسه لأنه بعد نجاحها لك كان ربحا في الدنيا الفانية وحظا وذخرا له في الدار الباقية، فيجتهد في قضائها لك، وليكن إخوانك وأصحابك الذين تستخلصهم وتستعين بهم على أمورك أهل المروة والكفاف والثروة والعقل والعفاف، الذين إن نفعتهم شكروك وإن غبت عن جيرتهم ذكروك (2). [396] 8 - الآمدي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: من استعان بالله أعانه (3). [397] 9 - الآمدي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: وقوا دينكم بالاستعانة بالله (4). [398] 10 - الآمدي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: من استعان بذوي الألباب سلك سبيل الرشاد (5).
(1) عوالي اللآلي: 1 / 246، ونقل عنه في بحار الأنوار: 67 / 72. (2) قصص الأنبياء: 194 ح 242، ونقل عنه في مستدرك الوسائل: 2 / 413 ونقل عن المستدرك في جامع أحاديث الشيعة: 16 / 133. (3) غرر الحكم: ح 7763. (4) غرر الحكم: ح 10107. (5) غرر الحكم: ح 8912. 214 الاستعداد للموت [399] 1 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: جاء جبرئيل إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا محمد عش ما شئت فإنك ميت، واحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك لاقيه (1). الرواية صحيحة الإسناد. [400] 2 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن النعمان، عن ابن مسكان، عن داود بن فرقد [أبي يزيد] عن ابن أبي شيبة الزهري، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الموت الموت، ألا ولابد من الموت، جاء الموت بما فيه، جاء بالروح والراحة والكرة المباركة إلى جنة عالية لأهل دار الخلود الذين كان لها سعيهم وفيها رغبتهم، وجاء الموت بما فيه بالشقوة والندامة وبالكرة الخاسرة إلى نار حامية لأهل دار الغرور الذين كان لها سعيهم وفيها رغبتهم. ثم قال: وقال: إذا استحقت ولاية الله والسعادة جاء الأجل بين العينين وذهب الأمل وراء الظهر، وإذا استحقت ولاية الشيطان والشقاوة جاء الأمل بين العينين وذهب الأجل وراء الظهر. قال: وسئل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أي المؤمنين أكيس؟ فقال أكثرهم ذكرا للموت وأشدهم له استعدادا (2). [401] 3 - الكليني باسناده إلى أبي جعفر (عليه السلام) فقال:... ان أمير المؤمنين (عليه السلام) خطب الناس بالمدينة بعد سبعة أيام من وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وذلك حين فرغ من جمع
(1) الكافي: 3 / 255 ح 17. (2) الكافي: 3 / 257 ح 27. 215 القرآن وتأليفه فقال:... من عرف الأيام لم يغفل عن الاستعداد، ألا وإن مع كل جرعة شرقا، وإن في كل أكلة غصصا، لا تنال نعمة إلا بزوال اخرى، ولكل ذي رمق قوت، ولكل حبة آكل، وأنت قوت الموت. اعلموا أيها الناس انه من مشى على وجه الأرض فانه يصير إلى بطنها، والليل والنهار يتنازعان [يتسارعان] في هدم الأعمار (1). [402] 4 - الصدوق، عن أبيه، عن سعد، عن ابن هاشم، عن ابن أبي نجران، عن ابن حميد، عن ابن قيس، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) بالكوفة إذا صلى العشاء الآخرة ينادي الناس ثلاث مرات حتى يسمع أهل المسجد: أيها الناس تجهزوا رحمكم الله فقد نودي فيكم بالرحيل فما التعرج على الدنيا بعد نداء فيها بالرحيل، تجهزوا رحمكم الله وانتقلوا بأفضل ما بحضرتكم من الزاد وهو التقوى، واعلموا أن طريقكم إلى المعاد وممركم على الصراط والهول الأعظم أمامكم وعلى طريقكم عقبة كؤود ومنازل مهولة مخوفة لابد لكم من الممر عليها والوقوف بها، فإما برحمة من الله فنجاة من هولها وعظم خطرها وفظاعة منظرها وشدة مختبرها، وإما بهلكة ليس بعدها انجبار (2). الرواية صحيحة الإسناد. [403] 5 - الصدوق، عن محمد بن القاسم المفسر، عن أحمد بن الحسن الحسيني، عن الحسن بن علي العسكري (عليه السلام)، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قيل لأمير المؤمنين (عليه السلام): ما الاستعداد للموت؟ قال: أداء الفرائض واجتناب المحارم والاشتمال على المكارم، ثم لا يبالي أن وقع على الموت أو الموت وقع عليه، والله لا يبالي ابن أبي طالب إن وقع على الموت أو الموت وقع عليه (3).
(1) الكافي: 8 / 23 ح 4. (2) أمالي الصدوق: المجلس الخامس والسبعون ح 7 / 402، ونقل عنه في بحار الأنوار: 68 / 263. (3) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 1 / 297 ح 55. 216 [404] 6 - الصدوق، عن المفسر، عن الحسيني، عن العسكري، عن آبائه، عن الرضا عن أبيه (عليهم السلام) قال: رأى الصادق (عليه السلام) رجلا قد اشتد جزعه على ولده فقال: يا هذا أجزعت للمصيبة الصغرى وغفلت عن المصيبة الكبرى، لو كنت لما صار إليه ولدك مستعدا لما اشتد جزعك عليه، فمصابك بتركك الاستعداد له أعظم من مصابك بولدك (1). [405] 7 - الطوسي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: أيها الناس أصبحتم أغراضا تنتضل فيكم المنايا وأموالكم نهب المصائب، وما طعمتم في الدنيا من طعام فلكم فيه غصص، وما شربتموه من شراب فلكم فيه شرق، وأشهد بالله ما تنالون من الدنيا نعمة تفرحون بها إلا بفراق اخرى تكرهونها. أيها الناس إنا خلقنا وإياكم للبقاء لا للفناء ولكنكم من دار إلى دار تنقلون، فتزودوا لما أنتم صائرون إليه وخالدون فيه، والسلام (2). [406] 8 - الآمدي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: استعدوا ليوم تشخص فيه الأبصار وتتدله لهوله العقول وتتبلد البصائر (3). [407] 9 - الآمدي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: احذر الموت وأحسن له الاستعداد تسعد بمنقلبك (4). [408] 10 - الآمدي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: نعم الاعتداد العمل للمعاد (5). الروايات في هذا المجال كثيرة وإن شئت أكثر من هذا فراجع بحار الأنوار: 68 / 263، وجامع أحاديث الشيعة: 14 / 52 وغيرها.
(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 2 / 52 ح 200. (2) أمالي الطوسي: المجلس الثامن ح 29 / 216 الرقم 379. (3) غرر الحكم: ح 2573. (4) غرر الحكم: ح 2613. (5) غرر الحكم: ح 9911. 217 الاستغفار أهمية الاستغفار [409] 1 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): خير الدعاء الاستغفار (1). الرواية معتبرة. [410] 2 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن حسين بن سيف، عن أبي جميلة، عن عبيد بن زرارة قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إذا أكثر العبد من الاستغفار رفعت صحيفته وهي تتلألأ (2). [411] 3 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان لا يقوم من مجلس وان خف حتى يستغفر الله عز وجل خمسا وعشرين مرة (3). [412] 4 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن الحارث بن المغيرة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يستغفر الله عز وجل في كل يوم سبعين مرة ويتوب إلى الله عز وجل سبعين مرة. قال: قلت: كان يقول «أستغفر الله وأتوب اليه»؟ قال: كان يقول: «استغفر الله استغفر الله» سبعين مرة، ويقول: «وأتوب إليه وأتوب إليه» سبعين مرة (4). الرواية صحيحة الإسناد.
(1) الكافي: 2 / 504. (2) الكافي: 2 / 504. (3) الكافي: 2 / 504. (4) الكافي: 2 / 504. 218 [413] 5 - الكليني، عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن حسين بن زيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الاستغفار وقول «لا إله إلا الله» خير العبادة، قال الله العزيز الجبار: (فاعلم أنه لا اله إلا الله واستغفر لذنبك) (1) (2). [414] 6 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن عدة من أصحابنا رفعوه قالوا: قال: لكل شيء دواء ودواء الذنوب الاستغفار (3). نقل الرواية الصدوق بسنده المعتبر في ثواب الأعمال: 197 ح 1. [415] 7 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): من قال: «أستغفر الله» مائة مرة في [كل] يوم غفر الله عز وجل له سبعمائة ذنب، ولا خير في عبد يذنب في [كل] يوم سبعمائة ذنب (4). [416] 8 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما من مؤمن يقارف في يومه وليلته أربعين كبيرة فيقول وهو نادم «استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم بديع السماوات والأرض ذو الجلال والإكرام وأسأله أن يصلي على محمد وآل محمد وأن يتوب علي» إلا غفرها الله عز وجل له، ولا خير فيمن يقارف في يوم أكثر من أربعين كبيرة (5). [417] 9 - الصدوق، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن الهيثم بن أبي مسروق
(1) سورة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم): 19. (2) الكافي: 2 / 505. (3) الكافي: 2 / 439. (4) الكافي: 2 / 439. (5) الكافي: 2 / 438. 219 النهدي، عن إسماعيل ابن سهل قال: كتب إلى أبي جعفر الثاني (عليه السلام): علمني شيئا إذا أنا قلته كنت معكم في الدنيا والآخرة، قال: فكتب بخطه أعرفه: أكثر من «تلاوة إنا أنزلناه» ورطب شفتيك بالاستغفار (1). [418] 10 - الصدوق، عن محمد بن علي ماجيلويه، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن موسى بن جعفر، عن الحسن بن علي بن بقاح، عن صالح بن عقبة، عن عبد الله بن محمد الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعته يقول: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: «مقامي فيكم والاستغفار لكم حصن حصين من العذاب» فمضى أكبر الحصنين وبقي الاستغفار، فأكثروا منه، فانه ممحاة للذنوب، قال الله عز وجل: (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) (2) (3). الاستغفار من الذنب والمبادرة به قبل سبع ساعات [419] 1 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن فضل بن عثمان المرادي قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أربع من كن فيه لم يهلك على الله بعدهن إلا هالك، يهم العبد بالحسنة فيعملها، فإن هو لم يعملها كتب الله له حسنة بحسن نيته، وإن هو عملها كتب الله له عشرا ويهم بالسيئة أن يعملها فإن لم يعملها لم يكتب عليه شيء وإن هو عملها أجل سبع ساعات وقال صاحب الحسنات لصاحب السيئات وهو صاحب الشمال: لا تعجل عسى أن يتبعها بحسنة تمحوها، فإن الله عز وجل يقول: (ان الحسنات يذهبن السيئات) (4) أو الاستغفار، فإن هو قال «استغفر الله الذي لا اله إلا هو عالم الغيب
(1) ثواب الأعمال: 197 ح 4. (2) سورة الأنفال: 34. (3) ثواب الأعمال: 197 ح 3. (4) سورة هود: 114. 220 والشهادة العزيز الحكيم الغفور الرحيم ذو الجلال والاكرام وأتوب إليه» لم يكتب عليه شيء، وإن مضت سبع ساعات ولم يتبعها بحسنة واستغفار قال صاحب الحسنات لصاحب السيئات: اكتب على الشقي المحروم (1). الرواية صحيحة الإسناد. [420] 2 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير وأبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن أبي أيوب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من عمل سيئة أجل فيها سبع ساعات من النهار فإن قال «أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم» ثلاث مرات لم تكتب عليه (2). الرواية صحيحة الإسناد. [421] 3 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه وأبي علي الأشعري ومحمد بن يحيى جميعا، عن الحسين بن إسحاق، عن علي بن مهزيار، عن فضالة بن أيوب، عن عبد الصمد بن بشير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: العبد المؤمن إذا أذنب ذنبا أجله الله سبع ساعات فإن استغفر الله لم يكتب عليه شيء وإن مضت الساعات ولم يستغفر كتبت عليه سيئة، وإن المؤمن ليذكر ذنبه بعد عشرين سنة حتى يستغفر ربه فيغفر له، وإن الكافر لينساه من ساعته (3). الرواية صحيحة. [422] 4 - الكليني، عن أبي علي الأشعري ومحمد بن يحيى جميعا، عن الحسين بن إسحاق وعلي بن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن علي بن مهزيار، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان، عن حفص قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: ما من
(1) الكافي: 2 / 229. (2) الكافي: 2 / 437. (3) الكافي: 2 / 437. 221 مؤمن يذنب ذنبا إلا أجله الله عز وجل سبع ساعات من النهار، فإن هو تاب لم يكتب عليه شيء، وإن هو لم يفعل كتب [الله] عليه سيئة. فأتاه عباد البصري فقال له: بلغنا أنك قلت: ما من عبد يذنب ذنبا إلا أجله الله عز وجل سبع ساعات من النهار؟ فقال: ليس هكذا قلت، ولكني قلت: ما من مؤمن، وكذلك كان قولي (1). الرواية صحيحة الإسناد، وتدل على أن تأخير كتابة الإثم يختص بالمؤمن لا غيره. [423] 5 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حمران، عن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن العبد إذا أذنب ذنبا أجل من غدوه إلى الليل، فإن استغفر الله لم يكتب عليه (2). الرواية صحيحة الإسناد. والروايات في هذا المجال كثيرة إن شئت راجع الكافي: 2 / 437، ووسائل الشيعة: 11 / 351، ومستدرك الوسائل: 12 / 119، وغيرها من كتب الأخبار. الاستغفار من الذنب كلما ذكره [424] 1 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة بياع الأكيسة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن المؤمن ليذنب الذنب فيذكر بعد عشرين سنة فيستغفر الله منه فيغفر له، وإنما يذكره ليغفر له، وإن الكافر ليذنب الذنب فينساه من ساعته (3). الرواية موثقة وتدل عليه صحيحة عبد الصمد بن بشير المذكورة في العنوان السابق ح 3.
(1) الكافي: 2 / 439. (2) الكافي: 2 / 437. (3) الكافي: 2 / 438. 222 [425] 2 - الطوسي بإسناده إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في وصيته إلى أبي ذر، قال (صلى الله عليه وآله وسلم):... إن العبد ليذنب الذنب فيدخل إلى الله بذنبه ذلك الجنة، فقلت: وكيف ذلك يا رسول الله؟ قال: يكون ذلك الذنب نصب عينه تائبا منه فارا إلى الله حتى يدخل الجنة... (1). [426] 3 - العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن الرجل ليذكر ذنبه بعد سبع وعشرين سنة ما يذكره إلا ليستغفر الله منه فيغفر له (2). [427] 4 - الحسين بن سعيد، عن بعض أصحابنا، عن علي بن شجرة، عن عيسى بن راشد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) انه قال:... وأنه (يعني المؤمن) ليذكر ذنبه بعد عشرين سنة فيستغفر الله فيغفر له، ثم قرأ: (ومن يعمل سوء أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما) (3) (4). [428] 5 - الآمدي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: إعادة الاعتذار تذكر بالذنب (5). الاستغفار في السحر [429] 1 - الصدوق، عن أبيه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن معاوية بن عمار قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: في قول الله تعالى: (وبالأسحار هم يستغفرون) (6) قال: كانوا يستغفرون الله في آخر الوتر في آخر الليل سبعين مرة (7). الرواية صحيحة الإسناد.
(1) أمالي الطوسي: المجلس التاسع عشر ح 1 / 530 الرقم 1162. (2) كتاب العلاء بن رزين: 150. (3) سورة النساء: 110. (4) كتاب الزهد: 74. (5) غرر الحكم: ح 1467. (6) سورة الذاريات: 18. (7) علل الشرايع: 364. 223 [430] 2 - الصدوق، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن أبي إسماعيل السراج، عن عبد الله بن مسكان، عن عبد الله بن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: استغفر الله في الوتر سبعين مرة تنصب يدك اليسرى وتعد باليمنى (1). الرواية صحيحة. [431] 3 - الصدوق، عن أبيه، عن محمد بن يحيى، عن العمركي، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر، عن أبيه، عن علي (عليهم السلام) قال: إن الله إذا أراد أن يصيب أهل الأرض بعذاب قال: لولا الذين يتحابون بجلالي ويعمرون مساجدي ويستغفرون بالأسحار لأنزلت عذابي (2). الرواية صحيحة. [432] 4 - الصدوق، عن أحمد بن هارون الفامي، عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إن الله تبارك وتعالى إذا رأى أهل قرية قد أسرفوا في المعاصي وفيها ثلاثة نفر من المؤمنين ناداهم جل جلاله وتقدست أسماؤه: يا أهل معصيتي لولا من فيكم من المؤمنين المتحابين بجلالي العامرين بصلاتهم أرضي ومساجدي والمستغفرين بالأسحار خوفا مني لأنزلت بكم عذابي ثم لا أبالي (3). [433] 5 - الصدوق، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عمر بن يزيد ولا أعلمه إلا عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من قال
(1) علل الشرايع: 364. (2) علل الشرايع: 521، ونقل عنه في وسائل الشيعة: 11 / 374 (16 / 91). (3) أمالي الصدوق: المجلس 36 ح 8 / 166. 224 في وتره إذا أوتر «استغفر الله وأتوب اليه» سبعين مرة وهو قائم فواظب على ذلك حتى مضى له سنة كتبه الله عنده من المستغفرين بالأسحار ووجبت له المغفرة من الله عز وجل (1). الرواية صحيحة الإسناد. كلما عاد المؤمن بالاستغفار عاد الله عليه بالمغفرة [434] 1 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: يا محمد بن مسلم ذنوب المؤمن إذا تاب منها مغفورة له، فليعمل المؤمن لما يستأنف بعد التوبة والمغفرة، أما والله إنها ليست إلا لأهل الإيمان، قلت: فإن عاد بعد التوبة والاستغفار من الذنوب وعاد في التوبة؟ فقال: يا محمد بن مسلم أترى العبد المؤمن يندم على ذنبه ويستغفر منه ويتوب، ثم لا يقبل الله توبته؟ قلت: فانه فعل ذلك مرارا يذنب ثم يتوب ويستغفر [الله]، فقال: كلما عاد المؤمن بالاستغفار والتوبة عاد الله عليه بالمغفرة وإن الله غفور رحيم، يقبل التوبة ويعفو عن السيئات، فإياك أن تقنط المؤمنين من رحمة الله (2). الرواية صحيحة الإسناد. [435] 2 - الديلمي رفعه وقال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يستغفر الله في كل يوم سبعين مرة يقول: أستغفر الله ربي وأتوب اليه، وكذلك أهل بيته (عليهم السلام) وصالحو أصحابه لقوله تعالى: (واستغفروا ربكم ثم توبوا اليه) (3). وقال رجل: إني أذنبت، فقال: استغفر الله، فقال: إني أتوب ثم أعود، فقال: كلما أذنبت استغفر الله، فقال: إذن
(1) ثواب الأعمال: 204. (2) الكافي: 2 / 315. (3) سورة هود: 9. 225 تكثر ذنوبي، فقال: عفو الله أكثر، فلا تزال تتوب حتى يكون الشيطان هو المدحور (1). من لحقته شدة أو نكبة أو ضيق فقال ثلاثين ألف مرة «أستغفر الله» فرج الله عنه [436] 1 - البرقي، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من ظهرت عليه النعمة فليكثر ذكر الحمد لله، ومن كثرت همومه فعليه بالاستغفار، ومن ألح عليه الفقر فليكثر من قول «لا حول ولا قوة إلا بالله» ينفي الله عنه الفقر (2). الرواية معتبرة. [437] 2 - السيد علي بن طاوس رفعه إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) انه قال: من لحقته شدة أو نكبة أو ضيق فقال ثلاثين ألف مرة «استغفر الله وأتوب اليه» إلا فرج الله تعالى عنه. قال الراوي: وهذا خبر صحيح وقد جرب (3). [438] 3 - ابن فهد الحلي رفعه قال (عليه السلام): من أكثر الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب (4). [439] 4 - جعفر بن محمد بن شريح، عن عبد الله بن طلحة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) انه قال في حديث: ادفعوا أبواب البلاء بالاستغفار (5).
(1) إرشاد القلوب: 45. (2) المحاسن: 1 / 42، ونقل عنه في جامع أحاديث الشيعة: 15 / 495. (3) مهج الدعوات: ورد الحديث في صفحة 19 من كتاب المجتنى من دعاء المجتبى الملحق بمهج الدعوات، ونقل عنه في مستدرك الوسائل: 12 / 143، ونقل عنه في جامع أحاديث الشيعة: 14 / 374. (4) عدة الداعي: 249، ونقل عنه في جامع أحاديث الشيعة: 15 / 495. (5) كتاب جعفر بن محمد بن شريح: 77، ونقل عنه في مستدرك الوسائل: 1 / 387 الطبع القديم، ونقل عنه في جامع أحاديث الشيعة: 1 / 496. 226 الاستغفار في رجب وشعبان [440] 1 - الصدوق، عن الحسين بن إبراهيم بن ناتانه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الريان بن الصلت قال: سمعت أبا الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) يقول: من قال في كل يوم من شعبان سبعين مرة «أستغفر الله وأسأله التوبة» كتب الله له براءة من النار وجوازا على الصراط وأدخله دار القرار (1). [441] 2 - الصدوق، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن موسى بن جعفر البغدادي، عن محمد بن جمهور، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن محمد بن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من قال في كل يوم من شعبان سبعين مرة «أستغفر الله الذي لا اله إلا هو الرحمن الرحيم الحي القيوم وأتوب إليه» كتب في الافق المبين. قال: قلت: وما الافق المبين؟ قال: قاع بين يدي العرش فيه أنهار تطرد فيه من القدحان عدد النجوم (2). ونقلها الصدوق في الخصال: 582 أيضا. [442] 3 - الصدوق، عن محمد بن إبراهيم بن إسحاق، عن أحمد بن محمد الهمداني، عن علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه قال: سمعت علي بن موسى الرضا (عليه السلام) يقول: من استغفر الله تبارك وتعالى في شعبان سبعين مرة غفر الله له ذنوبه ولو كانت مثل عدد النجوم (3). [443] 4 - الصدوق، عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، عن علي بن إبراهيم، عن جعفر بن سلمة الأهوازي، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن إبراهيم بن ميمون، عن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) قال: صوم شعبان كفارة الذنوب العظام حتى لو أن رجلا
(1) أمالي الصدوق: المجلس الحادي والتسعون: ح 6 / 501 (2) ثواب الأعمال: 198. (3) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 1 / 291. 227 بلي بدم حرام فصام من هذا الشهر أياما ومات رجوت له المغفرة. قال: قلت: فما أفضل الدعاء في هذا الشهر؟ فقال: الاستغفار، إن من استغفر في شعبان في كل يوم سبعين مرة كان كمن استغفر في غيره من الشهور سبعين ألف مرة، قلت: فكيف أقول: قال: قل: أستغفر الله وأسأله التوبة (1). [444] 5 - علي بن موسى بن طاوس رفعه إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) انه قال: من قال في رجب «استغفر الله الذي لا إله إلا هو وحده لا شريك له وأتوب اليه» مائة مرة وختمها بالصدقة ختم الله له بالمغفرة والرحمة، ومن قالها أربعمائة مرة كتب الله له أجر مائة شهيد، فإذا كان يوم القيامة يقول الله له: قد أقررت بملكي على ما شئت حتى أعطيك فانه لا مقتدر غيري (2). وفي رواية: من استغفر الله في رجب وسأله التوبة سبعين مرة بالغداة وسبعين مرة بالعشي يقول «استغفر الله وأتوب اليه» فإذا بلغ تمام سبعين مرة رفع يديه وقال: اللهم اغفر لي وتب علي، فإن مات في رجب مات مرضيا عنه ولا تمسه النار ببركة رجب. سيد الاستغفار [445] 1 - الصدوق، عن الحاكم عبد الحميد بن عبد الرحمن بن الحسن النيسابوري، عن أبي يزيد الهروي، عن سلمة بن شبيب، عن محمد بن منيب العدني، عن السري بن يحيى، عن هشام، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله: ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: تعلموا سيد الاستغفار: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك وأبوء بنعمتك علي وأبوء لك بذنبي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت (3). باء - يبوء بوء - إليه: رجع، وبالذنب: أقر.
(1) فضائل شعبان: 56. (2) الإقبال: 648. (3) معاني الأخبار: 140. 228 الاستغناء [446] 1 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: شرف المؤمن قيام الليل وعزه استغناؤه عن الناس (1). الرواية صحيحة الإسناد. [447] 2 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه وعلي بن محمد القاساني جميعا، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: رأيت الخير كله قد اجتمع في قطع الطمع عما في أيدي الناس، ومن لم يرج الناس في شيء ورد أمره إلى الله عز وجل في جميع اموره استجاب الله له في كل شيء (2). [448] 3 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن الحسين بن أبي العلاء، عن عبد الأعلى بن أعين قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: طلب الحوائج إلى الناس استلاب للعز ومذهبة للحياء، واليأس مما في أيدي الناس عز للمؤمن في دينه، والطمع هو الفقر الحاضر (3). الاستلاب: الاختلاس، أي يصير سببا لسلب العز سريعا. [449] 4 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن عمار الساباطي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه
(1) الكافي: 2 / 148. (2) الكافي: 2 / 148. (3) الكافي: 2 / 148. 229 يقول: ليجتمع في قلبك الافتقار إلى الناس والاستغناء عنهم، فيكون افتقارك إليهم في لين كلامك وحسن بشرك، ويكون استغناؤك عنهم في نزاهة عرضك وبقاء عزك (1). [450] 5 - الصدوق، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن هاشم، عن علي بن معبد قال: أخبرني أحمد بن عمر، عن يحيى بن عمران، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: ليجتمع في قلبك الافتقار إلى الناس والاستغناء عنهم، يكون افتقارك إليهم في لين كلامك وحسن بشرك، ويكون استغناؤك عنهم في نزاهة عرضك وبقاء عزك (2). [451] 6 - الصدوق، عن أبيه، عن علي، عن أبيه، عن صفوان، عن الكناني، عن الصادق (عليه السلام) قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):... خير الغنى غنى النفس... الحديث (3). الرواية صحيحة الإسناد، ونقلها الآمدي مرفوعا عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في غرر الحكم: ح 4949. [452] 7 - الصدوق بإسناده عن أمير المؤمنين (عليه السلام):... امنن على من شئت تكن أميره، واحتج إلى من شئت تكن أسيره، واستغن عمن شئت تكن نظيره (4). [453] 8 - الصدوق، عن محمد بن موسى بن المتوكل، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن حديد المدائني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: صونوا دينكم بالورع وقوة التقى والاستغناء بالله عن طلب الحوائج من السلطان، واعلموا انه أيما مؤمن خضع لصاحب السلطان أو من يخالفه على دينه طلبا لما في يديه أخمله الله ومقته عليه ووكله إليه، فإن هو غلب على شيء من دنياه وصار
(1) الكافي: 2 / 149. (2) معاني الأخبار: 267. (3) أمالي الصدوق: المجلس الرابع والسبعون ح 1 / 394. (4) الخصال: 2 / 420 ح 14. 230 في يده منه شيء نزع الله البركة منه ولم يؤجر على شيء ينفقه في حج ولا عمرة ولا عتق (1). الرواية صحيحة الإسناد. [454] 9 - الطوسي، عن جماعة، عن أبي المفضل، عن الحسن بن علي بن سهل العاقولي، عن موسى بن عمر الصيقل، عن معمر بن خلاد، عن علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، عن آبائه (عليهم السلام) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: جاء أيوب الأنصاري - واسمه خالد بن زيد - إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا رسول الله أوصني واقلل لعلي أن احفظ، قال: أوصيك بخمس: باليأس عما في أيدي الناس فانه الغنى، وإياك والطمع فانه الفقر الحاضر، وصل صلاة مودع، وإياك وما تعتذر منه، وأحب لأخيك ما تحب لنفسك (2). [455] 10 - في الفقه المنسوب إلى الرضا (عليه السلام): نروي أن رجلا أتى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ليسأله فسمعه وهو يقول: من سألنا أعطيناه ومن استغنى أغناه الله، فانصرف ولم يسأله، ثم عاد إليه فسمع مثل مقالته فلم يسأله، حتى فعل ذلك ثلاثا، فلما كان في اليوم الثالث مضى واستعار فأسا وصعد الجبل فاحتطب وحمله إلى السوق فباعه بنصف صاع من الشعير فأكله هو وعياله ثم أدام على ذلك حتى جمع ما اشترى به فأسا، ثم اشترى بكرين وغلاما وأيسر فصار إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فأخبره فقال: أليس قد قلنا: من سأل أعطيناه ومن استغنى أغناه الله (3).
(1) عقاب الأعمال: 293. (2) أمالي الطوسي: المجلس الثامن عشر ح 18 / 508 الرقم 1111. (3) فقه الرضا (عليه السلام): 365. 231 الاستقامة الاستقامة من دين الأئمة (عليهم السلام) [456] 1 - الصدوق، عن عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري، عن علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري، عن الفضل بن شاذان قال: سأل المأمون علي بن موسى الرضا (عليه السلام) أن يكتب له محض الاسلام على سبيل الإيجاز والاختصار، فكتب (عليه السلام):... وإن من دينهم (أي دين الأئمة): الورع والعفة والصدق والصلاح والاستقامة والاجتهاد وأداء الأمانة إلى البر والفاجر وطول السجود وصيام النهار وقيام الليل وانتظار الفرج بالصبر وحسن العزاء وكرم الصحبة الحديث (1). الرواية معتبرة الإسناد. الاستقامة إنما هي على الولاية [457] 1 - شرف الدين علي الحسيني الأسترآبادي رفعه إلى محمد بن العباس، عن محمد بن الحسين بن حميد، عن جعفر بن عبد الله المحمدي، عن كثير بن عياش، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله عز وجل: (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا) يقول: استكملوا طاعة الله ورسوله وولاية آل محمد (عليهم السلام) ثم استقاموا عليها (تتنزل عليهم الملائكة) يوم القيامة (أن لا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون) (2) فأولئك هم الذين إذا فزعوا يوم القيامة حين
(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 2 / 121. (2) سورة فصلت: 30. 232 يبعثون تتلقاهم الملائكة ويقولون لهم: لا تخافوا ولا تحزنوا نحن الذين كنا معكم في الحياة الدنيا لا نفارقكم حتى تدخلوا الجنة (وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون) (1). [458] 2 - الأسترآبادي يقول: وقال أيضا: حدثنا أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمد اليساري، عن محمد بن خالد، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا) الآية، قال: استقاموا على الأئمة واحدا بعد واحد (2). [459] 3 - الأسترآبادي رفعه إلى محمد بن العباس، عن أحمد بن هوذة الباهلي، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن سماعة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: في قول الله عز وجل (وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا * لنفتنهم) (3) قال: يعني استقاموا على الولاية في الأصل عند الأظلة حين أخذ الله الميثاق على ذرية آدم (لأسقيناهم ماء غدقا * لنفتنهم) يعني لكنا أسقيناهم من الماء الفرات العذب (4). [460] 4 - الأسترآبادي قال: ويؤيده ما رواه أيضا عن أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن محمد بن علي، عن محمد بن مسلم، عن بريد العجلي قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل (وأن لو استقاموا على الطريقة) قال: يعني على الولاية. (لأسقيناهم ماء غدقا) قال: لأذقناهم علما كثيرا يتعلمونه من الأئمة (عليهم السلام). قلت: قوله (لنفتنهم فيه) قال: إنما هؤلاء بفتنتهم فيه
(1) تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة: 2 / 536 ح 8. (2) تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة: 2 / 537 ح 9. (3) سورة الجن: 16 و 17. (4) تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة: 2 / 727 ح 1. 233 يعني المنافقين (1). [461] 5 - الطبرسي قال: وفي تفسير أهل البيت (عليهم السلام) عن أبي بصير قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام) قول الله عز وجل (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا) قال: هو والله ما أنتم عليه. (وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا * لنفتنهم). وعن بريد العجلي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: معناه لأفدناهم علما كثيرا يتعلمونه من الأئمة (2). الروايات في هذا المجال كثيرة فراجع إن شئت بحار الأنوار: 24 / 25. الاستقامة على طريقة الإمام [462] 1 - السيد علي بن طاوس نقلا من كتاب الوصية لعيسى بن المستفاد، عن موسى بن جعفر (عليه السلام) عن أبيه (عليه السلام) قال: دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أبا ذر وسلمان والمقداد فقال لهم: تعرفون شرائع الاسلام وشروطه؟ قالوا: نعرف ما عرفنا الله ورسوله، فقال: هي والله أكثر من أن تحصى: أشهدوني على أنفسكم وكفى بالله شهيدا وملائكته عليكم شهود بشهادة أن لا إله إلا الله مخلصا لا شريك له في سلطانه ولا نظير له في ملكه، وأني رسول الله بعثني بالحق وأن القرآن امام من الله وحكم عدل، وأن القبلة قبلتي شطر المسجد الحرام لكم قبله، وأن علي بن أبي طالب (عليه السلام) وصي محمد وأمير المؤمنين ومولاهم. وأن حقه من الله مفروض واجب وطاعته طاعة الله ورسوله والأئمة من ولده، وأن مودة أهل بيتي مفروضة واجبة على كل مؤمن ومؤمنة، مع إقامة الصلاة لوقتها، وإخراج الزكاة من حلها ووضعها في أهلها، وإخراج الخمس من كل ما يملكه أحد من الناس حتى يرفعه إلى ولي المؤمنين وأميرهم وبعده إلى ولده، فمن عجز ولم يقدر إلا
(1) تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة: 2 / 728 ح 3. (2) مجمع البيان: 10 / 372 في تفسير سورة الجن. 234 على اليسير من المال فليدفع ذلك إلى الضعفاء من أهل بيتي من ولد الأئمة، فإن لم يقدر فلشيعتهم ممن لا يأكل بهم الناس ولا يريد بهم إلا الله وما وجب عليهم من حقي، والعدل في الرعية والقسم بالسوية والقول بالحق. وأن يحكم بالكتاب على ما عمل عليه أمير المؤمنين (عليه السلام) وبالفرائض على كتاب الله وأحكامه، وإطعام الطعام على حبه، وحج البيت، والجهاد في سبيل الله، وصوم شهر رمضان، وغسل الجنابة، والوضوء الكامل على اليدين والوجه والذراعين إلى المرافق والمسح على الرأس والقدمين إلى الكعبين لا على خف ولا على خمار ولا على عمامة، والحب لأهل بيتي في الله وحب شيعتهم لهم، والبغض لأعدائهم وبغض من والاهم والعداوة في الله وله، والإيمان بالقدر خيره وشره وحلوه ومره، وعلى أن يحللوا حلال القرآن ويحرموا حرامه، ويعملوا بالأحكام ويردوا المتشابه إلى أهله، فمن عمي عليه من علمه شيء لم يكن علمه مني ولا سمعه فعليه بعلي بن أبي طالب (عليه السلام) فانه قد علم كما قد علمته ظاهره وباطنه ومحكمه ومتشابهه، وهو يقاتل على تأويله كما قاتلت على تنزيله، وموالاة أولياء الله محمد وذريته الأئمة خاصة، ويتوالى من والاهم وشايعهم والبراءة والعداوة لمن عاداهم وشاقهم كعداوة الشيطان الرجيم، والبراءة ممن شايعهم وتابعهم والاستقامة على طريقة الإمام. واعلموا أني لا اقدم على علي أحدا، فمن تقدمه فهو ظالم والبيعة بعدي لغيره ضلالة وفلتة وذلة الأول ثم الثاني ثم الثالث، وويل للرابع ثم الويل له وويل له ولأبيه مع ويل لمن كان قبله وويل لهما ولأصحابهما، لا غفر الله لهما، فهذه شروط الإسلام وما بقي أكثر. قالوا: سمعنا وأطعنا وقبلنا وصدقنا ونقول مثل ذلك ونشهد لك على أنفسنا بالرضا به أبدا حتى نقدم عليك، آمنا بسرهم وعلانيتهم ورضينا بهم أئمة وهداة وموالي. قال: وأنا معكم شهيد ثم قال: نعم وتشهدون أن الجنة حق وهي محرمة على الخلائق حتى أدخلها، قالوا: نعم، قال: وتشهدون أن النار حق وهي محرمة على
235 الكافرين حتى يدخلها أعداء أهل بيتي والناصبون لهم حربا وعداوة، ولا عنهم ومبغضهم وقاتلهم كمن لعنني أو أبغضني أو قاتلني وهم في النار، قالوا: شهدنا وعلى ذلك أقررنا، قال: وتشهدون أن عليا صاحب حوضي والذائد عنه وهو قسيم النار يقول: ذلك لك فاقبضه ذميما وهذا لي فلا تقربنه فينجو سليما، قالوا: شهدنا على ذلك ونؤمن به، قال: وأنا على ذلك شهيد (1). شيعة علي (عليه السلام) على منهاج الحق والاستقامة [463] 1 - الطبري بإسناده إلى الصدوق عن أبيه، عن سعد، عن البرقي، عن القاسم، عن جده، عن أبي عبد الله، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على منبره: يا علي إن الله عز وجل وهب لك حب المساكين والمستضعفين في الأرض فرضيت بهم إخوانا ورضوا بك إماما، فطوبى لمن أحبك وصدق عليك، وويل لمن أبغضك وكذب عليك. يا علي أنت العلم لهذه الأمة، من أحبك فاز ومن أبغضك هلك. يا علي أنا المدينة وأنت بابها. يا علي أهل مودتك كل أواب حفيظ وكل ذي طمر لو أقسم على الله لبر قسمه. يا علي إخوانك كل ظاهر زكي مجتهد عند الخلق عظيم المنزلة عند الله عز وجل. يا علي محبوك جيران الله في دار الفردوس لا يأسفون على ما فاتهم من الدنيا. يا علي أنا ولي لمن واليت وأنا عدو لمن عاديت. يا علي من أحبك فقد أحبني ومن أبغضك فقد أبغضني. يا علي إخوانك الذبل الشفاه تعرف الرهبانية في وجوههم. يا علي إخوانك يفرحون في ثلاث مواطن عند خروج أنفسهم وأنا شاهدهم وأنت وعند المساءلة في قبورهم وعند العرض وعند الصراط، إذا سئل الخلق عن إيمانهم فلم يجيبوا. يا علي حربك حربي وسلمك سلمي، وحربي حرب الله وسلمي سلم الله،
(1) الطرف: 11، ونقل عنه في بحار الأنوار: 22 / 316 ح 1. 236 ومن سالمك فقد سالمني ومن سالمني فقد سالم الله عز وجل. يا علي بشر إخوانك فإن الله عز وجل قد رضي عنهم إذ رضيك لهم قائدا ورضوا بك وليا. يا علي أنت أمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين. يا علي شيعتك المنتجبون، ولو لا أنت وشيعتك ما قام لله عز وجل دين، ولو لا من في الأرض منكم لما أنزلت السماء قطرها. يا علي لك كنز في الجنة وأنت ذو قرنيها، شيعتك تعرف بحزب الله عز وجل. يا علي أنت وشيعتك الفائزون بالقسط وخيرة الله من خلقه. يا علي أنا أول من ينفض التراب عن رأسه وأنت معي ثم سائر الخلق. يا علي أنت وشيعتك على الحوض تسقون من أحببتم وتمنعون من كرهتم، وأنتم الآمنون يوم الفزع الأكبر في ظل العرش، يفزع الناس ولا تفزعون ويحزن الناس ولا تحزنون فيكم نزلت هذه الآية (إن الذين سبقت لهم منا الحسنى اولئك عنها مبعدون) (1) وفيهم نزلت (لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون) (2). يا علي أنت وشيعتك تطلبون في الموقف، وأنتم في الجنان تتنعمون. يا علي إن الملائكة والخزان يشتاقون إليكم وإن حملة العرش والملائكة المقربين ليخصونكم بالدعاء ويسألون الله لمحبيكم ويفرحون لمن قدم عليهم منكم كما يفرح الأهل بالغائب القادم بعد طول الغيبة. يا علي شيعتك الذين يخافون الله في السر وينصحونه في العلانية. يا علي شيعتك الذين يتنافسون في الدرجات لأنهم يلقون الله عز وجل وما عليهم ذنب. يا علي إن أعمال شيعتك ستعرض علي في كل جمعة فأفرح بصالح ما يبلغني من أعمالهم وأستغفر لسيئاتهم. يا علي ذكرك في التوراة وذكر شيعتك قبل أن يخلقوا بكل خير، وكذلك في الإنجيل فاسأل أهل الإنجيل وأهل الكتاب يخبرونك عن إليا مع علمك بالتوراة والإنجيل وما
(1) سورة الأنبياء: 101. (2) سورة الأنبياء: 103. 237 أعطاك الله عز وجل من علم الكتاب، وإن أهل الإنجيل ليتعاظمون إليا وما يعرفونه وما يعرفون شيعته وإنما يعرفونهم بما يجدونهم في كتبهم. يا علي إن أصحابك ذكرهم في السماء أكبر وأعظم من ذكر أهل الأرض لهم بالخير فليفرحوا بذلك وليزدادوا اجتهادا. يا علي إن أرواح شيعتك لتصعد إلى السماء في رقادهم ووفاتهم فتنظر الملائكة إليها كما ينظر الناس إلى الهلال شوقا إليهم ولما يرون من منزلتهم عند الله عز وجل. يا علي قل لأصحابك العارفين بك يتنزهون عن الأعمال التي يقارفها عدوهم، فما من يوم ولا ليلة إلا ورحمة الله تبارك وتعالى تغشاهم فليجتنبوا الدنس. يا علي اشتد غضب الله عز وجل على من قلاهم وبرئ منك ومنهم واستبدل بك وبهم ومال إلى عدوك وتركك وشيعتك واختار الضلال ونصب الحرب لك ولشيعتك وأبغضنا أهل البيت وأبغض من والاك ونصرك واختارك وبذل مهجته وماله فينا. يا علي أقرئهم مني السلام من رآني منهم ومن لم يرني وأعلمهم أنهم إخواني الذين أشتاق إليهم فليلقوا عملي إلى من لم يبلغ قرني من أهل القرون من بعدي وليتمسكوا بحبل الله وليعتصموا به وليجتهدوا في العمل فإنا لا نخرجهم من هدى إلى ضلالة، وأخبرهم أن الله عز وجل راض عنهم وأنه يباهي ملائكته وينظر إليهم في كل جمعة برحمته ويأمر الملائكة أن تستغفر لهم. يا علي لا ترغب عن نصرة قوم يبلغهم أو يسمعون أني أحبك فاحبوك لحبي إياك ودانوا الله عز وجل بذلك وأعطوك صفو المودة من قلوبهم واختاروك على الآباء والإخوة والأولاد وسلكوا طريقك، وقد حملوا على المكاره فينا فأبوا إلا نصرنا وبذل المهج فينا مع الأذى وسوء القول وما يقاسونه من مضاضة ذلك، فكن بهم رحيما واقنع بهم فإن الله عز وجل اختارهم بعلمه لنا من بين الخلق وخلقهم من طينتنا واستودعهم سرنا وألزم قلوبهم معرفة حقنا وشرح صدورهم متمسكين بحبلنا لا يؤثرون علينا من خالفنا مع ما يزول من الدنيا عنهم، أيدهم الله وسلك بهم طريق الهدى فاعتصموا به،
238 فالناس في عمه الضلالة متحيرون في الأهواء عموا عن الحجة وما جاء من عند الله عز وجل فهم يصبحون ويمسون في سخط الله وشيعتك على منهاج الحق والاستقامة لا يستأنسون إلى من خالفهم وليست الدنيا منهم وليسوا منها، أولئك مصابيح الدجى، أولئك مصابيح الدجى (1). الاستقامة في العمل [464] 1 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: العمل العمل ثم النهاية النهاية والاستقامة الاستقامة ثم الصبر الصبر والورع الورع، ان لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم، وإن لكم علما فاهتدوا بعلمكم، وإن للإسلام غاية فانتهوا إلى غايته، وأخرجوا إلى الله بما افترض عليكم من حقه وبين لكم من وظائفه، أنا شاهد لكم وحجيج يوم القيامة عنكم... (2). [465] 2 - الآمدي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: لا سبيل أشرف من الاستقامة (3). لا تصلح الولاة إلا باستقامة الرعية [466] 1 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال:... ثم جعل سبحانه من حقوقه حقوقا افترضها لبعض الناس على بعض، فجعلها تتكافأ في وجوهها، ويوجب بعضها بعضا، ولا يستوجب بعضها إلا ببعض، وأعظم ما افترض سبحانه من تلك الحقوق حق الوالي على الرعية وحق الرعية على الوالي، فريضة فرضها الله سبحانه لكل على كل فجعلها نظاما لألفتهم وعزا لدينهم، فليست تصلح الرعية إلا بصلاح
(1) بشارة المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) لشيعة المرتضى (عليه السلام): 180، ونقل عنه في بحار الأنوار: 65 / 48 ح 91. (2) نهج البلاغة: الخطبة 176. (3) غرر الحكم: ح 10556. 239 الولاة، ولا تصلح الولاة إلا باستقامة الرعية، فإذا أدت الرعية إلى الوالي حقه وأدى الوالي إليها حقها عز الحق بينهم وقامت مناهج الدين واعتدلت معالم العدل وجرت على أذلالها السنن، فصلح بذلك الزمان وطمع في بقاء الدولة ويئست مطامع الأعداء... (1). الاستقامة سلامة [467] 1 - الآمدي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: الاستقامة سلامة (2). [468] 2 - الآمدي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: من طلب السلامة لزم الاستقامة (3). [469] 3 - الآمدي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: من لزم الاستقامة لم يعدم السلامة (4). [470] 4 - الآمدي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: من رغب في السلامة ألزم نفسه الاستقامة (5). [471] 5 - الآمدي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: لا مسلك أسلم من الاستقامة (6).
(1) نهج البلاغة: الخطبة 216. (2) غرر الحكم: ح 244. (3) غرر الحكم: ح 8041. (4) غرر الحكم: ح 8117. (5) غرر الحكم: ح 8497. (6) غرر الحكم: ح 10636. 240 الاستهزاء إن الله عز وجل لا يسخر ولا يستهزئ [472] 1 - الصدوق، عن المعاذي، عن أحمد الهمداني، عن علي بن فضال، عن أبيه قال سألت الرضا (عليه السلام) عن قول الله عز وجل (كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون) (1) فقال: إن الله تبارك وتعالى لا يوصف بمكان يحل فيه فيحجب عنه فيه عباده ولكنه يعني أنهم عن ثواب ربهم محجوبون. قال: وسألته عن قول الله عز وجل (وجاء ربك والملك صفا صفا) (2) فقال: ان الله عز وجل لا يوصف بالمجيء والذهاب تعالى عن الانتقال إنما يعني بذلك وجاء أمر ربك والملك صفا صفا. قال: وسألته عن قول الله عز وجل (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة) (3) قال: يقول هل ينظرون إلا أن يأتيهم بالملائكة في ظلل من الغمام وهكذا نزلت. قال وسألته عن قول الله عز وجل (سخر الله منهم) (4) وعن قول الله (يستهزئ بهم) (5) وعن قوله تعالى (ومكروا ومكر الله) (6) وعن قول الله عز وجل (يخادعون الله وهو خادعهم) (7) فقال: إن الله عز وجل لا يسخر ولا يستهزئ ولا يمكر ولا يخادع ولكنه عز
(1) سورة المطففين: 15. (2) سورة الفجر: 22. (3) سورة البقرة: 210. (4) سورة التوبة: 79. (5) سورة البقرة: 15. (6) سورة آل عمران: 54. (7) سورة النساء: 142. 241 وجل يجازيهم جزاء السخرية وجزاء الاستهزاء وجزاء المكر والخديعة، تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا (1). ونقلها الصدوق (رحمه الله) أيضا في كتابي عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 1 / 125 ح 19 ومعاني الأخبار: 13 ح 3 عنه (عليه السلام). وفي هذا العنوان راجع بحار الأنوار: 6 / 49 باب 21 إن شئت. الاستهزاء من الذنوب التي تنزل النقم [473] 1 - الصدوق، عن القطان، عن ابن زكريا، عن ابن حبيب، عن ابن بهلول، عن أبيه، عن عبد الله بن الفضل، عن أبيه، عن أبي خالد الكابلي قال: سمعت علي بن الحسين (عليه السلام) يقول: الذنوب التي تغير النعم البغي على الناس والزوال عن العادة في الخير واصطناع المعروف وكفران النعم وترك الشكر، قال الله عز وجل (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) (2). والذنوب التي تورث الندم قتل النفس التي حرم الله، قال الله تعالى (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله) (3) وقال عز وجل في قصة قابيل حين قتل أخاه هابيل فعجز عن دفنه (فأصبح من النادمين) (4) وترك صلة القرابة حتى يستغنوا وترك الصلاة حتى يخرج وقتها وترك الوصية ورد المظالم ومنع الزكاة حتى يحضر الموت وينغلق اللسان. والذنوب التي تنزل النقم عصيان العارف بالبغي والتطاول على الناس والاستهزاء بهم والسخرية منهم. والذنوب التي تدفع القسم إظهار الافتقار والنوم عن العتمة وعن صلاة الغداة
(1) التوحيد: 163 و 162، ونقل عنه في بحار الأنوار: 3 / 318 ح 15. (2) سورة الرعد: 12. (3) سورة الاسراء: 32. (4) سورة المائدة: 34. 242 واستحقار النعم وشكوى المعبود عز وجل. والذنوب التي تهتك العصم شرب الخمر واللعب بالقمار وتعاطي ما يضحك الناس من اللغو والمزاح وذكر عيوب الناس ومجالسة أهل الريب. والذنوب التي تنزل البلاء ترك إغاثة الملهوف وترك معاونة المظلوم وتضييع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. والذنوب التي تديل الأعداء المجاهرة بالظلم وإعلان الفجور وإباحة المحظور وعصيان الأخيار والانطباع للأشرار. والذنوب التي تعجل الفناء قطيعة الرحم واليمين الفاجرة والأقوال الكاذبة والزنا وسد طريق المسلمين وادعاء الإمامة بغير حق. والذنوب التي تقطع الرجاء اليأس من روح الله والقنوط من رحمة الله والثقة بغير الله والتكذيب بوعد الله عز وجل. والذنوب التي تظلم الهواء السحر والكهانة والإيمان بالنجوم والتكذيب بالقدر وعقوق الوالدين. والذنوب التي تكشف الغطاء الاستدانة بغير نية الأداء والإسراف في النفقة على الباطل والبخل على الأهل والولد وذوي الأرحام وسوء الخلق وقلة الصبر واستعمال الضجر والكسل والاستهانة بأهل الدين. والذنوب التي ترد الدعاء سوء النية وخبث السريرة والنفاق مع الإخوان وترك التصديق بالإجابة وتأخير الصلوات المفروضات حتى تذهب أوقاتها وترك التقرب إلى الله عز وجل بالبر والصدقة واستعمال البذاء والفحش في القول. والذنوب التي تحبس غيث السماء جور الحكام في القضاء وشهادة الزور وكتمان الشهادة ومنع الزكاة والقرض والماعون وقساوة القلب على أهل الفقر والفاقة وظلم اليتيم والأرملة وانتهار السائل ورده بالليل (1).
(1) معاني الأخبار: 270 ح 2، ونقل عنه في بحار الأنوار: 70 / 375 ح 12. 243 سبعة أشياء بغير سبعة أشياء من الاستهزاء [474] 1 - الكراجكي، عن محمد بن أحمد بن شاذان القمي، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن صالح، عن سعد بن عبد الله، عن أيوب بن نوح قال: قال الرضا (عليه السلام): سبعة أشياء بغير سبعة أشياء من الاستهزاء: من استغفر بلسانه ولم يندم بقلبه فقد استهزأ بنفسه، ومن سأل الله التوفيق ولم يجتهد فقد استهزأ بنفسه، ومن استحزم ولم يحذر فقد استهزأ بنفسه، ومن سأل الله الجنة ولم يصبر على الشدائد فقد استهزأ بنفسه، ومن تعوذ بالله من النار ولم يترك شهوات الدنيا فقد استهزأ بنفسه، ومن ذكر الله ولم يستبق إلى لقائه فقد استهزأ بنفسه (1). ترى هاهنا شيئا من الاستهزاء؟ [475] 1 - الراوندي رفعه وقال: روى عن علي بن أبي حمزة قال: أخذ بيدي موسى بن جعفر (عليه السلام) يوما فخرجنا من المدينة إلى الصحراء فإذا نحن برجل مغربي على الطريق يبكي وبين يديه حمار ميت ورحله مطروح، فقال له موسى (عليه السلام): ما شأنك؟ قال: كنت مع رفقائي نريد الحج فمات حماري هاهنا وبقيت ومضى أصحابي وقد بقيت متحيرا ليس لي شيء أحمل عليه، فقال موسى: لعله لم يمت، قال: أما ترحمني حتى تلهو بي، قال: ان عندي رقية جيدة، قال الرجل: ليس يكفيني ما أنا فيه حتى تستهزئ بي، فدنا موسى من الحمار ونطق بشيء لم أسمعه وأخذ قضيبا كان مطروحا فضربه وصاح عليه فوثب الحمار صحيحا سليما، فقال: يا مغربي ترى هاهنا شيئا من الاستهزاء؟ إلحق بأصحابك، ومضينا وتركناه. قال علي بن أبي حمزة: فكنت واقفا يوما على بئر زمزم بمكة فإذا المغربي هناك فلما
(1) كنز الفوائد: 150، ونقل عنه في بحار الأنوار: 75 / 356 ح 11. 244 رآني عدا إلي وقبل يدي فرحا مسرورا فقلت له: ما حال حمارك؟ فقال هو والله سليم صحيح وما أدري من أين ذلك الرجل الذي من الله به علي فأحيا لي حماري بعد موته؟ فقلت له: قد بلغت حاجتك فلا تسأل عما لا تبلغ معرفته (1). لا يطمعن المستهزئ بالناس في صدق المودة [476] 1 - الصدوق، عن العطار، عن أبيه، عن الأشعري، عن أبي عبد الله الرازي، عن ابن أبي عثمان، عن أحمد بن عمر، عن يحيى الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام): لا يطمعن ذو الكبير في الثناء الحسن، ولا الخب في كثرة الصديق، ولا السيئ الأدب في الشرف، ولا البخيل في صلة الرحم، ولا المستهزىء بالناس في صدق المودة، ولا القليل الفقه في القضاء، ولا المغتاب في السلامة، ولا الحسود في راحة القلب، ولا المعاقب على الذنب الصغير في السؤدد، ولا القليل التجربة المعجب برأيه في رئاسة (2).
(1) الخرائج: 1 / 314، ونقل عنه في بحار الأنوار: 48 / 71 ح 95. (2) الخصال: 2 / 434 ح 20 باب العشرة. 245 الإسراف [477] 1 - العياشي رفعه إلى سلام بن المستنير، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله (ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل انه كان منصورا) (1) قال: هو الحسين بن علي (عليه السلام)، قتل مظلوما ونحن أولياؤه، والقائم منا إذا قام طلب بثأر الحسين (عليه السلام) فيقتل حتى يقال قد أسرف في القتل. وقال: المقتول الحسين ووليه القائم، والإسراف في القتل أن يقتل غير قاتله انه كان منصورا فانه لا يذهب من الدنيا حتى ينتصر برجل من آل رسول الله عليهم الصلاة والسلام، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما (2). [478] 2 - العياشي رفعه إلى علي بن جذاعة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: اتق الله ولا تسرف ولا تقتر وكن بين ذلك قواما، إن التبذير من الاسراف وقال الله: (لا تبذر تبذيرا) (3) إن الله لا يعذب على القصد (4). [479] 3 - العياشي رفعه إلى عامر بن جذاعة قال: دخل على أبي عبد الله (عليه السلام) رجل فقال: يا أبا عبد الله قرضا إلى ميسرة، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): إلى غلة تدرك؟ فقال: لا والله، فقال: إلى تجارة تودي؟ فقال: لا والله، قال: فإلى عقدة تباع؟ فقال: لا والله فقال: فأنت إذا ممن جعل الله له في أموالنا حقا، فدعا أبو عبد الله بكيس فيه
(1) سورة الإسراء: 33. (2) تفسير العياشي: 2 / 290، ونقل عنه في بحار الأنوار: 44 / 218 ح 7. (3) سورة الإسراء: 36. (4) تفسير العياشي: 2 / 288، ونقل عنه في بحار الأنوار: 72 / 302 ح 3. 246 دراهم فأدخل يده فناوله قبضة ثم قال: اتق الله ولا تسرف ولا تقتر وكن بين ذلك قواما، إن التبذير من الإسراف قال الله: (ولا تبذر تبذيرا) وقال: ان الله لا يعذب على القصد (1). [480] 4 - العياشي رفعه إلى أحمد بن محمد، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) يقول في الإسراف: في الحصاد والجداد أن يصدق الرجل بكفيه جميعا، وكان أبي إذا حضر شيئا من هذا فرأى أحدا من غلمانه تصدق بكفيه صاح به: اعط بيد واحدة، القبضة بعد القبضة، والضغث بعد الضغث من السنبل (2). [481] 5 - العياشي رفعه إلى أبان بن تغلب قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): أترى الله أعطى من أعطى من كرامته عليه ومنع من منع من هوان به عليه؟ لا، ولكن المال مال الله يضعه عند الرجل ودايع، وجوز لهم أن يأكلوا قصدا ويشربوا قصدا ويلبسوا قصدا وينكحوا قصدا ويركبوا قصدا ويعودوا بما سوى ذلك على فقراء المؤمنين ويلموا به شعثهم، فمن فعل ذلك كان ما يأكل حلالا ويشرب حلالا ويركب وينكح حلالا ومن عدا ذلك كان عليه حراما، ثم قال: لا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين، أترى الله ائتمن رجلا على مال خول له أن يشتري فرسا بعشرة آلاف درهم ويجزيه فرس بعشرين درهما ويشتري جارية بألف دينار ويجزيه بعشرين دينارا؟ وقال: (ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) (3) (4). [482] 6 - البرقي، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما من نفقة أحب إلى الله من نفقة قصد، ويبغض الإسراف إلا في حج أو عمرة (5).
(1) تفسير العياشي: 2 / 288، ونقل عنه في بحار الأنوار: 72 / 302 ح 4. (2) تفسير العياشي: 1 / 379، ونقل عنه في بحار الأنوار: 93 / 97 ح 18. (3) سورة الأنعام: 141. وسورة الأعراف: 31. (4) تفسير العياشي: 2 / 13، ونقل عنه في بحار الأنوار: 72 / 305 ح 6. (5) المحاسن: 2 / 104 ح 79 الرقم 1280 الطبعة الحديثة. 247 الرواية صحيحة الإسناد، ونحوها صحيحة عبد الله بن أبي يعفور المروية في الفقيه: 3 / 167 ح 3621. [483] 7 - الحميري، عن ابن عيسى، عن البزنطي قال: سألت الرضا (عليه السلام) عن قول الله عز وجل (وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا) (1) أيش الإسراف؟ قال: هكذا يقرأها من قبلكم؟ قلت: نعم، قال: افتح الفم بالحاء، قلت: حصاده، وكان أبي (عليه السلام) يقول: من الإسراف في الحصاد والجداد أن يصدق الرجل بكفيه جميعا، وكان أبي (عليه السلام) إذا حضر حصد شيء من هذا فرأى أحدا من غلمانه يصدق بكفيه صاح به وقال: اعطه بيد واحدة، القبضة بعد القبضة، والضغث بعد الضغث من السنبل، وأنتم تسمونه عندكم الأندر (2). [484] 8 - الكليني، عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة قال: دخل سفيان الثوري على أبي عبد الله (عليه السلام) فرأى عليه ثياب بياض كأنها غرقيء (3) البيض، فقال له: إن هذا اللباس ليس من لباسك، فقال له: اسمع مني وع ما أقول لك فإنه خير لك عاجلا وآجلا إن أنت مت على السنة والحق ولم تمت على بدعة، أخبرك ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان في زمان مقفر جدب، فأما إذا أقبلت الدنيا فأحق أهلها بها أبرارها لا فجارها ومؤمنوها لا منافقوها ومسلموها لا كفارها، فما أنكرت يا ثوري فوالله إنني لمع ما ترى ما أتى علي مذ عقلت صباح ولا مساء ولله في مالي حق أمرني أضعه موضعا إلا وضعته. قال: وأتاه قوم ممن يظهرون التزهد ويدعون الناس أن يكونوا معهم على مثل الذي هم عليه من التقشف فقالوا له: إن صاحبنا حصر (4) على كلامك ولم تحضره
(1) سورة الأنعام: 141. (2) قرب الإسناد: 367 ح 1316، ونقل عنه في بحار الأنوار: 93 / 94 ح 6. (3) الغرقيء: القشرة الملتصقة ببياض البيض. (4) الحصر - هنا -: العي عن الجواب والكلام، ويقصدون بصاحبهم الثوري. 248 حججه، فقال لهم: فهاتوا حججكم، فقالوا له: إن حججنا من كتاب الله، فقال لهم: فادلوا بها فإنها أحق ما اتبع وعمل به، فقالوا: يقول الله تبارك وتعالى مخبرا عن قوم من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون) (1) فمدح فعلهم، وقال في موضع آخر (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا) (2) فنحن نكتفي بهذا. فقال رجل من الجلساء: إنا رأيناكم تزهدون في الأطعمة الطيبة ومع ذلك تأمرون الناس بالخروج من أموالهم حتى تمتعوا أنتم منها؟ فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): دعوا عنكم ما لا تنتفعون به أخبروني أيها النفر ألكم علم بناسخ القرآن من منسوخه ومحكمه من متشابهه الذي في مثله ضل من ضل وهلك من هلك من هذه الأمة؟ فقالوا له: أو بعضه (3) فأما كله فلا، فقال لهم: فمن هاهنا أتيتم وكذلك أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). فأما ما ذكرتم من إخبار الله عز وجل إيانا في كتابه عن القوم الذين أخبر عنهم بحسن فعالهم فقد كان مباحا جائزا ولم يكونوا نهوا عنه، وثوابهم منه على الله عز وجل وذلك أن الله جل وتقدس أمر بخلاف ما عملوا به فصار أمره ناسخا لفعلهم، وكان نهي الله تبارك وتعالى رحمة منه للمؤمنين ونظرا، لكي لا يضروا بأنفسهم وعيالاتهم منهم الضعفة الصغار والولدان والشيخ الفاني والعجوز الكبيرة الذين لا يصبرون على الجوع فإن تصدقت برغيفي ولا رغيف لي غيره ضاعوا وهلكوا جوعا، فمن ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خمس تمرات أو خمس قرص أو دنانير أو درهم يملكها الإنسان وهو يريد أن يمضيها فأفضلها ما أنفقه الإنسان على والديه، ثم الثانية على نفسه وعياله، ثم الثالثة على قرابته الفقراء، ثم الرابعة على جيرانه الفقراء، ثم الخامسة في سبيل الله
(1) سورة الإنسان: 8. (2) سورة الحشر: 9. (3) أي بل بعضه. 249 وهو أخسها أجرا. وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) للأنصاري حين أعتق عند موته خمسة أو ستة من الرقيق ولم يكن يملك غيرهم وله أولاد صغار: لو أعلمتموني أمره ما تركتكم تدفنونه مع المسلمين، يترك صبية صغارا يتكففون الناس؟ ثم قال: حدثني أبي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: ابدأ بمن تعول الأدنى فالأدنى ثم هذا ما نطق به الكتاب ردا لقولكم ونهيا عنه، مفروضا من الله العزيز الحكيم قال (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما) (1) أفلا ترون أن الله تبارك وتعالى قال غير ما أراكم تدعون الناس اليه من الأثرة على أنفسهم وسمي من فعل ما تدعون إليه مسرفا، وفي غير آية من كتاب الله يقول (انه لا يحب المسرفين) (2) فنهاهم عن الإسراف ونهاهم عن التقتير ولكن أمر بين أمرين لا يعطي جميع ما عنده ثم يدعو الله أن يرزقه فلا يستجيب له، للحديث الذي جاء عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): إن أصنافا من أمتي لا يستجاب لهم دعاؤهم: رجل يدعو على والديه، ورجل يدعو على غريم ذهب له بمال فلم يكتب عليه ولم يشهد عليه، ورجل يدعو على امرأته وقد جعل عز وجل تخلية سبيلها بيده، ورجل يقعد في بيته ويقول: رب ارزقني ولا يخرج ولا يطلب الرزق فيقول الله عز وجل له: عبدي ألم أجعل لك السبيل إلى الطلب والضرب في الأرض بجوارح صحيحة فتكون قد أعذرت فيما بيني وبينك في الطلب لاتباع أمري ولكيلا تكون كلا على أهلك فإن شئت رزقتك وإن شئت قترت عليك وأنت غير معذور عندي، ورجل رزقه الله عز وجل مالا كثيرا فأنفقه ثم أقبل يدعو يا رب ارزقني فيقول الله عز وجل: ألم أرزقك رزقا واسعا؟ فهلا اقتصدت فيه كما أمرتك ولم تسرف وقد نهيتك عن الإسراف؟ ورجل يدعو في قطيعة رحم.
(1) سورة الفرقان: 67. (2) سورة الأنعام: 141، وسورة الأعراف: 31. 250 ثم علم الله عز وجل نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) كيف ينفق وذلك انه كانت عنده أوقية من الذهب فكره أن تبيت عنده فتصدق بها فأصبح وليس عنده شيء، وجاءه من يسأله فلم يكن عنده ما يعطيه فلامه السائل واغتم هو حيث لم يكن عنده ما يعطيه وكان رحيما رقيقا، فأدب الله عز وجل نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) بأمره فقال (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا) (1) يقول: إن الناس قد يسألونك ولا يعذرونك، فإذا أعطيت جميع ما عندك من المال كنت قد حسرت من المال. فهذه أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يصدقها الكتاب والكتاب يصدقه أهله من المؤمنين. وقال أبو بكر عند موته حيث قيل له: أوص، فقال: أوص بالخمس، والخمس كثير فإن الله تعالى قد رضي بالخمس فأوصى بالخمس، وقد جعل الله عز وجل له الثلث عند موته ولو علم أن الثلث خير له أوصى بها. ثم من قد علمتم بعده في فضله وزهده سلمان وأبو ذر رضي الله عنهما. فأما سلمان فكان إذا أخذ عطاءه رفع من قوته لسنته حتى يحضر عطاؤه من قابل، فقيل له: يا أبا عبد الله أنت في زهدك تصنع هذا وأنت لا تدري لعلك تموت اليوم أو غدا؟! فكان جوابه أن قال: مالكم لا ترجون لي البقاء كما خفتم علي الفناء؟ أما علمتم يا جهله ان النفس قد تلتاث (2) على صاحبها إذا لم يكن لها من العيش ما تعتمد عليه فإذا هي أحرزت معيشتها اطمأنت. وأما أبو ذر فكانت له نويقات وشويهات يحلبها ويذبح منها إذا اشتهى أهله اللحم أو نزل به ضيف أو رأى بأهل الماء الذين هم معه خصاصة نحر لهم الجزور أو من الشاة على قدر ما يذهب عنهم بقرم اللحم (3) فيقسمه بينهم ويأخذ هو كنصيب واحد منهم لا يتفضل عليهم.
(1) سورة الإسراء: 29. (2) أي تبطىء أو تسترخي وتضعف. (3) أي شهوة اللحم. 251 ومن أزهد من هؤلاء؟ وقد قال فيهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما قال، ولم يبلغ من أمرهما أن صارا لا يملكان شيئا البتة، كما تأمرون الناس بإلقاء أمتعتهم وشيئهم ويؤثرون به على أنفسهم وعيالاتهم... الحديث (1). الرواية معتبرة سندا. [485] 9 - الإربلي نقلا من كتاب الدلائل عن محمد بن حمزة السروري قال: كتبت على يد أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري وكان لي مواخيا إلى أبي محمد (عليه السلام) أسأله أن يدعو لي بالغنى وكنت قد أملقت، فأوصلها وخرج إلي على يده: أبشر فقد أجلك الله تبارك وتعالى بالغنى، مات ابن عمك يحيى بن حمزة وخلف مائة ألف درهم وهي واردة عليك فاشكر الله، وعليك بالاقتصاد، وإياك والإسراف فانه من فعل الشيطنة. فورد علي بعد ذلك قادم معه سفاتج من حران فإذا ابن عمي قد مات في اليوم الذي رجع إلي أبو هاشم بجواب مولاي أبي محمد واستغنيت، وزال الفقر عني كما قال (2). [486] 10 - الصدوق، عن أبيه، عن سعد، عن ابن أبي الخطاب، عن جعفر بن بشير، عن داود الرقي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن القصد أمر يحبه الله عز وجل وإن السرف [أمر] ليبغضه [الله عز وجل] حتى طرحك النواة فإنها تصلح لشيء وحتى صبك فضل شرابك (3). الرواية صحيحة الإسناد. [487] 11 - الصدوق، عن أبيه، عن أحمد بن إدريس عن الأشعري، عن علي بن إسماعيل، عن محمد بن عمرو بن سعيد، عن بعض أصحابه قال: سمعت العياشي وهو يقول: استأذنت الرضا (عليه السلام) في النفقة على العيال فقال: بين المكروهين؟ قال:
(1) الكافي: 5 / 65 ح 1. (2) كشف الغمة: 3 / 304، ونقل عنه في بحار الأنوار: 50 / 292 ح 66. (3) الخصال: 1 / 10 ح 36. 252 فقلت: جعلت فداك لا والله ما أعرف المكروهين. قال: فقال: بلى يرحمك الله أما تعرف أن الله عز وجل كره الإسراف وكره الإقتار، فقال: (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما) (1). [488] 12 - الصدوق، عن العطار، عن أبيه، عن الأشعري، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن خالد، عن إبراهيم بن محمد الأشعري، عن أبي إسحاق رفعه إلى علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): للمسرف ثلاث علامات: يأكل ما ليس له، ويلبس ما ليس له، ويشتري ما ليس له (2). [489] 13 - الصدوق، عن ابن إدريس، عن أبيه، عن الأشعري رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال: السرف في ثلاث: ابتذالك ثوب صونك، وإلقاؤك النوى يمينا وشمالا، وإهراقك فضلة الماء. وقال: ليس في الطعام سرف (3). [490] 14 - الصدوق بإسناده إلى الأعمش، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال: هذه شرايع الدين لمن أراد أن يتمسك بها وأراد الله هداه... والكبائر محرمة... وهي الإسراف والتبذير والخيانة و... (4). ونحوها معتبرة الفضل بن شاذان المروية عن الرضا (عليه السلام) في عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 2 / 127. [491] 15 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال لما عوتب على التسوية في العطاء: أتأمروني أن أطلب النصر بالجور فيمن وليت عليه؟! والله لا أطور به ما سمر سمير (5) وما أم نجم في السماء نجما، لو كان المال لي لسويت بينهم فكيف وإنما المال مال
(1) الخصال: 1 / 54 ح 74، والآية 67 من سورة الفرقان. (2) الخصال: 1 / 97 ح 45. (3) الخصال: 1 / 93 ح 37. (4) الخصال: 2 / 603 و 610 ح 9. (5) أي لا أمر به ولا أقاربه مدى الدهر. 253 الله؟! ألا وإن إعطاء المال في غير حقه تبذير وإسراف، وهو يرفع صاحبه في الدنيا ويضعه في الآخرة، ويكرمه في الناس ويهينه عند الله، ولم يضع امرؤ ماله في غير حقه ولا عند غير أهله إلا حرمه الله شكرهم وكان لغيره ودهم، فإن زلت به النعل يوما فاحتاج إلى معونتهم فشر خليل وألأم خدين (1). [492] 16 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه كتب إلى زياد بن أبيه وهو خليفة عامله عبد الله بن عباس على البصرة وعبد الله عامل أمير المؤمنين يومئذ عليها وعلى كور الأهواز وفارس وكرمان وغيرها، كتب (عليه السلام): فدع الإسراف مقتصدا، واذكر في اليوم غدا، وأمسك من المال بقدر ضرورتك، وقدم الفضل ليوم حاجتك، أترجو أن يعطيك الله أجر المتواضعين وأنت عنده من المتكبرين وتطمع - وأنت متمرغ في النعيم تمنعه الضعيف والأرملة - أن يوجب لك ثواب المتصدقين؟ وإنما المرء مجزي بما أسلف وقادم على ما قدم، والسلام (2). [493] 17 - الطبرسي نقلا من كتاب اللباس المنسوب إلى العياشي، عن أبي السفاتج، عن بعض أصحابه انه سأل أبا عبد الله (عليه السلام) فقال: إنا نكون في طريق مكة فنريد الإحرام فلا يكون معنا نخالة نتدلك بها من النورة، فندلك بالدقيق، فيدخلني من ذلك ما الله به أعلم، قال (عليه السلام): مخافة الإسراف؟ قلت: نعم، قال: ليس فيما أصلح البدن إسراف، أنا ربما أمرت بالنقي (3) فيلت بالزيت فأتدلك به، إنما الاسراف فيما أتلف المال وأضر بالبدن، قلت: فما الإقتار؟ قال: أكل الخبز والملح وأنت تقدر على غيره، قلت: فالقصد؟ قال: الخبز واللحم واللبن والزيت والسمن مرة ذا ومرة ذا (4).
(1) نهج البلاغة: الخطبة 126، والخدين: الصديق. (2) نهج البلاغة: الكتاب 21. (3) النقي: دقيق الحنطة المنخول. (4) مكارم الأخلاق: 57. 254 [494] 18 - الطبرسي رفعه إلى إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): يكون للمؤمن عشرة أقمصة؟ قال: نعم، قلت: عشرين؟ قال: نعم، وليس ذلك من السرف، إنما السرف أن يجعل ثوب صونك ثوب بذلتك (1). ثياب الصون: التي تلبس للتجمل. والبذلة: الثوب الرث الخلق وثوب الخدمة وما يلبس كل يوم. [495] 19 - الآمدي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: ذر السرف، فإن المسرف لا يحمد جوده ولا يرحم فقره (2). [496] 20 - الآمدي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: ما فوق الكفاف إسراف (3).
(1) مكارم الاخلاق: 98. (2) غرر الحكم: ح 5188. (3) غرر الحكم: ح 9465. 255 الإسلام [497] 1 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن عبد الله بن مسكان، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: ما الإسلام فقال: دين الله اسمه الإسلام وهو دين الله قبل أن تكونوا حيث كنتم وبعد أن تكونوا، فمن أقر بدين الله فهو مسلم، ومن عمل بما أمر الله عز وجل به فهو مؤمن (1). [498] 2 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن أيوب بن الحر، عن أبي بصير قال: كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) فقال له سلام: إن خيثمة بن أبي خيثمة يحدثنا عنك انه سألك عن الإسلام فقلت له: ان الإسلام من استقبل قبلتنا وشهد شهادتنا ونسك نسكنا ووالى ولينا وعادى عدونا فهو مسلم، فقال: صدق خيثمة، قلت: وسألك عن الإيمان فقلت: الإيمان بالله والتصديق بكتاب الله وأن لا يعصي الله، فقال صدق خيثمة (2). [499] 3 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن بعض أصحابنا رفعه قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لأنسبن الإسلام نسبة لا ينسبه أحد قبلي ولا ينسبه أحد بعدي إلا بمثل ذلك، إن الإسلام هو التسليم والتسليم هو اليقين واليقين هو التصديق والتصديق هو الإقرار والإقرار هو العمل والعمل هو الأداء. إن المؤمن لم
(1) الكافي: 2 / 38. (2) الكافي: 2 / 38. 256 يأخذ دينه عن رأيه ولكن أتاه من ربه فأخذه، إن المؤمن يرى يقينه في عمله والكافر يرى إنكاره في عمله، فوالذي نفسي بيده ما عرفوا أمرهم، فاعتبروا إنكار الكافرين والمنافقين بأعمالهم الخبيثة (1). [500] 4 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن عبد الله بن القاسم، عن مدرك بن عبد الرحمن، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الإسلام عريان، فلباسه الحياء وزينته الوقار ومروءته العمل الصالح وعماده الورع، ولكل شيء أساس وأساس الإسلام حبنا أهل البيت (2). [501] 5 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام)، عن أبيه، عن جده صلوات الله عليهم قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إن الله خلق الإسلام فجعل له عرصة وجعل له نورا وجعل له حصنا وجعل له ناصرا، فأما عرصته فالقرآن وأما نوره فالحكمة وأما حصنه فالمعروف وأما أنصاره فأنا وأهل بيتي وشيعتنا، فأحبوا أهل بيتي وشيعتهم وأنصارهم، فانه لما أسري بي إلى السماء الدنيا فنسبني جبرئيل (عليه السلام) لأهل السماء استودع الله حبي وحب أهل بيتي وشيعتهم في قلوب الملائكة فهو عندهم وديعة إلى يوم القيامة، ثم هبط بي إلى أهل الأرض فنسبني إلى أهل الأرض فاستودع الله عز وجل حبي وحب أهل بيتي وشيعتهم في قلوب مؤمني أمتي، فمؤمنو أمتي يحفظون وديعتي في أهل بيتي إلى يوم القيامة، ألا فلو أن الرجل من أمتي عبد الله عز وجل عمره أيام الدنيا ثم لقي الله عز وجل مبغضا لأهل بيتي وشيعتي ما فرج الله صدره إلا عن النفاق (3). [502] 6 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمرو بن
(1) الكافي: 2 / 45. (2) الكافي: 2 / 46. (3) الكافي: 2 / 46 ح 3. 257 أبي المقدام قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: خرجت أنا وأبي حتى إذا كنا بين القبر والمنبر إذا هو بأناس من الشيعة فسلم عليهم ثم قال: إني والله لأحب رياحكم وأرواحكم فأعينوني على ذلك بورع واجتهاد، واعلموا أن ولايتنا لا تنال إلا بالورع والاجتهاد، ومن ائتم منكم بعبد فليعمل بعمله، أنتم شيعة الله وأنتم أنصار الله وأنتم السابقون الأولون والسابقون الآخرون والسابقون في الدنيا والسابقون في الآخرة إلى الجنة، قد ضمنا لكم الجنة بضمان الله عز وجل وضمان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، والله ما على درجة الجنة أكثر أرواحا منكم فتنافسوا في فضائل الدرجات أنتم الطيبون ونساءكم الطيبات، كل مؤمنة حوراء عيناء، وكل مؤمن صديق، ولقد قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لقنبر: يا قنبر أبشر وبشر واستبشر، فوالله لقد مات رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو على أمته ساخط إلا الشيعة. ألا وإن لكل شيء عزا وعز الإسلام الشيعة. ألا وإن لكل شيء دعامة ودعامة الإسلام الشيعة. ألا وإن لكل شيء ذروة وذروة الإسلام الشيعة. ألا وإن لكل شيء شرفا وشرف الإسلام الشيعة، ألا وإن لكل شيء سيدا وسيد المجالس مجالس الشيعة. ألا وإن لكل شيء إماما وإمام الأرض أرض تسكنها الشيعة. والله لولا ما في الأرض منكم ما رأيت بعين عشبا أبدا. والله لولا ما في الأرض منكم ما أنعم الله على أهل خلافكم ولا أصابوا الطيبات ما لهم في الدنيا ولا لهم في الآخرة من نصيب، كل ناصب وإن تعبد واجتهد منسوب إلى هذه الآية (عاملة ناصبة * تصلى نارا حامية) (1) فكل ناصب مجتهد فعمله هباء، شيعتنا ينطقون بنور الله عز وجل ومن يخالفهم ينطقون بتفلت. والله ما من عبد من شيعتنا ينام إلا أصعد الله عز وجل روحه إلى السماء فيبارك عليها، فإن كان قد أتى عليها أجلها جعلها في كنوز رحمته وفي رياض جنته وفي ظل عرشه، وإن كان أجلها متأخرا بعث بها مع أمنته من
(1) سورة الغاشية: 3 و 4. 258 الملائكة ليردوها إلى الجسد الذي خرجت منه لتسكن فيه. والله إن حاجكم وعماركم لخاصة الله عز وجل وإن فقراءكم لأهل الغنى وإن أغنياءكم لأهل القناعة وإنكم كلكم لأهل دعوته وأهل إجابته (1). الرواية صحيحة الإسناد. [503] 7 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن علي بن أبي حمزة قال: سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) يقول: إذا مات المؤمن بكت عليه الملائكة وبقاع الأرض التي كان يعبد الله عليها وأبواب السماء التي كان يصعد فيها بأعماله، وثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها شيء لأن المؤمنين الفقهاء حصون الإسلام كحصن سور المدينة لها (2). الرواية صحيحة الإسناد ظاهرا. [504] 8 - الصدوق قال: حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري (رضي الله عنه) بنيسابور في شعبان سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة قال: حدثنا علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري، عن الفضل بن شاذان قال: سأل المأمون علي بن موسى الرضا (عليه السلام) أن يكتب له محض الإسلام على الإيجاز والاختصار فكتب (عليه السلام): إن محض الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلها واحدا أحدا صمدا قيوما سميعا بصيرا قديرا قديما باقيا عالما لا يجهل قادرا لا يعجز غنيا لا يحتاج عدلا لا يجور وإنه خالق كل شيء وليس كمثله شيء لا شبه له ولا ضد له ولا كفو له وإنه المقصود بالعبادة والدعاء والرغبة والرهبة. وإن محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) عبده ورسوله وأمينه وصفيه وصفوته من خلقه وسيد المرسلين وخاتم النبيين وأفضل العالمين لا نبي بعده ولا تبديل لملته ولا تغيير لشريعته،
(1) الكافي: 8 / 212. (2) الكافي: 1 / 38. 259 وإن جميع ما جاء به محمد بن عبد الله هو الحق المبين والتصديق به وبجميع من مضى قبله من رسل الله وأنبيائه وحججه والتصديق بكتابه الصادق العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، وإنه المهيمن على الكتب كلها، وإنه حق من فاتحته إلى خاتمته، نؤمن بمحكمه ومتشابهه وخاصه وعامه ووعده ووعيده وناسخه ومنسوخه وقصصه وإخباره لا يقدر أحد من المخلوقين أن يأتي بمثله. وان الدليل بعده والحجة على المؤمنين والقائم بأمر المسلمين والناطق عن القرآن والعالم بأحكامه أخوه وخليفته ووصيه ووليه الذي كان منه بمنزلة هارون من موسى علي بن أبي طالب (عليه السلام) أمير المؤمنين وامام المتقين وقائد الغر المحجلين وأفضل الوصيين ووارث علم النبيين والمرسلين. وبعده الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، ثم علي بن الحسين زين العابدين، ثم محمد بن علي باقر علم الأولين، ثم جعفر بن محمد الصادق وارث علم الوصيين، ثم موسى بن جعفر الكاظم، ثم علي بن موسى الرضا، ثم محمد بن علي، ثم علي بن محمد، ثم الحسن بن علي، ثم الحجة القائم المنتظر ولده صلوات الله عليهم أجمعين. أشهد لهم بالوصية والإمامة، وأن الأرض لا تخلو من حجة الله تعالى على خلقه كل عصر وأوان، وأنهم العروة الوثقى وأئمة الهدى والحجة على أهل الدنيا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وان كل من خالفهم ضال مضل تارك للحق والهدى، وأنهم المعبرون عن القرآن والناطقون عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بالبيان، من مات ولم يعرفهم مات ميتة جاهلية، وان من دينهم الورع والعفة والصدق والصلاح والاستقامة والاجتهاد وأداء الأمانة إلى البر والفاجر وطول السجود وصيام النهار وقيام الليل واجتناب المحارم وانتظار الفرج بالصبر وحسن العزاء وكرم الصحبة. ثم الوضوء كما أمر الله عز وجل في كتابه غسل الوجه واليدين إلى المرفقين ومسح الرأس والرجلين مرة واحدة، ولا ينقض الوضوء إلا غائط أو بول أو ريح أو نوم أو جنابة
260 وإن مسح على الخفين فقد خالف الله تعالى ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) وترك فريضته وكتابه، وغسل يوم الجمعة سنة، وغسل العيدين، وغسل دخول مكة والمدينة، وغسل الزيارة، وغسل الإحرام، وأول ليلة من شهر رمضان وليلة سبعة عشر وليلة تسعة عشر وليلة احدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان، هذه الأغسال سنة. وغسل الجنابة فريضة، وغسل الحيض مثله، والصلاة الفريضة الظهر أربع ركعات والعصر أربع ركعات والمغرب ثلاث ركعات والعشاء الآخرة أربع ركعات والغداة ركعتان، هذه سبع عشرة ركعة، والسنة أربع وثلاثون ركعة ثمان ركعات قبل فريضة الظهر وثمان ركعات قبل العصر وأربع ركعات بعد المغرب وركعتان من جلوس بعد العتمة تعدان بركعة وثمان ركعات في السحر والشفع والوتر ثلاث ركعات تسلم بعد الركعتين وركعتا الفجر. والصلاة في أول الوقت وفضل الجماعة على الفرد أربع وعشرون، ولا صلاة خلف الفاجر، ولا يقتدى إلا بأهل الولاية، ولا تصلي في جلود السباع، ولا يجوز أن تقول في التشهد الأول السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين لأن تحليل الصلاة التسليم فإذا قلت هذا فقد سلمت، والتقصير في ثمانية فراسخ وما زاد، وإذا قصرت أفطرت، ومن لم يفطر لم يجز عنه صومه في السفر وعليه القضاء لأنه ليس عليه صوم في السفر، والقنوت سنة واجبة في الغداة والظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة، والصلاة على الميت خمس تكبيرات، فمن نقص فقد خالف والميت يغسل من قبل رجليه ويرفق به إذا ادخل قبره، والإجهار ببسم الله الرحمن الرحيم في جميع الصلوات سنة. والزكاة الفريضة في كل مائتي درهم خمسة دراهم ولا يجب فيما دون ذلك شيء، ولا تجب الزكاة على المال حتى يحول عليه الحول، ولا يجوز أن يعطى الزكاة غير أهل الولاية المعروفين والعشر من الحنطة والشعير والتمر والزبيب إذا بلغ خمسة أوساق والوسق ستون صاعا والصاع أربعة أمداد، وزكاة الفطر فريضة على كل رأس صغير
261 أو كبير حر أو عبد ذكر أو أنثى من الحنطة والشعير والتمر والزبيب صاع وهو أربعة أمداد، ولا يجوز دفعها إلا على أهل الولاية وأكثر الحيض عشرة أيام وأقله ثلاثة أيام، والمستحاضة تحتشي وتغتسل وتصلي، والحائض تترك الصلاة ولا تقضي وتترك الصوم وتقضي. وصيام شهر رمضان فريضة يصام للرؤية ويفطر للرؤية، ولا يجوز أن يصلي تطوع في الجماعة لأن ذلك بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، وصوم ثلاثة أيام في كل شهر سنة في كل عشرة أيام يوم أربعاء بين خمسين وصوم شعبان حسن لمن صامه، وإن قضيت فوائت شهر رمضان متفرقا أجزأ. وحج البيت فريضة على من استطاع إليه سبيلا، والسبيل الزاد والراحلة مع الصحة، ولا يجوز الحج إلا تمتعا ولا يجوز القران والإفراد الذي يستعمله العامة إلا لأهل مكة وحاضريها، ولا يجوز الإحرام دون الميقات قال الله عز وجل (وأتموا الحج والعمرة لله) (1) ولا يجوز أن يضحي بالخصي لأنه ناقص، ويجوز الموجوء (2) والجهاد واجب مع الإمام العادل، ومن قتل دون ماله فهو شهيد، ولا يجوز قتل أحد من الكفار والنصاب في دار التقية إلا قاتل أو ساع في فساد وذلك إذا لم تخف على نفسك وعلى أصحابك، والتقية في دار التقية واجبة، ولا حنث على من حلف تقية يدفع بها ظلما عن نفسه. والطلاق للسنة على ما ذكره الله عز وجل في كتابه وسنة رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا يكون الطلاق لغير السنة، وكل طلاق يخالف الكتاب فليس بطلاق، كما ان كل نكاح يخالف الكتاب فليس بنكاح. ولا يجوز الجمع بين أكثر من أربع حرائر، وإذا طلقت المرأة للعدة ثلاث مرات لم تحل لزوجها حتى تنكح زوجا غيره. وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): اتقوا تزويج المطلقات ثلاثا في موضع واحد فإنهن ذوات أزواج. والصلاة على النبي
(1) سورة البقرة: 196. (2) الموجوء: الذي رض عروق بيضتيه أو رض خصيتيه لكسر شهوته. 262 وآله (صلى الله عليه وآله وسلم) واجبة في كل موطن وعند العطاس والذبائح وغير ذلك. وحب أولياء الله عز وجل واجب، وكذلك بغض أعداء الله والبراءة منهم ومن أئمتهم. وبر الوالدين واجب وإن كانا مشركين، ولا طاعة لهما في معصية الخالق ولا لغيرهما فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وذكاة الجنين ذكاة أمه إذا أشعر وأوبر. وتحليل المتعتين اللتين أنزلهما الله عز وجل في كتابه وسنهما رسول الله عليه وعلى آله السلام متعة النساء ومتعة الحج والفرائض على ما أنزل الله عز وجل في كتابه ولا عول فيها، ولا يرث مع الولد والوالدين أحد إلا الزوج والمرأة، وذو السهم أحق ممن لا سهم له. وليست العصبة من دين الله عز وجل. والعقيقة عن المولود الذكر والأنثى واجبة، وكذلك تسميته وحلق رأسه يوم السابع ويتصدق بوزن الشعر ذهبا أو فضة، والختان سنة واجبة للرجال ومكرمة للنساء، وإن الله تبارك وتعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها، وان أفعال العباد مخلوقة لله خلق تقدير لا خلق تكوين، والله خالق كل شيء ولا يقول بالجبر والتفويض، ولا يأخذ الله عز وجل البريء بالسقيم، ولا يعذب الله تعالى الأطفال بذنوب الآباء (ولا تزر وازرة وزر اخرى) (1) (وأن ليس للانسان إلا ما سعى) (2) ولله عز وجل أن يعفو ويتفضل ولا يجور ولا يظلم لأنه تعالى منزه عن ذلك، ولا يفرض الله تعالى طاعة من يعلم انه يضلهم ويغويهم، ولا يختار لرسالته ولا يصطفي من عباده من يعلم انه يكفر به وبعبادته ويعبد الشيطان دونه. وان الإسلام غير الإيمان، وكل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، وأصحاب الحدود مسلمون لا مؤمنون ولا كافرون، والله تعالى لا يدخل النار مؤمنا وقد وعده الجنة، ولا يخرج من النار كافرا وقد أوعده النار والخلود فيها، (ولا يغفر أن يشرك
(1) سورة الأنعام: 164، والإسراء: 15، وفاطر: 18، والزمر: 7. (2) سورة النجم: 39. 263 به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) (1) ومذنبو أهل التوحيد لا يخلدون في النار ويخرجون منها. والشفاعة جائزة لهم، وإن الدار اليوم دار تقية وهي دار الإسلام لا دار كفر ولا دار إيمان. والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان إذا أمكن ولم يكن خيفة على النفس، والإيمان هو أداء الأمانة واجتناب جميع الكبائر، وهو معرفة بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالأركان. والتكبير في العيدين واجب في الفطر في دبر خمس صلوات، ويبدأ به في دبر صلاة المغرب ليلة الفطر وفي الأضحى في دبر عشر صلوات ويبدأ به من صلاة يوم النحر بمنى في دبر خمس عشر صلاة. والنفساء لا تقعد عن الصلاة أكثر من ثمانية عشر يوما، فإن طهرت قبل ذلك صلت وإن لم تطهر حتى تجاوز ثمانية عشر يوما اغتسلت وصلت وعملت ما تعمل المستحاضة. ويؤمن بعذاب القبر ومنكر ونكير والبعث بعد الموت والميزان والصراط. والبراءة من الذين ظلموا آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وهموا بإخراجهم وسنوا ظلمهم وغيروا سنة نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم والبراءة من الناكثين والقاسطين والمارقين الذين هتكوا حجاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ونكثوا بيعة إمامهم وأخرجوا المرأة وحاربوا أمير المؤمنين (عليه السلام) وقتلوا الشيعة المتقين رحمة الله عليهم واجبة. والبراءة ممن نفى الأخيار وشردهم وآوى الطرداء اللعناء، وجعل الأموال دولة بين الأغنياء، واستعمل السفهاء مثل معاوية وعمرو بن العاص لعيني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). والبراءة من أشياعهم والذين حاربوا أمير المؤمنين (عليه السلام) وقتلوا الأنصار والمهاجرين وأهل الفضل والصلاح من السابقين. والبراءة من أهل الاستيثار ومن أبي موسى الأشعري وأهل ولايته (الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا * اولئك الذين كفروا بآيات ربهم) (2) وبولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) ولقائه
(1) سورة النساء: 48 و 116. (2) سورة الكهف: 104 - 105. 264 كفروا بأن لقوا الله بغير إمامته (فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا) (1) فهم كلاب أهل النار. والبراءة من الأنصاب والأزلام أئمة الضلالة وقادة الجور كلهم أولهم وآخرهم. والبراءة من أشباه عاقري الناقة أشقياء الأولين والآخرين وممن يتولاهم. والولاية لأمير المؤمنين (عليه السلام) والذين مضوا على منهاج نبيهم ولم يغيروا ولم يبدلوا مثل سلمان الفارسي وأبي ذر الغفاري والمقداد بن الأسود وعمار بن ياسر وحذيفة اليماني وأبي الهيثم بن التيهان وسهل بن حنيف وعبادة بن الصامت وأبي أيوب الأنصاري وخزيمة بن ثابت ذي الشهادتين وأبي سعيد الخدري وأمثالهم رضي الله عنهم ورحمة الله عليهم، والولاية لأتباعهم وأشياعهم والمهتدين بهداهم والسالكين منهاجهم رضوان الله عليهم. وتحريم الخمر قليلها وكثيرها وتحريم كل شراب مسكر قليله وكثيره، وما أسكر كثيره فقليله حرام، والمضطر لا يشرب الخمر لأنها تقتله. وتحريم كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير. وتحريم الطحال فانه دم. وتحريم الجري والسمك والطافي والمار ما هي والزمير وكل سمك لا يكون له فلس. واجتناب الكبائر وهي قتل النفس التي حرم الله تعالى، والزنا، والسرقة، وشرب الخمر، وعقوق الوالدين، والفرار من الزحف، وأكل مال اليتيم ظلما، وأكل الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به من غير ضرورة، وأكل الربا بعد البينة، والسحت، والميسر والقمار، والبخس في المكيال والميزان، وقذف المحصنات، واللواط، وشهادة الزور، واليأس من روح الله، والأمن من مكر الله، والقنوط من رحمة الله، ومعونة الظالمين والركون إليهم، واليمين الغموس، وحبس الحقوق من غير العسرة، والكذب، والكبر، والإسراف والتبذير، والخيانة، والاستخفاف بالحج،
(1) سورة الكهف: 104 - 105. 265 والمحاربة لأولياء الله تعالى، والاشتغال بالملاهي، والإصرار على الذنب (1). الرواية معتبرة الإسناد ذكرناها بطولها لأن فيها فوائد كثيرة ومطالب عالية لا يخفى على من تأملها وتدبرها. [505] 9 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: يأتي على الناس زمان لا يبقى فيهم من القرآن إلا رسمه ومن الإسلام إلا اسمه، ومساجدهم يومئذ عامرة من البناء خراب من الهدى، سكانها وعمارها شر أهل الأرض منهم تخرج الفتنة وإليهم تأوي الخطيئة، يردون من شذ عنها فيها ويسقون من تأخر عنها إليها يقول الله سبحانه: فبي حلفت لأبعثن على اولئك فتنة تترك الحليم فيها حيران، وقد فعل ونحن نستقيل الله عثرة الغفلة (2). [506] 10 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: لا شرف أعلى من الإسلام، ولا عز أعز من التقوى، ولا معقل أحسن من الورع، ولا شفيع أنجح من التوبة، ولا كنز أغنى من القناعة ولا مال أذهب للفاقة من الرضى بالقوت، ومن اقتصر على بلغة الكفاف فقد انتظم الراحة وتبوأ خفض الدعة، والرغبة مفتاح النصب ومطية التعب، والحرص والكبر والحسد دواع إلى التقحم في الذنوب، والشر جامع مساوئ العيوب (3).
(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 2 / 121 ح 1. (2) نهج البلاغة: الحكمة 369. (3) نهج البلاغة: الحكمة 371. 266 الاشتغال [507] 1 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله عز وجل يقول: من شغل بذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما اعطي من سألني (1). الرواية صحيحة الإسناد. [508] 2 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يحيى بن عقبة الأزدي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): مثل الحريص على الدنيا مثل دودة القز، كلما ازدادت من القز على نفسها لفا كان أبعد لها من الخروج حتى تموت غما. وقال أبو عبد الله (عليه السلام): أغنى الفتى من لم يكن للحرص أسيرا. وقال: لا تشعروا قلوبكم الاشتغال بما قد فات فتشغلوا أذهانكم عن الاستعداد لما لم يأت (2). [509] 3 - الصدوق بسنده المعتبر عن الرضا (عليه السلام) في ما كتبه للمأمون في محض الإسلام:... واجتناب الكبائر وهي... والاشتغال بالملاهي والإصرار على الذنب... الحديث (3). [510] 4 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) من عهد له إلى محمد بن أبي بكر (رضي الله عنه) حين قلده مصر:... صل الصلاة لوقتها الموقت لها ولا تعجل وقتها لفراغ ولا تؤخرها عن
(1) الكافي: 2 / 501. (2) الكافي: 2 / 316. (3) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 2 / 127. 267 وقتها لاشتغال، واعلم أن كل شيء من عملك تبع لصلاتك... (1). [511] 5 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال في صفة المؤمن: المؤمن بشره في وجهه وحزنه في قلبه، أوسع شيء صدرا وأذل شيء نفسا، يكره الرفعة ويشنأ السمعة، طويل غمه، بعيد همه، كثير صمته، مشغول وقته، شكور صبور مغمور بفكرته ضنين بخلته، سهل الخليقة، لين العريكة، نفسه أصلب من الصلد وهو أذل من العبد (2). [512] 6 - ابن فهد الحلي رفعه إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: قال الله سبحانه: إذا علمت ان الغالب على عبدي الاشتغال بي نقلت شهوته في مسألتي ومناجاتي، فإذا كان عبدي كذلك فأراد أن يسهو حلت بينه وبين أن يسهو، اولئك أوليائي حقا، اولئك الأبطال حقا، اولئك الذين إذا أردت أن أهلك أهل الأرض عقوبة زويتها عنهم من أجل اولئك الأبطال. وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم): مكتوب في التوراة التي لم تغير: ان موسى (عليه السلام) سأل ربه فقال: يا رب أقريب أنت مني فأناجيك أم بعيد فأناديك؟ فأوحى الله إليه: يا موسى أنا جليس من ذكرني، فقال موسى: فمن في سترك يوم لا ستر إلا سترك؟ فقال: الذين يذكروني فأذكرهم ويتحابون في فأحبهم، فأولئك الذين إذا أردت أن أصيب أهل الأرض بسوء ذكرتهم فدفعت عنهم بهم (3). [513] 7 - قال ابن طاوس: روينا بإسنادنا إلى محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني بإسناده إلى محمد بن فضيل الصيرفي قال: حدثنا علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، عن أبيه (عليه السلام)، عن جده (عليه السلام)، عن آبائه (عليهم السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يصلي أول يوم من المحرم ركعتين فإذا فرغ رفع يديه ودعا بهذا الدعاء ثلاث مرات:
(1) نهج البلاغة: الكتاب 27. (2) نهج البلاغة: الحكمة 333. (3) عدة الداعي: 235، ونقل عنه في بحار الأنوار: 90 / 162 ح 42. 268 اللهم أنت الإله القديم وهذه سنة جديدة فأسألك فيها العصمة من الشيطان والقوة على هذه النفس الأمارة بالسوء والاشتغال بما يقربني إليك، يا كريم يا ذا الجلال والإكرام، يا عماد من لا عماد له، يا ذخيرة من لا ذخيرة له، يا حرز من لا حرز له، يا غياث من لا غياث له، يا سند من لا سند له، يا كنز من لا كنز له، يا حسن البلاء، يا عظيم الرجاء، يا عز الضعفاء، يا منقذ الغرقى، يا منجي الهلكى، يا منعم يا مجمل، يا مفضل يا محسن، أنت الذي سجد لك سواد الليل ونور النهار وضوء القمر وشعاع الشمس ودوي الماء وحفيف الشجر، يا الله لا شريك لك اللهم اجعلنا خيرا مما يظنون، واغفر لنا ما لا يعلمون، ولا تؤاخذنا بما يقولون، حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم، آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب (1). [514] 8 - عاصم بن حميد الحناط، عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: كان أبو ذر يقول في عظته: يا مبتغي العلم، كان شيئا من الدنيا ولم يك شيئا إلا عمل ينفع خيره أو يضر شره، يا مبتغي العلم لا يشغلك أهل ولا مال عن نفسك، أنت اليوم تفارقهم كضيف بت فيهم ثم غدوت من عندهم إلى غيرهم، والدنيا والآخرة كمنزلة تحولت منها إلى غيرها، وما بين الموت والبعث كنومة نمتها ثم استيقظت منها (2). [515] 9 - الآمدي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: اشتغال النفس بما لا يصحبها بعد الموت من أكثر الوهن (3). [516] 10 - الآمدي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: كن مشغولا بما أنت عنه مسؤول (4).
(1) إقبال الأعمال: 553. (2) كتاب عاصم بن حميد الحناط: 35، ونقل عنه في مستدرك الوسائل: 21 / 161 ح 2. (3) غرر الحكم: ح 1982. (4) غرر الحكم: ح 7143. 269 الإصلاح [517] 1 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لئن أصلح بين اثنين أحب إلي من أن أتصدق بدينارين (1). الرواية صحيحة الإسناد. [518] 2 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن حماد بن أبي طلحة، عن حبيب الأحول قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: صدقة يحبها الله إصلاح بين الناس إذا تفاسدوا وتقارب بينهم إذا تباعدوا (2). [519] 3 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن سنان، عن مفضل قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إذا رأيت بين اثنين من شيعتنا منازعة فافتدها من مالي (3). ونقلها الشيخ في التهذيب: 6 / 312 ح 863. [520] 4 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن سنان، عن أبي حنيفة سابق الحاج قال: مر بنا المفضل وأنا وختني نتشاجر في ميراث، فوقف علينا ساعة ثم قال لنا: تعالوا إلى المنزل فأتيناه، فأصلح بيننا بأربعمائة درهم فدفعها إلينا من عنده حتى إذا استوثق كل واحد منا من صاحبه قال: أما أنها ليست من مالي ولكن أبو عبد الله أمرني إذا تنازع رجلان من أصحابنا في شيء أن أصلح بينهما وأفتديها من ماله، فهذا من مال أبي عبد الله (عليه السلام) (4).
(1) الكافي: 2 / 209. (2) الكافي: 2 / 209. (3) الكافي: 2 / 209. (4) الكافي: 2 / 209. 270 أبو حنيفة سابق الحاج: اسمه سعيد بن بيان وكان يتأخر عن الحاج ثم يعجل بجمعية الحاج من الكوفة ويوصلهم إلى عرفة في تسعة أيام أو في أربعة عشر يوما. ختن: زوج بنت الرجل وزوج أخته أو كل من كان من قبل المرأة. [521] 5 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: المصلح ليس بكاذب (1). الرواية صحيحة الإسناد. والإصلاح من موارد استثناء حرمة الكذب. ويأتي أخبارها إن شاء الله تعالى. [522] 6 - الكليني، عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن علي بن إسماعيل، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل (ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس) (2) قال: إذا دعيت لصلح بين اثنين فلا تقل علي يمين أن أفعل (3). الرواية موثقة سندا، ونقلها الشيخ بسنده في التهذيب: 8 / 289 ح 1066. [523] 7 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن محبوب، عن معاوية بن وهب أو معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال: أبلغ عني كذا وكذا في أشياء أمر بها - قلت: فأبلغهم عنك وأقول عني ما قلت لي وغير الذي قلت؟ قال: نعم، ان المصلح ليس بكذاب [إنما هو الصلح ليس بكذب] (4). الرواية صحيحة الإسناد.
(1) الكافي: 2 / 209. (2) سورة البقرة: 224. (3) الكافي: 2 / 210. (4) الكافي: 2 / 210. 271 [524] 8 - الكليني عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبي يحيى الواسطي، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الكلام ثلاثة: صدق وكذب وإصلاح بين الناس. قال: قيل له: جعلت فداك ما الإصلاح بين الناس؟ قال: تسمع من الرجل كلاما يبلغه فتخبث نفسه فتلقاه فتقول: سمعت من فلان قال فيك من الخير كذا وكذا، خلاف ما سمعت منه (1). [525] 9 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حماد بن عثمان، عن الحسن الصيقل قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إنا قد روينا عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول يوسف (عليه السلام): (أيتها العير إنكم لسارقون) (2)، فقال: والله ما سرقوا وما كذب، وقال إبراهيم (عليه السلام) (بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون) (3) فقال: والله ما فعلوا وما كذب، قال: فقال أبو عبد الله (عليه السلام): ما عندكم فيها يا صيقل؟ قال: فقلت: ما عندنا فيها إلا التسليم. قال فقال: إن الله أحب اثنين وأبغض اثنين، أحب الخطر فيما بين الصفين وأحب الكذب في الإصلاح، وأبغض الخطر في الطرقات وأبغض الكذب في غير الإصلاح، إن إبراهيم (عليه السلام) إنما قال: (بل فعله كبيرهم هذا) إرادة الإصلاح ودلالة على أنهم لا يفعلون، وقال يوسف (عليه السلام) إرادة الإصلاح (4). [526] 10 - الكليني، عن علي، عن أبيه، عن صفوان، عن أبي مخلد السراج، عن عيسى بن حسان قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: كل كذب مسؤول عنه صاحبه يوما إلا [كذبا] في ثلاثة: رجل كائد في حربه فهو موضوع عنه، أو رجل أصلح بين
(1) الكافي: 2 / 341. (2) سورة يوسف: 70. (3) سورة الأنبياء: 63. (4) الكافي: 2 / 341. 272 اثنين يلقى هذا بغير ما يلقى به هذا يريد بذلك الإصلاح ما بينهما، أو رجل وعد أهله شيئا وهو لا يريد أن يتم لهم (1). [527] 11 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن عبد الله بن مغيرة، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: المصلح ليس بكذاب (2). الرواية صحيحة الإسناد. [528] 12 - الصدوق بإسناده إلى وصايا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام): يا علي: ثلاث يحسن فيهن الكذب: المكيدة في الحرب، وعدتك زوجتك والإصلاح بين الناس... (3). [529] 13 - الصدوق، عن محمد بن موسى بن المتوكل، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: لئن أصلح بين اثنين أحب إلي من أن أتصدق بدينارين. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): اصلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام (4). الرواية صحيحة الإسناد. [530] 14 - الصدوق، عن العطار، عن أبيه، عن البرقي، عن محمد بن علي الكوفي، عن التفليس، عن إبراهيم بن محمد، عن الصادق، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): مر عيسى بن مريم بقبر يعذب صاحبه، ثم مر به من قابل فإذا هو ليس يعذب، فقال: يا رب مررت بهذا القبر عام أول فكان صاحبه يعذب، ثم
(1) الكافي: 2 / 342. (2) الكافي: 2 / 342. (3) الفقيه: 4 / 359. (4) ثواب الأعمال: 178. 273 مررت به العام فإذا هو ليس يعذب؟ فأوحى الله عز وجل إليه: يا روح الله انه أدرك له ولد صالح فأصلح طريقا وآوى يتيما فغفرت له بما عمل ابنه... الحديث (1). [531] 15 - المفيد، عن أبي محمد الحسن بن حمزة، عن محمد بن الحسن بن وليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن عمرو الأفرق وحذيفة بن منصور، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام) قال: صدقة يحبها الله إصلاح بين الناس إذا تفاسدوا وتقريب بينهم إذا تباعدوا (2). [532] 16 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال:... فاستتروا في بيوتكم وأصلحوا ذات بينكم والتوبة من ورائكم، ولا يحمد حامد إلا ربه، ولا يلم لائم إلا نفسه (3). [533] 17 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصية له للحسن والحسين (عليهما السلام) لما ضربه ابن ملجم لعنه الله:... أوصيكما وجميع ولدي وأهلي ومن بلغه كتابي بتقوى الله ونظم أمركم وصلاح ذات بينكم، فإني سمعت جدكما (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام... (4). [534] 18 - الطوسي نقلا من الكشي، عن حمدويه، عن الحسن بن موسى، عن إسماعيل بن مهران، عن أحمد بن محمد قال: كتب الحسين بن مهران إلى أبي الحسن الرضا (عليه السلام) كتابا قال: فكان يمشي شاكا في وقوفه، قال: فكتب إلى أبي الحسن يأمره وينهاه، فأجابه أبو الحسن بجواب وبعث به إلى أصحابه فنسخوه وردوا إليه لئلا يستره حسين بن مهران، وكذلك كان يفعل إذا سئل عن شيء فأحب ستر الكتاب
(1) أمالي الصدوق: المجلس السابع والسبعون ح 8 / 414. (2) أمالي المفيد: المجلس الأول ح 10 / 12. (3) نهج البلاغة: الخطبة 16. (4) نهج البلاغة: الكتاب 47. 274 فهذه نسخة الكتاب الذي أجابه به: بسم الله الرحمن الرحيم، عافانا الله وإياك جاءني كتابك تذكر فيه الرجل الذي عليه الجناية والعين وتقول أخذته وتذكر ما تلقاني به وتبعث إلي بغيره، فاحتججت فيه فأكثرت وعميت عليه أمرا وأردت الدخول في مثله تقول: انه عمل في أمري بعقله وحيلته نظرا منه لنفسه وإرادة أن تميل إليه قلوب الناس ليكون مثله الأمر بيده وليته يعمل فيه برأيه ويزعم أني طاوعته فيما أشار به علي، وهذا أنت تشير علي فيما يستقيم عندك في العقل والحيلة بعدك، لا يستقيم الأمر إلا بأحد أمرين: إما قبلت الأمر على ما كان يكون عليه، وإما أعطيت القوم ما طلبوا وقطعت عليهم، وإلا فالأمر عندنا معوج والناس غير مسلمين ما في أيديهم من مال وذاهبون به، فالأمر ليس بعقلك ولا بحيلتك يكون، ولا تفعل الذي نحلته بالرأي والمشورة، ولكن الأمر إلى الله عز وجل وحده لا شريك له، يفعل في خلقه ما يشاء، من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلله فلا هادي له ولن تجد له مرشدا. فقلت: واعمل في أمرهم واحتل فيه فكيف لك بالحيلة والله يقول (وأقسموا بالله جهد أيمانهم) (1) لا يبعث الله من يموت بلى وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل، إلى قوله عز وجل (وليقترفوا ما هم مقترفون) (2)، فلو تجيبهم فيما سألوا عنه استقاموا وأسلموا وقد كان مني ما أنكرت وانكروا من بعدي ومد لي بقائي وما كان ذلك إلا رجاء الإصلاح لقول أمير المؤمنين (عليه السلام): واقتربوا واقتربوا وسلوا وسلوا فإن العليم يفيض فيضا - وجعل يمسح بطنه ويقول: ما ملئ طعاما ولكن ملأته علما - والله ما آية أنزلت في بر ولا بحر ولا سهل ولا جبل إلا أني أعلمها وأعلم فيمن نزلت. وقول أبي عبد الله (عليه السلام): إلى الله أشكو أهل المدينة، إنما أنا فيهم كالشعر أتنقل
(1) سورة الأنعام: 108. (2) سورة الأنعام: 113. 275 يريدونني أن لا أقول الحق، والله لا أزال أقول الحق حتى أموت، فلما قلت حقا اريد به حقن دمائكم وجمع أمركم على ما كنتم عليه أن يكون سركم مكتوما عندكم غير فاش في غيركم، وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سرا أسره الله تعالى إلى جبرئيل وأسره جبرئيل إلى محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وأسره محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى علي وأسره علي إلى من شاء. ثم قال: قال أبو جعفر: ثم أنتم تحدثون به في الطريق فأردت حيث مضى صاحبكم أن الف أمركم عليكم لئلا تضعوه في غير موضعه ولا تسألوا عنه غير أهله فيكون في مسألتكم إياهم هلاككم، فلما دعا إلى نفسه ولم يكن داخله ثم قلتم لابد إذا كان ذلك منه يثبت على ذلك ولا يتحول عنه إلى غيره، قلت: لأنه كان له من التقية والكف أولى، وأما إذا تكلم فقد لزمه الجواب فيما يسأل عنه وصار الذي كنتم تزعمون أنكم تذمون به فإن الأمر مردود إلى غيركم وإن الفرض عليكم اتباعهم فيه إليكم، فصبرتم ما استقام في عقولكم وآرائكم وصح به القياس عندكم بذلك لازما لما زعمتم من أن لا يصح أمرنا زعمتم حتى يكون ذلك علي لكم، فإن قلتم لم يكن كذلك لصاحبكم فصار الأمر أن وقع إليكم نبذتم أمر ربكم وراء ظهوركم فلا أتبع أهواءكم قد ضللت إذا وما أنا من المهتدين، وما كان بد من أن تكونوا كما كان من قبلكم قد أخبرتم انها السنن والأمثال القذة بالقذة وما كان يكون ما طلبتم من الكف أولا ومن الجواب آخرا شفاء لصدوركم ولإذهاب شككم، وقد كان بد من أن يكون ما قد كان منكم ولا يذهب عن قلوبكم حتى يذهبه الله عنكم، ولو قدر الناس كلهم على أن يحبونا ويعرفوا حقنا ويسلموا لأمرنا فعلوا ولكن الله يفعل ما يشاء ويهدي إليه من أناب، فقد أجبتك في مسائل كثيرة فانظر أنت ومن أراد المسائل منها وتدبرها، فإن لم يكن في المسائل شفاء فقد مضى إليكم مني ما فيه حجة ومعتبر، وكثرة المسائل معتبه عندنا مكروهة، إنما يريد أصحاب المسائل المحنة ليجدوا سبيلا إلى الشبهة والضلالة، ومن أراد لبسا لبس الله عليه ووكله إلى نفسه، ولا ترى أنت وأصحابك أني أجبت
276 بذلك وإن شئت صمت فذاك إلي لا ما تقوله أنت وأصحابك، لا تدرون كذا وكذا بل لابد من ذلك، إذ نحن منه على يقين وأنتم منه في شك (1). [535] 19 - الطوسي بإسناده إلى المجاشعي، عن محمد بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما عمل امرؤ عملا بعد إقامة الفرائض خيرا من إصلاح بين الناس يقول خيرا ويتمنى خيرا (2). [536] 20 - الطوسي بهذا الإسناد عن علي (عليه السلام) قال: وسمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: إصلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصوم (3). وقال الشيخ الطوسي (رحمه الله): إن المعنى في ذلك أن يكون المراد صلاة التطوع والصوم.
(1) اختيار معرفة الرجال المعروف برجال الكشي: 599 ح 1121، ونقل عنه في بحار الأنوار: 7 / 350 ح 8. (2) أمالي الطوسي: المجلس الثامن عشر، ح 59 / 522 الرقم 1152. (3) أمالي الطوسي: المجلس الثامن عشر، ح 62 / 522 الرقم 1154. 277 الإطاعة وعد الله من أطاعه الجنة [537] 1 - الصدوق، عن ابن إدريس، عن أبيه، عن محمد بن عبد الجبار، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن سيف بن عميرة، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: كان عيسى بن مريم (عليه السلام) يقول لأصحابه: يا بني آدم اهربوا من الدنيا إلى الله وأخرجوا قلوبكم عنها فإنكم لا تصلحون لها ولا تصلح لكم ولا تبقون فيها ولا تبقى لكم، هي الخداعة الفجاعة، المغرور من اغتر بها المغبون من اطمأن إليها الهالك من أحبها وأرادها، فتوبوا إلى بارئكم واتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا، أين آباؤكم؟ أين أمهاتكم؟ أين إخوتكم؟ أين أخواتكم؟ أين أولادكم؟ دعوا فأجابوا واستودعوا الثرى وجاوروا الموتى وصاروا في الهلكى، خرجوا عن الدنيا وفارقوا الأحبة واحتاجوا إلى ما قدموا واستغنوا عما خلفوا، فكم توعظون؟ وكم تزجرون؟ وأنتم لاهون ساهون، مثلكم في الدنيا مثل البهائم همتكم بطونكم وفروجكم، أما تستحيون ممن خلقكم وقد أوعد من عصاه النار، ولستم ممن يقوى على النار، ووعد من أطاعه الجنة ومجاورته في الفردوس الأعلى، فتنافسوا فيه وكونوا من أهله، وأنصفوا من أنفسكم، وتعطفوا على ضعفائكم وأهل الحاجة منكم، وتوبوا إلى الله توبة نصوحا، وكونوا عبيدا أبرارا ولا تكونوا ملوكا جبابرة ولا من العتاة الفراعنة المتمردين على من قهرهم بالموت جبار الجبابرة رب السماوات ورب الأرضين وإله الأولين والآخرين مالك يوم الدين شديد العقاب أليم العذاب، لا ينجو منه ظالم ولا يفوته شيء ولا يعزب عنه شيء ولا
278 يتوارى منه شيء، أحصى كل شيء علمه وأنزله منزلته في جنة أو نار، ابن آدم الضعيف أين تهرب ممن يطلبك في سواد ليلك وبياض نهارك وفي كل حال من حالاتك، قد أبلغ من وعظ وأفلح من اتعظ (1). من أطاع عليا (عليه السلام) أطاع الله تعالى [538] 1 - الصدوق، عن السناني، عن محمد الأسدي، عن النخعي، عن النوفلي، عن علي بن سالم، عن أبيه، عن سعد بن طريف، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام): يا علي أنت امام المسلمين وأمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين وحجة الله بعدي على الخلق أجمعين وسيد الوصيين ووصي سيد النبيين. يا علي انه لما عرج بي إلى السماء السابعة ومنها إلى سدرة المنتهى ومنها إلى حجب النور وأكرمني ربي جل جلاله بمناجاته قال لي: يا محمد، قلت: لبيك ربي وسعديك تباركت وتعاليت، قال: إن عليا إمام أوليائي ونور لمن أطاعني وهو الكلمة التي ألزمتها المتقين، من أطاعه أطاعني ومن عصاه عصاني، فبشره بذلك؟! فقال علي (عليه السلام): يا رسول الله بلغ من قدري حتى أني اذكر هناك؟! فقال: نعم يا علي فاشكر ربك، فخر علي (عليه السلام) ساجدا شكرا لله على ما أنعم به عليه، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ارفع رأسك يا علي فإن الله قد باهى بك ملائكته (2). من أحب عليا (عليه السلام) وأطاعه [539] 1 - الصدوق، عن علي بن أحمد بن موسى، عن محمد الأسدي، عن البرمكي، عن جعفر بن أحمد التميمي، عن أبيه، عن عبد الملك بن عمير الشيباني، عن أبيه، عن جده، عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أنا سيد الأنبياء والمرسلين
(1) أمالي الصدوق: المجلس الثاني والثمانون ح 12 / 446، ونقل عنه في بحار الأنوار: 14 / 288 ح 3. (2) أمالي الصدوق: المجلس التاسع والأربعون ح 16 / 247، ونقل عنه في بحار الأنوار: 18 / 337 ح 39. 279 وأفضل من الملائكة المقربين، وأوصيائي سادة أوصياء النبيين والمرسلين، وذريتي أفضل ذريات النبيين والمرسلين، وأصحابي الذين سلكوا منهاجي أفضل أصحاب النبيين والمرسلين، وابنتي فاطمة سيدة نساء العالمين، والطاهرات من أزواجي أمهات المؤمنين وأمتي خير امة أخرجت للناس، وأنا أكثر النبيين تبعا يوم القيامة، ولي حوض عرضه ما بين بصرى وصنعاء فيه من الأباريق عدد نجوم السماء، وخليفتي على الحوض يومئذ خليفتي في الدنيا. فقيل: ومن ذاك يا رسول الله؟ قال: إمام المسلمين وأمير المؤمنين ومولاهم بعدي علي بن أبي طالب يسقي منه أولياءه ويذود عنه أعداءه كما يذود أحدكم الغريبة من الإبل عن الماء. ثم قال (صلى الله عليه وآله وسلم): من أحب عليا وأطاعه في دار الدنيا ورد على حوضي غدا وكان معي في درجتي في الجنة، ومن أبغض عليا في دار الدنيا وعصاه لم أره ولم يرني يوم القيامة واختلج دوني وأخذ به ذات الشمال إلى النار (1). علي (عليه السلام) إمام أهل طاعتي [540] 1 - الصدوق، عن ماجيلويه، عن محمد العطار، عن جعفر بن محمد الكوفي، عن محمد بن الحسين بن زيد، عن عبد الله بن الفضل، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، عن أبيه (عليه السلام)، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ليلة أسري بي إلى السماء كلمني ربي جل جلاله فقال: يا محمد، فقلت: لبيك ربي، فقال: إن عليا حجتي بعدك على خلقي وامام أهل طاعتي، من أطاعه أطاعني ومن عصاه عصاني، فانصبه علما لامتك يهتدون به بعدك (2).
(1) أمالي الصدوق: المجلس التاسع والأربعون ح 12 / 245، ونقل عنه في بحار الأنوار: 8 / 22 ح 15. (2) أمالي الصدوق: المجلس الثاني والسبعون ح 27 / 387، ونقل عنه في بحار الأنوار: 18 / 340 ح 46. 280 ما شيعتنا إلا من أطاع الله [541] 1 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن محمد أخي عرام، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لا تذهب بكم المذاهب فوالله ما شيعتنا إلا من أطاع الله عز وجل (1). [542] 2 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: خطب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حجة الوداع فقال: يا أيها الناس والله ما من شيء يقربكم من الجنة ويباعدكم من النار إلا وقد أمرتكم، به وما من شيء يقربكم من النار ويباعدكم من الجنة إلا وقد نهيتكم عنه، ألا وإن الروح الأمين نفث في روعي انه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحمل أحدكم استبطاء شيء من الرزق أن يطلبه بغير حله فانه لا يدرك ما عند الله إلا بطاعته (2). الرواية من حيث السند معتبرة. [543] 3 - الكليني، عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن سالم وأحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه جميعا، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال لي: يا جابر أيكتفي من ينتحل التشيع أن يقول بحبنا أهل البيت؟ فوالله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه، وما كانوا يعرفون يا جابر إلا بالتواضع والتخشع والأمانة وكثرة ذكر الله والصوم والصلاة والبر بالوالدين والتعاهد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة والغارمين والأيتام وصدق الحديث وتلاوة القرآن وكف الألسن عن الناس إلا من خير، وكانوا امناء عشائرهم في الأشياء. قال جابر: فقلت
(1) الكافي: 2 / 73. (2) الكافي: 2 / 74. 281 يا بن رسول الله ما نعرف اليوم أحدا بهذه الصفة، فقال: يا جابر لا تذهبن بك المذاهب حسب الرجل أن يقول أحب عليا وأتولاه ثم لا يكون مع ذلك فعالا، فلو قال إني أحب رسول الله فرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خير من علي (عليه السلام) ثم لا يتبع سيرته ولا يعمل بسنته ما نفعه حبه إياه شيئا، فاتقوا الله واعملوا لما عند الله، ليس بين الله وبين أحد قرابة، أحب العباد إلى الله عز وجل وأكرمهم عليه أتقاهم وأعملهم بطاعته، يا جابر والله ما يتقرب إلى الله تبارك وتعالى إلا بالطاعة وما معنا براءة من النار، ولا على الله لأحد من حجة، من كان لله مطيعا فهو لنا ولي، ومن كان لله عاصيا فهو لنا عدو، وما تنال ولايتنا إلا بالعمل والورع (1). [544] 4 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعا، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا كان يوم القيامة يقوم عنق من الناس فيأتون باب الجنة فيضربونه فيقال لهم: من أنتم؟ فيقولون نحن أهل الصبر، فيقال لهم: على ما صبرتم؟ فيقولون: كنا نصبر على طاعة الله ونصبر عن معاصي الله، فيقول الله عز وجل: صدقوا، أدخلوهم الجنة، وهو قول الله عز وجل: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) (2). الرواية صحيحة الإسناد. عنق من الناس: أي جماعة من الناس والرؤساء. [545] 5 - الكليني، عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن بعض أصحابه، عن أبان، عن عمرو بن خالد، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: يا معشر الشيعة شيعة آل محمد كونوا النمرقة الوسطى يرجع إليكم الغالي ويلحق بكم التالي، فقال له رجل من الأنصار يقال له سعد: جعلت فداك ما الغالي؟ قال: قوم يقولون فينا ما لا نقوله في أنفسنا فليس اولئك منا ولسنا منهم، قال: فما التالي؟ قال: المرتاد يريد
(1) الكافي: 2 / 74. (2) الكافي: 2 / 75، والآية 10 من سورة الزمر. 282 الخير يبلغه الخير يؤجر عليه، ثم أقبل علينا فقال: والله ما معنا من الله براءة ولا بيننا وبين الله قرابة ولا لنا على الله حجة ولا نتقرب إلى الله إلا بالطاعة، فمن كان منكم مطيعا لله تنفعه ولايتنا، ومن كان منكم عاصيا لله لم تنفعه ولايتنا، ويحكم لا تغتروا، ويحكم لا تغتروا (1). من أطاع المخلوق في معصية الخالق [546] 1 - الكليني، عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن العلاء، عن محمد بن مسلم قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): لادين لمن دان بطاعة من عصى الله، ولا دين لمن دان بفرية باطل على الله، ولا دين لمن دان بجحود شيء من آيات الله (2). الرواية صحيحة الإسناد. ونقلها الشيخ بسند لا بأس به في الأمالي: المجلس الثالث ح 23 / 78 الرقم 112. [547] 2 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله، عن أبيه (عليهما السلام) عن جابر بن عبد الله [الأنصاري] قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من أرضى سلطانا بسخط الله خرج من دين الله (3). [548] 3 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من أرضى سلطانا بسخط الله خرج عن دين الإسلام (4). الرواية معتبرة سندا.
(1) الكافي: 2 / 75. (2) الكافي: 2 / 373. (3) الكافي: 2 / 373. (4) الكافي: 5 / 63. 283 [549] 4 - الكليني بهذا السند المعتبر عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من طلب رضا الناس بسخط الله جعل الله حامده من الناس ذاما (1). [550] 5 - الكليني بهذا السند المعتبر عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من طلب مرضات الناس بما يسخط الله عز وجل كان حامده من الناس ذاما (2). ونقلها الصدوق بسنده المعتبر في الخصال: 1 / 3 ح 6. [551] 6 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن سيف بن عميرة، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من طلب مرضاة الناس بما يسخط الله كان حامده من الناس ذاما، ومن آثر طاعة الله بغضب الناس كفاه الله عداوة كل عدو وحسد كل حاسد وبغي كل باغ وكان الله عز وجل له ناصرا وظهيرا (3). ونقلها الكليني أيضا في الكافي: 5 / 62، والشيخ في التهذيب: 6 / 179 ح 366. [552] 7 - الصدوق، عن أبيه، عن علي، عن أبيه، عن صفوان، عن الكناني، عن الصادق (عليه السلام) قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): لا تسخطوا الله برضا أحد من خلقه ولا تتقربوا إلى أحد من الخلق بتباعد من الله عز وجل فإن الله ليس بينه وبين أحد من الخلق شيء يعطيه به خيرا أو يصرف به عنه سوء إلا بطاعته وابتغاء مرضاته، إن طاعة الله نجاح كل خير يبتغى ونجاة من كل شر يتقى، وإن الله يعصم من أطاعه ولا يعتصم منه من عصاه، ولا يجد الهارب من الله مهربا، فإن أمر الله نازل باذلاله ولو كره الخلائق، وكل ما هو آت قريب، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن... الحديث (4). [553] 8 - الصدوق بالأسانيد الثلاثة، عن الرضا (عليه السلام)، عن آبائه (عليهم السلام) عن علي بن
(1) الكافي: 2 / 372. (2) الكافي: 5 / 63. (3) الكافي: 2 / 372. (4) أمالي الصدوق: المجلس الرابع والسبعون ح 1 / 395. 284 أبي طالب (عليه السلام) انه قال: لا دين لمن دان بطاعة المخلوق ومعصية الخالق (1). [554] 9 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه كتب إلى قثم بن العباس وهو عامله على مكة: أما بعد فإن عيني بالمغرب كتب إلي يعلمني انه وجه إلى الموسم أناس من أهل الشام العمي القلوب الصم الأسماع الكمه الأبصار الذين يلبسون الحق بالباطل ويطيعون المخلوق في معصية الخالق ويحتلبون الدنيا درها بالدين ويشترون عاجلها بآجل الأبرار المتقين، ولن يفوز بالخير إلا عامله ولا يجزى جزاء الشر إلا فاعله. فأقم على ما في يديك قيام الحازم الصليب (2) والناصح اللبيب، التابع لسلطانه المطيع لإمامه، وإياك ما يعتذر منه، ولا تكن عند النعماء بطرا ولا عند البأساء فشلا، والسلام (3). [555] 10 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق (4).
(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 2 / 43 ح 149. (2) الصليب: الشديد. (3) نهج البلاغة: الكتاب 33. (4) نهج البلاغة: الحكمة 165. 285 الإطعام فضل إطعام الطعام [556] 1 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن علي بن الحكم وغيره، عن موسى بن بكر، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: من موجبات مغفرة الله تبارك وتعالى إطعام الطعام (1). الرواية موثقة سندا، ونقلها الكليني بسند موثق آخر في الكافي: 5 / 52 ح 11. [557] 2 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أبي عمير، عن حماد بن عثمان قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): من الإيمان حسن الخلق وإطعام الطعام (2). الرواية صحيحة الإسناد، ونقلها البرقي بسنده الصحيح في المحاسن: 389. [558] 3 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن أحمد بن محمد وابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن الله عز وجل يحب إطعام الطعام وإراقة الدماء (3). الرواية صحيحة الإسناد. وإراقة الدماء كناية عن الذبائح كما لا يخفى. [559] 4 - الكليني، عن محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من أحب الأعمال إلى الله عز وجل إشباع جوعة المؤمن أو تنفيس كربته أو قضاء دينه (4).
(1) الكافي: 4 / 50. (2) الكافي: 4 / 50. (3) الكافي: 4 / 51. (4) الكافي: 4 / 51. 286 الرواية صحيحة. [560] 5 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن عبد الله بن ميمون، عن جعفر عن أبيه (عليهما السلام) ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: الرزق أسرع إلى من يطعم الطعام من السكين في السنام (1). الرواية معتبرة سندا. [561] 6 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن الحسين بن سعيد، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أتي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بأسارى، فقدم رجل منهم ليضرب عنقه فقال له جبرئيل: أخر هذا اليوم يا محمد، فرده، وأخرج غيره حتى كان هو آخرهم فدعا به ليضرب عنقه فقال له جبرئيل: يا محمد ربك يقرئك السلام ويقول لك: إن أسيرك هذا يطعم الطعام ويقري الضيف ويصبر على النائبة ويحمل الحمالات، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): إن جبرئيل أخبرني فيك من الله عز وجل بكذا وكذا وقد أعتقتك، فقال له: إن ربك ليحب هذا؟ فقال: نعم، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، والذي بعثك بالحق نبيا لا رددت عن مالي أحدا أبدا (2). [562] 7 - الكليني، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن معمر بن خلاد قال: كان أبو الحسن الرضا (عليه السلام) إذا أكل أتي بصحفة فتوضع بقرب مائدته فيعمد إلى أطيب الطعام مما يؤتى به فيأخذ من كل شيء شيئا فيضع في تلك الصحفة ثم يأمر بها للمساكين ثم يتلو هذه الآية: (فلا اقتحم العقبة) (3) ثم يقول: علم الله عز وجل انه ليس كل إنسان يقدر على عتق رقبة فجعل لهم السبيل إلى الجنة (4). الرواية صحيحة الإسناد.
(1) الكافي: 4 / 51. (2) الكافي: 4 / 51. (3) سورة البلد: 11. (4) الكافي: 4 / 52. 287 [563] 8 - الصدوق بإسناده إلى وصايا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام): يا علي ثلاث درجات وثلاث كفارات وثلاث مهلكات وثلاث منجيات. فأما الدرجات: فإسباغ الوضوء في السبرات وانتظار الصلاة بعد الصلاة والمشي بالليل والنهار إلى الجماعات. وأما الكفارات: فإفشاء السلام وإطعام الطعام والتهجد بالليل والناس نيام. وأما المهلكات فشح مطاع وهوى متبع وإعجاب المرء بنفسه. وأما المنجيات: فخوف الله في السر والعلانية والقصد في الغنى والفقر وكلمة العدل في الرضا والسخط (1). السبرة: شدة البرد والغداة الباردة والجمع السبرات. الشح: البخل الذاتي. [564] 9 - النعماني فيما رواه عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: وأما الرد على من أنكره خلق الجنة والنار فقال الله تعالى (عند سدرة المنتهى * عندها جنة المأوى) (2) وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): دخلت الجنة فرأيت فيها قصرا من ياقوت أحمر يرى داخله من خارجه وخارجه من داخله من نوره، فقلت: يا جبرئيل لمن هذا القصر؟ فقال: لمن أطاب الكلام وأدام الصيام وأطعم الطعام وتهجد بالليل والناس نيام، فقلت: يا رسول الله وفي أمتك من يطيق هذا؟ فقال لي: ادن مني، فدنوت، فقال: أتدري ما إطابة الكلام؟ فقلت: الله ورسوله أعلم، فقال: هو «سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر» أتدري ما إدامة الصيام؟ فقلت: الله ورسوله أعلم، فقال: من صام شهر رمضان ولم يفطر منه يوما، أتدري ما إطعام الطعام؟ فقلت: الله ورسوله أعلم، فقال: من طلب لعياله ما يكف به وجوههم، أتدري ما التهجد بالليل والناس نيام؟ فقلت: الله ورسوله أعلم، فقال: من لا ينام حتى يصلي العشاء الآخرة ويريد بالناس هنا اليهود والنصارى لأنهم ينامون بين الصلاتين. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): لما أسري بي إلى السماء دخلت الجنة فرأيت فيها قيعان ورأيت فيها
(1) الفقيه: 4 / 360. (2) سورة النجم: 14 و 15. 288 ملائكة يبنون لبنة من ذهب ولبنة من فضة وربما أمسكوا، فقلت لهم: ما بالكم قد أمسكتم؟ فقالوا: حتى تجيئنا النفقة، فقلت: وما نفقتكم؟ قالوا: قول المؤمن «سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر» فإذا قال بنينا وإذا أمسك أمسكنا. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): لما أسرى بي ربي إلى سبع سماواته أخذ جبرئيل بيدي وأدخلني الجنة وأجلسني على درنوك من درانيك الجنة، وناولني سفرجلة فانفلقت نصفين وخرجت حوراء منها فقامت بين يدي وقالت: السلام عليك يا محمد، السلام عليك يا أحمد، السلام عليك يا رسول الله، فقلت: وعليك السلام من أنت؟ فقالت: أنا الراضية المرضية، خلقني الجبار من ثلاثة أنواع أعلاي من الكافور ووسطي من العنبر وأسفلي من المسك وعجنت بماء الحيوان، قال لي ربي: كوني فكنت لأخيك ووصيك علي بن أبي طالب، وهذا ومثله دليل على خلق الجنة، وبالعكس من ذلك الكلام في النار (1). [565] 10 - البرقي، عن أحمد بن محمد، عن الحكم بن أيمن، عن ميمون البان، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الإيمان حسن الخلق وإطعام الطعام وإراقة الدماء (2). إطعام المؤمن [566] 1 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن صفوان بن يحيى، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من أطعم ثلاثة نفر من المسلمين أطعمه الله من ثلاث جنان في ملكوت السماوات الفردوس وجنة عدن وطوبى [و] شجرة تخرج من جنة عدن غرسها ربنا بيده (3).
(1) تفسير النعماني: 105، ونقل عنه في بحار الأنوار: 8 / 176 ح 129. (2) المحاسن: 389. (3) الكافي: 2 / 200. 289 الرواية صحيحة الإسناد. بيده: أي بقدرته. [567] 2 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن حسين بن نعيم الصحاف قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): أتحب إخوانك يا حسين؟ قلت: نعم، قال: تنفع فقراءهم؟ قلت: نعم، قال: أما إنه يحق عليك أن تحب من يحب الله، أما والله لا تنفع منهم أحدا حتى تحبه، أتدعوهم إلى منزلك؟ قلت: نعم، ما آكل إلا ومعي الرجلان والثلاثة والأقل والأكثر، فقال أبو عبد الله: أما إن فضلهم عليك أعظم من فضلك عليهم، فقلت: جعلت فداك أطعمهم طعامي أوطئهم رحلي ويكون فضلهم علي أعظم؟! قال: نعم، إنهم إذا دخلوا منزلك دخلوا بمغفرتك ومغفرة عيالك وإذا خرجوا من منزلك خرجوا بذنوبك وذنوب عيالك (1). الرواية صحيحة الإسناد. [568] 3 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن ربعي قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): من أطعم أخاه في الله كان له من الأجر مثل من أطعم فئاما من الناس، قلت: وما الفئام [من الناس]؟ قال: مائة ألف من الناس (2). الرواية صحيحة، ونقلها الصدوق بسنده الصحيح في ثواب الأعمال: 164. [569] 4 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن صفوان الجمال، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لئن أشبع رجلا من إخواني أحب إلي من أن أدخل سوقكم هذا فابتاع منها رأسا فأعتقه (3). الرواية صحيحة. [570] 5 - الصدوق، عن محمد بن موسى بن المتوكل، عن علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم،
(1) الكافي: 2 / 201. (2) الكافي: 2 / 202. (3) الكافي: 2 / 203. 290 عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أيما مؤمن أطعم مؤمنا ليلة من شهر رمضان كتب الله له بذلك مثل أجر من أعتق ثلاثين نسمة مؤمنة وكان له بذلك عند الله عز وجل دعوة مجابة (1). الرواية معتبرة سندا. [571] 6 - الراوندي رفعه إلى حنان بن سدير، عن أبيه قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): أما تستطيع أن تعتق كل يوم رقبة؟ قال: لا يبلغ مالي ذلك، قال: تشبع كل يوم مؤمنا، فإن إطعام المؤمن أفضل من عتق رقبة (2). [572] 7 - الراوندي رفعه إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) انه قال: من أطعم أخاه حلاوة أذهب الله عنه مرارة الموقف (3). الروايات في هذا المجال كثيرة فراجع إن شئت الكافي: 2 / 200 فإن فيها عشرين رواية وثواب الأعمال: 164 و 165، وبحار الأنوار: 71 / 359 فإن فيها أكثر من مائة رواية، وراجع أيضا كتابنا ألف حديث في المؤمن: 98. إطعام من ينظر إلى الطعام [573] 1 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن علي بن إبراهيم الجعفري، عن محمد بن الفضيل رفعه عنهم (عليهم السلام) قالوا: كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أكل لقم من بين عينيه وإذا شرب سقى من على يمينه (4). [574] 2 - الكليني رفعه إلى ياسر الخادم قال: كان أبو الحسن (عليه السلام) يضع جوزينجة على الاخرى ويناولني (5).
(1) ثواب الأعمال: 164. (2) الدعوات: 108 ح 242. (3) الدعوات: 141 ح 359. (4) الكافي: 6 / 299. (5) الكافي: 6 / 298. 291 أبو الحسن هو الرضا (عليه السلام). جوزينجة: ما يعمل من السكر والجوز. [575] 3 - الصدوق، عن حمزة بن محمد بن أحمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) بقم في رجب سنة تسع وثلاثين وثلاث مائة قال: أخبرني علي بن إبراهيم بن هاشم فيما كتب إلي سنة سبع وثلاث مائة قال: حدثني ياسر الخادم قال: كان الرضا (عليه السلام) إذا كان خلا جمع حشمه كلهم عنده الصغير والكبير فيحدثهم ويأنس بهم ويؤنسهم، وكان (عليه السلام) إذا جلس على المائدة لا يدع صغيرا ولا كبيرا حتى السائس والحجام إلا أقعده على مائدته. قال ياسر الخادم: فبينا نحن عنده يوما إذ سمعنا وقع القفل الذي كان على باب المأمون إلى دار أبي الحسن (عليه السلام) فقال لنا الرضا (عليه السلام): قوموا وتفرقوا، فقمنا عنه فجاء المأمون ومعه كتاب طويل... الحديث (1). [576] 4 - الصدوق، عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن ياسر الخادم في خبر وفاة الرضا (عليه السلام):... فلما كان في آخر يومه الذي قبض فيه كان ضعيفا في ذاك اليوم فقال لي بعد ما صلى الظهر: يا ياسر ما أكل الناس شيئا؟ قلت: يا سيدي من يأكل هاهنا مع ما أنت فيه، فانتصب (عليه السلام) ثم قال: هاتوا المائدة ولم يدع من حشمه أحدا إلا أقعده معه على المائدة يتفقد واحدا واحدا، فلما أكلوا قال: ابعثوا إلى النساء بالطعام، فحمل الطعام إلى النساء فلما فرغوا من الأكل أغمي عليه... الخبر (2). [577] 5 - الصدوق، عن محمد بن علي ماجيلويه، عن محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد، عن أبي عبد الله الرازي، عن الحسن بن علي بن أبي عثمان، عن محمد بن سليمان البصري، عن داود الرقي، عن الرباب امرأته قالت: اتخذت خبيصا فأدخلته
(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 2 / 159 ح 24. (2) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 2 / 241 ح 1. 292 إلى أبي عبد الله (عليه السلام) وهو يأكل فوضعت الخبيص بين يديه وكان يلقم أصحابه فسمعته يقول: من لقم مؤمنا لقمة حلاوة صرف الله بها عنه مرارة يوم القيامة (1). الخبيص: الحلواء. الإطعام عند التزويج [578] 1 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد والحسين بن محمد، عن معلى بن محمد جميعا، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: سمعته يقول: إن النجاشي لما خطب لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) آمنة بنت أبي سفيان فزوجه ودعا بطعام وقال: إن من سنن المرسلين الإطعام عند التزويج (2). الرواية صحيحة الإسناد، ونقلها الشيخ بسنده عن الكليني في التهذيب: 7 / 409 ح 5. [579] 2 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حين تزوج ميمونة بنت الحارث أولم عليها وأطعم الناس الحيس (3). الرواية صحيحة، ونقلها الشيخ بسنده الصحيح عن الكليني في التهذيب: 7 / 409 ح 4. الحيس: تمر يخلط بسمن وأقط فيعجن شديدا ثم يندر منه نواه وربما يجعل فيه سويق كما في القاموس. [580] 3 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الوليمة أول يوم حق والثاني معروف وما زاد رياء وسمعة (4).
(1) ثواب الأعمال: 181. (2) الكافي: 5 / 367. (3) الكافي: 5 / 368. (4) الكافي: 5 / 368. 293 الرواية معتبرة سندا. [581] 4 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال رفعه إلى أبي جعفر (عليه السلام) قال: الوليمة يوم ويومان مكرمة وثلاثة أيام رياء وسمعة (1). ونقلها الشيخ بسنده عن الكليني في التهذيب: 7 / 408 ح 3. [582] 5 - الشيخ الطوسي قال: وروى موسى بن بكر، عن أبي الحسن (عليه السلام) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: لا وليمة إلا في خمس: في عرس أو خرس أو عذار أو وكاز أو ركاز، فالعرس: التزويج، والخرس: النفاس بالولد، والعذر: الختان، والوكاز: الرجل يشتري الدار، والركاز: الرجل يقدم من مكة (2). سند الشيخ إلى موسى بن بكر معتبر. الإطعام عند الولادة [583] 1 - الكليني، عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن عبد الله بن بكير قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فجاءه رسول عمه عبد الله بن علي فقال له: يقول لك عمك: إنا طلبنا العقيقة فلم نجدها فما ترى نتصدق بثمنها؟ فقال: لا إن الله يحب إطعام الطعام وإراقة الدماء (3). الرواية موثقة سندا. [584] 2 - الكليني، عن علي، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس وابن أبي عمير جميعا، عن أبي أيوب الخزاز، عن محمد بن مسلم قال: ولد لأبي جعفر (عليه السلام) غلامان جميعا، فأمر زيد بن علي أن يشتري له جزورين للعقيقة، وكان زمن غلاء، فاشترى له واحدة وعسرت عليه الاخرى، فقال لأبي جعفر (عليه السلام): قد عسرت علي
(1) الكافي: 5 / 368. (2) التهذيب: 7 / 409 ح 6. (3) الكافي: 6 / 25. 294 الاخرى فتصدق بثمنها؟ فقال: لا، اطلبها حتى تقدر عليها فإن الله عز وجل يحب إهراق الدماء وإطعام الطعام (1). من شبع وبحضرته مؤمن جائع [585] 1 - الصدوق، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن محمد بن علي الكوفي، عن محمد بن سنان، عن فرات بن أحنف قال: قال علي بن الحسين (عليه السلام): من بات شبعانا وبحضرته مؤمن جائع طاو قال الله عز وجل: ملائكتي أشهدكم على هذا العبد أنني أمرته فعصاني وأطاع غيري، وكلته إلى عمله، وعزتي وجلالي لا غفرت له أبدا (2). [586] 2 - قال الصدوق: وفي رواية حريز عن أبي عبد الله (عليه السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): قال الله عز وجل: ما آمن بي من بات شبعان وأخوه المسلم طاو (3). طاو: جاع ولم يأكل شيئا. وفي هذا المجال راجع كتاب أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى عثمان بن حنيف الأنصاري المروي في نهج البلاغة: كتاب 45 فإن فيه فوائد جمة.
(1) الكافي: 6 / 25. (2) عقاب الأعمال: 298. (3) عقاب الأعمال: 298. 295 الإعانة ثواب الإعانة [587] 1 - الكليني، عن الحسين بن محمد ومحمد بن يحيى جميعا، عن علي بن محمد بن سعد، عن محمد بن أسلم، عن محمد بن علي بن عدي قال: أملأ علي محمد بن سليمان، عن إسحاق بن عمار قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): أحسن يا إسحاق إلى أوليائي ما استطعت، فما أحسن مؤمن إلى مؤمن ولا أعانه إلا خمش وجه إبليس وقرح قلبه (1). خمش وجه إبليس: خدشه ولطمه وضربه وقطع عضوا منه. القرح: الألم، وقرح قلبه أي ألمه. [588] 2 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن بكر بن صالح، عن الحسن بن علي، عن عبد الله بن جعفر بن إبراهيم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من كسا أحدا من فقراء المسلمين ثوبا من عري أو أعانه بشيء مما يقوته من معيشته وكل الله عز وجل به سبعة آلاف ملك من الملائكة يستغفرون لكل ذنب عمله إلى أن ينفخ في الصور (2). [589] 3 - الصدوق، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن زيد الشحام قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول:
(1) الكافي: 2 / 207. (2) الكافي: 2 / 204. 296 من أعان أخاه المؤمن اللهفان اللهثان عند جهده فنفس كربته وأعانه على نجاح حاجته كانت له بذلك اثنان وسبعون رحمة لأفزاع يوم القيامة وأهواله (1). الرواية صحيحة الإسناد. [590] 4 - الصدوق، عن ابن المتوكل، عن السعد آبادي، عن البرقي، عن أبيه، عن وهب بن وهب، عن الصادق، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من أطعم مؤمنا من جوع أطعمه الله من ثمار الجنة، ومن كساه من عري كساه الله من إستبرق وحرير، ومن سقاه شربة على عطش سقاه الله من الرحيق المختوم، ومن أعانه أو كشف كربته أظله الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله (2). [591] 5 - الصدوق، عن محمد بن إبراهيم بن إسحاق، عن أحمد بن محمد الهمداني، عن علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) قال: الحسنات في شهر رمضان مقبولة والسيئات فيه مغفورة، من قرأ في شهر رمضان آية من كتاب الله عز وجل كان كمن ختم القرآن في غيره من الشهور، ومن ضحك فيه في وجه أخيه المؤمن لم يلقه يوم القيامة إلا ضحك في وجهه وبشره بالجنة، ومن أعان فيه مؤمنا أعانه الله تعالى على الجواز على الصراط يوم تزل فيه الأقدام، ومن كف فيه غضبه كف الله عنه غضبه يوم القيامة، ومن أغاث فيه ملهوفا آمنه الله من الفزع الأكبر يوم القيامة، ومن نصر فيه مظلوما نصره الله على كل من عاداه في الدنيا ونصره يوم القيامة عند الحساب والميزان، شهر رمضان شهر البركة وشهر الرحمة وشهر المغفرة وشهر التوبة وشهر الإنابة، من لم يغفر له في شهر رمضان ففي أي شهر يغفر له، فسلوا الله أن يتقبل منكم فيه الصيام ولا يجعله آخر العهد منكم، وأن يوفقكم فيه لطاعته ويعصمكم من معصيته انه خير مسؤول (3).
(1) ثواب الأعمال: 220. (2) أمالي الصدوق: المجلس السابع والأربعون: 15 / 233. (3) فضائل الأشهر الثلاثة: 97 ح 82، ونقل عنه في بحار الأنوار: 93 / 341 ح 5. 297 من استعان به أخوه فلم يعنه [592] 1 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أيما رجل من شيعتنا أتى رجلا من إخوانه فاستعان به في حاجته فلم يعنه وهو يقدر إلا ابتلاه الله بأن يقضي حوائج غيره من أعدائنا يعذبه الله عليها يوم القيامة (1). الرواية صحيحة الإسناد. [593] 2 - الكليني، عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن حسان، عن محمد بن أسلم، عن الخطاب بن مصعب، عن سدير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لم يدع رجل معونة أخيه المسلم حتى يسعى فيها ويواسيه إلا ابتلي بمعونة من يأثم ولا يؤجر (2). [594] 3 - الكليني، عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد بن عبد الله، عن علي بن جعفر، عن [أخيه] أبي الحسن (عليه السلام) قال: سمعت يقول: من قصد إليه رجل من إخوانه مستجيرا به في بعض أحواله فلم يجره بعد أن يقدر عليه فقد قطع ولاية الله عز وجل (3). [595] 4 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد وأبي علي الأشعري، عن محمد بن حسان، عن محمد بن علي، عن سعدان، عن حسين بن أمين، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: من بخل بمعونة أخيه المسلم والقيام له في حاجته [إلا] ابتلي بمعونة من يأثم عليه ولا يؤجر (4). [596] 5 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد وأبو علي الأشعري، عن محمد بن حسان جميعا، عن إدريس بن الحسن، عن مصبح بن هلقام قال: أخبرنا أبو بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: أيما رجل من أصحابنا
(1) الكافي: 2 / 366. (2) الكافي: 2 / 366. (3) الكافي: 2 / 366. (4) الكافي: 2 / 365. 298 استعان به رجل من إخوانه في حاجة فلم يبالغ فيها بكل جهد فقد خان الله ورسوله والمؤمنين؟، قال أبو بصير، قلت: لأبي عبد الله (عليه السلام): ما تعني بقولك: والمؤمنين قال: من لدن أمير المؤمنين إلى آخرهم (1). من أعان الضعيف [597] 1 - الطوسي، عن المفيد، عن أحمد بن الوليد، عن أبيه، عن الصفار، عن ابن عيسى، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: أربع من كن فيه كمل إسلامه واعين على إيمانه ومحصت ذنوبه ولقي ربه وهو عنه راض ولو كان فيما بين قرنه إلى قدميه ذنوب حطها الله عنه، وهي: الوفاء بما يجعل لله على نفسه، وصدق اللسان مع الناس، والحياء مما يقبح عند الله وعند الناس، وحسن الخلق مع الأهل والناس. وأربع من كن فيه من المؤمنين أسكنه الله في أعلى عليين في غرف فوق غرف في محل الشرف كل الشرف: من آوى اليتيم ونظر له فكان له أبا، ومن رحم الضعيف وأعانه وكفاه، ومن أنفق على والديه ورفق بهما وبرهما ولم يحزنهما، ومن لم يخرق لمملوكه وأعانه على ما يكلفه ولم يستسعه فيما لا يطيق (2). الرواية صحيحة الإسناد. الخرق: ضد الرفق. من أطاع الله أعانه [598] 1 - الكراجكي قال: روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) انه قال: من ولي شيئا من امور أمتي فحسنت سريرته لهم رزقه الله تعالى الهيبة في قلوبهم، ومن بسط كفه لهم بالمعروف رزق المحبة منهم، ومن كف عن أموالهم وفر الله عز وجل ماله، ومن أخذ للمظلوم من الظالم كان معي في الجنة مصاحبا، ومن كثر عفوه مد في عمره، ومن عم
(1) الكافي: 2 / 362. (2) أمالي الطوسي: المجلس السابع ح 21 / 189 الرقم 319. 299 عدله نصر على عدوه، ومن خرج من ذل المعصية إلى عز الطاعة آنسه الله عز وجل بغير أنيس وأعانه بغير مال. وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: أسد حطوم خير من سلطان ظلوم، وسلطان ظلوم خير من فتن تدوم (1). من أعان إمام جور فهو وليه [599] 1 - ورام بن أبي فراس رفعه إلى محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان علي (عليه السلام) يقول: إنما هو الرضا والسخط وإنما عقر الناقة رجل واحد فلما رضوا أصابهم العذاب، فإذا ظهر إمام عدل فمن رضي بحكمه وأعانه على عدله فهو وليه، وإذا ظهر إمام جور فمن رضي بحكمه وأعانه على جوره فهو وليه. طلحة بن زيد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: العامل بالظلم والمعين له والراضي به شركاء فيه (2). إعانة المسافرين [600] 1 - البرقي، عن محمد بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من أعان مؤمنا مسافرا نفس الله عنه ثلاثا وسبعين كربة وأجاره في الدنيا من الغم والهم ونفس عنه كربه العظيم، قيل: يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما كربه العظيم؟ قال: حيث يغشى بأنفاسهم (3). [601] 2 - البرقي، عن عبد الرحمن بن حماد، عن عبد الله بن إبراهيم، عن أبي عمرو الغفاري، عن جعفر بن إبراهيم الجعفري، عن أبي عبد الله، عن آبائه (عليهم السلام) قال: من
(1) كنز الفوائد: 1 / 135 و 136، ونقل عنه في بحار الأنوار: 72 / 359 ح 74. (2) تنبيه الخواطر: 17، ونقل عنه في بحار الأنوار: 72 / 377 ح 33. (3) المحاسن: 362. 300 أعان مؤمنا مسافرا على حاجة نفس الله عنه ثلاثا وعشرين كربة، كربة في الدنيا واثنين وسبعين كربة في الآخرة حيث يغشى على الناس بأنفاسهم (1). [602] 3 - الراوندي بإسناده، عن جعفر بن محمد، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من أعان مؤمنا مسافرا في حاجة نفس الله تعالى عنه ثلاثا وسبعين، كربة واحدة في الدنيا من الغم والهم واثنين وسبعين كربة عند الكربة العظمى، قيل: يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وما الكربة العظمى؟ قال: حيث يتشاغل الناس بأنفسهم، حتى أن إبراهيم (عليه السلام) يقول: أسألك بخلتي أن تسلمني إليها (2).
(1) المحاسن: 362. (2) النوادر: 8. 301 الاعتداء [603] 1 - الكليني، عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يكتب إلى عماله: لا تسخروا المسلمين، ومن سألكم غير الفريضة فقد اعتدى فلا تعطوه، وكان يكتب يوصي بالفلاحين خيرا وهم الأكارون (1). الرواية صحيحة الإسناد، ونقلها الشيخ بسنده الصحيح في التهذيب: 7 / 154 ح 30. [604] 2 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الوشاء، عن صفوان بن يحيى، عن أرطاة بن حبيب الأسدي، عن رجل، عن علي بن الحسين (عليه السلام) قال: من اعتدى عليه في صدقة ماله فقاتل فقتل فهو شهيد (2). صدقة ماله: أي زكاة ماله يريدون أخذها من غير استحقاق، ونقلها الشيخ في التهذيب: 6 / 166 ح 1. [605] 3 - الصدوق، عن أبيه، عن الحسن بن أحمد المالكي، عن أبيه، عن إبراهيم بن أبي محمود، عن الرضا (عليه السلام)، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يا علي أنت المظلوم من بعدي فويل لمن ظلمك واعتدى عليك وطوبى لمن تبعك ولم يختر عليك، يا علي أنت المقاتل بعدي فويل لمن قاتلك وطوبى لمن قاتل معك، يا علي أنت الذي تنطق بكلامي وتتكلم بلساني بعدي فويل لمن رد عليك وطوبى لمن قبل كلامك،
(1) الكافي: 5 / 284 ح 3. (2) الكافي: 5 / 52 ح 4. 302 يا علي أنت سيد هذه الأمة بعدي وأنت إمامها وخليفتي عليها من فارقك فارقني يوم القيامة ومن كان معك كان معي يوم القيامة، يا علي أنت أول من آمن بي وصدقني، وأنت أول من أعانني على أمري وجاهد معي عدوي، وأنت أول من صلى معي والناس يومئذ في غفلة الجهالة. يا علي أنت أول من تنشق عنه الأرض معي، وأنت أول من يبعث معي، وأنت أول من يجوز الصراط معي، وإن ربي عز وجل أقسم بعزته انه لا يجوز عقبة الصراط إلا من معه براءة بولايتك وولاية الأئمة من ولدك، وأنت أول من يرد حوضي تسقي منه أولياءك وتذود عنه أعداءك وأنت صاحبي إذا قمت المقام المحمود ونشفع لمحبينا فنشفع فيهم، وأنت أول من يدخل الجنة وبيدك لوائي وهو لواء الحمد وهو سبعون شقة الشقة منه أوسع من الشمس والقمر، وأنت صاحب شجرة طوبى في الجنة أصلها في دارك وأغصانها في دور شيعتك ومحبيك... الحديث (1). [606] 4 - الصدوق، عن أبيه، عن سعد، عن ابن أبي الخطاب وأحمد بن الحسن بن فضال معا، عن علي بن أسباط، عن الحسن بن زيد، عن محمد بن سالم، عن ابن طريف، عن ابن نباتة قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): الإيمان على أربع دعائم: على الصبر واليقين والعدل والجهاد. والصبر على أربع شعب: على الشوق والإشفاق والزهد والترقب. فمن اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات، ومن اشفق من النار رجع عن المحرمات، ومن زهد في الدنيا تهاون بالمصيبات، ومن ارتقب الموت سارع في الخيرات. واليقين على أربع شعب: على تبصرة الفطنة وتأول الحكمة وموعظة العبرة وسنة الأولين. فمن تبصر في الفطنة تأول الحكمة، ومن تأول الحكمة عرف العبرة، ومن عرف العبرة فكأنما عاش في الأولين.
(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 1 / 303 ح 63، ونقل عنه في بحار الأنوار: 39 / 211 ح 2. 303 والعدل على أربع شعب: على غائص الفهم وغمرة العلم وزهرة الحكمة وروضة الحلم، فمن فهم فسر جمل العلم، ومن علم شرع غرائب الحكم، ومن كان حكيما لم يفرط في أمر يلبه في الناس. والجهاد على أربع شعب: على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصدق في المواطن وشنآن الفاسقين. فمن أمر بالمعروف شد ظهر المؤمن، ومن نهى عن المنكر أرغم أنف المنافق، ومن صدق في المواطن قضى الذي عليه، ومن شنأ الفاسقين وغضب لله عز وجل غضب الله له. ذلك الإيمان ودعائمه وشعبه. والكفر على أربع دعائم: على الفسق والعتو والشك والشبهة. والفسق على أربع شعب: على الجفاء والعمى والغفلة والعتو. فمن جفا حقر الحق ومقت الفقهاء وأصر على الحنث العظيم، ومن عمي نسي الذكر واتبع الظن وألح عليه الشيطان، ومن غفل غرته الأماني وأخذته الحسرة إذا انكشف الغطاء وبدا له من الله ما لم يكن يحتسب، ومن عتا عن أمر الله تعالى الله عليه ثم أذله بسلطانه وصغره لجلاله كما فرط في جنبه وعتا عن أمر ربه الكريم. والعتو، على أربع شعب: على التعمق والتنازع والزيغ والشقاق. فمن تعمق لم ينب إلى الحق ولم يزدد إلا غرقا في الغمرات فلم تحتبس عنه فتنة إلا غشيته اخرى وانخرق دينه فهو يهيم في أمر مريج، ومن نازع وخاصم قطع بينهم الفشل وذاق وبال أمره وساءت عنده الحسنة وحسنت عنده السيئة، ومن ساءت عليه الحسنة اعتورت عليه طرقه واعترض عليه أمره وضاق عليه مخرجه، وحري أن يرجع من دينه ويتبع غير سبيل المؤمنين. والشك على أربع شعب: على الهول والريب والتردد والاستسلام، فبأي آلاء ربك يتمارى المتمارون، فمن هاله ما بين يديه نكص على عقبيه، ومن تردد في الريب سبقه الأولون وأدركه الآخرون وقطعته سنابك الشياطين، ومن استسلم لهلكة الدنيا والآخرة هلك فيما بينهما، ومن نجا فباليقين.
304 والشبهة على أربع شعب: على الإعجاب بالزينة وتسويل النفس وتأول العوج وتلبس الحق بالباطل، وذلك بأن الزينة تزيد على البينة، وأن تسويل النفس يقحم على الشهوة، وأن العوج يميل ميلا عظيما، وأن التلبيس ظلمات بعضها فوق بعض، فذلك الكفر ودعائمه وشعبه. والنفاق على أربع دعائم: على الهوى والهوينا والحفيظة والطمع. والهوى على أربع شعب: على البغي والعدوان والشهوة والطغيان. فمن بغي كثرت غوائله وعلاته، ومن اعتدى لم تؤمن بوائقه ولم يسلم قلبه، ومن لم يعزل نفسه عن الشهوات خاض في الخبيثات، ومن طغى ضل على غير يقين ولا حجة له. وشعب الهوينا: الهيبة والغرة والمماطلة والأمل، وذلك لأن الهيبة ترد على دين الحق وتفرط المماطلة في العمل حين يقدم الأجل، ولولا الأمل علم الإنسان حسب ما هو فيه، ولو علم حسب ما هو فيه مات من الهول والوجل. وشعب الحفيظة: الكبر والفخر والحمية والعصبية. فمن استكبر أدبر، ومن فخر فجر، ومن حمى أضر، ومن أخذته العصبية جار، فبئس الأمر أمر بين الاستكبار والإدبار وفجور وجور. وشعب الطمع أربع: الفرح والمرح واللجاجة والتكاثر. فالفرح مكروه عند الله عز وجل، والمرح خيلاء، واللجاجة بلاء لمن اضطرته إلى حبائل الآثام، والتكاثر لهو وشغل واستبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير، فذلك النفاق ودعائمه وشعبه (1). [607] 5 - قال الطبرسي: صلاة المظلوم: تصلي ركعتين بما شئت من القرآن وتصلي على محمد وآله ما قدرت عليه ثم تقول: اللهم ان لك يوما تنتقم فيه للمظلوم من الظالم لكن هلعي وجزعي لا يبلغان بي الصبر على أناتك وحلمك، وقد علمت ان فلانا ظلمني واعتدى علي بقوته على ضعفي فأسألك يا رب العزة وقاصم الجبابرة وناصر
(1) الخصال: 1 / 231 ح 74 من باب الأربعة. 305 المظلومين أن تريه قدرتك، أقسمت عليك يا رب العزة الساعة الساعة. صلاة اخرى: محمد بن الحسن الصفار يرفعه قال: قلت له (عليه السلام): ان فلانا ظالم لي، فقال: أسبغ الوضوء وصل ركعتين واثن على الله تعالى وصل على محمد وآله ثم قل: اللهم ان فلانا ظلمني وبغى علي فابله بفقر لا تجبره وبسوء لا تستره. قال: ففعلت فأصابه الوضح. وفي خبر آخر قال (عليه السلام): ما من مؤمن ظلم فتوضأ وصلى ركعتين ثم قال: اللهم إني مظلوم فانتصر، وسكت إلا عجل الله له النصر (1). [608] 6 - المجلسي رفعه قال (عليه السلام): لا راحة لحسود ولا مودة لملول ولا مروة لكذوب ولا شرف لبخيل ولا همة لمهين ولا سلامة لمن أكثر مخالطة الناس. الوحدة راحة والعزلة عبادة والقناعة غنية والاقتصاد بلغة وعدل السلطان خير من خصب الزمان. والعزيز بغير الله ذليل والغني الشره فقير لا يعرف الناس إلا بالاختبار، فاختبر أهلك وولدك في غيبتك وصديقك في مصيبتك وذا القرابة عند فاقتك وذا التودد والملق عند عطلتك، لتعلم بذلك منزلتك عندهم. واحذر ممن إذا حدثته ملك وإذا حدثك غمك وان سررته أو ضررته سلك فيه معك سبيلك وإن فارقك ساءك مغيبه بذكر سوأتك وإن مانعته بهتك وافترى وإن وافقته حسدك واعتدى وإن خالفته مقتك ومارى، يعجز عن مكافاة من أحسن اليه ويفرط على من بغى عليه، يصبح صاحبه في أجر ويصبح هو في وزر، لسانه عليه لا له، ولا يضبط قلبه قوله، يتعلم للمراء ويتفقه للرياء، يبادر الدنيا ويواكل التقوى، فهو بعيد من الإيمان قريب من النفاق، مجانب للرشد موافق للغي، فهو باغ غاو لا يذكر المهتدين (2).
(1) مكارم الأخلاق: 337، ونقل عنه في بحار الأنوار: 88 / 362 ح 22. (2) بحار الأنوار: 75 / 10. 306 الإعتدال [609] 1 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن البرقي، عن أحمد بن زيد النيسابوري قال: حدثني عمر بن إبراهيم الهاشمي، عن عبد الملك ابن عمر، عن أسيد بن صفوان صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: لما كان اليوم الذي قبض فيه أمير المؤمنين (عليه السلام) ارتج الموضع بالبكاء ودهش الناس كيوم قبض فيه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وجاء رجل باكيا وهو مسرع مسترجع وهو يقول: اليوم انقطعت خلافة النبوة، حتى وقف على باب البيت الذي فيه أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: رحمك الله يا أبا الحسن كنت أول القوم إسلاما وأخلصهم إيمانا وأشدهم يقينا وأخوفهم لله وأعظمهم عناء وأحوطهم على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وآمنهم على أصحابه، وأفضلهم مناقب وأكرمهم سوابق، وأرفعهم درجة وأقربهم من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأشبههم به هديا وخلقا وسمتا وفعلا وأشرفهم منزلة وأكرمهم عليه، فجزاك الله عن الإسلام وعن رسوله وعن المسلمين خيرا. قويت حين ضعف أصحابه وبرزت حين استكانوا، ونهضت حين وهنوا، ولزمت منهاج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذ هم أصحابه، وكنت خليفته حقا، لم تنازع ولم تضرع برغم المنافقين وغيظ الكافرين وكره الحاسدين وصغر الفاسقين. فقمت بالأمر حين فشلوا، ونطقت حين تتعتعوا، ومضيت بنور الله إذ وقفوا فاتبعوك فهدوا، وكنت أخفضهم صوتا وأعلاهم قنوتا، وأقلهم كلاما وأصوبهم نطقا، وأكبرهم رأيا وأشجعهم قلبا، وأشدهم يقينا وأحسنهم عملا، وأعرفهم بالامور.
307 كنت والله يعسوبا للدين أولا وآخرا الأول حين تفرق الناس، والآخر حين فشلوا. كنت للمؤمنين أبا رحيما إذ صاروا عليك عيالا فحملت أثقال ما عنه ضعفوا، وحفظت ما أضاعوا، ورعيت ما أهملوا، وشمرت إذ اجتمعوا، وعلوت إذ هلعوا، وصبرت إذ أسرعوا، وأدركت أوتار ما طلبوا، ونالوا بك ما لم يحتسبوا. كنت على الكافرين عذابا صبا ونهبا وللمؤمنين عمدا وحصنا، فطرت والله بنعمائها وفزت بحبائها، وأحرزت سوابقها وذهب بفضائلها، لم تفلل حجتك ولم يزغ قلبك، ولم تضعف بصيرتك ولم تجبن نفسك ولم تخر. كنت كالجبل لا تحركه العواصف وكنت كما قال (1): أمن الناس في صحبتك وذات يدك. وكنت كما قال: ضعيفا في بدنك قويا في أمر الله متواضعا في نفسك عظيما عند الله كبيرا في الأرض جليلا عند المؤمنين، لم يكن لأحد فيك مهمز ولا لقائل فيك مغمز، ولا لأحد فيك مطمع، ولا لأحد عندك هوادة، الضعيف الذليل عندك قوي عزيز حتى تأخذ له بحقه، والقوي العزيز عندك ضعيف ذليل حتى تأخذ منه الحق، والقريب والبعيد عندك في ذلك سواء، شأنك الحق والصدق والرفق، وقولك حكم وحتم، وأمرك حلم وحزم، ورأيك علم وعزم فيما فعلت، وقد نهج السبيل وسهل العسير وأطفئت النيران واعتدل بك الدين وقوي بك الإسلام فظهر أمر الله ولو كره الكافرون وثبت بك الإسلام والمؤمنون، وسبقت سبقا بعيدا وأتعبت من بعدك تعبا شديدا، فجللت عن البكاء وعظمت رزيتك في السماء وهدت مصيبتك الأنام، فإنا لله وإنا إليه راجعون، رضينا عن الله قضاه وسلمنا لله أمره، فوالله لن يصاب المسلمون بمثلك أبدا. كنت للمؤمنين كهفا وحصنا وقنة راسيا، وعلى الكافرين غلظة وغيظا، فألحقك
(1) أي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في حقك. 308 الله بنبيه، ولا أحرمنا أجرك، ولا أضلنا بعدك. وسكت القوم حتى انقضى كلامه، وبكى أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم طلبوه فلم يصادفوه (1). نقلها الصدوق باختلاف في الفقيه: 2 / 592 تحت عنوان «زيارة اخرى لأمير المؤمنين (عليه السلام)» وقد يقال بأن الرجل هو الخضر (عليه السلام) والله العالم. [610] 2 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن حماد، عن حريز، عن رجل، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قلت له: (فصل لربك وانحر) (2)؟ قال: النحر الاعتدال في القيام أن يقيم صلبه ونحره. وقال: لا تكفر فإنما يصنع ذلك المجوس، ولا تلثم ولا تحتفز، ولا تقع على قدميك، ولا تفترش ذراعيك (3). ونقلها الشيخ بسنده عن الكليني في التهذيب: 2 / 84 ح 77. لا تلثم ولا تحتفز: لا تتضأم إذا جلست وإذا سجدت فلا تخوي الرجل. [611] 3 - الصدوق، عن علي بن حاتم، عن القاسم بن محمد، عن حمدان بن الحسين، عن الحسين بن الوليد، عن الحسين بن إبراهيم، عن محمد بن زياد، عن هشام بن الحكم، عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال: قلت له: لأي علة صار التكبير في الافتتاح سبع تكبيرات أفضل؟ ولأي علة يقال في الركوع: سبحان ربي العظيم وبحمده، ويقال في السجود: سبحان ربي الأعلى وبحمده؟ قال: يا هشام ان الله تبارك وتعالى خلق السماوات سبعا والأرضين سبعا والحجب سبعا فلما أسري بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وكان من ربه كقاب قوسين أو أدنى رفع له حجاب من حجبه فكبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وجعل يقول الكلمات التي تقال في الافتتاح، فلما رفع له الثاني كبر، فلم يزل كذلك حتى بلغ سبع حجب وكبر سبع
(1) الكافي: 1 / 454. (2) سورة الكوثر: 2. (3) الكافي: 3 / 336 ح 9. 309 تكبيرات، فلذلك العلة تكبر للافتتاح في الصلاة سبع تكبيرات، فلما ذكر ما رأى من عظمة الله ارتعدت فرائصه فانبرك على ركبتيه وأخذ يقول: سبحان ربي العظيم وبحمده، فلما اعتدل من ركوعه قائما نظر إليه في موضع أعلى من ذلك الموضع خر على وجهه وهو يقول: سبحان ربي الأعلى وبحمده، فلما قال سبع مرات سكن ذلك الرعب، فلذلك جرت به السنة (1). [612] 4 - الصدوق، عن الطالقاني، عن أحمد بن محمد الهمداني، عن الحسن بن القاسم قراءة، عن علي بن إبراهيم بن المعلى، عن أبي عبد الله محمد بن خالد، عن عبد الله بن بكر المرادي، عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جده، عن علي بن الحسين، عن أبيه (عليهم السلام) قال: بينا أمير المؤمنين (عليه السلام) ذات يوم جالس مع أصحابه يعبيهم للحرب إذ أتاه شيخ عليه شحبة السفر، فقال: أين أمير المؤمنين؟ فقيل: هو ذا، فسلم عليه ثم قال: يا أمير المؤمنين إني أتيتك من ناحية الشام وأنا شيخ كبير قد سمعت فيك من الفضل ما لا أحصي وإني أظنك ستغتال فعلمني مما علمك الله، قال: نعم يا شيخ من اعتدل يوماه فهو مغبون، ومن كانت الدنيا همته اشتدت حسرته عند فراغها، ومن كانت غده شر يوميه فمحروم، ومن لم يبال بما رزي من آخرته إذا سلمت له دنياه فهو هالك، ومن لم يتعاهد النقص من نفسه غلب عليه الهوى، ومن كان في نقص فالموت خير له. يا شيخ ان الدنيا خضرة حلوة ولها أهل، وان الآخرة لها أهل، ظلفت أنفسهم عن مفاخرة أهل الدنيا، لا يتنافسون في الدنيا ولا يفرحون بغضارتها ولا يحزنون لبؤسها. يا شيخ من خاف البيات قل نومه، ما أسرع الليالي والأيام في عمر العبد، فاخزن لسانك وعد كلامك يقل كلامك إلا بخير. يا شيخ ارض للناس ما ترضى لنفسك، وآت إلى الناس ما تحب أن يؤتى إليك.
(1) علل الشرايع: 332 ح 4. 310 ثم أقبل على أصحابه فقال: أيها الناس أما ترون إلى أهل الدنيا يمسون ويصبحون على أحوال شتى، فبين صريع يتلوى، وبين عائد ومعود، وآخر بنفسه يجود، وآخر لا يرجى وآخر مسجى، وطالب الدنيا والموت يطلبه، وغافل وليس بمغفول عنه، وعلى أثر الماضي يصير الباقي. فقال له زيد بن صوحان العبدي: يا أمير المؤمنين أي سلطان أغلب وأقوى؟ قال: الهوى، قال: فأي ذل أذل؟ قال: الحرص على الدنيا، قال: فأي فقر أشد؟ قال: الكفر بعد الإيمان، قال: فأي دعوة أضل؟ قال: الداعي بما لا يكون، قال: فأي عمل أفضل؟ قال: التقوى، قال: فأي عمل أنجح؟ قال: طلب ما عند الله، قال: فأي صاحب لك شر؟ قال: المزين لك معصية الله عز وجل، قال: فأي الخلق أشقى؟ قال: من باع دينه بدنيا غيره، قال: فأي الخلق أقوى قال: الحليم، قال: فأي الخلق أشح؟ قال: من أخذ المال من غير حله فجعله في غير حقه، قال: فأي الناس أكيس؟ قال: من أبصر رشده من غيه فمال إلى رشده، قال: فمن أحلم الناس؟ قال: الذي لا يغضب، قال: فأي الناس أثبت رأيا؟ قال: من لم يغره الناس من نفسه ولم تغره الدنيا بتشوفها، قال: فأي الناس أحمق؟ قال: المغتر بالدنيا وهو يرى ما فيها من تقلب أحوالها، قال: فأي الناس أشد حسرة؟ قال: الذي حرم الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين، قال: فأي الخلق أعمى؟ قال: الذي عمل لغير الله يطلب بعمله الثواب من عند الله عز وجل، قال: فأي القنوع أفضل؟ قال: القانع بما أعطاه الله، قال: فأي المصائب أشد؟ قال: المصيبة بالدين، قال: فأي الأعمال أحب إلى الله عز وجل؟ قال: انتظار الفرج، قال: فأي الناس خير عند الله عز وجل؟ قال: أخوفهم لله وأعملهم بالتقوى وأزهدهم في الدنيا، قال: فأي الكلام أفضل عند الله عز وجل؟ قال: كثرة ذكره والتضرع إليه بالدعاء، قال: فأي القول أصدق؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله، قال: فأي الأعمال أعظم عند الله عز وجل؟ قال: التسليم والورع، قال: فأي الناس أكرم، قال: من صدق في المواطن.
311 ثم أقبل (عليه السلام) على الشيخ فقال: يا شيخ إن الله عز وجل خلق خلقا ضيق الدنيا عليهم نضرا لهم فزهدهم فيها وفي حطامها، فرغبوا في دار السلام الذي دعاهم إليه وصبروا على ضيق المعيشة وصبروا على المكروه، واشتاقوا إلى ما عند الله عز وجل من الكرامة فبذلوا أنفسهم ابتغاء رضوان الله عز وجل وكانت خاتمة أعمالهم الشهادة فلقوا الله عز وجل وهو عنهم راض، وعلموا أن الموت سبيل من مضى ومن بقي، فتزودوا لآخرتهم غير الذهب والفضة، ولبسوا الخشن، وصبروا على البلوى، وقدموا الفضل، وأحبوا في الله وأبغضوا في الله عز وجل اولئك المصابيح وأهل النعيم في الآخرة والسلام. قال الشيخ: فأين أذهب وأدع الجنة وأنا أراها وأرى أهلها معك يا أمير المؤمنين؟ جهزني بقوة أتقوى بها على عدوك، فأعطاه أمير المؤمنين (عليه السلام) سلاحا وحمله فكان في الحرب بين يدي أمير المؤمنين (عليه السلام) يضرب قدما قدما وأمير المؤمنين (عليه السلام) يعجب مما يصنع، فلما اشتدت الحرب أقدم فرسه حتى قتل رحمة الله عليه، وأتبعه رجل من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) فوجده صريعا ووجد دابته ووجد سيفه في ذراعه، فلما انقضت الحرب أتى أمير المؤمنين (عليه السلام) بدابته وسلاحه وصلى عليه أمير المؤمنين (عليه السلام) وقال هذا والله السعيد حقا فترحموا على أخيكم (1). [613] 5 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال في خطبة له (عليه السلام): قد طلع طالع ولمع لامع ولاح لائح واعتدل مائل، واستبدل الله بقوم قوما وبيوم يوما، وانتظرنا الغير انتظار المجدب المطر، وإنما الأئمة قوام الله على خلقه وعرفاؤه على عباده، ولا يدخل الجنة إلا من عرفهم وعرفوه، ولا يدخل النار إلا من أنكرهم وأنكروه، وأن الله تعالى خصكم بالإسلام واستخلصكم له وذلك لأنه اسم سلامة وجماع كرامة، اصطفى الله تعالى منهجه وبين حججه من ظاهر علم وباطن حكم، لا تفنى غرائبه ولا تنقضي عجائبه، فيه مرابيع النعم ومصابيح الظلم، لا تفتح الخيرات إلا بمفاتيحه، ولا تكشف
(1) أمالي الصدوق: المجلس الثاني والستون ح 4 / 477 الرقم 644 ونحوها في الفقيه: 4 / 381 ح 5833. 312 الظلمات إلا بمصابيحه، قد أحمى حماه وأرعى مرعاه، فيه شفاء المستشفي وكفاية المكتفي (1). [614] 6 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال في خطبته الغراء:... أم هذا الذي أنشأه في ظلمات الأرحام وشغف الأستار، نطفة دهاقا وعلقة محاقا، وجنينا وراضعا ووليدا يافعا، ثم منحه قلبا حافظا ولسانا لافظا وبصرا لاحظا، ليفهم معتبرا ويقصر مزدجرا، حتى إذا قام اعتداله واستوى مثاله نفر مستكبرا وخبط سادرا، ماتحا في غرب هواه كادحا سعيا لدنياه في لذات طربه وبدوات أربه، ثم لا يحتسب رزية ولا يخشع تقية، فمات في فتنته غريرا وعاش في هفوته يسيرا... (2). [615] 7 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال في الخطبة القاصعة:... فاعتبروا بحال ولد إسماعيل وبني إسحاق وبني إسرائيل (عليهم السلام) فما أشد اعتدال الأحوال وأقرب اشتباه الأمثال، تأملوا أمرهم في حال تشتتهم وتفرقهم، ليالي كانت الأكاسرة والقياصرة أربابا لهم، يحتازونهم عن ريف الآفاق وبحر العراق وخضرة الدنيا، إلى منابت الشيح ومهافي الريح ونكد المعاش، فتركوهم عالة مساكين إخوان دبر ووبر، أذل الامم دارا وأجدبهم قرارا، لا يأوون إلى جناح دعوة يعتصمون بها وإلا إلى ظل ألفة يعتمدون على عزها، فالأحوال مضطربة والأيدي مختلفة والكثرة متفرقة، في بلاء أزل وأطباق جهل، من بنات موؤدة وأصنام معبودة وأرحام مقطوعة وغارات مشنونة... (3). [616] 8 - الطوسي، عن جماعة، عن أبي المفضل، عن الطاهري الكاتب، عن المصعبي يقول: سمعت أبا الصلت عبد السلام بن صالح الهروي يقول: سمعت الرضا علي بن
(1) نهج البلاغة: الخطبة 152. (2) نهج البلاغة: الخطبة 83. (3) نهج البلاغة: الخطبة 192. 313 موسى (عليه السلام) يقول: إذا ولى الظالم الظالم فقد انتصف الحق، وإذا ولى العادل العادل فقد اعتدل الحق، وإذا ولى العادل الظالم فقد استراح الحق، وإذا ولى العبد الحر فقد استرق الحق (1). [617] 9 - ورام بن أبي فراس قال: علي (عليه السلام) قل ما اعتدل به المنبر إلا قال أمام خطبته: أيها الناس اتقوا الله، فما خلق امرء عبثا فيلهو، ولا ترك سدى فيلغو، وما دنياه التي تحسنت له بخلف من الآخرة التي قبحها سوء المنظر عنده، وما المغرور الذي ظفر من الدنيا بأعلى همته كالآخر الذي ظفر من الآخرة بأدنى سهمته (2).
(1) أمالي الطوسي: المجلس السادس عشر ح 15 / 452 الرقم 1009. (2) تنبيه الخواطر: 87، ونقل عنه في بحار الأنوار: 70 / 124 ح 112. 314 الاعتذار [618] 1 - الإسكافي رفعه إلى محمد بن خالد البرقي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: والله ما اعتذر الله إلى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا إلى فقراء شيعتنا، قيل له: وكيف يعتذر لهم؟ قال: ينادي مناد: أين فقراء المؤمنين؟ فيقوم عنق من الناس فيتجلى لهم الرب فيقول: وعزتي وجلالي وآلائي وارتفاع مكاني ما حبست عنكم شهواتكم في دار الدنيا [هوانا بكم علي ولكن ذخرته لكم لهذا اليوم، أما ترى قوله: ما حبست عنكم شهواتكم في دار الدنيا] اعتذارا؟ قوموا اليوم فتصفحوا وجوه خلائقي، فمن وجدتم له عليكم [منة] بشربة من ماء فكافوه عني بالجنة (1). [619] 2 - الصدوق، عن علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق، عن محمد بن هارون الصوفي، عن أبي تراب محمد بن عبد الله بن موسى الروياني، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن الامام محمد بن علي، عن أبيه الرضا علي بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام) قال: دعا سلمان أبا ذر رحمة الله عليهما إلى منزله، فقدم إليه رغيفين، فأخذ أبو ذر الرغيفين فقلبهما، فقال سلمان: يا أبا ذر لأي شيء تقلب هذين الرغيفين [قال: خفت أن لا يكونا نضيجين] فغضب سلمان من ذلك غضبا شديدا ثم قال: ما أجرأك حيث تقلب هذين الرغيفين، فوالله لقد عمل في هذا الخبز الماء الذي تحت العرش وعملت فيه الملائكة حتى ألقوه إلى الريح، وعملت فيه الريح حتى ألقته إلى السحاب وعمل فيه السحاب حتى أمطره إلى الأرض، وعمل فيه الرعد والبرق والملائكة حتى وضعوه مواضعه،
(1) التمحيص: 46 ح 66. 315 وعملت فيه الأرض والخشب والحديد والبهائم والنار والحطب والملح وما لا أحصيه أكثر، فكيف لك أن تقوم بهذا الشكر؟ فقال أبو ذر: إلى الله أتوب وأستغفر إليه مما أحدثت وإليك أعتذر مما كرهت. قال: ودعا سلمان أبا ذر (رحمه الله) ذات يوم إلى ضيافة فقدم اليه من جرابه كسرة يابسة وبلها من ركوته، فقال أبو ذر: ما أطيب هذا الخبز لو كان معه ملح، فقام سلمان وخرج ورهن ركوته بملح وحمله إليه، فجعل أبو ذر يأكل ذلك الخبز ويذر عليه الملح ويقول: الحمد لله الذي رزقنا هذا القناعة، فقال سلمان: لو كانت قناعة لم تكن ركوتي مرهونة (1). الجراب ككتاب يقال له بالفارسية «انبان». الركوة: اناء صغير من جلد يشرب فيه الماء. [620] 3 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: كتب إلى الحارث الهمذاني:... واحذر كل عمل يعمل به في السر ويستحى منه في العلانية، واحذر كل عمل إذا سئل عنه صاحبه أنكره أو اعتذر منه، ولا تجعل عرضك غرضا لنبال القول ولا تحدث الناس بكل ما سمعت به فكفى بذلك كذبا، ولا ترد على الناس كل ما حدثوك به فكفى بذلك جهلا... (2). [621] 4 - الطوسي، عن المفيد، عن الجعابي، عن الشيخ الصالح عبد الله بن محمد بن عبد الله بن ياسين قال: سمعت العبد الصالح علي بن محمد بن علي الرضا بسر من رأى يذكر عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): العلم ورثة كريمة، والآداب حلل حسان، والفكرة مرآة صافية، والاعتذار منذر ناصح، وكفى بك تركك ما كرهته من غيرك (3).
(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 2 / 52 ح 203. (2) نهج البلاغة: الكتاب 69. (3) أمالي الطوسي: المجلس الرابع ح 29 / 114 الرقم 175. 316 [622] 5 - الديلمي رفعه إلى الإمام الحسين بن علي (عليه السلام) انه قال: رب ذنب أحسن من الاعتذار منه (1). [623] 6 - الديلمي قال: وروي أن طاوس اليماني دخل على جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) وكان يعلم انه يقول بالقدر فقال له: يا طاوس من أقبل للعذر من الله ممن اعتذر وهو صادق في اعتذاره؟ فقال: لا أحد أقبل للعذر منه، فقال له: من أصدق ممن قال: لا أقدر وهو لا يقدر؟ فقال طاوس: لا أحد أصدق منه، فقال له الصادق (عليه السلام): يا طاوس فما بال من هو أقبل للعذر لا يقبل عذر من قال: لا أقدر وهو لا يقدر؟ فقام طاوس وهو يقول: ليس بيني وبين الحق عداوة، والله أعلم حيث يجعل رسالاته، فقد قبلت نصيحتك (2). [624] 7 - الآمدي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: أعقل الناس أعذرهم للناس (3). [625] 8 - الآمدي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: شر الناس من لا يقبل العذر ولا يقيل الذنب (4). [626] 9 - الآمدي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: من أحسن الاعتذار استحق الاغتفار (5). [627] 10 - الآمدي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: ما أقبح العقوبة مع الاعتذار (6).
(1) أعلام الدين: 298. (2) أعلام الدين: 317. (3) غرر الحكم: ح 2988. (4) غرر الحكم: ح 5685. (5) غرر الحكم: ح 9221. (6) غرر الحكم: ح 9441. 317 الاعتراف الاعتراف بالتقصير [628] 1 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن سعد بن أبي خلف، عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال: قال لبعض ولده: يا بني عليك بالجد، لا تخرجن نفسك من حد التقصير في عبادة الله عز وجل وطاعته، فإن الله لا يعبد حق عبادته (1). الرواية صحيحة ونقلها الطوسي عن المفيد عن الكليني في الأمالي المجلس الثامن: ح 17 / 211 الرقم 367. [629] 2 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن بعض العراقيين، عن محمد بن المثنى الحضرمي، عن أبيه، عن عثمان بن زيد، عن جابر قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام): يا جابر لا أخرجك الله من النقص و [لا] التقصير (2). [630] 3 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن ابن فضال، عن الحسن بن الجهم قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول: إن رجلا في بني إسرائيل عبد الله أربعين سنة ثم قرب قربانا فلم يقبل منه، فقال لنفسه: ما أتيت إلا منك وما الذنب إلا لك. قال: فأوحى الله تبارك وتعالى إليه: ذمك لنفسك أفضل من عبادتك أربعين سنة (3).
(1) الكافي: 2 / 72. (2) الكافي: 2 / 72. (3) الكافي: 2 / 73. 318 الرواية صحيحة، ونقلها الحميري في قرب الإسناد: 231. [631] 4 - الكليني، عن أبي علي الأشعري، عن عيسى بن أيوب، عن علي بن مهزيار، عن الفضل بن يونس، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: قال: أكثر من أن تقول: اللهم لا تجعلني من المعارين ولا تخرجني من التقصير. قال: قلت: أما المعارون فقد عرفت أن الرجل يعار الدين ثم يخرج منه، فما معنى لا تخرجني من التقصير؟ فقال: كل عمل تريد به الله عز وجل فكن فيه مقصرا عند نفسك، فإن الناس كلهم في أعمالهم فيما بينهم وبين الله مقصرون إلا من عصمه الله عز وجل (1). الرواية حسنة بعيسى. [632] 5 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن داود بن كثير، عن الحذاء، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): قال الله تبارك وتعالى: لا يتكل العاملون على أعمالهم التي يعملونها لثوابي، فإنهم لو اجتهدوا وأتعبوا أنفسهم - أعمارهم - في عبادتي كانوا مقصرين غير بالغين في عبادتهم كنه عبادتي فيما يطلبون عندي من كرامتي والنعيم في جناتي ورفيع الدرجات العلى في جواري، ولكن برحمتي فليثقوا وفضلي فليرجوا وإلى حسن الظن بي فليطمئنوا، فإن رحمتي عند ذلك تدركهم ومني يبلغهم رضواني ومغفرتي تلبسهم عفوي، فإني أنا الله الرحمن الرحيم، بذلك تسميت (2). الرواية صحيحة، ونقلها الشيخ الطوسي، عن المفيد، عن ابن قولويه، عن الكليني في الأمالي المجلس الثامن: ح 18 / 211 الرقم 368. [633] 6 - قال الصدوق: كتب الرضا علي بن موسى (عليه السلام) إلى محمد بن سنان فيما كتب من جواب مسائله: ان علة الصلاة أنها إقرار بالربوبية لله عز وجل وخلع الأنداد وقيام ما بين
(1) الكافي: 2 / 73. (2) الكافي: 2 / 71 ح 1. 319 يدي الجبار جل جلاله بالذل والمسكنة والخضوع والاعتراف والطلب للإقالة من سالف الذنوب، ووضع الوجه على الأرض كل يوم إعظاما لله جل جلاله، وأن يكون ذاكرا غير ناس ولا بطر، ويكون خاشعا متذللا راغبا طالبا للزيادة في الدين والدنيا مع ما فيه من الإيجاب والمداومة على ذكر الله عز وجل بالليل والنهار لئلا ينسى العبد سيده ومدبره وخالقه فيبطر ويطغى، ويكون ذلك في ذكره لربه جل وعز قيامه بين يديه زاجرا له عن المعاصي ومانعا له من أنواع الفساد (1). البطر: الطغيان بالنعمة. ونقلها الصدوق في علل الشرايع: 317 ح 2. [634] 7 - الصدوق، عن أبي الحسن محمد بن القاسم المفسر، عن يوسف بن محمد بن زياد وعلي بن محمد بن سيار، عن أبويهما، عن أبي محمد العسكري، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام) ان الرضا علي بن موسى (عليه السلام) لما جعله المأمون ولي عهده احتبس المطر فجعل بعض حاشية المأمون والمتعصبين على الرضا (عليه السلام) يقولون: انظروا لما جاءنا علي ابن موسى وصار ولي عهدنا فحبس الله عنا المطر واتصل ذلك بالمأمون فاشتد عليه، فقال للرضا (عليه السلام): قد احتبس المطر فلو دعوت الله عز وجل أن يمطر الناس، فقال الرضا (عليه السلام): نعم، قال: فمتى تفعل ذلك؟ وكان ذلك يوم الجمعة قال: يوم الاثنين، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أتاني البارحة في منامي ومعه أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وقال: يا بني انتظر يوم الاثنين فابرز إلى الصحراء واستسق فإن الله عز وجل سيسقيهم، وأخبرهم بما يريك الله مما لا يعلمون من حالهم ليزداد علمهم بفضلك ومكانك من ربك عز وجل. فلما كان يوم الاثنين غدا إلى الصحراء وخرج الخلائق ينظرون فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: اللهم يا رب أنت عظمت حقنا أهل البيت فتوسلوا بنا كما أمرت وأملوا فضلك ورحمتك وتوقعوا احسانك ونعمتك فأسقهم سقيا نافعا عاما
(1) الفقيه: 1 / 214 ح 645. 320 غير رايث (1) ولا ضائر، وليكن ابتداء مطرهم بعد انصرافهم من مشهدهم هذا إلى منازلهم ومقارهم. قال: فوالذي بعث محمدا بالحق نبيا لقد نسجت الرياح في الهواء الغيوم وأرعدت وأبرقت وتحرك الناس كأنهم يرون التنحي عن المطر، فقال الرضا (عليه السلام): على رسلكم أيها الناس فليس هذا الغيم لكم إنما هو لأهل بلد كذا، فمضت السحابة وعبرت ثم جاءت سحابة اخرى تشتمل على رعد وبرق فتحركوا فقال: على رسلكم فما هذه لكم إنما هي لأهل بلد كذا، فما زال حتى جاءت عشر سحابات وعبرت ويقول: علي بن موسى الرضا (عليه السلام) في كل واحدة: على رسلكم ليست هذه لكم إنما هي لأهل بلد كذا. ثم أقبلت سحابة حادية عشر فقال: أيها الناس هذه سحابة بعثها الله عز وجل لكم فاشكروا الله على تفضله عليكم وقوموا إلى مقاركم ومنازلكم فإنها مسامتة لكم ولرؤوسكم ممسكة عنكم إلى أن تدخلوا مقاركم ثم يأتيكم من الخير ما يليق بكرم الله تعالى وجلاله. ونزل من المنبر فانصرف الناس، فما زالت السحابة ممسكة إلى أن قربوا من منازلهم، ثم جاءت بوابل المطر فملأت الأودية والحياض والغدارن والفلوات، فجعل الناس يقولون: هنيئا لولد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كرامات الله عز وجل ثم برز إليهم الرضا (عليه السلام) وحضرت الجماعة الكثيرة منهم فقال: يا أيها الناس اتقوا الله في نعم الله عليكم فلا تنفروها عنكم بمعاصيه، بل استديموها بطاعته وشكره على نعمه وأياديه، واعلموا أنكم لا تشكرون الله عز وجل بشيء بعد الإيمان بالله وبعد الاعتراف بحقوق أولياء الله من آل محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أحب إليه من معاونتكم لإخوانكم المؤمنين على دنياهم التي هي معبر لهم إلى جنان ربهم، فإن من فعل ذلك كان من خاصة الله تبارك وتعالى،
(1) أي غير بطيء. 321 وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في ذلك قولا ما ينبغي لقائل أن يزهد في فضل الله تعالى عليه أن تأمله وعمل عليه، قيل: يا رسول الله هلك فلان يعمل من الذنوب كيت وكيت، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): بل قد نجا ولا يختم الله تعالى عمله إلا بالحسنى وسيمحو الله عنه السيئات ويبدلها من حسنات انه كان يمر مرة في طريق عرض له مؤمن قد انكشفت عورته وهو لا يشعر فسترها عليه ولم يخبره بها مخافة أن يخجل، ثم إن ذلك المؤمن عرفه في مهواه، فقال له: أجزل الله لك الثواب وأكرم لك المآب ولا ناقشك في الحساب، فاستجاب الله له فيه، فهذا العبد لا يختم له إلا بخير بدعاء ذلك المؤمن، فاتصل قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بهذا الرجل فتاب وأناب وأقبل على طاعة الله عز وجل فلم يأت عليه سبعة أيام حتى أغير على سرح (1) المدينة فوجه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في أثرهم جماعة ذلك الرجل أحدهم فاستشهد فيهم. قال الإمام محمد بن علي بن موسى (عليهم السلام): وأعظم الله تبارك وتعالى البركة في البلاد بدعاء الرضا (عليه السلام) وقد كان للمأمون من يريد أن يكون هو ولي عهده من دون الرضا (عليه السلام) وحساد كانوا بحضرة المأمون للرضا (عليه السلام) فقال للمأمون بعض اولئك: يا أمير المؤمنين أعيذك بالله أن تكون تاريخ الخلفاء في إخراجك هذا الشرف العميم والفخر العظيم من بيت ولد العباس إلى بيت ولد علي، لقد أعنت على نفسك وأهلك، جئت بهذا الساحر ولد السحرة وقد كان خاملا فأظهرته ومتضعا فرفعته ومنسيا فذكرت به ومستخفا فنوهت به، قد ملأ الدنيا مخرقة وتشوقا بهذا المطر الوارد عند دعائه، ما أخوفني أن يخرج هذا الرجل هذا الأمر عن ولد العباس إلى ولد علي! بل ما أخوفني أن يتوصل بسحره إلى إزالة نعمتك والتواثب على مملكتك! هل جنى أحد على نفسه وملكه مثل جنايتك؟ فقال المأمون: قد كان هذا الرجل مستترا عنا يدعو إلى نفسه فأردنا أن نجعله ولي
(1) السرح: المال السائم. 322 عهدنا ليكون دعاؤه لنا وليعترف بالملك والخلافة لنا وليعتقد فيه المفتونون به، انه ليس مما ادعى في قليل ولا كثير، وان هذا الأمر لنا من دونه وقد خشينا إن تركناه على تلك الحال أن ينفتق علينا منه ما لا نسده ويأتي علينا منه ما لا نطيقه، والآن فإذ قد فعلنا به ما فعلناه وأخطانا في أمره بما أخطانا وأشرفنا من الهلاك بالتنويه به على ما أشرفنا، فليس يجوز التهاون في أمره ولكنا نحتاج أن نضع منه قليلا قليلا حتى نصوره عند الرعية بصورة من لا يستحق لهذا الأمر ثم ندبر فيه بما يحسم عنا مواد بلائه. قال الرجل: يا أمير المؤمنين فولني مجادلته فاني أفحمه وأصحابه وأضع من قدره، فلو لا هيبتك في صدري لأنزلته منزلته وبينت للناس قصوره عما رشحته له، قال المأمون: ما شيء أحب إلي من هذا. قال: فاجمع وجوه أهل مملكتك والقواد والقضاة وخيار الفقهاء لأبين نقصه بحضرتهم فيكون أخذا له عن محله الذي أحللته فيه على علم منهم بصواب فعلك. قال: فجمع الخلق الفاضلين من رعيته في مجلس واسع قعد فيه لهم وأقعد الرضا (عليه السلام) بين يديه في مرتبته التي جعلها له، فابتدأ هذا الحاجب المتضمن للوضع من الرضا (عليه السلام) وقال له: ان الناس قد أكثروا عنك الحكايات وأسرفوا في وصفك بما أرى إنك إن وقفت عليه برئت إليهم منه، قال: وذلك إنك دعوت الله في المطر المعتاد مجيئه فجاء فجعلوه آية معجزة لك أوجبوا لك بها أن لا نظير لك في الدنيا، وهذا أمير المؤمنين أدام الله ملكه وبقاءه لا يوازي بأحد إلا رجح به وقد أحلك المحل الذي عرفت، فليس من حقه عليك أن تسوغ الكاذبين لك وعليه ما يتكذبونه. فقال الرضا (عليه السلام): ما أدفع عباد الله عن التحدث بنعم الله علي وان كنت لا أبغي أشرا ولا بطرا. وأما ما ذكرك صاحبك الذي أحلني ما أحلني؟ فما أحلني إلا المحل الذي أحله ملك مصر يوسف الصديق (عليه السلام) وكانت حالهما ما قد علمت. فغضب الحاجب عند ذلك.
323 فقال: يا ابن موسى لقد عدوت طورك وتجاوزت قدرك إن بعث الله تعالى بمطر مقدر وقته لا يتقدم ولا يتأخر جعلته آية تستطيل بها وصولة تصول بها كأنك جئت بمثل آية الخليل إبراهيم (عليه السلام) لما أخذ رؤوس الطير بيده ودعا أعضاءها التي كان فرقها على الجبال فأتينه سعيا وتركبن على الرؤوس وخفقن وطرن بإذن الله تعالى، فإن كنت صادقا فيما توهم فأحيي هذين وسلطهما علي فإن ذلك يكون حينئذ آية معجزة، فأما المطر المعتاد مجيئه فلست أحق بأن يكون جاء بدعائك من غيرك الذي دعا كما دعوت، وكان الحاجب قد أشار إلى أسدين مصورين على مسند المأمون الذي كان مستندا إليه وكانا متقابلين على المسند. فغضب علي بن موسى (عليه السلام) وصاح بالصورتين: دونكما الفاجر فافترساه ولا تبقيا له عينا ولا أثرا، فوثبت الصورتان وقد عادتا أسدين فتناولا الحاجب ورضاه [ورضرضاه] وهشماه وأكلاه ولحسا دمه والقوم ينظرون متحيرين مما يبصرون، فلما فرغا منه أقبلا على الرضا (عليه السلام) وقالا: يا ولي الله في أرضه ماذا تأمرنا نفعل بهذا؟ أنفعل به فعلنا بهذا؟ يشيران إلى المأمون. فغشى على المأمون مما سمع منهما، فقال الرضا (عليه السلام): قفا فوقفا، ثم قال الرضا (عليه السلام): صبوا عليه ماء ورد وطيبوه، ففعل ذلك به وعاد الأسدان يقولان: أتأذن لنا أن نلحقه بصاحبه الذي أفنيناه؟ قال: لا فإن لله عز وجل فيه تدبيرا هو ممضيه، فقالا: ماذا تأمرنا؟ فقال: عودا إلى مقركما كما كنتما، فصارا إلى المسند وصارا صورتين كما كانتا فقال المأمون: الحمد الله الذي كفاني شر حميد بن مهران - يعني الرجل المفترس - ثم قال للرضا (عليه السلام): يا بن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هذا الأمر لجدكم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم لكم فلو شئت لنزلت عنه لك، فقال الرضا (عليه السلام): لو شئت لما ناظرتك ولم أسألك، فإن الله عز وجل قد أعطاني من طاعة سائر خلقه مثل ما رأيت من طاعة هاتين الصورتين إلا جهال بني آدم فإنهم وإن خسروا حظوظهم فلله عز وجل فيهم تدبير، وقد أمرني بترك
324 الاعتراض عليك وإظهار ما أظهرته من العمل من تحت يدك كما أمر يوسف بالعمل من تحت يد فرعون مصر. قال: فما زال المأمون ضئيلا في نفسه إلى أن قضى في علي بن موسى الرضا (عليه السلام) ما قضى (1). الاعتراف بالذنب [635] 1 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن علي الأحمس، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: والله ما ينجو من الذنب إلا من أقر به. قال: وقال أبو جعفر (عليه السلام): كفى بالندم التوبة (2). [636] 2 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عمن ذكره، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لا والله ما أراد الله تعالى من الناس إلا خصلتين: أن يقروا له بالنعم فيزيدهم، وبالذنوب فيغفرها لهم (3). [637] 3 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن معاوية بن عمار قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إنه والله ما خرج عبد من ذنب بإصرار وما خرج عبد من ذنب إلا باقرار (4). [638] 4 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عمر [و] بن عثمان، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: إن الرجل ليذنب الذنب فيدخله الله به الجنة، قلت: يدخله الله بالذنب الجنة؟ قال: نعم، إنه ليذنب فلا يزال منه خائفا ماقتا لنفسه فيرحمه الله فيدخله الجنة (5).
(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 2 / 167 ح 1. (2) الكافي: 2 / 426 ح 1. (3) الكافي: 2 / 426 ح 2. (4) الكافي: 2 / 426 ح 4. (5) الكافي: 2 / 426 ح 3. 325 [639] 5 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن علي بن الحسين الدقاق، عن عبد الله بن محمد، عن أحمد بن عمر، عن زيد القتات، عن أبان بن تغلب قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: ما من عبد أذنب ذنبا فندم عليه إلا غفر الله له قبل أن يستغفر، وما من عبد أنعم الله عليه نعمة فعرف أنها من عند الله إلا غفر الله له قبل أن يحمده (1). [640] 6 - الراوندي رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) انه قال: إياكم أن يسأل أحد منكم ربه شيئا من حوائج الدنيا والآخرة حتى يبدأ بالثناء على الله تعالى والمدحة له والصلاة على النبي وآله ثم الاعتراف بالذنب ثم المسألة (2).
(1) الكافي: 2 / 427 ح 8. (2) الدعوات: 23 ح 27. 326 الاعتزال [641] 1 - الكليني، عن أبي علي الأشعري، عن بعض أصحابنا رفعه، عن هشام بن الحكم قال: قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) في حديث طويل:... يا هشام الصبر على الوحدة علامة قوة العقل، فمن عقل عن الله اعتزل أهل الدنيا والراغبين فيها ورغب فيما عند الله، وكان الله أنسه في الوحشة وصاحبه في الوحدة وغناه في العيلة ومعزه من غير عشيرة... (1). [642] 2 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان رسول الله (عليه السلام) إذا كان العشر الأواخر اعتكف في المسجد وضربت له قبة من شعر وشمر المئزر وطوى فراشه. وقال بعضهم: واعتزل النساء، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): أما اعتزال النساء فلا (2). الرواية صحيحة الإسناد، والعشر الأواخر من شهر الصيام. وأما نفي اعتزال النساء نفي غير الجماع وإلا لا يجوز في الاعتكاف الجماع. ونقلها الشيخ بسنده عن الكليني في التهذيب: 4 / 287 ح 1. [643] 3 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إن الله عز وجل أنف لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من مقالة قالتها بعض نسائه فأنزل الله آية التخيير فاعتزل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نساءه
(1) الكافي: 1 / 17. (2) الكافي: 4 / 175. 327 تسعا وعشرين ليلة في مشربة ام إبراهيم، ثم دعاهن فخيرهن فاخترنه فلم يك شيئا، ولو اخترن أنفسهن كانت واحدة بائنة. قال: وسألته عن مقالة المرأة ما هي؟ قال: فقال: إنها قالت: يرى محمد انه لو طلقنا انه لا يأتينا الأكفاء من قومنا يتزوجونا (1). الرواية موثقة. [644] 4 - الكليني، عن حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن جعفر بن سماعة، عن داود بن سرحان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن زينب بنت جحش قالت: أيرى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إن خلى سبيلنا أنا لا نجد زوجا غيره وقد كان اعتزل نساءه تسعا وعشرين ليلة، فلما قالت زينب الذي قالت بعث الله عز وجل جبرئيل إلى محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: (قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن) - الآيتين كلتيهما (2) - فقلن: بل نختار الله ورسوله والدار الآخرة (3). [645] 5 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد، [وعلي بن محمد، عن القاسم بن محمد] عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قال: إن قدرتم أن لا تعرفوا فافعلوا، وما عليك إن لم يثن الناس عليك، وما عليك أن تكون مذموما عند الناس إذا كنت محمودا عند الله تبارك وتعالى، ان أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يقول: لا خير في الدنيا إلا لأحد رجلين: رجل يزداد فيها كل يوم إحسانا ورجل يتدارك منيته بالتوبة، وأنى له بالتوبة، فوالله أن لو سجد حتى ينقطع عنقه ما قبل الله عز وجل منه عملا إلا بولايتنا أهل البيت، ألا ومن عرف حقنا أو رجا الثواب بنا ورضي بقوته نصف مد كل يوم وما يستر به عورته وما
(1) الكافي: 6 / 138. (2) سورة الأحزاب: 28 و 29. (3) الكافي: 6 / 138. 328 أكن به رأسه وهم مع ذلك والله خائفون وجلون ودوا أنه حظهم من الدنيا، وكذلك وصفهم الله عز وجل حيث يقول (والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة) (1) ما الذي آتوا به، آتوا والله بالطاعة مع المحبة والولاية وهم في ذلك خائفون أن لا يقبل منهم، وليس والله خوفهم خوف شك فيما هم فيه من إصابة الدين ولكنهم خافوا أن يكونوا مقصرين في محبتنا وطاعتنا. ثم قال: إن قدرت أن لا تخرج من بيتك فافعل، فإن عليك في خروجك أن لا تغتاب ولا تكذب ولا تحسد ولا ترائي ولا تتصنع ولا تداهن. ثم قال: نعم صومعة المسلم بيته، يكف فيه بصره ولسانه ونفسه وفرجه. إن من عرف نعمة الله بقلبه استوجب المزيد من الله عز وجل قبل أن يظهر شكرها على لسانه، ومن ذهب يرى أن له على الآخر فضلا فهو من المستكبرين، فقلت له: إنما يرى أن له عليه فضلا بالعافية إذا رآه مرتكبا للمعاصي، فقال: هيهات هيهات فلعله أن يكون قد غفر له ما أتى وأنت موقوف محاسب، أما تلوت قصة سحرة موسى (عليه السلام)؟ ثم قال: كم من مغرور بما قد أنعم الله عليه؟! وكم من مستدرج بستر الله عليه؟! وكم من مفتون بثناء الناس عليه؟! ثم قال: إني لأرجو النجاة لمن عرف حقنا من هذه الأمة إلا لأحد ثلاثة: صاحب سلطان جائر، وصاحب هوى، والفاسق المعلن، ثم تلا (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) (2). ثم قال: يا حفص الحب أفضل من الخوف. ثم قال: والله ما أحب الله من أحب الدنيا ووالى غيرنا، ومن عرف حقنا وأحبنا فقد أحب الله تبارك وتعالى. فبكى رجل، فقال: أتبكي؟ لو أن أهل السماوات والأرض كلهم اجتمعوا يتضرعون إلى الله عز وجل أن ينجيك من النار ويدخلك الجنة لم يشفعوا فيك، ثم كان لك قلب حي لكنت
(1) سورة المؤمنون: 60. (2) سورة آل عمران: 31. 329 أخوف الناس لله عز وجل في تلك الحال ثم قال له: يا حفص كن ذنبا ولا تكن رأسا. يا حفص قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من خاف الله كل لسانه. ثم قال: بينا موسى بن عمران (عليه السلام) يعظ أصحابه إذ قام رجل فشق قميصه فأوحى الله عز وجل اليه: يا موسى قل له لا تشق قميصك ولكن اشرح لي عن قلبك. ثم قال: مر موسى بن عمران (عليه السلام) برجل من أصحابه وهو ساجد، فانصرف من حاجته وهو ساجد على حاله، فقال له موسى (عليه السلام): لو كانت حاجتك بيدي لقضيتها لك، فأوحى الله عز وجل إليه: يا موسى لو سجد حتى ينقطع عنقه ما قبلته حتى يتحول عما أكره إلى ما أحب (1). الرواية معتبرة الإسناد. [646] 6 - المفيد عن ابن زيات، عن الإسكافي، عن جعفر بن محمد بن مالك، عن أحمد بن سلامة الغنوي، عن محمد بن الحسين العامري، عن أبي معمر، عن أبي بكر بن عياش، عن الفجيع العقيلي، عن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: لما حضرت أبي الوفاة أقبل يوصي فقال:... ثم إني أوصيك يا حسن - وكفى بك وصيا - بما أوصاني به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فإذا كان ذلك يا بني فالزم بيتك وابك على خطيئتك ولا تكن الدنيا أكبر همك... (2). ونقلها الشيخ الطوسي في الأمالي: المجلس الأول ح 8 / 7 الرقم 8. [647] 7 - المفيد، عن أحمد بن محمد، عن أبيه محمد بن الحسن، عن الصفار، عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، عن ابن أبي نجران، عن الحسن بن بحر، عن فرات بن أحنف، عن رجل من أصحاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه قال: سمعته يقول: تبذل ولا تشهر وأخف شخصك لئلا تذكر
(1) الكافي: 8 / 128. (2) أمالي المفيد: المجلس السادس والعشرون ح 1 / 220. 330 وتعلم، واكتم واصمت تسلم - وأومى بيده إلى صدره - تسر الأبرار وتغيظ الفجار - وأومأ بيده إلى العامة (1). التبذل: ترك الهيئة الحسنة على جهة التواضع. [648] 8 - المفيد رفعه إلى معاوية بن وهب قال: قال الصادق (عليه السلام): كان أبي يقول: قم بالحق ولا تعرض لما ناب بك، واعتزل عما لا يعنيك، وتجنب عدوك، واحذر صديقك من الأقوام إلا الأمين الأمين الذي حسن الله، ولا تصحب الفاجر ولا تطلعه على سرك (2). [649] 9 - الطوسي بإسناده، عن الحسين بن سعيد، عن حماد، عن حريز، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الصلاة في السفر فقال: لا تصل على الجادة واعتزل على جانبيها (3). الرواية صحيحة الإسناد. [650] 10 - البرقي، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله عن آبائه (عليهم السلام)، عن علي (عليه السلام) قال: ثلاث منجيات: تكف لسانك، وتبكي على خطيئتك، ويسعك بيتك (4). الرواية معتبرة. [651] 11 - ابن شعبة الحراني رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال في وصيته لابنه الحسين (عليه السلام):... أي بني: من نظر في عيوب الناس ورضي لنفسه بها فذاك الأحمق بعينه، ومن تفكر اعتبر، ومن اعتبر اعتزل، ومن اعتزل سلم، ومن ترك الشهوات
(1) أمالي المفيد: المجلس الثالث والعشرون ح 44 / 209. (2) الاختصاص: ص 230. (3) التهذيب: 2 / 221 ح 77. (4) المحاسن: 4. 331 كان حرا، ومن ترك الحسد كانت له المحبة عند الناس (1). [652] 12 - ابن فهد الحلي رفعه إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) انه قال: أحب الناس إلي منزلة رجل يؤمن بالله ورسوله ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويعمر ماله ويحفظ دينه ويعتزل الناس (2). [653] 13 - ابن فهد الحلي رفعه عن علي بن أسباط، عن بعض رجاله رفعه قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): يأتي على الناس زمان تكون العافية فيه عشرة أجزاء تسعة منها في اعتزال الناس وواحدة في الصمت (3). [654] 14 - ابن فهد الحلي رفعه، عن محمد بن علي، عمن ذكره، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: يأتي على الناس زمان يكون فيه أحسنهم حالا من كان جالسا في بيته (4). [655] 15 - الراوندي بإسناده إلى سليمان بن داود، عن يحيى بن سعيد القطان قال: سمعت الصادق (عليه السلام) يقول: قال لقمان (عليه السلام): حملت الجندل والحديد وكل حمل ثقيل فلم أحمل شيئا أثقل من جار السوء، وذقت المرارات كلها فما ذقت شيئا أمر من الفقر. يا بني لا تتخذ الجاهل رسولا فإن لم تصب عاقلا حكيما يكون رسولك، فكن أنت رسول نفسك. يا بني اعتزل الشر يعتزلك (5). [656] 16 - الأحسائي رفعه إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) انه قيل له: أي الناس أفضل؟ قال: رجل معتزل في شعب من الشعاب يعبد الله ويدع الناس من شره (6).
(1) تحف العقول: 89. (2) التحصين: 4. (3) التحصين: 7. (4) التحصين: 7. (5) قصص الأنبياء: 196 ح 247، ونقل عنه في بحار الأنوار: 13 / 421 ح 16. (6) عوالي اللآلي: 1 / 280 ح 118. 332 [657] 17 - الآمدي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: سلامة الدين في اعتزال الناس (1). [658] 18 - الآمدي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: في اعتزال أبناء الدنيا جماع الصلاح (2). [659] 19 - الآمدي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: من اعتزل سلم ورعه (3). [660] 20 - الآمدي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: من اعتزل الناس سلم من شرهم (4).
(1) غرر الحكم: ح 5609. (2) غرر الحكم: ح 6505. (3) غرر الحكم: ح 7973. (4) غرر الحكم: ح 8151. 333 الاعتصام [661] 1 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أيما عبد أقبل قبل ما يحب الله عز وجل أقبل الله قبل ما يحب، ومن اعتصم بالله عصمه الله، ومن أقبل الله قبله وعصمه لم يبال لو سقطت السماء على الأرض أو كانت نازلة نزلت على أهل الأرض فشملتهم بلية، كان في حزب الله بالتقوى من كل بلية، أليس الله عز وجل يقول: (إن المتقين في مقام أمين) (1). الرواية صحيحة الإسناد. [662] 2 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن مفضل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أوحى الله عز وجل إلى داود (عليه السلام): ما اعتصم بي عبد من عبادي دون أحد من خلقي عرفت ذلك نيته ثم تكيده السماوات والأرض ومن فيهن إلا جعلت له المخرج من بينهن، وما اعتصم عبد من عبادي بأحد من خلقي عرفت ذلك من نيته إلا قطعت أسباب السماوات والأرض من يديه وأسخت الأرض من تحته ولم أبال بأي واد هلك (2). [663] 3 - الصدوق، عن أحمد بن هارون الفامي، عن محمد بن جعفر بن بطة، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى يرفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام)
(1) الكافي: 2 / 65، والآية 51 من سورة الدخان. (2) الكافي: 2 / 63. 334 انه قال: قال إبليس: خمسة [أشياء] ليس لي فيهن حيلة وسائر الناس في قبضتي: من اعتصم بالله عن نية صادقة واتكل عليه في جميع اموره، ومن كثر تسبيحه في ليله ونهاره، ومن رضي لأخيه المؤمن بما يرضاه لنفسه، ومن لم يجزع على المصيبة حين تصيبه، ومن رضي بما قسم الله له ولم يهتم لرزقه (1). [664] 4 - قال الصدوق: وفيما ذكره الفضل من العلل عن الرضا (عليه السلام) انه قال: أمر الناس بالقراءة في الصلاة لئلا يكون القرآن مهجورا مضيعا، وليكن محفوظا مدروسا فلا يضمحل ولا يجهل، وإنما بدأ بالحمد دون سائر السور لأنه ليس شيء من القرآن والكلام جمع فيه من جوامع الخير والحكمة ما جمع في سورة الحمد، وذلك أن قوله عز وجل: (الحمد لله) إنما هو أداء لما أوجب الله عز وجل على خلقه من الشكر وشكر لما وفق عبده من الخير (رب العالمين) توحيد له وتحميد وإقرار بأنه هو الخالق المالك لا غيره. (الرحمن الرحيم) استعطاف وذكر لآلائه ونعمائه على جميع خلقه. (مالك يوم الدين) إقرار له بالبعث والحساب والمجازات وإيجاب ملك الآخرة له كإيجاب ملك الدنيا. (إياك نعبد) رغبة وتقرب إلى الله تعالى ذكره وإخلاص له بالعمل دون غيره (وإياك نستعين) استزادة من توفيقه وعبادته واستدامة لما أنعم الله عليه ونصره. (اهدنا الصراط المستقيم) استرشاد لدينه واعتصام بحبله واستزادة في المعرفة لربه عز وجل. (صراط الذين أنعمت عليهم) توكيد في السؤال والرغبة وذكر لما قد تقدم من نعمه على أوليائه ورغبة في مثل تلك النعم.
(1) الخصال: 1 / 285 ح 37. 335 (غير المغضوب عليهم) استعاذة من أن يكون من المعاندين الكافرين المستخفين به وبأمره ونهيه. (ولا الضالين) اعتصام من أن يكون من الذين ضلوا عن سبيله من غير معرفة وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، فقد اجتمع فيه من جوامع الخير والحكمة من أمر الآخرة والدنيا ما لا يجمعه شيء من الأشياء. وذكر العلة التي من أجلها جعل الجهر في بعض الصلوات دون بعض، إن الصلوات التي تجهر فيها إنما هي في أوقات مظلمة فوجب أن يجهر فيها ليعلم المار أن هناك جماعة، فإن أراد أن يصلي صلى لأنه إن لم ير جماعة علم ذلك من جهة السماع، والصلاتان اللتان لا يجهر فيهما إنما هما بالنهار في أوقات مضيئة فهي من جهة الرؤية لا يحتاج فيهما إلى السماع، فإذا قرأت الحمد وسورة فكبر واحدة وأنت منتصب، ثم اركع وضع يدك اليمنى على ركبتك اليمنى قبل اليسرى وضع راحتيك على ركبتيك، وألقم أصابعك عين الركبة وفرجها ومد عنقك، ويكون نظرك في الركوع ما بين قدميك إلى موضع سجودك (1). [665] 5 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال في خطبة يذكر فيها آل محمد (عليهم السلام): هم عيش العلم وموت الجهل، يخبركم حلمهم عن علمهم، وظاهرهم عن باطنهم، وصمتهم عن حكم منطقهم، لا يخالفون الحق ولا يختلفون فيه، هم دعائم الإسلام وولائج الاعتصام، بهم عاد الحق إلى نصابه، وانزاح الباطل عن مقامه، وانقطع لسانه عن منبته، عقلوا الدين عقل وعاية ورعاية، لا عقل سماع ورواية، فإن رواة العلم كثير ورعاته قليل (2). [666] 6 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصيته للحسن بن علي (عليه السلام):... فإني
(1) الفقيه: 1 / 310 ح 927. (2) نهج البلاغة: الخطبة 239. 336 أوصيك بتقوى الله - أي بني - ولزوم أمره وعمارة قلبك بذكره والاعتصام بحبله، وأي سبب أوثق من سبب بينك وبين الله إن أنت أخذت به... فاعتصم بالذي خلقك ورزقك، وليكن له تعبدك وإليه رغبتك ومنه شفقتك... (1). [667] 7 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال:... فاعتصموا بتقوى الله فإن لها حبلا وثيقا ومعقلا منيعا ذروته... (2). [668] 8 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال:... أوصيكم عباد الله بتقوى الله فإنها الزمام والقوام، فتمسكوا بوثائقها واعتصموا بحقائقها تؤل بكم إلى أكنان الدعة وأوطان السعة ومعاقل الحرز ومنازل العز في يوم تشخص فيه الأبصار... (3). [669] 9 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال:... وعليكم بكتاب الله، فإنه الحبل المتين والنور المبين، والشفاء النافع والرأي الناقع، والعصمة للمتمسك والنجاة للمتعلق، لا يعوج فيقام ولا يزيغ فيستعتب، ولا تخلقه كثرة الرد وولوج السمع، من قال به صدق ومن عمل به سبق... (4). [670] 10 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: اعتصموا بالذمم في أوتادها (5). [671] 11 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: من العصمة تعذر المعاصي (6).
(1) نهج البلاغة: الكتاب 31. (2) نهج البلاغة: الخطبة 190. (3) نهج البلاغة: الخطبة 195. (4) نهج البلاغة: الخطبة 156. (5) نهج البلاغة: الحكمة 155. (6) نهج البلاغة: الحكمة 345. 337 [672] 12 - ابن فتال النيسابوري رفعه إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) انه قال: يقول الله عز وجل: ما من مخلوق يعتصم بمخلوق دوني إلا قطعت أسباب السماوات والأرض من دونه فإن سألني لم أعطه وإن دعاني لم أجبه، وما من مخلوق يعتصم بي دون خلقي إلا ضمنت السماوات والأرض رزقه فإن سألني أعطيته وإن دعاني أجبته وإن استغفرني غفرت له (1). [673] 13 - ابن فتال النيسابوري رفعه إلى الباقر (عليه السلام) قال: من توكل على الله لا يغلب ومن اعتصم بالله لا يهزم (2). [674] 14 - الراوندي رفعه إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: يقول الله: ما من عبد نزلت به بلية فاعتصم بي دون خلقي إلا أعطيته قبل أن يسألني (3). [675] 15 - الآمدي رفعه إلى أمير المؤمنين انه قال: اعتصم في أحوالك كلها بالله فإنك تعتصم منه سبحانه بمانع عزيز (4). [676] 16 - وعنه (عليه السلام): من اعتصم بالله نجاه (5). [677] 17 - وعنه (عليه السلام): من اعتصم بالله لم يضره الشيطان (6). [678] 18 - وعنه (عليه السلام): من اعتصم بالله عز مطلبه (7). [679] 19 - وعنه (عليه السلام): من الهم العصمة أمن الزلل (8).
(1) روضة الواعظين: 426. (2) روضة الواعظين: 425. (3) لب اللباب: مخطوط، ونقل عنه في مستدرك الوسائل: 11 / 214. (4) غرر الحكم: ح 3390. (5) غرر الحكم: ح 7826. (6) غرر الحكم: ح 8035. (7) غرر الحكم: ح 8324. (8) غرر الحكم: ح 6469. 338 [680] 20 - المجلسي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال في وصفه المؤمنين: المؤمنون هم أهل الفضائل، هديهم السكوت وهيئتهم الخشوع وسمتهم التواضع، خاشعين غاضين أبصارهم عما حرم الله عليهم رافعين أسماعهم إلى العلم، نزلت أنفسهم منهم في البلاء كما نزلت في الرخاء، لو لا الآجال التي كتبت عليهم لم تستقر أرواحهم في أبدانهم طرفة عين شوقا إلى الثواب وخوفا من العقاب، عظم الخالق في أنفسهم وصغر ما دونه في أعينهم، فهم كأنهم قد رأوا الجنة ونعيمها والنار وعذابها، فقلوبهم محزونة وشرورهم مأمونة، وحوائجهم خفيفة وأنفسهم ضعيفة، ومعونتهم لإخوانهم عظيمة، اتخذوا الأرض بساطا وماءها طيبا، ورفضوا الدنيا رفضا، وصبروا أياما قليلة، فصارت عاقبتهم راحة طويلة، تجارتهم مربحة يبشرهم بها رب كريم، أرادتهم الدنيا فلم يريدوها وطلبتهم فهربوا منها. أما الليل فأقدامهم مصطفة يتلون القرآن يرتلونه ترتيلا، فإذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعا وتطلعت أنفسهم تشوقا فيصيرونها نصب أعينهم، وإذا مروا بآية فيها تخويف أصغوا إليها بقلوبهم وأبصارهم فاقشعرت منها جلودهم ووجلت قلوبهم خوفا وفرقا، نحلت لها أبدانهم، وظنوا أن زفير جهنم وشهيقها وصلصلة حديدها في آذانهم، مكبين على وجوههم وأكفهم، تجري دموعهم على خدودهم، يجارون إلى الله تعالى في فكاك رقابهم. وأما النهار فعلماء أبرار أتقياء قد براهم الخوف، فهم أمثال القداح إذا نظر إليهم الناظر يقول بهم مرض وما بهم مرض، ويقول قد خولطوا وما خولطوا، إذا ذكروا عظمة الله وشدة سلطانه وذكروا الموت وأهوال القيامة وجفت قلوبهم وطاشت حلومهم وذهلت عقولهم، فإذا استفاقوا من ذلك بادروا إلى الله بالأعمال الزاكية، لا يرضون بالقليل ولا يستكثرون الكثير، فهم لأنفسهم متهمون ومن أعمالهم مشفقون، إن زكا أحدهم خاف الله وغائله التزكية قال وأنا أعلم بنفسي من غيري
339 وربي أعلم بي مني اللهم لا تؤاخذني بما يقولون واجعلني كما يظنون واغفر لي ما لا يعلمون، ومن علامات أحدهم أن يكون له حزم في لين وإيمان في يقين، وحرص في تقوى، وفهم في فقه، وحلم في علم، وكيس في رفق، وقصد في غنى، وخشوع في عبادة، وتحمل في فاقة، وصبر في شدة، وأعطاه في حق وطلب لحلال ونشاط في هدى وتحرج عن طمع وتنزه عن طبع وبر في استقامة واعتصام بالله من متابعة الشهوات واستعاذة به من الشيطان الرجيم، يمسي وهمه الشكر، ويصبح وشغله الفكر، اولئك الآمنون المطمئنون الذين يسقون من كأس لا لغو فيها ولا تأثيم (1).
(1) بحار الأنوار: 75 / 23 ح 89. 340 الاعتماد [681] 1 - الصدوق، عن ابن الوليد، عن الصفار، عن أبي عيسى، عن البزنطي قال: بعث الرضا (عليه السلام) إلي بحمار فركبته وأتيته وأقمت عنده بالليل إلى أن مضى منه ما شاء الله، فلما أراد أن ينهض قال: لا أراك أن تقدر على الرجوع إلى المدينة، قلت: أجل جعلت فداك، قال: فبت عندنا الليلة واغد على بركة الله عز وجل، قلت: أفعل جعلت فداك، فقال: يا جارية أفرشي له فراشي وأطرحي عليه ملحفتي التي أنام فيها وضعي تحت رأسه مخادي، قال: قلت في نفسي: من أصاب ما أصبت في ليلتي هذه، لقد جعل الله لي من المنزلة عنده وأعطاني من الفخر ما لم يعطه أحدا من أصحابنا، بعث إلي بحماره فركبته وفرش لي فراشه وبت في ملحفته ووضعت لي مخاده، ما أصاب مثل هذا أحد من أصحابنا، قال: وهو قاعد معي وأنا أحدث في نفسي فقال (عليه السلام): يا أحمد إن أمير المؤمنين أتى زيد بن صوحان في مرضه يعوده فافتخر على الناس بذلك فلا تذهبن نفسك إلى الفخر وتذلل لله عز وجل واعتمد على يده فقام (عليه السلام) (1). الرواية صحيحة الإسناد. [682] 2 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال:... لا يقاس بآل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) من هذه الامة أحد ولا يسوى بهم من جرت نعمتهم عليه أبدا، هم أساس الدين وعماد اليقين، وإليهم يفيء الغالي وبهم يلحق التالي، ولهم خصائص حق الولاية، وفيهم
(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 2 / 212 ح 19. 341 الوصية والوراثة، الآن إذ رجع الحق إلى أهله ونقل إلى منتقله (1). [683] 3 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه كتب في عهده لمالك الأشتر النخعي:... وإنما عماد الدين وجماع المسلمين والعدة للأعداء العامة من الامة، فليكن صغوك لهم وميلك معهم... (2). وهذا العهد معتبر سندا بسند الشيخ والنجاشي في فهرسهما. [684] 4 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال:... رب الجبال الرواسي التي جعلتها للأرض أوتادا وللخلق اعتمادا إن أظهرتنا على عدونا فجنبنا البغي وسددنا للحق، وإن أظهرتهم عليها فارزقنا الشهادة واعصمنا من الفتنة... (3). [685] 5 - الطوسي، عن المفيد، عن أحمد بن محمد الصولي، عن محمد بن الحسين الطائي، عن محمد بن الحسن بن جعفر الأصبغي، عن أبيه، عن جده، عن يعقوب بن الفضل، عن شريك بن عبد الرحمن، عن أبيه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أعطيت في علي تسعا، ثلاثا في الدنيا وثلاثا في الآخرة واثنتين أرجوهما له وواحدة أخافها عليه. فأما الثلاث التي في الدنيا فساتر عورتي والقائم بأمر أهلي ووصي فيهم، وأما الثلاث التي في الآخرة فإني أعطى يوم القيامة لواء الحمد فأدفعه إلى علي بن أبي طالب يحمله عني وأعتمد عليه في مقام الشفاعة ويعيننى على حمل مفاتيح الجنة، وأما اللتان أرجوهما له فانه لا يرجع من بعدي ضالا ولا كافرا، وأما التي أخافها عليه فغدر قريش به من بعدي (4). ونقلها الصدوق عن الحسين بن يحيى البجلي، عن أبيه، عن أبي زرعة، عن أحمد
(1) نهج البلاغة: الخطبة 2. (2) نهج البلاغة: الكتاب 53. (3) نهج البلاغة: الخطبة 171. (4) أمالي الطوسي: المجلس الثامن ح 9 / 209 الرقم 359. 342 بن القاسم، عن قطن بن نسير، عن جعفر بن سليمان الضبعي، عن يعقوب بن الفضل، عن شريك بن عبد الله، عن عبد الله بن عبد الرحمن المزني، عن أبيه، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مثله في الخصال: 2 / 415 ح 6. [686] 6 - الكراجكي، عن الحسين بن محمد بن علي الصيرفي، عن محمد بن عمر الجعابي، عن محمد بن سليمان بن محبوب، عن أحمد بن عيسى الحربي، عن إسماعيل بن يحيى، عن ابن جريح، عن عطا، عن ابن عباس قال: كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ليلة بدر قائما يصلي ويبكي ويستعبر ويخشع ويخضع كاستطعام المسكين ويقول: اللهم أنجز لي ما وعدتني، ويخر ساجدا ويخشع في سجوده ويكثر التضرع، فأوحى الله إليه: قد أنجزنا وعدك وأيدناك بابن عمك علي، ومصارعهم على يديه، وكفيناك المستهزئين به، فعلينا فتوكل وعليه فاعتمد، فأنا خير من توكلت عليه، وهو أفضل من اعتمد عليه (1). [687] 7 - الطبري، عن محمد بن علي بن عبد الصمد، عن أبيه، عن جده، عن عبد الله بن أحمد الشعراني، عن علي بن الحسين بن يعقوب، عن جعفر بن أحمد، عن الحسين بن نصر بن مزاحم، عن إبراهيم بن الحكم، عن أبي حكيم، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام) انه قال: أيها الناس ان أهل بيت نبيكم شرفهم الله بكرامته واستحفظهم سره واستودعهم علمه، فهم عماد لدينه شهداء علمه براهم قبل خلقه وأظلهم تحت عرشه واصطفاهم، فجعلهم علم عباده ودلهم على صراطه، فهم الأئمة المهدية والقادة البررة والأمة الوسطى، عصمة لمن لجأ إليهم ونجاة لمن اعتمد عليهم، يغتبط من والاهم ويهلك من عاداهم ويفوز من تمسك بهم، فيهم نزلت الرسالة وعليهم هبطت الملائكة وإليهم نفث الروح الأمين، وآتاهم الله ما لم يؤت أحدا من العالمين، فهم الفروع الطيبة والشجرة المباركة ومعدن العلم وموضع الرسالة
(1) كنز الفوائد: 136، ونقل عنه في بحار الأنوار: 19 / 317 ح 65. 343 ومختلف الملائكة، وهم أهل بيت الرحمة والبركة الذي أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا (1). [688] 8 - السيد بن طاوس قال: ذكر الشيخ الفاضل محمد بن علي بن محمد في كتاب له في العمل ما هذا لفظه: دعاء الاستخارة عن الصادق (عليه السلام) تقوله بعد فراغك من صلاة الاستخارة، تقول: اللهم إنك خلقت أقواما يلجأون إلى مطالع النجوم لأوقات حركاتهم وسكونهم وتصرفهم وعقدهم، وخلقتني أبرأ إليك من اللجا إليها ومن طلب الاختيارات بها وتيقن انك لم تطلع أحدا على غيبك في مواقعها ولم تسهل له السبيل إلى تحصيل أفاعيلها، وإنك قادر على نقلها في مداراتها في مسيرها على السعود العامة والخاصة إلى النحوس ومن النحوس الشاملة والمفردة إلى السعود لأنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك ام الكتاب، ولأنها خلق من خلقك وصنعة من صنيعك، وما أسعدت من اعتمد على مخلوق مثله واستمد الاختيار لنفسه، وهم اولئك ولا أشقيت من اعتمد على الخالق الذي أنت هو لا اله إلا أنت وحدك لا شريك لك، وأسألك بما تملكه وتقدر عليه وأنت به ملىء وعنه غني وإليه غير محتاج وبه غير مكترث من الخيرة الجامعة للسلامة والعافية والغنيمة لعبدك... إلى آخر الدعاء (2). [689] 9 - الديلمي قال: روي ان الله أوحى إلى داود (عليه السلام) من أحب حبيبا صدق قوله، ومن آنس بحبيب قبل قوله ورضي فعله، ومن وثق بحبيب اعتمد عليه، ومن اشتاق إلى حبيب جد في السير إليه. يا داود ذكري للذاكرين وجنتي للمطيعين وزيارتي للمشتاقين وأنا خاصة للمطيعين (3).
(1) بشارة المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) لشيعة المرتضى (عليه السلام): 198، ونقل عنه في بحار الأنوار: 26 / 253 ح 27. (2) فتح الأبواب: 198. (3) إرشاد القلوب: 1 / 73، ونقل عنه في بحار الأنوار: 14 / 40 ح 23. 344 [690] 10 - المجلسي نقلا من توحيد المفضل:... فكر يا مفضل في الأحلام كيف دبر الأمر فيها فمزج صادقها بكاذبها، فإنها لو كانت كلها تصديق لكان الناس كلهم أنبياء، ولو كانت كلها تكذيب لم يكن فيها منفعة بل كانت فضلا لا معنى له، فصارت تصدق أحيانا فينتفع بها الناس في مصلحة يهتدي لها أو مضرة يتحذر منها، وتكذب كثيرا لئلا يعتمد عليها كل الاعتماد (1).
(1) بحار الأنوار: 58 / 183 ح 49. 345 الإعطاء [691] 1 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه وعلي بن محمد القاساني، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود، عن يحيى بن آدم، عن شريك، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: مروة الصبر في حال الحاجة والفاقة والتعفف والغنى أكثر من مروة الإعطاء (1). [692] 2 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن داود بن الحصين، عن فضل البقباق قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل (وأما بنعمة ربك فحدث) (2) قال: الذي أنعم عليك بما فضلك وأعطاك وأحسن إليك، ثم قال: فحدث بدينه وما أعطاء الله وما أنعم به عليه (3). الرواية موثقة سندا. [693] 3 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في خطبته: ألا أخبركم بخير خلائق الدنيا والآخرة؟ العفو عمن ظلمك، وتصل من قطعك، والإحسان إلى من أساء إليك، وإعطاء من حرمك (4). الرواية صحيحة الإسناد.
(1) الكافي: 2 / 93. (2) سورة الضحى: 11. (3) الكافي: 2 / 94. (4) الكافي: 2 / 107. 346 [694] 4 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: ثلاث لا يزيد الله بهن المرء المسلم إلا عزا: الصفح عمن ظلمه، وإعطاء من حرمه، والصلة لمن قطعه (1). [695] 5 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كل من ضممت إلى عيالك من حر أو مملوك فعليك أن تؤدي الفطرة عنه. قال: وإعطاء الفطرة قبل الصلاة أفضل، وبعد الصلاة صدقة (2). الرواية صحيحة الإسناد. [696] 6 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان، عن علي بن عيسى رفعه قال: ان موسى (عليه السلام) ناجاه الله تبارك وتعالى فقال له في مناجاته:... يا موسى أكرم السائل إذا أتاك برد جميل أو إعطاء يسير، فانه يأتيك من ليس بإنس ولا جان، ملائكة الرحمن يبلونك كيف أنت صانع فيما أوليتك؟ وكيف مواساتك فيما خولتك؟ واخشع لي بالتضرع واهتف لي بولولة الكتاب، واعلم أني أدعوك دعاء السيد مملوكه ليبلغ به شرف المنازل، وذلك من فضلي عليك وعلى آبائك الأولين... (3). [697] 7 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن هشام بن الحكم قال: إن الله تعالى أحل الفرج لعلل مقدرة العباد في القوة على المهر والقدرة على الإمساك فقال: (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم) (4) وقال: (ومن لم يستطع منكم
(1) الكافي: 2 / 108. (2) الكافي: 4 / 170. (3) الكافي: 8 / 42. (4) سورة النساء: 3. 347 طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات) (1) وقال: (فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة) (2) فأحل الله الفرج لأهل القوة على قدر قوتهم على إعطاء المهر، والقدرة على الإمساك أربعة لمن قدر على ذلك، ولمن دونه بثلاث واثنتين وواحدة، ومن لم يقدر على واحدة تزوج ملك اليمين، وإذا لم يقدر على إمساكها ولم يقدر على تزويج الحرة ولا على شراء المملوكة فقد أحل الله تزويج المتعة بأيسر ما يقدر عليه من المهر ولا لزوم نفقة، وأغنى الله كل فريق منهم بما أعطاهم من القوة على إعطاء المهر والجدة في النفقة عن الإمساك، وعن الإمساك عن الفجور وأن لا يؤتوا من قبل الله عز وجل في حسن المعونة وإعطاء القوة والدلالة على وجه الحلال، لما أعطاهم ما يستعفون به عن الحرام فيما أعطاهم وأغناهم عن الحرام، وبما أعطاهم وبين لهم، فعند ذلك وضع عليهم الحدود من الضرب والرجم واللعان والفرقة، ولو لم يغن الله كل فرقة منهم بما جعل لهم السبيل إلى وجوه الحلال لما وضع عليهم حدا من هذه الحدود. فأما وجه التزويج الدائم ووجه ملك اليمين فهو بين واضح في أيدي الناس لكثرة معاملتهم به فيما بينهم. وأما أمر المتعة فأمر غمض على كثير لعلة نهي من نهى عنه وتحريمه لها وإن كانت موجودة في التنزيل ومأثورة في السنة الجامعة لمن طلب علتها وأراد ذلك، فصار تزويج المتعة حلالا للغني والفقير ليستويا في تحليل الفرج كما استويا في قضاء نسك الحج متعة الحج، فما استيسر من الهدي للغني والفقير، فدخل في هذا التفسير الغني لعلة الفقير، وذلك ان الفرائض إنما وضعت على أدنى القوم قوة ليسع الغني
(1) سورة النساء: 25. (2) سورة النساء: 24. 348 والفقير، وذلك لأنه غير جائز أن يفرض الفرائض على قدر مقادير القوم فلا يعرف قوة القوي من ضعف الضعيف، ولكن وضعت على قوة أضعف الضعفاء، ثم رغب الأقوياء فسارعوا في الخيرات بالنوافل بفضل القوة في الأنفس والأموال، والمتعة حلال للغني والفقير، لأهل الجدة ممن له أربع وممن له ملك اليمين ما شاء، كما هي حلال لمن يجد إلا بقدر مهر المتعة، والمهر ما تراضيا عليه في حدود التزويج للغني والفقير قل أو كثر (1). الرواية صحيحة الإسناد. [698] 8 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان إذا بعث أميرا له على سرية أمره بتقوى الله عز وجل في خاصة نفسه ثم في أصحابه عامة، ثم يقول: أغز بسم الله وفي سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله ولا تغدروا، ولا تغلوا وتمثلوا، ولا تقتلوا وليدا ولا متبتلا في شاهق، ولا تحرقوا النخل ولا تغرقوه بالماء، ولا تقطعوا شجرة مثمرة ولا تحرقوا زرعا، لأنكم لا تدرون لعلكم تحتاجون إليه، ولا تعقروا من البهائم مما يؤكل لحمه إلا ما لابد لكم من أكله، وإذا لقيتم عدوا للمسلمين فادعوهم إلى إحدى ثلاث فإن هم أجابوكم إليها فاقبلوا منهم وكفوا عنهم، ادعوهم إلى الإسلام فإن دخلوا فيه فاقبلوه منهم وكفوا عنهم، وادعوهم إلى الهجرة بعد الإسلام، فإن فعلوا فاقبلوا منهم وكفوا عنهم، وإن أبوا أن يهاجروا واختاروا ديارهم وأبوا أن يدخلوا في دار الهجرة كانوا بمنزلة أعراب المؤمنين يجري عليهم ما يجري على أعراب المؤمنين، ولا يجري لهم في الفيىء ولا في القسمة شيء إلا أن يهاجروا في سبيل الله، فإن أبوا هاتين فادعوهم إلى إعطاء الجزية عن يد وهم صاغرون، فإن أعطوا الجزية فاقبل منهم وكف عنهم وإن أبوا فاستعن الله عز وجل عليهم وجاهدهم في الله حق جهاده وإذا حاصرت أهل حصن
(1) الكافي: 5 / 363. 349 فأرادوك على أن ينزلوا على حكم الله عز وجل فلا تنزل لهم لكن أنزلهم على حكمكم ثم اقض فيهم بعد ما شئتم، فإنكم إن تركتموهم على حكم الله لم تدروا تصيبوا حكم الله فيهم أم لا، وإذا حاصرتم أهل حصن فإن آذنوك على أن تنزلهم على ذمة الله وذمة رسوله فلا تنزلهم ولكن أنزلهم على ذممكم وذمم آبائكم وإخوانكم، فإنكم إن تخفروا ذممكم وذمم آبائكم وإخوانكم كان أيسر عليكم يوم القيامة من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) (1). الرواية معتبرة الإسناد، ونقلها الشيخ في التهذيب: 6 / 138 ح 2 بسنده عن الكليني. [699] 9 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: ما معنى قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «يسعى بذمتهم أدناهم»؟ قال: لو أن جيشا من المسلمين حاصروا قوما من المشركين فأشرف رجل فقال: أعطوني الأمان حتى ألقى صاحبكم وأناظره فأعطاه أدناهم الأمان وجب على أفضلهم الوفاء به (2). الرواية معتبرة الإسناد، ونقلها الشيخ في التهذيب: 6 / 140 ح 1 بسنده عن الكليني. [700] 10 - الكليني، عن علي، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعا، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: سمعته يقول: إذا كان يوم القيامة جمع الله تبارك وتعالى الأولين والآخرين في صعيد واحد ثم ينادي مناد: أين أهل الفضل؟ قال: فيقوم عنق من الناس فتلقاهم الملائكة فيقولون: ما كان فضلكم؟ فيقولون: كنا نصل من قطعنا
(1) الكافي: 5 / 29. (2) الكافي: 5 / 30. 350 ونعطي من حرمنا ونعفو عمن ظلمنا، قال: فيقال لهم: صدقتم ادخلوا الجنة (1). الرواية صحيحة الإسناد. [701] 11 - قال الصدوق: وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصيته لابنه محمد بن الحنفية (رضي الله عنه): يا بني إياك والاتكال على الأماني فإنها بضائع النوكى (2) وتثبيط عن الآخرة، ومن خير حظ المرء قرين صالح، جالس أهل الخير تكن منهم، باين أهل الشر ومن يصدك عن ذكر الله عز وجل وذكر الموت بالأباطيل المزخرفة والأراجيف الملفقة تبن منهم، ولا يغلبن عليك سوء الظن بالله عز وجل فانه لن يدع بينك وبين خليلك صلحا، أذك بالأدب قلبك كما تذكى النار بالحطب، فنعم العون الأدب للنحيزة (للخيرة - خ ل) والتجارب لذي اللب، اضمم آراء الرجال بعضها إلى بعض ثم اختر أقربها إلى الصواب وأبعدها من الارتياب. يا بني لا شرف أعلى من الإسلام، ولا كرم أعز من التقوى، ولا معقل أحرز من الورع، ولا شفيع أنجح من التوبة، ولا لباس أجمل من العافية، ولا وقاية أمنع من السلامة، ولا كنز أغنى من القنوع، وما مال أذهب للفاقة من الرضا بالقوت، ومن اقتصر على بلغة الكفاف فقد انتظم الراحة وتبوأ خفض الدعة، الحرص داع إلى التقحم في الذنوب، الق عنك واردات الهموم بعزائم الصبر، عود نفسك الصبر فنعم الخلق الصبر، واحملها على ما أصابك من أهوال الدنيا وهمومها، فاز الفائزون ونجا الذين سبقت لهم من الله الحسنى فانه جنة من الفاقة، وألجئ نفسك في الامور كلها إلى الله الواحد القهار فإنك تلجئها إلى كهف حصين وحرز حريز ومانع عزيز، واخلص المسألة لربك فإن بيده الخير والشر والإعطاء والمنع والصلة والحرمان (3).
(1) الكافي: 2 / 107. (2) النوكى: الحمقى. (3) الفقيه: 4 / 384 ح 5837. 351 [702] 12 - قال الصدوق: وكتب الرضا (عليه السلام) إلى محمد بن سنان فيما كتب من جواب مسائله: علة إعطاء النساء نصف ما يعطى الرجال من الميراث لأن المرأة إذا تزوجت أخذت والرجل يعطي فلذلك وفر على الرجال. وعلة اخرى في إعطاء الذكر مثلي ما تعطى الأنثى لأن الأنثى في عيال الذكر إن احتاجت وعليه أن يعولها وعليه نفقتها، وليس على المرأة أن تعول الرجل ولا تؤخذ بنفقته إن احتاج فوفر على الرجل لذلك، وذلك قول الله عز وجل: (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم) (1). [703] 13 - الصدوق بإسناده، عن ابن عباس، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال:... ومن صبر على سوء خلق امرأته أحتسبه اعطاء الله تعالى بكل مرة يصبر عليها من الثواب ما اعطي أيوب (عليه السلام) على بلائه، فكان عليها من الوزر في كل يوم وليلة مثل رمل عالج، فإن ماتت قبل أن تعينه وقبل أن يرضى عنها حشرت يوم القيامة منكوسة مع المنافقين في الدرك الأسفل من النار... (2). [704] 14 - الصدوق عن أبيه، عن سعد بن عبد الله بن أبي خلف، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن حماد بن عثمان قال: جاء رجل إلى الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) فقال: يا ابن رسول الله أخبرني بمكارم الأخلاق، فقال: العفو عمن ظلمك وصلة من قطعك وإعطاء من حرمك وقول الحق ولو على نفسك (3). الرواية صحيحة الإسناد. [705] 15 - المفيد، عن أحمد بن محمد، عن أبيه محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، عن ابن أبي
(1) الفقيه: 4 / 350 ح 5755، والآية 34 من سورة النساء. (2) عقاب الأعمال: 339. (3) معاني الأخبار: 191. 352 عمير، عن النضر بن سويد، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق صلوات الله عليهما قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في خطبته: ألا أخبركم بخير خلائق الدنيا والآخرة؟ العفو عمن ظلمك وأن تصل من قطعك والإحسان إلى من أساء إليك وإعطاء من حرمك وفي التباغض الحالقة لا أعني حالقة الشعر ولكن حالقة الدين (1). الرواية صحيحة الإسناد. الخلائق: جمع الخليقة وهي الطبيعة. الحالقة: الخصلة التي من شأنها أن تحلق أي تهلك وتستأصل الدين كما يستأصل الموسى الشعر، كما في النهاية. [706] 16 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال لما عوتب على التسوية في العطاء: أتأمرني أن أطلب النصر بالجور فيمن وليت عليه، والله لا أطور به ما سمر سمير وما أم نجم في السماء نجما، لو كان المال لي لسويت بينهم فكيف وإنما المال مال الله؟! ألا وإن إعطاء المال في غير حقه تبذير وإسراف وهو يرفع صاحبه في الدنيا ويضعه في الآخرة ويكرمه في الناس ويهينه عند الله، ولم يضع امرؤ ماله في غير حقه ولا عند غير أهله إلا حرمه الله شكرهم وكان لغيره ودهم، فإن زلت به النعل يوما فاحتاج إلى معونتهم فشر خليل وألأم خدين (2). [707] 17 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال:... من توكل عليه كفاه ومن سأله أعطاه ومن أقرضه قضاه ومن شكره جزاه... (3). [708] 18 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام): انه قال:... ثم إن الزكاة جعلت مع الصلاة قربانا لأهل الإسلام، فمن أعطاها طيب النفس بها فإنها تجعل له كفارة ومن النار حجازا ووقاية، فلا يتيعنها أحد نفسه ولا يكثرن عليها لهفه، فإن من أعطاها
(1) أمالي المفيد: المجلس الثالث والعشرون ح 2 / 180. (2) نهج البلاغة: الخطبة 126. (3) نهج البلاغة: الخطبة 90. 353 غير طيب النفس بها يرجو بها ما هو أفضل منها فهو جاهل بالسنة مغبون الأجر ضال العمل طويل الندم... (1). [709] 19 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال:... والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلته، وإن دنياكم عندي لأهون من ورقة في فم جرادة تقضمها، ما لعلي ولنعيم يفنى ولذة لا تبقى، نعوذ بالله من سبات العقل وقبح الزلل وبه نستعين (2). [710] 20 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: من يعط باليد القصيرة يعط باليد الطويلة (3). قال الرضي: أقول: ومعنى ذلك أن ما ينفقه المرء من ماله في سبيل الخير والبر وإن كان يسيرا، فإن الله تعالى يجعل الجزاء عليه عظيما كثيرا، واليدان هاهنا عبارة عن النعمتين، ففرق (عليه السلام) بين نعمة العبد ونعمة الرب تعالى ذكره بالقصيرة والطويلة، فجعل تلك قصيرة وهذه طويلة لأن نعم الله أبدا تضعف على نعم المخلوق أضعافا كثيرة، إذ كانت نعم الله أصل النعم كلها، فكل نعمة إليها ترجع ومنها تنزع. [711] 21 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: المسكين رسول الله فمن منعه فقد منع الله ومن أعطاه فقد أعطى الله (4). [712] 22 - ابن شعبة الحراني رفعه إلى الصادق (عليه السلام) انه قال: لا يعد العاقل عاقلا حتى يستكمل ثلاثا: إعطاء الحق من نفسه على حال الرضا والغضب، وأن يرضى للناس ما يرضى لنفسه، واستعمال الحلم عند العثرة (5).
(1) نهج البلاغة: الخطبة 199. (2) نهج البلاغة: الخطبة 224. (3) نهج البلاغة: الحكمة 232. (4) نهج البلاغة: الحكمة 304. (5) تحف العقول: 318 من نثر الدرر. 354 [713] 23 - الشيخ بسنده، عن الصفار، عن علي بن محمد، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن يحيى بن آدم، عن شريك، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سخاء المرء عما في أيدي الناس أكثر من سخاء النفس والبذل، ومروة الصبر في حال الفاقة والحاجة والتعفف والغنى أكثر من مروة الإعطاء، وخير المال الثقة بالله واليأس عما في أيدي الناس (1). [714] 24 - الشيخ بسنده، عن ابن أبي عمير، عن أبي بصير، عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) انه قال: من تمام الصوم إعطاء الزكاة كالصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من تمام الصلاة، ومن صام ولم يؤدها فلا صوم له إذا تركها متعمدا، ومن صلى ولم يصل على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وترك ذلك متعمدا فلا صلاة له، إن الله عز وجل بدأ بها قبل الصلاة فقال: (قد أفلح من تزكى * وذكر اسم ربه فصلى) (2). الرواية صحيحة الإسناد. [715] 25 - قال الشيخ: وكتب الرضا (عليه السلام) إلى محمد بن سنان فيما كتب من جواب مسائله: علة إعطاء النساء نصف ما يعطى الرجال من الميراث أن المرأة إذا تزوجت أخذت والرجل يعطي، فلذلك وفر على الرجال (3). [716] 26 - الشيخ الطوسي، عن الحسين بن عبيد الله الغضائري، عن هارون بن موسى التلعكبري، عن محمد بن همام، عن علي بن الحسين الهمداني، عن محمد بن خالد البرقي، عن أبي قتادة القمي قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) لداود بن سرحان: يا داود إن خصال المكارم بعضها مقيد ببعض، يقسمها الله حيث يشاء، تكون في الرجل ولا تكون في ابنه، وتكون في العبد ولا تكون في سيده: صدق الحديث
(1) التهذيب: 6 / 387 ح 273. (2) التهذيب: 2 / 159 ح 83 والتهذيب: 4 / 108 ح 48، والاستبصار: 1 / 343 ح 1، والفقيه: 2 / 183 ح 2085، والآيتان 14 و 15 من سورة الأعلى. (3) التهذيب: 9 / 398 ح 27. 355 وصدق الناس وإعطاء السائل والمكافاة بالصنائع وأداء الأمانة وصلة الرحم والتودد إلى الجار والصاحب وقري الضيف ورأسهن الحياء (1). الرواية صحيحة الإسناد. [717] 27 - إبراهيم بن محمد الثقفي، عن عبد الرحمن بن نعيم، عن أشياخ من قومه: ان عليا (عليه السلام) كان كثيرا ما يقول في خطبته: أيها الناس إن الدنيا قد أدبرت وآذنت أهلها بوداع، وإن الآخرة قد أقبلت وآذنت باطلاع، ألا وإن المضمار اليوم والسباق غدا، ألا وإن السبق الجنة والغاية النار، ألا وإنكم في أيام مهل من ورائه أجل يحثه عجل، فمن عمل في أيام مهله قبل حضور أجله، نفعه عمله ولم يضره أمله، ألا وإن الأمل يسهي القلب ويكذب الوعد ويكثر الغفلة ويورث الحسرة، فاعزبوا عن الدنيا كأشد ما أنتم عن شيء تعزبون، فإنها من ورود صاحبها، منها في غطاء معنى. وافزعوا إلى قوام دينكم بإقامة الصلاة لوقتها وأداء الزكاة لأهلها والتضرع إلى الله والخشوع له وصلة الرحم وخوف المعاد وإعطاء السائل وإكرام الضيف. وتعلموا القرآن واعملوا به، واصدقوا الحديث وآثروه، وأوفوا بالعهد إذا عاهدتم، وأدوا الأمانة إذا ائتمنتم وارغبوا في ثواب الله وخافوا عقابه، فإني لم أر كالجنة نام طالبها ولا كالنار نام هاربها، فتزودوا من الدنيا ما تحوزوا به أنفسكم غدا من النار، واعملوا بالخير تجزوا بالخير يوم يفوز أهل الخير بالخير (2). [718] 28 - قال الإربلي: قال أنس: كنت عند الحسين (عليه السلام) فدخلت عليه جارية فحيته بطاقة ريحان، فقال لها: أنت حرة لوجه الله، فقلت: تجيئك بطاقة ريحان لاخطر لها فتعتقها؟! قال: كذا أدبنا الله، قال الله: (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها) (3) وكان أحسن منها عتقها. وقال يوما لأخيه (عليه السلام): يا حسن وددت ان
(1) أمالي الطوسي: المجلس الحادي عشر 44 / 301 الرقم 597. (2) الغارات: 2 / 633 ونقل عنه في بحار الأنوار: 75 / 35 ح 117. (3) سورة النساء: 86. 356 لسانك لي وقلبي لك. وكتب اليه الحسن (عليه السلام) يلومه على إعطاء الشعراء، فكتب إليه: أنت أعلم مني بأن خير المال ما وقى العرض (1). [719] 29 - قال السروي: عمرو بن دينار قال: دخل الحسين (عليه السلام) على اسامة بن زيد وهو مريض وهو يقول: وأغماه، فقال له الحسين (عليه السلام): وما غمك يا أخي؟ قال: ديني وهو ستون ألف درهم، فقال الحسين: هو علي، قال: إني أخشى أن أموت، فقال الحسين: لن تموت حتى أقضيها عنك: قال: فقضاها قبل موته. وكان (عليه السلام) يقول: شر خصال الملوك الجبن من الأعداء والقسوة على الضعفاء والبخل عند الإعطاء (2). [720] 30 - قال الراوندي: روي أن عمرو بن العاص قال لمعاوية: ان الحسن بن علي رجل عيي وإنه إذا صعد المنبر ورمقوه بأبصارهم خجل وانقطع لو أذنت له، فقال معاوية: يا أبا محمد لو صعدت المنبر ووعظتنا، فقام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي وابن سيدة النساء فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنا ابن رسول الله، أنا ابن نبي الله، أنا ابن السراج المنير، أنا ابن البشير النذير، أنا ابن من بعث رحمة للعالمين، أنا ابن من بعث إلى الجن والإنس، أنا ابن خير خلق الله بعد رسول الله، أنا ابن صاحب الفضائل، أنا ابن صاحب المعجزات والدلائل، أنا ابن أمير المؤمنين، أنا المدفوع عن حقي، أنا واحد سيدي شباب أهل الجنة، أنا ابن الركن والمقام، أنا ابن مكة ومنى، أنا ابن المشعر وعرفات. فاغتاظ معاوية وقال: خذ في نعت الرطب ودع ذا، فقال: الريح تنفخه وينضجه وبرد الليل يطيبه، ثم عاد فقال: أنا ابن الشفيع المطاع، أنا ابن من قاتل معه الملائكة، أنا ابن من خضعت له قريش، أنا ابن إمام الخلق وابن محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فخشي معاوية أن يفتتن به الناس فقال يا أبا محمد انزل فقد كفى ما جرى فنزل، فقال له
(1) كشف الغمة: 2 / 206، ونقل عنه في بحار الأنوار: 44 / 195 ح 8. (2) المناقب: 4 / 65، ونقل عنه في بحار الأنوار: 44 / 189 ح 2. 357 معاوية: ظننت أن ستكون خليفة وما أنت وذاك، فقال الحسن (عليه السلام): إنما الخليفة من سار بكتاب الله وسنة رسول الله، ليس الخليفة من سار بالجور وعطل السنة واتخذ الدنيا أبا وأما ملك ملكا متع به قليلا ثم تنقطع لذته وتبقى تبعته. وحضر المحفل رجل من بني امية وكان شابا فأغلظ للحسن كلامه وتجاوز الحد في السب والشتم له ولأبيه، فقال الحسن (عليه السلام): اللهم غير ما به من النعمة واجعله أنثى ليعتبر به، فنظر الأموي في نفسه وقد صار امرأة قد بدل الله له فرجه بفرج النساء وسقطت لحيته، فقال الحسن (عليه السلام): اعزبي ما لك ومحفل الرجال فإنك امرأة. ثم إن الحسن (عليه السلام) سكت ساعة ثم نفض ثوبه ونهض ليخرج فقال ابن العاص: اجلس فإني أسألك مسائل، قال (عليه السلام): سل عما بدا لك، قال عمرو: أخبرني عن الكرم والنجدة والمروءة؟ فقال (عليه السلام): أما الكرم فالتبرع بالمعروف والإعطاء قبل السؤال، وأما النجدة فالذب عن المحارم والصبر في المواطن عند المكاره، وأما المروءة فحفظ الرجل دينه وإحرازه نفسه من الدنس وقيامه بأداء الحقوق وإفشاء السلام، فخرج فعزل معاوية عمرا فقال: أفسدت أهل الشام، فقال عمرو: إليك عني، ان أهل الشام لم يحبوك محبة إيمان ودين إنما أحبوك للدنيا ينادونها منك والسيف والمال بيدك فما يغني عن الحسن كلامه. ثم شاع أمر الشاب الأموي وأتت زوجته إلى الحسن (عليه السلام) فجعلت تبكي وتتضرع فرقا له ودعا فجعله الله كما كان (1).
(1) الخرائج: 1 / 237، ونقل عنه في بحار الأنوار: 44 / 88 ح 2. 358 الإغاثة [721] 1 - قال الصدوق: وجاء قوم من أهل الكوفة إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقالوا له: يا أمير المؤمنين ادع لنا بدعوات في الاستسقاء، فدعا علي (عليه السلام) الحسن والحسين (عليهما السلام) فقال: يا حسن ادع، فقال الحسن (عليه السلام): اللهم هيج لنا السحاب بفتح الأبواب بماء عباب ورباب بانصباب وانسكاب يا وهاب، واسقنا مطبقة مغدقة مونقة، افتح إغلاقها وسهل إطلاقها وعجل سياقها بالأندية في الأودية يا وهاب، بصوب الماء يا فعال اسقنا مطرا قطرا طلا مطلا طبقا مطبقا عاما معما رهما رهيما رشا مرشا واسعا كافيا عاجلا طيبا مباركا سلاطح بلاطح يناطح الأباطح مغدودقا مطبوبقا مغرورقا، واسق سهلنا وجبلنا وبدونا وحضرنا حتى ترخص به أسعارنا وتبارك به في ضياعنا ومدننا، أرنا الرزق موجودا والغلاء مفقودا، آمين يا رب العالمين. ثم قال للحسين (عليه السلام): ادع، فقال الحسين (عليه السلام): اللهم معطي الخيرات من مظانها ومنزل الرحمات من معادنها ومجري البركات على أهلها منك الغيث المغيث وأنت الغياث المستغاث، ونحن الخاطئون وأهل الذنوب، وأنت المستغفر الغفار لا إله إلا أنت، اللهم أرسل السماء علينا ديمة مدرارا، واسقنا الغيث واكفا مغزارا غيثا مغيثا واسعا مسبغا مهطلا مريئا مريعا غدقا مغدقا عبابا مجلجلا سحا سحساحا بسا بساسا مسبلا عاما ودقا مطفاحا يدفع الودق بالودق دفاعا ويطلع القطر منه غير خلب البرق ولا مكذب الرعد، تنعش به الضعيف من عبادك وتحيي به الميت من بلادك، منا علينا منك آمين يا رب العالمين.
359 فما تم كلامه حتى صب الله الماء صبا. وسئل سلمان الفارسي (رضي الله عنه) فقيل له: يا أبا عبد الله هذا شيء علماه؟ فقال: ويحكم ألم تسمعوا قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث يقول: أجريت الحكمة على لسان أهل بيتي (1). [722] 2 - الصدوق رفعه إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) انه قال: كل معروف صدقة، والدال على الخير كفاعله، والله يحب إغاثة اللهفان (2). ونقلها الكليني في الكافي: 4 / 27 مسندا. [723] 3 - الصدوق، عن محمد بن القاسم الجرجاني المفسر، عن يوسف بن محمد بن زياد وعلي بن محمد بن سيار وكانا من الشيعة الإمامية، عن أبويهما، عن الحسن بن علي بن محمد (عليه السلام) في قول الله عز وجل (بسم الله الرحمن الرحيم) فقال: الله هو الذي يتأله إليه عند الحوائج والشدائد كل مخلوق عند انقطاع الرجاء من كل من دونه وتقطع الأسباب من جميع من سواه، تقول «بسم الله» أي أستعين على أموري كلها بالله الذي لا تحق العبادة إلا له، المغيث إذا استغيث والمجيب إذا دعي، وهو ما قال رجل للصادق (عليه السلام): يا ابن رسول الله دلني على الله ما هو؟ فقد أكثر علي المجادلون وحيروني؟ فقال له: يا عبد الله هل ركبت سفينة قط؟ قال: نعم، قال: فهل كسر بك حيث لا سفينة تنجيك ولا سباحة تغنيك؟ قال: نعم، قال: فهل تعلق قلبك هنالك أن شيئا من الأشياء قادر على أن يخلصك من ورطتك؟ قال: نعم، قال الصادق (عليه السلام): فذلك الشيء هو الله القادر على الإنجاء حيث لا منجي وعلى الإغاثة حيث لا مغيث (3). [724] 4 - الصدوق، عن أحمد بن الحسن القطان، عن أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، عن بكر بن عبد الله بن حبيب، عن تميم بن بهلول، عن أبيه، عن عبد الله بن الفضل،
(1) الفقيه: 1 / 537 ح 1504. (2) الفقيه: 2 / 55 ح 1682. (3) معاني الأخبار: 4 ح 2. 360 عن أبيه، قال: سمعت أبا خالد الكابلي يقول: سمعت زين العابدين علي بن الحسين (عليهما السلام) يقول:... والذنوب التي تنزل البلاء: ترك إغاثة الملهوف وترك معاونة المظلوم وتضييع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر... الحديث (1). وقد ذكرنا الرواية بتمامها فيما سبق. [725] 5 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: من كفارات الذنوب العظام إغاثة الملهوف والتنفيس عن المكروب (2). [726] 6 - قال الشيخ: روي أن أمير المؤمنين (عليه السلام) خطب بهذه الخطبة في صلاة الاستسقاء فقال: الحمد لله سابغ النعم ومفرج الهم وبارئ النسم الذي جعل السماوات لكرسيه عمادا والجبال أوتادا والأرض للعباد مهادا، وملائكته على أرجائها وحملة عرشه على إمطائها، وأقام بعزته أركان العرش وأشرق بضوئه شعاع الشمس وأطفأ بشعاعه ظلمة الغطش، وفجر الأرض عيونا والقمر نورا والنجوم بهورا، ثم علا فتمكن وخلق فأتقن وأقام فتهيمن، فخضعت له نخوة المستكبر وطلبت إليه خلة المتمسكن. اللهم فبدرجتك الرفيعة ومحلتك المنيعة وفضلك البالغ وسبيلك الواسع أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد كما دان لك ودعا إلى عبادتك وأوفى بعهودك وأنفذ أحكامك واتبع أعلامك، عبدك ونبيك وأمينك على عهدك إلى عبادك القائم بأحكامك، ومؤيد من أطاعك وقاطع عذر من عصاك، اللهم فاجعل محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) أجزل من جعلت له نصيبا من رحمتك، وأنضر من أشرق وجهه بسجال عطيتك، وأقرب الأنبياء زلفة يوم القيامة عندك، وأوفرهم حظا من رضوانك، وأكثرهم صفوف امة في جنانك، كما لم يسجد للأحجار ولم يعتكف للأشجار ولم يستحل السباء ولم يشرب الدماء.
(1) معاني الأخبار: 271. (2) نهج البلاغة: الحكمة 24. 361 اللهم خرجنا إليك حين فاجأتنا المضائق الوعرة وألجأتنا المحابس العسرة وعضتنا علائق الشين وتأثلت علينا لواحق المين واعتكرت علينا حدابير السنين واخلقتنا مخائل الجود واستظمأنا لصوارخ القود، فكنت رجاء المبتئس والثقة للملتمس، ندعوك حين قنط الأنام ومنع الغمام وهلك السوام، يا حي يا قيوم عدد الشجر والنجوم والملائكة الصفوف والعنان المكفوف، وأن لا تردنا خائبين ولا تؤاخذنا بأعمالنا ولا تحاصنا بذنوبنا وانشر علينا رحمتك بالسحاب المنساق والنبات المونق، وامنن على عبادك بتنويع الثمرة وأحيي بلادك ببلوغ الزهرة، واشهد ملائكتك الكرام السفرة سقيا منك نافعة دائمة، غزرها واسعا درها سحابا وابلا سريعا عاجلا تحيي به ما قد مات وترد به ما قد فات وتخرج به ما هو آت. اللهم اسقنا غيثا ممرعا طبقا مجلجلا متتابعا خفوقه منبجسة بروقه مرتجسة هموعه وسيبه مستدر وصوبه مستبطر، لا تجعل ظله علينا سموما وبرده علينا حسوما وضوءه علينا رجوما وماءه أجاجا ونباته رمادا. اللهم إنا نعوذ بك من الشرك وهواديه والظلم ودواهيه والفقر ودواعيه، يا معطي الخيرات من أماثلها ومرسل البركات من معادنها منك الغيث المغيث وأنت الغياث المستغاث ونحن الخاطئون وأهل الذنوب وأنت المستغفر الغفار، نستغفرك للجهالات من ذنوبنا ونتوب إليك من عوام خطايانا. اللهم فأرسل علينا ديمة مدرارا واسقنا الغيث واكفا مغزارا غيثا واسعا وبركة من الوابل نافعة، تدافع الودق بالودق دفاعا، ويتلو القطر منه القطر، غير خلب برقه ولا مكذب رعده ولا عاصفة جنائبه بل ريا يغص بالري ربابه، وفاض فانصاع سحابه وجرى آثار هيدبه جنابه، سقيا منك محيية مروية محفلة مفضلة زاكيا نبتها ناميا زرعها ناضرا عودها ممرعة آثارها جارية بالخصب والخير على أهلها، تنعش بها الضعيف من عبادك وتحيي بها الميت من بلادك وتنعم بها المبسوط من رزقك وتخرج بها المخزون من رحمتك وتعم بها من نأى من خلقك حتى يخصب لإمراعها المجدبون
362 ويحيا ببركتها المسنتون (1) وتترع بالقيعان غدرانها وتورق ذرى الآكام زهراتها ويدهام بذرى الآكام شجرها وتستحق بعد اليأس شكرا منة من مننك مجللة ونعمة من نعمك مفضلة على بريتك المؤملة وبلادك المغربة وبهائمك المعملة ووحشك المهملة. اللهم منك ارتجاؤنا وإليك مآبنا فلا تحبسه عنا لتبطنك سرائرنا ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، فإنك تنزل الغيث من بعد ما قنطوا وتنشر رحمتك وأنت الولي الحميد. ثم بكى (عليه السلام) فقال: سيدي ساخت جبالنا واغبرت أرضنا وهامت دوابنا وقنط ناس منا أو من قنط منهم وتاهت البهائم وتحيرت في مراتعها وعجت عجيج الثكلى على أولادها وملت الدوران في مراتعها حين حبست عنها قطر السماء، فرق لذلك عظمها وذهب لحمها وذاب شحمها وانقطع درها، اللهم ارحم أنين الآنة وحنين الحانة ارحم تحيرها في مراتعها وأنينها في مرابضها (2). وروى الصدوق مثلها في الفقيه: 1 / 527 ح 1501. [727] 7 - الحسن بن الفضل الطبرسي رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا كانت لأحدكم استغاثة إلى الله تعالى فليصل ركعتين ثم يسجد ويقول: يا محمد يا رسول الله يا علي يا سيد المؤمنين والمؤمنات بكما أستغيث إلى الله تعالى، يا محمد يا علي أستغيث بكما يا غوثاه بالله وبمحمد وعلي وفاطمة - وتعد الأئمة - بكم أتوسل إلى الله تعالى، فإنك تغاث من ساعتك إن شاء الله تعالى (3). [728] 8 - الديلمي رفعه إلى الرضا (عليه السلام) انه قال: الأجل آفة الأمل، والعرف ذخيرة
(1) أي المصابون بالجذب والقحط. (2) التهذيب: 3 / 151 ح 11. (3) مكارم الأخلاق: 330. 363 الأبد، والبر غنيمة الحازم، والتفريط مصيبة ذوي القدرة، والبخل يمزق العرض، والحب داعى المكاره، وأجل الخلائق وأكرمها اصطناع المعروف وإغاثة (1) الملهوف وتحقيق أمل الآمل وتصديق مخيلة الراجي والاستكثار من الأصدقاء في الحياة يكثر الباكين بعد الوفاة (2). [729] 9 - الآمدي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: بإغاثة الملهوف يكون لك من عذاب الله حصن. وقال (عليه السلام): من أفضل المعروف إغاثة الملهوف. وقال (عليه السلام): ما حصل الأجر بمثل إغاثة الملهوف (3). [730] 10 - المجلسي نقلا من كتاب الغيبة للشهيد الثاني باسناده إلى الصادق (عليه السلام) فيما كتب إلى النجاشي والي الأهواز:... حدثني أبي عن آبائه عن علي (عليهم السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) انه قال: من أغاث لهفانا أغاثه الله يوم لا ظل إلا ظله وآمنه يوم الفزع الأكبر وآمنه من سوء المنقلب... (4). ملاحظة هذا المكتوب الشريف مفيدة جدا سيما لأرباب الحكم والقدرة.
(1) في المصدر «إعانة» ولكن في البحار: 75 / 357 ح 12 «إغاثة» كما ضبطناها. (2) أعلام الدين: 308. (3) غرر الحكم: ح 4311 و 9372 و 9501. (4) بحار الأنوار: 74 / 194 ح 11. 364 الافتخار [731] 1 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): آفة الحسب الافتخار والعجب (1). الرواية معتبرة الإسناد، وذكرها مرة اخرى في الكافي في: 2 / 329 بدون قوله: والعجب. [732] 2 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) رجل فقال: يا رسول الله أنا فلان بن فلان حتى عد تسعة، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أما إنك عاشرهم في النار (2). الرواية معتبرة. [733] 3 - الكليني، عن علي، عن أبيه، عن حنان، عن أبيه، عن أبي جعفر (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: صعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المنبر يوم فتح مكة فقال: أيها الناس إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتفاخرها بآبائها، ألا إنكم من آدم (عليه السلام) وآدم من طين، ألا إن خير عباد الله عبد اتقاه، إن العربية ليست باب والد ولكنها لسان ناطق، فمن قصر به عمله لم يبلغه حسبه، ألا إن كل دم كان في الجاهلية أو إحنة - والإحنة: الشحناء - فهي تحت قدمي هذه إلى يوم القيامة (3). الرواية معتبرة الإسناد. الشحناء: العداوة.
(1) الكافي: 2 / 328. (2) الكافي: 2 / 329. (3) الكافي: 8 / 246. 365 [734] 4 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي حمزة الثمالي قال: قال علي بن الحسين (عليه السلام): عجبا للمتكبر الفخور الذي كان بالأمس نطفة ثم هو غدا جيفة (1). الرواية صحيحة الإسناد. [735] 5 - الكليني، عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن محمد بن إسماعيل، عن حنان، عن عقبة بن بشير الأسدي قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): أنا عقبة بن بشير الأسدي وأنا في الحسب الضخم من قومي. قال: فقال: ما تمن علينا بحسبك؟! إن الله رفع بالإيمان من كان الناس يسمونه وضيعا إذا كان مؤمنا، ووضع بالكفر من كان الناس يسمونه شريفا إذا كان كافرا، فليس لأحد فضل على أحد إلا بالتقوى (2). [736] 6 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن عيسى بن الضحاك، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): عجبا للمختال الفخور! وإنما خلق من نطفة ثم يعود جيفة وهو فيما بين ذلك لا يدري ما يصنع به (3). [737] 7 - الصدوق باسناده إلى وصايا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام):... يا علي آفة الحسب الافتخار.. يا علي: إن الله تبارك وتعالى قد أذهب بالإسلام نخوة الجاهلية وتفاخرها بآبائها، ألا إن الناس من آدم وآدم من تراب وأكرمهم عند الله أتقاهم... (4). [738] 8 - الصدوق، عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن محمد بن حمران، عن أبيه، عن أبي جعفر محمد بن
(1) الكافي: 2 / 328. (2) الكافي: 2 / 328. (3) الكافي: 2 / 329. (4) الفقيه: 4 / 357 و 363. 366 علي الباقر (عليه السلام) قال: ثلاثة من عمل الجاهلية: الفخر بالأنساب، والطعن بالأحساب، والاستقساء بالأنواء (1). الرواية معتبرة الإسناد. [739] 9 - الصدوق، عن الحسين بن أحمد عن أبيه، عن محمد بن أحمد، عن إبراهيم بن هاشم، عن جعفر بن محمد بن إبراهيم الهمداني، عن العباس بن عمر، عن إسماعيل بن ذبيان يرفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال: افتخر رجلان عند أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: أتفتخران بأجساد بالية وأرواح في النار؟ إن يكن لك عقل فإن لك خلقا، وإن يكن لك تقوى فإن لك كرما، وإلا فالحمار خير منك ولست بخير من أحد (2). [740] 10 - الصدوق، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن إبراهيم النوفلي، عن الحسين بن المختار رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: من صنع شيئا للمفاخرة حشره الله يوم القيامة أسود (3). [741] 11 - الصدوق، عن الحسين بن إبراهيم بن تاتانه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أبي الصلت الهروي قال: ان المأمون قال للرضا علي بن موسى (عليه السلام): يا ابن رسول الله قد عرفت فضلك وعلمك وزهدك وورعك وعبادتك وأراك أحق بالخلافة مني، فقال الرضا (عليه السلام): بالعبودية لله عز وجل أفتخر، وبالزهد في الدنيا أرجو النجاة من شر الدنيا، وبالورع عن المحارم أرجو الفوز بالمغانم، وبالتواضع في الدنيا أرجو الرفعة عند الله، فقال له المأمون: فاني قد رأيت أن أعزل نفسي عن الخلافة وأجعلها لك وأبايعك، فقال له الرضا (عليه السلام): إن كانت هذه الخلافة لك وجعلها الله لك فلا يجوز أن تخلع لباسا ألبسكه الله وتجعله لغيرك، وإن كانت الخلافة ليست لك
(1) معاني الأخبار: 326. ونقل عنه في وسائل الشيعة: 11 / 335 باب كراهة الافتخار. (2) علل الشرايع: 393 ح 8، ونقل عنه في وسائل الشيعة: 11 / 335. (3) عقاب الأعمال: 304. 367 فلا يجوز لك أن تجعل لي ما ليس لك، فقال له المأمون: يا ابن رسول الله لابد لك من قبول هذا الأمر، فقال: لست أفعل ذلك طائعا أبدا، فما زال يجهد به أياما حتى يئس من قبوله، فقال له: فإن لم تقبل الخلافة ولم تحب مبايعتي لك فكن ولي عهدي لتكون لك الخلافة بعدي، فقال الرضا (عليه السلام): والله لقد حدثني أبي عن آبائه عن أمير المؤمنين عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اني أخرج من الدنيا قبلك مقتولا بالسم مظلوما تبكي علي ملائكة السماء وملائكة الأرض وادفن في ارض غربة إلى جنب هارون الرشيد، فبكى المأمون ثم قال له: يا ابن رسول الله ومن الذي يقتلك أو يقدر على الإساءة إليك وأنا حي؟ فقال الرضا (عليه السلام): أما إني لو أشاء أن أقول من الذي يقتلني لقلت، فقال المأمون: يا ابن رسول الله إنما تريد بقولك هذا التخفيف عن نفسك ودفع هذا الأمر عنك ليقول الناس انك زاهد في الدنيا؟ فقال الرضا (عليه السلام): والله ما كذبت منذ خلقني ربي عز وجل وما زهدت في الدنيا للدنيا وإني لأعلم ما تريد، فقال المأمون: وما اريد؟ قال: الأمان على الصدق، قال: لك الأمان، قال: تريد بذلك أن يقول الناس ان علي بن موسى لم يزهد في الدنيا بل زهدت الدنيا فيه، ألا ترون كيف قبل ولاية العهد طمعا في الخلافة؟ فغضب المأمون ثم قال: إنك تتلقاني أبدا بما أكرهه وقد آمنت سطوتي، فبالله اقسم لئن قبلت ولاية العهد وإلا أجبرتك على ذلك فإن فعلت وإلا ضربت عنقك، فقال الرضا (عليه السلام): قد نهاني الله عز وجل أن القي بيدي إلى التهلكة فإن كان الأمر على هذا فافعل ما بدا لك وأنا أقبل ذلك على أني لا أولي أحدا ولا أعزل أحدا ولا أنقض رسما ولا سنة وأكون في الأمر من بعيد مشيرا، فرضي منه بذلك وجعله ولي عهده على كراهة منه (عليه السلام) لذلك (1). الرواية معتبرة الإسناد. [742] 12 - الصدوق، عن محمد بن أحمد أبي عبد الله القضاعي، عن أبي عبد الله
(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 2 / 139 ح 3. 368 إسحاق بن العباس بن إسحاق بن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه، عن الحسين بن علي (عليهم السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أهلك الناس اثنان: خوف الفقر، وطلب الفخر (1). [743] 13 - الصدوق، عن أبيه ومحمد بن الحسن، عن محمد بن يحيى وأحمد بن إدريس، عن محمد بن يحيى بن عمران الأشعري، عن بعض أصحابنا يعني جعفر بن محمد بن عبيد الله، عن أبي يحيى الواسطي، عمن ذكره انه قال لأبي عبد الله (عليه السلام): أترى هذا الخلق كله من الناس؟ فقال: الق منهم التارك للسواك والمتربع في موضع الضيق والداخل فيما لا يعنيه والمماري فيما لاعلم له والمتمرض من غير علة والمتشعث من غير مصيبة والمخالف على أصحابه في الحق وقد اتفقوا عليه والمفتخر يفتخر بآبائه وهو خلو من صالح أعمالهم فهو بمنزلة الخلنج يقشر لحاء عن لحاء حتى يوصل إلى جوهريته وهو كما قال الله عز وجل (إن هم إلا كالأنعام بل هو أضل سبيلا) (2). [744] 14 - المفيد قال: وروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: المفتخر بنفسه أشرف من المفتخر بأبيه لأني أشرف من أبي والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أشرف من أبيه وإبراهيم أشرف من تارخ، قيل: وبم الافتخار؟ قال بإحدى الثلاث: مال ظاهر، أو أدب بارع، أو صناعة لا يستحي المرء منها (3). [745] 15 - المفيد قال: بلغنا أن سلمان الفارسي (رضي الله عنه) دخل مجلس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فعظموه وقدموه وصدروه إجلالا لحقه وإعظاما لشيبته واختصاصه بالمصطفى وآله، فدخل عمر فنظر إليه فقال: من هذا العجمي المتصدر فيما بين العرب، فصعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المنبر فخطب فقال: إن الناس من عهد آدم إلى يومنا هذا مثل أسنان
(1) الخصال: 1 / 68 ح 102. (2) الخصال: 2 / 409 ح 9، والآية 44 من سورة الفرقان. (3) الاختصاص: 188. 369 المشط، لا فضل للعربي على العجمي ولا للأحمر على الأسود إلا بالتقوى، سلمان بحر لا ينزف وكنز لا ينفد، سلمان منا أهل البيت، سلسل يمنح الحكمة ويؤتى البرهان (1). السلسل: الماء العذب أو البارد. [746] 16 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) في الخطبة القاصعة:... فالله الله في كبر الحمية وفخر الجاهلية فانه ملاقح الشنان ومنافخ الشيطان التي خدع بها الأمم الماضية والقرون الخالية... (2). [747] 17 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: ضع فخرك واحطط كبرك واذكر قبرك (3). [748] 18 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: ما لابن آدم والفخر؟! أوله نطفة وآخره جيفة ولا يرزق نفسه ولا يدفع حتفه (4). [749] 19 - الآمدي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: الافتخار من صغر الأقدار (5). [750] 20 - الآمدي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: لا حمق أعظم من الفخر (6). الروايات في هذا المجال كثيرة جدا فإن شئت أكثر من هذا فراجع وسائل الشيعة: 11 / 324، ومستدرك الوسائل: 12 / 88، وجامع أحاديث الشيعة: 14 / 72.
(1) الاختصاص: 341. (2) نهج البلاغة: الخطبة 192. (3) نهج البلاغة: الحكمة 398. (4) نهج البلاغة: الحكمة 454. (5) غرر الحكم: ح 2201. (6) غرر الحكم: ح 10655. 370 الافتراء [751] 1 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن رجل افترى على قوم جماعة، قال: إن أتوا به مجتمعين ضرب حدا واحدا، وإن أتوا به متفرقين ضرب لكل واحد منهم حدا (1). الرواية صحيحة الإسناد، والمراد به حد القذف. [752] 2 - الكليني، عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن جعفر بن سماعة، عن أبان بن عثمان، عن إسماعيل بن فضل قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الافتراء على أهل الذمة وأهل الكتاب هل يجلد المسلم الحد في الافتراء عليهم؟ قال: لا ولكن يعزر (2). ونحوها في الكافي: 7 / 243، والتهذيب: 10 / 75 ح 54. [753] 3 - الصدوق، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه علي، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمار، عن أبي بصير قال: سمعته يقول: من افترى على مملوك عزر لحرمة الإسلام (3). الرواية معتبرة الإسناد، ولا يضر إضمارها لأن مضمرها أبو بصير.
(1) الكافي: 7 / 209. (2) الكافي: 7 / 240. (3) علل الشرايع: 538 ح 2. 371 [754] 4 - الصدوق، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم البزاز الأسدي، عن داود بن فرقد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من ادعى الإمامة وليس بإمام فقد افترى على الله وعلى رسوله وعلينا (1). الرواية معتبرة الإسناد. [755] 5 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال:... هلك من ادعى وخاب من افترى (2)... [756] 6 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: يهلك في رجلان: محب مفرط وباهت مفتر (3). قال الرضي: وهذا مثل قوله (عليه السلام): هلك في رجلان: محب غال ومبغض قال. [757] 7 - الطوسي، عن المفيد، عن علي بن خالد المراغي، عن أحمد بن الصلت، عن حاجب بن الوليد، عن الوصاف بن صالح، عن أبي إسحاق، عن خالد بن طليق قال: سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) يقول: ذمتي بما أقول رهينة وأنا به زعيم، انه لا يهيج على التقوى زرع قوم ولا يظمأ على التقوى سنخ أصل، إلا ان الخير كل الخير فيمن عرف قدره وكفى بالمرء جهلا أن لا يعرف قدره، ان أبغض خلق الله إلى الله رجل قمش علما من أغمار غشوة وأوباش فتنة فهو في عمى عن الهدى الذي أتى به من عند ربه وضال عن سنة نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) يظن أن الحق في صحفه، كلا والذي نفس ابن أبي طالب بيده قد ضل وأضل من افترى، سماه رعاع الناس عالما ولم يكن في العلم يوما سالما، فكر فاستكثر، ما قل منه خير مما كثر حتى إذا ارتوى من غير حاصل واستكثر من غير طائل جلس للناس مفتيا ضامنا لتخليص ما اشتبه عليهم،
(1) عقاب الأعمال: 255. (2) نهج البلاغة: الخطبة 16. (3) نهج البلاغة: الحكمة 469. 372 فإن نزلت به إحدى المهمات هيأ لها حشوا من رأيه ثم قطع على الشبهات خباط جهالات ركاب عشوات، والناس من علمه في مثل غزل العنكبوت، لا يعتذر مما لا يعلم فيسلم، ولا يعض على العلم بضرس قاطع فيغنم، تصرخ منه المواريث وتبكي من قضائه الدماء وتستحل به الفروج الحرام، غير مليء والله بإصدار ما ورد عليه ولا نادم على ما فرط منه، اولئك الذين حلت عليهم النياحة وهم أحياء، فقال: يا أمير المؤمنين فمن نسأل بعدك وعلى ما نعتمد؟ فقال: استفتحوا كتاب الله فانه إمام مشفق وهاد مرشد وواعظ ناصح ودليل يؤدي إلى جنة الله عز وجل (1). [758] 8 - الطوسي، عن جماعة، عن أبي المفضل، عن علي بن محمد بن مخلد الجعفي، عن عباد بن سعيد الجعفي، عن محمد بن عثمان بن أبي البهلول، عن صالح بن أبي الأسود، عن أبي الجارود، عن حكيم بن جبير، عن سالم الجعفي، قال: قال علي صلوات الله عليه وهو في الرحبة جالس: انتدبوا وهو على المسير من السواد، فانتدبوا نحو من مائه، فقال: ورب السماء والأرض لقد حدثني خليلي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن الأمة ستغدر بي من بعده عهدا معهودا وقضاء مقضيا وقد خاب من افترى (2). [759] 9 - الديلمي رفعه إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) انه قال: من ادعى الإمامة وليس بإمام فقد افترى على الله ورسوله (3). [760] 10 - قال المجلسي: قال العالم: كتب الحسن بن أبي الحسن البصري إلى الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهما يسأله عن القدر وكتب إليه: فاتبع
(1) أمالي الطوسي: المجلس التاسع ح 8 / 234 الرقم 416. (2) أمالي الطوسي: المجلس السابع عشر ح 8 / 476 الرقم 1039، ونقل عنه في بحار الأنوار: 28 / 41 ح 5. (3) أعلام الدين: 401. 373 ما شرحت لك في القدر مما أفضى إلينا أهل البيت، فانه من لم يؤمن بالقدر خيره وشره فقد كفر، ومن حمل المعاصي على الله عز وجل فقد افترى على الله افتراء عظيما، ان الله تبارك وتعالى لا يطاع بإكراه ولا يعصى بغلبة ولا يهمل العباد في الهلكة، لكنه المالك لما ملكهم والقادر لما عليه أقدرهم، فإن ائتمروا بالطاعة لم يكن الله صادا عنها مبطئا، وان ائتمروا بالمعصية فشاء أن يمن عليهم فيحول بينهم وبين ما ائتمروا به، فعل وإن لم يفعل فليس هو حملهم عليها قسرا ولا كلفهم جبرا، بل بتمكينه إياهم بعد إعذاره وإنذاره لهم واحتجاجه عليهم، طوقهم ومكنهم وجعل لهم السبيل إلى أخذ ما إليه دعاهم وترك ما عنه نهاهم، جعلهم مستطيعين لأخذ ما أمرهم به من شيء غير آخذيه ولترك ما نهاهم عنه من شيء غير تاريكه، والحمد لله الذي جعل عباده أقوياء لما أمرهم به ينالون بتلك القوة وما نهاهم عنه، وجعل العذر لمن يجعل له السبيل حمدا متقبلا، فأنا على ذلك أذهب وبه أقول، والله وأنا وأصحابي أيضا عليه وله الحمد (1).
(1) بحار الأنوار: 5 / 123 ح 71. 374 الإفراط [761] 1 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال في توصيف القلب:... وإن جهده الجوع قعد به الضعف، وإن أفرط به الشبع كظته البطنة، فكل تقصير به مضر وكل افراط له مفسد (1). [762] 2 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه كتب في وصيته إلى ابنه الحسن (عليه السلام):... وتلافيك ما فرط من صمتك أيسر من إدراكك ما فات من منطقك... (2). [763] 3 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه كتب في عهده لمالك الأشتر النخعي:... إياك والدماء وسفكها بغير حلها... ولا عذر لك عند الله ولا عندي في قتل العمد لأن فيه قود البدن وإن ابتليت بخطا وأفرط عليك سوطك أو سيفك أو يدك بالعقوبة فإن في الوكزة فما فوقها مقتلة، فلا تطمحن بك نخوة سلطانك عن أن تؤدي إلى أولياء المقتول حقهم (3). قد مر منا مرارا ان للنجاشي والشيخ سند معتبر لهذا العهد الشريف. [764] 4 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال:... فمن شغل نفسه بغير نفسه تحير في الظلمات وارتبك في الهلكات ومدت به شياطينه في طغيانه وزينت له سيىء أعماله، فالجنة غاية السابقين والنار غاية المفرطين (4).
(1) نهج البلاغة: الحكمة 108. (2) نهج البلاغة: الكتاب 31. (3) نهج البلاغة: الكتاب 53. (4) نهج البلاغة: الخطبة 157. 375 [765] 5 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: لا ترى الجاهل إلا مفرطا أو مفرطا (1). [766] 6 - الرضي رفعه إليه (عليه السلام) قال: ثمرة التفريط الندامة، وثمرة الحزم السلامة (2). [767] 7 - الرضي رفعه إليه (عليه السلام) قال: إن سبحانه جعل الطاعة غنيمة الأكياس عند تفريط العجزة (3). [768] 8 - الرضي رفعه إليه (عليه السلام) قال:... ومن حلم لم يفرط في أمره وعاش في الناس حميدا (4). [769] 9 - الرضي رفعه إليه (عليه السلام) قال:... سيهلك في صنفان: محب مفرط يذهب به الحب إلى غير الحق، ومبغض مفرط يذهب به البغض إلى غير الحق، وخير الناس في حالا النمط الأوسط والزموا السواد الأعظم، فإن يد الله مع الجماعة، وإياكم والفرقة فإن الشاذ من الناس للشيطان كما أن الشاذ من الغنم للذئب... (5). [770] 10 - الطوسي بسنده، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن عمر بن علي، عن عمه، عمن حدثه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) انه جاءه رجل فشكا إليه الحاجة وأفرط في الشكاية حتى كاد أن يشكو الجوع. قال: فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): يا هذا تصلي بالليل؟ فقال الرجل: نعم، قال: فالتفت أبو عبد الله (عليه السلام) إلى أصحابه فقال: كذب من زعم انه يصلي بالليل ويجوع بالنهار، إن الله ضمن بصلاة الليل قوت النهار (6).
(1) نهج البلاغة: الحكمة 70. (2) نهج البلاغة: الحكمة 181. (3) نهج البلاغة: الحكمة 331. (4) نهج البلاغة: الحكمة 31. (5) نهج البلاغة: الخطبة 127. (6) التهذيب: 2 / 120 ح 224. 376 أفضل الأعمال [771] 1 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس رفعه قال: قال علي بن الحسين (عليه السلام): إن أفضل الأعمال عند الله ما عمل بالسنة وإن قل (1). [772] 2 - الصدوق قال: وروي أن البكاء على الميت يقطع الصلاة، والبكاء لذكر الجنة والنار من أفضل الأعمال في الصلاة (2). نقل الشيخ نحوها مسندا في كتابيه التهذيب: 2 / 317 ح 151، والاستبصار: 1 / 408 ح 2. [773] 3 - الصدوق بسند لا بأس به في الخطبة الشعبانية:... قال أمير المؤمنين (عليه السلام): فقمت فقلت: يا رسول الله ما أفضل الأعمال في هذا الشهر (رمضان)؟ فقال: يا أبا الحسن أفضل الأعمال في هذا الشهر الورع عن محارم الله عز وجل... (3). [774] 4 - الصدوق، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن هاشم، عن الحسن بن الجهم، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أفضل الأعمال عند الله عز وجل إيمان لا شك فيه، وغزو لا غلول فيه، وحج مبرور، وأول من يدخل الجنة شهيد وعبد مملوك أحسن عبادة ربه ونصح لسيده ورجل عفيف متعفف ذو عيال، وأول من يدخل النار أمير متسلط
(1) الكافي: 1 / 70. (2) الفقيه: 1 / 317 ح 941. (3) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 1 / 297. 377 لم يعدل وذو ثروة من المال لم يعط المال حقه وفقير فخور (1). الرواية صحيحة الإسناد. الغلول: السرقة من مال الغنيمة. [775] 5 - الصدوق، عن علي بن عبد الله الوراق وعلي بن محمد بن الحسن القزويني، عن سعد، عن العباس بن سعيد الأزرق، عن أبي نصر، عن عيسى بن مهران، عن يحيى بن الحسن بن الفرات، عن حماد بن يعلى، عن علي بن الحزور، عن الأصبغ بن نباتة، عن محمد بن الحنفية انه ذكر عنده الأذان فقال: لما أسري بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى السماء وتناهز إلى السماء السادسة نزل ملك من السماء السابعة لم ينزل قبل ذلك اليوم قط فقال: الله أكبر، الله أكبر، فقال الله جل جلاله: أنا كذلك، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله فقال الله عز وجل: أنا كذلك لا إله إلا أنا، فقال: أشهد أن محمدا رسول الله، قال الله جل جلاله: عبدي وأميني على خلقي اصطفيته على عبادي برسالاتي، ثم قال: حي على الصلاة، قال الله جل جلاله: فرضتها على عبادي وجعلتها لي دينا، ثم قال: حي على الفلاح، قال الله جل جلاله: أفلح من مشى إليها وواظب عليها ابتغاء وجهي، ثم قال: حي على خير العمل، قال الله جل جلاله: هي أفضل الأعمال وأزكاها عندي، ثم قال: قد قامت الصلاة، فتقدم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فأم أهل السماء فمن يومئذ تم شرف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (2). [776] 6 - الصدوق، عن المفسر، عن أحمد بن الحسن الحسيني، عن أبي محمد العسكري، عن آبائه (عليهم السلام) قال: كتب الصادق (عليه السلام) إلى بعض الناس: إن أردت أن يختم بخير عملك حتى تقبض وأنت في أفضل الأعمال فعظم لله حقه، أن تبذل نعماءه في معاصيه، وأن تغتر بحلمه عنك، وأكرم كل من وجدته يذكرنا أو ينتحل مودتنا، ثم ليس عليك صادقا كان أو كاذبا، إنما لك نيتك وعليه كذبه (3).
(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 2 / 28 ح 20. (2) معاني الأخبار: 42 ح 4. (3) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 2 / 4 ح 8. 378 [777] 7 - الصدوق، عن أبيه، عن سعد، عن الأصبهاني، عن المنقري، عن فضيل بن عياض، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن الجهاد أسنة هو أم فريضة؟ فقال: الجهاد على أربعة أوجه، فجهادان فرض، وجهاد سنة لا يقام إلا مع فرض، وجهاد سنة. فأما أحد الفرضين فمجاهدة الرجل نفسه عن معاصي الله عز وجل وهو من أعظم الجهاد، ومجاهدة الذين يلونكم من الكفار فرض. وأما الجهاد الذي هو سنة لا يقام إلا مع فرض فإن مجاهدة العدو فرض على جميع الامة ولو تركوا الجهاد لأتاهم العذاب وهذا هو من عذاب الأمة وهو سنة على الامام أن يأتي العدو مع الأمة فيجاهدهم. وأما الجهاد الذي هو سنة فكل سنة أقامها الرجل وجاهد في إقامتها وبلوغها وإحيائها فالعمل والسعي فيها من أفضل الأعمال لأنه أحيا سنة، قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من غير أن ينتقص من اجورهم شيء (1). روي نحوها في الكافي: 5 / 9، والتهذيب: 6 / 124 ح 1. [778] 8 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: أفضل الأعمال ما أكرهت نفسك عليه (2). [779] 9 - الطوسي، عن جماعة، عن أبي المفضل، عن حميد بن زياد الدهقان الكوفي، عن القاسم بن إسماعيل الأنباري، عن عبد الله بن جبلة، عن حميد بن جنادة العجلي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر، عن أبيه، عن أبيه، عن علي (عليهم السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: من أفضل الأعمال عند الله عز وجل إبراد الأكباد الحارة وإشباع الأكباد الجائعة، والذي نفس محمد بيده لا يؤمن بي عبد يبيت شبعان وأخوه - أو قال: جاره - المسلم جائع (3).
(1) الخصال: 1 / 240 ح 89. (2) نهج البلاغة: الحكمة 249. (3) أمالي الطوسي: المجلس السادس والعشرون ح 15 / 598 الرقم 1241. 379 [780] 10 - البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان انه سأل أبا عبد الله (عليه السلام) قال: أخبرنا عن أفضل الأعمال يوم الجمعة، فقال: الصلاة على محمد وآل محمد مائة مرة بعد العصر، وما زدت فهو أفضل (1). الرواية صحيحة الإسناد. [781] 11 - البرقي، عن أبيه، عن محمد بن سنان وابن المغيرة، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام): إن رجلا من خثعم جاء إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال له: أخبرني ما أفضل الأعمال؟ فقال: الإيمان بالله، قال: ثم ماذا؟ قال: صلة الرحم، قال: ثم ماذا؟ فقال: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (2). الرواية معتبرة الإسناد. [782] 12 - الشيخ جعفر بن أحمد بن علي القمي قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أفضل الأعمال إبراد الكبد الحرى، يعني سقي الماء (3). [783] 13 - الشيخ جعفر بن أحمد بن علي القمي رفعه عن أبي علقمة مولى بني هاشم قال: صلى بنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الصبح ثم التفت إلينا فقال: معاشر أصحابي رأيت البارحة عمي حمزة بن عبد المطلب وأخي جعفر بن أبي طالب وبين أيديهما طبق من نبق، فأكلا ساعة فتحول إليهما النبق عنبا، فأكلا ساعة فتحول العنب رطبا، فدنوت منهما فقلت: بأبي أنتما أي الأعمال أفضل؟ فقالا: وجدنا أفضل الأعمال الصلاة عليك وسقي الماء وحب علي بن أبي طالب (عليه السلام) (4). [784] 14 - ابن قولويه، عن أبيه وجماعة أصحابنا، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أحمد بن عايذ، عن أبي خديجة،
(1) المحاسن: 59، ونقل عنه في بحار الأنوار: 83 / 78 ح 3. (2) المحاسن: 291، ونقل عنه في بحار الأنوار: 97 / 81 ح 40. (3) كتاب الغايات: 185، ونقل عنه في بحار الأنوار: 71 / 369 ح 60. (4) الغايات: 185، ونقل عنه في بحار الأنوار: 71 / 369، ح 61. 380 عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن زيارة قبر الحسين (عليه السلام)، قال: انه أفضل ما يكون من الأعمال (1). الرواية معتبرة الإسناد لاعتبار أبي خديجة عندنا وهو سالم بن مكرم، والرواية تدل على أفضلية زيارة مولانا أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) بالنسبة إلى جميع الأعمال فلا تغفل، وتدل عليها عدة من الروايات الاخر، فراجع إن شئت كامل الزيارات: 146 الباب 58 تحت عنوان: «إن زيارة الحسين أفضل ما يكون من الأعمال». [785] 15 - ابن فهد الحلي رفعه إلى الصادق (عليه السلام) انه قال: أفضل الأعمال الصلاة لوقتها وبر الوالدين والجهاد في سبيل الله (2). [786] 16 - السروي رفعه: روي عن الحسين بن علي (عليه السلام) انه قال: صح عندي قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أفضل الأعمال بعد الصلاة إدخال السرور في قلب المؤمن بما لا إثم فيه، فإني رأيت غلاما يواكل كلبا فقلت له في ذلك فقال: يا ابن رسول الله إني مغموم أطلب سرورا بسروره لأن صاحبي يهودي اريد أفارقه، فأتى الحسين إلى صاحبه بمائتي دينار ثمنا له، فقال اليهودي: الغلام فداء لخطاك وهذا البستان له ورددت عليك المال، فقال (عليه السلام): وأنا قد وهبت لك المال، قال: قبلت المال ووهبته للغلام، فقال الحسين (عليه السلام): أعتقت الغلام ووهبته له جميعا، فقالت امرأته: قد أسلمت ووهبت زوجي مهري، فقال اليهودي: وأنا أيضا أسلمت وأعطيتها هذه الدار (3). [787] 17 - صاحب جامع الأخبار رفعه إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) انه قال: أفضل الإيمان الحب في الله والبغض في الله (4). هكذا في المطبوع ولكن المجلسي نقل عنه «أفضل الأعمال» بدل «أفضل الإيمان»
(1) كامل الزيارات: 146 ح 1. (2) عدة الداعي: 75، ونقل عنه في بحار الأنوار: 71 / 85 ح 99. (3) المناقب: 4 / 75، ونقل عنه في بحار الأنوار: 44 / 194 ح 7. (4) جامع الأخبار: 352 ح 7. 381 فراجع بحار الأنوار: 66 / 252 ح 32. [788] 18 - الراوندي رفعه سأل معاوية بن وهب أبا عبد الله (عليه السلام) عن أفضل ما يتقرب به العباد إلى ربهم، فقال: ما أعلم شيئا بعد المعرفة أفضل من هذه الصلاة، ألا ترى أن العبد الصالح عيسى بن مريم قال: وأوصاني بالصلاة، وسئل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن أفضل الأعمال؟ قال: الصلاة لأول وقتها (1). [789] 19 - الراوندي رفعه عن الصادق (عليه السلام): من صلى على النبي وآله مرة واحدة بنية وإخلاص من قلبه قضى الله له مائة حاجة منها ثلاثون للدنيا وسبعون للآخرة. وقال النبي (عليه السلام): من صلى علي كل يوم ثلاث مرات وفي كل ليلة ثلاث مرات حبا لي وشوقا إلي كان حقا على الله عز وجل أن يغفر له ذنوبه تلك الليلة وذلك اليوم. وعن ابن عباس قال: قال لي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): رأيت في ما يرى النائم عمي حمزة بن عبد المطلب وأخي جعفر بن أبي طالب وبين يديهما طبق من نبق، فأكلا ساعة فتحول النبق عنبا، فأكلا ساعة فتحول العنب لهما رطبا، فأكلا ساعة فدنوت منهما وقلت: بأبي أنتما أي الأعمال وجدتما أفضل؟ قالا: فديناك بالآباء والأمهات وجدنا أفضل الأعمال الصلاة عليك وسقي الماء وحب علي بن أبي طالب. وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أكثروا الصلاة علي فإن الصلاة علي نور في القبر ونور على الصراط ونور في الجنة (2). [790] 20 - المجلسي رفعه إلى الصادق (عليه السلام) انه قال: أفضل الأعمال انتظار الفرج من الله (3).
(1) الدعوات: 27 ح 49 و 48، ونقل عنه في بحار الأنوار: 79 / 225 ح 50. (2) الدعوات: 89 ح 227 و 226 و 225، ونقل عنه في بحار الأنوار: 91 / 70 ح 63. (3) بحار الأنوار: 75 / 208 ح 77. 382 الإقبال [791] 1 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا كنت دخلت في صلاتك فعليك بالتخشع والإقبال على صلاتك فإن الله عز وجل يقول: (الذين هم في صلاتهم خاشعون) (1). الرواية صحيحة الإسناد. [792] 2 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سيف بن عميرة، عن سليمان بن عمرو قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن الله عز وجل لا يستجيب دعاء بظهر قلب ساه، فإذا دعوت فأقبل بقلبك ثم استيقن بالإجابة (2). [793] 3 - قال الصدوق: وقال الصادق (عليه السلام): إذا قمت إلى الصلاة فقل: «اللهم اني اقدم إليك محمدا بين يدي حاجتي وأتوجه إليك به فاجعلني به وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين واجعل صلاتي به مقبولة وذنبي به مغفورا ودعائي به مستجابا إنك أنت الغفور الرحيم». فإذا قمت إلى الصلاة فلا تأت بها شبعا ولا متكاسلا ولا متناعسا ولا مستعجلا ولكن على سكون ووقار، فإذا دخلت في صلاتك فعليك بالتخشع والإقبال على صلاتك فإن الله عز وجل يقول: (والذين هم في صلاتهم خاشعون). ويقول: (وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين) (3) واستقبل القبلة بوجهك ولا تقلب
(1) الكافي: 3 / 300، والآية 2 من سورة المؤمنون. (2) الكافي: 2 / 473. (3) سورة البقرة: 45. 383 وجهك عن القبلة فتفسد صلاتك، وقم منتصبا فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: من لم يقم صلبه فلا صلاة له. واخشع ببصرك ولا ترفعه إلى السماء، وليكن نظرك إلى موضع سجودك، وأشغل قلبك بصلاتك فانه لا يقبل من صلاتك إلا ما أقبلت عليه منها بقلبك حتى انه ربما قبل من صلاة العبد ربعها أو ثلثها أو نصفها ولكن الله عز وجل يتمها للمؤمنين بالنوافل، وليكن قيامك في الصلاة قيام العبد الذليل بين يدي الملك الجليل، واعلم أنك بين يدي من يراك ولا تراه. وصل صلاة مودع كأنك لا تصلي بعدها أبدا، ولا تعبث بلحيتك ولا برأسك ولا بيديك ولا تفرقع أصابعك ولا تقدم رجلا على رجل وزاوج بين قدميك واجعل بينهما قدر ثلاث أصابع إلى شبر، ولا تتمطأ ولا تتثاءب ولا تضحك فإن القهقهة تقطع الصلاة، ولا تتورك فإن الله عز وجل قد عذب قوما على التورك كان أحدهم يضع يديه على وركيه من ملالة الصلاة، ولا تكفر فإنما يصنع ذلك المجوس، وأرسل يديك وضعهما على فخذيك قبالة ركبتيك فانه أحرى أن تهتم بصلاتك، ولا تشغل عنها نفسك فإنك إذا حركتها كان ذلك يلهيك، ولا تستند إلى جدار إلا أن تكون مريضا، ولا تلتفت عن يمينك ولا عن يسارك فإن التفت حتى ترى من خلفك فقد وجب عليك إعادة الصلاة فإن العبد إذا التفت في صلاته ناداه الله عز وجل فقال: عبدي إلى من تلتفت إلى من هو خير لك مني، فإن التفت ثلاث مرات صرف الله عز وجل عنه نظره فلم ينظر إليه بعد ذلك أبدا، ولا تنفخ في موضع سجودك... الحديث (1). [794] 4 - الصدوق، عن ابن المتوكل، عن السعد آبادي، عن البرقي، عن أبيه، عن الأزدي، عن مالك بن أنس قال: قال الصادق (عليه السلام): عجبت لمن يبخل بالدنيا وهي
(1) الفقيه: 1 / 302 ح 916. 384 مقبلة عليه، أو يبخل بها وهي مدبرة عنه، فلا إنفاق مع الإقبال يضره ولا الإمساك مع الإدبار ينفعه (1). [795] 5 - الصدوق بإسناده عن ثابت بن دينار، عن سيد العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) قال:... وحق سائسك بالعلم التعظيم له والتوقير لمجلسه وحسن الاستماع إليه والإقبال عليه، وأن لاترفع عليه صوتك، ولا تجيب أحدا يسأله عن شيء حتى يكون هو الذي يجيب، ولا تحدث في مجلسه أحدا، ولا تغتاب عنده أحدا، وأن تدفع عنه إذا ذكر عندك بسوء، وأن تستر عيوبه وتظهر مناقبه، ولا تجالس له عدوا ولا تعادي له وليا، فإذا فعلت ذلك شهدت لك ملائكة الله عز وجل بأنك قصدته وتعلمت علمه لله جل وعز اسمه لا للناس، الحديث (2). [796] 6 - الصدوق، عن عبد الواحد بن محمد بن عبدوس، عن علي بن محمد بن قتيبة في علل الفضل بن شاذان، عن الرضا (عليه السلام): فإن قال: فلم امروا بالصلاة؟ قيل: لأن في الصلاة الإقرار بالربوبية وهو صلاح عام لأن فيه خلع الأنداد والقيام بين يدي الجبار بالذل والاستكانة والخضوع والخشوع والاعتراف وطلب الإقالة من سالف الذنوب، ووضع الجبهة على الأرض كل يوم وليلة ليكون العبد ذاكرا لله تعالى غير ناس له ويكون خاشعا وجلا متذللا طالبا راغبا في الزيادة للدين والدنيا مع ما فيه من الانزجار عن الفساد، وصار ذلك عليه في كل يوم وليلة لئلا ينسى العبد مدبره وخالقه فيبطر ويطغى، وليكون في ذكر خالقه والقيام بين يدي ربه زاجرا له عن المعاصي وعاجزا ومانعا عن أنواع الفساد... فإن قال: فلم جعل أصل الصلاة ركعتين ولم زيد على بعضها ركعة وعلى بعضها ركعتان ولم يزد على بعضها شيء؟ قيل: لأن أصل الصلاة إنما هي ركعة واحدة لأن
(1) الخصال: 2 / 567 ح 1. (2) الفقيه: 2 / 620 ح 3214. 385 أصل العدد واحد فإذا نقصت من واحد فليست هي صلاة فعلم الله عز وجل أن العباد لا يؤدون تلك الركعة الواحدة التي لا صلاة أقل منها بكمالها وتمامها والإقبال عليها فقرن إليها ركعة ليتم بالثانية ما نقص من الاولى ففرض الله عز وجل أصل الصلاة ركعتين، ثم علم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن العباد لا يؤدون هاتين الركعتين بتمام ما امروا به وكماله فضم إلى الظهر والعصر والعشاء الآخرة ركعتين ركعتين ليكون فيهما تمام الركعتين الأوليين، ثم علم أن صلاة المغرب يكون شغل الناس في وقتها أكثر للانصراف إلى الإفطار والأكل والشرب والوضوء والتهيئة للمبيت فزاد فيها ركعة واحدة ليكون أخف عليهم ولأن تصير ركعات الصلاة في اليوم والليلة فردا، ثم ترك الغداة على حالها لأن الاشتغال في وقتها أكثر والمبادرة إلى الحوائج فيها أعم ولأن القلوب فيها أخلى من الفكر لقلة معاملات الناس بالليل ولقلة الأخذ والإعطاء، فالإنسان فيها أقبل على صلاته منه في غيرها من الصلوات لأن الفكر أقل لعدم العمل من الليل... فإن قال: فلم جعل ركعة وسجدتين؟ قيل: لأن الركوع من فعل القيام والسجود من فعل القعود وصلاة القاعد على النصف من صلاة القيام فضوعف السجود ليستوي بالركوع فلا يكون بينهما تفاوت لأن الصلاة إنما هي ركوع وسجود (1). الرواية معتبرة الإسناد. [797] 7 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: إذا كنت في إدبار والموت في إقبال فما أسرع الملتقى (2). [798] 8 - الآمدي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: المحاسن في الإقبال هي المساوي في الإدبار (3).
(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 2 / 103 و 107 و 108. (2) نهج البلاغة: الحكمة 29. (3) غرر الحكم: ح 1836. 386 [799] 9 - الآمدي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: إذا أقبلت الدنيا على عبد كسته محاسن غيره وإذا أدبرت عنه سلبته محاسنه (1). [800] 10 - قال ابن طاوس: ذكر محمد بن أبي عبد الله من رواة أصحابنا في أماليه، عن عيسى بن جعفر، عن العباس بن أيوب، عن أبي بكر الكوفي، عن حماد بن حبيب العطار الكوفي قال: خرجنا حجاجا فرحلنا من زبالة ليلا فاستقبلتنا ريح سوداء مظلمة فتقطعت القافلة فتهت في تلك الصحاري والبراري فانتهيت إلى واد قفر، فلما أن جن الليل آويت إلى شجرة عادية. فلما أن اختلط الظلام إذا أنا بشاب قد أقبل عليه أطمار بيض تفوح منه رائحة المسك فقلت في نفسي هذا ولي من أولياء الله متى ما أحس بحركتي خشيت نفاره وأن أمنعه عن كثير مما يريد فعاله، فأخفيت نفسي ما استطعت، فدنا إلى الموضع فتهيأ للصلاة ثم وثب قائما وهو يقول: يا من أحاز كل شيء ملكوتا وقهر كل شيء جبروتا أولج قلبي فرح الإقبال عليك وألحقني بميدان المطيعين لك. قال: ثم دخل في الصلاة، فلما أن رأيته قد هدأت أعضاؤه وسكنت حركاته قمت إلى الموضع الذي تهيأ للصلاة فإذا بعين تفيض بماء أبيض فتهيأت للصلاة ثم قمت خلفه فإذا أنا بمحراب كأنه مثل في ذلك الوقت فرأيته كلما مر بآية فيها ذكر الوعد والوعيد يرددها بأشجان الحنين. فلما أن تقشع الظلام وثب قائما وهو يقول: يا من قصده الطالبون فأصابوه مرشدا وأمه الخائفون فوجدوه متفضلا ولجأ إليه العابدون فوجدوه نوالا متى راحة من نصب لغيرك بدنه ومتى فرح من قصد سواك بنيته، إلهي قد تقشع الظلام ولم أقض من خدمتك وطرا ولا من حاض مناجاتك صدرا صل على محمد وآله وافعل بي أولى الأمرين بك يا أرحم الراحمين.
(1) غرر الحكم: ح 4126. 387 فخفت أن يفوتني شخصه وأن يخفى علي أثره فتعلقت به فقلت له: بالذي أسقط عنك ملال التعب ومنحك شدة شوق لذيذ الرعب إلا ألحقتني منك جناح رحمة كنف رقة فإني ضال وبغيتي كلما صنعت ومناي كلما نطقت، فقال: لو صدق توكلك ما كنت ضالا ولكن اتبعني وأقف أثري، فلما أن صار بجنب الشجرة أخذ بيدي فخيل إلي أن الأرض تمد من تحت قدمي، فلما انفجر عمود الصبح قال لي: أبشر فهذه مكة. قال: فسمعت الضجة ورأيت المحجة فقلت: بالذي ترجوه يوم الآزفة ويوم الفاقة من أنت؟ فقال لي: أما إذ أقسمت فأنا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين (1).
(1) فتح الأبواب: 245، ونقل عنه في بحار الأنوار: 46 / 77 ح 73. 388 الاقتصاد الاقتصاد في العبادة [801] 1 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعا، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله (عليه السلام): لا تكرهوا إلى أنفسكم العبادة (1). الرواية صحيحة الإسناد. [802] 2 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل، عن حنان بن سدير قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن الله عز وجل إذا أحب عبدا فعمل [عملا] قليلا جزاه بالقليل الكثير ولم يتعاظمه أن يجزي بالقليل الكثير له (2). الرواية صحيحة الإسناد. [803] 3 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن الحسن بن الجهم، عن منصور، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: مر بي أبي وأنا بالطواف وأنا حدث وقد اجتهدت في العبادة فرآني وأنا أتصاب عرقا، فقال لي: يا جعفر يا بني إن الله إذا أحب عبدا أدخله الجنة ورضي عنه باليسير (3). الرواية صحيحة الإسناد.
(1) الكافي: 2 / 86. (2) الكافي: 2 / 86. (3) الكافي: 2 / 86. 389 [804] 4 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري وغيره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: اجتهدت في العبادة وأنا شاب فقال لي أبي: يا بني دون ما أراك تصنع، فإن الله عز وجل إذا أحب عبدا رضي عنه باليسير (1). الرواية صحيحة. [805] 5 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق، ولا تكرهوا عبادة الله إلى عباد الله فتكونوا كالراكب المنبت الذي لا سفرا قطع ولا ظهرا أبقى (2). الايغال: السير الشديد. المنبت: أي المنقطع. [806] 6 - الكليني، عن حميد بن زياد، عن الخشاب، عن ابن بقاح، عن معاذ بن ثابت، عن عمرو بن جميع، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يا علي إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق ولا تبغض إلى نفسك عبادة ربك [ف] إن المنبت - يعني المفرط - لا ظهرا أبقى ولا أرضا قطع، فاعمل عمل من يرجو أن يموت هرما، واحذر حذر من يتخوف أن يموت غدا (3). [807] 7 - الطوسي بإسناده إلى وصية أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال:... أوصيك يا بني بالصلاة عند وقتها، والزكاة في أهلها عند محالها، والصمت عند الشبهة، والاقتصاد والعدل في الرضا والغضب... واقتصد يا بني في معيشتك، واقتصد في عبادتك، وعليك فيها بالأمر الدائم الذي تطيقه... (4).
(1) الكافي: 2 / 87. (2) الكافي: 2 / 86. (3) الكافي: 2 / 87. (4) أمالي الطوسي: المجلس الأول ح 8 / 7 الرقم 8. 390 الاقتصاد في المعيشة [808] 1 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أفطر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عشية خميس في مسجد قبا، فقال: هل من شراب؟ فأتاه أوس بن خولى الأنصاري بعس مخيض بعسل، فلما وضعه على فيه نحاه ثم قال: شرابان يكتفى بأحدهما من صاحبه لا أشربه ولا أحرمه ولكن أتواضع لله، فإن من تواضع لله رفعه الله ومن تكبر خفضه الله، ومن اقتصد في معيشته رزقه الله ومن بذر حرمه الله، ومن أكثر ذكر الموت أحبه الله (1). الرواية صحيحة الإسناد. العس: القدح. مخض اللبن: أخذ زبده فهو مخيض. [809] 2 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد وسهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن بريد بن معاوية، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال علي بن الحسين صلوات الله عليهما: لينفق الرجل بالقصد وبلغة الكفاف ويقدم منه فضلا لآخرته فإن ذلك أبقى للنعمة وأقرب إلى المزيد من الله عز وجل وأنفع في العافية (2). الرواية صحيحة الإسناد. [810] 3 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن داود الرقي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن القصد أمر يحبه الله عز وجل وإن السرف أمر يبغضه الله حتى طرحك النواة فإنها تصلح للشيء وحتى صبك فضل شرابك (3).
(1) الكافي: 2 / 122. (2) الكافي: 4 / 52. (3) الكافي: 4 / 52. 391 [811] 4 - الكليني، عن علي بن محمد رفعه قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: القصد مثراة والسرف متواة (1). المثراة: اسم آلة من الثروة. المتواة: ما يسبب الخسارة. [812] 5 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن أبي حمزة، عن علي بن الحسين (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ثلاث منجيات، فذكر الثالث: القصد في الغنى والفقر (2). الرواية صحيحة. [813] 6 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عمرو بن أبان، عن مدرك بن أبي الهزهاز، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: ضمنت لمن اقتصد أن لا يفتقر (3). نقلها الصدوق في الفقيه: 2 / 64 ح 1721 و 3 / 167 ح 3622 مرسلا. [814] 7 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد وسهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن يونس بن يعقوب، عن حماد [بن واقد] اللحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لو أن رجلا أنفق ما في يديه في سبيل من سبيل الله ما كان أحسن ولا وفق، أليس يقول الله تعالى: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين) (4) يعني المقتصدين (5). [815] 8 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن مروك بن عبيد،
(1) الكافي: 4 / 52. (2) الكافي: 4 / 53. (3) الكافي: 4 / 53. (4) سورة البقرة: 195. (5) الكافي: 4 / 53. 392 عن أبيه عبيد قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): يا عبيد إن السرف يورث الفقر، وإن القصد يورث الغنى (1). [816] 9 - الكليني، عن علي بن محمد، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن علي، عن محمد بن الفضيل، عن موسى بن بكر قال: قال أبو الحسن (عليه السلام): ما عال امرؤ في اقتصاد (2). يعني ما افتقر مع القصد. والرواية معتبرة الإسناد، وذكرها الصدوق في الفقيه: 2 / 64 ح 1720 مرسلا. [817] 10 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد جميعا، عن عثمان بن عيسى، عن إسحاق بن عبد العزيز، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) انه قال له: إنا نكون في طريق مكة فنريد الإحرام فنطلي ولا تكون معنا نخالة نتدلك بها من النورة فنتدلك بالدقيق وقد دخلني من ذلك ما الله أعلم به، فقال: أمخافة الإسراف؟ قلت: نعم، فقال: ليس فيما أصلح البدن إسراف، إني ربما أمرت بالنقي فيلت بالزيت فأتدلك به، إنما الإسراف فيما أفسد المال وأضر بالبدن، قلت: فما الإقتار؟ قال: أكل الخبز والملح وأنت تقدر على غيره، قلت: فما القصد؟ قال: الخبز واللحم واللبن والخل والسمن مرة هذا ومرة هذا (3). [818] 11 - الكليني، عن أحمد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن علي الصيرفي، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من اقتصد في معيشته رزقه الله، ومن بذر حرمه الله (4). [819] 12 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن حسان،
(1) الكافي: 4 / 53. (2) الكافي: 4 / 53. (3) الكافي: 4 / 53. (4) الكافي: 4 / 54. 393 عن موسى بن بكر قال: سمعت أبا الحسن موسى (عليه السلام) يقول: الرفق نصف العيش وما عال امرء في اقتصاده (1). [820] 13 - الصدوق بسنده، عن صفوان بن يحيى ومحمد بن أبي عمير، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال:... استنزلوا الرزق بالصدقة، من أيقن بالخلف جاد بالعطية، إن الله تبارك وتعالى ينزل المعونة على قدر المؤونة، حصنوا أموالكم بالزكاة، التقدير نصف العيش، ما عال امرء اقتصد، قلة العيال أحد اليسارين... (2). الرواية معتبرة الإسناد. [821] 14 - الصدوق في وصية أمير المؤمنين (عليه السلام) لابنه محمد الحنفية:... والاقتصاد ينمي اليسير... (3). [822] 15 - الصدوق بسنده الصحيح إلى عبد الله بن أبى يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام) انه قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: ما من نفقة أحب إلى الله عز وجل من نفقة قصد، ويبغض الإسراف إلا في الحج والعمرة، فرحم الله مؤمنا كسب طيبا وأنفق من قصد أو قدم فضلا (4). الرواية صحيحة الإسناد. [823] 16 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: ما عال من اقتصد (5). [824] 17 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال في خطبة يصف فيها المتقين:... فالمتقون فيها هم أهل الفضائل: منطقهم الصواب وملبسهم الاقتصاد... (6).
(1) الكافي: 4 / 54. (2) الفقيه: 4 / 416 ح 5904. (3) الفقيه: 4 / 391. (4) الفقيه: 3 / 167 ح 3621. (5) نهج البلاغة: الحكمة 140. (6) نهج البلاغة: الخطبة 193. 394 [825] 18 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه كتب: فدع الإسراف مقتصدا، واذكر في اليوم غدا، وأمسك من المال بقدر ضرورتك، وقدم الفضل ليوم حاجتك (1). [826] 19 - الشيخ الطوسي بسنده إلى الحسين بن أبي غندر قال: سمعت رجلا يقول لأبي عبد الله (عليه السلام): بلغني أن الاقتصاد والتدبير في معيشة نصف الكسب، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): لا بل هو الكسب كله، ومن الدين التدبير في المعيشة (2). [827] 20 - الآمدي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: من صحب الاقتصاد دامت صحبة الغنى له وجبر الاقتصاد فقره وخلله (3).
(1) نهج البلاغة: الكتاب: 21. (2) أمالي الطوسي: المجلس السادس والثلاثون ح 17 / 670 الرقم 1410. (3) غرر الحكم: ح 9165. 395 الاكتساب [828] 1 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال قلت للرضا (عليه السلام): جعلت فداك ادع الله عز وجل أن يرزقني الحلال؟ فقال: أتدري ما الحلال؟ قلت: الذي عندنا الكسب الطيب، فقال: كان علي بن الحسين (عليه السلام) يقول: الحلال هو قوت المصطفين. ثم قال: قل: أسألك من رزقك الواسع (1). الرواية صحيحة الإسناد، وذكر نحوها أيضا في الكافي: 5 / 89. [829] 2 - الكليني، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن أبي زهرة، عن ام الحسن قال: مر بي أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: أي شيء تصنعين يا ام الحسن؟ قلت: أغزل، فقال: أما إنه أحل الكسب - أو من أحل الكسب - (2). [830] 3 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن معمر بن خلاد وعلي بن محمد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن عيسى جميعا، عن معمر بن خلاد، عن أبي الحسن الثاني (عليه السلام) قال: نظر أبو جعفر (عليه السلام) إلى رجل وهو يقول: اللهم إني أسألك من رزقك الحلال، فقال: أبو جعفر (عليه السلام): سألت قوت النبيين، قل: اللهم إني أسألك رزقا واسعا طيبا من رزقك (3). الرواية صحيحة الإسناد.
(1) الكافي: 2 / 552. (2) الكافي: 5 / 311. (3) الكافي: 5 / 89. 396 [831] 4 - الكليني، عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد الكندي، عن أحمد بن عديس، عن أبان بن عثمان، عن أبي الصباح قال: سمعت كلاما يروى عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعن علي (عليه السلام) وعن ابن مسعود فعرضته على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: هذا قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أعرفه. قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):... شر الكسب كسب الربا وشر المآكل أكل مال اليتيم و... (1). [832] 5 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي الصباح الكناني قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فدخل عليه شيخ فقال: يا أبا عبد الله أشكو إليك ولدي وعقوقهم وإخواني وجفاهم عند كبر سني، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): يا هذا ان للحق دولة وللباطل دولة، وكل واحد منهما في دولة صاحبه ذليل، وإن أدنى ما يصيب المؤمن في دولة الباطل العقوق من ولده والجفاء من إخوانه، وما من مؤمن يصيبه شيئا من الرفاهية في دولة الباطل إلا ابتلي قبل موته إما في بدنه وإما في ولده وإما في ماله حتى يخلصه الله مما اكتسب في دولة الباطل ويوفر له حظه في دولة الحق، فاصبر وأبشر (2). الرواية صحيحة الإسناد. [833] 6 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى، عمن حدثه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت: آيتان في كتاب الله عز وجل أطلبهما فلا أجدهما، قال: وما هما؟ قلت: قول الله عز وجل: (ادعوني استجب لكم) (3) فندعوه ولا نرى إجابة، قال: أفترى الله عز وجل أخلف وعده؟ قلت: لا، قال: فمم ذلك؟ قلت: لا أدري، قال: لكني أخبرك من أطاع الله عز وجل فيما أمره ثم دعاه من جهة الدعاء
(1) الكافي: 8 / 81 ح 39. (2) الكافي: 2 / 447. (3) سورة غافر: 60. 397 أجابه، قلت: وما جهة الدعاء؟ قال: تبدأ فتحمد الله وتذكر نعمه عندك ثم تشكره ثم تصلي على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم تذكر ذنوبك فتقر بها ثم تستعيذ منها فهذا جهة الدعاء. ثم قال: وما الآية الاخرى؟ قلت: قول الله عز وجل: (وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين) (1) وإني أنفق ولا أرى خلفا؟ قال: أفترى الله عز وجل أخلف وعده؟ قلت: لا، قال: فمم ذلك؟ قلت: لا أدري، قال: لو أن أحدكم اكتسب المال من حله وأنفقه في حله لم ينفق درهما إلا أخلف عليه (2). [834] 7 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن أبي الحسن (عليه السلام) يعني الأول قال: سمعته يقول: من أخرج زكاة ماله تامة فوضعها في موضعها لم يسأل من أين اكتسب ماله (3). الرواية صحيحة الإسناد. [835] 8 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا اكتسب الرجل مالا من غير حله ثم حج فلبى نودي: لا لبيك ولا سعديك، وإن كان من حله فلبى نودي: لبيك وسعديك (4). [836] 9 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن سماعة قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل أصاب مالا من عمل بني امية وهو يتصدق منه ويصل منه قرابته ويحج ليغفر له ما اكتسب وهو يقول: (إن الحسنات يذهبن السيئات) (5) فقال أبو عبد الله (عليه السلام): ان الخطيئة لا تكفر الخطيئة
(1) سورة الزمر: 39. (2) الكافي: 2 / 486. (3) الكافي: 3 / 504. (4) الكافي: 5 / 124. (5) سورة سبأ: 39. 398 ولكن الحسنة تحط الخطيئة، ثم قال: إن كان خلط الحلال بالحرام فاختلطا جميعا فلا يعرف الحلال من الحرام فلا بأس (1). الرواية معتبرة الإسناد. [837] 10 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن السياري، عن أبي سليمان الخواص، عن الفضل بن دكين، عن سدير الصيرفي قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) وعلي نعل بيضاء فقال: يا سدير ما هذه النعل احتذيتها على علم؟ قلت: لا والله جعلت فداك، فقال: من دخل السوق قاصدا لنعل بيضاء لم يبلها حتى يكتسب مالا من حيث لا يحتسب. قال أبو نعيم: أخبرني سدير انه لم يبل تلك النعل حتى اكتسب مائة دينار من حيث لا يحتسب (2). [838] 11 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن الحسن بن السري، عن أبي مريم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مر بنا ذات يوم ونحن في نادينا وهو على ناقته وذلك حين رجع من حجة الوداع فوقف علينا فسلم فرددنا عليه السلام ثم قال: مالي أرى حب الدنيا قد غلب على كثير من الناس، حتى كأن الموت في هذه الدنيا على غيرهم كتب، وكأن الحق في هذه الدنيا على غيرهم وجب، وحتى كأن لم يسمعوا ويروا من خبر الأموات قبلهم، سبيلهم سبيل قوم سفر عما قليل إليهم راجعون، بيوتهم أجداثهم ويأكلون تراثهم فيظنون أنهم مخلدون بعدهم، هيهات هيهات أما يتعظ آخرهم بأولهم، لقد جهلوا ونسوا كل واعظ في كتاب الله، وآمنوا شر كل عاقبة سوء، ولم يخافوا نزول فادحة وبوائق حادثة، طوبى لمن شغله خوف الله عز وجل عن خوف الناس، طوبى لمن منعه عيبه عن عيوب المؤمنين من اخوانه، طوبى لمن تواضع لله عز ذكره
(1) الكافي: 5 / 126. (2) الكافي: 6 / 465. 399 وزهد فيما أحل الله له من غير رغبة عن سيرتي ورفض زهرة الدنيا من غير تحول عن سنتي واتبع الأخيار من عترتي من بعدي، وجانب أهل الخيلاء والتفاخر والرغبة في الدنيا المبتدعين خلاف سنتي العاملين بغير سيرتي، طوبى لمن اكتسب من المؤمنين مالا من غير معصية فأنفقه في غير معصية وعاد به على أهل المسكنة، طوبى لمن حسن مع الناس خلقه وبذلك لهم معونته وعدل عنهم شره، طوبى لمن أنفق القصد وبذل الفضل وأمسك قوله عن الفضول وقبيح الفعل (1). [839] 12 - قال الصدوق: وقال الرضا (عليه السلام): من حج بثلاثة من المؤمنين فقد اشترى نفسه من الله عز وجل بالثمن ولم يسأله من أين اكتسب ماله من حلال أو حرام (2). [840] 13 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: إن أعظم الحسرات يوم القيامة حسرة رجل كسب مالا في غير طاعة الله فورثه رجل فأنفقه في طاعة الله سبحانه فدخل به الجنة ودخل الأول به النار (3). [841] 14 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: يا بن آدم ما كسبت فوق قوتك فأنت فيه خازن لغيرك (4). [842] 15 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه يعظ الناس ويقول:... قد اصطلحتم على الغل فيما بينكم ونبت المرعى على دمنكم وتصافيتم على حب الآمال وتعاديتم في كسب الأموال، لقد استهام بكم الخبيث وتاه بكم الغرور والله المستعان على نفسي وأنفسكم (5). [843] 16 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال:... أين أخياركم
(1) الكافي: 8 / 168. (2) الفقيه: 2 / 216 ح 2208. (3) نهج البلاغة: الحكمة 429. (4) نهج البلاغة: الحكمة 192. (5) نهج البلاغة: الخطبة 133. 400 وصلحاؤكم؟ وأين أحراركم وسمحاؤكم؟ وأين المتورعون في مكاسبهم والمتنزهون في مذاهبهم... (1). [844] 17 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال في وصيته إلى نجله الحسن (عليه السلام):... واعلم يقينا أنك لن تبلغ أملك ولن تعدو أجلك وأنك في سبيل من كان قبلك، فخفض في الطلب وأجمل في المكتسب فانه رب طلب قد جر إلى حرب، فليس كل طالب بمرزوق ولا كل مجمل بمحروم... (2). [845] 18 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: طوبى لمن ذل في نفسه وطاب كسبه وصلحت سريرته وحسنت خليقته وأنفق الفضل من ماله وأمسك الفضل من لسانه وعزل عن الناس شره ووسعته السنة ولم ينسب إلى البدعة (3). [846] 19 - الطوسي بسنده، عن محمد بن علي بن محبوب، عن محمد بن الحسين، عن عبد الله بن القاسم الحضرمي، عن عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): على كل إمرىء غنم أو اكتسب الخمس مما أصاب لفاطمة (عليها السلام) ولمن يلي أمرها من بعدها من ذريتها الحجج على الناس، فذاك لهم خاصة يضعونه حيث شاؤوا إذ حرم عليهم الصدقة، حتى الخياط ليخيط قميصا بخمسة دوانيق فلنا منها دانق إلا من أحللنا من شيعتنا لتطيب لهم به الولادة، انه ليس من شيء عند الله يوم القيامة أعظم من الزنا، انه ليقوم صاحب الخمس فيقول: يا رب سل هؤلاء بما أبيحوا (4). [847] 20 - المجلسي رفعه إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: قال الله عز وجل: من لم يبال من أي باب اكتسب الدينار والدرهم لم أبال يوم القيامة من أي أبواب النار أدخلته (5).
(1) نهج البلاغة: الخطبة 129. (2) نهج البلاغة: الكتاب 31. (3) نهج البلاغة: الحكمة 123. (4) التهذيب: 4 / 122 ح 5. (5) بحار الأنوار: 100 / 11 ح 49. 401 الإكرام [848] 1 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن فضيل، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قيل لأمير المؤمنين (عليه السلام): من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان مؤمنا؟ قال: فأين فرائض الله؟! قال: وسمعته يقول: كان علي (عليه السلام) يقول: لو كان الإيمان كلاما لم ينزل فيه صوم ولا صلاة ولا حلال ولا حرام. قال: وقلت لأبي جعفر (عليه السلام): ان عندنا قوما يقولون: إذا شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فهو مؤمن، قال: فلم يضربون الحدود ولم تقطع أيديهم؟! وما خلق الله عز وجل خلقا أكرم على الله عز وجل من المؤمن لأن الملائكة خدام المؤمنين وأن جوار الله للمؤمنين وأن الجنة للمؤمنين وأن الحور العين للمؤمنين، ثم قال: فما بال من جحد الفرائض كان كافرا؟! (1). الرواية صحيحة الإسناد. [849] 2 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن يونس، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من أتاه أخوه المسلم فأكرمه فإنما أكرم الله عز وجل (2). الرواية صحيحة.
(1) الكافي: 2 / 33. (2) الكافي: 2 / 206. 402 [850] 3 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن بكر بن صالح، عن الحسن بن علي، عن عبد الله بن جعفر بن إبراهيم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من أكرم أخاه المسلم بكلمة يلطفه بها وفرج عنه كربته لم يزل في ظل الله الممدود عليه الرحمة ما كان في ذلك (1). [851] 4 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: قال الله عز وجل: ليأذن بحرب مني من آذى عبدي المؤمن، وليأمن غضبي من أكرم عبدي المؤمن، ولو لم يكن من خلقي في الأرض فيما بين المشرق والمغرب إلا مؤمن واحد مع إمام عادل لاستغنيت بعبادتهما عن جميع ما خلقت في أرضي ولقامت سبع سماوات وأرضين بهما ولجعلت لهما من إيمانهما أنسا لا يحتاجان إلى انس سواهما (2). الرواية صحيحة الإسناد. [852] 5 - الكليني، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن أبي نهشل، عن عبد الله ابن سنان قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): من إجلال الله عز وجل إجلال المؤمن ذي الشيبة، ومن أكرم مؤمنا بكرامة الله بدأ ومن استخف بمؤمن ذي شيبة أرسل الله إليه من يستخف به قبل موته (3). [853] 6 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن أبي ولاد الحناط، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: جعلت فداك يروون أن أرواح المؤمنين في حواصل طيور خضر حول العرش؟ فقال: لا، المؤمن أكرم على الله من أن يجعل روحه في حوصلة طير ولكن في أبدان كأبدانهم (4).
(1) الكافي: 2 / 206. (2) الكافي: 2 / 350. (3) الكافي: 2 / 658. (4) الكافي: 3 / 244. 403 الرواية صحيحة. [854] 7 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن جميل، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: ان الله أكرم بالجمعة المؤمنين فسنها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بشارة لهم، والمنافقين توبيخا للمنافقين، ولا ينبغي تركها، فمن تركها متعمدا فلا صلاة له (1). الرواية صحيحة الإسناد. [855] 8 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن إسحاق بن عمار، عن الوصافي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان فيما ناجى الله عز وجل به موسى (عليه السلام) قال: يا موسى أكرم السائل ببذل يسير أو برد جميل لأنه يأتيك من ليس بإنس ولا جان، ملائكة من ملائكة الرحمن يبلونك فيما خولتك ويسألونك عما نولتك، فانظر كيف أنت صانع يا ابن عمران (2). [856] 9 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الأشعري، عن عبد الله بن القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: دخل رجلان على أمير المؤمنين (عليه السلام) فألقى لكل واحد منهما وسادة فقعد عليها أحدهما وأبى الآخر، فقال: يا أمير المؤمنين (عليه السلام): اقعد عليها فإنه لا يأبى الكرامة إلا حمار. ثم قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه (3). [857] 10 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه (4). الرواية معتبرة الإسناد.
(1) الكافي: 3 / 425. (2) الكافي: 4 / 15. (3) الكافي: 2 / 659. (4) الكافي: 2 / 659. 404 [858] 11 - الصدوق بسنده إلى مناهي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال:... ألا ومن استخف بفقير مسلم فلقد استخف بحق الله، والله يستخف به يوم القيامة إلا أن يتوب. وقال: من أكرم فقيرا مسلما لقي الله عز وجل يوم القيامة وهو عنه راض... ألا ومن أكرم أخاه المسلم فإنما يكرم الله عز وجل... (1). [859] 12 - الصدوق قال: وروى يونس بن ظبيان، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) قال: الاشتهار بالعبادة ريبة، ان أبي حدثني عن أبيه عن جده (عليهم السلام) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال:... وأكرم الناس أتقاهم (2). [860] 13 - الصدوق بإسناده عن علي بن مهزيار، عن الحسين بن سعيد، عن الحارث بن محمد بن نعمان الأحول صاحب الطاق، عن جميل بن صالح، عن أبي عبد الله الصادق عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من أحب أن يكون أكرم الناس فليتق الله (3). الرواية حسنة سندا. [861] 14 - الطوسي بسنده المتصل إلى وصية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لأبي ذر:... يا أبا ذر: إن من إجلال الله إكرام العلم والعلماء وذي الشيبة المسلم وإكرام حملة القرآن وإكرام السلطان المقسط... (4).
(1) الفقيه: 4 / 13 و 16. (2) الفقيه: 4 / 395. (3) الفقيه: 4 / 400 ح 5858. (4) أمالي الطوسي: المجلس التاسع عشر ح 1 / 535. 405 الأكل الأكل في آنية الذهب والفضة [862] 1 - الكليني، عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن داود بن سرحان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا تأكل في آنية الذهب والفضة (1). الرواية صحيحة الإسناد. [863] 2 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا تأكل في آنية من فضة ولا في آنية مفضضة (2). الرواية صحيحة الإسناد. [864] 3 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن حسان، عن موسى بن بكر، عن أبى الحسن موسى (عليه السلام) قال: آنية الذهب والفضة متاع الذين لا يوقنون (3). الروايات في هذا المجال كثيرة فإن شئت راجع الكافي: 6 / 267، والفقيه: 3 / 352، ووسائل الشيعة: 3 / 505، ومستدرك الوسائل: 2 / 596. والأخيران من طبع آل البيت (عليهم السلام).
(1) الكافي: 6 / 267. (2) الكافي: 6 / 267. (3) الكافي: 6 / 268. 406 حرمة الأكل على مائدة يشرب عليها الخمر [865] 1 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن هارون بن الجهم قال: كنا مع أبي عبد الله (عليه السلام) بالحيرة حين قدم على أبي جعفر المنصور فختن بعض القواد ابنا له وصنع طعاما ودعا الناس وكان أبو عبد الله (عليه السلام) فيمن دعي فبينا هو على المائدة يأكل ومعه عدة على المائدة فاستسقى رجل منهم ماء فأتي بقدح فيه شراب لهم فلما صار القدح في يد الرجل قام أبو عبد الله (عليه السلام) عن المائدة، فسئل عن قيامه فقال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ملعون من جلس على مائدة يشرب عليها الخمر. وفي رواية اخرى: ملعون ملعون من جلس طائعا على مائدة يشرب عليها الخمر (1). الرواية صحيحة الإسناد. [866] 2 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جراح المدائني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يأكل على مائدة يشرب عليها الخمر (2). كثرة الأكل [867] 1 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): بئس العون على الدين قلب نخيب وبطن رغيب ونعظ شديد (3).
(1) الكافي: 6 / 268. (2) الكافي: 6 / 268. (3) الكافي: 6 / 269. 407 الرواية معتبرة الإسناد. النخيب: الجبان. الرغيب: الواسع. الانعاظ: الشبق يعني الميل الشديد إلى الجماع. [868] 2 - بهذا الإسناد قال أبو ذر (رحمه الله): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أطولكم جشاء في الدنيا أطولكم جوعا في الآخرة - أو قال: يوم القيامة - (1). [869] 3 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن عيسى اليقطيني، عن عبيد الله الدهقان، عن درست، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الأكل على الشبع يورث البرص (2). [870] 4 - الكليني، عن العدة، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن علي، عن ابن سنان، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كل داء من التخمة ما خلا الحمى فإنها ترد ورودا (3). [871] 5 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إذا شبع البطن طغى (4). [872] 6 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): ما من شيء أبغض إلى الله عز وجل من بطن مملوء (5). [873] 7 - المجلسي رفعه إلى جعفر بن محمد (عليه السلام) انه قال: لو اقتصد الناس في المطعم لاستقامت أبدانهم (6).
(1) الكافي: 6 / 269. (2) الكافي: 6 / 269. (3) الكافي: 6 / 269. (4) الكافي: 6 / 270. (5) الكافي: 6 / 270. (6) بحار الأنوار: 59 / 266 ح 36. 408 الأكل متكئا [874] 1 - الكليني، عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أبان بن عثمان، عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما أكل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) متكئا منذ بعثه الله عز وجل إلى أن قبضه، وكان يأكل أكلة العبد ويجلس جلسة العبد، قلت: ولم ذلك؟ قال: تواضعا لله عز وجل (1). الرواية صحيحة الإسناد. [875] 2 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن الحسن الصيقل قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: مرت امرأة بذية برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يأكل وهو يجلس على الحضيض، فقالت: يا محمد إنك لتأكل أكل العبد وتجلس جلوسه، فقال لها (صلى الله عليه وآله وسلم): إني عبد وأي عبد أعبد مني، قالت: فناولني لقمة من طعامك، فناولها، فقالت: لا والله إلا الذي في فيك، فأخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اللقمة من فيه فناولها فأكلتها. قال أبو عبد الله (عليه السلام): فما أصابها بذاء حتى فارقت الدنيا (2). الرواية صحيحة الإسناد. البذاء: العيب. [876] 3 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبي المغرا، عن هارون بن خارجة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان رسول الله يأكل أكل العبد ويجلس جلسة العبد ويعلم أنه عبد (3). الرواية صحيحة. [877] 4 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عثمان بن
(1) الكافي: 6 / 270. (2) الكافي: 6 / 271. (3) الكافي: 6 / 271. 409 عيسى، عن سماعة قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يأكل متكئا، فقال: لا ولا منبطحا (1). الرواية موثقة. بطحه: ألقاه على وجهه فانبطح. [878] 5 - الكليني، عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة قال: سأل بشير الدهان أبا عبد الله (عليه السلام) وأنا حاضر فقال: هل كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يأكل متكئا على يمينه وعلى يساره؟ فقال: ما كان رسول الله يأكل متكئا على يمينه ولا على يساره ولكن كان يجلس جلسة العبد، قلت: ولم ذلك؟ قال: تواضعا لله عز وجل (2). أكل الرجل في منزل أخيه بغير إذنه [879] 1 - الكليني، عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن مسكان، عن محمد الحلبي قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن هذه الآية: «ليس عليكم جناح أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم» إلى آخر الآية (3). قلت: ما يعني بقوله: أو صديقكم؟ قال: هو والله الرجل يدخل بيت صديقه فيأكل بغير إذنه (4). الرواية صحيحة الإسناد. [880] 2 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن صفوان، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل
(1) الكافي: 6 / 271. (2) الكافي: 6 / 271. (3) هذا مفاد الآية 61 من سورة النور لا لفظها، أما نص الآية فهو: (ليس على الأعمى حرج... ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو...). (4) الكافي: 6 / 277. 410 (أو ما ملكتم مفاتحه أو صديقكم) (1) قال: هؤلاء الذين سمى الله عز وجل في هذه الآية تأكل بغير إذنهم من التمر والمأدوم وكذلك تطعم المرأة من منزل زوجها بغير إذنه، فأما ما خلا ذلك من الطعام فلا (2). الرواية صحيحة الإسناد. جودة الأكل في منزل الأخ المؤمن [881] 1 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم قال: دخلنا مع ابن أبي يعفور على أبي عبد الله (عليه السلام) ونحن جماعة فدعا بالغداء فتغدينا وتغدى معنا، وكنت أحدث القوم سنا، فجعلت أقصر وأنا آكل، فقال لي: كل، أما علمت أنه تعرف مودة الرجل لأخيه بأكله من طعامه (3). الرواية صحيحة الإسناد. [882] 2 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عمر بن عبد العزيز، عن رجل، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: أكلنا مع أبي عبد الله (عليه السلام) فأوتينا بقصعة من أرز فجعلنا نعذر فقال (عليه السلام): ما صنعتم شيئا، إن أشدكم حبا لنا أحسنكم أكلا عندنا. قال عبد الرحمن: فرفعت كسحة المائدة فأكلت، فقال: نعم الآن، وأنشأ يحدثنا أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أهدي إليه قصعة أرز من ناحية الأنصار فدعا سلمان والمقداد وأبا ذر رضي الله عنهم فجعلوا يعذرون في الأكل، فقال: ما صنعتم شيئا، أشدكم حبا لنا أحسنكم أكلا عندنا، فجعلوا يأكلون أكلا جيدا. ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام) رحمهم الله ورضي الله عنهم وصلى عليهم (4).
(1) سورة النور: 61. (2) الكافي: 6 / 277. (3) الكافي: 6 / 278. (4) الكافي: 6 / 278. 411 [883] 3 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن يونس بن يعقوب، عن عيسى بن أبي منصور قال: أكلت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فجعل يلقي بين يدي الشواء، ثم قال: يا عيسى إنه يقال: اعتبر حب الرجل بأكله من طعام أخيه (1). الرواية صحيحة الإسناد. الشواء: فعال بمعنى المفعول أي المشوي. [884] 4 - الكليني، عن علي بن محمد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عدة من أصحابه، عن يونس بن يعقوب، عن عبد الله بن سليمان الصيرفي قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فقدم إلينا طعاما فيه شواء وأشياء بعده ثم جاء بقصعة فيها أرز فأكلت معه، فقال: كل، قلت: قد أكلت، فقال: كل فإنه يعتبر حب الرجل لأخيه بانبساطه في طعامه، ثم حاز لي حوزا بإصبعه من القصعة فقال لي: لتأكلن ذا بعدما قد أكلت، فأكلته (2). [885] 5 - الكليني، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن إسماعيل بن مهران، عن سيف ابن عميرة، عن أبي المغرا العجلي، قال: حدثني عنبسة بن مصعب قال: أتينا أبا عبد الله (عليه السلام) وهو يريد الخروج إلى مكة، فأمر بسفرة فوضعت بين أيدينا فقال: كلوا، فأكلنا فقال: أثبتم أثبتم، انه كان يقال: اعتبر حب القوم بأكلهم. قال: فأكلنا وقد ذهبت الحشمة (3). وفي هذا المجال راجع بحار الأنوار: 72 / 448، وكتابنا ألف حديث في المؤمن: 162.
(1) الكافي: 6 / 278. (2) الكافي: 6 / 279. (3) الكافي: 6 / 279. 412 الأكل مع الضيف [886] 1 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ابن القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أكل مع قوم طعاما كان أول من يضع يده وآخر من يرفعها ليأكل القوم (1). الرواية صحيحة الإسناد. [887] 2 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عمر بن عبد العزيز، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: إن الزائر إذا زار المزور فأكل معه ألقى عنه الحشمة وإذا [لم (2)] يأكل معه ينقبض قليلا (3). [888] 3 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن سليمان بن حفص، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان إذا أتاه الضيف أكل معه ولم يرفع يده من الخوان حتى يرفع الضيف [يده] (4). الرواية معتبرة الإسناد. أكل ما يسقط من الخوان [889] 1 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): كلوا ما يسقط من الخوان فانه شفاء من كل داء بإذن الله عز وجل لمن أراد أن يستشفي به (5).
(1) الكافي: 6 / 285. (2) ليس في المصدر ولكن يقتضيه السياق. (3) الكافي: 6 / 286. (4) الكافي: 6 / 286. (5) الكافي: 6 / 299. 413 الرواية معتبرة الإسناد. [890] 2 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن أبان بن عثمان، عن داود بن كثير قال: تعشيت عند أبي عبد الله (عليه السلام) عتمة فلما فرغ من عشائه حمد الله عز وجل وقال: هذا عشائي وعشاء آبائي، فلما رفع الخوان تقمم ما سقط منه ثم ألقاه إلى فيه (1). الرواية حسنة. [891] 3 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن علي، عن إبراهيم بن مهزم، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: شكا رجل إلى أبي عبد الله (عليه السلام) ما يلقي من وجع الخاصرة، فقال: ما يمنعك من أكل ما يقع من الخوان (2). الرواية صحيحة الإسناد. [892] 4 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن معمر بن خلاد قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول: من أكل في منزله طعاما فسقط منه شيء فليتناوله، ومن أكل في الصحراء أو خارجا فليتركه للطير والسبع (3). الرواية صحيحة الإسناد. الأكل مع الأهل والخادم [893] 1 - الكليني، عن أحمد بن محمد، عن نوح بن شعيب، عن ياسر الخادم ونادر جميعا قالا: قال لنا أبو الحسن (عليه السلام): إن قمت على رؤوسكم وأنتم تأكلون فلا تقوموا حتى تفرغوا، ولربما دعا بعضنا فيقال له: هم يأكلون، فيقول: دعهم حتى يفرغوا (4).
(1) الكافي: 6 / 300. (2) الكافي: 6 / 300. (3) الكافي: 6 / 300. (4) الكافي: 6 / 298. 414 [894] 2 - الكليني قال: وروي عن نادر الخادم قال: كان أبو الحسن (عليه السلام) إذا أكل أحدنا لا يستخدمه حتى يفرغ من طعامه (1). [895] 3 - الكليني قال: وروى نادر الخادم قال: كان أبو الحسن (عليه السلام) يضع جوزينجة على الاخرى ويناولني (2). المراد بأبي الحسن في الروايات الثلاث هو علي بن موسى الرضا (عليه السلام). وجوزينجة: ما يعمل من السكر والجوز. وإن شئت أكثر من هذا فراجع بحار الأنوار: 63 / 350. الأكل على الجنابة يورث الفقر [896] 1 - الصدوق قال: وروي أن الأكل على الجنابة يورث الفقر (3). [897] 2 - الصدوق بسنده إلى مناهي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن الأكل على الجنابة وقال: انه يورث الفقر (4). الأكل من تربة الحسين (عليه السلام) [898] 1 - ابن قولويه قال: حدثني محمد بن يعقوب وجماعة مشايخي، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبي يحيى الواسطي، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الطين كله حرام كلحم الخنزير، ومن أكله ثم مات منه لم أصل عليه، إلا طين قبر الحسين (عليه السلام) فإن فيه شفاء من كل داء، ومن أكله بشهوة لم يكن فيه شفاء (5).
(1) الكافي: 6 / 298. (2) الكافي: 6 / 298. (3) الفقيه: 1 / 83 ح 178. (4) الفقيه: 4 / 3 ح 4968. (5) كامل الزيارات: 285 ح 1. 415 [899] 2 - ابن قولويه، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن عباد بن سليمان، عن سعد بن سعد قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الطين، قال: فقال: أكل الطين حرام مثل الميتة والدم ولحم الخنزير، إلا طين قبر الحسين (عليه السلام) فإن فيه شفاء من كل داء وأمنا من كل خوف (1). الروايات في هذا المعنى متظافرة بل متواترة.
(1) كامل الزيارات: 285 ح 2. 416 الإلطاف [900] 1 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عمر بن عبد العزيز، عن جميل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: إن مما خص الله عز وجل به المؤمن أن يعرفه بر إخوانه وإن قل، وليس البر بالكثرة، وذلك أن الله عز وجل يقول في كتابه (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) (ثم قال:) (ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون) (1) ومن عرفه الله عز وجل بذلك أحبه الله ومن أحبه الله تبارك وتعالى وفاه أجره يوم القيامة بغير حساب. ثم قال: يا جميل إرو هذا الحديث لإخوانك فانه ترغيب في البر (2). [901] 2 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن نصر بن إسحاق، عن الحارث بن النعمان، عن الهيثم بن حماد، عن أبي داود، عن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما في أمتي عبد ألطف أخاه في الله بشيء من لطف إلا أخدمه الله من خدم الجنة (3). [902] 3 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن المفضل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن المؤمن ليتحف أخاه التحفة، قلت: وأي شيء التحفة؟ قال: من مجلس ومتكأ وطعام وكسوة وسلام،
(1) سورة الممتحنة: 10. (2) الكافي: 2 / 206. (3) الكافي: 2 / 206. 417 فتطاول الجنة مكافاة له ويوحي الله عز وجل إليها: أني قد حرمت طعامك على أهل الدنيا إلا على نبي أو وصي نبي، فإذا كان يوم القيامة أوحى الله عز وجل إليها: أن كافئي أوليائي بتحفهم، فيخرج منها وصفاء ووصائف معهم أطباق مغطاة بمناديل من لؤلؤ، فإذا نظروا إلى جهنم وهولها وإلى الجنة وما فيها طارت عقولهم وامتنعوا أن يأكلوا، فينادي مناد من تحت العرش: إن الله عز وجل قد حرم جهنم على من أكل من طعام جنته، فيمد القوم أيديهم فيأكلون (1). وفي هذا المجال راجع كتابنا ألف حديث في المؤمن: 110.
(1) الكافي: 2 / 207. 418 إماطة الأذى عن الطريق [903] 1 - الصدوق، عن الخليل بن أحمد السجزي، عن ابن معاذ، عن الحسين المروزي، عن عبد الله، عن يحيى بن عبيد الله قال: سمعت أبي يقول: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): دخل عبد الجنة بغصن من شوك كان على طريق المسلمين فأماطه عنه (1). [904] 2 - الطوسي بإسناده عن أبي قلابة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):... من أماط عن طريق المسلمين ما يؤذيهم كتب الله له أجر قراءة أربعمائة آية كل حرف منها بعشر حسنات... الحديث (2). [905] 3 - الطوسي، عن أحمد بن عبدون، عن علي بن محمد بن الزبير، عن علي بن فضال، عن العباس بن عامر، عن أحمد بن رزق الغمشاني، عن أبي اسامة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:... لقد كان علي بن الحسين (عليه السلام) يمر على المدرة في وسط الطريق فينزل عن دابته حتى ينحيها بيده عن الطريق... الحديث (3). [906] 4 - الراوندي رفعه إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) انه قال: إن على كل مسلم في كل يوم صدقة، قيل: من يطيق ذلك؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): إماطتك الأذى عن الطريق صدقة، وإرشادك الرجل إلى الطريق صدقة، وعيادتك المريض صدقة، وأمرك بالمعروف صدقة، ونهيك عن المنكر صدقة، وردك السلام صدقة (4).
(1) الخصال: 1 / 32 ح 111. (2) أمالي الطوسي: المجلس السابع ح 8 / 182 الرقم 306. (3) أمالي الطوسي: المجلس السادس والثلاثون ح 26 / 673 الرقم 1419. (4) الدعوات: 98، ونقل عنه في بحار الأنوار: 72 / 50 ح 4. 419 الأمانة [907] 1 - الكليني، عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أحمد بن عمر قال: سألت الرضا (عليه السلام) عن قول الله عز وجل (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) (1) قال: هم الأئمة من آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يؤدي الإمام الأمانة إلى من بعده ولا يخص بها غيره ولا يزويها عنه (2). الرواية صحيحة الإسناد. [908] 2 - الكليني، عن الحسين بن محمد الأشعري، عن معلى بن محمد، عن منصور بن العباس، عن علي بن أسباط، عن يعقوب بن سالم، عن رجل، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لما قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بات آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بأطول ليلة حتى ظنوا أن لا سماء تظلهم ولا أرض تقلهم لأن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وتر الأقربين والأبعدين في الله، فبينا هم كذلك إذ أتاهم آت لا يرونه ويسمعون كلامه فقال: السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته، إن في الله عزاء من كل مصيبة ونجاة من كل هلكة ودركا لما فات (كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور) (3) ان الله اختاركم وفضلكم وطهركم وجعلكم أهل بيت نبيه واستودعكم علمه وأورثكم
(1) سورة النساء: 58. (2) الكافي: 1 / 276. (3) سورة آل عمران: 185. 420 كتابه وجعلكم تابوت علمه وعصا عزه وضرب لكم مثلا من نوره وعصمكم من الزلل وآمنكم من الفتن، فتعزوا بعزاء الله فإن الله لم ينزع منكم رحمته ولن يزيل عنكم نعمته، فأنتم أهل الله عز وجل الذين بهم تمت النعمة واجتمعت الفرقة وائتلفت الكلمة، وأنتم أولياؤه فمن تولاكم فاز ومن ظلم حقكم زهق، مودتكم من الله واجبة في كتابه على عباده المؤمنين، ثم الله على نصركم إذا يشاء قدير، فاصبروا لعواقب الامور فإنها إلى الله تصير، قد قبلكم الله من نبيه وديعة واستودعكم أولياءه المؤمنين في الأرض، فمن أدى أمانته أتاه الله صدقة فأنتم الأمانة المستودعة ولكم المودة الواجبة والطاعة المفروضة، وقد قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد أكمل لكم الدين وبين لكم سبيل المخرج، فلم يترك لجاهل حجة، فمن جهل أو تجاهل أو أنكر أو نسي أو تناسى فعلى الله حسابه والله من وراء حوائجكم، واستودعكم الله والسلام عليكم. فسألت أبا جعفر (عليه السلام) ممن أتاهم التعزية؟ فقال: من الله تبارك وتعالى (1). [909] 3 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله عز وجل خص رسله بمكارم الأخلاق فامتحنوا أنفسكم، فإن كانت فيكم فاحمدوا الله واعلموا أن ذلك من خير، وإن لا تكن فيكم فاسألوا الله وارغبوا إليه فيها، قال: فذكرها عشرة: اليقين والقناعة والصبر والشكر والحلم وحسن الخلق والسخاء والغيرة والشجاعة والمروة. قال: وروى بعضهم بعد هذه الخصال العشرة وزاد فيها: الصدق وأداء الأمانة (2). الرواية موثقة سندا. [910] 4 - الكليني، عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن سالم وأحمد بن أبي عبد الله،
(1) الكافي: 1 / 446. (2) الكافي: 2 / 56. 421 عن أبيه جميعا، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال لي: يا جابر أيكتفي من ينتحل التشيع أن يقول بحبنا أهل البيت؟! فوالله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه، وما كانوا يعرفون يا جابر إلا بالتواضع والتخشع والأمانة وكثرة ذكر الله والصوم والصلاة والبر بالوالدين والتعاهد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة والغارمين والأيتام وصدق الحديث وتلاوة القرآن وكف الألسن عن الناس إلا من خير وكانوا امناء عشائرهم في الأشياء، قال جابر: فقلت: يا ابن رسول الله ما نعرف اليوم أحدا بهذه الصفة، فقال: يا جابر لا تذهبن بك المذاهب حسب الرجل أن يقول: أحب عليا وأتولاه ثم لا يكون مع ذلك فعالا؟ فلو قال: إني أحب رسول الله فرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خير من علي (عليه السلام) ثم لا يتبع سيرته ولا يعمل بسنته ما نفعه حبه إياه شيئا، فاتقوا الله واعملوا لما عند الله، ليس بين الله وبين أحد قرابة، أحب العباد إلى الله عز وجل وأكرمهم عليه أتقاهم وأعملهم بطاعته، يا جابر والله ما يتقرب إلى الله تبارك وتعالى إلا بالطاعة وما معنا براءة من النار ولا على الله لأحد من حجة، من كان لله مطيعا فهو لنا ولي، ومن كان لله عاصيا فهو لنا عدو، وما تنال ولايتنا إلا بالعمل والورع (1). [911] 5 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن النعمان، عن أبي اسامة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: عليك بتقوى الله والورع والاجتهاد وصدق الحديث وأداء الأمانة وحسن الخلق وحسن الجوار، وكونوا دعاة إلى أنفسكم بغير ألسنتكم، وكونوا زينا ولا تكونوا شينا، وعليكم بطول الركوع والسجود فإن أحدكم إذا طال الركوع والسجود هتف إبليس من خلفه وقال: يا ويله أطاع وعصيت وسجد وأبيت (2).
(1) الكافي: 2 / 74. (2) الكافي: 2 / 77. 422 الرواية صحيحة الإسناد لأن المراد بأبي اسامة زيد بن يونس الشحام الكوفي الثقة. [912] 6 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي ولاد الحناط، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أربع من كن فيه كمل إيمانه وإن كان من قرنه إلى قدمه ذنوبا لم ينقصه ذلك، قال: وهو الصدق وأداء الأمانة والحياء وحسن الخلق (1). الرواية صحيحة الإسناد. [913] 7 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول: لا تستكثروا كثير الخير وتستقلوا قليل الذنوب فإن قليل الذنوب يجتمع حتى يصير كثيرا، وخافوا الله في السر حتى تعطوا من أنفسكم النصف، وسارعوا إلى طاعة الله وأصدقوا الحديث وأدوا الأمانة فإنما ذلك لكم، ولا تدخلوا فيما لا يحل لكم فإنما ذلك عليكم (2). الرواية موثقة سندا. [914] 8 - الكليني، عن محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان وأبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار جميعا، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن وهب قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): كيف ينبغي لنا أن نصنع فيما بيننا وبين قومنا وفيما بيننا وبين خلطائنا من الناس؟ قال: فقال: تؤدون الأمانة إليهم وتقيمون الشهادة لهم وعليهم وتعودون مرضاهم وتشهدون جنائزهم (3). الرواية صحيحة الإسناد، ومفاد الرواية كيفية المعاشرة مع العامة وتشهدها الرواية الآتية.
(1) الكافي: 2 / 99. (2) الكافي: 2 / 457. (3) الكافي: 2 / 635. 423 [915] 9 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن معاوية بن وهب قال قلت له: كيف ينبغي لنا أن نصنع فيما بيننا وبين قومنا وبين خلطائنا من الناس ممن ليسوا على أمرنا؟ قال: تنظرون إلى أئمتكم الذين تقتدون بهم فتصنعون ما يصنعون، فوالله إنهم ليعودون مرضاهم ويشهدون جنائزهم ويقيمون الشهادة لهم وعليهم ويؤدون الأمانة إليهم (1). الرواية صحيحة الإسناد. [916] 10 - الكليني، عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعا، عن صفوان بن يحيى، عن أبي اسامة زيد الشحام قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): اقرأ على من ترى انه يطيعني منهم ويأخذ بقولي السلام، وأوصيكم بتقوى الله عز وجل والورع في دينكم والاجتهاد لله وصدق الحديث وأداء الأمانة وطول السجود وحسن الجوار، فبهذا جاء محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) أدوا الأمانة إلى من ائتمنكم عليها برا أو فاجرا فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يأمر بأداء الخيط والمخيط، صلوا عشائركم وأشهدوا جنائزهم وعودوا مرضاهم وأدوا حقوقهم، فإن الرجل منكم إذا ورع في دينه وصدق الحديث وأدى الأمانة وحسن خلقه مع الناس قيل: هذا جعفري فيسرني ذلك ويدخل علي منه السرور وقيل: هذا أدب جعفر، وإذا كان على غير ذلك دخل علي بلاؤه وعاره وقيل: هذا أدب جعفر، فوالله لحدثني أبي (عليه السلام) أن الرجل كان يكون في القبيلة من شيعة علي (عليه السلام) فيكون زينها آداهم للأمانة وأقضاهم للحقوق وأصدقهم للحديث إليه وصاياهم وودائعهم تسأل العشيرة عنه فتقول: من مثل فلان إنه لآدانا للأمانة وأصدقنا للحديث (2). الرواية صحيحة الإسناد. المخيط: الإبرة.
(1) الكافي: 2 / 636. (2) الكافي: 2 / 636. 424 [917] 11 - الكليني، عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمار، عن حفص بن قرط قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): امرأة بالمدينة كان الناس يضعون عندها الجواري فتصلحهن وقلنا: ما رأينا مثل ما صب عليها من الرزق؟! فقال: إنها صدقت الحديث وأدت الأمانة وذلك يجلب الرزق. قال صفوان: وسمعته من حفص بعد ذلك (1). [918] 12 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ليس منا من أخلف بالأمانة. وقال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الأمانة تجلب الرزق والخيانة تجلب الفقر (2). الرواية معتبرة الإسناد. [919] 13 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: أدوا الأمانة ولو إلى قاتل ولد الأنبياء (3). الرواية حسنة. [920] 14 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله عز وجل لم يبعث نبيا إلا بصدق الحديث وأداء الأمانة إلى البر والفاجر (4). الرواية صحيحة الإسناد. [921] 15 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن عثمان بن عيسى، عن إسحاق بن عمار وغيره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا تغتروا بصلاتهم ولا بصيامهم فإن الرجل ربما
(1) الكافي: 5 / 133. (2) الكافي: 5 / 133. (3) الكافي: 5 / 133. (4) الكافي: 2 / 104. 425 لهج بالصلاة والصوم حتى لو تركه استوحش، ولكن اختبروهم عند صدق الحديث وأداء الأمانة (1). الرواية صحيحة الإسناد. [922] 16 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن حديد، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث جنود العقل والجهل، عد من جنود العقل: الأمانة وضدها الخيانة (2). [923] 17 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه كتب إلى الأشعث بن قيس عامل آذربيجان: وإن عملك ليس لك بطعمة ولكنه في عنقك أمانة وأنت مسترعى لمن فوقك، وليس لك أن تفتات في رعية ولا تخاطر إلا بوثيقة وفي يديك مال من مال الله عز وجل وأنت من خزانه حتى تسلمه إلي ولعلي أن لا أكون شر ولاتك لك، والسلام (3). [924] 18 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) من عهد له إلى بعض عماله وقد بعثه على الصدقة: أمره بتقوى الله في سرائر أمره حيث لا شهيد غيره ولا وكيل دونه، وأمره ألا يعمل بشيء من طاعة الله فيما ظهر فيخالف إلى غيره فيما أسر، ومن لم يختلف سره وعلانيته وفعله ومقالته فقد أدى الأمانة وأخلص العبادة. وأمره ألا يجبهم ولا يعضهم ولا يرغب عنهم تفضلا بالإمارة (الأمانة، خ) عليهم، فإنهم الإخوان في الدين والأعوان على استخراج الحقوق. وإن لك في هذه الصدقة نصيبا مفروضا وحقا معلوما وشركاء أهل مسكنة وضعفاء ذوي فاقة، وإنا موفوك حقك فوفهم حقوقهم وإلا تفعل فإنك من أكثر الناس
(1) الكافي: 2 / 104. (2) الكافي: 1 / 22. (3) نهج البلاغة: الكتاب 5. 426 خصوما يوم القيامة وبؤسى لمن خصمه عند الله الفقراء، والمساكين والسائلون والمدفوعون والغارمون وابن السبيل، ومن استهان بالأمانة ورتع في الخيانة ولم ينزه نفسه ودينه عنها فقد أحل بنفسه الذل والخزي في الدنيا وهو في الآخرة أذل وأخزى، وإن أعظم الخيانة خيانة الامة، وأفظع الغش غش الأئمة، والسلام (1). [925] 19 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه كتب إلى بعض عماله: أما بعد فإني كنت أشركتك في أمانتي وجعلتك شعاري وبطانتي، ولم يكن رجل من أهلي أوثق منك في نفسي لمواستك وموازرتي وأداء الأمانة إلي، فلما رأيت الزمان على ابن عمك قد كلب والعدو قد حرب وأمانة الناس قد خزيت وهذه الأمة قد فنكت وشغرت قلبت لابن عمك ظهر المجن ففارقته مع المفارقين وخذلته مع الخاذلين وخنته مع الخائنين، فلا ابن عمك آسيت ولا الأمانة أديت، كأنك لم تكن الله تريد بجهادك، وكأنك لم تكن على بينة من ربك... (2). [926] 20 - الآمدي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: لا إيمان لمن لا أمانة له (3). والروايات في هذا المجال كثيرة جدا فإن شئت راجع الكافي: 2 / 104 و 5 / 132، وبحار الأنوار: 68 / 1 و 72 / 113، وغيرهما من كتب الأخبار.
(1) نهج البلاغة: الكتاب 26. (2) نهج البلاغة: الكتاب 41. (3) غرر الحكم: ح 10767. 427 الامتحان [927] 1 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن يعقوب السراج وعلي بن رئاب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ان أمير المؤمنين (عليه السلام) لما بويع بعد مقتل عثمان صعد المنبر وخطب بخطبة ذكرها، يقول فيها: ألا إن بليتكم قد عادت كهيئتها يوم بعث الله نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم)، والذي بعثه بالحق لتبلبلن بلبلة ولتغربلن غربلة حتى يعود أسفلكم أعلاكم وأعلاكم أسفلكم، وليسبقن سباقون كانوا قصروا، وليقصرن سباقون كانوا سبقوا، والله ما كتمت وسمة ولا كذبت كذبة، ولقد نبئت بهذا المقام وهذا اليوم (1). الرواية صحيحة الإسناد. [928] 2 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن معمر بن خلاد قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول: (ألم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون) (2) ثم قال لي: ما الفتنة؟ قلت: جعلت فداك الذي عندنا الفتنة في الدين، فقال: يفتنون كما يفتن الذهب، ثم قال: يخلصون كما يخلص الذهب (3). الرواية معتبرة الإسناد. [929] 3 - الكليني بإسناده إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبة الوسيلة انه قال:... فإن الله تبارك اسمه امتحن بي عباده وقتل بيدي أضداده وأفنى بسيفي بحاده، وجعلني زلفة
(1) الكافي: 1 / 369. (2) سورة العنكبوت: 1 و 2. (3) الكافي: 1 / 370. 428 للمؤمنين وحياض موت على الجبارين وسيفه على المجرمين، وشد بي أزر رسوله وأكرمني بنصره وشرفني بعلمه وحباني بأحكامه واختصني بوصيته واصطفاني بخلافته في أمته (1). [930] 4 - الصدوق، عن أبيه، عن سعد، عن البرقي، عن أبيه، عن ابن سنان، عن إبراهيم بن أبي البلاد، عن سدير قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول أمير المؤمنين (عليه السلام) «إن أمرنا صعب مستصعب لا يقر به إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد امتحن الله قلبه للايمان» فقال: ان من الملائكة مقربين وغير مقربين ومن الأنبياء مرسلين وغير مرسلين ومن المؤمنين ممتحنين وغير ممتحنين، فعرض أمركم هذا على الملائكة فلم يقر به إلا المقربون، وعرض على الأنبياء فلم يقر به إلا المرسلون، وعرض على المؤمنين فلم يقر به إلا الممتحنون. قال: ثم قال لي: مر في حديثك (2). الروايات في هذا المجال كثيرة فراجع إن شئت الكافي: 1 / 401. [931] 5 - الصدوق، عن السناني، عن الأسدي، عن محمد بن خلف، عن هرثمة بن أعين قال: دخلت على سيدي ومولاي يعني الرضا (عليه السلام) في دار المأمون وكان قد ظهر في دار المأمون أن الرضا (عليه السلام) قد توفي ولم يصح هذا القول، فدخلت اريد الإذن عليه. قال: وكان في بعض ثقات خدم المأمون غلام يقال له صبيح الديلمي وكان يتولى سيدي حق ولايته، وإذا صبيح قد خرج، فلما رآني قال لي: يا هرثمة ألست تعلم أني ثقة المأمون على سره وعلانيته؟ قلت: بلى قال: اعلم يا هرثمة ان المأمون دعاني وثلاثين غلاما من ثقاته على سره وعلانيته في الثلث الأول من الليل، فدخلت عليه وقد صار ليله نهارا من كثرة الشموع وبين يديه سيوف مسلولة مشحوذة مسمومة، فدعا بنا غلاما غلاما وأخذ علينا العهد والميثاق بلسانه وليس بحضرتنا أحد من خلق الله غيرنا.
(1) الكافي: 8 / 26. (2) معاني الأخبار: 407 ح 83. 429 فقال لنا: هذا العهد لازم لكم انكم تفعلون ما أمرتكم به ولا تخالفوا منه شيئا. قال: فحلفنا له فقال: يأخذ كل واحد منكم سيفا بيده وامضوا حتى تدخلوا على علي بن موسى الرضا في حجرته فإن وجدتموه قائما أو قاعدا أو نائما فلا تكلموه وضعوا أسيافكم عليه واخلطوا لحمه ودمه وشعره وعظمه ومخه ثم اقلبوا عليه بساطه وامسحوا أسيافكم به وصيروا إلي، وقد جعلت لكل واحد منكم على هذا الفعل وكتمانه عشر بدر دراهم وعشر ضياع منتخبة والحظوظ عندي ما حييت وبقيت. قال: فأخذنا الأسياف بأيدينا ودخلنا عليه في حجرته فوجدناه مضطجعا يقلب طرف يديه ويتكلم بكلام لا نعرفه. قال: فبادر الغلمان إليه بالسيوف ووضعت سيفي وأنا قائم أنظر إليه وكأنه قد كان علم بمصيرنا إليه، فلبس على بدنه ما لا تعمل فيه السيوف، فطووا عليه بساطه وخرجوا حتى دخلوا على المأمون، فقال ما صنعتم؟ قالوا: فعلنا ما أمرتنا به يا أمير المؤمنين، قال: لا تعيدوا شيئا مما كان. فلما كان عند تبلج الفجر خرج المأمون فجلس مجلسه مكشوف الرأس محلل الأزرار وأظهر وفاته وقعد ثم قام حافيا فمشى لينظر إليه وأنا بين يديه فلما دخل عليه حجرته سمع همهمة فأرعد، ثم قال: من عنده؟ قلت: لا علم لنا يا أمير المؤمنين، فقال: اسرعوا وانظروا، قال صبيح: فأسرعنا إلى البيت فإذا سيدي (عليه السلام) جالس في محرابه يصلي ويسبح، فقلت: يا أمير المؤمنين هو ذا نرى شخصا في محرابه يصلي ويسبح، فانتفض المأمون وارتعد، ثم قال: غررتموني لعنكم الله، ثم التفت إلي من بين الجماعة فقال لي: يا صبيح أنت تعرفه فانظر من المصلي عنده؟ قال صبيح: فدخلت وتولى المأمون راجعا فلما صرت عند عتبة الباب قال لي: يا صبيح، قلت: لبيك يا مولاي وقد سقطت لوجهي فقال: قم يرحمك الله (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون) (1) قال: فرجعت
(1) سورة الصف: 8. 430 إلى المأمون فوجدت وجهه كقطع الليل المظلم فقال لي: يا صبيح ما وراك؟ قلت له: يا أمير المؤمنين هو والله جالس في حجرته وقد ناداني وقال لي: كيت وكيت. قال: فشد أزراره وأمر برد أثوابه وقال: قولوا انه كان غشي عليه وإنه قد أفاق. قال هرثمة: فأكثرت لله عز وجل شكرا وحمدا ثم دخلت على سيدي الرضا (عليه السلام) فلما رآني قال: يا هرثمة لا تحدث بما حدثك به صبيح أحدا إلا من امتحن الله قلبه للإيمان بمحبتنا وولايتنا، فقلت: نعم يا سيدي، ثم قال (عليه السلام): يا هرثمة والله لا يضرنا كيدهم شيئا حتى يبلغ الكتاب أجله (1). [932] 6 - الصدوق، عن أبيه، عن سعد، عن الحسن بن عيسى بن محمد بن علي بن جعفر، عن جده محمد، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: إذا فقد الخامس من ولد السابع فالله الله في أديانكم لا يزيلكم أحد عنها، يا بني انه لابد لصاحب هذا الأمر من غيبة حتى يرجع عن هذا الأمر من كان يقول به، إنما هي محنة من الله عز وجل امتحن بها خلقه، ولو علم آباؤكم وأجدادكم دينا أصح من هذا لاتبعوه، فقلت: يا سيدي من الخامس من ولد السابع؟ قال: يا بني عقولكم تصغر عن هذا وأحلامكم تضيق عن حمله ولكن إن تعيشوا فسوف تدركونه (2). [933] 7 - الصدوق، عن أبيه، عن الحميري، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن غالب، عن أبيه، عن سعيد بن المسيب قال: كان علي بن الحسين (عليه السلام) يعظ الناس ويزهدهم في الدنيا ويرغبهم في أعمال الآخرة بهذا الكلام في كل جمعة في مسجد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وحفظ عنه وكتب وكان يقول: أيها الناس اتقوا الله واعلموا أنكم إليه ترجعون فتجد كل نفس ما عملت في هذه الدنيا من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ويحذركم الله نفسه. ويحك ابن آدم الغافل
(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 2 / 214 ح 22. (2) علل الشرايع: 244 ح 4. 431 وليس بمغفول عنه، ابن آدم إن أجلك أسرع شيء إليك قد أقبل نحوك حثيثا يطلبك ويوشك أن يدركك، وكان قد أوفيت أجلك وقبض الملك روحك وصرت إلى منزل وحيدا فرد إليك فيه روحك واقتحم عليك فيه ملكاك منكر ونكير لمساءلتك وشديد امتحانك. ألا وإن أول ما يسألانك عن ربك الذي كنت تعبده وعن نبيك الذي أرسل إليك وعن دينك الذي كنت تدين به وعن كتابك الذي كنت تتلوه، وعن إمامك الذي كنت تتولاه ثم عن عمرك فيما أفنيته ومالك من اين اكتسبته وفيما أتلفته، فخذ حذرك وانظر لنفسك وأعد للجواب قبل الامتحان والمساءلة والاختبار، فإن تك مؤمنا تقيا عارفا بدينك متبعا للصادقين مواليا لأولياء الله لقاك الله حجتك وأنطق لسانك بالصواب فأحسنت الجواب فبشرت بالجنة والرضوان من الله والخيرات الحسان واستقبلتك الملائكة بالروح والريحان، وإن لم تكن كذلك تلجلج لسانك ودحضت حجتك وعييت عن الجواب وبشرت بالنار واستقبلتك ملائكة العذاب بنزل من حميم وتصلية جحيم. فاعلم ابن آدم ان من وراء هذا ما هو أعظم وأفظع وأوجع للقلوب يوم القيامة، ذلك يوم مجموع له الناس، وذلك يوم مشهود ويجمع الله فيه الأولين والآخرين، ذلك يوم ينفخ في الصور وتبعثر فيه القبور يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين، ذلك يوم لا تقال فيه عثرة ولا تؤخذ من أحد فيه فدية ولا تقبل من أحد فيه معذرة ولا لأحد فيه مستقبل توبة، ليس إلا الجزاء بالحسنات والجزاء بالسيئات، فمن كان من المؤمنين عمل في هذه الدنيا مثقال ذرة من خير وجده، ومن كان عمل من المؤمنين في هذه الدنيا مثقال ذرة من شر وجده... الحديث (1). [934] 8 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال في الخطبة القاصعة:... ألا ترون
(1) أمالي الصدوق: المجلس السادس والسبعون ح 1 / 407، ونقل عنه في بحار الأنوار 75 / 143. 432 أن الله سبحانه اختبر الأولين من لدن آدم صلوات الله عليه إلى الآخرين من هذا العالم بأحجار لا تضر ولا تنفع ولا تبصر ولا تسمع، فجعلها بيته الحرام الذي جعله قياما للناس، ثم وضعه بأوعر بقاع الأرض حجرا وأقل نتائق الدنيا مدرا وأضيق بطون الأودية قطرا، بين جبال خشنة ورمال دمثة وعيون وشلة وقرى منقطعة لا يزكو بها خف ولا حافر ولا ظلف، ثم أمر آدم (عليه السلام) وولده أن يثنوا أعطافهم نحوه فصار مثابة لمنتجع أسفارهم وغاية لملقى رحالهم، تهوي إليه ثمار الأفئدة من مفاوز قفار سحيقة ومهاوي فجاج عميقة وجزائر بحار منقطعة حتى يهزوا مناكبهم ذللا، يهللون لله حوله ويرملون على أقدامهم شعثا غبرا له، قد نبذوا السرابيل وراء ظهورهم وشوهوا بإعفاء الشعور محاسن خلقهم، ابتلاء عظيما وامتحانا شديدا واختبارا مبينا وتمحيصا بليغا، جعله الله سببا لرحمته ووصلة إلى جنته... (1). [935] 9 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال في الخطبة الغراء في صفة خلق الإنسان:... ثم أدرج في أكفانه مبلسا وجذب منقادا سلسا، ثم ألقي على الأعواد رجيع وصب ونضو سقم، تحمله حفدة الولدان وحشدة الإخوان إلى دار غربته ومنقطع زورته ومفرد وحشته، حتى إذا انصرف المشيع ورجع المتفجع اقعد في حفرته نجيا لبهتة السؤال وعثرة الامتحان، وأعظم ما هنالك بلية نزول الحميم وتصلية الجحيم وفورات السعير وسورات الزفير (2). [936] 10 - الطوسي بإسناده، عن محمد بن أحمد بن داود، عن أبي علي أحمد بن محمد بن عمار الكوفي قال: حدثنا أبي قال: حدثنا علي بن الحسن بن فضال، عن محمد بن عبد الله بن زرارة، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: كنا عند الرضا (عليه السلام) والمجلس غاص بأهله فتذاكروا يوم الغدير فأنكره بعض الناس، فقال الرضا (عليه السلام): حدثني أبي
(1) نهج البلاغة: الخطبة 192. (2) نهج البلاغة: الخطبة 83. 433 عن أبيه (عليه السلام) قال: ان يوم الغدير في السماء أشهر منه في الأرض، إن لله في الفردوس الأعلى قصرا لبنة من فضة ولبنة من ذهب، فيه مائة ألف قبة من ياقوتة حمراء ومائة ألف خيمة من ياقوت أخضر، ترابه المسك والعنبر، فيه أربعة أنهار، نهر من خمر ونهر من ماء ونهر من لبن ونهر من عسل، وحواليه أشجار جميع الفواكه، عليه طيور أبدانها من لؤلؤ وأجنحتها من ياقوت تصوت بألوان الأصوات، إذا كان يوم الغدير ورد في ذلك القصر أهل السماوات يسبحون الله ويقدسونه ويهللونه فتطاير تلك الطيور فتقع في ذلك الماء وتتمرغ على ذلك المسك والعنبر، فإذا اجتمعت الملائكة طارت فتنفض ذلك عليهم. وانهم في ذلك اليوم ليتهادون نثار فاطمة (عليها السلام) فإذا كان آخر ذلك اليوم نودوا: انصرفوا إلى مراتبكم فقد أمنتم من الخطاء والزلل إلى قابل في مثل هذا اليوم تكرمه لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي (عليه السلام). ثم قال: يا ابن أبي نصر أين ما كنت فاحضر الغدير عند أمير المؤمنين (عليه السلام) فإن الله يغفر لكل مؤمن ومؤمنة ومسلم ومسلمة ذنوب ستين سنة ويعتق من النار ضعف ما أعتق في شهر رمضان وليلة القدر وليلة الفطر والدرهم فيه بألف درهم لإخوانك العارفين، فأفضل على إخوانك في هذا اليوم وسر فيه كل مؤمن ومؤمنة. ثم قال: يا أهل الكوفة لقد أعطيتم خيرا كثيرا وانكم لممن امتحن الله قلبه للإيمان مستقلون مقهورون ممتحنون يصب عليكم البلاء صبا ثم يكشفه كاشف الكرب العظيم. والله لو عرف الناس فضل هذا اليوم بحقيقته لصافحتهم الملائكة في كل يوم عشر مرات، ولولا أني أكره التطويل لذكرت من فضل هذا اليوم وما أعطى الله فيه من عرفه ما لا يحصى بعدد. قال علي بن الحسن بن فضال: قال لي محمد بن عبد الله: لقد ترددت إلى أحمد بن محمد أنا وأبوك والحسن بن الجهم أكثر من خمسين مرة وسمعناه منه (1).
(1) التهذيب: 6 / 24 ح 9. 434 الإمساك [937] 1 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن بعض رجاله قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): خير نسائكم الطيبة الريح، الطيبة الطبيخ; التي إذا أنفقت أنفقت بمعروف، وإذا أمسكت أمسكت بمعروف، فتلك عامل من عمال الله، وعامل الله لا يخيب ولا يندم (1). [938] 2 - الكليني، عن علي بن محمد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن عيسى، عن أبي محمد الأنصاري، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إن المؤمن يأخذ بأدب الله عز وجل إذا وسع عليه اتسع وإذا أمسك عليه أمسك (2). [939] 3 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن الحلبي رفعه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أمسك لسانك، فإنها صدقة تصدق بها على نفسك. ثم قال: ولا يعرف عبد حقيقة الإيمان حتى يخزن من لسانه (3). [940] 4 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن أبي نصر قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن مسألة فأبى وأمسك، ثم قال: لو أعطيناكم كلما تريدون كان شرا لكم وأخذ برقبة صاحب هذا الأمر. قال أبو جعفر (عليه السلام): ولاية
(1) الكافي: 5 / 325. (2) الكافي: 4 / 12. (3) الكافي: 2 / 114. 435 الله أسرها إلى جبرئيل (عليه السلام) وأسرها جبرئيل إلى محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وأسرها محمد إلى علي وأسرها علي إلى من شاء الله، ثم أنتم تذيعون ذلك، من الذي أمسك حرفا سمعه؟ قال أبو جعفر (عليه السلام): في حكمة آل داود ينبغي للمسلم أن يكون مالكا لنفسه مقبلا على شأنه عارفا بأهل زمانه. فاتقوا الله ولا تذيعوا حديثنا، فلولا (1) أن الله يدافع عن أوليائه وينتقم لأوليائه من أعدائه، أما رأيت ما صنع الله بآل برمك وما انتقم الله لأبي الحسن (عليه السلام) وقد كان بنو الأشعث على خطر عظيم فدفع الله عنهم بولايتهم لأبي الحسن وأنتم بالعراق ترون أعمال هؤلاء الفراعنة وما أمهل الله لهم، فعليكم بتقوى الله ولا تغرنكم الحياة الدنيا، ولا تغتروا بمن قد أمهل له، فكأن الأمر قد وصل إليكم (2). الرواية صحيحة الإسناد. [941] 5 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن حبيب السجستاني، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: مكتوب في التوراة فيما ناجى الله عز وجل به موسى (عليه السلام): يا موسى أمسك غضبك عمن ملكتك عليه أكف عنك غضبى (3). الرواية معتبرة الإسناد. [942] 6 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حمران، عن أبان بن تغلب قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): لما أن وجه صاحب الحبشة بالخيل ومعهم الفيل ليهدم البيت مروا بإبل لعبد المطلب فساقوها، فبلغ ذلك عبد المطلب فأتى صاحب الحبشة فدخل الآذن فقال: هذا عبد المطلب بن هاشم، قال: وما يشاء؟ قال الترجمان: جاء في إبل له ساقوها
(1) الفاء للبناء وجزاء الشرط محذوف، أي لانقطعت سلسلة أهل البيت (عليهم السلام) وشيعتهم بترككم للتقية. (مرآة العقول: 9 / 193). (2) الكافي: 2 / 224. (3) الكافي: 2 / 303. 436 يسألك ردها، فقال ملك الحبشة لأصحابه: هذا رئيس قوم وزعيمهم جئت إلى بيته الذي يعبده لأهدمه وهو يسألني إطلاق إبله، أما لو سألني الإمساك عن هدمه لفعلت، ردوا عليه إبله، فقال عبد المطلب لترجمانه: ما قال لك الملك؟ فأخبره، فقال عبد المطلب: أنا رب الإبل ولهذا البيت رب يمنعه، فردت إليه إبله وانصرف عبد المطلب نحو منزله، فمر بالفيل في منصرفه، فقال للفيل: يا محمود، فحرك الفيل رأسه فقال له: أتدري لم جاؤوا بك؟ فقال الفيل برأسه: لا، فقال عبد المطلب: جاؤوا بك لتهدم بيت ربك، أفتراك فاعل ذلك؟ فقال برأسه: لا، فانصرف عبد المطلب إلى منزله، فلما أصبحوا غدوا به لدخول الحرم فأبى وامتنع عليهم، فقال عبد المطلب لبعض مواليه عند ذلك: أعل الجبل فانظر ترى شيئا؟ فقال: أرى سوادا من قبل البحر فقال له: يصيبه بصرك أجمع؟ فقال له: لا ولأوشك أن يصيب، فلما أن قرب قال: هو طير كثير ولا أعرفه يحمل كل طير في منقاره حصاة مثل حصاة الخذف أو دون حصاة الخذف، فقال عبد المطلب: ورب عبد المطلب ما تريد إلا القوم، حتى لما صاروا فوق رؤوسهم أجمع ألقت الحصاة فوقعت كل حصاة على هامة رجل فخرجت من دبره فقتلته، فما انفلت منهم إلا رجل واحد يخبر الناس، فلما أن أخبرهم ألقت عليه حصاة فقتلته (1). الرواية صحيحة الإسناد. الخذف: رمي الحصاة ونحوها بطرفي الإبهام والسبابة. [943] 7 - قال الصدوق: وروى البزنطي، عن عبد الكريم بن عمرو، عن الحسن بن زياد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا ينبغي للرجل أن يطلق امرأته ثم يراجعها وليس له فيها حاجة ثم يطلقها، فهذا الضرار الذي نهى الله عز وجل عنه، إلا أن يطلق ثم يراجع وهو ينوي الإمساك (2).
(1) الكافي: 1 / 447. (2) الفقيه: 3 / 501 ح 4762. 437 [944] 8 - قال الصدوق: روى عبد الرحمن بن كثير، عن الصادق (عليه السلام) انه قال: إذا فشت أربعة ظهرت أربعة: إذا فشا الزنا ظهرت الزلازل، وإذا أمسكت الزكاة هلكت الماشية، وإذا جار الحكام في القضاء أمسك القطر من السماء، وإذا خفرت الذمة نصر المشركون على المسلمين (1). روى الشيخ مثلها في التهذيب: 3 / 147 ح 1 بسنده عن عبد الرحمن بن كثير. [945] 9 - قال الصدوق: وروى عن الأصبغ بن نباتة انه قال: أمسكت لأمير المؤمنين (عليه السلام) بالركاب وهو يريد أن يركب فرفع رأسه ثم تبسم، فقلت: يا أمير المؤمنين رأيتك رفعت رأسك وتبسمت! قال: نعم يا أصبغ أمسكت لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كما أمسكت لي فرفع رأسه إلى السماء وتبسم فسألته كما سألتني وسأخبرك كما أخبرني. أمسكت لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الشهباء فرفع رأسه إلى السماء وتبسم، فقلت: يا رسول الله رفعت رأسك إلى السماء وتبسمت! فقال: يا علي انه ليس من أحد يركب ما أنعم الله عليه ثم يقرأ آية السخرة ثم يقول «أستغفر الله الذي لا اله إلا هو الحي القيوم وأتوب اليه، اللهم اغفر لي ذنوبي فانه لا يغفر الذنب إلا أنت» إلا قال السيد الكريم: يا ملائكتي عبدي يعلم انه لا يغفر الذنوب غيري اشهدوا أني قد غفرت له ذنوبه (2). [946] 10 - الشيخ بسنده، عن محمد بن يعقوب، عن محمد بن جعفر الرزاز، عن محمد بن عيسى، عن علي بن سليمان قال: كتبت إليه - يعني أبا الحسن (عليه السلام) - جعلت فداك ليس لي ولد ولي ضياع ورثتها من أبي وبعضها استفدتها ولا آمن الحدثان فإن لم يكن لي ولد وحدث بي حدث فما ترى جعلت فداك أن أوقف بعضها على فقراء إخواني والمستضعفين أو أبيعها وأتصدق بثمنها في حياتي عليهم فإني أتخوف أن لا ينفذ الوقف
(1) الفقيه: 1 / 524 ح 1488. (2) الفقيه: 2 / 272 ح 2419. 438 بعد موتي، فإن أوقفتها في حياتي فلي أن آكل منها أيام حياتي أم لا؟ فكتب (عليه السلام): فهمت كتابك في أمر ضياعك فليس لك أن تأكل منها من الصدقة، فإن أنت أكلت منها لم ينفذ إن كان لك ورثة فبع وتصدق ببعض ثمنها في حياتك، وان تصدقت أمسكت لنفسك ما يقوتك مثل ما صنع أمير المؤمنين (عليه السلام) (1).
(1) التهذيب: 9 / 129 ح 1. 439 الأمل [947] 1 - الكليني، عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أبي علي، عن محمد بن الحسن، عن الحسين بن راشد، عن الحسين بن علوان قال: كنا في مجلس نطلب فيه العلم وقد نفدت نفقتي في بعض الأسفار، فقال لي بعض أصحابنا: من تؤمل لما قد نزل بك؟ فقلت: فلانا، فقال: اذا والله لا تسعف حاجتك ولا يبلغك أملك ولا تنجح طلبتك، قلت: وما علمك رحمك الله؟ قال: إن أبا عبد الله (عليه السلام) حدثني انه قرأ في بعض الكتب أن الله تبارك وتعالى يقول: وعزتي وجلالي ومجدي وارتفاعي على عرشي لأقطعن أمل كل مؤمل من الناس غيري باليأس ولأكسونه ثوب المذلة عند الناس ولأنحينه من قربي ولأبعدنه من فضلي، أيؤمل غيري في الشدائد والشدائد بيدي؟ ويرجو غيري ويقرع بالفكر باب غيري وبيدي مفاتيح الأبواب وهي مغلقة وبابي مفتوح لمن دعاني؟ فمن ذا الذي أملني لنوائبه فقطعته دونها؟ ومن ذا الذي رجاني لعظيمة فقطعت رجاءه مني؟ جعلت آمال عبادي عندي محفوظة فلم يرضوا بحفظي، وملأت سماواتي ممن لا يمل من تسبيحي وأمرتهم أن لا يغلقوا الأبواب بيني وبين عبادي فلم يثقوا بقولي، ألم يعلم أن من طرقته نائبة من نوائبي أنه لا يملك كشفها أحد غيري إلا من بعد إذني؟ فما لي أراه لاهيا عني؟ أعطيته بجودي ما لم يسألني، ثم انتزعته عنه فلم يسألني رده وسأل غيري، أفيراني أبدأ بالعطاء قبل المسألة ثم أسال فلا اجيب سائلي؟ أبخيل أنا فيبخلني عبدي؟ أو ليس الجود والكرم لي؟ أو ليس العفو والرحمة بيدي؟ أو ليس أنا محل الآمال؟ فمن يقطعها دوني؟ أفلا يخشى المؤملون أن يؤملوا غيري؟ فلو أن أهل
440 سماواتي وأهل أرضي أملوا جميعا ثم أعطيت كل واحد منهم مثل ما أمل الجميع ما انتقص من ملكي مثل عضو ذرة وكيف ينقص ملك أنا قيمه فيا بؤسا للقانطين من رحمتي، ويا بؤسا لمن عصاني ولم يراقبني (1). الرواية صحيحة الإسناد. [948] 2 - الكليني، عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة، عن يحيى بن عقيل قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إنما أخاف عليكم اثنتين: اتباع الهوى وطول الأمل، أما اتباع الهوى فانه يصد عن الحق، وأما طول الأمل فينسي الآخرة (2). [949] 3 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن النعمان، عن ابن مسكان، عن داود بن فرقد أبي يزيد، عن ابن أبي شيبة الزهري، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الموت الموت ألا ولابد من الموت، جاء الموت بما فيه، جاء بالروح والراحة والكرة المباركة إلى جنة عالية لأهل دار الخلود الذين كان لها سعيهم وفيها رغبتهم، وجاء الموت بما فيه بالشقوة والندامة وبالكرة الخاسرة إلى نار حامية لأهل دار الغرور الذين كان لها سعيهم وفيها رغبتهم. ثم قال: وقال: إذا استحقت ولاية الله والسعادة جاء الأجل بين العينين وذهب الأمل وراء الظهر، وإذا استحقت ولاية الشيطان والشقاوة جاء الأمل بين العينين وذهب الأجل وراء الظهر. قال: وسئل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أي المؤمنين أكيس؟ فقال: أكثرهم ذكرا للموت وأشدهم له استعدادا (3). [950] 4 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن فضالة، عن إسماعيل بن أبي زياد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: ما أنزل الموت حق منزلته
(1) الكافي: 2 / 66. (2) الكافي: 2 / 335. (3) الكافي: 3 / 257. 441 من عد غدا من أجله. قال: وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): ما أطال عبد الأمل إلا أساء العمل، وكان يقول: لو رأى العبد أجله وسرعته إليه لأبغض العمل من طلب الدنيا (1). الرواية معتبرة الإسناد. [951] 5 - الكليني، محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن مالك بن عطية، عن معروف بن خربوذ، عن أبي الطفيل قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: الزهد في الدنيا قصر الأمل وشكر كل نعمة والورع عن كل ما حرم الله عز وجل (2). [952] 6 - الصدوق، عن أبيه، عن سعد، عن إبراهيم بن هاشم، عن ابن المغيرة قال: سمعت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) يقول: إنك في دار لها مدة * يقبل فيها عمل العامل ألا ترى الموت محيطا بها * يكذب فيها أمل الآمل تعجل الذنب لما تشتهي * وتأمل التوبة في قابل والموت يأتي أهله بغتة * ما ذاك فعل الحازم العاقل (3) الرواية صحيحة الإسناد. [953] 7 - الصدوق، عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن أبي همام - إسماعيل بن همام -، عن محمد بن سعيد بن غزوان، عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه عن علي (عليهم السلام) قال: من أطال أمله ساء عمله (4).
(1) الكافي: 3 / 259. (2) الكافي: 5 / 71. (3) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 2 / 176 ح 3. (4) الخصال: 1 / 15 ح 52. 442 [954] 8 - الصدوق، عن أبيه، عن محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد، عن أبي سعيد الآدمي، عن عبد العزيز العبدي، عن ابن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: من تعلق قلبه بالدنيا تعلق منها بثلاث خصال: هم لا يفنى وأمل لا يدرك ورجاء لا ينال (1). [955] 9 - الصدوق بالأسانيد الثلاثة، عن الرضا عن آبائه (عليهم السلام) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: إنه لو رأى العبد أجله وسرعته اليه لأبغض الأمل وترك طلب الدنيا (2). [956] 10 - الصدوق، عن محمد بن أحمد الأسدي، عن أحمد بن محمد بن الحسن العامري، عن إبراهيم بن عيسى السدوسي، عن سليمان بن عمرو، عن عبد الله بن الحسن، عن أمه فاطمة بنت الحسين، عن أبيها (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إن صلاح أول هذه الأمة بالزهد واليقين، وهلاك آخرها بالشح والأمل (3). [957] 11 - المفيد، عن المرزباني، عن أحمد بن محمد المكي، عن أبي العيناء، عن محمد بن الحكم، عن لوط بن يحيى، عن الحارث بن كعب، عن مجاهد قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): ازهدوا في هذه الدنيا التي لم يتمتع بها أحد كان قبلكم ولا تبقى لأحد من بعدكم، سبيلكم فيها سبيل الماضين، قد تصرمت وآذنت بانقضاء وتنكر معروفها، فهي تخبر أهلها بالفناء وسكانها بالموت، وقد أمر منها ما كان حلوا وكدر منها ما كان صفوا، فلم تبق منها إلا سملة كسملة الإداوة أو جرعة كجرعة الإناء، لو تمززها العطشان لم ينقع بها. فآذنوا (فأزمعوا - خ) بالرحيل من هذه الدار المقدر (المقدور - خ) على أهلها الزوال، الممنوع أهلها من الحياة، المذللة فيها أنفسهم بالموت، فلا حي يطمع في البقاء ولا نفس إلا مذعنة بالمنون فلا يعللكم الأمل، ولا يطول عليكم الأمد، ولا تغتروا منها بالآمال. ولو حننتم حنين الوله
(1) الخصال: 1 / 88 ح 22. (2) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 2 / 39 ح 120. (3) الخصال: 1 / 79 ح 128. 443 العجال ودعوتم مثل حنين الحمام وجأرتم جأر متبتل الرهبان وخرجتم إلى الله تعالى من الأموال والأولاد التماس القربة اليه في ارتفاع الدرجة عنده أو غفران سيئة أحصتها كتبته وحفظتها ملائكته لكان قليلا فيما أرجو لكم من ثوابه وأتخوف عليكم من عقابه، جعلنا الله وإياكم من التائبين العابدين (1). [958] 12 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال في خطبة:... واعلموا أن الأمل يسهي العقل وينسي الذكر، فأكذبوا الأمل فانه غرور وصاحبه مغرور (2). [959] 13 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال:... واستقربوا الأجل فبادروا العمل، وكذبوا الأمل فلاحظوا الأجل. ثم إن الدنيا دار فناء وعناء وغير وعبر. فمن الفناء أن الدهر موتر قوسه، لا تخطي سهامه ولا تؤسى جراحه، يرمي الحي بالموت والصحيح بالسقم والناجي بالعطب، آكل لا يشبع وشارب لا ينقع. ومن العناء أن المرء يجمع ما لا يأكل ويبني ما لا يسكن، ثم يخرج إلى الله تعالى لا مالا حمل ولا بناء نقل. ومن غيرها انك ترى المرحوم مغبوطا والمغبوط مرحوما، ليس ذلك إلا نعيما زل وبؤسا نزل. ومن عبرها أن المرء يشرف على أمله فيقتطعه حضور أجله، فلا أمل يدرك ولا مؤمل يترك، فسبحان الله ما أعز سرورها... (3). [960] 14 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: لو رأى العبد الأجل ومصيره لأبغض الأمل وغروره (4). [961] 15 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: من جرى في عنان أمله عثر بأجله (5).
(1) أمالي المفيد: المجلس العشرون ح 2 / 159، ونقل عنه في بحار الأنوار: 70 / 107 ح 108. (2) نهج البلاغة: الخطبة 86. (3) نهج البلاغة: الخطبة 114. (4) نهج البلاغة: الحكمة 334. (5) نهج البلاغة: الحكمة 19. 444 [962] 16 - الطوسي، عن جماعة، عن أبي المفضل، عن عبد الله بن محمد بن عبيد بن ياسين بن محمد بن عجلان مولى الباقر (عليه السلام) قال: حدثني أبي، عن جده ياسين بن محمد، عن أبيه محمد بن عجلان قال: أصابتني فاقة شديدة ولا صديق لمضيق ولزمني دين ثقيل وغريم يلج باقتضائه، فتوجهت نحو دار الحسن بن زيد وهو يومئذ أمير المدينة لمعرفة كانت بيني وبينه، وشعر بذلك من حالي محمد بن عبد الله بن علي بن الحسين وكان بيني وبينه قديم معرفة، فلقيني في الطريق فأخذ بيدي وقال لي: قد بلغني ما أنت بسبيله فمن تؤمل لكشف ما نزل بك؟ قلت: الحسن بن زيد. فقال: إذن لا تقضى حاجتك ولا تسعف بطلبتك، فعليك بمن يقدر على ذلك وهو أجود الأجودين، فالتمس ما تؤمله من قبله، فإني سمعت ابن عمي جعفر بن محمد يحدث عن أبيه، عن جده، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: أوحى الله إلى بعض أنبيائه في بعض وصية إليه: وعزتي وجلالي لأقطعن أمل كل مؤمل غيري بالأياس، ولأكسونه ثوب المذلة في الناس ولأبعدنه من فرجي وفضلي، أيؤمل عبدي في الشدائد غيري؟ أو يرجو سواي وأنا الغني الجواد؟ بيدي مفاتيح الأبواب وهي مغلقة، وبابي مفتوح لمن دعاني، ألم يعلم أنه ما أوهنته نائبة لم يملك كشفها عنه غيري؟ فمالي أراه بأمله معرضا عني قد أعطيته بجودي وكرمي ما لم يسألني فأعرض عني ولم يسألني وسأل في نائبته غيري؟! وأنا الله ابتدئ بالعطية قبل المسألة، أفأسأل فلا اجيب؟ كلا أو ليس الجود والكرم لي؟ أو ليس الدنيا والآخرة بيدي؟ فلو أن أهل سبع سماوات وأرضين سألوني جميعا فأعطيت كل واحد منهم مسألته ما نقص ذلك من ملكي مثل جناح بعوضة، وكيف ينقص ملك أنا قيمه؟ فيا بؤس لمن عصاني ولم يراقبني. فقلت: يا بن رسول الله أعد علي هذا الحديث، فأعاده ثلاثا، فقلت: لا والله لا سألت أحدا بعد هذا حاجة، فما لبثت أن جاءني برزق وفضل من عنده (1).
(1) أمالي الطوسي: المجلس الرابع والعشرون ح 13 / 584 الرقم 1208. 445 [963] 17 - الديلمي رفعه إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) انه قال: جاء الأجل دون رجاء الأمل (1). [964] 18 - الديلمي رفعه إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) انه قال: من كان يؤمل أن يعيش غدا فانه يؤمل أن يعيش أبدا (2). وروى الكراجكي مثلها في كنز الفوائد: 1 / 62. [965] 19 - الآمدي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: إياك والثقة بالآمال فإنها من شيم الحمقى (3). [966] 20 - المجلسي نقلا من الكتاب العتيق الغروي: قال نوف البكالي: رأيت أمير المؤمنين صلوات الله عليه وليا مبادرا، فقلت: أين تريد يا مولاي؟ فقال: دعني يا نوف إن آمالي تقدمني في المحبوب، فقلت: يا مولاي وما آمالك؟ قال: قد علمها المأمول واستغنيت عن تبيينها لغيره، وكفى بالعبد أدبا أن لا يشرك في نعمه واربه غير ربه، فقلت: يا أمير المؤمنين إني خائف على نفسي من الشرة والتطلع إلى طمع من أطماع الدنيا، فقال لي: وأين أنت عن عصمة الخائفين وكهف العارفين؟ فقلت: دلني عليه، قال: الله العلي العظيم تصل أملك بحسن تفضله وتقبل عليه بهمك وأعرض عن النازلة في قلبك فإن أجلك بها فأنا الضامن من موردها، وانقطع إلى الله سبحانه فإنه يقول: وعزتي وجلالي لأقطعن أمل كل من يؤمل غيري باليأس ولأكسونه ثوب المذلة في الناس ولأبعدنه من قربي ولأقطعنه عن وصلي ولأخملن ذكره حين يرعى غيري، أيؤمل ويله لشدائده غيري وكشف الشدائد بيدي؟ ويرجو سواي وأنا الحي الباقي؟
(1) إرشاد القلوب: 39. (2) أعلام الدين: 174. (3) غرر الحكم: ح 2685. 446 ويطرق أبواب عبادي وهي مغلقة؟ ويترك بابي وهو مفتوح؟ فمن ذا الذي رجاني لكثير جرمه فخيبت رجاءه؟ جعلت آمال عبادي متصلة بي، وجعلت رجاءهم مذخورا لهم عندي، وملأت سماواتي ممن لا يمل تسبيحي، وأمرت ملائكتي أن لا يغلقوا الأبواب بيني وبين عبادي، ألم يعلم من فدحته نائبة من نوائبي أن لا يملك أحد كشفها إلا بإذني؟ فلم يعرض العبد بأمله عني وقد أعطيته ما لم يسألني فلم يسألني وسأل غيري؟ أفتراني أبتدئ خلقي من غير مسألة ثم اسأل فلا اجيب سائلي؟ أبخيل أنا فيبخلني عبدي؟ أو ليس الدنيا والآخرة لي؟ أو ليس الكرم والجود صفتي؟ أو ليس الفضل والرحمة بيدي؟ أو ليس الآمال لا ينتهي إلا إلي؟ فمن يقطعها دوني؟ وما عسى أن يؤمل المؤملون من سواي؟ وعزتي وجلالي لو جمعت آمال أهل الأرض والسماء ثم أعطيت كل واحد منهم ما نقص من ملكي بعض عضو الذرة، وكيف ينقص نائل أنا أفضته؟ يا بؤسا للقانطين من رحمتي يا بؤسا لمن عصاني وتوثب على محارمي ولم يراقبني واجترأ علي. ثم قال عليه وعلى آله السلام لي: يا نوف ادع بهذا الدعاء: إلهي إن حمدتك فبمواهبك، وإن مجدتك فبمرادك، وإن قدستك فبقوتك، وإن هللتك فبقدرتك، وإن نظرت فإلى رحمتك، وإن عضضت فعلى نعمتك. إلهي انه من لم يشغله الولوع بذكرك ولم يزوه السفر بقربك كانت حياته عليه ميتة وميتته عليه حسرة. الهي تناهيت أبصار الناظرين إليك بسرائر القلوب، وطالعت أصغى السامعين لك نجيات الصدور، فلم يلق أبصارهم رد دون ما يريدون، هتكت بينك وبينهم حجب الغفلة فسكنوا في نورك وتنفسوا بروحك، فصارت قلوبهم مغارسا لهيبتك وأبصارهم ما كفا لقدرتك، وقربت أرواحهم من قدسك فجالسوا اسمك بوقار المجالسة وخضوع المخاطبة فأقبلت إليهم إقبال الشفيق أنصت لهم إنصات الرفيق وأجبتهم إجابات الأحباء وناجيتهم مناجاة الأخلاء، فبلغ بي محل الذي إليه
447 وصلوا، وانقلني من ذكري إلى ذكرك، ولا تترك بيني وبين ملكوت عزك بابا إلا فتحته ولا حجابا من حجب الغفلة إلا هتكته، حتى تقيم روحي بين ضياء عرشك وتجعل لها مقاما نصب نورك إنك على كل شيء قدير. إلهي ما أوحش طريقا لا يكون رفيقي فيه أملي فيك، وأبعد سفرا لا يكون رجائي منه دليلي منك، خاب من اعتصم بحبل غيرك، وضعف ركن من استند إلى غير ركنك، فيا معلم مؤمليه الأمل فيذهب عنهم كآبة الوجل لا تحرمني صالح العمل واكلأني كلاءة من فارقته الحيل، فكيف يلحق مؤمليك ذل الفقر وأنت الغني عن مضار المذنبين؟ إلهي وإن كل حلاوة منقطعة وحلاوة الإيمان تزداد حلاوتها اتصالا بك. إلهي وإن قلبي قد بسط أمله فيك فأذقه من حلاوة بسطك إياه البلوغ لما أمل انك على كل شيء قدير. إلهي أسألك مسألة من يعرفك كنه معرفتك من كل خير ينبغي للمؤمن أن يسلكه، وأعوذ بك من كل شر وفتنة اعذت بها أحباءك من خلقك إنك على كل شيء قدير. إلهي أسألك مسألة المسكين الذي قد تحير في رجاه فلا يجد ملجأ ولا مسندا يصل به إليك، ولا يستدل به عليك إلا بك، وبأركانك ومقاماتك التي لا تعطيل لها منك فأسألك باسمك الذي ظهرت به لخاصة أوليائك فوحدوك وعرفوك فعبدوك بحقيقتك أن تعرفني نفسك لأقر لك بربوبيتك على حقيقة الإيمان بك، ولا تجعلني يا الهي ممن يعبد الاسم دون المعنى، وألحظني بلحظة من لحظاتك تنور بها قلبي بمعرفتك خاصة ومعرفة أوليائك إنك على كل شيء قدير (1).
(1) بحار الأنوار: 91 / 94 ح 12. 448 الأمن [967] 1 - الكليني، عن محمد بن يحيى رفعه قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): من استحكمت لي فيه خصله من خصال الخير احتملته عليها واغتفرت فقد ما سواها، ولا أغتفر فقد عقل ولا دين لأن مفارقة الدين مفارقة الأمن، فلا يتهنا بحياة مع مخافة، وفقد العقل فقد الحياة، ولا يقاس إلا بالأموات (1). [968] 2 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: الكبائر: القنوط من رحمة الله، واليأس من روح الله، والأمن من مكر الله، وقتل النفس التي حرم الله، وعقوق الوالدين، وأكل مال اليتيم ظلما، وأكل الربا بعد البينة، والتعرب بعد الهجرة، وقذف المحصنة، والفرار من الزحف. فقيل له: أرأيت المرتكب للكبيرة يموت عليها، أتخرجه من الإيمان وإن عذب بها فيكون عذابه كعذاب المشركين أو له انقطاع؟ قال: يخرج من الإسلام إذا زعم أنها حلال ولذلك يعذب أشد العذاب، وإن كان معترفا بأنها كبيرة وهي عليه حرام وإنه يعذب عليها وإنها غير حلال فانه معذب عليها وهو أهون عذابا من الأول ويخرجه من الإيمان ولا يخرجه من الإسلام (2). الرواية معتبرة الإسناد. [969] 3 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه،
(1) الكافي: 1 / 27. (2) الكافي: 2 / 280. 449 عن عبد الله القاسم، عن صفوان الجمال قال: شهدت أبا عبد الله (عليه السلام) واستقبل القبلة قبل التكبير وقال: اللهم لا تؤيسني من روحك ولا تقنطني من رحمتك، ولا تؤمني مكرك فانه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون. قلت: جعلت فداك ما سمعت بهذا من أحد قبلك، فقال: ان من أكبر الكبائر عند الله اليأس من روح الله والقنوط من رحمة الله والأمن من مكر الله (1). [970] 4 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن الوليد، عن يونس قال: قلت للرضا (عليه السلام): علمني دعاء وأوجز، فقال: قل: يا من دلني على نفسه وذلل قلبي بتصديقه أسألك الأمن والإيمان (2). الرواية معتبرة الإسناد. [971] 5 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن موسى بن عمر، عن الحجال، عن داود بن أبي يزيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رجل: إني قد أصبت مالا وإني قد خفت فيه على نفسي فلو أصبت صاحبه دفعته اليه وتخلصت منه. قال: فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): والله إن لو أصبته كنت تدفعه إليه؟ قال: أي والله، قال: فأنا والله ماله صاحب غيري، قال: فاستحلفه أن يدفعه إلى من يأمره، قال: فحلف قال: فاذهب فاقسمه في إخوانك ولك الأمن مما خفت منه. قال: فقسمته بين إخواني (3). الرواية صحيحة الإسناد. [972] 6 - الصدوق، عن ابن إدريس، عن أبيه، عن ابن هاشم، عن ابن مرار، عن يونس، عن ابن سنان، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) قال: خمس من لم يكن
(1) الكافي: 2 / 544. (2) الكافي: 2 / 595. (3) الكافي: 5 / 138. 450 فيه لم يكن فيه كثير مستمتع، قيل: وما هن يا ابن رسول الله؟ قال: الدين والعقل والحياء وحسن الخلق وحسن الأدب. وخمس من لم يكن فيه لم يتهنأ العيش: الصحة والأمن والغنى والقناعة والأنيس الموافق (1). [973] 7 - الصدوق بإسناده إلى زيد بن ثابت، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من أحب عليا في حياتي وبعد موتي كتب الله له الأمن والايمان ما طلعت الشمس أو غربت، ومن أبغضه في حياتي وبعد موتي مات ميتة جاهلية وحوسب بما عمل (2). [974] 8 - الصدوق، عن عمار بن الحسين، عن علي بن محمد بن عصمة، عن أحمد بن محمد الطبري، عن الحسين بن الليث، عن سنان بن فروخ، عن همام بن يحيى، عن القاسم بن عبد الله، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال كنت ذات يوم عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إذ أقبل بوجهه على علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: ألا أبشرك يا أبا الحسن؟ فقال: بلى يا رسول الله، فقال: هذا جبرئيل يخبرني عن الله جل جلاله انه قال: قد أعطى شيعتك ومحبيك تسع خصال: الرفق عند الموت، والانس عند الوحشة، والنور عند الظلمة، والأمن عند الفزع، والقسط عند الميزان، والجواز على الصراط، ودخول الجنة قبل سائر الناس، ونورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم (3). [975] 9 - الصدوق، عن محمد بن موسى البرقي، عن علي بن محمد ماجيلويه، عن البرقي، عن أبيه، عن محمد بن سنان رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: أعجب ما في الإنسان قلبه وله مواد من الحكمة وأضداد من خلافها، فإن سنح له الرجاء أذله الطمع، وإن هاج به الطمع أهلكه الحرص، وإن ملكه اليأس قتله الأسف، وإن
(1) أمالي الصدوق: المجلس الثامن والأربعون ح 15 / 240. (2) علل الشرايع: 144 ح 10. (3) الخصال: 2 / 413 ح 2. 451 عرض له الغضب اشتد به الغيظ، وإن سعد بالرضا نسي التحفظ، وإن ناله الخوف شغله الحذر، وإن اتسع له الأمن استلبته الغفلة، وإن حدثت له النعمة أخذته العزة، وان أصابته مصيبة فضحه الجزع، وإن استفاد مالا أطغاه الغنى، وإن عضته فاقة شغله البلاء، وإن جهده الجوع قعد به الضعف، وإن أفرط في الشبع كظته البطنة، فكل تقصير به مضر وكل إفراط به مفسد (1). [976] 10 - الصدوق، عن جعفر بن علي الكوفي، عن جده الحسن بن علي، عن جده عبد الله بن المغيرة، عن الصادق عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): نعمتان مكفورتان الأمن والعافية (2). [977] 11 - الصدوق بإسناده إلى وصايا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام):... يا علي لا خير في القول إلا مع الفعل، ولا في المنظر إلا مع المخبر، ولا في المال إلا مع الجود، ولا في الصدق إلا مع الوفاء، ولا في الفقه إلا مع الورع، ولا في الصدقة إلا مع النية، ولا في الحياة إلا مع الصحة، ولا في الوطن إلا مع الأمن والسرور (3). [978] 12 - الصدوق، عن أبيه، عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن حسان، عن إسماعيل بن مهران، عن الحسن بن علي، عن صفوان الجمال، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من قرأ في الفريضة «ويل للمطففين» أعطاه الله الأمن يوم القيامة من النار ولم تره ولا يراها ولم يمر على جسر جهنم ولا يحاسب يوم القيامة (4). [979] 13 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصيته لنجله الحسن (عليه السلام):... من أمن الزمان خانه ومن أعظمه أهانه... (5).
(1) علل الشرايع: 109 ح 7. (2) الخصال: 1 / 34 ح 5. (3) الفقيه: 4 / 369. (4) ثواب الأعمال: 149. (5) نهج البلاغة: الكتاب 31. 452 [980] 14 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: من حاسب نفسه ربح، ومن غفل عنها خسر، ومن خاف أمن، ومن اعتبر أبصر، ومن أبصر فهم، ومن فهم علم (1). [981] 15 - الآمدي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: لا تغترن بالأمن فإنك مأخوذ من مأمنك (2). [982] 16 - وعنه (عليه السلام): لا نعمة أهنأ من الأمن (3). [983] 17 - وعنه (عليه السلام): رفاهية العيش في الأمن (4). [984] 18 - وعنه (عليه السلام): رب أمن انقلب خوفا (5). [985] 19 - وعنه (عليه السلام): رب آمن وجل (6). [986] 20 - وعنه (عليه السلام): الأمن اغترار (7).
(1) نهج البلاغة: الحكمة 208. (2) غرر الحكم: ح 10293. (3) غرر الحكم: ح 10911. (4) غرر الحكم: ح 5438. (5) غرر الحكم: ح 5287. (6) غرر الحكم: ح 5269. (7) غرر الحكم: ح 173. 453 الإنتصار [987] 1 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن داود العجلي، عن زرارة، عن حمران، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: ان الله تبارك وتعالى حيث خلق الخلق خلق ماء عذبا وماء مالحا أجاجا فامتزج الماءان فأخذ طينا من أديم الأرض فعركه عركا شديدا فقال لأصحاب اليمين وهم كالذر يدبون: إلى الجنة بسلام، وقال لأصحاب الشمال: إلى النار ولا أبالي، ثم قال: (ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين) (1). ثم أخذ الميثاق على النبيين فقال: ألست بربكم وان هذا محمد رسولي وان هذا علي أمير المؤمنين؟ قالوا: بلى فثبتت لهم النبوة. وأخذ الميثاق على اولي العزم أنني ربكم ومحمد رسولي وعلي أمير المؤمنين وأوصياؤه من بعده ولاة أمري وخزان علمي (عليهم السلام) وأن المهدي أنتصر به لديني واظهر به دولتي وأنتقم به من أعدائي واعبد به طوعا وكرها، قالوا: أقررنا يا رب وشهدنا، ولم يجحد آدم ولم يقر فثبتت العزيمة لهؤلاء الخمسة في المهدي ولم يكن لآدم عزم على الإقرار به وهو قوله عز وجل (ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما) (2) قال: إنما هو فترك، ثم أمر نارا فأججت فقال لأصحاب الشمال: ادخلوها فهابوها، وقال لأصحاب اليمين: ادخلوها فدخلوها فكانت عليهم بردا وسلاما، فقال أصحاب الشمال: يا رب أقلنا فقال: قد أقلتكم اذهبوا فأدخلوا
(1) سورة البقرة: 172. (2) سورة طه: 115. 454 فهابوها، فثم ثبتت الطاعة والولاية والمعصية (1). الرواية صحيحة الإسناد. [988] 2 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن عيسى، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال: ما انتصر الله من ظالم إلا بظالم، وذلك قوله عز وجل (وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا) (2). [989] 3 - الكليني، عن علي بن محمد ومحمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن كرام قال: حلفت فيما بيني وبين نفسي أن لا آكل طعاما بنهار أبدا حتى يقوم قائم آل محمد، فدخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) قال: فقلت له: رجل من شيعتكم جعل لله عليه أن لا يأكل طعاما بنهار أبدا حتى يقوم قائم آل محمد، قال: فصم إذا يا كرام ولا تصم العيدين ولا ثلاثة التشريق ولا إذا كنت مسافرا ولا مريضا، فإن الحسين (عليه السلام) لما قتل عجت السماوات والأرض ومن عليهما والملائكة فقالوا: يا ربنا ائذن لنا في هلاك الخلق حتى نجدهم عن جديد الأرض بما استحلوا حرمتك وقتلوا صفوتك، فأوحى الله إليهم: يا ملائكتي ويا سماواتي ويا أرضي اسكنوا، ثم كشف حجابا من الحجب فإذا خلفه محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) واثنا عشر وصيا له (عليهم السلام) وأخذ بيد فلان القائم من بينهم فقال: يا ملائكتي ويا سماواتي ويا أرضي بهذا أنتصر [لهذا] قالها ثلاث مرات (3). [990] 4 - الصدوق، عن أبيه، عن علي بن إبراهيم، عن جعفر بن سلمة، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن عبيد الله بن موسى العبسي، عن مهلهل العبدي، عن كريزة بن صالح الهجري، عن أبي ذر جندب بن جنادة (رضي الله عنه) قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول
(1) الكافي: 2 / 8. (2) الكافي: 2 / 334، والآية 129 من سورة الأنعام. (3) الكافي: 1 / 534. 455 لعلي كلمات ثلاث لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من الدنيا وما فيها، سمعته يقول: اللهم أعنه واستعن به، اللهم انصره وانتصر به فانه عبدك وأخو رسولك. ثم قال أبو ذر (رحمه الله): أشهد لعلي بالولاء والإخاء والوصية. قال كريزة بن صالح: وكان يشهد له بمثل ذلك سلمان الفارسي والمقداد وعمار وجابر بن عبد الله الأنصاري وأبو الهيثم بن التيهان وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين وأبو أيوب صاحب منزل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهاشم بن عتبة المرقال، كلهم من أفاضل أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (1). [991] 5 - المفيد، عن الصدوق، عن أبيه، عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد فينادي مناد غضوا أبصاركم ونكسوا رؤوسكم حتى تجوز فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) الصراط. قال: فتغض الخلائق أبصارهم فتأتي فاطمة (عليها السلام) على نجيب من نجب الجنة يشيعها سبعون ألف ملك فتقف موقفا شريفا من مواقف القيامة، ثم تنزل عن نجيبها فتأخذ قميص الحسين بن علي (عليه السلام) بيدها مضمخا بدمه وتقول: يا رب هذا قميص ولدي وقد علمت ما صنع به، فيأتيها النداء من قبل الله عز وجل: يا فاطمة لك عندي الرضا، فتقول: يا رب انتصر لي من قاتله، فيأمر الله تعالى عنقا من النار فتخرج من جهنم فتلتقط قتلة الحسين بن علي (عليه السلام) كما يلتقط الطير الحب ثم يعود العنق بهم إلى النار فيعذبون فيها بأنواع العذاب، ثم تركب فاطمة (عليها السلام) نجيبها حتى تدخل الجنة ومعها الملائكة المشيعون لها وذريتها بين يديها وأولياؤهم من الناس عن يمينها وشمالها (2). الرواية صحيحة الإسناد. [992] 6 - الطوسي بإسناده إلى أخي دعبل، عن الرضا (عليه السلام)، عن آبائه (عليهم السلام)، عن علي
(1) أمالي الصدوق: المجلس الثاني عشر ح 3 / 52، ونقل عنه في بحار الأنوار: 22 / 318. (2) أمالي المفيد: المجلس الخامس عشر: ح 6 / 130. 456 بن الحسين (عليهما السلام)، عن عمه الحسن بن علي (عليه السلام) قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: إن في علي بن أبي طالب خصالا لأن يكون في إحداهن أحب إلي من الدنيا وما فيها، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول لعلي بن أبي طالب (عليه السلام): اللهم ارحمه وترحم عليه وانصره وانتصر به وأعنه واستعن به فانه عبدك وكتيبة رسولك (1). [993] 7 - محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن داود العجلي، عن زرارة، عن حمران، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: ان الله تبارك وتعالى حيث خلق الخلق خلق ماء عذبا وماء مالحا أجاجا فامتزج الماءان، فأخذ طينا من أديم الأرض فعركه عركا شديدا، فقال لأصحاب اليمين وهم فيهم كالذر يدبون: إلى الجنة بسلام، وقال لأصحاب الشمال يدبون: إلى النار ولا أبالي، ثم قال: (ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين) (2). قال: ثم أخذ الميثاق على النبيين فقال: ألست بربكم؟ قال: وإن هذا محمد رسول الله وإن هذا علي أمير المؤمنين؟ قالوا: بلى، فثبتت لهم النبوة. وأخذ الميثاق على اولي العزم ألا إني ربكم ومحمد رسولي وعلي أمير المؤمنين وأوصياؤه من بعدي ولاة أمري وخزان علمي وإن المهدي أنتصر به لديني وأظهر به دولتي وأنتقم به من أعدائي واعبد به طوعا وكرها؟ قالوا: أقررنا وشهدنا يا رب، ولم يجحد آدم ولم يقر، فثبتت العزيمة لهؤلاء الخمسة في المهدي ولم يكن لآدم عزم على الإقرار به وهو قوله عز وجل (ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما) (3) قال: إنما يعني فترك، ثم أمر نارا فأججت فقال لأصحاب الشمال: ادخلوها فهابوها، وقال لأصحاب اليمين: ادخلوها فدخلوها فكانت عليهم بردا وسلاما، فقال أصحاب الشمال: يا رب أقلنا،
(1) أمالي الطوسي: المجلس الثالث عشر ح 3 / 362 الرقم 752. (2) سورة البقرة: 172. (3) سورة طه: 115. 457 فقال: قد أقلتكم اذهبوا فادخلوها فهابوها، فثم ثبتت الطاعة والمعصية والولاية (1). الرواية صحيحة الإسناد. ونحوها في الكافي: 2 / 8. وقد سبقت في أول هذا الباب. [994] 8 - قال الشهيد: قال أبو محمد العسكري (عليه السلام): ان للسخاء مقدارا فإن زاد عليه فهو سرف، وللحزم مقدارا فإن زاد عليه فهو جبن، وللاقتصاد مقدارا فإن زاد عليه فهو بخل، وللشجاعة مقدارا فإن زاد عليه فهو تهور. وقال (عليه السلام): كفاك أدبا تجنبك ما تكره من غيرك. وقال (عليه السلام): من كان الورع سجيته والإفضال حليته انتصر من أعدائه بحسن الثناء عليه وتحصن بالذكر الجميل من وصول نقص إليه (2). [995] 9 - الراوندي بإسناده إلى الصدوق، عن أبيه، عن محمد بن أبي القاسم، عن الكوفي، عن أبي عبد الله الخياط، عن عبد الله بن القاسم، عن عبد الله بن سنان، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): ان الله عز وجل إذا أراد أن ينتصر لأوليائه انتصر لهم بشرار خلقه، وإذا أراد أن ينتصر لنفسه انتصر بأوليائه، ولقد انتصر ليحيى بن زكريا (عليه السلام) ببخت نصر (3). [996] 10 - الأسترآبادي رفعه إلى محمد بن العباس، عن علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد، عن علي بن هلال الأحمس، عن الحسن بن وهب، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله عز وجل: (ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل) (4) قال: ذاك القائم عجل الله فرجه إذا قام انتصر من بني امية ومن المكذبين والنصاب (5).
(1) بصائر الدرجات: 70 ح 2. (2) الدرة الباهرة: 44 و 43. (3) قصص الأنبياء: 218 ح 286، ونقل عنه في بحار الأنوار: 14 / 181. (4) سورة الشورى: 41. (5) تأويل الآيات الطاهرة: 2 / 549. 458 الانتقام [997] 1 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد وأحمد بن محمد جميعا، عن ابن محبوب، عن إبراهيم الكرخي قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ان صاحبتي هلكت وكانت لي موافقة وقد هممت أن أتزوج، فقال لي: انظر أين تضع نفسك ومن تشركه في مالك وتطلعه على دينك وسرك فإن كنت لابد فاعلا فبكرا تنسب إلى الخير وإلى حسن الخلق، واعلم أنهن كما قال: ألا إن النساء خلقن شتى * فمنهن الغنيمة والغرام ومنهن الحلال إذا تجلى * لصاحبه ومنهن الظلام فمن يظفر بصالحهن يسعد * ومن يغبن فليس له انتقام وهن ثلاث: فامرأة ولود ودود تعين زوجها على دهره لدنياه وآخرته ولا تعين الدهر عليه، وامرأة عقيمة لا ذات جمال ولا خلق ولا تعين زوجها على خير، وامرأة صخابة ولاجة همازة تستقل الكثير ولا تقبل اليسير (1). الرواية حسنة، وروى مثلها الصدوق في الفقيه: 3 / 386، والشيخ في التهذيب: 7 / 401. [998] 2 - الكليني، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن علي بن أسباط، عن سيف بن عميرة، عن محمد بن حمران قال قال أبو عبد الله (عليه السلام): لما كان من أمر الحسين (عليه السلام) ما كان ضجت الملائكة إلى الله بالبكاء
(1) الكافي: 5 / 323. 459 وقالت: يفعل هذا بالحسين صفيك وابن نبيك؟! قال: فأقام الله لهم ظل القائم (عليه السلام) وقال: بهذا أنتقم لهذا (1). [999] 3 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن مسألة فأبى وأمسك ثم قال: لو أعطيناكم كلما تريدون كان شرا لكم وأخذ برقبة صاحب هذا الأمر. قال أبو جعفر (عليه السلام): ولاية الله أسرها إلى جبرئيل (عليه السلام) وأسرها جبرئيل إلى محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وأسرها محمد إلى علي وأسرها علي إلى من شاء الله، ثم أنتم تذيعون ذلك، من الذي أمسك حرفا سمعه؟ قال أبو جعفر (عليه السلام): في حكمة آل داود: ينبغي للمسلم أن يكون مالكا لنفسه مقبلا على شأنه عارفا بأهل زمانه. فاتقوا الله ولا تذيعوا حديثنا، فلولا (2) أن الله يدافع عن أوليائه وينتقم لأوليائه من أعدائه، أما رأيت ما صنع الله بآل برمك وما انتقم الله لأبي الحسن (عليه السلام) وقد كان بنو الأشعث على خطر عظيم فدفع الله عنهم بولايتهم لأبي الحسن وأنتم بالعراق ترون أعمال هؤلاء الفراعنة وما أمهل الله لهم، فعليكم بتقوى الله ولا تغرنكم الحياة الدنيا ولا تغتروا بمن قد أمهل له، فكأن الأمر قد وصل إليكم (3). الرواية صحيحة الإسناد. [1000] 4 - الصدوق بالأسانيد الثلاثة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ان موسى بن عمران (عليه السلام) سأل ربه عز وجل فقال: يا رب ان أخي هارون مات فاغفر له، فأوحى الله عز وجل إليه: يا موسى لو سألتني في الأولين والآخرين لأجبتك ما خلا قاتل الحسين بن علي (عليه السلام) فاني أنتقم له من قاتله (4).
(1) الكافي: 1 / 465. (2) راجع التعليقة العائدة إلى حديث 4 من باب الإمساك. (3) الكافي: 2 / 224. (4) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 2 / 47 ح 179. 460 [1001] 5 - الصدوق، عن الطالقاني، عن محمد بن همام، عن أحمد بن بندار، عن أحمد بن هلال، عن ابن أبي عمير، عن المفضل، عن الصادق عن آبائه عن أمير المؤمنين (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لما أسري بي إلى السماء أوحى إلي ربي جل جلاله فقال: يا محمد إني أطلعت إلى الأرض إطلاعة فاخترتك منها فجعلتك نبيا وشققت لك اسما من أسمائي فأنا المحمود وأنت محمد، ثم أطلعت الثانية فاخترت منها عليا وجعلته وصيك وخليفتك وزوج ابنتك وأبا ذريتك وشققت له اسما من أسمائي فأنا العلي الأعلى وهو علي، وجعلت فاطمة والحسن والحسين من نوركما، ثم عرضت ولايتهم على الملائكة فمن قبلها كان عندي من المقربين. يا محمد لو ان عبدا عبدني حتى ينقطع ويصير كالشن البالي ثم أتاني جاحدا لولايتهم ما أسكنته جنتي ولا أظللته تحت عرشي. يا محمد أتحب أن تراهم؟ قلت: نعم يا رب، فقال عز وجل: ارفع رأسك فرفعت رأسي فإذا أنا بأنوار علي وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والحجة بن الحسن القائم في وسطهم كأنه كوكب دري، قلت: يا رب من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الأئمة، وهذا القائم الذي يحل حلالي ويحرم حرامي وبه أنتقم من أعدائي وهو راحة لأوليائي، وهو الذي يشفي قلوب شيعتك من الظالمين والجاحدين والكافرين فيخرج اللات والعزى طريين فيحرقهما، فلفتنة الناس بهما يومئذ أشد من فتنة العجل والسامري (1). [1002] 6 - الصدوق، عن الدقاق وابن عصام معا، عن الكليني، عن القاسم بن العلاء، عن إسماعيل الفزاري، عن محمد بن جمهور، عن ابن أبي نجران، عمن ذكره، عن الثمالي قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام): يا ابن رسول الله لم سمي علي أمير المؤمنين وهو اسم ما سمي به أحد قبله ولا يحل لأحد بعده؟ قال: لأنه ميرة العلم
(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1 / 58 ح 27. 461 يمتار منه ولا يمتار من أحد غيره. قال: قلت: يا ابن رسول الله فلم سمي سيفه ذا الفقار؟ فقال (عليه السلام): لأنه ما ضرب به أحدا من خلق الله إلا أفقره من هذه الدنيا من أهله وولده وأفقره في الآخرة من الجنة. قال فقلت: يا ابن رسول الله فلستم كلكم قائمين بالحق؟ قال: بلى، قلت: فلم سمي القائم قائما؟ قال: لما قتل جدي الحسين (عليه السلام) ضجت الملائكة إلى الله عز وجل بالبكاء والنحيب وقالوا: إلهنا وسيدنا أتغفل عمن قتل صفوتك وابن صفوتك وخيرتك من خلقك، فأوحى الله عز وجل إليهم: قروا ملائكتي فوعزتي وجلالي لأنتقمن منهم ولو بعد حين، ثم كشف الله عز وجل عن الأئمة من ولد الحسين (عليه السلام) للملائكة فسرت الملائكة بذلك فإذا أحدهم قائم يصلي، فقال الله عز وجل: بذلك القائم أنتقم منهم (1). [1003] 7 - الصدوق، عن أبيه، عن الحميري، عن هارون، عن ابن زياد، عن الصادق، عن أبيه (عليهما السلام): إن الله عز وجل أنزل كتابا من كتبه على نبي من الأنبياء وفيه: أن يكون خلق من خلقي يلحسون الدنيا بالدين يلبسون مسوك الضان على قلوب كقلوب الذئاب أشد مرارة من الصبر وألسنتهم أحلى من العسل وأعمالهم الباطنة أنتن من الجيف، فبي يغترون؟ أم إياي يخادعون؟ أم علي يجترئون؟ فبعزتي حلفت لأبعثن عليهم فتنة تطأ في خطامها حتى تبلغ أطراف الأرض تترك الحكيم منها حيرانا يبطل فيها رأي ذي الرأي وحكمة الحكيم وألبسهم شيعا وأذيق بعضهم بأس بعض، أنتقم من أعدائي بأعدائي فلا أبالي [بما أعذبهم جميعا ولا أبالي] (2). الرواية معتبرة الإسناد. [1004] 8 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه كان يقول: متى أشفي غيظي إذا غضبت؟ أحين أعجز عن الانتقام؟ فيقال لي: لو صبرت؟ أم حين أقدر عليه؟ فيقال
(1) علل الشرايع: 160 ح 1. (2) عقاب الأعمال: 304 ح 2. 462 لي: لو عفوت (1). [1005] 9 - الشيخ حسن بن سليمان بن محمد الحلي تلميذ الشهيد الأول بإسناده عن الحسن بن راشد، عن محمد بن عبد الله بن الحسين قال: دخلت مع أبي على أبي عبد الله (عليه السلام) فجرى بينهما حديث فقال أبي لأبي عبد الله (عليه السلام): ما تقول في الكرة؟ قال: أقول فيها ما قال الله عز وجل وذلك ان تفسيرها صار إلى رسول الله قبل أن يأتي هذا الحرف بخمسة وعشرين ليلة قول الله عز وجل (تلك اذا كرة خاسرة) (2) إذا رجعوا إلى الدنيا ولم يقضوا ذحولهم فقال له أبي: يقول الله عز وجل: (فإنما هي زجرة واحدة * فإذا هم بالساهرة) (3) أي شيء أراد بهذا؟ فقال: إذا انتقم منهم وباتت بقية الأرواح ساهرة لا تنام ولا تموت (4). [1006] 10 - المجلسي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: من تواضع للمتعلمين وذل للعلماء ساد بعلمه، فالعلم يرفع الوضيع وتركه يضع الرفيع، ورأس العلم التواضع وبصره البراءة من الحسد وسمعه الفهم ولسانه الصدق وقلبه حسن النية وعقله معرفة أسباب الامور، ومن ثمراته التقوى واجتناب الهوى واتباع الهدى ومجانبة الذنوب ومودة الاخوان والاستماع من العلماء والقبول منهم، ومن ثمراته ترك الانتقام عند القدرة واستقباح مقارفة الباطل واستحسان متابعة الحق وقول الصدق والتجافي عن سرور في غفلة وعن فعل ما يعقب ندامة، والعلم يزيد العاقل عقلا ويورث متعلمه صفات حمد، فيجعل الحليم أميرا وذا المشورة وزيرا، ويقمع الحرص ويخلع المكر ويميت البخل، ويجعل مطلق الوحش مأسورا وبعيد السداد قريبا (5).
(1) نهج البلاغة: الحكمة 194. (2) سورة النازعات: 12. (3) سورة النازعات: 13 و 14. (4) مختصر بصائر الدرجات: 28. (5) بحار الأنوار: 75 / 6 ح 57. 463 انتهاز فرص الخير [1007] 1 - الصدوق باسناده إلى وصية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام) انه قال:... يا علي بادر بأربع قبل أربع: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وحياتك قبل موتك (1). روى الصدوق نحوها في الخصال: 1 / 238 ح 85 و 86. [1008] 2 - الصدوق، عن الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري، عن محمد بن أحمد القشري (القشيري) عن أبي الحريش أحمد بن عيسى الكوفي، عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن أبيه، عن علي (عليهم السلام) في قول الله عز وجل (ولا تنس نصيبك من الدنيا) (2) قال: لا تنس صحتك وقوتك وفراغك وشبابك ونشاطك أن تطلب بها الآخرة (3). روى الصدوق مثلها أيضا في معاني الأخبار: 325، وابن أشعث في الجعفريات: 176. [1009] 3 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصيته لنجله الحسن (عليه السلام):... والعقل حفظ التجارب وخير ما جربت ما وعظك، بادر الفرصة قبل أن تكون غصة، وليس كل طالب يصيب... وليس كل عورة تظهر، ولا كل فرصة تصاب، ربما أخطأ
(1) الفقيه: 4 / 357. (2) سورة القصص: 77. (3) أمالي الصدوق: المجلس الأربعون ح 10 / 189. 464 البصير قصده وأصاب الأعمى رشده (1). [1010] 4 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: قرنت الهيبة بالخيبة والحياء بالحرمان والفرصة تمر مر السحاب فانتهزوا فرص الخير (2). [1011] 5 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: إضاعة الفرصة غصة (3). [1012] 6 - الطوسي بإسناده إلى وصية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لأبي ذر:... يا أبا ذر نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ. يا أبا ذر اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك (4). [1013] 7 - أبو يعلى الجعفري رفعه، عن الغلابي انه قال: سألت الهادي (عليه السلام) عن الحزم فقال: هو أن تنهز فرصتك وتعاجل ما أمكنك (5). [1014] 8 - ابن أبي جمهور الأحسائي رفعه إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: من فتح له باب خير فلينتهزه فانه لا يدري متى يغلق عنه (6). [1015] 9 - الآمدي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: شيمة الأتقياء اغتنام المهلة والتزود للرحلة (7). [1016] 10 - الآمدي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: خذ من نفسك لنفسك، وتزود من يومك لغدك، واغتنم غفو الزمان وانتهز فرصة الإمكان (8).
(1) نهج البلاغة: الكتاب 31. (2) نهج البلاغة: الحكمة 21. (3) نهج البلاغة: الحكمة 118. (4) أمالي الطوسي: المجلس التاسع عشر ح 1 / 526 الرقم 1162. (5) نزهة الناظر وتنبيه الخاطر: 69. (6) عوالي اللآلي: 1 / 289 ح 146. (7) غرر الحكم: ح 5777. (8) غرر الحكم: ح 5046. 465 غفا الرجل يغفو غفوا وغفوا: أي نام، وقيل: نعس، وقيل: نام نومة خفيفة. وفي هذا المجال راجع إن شئت وسائل الشيعة: 11 / 366، ومستدرك الوسائل: 12 / 140، وجامع أحاديث الشيعة: 14 / 315.
466 الإنفاق [1017] 1 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال ثلاث من أتى الله بواحدة منهن أوجب الله له الجنة: الإنفاق من اقتار، والبشر لجميع العالم، والإنصاف من نفسه (1). الرواية موثقة سندا. [1018] 2 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة، عن علي بن الحسين (عليه السلام) قال: من أخلاق المؤمن الإنفاق على قدر الإقتار، والتوسع على قدر التوسع، وإنصاف الناس، وابتداؤه إياهم بالسلام عليهم (2). الرواية صحيحة الإسناد. [1019] 3 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن صفوان بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): تزوجوا وزوجوا، ألا فمن حظ امرء مسلم إنفاق قيمة أيمه، وما من شيء أحب إلى الله عز وجل من بيت يعمر في الإسلام بالنكاح، وما من شيء أبغض إلى الله عز وجل من بيت يخرب في الإسلام بالفرقة يعني الطلاق. ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): ان الله عز وجل إنما وكد في الطلاق وكرر فيه القول من بغضه الفرقة (3).
(1) الكافي: 2 / 103. (2) الكافي: 2 / 241. (3) الكافي: 5 / 328. 467 الرواية صحيحة الإسناد. [1020] 4 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في إنفاق الدراهم المحمول عليها فقال: إذا كان الغالب عليها الفضة فلا بأس (1). الرواية صحيحة الإسناد، ومثلها في تهذيب الشيخ: 7 / 108 ح 70، ونحوها الرواية التالية: [1021] 5 - الشيخ بإسناده، عن ابن أبي عمير، عن الحسن بن عطيه، عن عمر بن يزيد قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن إنفاق الدراهم المحمول عليها فقال: إذا جازت الفضة المثلين فلا بأس (2). الرواية حسنة سندا. [1022] 6 - قال الشيخ: فأما ما رواه ابن أبي عمير، عن علي الصيرفي، عن المفضل بن عمر الجعفي، قال كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فالقي بين يديه دراهم فألقى إلي درهما منها فقال: أيش هذا؟ فقلت: ستوق، فقال: وما الستوق؟ فقلت: طبقتين فضة وطبقة من نحاس وطبقة من فضة، فقال: اكسرها فانه لا يحل بيع هذا ولا إنفاقه. فالوجه في هذا الخبر انه لا يجوز إنفاق هذه الدراهم إلا بعد أن يبين أنها كذلك لأنه متى لم يبين يظن الآخذ لها انها جياد (3). [1023] 7 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن سنان، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من يضمن لي أربعة بأربعة أبيات في الجنة؟ أنفق ولا تخف فقرا، وأفش السلام في العالم، واترك المراء وإن كنت محقا، وأنصف الناس من نفسك (4).
(1) الكافي: 5 / 252. (2) التهذيب: 7 / 108 ح 69. (3) التهذيب: 7 / 109 ح 72. (4) الكافي: 2 / 144. 468 ورواه أيضا في الكافي: 4 / 44 مع تقديم وتأخير، كما رواه الصدوق في الفقيه: 2 / 34 مرسلا. [1024] 8 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن الحسن بن حمزة، عن جده، [عن] أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين صلوات الله عليهما قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول في آخر خطبته: طوبى لمن طاب خلقه وطهرت سجيته وصلحت سريرته وحسنت علانيته وأنفق الفضل من ماله وأمسك الفضل من قوله وأنصف الناس من نفسه (1). [1025] 9 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن منذر بن جيفر، عن آدم أبي الحسين اللؤلؤي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: المؤمن من طاب مكسبه وحسنت خليقته وصحت سريرته وأنفق الفضل من ماله وأمسك الفضل من كلامه وكفى الناس شره وأنصف الناس من نفسه (2). [1026] 10 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن عبيد بن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: ما من عبد يمنع درهما في حقه إلا أنفق اثنين في غير حقه، وما رجل يمنع حقا من ماله إلا طوقه الله عز وجل به حية من نار يوم القيامة (3). الرواية صحيحة الإسناد. ورواه الصدوق أيضا في الفقيه: 2 / 6. [1027] 11 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من منع حقا لله عز وجل أنفق في باطل مثليه (4). الرواية صحيحة الإسناد.
(1) الكافي: 2 / 144. (2) الكافي: 2 / 235. (3) الكافي: 3 / 504. (4) الكافي: 3 / 506. 469 [1028] 12 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن عبد الملك بن عتبة، عن إسحاق بن عمار، عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال: قلت له: لي قرابة أنفق على بعضهم وأفضل بعضهم على بعض فيأتيني إبان الزكاة أفأعطيهم منها؟ قال: مستحقون لها؟ قلت: نعم، قال: هم أفضل من غيرهم أعطهم. قال: قلت: فمن ذا الذي يلزمني من ذوي قرابتي حتى لا أحسب الزكاة عليهم فقال: أبوك وأمك، قلت: أبي وأمي؟ قال: الولدان والولد (1). الرواية معتبرة الإسناد. [1029] 13 - الكليني، عن العدة، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن سعدان، عن الحسين بن أيمن، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال: يا حسين أنفق وأيقن بالخلف من الله، فانه لم يبخل عبد ولا أمة بنفقة فيما يرضي الله عز وجل إلا أنفق أضعافها فيما يسخط الله [عز وجل] (2). [1030] 14 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: دخل عليه مولى له فقال له: هل أنفقت اليوم شيئا؟ قال: لا والله، فقال أبو الحسن (عليه السلام): فمن أين يخلف الله علينا، أنفق ولو درهما واحدا (3). الرواية صحيحة الإسناد. [1031] 15 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد وسهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن يونس بن يعقوب، عن حماد بن واقد اللحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لو أن رجلا أنفق ما في يديه في سبيل من سبيل الله ما كان أحسن ولا وفق، أليس يقول الله تعالى: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا ان الله يحب
(1) الكافي: 3 / 551. (2) الكافي: 4 / 43. (3) الكافي: 4 / 44. 470 المحسنين) (1) يعني المقتصدين (2). [1032] 16 - الصدوق، عن ماجيلويه، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن هارون، عن ابن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما أنفق مؤمن نفقة هي أحب إلى الله عز وجل من قول الحق في الرضا والغضب (3). [1033] 17 - الصدوق، عن ابن الوليد، عن الصفار، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إنما الشحيح من منع حق الله وأنفق في غير حق الله عز وجل (4). الرواية صحيحة الإسناد. [1034] 18 - الطوسي، عن المفيد، عن أحمد بن الوليد، عن أبيه، عن الصفار، عن ابن عيسى، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: أربع من كن فيه من المؤمنين أسكنه الله في أعلى عليين في غرف فوق غرف في محل الشرف كل الشرف: من آوى اليتيم ونظر له فكان له أبا، ومن رحم الضعيف وأعانه وكفاه، ومن أنفق على والديه ورفق بهما وبرهما ولم يحزنهما، ومن لم يخرق بمملوكه وأعانه على ما يكلفه ولم يستسعه فيما لا يطيق (5). الرواية صحيحة الإسناد. [1035] 19 - الآمدي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: إن إنفاق هذا المال في طاعة الله أعظم نعمة، وإن إنفاقه في معاصيه أعظم محنة (6).
(1) سورة البقرة: 195. (2) الكافي: 4 / 53. (3) الخصال: 1 / 60 ح 82 باب الاثنين. (4) معاني الأخبار: 246 ح 6. (5) أمالي الطوسي: المجلس السابع ح 21 / 189 الرقم 319. (6) غرر الحكم: 3329. 471 [1036] 20 - الآمدي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: إنكم إلى إنفاق ما اكتسبتم أحوج منكم إلى اكتساب ما تجمعون (1). الروايات في هذا المجال فوق حد الإحصاء وإن شئت أكثر من هذا فراجع كتب الأخبار.
(1) غرر الحكم: ح 3827. 472 الإنصاف [1037] 1 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن علي بن عقبة، عن جارود أبي المنذر قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: سيد الأعمال ثلاثة: إنصاف الناس من نفسك حتى لا ترضى بشيء إلا رضيت لهم مثله، ومؤاساتك الأخ في المال، وذكر الله على كل حال، ليس «سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر» فقط، ولكن إذا ورد عليك شيء أمر الله عز وجل به أخذت به، أو إذا ورد عليك شيء نهى الله عز وجل عنه تركته (1). [1038] 2 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم، عن زرارة، عن الحسن البزاز، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال في حديث له: ألا اخبركم بأشد ما فرض الله على خلقه، فذكر ثلاثة أشياء أولها: إنصاف الناس من نفسك (2). [1039] 3 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): سيد الأعمال إنصاف الناس من نفسك ومؤاساة الأخ في الله وذكر الله عز وجل على كل حال (3). الرواية معتبرة الإسناد.
(1) الكافي: 2 / 144. (2) الكافي: 2 / 145. (3) الكافي: 2 / 145. 473 [1040] 4 - الكليني، عن علي، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن زرارة، عن الحسن البزاز، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): ألا أخبرك بأشد ما فرض الله على خلقه ثلاث، قلت: بلى، قال: إنصاف الناس من نفسك، ومؤاساتك أخاك، وذكر الله في كل موطن، أما إني لا أقول «سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر» وإن كان هذا من ذاك ولكن ذكر الله جل وعز في كل موطن إذا هجمت على طاعة أو على معصية (1). [1041] 5 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن مالك بن عطيه، عن أبي حمزة، عن علي بن الحسين (عليه السلام) قال: من أخلاق المؤمن الإنفاق على قدر الإقتار، والتوسع على قدر التوسع، وإنصاف الناس، وابتداؤه إياهم بالسلام عليهم (2). الرواية صحيحة الإسناد. [1042] 6 - الكليني، عن العدة، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عبد الرحمن بن حماد الكوفي، عن عبد الله بن إبراهيم الغفاري، عن جعفر بن إبراهيم الجعفري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من واسى الفقير من ماله وأنصف الناس من نفسه فذلك المؤمن حقا (3). [1043] 7 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من أنصف الناس من نفسه رضي به حكما لغيره (4).
(1) الكافي: 2 / 145. (2) الكافي: 2 / 241. (3) الكافي: 2 / 147. (4) الكافي: 2 / 146. 474 [1044] 8 - الصدوق، عن أبيه، عن علي، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصيته لابنه محمد بن الحنفية: إياك والعجب وسوء الخلق وقلة الصبر فانه لا يستقيم لك على هذه الخصال الثلاث صاحب ولا يزال لك عليها من الناس مجانب، وألزم نفسك التودد، وصبر على مؤونات الناس نفسك، وابذل لصديقك نفسك ومالك، ولمعرفتك رفدك ومحضرك، وللعامة بشرك ومحبتك، ولعدوك عدلك وإنصافك، واضنن بدينك وعرضك عن كل أحد فانه أسلم لدينك ودنياك (1). [1045] 9 - الصدوق، عن أبيه، عن سعد، عن الثقفي، عن يعقوب بن محمد البصري، عن ابن عمارة، عن علي بن أبي الزعزاع، عن أبي ثابت الخزري، عن عبد الكريم الخزري، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عباس قال: جاع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جوعا شديدا فأتى الكعبة فتعلق بأستارها فقال: رب محمد لا تجع محمدا أكثر مما أجعته. قال: فهبط جبرئيل (عليه السلام) ومعه لوزة فقال: يا محمد ان الله جل جلاله يقرأ عليك السلام، فقال: يا جبرئيل الله السلام ومنه السلام وإليه يعود السلام، فقال: ان الله يأمرك أن تفك عن هذه اللوزة، ففك عنها فإذا فيها ورقة خضراء نضرة مكتوبة عليها لا إله إلا الله محمد رسول الله أيدت محمدا بعلي ونصرته به، ما أنصف الله من نفسه من اتهم الله في قضائه واستبطأه في رزقه (2). [1046] 10 - الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن قيس الهلالي، عن عجلان أبي صالح قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): أنصف الناس من نفسك وواسهم من مالك وارض لهم بما ترضى لنفسك واذكر الله كثيرا، وإياك والكسل والضجر فإن أبي بذلك كان يوصيني وبذلك كان يوصيه أبوه، وذلك في صلاة الليل، إنك إذا كسلت لم تؤد إلى الله حقه،
(1) الخصال: 1 / 147 ح 178. (2) أمالي الصدوق: المجلس الثاني والثمانون ح 9 / 444، ونقل عنه في بحار الأنوار: 39 / 124. 475 وإذا ضجرت لم تؤد إلى أحد حقه (1). [1047] 11 - المفيد، عن الصدوق، عن أبيه، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: سمعته يقول: لا تستكثروا كثير الخير ولا تستقلوا قليل الذنوب فإن قليل الذنوب يجتمع حتى يكون كثيرا، وخافوا الله عز وجل في الستر حتى تعطوا من أنفسكم النصف، وسارعوا إلى طاعة الله، وأصدقوا الحديث وأدوا الأمانة فإنما ذلك لكم، ولا تدخلوا فيما لا يحل فإنما ذلك عليكم (2). الرواية موثقة سندا. [1048] 12 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) في عهده لمالك الأشتر النخعي:... أنصف الله وأنصف الناس من نفسك ومن خاصة أهلك ومن لك فيه هوى من رعيتك، فإنك إن لا تفعل تظلم، ومن ظلم عباد الله كان الله خصمه دون عباده، ومن خاصمه الله أدحض حجته وكان لله حربا حتى ينزع أو يتوب... ثم الله الله في الطبقة السفلى من الذين لا حيلة لهم من المساكين والمحتاجين... فإن هؤلاء من بين الرعية أحوج إلى الإنصاف من غيرهم (3). [1049] 13 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال في قوله تعالى: (ان الله يأمر بالعدل والإحسان) (4) العدل: الإنصاف. والإحسان: التفضل (5). [1050] 14 - الطوسي، عن ابن الغضائري، عن محمد بن علي بن الحسين، عن أحمد بن محمد بن يحيى، عن أبيه، عن محمد بن عبد الجبار، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن علي بن ميمون الصائغ قال: سمعت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) يقول: من أراد أن
(1) كتاب الزهد: 19 ح 43. (2) أمالي المفيد: المجلس التاسع عشر ح 8 / 157. (3) نهج البلاغة: الكتاب 53. (4) سورة النحل: 90. (5) نهج البلاغة: الحكمة 231. 476 يدخله الله عز وجل ويسكنه جنته فليحسن خلقه وليعط النصفة من نفسه وليرحم اليتيم وليعن الضعيف وليتواضع لله الذي خلقه (1). الرواية حسنة سندا. [1051] 15 - الطوسي، عن الفحام، عن محمد بن الحسن النقاش، عن إبراهيم بن عبد الله الكجي، عن أبي عاصم الضحاك بن مخلد النبيل قال: سمعت سيدنا الصادق (عليه السلام) يقول: ليس من الإنصاف مطالبة الإخوان بالإنصاف (2). [1052] 16 - ابن شعبة الحراني رفعه إلى الصادق (عليه السلام): ثلاثة تجب على السلطان للخاصة والعامة: مكافاة المحسن بالإحسان ليزدادوا رغبة فيه، وتغمد ذنوب المسئ ليتوب ويرجع عن غيه، وتألفهم جميعا بالإحسان والإنصاف (3). [1053] 17 - الطبرسي رفعه إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في وصيته لابن مسعود:... يا ابن مسعود أنصف الناس من نفسك وأنصح الأمة وارحمهم، فإذا كنت كذلك وغضب الله على أهل بلدة أنت فيها وأراد أن ينزل عليهم العذاب نظر إليك فرحمهم بك، يقول الله تعالى (وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون) (4). [1054] 18 - الآمدي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: ثلاثة لا ينتصفون من ثلاثة أبدا: العاقل من الأحمق، والبر من الفاجر، والكريم من اللئيم (5). [1055] 19 - الآمدي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: المؤمن ينصف من لا ينصفه (6).
(1) أمالي الطوسي: المجلس الخامس عشر ح 25 / 432 الرقم 968. (2) أمالي الطوسي: المجلس العاشر ح 75 / 279 الرقم 537. (3) تحف العقول: 319. (4) مكارم الأخلاق: 457، والآية 117 من سورة هود. (5) غرر الحكم: ح 4674. (6) غرر الحكم: ح 1410. 477 [1056] 20 - المجلسي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: ثلاث خصال تجتلب بهن المحبة: الإنصاف في المعاشرة، والمواساة في الشدة، والانطواع والرجوع على قلب سليم (1). في هذا المجال راجع إن شئت الكافي: 2 / 144، والوافي: 4 / 473، وبحار الأنوار: 72 / 24، ووسائل الشيعة: 11 / 224، ومستدرك الوسائل: 11 / 308، وجامع أحاديث الشيعة: 14 / 293، وغير ذلك من كتب الأخبار.
(1) بحار الأنوار: 75 / 82 ح 77. 478 الإهانة [1057] 1 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن عمه حمزة بن بزيع، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: (فلما آسفونا انتقمنا منهم) (1) فقال: إن الله عز وجل لا يأسف كأسفنا ولكنه خلق أولياء لنفسه يأسفون ويرضون وهم مخلوقين مربوبون فجعل رضاهم رضا نفسه وسخطهم سخط نفسه، لأنه جعلهم الدعاة إليه والأدلاء عليه فلذلك صاروا كذلك، وليس أن ذلك يصل إلى الله كما يصل إلى خلقه لكن هذا معنى ما قال من ذلك، وقد قال: من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة ودعاني إليها، وقال: (ومن يطع الرسول فقد أطاع الله) (2)، وقال: (ان الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم) (3) فكل هذا وشبهه على ما ذكرت لك وهكذا الرضا والغضب وغيرهما من الأشياء مما يشاكل ذلك، ولو كان يصل إلى الله الأسف والضجر وهو الذي خلقهما وأنشأهما لجاز لقائل هذا أن يقول: إن الخالق يبيد يوما ما لأنه إذا دخله الغضب والضجر دخله التغيير وإذا دخله التغيير لم يؤمن عليه الإبادة ثم لم يعرف المكون من المكون ولا القادر من المقدور عليه ولا الخالق من المخلوق، تعالى الله عن هذا القول علوا كبيرا، بل هو الخالق للأشياء لا لحاجة، فإذا كان لا لحاجة استحال الحد والكيف فيه، فافهم إن شاء الله تعالى (4).
(1) سورة الزخرف: 55. (2) سورة النساء: 79. (3) سورة الفتح: 10. (4) الكافي: 1 / 144. 479 الرواية صحيحة الإسناد. [1058] 2 - الكليني، عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن حماد بن بشير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): قال الله تبارك وتعالى: من أهان لي وليا فقد أرصد لمحاربتي (1). [1059] 3 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن النعمان، عن ابن مسكان، عن معلى بن خنيس قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: ان الله تبارك وتعالى يقول: من أهان لي وليا فقد أرصد لمحاربتي، وأنا أسرع شيء إلى نصرة أوليائي (2). الرواية معتبرة الإسناد. [1060] 4 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى وأبو علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار جميعا، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن حماد بن بشير قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): قال الله عز وجل: من أهان لي وليا فقد أرصد لمحاربتي، وما تقرب إلي عبد بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وإنه ليتقرب إلي بالنافلة حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ولسانه الذي ينطق به ويده التي يبطش بها، إن دعاني أجبته وإن سألني أعطيته، وما ترددت عن شيء أنا فاعله كترددي عن موت المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته (3). [1061] 5 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن أبي سعيد القماط، عن أبان بن تغلب، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لما
(1) الكافي: 2 / 351. (2) الكافي: 2 / 351. (3) الكافي: 2 / 352. 480 أسري بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: يا رب ما حال المؤمن عندك؟ قال: يا محمد من أهان لي وليا فقد بارزني، بالمحاربة وأنا أسرع شيء إلى نصرة أوليائي، وما ترددت عن شيء أنا فاعله كترددي عن وفاة المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته. وإن من عبادي المؤمنين من لا يصلحه إلا الغنى ولو صرفته إلى غير ذلك لهلك، وإن من عبادي المؤمنين من لا يصلحه إلا الفقر ولو صرفته إلى غير ذلك لهلك، وما يتقرب إلي عبد من عبادي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وإنه ليتقرب إلي بالنافلة حتى أحبه، فإذا أحببته كنت إذا سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ولسانه الذي ينطق به ويده التي يبطش بها، إن دعاني أجبته وإن سألني أعطيته (1). [1062] 6 - الصدوق، عن القطان، عن عبد الرحمن بن محمد الحسيني، عن أحمد بن عيسى العجلي، عن محمد بن أحمد العرزمي، عن علي بن حاتم، عن شريك، عن سالم الأفطس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام): يا علي شيعتك هم الفائزون يوم القيامة، فمن أهان واحدا منهم فقد أهانك ومن أهانك فقد أهانني ومن أهانني أدخله الله نار جهنم خالدا فيها وبئس المصير. يا علي أنت مني وأنا منك روحك من روحي وطينتك من طينتي وشيعتك خلقوا من فضل طينتنا، فمن أحبهم فقد أحبنا، ومن أبغضهم فقد أبغضنا، ومن عاداهم فقد عادانا، ومن ودهم فقد ودنا. يا علي إن شيعتك مغفور لهم على ما كان فيهم من ذنوب وعيوب. يا علي أنا الشفيع لشيعتك غدا إذا قمت المقام المحمود فبشرهم بذلك يا علي شيعتك شيعة الله وأنصارك أنصار الله وأولياؤك أولياء الله وحزبك حزب الله. يا علي سعد من تولاك وشقي من عاداك. يا علي لك كنز في الجنة وأنت ذو قرنيها (2). [1063] 7 - الصدوق، بإسناده عن يونس بن ظبيان، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) انه
(1) الكافي: 2 / 352. (2) أمالي الصدوق: المجلس الرابع ح 8 / 23. 481 قال: الاشتهار بالعبادة ريبة، إن أبي حدثني، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال:... أذل الناس من أهان الناس (1). [1064] 8 - الصدوق، باسناده إلى آخر خطبة خطبها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):... ومن أهان فقيرا مسلما من أجل فقره واستخف به فقد استخف بحق الله ولم يزل في مقت الله عز وجل وسخطه حتى يرضيه، ومن أكرم فقيرا مسلما لقي الله يوم القيامة وهو يضحك إليه... (2). [1065] 9 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال:... ولقد كان في رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما يدلك على مساوئ الدنيا وعيوبها، إذ جاع فيها مع خاصته وزويت عنه زخارفها مع عظيم زلفته، فلينظر ناظر بعقله أكرم محمدا بذلك أم أهانه، فإن قال أهانه فقد كذب والله العظيم بالإفك العظيم، وإن قال: أكرمه فليعلم أن الله قد أهان غيره حيث بسط الدنيا له وزواها عن أقرب الناس منه، فتأسى متأس بنبيه واقتص أثره وولج مولجه، وإلا فلا يأمن الهلكة... (3). [1066] 10 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصيته لنجله الحسن (عليه السلام):... من أمن الزمان خانه، ومن أعظمه أهانه... (4).
(1) الفقيه: 4 / 396 الرقم 5840. (2) عقاب الأعمال: 333. (3) نهج البلاغة: الخطبة 160. (4) نهج البلاغة: الكتاب 31. 482 الاهتمام [1067] 1 - الكليني، عن أحمد بن إدريس وغيره، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن الحسين، عن أبيه، عن منصور بن حازم أو غيره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال علي بن الحسين (عليه السلام): من اهتم بمواقيت الصلاة لم يستكمل لذة الدنيا (1). [1068] 2 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم (2). الرواية معتبرة الإسناد، ونظيرها خبر محمد بن القاسم الهاشمي المروي في الكافي: 2 / 164. [1069] 3 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن سليمان بن سماعة، عن عمه عاصم الكوزي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: من أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس منهم، ومن سمع رجلا ينادي يا للمسلمين فلم يجبه فليس بمسلم (3). [1070] 4 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حنان بن سدير، عن يزيد بن خليفة - وهو رجل من
(1) الكافي: 3 / 275. (2) الكافي: 2 / 163. (3) الكافي: 2 / 164. 483 بني الحارث بن كعب - قال: سمعته يقول: أتيت المدينة وزياد بن عبيد الله الحارثي عليها فاستأذنت على أبي عبد الله (عليه السلام) فدخلت عليه وسلمت عليه وتمكنت من مجلسي. قال: فقلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إني رجل من بني الحارث بن كعب وقد هداني الله عز وجل إلى محبتكم ومودتكم أهل البيت. قال: فقال لي أبو عبد الله (عليه السلام): وكيف اهتديت إلى مودتنا أهل البيت؟ فوالله ان محبتنا في بني الحارث بن كعب لقليل. قال: فقلت له: جعلت فداك ان لي غلاما خراسانيا وهو يعمل القصارة وله همشهريجون (1) أربعة وهم يتداعون كل جمعة فيقع الدعوة على رجل منهم فيصيب غلامي كل خمس جمع جمعة فيجعل لهم النبيذ واللحم. قال: ثم إذا فرغوا من الطعام واللحم جاء بإجانة فملأها نبيذا، ثم جاء بمطهرة فإذا ناول إنسانا منهم قال له: لا تشرب حتى تصلي على محمد وآل محمد، فاهتديت إلى مودتكم بهذا الغلام. قال: فقال لي: استوص به خيرا وأقرئه مني السلام وقل له يقول لك جعفر بن محمد: انظر شرابك هذا الذي تشربه فإن كان يسكر كثيره فلا تقربن قليله فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: كل مسكر حرام، وقال: ما أسكر كثيره فقليله حرام. قال: فجئت إلى الكوفة وأقرأت الغلام السلام من جعفر بن محمد (عليه السلام). قال: فبكى ثم قال لي: اهتم بي جعفر بن محمد (عليه السلام) حتى يقرئني السلام؟ قال: قلت: نعم وقد قال لي: قل له: انظر شرابك هذا الذي تشربه فإن كان يسكر كثيره فلا تقربن قليله فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: كل مسكر حرام وما أسكر كثيره فقليله حرام، وقد أوصاني بك فاذهب فأنت حر لوجه الله تعالى. قال: فقال الغلام: والله انه لشراب ما يدخل جوفي ما بقيت في الدنيا (2). [1071] 5 - الصدوق، عن القطان، عن السكري، عن الجوهري، عن ابن عمارة، عن أبيه قال: قال الصادق (عليه السلام): مطلوبات الناس في الدنيا الفانية أربعة: الغنى والدعة
(1) كلمة فارسية معناها: من أهل بلده. (2) الكافي: 6 / 411. 484 وقلة الاهتمام والعز. فأما الغنى فموجود في القناعة فمن طلبه في كثرة المال لم يجده، وأما الدعة فموجودة في خفة المحمل فمن طلبها في ثقله لم يجدها، وأما قلة الاهتمام فموجودة في قلة الشغل فمن طلبها مع كثرته لم يجدها، وأما العز فموجود في خدمة الخالق فمن طلبه في خدمة المخلوق لم يجده (1). [1072] 6 - الصدوق، عن أبيه، عن سعد، عن القاسم بن محمد الإصبهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن ابن عيينة، عن الزهري قال: سمعت علي بن الحسين (عليه السلام) يقول: من لم يتعز بعزاء الله تقطعت نفسه على الدنيا حسرات، والله ما الدنيا والآخرة إلا ككفتي الميزان فأيهما رجح ذهب بالآخر ثم تلا قوله عز وجل (إذا وقعت الواقعة) يعني القيامة (ليس لوقعتها كاذبة * خافضة) خفضت والله بأعداء الله إلى النار (رافعة) (2) رفعت والله أولياء الله إلى الجنة. ثم أقبل على رجل من جلسائه فقال له: اتق الله وأجمل في الطلب ولا تطلب ما لم يخلق فإن من طلب ما لم يخلق تقطعت نفسه حسرات ولم ينل ما طلب. ثم قال: وكيف ينال ما لم يخلق؟ فقال الرجل: وكيف يطلب ما لم يخلق؟ فقال: من طلب الغنى والأموال والسعة في الدنيا فإنما يطلب ذلك للراحة، والراحة لم تخلق في الدنيا ولا لأهل الدنيا، إنما خلقت الراحة في الجنة ولأهل الجنة، والتعب والنصب خلقا في الدنيا ولأهل الدنيا، وما اعطي أحد منها جفنة (3) إلا اعطي من الحرص مثليها، ومن أصاب من الدنيا أكثر كان فيها أشد فقرا لأنه يفتقر إلى الناس في حفظ أمواله ويفتقر إلى كل آلة من آلات الدنيا، فليس في غنى الدنيا راحة ولكن الشيطان يوسوس إلى ابن آدم ان له في جمع [ذلك] المال راحة، وإنما يسوقه إلى التعب في الدنيا والحساب عليه في الآخرة. ثم
(1) الخصال: 1 / 198 ح 7. (2) سورة الواقعة: 1 - 3. (3) الجفنة كالقصعة. 485 قال (عليه السلام): كلا ما تعب أولياء الله في الدنيا للدنيا بل تعبوا في الدنيا للآخرة. ثم قال: ألا ومن اهتم لرزقه كتب عليه خطيئة، كذلك قال المسيح [عيسى] (عليه السلام) للحواريين: إنما الدنيا قنطرة فاعبروها ولا تعمروها (1). [1073] 7 - البرقي، عن أبيه، عن فضالة، عن عمر بن أبان، عن جابر الجعفي قال: تنفست بين يدي أبي جعفر (عليه السلام) ثم قلت: يا ابن رسول الله أهتم من غير مصيبة تصيبني أو أمر نزل بي حتى تعرف ذلك أهلي في وجهي ويعرفه صديقي، قال: نعم يا جابر قلت: ومم ذلك يا ابن رسول الله؟ قال: وما تصنع بذلك؟ قلت: أحب أن أعلمه، فقال: يا جابر ان الله خلق المؤمنين من طينة الجنان وأجرى فيهم من ريح روحه فلذلك المؤمن أخو المؤمن لأبيه وأمه فإذا أصاب تلك الأرواح في بلد من البلدان شيء حزنت عليه الأرواح لأنها منه (2). الرواية معتبرة الإسناد. [1074] 8 - المفيد، عن محمد بن عمر الجعابي، عن ابن عقدة، عن أحمد بن يحيى، عن محمد بن علي، عن أبي بدر، عن عمرو، عن عمرو يزيد بن مرة، عن سويد بن غفلة، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما من عبد اهتم بمواقيت الصلاة ومواضع الشمس إلا ضمنت له الروح عند الموت وانقطاع الهموم والأحزان والنجاة من النار، كنا مرة رعاة الإبل فصرنا اليوم رعاة الشمس (3). [1075] 9 - الطوسي، عن الفحام، عن محمد بن عيسى بن هارون، عن إبراهيم بن عبد الصمد، عن أبيه، عن جده قال: قال سيدنا الصادق (عليه السلام): من اهتم لرزقه كتب عليه خطيئة، إن دانيال كان في زمن ملك جبار عات أخذه فطرحه في جب وطرح
(1) الخصال: 1 / 64 ح 95. (2) المحاسن: 133، ونقل عنه في بحار الأنوار: 58 / 147 ح 23. (3) أمالي المفيد: المجلس السادس عشر ح 5 / 136. 486 معه السباع فلم تدنو منه ولم يخرجه، فأوحى الله إلى نبي من أنبيائه ان ائت دانيال بطعام، قال: يا رب وأين دانيال؟ قال: تخرج من القرية فيستقبلك ضبع فاتبعه فانه يدلك إليه، فأتت به الضبع إلى ذلك الجب فإذا فيه دانيال فأدلى إليه الطعام فقال دانيال: الحمد لله الذي لا ينسى من ذكره، والحمد لله الذي لا يخيب من دعاه، الحمد لله الذي من توكل عليه كفاه، الحمد لله الذي من وثق به لم يكله إلى غيره، الحمد لله الذي يجزي بالإحسان إحسانا وبالصبر نجاة. ثم قال الصادق (عليه السلام): إن الله أبى إلا أن يجعل أرزاق المتقين من حيث لا يحتسبون وأن لا تقبل لأوليائه شهادة في دولة الظالمين (1). [1076] 10 - قال ابن طاوس (رحمه الله): ذكر الكراجكي في كتاب كنز الفوائد قال: جاء في الحديث أن أبا جعفر المنصور خرج في يوم جمعة متوكئا على يد الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) فقال رجل يقال له رزام مولى خالد بن عبد الله: من هذا الذي بلغ من خطره ما يعتمد أمير المؤمنين على يده؟ فقيل له: هذا أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) فقال: اني والله ما علمت لوددت أن خد أبي جعفر نعل لجعفر. ثم قام فوقف بين يدي المنصور فقال له: أسال يا أمير المؤمنين؟ فقال له المنصور: سل هذا، فقال: اني أريدك بالسؤال، فقال له المنصور: سل هذا، فالتفت رزام إلى الامام جعفر بن محمد (عليه السلام) فقال له: أخبرني عن الصلاة وحدودها، فقال له الصادق (عليه السلام): للصلاة أربعة آلاف حد لست تؤاخذ بها، فقال: أخبرني بما لا يحل تركه ولا تتم الصلاة إلا به، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): لا يتم الصلاة إلا لذي طهر سابغ وتمام بالغ، غير نازغ ولا زائغ، عرف فوقف وأخبت فثبت، فهو واقف بين اليأس والطمع والصبر والجزع، كان الوعد له صنع والوعيد به وقع، يذل عرضه ويمثل غرضه، وبذل في الله المهجة
(1) أمالي الطوسي: المجلس الحادي عشر ح 40 / 300 الرقم 593. 487 وتنكب اليه المحجة، غير مرتغم بارتغام يقطع علائق الاهتمام بعين من له قصد، وإليه وفد ومنه استرفد، فإذا أتى بذلك كانت هي الصلاة التي بها أمر وعنها أخبر، وإنها هي الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر. فالتفت المنصور إلى أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: يا أبا عبد الله لانزال من بحرك نغترف وإليك نزدلف تبصر من العمى وتجلو بنورك الطخياء، فنحن نعوم في سبحات قدسك وطامي بحرك (1).
(1) فلاح السائل: 23. 488 الإيثار [1077] 1 - الحسين بن سعيد، عن النضر، عن أبي سيار، عن مروان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال لي علي بن الحسين (عليه السلام): ما عرض لي قط أمران أحدهما للدنيا والآخر للآخرة فآثرت الدنيا إلا رأيت ما أكره قبل أن أمسي. ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام) لبني أمية: إنهم يؤثرون الدنيا على الآخرة منذ ثمانين سنة وليس يرون شيئا يكرهونه (1). [1078] 2 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة: قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل ليس عنده إلا قوت يومه أيعطف من عنده قوت يومه على من ليس عنده شيء؟ ويعطف من عنده قوت شهر على من دونه والسنة على نحو ذلك؟ أم ذلك كله الكفاف الذي لايلام عليه؟ فقال: هو أمر ان أفضلكم فيه أحرصكم على الرغبة والأثرة على نفسه فإن الله عز وجل يقول: (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) (2) والأمر الآخر لايلام على الكفاف، واليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول (3). الرواية موثقة سندا. وحاصل الرواية ان الايثار من نفسه حسن ولكن من نفقة العيال ليس بحسن. [1079] 3 - الكليني عن العدة، عن أحمد بن محمد بن خالد قال: حدثنا بكر بن صالح،
(1) كتاب الزهد: 50 ح 135، ونقل عنه في بحار الأنوار: 70 / 127 ح 125. (2) سورة الحشر: 9. (3) الكافي: 4 / 18. 489 عن بندار بن محمد الطبري، عن علي بن سويد السائي، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: قلت له: أوصني، فقال: آمرك بتقوى الله، ثم سكت فشكوت إليه قلة ذات يدي وقلت: والله لقد عريت حتى بلغ من عريتي أن أبا فلان نزع ثوبين كانا عليه وكسانيهما، فقال: صم وتصدق، قلت: أتصدق مما وصلني به إخواني وإن كان قليلا؟ قال: تصدق بما رزقك الله ولو آثرت على نفسك (1). [1080] 4 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن محمد بن سماعة، عن أبي بصير، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: قلت له: أي الصدقة أفضل؟ قال: جهد المقل، أما سمعت قول الله عز وجل (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) ترى هاهنا فضلا (2). أحدهما: الإمامان الباقر أو الصادق (عليهما السلام). المقل: قليل المال. [1081] 5 - الديلمي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال لولده الحسن (عليه السلام): يا بني إذا نزل بك كلب الزمان وقحط الدهر فعليك بذوي الاصول الثابتة والفروع النابتة من أهل الرحمة والإيثار والشفقة فإنهم أقضى للحاجات وأمضى لدفع الملمات، وإياك وطلب الفضل واكتساب الطساسيج والقراريط من ذوي الأكف اليابسة والوجوه العابسة فإنهم إن أعطوا منوا وإن منعوا كدوا، ثم أنشأ يقول: واسال العرف إن سألت كريما * لم يزل يعرف الغنى واليسارا فسؤال الكريم يورث عزا * وسؤال اللئيم يورث عارا وإذا لم تجد من الذل بدا * فالق بالذل إن لقيت الكبارا ليس إجلالك الكبير بعار * إنما العار أن تجل الصغارا (3)
(1) الكافي: 4 / 18. (2) الكافي: 4 / 18، والآية 9 من سورة الحشر. (3) أعلام الدين: 274. 490 [1082] 7 - الآمدي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: الإيثار أحسن الإحسان وأعلى مراتب الإيمان (1). [1083] 8 - الآمدي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: بالإيثار على نفسك تملك الرقاب (2). [1084] 9 - الآمدي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: عند الإيثار على النفس تتبين جواهر الكرماء (3). [1085] 10 - الآمدي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: لا تكمل المكارم إلا بالعفاف والإيثار (4).
(1) غرر الحكم: ح 1705. (2) غرر الحكم: ح 4293. (3) غرر الحكم: ح 6226. (4) غرر الحكم: ح 10745. 491 الإيمان الإيمان بعد الإسلام [1086] 1 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح، عن سماعة قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أخبرني عن الإسلام والإيمان أهما مختلفان؟ فقال: إن الإيمان يشارك الإسلام والإسلام لا يشارك الإيمان، فقلت: فصفهما لي؟ فقال: الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله والتصديق برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) به حقنت الدماء وعليه جرت المناكح والمواريث وعلى ظاهره جماعة الناس، والإيمان الهدى وما يثبت في القلوب من صفة الإسلام وما يظهر من العمل به، والإيمان أرفع من الإسلام بدرجة، إن الإيمان يشارك الإسلام في الظاهر والإسلام لا يشارك الإيمان في الباطن وان اجتمعا في القول والصفة (1). الرواية موثقة سندا. [1087] 2 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن موسى بن بكر، عن فضيل بن يسار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الإيمان يشارك الإسلام والإسلام لا يشارك الإيمان (2). الرواية معتبرة الإسناد. [1088] 3 - الكليني، عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن فضيل بن يسار قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن الإيمان يشارك الإسلام ولا
(1) الكافي: 2 / 25، ح 1. (2) الكافي: 2 / 25، ح 2. 492 يشاركه الإسلام، ان الإيمان ما وقر في القلوب والإسلام ما عليه المناكح والمواريث وحقن الدماء، والإيمان يشرك الإسلام والإسلام لا يشرك الإيمان (1). الرواية معتبرة الإسناد. [1089] 4 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي الصباح الكناني قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أيهما أفضل الإيمان أو الإسلام؟ فإن من قبلنا يقولون: ان الإسلام أفضل من الإيمان، فقال: الإيمان أرفع من الإسلام، قلت: فأوجدني ذلك، فقال: ما تقول فيمن أحدث في المسجد الحرام متعمدا؟ قال: قلت: يضرب ضربا شديدا، قال: أصبت، قال: فما تقول فيمن أحدث في الكعبة متعمدا؟ قلت: يقتل، قال: أصبت، ألا ترى أن الكعبة أفضل من المسجد وأن الكعبة تشرك المسجد والمسجد لا يشرك الكعبة وكذلك الإيمان يشرك الإسلام والإسلام لا يشرك الإيمان (2). الرواية صحيحة الإسناد. [1090] 5 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد جميعا، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن حمران بن أعين، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعته يقول: الإيمان ما استقر في القلب وأفضى به إلى الله عز وجل وصدقه العمل بالطاعة لله والتسليم لأمره، والإسلام ما ظهر من قول أو فعل وهو الذي عليه جماعة الناس من الفرق كلها وبه حقنت الدماء وعليه جرت المواريث وجاز النكاح واجتمعوا على الصلاة والزكاة والصوم والحج فخرجوا من الكفر وأضيفوا إلى الإيمان، والإسلام لا يشرك الإيمان والإيمان يشرك الإسلام وهما في القول والفعل يجتمعان كما صارت الكعبة في المسجد والمسجد ليس في الكعبة،
(1) الكافي: 2 / 26، ح 3. (2) الكافي: 2 / 26، ح 4. 493 وكذلك الإيمان يشرك الإسلام والإسلام لا يشرك الإيمان، وقد قال الله (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم) (1) فقول الله عز وجل أصدق القول، قلت: فهل للمؤمن فضل على المسلم في شيء من الفضائل والأحكام والحدود وغير ذلك؟ فقال: لا، هما يجريان في ذلك مجرى واحد، ولكن للمؤمن فضل على المسلم في أعمالهما وما يتقربان به إلى الله عز وجل قلت: أليس الله عز وجل يقول (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) (2) وزعمت أنهم مجتمعون على الصلاة والزكاة والصوم والحج مع المؤمن؟ قال: أليس قد قال الله عز وجل: (يضاعفه له أضعافا كثيرة) (3) فالمؤمنون هم الذين يضاعف الله عز وجل لهم حسناتهم لكل حسنة سبعون ضعفا، فهذا فضل المؤمن ويزيده الله في حسناته على قدر صحة إيمانه أضعافا كثيرة ويفعل الله بالمؤمنين ما يشاء من الخير، قلت: أرأيت من دخل في الإسلام أليس هو داخلا في الإيمان؟ فقال: لا، ولكنه قد اضيف إلى الإيمان وخرج من الكفر، وسأضرب لك مثلا تعقل به فضل الإيمان على الإسلام، أرأيت لو بصرت رجلا في المسجد أكنت تشهد أنك رأيته في الكعبة؟ قلت: لا يجوز لي ذلك، قال: فلو بصرت رجلا في الكعبة أكنت شاهدا انه قد دخل المسجد الحرام؟ قلت: نعم، قال: وكيف ذلك؟ قلت: انه لا يصل إلى دخول الكعبة حتى يدخل المسجد، فقال: قد أصبت وأحسنت، ثم قال: كذلك الإيمان والإسلام (4). الرواية معتبرة الإسناد. [1091] 6 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن العباس بن معروف، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن حماد بن عثمان، عن عبد الرحيم القصير قال: كتبت مع عبد الملك بن
(1) سورة الحجرات: 3. (2) سورة الأنعام: 60. (3) سورة البقرة: 245. (4) الكافي: 2 / 26، ح 5. 494 أعين إلى أبي عبد الله (عليه السلام) أسأله عن الإيمان ما هو؟ فكتب إلي مع عبد الملك بن أعين: سألت رحمك الله عن الإيمان، والإيمان هو الإقرار باللسان وعقد في القلب وعمل بالأركان والإيمان بعضه من بعض وهو دار، وكذلك الإسلام دار والكفر دار، فقد يكون العبد مسلما قبل أن يكون مؤمنا ولا يكون مؤمنا حتى يكون مسلما، فالإسلام قبل الإيمان وهو يشارك الإيمان، فإذا أتى العبد كبيرة من كبائر المعاصي أو صغيرة من صغائر المعاصي التي نهى الله عز وجل عنها كان خارجا من الإيمان ساقطا عنه اسم الإيمان وثابتا عليه اسم الاسلام، فإن تاب واستغفر عاد إلى دار الإيمان ولا يخرجه إلى الكفر إلا الجحود، والاستحلال أن يقول للحلال هذا حرام وللحرام هذا حلال ودان بذلك فعندها يكون خارجا عن الإسلام والإيمان داخلا في الكفر، وكان بمنزلة من دخل الحرم ثم دخل الكعبة وأحدث في الكعبة حدثا فأخرج عن الكعبة وعن الحرم فضربت عنقه وصار إلى النار (1). [1092] 7 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران قال: سألته عن الإيمان والإسلام قلت له: أفرق بين الإسلام والإيمان؟ قال: فأضرب لك مثله؟ قال: قلت: أورد ذلك، قال: مثل الإيمان والإسلام مثل الكعبة الحرام من الحرم قد يكون في الحرم ولا يكون في الكعبة، ولا يكون في الكعبة حتى يكون في الحرم، وقد يكون مسلما ولا يكون مؤمنا، ولا يكون مؤمنا حتى يكون مسلما. قال: قلت: فيخرج من الإيمان شيء؟ قال: نعم، قلت: فيصيره إلى ماذا؟ قال إلى الإسلام أو الكفر، وقال: لو أن رجلا دخل الكعبة فأفلت منه بوله اخرج من الكعبة ولم يخرج من الحرم فغسل ثوبه وتطهر ثم لم يمنع أن يدخل الكعبة، ولو أن رجلا دخل الكعبة فبال فيها معاندا اخرج من الكعبة ومن الحرم وضربت عنقه (2).
(1) الكافي: 2 / 27، ح 1. (2) الكافي: 2 / 28، ح 2. 495 الرواية موثقة سندا، وفي هذا المجال راجع إن شئت بحار الأنوار: 65 / 225 فإن فيه أكثر من خمسين رواية. إن الثواب على الإيمان [1093] 1 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحكم بن أيمن، عن القاسم الصيرفي شريك المفضل قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول الإسلام يحقن به الدم وتؤدي به الأمانة وتستحل به الفروج والثواب على الإيمان (1). [1094] 2 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن سفيان بن السمط قال: سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام) عن الإسلام والإيمان ما الفرق بينهما فلم يجبه ثم سأله فلم يجبه ثم التقيا في الطريق وقد أزف من الرجل الرحيل فقال له أبو عبد الله (عليه السلام) كأنه قد أزف منك رحيل؟ فقال: نعم فقال: فألقني في البيت فلقيه فسأله عن الإسلام والإيمان ما الفرق بينهما فقال الإسلام هو الظاهر الذي عليه الناس: شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصيام شهر رمضان فهذا الإسلام وقال: الإيمان معرفة هذا الأمر مع هذا فإن أقر بها ولم يعرف هذا الأمر كان مسلما وكان ضالا (2). [1095] 3 - الكليني، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد عن حكم بن أيمن، عن قاسم شريك المفضل قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: الإسلام يحقن به الدم وتؤدى به الأمانة وتستحل به الفروج، والثواب على الإيمان (3).
(1) الكافي: 2 / 24. (2) الكافي: 2 / 24. (3) الكافي: 2 / 25. 496 فضل الإيمان على الإسلام [1096] 1 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد والحسين بن محمد، عن معلى بن محمد جميعا، عن الوشاء، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: سمعته يقول: الإيمان فوق الإسلام بدرجة، والتقوى فوق الإيمان بدرجة، واليقين فوق التقوى بدرجة، وما قسم في الناس شيء أقل من اليقين (1). الرواية صحيحة الإسناد. [1097] 2 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن حمران بن أعين قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إن الله فضل الإيمان على الإسلام بدرجة كما فضل الكعبة على المسجد الحرام (2). الرواية صحيحة الإسناد. [1098] 3 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن الرضا (عليه السلام) قال: الإيمان فوق الإسلام بدرجة، والتقوى فوق الإيمان بدرجة، واليقين فوق التقوى بدرجة، ولم يقسم بين العباد شيء أقل من اليقين (3). الرواية صحيحة الإسناد. [1099] 4 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن هارون بن الجهم أو غيره، عن عمر بن أبان الكلبي، عن عبد الحميد الواسطي، عن أبي بصير قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): يا أبا محمد الإسلام درجة، قال: قلت: نعم، قال: والإيمان على الإسلام درجة، قال: قلت: نعم، قال: والتقوى على الإيمان
(1) الكافي: 2 / 51. (2) الكافي: 2 / 52. (3) الكافي: 2 / 52. 497 درجة، قال: قلت: نعم، قال: واليقين على التقوى درجة، قال: قلت: نعم، قال: فما أوتي الناس أقل من اليقين وإنما تمسكتم بأدنى الإسلام فإياكم أن ينفلت من أيديكم (1). [1100] 5 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن الإيمان والإسلام فقال: قال أبو جعفر (عليه السلام): إنما هو الإسلام والإيمان فوقه بدرجة، والتقوى فوق الإيمان بدرجة، واليقين فوق التقوى بدرجة، ولم يقسم بين الناس شيء أقل من اليقين. قال: قلت: فأي شيء اليقين؟ قال: التوكل على الله والتسليم لله والرضا بقضاء الله والتفويض إلى الله، قلت: فما تفسير ذلك؟ قال: هكذا قال أبو جعفر (عليه السلام) (2). الرواية صحيحة الإسناد، وفي هذا المجال راجع إن شئت بحار الأنوار: 64 / 2 فإن فيه أكثر من أربعين رواية. حقيقة الإيمان [1101] 1 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن محمد بن عذافر، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في بعض أسفاره إذ لقيه ركب فقالوا: السلام عليك يا رسول الله، فقال: ما أنتم؟ فقالوا: نحن مؤمنون يا رسول الله، قال: فما حقيقة إيمانكم؟ قالوا: الرضا بقضاء الله والتفويض إلى الله والتسليم لأمر الله، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): علماء حكماء كادوا أن يكونوا من الحكمة أنبياء، فإن كنتم صادقين فلا تبنوا ما لا تسكنون ولا تجمعوا ما لا تأكلون واتقوا الله الذي إليه ترجعون (3).
(1) الكافي: 2 / 52. (2) الكافي: 2 / 52. (3) الكافي: 2 / 52. 498 [1102] 2 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: استقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حارثة بن مالك بن النعمان الأنصاري فقال له: كيف أنت يا حارثة بن مالك؟ فقال: يا رسول الله مؤمن حقا، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لكل شيء حقيقة فما حقيقة قولك؟ فقال: يا رسول الله عزفت نفسي عن الدنيا فأسهرت ليلي وأظمأت هواجري كأني أنظر إلى عرش ربي [و] قد وضع للحساب، وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون في الجنة وكأني أسمع عواء أهل النار في النار، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): عبد نور الله قلبه أبصرت فاثبت، فقال: يا رسول الله ادع الله لي أن يرزقني الشهادة معك، فقال: اللهم ارزق حارثة الشهادة، فلم يلبث إلا أياما حتى بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سرية فبعثه فيها، فقاتل فقتل تسعة - أو ثمانية - ثم قتل (1). وفي رواية القاسم بن بريد عن أبي بصير قال: استشهد مع جعفر بن أبي طالب بعد تسعة نفر وكان هو العاشر. [1103] 3 - الصدوق، عن محمد بن علي بن الشاه، عن أبي حامد أحمد بن محمد بن الحسين، عن أحمد بن خالد الخالدي، عن محمد بن أحمد بن صالح التميمي، عن أبيه، عن أنس بن محمد أبي مالك، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال في وصيته له: يا علي سبعة من كن فيه فقد استكمل حقيقة الإيمان وأبواب الجنة مفتحة له: من أسبغ وضوءه، وأحسن صلاته، وأدى زكاة ماله، وكف غضبه، وسجن لسانه، واستغفر لذنبه، وأدى النصيحة لأهل بيت نبيه (2).
(1) الكافي: 2 / 54. (2) الخصال: 2 / 345 ح 13. 499 الإيمان مستقر ومستودع [1104] 1 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: سمعته يقول: إن الله عز وجل خلق خلقا للإيمان لا زوال له وخلق خلقا للكفر لا زوال له وخلق خلقا بين ذلك واستودع بعضهم الإيمان، فإن يشأ أن يتمه لهم أتمه وإن يشأ أن يسلبهم إياه سلبهم وكان فلان منهم معارا (1). الرواية صحيحة الإسناد. [1105] 2 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب والقاسم بن محمد الجوهري، عن كليب بن معاوية الأسدي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن العبد يصبح مؤمنا ويمسي كافرا ويصبح كافرا ويمسي مؤمنا، وقوم يعارون الإيمان ثم يسلبونه ويسمون المعارين، ثم قال: فلان منهم (2). الرواية حسنة سندا. [1106] 3 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري وغيره، عن عيسى شلقان قال: كنت قاعدا فمر أبو الحسن موسى (عليه السلام) ومعه بهمة. قال: قلت: يا غلام ما ترى ما يصنع أبوك؟ يأمرنا بالشيء ثم ينهانا عنه! أمرنا أن نتولى أبا الخطاب ثم أمرنا أن نلعنه ونتبرأ منه؟ فقال أبو الحسن (عليه السلام) وهو غلام: إن الله عز وجل خلق خلقا للإيمان لا زوال له، وخلق خلقا للكفر لا زوال له، وخلق خلقا بين ذلك أعاره الإيمان يسمون المعارين، إذا شاء سلبهم وكان أبو الخطاب ممن أعير الإيمان. قال: فدخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فأخبرته ما قلت لأبي الحسن (عليه السلام) وما قال لي، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): إنه نبعة نبوة (3).
(1) الكافي: 2 / 417. (2) الكافي: 2 / 418. (3) الكافي: 2 / 418. 500 بهمة: وهي من صغار الغنم. نبعة نبوة: يعني انه نبع من ينبوع النبوة. [1107] 4 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس، عن بعض أصحابنا، عن أبي الحسن صلوات الله عليه قال: إن الله خلق النبيين على النبوة فلا يكونون إلا أنبياء، وخلق المؤمنين على الإيمان فلا يكونون إلا مؤمنين، وأعار قوما إيمانا فإن شاء تممه لهم وإن شاء أسلبهم إياه، قال: وفيهم جرت: (فمستقر ومستودع) (1) وقال لي: إن فلانا كان مستودعا إيمانه فلما كذب علينا سلب إيمانه ذلك (2). [1108] 5 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن حبيب، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله جبل النبيين على نبوتهم فلا يرتدون أبدا، وجبل الأوصياء على وصاياهم فلا يرتدون أبدا، وجبل بعض المؤمنين على الإيمان فلا يرتدون أبدا، ومنهم من أعير الإيمان عارية فإذا هو دعا وألح في الدعاء مات على الإيمان (3). [1109] 6 - الكليني، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن المفضل الجعفي، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن الحسرة والندامة والويل كله لمن لم ينتفع بما أبصره ولم يدر ما الأمر الذي هو عليه مقيم، أنفع له أم ضر، قلت له: فبم يعرف الناجي من هؤلاء جعلت فداك؟ قال: من كان فعله لقوله موافقا فأثبت له الشهادة بالنجاة، ومن لم يكن فعله لقوله موافقا فإنما ذلك مستودع (4). وفي هذا المجال راجع إن شئت بحار الأنوار: 66 / 212.
(1) سورة الأنعام: 98. (2) الكافي: 2 / 418. (3) الكافي: 2 / 419. (4) الكافي: 2 / 419. 501 في ما يوجب الحق لمن انتحل الإيمان وينقضه [1110] 1 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول - وسئل عن إيمان من يلزمنا حقه وأخوته كيف هو بما يثبت وبما يبطل؟ فقال -: إن الإيمان قد يتخذ على وجهين، أما أحدهما: فهو الذي يظهر لك من صاحبك فإذا ظهر لك منه مثل الذي تقول به أنت حقت ولايته وأخوته إلا أن يجيء منه نقض للذي وصف من نفسه وأظهره لك، فإن جاء منه ما تستدل به على نقض الذي أظهر لك خرج عندك مما وصف لك وأظهر وكان لما أظهر لك ناقضا إلا أن يدعي أنه إنما عمل ذلك تقية، ومع ذلك ينظر فيه، فإن كان ليس مما يمكن أن تكون التقية في مثله لم يقبل منه ذلك لأن للتقية مواضع من أزالها عن مواضعها لم تستقم له، وتفسير ما يتقى مثل [أن يكون] قوم سوء ظاهر حكمهم وفعلهم على غير حكم الحق وفعله، فكل شيء يعمل المؤمن بينهم لمكان التقية مما لا يؤدي إلى الفساد في الدين فانه جائز (1). الرواية معتبرة الإسناد. السبق إلى الإيمان [1111] 1 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بريد قال: حدثنا أبو عمرو الزبيري عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: ان للإيمان درجات ومنازل يتفاضل المؤمنون فيها عند الله؟ قال: نعم، قلت: صفه لي رحمك الله حتى أفهمه قال: ان الله سبق بين المؤمنين كما يسبق بين الخيل يوم الرهان، ثم فضلهم على درجاتهم في السبق إليه فجعل كل امرئ منهم على درجة سبقه لا ينقصه فيها من حقه ولا يتقدم مسبوق سابقا ولا مفضول فاضلا، تفاضل بذلك أوائل هذه الأمة وأواخرها، ولو لم يكن للسابق إلى الإيمان فضل على المسبوق إذا للحق آخر هذه
(1) الكافي: 2 / 168. 502 الأمة أولها، نعم ولتقدموهم إذا لم يكن لمن سبق إلى الإيمان الفضل على من أبطأ عنه، ولكن بدرجات الإيمان قدم الله السابقين وبالإبطاء عن الإيمان أخر الله المقصرين لأنا نجد من المؤمنين من الآخرين من هو أكثر عملا من الأولين وأكثرهم صلاة وصوما وحجا وزكاة وجهادا وإنفاقا ولو لم يكن سوابق يفضل بها المؤمنون بعضه بعضا عند الله لكان الآخرون بكثرة العمل مقدمين على الأولين ولكن أبى الله عز وجل أن يدرك آخر درجات الإيمان أولها ويقدم فيها من أخر الله أو يؤخر فيها من قدم الله، قلت: أخبرني عما ندب الله عز وجل إليه من الاستباق إلى الإيمان، فقال: قول الله عز وجل: (سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله) (1)، وقال: (السابقون السابقون * اولئك المقربون) (2)، وقال: (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه) (3) فبدأ بالمهاجرين الأولين على درجة سبقهم ثم ثنى بالأنصار ثم ثلث بالتابعين لهم بإحسان فوضع كل قوم على قدر درجاتهم ومنازلهم عنده، ثم ذكر ما فضل الله به أولياءه بعضهم على بعض فقال عز وجل: (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم فوق بعض درجات) (4) إلى آخر الآية، وقال: (ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض) (5)، وقال: (انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا) (6)، وقال: (هم درجات عند الله) (7)، وقال:
(1) سورة الحديد: 21. (2) سورة الواقعة: 10 و 11. (3) سورة التوبة: 100. (4) سورة البقرة: 253. (5) سورة الإسراء: 55. (6) سورة الإسراء: 21. (7) سورة آل عمران: 163. 503 (ويؤت كل ذي فضل فضله) (1)، وقال: (الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله) (2)، وقال: (فضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما * درجات منه ومغفرة ورحمة) (3)، وقال: (لا يستوي منكم من أنفق قبل الفتح وقاتل اولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا) (4)، وقال: (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات) (5)، وقال: (ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطأون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح) (6)، وقال: (وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله) (7)، وقال: (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) (8) (9). دعائم الإيمان [1112] 1 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد ابن عيسى وعدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد جميعا، عن الحسن بن محبوب، عن يعقوب السراج، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سئل
(1) سورة هود: 3. (2) سورة التوبة: 20. (3) سورة النساء: 95 و 96. (4) سورة الحديد: 10. (5) سورة المجادلة: 11. (6) سورة التوبة: 120. (7) سورة البقرة: 110. (8) سورة الزلزلة: 7 و 8. (9) الكافي: 2 / 40. 504 أمير المؤمنين (عليه السلام) عن الإيمان فقال: ان الله عز وجل جعل الإيمان على أربع دعائم: على الصبر واليقين والعدل والجهاد. فالصبر من ذلك على أربع شعب: على الشوق والإشفاق والزهد والترقب، فمن اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات، ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات، ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات، ومن راقب الموت سارع إلى الخيرات. واليقين على أربع شعب: تبصرة الفطنة وتأول الحكمة ومعرفة العبرة وسنة الأولين، فمن أبصر الفطنة عرف الحكمة، ومن تأول الحكمة عرف العبرة، ومن عرف العبرة عرف السنة، ومن عرف السنة فكأنما كان مع الأولين واهتدى إلى التي هي أقوم ونظر إلى من نجا بما نجى ومن هلك بما هلك وإنما أهلك الله من أهلك بمعصيته وأنجى من أنجى بطاعته. والعدل على أربع شعب: غامض الفهم وغمر العلم وزهرة الحكم وروضة الحلم، فمن فهم فسر جميع العلم، ومن علم عرف شرائع الحكم، ومن حلم لم يفرط في أمره وعاش في الناس حميدا. والجهاد على أربع شعب: على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصدق في المواطن وشنآن الفاسقين، فمن أمر بالمعروف شد ظهر المؤمن، ومن نهى عن المنكر أرغم أنف المنافق وأمن كيده، ومن صدق في المواطن قضى الذي عليه، ومن شنئ الفاسقين غضب لله، ومن غضب لله غضب الله له، فذلك الإيمان ودعائمه وشعبه (1). الرواية صحيحة الإسناد. [1113] 2 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن أبيه (عليهما السلام) قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: الإيمان له أركان أربعة: التوكل على الله، وتفويض الأمر إلى الله، والرضا بقضاء الله، والتسليم لأمر الله عز وجل (2). الرواية معتبرة الإسناد.
(1) الكافي: 2 / 50. (2) الكافي: 2 / 47. 505 ان الإيمان مبثوث لجوارح البدن كلها [1114] 1 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن فضيل، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قيل لأمير المؤمنين (عليه السلام): من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان مؤمنا؟ قال: فأين فرائض الله؟ قال: وسمعته يقول: كان علي (عليه السلام) يقول: لو كان الإيمان كلاما لم ينزل فيه صوم ولا صلاة ولا حلال ولا حرام قال: وقلت لأبي جعفر (عليه السلام): إن عندنا قوما يقولون: إذا شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فهو مؤمن، قال: فلم يضربون الحدود ولم تقطع أيديهم؟! وما خلق الله عز وجل خلقا أكرم على الله عز وجل من المؤمن لأن الملائكة خدام المؤمنين وأن جوار الله للمؤمنين وأن الجنة للمؤمنين وأن الحور العين للمؤمنين، ثم قال: فما بال من جحد الفرائض كان كافرا (1). الرواية صحيحة الإسناد. [1115] 2 - الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن سلام الجعفي قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الإيمان فقال: الإيمان أن يطاع الله فلا يعصى (2). [1116] 3 - الكليني، عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان أو غيره، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن الإيمان فقال: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله والإقرار بما جاء من عند الله وما استقر في القلوب من التصديق بذلك. قال: قلت: الشهادة أليست عملا؟ قال: بلى، قلت: العمل من الايمان؟ قال: نعم الإيمان لا يكون إلا بعمل والعمل منه، ولا يثبت الإيمان إلا بعمل (3).
(1) الكافي: 2 / 33. (2) الكافي: 2 / 33. (3) الكافي: 2 / 38. 506 [1117] 4 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الإيمان فقال: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. قال: قلت: أليس هذا عمل؟ قال: بلى، قلت: فالعمل من الإيمان؟ قال: لا يثبت له الإيمان إلا بالعمل والعمل منه (1). الرواية صحيحة الإسناد. [1118] 5 - الكليني، عن بعض أصحابنا، عن علي بن العباس، عن علي بن ميسر، عن حماد بن عمرو النصيبي قال سأل رجل العالم (عليه السلام) فقال: أيها العالم أخبرني أي الأعمال أفضل عند الله؟ قال: ما لا يقبل عمل إلا به، فقال: وما ذلك؟ قال: الإيمان بالله الذي هو أعلى الأعمال درجة وأسناها حظا وأشرفها منزلة، قلت: أخبرني عن الإيمان أقول وعمل أم قول بلا عمل؟ قال: الإيمان عمل كله، والقول بعض ذلك العمل بفرض من الله بينه في كتابه، واضح نوره ثابتة حجته، يشهد به الكتاب ويدعو إليه، قلت: صف لي ذلك حتى أفهمه، فقال: ان الإيمان حالات ودرجات وطبقات ومنازل، فمنه التام المنتهى تمامه، ومنه الناقص المنتهى نقصانه، ومنه الزائد الراجح زيادته، قلت: وإن الإيمان ليتم ويزيد وينقص؟ قال: نعم، قلت: وكيف ذلك؟ قال: إن الله تبارك وتعالى فرض الإيمان على جوارح بني آدم وقسمه عليها وفرقه عليها، فليس من جوارحهم جارحة إلا وهي موكلة من الإيمان بغير ما وكلت به أختها، فمنها قلبه الذي به يعقل ويفقه ويفهم وهو أمير بدنه الذي لا تورد الجوارح ولا تصدر إلا عن رأيه وأمره، ومنها يداه اللتان يبطش بهما، ورجلاه اللتان يمشي بهما، وفرجه الذي الباه من قبله، ولسانه الذي ينطق به الكتاب ويشهد به عليها، وعيناه اللتان يبصر بهما، وأذناه اللتان يسمع بهما، وفرض على القلب غير ما فرض على اللسان، وفرض على اللسان غير ما فرض على العينين، وفرض على العينين غير ما فرض
(1) الكافي: 2 / 38. 507 على السمع، وفرض على السمع غير ما فرض على اليدين، وفرض على اليدين غير ما فرض على الرجلين، وفرض على الرجلين غير ما فرض على الفرج، وفرض على الفرج غير ما فرض على الوجه، فأما ما فرض على القلب من الإيمان فالإقرار والمعرفة والتصديق والتسليم والعقد والرضا بأن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أحدا صمدا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، وإن محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) عبده ورسوله (1). إن شئت في هذا المجال فراجع بحار الأنوار: 66 / 18 فإن فيها ثلاثون رواية مع توضيحات نافعة. درجات الإيمان [1119] 1 - الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن الحسن بن محبوب، عن عمار بن أبي الأحوص، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله عز وجل وضع الإيمان على سبعة أسهم: على البر والصدق واليقين والرضا والوفاء والعلم والحلم، ثم قسم ذلك بين الناس، فمن جعل فيه هذه السبعة الأسهم فهو كامل محتمل، وقسم لبعض الناس السهم ولبعض السهمين ولبعض الثلاثة حتى انتهوا إلى السبعة، ثم قال: لا تحملوا على صاحب السهم سهمين ولا على صاحب السهمين ثلاثة فتبهضوهم، ثم قال: كذلك حتى ينتهي إلى السبعة (2). [1120] 2 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن بعض أصحابه، عن الحسن بن علي بن أبي عثمان، عن محمد بن عثمان، عن محمد بن حماد الخزاز، عن عبد العزيز القراطيسي قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): يا عبد العزيز إن الإيمان عشر درجات بمنزلة السلم يصعد منه مرقاة بعد مرقاة فلا يقولن صاحب الاثنين لصاحب الواحد لست على شيء حتى ينتهي إلى العاشر، فلا تسقط من هو دونك فيسقطك من
(1) الكافي: 2 / 38. (2) الكافي: 2 / 42. 508 هو فوقك، وإذا رأيت من هو أسفل منك بدرجة فارفعه إليك برفق ولا تحملن عليه ما لا يطيق فتكسره، فإن من كسر مؤمنا فعليه جبره (1). [1121] 3 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن سدير قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام): إن المؤمنين على منازل، منهم على واحدة ومنهم على اثنتين ومنهم على ثلاث ومنهم على أربع ومنهم على خمس ومنهم على ست ومنهم على سبع، فلو ذهبت تحمل على صاحب الواحدة ثنتين لم يقو وعلى صاحب الثنتين ثلاث لم يقو وعلى صاحب الثلاث أربعا لم يقو وعلى صاحب الأربع خمسا لم يقو وعلى صاحب الخمس ستا لم يقو وعلى صاحب الست سبعا لم يقوو على هذه الدرجات (2). وفي هذا المجال إن شئت راجع الكافي: 2 / 42، وبحار الأنوار: 66 / 154. إلى هنا انتهى الجزء الأول من كتابنا الموسوم ب «موسوعة أحاديث أهل البيت (عليهم السلام)» ويأتي بإذن الله تعالى الجزء الثاني منه والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا وصلى الله على محمد المختار وآله الأطهار