بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
الكتاب: موسوعة كلمات الإمام الحسين (ع) المؤلف: لجنة الحديث في معهد باقر العلوم (ع) الجزء: الوفاة: معاصر المجموعة: مصادر الحديث الشيعية ـ القسم العام تحقيق: الطبعة: الثالثة سنة الطبع: 1416 - 1995 م المطبعة: الناشر: دار المعروف للطباعة والنشر ردمك: ملاحظات: بسم الله الرحمن الرحيم
1 The Encyclopedia Of Imam Hussein, s Words Compiled by: Hadith Group Bagherol Olum Researh Center Islamic Propagation Organization
2 موسوعة كلمات الإمام الحسين (عليه السلام) إعداد قسم الحديث: محمود الشريفي - السيد حسين سجادي تبار محمود الأحمديان - السيد محمود المدني معهد باقر العلوم (عليه السلام) منظمة الإعلام الإسلامي
3 موسوعة كلمات الإمام الحسين (عليه السلام) / تحقيقات پژوهشكده باقر العلوم (عليه السلام). گروه حديث پژوهشكده باقر العلوم (عليه السلام). سازمان تبليغات اسلامى. - قم: سازمان أوقاف وأمور خيرية، انتشارات أسوة 1383، 1081 ص. 48000 ريال ISBN 964 - 8653 - 13 - 5 عربى. فهرستنويسي بر أساس اطلاعات فيپا (فهرستنويسي پيش از انتشار) كتابنامه: ص. [1008] - 1016؛ همچنين به صورت زير نويس: 1. حسين بن علي (عليهما السلام)، امام سوم، 4 - 61 ق، أحاديث - 2. حسين بن علي (عليهما السلام)، امام سوم، 4 - 61 ق، أحاديث. الف سازمان تبليغات اسلامى. پژوهشكده باقر العلوم (عليه السلام). ب. سازمان تبليغات اسلامى. پژوهشكده باقر العلوم (عليه السلام) گروه حديث. ج. سازمان أوقاف وأمور خيرية، انتشارات أسوة. د. عنوان 8 م / 4 / 41 BP كتابخانه ملى إيران 953 / 297 21859 - 83 م موسوعة كلمات الإمام الحسين (عليه السلام) المؤلف: معهد تحقيقات باقر العلوم (عليه السلام) - منظمة الأعلام الإسلامي الناشر: انتشارات أسوة ((التابعة لمنظمة الأوقاف والأمور الخيرية)) المطبعة أسوة الطبعة: الأولى تاريخ النشر 1425 ه. ق عدد المطبوع: 2600 نسخة السعر: 48000 ريال شابك 5 - 13 - 8653 - 964 ISBN جميع الحقوق محفوظة للناشر طهران ص. ب 684 / 13145 - هاتف 6618299 - 9418099 فكس 6418022 قم ص. ب 3999 - 37185 - هاتف 6635080 - 6632212 فكس 6617757
4 مقدمة الطبعة الرابعة: الحمد لله الذي جعل الحمد مفتاحا لذكره ودليلا على نعمه وآلائه، والصلاة والسلام على سيد الكائنات الرسول الأكرم محمد بن عبد الله خاتم النبيين وسيد المرسلين وعلى آله الطيبين الطاهرين، ولا سيما خامس أصحاب الكساء وسيد الشهداء مولانا أبي عبد الله الحسين (عليه السلام). منذ أن نشأ الاختلاف والظلم في حياة الناس - بعد أن زين الشيطان وحب الذات لكثير منهم الخروج عن إطار الأمة الواحدة المستهدية - بعث الله الأنبياء (عليهم السلام) وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، لرفع الاختلاف والظلم ولإعادة البشرية إلى الوحدة في إطار الأمة الواحدة مرة أخرى تحت راية التوحيد والعدل. (1) وكان رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله) - أول النبيين ميثاقا وآخرهم بعثة - هو صاحب الميعاد الإلهي في تحقيق هذه الغاية الربانية بإظهار دين الله على الدين كله، وفي ملء الأرض توحيدا وعدلا بعد ما ملئت شركا وكفرا وظلما وجورا. (2)
1. تدبر قوله تعالى: (كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم) البقرة: 2 / 213. 2. اقرأ قوله تعالى: (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا) الفتح: 48 / 28، واقرأ: التوبة: 9 / 33، والصف: 61 / 9. 5 لكن حركة أحداث تأريخ الدعوة المحمدية، وتاريخ الأمة الإسلامية بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والآيات القرآنية، والروايات المستفيضة والصحيحة عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) وعن أهل بيته (عليهم السلام) تؤكد على أن هذا الميعاد الإلهي لن يتحقق إلا على يد خاتم أوصيائه (عليه السلام)، وهو الإمام المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف. ولا يخفى على ذي علم وبصيرة بحركة أحداث تاريخ الإسلام والأمة الإسلامية أن هذا الميعاد الإلهي لم يكن ليكتب له التحقق في آخر الزمان على يد الإمام المهدي (عليه السلام) لولا قيام الإمام الحسين (عليه السلام) ونهضته المقدسة، ذلك لأن حركة النفاق التي استولت على مقاليد الحكم وأمور الأمة الإسلامية في معظم فترات مدة ما بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى سنة ستين للهجرة، وقادها الحزب الأموي بزعامة معاوية بن أبي سفيان في أكثر أيامها، كانت قد سعت إلى تحريف الإسلام المحمدي الخالص وتعطيل أحكامه وتشويه عقائده واستبدالها بغيرها مما لم ينزل الله به سلطانا، ونتيجة لطول المدة فقد اختلط الأمر على أكثر هذه الأمة، وامتزج عندهم الإسلام بالأموية امتزاجا يصعب فصله، حتى لم يعد ممكنا عند أكثرهم معرفة خيط الحق الأبيض من خيط الضلال الأسود. " ولو لم تكن واقعة كربلاء لكان الأمويون قد واصلوا حكم الناس باسم الدين حتى يترسخ في أذهان الناس بمرور الأيام والسنين أنه ليس هناك إسلام غير الإسلام الذي يتحدث به الأمويون ويؤخذ عنهم!! وعلى الإسلام السلام! ولو لم تكن واقعة عاشوراء لما كان بالإمكان فصل الإسلام والأموية عن بعضهما البعض، مما يعني أن زوال الأموية يوما ما كان سيعين زوال الإسلام أيضا! ولكانت جميع الإنتفاضات والثورات التي قامت على الظلم الأموي تقوم حين تقوم على الإسلام نفسه! لكن الفتح الحسيني في عاشوراء هو الذي جعل كل هذه الإنتفاضات والثورات التي قامت بعد عاشوراء إنما تقوم باسم الإسلام على الأموية! وعند هذه النقطة - فصل الأموية عن الإسلام - تكون عاشوراء قد أعادت
6 مساعي حركة النفاق - منذ وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) حتى سنة ستين للهجرة - إلى نقطة الصفر! فلو لم تكن عاشوراء لتمكنت حركة النفاق المتمثلة بالحزب الأموي آنئذ من القضاء على الإسلام المحمدي الخالص تماما، ولما بقي منه إلا عنوانه! " (1) وبهذا تتجلى لنا الأهمية الكبرى لدور الإمام الحسين (عليه السلام) في الحفاظ على الإسلام، بل إن " عاشوراء قد كشفت عن وحدة وجودية لا انفكاك لها بين الإسلام المحمدي الخالص وبين الحسين (عليه السلام)، فصارت الدعوة إلى هذا الإسلام هي عين الدعوة إلى الحسين (عليه السلام) وبالعكس، وصارت مواجهة هذا الإسلام ومعاداته هي عين مواجهة الحسين (عليه السلام) ومعاداته وبالعكس، وصار بقاء هذا الإسلام بعد كربلاء ببقاء عاشوراء الحسين (عليه السلام)، حتى لقد قيل وما أصدقه من قول: الإسلام محمدي الوجود حسيني البقاء ". (2) " وهذا لا يعني عدم تحقق هذه الوحدة الوجودية بين الإسلام المحمدي الخالص وبين سائر أئمتنا (عليهم السلام)، بل يعني أن المميزات الفريدة للدور الحسيني جعلت الإمام أبا عبد الله الحسين (عليه السلام) من خلال عاشوراء عنوان بقاء الإسلام والحفاظ عليه نقيا كما هو ". (3) ومن هنا نفهم لماذا حظيت السيرة الحسينية عامة وتاريخ النهضة الحسينية خاصة بكل هذا الاهتمام الكبير وهذه العناية الفائقة من قبل المسلمين خاصة بل حتى من قبل غير المسلمين، حتى أن الكتب والدراسات التي ألفت في سيرة الإمام الحسين (عليه السلام) وفي نهضته وفي مقتله وفي أنصاره، وفي آثار ثورته السياسية والاجتماعية والأدبية، وفي الأبعاد الأخرى الكثيرة المتعلقة بهذه السيرة المقدسة، وهذه الثورة الفريدة، بلغت في مجموعها أكثر من ثلاثة آلاف كتاب، حسب إحدى
1. مع الركب الحسيني من المدينة إلى المدينة، ج 1: الإمام الحسين (عليه السلام) في المدينة المنورة، علي الشاوي، ص 176 - 177. 2. نفس المصدر: 145. 3. نفس المصدر السابق. 7 الإحصائيات المعجمية. (1) هذا عدا المخطوطات التي لم تزل مجهولة المكان، خافية عن أعين أهل التتبع والتحقيق، وعدا كثير من الكتب والمقالات التي هي تحت الطبع أو قيد التأليف. وكانت الكتب التي عنيت بما صدر عن الإمام الحسين (عليه السلام) من أقوال أو رسائل أو خطب أو أشعار أو أخبار أو عقائد أو أحكام أو أدعية - وحاول مؤلفوها الاهتمام والعناية بما أثر عنه (عليه السلام) كل بحسب منهجه وزاوية دراسته - كثيرة أيضا، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: 1 - بلاغة الحسين (عليه السلام)، السيد مصطفى آل اعتماد. 2 - نهج الشهادة، فرزانه. 3 - خطب الإمام الحسين (عليه السلام) من المدينة حتى كربلاء، محمد صادق النجمي. 4 - ديوان الحسين بن علي (عليهما السلام)، محمد عبد الرحيم. 5 - من كلمات الحسين (عليه السلام)، أم محمد حسين الشيرازي. 6 - أدب الحسين وحماسته، أحمد الصابري الهمداني. 7 - رسائل الإمام الحسين (عليه السلام)، السيد عبد الكريم القزويني. 8 - الصحيفة الحسينية، الشهرستاني. 9 - مسند الإمام الشهيد، الشيخ عزيز الله العطاردي. ويشكل كل واحد من هذه الأعمال المباركة سدا لحاجة ماسة في المكتبة الحسينية من أجل إغنائها وإثرائها وتنوع عطاءاتها، لكن أي واحد منها لم يكن عملا جامعا شاملا لكل ما صدر عن الإمام (عليه السلام) من قوله، وذلك لأن كلا منها أخذ ما يحتاجه من كلام الإمام (عليه السلام) من زاوية بحث محدد لا يتعداها. وهكذا بقيت الحاجة ماسة وملحة في المكتبة الحسينية إلى كتاب جامع شامل لكل ما صدر عن الإمام الحسين (عليه السلام) من قوله كريم.
1. راجع: معجم ما كتب عن الرسول وأهل البيت (عليهم السلام)، عبد الجبار الرفاعي، ج 7 و 8. 8 وفي ضوء إدراك هذه الحقيقة وفي عصر الثورة الإسلامية التي قادها الإمام الخميني (قدس سره) ثم الإمام الخامنه اى (دامت بركاته) والتي انبثقت وانتصرت ملهمة من خط ملحمة عاشوراء الدامي، يتضح جليا ضرورة جمع كل كلام وأحاديث ذلك الإمام العظيم وإيقاد ذلك المشعل الوضاء، قرر معهد تحقيقات باقر العلوم (عليه السلام) التابع لمنظمة الإعلام الإسلامي القيام بهذه المهمة المباركة، وتحقيقا لهذا الغرض فقد تم تأسيس قسم الحديث في المعهد، والذي ضم في عضويته السادة: محمود الشريفي، والسيد حسين سجادي تبار، ومحمود أحمديان، والسيد محمود المدني. والحمد لله، فقد وفقوا في مدة ما يقرب من ثلاث سنين من العمل والجهد المتواصل إلى جمع مادة هذا الكتاب المبارك وتأليفه. وقد تم تنظيم الأحاديث التي حدد زمان صدورها، وكذلك الأحاديث التي يعبر محتوى كل منها عن حدث أو وضع تأريخي معين، في ضوء تسلسلها التأريخي، في أربعة فصول تضمنها الجزء الأول من هذا الكتاب، وهي: الفصل الأول: كلمات الإمام (عليه السلام) في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله). الفصل الثاني: كلمات الإمام (عليه السلام) في زمن الإمام علي (عليه السلام). الفصل الثالث: كلمات الإمام (عليه السلام) في زمن الإمام الحسن (عليه السلام). الفصل الرابع: كلمات الإمام (عليه السلام) في زمن إمامته. أما الجزء الثاني من هذا الكتاب فقد احتوى على كلام الإمام (عليه السلام) الذي لم يحدد زمن صدوره عنه (عليه السلام)، ويتضمن هذا الجزء خمسة فصول، وهي: الفصل الأول: في العقائد الفصل الثاني: في الأحكام الفصل الثالث: في الأخلاق الفصل الرابع: في الأدعية الفصل الخامس: في الأشعار المروية عنه والمنسوبة إليه (عليه السلام).
9 أهداف هذا الكتاب 1 - الإمام أبو عبد الله الحسين (عليه السلام) له شأن ومقام رفيع واعتبار سام وقداسة دينية، عند جميع الفرق الإسلامية، وكلماته وسيرته وطريقه الواضح، برهان قاطع وحجة معتبرة عند الجميع يمكن الأخذ به كدرس للحياة وأسلوب في الثورة والمواجهة. 2 - تفسير وتبيين أحداث ووقائع صدر الإسلام بشكل صحيح لأن العصر الذي عاشه الإمام الحسين (عليه السلام) من أهم وأعجب عصور التاريخ الإسلامي. فقد رأى الإمام (عليه السلام) رسول الله (صلى الله عليه وآله) وشهد أحداث ووقائع عصر الخلفاء المؤلمة والمظلمة، وكلامه (عليه السلام) مرآة للحلو والمر من أحداث ووقائع تلك الفترة ودليل على مواقف أحد أبرز الوجوه الإسلامية في قضايا عصره. 3 - مع أن يد التحريف طالت نحو أحاديث جميع الأئمة المعصومين (عليهم السلام) وحتى أحاديث الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، إلى الحد الذي كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيه ينين من أكاذيب جملة الأحاديث. (1) لكن هذه المصيبة أعمق وأوسع فيما يتعلق بكلام ووقائع حياة الإمام الحسين (عليه السلام) وحادثة كربلاء المفجعة، وجمع كلام ذلك الإمام العظيم بشكل جامع، له أفضل الأثر في رفع التحريف وتشخيص الحسن من غيره. 4 - لم يكتف المجرمون الأمويون بقتل الإمام الحسين (عليه السلام) وصحبه الكرام وسبي أهل بيته، بل سعوا إلى محو جميع آثار وذكر سيد الشهداء (عليه السلام) بشكل نجد في بعض جوامع الأحاديث مئات الروايات عن أشخاص لم يصحبوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا عدة أشهر ونقلوا عشرات الفتاوى عن أشخاص لا يقاسون بالإمام (عليه السلام) من كل جهة حيث، في حين أننا لا نشاهد ذكرا وخبرا عن روايات وأحاديث الإمام الحسين (عليه السلام) وفتاواه في العديد من المصادر الحديثية.
1 - نهج البلاغة، الخطبة 201. 10 لهذا فإن جمع كلمات إمام الأبرار (عليه السلام) وأفعاله وسيرته ذلك هو يسعى لمواجهة سياسة العار الأموية وخطوة نحو نقل ونشر الثقافة والأفكار الحسينية المقدسة. 5 - لهذه الثورة العظيمة والتاريخية أبعاد مختلفة كما أنها كانت موضع اهتمام من عدة جوانب، فكل من نظر إليها رأى قسما من الحقيقة على أساس معتقده وزاويته التي ينظر من خلالها، فظهرت اختلافات كثيرة في تفسيرها وتحليلها، وتقديم درر كلام صاحب تلك الثورة والإنتفاضة العظيمة بدقة وبشكل صحيح أفضل وسيلة لتفسير وتحليل ملحمة العزة والحرية. إشارات لا بد منها: 1 - هذا الكتاب ليس دراسة تحليلية تأريخية، ولا هو دراسة أدبية، ولا هو متابعة تحقيقية، بل هو كتاب (جامع) لكل ما ورد عن الإمام الحسين (عليه السلام) من قول أو فعل كريم في أي مجال من مجالات الفكر والأخلاق والدين والحياة... ومن شأن هذا الكتاب الجامع أن يحتوي على الروايات والأخبار الصحيحة والضعيفة... بل حتى الروايات التي نعتقد بمخالفتها لاعتقاداتنا الحقة في الإمامة والشرائط اللازمة في شخص الإمام، أو بمخالفتها لمسلمة من المسلمات التأريخية... نعم في كل مورد من مثل هذه الموارد رأينا من اللازم أن ننبه القارئ الكريم في ذيل الخبر أو في الهامش إلى الحق والصواب في ذلك الأمر. 2 - تم نقل الأحاديث والروايات في هذا الكتاب عن مصادرها كما هي فيها ولم نغير شيئا حتى مع الظن القوي بخطأ النساخ في بعض الموارد، إذ الأمانة في النقل أحد أهداف عملنا في هذا الكتاب، نعم ربما أشرنا إلى الصحيح المحتمل في الهامش ما لزم الأمر إلى ذلك، أو نشير إلى التفاوت في الوارد عن المصادر أو النسخ الأخرى ما كان ذلك هاديا إلى المعنى الصحيح. 3 - الروايات المنسوبة إلى الإمام الحسين (عليه السلام)، وكذلك هي في بعض المصادر منسوبة إلى معصوم آخر، نقلناها في هذا الكتاب، وأشرنا أيضا إلى أنها منسوبة إلى
11 المعصوم الآخر مع ذكر المصدر الذي يذكر تلك النسبة. 4 - امتنعنا عن ذكر الكلمات التي سمعها أشخاص عنه (عليه السلام) في الرؤيا والمنام، وكذا الأحاديث التي نقلها الإمام الحسين (عليه السلام) نفسه عن معصومين آخرين ولم يضف إليها شيئا. 5 - بعض العبارات المنسوبة للإمام (عليه السلام) وعلى الرغم من اشتهارها ومضامينها السامية، لم نجدها في المصادر التي بحثنا فيها، من جملة ذلك: إن الحياة عقيدة وجهاد (1) وإن كان دين محمد لم يستقم إلا بقتلي... (2) والذي نرجو من القراء الأعزاء، مساعدتنا في مثل هذه الموارد. 6 - في الوقت الذي لا ندعي أن هذا الكتاب جاء جامعا مانعا لا استدراك عليه من بعده... يمكننا أن ندعى أن ما لم يرد فيه مما هو مطلوب في شأنه إنما يشكل النادر الشاذ... ونحن في كل طبعة من طبعاته المتوالية - والحمد لله - نواصل المزيد من البحث والاستفادة من أهل التتبع لنستدرك على كل طبعة سابقة بما لم يكن فيها مما حصلنا جديدا عليه، حتى تأتي الطبعة اللاحقة أقرب إلى الكمال من سابقتها والله الموفق لتمام الأمر، والمتابع لهذا الكتاب منذ طبعته الأولى حتى هذه الطبعة يرى هذا الأمر واضحا في مسار تكامل هذا الكتاب المبارك. 7 - ومن أجل تكامل هذا الكتاب المبارك أيضا نرجو من القراء الكرام أن لا يبخلوا علينا بكل ما يستجد عندهم من ملاحظات علمية أو فنية. تثري هذا الكتاب وتردم كل ما يحتمل فيه من نقص في المحتوى أو في نظمه الفني ولقد استنفدنا كثيرا مما تفضل به علينا إخوتنا المحققون وأهل التتبع من ملاحظات قيمة أخذت بيد هذا الكتاب قدما على طريق الكمال ولا زلنا نأمل الكثير منهم ومن
1 - ترجمة وتفسير نهج البلاغة لمحمد تقى الجعفري 8: 118، اعتبر هذه الجملة مصرع ثان لشعر، أوله هذا: قف دون رأيك في الحياة مجاهدا. 2 - أعيان الشيعة 1: 581، اعتبر هذه الجملة لسان حال، فيما اعتبرها كتاب تراث كربلاء: 86 شعرا للشيخ محسن أبو الحب (المتوفى سنة 1305 ه). 12 غيرهم أيضا. يحسن هنا أن نلفت انتباه القارئ الكريم إلى أننا واصلنا الطريق في هذا الإتجاه العلمي المبارك، ولله الحمد فقد أصدرنا بعد موسوعة كلمات الإمام الحسين (عليه السلام): موسوعة كلمات الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام)، وموسوعة كلمات الإمام محمد بن علي الجواد (عليهما السلام)، وموسوعة كلمات الإمام علي بن محمد الهادي (عليهما السلام)، وموسوعة كلمات الإمام الحسن العسكري (عليهما السلام)، وقد شرعنا أيضا بتأليف موسوعة كلمات الرسول الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله)، وموسوعة كلمات الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها السلام)، وموسوعة كلمات الإمام علي بن الحسين (عليهما السلام)، نسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقنا في القريب العاجل إلى إتمام هذه الأعمال المباركة، وأن يجعل عملنا خالصا لوجهه الكريم.
13 مكانة الإمام الحسين (عليه السلام) أجمعت مصادر المسلمين من الفريقين على أحاديث كثيرة في حق الإمامين الحسن والحسين (عليهما السلام) صدرت عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وبلغت هذه الأحاديث الشريفة حد التواتر، منها: *: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة. (1) *: أللهم إني أحبهما فأحبهما وأحب من أحبهما. (2) * من أحب الحسن والحسين أحببته، ومن أحببته أحبه الله، ومن أحبه الله عزوجل أدخله الجنة. ومن أبغضهما أبغضته، ومن أبغضته أبغضه الله، ومن أبغضه الله خلده في النار. (3) *: إنهما ريحانتي في الدنيا. (4) *: الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا. (5) وورد في نص قدسي من حديث اللوح أن الله تبارك وتعالى قال: جعلت حسينا خازن وحيي، وأكرمته بالشهادة، وختمت له بالسعادة، فهو أفضل من استشهد، وأرفع الشهداء درجة، جعلت كلمتي التامة معه، والحجة البالغة عنده،
1. المناقب لابن شهر آشوب 3: 394. 2. نفس المصدر 3: 382. 3. نفس المصدر 3: 382. 4. العوالم 17: 37. 5. المناقب لابن شهر آشوب 3: 394. 14 بعترته أثيب وأعاقب. (1) وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أما الحسين فإنه مني، وهو ابني وولدي، وخير الخلق بعد أخيه، وهو إمام المسلمين، ومولى المؤمنين، وخليفة رب العالمين، وغياث المستغيثين، وكهف المستجيرين، وحجة الله على خلقه أجمعين، وهو سيد شباب أهل الجنة، وباب نجاة الأمة، أمره أمري، وطاعته طاعتي، فمن تبعه فإنه مني، ومن عصاه فليس مني. (2) من أحب أن ينظر إلى أحب أهل الأرض إلى أهل السماء، فلينظر إلى الحسين. (3) وورد في حديث نبوي شريف: أن الحسين (عليه السلام) دخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعنده أبي بن كعب، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): مرحبا بك يا ابا عبد الله يا زين السماوات والأرض! فقال له أبي: وكيف يكون يا رسول الله زين السماوات والأرض أحد غيرك؟! فقال له: يا أبي! والذي بعثني بالحق نبيا إن الحسين بن علي في السماء أكبر منه في الأرض، فإنه مكتوب عن يمين العرش: مصباح هدى وسفينة نجاة، وإمام غير وهن، وعز وفخر، وبحر علم، وذخر،.... (4) وعاش الإمام الحسين (عليه السلام) عصورا مختلفة، وشاهد أحداثا كثيرة مرت عليه أثناء حياته، فشاهد وفاة جده وما جرى على أبيه بعد حادثة السقيفة، وما عانته أمه الزهراء (عليها السلام) من اغتصاب حقها والاعتداء عليها، ثم شاهد ما عانه والده الإمام علي (عليه السلام) في أيام خلافته من المحن والمصائب، وشارك في كافة الحروب التي خاضها والده، وبعد وفاته رأى ما كابده الحسن (عليه السلام) من معاوية لعنه الله، والذي أدى
1. إكمال الدين: 310. 2. أمالي الصدوق: 101. 3. المناقب لابن شهر آشوب 4: 73. 4. إكمال الدين: 264 - 265 ح 11. 15 ذلك إلى صلحه معه. وبعد هلاك معاوية وأخذ البيعة زورا لولده الفاسق يزيد، كتب أهل العراق إلى الحسين (عليه السلام): أن أقدم علينا، قد أينعت الثمار وأخضر الجنان، إنما تقدم على جند لك مجندة. وعند ذلك وجد الإمام (عليه السلام) أن التكليف الشرعي يحتم عليه الخروج إلى العراق؛ لوجود الناصر، فبعث مسلم بن عقيل إليهم، ثم خرج هو وأهل بيته على أثره، آملا في إقامة العدل وتطبيق حكم الله في الأرض. إلا أن القدر شاء أن يخون أهل الكوفة بمسلم بن عقيل، وينقضوا عهودهم، فقتل مسلم رحمه الله تعالى، وحوصر الحسين (عليه السلام) مع أهل بيته وأصحابه، ومنعوا من الماء، وطلبوا منه النزول على حكم ابن زياد، ثم مبايعة يزيد، فأبى أبو الأحرار ذلك صارخا: هيهات منا الذلة، أبوهم إلا قتل الذرية الطاهرة، وكأنهم لم يسمعوا قول الرسول (صلى الله عليه وآله): الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة. فقتل أصحابه، ثم قتل أولاده وأهل بيته، ثم قتل هو سلام الله عليه، وسبين عيالاته من بلد إلى بلد، فإنا لله وإنا إليه راجعون. في الختام نشكر السيدين: الشيخ عبد الله الصالحي، الذي ساعدنا في مرحلة جمع الأحاديث والشيخ علي الشاوي، الذي ساعدنا في التصحيح والتعريب وبذلا جهودهما في هذين المجالين ونشكر أيضا كل من الأعزاء الذين أرسلوا إلينا ملاحظاتهم، فقمنا في هذه الطبعة بالتصحيح والتنقيح اللازم في ضوء تلك الملاحظات فكانت هذه الطبعة معدله ومنقحة والحمد لله. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. معهد تحقيقات باقر العلوم (عليه السلام) للبحوث والدراسات الإسلامية قسم الحديث
16 الجزء الأول كلماته (عليه السلام) حسب التاريخ الفصل الأول - كلماته (عليه السلام) في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله) الفصل الثاني - كلماته (عليه السلام) في زمن الإمام علي (عليه السلام) الفصل الثالث - كلماته (عليه السلام) في زمن الإمام الحسن (عليه السلام) الفصل الرابع - كلماته (عليه السلام) في زمن إمامته
17 بسم الله الرحمن الرحيم ولد الإمام الحسين (عليه السلام) في يوم الثلاثاء، الثالث من شهر شعبان، سنة ثلاث من الهجرة، (1) وعاش سبعا وخمسين سنة وخمسة أشهر، (2) واستشهد في يوم الجمعة (3) عاشر شهر محرم، سنة إحدى وستين من الهجرة، وكان عمره الشريف ذا أدوار مختلفة، يمتاز كل دور عن الآخر بمميزات: فقد عاش مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) سبع سنين. وفي عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) ثلاثين سنة. وفي زمن أخيه الإمام الحسن (عليه السلام) عشر سنين. وكانت مدة إمامته، عشر سنين وأشهرا. ولما كان المقصود في هذا الجزء بيان كلماته الشريفة حسب التاريخ فإننا لا نذكر من الوقائع التي وقعت في عمره الشريف إلا ما كان له فيها كلام، ونذكر كلماته في فصول أربعة:
1 - راجع: بحار الأنوار 44: 200، وقيل: يوم الخميس، سنة أربع من الهجرة، وقيل: آخر شهر ربيع الأول. 2 - راجع: بحار الأنوار 44: 200. 3 - وقيل: يوم السبت، انظر: بحار الأنوار 44: 198. 19 الفصل الأول كلمات الإمام الحسين (عليه السلام) في زمن النبي (صلى الله عليه وآله)
21 الفضائل والكرامات لما ولد الحسين (عليه السلام) استبشر به رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وسماه حسينا، من عند الله تعالى، وعق وتصدق عنه (1)، وكان يحبه حبا شديدا بحيث (كان الحسين (عليه السلام) يجي إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو ساجد، فيتخطى الصفوف حتى يأتي النبى (صلى الله عليه وآله) فيركب ظهره، فيقوم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد وضع يده على ظهر الحسين (عليه السلام) ويده الأخرى على ركبته حتى يفرغ من صلاته) (2)، وله (عليه السلام) مع جده الكريم (صلى الله عليه وآله) مواقف ووقائع. منها: تكبيره (عليه السلام) لتكبير النبي (صلى الله عليه وآله) [1] - 1 - التستري: روى ابن المغازلي بسند يرفعه إلى جابر، قال: كان الحسين بن علي (عليهما السلام) أبطأ لسانه فصلى خلف النبي (صلى الله عليه وآله) في يوم عيد، فكبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: الله أكبر، فقال الحسين (عليه السلام): الله أكبر، فسر رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: الله أكبر، فقال الحسين (عليه السلام): الله أكبر، حتى كبر سبعا، فسكت الحسين (عليه السلام)،
1 - بحار الأنوار 43: 240 - 243 و 251. 2 - كتاب سليم بن قيس: 172. 23 فقرأ رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم قام في الثانية فقال: الله أكبر فقال الحسين: الله أكبر حتى كبر سبعا، فسكت الحسين، فقرأ رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فسبب فاضل التكبير في العيدين ذلك. (1) [2] - 2 - الصدوق: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى الصلاة، وقد كان الحسين بن علي (عليهما السلام) أبطأ عن الكلام، حتى تخوفوا أنه لا يتكلم وأن يكون به خرس، فخرج به رسول الله (صلى الله عليه وآله) حامله على عاتقه وصف الناس خلفه، فأقامه رسول الله (صلى الله عليه وآله) على يمينه، فافتتح رسول الله (صلى الله عليه وآله) الصلاة فكبر الحسين (عليه السلام) حتى كبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) سبع تكبيرات وكبر الحسين (عليه السلام)، فجرت السنة بذلك. قال زرارة: فقلت لأبي جعفر (عليه السلام) فكيف نصنع؟ قال: تكبر سبعا وتحمده سبعا و تسبح سبعا وتحمد الله وتثني عليه ثم تقرء. (2) [3] - 3 - وعنه: حدثنا أبي (رحمه الله) قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، قال: حدثني النضر وفضالة، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان في الصلاة وإلى جانبه الحسين بن علي (عليهما السلام)، فكبر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلم يحر (3) الحسين (عليه السلام) التكبير، ثم كبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلم يحر
1 - إحقاق الحق 11: 292، مناقب ابن المغازلي: 62 ح 88، وفيه: كان الحسن (عليه السلام)، وكذلك في المناقب لابن شهر آشوب 4: 13 مع اختلاف يسير. 2 - علل الشرائع: 332 ح 2، من لا يحضره الفقيه 1: 305 ح 918، وسائل الشيعة 4: 722 ح 4. 3 - لم يحر: لم يرجع ولم يرد. النهاية 1: 458. 24 الحسين (عليه السلام) التكبير، فلم يزل رسول الله (صلى الله عليه وآله) يكبر ويعالج الحسين (عليه السلام) التكبير، فلم يحره حتى أكمل سبع تكبيرات، فأحار الحسين (عليه السلام) التكبير في السابعة. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): وصارت سنة. (1) [4] - 4 - الطوسي: عن محمد بن الحسين، عن محمد بن عبد الله، عن زرارة، عن عيسى بن عبد الله، عن أبيه، عن جده، عن علي (عليه السلام)، قال: ما كان يكبر النبي (صلى الله عليه وآله) في العيدين إلا تكبيرة واحدة، حتى أبطأ عليه لسان الحسين (عليه السلام)، فلما كان ذات يوم عيد ألبسته أمه (عليها السلام) وأرسلته مع جده، فكبر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فكبر الحسين (عليه السلام) حين [حتى] كبر النبي (صلى الله عليه وآله) سبعا، ثم قام في الثانية فكبر النبي (صلى الله عليه وآله)، وكبر الحسين (عليه السلام) حين [حتى] كبر خمسا، فجعلها رسول الله (صلى الله عليه وآله) سنة، وثبتت السنة إلى اليوم. (2) [5] - 5 - اليعقوبي: في رواية: قيل للحسين [(عليه السلام)]: ما سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ قال (عليه السلام): سمعته (صلى الله عليه وآله) يقول: إن الله يحب معالي الأمور، ويكره سفاسفها، وعقلت عنه أنه يكبر فأكبر خلفه، فإذا سمع تكبيري أعاد التكبير حتى يكبر سبعا، وعلمني (قل هو الله أحد) (3)، وعلمني الصلوات الخمس، سمعته (صلى الله عليه وآله) يقول: من يطع الله يرفعه، ومن يخلص نيته لله يزينه، ومن يثق بما عند الله يغنه، ومن يتعزز على الله يذله (4).
1 - علل الشرائع: 331 ح 1، تهذيب الأحكام 2: 67 ح 243، المناقب لابن شهر آشوب 4: 73، بحار الأنوار 2: 67، و 43: 307، العوالم 17: 42 و 70، وسائل الشيعة 4: 721 ح 1، وفيه عبد الله بن سنان، عن حفص. 2 - تهذيب الأحكام 3: 286 ح 855، وسائل الشيعة 5: 108 ح 15، وفيه: محمد بن عبد الله بن زرارة. 3 - الإخلاص: 112 / 1. 4 - تاريخ اليعقوبي 2: 246. 25 ومنها: حفظ الملك له [6] - 6 - المجلسي: روي عن سلمان الفارسي، قال: أهدي إلى النبى (صلى الله عليه وآله) قطف من العنب في غير أوانه، فقال لي: يا سلمان! ائتني بولدي الحسن والحسين ليأكلا معي من هذا العنب، قال سلمان: فذهبت أطرق عليهما منزل أمهما فلم أرهما، فأتيت منزل أختهما أم كلثوم فلم أرهما، فجئت فخبرت النبى (صلى الله عليه وآله) بذلك، فاضطرب ووثب قائما، وهو يقول: وا ولداه! وا قرة عيناه! من يرشدني عليهما فله على الله الجنة. فنزل جبرئيل من السماء وقال: يا محمد! علام هذا الانزعاج؟ فقال (صلى الله عليه وآله): على ولدي الحسن والحسين، فإني خائف عليهما من كيد اليهود. فقال جبرئيل: يا محمد! بل خف عليهما من كيد المنافقين، فإن كيدهم أشد من كيد اليهود، اعلم، يا محمد! إن ابنيك الحسن والحسين نائمان في حديقة بني الدحداح، فصار النبى (صلى الله عليه وآله) من وقته وساعته إلى الحديقة وأنا معه حتى دخلنا الحديقة، وإذا هما نائمان وقد اعتنق أحدهما الآخر، وثعبان في فيه طاقة ريحان يروح بها وجهيهما، فلما رأى الثعبان النبى (صلى الله عليه وآله) ألقى ما كان في فيه، فقال: السلام عليك يا رسول الله! لست أنا ثعبانا، ولكني ملك من ملائكة الكروبيين، غفلت عن ذكر ربي طرفة عين، فغضب علي ربي ومسخني ثعبانا كما ترى، وطردني من السماء إلى الأرض، وإني منذ سنين كثيرة أقصد كريما على الله فأسئله أن يشفع لي عند ربي، عسى أن يرحمني ويعيدني ملكا كما كنت أولا، إنه على كل شيء قدير.
26 قال: فجثا (1) النبى (صلى الله عليه وآله) يقبلهما حتى استيقظا، فجلسا على ركبتي النبى (صلى الله عليه وآله) فقال لهما النبى (صلى الله عليه وآله): انظرا يا ولدي! هذا ملك من ملائكة الله الكروبيين، قد غفل عن ذكر ربه طرفة عين، فجعله الله هكذا، وأنا مستشفع بكما إلى الله تعالى فاشفعا له، فوثب الحسن والحسين (عليهما السلام) فأسبغا الوضوء وصليا ركعتين وقالا: أللهم بحق جدنا الجليل الحبيب محمد المصطفى، وبأبينا على المرتضى، وبأمنا فاطمة الزهراء إلا ما رددته إلى حالته الأولى، قال: فما استتم دعاؤهما فإذا بجبرئيل قد نزل من السماء في رهط من الملائكة وبشر ذلك الملك برضى الله عنه وبرده إلى سيرته الأولى، ثم ارتفعوا به إلى السماء وهم يسبحون الله تعالى، ثم رجع جبرئيل إلى النبى (صلى الله عليه وآله) وهو متبسم، وقال: يا رسول الله! إن ذلك الملك يفتخر على ملائكة السبع السماوات، ويقول لهم: من مثلي وأنا في شفاعة السيدين السبطين، الحسن والحسين (عليهما السلام). (2) [7] - 7 - ابن شهر آشوب: روي عن مولانا الصادق (عليه السلام) - ورواه أبو هريرة وابن عباس أيضا -: أن فاطمة (عليها السلام) عادت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عند مرضه الذي عوفي منه، ومعها الحسن والحسين (عليهما السلام)، فأقبلا يغمزان مما يليهما من يد رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى اضطجعا على عضديه وناما، فلما انتبها خرجا في ليلة ظلماء مدلهمة ذات رعد وبرق، وقد أرخت السماء عزاليها، فسطع لهما نور، فلم يزالا يمشيان في ذلك النور ويتحدثان حتى أتيا حديقة بني النجار، فاضطجعا وناما، فانتبه النبى (صلى الله عليه وآله) من نومه وطلبهما في منزل فاطمة (عليها السلام) فلم يكونا فيه، فقام على رجليه وهو يقول: إلهي وسيدي ومولاي! هذان
1 - جثا جثوا وجثى جثيا وجثيا: جلس على ركبتيه أ قام على أطراف أصابعه. المنجد: 79. 2 - بحار الأنوار 43: 313 ضمن ح 73، العوالم 16: 66 ح 4، معالي السبطين 1: 83 بتفاوت يسير. 27 شبلاي، خرجا من المخمصة والمجاعة، أللهم أنت وكيلي عليهما، أللهم إن كانا أخذا برا، أو بحرا فاحفظهما وسلمهما. فنزل جبرئيل وقال: إن الله يقرؤك السلام، ويقول لك: لا تحزن ولا تغتم لهما، فإنهما فاضلان في الدنيا والآخرة، وأبوهما أفضل منهما، هما نائمان في حديقة بني النجار، وقد وكل الله بهما ملكا، فسطع للنبي نور، فلم يزل يمضي في ذلك النور حتى أتى حديقة بني النجار، فإذا هما نائمان، والحسن (عليه السلام) معانق الحسين (عليه السلام)، وقد تقشعت السماء فوقهما كطبق وهي تمطر كأشد مطر، وقد منع الله المطر منهما، وقد اكتنفتهما حية لها شعرات كآجام القصب، وجناحان، جناح قد غطت به الحسن (عليه السلام)، وجناح قد غطت به الحسين (عليه السلام)، فأنسابت الحية وهي تقول: أللهم إني أشهدك وأشهد ملائكتك أن هذان [هذين] شبلا [شبلي] نبيك قد حفظتهما عليه، ودفعتهما إليه سالمين صحيحين، فمكث النبى (صلى الله عليه وآله) يقبلهما حتى انتبها، فلما استيقظا حمل النبى (صلى الله عليه وآله) الحسن (عليه السلام)، وحمل جبرئيل الحسين (عليه السلام). فقال أبو بكر: ادفعهما إلينا، فقد أثقلاك! فقال (صلى الله عليه وآله): أما [ان] أحدهما على جناح جبرئيل، والآخر على جناح ميكائيل. فقال عمر: ادفع إلي أحدهما، أخفف عنك! فقال (صلى الله عليه وآله): امض فقد سمع الله كلامك وعرف مقامك. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): ادفع إلى أحد شبلي وشبليك، فالتفت إلى الحسن (عليه السلام) فقال: يا حسن! هل تمضي إلى كتف أبيك؟ فقال (عليه السلام): والله، يا جداه! إن كتفك لأحب إلى من كتف أبي. ثم التفت إلى الحسين (عليه السلام) فقال: يا حسين (عليه السلام)! تمضي إلى كتف أبيك؟ فقال (عليه السلام): أنا أقول كما قال أخي.
28 فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): نعم المطية مطيتكما، ونعم الراكبان أنتما، فلما أتى المسجد قال: والله، يا حبيبي! لأشرفنكما بما شرفكما الله، ثم أمر مناديا ينادي في المدينة، فاجتمع الناس في المسجد، فقال: يا معشر الناس! ألا أدلكم على خير الناس جدا وجدة؟ قالوا: بلى، يا رسول الله! قال: الحسن والحسين (عليهما السلام)، فإن جدهما محمد، وجدتهما خديجة. ثم قال: يا معشر الناس! ألا أدلكم على خير الناس أما وأبا، وهكذا عما وعمة، وخالا وخالة؟ وقد روى الخركوشي في شرف النبى عن هارون الرشيد، عن آبائه، عن ابن عباس هذا المعنى. (1) ومنها: حفظ الجن له (عليه السلام) [8] - 8 - الصدوق: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل، قال: حدثنا علي بن الحسين السعدآبادي، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن فضالة بن أيوب، عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله الصادق، عن أبيه محمد بن علي الباقر، عن أبيه (عليهم السلام)، قال: مرض النبي (صلى الله عليه وآله) المرضة التي عوفي منها، فعادته فاطمة سيدة النساء ومعها الحسن والحسين (عليهم السلام)، قد أخذت الحسن (عليه السلام) بيدها اليمنى، وأخذت الحسين (عليه السلام) بيدها اليسرى، وهما يمشيان، وفاطمة (عليها السلام) بينهما حتى دخلوا منزل عائشة، فقعد الحسن (عليه السلام) على جانب رسول الله (صلى الله عليه وآله) الأيمن، والحسين (عليه السلام) على جانب رسول
1 - المناقب 4: 26، بحار الأنوار 37: 60 ح 29، رواه الحلي في كشف اليقين: 332 مفصلا بلا كلام للإمام الحسين (عليه السلام)، وكذا في الفضائل لشاذان بن جبرائيل القمي: 329 ح 145. 29 الله (صلى الله عليه وآله) الأيسر، فأقبلا يغمزان ما يليهما من بدن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فما أفاق النبي (صلى الله عليه وآله) من نومه. فقالت فاطمة (عليها السلام) للحسن والحسين (عليهما السلام): حبيبي! إن جدكما قد غفا، فانصرفا ساعتكما هذه ودعاه حتى يفيق وترجعان إليه. فقالا: لسنا ببارحين في وقتنا هذا. فاضطجع الحسن (عليه السلام) على عضد النبي الأيمن، والحسين (عليه السلام) على عضده الأيسر، فغفيا وانتبها قبل أن ينتبه النبي (صلى الله عليه وآله)، وقد كانت فاطمة (عليها السلام) لما ناما انصرفت إلى منزلها، فقالا لعائشة: ما فعلت أمنا؟ قالت: لما نمتما رجعت إلى منزلها. فخرجا في ليلة ظلماء مدلهمة ذات رعد وبرق، وقد أرخت السماء عزاليها، فسطع لهما نور، فلم يزالا يمشيان في ذلك النور، والحسن (عليه السلام) قابض بيده اليمنى على يد الحسين (عليه السلام) اليسرى وهما يتماشيان ويتحدثان، حتى أتيا حديقة بني النجار، فلما بلغا الحديقة حارا فبقيا لا يعلمان أين يأخذان، فقال الحسن (عليه السلام) للحسين (عليه السلام): إنا قد حرنا وبقينا على حالتنا هذه، وما ندري أين نسلك؟ فلا عليك أن ننام في وقتنا هذا حتى نصبح. فقال له الحسين (عليه السلام): دونك يا أخي! فافعل ما ترى، فاضطجعا جميعا واعتنق كل واحد منهما صاحبه وناما. وانتبه النبي (صلى الله عليه وآله) عن نومته التي نامها، فطلبهما في منزل فاطمة (عليها السلام) فلم يكونا فيه وافتقدهما، فقام (صلى الله عليه وآله) قائما على رجليه، وهو يقول: إلهي وسيدي ومولاي! هذان شبلاي، خرجا من المخمصة والمجاعة، أللهم أنت وكيلي عليهما، فسطع للنبي (صلى الله عليه وآله) نور، فلم يزل يمضي في ذلك النور حتى أتى حديقة بني النجار، فإذا هما نائمان قد
30 اعتنق كل واحد منهما صاحبه، وقد تقشعت السماء فوقهما كطبق، فهي تمطر كأشد مطر ما رآه الناس قط، وقد منع الله عزوجل المطر منهما في البقعة التي هما فيها نائمان، لا يمطر عليهما قطرة، وقد اكتنفتهما حية لها شعرات كآجام القصب، وجناحان: جناح قد غطت به الحسن (عليه السلام)، وجناح قد غطت به الحسين (عليه السلام). فلما أن بصر بهما النبي (صلى الله عليه وآله) تنحنح فانسابت الحية وهي تقول: أللهم إني أشهدك وأشهد ملائكتك أن هذين شبلا نبيك قد حفظتهما عليه، ودفعتهما إليه سالمين صحيحين. فقال لها النبى (صلى الله عليه وآله): أيتها الحية ممن أنت؟ قالت: أنا رسول الجن إليك. قال: وأي الجن؟ قالت: جن نصيبين نفر من بني مليح، نسينا آية من كتاب الله عزوجل فبعثوني إليك لتعلمنا ما نسينا من كتاب الله، فلما بلغت هذا الموضع سمعت مناديا ينادي: أيتها الحية! هذان شبلا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاحفظيهما من العاهات والآفات، ومن طوارق الليل والنهار، فقد حفظتهما وسلمتهما إليك سالمين صحيحين، وأخذت الحية الآية وانصرفت. فأخذ النبي (صلى الله عليه وآله) الحسن (عليه السلام) فوضعه على عاتقه الأيمن، ووضع الحسين (عليه السلام) على عاتقه الأيسر، وخرج علي (عليه السلام) فلحق برسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال له بعض أصحابه: بأبي أنت وأمي! ادفع إلي أحد شبليك أخفف عنك، فقال: امض فقد سمع الله كلامك وعرف مقامك، وتلقاه آخر فقال: بأبي أنت وأمي! ادفع إلي أحد شبليك أخفف عنك، فقال: امض فقد سمع الله كلامك وعرف مقامك. فتلقاه علي (عليه السلام) فقال: بأبي أنت وأمي، يا رسول الله (صلى الله عليه وآله)! ادفع إلى أحد شبلي
31 وشبليك حتى أخفف عنك، فالتفت النبى (صلى الله عليه وآله) إلى الحسن (عليه السلام) فقال: يا حسن! هل تمضي إلى كتف أبيك؟ فقال له: والله، يا جداه! إن كتفك لأحب إلى من كتف أبي، ثم التفت إلى الحسين (عليه السلام) فقال: يا حسين! هل تمضي إلى كتف أبيك؟ فقال له: والله، يا جداه! إني لأقول لك كما قال أخي الحسن: إن كتفك لأحب إلي من كتف أبي، فأقبل بهما إلى منزل فاطمة (عليها السلام) وقد ادخرت لهما تميرات فوضعتها بين أيديهما فأكلا وشبعا وفرحا. فقال لهما النبى (صلى الله عليه وآله): قوما الآن فاصطرعا، فقاما ليصطرعا، وقد خرجت فاطمة (عليها السلام) في بعض حاجتها، فدخلت فسمعت النبى (صلى الله عليه وآله) وهو يقول: إيه يا حسن! شد على الحسين، فاصرعه. فقالت (عليها السلام) له: يا أبه! واعجباه أتشجع هذا على هذا؟ تشجع الكبير على الصغير؟ فقال (صلى الله عليه وآله) لها: يا بنية! أما ترضين أن أقول أنا: يا حسن! شد على الحسين فاصرعه، هذا حبيبي جبرئيل يقول: يا حسين! شد على الحسن، فاصرعه. (1) ومنها: حفظ الحية له (عليه السلام) [9] - 9 - ابن نما: عن أخبار تاريخ البلاذري: حدث محمد بن يزيد المبرد النحوي في إسناد ذكره قال: انصرف النبى (صلى الله عليه وآله) إلى منزل فاطمة (عليها السلام) فرآها قائمة خلف بابها، فقال: ما بال حبيبتي هاهنا؟ فقالت (عليها السلام): ابناك خرجا غدوة، وقد غبي علي خبرهما، فمضى رسول الله (صلى الله عليه وآله)
1 - الأمالي: 360 ح 8، روضة الواعظين 1: 158 إلى قوله فرحا، بحار الأنوار 43: 266، العوالم 16: 81. 32 يقفو آثارهما حتى صار إلى كهف جبل فوجدهما نائمين وحية مطوقة عند رأسهما [رؤوسهما]، فأخذ حجرا وأهوى إليها فقالت: السلام عليك يا رسول الله! والله! ما نمت عند رأسهما [رؤوسهما] إلا حراسة لهما. فدعا لها بخير، ثم حمل الحسن (عليه السلام) على كتفه اليمنى والحسين (عليه السلام) على كتفه اليسرى، فنزل جبرئيل فأخذ الحسين (عليه السلام) وحمله، فكانا بعد ذلك يفتخران فيقول الحسن (عليه السلام): حملني خير أهل الأرض، ويقول الحسين (عليه السلام): حملني خير أهل السماء. (1) ومنها: إتيان الغزالة خشفتها (2) له (عليه السلام) [10] - 10 - البحراني: ذكر صاحب الروضة، أنه جاء في بعض الأخبار: أن أعرابيا أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال له: يا رسول الله! لقد صدت خشفة غزالة وأتيت بها إليك هدية لولديك الحسن والحسين (عليهما السلام)، فقبلها رسول الله (صلى الله عليه وآله) ودعا له بالخير، فإذا الحسن (عليه السلام) واقف عند جده فرغب إليها فأعطا النبي (صلى الله عليه وآله) إياها. فما مضى ساعة إلا والحسين (عليه السلام) قد أقبل ورأى الخشفة عند أخيه يلعب بها فقال: يا أخي! من أين لك هذه الخشفة؟ فقال الحسن (عليه السلام): أعطانيها جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله). فسار الحسين (عليه السلام) مسرعا إلى جده فقال له: يا جداه! أعطيت أخي خشفة يلعب بها ولم تعطني مثلها، وجعل يكرر القول على جده وهو ساكت ولكنه يسلي خاطره ويلاطفه بشيء من الكلام، حتى أفضى من أمر الحسين (عليه السلام) إلى أن هم يبكي، فبينما هو كذلك إذا نحن بصياح قد ارتفع عند باب المسجد، فنظرنا فإذا ظبية
1 - مثير الأحزان: 21، بحار الأنوار 43: 316، مدينة المعاجز 3: 287 ح 895. 2 - خشفة بكسر الخا وفتح الشين ولد الضبي أول ما يولد (نفس المصدر). 33 ومعها خشفها ومن خلفها ذئبة تسوقها إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتضربها بأحد أطرافها حتى أتت بها إلى النبي (صلى الله عليه وآله)، ثم نطقت الغزالة بلسان فصيح، وقالت: يا رسول الله! قد كانت لي خشفتان إحداهما صادها الصياد وأتى بها إليك، وبقيت لي هذه الأخرى، وأنا بها مسرورة، وإني كنت الآن أرضعها، فسمعت قائلا يقول: أسرعي يا غزالة! بخشفك إلى النبى وأوصليه سريعا، لأن الحسين واقف بين يدي جده، وقد هم أن يبكي، والملائكة بأجمعهم قد رفعوا رؤوسهم من صوامع العبادة، ولو بكى الحسين (عليه السلام) لبكت الملائكة المقربون لبكائه. وسمعت [أيضا] قائلا يقول: أسرعي يا غزالة! قبل جريان الدموع على خد الحسين (عليه السلام)، فإن لم تفعلي سلطت [عليك] هذه الذئبة تأكلك مع خشفك، فأتيت بخشفي إليك يا رسول الله! وقطعت مسافة بعيدة حتى طويت [لي] الأرض حتى أتيت مسرعة، وأنا أحمد الله ربي [على أن] جئتك قبل جريان دموع الحسين (عليه السلام) على خده، فارتفع التكبير والتهليل من الأصحاب، ودعا النبي (صلى الله عليه وآله) للغزالة بالخير والبركة، وأخذ الحسين (عليه السلام) الخشفة وأتى به إلى أمه الزهراء (عليها السلام)، فسرت بذلك سرورا عظيما. (1) ومنها: مجيء برقة من السماء له (عليه السلام) [11] - 11 - الطبراني: حدثنا محمد بن نصر بن حميد البغدادي، حدثنا عبد الرحمن بن صالح الأزدي، حدثنا موسى بن عثمان الحضرمي، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: كان الحسين (عليه السلام) عند النبي (صلى الله عليه وآله) وكان يحبه حبا شديدا، فقال (عليه السلام): أذهب إلى
1 - مدينة المعاجز 3: 528 ح 1037، منتخب الطريحي: 123، بحار الأنوار 43: 312، العوالم 17: 41 ح 3. 34 أمي، فقلت: أذهب معه، فجاءت برقة من السماء فمشي في ضوئها حتى بلغ. (1) [12] - 12 - محمد بن الأشعث (رحمهما الله): أخبرنا عبد الله بن محمد، قال: أخبرنا محمد بن محمد، حدثني موسى، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام): مرض فعاده إخوانه، فقالوا: كيف أصبحت يا أمير المؤمنين؟! قال: بشر، فقالوا: سبحان الله! هذا من كلام مثلك؟ فقال (عليه السلام): يقول الله تبارك وتعالى (ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون) (2)، فالخير الصحة والغنى، والشر المرض والفقر ابتلاء واختبارا. (3) ومنها: إتيان الرطب من الجنة له (عليه السلام) [13] - 13 - الطريحي: روى جمع من الصحابة قالوا: دخل النبي (صلى الله عليه وآله) دار فاطمة (عليها السلام) فقال: يا فاطمة! إن أباك اليوم ضيفك. فقالت (عليها السلام): يا أبت! إن الحسن والحسين يطالباني بشيء من الزاد، فلم أجد لهما شيئا يقتاتان به، ثم إن النبي (صلى الله عليه وآله) دخل وجلس مع علي والحسن والحسين وفاطمة (عليهم السلام)، وفاطمة متحيرة ما تدري كيف تصنع، ثم إن النبي (صلى الله عليه وآله) نظر إلى السماء ساعة وإذا بجبرئيل (عليه السلام) قد نزل، وقال: يا محمد! العلي الأعلى يقرئك السلام ويخصك بالتحية والإكرام، ويقول لك: قل لعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام): أي
1 - المعجم الكبير 3: 52 ح 2660، إحقاق الحق 10: 734، مجمع الزوائد 9: 186، تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 105 ح 141 بسند آخر، وهو: أخبرنا أبو بكر بن المرزقي، أنبأنا أبو الحسين الهاشمي، أنبأنا ابن عمر الحربي، أنبأنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار، أنبأنا عبد الرحمن بن صالح، عن أبي هريرة قال:...، مدينة المعاجز 3: 271، للحسن (عليه السلام). 2 - الأنبياء: 21 / 35. 3 - الجعفريات: 382 ح 1537. 35 شيء يشتهون من فواكه الجنة؟ فقال النبى [(صلى الله عليه وآله)]: يا علي، ويا فاطمة، ويا حسن، ويا حسين! إن رب العزة علم أنكم جياع، فأي شيء تشتهون من فواكه الجنة؟ فأمسكوا عن الكلام ولم يردوا جوابا حياء من النبي (صلى الله عليه وآله). فقال الحسين (عليه السلام): عن إذنك، يا أباه، يا أمير المؤمنين! وعن إذنك، يا أماه يا سيدة نساء العالمين! وعن إذنك، يا أخاه الحسن الزكي! أختار لكم شيئا من فواكه الجنة. فقالوا جميعا: قل يا حسين! ما شئت، فقد رضينا بما تختاره لنا. فقال: يا رسول الله! قل لجبرئيل: إنا نشتهي رطبا جنيا. فقال النبي (صلى الله عليه وآله): قد علم الله ذلك، ثم قال: يا فاطمة! قومي وادخلي البيت واحضري إلينا ما فيه. فدخلت فرأت فيه طبقا من البلور، مغطى بمنديل من السندس الأخضر، وفيه رطب جني في غير أوانه. فقال النبي (صلى الله عليه وآله): يا فاطمة! أنى لك هذا؟ قالت (عليها السلام): (هو من عند الله إن الله يرزق من يشآء بغير حساب) (1)، كما قالت مريم بنت عمران. فقام النبي (صلى الله عليه وآله) وتناوله منها وقدمه بين أيديهم، ثم قال: بسم الله الرحمن الرحيم، ثم أخذ رطبة واحدة فوضعها في فم الحسين [(عليه السلام)] فقال: هنيئا مريئا لك يا حسين! ثم أخذ رطبة فوضعها في فم الحسن [(عليه السلام)] وقال: هنيئا مريئا يا حسن! ثم أخذ رطبة ثالثة فوضعها في فم فاطمة الزهراء [(عليها السلام)] وقال لها: هنيئا مريئا لك يا
1 - آل عمران: 3 / 37. 36 فاطمة الزهراء! ثم أخذ رطبة رابعة فوضعها في فم علي [(عليه السلام)] وقال: هنيئا مريئا لك يا علي!. ثم ناول عليا [(عليه السلام)] رطبة أخرى والنبي [(صلى الله عليه وآله)] يقول له: هنيئا مريئا لك يا علي! ثم وثب النبي (صلى الله عليه وآله) قائما ثم جلس، ثم أكلوا جميعا من ذلك الرطب، فلما اكتفوا وشبعوا، ارتفعت المائدة إلى السماء بإذن الله تعالى. فقالت فاطمة [(عليها السلام)]: يا أبت! لقد رأيت اليوم منك عجبا، فقال: يا فاطمة! أما الرطبة الأولى التي وضعتها في فم الحسين وقلت له: هنيئا يا حسين! فأني سمعت ميكائيل وإسرافيل يقولان: هنيئا لك يا حسين! فقلت أيضا موافقا لهما بالقول: هنيئا لك يا حسين! ثم أخذت الثانية فوضعتها في فم الحسن، فسمعت جبرئيل وميكائيل يقولان: هنيئا لك يا حسن! فقلت أنا موافقا لهما في القول، ثم أخذت الثالثة فوضعتها في فمك يا فاطمة! فسمعت الحور العين مسرورين مشرفين علينا من الجنان، وهن يقلن: هنيئا لك يا فاطمة! فقلت موافقا لهن بالقول. ولما أخذت الرابعة فوضعتها في فم علي، سمعت النداء من [قبل] الحق سبحانه وتعالى يقول: هنيئا مريئا لك يا علي! فقلت موافقا لقول الله عزوجل، ثم ناولت عليا رطبة أخرى ثم أخرى، وأنا أسمع صوت الحق سبحانه وتعالى يقول: هنيئا مريئا لك يا علي! ثم قمت إجلالا لرب العزة جل جلاله، فسمعته يقول: يا محمد! وعزتي وجلالي، لو ناولت عليا من هذه الساعة إلى يوم القيامة رطبة رطبة لقلت له: هنيئا مريئا بغير انقطاع. (1) [14] - 14 - ابن حمزة: عن أبي الحسن عامر بن عبد الله، عن أبيه، عن الصادق (عليه السلام)، عن آبائه، عن الحسين (عليه السلام)، قال:
1 - المنتخب: 21، بحار الأنوار 43: 310 ح 73، العوالم 16: 64، مدينة المعاجز 3: 543 ح 1046. 37 دخلت مع الحسن (عليه السلام) على جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وعنده جبرئيل (عليه السلام) في صورة دحية الكلبي، وكان دحية إذا قدم من الشام على رسول الله (صلى الله عليه وآله) حمل لي ولأخي خرنوبا ونبقا وتينا، فشبهناه بدحية بن خليفة الكلبي، وإن دحية كان يجعلنا نفتش كمه، فقال جبرئيل (عليه السلام): يا رسول الله! ما يريدان؟ قال: إنهما شبهاك بدحية بن خليفة الكلبي، وإن دحية كان يحمل لهما إذا قدم من الشام نبقا وتينا وخرنوبا. قال: فمد جبرئيل (عليه السلام) يده إلى الفردوس الاعلى، فأخذ منه نبقا وخرنوبا وسفرجلا ورمانا فملأنا به حجرنا. قال: فخرجنا مستبشرين، فلقينا أبونا أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، فنظر إلى ثمرة لم ير مثلها في الدنيا، فأخذ من هذا، ومن هذا واحدا واحدا، ودخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يأكل، فقال: يا أبا الحسن! كل وادفع إلي أوفر نصيب، فإن جبرئيل (عليه السلام) أتى به آنفا. (1) ومنها: إتيان رضوان (عليه السلام) ثيابا من الجنة له ولأخيه (عليهما السلام) [15] - 15 - ابن شهر آشوب: أبو عبد الله، المفيد النيسابوري في أماليه، قال الرضا (عليه السلام): عري الحسن الحسين (عليهما السلام)، وأدركهما العيد، فقالا لأمهما: قد زينوا صبيان المدينة إلا نحن، فما لك لا تزينينا؟! فقالت: ثيابكما عند الخياط، فإذا أتاني زينتكما، فلما كانت ليلة العيد أعادا القول على أمهما، فبكت ورحمتهما فقالت لهما ما قالت في الأولى، فردا عليها. فلما أخذ الظلام قرع الباب قارع؛ فقالت فاطمة (عليها السلام): من هذا؟
1 - الثاقب في المناقب: 312 ح 261، مدينة المعاجز 3: 261 ح 881 و 4: 20 ح 1057. 38 فقال: يا بنت رسول الله! أنا الخياط قد جئت بالثياب، ففتحت الباب؛ فإذا رجل ومعه من لباس العيد، قالت فاطمة (عليها السلام): والله! لم أر رجلا أهيب شيمة منه، فناولها منديلا مشدودا وانصرف، فدخلت فاطمة (عليها السلام) ففتحت المنديل فإذا فيه قميصان ودراعتان، وسروالان، ورداءان، وعمامتان، وخفان أسودان معقبان بحمرة، فأيقظتهما، وألبستهما، ودخل رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهما مزينان فحملهما وقبلهما، ثم قال: رأيت الخياط؟ قالت: نعم، والذي أنفذته من الثياب. قال: يا بنية! ما هو خياط، إنما هو رضوان خازن الجنة. قالت فاطمة (عليها السلام): فمن أخبرك يا رسول الله؟! قال: ما عرج حتى جائني وأخبرني بذلك. (1) [16] - 16 - المجلسي: روي في المراسيل: أن الحسن والحسين (عليهما السلام) كان عليهما ثياب خلق وقد قرب العيد، فقالا لأمهما فاطمة (عليها السلام): إن بني فلان خيطت لهم الثياب الفاخرة أفلا تخيطين لنا ثيابا للعيد يا أماه؟! فقالت: يخاط لكما إن شاء الله، فلما أن جاء العيد جاء جبرئيل بقميصين من حلل الجنة إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما هذا يا أخي جبرئيل! فأخبره بقول الحسن والحسين (عليهما السلام) لفاطمة (عليها السلام)، وبقول فاطمة (عليها السلام): يخاط لكما إن شاء الله، ثم قال جبرائيل: قال الله تعالى لما سمع قولها: لا نستحسن أن نكذب فاطمة بقولها: يخاط لكما إن شاء الله. (2)
1 - المناقب 3: 391، المنتخب للطريحي: 122، العوالم 16: 79، بحار الأنوار 43: 289، إثبات الهداة 5: 163 ح 44، مدينة المعاجز 3: 323 ح 910، و 518 ح 1034. 2 - بحار الأنوار 43: 75 ح 62، العوالم 6: 91. 39 [17] - 17 - الطريحي: روي عن بعض الثقات الأخيار: أن الحسن والحسين (عليهما السلام) دخلا يوم عيد على حجرة جدهما رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالا: يا جداه! اليوم يوم العيد وقد تزين أولاد العرب بألوان اللباس ولبسوا جديد الثياب وليس لنا ثوب جديد، وقد توجهنا لجنابك لنأخذ عيديتنا منك، ولا نريد سوى ثياب نلبسها. فتأمل النبى (صلى الله عليه وآله) إلى حالهما وبكى، ولم يكن عنده في البيت ثياب تليق بهما، ولا رأى أن يمنعهما فيكسر خاطرهما، فتوجه إلى الأحدية وعرض الحال على الحضرة الصمدية وقال: إلهي أجبر قلبهما وقلب أمهما، فنزل جبرائيل من السماء تلك الحال ومعه حلتان بيضاوتان من حلل الجنة، فسر النبى (صلى الله عليه وآله) وقال لهما: يا سيدي شباب أهل الجنة! ها كما أثوابكما خاطهما خياط القدرة على طولكما، أتتكما مخيطة من عالم الغيب. فلما رأيا الخلع بيضا قالا: يا جداه! كيف هذا وجميع صبيان العرب لابسون ألوان الثياب، فأطرق النبى (صلى الله عليه وآله) ساعة متفكرا في أمرهما فقال جبرائيل: يا محمد! طب نفسا وقر عينا إن صابغ صبغة الله عزوجل يقضي لهما هذا الأمر، ويفرح قلوبهما بأي لون شاء، فأمر يا محمد! بإحضار الطشت والإبريق، فحضرا فقال جبرائيل: يا رسول الله! أنا أصب الماء على هذه الخلع وأنت تفركهما بيدك فتصبغ بأي لون شاءا، فوضع النبى (صلى الله عليه وآله) حلة الحسن (عليه السلام) في الطشت فأخذ جبرائيل يصب الماء، ثم أقبل النبى على الحسن (عليه السلام) وقال: يا قرة عيني! بأي لون تريد حلتك. فقال: أريدها خضراء، ففركها النبى (صلى الله عليه وآله) بيده في ذلك الماء فأخذت بقدرة الله لونا أخضر فابقا [فائقا] كالزبرجد الأخضر، فأخرجها النبى (صلى الله عليه وآله) وأعطاها للحسن (عليه السلام) فلبسها.
40 ثم وضع حلة الحسين (عليه السلام) في الطشت وأخذ جبرائيل يصب الماء فالتفت النبى (صلى الله عليه وآله) إلى نحو الحسين (عليه السلام) - وكان له من العمر خمس سنين - وقال له: يا قرة عيني! أي لون تريد حلتك. فقال الحسين (عليه السلام): يا جداه! أريدها حمراء، ففركها النبى (صلى الله عليه وآله) بيده في ذلك الماء فصارت حمراء كالياقوت الأحمر، فلبسها الحسين (عليه السلام) فسر النبى (صلى الله عليه وآله) بذلك. وتوجه الحسن والحسين (عليهما السلام) إلى أمهما فرحين مسرورين، فبكى جبرائيل لما شاهد تلك الحال، فقال النبى (صلى الله عليه وآله): يا أخي! في مثل هذا اليوم الذي فرح فيه ولداي تبكي وتحزن، فبالله عليك إلا ما أخبرتني؟ فقال جبرائيل: اعلم يا رسول الله! إن اختيار ابنيك على اختلاف اللون فلابد للحسن أن يسقوه السم ويخضر لون جسده من عظم السم، ولابد للحسين أن يقتلوه ويذبحوه ويخضب بدنه من دمه، فبكى النبى (صلى الله عليه وآله)، وزاد حزنه لذلك. (1) ومنها: إطعام الله تعالى إياه (عليه السلام) [18] - 18 - الكليني: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله) لفاطمة (عليها السلام): يا فاطمة! قومي فأخرجي تلك الصحفة، فقامت فأخرجت صحفة فيها ثريد وعراق يفور، فأكل النبي (صلى الله عليه وآله) وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) ثلاثة عشر يوما. ثم إن أم أيمن رأت الحسين (عليه السلام) معه شيء فقالت له: من أين لك هذا؟ قال: إنا لنأكله منذ أيام، فأتت أم أيمن فاطمة (عليها السلام) فقالت: يا فاطمة! إذا كان
1 - المنتخب: 121، بحار الأنوار 44: 245، مدينة المعاجز 3: 325 ح 911، و 519 ح 1035. 41 عند أم أيمن شيء فإنما هو لفاطمة ولولدها، وإذ كان عند فاطمة شيء فليس لأم أيمن منه شيء؟! فأخرجت لها منه، فأكلت منه أم أيمن ونفدت الصحفة. فقال لها النبى (صلى الله عليه وآله): أما لولا أنك أطعمتها لأكلت منها أنت وذريتك إلى أن تقوم الساعة. ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): والصحفة عندنا يخرج بها قائمنا (عليه السلام) في زمانه. (1) ومنها: علامة الإمامة [19] - 19 - ابن عياش الجوهري: أحمد بن محمد بن عبد الله بن عياش، عن سهل بن محمد الطرطوسي القاضي، قال: قدم علينا من الشام سنة أربعين وثلاثمائة عن زيد ابن محمد الرهاوي، عن عمار بن مطر، عن أبي عوانة، عن خالد بن علقمة، عن عبيدة بن عمرو السلماني، عن عبد الله بن خباب بن الأرت، عن سلمان الفارسي والبراء بن عازب، قالا: قالت أم سليم. قال: ومن طريق أصحابنا حدثني علي بن حبشي بن قوني، عن جعفر بن محمد الفزاري، عن الحسين المنقري، عن الحسن بن محبوب، عن الثمالي، عن زر ابن حبيش، عن عبد الله بن خباب، عن سلمان والبراء قالا: قالت ام سليم: كنت امرأة قد قرأت التوراة والإنجيل، فعرفت أوصياء الأنبياء، وأحببت أن أعلم وصى محمد (صلى الله عليه وآله). فلما قدمت ركابنا المدينة أتيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخلفت الركاب مع الحي، فقلت: يا رسول الله! ما من نبي إلا وكان له خليفتان: خليفة يموت قبله، وخليفة يبقى بعده، وكان خليفة موسى (عليه السلام) في حياته هارون (عليه السلام) فقبض قبل موسى، ثم كان
1 - الكافي 1: 46 ح 7، بحار الأنوار 43: 63 ح 55، العوالم 6: 96 ح 19. 42 وصيه بعد موته يوشع بن نون، وكان وصى عيسى (عليه السلام) في حياته كالب بن يوقنا [يوحنا] فتوفي كالب في حياة عيسى، ووصيه بعد وفاته شمعون بن حمون الصفا، ابن عمة مريم، وقد نظرت في الكتب الأولى فما وجدت لك إلا وصيا واحدا في حياتك وبعد وفاتك، فبين لي بنفسي أنت يا رسول الله من وصيك؟! فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن لي وصيا واحدا في حياتي وبعد وفاتي. قلت له: من هو؟ فقال: ايتيني بحصاة. فرفعت إليه حصاة من الأرض فوضعها بين كفيه، ثم فركها بيده كسحيق الدقيق، ثم عجنها فجعلها ياقوتة حمراء ختمها بخاتمه، فبدا النقش فيها للناظرين، ثم أعطانيها وقال: يا أم سليم من استطاع مثل هذا فهو وصيي. قالت: ثم قال لي: يا أم سليم! وصيي من يستغني بنفسه في جميع حالاته كما أنا مستغن، فنظرت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد ضرب بيده اليمنى إلى السقف وبيده اليسرى إلى الأرض قائما لا ينحني في حالة واحدة إلى الأرض، ولا يرفع نفسه بطرف قدميه. قالت: فخرجت فرأيت سلمان يكتف [يكنف] عليا ويلوذ بعقوبه [بعقوته] دون من سواه من أسرة محمد وصحابته على حداثة من سنه، فقلت في نفسي: هذا سلمان صاحب الكتب الأولى قبلي، صاحب الأوصياء، وعنده من العلم ما لم يبلغني فيوشك أن يكون صاحبي. فأتيت عليا (عليه السلام) فقلت: أنت وصى محمد (صلى الله عليه وآله)؟ قال: نعم، ما تريدين؟ قلت: وما علامة ذلك؟
43 فقال: ايتيني بحصاة. قالت: فرفعت إليه حصاة من الأرض فوضعها بين كفيه، ثم فركها بيده فجعلها كسحيق الدقيق، ثم عجنها فجعلها ياقوتة حمراء، ثم ختمها، فبدا النقش فيها للناظرين، ثم مشى نحو بيته فاتبعته لأسأله عن الذي صنع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فالتفت إلي ففعل مثل الذي فعله، فقلت: من وصيك يا أبا الحسن؟! فقال: من يفعل مثل هذا. قالت أم سليم: فلقيت الحسن بن علي (عليهما السلام) فقلت: أنت وصي أبيك هذا؟ - وأنا أعجب من صغره وسؤالي إياه، مع أني كنت عرفت صفتهم الإثنى عشر إماما، أبوهم سيدهم وأفضلهم، فوجدت ذلك في الكتب الأولى -. فقال لي: نعم، أنا وصي أبي. فقلت: وما علامة ذلك؟ فقال: ايتيني بحصاة. قالت: فرفعت إليه حصاة، فوضعها بين كفيه، ثم سحقها كسحيق الدقيق، ثم عجنها فجعلها ياقوتة حمراء، ثم ختمها، فبدا النقش فيها ثم دفعها إلى، فقلت له: فمن وصيك؟ قال: من يفعل مثل هذا الذي فعلت، ثم مد يده اليمنى حتى جازت سطوح المدينة وهو قائم، ثم طأطأ يده اليسرى فضرب بها الأرض من غير أن ينحني أو يتصعد، فقلت في نفسي: من يرى وصيه؟ فخرجت من عنده فلقيت الحسين (عليه السلام) وكنت عرفت نعته من الكتب السالفة بصفته وتسعة من ولده أوصياء بصفاتهم، غير أني أنكرت حليته لصغر سنه، فدنوت منه وهو على كسرة رحبة المسجد.
44 فقلت له: من أنت يا سيدي؟! قال: أنا طلبتك يا أم سليم أنا وصي الأوصياء، وأنا أبو التسعة الأئمة الهادية، وأنا وصى أخي الحسن، وأخي وصي أبي علي، وعلي وصي جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله). فعجبت من قوله، فقلت: ما علامة ذلك؟ فقال: ايتيني بحصاة، فرفعت إليه حصاة من الأرض. قالت أم سليم: فلقد نظرت إليه وقد وضعها بين كفيه فجعلها كهيئة السحيق من الدقيق، ثم عجنها فجعلها ياقوتة حمراء فختمها بخاتمه فثبت النقش فيها، ثم دفعها إلى وقال لي: انظري فيها يا أم سليم! فهل ترين فيها شيئا؟. قالت أم سليم: فنظرت فإذا فيها: رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي والحسن والحسين وتسعة أئمة صلوات الله عليهم أوصياء من ولد الحسين (عليه السلام) قد تواطئت أسماؤهم إلا اثنين منهم، أحدهما جعفر والآخر موسى، وهكذا قرأت في الإنجيل. فعجبت وقلت في نفسي: قد أعطاني الله الدلائل ولم يعطها من كان قبلي، فقلت: يا سيدي! أعد علي علامة أخرى، قال: فتبسم وهو قاعد، ثم قام فمد يده اليمنى إلى السماء، فوالله! لكأنها عمود من نار تخرق الهواء حتى توارى عن عيني وهو قائم لا يعبأ بذلك ولا يتحفز، فأسقطت وصعقت، فما أفقت إلا ورأيت في يده طاقة من آس يضرب بها منخري. فقلت في نفسي: ماذا أقول له بعد هذا؟ وقمت وأنا والله! أجد إلى ساعتي رائحة هذه الطاقة من الآس، وهي والله! عندي لم تذو ولم تذبل ولا انتقص من ريحها شيء، وأوصيت أهلي أن يضعوها في كفني، فقلت: يا سيدي! من وصيك؟
45 قال: من فعل مثل فعلي. قالت: فعشت إلى أيام علي بن الحسين (عليهما السلام). قال زر بن حبيش خاصة دون غيره: وحدثني جماعة من التابعين سمعوا هذا الكلام من تمام حديثها، منهم مينا مولى عبد الرحمن بن عوف وسعيد بن جبير مولى بني أسد سمعاها، تقول هذا. وحدثني سعيد بن المسيب المخزومي ببعضه عنها، قالت: فجئت إلى علي بن الحسين (عليهما السلام) وهو في منزله قائما يصلي، وكان يطول فيها ولا يتحوز فيها، وكان يصلي ألف ركعة في اليوم والليلة، فجلست مليا فلم ينصرف من صلاته، فأردت القيام، فلما هممت به حانت مني التفاتة إلى خاتم في إصبعه عليه فص حبشي، فإذا هو مكتوب: مكانك، يا أم سليم! آتيك بما جئت له. قالت: فأسرع في صلاته، فلما سلم قال لي: يا أم سليم! ايتيني بحصاة، من غير أن أسأله عما جئت له، فدفعت إليه حصاة من الأرض، فأخذها فجعلها بين كفيه فجعلها كهيئة الدقيق، ثم عجنها فجعلها ياقوتة حمراء، ثم ختمها فثبت فيها النقش، فنظرت والله! إلى القوم بأعيانهم كما كنت رأيتهم يوم الحسين، فقلت له: فمن وصيك جعلني الله فداك؟! قال: الذي يفعل مثل ما فعلت، ولا تدركين من بعدي مثلي. قالت أم سليم: فأنسيت أن أسأله أن يفعل مثل ما كان قبله من رسول الله وعلي والحسن والحسين صلوات الله عليهم، فلما خرجت من البيت ومشيت شوطا ناداني: يا أم سليم!. قلت: لبيك. قال: ارجعي، فرجعت، فإذا هو واقف في صرحة داره وسطا، ثم مشى فدخل
46 البيت وهو يتبسم ثم قال: اجلسي يا أم سليم! فجلست فمد يده اليمنى فانخرقت الدور والحيطان وسكك المدينة وغابت يده عني، ثم قال: خذي يا أم سليم! فناولني والله! كيسا فيه دنانير وقرط من ذهب وفصوص كانت لي من جزع في حق لي في منزلي، فقلت: يا سيدي! أما الحق فأعرفه، وأما ما فيه فلا أدري ما فيه، غير أني أجدها ثقيلا. قال: خذيها وامضي لسبيلك. قالت: فخرجت من عنده ودخلت منزلي وقصدت نحو الحق فلم أجد الحق في موضعه، فإذا الحق حقي، قالت: فعرفتهم حق معرفتهم بالبصيرة والهداية فيهم من ذلك اليوم، والحمد لله رب العالمين. (1) ومنها: إخباره (عليه السلام) عن معاني أصوات الحيوانات [20] - 20 - الراوندي: سئل الحسين (عليه السلام) في حال صغره عن أصوات الحيوانات؛ لأن من شرط الإمام أن يكون عالما بجميع اللغات حتى أصوات الحيوانات، فقال: على ما روى محمد ابن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن الحسين (عليه السلام)، أنه قال: إذا صاح النسر، فإنه يقول: يا ابن آدم! عش ما شئت فآخره الموت. وإذا صاح البازي، يقول: يا عالم الخفيات، يا كاشف البليات! وإذا صاح الطاووس، يقول: مولاي! ظلمت نفسي، واغتررت بزينتي فاغفر لي.
1 - مقتضب الأثر: 21، بحار الأنوار 25: 185 ح 6، الكافي 1: 355 ح 15 مختصرا، مدينة المعاجز 1: 516 ح 333 و 3: 250 ح 872 و 4: 307 ح 1333، إثبات الهداة 4: 437 ح 8 مختصرا عن أم سليم. 47 وإذا صاح الدراج، يقول: الرحمن على العرش استوى. وإذا صاح الديك، يقول: من عرف الله لم ينس ذكره. وإذا قرقرت الدجاجة، تقول: يا إله الحق أنت الحق وقولك الحق، يا الله، يا حق! وإذا صاح الباشق (1)، يقول: آمنت بالله، واليوم الآخر. وإذا صاحت الحدأة (2)، تقول: توكل على الله ترزق. وإذا صاح العقاب، يقول: من أطاع الله لم يشق. وإذا صاح الشاهين، يقول: سبحان الله حقا حقا. وإذا صاحت البومة، تقول: البعد من الناس أنس. وإذا صاح الغراب، يقول: يا رازق! ابعث بالرزق الحلال. وإذا صاح الكركي (3)، يقول: أللهم احفظني من عدوي. وإذا صاح اللقلق، يقول: من تخلى من الناس نجى من أذاهم. وإذا صاحت البطة، تقول: غفرانك يا الله! غفرانك. وإذا صاح الهدهد، يقول: ما أشقى من عصى الله! وإذا صاح القمري (4)، يقول: يا عالم السر والنجوى، يا الله! وإذا صاح الدبسي (5)، يقول: أنت الله لا إله سواك يا الله! وإذا صاح العقعق (6)، يقول: سبحان من لا يخفى عليه خافية.
1 - الباشق: طائر من أصغر الجوارح، نفس المصدر. 2 - الحداء: البحار. والحدأة: طائر من الجوارح، والعامة تسميه: الحدية، نفس المصدر. 3 - الكركي: طائر كبير أغبر اللون، طويل العنق والرجلين أبتر الذنب قليل اللحم يأوي إلى الماء أحيانا نفس المصدر. 4 - القمري: ضرب من الحمام، حسن الصوت، نفس المصدر. 5 - الدبسي: طائر صغير منسوب إلى دبس الرطب، من الحمام البري. وفي نسخة: الدلبي، نفس المصدر. 6 - العقعق: طائر على قدر الحمامة وهو على شكل الغراب وجناحاه أكبر من جناحي الحمامة، نفس المصدر. 48 وإذا صاح الببغاء (1)، يقول: من ذكر ربه غفر ذنبه. وإذا صاح العصفور، يقول: استغفر الله مما يسخط الله. وإذا صاح البلبل، يقول: لا إله إلا الله حقا حقا. وإذا صاحت القبجة (2)، تقول: قرب الحق، قرب. وإذا صاحت السماناة (3)، تقول: يا ابن آدم! ما أغفلك عن الموت. وإذا صاح السنوذنيق (4)، يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله وآله خيرة الله. وإذا صاحت الفاختة، تقول: يا واحد! يا أحد! يا فرد! يا صمد! وإذا صاح الشقراق (5)، يقول: مولاي! اعتقني من النار. وإذا صاحت القنبرة (6)، تقول: مولاي! تب على كل مذنب من المؤمنين. وإذا صاح الورشان (7)، يقول: إن لم تغفر ذنبي شقيت. وإذا صاح الشفنين (8)، يقول: لا قوة إلا بالله العلى العظيم.
1 - الببغا: طائر يسمع كلام الناس فيعيده، المنجد: 25. 2 - القبج: طائر يشبه الحجل، والواحدة قبجة تطلق على الذكر والأنثى، نفس المصدر. 3 - السماني: نوع من الطيور القواطع للواحد وللجمع، وقيل: الواحدة سماناة، نفس المصدر. 4 - السنوذنيق: الصقر. وتكون على صيغ أخرى منها: السذانق، والسوذنيق والسوذانق، نفس المصدر. 5 - الشقراق: طائر صغير يسمى الأخيل، وهو أخضر مليح بقدر الحمامة، وخضرته حسنة مشبعة، وفي أجنحته سواد، نفس المصدر. 6 - القبرة والقنبرة: عصفورة، نفس المصدر. 7 - الورشان: ذكر القماري، وقيل: إنه طائر يتولد بين الفاختة والحمام، وهو نوع من الحمام البري أكدر اللون، فيه بياض فوق ذنبه، نفس المصدر. 8 - والشفنين: بكسر الشين، وهو متولد بين نوعين مأكولين، وعده الجاحظ في أنواع الحمام، وصوته في الترنم كصوت الرباب وفيه تحزن، نفس المصدر. ومن طبعه أنه إذا فقد أنثاه لم يزل أعزب إلى أن يموت، وكذلك الأنثى إذا فقدت ذكرها، وإذا سمن سقط ريشه، ويمتنع عن السفاد. ومن طبعه إيثار العزلة، وعنده نفور واحتراس من الأعداء. 49 وإذا صاحت النعامة، تقول: لا معبود سوى الله. وإذا صاحت الخطافة (1)، فإنها تقرأ سورة الحمد وتقول: يا قابل توبة التوابين، يا الله لك الحمد! وإذا صاحت الزرافة، تقول: لا إله إلا الله وحده. وإذا صاح الحمل (2)، يقول: كفى بالموت واعظا. وإذا صاح الجدي (3)، يقول: عاجلني الموت فقل ذنبي. وإذا زأر الأسد، يقول: أمر الله مهم، مهم. وإذا صاح الثور، يقول: مهلا مهلا، يا ابن آدم! أنت بين يدي من يرى ولا يرى، وهو الله. وإذا صاح الفيل، يقول: لا يغني عن الموت قوة، ولا حيلة. وإذا صاح الفهد، يقول: يا عزيز! يا جبار! يا متكبر! يا الله! وإذا صاح الجمل، يقول: سبحان مذل الجبارين، سبحانه. وإذا صهل الفرس، يقول: سبحان ربنا، سبحانه. وإذا صاح الذئب، يقول: ما حفظ الله فلن يضيع أبدا. وإذا صاح ابن آوي، يقول: الويل، الويل، الويل للمذنب المصر. وإذا صاح الكلب، يقول: كفى بالمعاصي ذلا. وإذا صاح الأرنب، يقول: لا تهلكني يا الله! لك الحمد. وإذا صاح الثعلب، يقول: الدنيا دار غرور. وإذا صاح الغزال، يقول: نجني من الأذى.
1 - الخطاف: طائر يشبه السنونو، طويل الجناحين، قصير الرجلين، أسود اللون، نفس المصدر. 2 - الحمل: الخروف إذا بلغ ستة أشهر، وقيل: هو ولد الضأن الجذع فما دون، نفس المصدر. 3 - الجدي: الذكر من أولاد المعز، نفس المصدر. 50 وإذا صاح الكركدن، يقول: أغثني، وإلا هلكت يا مولاي! وإذا صاح الأيل (1)، يقول: حسبي الله ونعم الوكيل حسبي. وإذا صاح النمر، يقول: سبحان من تعزز بالقدرة، سبحانه. وإذا سبحت الحية، تقول: ما أشقى من عصاك، يا رحمن! وإذا سبحت العقرب، تقول: الشر شيء وحش. ثم قال (عليه السلام): ما خلق الله من شيء إلا وله تسبيح يحمد به ربه، ثم تلا هذه الآية: (وإن من شىء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم) (2). (3) [21] - 21 - ابن شهر آشوب: عن تفسير الثعلبي، قال الصادق (عليه السلام): قال الحسين بن علي (عليهما السلام): إذا صاح النسر، قال: يا ابن آدم! عش ما شئت، آخره الموت. وإذا صاح الغراب، قال: إن في البعد من الناس أنس، وإذا صاح القنبر، قال: أللهم العن مبغضي آل محمد. وإذا صاح الخطاف، قرأ: الحمد لله رب العالمين، ويمد الضالين كما يمدها القاري. (4) ومنها: إخباره (عليه السلام) عن شهادته [22] - 22 - أبو جعفر الطبري: حدثنا سفيان بن وكيع، عن أبيه وكيع، عن الأعمش، قال: سمعت أبا صالح التمار (5) يقول: سمعت حذيفة يقول: سمعت الحسين بن علي (عليهما السلام)
1 - والأيل: بتشديد الياء المكسورة: ذكر الأوعال، ويقال: هو الذي يسمى بالفارسية " گوزن "، وأكثر أحواله شبيه ببقر الوحش، نفس المصدر. 2 - الإسراء: 17 / 44. 3 - الخرائج والجرائح 1: 248 ح 5، بحار الأنوار 64: 27 ح، 8، وتفسير اللغات أيضا من الخرائج. 4 - المناقب 4: 68، بحار الأنوار 64: 34 ح 9، نور الثقلين 4: 78 ح 21، كنز الدقائق 8: 323. 5 - فيه تصحيف وهو ذكوان أبو صالح السمان الزيات راجع: هامش دلائل الإمامة: 183 نشر مؤسسة البعثة. 51 يقول: والله! ليجتمعن على قتلي طغاة بني أمية، ويقدمهم عمر ابن سعد. وذلك في حياة النبى (صلى الله عليه وآله). فقلت له: أنبأك بهذا رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ قال: لا. فأتيت النبى فأخبرته، فقال: علمي علمه، وعلمه علمي، وإنا لنعلم بالكائن قبل كينونته. (1) إخبار النبي (صلى الله عليه وآله) عن شهادته (عليه السلام) [23] - 23 - المولى القزويني: حكى صاحب ذخاير الأفهام، عن عبد الله بن داود، عن الثقات، عن ابن عباس، قال: صلينا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم، صلاة الصبح في مسجده الآن، فلما فرغنا من التعقيب التفت إلينا بوجهه الكريم، كأنه البدر في ليلة تمامه، واستند على محرابه وجعل يعظنا بالحديث الغريب، ويشوقنا إلى الجنة ويحذرنا من النيران، نحن به مسرورون مغبوطون، وإذا به قد رفع رأسه وتهلل وجهه، فنظرنا وإذا بالحسنين مقبلين عليه وكف يمين الحسن بيسار الحسين (عليهما السلام) وهما يقولان: من مثلنا وقد جعل الله جدنا أشرف أهل السموات والأرض، وأبانا خير أهل المشرق والمغرب، وأمنا سيدة على جميع نساء العالمين، وجدتنا أم المؤمنين، ونحن سيدا شباب أهل الجنة. وزاد سرورنا واستبشرنا بعد ذلك وكل منا يهني صاحبه على الولاية لهم، والبراءة من أعدائهم، فنظرنا نحو رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإذا بدموعه تجري على خديه. فقلنا: سبحان الله! هذا وقت فرح وسرور، فكيف هذا البكاء من
1 - دلائل الإمامة: 183 ح 101، بحار الأنوار 44: 186 ح 14، تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 212 في الهامش، إثبات الهداة 5: 207 ح 71، مدينة المعاجز 3: 453 ح 972. 52 رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟! فأردنا أن نسأله وإذا به قد ابتدأنا يقول: يعزيني الله على ما تلقيان من بعدي يا ولدي من الإهانة والأذى وزاد بكائه، وإذا به قد دعاهما وحطهما في حجره وأجلس الحسن (عليه السلام) على فخذه الأيمن والحسين (عليه السلام) على فخذه الأيسر، فقال: بأبي أبوكما وبأمي أمكما، وقبل الحسن (عليه السلام) في فمه الشريف وأطال الشم بعدها، وقبل الحسين (عليه السلام) في نحره بعد أن شمه طويلا، فتساقطت دموعه وبكى وبكينا لبكائه ولا علم لنا بذلك، فما كان إلا ساعة وإذا بالحسين (عليه السلام) قد قام ومضى إلى أمه باكيا مغموما، فلما دخل عليها ورأته باكيا قامت إليه تمسح دمعه بكمها وأسكته وهي تبكي لبكائه، وتقول: قرة عيني وثمرة فؤادي! ما الذي يبكيك، لا أبكى الله لك عينا، ما بالك يا حشاشة قلبي؟! قال: خيرا يا أماه! قالت: بحقي عليك وبحق جدك وأبيك إلا ما أخبرتني. فقال لها: يا أماه! كأن جدي ملني من كثرة ترددي إليه. قالت: فداك نفسي، لماذا؟. قال: يا أماه! جئت أنا وأخي إلى جدنا لنزوره، فأتيناه وهو في المسجد، وأبي وأصحابه من حوله مجتمعون، فدعى الحسن وأجلسه على فخذه الأيمن، وأجلسني على فخذه الأيسر، ثم لم يرض بذلك حتى قبل الحسن في فمه بعد أن شمه طويلا، وأما أنا فأعرض عن فمي وقبلني في نحري، فلو أحبني ولم يبغضني لقبلني مثل أخي، هل في فمي شيء يكرهه؟! يا أماه! شميه أنت!!. قالت الزهراء (عليها السلام): هيهات يا ولدي! والله العظيم! ما في قلبه مقدار حبة خردل من بغضك.
53 فقال: يا أماه! كيف لا يكون ذلك وقد عمل هذا!؟. قالت: والله! يا ولدي! إني سمعته كثيرا يقول: حسين مني وأنا منه، ألا ومن آذى حسينا فقد آذاني، أما تذكر يا ولدي! لما تصارعتما بين يديه جعل يقول: إيها يا حسن! فقلت له: كيف يا أبتاه! تنهض الكبير على الصغير!؟ فقال: يا ابنتاه! هذا جبرئيل ينهض الحسين وأنا أنهض الحسن، وإنه يا ولدي! مر يوما جدك على منزلي وأنت تبكي في المهد فدخل أبي وقال لي: سكتيه يا فاطمة! ألم تعلمي أن بكاءه يؤذيني، وكذلك الملائكة بكاؤه يؤذيهم. وقال مرارا: أللهم إني أحبه وأحب من يحبه. فكيف يا ولدي! تلك؟ لكن سر بنا إلى جدك، فأخذت بيد الحسين هي وتجر أذيالها حتى أتت إلى باب المسجد، فما رأت غير الإمام والنبي (صلى الله عليه وآله)، فلما رآها النبي (صلى الله عليه وآله) تنفس الصعداء وبكى كمدا، فجرت دموعه على خديه حتى بلت كميه. فقالت: السلام عليك، يا أبتاه! فقال: وعليك السلام يا فاطمة! ورحمة الله وبركاته. قالت له: يا سيدي! كيف تكسر خاطر الحسين، أما قلت: إنه ريحانتي التي أرتاح إليها؟ أما قلت: هو زين السماوات والأرض؟ قال: نعم، يا ابنتاه! هكذا قلت. فقالت: أجل كيف ما قبلته كأخيه الحسن؟ وقد أتاني باكيا، فلم أزل أسكته فلم يتسكت وأسليه فلم يتسل، وأعزيه فلم يتعز. قال: يا بنتاه! هذا سر أخاف عليك إذا سمعته ينكدر عيشك، وينكسر قلبك. قالت: بحقك، يا أبتاه! ألا تخفيه علي، فبكى وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، يا بنتاه! يا فاطمة هذا! أخي جبرئيل أخبرني عن الملك الجليل أن لابد للحسن أن
54 يموت مسموما تسمه زوجته بنت الأشعث - لعنها الله - فشممته بموضع سمه، ولابد للحسين أن يموت منحورا بسيف الشمر - لعنه الله - فشممته بموضع نحره.... (1) قيام رسول الله (صلى الله عليه وآله) لسقايته (عليه السلام) [24] - 24 - سليم بن قيس: عن علي بن أبي طالب صلوات الله عليه، وسلمان، وأبي ذر، والمقداد، وحدث أبو الجحاف داود بن أبي عوف العوفي، يروي عن أبي سعيد الخدري، قال: دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله) على ابنته فاطمة (عليها السلام) وهي توقد تحت قدر لها، تطبخ طعاما لأهلها، وعلي (عليه السلام) في ناحية البيت نائم، والحسن والحسين صلوات الله عليهما نائمان إلى جنبه، فقعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) مع ابنته يحدثها. (وفي رواية أخرى) مع فاطمة [(عليها السلام)] يحدثها وهي توقد تحت قدرها ليس لها خادم، إذ استيقظ الحسن (عليه السلام) فأقبل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا أبت! اسقني، (وفي رواية أخرى: يا جداه! اسقني)، فأخذه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم قام إلى لقحة (2) كانت له فاحتلبها بيده ثم جاء بالعلبة وعلى اللبن رغوة ليناوله الحسن (عليه السلام)، فاستيقظ الحسين (عليه السلام) فقال: يا أبت! اسقني. فقال النبى (صلى الله عليه وآله): يا بني! أخوك وهو أكبر منك، وقد استسقاني قبلك. فقال الحسين (عليه السلام): اسقني قبله، فجعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) يرقبه [يقبله] ويلين له، يطلب له أن يدع أخاه يشرب والحسين (عليه السلام) يأبى. فقالت فاطمة (عليها السلام): يا أبت! كأن الحسن أحبهما إليك؟
1 - تظلم الزهراء (عليها السلام): 70. 2 - في البحار: نعجة، وفي هامشه لقحة بكسر اللام وفتحها: الناقة اللحلوب الغزيرة اللبن. 55 قال (صلى الله عليه وآله): ما هو بأحبهما إلي وإنهما عندي لسواء، غير أن الحسن استسقاني أول مرة، وأني وإياك وإياهما وهذا الراقد في الجنة لفي منزل واحد ودرجة واحدة. قال: وعلي (عليه السلام) نائم لا يدري بشيء من ذلك. (1) [25] - 25 - الطوسي: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو زيد محمد بن أحمد بن سلام الأسدي بمراغة، قال: حدثنا السري ابن خزيمة بالري، قال: حدثنا يزيد بن هاشم العبدي، عن مسمع بن عبد الملك، عن خالد بن طليق، عن أبيه، عن جدته أم بجيد [نجيد] امرأة عمران بن حصين، عن ميمونة وأم سلمة زوجي النبى (صلى الله عليه وآله) قالتا: استسقى الحسن، فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) فجدح له في غمر كان لهم - يعني قدحا يشرب فيه - ثم أتاه به، فقام الحسين (عليه السلام) فقال: اسقنيه يا أبه! فأعطاه الحسن، ثم جدح للحسين (عليه السلام) فسقاه. فقالت فاطمة (عليها السلام): كأن الحسن أحبهما إليك؟ قال: إنه استسقى قبله، وإني وإياك وهما وهذا الراقد في مكان واحد في الجنة. (2) افتخاره (عليه السلام) بركوبه على ظهر رسول الله (صلى الله عليه وآله) [26] - 26 - الخوارزمي: ذكر السيد أبو طالب باسنادي إليه، عن محمد بن محمد بن العباس، عن علي بن شاكر، عن عبد الله بن محمد الضبي، عن يحيى بن سعيد، عن عبد الله بن إبراهيم، عن أبي رافع قال:
1 - كتاب سليم بن قيس: 169، بحار الأنوار 37: 86 ح 54. 2 - الأمالي 2: 593 ح 2، تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 115، بحار الأنوار 37: 77 ح 44. 56 كنت ألاعب الحسين (عليه السلام) - وهو صبي - بالمداحي (1)، فإذا أصابت مدحاتي مدحاته، قلت: احملني. فيقول: أتركب ظهرا حمله رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ فأتركه. فإذا أصابت مدحاته مدحاتي، قلت: لا أحملك كما لم تحملني، فيقول: أما ترضى أن تحمل بدنا حمله رسول الله؟ فأحمله. (2) [27] - 27 - ابن عساكر: وأنبأنا ابن سعد، أنبأنا الفضل بن دكين، أنبأنا عبيد أبو الوسيم الجمال، عن سليمان أبي شداد قال: كنت ألاعب الحسن والحسين (عليهما السلام) بالمداحي، فكنت إذا أصبت مدحاته فكان يقول لي: أيحل لك أن تركب بضعة من رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ وإذا أصاب مدحاتي قال لي: أما تحمد ربك أن تركبك بضعة من رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ (3) محبة النبى لأهل بيته (عليهم السلام) [28] - 28 - الصدوق: حدثنا أحمد بن زياد، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، قال: حدثنا جعفر بن سلمة الأهوازي، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة ومحرز بن هشام قالا: حدثنا مطلب بن زياد، عن ليث بن أبي سليم، قال:
1 - المدحاة جمعها المداحي: أحجار، أمثال القرصة كانوا يحفرون حفيرة ويدحون فيها بتلك الأحجار، فإن وقع الحجر فقد غلب صاحبها، وإن لم يقع غلب، ذيل حديث البحار. 2 - مقتل الحسين (عليه السلام) 1: 154، المناقب لابن شهر آشوب 4: 72، بحار الأنوار 43: 297 ح 58، العوالم 17: 40، إحقاق الحق 11: 306. 3 - تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسن (عليه السلام)): 136، المعجم الكبير للطبراني 3: 28 ح 2565 ومجمع الزوائد 9: 185 مع اختلاف يسير. 57 أتى النبي (صلى الله عليه وآله) علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم التحية والإكرام كلهم يقول: أنا أحب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأخذ (صلى الله عليه وآله) فاطمة (عليها السلام) مما يلي بطنه، وعليا (عليه السلام) مما يلي ظهره، والحسن (عليه السلام) عن يمينه، والحسين (عليه السلام) عن يساره، ثم قال (صلى الله عليه وآله): أنتم مني وأنا منكم. (1) مفاخرته مع أبيه (عليهما السلام) عند النبى (صلى الله عليه وآله) [29] - 29 - شاذان بن جبرئيل: قيل إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان جالسا ذات يوم وعنده الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) إذ دخل الحسين بن علي (عليه السلام)، فأخذه النبي (صلى الله عليه وآله) وأجلسه في حجره وقبل بين عينيه وقبل شفتيه، وكان للحسين (عليه السلام) ست سنين، فقال علي (عليه السلام): يا رسول الله! أتحب ولدي الحسين؟ قال النبى (صلى الله عليه وآله): وكيف لا أحبه، وهو عضو من أعضائي. فقال علي (عليه السلام): يا رسول الله! أيما أحب إليك، أنا أم حسين؟ فقال الحسين (عليه السلام): يا أبت! من كان أعلى شرفا كان أحب إلى النبي (صلى الله عليه وآله) وأقرب إليه منزلة. قال علي (عليه السلام) لولده: أتفاخرني يا حسين؟! قال: نعم، يا أبتاه! إن شئت. فقال له الإمام علي (عليه السلام): يا حسين! أنا أمير المؤمنين، أنا لسان الصادقين، أنا وزير المصطفى، أنا خازن علم الله ومختاره من خلقه، أنا قائد السابقين إلى الجنة، أنا قاضي الدين عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أنا الذي عمه سيد الشهداء في الجنة، أنا الذي أخوه جعفر الطيار في الجنة عند الملائكة، أنا قاضي الرسول، أنا آخذ له باليمين، أنا
1 - الأمالي: 21 ح 2، بحار الأنوار 37: 35 ح 1. 58 حامل سورة التنزيل إلى أهل مكة بأمر الله تعالى، أنا الذي اختارني الله تعالى من خلقه، أنا حبل الله المتين الذي أمر الله تعالى خلقه أن يعتصموا به في قوله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعا) (1). أنا نجم الله الزاهر، أنا الذي تزوره ملائكة السماوات، أنا لسان الله الناطق، أنا حجة الله تعالى على خلقه، أنا يد الله القوى، أنا وجه الله تعالى في السماوات، أنا جنب الله الزاهر، أنا الذي قال الله سبحانه وتعالى في وفي حقي: (بل عباد مكرمون * لا يسبقونه وبالقول وهم بأمره يعملون) (2). أنا عروة الله الوثقى التي لا انفصام لها والله سميع عليم، أنا الذي باب الله الذي يؤتى منه، أنا علم الله على الصراط، أنا بيت الله من دخله كان آمنا، فمن تمسك بولايتي ومحبتي أمن من النار، أنا قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين، أنا قاتل الكافرين، أنا أبو اليتامى، أنا كهف الأرامل، أنا (عم يتسآءلون) (3) عن ولايتي يوم القيامة. وقوله تعالى: (ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم) (4)، أنا نعمة الله تعالى التي أنعم الله بها على خلقه، أنا الذي قال الله تعالى في وفي حقي: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) (5)، فمن أحبني كان مسلما مؤمنا كامل الدين. أنا الذي بي اهتديتم، أنا الذي قال الله تبارك وتعالى في وفي عدوي:
1 - آل عمران: 3 / 103. 2 - الأنبياء: 21 / 26 و 27. 3 - النبأ: 78 / 1. 4 - التكاثر: 102 / 8. 5 - المائدة: 5 / 3. 59 (وقفوهم إنهم مسؤولون) (1) أي عن ولايتي يوم القيامة، أنا (النبأ العظيم) (2)، أنا الذي أكمل الله تعالى بي الدين يوم غدير خم وخيبر، أنا الذي قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في: من كنت مولاه فعلي مولاه. أنا صلاة المؤمن، أنا حي على الصلاة، أنا حي على الفلاح، أنا حي على خير العمل، أنا الذي نزل على أعدائي: (سأل سآئل بعذاب واقع * للكافرين ليس له دافع) (3) بمعنى من أنكر ولايتي، وهو النعمان بن الحارث اليهودي لعنه الله تعالى، أنا داعي الأنام إلى الحوض، فهل داعي المؤمنين إلى الحوض غيري؟ أنا أبو الأئمة الطاهرين من ولدي، أنا ميزان القسط ليوم القيامة، أنا يعسوب الدين، أنا قائد المؤمنين إلى الخيرات والغفران إلى ربي، أنا الذي أصحابي يوم القيامة من أوليائي المبرؤون من أعدائي، وعند الموت لا يخافون ولا يحزنون، وفي قبورهم لا يعذبون، وهم الشهداء والصديقون، وعند ربهم يفرحون. أنا الذي شيعتي متوثقون أن لا يوادوا من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم، أنا الذي شيعتي يدخلون الجنة بغير حساب، أنا الذي (عندي) ديوان الشيعة بأسمائهم، أنا عون المؤمنين وشفيع لهم عند رب العالمين. أنا الضارب بالسيفين، أنا الطاعن بالرمحين، أنا قاتل الكافرين يوم بدر وحنين، أنا مردي الكماة يوم أحد، أنا ضارب ابن عبد ود لعنه الله تعالى يوم الأحزاب، أنا قاتل عنترة ومرحب، أنا قاتل فرسان خيبر. أنا الذي قال في الأمين جبرئيل (عليه السلام): لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي.
1 - الصافات: 37 / 24. 2 - النبأ: 78 / 2. 3 - المعارج: 70 / 2. 60 أنا صاحب فتح مكة، أنا كاسر اللات والعزى، أنا الهادم الهبل الأعلى ومنات الثالثة الأخرى، أنا علوت على كتف النبي (صلى الله عليه وآله) وكسرت الأصنام، أنا الذي كسرت يغوث ويعوق ونسرا (عليهم لعنة الله)، أنا الذي قاتلت الكافرين في سبيل الله، أنا الذي تصدق بالخاتم، أنا الذي نمت على فراش النبى (صلى الله عليه وآله) ووقيته بنفسي من المشركين، أنا الذي يخاف الجن من بأسي، أنا الذي به يعبد الله. أنا ترجمان الله، أنا خازن علم الله، أنا (عيبة) علم رسول الله، أنا قاتل أهل الجمل وصفين بعد رسول الله، أنا قسيم الجنة والنار. فعندها سكت علي (عليه السلام)، فقال النبى (صلى الله عليه وآله) (للحسين (عليه السلام)): أسمعت يا أبا عبد الله! ما قاله أبوك، وهو عشر عشير معشار ما قاله من فضائله، ومن ألف ألف فضيلة، وهو فوق ذلك أعلى؟ فقال الحسين (عليه السلام): الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين وعلى جميع المخلوقين، وخص جدنا بالتنزيل والتأويل والصدق ومناجاة الأمين جبرئيل (عليه السلام) وجعلنا خيار من اصطفاه الجليل، ورفعنا على الخلق أجمعين. ثم قال الحسين (عليه السلام): أما ما ذكرت يا أمير المؤمنين! فأنت فيه صادق أمين. فقال النبى (صلى الله عليه وآله): اذكر أنت يا ولدي! فضائلك. فقال الحسين (عليه السلام): يا أبت! أنا الحسين بن علي بن أبي طالب، وأمي فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين، وجدي محمد المصطفى (صلى الله عليه وآله) سيد بني آدم أجمعين لا ريب فيه، يا علي! أمي أفضل من أمك عند الله وعند الناس أجمعين، وجدي خير من جدك، وأفضل عند الله وعند الناس أجمعين، وأنا في
61 المهد ناغاني جبرئيل، وتلقاني إسرافيل، يا علي! أنت عند الله تعالى أفضل مني وأنا أفخر منك بالآباء والأمهات والأجداد. قال: ثم إن الحسين (عليه السلام) اعتنق أباه وجعل يقبله، وأقبل علي (عليه السلام) يقبل ولده الحسين بن علي بن أبي طالب، وهو يقول: زادك الله تعالى شرفا وفخرا (وتعظيما) وعلما وحلما، ولعن الله ظالميك، يا أبا عبد الله! ثم رجع الحسين (عليه السلام) إلى النبى (صلى الله عليه وآله). (1)
1 - الفضائل: 213 ح 96، حلية الأبرار 1: 285، تظلم الزهراء (عليها السلام): 32، أنوار الهداية: 175. 62 خلق الحسين (عليه السلام) في صغره منها: نداء الحسين جده وأباه (عليهم السلام) [30] - 30 - أبو الفرج الإصبهاني: عن علي (عليه السلام) أنه قال: كان الحسن في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) يدعوني أبا الحسين، وكان الحسين يدعوني أبا الحسن، ويدعوان رسول الله (صلى الله عليه وآله) أباهما، فلما توفي رسول الله (صلى الله عليه وآله) دعواني بأبيهما. (1) منها: تعليم الوضوء [31] - 31 - ابن شهر آشوب: عيون المجالس عن الروياني: إن الحسن والحسين (عليهما السلام) مرا على شيخ يتوضأ ولا يحسن، فأخذا بالتنازع، يقول كل واحد منهما: أنت لا تحسن الوضوء، فقالا: أيها الشيخ! كن حكما بيننا يتوضأ كل واحد منا سوية، [فتوضئا]، ثم قالا: أينا يحسن؟
1 - مقاتل الطالبيين 24، المناقب للخوارزمي: 39 مع الإسناد والاختلاف في الألفاظ، المناقب لابن شهر آشوب 3: 113، فرائد السمطين 2: 81، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1: 11 غير مروي عنه (عليه السلام) بل قال: كان الحسين (عليه السلام) يدعوه... 63 قال: كلاكما تحسنان الوضوء، ولكن هذا الشيخ الجاهل هو الذي لم يكن يحسن، وقد تعلم الآن منكما وتاب على يديكما ببركتكما وشفقتكما على أمة جدكما. (1) منها: صومه وايثاره [32] - 32 - الصدوق: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد عبد العزيز بن يحيى الجلودي البصري، قال: حدثنا محمد بن زكريا، قال: حدثنا شعيب بن واقد، قال: حدثنا القاسم بن بهرام، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عباس. وحدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد عبد العزيز بن يحيى الجلودي، حدثنا الحسن بن مهران، قال: حدثنا مسلمة بن خالد، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام) في قوله عزوجل: (يوفون بالنذر) (2) قال: مرض الحسن الحسين (عليهما السلام) وهما صبيان صغيران، فعادهما رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومعه رجلان، فقال أحدهما: يا أبا الحسن (عليه السلام) لو نذرت في إبنيك نذرا إن الله عافاهما، فقال: أصوم ثلاثة أيام شكرا لله عزوجل، وكذلك قالت فاطمة (عليها السلام)، وقال الصبيان: ونحن أيضا نصوم ثلاثة أيام، وكذلك قالت جاريتهم فضة، فألبسهما الله عافية، فأصبحوا صياما وليس عندهم طعام، فانطلق علي (عليه السلام) إلى جار له من اليهود يقال له: شمعون، يعالج الصوف، فقال: هل لك أن تعطيني جزة من صوف تغزلها لك ابنة محمد (صلى الله عليه وآله) بثلاثة أصوع من شعير؟ قال: نعم، فأعطاه، فجاء بالصوف والشعير، وأخبر فاطمة (عليها السلام) فقبلت وأطاعت،
1 - المناقب 3: 400، بحار الأنوار 43: 319، العوالم 16: 100 ح 1. 2 - الإنسان: 76 / 7. 64 ثم عمدت فغزلت ثلث الصوف، ثم أخذت صاعا من الشعير فطحنته وعجنته وخبزت منه خمسة أقراص، لكل واحد قرصا، وصلى علي (عليه السلام) مع النبى (صلى الله عليه وآله) المغرب. ثم أتى منزله فوضع الخوان وجلسوا خمستهم، فأول لقمة كسرها علي (عليه السلام) إذا مسكين قد وقف بالباب فقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمد، أنا مسكين من مساكين المسلمين، أطعموني مما تأكلون، أطعمكم الله على موائد الجنة، فوضع اللقمة من يده ثم قال: فاطم ذات المجد واليقين * يا بنت خير الناس أجمعين أما ترين البائس المسكين * جاء إلى الباب له حنين يشكو إلى الله ويستكين * يشكو إلينا جائعا حزين كل امرئ بكسبه رهين * من يفعل الخير يقف سمين موعده في جنة رهين * حرمها الله على الضنين وصاحب البخل يقف حزين * تهوي به النار إلى سجين شرابه الحميم والغسلين فأقبلت فاطمة (عليها السلام) تقول: أمرك سمع يا ابن عم! وطاعة * ما بي من لؤم ولا [وضاعة] غديت باللب وبالبراعة * أرجو إذا أشبعت من مجاعة أن ألحق الأخيار والجماعة * وأدخل الجنة في شفاعة وعمدت إلى ما كان على الخوان فدفعته إلى المسكين، وباتوا جياعا، وأصبحوا صياما لم يذوقوا إلا الماء القراح. ثم عمدت إلى الثلث الثاني من الصوف فغزلته، ثم أخذت صاعا من الشعير طحنته وعجنته وخبزت منه خمسة أقرصة لكل واحد قرصا، وصلى علي المغرب
65 مع النبي صلى الله عليهما ثم أتى منزله، فلما وضع الخوان بين يديه جلسوا خمستهم فأول لقمة كسرها علي (عليه السلام) إذا يتيم من يتامى المسلمين قد وقف بالباب فقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمد! أنا يتيم من يتامى المسلمين، أطعموني مما تأكلون، أطعمكم الله على موائد الجنة، فوضع علي (عليه السلام) اللقمة من يده، ثم قال: فاطم بنت السيد الكريم * بنت نبي ليس بالزنيم قد جاءنا الله بذا اليتيم * من يرحم اليوم هو الرحيم موعده في جنة النعيم * حرمها الله على اللئيم وصاحب البخل يقف ذميم * تهوي به النار إلى الجحيم شرابها الصديد والحميم فأقبلت فاطمة (عليها السلام) هي تقول: (1) فسوف أعطيه ولا أبالي * وأؤثر الله على عيالي أمسوا جياعا وهم أشبالي * أصغرهم يقتل في القتال بكربلا يقتل باغتيال * لقاتليه الويل مع وبال يهوي به النار إلى سفال * كبوله زادت على الأكبال ثم عمدت فأعطته (عليها السلام) جميع ما على الخوان، وباتوا جياعا لم يذوقوا إلا الماء القراح، وأصبحوا صياما؛ وعمدت فاطمة (عليها السلام) فغزلت الثلث الباقي من الصوف، طحنت الصاع الباقي وعجنته وخبزت منه خمسة أقراص لكل واحد قرصا، وصلى علي (عليه السلام) المغرب مع النبي (صلى الله عليه وآله) ثم أتى منزله، فقرب إليه الخوان وجلسوا خمستهم، فأول لقمة كسرها علي (عليه السلام) إذا أسير من أسراء المشركين قد وقف بالباب فقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمد، تأسروننا وتشدوننا ولا تطعموننا؟ فوضع علي (عليه السلام)
1 - ليس في الأمالي من قوله: فأقبلت فاطمة إلى آخر الأشعار موجودا. 66 اللقمة من يده ثم قال: فاطم يا بنت النبي أحمد * بنت نبي سيد مسود قد جاءك الأسير ليس يهتدي * مكبلا في غله مقيد يشكو إلينا الجوع قد تقدد [تغدد] * من يطعم اليوم يجده في غد عند العلي الواحد الموحد * ما يزرع الزارع سوف يحصد فأعطني [فأعطين] لا تجعليه ينكد. فأقبلت فاطمة (عليها السلام) وهي تقول: لم يبق مما كان غير صاع * قد دبرت كفي مع الذراع شبلاي والله هما جياع * يا رب لا تتركهما ضياع أبو هما للخير ذو اصطناع * عبل الذراعين طويل الباع وما على رأسي من قناع * إلا عبا نسجتها بصاع وعمدوا إلى ما كان على الخوان فأعطوه وباتوا جياعا، وأصبحوا مفطرين ليس عندهم شيء. وأضاف في المناقب: فرآهم النبي (صلى الله عليه وآله) جياعا، فنزل جبرئيل ومعه صحفة من الذهب مرصعة بالدر والياقوت، مملوءة من الثريد وعراقا، يفوح منه رائحة المسك والكافور، فجلسوا، فأكلوا حتى شبعوا، ولم تنقص منها لقمة واحدة، وخرج الحسين (عليه السلام) ومعه قطعة عراق، فنادته امرأة يهودية: يا أهل الجوع! من أين لكم هذا؟ أطعمنيها. فمد الحسين (عليه السلام) ليطعمها فهبط جبرئيل فأخذها من يده، ورفع الصحفة إلى السماء، فقال النبى (صلى الله عليه وآله): لولا ما أراد الحسين من إطعام الجارية تلك القطعة لتركت الصحفة في أهل بيتي يأكلون منها إلى يوم القيامة، لا تنقص لقمة، ونزلت: (يوفون
67 بالنذر)، وكانت الصدقة في ليلة خمس وعشرين من ذي الحجة ونزلت (هل أتى) في اليوم الخامس والعشرين منه. قال شعيب في حديثه: وأقبل علي بالحسن والحسين (عليهم السلام) نحو رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهما يرتعشان كالفرخ من شدة الجوع، فلما بصربهم النبي (صلى الله عليه وآله) قال: يا أبا الحسن! شد ما يسوؤني ما أرى بكم!؟ انطلق إلى ابنتي فاطمة، فانطلقوا إليها وهي في محرابها، قد لصق بطنها بظهرها من شدة الجوع وغارت عيناها، فلما رآها رسول الله (صلى الله عليه وآله) ضمها إليه وقال: وا غوثاه بالله، أنتم منذ ثلاث فيما أرى؟ فهبط جبرائيل فقال: يا محمد! خذ ما هيأ الله لك في أهل بيتك. قال: وما آخذ يا جبرئيل؟ قال: (هل أتى على الإنسان حين من الدهر) حتى إذا بلغ: (إن هذا كان لكم جزآء وكان سعيكم مشكورا). (1) وقال الحسن بن مهران في حديثه: فوثب النبي (صلى الله عليه وآله) حتى دخل منزل فاطمة (عليها السلام) فرأى ما بهم فجمعهم ثم انكب عليهم يبكي ويقول: أنتم منذ ثلاث أيام فيما أرى أنا غافل عنكم؟ فهبط عليه جبرائيل بهذه الآيات: (إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا * عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا)، (2) قال: هي عين في دار النبي (صلى الله عليه وآله) يفجر إلى دور الأنبياء والمؤمنين. (يوفون بالنذر) يعني عليا وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) وجاريتهم. (ويخافون يوما كان شره ومستطيرا) (3) يقولون عابسا كلوحا.
1 - الإنسان: 76 / 1 - 22. 2 - الإنسان: 76 / 5 و 6. 3 - الإنسان: 76 / 7. 68 (ويطعمون الطعام على حبه) يقول: على شهوتهم للطعام وإيثارهم له (مسكينا) من مساكين المسلمين (ويتيما) من يتامى المسلمين (وأسيرا) من أسارى المشركين ويقولون: إذا أطعموهم: (إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزآء ولا شكورا). (1) قال: والله! ما قالوا هذا لهم ولكنهم أضمروه في أنفسهم فأخبر الله بإضمارهم، يقولون: لا نريد جزاء تكلفوننا به ولا شكورا تثنون علينا به، ولكن إنما أطعمناكم لوجه الله وطلب ثوابه قال الله تعالى ذكره: (فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة) في الوجوه (وسرورا) في القلوب (وجزاهم بما صبروا جنة) (2) يسكنونها (وحريرا) يفترشونه ويلبسونه (متكئين فيها على الآرآئك) والأريكة: السرير عليه الحجلة (لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا). (3) قال ابن عباس: فبينا أهل الجنة في الجنة إذ رأوا مثل الشمس قد أشرقت لها الجنان، فيقول أهل الجنة: يا رب! إنك قلت في كتابك: (لا يرون فيها شمسا)؟! فيرسل الله جل اسمه إليهم جبرئيل فيقول: ليس هذه بشمس، ولكن عليا وفاطمة ضحكا فأشرقت الجنان من نور ضحكهما؛ ونزلت (هل أتى) فيهم إلى قوله تعالى: (وكان سعيكم مشكورا). (4) [33] - 33 - فرات الكوفي: عن محمد بن إبراهيم الفزاري. [قال: حدثنا محمد بن يونس الكديمي، قال: حدثنا حماد بن عيسى الجهني، قال: حدثنا النهاس بن فهم، عن
1 - الإنسان: 76 / 9. 2 - الإنسان: 76 / 11 و 12. 3 - الإنسان: 76 / 13. 4 - الأمالي: 212 ح 11، المناقب لابن شهر آشوب 3: 373 مع اختصار، روضة الواعظين 1: 160، بحار الأنوار 35: 237 ح 1، ينابيع المودة: 107، رواه عن ابن عباس مختصرا. 69 القاسم بن عوف الشيباني، عن زيد بن أرقم، قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يشد على بطنه الحجر من الغرث - يعني الجوع - فظل يوما صائما ليس عنده شيء، فأتى بيت فاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) يبكيان، فلما نظرا رسول الله تسلقا على منكبه وهما يقولان: يا أبانا قل لأمنا تطعمنا. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لفاطمة: أطعمي ابني. قالت: ما في بيتي شي إلا بركة رسول الله. قال: فالتقاهما رسول الله (صلى الله عليه وآله) بريقه حتى شبعا وناما، فاقترضنا لرسول الله ثلاثة أقراص من شعير فلما أفطر رسول الله (صلى الله عليه وآله) وضعناها بين يديه، فجاء سائل وقال: يا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة أطعموني مما رزقكم الله، أطعمكم الله من موائد الجنة، فإني مسكين. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا فاطمة بنت محمد قد جاءك المسكين فله حنين، قم يا علي وأعطه. قال: فأخذت قرصا فقمت فأعطيته، ورجعت وقد حبس رسول الله يده. ثم جاء ثان فقال: يا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة إني يتيم فأطعموني مما رزقكم الله، أطعمكم الله من موائد الجنة. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا فاطمة بنت محمد قد جاءك اليتيم وله حنين، قم يا علي وأعطه. قال: فأخذت قرصا وأعطيته ثم رجعت وقد حبس رسول الله (صلى الله عليه وآله) يده. قال: فجاء ثالث وقال: يا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة إني أسير فأطعموني مما رزقكم الله، أطعمكم الله من موائد الجنة. قال: فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله) قد جاءك الأسير وله حنين،
70 قم يا علي فأعطه. قال: فأخذت قرصا وأعطيته، وبات رسول الله (صلى الله عليه وآله) طاويا وبتنا طاوين مجهودين، فنزلت هذه الآية: (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا) (1). (2) منها: تسابق الحسنين (عليهما السلام) في الكتابة [34] - 34 - المجلسي: روي في المراسيل: أن الحسن والحسين (عليهما السلام) كانا يكتبان، فقال الحسن للحسين: خطي أحسن من خطك، وقال الحسين: لا، بل خطي أحسن من خطك، فقالا لفاطمة (عليها السلام): احكمي بيننا. فكرهت فاطمة (عليها السلام) أن تؤذي أحدهما، فقالت لهما: سلا أباكما. فسألاه، فكره أن يؤذي أحدهما فقال: سلا جدكما رسول الله (صلى الله عليه وآله). فقال (صلى الله عليه وآله): لا أحكم بينكما حتى أسأل جبرائيل، فلما جاء جبرائيل قال: لا أحكم بينهما ولكن إسرافيل يحكم بينهما. فقال إسرافيل: لا أحكم بينهما ولكن أسأل الله أن يحكم بينهما. فسأل الله تعالى ذلك فقال تعالى: لا أحكم بينهما ولكن أمهما فاطمة تحكم بينهما. فقالت فاطمة (عليها السلام): أحكم بينهما يا رب وكانت لها قلادة فقالت لهما: أنا أنثر بينكما جواهر هذه القلادة، فمن أخذ منهما أكثر فخطه أحسن، فنثرتها، وكان جبرائيل وقتئذ عند قائمة العرش، فأمره الله تعالى أن يهبط إلى الأرض وينصف الجواهر بينهما كيلا يتأذى أحدهما، ففعل ذلك جبرائيل إكراما لهما وتعظيما. (3)
1 - الإنسان: 76 / 8. 2 - تفسير الفرات: 526 ح 677، بحار الأنوار 35: 252 ح 8، وفيه: يا باباه قل لماماه تطعمنا ناناه)، تفسير البرهان 4: 412، كنز الدقائق 11: 131، وفيهما مثل البحار. 3 - بحار الأنوار 43: 309، إحقاق الحق 10: 654، وفيه: عن ابن عباس.... 71 [35] - 35 - وعنه: عن بعض مؤلفات أصحابنا مرسلا: أن نصرانيا أتى رسولا من ملك الروم إلى يزيد، - لعنه الله تعالى - وقد حضر في مجلسه الذي أتي إليه فيه برأس الحسين (عليه السلام)، فلما رأى النصراني رأس الحسين بكى وصاح وناح حتى ابتلت لحيته بالدموع، ثم قال: إعلم يا يزيد إني دخلت المدينة تاجرا في أيام حياة النبى (صلى الله عليه وآله) وقد أردت أن آتيه بهدية، فسألت من أصحابه أي شيء أحب إليه من الهدايا، فقالوا: الطيب أحب إليه من كل شيء وإن له رغبة فيه. قال: فحملت من المسك فارتين وقدرا من العنبر الأشهب وجئت بها إليه وهو يومئذ في بيت زوجته ام سلمة (رضي الله عنها)، فلما شاهدت جماله ازداد لعيني من لقائه نورا ساطعا، وزادني منه سرور، وقد تعلق قلبي بمحبته، فسلمت عليه ووضعت العطر بين يديه. فقال: ما هذا؟. قلت: هدية محقرة أتيت بها إلى حضرتك، فقال لي: ما اسمك؟ فقلت: اسمي عبد الشمس. فقال لي: بدل اسمك، فأنا أسميك عبد الوهاب، إن قبلت مني الإسلام، قبلت منك الهدية. قال: فنظرته وتأملته فعلمت أنه نبي، وهو النبي الذي أخبرنا عنه عيسى (عليه السلام) حيث قال: إني مبشر لكم برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد، فاعتقدت ذلك وأسلمت على يده في تلك الساعة، ورجعت إلى الروم وأنا أخفي الإسلام، ولي مدة من السنين وأنا مسلم مع خمس من البنين وأربع من البنات، وأنا اليوم وزير ملك الروم، وليس لأحد من النصارى اطلاع على حالنا.
72 واعلم يا يزيد أني يوم كنت في حضرة النبي (صلى الله عليه وآله) وهو في بيت أم سلمة رأيت هذا العزيز الذي رأسه وضع بين يديك مهينا حقيرا، قد دخل على جده من باب الحجرة، والنبي (صلى الله عليه وآله) فاتح باعه [بابه] ليتناوله وهو يقول: مرحبا بك يا حبيبي، حتى أنه تناوله وأجلسه في حجره، وجعل يقبل شفتيه ويرشف ثناياه وهو يقول: بعد عن رحمة الله من قتلك، لعن الله من قتلك يا حسين! وأعان على قتلك. والنبي مع ذلك يبكي. فلما كان اليوم الثاني كنت مع النبى (صلى الله عليه وآله) في مسجده إذ أتاه الحسين مع أخيه الحسن (عليهما السلام) وقال: يا جداه! قد تصارعت مع أخي الحسن (عليه السلام) ولم يغلب أحدنا الآخر، وإنما نريد أن نعلم أينا أشد قوة من الآخر؟ فقال لهما النبى (صلى الله عليه وآله): يا حبيبي ويا مهجتي إن التصارع لا يليق لكما، إذهبا فتكاتبا، فمن كان خطه أحسن، كذلك تكون قوته أكثر. قال: فمضيا وكتب كل واحد منهما سطرا وأتيا إلى جدهما النبى (صلى الله عليه وآله)، فأعطياه اللوح ليقضي بينهما، فنظر النبى (صلى الله عليه وآله) إليهما ساعة ولم يرد أن يكسر قلب أحدهما فقال لهما: يا حبيبي إني أمي لا أعرف الخط، إذهبا إلى أبيكما ليحكم بينكما وينظر أيكما أحسن خطا. قال: فمضيا إليه وقام النبى (صلى الله عليه وآله) أيضا معهما ودخلوا جميعا إلى منزل فاطمة (عليها السلام)، فما كان إلا ساعة وإذا النبى (صلى الله عليه وآله) مقبل وسلمان الفارسي معه، وكان بيني وبين سلمان صداقة ومودة، فسألته كيف حكم أبوهما وخط أيهما أحسن؟ قال سلمان (رضي الله عنه): إن النبى (صلى الله عليه وآله) لم يجبهما بشيء، لأنه تأمل أمرهما وقال: لو قلت: خط الحسن أحسن كان يغتم الحسين، ولو قلت: خط الحسين أحسن كان يغتم الحسن، فوجهتهما إلى أبيهما.
73 فقلت: يا سلمان بحق الصداقة والأخوة التي بيني وبينك وبحق دين الإسلام إلا ما أخبرتني كيف حكم أبوهما بينهما. فقال: لما أتيا إلى أبيهما وتأمل حالهما رق لهما ولم يرد أن يكسر قلب أحدهما، قال لهما: إمضيا إلى أمكما فهي تحكم بينكما. فأتيا إلى أمهما وعرضا عليها ما كتبا في اللوح وقالا: يا أماه! إن جدنا أمرنا أن نتكاتب فكل من كان خطه أحسن تكون قوته أكثر، فتكاتبنا وجئنا إليه فوجهنا إلى أبينا فلم يحكم بيننا ووجهنا إليك، فتفكرت فاطمة (عليها السلام) بأن جدهما وأباهما ما أرادا كسر خاطرهما، أنا ما أصنع وكيف أحكم بينهما، فقالت لهما: يا قرتي عيني إني أقطع قلادتي على رأسكما فأيكما يلتقط من لؤلؤها أكثر كان خطه أحسن، وتكون قوته أكثر. قال: وكان في قلادتها سبع لؤلؤات ثم إنها قامت فقطعت قلادتها على رأسهما فالتقط الحسن (عليه السلام) ثلاث لؤلؤات، والتقط الحسين (عليه السلام) ثلاث لؤلؤات، وبقيت الأخرى، فأراد كل منهما تناولها فأمر الله تعالى جبرائيل (عليه السلام) بنزوله إلى الأرض وأن يضرب بجناحيه تلك اللؤلؤة ويقدها نصفين بالسوية ليأخذ كل منهما نصفا؛ لئلا يغتم قلب أحدهما، فنزل جبرائيل (عليه السلام) كطرفة عين وقد اللؤلؤة نصفين فأخذ كل منهما نصفا. فانظر يا يزيد! كيف رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يدخل على أحدهما ألم الترجيح في الكتابة، ولم يرد كسر قلبهما، وكذلك أمير المؤمنين (عليه السلام) وفاطمة (عليها السلام)، وكذلك رب العزة لم يرد كسر قلب أحدهما، بل أمر من يقسم اللؤلؤة بينهما لجبر قلبهما، وأنت هكذا تفعل بابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) أف لك ولدينك يا يزيد. ثم إن النصراني نهض إلى رأس الحسين (عليه السلام) واحتضنه وجعل يقبله وهو يبكي
74 يقول: يا حسين اشهد لي عند جدك محمد المصطفى، وعند أبيك علي المرتضى، وعند أمك فاطمة الزهراء صلوات الله عليهم أجمعين. (1) حديث الكساء [36] - 36 - الطريحي: روي عن [جابر أنه قال:] سمعت فاطمة أنها قالت: دخل علي أبي رسول الله في بعض الأيام فقال: السلام عليك يا فاطمة! فقلت: عليك السلام. قال: إني أجد في بدني ضعفا. فقلت له: أعيذك بالله يا أبتاه من الضعف، فقال: يا فاطمة! إيتيني بالكساء اليماني فغطيني به. فأتيته بالكساء اليماني فغطيته به، وصرت أنظر إليه وإذا وجهه يتلألأ كأنه البدر في ليلة تمامه وكماله. فما كانت إلا ساعة، وإذا بولدي الحسن قد أقبل وقال: السلام عليك يا أماه! فقلت: وعليك السلام يا قرة عيني، وثمرة فؤادي! فقال: يا أماه! إني أشم عندك رائحة طيبة كأنها رائحة جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله)! فقلت: نعم، إن جدك تحت الكساء، فأقبل الحسن نحو الكساء وقال: السلام عليك يا جداه، يا رسول الله! أتأذن لي أن أدخل معك تحت الكساء؟ فقال: وعليك السلام يا ولدي، ويا صاحب حوضي! قد أذنت لك. فدخل معه تحت الكساء. فما كانت إلا ساعة وإذا بولدي الحسين (عليه السلام) قد أقبل وقال: السلام عليك يا أماه! فقلت: وعليك السلام يا ولدي، ويا قرة عيني، وثمرة فؤادي! فقال لي: يا أماه إني أشم عندك رائحة طيبة كأنها رائحة جدي رسول الله، فقلت: نعم إن جدك
1 - بحار الأنوار 45: 189 ح 36، المنتخب للطريحي: 63. 75 وأخاك تحت الكساء، فدنا الحسين نحو الكساء وقال: السلام عليك يا جداه! السلام عليك يا من اختاره الله! أتأذن لي أن أكون معكما تحت الكساء؟ فقال: وعليك السلام يا ولدي، وشافع أمتي! قد أذنت لك. فدخل معهما تحت الكساء. فأقبل عند ذلك أبو الحسن علي بن أبي طالب وقال: السلام عليك يا بنت رسول الله! فقلت: وعليك السلام يا أبا الحسن، ويا أمير المؤمنين! فقال: يا فاطمة! إني أشم عندك رائحة طيبة كأنها رائحة أخي وابن عمي رسول الله! فقلت: نعم، ها هو مع ولديك تحت الكساء، فأقبل علي نحو الكساء وقال: السلام عليك يا رسول الله! أتأذن لي أن أكون معكم تحت الكساء؟ قال له: وعليك السلام يا أخي، ويا وصيي وخليفتي، وصاحب لوائي! قد أذنت لك. فدخل علي تحت الكساء. ثم أتيت نحو الكساء وقلت: السلام عليك يا أبتاه، يا رسول الله! أتأذن لي أن أكون معكم تحت الكساء؟ قال: وعليك السلام يا بنتي ويا بضعتي! قد أذنت لك، فدخلت تحت الكساء، فلما اكتملنا جميعا تحت الكساء أخذ أبي رسول الله بطرفي الكساء وأومأ بيده اليمنى إلى السماء وقال: أللهم إن هؤلاء أهل بيتي وخاصتي حامتي، لحمهم لحمي، ودمهم دمي، يؤلمني ما يؤلمهم، ويحزنني ما يحزنهم، أنا حرب لمن حاربهم، وسلم لمن سالمهم، وعدو لمن عاداهم، ومحب لمن أحبهم، إنهم مني وأنا منهم، فاجعل صلواتك وبركاتك ورحمتك وغفرانك ورضوانك علي وعليهم، وأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. فقال الله عزوجل: يا ملائكتي، ويا سكان سماواتي! إني ما خلقت سماء مبنية
76 ولا أرضا مدحية، ولا قمرا منيرا، ولا شمسا مضيئة ولا فلكا يدور، ولا بحرا يجري، ولا فلكا يسري إلا في محبة هؤلاء الخمسة الذين هم تحت الكساء. فقال الأمين جبرائيل: يا رب! ومن تحت الكساء؟ فقال عزوجل: هم أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، هم فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها. فقال جبرائيل: يا رب أتأذن لي أن أهبط إلى الأرض لأكون معهم سادسا؟ فقال الله: نعم قد أذنت لك. فهبط الأمين جبرائيل وقال: السلام عليك يا رسول الله! العلي الأعلى يقرئك السلام ويخصك بالتحية والإكرام ويقول لك: وعزتي جلالي إني ما خلقت سماء مبنية، ولا أرضا مدحية، ولا قمرا منيرا، ولا شمسا مضيئة، ولا فلكا يدور، ولا بحرا يجري ولا فلكا يسري إلا لأجلكم ومحبتكم، وقد أذن لي أن أدخل معكم، فهل تأذن لي يا رسول الله؟! فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): وعليك السلام يا أمين وحي الله! إنه نعم قد أذنت لك. فدخل جبرائيل معنا تحت الكساء، فقال لأبي: إن الله قد أوحى إليكم يقول: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (1). فقال علي (عليه السلام) لأبي: يا رسول الله! أخبرني ما لجلوسنا هذا تحت الكساء من الفضل عند الله؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله): والذي بعثني بالحق نبيا، واصطفاني بالرسالة نجيا! ما ذكر خبرنا هذا في محفل من محافل أهل الأرض وفيه جمع من شيعتنا ومحبينا إلا ونزلت عليهم الرحمة وحفت بهم الملائكة، واستغفرت لهم إلى أن يتفرقوا.
1 - الأحزاب: 33 / 33. 77 فقال علي (عليه السلام): إذن والله! فزنا وفاز شيعتنا ورب الكعبة. فقال أبي رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي! والذي بعثني بالحق نبيا، واصطفاني بالرسالة نجيا! ما ذكر خبرنا هذا في محفل من محافل أهل الأرض، وفيه جمع من شيعتنا محبينا وفيهم مهموم إلا وفرج الله همه، ولا مغموم إلا وكشف الله غمه، ولا طالب حاجة إلا وقضى الله حاجته. فقال علي (عليه السلام): إذن والله! فزنا وسعدنا، وكذلك شيعتنا فازوا وسعدوا في الدنيا والآخرة، ورب الكعبة! (1) تغطية الرأس [37] - 37 - محمد بن الأشعث: أخبرنا عبد الله، حدثني محمد، حدثني موسى، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه (عليهم السلام): أن فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) استأذن عليها أعمى، فحجبته، فقال لها النبي (صلى الله عليه وآله): لم حجبته وهو لا يراك؟ فقالت: يا رسول الله! إن لم يراني [يرني] فأنا أراه وهو يشم الريح. فقال النبي (صلى الله عليه وآله): أشهد أنك بضعة مني. (2)
1 - المنتخب: 253، وبهذا المضمون روايات كثيرة لم نتعرض لذكرها لعدم إحتوائها على كلام للحسين (عليه السلام). 2 - الجعفريات: 162 ح 611، مستدرك الوسائل 14: 289 ح 16740. 78 وقائع زمن النبي (صلى الله عليه وآله) (1) منها: كيفية بيعة الأنصار [38] - 38 - المجلسي: روى الحافظ ابن مردويه في كتابه بثلاثة طرق عن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين، عن جعفر بن محمد (عليهم السلام) قال: أشهد لقد حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن الحسين بن علي (عليهم السلام) قال: لما جاءت الأنصار تبايع رسول الله (صلى الله عليه وآله) على العقبة، قال: قم، يا علي! فقال علي: على ما أبايعهم يا رسول الله؟ قال: على أن يطاع الله فلا يعصى، وعلى أن يمنعوا رسول الله وأهل بيته وذريته مما يمنعون منه أنفسهم وذراريهم. (2) منها: زواج فاطمة (عليها السلام) [39] - 39 - الخوارزمي: أنبأني أبو العلا الحافظ الهمداني، يرفعه إلى الحسين بن علي (عليهما السلام)، قال: بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) في بيت أم سلمة إذ هبط عليه ملك له عشرون رأسا، في
1 - لا نذكر من الوقائع إلا ما كان للحسين (عليه السلام) فيها كلام، أو فعل. 2 - بحار الأنوار 38: 220، مجمع الزوائد 6: 49. 79 كل رأس ألف لسان، يسبح الله ويقدسه بلغة لا تشبه الأخرى، وراحته أوسع من سبع سماوات وسبع أرضين، فحسب النبي (صلى الله عليه وآله) أنه جبرائيل، فقال: يا جبرئيل! لم تأتني في مثل هذه الصورة قط. قال: ما أنا جبرئيل، أنا صرصائيل، بعثني الله إليك لتزوج النور من النور. فقال النبي (صلى الله عليه وآله) من ممن؟ قال: ابنتك فاطمة من علي بن أبي طالب، فزوج النبي (صلى الله عليه وآله) فاطمة من علي بشهادة جبرائيل وميكائيل وصرصائيل. قال: فنظر النبي (صلى الله عليه وآله) فإذا بين كتفي صرصائيل: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي بن أبي طالب مقيم الحجة، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): يا صرصائيل! منذكم هذا كتب بين كتفيك؟ قال: من قبل أن يخلق الله الدنيا باثني عشر ألف سنة. (1) [40] - 40 - الفتال النيسابوري: وقال الحسين بن علي (عليهما السلام): لما زوج [النبي (صلى الله عليه وآله)] فاطمة عليا على أربعمائة وثمانين درهما فأمره النبي (صلى الله عليه وآله) أن يجعل ثلثيها في العطر وثلثا في الثياب، فدخل بهما وما لهما فراش إلا فروة أضحية رسول الله، ووسادة من عدم حشوها ليف. (2) ومنها: غزوة أحد [41] - 41 - الصدوق: عن أبي الحسن محمد بن علي بن الشاه الفقيه المروزي بمرو الرود في داره قال: حدثنا أبو بكر بن محمد بن عبد الله النيسابوري قال: حدثنا أبو
1 - المناقب: 340، بحار الأنوار 43: 123 ح 31، العوالم، 6: 184 ح 26، مائة منقبة: 58 المنقبة 15، عن علي (عليه السلام)، مدينة المعاجز 2: 410 ح 639. 2 - روضة الواعظين 146، المناقب لابن شهر آشوب 3: 351، العوالم 6: 198 ح 4، بحار الأنوار 43: 112. 80 القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر بن سليمان الطائي بالبصرة قال: حدثنا أبي في سنة ستين ومائتين، قال: حدثني علي بن موسى الرضا (عليهما السلام) سنة أربع وتسعين ومائة. وحدثنا أبو منصور أحمد بن إبراهيم بن بكر الخوري بنيسابور قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن هارون بن محمد الخوري قال: حدثنا جعفر بن محمد بن زياد الفقيه الخوري بنيسابور، قال: حدثنا أحمد بن عبد الله الهروي الشيباني، عن الرضا علي بن موسى (عليهما السلام). وحدثني أبو عبد الله الحسين بن محمد الأشناني الرازي العدل ببلخ، قال: حدثنا علي بن محمد بن مهرويه القزويني، عن داود بن سليمان الفراء، عن علي بن موسى الرضا (عليهما السلام)، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثني أبي جعفر بن محمد قال: حدثني أبي محمد بن علي قال: حدثني أبي علي بن الحسين قال: حدثني أبي الحسين بن علي (عليهم السلام) قال: رأيت النبي (صلى الله عليه وآله) أنه كبر على حمزة خمس تكبيرات، وكبر على الشهداء بعد حمزة خمس تكبيرات، فلحق حمزة سبعون تكبيرة. (1) [42] - 42 - الطبراني: عن الحسين بن علي [(عليهما السلام)] لما جرد رسول الله (صلى الله عليه وآله) حمزة بكى، فلما رأى مثاله شهق. (2) ومنها: غزوة خيبر [43] - 43 - الصدوق: ونقل الحسين (عليه السلام) كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حرب خيبر، وكان عمره آنذاك أربع سنين.
1 - عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 49 ح 167، جامع الأحاديث 3: 311، بحار الأنوار 81: 395، و 22: 273. 2 - كنز العمال 13: 333، المعجم الكبير للطبراني 3: 142 ح 2932، ومجمع الزوائد 6: 118، وفيهما: عن جابر. 81 قال الصدوق: أخبرني أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن حمزة بن عمارة الحافظ فيما كتب إلي قال: حدثني سالم بن سالم وأبو عروبة قالا: حدثنا أبو الخطاب قال: حدثنا هارون بن مسلم قال: حدثنا القاسم بن عبد الرحمن الأنصاري، عن محمد بن علي، عن أبيه، عن الحسين بن علي (عليهم السلام) قال: لما افتتح رسول الله (صلى الله عليه وآله) خيبر دعا بقوسه فاتكأ على سيتها (1) ثم حمد الله وأثنى عليه وذكر ما فتح الله له ونصره به، ونهى عن خصال تسعة: عن مهر البغي، وعن كسب الدابة يعني عسب الفحل، وعن خاتم الذهب، وعن ثمن الكلب، وعن مياثر الأرجوان - قال أبو عروبة: عن مياثر الحمر - وعن لبوس ثياب القسي وهي ثياب تنسج بالشام، وعن أكل لحوم السباع، وعن صرف الذهب بالذهب والفضة بالفضة بينهما فضل، وعن النظر في النجوم. (2) [44] - 44 - محمد بن الأشعث (رحمهما الله): أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى بن إسماعيل قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه الحسين (عليهم السلام): أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعث مع علي (عليه السلام) ثلاثين فرسا في غزاة السلاسل، فقال: يا علي! أتلو عليك آية في نفقة الخيل (الذين ينفقون أموالهم باليل والنهار سرا وعلانية) (3) يا علي! هي النفقة على الخيل ينفق الرجل سرا وعلانية. (4)
1 - سية القوس: بكسر السين وفتح الياء المثناة من تحت: ما عطف من طرفيها، لسان العرب. 2 - الخصال 2: 417، بحار الأنوار 103: 43 ح 8. 3 - البقرة: 2 / 274. 4 - الجعفريات: 147 ح 557، النوادر للراوندي: 172 ح 281، بتفاوت يسير، عنه البحار 21: 67 ح 1 و 61: 173 ح 28، و 97: 35 ح 28، مستدرك الوسائل 8: 253 ح 9377 عن الجعفريات. 82 ومنها: غزوة حنين [45] - 45 - الطبراني: عن محمد بن عثمان بن أبي حرملة مولى بني عثمان، عن الحسين بن علي (عليهما السلام)، قال: كان ممن ثبت مع النبي (صلى الله عليه وآله) يوم حنين: العباس، وعلي، وأبو سفيان بن الحارث، وعقيل بن أبي طالب، وعبد الله بن الزبير بن عبد المطلب، والزبير بن العوام، وأسامة بن زيد. (1) ومنها: كلام النبى (صلى الله عليه وآله) في فضيلته (عليه السلام) [46] - 46 - الصدوق: حدثنا أبو الحسن علي بن ثابت الدواليني (رحمه الله). بمدينة السلام، سنة اثنتين وخمسين وثلاث مأة قال: حدثنا محمد بن علي بن عبد الصمد الكوفي قال: حدثنا علي بن عاصم، عن محمد بن علي بن موسى، عن أبيه علي بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) قال: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعنده أبي بن كعب، فقال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): مرحبا بك يا أبا عبد الله! يا زين السماوات والأرضين! قال له أبي: وكيف يكون يا رسول الله (صلى الله عليه وآله)! زين السماوات والأرضين أحد غيرك؟ قال: يا أبي! والذي بعثني بالحق نبيا! إن الحسين بن علي في السماء أكبر منه في الأرض، وإنه لمكتوب عن يمين عرش الله عزوجل: مصباح هدى وسفينة نجاة
1 - كنز العمال 10: 542. 83 وإمام خير ويمن وعز وفخر وعلم وذخر، وإن الله عزوجل ركب في صلبه نطفة طيبة مباركة زكية، ولقد لقن دعوات ما يدعو بهن مخلوق إلا حشره الله عزوجل معه، وكان شفيعه في آخرته، وفرج الله عنه كربه، وقضى بها دينه، ويسر أمره، وأوضح سبيله، وقواه على عدوه، ولم يهتك ستره. فقال له أبي بن كعب: وما هذه الدعوات يا رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟! قال: تقول إذا فرغت من صلاتك وأنت قاعد: أللهم إني أسألك بكلماتك ومعاقد عرشك، وسكان سمواتك، وأنبيائك، ورسلك، أن تستجيب لي، فقد رهقني (1) من أمري عسرا، فأسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تجعل لي من أمري يسرا. فإن الله عزوجل يسهل أمرك، ويشرح صدرك، ويلقنك شهادة أن لا إله إلا الله عند خروج نفسك. قال له أبي: يا رسول الله! فما هذه النطفة التي في صلب حبيبي الحسين؟ قال: مثل هذه النطفة كمثل القمر، وهي نطفة تبيين وبيان، يكون من اتبعه رشيدا، ومن ضل عنه هويا؟ قال: فما اسمه وما دعاؤه؟ قال: اسمه علي، ودعاؤه: يا دائم، يا ديموم! يا حي، يا قيوم! يا كاشف الغم، ويا فارج الهم! ويا باعث الرسل، ويا صادق الوعد! من دعا بهذا الدعاء حشره الله عزوجل مع علي بن الحسين، وكان قائده إلى الجنة. فقال له أبي: يا رسول الله! فهل له من خلف ووصى؟
1 - رهق كفرح: غشيه وقطعه ودنى منه. 84 قال: نعم، له مواريث السماوات والأرض. قال: ما معنى مواريث السماوات والأرض يا رسول الله؟! قال: القضاء بالحق، والحكم بالديانة، وتأويل الأحكام، وبيان ما يكون. قال: فما اسمه؟ قال: اسمه محمد، وإن الملائكة لتستأنس به في السماوات، ويقول في دعائه: أللهم إن كان لي عندك رضوان وود فاغفر لي ولمن تبعني من إخواني وشيعتي، طيب ما في صلبي. فركب الله عزوجل في صلبه نطفة طيبة مباركة زكية. وأخبرني جبرائيل (عليه السلام): أن الله عزوجل طيب هذه النطفة وسماها عنده جعفرا، جعله هاديا مهديا راضيا مرضيا يدعو ربه فيقول في دعائه: يا دان غير متوان، يا أرحم الراحمين، اجعل لشيعتي من النار وقاء، ولهم عندك رضا، واغفر ذنوبهم، يسر أمورهم، واقض ديونهم، واستر عوراتهم، وهب لهم الكبائر التي بينك وبينهم، يا من لا يخاف الضيم، ولا تأخذه سنة ولا نوم، اجعل لي من كل غم فرجا، من دعا بهذا الدعاء، حشره الله تعالى أبيض الوجه مع جعفر بن محمد إلى الجنة. يا أبي! إن الله تبارك وتعالى ركب على هذه النطفة نطفة زكية مباركة طيبة أنزل عليها الرحمة وسماها عنده موسى. قال له أبي: يا رسول الله! كأنهم يتواصفون ويتناسلون ويتوارثون، ويصف بعضهم بعضا. قال: وصفهم لي جبرائيل، عن رب العالمين جل جلاله. قال: فهل لموسى من دعوة يدعو بها سوى دعاء آبائه؟ قال: نعم، يقول في دعائه: يا خالق الخلق، ويا باسط الرزق وفالق الحب النوى، وبارئ النسم، ومحيي الموتى، ومميت الأحياء، ودائم الثبات، ومخرج النبات! إفعل
85 بي ما أنت أهله، من دعا بهذا الدعاء قضى الله تعالى حوائجه، وحشره يوم القيامة مع موسى بن جعفر (عليهما السلام). وإن الله عزوجل ركب في صلبه نطفة مباركة زكية رضية مرضية، وسماها عنده عليا، يكون لله تعالى في خلقه رضيا في علمه وحكمه، ويجعله حجة لشيعته يحتجون به يوم القيامة، وله دعاء يدعو به: أللهم أعطني الهدى، وثبتني عليه، احشرني عليه آمنا، آمن من لا خوف عليه ولا حزن ولا جزع، إنك أهل التقوى وأهل المغفرة. وإن الله عزوجل ركب في صلبه نطفة مباركة طيبة زكية رضية مرضية وسماها محمد بن علي، فهو شفيع شيعته، ووارث علم جده، له علامة بينة وحجة ظاهرة، إذا ولد يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويقول في دعائه: يا من لا شبيه له ولا مثال، أنت الله الذي لا إله إلا أنت، ولا خالق إلا أنت، تفني المخلوقين وتبقى، أنت حلمت عمن عصاك، وفي المغفرة رضاك. من دعا بهذا الدعاء كان محمد بن علي شفيعه يوم القيامة. وإن الله تعالى ركب في صلبه نطفة، لا باغية ولا طاغية، بارة مباركة طيبة طاهرة سماها عنده علي بن محمد، فألبسها السكينة والوقار، وأودعها العلوم وكل سر مكتوم، من لقيه وفي صدره شيء أنبأه به وحذره من عدوه، ويقول في دعائه: يا نور يا برهان، يا منير يا مبين، يا رب! اكفني شر الشرور وآفات الدهور، وأسألك النجاة يوم ينفخ في الصور. من دعا بهذا الدعاء كان علي بن محمد شفيعه وقائده إلى الجنة. وإن الله تبارك وتعالى ركب في صلبه نطفة وسماها عنده الحسن، فجعله نورا في بلاده، وخليفة في أرضه، وعزا لأمة جده، وهاديا لشيعته، وشفيعا لهم عند ربه،
86 ونقمة على من خالفه، وحجة لمن والاه، وبرهانا لمن اتخذه إماما، يقول في دعائه: يا عزيز العز في عزه، ما أعز عزيز العز في عزه! يا عزيز! أعزني بعزك، وأيدني بنصرك، وأبعد عني همزات الشياطين، وادفع عني بدفعك، وامنع عني بمنعك، اجعلني من خيار خلقك، يا واحد يا أحد، يا فرد يا صمد! من دعا بهذا الدعاء حشره الله عزوجل معه، ونجاه من النار ولو وجبت عليه. وإن الله تبارك وتعالى ركب في صلب الحسن نطفة مباركة زكية طيبة طاهرة مطهرة، يرضى بها كل مؤمن ممن قد أخذ الله تعالى ميثاقه في الولاية، ويكفر بها كل جاحد، فهو إمام تقى نقى سار مرضي هادي مهدي، يحكم بالعدل ويأمر به، يصدق الله تعالى ويصدقه الله تعالى في قوله، يخرج من تهامة (1) حين تظهر الدلائل والعلامات، وله كنوز لا ذهب ولا فضة إلا خيول مطهمة (2) ورجال مسومة (3) يجمع الله تعالى له من أقاصي البلاد على عدة أهل بدر؛ ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا، معه صحيفة مختومة فيها عدد أصحابه بأسمائهم وأنسابهم وبلدانهم وطبائعهم وحلاهم وكناهم، كدادون مجدون في طاعته. فقال له أبي: وما دلائله وعلاماته يا رسول الله؟ قال: له علم إذا حان وقت خروجه انتشر ذلك العلم من نفسه وأنطقه الله تعالى، فناداه العلم: اخرج يا ولى الله! فاقتل أعداء الله، و [له] هما رايتان وعلامتان، وله سيف مغمد، فإذا حان وقت خروجه اختلع ذلك السيف من غمده، وأنطقه الله عزوجل فناداه السيف: اخرج يا ولي الله! فلا يحل لك أن تقعد عن أعداء الله، فيخرج ويقتل أعداء الله حيث ثقفهم، ويقيم حدود الله، ويحكم بحكم الله.
1 - التهامة بالكسر وتخفيف الميم: بلاد شرقي الحجاز، والنسبة اليه تهامي - مكة. 2 - المطهم: التام من كل شيء ووجه مطهم أي مجتمع مدور جميل. 3 - وخيل المسومة أي المرعية والمسومة أيضا المعلمة. 87 ويخرج جبرئيل (عليه السلام) عن يمينه وميكائيل عن يساره، وسوف تذكرون ما أقول لكم ولو بعد حين، وأفوض أمري إلى الله تعالى عزوجل، يا أبي طوبي لمن لقيه، طوبى لمن أحبه، وطوبى لمن قال به، ينجيهم الله به من الهلكة وبالإقرار بالله وبرسوله وبجميع الأئمة يفتح الله لهم الجنة، مثلهم في الأرض كمثل المسك الذي يسطع ريحه ولا يتغير أبدا، ومثلهم في السماء كمثل القمر المنير الذي لا يطفئ نوره أبدا. قال أبي: يا رسول الله! كيف بيان حال هؤلاء الأئمة عن الله عزوجل؟ قال: إن الله عزوجل أنزل علي اثنا عشر صحيفة، اسم كل إمام على خاتمه، وصفته في صحيفته. (1) ومنها: تسمية علي (عليه السلام) بإمرة المؤمنين [47] - 47 - المفيد: حدثنا أبو الحسن محمد بن مظفر الوراق، حدثنا أبو بكر محمد بن أبي الثلج قال: أخبرني الحسين بن أيوب من كتابه، عن محمد بن غالب، عن علي بن الحسن، عن عبد الله بن جبلة، عن ذريح المحاربي، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمد بن علي، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام) قال: إن الله جل جلاله بعث جبريل (عليه السلام) إلى محمد (صلى الله عليه وآله) أن يشهد لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) بالولاية في حياته، ويسميه بإمرة المؤمنين قبل وفاته، فدعا نبي الله (صلى الله عليه وآله) تسعة رهط، فقال: إنما دعوتكم لتكونوا شهداء الله في الأرض، أقمتم أم كتمتم.
1 - عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 62 ح 29، إكمال الدين 1: 264 ح 11، فرائد السمطين 2: 155 ح 447، غاية المرام 1: 171، بحار الأنوار 36: 204 ح 7، العوالم 15: 58 ح 7، مستدرك الوسائل 5: 86 أشار إلى صدر الرواية. 88 ثم قال: يا أبا بكر! قم، فسلم على علي بإمرة المؤمنين. فقال: أعن أمر الله ورسوله؟ قال: نعم. فقام فسلم عليه بإمرة المؤمنين. ثم قال: قم، يا عمر! فسلم على علي بإمرة المؤمنين. فقال: أعن أمر الله ورسوله نسميه أمير المؤمنين؟ قال: نعم. فقام فسلم عليه. ثم قال للمقداد بن الأسود الكندي: قم فسلم على علي بإمرة المؤمنين، فقام فسلم، ولم يقل مثل ما قال الرجلان من قبله. ثم قال لأبي ذر الغفاري: قم، فسلم على علي بإمرة المؤمنين. فقام فسلم عليه. ثم قال لحذيفة اليماني: قم فسلم على أمير المؤمنين. فقام فسلم عليه. ثم قال لعمار بن ياسر: قم فسلم على أمير المؤمنين. فقام فسلم عليه. ثم قال لعبد الله بن مسعود: قم فسلم على علي بإمرة المؤمنين. فقام فسلم عليه. ثم قال لبريدة: قم فسلم على أمير المؤمنين - وكان بريدة أصغر القوم سنا - فقام فسلم، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنما دعوتكم لهذا الأمر لتكونوا شهداء الله، أقمتم أم تركتم. (1) [48] - 48 - الصدوق قدس الله روحه: حدثنا محمد بن عمر الحافظ قال: حدثنا الحسن بن عبد الله التميمي قال: حدثني أبي قال: حدثني سيدي علي بن موسى الرضا، عن آبائه، عن الحسين بن علي (عليهم السلام) قال: قال لي بريدة: أمرنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن نسلم على أبيك بإمرة المؤمنين. (2)
1 - الأمالي: 18، بحار الأنوار 37: 335 ح 74. 2 - عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 73 ح 312، بحار الأنوار 37: 290 ح 1. 89 ومنها: صعود علي (عليه السلام) على منبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) [49] - 49 - فرات الكوفي: عن عبيد بن كثير معنعنا، عن عطاء بن أبي رباح قال: قلت لفاطمة بنت الحسين (عليه السلام): أخبريني جعلت فداك بحديث أحتف وأحتج به على الناس. قالت: نعم، أخبرني أبي أن النبي (صلى الله عليه وآله) بعث إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) أن أصعد المنبر، وادع الناس إليك، ثم قل: أيها الناس من انتقص أجيرا أجره فليتبوأ مقعده من النار، ومن ادعى إلى غير مواليه فليتبوأ مقعده من النار، ومن انتفى [عق] من والديه فليتبوأ مقعده من النار. قال: فقال رجل: يا أبا الحسن! ما لهن من تأويل؟ فقال: الله ورسوله أعلم، ثم أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأخبره، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ويل لقريش من تأويلهن ثلاث مرات، ثم قال: يا علي! انطلق فأخبرهم أني أنا الأجير الذي أثبت الله مودته من السماء، وأنا وأنت مولى [موليا] المؤمنين، وأنا أنت أبوا المؤمنين. ثم خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا معشر قريش والمهاجرين! فلما اجتمعوا قال: يا أيها الناس! إن عليا أولكم إيمانا بالله، وأوفاكم بعهد الله، وأقومكم بالله، وأعلمكم بالقضية، وأقسمكم بالسوية، وأرحمكم بالرعية، وأفضلكم عند الله مزية. ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله مثل لي أمتي في الطين، وأعلمني بأسمائهم كما علم آدم الأسماء كلها، فمر بي أصحاب الرايات، فاستغفرت لعلي (عليه السلام) وشيعته، وسألت ربي أن يستقيم أمتي على علي بن أبي طالب من بعدي، فأبى ربي إلا أن يضل من يشاء.
90 ثم ابتدأني ربي في أمير المؤمنين علي بن أبى طالب بسبع: أما أولهن: فإنه أول من تنشق عنه الأرض معي ولا فخر. وأما الثانية: فإنه يذود عن حوضي كما تذود الرعاة غريبة الإبل. وأما الثالثة: فإن من فقراء شيعة علي ليشفع في مثل ربيعة ومضر. وأما الرابعة: فإنه أول من يقرع باب الجنة معي ولا فخر. وأما الخامسة: فإنه يزوج من حور العين ولا فخر. وأما السادسة: فإنه أول من يسكن معي في عليين ولا فخر. وأما السابعة: فإنه أول من يسقى من رحيق مختوم (ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون (1)). (2) ومنها: اختلاف أصحاب النبى (صلى الله عليه وآله) [50] - 50 - المتقي الهندي: عن الحسين بن علي [(عليهما السلام)] قال: خبأ النبي (صلى الله عليه وآله) لابن صياد دخانا، فسأله عما خبأ له. فقال: دخ، فقال: اخسأ فلن تعدو أصلك، فلما ولى رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال القوم: ماذا قال؟ قال بعضهم: دخ، وقال بعضهم: بل ذخ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): هذا وأنتم معي تختلفون! فأنتم بعدي أشد اختلافا. (3)
1 - المطففين: 26. 2 - تفسير الفرات: 544 ح 699، بحار الأنوار 40: 59 ح 93. 3 - كنز العمال 14: 615 ح 39713، الذرية الطاهرة: 131، وفيه: قال: حدثنا، محمد بن إسماعيل ومحمد بن مسعود، قالا: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن الزهري، عن سنان بن أبي سنان الدؤلي، أنه سمع حسين بن علي يحدث: أن النبي (صلى الله عليه وآله) خبأ... مع اختلاف في بعض الألفاظ. 91 ومنها: مسائل اليهودي [51] - 51 - المفيد: حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم قال: حدثنا الحسين بن مهران قال: حدثني الحسين بن عبد الله، عن أبيه، عن جده، عن جعفر بن محمد، عن. أبيه، عن جده الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) قال: جاء رجل من اليهود إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا محمد! أنت الذي تزعم أنك رسول الله، وأنه يوحى إليك كما أوحي إلى موسى بن عمران؟ قال: نعم، أنا سيد ولد آدم ولا فخر، أنا خاتم النبيين، وإمام المتقين، ورسول رب العالمين. فقال: يا محمد! إلى العرب أرسلت، أم إلى العجم، أم إلينا؟ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إني رسول الله إلى الناس كافة. فقال: إني أسألك عن عشر كلمات أعطاها الله موسى في البقعة المباركة حيث ناجاه، لا يعلمها إلا نبي مرسل، أو ملك مقرب. فقال النبي (صلى الله عليه وآله): سل عما بدا لك. فقال: يا محمد! أخبرني عن الكلمات التي اختارها الله لإبراهيم (عليه السلام) حين بنى هذا البيت؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله): نعم، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. فقال: يا محمد! لأي شيء بنى إبراهيم (عليه السلام) الكعبة مربعا؟ قال: لأن الكلمات أربعة. قال: فلأي شيء سمى الكعبة كعبة؟ قال: لأنها وسط الدنيا.
92 قال: فأخبرني عن تفسير سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله): علم الله أن ابن آدم والجن يكذبون على الله تعالى، فقال: سبحان الله، يعني برئ مما يقولون. وأما قوله: الحمد لله، علم الله أن العباد لا يؤدون شكر نعمته، فحمد نفسه عزوجل قبل أن يحمده الخلائق، وهي أول الكلام، لولا ذلك لما أنعم الله على أحد بالنعمة. وأما قوله: لا إله إلا الله، وهي وحدانيته، لا يقبل الله الأعمال إلا به، ولا يدخل الجنة أحد إلا به، وهي كلمة التقوى، سميت التقوى لما تثقل بالميزان يوم القيامة. وأما قوله: الله أكبر، فهي كلمة ليس أعلاها كلام، وأحبها إلى الله، يعني ليس أكبر منه، لأنه يستفتح الصلوات به لكرامته على الله، وهو اسم من أسماء الله الأكبر. فقال: صدقت يا محمد! ما جزاء قائلها؟ قال: إذا قال العبد: سبحان الله، سبح كل شيء معه ما دون العرش، فيعطى قائلها عشر أمثالها. وإذا قال: الحمد لله، أنعم الله عليه بنعيم الدنيا حتى يلقاه بنعيم الآخرة، وهي الكلمة التي يقولها أهل الجنة إذا دخلوها، والكلام ينقطع في الدنيا ما خلا الحمد ذلك قولهم: (تحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين) (1). وأما ثواب لا إله إلا الله، فالجنة، وذلك قوله: (هل جزاء الاحسان إلا الاحسان). (2) وأما قوله: الله أكبر، فهي أكبر درجات في الجنة، وأعلاها منزلة عند الله.
1 - يونس: 11. 2 - الرحمن: 60. 93 فقال اليهودي: صدقت يا محمد! أديت واحدة، تأذن لي أن أسألك الثانية؟ فقال: النبي (صلى الله عليه وآله): سلني ما شئت. وجبرئيل عن يمين النبي (صلى الله عليه وآله)، وميكائيل عن يساره يلقنانه. فقال اليهودي: لأي شيء سميت محمدا وأحمد وأبا القاسم وبشيرا ونذيرا وداعيا؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله): أما محمد، فإني محمود في السماء؛ وأما أحمد، فإني محمود في الأرض؛ وأما أبو القاسم، فإن الله تبارك وتعالى يقسم يوم القيامة قسمة النار بمن كفر بي، أو يكذبني من الأولين والآخرين؛ وأما الداعي، فإني أدعو الناس إلى دين ربي إلى الإسلام؛ وأما النذير، فإني أنذر بالنار من عصاني؛ وأما البشير، فإني أبشر بالجنة من أطاعني. قال: صدقت يا محمد! فأخبرني عن الثالث، لأي شيء وقت الله هذه الصلوات الخمس في خمس مواقيت على أمتك في ساعات الليل والنهار؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله): إن الشمس إذا بلغ عند الزوال لها حلقة تدخل فيها، فإذا دخل فيها زالت الشمس، فسبحت كل شيء ما دون العرش لربي، وهي الساعة التي يصلي علي ربي، فافترض الله علي وعلى أمتي فيه الصلاة إذ قال: (أقم الصلوة لدلوك الشمس) (1) وهي الساعة التي تؤتى بجهنم يوم القيامة، فما من مؤمن يوافق في تلك الساعة ساجدا، أو راكعا، أو قائما في صلاته إلا حرم الله جسده على النار. وأما صلاة العصر فهي الساعة التي أكل آدم (عليه السلام) من الشجرة، ونقص عليه الجنة، فأمر الله لذريته إلى يوم القيامة بهذه الصلاة، واختارها وافترضها، فهي من أحب الصلوات إلى الله عزوجل، فأوصاني ربي أن أحفظها من بين الصلوات كلها، قال:
1 - الإسراء: 17 / 77. والدلوك: زوالها، ميلها، وقيل: غروبها. 94 (حفظوا على الصلوات والصلوة الوسطى) (1)، فهي صلاة العصر. وأما صلاة العشاء (2) فهي الساعة التي تاب الله على آدم (عليه السلام)، فكان ما بين ما أكل من الشجرة وبين ما تاب ثلاثمائة سنة من أيام الدنيا، وفي أيام الآخرة يوم كألف سنة مما تعدون، فصلى آدم صلوات الله عليه ثلاث ركعات: ركعة لخطيئته، ركعة لخطيئة حواء، وركعة لتوبته. فتاب الله عليه، وفرض الله على أمتي هذه الثلاث ركعات، وهي الساعة التي يستجاب فيها الدعوة، ووعدني ربي أن لا يخيب من سأله حيث قال: (فسبحن الله حين تمسون وحين تصبحون) (3). وأما صلاة العتمة، فإن للقبر ظلمة، وليوم القيامة ظلمة، أمر الله لي ولأمتي بهذه الصلاة، وما من قدم مشيت إلى صلاة العتمة إلا حرم الله عليه قعور النار، وينور الله قبره، ويعطى يوم القيامة نورا تجاوز به الصراط، وهي الصلاة التي اختارها للمرسلين قبلي. وأما صلاة الفجر، فإن الشمس إذا طلعت تطلع من قرن الشيطان، فأمر الله لي أن أصلي الفجر قبل طلوع الشمس، وقبل أن يسجد الكفار لها يسجدون أمتي لله، سرعتها أحب إلى الله، وهي الصلاة التي تشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار. قال: صدقت يا محمد! فأخبرني عن الرابع، لأي شيء أمر الله غسل هذه الأربع جوارح وهي أنظف المواضع في الجسد؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله): لما أن وسوس الشيطان فدنى آدم إلى الشجرة فنظر إليها ذهب بماء وجهه ثم قام، فهي أول قدم مشيت إلى الخطيئة، ثم تناولها، ثم شقها فأكل منها،
1 - البقرة: 2 / 239. 2 - يعني المغرب بقرينة العشاء الآخرة. 3 - الروم: 30 / 17. 95 فلما أن أكل منها طارت منه الحلل والنور من جسده، ووضع آدم يده على رأسه وبكى، فلما أن تاب الله على آدم افترض الله عليه وعلى ذريته اغتسال هذه الأربع جوارح، وأمر أن يغسل الوجه لما نظر آدم إلى الشجرة، وأمر أن يغسل الساعدين إلى المرافق لما مد يديه إلى الخطيئة، وأمر أن يمسح الرأس لما وضع يده على أم رأسه، وأمر أن يمسح القدم بما مشيت إلى الخطيئة، ثم سننت على أمتي المضمضة والاستنشاق، والمضمضة تنقي القلب من الحرام، والاستنشاق يحرم رائحة النار. فقال: صدقت يا محمد! ما جزاء من توضأ كما أمرت؟ قال: أول ما يمس الماء يتباعد عنه الشيطان، وإذا مضمض نور الله لسانه وقلبه بالحكمة، وإذا استنشق آمنه الله من فتن القبر ومن فتن النار؛ فإذا غسل وجهه بيض الله وجهه يوم تسود الوجوه، وإذا غسل ساعديه حرم الله عليه غلول النار، وإذا مسح رأسه مسح الله سيئاته، وإذا مسح قدميه جاوزه الله على الصراط يوم تزل فيه الأقدام. قال: صدقت يا محمد! فأخبرني عن الخامس، بأي شيء أمر الله الاغتسال من النطفة، ولم يأمر من البول والغائط، والنطفة أنظف من البول والغائط؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لإن آدم لما أكل من الشجرة تحول ذلك في عروقه وشعره وبشره، وإذا جامع الرجل المرأة خرجت النطفة من كل عرق وشعر، فأوجب الله الغسل على ذرية آدم إلى يوم القيامة، والبول والغائط لا يخرج إلا من فضل ما يأكل ويشرب الإنسان، كفى به الوضوء. فقال اليهودي: ما جزاء من اغتسل من الحلال؟ قال: بنى الله له بكل قطرة من ذلك الماء قصرا في الجنة، وهو شيء [فيما] بين الله وبين عباده من الجنابة.
96 فقال اليهودي: يا محمد! فأخبرني عن السادس، عن ثمانية أشياء في التوراة مكتوبة، أمر الله بني إسرائيل أن يعبدونه بعد موسى. فقال النبي (صلى الله عليه وآله): أنشدك الله إن أخبرتك أن تقر به؟ فقال اليهودي: بلى، يا محمد! فقال النبي (صلى الله عليه وآله): إن أول ما في التوراة مكتوب: محمد رسول الله، وهي مما أساطه (1) ثم صار قائما، ثم تلا هذه الآية: (يجدونه ومكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل) (2) (ومبشرا برسول يأتى من بعدي اسمه أحمد) (3) وأما الثاني والثالث والرابع: فعلي، وفاطمة، وهي سيدة نساء العالمين، وسبطيهما، في التوراة إيليا، شبرا وشبيرا، وهليون، يعني فاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام). قال: صدقت يا محمد! فأخبرني عن فضلك على النبيين وفضل عشيرتك على الناس؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله): أما فضلي على النبيين، فما من نبي إلا دعا على قومه، وأنا اخترت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة. وأما فضل عشيرتي وأهل بيتي وذريتي كفضل الماء على كل شيء، بالماء يبقي كل [شئ] ويحيى، كما قال ربي تبارك وتعالى: (وجعلنا من الماء كل شىء حي أفلا يؤمنون) (4)، ومحبة أهل بيتي وعشيرتي وذريتي يستكمل الدين. قال: صدقت يا محمد! فأخبرني عن السابع، ما فضل الرجال على النساء؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله): كفضل السماء على الأرض، وكفضل الماء على الأرض، بالماء
1 - وفي الأمالي: فهي بالعبرانية طاب. 2 - الأعراف: 7 / 157. 3 - الصف: 61 / 6. 4 - الأنبياء: 21 / 30. 97 يحيى كل شيء وبالرجال يحيى النساء، لولا الرجال ما خلق الله النساء، وما مرأة تدخل الجنة إلا بفضل الرجال، قال الله تبارك وتعالى: (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض) (1). فقال: يا محمد! لأي شيء هذا هكذا؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله): خلق آدم صلوات الله عليه من طين، ومن صلبه ونفسه خلق النساء، وأول من أطاع النساء آدم صلوات الله عليه، فأنزله من الجنة، وقد بين الله فضل الرجال على النساء في الدنيا، ألا ترى النساء كيف يحضن فلا يمكنهن العبادة من القذارة، والرجال لا يصيبهم ذلك. قال: صدقت يا محمد! فأخبرني عن الثامن، لأي شيء افترض الله صوما على أمتك ثلاثين يوما، وافترض على سائر الأمم أكثر من ذلك؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله): إن آدم صلوات الله عليه لما أن أكل من الشجرة بقي في جوفه مقدار ثلاثين يوما، فافترض على ذريته ثلاثين يوما الجوع والعطش، وما يأكلونه بالليل فهو تفضل من الله على خلقه، وكذلك كان لآدم صلوات الله عليه ثلاثين يوما كما على أمتي، ثم تلا هذه الآية: (كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) (2). قال: صدقت يا محمد! ما جزاء من صامها؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله): ما من مؤمن يصوم يوما من شهر رمضان حاسبا محتسبا إلا أوجب الله تعالى له سبع خصال: أول الخصلة: يذوب الحرام من جسده، والثاني: يتقرب إلى رحمة الله، والثالث: يكفر خطيئته، ألا تعلم أن الكفارات في الصوم
1 - النساء: 4 / 34. 2 - البقرة: 2 / 183. 98 يكفر، والرابع: يهون عليه سكرات الموت، والخامس: آمنه الله من الجوع والعطش يوم القيامة، والسادس: براءة من النار، والسابع: أطعمه الله من طيبات الجنة. قال: صدقت يا محمد! فأخبرني عن التاسع، لأي شيء أمر الله الوقوف بعرفات بعد العصر؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله): لأن بعد العصر ساعة عصى آدم صلوات الله عليه ربه، فافترض الله على أمتي الوقوف والتضرع والدعاء في أحب المواضع إلى الله وهو موضع عرفات، وتكفل بالإجابة، والساعة التي ينصرف وهي الساعة التي تلقى آدم صلوات الله عليه من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم. قال: صدقت يا محمد! فما ثواب من قام بها ودعا وتضرع إليه؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله): والذي بعثني بالحق بشيرا ونذيرا إن لله تبارك وتعالى في السماء سبعة أبواب: باب التوبة، وباب الرحمة، وباب التفضل، وباب الإحسان، وباب الجود، وباب الكرم، وباب العفو. لا يجتمع أحد إلا يستأهل من هذه الأبواب وأخذ من الله هذه الخصال، فإن لله تبارك وتعالى مائة ألف ملك، مع كل ملك مائة وعشرون ألف ملك، ولله مائة رحمة ينزلها على أهل عرفات، فإذا انصرفوا أشهد الله تلك الملائكة بعتق رقاب أهل عرفات، فإذا انصرفوا أشهد الله تلك الملائكة بأنه أوجب لهم الجنة، وينادي مناد: انصرفوا مغفورا لكم، فقد أرضيتموني ورضيت لكم. قال: صدقت يا محمد! فأخبرني عن العاشر، تسعة خصال أعطاك الله من بين النبيين، وأعطى أمتك من بين الأمم؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله): فاتحة الكتاب، والأذان، والإقامة، والجماعة في مساجد المسلمين، ويوم الجمعة، والإجهار في ثلاث صلوات، والرخصة لأمتي عند
99 الأمراض والسفر، والصلاة على الجنائز، والشفاعة في أصحاب الكبائر من أمتي. قال: صدقت يا محمد! فما ثواب من قرأ فاتحة الكتاب؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله): من قرأ فاتحة الكتاب أعطاه الله من الأجر بعدد كل كتب أنزل من السماء قرأها وثوابها. وأما الأذان فيحشر مؤذن أمتي مع النبيين والصديقين والشهداء. وأما الجماعة فإن صفوف أمتي كصفوف الملائكة في السماء الرابعة، والركعة في الجماعة أربعة وعشرون ركعة، كل ركعة أحب إلى الله من عبادة أربعين سنة. وأما يوم الجمعة فهو يوم جمع الله فيه الأولين والآخرين يوم الحساب، ما من مؤمن مشى بقدميه إلى الجمعة إلا خفف الله عليه أهوال يوم القيامة بعد ما يخطب الإمام، وهي ساعة يرحم الله فيه المؤمنين والمؤمنات. وأما الإجهار فما من مؤمن يغسل ميتا إلا يتباعد عنه لهب النار، (1) ويوسع عليه الصراط بقدر ما يبلغ الصوت ويعطى نورا حتى يوافي الجنة. وأما الرخصة فإن الله يخفف أهوال القيامة على من رخص من أمتي، كما رخص الله في القرآن. وأما الصلاة على الجنائز فما من مؤمن يصلي على جنازة إلا يكون شافعا، أو مشفعا. وأما شفاعتي في أصحاب الكبائر من أمتي ما خلا الشرك والمظالم. قال: صدقت يا محمد! أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأنك خاتم النبيين وإمام المتقين ورسول رب العالمين. ثم أخرج ورقا أبيضا من كمه مكتوب عليه جميع ما قال النبي (صلى الله عليه وآله) حقا،
1 - كذا في النسختين، وفيه تصحيف، وفي أمالي الصدوق وأما الإجهار فإنه يتباعد لهب النار منه بقدر ما يبلغ صوته. 100 فقال: يا رسول الله! والذي بعثك بالحق نبيا ما استنسختها إلا من الألواح الذي كتب الله لموسى بن عمران، فقد قرأت في التوراة مائة ألف آية، فما من آية قرأتها إلا وجدتك مكتوبا فيها، وقد قرأت في التوراة فضيلتك حتى شككت فيها، يا محمد! فقد كنت أمحي اسمك في التوراة أربعين سنة، فكلما محوت وجدت اسمك مكتوبا فيها، ولقد قرأت في التوراة هذه المسائل لا يخرجها غيرك، وإن ساعة ترد جواب هذه المسائل يكون جبرئيل عن يمينك وميكائيل عن يسارك. فقال النبى (صلى الله عليه وآله): جبرئيل عن يميني وميكائيل عن يساري، وصلى الله على محمد وآله وسلم كثيرا. (1) ومنها: جود علي (عليه السلام) للأعرابي [52] - 52 - الصدوق: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، قال: حدثنا عمر بن سهل بن إسماعيل الدينوري، قال: حدثنا زيد بن إسماعيل الصائغ، قال: حدثنا معاوية بن هشام، عن سفيان، عن عبد الملك بن عمير، عن خالد بن ربعي، قال: إن أمير المؤمنين (عليه السلام) دخل مكة في بعض حوائجه، فوجد أعرابيا متعلقا بأستار الكعبة وهو يقول: يا صاحب البيت! البيت بيتك، والضيف ضيفك، ولكل ضيف من ضيفه قرى، فاجعل قراي منك الليلة المغفرة. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) لأصحابه: أما تسمعون كلام الأعرابي؟ قالوا: نعم.
1 - الإختصاص: 33، تفسير البرهان 3: 59 ح 4، ورد فيه مختصرا، الأمالي للصدوق: 157، علل الشرايع 337 ح 1، وسائل الشيعة 3: 8 ح 7، بحار الأنوار 9: 294 ح 5، و 80: 229 ح 1، تفسير نور الثقلين 3: 202 ح 38، وفي المصادر كلها عن الحسن بن علي (عليهما السلام) مع اختلاف واختصار. 101 فقال: الله أكرم من أن يرد ضيفه. قال: فلما كان الليلة الثانية وجده متعلقا بذلك الركن وهو يقول: يا عزيزا في عزك! فلا أعز منك في عزك، أعزني بعز عزك، في عز لا يعلم أحد كيف هو، أتوجه إليك وأتوسل إليك بحق محمد وآل محمد عليك، أعطني ما لا يعطيني أحد غيرك، اصرف عني ما لا يصرفه أحد غيرك. قال فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) لأصحابه: هذا والله! الاسم الأكبر بالسريانية، أخبرني به حبيبي رسول الله (صلى الله عليه وآله) سأله الجنة، فأعطاه وسأله صرف النار، وقد صرفها عنه. قال: فلما كان الليلة الثالثة وجده وهو متعلق بذلك الركن، وهو يقول: يا من لا يحويه مكان، ولا يخلو منه مكان، بلا كيفية كان، أرزق الأعرابي أربعة آلاف درهم. قال: فتقدم إليه أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: يا أعرابي! سألت ربك القرى فقراك، سألته الجنة فأعطاك، وسألته أن يصرف عنك النار وقد صرفها عنك، وفي هذه الليلة تسأله أربعة آلاف درهم. قال الأعرابي: من أنت؟ قال: أنا علي بن أبي طالب. قال الأعرابي: أنت والله! بغيتي، وبك أنزلت حاجتي. قال: سل، يا أعرابي! قال: أريد ألف درهم للصداق، وألف درهم أقضي به ديني، وألف درهم أشتري به دارا، وألف درهم أتعيش منه. قال: أنصفت يا أعرابي! فإذا خرجت من مكة فسل عن داري بمدينة الرسول (صلى الله عليه وآله) فأقام الأعرابي بمكة أسبوعا وخرج في طلب أمير المؤمنين إلى مدينة
102 الرسول، ونادى: من يدلني على دار أمير المؤمنين علي (عليه السلام). فقال الحسين بن علي (عليهما السلام) من بين الصبيان: أنا أدلك على دار أمير المؤمنين، وأنا ابنه الحسين بن علي، فقال الأعرابي: من أبو ك؟ قال: أمير المؤمنين، علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: من أمك؟ قال: فاطمة الزهراء، سيدة نساء العالمين، قال: من جدك؟ قال: رسول الله، محمد بن عبد الله بن عبد المطلب. قال: من جدتك؟ قال: خديجة بنت خويلد، قال: من أخوك؟ قال: أبو محمد، الحسن بن علي. قال: قد أخذت الدنيا بطرفيها، امش إلى أمير المؤمنين وقل له: إن الأعرابي صاحب الضمان بمكة على الباب. قال: فدخل الحسين بن علي (عليهما السلام) وقال: يا أبه! أعرابي بالباب يزعم أنه صاحب الضمان بمكة. قال: فقال: يا فاطمة! عندك شيء يأكله الأعرابي؟ قالت: أللهم لا. قال: فتلبس أمير المؤمنين (عليه السلام) وخرج وقال: ادعوا إلي أبا عبد الله سلمان الفارسي. قال: فدخل إليه سلمان الفارسي، فقال: يا أبا عبد الله أعرض الحديقة التي غرسها رسول الله (صلى الله عليه وآله) لي على التجار. قال: فدخل سلمان إلى السوق وعرض الحديقة، فباعها باثني عشر ألف درهم، وأحضر المال وأحضر الأعرابي، فأعطاه أربعة آلاف درهم وأربعين درهما نفقة، ووقع الخبر إلى سؤال المدينة فاجتمعوا ومضى رجل من الأنصار إلى فاطمة، فأخبرها بذلك، فقالت: آجرك الله في ممشاك. فجلس علي (عليه السلام) والدراهم مصبوبة
103 بين يديه حتى اجتمع إليه أصحابه فقبض قبضة قبضة وجعل يعطي رجلا رجلا، حتى لم يبق معه درهم واحد، فلما أتى المنزل قالت له فاطمة (عليهما السلام): يا بن عم! بعت الحائط الذي غرسه لك والدي؟ قال: نعم، بخير منه عاجلا وآجلا. قالت: فأين الثمن؟ قال: دفعته إلى أعين، استحييت أن أذلها بذل المسألة قبل أن تسألني. قالت فاطمة: أنا جائعة وابناي جائعان، ولا أشك إلا وأنك مثلنا في الجوع، لم يكن لنا منه درهم، وأخذت بطرف ثوب علي (عليه السلام)، فقال علي: يا فاطمة خليني. فقالت: لا والله! أو يحكم بيني وبينك أبي (1). فهبط جبرائيل على رسول الله فقال: يا محمد! الله يقرئك السلام ويقول: إقرأ عليا مني السلام وقل لفاطمة: ليس لك أن تضربي على يديه ولا تلزمي بثوبه، فلما أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) منزل علي (عليه السلام) وجد فاطمة ملازمة لعلي، فقال لها: يا بنية! ما لك ملازمة لعلي؟ قالت: يا أبه! باع الحائط الذي غرسته له باثني عشر ألف درهم، ولم يحبس لنا منه درهما نشتري به طعاما. فقال: يا بنية! إن جبرائيل يقرئني من ربي السلام ويقول: إقرأ عليا من ربه السلام وأمرني أن أقول لك ليس لك أن تضربي على يديه، ولا تلزمي بثوبه. قالت فاطمة: فإني أستغفر الله ولا أعود أبدا. قالت فاطمة (عليهما السلام): فخرج أبي (صلى الله عليه وآله) في ناحية وزوجي علي في ناحية، فما لبث أن أتى أبي (صلى الله عليه وآله) ومعه سبعة دراهم سود هجرية، فقال: يا فاطمة! أين ابن عمي؟ فقلت له: خرج.
1 - وقال المجلسي في ذيل هذه الرواية: لعل منازعتها صلوات الله عليها، إنما كانت ظاهرا لظهور فضله صلوات الله عليه على الناس، أو لظهور الحكمة فيما صدر عنه 7، أو لوجه من الوجوه لا نعرفه! 104 فقال رسول الله: هاك هذه الدراهم، فإذا جاء ابن عمي فقولي له: يبتاع لكم بها طعاما. فما لبثت إلا يسيرا حتى جاء علي (عليه السلام)، فقال: رجع ابن عمي فإني أجد رائحة طيبة؟ قالت: نعم، وقد دفع إلي شيئا تبتاع لنا به طعاما. قال علي (عليه السلام): هاتيه. فدفعت إليه سبعة دراهم سود هجرية، فقال: بسم الله والحمد لله كثيرا طيبا، وهذا من رزق الله عزوجل، ثم قال: يا حسن! قم معي. فأتيا السوق فإذا هما برجل واقف وهو يقول: من يقرض الملي الوفي؟ قال: يا بني! تعطيه؟ قال: إي والله، يا أبه! فأعطاه علي (عليه السلام) الدراهم، فقال الحسن: يا أبتاه! أعطيته الدراهم كلها؟ قال: نعم، يا بني! إن الذي يعطي القليل قادر على أن يعطي الكثير. قال: فمضى علي (عليه السلام) بباب رجل يستقرض منه شيئا، فلقيه أعرابي ومعه ناقة فقال: يا علي! اشتر مني هذه الناقة. قال: ليس معي ثمنها. قال: فإني أنظرك به إلى القبض، قال: بكم، يا أعرابي؟! قال: بمائة درهم. قال علي (عليه السلام): خذها يا حسن! فأخذها، فمضى علي (عليه السلام) فلقيه أعرابي آخر المثال واحد والثياب مختلفة، فقال: يا علي! تبيع الناقة؟ قال علي (عليه السلام): وما تصنع بها؟ قال: أغزوا عليها أول غزوة يغزوها ابن عمك. قال: إن قبلتها فهي لك بلا ثمن. قال: معي ثمنها، وبالثمن أشتريها، فبكم أشتريها. قال: بمائة درهم. قال الأعرابي: فلك سبعون ومائة درهم.
105 قال علي: خذ السبعين والمأة، وسلم الناقة، المأة للأعرابي الذي باعنا الناقة، والسبعون لنا نبتاع بها شيئا، فأخذ الحسن الدراهم، وسلم الناقة. قال علي (عليه السلام): فمضيت أطلب الأعرابي الذي ابتعت منه الناقة لأعطيه ثمنها، فرأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) جالسا في مكان لم أره فيه قبل ذلك ولا بعده على قارعة الطريق، فلما نظر النبى (صلى الله عليه وآله) إلي تبسم ضاحكا حتى بدت نواجذه، قال علي: أضحك الله سنك، وبشرك بيومك، فقال: يا ابا الحسن! إنك تطلب الأعرابي الذي باعك الناقة لتوفيه الثمن؟ فقلت: أي والله! فداك أبي وأمي. فقال: يا أبا الحسن! الذي باعك الناقة جبرائيل، والذي اشتراها منك ميكائيل، والناقة من نوق الجنة، والدراهم من عند رب العالمين عزوجل، فانفقها في خير ولا تخف إقتارا. (1) ومنها: كلام النبى (صلى الله عليه وآله) مع خديجة (عليها السلام) في القاسم [53] - 53 - القندوزي الحنفي: روي في سنن ابن ماجة عن فاطمة بنت الحسين، عن أبيها قال: لما توفي القاسم بن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قالت خديجة: يا رسول الله! درت لبينة القاسم، فلو كان الله عزوجل أبقاه حتى يستكمل رضاعه، فقال (صلى الله عليه وآله): إن تمام رضاعه في الجنة، قالت: لو أعلم ذلك يا رسول الله! لهون علي أمره، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن شئت دعوت الله فأسمعك صوته، قالت: يا رسول الله! حسبي صدق الله ورسوله. (2)
1 - الأمالي: 377 ح 10، بحار الأنوار 41: 44 ح 1، روضة الواعظين 1: 124. 2 - ينابيع المودة: 200، الإصابة 3: 265. 106 ومنها: إحياء الموتى [54] - 54 - ابن شهر آشوب: عن الحسين (عليه السلام): أن رجلا جاء إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله! إني قدمت من سفر لي، فبينما بنية خماسية تدرج حولي في حليها فأخذت بيدها، وانطلقت بها إلى وادي فلان فطرحتها فيه، فقال النبى (صلى الله عليه وآله): انطلق معي فأرني الوادي، فانطلق معه فأراه الوادي، فقال النبي (صلى الله عليه وآله) لامها: ما كان اسمها؟ قالت: فلانة، فقال (صلى الله عليه وآله): يا فلانة! أجيبيني بإذن الله، فخرجت الصبية وهى تقول: لبيك يا رسول الله! وسعديك، فقال لها: إن أبويك قد أساءا فإن أحببت أن أردك عليهما؟ فقالت: يا رسول الله! لا حاجة لي فيهما وجدت الله خيرا لي منهما. (1) ومنها: عدد الأئمة (عليهم السلام) [55] - 55 - الصدوق: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه قال: حدثني عمي محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن محمد بن علي القرشي، عن محمد ابن سنان، عن المفضل بن عمر، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي (عليهم السلام) قال: دخلت أنا وأخي على جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأجلسني على فخذه، وأجلس أخي الحسن على فخذه الأخرى، ثم قبلنا وقال: بأبي أنتما من إمامين صالحين، اختاركما الله مني ومن أبيكما وأمكما، واختار من صلبك يا حسين!
1 - المناقب 1: 132، بحار الأنوار 18: 8. 107 تسعة أئمة تاسعهم قائمهم، كلكم في الفضل والمنزلة عند الله تعالى سواء. (1) [56] - 56 - الخزاز القمي: عن علي بن الحسن بن محمد قال: حدثنا محمد بن الحسين بن الحكم الكوفي ببغداد قال: حدثني الحسين بن حمدان الخصيبي قال: حدثني عثمان بن سعد العموي قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن مهران قال: حدثني محمد بن إسماعيل الحسني قال: حدثني خلف بن المفلس قال: حدثني نعيم بن جعفر قال: حدثني أبو حمزة الثمالي، عن أبي خالد الكابلي، عن علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي (عليهم السلام) قال: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو متفكر مغموم، فقلت: يا رسول الله ما لي أراك متفكرا؟ قال: يا بنى! إن الروح الأمين قد أتاني فقال: يا رسول الله! العلي الأعلى يقرئك السلام ويقول لك: إنك قد قضيت نبوتك واستكملت أيامك، فاجعل الاسم الأكبر وميراث العلم، وآثار علم النبوة عند علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فإني لا أترك الأرض إلا وفيها عالم يعرف به طاعتي ويعرف به ولايتي، فإني لم أقطع على النبوة من الغيب من ذريتك كما لم أقطعها من ذريات الأنبياء الذين كانوا بينك وبين أبيك آدم. قلت: يا رسول الله! فمن يملك هذا الأمر بعدك؟ قال: أبو ك علي بن أبي طالب أخي وخليفتي، ويملك بعد علي الحسن، ثم تملك أنت وتسعة من صلبك، يملكه اثنا عشر إماما، ثم يقوم قائمنا يملأ الدنيا قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، ويشفي صدور قوم مؤمنين هم شيعته. (2)
1 - إكمال الدين 1: 269 ح 12، بحار الأنوار 36: 255 ح 72، العوالم 15: 230 ح 217 مع اختلاف. 2 - كفاية الأثر: 177، بحار الأنوار 36: 345 ح 212، العوالم 15: 227 ح 212. 108 ومنها: في قتل زيد بن علي بن الحسين (عليهما السلام) [57] - 57 - وعنه: في رواية: حدثنا أبو علي أحمد بن سليمان قال: حدثني أبو علي ابن همام قال: حدثنا الحسن بن محمد بن جمهور، عن أبيه محمد بن جمهور، عن حماد بن عيسى، عن محمد بن مسلم، قال: دخلت على زيد بن علي (عليه السلام)، فقلت: إن قوما يزعمون أنك صاحب هذا الأمر. قال: لا ولكني من العترة. قلت: فمن يلي هذا الأمر بعدكم؟ قال: ستة (1) من الخلفاء والمهدي منهم. قال ابن مسلم: ثم دخلت على الباقر (عليه السلام) فأخبرته بذلك فقال: صدق أخي زيد، سيلي هذا الأمر بعدي سبعة من الأوصياء والمهدى منهم. ثم بكى (عليه السلام) وقال: كأني به وقد صلب في الكناسة. يا بن مسلم، حدثني أبي، عن أبيه الحسين (عليه السلام) قال: وضع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يده على كتفي وقال: يا بني! يخرج من صلبك رجل يقال له زيد يقتل مظلوما، إذا كان يوم القيامة حشر إلى الجنة. (2) [58] - 58 - وعنه: وفي رواية أخرى قال: حدثنا علي بن الحسن قال: حدثنا عامر بن عيسى بن عامر السيرفي بمكة في ذي الحجة سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة قال: حدثني أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: حدثنا محمد بن مطهر
1 - وفي نسخة: سبعة، وهو الصحيح بقرينة ذيل الرواية. 2 - كفاية الأثر: 305، عنه بحار الأنوار 46: 198 ح 72. 109 قال: حدثني أبي قال: حدثنا عمر بن المتوكل بن هارون البجلي، عن أبيه المتوكل بن هارون قال: لقيت يحيى بن زيد بعد قتل أبيه وهو متوجه إلى خراسان، فما رأيت رجلا في عقله وفضله، فسألته عن أبيه (عليه السلام)، فقال: إنه قتل وصلب بالكناسة، ثم بكى وبكيت حتى غشي عليه. فلما سكن قلت له: يا ابن رسول الله وما الذي أخرجه إلى قتال هذا الطاغي، قد علم من أهل الكوفة ما علم؟ فقال: نعم، لقد سألته عن ذلك، فقال: سألت [سمعت] أبي (عليه السلام) يحدث عن أبيه الحسين بن علي (عليهما السلام) قال: وضع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يده على صلبي فقال: يا حسين! يخرج من صلبك رجل يقال له: زيد يقتل شهيدا، إذا كان يوم القيامة يتخطى هو وأصحابه رقاب الناس ويدخل الجنة فأحببت أن أكون كما وصفني رسول الله (صلى الله عليه وآله). (1) ومنها: حفظ أربعين حديثا [59] - 59 - الصدوق: عن علي بن أحمد بن موسى الدقاق، والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب ومحمد بن أحمد السناني - رضى الله عنهم - قالوا: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الأسدي الكوفي أبو الحسين قال حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد، عن إسماعيل بن الفضل الهاشمي وإسماعيل بن أبي زياد جميعا، عن جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي (عليهم السلام) قال:
1 - كفاية الأثر: 302، إثبات الهداة 2: 7 ح 302، بحار الأنوار 46: 198 ح 73 و 74. 110 إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أوصى إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وكان فيما أوصى به أن قال له: يا علي! من حفظ من أمتي أربعين حديثا يطلب بذلك وجه الله عزوجل والدار الآخرة حشره الله يوم القيامة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. فقال علي (عليه السلام): يا رسول الله! أخبرني ما هذه الأحاديث؟ فقال: أن تؤمن بالله وحده لا شريك له، وتعبده ولا تعبد غيره، وتقيم الصلاة بوضوء سابغ في مواقيتها ولا تؤخرها فإن في تأخيرها من غير علة غضب الله عزوجل، وتؤدي الزكاة، وتصوم شهر رمضان، وتحج البيت إذا كان لك مال وكنت مستطيعا، وأن لا تعق والديك، ولا تأكل مال اليتيم ظلما، ولا تأكل الربا، ولا تشرب الخمر ولا شيئا من الأشربة المسكرة، ولا تزني ولا تلوط، ولا تمشي بالنميمة، ولا تحلف بالله كاذبا، ولا تسرق، ولا تشهد شهادة الزور لأحد قريبا كان أو بعيدا. وأن تقبل الحق ممن جاء به صغيرا كان أو كبيرا، وأن لا تركن إلى ظالم وإن كان حميما قريبا، وأن لا تعمل بالهوى، ولا تقذف المحصنة، ولا ترائي فإن أيسر الرياء، شرك بالله عزوجل، وأن لا تقول لقصير: يا قصير، ولا لطويل: يا طويل! تريد بذلك عيبه، وأن لا تسخر من أحد من خلق الله، وأن تصبر على البلاء والمصيبة، وأن تشكر نعم الله التي أنعم بها عليك، وأن لا تأمن عقاب الله على ذنب تصيبه، وأن لا تقنط من رحمة الله، وأن تتوب إلى الله عزوجل من ذنوبك فإن التائب من ذنوبه كمن لا ذنب له، وأن لا تصر على الذنوب مع الاستغفار فتكون كالمستهزىء بالله وآياته ورسله. وأن تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأن لا تطلب سخط الخالق برضى المخلوق، وأن لا تؤثر الدنيا على الآخرة، لأن الدنيا
111 فانية والآخرة الباقية، وأن لا تبخل على إخوانك بما تقدر عليه، وأن تكون سريرتك كعلانيتك، وأن لا تكون علانيتك حسنة وسريرتك قبيحة، فإن فعلت ذلك كنت من المنافقين، وأن لا تكذب ولا تخالط الكذابين، وأن لا تغضب إذا سمعت حقا، وأن تؤدب نفسك وأهلك وولدك وجيرانك على حسب الطاقة، وأن تعمل بما علمت، ولا تعاملن أحدا من خلق الله عزوجل إلا بالحق، وأن تكون سهلا للقريب والبعيد، وأن لا تكون جبارا عنيدا. وأن تكثر من التسبيح والتهليل والدعاء وذكر الموت وما بعده من القيامة والجنة والنار، وأن تكثر من قراءة القرآن وتعمل بما فيه، وأن تستغنم البر والكرامة بالمؤمنين والمؤمنات، وأن تنظر إلى كل ما لا ترضى فعله لنفسك فلا تفعله بأحد من المؤمنين، ولا تمل من فعل الخير، وأن لا تثقل على أحد، وأن لا تمن على أحد إذا أنعمت عليه، وأن تكون الدنيا عندك سجنا حتى يجعل الله لك جنة. فهذه أربعون حديثا من استقام عليها وحفظها عني من أمتي دخل الجنة برحمة الله، وكان من أفضل الناس وأحبهم إلى الله عزوجل بعد النبيين والوصيين، وحشره الله يوم القيامة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. (1) قال المجلسي: ظاهر هذا الخبر أنه لا يشترط في حفظ الأربعين حديثا كونها منفصلة بعضها عن بعض في النقل، بل يكفي لذلك حفظ خبر واحد يشتمل على أربعين حكما، إذ كل منها يصلح لأن يكون حديثا برأسه، ويحتمل أن يكون المراد بيان مورد هذه الأحاديث، أي أربعين حديثا يتعلق بهذه الأمور. وتصحيح عدد الأربعين إنما يتيسر بجعل بعض الفقرات المكررة ظاهرا تفسيرا وتأكيدا لبعض. (2)
1 - الخصال 2: 543 ح 19، بحار الأنوار 2: 154 ح 7 مع اختلاف يسير. 2 - بحار الأنوار 2: 154. 112 ومنها رؤيته (عليه السلام) جبرئيل [60] - 60 - سليمان الحلي: محمد بن عيسى بن عبيد، عن أبي محمد عبد الله بن حماد الأنصاري، عن صباح المزني، عن الحارث بن حصيرة، عن الأصبغ بن نباتة قال: دخلت على أمير المؤمنين (عليه السلام) والحسن والحسين (عليهما السلام) عنده، وهو ينظر إليهما نظرا شديدا. فقلت له: بارك الله لك فيهما، وبلغهما آمالهما في أنفسهما، والله! إني لأراك تنظر إليهما نظرا شديدا فتطيل النظر إليهما. فقال: نعم، يا أصبغ! ذكرت لهما حديثا. فقلت: حدثني به جعلت فداك. فقال: كنت في ضيعة لي، فأقبلت نصف النهار في شدة الحر، وأنا جائع فقلت لابنة محمد (صلى الله عليه وآله): أعندك شيء تطعمينيه؟ فقامت لتهيئ لي شيئا، حتى إذا انفلت من الصلاة قد أحضرت أقبل الحسن والحسين (عليهما السلام) حتى جلسا في حجرها، فقالت لهما: يا بني! ما حبسكما وأبطأكما عني؟. قالا: حبسنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وجبرئيل (عليه السلام). فقال الحسن (عليه السلام): أنا كنت في حجر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والحسين (عليه السلام)، في حجر جبرئيل (عليه السلام)، فكنت أنا أثب من حجر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، إلى حجر جبرئيل (عليه السلام)، وكان الحسين يثب من حجر جبرئيل (عليه السلام) إلى حجر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، حتى إذا زالت الشمس قال جبرئيل (عليه السلام): قم فصل، إن الشمس قد زالت، فعرج جبرئيل إلى السماء، وقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) فجئنا.
113 فقلت: يا أمير المؤمنين! في أي صورة نظر إليه الحسن والحسين (عليهما السلام)؟ فقال: في الصورة التي كان ينزل فيها على رسول الله (صلى الله عليه وآله). فلما حضرت الصلاة، خرجت فصليت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلما انصرف من صلاته قلت: يا رسول الله! إني كنت في ضيعة لي، فجئت نصف النهار وأنا جائع، فسألت ابنة محمد هل عندك شيء فتطعمينيه؟ فقامت لتهيئ لي شيئا حتى إذ أقبل ابناك الحسن والحسين (عليهما السلام)، حتى جلسا في حجر أمهما فسألتهما: ما أبطأكما وما حبسكما عني؟ فسمعتهما يقولان: حبسنا جبرئيل ورسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقلت: كيف حبسكما جبرئيل ورسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ فقال الحسن (عليه السلام): كنت أنا في حجر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والحسين (عليه السلام) في حجر جبرئيل (عليه السلام)، فكنت أنا أثب من حجر رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى حجر جبرئيل (عليه السلام)، وكان الحسين يثب من حجر جبرئيل (عليه السلام) إلى حجر رسول الله (صلى الله عليه وآله). فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): صدق ابناي، ما زلت أنا وجبرئيل (عليه السلام) نزهو بهما، منذ أصبحنا إلى أن زالت الشمس. فقلت: يا رسول الله! فبأي صورة كانا يريان جبرئيل (عليه السلام)؟ فقال: في الصورة التي كان ينزل فيها علي. (1) ومنها في ثواب زيارة أهل البيت (عليهم السلام) [61] - 61 - ابن قولويه: عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن عيسى، عن صفوان بن يحيى، عن الحسين بن أبي غندر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال:
1 - مختصر بصائر الدرجات: 68، مدينة المعاجز 4: 41 مع اختلاف. 114 قال أمير المؤمنين (عليه السلام): زارنا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وقد أهدت لنا أم أيمن لبنا وزبدا وتمرا، فقدمنا منه فأكل، ثم قام إلى زاوية البيت فصلى ركعات، فلما كان في آخر سجوده بكى بكاء شديدا، فلم يسأله أحد منا إجلالا وإعظاما له. فقام الحسين (عليه السلام) وقعد في حجره، وقال له: يا أبت! لقد دخلت بيتنا فما سررنا بشيء كسرورنا بدخولك، ثم بكيت بكاء غمنا، فما أبكاك؟ فقال: يا بنى! أتاني جبرئيل (عليه السلام) آنفا، فأخبرني أنكم قتلى، وأن مصارعكم شتى. فقال: يا أبت! فما لمن يزور قبورنا على تشتتها؟ فقال: يا بني! أولئك طوائف من أمتي يزورونكم فيلتمسون بذلك البركة، وحقيق علي أن آتيهم يوم القيامة حتى أخلصهم من أهوال الساعة ومن ذنوبهم، ويسكنهم الله الجنة. وفي أمالي الطوسي: الحسين بن إبراهيم القزويني، عن محمد بن وهبان، عن علي بن حبيش، عن العباس بن محمد بن الحسين، عن أبيه، عن صفوان: مثله. (1) [62] - 62 - التستري: روى جماعة من أعلام القوم منهم: الحافظ عبد الملك بن محمد الخركوشي في شرف النبي قال: عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: زارنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فعملنا له حريرة، وأهدت إلينا امرأة قعبا من لبن وزبد وصحنة من تمر، فأكل رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم وضأت رسول الله (صلى الله عليه وآله) فمسح رأسه ووجهه بيده، ثم استقبل القبلة فدعا الله ما شاء الله، ثم أكب على الأرض بدموع غزيرة مثل المطر، فهبنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن نسأله، فوثب الحسين وأكب على رسول
1 - كامل الزيارات: 57، الأمالي للطوسي: 669 ح 1404، وسائل الشيعة 10: 258 ح 21 مختصرا، بحار الأنوار 44: 234 و 100: 118 ح 11، العوالم 17: 123 ح 2. 115 الله (صلى الله عليه وآله) وقال: يا أبت! رأيتك تصنع ما لم تصنع مثله؟ فقال: يا بني! إني سررت بكم اليوم سرورا لم أسر بكم مثله، وإن جبرئيل (عليه السلام) أتاني فأخبرني بما يصنع بكم، وأنكم تقتلون، فدعوت الله لكم بالخير. قال الحسين (عليه السلام): فمن يزورنا، ويتعهد قبورنا؟ قال (صلى الله عليه وآله): طائفة من أمتي يريدون بري وصلتي، إذا كان يوم القيامة زرتهم بالموقف، وأخذت أعضدهم فأنجيتهم من أهواله وشدائده. (1) ورواه العلامة السمهودي في خلاصة الوفاء. [63] - 63 - المفيد: روي أيضا: أن النبى (صلى الله عليه وآله) كان ذات يوم جالسا وحوله علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، فقال لهم: كيف أنتم إذا كنتم صرعى، وقبوركم شتى؟ فقال له الحسين (عليه السلام): أنموت موتا، أو نقتل؟ فقال: بل تقتل يا بنى! ظلما، ويقتل أخوك ظلما، وتشرد ذراريكم في الأرض. فقال الحسين (عليه السلام): ومن يقتلنا يا رسول الله؟! قال: شرار الناس. قال: فهل يزورنا بعد قتلنا أحد؟ قال: نعم، يا بني! طائفة من أمتي يريدون بزيارتكم بري وصلتي، فإذا كان يوم القيامة جئتها إلى الموقف حتى آخذ بأعضادها فأخلصها من أهواله وشدائده. (2)
1 - إحقاق الحق 11: 376، فرائد السمطين 2: 172، رواها مسندا مع اختلاف، بحار الأنوار 18: 125، نقلا عن الحاكم أبو عبد الله الحافظ بإسناده عن زين العابدين، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، وفيه صرح باسم المرأة وهي أم أيمن، وبعد قوله: يزورنا قال: على تشتتنا وتبعد قبورنا، وفي هامش البحار: بدل: وضأت، توضأ، وهو الصحيح. 2 - الإرشاد: 251، كشف الغمة 2: 8، وفيه: أو نقتل قتلا، الخرائج والجرائح 2: 491 وفيه عن الحسن، وفي هامشه عن الحسين (عليه السلام). 116 [64] - 64 - ابن قولويه: عن الحسن بن عبد الله بن محمد بن عيسى، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن شجرة، عن سلام الجعفي، عن عبد الله بن محمد الصنعاني، عن أبى جعفر (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا دخل الحسين (عليه السلام) جذبه [اجتذبه] إليه، ثم يقول لأمير المؤمنين (عليه السلام): أمسكه، ثم يقع عليه فيقبله ويبكي، فيقول: يا أبت! لم تبكي؟ فيقول: يا بني! أقبل موضع السيوف منك. قال: يا أبت! واقتل؟ قال: إي والله! وأبو ك وأخوك وأنت. قال: يا أبت! فمصارعنا شتى؟ قال: نعم، يا بني! قال: فمن يزورنا من أمتك؟ قال: لا يزورني ويزور أباك وأخاك وأنت إلا الصديقون من أمتي. (1) [65] - 65 - وعنه: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، قال: حدثني أبي (رحمه الله)، عن سعد بن عبد الله بن أبي خلف الأشعري، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد ابن خالد (البرقي)، عن قاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: بينما الحسين بن علي (عليهما السلام) في حجر رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذ رفع رأسه فقال: يا أبت! ما لمن زارك بعد موتك؟ فقال: يا بنى! من أتاني زائرا بعد موتي فله الجنة، ومن أتى أباك زائرا بعد
1 - كامل الزيارات 70، بحار الأنوار 44: 261، و 100: 119 ح 14. 117 موته فله الجنة، ومن أتى أخاك زائرا بعد موته فله الجنة، ومن أتاك زائرا بعد موتك فله الجنة. (1) [66] - 66 - الطوسي: وروي عن محمد بن أحمد بن داود، عن محمد بن الحسن الكوفي، قال: حدثنا محمد بن علي بن معمر، قال: حدثنا محمد بن مسعدة، قال: حدثني عبد الرحمن بن أبي نجران، عن علي بن شعيب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: بينا الحسين (عليه السلام) قاعد في حجر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم إذ رفع رأسه إليه فقال: يا أبت! قال: لبيك يا بني! قال: ما لمن أتاك بعد وفاتك زائرا لا يريد إلا زيارتك؟ قال: يا بني من أتاني بعد وفاتي زائرا لا يريد إلا زيارتي فله الجنة، ومن أتى أباك بعد وفاته زائرا لا يريد إلا زيارته فله الجنة، ومن أتى أخاك بعد وفاته زائرا لا يريد إلا زيارته فله الجنة، ومن أتاك بعد وفاتك زائرا لا يريد إلا زيارتك فله الجنة. (2) [67] - 67 - ابن قولويه: حدثني أبي، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن عيسى، عن المعلى بن أبي شهاب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال الحسين بن علي (عليهما السلام) لرسول الله (صلى الله عليه وآله): يا أبتاه! ما جزاء من زارك؟ فقال (صلى الله عليه وآله): يا بنى! من زارني حيا، أو ميتا كان حقا علي أن أزوره يوم القيامة، وأخلصه من ذنوبه. (3)
1 - كامل الزيارات: 10، وسائل الشيعة 10: 257 ح 17، وفيه: أنه رواه المفيد في المقنعة مرسلا، بحار الأنوار 100: 142 ح 16، وتهذيب الأحكام 6: 20 ح 44، وروضة الواعظين: 169 عن الحسن (عليه السلام). 2 - تهذيب الأحكام 6: 21 ح 48، نور الثقلين 4: 284، وسائل الشيعة 10: 258 ح 18، كنز الدقائق 8: 181. 3 - كامل الزيارات: 14 ح 18. 118 [68] - 68 - الصدوق: حدثني حمزة بن محمد العلوي (رضي الله عنه) قال: حدثني أحمد بن محمد الهمداني قال: حدثني علي بن حمدون الرواس قال: حدثنا محمد بن الحسين القواريري قرابة يعلى بن عبيد قال: حدثنا جعفر بن أمين الثغري قال حدثنا عثمان ابن عيسى الرواسي، عن العلاء بن المسيب، عن جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين بن علي (عليهم السلام) قال: قال الحسين صلوات الله عليه: يا أبتاه! ما لمن زارنا؟ قال: يا بني! من زارني حيا وميتا، ومن زار أباك حيا وميتا، ومن زار أخاك حيا وميتا، ومن زارك حيا وميتا، كان حقيقا علي أن أزوره يوم القيامة، وأخلصه من ذنوبه وأدخله الجنة. (1) [69] - 69 - الكليني: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عثمان بن عيسى، عن المعلى بن أبي شهاب قال: قال الحسين لرسول الله (صلى الله عليه وآله): يا أبتاه! ما لمن زارك؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من زارني حيا، أو ميتا، أو زار أباك، أو زار أخاك، أو زارك، كان حقا علي أن أزوره يوم القيامة، وأخلصه من ذنوبه. (2) ومنها: في وصية النبى (صلى الله عليه وآله) [70] - 70 - الطبراني: حدثنا محمد بن العباس الأخرم الأصبهاني، حدثنا أبو حفص عمرو بن علي، حدثنا شيبان بن عبد الرحمن، عن جابر، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده،
1 - ثواب الأعمال: 188 ح 2، بحار الأنوار 100: 141 ح 15. 2 - الكافي 4: 548 ح 4، كامل الزيارات 11 ح 2، بحار الأنوار 99: 373 ح 8، وسائل الشيعة 10: 256 ح 14، مستدرك الوسائل 10: 184 ح 10. 119 أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أوصى عند موته بثلاث، أوصى أن ينفذ جيش أسامة، ولا يسكن معه المدينة إلا أهل دينه. قال محمد: ونسيت الثالثة. (1) [71] - 71 - الكليني: عن الحسين بن محمد الأشعري، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن الحارث بن جعفر، عن علي بن إسماعيل بن يقطين، عن عيسى بن المستفاد أبي موسى الضرير قال: حدثني موسى بن جعفر (عليهما السلام) قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أليس كان أمير المؤمنين (عليه السلام) كاتب الوصية، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) المملي عليه، وجبرئيل والملائكة المقربون شهودا؟ قال: فأطرق طويلا، ثم قال: يا أبا الحسن! قد كان ما قلت، ولكن حين نزل برسول الله (صلى الله عليه وآله) الأمر نزلت الوصية من عند الله كتابا مسجلا، نزل به جبرئيل مع أمناء الله تبارك وتعالى من الملائكة، فقال جبرئيل: يا محمد! مر بإخراج من عندك إلا وصيك ليقبضها منا، وتشهدنا بدفعك إياها إليه ضامنا لها، يعني عليا (عليه السلام)، فأمر النبي (صلى الله عليه وآله) بإخراج من كان في البيت ما خلا عليا وفاطمة فيما بين الستر والباب. فقال جبرئيل (عليه السلام): يا محمد! ربك يقرئك السلام ويقول: هذا كتاب ما كنت عهدت إليك، وشرطت عليك وشهدت به عليك، وأشهدت به عليك ملائكتي، وكفى بي يا محمد! شهيدا. قال: فارتعدت مفاصل النبى (صلى الله عليه وآله) وقال: يا جبرئيل! ربي هو السلام، ومنه السلام، وإليه يعود السلام، صدق عزوجل وبر، هات الكتاب، فدفعه إليه وأمره بدفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال له: اقرأه، فقرأه حرفا حرفا، فقال: يا علي! هذا عهد ربي تبارك وتعالى إلي، وشرطه علي وأمانته، وقد بلغت ونصحت وأديت.
1 - المعجم الكبير 3: 130 ح 2891. 120 فقال علي (عليه السلام): وأنا أشهد لك بأبي أنت وأمي! بالبلاغ والنصيحة والتصديق على ما قلت، ويشهد لك به سمعي وبصري ولحمي ودمي. فقال جبرئيل (عليه السلام): وأنا لكما على ذلك من الشاهدين. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي! أخذت وصيتي وعرفتها، وضمنت لله ولي الوفاء بما فيها؟ فقال علي (عليه السلام): نعم، بأبي أنت وأمي! علي ضمانها، وعلى الله عوني وتوفيقي على أدائها. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي! إني اريد أن أشهد عليك بموافاتي بها يوم القيامة. فقال علي (عليه السلام): نعم، أشهد. فقال النبي (صلى الله عليه وآله): إن جبرئيل وميكائيل فيما بيني وبينك الآن، وهما حاضران معهما الملائكة المقربون لأشهدهم عليك. فقال: نعم، ليشهدوا وأنا بأبي وأمي أشهدهم. فأشهدهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكان فيما اشترط عليه النبى (صلى الله عليه وآله) بأمر جبرئيل (عليه السلام) فيما أمره الله عزوجل أن قال له: يا علي! تفي بما فيها من موالاة من والى الله ورسوله، والبراءة والعداوة لمن عادى الله ورسوله، والبراءة منهم على الصبر منك [و] على كظم الغيظ، وعلى ذهاب حقي (1) وغصب خمسك، وانتهاك حرمتك. فقال: نعم، يا رسول الله! فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، لقد سمعت جبرئيل يقول للنبي (صلى الله عليه وآله): يا محمد! عرفه أنه ينتهك الحرمة وهي حرمة الله، وحرمة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وعلى أن تخضب لحيته من رأسه بدم عبيط. قال أمير المؤمنين (عليه السلام): فصعقت حين فهمت الكلمة من الأمين جبرئيل (عليه السلام) حتى سقطت على وجهي، وقلت: نعم قبلت ورضيت، وإن انتهكت الحرمة، وعطلت
1 - في البحار: حقك. 121 السنن، ومزق الكتاب، وهدمت الكعبة، وخضبت لحيتي من رأسي بدم عبيط، صابرا محتسبا أبدا حتى أقدم عليك. ثم دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) وأعلمهم مثل ما أعلم أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقالوا مثل قوله، فختمت الوصية بخواتيم من ذهب لم تمسه النار، ودفعت إلى أمير المؤمنين (عليه السلام). فقلت لأبي الحسن: بأبي أنت وأمي! ألا تذكر ما كان في الوصية؟ فقال: سنن الله وسنن رسوله (صلى الله عليه وآله). فقلت: أكان في الوصية توثبهم وخلافهم على أمير المؤمنين (عليه السلام)؟ فقال: نعم، والله! شيئا شيئا، وحرفا حرفا، أما سمعت قول الله عزوجل: (إنا نحن نحى الموتى ونكتب ما قدموا وآثرهم وكل شىء أحصيناه في إمام مبين) (1)، والله! لقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأمير المؤمنين وفاطمة (عليهما السلام): أليس قد فهمتما ما تقدمت به إليكما وقبلتماه؟ فقالا: بلى، وصبرنا على ما ساءنا وغاظنا. (2) [72] - 72 - المجلسي: الكراجكي، عن محمد بن العباس، عن محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل العلوي، عن عيسى بن داود النجار، عن موسى بن جعفر، عن أبيه (عليهم السلام) قال: جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) وأغلق عليه وعليهم الباب، وقال: يا أهلي! وأهل الله! إن الله عزوجل يقرأ عليكم السلام، وهذا جبرئيل معكم في البيت، يقول: إني قد جعلت
1 - يس: 36 / 12. 2 - الكافي 1: 281 ح 4، بحار الأنوار 22: 479 ح 28، تفسير البرهان 4: 5 ح 1. 122 عدوكم لكم فتنة، فما تقولون؟ قالوا: نصبر يا رسول الله! لأمر الله، وما نزل من قضائه حتى نقدم على الله عز وجل ونستكمل جزيل ثوابه، فقد سمعناه يعد الصابرين الخير كله، فبكى رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى سمع نحيبه من خارج البيت، فنزلت هذه الآية: (وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا) (1)، أنهم سيصبرون، أي سيصبرون كما قالوا صلوات الله عليهم. (2) [73] - 73 - الطبراني: حدثنا محمد بن أحمد بن البراء، حدثنا عبد المنعم بن إدريس بن سنان، عن أبيه، عن وهب بن منبه، عن جابر بن عبد الله وعبد الله بن عباس في قول الله عزوجل: (إذا جاء نصر الله والفتح * ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا * فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا) (3). قال: لما نزلت قال محمد (صلى الله عليه وآله): يا جبريل نفسي قد نعيت. قال جبريل (عليه السلام): الآخرة خير لك من الأولى (ولسوف يعطيك ربك فترضى). (4) فأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بلالا أن ينادي بالصلاة جامعة، فاجتمع المهاجرون والأنصار إلى مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فصلى بالناس، ثم صعد المنبر فحمد الله عزوجل وأثنى عليه، ثم خطب خطبة، وجلت منها القلوب وبكت العيون. ثم قال: أيها الناس، أي نبي كنت لكم؟
1 - الفرقان: 25 / 20. 2 - بحار الأنوار 24: 219 ح 16، تفسير البرهان 3: 158. 3 - النصر: 110 / 1 - 3. 4 - الضحى: 93 / 5. 123 فقالوا: جزاك الله من نبي خيرا، فلقد كنت لنا كالأب الرحيم، وكالأخ الناصح المشفق، أديت رسالات الله عزوجل، وأبلغتنا وحيه، ودعوت إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، فجزاك الله عنا أفضل ما جازى نبيا عن أمته. فقال لهم: معاشر المسلمين أنشدكم بالله، وبحقي عليكم! من كانت له قبلي مظلمة فليقم فليقتص مني. فلم يقم إليه أحد، فناشدهم الثانية فلم يقم إليه أحد، فناشدهم الثالثة: معاشر المسلمين! أنشدكم بالله وبحقي عليكم من كانت له قبلي مظلمة فليقم فليقتص مني قبل القصاص في القيامة. فقام من بين المسلمين شيخ كبير يقال له: عكاشة، فتخطى المسلمين حتى وقف بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: فداك أبي وأمي لولا أنك نشدتنا بالله مرة بعد أخرى ما كنت بالذي أتقدم على شيء من هذا، كنت معك في غزاة، فلما فتح الله عزوجل علينا ونصر نبيه (صلى الله عليه وآله)، وكنا في الانصراف، حاذت ناقتي ناقتك، فنزلت عن الناقة ودنوت منك لأقبل فخذك، فرفعت القضيب فضربت خاصرتي، ولا أدري أكان عمدا منك، أم أردت ضرب الناقة؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أعيذك بجلال الله أن يتعمدك رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالضرب، يا بلال انطلق إلى بيت فاطمة فائتني بالقضيب الممشوق. فخرج بلال من المسجد يده على أم رأسه وهو ينادي: هذا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يعطي القصاص من نفسه!! فقرع الباب على فاطمة (عليها السلام) فقال: يا بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)! ناوليني القضيب الممشوق. فقالت فاطمة (عليها السلام): يا بلال! وما يصنع أبي بالقضيب، وليس هذا يوم حج ولا يوم غزاة؟ فقال: يا فاطمة! ما أغفلك عما فيه أبو ك، إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يودع الدين الناس ويفارق الدنيا ويعطي القصاص من نفسه!
124 فقالت فاطمة (عليها السلام): يا بلال! من ذا الذي تطيب نفسه أن يقتص من رسول الله (صلى الله عليه وآله)!؟ يا بلال! إذا فقل للحسن والحسين يقومان إلى هذا الرجل فيقتص منهما ولا يدعانه يقتص من رسول الله (صلى الله عليه وآله). فدخل بلال إلى المسجد ودفع القضيب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ودفع رسول الله (صلى الله عليه وآله) القضيب إلى عكاشة... فقام الحسن والحسين (عليهما السلام) فقالا: يا عكاشة! أليس تعلم أنا سبطا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والقصاص منا كالقصاص من رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟! فقال لهما النبي (صلى الله عليه وآله): اقعدا يا قرة عيني! لا نسي الله لكما هذا المقام، ثم قال النبي (صلى الله عليه وآله): يا عكاشة اضرب إن كنت ضاربا. قال: يا رسول الله! ضربتني وأنا حاسر عن بطني. فكشف [(صلى الله عليه وآله)] عن بطنه، وصاح المسلمون بالبكاء وقالوا: أترى عكاشة ضارب رسول الله (صلى الله عليه وآله)!؟ فلما نظر عكاشة إلى بطن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كأنه القباطي لم يملك أن أكب عليه، فقبل بطنه وهو يقول: فداك أبي وأمي! ومن تطيب نفسه أن يقتص منك!؟ فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): إما أن تضرب وإما أن تعفو؟ قال: قد عفوت عنك يا رسول الله! رجاء أن يعفو الله عني في يوم القيامة. الحديث. (1) [74] - 74 - الصدوق: روى بقية القضية هكذا: ثم قام رسول الله (صلى الله عليه وآله) فدخل بيت أم سلمة وهو يقول: رب! سلم أمة محمد من النار، ويسر عليهم الحساب. فقالت أم سلمة: يا رسول الله ما لي أراك مهموما متغير اللون؟
1 - المعجم الكبير 3: 58، حلية الأولياء 4: 73، مجمع الزوائد 9: 27، روضة الواعظين 73 مختصرا، وفيه: فقام إليه رجل من أقضى القوم يقال له: سوادة بن قيس. 125 فقال: نعيت إلي نفسي هذه الساعة، فسلام لك في الدنيا، فلا تسمعين بعد هذا اليوم صوت محمد أبدا. فقالت أم سلمة: واحزناه، حزنا لا تدركه الندامة عليك يا محمداه! ثم قال (صلى الله عليه وآله): ادع لي حبيبة قلبي، وقرة عيني فاطمة تجيىء. فجاءت فاطمة (عليها السلام) وهي تقول: نفسي لنفسك الفداء، ووجهي لوجهك الوقاء يا أبتاه! ألا تكلمني كلمة؟ فإني أنظر إليك وأراك مفارق الدنيا، وأرى عساكر الموت تغشاك شديدا. فقال لها: يا بنية! إني مفارقك، فسلام عليك مني. قالت: يا أبتاه! فأين الملتقى يوم القيامة؟ قال: عند الحساب. قالت: فإن لم ألقك عند الحساب؟ قال: عند الشفاعة لأمتي. قالت: فإن لم ألقك عند الشفاعة لأمتك؟ قال: عند الصراط، جبرئيل عن يميني، وميكائيل عن يساري، والملائكة من خلفي وقدامي، ينادون: رب! سلم أمة محمد من النار، ويسر عليهم الحساب. قالت فاطمة (عليها السلام): فأين والدتي خديجة؟ قال: في قصر له أربعة أبواب إلى الجنة! ثم أغمي على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فدخل بلال وهو يقول: الصلاة رحمك الله! فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) وصلى بالناس وخفف الصلاة، ثم قال: ادعوا لي علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد. فجاءا فوضع (صلى الله عليه وآله) يده على عاتق علي، والأخرى على أسامة، ثم قال: انطلقا بي إلى فاطمة. فجاءا به حتى وضع رأسه في حجرها، فإذا الحسن والحسين (عليهما السلام) يبكيان ويصطرخان، وهما يقولان: أنفسنا لنفسك الفداء، ووجوهنا لوجهك الوقاء. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من هذان يا علي؟!
126 قال: هذان ابناك الحسن والحسين! فعانقهما وقبلهما، وكان الحسن (عليه السلام) أشد بكاء، فقال له: كف يا حسن! فقد شققت على رسول الله. فنزل ملك الموت (عليه السلام) وقال: السلام عليك يا رسول الله! قال: وعليك السلام يا ملك الموت! لي إليك حاجة! قال: وما حاجتك يا نبي الله؟! قال: حاجتي أن لا تقبض روحي حتى يجيئني جبرائيل فيسلم علي وأسلم عليه! فخرج ملك الموت وهو يقول: يا محمداه! فاستقبله جبرائيل في الهواء، فقال: يا ملك الموت! قبضت روح محمد؟ قال: لا يا جبرائيل! سألني أن لا أقبضه حتى يلقاك فتسلم عليه ويسلم عليك! فقال جبرائيل: يا ملك الموت! أما ترى أبواب السماء مفتحة لروح محمد؟ أما ترى الحور العين قد تزين لروح محمد؟ ثم نزل جبرائيل (عليه السلام) فقال: السلام عليك يا أبا القاسم! فقال: وعليك السلام يا جبرائيل! أدن مني حبيبي جبرائيل! فدنا منه، فنزل ملك الموت، فقال له جبرائيل: يا ملك الموت! احفظ وصية الله في روح محمد! وكان جبرائيل عن يمينه، وميكائيل عن يساره، وملك الموت آخذ بروحه، فلما كشف الثوب عن وجه رسول الله نظر إلى جبرائيل فقال له: عند الشدائد تخذلني؟ فقال: يا محمد إنك ميت وإنهم ميتون، كل نفس ذائقة الموت. فروي عن ابن عباس أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في ذلك المرض كان يقول: ادعوا لي حبيبي، فجعل يدعى له رجل بعد رجل، فيعرض عنه، فقيل لفاطمة، امضي إلى علي فما نرى رسول الله يريد غير علي، فبعثت فاطمة إلى علي (عليه السلام) فلما دخل فتح رسول الله (صلى الله عليه وآله) عينيه وتهلل وجهه ثم قال: إلي يا علي! إلي يا علي! فما زال يدنيه حتى أخذه بيده وأجلسه عند رأسه، ثم أغمي عليه، فجاء الحسن والحسين (عليهما السلام)
127 يصيحان ويبكيان حتى وقعا على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأراد علي (عليه السلام) أن ينحيهما عنه، فأفاق رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم قال: يا علي! دعني أشمهما ويشماني، وأتزود منهما، ويتزودان مني، أما إنهما سيظلمان بعدي ويقتلان ظلما، فلعنة الله على من يظلمهما، يقول ذلك ثلاثا، ثم مديده إلى علي (عليه السلام) فجذبه إليه حتى أدخله تحت ثوبه الذي كان عليه، ووضع فاه على فيه، وجعل يناجيه مناجاة طويلة حتى خرجت روحه الطيبة (صلى الله عليه وآله)، فانسل علي من تحت ثيابه وقال: أعظم الله أجوركم في نبيكم، فقد قبضه الله إليه!! فارتفعت الأصوات بالضجة والبكاء، فقيل لأمير المؤمنين (عليه السلام): ما الذي ناجاك به رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين أدخلك تحت ثيابه؟ فقال: علمني ألف باب، يفتح لي كل باب ألف باب. (1) [75] - 75 - المجلسي: وفي رواية أخرى: أنه دخل الحسن والحسين (عليهما السلام) فانكبا على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهما يبكيان ويقولان: أنفسنا لنفسك الفداء يا رسول الله! فذهب علي (عليه السلام) لينحيهما عنه فرفع رأسه إليه، ثم قال: دعهما يا أخي! يشماني وأشمهما، ويتزودان مني وأتزود منهما، فإنهما مقتولان بعدي ظلما وعدوانا، فلعنة الله على من يقتلهما، ثم قال: يا علي! أنت المظلوم بعدي، وأنا خصم لمن أنت خصمه يوم القيامة. (2) [76] - 76 - الطبراني: حدثنا إسحاق بن محمد الحراجي المكي والعباس بن حمدان الحنفي الإصبهاني قالا: حدثنا عبد الجبار بن العلاء، حدثنا عبد الله بن ميمون القداح، حدثنا جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن [ال] حسين قال: سمعت أبي يقول: لما كان قبل وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) بثلاثة أيام هبط عليه
1 - الأمالي: 507، بحار الأنوار 22: 509. 2 - بحار الأنوار 28: 76 ح 34. 128 جبريل (عليه السلام) فقال: يا محمد! إن الله عزوجل أرسلني إليك إكراما لك، وتفضيلا لك وخاصة لك، أسألك عما هو أعلم به منك، يقول: كيف تجدك؟ فقال النبى (صلى الله عليه وآله) [وآله] سلم: أجدني يا جبريل مغموما! وأجدني يا جبريل مكروبا! فلما كان اليوم الثالث هبط جبريل (عليه السلام)، وهبط ملك الموت (عليه السلام)، وهبط معهما ملك في الهواء يقال له إسماعيل على سبعين ألف ملك ليس فيهم ملك إلا على سبعين ألف ملك، يشيعهم جبريل (عليه السلام)، فقال: يا محمد! إن الله عزوجل أرسلني إليك إكراما لك وتفضيلا لك، وخاصة لك، أسألك عما هو أعلم به منك، يقول: كيف تجدك؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) أجدني يا جبريل مغموما! وأجدني يا جبريل مكروبا! قال: فاستأذن ملك الموت على الباب، فقال جبريل (عليه السلام): يا محمد! هذا ملك الموت (عليه السلام) يستأذن عليك، وما استأذن على آدمي قبلك، ولا يستأذن على آدمي بعدك! فقال: ائذن له، فأذن له جبريل (عليه السلام)، فأقبل حتى وقف بين يديه فقال: يا محمد! إن الله عزوجل أرسلني إليك وأمرني أن أطيعك فيما أمرتني به، إن تأمرني أن أقبض نفسك قبضتها، وإن كرهت تركتها، فقال له رسول (صلى الله عليه وآله): أتفعل يا ملك الموت؟! قال: نعم، وبذلك أمرت أن أطيعك فيما أمرتني به. فقال له جبريل (عليه السلام): إن الله عزوجل قد اشتاق إلى لقائك، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إمض لما أمرت به! فقال له جبريل: هذا آخر وطأتي في الأرض، إنما كنت حاجتي في الدنيا. فلما توفي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وجاءت التعزية جاءآت يسمعون حسه ولا يرون شخصه، فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، كل نفس ذائقة الموت إن في الله عزاء من كل مصيبة، وخلفا من كل هالك، ودركا من كل فائت، فبالله فثقوا وإياه فارجوا، فإن المصاب من حرم الثواب، والسلام عليكم ورحمة الله. (1)
1 - المعجم الكبير 3: 129 ح 2890، مجمع الزوائد 9: 34، الإصابة 1: 442، روى من قوله: فلما توفي.... 129 الفصل الثاني كلمات الإمام الحسين (عليه السلام) في زمن الإمام علي (عليه السلام)
131 كانت وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) من أفضع المصائب وأفجعها على الأمة الإسلامية، فقد انقطع بموته ما لم ينقطع بموت أحد من الخلق، وكان بعده أنباء وهنبثة، (1) والتبست الفتنة على الأمة كقطع الليل المظلم، كما أخبر به رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وكان في هذه الظلمة الظلماء والفتنة العمياء أشد المصائب، وأظلمها ما احتمله أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقد نسيت الأمة - إلا الخواص منهم - بيعتهم لأمير المؤمنين (عليه السلام) مرارا، ووصايا الرسول (صلى الله عليه وآله) باتباع الثقلين، وآل الأمر إلى اجتماع السقيفة. وبعد ما تمت السقيفة ومبايعة الأول، هم بعض الناس بقتل الحسنين ريحانتي رسول الله (صلى الله عليه وآله). إرادة قتل الحسنين (عليهما السلام) وعفوهما [77] - 1 - الراوندي: عن جماعة، عن أبي جعفر البرمكي، عن الحسين بن الحسن، حدثنا أبو سمينة محمد بن علي، عن جعفر بن محمد، عن الحسن بن راشد، عن يعقوب بن جعفر بن إبراهيم الجعفري، عن أبي إبراهيم (عليه السلام) قال:
1 - كما قالت فاطمة الزهراء سلام الله عليها، بحار الأنوار 43: 196. 133 خرج الحسن والحسين (عليهما السلام) حتى أتيا نخل العجوة للخلاء، فهويا إلى مكان، وولى كل واحد منهما بظهره إلى صاحبه، فرمى الله بينهما بجدار يستتر به أحدهما عن صاحبه، فلما قضيا حاجتهما ذهب الجدار وارتفع من موضعه، وصار في الموضع عين ماء، وإجانتان (1) فتوضئا، وقضيا ما أرادا. ثم انطلقا حتى إذا صارا في بعض الطريق، عرض لهما رجل فظ غليظ، فقال لهما: ما خفتما عدو كما؟! من أين جئتما؟ فقالا: إننا جئنا من الخلاء. فهم بهما فسمعوا صوتا يقول: يا شيطان! أتريد أن تناوي ابني محمد (صلى الله عليه وآله)، وقد علمت بالأمس ما فعلت وناويت أمهما، وأحدثت في دين الله، وسلكت غير الطريق، وأغلظ له الحسين (عليه السلام) أيضا، فهوى بيده ليضرب بها وجه الحسين (عليه السلام)، فأيبسها الله من عند منكبه، فأهوى باليسرى، ففعل الله به مثل ذلك. ثم قال: أسألكما بحق جدكما وأبيكما لما دعوتما الله أن يطلقني. فقال الحسين (عليه السلام): اللهم أطلقه، واجعل له في هذا عبرة، واجعل ذلك عليه حجة. فأطلق الله يده، فانطلق قدامهما حتى أتى عليا (عليه السلام) وأقبل عليه بالخصومة، فقال: أين دسستهما؟ - وكأن هذا كان بعد يوم السقيفة بقليل - فقال علي (عليه السلام): ما خرجا إلا للخلاء. وجذب رجل منهم عليا حتى شق رداءه، فقال الحسين (عليه السلام) للرجل: لا أخرجك الله من الدنيا حتى تبتلي بالدياثة في أهلك وولدك. وقد كان الرجل يقود ابنته إلى رجل من العراق. فلما خرجا إلى منزلهما، قال الحسين للحسن (عليهما السلام): سمعت جدي يقول: إنما
1 - الإجانة: إناء تغسل فيه الثياب، جرة كبيرة. المنجد، أجن. 134 مثلكما مثل يونس إذ أخرجه الله من بطن الحوت، وألقاه بظهر الأرض، وأنبت عليه شجرة من يقطين، وأخرج له عينا من تحتها، فكان يأكل من اليقطين، ويشرب من ماء العين. وسمعت جدي يقول: أما العين فلكم، وأما اليقطين فأنتم عنه أغنياء، وقد قال الله في يونس: (وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون * فآمنوا فمتعناهم إلى حين) (1) ولسنا نحتاج إلى اليقطين، ولكن علم الله حاجتنا إلى العين، فأخرجها لنا، وسنرسل إلى أكثر من ذلك، فيكفرون ويمتعون إلى حين. فقال الحسن (عليه السلام): قد سمعت هذا. (2) شهادة الحسين للزهراء (عليهما السلام) بفدك [78] - 2 - المجلسي: روى العلامة - في كشكوله المنسوب إليه - عن المفضل بن عمر، قال: قال مولاي جعفر الصادق (عليه السلام): لما ولى أبو بكر بن أبي قحافة، قال له عمر: إن الناس عبيد هذه الدنيا لا يريدون غيرها، فامنع عن علي وأهل بيته الخمس والفيئ وفدكا، فإن شيعته إذا علموا ذلك تركوا عليا وأقبلوا إليك رغبة في الدنيا وإيثارا محاباة عليها، ففعل أبو بكر ذلك وصرف عنهم جميع ذلك. فلما قام أبو بكر بن أبي قحافة مناديه من كان له عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) دين أو عدة فليأتني حتى أقضيه، وأنجز لجابر بن عبد الله ولجرير بن عبد الله البجلي، قال: قال علي (عليه السلام) لفاطمة (عليها السلام): صيري إلى أبي بكر وذكريه فدكا، فصارت فاطمة إليه وذكرت له فدكا مع الخمس والفيء، فقال: هاتي
1 - الصافات: 37 / 147 و 148. 2 - الخرائج والجرائح 2: 845 ح 61، بحار الأنوار 43: 273 ح 40، العوالم 17: 52 ح 1، مدينة المعاجز 3: 509 ح 1026. 135 بينة يا بنت رسول الله! فقالت: أما فدك، فإن الله عزوجل أنزل على نبيه قرآنا يأمر فيه بأن يؤتيني وولدي حقي، قال الله تعالى: (فآت ذا القربى حقه))، فكنت أنا وولدي أقرب الخلائق إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فنحلني وولدي فدكا، فلما تلا عليه جبرائيل (عليه السلام): (والمسكين وابن السبيل) (1)، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما حق المسكين وابن السبيل؟ فأنزل الله تعالى: (واعلموا أنما غنمتم من شىء فأن لله خمسه وللرسول ولذى القربى واليتمى والمسكين وابن السبيل) (2)، فقسم الخمس على خمسة أقسام، فقال: (مآ أفآء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذى القربى واليتمى والمسكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الاغنيآء) (3) فما لله فهو لرسوله، وما لرسول الله فهو لذي القربى، ونحن ذو القربى. قال الله تعالى: (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) (4). فنظر أبو بكر بن أبي قحافة إلى عمر بن الخطاب وقال: ما تقول؟ فقال عمر: ومن اليتامى والمساكين وأبناء السبيل؟ فقالت فاطمة (عليها السلام): اليتامى الذين يأتمون بالله وبرسوله وبذي القربى، والمساكين الذين أسكنوا معهم في الدنيا والآخرة، وابن السبيل الذي يسلك مسلكهم. قال عمر: فإذا الخمس والفيء كله لكم ولمواليكم وأشياعكم؟! فقالت فاطمة (عليها السلام): أما فدك فأوجبها الله لي ولولدي دون موالينا وشيعتنا، وأما الخمس
1 - الروم: 30 / 38. 2 - الأنفال: 8 / 41. 3 - الحشر: 59 / 7. 4 - الشورى: 42 / 23. 136 فقسمه الله لنا ولموالينا وأشياعنا كما يقرأ في كتاب الله. قال عمر: فما لسائر المهاجرين والأنصار والتابعين بإحسان؟ قالت فاطمة (عليها السلام): إن كانوا موالينا ومن أشياعنا فلهم الصدقات التي قسمها الله وأوجبها في كتابه، فقال الله عزوجل: (إنما الصدقات للفقراء والمسكين والعملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب) (1) إلى آخر القصة، قال عمر: فدك لك خاصة، والفيء لكم ولأوليائكم؟ ما أحسب أصحاب محمد يرضون بهذا!؟ قالت فاطمة: فإن الله عزوجل رضي بذلك، ورسوله رضي به، وقسم على الموالاة والمتابعة لا على المعاداة والمخالفة، ومن عادانا فقد عادى الله، ومن خالفنا فقد خالف الله، ومن خالف الله فقد استوجب من الله العذاب الأليم والعقاب الشديد في الدنيا والآخرة. فقال عمر: هاتي بينة يا بنت محمد على ما تدعين؟ فقالت فاطمة (عليها السلام): قد صدقتم جابر بن عبد الله وجرير بن عبد الله ولم تسألوهما البينة! وبينتي في كتاب الله. فقال عمر: إن جابرا وجريرا ذكرا أمرا هينا، وأنت تدعين أمرا عظيما يقع به الردة من المهاجرين والأنصار!. فقالت (عليها السلام): إن المهاجرين برسول الله وأهل بيت رسول الله هاجروا إلى دينه، والأنصار بالإيمان بالله ورسوله وبذي القربى أحسنوا، فلا هجرة إلا إلينا، ولا نصرة إلا لنا، ولا اتباع بإحسان إلا بنا، ومن ارتد عنا فإلى الجاهلية. فقال لها عمر: دعينا من أباطيلك، واحضرينا من يشهد لك بما تقولين! فبعثت إلى علي والحسن والحسين وأم أيمن وأسماء بنت عميس - وكانت تحت أبي بكر ابن أبي قحافة - فأقبلوا إلى أبي بكر وشهدوا لها بجميع ما قالت وادعته.
1 - التوبة: 9 / 60. 137 فقال: أما علي فزوجها، وأما الحسن والحسين ابناها، وأما أم أيمن فمولاتها، وأما أسماء بنت عميس فقد كانت تحت جعفر بن أبي طالب فهي تشهد لبني هاشم، وقد كانت تخدم فاطمة، وكل هؤلاء يجرون إلى أنفسهم! فقال علي (عليه السلام): أما فاطمة فبضعة من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ومن آذاها فقد آذى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ومن كذبها فقد كذب رسول الله، وأما الحسن والحسين فابنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسيدا شباب أهل الجنة، من كذبهما كذب رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذ كان أهل الجنة صادقين، وأما أنا فقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنت مني وأنا منك، وأنت أخي في الدنيا والآخرة، والراد عليك هو الراد علي، ومن أطاعك فقد أطاعني، ومن عصاك فقد عصاني، وأما أم أيمن فقد شهد لها رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالجنة، ودعا لأسماء بنت عميس وذريتها. قال عمر: أنتم كما وصفتم أنفسكم، ولكن شهادة الجار إلى نفسه لا تقبل، فقال علي (عليه السلام): إذا كنا كما نحن كما تعرفون ولا تنكرون، وشهادتنا لأنفسنا لا تقبل، وشهادة رسول الله لا تقبل، فإنا لله وإنا إليه راجعون، إذا ادعينا لأنفسنا تسألنا البينة؟ فما من معين يعين، وقد وثبتم على سلطان الله وسلطان رسوله، فأخرجتموه من بيته إلى بيت غيره من غير بينة ولا حجة (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) (1) ثم قال لفاطمة: انصرفي حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين. قال المفضل: قال مولاي جعفر (عليه السلام) كل ظلامة حدثت في الإسلام أو تحدث، وكل دم مسفوك حرام، ومنكر مشهور، وأمر غير محمود، فوزره في أعناقهما وأعناق من شايعهما أو تابعهما، ورضي بولايتهما إلى يوم القيامة. (2)
1 - الشعراء: 26 / 227. 2 - بحار الأنوار، 29، 194 ح 40. 138 [79] - 3 - الطوسي: عن السياري، عن علي بن أسباط، قال: لما ورد أبو الحسن موسى (عليه السلام) على المهدي وجده يرد المظالم، فقال له: ما بال مظلمتنا يا أمير المؤمنين لا ترد؟!! فقال له: وما هي يا أبا الحسن؟! فقال: إن الله عزوجل لما فتح على نبيه (صلى الله عليه وآله) فدك وما والاها، ولم يوجف عليها بخيل ولا ركاب، فأنزل الله تعالى على نبيه (صلى الله عليه وآله): (فئات ذا القربى حقه) (1) فلم يدر رسول الله (صلى الله عليه وآله) من هم، فراجع في ذلك جبرئيل (عليه السلام)، فسأل الله عزوجل عن ذلك، فأوحى الله إليه أن ادفع فدك إلى فاطمة (عليها السلام)، فدعاها رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال لها: يا فاطمة! إن الله تعالى أمرني أن أدفع إليك فدك. فقالت: قد قبلت يا رسول الله من الله ومنك، فلم يزل وكلاؤها فيها حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلما ولي أبو بكر أخرج عنها وكلاءها، فأتته فسألته أن يردها عليها فقال لها: آتيني بأسود أو أحمر ليشهد لك بذلك، فجاءت بأمير المؤمنين والحسن الحسين (عليهم السلام) وأم أيمن فشهدوا لها بذلك فكتب لها بترك التعرض، فخرجت بالكتاب معها فلقيها عمر فقال لها: ما هذا معك يا بنت محمد؟! قالت: كتاب كتبه لي ابن أبي قحافة. فقال لها: أرينيه، فأبت، فانتزعه من يدها فنظر فيه، وتفل فيه، ومحاه وخرقه وقال: هذا لأن أباك لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب وتركها ومضى. فقال له المهدي: حدها لي، فحدها فقال: هذا كثير فأنظر فيه. (2)
1 - الإسراء: 17 / 26. 2 - تهذيب الأحكام 4: 148 ح 414. 139 أخذ البيعة من أمير المؤمنين (عليه السلام) [80] - 4 - وعنه: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثني أبو علي أحمد بن علي ابن مهدي بن صدقة البرقي أملاه علي إملاء من كتابه، قال: حدثنا أبي قال: حدثنا الرضا أبو الحسن علي بن موسى قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثني أبي جعفر بن محمد قال: حدثني أبي محمد بن علي قال: حدثني أبي علي بن الحسين قال: حدثني أبي الحسين بن علي (عليهم السلام) قال: لما أتى أبو بكر وعمر إلى منزل أمير المؤمنين (عليه السلام) وخاطباه في البيعة وخرجا من عنده، خرج أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى المسجد، فحمد الله وأثنى عليه بما اصطنع عندهم أهل البيت، إذ بعث فيهم رسولا منهم، وأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. ثم قال: إن فلانا وفلانا أتياني وطالباني بالبيعة لمن سبيله أن يبايعني، أنا ابن عم النبي، وأبو ابنيه، والصديق الأكبر، وأخو رسول الله (صلى الله عليه وآله)، لا يقولها أحد غيري إلا كاذب، وأسلمت وصليت، وأنا وصيه وزوج ابنته سيدة نساء العالمين فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله)، وأبو حسن وحسين سبطي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ونحن أهل بيت الرحمة، بنا هداكم الله، وبنا استنقذكم من الضلالة، وأنا صاحب يوم الدوح، وفي نزلت سورة من القرآن، وأنا الوصي على الأموات من أهل بيته (صلى الله عليه وآله)، وأنا بقيته على الأحياء من أمته، فاتقوا الله يثبت أقدامكم، ويتم نعمته عليكم. ثم رجع إلى بيته. (1) [81] - 5 - سليم بن قيس: روى ابن أبي عياش، عن سليم بن قيس، قال: كنت عند عبد الله بن عباس في بيته، ومعنا جماعة من شيعة علي (عليه السلام)، فحدثنا
1 - الأمالي: 568 ح 1175، تفسير البرهان 3: 319 مع اختلاف. 140 فكان فيما حدثنا أن قال: يا إخوتي! توفي رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم توفي فلم يوضع في حفرته حتى نكث الناس وارتدوا وأجمعوا على الخلاف، واشتغل علي بن أبي طالب (عليه السلام) برسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى فرغ من غسله وتكفينه وتحنيطه ووضعه في حفرته، ثم أقبل على تأليف القرآن، وشغل عنهم بوصية من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ولم يكن همته الملك، لما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) أخبره عن القوم، فلما افتتن الناس بالذي افتتنوا به من الرجلين، فلم يبق إلا علي (عليه السلام) وبنو هاشم وأبو ذر والمقداد وسلمان في أناس معهم يسير، قال عمر لأبي بكر: يا هذا! إن الناس أجمعين قد بايعوك ما خلا هذا الرجل وأهل بيته وهؤلاء النفر، فابعث إليه، فبعث إليه ابن عم لعمر يقال له: قنفذ... إلى أن قال: فانتهوا بعلي (عليه السلام) إلى أبي بكر ملببا... فقال عمر لأبي بكر وهو جالس فوق المنبر: ما يجلسك فوق المنبر وهذا جالس محارب لا يقوم فيبايعك؟ أو تأمر به فتضرب عنقه!! والحسن والحسين (عليهما السلام) قائمان على رأس علي (عليه السلام)، فلما سمعا مقالة عمر بكيا ورفعا أصواتهما: يا جداه! يا رسول الله! فضمهما علي (عليه السلام) إلى صدره وقال: لا تبكيا، فوالله لا يقدران على قتل أبيكما، هما أذل وأدحر من ذلك! وأقبلت أم أيمن النوبية حاضنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأم سلمة، فقالتا: يا عتيق! ما أسرع ما أبديتم حسدكم لآل محمد!! فأمر بهما عمر أن تخرجا من المسجد، وقال: ما لنا وللنساء!؟ ثم قال: يا علي! قم بايع، فقال علي (عليه السلام): إن لم أفعل؟ قال: إذا والله! نضرب عنقك! قال: كذبت والله يا بن صهاك! لا تقدر على ذلك، أنت ألأم وأضعف من ذلك. فوثب خالد بن الوليد واخترط سيفه وقال: والله! إن لم تفعل لأقتلنك! فقام إليه
141 علي (عليه السلام) وأخذ بمجامع ثوبه، ثم دفعه حتى ألقاه على قفاه! ووقع السيف من يده! فقال عمر: قم يا علي بن أبي طالب فبايع. قال: فإن لم أفعل، قال: إذن والله! نقتلك! واحتج عليهم علي (عليه السلام) ثلاث مرات، ثم مد يده من غير أن يفتح كفه، فضرب عليها أبو بكر ورضي بذلك، ثم توجه إلى منزله وتبعه الناس. (1) اعتراض الحسين (عليه السلام) على أبي بكر [82] - 6 - محمد بن الأشعث (رحمهما الله): أخبرنا عبد الله بن محمد قال: أخبرنا محمد بن محمد قال: حدثني موسى قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) قال: لما استخلف أبو بكر صعد المنبر في يوم الجمعة، وقد تهيأ الحسن والحسين (عليهما السلام) للجمعة، فسبق الحسين (عليه السلام) فانتهى إلى أبي بكر وهو على المنبر، فقال له: هذا منبر أبي لا منبر أبيك فبكى أبو بكر وقال: صدقت هذا منبر أبيك لا منبر أبي، فدخل علي بن أبي طالب (عليه السلام) على تلك الحال، فقال: ما يبكيك يا أبا بكر!؟ فقال له القوم: قال له الحسين (عليه السلام) كذا وكذا، فقال علي (عليه السلام): يا أبا بكر! إن الغلام إنما يثغر في سبع سنين، ويحتلم في أربع عشرة سنة، ويستكمل طوله في أربع وعشرين، ويستكمل عقله في ثمان وعشرين سنة، فما كان بعد ذلك فإنما هو بالتجارب. (2) [83] - 1 - محمد بن الأشعث: أخبرنا عبد الله بن محمد قال: أخبرنا محمد بن محمد،
1 - كتاب سليم بن قيس: 249، بحار الأنوار 28: 297 ح 48. 2 - الجعفريات: 348 ح 1419، مستدرك الوسائل 15: 165 ح 17873. 142 حدثنا إسماعيل بن إسحاق بن سهل الأموي، حدثنا جعفر بن عون البكري (1)، أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد، عن عبد الرحمان بن الأصبهاني قال: جاء الحسين ابن علي (عليهما السلام) إلى أبي بكر، وهو على منبر رسول الله (صلى الله عليه وآله). فقال: انزل عن مجلس أبي! فقال: صدقت والله! إنه لمجلس أبيك! قال: ثم أخذه فأجلسه في حجره وبكى فقال علي بن أبي طالب (عليه السلام): والله! ما هذا عن أمري فقال: والله! ما اتهمتك (2). [84] - 7 - الديلمي: خبر الأشجع بن مزاحم بحذف الإسناد، مرفوعا إلى جابر الجعفي، قال: قلد أبو بكر الصدقات بقرى المدينة وضياع فدك رجلا من ثقيف يقال له: الأشجع بن مزاحم الثقفي - وكان شجاعا، وكان له أخ قتله علي بن أبي طالب في وقعة هوازن وثقيف - فلما خرج الرجل عن المدينة جعل أول قصده ضيعة من ضياع أهل البيت تعرف ب: بانقيا، فجاء بغتة واحتوى عليها وعلى صدقات كانت لعلي (عليه السلام)، فتوكل بها وتغطرس على أهلها، وكان الرجل زنديقا منافقا. فابتدر أهل القرية إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) برسول يعلمونه ما فرط من الرجل. فدعا علي (عليه السلام) بدابة له تسمى السابح - وكان أهداه إليه ابن عم لسيف بن ذي يزن - وتعمم بعمامة سوداء، وتقلد بسيفين، واجنب دابته المرتجز، وأصحب معه الحسين (عليه السلام)، وعمار بن ياسر، والفضل بن العباس، وعبد الله بن جعفر، وعبد الله بن العباس، حتى وافى القرية، فأنزله عظيم القرية في مسجد يعرف بمسجد القضاء، ثم وجه أمير المؤمنين (عليه السلام) الحسين (عليه السلام) يسأله المصير إليه.
1 - في الأصل: العبكري، وما أثبتناه عن مستدركات النمازي: 2 / 178، رقم 2681. 2 - الجعفريات: 350 ح 1422. المناقب لابن شهرآشوب: 4 / 40، س 10، بتفاوت يسير. عنه البحار: 28 / 232، س 16، ضمن ح 19. 143 فصار إليه الحسين (عليه السلام) فقال: أجب أمير المؤمنين. فقال: ومن أمير المؤمنين؟ فقال: علي بن أبي طالب. فقال: أمير المؤمنين أبو بكر خلفته بالمدينة. فقال له الحسين (عليه السلام): أجب علي بن أبي طالب. فقال: أنا سلطان وهو من العوام، والحاجة له، فليصر هو إلي! فقال له الحسين: ويلك! أيكون مثل والدي من العوام، ومثلك يكون السلطان؟! فقال: أجل، لأن والدك لم يدخل في بيعة أبي بكر إلا كرها، وبايعناه طائعين، كنا له غير كارهين، فشتان بيننا وبينه. فصار الحسين (عليه السلام) إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فأعلمه ما كان من قول الرجل. فالتفت إلى عمار فقال: يا أبا اليقظان! صر إليه والطف له في القول، واسأله أن يصير إلينا، فإنه لا يجب لوصي من الأوصياء أن يصير إلى أهل الضلالة، فنحن مثل بيت الله يؤتى ولا يأتي.... (1) وصية فاطمة (عليها السلام) وكان من أفجع ما كان في هذه الأيام، ومن أمض المصائب على أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) استشهاد حبيبته سيدة نساء العالمين (عليها السلام). فاجعة إن أردت أكتبها * مجملة ذكرها لمدكر فكان ما كان ممالست أذكره * فظن شرا ولا تسأل عن الخبر
1 - إرشاد القلوب: 384، بحار الأنوار 29: 46. 144 [85] - 8 - المفيد: الصدوق، عن أبيه، عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن القاسم بن محمد الرازي، عن علي بن محمد الهرمزاني، عن علي بن الحسين، عن أبيه الحسين (عليهما السلام) قال: لما مرضت فاطمة بنت النبي (صلى الله عليه وآله) وصت إلى علي (عليه السلام) أن يكتم أمرها، ويخفي خبرها، ولا يؤذن أحدا بمرضها، ففعل ذلك، وكان يمرضها بنفسه وتعينه على ذلك أسماء بنت عميس رحمها الله، على استسرار بذلك كما وصت به، فلما حضرتها الوفاة وصت أمير المؤمنين (عليه السلام) أن يتولى أمرها، ويدفنها ليلا ويعفي قبرها. فتولى ذلك أمير المؤمنين (عليه السلام) ودفنها، وعفى موضع قبرها. فلما نفض يده من تراب القبر، هاج به الحزن، فأرسل دموعه على خديه، وحول وجهه إلى قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: السلام عليك يا رسول الله مني والسلام عليك من ابنتك وحبيبتك، وقرة عينك وزائرتك، والبائتة في الثرى ببقعتك، المختار لها الله سرعة اللحاق بك، قل يا رسول الله عن صفيتك صبري! وضعف عن سيدة النساء تجلدي، إلا أن في التأسي لي بسنتك، والحزن الذي حل بي بفراقك، موضع التعزي، فلقد وسدتك في ملحود قبرك، بعد أن فاضت نفسك على صدري، وغمضتك بيدي، وتوليت أمرك بنفسي. نعم، وفي كتاب الله أنعم القبول، (إنا لله وإنا إليه راجعون) (1) لقد استرجعت الوديعة، وأخذت الرهينة، واختلست الزهراء، فما أقبح الخضراء والغبراء يا رسول الله! أما حزني فسرمد، وأما ليلي فمسهد، لا يبرح الحزن من قلبي، أو يختار الله لي دارك التي أنت فيها مقيم، كمد مقيح، وهم مهيج، سرعان ما فرق الله
1 - البقرة: 2 / 156. 145 بيننا، وإلى الله أشكو، وستنبئك ابنتك بتظافر أمتك علي، وعلى هضمها حقها، فاستخبرها الحال، فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثه سبيلا، وستقول: ويحكم الله وهو خير الحاكمين. سلام عليك يا رسول الله! سلام مودع لا سئم، ولا قال، فإن انصرف فلا عن ملالة، وإن أقم فلا عن سوء ظن بما وعد الله الصابرين، والصبر أيمن وأجمل، ولولا غلبة المستولين علينا لجعلت المقام عند قبرك لزاما، وللبثت عنده معكوفا، ولأعولت إعوال الثكلى على جليل الرزية. فبعين الله تدفن ابنتك سرا!! ويهتضم حقها قهرا، وتمنع إرثها جهرا، ولم يطل العهد، ولم يخل منك الذكر، فإلى الله يا رسول الله المشتكى، وفيك أجمل العزاء، وصلوات الله عليك وعليها ورحمة الله وبركاته. (1) شهادة الزهراء (عليها السلام) [86] - 9 - الإربلي: فلما توفيت فاطمة الزهراء دخل الحسن والحسين (عليهما السلام) فقالا: يا أسماء! ما ينيم أمنا في هذه الساعة؟ قالت: يا بني رسول الله! ليست أمكما نائمة، قد فارقت الدنيا، فوقع عليها الحسن يقبلها مرة ويقول: يا أماه! كلميني قبل أن تفارق روحي بدني. قال: وأقبل الحسين يقبل رجلها ويقول: يا أماه! أنا ابنك الحسين، كلميني قبل أن ينصدع قلبي فأموت.
1 - الأمالي: 281، أمالي الطوسي 1: 109 ح 166، الكافي 1: 458 ح 3 مع اختلاف يسير، بحار الأنوار 43: 193 ح 21 مختصرا، العوالم 6: 285 ح 11. 146 قالت لهما أسماء: يا بني رسول الله! انطلقا إلى أبيكما علي فأخبراه بموت أمكما، فخرجا حتى إذا كانا قرب المسجد رفعا أصواتهما بالبكاء، فابتدرهم جميع الصحابة فقالوا: ما يبكيكما يا ابني رسول الله، لا أبكى الله أعينكما؟ لعلكما نظرتما إلى موقف جدكما (صلى الله عليه وآله) فبكيتما شوقا إليه؟ فقالا: لا، أو ليس قد ماتت أمنا فاطمة صلوات الله عليها. قال: فوقع علي على وجهه يقول: بمن العزاء يا بنت محمد؟! (1) [87] - 10 - البحراني: وهب بن منبه، عن ابن عباس: أنها بقيت أربعين يوما بعده - أي بعد أبيها (صلى الله عليه وآله) - وفي رواية: ستة أشهر، وساق ابن عباس الحديث إلى أن قال: لما توفيت (عليها السلام)، شقت أسماء جيبها وخرجت، فتلقاها الحسن والحسين فقالا: أين امنا؟ فسكتت، فدخلا البيت، فإذا هي ممتدة، فحركها الحسين، فإذا هي ميتة. فقال: يا أخاه! آجرك الله في الوالدة، وخرجا يناديان: يا محمداه! يا أحمداه! اليوم جدد لنا موتك إذ ماتت أمنا! ثم أخبرا عليا وهو في المسجد، فغشي عليه حتى رش عليه الماء، ثم أفاق، فحملهما حتى أدخلهما بيت فاطمة، وعند رأسها أسماء تبكي وتقول: وا يتامى محمد! كنا نتعزى بفاطمة بعد موت جدكما، فبمن نتعزى بعدها؟ فكشف علي عن وجهها، فإذا برقعة عند رأسها، فنظر فيها، فإذا فيها: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أوصت به فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أوصت وهي تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن الجنة حق، والنار حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، يا علي! أنا فاطمة بنت
1 - كشف الغمة 1: 500، العوالم 6: 278. 147 محمد، زوجني الله منك لأكون لك في الدنيا والآخرة، أنت أولى بي من غيري، حنطني وغسلني وكفني بالليل وصل علي، وادفني بالليل، ولا تعلم أحدا، واستودعك الله، وأقرأ على ولدي السلام إلى يوم القيامة. فلما جن الليل غسلها علي ووضعها على السرير، وقال للحسن: ادع لي أبا ذر. فدعاه، فحملاه إلى المصلى، فصلى عليها، ثم صلى ركعتين، ورفع يديه إلى السماء فنادى: هذه بنت نبيك فاطمة، أخرجتها من الظلمات إلى النور، فأضاءت الأرض ميلا في ميل!! فلما أرادوا أن يدفنوها نودوا من بقعة من البقيع: إلي، إلي، فقد رفع تربتها مني، فنظروا فإذا هي بقبر محفور، فحملوا السرير إليها، فدفنوها فجلس علي على شفير القبر، فقال: يا أرض! استودعتك وديعتي، هذه بنت رسول الله! فنودي منها: يا علي! أنا أرفق بها منك، فارجع ولا تهتم! فرجع، وانسد القبر واستوى بالأرض، فلم يعلم أين كان إلى يوم القيامة. (1) غسل الزهراء (عليها السلام) [88] - 11 - المجلسي: عن مصباح الأنوار، عن أبي عبد الله الحسين (عليه السلام): أن أمير المؤمنين (عليه السلام) غسل فاطمة (عليها السلام) ثلاثا وخمسا، وجعل في الغسلة الخامسة - الآخرة - شيئا من الكافور، وأشعرها مئزرا سابغا دون الكفن، وكان هو الذي يلي ذلك منها وهو يقول: أللهم إنها أمتك، وبنت رسولك وصفيك وخيرتك من خلقك، أللهم لقنها حجتها، وأعظم برهانها، وأعل درجتها، واجمع بينها وبين أبيها محمد (صلى الله عليه وآله). (2)
1 - العوالم 6: 283 ح 6، بحار الأنوار 43: 214، مقتل الخوارزمي 1: 84 مفصلا. 2 - بحار الأنوار 81: 309 ح 29، مستدرك الوسائل 2: 199 ح 7. 148 الوداع مع الزهراء (عليها السلام) [89] - 12 - وعنه: قال علي (عليه السلام): والله! لقد أخذت في أمرها، وغسلتها في قميصها ولم أكشفه عنها، فوالله! لقد كانت ميمونة طاهرة مطهرة، ثم حنطتها من فضلة حنوط رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وكفنتها وأدرجتها في أكفانها، فلما هممت أن أعقد الرداء ناديت: يا أم كلثوم! يا زينب! يا سكينة! يا فضة! يا حسن! يا حسين! هلموا تزودوا من أمكم، فهذا الفراق، واللقاء في الجنة. فأقبل الحسن والحسين (عليهما السلام) وهما يناديان: واحسرتا! لا تنطفئ أبدا من فقد جدنا محمد المصطفى، وأمنا فاطمة الزهراء، يا أم الحسن! يا أم الحسين! إذا لقيت جدنا محمدا المصطفى فاقرئيه منا السلام، وقولي له: إنا قد بقينا بعدك يتيمين في دار الدنيا. فقال: أمير المؤمنين (عليه السلام): إني أشهد الله أنها قد حنت وأنت ومدت يديها وضمتهما إلى صدرها مليا، وإذا بهاتف من السماء ينادي: يا أبا الحسن! ارفعهما عنها فلقد أبكيا والله ملائكة السماوات! فقد اشتاق الحبيب إلى المحبوب!.... (1) اعتراضه (عليه السلام) على عمر ولما مضى الأول لسبيله، فأدلى الخلافة إلى الثاني (2) اعترض عليه الحسين (عليه السلام) واحتج عليه بأن الخلافة لأبيه (عليه السلام)، وأنه وصاحبه قد اغتصبها!
1 - بحار الأنوار 43: 179، العوالم 6: 261. 2 - المستفاد من خطبة الشقشقية. نهج البلاغة: خ 3. 149 [90] - 13 - الطبرسي: إن عمر بن الخطاب كان يخطب الناس على منبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) فذكر في خطبته أنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فقال له الحسين (عليه السلام) - من ناحية المسجد -: انزل أيها الكذاب! عن منبر أبي رسول الله، لا منبر أبيك! فقال له عمر: فمنبر أبيك لعمري يا حسين! لا منبر أبي، من علمك هذا!؟ أبو ك علي بن أبي طالب؟ فقال له الحسين (عليه السلام): إن أطع أبي فيما أمرني، فلعمري إنه لهاد وأنا مهتد به، وله في رقاب الناس البيعة على عهد رسول الله، نزل بها جبرئيل من عند الله تعالى لا ينكرها إلا جاحد بالكتاب، قد عرفها الناس بقلوبهم، وأنكروها بألسنتهم وويل للمنكرين حقنا أهل البيت، ماذا يلقاهم به محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) من إدامة الغضب، وشدة العذاب!!؟ فقال عمر: يا حسين! من أنكر حق أبيك فعليه لعنة الله، أمرنا الناس فتأمرنا، ولو أمروا أباك لأطعنا! فقال له الحسين: يا ابن الخطاب! فأي الناس أمرك على نفسه قبل أن تؤمر أبا بكر على نفسك ليؤمرك على الناس بلا حجة من نبي، ولا رضى من آل محمد، فرضاكم كان لمحمد (صلى الله عليه وآله) رضى؟ أو رضا أهله كان له سخطا؟! أما والله! لو أن للسان مقالا يطول تصديقه، وفعلا يعينه المؤمنون، لما تخطأت رقاب آل محمد، ترقى منبرهم، وصرت الحاكم عليهم بكتاب نزل فيهم لا تعرف معجمه، ولا تدري تأويله إلا سماع الآذان، المخطىء والمصيب عندك سواء، فجزاك الله جزاك، وسألك عما أحدثت سؤالا حفيا. قال: فنزل عمر مغضبا، فمشى معه أناس من أصحابه حتى أتى باب
150 أمير المؤمنين (عليه السلام) فاستأذن عليه فأذن له، فدخل فقال: يا أبا الحسن! ما لقيت اليوم من ابنك الحسين، يجهرنا بصوت في مسجد رسول الله، ويحرض علي الطغام وأهل المدينة!؟ فقال له الحسن (عليه السلام): على مثل الحسين بن النبي (صلى الله عليه وآله) يشخب بمن لا حكم له، أو يقول بالطغام على أهل دينه؟ أما والله! ما نلت إلا بالطغام، فلعن الله من حرض الطغام. فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): مهلا يا أبا محمد! فإنك لن تكون قريب الغضب ولا لئيم الحسب، ولا فيك عروق من السودان، اسمع كلامي ولا تعجل بالكلام. فقال له عمر: يا أبا الحسن! إنهما ليهمان في أنفسهما بما لا يرى بغير الخلافة. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): هما أقرب نسبا برسول الله من أن يهما، أما فأرضهما يا ابن الخطاب بحقهما! يرض عنك من بعدهما. قال: وما رضاهما يا أبا الحسن؟! قال: رضاهما الرجعة عن الخطيئة، والتقية عن المعصية بالتوبة. فقال له عمر: أدب يا أبا الحسن ابنك! لا يتعاطى السلاطين الذين هم الحكماء في الأرض. فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): أنا أؤدب أهل المعاصي على معاصيهم، ومن أخاف عليه الزلة والهلكة، فأما من والده رسول الله ونحله أدبه فإنه لا ينتقل إلى أدب خير له منه، أما فأرضهما يا ابن الخطاب! قال: فخرج عمر فاستقبله عثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، فقال له عبد الرحمن: يا أبا حفص! ما صنعت فقد طالت بكما الحجة؟ فقال له عمر: وهل حجة مع ابن أبي طالب وشبليه؟!
151 فقال له عثمان: يا ابن الخطاب!، هم بنو عبد مناف، الأسمنون والناس عجاف. فقال له عمر: ما أعد ما صرت إليه فخرا فخرت به بحمقك، فقبض عثمان على مجامع ثيابه ثم نبذ به ورده، ثم قال له: يا ابن الخطاب! كأنك تنكر ما أقول!؟ فدخل بينهما عبد الرحمن وفرق بينهما وافترق القوم. (1) [91] - 14 - الطوسي: عن كثير، عن زيد بن علي، عن أبيه (عليه السلام): أن الحسين بن علي (عليهما السلام) أتى عمر بن الخطاب وهو على المنبر يوم الجمعة فقال له: إنزل عن منبر أبي! فبكى عمر ثم قال: صدقت يا بني! منبر أبيك لا منبر أبي. فقال علي (عليه السلام): ما هو والله عن رأيي! قال: صدقت والله! ما اتهمتك يا أبا الحسن! ثم نزل عن المنبر فأخذه فأجلسه على جانبه على المنبر، فخطب الناس وهو جالس معه على المنبر، ثم قال: أيها الناس سمعت نبيكم (صلى الله عليه وآله) يقول: احفظوني في عترتي وذريتي، فمن حفظني فيهم حفظه الله، ألا لعنة الله على من آذاني فيهم ثلاثا!. (2) [92] - 15 - ابن عساكر: وفي رواية: أخبرنا أبو البركات الأنماطي وأبو عبد الله البلخي، قالا: أنبأنا أبو الحسن ابن الطيوري وثابت بن بندار، قالا: أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن جعفر، وأبو نصر محمد بن الحسن، قالا: أنبأنا الوليد بن بكر، أنبأنا علي بن أحمد بن زكريا، أنبأنا صالح بن أحمد، حدثني أبي أحمد، أنبأنا سليمان بن حرب، أنبأنا حماد بن زيد، عن يحيي بن سعيد، عن عبيد بن حنين، عن حسين بن علي (عليهما السلام) قال:
1 - الإحتجاج 1: 292. 2 - الأمالي: 703 ح 1504، كشف الغمة 1: 416 باختلاف يسير. 152 صعدت إلى عمر وهو على المنبر، فقلت: انزل عن منبر أبي، واذهب إلى منبر أبيك! فقال: من علمك هذا؟ قلت: ما علمنيه أحد! قال: منبر أبيك والله! منبر أبيك والله! وهل أنبت على رؤسنا الشعر إلا أنتم! لو جعلت تأتينا وجعلت تغشانا. (1) [93] - 16 - وعنه: وفي رواية أخرى: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، أنبأنا أبو محمد الحسن بن علي، أنبأنا محمد بن العباس، أنبأنا أحمد بن معروف، أنبأنا الحسين بن الفهم، أنبأنا محمد بن سعد، أنبأنا سليمان بن حرب، أنبأنا حماد بن زيد، أنبأنا يحيى بن سعيد الأنصاري، عن عبيد بن حنين، عن حسين بن علي [(عليهما السلام)] قال: صعدت إلى عمر بن الخطاب، فقلت له: إنزل عن منبر أبي واصعد منبر أبيك. قال: فقال: إن أبي لم يكن له منبر. قال: فأقعدني معه فلما نزل ذهب بي إلى منزله فقال لي: أي بني! من علمك هذا؟ قال: قلت: ما علمنيه أحد! قال: أي بني لو جعلت تأتينا وتغشانا؟ قال: فجئت يوما وهو خال بمعاوية، وابن عمر بالباب ولم يأذن له، فرجعت، فلقيني بعد فقال لي: يا بني! لم أرك أتيتنا؟ فقلت: قد جئت وأنت خال بمعاوية فرأيت ابن عمر رجع فرجعت. فقال: أنت أحق بالإذن من عبد الله بن عمر، إنما أنبت في رؤوسنا ما نرى الله ثم أنتم! قال: ووضع يده على رأسه. (2) [94] - 17 - وعنه: وفي خبر آخر: أخبرنا أبو الحسن بن أبي العباس الفقيه، أنبأنا أبو منصور عبد الرحمان بن محمد، أنبأنا أبو بكر الخطيب، أنبأنا محمد بن أحمد بن
1 - تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 141 ح 178، كفاية الطالب: 277. 2 - تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 141 ح 179، تاريخ الإسلام 5: 100 إلى قوله: ما علمنيه أحد. 153 رزق، أنبأنا دعلج بن أحمد المعدل، أنبأنا موسى بن هارون، أنبأنا أبو الربيع، أنبأنا حماد بن زيد، أنبأنا يحيي بن سعيد، عن عبيد بن حنين، قال: حدثني الحسين بن علي (عليهما السلام)، قال: أتيت على عمر بن الخطاب وهو على المنبر، فصعدت إليه فقلت له: إنزل عن منبر أبي واذهب إلى منبر أبيك! فقال عمر: لم يكن لأبي منبر! وأخذني وأجلسني معه، فجعلت أقلب حصى بيدي، فلما نزل انطلق بي إلى منزله فقال لي: من علمك هذا؟ فقلت: والله! ما علمنيه أحد. قال: يا بني! لو جعلت تغشانا؟! قال: فأتيته يوما وهو خال بمعاوية وابن عمر بالباب، فرجع ابن عمر ورجعت معه، فلقيني بعد فقال: لم أرك تأتينا؟ فقلت: يا أمير المؤمنين! إني جئت وأنت خال بمعاوية وابن عمر بالباب، فرجع ابن عمر، ورجعت معه، فقال: أنت أحق بالإذن من ابن عمر، وإنما أنبت ما ترى في رؤوسنا الله ثم أنتم. (1) [95] - 2 - محمد بن الأشعث: أخبرنا عبد الله بن محمد قال: أخبرنا محمد بن محمد، حدثنا محمد بن عوير الإيلي، حدثنا سلامة بن روح بن عقيل بن خالد قال: وأخبرني محمد بن مسلم بن شهاب، أن عبد الله بن كعب بن ملك الأنصاري، وهو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم، أخبره أن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) جاء إلى عمر بن الخطاب، وعمر بن الخطاب على منبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) يخطب الناس يوم
1 - تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 142 ح 180، و 140 ح 177، عن يحيى بن سعيد بسند آخر، الإصابة 1: 333 مع اختلاف يسير، ينابيع المودة: 197 إلى قوله: ما علمنيه أحد، تاريخ بغداد 1: 141، (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من كتاب الطبقات الكبير): 31. 154 الجمعة، فقال: انزل عن منبر جدي. حتى قطع خطبته. قال: فأخذ الحسين (عليه السلام) برداء عمر، فما زال عمر يجذبه ويقول: أنزل! فلما صلى أرسل إلى الحسين (عليه السلام)، فلما جاء قال: يا ابن أخي! من أمرك بهذا الذي صنعت؟ قال الحسين (عليه السلام): ما أمرني أحد. قال عمر: أو لولا ولم يزده على ذلك، والحسين (عليه السلام) يومئذ دون المحتلم (1). [96] - 18 - ابن شهرآشوب: في رواية الخطيب: أنه قال الحسين (عليه السلام) لعمر: انزل عن منبر أبي واذهب إلى منبر أبيك. فقال عمر: لم يكن لأبي منبر. قال (عليه السلام): فأخذني وأجلسني معه ثم سألني من علمك هذا؟ فقلت: والله! ما علمني أحد. (2) حكم أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في المرأة الحاملة [97] - 19 - القندوزي الحنفي: روى موفق بن أحمد بسنده، عن الحسين بن علي (عليهما السلام) قال: أوتي عند عمر بن الخطاب بامرأة حاملة، فسألها فاعترفت بالفجور فأمر بها بالرجم، فقال علي لعمر: سلطانك عليه، فما سلطانك على الذي في بطنها، فخلا سبيلها، وقال: عجزت النساء أن يلدن عليا، ولولا علي لهلك عمر، وقال: أللهم لا تبقني لمعضلة ليس لها علي حيا. (3)
(1) الجعفريات: 350 ح 1423. 2 - المناقب 4: 40، بحار الأنوار 28: 232 ح 19. 3 - ينابيع المودة 1: 85. 155 جواب أسئلة الأعرابي في الحج [98] - 20 - المجلسي: عن أبي سلمة، قال: حججت مع عمر بن الخطاب، فلما صرنا بالأبطح فإذا بأعرابي قد أقبل علينا فقال: يا أمير المؤمنين! إني خرجت وأنا حاج محرم فأصبت بيض النعام، فاجتنيت وشويت وأكلت، فما يجب علي؟ قال: ما يحضرني في ذلك شيء! فاجلس لعل الله يفرج عنك ببعض أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله). فإذا أمير المؤمنين (عليه السلام) قد أقبل والحسين (عليه السلام) يتلوه. فقال عمر: يا أعرابي هذا علي بن أبي طالب (عليه السلام) فدونك ومسألتك، فقام الأعرابي وسأله، فقال علي (عليه السلام): يا أعرابي! سل هذا الغلام عندك - يعني الحسين - فقال الأعرابي: إنما يحيلني كل واحد منكم على الآخر! فأشار الناس إليه: ويحك هذا ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاسأله! فقال الأعرابي: يا ابن رسول الله! إني خرجت من بيتي حاجا محرما، - وقص عليه القصة -. فقال له الحسين (عليه السلام): ألك إبل؟ قال: نعم، قال: خذ بعدد البيض الذي أصبت نوقا، فاضربها بالفحولة فما فصلت فاهدها إلى بيت الله الحرام. قال عمر: يا حسين! النوق يزلقن. فقال الحسين (عليه السلام): يا عمر! إن البيض يمرقن. فقال: صدقت وبررت، فقام علي (عليه السلام) وضمه إلى صدره وقال: (ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم (1)) (2).
1 - آل عمران: 34. 2 - بحار الأنوار 44: 197 ح 12، و 43: 354 ح 32 عن الحسن (عليه السلام) مختصرا، وكذا المناقب لابن شهر آشوب 4: 10، العوالم 17: 60 ح 2، و 16: 107 ح 3، ومستدرك الوسائل 9: 266 ح 10871، نحو المناقب. 156 كلامه (عليه السلام) مع أبي سفيان بعد مبايعة عثمان ثم مضى الثاني لسبيله، وقام ثالث القوم، وقام معه بنو أبيه يخضمون مال الله خضمة الإبل نبتة الربيع، (1) وكانوا مسرورين بوقوع الخلافة في أيديهم. [99] - 21 - الطبرسي: أن الحسن (عليه السلام) احتج في مجلس معاوية وقال: وأنشدكم بالله أتعلمون أن أبا سفيان أخذ بيد الحسين حين بويع عثمان، وقال: يا ابن أخي! اخرج معي إلى بقيع الغرقد، فخرج حتى إذا توسط القبور اجتره، فصاح بأعلى صوته: يا أهل القبور! الذي كنتم تقاتلونا عليه صار بأيدينا وأنتم رميم، فقال الحسين بن علي (عليهما السلام): قبح الله شيبتك، وقبح وجهك. ثم نتر يده وتركه، فلولا النعمان بن بشير أخذ بيده ورده إلى المدينة لهلك. (2) تشييع أبي ذر [100] - 22 - الكليني: سهل، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن حفص التميمي، قال: حدثني أبو جعفر الخثعمي، قال: لما سير عثمان أبا ذر إلى الربذة شيعه أمير المؤمنين، وعقيل، والحسن، والحسين (عليهم السلام) وعمار بن ياسر (رضي الله عنه)، فلما كان عند الوداع قال أمير المؤمنين (عليه السلام): يا أبا ذر! إنك إنما غضبت لله عزوجل فارج من غضبت له، إن القوم خافوك على دنياهم
1 - مستفاد من الخطبة الشقشقية، نهج البلاغة الخطبة: 3. 2 - الاحتجاج 1: 275. 157 وخفتهم على دينك، فأرحلوك عن الفناء وامتحنوك بالبلاء، والله! لو كانت السماوات والأرض على عبد رتقا ثم اتقى الله عزوجل لجعل له منهما مخرجا فلا يؤنسك إلا الحق، ولا يوحشك إلا الباطل. ثم تكلم عقيل فقال: يا أباذر! أنت تعلم أنا نحبك ونحن نعلم أنك تحبنا، وأنت قد حفظت فينا ما ضيع الناس إلا القليل، فثوابك على الله عزوجل ولذلك أخرجك المخرجون، وسيرك المسيرون، فثوابك على الله عزوجل، فاتق الله واعلم أن استعفاءك البلاء من الجزع، واستبطاءك العافية من اليأس، فدع اليأس والجزع وقل: حسبي الله ونعم الوكيل. ثم تكلم الحسن (عليه السلام) فقال: يا عماه! إن القوم قد أتوا إليك ما قد ترى، وإن الله عزوجل بالمنظر الأعلى فدع عنك ذكر الدنيا بذكر فراقها وشدة ما يرد عليك لرخاء ما بعدها، واصبر حتى تلقى نبيك (صلى الله عليه وآله) وهو عنك راض إن شاء الله. ثم تكلم الحسين (عليه السلام) فقال: يا عماه! إن الله تبارك وتعالى قادر أن يغير ما ترى، وهو كل يوم في شأن، إن القوم منعوك دنياهم ومنعتهم دينك فما أغناك عما منعوك، وما أحوجهم إلى ما منعتهم، فعليك بالصبر فإن الخير في الصبر، والصبر من الكرم، ودع الجزع فإن الجزع لا يغنيك. ثم تكلم عمار (رضي الله عنه) فقال: يا أبا ذر! أوحش الله من أوحشك، وأخاف من أخافك، إنه والله! ما منع الناس أن يقولوا الحق إلا الركون إلى الدنيا والحب لها، ألا إنما الطاعة مع الجماعة، والملك لمن غلب عليه، وان هؤلاء القوم دعوا الناس إلى دنياهم، فأجابوهم إليها ووهبوا لهم دينهم فخسروا الدنيا والآخرة، وذلك هو الخسران المبين. ثم تكلم أبو ذر (رضي الله عنه) فقال: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بأبي أمي هذه
158 الوجوه! فإني إذا رأيتكم ذكرت رسول الله (صلى الله عليه وآله) بكم، ومالي بالمدينة شجن ولا سكن غيركم، وإنه ثقل على عثمان جواري بالمدينة كما ثقل على معاوية بالشام، فآلى أن يسيرني إلى بلدة، فطلبت إليه أن يكون ذلك إلى الكوفة، فزعم أنه يخاف أن أفسد على أخيه الناس بالكوفة، وآلى بالله ليسيرني إلى بلدة لا أرى فيها أنيسا، ولا أسمع بها حسيسا، وإني والله! ما أريد إلا الله عزوجل صاحبا، ومالي مع الله وحشة، حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم، وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين. (1) [101] - 23 - ابن أبي الحديد: روى هذا الكلام أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب السقيفة، عن عبد الرزاق، عن أبيه، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لما أخرج أبو ذر إلى الربذة أمر عثمان فنودي في الناس: أن لا يكلم أحد أبا ذر ولا يشيعه. وأمر مروان بن الحكم أن يخرج به، فخرج به، فتحاماه الناس إلا علي بن أبي طالب (عليه السلام) وعقيلا أخاه وحسنا وحسينا (عليهم السلام) وعمارا، فإنهم خرجوا معه يشيعونه، فجعل الحسن (عليه السلام) يكلم أبا ذر، فقال له مروان: إيها يا حسن! ألا تعلم أن أمير المؤمنين قد نهى عن كلام ذلك الرجل!؟ فإن كنت لا تعلم فاعلم ذلك. فحمل علي (عليه السلام) على مروان فضرب بالسوط بين أذني راحلته، وقال: تنح لحاك الله إلى النار. فرجع مروان مغضبا إلى عثمان فأخبره الخبر. فتلظى على علي (عليه السلام)، ووقف أبو ذر فودعه القوم ومعه ذكوان مولى أم هاني بنت أبي طالب، قال ذكوان: فحفظت كلام القوم، وكان حافظا. فقال علي (عليه السلام): يا أباذر إنك غضبت لله، وإن القوم خافوك على دنياهم وخفتهم على دينك، فامتحنوك بالقلى، ونفوك إلى الفلا، والله! لو كانت السماوات والأرض
1 - الكافي 8: 206 ح 251، بحار الأنوار 22: 435. 159 على عبد رتقا ثم اتقى الله لجعل له منهما مخرجا، يا أباذر لا يؤنسنك إلا الحق، ولا يوحشنك إلا الباطل. ثم قال لأصحابه: ودعوا عمكم، وقال لعقيل: ودع أخاك. فتكلم عقيل فقال: ما عسى أن نقول يا أباذر! أنت تعلم أنا نحبك وأنت تحبنا فاتق الله، فإن التقوى نجاة، واصبر فإن الصبر كرم، واعلم أن استثقالك الصبر من الجزع، واستبطاءك العافية من اليأس، فدع اليأس والجزع. ثم تكلم الحسن (عليه السلام) فقال: يا عماه! لولا أنه لا ينبغي للمودع أن يسكت، وللمشيع أن ينصرف لقصر الكلام وإن طال الأسف، وقد أتى القوم إليك ما ترى، فضع عنك الدنيا بتذكر فراغها، وشدة ما اشتد منها برجاء ما بعدها، واصبر حتى تلقى نبيك (صلى الله عليه وآله) وهو عنك راض. ثم تكلم الحسين (عليه السلام) فقال: يا عماه! إن الله تعالى قادر أن يغير ما قد ترى، والله (كل يوم هو في شأن). (1) وقد منعك القوم دنياهم، ومنعتهم دينك، فما أغناك عما منعوك، وأحوجهم إلى ما منعتهم، فاسأل الله الصبر والنصر. واستعذ به من الجشع والجزع، فإن الصبر من الدين والكرم، وإن الجشع لا يقدم رزقا، والجزع لا يؤخر أجلا. ثم تكلم عمار (رحمه الله) مغضبا فقال: لا آنس الله من أوحشك، ولا آمن من أخافك، أما والله! لو أردت دنياهم لآمنوك، ولو رضيت أعمالهم لأحبوك، وما منع الناس أن يقولوا بقولك إلا الرضا بالدنيا، والجزع من الموت، ومالوا إلى ما سلطان جماعتهم عليه، والملك لمن غلب، فوهبوا لهم دينهم، ومنحهم القوم دنياهم، فخسروا الدنيا
1 - الرحمن: 55 / 29. 160 والآخرة، ألا ذلك هو الخسران المبين. فبكى أبو ذر (رحمه الله) - وكان شيخا كبيرا -، وقال: رحمكم الله يا أهل بيت الرحمة! إذا رأيتكم ذكرت بكم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، مالي بالمدينة سكن ولا شجن غيركم، إني ثقلت على عثمان بالحجاز، كما ثقلت على معاوية بالشام، وكره أن أجاور أخاه وابن خاله بالمصرين فأفسد الناس عليهما، فسيرني إلى بلد ليس لي به ناصر ولا دافع إلا الله، والله! ما اريد إلا الله صاحبا، وما أخشى مع الله وحشة.... (1) [102] - 24 - البرقي: عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن إسحاق بن جرير الحريري، عن رجل من أهل بيته، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: لما شيع أمير المؤمنين (عليه السلام) أبا ذر (رحمه الله) وشيعه الحسن والحسين (عليهما السلام) وعقيل بن أبي طالب، وعبد الله بن جعفر، وعمار بن ياسر عليهم سلام الله، قال لهم أمير المؤمنين (عليه السلام): ودعوا أخاكم، فإنه لابد للشاخص من أن يمضي، وللمشيع من أن يرجع، قال: فتكلم كل رجل منهم على حياله، فقال الحسين بن علي (عليهما السلام): رحمك الله يا أبا ذر! إن القوم إنما امتهنوك بالبلاء؛ لأنك منعتهم دينك، فمنعوك دنياهم، فما أحوجك غدا إلى ما منعتهم، وأغناك عما منعوك، فقال أبو ذر: رحمكم الله من أهل بيت، فمالي في الدنيا من شجن غيركم، إني إذا ذكرتكم ذكرت رسول الله (صلى الله عليه وآله). (2) خطبته (عليه السلام) بعد مبايعة علي (عليه السلام) فلما قتل عثمان إنثال الناس على أمير المؤمنين (عليه السلام) وأصروا على بيعته حتى وطئ الحسنان وشق عطفاه (3) فبايعه الناس فقام بالأمر.
1 - شرح نهج البلاغة 8: 252، بحار الأنوار 22: 411، الغدير 8: 301. 2 - المحاسن 2: 94 ح 46، مكارم الأخلاق: 263. 3 - المستفاد من خطبة الشقشقية، نهج البلاغة: خ 3. 161 [103] - 25 - الصدوق: حدثنا أحمد بن الحسن القطان وعلي بن أحمد بن موسى الدقاق ومحمد بن أحمد السناني، قالوا: حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان قال: حدثنا محمد بن العباس قال: حدثني أبي محمد بن أبي السري قال: حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس، عن سعد بن طريف الكناني، عن الأصبغ بن نباتة قال: لما جلس علي (عليه السلام) في الخلافة وبايعه الناس خرج إلى المسجد متعمما بعمامة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، لابسا بردة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، متنعلا نعل رسول الله (صلى الله عليه وآله)، متقلدا سيف رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فصعد المنبر فجلس عليه متحنكا، ثم شبك بين أصابعه فوضعها أسفل بطنه ثم قال: يا معشر الناس! سلوني قبل أن تفقدوني، هذا سفط العلم، هذا لعاب رسول الله، هذا ما زقني رسول الله زقا زقا، سلوني فإن عندي علم الأولين والآخرين، أما والله! لو ثنيت لي وسادة فجلست عليها لأفتيت أهل التوراة بتوراتهم حتى تنطق التوراة فتقول: صدق علي ما كذب لقد أفتاكم بما أنزل الله في، وأفتيت أهل الإنجيل بإنجيلهم حتى ينطق الإنجيل فيقول: صدق علي ما كذب لقد أفتاكم بما أنزل الله في، وأفتيت أهل القرآن بقرآنهم حتى ينطق القرآن فيقول: صدق علي ما كذب.... ثم أمر الحسن (عليه السلام) بأن يخطب، فخطب، ثم قال للحسين (عليه السلام): يا بنى! قم فاصعد فتكلم بكلام لا يجهلك قريش من بعدي، فيقولون: إن الحسين بن علي لا يبصر شيئا وليكن كلامك تبعا لكلام أخيك. فصعد الحسين (عليه السلام)، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على نبيه وآله صلاة موجزة. ثم قال: معاشر الناس! سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يقول: إن عليا مدينة هدى، فمن دخلها نجى ومن تخلف عنها هلك. فوثب إليه علي (عليه السلام)، فضمه إلى
162 صدره وقبله ثم قال: معاشر الناس! اشهدوا إنهما فرخا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو سائلكم عنهما. (1) تهنئة الخضر لأمير المؤمنين (عليهما السلام) بالخلافة [104] - 26 - ابن شهر آشوب: عن عبد الله بن الحسن بن الحسن، عن أبيه، عن جده، عن أمير المؤمنين (عليهما السلام): كان في مسجد الكوفة يوما، فلما جنه الليل أقبل رجل من باب الفيل عليه ثياب بيض، فجاء الحرس وشرطة الخميس، فقال لهم أمير المؤمنين (عليه السلام): ما تريدون؟ فقالوا: رأينا هذا الرجل أقبل إلينا فخشينا أن يغتالك! فقال: كلا، فانصرفوا رحمكم الله، أتحفظوني من أهل الأرض؟ فمن يحفظني من أهل السماء؟ ومكث الرجل عنده مليا يسأله، فقال: يا أمير المؤمنين! لقد ألبست الخلافة بهاء وزينة وكمالا ولم تلبسك، ولقد افتقرت إليك أمة محمد (صلى الله عليه وآله) وما افتقرت إليها، ولقد تقدمك قوم وجلسوا مجلسك فعذابهم على الله، وإنك لزاهد في الدنيا عظيم في السماوات والأرض، وإن لك في الآخرة لمواقف كثيرة تقر بها عيون شيعتك، وإنك لسيد الأوصياء وأخوك سيد الأنبياء؛ ثم ذكر الأئمة الإثنى عشر وانصرف. وأقبل أمير المؤمنين (عليه السلام) على الحسن والحسين (عليهما السلام) فقال: تعرفانه؟ قالا: ومن هو يا أمير المؤمنين؟! قال: هذا أخي الخضر (عليه السلام). (2) إجراء أمير المؤمنين (عليه السلام) الحد [105] - 27 - الطوسي: روى الحسن بن محبوب، عن علي بن أبي حمزة، عن أبى بصير،
1 - الأمالي: 280، ينابيع المودة: 82. 2 - المناقب 2: 247، بحار الأنوار 39: 132. 163 عن عمران بن ميثم، أو صالح بن ميثم، عن أبيه، قال: أتت امرأة محج (1) أمير المؤمنين (عليه السلام) فقالت: يا أمير المؤمنين! إني زنيت فطهرني طهرك الله، فإن عذاب الدنيا أيسر من عذاب الآخرة الذي لا ينقطع، فقال لها: مما أطهرك؟ فقالت: إني زنيت، فقال لها: وذات بعل أنت، أم غير ذلك؟ فقالت: بل ذات بعل، فقال لها: أفحاضر كان بعلك إذ فعلت ما فعلت؟ أم غائب كان عنك؟ قالت: بل حاضر. فقال لها: انطلقي فضعي ما في بطنك ثم إيتني أطهرك، فلما ولت عنه المرأة فصارت حيث لا تسمع كلامه قال: أللهم إنها شهادة، فلم تلبث أن أتت فقالت: قد وضعت فطهرني! قال: فتجاهل عليها، فقال: يا أمة الله! مماذا؟ فقالت: إني زنيت فطهرني. فقال: وذات بعل أنت، إذ فعلت ما فعلت؟ قالت: نعم، قال: فكان زوجك حاضرا، أم غائبا؟ قالت: بل حاضرا. قال: انطلقي فارضعيه حولين كاملين كما أمرك الله. قال: فانصرفت المرأة، فلما صارت منه حيث لا تسمع كلامه قال: أللهم إنهما شهادتان. قال: فلما مضى حولان أتت المرأة فقالت: قد أرضعته حولين فطهرني يا أمير المؤمنين! فتجاهل عليها، قال: أطهرك مماذا؟ فقالت: إني زنيت فطهرني.
1 - امرأة محج: هي التي حملت وقرب وضعها فهي مقرب. 164 فقال: وذات بعل كنت إذ فعلت ما فعلت؟ فقالت: نعم، فقال: وبعلك غائب إذ فعلت ما فعلت أم حاضر؟ قالت: بل حاضر. فقال: انطلقي فاكفليه حتى يعقل أن يأكل ويشرب ولا يتردى من سطح ولا يتهور في بئر! قال: فانصرفت وهي تبكي، فلما ولت حيث لا تسمع كلامه قال: أللهم إنها ثلاث شهادات. فاستقبلها عمرو بن حريث المخزومي فقال: ما يبكيك يا أمة الله! وقد رأيتك تختلفين إلى علي (عليه السلام) تسألينه أن يطهرك؟ فقالت: إني أتيت أمير المؤمنين (عليه السلام) فسألته أن يطهرني فقال: اكفلي ولدك حتى يعقل أن يأكل ويشرب ولا يتردى من سطح ولا يتهور في بئر، ولقد خفت أن يأتي علي الموت ولم يطهرني! فقال لها عمرو بن حريث: ارجعي إليه فأنا أكفله. فرجعت فأخبرت أمير المؤمنين (عليه السلام) بقول عمرو، فقال لها أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو يتجاهل عليها: ولم يكفل عمرو بن حريث ولدك؟ فقالت: يا أمير المؤمنين! زنيت فطهرني. فقال: وذات بعل كنت إذ فعلت ما فعلت؟ قالت: نعم. قال: أفغائب كان بعلك إذا فعلت ما فعلت أم حاضر؟ قالت: بل حاضر. قال: فرفع رأسه إلى السماء وقال: أللهم إنه قد ثبت لك عليها أربع شهادات وإنك قد قلت لنبيك (صلى الله عليه وآله) فيما أخبرته من دينك: يا محمد! من عطل حدا من حدودي فقد عاندني، وطلب بذلك مضادتي، أللهم وإني غير معطل حدودك، ولا طالب مضادتك، ولا مضيع لأحكامك، بل مطيع لك ومتبع سنة نبيك.
165 قال: فنظر إليه عمرو بن حريث وكأنما الرمان يفقأ في وجهه! فلما رأى ذلك عمرو قال: يا أمير المؤمنين! إني إنما أردت أن أكفله إذ ظننت أنك تحب ذلك، فأما إذ كرهته فإني لست أفعل. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أبعد أربع شهادات بالله؟!! لتكفلنه وأنت صاغر، فصعد أمير المؤمنين (عليه السلام) المنبر فقال: يا قنبر! ناد في الناس الصلاة جامعة، فنادى قنبر في الناس، واجتمعوا حتى غص المسجد بأهله، وقام أمير المؤمنين (عليه السلام)، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا أيها الناس! إن إمامكم خارج بهذه المرأة إلى هذا الظهر ليقيم عليها الحد إن شاء الله، فعزم عليكم أمير المؤمنين إلا خرجتم وأنتم متنكرون ومعكم أصحابكم، لا يتعرف منكم أحد إلى أحد حتى تنصرفوا إلى منازلكم إن شاء الله. قال: ثم نزل، فلما أصبح الناس بكرة خرج بالمرأة وخرج الناس متنكرين، متلثمين بعمائمهم وبأرديتهم والحجارة في أرديتهم وفي أكمامهم، حتى انتهى بها والناس معه إلى ظهر الكوفة، فأمر أن يحفر لها حفيرة، ثم دفنها فيها، ثم ركب بغلته وأثبت رجله في غرز الركاب، ثم وضع أصبعيه السبابتين في أذنيه، ثم نادى بأعلى صوته: يا أيها الناس! إن الله تعالى عهد إلى رسوله (صلى الله عليه وآله) عهدا عهده محمد (صلى الله عليه وآله) إلي بأنه لا يقيم الحد من لله عليه حد، فمن كان لله عليه حد مثل ما له عليها فلا يقيم عليها الحد. قال: فانصرف الناس يومئذ كلهم ما خلا أمير المؤمنين والحسن والحسين (عليهم السلام)، فأقام هؤلاء الثلاثة عليها الحد يومئذ وما معهم غيرهم. (1)
1 - تهذيب الأحكام 10: 9 ح 23، تفسير البرهان 3: 124، وسائل الشيعة 18: 341 ح 1، بحار الأنوار 82: 12 ح 10 مختصرا. 166 كرامة أمير المؤمنين (عليه السلام) [106] - 28 - الراوندي: أن أسودا دخل على علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: يا أمير المؤمنين! إني سرقت فطهرني. فقال (عليه السلام): لعلك سرقت من غير حرز، ونحى رأسه عنه. فقال: يا أمير المؤمنين! سرقت من الحرز، فطهرني. فقال (عليه السلام): لعلك سرقت غير نصاب، ونحى رأسه عنه. فقال: يا أمير المؤمنين! سرقت نصابا. فلما أقر ثلاث مرات قطعه أمير المؤمنين (عليه السلام)، فأخذ المقطوع وذهب، وجعل يقول في الطريق: قطعني أمير المؤمنين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، يعسوب الدين وسيد الوصيين، وجعل يمدحه، فسمع ذلك منه الحسن والحسين (عليهما السلام) وقد استقبلاه، فدخلا على أبيهما (عليه السلام) وقالا: رأينا أسودا يمدحك في الطريق. فبعث أمير المؤمنين (عليه السلام) من أعاده إلى حضرته، فقال (عليه السلام) له: قطعت يمينك وأنت تمدحني؟! فقال: يا أمير المؤمنين! إنك طهرتني، وإن حبك قد خالط لحمي ودمي وعظمي، فلو قطعتني إربا إربا لما ذهب حبك من قلبي!! فدعا (عليه السلام) له ووضع المقطوع إلى موضعه فصح وصلح كما كان!!. (1)
1 - الخرائج والجرائح 2: 561 ح 19، بحار الأنوار 41: 202 ح 15، مستدرك الوسائل 18: 151 ح 11. 167 كيفية معاش أهل البيت (عليهم السلام) وكان من سيرة أمير المؤمنين أن يقدر نفسه وأهل بيته بضعفة الناس، كيلا يتبيغ بالفقير فقره. (1) [107] - 29 - ابن شهر آشوب: أن رجلا من خثعم رأى الحسن والحسين (عليهما السلام) يأكلان خبزا وبقلا وخلا، فقال لهما: أتأكلان من هذا وفي الرحبة ما فيها؟ فقالا: ما أغفلك عن أمير المؤمنين (عليه السلام)!؟ (2) [108] - 30 - البلاذري: وقال أحمد بن حنبل في باب فضائل أمير المؤمنين من كتاب الفضائل -: عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي صالح قال: دخلت على أم كلثوم بنت علي (عليه السلام)، فإذا هي تمشط في ستر بيني وبينها، فجاء [الحسن والحسين، فدخلا عليها وهي جالسة تمشط، فقالا: ألا تطعمون أبا صالح شيئا؟ قال: فأخرجوا إلى قصعة فيها مرق بحبوب. قال: فقلت: تطعموني هذا وأنتم الأمراء؟ فقالت أم كلثوم: يا أبا صالح! كيف لو رأيت أمير المؤمنين - تعنى عليا (عليه السلام) - أتي بأترج فذهب حسن يأخذ منه أترجة فنزعها من يده، ثم أمر به فقسم بين الناس. (3)
1 - المستفاد من خطبة 209 نهج البلاغة، ويبيغ: يهيج به الألم فيهلكه. 2 - المناقب 2: 108، أنساب الأشراف 2: 139 ح 131 مع ذكر السند وفيه: ما أغفلك عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، بحار الأنوار 41: 113. 3 - أنساب الأشراف 2: 139، الهامش. 168 علي (عليه السلام) وبيت المال [109] - 31 - المجلسي: سأل معاوية عقيلأ (رحمه الله) عن قصة الحديدة المحماة المذكورة، فبكى وقال: أنا أحدثك يا معاوية عنه، ثم أحدثك عما سألت، نزل بالحسين ابنه ضيف، فاستسلف درهما اشترى به خبزا، واحتاج إلى الإدام، فطلب من قنبر خادمهم أن يفتح له زقا من زقاق عسل جاءتهم من اليمن، فأخذ منه رطلا، فلما طلبها ليقسمها قال: يا قنبر! أظن أنه حدث في هذا الزق حدث. قال: نعم، يا أمير المؤمنين! وأخبره، فغضب وقال: علي بحسين، ورفع الدرة فقال: بحق عمي جعفر - وكان إذا سئل بحق جعفر سكن - فقال له: ما حملك إذ أخذت منه قبل القسمة؟ قال: إن لنا فيه حقا، فإذا أعطيناه رددناه. قال: فداك أبو ك وإن كان لك فيه حق فليس لك أن تنتفع بحقك قبل أن ينتفع المسلمون بحقوقهم، أما لولا أني رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقبل ثنيتك لأوجعتك ضربا، ثم دفع إلى قنبر درهما كان مصرورا في ردائه وقال: اشتربه خير عسل تقدر عليه. قال عقيل: والله! لكأني أنظر إلى يدي علي وهي على فم الزق، وقنبر يقلب العسل فيه ثم شده وجعل يبكي ويقول: أللهم اغفر للحسين فإنه لم يعلم. فقال معاوية: ذكرت من لا ينكر فضله، رحم الله أبا حسن، فلقد سبق من كان قبله وأعجز من يأتي بعده، هلم حديث الحديدة. قال: نعم، أقويت إفتقرت وأصابتني مخمصة شديدة، فسألته فلم تند صفاته، فجمعت صبياني وجئته بهم والبؤس والضر ظاهران عليهم، فقال: ائتني عشية لأدفع
169 إليك شيئا، فجئته يقودني أحد ولدي، فأمره بالتنحي ثم قال: ألا فدونك! فأهويت حريصا قد غلبني الجشع أظنها صرة، فوضعت يدي على حديد تلتهب نارا! فلما قبضتها نبذتها وخرت كما يخور الثور تحت يد جازره. فقال لي: ثكلتك أمك! هذا من حديدة أوقدت لها نار الدنيا، فكيف بك وبي غدا إن سلكنا في سلاسل جهنم ثم قرأ: (إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون) (1). ثم قال: ليس لك عندي فوق حقك الذي فرضه الله لك إلا ما ترى، فانصرف إلى أهلك، فجعل معاوية يتعجب ويقول: هيهات، عقمت النساء أن تلد بمثله. (2) استسقاء الحسين (عليه السلام) [110] - 32 - الحسين بن عبد الوهاب: عن جعفر بن محمد بن عمارة، عن أبيه، عن الصادق، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام) قال: جاء أهل الكوفة إلى علي (عليه السلام) فشكوا إليه إمساك المطر، وقالوا له: استسق لنا! فقال للحسين (عليه السلام): قم واستسق. فقام وحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي، وقال: أللهم معطي الخيرات، ومنزل البركات، أرسل السماء علينا مدرارا، واسقنا غيثا مغزارا، واسعا، غدقا، مجللا سحا (3)، سفوحا (4)، فجاجا (5) تنفس به الضعف من عبادك، وتحيي به الميت من بلادك، آمين رب العالمين. فما فرغ (عليه السلام) من دعائه حتى غاث الله تعالى غيثا بغتة! وأقبل أعرابي من بعض
1 - غافر: 40 / 71. 2 - بحار الأنوار 42: 117. 3 - سحا: اى صبا غير منقطع، المنجد (س ح ح). 4 - سفح سفوحا: اى انصب صبا، المنجد، (س ف ح). 5 - فجاج: الذي يشق الأرض، المنجد (ف ج ج). 170 نواحي الكوفة فقال: تركت الأودية والآكام يموج بعضها في بعض! (1) [111] - 33 - الحميري: عن أبي البختري وهب بن وهب القرشي، عن جعفر، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام) قال: اجتمع عند علي بن أبى طالب (عليه السلام) قوم فشكوا إليه قلة المطر، وقالوا: يا أبا الحسن! أدع لنا بدعوات في الاستسقاء، قال: فدعا علي (عليه السلام) الحسن والحسين (عليهما السلام) فقال للحسن (عليه السلام): ادع لنا بدعوات في الاستسقاء. فقال الحسن (عليه السلام): أللهم هيج لنا السحاب، بفتح الأبواب بماء عباب، ورباب بانصباب وانسكاب، يا وهاب! إسقنا مغدقة مطبقة، بروقة، فتح أغلاقها، ويسر أطباقها، وسهل إطلاقها، وعجل سياقها بالأندية في بطون الأودية بصوب الماء، يا فعال! إسقنا مطرا قطرا، طلا مطلا، مطبقا طبقا، عاما معما، دهما بهما رحيما، رشا مرشا، واسعا كافيا عاجلا طيبا مريئا مباركا، سلاطحا بلاطحا، يناطح الأباطح، مغدودقا مطبوبقا مغرورقا، واسق سهلنا وجبلنا، وبدونا وحضرنا، حتى ترخص به أسعارنا، وتبارك لنا في صاعنا ومدنا، أرنا الرزق موجودا، والغلاء مفقودا، آمين رب العالمين. ثم قال للحسين (عليه السلام): أدع. فقال الحسين (عليه السلام): أللهم يا معطي الخيرات من مناهلها، ومنزل الرحمات من معادنها، ومجرى البركات على أهلها، منك الغيث المغيث، وأنت الغياث المستغاث، ونحن الخاطئون وأهل الذنوب، وأنت المستغفر الغفار، لا إله إلا أنت، أللهم أرسل السماء علينا لحينها مدرارا، واسقنا الغيث واكفا (2) مغزارا (3)، غيثا
1 - عيون المعجزات: 64، بحار الأنوار 44: 187 ح 16، العوالم 17: 51 ح 1. 2 - واكف: أي متقاطر. 3 - مغزار: أي كثير الدر والصب. 171 مغيثا، واسعا متسعا مهطلا مريئا ممرعا، غدقا مغدقا عبابا مجلجلا، سحا (4) سحساحا، ثجا ثجاجا، سائلا مسيلا عاما ودقا مطفاحا (5)، يدفع الودق (6) بالودق دفاعا، ويتلو القطر منه قطرا غير خلب (7) برقه، ولا مكذب وعده، تنعش (8) به الضعيف من عبادك، وتحيى به الميت من بلادك، وتونق به ذرى الآكام من بلادك وتسخو به علينا من مننك، آمين رب العالمين. فما فرغا من دعائهما حتى صب الله تبارك وتعالى عليهم السماء صبا، قال: فقيل لسلمان: يا أبا عبد الله! أعلما هذا الدعاء؟ فقال: ويحكم! أين أنتم عن حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) حيث يقول: إن الله قد أجرى على ألسن أهل بيتي مصابيح الحكمة. (9) خليفة علي (عليه السلام) على الجن [112] - 34 - الفضل بن شاذان القمي: بإسناده: يرفعه، عن جعفر الصادق، عن أبيه، عن جده الشهيد (عليهم السلام) قال: كان أبي علي بن أبي طالب (عليه السلام) يخطب الناس يوم الجمعة على منبر الكوفة إذ سمع صيحة عظيمة وعدوا، والرجال يتواقعون بعضهم على بعض! فقال لهم أمير المؤمنين (عليه السلام): ما بالكم، يا قوم؟!
3 - مغزار: أي كثير الدر والصب. 4 - سحا: أي الذي يجري من فوق. 5 - مطفاحا: أي مائلا إلى العذران والعيون. 6 - الودق: أي المطر. 7 - خلب: البرق الخلب الذي لا مطر فيه. 8 - تنعش: يرد من الهلكة وأحياه واخصبه. 9 - قرب الإسناد: 156 ح 576، بحار الأنوار 91: 321 ح 9 مع اختلاف في بعض الألفاظ، من لا يحضره الفقيه 1: 535 ح 1504، وفيه: [اء قوم من أهل الكوفة، وتر [مة الألفاظ من المصدر. 172 قالوا: ثعبان دخل المسجد كأنه النخلة، ونحن نفزع منه ونريد أن نقتله فلا نقدر عليه!! فقال لهم: لا تقربوه، وطرقوا له، فإنه رسول إلي قد جاءني في حاجة! قال: فعند ذلك انفرج الناس له، وما زال يخترق الصفوف صفا بعد صف إلى أن وصل تحت المنبر، ثم جعل يرقى المراقي إلى أن وصل إلى عيبة علم النبوة، فوضع فاه في أذن الإمام (عليه السلام)! وجعل ينق نقيقا طويلا! ثم التفت الإمام إلى الثعبان وجعل ينق مثل ما ينق له! ثم نزل عن المنبر وانسل من بين الجماعة، فما كان بأسرع أن غاب عنهم فلم يروه. فقال الجماعة: يا أمير المؤمنين! ما هذا الثعبان؟ قال: هذا درجان بن مالك، خليفتي على الجن المؤمنين، وذلك أنهم اختلف عليهم شيء من أمر دينهم فأنفذوه إلي فسألني عنه فأجبته، فعلم جوابها الذي اختلفوا فيه، ثم رجع! (1) رد الملائكة أسهم علي (عليه السلام) [113] - 35 - ابن حمزة: عن الباقر صلوات الله عليه قال: حدثني نجاد مولى أمير المؤمنين، قال: رأيت أمير المؤمنين صلوات الله عليه يرمي نصالا، ورأيت الملائكة يردون عليه أسهمه! فعميت، فذهبت إلى مولاي الحسين بن علي صلوات الله عليهما، فشكوت ذلك إليه، فقال: لعلك رأيت الملائكة ترد على أمير المؤمنين أسهمه؟ فقلت: أجل! فمسح بيده على عيني فرجعت بصيرا بقوة الله تعالى! (2)
1 - الفضائل: 441 ح 190، و 177 ح 87 مع اختلاف يسير، بحار الأنوار 39: 171 ح 11، روضة الواعظين: 119 مرسلا ومع اختلاف، وكذا ورد الحديث في مصادر أخرى بغير هذا الإسناد. 2 - الثاقب في المناقب: 344 ح 289. 173 عيادة عمرو بن حريث له (عليه السلام) [114] - 36 - القاضي النعمان: عن الحسين بن علي (عليهما السلام): أنه اعتل، فعاده عمرو بن حريث، فدخل عليه علي (عليه السلام) فقال له: يا عمرو! تعود الحسين وفي النفس ما فيها؟ وإن ذلك ليس بمانعي من أن أؤدي إليك نصيحة، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: ما من عبد مسلم يعود مريضا إلا صلى عليه سبعون ألف ملك من ساعته التي يعود فيها، إن كان نهارا حتى تغرب الشمس أو ليلا حتى تطلع. (1) عدالة الإمام علي (عليه السلام) [115] - 37 - ابن شهر آشوب: عن حلية الأولياء ونزهة الأبصار: أنه مضى علي (عليه السلام) في حكومته إلى شريح مع يهودي، فقال لليهودي: الدرع درعي ولم أبع ولم أهب. فقال اليهودي: الدرع لي وفي يدي. فسأله شريح البينة فقال: هذا قنبر والحسين يشهدان لي بذلك، فقال شريح: شهادة الابن لا تجوز لأبيه وشهادة العبد لا تجوز لسيده وإنهما يجران إليك. فقال أمير المؤمنين: ويلك يا شريح! أخطأت من وجوه: أما واحدة فأنا إمامك تدين الله بطاعتي وتعلم أني لا أقول باطلا، فرددت قولي وأبطلت دعواي! ثم سألتني البينة، فشهد عبدي وأحد سيدي شباب أهل الجنة، فرددت شهادتهما، ثم ادعيت عليهما أنهما يجران إلى أنفسهما! أما أني لا أرى عقوبتك إلا أن تقضي بين اليهودي ثلاثة أيام، أخرجوه فأخرجه إلى قبا فقضى بين اليهود ثلاثا ثم انصرف،
1 - دعائم الإسلام 1: 218. 174 فلما سمع اليهودي ذلك قال: هذا أمير المؤمنين جاء إلى الحاكم والحاكم حكم عليه، فأسلم، ثم قال: الدرع درعك سقط يوم صفين من جمل أورق فأخذته. (1) حروب الإمام علي (عليه السلام) ولما نهض أمير المؤمنين (عليه السلام) بالأمر نكثت طائفة، ومرقت أخرى، وقسط آخرون، (2) فقاتلهم أمير المؤمنين (عليه السلام) كما أخبره به رسول الله (صلى الله عليه وآله) من قبل، وكان معه الحسنان (عليهما السلام) في جميع حروبه (3). الحسين (عليه السلام) في حرب الجمل [116] - 33 - المفيد: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، قال: أخبرني الحسن بن علي بن عبد الكريم الزعفراني قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي قال: أخبرنا إسماعيل بن أبان قال: حدثنا عمرو بن شمر قال: سمعت جابر بن يزيد يقول: سمعت أبا جعفر محمد بن علي (عليهما السلام) يقول: حدثني أبي، عن جدي، قال: لما توجه أمير المؤمنين (عليه السلام) من المدينة إلى الناكثين بالبصرة نزل الربذة، فلما ارتحل منها لقيه عبد الله بن خليفة الطائي، وقد نزل بمنزل يقال له: قديد، فقربه أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال له عبد الله: الحمد لله الذي رد الحق إلى أهله ووضعه في موضعه، كره ذلك قوم أو سروا به، فقد والله! كرهوا محمدا (صلى الله عليه وآله) ونابذوه وقاتلوه، فرد الله كيدهم في نحورهم، وجعل دائرة السوء عليهم، والله! لنجاهدن معك في كل موطن حفظا لرسول الله (صلى الله عليه وآله) فرحب به أمير المؤمنين
1 - المناقب 2: 105. 2 - مستفاد من الخطبة 192 من نهج البلاغة. 3 - بحار الأنوار 32: 299. 175 وأجلسه إلى جنبه - وكان له حبيبا ووليا - وأخذ يسائله عن الناس، إلى أن سأله عن أبي موسى الأشعري فقال: والله! ما أنا أثق به، وما آمن عليك خلافه إن وجد مساعدا على ذلك!! فقال له أمير المؤمنين: والله! ما كان عندي مؤتمنا ولا ناصحا، ولقد كان الذين تقدموني استولوا على مودته وولوه وسلطوه بالإمرة على الناس، (1) ولقد أردت عزله فسألني الأشتر فيه وأن أقره، فأقررته على كره مني له، وتحملت على صرفه من بعد. قال: فهو مع عبد الله في هذا ونحوه إذ أقبل سواد كبير من قبل جبال طي، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): انظروا ما هذا السواد؟ فذهبت الخيل تركض فلم تلبث أن رجعت فقيل: هذه طي قد جاءتك تسوق الغنم والإبل والخيل، فمنهم من جاءك بهداياه وكرامته، ومنهم من يريد النفور معك إلى عدوك. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): جزى الله طيا خيرا، (وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما) (2)، فلما انتهوا إليه سلموا عليه. قال عبد الله بن خليفة: فسرني والله! ما رأيت من جماعتهم وحسن هيئتهم، وتكلموا فأقروا، والله! ما رأيت بعيني خطيبا أبلغ من خطيبهم. وقام عدي بن حاتم الطائي فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، فإني كنت أسلمت على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأديت الزكاة على عهده، وقاتلت أهل الردة من بعده، أردت بذلك ما عند الله، وعلى الله ثواب من أحسن واتقى، وقد بلغنا أن رجالا من أهل مكة نكثوا بيعتك وخالفوا عليك ظالمين فأتيناك، لننصرك بالحق،
1 - [اء في هامش أمالي المفيد: يعني عمر وعثمان، لأنه كان واليا على البصرة في أيامهما، وكان عامل علي (عليه السلام) على الكوفة، فعزله وولى عليها قرظة بن كعب. 2 - النساء: 4 / 95. 176 فنحن بين يديك، فمرنا بما أحببت ثم أنشأ يقول: فنحن نصرنا الله من قبل ذاكم * وأنت بحق جئتنا فستنصر سنكفيك دون الناس طرا بأسرنا * وأنت به من سائر الناس أجدر فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): جزاكم الله من حي عن الإسلام وأهله خيرا، فقد أسلمتم طائعين، وقاتلتم المرتدين، ونويتم نصر المسلمين. وقام سعيد بن عبيد البحتري من بني بحتر فقال: يا أمير المؤمنين! إن من الناس من يقدر أن يعبر بلسانه عما في قلبه، ومنهم من لا يقدر أن يبين ما يجده في نفسه بلسانه، فإن تكلف ذلك شق عليه، وإن سكت عما في قلبه برح به الهم والبرم، وإني والله! ما كل ما في نفسي أقدر أن أوديه إليك بلساني، ولكن والله! لأجهدن على أن أبين لك، والله ولي التوفيق، أما أنا فإني ناصح لك في السر والعلانية، ومقاتل معك الأعداء في كل موطن، وأرى لك من الحق ما لم أكن أراه لمن كان قبلك، ولا لأحد اليوم من أهل زمانك، لفضيلتك في الإسلام وقرابتك من الرسول، ولن أفارقك أبدا حتى تظفر أو أموت بين يديك. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): يرحمك الله فقد أدى لسانك ما يجن ضميرك لنا، ونسأل الله أن يرزقك العافية ويثيبك الجنة. وتكلم نفر منهم، فما حفظت غير كلام هذين الرجلين. ثم ارتحل أمير المؤمنين فاتبعه منهم ستمائة رجل حتى نزل ذا قار، فنزلها في ألف وثلثمائة رجل. (1) [117] - 38 - ابن عساكر: أخبرنا أبو القاسم الشحامي، أنبأنا أبو بكر العمري. وأخبرنا أبو الفتح المصري، وأبو نصر الصوفي، وأبو علي الفضيلي، وأبو محمد حفيد العميري،
1 - الأمالي: 295، أمالي الطوسي 1: 68، بحار الأنوار 32: 101 ح 72. 177 وأبو القاسم منصور بن ثابت، وأبو معصوم بن صاعد، وأبو المظفر بن عبد الملك، وأبو محمد خالد بن محمد، قالوا: أنبأنا أبو محمد بن أبي مسعود، قالا: أنبأنا عبد الرحمان بن أحمد بن أبي شريح، أنبأنا عبد الله بن محمد البغوي، أنبأنا العلاء بن موسى، أنبأنا سوار بن مصعب، عن عطية العوفي، عن مالك بن الحويرث، قال: قام علي بن أبي طالب بالربذة فقال: من أحب أن يلحقنا فليلحقنا، ومن أحب أن يرجع فليرجع مأذون له غير حرج. فقام الحسين (عليه السلام) إليه فقال: يا أبة [أبت]! (أو يا أمير المؤمنين!) لو كنت في جحر وكان للعرب فيك حاجة لأتتك حتى يستخرجوك منه. فخطب علي (عليه السلام) وقال: الحمد لله الذي يبتلي من يشاء بما يشاء، ويعافي من يشاء مما يشاء، أما والله! لقد ضربت هذا الأمر ظهرا لبطن وذنبا لرأس، فوالله! إن وجدت له إلا القتال، أو الكفر بالله؟! يحلف بالله علي؟! اجلس يا بني! ولا تحن حنين الجارية. (1) [118] - 39 - الفضل بن شاذان النيسابوري: وروي عن عبد الله بن عبد القدوس، عن علي بن حفص، عن مقاتل بن حيان قال: كانت عمتي خادمة لعائشة، فحدثتي قالت: بعث علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه - ابنه الحسن (عليه السلام) - إلى عائشة فقال: ارتحلي إلى المدينة إلى البيت الذي خلفك رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمرك أن تقري فيه. فقالت: لا أستطيع الخروج حتى أنظر إلى ما يصير حال المسلمين إليه. فأرسل إليها الحسين (عليه السلام) فقال: قل لها: والله! لترحلن، أو لأبعثن إليك بالكلمات! فلما جاء الحسين (عليه السلام) بالباب يستأذن قالت: جاء والله! بكلام غير كلام الأول وحاكمهم
1 - تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام علي (عليه السلام)) 3: 176 ح 1195، ذخائر العقبى: 111، وفيه: فقام الحسن بن علي (عليهما السلام). 178 تبلغ (1) الكلام الذي أمر به، فلما دخل (عليه السلام) رحبت به وأجلسته إلى جنبها فقال لها: إن أبي يقول لك: ارجعي إلى بيتك الذي أمرك رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن تقري فيه وخلفك فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإلا بعثت إليك بالكلمات! فقالت: يا بنى! قل لأبيك: إني أذكرك الله أن تذكر الكلمات أو تقول شيئا، نعم أرتحل ولكن أحتاج إلى جهاز، وأريد أن يدخل علي وألقاه. قال: فأصبح أمير المؤمنين (عليه السلام) وجهزها ووجه معها خمسين امرأة يؤدينها إلى بيتها. (2) [119] - 40 - الطبرسي: أنه لما أخذ مروان بن الحكم أسيرا يوم الجمل، فتكلم فيه الحسن والحسين (عليهما السلام)، فخلى سبيله، فقالا له: يبايعك يا أمير المؤمنين. فقال: ألم يبايعني بعد قتل عثمان؟ لا حاجة لي في بيعته، أما إن له إمرة كلعقة الكلب أنفه، وهو أبو الأكبش الأربعة، وستلقى الأمة منه ومن ولده موتا أحمر. (3) علم الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) [120] - 41 - الصدوق: عن حمزة بن محمد بن أحمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)؛ وأحمد بن الحسن القطان؛ ومحمد بن إبراهيم بن أحمد المعاذي قالوا: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني مولى بني هاشم قال: حدثنا يحيى بن إسماعيل الجريري قراءة قال: حدثنا الحسين بن إسماعيل قال: حدثنا عمرو بن جميع، عن جعفر بن محمد قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام) قال:
1 - كذا في الأصل ولعله: جاءكم لتبليغ، هامش المصدر. 2 - الإيضاح: 79. 3 - إعلام الورى 1: 340، نهج البلاغة 1: 120 الخطبة 70، بحار الأنوار 32: 235 ح 187 و 41: 355 ح 63. 179 دخل الحسين بن علي (عليهما السلام) على معاوية فقال له: ما حمل أباك على أن قتل أهل البصرة، ثم دار عشيا في طرقهم في ثوبين؟ فقال (عليه السلام): حمله على ذلك علمه أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه. قال: صدقت. قال: وقيل لأمير المؤمنين (عليه السلام): لما أراد قتال الخوارج: لو احترزت يا أمير المؤمنين! فقال (عليه السلام): أي يومي من الموت أفر * أيوم لم يقدر أم يوم قدر يوم ما قدر لا أخشى الردى * وإذا قدر لم يغن الحذر (1) خطبة الإمام (عليه السلام) في حرب صفين [121] - 42 - المجلسي: وأما في حرب صفين، فلما خطب أمير المؤمنين بالكوفة، وحرض الناس على حرب معاوية وأتباعه، أمر الحسن (عليه السلام) بأن يخطب الناس، فخطب، ثم أمر الحسين (عليه السلام)، فقام فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله وقال: يا أهل الكوفة! أنتم الأحبة الكرماء، والشعار دون الدثار، فجدوا في إحياء ما دثر بينكم، وتسهيل ما توعر (2) عليكم.
1 - التوحيد: 374 ح 19، نور الثقلين 2: 28 ح 103 و 104. قال الصدوق في هامش كتاب التوحيد: النسخ متفقة في هذه العبارة مع أنه لا يستقيم ارجاع ضمير جده إلى جعفر بن محمد وهذا ظاهر، ولا إلى " أبي " لأن الجد حينئذ هو الحسين بن علي، ولا إلى أبيه وهذا أيضا ظاهر، فعن جده إما زيادة أو صاحب القصة الحسن دون الحسين (عليهما السلام) مع ارجاع الضمير إلى أبي، والله العالم. 2 - توعر: أي تعسر وصعب، نفس المصدر. 180 ألا إن الحرب شرها ذريع (1)، وطعمها فظيع، وهي جرع مستحساة، فمن أخذ لها أهبتها، واستعد لها عدتها، ولم يألم كلومها عند حلولها فذاك صاحبها، ومن عاجلها قبل أوان فرصتها واستبصار سعيه فيها، فذاك قمن (2) أن لا ينفع قومه وإن يهلك نفسه، نسأل الله بقوته أن يدعمكم بالفئة ثم نزل. (3) شجاعة الحسين (عليه السلام) [122] - 43 - الطريحي: نقل عن لوط بن يحيى في تاريخه قال: قال عبد الله بن قيس بن ورقة: كنت ممن غزا مع أمير المؤمنين (عليه السلام) في صفين، وقد أخذ أبو أيوب الأعور السلمي الماء وحرزه عن الناس، فشكى المسلمون العطش، فأرسل فوارس على كشفه، فانصرفوا خائبين، فضاق صدره، فقال له ولده الحسين (عليه السلام): أمضي إليه يا أبتاه؟! فقال: امض يا ولدي! فمضى مع فوارس، فهزم أبا أيوب عن الماء، وبنى خيمته وحط فوارسه، وأتى إلى أبيه وأخبره، فبكى علي (عليه السلام)، فقيل له: ما يبكيك يا أمير المؤمنين؟! وهذا أول فتح بوجه [ببركة] الحسين (عليه السلام). قال: صحيح يا قوم! ولكن سيقتل عطشانا بطف كربلاء، حتى تنفر فرسه وتحمحم وتقول: الظليمة الظليمة من أمة قتلت ابن بنت نبيها! (4)
1 - الذريع: أي الفضيع أو السريع، نفس المصدر. 2 - قمن: أي جدير، نفس المصدر. 3 - بحار الأنوار 32: 405 ح 369، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 3: 186. 4 - المنتخب 2: 300، بحار الأنوار 44: 266، العوالم 17: 149 ح 10. 181 [123] - 44 - الجزري: روى أبو وائل شقيق بن سلمة قال: برز الحسين بن علي (عليهما السلام)، فنادى: هل من مبارز؟ فأقبل رجل من آل ذي لعوة، اسمه الزبرقان بن أسلم، وكان شديد البأس، فقال: ويلك، من أنت؟ فقال: أنا الحسين بن علي. فقال له الزبرقان: انصرف يا بنى! فإني والله! لقد نظرت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) مقبلا من ناحية قباء على ناقة حمراء، وإنك يومئذ قدامه، فما كنت لألقى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بدمك، فانصرف الزبرقان، وهو يقول أبياتا من شعره. (1) كياسة الإمام الحسين (عليه السلام) [124] - 45 - ابن الأعثم: أرسل عبيد الله بن عمر بن الخطاب إلى الحسين بن علي (عليهما السلام) في صفين أن لي إليك حاجة، فألقني إذا شئت حتى أخبرك؛ فخرج إليه الحسين (عليه السلام) حتى واقفه، وظن أنه يريد حربه، فقال له ابن عمر: إني لم أدعك إلى الحرب، ولكن اسمع مني فإنها نصيحة لك. فقال الحسين (عليه السلام): قل ما تشاء. فقال: إعلم أن أباك قد وتر قريشا، وقد بغضه الناس، وذكروا أنه هو الذي قتل عثمان، فهل لك أن تخلعه وتخالف عليه حتى نوليك هذا الأمر؟ فقال الحسين (عليه السلام): كلا والله! لا أكفر بالله وبرسوله وبوصي رسول الله، إخسأ، ويلك من شيطان مارد! فلقد زين لك الشيطان سوء عملك فخدعك
1 - أسد الغابة 2: 246 ح 1727، الإصابة 1: 544 ح 2783. 182 حتى أخرجك من دينك باتباع القاسطين ونصرة هذا المارق من الدين، لم يزل هو وأبوه حربيين وعدوين لله ولرسوله وللمؤمنين، فوالله! ما أسلما ولكنهما استسلما خوفا وطمعا! فأنت اليوم تقاتل عن غير متذمم، ثم تخرج إلى الحرب متخلفا لتراءي بذلك نساء أهل الشام، أرتع قليلا فإني أرجو أن يقتلك الله عز وجل سريعا. قال: فضحك عبيد الله بن عمر، ثم رجع إلى معاوية فقال: إني أردت خديعة الحسين، وقلت له كذا وكذا، فلم أطمع في خديعته، فقال معاوية: إن الحسين بن علي لا يخدع وهو ابن أبيه. (1) تخلف المنافقين في النهروان [125] - 46 - الراوندي: عن أبي حمزة، عن علي بن الحسين، عن أبيه (عليهم السلام)، قال: لما أراد علي أن يسير إلى النهروان استنفر أهل الكوفة وأمرهم أن يعسكروا بالمدائن، فتأخر عنه شبث بن ربعي، وعمرو بن حريث، والأشعث بن قيس وجرير بن عبد الله البجلي، وقالوا: أتأذن لنا أياما نتخلف عنك في بعض حوائجنا ونلحق بك؟ فقال لهم: قد فعلتموها، سوءة لكم من مشايخ! فوالله ما لكم من حاجة تتخلفون عليها، وإني لأعلم ما في قلوبكم وسأبين لكم: تريدون أن تثبطوا عني الناس، وكأني بكم بالخورنق (2) وقد بسطتم سفركم للطعام، إذ يمر بكم ضب فتأمرون صبيانكم فيصيدونه، فتخلعوني وتبايعونه.
1 - الفتوح 3: 35. 2 - الخورنق: موضع بالكوفة، قيل: إنه نهر، والمعروف أنه القصر القائم إلى الآن بالكوفة بظاهر الحيرة، نفس المصدر. 183 ثم مضى إلى المدائن وخرج القوم إلى الخورنق وهيأوا طعاما، فبينا هم كذلك على سفرتهم وقد بسطوها إذ مر بهم ضب، فأمروا صبيانهم فأخذوه، وأوثقوه، ومسحوا أيديهم على يده كما أخبر علي (عليه السلام)، وأقبلوا على المدائن. فقال لهم أمير المؤمنين (عليه السلام): (بئس للظالمين بدلا) (1)، ليبعثكم الله يوم القيامة مع إمامكم الضب الذي بايعتم، لكأني أنظر إليكم يوم القيامة، وهو يسوقكم إلى النار. ثم قال: لئن كان مع رسول الله منافقون فإن معي منافقين، أما والله! يا شبث، ويا ابن حريث! لتقاتلان ابني الحسين، هكذا أخبرني رسول الله (صلى الله عليه وآله). (2) بقاء الخوارج [126] - 47 - الهيثمي: عن أبي جعفر الفراء مولى علي قال: شهدت مع علي، على النهر، فلما فرغ من قتلهم قال: اطلبوا المخدج، فطلبوه فلم يجدوه، وأمر أن يوضع على كل قتيل قصبة، فوجدوه في وهدة في منتقع ماء، جل (3) أسود منتن الريح، في موضع يده كهيئة الثدي عليه شعرات، فلما نظر إليه قال: صدق الله ورسوله، فسمع أحد ابنيه إما الحسن، أو الحسين يقول: الحمد لله الذي أراح أمة محمد (صلى الله عليه وآله) من هذه العصابة. فقال علي (عليه السلام): لو لم يبق من أمة محمد (صلى الله عليه وآله) إلا ثلاثة لكان أحدهم على رأي هؤلاء، إنهم لفي أصلاب الرجال وأرحام النساء. (4)
1 - الكهف: 18 / 50. 2 - الخرائج والجرائح 1: 225، بحار الأنوار 33: 384 ح 614. 3 - الظاهر: أن الصحيح رجل، ولكن المصدر هكذا. 4 - مجمع الزوائد 6: 242. 184 رد الشمس لإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) [127] - 48 - الحسين بن عبد الوهاب: حدث أبو الحسين أحمد بن الحسين العطار قال: حدثني أبو جعفر محمد بن يعقوب الكليني صاحب كتاب الكافي قال: حدثني علي بن إبراهيم بن هاشم، عن الحسن بن محبوب، عن الحسن بن رزين القلا، عن الفضل بن يسار، عن الباقر، عن أبيه، عن جده الحسين بن علي (عليهم السلام) قال: لما رجع أمير المؤمنين (عليه السلام) من قتال أهل النهروان، أخذ على النهروانات وأعمال العراق، ولم يكن يومئذ قد بنيت بغداد، فلما وافى ناحية براثا صلى بالناس الظهر، ورحلوا ودخلوا في أرض بابل وقد وجبت صلاة العصر، فصاح المسلمون يا أمير المؤمنين! هذا وقت العصر قد دخل، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): هذه أرض مخسوف بها، وقد خسف الله بها ثلاثا وعليه تمام الرابعة، ولا تحل لوصي أن يصلي فيها، ومن أراد منكم أن يصلي فليصل، فقال المنافقون: نعم! هو لا يصلي ويقتل من يصلي، يعنون أهل النهروان. قال جويرية بن مسهر العبدي: فتبعته في مائة فارس وقلت: والله! لا أصلي، أو يصلي هو، ولأقلدنه صلاتي اليوم. قال: وسار أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى أن قطع أرض بابل، وتدلت الشمس للغروب، ثم غابت واحمر الأفق، قال: فالتفت إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وقال: يا جويرية! هات الماء، قال: فقدمت إليه الإداوة فتوضأ، ثم قال: أذن يا جويرية! فقلت: يا أمير المؤمنين! ما وجب العشاء بعد! فقال (عليه السلام) أذن للعصر! فقلت في نفسي: أأذن للعصر وقد غربت الشمس! ولكن علي الطاعة، فأذنت، فقال: أقم، ففعلت، وإذا أنا في الإقامة إذ تحركت شفتاه بكلام كأنه منطق الخطاطيف لم أفهم ما هو! فرجعت الشمس بصرير عظيم حتى وقفت في
185 مركزها من العصر، فقام (عليه السلام) وكبر وصلى وصلينا وراءه، فلما فرغ من صلاته وقعت كأنها سراج في طست، وغابت واشتبكت النجوم، فالتفت إلي وقال: أذن أذان العشاء، يا ضعيف اليقين!. (1) [128] - 49 - الدولابي: حدثني إسحاق بن يونس، حدثنا سويد بن سعيد، عن المطلب بن زياد، عن إبراهيم بن حبان: عن عبد الله بن الحسن، عن فاطمة بنت الحسين، عن الحسين (عليه السلام) قال: كان رأس رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حجر علي، وكان يوحى إليه فلما سرى عنه قال: يا علي! صليت العصر؟ قال: لا. قال: أللهم إنك تعلم أنه كان في حاجتك وحاجة رسولك، فرد عليه الشمس! فردها عليه، فصلى وغابت الشمس. (2) وروي عن الخطيب البغدادي في كتاب تلخيص المتشابه، عن يوسف بن يعقوب النيسابوري، حدثنا عمرو بن حماد، حدثنا سويد بن سعيد، حدثنا بن زياد، عن إبراهيم بن حبان مثله. (3) [129] - 50 - ابن شهر آشوب: عن جويرية بن مسهر، وأبي رافع، والحسين بن علي (عليهما السلام): أن أمير المؤمنين (عليه السلام) لما عبر الفرات ببابل صلى بنفسه في طائفة معه العصر، ثم لم يفرغ الناس من عبورهم حتى غربت الشمس وفات صلاة العصر الجمهور، فتكلموا في ذلك، فسأل الله تعالى رد الشمس عليه فردها عليه، فكانت في الأفق، فلما سلم القوم غابت، فسمع لها وجيب شديد هال
1 - عيون المعجزات: 7، بصائر الدرجات: 217، و 218 و 219، مدينة المعاجز 1: 194 ح 115، فيه عن جويرية بن مسهر، بحار الأنوار 41: 167 و 168، وفيه عن جويرة، وعن الحسين (عليه السلام) مع إسناد، ينابيع المودة: 163، إحقاق الحق 5: 537 عن طرق مختلفة عن الحسين (عليه السلام)، وفيه: بدل العشاء المغرب. 2 - الذرية الطاهرة: 128 ح 156، روي هذا الحديث من أسماء بنت عميس وغيرها، أيضا راجع تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام علي (عليه السلام)) 2: 285. 3 - هامش تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام علي (عليه السلام)) 2: 302. 186 الناس ذلك، وأكثروا التهليل والتسبيح والتكبير؛ مسجد الشمس بالصاعدية من أرض بابل شائع ذائع. (1) تكريم السائل [130] - 3 - محمد بن الأشعث: وبإسناده، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام): أنه كان إذا طلب الحاجة من رجل قال: إني لم أكرم وجهي عن وجهك، فأكرم وجهك عن ردي (2). هدية من الله [131] - 51 - ابن حمزة: عن أحمد بن عمارة، عن عبد الله بن عبد الجبار قال: أخبرني مولاي وسيدي الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبى طالب، عن أبيه، عن آبائه، عن الحسين بن علي صلوات الله عليهم، قال: كنت مع أبي على شاطئ الفرات، فنزع قميصه وغاص في الماء، فجاء موج فأخذ القميص، فخرج أمير المؤمنين (عليه السلام) وإذا بهاتف يهتف: يا أمير المؤمنين! خذ ما عن يمينك، فإذا منديل فيه قميص ملفوف، فأخذ القميص ولبسه، فسقطت من جيبه رقعة، مكتوب فيها: بسم الله الرحمن الرحيم، هدية من الله العزيز الحكيم إلى علي بن أبي طالب، هذا قميص هارون بن عمران (كذ لك وأورثناها قوما آخرين) (3). (4)
1 - المناقب 2: 318، بحار الأنوار 41: 174 ح 10. 2 - الجعفريات: 383 ح 1546. 3 - الدخان: 44 / 28. 4 - الثاقب في المناقب: 273 ح 3237، روي في المناقب 2: 229 والخصائص: 42 عن قنبر. 187 رجوع الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) من النهروان وكان رجوع أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى الكوفة في شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة. [132] - 52 - ابن أعثم: (في كيفية دخوله الكوفة، قال:) قدم علي (عليه السلام) من سفره، واستقبله الناس يهنئونه بظفره بالخوارج، ودخل إلى المسجد الأعظم، فصلى فيه ركعتين، ثم صعد المنبر فخطب خطبة حسنا، ثم التفت إلى ابنه الحسين فقال: يا أبا عبد الله! كم بقي من شهرنا هذا؟ يعني شهر رمضان الذي هم فيه. فقال الحسين (عليه السلام): سبع عشرة يا أمير المؤمنين! قال: فضرب بيده إلى لحيته، وهي يومئذ بيضاء وقال: والله! ليخضبنها بالدم إذ انبعث أشقاها، قال ثم جعل يقول: أريد حياته ويريد قتلي خليلي من عذيري من مراد (1) شهادة الامام علي (عليه السلام) ولما جاءت الليلة التاسعة عشرة من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة خرج أمير المؤمنين (عليه السلام) في صبيحتها إلى المسجد. وضربه أشقى الأولين والآخرين في محراب عبادته. [133] - 53 - المجلسي: فاصطفقت أبواب الجامع، وضجت الملائكة في السماء بالدعاء، وهبت ريح
1 - الفتوح 3: 277. 188 عاصف سوداء مظلمة، ونادى جبرئيل (عليه السلام) بين السماء والأرض بصوت يسمعه كل مستيقظ: تهدمت والله أركان الهدى! وانطمست والله نجوم السماء وأعلام التقى! وانفصمت والله العروة الوثقى! قتل ابن عم محمد المصطفى، قتل الوصي المجتبى، قتل علي المرتضى، قتل والله سيد الأوصياء! قتله أشقى الأشقياء. قال: فلما سمعت أم كلثوم نعي جبرئيل (عليه السلام) فلطمت على وجهها وخدها وشقت جيبها وصاحت: وا أبتاه! واعلياه! وامحمداه! واسيداه! ثم أقبلت إلى أخويها الحسن والحسين (عليهما السلام) فأيقظتهما وقالت لهما: لقد قتل أبو كما! فقاما يبكيان، فقال لها الحسن (عليه السلام): يا أختاه كفي عن البكاء حتى نعرف صحة الخبر كيلا تشمت الأعداء. فخرجا فإذا الناس ينوحون وينادون: وا إماماه! وا أمير المؤمنيناه! قتل والله إمام عابد مجاهد لم يسجد لصنم، كان أشبه الناس برسول الله (صلى الله عليه وآله)! فلما سمع الحسن والحسين (عليهما السلام) صرخات الناس ناديا: وا أبتاه! وا علياه! ليت الموت أعدمنا الحياة. فلما وصلا الجامع ودخلا وجدا أبا جعدة بن هبيرة ومعه جماعة من الناس، وهم يجتهدون أن يقيموا الإمام في المحراب ليصلي بالناس، فلم يطق على النهوض وتأخر عن الصف، وتقدم الحسن (عليه السلام) فصلى بالناس، وأمير المؤمنين (عليه السلام) يصلي إيماء من جلوس، وهو يمسح الدم عن وجهه وكريمه الشريف، يميل تارة ويسكن أخرى. (1) وصية الإمام علي (عليه السلام) [134] - 54 - السيد ابن طاووس: روي عن مولانا وسيدنا موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر الصادق، عن أبيه، عن جده، عن أبيه الحسين بن علي أمير المؤمنين صلوات الله
1 - بحار الأنوار 42: 283. 189 عليهم أجمعين، قال: قال أبي أمير المؤمنين (عليه السلام): يا بنى! ألا أعلمك سرا من أسرار الله عزوجل، علمنيه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وكان من أسراره لم يطلع عليه أحد؟ قلت: بلى يا أباه! جعلت فداك. قال: نزل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) الروح الأمين جبرئيل (عليه السلام) في يوم الأحد، وكان يوم مهول شديد الحر، وكان على النبى (صلى الله عليه وآله) جوشن لا يقدر حمله لشدة الحر، وحرارة الجوشن. قال النبى (صلى الله عليه وآله): فرفعت رأسي نحو السماء، فدعوت الله تعالى فرأيت أبواب السماء قد فتحت، ونزل على الطوف (1) بالنور جبرئيل (عليه السلام)، وقال لي: السلام عليك يا رسول الله! فقلت: عليك السلام يا أخي جبرئيل! فقال: العلي الأعلى يقرئك السلام، ويخصك بالتحية والإكرام، ويقول لك اخلع هذا الجوشن، واقرأ هذا الدعاء، فإذا قرأته وحملته فهو مثل الجوشن الذي على جسدك. ثم ذكر الخبر بطوله في فضل دعاء جوشن المشهور إلى أن قال: وقال الحسين (عليه السلام): أوصاني أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وصية عظيمة بهذا الدعاء وحفظه، وقال لي: يا بني! اكتب هذا الدعاء على كفني، وقال الحسين (عليه السلام): فعلت كما أمرني أبي (2) [135] - 55 - المجلسي: وفي رواية قال الحسين (عليه السلام): أوصاني أبي (عليه السلام) بحفظه وتعظيمه، وأن أكتبه على كفنه، وأن أعلمه أهلي وأحثهم عليه وهو ألف إسم، وإسم. (3)
1 - في البحار: الطوق. 2 - مهج الدعوات: 227، بحار الأنوار 94: 397 و 81: 332. 3 - بحار الأنوار 94: 384 و 81: 331 مع حذف جملة، وهو ألف اسم واسم، مستدرك الوسائل 2: 232. 190 تغسيل الإمام علي (عليه السلام) [136] - 56 - ابن شهر آشوب: عن منصور بن محمد بن عيسى، عن أبيه، عن جده زيد بن علي، عن أبيه، عن جده الحسين بن علي (عليهم السلام) في خبر طويل يذكر فيه [في ذكر وصية علي]: أوصيكما وصية فلا تظهرا على أمري أحدا، فأمرهما أن يستخرجا من الزاوية اليمنى لوحا، وأن يكفناه فيما يجدان، فإذا غسلاه وضعاه على ذلك اللوح، وإذا وجدا السرير يشال مقدمه يشيلان مؤخره، وأن يصلي الحسن مرة والحسين مرة صلاة إمام، ففعلا كما رسم، فوجدا اللوح، وعليه مكتوب: بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما ذخره نوح النبى صلى الله عليه لعلي بن أبي طالب (عليه السلام). وأصابا الكفن في دهليز الدار موضوعا فيه حنوط قد أضاء نوره النهار. وروي أنه قال الحسين (عليه السلام) وقت الغسل: أما ترى إلى خفة أمير المؤمنين فقال الحسن (عليه السلام): يا أبا عبد الله! إن معنا قوما يعينوننا. (1) تشييع الإمام علي (عليه السلام) ودفنه [137] - 57 - وعنه: قال الحسين (عليه السلام): فلما قضينا صلاة العشاء الآخرة، إذا قد شيل مقدم السرير، ولم يزل نتبعه إلى أن وردنا إلى الغري، فأتينا إلى قبر على ما وصف أمير المؤمنين (عليه السلام)، ونحن نسمع خفق أجنحة كثيرة، وضجة وجلبة، فوضعنا السرير وصلينا على أمير المؤمنين (عليه السلام): كما وصف لنا، ونزلنا قبره فأضجعناه في لحده، ونضدنا
1 - المناقب 2: 348، بحار الأنوار 42: 235. 191 عليه اللبن. (1) [138] - 58 - المجلسي: عن ابن الحنفية (رضي الله عنه) قال: والله! لقد نظرت إلى السرير وإنه ليمر بالحيطان والنخل فتنحني له خشوعا، ومضى مستقيما إلى النجف إلى موضع قبره الآن. قال: وضجت الكوفة بالبكاء والنحيب، وخرجن النساء يتبعنه لاطمات حاسرات، فمنعهم الحسن (عليه السلام) ونهاهم عن البكاء والعويل، وردهن إلى أماكنهن والحسين (عليه السلام) يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم إنا لله وإنا إليه راجعون! (2) يا أباه! وا انقطاع ظهراه! من أجلك تعلمت البكاء، إلى الله المشتكى. (3) [139] - 59 - ابن قولويه: حدثني محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن أبي عمير، عن الحسين الخلال، عن جده قال: قلت للحسين بن علي (عليهما السلام): أين دفنتم أمير المؤمنين (عليه السلام)؟ قال: خرجنا به ليلا حتى مررنا على مسجد الأشعث، حتى خرجنا إلى ظهر ناحية الغري. (4) [140] - 60 - المفيد: روى يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن رجاله قال: قيل للحسين ابن علي (عليهما السلام): أين دفنتم أمير المؤمنين؟
1 - المناقب 2: 348، بحار الأنوار 42: 235. 2 - البقرة: 156. 3 - بحار الأنوار 42: 295. 4 - كامل الزيارات: 33، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 6: 122، بحار الأنوار 42: 338 وزاد بعد كلمة ليلا، كلمة من منزله، وبدل كلمة مسجد الأشعث: منزل الأشعث و 100: 240 ح 14، وفي كتاب فرحة الغري: 37 عن الحسن (عليه السلام). 192 فقال: خرجنا به ليلا على مسجد الأشعث حتى خرجنا به إلى الظهر بجنب الغريين، فدفناه هناك. (1) [141] - 61 - الطوسي: عن محمد بن أحمد بن داود القمي قال: أخبرني محمد بن علي بن الفضل قال: أخبرني علي بن الحسين بن يعقوب من بني خزيمة قراءة عليه قال: حدثني جعفر بن محمد بن يوسف الأزدي قال: حدثنا علي بن بزرج الخياط قال: حدثنا عمرو قال: جاءني سعد الإسكاف، قال: يا بني! تحمل الحديث؟ فقلت: نعم. فقال: حدثني أبو عبد الله (عليه السلام) قال: إنه لما أصيب أمير المؤمنين (عليه السلام) قال للحسن والحسين صلوات الله عليهما: غسلاني وكفناني وحنطاني واحملاني على سريري واحملا مؤخره تكفيان مقدمه، فإنكما تنتهيان إلى قبر محفور، ولحد ملحود، ولبن موضوع، فالحداني واشرجا اللبن علي وارفعا لبنة مما يلي رأسي، فانظرا ما تسمعان. فأخذا اللبنة من عند الرأس بعد ما أشرجا عليه اللبن فإذا ليس في القبر شيء! وإذا هاتف يهتف: أمير المؤمنين (عليه السلام) كان عبدا صالحا فألحقه الله بنبيه، وكذلك يفعل بالأوصياء بعد الأنبياء، حتى لو أن نبيا مات في المشرق ومات وصيه في المغرب لألحق الله الوصي بالنبي. (2) مرثية الجن على الإمام علي (عليه السلام) [142] - 62 - ابن شهر آشوب: وقال زيد بن علي: قال الحسين (عليهما السلام): لما قتل أمير المؤمنين (عليه السلام) سمعت جنية ترثيه بهذه الأبيات:
1 - الإرشاد: 19. 2 - تهذيب الأحكام 6: 106، ح 187. 193 لقد هد ركني أبو شبر * فما ذاقت العين طيب الوسن ولا ذاقت العين طيب الكرى * وألقيت دهري رهين الحزن وأقلقني طول تذكاره * حرارة ثكل الرقوب الشثن (1) قتل ابن ملجم [143] - 63 - المجلسي: ثم إنه لما رجع أولاد أمير المؤمنين (عليه السلام) وأصحابه إلى الكوفة واجتمعوا لقتل اللعين عدو الله ابن ملجم، فقال عبد الله بن جعفر: اقطعوا يديه ورجليه ولسانه، واقتلوه بعد ذلك. وقال ابن الحنفية (رضي الله عنه): اجعلوه غرضا للنشاب، وأحرقوه بالنار وقال آخر: أصلبوه حيا حتى يموت. فقال الحسن (عليه السلام): أنا ممتثل فيه ما أمرني به أمير المؤمنين (عليه السلام)، أضربه ضربة بالسيف حتى يموت فيها، وأحرقه بالنار بعد ذلك. قال: فأمر الحسن (عليه السلام) أن يأتوه به، فجاؤوا به مكتوفا حتى أدخلوه إلى الموضع الذي ضرب فيه الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، والناس يلعنونه ويوبخونه، وهو ساكت لا يتكلم. فقال الحسن (عليه السلام): يا عدو الله! قتلت أمير المؤمنين (عليه السلام) وإمام المسلمين، وأعظمت الفساد في الدين. فقال لهما: يا حسن! ويا حسين! عليكما السلام ما تريدان تصنعان بي؟ قالا له: نريد قتلك كما قتلت سيدنا ومولانا.
1 - المناقب 3: 313، بحار الأنوار 42: 241. 194 فقال لهما: أصنعا ما شئتما أن تصنعا، ولا تعنفا من استزله الشيطان فصده عن السبيل، ولقد زجرت نفسي فلم تنزجر! ونهيتها فلم تنته! فدعاها تذوق وبال أمرها، ولها عذاب شديد، ثم بكى. فقال له: يا ويلك! ما هذه الرقة؟ أين كانت حين وضعت قدمك وركبت خطيئتك؟ فقال ابن ملجم لعنه الله: (إستحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون) (1)، ولقد انقضى التوبيخ والمعايرة، وإنما قتلت أباك وحصلت بين يديك، فاصنع ما شئت وخذ بحقك مني كيف شئت؛ ثم برك على ركبتيه وقال: يا ابن رسول الله! الحمد لله الذي أجرى قتلي على يديك. فرق له الحسن (عليه السلام) لأن قلبه كان رحيما، فقام الحسن (عليه السلام) وأخذ السيف بيده وجرده من غمده فهزبه حتى لاح الموت في حده، ثم ضربه ضربة أدار بها عنقه، فاشتد زحام عليه، وعلت أصواتهم، فلم يتمكن من فتح باعه فارتفع السيف إلى باعه فأبرأه فانقلب عدو الله على قفاه يخور في دمه. فقام الحسين (عليه السلام) إلى أخيه وقال: يا أخي! أليس الأب واحدا والأم واحدة ولى نصيب في هذه الضربة ولي في قتله حق؟ فدعني أضربه ضربة أشفي بها بعض ما أجده، فناوله الحسن (عليه السلام) السيف فأخذه وهزه وضربه على الضربة التي ضربه الحسن (عليه السلام) فبلغ إلى طرف أنفه، وقطع جانبه الآخر، وابتدره الناس بعد ذلك بأسيافهم، فقطعوه إربا إربا، وعجل الله بروحه إلى النار وبئس القرار. ثم جمعوا جثته وأخرجوه من المسجد، وجمعوا له حطبا وأحرقوه بالنار،
1 - المجادلة: 19. 195 وقيل: طرحوه في حفرة وطموه بالتراب، وهو يعوي كعوي الكلاب في حفرته إلى يوم القيامة. وأقبلوا إلى قطام الملعونة الفاسقة الفاجرة فقطعوها بالسيف إربا إربا، ونهبوا دارها، ثم أخذوها وأخرجوها إلى ظاهر الكوفة وأحرقوها بالنار، وعجل الله بروحها إلى النار وغضب الجبار. وأما الرجلان اللذان تحالفا معه فأحدهما قتله معاوية بن أبي سفيان بالشام، والآخر قتله عمرو بن العاص بمصر لا رضي الله عنهما. وأما الرجلان اللذان كانا مع ابن ملجم بالجامع يساعدانه على قتل علي (عليه السلام) فقتلا من ليلتهما، لعنهما الله وحشرهما محشر المنافقين الظالمين في جهنم خالدين مع السالفين. (1) [144] - 64 - الكليني: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل ابن مهران، عن سيف بن عميرة، عن عمرو بن شمر، عن عبد الله بن الوليد الجعفي، عن رجل، عن أبيه قال: لما أصيب أمير المؤمنين (عليه السلام) نعى الحسن إلى الحسين (عليهما السلام)، وهو بالمدائن فلما قرأ الكتاب قال: يا لها من مصيبة ما أعظمها مع أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: من أصيب منكم بمصيبة فليذكر مصابه بي، فإنه لن يصاب بمصيبة أعظم منها. وصدق (صلى الله عليه وآله). (2) [145] - 65 - ابن أبي الدنيا: حدثنا الحسين، حدثنا عبد الله قال: حدثني أبي، عن هشام بن محمد، عن أبي عبد الله الجعفي قال: حدثني عروة بن عبد الله، عن زحر بن قيس قال:
1 - بحار الأنوار 42: 297. 2 - الكافي 3: 220 ح 3، جامع الأحاديث 3: 515 ح 4901، بحار الأنوار 82: 143، مسكن الفوائد: 110. 196 بعثني الحسن بن علي (عليهما السلام) إلى المدائن وبها حسين بن علي، فلما انتهيت إليه قال: أي زحر! (1) ما لي أرى وجهك متغيرا؟ قلت: تركت أمير المؤمنين في آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة، وهذا كتاب الحسن إليك، قال زحر: فلما ذكرت له أمر علي ومصابه، قال: ويحك من قتله! قلت: رجل من مراد مارق فاسق، يقال له: عبد الرحمان بن ملجم. قال: اقتل الرجل! قلت: نعم، فكبر ثم قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، والحمد لله رب العالمين، ما أعظمك من مصيبة؟ مع أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: إذا أصيب أحدكم بمصيبة فليذكر مصابه بي فإنه لن يصاب بمثلها أبدا وصدق رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وما أصيب بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) أحد بمثلها ولن نصاب بمثلها في بقية عمري، إن البلاء إلينا أهل البيت سريع والله المستعان. (2) [146] - 66 - ابن المغازلي: وأخبرنا محمد بن علي السقطي قال: حدثنا محمد بن الحسين قال: حدثنا أحمد بن أبي خيثمة قال: سمعت مصعب بن عبد الله يقول: كان الحسين بن علي يقول: قتل أبي وهو ابن ثمان وخمسين سنة (3)
1 - لعل هذا هو الصواب وفي الأصل أبي زحر. 2 - مقتل الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): 96، ويؤيده ما رواه السيد الرضي عن نوف: قال نوف (البكالي): وعقد (أمير المؤمنين (عليه السلام)) للحسين (عليه السلام) في عشرة آلاف ولقيس بن سعد (بن عبادة الأنصاري) (رحمه الله) في عشرة آلاف، ولأبي أيوب الأنصاري في عشرة آلاف، ولغيرهم على أعداد أخر، وهو يريد الرجعة إلى صفين فما دارت الجمعة حتى ضربه الملعون ابن ملجم لعنه الله، فتراجعت العساكر فكنا كأغنام فقدت راعيها تختطفها الذئاب من كل مكان. نهج البلاغة: 264. وأكثر الأخبار ونصوص المورخين يدل على أن الإمام الحسين (عليه السلام) كان حاضرا بالكوفة حينما ضرب أمير المؤمنين (عليه السلام). 3 - مناقب علي بن أبي طالب (عليه السلام): 11 ح 10. 197 وقائع زمن الإمام علي (عليه السلام) منها: مرض المؤمن تكفير لذنوبه [147] - 67 - ابنا بسطام: حدثنا أبو عتاب والحسين ابنا بسطام قالا: حدثنا محمد بن خلف بقزوين - وكان من جملة علماء آل محمد صلوات الله عليهم أجمعين - قال: حدثنا الحسن بن علي الوشاء، عن عبد الله بن سنان، عن أخيه محمد، عن جعفر الصادق (عليه السلام)، عن أبيه، عن جده، عن مولانا الحسين بن علي صلوات الله عليهم، قال: عاد أمير المؤمنين على بن أبي طالب (عليه السلام) سلمان الفارسي، فقال: يا أبا عبد الله كيف أصبحت من علتك؟ فقال: يا أمير المؤمنين! أحمد الله كثيرا، وأشكو إليك كثرة الضجر. قال: فلا تضجر يا أبا عبد الله، فما من أحد من شيعتنا يصيبه وجع إلا بذنب قد سبق منه، وذلك الوجع تطهير له. قال سلمان: فإن كان الأمر على ما ذكرت، وهو كما ذكرت، فليس لنا في شيء من ذلك أجر خلا التطهير.
198 قال علي (عليه السلام): يا سلمان! إن لكم الأجر بالصبر عليه، والتضرع إلى الله عز اسمه، والدعاء له، بهما يكتب لكم الحسنات ويرفع لكم الدرجات، وأما الوجع فهو خاصة تطهير وكفارة. قال: فقبل سلمان ما بين عينيه وبكى، وقال: من كان يميز لنا هذه الأشياء لولاك يا أمير المؤمنين؟ (1) ومنها: صفة الموت [148] - 68 - الصدوق: حدثنا محمد بن القاسم المفسر الجرجاني قال: حدثنا أحمد بن الحسن الحسيني، عن الحسن بن علي الناصر [ي]، عن أبيه، عن محمد بن علي، عن أبيه الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين (عليهم السلام) قال: قيل لأمير المؤمنين (عليه السلام): صف لنا الموت. فقال: على الخبير سقطتم، هو أحد ثلاثة أمور يرد عليه: إما بشارة بنعيم الأبد، وإما بشارة بعذاب الأبد، وإما تحزين وتهويل وأمر [ه] مبهم لا يدري من أي الفرق هو، فأما ولينا المطيع لأمرنا فهو المبشر بنعيم الأبد، وأما عدونا المخالف علينا فهو المبشر بعذاب الأبد، وأما المبهم أمره الذي لا يدري ما حاله فهو المؤمن المسرف على نفسه لا يدري ما يؤول إليه حاله، يأتيه الخبر مبهما مخوفا، ثم لن يسويه الله عزوجل بأعدائنا لكن يخرجه من النار بشفاعتنا، فاعملوا وأطيعوا، لا تتكلوا ولا تستصغروا عقوبة الله عزوجل، فإن من المسرفين من لا تلحقه شفاعتنا إلا بعد عذاب ثلاثمائة ألف سنة. (2)
1 - طب الأئمة (عليهم السلام): 15. 2 - معاني الأخبار: 288 ح 2، كنز الدقائق 4: 558. 199 ومنها: نزول آية المودة [149] - 69 - وعنه: حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب، وجعفر بن محمد بن مسرور رضي الله عنهما، قالا: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن الريان بن الصلت، قال: حضر الرضا (عليه السلام) مجلس المأمون بمرو وقد اجتمع في مجلسه جماعة من علماء أهل العراق وخراسان.... ثم قال أبو الحسن (عليه السلام): حدثني أبي، عن جدي، عن آبائه، عن الحسين بن علي (عليهم السلام) قال: اجتمع المهاجرون والأنصار إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقالوا: إن لك يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) مؤنة في نفقتك وفيمن يأتيك من الوفود وهذه أموالنا مع دمائنا، فاحكم فيها بارا مأجورا، أعط ما شئت وأمسك ما شئت من غير حرج. قال: فأنزل الله عزوجل عليه الروح الأمين فقال: يا محمد! (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) (1) يعني أن تودوا قرابتي من بعدي. فخرجوا فقال المنافقون: ما حمل رسول الله (صلى الله عليه وآله) على ترك ما عرضنا عليه إلا ليحثنا على قرابته من بعد!؟ إن هو إلا شيء افتراه في مجلسه! وكان ذلك من قولهم عظيما، فأنزل الله عزوجل هذه الآية: (أم يقولون افتراه قل إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئا هو أعلم بما تفيضون فيه كفى به شهيدا بيني وبينكم وهو الغفور الرحيم). (2) فبعث عليهم النبى (صلى الله عليه وآله) فقال: هل من حدث؟
1 - الشورى: 42 / 23. 2 - الأحقاف: 46 / 8. 200 فقالوا: أي والله! يا رسول الله! لقد قال بعضنا كلاما غليظا كرهناه، فتلا عليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) الآية، فبكوا، واشتد بكاؤهم، فانزل الله عزوجل: (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفوا عن السيئات ويعلم ما تفعلون (1)). (2) ومنها: إخبار علي (عليه السلام) عن أصحاب الرس [150] - 70 - وعنه: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رحمه الله)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم ابن هاشم، عن أبيه قال: حدثنا أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي قال: حدثنا علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي (عليهم السلام): قال: أتى علي بن أبي طالب (عليه السلام) قبل مقتله بثلاثة أيام رجل من أشراف تميم يقال له: عمرو، فقال: يا أمير المؤمنين! أخبرني عن أصحاب الرس في أي عصر كانوا؟ وأين كانت منازلهم؟ ومن كان ملكهم؟ وهل بعث الله عز وجل إليهم رسولا أم لا؟ وبماذا هلكوا؟ فإني أجد في كتاب الله تعالى ذكرهم ولا أجد غيرهم. (3) فقال له علي (عليه السلام): لقد سألتني عن حديث ما سألني عنه أحد قبلك، ولا يحدثك به أحد بعدي إلا عني، وما في كتاب الله عزوجل آية إلا وأنا أعرفها وأعرف تفسيرها، وفي أي مكان نزلت من سهل أو جبل، وفي أي وقت من ليل أو نهار، وإن هيهنا لعلما جما - وأشار إلى صدره - ولكن طلابه يسير، وعن قليل يندمون لو فقدوني.
1 - الشورى: 42 / 25. 2 - عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 213. 3 - كذا في المصدر والصحيح: خبرهم، كما في البحار. 201 كان من قصتهم يا أخا تميم: أنهم كانوا قوما يعبدون شجرة صنوبرة يقال لها: شاه درخت، كان يافث بن نوح غرسها على شفير عين يقال لها: دوشاب، كانت أنبطت لنوح (عليه السلام) بعد الطوفان، وانما سموا أصحاب الرس؛ لأنهم رسوا بينهم (1) في الأرض، وذلك بعد سليمان بن داود (عليهما السلام)، وكانت لهم اثنتا عشرة قرية على شاطئ نهر يقال لها: رس، من بلاد المشرق، وبهم سمي ذلك النهر، ولم يكن يومئذ في الأرض نهر أغزر منه، ولا أعذب منه، ولا قرى أكثر ولا أعمر منها تسمى إحداهن آبان، والثانية آذر، والثالثة دي، والرابعة بهمن، والخامسة اسفندار، والسادسة فروردين، والسابعة أردي بهشت، والثامنة خرداد، والتاسعة مرداد، والعاشرة تير، والحادية عشر مهر، والثانية عشر شهريور. وكانت أعظم مدائنهم اسفندار، وهي التي ينزلها ملكهم، وكان يسمى تركوذ بن غابور بن يارش بن سازن بن نمرود بن كنعان، فرعون إبراهيم (عليه السلام)، وبها العين والصنوبرة، وقد غرسوا في كل قرية منها حبة من طلع تلك الصنوبرة [وأجروا إليها نهرا من العين التي عند الصنوبرة]، فنبتت الحبة، وصارت شجرة عظيمة، وحرموا ماء العين والأنهار، فلا يشربون منها ولا أنعامهم، ومن فعل ذلك قتلوهم، ويقولون: هو حياة آلهتنا، فلا ينبغي لأحد أن ينقص من حياتها، ويشربون هم وأنعامهم من نهر الرس الذي عليه قراهم. وقد جعلوا في كل شهر من السنة في كل قرية عيدا يجمع إليه أهلها، فيضربون على الشجرة التي بها كلة (2) من يريد فيها من أنواع الصور، ثم يأتون بشاة وبقر فيذبحونها قربانا للشجرة، ويشعلون فيها النيران بالحطب، فإذا سطح [سطع] دخان
1 - كذا في المصدر والصحيح: نبيهم، كما في البحار. 2 - الكلة بالكسر: الستر الرقيق، يخاط كالبيت يتوقى فيه من البق، المنجد. 202 تلك الذبائح وقتارها في الهواء، وحال بينهم وبين النظر إلى السماء خروا للشجرة سجدا، ويبكون ويتضرعون إليها أن ترضى عنهم، فكان الشيطان يجيىء فيحرك أغصانها ويصيح من ساقها صياح الصبي، ويقول: قد رضيت عنكم عبادي فطيبوا نفسا وقروا عينا، فيرفعون رؤوسهم عند ذلك، ويشربون الخمر ويضربون بالمعازف ويأخذون الدست بند، فيكونون على ذلك يومهم وليلتهم، ثم ينصرفون. وإنما سميت [سمت] العجم شهورها بآبانماه وآذرماه وغيرهما، اشتقاقا من أسماء تلك القرى، لقول أهلها بعضهم لبعض: هذا عيد شهر كذا، وعيد شهر كذا، حتى إذا كان عيد شهر قريتهم العظمى، اجتمع إليه صغيرهم [وكبيرهم]، فضربوا عند الصنوبرة والعين سرادقا من ديباج، عليه من أنواع الصور، له اثنا عشر بابا، كل باب لأهل قرية منهم، ويسجدون للصنوبرة خارجا من السرادق ويقربون له الذبائح أضعاف ما قربوا للشجرة التي في قراهم، فيجيئ إبليس عند ذلك فيحرك الصنوبرة تحريكا شديدا، ويتكلم من جوفها كلاما جهوريا ويعدهم ويمنيهم بأكثر مما وعدتهم ومنتهم الشياطين كلها، فيرفعون رؤوسهم من السجود وبهم من الفرح والنشاط ما لا يفيقون ولا يتكلمون من الشرب والعزف، فيكونون على ذلك اثني عشر يوما، ولياليها بعدد أعيادهم سائر السنة، ثم ينصرفون. فلما طال كفرهم بالله عزوجل وعبادتهم غيره، بعث الله عزوجل إليهم نبيا من بني إسرائيل من ولد يهود ابن يعقوب، فلبث فيهم زمانا طويلا، يدعوهم إلى عبادة الله عزوجل ومعرفة ربوبيته، فلا يتبعونه، فلما رأى شدة تماديهم في الغي والضلال، وتركهم قبول ما دعاهم إليه من الرشد والنجاح، وحضر عيد قريتهم العظمى، قال: يا رب! إن عبادك أبو ا إلا تكذيبي والكفر بك، وغدوا يعبدون شجرة لا تنفع ولا تضر، فأيبس شجرهم أجمع، وأرهم قدرتك وسلطانك. فأصبح القوم وقد
203 يبس شجرهم، فهالهم ذلك وقطع بهم، وصاروا فرقتين، فرقة قالت سحر آلهتكم هذا الرجل الذي يزعم أنه رسول رب السماء والأرض إليكم، ليصرف وجوهكم عن آلهتكم إلى إلهه. وفرقة قالت: لا، بل غضبت آلهتكم حين رأت هذا الرجل يعيبها ويقع فيها ويدعوكم إلى عبادة غيرها، فحجبت حسنها وبهاءها لكي تغضبوا لها فتنتصروا منه. فأجمع رأيهم على قتله، فاتخذوا أنابيب طوالا من رصاص واسعة الأفواه، ثم أرسلوها في قرار العين إلى أعلى الماء واحدة فوق الأخرى مثل البرابخ (1) ونزحوا ما فيها من الماء، ثم حفروا في قرارها بئرا ضيقة المدخل عميقة، وأرسلوا فيها نبيهم وألقموا فاهه صخرة عظيمة، ثم أخرجوا الأنابيب من الماء، وقالوا: نرجو الآن أن ترضى عنه عنا آلهتنا، إذ رأت أنا قد قتلنا من كان يقع فيها، ويصد عن عبادتها، ودفناه تحت كبيرها يتشفى منه، فيعود لنا نورها ونضارتها كما كان. فبقوا عامة يومهم يسمعون أنين نبيهم (عليه السلام)، وهو يقول: سيدي! قد ترى ضيق مكاني وشدة كربي، فارحم ضعف ركني وقلة حيلتي، وعجل بقبض روحي، ولا تؤخر إجابة دعوتي، حتى مات (عليه السلام). فقال الله عزوجل لجبرائيل (عليه السلام): يا جبرائيل! أنظر أيظن عبادي هؤلاء الذين غرهم حلمي، وأمنوا مكري، وعبدوا غيري، وقتلوا رسولي، أن يقوموا لغضبي أو يخرجوا من سلطاني، كيف؟! وأنا المنتقم ممن عصاني ولم يخش عقابي، وإني حلفت بعزتي لأجعلنهم عبرة ونكالا للعالمين، فلم يرعهم وهم في عيدهم ذلك إلا بريح عاصف شديدة الحمرة، فتحيروا فيها وذعروا منها، وانضم بعضهم إلى بعض، ثم صارت الأرض من تحتهم كحجر كبريت يتوقد وأظلتهم سحابة سوداء، فألقت
1 - جمع بربخ: مجرى من الخزف للماء وما شاكله، المنجد. 204 عليهم كالقبة جمرا تلتهب، فذابت أبدانهم في النار كما يذوب الرصاص في النار، فنعوذ بالله تعالى ذكره من غضبه ونزول نقمته، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. (1) [151] - 4 - محمد بن الأشعث (رحمهما الله): أخبرنا عبد الله بن محمد، أخبرنا محمد بن محمد الأشعث، حدثني موسى بن إسماعيل، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال علي بن الحسين (عليهما السلام): أخبرني أبي: أن عمر بن الخطاب قال يوما: ثلاث لم أسأل عنهن رسول الله (صلى الله عليه وآله). قال علي بن أبي طالب (عليه السلام): وما هن؟ قال عمر بن الخطاب: حب الرجل الرجل، لم يجر بينهما خلطة ولا معرفة فأي ذلك؟ والرؤيا منها ما يصدق كأخذ اليد ومنها ما يكون أحلاما أضغاثا، فأي ذلك؟ والرجل يتحدث بالحديث أحيانا ويختلف عليه أحيانا، فأي ذلك؟ فقال علي بن أبي طالب (عليه السلام): أنا أخبرك بهن أما ما ذكرت من حب الرجل الرجل لم يجر بينهما خلطة ولا معرفة، فإن الله عزوجل خلق الأرواح قبل الأجساد، فتلقى الأرواح على سبب بين السماء والأرض، فتشام كما يتشام الخيل، فما تعارف ثم ائتلف هاهنا، وما تناكر، ثم اختلف هاهنا. وأما الرؤيا فإن العقل إذا عرج بنفسه وهو في النوم، فما تأتي النفس في المصعد فهي كأخذ اليد، فإذا هبطت إلى جسدها تلقته الشياطين، ثم والأضغاث لكي تحرمه، وما أخبرت به فهو الذي لا يصدق.
1 - عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 183 ح 1، علل الشرائع: 40 ح 1، بحار الأنوار 14: 148، ح 1. 205 وأما الرجل يحدث بالحديث فينسى، فإن القلب تغشاه ظلمة كظلمة القبر، فإذا غشي القلب الشيء فلا يذكره فإذا انجلى عنه ذكره. (1) ومنها: إجابات علي (عليه السلام) عن استفهامات اليهودي [152] - 71 - الصدوق: حدثنا أبو الحسن محمد بن علي بن الشاه الفقيه المروزي بمرو الرود في داره قال: حدثنا أبو بكر بن محمد عبد الله النيسابوري قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر بن سليمان الطائي بالبصرة، حدثنا أبي قال: حدثني علي بن موسى الرضا قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثني أبي جعفر بن محمد قال: حدثني أبي محمد بن علي قال: حدثني أبي علي بن الحسين، عن الحسين بن علي (عليهم السلام) قال: إن يهوديا سأل علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: أخبرني عما ليس لله! وعما ليس عند الله وعما لا يعلمه الله تعالى؟ قال علي (عليه السلام): أما ما لا يعلمه الله فذلك قولكم يا معشر اليهود!: عزير بن الله، والله لا يعلم له إبنا، وأما قولك: ما ليس لله، فليس له شريك، وأما قولك: ما ليس عند الله، فليس عند الله ظلم للعباد. فقال اليهودي: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله). (2) [153] - 72 - الطبرسي: روي عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه، عن الحسين بن علي (عليهم السلام) قال: إن يهوديا من يهود الشام وأحبارهم كان قد قرأ التوراة والإنجيل والزبور وصحف الانبياء (عليهم السلام)، وعرف دلائلهم، جاء إلى مجلس فيه أصحاب
1 - الجعفريات: 403 ح 1625. 2 - عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 50 ح 172. 206 رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وفيهم علي بن أبي طالب، وابن عباس، وابن مسعود، وأبو سعيد الجهني. فقال: يا أمة محمد! ما تركتم لنبي درجة، ولا لمرسل فضيلة، إلا أنحلتموها نبيكم، فهل تجيبوني عما أسألكم عنه؟ فكاع (1) القوم عنه. فقال على بن أبي طالب (عليه السلام): نعم، ما أعطى الله نبيا درجة، ولا مرسلا فضيلة، إلا وقد جمعها لمحمد (صلى الله عليه وآله)، وزاد محمدا على الأنبياء أضعافا مضاعفة. فقال له اليهودي: فهل أنت مجيبي؟ قال له: نعم، سأذكر لك اليوم من فضائل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما يقر الله به عين المؤمنين، ويكون فيه إزالة لشك الشاكين في فضائله (صلى الله عليه وآله)، إنه كان إذا ذكر لنفسه فضيلة قال: ولا فخر، وأنا أذكر لك فضائله غير مزر بالأنبياء، ولا منتقص لهم، ولكن شكرا لله على ما أعطى محمدا (صلى الله عليه وآله) مثل ما أعطاهم، وما زاده الله وما فضله عليهم. قال له اليهودي: إني أسألك فأعد له جوابا. قال له على (عليه السلام): هات! قال اليهودي: هذا آدم (عليه السلام) أسجد الله له ملائكته، فهل فعل لمحمد شيئا من هذا؟ فقال له على (عليه السلام): لقد كان كذلك، أسجد الله لآدم ملائكته، فإن سجودهم له لم يكن سجود طاعة، وأنهم عبدوا آدم من دون الله عزوجل، ولكن اعترافا بالفضيلة، ورحمة من الله له، ومحمد (صلى الله عليه وآله) أعطي ما هو أفضل من هذا، إن الله عزوجل صلى عليه في جبروته والملائكة بأجمعها، وتعبد المؤمنين بالصلاة عليه، فهذه زيادة يا يهودي!. قال له اليهودي: فان آدم (عليه السلام) تاب الله عليه بعد خطيئته؟
1 - كاع القوم عنه: هابوه وجنبوه، نفس المصدر. 207 قال له على (عليه السلام): لقد كان كذلك، ومحمد (صلى الله عليه وآله) نزل فيه ما هو أكبر من هذا من غير ذنب أتى، قال الله عزوجل: (ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ) (1) إن محمدا غير مواف يوم القيامة بوزر، ولا مطلوب فيها بذنب. قال اليهودي: فإن هذا إدريس رفعه الله عزوجل مكانا عليا، وأطعمه من تحف الجنة بعد وفاته؟ قال له على (عليه السلام): لقد كان كذلك، ومحمد (صلى الله عليه وآله) أعطي ما هو أفضل من هذا، إن الله جل ثناؤه قال فيه: (ورفعنا لك ذكرك) (2) فكفى بهذا من الله رفعة، ولئن أطعم إدريس من تحف الجنة بعد وفاته، فإن محمدا أطعم في الدنيا في حياته بينما يتضور جوعا، فأتاه جبرئيل (عليه السلام) بجام من الجنة فيه تحفة، فهلل الجام وهللت التحفة في يده، وسبحا، وكبرا، وحمدا، فناولها أهل بيته، ففعلت الجام مثل ذلك، فهم أن يناولها بعض أصحابه فتناولها جبرئيل (عليه السلام) وقال له: كلها، فإنها تحفة من الجنة أتحفك الله بها، وإنها لا تصلح إلا لنبي أو وصي نبي، فأكل منها (صلى الله عليه وآله) وأكلنا معه، وإني لأجد حلاوتها ساعتي هذه. قال اليهودي: فهذا نوح (عليه السلام) صبر في ذات الله تعالى، وأعذر قومه إذ كذب. قال له على (عليه السلام): لقد كان كذلك، ومحمد (صلى الله عليه وآله) صبر في ذات الله عزوجل فأعذر قومه إذ كذب وشرد، وحصب بالحصا [بالحصى]، وعلاه أبو لهب بسلا ناقة وشاة، فأوحى الله تبارك وتعالى إلى جابيل ملك الجبال: أن شق الجبال وانته إلى أمر محمد! فأتاه فقال: إني أمرت لك بالطاعة، فإن أمرت أن أطبق عليهم الجبال فأهلكتهم بها!
1 - الفتح: 48 / 2. 2 - الانشراح: 94 / 4. 208 قال (صلى الله عليه وآله): إنما بعثت رحمة، رب اهد أمتي فإنهم لا يعلمون! ويحك يا يهودي! إن نوحا لما شاهد غرق قومه رق عليهم رقة القربة، وأظهر عليهم شفقة، فقال: (رب إن ابني من أهلي) (1) فقال الله تعالى: (إنه وليس من أهلك إنه عمل غير صلح) (2) أراد جل ذكره أن يسليه بذلك، ومحمد (صلى الله عليه وآله) لما غلبت عليه من قومه المعاندة شهر عليهم سيف النقمة، ولم تدركه فيهم رقة القرابة، ولم ينظر إليهم بعين رحمة. فقال اليهودي: فإن نوحا دعا ربه، فهطلت السماء بماء منهمر؟ قال له (عليه السلام): لقد كان كذلك، وكانت دعوته دعوة غضب، ومحمد (صلى الله عليه وآله) هطلت له السماء بماء منهمر رحمة، وذلك أنه (صلى الله عليه وآله) لما هاجر إلى المدينة أتاه أهلها في يوم جمعة فقالوا له: يا رسول الله! احتبس القطر، واصفر العود، وتهافت الورق، فرفع يده المباركة حتى رئي بياض إبطه، وما ترى في السماء سحابة، فما برح حتى سقاهم الله، حتى أن الشاب المعجب بشبابه لهمته نفسه في الرجوع إلى منزله فما يقدر على ذلك من شدة السيل، فدام أسبوعا، فأتوه في الجمعة الثانية فقالوا: يا رسول الله! تهدمت الجدر، واحتبس الركب والسفر، فضحك (صلى الله عليه وآله) وقال: هذه سرعة ملالة ابن آدم، ثم قال: أللهم حوالينا ولا علينا، أللهم في أصول الشيح ومراتع البقع! فرئي حوالي المدينة المطر يقطر قطرا، وما يقع بالمدينة قطرة لكرامته (صلى الله عليه وآله) على الله عزوجل! قال له اليهودي: فإن هذا هود، قد انتصر الله له من أعدائه بالريح، فهل فعل لمحمد شيئا من هذا؟
1 - هود: 11 / 45. 2 - هود: 11 / 46. 209 قال له على (عليه السلام): لقد كان كذلك، ومحمد (صلى الله عليه وآله) أعطي ما هو أفضل من هذا، إن الله عزوجل قد انتصر له من أعدائه بالريح يوم الخندق، إذ أرسل عليهم ريحا تذرو الحصى، وجنودا لم يروها، فزاد الله تعالى محمدا (صلى الله عليه وآله) بثمانية ألف ملك، وفضله على هود: بأن ريح عاد ريح سخط، وريح محمد ريح رحمة، قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها) (1). قال له اليهودي: فهذا صالح أخرج الله له ناقة جعلها لقومه عبرة؟ قال على (عليه السلام): لقد كان كذلك، ومحمد (صلى الله عليه وآله) أعطي ما هو أفضل من ذلك، إن ناقة صالح لم تكلم صالحا، ولم تناطقه، ولم تشهد له بالنبوة، ومحمد (صلى الله عليه وآله) بينما نحن معه في بعض غزواته إذ هو ببعير قد دنا، ثم رغا فأنطقه الله عزوجل فقال: يا رسول الله! فلان استعملني حتى كبرت، ويريد نحري، فأنا أستعيذ بك منه، فأرسل رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى صاحبه فاستوهبه منه، فوهبه له وخلاه، ولقد كنا معه فإذا نحن بأعرابي معه ناقة له يسوقها، وقد استسلم للقطع لما زور عليه من الشهود، فنطقت الناقة فقالت: يا رسول الله! إن فلانا مني بريء، وإن الشهود يشهدون عليه بالزور، وإن سارقي فلان اليهودي! قال له اليهودي: فإن هذا إبراهيم قد تيقظ بالاعتبار على معرفة الله تعالى وأحاطت دلالته بعلم الإيمان؟ قال له على (عليه السلام): لقد كان كذلك، وأعطي محمد أفضل منه، وتيقظ إبراهيم وهو ابن خمسة عشر سنة، ومحمد (صلى الله عليه وآله) ابن سبع سنين، قدم تجار من النصارى فنزلوا بتجارتهم بين الصفا والمروة، فنظر إليه بعضهم فعرفه بصفته ورفعته، وخبر مبعثه
1 - الأحزاب: 33 / 9. 210 وآياته، فقالوا: يا غلام! ما اسمك؟ قال: محمد. قالوا: ما اسم أبيك؟ قال: عبد الله. قالوا: ما اسم هذه؟ - وأشاروا بأيديهم إلى الأرض - قال: الأرض. قالوا: وما اسم هذه؟ - وأشاروا بأيديهم إلى السماء - قال: السماء. قالوا: فمن ربهما؟ قال: الله. ثم انتهرهم وقال: أتشككوني في الله عزوجل؟! ويحك يا يهودي! لقد تيقظ بالاعتبار على معرفة الله عزوجل مع كفر قومه إذ هو بينهم، يستقسمون بالأزلام، ويعبدون الأوثان، وهو يقول: لا إله إلا الله. قال له اليهودي: فإن إبراهيم (عليه السلام) حجب عن نمرود بحجب ثلاث؟ قال على (عليه السلام): لقد كان كذلك، ومحمد (صلى الله عليه وآله) حجب عمن أراد قتله بحجب خمس، فثلاثة بثلاثة واثنان فضل، قال الله عز وجل - وهو يصف أمر محمد (صلى الله عليه وآله) -: (وجعلنا منم بين أيديهم سدا) فهذا الحجاب الأول، (ومن خلفهم سدا) فهذا الحجاب الثاني، (فأغشيناهم فهم لا يبصرون) (1) فهذا الحجاب الثالث، ثم قال: (وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا) (2) فهذا الحجاب الرابع ثم قال: (فهي إلى الأذقان فهم مقمحون) (3) فهذه حجب خمس. قال له اليهودي: فإن هذا إبراهيم قد بهت الذي كفر ببرهان نبوته؟ قال علي (عليه السلام): لقد كان كذلك، ومحمد (صلى الله عليه وآله) أتاه مكذب بالبعث بعد الموت وهو: أبى بن خلف الجمحي، معه عظم نخر ففركه ثم قال: يا محمد! (قال من يحي
1 - يس: 36 / 9. 2 - الإسراء: 17 / 45). 3 - يس: 36 / 8. 211 العظم وهى رميم) (1)؟ فأنطق محمدا بمحكم آياته، وبهته ببرهان نبوته، فقال: (يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم) (2)، فانصرف مبهوتا. قال له اليهودي: فهذا إبراهيم جذ أصنام (3) قومه غضبا لله عزوجل؟ قال على (عليه السلام): لقد كان كذلك، ومحمد (صلى الله عليه وآله) قد نكس عن الكعبة ثلاثمائة وستين صنما، ونفاها عن جزيرة العرب، وأذل من عبدها بالسيف. قال له اليهودي: فإن إبراهيم قد أضجع ولده وتله للجبين (4)؟ فقال علي (عليه السلام): لقد كان كذلك، ولقد أعطي إبراهيم بعد الاضطجاع الفداء، ومحمد أصيب بأفجع منه فجيعة، إنه وقف على عمه حمزة أسد الله، وأسد رسوله وناصر دينه، وقد فرق بين روحه وجسده، فلم يبن عليه حرقة، ولم يفض عليه عبرة، ولم ينظر إلى موضعه من قلبه وقلوب أهل بيته ليرضي الله عزوجل بصبره، ويستسلم لأمره في جميع الفعال، وقال (صلى الله عليه وآله): لولا أن تحزن صفية لتركته حتى يحشر من بطون السباع، وحواصل الطير، ولولا أن يكون سنة بعدي لفعلت ذلك. قال له اليهودي: فإن إبراهيم (عليه السلام) قد أسلمه قومه إلى الحريق فصبر، فجعل الله عزوجل عليه بردا وسلاما فهل فعل بمحمد شيئا من ذلك؟ قال له على (عليه السلام): لقد كان كذلك، ومحمد (صلى الله عليه وآله) لما نزل بخيبر سمته الخيبرية، فصير الله السم في جوفه بردا وسلاما إلى منتهى أجله، فالسم يحرق إذا استقر في الجوف كما أن النار تحرق، فهذا من قدرته لا تنكره. قال له اليهودي: فإن هذا يعقوب (عليه السلام) أعظم في الخير نصيبا إذ جعل الأسباط
1 - يس: 36 / 78. 2 - يس: 36 / 79. 3 - جذ أصنامهم: استأصلها إشارة إلى قوله تعالى: (فجعلهم جذاذا) أي فتاتا مستأصلين. 4 - تله: قال تعالى: (وتله للجبين) أي صرعه، وهو كقولهم: كبه لوجهه. 212 من سلالة صلبه، ومريم بنت عمران من بناته؟ قال على (عليه السلام): لقد كان كذلك، ومحمد (صلى الله عليه وآله) أعظم في الخير نصيبا إذ جعل فاطمة سيدة نساء العالمين من بناته، والحسن والحسين من حفدته. قال له اليهودي: فإن يعقوب (عليه السلام) قد صبر على فراق ولده حتى كاد يحرض من الحزن. قال له على (عليه السلام): لقد كان كذلك، حزن يعقوب حزنا بعده تلاق، ومحمد (صلى الله عليه وآله) قبض ولده إبراهيم (عليه السلام) قرة عينه في حياته منه، فخصه بالاختيار، ليعلم له الإدخار، فقال (صلى الله عليه وآله): يحزن النفس، ويجزع القلب، وإنا عليك يا إبراهيم لمحزونون، ولا نقول ما يسخط الرب! في كل ذلك يؤثر الرضا عن الله عزوجل والاستسلام له في جميع الفعال. قال له اليهودي: فإن هذا يوسف قاسى مرارة الفرقة، وحبس في السجن توقيا للمعصية، وألقي في الجب وحيدا؟ قال له على (عليه السلام): لقد كان كذلك، ومحمد (صلى الله عليه وآله) قاسى مرارة الغربة، وفراق الأهل والأولاد والمال، مهاجرا من حرم الله تعالى وأمنه، فلما رأى الله عزوجل كآبته واستشعاره الحزن، أراه تبارك أسمه رؤيا توازي رؤيا يوسف في تأويلها، وأبان للعالمين صدق تحقيقها، فقال: (لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رءوسكم ومقصرين لا تخافون) (1) ولئن كان يوسف (عليه السلام) حبس في السجن، فلقد حبس رسول الله نفسه في الشعب ثلاث سنين، وقطع منه أقاربه وذوو الرحم وألجأوه إلى أضيق المضيق، ولقد كادهم الله عز ذكره له كيدا مستبينا إذ بعث أضعف خلقه فأكل
1 - الفتح: 48 / 27. 213 عهدهم الذي كتبوه بينهم في قطيعة رحمه، ولئن كان يوسف القي في الجب، فلقد حبس محمد نفسه مخافة عدوه في الغار حتى قال لصاحبه: (لا تحزن إن الله معنا) (1)، ومدحه إليه بذلك في كتابه. قال له اليهودي: فهذا موسى بن عمران آتاه الله عزوجل التوراة التي فيها حكمه؟ قال له على (عليه السلام): فلقد كان كذلك، ومحمد (صلى الله عليه وآله) أعطي ما هو أفضل منه، أعطي محمد (صلى الله عليه وآله) البقرة وسورة المائدة بالإنجيل، وطواسين وطه ونصف المفصل والحواميم بالتوراة، وأعطي نصف المفصل والتسابيح بالزبور، واعطي سورة بني إسرائيل وبراءة بصحف إبراهيم وموسى (عليهما السلام)، وزاد الله عزوجل محمدا السبع الطوال (2) وفاتحة الكتاب وهي السبع المثاني والقرآن العظيم، وأعطي الكتاب والحكمة. قال له اليهودي: فإن موسى ناجاه الله على طور سيناء؟ قال له على (عليه السلام): لقد كان كذلك، ولقد أوحى الله إلى محمد (صلى الله عليه وآله) عند سدرة المنتهى، فمقامه في السماء محمود، وعند منتهى العرش مذكور. قال اليهودي: فلقد ألقى الله على موسى بن عمران محبة منه؟ قال على (عليه السلام): لقد كان كذلك، وقد أعطى محمدا (صلى الله عليه وآله) ما هو أفضل من هذا، لقد ألقى الله محبة منه فمن هذا الذي يشركه في هذا الاسم إذ تم من الله به الشهادة، فلا تتم الشهادة إلا أن يقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، ينادى به على المنابر، فلا يرفع صوت بذكر الله إلا رفع بذكر محمد (صلى الله عليه وآله) معه. قال له اليهودي: فلقد أوحى الله إلى أم موسى لفضل منزلة موسى (عليه السلام)
1 - التوبة: 9 / 40. 2 - السبع الطوال من البقرة إلى الأعراف، والسابعة سورة يونس، أو الأنفال وبراءة لأنهما سورة واحدة عند بعض. 214 عند الله. قال له على (عليه السلام): لقد كان كذلك. ولقد لطف الله جل ثناؤه لأم محمد (صلى الله عليه وآله) بأن أوصل إليها اسمه، حتى قالت: أشهد والعالمون أن محمدا رسول الله منتظر! وشهد الملائكة على الأنبياء أنهم أثبتوه في الأسفار، وبلطف من الله ساقه إليها، وأوصل إليها اسمه لفضل منزلته عنده، حتى رأت في المنام أنه قيل لها: إن ما في بطنك سيد، فإذا ولدته فسميه محمدا، فاشتق الله له اسما من أسمائه، فالله المحمود وهذا محمد. قال له اليهودي: فإن هذا موسى بن عمران قد أرسله الله إلى فرعون، وأراه الآية الكبرى؟ قال له على (عليه السلام): لقد كان كذلك، ومحمد أرسل إلى فراعنة شتى، مثل أبي جهل بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وشيبة، وأبي البختري، والنضر بن الحرث، وأبى بن خلف، ومنبه ونبيه ابني الحجاج، وإلى الخمسة المستهزئين: الوليد بن المغيرة المخزومي، والعاص بن وائل السهمي، والأسود بن عبد يغوث الزهري، والأسود بن المطلب، والحرث بن أبي الطلالة، فأراهم الآيات في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق. قال له اليهودي: لقد انتقم الله عزوجل لموسى من فرعون؟ قال له على (عليه السلام): لقد كان كذلك، ولقد انتقم الله جل اسمه لمحمد (صلى الله عليه وآله) من الفراعنة، فأما المستهزئون فقال الله: (إنا كفيناك المستهزئين) (1) فقتل الله خمستهم، كل واحد منهم بغير قتلة صاحبه في يوم واحد.
1 - الحجر: 15 / 95. 215 فأما الوليد بن المغيرة: فمر بنبل لرجل من خزاعة قد راشه (1) ووضعه في الطريق فأصابه شظية منه، فانقطع أكحله حتى أدماه، فمات وهو يقول: قتلني رب محمد. وأما العاص بن وائل السهمي: فإنه خرج في حاجة له إلى موضع فتدهده (2) تحته حجر، فسقط فتقطع قطعة قطعة، فمات وهو يقول: قتلني رب محمد. وأما الأسود بن عبد يغوث: فإنه خرج يستقبل ابنه زمعة، فاستظل بشجرة، فأتاه جبرئيل فأخذ رأسه فنطح به الشجرة، فقال لغلامه: امنع هذا عني! فقال: ما أرى أحدا يصنع شيئا إلا نفسك، فقتله وهو يقول: قتلني رب محمد. وأما الأسود بن الحرث: فإن النبى (صلى الله عليه وآله) دعا عليه أن يعمي الله بصره، وأن يثكله ولده، فلما كان في ذلك اليوم خرج حتى صار إلى موضع أتاه جبرئيل بورقة خضراء فضرب بها وجهه فعمي، فبقي حتى أثكله الله ولده. وأما الحرث بن أبي الطلالة: فإنه خرج من بيته في السموم فتحول حبشيا، فرجع إلى أهله فقال: أنا الحرث، فغضبوا عليه فقتلوه وهو يقول: قتلني رب محمد. وروي أن الأسود بن الحرث أكل حوتا مالحا فأصابه غلبة العطش، فلم يزل يشرب الماء حتى انشق بطنه، فمات وهو يقول: قتلني رب محمد. كل ذلك في ساعة واحدة، وذلك أنهم كانوا بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالوا له: يا محمد! ننتظر بك إلى الظهر، فإن رجعت عن قولك وإلا قتلناك، فدخل النبى (صلى الله عليه وآله) منزله فأغلق عليه بابه مغتما لقولهم، فأتاه جبرئيل عن الله من ساعته فقال: يا محمد! السلام يقرأ عليك السلام، وهو يقول لك: (اصدع بما تؤمر
1 - راش السهم: الزق عليه الريش. 2 - تدحرج. 216 وأعرض عن المشركين) (1)، يعني أظهر أمرك لأهل مكة، وادعهم إلى الإيمان، قال: يا جبرئيل! كيف أصنع بالمستهزئين وما أوعدوني؟ قال له: (إنا كفيناك المستهزئين) (2) قال: يا جبرئيل! كانوا الساعة بين يدي، قال: كفيتهم، وأظهر أمره عند ذلك. وأما بقية الفراعنة: قتلوا يوم بدر بالسيف، فهزم الله الجميع وولوا الدبر. قال له اليهودي: فإن هذا موسى بن عمران قد اعطي العصا فكان تحول ثعبانا؟ قال له على (عليه السلام): لقد كان كذلك، ومحمد (صلى الله عليه وآله) أعطي ما هو أفضل من هذا، إن رجلا كان يطالب أبا جهل بدين ثمن جزور قد اشتراه، فاشتغل عنه وجلس يشرب، فطلبه الرجل فلم يقدر عليه، فقال له بعض المستهزئين: من تطلب؟ فقال: عمرو بن هشام - يعني أبا جهل - لي عليه دين. قال: فأدلك على من يستخرج منه الحقوق؟ قال: نعم، فدله على النبى (صلى الله عليه وآله)، وكان أبو جهل يقول: ليت لمحمد إلي حاجة فأسخر به وأرده! فأتى الرجل النبى (صلى الله عليه وآله) فقال: يا محمد! بلغني أن بينك وبين عمرو بن هشام حسن صداقة، وأنا استشفع بك إليه، فقام معه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأتى بابه، فقال له: قم يا أبا جهل! فأد إلى الرجل حقه! وإنما كناه بأبي جهل ذلك اليوم، فقام مسرعا حتى أدى إليه حقه، فلما رجع إلى مجلسه قال له بعض أصحابه: فعلت ذلك فرقا من محمد! قال: ويحكم أعذروني؟ إنه لما أقبل رأيت عن يمينه رجالا معهم حراب تتلألأ، وعن يساره ثعبانين تصطك أسنانهما، وتلمع النيران من
1 - الحجر: 15 / 94. 2 - الحجر: 15 / 95. 217 أبصارهما، لو امتنعت لم آمن أن يبعجوا (1) بالحراب بطني وتقضمني الثعبانان! هذا أكبر مما أعطي موسى، وزاد الله محمدا (صلى الله عليه وآله) ثعبانا وثمانية أملاك معهم الحراب، ولقد كان النبى (صلى الله عليه وآله) يؤذي قريشا بالدعاء، فقام يوما فسفه أحلامهم، وعاب دينهم، وشتم أصنامهم، وضلل آباءهم، فاغتموا من ذلك غما شديدا، فقال أبو جهل: والله! للموت خير لنا من الحياة، فليس فيكم معاشر قريش أحد يقتل محمدا فيقتل به!؟ قالوا: لا! قال: فأنا أقتله! فإن شاءت بنو عبد المطلب قتلوني به، وإلا تركوني. قال: إنك إن فعلت ذلك اصطنعت إلى أهل الوادي معروفا لا تزال تذكر به! قال: إنه كثير السجود حول الكعبة، فإذا جاء وسجد أخذت حجرا فشدخته به. فجاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) فطاف بالبيت أسبوعا، ثم صلى وأطال السجود، فأخذ أبو جهل حجرا فأتاه من قبل رأسه، فلما أن قرب منه أقبل فحل من قبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاغرا فاه نحوه، فلما أن رآه أبو جهل فزع منه وارتعدت يده، وطرح الحجر فشدخ رجله، فرجع مدمى، متغير اللون، يفيض عرقا! فقال له أصحابه: ما رأيناك كاليوم؟! قال: ويحكم أعذروني! فإنه أقبل من عنده فحل فاغرا فاه فكاد يبتلعني، فرميت بالحجر فشدخت رجلي! قال اليهودي: فإن موسى قد أعطي اليد البيضاء، فهل فعل بمحمد (صلى الله عليه وآله) شيئا من ذلك؟ قال له على (عليه السلام): لقد كان كذلك، ومحمد (صلى الله عليه وآله) أعطي ما هو أفضل من هذا، إن نورا كان يضيء عن يمينه حيثما جلس، وعن يساره حيثما جلس، وكان يراه الناس كلهم.
1 - يبعجوا: يشقوا. 218 قال له اليهودي: فإن موسى (عليه السلام) قد ضرب له طريق في البحر، فهل فعل بمحمد شيء من هذا؟ قال له على (عليه السلام): لقد كان كذلك، ومحمد (صلى الله عليه وآله) أعطي ما هو أفضل من هذا، خرجنا معه إلى حنين، فإذا نحن بواد يشخب (1)، فقدرناه فإذا هو أربعة عشر قامة، فقالوا: يا رسول الله! العدو وراءنا والوادي أمامنا، كما قال أصحاب موسى، (إنا لمدركون) (2)، فنزل رسول الله ثم قال: أللهم إنك جعلت لكل مرسل دلالة، فأرني قدرتك، وركب صلوات الله عليه فعبرت الخيل لا تندى حوافرها، والإبل لا تندى أخفافها، فرجعنا فكان فتحنا! قال له اليهودي: فإن موسى (عليه السلام) قد أعطي الحجر فانبجست منه اثنتا عشرة عينا. قال على (عليه السلام): لقد كان كذلك، ومحمد (صلى الله عليه وآله) لما نزل الحديبية وحاصره أهل مكة، قد أعطي ما هو أفضل من ذلك، وذلك أن أصحابه شكوا إليه الظمأ وأصابهم ذلك حتى التقت خواصر الخيل، فذكروا له (صلى الله عليه وآله)، فدعا بركوة يمانية ثم نصب يده المباركة فيها، فتفجرت من بين أصابعه عيون الماء، فصدرنا وصدرت الخيل رواء، وملأنا كل مزادة وسقاء. ولقد كنا معه بالحديبية فإذا ثم قليب جافة، فأخرج (صلى الله عليه وآله) سهما من كنانته، فناوله البراء بن عازب وقال له: اذهب بهذا السهم إلى تلك القليب الجافة فاغرسه فيها، ففعل ذلك فتفجرت اثنتا عشرة عينا من تحت السهم! ولقد كان يوم الميضاة عبرة وعلامة للمنكرين لنبوته، كحجر موسى حيث دعا
1 - يشخب: يسيل. 2 - الشعراء: 26 / 61. 219 بالميضاة فنصب يده فيها فغاضت بالماء وارتفع، حتى توضأ منه ثمانية آلاف رجل فشربوا حاجتهم، وسقوا دوابهم، وحملوا ما أرادوا. قال اليهودي: فإن موسى (عليه السلام) أعطي المن والسلوى فهل اعطي لمحمد (صلى الله عليه وآله) نظير هذا. قال له على (عليه السلام): لقد كان كذلك، ومحمد (صلى الله عليه وآله) أعطي ما هو أفضل من هذا، إن الله عزوجل أحل له الغنائم ولأمته، ولم تحل الغنائم لأحد غيره قبله، فهذا أفضل من المن والسلوى، ثم زاده أن جعل نية له ولأمته بلا عمل عملا صالحا، ولم يجعل لأحد من الأمم ذلك قبله، فإذا هم أحدهم بحسنة ولم يعملها كتبت له حسنة، فإن عملها كتب له عشرة. قال له اليهودي: إن موسى (عليه السلام) قد ظلل عليه الغمام؟ قال له على (عليه السلام): لقد كان كذلك وقد فعل ذلك بموسى في التيه وأعطي محمد (صلى الله عليه وآله) أفضل من هذه، إن الغمامة كانت تظله من يوم ولد إلى يوم قبض في حضره وأسفاره. فهذا أفضل مما أعطي موسى. قال له اليهودي: فهذا داود (عليه السلام) قد لين الله له الحديد، فعمل منه الدروع؟ قال له على (عليه السلام): لقد كان كذلك، ومحمد (صلى الله عليه وآله) قد أعطي ما هو أفضل من هذا، إنه لين الله له الصم الصخور الصلاب وجعلها غارا، ولقد غارت الصخرة تحت يده ببيت المقدس لينة حتى صارت كهيئة العجين، وقد رأينا ذلك والتمسناه تحت رايته. قال له اليهودي: هذا داود بكى على خطيئته حتى سارت الجبل معه لخوفه. قال له على (عليه السلام): لقد كان كذلك، ومحمد (صلى الله عليه وآله) أعطي ما هو أفضل من هذا، إنه كان إذا قام إلى الصلاة سمع لصدره وجوفه أريز كأريز المرجل على الأثافي من شدة البكاء، وقد آمنه الله عزوجل من عقابه، فأراد أن يتخشع لربه ببكائه فيكون
220 إماما لمن اقتدى به، ولقد قام (صلى الله عليه وآله) عشر سنين على أطراف أصابعه حتى تورمت قدماه واصفر وجهه، يقوم الليل أجمع، حتى عوتب في ذلك، فقال الله عزوجل: (طه * ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى) (1) بل لتسعد به، ولقد كان يبكي حتى يغشى عليه، فقيل له: يا رسول الله! أليس الله غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: بلى، أفلا أكون عبدا شكورا!؟ ولئن سارت الجبال وسبحت معه لقد عمل بمحمد (صلى الله عليه وآله) ما هو أفضل من هذا، إذ كنا معه على جبل حراء إذ تحرك الجبل فقال له: قر، فإنه ليس عليك إلا نبي أو صديق شهيد! فقر الجبل مطيعا لأمره ومنتهيا إلى طاعته، ولقد مررنا معه بجبل وإذ الدموع تخرج من بعضه! فقال له النبى (صلى الله عليه وآله): ما يبكيك يا جبل؟ فقال: يا رسول الله كان المسيح مر بي وهو يخوف الناس من نار وقودها الناس والحجارة، وأنا أخاف أن أكون من تلك الحجارة! قال له: لا تخف، تلك الحجارة الكبريت. فقر الجبل وسكن وهدأ وأجاب لقوله (صلى الله عليه وآله). قال له اليهودي: فإن هذا سليمان أعطي ملكا لا ينبغي لأحد من بعده؟ قال على (عليه السلام): لقد كان كذلك، ومحمد (صلى الله عليه وآله) أعطي ما هو أفضل من هذا، إنه هبط إليه ملك لم يهبط إلى الأرض قبله، وهو ميكائيل، فقال له: يا محمد! عش ملكا منعما وهذه مفاتيح خزائن الأرض معك، ويسير معك جبالها ذهبا وفضة، ولا ينقص لك مما ادخر لك في الآخرة شيء، فأومى إلى جبرئيل - وكان خليله من الملائكة - فأشار عليه: أن تواضع، فقال له: بل أعيش نبيا عبدا آكل يوما ولا آكل يومين! وألحق بإخواني من الأنبياء! فزاده الله تبارك وتعالى الكوثر وأعطاه الشفاعة، وذلك أعظم من ملك الدنيا من أولها إلى آخرها سبعين مرة، ووعده المقام المحمود، فإذا
1 - طه: 20 / 1 و 2. 221 كان يوم القيامة أقعده الله عزوجل على العرش، فهذا أفضل مما أعطي سليمان. قال له اليهودي: فإن هذا سليمان قد سخرت له الرياح، فسارت به في بلاده غدوها شهر ورواحها شهر؟ قال له على (عليه السلام): لقد كان كذلك، ومحمد (صلى الله عليه وآله) أعطي ما هو أفضل من هذا، إنه أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى مسيرة شهر، وعرج به في ملكوت السماوات مسيرة خمسين ألف عام، في أقل من ثلث ليلة، حتى انتهى إلى ساق العرش، فدنى بالعلم فتدلى من الجنة رفرف أخضر، وغشى النور بصره، فرأى عظمة ربه عزوجل بفؤاده، ولم يرها بعينه، فكان كقاب قوسين بينه وبينها أو أدنى، فأوحى الله إلى عبده ما أوحى، وكان فيما أوحى إليه، الآية التي في سورة البقرة قوله: (لله ما في السموات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شىء قدير). (1) وكانت الآية قد عرضت على الأنبياء من لدن آدم (عليه السلام) إلى أن بعث الله تبارك وتعالى محمدا، وعرضت على الأمم فأبوا أن يقبلوها من ثقلها، وقبلها رسول الله، وعرضها على أمته فقبلوها، فلما رأى الله تبارك وتعالى منهم القبول علم أنهم لا يطيقونها، فلما أن سار إلى ساق العرش كرر عليه الكلام ليفهمه، فقال: (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله - فأجاب (صلى الله عليه وآله) مجيبا عنه وعن أمته -) (2)، فقال جل ذكره: لهم الجنة والمغفرة علي إن فعلوا ذلك. فقال النبى (صلى الله عليه وآله): أما إذا
1 - البقرة: 2 / 284. 2 - البقرة: 2 / 285. 222 فعلت ذلك بنا، ف (- غفرانك ربنا وإليك المصير)، يعني المرجع في الآخرة. قال: فأجابه الله عزوجل: قد فعلت ذلك بك وبأمتك. ثم قال عزوجل: أما إذا قبلت الآية بتشديدها وعظم ما فيها وقد عرضتها على الأمم فأبوا أن يقبلوها وقبلتها أمتك، حق علي أن أرفعها عن أمتك، وقال: (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت - من خير - وعليها ما اكتسبت)، من شر، فقال النبى (صلى الله عليه وآله) - لما سمع - ذلك: أما إذا فعلت ذلك بي وبأمتي فزدني، قال: سل، قال: (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) (1)، قال الله عزوجل: لست أؤاخذ أمتك بالنسيان والخطأ لكرامتك علي، وكانت الأمم السالفة إذا نسوا ما ذكروا به فتحت عليهم أبواب العذاب، وقد دفعت ذلك عن أمتك، وكانت الأمم السالفة إذا أخطأوا أخذوا بالخطأ وعوقبوا عليه. وقد رفعت ذلك عن أمتك لكرامتك علي. فقال (صلى الله عليه وآله): أللهم إذا أعطيتني ذلك فزدني. قال الله تبارك وتعالى له: سل. قال: (ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا) (2)، يعني بالإصر: الشدائد التي كانت على من كان من قبلنا، فأجابه الله عزوجل إلى ذلك، وقال تبارك اسمه: قد رفعت عن أمتك الآصار التي كانت على الأمم السالفة، كنت لا أقبل صلاتهم إلا في بقاع معلومة من الأرض اخترتها لهم وإن بعدت، وقد جعلت الأرض كلها لأمتك مسجدا وطهورا، فهذه من الآصار التي كانت على الأمم قبلك فرفعتها عن أمتك، وكانت الأمم السالفة إذا أصابهم أذى من نجاسة قرضوه من أجسادهم، وقد جعلت الماء لأمتك طهورا، فهذا من الآصار التي كانت عليهم فرفعتها عن أمتك، وكانت الأمم السالفة تحمل قرابينها على أعناقها إلى بيت
1 - البقرة: 2 / 286. 2 - البقرة: 2 / 286. 223 المقدس، فمن قبلت ذلك منه أرسلت عليه نارا فأكلته فرجع مسرورا، ومن لم أقبل منه ذلك رجع مثبورا، وقد جعلت قربان أمتك في بطون فقرائها ومساكينها فمن قبلت ذلك منه أضعفت ذلك له أضعافا مضاعفة، ومن لم أقبل ذلك منه رفعت عنه عقوبات الدنيا، قد رفعت ذلك عن أمتك، وهي من الآصار التي كانت على الأمم من كان من قبلك، كانت الأمم السالفة صلواتها مفروضة عليها في ظلم الليل وأنصاف النهار، وهي من الشدائد التي كانت عليهم، فرفعتها عن أمتك وفرضت صلاتهم في أطراف الليل والنهار، وفي أوقات نشاطهم. وكانت الأمم السالفة قد فرضت عليهم خمسين صلاة في خمسين وقتا، وهي من الآصار التي كانت عليهم، فرفعتها عن أمتك وجعلتها خمسا في خمسة أوقات، وهي إحدى وخمسون ركعة، وجعلت لهم أجر خمسين صلاة، وكانت الأمم السالفة حسنتهم بحسنة وسيئتهم بسيئة، وهي من الآصار التي كانت عليهم، فرفعتها عن أمتك وجعلت الحسنة بعشرة والسيئة بواحدة، وكانت الأمم السالفة إذا نوى أحدهم حسنة فلم يعملها لم تكتب له، وإن عملها كتبت له حسنة، وإن أمتك إذا هم أحدهم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة، وإن عملها كتبت له عشرة، وهي من الآصار التي كانت عليهم فرفعتها عن أمتك، وكانت الأمم السالفة إذا هم أحدهم بسيئة فلم يعملها لم تكتب عليه، وإن عملها كتبت عليه سيئة، وإن أمتك إذا هم أحدهم بسيئة ثم لم يعملها كتبت له حسنة، وهذه من الآصار التي كانت عليهم فرفعتها عن أمتك. وكانت الأمم السالفة إذا أذنبوا كتبت ذنوبهم على أبوابهم، وجعلت توبتهم من الذنوب: أن حرمت عليهم بعد التوبة أحب الطعام إليهم، وقد رفعت ذلك عن أمتك، وجعلت ذنوبهم فيما بيني وبينهم وجعلت عليهم ستورا كثيفة، وقبلت توبتهم بلا عقوبة، ولا أعاقبهم بأن أحرم عليهم أحب الطعام إليهم، وكانت الأمم السالفة يتوب
224 أحدهم إلى الله من الذنب الواحد مائة سنة، أو ثمانين سنة، أو خمسين سنة، ثم لا أقبل توبته دون أن أعاقبه في الدنيا بعقوبة، وهي من الآصار التي كانت عليهم فرفعتها عن أمتك، وإن الرجل من أمتك ليذنب عشرين سنة، أو ثلاثين سنة، أو أربعين سنة، أو مائة سنة ثم يتوب ويندم طرفة عين فأغفر ذلك كله. فقال النبي (صلى الله عليه وآله): إذا أعطيتني ذلك كله فزدني. قال: سل. قال: (ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به) (1) قال تبارك اسمه: قد فعلت ذلك بأمتك، وقد رفعت عنهم عظم بلايا الأمم، وذلك حكمي في جميع الأمم: أن لا أكلف خلقا فوق طاقتهم، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): (واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا)، قال الله عزوجل: قد فعلت ذلك بتائبي أمتك، ثم قال (صلى الله عليه وآله): (فانصرنا على القوم الكافرين) (2) قال الله جل اسمه: إن أمتك في الأرض كالشامة البيضاء في الثور الأسود، هم القادرون، وهم القاهرون، يستخدمون ولا يستخدمون، لكرامتك علي، وحق علي أن أظهر دينك على الأديان، حتى لا يبقى في شرق الأرض وغربها دين إلا دينك، ويؤدون إلى أهل دينك الجزية. قال اليهودي: فإن هذا سليمان (عليه السلام) سخرت له الشياطين، يعملون له ما يشاء من محاريب، وتماثيل؟ قال له على (عليه السلام): لقد كان كذلك، ولقد أعطي محمد (صلى الله عليه وآله) أفضل من هذا، إن الشياطين سخرت لسليمان وهي مقيمة على كفرها، ولقد سخرت لنبوة محمد (صلى الله عليه وآله) الشياطين بالإيمان، فأقبل إليه من الجنة التسعة من أشرافهم، واحد من جن نصيبين، والثمان من بني عمرو بن عامر من الأحجة منهم شضاه، ومضاه، والهملكان،
1 - البقرة: 2 / 286. 2 - البقرة: 2 / 286. 225 والمرزبان، والمازمان، ونضاه، وهاضب، وهضب، وعمرو، وهم الذين يقول الله تبارك اسمه فيهم: (وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن) (1) وهم التسعة، فأقبل إليه الجن والنبي (صلى الله عليه وآله) ببطن النخل فاعتذروا بأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا، ولقد أقبل إليه أحد وسبعون ألفا منهم فبايعوه على الصوم، والصلاة، والزكاة، والحج، والجهاد، ونصح المسلمين، واعتذروا بأنهم قالوا على الله شططا، وهذا أفضل مما أعطي سليمان، فسبحان من سخرها لنبوة محمد (صلى الله عليه وآله) بعد أن كانت تتمرد، وتزعم أن لله ولدا، ولقد شمل مبعثه من الجن والإنس ما لا يحصى. قال له اليهودي: هذا يحيى بن زكريا (عليهما السلام) يقال: إنه أوتي الحكم صبيا والحلم، والفهم، وأنه كان يبكي من غير ذنب، وكان يواصل الصوم؟ قال له علي (عليه السلام): لقد كان كذلك، ومحمد (صلى الله عليه وآله) أعطي ما هو أفضل من هذا، إن يحيى بن زكريا كان في عصر لا أوثان فيه ولا جاهلية، ومحمد (صلى الله عليه وآله) أوتي الحكم والفهم صبيا بين عبدة الأوثان، وحزب الشيطان، فلم يرغب لهم في صنم قط ولم ينشط لأعيادهم، ولم ير منه كذب قط، وكان أمينا، صدوقا، حليما، وكان يواصل الصوم الأسبوع والأقل والأكثر، فيقال له في ذلك، فيقول: إني لست كأحدهم إني أظل عند ربي، فيطعمني، ويسقيني، وكان يبكي (صلى الله عليه وآله) حتى تبتل مصلاه خشية من الله عزوجل من غير جرم. قال له اليهودي: فإن هذا عيسى بن مريم (عليهما السلام) يزعمون أنه تكلم في المهد صبيا؟ قال له علي (عليه السلام): لقد كان كذلك، ومحمد (صلى الله عليه وآله) سقط من بطن أمه واضعا يده اليسرى على الأرض، ورافعا يده اليمنى إلى السماء، يحرك شفتيه بالتوحيد، وبدأ
1 - الأحقاف: 46 / 29. 226 من فيه نور رأى أهل مكة منه قصور بصرى من الشام وما يليها، والقصور الحمر من أرض اليمن وما يليها، والقصور البيض من إسطخر وما يليها، ولقد أضاءت الدنيا ليلة ولد النبى (صلى الله عليه وآله) حتى فزعت الجن والإنس والشياطين، وقالوا: حدث في الأرض حدث، ولقد رأى الملائكة ليلة ولد تصعد وتنزل، وتسبح وتقدس، وتضطرب النجوم وتتساقط، علامة لميلاده. ولقد هم إبليس بالظعن في السماء لما رأى من الأعاجيب في تلك الليلة، وكان له مقعد في السماء الثالثة، والشياطين يسترقون السمع، فلما رأوا العجائب أرادوا أن يسترقوا السمع، فإذا هم قد حجبوا من السماوات كلها، ورموا بالشهب، دلالة لنبوته (صلى الله عليه وآله). قال له اليهودي: فإن عيسى (عليه السلام) يزعمون أنه قد أبرأ الأكمه والأبرص بإذن الله؟ قال له علي (عليه السلام): لقد كان كذلك، ومحمد (صلى الله عليه وآله) أعطي ما هو أفضل من ذلك: أبرأ ذا العاهة من عاهته، وبينما هو جالس إذ سأل عن رجل من أصحابه فقالوا: يا رسول الله! إنه قد صار من البلاء كهيئة الفرخ الذي لا ريش عليه. فأتاه (صلى الله عليه وآله) فإذا هو كهيئة الفرخ من شدة البلاء، فقال له: قد كنت تدعو في صحتك دعاء؟ قال: نعم، كنت أقول: يا رب! أيما عقوبة أنت معاقبي بها في الآخرة فاجعلها لي في الدنيا! فقال له النبى (صلى الله عليه وآله): ألا قلت أللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. فقالها الرجل، فكأنما نشط من عقال، وقام صحيحا وخرج معنا! ولقد أتاه رجل من جهينة أجذم يتقطع من الجذام، فشكا إليه (صلى الله عليه وآله)، فأخذ قدحا من ماء فتفل عليه، ثم قال: إمسح جسدك. ففعل فبرئ حتى لم يوجد عليه شيء!
227 ولقد أتي النبى بأعرابي أبرص، فتفل (صلى الله عليه وآله) من فيه عليه فما قام من عنده إلا صحيحا! ولئن زعمت أن عيسى (عليه السلام) أبرأ ذوي العاهات من عاهاتهم، فإن محمدا (صلى الله عليه وآله) بينما هو في أصحابه إذ هو بامرأة فقالت: يا رسول الله! إن ابني قد أشرف على حياض الموت، كلما أتيته بطعام وقع عليه التثاؤب. فقام النبى (صلى الله عليه وآله) وقمنا معه، فلما أتيناه قال له: جانب يا عدو الله ولى الله! فأنا رسول الله. فجانبه الشيطان، فقام صحيحا وهو معنا في عسكرنا! ولئن زعمت أن عيسى (عليه السلام) أبرأ العميان فإن محمدا (صلى الله عليه وآله) قد فعل ما هو أكبر من ذلك: إن قتادة بن ربيع كان رجلا صحيحا، فلما أن كان يوم أحد أصابته طعنة في عينه فبدرت حدقته، فأخذها بيده ثم أتى بها إلى النبى (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله! إن امرأتي الآن تبغضني! فأخذها رسول الله من يده ثم وضعها مكانها، فلم تكن تعرف إلا بفضل حسنها وفضل ضوئها على العين الأخرى! ولقد جرح عبد الله بن عبيد وبانت يده يوم حنين، فجاء إلى النبى (صلى الله عليه وآله)، فمسح عليه يده فلم تكن تعرف من اليد الأخرى! ولقد أصاب محمد بن مسلم يوم كعب بن أشرف مثل ذلك في عينه ويده، فمسحه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلم تستبينا! ولقد أصاب عبد الله بن أنيس مثل ذلك في عينه، فمسحها فما عرفت من الأخرى، فهذه كلها دلالة لنبوته (صلى الله عليه وآله). قال له اليهودي: فإن عيسى يزعمون أنه أحيى الموتى بإذن الله؟ قال له علي (عليه السلام): لقد كان كذلك، ومحمد سبحت في يده تسع حصيات تسمع نغماتها في جمودها ولا روح فيها لتمام حجة نبوته! ولقد كلمه الموتى من بعد موتهم، واستغاثوه مما خافوا تبعته! ولقد صلى بأصحابه ذات يوم، فقال: ما هاهنا من بني النجار أحد وصاحبهم محتبس على باب الجنة بثلاثة دراهم لفلان اليهودي!؟ - وكان شهيدا -
228 ولئن زعمت: أن عيسى كلم الموتى، فلقد كان لمحمد ما هو أعجب من هذا: إن النبى لما نزل بالطائف وحاصر أهلها، بعثوا إليه بشاة مسلوخة مطلية بسم، فنطق الذراع منها فقالت: يا رسول الله! لا تأكلني فإني مسمومة! فلو كلمته البهيمة وهي حية لكانت من أعظم حجج الله على المنكرين لنبوته، فكيف وقد كلمته من بعد ذبح وسلخ وشي! (1) ولقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يدعو بالشجرة فتجيبه! وتكلمه البهيمة! وتكلمه السباع! وتشهد له بالنبوة! وتحذرهم عصيانه! فهذا أكثر مما أعطي عيسى (عليه السلام). قال له اليهودي: إن عيسى يزعمون أنه أنبأ قومه بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم؟ قال له علي (عليه السلام): لقد كان كذلك، ومحمد كان له أكثر من هذا: إن عيسى أنبأ قومه بما كان من وراء الحائط، ومحمد أنبأ عن مؤتة وهو عنها غائب، ووصف حربهم ومن استشهد منهم، وبينه وبينهم مسيرة شهر، وكان يأتيه الرجل يريد أن يسأله عن شيء فيقول (صلى الله عليه وآله): تقول أو أقول؟ فيقول: بل قل يا رسول الله! فيقول: جئتني في كذا وكذا حتى يفرغ من حاجته! ولقد كان (صلى الله عليه وآله) يخبر أهل مكة بأسرارهم بمكة حتى لا يترك من أسرارهم شيئا! منها: ما كان بين صفوان بن أمية وبين عمير بن وهب، إذ أتاه عمير فقال: جئت في فكاك ابني. فقال له: كذبت بل قلت لصفوان بن أمية وقد اجتمعتم في الحطيم وذكرتم قتلى بدر وقلتم: والله! للموت أهون علينا من البقاء مع ما صنع محمد بنا، وهل حياة بعد أهل القليب، فقلت أنت: لولا عيالي، ودين علي لأرحتك من محمد.
1 - أي من بعد ما صار مشويا، مطبوخا. 229 فقال صفوان: علي أن أقضي دينك، وأن أجعل بناتك مع بناتي يصيبهن ما يصيبهن من خير أو شر. فقلت أنت: فاكتمها علي وجهزني حتى أذهب فأقتله، فجئت لقتلي! فقال: صدقت يا رسول الله! فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، وأشباه هذا مما لا يحصى. قال له اليهودي: فإن عيسى يزعمون أنه خلق من الطين كهيئة الطير فنفخ فيه فكان طيرا بإذن الله؟ قال له علي (عليه السلام): لقد كان كذلك، ومحمد (صلى الله عليه وآله) قد فعل ما هو شبيه لهذا، إذ أخذ يوم حنين حجرا فسمعنا للحجر تسبيحا وتقديسا! ثم قال للحجر: انفلق. فانفلق ثلاث فلق! يسمع لكل فلقة منها تسبيحا لا يسمع للأخرى! ولقد بعث إلى شجرة يوم البطحاء فأجابته! ولكل غصن منها تسبيح وتهليل وتقديس! ثم قال لها: انشقي! فانشقت نصفين! ثم قال لها: التزقي. فالتزقت! ثم قال لها: اشهدي بالنبوة. فشهدت! ثم قال لها: ارجعي إلى مكانك بالتسبيح والتهليل والتقديس! ففعلت! وكان موضعها حيث الجزارين بمكة. قال له اليهودي: فإن عيسى يزعمون أنه كان سياحا؟ قال له علي (عليه السلام): لقد كان كذلك، ومحمد كانت سياحته في الجهاد، واستنفر في عشر سنين ما لا يحصى من حاضر وباد، وأفنى فئاما من العرب، من منعوت بالسيف لا يداري بالكلام ولا ينام إلا عن دم، ولا يسافر إلا وهو متجهز لقتال عدوه. قال له اليهودي: فإن عيسى يزعمون أنه كان زاهدا؟ قال له علي (عليه السلام): لقد كان كذلك، ومحمد (صلى الله عليه وآله) أزهد الأنبياء (عليهم السلام)، كان له ثلاث عشرة زوجة سوى من يطيف به من الإماء، ما رفعت له مائدة قط وعليها طعام، ولا أكل خبز بر قط، ولا شبع من خبز شعير ثلاث ليال متواليات قط، توفي
230 رسول الله (صلى الله عليه وآله) ودرعه مرهونة عند يهودي بأربعة دراهم، ما ترك صفراء ولا بيضاء مع ما وطئ له من البلاد، ومكن له من غنائم العباد، ولقد كان يقسم في اليوم الواحد الثلاثمائة ألف وأربعمائة ألف، ويأتيه السائل بالعشي فيقول: والذي بعث محمدا بالحق ما أمسى في آل محمد صاع من شعير، ولا صاع من بر، ولا درهم، ولا دينار. قال له اليهودي: فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وأشهد أنه ما أعطى الله نبيا درجة ولا مرسلا فضيلة إلا وقد جمعها لمحمد (صلى الله عليه وآله)، وزاد محمدا على الأنبياء أضعاف ذلك درجات. فقال ابن عباس لعلى بن أبي طالب (عليه السلام): أشهد يا أبا الحسن أنك من الراسخين في العلم. فقال: ويحك! وما لي لا أقول ما قلت في نفس من استعظمه الله عزوجل في عظمته فقال: (وإنك لعلى خلق عظيم) (1). (2) ومنها: فضل الجهاد [154] - 73 - الطبرسي: روى علي بن موسى الرضا، عن الحسين بن علي (عليهم السلام) قال: بينما أمير المؤمنين يخطب ويحضهم على الجهاد اذ قام إليه شاب فقال: يا أمير المؤمنين! أخبرني عن فضل الغزاة في سبيل الله، فقال: كنت رديف رسول الله (عليه السلام) على ناقته العضباء، ونحن منقلبون عن غزوة ذات السلاسل، فسألته عما سألتني عنه فقال: الغزاة إذا هموا بالغزو كتب الله لهم براءة من النار فإذا تجهزوا لغزوهم باهى الله بهم الملائكة، فإذا ودعهم أهلوهم بكت
1 - القلم: 68 / 4. 2 - الاحتجاج 1: 497 ح 127، تفسير البرهان 2: 356، إرشاد القلوب: 406 مع اختلاف، بحار الأنوار 11: 139 و 277 باختصار فيهما، و 16: 341. 231 عليهم الحيطان والبيوت، ويخرجون من الذنوب كما خرج [تخرج] الحية من سلخها.... (1) ومنها: ما سأل الشامي أمير المؤمنين (عليه السلام) [155] - 74 - الصدوق: حدثنا أبو الحسن محمد بن عمرو بن علي بن عبد الله البصري بإيلاق، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أحمد بن جبلة الواعظ قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي قال: حدثنا أبي قال: حدثنا علي بن موسى الرضا قال: حدثنا أبي موسى بن جعفر قال: حدثنا أبي جعفر بن محمد قال: حدثنا أبي محمد بن علي قال: حدثنا أبي علي بن الحسين قال: حدثنا أبي الحسين بن علي (عليهم السلام) قال: كان على بن أبي طالب (عليه السلام) بالكوفة في الجامع إذ قام إليه رجل من أهل الشام فقال: يا أمير المؤمنين! إني أسألك عن أشياء. فقال: سل تفقها، ولا تسأل تعنتا. فأحدق الناس بأبصارهم. فقال: أخبرني عن أول ما خلق الله تعالى؟ فقال (عليه السلام): خلق النور. قال: فمم خلقت السماوات؟ قال (عليه السلام): من بخار الماء. قال: فمم خلقت الأرض؟ قال (عليه السلام): من زبد الماء. قال: فمم خلقت الجبال؟ قال (عليه السلام): من الأمواج. قال: فلم سميت مكة أم القرى؟ قال (عليه السلام): لأن الأرض دحيت من تحتها. وسأله عن السماء الدنيا مما هي؟ قال (عليه السلام) من موج مكفوف. وسأله عن طول الشمس والقمر وعرضهما؟
1 - مجمع البيان 2: 884، جامع الأخبار: 209 ح 513، صحيفة الرضا 1: 267. 232 قال: تسع مأة فرسخ في تسعمأة فرسخ. وسأله كم طول الكوكب وعرضه؟ قال (عليه السلام): اثنا عشر فرسخا في مثلها. وسأله عن ألوان السموات السبع وأسمائها؟ فقال (عليه السلام) له: اسم السماء الدنيا رفيع، وهي من ماء ودخان، واسم السماء الثانية فيدوم، وهي على لون النحاس، والسماء الثالثة اسمها الماروم، وهي على لون الشبه، والسماء الرابعة اسمها أرفلون، وهي على لون الفضة، والسماء الخامسة اسمها هيعون، وهي على لون الذهب، والسماء السادسة اسمها عروس، وهي ياقوتة خضراء، والسماء السابعة اسمها عجماء، وهي درة بيضاء. وسأله عن الثور ما باله غاض طرفه لم يرفع رأسه إلى السماء؟ قال (عليه السلام): حياء من الله عزوجل لما عبد قوم موسى العجل نكس رأسه. وسأله عن من جمع بين الأختين؟ فقال (عليه السلام): يعقوب بن إسحاق جمع بين حبار وراحيل، فحرم بعد ذلك، فأنزل: (وأن تجمعوا بين الأختين) (1). وسأله عن المد والجزر ما هما؟ فقال (عليه السلام): ملك من ملائكة الله عزوجل موكل بالبحار يقال له: رومان، فإذا وضع قدميه في البحر فاض، فإذا أخرجهما غاض. وسأله عن اسم أبي الجن؟ فقال: شومان، وهو الذي خلق من مارج من نار. وسأله هل بعث الله عز وجل نبيا إلى الجن؟ فقال (عليه السلام): نعم، بعث إليهم نبيا يقال له: يوسف، فدعاهم إلى الله عزوجل فقتلوه. وسأله عن اسم إبليس ما كان في السماء؟ قال (عليه السلام): كان اسمه الحارث. وسأله لم سمي آدم آدم؟ قال (عليه السلام): لأنه خلق من أديم الأرض.
1 - النساء: 4 / 23. 233 وسأله لم صارت الميراث للذكر مثل حظ الأنثيين؟ فقال (عليه السلام): من قبل السنبلة كانت عليها ثلاث حبات، فبادرت إليها حواء فأكلت منها حبة وأطعمت آدم حبتين، فمن ذلك ورث للذكر مثل حظ الأنثيين. وسأله من خلق الله عز وجل من الانبياء مختونا؟ فقال (عليه السلام): خلق الله عزوجل آدم مختونا، وولد شيث مختونا، وإدريس ونوح وسام بن نوح وإبراهيم وداود سليمان ولوط وإسماعيل وموسى وعيسى (عليهم السلام) ومحمد (صلى الله عليه وآله). وسأله كم كان عمر آدم (عليه السلام) فقال: تسعمأة وثلاثين سنة. وسأله عن أول من قال الشعر؟ فقال: آدم (عليه السلام)، قال: وما كان شعره؟ قال (عليه السلام): لما أنزل إلى الأرض من السماء فرأى تربتها وسعتها وهواها وقتل قابيل هابيل، قال آدم (عليه السلام): تغيرت البلاد ومن عليها * فوجه الأرض مغبر قبيح! تغير كل ذي طعم ولون * وقل بشاشة الوجه المليح أرى طول الحياة علي غما * وهل أنا من حياتي مستريح؟! وما لي لا أجود بسكب دمع! * وهابيل تضمنه الضريح قتل قابيل هابيلا أخاه * فواحزني لقد فقد المليح فأجابه إبليس لعنه الله: تنح عن البلاد وساكنيها * فبي في الخلد ضاق بك الفسيح وكنت بها وزوجك في قرار * وقلبك من أذى الدنيا مريح فلم تنفك من كيدي ومكري * إلى أن فاتك الثمن الربيح وبدل أهلها أثلا وخمطا * بحبات وأبواب منيح فلولا رحمة الجبار أضحى * بكفك من جنان الخلد ريح
234 وسأله عن بكاء آدم على الجنة وكم كانت دموعه التي جرت من عينيه؟ فقال (عليه السلام): بكى مأة سنة، أي وخرج من عينه اليمنى مثل الدجلة، والعين الأخرى مثل الفرات. وسأله كم حج آدم من حجة؟ فقال (عليه السلام): سبعين حجة ماشيا على قدميه، وأول حجة حجها كان معه الصرد يدله على مواضع الماء، وخرج معه من الجنة، وقد نهى عن أكل الصرد والخطاف. وسأله ما باله لا يمشي؟ قال (عليه السلام) له: لأنه ناح على بيت المقدس، فطاف حوله أربعين عاما يبكي عليه، ولم يزل يبكي مع آدم (عليه السلام)، فمن هناك سكن البيوت، ومعه تسع آيات من كتاب الله عزوجل مما كان آدم (عليه السلام) يقرأها في الجنة، وهي معه إلى يوم القيامة، ثلاث آيات من أول الكهف، وثلاث آيات من سبحان الذي أسرى وهي: (وإذا قرأت القرآن) (1) وثلاث آيات من يس، وهي (وجعلنا منم بين أيديهم سدا) (2). وسأله عن أول من كفر وأنشأ الكفر؟ فقال (عليه السلام): إبليس لعنه الله. وسأله عن اسم نوح ما كان؟ فقال (عليه السلام): اسمه السكن، وإنما سمي نوحا، لأنه ناح على قومه ألف سنة إلا خمسين عاما. وسأله عن سفينة نوح ما كان عرضها وطولها؟ فقال (عليه السلام): كان طولها ثمانمائة ذراع وعرضها خمسمائة ذراع، وارتفاعها في السماء ثمانين ذراعا. ثم جلس الرجل، فقام إليه آخر، فقال: يا أمير المؤمنين! أخبرنا عن أول شجرة غرست في الأرض، فقال: العوسجة، ومنها عصى موسى (عليه السلام).
1 - الإسراء: 17 / 45 - 47. 2 - يس: 36 / 9 - 11. 235 وسأله عن أول شجرة نبتت في الأرض، فقال: هي الدبا، وهو القرع. وسأله عن أول من حج من أهل السماء، فقال له: جبرائيل. وسأله عن أول بقعة بسطت من الأرض أيام الطوفان، فقال له: موضع الكعبة، وكانت زبرجدة خضراء. وسأله عن أكرم واد على وجه الأرض، فقال: واد يقال له: سرنديب، فسقط فيه آدم (عليه السلام) من السماء. وسأله عن شر واد على وجه الأرض، فقال: واد باليمن يقال له: برهوت، وهو من أودية جهنم. وسأله عن سجن سار بصاحبه، فقال: الحوت، سار بيونس بن متى. وسأله عن ستة لم يركضوا في رحم، فقال: آدم، وحوا، وكبش إبراهيم، وعصى موسى، وناقة صالح، والخفاش الذي عمله عيسى بن مريم (عليه السلام) وطار باذن الله عزوجل. وسأله عن شىء مكذوب عليه ليس من الجن ولا من الإنس، فقال: الذئب الذي كذب عليه إخوة يوسف. وسأله عن شيء أوحي إليه ليس من الجن ولا من الإنس، فقال: أوحى الله عزوجل إلى النحل. وسأله عن أطهر موضع على وجه الأرض لا تحل الصلاة فيه، فقال له: ظهر الكعبة. وسأله عن موضع طلعت عليه الشمس ساعة من النهار ولا تطلع عليه أبدا، فقال: ذلك البحر حين فلقه الله لموسى (عليه السلام)، فأصابت أرضه الشمس، وأطيق عليه الماء، فلن تصيبه الشمس.
236 وسأله عن شىء شرب وهو حي، وأكل وهو ميت، فقال: تلك عصى موسى (عليه السلام). وسأله عن نذير أنذر قومه ليس من الجن ولا من الإنس، فقال: هي النملة. وسأله عن أول ما أمر بالختان، فقال: إبراهيم (عليه السلام). وسأله عن أول من خفض من النساء، فقال: هاجر أم إسماعيل، خفضتها سارة لتخرج من يمينها. وسأله عن أول امرأة جرت ذيلها، فقال: هاجر لما هربت من سارة. وسأله عن أول من جر ذيله من الرجال، قال: قارون. وسأله عن أول من لبس النعلين، فقال: إبراهيم. وسأله عن أكرم الناس نسبا، فقال: صديق الله يوسف بن يعقوب إسرائيل الله ابن إسحاق ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله صلوات الله عليهم. وسأله عن ستة من الانبياء لهم اسمان، فقال: يوشع بن نون. وهو ذو الكفل، ويعقوب وهو إسرائيل، والخضر وهو حلقيا، ويونس وهو ذو النون، وعيسى وهو المسيح، ومحمد وهو أحمد (صلى الله عليه وآله). وسأله عن شىء يتنفس ليس له لحم ولا دم، فقال له: ذاك الصبح إذا تنفس. وسأله عن خمسة من الانبياء تكلموا بالعربية، فقال (عليه السلام): هو هود، وشعيب، وصالح، وإسماعيل، ومحمد (صلى الله عليه وآله). ثم جلس وقام رجل آخر سأله وتعنته فقال: يا أمير المؤمنين أخبرنا عن قول الله عزوجل: (يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل
237 امرء منهم يومئذ شأن يغنيه) (1) من هم؟ فقال (عليه السلام): قابيل يفر من هابيل، والذي يفر من أمه موسى، والذي يفر من أبيه إبراهيم، يعني الأب المربي لا الوالد، والذي يفر من صاحبته لوط، والذي يفر من ابنه نوح، يفر من ابنه كنعان. وسأله عن أول من مات فجأة، فقال (عليه السلام): داود مات على منبره يوم الأربعاء. وسأله عن أربعة لا يشبعن من أربع، فقال: الأرض من المطر، والأنثى من الذكر، والعين من النظر، والعالم من العلم. وسأله عن أول من وضع سكة الدنانير والدراهم، فقال: نمرود بن كنعان بعد نوح (عليه السلام). وسأله عن أول من عمل عمل قوم لوط، فقال (عليه السلام): إبليس، لأنه أمكن من نفسه. وسأله عن معنى هدير الحمام الراعبية، فقال: تدعو على أهل المعازف والقيان والمزامير والعيدان. وسأله عن كنية البراق، فقال (عليه السلام): يكنى أبا هلال. وسأله لم سمي تبع الملك تبعا؟ فقال (عليه السلام): لأنه كان غلاما كاتبا، وكان يكتب للملك الذي كان قبله، وكان إذا كتب، كتب بسم الله الذي خلق صبحا وريحا، فقال الملك: اكتب وابدأ باسم ملك الرعد، فقال: لا أبدأ إلا باسم إلهي، ثم اعطف على حاجتك، فشكر الله عزوجل له ذلك، فأعطاه ملك ذلك الملك فتابعه الناس على ذلك، فسمي تبعا. وسأله ما بال الماعز مرفوعة الذنب بادية الحياء والعورة، فقال (عليه السلام): لأن الماعز عصت نوحا (عليه السلام) لما أدخلها السفينة، فدفعها، فكسر ذنبها، والنعجة مستورة
1 - عبس: 34. 238 الحياء والعورة، لأن النعجة بادرت بالدخول إلى السفينة، فمسح نوح (عليه السلام) يده على حياها وذنبها فاستترت بالألية. وسأله عن كلام أهل الجنة، فقال: كلام أهل الجنة بالعربية. وسأله عن كلام أهل النار، فقال: بالمجوسية. وسأله عن النوم على كم وجه هو؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): النوم على أربعة أصناف: الأنبياء تنام على أقفيتها مستلقية وأعينها لا تنام متوقعة لوحي ربها عزوجل، والمؤمن ينام على يمينه مستقبل القبلة، والملوك وأنباؤها تنام على شمالها ليستمرؤوا ما يأكلون، وإبليس وأخواته وكل مجنون وذو عاهة ينامون على وجوههم منبطحين. ثم جلس وقام إليه رجل آخر، فقال: يا أمير المؤمنين! أخبرني عن يوم الأربعاء وتطيرنا منه وثقله، وأي أربعاء هو؟ فقال (عليه السلام): آخر أربعاء في الشهور، وهو المحاق، وفيه قتل قابيل هابيل أخاه، ويوم الأربعاء ألقي إبراهيم (عليه السلام) في النار، ويوم الأربعاء وضعوه في المنجنيق، ويوم الأربعاء أغرق الله فرعون، ويوم الأربعاء جعل الله عزوجل قرية لوط عاليها سافلها، ويوم الأربعاء أرسل الله عزوجل الريح على قوم عاد، ويوم الأربعاء أصبحت كالصريم، ويوم الأربعاء سلط الله عزوجل على نمرود البقة، ويوم الأربعاء طلب فرعون موسى (عليه السلام) ليقتله، ويوم الأربعاء خر عليهم السقف من فوقهم، ويوم الأربعاء أمر فرعون بذبح الغلمان، ويوم الأربعاء خرب بيت المقدس، ويوم الأربعاء أحرق مسجد سليمان بن داود بإصطخر من كورة فارس، ويوم الأربعاء قتل يحيى بن زكريا، ويوم الأربعاء أظل قوم فرعون أول العذاب، ويوم الأربعاء خسف الله عزوجل بقارون، ويوم الأربعاء ابتلي أيوب (عليه السلام) بذهاب أهله وولده وماله، ويوم الأربعاء أدخل يوسف (عليه السلام) السجن، ويوم الأربعاء قال الله
239 عزوجل: (أنا دمرناهم وقومهم أجمعين) (1) ويوم الأربعاء أخذتهم الصيحة، ويوم الأربعاء عقروا الناقة، ويوم الأربعاء أمطرت عليهم حجارة من سجيل، ويوم الأربعاء شج النبى (صلى الله عليه وآله) وكسرت رباعيته، ويوم الأربعاء أخذت العمالقة التابوت. وسأله عن الأيام وما يجوز فيها من العمل، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): يوم السبت يوم مكر وخديعة، ويوم الأحد يوم غرس وبناء، ويوم الاثنين يوم حرب ودم، ويوم الثلاثاء يوم سفر وطلب، ويوم الأربعاء يوم شؤم يتطير فيه الناس، ويوم الخميس يوم الدخول على الأمراء وقضاء الحوائج، ويوم الجمعة يوم خطبة ونكاح. (2) [156] - 75 - الإربلي: عن موسى بن جعفر عن آبائه، قال الحسين (عليهم السلام): جاء رجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) يسعى بقوم فأمرني أن دعوت له قنبرا، فقال له علي (عليه السلام): اخرج إلى هذا الساعي فقل له: قد أسمعتنا ما كره الله تعالى، فانصرف في غير حفظ الله تعالى. (3)
1 - النمل: 27 / 51. 2 - عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 218 ح 1، الخصال: 208 ح 30، و 322 ح 7 و 8 مع اختصار، وكنز الدقائق 3: 66 و 2: 90 مع اختصار. 3 - كشف الغمة 2: 218، بحار الأنوار 41: 119 ح 27. 240 الفصل الثالث كلمات الحسين (عليه السلام) في زمن أخيه الإمام الحسن (عليه السلام)
241 لما طلع الفجر في يوم الجمعة الحادي والعشرين من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة النبوية، صلى الإمام الحسن (عليه السلام) صلاة الصبح بالناس في مسجد الكوفة بعد رجوعه عن دفن أمير المؤمنين (عليه السلام)، وخطب الناس بخطبة طويلة، ذكر فيها بعد الحمد، مناقب أبيه ومناقب نفسه، وأنه لم يورث من أبيه، إلا العلم والتقى، والأخلاق الحميدة، كما أشير إليها في الروايات الآتية، وهي: ميراث أمير المؤمنين (عليه السلام) [157] - 1 - الحر العاملي: يحيى بن محمد بن أبي زيد، قال: قد صحت الرواية عندنا عن أسلافنا وعن غيرهم من أرباب الحديث: أن عليا (عليه السلام) لما قبض، أتى محمد أخويه حسنا وحسينا (عليهما السلام)، فقال: أعطياني ميراثي من أبي، فقالا له: قد علمت أن أباك لم يترك صفراء ولا بيضاء. فقال: قد علمت ذاك وليس ميراث المال أطلب، وإنما أطلب ميراث العلم. قال: فروى أبان بن عثمان عمن روى ذلك له، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام)؛ قال:
243 فدفعا إليه صحيفة لو أطلعاه على أكثر منها لهلك، فيها ذكر دولة بني العباس. (1) [158] - 2 - الصفار: حدثنا محمد بن الحسين، عن نضر بن شعيب، عن خالد بن ماد، عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: أتى محمد بن الحنفية الحسين بن علي (عليهما السلام) فقال: أعطني ميراثي من أبي! فقال له الحسين (عليه السلام): ما ترك أبوك إلا سبعمائة درهم فضلت من عطاياه قال: فإن الناس يزعمون فيأتون فيسألوني فلا أجد بدا من أن أجيبهم. قال: فأعطني من علم أبي. قال: فدعا الحسين (عليه السلام)، قال: فذهب فجاء بصحيفة تكون أقل من شبر، أو أكبر من أربع أصابع. قال: فملأت شجرة ونحوه علما. (2) صلح الحسن وكلام الحسين (عليهما السلام) فيه ولما بلغ معاوية شهادة أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وبيعة الحسن (عليه السلام)، أنفذ عماله إلى البلدان ودس عليه دسائس ليفسد الأمر عليه، واحتج عليه الحسن (عليه السلام) في استحقاقه الأمر، ووقع بينهما مكاتبات لم يقبلها معاوية، حتى بلغه أن معاوية صار نحو العراق، فعزم الإمام الحسن على مقابلته، وحرض الناس على قتاله، فتثاقلوا عنه، وكتبوا إلى معاوية بالطاعة سرا، واستحثوه على سرعة المسير نحوهم، وضمنوا له تسليم الحسن (عليه السلام) إليه عند دنوهم من عسكره، أو الفتك به، وبلغ الحسن (عليه السلام) ذلك، فدعا الحسن (عليه السلام) أصحابه وخطب خطبة.
1 - إثبات الهداة 5: 43 ح 391. 2 - بصائر الدرجات: 160 ح 29، بحار الأنوار 42: 77 ح 5. 244 [159] - 3 - أبن أعثم: أرسل الحسن (عليه السلام) إلى وجه أصحابه فدعاهم، ثم قال: يا أهل العراق! ما أصنع بجماعتكم معي، وهذا كتاب قيس بن سعد يخبرني بأن أهل الشرف منكم قد صاروا إلى معاوية، أما والله! ما هذا بمنكر منكم؛ لأنكم أنتم الذين أكرهتم أبي يوم صفين على الحكمين، فلما أمضى الحكومة وقبل منكم اختلفتم، ثم دعاكم إلى قتال معاوية ثانية فتوانيتم، ثم صار إلى ما صار إليه من كرامة الله إياه، ثم إنكم بايعتموني طائعين غير مكرهين، فأخذت بيعتكم وخرجت في وجهي هذا، والله يعلم ما نويت فيه، فكان منكم إلى ما كان، يا أهل العراق! فحسبي منكم لا تغروني في ديني فإني مسلم هذا الأمر إلى معاوية. قال: فقال له أخوه الحسين: يا أخي! أعيذك بالله من هذا! فقال الحسن: والله! لأفعلن ولأسلمن هذا الأمر إلى معاوية. (1) [160] - 4 - الطبري: وفي رواية: قال الحسين (عليه السلام): نشدتك الله أن تصدق أحدوثة معاوية، وتكذب أحدوثة على (عليه السلام). (2) [161] - 5 - البلاذري: حدثنا خلف بن سالم، حدثنا وهب بن جرير، قال: قال أبي - وأحسبه رواه عن الحسن البصري - قال: لما بلغ أهل الكوفة بيعة الحسن أطاعوه وأحبوه أشد من حبهم لأبيه، واجتمع
1 - الفتوح 3: 291. 2 - تأريخ الطبري 3: 165، ولعله (عليه السلام) أراد بهذا القول وأمثاله المذكورة في كتابنا هذا وغيره، الاستفهام عن علة الصلح ودلائله كي تبين ذلك للناس، أو كان ذلك رأى كل منهما (عليهما السلام) بحسب حاله، ومقتضى زمانه كما احتمله الإربلي في كشف الغمة (2 / 35) مع أن الخبر محتمل الصدق والكذب، وقد لاح على بعضها أمارات الكذب، ولكن المراد هنا جمع جميع ما روي عنه (عليه السلام) ومن الأمور التي لا يشك فيها ويصدقها التأريخ والاعتقاد الصحيح تسليم الحسين لأخيه الإمام (عليهما السلام) في جميع الأمور. عملا بوصية النبي (صلى الله عليه وآله) وأمر الوصي (عليه السلام) ولأنه كان إماما له ولجميع المسلمين، كما صرح بذلك نفسه (عليه السلام) حينما امتنع قيس بن عبادة عن بيعة معاوية، كما يأتي. 245 له خمسون ألفا، فخرج بهم حتى أتى المدائن، وسرح بين يديه قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري في عشرين ألفا، فنزل بمسكن، وأقبل معاوية من الشام في جيش. ثم إن الحسن (عليه السلام) خلا بأخيه الحسين (عليه السلام) فقال له: يا هذا! إني نظرت في أمري فوجدتني لا أصل إلى الأمر حتى يقتل من أهل العراق والشام من لا أحب أن أحتمل دمه، وقد رأيت أن أسلم الأمر إلى معاوية فأشاركه في إحسانه (1) ويكون عليه إساءته. فقال الحسين (عليه السلام): أنشدك الله أن تكون أول من عاب أباك وطعن عليه، ورغب عن أمره. فقال: إني لأرى [لا أرى] ما تقول، ووالله! لئن لم تتابعني لأسندتك في الحديد، فلا تزال فيه حتى أفرغ من أمري. قال: فشأنك! فقام الحسن (عليه السلام) خطيبا فذكر رأيه في الصلح والسلم لما كره من سفك الدماء، وإقامة الحرب، فوثب عليه أهل الكوفة وانتهبوا ماله، وحرقوا سرادقه، وشتموه وعجزوه، ثم انصرفوا عنه ولحقوا بالكوفة! (2) [162] - 6 - ابن عساكر: أنبأنا عبد الله بن بكر بن حبيب السهمي، أنبأنا حاتم بن أبي صغيرة، عن عمرو بن دينار: أن معاوية كان يعلم أن الحسن (عليه السلام) كان أكره الناس للفتنة، فلما توفي علي بعث إلى الحسن (عليه السلام) فأصلح الذي بينه وبينه سرا، وأعطاه معاوية عهدا إن حدث به حدث والحسن حي ليسمينه وليجعلن هذا الأمر إليه.
1 - قال المحقق الشيخ محمد باقر المحمودي: الرواية ضعيفة، وهذا المضمون من اختلاقات أشياع الشجرة الملعونة في القرآن وتزويراتهم!!! ومعاوية بمعزل عن الحسنات بل هو معدن السيئات ومركز الموبقات أنساب الأشراف 3: 51 هامشه. 2 - أنساب الأشراف 3: 51 ح 61. 246 فلما توثق منه الحسن قال ابن جعفر: والله! إني لجالس عند الحسن إذ أخذت لأقوم فجذب ثوبي، وقال: يا هناه! إجلس، فجلست فقال: إني رأيت رأيا وإني أحب أن تتابعني عليه. قال: قلت: وما هو؟ قال: قد رأيت أن أعمد إلى المدينة فأنزلها وأخلي بين معاوية وبين هذا الحديث، فقد طالت الفتنة، وسفكت فيها الدماء، وقطعت فيها الأرحام، وقطعت السبل، وعطلت الفروج يعني الثغور. فقال ابن جعفر: جزاك الله عن أمة محمد (صلى الله عليه وآله) خيرا، فأنا معك على هذا الحديث. فقال الحسن (عليه السلام): ادع لي الحسين. فبعث إلى حسين (عليه السلام) فأتاه، فقال: أي أخي! إني قد رأيت رأيا وإني أحب أن تتابعني عليه. قال: ما هو؟ قال: فقص عليه الذي قال لابن جعفر. قال الحسين (عليه السلام): أعيذك بالله أن تكذب عليا في قبره، وتصدق معاوية. فقال الحسن (عليه السلام): والله! ما أردت أمرا قط إلا خالفتني إلى غيره، والله! لقد هممت أن أقذفك في بيت فأطينه عليك حتى أقضي أمري. قال: فلما رأى الحسين (عليه السلام) غضبه قال: أنت أكبر ولد علي، وأنت خليفته، وأمرنا لأمرك تبع فافعل ما بدا لك. فقام الحسن (عليه السلام) فقال: يا أيها الناس! إني كنت أكره الناس لأول هذا الحديث، وأنا أصلحت آخره لذي حق أديت إليه حقه أحق به مني، أو حق جدت به لصلاح أمة محمد (صلى الله عليه وآله) وإن الله قد ولاك يا معاوية! هذا الحديث لخير يعلمه
247 عندك، أو لشر يعلمه فيك (وإن أدرى لعله فتنة لكم ومتع إلى حين). (1) ثم نزل. (2) [163] - 7 - ابن شهر آشوب: دخل الحسين (عليه السلام) على أخيه باكيا ثم خرج ضاحكا، فقال له مواليه: ما هذا؟! قال: أتعجب (3) من دخولي على إمام أريد أن أعلمه، فقلت: ماذا دعاك إلى تسليم الخلافة؟ فقال: الذي دعا أباك فيما تقدم. قال: فطلب معاوية البيعة من الحسين، فقال الحسن (عليه السلام): يا معاوية! لا تكرهه فإنه لن يبايع أبدا، أو يقتل، ولن يقتل حتى يقتل أهل بيته، ولن يقتل أهل بيته حتى يقتل أهل الشام. (4) [164] - 8 - الطوسي: عن جبرئيل بن أحمد وأبي إسحاق حمدويه وإبراهيم ابنا نصير، قالوا: حدثنا محمد بن عبد الحميد العطار الكوفي، عن يونس بن يعقوب، عن فضيل غلام محمد بن راشد، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن معاوية كتب إلى الحسن بن علي صلوات الله عليهما: أن أقدم أنت والحسين وأصحاب علي، فخرج معهم قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري، وقدموا الشام، فأذن لهم معاوية، وأعد لهم الخطباء. فقال: يا حسن! قم فبايع، فقام وبايع، ثم قال للحسين (عليه السلام): قم فبايع، فقام فبايع، ثم قال: يا قيس! قم فبايع، فالتفت إلى الحسين (عليه السلام) ينظر ما يأمره، فقال: يا قيس إنه
1 - الأنبياء: 21 / 110. 2 - تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسن (عليه السلام)): 177، قال المحقق الشيخ محمد باقر المحمودي في هامشه: ومعلوم أن لسان الحديث لسان أموي. 3 - في البحار والعوالم: العجب من دخولي. 4 - المناقب لابن شهر آشوب 4: 34، بحار الأنوار 44: 57، العوالم 16: 170. 248 إمامي، يعني الحسن (عليه السلام). (1) [165] - 9 - البلاذري: قالوا: كان حجر بن عدي أول من يذم الحسن (عليه السلام) على الصلح، وقال له قبل خروجه من الكوفة: خرجنا من العدل ودخلنا في الجور، وتركنا الحق الذي كنا عليه ودخلنا في الباطل الذي كنا نذمه، وأعطينا الدنية ورضينا بالخسيسة، وطلب القوم أمرا وطلبنا أمرا فرجعوا بما أحبوا مسرورين، ورجعنا بما كرهنا راغمين؟!! فقال له: يا حجر! ليس كل الناس يحب ما أحببت، إني قد بلوت الناس، فلو كانوا مثلك في نيتك وبصيرتك لأقدمت. وأتى الحسين فقال له: يا أبا عبد الله! شريتم العز بالذل؟ وقبلتم القليل بترك الكثير؟ أطعني اليوم وأعصني سائر الدهر!!! دع رأي الحسن واجمع شيعتك ثم ادع قيس بن سعد بن عبادة وابعثه في الرجال؛ وأخرج أنا في الخيل، فلا يشعر ابن هند إلا ونحن معه في عسكره، فنضاربه حتى يحكم الله بيننا وبينه، وهو خير الحاكمين؛ فإنهم الآن غارون. فقال له: إنا قد بايعنا وليس إلى ما ذكرت سبيل. (2) [166] - 10 - ابن أعثم: وفي رواية: فالتفت الحسين (عليه السلام) إلى أخيه الحسن (عليه السلام) فقال: والله! لو اجتمع الخلق طرا على أن لا يكون الذي كان إذا ما استطاعوا، ولقد كنت كارها لهذا الأمر ولكني لم أحب أن أغضبك، إذ كنت أخي وشقيقي. (3)
1 - اختيار معرفة الرجال 1: 325 ح 176، بحار الأنوار 44: 61 ح 9، العوالم 16: 149 ح 7. 2 - أنساب الأشراف 3: 151 ح 12، حياة الإمام الحسين (عليه السلام) 2: 116، وفيه بدل حجر عدي بن حاتم. 3 - الفتوح 4: 297. 249 [167] - 11 - السيد محسن الأمين: عن المدائني: أن الحسن (عليه السلام) لما صالح معاوية، قال أخوه الحسين (عليه السلام): لقد كنت كارها لما كان، طيب النفس على سبيل أبي، حتى عزم علي أخي فأطعته وكأنما يجذ أنفي بالمواسي. (1) [168] - 12 - البلاذري: وفي رواية أخرى: لما وقع ذلك الصلح دخل جندب بن عبد الله الأزدي، والمسيب بن نجبة الفزاري، وسليمان بن صرد الخزاعي، وسعيد بن عبد الله الحنفي على الحسين (عليه السلام) وهو قائم في قصر الكوفة يأمر غلمته بحمل المتاع ويستحثهم، فسلموا عليه، فلما رأى ما بهم من الكآبة وسوء الهيئة، تكلم فقال: إن أمر الله كان قدرا مقدورا، إن أمر الله كان مفعولا. وذكر كراهيته لذلك الصلح، وقال: لكنت طيب النفس بالموت دونه! ولكن أخي عزم علي وناشدني فأطعته، وكأنما يحز أنفي بالمواسي ويشرح قلبي بالمدى!! وقد قال الله عز وجل: (فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا). (2) وقال: (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون). (3) فقال له جندب: والله! ما بنا إلا أن تضاموا وتنتقصوا، فأما نحن فإنا نعلم أن القوم سيطلبون مودتنا بكل ما قدروا عليه، ولكن حاش لله أن نوازر الظالمين،
1 - أعيان الشيعة 1: 581. 2 - النساء: 4 / 19. 3 - البقرة: 2 / 216. 250 ونظاهر المجرمين ونحن لكم شيعة ولهم عدو!!! وقال سليمان بن صرد الخزاعي: إن هذا الكلام الذي كلمك به جندب هو الذي أردنا أن نكلمك به كلنا. فقال: رحمكم الله! صدقتم وبررتم. وعرض له سليمان بن صرد، وسعيد بن عبد الله الحنفي بالرجوع عن الصلح!! فقال: هذا ما لا يكون ولا يصلح. قالوا: فمتى أنت سائر؟ قال: غدا إن شاء الله، فلما سار خرجوا معه، فلما جاوزوا دير هند، نظر الحسين (عليه السلام) إلى الكوفة فتمثل قول زميل بن أبير الفزاري وهو ابن أم دينار. فما عن قلى (1) فارقت دار معاشر * هم المانعون باحتي وذماري ولكنه ما حم (2) لا بد واقع * نظار (3) ترقب ما يحم نظار (4) [169] - 13 - وعنه: وفي رواية: شخص محمد بن بشر الهمداني، وسفيان بن ليلي الهمداني إلى الحسن (عليه السلام) وعنده الشيعة الذين قدموا عليه أولا، فقال له سفيان - كما قال له بالعراق -: السلام عليك يا أمير المؤمنين! (5) فقال له: اجلس، لله أبو ك، والله! لو سرنا إلى معاوية بالجبال والشجر ما كان إلا الذي قضى.
1 - قلى؛ أي البغض. 2 - حم؛ اي قضى وقدر. 3 - نظار؛ اسم فعل للامر يعنى انتظر. 4 - أنساب الأشراف 3: 148 ح 9. 5 - كذا في الأصل، وفي كثير من المصادر: " يا مذل المؤمنين ". 251 ثم أتيا الحسين (عليه السلام) فقال: ليكن كل امرئ منكم حلسا من أحلاس بيته ما دام هذا الرجل حيا، فإن يهلك وأنتم أحياء رجونا أن يخير الله لنا، ويؤتينا رشدنا، ولا يكلنا إلى أنفسنا، (إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون) (1). (2) [170] - 14 - أبو جعفر الطبري؛: وحدثنا عيسى بن معاذ ماهان بن معدان، قال: حدثنا أبو جابر كيسان بن جرير، عن أبي النباخ محمد بن يعلى قال: لقيت الحسين (عليه السلام) على ظهر الكوفة وهو راحل مع الحسن (عليه السلام) يريد معاوية، فقلت: أرضيت يا أبا عبد الله؟ فقال: شقشقة هدرت، وفورة أنارت، وشجما (3) عرىء، وسم زعاق (4) وقيعان بالكوفة وكربلاء، إني والله! لصاحبها وصاحب ضحيتها والعصفور في سنابلها، إذا تواضع نواحي الجبل وهجهج كوفان الوهل، ومنع البر جانبه، وعطل بيت الله الحرام، وأرجف الوقيد، وقدح الهبيد، فيالها من زمر (5) أنا صاحبها، إيه إيه أنى وكيف، ولو شئت لقلت: أين أنزل وأين أقيم. فقلت يا ابن رسول الله! ما تقول؟ قال: مقامي بين أرض وسماء، ونزولي حيث حلت الشيعة الأصلاب والأكباد الصلاب لا يتضعضعن للضيم، ولا يأنفون، تجر مفاصلهم ليحيى بهم أهل ميراث على ورثة بيته. (6)
1 - النحل: 16 / 128. 2 - أنساب الأشراف 3: 150 ح 11. 3 - شجما؛ أي هلاكا، لسان العرب. 4 - زعاق؛ اي الماء المر الذي لا يطاق شربه، لسان العرب. 5 - الزمر؛ بفتح الزاء بمعنى الصوت وبضمها بمعنى الجماعة وكلاهما محتملان. 6 - دلائل الإمامة: 75، إثبات الهداة 5: 207 ح 73، مدينة المعاجز 3: 454 ح 974. 252 [171] - 15 - البلاذري: قالوا: ولما بايع الحسن (عليه السلام) معاوية ومضى، تلاقت الشيعة بإظهار الحسرة والندم على ترك القتال والإذعان بالبيعة، فخرجت إليه جماعة منهم فخطأوه في الصلح وعرضوا له بنقض ذلك، فأباه وأجابهم بخلاف ما أرادوه عليه. ثم إنهم أتوا الحسين (عليه السلام) فعرضوا عليه ما قالوا للحسن (عليه السلام)، وأخبروه بما رد عليهم. فقال: قد كان صلح وكانت بيعة، كنت لها كارها، فانتظروا ما دام هذا الرجل حيا، فإن يهلك نظرنا ونظرتم. فانصرفوا عنه؛ فلم يكن شيء أحب إليهم وإلى الشيعة من هلاك معاوية، وهم يأخذون أعطيتهم ويغزون مغازيهم. (1) [172] - 16 - أبو مخنف: كان مولانا الحسين بن علي صلوات الله عليهما يظهر الكراهية لما كان من أمر أخيه الحسن (عليه السلام) مع معاوية ويقول: لو حز أنفي بموسى لكان أحب إلى مما فعله أخي وقال (عليه السلام): فما ساءني شيء كما ساءني أخي * ولم أرض لله، الذي كان صانعا ولكن إذا ما الله أمضى قضاءه * فلا بد يوما أن ترى الأمر واقعا ولو أنني شوورت فيه لما رأوا * قريبهم إلا عن الأمر شاسعا ولم أك أرضى بالذي قد رضوا به * ولو جمعت كل إلى المجامعا ولو حز أنفي قبل ذلك حزة * بموسى لما ألفيت للصلح تابعا قال الإربلي: إن صح أن هذه الأبيات من شعره (عليه السلام) فكل منهما يرى المصلحة بحسب حاله ومقتضى زمانه، وكلاهما (عليهما السلام) مصيبان فيما اعتمداه، وهما إمامان
1 - أنساب الأشراف 3: 150 ح 10. 253 سيدان قاما أو قعدا، فلا يتطرق عليهما مقال، وهما أعرف بالأحوال في كل حال. (1) وقال المحقق المتتبع السيد هاشم الرسولي: والظاهر أن هذه الأبيات متقولة عليه، صلوات الله عليه لأنها بظاهرها مخالفة لما ذهب إليه الإمامية ولم يوجد منها أثر في مؤلفات أصحابنا وأبو مخنف هذا فقد قيل إنه عامي لا يعبأ بما تفرد بنقله. (2) إيثار الحسين (عليه السلام) أخاه على نفسه [173] - 17 - الإربلي: وقيل: كان بين الحسن والحسين (عليهما السلام) كلام، فقيل للحسين: ادخل على أخيك فهو أكبر منك، فقال: إني سمعت جدي (صلى الله عليه وآله) يقول: أيما اثنين جرى بينهما كلام فطلب أحدهما رضى الآخر كان سابقه إلى الجنة، وأنا أكره أن أسبق أخي الأكبر، فبلغ قوله الحسن (عليه السلام) فأتاه عاجلا. (3) [174] - 18 - الخوارزمي: قيل: تهاجر الحسن والحسين (عليهما السلام) فأراد قوم أن يصلحوا ما بينهما، فسألوا الحسين (عليه السلام) أن يبدأ بالحسن (عليه السلام)، فقال: إن أبا محمد (يعني الحسن) أكبر مني، وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما من اثنين تهاجرا ثم بدأ أحدهما بمصالحة الآخر إلا كانت درجته أعلى من درجة الآخر وإني لا أحب أن تكون درجتي أعلى من درجة أخي. فأخبروا الحسن بذلك فقال: صدق. فقام إليه وبدأ بالسلام عليه. (4)
1 - كشف الغمة 2: 35. 2 - هامش المصدر. 3 - كشف الغمة 2: 32، محجة البيضاء 4: 228 الفصول المهمة: 169، نور الأبصار: 138 مع زيادة إلى الجنة، أعلام الدين: 183، كنز الفوائد 36، مع اختلاف. 4 - مقتل الحسين (عليه السلام) 1: 152، مشكاة الأنوار 209 مع اختلاف. 254 [175] - 19 - ابن عساكر: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد الفقيه، أنبأنا أبو الحسن ابن أبي الحديد، أنبأنا جدي أبو بكر الخرائطي، قال: سمعت عمر بن شبة يقول: سمعت أبا الحسن المدائني يقول: جرى بين الحسن بن علي وأخيه الحسين [(عليهم السلام)] كلام حتى تهاجرا، فلما أتى على الحسن ثلاثة أيام تأثم من هجر أخيه، فأقبل إلى الحسين وهو جالس فأكب على رأسه فقبله، فلما جلس الحسن، قال له الحسين (عليهما السلام): إن الذي منعني من إبتدائك والقيام إليك أنك أحق بالفضل مني، فكرهت أن أنازعك ما أنت أحق به. (1) [176] - 20 - القندوزي الحنفي: وعن أبي هريرة قال: بلغني أنه كان بين الحسنين (عليهما السلام) تهاجر، فأتيت الحسين فقلت له: إن أخاك أكبر سنا فاقصده وزره فقال: إني سمعت جدي (صلى الله عليه وآله) يقول: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، والسابق إلى المصالحة سابق إلى دخول الجنة، فأكره أن أسبقه إلى الجنة. قال: فذهبت إلى الحسن (عليه السلام) وأخبرته كلام أخيه الحسين (عليه السلام)، فقال: صدق أخي، وقام وقصد أخاه وكلمه واعتذرا واصطلحا. أخرجه ابن القراني. (2) [177] - 21 - ابن شهر آشوب: هذه الواقعة بين الحسين (عليه السلام) وأخيه محمد بن الحنفية وقال: وحدث الصولي عن الصادق (عليه السلام) في خبر أنه جرى بينه وبين محمد بن الحنفية كلام، فكتب ابن الحنفية إلى الحسين (عليه السلام): أما بعد يا أخي! فإن أبي وأباك علي لا تفضلني فيه ولا
1 - تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 152 ح 197. 2 - ينابيع المودة: 265. 255 أفضلك، وأمك فاطمة بنت رسول الله (عليها السلام) ولو كان ملء الأرض ذهبا ملك أمي ما وفت بأمك، فإذا قرأت كتابي هذا فصر إلي حتى تترضاني فإنك أحق بالفضل مني والسلام عليك ورحمة الله وبركاته، ففعل الحسين (عليه السلام) ذلك، فلم يجر بعد ذلك بينهما شيء. (1) توضيح: إن الحسن والحسين (عليهما السلام) كانا إمامين معصومين فمن الممتنع أن يقع التشاجر والتهاجر بينهما فيمكن كون التهاجر بين الحسين (عليه السلام) ومحمد - وأن يكون قضية واحدة في جميع الروايات - كما يدل عليه الرواية الأخيرة المنقولة نقل عن الصادق (عليه السلام)، فإنه أدرى بما وقع. سيرته (عليه السلام) مع أعدائه [178] - 22 - الحميري: عن ابن ظريف، عن ابن علوان، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام) قال: إن الحسن والحسين (عليهما السلام) كانا يغمزان معاوية، ويقولان فيه، ويقبلان جوائزه. (2) [179] - 23 - الطوسي بسنده عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن أبان، عن يحيى بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله، عن أبيه (عليهما السلام): إن الحسن والحسين (عليهما السلام) كانا يقبلان جوائز معاوية. (3) [180] - 24 - القاضي النعمان: وعن أبي جعفر (عليه السلام): أنه سئل عن جوائز المتغلبين، فقال: قد كان الحسن والحسين (عليهما السلام) يقبلان جوائز المتغلبين مثل معاوية، لأنهما كانا أهلا لما يصل إليهما من ذلك، وما في
1 - المناقب لابن شهر آشوب 4: 66، بحار الأنوار 44: 191 ح 3، العوالم 17: 66 ح 3. 2 - قرب الإسناد: 92 ح 308، بحار الأنوار 75: 382 ح 2، العوالم 16: 102 ح 2. 3 - تهذيب الأحكام 6: 337 ح 935، وسائل الشيعة 12: 157 ح 4. 256 أيدي المتغلبين عليهم حرام، وهو للناس واسع إذا وصل إليهم في خير وأخذوه من حقه. قال جعفر بن محمد (عليهما السلام): وجوائزهم لمن يخدمهم في معصية الله حرام عليهم وسحت. (1) [181] - 25 - الطبري: عن حميد بن المثنى، عن عيينة بن مصعب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال الحسن لأخيه الحسين (عليهما السلام) ذات يوم، وبحضرتهما عبد الله بن جعفر: إن هذا الطاغية باعث إليكم بجوائزكم في رأس الهلال فقال الحسين (عليه السلام): فما أنتم صانعون به؟ إن علي دينا وأنا به مغموم، فان آتاني الله به قضيت ديني. فلما كان رأس الهلال وأتاهم المال، فبعث إلى الحسن بألف ألف درهم، وبعث إلى الحسين بتسعمائة ألف درهم، وبعث إلى عبد الله بخمسمائة ألف درهم. فقال عبد الله: ما يقع هذا من ديني، ولا فيه قضاء، ولا ما أريد. فأما الحسن فأخذها وقضى دينه. وأما الحسين فأخذها وقضى دينه، وقسم ثلث ما بقي في أهل بيته ومواليه. وأما عبد الله فقضى دينه وفضل عشرة آلاف درهم، فدفعها إلى الرسول الذي جاء بالمال، فسأل معاوية رسوله ما فعل القوم بالمال؟ فأخبره بما صنعوا بأموالهم. (2) [182] - 26 - ابن كثير: أنه لما استقرت الخلافة لمعاوية كان الحسين (عليه السلام) يتردد إليه مع أخيه الحسن (عليه السلام)، فيكرمهما معاوية إكراما زائدا، ويقول لهما: مرحبا وأهلا، ويعطيهما عطاء جزيلا، وقد أطلق لهما في يوم واحد مائتي ألف، وقال: خذاها وأنا ابن هند،
1 - دعائم الإسلام 2: 323 ح 1223. 2 - دلائل الإمامة: 67، الخرائج والجرائح 1: 238 ح 3، بحار الأنوار 43: 323 ح 2، العوالم 16: 90 ح 4، إثبات الهداة 5: 190 ح 38، مدينة المعاجز 3: 243 ح 867. 257 والله! لا يعطيكماها أحد قبلي ولا بعدي، فقال الحسين [(عليه السلام)]: والله! لن تعطي أنت ولا أحد قبلك ولا بعدك رجلا منا ولما توفي الحسن كان الحسين يفد إلى معاوية في كل عام فيعطيه ويكرمه.... (1) [183] - 27 - ابن عساكر: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن إبراهيم الأهوازي، أخبرنا عبد الوهاب بن جعفر الميداني، حدثني أبو عبد الله محمد ابن إبراهيم القرشي، أخبرنا عمرو بن دحيم، أخبرنا محمد بن إبراهيم البغدادي، أخبرنا الحسن بن الربيع، أخبرنا إسحاق بن عيسى البلخي الحافظ، عن الحسين بن واقد، عن عبد الله بن بريدة، قال: دخل الحسن والحسين (عليهما السلام) على معاوية فأمر لهما في وقته بمأتي ألف درهم وقال: خذاها وأنا ابن هند، ما أعطاها أحد قبلي ولا يعطيها أحد بعدي!!! قال: فأما الحسن (عليه السلام) فكان رجلا سكيتا، وأما الحسين [(عليه السلام)] فقال: والله! ما أعطى أحد قبلك ولا أحد بعدك لرجلين أشرف ولا أفضل منا. (2) [184] - 28 - المجلسي: أنه كان الحسن والحسين (عليهما السلام)، يأخذان من معاوية الأموال، فلا ينفقان من ذلك على أنفسهما ولا على عيالهما ما تحمله الذبابة بفيها. (3) [185] - 29 - فرات الكوفي: قال: حدثني علي بن حمدون معنعنا عن أبي الجارية والأصبغ بن نباتة الحنظلي قالا: لما كان مروان على المدينة خطب الناس فوقع في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: فلما نزل عن المنبر أتى الحسين بن علي (عليهما السلام) المسجد فقيل له: إن
1 - البداية والنهاية 8: 161. 2 - تاريخ ابن عساكر ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام): 7 ح 5. 3 - بحار الأنوار 44: 13. 258 مروان قد وقع في علي. قال: فما كان في المسجد الحسن [(عليه السلام)]؟ قالوا: بلى، قال: فما قال له شيئا؟ قالوا: لا. قال: فقام الحسين (عليه السلام) مغضبا حتى دخل على مروان فقال له: يا ابن الزرقاء! ويا ابن اكلة القمل! أنت الواقع في علي؟! قال له مروان: إنك صبي لا عقل لك. قال: فقال له الحسين: ألا أخبرك بما فيك وفي أصحابك وفي علي؟ قال: فإن الله تبارك وتعالى يقول: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) (1)، فذلك لعلي وشيعته (فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين) (2) فبشر بذلك النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) (وتنذر به قوما لدا) (3) فذلك لك ولأصحابك. (4) [186] - 30 - ابن شهر آشوب: عن أبي إسحاق العدل في خبر: أن مروان بن الحكم خطب يوما فذكر علي بن أبي طالب (عليه السلام) فنال منه والحسن ابن علي (عليهما السلام) جالس، فبلغ ذلك الحسين (عليه السلام) فجاء إلى مروان، وقال: يا ابن الزرقاء! أنت الواقع في علي - في كلام له - ثم دخل على الحسن [(عليه السلام)] فقال: تسمع هذا يسب أباك ولا تقول له شيئا؟! فقال: وما عسيت أن أقول لرجل مسلط، يقول ما شاء، ويفعل ما شاء. (5)
1 - مريم: 19 / 96). 2 - مريم: 19 / 97. 3 - مريم: 19 / 97. 4 - تفسير الفرات: 253 ح 345، بحار الأنوار 44: 210 ح 7، العوالم 17: 89 ح 4. 5 - المناقب 4: 19، بحار الأنوار 43: 344 ح 17، العوالم 16: 122 ح 2. 259 [187] - 31 - ابن الجوزي: عن هشام بن محمد الكلبي، عن محمد بن إسحاق، قال: بعث مروان بن الحكم - وكان واليا على المدينة رسولا إلى الحسن (عليه السلام)، فقال له: يقول لك مروان: أبو ك الذي فرق الجماعة، وقتل أمير المؤمنين عثمان، وأباد العلماء والزهاد - يعني الخوارج - وأنت تفخر بغيرك، فإذا قيل لك: من أبو ك؟ تقول: خالي الفرس. فجاء الرسول إلى الحسن فقال له: يا أبا محمد! إني أتيتك برسالة ممن يخاف سطوته ويحذر سيفه، فإن كرهت لم أبلغك إياها ووقيتك بنفسي. فقال الحسن (عليه السلام): لا، بل تؤديها ونستعين عليه بالله، فأداها. فقال له: تقول لمروان: إن كنت صادقا فالله يجزيك بصدقك، وإن كنت كاذبا فالله أشد نقمة. فخرج الرسول من عنده فلقيه الحسين (عليه السلام) فقال: من أين أقبلت؟ فقال: من عند أخيك الحسن. فقال [(عليه السلام)]: وما كنت تصنع؟ قال: أتيت برسالة من عند مروان، فقال: وما هي؟ فامتنع الرسول من أدائها. فقال: لتخبرني، أو لأقتلنك! فسمع الحسن فخرج وقال لأخيه: خل عن الرجل. فقال: لا والله! حتى أسمعها، فأعادها الرسول عليه فقال: قل له: يقول لك الحسين بن علي بن فاطمة: يا ابن الزرقاء! الداعية إلى نفسها بسوق ذي المجاز، صاحبة الراية بسوق عكاظ، ويا ابن طريد رسول الله! ولعينه، إعرف من أنت ومن أمك ومن أبوك! فجاء الرسول إلى مروان فأعاد عليه ما قالا. فقال له: ارجع إلى الحسن وقل له: أشهد أنك ابن رسول الله، وقل للحسين: أشهد أنك ابن علي بن أبي طالب! فقال للرسول: قل له: كلاهما لي ورغما. (1)
1 - تذكرة الخواص: 188. 260 [188] - 32 - ابن هشام: قال ابن إسحاق: وحدثني يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادي الليثي: أن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي حدثه: أنه كان بين الحسين بن علي بن أبي طالب [(عليهما السلام)]، وبين الوليد بن عتبة بن أبي سفيان - والوليد يومئذ أمير على المدينة أمره عليها عمه معاوية بن أبي سفيان - منازعة في مال كان بينهما بذي المروة. فكان الوليد تحامل على الحسين (عليه السلام) في حقه لسلطانه، فقال له الحسين (عليه السلام): أحلف بالله لتنصفني من حقي أو لآخذن سيفي ثم لأقومن في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم لأدعون بحلف الفضول. قال: فقال عبد الله بن الزبير - وهو عند الوليد حين قال الحسين (عليه السلام) ما قال: وأنا أحلف بالله! لئن دعا به لآخذن سيفي، ثم لأقومن معه حتى ينصف من حقه أو نموت جميعا. قال: فبلغت المسور بن مخرمة بن نوفل الزهري، فقال مثل ذلك، وبلغت عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله التيمي، فقال مثل ذلك، فلما بلغ ذلك الوليد بن عتبة أنصف الحسين من حقه حتى رضي. (1) بيان: هذه الروايات بظاهرها تدل على وجود اختلاف بين سيرة الإمام الحسين والحسن (عليهما السلام)، ولكن الناظر البصير يعلم أنهما فرعا شجرة النبوة، وكلاهما نور واحد فيمكن أن نقول: إن الحسن (عليه السلام) كان الإمام في ذلك العصر فلابد له المماشاة مع طاغوت عصره حفظا لمصالح الإسلام والمسلمين، ولم يكن الحسين (عليه السلام) بتلك المنزلة في ذلك العصر كما فعل الحسين (عليه السلام) في قضية الصلاة على الحسن (عليه السلام).
1 - السيرة النبوية لابن هشام 1: 142، الأغاني 17: 295، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 15: 226، المناقب لابن شهر آشوب 4: 68، بحار الأنوار 44: 191، العوالم 17: 66 ح 1، في الثلاثة الأخيرة وردت ملخصة، وفيها قال الحسين (عليه السلام) الضيعة لك، يا وليد! 261 شهادة الإمام الحسن (عليه السلام) وكان معاوية ناقضا لعهده مع الحسن (عليه السلام) من أول الصلح، كما قال عند نزوله بالنخيلة في خطبة الجمعة، (1) ولم يكتف بقتل الأخيار من شيعة الحسن (عليه السلام)، بل أراد قتله (عليه السلام)، فسقاه السم مرتين، ولكن شافاه الله منها، حتى إذا جاء وعد الله الذي لا يستأخر ولا يستقدم، فسقاه السم بيد جعدة بنت الأشعث الكندي، وكان هو سبب وفاته (عليه السلام) في يوم الخميس آخر شهر صفر سنة تسع وأربعين. قاتل الإمام الحسن (عليه السلام) [189] - 33 - الطوسي:، عن المفيد، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن بلال المهلبي قال: حدثنا مزاحم بن عبد الوارث بن عباد البصري بمصر قال: حدثنا محمد بن زكريا الغلابي قال: حدثنا العباس بن بكار قال: حدثنا أبو بكر الهذلي، عن عكرمة، عن ابن عباس قال الغلابي: وحدثنا أحمد بن محمد الواسطي قال: حدثنا محمد بن صالح بن النطاح ومحمد بن الصلت الواسطي، قالا: حدثنا عمر بن يونس اليمامي، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: وحدثنا عبيد الله بن الفضل الطائي قال: حدثنا الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) قال: حدثني محمد بن سلام الكوفي، حدثنا أحمد ابن محمد الواسطي، حدثنا محمد بن صالح ومحمد بن الصلت قالا: حدثنا عمر بن يونس اليمامي، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: دخل الحسين بن علي (عليهما السلام) على أخيه الحسن بن علي (عليهما السلام) في مرضه الذي
1 - بحار الأنوار 44: 49. 262 توفي فيه، فقال له: كيف تجدك يا أخي؟ قال: أجدني في أول يوم من أيام الآخرة وآخر يوم من أيام الدنيا، وأعلم أني لا أسبق أجلي، وأني وارد على أبي وجدي (عليهما السلام)، على كره مني لفراقك وفراق إخوتك وفراق الأحبة، واستغفر الله من مقالتي هذه وأتوب إليه، بل على محبة مني للقاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ولقاء فاطمة (عليها السلام) وحمزة وجعفر (عليهما السلام)، وفي الله عزوجل خلف من كل هالك، وعزاء من كل مصيبة، ودرك من كل ما فات. رأيت يا أخي! كبدي [آنفا] في الطست (1)، ولقد عرفت من دهاني، ومن أين أتيت، فما أنت صانع به يا أخي؟! فقال الحسين (عليه السلام): أقتله، والله!. قال: فلا أخبرك به أبدا حتى نلقى رسول الله (صلى الله عليه وآله)! لكن اكتب يا أخي: هذا ما أوصى به الحسن... الخ (2) [190] - 34 - ابن كثير: وفي رواية أخرى قال الطبيب وهو يختلف إليه: هذا رجل قطع السم أمعاءه! فقال الحسين (عليه السلام): يا أبا محمد! أخبرني من سقاك؟ قال: ولم يا أخي؟! قال: أقتله والله! قبل أن أدفنك ولا أقدر عليه، أو يكون بأرض أتكلف الشخوص إليه.
1 - لعله كناية عن إلقاء الدم وشدة الألم، بل الكبد يطلق على الدم التختر أيضا. 2 - الأمالي 1: 259، نور الثقلين 4: 296، بحار الأنوار 44: 151 ح 22، العوالم 16: 286 ح 2، كنز الدقائق 8: 204 باختصار. 263 فقال: يا أخي! إنما هذه الدنيا ليال فانية، دعه حتى ألتقي أنا وهو عند الله! وأبى أن يسميه. (1) [191] - 35 - المفيد: وروى عيسى بن مهران قال: حدثني عثمان بن عمر قال: حدثنا بن عون، عن عمر ابن إسحق قال: كنت مع الحسن والحسين (عليهما السلام) في الدار فدخل الحسن (عليه السلام) المخرج ثم خرج، فقال: لقد سقيت السم مرارا ما سقيته مثل هذه المرة، لقد لفظت قطعة من كبدي، فجعلت أقلبها بعود معي! فقال له الحسين (عليه السلام): ومن سقاكه؟ فقال: وما تريد منه، أتريد قتله؟ إن يكن هو هو، فالله أشد نقمة منك، وإن لم يكن هو فما أحب أن يؤخذ بي بريء. (2) [192] - 36 - المسعودي: عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين [(عليهم السلام)] قال: دخل الحسين على عمي الحسن لما سقي السم، فقام لحاجة الإنسان ثم رجع، فقال: لقد سقيت السم عدة مرات، وما سقيت مثل هذه، لقد لفظت طائفة من كبدي فرأيتني أقلبه بعود في يدي! فقال له الحسين (عليه السلام): يا أخي ومن سقاك؟! قال: وما تريد بذلك؟ فإن كان الذي أظنه فالله حسيبه، وإن كان غيره فما أحب أن يؤخذ بي بريء. فلم يلبث بعد ذلك إلا ثلاثا حتى توفي. (3)
1 - البداية والنهاية 8: 47، الغدير 11: 8. 2 - الإرشاد: 192، روضة الواعظين 1: 167، وفيه: عمير بن الحق بدل عمر بن إسحق، الجوهرة: 30 بسند آخر، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 16: 10 و 49. 3 - مروج الذهب 3: 5، بحار الأنوار 44: 148 ح 15، العوالم 16: 283 ح 9، الإستيعاب 1: 375 مع اختلاف. 264 [193] - 37 - الذهبي: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأنا أبو بكر محمد بن هبة الله، أنبأنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله، أنبأنا أبو علي الحسين بن صفوان، أنبأنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد، أنبأنا عبد الرحمان بن صالح العتكي ومحمد بن عثمان العجلي، قالا: أنبأنا أبو أسامة، عن ابن عون، عن عمير بن إسحاق، قال: دخلت أنا ورجل من قريش على الحسن بن علي (عليهما السلام)، فقام فدخل المخرج، ثم خرج فقال: لقد لفظت طائفة من كبدي أقلبها بهذا العود، ولقد سقيت السم مرارا، وما سقيته مرة هي أشد من هذه! قال: وجعل يقول لذلك الرجل: سلني قبل أن لا تسألني قال: ما أسألك شيئا [حتى] يعافيك الله. قال: فخرجنا من عنده، ثم عدت إليه من غد وقد أخذ في السوق، فجاء حسين [(عليه السلام)] حتى قعد عند رأسه فقال: أي أخي! من صاحبك؟ قال: تريد قتله؟ قال: نعم. قال: لئن كان صاحبي الذي أظن فالله أشد له نقمة، وإن لم يكنه فما أحب أن تقتل بي بريئا. (1) إخبار الحسن بشهادة الحسين (عليهما السلام) [194] - 38 - الصدوق: حدثنا أحمد بن هارون الفلمي [الفامي] قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر بن جامع الحميري قال: حدثنا أبي، عن أحمد بن محمد بن يحيي، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام):
1 - تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسن (عليه السلام)): 207 ح 334، الإستيعاب 1: 375 مع اختلاف. 265 أن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) دخل يوما إلى الحسن (عليه السلام)، فلما نظر إليه بكى، فقال له: ما يبكيك يا أبا عبد الله!؟ قال: أبكي لما يصنع بك. فقال له الحسن (عليه السلام): إن الذي يؤتى إلي سم يدس إلي فأقتل به، ولكن لا يوم كيومك يا أبا عبد الله! يزدلف إليك ثلاثون ألف رجل، يدعون أنهم من أمة جدنا محمد (صلى الله عليه وآله) وينتحلون دين الإسلام، فيجتمعون على قتلك وسفك دمك، وانتهاك حرمتك، وسبي ذراريك ونسائك، وانتهاب ثقلك، فعندها تحل ببني أمية اللعنة، وتمطر السماء رمادا ودما، ويبكي عليك كل شيء حتى الوحوش في الفلوات، والحيتان في البحار. (1) [195] - 39 - المجلسي: روي في بعض تأليفات أصحابنا: أن الحسن (عليه السلام) لما دنت وفاته ونفدت أيامه، وجرى السم في بدنه، تغير لونه واخضر، فقال له الحسين (عليه السلام): ما لي أرى لونك مائلا إلى الخضرة؟ فبكى الحسن (عليه السلام) وقال: يا أخي! لقد صح حديث جدي في وفيك، ثم اعتنقه طويلا، وبكيا كثيرا، فسئل (عليه السلام) عن ذلك؟ فقال: أخبرني جدي قال: لما دخلت ليلة المعراج روضات الجنان، ومررت على منازل أهل الإيمان، رأيت قصرين عاليين متجاورين على صفة واحدة، إلا أن أحدهما من الزبرجد الأخضر. والآخر من الياقوت الأحمر، فقلت: يا جبرئيل! لمن هذان القصران؟ فقال: أحدهما للحسن، والآخر للحسين (عليهما السلام). فقلت: يا جبرئيل! فلم، لم يكونا على لون واحد؟ فسكت ولم يرد جوابا؟
1 - الأمالي: 101 ح 3، المناقب لابن شهر آشوب 4: 86، العوالم 17: 154 ح 1 و 16: 271 ح 2، بحار الأنوار 45: 218 ح 44، مثير الأحزان 23، الخصائص الحسينية: 117. 266 فقلت: لم لا تتكلم؟ قال: حياء منك! فقلت له: سألتك بالله إلا ما أخبرتني! فقال: أما خضرة قصر الحسن فإنه يموت بالسم، ويخضر لونه عند موته، وأما حمرة قصر الحسين، فإنه يقتل ويحمر وجهه بالدم. فعند ذلك بكيا، وضج الحاضرون بالبكاء والنحيب. (1) تسليته أخيه الحسن (عليهما السلام) [196] - 40 - الإربلي: عن كتاب معالم العترة الطاهرة للحافظ عبد العزيز بن الأخضر الجنابذي باسناده، قال: لما حضرت الحسن بن علي الوفاة كأنه جزع عند الموت! فقال له الحسين (عليه السلام) - كأنه يعزيه -: يا أخي! ما هذا الجزع؟ إنك ترد على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي (عليه السلام)، وهما أبواك، وعلى خديجة وفاطمة وهما أماك، وعلى القاسم والطاهر وهما خالاك، وعلى حمزة وجعفر وهما عماك، فقال له الحسن: أي أخي! إني أدخل في أمر من أمر الله لم أدخل فيه. (2) [197] - 41 - ابن عساكر: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأنا محمد بن هبة الله، أنبأنا أبو الحسين علي بن محمد بن بشران، أنبأنا الحسين بن صفوان، أنبأنا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدثني يوسف بن موسى، حدثني مسلم بن أبي حية الرازي، حدثنا جعفر بن محمد، عن أبيه، قال: لما أن حضر الحسن بن علي الموت، بكى بكاءا شديدا، فقال له الحسين: ما
1 - بحار الأنوار 44: 145 ح 13، العوالم 16: 284 ح 12 و 17: 121 ح 2. 2 - كشف الغمة 1: 552، البداية والنهاية 8: 48، تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسن (عليه السلام)): 214 ح 346 و 347، رواه بسند آخر وفيهما: أي أخي! إني أدخل في أمر من أمر الله لم أدخل في مثله، وأرى خلقا من خلق الله لم أر مثله قط. قال: فبكى الحسين [(عليه السلام)]. 267 يبكيك يا أخي! وإنما تقدم على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلى علي وفاطمة وخديجة، وهم ولدوك، وقد أجرى الله لك على لسان نبيه (صلى الله عليه وآله) أنك سيد شباب أهل الجنة، وقاسمت الله مالك ثلاث مرات، ومشيت إلى بيت الله على قدميك خمس عشرة مرة حاجا - وإنما أراد أن يطيب نفسه - قال: فوالله! ما زاده إلا بكاء وانتحابا، وقال: يا أخي! إني أقدم على أمر عظيم مهول لم أقدم على مثله قط. (1) [198] - 42 - الصدوق: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رحمه الله)، قال: أخبرنا أحمد بن محمد ابن سعيد الكوفي، قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي (عليهم السلام) قال: لما حضرت الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) الوفاة، بكى، فقيل له: يا ابن رسول الله! أتبكى ومكانك من رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي أنت به، وقد قال فيك رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما قال؟ وقد حججت عشرين حجة ماشيا، وقد قاسمت ربك مالك ثلاث مرات حتى النعل والنعل؟! فقال (عليه السلام): إنما أبكي لخصلتين: لهول المطلع، وفراق الأحبة. (2) الإمام الحسن (عليه السلام) في آخر لحظاته [199] - 43 - ابن شهرآشوب: لما أشرف الحسن على الموت، قال له الحسين (عليه السلام): أريد أن أعلم حالك يا أخي!.
1 - تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسن (عليه السلام)): 215 ح 348، مقتل الخوارزمي: 137، كشف اليقين: 351، إحقاق الحق 11: 111. 2 - الأمالي: 290 ح 325، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 271 ح 62، بحار الأنوار 6: 159 ح 22، و 43: 332 ح 2، وسائل الشيعة 8: 93 ح 31، كشف اليقين: 351 ح 410 مرسلا. 268 فقال له الحسن: سمعت النبى (صلى الله عليه وآله): لا يفارق العقل منا أهل البيت ما دام الروح فينا، فضع يدك في يدي حتى عاينت ملك الموت أغمز يدك، فوضع يده في يده، فلما كان بعد ساعة غمز يده غمزا خفيفا، فقرب الحسين أذنه إلى فمه فقال: قال لي ملك الموت: أبشر، فإن الله عنك راض وجدك شافع. (1) تجهيز الإمام الحسن (عليه السلام) [200] - 44 - الطوسي: [فلما استشهد الإمام الحسن (عليه السلام)] قال ابن عباس: ودعاني الحسين [(عليه السلام)] وعبد الله بن جعفر، وعلي بن عبد الله بن العباس، فقال: اغسلوا ابن عمكم، فغسلناه وحنطناه وألبسناه أكفانه. ثم خرجنا به حتى صلينا عليه في المسجد، وإن الحسين [(عليه السلام)] أمر أن يفتح البيت، فحال دون ذلك مروان بن الحكم وآل أبي سفيان، ومن حضر هناك من ولد عثمان بن عفان، وقالوا: أيدفن أمير المؤمنين عثمان الشهيد القتيل ظلما بالبقيع بشر مكان، ويدفن الحسن مع رسول الله [(صلى الله عليه وآله)]؟! والله! لا يكون ذلك أبدا حتى تكسر السيوف بيننا وتنقصف الرماح بيننا وينفد النبل. فقال الحسين (عليه السلام): أما والله الذي حرم مكة! للحسن بن علي [و] بن فاطمة أحق برسول الله (صلى الله عليه وآله) وبيته ممن أدخل بيته بغير إذنه، وهو والله! أحق به من حمال الخطايا، مسير أبي ذر رحمه الله، الفاعل بعمار ما فعل، وبعبد الله ما صنع، الحامي الحمى، المؤوي لطريد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، لكنكم صرتم بعده الأمراء، وبايعكم على ذلك الأعداء وأبناء الأعداء. (2)
1 - المناقب 4: 43، بحار الأنوار 44: 160 ح 29، العوالم 16: 284 ح 13. 2 - الأمالي 1: 160 بحار الأنوار 44: 152 ح 22، العوالم 16: 288 ح 2، نور الثقلين 4: 296 ح 199. 269 الصلاة على الإمام الحسن (عليه السلام) [201] - 45 - ابن عساكر: وحضر سعيد بن العاص ليصلي عليه، فقالت بنو هاشم: لا يصلي عليه أحد أبدا إلا حسين (عليه السلام)، قال: فاعتزل سعيد بن العاص، فوالله! ما نازعنا في الصلاة وقال: أنتم أحق بميتكم فإن قدمتموني تقدمت، فقال حسين بن علي (عليهما السلام): تقدم فلولا أن الأئمة تقدم ما قدمناك. (1) [202] - 46 - الطبراني: وروي أنه صلى على الحسن (عليه السلام) سعيد بن العاص، كما رواه الطبراني وقال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري، أنبأنا عبد الرزاق، أنبأنا الثوري، عن سالم - يعني ابن أبي حفصة - عن أبي حازم، قال: شهدت حسينا (عليه السلام) حين مات الحسن (عليه السلام) وهو يدفع في قفا سعيد بن العاص وهو يقول: تقدم، فلولا أنها السنة، - يقول الشيبة (2) - ما قدمتك، وسعيد أمير على المدينة يومئذ. (3) [203] - 47 - وعنه: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا موسى بن عبد الرحمن المسروقي، حدثنا حسين الجعفي، عن زائدة، عن سفيان، عن سالم بن أبي حفصة، عن أبي حازم، قال: رأيت الحسين بن علي [(عليهما السلام)] قدم سعيد بن العاص في جنازة الحسن بن علي [(عليهما السلام)]. (4)
1 - تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسن (عليه السلام)): 223، مقاتل الطالبيين: 76. 2 - كذا في الأصل، ولعل الصحيح بقول: يعني لولا الشيبة ما قدمتك. 3 - المعجم الكبير 3: 136 ح 2912. 4 - المعجم الكبير 3: 136 ح 2913. 270 [204] - 48 - المتقي الهندي: وفي رواية أخرى من مسند الحسين بن علي (عليهما السلام) عن أبي حازم الأشجعي، قال: رأيت حسين بن علي قدم سعيد بن العاص على الحسن بن علي فصلى عليه ثم قال: لولا أنها السنة ما قدمتك. (1) [205] - 49 - الكليني: عن محمد بن الحسن، وعلي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن محمد ابن سليمان، عن هارون بن الجهم، عن محمد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: لما احتضر الحسن بن علي (عليهما السلام)، قال للحسين: يا أخي! أوصيك بوصية فاحفظها، فإذا أنا مت فهيئني، ثم وجهني إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأحدث به عهدا، ثم اصرفني إلى أمي فاطمة سلام الله عليها، ثم ردني فادفني في البقيع، واعلم أنه سيصيبني من الحميراء ما يعلم الناس من صنيعها وعداوتها لله ولرسوله (صلى الله عليه وآله) وعداوتها لنا أهل البيت. فلما قبض الحسن (عليه السلام) وضع على سريره وانطلقوا به إلى مصلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي كان يصلي فيه على الجنائز، فصلي على الحسن (عليه السلام)، فلما أن صلي عليه حمل فادخل المسجد، فلما أوقف على قبر رسول الله بلغ عائشة الخبر وقيل لها: إنهم قد أقبلوا بالحسن بن علي (عليهما السلام) ليدفن مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فخرجت مبادرة على بغل بسرج، فكانت أول امرأة ركبت في الإسلام سرجا، فوقفت فقالت: نحوا ابنكم عن بيتي، فإنه لا يدفن فيه شيء، ولا يهتك على رسول الله (صلى الله عليه وآله) حجابه.
1 - كنز العمال 15: 714 ح 42846، مقاتل الطالبيين: 76، الإستيعاب 1: 374، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 16: 51، تاريخ ابن عساكر ترجمة الإمام الحسن (عليه السلام): 227 ح 364، وفيه: تقدم فلولا أنها السنة ما قدمت، العوالم 16: 275، بحار الأنوار 18: 144 و 149. 271 فقال لها الحسين بن علي صلوات الله عليهما: قديما هتكت أنت وأبوك حجاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأدخلت بيته من لا يحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) قربه، وإن الله سائلك عن ذلك يا عائشة! إن أخي أمرني أن أقربه من أبيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليحدث به عهدا. واعلمي أن أخي أعلم الناس بالله ورسوله، وأعلم بتأويل كتابه من أن يهتك على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ستره؛ لان الله تبارك وتعالى يقول: (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم) (1) وقد أدخلت أنت بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) الرجال بغير إذنه. وقد قال الله عز وجل: (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي) (2)، ولعمري لقد ضربت أنت لأبيك وفاروقه عند أذن رسول الله (صلى الله عليه وآله) المعاول. وقال الله عز وجل: (إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى) (3)، ولعمري لقد أدخل أبوك وفاروقه على رسول الله (صلى الله عليه وآله) بقربهما منه الأذى، وما رعيا من حقه ما أمرهما الله به على لسان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إن الله حرم على المؤمنين أمواتا ما حرم منهم أحياء، وتالله! يا عائشة! لو كان هذا الذي كرهتيه من دفن الحسن عند أبيه صلوات الله عليهما جائزا فيما بيننا وبين الله، لعلمت أنه سيدفن وإن رغم معطسك.
1 - الأحزاب: 33 / 53. 2 - الحجرات: 49 / 2. 3 - الحجرات: 49 / 3. 272 قال: ثم تكلم محمد بن الحنفية وقال: يا عائشة! يوما على بغل، ويوما على جمل، فما تملكين نفسك، ولا تملكين الأرض عداوة لبني هاشم. قال: فأقبلت عليه فقالت: يا ابن الحنفية! هؤلاء الفواطم يتكلمون فما كلامك؟ فقال لها الحسين (عليه السلام): وأنى تبعدين محمدا من الفواطم، فوالله! لقد ولدته ثلاث فواطم: فاطمة بنت عمران بن عائذ بن عمرو بن مخزوم، وفاطمة بنت أسد ابن هاشم، وفاطمة بنت زائدة بن الأصم بن رواحة بن حجر بن عبد معيص بن عامر. قال: فقالت عائشة للحسين (عليه السلام): نحوا ابنكم، واذهبوا به فإنكم قوم خصمون! قال: فمضى الحسين (عليه السلام) إلى قبر أمه ثم أخرجه فدفنه بالبقيع. (1) [206] - 50 - ابن عساكر: أنبأنا الزبير، قال: وحدثني محمد بن الضحاك الحزامي، قال: [لما] بلغ مروان بن الحكم أنهم قد أجمعوا أن يدفنوا الحسن بن علي (عليهما السلام) مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، جاء إلى سعيد بن العاص - وهو عامل المدينة - فذكر ذلك له، فقال: ما أنت صانع في أمرهم؟ فقال: لست منهم في شيء، ولست حائلا بينهم وبين ذلك. قال: فخلني وإياهم! فقال: أنت وذاك! فجمع لهم مروان من كان هناك من بني أمية وحشمهم ومواليهم، وبلغ ذلك حسينا [(عليه السلام)]، فجاء هو ومن معه في السلاح ليدفن حسنا [(عليه السلام)] في بيت النبي (صلى الله عليه وآله)، وأقبل مروان في أصحابه وهو يقول: يا رب! هيجا هو خير من دعة.
1 - الكافي 1: 302 ح 3، نور الثقلين 4: 295 ح 198، بحار الأنوار 44: 174 ح 1، و 17: 31 ح 13، و 100: 125 ح 1 إلى قوله: معطسك، العوالم 16: 289 ح 5، و 17: 77 ح 1، كنز الدقائق 9: 586 باختصار. 273 أيدفن عثمان بالبقيع، ويدفن حسن [(عليه السلام)] في بيت النبي (صلى الله عليه وآله)؟! والله! لا يكون ذلك أبدا وأنا أحمل السيف، فلما صلوا على الحسن خشي عبد الله بن جعفر أن يقع في ذلك ملحمة عظيمة، فأخذ بمقدم السرير ثم مضى به نحو البقيع، فقال له الحسين [(عليه السلام)]: ما تريد؟ قال: عزمت عليك بحقي أن لا تكلمني كلمة واحدة! فصار به إلى البقيع فدفنه هناك؛، وانصرف مروان ومن معه. وبلغ معاوية ما كانوا أرادوا في دفن حسن [(عليه السلام)] في بيت النبي (صلى الله عليه وآله)، فقال: ما أنصفتنا بنو هاشم حين يزعمون أنهم يدفنون حسنا [(عليه السلام)] مع النبي (صلى الله عليه وآله)، وقد منعوا عثمان أن يدفن إلا في أقصى البقيع، إن يك ظني بمروان صادقا لا يخلصون إلى ذلك! وجعل يقول: ويها مروان، أنت لها! (1) [207] - 51 - وعنه: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، أنبأنا أبو محمد الحسن ابن علي الشيرازي، أنبأنا أبو عمر محمد بن العباس، أنبأنا أحمد بن معروف بن بشر، أنبأنا الحسين بن محمد بن فهم، أنبأنا محمد بن سعد، أنبأنا محمد بن عمر، أنبأنا عبيد الله بن مرداس، عن أبيه، عن الحسن بن محمد بن الحنفية قال: لما مرض حسن بن علي [(عليهما السلام)] مرض أربعين ليلة، فلما استعز به وقد حضرت عنده بنو هاشم، فكانوا لا يفارقونه، يبيتون عنده بالليل، وعلى المدينة سعيد بن العاص، وكان سعيد يعوده فمرة يأذن له ومرة يحجب عنه، فلما استعز به بعث مروان بن الحكم رسولا إلى معاوية يخبره بثقل الحسن بن علي، وكان الحسن [(عليه السلام)] رجلا قد سقي وكان مبطونا، إنما كان تختلف أمعاؤه، فلما حضر وكان عنده إخوته عهد أن يدفن مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) إن أستطيع ذلك، فإن حيل بينه وبينه وخيف أن يهراق فيه محجمة من دم دفن عند أمه بالبقيع، وجعل حسن يوعز إلى الحسين: يا
1 - تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسن (عليه السلام)): 220 ح 355. 274 أخي! إياك أن تسفك الدماء في، فإن الناس سراع إلى الفتنة، فلما توفي الحسن [(عليه السلام)] ارتجت المدينة صياحا، فلا يلقى أحد إلا باكيا. وأبرد مروان إلى معاوية يخبره بموت حسن [(عليه السلام)] وأنهم يريدون دفنه مع النبي (صلى الله عليه وآله)، وأنهم لا يصلون إلى ذلك أبدا وأنا حي. فانتهى حسين بن علي [(عليه السلام)] إلى قبر النبي (صلى الله عليه وآله)، فقال: احفروا هاهنا، فنكب عنه سعيد بن العاص وهو الأمير فاعتزل ولم يحل بينه وبينه. وصاح مروان في بني أمية ولفها وتلبسوا السلاح، وقال مروان: لا كان هذا أبدا. فقال له الحسين: يا ابن الزرقاء! ما لك ولهذا؟ أوال أنت؟ قال: لا كان هذا ولا يخلص إليه وأنا حي!! فصاح حسين [(عليه السلام)] بحلف الفضول فاجتمعت بنو هاشم وتيم وزهرة وأسد وبنو جعونة ابن شعوب من بني ليث قد تلبسوا السلاح. وعقد مروان لواء وعقد حسين لواء، فقال الهاشميون: يدفن مع النبى (صلى الله عليه وآله)، حتى كانت بينهم المراماة بالنبل وابن جعونة بن شعوب يومئذ شاهر سيفه. فقام في ذلك رجال من قريش، عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، والمسور بن مخرمة بن نوفل، وجعل عبد الله بن جعفر يلح على حسين [(عليه السلام)] وهو يقول: يا ابن عم! ألم تسمع إلى عهد أخيك: إن خفت أن يهراق في محجمة من دم فادفني بالبقيع مع أمي، أذكرك الله أن تسفك الدماء. وحسين يأبى دفنه إلا مع النبي (صلى الله عليه وآله) وهو يقول: ويعرض مروان لي؟ ما له ولهذا؟! قال: فقال المسور بن مخرمة: يا أبا عبد الله! اسمع مني قد دعوتنا بحلف الفضول وأجبناك، تعلم أني سمعت أخاك يقول قبل أن يموت بيوم: يا ابن مخرمة! إني قد عهدت إلى أخي أن يدفنني مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) إن وجد إلى ذلك سبيلا، فإن خاف أن يهراق في ذلك محجم من دم فليدفني مع أمي بالبقيع، وتعلم أني
275 أذكرك الله في هذه الدماء، ألا ترى ما ها هنا من السلاح والرجال، والناس سراع إلى الفتنة؟! قال: وجعل الحسين [(عليه السلام)] يأبى، وجعلت بنو هاشم والحلفاء يلغطون ويقولون: لا يدفن أبدا إلا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله). (1) [208] - 52 - أبو جعفر الطبري: فلما فرغ [الحسين (عليه السلام)] من أمره وصلى عليه سار بنعشه يريد قبر جده رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليلحده معه، فبلغ ذلك مروان بن الحكم طريد رسول الله، فذهب مسرعا على بغل حتى دخل على عائشة وقال: يا أم المؤمنين! إن الحسين يريد أن يدفن أخاه الحسن عند جده، والله! لئن دفنه ليذهبن فخر أبيك وصاحبه عمر إلى يوم القيامة، قالت: فما أصنع؟ قال: إلحقي وامنعيه من الدخول إليه. قالت: فكيف ألحقه؟ قال: هذا بغلي فاركبيه، والحقي القوم قبل الدخول، فنزل عن بغله وركبته وأسرعت إلى القوم، وكانت أول امرأة ركبت السروج، ولحقتهم وقد صاروا إلى حرم قبر جدهم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فرمت بنفسها بين القبر والقوم وقالت: والله! لا يدفن الحسن هاهنا، أو تحلق هذه وأخرجت ناصيتها بيدها! وكان مروان لما ركبت بغله جمع من كان من بني أمية وحرضهم على المنع، وأقبل بهم وهو يقول: يا رب! هيجا هي خير من دعة! أيدفن عثمان في أقصى البقيع ويدفن الحسن مع رسول الله، والله! لا يكون هذا أبدا وأنا أحمل السيف! وكانت عائشة تقول: والله! لا أدخل داري من أكرهه، وكادت الفتنة أن تقع.
1 - تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسن (عليه السلام)): 221 ح 356. 276 فقال الحسين: هذه دار رسول الله وأنت حشية من تسع حشيات خلفهن رسول الله، فإنما نصيبك من الدار موضع قدميك. فأرادت بنو هاشم الكلام وحملوا السلاح، فمنعهم الحسين [(عليه السلام)] وقال: الله الله! أن تفعلوا وتضيعوا وصية أخي! وقال لعائشة: والله! لولا أن أبا محمد أوصى إلي أن لا أهريق محجمة دم لدفنته هاهنا ولو رغم أنفك. (1) [209] - 53 - الحسين بن عبد الوهاب: وكان سبب مفارقة أبي محمد الحسن صلوات الله عليه دار الدنيا، وانتقاله إلى دار الكرامة على ما وردت به الأخبار، أن معاوية بذل لجعدة بنت الأشعث زوجة أبي محمد (عليه السلام) عشرة آلاف دينار وقطاعات كثيرة من شعب سورا، وسواد الكوفة، وحمل إليها سما فجعلته في طعام! فلما وضعته بين يديه، قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، والحمد لله على لقاء محمد سيد المرسلين، وأبي سيد الوصيين، وأمي سيدة نساء العالمين، وعمي جعفر الطيار في الجنة، وحمزة سيد الشهداء (عليهم السلام)! ودخل عليه أخوه الحسين (عليه السلام) فقال: كيف تجد نفسك؟ قال: أنا في آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة على كره مني لفراقك وفراق إخوتي! ثم قال: أستغفر الله على محبة مني للقاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين وفاطمة وجعفر وحمزة (عليهم السلام). ثم أوصى إليه وسلم إليه الاسم الأعظم، ومواريث الأنبياء (عليهم السلام) التي كان أمير المؤمنين (عليه السلام) سلمها إليه، ثم قال: يا أخي! إذا أنا مت فغسلني وحنطني وكفني واحملني إلى جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى تلحدني إلى جانبه، فإن منعت من ذلك
1 - دلائل الإمامة: 61. 277 فبحق جدك رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأبيك أمير المؤمنين وأمك فاطمة الزهراء (عليهما السلام) أن لا تخاصم أحدا، واردد جنازتي من فورك إلى البقيع حتى تدفني مع أمي (عليها السلام). فلما فرغ من شأنه وحمله ليدفنه مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ركب مروان بن الحكم طريد رسول الله (صلى الله عليه وآله) بغلة، وأتى عائشة فقال لها: يا أم المؤمنين! إن الحسين يريد أن يدفن أخاه الحسن مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والله إن دفن معه ليذهبن فخر أبيك وصاحبه عمر إلى يوم القيامة. قالت: فما أصنع يا مروان؟ قال: إلحقي به وامنعيه من أن يدفن معه. قال: وكيف ألحقه؟ قال: اركبي بغلتي هذه. فنزل عن بغلته وركبتها، وكانت تؤز الناس وبني أمية على الحسين (عليه السلام) وتحرضهم على منعه مما هم به، فلما قربت من قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكان قد وصلت جنازة الحسن (عليه السلام)، فرمت بنفسها عن البغلة وقالت: والله! لا يدفن الحسن ههنا أبدا، أو تجز هذه - وأومأت بيدها إلى شعرها - فأراد بنو هاشم المجادلة، فقال الحسين (عليه السلام): الله الله! لا تضيعوا وصية أخي واعدلوا به إلى البقيع، فإنه أقسم علي إن أنا منعت من دفنه مع جده (صلى الله عليه وآله) أن لا أخاصم فيه أحدا، وأن أدفنه بالبقيع مع أمه (عليهما السلام)، فعدلوا به ودفنوه بالبقيع معها. فقام ابن عباس (رضي الله عنه) وقال: يا حميراء! ليس يومنا منك بواحد، يوم على الجمل، ويوم على البغلة، أما كفاك أن يقال: يوم الجمل حتى يقال: يوم البغل؟ يوم على هذا ويوم على هذا، بارزة عن حجاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) تريدين إطفاء نور الله والله متم نوره ولو كره المشركون، إنا لله وإنا إليه راجعون.
278 فقالت له: إليك عني وأف لك ولقومك. وروي أن الحسن (عليه السلام) فارق الدنيا وله تسع وأربعون سنة وشهرا، أقام مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) سبع سنين وستة أشهر، وباقي عمره مع أمير المؤمنين (عليه السلام) إلا عشرة سنوات كانت مدة إمامته (عليه السلام)، وروي أنه دفن مع أمه (عليهما السلام) سيدة نساء العالمين في قبر واحد. (1) [210] - 54 - المسعودي: وكان الحسين (عليه السلام) قد عزم على دفنه مع رسول الله [(صلى الله عليه وآله)]، فمنعت عائشة من ذلك وركبت بغلة لها وخرجت تؤلب الناس عليه وتحرضهم، فلما رأى الحسين [(عليه السلام)] ذلك دفنه بالبقيع مع أمه ولقيتها بعض بني هاشم. وروي أن الحسين [(عليه السلام)] عند ما فعلت عائشة وجه إليها بطلاقها وكان رسول الله [(صلى الله عليه وآله)] جعل طلاق أزواجه بعده إلى أمير المؤمنين [(عليه السلام)]، وجعله أمير المؤمنين بعده إلى الحسن، وجعله الحسن إلى الحسين، وقال النبي (صلى الله عليه وآله): إن في نسائي من لا تراني يوم القيامة، وتلك من يطلقها الأوصياء بعدي. (2) [211] - 55 - المفيد: وفي رواية أخرى: أنهم لما منعوهم من دفن الحسن (عليه السلام) في حرم جده (صلى الله عليه وآله) قال الحسين (عليه السلام): والله! لولا عهد الحسن إلي بحقن الدماء وأن لا أهريق في أمره محجمة دم، لعلمتم كيف تأخذ سيوف الله منكم مأخذها، وقد نقضتم العهد بيننا وبينكم، وأبطلتم ما اشترطنا عليكم لأنفسنا. (3)
1 - عيون المعجزات: 65، العوالم 16: 293 ح 8. 2 - إثبات الوصية: 160. 3 - الإرشاد: 193، روضة الواعظين 1: 168، بحار الأنوار 44: 157 قطعة من ح 25، العوالم 16: 286 ح 1. 279 [212] - 56 - اليعقوبي: بعد ذكر منع مروان ومن معه من دفن الحسن (عليه السلام)، اجتمع مع الحسين بن علي جماعة خلق من الناس فقالوا له: دعنا وآل مروان، فوالله! ما هم عندنا كأكلة رأس، فقال: إن أخي أوصاني أن لا أريق فيه محجمة دم. (1) [213] - 57 - أبو الفرج الأصبهاني: قال علي بن الحسن بن علي بن حمزة العلوي، عن عمه محمد، عن المدائني، عن جويرية بن أسماء قال: لما مات الحسن بن علي وأخرجوا جنازته، حمل مروان سريره، فقال له الحسين: أتحمل سريره؟ أما والله! لقد كنت تجرعه الغيظ!! فقال مروان: إني كنت أفعل ذلك بمن يوازن حلمه الجبال. (2) [214] - 58 - ابن عساكر: أخبرنا أبو محمد الحسن بن أبي بكر بن أبي الرضا، أنبأنا الفضيل بن يحيى الفضيلي، أنبأنا أبو محمد بن أبي شريح، أنبأنا محمد بن عقيل بن الأزهر، أنبأنا محمد بن فضيل، أنبأنا سعيد بن عامر، عن جويرية بن أسماء قال: لما مات الحسن بن علي [(عليه السلام)] بكى مروان في جنازته، فقال له حسين [(عليه السلام)]: أتبكيه وقد كنت تجرعه ما تجرعه!!؟ فقال: إني كنت أفعل ذلك إلى أحلم من هذا، وأشار بيده إلى الجبل! (3) [215] - 59 - الدينوري: فلما دفن الحسن (عليه السلام) بالبقيع عند قبر جدته فاطمة بنت أسد، قال الحسين بن علي (عليهما السلام) عند قبر أخيه الحسن (عليه السلام):
1 - تاريخ اليعقوبي 2: 225، هامش تاريخ ابن عساكر ترجمة الإمام الحسن (عليه السلام) 224. 2 - مقاتل الطالبيين: 75، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 16: 13 و 51، بحار الأنوار 44: 145 ح 13، إحقاق الحق 11: 121. 3 - تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسن (عليه السلام)): 156 ح 267، البداية والنهاية 8: 43. 280 رحمك الله أبا محمد! أن كنت لتباصر الحق مظانه، وتؤثر الله عند تداحض الباطل في مواطن التقية بحسن الروية، وتستشف جليل معاظم الدنيا بعين لها حاقرة، وتفيض [تقبض] عليها يدا طاهرة الأطراف نقية الأسرة، وتردع بادرة غرب أعدائك بأيسر المؤونة عليك، ولا غرو وأنت ابن سلالة النبوة، ورضيع لبان الحكمة، فإلى روح وريحان وجنة نعيم، أعظم الله لنا ولكم الأجر عليه، ووهب لنا ولكم السلوة وحسن الأسى عنه. (1) رثاء الإمام الحسين أخاه (عليهما السلام) [216] - 60 - ابن شهر آشوب: لما وضع الحسين [(عليه السلام)] أخاه الحسن [(عليه السلام)] في لحده قال: أأدهن رأسي أم أطيب محاسني * ورأسك معفور وأنت سليب أو استمتع الدنيا لشيء أحبه * ألا كل ما أدنى إليك حبيب فلا زلت أبكي ما تغنت حمامة * عليك، وما هبت صبا وجنوب وما هملت عيني من الدمع قطرة * وما اخضر في دوح الحجاز قضيب بكائي طويل والدموع غزيرة * وأنت بعيد والمزار قريب
1 - عيون الأخبار 2: 314، تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسن (عليه السلام)): 233 ح 369 ملخصا، إحقاق الحق 11: 597. 281 غريب وأطراف البيوت تحوطه * ألا كل من تحت التراب غريب ولا يفرح الباقي خلاف الذي مضى * وكل فتى للموت فيه نصيب فليس حريب من أصيب بماله * ولكن من وارى أخاه حريب نسيبك من أمسى يناجيك طرفه * وليس لمن تحت التراب نسيب (1) وله أيضا في رثاء أخيه (عليهما السلام) [217] - 61 - ابن شهر آشوب: إن لم أمت أسفا عليك فقد * أصبحت مشتاقا إلى الموت (2)
1 - المناقب 4: 45، بحار الأنوار 44: 160 ح 29. 2 - المناقب 4: 45، بحار الأنوار 44: 161 ح 30. 282 الفصل الرابع كلمات الإمام الحسين (عليه السلام) في زمن إمامته
283 الإمام الحسين (عليه السلام) قبل موت معاوية لما ارتحل الحسن (عليه السلام) إلى دار البقاء، انتقلت الإمامة والولاية إلى مولانا الحسين (عليه السلام)، وذلك في شهر صفر من سنة تسع وأربعين من الهجرة النبوية، وقد عرف أحقيته بالولاية والخلافة رجال من الأمة، فكان بعض الناس يراجعونه ويفدون إليه. كلامه (عليه السلام) مع بعض وفوده [218] - 1 - الديلمي: قال أبو عبد الله [جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)]: وفد إلى الحسين (عليه السلام) وفد فقالوا: يا ابن رسول الله! إن أصحابنا وفدوا إلى معاوية ووفدنا نحن إليك، فقال: إذن أجيزكم بأكثر مما يجيزهم، فقالوا: جعلنا فداك! إنما جئنا مرتادين لديننا. قال: فطأطأ رأسه ونكت في الأرض وأطرق طويلا، ثم رفع رأسه فقال: قصيرة من طويلة (1)، من أحبنا لم يحبنا لقرابة بيننا وبينه،
1 - مثل، يضرب لاختصار الكلام. 285 ولا لمعروف أسديناه إليه، إنما أحبنا لله ورسوله، فمن أحبنا جاء معنا يوم القيامة كهاتين، وقرن بين سبابتيه. (1) دلائل إمامته (عليه السلام) [219] - 2 - الكليني: علي بن محمد، عن أبي علي محمد بن إسماعيل بن موسى بن جعفر، عن أحمد بن القاسم العجلي، عن أحمد بن يحيى المعروف بكرد، عن محمد بن خداهي، عن عبد الله بن أيوب، عن عبد الله بن هاشم، عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي، عن حبابة الوالبية قالت: رأيت أمير المؤمنين (عليه السلام) في شرطة الخميس، ومعه درة لها سبابتان يضرب بها بياعي الجري والمارماهي والزمار ويقول لهم: يا بياعي مسوخ بني إسرائيل، وجند بني مروان! فقام إليه فرات بن أحنف فقال: يا أمير المؤمنين! وما جند بني مروان؟ قال: فقال له: أقوام حلقوا اللحى وفتلوا الشوارب، فمسخوا، فلم أر ناطقا أحسن نطقا منه، ثم أتبعته فلم أزل أقفوا أثره حتى قعد في رحبة المسجد، فقلت له: يا أمير المؤمنين! ما دلالة الإمامة يرحمك الله؟ قالت: فقال: ائتيني بتلك الحصاة - وأشار بيده إلى حصاة - فأتيته بها فطبع لي فيها بخاتمه، ثم قال لي: يا حبابة! إذا ادعى مدع الإمامة فقدر أن يفعل كما رأيت فاعلمي أنه امام مفترض الطاعة، والإمام لا يعزب عنه شيء يريده. قالت: ثم انصرفت حتى قبض أمير المؤمنين (عليه السلام)، فجئت إلى الحسن (عليه السلام)، وهو في مجلس أمير المؤمنين (عليه السلام) والناس يسألونه، فقال: يا حبابة الوالبية! فقلت: نعم، يا مولاي!
1 - أعلام الدين: 46، بحار الأنوار 27: 127 ح 118 وورد شبه هذا الحديث مسندا في المحاسن في باب الموالاة في الله 1: 266 ح 517، وفى بحار الأنوار 27: 56 ح 12 عن علي بن الحسين (عليهما السلام) مع اختلاف. 286 قال: هاتي ما معك، قال: فأعطيته فطبع فيها كما طبع أمير المؤمنين (عليه السلام). قالت: ثم أتيت الحسين (عليه السلام) وهو في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقرب ورحب ثم قال لي: إن في الدلالة دليلا على ما تريدين، أفتريدين دلالة الإمامة؟ فقلت: نعم، يا سيدي! فقال [(عليه السلام)]: هاتي ما معك؟ فناولته الحصاة، فطبع لي فيها. قالت: ثم أتيت علي بن الحسين (عليهما السلام)، وقد بلغ بي الكبر إلى أن أرعشت وأنا أعد يومئذ مائة وثلاث عشرة سنة، فرأيته را كعا وساجدا ومشغولا بالعبادة، فيئست من الدلالة، فأومأ إلي بالسبابة فعاد إلي شبابي، قالت: فقلت: يا سيدي! كم مضى من الدنيا وكم بقي؟ فقال: أما ما مضى فنعم، وأما ما بقي فلا، قالت: ثم قال لي: هاتي ما معك، فأعطيته الحصاة، فطبع لي فيها. ثم أتيت أبا جعفر (عليه السلام) فطبع لي فيها، ثم أتيت أبا عبد الله (عليه السلام) فطبع لي فيها، ثم أتيت أبا الحسن موسى (عليه السلام) فطبع لي فيها، ثم أتيت الرضا (عليه السلام) فطبع لي فيها، وعاشت حبابة بعد ذلك تسعة أشهر على ما ذكر محمد بن هشام. (1) [220] - 3 - الديلمي: وروي مرفوعا إلى رشيد الهجري قال: كنت، وأبو عبد الله سلمان، وأبو عبد الرحمن قيس بن ورقاء، وأبو القاسم مالك بن التيهان، وسهل بن حنيف، بين يدي أمير المؤمنين (عليه السلام) بالمدينة إذ دخلت عليه حبابة الوالبية وعلى رأسها مجمرة شبه المنسف وعليها أثمار سابغة وهي متقلدة المصحف، وبين أناملها سبحة من حصى، ونوى وسلمت وبكت كثيرا، وقالت: يا أمير المؤمنين! آه من فقدك وا أسفاه على غيبتك، وواحسرتاه! على ما
1 - الكافي 1: 346 ح 3، كشف الغمة 1: 534، إكمال الدين: 536 ح 1، بحار الأنوار 25: 175 ح 1. 287 يفوت من الغنيمة منك، لا نلهو ولا نرغب عنك، وإنني من أمري لعلى يقين وبيان وحقيقة، وإني لقيتك وأنت تعلم ما أريده. فمد يده اليمنى إليها وأخذ منها حصاة بيضاء تلمع من صفائها، وأخذ خاتمه من يده فطبع به الحصاة وقال لها: يا حبابة! هذا كان مرادك مني، فقالت: إي والله! يا أمير المؤمنين! هذا أريده لما سمعت من تفرق شيعتك واختلافهم من بعدك فأردت هذا البرهان ليكون معي إن عمرت بعدك لا عمرت، ويا ليتني وقومي وأهلي لك الفداء، فإذا وقعت الإشارة، أوشكت الشيعة إلى من يقوم مقامك أتيته بهذه الحصاة فلو فعل بها ما فعلت علمت أنه الخلف من بعدك، وأرجو أن لا أؤجل لذلك، فقال لها: بلى والله، يا حبابة! لتلقين بهذه الحصاة ابني الحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى الرضا، ترين في نفسك برهانا عظيما منه وتختارين الموت فتموتين ويتولى أمرك ويقوم على حفرتك ويصلي عليك، وأنا مبشرك بأنك مع المكرورات من المؤمنات مع المهدي من ذريتي إذا أظهر الله أمره. فبكت حبابة وقالت: يا أمير المؤمنين! من أين هذا لأمتك، الضعيفة اليقين، القليلة العمل!؟ لولا فضل الله وفضل رسوله وفضلك يا أمير المؤمنين حقا لا سواك! فادع لي يا أمير المؤمنين! بالثبات على ما هدانا الله إليه لا أسلبه، ولا أفتن فيه، ولا أضل عنه، فدعا لها أمير المؤمنين (عليه السلام) وأصبحها خيرا. قالت حبابة: فلما قبض أمير المؤمنين بضربة عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله في مسجد الكوفة، أتيت مولاي الحسن فقال: أهلا وسهلا يا حبابة! هاتي الحصاة وطبعها أمير المؤمنين (عليه السلام) [الحسن] وأخرج الخاتم بعينه، فلما مضى الحسن (عليه السلام) بالسم أتيت الحسين (عليه السلام)، فلما رآني قال: مرحبا يا حبابة! هاتي الحصاة فأخذها
288 وختمها بذلك الختم، فلما استشهد (عليه السلام) مضيت إلى علي بن الحسين (عليه السلام) وقد شك الناس فيه ومالت شيعة الحجاز إلى محمد بن الحنفية فصار إلي من كبارهم جمع وقالوا: يا حبابة! الله، الله، اقصدي علي بن الحسين بالحصاة حتى يتبين الحق، فصرت إليه فلما رآني رحب بي وقربني ومد يده وقال: هاتي الحصاة فأخذها وطبعها بذلك الخاتم. ثم صرت بعده إلى محمد بن علي (عليه السلام) وإلى جعفر بن محمد وإلى موسى بن جعفر وإلى علي بن موسى الرضا (عليهم السلام)، فكل يفعل مثل أمير المؤمنين (عليه السلام) والحسن والحسين صلوات الله عليهم أجمعين. ثم علت سني، ورق جلدي ودق عظمي، وحال سواد شعري، وكنت بكثرة نظري إليهم صحيحة البصر والعقل والفهم والسمع، فلما صرت بحال استولى الكبر فيه قلت لمولاي علي بن موسى الرضا (عليه السلام): لا تغفل عني تحضر جنازتي وتصلي علي كما وعدني جدك أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: التزمي فإنك معنا. فكان من أمرها أنها ذات يوم نائمة على فراشها إذ نزل الحمام المحتوم فأيقظوها فإذا هي قد سلمت، فلما كان من الغدو إذا برسول علي بن موسى الرضا عندهم وعنده كفن وحنوط، ثم قاموا في جهازها فصلى عليها الرضا (عليه السلام) ولقنها ثم قام على قبرها يبكي ثم قال: إبلغي آبائي مني السلام. (1) [221] - 4 - الراوندي: روي عن جابر الجعفي، عن زين العابدين (عليه السلام) قال: أقبل أعرابي إلى المدينة ليختبر الحسين (عليه السلام) لما ذكر له من دلائله، فلما صار بقرب المدينة خضخض ودخل المدينة، فدخل على الحسين وهو جنب. فقال له أبو عبد الله الحسين (عليه السلام): أما تستحيي يا أعرابي! أن تدخل إلى
1 - إرشاد القلوب: 288، مدينة المعاجز 6: 293 ح 91 مختصرا. 289 إمامك وأنت جنب!؟ وقال: أنتم معاشر العرب إذا خلوتم خضخضتم. فقال الأعرابي: يا مولاي! قد بلغت حاجتي مما جئت فيه. فخرج من عنده فاغتسل ورجع إليه، فسأله عما كان في قلبه. (1) [222] - 5 - وعنه: عن الباقر، عن أبيه (عليهما السلام) أنه قال: صار جماعة من الناس بعد الحسن إلى الحسين (عليهما السلام)، فقالوا: يا ابن رسول الله! ما عندك من عجائب أبيك التي كان يريناها؟ فقال: هل تعرفون أبي؟ قالوا: كلنا نعرفه، فرفع له سترا كان على باب بيت، ثم قال: انظروا في البيت، فنظروا، فقالوا: هذا أمير المؤمنين (عليه السلام)، ونشهد أنك خليفة الله حقا. (2) [223] - 6 - الحر العاملي: وفي رواية عن الصفار، عن الحسن بن علي بإسناده، قال: سئل الحسين بن علي (عليهما السلام) بعد مضى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال لأصحابه: أتعرفون أمير المؤمنين (عليه السلام) إذا رأيتموه؟ قالوا: نعم، قال: فارفعوا هذا الستر، فرفعوه فإذاهم به لا ينكرونه، فقال لهم علي (عليه السلام): إنه يموت من مات منا وليس بميت، ويبقي من بقي منا حجة عليكم. (3) تعهده (عليه السلام) بالصلح ولكن مع ذلك كله لم تساعده الظروف والأوضاع السياسية على أن يظهر
1 - الخرائج والجرائح 1: 246 ح 2، وسائل الشيعة 1: 476 ح 24، بحار الأنوار 44: 181 ح 4، العوالم 17: 54 ح 3. 2 - الخرائج والجرائح 2: 811 ح 20، مختصر بصائر الدرجات 110، إثبات الهداة 5: 195 ح 36. 3 - إثبات الهداة 5: 196 ح 37، الإيقاظ من الهجعة: 219 ح 22 مع اختلاف، وفي البصائر: 275 عن الإمام الحسن (عليه السلام)، وكذا في الخرائج والجرائح 2: 818 ح 29 وبحار الأنوار 27: 303 ح 4. 290 ولايته ويدعو الناس إلى بيعته، فكان (عليه السلام) ملتزما بالصلح الذي جرى بين أخيه الإمام الحسن (عليه السلام) ومعاوية. [224] - 7 - البلاذري: فلما توفي الحسن بن علي [(عليهما السلام)] اجتمعت الشيعة، ومعهم بنو جعدة بن هبيرة ابن أبي وهب المخزومي، وأم جعدة أم هانىء بنت أبي طالب، في دار سليمان بن صرد؛ فكتبوا إلى الحسين [(عليه السلام)] كتابا بالتعزية، وقالوا في كتابهم: إن الله قد جعل فيك أعظم الخلف ممن مضى، ونحن شيعتك المصابة بمصيبتك، المحزونة بحزنك، المسرورة بسرورك، المنتظرة لأمرك. وكتب إليه بنو جعدة يخبرونه بحسن رأي أهل الكوفة فيه، وحبهم لقدومه وتطلعهم إليه، وأن قد لقوا من أنصاره وإخوانه من يرضى هديه، ويطمأن إلى قوله، ويعرف نجدته وبأسه؛ فأفضوا إليهم ما هم عليه من شنآن بن أبي سفيان، والبراءة منه، ويسألونه الكتاب إليهم برأيه. فكتب الحسين (عليه السلام) إليهم: إني لأرجو أن يكون رأي أخي رحمه الله في الموادعة، ورأيي في جهاد الظلمة رشدا وسدادا، فألصقوا بالأرض، وأخفوا الشخص، واكتموا الهوى، واحترسوا من الأظاء ما دام ابن هند حيا، فإن يحدث به حدث وأنا حي يأتكم رأيي إن شاء الله. (1) [225] - 8 - ابن سعد: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثنا ابن أبي ذئب، قال: حدثني عبد الله بن عمير مولى أم الفضل، قال: وأخبرنا عبد الله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، قال: وأخبرنا يحيى بن سعيد بن دينار السعدي، عن أبيه، قال: وحدثني عبد الرحمان بن أبي الزناد، عن أبي وجرة السعدي، عن علي بن حسين.
1 - أنساب الأشراف 3: 151 ح 13. 291 قال: وغير هؤلاء قد حدثني، قال محمد بن سعد: وأخبرنا علي بن محمد، عن يحيى بن إسماعيل بن أبي المهاجر، عن أبيه، وعن لوط بن يحيى الغامدي، عن محمد بن بشير الهمداني، وغيره، وعن محمد بن الحجاج، عن عبد الملك بن عمير، وعن هارون بن عيسى، عن يونس بن أبي إسحاق، عن أبيه، وعن يحيى بن زكريا ابن أبي زائدة، عن مجالد، عن الشعبي. قال ابن سعد: وغير هؤلاء أيضا قد حدثني في هذا الحديث بطائفة، فكتبت جوامع حديثهم في مقتل الحسين رحمة الله عليه ورضوانه وصلواته وبركاته، قالوا: لما بايع معاوية بن أبي سفيان ليزيد بن معاوية كان حسين بن علي بن أبي طالب [(عليه السلام)] ممن لم يبايع له. وكان أهل الكوفة يكتبون إلى حسين يدعونه إلى الخروج إليهم في خلافة معاوية، كل ذلك يأبى. فقدم منهم قوم إلى محمد بن الحنفية فطلبوا إليه أن يخرج معهم فأبى، وجاء إلى الحسين فأخبره بما عرضوا عليه، وقال: إن القوم إنما يريدون أن يأكلوا بنا، ويشيطوا دماءنا (1)، فأقام حسين على ما هو عليه من الهموم، مرة يريد أن يسير إليهم ومرة يجمع الإقامة. فجاءه أبو سعيد الخدري، فقال: يا أبا عبد الله! إني لكم ناصح، وإني عليكم مشفق، وقد بلغني أنه كاتبك قوم من شيعتكم بالكوفة يدعونك إلى الخروج إليهم، فلا تخرج، فإني سمعت أباك؛ يقول بالكوفة: والله! لقد مللتهم وأبغضتهم، وملوني وأبغضوني، وما بلوت منهم وفاء، ومن فاز بهم فاز بالسهم الأخيب، والله! ما لهم ثبات، ولا عزم أمر، ولا صبر على السيف.... (2)
1 - وفي البداية والنهاية 8: 174، ويستطيلوا بنا ويستنبطوا دماء الناس ودمائنا. 2 - الطبقات الكبير (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 53، تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 196 ح 254، البداية والنهاية 8: 174. 292 [226] - 9 - ابن عساكر: وقدم المسيب بن نجبة الفزاري، وعدة معه إلى الحسين بعد وفاة الحسن [(عليه السلام)] فدعوه إلى خلع معاوية، وقالوا: قد علمنا رأيك ورأي أخيك. فقال: إني أرجو أن يعطي الله أخي على نيته في حبه الكف، وأن يعطيني على نيتي في حبي جهاد الظالمين. وكتب مروان بن الحكم إلى معاوية: إني لست آمن أن يكون حسين مرصدا للفتنة، وأظن يومكم من حسين طويلا، فكتب معاوية إلى الحسين: إن من أعطى الله صفقة يمينه وعهده لجدير بالوفاء، وقد أنبئت أن قوما من أهل الكوفة قد دعوك إلى الشقاق، وأهل العراق من قد جربت، قد أفسدوا على أبيك وأخيك، فاتق الله! واذكر الميثاق، فإنك متى تكدني أكدك. فكتب إليه الحسين (عليه السلام): أتاني كتابك وأنا بغير الذي بلغك عني جدير، والحسنات لا يهدي لها إلا الله، وما أردت لك محاربة ولا عليك خلافا، وما أظن لي عند الله عذرا في ترك جهادك، وما أعلم فتنة أعظم من ولايتك أمر الأمة. فقال معاوية: إن أثرنا بأبي عبد الله إلا أسدا. وكتب إليه معاوية أيضا في بعض ما بلغه عنه: إني لأظن أن في رأسك نزوة، فوددت أني أدركتها فأغفرها لك. (1) [227] - 10 - أبو مخنف: بعد ذكر اختلاف الناس إلى الحسين (عليه السلام) بعد أخيه الحسن (عليه السلام) وكتاب معاوية
1 - تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 196 ضمن ح 254. 293 إليه في إنكار ذلك، كتب الحسين (عليه السلام) كتابا إلى معاوية يقول فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد فقد وصلني كتابك، وفهمت ما ذكرت، ومعاذ الله أن أنقض عهدا عهده إليك أخي الحسن (عليه السلام)، وأما ما ذكرت من الكلام فانه أوصله إليك الوشاة الملقون بالنمائم، والمفرقون بين الجماعات، فإنهم والله! يكذبون. (1) بيان: كان الإمام (عليه السلام) متعهدا بما صالح به أخوه، فعلى هذا روي أنه كان يرى لوالي معاوية من الشأن ما يليق بالوالي، فكان يقدمه في الصلاة حتى في الصلاة على أخيه الحسن (عليه السلام) كما تقدم في محله وعلى أخته أم كلثوم. [228] - 11 - محمد بن الأشعث: أخبرنا عبد الله بن محمد، قال: أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثني موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام) قال: لما توفيت أم كلثوم بنت أمير المؤمنين (عليه السلام)، خرج مروان بن الحكم - وهو أمير يومئذ على المدينة - فقال الحسين بن علي (عليهما السلام): لولا السنة ما تركته يصلي عليها. (2) دفاعه (عليه السلام) عن الحق ولكن العمل بالتقية والتعهد بالصلح لم يكن مانعا من بيان الحق وإظهار الحقائق، فكان (عليه السلام) يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويذكر فضائل أهل البيت
1 - المقتل: 11. 2 - الجعفريات: 344 ح 1408، مستدرك الوسائل 2: 279 ح 1966 وقال في هامشه: يستفاد من هذا الحديث بعد ثبوته وصحته، أن الإمام أراد أن يقول: بأن مروان ليس أهلا لكل شيء حتى للصلاة على الميت لولا السنة، وهناك العديد من أهل السير التأريخ يرى إتحادها مع أم كلثوم التي حضرت في واقعة الطف وأسرت مع بقية العيال والأطفال وذكروا لها خطبة في الكوفة فبالإتحاد يترك الحديث ولمزيد الاطلاع راجع أدب الطف 1: 76. 294 ويدافع عن الحق. [229] - 12 - الطبرسي: عن موسى بن عقبة أنه قال: لقد قيل لمعاوية: إن الناس قد رمو أبصارهم إلى الحسين (عليه السلام)، فلو قد أمرته يصعد المنبر ويخطب، فإن فيه حصرا، أو في لسانه كلالة، فقال لهم معاوية: قد ظننا ذلك بالحسن، فلم يزل حتى عظم في أعين الناس وفضحنا، فلم يزالوا به حتى قال للحسين [(عليه السلام)]: يا أبا عبد الله! لو صعدت المنبر فخطبت. فصعد الحسين (عليه السلام) المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبي (صلى الله عليه وآله)، فسمع رجلا يقول: من هذا الذي يخطب؟ فقال الحسين (عليه السلام): نحن حزب الله الغالبون، وعترة رسول الله (صلى الله عليه وآله) الأقربون، وأهل بيته الطيبون، وأحد الثقلين اللذين جعلنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثاني كتاب الله تبارك وتعالى، الذي فيه تفصيل كل شىء، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والمعول علينا في تفسيره، لا يبطينا تأويله، بل نتبع حقايقه، فأطيعونا فإن طاعتنا مفروضة، أن كانت بطاعة الله ورسوله مقرونة. قال الله عز وجل: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم فإن تنزعتم في شىء فردوه إلى الله والرسول) (1)، وقال: (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا). (2) وأحذركم الاصغاء إلى هتوف الشيطان بكم فإنه لكم عدو مبين، فتكونوا
1 - النساء: 4 / 59. 2 - النساء: 4 / 83. 295 كأوليائه الذين قال لهم: (لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما ترآءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني برئ منكم) (1) فتلقون للسيوف ضربا، وللرماح وردا، وللعمد حطما، وللسهام غرضا، ثم لا يقبل من نفس إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا. قال معاوية: حسبك يا أبا عبد الله! قد بلغت. (2) [230] - 13 - التستري: وقال [الحسين علي (عليهما السلام)] مرة اخرى في مجلس معاوية: أنا ابن ماء السماء، وعروق الثرى، أنا ابن من ساد أهل الدنيا بالحسب الناقب، والشرف الفائق، والقديم السابق، أنا ابن من رضاه رضى الرحمان، وسخطه سخط الرحمن، ثم رد وجهه للخصم، فقال: هل لك أب كأبي، أو قديم كقديمي؟ فإن قلت لا، تغلب، وإن قلت: نعم تكذب، فقال الخصم: لا، تصديقا لقولك، فقال الحسين (عليه السلام): الحق أبلج لا يزيغ سبيله، والحق يعرفه ذوو الألباب. (3) [231] - 14 - ابن أبي الحديد: روى المدائني قال: قال معاوية يوما لعقيل بن أبي طالب: هل من حاجة فأقضيها لك؟ قال: نعم، جارية عرضت علي وأبى أصحابها أن يبيعوها إلا بأربعين ألفا، فأحب معاوية أن يمازحه، قال: وما تصنع بجارية قيمتها أربعون ألفا وأنت أعمى؟ تجتزئ بجارية قيمتها خمسون درهما. قال: أرجو أن أطأها فتلدلي غلاما إذا أغضبته يضرب عنقك! فضحك معاوية
1 - الأنفال: 8 / 48. 2 - الاحتجاج: 299، المناقب لابن شهر آشوب 4: 67، بحار الأنوار 44: 205 ح 1، العوالم 17: 83 ح 10، وسائل الشيعة 18: 144 ح 45 مع اختلاف. 3 - إحقاق الحق 11: 595. 296 وقال: مازحناك يا أبا يزيد! وأمر فابتيعت له الجارية التي أولد منها مسلما؛، فلما أتت على مسلم ثماني عشرة سنة وقد مات عقيل أبوه، قال لمعاوية: يا أمير المؤمنين! إن لي أرضا بمكان كذا من المدينة، وإني أعطيت بها مائة ألف، وقد أحببت أن أبيعك إياها، فادفع إلي ثمنها، فأمر معاوية بقبض الأرض ودفع الثمن إليه، فبلغ ذلك الحسين (عليه السلام) فكتب إلى معاوية: أما بعد فإنك غررت [اغتررت] غلاما من بني هاشم فابتعت منه أرضا لا يملكها، فاقبض من الغلام ما دفعته إليه واردد علينا أرضنا، فبعث معاوية إلى مسلم فأخبره ذلك، وأقرأه كتاب الحسين (عليه السلام) وقال: أردد علينا مالنا وخذ أرضك فإنك بعت ما لا تملك! فقال مسلم: أما دون أن أضرب رأسك بالسيف فلا! فاستلقى معاوية ضاحكا يضرب برجليه وقال: يا بني! هذا والله! كلام قاله لي أبو ك حين ابتعت له أمك! ثم كتب إلى الحسين (عليه السلام): إني قد رددت عليكم الأرض وسوغت مسلما ما أخذه، فقال الحسين (عليه السلام): أبيتم يا آل أبي سفيان! إلا كرما. (1) [232] - 15 - ابن شهر آشوب: عبد الملك بن عمير، والحاكم، والعباس قالوا: خطب الحسن [(عليه السلام)] عائشة بنت عثمان، فقال مروان: أزوجها عبد الله بن الزبير، ثم إن معاوية كتب إلى مروان - وهو عامله على الحجاز - يأمره أن يخطب أم كلثوم بنت عبد الله بن جعفر لابنه يزيد، فأبى [فأتى] عبد الله بن جعفر فأخبره بذلك، فقال عبد الله: إن أمرها ليس إلي: إنما هو إلى سيدنا الحسين [(عليه السلام)] وهو خالها، فأخبر الحسين بذلك فقال: أستخير الله تعالى، اللهم وفق لهذه الجارية رضاك من آل محمد. فلما اجتمع الناس في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) أقبل مروان حتى جلس إلى
1 - شرح نهج البلاغة 11: 251، بحار الأنوار 42: 116. 297 الحسين (عليه السلام) وعنده من الجلة وقال: إن أمير المؤمنين أمرني بذلك [أي أخطب أم كلثوم ليزيد]، وأن أجعل مهرها حكم أبيها بالغا ما بلغ، مع صلح ما بين هذين الحيين، مع قضاء دينه، واعلم أن من يغبطكم بيزيد أكثر ممن يغبطه بكم، والعجب كيف يستمهر يزيد، وهو كفو من لا كفو له، وبوجهه يستسقى الغمام، فرد خيرا يا أبا عبد الله! فقال الحسين (عليه السلام): الحمد لله الذي اختارنا لنفسه، وارتضانا لدينه، واصطفانا على خلقه (1)، وأنزل علينا كتابه ووحيه، وأيم الله! لا ينقصنا أحد من حقنا شيئا إلا انتقصه الله من حقه، في عاجل دنياه وآخرته، ولا يكون علينا دولة إلا كانت لنا العاقبة، ولتعلمن نبأه بعد حين. ثم قال: يا مروان! قد قلت فسمعنا: أما قولك: مهرها حكم أبيها بالغا ما بلغ، فلعمري! لو أردنا ذلك ما عدونا سنة رسول الله في بناته ونسائه وأهل بيته، وهو ثنتا عشرة أوقية، يكون أربعمأة وثمانين درهما. وأما قولك: مع قضاء دين أبيها، فمتى كن نسائنا يقضين عنا ديوننا؟ وأما صلح ما بين هذين الحيين، فإنا قوم عادينا كم في الله، ولم نكن نصالحكم للدنيا، فلعمري! فلقد أعيى النسب فكيف السبب!؟ وأما قولك: العجب ليزيد كيف يستمهر، فقد استمهر من هو خير من يزيد، ومن أب يزيد، ومن جد يزيد. وأما قولك: إن يزيد كفو من لا كفو له، فمن كان كفوه قبل اليوم فهو كفوه
1 - وليس في المناقب المطبوع من قوله: وانزل علينا إلى قوله: بعد حين، إنما أثبتناه من كتاب أدب الحسين وحماسته: 76. 298 اليوم، ما زادته إمارته في الكفاءة شيئا. وأما قولك: بوجهه يستسقى الغمام، فإنما كان ذلك بوجه رسول الله (صلى الله عليه وآله). وأما قولك: من يغبطنا به أكثر ممن يغبطه بنا، فإنما، يغبطنا به أهل الجهل، ويغبطه بنا أهل العقل. ثم قال بعد كلام: فاشهدوا جميعا أني قد زوجت أم كلثوم بنت عبد الله بن جعفر من ابن عمها القاسم بن محمد بن جعفر؛ على أربعمائة وثمانين درهما، وقد نحلتها ضيعتي بالمدينة، أو قال: أرضي بالعقيق، وإن غلتها في السنة ثمانية آلاف دينار، ففيها لهما غنى إن شاء الله. فتغير وجه مروان وقال: أغدرا يا بني هاشم! تأبون إلا العداوة، فذكره الحسين (عليه السلام) خطبة الحسن عائشة [بنت عثمان] وفعله، ثم قال: فأين موضع الغدر، يا مروان! فقال مروان: أردنا صهركم لنجد ودا * قد أخلقه به حدث الزمان فلما جئتكم فجبهتموني * وبحتم بالضمير من الشنان فأجابه ذكوان مولى بني هاشم: أماط الله منهم كل رجس * وطهر هم بذلك في المثاني فمالهم سواهم من نظير * ولا كفو هناك ولا مداني أيجعل كل جبار عنيد * إلى الأخيار من أهل الجنان ثم إنه كان الحسين (عليه السلام) تزوج بعايشة بنت عثمان. (1)
1 - المناقب 4: 38، العوالم 17: 87 ح 2، مستدرك الوسائل 15: 98 ح 17657 مختصرا، بحار الأنوار 44: 207 ح 4، و 119 ح 13 عن الإمام الحسن (عليه السلام). 299 [233] - 16 - المبرد:: أنه تحدث الزبيريون: أن معاوية كتب إلى مروان بن الحكم، وهو والي المدينة: أما بعد، فإن أمير المؤمنين أحب أن يرد الألفة، ويسل السخيمة، ويصل الرحم، فإذا ورد عليك كتابي هذا فاخطب إلى عبد الله بن جعفر ابنته أم كلثوم على يزيد بن أمير المؤمنين، وارغب له في الصداق. فوجه مروان إلى عبد الله بن جعفر. فقرأ عليه كتاب معاوية، وأعلمه بما في رد الألفة من صلاح ذات البين، واجتماع الدعوة. فقال عبد الله: إن خالها الحسين [(عليه السلام)] بينبع، وليس ممن يفتات عليه بأمر، فانظرني إلى أن يقدم. وكانت أمها زينب بنت علي بن أبي طالب صلوات الله عليه، فلما قدم الحسين [(عليه السلام)] ذكر ذلك له عبد الله بن جعفر، فقام من عنده فدخل إلى الجارية. فقال: يا بنية! إن ابن عمك القاسم بن محمد بن جعفر بن أبي طالب أحق بك، ولعلك ترغبين في كثرة الصداق، وقد نحلتك البغيبغات. فلما حضر القوم للإملاك تكلم مروان بن الحكم، فذكر معاوية وما قصده من صلة الرحم وجمع الكلمة، فتكلم الحسين فزوجها من القاسم بن محمد. فقال له مروان: أغدرا يا حسين! فقال: أنت بدأت، خطب أبو محمد الحسن بن علي (عليهما السلام) عائشة بنت عثمان بن عفان، واجتمعنا لذلك، فتكلمت أنت فزوجتها من عبد الله بن الزبير؟. فقال مروان: ما كان ذلك، فالتفت الحسين [(عليه السلام)] إلى محمد بن حاطب، فقال: أنشدك الله، أكان ذاك؟ قال: أللهم نعم، فلم تزل هذه الضيعة في أيدي بني عبد الله بن جعفر، من ناحية
300 أم كلثوم، يتوارثونها. (1) قال ابن سعد في الطبقات: أخبرنا علي بن محمد، عن جويرية بن أسماء قال: خطب معاوية بن أبي سفيان ابنة عبد الله بن جعفر على يزيد بن معاوية فشاور عبد الله حسينا [(عليه السلام)] فقال: أتزوجه وسيوفهم تقطر من دمائنا؟ ضمها إلى ابن أخيك القاسم بن محمد. قال: إن علي دينا، قال: دونك البغيبغة فأقض منها دينك فقد علمت ما كان يصنع فيها عمك. فزوجها من القاسم. ووفد عبد الله [على] معاوية فباعه البغيبغة بألف ألف، وكتب معاوية إلى مروان يحزها، فركب مروان ليقبضها فوجد الحسين واقفا على الشعب، قال: من شاء فليدخله، والله! لا يدخله أحد إلا وضعت فيه سهما. فرجع مروان وكتب إلى معاوية، فكتب إليه معاوية: أعرض عنها، وسوغ المال عبد الله بن جعفر. فلما هلك معاوية وقتل الحسين [(عليه السلام)] أخذ يزيد بن معاوية البغيبغة، فلما هلك يزيد ردها ابن الزبير على آل أبي طالب، فلما قتل ابن الزبير ردها عبد الملك على آل معاوية، فلما ولى عمر بن عبد العزيز ردها على ولد علي، فلما ولى يزيد بن عبد الملك قبضها ودفعها إلى آل معاوية، حتى ولى الوليد بن يزيد بن عبد الملك فقال: ارتفعوا إلى القاضي. (2) [234] - 17 - ابن سعد: أخبرنا علي بن محمد، عن عبد الله بن جعفر، عن أم بكر بنت المسور، وغسان بن عبد الحميد، عن جعفر بن عبد الرحمن بن مسور، عن أبيه، عن المسور:
1 - الكامل 3: 208. 2 - ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من الطبقات لابن سعد: 39 ح 246. 301 أن معاوية كتب إلى مروان: زوج يزيد من ابنة عبد الله بن جعفر، واقض عنه دينه خمسين ألف دينار، وصله بعشرة آلاف دينار. فقال عبد الله بن جعفر: ما أقطع أمرا دون الحسين. فشاوره، فقال: إجعل أمرها إلي، ففعل واجتمعوا فقال مروان: إن أمير المؤمنين أحب أن يزيد القرابة لطفا والحق عظما، وأن يتلاقى صلاح هذه الحيين بالصهر، وقد كان من أبي جعفر في إجابة أمير المؤمنين ما حسن فيه رأيه، وولى أمرها خالها، وليس عند حسين خلاف على أمير المؤمنين. فتكلم حسين (عليه السلام) وقال: إن الله رفع بالاسلام الخسيسة، وأتم الناقصة، وأذهب اللؤم، فلا لؤم على مسلم، وإن القرابة التي عظم الله حقها قرابتنا، وقد زوجت هذه الجارية من هو أقرب نسبا وألطف سببا القاسم بن محمد بن جعفر. فقال مروان: أغدرا يا بني هاشم؟! وقال لعبد الله بن جعفر: يا ابن جعفر! ما هذه أيادي أمير المؤمنين عندك! قال: قد أعلمتك أني لا أقطع أمرا فيها دون خالها. فقال الحسين (عليه السلام): نشدتكم الله! أتعلمون أن الحسن خطب عائشة بنت عثمان فولوك أمرها، فلما صرنا في مثل هذا المجلس قلت: قد بدا لي أن أزوجها عبد الله ابن الزبير؟! هل كان هذا يا [أ] با عبد الرحمن؟ - يعني المسور بن مخرمة - فقال: أللهم نعم! فقال مروان: إنما ألوم عبد الله، فأما حسين فوغر الصدر! فقال مسور: لا تحمل على القوم، فالذي صنعوا أوصل، وصلوا رحما، ووضعوا كريمتهم حيث أحبوا. (1) [235] - 18 - الكليني: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن البرقي، عن عبد الرحمن
1 - الطبقات (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 40 ح 247. 302 ابن محمد العرزمي، قال: استعمل معاوية مروان بن الحكم على المدينة، وأمره أن يفرض لشباب قريش، ففرض لهم، فقال علي بن الحسين (عليهما السلام): فأتيته فقال: ما اسمك؟ فقلت: علي بن الحسين، فقال: ما اسم أخيك؟ فقلت: علي. فقال: علي وعلي! ما يريد أبوك أن يدع أحدا من ولده إلا سماه عليا! ثم فرض لي، فرجعت إلى أبي فأخبرته، فقال: ويلي على ابن الزرقاء دباغة الأدم، لو ولد لي مائة لأحببت أن لا أسمي أحدا منهم إلا عليا. (1) [236] - 19 - أبو الفرج الأصبهاني: حدثني إبراهيم بن حمزة، عن جدي عبد الله بن مصعب، عن أبيه: أن الحسين بن علي (عليهما السلام) كان بينه وبين معاوية كلام في أرض له، فقال له الحسين (عليه السلام): اختر خصلة من ثلاث خصال: إما أن تشتري مني حقي، وإما أن ترده علي، أو تجعل بيني وبينك ابن الزبير وابن عمر، والرابعة الصيلم. قال: وما الصيلم؟ قال: أن أهتف بحلف الفضول. قال: فلا حاجة لنا بالصيلم! قال: فخرج وهو مغضب، فمر بعبد الله بن الزبير فأخبره، فقال: والله! لئن لم ينصفني لأهتفن بحلف الفضول، فقال عبد الله بن الزبير: والله لئن هتفت به وأنا مضطجع لأقعدن، أو قاعد لأقومن، ولئن هتفت به وأنا ماش لأسعين، ثم لينفدن روحي مع روحك، أو لينصفنك. قال: فخرج عبد الله بن الزبير فدخل على معاوية فباعه منه، وخرج عبد الله فجاء إلى الحسين (عليه السلام) فقال: أرسل فانتقد مالك فقد بعته لك. (2)
1 - الكافي 6: 19 ح 7، وسائل الشيعة 15: 128 ح 1، ناسخ التواريخ 1: 263. 2 - الأغاني 17: 296، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 15: 227. 303 [237] - 20 - وعنه: وحدثني علي بن صالح، عن جدي عبد الله بن مصعب، عن أبيه قال: خرج الحسين (عليه السلام) من عند معاوية، فلقى عبد الله بن الزبير، والحسين مغضب، فذكر الحسين أن معاوية ظلمه في حق له، فقال الحسين: أخيره في ثلاث خصال، والرابعة الصيلم، أن يجعلك أو ابن عمر بيني وبينه، أو يقر بحقي ثم يسألني فأهبه له، أو يشتريه مني، فإن لم يفعل فوالذي نفسي بيده لأهتفن بحلف الفضول. قال ابن الزبير: والذي نفسي بيده! لئن هتفت به وأنا قاعد لأقومن، أو قائم لأمشين، أو ماش لأشتدن، حتى تفني روحي مع روحك أو ينصفك... (1) [238] - 21 - وعنه: وحدثني محمد بن حسن، عن إبراهيم بن محمد بن يزيد بن عبد الله بن الهاد الليثي أن محمد بن الحارث التميمي أخبره: أنه كان بين الحسين بن علي (عليهما السلام) وبين الوليد بن عتبة بن أبي سفيان كلام - والوليد يومئذ أمير المدينة في زمن معاوية بن أبي سفيان - في مال كان بينهما بذى المروة، فقال الحسين بن علي (عليهما السلام): استطال علي الوليد بن عتبة في حقي بسلطانه، فقلت، أقسم بالله لتنصفني في حقي، أو لآخذن سيفي ثم لأقومن في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم لأدعون بحلف الفضول. قال: فقال عبد الله بن الزبير: - وكان عند الوليد لما قال الحسين [(عليه السلام)] ما قال - وأنا أحلف بالله لئن دعا به لآخذن سيفي ثم لأقومن معه حتى ينصف من حقه، أو نموت جميعا. فبلغت المسور بن مخرمة بن نوفل الزهري، فقال: مثل ذلك، فبلغت عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله التيمي فقال: مثل ذلك، فلما بلغ الوليد بن عتبة
1 - الأغاني 17: 296، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 15: 227. 304 أنصف الحسين من حقه حتى رضي. (1) [239] - 22 - الطبرسي: عن محمد بن السايب أنه قال: قال مروان بن الحكم يوما للحسين بن علي (عليهما السلام): لولا فخركم بفاطمة بم كنتم تفتخرون علينا؟ فوثب الحسين (عليه السلام) - وكان شديد القبضة - فقبض على حلقه فعصره، ولوى عمامته على عنقه حتى غشي عليه، ثم تركه، وأقبل الحسين (عليه السلام) على جماعة من قريش فقال: أنشدكم بالله إلا صدقتموني إن صدقت، أتعلمون أن في الأرض حبيبين كانا أحب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) مني ومن أخي؟ أو على ظهر الأرض ابن بنت نبي غيري وغير أخي؟ قالوا: أللهم، لا. قال: وإني لا أعلم أن في الأرض ملعون ابن ملعون غير هذا وأبيه طريدي رسول الله، والله! ما بين (جابرس وجابلق) أحدهما بباب المشرق والآخر بباب المغرب رجلان ممن ينتحل الاسلام أعدى لله ولرسوله ولأهل بيته منك ومن أبيك إذا كان وعلامة قولي فيك أنك: إذا غضبت سقط رداؤك عن منكبك. قال: فوالله! ما قام مروان من مجلسه حتى غضب فانتفض وسقط رداؤه عن عاتقه. (2)
1 - الأغاني 17: 295، المناقب لابن شهر آشوب 4: 68، العوالم 17: 66 ح 1، بحار الأنوار 44: 191 رويت القضية في الكتب الثلاثة الأخيرة ملخصة، وفيها قال الحسين (عليه السلام): الضيعة لك يا وليد! وقام. 2 - الاحتجاج: 299، المناقب لابن شهر آشوب 4: 51، بحار الأنوار 44: 206 ح 2، العوالم 17: 86 ح 1. 305 [240] - 23 - ابن شهر آشوب: عن كتاب أنس المجالس: أن الفرزدق أتى الحسين (عليه السلام) لما أخرجه مروان من المدينة فأعطاه (عليه السلام) أربعمائة دينار، فقيل له: إنه شاعر فاسق مشهر فقال (عليه السلام): إن خير مالك ما وقيت به عرضك، وقد أصاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) كعب ابن زهير، وقال في عباس بن مرداس: اقطعوا لسانه عني. (1) وبهذا المضمون رواية أخرى أيضا أنه كتب إليه الحسن (عليه السلام) يلومه على إعطاء الشعراء، فكتب إليه، أنت أعلم مني بأن خير المال ما وقى العرض. (2) تصرف الإمام الحسين (عليه السلام) في بيت المال [241] - 24 - القرشي: وروي: أن الحسين (عليه السلام) تصرف في أموال كانت تحمل من اليمن إلى معاوية، ووزعها بين المحتاجين من بني هاشم، وغيرهم وكتب إلى معاوية بعد ذلك: من الحسين بن علي إلى معاوية بن أبي سفيان، أما بعد: فإن عيرا مرت بنا من اليمن تحمل مالا وحللا وعنبرا وطيبا إليك، لتودعها خزائن دمشق، وتعل بها بعد النهل ببني أبيك، وإني احتجت إليها فأخذتها، والسلام. (3)
1 - المناقب 4: 65، بحار الأنوار 44: 189 ح 2، وفيه بدل مشهر، منتهر، العوالم 17: 62، ربيع الأبرار 4: 274 وفيه، كان الحسين بن علي يعطي الشعراء، فقيل له، فقال: خير... 2 - كشف الغمة 2: 31، مقتل الحسين للخوارزمي 1: 147، المحجة البيضاء 4: 227، تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)) 153، ح 199، العوالم 17: 64 ح 3، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 16: 10، وفيه: أن الحسن (عليه السلام) أعطى شاعرا.... 3 - حياة الإمام الحسين (عليه السلام) 2: 232، ناسخ التواريخ 1: 195. 306 رد قول معاوية [242] - 25 - وكان لمعاوية بن أبي سفيان عين بالمدينة يكتب إليه بما يكون من أمور الناس وقريش وكتب إليه: إن الحسين بن علي أعتق جارية له وتزوجها، فكتب معاوية إلى الحسين: من أمير المؤمنين معاوية إلى الحسين بن علي أما بعد، فإنه بلغني إنك تزوجت جاريتك وتركت أكفائك من قريش، ممن تستنجبه للولد، وتمجد به في الصهر، فلا لنفسك نظرت، ولا لولدك انتقيت. فكتب إليه الحسين بن علي (عليهما السلام): أما بعد: فقد بلغني كتابك، وتعييرك إياي بأني تزوجت مولاتي، وتركت أكفائي من قريش، فليس فوق رسول الله [(صلى الله عليه وآله)] منتهى في شرف، ولا غاية في نسب، وإنما كانت ملك يميني خرجت عن يميني بأمر التمست فيه ثواب الله، ثم ارتجعتها على سنة نبيه (صلى الله عليه وآله)، وقد رفع الله بالاسلام الخسيسة، ووضع عنا به النقيصة فلا لؤم على امرئ مسلم، إلا في أمر مأثم، وإنما اللؤم لؤم الجاهلية. (1) منع الشيعة عن ملاقاته (عليه السلام) واعتراضه [243] - 26 - البلاذري، عن العتبي: حجب الوليد بن عتبة أهل العراق عن الحسين [(عليه السلام)]، فقال الحسين (عليه السلام): يا ظالما لنفسه، عاصيا لربه! علام تحول بيني وبين قوم عرفوا من حقي ما جهلته أنت وعمك؟! فقال الوليد: ليت حلمنا عنك لا يدعو جهل غيرنا إليك، فجناية لسانك مغفورة
1 - أدب الحسين وحماسته: 76، بلاغة الحسين: 216. 307 لك ما سكنت يدك فلا تخطر بها فتخطر بك، ولو علمت ما يكون بعدنا لأحببتنا كما أبغضتنا. (1) اعتراضه (عليه السلام) على يزيد [244] - 27 - ابن الأثير: وقال عمر بن سبينة: حج يزيد في حياة أبيه، فلما بلغ المدينة جلس على شراب له، فاستأذن عليه ابن عباس والحسين (عليه السلام)، فقيل له: إن ابن عباس إن وجد ريح شرابك عرفه، فحجبه وأذن للحسين، فلما دخل وجد رائحة الشراب مع الطيب، فقال (عليه السلام): لله در طيبك ما أطيبه فما هذا؟ قال: هو طيب يصنع بالشام، ثم دعا بقدح، فشربه ثم دعا بآخر فقال: اسق أبا عبد الله، فقال الحسين (عليه السلام): عليك شرابك، أيها المرء! لا عين عليك مني. فقال يزيد: ألا يا صاح! للعجب * دعوتك ثم لم تجب إلى الفتيات والشهوات * والصهباء والطرب باطية مكللة * عليها سادة العرب وفيهن التي تبلت * فؤادك ثم لم تثب فنهض الحسين (عليه السلام) وقال: بل فؤادك يا ابن معاوية! تبلت. (2) إباؤه (عليه السلام) عن بيع الصدقة ولكثرة سخائه وجوده، قد ضاق الأمر عليه، فركبه دين، فاغتنمه معاوية،
1 - أنساب الأشراف 3: 156 ح 15. 2 - الكامل في التأريخ 2: 603، معالم المدرستين 3: 21، وفيه بدل قوله: لله... قال: ما هذا يا ابن معاوية!. 308 فكتب إليه وأرسل مائتي ألف دينار يريد أن يشتري منه عين أبي نيزر التي حفرها أمير المؤمنين (عليه السلام) بيده الشريفة، وأوقفها على فقراء أهل المدينة وابن السبيل، فأبى الحسين (عليه السلام) أن يبيعها. [245] - 28 - المبرد: قال محمد بن هشام: فركب الحسين (عليه السلام) دين، فحمل إليه معاوية بعين أبي نيزر مأتي ألف دينار فأبى أن يبيع وقال: إنما تصدق بها أبي ليقي الله بها وجهه حر النار، ولست بائعها بشيء. (1) كلامه (عليه السلام) في قتل حجر ومن الفجائع التي ارتكبها معاوية في آخر عمره، قتل حجر بن عدي وأصحابه، وكان حجر من أعبد أهل زمانه ومن شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام)، فأراد معاوية بذلك إظهار الخصومة وإبادة الشيعة. [246] - 29 - الطبرسي: عن صالح بن كيسان قال: لما قتل معاوية، حجر بن عدي وأصحابه حج ذلك العام فلقي الحسين بن علي (عليهما السلام) فقال: يا أبا عبد الله! هل بلغك ما صنعنا بحجر وأصحابه وأشياعه وشيعة أبيك؟ فقال (عليه السلام): وما صنعت بهم؟ قال: قتلناهم، وكفناهم، وصلينا عليهم. فضحك الحسين (عليه السلام) ثم قال: خصمك القوم، يا معاوية! لكننا لو قتلنا شيعتك ما كفناهم، ولا صلينا عليهم، ولا قبرناهم، ولقد بلغني وقيعتك في على
1 - الكامل 3: 208. 309 وقيامك ببغضنا، واعتراضك بني هاشم بالعيوب، فإذا فعلت ذلك فارجع إلى نفسك، ثم سلها الحق عليها ولها، فإن لم تجدها أعظم عيبا فما أصغر عيبك فيك، وقد ظلمناك يا معاوية! فلا توترن غير قوسك، ولا ترمين غير غرضك، ولا ترمنا بالعداوة من مكان قريب، فإنك والله! لقد أطعت فينا رجلا ما قدم إسلامه، ولا حدث نفاقه، ولا نظر لك، فانظر لنفسك أودع، يعني عمرو بن العاص. (1) أخذ معاوية البيعة ليزيد [247] - 30 - الأميني: وكان في خلد معاوية يوم استقرت له الملوكية وتم له الملك العضوض أن يتخذ ابنه ولى عهده ويأخذ له البيعة، ويؤسس حكومة أموية مستقرة في أبناء بيته، فلم يزل يروض لبيعته سبع سنين، يعطي الأقارب، ويداني الأباعد، وكان يبتلعه طورا، ويجتر به حينا بعد حين، يمهد بذلك السبيل، ويسهل حزونته، ولما مات زياد سنة ثلاث وخمسين - وكان يكره تلك البيعة - أظهر معاوية عهدا مفتعلا - على زياد - فقرأه على الناس فيه عقد الولاية ليزيد بعده، وأراد بذلك أن يسهل بيعة يزيد كما قاله المدائني. وقال أبو عمر: كان معاوية قد أشار بالبيعة ليزيد في حياة الحسن (عليه السلام) وعرض بها، ولكنه لم يكشفها ولا عزم عليها إلا بعد موت الحسن (عليه السلام). (2)
1 - الاحتجاج: 296، كشف الغمة 2: 30، المحجة البيضاء 4: 226، وسائل الشيعة 2: 704 ح 3، بحار الأنوار 44: 129 ح 19، و 81: 298 ح 15، جامع الأحاديث 3: 160 ح 3669، تاريخ اليعقوبي 2: 213 مع الاختلاف. 2 - الغدير 10: 227. 310 ثم كتب معاوية بعد ذلك إلى مروان بن الحكم: إني قد كبرت سنى، ودق عظمي، وخشيت الاختلاف على الأمة بعدي، وقد رأيت أن أتخير لهم من يقوم بعدي، وكرهت أن أقطع أمرا دون مشورة من عندك، فأعرض ذلك عليهم، وأعلمني بالذي يردون عليك. فقام مروان في الناس فأخبرهم به، فقال الناس: أصاب ووفق، وقد أحببنا أن يتخير لنا فلا يألو. فكتب مروان إلى معاوية بذلك، فأعاد إليه الجواب يذكر يزيد فقام مروان فيهم وقال: إن أمير المؤمنين قد اختار لكم فلم يأل، وقد استخلف ابنه يزيد بعده. فقام عبد الرحمن بن أبي بكر، فقال: كذبت والله! يا مروان! وكذب معاوية، ما الخيار أردتما لأمة محمد، ولكنكم تريدون أن تجعلوها هرقلية، كلما مات هرقل قام هرقل. فقال مروان: هذا الذي أنزل الله فيه: (والذي قال لو لديه أف لكما). (1) فسمعت عائشة مقالته فقامت من وراء الحجاب، وقالت: يا مروان، يا مروان! فأنصت الناس وأقبل مروان بوجهه، فقالت: أنت القائل لعبد الرحمن: إنه نزل فيه القرآن؟ كذبت والله! ما هو به، ولكنه فلان بن فلان، ولكنك أنت فضض من لعنة نبي الله. وقام الحسين بن علي (عليهما السلام) فأنكر ذلك، وفعل مثله ابن عمر وابن الزبير. فكتب مروان بذلك إلى معاوية. (2) ولما عزل معاوية مروان لمخالفته استخلاف يزيد واستخلف على المدينة سعيد
1 - الأحقاف: 46 / 17. 2 - الكامل في التأريخ 2: 509، الغدير 10: 236. 311 ابن العاص كتب إليه يأمره أن يدعو أهل المدينة إلى البيعة ويكتب إليه بمن سارع ممن لم يسارع، فلما أتى سعيد بن العاص الكتاب دعا الناس إلى البيعة ليزيد وأظهر الغلظة، وأخذهم بالعزم والشدة، وسطا بكل من أبطأ عن ذلك، فأبطأ الناس عنها إلا اليسير، لا سيما بني هاشم فإنه لم يجبه منهم أحد، وكان ابن الزبير من أشد الناس إنكارا لذلك وردا له، فكتب سعيد بن العاص إلى معاوية: أما بعد، فإنك أمرتني أن أدعو الناس لبيعة يزيد بن أمير المؤمنين، وأن أكتب إليك بمن سارع ممن أبطأ، وإني أخبرك أن الناس عن ذلك بطاء، لا سيما أهل البيت من بني هاشم، فإنه لم يجبني منهم أحد، وبلغني عنهم ما أكره، وأما الذي جاهر بعداوته وإبائه لهذا الأمر فعبد الله بن الزبير، ولست أقوى عليهم إلا بالخيل والرجال، أو تقدم بنفسك فترى رأيك في ذلك، والسلام. فكتب معاوية إلى عبد الله بن العباس، وإلى عبد الله بن الزبير، وإلى عبد الله بن جعفر، والحسين بن علي (عليهما السلام) كتبا، وأمر سعيد بن العاص أن يوصلها إليهم ويبعث بجواباتها. (1) وإليك نص ما كتب معاوية إلى الإمام الحسين (عليه السلام): أما بعد، فقد انتهت إلى منك أمور لم أكن أظنك بها رغبة عنها، وأن أحق الناس بالوفاء لمن أعطى بيعته من كان مثلك في خطرك وشرفك ومنزلتك التي أنزلك الله بها، فلا تنازع إلى قطيعتك، واتق الله، ولا تردن هذه الأمة في فتنة، وانظر لنفسك ودينك وأمة محمد (صلى الله عليه وآله)، ولا يستخفنك الذين لا يوقنون. (2) [248] - 31 - ابن قتيبة: فكتب إليه الحسين (عليه السلام): أما بعد، فقد جاءني كتابك تذكر فيه أنه انتهت إليك عني أمور لم تكن
1 - الغدير 10: 239. 2 - الغدير 10: 240، وقد روي بغير هذه الألفاظ في بعض المصادر مثل كتاب رجال الكشي 1: 252. 312 تظنني بها رغبة بي عنها، وإن الحسنات لا يهدي لها ولا يسدد إليها إلا الله تعالى، وأما ما ذكرت أنه رقي إليك عني، فإنما رقاه الملاقون المشاؤون بالنميمة، المفرقون بين الجمع، وكذب الغاوون المارقون، ما أردت حربا ولا خلافا، وإني لأخشى الله في ترك ذلك منك، ومن حزبك القاسطين المحلين، حزب الظالم، وأعوان الشيطان الرجيم. ألست قاتل حجر وأصحابه العابدين المخبتين الذين كانوا يستفظعون البدع، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر؟! فقتلتهم ظلما وعدوانا من بعد ما أعطيتهم المواثيق الغليظة، والعهود المؤكدة جرأة على الله، واستخفافا بعهده. أو لست بقاتل عمرو بن الحمق الذي أخلقت وأبلت وجهه العبادة؟ فقتلته من بعد ما أعطيته من العهود ما لو فهمته العصم نزلت من شعف الجبال. أو لست المدعي زيادا في الاسلام، فزعمت أنه ابن أبي سفيان، وقد قضى رسول الله (صلى الله عليه وآله): أن الولد للفراش، وللعاهر الحجر، ثم سلطته على أهل الاسلام يقتلهم، ويقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، ويصلبهم على جذوع النخل؟ سبحان الله يا معاوية! لكأنك لست من هذه الأمة، وليسوا منك، أو لست قاتل الحضرمي الذي كتب إليك فيه زياد أنه على دين علي كرم الله وجهه، ودين علي هو دين ابن عمه (صلى الله عليه وآله) الذي أجلسك مجلسك الذي أنت فيه، ولولا ذلك كان أفضل شرفك وشرف آبائك تجشم الرحلتين، رحلة الشتاء والصيف، فوضعها الله عنكم بنا منة عليكم، وقلت فيما قلت: لا ترد هذه الأمة في فتنة.
313 وإني لا أعلم لها فتنة أعظم من إمارتك عليها. وقلت فيما قلت: انظر لنفسك ولدينك ولأمة محمد. وإني والله! ما أعرف أفضل من جهادك، فإن أفعل فإنه قربة إلى ربي، وإن لم أفعله فأستغفر الله لديني، وأسأله التوفيق لما يحب ويرضى. وقلت فيما قلت: متى تكدني أكدك، فكدني يا معاوية! فيما بدا لك، فلعمري لقديما يكاد الصالحون، وإني لأرجو أن لا تضر إلا نفسك، ولا تمحق إلا عملك، فكدني ما بدا لك، واتق الله يا معاوية! واعلم أن لله كتابا لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، واعلم أن الله ليس بناس لك قتلك بالظنة، وأخذك بالتهمة، وإمارتك صبيا يشرب الشراب، ويلعب بالكلاب، ما أراك إلا قد أوبقت نفسك، وأهلكت دينك، وأضعت الرعية، والسلام. (1) [249] - 32 - الطوسي: [وفي رواية أخرى] فلما وصل الكتاب إلى الحسين (عليه السلام) كتب إليه: أما بعد فقد بلغني كتابك، تذكر أنه قد بلغك عني أمور أنت لي عنها راغب، وأنا لغيرها عندك جدير، فإن الحسنات لا يهدي لها ولا يرد إليها إلا الله. وأما ما ذكرت أنه انتهى إليك عني، فإنه إنما رقاه إليك الملاقون المشاؤون بالنميم، وما أريد لك حربا ولا عليك خلافا، وأيم الله! إني لخائف لله في ترك ذلك، وما أظن الله راضيا بترك ذلك، ولا عاذرا بدون الإعذار فيه إليك، وفي أوليائك القاسطين الملحدين، حزب الظلمة، وأولياء الشياطين. ألست القاتل حجر بن عدي أخا كندة والمصلين العابدين الذين كانوا ينكرون الظلم ويستعظمون البدع، ولا يخافون في الله لومة لائم، ثم قتلتهم
1 - الإمامة والسياسة 1: 180، الغدير 10: 160. 314 ظلما وعدوانا من بعد ما كنت أعطيتهم الايمان المغلظة، والمواثيق المؤكدة، ولا تأخذهم بحدث كان بينك وبينهم، ولا بإحنة تجدها في نفسك. أو لست قاتل عمرو بن الحمق صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) العبد الصالح الذي أبلته العبادة، فنحل جسمه، وصفرت لونه، بعد ما أمنته وأعطيته من عهود الله ومواثيقه، ما لو أعطيته طائرا لنزل إليك من رأس الجبل، ثم قتلته جرأة على ربك، واستخفافا بذلك العهد. أو لست المدعي زياد بن سمية المولود على فراش عبيد ثقيف، فزعمت أنه ابن أبيك، وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الولد للفراش، وللعاهر الحجر، فتركت سنة رسول الله تعمدا، وتبعت هواك بغير هدى من الله، ثم سلطته على العراقين، يقطع أيدي المسلمين وأرجلهم، ويسمل أعينهم ويصلبهم على جذوع النخل، كأنك لست من هذه الأمة، وليسوا منك. أو لست صاحب الحضرميين الذين كتب فيهم ابن سمية أنهم كانوا على دين علي (عليه السلام) فكتبت إليه: أن اقتل كل من كان على دين علي، فقتلهم ومثل بهم بأمرك، ودين علي (عليه السلام) سر الله الذي كان يضرب عليه أباك ويضربك، وبه جلست مجلسك الذي جلست، ولولا ذلك لكان شرفك وشرف أبيك الرحلتين. وقلت فيما قلت: انظر لنفسك ولدينك ولأمة محمد، واتق شق عصا هذه الأمة وأن تردهم إلى فتنة. وإني لا أعلم فتنة أعظم على هذه الأمة من ولايتك عليها، ولا أعلم نظرا لنفسي ولديني ولامة محمد (صلى الله عليه وآله) وعلينا أفضل من أن أجاهدك فإن فعلت فإنه قربة إلى الله، وإن تركته فإني أستغفر الله لديني، وأسأله توفيقه لارشاد أمري.
315 وقلت فيما قلت: إني إن أنكرتك تنكرني، وإن أكدك تكدني، فكدني ما بدا لك، فإني أرجو أن لا يضرني كيدك في، وأن لا يكون على أحد أضر منه على نفسك، على أنك قد ركبت جهلك، وتحرصت على نقض عهدك، ولعمري ما وفيت بشرط، ولقد نقضت عهدك بقتلك هؤلاء النفر الذين قتلتهم بعد الصلح والايمان والعهود والمواثيق، فقتلتهم من غير أن يكونوا قاتلوا وقتلوا، ولم تفعل ذلك بهم إلا لذكرهم فضلنا، وتعظيمهم حقنا، فقتلتهم مخافة أمر لعلك لو لم تقتلهم مت قبل أن يفعلوا، أو ماتوا قبل أن يدركوا. فأبشر يا معاوية! بالقصاص، واستيقن بالحساب، واعلم أن لله تعالى كتابا (لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصلها). (1) وليس الله بناس لأخذك بالظنة، وقتلك أولياءه على التهم، ونقل أوليائه من دورهم إلى دار الغربة، وأخذك الناس ببيعة ابنك غلام حدث، يشرب الخمر، ويلعب بالكلاب، لا أعلمك إلا وقد خسرت نفسك، وبترت دينك، وغششت رعيتك، وأخربت أمانتك، وسمعت مقالة السفيه الجاهل، وأخفت الورع التقي لأجلهم والسلام. فلما قرأ معاوية الكتاب قال: لقد كان في نفسه ضب ما أشعر به، فقال يزيد: يا أمير المؤمنين! أجبه جوابا تصغر إليه نفسه، وتذكر فيه أباه بشيء. قال: ودخل عبد الله بن عمرو بن العاص، فقال له معاوية: أما رأيت ما كتب به الحسين؟ قال: وما هو؟ قال: فأقرأه الكتاب، فقال: وما يمنعك أن تجيبه بما يصغر إليه نفسه، - وإنما
1 - الكهف: 18 / 49. 316 قال ذلك في هوى معاوية -. فقال يزيد: كيف رأيت يا أمير المؤمنين! رأيي؟ فضحك معاوية، فقال: أما يزيد فقد أشار علي بمثل رأيك، قال عبد الله: فقد أصاب يزيد، فقال معاوية: أخطأتما، أرأيتما لو أني ذهبت لعيب علي محقا ما عسيت أن أقول فيه، ومثلي لا يحسن أن يعيب بالباطل، وما لا يعرف، ومتى ما عبت به رجلا بما لا يعرفه الناس لم يخول (1) به صاحبه، ولا يراه الناس شيئا وكذبوه، وما عسيت أن أعيب حسينا، ووالله! ما أرى للعيب فيه موضعا وقد رأيت أن أكتب إليه أتوعده وأتهدده، ثم رأيت أن لا أفعل ولا أفحله. (2) [250] - 33 - الطبرسي [روى مثله إلا] أنه (عليه السلام) كتب: أما بعد فقد بلغني كتابك أنه قد بلغك عني أمور أن بي عنها غنى، وزعمت أني راغب فيها، وأنا بغيرها عنك جدير، وساق الحديث نحوا مما مر. وزاد: فما كتب إليه بشيء يسوؤه، ولا قطع عنه شيئا كان يصله به، كان يبعث إليه في كل سنة ألف ألف درهم، سوى عروض وهدايا من كل ضرب. (3) [251] - 34 - القاضي النعمان: [روى] كتابا عن الإمام (عليه السلام) إلى معاوية ينهاه عن المنكرات قال: وعن الحسين بن علي (عليهما السلام) أنه كتب إلى معاوية كتابا يقرعه فيه، ويبكته بأمور صنعها، كان فيه: ثم وليت ابنك وهو غلام يشرب الشراب ويله بالكلاب، فخنت أمانتك وأخربت رعيتك، ولم تؤد نصيحة ربك، فكيف تولي على أمة
1 - وفي البحار: لم يخعل. 2 - اختيار معرفة الرجال 1: 252 ح 99، بحار الأنوار 44: 212 ضمن ح 9، أعيان الشيعة 1: 582، العوالم 17: 91 ح 6. 3 - الاحتجاج: 297، العوالم 17: 93 ح 7، بحار الأنوار 44: 215 ح 10، معادن الحكمة 2: 34. 317 محمد (صلى الله عليه وآله) من يشرب المسكر، وشارب المسكر من الفاسقين، وشارب المسكر من الأشرار؟! وليس شارب المسكر بأمين على درهم، فكيف على الأمة؟! فعن قليل ترد على عملك حين تطوى صحائف الاستغفار. (1) [252] - 35 - الأميني: حج معاوية في سنة خمسين، واعتمر في رجب سنة ستة وخمسين، وكان في كلا السفرين يسعى وراء بيعة يزيد، وله في ذلك خطوات واسعة ومواقف ومفاوضات مع بقية الصحابة ووجوه الأمة، غير أن المؤرخين خلطوا أخبار الرحلتين بعضها ببعض. (2) وإنا نذكر مواقف الإمام تجاه معاوية في الرحلة الأولى أولا، ثم نتبعه بموقفه (عليه السلام) تجاهه في الرحلة الثانية. ففي الرحلة الأولى: لما قدم المدينة أرسل إلى الإمام الحسين (عليه السلام) فخلا به، فقال له: يا ابن أخي! قد استوسق الناس لهذا الأمر غير خمسة من قريش أنت تقودهم، يا ابن أخي! فما أربك إلى الخلاف؟ قال الحسين (عليه السلام): أرسل إليهم فإن بايعوك كنت رجلا منهم، وإلا تكن عجلت على بأمر. قال: نعم، فأخذ عليه أن لا يخبر بحديثهما أحدا. (3) [253] - 36 - الطبري روى هذه الواقعة في وقائع سنة ستة وخمسين، وإليك نصها: يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، قال: حدثنا ابن عون،
1 - دعائم الإسلام 2: 133 ح 468. 2 - الغدير 10: 242. 3 - الغدير 10: 246. 318 قال: حدثني رجل بنخلة، قال: بايع الناس ليزيد بن معاوية غير الحسين بن علي (عليهما السلام)، وابن عمر، وابن الزبير، وعبد الرحمن بن أبي بكر، وابن عباس؛ فلما قدم معاوية أرسل إلى الحسين بن علي (عليهما السلام)، فقال: يا ابن أخي! قد استوسق الناس لهذا الأمر غير خمسة نفر من قريش أنت تقودهم، يا ابن أخي! فما إربك إلى الخلاف؟ قال: أنا أقودهم؟! قال: نعم، أنت تقودهم. قال: فأرسل إليهم، فإن بايعوا كنت رجلا منهم، وإلا لم تكن عجلت على بأمر، قال: وتفعل؟ قال: نعم. قال: فأخذ عليه ألا يخبر بحديثهم أحدا، قال: فالتوى عليه، ثم أعطاه ذلك، فخرج وقد أقعد له ابن الزبير رجلا بالطريق قال: يقول لك أخوك ابن الزبير: ما كان؟ فلم يزل به حتى استخرج منه شيئا. ثم أرسل بعده إلى ابن الزبير، فقال له: قد استوسق الناس لهذا الأمر غير خمسة نفر من قريش أنت تقودهم؛ يا ابن أخي! فما إربك إلى الخلاف؟ قال: أنا أقودهم!؟ قال: نعم أنت تقودهم، قال: فأرسل إليهم فإن بايعوا كنت رجلا منهم، وإلا لم تكن عجلت علي بأمر، قال: وتفعل؟ قال: نعم. قال: فأخذ عليه ألا يخبر بحديثهم أحدا، قال: يا أمير المؤمنين! نحن في حرم الله عزوجل، وعهد الله سبحانه ثقيل، فأبى عليه، وخرج. ثم أرسل بعده إلى ابن عمر فكلمه بكلام هو ألين من كلام صاحبه، فقال: إني
319 أرهب أن أدع أمة محمد (صلى الله عليه وآله) بعدي كالضأن لا راعي لها، وقد استوسق الناس لهذا الأمر غير خمسة نفر من قريش أنت تقودهم، فما إربك إلى الخلاف! قال: هل لك في أمر يذهب الذم، ويحقن الدم، وتدرك به حاجتك؟ قال: وددت. قال تبرز سريرك، ثم أجيء فأبايعك، على أني أدخل بعدك فيما تجتمع عليه الأمة، فو الله! لو أن الأمة اجتمعت بعدك على عبد حبشي لدخلت فيما تدخل فيه الأمة. قال: وتفعل؟ قال: نعم، ثم خرج فأتى منزله فأطبق بابه، وجعل الناس يجيئون فلا يأذن لهم. فأرسل إلى عبد الرحمن بن أبي بكر، وقال: يا ابن أبي بكر! بأية يد ورجل تقدم على معصيتي؟! قال: أرجو أن يكون ذلك خيرا لي. فقال: والله! لقد هممت أن أقتلك! قال: لو فعلت لأتبعك الله به لعنة في الدنيا وأدخلك به في الآخرة النار. قال: ولم يذكر ابن عباس! (1) [254] - 37 - ابن قتيبة: فلما كان صبيحة اليوم الثاني أرسل إلى الحسين بن علي (عليهما السلام) وإلى ابن عباس، فسبق ابن عباس فحادثه مليا حتى أقبل الحسين بن علي [(عليهما السلام)]، فلما رآه معاوية جمع له وسادة كانت عن يمينه فدخل الحسين وسلم، فأشار إليه فأجلسه عن يمينه مكان الوسادة، فسأله معاوية عن حال بني أخيه الحسن وأسنانهم، فأخبره، ثم سكت - ثم ذكر، خطبة معاوية في أمر الخلافة وبيعة ابنه يزيد وذكر فضائله وطلب منه البيعة له - فتيسر ابن عباس للكلام ونصب يده للمخاطبة.
1 - تأريخ الطبري 3: 248. 320 فأشار إليه الحسين (عليه السلام)، وقال: على رسلك، فأنا المراد، ونصيبي في التهمة أوفر، فأمسك ابن عباس، فقام الحسين (عليه السلام) فحمد الله وصلى على الرسول ثم قال: أما بعد، يا معاوية! فلن يؤدي القائل وإن أطنب في صفة الرسول (صلى الله عليه وآله) من جميع جزءا، وقد فهمت ما لبست به الخلف بعد رسول الله من إيجاز الصفة والتنكب عن استبلاغ البيعة، وهيهات هيهات يا معاوية! فضح الصبح فحمة الدجى، وبهرت الشمس أنوار السرج، ولقد فضلت حتى أفرطت، وأستأثرت حتى أجحفت، ومنعت حتى محلت، وجزت حتى جاوزت، ما بذلت لذي حق من إسم حقه بنصيب حتى أخذ الشيطان حظه الأوفر، ونصيبه الأكمل، وفهمت ما ذكرته عن يزيد من اكتماله وسياسته لامة محمد، تريد أن توهم الناس في يزيد، كأنك تصف محجوبا، أو تنعت غائبا، أو تخبر عما كان مما احتويته بعلم خاص، وقد دل يزيد من نفسه على موقع رأيه، فخذ ليزيد فيما أخذ به من استقرائه الكلاب المهارشة عند التحارش، والحمام السبق لأترابهن، والقيان ذوات المعازف، وضرب الملاهي، تجده باصرا، ودع عنك ما تحاول. فما أغناك أن تلقى الله من وزر هذا الخلق بأكثر مما أنت لاقيه، فوالله! ما برحت تقدح باطلا في جور، وحنقا في ظلم، حتى ملأت الأسقية، وما بينك وبين الموت إلا غمضة، فتقدم على عمل محفوظ في يوم مشهود، ولات حين مناص، ورأيتك عرضت بنا بعد هذا الأمر، ومنعتنا عن آبائنا تراثا، ولقد لعمر الله! أورثنا الرسول (صلى الله عليه وآله) ولادة، وجئت لنا بها ما حججتم به القائم عند موت الرسول، فأذعن للحجة بذلك، ورده الايمان إلى النصف، فركبتم الأعاليل، وفعلتم الأفاعيل، وقلتم: كان ويكون، حتى أتاك الأمر يا معاوية! من طريق كان قصدها لغيرك، فهناك فاعتبروا يا أولى الابصار، وذكرت قيادة
321 الرجل القوم بعهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتأميره له، وقد كان ذلك ولعمرو بن العاص يومئذ فضيلة بصحبة الرسول، وبيعته له، وما صار - لعمر الله! - يومئذ مبعثهم حتى أنف القوم إمرته، وكرهوا تقديمه، وعدوا عليه أفعاله، فقال (صلى الله عليه وآله): لا جرم معشر المهاجرين لا يعمل عليكم بعد اليوم غيري، فكيف تحتج بالمنسوخ من فعل الرسول في أوكد الاحكام وأولاها بالمجتمع عليه من الصواب؟ أم كيف صاحبت بصاحب تابعا وحولك من لا يؤمن في صحبته، ولا يعتمد في دينه وقرابته، وتتخطاهم إلى مسرف مفتون، تريد أن تلبس الناس شبهة يسعد بها الباقي في دنياه، وتشقى بها في آخرتك، إن هذا لهو الخسران المبين، وأستغفر الله لي ولكم. (1) [255] - 38 - وعنه: ثم احتجب عن الناس ثلاثة أيام لا يخرج، ثم خرج فأمر المنادي أن ينادي في الناس: أن يجتمعوا لأمر جامع، فاجتمع الناس في المسجد، وقعد هؤلاء (2) حول المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ثم ذكر يزيد وفضله وقراءته القرآن ثم قال: يا أهل المدينة! لقد هممت ببيعة يزيد وما تركت قرية ولا مدرة إلا بعثت إليها في بيعته، فبايع الناس جميعا وسلموا، وأخرت المدينة بيعته، وقلت بيضته وأصله ومن لا أخافهم عليه، وكان الذين أبوا البيعة منهم من كان أجدر أن يصله، والله! لو علمت مكان أحد هو خير للمسلمين من يزيد لبايعت له. فقام الحسين (عليه السلام) فقال: والله! لقد تركت من هو خير منه أبا وأما ونفسا. فقال معاوية: كأنك تريد نفسك؟
1 - الإمامة والسياسة 1: 184، أعيان الشيعة 1: 583، الغدير 10: 248، تاريخ يعقوبي 2: 228. 2 - يعني المتخلفين عن بيعة يزيد. 322 فقال الحسين (عليه السلام): نعم، أصلحك الله. فقال معاوية: إذا أخبرك، أما قولك، خير منه أما، فلعمري! أمك خير من أمه، ولو لم تكن إلا أنها امرأة من قريش لكان لنساء قريش فضلهن، فكيف وهي ابنة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم فاطمة في دينها وسابقتها، فأمك لعمر الله! خير من أمه. وأما أبو ك، فقد حاكم أباه إلى الله فقضى لأبيه على أبيك. فقال الحسين [(عليه السلام)]: حسبك جهلك، آثرت العاجل على الأجل. فقال معاوية: وأما ما ذكرت من أنك خير من يزيد نفسا، فيزيد والله! خير لأمة محمد منك. فقال الحسين [(عليه السلام)]: هذا هو الإفك والزور، يزيد شارب الخمر ومشتري اللهو خير مني؟! فقال معاوية: مهلا عن شتم ابن عمك، فإنك لو ذكرت عنده بسوء لم يشتمك! ثم التفت معاوية إلى الناس وقال: أيها الناس! قد علمتم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبض ولم يستخلف أحدا، فرأى المسلمون أن يستخلفوا أبا بكر، وكانت بيعته بيعة هدى، فعمل بكتاب الله وسنة نبيه، فلما حضرته الوفاة رأى أن يستخلف عمر، فعمل عمر بكتاب الله وسنته نبيه، فلما حضرته الوفاة رأى أن يجعلها شورى بين ستة نفر اختارهم من المسلمين، فصنع أبو بكر ما لم يصنعه رسول الله، وصنع عمر ما لم يصنعه أبو بكر، كل ذلك يصنعونه نظرا للمسلمين، فلذلك رأيت أن أبايع ليزيد لما وقع الناس فيه من الاختلاف ونظرا لهم بعين الانصاف! (1) [256] - 39 - ابن أعثم: روى هذه الواقعة في مكة وقال: وأقام معاوية بمكة لا يذكر شيئا من أمر يزيد، ثم أرسل إلى الحسين (عليه السلام) فدعاه، فلما جاءه ودخل إليه قرب مجلسه
1 - الإمامة والسياسة 1: 189، الغدير 10: 250. 323 ثم قال: [يا] أبا عبد الله! إعلم أني ما تركت بلدا إلا وقد بعثت إلى أهله فأخذت عليهم البيعة ليزيد، وإنما أخرت المدينة لأني قلت هم أصله وقومه وعشيرته ومن لا أخافهم عليه، ثم إني بعثت إلى المدينة بعد ذلك فأبى بيعته من لا أعلم أحدا هو أشد بها منهم؛ ولو علمت أن لأمة محمد (صلى الله عليه وآله) خير من ولدي يزيد لما بعثت له. فقال له الحسين (عليه السلام): مهلا يا معاوية! لا تقل هكذا، فإنك قد تركت من هو خير منه أما وأبا ونفسا. فقال معاوية: كأنك تريد بذلك نفسك، أبا عبد الله! فقال الحسين (عليه السلام): فإن أردت نفسي فكان ماذا؟ فقال معاوية: إذا أخبرك أبا عبد الله! أما أمك فخير من أم يزيد، وأما أبو ك فله سابقة وفضل، وقرابته من الرسول (صلى الله عليه وآله) ليست لغيره من الناس، غير أنه قد حاكم أبوه أباك، فقضى الله لأبيه على أبيك، وأما أنت وهو فهو والله! خير لأمة محمد (صلى الله عليه وآله) منك! فقال الحسين (عليه السلام): من خير لامة محمد؟! يزيد الخمور الفجور! فقال معاوية: مهلا أبا عبد الله! فإنك لو ذكرت عنده لما ذكر منك إلا حسنا! فقال الحسين (عليه السلام): إن علم مني ما أعلمه منه أنا فليقل في ما أقول فيه. فقال له معاوية: أبا عبد الله! انصرف إلى أهلك راشدا، واتق الله في نفسك، واحذر أهل الشام أن يسمعوا منك ما قد سمعته فإنهم أعداؤك وأعداء أبيك. قال: فانصرف الحسين (عليه السلام) إلى منزله. (1) [257] - 40 - الهيثمي: وفي رواية: عن محمد بن سيرين قال: لما بايع حج، فمر [معاوية] بالمدينة فخطب الناس، فقال: إنا قد بايعنا يزيد
1 - الفتوح 4: 343. 324 فبايعوه، فقام الحسين بن علي (عليهما السلام) فقال: أنا والله أحق بها منه، فإن أبي خير من أبيه، وجدي خير من جده، وأمي خير من أمه، وأنا خير منه. فقال: أما ما ذكرت أن جدك خير من جده، فصدقت، رسول الله (صلى الله عليه وآله) خير من أبي سفيان، وأما ما ذكرت أن أمك خير من أمه، فصدقت فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) خير من بنت بحدل، وأما ما ذكرت أن أباك خير من أبيه، فقد قارع أبو ك أباه فقضى الله لأبيه على أبيك، وأما ما ذكرت أنك خير منه، فلهو أرب منك وأعقل ما يسرني به مثلك ألف!! (1) [258] - 41 - ابن الأثير: وأما في رحلة الثانية لمعاوية في سنة ستة وخمسين، روى ابن أثير: فلما بايعه أهل العراق والشام سار إلى الحجاز في ألف فارس، فلما دنا من المدينة لقيه الحسين بن علي (عليهما السلام) أول الناس، فلما نظر إليه قال: لا مرحبا ولا أهلا! بدنة يترقرق دمها والله مهريقه! قال: مهلا، فإني والله! لست بأهل لهذه المقالة! قال: بلى، ولشر منها! ولقيه ابن الزبير فقال: لا مرحبا ولا أهلا! خب ضب تلعة، يدخل رأسه ويضرب بذنبه ويوشك والله! أن يؤخذ بذنبه ويدق ظهره، نحياه عني، فضرب وجه راحلته. ثم لقيه عبد الرحمن بن أبي بكر، فقال له معاوية: لا أهلا ولا مرحبا! شيخ قد خرف وذهب عقله؛ ثم أمر فضرب وجه راحلته، ثم فعل بابن عمر نحو ذلك، فأقبلوا معه لا يلتفت إليهم حتى دخل المدينة، فحضروا بابه، فلم يؤذن لهم على منازلهم ولم
1 - مجمع الزوائد 5: 198. 325 يروا منه ما يحبون، فخرجوا إلى مكة فأقاموا بها. وخطب معاوية بالمدينة فذكر يزيد فمدحه، وقال: من أحق منه بالخلافة في فضله وعقله وموضعه؟ وما أظن قوما بمنتهين حتى تصيبهم بوائق تجتث أصولهم، وقد أنذرت إن أغنت النذر؛ ثم أنشد متمثلا: قد كنت حذرتك آل المصطلق * وقلت: يا عمرو! أطعني وانطلق إنك إن كلفتني ما لم أطق * ساءك ما سرك مني من خلق دونك ما استسقيته فأحس وذق ثم دخل على عائشة، وقد بلغها أنه ذكر الحسين [(عليه السلام)] وأصحابه، فقال: لأقتلنهم إن لم يبايعوا. فشكاهم إليها، فوعظته، وقالت له: بلغني أنك تتهددهم بالقتل!؟ فقال: يا أم المؤمنين! هم أعز من ذلك، ولكني بايعت ليزيد وبايعه غيرهم، أفترين أن أنقض بيعة قد تمت؟ قالت: فارفق بهم، فإنهم يصيرون إلى ما تحب إن شاء الله. قال: أفعل. وكان في قولها له: ما يؤمنك أن أقعد لك رجلا يقتلك، وقد فعلت بأخي ما فعلت؟ تعني أخاها محمدا. فقال لها: كلا يا أم المؤمنين! إني في بيت أمن. قالت: أجل. ومكث بالمدينة ما شاء الله ثم خرج إلى مكة فلقيه الناس، فقال أولئك النفر: نتلقاه فلعله قد ندم على ما كان منه، فلقوه ببطن مر، فكان أول من لقيه الحسين (عليه السلام)، فقال له معاوية: مرحبا وأهلا يا ابن رسول الله وسيد شباب المسلمين! فأمر له بدابة فركب وسايره، ثم فعل بالباقين مثل ذلك، وأقبل يسايرهم لا يسير معه غيرهم حتى دخل مكة، فكانوا أول داخل وآخر خارج، ولا يمضي يوم إلا ولهم صلة ولا يذكر
326 لهم شيئا، حتى قضى نسكه وحمل أثقاله وقرب مسيره، فقال بعض أولئك النفر لبعض: لا تخدعوا فما صنع بكم هذا لحبكم وما صنعه إلا لما يريد، فأعدوا له جوابا، فاتفقوا على أن يكون المخاطب له ابن الزبير. فأحضرهم معاوية وقال: قد علمتم سيرتي فيكم وصلتي لأرحامكم وحملي ما كان منكم، ويزيد أخوكم وابن عمكم وأردت أن تقدموه باسم الخلافة، وتكونوا أنتم تعزلون وتؤمرون وتجبون المال وتقسمونه لا يعارضكم في شيء من ذلك... فسكتوا، فقال: ألا تجيبون؟ مرتين. ثم أقبل على ابن الزبير، فقال: هات لعمري إنك خطيبهم. فقال: نعم، نخيرك بين ثلاث خصال. قال: إعرضهن. قال: تصنع كما صنع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أو كما صنع أبو بكر، أو كما صنع عمر. قال معاوية: ما صنعوا؟ قال: قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ولم يستخلف أحدا فارتضى أبا بكر. قال: ليس فيكم مثل أبي بكر وأخاف الاختلاف. قالوا [قال]: صدقت، فاصنع كما صنع أبو بكر فإنه عهد إلى رجل من قاصية قريش ليس من بني أبيه فاستخلفه، وإن شئت فاصنع كما صنع عمر، جعل الأمر شورى في ستة نفر ليس فيهم أحد من ولده ولا من بني أبيه. قال معاوية: هل عندك غير هذا؟ قال: لا، ثم قال: فأنتم؟ قالوا: قولنا قوله. قال: فإني قد أحببت أن أتقدم إليكم، إنه قد أعذر من أنذر، إني كنت أخطب
327 فيكم فيقوم إلي القائم منكم فيكذبني على رؤوس الناس فأحمل ذلك وأصفح، وإني قائم بمقالة، فأقسم بالله! لئن رد علي أحدكم كلمة في مقامي هذا لا ترجع إليه كلمة غيرها حتى يسبقها السيف إلى رأسه، فلا يبقين رجل إلا على نفسه. ثم دعا صاحب حرسه بحضرتهم فقال: أقم على رأس كل رجل من هؤلاء رجلين ومع كل واحد سيف، فإن ذهب رجل منهم يرد علي كلمة بتصديق أو تكذيب فليضرباه بسيفيهما. ثم خرج وخرجوا معه، حتى رقي المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن هؤلاء الرهط سادة المسلمين وخيارهم لا يبتز أمر دونهم ولا يقضى إلا عن مشورتهم، وإنهم قد رضوا وبايعوا ليزيد، فبايعوا على اسم الله! فبايع الناس، وكانوا يتربصون بيعة هؤلاء النفر، ثم ركب رواحله وانصرف إلى المدينة، فلقي الناس أولئك النفر فقالوا لهم: زعمتم أنكم لا تبايعون فلم أرضيتم وأعطيتم وبايعتم؟ قالوا: والله! ما فعلنا. فقالوا: ما منعكم أن تردوا على الرجل؟ قالوا: كادنا وخفنا القتل. (1) [259] - 42 - ابن أعثم: روى بعد قول معاوية: قد أعذر من أنذر: فانصرف القوم إلى منازلهم فلما كان من الغد خرج معاوية وأقبل حتى دخل المسجد، ثم صعد المنبر فجلس عليه، ونودي له في الناس فاجتمعوا إليه، وأقبل الحسين بن علي (عليهما السلام)، وابن أبي بكر، وابن عمر، وابن الزبير، حتى جلسوا إلى المنبر ومعاوية جالس، حتى علم أن الناس قد اجتمعوا وثب قائما على قدميه، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس! إنا قد وجدنا أحاديث الناس ذات عوار، وإنهم قد زعموا أن الحسين بن علي (عليهما السلام)، وعبد الرحمن ابن أبي بكر، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير لم يبايعوا يزيد، وهؤلاء الرهط الأربعة
1 - الكامل في التأريخ 2: 511، الفتوح لابن أعثم 4: 346 مع اختلاف، الغدير 10: 251. 328 هم عندي سادة المسلمين وخيارهم، وقد دعوتهم إلى البيعة فوجدتهم إذا سامعين مطيعين، وقد سلموا وبايعوا وسمعوا وأجابوا وأطاعوا. قال: فضرب أهل الشام بأيديهم إلى سيوفهم فسلوها، ثم قالوا: يا أمير المؤمنين! ما هذا الذي تعظمه من أمر هؤلاء الأربعة؟ إئذن لنا أن نضرب أعناقهم فإنا لا نرضى أن يبايعوا سرا، ولكن يبايعوا جهرا حتى يسمع الناس أجمعون. فقال معاوية: سبحان الله! ما أسرع الناس بالشر وما أحلى بقاءهم عندهم! اتقوا الله، يا أهل الشام! ولا تسرعوا إلى الفتنة، فإن القتل له مطالبة وقصاص. قال: فبقي الحسين بن علي (عليهما السلام)، وابن أبي بكر، وابن عمر، وابن الزبير حيارى لا يدرون ما يقولون، يخافون إن يقولوا: لم نبايع، الموت الأحمر تجاه أعينهم في سيوف أهل الشام، أو وقوع فتنة عظيمة، فسكتوا ولم يقولوا شيئا، ونزل معاوية عن المنبر، وتفرق الناس وهم يظنون أن هؤلاء الأربعة قد بايعوا. قال: وقربت رواحل معاوية فمضى في رفاقه وأصحابه إلى الشام. قال: وأقبل أهل مكة إلى هؤلاء الأربعة فقالوا لهم: يا هؤلاء! إنكم قد دعيتم إلى بيعة يزيد فلم تبايعوا وأبيتم ذلك، ثم دعيتم فرضيتم وبايعتم! فقال الحسين (عليه السلام): لا والله! ما بايعنا، ولكن معاوية خدعنا وكادنا ببعض ما كادكم به. ثم صعد المنبر وتكلم بكلام، وخشينا إن رددنا مقالته عليه أن تعود الفتنة جذعا، ولا ندري إلى ماذا يؤول أمرنا، فهذه قصتنا معه. (1)
1 - الفتوح 4: 347. 329 خطبة الإمام الحسين (عليه السلام) في منى ولم يزل الحسين بن علي (عليهما السلام) يطلب الفرصة لانهاض المسلمين وإيقاظهم وتحذيرهم من إمارة يزيد: [260] - 43 - سليم بن قيس: أنه لما كان قبل موت معاوية بسنة (1)، حج الحسين بن علي صلوات الله عليهما، وعبد الله بن عباس وعبد الله بن جعفر معه، فجمع الحسين (عليه السلام) بني هاشم رجالهم ونساءهم ومواليهم، ومن الأنصار ممن يعرفه الحسين (عليه السلام) وأهل بيته ثم أرسل رسلا لا تدعوا أحدا ممن حج العام من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) المعروفين بالصلاح والنسك إلا أجمعوهم لي، فاجتمع إليه بمنى أكثر من سبعمائة رجل وهم في سرادقه، عامتهم من التابعين، ونحو من مائتي رجل من أصحاب النبى (صلى الله عليه وآله)، فقام فيهم خطيبا فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال (عليه السلام): أما بعد فإن هذا الطاغية قد فعل بنا وبشيعتنا ما قد رأيتم وعلمتم
1 - وفي بعض النسخ: بسنتين. 330 وشهدتم، وإني أريد أن أسألكم عن شيء، فإن صدقت فصدقوني وإن كذبت فكذبوني، وأسألكم بحق الله عليكم وحق رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقرابتي من نبيكم لما سيرتم مقامي هذا، ووصفتم مقالتي ودعوتم أجمعين في أمصاركم من قبائلكم من أمنتم من الناس. (وفي رواية أخرى بعد قوله: فكذبوني: إسمعوا مقالتي واكتبوا قولي، ثم ارجعوا إلى أمصاركم وقبائلكم فمن أمنتم من الناس) ووثقتم به فادعوهم إلى ما تعلمون من حقنا فإني أتخوف أن يدرس هذا الأمر ويذهب الحق ويغلب، (والله متم نوره ولو كره الكافرون) (1) وما ترك شيئا مما أنزل الله فيهم من القرآن إلا تلاه وفسره، ولا شيئا مما قاله رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أبيه وأخيه وأمه وفي نفسه وأهل بيته إلا رواه، وكل ذلك يقول أصحابه: أللهم نعم، وقد سمعنا وشهدنا، ويقول التابعي: أللهم قد حدثني به من أصدقه وأئتمنه من الصحابة، فقال: أنشدكم الله إلا حدثتم به من تثقون به وبدينه. (قال سليم): فكان فيما ناشدهم الحسين (عليه السلام) وذكرهم أن قال: أنشدكم الله! أتعلمون أن علي بن أبي طالب كان أخا رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين آخى بين أصحابه فآخى بينه وبين نفسه، وقال: أنت أخي وأنا أخوك في الدنيا والآخرة؟ قالوا: أللهم نعم! قال: أنشدكم الله! هل تعلمون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) اشترى موضع مسجده ومنازله فابتناه ثم ابتنى فيه عشرة منازل، تسعة له وجعل عاشرها في وسطها لأبي، ثم سد كل باب شارع إلى المسجد غير بابه فتكلم في ذلك من تكلم، فقال: ما أنا سددت أبوابكم وفتحت بابه، ولكن الله أمرني بسد أبوابكم
1 - الصف: 61 / 8. 331 وفتح بابه. ثم نهى الناس أن يناموا في المسجد غيره، وكان يجنب في المسجد، ومنزله في منزل رسول الله (صلى الله عليه وآله) فولد لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وله فيه أولاد. قالوا: أللهم نعم! قال: أفتعلمون أن عمر بن الخطاب حرص على كوة قدر عينه يدعها في منزله إلى المسجد فأبى عليه، ثم خطب، فقال إن الله أمرني أن أبني مسجدا طاهرا لا يسكنه غيري وغير أخي وبنيه؟ قالوا: أللهم نعم. قال: أنشدكم الله! أتعلمون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) نصبه يوم غدير خم، فنادى له بالولاية، وقال: ليبلغ الشاهد الغائب؟ قالوا: أللهم نعم. قال: أنشدكم الله! أتعلمون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال له في غزوة تبوك: أنت مني بمنزلة هارون من موسى، وأنت ولى كل مؤمن بعدي؟ قالوا أللهم نعم. قال: أنشدكم الله! أتعلمون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين دعا النصارى من أهل نجران إلى المباهلة لم يأت إلا به وبصاحبته وابنيه، قالوا: أللهم نعم. قال: أنشدكم الله! أتعلمون أنه دفع إليه اللواء يوم خيبر ثم قال: لأدفعه إلى رجل يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله، كرار غير فرار، يفتحها الله على يديه؟ قالوا: أللهم نعم. قال: أتعلمون أن رسول الله بعثه ببراءة وقال: لا يبلغ عني إلا أنا، أو رجل مني؟ قالوا: أللهم نعم. قال: أتعلمون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم تنزل به شدة قط إلا قدمه لها ثقة به، وأنه لم يدعه باسمه قط إلا يقول: يا أخي! وادعوا لي أخي؟ قالوا: أللهم نعم.
332 قال: أتعلمون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قضى بينه وبين جعفر وزيد فقال: يا علي! أنت مني وأنا منك، وأنت ولى كل مؤمن بعدي؟ قالوا: أللهم نعم. قال: أتعلمون أنه كانت له من رسول الله (صلى الله عليه وآله) كل يوم خلوة، وكل ليلة دخلة، إذا سأله أعطاه، وإذا سكت أبداه؟ قالوا: أللهم نعم. قال: أتعلمون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فضله على جعفر وحمزة حين قال لفاطمة (عليها السلام): زوجتك خير أهل بيتي، أقدمهم سلما، وأعظمهم حلما، وأكثرهم علما؟ قالوا: أللهم نعم. قال: أتعلمون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: أنا سيد ولد بني آدم، وأخي علي سيد العرب، وفاطمة سيدة نساء أهل الجنة، والحسن والحسين ابناي سيدا شباب أهل الجنة؟ قالوا: أللهم نعم. قال: أتعلمون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمره بغسله وأخبره أن جبرئيل يعينه عليه؟ قالوا: أللهم نعم. قال: أتعلمون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال في آخر خطبة خطبها: إني تركت فيكم الثقلين: كتاب الله وأهل بيتي، فتمسكوا بهما لن تضلوا؟ قالوا: أللهم نعم. فلم يدع شيئا أنزله الله في علي بن أبي طالب (عليه السلام) خاصة وفي أهل بيته من القرآن ولا على لسان نبيه (صلى الله عليه وآله) إلا ناشدهم فيه، فيقول الصحابة: أللهم نعم، قد سمعنا، ويقول التابع: أللهم قد حدثنيه من أثق به فلان وفلان، ثم ناشدهم أنهم قد سمعوه يقول: من زعم أنه يحبني ويبغض عليا فقد كذب ليس يحبني ويبغض عليا، فقال
333 له قائل: يا رسول الله! وكيف ذلك؟ قال: لأنه مني وأنا منه، من أحبه فقد أحبني، ومن أحبني فقد أحب الله، ومن أبغضه فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله، فقالوا: أللهم نعم، قد سمعنا وتفرقوا على ذلك. (1) [261] - 44 - الطبرسي: وفي رواية أخرى: فلما كان قبل موت معاوية بسنتين حج الحسين بن علي (عليهما السلام) وعبد الله بن جعفر، وعبد الله بن عباس معه، وقد جمع الحسين بن علي (عليهما السلام) بني هاشم رجالهم ونساءهم ومواليهم وشيعتهم من حج منهم ومن لم يحج، ومن بالأمصار ممن يعرفونه وأهل بيته، ثم لم يدع أحدا من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومن أبنائهم والتابعين ومن الأنصار المعروفين بالصلاح والنسك إلا جمعهم، فاجتمع إليهم بمنى أكثر من ألف رجل، والحسين بن علي (عليهما السلام) في سرادقه، عامتهم التابعون وأبناء الصحابة. فقام الحسين (عليه السلام) فيهم خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد فإن هذا الطاغية، قد صنع بنا وبشيعتنا ما قد علمتم، ورأيتم، وشهدتم، وبلغكم، وإني أريد أن أسألكم عن أشياء فإن صدقت فصدقوني، وإن كذبت فكذبوني، اسمعوا مقالتي واكتموا قولي، ثم ارجعوا إلى أمصاركم وقبائلكم، من أمنتم ووثقتم به فادعوهم إلى ما تعلمون، فإني أخاف أن يندرس هذا الحق ويذهب، والله متم نوره ولو كره الكافرون. فما ترك الحسين (عليه السلام) شيئا أنزل الله فيهم من القرآن إلا قاله وفسره، ولا شيئا قاله الرسول (صلى الله عليه وآله) في أبيه وأمه وأهل بيته إلا رواه، وكل ذلك يقول الصحابة: اللهم نعم قد سمعناه وشهدناه، ويقول التابعون: أللهم قد حدثناه من نصدقه ونأتمنه، حتى لم
1 - كتاب سليم بن قيس: 206، الغدير 1: 198 نقلا عن كتاب سليم مختصرا. 334 يترك شيئا إلا قاله. ثم قال (عليه السلام): أنشدكم بالله إلا رجعتم وحدثتم به من تثقون به، ثم نزل وتفرق الناس عن ذلك. (1) [262] - 45 - الحراني: (وهيهنا خطبة أخرى للحسين (عليه السلام)، ذكر بعض العلماء (2) أنها من خطبته (عليه السلام) بمنى، وإليك نصها:) من كلامه (عليه السلام) في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويروى عن أمير المؤمنين (عليه السلام): اعتبروا أيها الناس! بما وعظ الله به أولياءه من سوء ثنائه على الأحبار إذ يقول: (لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم) (3)، وقال: (لعن الذين كفروا منم بنى إسرائيل) إلى قوله:) لبئس ما كانوا يفعلون) (4) وإنما عاب الله ذلك عليهم لأنهم كانوا يرون [من] الظلمة الذين بين أظهرهم المنكر والفساد فلا ينهونهم عن ذلك رغبة فيما كانوا ينالون منهم، ورهبة مما يحذرون، والله يقول: (فلا تخشوا الناس واخشون) (5)، وقال: (المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) (6)، فبدأ الله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة منه لعلمه بأنها إذا أديت وأقيمت، استقامت الفرائض كلها هينها وصعبها، وذلك أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دعاء إلى الاسلام مع رد المظالم، ومخالفة الظالم، وقسمة الفيىء والغنائم، وأخذ الصدقات من
1 - الاحتجاج: 296، بحار الأنوار 44: 127، العوالم 16: 263. 2 - قال الإمام الخميني؛ أنه من خطبة خطبها (عليه السلام) بمنى - ولاية الفقيه: 125، وقال محمد صادق النجمي في خطبة حسين بن علي في منى: 20. 3 - المائدة: 5 / 63. 4 - المائدة: 5 / 78 و 79. 5 - المائدة: 5 / 44. 6 - التوبة: 9 / 71. 335 مواضعها، ووضعها في حقها. ثم أنتم أيها العصابة! عصابة بالعلم مشهورة، وبالخير مذكورة، وبالنصيحة معروفة، وبالله في أنفس الناس مهابة، يهابكم الشريف، ويكرمكم الضعيف، ويؤثركم من لا فضل لكم عليه ولا يد لكم عنده، تشفعون في الحوائج إذا امتنعت من طلابها، وتمشون في الطريق بهيئة الملوك وكرامة الأكابر، أليس كل ذلك إنما نلتموه بما يرجى عندكم من القيام بحق الله، وإن كنتم عن أكثر حقه تقصرون، فاستخففتم بحق الأئمة، فأما حق الضعفاء فضيعتم، وأما حقكم بزعمكم فطلبتم، فلا مالا بذلتموه، ولا نفسا خاطرتم بها للذي خلقها، ولا عشيرة عاديتموها في ذات الله، وأنتم تتمنون على الله جنته ومجاورة رسله وأمانا من عذابه. لقد خشيت عليكم أيها المتمنون على الله! أن تحل بكم نقمة من نقماته، لأنكم بلغتم من كرامة الله منزلة فضلتم بها، ومن يعرف بالله لا تكرمون، وأنتم بالله في عباده تكرمون، وقد ترون عهود الله منقوضة فلا تفزعون، وأنتم لبعض ذمم آبائكم تقزعون وذمة رسول الله (صلى الله عليه وآله) مخفورة، والعمي والبكم والزمني في المدائن مهملة لا ترحمون، ولا في منزلتكم تعلمون، ولا من عمل فيها تعينون، وبالإدهان والمصانعة عند الظلمة تأمنون، كل ذلك مما أمركم الله به من النهي والتناهي وأنتم عنه غافلون، وأنتم أعظم الناس مصيبة لما غلبتم عليه من منازل العلماء لو كنتم تشعرون. ذلك بأن مجاري الأمور والأحكام على أيدي العلماء بالله، الامناء على حلاله وحرامه، فأنتم المسلوبون تلك المنزلة، وما سلبتم ذلك إلا بتفرقكم عن الحق واختلافكم في الألسنة [السنة] بعد البينة الواضحة، ولو صبرتم على الأذى وتحملتم المؤونة في ذات الله كانت أمور الله عليكم ترد، وعنكم
336 تصدر، وإليكم ترجع، ولكنكم مكنتم الظلمة من منزلتكم، وأسلمتم أمور الله في أيديهم، يعملون بالشبهات، ويسيرون في الشهوات، سلطهم على ذلك فراركم من الموت، وإعجابكم بالحياة التي هي مفارقتكم، فأسلمتم الضعفاء في أيديهم، فمن بين مستعبد مقهور وبين مستضعف على معيشته مغلوب، يتقلبون في الملك بآرائهم، ويستشعرون الخزي بأهوائهم، اقتداء بالأشرار، وجرأة على الجبار، في كل بلد منهم على منبره خطيب مصقع، فالأرض لهم شاغرة، وأيديهم فيها مبسوطة، والناس لهم خول لا يدفعون يد لامس، فمن بين جبار عنيد، وذي سطوة على الضعفة شديد، مطاع لا يعرف المبدئ المعيد. فيا عجبا! وما لي لا أعجب والأرض من غاش غشوم ومتصدق ظلوم، وعامل على المؤمنين بهم غير رحيم، فالله الحاكم فيما فيه تنازعنا، والقاضي بحكمه فيما شجر بيننا. أللهم إنك تعلم أنه لم يكن ما كان منا تنافسا في سلطان، ولا التماسا من فضول الحطام، ولكن لنري المعالم من دينك، ونظهر الاصلاح في بلادك، ويأمن المظلومون من عبادك، ويعمل بفرائضك وسننك وأحكامك، فإنكم [إلا] تنصرونا وتنصفونا قوي الظلمة عليكم، وعملوا في إطفاء نور نبيكم، وحسبنا الله وعليه توكلنا وإليه أنبنا وإليه المصير. (1)
1 - تحف العقول: 168، بحار الأنوار 100: 79 ح 37. 337 الإمام الحسين (عليه السلام) في المدينة بعد معاوية طلب البيعة منه (عليه السلام) لما مات معاوية بن أبي سفيان في النصف من رجب سنة ستين من الهجرة، كتب يزيد إلى الوليد بن عتبة بن أبي سفيان - وهو والي المدينة - يأمره بأخذ البيعة على أهلها، وخاصة من الحسين (عليه السلام). [263] - 46 - الطبري: ثم بعث الوليد بن عتبة إلى الحسين بن علي (عليه السلام)، وعبد الرحمن بن أبي بكر، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، فدعاهم فأقبل إليهم الرسول، والرسول عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان. لم يصب القوم في منازلهم، فمضى نحو المسجد، فإذا القوم عند قبر النبى (صلى الله عليه وآله)، فسلم عليهم، ثم قام وقال: أجيبوا الأمير. فقال الحسين (عليه السلام): نفعل ذلك إذا نحن فرغنا عن مجلسنا، إن شاء الله. (1) وفي رواية أنه (عليه السلام) قال: إنصرف، الآن نأتيه. (2)
1 - الفتوح 5: 11، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 181 وفيه: نفعل ذلك. 2 - تأريخ الطبري 3: 270، الكامل في التأريخ 2: 529، البداية والنهاية 8: 157. 338 [264] - 47 - ابن أعثم: فأقبل عبد الله بن الزبير على الحسين بن علي [(عليهما السلام)] وقال: يا أبا عبد الله! إن هذه ساعة لم يكن الوليد بن عتبة يجلس فيها للناس، وإني قد أنكرت ذلك، وبعثه في هذه الساعة إلينا ودعاءه إيانا لمثل هذا الوقت، أترى في أي طلبنا؟ فقال له الحسين (عليه السلام): إذا أخبرك أبا بكر! (1) إني أظن بأن معاوية قد مات، وذلك أني رأيت البارحة في منامي كأن منبر معاوية منكوس، ورأيت داره تشتعل نارا، فأولت ذلك في نفسي أنه مات. (2) [265] - 48 - ابن نما: أنه (عليه السلام) قال: أظن أن طاغيتهم هلك، رأيت البارحة أن منبر معاوية منكوس وداره تشتعل بالنيران. (3) [266] - 49 - الطبري: أنه (عليه السلام) قال: قد ظننت، أرى [أن] طاغيتهم قد هلك، فبعث إلينا ليأخذنا بالبيعة قبل أن يفشوا في الناس الخبر. (4) [267] - 50 - ابن أعثم: فقال له ابن الزبير: فاعلم يا ابن علي! أن ذلك كذلك، فما ترى أن تصنع إن دعيت إلى بيعة يزيد أبا عبد الله (عليه السلام)؟ قال: أصنع أني لا أبايع له أبدا، لان الأمر إنما كان لي من بعد أخي
1 - أبو بكر: كنية عبد الله بن الزبير. وقعة الطف: 79. 2 - الفتوح 5: 11، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 182. 3 - مثير الأحزان: 23. 4 - تأريخ الطبري 3: 270، الكامل في التأريخ 2: 529، البداية والنهاية 8: 157، وفيه: أظن أن طاغيتهم قد هلك. وقعة الطف: 79. 339 الحسن (عليه السلام)، فصنع معاوية ما صنع وحلف لأخي الحسن (عليه السلام) أنه لا يجعل الخلافة لأحد من بعده من ولده أن يردها إلى إن كنت حيا، فإن كان معاوية قد خرج من دنياه ولم يفىء [لم يف] لي ولا لأخي الحسن (عليه السلام) بما كان ضمن، فقد والله! أتانا ما لا قوام (1) لنا به! انظر أبا بكر أني أبايع ليزيد، ويزيد رجل فاسق، معلن الفسق، يشرب الخمر ويلعب بالكلاب والفهود، ويبغض بقية آل الرسول! لا والله! لا يكون ذلك أبدا. (2) [268] - 51 - ابن شهر آشوب: أنه (عليه السلام) قال: أنا لا بد لي من الدخول على الوليد، وأنظر ما يقول. (3) [269] - 52 - ابن أعثم: فبينما هما كذلك في هذه المحاورة إذ رجع إليهما الرسول فقال: يا أبا عبد الله! إن الأمير قاعد لكما خاصة، فقوما إليه، قال: فزبره الحسين بن علي (عليهما السلام) ثم قال: انطلق إلى أميرك، لا أم لك! فمن أحب أن يصير إليه منا فإنه صائر إليه، وأما أنا فإني أصير إليه الساعة إن شاء الله تعالى. ثم أقبل الحسين (عليه السلام) على من بحضرته، فقال: قوموا إلى منازلكم فإني صائر إلى هذا الرجل فأنظر ما عنده وما يريد. فقال له ابن الزبير: جعلت فداك، يا ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)! إني خائف عليك أن يحبسوك عندهم فلا يفارقونك أبدا دون أن تبايع، أو تقتل! فقال الحسين (عليه السلام): إني لست أدخل عليه وحدي، ولكن أجمع أصحابي إلي
1 - في مقتل الخوارزمي: قرار. 2 - الفتوح 5: 11، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 182. 3 - المناقب لابن شهر آشوب 4: 88، بحار الأنوار 44: 325، العوالم 17: 175. 340 وخدمي وأنصاري وأهل الحق من شيعتي، ثم آمرهم أن يأخذ كل واحد سيفه مسلولا تحت ثيابه، ثم يصيروا بإزائي، فإذا أنا أومأت إليهم وقلت: يا آل الرسول ادخلوا! دخلوا وفعلوا ما أمرتهم به، فأكون على الامتناع، ولا أعطي المقادة والمذلة من نفسي، فقد علمت والله! أنه جاء من الأمر ما لا قوام به، ولكن قضاء الله ماض في، وهو الذي يفعل في بيت رسوله (صلى الله عليه وآله) ما يشاء ويرضى. (1) [270] - 53 - الطبري: أنه (عليه السلام) قال: أجمع فتياني الساعة، ثم أمشي إليه، فإذا بلغت الباب احتبستهم عليه، ثم دخلت عليه. قال ابن الزبير: فإني أخافه عليك إذا دخلت. قال (عليه السلام): لا آتيه إلا وأنا على الامتناع قادر. (2) [271] - 54 - ابن أعثم: ثم صار الحسين بن علي (عليهما السلام) إلى منزله، ثم دعا بماء، فلبس وتطهر بالماء، وقام فصلى ركعتين، ودعا ربه بما أحب في صلاته؛ فلما فرغ من ذلك أرسل إلى فتيانه وعشيرته ومواليه وأهل بيته فأعلمهم بشأنه، ثم قال: كونوا بباب هذا الرجل فإني ماض إليه ومكلمه، فإن سمعتم أن صوتي قد علا، وسمعتم كلامي وصحت بكم؛ فادخلوا يا آل الرسول! واقتحموا من غير إذن، ثم اشهروا السيوف ولا تعجلوا، فإن رأيتم ما تكرهون فضعوا سيوفكم، ثم اقتلوا من يريد قتلي. (3)
1 - الفتوح 5: 12، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 182 باختلاف. 2 - تأريخ الطبري 3: 270، الكامل في التأريخ 2: 530، وفيه: وأجلسهم على الباب وأدخل عليه، وقعة الطف: 80. 3 - الفتوح 5: 13، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 183. 341 [272] - 55 - المفيد: أنه (عليه السلام) قال لهم: إن الوليد قد استدعاني في هذا الوقت، ولست آمن أن يكلفني فيه أمرا لا أجيب إليه، وهو غير مأمون، فكونوا معي، فإذا دخلت إليه فاجلسوا على الباب، فإن سمعتم صوتي قد علا، فادخلوا عليه لتمنعوه عني. (1) [273] - 56 - ابن شهر آشوب: أنه (عليه السلام) قال لمن حوله من أهل بيته: إذا أنا دخلت على الوليد وخاطبته وخاطبني وناظرته وناظرني كونوا على الباب، فإذا سمعتم الصيحة قد علت والأصوات قد ارتفعت فاهجموا إلى الدار، ولا تقتلوا أحدا ولا تثيروا إلى الفتنة. (2) [274] - 57 - ابن أعثم: ثم خرج الحسين (عليه السلام) من منزله وفي يده قضيب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهو في ثلاثين رجلا من أهل بيته ومواليه وشيعته، حتى أوقفهم على باب الوليد بن عتبة، ثم قال (عليه السلام): انظروا ماذا أوصيتكم، فلا تعتدوه، وأنا أرجوا أن أخرج إليكم سالما إن شاء الله. (3) [275] - 58 - الطبري: ثم أقبل يمشي حتى انتهى إلى باب الوليد فقال: إني داخل فإن دعوتكم أو سمعتم صوتي قد علا فاقتحموا علي بأجمعكم، وإلا فلا تبرحوا حتى أخرج إليكم. (4) وفي رواية: أنه (عليه السلام) قال: إن سمعتم أمرا يريبكم فادخلوا. (5)
1 - الإرشاد: 200، عنه بحار الأنوار 44: 324، أعيان الشيعة 1: 587. 2 - المناقب 4: 88. 3 - الفتوح 5: 13، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 183. 4 - تأريخ الطبري 3: 270، الكامل في التأريخ 2: 530، وقعة الطف: 80. 5 - البداية والنهاية 8: 157. 342 الإمام الحسين (عليه السلام) في مجلس الوليد [276] - 59 - ابن أعثم: ثم دخل الحسين (عليه السلام) على الوليد بن عتبة فسلم عليه، فرد عليه ردا حسنا، ثم أدناه وقربه؛ ومروان بن الحكم هناك جالس في مجلس الوليد، وقد كان بين مروان وبين الوليد منافرة ومفاوضة، فأقبل الحسين (عليه السلام) على الوليد فقال: أصلح الله الأمير، والصلاح خير من الفساد، والصلة خير من الخشناء والشحناء، وقد آن لكما أن تجتمعا، فالحمد لله الذي ألف بينكما. فلم يجيباه في هذا بشيء. فقال الحسين (عليه السلام): هل أتاكم من معاوية كائنة خبر فإنه كان عليلا وقد طالت علته، فكيف حاله الآن؟ فتأوه الوليد وتنفس الصعداء وقال: أبا عبد الله! آجرك الله في معاوية، فقد كان لك عم صدق وقد ذاق الموت، وهذا كتاب أمير المؤمنين يزيد! فقال الحسين (عليه السلام): إنا لله وإنا إليه راجعون، وعظم الله لك الأجر، أيها الأمير! ولكن لماذا دعوتني؟ فقال: دعوتك للبيعة، فقد اجتمع عليه الناس! فقال الحسين (عليه السلام): إن مثلي لا يعطي بيعته سرا، وإنما أحب أن تكون البيعة علانية بحضرة الجماعة، ولكن إذا كان من الغد ودعوت الناس إلى البيعة دعوتنا معهم فيكون أمرنا واحدا. فقال له الوليد: أبا عبد الله! لقد قلت فأحسنت في القول وأحببت جواب مثلك وكذا ظني بك، فانصرف راشدا على بركة الله حتى تأتيني غدا مع الناس. (1)
1 - الفتوح 5: 13، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 183، البداية والنهاية 8: 157، قطعة منه، الكامل في التأريخ 2: 530 مع اختلاف. 343 [277] - 60 - المفيد: أن الإمام (عليه السلام) قال: إني لا أراك تقنع ببيعتي ليزيد سرا حتى أبايعه جهرا فيعرف الناس. فقال له الوليد: أجل. فقال الحسين (عليه السلام): فتصبح وترى رأيك في ذلك. (1) فقال له مروان [بن الحكم]: والله! لئن فارقك الحسين الساعة ولم يبايع لا قدرت منه على مثلها أبدا حتى تكثر القتلى بينكم وبينه، احبس الرجل فلا يخرج من عندك حتى يبايع، أو تضرب عنقه. فوثب الحسين (عليه السلام) عند ذلك وقال: أنت يا ابن الزرقاء! تقتلني، أم هو؟ كذبت والله! وأثمت. (2) [278] - 61 - ابن أعثم: أنه (عليه السلام) قال: ويلي عليك، يا ابن الزرقاء! أتأمر بضرب عنقي؟! كذبت والله! والله! لو رام ذلك أحد من الناس لسقيت الأرض من دمه قبل ذلك، وإن شئت ذلك فرم ضرب عنقي إن كنت صادقا! ثم أقبل الحسين (عليه السلام) على الوليد بن عتبة وقال: أيها الأمير! إنا أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، ومحل الرحمة، وبنا فتح الله وبنا ختم، ويزيد رجل فاسق، شارب خمر، قاتل النفس المحرمة، معلن بالفسق، ومثلي لا يبايع لمثله، ولكن نصبح وتصبحون، وننتظر وتنتظرون أينا أحق بالخلافة والبيعة. وسمع من بالباب [صوت] الحسين (عليه السلام) فهموا بفتح الباب وإشهار السيوف،
1 - الإرشاد، 200، أعيان الشيعة 1: 587. 2 - الإرشاد: 201، تأريخ الطبري 3: 270، الكامل في التأريخ 2: 530 وفيه: كذبت والله! ولؤمت، البداية والنهاية 8: 157، أعيان الشيعة 1: 587، وقعة الطف: 81. 344 فخرج إليهم الحسين (عليه السلام) سريعا فأمرهم بالانصراف إلى منازلهم، وأقبل الحسين (عليه السلام) إلى منزله، فقال مروان بن الحكم للوليد بن عتبة: عصيتني حتى أنفلت الحسين (عليه السلام) من يدك، أما والله! لا تقدر على مثلها أبدا، ووالله! ليخرجن عليك وعلى أمير المؤمنين، فاعلم ذلك. فقال له الوليد بن عتبة: ويحك! أشرت علي بقتل الحسين (عليه السلام)! وفي قتله ذهاب ديني ودنياي، والله! ما أحب أن أملك الدنيا بأسرها وأني قتلت الحسين بن علي بن فاطمة الزهراء (عليهم السلام)، والله! ما أظن أحدا يلقى الله بقتل الحسين (عليه السلام) إلا وهو خفيف الميزان عند الله، لا ينظر إليه ولا يزكيه وله عذاب أليم. فسكت مروان. (1) [279] - 62 - الصدوق: فقال الحسين (عليه السلام): يا عتبة (2)! قد علمت أنا أهل بيت الكرامة، ومعدن الرسالة، وأعلام الحق الذين أو دعه الله عز وجل قلوبنا، وأنطق به ألسنتنا، فنطقت بإذن الله عز وجل، ولقد سمعت جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: إن الخلافة محرمة على ولد أبي سفيان، وكيف أبايع أهل بيت قد قال فيهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) هذا!؟ (3) [280] - 63 - ابن عساكر: قد كان الوليد أغلظ للحسين (عليه السلام)، فشتمه الحسين، وأخذ بعمامته فنزعها من رأسه، فقال الوليد: إن هجنا بأبي عبد الله إلا أسدا! فقال له مروان - أو بعض جلسائه - اقتله! قال الوليد: إن ذلك لدم مضنون في بني عبد مناف. فلما صار الوليد إلى منزله قالت له امرأته أسماء بنت عبد الرحمن بن
1 - الفتوح 5: 14، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 184، مثير الأحزان: 24، بحار الأنوار 44: 325. 2 - في بعض التواريخ: إن والي المدينة هو عتبة بن أبي سفيان ولكن المشهور أن الوالي كان ولده وليد بن عتبة، فالصحيح: يا ابن عتبة!. 3 - الأمالي: 130، بحار الأنوار 44: 312، العوالم 17: 161. 345 الحارث بن هشام: أسببت حسينا؟ قال: هو بدأ فسبني. قالت: وإن سبك حسين تسبه!؟ وإن سب أباك تسب أباه؟ قال: لا. (1) كلامه (عليه السلام) مع مروان [281] - 64 - ابن أعثم: وأصبح الحسين (عليه السلام) من الغد خرج من منزله ليستمع الأخبار، فإذا هو بمروان بن الحكم قد عارضه في طريقه، فقال: أبا عبد الله! إني لك ناصح، فأطعني ترشد تسدد. فقال الحسين (عليه السلام) وما ذلك؟ قل حتى أسمع. فقال مروان: أقول إني آمرك ببيعة أمير المؤمنين يزيد، فإنه خير لك في دينك ودنياك!! فاسترجع الحسين (عليه السلام) وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، وعلى الاسلام السلام إذ قد بليت الأمة براع مثل يزيد!! ثم أقبل الحسين (عليه السلام) على مروان، وقال: ويحك! أتأمرني ببيعة يزيد وهو رجل فاسق، لقد قلت شططا من القول يا عظيم الزلل! لا ألومك على قولك لأنك اللعين الذي لعنك رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنت في صلب أبيك الحكم بن أبي العاص، فإن من لعنه رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا يمكن له ولا منه إلا أن يدعو إلى بيعة يزيد. ثم قال (عليه السلام): إليك عني، يا عدو الله! فإنا أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والحق
1 - تاريخ ابن عساكر (ترجمه الإمام الحسين (عليه السلام)): 200. 346 فينا وبالحق تنطق ألسنتنا، وقد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: الخلافة محرمة على آل أبي سفيان، وعلى الطلقاء أبناء الطلقاء، فإذا رأيتم معاوية على منبري فابقروا بطنه، فوالله لقد رآه أهل المدينة على منبر جدي فلم يفعلوا ما أمروا به، فابتلاهم الله بابنه يزيد، زاده الله في النار عذابا. (1) [282] - 65 - السيد ابن طاووس: أنه (عليه السلام) قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، وعلى الاسلام السلام إذ قد بليت الأمة براع مثل يزيد، ولقد سمعت جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: الخلافة محرمة على آل أبي سفيان. (2) [283] - 66 - ابن أعثم: فغضب مروان بن الحكم من كلام الحسين، ثم قال: والله! لا تفارقني، أو تبايع ليزيد بن معاوية صاغرا، فإنكم آل أبي تراب قد ملئتم كلاما، وأشربتم بغض آل بني سفيان، وحق عليكم أن تبغضوهم وحق عليهم أن يبغضوكم. فقال له الحسين (عليه السلام): ويلك يا مروان! إليك عني فإنك رجس، وإنا أهل بيت الطهارة الذين أنزل الله عز وجل على نبيه محمد (صلى الله عليه وآله) فقال: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (3)، فنكس مروان رأسه لا ينطق بشيء، فقال له الحسين (عليه السلام): أبشر يا ابن الزرقاء! بكل ما تكره من الرسول (صلى الله عليه وآله) يوم تقدم على ربك فيسألك جدي عن حقي وحق يزيد! فمضى مروان مغضبا حتى دخل على الوليد بن عتبة فخبره بما سمع من الحسين بن علي (عليهما السلام). (4)
1 - الفتوح 5: 17، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 184. 2 - اللهوف: 10، مثير الأحزان: 25، بحار الأنوار 44: 326، العوالم 17: 175، أعيان الشيعة 1: 588. 3 - الأحزاب: 33 / 33. 4 - الفتوح 5: 18، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 185. 347 وكتب الوليد إلى يزيد يخبره بما كان، فكتب يزيد إليه أن يأخذ البيعة من أهل المدينة، وإرسال رأس الحسين (عليه السلام) مع جوابه. الإمام الحسين (عليه السلام) عند قبر جده (صلى الله عليه وآله) [284] - 67 - الطبري: قال: أبو مخنف وحدثني عبد الملك بن نوفل بن مساحق، عن أبي سعد المقبري قال: نظرت إلى الحسين (عليه السلام) داخلا مسجد المدينة، وإنه ليمشي وهو معتمد على رجلين! يعتمد على هذا مرة وعلى هذا مرة! وهو يتمثل بقول يزيد بن المفرغ الحميري: لا ذعرت السوام في فلق الصبح * مغيرا، ولا دعيت يزيدا يوم أعطي من المهابة ضيما * والمنايا يرصدنني أن أحيدا فقلت في نفسي: والله! ما تمثل بهذين البيتين إلا لشيء يريده! قال: فما مكث إلا يومين حتى بلغني أنه سار إلى مكة. (1) [285] - 68 - ابن أعثم: وخرج الحسين بن علي (عليهما السلام) من منزله ذات ليلة، وأتى إلى قبر جده (صلى الله عليه وآله)، فقال: السلام عليك يا رسول الله! أنا الحسين بن فاطمة، أنا فرخك وابن فرختك، سبطك في الخلف الذي خلفت على أمتك، فاشهد عليهم يا نبي الله! أنهم قد خذلوني وضيعوني وأنهم لم يحفظوني، وهذا شكواي إليك حتى ألقاك، ثم وثب قائما وصف قدميه، ولم يزل راكعا وساجدا. (2)
1 - تأريخ الطبري 3: 271، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 186 وفيه: يوم أعطى مخافة الموت كفا، تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)) 195، وقعة الطف: 83، وفي بعض التواريخ أنه تمثل حين خروجه من المدينة كما ذكر ابن عساكر وابن أعثم. 2 - الفتوح 5: 195، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 186 باختلاف يسير، العوالم 17: 177، بحارالأنوار 44: 327. 348 [286] - 69 - المفيد: وأرسل الوليد بن عتبة إلى منزل الحسين (عليه السلام) لينظر أخرج من المدينة أم لا؟ فلم يصبه في منزله، فقال: الحمد لله إذ خرج ولم يبتلني الله في دمه، ورجع الحسين (عليه السلام) إلى منزله عند الصبح، ثم بعث الوليد الرجال إلى الحسين (عليه السلام) عند المساء، فقال (عليه السلام): أصبحوا ثم ترون ونرى، فكفوا عنه الليلة ولم يلحوا عليه. (1) [287] - 70 - ابن أعثم: فلما كانت الليلة الثانية خرج إلى القبر أيضا فصلى ركعتين، فلما فرغ من صلاته جعل يقول: أللهم! إن هذا قبر نبيك محمد، وأنا ابن بنت محمد، وقد حضرني من الأمر ما قد علمت، أللهم! وإني أحب المعروف وأكره المنكر، وأنا أسألك يا ذا الجلال والاكرام! بحق هذا القبر، ومن فيه [إلا] ما اخترت من أمري هذا ما هو لك رضى. قال: ثم جعل الحسين (عليه السلام) يبكي، حتى إذا كان في بياض الصبح وضع رأسه على القبر فأغفى ساعة، فرأى النبى (صلى الله عليه وآله) قد أقبل في كبكبة من الملائكة عن يمينه وعن شماله ومن بين يديه ومن خلفه حتى ضم الحسين (عليه السلام) إلى صدره وقبل بين عينيه وقال (صلى الله عليه وآله): يا بنى، يا حسين! كأنك عن قريب أراك مقتولا مذبوحا بأرض كرب وبلاء من عصابة من أمتي، وأنت في ذلك عطشان لا تسقى وظمآن لا تروى، وهم مع ذلك يرجون شفاعتي، ما لهم لا أنالهم الله شفاعتي يوم القيامة! فما لهم عند الله من خلاق؛ حبيبي يا حسين! إن أباك وأمك وأخاك قد قدموا علي، وهم إليك مشتاقون، وإن لك في الجنة درجات لن تنالها إلا بالشهادة. فجعل الحسين (عليه السلام) ينظر في منامه إلى جده (صلى الله عليه وآله) ويسمع كلامه، وهو يقول: يا
1 - الإرشاد: 201، تأريخ الطبري 3: 271، بحار الأنوار 44: 326، أعيان الشيعة 1: 588، وقعة الطف: 83. 349 جداه! لا حاجة لي في الرجوع إلى الدنيا أبدا، فخذني إليك واجعلني معك إلى منزلك. فقال له النبى (صلى الله عليه وآله): يا حسين! إنه لابد لك من الرجوع إلى الدنيا حتى ترزق الشهادة، وما كتب الله لك فيها من الثواب العظيم، فإنك وأباك وأخاك وعمك وعم أبيك تحشرون يوم القيامة في زمرة واحدة حتى تدخلوا الجنة. فانتبه الحسين (عليه السلام) من نومه فزعا مذعورا فقص رؤياه على أهل بيته وبني عبد المطلب فلم يكن ذلك اليوم في شرق ولا غرب أشد غما من أهل بيت الرسول (صلى الله عليه وآله) ولا أكثر منه باكيا وباكية. (1) [288] - 71 - الطريحي: ثم أتى قبر جده رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والتزمه وبكى بكاء شديدا وقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! لقد خرجت من جوارك كرها، وفرق بيني وبينك حيث أني لم أبايع ليزيد بن معاوية، شارب الخمور، وراكب الفجور، وها أنا خارج من جوارك على الكراهة، فعليك مني السلام. فأخذته النعسة فرأى في منامه رسول الله (صلى الله عليه وآله)... (2) [ثم ساق الحديث كما مر مع اختلاف يسير]. ولما فشى [فشا] بين الناس إرادة خروج الحسين (عليه السلام) إلى الكوفة منعوه عن ذلك جماعة منهم:
1 - الفتوح 5: 20، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 186، بحار الأنوار 44: 328، مدينة المعاجز 4: 483 مع اختلاف فيهما، العوالم 17: 177، العيون العبري: 20. 2 - المنتخب للطريحي: 410، ناسخ التواريخ 2: 14، ينابيع المودة: 401 مع اختلاف واختصار. 350 كتاب المسور بن مخرمة [289] - 72 - ابن عساكر: كتب إليه [أي إلى الحسين (عليه السلام)] المسور بن مخرمة: إياك أن تغتر بكتب أهل العراق ويقول لك ابن الزبير: إلحق بهم، فإنهم ناصروك! إياك أن تبرح الحرم، فإنهم إن كانت لهم بك حاجة فسيضربون إليك آباط الإبل حتى يوافوك فتخرج في قوة وعدة. فجزاه الحسين (عليه السلام) خيرا وقال: أستخير الله في ذلك. (1) كلامه (عليه السلام) مع أبي بكر ابن عبد الرحمن [290] - 73 - وعنه: وأتاه أبو بكر ابن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فقال: يا ابن عم! إن الترحم نظارتي عليك وما أدري كيف أنا عندك في النصيحة لك؟ قال: يا أبا بكر! ما أنت ممن يستغش ولا يتهم فقل. قال: قد رأيت ما صنع أهل العراق بأبيك وأخيك وأنت تريد أن تسير إليهم، وهم عبيد الدنيا! فيقاتلك من قد وعدك أن ينصرك! ويخذلك من أنت أحب إليه ممن ينصره! فأذكرك الله في نفسك. فقال له الحسين (عليه السلام): جزاك الله يا ابن عم خيرا فقد اجتهدت رأيك، ومهما يقضي الله من أمر يكن. فقال أبو بكر: إنا لله! عند الله نحتسب أبا عبد الله! (2)
1 - تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 202. 2 - تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 202، أدب الحسين (عليه السلام) وحماسته: 123، مروج الذهب 3: 66، مع اختلاف. 351 كلامه (عليه السلام) مع محمد بن الحنفية [291] - 74 - ابن أعثم: تهيأ الحسين بن علي (عليهما السلام)، وعزم على الخروج من المدينة، ومضى في جوف الليل إلى قبر أمه فصلى عند قبرها وودعها، ثم قام عن قبرها وصار إلى قبر أخيه الحسن ففعل مثل ذلك ثم رجع إلى منزله، وفي وقت الصبح أقبل إليه أخوه محمد بن الحنفية، وقال: يا أخي فدتك نفسي! أنت أحب الناس إلى وأعزهم علي، ولست والله أدخر النصيحة لأحد من الخلق، وليس أحد أحق بها منك، لأنك كنفسي وروحي، وكبير أهل بيتي، ومن عليه اعتمادي وطاعته في عنقي، لأن الله تبارك وتعالى قد شرفك وجعلك من سادات أهل الجنة، وإني أريد أن أشير عليك برأيي فاقبله مني. فقال له الحسين (عليه السلام): قل ما بدا لك! فقال: أشير عليك أن تنجو نفسك عن يزيد بن معاوية وعن الأمصار [الأنصار] ما استطعت، وأن تبعث رسلك إلى الناس وتدعوهم إلى بيعتك... فقال له الحسين (عليه السلام): يا أخي! إلى أين أذهب. قال: اخرج إلى مكة فإن اطمأنت بك الدار فذاك الذي تحب وأحب، وإن تكن الأخرى خرجت إلى بلاد اليمن، فإنهم أنصار جدك وأخيك وأبيك، وهم أرأف الناس، وأرقهم قلوبا، وأوسع الناس بلادا وأرجحهم عقولا، فإن اطمأنت بك أرض اليمن وإلا لحقت بالرمال وشعوب الجبال، وصرت من بلد إلى بلد، لتنظر ما يؤول إليه أمر الناس، ويحكم بينك وبين القوم الفاسقين.
352 فقال الحسين (عليه السلام): يا أخي! والله! لو لم يكن في الدنيا ملجأ ولا مأوى، لما بايعت يزيد بن معاوية أبدا، وقد قال (صلى الله عليه وآله): أللهم لا تبارك في يزيد، فقطع محمد بن الحنفية الكلام وبكى، فبكى الحسين (عليه السلام) معه ساعة، ثم قال: جزاك الله يا أخي عني خيرا، لقد نصحت وأشرت بالصواب، وأنا أرجو أن يكون إن شاء الله رأيك موفقا مسددا، وإني قد عزمت على الخروج إلى مكة، وقد تهيأت لذلك أنا وإخوتي وبنو إخوتي وشيعتي، وأمرهم أمري ورأيهم رأيي، وأما أنت يا أخي فلا عليك أن تقيم بالمدينة، فتكون لي عينا عليهم ولا تخف علي شيئا من أمورهم. (1) [292] - 75 - الطبري: أنه لما نهاه محمد بن الحنفية عن دخول الأمصار، قال له الحسين (عليه السلام): فإني ذاهب يا أخي!؟ فقال ابن الحنفية: فانزل مكة، فإن اطمأنت بك الدار فسبيل ذلك، وإن نبت بك لحقت بالرمال وشعف الجبال... فقال الحسين (عليه السلام): يا أخي قد نصحت وأشفقت، فأرجو أن يكون رأيك سديدا موفقا. (2) [293] - 76 - القندوزي الحنفي: وفي رواية: قال له محمد بن الحنفية: يا أخي! إني خائف عليك أن يقتلوك! فقال: إني أقصد مكة، فإن كانت لي أمن أقمت بها، وإلا لحقت بالشعاب والرمال حتى أنظر ما يكون. (3)
1 - الفتوح 5: 23، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 188، بحار الأنوار 44: 329، العوالم 17: 178، أعيان الشيعة 1: 588. 2 - تأريخ الطبري 3: 271، أعيان الشيعة 1: 588، وقعة الطف: 85. 3 - ينابيع المودة: 402، المنتخب للطريحي: 410. 353 [294] - 77 - المجلسي: ثم دعا الحسين (عليه السلام) بدواة وبياض وكتب هذه الوصية لأخيه محمد: بسم الله الرحمن الرحيم - هذا ما أوصى به الحسين بن علي بن أبي طالب إلى أخيه محمد المعروف بابن الحنفية: أن الحسين يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، جاء بالحق من عند الحق، وأن الجنة والنار حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، وأني لم أخرج أشرا، ولا بطرا، ولا مفسدا، ولا ظالما، وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي (صلى الله عليه وآله)، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب (عليهما السلام)، فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن رد علي هذا أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق، وهو خير الحاكمين، وهذه وصيتي يا أخي إليك، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب. ثم طوى الحسين (عليه السلام) الكتاب وختمه بخاتمه، ودفعه إلى أخيه محمد، ثم ودعه وخرج في جوف الليل. (1) [295] - 78 - السيد ابن طاووس: حدثني جماعة منهم من أشرت إليه بإسنادهم إلى عمر النسابة (رضوان الله عليه) فيما ذكره في آخر كتاب الشافي في النسب بإسناده إلى جده محمد بن عمر قال: سمعت أبي عمر بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) يحدث أخوالي آل عقيل قال: لما امتنع أخي الحسين (عليه السلام) عن البيعة ليزيد بالمدينة دخلت عليه فوجدته خاليا، فقلت له: جعلت فداك يا أبا عبد الله! حدثني أخوك أبو محمد الحسن عن
1 - بحار الأنوار 44: 329، المناقب لابن شهرآشوب 4: 89 أشار إلى بعض الكتاب، الفتوح 5: 23 وأضاف فيه بعد سيرة أبي علي بن أبى طالب وسيرة الخلفاء الراشدين المهديين، العوالم 17: 179. 354 أبيه (عليهما السلام)، ثم سبقتني الدمعة وعلا شهيقي، فضمني إليه وقال: حدثك أني مقتول! فقلت: حوشيت يا ابن رسول الله! فقال: سألتك بحق أبيك! بقتلي خبرك؟ فقلت: نعم، فلولا ناولت وبايعت! فقال: حدثني أبي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أخبره بقتله وقتلي، وأن تربتي تكون بقرب تربته! فتظن أنك علمت ما لم أعلمه!؟ وإنه لا أعطي الدنية من نفسي أبدا، ولتلقين فاطمة أباها شاكية ما لقيت ذريتها من أمته، ولا يدخل الجنة أحد آذاها في ذريتها. (1) [296] - 79 - المجلسي: وجدت في بعض الكتب: لما عزم على الخروج من المدينة أتته أم سلمة (رضى الله عنها) فقالت: يا بني! لا تحزني بخروجك إلى العراق، فإني سمعت جدك يقول: يقتل ولدي الحسين (عليه السلام) بأرض العراق في أرض يقال لها: كربلاء. فقال لها: يا أماه! وأنا والله! أعلم ذلك، وإني مقتول لا محالة، وليس لي من هذا بد، وإني والله! لأعرف اليوم الذي أقتل فيه، وأعرف من يقتلني، وأعرف البقعة التي أدفن فيها، وإني أعرف من يقتل من أهل بيتي وقرابتي وشيعتي، وإن أردت يا أماه! أريك حفرتي ومضجعي! ثم أشار إلى جهة كربلاء، فانخفضت الأرض حتى أراها مضجعه ومدفنه وموضع عسكره وموقفه ومشهده، فعند ذلك بكت أم سلمة بكاء شديدا، وسلمت أمره إلى الله. فقال لها: يا أماه! قد شاء الله عز وجل أن يراني مقتولا مذبوحا ظلما وعدوانا، وقد شاء أن يرى حرمي ورهطي ونسائي مشردين، وأطفالي مذبوحين مظلومين مأسورين مقيدين، وهم يستغيثون فلا يجدون ناصرا ولا معينا.
1 - اللهوف: 11، مقتل الحسين للمقرم: 134. 355 وفي رواية أخرى: قالت أم سلمة: وعندي تربة دفعها إلى جدك في قارورة فقال: والله! إني مقتول كذلك، وإن لم أخرج إلى العراق يقتلوني أيضا، ثم أخذ تربة فجعلها في قارورة وأعطاها إياها، وقال: إجعليها مع قارورة جدي، فإذا فاضتا دما فاعلمي أني قد قتلت. (1) [297] - 80 - ابن حمزة: وعن الباقر صلوات الله عليه قال: لما أراد الحسين صلوات الله عليه الخروج إلى العراق بعثت إليه أم سلمة رضي الله عنها، وهي التي كانت ربته، وكان أحب الناس إليها، وكانت أرق الناس عليه، وكانت تربة الحسين عندها في قارورة دفعها إليها رسول الله (صلى الله عليه وآله). فقالت: يا بنى! أتريد أن تخرج؟ فقال: لها: يا أمه! أريد أن أخرج إلى العراق. فقالت: إني أذكرك الله تعالى أن تخرج إلى العراق. قال: ولم ذلك يا أمه! قالت: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: يقتل ابني الحسين بالعراق، وعندي يا بنى! تربتك في قارورة مختومة دفعها إلي رسول الله (صلى الله عليه وآله). فقال: يا أماه، والله! إني لمقتول، وإني لا أفر من القدر المقدور، والقضاء المحتوم، والأمر الواجب من الله تعالى. فقالت: واعجباه، فأين تذهب وأنت مقتول؟! فقال: يا أمه! إن لم أذهب اليوم ذهبت غدا، وإن لم أذهب غدا لذهبت بعد غد، وما من الموت - والله! يا أمه! - بد، وإني لأعرف اليوم والموضع الذي أقتل فيه، والساعة التي أقتل فيها، والحفرة التي أدفن فيها، كما أعرفك، وأنظر إليها كما أنظر إليك.
1 - بحار الأنوار 44: 331، العوالم 17: 180، ينابيع المودة: 405 إلى قوله: بكت أم سلمة بكاء شديدا. 356 قالت: قد رأيتها! قال: إن أحببت أن أريك مضجعي ومكاني ومكان أصحابي فعلت، فقالت: قد شئتها! فما زاد أن تكلم بسم الله، فخفضت له الأرض حتى أراها مضجعه، ومكانه ومكان أصحابه، وأعطاها من تلك التربة، فخلطتها مع التربة التي كانت عندها، ثم خرج الحسين صلوات الله عليه، وقد قال لها: إني مقتول يوم عاشوراء. (1) [298] - 81 - الطوسي: عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبد الله، عن الفضيل بن يسار قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام): لما توجه الحسين (عليه السلام) إلى العراق، دفع إلى أم سلمة زوج النبي (صلى الله عليه وآله) الوصية والكتب وغير ذلك، وقال لها: إذا أتاك أكبر ولدي فادفعي إليه ما قد دفعت إليك؛ فلما قتل الحسين (عليه السلام) أتى علي بن الحسين (عليهما السلام) أم سلمة فدفعت إليه كل شيء أعطاها الحسين (عليه السلام). (2) [299] - 82 - الكليني: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الحسين صلوات الله عليه لما صار إلى العراق استودع أم سلمة رضي الله عنها الكتب والوصية، فلما رجع علي بن الحسين (عليه السلام) دفعتها إليه. (3) [300] - 83 - ابن حمزة:، عن جابر بن عبد الله (رحمه الله) قال: لما عزم الحسين بن علي (عليهما السلام) على الخروج إلى العراق أتيته فقلت له: أنت ولد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأحد سبطيه، لا أرى إلا أنك تصالح كما صالح أخوك الحسن، فإنه
1 - الثاقب في المناقب 330، حلية الأبرار 1: 600، مدينة المعاجز 3: 489، الخرائج والجرائح 1: 253، بحار الأنوار 45: 89، عيون المعجزات: 69، وفي الثلاثة الأخيرة باختصار. 2 - الغيبة: 118 ح 148، إثبات الهداة 5: 214. 3 - الكافي 1: 304 ح 3، إعلام الورى: 152، إثبات الهداة 5: 216 ح 8، بحار الأنوار: 46؛ 19 ح 6. 357 كان موفقا راشدا. فقال لي: يا جابر! قد فعل أخي ذلك بأمر الله تعالى وأمر رسوله (صلى الله عليه وآله)، وإني أيضا أفعل بأمر الله تعالى وأمر رسوله، أتريد أن استشهد لك رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعليا وأخي الحسن (عليهما السلام) بذلك الآن؟ ثم نظرت فإذا السماء قد انفتح بابها وإذا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي والحسن وحمزة وجعفر وزيد نازلين عنها حتى استقروا على الأرض، فوثبت فزعا مذعورا، فقال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا جابر! ألم أقل لك في أمر الحسن قبل الحسين، لا تكون مؤمنا حتى تكون لأئمتك مسلما، ولا تكن [تكون] معترضا، أتريد أن ترى مقعد معاوية ومقعد الحسين ابني ومقعد يزيد قاتله لعنه الله؟ قلت: بلى، يا رسول الله! فضرب برجله الأرض فانشقت وظهر بحر فانفلق، ثم ضرب فانشقت هكذا حتى انشقت سبع أرضين وانفلقت سبعة أبحر، ورأيت من تحت ذلك كله النار فيها سلسلة قرن فيها الوليد بن مغيرة، وأبو جهل، ومعاوية الطاغية، ويزيد، وقرن بهم مردة الشياطين، فهم أشد أهل النار عذابا. ثم قال (صلى الله عليه وآله): ارفع رأسك، فرفعت فإذا أبواب السماء متفتحة وإذا الجنة أعلاها، ثم صعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومن معه إلى السماء، فلما صار في الهواء صاح بالحسين: يا بنى! الحقني، فلحقه الحسين (عليه السلام) وصعدوا حتى رأيتهم دخلوا الجنة من أعلاها، ثم نظر إلى من هناك رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقبض على يد الحسين (عليه السلام) وقال: يا جابر! هذا ولدي معي ها هنا، فسلم له أمره ولا تشك لتكون مؤمنا. قال جابر: فعميت عيناي إن لم أكن رأيت ما قلت من رسول الله (صلى الله عليه وآله)! (1)
1 - الثاقب في المناقب: 322 ح 266، مدينة المعاجز 3: 487، نفس المهموم: 77. 358 كلامه (عليه السلام) مع نساء بني هاشم [301] - 84 - ابن قولويه: حدثني أبي (رحمه الله) وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبد الله بن أبي خلف، عن محمد بن يحيى المعاذي، قال: حدثني الحسين بن موسى الأصم، عن عمرو [بن شمر الجعفي]، عن جابر [بن يزيد الجعفي]، عن محمد بن علي (عليهما السلام)، قال: لما هم الحسين (عليه السلام) بالشخوص عن المدينة، أقبلت نساء بني عبد المطلب فاجتمعن للنياحة حتى مشى فيهن الحسين (عليه السلام) فقال: أنشدكن الله أن تبدين هذا الأمر معصية لله ولرسوله! فقالت له نساء بني عبد المطلب: فلمن نستبقي هذه النياحة والبكاء!؟ فهو عندنا كيوم مات فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي (عليه السلام) وفاطمة (عليها السلام) ورقية وزينب وأم كلثوم، فننشدك الله جعلنا الله فداك من الموت! فيا حبيب الأبرار من أهل القبور... (1) ثم إن نساء بني هاشم أقبلن إلى أم هاني عمة الحسين (عليه السلام) وقلن لها: يا أم هاني أنت جالسة والحسين (عليه السلام) مع عياله عازم على الخروج!؟ فأقبلت أم هاني فلما رآها الحسين (عليه السلام) قال: أما هذه عمتي أم هاني؟ قيل: نعم. فقال: يا عمه! ما الذي جاء بك وأنت على هذه الحالة؟. فقالت: وكيف لا آتي، وقد بلغني أن كفيل الأرامل ذاهب عني، ثم إنها انتحبت باكية، وتمثلت بأبيات أبيها أبي طالب (عليه السلام): وأبيض يستسقى الغمام بوجهه * ثمال اليتامى عصمة للأرامل تطوف به الهلاك من آل هاشم * فهم عنده في نعمة وفواضل ثم قالت: سيدي! وأنا متطيرة عليك من هذا المسير لهاتف سمعت
1 - كامل الزيارات: 96، بحار الأنوار 45: 88، أعيان الشيعة 1: 588، مدينة المعاجز 4: 177، معالي السبطين 1: 214، مقتل الحسين (عليه السلام) للمقرم: 152،. 359 البارحة يقول: وإن قتيل الطف من آل هاشم * أذل رقابا من قريش فذلت حبيب رسول الله لم يك فاحشا * أبانت مصيبته الأنوف وجلت فقال لها الحسين (عليه السلام): يا عمه! لا تقولي من قريش، ولكن قولي أذل رقاب المسلمين فذلت، ثم قال: يا عمه! كل الذي مقدر فهو كائن لا محالة. وقال (عليه السلام): وما هم بقوم يغلبون ابن غالب * ولكن بعلم الغيب قد قدر الأمر فخرجت أم هاني من عنده باكية، وهي تقول: وما أم هاني وحدها ساء حالها * خروج حسين عن مدينة جده ولكنما القبر الشريف ومن به * ومنبره يبكون من أجل فقده (1) كتابه (عليه السلام) إلى بني هاشم [302] - 85 - الصفار: حدثنا أيوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى، عن مروان بن إسماعيل، عن حمزة بن حمران، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ذكرنا خروج الحسين (عليه السلام) وتخلف ابن الحنفية، قال أبو عبد الله (عليه السلام): يا حمزة! إني سأحدثك في هذا الحديث، ولا تسأل عنه بعد مجلسنا هذا، إن الحسين (عليه السلام) لما فصل متوجها، دعا بقرطاس وكتب: بسم الله الرحمن الرحيم؛ من الحسين بن على إلى بني هاشم، أما بعد، فإنه من ألحق [لحق] بي منكم استشهد، ومن تخلف لم يبلغ الفتح، والسلام. (2)
1 - معالي السبطين 1: 214، كامل الزيارات: 96، عنه البحار 45: 88 ضمن ح 26 والعوالم 17: 316 ضمن ح 6، فيها: وأقبلت بعض عماته تبكي وتقول: أشهد يا حسين! لقد سمعت الجن ناحت بنوحك، وهم يقولون: وإن قتيل الطف - إلى قوله -: جلت. 2 - بصائر الدرجات: 481 ح 5، اللهوف: 28، المناقب لابن شهر آشوب 4: 76، مثير الأحزان: 39، الخرائج الجرائح 2: 771، بحار الأنوار 44: 330 و 45: 84 و 42: 81 ح 12، العوالم 17: 179. 360 تهيئته (عليه السلام) للخروج [303] - 86 - محمد مهدي الحائري: روى عبد الله بن سنان الكوفي، عن أبيه، عن جده، أنه قال: خرجت بكتاب من أهل الكوفة إلى الحسين (عليه السلام)، وهو يومئذ بالمدينة، فأتيته فقرأه فعرف معناه فقال: أنظرني إلى ثلاثة أيام فبقيت في المدينة ثم تبعته إلى أن صار عزمه بالتوجه إلى العراق، فقلت في نفسي أمضي وأنظر إلى ملك الحجاز كيف يركب وكيف جلالة شأنه، فأتيت إلى باب داره فرأيت الخيل مسرجة، والرجال واقفين، والحسين (عليه السلام) جالس على كرسي، وبنو هاشم حافون به، وهو بينهم كأنه البدر ليلة تمامه وكماله، ورأيت نحوا من أربعين محملا، وقد زينت المحامل بملابس الحرير والديباج. قال: فعند ذلك أمر الحسين (عليه السلام) بني هاشم بأن يركبوا محارمهن على المحامل، فبينما أنا أنظر وإذا بشاب قد خرج من دار الحسين (عليه السلام) وهو طويل القامة وعلى خده علامة ووجهه كالقمر الطالع، وهو يقول: تنحوا يا بني هاشم! وإذا بامرأتين قد خرجتا من الدار وهما تجران أذيالهما على الأرض حياء من الناس، وقد حفت بهما إماؤهما، فتقدم ذلك الشاب إلى محمل من المحامل وجثى على ركبتيه، وأخذ بعضديهما وأركبهما المحمل، فسألت بعض الناس عنهما فقيل: أما إحداهما فزينب، والأخرى أم كلثوم بنتا أمير المؤمنين. فقلت: ومن هذا الشاب؟ فقيل لي: هو قمر بني هاشم العباس بن أمير المؤمنين.
361 ثم رأيت بنتين صغيرتين كأن الله تعالى لم يخلق مثلهما، فجعل واحدة مع زينب، والأخرى مع أم كلثوم، فسئلت عنهما، فقيل لي: هما سكينة وفاطمة بنتا الحسين (عليه السلام). ثم خرج غلام آخر كأنه البدر الطالع، ومعه امرأة، وقد حفت بها إماؤها، فأركبها ذلك الغلام المحمل، فسألت عنها وعن الغلام، فقيل لي: أما الغلام فهو علي الأكبر ابن الحسين (عليه السلام)، والامرأة أمه ليلى زوجة الحسين (عليه السلام). ثم خرج غلام ووجهه كفلقة القمر، ومعه امرأة، فسألت عنها؟ فقيل لي: أما الغلام فهو القاسم بن الحسن المجتبى، والامرأة أمه. ثم خرج شاب آخر وهو يقول: تنحوا عني يا بني هاشم! تنحوا عن حرم أبي عبد الله، فتنحى عنه بنو هاشم، وإذا قد خرجت امرأة من الدار وعليها آثار الملوك، وهي تمشي على سكينة ووقار، وقد حفت بها إماؤها، فسألت عنها؟ فقيل لي: أما الشاب فهو زين العابدين ابن الإمام، وأما الامرأة فهي أمه شاه زنان بنت الملك كسرى زوجة الإمام، فأتى بها وأركبها على المحمل، ثم اركبوا بقية الحرم والأطفال على المحامل. فلما تكاملوا نادى الإمام (عليه السلام): أين أخي، أين كبش كتيبتي، أين قمر بني هاشم؟ فأجابه العباس: لبيك لبيك يا سيدي! فقال له الإمام (عليه السلام): قدم لي يا أخي جوادي فأتى العباس بالجواد إليه وقد حفت به بنو هاشم، فأخذ العباس بركاب الفرس حتى ركب الإمام، ثم ركب بنو هاشم، وركب العباس وحمل الراية أمام الإمام. (1)
1 - معالي السبطين 1: 220، أسرار الشهادة: 367، والاعتماد على هذه الرواية مشكل. 362 خروج الإمام الحسين (عليه السلام) من المدينة [304] - 87 - أبو مخنف: وخرج الحسين (عليه السلام) في ليلته هذه، وهي ليلة الأحد، ليومين بقيا من رجب سنة ستين، ببنيه وإخوته وبني أخيه وجل أهل بيته إلا محمد بن الحنفية، وهو يتلو هذه الآية: (فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين (1)). (2) [305] - 88 - ابن أعثم: وفي رواية: خرج في جوف الليل يريد مكة بجميع أهله، وذلك لثلاث ليال مضين من شهر شعبان في سنة ستين، فجعل يسير ويقرأ هذه الآية... فلزم الطريق الأعظم وقال له ابن عمه مسلم بن عقيل بن أبي طالب: يا ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) لو عدلنا عن الطريق وسلكنا غير الجادة كما فعل عبد الله بن الزبير كان عندي الرأي، فإنا نخاف أن يلحقنا الطلب! فقال له الحسين (عليه السلام): لا والله! يا ابن عمي! لا فارقت هذا الطريق أبدا، أو
1 - القصص: 28 / 21. 2 - وقعة الطف: 85 وفي الإرشاد: 202، تاريخ الطبري 3: 272، الكامل في التأريخ 2: 531، العوالم 17: 181، ينابيع المودة: 402، أعيان الشيعة 1: 588، أشار إلى قراءة الآية. 363 أنظر إلى أبيات مكة أو يقضي الله في ذلك ما يحب ويرضى. (1) [306] - 89 - المفيد: أنه (عليه السلام) قال: لا والله! لا أفارقه حتى يقضي الله ما هو قاض. (2) [307] - 90 - أبو مخنف: [لما خرج الحسين (عليه السلام) من المدينة] وركب الجادة العظمى، فقال له أهل بيته: لو سلكت الطريق الأقرع لكان أصلح. قال (عليه السلام): أتخافون الطلب؟ قالوا: أجل. قال (عليه السلام): أخاف أن أحيد الطريق حذر الموت، وأنشأ يقول: إذا المرء لا يحمي بنيه وعرضه * وعترته كان اللئيم المسببا ومن دون ما ينعى يزيد بنا غدا * نخوض بحار الموت شرقا ومغربا ونضرب ضربا كالحريق مقدما * إذا ما رآه ضيغم فر مهربا (3) كلامه (عليه السلام) مع الملائكة والجن [308] - 91 - المجلسي نقل عن، محمد بن أبي طالب أنه قال: قال شيخنا المفيد: بإسناده إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لما سار أبو عبد الله الحسين (عليه السلام) من المدينة لقيه أفواج من الملائكة المسومة في أيديهم الحراب، على نجب من نجب الجنة، فسلموا عليه وقالوا: يا حجة الله
1 - الفتوح 5: 24، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 189، ينابيع المودة: 402 مع اختلاف. 2 - الإرشاد: 202، تأريخ الطبري 3: 276 بتفاوت يسير. 3 - مقتل الحسين (عليه السلام): 25، ينابيع المودة 402 وفيه البيت الأول فقط، أدب الحسين وحماسته: 25. 364 على خلقه بعد جده وأبيه وأخيه! إن الله سبحانه أمد جدك بنا في مواطن كثيرة، وإن الله أمدك بنا. فقال (عليه السلام) لهم: الموعد حفرتي وبقعتي التي أستشهد فيها وهي كربلاء، فإذا وردتها فأتوني! فقالوا: يا حجة الله! مرنا نسمع ونطع، فهل تخشى من عدو يلقاك فنكون معك؟ فقال (عليه السلام): لا سبيل لهم على ولا يلقوني بكريهة أو أصل إلى بقعتي. (1) [309] - 92 - وعنه: وأتته أفواج مسلمي الجن، فقالوا: يا سيدنا نحن شيعتك وأنصارك، فمرنا بأمرك وما تشاء، فلو أمرتنا بقتل كل عدو لك وأنت بمكانك لكفيناك ذلك، فجزاهم الحسين (عليه السلام) خيرا، وقال (عليه السلام) لهم: أو ما قرأتم كتاب الله المنزل على جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله): (أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة ) (2)، وقال سبحانه وتعالى: (لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم) (3)، وإذا أقمت بمكاني فبماذا يبتلى هذا الخلق المتعوس؟ وبماذا يختبرون؟ ومن ذا يكون ساكن حفرتي بكربلاء؟ وقد اختارها الله تعالى يوم دحا الأرض، وجعلها معقلا لشيعتنا، ويكون لهم أمانا في الدنيا والآخرة، ولكن تحضرون يوم السبت، وهو يوم عاشوراء، الذي في آخره أقتل، ولا يبقي بعدي مطلوب من أهلي ونسبي وإخوتي وأهل بيتي، ويسار برأسي إلى يزيد لعنه الله.
1 - بحار الأنوار 44: 330، نور العين في مشهد الحسين (عليه السلام): 23، العوالم 17: 179. 2 - النساء: 4 / 78. 3 - آل عمران: 3 / 154. 365 فقالت الجن: نحن والله! يا حبيب الله وابن حبيبه! لولا أن أمرك طاعة وأنه لا يجوز لنا مخالفتك، قتلنا جميع أعدائك قبل أن يصلوا إليك. فقال صلوات الله عليه لهم: نحن والله! أقدر عليهم منكم، ولكن (ليهلك من هلك عنم بينة ويحيى من حي عنم بينة) (1). (2) لقاؤه (عليه السلام) مع عبد الله العدوي [310] - 93 - ابن أعثم: ثم سار إلى مكة إذا استقبله عبد الله بن مطيع العدوي، فقال: أين تريد أبا عبد الله جعلني الله فداك؟! قال: أما في وقتي هذا أريد مكة، فإذا صرت إليها استخرت الله تعالى في أمري بعد ذلك. فقال له عبد الله بن مطيع: خار الله لك يا ابن بنت رسول الله! فيما قد عزمت عليه، غير أني أشير عليك بمشورة فاقبلها مني. فقال له الحسين (عليه السلام): وما هي يا ابن مطيع!؟ قال: إذا أتيت مكة فاحذر أن يغرك أهل الكوفة، فيها قتل أبوك، وأخوك بطعنة طعنوه كادت أن تأتي على نفسه، فالزم الحرم فأنت سيد العرب في دهرك هذا، فوالله! لئن هلكت ليهلكن أهل بيتك بهلاكك والسلام. قال فودعه الحسين (عليه السلام) ودعا له بخير. (3)
1 - الأنفال: 8 / 42. 2 - بحار الأنوار 44: 330، نور العين في مشهد الحسين (عليه السلام): 24، العوالم 17: 180، اللهوف: 28، نقله حين خروجه من مكة، إثبات الهداة 5: 205 ح 64، باختصار. 3 - الفتوح 5: 25، أنساب الأشراف 3: 155، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 189. 366 [وروى الدينوري:] أن الإمام (عليه السلام) قال لابن مطيع: يقضي الله ما أحب. (1) [وقال الطبري:] إنه (عليه السلام) قال: أما الآن فمكة، وأما بعد فإني استخير الله. (2) [311] - 94 - ابن سعد: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني عبد الله بن جعفر، عن أبي عون، قال: لما خرج الحسين بن علي (عليهما السلام) من المدينة يريد مكة، مر بابن مطيع وهو يحفر بئره، فقال له: أين فداك أبي وأمي!؟ قال: أردت مكة.... قال: وذكر له أنه كتب إليه شيعته بها، فقال له ابن مطيع: أين، فداك أبي وأمي؟ متعنا بنفسك ولا تسر إليهم، فأبى حسين (عليه السلام)، فقال له ابن مطيع: إن بئري هذه قد رشحتها، وهذا اليوم أوان ما خرج إلينا في الدلو شيء من ماء، فلو دعوت الله لنا فيها بالبركة. قال: هات من مائها. فأتى من مائها في الدلو، فشرب منه ثم مضمض، ثم رده في البئر، فأعذب وأمهى، ثم ودع وسار إلى مكة. (3) لقاؤه (عليه السلام) مع ابن عمر وابن عياش [312] - 95 - وعنه: ولقيهما [الإمام (عليه السلام)، وعبد الله بن الزبير] عبد الله بن عمر وعبد الله بن
1 - الأخبار الطوال: 229. 2 - تأريخ الطبري 3: 276، الكامل في التأريخ 2: 533، أعيان الشيعة 1: 588، وقعة الطف: 87. 3 - الطبقات لابن سعد 5: 11، تارخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 155، رواه الذهبي في تاريخ الإسلام 5: 8 مختصرا. 367 عياش بن أبي ربيعة بالأبواء (1) منصرفين من العمرة، فقال لهما ابن عمر: أذكركما الله إلا رجعتما فدخلتما في صالح ما يدخل فيه الناس! وتنظروا، فإن اجتمع الناس عليه لم تشذا، وإن افترق عليه كان الذي تريدان. وقال ابن عمر لحسين (عليه السلام): لا تخرج، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) خيره الله بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة، وأنت بضعة منه، ولا تنالها - يعني الدنيا -، فاعتنقه وبكى وودعه. فكان ابن عمر يقول: غلبنا حسين بن علي بالخروج، ولعمري! لقد رأى في أبيه وأخيه عبرة، ورأى من الفتنة وخذلان الناس لهم ما كان ينبغي له أن لا يتحرك ما عاش، وأن يدخل في صالح ما دخل فيه الناس، فإن الجماعة خير. وقال له ابن عياش: أين تريد يا ابن فاطمة!؟ قال: العراق وشيعتي. فقال: إني لكاره لوجهك هذا، أتخرج إلى قوم قتلوا أباك وطعنوا أخاك؟! حتى تركهم سخطة وملة لهم، أذكرك الله أن تغرر بنفسك. (2) [313] - 96 - ابن الأثير: وقيل إن ابن عمر، كان هو وابن عباس بمكة فعادا إلى المدينة، فلقيهما الحسين (عليه السلام) وابن الزبير، فسألاهما: ما وراء كما؟ فقالا: موت معاوية وبيعة يزيد. فقال له ابن عمر: لا تفرقا جماعة المسلمين. (3)
1 - الأبواء: وهي قرية من أعمال الفرع من المدينة، بينهما وبين الجحفة مما يلي المدينة ثلاث وعشرون ميلا، معجم البلدان 1: 79. 2 - ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من الطبقات لابن سعد: 57، تاريخ ابن عساكر ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام): 200. 3 - الكامل في التأريخ 2: 531، البداية والنهاية 8: 158. 368 [314] - 97 - [315] - 98 - ابن عساكر: قدم هو [عبد الله بن عمر] وابن عباس المدينة، فلما بايع الناس بايعا. وقال أبو واقد الليثي: بلغني خروج حسين فأدركته بملل (1)، فناشدته الله أن لا يخرج، فإنه يخرج في غير وجه خروج، [و] إنما يقتل نفسه: فقال: لا أرجع. (2) ثم ودعهم وساروا حتى وصلوا إلى مكة.
1 - الملل: هو منزل على طريق المدينة إلى مكة على ثمانية وعشرين ميلا من المدينة، معجم البلدان 5: 194. 2 - تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 201، ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من الطبقات لابن سعد: 57. 369 الإمام الحسين (عليه السلام) في مكة [316] - 99 - المفيد: ولما دخل الحسين (عليه السلام) مكة، كان دخوله إياها ليلة الجمعة، لثلاث مضين من شعبان، دخلها وهو يقرأ: (ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربى أن يهديني سواء السبيل) (1) ثم نزلها فأقبل أهلها يختلفون إليه ومن كان بها من المعتمرين أهل الآفاق، وابن الزبير بها قد لزم جانب الكعبة، وهو قائم يصلي عندها ويطوف ويأتي الحسين (عليه السلام) فيمن يأتيه، فيأتيه اليومين المتواليين، ويأتيه بين كل يومين مرة، وهو أثقل خلق الله على ابن الزبير وقد عرف أن أهل الحجاز لا يبايعونه ما دام الحسين (عليه السلام) في البلد، وأن الحسين (عليه السلام) أطوع في الناس منه وأجل. (2) [317] - 100 - الخوارزمي: (قال) الإمام أحمد بن أعثم الكوفي: ولما دخل الحسين (عليه السلام) مكة فرح به أهلها فرحا شديدا، وجعلوا يختلفون إليه غدوة وعشية، وكان قد نزل بأعلى مكة وضرب هناك فسطاطا ضخما، ونزل عبد
1 - القصص: 28 / 22. 2 - الإرشاد: 202، بحار الأنوار 44: 332، العوالم 17: 181 وفيه: يوم الجمعة، وفي الكامل في التأريخ 2: 531، تأريخ الطبري 3: 272، الفتوح 5: 25، أعيان الشيعة 1: 588، وقعة الطف: 86، ذكر قراءة الآية فقط. 370 الله بن الزبير داره بقيقعان، ثم تحول الحسين إلى دار العباس، حوله إليها عبد الله بن عباس، وكان أمير مكة من قبل يزيد يومئذ عمر بن سعد بن أبي وقاص (1)، فأقام الحسين مؤذنا يؤذن رافعا صوته فيصلي بالناس، وهاب ابن سعد أن يميل الحجاج مع الحسين لما يرى من كثرة اختلاف الناس إليه من الآفاق، فانحدر إلى المدينة وكتب بذلك إلى يزيد، وكان الحسين أثقل خلق الله على عبد الله بن الزبير لأنه كان يطمع أن يتابعه أهل مكة، فلما قدم الحسين اختلفوا إليه وصلوا معه، ومع ذلك فقد كان عبد الله يختلف إليه بكرة وعشية ويصلي معه. (2) [318] - 101 - ابن أعثم: وأقام الحسين (عليه السلام) بمكة باقي شهر شعبان ورمضان وشوال وذي القعدة، قال: وبمكة يومئذ عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر بن الخطاب، فأقبلا جميعا حتى دخلا على الحسين (عليه السلام)، وقد عزما على أن ينصرفا إلى المدينة، فقال له ابن عمر: أبا عبد الله! رحمك الله، اتق الله الذي إليه معادك! فقد عرفت من عداوة أهل هذا البيت لكم، وظلمهم إياكم، وقد ولي الناس هذا الرجل يزيد بن معاوية، ولست آمن أن يميل الناس إليه لمكان هذه الصفراء والبيضاء فيقتلونك ويهلك فيك بشر كثير، فإني قد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يقول: حسين مقتول، ولئن قتلوه وخذلوه ولن ينصروه ليخذلهم الله إلى يوم القيامة، وأنا أشير عليك أن تدخل في صلح ما دخل فيه الناس، واصبر كما صبرت لمعاوية من قبل، فلعل الله أن يحكم بينك وبين القوم الظالمين. فقال له الحسين (عليه السلام): أبا عبد الرحمن! أنا أبايع يزيد وأدخل في صلحه، وقد
1 - الصحيح أن والي مكة يومئذ هو عمرو بن سعيد بن العاص، وليس عمر بن سعد بن أبي وقاص. 2 - مقتل الخوارزمي 1: 190، الفتوح 5: 25 مختصرا. 371 قال النبي (صلى الله عليه وآله) فيه وفي أبيه ما قال؟! فقال ابن عباس: صدقت أبا عبد الله! قال النبى (صلى الله عليه وآله) في حياته: ما لي وليزيد لا بارك الله في يزيد! وإنه يقتل ولدي وولد ابنتي الحسين (عليه السلام). والذي نفسي بيده لا يقتل ولدي بين ظهراني قوم فلا يمنعونه إلا خالف الله بين قلوبهم وألسنتهم! ثم بكى ابن عباس، وبكى معه الحسين، (عليه السلام) وقال: يا ابن عباس! تعلم أني ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ فقال ابن عباس: أللهم نعم، نعلم ونعرف أن ما في الدنيا أحد هو ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) غيرك، وإن نصرك لفرض على هذه الأمة كفريضة الصلاة والزكاة التي لا يقدر أن يقبل أحدهما دون الأخرى. قال الحسين (عليه السلام): يا ابن عباس! فما تقول في قوم أخرجوا ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) من داره وقراره ومولده، وحرم رسوله، ومجاورة قبره، ومولده، ومسجده، وموضع مهاجره، فتركوه خائفا مرعوبا لا يستقر في قرار، ولا يأوي في موطن، يريدون في ذلك قتله وسفك دمه، وهو لم يشرك بالله شيئا، ولا اتخذ من دونه وليا، ولم يتغير عما كان عليه رسول الله!؟ فقال ابن عباس: ما أقول فيهم إلا (أنهم كفروا بالله وبرسوله ولا يأتون الصلوة إلا وهم كسالى) (1)، (يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا * مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد لهو سبيلا) (2)، وعلى مثل هؤلاء تنزل البطشة الكبرى، وأما أنت يا ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)! فإنك رأس الفخار برسول الله (صلى الله عليه وآله) وابن نظيرة البتول، فلا تظن يا ابن بنت
1 - التوبة: 9 / 54. 2 - النساء: 4 / 142 و 143. 372 رسول الله! أن الله غافل عما يعمل الظالمون، وأنا أشهد أن من رغب عن مجاورتك وطمع في محاربتك ومحاربة نبيك محمد (صلى الله عليه وآله) فما له من خلاق. فقال الحسين (عليه السلام): اللهم اشهد! فقال ابن عباس: جعلت فداك يا ابن بنت رسول الله! كأنك تريدني إلى نفسك؟ وتريد مني أن أنصرك؟ والله [الذي]، لا إله إلا هو! إن لو ضربت بين يديك بسيفي هذا حتى انخلع جميعا من كفي، لما كنت ممن أوفي من حقك عشر العشر! وها أنا بين يديك مرني بأمرك. فقال ابن عمر: مهلا، ذرنا من هذا يا ابن عباس! ثم أقبل ابن عمر على الحسين (عليه السلام) فقال: أبا عبد الله! مهلا عما قد عزمت عليه، وارجع من هنا إلى المدينة، وادخل في صلح القوم، ولا تغب عن وطنك وحرم جدك رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ولا تجعل لهؤلاء الذين لا خلاق لهم على نفسك حجة وسبيلا، وإن أحببت أن لا تبايع فأنت متروك حتى ترى برأيك، فإن يزيد بن معاوية - لعنه الله - عسى أن لا يعيش إلا قليلا، فيكفيك الله أمره. فقال الحسين (عليه السلام): أف لهذا الكلام أبدا ما دامت السماوات والأرض! أسألك بالله يا عبد الله! أنا عندك على خطأ من أمري هذا؟ فإن كنت عندك على خطأ فردني فإني أخضع وأسمع وأطيع. فقال ابن عمر: أللهم لا! ولم يكن الله تعالى يجعل ابن بنت رسوله على خطأ، وليس مثلك من طهارته وصفوته من الرسول (صلى الله عليه وآله) على مثل يزيد بن معاوية - لعنه الله - باسم الخلافة، ولكن أخشى أن يضرب وجهك هذا الحسن الجميل بالسيوف، وترى من هذه الأمة ما لا تحب، فارجع معنا إلى المدينة، وإن لم تحب أن تبايع فلا تبايع أبدا، واقعد في منزل.
373 فقال الحسين (عليه السلام): هيهات يا ابن عمر! إن القوم لا يتركوني وإن أصابوني، وإن لم يصيبوني فلا يزالون حتى أبايع وأنا كاره، أو يقتلوني، أما تعلم يا عبد الله! أن من هوان هذه الدنيا على الله تعالى أنه أتى برأس يحيي بن زكريا (عليه السلام) إلى بغية من بغايا بني إسرائيل والرأس ينطق بالحجة عليهم؟! أما تعلم أبا عبد الرحمن! أن بني إسرائيل كانوا يقتلون ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس سبعين نبيا ثم يجلسون في أسواقهم يبيعون ويشترون كلهم كأنهم لم يصنعوا شيئا، فلم يعجل الله عليهم، ثم أخذهم بعد ذلك أخذ عزيز مقتدر؛ اتق الله أبا عبد الرحمن! ولا تدعن نصرتي واذكرني في صلاتك، فوالذي بعث جدي محمدا (صلى الله عليه وآله) بشيرا ونذيرا لو أن أباك عمر بن الخطاب أدرك زماني لنصرني كنصرته جدي، وأقام من دوني قيامه بين يدي جدي، يا ابن عمر! فإن كان الخروج معي مما يصعب عليك ويثقل فأنت في أوسع العذر، ولكن لا تتركن لي الدعاء في دبر كل صلاة، واجلس عن القوم، ولا تعجل بالبيعة لهم حتى تعلم إلى ما تؤول الأمور. قال: ثم أقبل الحسين (عليه السلام) على عبد الله بن عباس؛ فقال: يا ابن عباس! إنك ابن عم والدي، ولم تزل تأمر بالخير منذ عرفتك، وكنت مع والدي تشير عليه بما فيه الرشاد، وقد كان يستنصحك ويستشيرك فتشير عليه بالصواب، فامض إلى المدينة في حفظ الله وكلائه، ولا يخفى علي شىء من أخبارك، فإني مستوطن هذا الحرم، ومقيم فيه أبدا ما رأيت أهله يحبوني، وينصروني، فإذا هم خذلوني استبدلت بهم غيرهم، واستعصمت بالكلمة التي قالها ابراهيم الخليل (عليه السلام) يوم ألقي في النار (حسبي الله ونعم الوكيل) فكانت النار عليه بردا وسلاما.
374 قال: فبكى ابن عباس وابن عمر في ذلك الوقت بكاء شديدا، والحسين (عليه السلام) يبكي معهما ساعة، ثم ودعهما وصار ابن عمر وابن عباس إلى المدينة، وأقام الحسين (عليه السلام) بمكة قد لزم الصوم والصلاة. (1) [319] - 102 - ابن الأثير: روى ابن كثير: وأما الحسين (عليه السلام) وابن الزبير فإنهما قدما مكة فوجدا بها عمرو بن سعيد بن العاص فخافاه وقالا: إنا جئنا عواذا بهذا البيت. (2) [320] - 103 - المجلسي: روى الشهيد الثاني؛ بإسناده، عن ابن قولويه، عن أبيه، عن سعد، عن ابن عيسى، عن أبيه، عن عبد الله بن سليمان النوفلي قال: كنت عند جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)، قال: فقد حدثني محمد بن علي بن الحسين (عليه السلام) قال: لما تجهز الحسين (عليه السلام) إلى الكوفة أتاه ابن عباس فناشده الله والرحم أن يكون هو المقتول بالطف. فقال: أنا أعرف بمصرعي منك، وما وكدي (3) من الدنيا إلا فراقها، ألا أخبرك يا ابن عباس! بحديث أمير المؤمنين (عليه السلام) والدنيا؟ فقال له: بلى لعمري إني لأحب أن تحدثني بأمرها. فقال أبي: قال علي بن الحسين (عليهما السلام): سمعت أبا عبد الله الحسين (عليه السلام) يقول: حدثني أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: إني كنت بفدك في بعض حيطانها، وقد صارت لفاطمة (عليها السلام)، قال: فإذا أنا بامرأة قد هجمت علي وفي يدي مسحاة وأنا أعمل بها، فلما نظرت إليها طار قلبي مما تداخلني من جمالها فشبهتها ببثينة بنت عامر الجمحي، وكانت من أجمل نساء قريش، فقالت: يا ابن أبي طالب هل لك أن تتزوج
1 - الفتوح 5: 26، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 192. 2 - البداية والنهاية 8: 158. 3 - الوكد؛ اي القصد. 375 بي فأغنيك عن هذه المسحاة، وأدلك على خزائن الأرض، فيكون لك الملك ما بقيت ولعقبك من بعدك؟ فقال لها: من أنت حتى أخطبك من أهلك؟ فقالت: أنا الدنيا، قال لها: فارجعي واطلبي زوجا غيري، فلست من شأني. وأقبلت على مسحاتي، وأنشأت أقول: لقد خاب من غرته دنيا دنية * وما هي إن غرت قرونا بنائل أتتنا على زي العزيز بثينة * وزينتها في مثل تلك الشمائل فقلت لها: غري سواي فإنني * عزوف عن الدنيا فلست بجاهل وما أنا والدنيا فإن محمدا * أحل صريعا بين تلك الجنادل وهبها أتتنا بالكنوز ودرها * وأموال قارون وملك القبائل أليس جميعا للفناء مصيرنا * ويطلب من خزانها بالطوائل فغري سواي إنني غير راغب * بما فيك من ملك وعز ونائل فقد قنعت نفسي بما قدر زقته * فشأنك يا دنيا! وأهل الغوائل فإني أخاف الله يوم لقائه * وأخشى عذابا دائما غير زائل (1) كتب أهل الكوفة وكلامه (عليه السلام) [321] - 104 - الطبري: فلما بلغ أهل الكوفة هلاك معاوية؛ أرجف أهل العراق بيزيد، وقالوا: قد امتنع حسين (عليه السلام) وابن الزبير ولحقا بمكة، فكتب أهل الكوفة إلى حسين، وعليهم النعمان ابن بشير.
1 - بحار الأنوار 78: 273. 376 قال أبو مخنف: فحدثني الحجاج بن علي، عن محمد بن بشر الهمداني، قال: اجتمعت الشيعة في منزل سليمان بن صرد [الخزاعي]، فذكرنا هلاك معاوية، فحمدنا الله عليه، فقال لنا سليمان بن صرد: إن معاوية قد هلك، وإن حسينا (عليه السلام) قد تقبض على القوم ببيعته، وقد خرج إلى مكة، وأنتم شيعته وشيعة أبيه؛ فإن كنتم تعلمون أنكم ناصروه ومجاهدو عدوه؛ فاكتبوا إليه، وإن خفتم الوهل والفشل فلا تغروا الرجل من نفسه! فقالوا: لا، بل نقاتل عدوه، ونقتل أنفسنا دونه! قال: فاكتبوا إليه، فكتبوا إليه: بسم الله الرحمن الرحيم، لحسين بن علي، من سليمان بن صرد، والمسيب بن نجبة، ورفاعة بن شداد، وحبيب بن مظاهر، وشيعته من المؤمنين والمسلمين من أهل الكوفة: سلام عليك، فإنا نحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد: فالحمد لله الذي قصم عدوك الجبار العنيد، الذي انتزى على هذه الأمة، فابتزها أمرها، وغصبها فيئها، وتأمر عليها بغير رضى منها؛ ثم قتل خيارها، واستبقى شرارها، وجعل مال الله دولة بين جبابرتها وأغنيائها، فبعدا له كما بعدت ثمود. إنه ليس علينا إمام؛ فأقبل لعل الله أن يجمعنا بك على الحق، والنعمان بن بشير في قصر الإمارة لسنا نجتمع معه في جمعة ولا نخرج معه إلى عيد، ولو قد بلغنا أنك قد أقبلت إلينا أخرجناه حتى نلحقه بالشام، إن شاء الله، والسلام ورحمة الله عليك. قال: ثم سرحنا بالكتاب مع عبد الله بن سبع الهمداني وعبد الله بن وال [التميمي] وأمرناهما بالنجاء. فخرج الرجلان مسرعين حتى قدما على حسين (عليه السلام) بمكة، لعشر مضين من شهر رمضان بمكة. ثم لبثنا يومين، ثم سرحنا إليه: قيس بن مسهر الصيداوي وعبد الرحمن بن عبد
377 الله بن الكدن الأرحبي وعمارة بن عبيد السلولي، فحملوا معهم نحوا من ثلاثة وخمسين صحيفة، الصحيفة من الرجل والاثنين والأربعة. قال: ثم لبثنا يومين آخرين، ثم سرحنا إليه هانيء بن هانيء السبيعي وسعيد ابن عبد الله الحنفي وكتبنا معهما: بسم الله الرحمن الرحيم، لحسين بن علي (عليه السلام)، من شيعته من المؤمنين والمسلمين: أما بعد، فحي هلا، فإن الناس ينتظرونك، ولا رأي لهم في غيرك، فالعجل العجل! والسلام عليك. وكتب شبث بن ربعي وحجار بن أبجر ويزيد بن الحارث بن يزيد بن رويم وعزرة بن قيس، وعمرو بن الحجاج الزبيدي ومحمد بن عمر التميمي: أما بعد فقد اخضر الجناب، وأينعت الثمار، وطمت الجمام، فإذا شئت فأقدم على جند لك مجند، والسلام عليك. (1) [322] - 105 - ابن أعثم: قال الحسين (عليه السلام) لهاني وسعيد بن عبد الله الحنفي: خبراني من اجتمع على هذا الكتاب الذي كتب معكما إلي. فقالا: يا أمير المؤمنين! اجتمع عليه شبث بن ربعي، وحجار بن أبجر، ويزيد بن الحارث، ويزيد بن رويم، وعروة بن قيس، وعمرو بن الحجاج، ومحمد بن عمير بن عطارد. قال: فعندما قام الحسين (عليه السلام) فتطهر وصلى ركعتين بين الركن والمقام، ثم انفتل من صلاته، وسأل ربه الخير فيما كتب إليه أهل الكوفة، ثم جمع الرسل فقال لهم: إني رأيت جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) في منامي، وقد أمرني بأمر وأنا ماض لأمره،
1 - تأريخ الطبري 3: 277، الإرشاد: 202، الفتوح 5: 29، مع اختلاف، وقعة الطف: 89. 378 فعزم الله لي بالخير، إنه ولي ذلك، والقادر عليه إن شاء الله تعالى. (1) كتابه (عليه السلام) لأهل الكوفة [323] - 106 - الطبري: وتلاقت الرسل كلها عنده، فقرأ الكتب، وسأل الرسل عن أمر الناس، ثم كتب مع هانيء بن هانيء السبيعي، وسعيد بن عبد الله الحنفي - وكانا آخر الرسل -: بسم الله الرحمن الرحيم، من حسين بن علي، إلى الملأ من المؤمنين والمسلمين، أما بعد، فإن هانئا وسعيدا قدما علي بكتبكم - وكانا آخر من قدم علي من رسلكم -، وقد فهمت كل الذي اقتصصتم وذكرتم، ومقالة جلكم: إنه ليس علينا إمام فأقبل، لعل الله أن يجمعنا بك على الهدى والحق. وقد بعثت إليكم أخي وابن عمي وثقتي من أهل بيتي [مسلم بن عقيل] وأمرته أن يكتب إلي بحالكم وأمركم ورأيكم. فإن كتب إلي: أنه قد أجمع رأي ملئكم، وذوي الفضل والحجى منكم، على مثل ما قدمت علي به رسلكم، وقرأت في كتبكم، أقدم عليكم وشيكا إن شاء الله، فلعمري ما الإمام إلا العامل بالكتاب، والآخذ بالقسط، والدائن بالحق، والحابس نفسه على ذات الله، والسلام. (2) [324] - 107 - ابن أعثم: كتب (عليه السلام): بسم الله الرحمن الرحيم، من الحسين بن علي إلى الملا من المؤمنين، سلام عليكم، أما بعد، فإن هاني بن هاني، وسعيد بن عبد الله قدما
1 - الفتوح 5: 33، مثير الأحزان: 26 وفيه: قال (عليه السلام): من اتفق على هذا الكتاب، اللهوف: 15، أعيان الشيعة 1: 589. 2 - تأريخ الطبري 3: 278، الإرشاد: 204، الكامل في التأريخ 2: 534 ورد فيه مختصرا، بحار الأنوار 44: 334، العوالم 17: 183. 379 علي بكتبكم فكانا آخر من قدم علي من عندكم، وقد فهمت الذي قد قصصتم وذكرتم ولست أقصر عما أحببتم، وقد بعثت إليكم أخي وابن عمي وثقتي من أهل بيتي مسلم بن عقيل بن أبي طالب (رضي الله عنه)، وقد أمرته أن يكتب إلي بحالكم ورأيكم ورأي ذوي الحجى والفضل منكم، وهو متوجه إلى ما قبلكم إن شاء الله تعالى والسلام ولا قوة إلا بالله. فإن كنتم على ما قدمت به رسلكم وقرأت في كتبكم فقوموا مع ابن عمي وبايعوه وانصروه ولا تخذلوه! فلعمري! ليس الأمام العامل بالكتاب والعادل بالقسط كالذي يحكم بغير الحق ولا يهدي ولا يهتدي، جمعنا الله وإياكم على الهدى وألزمنا وإياكم كلمة التقوى، إنه لطيف لما يشاء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. (1) كلامه مع مسلم (عليهما السلام) [325] - 108 - وعنه: ثم طوى الكتاب وختمه ودعا مسلم بن عقيل؛ فدفع إليه الكتاب وقال (عليه السلام) له: إني موجهك إلى أهل الكوفة، وهذه كتبهم إلي، وسيقضي الله من أمرك ما يحب ويرضى، وأنا أرجو أن أكون أنا وأنت في درجة الشهداء، فامض على بركة الله حتى تدخل الكوفة، فإذا دخلتها فأنزل عند أوثق أهلها، وادع الناس إلى طاعتي، واخذلهم عن آل أبي سفيان، فإن رأيت الناس مجتمعين على بيعتي فعجل لي بالخبر حتى أعمل على حسب ذلك إن شاء الله تعالى. ثم عانقه وودعه وبكيا جميعا. (2)
1 - الفتوح 5: 35، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 195. 2 - الفتوح 5: 36، الإرشاد: 204، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 196، وقعة الطف: 96. 380 [326] - 109 - المفيد: ودعا الحسين (عليه السلام) مسلم بن عقيل فسرحه مع قيس بن مسهر الصيداوي وعمارة بن عبد الله السلولي وعبد الله وعبد الرحمن ابنا شداد الأرحبي، وأمره بالتقوى وكتمان أمره واللطف، فإن رأى الناس مجتمعين مستوسقين عجل إليه بذلك. (1) [327] - 110 - ابن أعثم: فخرج مسلم من مكة نحو المدينة مستخفيا لئلا يعلم أحد من بني أمية، فلما دخل المدينة بدأ بمسجد النبي (صلى الله عليه وآله) فصلى ركعتين، ثم خرج في جوف الليل حتى ودع من أحب من أهل بيته ثم استأجر دليلين من قيس عيلان يدلانه على الطريق، ويصحبانه إلى الكوفة على غير الجادة، فأقبلا به، فضلا الطريق وجارا، وأصابهم عطش شديد، وقال الدليلان: هذا الطريق خذه حتى تنتهي إلى الماء فماتا، وذلك بالمضيق من بطن الخبيت. (2) كتاب مسلم إلى الإمام (عليه السلام) من الطريق وجوابه [328] - 111 - الطبري: فكتب مسلم بن عقيل مع قيس بن مسهر الصيداوي إلى الحسين (عليه السلام): أما بعد، فإني أقبلت من المدينة معي دليلان لي، فجارا عن الطريق وضلا، واشتد علينا العطش، فلم يلبثا أن ماتا، وأقبلنا حتى انتهينا إلى الماء، فلم ننج إلا بحشاشة أنفسنا، وذلك الماء بمكان يدعى المضيق من بطن الخبيت؛ وقد تطيرت من
1 - الإرشاد: 204، تاريخ طبري 3: 278، وقعة الطف: 96. 2 - الفتوح 5: 36، الارشاد: 204، مقتل الخوارزمي: 196، وقعة الطف: 97 مع اختلاف يسير. 381 وجهي هذا، فإن رأيت أعفيتني منه وبعثت غيري، والسلام. فكتب إليه الحسين (عليه السلام): أما بعد، فقد خشيت أن لا يكون حملك على الكتاب إلي في الاستعفاء من الوجه الذي وجهتك له إلا الجبن، فامض لوجهك الذي وجهتك له؛ والسلام عليك. فقال مسلم لمن قرأ الكتاب: هذا ما لست أتخوفه على نفسي. فأقبل حتى مر بماء لطيىء، فنزل بهم ثم ارتحل منه، فإذا رجل قد رمي صيدا - حيث أشرف له - فصرعه، فقال مسلم: يقتل عدونا إن شاء الله. ثم أقبل مسلم حتى دخل الكوفة ومعه أصحابه، فدخل دار المختار بن أبي عبيد، وأقبلت الشيعة تختلف إليه، فكلما اجتمعت إليه جماعة منهم قرأ عليهم كتاب الحسين (عليه السلام) فبايعت الشيعة معه. وكتب عبد الله بن مسلم، وعمارة بن عقبة، وعمر بن سعد بن أبي وقاص إلى يزيد أن مسلم بن عقيل قد قدم الكوفة، فبايعته الشيعة للحسين (عليه السلام)، فإن كان لك بالكوفة حاجة فابعث إليها رجلا قويا. ولما قرأ يزيد كتاب عبد الله بن مسلم، وعمارة بن عقبة، وعمر بن سعد، كتب إلى ابن زياد وولاه على الكوفة، فخرج ابن زياد واستخلف أخاه في البصرة، ونزل بالكوفة، وقتل مسلم بن عقيل؛. (1)
1 - تأريخ الطبري 3: 279، الإرشاد: 204، الفتوح 5: 37، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 196، الكامل في التأريخ 2: 534، بحار الأنوار 44: 335، العوالم 17: 185، أعيان الشيعة 1: 589، وقعة الطف: 97. لم نذكر الوقايع المنتهية إلى شهادة مسلم (رحمه الله) لعدم وجود كلام للإمام الحسين (عليه السلام) فيها. 382 كتابه (عليه السلام) إلى أشراف البصرة [329] - 112 - وعنه: قال هشام: قال أبو مخنف: حدثني الصقعب بن زهير، عن أبي عثمان النهدي، قال: كتب حسين (عليه السلام) مع مولى لهم يقال له: سليمان، وكتب بنسخة إلى رؤوس الأخماس بالبصرة، وإلى الأشراف، فكتب إلى مالك بن مسمع البكري، وإلى الأحنف بن قيس، وإلى المنذر بن الجارود، وإلى مسعود بن عمرو، وإلى قيس بن الهيثم، وإلى عمرو بن عبيد الله بن معمر، فجاءت منه نسخة واحدة إلى جميع أشرافها. أما بعد، فإن الله اصطفى محمدا (صلى الله عليه وآله) على خلقه، وأكرمه بنبوته، واختاره لرسالته، ثم قبضه الله إليه، وقد نصح لعباده، وبلغ ما أرسل به (صلى الله عليه وآله) وكنا أهله وأولياءه وأوصياءه وورثته، وأحق الناس بمقامه في الناس، فاستأثر علينا قومنا بذلك، فرضينا وكرهنا الفرقة وأحببنا العافية، ونحن نعلم أنا أحق بذلك الحق المستحق علينا ممن تولاه، وقد أحسنوا وأصلحوا وتحروا الحق، فرحمهم الله وغفر لنا ولهم. وقد بعثت رسولي إليكم بهذا الكتاب، وأنا أدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله)، فان السنة قد أميتت، وإن البدعة قد أحييت، وإن تسمعوا قولي وتطيعوا أمري أهدكم سبيل الرشاد، والسلام عليكم ورحمة الله. (1) [330] - 113 - السيد ابن طاووس: وكان الحسين (عليه السلام) قد كتب إلى جماعة من أشراف
1 - تأريخ الطبري 3: 280، مثير الأحزان: 27، بحار الأنوار 44: 340 أشار المصدران إلى آخر الحديث فقط، أعيان الشيعة 1: 590، وقعة الطف: 107. 383 البصرة كتابا مع مولى له اسمه سليمان ويكنى أبارزين، يدعوهم إلى نصرته ولزوم طاعته، منهم: يزيد بن مسعود النهشلي، والمنذر بن الجارود العبدي. فجمع يزيد بن مسعود بني تميم وبني حنظلة وبني سعد، فلما حضروا قال: يا بني تميم! كيف ترون موضعي فيكم، وحسبي منكم؟ فقالوا: بخ بخ، أنت والله! فقرة الظهر، ورأس الفخر، حللت في الشرف وسطا، وتقدمت فيه فرطا. قال: فإني قد جمعتكم لأمر أريد أن أشاوركم فيه، وأستعين بكم عليه. فقالوا: إنا والله! نمنحك النصيحة، ونحمد لك الرأي، فقل حتى نسمع. فقال: إن معاوية مات، فأهون به والله هالكا ومفقودا، ألا وإنه قد انكسر باب الجور والإثم، وتضعضعت أركان الظلم، وقد كان أحدث بيعة عقد بها أمرا ظن أنه قد أحكمه، وهيهات والذي أراد، اجتهد والله ففشل، وشاور فخذل، وقد قام ابنه يزيد شارب الخمور، ورأس الفجور، يدعي الخلافة على المسلمين، ويتأمر عليهم بغير رضى منهم، مع قصر حلم، وقلة علم، لا يعرف من الحق موطئ قدمه. فأقسم بالله قسما مبرورا! لجهاده على الدين أفضل من جهاد المشركين، وهذا الحسين بن علي، ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ذو الشرف الأصيل، والرأي الأثيل، له فضل لا يوصف، وعلم لا ينزف، وهو أولى بهذا الأمر؛ لسابقته وسنه وقدمه وقرابته، يعطف على الصغير، ويحنو على الكبير، فأكرم به راعي رعية، وإمام قوم وجبت لله به الحجة، وبلغت به الموعظة، فلا تعشوا عن نور الحق، ولا تسكعوا في وهدة الباطل، فقد كان صخر بن قيس انخذل بكم يوم الجمل، فاغسلوها بخروجكم إلى ابن رسول الله ونصرته، والله! لا يقصر أحد عن نصرته إلا أورثه الله الذل في ولده، والقلة في عشيرته، وها أنا ذا قد لبست للحرب لامتها، وادرعت لها بدرعها، من لم
384 يقتل يمت، ومن يهرب لم يفت، فأحسنوا رحمكم الله رد الجواب. فتكلمت بنو حنظلة فقالوا: يا أبا خالد! نحن نبل كنانتك، وفرسان عشيرتك، إن رميت بنا أصبت، وإن غزوت بنا فتحت، لا تخوض والله! غمرة إلا خضناها، ولا تلقى والله! شدة إلا لقيناها، ننصرك بأسيافنا، ونقيك بأبداننا، إذا شئت فافعل. وتكلمت بنو سعد بن زيد، فقالوا: يا أبا خالد! إن أبغض الأشياء إلينا خلافك والخروج من رأيك، وقد كان صخر بن قيس أمرنا بترك القتال، فحمدنا أمرنا وبقي عزنا فينا، فأمهلنا نراجع المشورة ويأتيك رأينا. وتكلمت بنو عامر بن تميم، فقالوا: يا أبا خالد! نحن بنو عامر، بنو أبيك وحلفاؤك لا نرضى إن غضبت، ولا نقطن إن ظعنت، والأمر إليك فادعنا نجبك، وأمرنا نطعك، والأمر لك إذا شئت. فقال: والله! يا بني سعد! لئن فعلتموها لا رفع الله السيف عنكم أبدا، ولا زال سيفكم فيكم. ثم كتب إلى الحسين (عليه السلام): بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد فقد وصل إلي كتابك وفهمت ما ندبتني إليه ودعوتني له، من الأخذ بحظي من طاعتك والفوز بنصيبي من نصرتك، وإن الله لم يخل الأرض قط من عامل عليها بخير، أو دليل على سبيل نجاة، وأنتم حجة الله على خلقه، ووديعته في أرضه، تفرعتم من زيتونة أحمدية هو أصلها، وأنتم فرعها، فأقدم سعدت بأسعد طائر، فقد ذللت لك أعناق بني تميم، وتركتهم أشد تتابعا في طاعتك من الإبل الظماء لورود الماء يوم خمسها وكضها، وقد ذللت لك [رقاب] بني سعد، وغسلت درن صدورها بماء سحابة مزن حين استهل برقها فلمع. فلما قرأ الحسين (عليه السلام) الكتاب قال: ما لك آمنك الله يوم الخوف، وأعزك
385 وأرواك يوم العطش، فلما تجهز المشار إليه للخروج إلى الحسين بلغه قتله قبل أن يسير، فجزع من انقطاعه عنه. وأما المنذر بن جارود فإنه جاء بالكتاب والرسول إلى عبيد الله بن زياد، لأن المنذر خاف أن يكون الكتاب دسيسا من عبيد الله، وكانت بحرية بنت المنذر بن جارود تحت عبيد الله بن زياد، فأخذ عبيد الله الرسول فصلبه، ثم صعد المنبر فخطب وتوعد أهل البصرة على الخلاف، وإثارة الأرجاف. (1) كلامه (عليه السلام) مع ابن عباس [331] - 114 - الطبري: قال أبو مخنف: وحدثني الحارث بن كعب الوالبي، عن عقبة بن سمعان: أن حسينا لما أجمع المسير إلى الكوفة أتاه عبد الله بن عباس [وإذ قدم في تلك الأيام إلى مكة] فقال: يا ابن عم! قد أرجف الناس أنك سائر إلى العراق، فبين لي ما أنت صانع؟ قال: إني قد أجمعت المسير في أحد يومي هذين إن شاء الله تعالى. فقال له ابن عباس: فإني أعيذك بالله من ذلك، أخبرني رحمك الله أتسير إلى قوم قد قتلوا أميرهم، وضبطوا بلادهم، ونفوا عدوهم؟ فإن كانوا قد فعلوا ذلك فسر إليهم، وإن كانوا إنما دعوك إليهم وأميرهم عليهم قاهر لهم وعماله تجبى بلادهم، فإنهم إنما دعوك إلى الحرب والقتال، ولا آمن عليك أن يغروك ويكذبوك، ويخالفوك ويخذلوك، وأن يستنفروا إليك، فيكونوا أشد الناس عليك! فقال له الحسين (عليه السلام): وإني أستخير الله، وأنظر ما يكون. (2)
1 - اللهوف: 38، مثير الأحزان: 29، بحار الأنوار 44: 339، العوالم 17: 188، أعيان الشيعة 1: 590. 2 - تأريخ الطبري 3: 294، الفتوح 5: 72، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 216، قال ابن الأعثم والخوارزمي بدل " إني أستخير الله "، " والله! يا ابن عم لئن أقتل بالعراق أحب إلي من أن أقتل بمكة وما قضى الله فهو كائن ومع ذلك أستخير الله وأنظر ما يكون "، الكامل في التأريخ 2: 545، البداية والنهاية 8: 172، وقعة الطف: 148. 386 [332] - 115 - وعنه: فخرج ابن عباس، وأتاه ابن الزبير فحدثه ساعة ثم قال: ما أدري ما تركنا هؤلاء القوم وكفنا عنهم، ونحن أبناء المهاجرين وولاة هذا الأمر دونهم! خبرني ما تريد أن تصنع؟ فقال الحسين (عليه السلام): والله! لقد حدثت نفسي بإتيان الكوفة، ولقد كتب إلي شيعتي بها وأشراف أهلها، واستخير الله. فقال له ابن الزبير: أما لو كان لي بها مثل شيعتك ما عدلت بها! ثم إنه خشي أن يتهمه فقال: أما إنك لو أقمت بالحجاز ثم أردت هذا الأمر هاهنا ما خولف عليك إن شاء الله. ثم قام فخرج من عنده. فقال الحسين (عليه السلام): ها إن هذا ليس شيء يؤتاه من الدنيا أحب إليه من أن أخرج من الحجاز إلى العراق، وقد علم أنه ليس له من الأمر معي شيء، وأن الناس لا يعدلوه بي، فود أني خرجت منها لتخلوله. (1) [333] - 116 - وعنه: فلما كان من العشي، أو من الغد أتى الحسين عبد الله بن العباس فقال: يا ابن عم! إني أتصبر ولا أصبر، إني أتخوف عليك في هذا الوجه الهلاك والاستئصال، إن أهل العراق قوم غدر فلا تقربنهم! أقم بهذا البلد فإنك سيد أهل الحجاز، فإن كان أهل العراق يريدونك - كما زعموا - فاكتب إليهم فلينفوا عدوهم ثم أقدم عليهم، فإن أبيت إلا أن تخرج فسر إلى اليمن فإن بها حصونا وشعابا، وهي أرض عريضة
1 - تأريخ الطبري 3: 294، الكامل في التأريخ 2: 546، البداية والنهاية 8: 172، أعيان الشيعة 1: 593، وقعة الطف: 148. 387 طويلة ولأبيك بها شيعة، وأنت عن الناس في عزلة، فتكتب إلى الناس وترسل، وتبث دعاتك، فإني أرجو أن يأتيك عند ذلك الذي تحب في عافية. فقال له الحسين (عليه السلام): يا ابن عم! إني والله! لأعلم أنك ناصح مشفق، ولكني قد أزمعت (1) وأجمعت على المسير!. فقال له ابن عباس: فإن كنت سائرا فلا تسر بنسائك وصبيتك، فوالله! إني لخائف أن تقتل... (2) [334] - 117 - ابن عساكر: أنه (عليه السلام) قال: يا أبا العباس! إنك شيخ قد كبرت. (3) فقال ابن عباس: لولا أن يزري ذلك بي، أو بك لنشبت يدي في رأسك...، فقال له الحسين (عليه السلام): لان أقتل بمكان كذا وكذا أحب إلى أن تستحل بي يعنى - مكة -. فخرج ابن عباس من عنده وهو يقول: واحبيباه! ثم مر بابن الزبير وأقبل إليه فقال: قرت عيناك يا ابن الزبير! هذا الحسين بن علي (عليهما السلام) يخرج إلى العراق، ويخليك والحجاز. (4) [335] - 118 - أبو جعفر الطبري: حدثنا محروز بن منصور، عن أبي مخنف لوط بن يحيى، قال: حدثنا عباس بن عبد الله عن عبد الله بن عباس، قال:
1 - أزمعت: عزمت عليه وقصدت. 2 - تأريخ الطبري 3: 295، الفتوح 5: 73 وأضاف في آخره: إني أستخير الله تعالى في هذا الأمر ما ذا يكون، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 217، وأضاف في آخره: لا بد من العراق، الكامل في التأريخ 2: 546، البداية والنهاية 8: 173، وقعة الطف: 150. 3 - تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 204، ينابيع المودة: 382. 4 - تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 204، ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من الطبقات لابن سعد: 60، تاريخ الإسلام 5: 106 مع اختلاف يسير، ينابيع المودة: 382، وفيه: يستحل بي حرم الله ورسوله فذلك الذي أسلي نفسي عنه. 388 أتيت الحسين (عليه السلام) وهو يخرج إلى العراق، فقلت له: يا ابن رسول الله! لا تخرج. فقال: يا ابن عباس! أما علمت أن منيتني من هناك وأن مصارع أصحابي هناك. قلت له: فأنى لك ذلك؟ قال: بسر سر لي وعلم أعطيته. (1) [336] - 119 - محمد مهدي الحائري: وفي بعض الكتب: جاء عبد الله ابن عباس إلى الحسين (عليه السلام) وتكلم معه بما تكلم إلى أن أشار عليه بالدخول في طاعة يزيد وصلح بني امية. فقال الحسين (عليه السلام): هيهات هيهات، يا ابن عباس! إن القوم لن يتركوني وإنهم يطلبونني أين كنت حتى أبايعهم كرها ويقتلوني، والله! إنهم ليعتدون علي كما اعتدت اليهود في يوم السبت، وإني ماض في أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) حيث أمرني، وإنا لله وإنا إليه راجعون. فقال: يا ابن العم! بلغني أنك تريد العراق وأنهم أهل غدر، وإنما يدعونك للحرب فلا تعجل فأقم بمكة. فقال (عليه السلام): لان أقتل والله! بمكان كذا أحب إلي من أن أستحل بمكة، وهذه كتب أهل الكوفة ورسلهم وقد وجب علي إجابتهم وقام لهم العذر علي عند الله سبحانه. فبكى عبد الله حتى بلت لحيته وقال: وا حسيناه، وا أسفاه! على حسين. وفي كتاب مهج الأحزان والناسخ: أن ابن عباس ألح على الحسين (عليه السلام) في منعه
1 - دلائل الإمامة: 181 ح 96، إثبات الهداة 5: 205 ح 66، مدينة المعاجز 3: 449 ح 967. 389 من المسير إلى الكوفة، فتفأل بالقرآن لإسكاته فخرج الفأل قوله تعالى: (كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم) (1) فقال (عليه السلام): إنا لله وإنا إليه راجعون، صدق الله ورسوله. ثم قال: يا ابن عباس! فلا تلح علي بعد هذا فإنه لا مرد لقضاء الله عز وجل. (2) لقاؤه (عليه السلام) مع عمر بن عبد الرحمن [337] - 120 - الطبري: روى هشام، عن أبي مخنف، حدثني الصقعب بن زهير، عن عمر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي: لما قدمت كتب أهل العراق إلى الحسين (عليه السلام)، وتهيأ الحسين (عليه السلام) للمسير إلى العراق، أتيته فدخلت عليه وهو بمكة، فحمدت الله وأثنيت عليه ثم قلت: أما بعد؛ فإني أتيتك يا ابن عم لحاجة أريد ذكرها لك نصيحة، فإن كنت ترى أنك تستنصحني، وإلا كففت عما أريد أن أقول. فقال الحسين (عليه السلام): قل فوالله! ما أظنك بسئ الرأي، ولا هو للقبيح، [من] الأمر والفعل. قال: قلت له: إنه قد بلغني أنك تريد المسير إلى العراق وإني مشفق عليك من مسيرك، إنك تأتي بلدا فيه عماله وأمراؤه ومعهم بيوت الأموال، وإنما الناس عبيد لهذا الدرهم والدينار، ولا آمن عليك أن يقاتلك من وعدك نصره ومن أنت أحب إليه ممن يقاتلك معه.
1 - آل عمران: 3 / 185. 2 - معالي السبطين 1: 246، ناسخ التواريخ 2: 122 وفيه أشار إلى آخر الرواية، أسرار الشهادة: 247 أشار إلى صدر الرواية فقط. 390 فقال الحسين (عليه السلام): جزاك الله خيرا، يا ابن عم! فقد والله! علمت أنك مشيت بنصح وتكلمت بعقل، ومهما يقض من أمر يكن، أخذت برأيك أو تركته، فأنت عندي أحمد مشير وأنصح ناصح. (1) لقاؤه (عليه السلام) مع الواقدي وزرارة [338] - 121 - أبو جعفر الطبري: وحدثنا أبو محمد سفيان، عن وكيع، عن الأعمش، قال: قال لي أبو محمد الواقدي، وزرارة بن خلج [صالح]: لقينا الحسين بن علي (عليهما السلام) قبل أن يخرج إلى العراق بثلاث ليال فأخبرناه بضعف الناس في الكوفة، وأن قلوبهم معه وسيوفهم عليه، فأومأ بيده نحو السماء ففتحت أبواب السماء ونزل من الملائكة عدد لا يحصيهم إلا الله، قال (عليه السلام): لولا تقارب الأشياء، وحبوط الأجر لقاتلتهم بهؤلاء، ولكن أعلم علما أن هناك مصرعي ومصارع أصحابي، لا ينجو منهم إلا ولدي علي. (2) كلامه (عليه السلام) مع ابن الزبير [339] - 122 - ابن عساكر: أخبرنا أبو الحسين محمد بن محمد بن الفراء، وأبو غالب أحمد وأبو عبد الله يحيى ابنا الحسن، قالوا: أنبأنا أبو جعفر بن السلمة، أنبأنا محمد بن
1 - تأريخ الطبري 3: 294، الفتوح 5: 71 ومقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 215 مع اختلاف يسير، تأريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 202 وفيه: أبو بكر بن حارث، وقال الإمام: ما أنت ممن يستغش ولا يتهم فقل، المناقب لابن شهرآشوب 4: 94 أشار إلى آخر الحديث فقط، الكامل في التأريخ 2: 545 وفيه: قل: فوالله! ما أستغشك وما أظنك بشيء من الهوى، أعيان الشيعة 1: 593، نفس المهموم: 168 وفيه مثل تاريخ ابن عساكر، وقعة الطف: 151. 2 - دلائل الإمامة: 74، اللهوف: 26، مثير الأحزان: 39، بحار الأنوار 44: 364، العوالم 17: 213، إثبات الهداة 5: 206 ح 68 مختصرا. 391 عبد الرحمان بن العباس، أنبأنا أحمد بن سليمان، أنبأنا الزبير بن بكار، حدثني عمي مصعب بن عبد الله، أخبرني من سمع هشام بن يوسف الصنعاني، يقول عن معمر، قال: وسمعت رجلا يحدث عن الحسين بن علي (عليهما السلام) قال: سمعته يقول لعبد الله بن الزبير: أتتني بيعة أربعين ألفا يحلفون لي بالطلاق والعتاق من أهل الكوفة - أو قال: من أهل العراق -. فقال له عبد الله بن الزبير: أتخرج إلى قوم قتلوا أبا ك وأخرجوا أخاك؟! (1) [340] - 123 - الطبري: قال أبو مخنف: قال أبو جناب يحيى بن أبي حيه: عن عدي بن حرملة الأسدي، عن عبد الله بن سليم الأسدي والمذري بن المشمعل الأسديين قالا: خرجنا حاجين من الكوفة حتى قدمنا مكة فدخلنا يوم التروية، فإذا نحن بالحسين (عليه السلام) وعبد الله بن الزبير قائمين عند ارتفاع الضحى فيما بين الحجر والباب، فتقربنا منهما فسمعنا ابن الزبير وهو يقول للحسين (عليه السلام): إن شئت أن تقيم أقمت فوليت هذا الأمر فآزرناك وساعدناك ونصحنا لك وبايعناك. فقال له الحسين (عليه السلام): إن أبي حدثني: أن بها كبشا يستحل حرمتها! فما أحب أن أكون أنا ذلك الكبش! فقال له ابن الزبير: فأقم إن شئت وتوليني أنا الأمر فتطاع ولا تعصى، فقال: وما أريد هذا أيضا. قالا: ثم إنهما أخفيا كلامهما دوننا فما زالا يتناجيان حتى سمعنا دعاء الناس
1 - تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 194 ح 249، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 20: 117 وفيه قال: وبعض الناس يزعم أن عبد الله بن عباس هو الذي قال للحسين ذلك. 392 رائحين متوجهين إلى منى عند الظهر، قالا: فطاف الحسين (عليه السلام) بالبيت وبين الصفا والمروة، وقص من شعره وحل من عمرته ثم توجه نحو الكوفة وتوجهنا نحو الناس إلى منى. (1) [341] - 124 - وعنه: روى أبو مخنف، عن أبي سعيد العقيصى، عن بعض أصحابه، قال: سمعت الحسين بن علي وهو بمكة، وهو واقف مع عبد الله بن الزبير. فقال له ابن الزبير: إلي يا ابن فاطمة! فأصغى إليه فساره، ثم التفت إلينا الحسين (عليه السلام) فقال: أتدرون ما يقول ابن الزبير؟ فقلنا: لا ندري؛ جعلنا الله فداك! فقال: قال: أقم في هذا المسجد أجمع لك الناس. ثم قال الحسين (عليه السلام): والله! لان أقتل خارجا منها بشبر أحب إلي من أن أقتل داخلا منها بشبر! وأيم الله! لو كنت في جحر هامة من هذه الهوام لاستخرجوني حتى يقضوا في حاجتهم، والله! ليعتدن علي كما اعتدت اليهود في السبت. (2) [342] - 125 - ابن قولويه: حدثني أبي؛ وعلي بن الحسين جميعا، عن سعد، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن داود بن فرقد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال عبد الله بن الزبير للحسين (عليه السلام): ولو جئت إلى مكة فكنت بالحرم. فقال الحسين (عليه السلام): لا نستحلها ولا تستحل بنا، ولان أقتل على تل أعفر (3)
1 - تأريخ الطبري 3: 295، وقعة الطف 152 روى صدر الحديث كما رواه الطبري، ثم خلط ذيله بالرواية الآتية وجعلهما رواية واحدة. 2 - تأريخ الطبري 3: 295، الكامل في التأريخ 2: 546، تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 212 في هامشه، وقعة الطف: 152. 3 - تل اعفر: موضع من بلاد ديار ربيعة. 393 أحب إلي من أن أقتل بها. (1) وفي رواية أخرى، أن الحسين (عليه السلام) خرج من مكة قبل التروية بيوم، فشيعه عبد الله بن الزبير فقال: يا أبا عبد الله! لقد حضر الحج وتدعه وتأتي العراق قال: يا ابن الزبير! لان أدفن بشاطىء الفرات أحب إلي من أن أدفن بفناء الكعبة. (2) [343] - 126 - السيد ابن طاووس: وجاء عبد الله بن العباس رضوان الله عليه، وعبد الله بن الزبير، فأشارا عليه بالإمساك، فقال لهما: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد أمرني بأمر وأنا ماض فيه. قال: فخرج ابن العباس وهو يقول: وا حسيناه! ثم جاء عبد الله بن عمر، فأشار عليه بصلح أهل الضلال وحذره من القتل والقتال، فقال (عليه السلام): يا أبا عبد الرحمان! أما علمت أن من هوان الدنيا على الله تعالى أن رأس يحيى بن زكريا أهدي إلى بغية من بغايا بني إسرائيل!؟ أما تعلم أن بني إسرائيل كانوا يقتلون ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس سبعين نبيا، ثم يجلسون في أسواقهم يبيعون ويشترون كأن لم يصنعوا شيئا!؟ فلم يعجل الله عليهم بل أمهلهم وأخذهم بعد ذلك أخذ عزيز ذي انتقام!! اتق الله يا أبا عبد الرحمان! ولا تدع نصرتي. (3) [344] - 127 - ابن قولويه: حدثني أبي؛، وعلي بن الحسين جميعا، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن أبي الصهبان، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن فضيل الرسان، عن أبي سعيد عقيصا، قال:
1 - كامل الزيارات: 72، بحار الأنوار 45: 85. 2 - كامل الزيارات: 73، بحار الأنوار 45: 86. 3 - اللهوف: 13، بحار الأنوار 44: 364، العوالم 17: 214، أعيان الشيعة 1: 593، مثير الأحزان: 41. 394 سمعت الحسين بن علي (عليهما السلام) وخلا به عبد الله بن الزبير فناجاه طويلا، قال: ثم أقبل الحسين (عليه السلام) بوجهه إليهم، وقال: إن هذا يقول لي: كن حماما من حمام الحرم، ولان أقتل وبيني وبين الحرم باع أحب إلي من أن أقتل وبيني وبينه شبر، ولان أقتل بالطف أحب إلي من أن أقتل بالحرم. (1) لقاؤه (عليه السلام) مع الأوزاعي [345] - 128 - أبو جعفر الطبري: وحدثنا يزيد بن مسروق، قال: حدثني عبد الله بن مكحول، عن الأوزاعي قال: بلغني خروج الحسين إلى العراق فقصدت مكة فصادفته بها، فلما رآني رحب بي وقال: مرحبا بك يا أوزاعي! جئت تنهاني عن المسير، ويأبى الله إلا ذلك، إن من هاهنا إلى يوم الاثنين منيتي، فجهدت في عدد الأيام، فكان كما قال. (2) كلامه (عليه السلام) مع عمرة [346] - 129 - ابن سعد: كتبت إليه (عليه السلام) عمرة بنت عبد الرحمن تعظم عليه ما يريد أن يصنع، وتأمره بالطاعة ولزوم الجماعة، وتخبره أنه إنما يساق إلى مصرعه، وتقول: أشهد لحدثتني عائشة أنها سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: يقتل حسين بأرض بابل، فلما قرأ كتابها، قال: فلا بد لي إذا من مصرعي. (3)
1 - كامل الزيارات: 72، بحار الأنوار 45: 85 ح 16. 2 - دلائل الإمامة: 75، إثبات الهداة: 5: 205 ح 72 وفيه مبعثي، مدينة المعاجز 3: 453 ح 973 وفي هامشه: ولكن الحديث مخدوش من حيث السند والمتن لأن الأوزاعي ولد سنة: 88.... 3 - ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من الطبقات لابن سعد: 58، تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 202. 395 جوابه (عليه السلام) عن أشعار يزيد [347] - 130 - ابن أعثم: وروي أن يزيد بن معاوية كتب كتابا من الشام إلى أهل المدينة على البريد من قريش وغيرهم من بني هاشم وفيه هذه الأبيات: يا أيها الراكب الغادي لطيته * على عذافرة في سيره قحم أبلغ قريشا على نأي المزار بها * بيني وبين الحسين الله والرحم وموقف بفناء البيت ينشده * عهد الإله وما توفى به الذمم غنيتم قومكم فخرا بأمكم * أم لعمري حصان برة كرم هي التي لا يداني فضلها أحد * بنت الرسول وخير الناس قد علموا وفضلها لكم فضل وغيركم * من يومكم لهم في فضلها قسم إني لأعلم حقا غير ما كذب * والطرف يصدق أحيانا ويقتصم إن سوف يدرككم ما تدعون بها * قتلى تهاداكم العقبان والرخم يا قومنا! لا تشبوا الحرب إذ سكنت * تمسكوا بحبال الخير واعتصموا قد غرت الحرب من قد كان قبلكم * من القرون وقد بادت بها الأمم فانصفوا قومكم لا تهلكوا بذخا * فرب ذي بذخ زلت به القدم فنظر أهل المدينة إلى هذه الأبيات ثم وجهوا بها وبالكتاب إلى الحسين بن علي (عليهما السلام)، فلما نظر فيه علم أنه كتاب يزيد بن معاوية، فكتب الحسين (عليه السلام) الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، فإن كذبوك فقل: (لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل وأنا برئ مما تعملون). (1) والسلام. ثم جمع الحسين (عليه السلام) أصحابه الذين قد عزموا على الخروج معه إلى العراق،
1 - يونس: 10 / 41. 396 فأعطى كل واحد منهم عشرة دنانير، وجملا يحمل عليه زاده ورحله. (1) إرادة الخروج وخطبته (عليه السلام) [348] - 131 - ابن نما: ولما أراد الخروج من مكة، طاف وسعى وأحل من إحرامه وجعل حجه عمرة؛ لأنه لم يتمكن من إتمام الحج مخافة أن يقبض عليه. (2) [349] - 132 - وعنه: وروي أنه (عليه السلام) لما عزم على الخروج إلى العراق، قام خطيبا فقال: الحمد لله وما شاء الله، ولا قوة إلا بالله، [وصلى الله على رسوله]، خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة، وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف، وخير لي مصرع أنا لاقيه، كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء، فيملأن مني أكراشا جوفا وأجربة سغبا، لا محيص عن يوم، خط بالقلم، رضى الله رضانا أهل البيت، نصبر على بلائه ويوفينا أجور الصابرين، لن تشذ عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لحمته، وهي مجموعة له في حظيرة القدس، تقر بهم عينه، وينجز بهم وعده، من كان باذلا فينا مهجته، وموطنا على لقاء الله نفسه فليرحل معنا فإني راحل مصبحا إن شاء الله [تعالى]. (3)
1 - الفتوح 5: 75، تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 203 قال: كتبه يزيد إلى عبد الله بن عباس، مع اختلاف في الأشعار. 2 - مثير الأحزان: 38. 3 - مثير الأحزان: 41، اللهوف: 26، كشف الغمة 2: 29، بحار الأنوار 44: 366، العوالم 17: 216، أعيان الشيعة 1: 593، معالي السبطين 1: 250. 397 [350] - 133 - الإربلي: وخطب (عليه السلام) فقال: إن الحلم زينة، والوفاء مروءة، والصلة نعمة، والاستكبار صلف، والعجلة سفه، والسفه ضعف، والغلو ورطة، ومجالسة أهل الدناءة شر، ومجالسة أهل الفسق ريبة. (1) [351] - 134 - ابن عبد ربه: وفدت الناس للحسين يقولون: يا أبا عبد الله! لو تقدمت فصليت بالناس فأنزلتهم بدارك! إذ جاء المؤذن الصلاة، فتقدم عمرو بن سعيد فكبر، فقيل للحسين: اخرج أبا عبد الله! إذ أبيت أن تتقدم فقال: الصلاة في الجماعة أفضل، قال فصلى، ثم خرج. (2) [352] - 135 - السيد ابن طاووس: رويت من كتاب أصل لأحمد بن الحسين بن عمر بن بريدة، الثقة، وعلى الأصل أنه كان لمحمد بن داود القمي، بالإسناد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سار محمد بن الحنفية إلى الحسين (عليه السلام) في الليلة التي أراد الخروج في صبيحتها عن مكة فقال: يا أخي! إن أهل الكوفة من قد عرفت غدرهم بأبيك وأخيك، وقد خفت أن يكون حالك كحال من مضى، فإن رأيت أن تقيم فإنك أعز من في الحرم وأمنعه. فقال (عليه السلام): يا أخي! قد خفت أن يغتالني يزيد بن معاوية في الحرم، فأكون الذي يستباح به حرمة هذا البيت. فقال له ابن الحنفية: فإن خفت ذلك فسر إلى اليمن، أو بعض نواحي البر، فإنك
1 - كشف الغمة 2: 30، الفصول المهمة: 169، نور الأبصار: 138، معالي السبطين 1: 251، وفيه: وخطب (عليه السلام) بعدها [الخطبة المتقدمة] هذه الخطبة. 2 - العقد الفريد 4: 353. 398 أمنع الناس به ولا يقدر عليك أحد. فقال (عليه السلام): أنظر فيما قلت. فلما كان السحر ارتحل الحسين (عليه السلام)، فبلغ ذلك ابن الحنفية، فأتاه فأخذ زمام ناقته التي ركبها فقال له: يا أخي! ألم تعدني النظر فيما سألتك، قال (عليه السلام): بلى. قال: فما حداك على الخروج عاجلا. فقال (عليه السلام): أتاني رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد ما فارقتك، فقال: يا حسين (عليه السلام)! اخرج فإن الله، قد شاء أن يراك قتيلا. فقال له ابن الحنفية: إنا لله وإنا إليه راجعون! فما معنى حملك هؤلاء النساء معك وأنت تخرج على مثل هذه الحال؟! فقال له: قد قال لي: إن الله قد شاء أن يريهن سبايا وسلم عليه ومضى. (1) وفي رواية أخرى قال (عليه السلام): يا أخي! لو كنت في بطن صخرة لاستخرجوني منها فيقتلوني! ثم قال له الحسين: يا أخي! سأنظر فيما قلت. (2) وقد روي بأسانيد أنه لما منعه (عليه السلام) محمد بن الحنفية عن الخروج إلى الكوفة قال: والله، يا أخي! لو كنت في جحر هامة من هوام الأرض، لاستخرجوني منه حتى يقتلوني. (3) [353] - 136 - ابن سعد: بعث الحسين (عليه السلام) إلى المدينة فقدم عليه من خف معه من بني عبد المطلب وهم تسعة عشر رجلا ونساء وصبيان من إخوانه وبناته ونسائهم.
1 - اللهوف: 27، بحار الأنوار 44: 364، العوالم 17: 214، أعيان الشيعة 1: 593، معالي السبطين 1: 251 وأضاف في آخره بعد سبايا: مهتكات ويساقون في أسر الذل، وهن أيضا لا يفارقني ما دمت حيا. 2 - ينابيع المودة: 404، معالي السبطين 1: 251. 3 - بحار الأنوار 45: 99، المنتخب للطريحي: 424. 399 وتبعهم محمد بن الحنفية، فأدرك حسينا بمكة وأعلمه أن الخروج ليس له برأي يومه هذا، فأبي الحسين (عليه السلام) أن يقبل [رأيه] فحبس محمد بن علي ولده [عنه] فلم يبعث معه أحدا منهم حتى وجد الحسين في نفسه على محمد وقال [له]: [أ] ترغب بولدك عن موضع أصاب فيه؟ فقال محمد: وما حاجتي أن تصاب ويصابون معك!؟ وإن كانت مصيبتك أعظم عندنا منهم! (1)
1 - ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من الطبقات لابن سعد: 61، تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 204، تاريخ الإسلام للذهبي 5: 9. 400 الحسين (عليه السلام) في طريقه إلى كربلاء وخرج [الإمام أبو عبد الله] الحسين (عليه السلام) من مكة يوم الثلاثاء يوم التروية لثمان مضين من ذي الحجة. (1) اعتراض عمرو بن سعيد [354] - 137 - الطبري: قال أبو مخنف: حدثني الحارث بن كعب الوالبي، عن عقبة بن سمعان، قال: لما خرج الحسين (عليه السلام) من مكة إعترضه رسل عمرو بن سعيد بن العاص، (2) عليهم يحيى بن سعيد فقالوا له: انصرف، أين تذهب؟! فأبى عليهم ومضى، وتدافع الفريقان فاضطربوا بالسياط، ثم إن الحسين وأصحابه امتنعوا امتناعا قويا، ومضى الحسين (عليه السلام) على وجهه. فنادوه: يا حسين! ألا تتقي الله؟! تخرج من الجماعة وتفرق بين هذه الأمة! فتأول الحسين (عليه السلام) قول الله عزوجل: (لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون مما
1 - الفتوح 5: 77. 2 - عمرو بن سعيد بن العاص الأشدق، كان هو عامل يزيد على مكة. 401 أعمل وأنا برئ مما تعملون (1)). (2) [355] - 138 - ابن أعثم: وانتقل الخبر بأهل المدينة أن الحسين بن علي (عليهما السلام) يريد الخروج إلى العراق، فكتب إليه عبد الله بن جعفر: بسم الله الرحمن الرحيم، للحسين بن علي (عليهما السلام) من عبد الله بن جعفر، أما بعد! أنشدك الله أن لا تخرج عن مكة، فإني خائف عليك من هذا الأمر الذي قد أزمعت عليه أن يكون فيه هلاكك وأهل بيتك، فإنك إن قتلت أخاف أن يطفئ نور الأرض، وأنت روح الهدى وأمير المؤمنين، فلا تعجل بالمسير إلى العراق فإني آخذ لك الأمان من يزيد، وجميع بني أمية على نفسك ومالك وولدك وأهل بيتك، والسلام. قال: فكتب إليه الحسين بن علي (عليهما السلام): أما بعد! فإن كتابك ورد علي فقرأته وفهمت ما ذكرت، وأعلمك أني رأيت جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) في منامي فخبرني بأمر وأنا ماض له، لي كان أو علي، والله، يا ابن عمي! لو كنت في جحر هامة من هوام الأرض لاستخرجوني ويقتلوني؛ والله، يا ابن عمي! ليعتدن علي چ كما اعتدت اليهود على السبت، والسلام. (3) [356] - 139 - ابن سعد: أخبرنا علي بن محمد، عن الحسن بن دينار، عن معاوية بن قرة قال: قال الحسين: والله! ليعتدن علي كما اعتدت بنو إسرائيل في السبت. (4)
1 - يونس: 9 / 41. 2 - تأريخ الطبري 3: 296، الإرشاد: 219 لم يشر إلى الآية، مثير الأحزان: 39، البداية والنهاية 8: 179، وقعة الطف: 153. 3 - الفتوح 5: 74، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 217 وروي الطبري في تاريخه كتاب عبد الله بن جعفر وأنه بعثه مع ابنه عون ومحمد وكتب فيه: فإني في أثر الكتاب، ولكنه لم يذكر جواب الحسين (عليه السلام)، تأريخ الطبري 3: 297. 4 - ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من الطبقات لابن سعد: 50، تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 211 ح 267. 402 وروي ابن عساكر كتاب عبد الله بن جعفر وقال: فكتب إليه الحسين: (عليه السلام) إني رأيت رؤيا، ورأيت فيها رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمرني بأمر أنا ماض له، ولست بمخبر بها أحدا حتى ألاقي عملي. (1) [357] - 140 - الطبري: قام عبد الله بن جعفر إلى عمرو بن سعيد بن العاص فكلمه وقال: أكتب إلى الحسين (عليه السلام) كتابا تجعل له فيه الأمان، وتمنيه فيه البر والصلة، وتوثق له في كتابك، وتسأله الرجوع، لعله يطمئن إلى ذلك فيرجع، وابعث به مع أخيك يحيى بن سعيد، فإنه أحرى أن تطمئن نفسه إليه ويعلم أنه الجد منك. فقال عمرو بن سعيد: اكتب ما شئت وأتني به حتى أختمه. فكتب عبد الله بن جعفر الكتاب: بسم الله الرحمن الرحيم، من عمرو بن سعيد إلى الحسين بن علي، أما بعد، فإني أسأل الله أن يصرفك عما يوبقك، وأن يهديك لما يرشدك، بلغني أنك قد توجهت إلى العراق، وإني أعيذك من الشقاق، فإني أخاف عليك فيه الهلاك، وقد بعثت إليك عبد الله بن جعفر ويحيى بن سعيد، فأقبل إلي معهما، فإن لك عندي الأمان والصلة والبر وحسن الجوار، لك الله بذلك شهيد وكفيل، ومراع ووكيل، والسلام عليك. ثم أتى به عمرو بن سعيد فقال له: اختمه. ففعل، فلحقه عبد الله بن جعفر يحيى بن سعيد، فأقرأه يحيى الكتاب. وكتب إليه الحسين (عليه السلام): أما بعد؛ فإنه لم يشاقق الله ورسوله من دعا إلى الله عز وجل وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين، وقد دعوت إلى الأمان والبر والصلة، فخير الأمان أمان الله، ولن يؤمن الله يوم القيامة من لم يخفه
1 - تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 202، البداية والنهاية 8: 176. 403 في الدنيا، فنسأل الله مخافة في الدنيا توجب لنا أمانه يوم القيامة، فإن كنت نويت بالكتاب صلتي وبري فجزيت خيرا في الدنيا والآخرة، والسلام. ثم انصرفا إلى عمرو بن سعيد فقالا: أقرأناه الكتاب وجهدنا به، وكان مما اعتذر إلينا أن قال: إني رأيت رؤيا فيها رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأمرت فيها بأمر أنا ماض له، علي كان أو لي. فقالا له: فما تلك الرؤيا؟ قال: ما حدثت أحدا بها، وما أنا محدث بها حتى ألقى ربي! (1) [358] - 141 - روى ابن عساكر جواب الحسين (عليه السلام) لعمرو بن سعيد العاص هكذا: إن كنت أردت بكتابك إلي بري وصلتي فجزيت خيرا في الدنيا والآخرة وإنه لم يشاقق الله من دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين، وخير الأمان أمان الله، ولم يؤمن بالله من لم يخفه في الدنيا، فنسأل الله مخافة في الدنيا توجب لنا أمان الآخرة عنده. (2) [359] - 142 - وعنه: أخبرنا أبو عبد الله الفراوي، أنبأنا أبو بكر البيهقي، أنبأنا أبو الحسن علي بن محمد بن علي المقرئ، أنبأنا الحسن بن محمد بن إسحاق الإسفرايني، أنبأنا يوسف بن يعقوب القاضي، أنبأنا محمد بن عبد الملك بن زنجويه، أنبأنا شبابة ابن سوار، أنبأنا يحيى بن سالم الأسدي، قال: سمعت الشعبي يقول: كان ابن عمر قدم المدينة فأخبر أن الحسين بن علي قد توجه إلى العراق، فلحقه على مسير ليلتين - أو ثلاث - من المدينة فقال: أين تريد؟ قال: العراق، و [كان] معه طوامير وكتب.
1 - تأريخ الطبري 3: 297، الفتوح لابن أعثم 5: 75 مع اختلاف، الكامل في التأريخ 2: 548، بحار الأنوار 44: 366، العوالم 17: 216 في الثلاثة الأخيرة ذكروا قوله: إني رأيت رؤيا، وقعة الطف: 155. 2 - تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 203، البداية والنهاية 8: 176. 404 فقال له: لا تأتهم. فقال: هذه كتبهم وبيعتهم.. فقال: إن الله عزوجل خير نبيه بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة ولم يرد الدنيا، وإنكم بضعة من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والله! لا يليها أحد منكم أبدا، وما صرفها الله عزوجل عنكم إلا للذي هو خير لكم، فارجعوا. فأبى وقال: هذه كتبهم وبيعتهم. قال: فاعتنقه ابن عمر وقال: استودعك الله من قتيل. (1) [360] - 143 - محمد مهدي الحائري: وفي بعض الكتب نقلا عن أبي مخنف: أن الحسين (عليه السلام) حين خرج من مكة إلى الكوفة سار في طريقه إلى المدينة، ثم أتى قبر جده رسول الله (صلى الله عليه وآله) واعتنقه وبكى بكاء شديدا، فحملته عينه فغفا ونام، ورأى في منامه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يقول: يا ولدي! الوحا الوحا، العجل العجل، فقد قدمت أمك وأبوك وأخوك الحسن وجدتك خديجة الكبرى، وكلهم مشتاقون إليك، فبادر إلينا. فانتبه الحسين (عليه السلام) باكيا حزينا شوقا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وجاء إلى أخيه محمد ابن الحنفية وهو عليل فحدثه بما رأى وبكى، فقال له: يا أخي! ماذا تريد أن تصنع؟ قال (عليه السلام): أريد الرحيل إلى العراق، فإني على قلق من أجل ابن عمي مسلم بن عقيل. فقال له محمد الحنفية: سألتك بحق جدك محمد (صلى الله عليه وآله) أن لا تفارق حرم جدك رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فإن لك فيه أعوانا كثيرة.
1 - تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 192 ح 246 ورواه بسند آخر أيضا، ذخائر العقبى 150، نظم درر السمطين 214 مع اختلاف. 405 فقال الحسين (عليه السلام): لا بد من العراق. فقال محمد بن الحنفية: إني والله! ليحزنني فراقك، وما أقعدني عن المسير معك إلا لأجل ما أجده من المرض الشديد، فوالله، يا أخي! ما أقدر أن أقبض على قائم سيف ولا كعب رمح، فوالله! لا فرحت بعدك أبدا، ثم بكى شديدا حتى غشي عليه، فلما أفاق من غشيته قال: يا أخي! استودعك الله من شهيد مظلوم، وودعه الحسين (عليه السلام) وسار من المدينة. (1) وفي أكثر كتب التاريخ: أنه (عليه السلام) خرج من مكة إلى الكوفة ولم يسر إلى المدينة، وأول موضع مر به (عليه السلام) بعد مكة، التنعيم. (2) التنعيم [361] - 144 - الطبري: ثم إن الحسين (عليه السلام) أقبل حتى مر بالتنعيم، فلقي بها عيرا قد أقبل بها من اليمن، بعث بها بحير بن ريسان الحميري إلى يزيد بن معاوية - وكان عامله على اليمن - وعلى العير الورس والحلل ينطلق بها إلى يزيد، فأخذها الحسين (عليه السلام) فانطلق بها. ثم قال لأصحاب الإبل: لا أكرهكم، من أحب أن يمضي معنا إلى العراق أوفينا كراءه وأحسنا صحبته، ومن أحب أن يفارقنا من مكاننا هذا أعطيناه من الكراء على قدر ما قطع من الأرض. فمن فارقه منهم حوسب فأوفى حقه، ومن مضى منهم معه أعطاه كراءه وكساه. (3)
1 - معالي السبطين 1: 229، أسرار الشهادة: 246، مقتل الحسين ومصرع أهل بيته: 61. 2 - التنعيم: موضع على فرسخين من مكة، وهو بين مكة وسرف، عن يمينه جبل اسمه نعيم، وعن شماله آخر اسمه ناعم، والوادي نعيمان وبه مسجد، معجم البلدان - 2: 49. 3 - تأريخ الطبري 3: 296، الإرشاد: 219 وفيه بدل كلمة " مكاننا "، " في بعض الطريق "، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 220، الكامل في التأريخ 2: 547، وفيه أعطينا نصيبه من الكراء، اللهوف: 30، مثير الأحزان: 42، بحار الأنوار 44: 367، أعيان الشيعة 1: 594، وقعة الطف: 157. 406 الصفاح [362] - 145 - المفيد: ثم سار حتى بلغ الصفاح (1)، وروي عن الفرزدق أنه قال: حججت بأمي في سنة ستين، فبينما أنا أسوق بعيرها حتى دخلت الحرم إذ لقيت الحسين (عليه السلام) خارجا من مكة، معه أسيافه وأتراسه، فقلت: لمن هذا القطار؟ فقيل: للحسين بن علي (عليهما السلام)، فأتيته وسلمت عليه، وقلت له: أعطاك الله سؤلك وأملك فيما تحب، بأبي أنت وأمي يا ابن رسول الله! ما أعجلك عن الحج؟ قال: لو لم أعجل لأخذت، ثم قال لي: من أنت؟ قلت: امرؤ من العرب، فلا والله! ما فتشني عن أكثر من ذلك. ثم قال لي: أخبرني عن الناس خلفك؟ فقلت: الخبير سألت، قلوب الناس معك وأسيافهم عليك، والقضاء ينزل من السماء، والله يفعل ما يشاء. فقال: صدقت، لله الأمر [من قبل ومن بعد] وكل يوم (ربنا) هو في شأن، إن نزل القضاء بما نحب [ونرضى] فنحمد الله على نعمائه، وهو المستعان على أداء الشكر، وإن حال القضاء دون الرجاء فلم يبعد من كان الحق نيته والتقوى سريرته. فقلت له: أجل بلغك الله ما تحب، وكفاك ما تحذر، وسألته عن أشياء من نذور
1 - الصفاح، بكسر الصاد: موضع بين حنين وأنصاب الحرم، على مسيرة الداخل إلى مكة من مشاش - معجم البلدان 3: 412. 407 ومناسك، فأخبرني بها، وحرك راحلته وقال: السلام عليك، ثم افترقنا. (1) [363] - 146 - ابن سعد أخبرنا علي بن محمد، عن الهذلي: إن الفرزدق قال: لقيت حسينا فقلت بأبي أنت وأمي لو أقمت حتى يصدر الناس لرجوت أن يتقصف أهل الموسم معك. فقال: لم آمنهم يا أبا فراس!. (2) [364] - 147 - ابن الجوزي: وروي أنه (عليه السلام) قال له: يا فرزدق! إن هؤلاء قوم لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرحمان، وأظهروا الفساد في الأرض، وأبطلوا الحدود، وشربوا الخمور، واستأثروا في أموال الفقراء والمساكين، وأنا أولى من قام بنصرة دين الله وإعزاز شرعه والجهاد في سبيله، لتكون كلمة الله هي العليا. فأعرض عنه الفرزدق وسار. (3) وروى الدينوري: أن الإمام (عليه السلام) قال: كيف خلفت الناس بالعراق؟ (4) [365] - 148 - ابن سعد: أخبرنا علي بن محمد، عن جويرية بن أسماء وعلي بن مدرك، عن إسماعيل بن يسار، قال: لقي الفرزدق حسينا بالصفاح فسلم عليه، فوصله بأربعمائة دينار، فقالوا: يا أبا عبد الله! تعطي شاعرا مبتهرا؟! قال: إن خير ما أمضيت ما وقيت به عرضك، والفرزدق شاعر لا يؤمن.
1 - الإرشاد: 218، تأريخ الطبري 3: 296، وفيه: " روى أبو مخنف، عن أبي جناب، عن عدي بن حرملة، عن عبد الله بن سليم والمذرى قالا: أقبلنا حتى انتهينا إلى الصفاح، فلقينا الفرزدق بن غالب الشاعر فواقف حسينا، فقال له: أعطاك الله سؤلك وأملك فيما تحب، فقال له الحسين (عليه السلام): بين لنا نبأ الناس خلفك... الخ ". الكامل في التأريخ 2: 547، باختلاف، مثير الأحزان: 40، البداية والنهاية 8: 180 إلى قوله: " قلوب الناس معك "، بحار الأنوار 44: 365، أعيان الشيعة 1: 594، وقعة الطف: 158 مثل تأريخ الطبري. 2 - ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من الطبقات لابن سعد: 63 ح 287. 3 - تذكرة الخواص: 217 روي أنه كان في بستان بني عامر. 4 - أخبار الطوال: 245. 408 فقال قوم لإسماعيل: وما عسى أن يقول في الحسين ومكانه مكانه، وأبو ه وأمه من قد علمت؟ قال: اسكتوا، فان الشاعر ملعون، إن لم يقل في أبيه وأمه قال في نفسه. (1) وسار الحسين (عليه السلام) من الصفاح إلى العقيق. (2) بطن العقيق وذات عرق [366] - 149 - الدينوري: فسار حتى انتهى إلى بطن العقيق، فلقيه رجل من بني عكرمة، فسلم عليه وأخبره بتوطيد ابن زياد الخيل ما بين القادسية إلى العذيب رصدا له. ثم قال له: انصرف بنفسي أنت فو الله! ما تسير إلا إلى الأسنة والسيوف، ولا تتكلن على الذين كتبوا لك، فإن أولئك أول الناس مبادرة إلى حربك. فقال له الحسين (عليه السلام): قد ناصحت وبالغت فجزيت خيرا. ثم سلم عليه ومضى حتى نزل بشراة بات بها ثم ارتحل. (3) [367] - 150 - ابن اعثم: وسار [من العقيق] حتى إذا بلغ ذات عرق (4) فلقيه رجل من بني أسد يقال له: بشر بن غالب، فقال له الحسين (عليه السلام): ممن الرجل؟ قال: رجل من بني أسد.
1 - ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من الطبقات لابن سعد: 64. 2 - العقيق: واد عليه أموال أهل المدينة وهو على ثلاثة أميال أو ميلين، وقيل ستة، وقيل سبعة وهو الذي جاء فيه أنه مهل أهل العراق من ذات عرق. معجم البلدان 4: 139. 3 - الأخبار الطوال: 248. 4 - ذات عرق: مهل أهل العراق، وهو الحد بين نجد وتهامة. وقيل: عرق جبل بطريق مكة، ومنه ذات عرق. معجم البلدان 4: 107. 409 قال: فمن أين أقبلت، يا أخا بني أسد!؟ قال: من العراق. فقال: كيف خلفت أهل العراق؟ قال: يا ابن بنت رسول الله! خلفت القلوب معك، والسيوف مع بني أمية! فقال له الحسين (عليه السلام): صدقت يا أخا العرب! إن الله تبارك وتعالى يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد. فقال له الأسدي: يا ابن بنت رسول الله! أخبرني عن قول الله تعالى: (يوم ندعوا كل أناسم بإمامهم) (1)؟ فقال الحسين (عليه السلام): نعم يا أخا بني أسد! هم إمامان: إمام هدى دعا إلى هدى، وإمام ضلالة دعا إلى ضلالة، فهدى من أجابه إلى الجنة، ومن أجابه إلى الضلالة دخل النار. (2) [368] - 151 - الصدوق روى بإسناده إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سأل رجل يقال له: بشر بن غالب أبا عبد الله الحسين (عليه السلام) فقال: يا ابن رسول الله! أخبرني عن قول الله عزوجل: (يوم ندعوا كل أناسم بإمامهم). قال: إمام دعى [دعا] إلى هدى فأجابوه إليه، وإمام دعي [دعا] إلى ضلالة فأجابوه إليها، هؤلاء في الجنة، وهؤلاء في النار، وهو قوله عز وجل (فريق في الجنة وفريق في السعير (3)). (4)
1 - الإسراء: 17 / 71. 2 - الفتوح 5: 77، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 220 وفيه: " فهذا ومن أجابه إلى الهدى في الجنة وهذا ومن أجابه إلى الضلالة في النار "، مثير الأحزان: 42، اللهوف: 30، بحار الأنوار 44: 367، العوالم 17: 217 وفي المصادر الأربعة الأخيرة إلى قوله: يحكم ما يريد. 3 - الشورى: 42 / 7. 4 - الأمالي: 131 رواه في الثعلبية، نور الثقلين 3: 192. 410 [369] - 152 - البلاذري: حدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي، حدثنا وهب بن جرير، عن أبيه، عن الزبير بن الخريت قال: سمعت الفرزدق قال: لقيت الحسين (عليه السلام) بذات عرق، وهو يريد الكوفة، فقال له: ما ترى أهل الكوفة صانعين؟ فإن معي حملا من كتبهم! قلت: يخذلونك فلا تذهب، فإنك تأتي قوما قلوبهم معك وأيديهم عليك. فلم يطعني. (1) وما زال (عليه السلام) يواصل سيره حتى أتى غمرة، (2) ولما رحل الحسين (عليه السلام) من غمرة قصد مسلحا، (3) ومن المسلح إلى الأفيعية، (4) وتابع سيره من الأفيعية هذه إلى معدن سليم، (5) ومن معدن سليم رحل (عليه السلام) بظعنه إلى عمق. (6) ولقد اجتاز الحسين (عليه السلام) هذا المنزل - العمق - إلى السليلية، (7) ومن السليلية سار (عليه السلام) بمن معه إلى مغيثة الماوان، (8) وسار من المغيثة إلى النقرة. (9)
1 - أنساب الأشراف 3: 165 ح 29، تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 208 ح 261، تاريخ الإسلام 5: 10 مع اختلاف يسير. 2 - غمرة: وهو منهل من مناهل طريق مكة ومنزل من منازلها، وهو فصل بين تهامة ونجد، معجم البلدان 4: 212. 3 - مسلح، بضم الميم وسكون السين: قرية بين جبلين، ومن غمرة إلى مسلح ثمانية عشر ميلا، وقيل: سبعة عشر ميلا، الحسين (عليه السلام) في طريقه إلى الشهادة: 35. 4 - أفيعية: وهي منهل لسليم، من أعمال المدينة في الطريق النجد إلى مكة من الكوفة، معجم البلدان 1: 233. 5 - معدن بني سليم: وهو منسوب إلى فران بن بلى بن عمرو بن الخفاف بن قضاعة. ومن المعدن إلى سليلية ستة عشرون ميلا، وكان معدن ذهب يستخرج في قديم الدهر، الحسين (عليه السلام) في طريقه إلى الشهادة: 37. 6 - عمق، بوزن زفر: موضع على الطريق، وهذا المنهل هو واقع في بلاد غطفان، وموضعه بين النقرة ومعدن بني سليم، وهو بلاد عبد الله بن عطفان، ومن العمق إلى المعدن اثنان وعشرون ميلا. الحسين (عليه السلام) في طريقه إلى الشهادة. 7 - السليلية: ماء لبني برثن من بنى أسد، ومن السليلية إلى العمق ثمانية عشر ميلا. الحسين (عليه السلام) في طريقه إلى الشهادة. 8 - المغيثة: منزل في طريق مكة، وقيل: بينها وبين معدن بني سليم ثلاثة وثلاثون ميلا. الحسين (عليه السلام) في طريقه إلى الشهادة. 9 - النقرة أو معدن النقرة: منزل بطريق مكة يجيئ المصعد إلى مكة من الحاجز إليه، ومن النقرة إلى مغيثة سبعة وعشرون ميلا، الحسين (عليه السلام) في طريقه إلى الشهادة. 411 الحاجز [370] - 153 - الطبري: قال أبو مخنف: وحدثني محمد بن قيس أن الحسين (عليه السلام) أقبل حتى إذا بلغ الحاجز [الحاجر] (1) من بطن الرمة بعث قيس بن مسهر الصيداوي إلى أهل الكوفة، وكتب معه إليهم: بسم الله الرحمن الرحيم، من الحسين بن علي إلى إخوانه من المؤمنين والمسلمين، سلام عليكم، فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد، فإن كتاب مسلم بن عقيل جائني يخبرني فيه بحسن رأيكم، واجتماع ملئكم على نصرنا، والطلب بحقنا، فسألت الله أن يحسن لنا الصنع، وأن يثيبكم على ذلك أعظم الأجر، وقد شخصت إليكم من مكة يوم الثلاثاء لثمان مضين من ذي الحجة يوم التروية، فإذا قدم عليكم رسولي فاكمشوا أمركم وجدوا، فإني قادم عليكم في أيامي هذه إن شاء الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته... وأقبل قيس بن مسهر الصيداوي إلى الكوفة بكتاب الحسين (عليه السلام)، حتى إذا انتهى إلى القادسية أخذه الحصين بن تميم فبعث به إلى عبيد الله بن زياد، فقال له عبيد الله: اصعد إلى القصر فسب الكذاب ابن الكذاب! فصعد ثم قال: أيها الناس! إن هذا الحسين بن علي خير خلق الله ابن فاطمة بنت رسول الله، وأنا رسوله إليكم، وقد فارقته بالحاجز، فأجيبوه، ثم لعن عبيد الله
1 - الحاجز: واد بعالية نجد وبطن الرمة، ومن الحاجز إلى النقرة سبعة وعشرون ميلا ونصف، الحسين (عليه السلام) في طريقه إلى الشهادة وفي بعض الكتب الحاجر بالراء المهملة. 412 ابن زياد وأباه، واستغفر لعلي بن أبي طالب (عليه السلام). فأمر به عبيد الله بن زياد أن يرمى به من فوق القصر، فرمي به فتقطع فمات. (1) [371] - 154 - الدينوري: أنه (عليه السلام) كتب إلى أهل الكوفة: بسم الله الرحمن الرحيم، من الحسين بن علي إلى إخوانه من المؤمنين بالكوفة، سلام عليكم، أما بعد، فإن كتاب مسلم ابن عقيل ورد علي باجتماعكم لي، وتشوقكم إلى قدومي، وما أنتم عليه منطوون من نصرنا، والطلب بحقنا، فأحسن الله لنا ولكم الصنيع، وأثابكم على ذلك بأفضل الذخر، وكتابي إليكم من بطن الرمة وأنا قادم عليكم وحثيث السير إليكم، والسلام. ثم بعث بالكتاب مع قيس بن مسهر... (2) ماء من مياه العرب [372] - 155 - وعنه: ثم أقبل الحسين (عليه السلام) سيرا إلى الكوفة، فانتهى إلى ماء من مياه العرب، فإذا عليه عبد الله بن مطيع العدوي، وهو نازل ها هنا فلما رأى الحسين (عليه السلام) قام إليه، فقال: بأبي أنت وأمي، يا ابن رسول الله! ما أقدمك؟ واحتمله فأنزله. فقال له الحسين (عليه السلام) كان من موت معاوية ما قد بلغك، فكتب إلي أهل العراق يدعونني إلى أنفسهم.
1 - تأريخ الطبري 3: 301، الإرشاد: 220، وفيه، يقال: أرسل عبد الله يقطر أخاه من الرضاعة، مثير الأحزان: 42، البداية والنهاية 8: 181، وفيه بدل " فاكمشوا " " فاكتموا "، بحار الأنوار 44: 369، العوالم 17: 219، وفيه: يقال أنه بعث عبد الله يقطر أخاه من الرضاعة، ينابيع المودة: 405، وفيه: فاكتبوا إلي، وقعة الطف: 159. 2 - الأخبار الطوال: 245. 413 فقال له عبد الله بن مطيع: أذكرك الله، يا ابن رسول الله! وحرمة الإسلام أن تنتهك، أنشدك الله في حرمة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أنشدك الله في حرمة العرب، فوالله! لئن طلبت ما في أيدي بني أمية ليقتلنك، ولئن قتلوك لا يهابون بعدك أحدا أبدا، والله! إنها لحرمة الإسلام تنتهك، وحرمة قريش وحرمة العرب، فلا تفعل ولا تأت الكوفة، ولا تعرض لبني أمية! فأبى [الحسين (عليه السلام)] إلا أن يمضي. (1) وقال الدينوري: وسار الحسين (عليه السلام) من بطن الرمة (2)، فلقيه عبد الله بن مطيع وهو منصرف من العراق، فسلم على الحسين (عليه السلام) وقال له: بأبي أنت، يا ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله)! ما أخرجك من حرم الله وحرم جدك؟ فقال الحسين (عليه السلام): إن أهل الكوفة كتبوا إلي يسألونني أن أقدم عليهم لما رجوا من إحياء معالم الحق وإماتة البدع. قال له ابن مطيع: أنشدك الله أن لا تأتي الكوفة، فو الله! لئن أتيتها لتقتلن! فقال (عليه السلام): (لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا) (3)، ثم ودعه ومضى. (4) وسار قاصدا إلى توز، (5) وأقبل من توز بركبه إلى فيد، (6) ثم رحل من فيد وقصد الأجفر. (7)
1 - تأريخ الطبري 3: 301، الإرشاد: 221، بحار الأنوار 44: 370، العوالم 17: 221، أعيان الشيعة 1: 594، وقعة الطف: 160. 2 - بطن الرمة: منزل لأهل البصرة، إذا أرادوا المدينة، بها يجتمع أهل البصرة والكوفة، الأخبار الطوال: 246. 3 - التوبة: 9 / 51. 4 - أخبار الطوال: 246. 5 - توز: منزل في طريق الحاج قبل فيد، للقاصد إلى العراق نصف الطريق، وهو جبل مشهور لبني أسد، وبينه وبين سميراء عشرون ميلا، وقيل: بينهما خمسة عشر ميلا ونصف، الحسين (عليه السلام) في طريقه إلى الشهادة: 54. 6 - فيد: بليدة في نصف طريق مكة من الكوفة، بينه وبين توز أربعة وعشرون ميلا، وقيل: أحد وثلاثون ميلا، الحسين (عليه السلام) في طريقه إلى الشهادة: 55. 7 - أجفر: بين فيد والخزيمية، بينه وبين فيد ستة وثلاثون ميلا، الحسين (عليه السلام) في طريقه إلى الشهادة: 60. 414 الخزيمية [373] - 156 - ابن أعثم: وسار [من الأجفر] حتى نزل الخزيمية (1) وأقام بها يوما وليلة. فلما أصبح أقبلت إليه أخته زينب بنت علي (عليه السلام) فقالت: يا أخي! ألا أخبرك بشيء سمعته البارحة؟ فقال الحسين (عليه السلام): وما ذاك؟ فقالت: خرجت في بعض الليل لقضاء حاجة، فسمعت هاتفا يهتف وهو يقول: ألا يا عين فاحتفلي بجهد * ومن يبكي على الشهداء بعدي على قوم تسوقهم المنايا * بمقدار إلى إنجاز وعدي فقال لها الحسين (عليه السلام): يا أختاه! المقضي هو كائن. (2) زرود [374] - 157 - الدينوري: وسار الحسين (عليه السلام) من الخزيمية يريد الثعلبية، فمر في طريقه بزرود، (3) فنظر إلى فسطاط مضروب فسأل عنه، فقيل له: هو لزهير بن القين، وكان حاجا أقبل من مكة يريد الكوفة، فأرسل إليه الحسين (عليه السلام)، أن ألقني أكلمك، فأبى أن يلقاه، وكانت
1 - الخزيمية: منزل من منازل الحاج بعد الثعلبية من الكوفة، وبين الخزيمية والثعلبية اثنان وثلاثون ميلا، معجم البلدان 2: 370. 2 - الفتوح 5: 78، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 225، المناقب لابن شهر آشوب 4: 95، بحار الأنوار 44: 372، الدمعة الساكبة 4: 244، وفي الأخيرين: كل الذي قضى فهو كائن. 3 - زرود: المحطة المشهورة في طريق حاج بغداد بين الثعلبية والخزيمية من الكوفة، الحسين (عليه السلام) في طريقه إلى كربلاء: 66. 415 مع زهير زوجته، فقالت له: سبحان الله، يبعث إليك ابن رسول الله فلا تجيبه؟ فقام إلى الحسين (عليه السلام) فلم يلبث أن انصرف وقد أشرق وجهه! فأمر بفسطاطه فقلع، وضرب إلى لزق فسطاط الحسين (عليه السلام) ولحق بالحسين (عليه السلام). (1) الثعلبية [375] - 158 - الطبري: قال أبو مخنف: حدثني أبو جناب الكلبي، عن عدي بن حرملة الأسدي، عن عبد الله بن سليم، والمذري بن المشمعل الأسديين، قالا: لما قضينا حجنا لم يكن لنا همة إلا اللحاق بالحسين (عليه السلام) في الطريق، لننظر ما يكون من أمره وشأنه، فأقبلنا ترقل بنا ناقتانا مسرعين حتى لحقنا بزرود، فلما دنونا منه إذا نحن برجل من أهل الكوفة، قد عدل عن الطريق حين رأى الحسين (عليه السلام)، فوقف الحسين (عليه السلام) كأنه يريده، ثم تركه ومضى، ومضينا نحوه، فقال أحدنا لصاحبه: إذهب بنا إلى هذا فلنسأله، فإن كان عنده خبر الكوفة علمناه. فمضينا حتى انتهينا إليه، فقلنا: السلام عليك. قال: وعليكم السلام ورحمة الله. ثم قلنا: فمن الرجل؟ قال: أسدي. فقلنا: فنحن أسديان، فمن أنت؟ قال: أنا بكير بن المثعبة. فانتسبنا له، ثم قلنا: أخبرنا عن الناس وراءك؟ قال: نعم، لم أخرج من الكوفة حتى قتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة، فرأيتهما يجران بأرجلهما في السوق! قالا: فأقبلنا حتى لحقنا بالحسين (عليه السلام) فسايرناه حتى نزل الثعلبية (2) ممسيا.
1 - أخبار الطوال: 246، الإرشاد: 221، بحار الأنوار 44: 371 مع اختلاف. 2 - الثعلبية: من منازل طريق مكة من الكوفة، وبين الثعلبية والخزيمية ثلاث وعشرون ميلا، وهي منسوبة إلى ثعلبة بن دودان بن أسد، معجم البلدان 2: 78. 416 فجئناه حين نزل، فسلمنا عليه، فرد علينا، فقلنا له: يرحمك الله، إن عندنا خبرا، فإن شئت حدثنا علانية، وإن شئت سرا. فنظر إلى أصحابه وقال: ما دون هؤلاء سر. (1) فقلنا له: أرأيت الراكب الذي استقبلك عشاء أمس؟ قال: نعم، وقد أردت مسألته. فقلنا: قد استبرأنا لك خبره وكفيناك مسألته، وهو امرؤ من أسد منا ذو رأي وصدق وفضل وعقل، وأنه حدثنا: إنه لم يخرج من الكوفة حتى قتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة، وحتى رآهما يجران في السوق بأرجلهما! فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون! رحمة الله عليهما. فردد ذلك مرارا. فقلنا: ننشدك الله في نفسك وأهل بيتك إلا انصرفت من مكانك هذا، فإنه ليس لك بالكوفة ناصر ولا شيعة، بل نتخوف أن تكون عليك! (2) فوثب عند ذلك بنو عقيل بن أبي طالب. قال أبو مخنف: حدثني عمر بن خالد، عن زيد بن علي بن حسين، وعن داود ابن علي بن عبد الله بن عباس أن بني عقيل قالوا: لا والله! لا نبرح حتى ندرك ثأرنا، أو نذوق ما ذاق أخونا! الأسديان قالا: فنظر إلينا الحسين (عليه السلام) فقال: لا خير في العيش بعد هؤلاء! فعلمنا أنه قد عزم له رأيه على المسير، فقلنا: خار الله لك. فقال: رحمكما الله....
1 - وفي الإرشاد: ستر. 2 - وفي الإرشاد: فنظر إلى بنى عقيل، فقال: ما ترون فقد قتل مسلم. 417 ثم انتظر حتى إذا كان السحر قال لفتيانه وغلمانه: أكثروا من الماء. فاستقوا وأكثروا. (1) [376] - 159 - ابن أعثم: وسار الحسين (عليه السلام) حتى نزل الثعلبية، وذلك في وقت الظهيرة، ونزل أصحابه، فوضع الحسين (عليه السلام) رأسه فأغفى، ثم انتبه باكيا من نومه، فقال له ابنه علي بن الحسين: ما يبكيك يا أبه! لا أبكى الله عينيك؟ فقال الحسين (عليه السلام): يا بني! هذه ساعة لا تكذب فيها الرؤيا، فأعلمك أني خفقت برأسي خفقة فرأيت فارسا على فرس وقف علي، فقال: يا حسين! إنكم تسرعون والمنايا تسرع بكم إلى الجنة؛ فعلمت أن أنفسنا نعيت إلينا. فقال له ابنه علي: يا أبه! أفلسنا على الحق؟ قال: بلى يا بني! والذي إليه مرجع العباد. فقال ابنه علي (عليه السلام): إذا لا نبالي بالموت. فقال الحسين (عليه السلام): جزاك الله عني يا بني! خير ما جزى به ولدا عن والده. (2) [377] - 160 - وعنه: فلما أصبح الحسين (عليه السلام) وإذا برجل من الكوفة يكنى أبا هرة الأزدي أتاه فسلم عليه ثم قال: يا ابن بنت رسول الله! ما الذي أخرجك عن حرم الله وحرم
1 - تأريخ الطبري 3: 302، الإرشاد: 222، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 228، الكامل في التأريخ 2: 549 وفيه: لا خير في العيش بعد هؤلاء فقط، اللهوف: 30، البداية والنهاية 8: 182، بحار الأنوار 44: 373، أعيان الشيعة 1: 595، وقعة الطف: 164. 2 - الفتوح 5: 79، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 226، بحار الأنوار 44: 367 من قوله أنتم تسرعون و 61: 182 ح 46 في ضمن ح طويل في منزل العذيب، أعيان الشيعة 1: 595. 418 جدك محمد (صلى الله عليه وآله)؟ فقال الحسين (عليه السلام): يا أبا هرة! إن بني أمية أخذوا مالي فصبرت، وشتموا عرضي فصبرت، وطلبوا دمي فهربت، وأيم الله يا أبا هرة! لتقتلني الفئة الباغية وليلبسهم الله ذلا شاملا وسيفا قاطعا، وليسلطن الله عليهم من يذلهم حتى يكونوا أذل من قوم سبأ إذ ملكتهم امرأة منهم فحكمت في أموالهم وفي دمائهم. (1) [378] - 161 - البحراني: وفي رواية عن الرياشي، بإسناده عن راوي حديثه، قال: حججت فتركت أصحابي وانطلقت أتعسف الطريق وحدي، فبينما أنا أسير إذ رفعت طرفي إلى أخبية وفساطيط، فانطلقت نحوها حتى أتيت أدناها، فقلت: لمن هذه الأبنية؟ فقالوا: للحسين (عليه السلام) قلت: ابن علي وابن فاطمة (عليهما السلام)؟ قالوا: نعم قلت: في أيها هو؟ قالوا: في ذلك الفسطاط فانطلقت نحوه، فإذا الحسين (عليه السلام) متك على باب الفسطاط يقرأ كتابا بين يديه، فسلمت فرد علي، فقلت: يا ابن رسول الله! بأبي أنت وأمي! ما أنزلك في هذه الأرض القفراء التي ليس فيها ريف ولا منعة؟ قال: إن هؤلاء أخافوني، وهذه كتب أهل الكوفة وهم قاتلي! فإذا فعلوا ذلك ولم يدعوا لله محرما إلا انتهكوه، بعث الله إليهم من يقتلهم حتى يكونوا أذل من قوم (2) الأمة. (3) [379] - 162 - ابن عساكر: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنبأنا أبو بكر بن الطبري، أنبأنا
1 - الفتوح 5: 79، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 226، مثير الأحزان: 46، بحار الأنوار 44: 367، أعيان الشيعة 1: 595. 2 - وفي بعض الروايات: فرم الأمة، وهي الخرقة التي تضعها الأمة عند مجيء الحيض. 3 - العوالم 17: 218. 419 أبو الحسين بن الفضل، أنبأنا عبد الله بن جعفر، أنبأنا يعقوب، أنبأنا أبو بكر الحميدي، حدثني سفيان، حدثني رجل من بني أسد يقال له: بحير - بعد الخمسين والمائة - وكان من أهل الثعلبية ولم يكن في الطريق رجل أكبر منه. فقلت له: مثل من كنت حين مر بكم حسين بن علي (عليهما السلام)؟ قال: غلام يفعت. قال: فقام إليه أخ لي كان أكبر مني، يقال له: زهير وقال: أي ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)! إني أراك في قلة من الناس!؟ فأشار الحسين (عليه السلام) بسوط في يده هكذا فضرب حقيبة وراءه فقال: ها إن هذه مملوءة كتبا. فكأنه شد من منة أخي. قال سفيان: فقلت له: ابن كم أنت؟ قال: ابن ست عشرة وماءة. قال [سفيان]: وكنا استودعناه طعاما لنا ومتاعا، فلما رجعنا طلبناه منه، فقال: إن كان طعاما فلعل الحي قد أكلوه. فقلنا: إنا لله! ذهب طعامنا. فإذا هو يمزح معي، فأخرج إلينا طعامنا ومتاعنا. (1) [380] - 163 - ابن سعد: أخبرنا محمد بن علي، عن حباب بن موسى، عن الكلبي، عن بحير بن شداد الأسدي، قال: مر بنا الحسين (عليه السلام) بالثعلبية، فخرجت إليه مع أخي، فإذا عليه جبة صفراء لها جيب في صدرها، فقال له أخي: إني أخاف عليك! فضرب بالسوط على عيبة قد حقبها خلفه، وقال: هذه كتب وجوه أهل المصر. (2)
1 - تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 209. 2 - ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من الطبقات لابن سعد: 64، تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 210، ح 265. رواه الذهبي في تاريخ الإسلام 5: 10، وفيه فقال بالسوط، وأشار إلى حقيبة الرحل: هذه [خلفي] مملؤة كتبا 420 [381] - 164 - وعنه: وأخبرنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا جعفر بن سليمان، عن يزيد الرشك قال: حدثني من شافه الحسين (عليه السلام) قال: رأيت أبنية مضروبة بفلاة من الأرض، فقلت: لمن هذه؟ قالوا: هذه لحسين (عليه السلام). قال: فأتيته فإذا شيخ يقرأ القرآن والدموع تسيل على خديه ولحيته. قال: فقلت: بأبي وأمي، يا ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله)! ما أنزلك هذه البلاد والفلاة التي ليس بها أحد؟ فقال: هذه كتب أهل الكوفة إلي ولا أراهم إلا قاتلي! فإذا فعلوا ذلك لم يدعو الله حرمة إلا انتهكوها فيسلط الله عليهم من يذلهم حتى يكونوا أذل من فرم الأمة، يعني مقنعتها. (1) [382] - 165 - الصفار: حدثنا إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن صباح المزني، عن الحارث بن حصيرة، عن الحكم بن عتيبة قال: لقي رجل الحسين بن علي (عليهما السلام) بالثعلبية وهو يريد كربلا، فدخل عليه فسلم عليه، فقال له الحسين (عليه السلام): من أي البلدان أنت؟ فقال: من أهل الكوفة، قال: يا أخا أهل الكوفة! أما والله لو لقيتك بالمدينة لأريتك أثر جبرئيل من دارنا ونزوله على جدي بالوحي، يا أخا أهل الكوفة! مستقى العلم من عندنا، أفعلموا وجهلنا؟ هذا ما لا يكون. (2) ورحل الحسين (عليه السلام) من الثعلبية وواصل سيره إلى بطان، (3) وقد اجتاز
1 - ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من الطبقات لابن سعد: 64، تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 211. 2 - بصائر الدرجات: 11 ح 1، الكافي 1: 398 ح 2، بحار الأنوار 26: 157 و 45: 93. 3 - بطان، منزل بطريق الكوفة بعد الشقوق من جهة مكة، ومن الثعلبية إلى بطان تسعة وعشرون ميلا، الحسين (عليه السلام) في طريقه إلى الشهادة: 80. 421 الحسين (عليه السلام) من بطان وسار إلى الشقوق ومن الشقوق إلى زبالة. (1) زبالة [383] - 166 - الطبري: قال أبو مخنف: حدثني أبو علي الأنصاري، عن بكر بن مصعب المزني، قال: كان الحسين (عليه السلام) لا يمر بأهل ماء إلا اتبعوه حتى إذا انتهى إلى زبالة (2) سقط إليه خبر مقتل أخيه من الرضاعة عبد الله بن بقطر [يقطر]... فأخرج للناس كتابا فقرأ عليهم: بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد؛ فقد أتانا خبر فضيع! قتل مسلم بن عقيل وهاني بن عروة وعبد الله بن بقطر [يقطر]، وقد خذلتنا شيعتنا، فمن أحب منكم الانصراف فلينصرف، ليس عليه منا ذمام. فتفرق الناس عنه تفرقا، فأخذوا يمينا وشمالا، حتى بقي في أصحابه الذين جاؤوا معه من المدينة. وإنما فعل ذلك لأنه ظن إنما تبعه الأعراب، لأنهم ظنوا أنه يأتي بلدا قد استقامت له طاعة أهله، فكره أن يسيروا معه إلا وهم يعلمون علام يقدمون؟ وقد علم أنهم إذا بين لهم لم يصحبه إلا من يريد مواساته والموت معه! فلما كان من السحر أمر فتيانه، فاستقوا الماء وأكثروا. (3)
1 - الشقوق: منزل بطريق مكة من الكوفة، وهو لبني سلامة من بني أسد، وبين الشقوق وبطان اثنان وعشرون ميلا ونصف، الحسين (عليه السلام) في طريقه إلى الشهادة: 83. 2 - زبالة: منزل معروف بطريق مكة من الكوفة، ومن زبالة إلى الشقوق أحد وعشرون ميلا. الحسين في طريقه إلى الشهادة: 84. 3 - تأريخ الطبري 3: 303، الإرشاد: 223 وفيه: فلينصرف في غير حرج، البداية والنهاية 8: 182 وفيه من قوله: خذلتنا شيعتنا، وفيه قول الإمام (عليه السلام) لا كتابه، بحار الأنوار 44: 374، العوالم 17: 225، أعيان الشيعة 1: 595، وقعة الطف: 166. 422 [384] - 167 - القندوزي الحنفي: إنه (عليه السلام) قال: أيها الناس! فمن كان منكم يصبر على حد السيف وطعن الأسنة فليقم معنا وإلا فلينصرف عنا. (1) لقاؤه (عليه السلام) مع هلال بن نافع [385] - 168 - وعنه: فبينما الحسين (عليه السلام) في المسير إذ جاء هلال بن نافع وعمرو بن خالد من الكوفة، فسأل منهما أحوال الناس فقالا: أما الأغنياء فقلوبهم إلى ابن زياد، وأما الباقي فقلوبهم إليك، وإن مسلم وهاني وقيس - الذي كان رسولك - قتلوا، فقال: أللهم اجعل الجنة لنا ولأشياعنا منزلا كريما إنك على كل شىء قدير. (2) روى أنه لما أخذ مسلم بن عقيل أوصى إلى محمد بن أشعث أن يكتب إلى الحسين (عليه السلام) بوقائع كوفه وغدر أهلها وأنه لا يأتيها. [386] - 169 - الطبري: قال أبو مخنف: فحدثني جعفر بن حذيفة الطائي - قد عرف سعيد بن شيبان الحديث - قال: دعا محمد بن الأشعث إياس بن العثل الطائي من بني مالك بن عمرو بن ثمامة، وكان شاعرا، كان لمحمد زوارا فقال له: ألق حسينا فأبلغه هذا الكتاب، وكتب فيه الذي أمره ابن عقيل وقال له: هذا زادك وجهازك، ومتعة لعيالك. فقال: من أين لي براحلة، فان راحلتي قد انضيتها؟ قال: هذا راحلة فاركبها برحلها. ثم خرج، فاستقبله بزبالة لأربع ليال وأخبره الخبر وبلغه الرسالة،
1 - ينابيع المودة: 406. 2 - ينابيع المودة: 405. 423 فقال له الحسين (عليه السلام): كل ما حم نازل، وعند الله نحتسب أنفسنا وفساد أمتنا. (1) لقاؤه (عليه السلام) مع الفرزدق [387] - 170 - السيد ابن طاووس: إن الحسين (عليه السلام) سار قاصدا لما دعاه الله إليه، فلقيه الفرزدق الشاعر فسلم عليه وقال: يا ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله)! كيف تركن إلى أهل الكوفة، وهم الذين قتلوا ابن عمك مسلم بن عقيل وشيعته؟ قال: فاستعبر الحسين (عليه السلام) باكيا، ثم قال: رحم الله مسلما فلقد صار إلى روح الله وريحانه وجنته ورضوانه، أما إنه قد قضى ما عليه وبقي ما علينا. ثم أنشأ يقول: فإن تكن الدنيا تعد نفيسة * فان [فدار] ثواب الله أعلى وأنبل وإن تكن الأبدان للموت أنشئت * فقتل امرىء بالسيف في الله أفضل وإن تكن الارزاق قسما مقدرا * فقلة حرص المرء في الرزق أجمل وإن تكن الأموال للترك جمعها * فما بال متروك به المرء يبخل (2) [388] - 171 - ابن شهر آشوب: فلما نزل شقوق أتاه رجل فسأله عن العراق فأخبره بحاله، فقال: إن الأمر لله يفعل ما يشاء وربنا تبارك كل يوم هو في شأن، فإن نزل القضاء فالحمد لله
1 - تأريخ الطبري 3: 290، معالم المدرستين 3: 81. 2 - اللهوف 32، بحار الأنوار 44: 374، تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 163، مثير الأحزان: 45 وفى المصدرين الأخيرين، الاشعار فقط مع اختلاف في بعض الالفاظ، نور الأبصار: 138، العوالم 17: 224، أعيان الشيعة 1: 595. 424 على نعمائه وهو المستعان على أداء الشكر، وإن حال القضاء دون الرجاء فلم يبعد من الحق نيته ثم أنشد: فإن تكن الدنيا... عليكم سلام الله يا آل أحمد * فإني أراني عنكم سوف أرحل (1) وزاد الإربلي: وإن كانت الافعال يوما لأهلها * كمالا فحسن الخلق أبهى وأكمل (2) وزاد ابن نما بعد الأشعار: أنه (عليه السلام) أراد الرجوع حزنا وجزعا لفقد أحبته والمضي إلى بلدته، ثم ثاب إليه رأيه الأول وقال: على ما كنت عليه المعول وقال متمثلا: سأمضي وما بالموت...، وذكر أشعارا تأتي في لقائه مع الحر. (3) وفي رواية، أنه (عليه السلام) قال لبنت مسلم: يا ابنتي! أنا أبوك وبناتي أخواتك. (4) [389] - 172 - ابن سعد: وبلغ الحسين (عليه السلام) قتل مسلم وهاني. فقال له ابنه علي الأكبر: يا أبه! ارجع فإنهم أهل (كدر) وغدر وقلة وفائهم، ولا يفون لك بشيء. فقالت بنو عقيل لحسين: ليس هذا بحين رجوع! وحرضوه على المضي، فقال الحسين (عليه السلام) لأصحابه: قد ترون ما يأتينا وما أرى القوم إلا سيخذلوننا فمن أحب أن يرجع فليرجع. فانصرف عنه [الذين] صاروا إليه في طريقه، وبقى في أصحابه الذين خرجوا معه من مكة ونفير قليل [من] من صحبه في الطريق. فكانت خيلهم اثنين
1 - المناقب 4: 95. 2 - كشف الغمة 2: 28، الأنوار البهية: 89. 3 - مثير الأحزان: 45، رواه في منزل الثعلبية. 4 - الدمعة الساكبة 4: 246، معالي السبطين 1: 266. 425 وثلاثين فرسا. (1) ومضى ملاقاته (عليه السلام) مع الفرزدق في منزل الصفاح أيضا. (2) ثم سار إلى القاع (3) ومن القاع إلى العقبة. (4) العقبة [390] - 173 - المفيد: فنزل في بطن العقبة، فلقيه شيخ من بني عكرمة يقال له: عمرو بن لوذان، قال له: أين تريد؟ قال له الحسين (عليه السلام): الكوفة. فقال له الشيخ: أنشدك الله لما انصرفت، فو الله! ما تقدم إلا على الأسنة! وحد السيوف! وإن هؤلاء الذين بعثوا إليك لو كانوا كفوك مؤنة القتال ووطأوا لك الأشياء، فقدمت عليهم، كان ذلك رأيا، فأما على هذه الحال التي تذكر فإني لا أرى لك أن تفعل. فقال له: يا عبد الله! ليس يخفى علي الرأي، وإن الله تعالى لا يغلب على أمره. ثم قال (عليه السلام): والله! لا يدعوني حتى يستخرجوا هذه العلقة من جوفي، فإذا فعلوا سلط الله عليهم من يذلهم، حتى يكونوا أذل فرق الأمم، (5)
1 - ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من الطبقات لابن سعد: 67، تاريخ الإسلام للذهبي 5: 11. 2 - يحتمل أن يكون لقاؤه (عليه السلام) مع الفرزدق مرتين، إلا أن ابن أعثم نقلها في منزل الشقوق فقط، راجع الفتوح 5: 79. 3 - القاع: منزل بطريق مكة بعد العقبة لمن يتوجه إلى مكة ومن القاع إلى زبالة ثمانية عشر ميلا ونصف، الحسين (عليه السلام) في طريقه إلى الشهادة: 88. 4 - العقبة: منزل في طريق مكة بعد واقصة وقبل القاع لمن يريد مكة، معجم البلدان 4: 134. 5 - الإرشاد: 223، الكامل في التأريخ 2: 549 إلى قوله: لا يغلب على أمره، تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 211 ح 268 نقل آخر الحديث، بحار الأنوار 44: 375، العوالم 17: 225، أعيان الشيعة 1: 595. 426 [391] - 174 - ابن قولويه: حدثني جماعة مشايخي، منهم: علي بن الحسين ومحمد بن الحسن، عن سعد، عن أحمد بن محمد ومحمد بن الحسين وإبراهيم بن هاشم، جميعا، عن الحسن بن علي بن فضال، عن أبي جميلة المفضل بن صالح، عن شهاب ابن عبد ربه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: لما صعد الحسين بن علي (عليهما السلام) عقبة البطن قال لأصحابه: ما أراني إلا مقتولا! قالوا: وما ذاك يا أبا عبد الله!؟ قال: رؤيا رأيتها في المنام. قالوا: وما هي؟ قال: رأيت كلابا تنهشني أشدها على كلب أبقع. (1) ثم سار من العقبة قاصدا واقصة (2) وسار من واقصة حتى انتهى إلى القرعاء (3) بسيره فمر بها ولم ينزلها حتى أتى مغيثة (4) ولم ينزل بها. شراف [392] - 175 - الطبري: حدثت عن هشام، عن أبي مخنف قال: حدثني أبو جناب، عن عدي بن حرملة، عن عبد الله بن سليم والمذرى بن المشمعل الأسديين قالا: أقبل الحسين (عليه السلام) حتى نزل شراف (5) فلما كان في السحر أمر فتيانه فاستقوا
1 - كامل الزيارات: 75، بحار الأنوار 45: 87 ح 24. 2 - واقصة: منزل بطريق مكة بعد القرعاء نحو مكة وقبل العقبة لبني شهاب من طي ويقال لها: واقصة الحزون، وهي دون زبالة بمرحلتين، معجم البلدان 5: 353. 3 - القرعاء: منزل في طريق مكة من الكوفة، وبين القرعاء وواقصة ثمانية فراسخ، الحسين (عليه السلام) في طريقه إلى الشهادة: 93. 4 - هذه غير مغيثة الماوان التي مر ذكرها بين السليلية والنقرة، والمغيثة منزل في طريق مكة بعد العذيب نحو مكة بينها وبين القادسية أربعة وعشرون ميلا، معجم البلدان 5: 162. 5 - شراف، قيل: ماء بين واقصة والقرعاء على ثمانية أميال من الأحساء التي لبني وهب. معجم البلدان 3: 331. 427 من الماء فأكثروا، ثم ساروا منها، فرسموا صدر يومهم حتى انتصف النهار. ثم إن رجلا قال: الله أكبر! فقال الحسين (عليه السلام): الله أكبر، ما كبرت؟ قال: رأيت النخل! فقال له الأسديان: إن هذا المكان ما رأينا به نخلة قط! فقال لنا الحسين (عليه السلام): فما تريانه رأى؟ قلنا: نراه رأى هوادي الخيل! فقال (عليه السلام): وأنا والله! أرى ذلك. ثم قال (عليه السلام): أما لنا ملجأ نلجأ إليه نجعله في ظهورنا، ونستقبل القوم من وجه واحد؟. فقلنا له: بلى، هذا ذو حسم (1) إلى جنبك تميل إليه عن يسارك، فإن سبقت القوم إليه فهو كما تريد. قالا: فأخذ إليه ذات اليسار وملنا معه، فما كان بأسرع من أن طلعت علينا هوادي الخيل، فتبيناها وعدلنا، فلما رأونا وقد عدلنا عن الطريق عدلوا إلينا كأن أسنتهم اليعاسيب وكأن راياتهم أجنحة الطير! (2) ذو حسم [393] - 176 - وعنه: فاستبقنا إلى ذي حسم فسبقناهم إليه، فنزل الحسين (عليه السلام) فأمر بأبنيته فضربت، وجاء القوم وهم ألف فارس مع الحر بن يزيد التميمي اليربوعي حتى وقف هو وخيله مقابل الحسين (عليه السلام) في حر الظهيرة، والحسين (عليه السلام) وأصحابه معتمون متقلدو
1 - ذو حسم: موضع في طريق مكة من الكوفة بينه وبين عذيب الهجانات ثلاث وثلاثون ميلا، وقعة الطف: 168. 2 - تأريخ الطبري 3: 305، الإرشاد: 223، وفيه: لم كبرت، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 229، الكامل في التأريخ 2: 551، البداية والنهاية 8: 186، بحار الأنوار 44: 375، العوالم 17: 225، وفى الأخيرين بدل قوله: " ذو حسم " " ذو جشم " وبدل " هوادي الخيل " " أسنة الرماح وآذان الخيل "، أعيان الشيعة 1: 596، وقعة الطف: 167. 428 أسيافهم، فقال الحسين (عليه السلام) لفتيانه: اسقوا القوم، وأرووهم من الماء، ورشفوا الخيل ترشيفا. فقام فتيانه فرشفوا الخيل ترشيفا، فقام فتيه وسقوا القوم من الماء حتى أرووهم وأقبلوا يملأون القصاع والأتوار والطساس من الماء ثم يدنونها من الفرس فإذا عب فيها ثلاثا أو أربعا أو خمسا عزلت عنه وسقوا آخر، حتى سقوها الخيل كلها. قال هشام: حدثني لقيط، عن علي بن الطعان المحاربي: كنت مع الحر بن يزيد، فجئت في آخر من جاء من أصحابه، فلما رأى الحسين (عليه السلام) مابي وفرسي من العطش قال: أنخ الراوية، والراوية عندي السقاء، ثم قال: يا ابن أخ! أنخ الجمل. فأنخته فقال: اشرب. فجعلت كلما شربت سال الماء من السقاء، فقال الحسين (عليه السلام): أخنث السقاء. أي أعطفه، قال: فجعلت لا أدري كيف أفعل، فقام فخنثه، فشربت وسقيت فرسي. (1) [394] - 177 - الدينوري: لما انتصف النهار واشتدت الحر - وكان ذلك في القيظ - تراءت لهم الخيل، فقال الحسين (عليه السلام) لزهير بن القين: أما هاهنا مكان يلجأ إليه أو شرف نجعله خلف ظهورنا ونستقبل القوم من وجه واحد؟ قال له زهير: بلى، هذا جبل ذي جشم، يسرة عنك، فمل بنا إليه، فإن سبقت إليه فهو كما تحب. فسار حتى سبق اليه، وجعل ذلك الجبل وراء ظهره... (2)
1 - تأريخ الطبري 3: 305، الإرشاد: 223، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 229، الكامل في التأريخ 2: 551 فيه إلى قوله: ترشيفا، البداية والنهاية 8: 186 نقل الواقعة فقط ولم يذكر كلام الإمام، بحار الأنوار 44: 375، العوالم 17: 225، أعيان الشيعة 1: 596، وقعة الطف: 167. 2 - الأخبار الطوال: 248. 429 [395] - 178 - ابن أعثم: فلما نظر إليهم الحسين (عليه السلام) وقف في أصحابه، ووقف الحر بن يزيد في أصحابه، فقال الحسين (عليه السلام): أيها القوم! من أنتم؟ قالوا: نحن أصحاب الأمير عبيد الله بن زياد. فقال الحسين (عليه السلام): ومن قائدكم؟ قالوا: الحر بن يزيد الرياحي. قال: فناداه الحسين (عليه السلام): ويحك يا ابن يزيد! ألنا أم علينا؟ فقال الحر: بل عليك أبا عبد الله! فقال الحسين (عليه السلام): لا حول ولا قوة إلا بالله. (1) [396] - 179 - وعنه: ودنت صلاة الظهر، فقال الحسين (عليه السلام) للحجاج بن مسروق: أذن، رحمك الله! وأقم الصلاة حتى نصلي! قال: فأذن الحجاج، فلما فرغ من أذانه صاح الحسين (عليه السلام) بالحر بن يزيد. فقال له: يا ابن يزيد! أتريد أن تصلي بأصحابك وأصلي بأصحابي؟ فقال له الحر: بل أنت تصلي بأصحابك ونصلي بصلاتك. فقال الحسين (عليه السلام) للحجاج بن مسروق: أقم الصلاة! فأقام، وتقدم الحسين (عليه السلام) فصلى بالعسكرين جميعا، فلما فرغ من صلاته وثب قائما فاتكأ على قائمة سيفه، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
1 - الفتوح 5: 85، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 230، اللهوف: 33 من قوله: ألنا أم علينا، أعيان الشيعة 1: 596. 430 أيها الناس! إنها معذرة (1) إلى الله وإلى من حضر من المسلمين، إني لم أقدم على هذا البلد حتى أتتني كتبكم، وقدمت علي رسلكم أن اقدم إلينا إنه ليس علينا إمام، فلعل الله أن يجمعنا بك على الهدى (2)، فإن كنتم على ذلك فقد جئتكم، فإن تعطوني ما يثق به قلبي من عهودكم ومن مواثيقكم، دخلت معكم إلى مصركم، وإن لم تفعلوا وكنتم كارهين لقدومي (3) عليكم انصرفت إلى المكان الذي أقبلت منه إليكم. قال: فسكت القوم عنه ولم يجيبوا بشيء. (4) [397] - 180 - المفيد: أمر الحسين (عليه السلام) الحجاج بن مسروق أن يؤذن، فلما حضرت الإقامة خرج الحسين (عليه السلام) في إزار ورداء ونعلين، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس! إني لم آتكم حتى أتتني كتبكم، وقدمت على رسلكم أن اقدم علينا، فإنه ليس لنا إمام لعل الله أن يجمعنا بك على الهدى والحق، فإن كنتم على ذلك فقد جئتكم فاعطوني ما أطمئن إليه من عهودكم ومواثيقكم، وإن لم تفعلوا وكنتم لقدومي كارهين انصرفت عنكم إلى المكان الذي جئت منه إليكم. (5) [398] - 181 - الطبري: قال عقبة بن أبي العيزار: قام حسين (عليه السلام) بذي حسم، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إنه قد نزل من الأمر ما قد ترون، وإن الدنيا قد تغيرت وتنكرت وأدبر معروفها، واستمرت جدا
1 - في مقتل الخوارزمي: معذرة إليكم أقدمها إلى الله. 2 - في المقتل: على الهدى والحق. 3 - في المقتل: لقدمي كارهين ولقدومي عليكم باغضين. 4 - الفتوح 5: 85، تأريخ الطبري 3: 306، الأخبار الطوال: 249 مع اختلاف يسير فيهما، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 231، اللهوف: 33، أعيان الشيعة 1: 596. 5 - الإرشاد: 224، بحار الأنوار 44: 376، أعيان الشيعة 1: 596. 431 ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء، وخسيس عيش كالمرعى الوبيل، ألا ترون أن الحق لا يعمل به، وأن الباطل لا يتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء الله محقا، فإني لا أرى الموت إلا شهادة، (1) ولا الحياة مع الظالمين إلا برما. قال: فقام زهير بن القين البجلي، فقال لأصحابه: تكلمون، أم أتكلم؟ قالوا: لا، بل تكلم فحمد الله فأثنى عليه، ثم قال: قد سمعنا هداك الله يا ابن رسول الله مقالتك، والله! لو كانت الدنيا لنا باقية، وكنا فيها مخلدين إلا أن فراقها في نصرك ومواساتك، لآثرنا الخروج معك على الإقامة فيها. قال: فدعا له الحسين (عليه السلام) ثم قال له خيرا. (2) وأضاف ابن شعبة الحراني: إن الناس عبيد الدنيا، والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درت معائشهم، فإذا محصوا بالبلاء قل الديانون. (3) [399] - 182 - وعنه: ثم إنه (عليه السلام) دخل، واجتمع إليه أصحابه، وانصرف الحر إلى مكانه الذي كان به، فدخل خيمة قد ضربت له، فاجتمع إليه جماعة من أصحابه، وعاد أصحابه إلى صفهم الذي كانوا فيه فأعادوه، ثم أخذ كل رجل منهم بعنان دابته وجلس في ظلها، فلما كان وقت العصر أمر الحسين (عليه السلام) أن يتهيؤا للرحيل، ثم إنه خرج فأمر مناديه فنادى بالعصر وأقام، فاستقدم الحسين (عليه السلام) فصلى ثم سلم وانصرف إلى القوم بوجهه،
1 - في سائر المصادر: إلا سعادة إلا في إحقاق الحق. 2 - تأريخ الطبري 3: 307، تأريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 214 رواه مسندا في كربلاء عند ما نزل عمر بن سعد به (عليه السلام)، مثير الأحزان: 44 وفيه بدل قوله تغيرت تحيزت، اللهوف: 34، إحقاق الحق 11: 605، بحار الأنوار 44: 381 رواه في كربلا و 78: 116، ينابيع المودة: 406 مع اختلاف، ورواه القندوزي في لقائه مع هلال ابن نافع، وفيه بدل قوله: برما، الخسارا. 3 - تحف العقول: 174، بحار الأنوار 78: 116، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 237 رواه في كربلاء، حلية الأولياء 2: 39 مع اختلاف وبسند آخر. 432 فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، أيها الناس! فإنكم إن تتقوا وتعرفوا الحق لأهله يكن أرضى لله، ونحن أهل البيت وأولى بولاية هذا الأمر عليكم من هؤلاء المدعين ما ليس لهم، والسائرين فيكم بالجور والعدوان، وإن أنتم كرهتمونا وجهلتم حقنا، وكان رأيكم غير ما أتتني كتبكم وقدمت به علي رسلكم انصرفت عنكم. (1) [400] - 183 - ابن أعثم: وفي رواية: ودنت صلاة العصر فأمر الحسين (عليه السلام) مؤذنه فأذن وأقام الصلاة، وتقدم الحسين (عليه السلام) فصلى بالعسكرين. فلما انصرف من صلاته وثب قائما على قدميه، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس! أنا ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ونحن أولى بولاية هذه الأمور عليكم من هؤلاء المدعين ما ليس لهم والسائرين فيكم بالظلم والعدوان، فإن تثقوا بالله وتعرفوا الحق لأهله فيكون ذلك لله رضى، وإن كرهتمونا وجهلتم حقنا وكان رأيكم على خلاف ما جاءت به كتبكم وقدمت به رسلكم انصرفت عنكم. قال: فتكلم الحر بن يزيد بينه وبين أصحابه فقال: أبا عبد الله! ما نعرف هذه الكتب ولا من هؤلاء الرسل. قال: فالتفت الحسين (عليه السلام) إلى غلام له يقال له عقبة بن سمعان فقال: يا عقبة! هات الخرجين اللذين فيهما الكتب؛ فجاء عقبة بكتب أهل الشام والكوفة، فنثرها بين أيديهم ثم تنحى، فتقدموا ونظروا إلى عنوانها ثم تنحوا، فقال الحر بن يزيد: أبا عبد الله! لسنا من القوم الذين كتبوا إليك هذه الكتب، وقد أمرنا إن لقيناك لا نفارقك
1 - تأريخ الطبري 3: 306، الإرشاد: 224، الكامل في التأريخ 2: 552، أعيان الشيعة 1: 596، بحار الأنوار 44: 377، وقعة الطف: 170. 433 حتى نأتي بك على الأمير. فتبسم الحسين (عليه السلام)، ثم قال: يا ابن الحر! أو تعلم أن الموت أدنى إليك من ذلك. ثم التفت الحسين (عليه السلام) فقال: إحملوا النساء ليركبوا حتى ننظر ما الذي يصنع هذا وأصحابه! قال: فركب أصحاب الحسين وساقوا النساء بين أيديهم، فقدمت خيل الكوفة حتى حالت بينهم وبين المسير، فضرب الحسين (عليه السلام) بيده إلى سيفه، ثم صاح بالحر: ثكلتك أمك! ما الذي تريد أن تصنع؟ فقال الحر: أما والله! لو قالها غيرك من العرب لرددتها عليه كائنا من كان، ولكن لا والله! ما لي إلى ذلك سبيل من ذكر أمك، غير أنه لابد أن أنطلق بك إلى عبيد الله بن زياد. فقال له الحسين (عليه السلام): إذا والله! لا أتبعك، أو تذهب نفسي. قال الحر: إذا والله! لا أفارقك أو تذهب نفسي وأنفس أصحابي. قال الحسين (عليه السلام): برز أصحابي وأصحابك وأبرز إلي، فإن قتلتني خذ برأسي إلى ابن زياد، وإن قتلتك أرحت الخلق منك. فقال الحر: أبا عبد الله! إني لم أومر بقتلك، وإنما أمرت أن لا أفارقك أو أقدم بك على ابن زياد، وأنا والله كاره إن سلبني الله بشيء من أمرك، غير أني قد أخذت ببيعة القوم وخرجت إليك، وأنا أعلم أنه لا يوافي القيامة أحد من هذه الأمة إلا وهو يرجو شفاعة جدك محمد (صلى الله عليه وآله)، وأنا خائف إن أنا قاتلتك أن أخسر الدنيا والآخرة! ولكن أنا أبا عبد الله! لست أقدر الرجوع إلى الكوفة في وقتي هذا، ولكن خذ عني هذا الطريق وامض حيث شئت حتى أكتب إلى ابن زياد أن هذا خالفني في الطريق فلم أقدر عليه، وأنا أنشدك الله في نفسك.
434 فقال الحسين (عليه السلام): يا حر! كأنك تخبرني أني مقتول!؟ فقال الحر: أبا عبد الله! نعم ما أشك في ذلك إلا أن ترجع من حيث جئت! فقال الحسين: ما أدري ما أقول لك؟ ولكني أقول كما قال أخو الأوس، حيث يقول: سأمضي وما بالموت عار على الفتى * إذا ما نوى خيرا، وجاهد مسلما وواسى الرجال الصالحين بنفسه * وفارق مذموما وخالف مجرما أقدم نفسي لا أريد بقاءها * لتلقى خميسا في الوغاء عرمرما فإن عشت لم ألم وإن مت لم أذم * كفى بك ذلا أن تعيش مرغما (1) [401] - 184 - المفيد: فلما ذهبوا لينصرفوا، حال القوم بينهم وبين الانصراف، فقال الحسين (عليه السلام) للحر: ثكلتك أمك ما تريد؟ قال له الحر: أما لو غيرك من العرب يقولها لي وهو على مثل الحال التي أنت عليها ما تركت ذكر أمه بالثكل كائنا من كان، ولكن والله! ما لي إلى ذكر أمك من سبيل إلا بأحسن ما نقدر عليه. فقال له الحسين (عليه السلام): فما تريد؟ قال: أريد أن أنطلق بك إلى الأمير عبيد الله. قال: إذا والله لا أتبعك. قال: إذا والله لا أدعك! فترادا القول ثلاث مرات، فلما كثر الكلام بينهما قال له الحر: إني لم أومر بقتالك إنما أمرت أن لا أفارقك حتى أقدمك الكوفة، فإذا أبيت
1 - الفتوح 5: 87، تأريخ الطبري 3: 306 قطعة منه، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 232 بتفاوت، بحار الأنوار 45: 238، وفيه الأشعار فقط، مع اختلاف وكذا في البداية والنهاية 8: 187، العوالم 17: 227 مع اختلاف. 435 فخذ طريقا لا تدخلك الكوفة ولا تردك إلى المدينة تكون بيني وبينك نصفا حتى أكتب إلى الأمير عبيد الله، فلعل الله أن يأتي بأمر يرزقني فيه العافية من أن أبتلى بشيء من أمرك، فخذ هيهنا فتياسر عن طريق العذيب والقادسية. فسار الحسين (عليه السلام) وسار الحر في أصحابه يسايره وهو يقول: يا حسين! إني أذكرك الله في نفسك فإني أشهد لئن قاتلت لتقتلن! فقال له الحسين (عليه السلام): أفبالموت تخوفني؟ وهل يعدوا بكم الخطب أن تقتلوني؟ وسأقول كما قال أخو الأوس لابن عمه وهو يريد نصرة رسول الله فخوفه ابن عمه، وقال: أين تذهب فإنك مقتول؟ فقال: سأمضي.... (1) [402] - 185 - التستري: وفي رواية أنه (عليه السلام) قال: ليس شأني شأن من يخاف الموت، ما أهون الموت على سبيل نيل العز وإحياء الحق، ليس الموت في سبيل العز إلا حياة خالدة وليست الحياة مع الذل إلا الموت الذي لا حياة معه، أفبالموت تخوفني، هيهات طاش سهمك وخاب ظنك لست أخاف الموت، إن نفسي لأكبر من ذلك وهمتي لأعلى من أن أحمل الضيم خوفا من الموت، وهل تقدرون على أكثر من قتلي؟! مرحبا بالقتل في سبيل الله، ولكنكم لا تقدرون على هدم مجدي، ومحو عزي وشرفي، فإذا لا أبالي بالقتل. (2) [403] - 186 - ابن أعثم: ثم أقبل الحسين (عليه السلام) إلى أصحابه، وقال: هل فيكم أحد يخبر الطريق على غير الجادة؟
1 - الإرشاد: 225، تأريخ الطبري 3: 307 وفيه البيتان فقط، العوالم 17: 228 مع اختلاف في الأشعار. 2 - إحقاق الحق 11: 601، أعيان الشيعة 1: 581. 436 فقال الطرماح بن عدي الطائي: يا ابن بنت رسول الله! أنا أخبر الطريق. فقال الحسين: إذا سر بين أيدينا! قال: فسار الطرماح، وأتبعه الحسين هو وأصحابه. (1) [404] - 187 - الدينوري: أنه أمر بأثقاله فحملت، وأمر أصحابه فركبوا، ثم ولى وجهه منصرفا نحو الحجاز، فحال القوم بينه وبين ذلك، فقال الحسين للحر: ما الذي تريد؟ قال: أريد والله! أن أنطلق بك إلى الأمير عبيد الله بن زياد. قال الحسين: إذن والله! أنابذك الحرب. فلما كثر الجدال بينهما قال الحر: إني لم أومر بقتالك، وإنما أمرت ألا أفارقك، وقد رأيت رأيا فيه السلامة من حربك، وهو أن تجعل بيني وبينك طريقا، لا تدخلك الكوفة، ولا تردك إلى الحجاز، تكون نصفا بيني وبينك حتى يأتينا رأي الأمير. قال الحسين: فخذ هاهنا، فآخذ متياسرا من طريق العذيب، ومن ذلك المكان العذيب ثمانية وثلاثون ميلا. فسارا جميعا حتى انتهوا إلى عذيب الحمامات، فنزلوا جميعا، وكل فريق منهما على غلوة من الآخر. (2) خطبته (عليه السلام) بالبيضة [405] - 188 - الطبري: وصار الحر يسير بأصحابه ناحية، والحسين (عليه السلام) في ناحية حتى وافى البيضة. (3) قال أبو مخنف: عن عقبة بن أبي العيزار، إن الحسين (عليه السلام) خطب أصحابه
1 - الفتوح 5: 89، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 233، بحار الأنوار 44: 378، العوالم 17: 229. 2 - الأخبار الطوال: 250. 3 - بيضة: موضع بين العذيب وواقصة في أرض الحزن من ديار بنى يربوع، معجم البلدان 1: 532. 437 وأصحاب الحر بالبيضة، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس! إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله، ناكثا لعهد الله، مخالفا لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغير عليه بفعل ولا قول، كان حقا على الله أن يدخله مدخله. ألا وإن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد، وعطلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلوا حرام الله، وحرموا حلاله، وأنا أحق من غير. قد أتتني كتبكم، وقدمت علي رسلكم ببيعتكم أنكم لا تسلموني ولا تخذلوني، فإن تممتم على بيعتكم تصيبوا رشدكم، فأنا الحسين بن علي، وابن فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، نفسي مع أنفسكم، وأهلي مع أهليكم، فلكم في أسوة، وإن لم تفعلوا ونقضتم عهدكم، وخلعتم بيعتي من أعناقكم فلعمري ما هي لكم بنكر، لقد فعلتموها بأبي وأخي وابن عمي مسلم! والمغرور من اغتر بكم، فحظكم أخطأتم، ونصيبكم ضيعتم (فمن نكث فإنما ينكث على نفسه) (1) وسيغني الله عنكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. (2) عذيب الهجانات [406] - 189 - وعنه: ورحل من موضعه المسمى بالبيضة إلى العذيب، (3) والحر يسايره، فإذا هم
1 - الفتح: 48 / 10. 2 - تأريخ الطبري 3: 306، الكامل في التأريخ 2: 552، إحقاق الحق 11: 609، وقعة الطف: 172. 3 - العذيب: هو ماء بين القادسية والمغيثة، بينه وبين القادسية أربعة أميال وإلى المغيثة اثنان وثلاثون ميلا، معجم البلدان 4: 92. 438 بأربعة نفر قد أقبلوا من الكوفة على رواحلهم، يجنبون فرسا لنافع بن هلال، ومعهم دليلهم الطرماح بن عدي (1) على فرسه، وهو يقول: يا ناقتي لا تذعري من زجري * وشمري قبل طلوع الفجر بخير ركبان وخير سفر * حتى تحلي بكريم النجر الماجد الحر رحيب الصدر * أتى به الله لخير أمر ثمة أبقاه بقاء الدهر فلما انتهوا إلى الحسين (عليه السلام) أنشدوه هذه الأبيات، فقال [الحسين (عليه السلام)]: أما والله! إني لأرجو أن يكون خيرا ما أراد الله بنا قتلنا، أم ظفرنا!. وأقبل إليهم الحر بن يزيد فقال [للإمام (عليه السلام)]: إن هؤلاء النفر الذين من أهل الكوفة ليسوا ممن أقبل معك، وأنا حابسهم، أو رادهم. فقال له الحسين (عليه السلام): لأمنعنهم مما أمنع منه نفسي، إنما هؤلاء أنصاري وأعواني، وقد كنت أعطيتني أن لا تعرض لي بشيء حتى يأتيك كتاب من ابن زياد. فقال الحر: أجل، لكن لم يأتوا معك. قال الحسين (عليه السلام): هم أصحابي، وهم بمنزلة من جاء معي، فإن تممت علي ما كان بيني وبينك وإلا ناجزتك! فكف عنهم الحر. ثم قال لهم الحسين (عليه السلام): أخبروني خبر الناس وراءكم؟ فقال له مجمع بن عبد الله العائذي - وهو أحد النفر الأربعة الذين جاؤوه: أما أشراف الناس فقد أعظمت رشوتهم، وملئت غرائرهم، يستمال ودهم ويستخلص به نصيحتهم، فهم إلب واحد عليك!
1 - نقلت بعض المصادر لقائه (عليه السلام) مع الطرماح في منزل ذي حسم كما أشرنا اليه في محله. 439 وأما سائر الناس بعد، فإن أفئدتهم تهوي إليك، وسيوفهم غدا مشهورة عليك! قال: أخبروني فهل لكم برسولي إليكم؟ قالوا: من هو؟ قال: قيس بن مسهر الصيداوي. قالوا: نعم، أخذه الحصين بن تميم فبعث به إلى ابن زياد، فأمره ابن زياد أن يلعنك ويلعن أباك، فصلى عليك وعلى أبيك، ولعن ابن زياد وأباه، ودعا إلى نصرتك وأخبرهم بقدومك، فأمر به ابن زياد فألقي من طمار القصر!. فترقرقت عينا حسين (عليه السلام) ولم يملك دمعه، ثم قال: (منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) (1) اللهم اجعل لنا ولهم الجنة نزلا، واجمع بيننا وبينهم في مستقر رحمتك ورغائب مذ خور ثوابك (2). [407] - 190 - وعنه: قال أبو مخنف: حدثني جميل بن مرثد، من بني معن، عن الطرماح بن عدي أنه دنا من الحسين (عليه السلام) فقال له: إني والله! لأنظر فما أرى معك أحدا! ولو لم يقاتلك إلا هؤلاء الذين أراهم ملازميك لكان كفى بهم، وقد رأيت - قبل خروجي من الكوفة إليك بيوم - ظهر الكوفة، وفيه من الناس ما لم تر عيناي - في صعيد واحد - جمعا أكثر منه، فسألت عنهم، فقيل: اجتمعوا ليعرضوا ثم يسرحون إلى الحسين، فأنشدك إن قدرت على أن لا تقدم عليهم شبرا إلا فعلت! فإن أردت أن تنزل بلدا يمنعك الله به حتى ترى من رأيك ويستبين لك ما أنت صانع، فسر حتى أنزلك مناع جبلنا الذي يدعى أجأ، امتنعنا والله به من ملوك غسان وحمير ومن النعمان بن المنذر، ومن الأسود
1 - الأحزاب: 33 / 23. 2 - تأريخ الطبري 3: 307، الكامل في التأريخ 2: 553، البداية والنهاية 8: 187، أعيان الشيعة 1: 597 مع اختصار في الثلاثة الأخيرة، وقعة الطف: 173، إحقاق الحق 11: 605 من قوله: منهم من قضى وذكره في منزل ذي حسم. 440 والأحمر، والله! إن دخل علينا ذل قط! فأسير معك حتى أنزلك القرية.... فقال له الحسين (عليه السلام): جزاك الله وقومك خيرا! إنه قد كان بيننا وبين هؤلاء القوم قول لسنا نقدر معه على الانصراف، ولا ندري علام تنصرف بنا وبهم الأمور في عاقبه [عاقبة]!. (1) [408] - 191 - وعنه: قال أبو مخنف: فحدثني جميل بن مرثد، قال: حدثني الطرماح ابن عدي، قال: فودعته وقلت له: دفع الله عنك شر الجن والإنس، إني قد امترت لأهلي من الكوفة ميرة، ومعي نفقة لهم، فآتيهم فأضع ذلك فيهم، ثم أقبل إليك إن شاء الله، فإن ألحقك فوالله! لأكونن من أنصارك. قال (عليه السلام): فإن كنت فاعلا فعجل رحمك الله. قال: فعلمت أنه مستوحش إلى الرجال حتى يسألني التعجيل. قال: فلما بلغت أهلي، وضعت عندهم ما يصلحهم، وأوصيت، فأخذ أهلي يقولون: إنك لتصنع مرتك هذه شيئا ما كنت تصنعه قبل اليوم، فأخبرتهم بما أريد، وأقبلت في طريق بني ثعل حتى إذا دنوت من عذيب الهجانات، استقبلني سماعة ابن بدر فنعاه إلي، فرجعت. (2) [409] - 192 - ابن نما: رويت أن الطرماح بن حكم قال: لقيت حسينا وقد امترت لأهلي ميرة، فقلت: أذكرك في نفسك لا يغرنك أهل الكوفة، فوالله! لئن دخلتها لتقتلن، وإني لأخاف أن لا تصل إليها، فإن كنت مجمعا
1 - تأريخ الطبري 3: 308، الكامل في التأريخ 2: 554، البداية والنهاية 8: 188، أعيان الشيعة 1: 597 مع اختصار في الثلاثة الأخيرة، وقعة الطف: 175. 2 - تأريخ الطبري 3: 308. 441 على الحرب فانزل أجأ فإنه جبل منيع، والله! ما نالنا فيه ذل قط، وعشيرتي يرون جميعا نصرك، فهم يمنعونك ما أقمت فيهم. فقال: إن بيني وبين القوم موعدا أكره أن أخلفهم، فإن يدفع الله عنا فقديما ما أنعم علينا وكفى، وإن يكن ما لا بد منه ففوز وشهادة إن شاء الله. ثم حملت الميرة إلى أهلي وأوصيتهم بأمورهم، وخرجت أريد الحسين فلقيني سماعة بن زيد النبهاني فأخبرني بقتله، فرجعت. (1) [410] - 193 - الخوارزمي: أنه لما كان الحسين بعذيب الهجانات قام إليه أصحابه وتكلموا وأجمعوا لنصرته، فجزاهم الحسين (عليه السلام) خيرا، وخرج ولد الحسين (عليه السلام) وإخوته وأهل بيته حين سمعوا الكلام فنظر إليهم وجمعهم عنده، فبكى، ثم قال: أللهم إنا عترة نبيك محمد صلواتك عليه، قد أخرجنا وأزعجنا وطردنا عن حرم جدنا وتعدت بنو أمية علينا، أللهم فخذ لنا بحقنا وانصرنا على القوم الظالمين. ثم نادى بأعلى صوته في أصحابه: الرحيل ورحل من موضعه ذلك. (2) ثم سار الحسين (عليه السلام) والحر يسير إلى جنبه، فانتهى بهم إلى أقساس مالك، (3) ومنها سار إلى الرهيمة (4) وبعض يقولون: إنه (عليه السلام) لاقى عمرو بن لوذان في هذا المكان الذي ذكرناه في منزل العقبة، وسار الحسين (عليه السلام) من الرهيمة، وواصل سيره إلى قصر بني مقاتل. (5)
1 - مثير الأحزان: 39، بحار الأنوار 44: 369. 2 - مقتل الحسين (عليه السلام) 1: 236، بحار الأنوار 44: 383، نقله في يوم عاشوراء. 3 - أقساس مالك: قرية بالكوفة نزلت في صحرائها، أو كورة، منسوبة إلى مالك بن عبد هند بن بجم، الحسين (عليه السلام) في طريقه إلى الشهادة: 114. 4 - الرهيمة: بلفظ التصغير وهو ضيعة قرب الكوفة، قال السكوني: هي عين بعد خفية إذا أردت الشام من الكوفة، معجم البلدان 3: 109. 5 - قصر بني مقاتل: هو قرب القطقطانة وسلام ثم القريات، وهو منسوب إلى مقاتل بن حسان، معجم البلدان 4: 364. 442 قصر بني مقاتل [411] - 194 - ابن أعثم: وسار الحسين (عليه السلام) حتى نزل في قصر بني مقاتل فإذا هو بفسطاط مضروب، ورمح منصوب، وسيف معلق، وفرس واقف على مذوده، فقال الحسين (عليه السلام): لمن هذا الفسطاط؟ فقيل: لرجل يقال له عبيد الله بن الحر الجعفي. قال: فأرسل الحسين (عليه السلام) برجل من أصحابه يقال له الحجاج بن مسروق الجعفي. فأقبل حتى دخل عليه في فسطاطه فسلم عليه، فرد عليه، السلام، ثم قال: ما وراءك؟ فقال الحجاج: والله! ورائي يا ابن الحر! والله! قد أهدى الله إليك كرامة إن قبلتها! قال: وما ذاك؟ فقال: هذا الحسين بن علي (عليهما السلام) يدعوك إلى نصرته، فإن قاتلت بين يديه أجرت، وإن مت فإنك استشهدت! فقال له عبيد الله: والله! ما خرجت من الكوفة إلا مخافة أن يدخلها الحسين بن علي (عليهما السلام) وأنا فيها فلا أنصره، لأنه ليس في الكوفة شيعة ولا أنصار إلا وقد مالوا إلى الدنيا إلا من عصم الله منهم، فارجع إليه وخبره بذاك. فأقبل الحجاج إلى الحسين (عليه السلام) فخبره بذلك، فقام الحسين (عليه السلام) ثم صار إليه في جماعة من إخوانه، فلما دخل وسلم وثب عبيد الله بن الحر من صدر المجلس، وجلس الحسين، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
443 أما بعد، يا ابن الحر! فإن مصركم هذه كتبوا إلي وخبروني أنهم مجتمعون على نصرتي، وأن يقوموا دوني ويقاتلوا عدوي، وأنهم سألوني القدوم عليهم، فقدمت، ولست أدري القوم على ما زعموا، لأنهم قد أعانوا على قتل ابن عمي مسلم بن عقيل رحمه الله وشيعته. وأجمعوا على ابن مرجانة عبيد الله بن زياد يبايعني ليزيد بن معاوية، وأنت يا ابن الحر فاعلم أن الله عز وجل مؤاخذك بما كسبت وأسلفت من الذنوب في الأيام الخالية، وأنا أدعوك في وقتي هذا إلى توبة تغسل بها ما عليك من الذنوب، وأدعوك إلى نصرتنا أهل البيت، فإن أعطينا حقنا حمدنا الله على ذلك وقبلناه، وإن منعنا حقنا وركبنا بالظلم كنت من أعواني على طلب الحق. فقال عبيد الله بن الحر: والله! يا ابن بنت رسول الله! لو كان لك بالكوفة أعوان يقاتلون معك لكنت أنا أشدهم على عدوك، ولكني رأيت شيعتك بالكوفة وقد لزموا منازلهم خوفا من بني أمية ومن سيوفهم، فأنشدك بالله أن تطلب مني هذه المنزلة! وأنا أواسيك بكل ما أقدر عليه وهذه فرسي ملجمة، والله ما طلبت عليها شيئا إلا أذقته حياض الموت، ولا طلبت وأنا عليها فلحقت، وخذ سيفي هذا، فوالله ما ضربت به إلا قطعت. فقال له الحسين (عليه السلام): يا ابن الحر! ما جئناك لفرسك وسيفك، إنما أتيناك لنسألك النصرة، فإن كنت قد بخلت علينا بنفسك فلا حاجة لنا في شىء من مالك، ولم أكن بالذي أتخذ المضلين عضدا، لأني قد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يقول: من سمع داعية أهل بيتي، ولم ينصرهم على حقهم ألا أكبه الله على وجهه في النار. ثم سار الحسين (عليه السلام) من عنده ورجع إلى رحله. (1)
1 - الفتوح 5: 83، كنز الدقائق 6: 69 أشار إلى آخر الحديث. 444 وفي رواية: عن عبيد الله بن الحر؛ أنه سأل الحسين بن علي (عليهما السلام): أعهد إليك رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مسيرك هذا شيئا؟ فقال (عليه السلام): لا. (1) [412] - 195 - الطبري: وقال أبو مخنف: حدثني المجالد بن سعيد، عن عامر الشعبي: أن الحسين بن علي (عليهما السلام) [لما رأى الفسطاط] قال: لمن هذا الفسطاط؟ فقيل: لعبيد الله بن الحر الجعفي. قال: أدعوه لي. وبعث إليه، فلما أتاه الرسول، قال له: هذا الحسين بن علي (عليهما السلام) يدعوك، فقال عبيد الله بن الحر: إنا لله وإنا إليه راجعون، والله! ما خرجت من الكوفة إلا كراهة أن يدخلها الحسين (عليه السلام) وأنا بها، والله! ما أريد أن أراه ولا يراني. فأتاه الرسول فأخبره، فأخذ الحسين نعليه فانتعل، ثم قام حتى دخل عليه فسلم وجلس، ثم دعاه إلى الخروج معه، فأعاد عليه ابن الحر تلك المقالة. فقال له [الحسين (عليه السلام)]: فإلا تنصرنا فاتق الله أن لا تكون ممن يقاتلنا، فوالله! لا يسمع واعيتنا أحد ثم لا ينصرنا إلا هلك. قال: أما هذا فلا يكون أبدا إن شاء الله تعالى ثم قام الحسين (عليه السلام) من عنده حتى دخل رحله. (2) [413] - 196 - القندوزي الحنفي: [ولما] انتهى إلى قصر بني مقاتل، وإذا بفسطاط مضروب لرجل يقطع الطريق، فقال له: إنك عملت على نفسك ذنوبا كثيرة فهل لك من عمل تمحوبه ذنوبك؟ قال: بماذا؟ قال: تنصر ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله).
1 - مجمع الزوائد 9: 192، كنز العمال 13: 672. 2 - التأريخ 3: 309، الأخبار الطوال: 250 مع اختلاف في الألفاظ، الإرشاد: 226، الكامل في التأريخ 2: 554، بحار الأنوار 44: 379، العوالم 17: 229، وقعة الطف: 176. 445 قال: أعطيك فرسي وسيفي واعفني عن ذلك. قال: إذا بخلت علينا بنفسك فلا حاجة لنا بمالك، وتلا هذه الآية: (وما كنت متخذ المضلين عضدا) (1) ثم قال: سمعت جدي (صلى الله عليه وآله) يقول: من سمع واعيتنا أهل البيت ولم يجبها أكبه الله على منخريه في النار. (2) [414] - 197 - الطبري: قال أبو مخنف: حدثني عبد الرحمن بن جندب، عن عقبة بن سمعان، قال: لما كان في آخر الليل أمر الحسين بالاستقاء من الماء، ثم أمرنا بالرحيل، ففعلنا، قال: فلما ارتحلنا من قصر بني مقاتل، وسرنا ساعة خفق الحسين برأسه خفقة ثم انتبه وهو يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، والحمد لله رب العالمين. ففعل ذلك مرتين أو ثلاثا، فأقبل إليه ابنه علي بن الحسين على فرس له فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، والحمد لله رب العالمين، يا أبت! جعلت فداك مم حمدت الله واسترجعت؟ قال: يا بني! إني خفقت برأسي خفقة فعن لي فارس على فرس، فقال: القوم يسيرون والمنايا تسري إليهم، فعلمت أنها أنفسنا نعيت إلينا، قال له: يا أبت! لا أراك الله سوءا، ألسنا على الحق؟ قال: بلى والذي إليه مرجع العباد. قال: يا أبت! إذا لا نبالي، نموت محقين. فقال له [الحسين (عليه السلام)]: جزاك الله من ولد خير ما جزى ولدا عن والده. (3)
1 - الكهف: 18 / 51. 2 - ينابيع المودة: 406، مقتل الحسين (عليه السلام): 72. 3 - تأريخ الطبري 3: 309، الإرشاد: 226، الكامل في التأريخ 2: 555، بحار الأنوار 44: 379، العوالم 17: 229، وقعة الطف: 176. نقلت بعض المصادر هذه الرواية في منزل الثعلبية كما أشرنا إليه في محله. 446 لقاؤه (عليه السلام) مع عمرو بن قيس [415] - 198 - الصدوق: حدثني الحسين بن أحمد، قال: حدثني أبي، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن إسماعيل، عن علي بن الحكم، عن أبيه، عن أبي الجارود، عن عمرو بن قيس المشرقي، قال: دخلت على الحسين (عليه السلام) أنا وابن عم لي، وهو في قصر بني مقاتل فسلمنا عليه، فقال له ابن عمي: يا أبا عبد الله! هذا الذي أرى خضاب، أو شعرك؟ فقال: خضاب والشيب إلينا بني هاشم يعجل! ثم أقبل علينا فقال: جئتما لنصرتي؟ فقلت: إني رجل كبير السن كثير الدين، كثير العيال، وفي يدي بضائع للناس ولا أدري ما يكون وأكره أن أضيع أمانتي. وقال له ابن عمي مثل ذلك. قال لنا: فانطلقا فلا تسمعا لي واعية، ولا تريا لي سوادا، فإنه من سمع واعيتنا، أو رأى سوادنا فلم يجبنا ولم يغثنا كان حقا على الله عز وجل أن يكبه على منخريه في النار. (1) القطقطانة [416] - 199 - قال أبو جعفر الطبري: وحدثنا محمد بن جيد، عن أبيه جيد بن سالم بن جيد، عن راشد بن مزيد، قال:
1 - ثواب الأعمال وعقاب الأعمال: 591 ح 1، إختيار معرفة الرجال 1: 330 ح 181، بحار الأنوار 45: 84 ح 12، و 27: 204 ح 6. 447 شهدت الحسين بن علي (عليهما السلام) وصحبته من مكة حتى أتينا القطقطانة، (1) ثم استأذنته في الرجوع فأذن، فرأيته وقد استقبله سبع فكلمه فوقف له، قال: ما حال الناس بالكوفة؟ قال: قلوبهم معك وسيوفهم عليك! قال: ومن خلفت بها؟ قال: ابن زياد، وقد قتل مسلم بن عقيل. قال: وأين تريد؟ قال: عدن، [قال]: أيها السبع! هل عرفت ماء الكوفة. قال: ما علمنا من علمك إلا ما زودتنا! ثم انصرف وهو يقول: (وما ربك بظلم للعبيد (2)). (3) [417] - 200 - المفيد: روى سفيان بن عيينة، عن علي بن زيد، عن علي بن الحسين (عليهما السلام)، قال: خرجنا مع الحسين (عليه السلام) فما نزل منزلا! ولا ارتحل منه إلا ذكر يحيى بن زكريا وقتله، وقال يوما: ومن هوان الدنيا على الله أن رأس يحيى بن زكريا أهدي إلى بغية من بغايا بني إسرائيل. (4) [418] - 201 - ابن شهر آشوب: وفي حديث مقاتل: عن زين العابدين، عن [أبيه (عليهما السلام)] قال: إن امرأة ملك بني إسرائيل كبرت وأرادت أن تزوج بنتها منه للملك، فاستشار
1 - القطقطانة: موضع قرب الكوفة من جهة البرية بالطف، به كان سجن النعمان بن المنذر، معجم البلدان 4: 374. 2 - فصلت: 41 / 46. 3 - دلائل الإمامة: 74، مدينة المعاجز 3: 451 ح 23، إثبات الهداة 5: 206 ح 69 مختصرا. 4 - الإرشاد: 251، المناقب لابن شهرآشوب 4: 85، بحار الأنوار 45: 89 ح 28 و 298 ح 10، عوالي اللئالي 4: 81، كنز الدقائق 6: 162، العوالم 17: 608 ح 3. 448 الملك يحيى بن زكريا فنهاه عن ذلك، فعرفت المرأة ذلك وزينت بنتها وبعثتها إلى الملك، فذهبت ولعبت بين يديه، فقال لها الملك: ما حاجتك؟ قالت: رأس يحيى بن زكريا! فقال الملك: يا بنية! حاجة غير هذه! قالت: ما أريد غيره، وكان الملك إذا كذب فيهم عزل من ملكه، فخير بين ملكه وبين قتل يحيى فقتله، ثم بعث برأسه إليها في طشت من ذهب، فأمرت الأرض فأخذتها، وسلط الله عليهم بخت نصر فجعل يرمي عليهم بالمناجيق ولا تعمل شيئا، فخرجت عليه عجوز من المدينة فقالت: أيها الملك! إن هذه مدينة الأنبياء لا تنفتح إلا بما أدلك عليه. قال: لك ما سألت. قالت: ارمها بالخبث والعذرة! ففعل فتقطعت فدخلها، فقال: علي بالعجوز. فقال لها: ما حاجتك؟ قالت: في المدينة دم يغلي فاقتل عليه حتى يسكن! فقتل عليه سبعين ألفا حتى سكن. يا ولدي، يا علي! والله! لا يسكن دمي حتى يبعث الله المهدي فيقتل على دمي من المنافقين الكفرة الفسقة سبعين ألفا. (1)
1 - المناقب 4: 85، بحار الأنوار 45: 299 ح 10، العوالم 17: 608 ح 3، معجم أحاديث المهدي 3: 182 ح 705. 449 الإمام الحسين (عليه السلام) في كربلاء نزوله (عليه السلام) في نينوى [419] - 202 - المفيد: فلما أصبح نزل فصلى الغداة، ثم عمل الركوب وأخذ يتياسر بأصحابه يريد أن يفرقهم، فيأتيه الحر بن يزيد فيرده وأصحابه، فجعل إذا ردهم نحو الكوفة ردا شديدا امتنعوا عليه فارتفعوا، فلم يزالوا يتسايرون كذلك حتى انتهوا إلى نينوى (1)، المكان الذي نزل به الحسين (عليه السلام)، فإذا راكب على نجيب له عليه السلاح متنكب قوسا مقبل من الكوفة، فوقفوا جميعا ينتظرون، فلما انتهى إليهم سلم على الحر وأصحابه ولم يسلم على الحسين (عليه السلام) وأصحابه، ودفع إلى الحر كتابا من عبيد الله بن زياد [لعنه الله] فإذا فيه: أما بعد، فجعجع بالحسين حين يبلغك كتابي ويقدم عليك رسولي، ولا تنزله إلا بالعراء في غير خضر وعلى غير ماء، وقد أمرت رسولي أن يلزمك ولا يفارقك حتى يأتيني بإنفاذك أمري، والسلام.
1 - نينوى: وهي قرية يونس بن متى بالموصل، وناحية بسواد الكوفة، يقال لها: نينوى، ومنها كربلاء، معجم البلدان 5: 339. 450 فلما قرأ الكتاب قال لهم الحر: هذا كتاب الأمير عبيد الله، يأمرني أن أجعجع بكم في المكان الذي يأتي كتابه، وهذا رسوله وقد أمره أن لا يفارقني حتى أنفذ أمره فيكم. فنظر يزيد بن المهاجر الكندي - وكان مع الحسين (عليه السلام) - إلى رسول ابن زياد فعرفه، فقال له يزيد: ثكلتك أمك ماذا جئت فيه!؟ قال: أطعت إمامي، ووفيت ببيعتي. فقال له ابن المهاجر: بل عصيت ربك وأطعت إمامك في هلاك نفسك، وكسبت العار والنار، وبئس الإمام إمامك، قال الله تعالى: (وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيمة لا ينصرون) (1) فإمامك منهم. وأخذهم الحر بالنزول في ذلك المكان على غير ماء ولا في قرية، فقال له الحسين (عليه السلام): دعنا ويحك، ننزل في هذه القرية، أو هذه - يعني نينوى والغاضرية -، أو هذه (2) يعني شفية، قال: والله! ما أستطيع ذلك، هذا رجل قد بعث إلي عينا علي. فقال زهير بن القين: إني والله! ما أراه يكون بعد الذي ترون إلا أشد مما ترون يا ابن رسول الله! إن قتال هؤلاء القوم الساعة أهون علينا من قتال من يأتينا من بعدهم، فلعمري ليأتينا بعدهم ما لا قبل لنا به! فقال الحسين (عليه السلام): ما كنت لأبدأهم بالقتال. ثم نزل وذلك يوم الخميس وهو اليوم الثاني من المحرم سنة إحدى وستين. (3)
1 - القصص: 28 / 41. 2 - في الأخبار الطوال قال (عليه السلام): تقدم بنا قليلا إلى هذه القرية التي هي منا على غلوة وهي الغاضرية، أو هذه الأخرى التي تسمى السقبة، فنزل في إحديهما. 3 - الإرشاد: 226، تأريخ الطبري 3: 309، المناقب لابن شهرآشوب 4: 96 مع اختصار، الكامل في التأريخ 2: 555، بحار الأنوار 44: 380، العوالم 17: 230، الأخبار الطوال: 252، وفيه: ان وروده (عليه السلام) كان في غرة محرم يوم الأربعاء، وقال القندوزي في ينابيع المودة: 406: نزل يوم الأربعاء ثامن المحرم. 451 [420] - 203 - ابن أعثم: وأصبح الحسين (عليه السلام) من وراء عذيب الهجانات قال: وإذا بالحر بن يزيد قد ظهر له أيضا في جيشه. فقال الحسين (عليه السلام): ما وراءك يا ابن يزيد! أليس قد أمرتنا أن نأخذ على الطريق فأخذنا وقبلنا مشورتك؟ فقال: صدقت، ولكن هذا كتاب عبيد الله بن زياد قد ورد علي يؤنبني، ويعنفني في أمرك! فقال الحسين (عليه السلام): فذرنا حتى ننزل بقرية نينوى، أو الغاضرية. فقال الحر: لا والله! ما أستطيع ذلك، هذا رسول عبيد الله بن زياد معي، وربما بعثه عينا علي. قال: فأقبل الحسين بن علي (عليهما السلام) على رجل من أصحابه يقال له: زهير بن القين البجلي، فقال له: يا ابن بنت رسول الله! ذرنا حتى نقاتل هؤلاء القوم فإن قتالنا الساعة نحن وإياهم أيسر علينا وأهون من قتال من يأتينا من بعدهم. فقال الحسين (عليه السلام): صدقت يا زهير! ولكن ما كنت بالذي أنذرهم بقتال حتى يبتدروني. فقال له زهير: فسر بنا حتى نصير بكربلاء فإنها على شاطئ الفرات، فنكون هنالك فان قاتلونا قاتلناهم واستعنا بالله عليهم. قال: فدمعت عينا الحسين (عليه السلام)، ثم قال: أللهم! ثم أللهم! إني أعوذ بك من الكرب والبلاء. ونزل الحسين في موضعه ذلك. (1)
1 - الفتوح 5: 90، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 235. 452 [421] - 204 - الخوارزمي: ثم أقبل على أصحابه، فقال: أما بعد فإن الناس عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم، يحوطونه ما درت معائشهم، فإذا محصوا بالبلاء قل الديانون. ثم قال لهم: أهذه كربلاء؟ فقالوا: نعم. فقال: هذه موضع كرب وبلاء، ههنا مناخ ركابنا، ومحط رحالنا، ومسفك دمائنا. (1) [422] - 205 - ابن الأثير: وفي رواية: قال زهير: سر بنا إلى هذه القرية حتى ننزلها فإنها حصينة، وهي على شاطئ الفرات، فإن منعونا قاتلناهم، فقتالهم أهون علينا من قتال من يجئ بعدهم. فقال الحسين (عليه السلام): ما هي؟ قال: العقر. قال: أللهم إني أعوذ بك من العقر. (2) [423] - 206 - الدينوري: فقال الحسين (عليه السلام) للحر: سر بنا قليلا ثم ننزل، فسار معه حتى أتوا كربلاء، فوقف الحر وأصحابه أمام الحسين ومنعوهم من المسير وقال: إنزل بهذا المكان، فالفرات منك قريب. قال الحسين: وما اسم هذا المكان؟ قالوا له: كربلاء.
1 - مقتل الحسين (عليه السلام) 1: 234، بحار الأنوار 44: 183، العوالم 17: 244. 2 - الكامل في التأريخ 2: 555، وقعة الطف: 179، الأخبار الطوال: 252 مع اختلاف. 453 قال: ذات كرب وبلاء، ولقد مر أبي بهذا المكان عند مسيره إلى صفين، وأنا معه، فوقف، فسأل عنه، فأخبر باسمه، فقال: هاهنا محط ركابهم، وهاهنا مهراق دمائهم، فسئل عن ذلك، فقال: ثقل لآل بيت محمد (صلى الله عليه وآله)، ينزلون هاهنا. (1) [424] - 207 - السيد مرتضى العسكري: وقبض الحسين (عليه السلام) قبضة منها فشمها، وقال: هذه والله! هي الأرض التي أخبر بها جبرئيل رسول الله أنني أقتل فيها، أخبرتني أم سلمة، قالت: كان جبرئيل عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنت معي، فبكيت، فقال رسول الله: دعي ابني! فتركتك، فأخذك ووضعك في حجره، فقال جبرئيل: أتحبه؟ قال: نعم. قال: فإن أمتك ستقتله، وإن شئت أريتك تربة أرضه التي يقتل فيها! قال: نعم. فبسط جبرئيل جناحه على أرض كربلاء، فأراه إياها! وفي رواية: لما أحيط بالحسين بن علي، قال: ما اسم هذه الأرض؟ قيل: كربلاء. فقال: صدق النبي (صلى الله عليه وآله) إنها أرض كرب وبلاء. (2) [425] - 208 - البهبهاني: وفي رواية عن أبي مخنف في مقتله باسناده عن الكلبي أنه قال: وساروا جميعا إلى أن أتوا إلى أرض كربلاء، وذلك في يوم الأربعاء، فوقف فرس الحسين (عليه السلام) من تحته، فنزل عنها وركب أخرى فلم ينبعث من تحته خطوة واحدة يمينا وشمالا، ولم يزل يركب فرسا بعد فرس حتى ركب سبعة أفراس وهن
1 - الأخبار الطوال: 252، معالم المدرستين 3: 95. 2 - معالم المدرستين 3: 96، وهذه مأخوذة من روايات وردت في تذكرة الخواص: 225، والمعجم الكبير 3: 108 ح 2819 و 106 ح 2812، مجمع الزوائد 9: 192، و 189، تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 219، البداية والنهاية 8: 183 وفي المصدرين الأخيرين أشار إلى آخر الحديث فقط، نفس المهموم: 205. 454 على هذا الحال، فلما رأى الإمام ذلك الأمر الغريب، قال: يا قوم! ما يقال لهذه الأرض؟ قالوا: أرض الغاضرية. قال: فهل لها اسم غير هذا؟ قالوا: تسمى نينوى. قال: هل لها اسم غير هذا؟ قالوا: تسمى بشاطئ الفرات. قال: هل لها اسم غير هذا؟ قالوا: تسمى كربلاء. قال: فعند ذلك تنفس الصعداء، وقال: أرض كرب وبلاء ثم قال: قفوا ولا ترحلوا، فهاهنا والله! مناخ ركابنا، وهاهنا والله! سفك دمائنا، وهاهنا والله! هتك حريمنا، وهاهنا والله! قتل رجالنا، وهاهنا والله! ذبح أطفالنا، وهاهنا والله! تزار قبورنا، وبهذه التربة وعدني جدي رسول الله ولا خلف لقوله (صلى الله عليه وآله). (1) [426] - 209 - القندوزي الحنفي: فساروا جميعا إلى أن انتهوا إلى أرض كربلاء، إذ وقف جواد الحسين، وكلما حثه على المسير لم ينبعث من تحته خطوة واحدة، فقال الإمام: ما يقال لهذه الأرض؟ قالوا: تسمى كربلاء. فقال: هذه والله! أرض كرب وبلاء، هاهنا تقتل الرجال، وترمل النساء، وهاهنا محل قبورنا ومحشرنا، وبهذا أخبرني جدي (صلى الله عليه وآله). (2)
1 - الدمعة الساكبة 4: 256، ناسخ التواريخ 2: 168، ذريعة النجاة: 67. 2 - ينابيع المودة: 406. 455 [427] - 210 - الحر العاملي: وروى أبو مخنف لوط بن يحيى الأزدي في كتاب مقتل الحسين (عليه السلام): أنه لما وصل إلى كربلاء، قال: قفوا ولا تبرحوا، هاهنا والله مناخ ركابنا، وهاهنا والله! محط رحالنا، وهاهنا والله! تسفك دماؤنا، وهاهنا والله! يستباح حريمنا، وهاهنا والله! محل قبورنا، هاهنا والله! محشرنا ومنشرنا. (1) [428] - 211 - ابن أعثم: وكتب عبيد الله بن زياد [لعنه الله] إلى الحسين (عليه السلام): أما بعد، يا حسين! فقد بلغني نزولك بكربلاء، وقد كتب إلي أمير المؤمنين يزيد أن لا أتوسد الوثير، ولا أشبع من الخبز، أو ألحقك باللطيف الخبير، أو ترجع إلى حكمي وحكم يزيد بن معاوية، والسلام. فلما ورد الكتاب قرأه الحسين (عليه السلام)، ثم رمى به، ثم قال: لا أفلح قوم آثروا مرضاة أنفسهم على مرضاة الخالق. فقال له الرسول: أبا عبد الله! جواب الكتاب؟ قال: ما له عندي جواب؛ لانه قد حقت عليه كلمة العذاب. فقال الرسول لابن زياد ذلك، فغضب من ذلك أشد الغضب. (2) [429] - 212 - أبو إسحاق الإسفرايني: ثم إن الحسين (عليه السلام) أمر بنصب الخيام للحريم والأولاد، وجعل يصلح سيفه وآلة حربه، وهو يبكي ويقول هذه الأبيات: أهل العراق هل لكم خليل * ولكم بالاشراف الفضيل
1 - إثبات الهداة 5: 202، كنز الدقائق 8: 58 مع اختلاف يسير. 2 - الفتوح 5: 95 مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 239، باختلاف، بحار الأنوار 46: 383، العوالم 17: 234. 456 والأمر في ذلك للجليل * وكل حي سالك سبيل ما أفرق النقلة والرحيل * وكل شىء آلة دليل. (1) شراء أراضي نينوى [430] - 213 - الطريحي: روي أنه (عليه السلام) إشترى النواحي التي فيها قبره من أهل نينوى والغاضرية بستين ألف درهم، وتصدق بها عليهم، وشرط عليهم أن يرشدوا إلى قبره ويضيفوا من زاره ثلاثة أيام. (2) كتابه (عليه السلام) إلى أشراف الكوفة [431] - 214 - ابن أعثم: ونزل الحسين (عليه السلام) في موضعه ذلك، ونزل الحر بن يزيد حذاءه في ألف فارس، ودعا الحسين (عليه السلام) بدواة وبياض وكتب إلى أشراف الكوفة ممن كان يظن أنه على رأيه: بسم الله الرحمن الرحيم، من الحسين بن علي إلى سليمان بن صرد، والمسيب بن نجبة، ورفاعة بن شداد، وعبد الله بن وال، وجماعة المؤمنين، أما بعد فقد علمتم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد قال في حياته: من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرام، أو تاركا لعهد الله، ومخالفا لسنة رسول الله، فعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، ثم لم يغير عليه بقول ولا فعل، كان حقا على الله أن يدخله مدخله.
1 - نور العين في مشهد الحسين (عليه السلام): 32. 2 - مجمع البحرين 4: 28 لغة كربل، معالي السبطين 1: 284 وأضاف فيه: قال الصادق (عليه السلام): حرم الحسين الذي اشتراه أربعة أميال في أربعة أميال، فهو حلال لولده ومواليه، وحرام على غيرهم ممن خالفهم وفيه البركة. 457 وقد علمتم أن هؤلاء لزموا طاعة الشيطان، وتولوا عن طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد، وعطلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلوا حرام الله، وحرموا حلاله، وأنا أحق من غيري بهذا الأمر لقرابتي من رسول الله (صلى الله عليه وآله). وقد أتتني كتبكم وقدمت علي رسلكم ببيعتكم، أنكم لا تخذلوني، فإن وفيتم لي ببيعتكم فقد استوفيتم حقكم وحظكم ورشدكم، ونفسي مع أنفسكم، وأهلي وولدي مع أهاليكم وأولادكم، فلكم في أسوة، وإن لم تفعلوا ونقضتم عهدكم ومواثقكم وخلعتم بيعتكم، فلعمري ما هي منكم بنكر، لقد فعلتموها بأبي وأخي وابن عمي، هل المغرور إلا من اغتر بكم، فإنما حقكم أخطأتم، ونصيبكم ضيعتم، ومن نكث فإنما ينكث على نفسه، وسيغني الله عنكم، والسلام. (1) ثم طوى الكتاب وختمه ودفعه إلى قيس بن مسهر الصيداوي، فسار إلى الكوفة وقتل بها، ولما بلغ الحسين (عليه السلام) قتل قيس استعبر باكيا، ثم قال: أللهم اجعل لنا ولشيعتنا عندك منزلا كريما، واجمع بيننا وبينهم في مستقر من رحمتك، إنك على كل شىء قدير. (2) لقاؤه (عليه السلام) مع عبد الله المشرقي [432] - 215 - الطبري: عن أبي مخنف أنه قال: حدثنا عبد الله بن عاصم الفائشي - بطن من همدان - عن الضحاك بن عبد الله المشرقي، قال: قدمت ومالك بن النضر الأرحبي
1 - الفتوح 5: 91، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 234، بحار الأنوار 44: 381، العوالم 17: 232. 2 - مقتل الحسين (عليه السلام) 1: 236، الفتوح 5: 93، وفيه بدل " شيعتنا " " شيعتك "، اللهوف: 33، بحار الأنوار 44: 382 و 374 وفي الصفحة الأخيرة ذكره في شهادة عبيد الله بن يقطر، وفي بعض الروايات: أن الإمام (عليه السلام) أرسل قيس بن مسهر من منزل الحاجز ومر فيها. 458 على الحسين، فسلمنا عليه، ثم جلسنا إليه، فرد علينا ورحب بنا وسألنا عما جئنا له، فقلنا: جئنا لنسلم عليك، وندعو الله لك بالعافية، ونحدث بك عهدا، ونخبرك خبر الناس، وإنا نحدثك أنهم قد جمعوا على حربك فر رأيك. فقال الحسين (عليه السلام): حسبي الله ونعم الوكيل. قال: فتذممنا وسلمنا عليه ودعونا الله له. قال: فما يمنعكما من نصرتي؟ فقال مالك بن النضر: علي دين ولي عيال. فقلت له: إن علي دينا وإن لي لعيالا، ولكنك إن جعلتني في حل من الانصراف إذا لم أجد مقاتلا، قاتلت عنك ما كان لك نافعا وعنك دافعا. قال: قال: فأنت في حل، فأقمت معه. (1) لقاؤه (عليه السلام) مع هرثمة [433] - 216 - الصدوق: حدثنا أحمد بن الحسن القطان، عن الحسن بن علي السكري، عن محمد بن زكريا، عن قيس بن حفص الدارمي، عن حسين الأشقر، عن منصور بن الأسود، عن أبي حسان التيمي، عن نشيط بن عبيد، عن رجل منهم، عن جرداء بنت سمين، عن زوجها هرثمة بن أبي مسلم قال: غزونا مع علي بن أبي طالب - (عليه السلام) - صفين، فلما انصرفنا نزل بكربلاء فصلى بها الغداة، ثم رفع إليه من تربتها فشمها، ثم قال: واها لك أيتها التربة! ليحشرن منك قوم يدخلون الجنة بغير حساب! فرجع هرثمة إلى زوجته، وكانت شيعة لعلي (عليه السلام) فقال: ألا أحدثك عن وليك أبي الحسن؟! نزل بكربلاء، فصلى ثم رفع إليه من تربتها، فقال: واها لك أيتها التربة!
1 - تأريخ الطبري 3: 315، معالم المدرستين 3: 113، عبرات المصطفين 1: 448. 459 ليحشرن منك أقوام يدخلون الجنة بغير حساب! قالت: أيها الرجل! فإن أمير المؤمنين (عليه السلام) لم يقل إلا حقا. فلما قدم الحسين (عليه السلام)، قال هرثمة: كنت في البعث الذين بعثهم عبيد الله بن زياد، فلما رأيت المنزل والشجر ذكرت الحديث، فجلست على بعيري ثم صرت إلى الحسين (عليه السلام)، فسلمت عليه وأخبرته بما سمعت من أبيه في ذلك المنزل الذي نزل به الحسين (عليه السلام). فقال: معنا أنت أم علينا؟ فقلت: لا معك ولا عليك! خلفت صبية أخاف عليهم عبيد الله بن زياد! قال: فامض حيث لا ترى لنا مقتلا ولا تسمع لنا صوتا، فوالذي نفس حسين بيده! لا يسمع اليوم واعيتنا أحد فلا يعيننا إلا أكبه الله لوجهه في جهنم. (1) لقاؤه (عليه السلام) مع سفير عمر بن سعد [434] - 217 - ابن أعثم: وبعث عبيد الله بن زياد عمر بن سعد في أربعة آلاف من أهل الكوفة إلى كربلاء، ثم دعا عمر بن سعد رجلا من أصحابه يقال له: عروة بن قيس، فقال له: امض يا هذا! إلى الحسين، فقل له: ما تصنع في هذا الموضع؟ وما الذي أخرجه عن مكة، وقد كان مستوطنا بها؟ فقال عروة بن قيس: أيها الأمير! إني كنت اليوم، أكاتب الحسين ويكاتبني، وأنا
1 - الأمالي: 117، تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 235، مع اختلاف في السند والمتن، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 3: 169 باختلاف يسير، بحار الأنوار 32 6 419 باختلاف و 44: 255، العوالم 17: 147. 460 أستحي أن أسير إليه، فإن رأيت أن تبعث غيري فابعث. قال فبعث إليه رجلا يقال له: فلان [كثير] بن عبد الله السبيعي [الشعبي]، وكان فارسا بطلا شجاعا لا يرد وجه [وجهه] عن شيء، فقال له عمر بن سعد: امض إلى الحسين فسله ما الذي أخرجه عن مكة، وما يريد؟ قال: فأقبل السبيعي نحو الحسين، ثم قال له الحسين (عليه السلام) لما رآه: ضع سيفك حتى نكلمك! فقال: لا ولا كرامة لك، إنما أنا رسول عمر بن سعد، فإن سمعت مني بلغتك ما أرسلت به، وإن أبيت انصرفت عنك. فقال له أبو ثمامة الصائدي: فإني آخذ سيفك. فقال: لا والله! لا يمس سيفي أحد؛ فقال أبو ثمامة: فتكلم بما تريد ولا تدن من الحسين، فإنك رجل فاسق. قال: فغضب السبيعي ورجع إلى عمر بن سعد، وقال: إنهم لم يتركوني أصل إلى الحسين فأبلغه الرسالة. فأرسل إليه قرة بن قيس الحنظلي، فأقبل، فلما رأى معسكر الحسين، قال الحسين (عليه السلام) لأصحابه: هل تعرفون هذا؟ فقال حبيب بن مظاهر الأسدي: نعم، هذا من بني تميم، وقد كنت أعرفه بحسن الرأي، وما ظننت أنه يشهد هذا المشهد! وتقدم الحنظلي حتى وقف بين يدي الحسين فسلم عليه وأبلغه رسالة عمر بن سعد، فقال (عليه السلام): يا هذا! أعلم صاحبك عني، أني لم أرد إلى ههنا حتى كتب إلي أهل مصركم أن يبايعوني ولا يخذلوني وينصروني، فإن كرهوني أنصرف عنهم من حيث جئت. (1)
1 - الفتوح: 5: 97 مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 241، تأريخ الطبري 3: 310، الإرشاد: 227، روضة الواعظين 1: 181، بحار الأنوار 44: 384، العوالم 17: 235، أعيان الشيعة 1: 599، وقعة الطف: 184 مع اختلاف. 461 [435] - 218 - أبو مخنف: فدعا ابن سعد بكثير بن شهاب وقال له: انطلق إلى الحسين (عليه السلام) وقل له: ما الذي جاء بك إلينا، وأقدمك علينا؟ فأقبل حتى وقف بإزاء الحسين (عليه السلام) ونادى: يا حسين! ما الذي جاء بك إلينا وأقدمك علينا؟ فقال الحسين (عليه السلام): أتعرفون هذا الرجل؟ فقال له أبو ثمامة الصيداوي: هذا من أشر أهل الأرض. فقال (عليه السلام): سلوه ما يريد؟ فقال: أريد الدخول على الحسين (عليه السلام). فقال له زهير بن القين: ألق سلاحك وادخل. فقال: لست أفعل. فقال: انصرف من حيث أتيت، فانصرف إلى ابن سعد وأخبره بذلك، فأنفذ برجل آخر من خزيمة وقال له: امض إلى الحسين (عليه السلام) وقل له: ما الذي جاء بك إلينا وأقدمك علينا؟ فأقبل حتى وقف بإزاء الحسين (عليه السلام) فنادى، فقال الحسين (عليه السلام): أتعرفون هذا الرجل؟ فقالوا: هذا رجل فيه الخير إلا أنه شهد هذا الموضع! فقال: سلوه ما يريد؟ فقال: أريد الدخول على الحسين (عليه السلام). فقال له زهير: ألق سلاحك وادخل. فقال: حبا وكرامة. ثم ألقى سلاحه ودخل عليه فقبل يديه ورجليه وقال: يا مولاي! ما الذي جاء بك إلينا وأقدمك علينا؟ فقال (عليه السلام): كتبكم. فقال: الذين كاتبوك هم اليوم من خواص ابن زياد!
462 فقال له: ارجع إلى صاحبك وأخبره بذلك. فقال: يا مولاي! من الذي يختار النار على الجنة، فوالله! ما أفارقك حتى ألقى حمامي بين يديك! فقال له الحسين (عليه السلام): واصلك الله كما واصلتنا بنفسك. ثم أقام عند الحسين حتى قتل. (1) [436] - 219 - الدينوري: أنه (عليه السلام) قال: أبلغه عني أن أهل هذا المصر كتبوا إلي يذكرون أن لا إمام لهم، ويسألونني القدوم عليهم، فوثقت بهم، فغدروا بي، بعد أن بايعني منهم ثمانية عشر ألف رجل، فلما دنوت، فعلمت غرور ما كتبوا به إلي أردت الانصراف إلى حيث منه أقبلت، فمنعني الحر بن يزيد، وسار حتى جعجع بي في هذا المكان، ولي بك قرابة قريبة، ورحم ماسة، فأطلقني حتى أنصرف! فانصرف [قرة بن قيس الحنظلي] إلى عمر بن سعد فأخبره الخبر، فقال له عمر ابن سعد: إني لأرجو أن يعافيني الله من حربه وقتاله. وكتب إلى ابن زياد بذلك، وأجاب ابن زياد: أعرض على الحسين أن يبايع ليزيد بن معاوية هو وجميع أصحابه، فإذا فعل ذلك رأينا رأينا. فلما انتهى كتابه إلى عمر بن سعد قال: ما أحسب ابن زياد يريد العافية! فأرسل عمر بن سعد بكتاب ابن زياد إلى الحسين، فقال الحسين (عليه السلام) للرسول: لا أجيب ابن زياد بذلك أبدا، فهل هو إلا الموت، فمرحبا به. (2)
1 - مقتل الحسين (عليه السلام): 81، الإمام الحسين (عليه السلام) وأصحابه 1: 224، معالي السبطين 1: 309. 2 - الأخبار الطوال: 253. 463 إرسال حبيب إلى حي من بني أسد [437] - 220 - ابن أعثم: وأقبل حبيب بن مظاهر الأسدي إلى الحسين (عليه السلام)، فقال: يا ابن رسول الله! هاهنا حي من بني أسد بالقرب منا، أتأذن لي في المصير إليهم فأدعوهم إلى نصرتك، فعسى الله أن يدفع بهم عنك؟ قال: قد أذنت لك يا حبيب! فخرج حبيب إليهم في جوف الليل متنكرا حتى أتى إليهم فعرفوه أنه من بني أسد، فقالوا: ما حاجتك؟ فقال: إني قد أتيتكم بخير ما أتى به وافد إلى قوم، أتيتكم أدعوكم إلى نصر ابن بنت نبيكم، فإنه في عصابة من المؤمنين، الرجل منهم خير من ألف رجل، لن يخذلوه ولن يسلموه أبدا، وهذا عمر بن سعد قد أحاط به، وأنتم قومي وعشيرتي وقد أتيتكم بهذه النصيحة، فأطيعوني اليوم في نصرته تنالوا بها شرف الدنيا والآخرة، فإني أقسم بالله! لا يقتل أحد منكم في سبيل الله مع ابن بنت رسول الله صابرا محتسبا إلا كان رفيقا لمحمد (صلى الله عليه وآله) في عليين. قال: فوثب إليه رجل من بني أسد يقال له: عبد الله بن بشر (1)، فقال: أنا أول من يجيب إلى هذه الدعوة، ثم جعل يرتجز ويقول: قد علم القوم إذا تواكلوا * وأحجم الفرسان إذ تناقلوا إني شجاع بطل مقاتل * كأنني ليث عرين باسل ثم تبادر رجال الحي حتى التأم منهم تسعون رجلا، فأقبلوا يريدون الحسين (عليه السلام)، وخرج رجل في ذلك الوقت من الحي حتى صار إلى عمر بن سعد
1 - في الفتوح: بشر بن عبيد الله. 464 فأخبره بالحال، فدعا ابن سعد برجل من أصحابه يقال له: الأزرق بن حرب الصيداوي، فضم إليه أربعمائة فارس ووجهه نحو حي بني أسد، فبينما أولئك القوم قد أقبلوا يريدون عسكر الحسين (عليه السلام) في جوف الليل، إذا استقبلهم خيل ابن سعد على شاطئ الفرات، وبينهم وبين عسكر الحسين (عليه السلام) اليسير، فناوش القوم بعضهم بعضا، واقتتلوا قتالا شديدا، وصاح حبيب بن مظاهر الأسدي بالأزرق: ويلك مالك ومالنا انصرف عنا، ودعنا يشقى بنا غيرك! فأبى الأزرق أن يرجع، وعلمت بنو أسد أنه لا طاقة لهم بالقوم، فانهزموا راجعين إلى حيهم، ثم إنهم ارتحلوا في جوف الليل خوفا من ابن سعد أن يبيتهم، ورجع حبيب بن مظاهر إلى الحسين (عليه السلام) فخبره بذلك، فقال (عليه السلام): لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. (1) دعاؤه (عليه السلام) على عبد الله بن حصين [438] - 221 - الطبري: قال أبو مخنف: حدثني سليمان بن أبي راشد، عن حميد بن مسلم الأزدي، قال: جاء من عبيد الله بن زياد كتاب إلى عمر بن سعد: أما بعد، فحل بين الحسين وأصحابه وبين الماء، ولا يذوقوا منه قطرة! كما صنع بالتقي الزكي المظلوم أمير المؤمنين عثمان بن عفان. فبعث عمر بن سعد عمرو بن الحجاج على خمسمائة فارس، فنزلوا على الشريعة، وحالوا بين حسين (عليه السلام) وأصحابه وبين الماء أن يسقوا منه قطرة، وذلك قبل قتل الحسين (عليه السلام) بثلاث، ونازله عبد الله بن أبي حصين الأزدي - وعداده في بجيلة - فقال: يا حسين! ألا تنظر إلى الماء كأنه كبد السماء، والله! لا تذوق منه قطرة حتى
1 - الفتوح 5: 100، بحار الأنوار 44: 386، العوالم 17: 237. 465 تموت عطشا! فقال حسين (عليه السلام): اللهم اقتله عطشا، ولا تغفر له أبدا. قال حميد بن مسلم: والله! لعدته بعد ذلك في مرضه، فوالله الذي لا إله إلا هو! لقد رأيته يشرب حتى بغر، ثم يقيء، ثم يعود فيشرب حتى يبغر فما يروى، فما زال ذلك دأبه حتى لفظ عصبه يعني نفسه. (1) [439] - 222 - أبو جعفر الطبري: أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون، عن أبيه، عن أبي علي محمد بن همام، عن أحمد بن الحسين المعروف بابن أبي القاسم، عن أبيه، عن الحسن بن علي، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): لما منع الحسين وأصحابه من الماء نادى فيهم: من كان ظمآن [ظمآنا] فليجئ، فأتاه أصحابه رجلا رجلا فجعل إبهامه في راحة [فم] واحد فلم يزل يشرب الرجل بعد الرجل حتى ارتووا كلهم، فقال بعضهم: والله! لقد شربنا شرابا ما شربه أحد من العالمين في دار الدنيا، ولما عزموا على القتال في الغد أقعدهم الحسين عند المغرب رجلا رجلا يسميهم بأسمائهم وأسماء آبائهم ودعا بمائدة فأطعمهم وأكل معهم، وتلك من طعام الجنة وسقاهم من شرابها. (2) [440] - 223 - البهبهاني: وفي المعدن عن كتاب أنساب النواصب، عن كتاب فتوحات القدس، ما مضمونه: أن الحسين (عليه السلام) لما اشتد به العطش جاءه رجل سياح ومعه آنية من الخشب مملؤة من الماء، فناوله إياها فأخذها الحسين (عليه السلام) من يده وصبه على الأرض وقال:
1 - تأريخ الطبري 3: 311، الإرشاد: 228، الكامل في التأريخ 2: 556، بحار الأنوار 44: 389، العوالم 17: 240، إحقاق الحق 11: 582. 2 - دلائل الإمامة: 78، الدمعة الساكبة 4: 56 و 367، تظلم الزهراء: 8، مدينة المعاجز 3: 463 ح 33. 466 أيها السياح! أتزعم أنا لا نقدر على الماء!؟ انظر. فلما نظر رأى أنهارا جارية، فملأ الحسين (عليه السلام) آنيته من الحصى وناوله إياها، فإذا الحصى قد انقلبت بالجواهر الفريدة! (1) [441] - 224 - الطبري: أنه ولما اشتد على الحسين (عليه السلام) وأصحابه العطش دعا العباس بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) أخاه، فبعثه في ثلاثين فارسا وعشرين راجلا، وبعث معهم بعشرين قربة، فجاؤوا حتى دنوا من الماء ليلا، واستقدم أمامهم باللواء نافع بن هلال الجملي، فقال عمرو بن الحجاج الزبيدي: من الرجل؟ فجيىء! فقال: ما جاء بك؟ قال: جئنا نشرب من هذا الماء الذي حلأتمونا عنه! قال: فاشرب هنيئا. قال: لا والله! لا أشرب منه قطرة وحسين عطشان ومن ترى من أصحابه! فطلعوا عليه. فقال: لا سبيل إلى سقي هؤلاء، إنما وضعنا بهذا المكان لنمنعهم الماء. ولما دنا منه أصحابه قال لرجاله: املأوا قربكم! فشد الرجالة، فملأوا قربهم. وثار إليهم عمرو بن الحجاج وأصحابه، فحمل عليهم العباس بن علي ونافع بن هلال فكفوهم! ثم انصرفوا إلى رحالهم فقالوا: امضوا، ووقفوا دونهم، فعطف عليهم عمرو بن الحجاج وأصحابه واطردوا قليلا، وجاء أصحاب حسين (عليه السلام) بالقرب فأدخلوها عليه. وطعن نافع بن هلال في تلك الليلة رجلا من أصحاب عمرو بن الحجاج،
1 - الدمعة الساكبة 4: 344. 467 وانتقضت الطعنة بعد ذلك فمات منها، فهو أول قتيل من القوم جرح تلك الليلة. ثم رجع القوم إلى معسكرهم وشرب الحسين (عليه السلام) من القرب ومن كان معه. (1) لقاؤه (عليه السلام) مع عمر بن سعد [442] - 225 - الخوارزمي: وأرسل الحسين (عليه السلام) إلى ابن سعد: إني أريد أن أكلمك فالقني الليلة بين عسكري وعسكرك. فخرج إليه عمر بن سعد في عشرين فارسا، والحسين (عليه السلام) في مثل ذلك، ولما التقيا أمر الحسين (عليه السلام) أصحابه فتنحوا عنه، و بقي معه أخوه العباس وابنه علي الأكبر، وأمر عمر بن سعد أصحابه فتنحوا عنه و بقي معه ابنه حفص وغلام له يقال له: لاحق. فقال الحسين (عليه السلام) لابن سعد: ويحك أما تتقي الله الذي إليه معادك؟ أتقاتلني وأنا ابن من علمت؟ يا هذا! ذر هؤلاء القوم وكن معي، فإنه أقرب لك من الله. فقال له عمر: أخاف أن تهدم داري! فقال الحسين (عليه السلام): أنا أبنيها لك! فقال عمر: أخاف أن تؤخذ ضيعتي! فقال (عليه السلام): أنا أخلف عليك خيرا منها من مالي بالحجاز. فقال: لي عيال أخاف عليهم! فقال: أنا أضمن سلامتهم. ثم سكت فلم يجبه عن ذلك، فانصرف عنه الحسين (عليه السلام)، وهو يقول: مالك، ذبحك الله على فراشك
1 - تأريخ الطبري 3: 313، الفتوح 5: 102، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 244، العوالم 17: 239، بحار الأنوار 44: 388، الأخبار الطوال: 255، وقعة الطف: 191 مع اختلاف. 468 سريعا عاجلا، ولا غفر لك يوم حشرك ونشرك، فوالله! إني لأرجو أن لا تأكل من بر العراق إلا يسيرا. فقال له عمر: يا أبا عبد الله! في الشعير عوض عن البر! ثم رجع عمر إلى معسكره. (1) [443] - 226 - ابن شهر آشوب: وروي أن الحسين بن علي (عليهما السلام) قال لعمر بن سعد: إن مما يقر لعيني أنك لا تأكل من بر العراق بعدي إلا قليلا. فقال مستهزئا: يا أبا عبد الله! في الشعير خلف! فكان كما قال، لم يصل إلى الري وقتله المختار. (2) [444] - 227 - الطبري: قال أبو مخنف: حدثني أبو جناب، عن هاني بن ثبيت الحضرمي - وكان قد شهد قتل الحسين - قال: بعث الحسين (عليه السلام) إلى عمر بن سعد، عمرو بن قرظة بن كعب الأنصاري: أن ألقني الليل بين عسكري وعسكرك. فخرج عمر بن سعد في نحو من عشرين فارسا، وأقبل حسين (عليه السلام) في مثل ذلك، فلما التقوا أمر حسين (عليه السلام) أصحابه: أن يتنحوا عنه، وأمر عمر بن سعد أصحابه بمثل ذلك. فانكشفنا عنهما بحيث لا نسمع أصواتهما ولا كلامهما، فتكلما فأطالا حتى ذهب من الليل هزيع، ثم انصرف كل واحد منهما إلى عسكره بأصحابه.
1 - مقتل الحسين (عليه السلام) 1: 245، الفتوح 5: 102، البداية والنهاية 8: 189، بحار الأنوار 44: 388، العوالم 17: 239، أعيان الشيعة 1: 599 مع اختلاف. 2 - المناقب 4: 55، بحار الأنوار 45: 300 ح 1. 469 وتحدث الناس فيما بينهما ظنا يظنونه أن حسينا (عليه السلام) قال لعمر بن سعد: اخرج معي إلى يزيد بن معاوية وندع العسكرين، قال عمر: إذن تهدم داري! قال: أنا أبنيها لك. قال: إذن تؤخذ ضياعي! قال: إذن أعطيك خيرا منها من مالي بالحجاز. فتكره ذلك عمر، تحدث الناس بذلك وشاع فيهم، من غير أن يكونوا سمعوا من ذلك شيئا ولا علموه! قال أبو مخنف: وأما ما حدثنا به المجالد بن سعيد، والصقعب بن زهير الأزدي وغيرهما من المحدثين فهو ما عليه جماعة المحدثين، قالوا: إنه قال: اختاروا مني خصالا ثلاثا: 1 - إما أن أرجع إلى المكان الذي أقبلت منه. 2 - وإما أن أضع يدي في يد يزيد بن معاوية فيرى فيما بيني وبينه رأيه. 3 - وإما أن تسيروني إلى أي ثغر من ثغور المسلمين شئتم، فأكون رجلا من أهله لي ما لهم وعلي ما عليهم. فأما عبد الرحمن بن جندب فحدثني، عن عقبة بن سمعان أنه قال: صحبت حسينا فخرجت معه من المدينة إلى مكة، ومن مكة إلى العراق، ولم أفارقه حتى قتل، وليس من مخاطبته الناس كلمة بالمدينة ولا بمكة، ولا في الطريق ولا بالعراق ولا في عسكره إلى يوم مقتله إلا سمعتها، ألا - والله! - ما أعطاهم ما يتذاكر الناس وما يزعمون: من أن يضع يده في يد يزيد بن معاوية! ولا أن يسيروه إلى ثغر من
470 ثغور المسلمين! ولكنه قال: دعوني فلأذهب في هذه الأرض العريضة حتى ننظر ما يصير أمر الناس. (1) [445] - 228 - أبو الفرج الأصبهاني: فوجه (عليه السلام) إلى عمر بن سعد (لعنه الله)، فقال: ماذا تريدون مني!؟ إني مخيركم ثلاثا بين أن تتركوني ألحق بيزيد! أو أرجع من حيث جئت! أو أمضي إلى بعض ثغور المسلمين فأقيم فيها. ففرح ابن سعد بذلك وظن أن ابن زياد لعنه الله يقبله منه، فوجه إليه رسولا يعلمه ذلك ويقول: لو سألك هذا بعض الديلم ولم تقبله ظلمته! فوجه إليه ابن زياد: طمعت يا ابن سعد في الراحة وركنت إلى دعة!؟ ناجز الرجل وقاتله ولا ترض منه إلا أن ينزل على حكمي! فقال الحسين (عليه السلام): معاذ الله أن أنزل على حكم ابن مرجانة أبدا. (2) فكتب عمر بن سعد إلى ابن زياد، وطلب إصلاح الأمر بينه وبين الحسين (عليه السلام)، فلما قرأ ابن زياد كتاب عمر بن سعد، قال: هذا كتاب رجل ناصح لأميره. لكن قال شمر بن ذي الجوشن: أتقبل هذا منه، وقد نزل بأرضك إلى جنبك؟ والله! لئن رحل من بلدك ليكونن أولى بالقوة، ولتكونن أولى بالضعف! فقال ابن زياد: نعم ما رأيت! الرأي رأيك. ثم كتب إلى عمر بن سعد: إني لم أبعثك إلى حسين لتكف عنه... انظر فإن نزل حسين وأصحابه على الحكم فابعث بهم إلى سلما، وإلا فازحف إليهم حتى تقتلهم وتمثل بهم، فإنهم لذلك مستحقون! فإن
1 - تأريخ الطبري 3: 312، تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 219، الكامل في التأريخ 2: 557، ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من الطبقات لابن سعد: 69. 2 - مقاتل الطالبيين: 113، هذه وما قبلها من مفتعلات شيعة آل أبي سفيان ولأنها مخالفة لسيرة أبي عبد الله (عليه السلام). 471 قتل حسين فأوطئ الخيل صدره وظهره!! وإن أبيت فاعتزل عملنا وجندنا، وخل بين شمر بن ذي الجوشن وبين العسكر، فإنا قد أمرناه أمرنا. (1) عرض الأمان على العباس وإخوته (عليهم السلام) [446] - 229 - ابن أعثم: وقام عبد الله بن أبي المحل بن حزام العامري وقال: إن بني أختنا مع الحسين، فإن رأيت أن تكتب لهم كتابا بأمان منك فعلت متفضلا. فأجابه عبيد الله إلى ذلك. فكتب عبد الله من ابن زياد أمانا للعباس وعبد الله وجعفر وعثمان بني أم البنين، وعرض غلام عبد الله الأمان عليهم، فقالوا: أمان الله خير لنا من أمان ابن مرجانة. وأيضا أقبل شمر بن ذي الجوشن حتى وقف على معسكر الحسين (عليه السلام) فنادى بأعلى صوته: أين بنو أختنا عبد الله وجعفر والعباس وعثمان! بنو علي بن أبي طالب (عليه السلام)؟ فقال الحسين (عليه السلام) لإخوته: أجيبوه وإن كان فاسقا فإنه من أخوالكم. فنادوه فقالوا: ما شأنك وما تريد؟ فقال: يا بني أختي! أنتم آمنون فلا تقتلوا أنفسكم مع أخيكم الحسين (عليه السلام)، وألزموا طاعة أمير المؤمنين يزيد بن معاوية! فقال له العباس بن علي: تبا لك يا شمر! ولعنك الله ولعن ما جئت به من أمانك هذا، يا عدو الله! أتأمرنا أن ندخل في طاعة العناد ونترك نصرة أخينا الحسين (عليه السلام)!؟ قال: فرجع الشمر إلى معسكره مغتاظا. (2)
1 - تلخيص مما رواه الطبري في تاريخه 3: 313 والمفيد في الإرشاد: 229. 2 - الفتوح 5: 104، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 246، اللهوف: 38 وفيه الواقعة الأخيرة فقط، أعيان الشيعة 1: 600، وقعة الطف: 190، تأريخ الطبري 3: 314، الإرشاد: 230، بحار الأنوار 44: 391 وفي المصادر الأربعة الأخيرة نقلت الواقعة فقط دون ذكر كلمات الإمام (عليه السلام). 472 زحف ابن سعد [447] - 230 - المفيد: أن عمر بن سعد نادى بعد صلاة العصر: يا خيل الله اركبي وبالجنة أبشري! فركب الناس، ثم زحف نحو الحسين (عليه السلام) وأصحابه. وكان الحسين (عليه السلام) جالسا أمام بيته محتبيا بسيفه، إذ خفق برأسه على ركبته. وسمعت أخته [زينب] الصيحة فدنت من أخيها فقالت: يا أخي! أما تسمع الأصوات قد اقتربت! فرفع الحسين (عليه السلام) رأسه فقال: إني رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) الساعة في المنام فقال لي: إنك تروح إلينا! فلطمت أخته وجهها، ونادت بالويل، فقال لها الحسين (عليه السلام): ليس لك الويل يا أخيه أسكتي رحمك الله. (1) [448] - 231 - ابن أعثم: وفي رواية أنه (عليه السلام) قال: يا أختاه إني رأيت جدي في المنام، وأبي عليا (عليه السلام)، وأمي فاطمة (عليها السلام)، وأخي الحسن (عليه السلام)، فقالوا: يا حسين! إنك رائح إلينا عن قريب! وقد والله يا أختاه! دنا الأمر في ذلك، لا شك! فلطمت زينب وجهها وصاحت: وا خيبتاه! فقال الحسين (عليه السلام): مهلا اسكتي ولا تصيحي، فتشمت بنا الأعداء. (2) [449] - 232 - الطبري: وقال العباس بن علي (عليه السلام):
1 - الإرشاد: 230، الكامل في التأريخ 2: 558، تأريخ الطبري 3: 314، بحار الأنوار 44: 391، العوالم 17: 242. 2 - الفتوح 5: 109، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 249، اللهوف: 39. 473 يا أخي! أتاك القوم، فنهض الحسين (عليه السلام)، ثم قال: يا عباس! اركب بنفسي أنت - يا أخي! - حتى تلقاهم فتقول لهم: ما لكم؟ وما بدا لكم؟ وتسألهم عما جاء بهم؟ فأتاهم العباس فاستقبلهم في نحو من عشرين فارسا فيهم زهير بن القين، وحبيب بن مظاهر، فقال لهم العباس (عليه السلام): ما بدا لكم؟ وما تريدون؟ قالوا: جاء أمر الأمير بأن نعرض عليكم أن تنزلوا على حكمه أو ننازلكم. قال: فلا تعجلوا حتى أرجع إلى أبي عبد الله فأعرض عليه ما ذكرتم. فوقفوا ثم قالوا: ألقه فأعلمه ذلك، ثم القنا بما يقول. فانصرف العباس (عليه السلام) راجعا يركض إلى الحسين (عليه السلام) يخبره بالخبر، ووقف أصحابه يخاطبون القوم... وحين أتى العباس بن علي حسينا (عليهما السلام) بما عرض عليه عمر بن سعد، قال له الحسين (عليه السلام): (1) ارجع إليهم فإن استطعت أن تؤخرهم إلى غدوة وتدفعهم عنا العشية، لعلنا نصلي لربنا الليلة وندعوه ونستغفره، فهو يعلم أني قد كنت أحب الصلاة له وتلاوة كتابه وكثرة الدعاء والاستغفار. (2) وأقبل العباس بن علي (عليه السلام) يركض فرسه حتى انتهى إليهم، فقال: يا هؤلاء! إن أبا عبد الله يسألكم أن تنصرفوا هذه العشية حتى ينظر في هذا الأمر، فإن هذا أمر لم يجر بينكم وبينه فيه منطق، فإذا أصبحنا التقينا إن شاء الله، فإما رضيناه فأتينا بالأمر الذي تسألونه وتسومونه، أو كرهنا فرددناه.
1 - وفي مقتل الخوارزمي: فإن استطعت أن تعرفهم وتدفعهم عنا باقي هذا اليوم فافعل لعلنا نصلي لربنا ليلتنا هذه ندعوا الله ونستعينه ونستنصره على هؤلاء القوم. 2 - تأريخ الطبري 3: 314، الإرشاد: 230، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 249، الكامل في التأريخ 2: 558، اللهوف: 88، البداية والنهاية 8: 190، بحار الأنوار 44: 391، العوالم 17: 242، وقعة الطف: 193 مع اختلاف. 474 وإنما أراد بذلك أن يردهم عنه تلك العشية حتى يأمر بأمره ويوصي أهله، فلما أتاهم العباس بن علي بذلك قال عمر بن سعد: يا شمر! ما ترى؟ قال: ما ترى أنت، أنت الأمير والرأي رأيك. قال: أردت أن لا أكون! ثم أقبل على الناس فقال: ماذا ترون؟ فقال عمرو بن الحجاج بن سلمة الزبيدي: سبحان الله! والله! لو كانوا من الديلم ثم سألوك هذه المنزلة لكان ينبغي لك أن تجيبهم إليها! وقال قيس بن الأشعث: أجبهم إلى ما سألوك، فلعمري ليصبحنك بالقتال غدوة! فقال: والله! لو أعلم أن يفعلوا ما أخرتهم العشية.... قال علي بن الحسين (عليهما السلام): فأتانا رسول من قبل عمر بن سعد، فقام حيث يسمع الصوت فقال: إنا قد أجلناكم إلى غد، فإن استسلمتم سرحنا بكم إلى أميرنا عبيد الله ابن زياد، وإن أبيتم فلسنا تاركيكم. (1) [450] - 233 - ابن سعد: وفي رواية: وقدم شمر بن ذي الجوشن الضبابي على عمر بن سعد بما أمره به عبيد الله عشية الخميس لتسع خلون من المحرم سنة إحدى وستين بعد العصر، فنودي في العسكر، فركبوا وحسين جالس أمام بيته محتبيا، فنظر إليهم قد أقبلوا فقال للعباس بن علي بن أبي طالب: القهم فسلهم ما بدا لهم؟ فسألهم فقالوا: أتانا كتاب الأمير يأمرنا أن نعرض عليك أن تنزل على حكمه، أو نناجزك. فقال: انصرفوا عنا العشية حتى ننظر ليلتنا هذه فيما عرضتم. فانصرف عمر. (2)
1 - تأريخ الطبري 3: 314، وقعة الطف: 195. 2 - ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من الطبقات لابن سعد: 70، البداية والنهاية 8: 190. 475 حفر الخندق [451] - 234 - ابن أعثم: فلما آيس الحسين (عليه السلام) من القوم، وعلم أنهم قاتلوه أقبل على أصحابه فقال: قوموا فاحفروا لنا حفيرة حول عسكرنا هذا شبه الخندق وأججوا فيه نارا، حتى يكون قتال القوم من وجه واحد، لا يقاتلون فنشتغل بحربهم ونضيع الحرم. فوثب القوم من كل ناحية وتعاونوا وحفروا خندقا، ثم جمعوا الشوك والحطب وألقوه في الخندق وأججوا فيه النار. (1) [452] - 235 - المفيد: وفى رواية: ثم خرج إلى أصحابه فأمرهم أن يقرب بعضهم بيوتهم من بعض، وأن يدخلوا الأطناب بعضها في بعض، وأن يكونوا بين البيوت، فيستقبلون القوم من وجه واحد، والبيوت من ورائهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم قد حفت بهم إلا الوجه الذي يأتيهم منه عدوهم. (2) [453] - 236 - ابن أعثم: وأقبل رجل من معسكر عمر بن سعد، يقال له: مالك بن حوزة على فرس له حتى وقف عند الخندق وجعل ينادي: أبشر يا حسين! فقد تلفحك النار في الدنيا قبل الآخرة. فقال له الحسين (عليه السلام): كذبت يا عدو الله! إني قادم على رب رحيم وشفيع مطاع، وذلك جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله).
1 - الفتوح 5: 107، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 248 وفيه بعد قوله: من وجه واحد: فإنهم لو قاتلونا وشغلنا بحربهم لضاعت الحرم. 2 - الإرشاد: 232، تأريخ الطبري 3: 317، الكامل في التأريخ 2: 560، العوالم 17: 246، وقعة الطف: 201. 476 ثم قال الحسين: من هذا الرجل؟ فقالوا: هذا مالك بن حوزة. فقال الحسين (عليه السلام): أللهم! حزه إلى النار، وأذقه حرها في الدنيا قبل مصيره إلى الآخرة! قال: فلم يكن بأسرع أن شبت به الفرس فألقته في النار، فاحترق. قال: فخر الحسين (عليه السلام) لله ساجدا مطيعا، ثم رفع رأسه وقال: يا لها من دعوة ما كان أسرع إجابتها! قال: ثم رفع الحسين صوته ونادى: اللهم! إنا أهل نبيك وذريته وقرابته، فاقصم من ظلمنا وغصبنا حقنا، إنك سميع مجيب. (1) [454] - 237 - القندوزي الحنفي: وفي رواية: أن أصحاب الإمام حفروا حول الخيمة خندقا، وملاؤه نارا حتى يكون الحرب من جهة واحدة، فقال رجل ملعون: عجلت يا حسين! بنار الدنيا قبل نار الآخرة!؟ فقال الحسين (عليه السلام): تعيرني بالنار وأبي قاسمها وربي غفور رحيم، ثم قال لأصحابه: أتعرفون هذا الرجل. فقالوا: هو جبيرة الكلبي لعنه الله. فقال الحسين: أللهم أحرقه بالنار في الدنيا قبل نار الآخرة، فما استتم كلامه حتى تحرك به جواده، فطرحه مكبا على رأسه في وسط النار فاحترق، فكبروا، ونادى مناد من السماء: هنيت بالإجابة سريعا يا ابن رسول الله!. (2)
1 - الفتوح: 5: 108، نور العين في مشهد الحسين (عليه السلام): 43 وفيه: فقال الحسين: اللهم أذقه النار في الدنيا قبل الآخرة، فنفر به جواده فألقاه في النار فاحترق، فقال الحسين: الله أكبر من دعوة ما أسرع إجابتها. 2 - ينابيع المودة: 410. 477 وقايع ليلة عاشوراء خطبته (عليه السلام) في ترخيص أصحابه وأهل بيته! [455] - 238 - الطبري: قال أبو مخنف: حدثني عبد الله بن عاصم الفائشي، عن الضحاك بن عبد الله المشرقي بطن من همدان - أن الحسين بن علي (عليه السلام) جمع أصحابه قال أبو مخنف: وحدثني الحارث بن حصيرة، عن عبد الله بن شريك العامري، عن علي بن الحسين، قالا: جمع الحسين (عليه السلام) أصحابه بعد ما رجع عمر بن سعد، وذلك عند قرب المساء، قال علي بن الحسين (عليهما السلام): فدنوت منه لأسمع وأنا مريض، فسمعت أبي وهو يقول لأصحابه: أثني على الله تبارك وتعالى أحسن الثناء، وأحمده على السراء والضراء، اللهم إني أحمدك على أن أكرمتنا بالنبوة، وعلمتنا القرآن، وفقهتنا في الدين، وجعلت لنا أسماعا وأبصارا وأفئدة، ولم تجعلنا من المشركين. أما بعد، فإني لا أعلم أصحابا أولى ولا خيرا من أصحابي، ولا أهل بيت أبر ولا أوصل من أهل بيتي، فجزاكم الله عني جميعا خيرا، ألا وإني أظن يومنا من هؤلاء الأعداء غدا، ألا وإني قد رأيت لكم، فانطلقوا جميعا في حل،
478 ليس عليكم مني ذمام، هذا ليل قد غشيكم فاتخذوه جملا. (1) [456] - 239 - ابن أعثم: وجمع الحسين أصحابه بين يديه، وحمد الله وأثنى عليه، وقال: أللهم لك الحمد على ما به فضلتنا، وعلمتنا من القرآن، وفهمتنا في الدين، وأكرمتنا به من كرامة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وجعلت لنا أسماعا وأبصارا وأفئدة وجعلتنا من الشاكرين. ثم أقبل عليهم، وقال: إني لا أعلم أصحابا أصح منكم ولا أعدل، ولا أفضل أهل بيت، فجزاكم الله عني خيرا، فهذا الليل قد أقبل فقوموا واتخذوه جملا، وليأخذ كل رجل منكم بيد صاحبه أو رجل من إخوتي وتفرقوا في سواد هذا الليل وذروني وهؤلاء القوم، فإنهم لا يطلبون غيري، ولو أصابوني وقدروا على قتلي لما طلبوكم. (2) [457] - 240 - الصدوق: فقام الحسين (عليه السلام) في أصحابه خطيبا فقال: أللهم إني لا أعرف أهل بيت أبر ولا أزكى ولا أطهر من أهل بيتي، ولا أصحابا هم خير من أصحابي، وقد نزل بي ما قد ترون وأنتم في حل من بيعتي، ليست لي في أعناقكم بيعة، ولا لي عليكم ذمة، وهذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا وتفرقوا في سواده فإن القوم إنما يطلبوني، ولو ظفروا بي لذهلوا عن طلب غيري. (3)
1 - تأريخ الطبري 3: 315، الإرشاد: 231، الكامل في التأريخ 2: 559، العوالم 17: 243 وفي الثلاثة الأخيرة بدل " ولم تجعلنا من المشركين "، " فاجعلنا من الشاكرين "، الخرائج والجرائح 3: 1153 مختصرا، أعيان الشيعة 1: 600، وقعة الطف: 197. 2 - الفتوح 5: 105، الكامل في التأريخ 2: 559، أعيان الشيعة 1: 600، وقعة الطف: 197 وفي الثلاثة الأخيرة من قوله: " وليأخذ كل رجل... ". 3 - الأمالي: 133، بحار الأنوار 44: 315. 479 [458] - 241 - الراوندي: سعد بن عبد الله: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، حدثنا الحسين بن سعيد، حدثنا النضر بن سويد، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة الثمالي، قال: قال علي بن الحسين (عليهما السلام): كنت مع أبي الليلة التي قتل صبيحتها، فقال لأصحابه: هذا الليل فاتخذوه جملا، فإن القوم إنما يريدونني، ولو قتلوني لم يلتفتوا إليكم، وأنتم في حل وسعة. فقالوا: لا، والله! لا يكون هذا أبدا. قال: إنكم تقتلون غدا كذلك، لا يفلت منكم رجل. قالوا: الحمد لله الذي شرفنا بالقتل معك. ثم دعا، وقال لهم: إرفعوا رؤوسكم وانظروا. فجعلوا ينظرون إلى مواضعهم ومنازلهم من الجنة، وهو يقول لهم: هذا منزلك يا فلان! وهذا قصرك يا فلان! وهذه درجتك يا فلان! فكان الرجل يستقبل الرماح والسيوف بصدره ووجهه ليصل إلى منزله من الجنة. (1) [459] - 242 - وعنه: روي عن زين العابدين (عليه السلام) أنه قال: لما كانت الليلة التي قتل فيها الحسين (عليه السلام) في صبيحتها قام في أصحابه، فقال (عليه السلام): إن هؤلاء يريدونني دونكم، ولو قتلوني لم يقبلوا إليكم، فالنجاء النجاء، وأنتم في حل فإنكم إن أصبحتم معي قتلتم كلكم. فقالوا: لا نخذلك، ولا نختار العيش بعدك.
1 - الخرائج والجرائح 2: 847 ح 62، بحار الأنوار 44: 298 ح 3، العوالم 17: 350 وفي الأخيرين بدل " جملا " " جنة ". 480 فقال (عليه السلام): إنكم تقتلون كلكم حتى لا يفلت منكم واحد. فكان كما قال (عليه السلام). (1) [460] - 243 - البلاذري: وفي رواية أخرى: عرض الحسين (عليه السلام) على أهله ومن معه أن يتفرقوا عنه ويجعلوا الليل جملا، وقال: إنما القوم يطلبونني وقد وجدوني، وما كانت كتب من كتب إلي - فيما أظن - إلا مكيدة لي وتقربا إلى ابن معاوية بي. فقالوا: قبح الله العيش بعدك. (2) [461] - 244 - الطبري: قال أبو مخنف: حدثنا عبد الله بن عاصم الفائشي - بطن من همدان - عن الضحاك بن عبد الله المشرقي،... قال: فلما كان الليل قال: هذا الليل قد غشيكم، فاتخذوه جملا. ثم ليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي، تفرقوا في سوادكم ومدائنكم حتى يفرج الله، فإن القوم إنما يطلبوني ولو قد أصابوني لهوا عن طلب غيري. (3) [462] - 245 - الإمام العسكري (عليه السلام): في قوله عزوجل: (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لأدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين). (4) قال (عليه السلام): ولما امتحن الحسين (عليه السلام)، ومن معه بالعسكر الذين قتلوه وحملوا رأسه قال لعسكره: أنتم في حل من بيعتي فالحقوا بعشائركم ومواليكم. وقال لأهل بيته: قد جعلتكم في حل من مفارقتي، فإنكم لا تطيقونهم لتضاعف أعدادهم وقواهم، وما المقصود غيري فدعوني والقوم. فإن الله عز وجل يعينني ولا
1 - الخرائج والجرائح 1: 254 ح 8، بحار الأنوار 45: 89، العوالم 17: 344. 2 - أنساب الأشراف 3: 185. 3 - تأريخ الطبري 3: 315، البداية والنهاية 8: 191، عبرات المصطفين 1: 448. 4 - البقرة: 2 / 34. 481 يخليني من حسن نظره كعادته في أسلافنا الطيبين. فأما عسكره ففارقوه، وأما أهله والأدنون من أقربائه فأبوا وقالوا: لا نفارقك ويحزننا ما يحزنك، ويصيبنا ما يصيبك، وإنا أقرب ما نكون إلى الله إذا كنا معك. فقال لهم: فإن كنتم قد وطنتم أنفسكم على ما وطنت نفسي عليه فاعلموا أن الله إنما يهب المنازل الشريفة لعباده باحتمال المكاره، وأن الله وإن كان خصني - مع من مضى من أهلي الذين أنا آخرهم بقاء في الدنيا - من الكرامات بما يسهل علي معها احتمال الكريهات [المكروهات]، فإن لكم شطر ذلك من كرامات الله تعالى، واعلموا أن الدنيا حلوها ومرها حلم، والانتباه في الآخرة، والفائز من فاز فيها، والشقي من شقي فيها، أو لا أحدثكم بأول أمرنا وأمركم معاشر أوليائنا ومحبينا والمعتصمين المتعصبين لنا ليسهل عليكم احتمال ما أنتم له مقرون؟ قالوا: بلى، يا ابن رسول الله! قال: إن الله تعالى لما خلق آدم وسواه وعلمه أسماء كل شيء وعرضهم على الملائكة جعل محمدا وعليا وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) أشباحا خمسة في ظهر آدم، وكانت أنوارهم تضيء في الآفاق من السماوات والحجب والجنان والكرسي والعرش، فأمر الله الملائكة بالسجود لآدم تعظيما له، أنه قد فضله بأن جعله وعاء لتلك الأشباح التي قد عم أنوارها الآفاق، فسجدوا إلا إبليس أبى أن يتواضع لجلال عظمة الله، وأن يتواضع لأنوارنا أهل البيت وقد تواضعت لها الملائكة كلها واستكبر وترفع وكان بإبائه ذلك وتكبره من الكافرين. (1)
1 - التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 217، بحار الأنوار 11: 149، مقدمة تفسير البرهان: 31 قطعة منه، الدمعة الساكبة 4: 270 إلى قوله: " الشقي من شقي فيها ". 482 [463] - 246 - البهبهاني روى عن كتاب نور العيون بإسناده عن سكينة بنت الحسين، أنها قالت: كنت جالسة في ليلة مقمرة وسط الخيمة، وإذا أنا أسمع من خلفها بكاء وعويلا، فخشيت أن يفقه بي النساء، فخرجت أعثر بأذيالي وإذا بأبي (عليه السلام) جالس، وحوله أصحابه وهو يبكي وسمعته يقول لهم: إعلموا، أنكم خرجتم معي لعلمكم أني أقدم على قوم بايعوني بألسنتهم وقلوبهم، وقد انعكس الأمر لأنهم استحوذ عليهم الشيطان فأنسيهم ذكر الله، والآن ليس لهم مقصد إلا قتلي وقتل من يجاهد بين يدي، وسبي حريمي بعد سلبهم، وأخشى أن تكونوا ما تعلمون وتستحيون. والخدع عندنا أهل البيت محرم، فمن كره منكم ذلك فلينصرف، فالليل ستير والسبيل غير خطير والوقت ليس بهجير، ومن واسانا بنفسه كان معنا غدا في الجنان نجيا من غضب الرحمن، وقد قال جدي محمد (صلى الله عليه وآله): ولدي الحسين يقتل بأرض كربلاء غريبا وحيدا عطشانا فريدا، فمن نصره فقد نصرني ونصر ولده القائم، ولو نصرنا بلسانه فهو في حزبنا يوم القيمة. قالت سكينة: فوالله! ما أتم كلامه إلا وتفرق القوم من عشرة وعشرين، فلم يبق معه إلا واحد وسبعون رجلا فنظرت إلى أبي منكسا رأسه فخنقتني العبرة، فخشيت أن يسمعني ورفعت طرفي إلى السماء وقلت: أللهم إنهم خذلونا، فاخذلهم ولا تجعل لهم دعاء مسموعا، وسلط عليهم الفقر، ولا ترزقهم شفاعة جدي يوم القيامة، ورجعت ودموعي تجري على خدي، فرأتني عمتي أم كلثوم فقالت: ما دهاك يا بنتاه! فأخبرتها الخبر فصاحت: وا جداه! وا علياه! وا حسناه! وا حسيناه!
483 واقلة ناصراه! أين الخلاص من الأعداء؟ ليتهم يقنعون بالفداء! تركت جوار جدك وسلكت بنا بعد المدى! فعلا منا البكاء والنحيب، فسمع أبي ذلك فأتى إلينا يعثر في أذياله ودموعه تجري وقال: ما هذا البكاء؟ فقالت: يا أخي! ردنا إلى حرم جدنا. فقال (عليه السلام): يا أختاه! ليس لي إلى ذلك سبيل. قالت: أجل، ذكرهم محل جدك وأبيك وأمك وأخيك. قال: ذكرتهم فلم يذكروا ووعظتهم فلم يتعظوا ولم يسمعوا قولي، فما لهم غير قتلي سبيل ولا بد أن تروني على الثرى جديلا، ولكن أوصيكن بتقوى الله رب البرية، والصبر على البلية، وكظم نزول الرزية، وبهذا وعد جدكم، ولا خلف لما أوعد ودعتكم إلهي الفرد الصمد. ثم تباكينا ساعة والإمام (عليه السلام) يقول: (وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون (1)) (2). موقف الأصحاب وأهل بيته [464] - 247 - المفيد: فقال له إخوته وأبناؤه وبنو أخيه وابنا عبد الله بن جعفر: لم نفعل ذلك؟ ألنبقى بعدك؟! لا أرانا الله ذلك أبدا! وبدأهم بهذا القول العباس بن علي (عليهما السلام)، واتبعه الجماعة عليه فتكلموا بمثله ونحوه.
1 - البقرة: 2 / 57. 2 - الدمعة الساكبة 4: 271، أسرار الشهادة: 268، ناسخ التواريخ 2: 160 ذكره عند لقائه مع الحر. 484 فقال الحسين (عليه السلام): يا بني عقيل! حسبكم من القتل بمسلم، فاذهبوا أنتم فقد أذنت لكم. قالوا: سبحان الله! فما يقول الناس؟ يقولون: إنا تركنا شيخنا وسيدنا وبني عمومتنا خير الأعمام، ولم نرم معهم بسهم، ولم نطعن معهم برمح، ولم نضرب معهم بسيف، ولا ندري ما صنعوا، لا والله ما نفعل! ولكن نفديك بأنفسنا وأموالنا وأهلينا، ونقاتل معك حتى نرد موردك! فقبح الله العيش بعدك! وقام إليه مسلم بن عوسجة فقال: أنحن نخلي عنك، وبما نعتذر إلى الله في أداء حقك! أما والله! حتى أطعن في صدورهم برمحي، وأضربهم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي، ولو لم يكن معي سلاح أقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة. والله! لا نخليك حتى يعلم الله أنا قد حفظنا غيبة رسوله فيك، أما والله! لو قد علمت أني أقتل، ثم أحيى، ثم أحرق، ثم أحيى، ثم أذرى، يفعل ذلك بي سبعين مرة ما فارقتك حتى ألقي حمامي دونك، فكيف لا أفعل ذلك وإنما هي قتلة واحدة ثم هي الكرامة التي لا انقضاء لها أبدا. وتكلم زهير بن القين وجماعة أصحابه بكلام يشبه بعضه بعضا. (1) [465] - 248 - ابن سعد: وجمع حسين (عليه السلام) أصحابه في ليلة عاشوراء ليلة الجمعة، فحمد الله وأثنى عليه، وذكر النبى (صلى الله عليه وآله) وما أكرمه الله به من النبوة، وما أنعم به على أمته، وقال: إني لا أحسب القوم إلا مقاتلوكم غدا، وقد أذنت لكم جميعا، فأنتم في حل مني، وهذا الليل قد غشيكم، فمن كانت له منكم قوة فليضم رجلا من
1 - الإرشاد: 231، تأريخ الطبري 3: 315، البداية والنهاية 8: 191، الكامل في التأريخ 2: 559، العوالم 17: 244، وقعة الطف: 198. 485 أهل بيتي إليه وتفرقوا في سوادكم، حتى يأتي الله بالفتح أو أمر من عنده، فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين، فإن القوم إنما يطلبونني، فإذا رأوني لهوا عن طلبكم. فقال أهل بيته: لا أبقانا الله بعدك، ولا نفارقك حتى يصيبنا ما أصابك، وقال ذلك أصحابه جميعا، فقال: أثابكم الله على ما تنوون الجنة! (1) [466] - 249 - البحراني: عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت علي بن الحسين زين العابدين (عليهما السلام) يقول: لما كان اليوم الذي استشهد فيه أبي، جمع أهله وأصحابه في ليلة ذلك اليوم فقال لهم: يا أهلي وشيعتي اتخذوا هذا الليل (جملا لكم) فانهجوا بأنفسكم، فليس المطلوب غيري، ولو قتلوني ما فكروا فيكم، فانجوا رحمكم الله فأنتم في حل وسعة من بيعتي وعهدي الذي عاهدتموني. فقال إخوته وأهله وأنصاره بلسان واحد: والله، يا سيدنا يا أبا عبد الله! لا خذلناك أبدا، والله! لا قال الناس: تركوا إمامهم وكبيرهم وسيدهم وحده حتى قتل! ونبلوا بيننا وبين الله عذرا، ولا نخليك أو نقتل دونك. فقال (عليه السلام) لهم: يا قوم! إني في غد أقتل وتقتلون كلكم معي ولا يبقى منكم واحد. فقالوا: الحمد لله الذي أكرمنا بنصرك وشرفنا بالقتل معك، أو لا ترضى أن نكون معك في درجتك يا ابن رسول الله؟! فقال (عليه السلام): جزاكم الله خيرا. ودعا لهم بخير، فأصبح وقتل وقتلوا معه أجمعون. فقال له القاسم بن الحسن (عليه السلام): وأنا فيمن يقتل؟
1 - ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) الطبقات لابن سعد: 70، تاريخ الإسلام للذهبي 5: 301 بتفاوت يسير. 486 فأشفق عليه فقال له: يا بني! كيف الموت عندك؟ قال: يا عم! أحلى من العسل! فقال (عليه السلام): إي والله! فداك عمك، إنك لأحد من يقتل من الرجال معي بعد أن تبلو [تبلى] ببلاء عظيم، وابني عبد الله! فقال: يا عم! ويصلون إلى النساء حتى يقتل عبد الله وهو رضيع؟ فقال (عليه السلام): فداك عمك! يقتل عبد الله إذ جفت روحي عطشا، وصرت إلى خيمنا فطلبت ماء ولبنا فلا أجد قط، فأقول: ناولوني إبني لأشرب من فيه! فيأتوني به، فيضعونه على يدي فأحمله لأدنيه من في فيرميه فاسق بسهم فينحره وهو يناغي! فيفيض دمه في كفي، فأرفعه إلى السماء وأقول: أللهم صبرا واحتسابا فيك. فتعجلني الأسنة منهم، والنار تستعر في الخندق الذي في ظهر الخيم، فأكر عليهم في أمر أوقات في الدنيا، فيكون ما يريد الله. فبكى وبكينا، وارتفع البكاء والصراخ من ذراري رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الخيم، ويسأل زهير بن القين وحبيب بن مظاهر عني، فيقولون: يا سيدنا؟ فسيدنا علي - فيشيرون إلى - ماذا يكون من حاله؟ فيقول مستعبرا: ما كان الله ليقطع نسلي من الدنيا، فكيف يصلون إليه؟ وهو أبو ثمانية أئمة. (1) ترخيص محمد بن بشير [467] - 250 - ابن عساكر: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، أنبأنا أبو محمد الشيرازي، أنبأنا أبو عمر الخراز، أنبأنا أبو الحسن الخشاب، أنبأنا الحسين بن محمد، أنبأنا محمد بن سعيد، أنبأنا علي بن محمد، عن أبي الأسود العبدي:
1 - مدينة المعاجز 4: 214 ح 295، نفس المهموم: 230، ناسخ التواريخ 2: 220. 487 قيل لمحمد بن بشير الحضرمي - وهو مع الحسين في كربلاء - قد اسر ابنك بثغر الري، فقال: عند الله أحتسبه ونفسي، ما كنت أحب أن يؤسر وأنا أبقي بعده! فسمع قوله الحسين (عليه السلام)، فقال له: رحمك الله أنت في حل من بيعتي فاعمل في فكاك ابنك. قال: أكلتني السباع حيا إن فارقتك! قال: فأعط ابنك هذه الأثواب والبرود تستعين بها في فداء أخيه، فأعطاه خمسة أثواب قيمتها ألف دينار. (1) [468] - 251 - ابن أعثم: وجاء الليل فبات الحسين في الليل ساجدا وراكعا مستغفرا يدعو الله تعالى، له دوى كدوي النحل، قال: وأقبل شمر بن ذي الجوشن - لعنه الله - في نصف الليل ومعه جماعة من أصحابه حتى تقارب من عسكر الحسين (عليه السلام)، والحسين قد رفع صوته، وهو يتلو هذه الآية: (ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم). (2) إلى آخرها. قال: فصاح لعين من أصحاب شمر بن ذي الجوشن: نحن ورب الكعبة الطيبون وأنتم الخبيثون، وقد ميزنا منكم! قال: فقطع برير الصلاة فناداه: يا فاسق! يا فاجر! يا عدو الله! أمثلك يكون من الطيبين! ما أنت إلا بهيمة لا تعقل، فأبشر بالنار يوم القيامة والعذاب الأليم. قال: فصاح به شمر بن ذي الجوشن - لعنه الله - وقال: أيها المتكلم! إن الله تبارك وتعالى قاتلك وقاتل صاحبك عن قريب! فقال له برير: يا عدو الله! أبا لموت تخوفني، والله! إن الموت أحب إلينا من الحياة معكم! والله لا ينال شفاعة
1 - تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 154، اللهوف: 40، بحار الأنوار 44: 394، العوالم 17: 244، أعيان الشيعة 1: 601 وفي الثلاثة الأخيرة محمد بن بشر، مقاتل الطالبيين: 116، ولم يذكر اسمه وذكره اختصارا. 2 - آل عمران: 3 / 178. 488 محمد (صلى الله عليه وآله) قوم أراقوا دماء ذريته وأهل بيته. قال: وأقبل رجل من أصحاب الحسين إلى برير بن حضير فقال له: رحمك الله يا برير! إن أبا عبد الله يقول لك: إرجع إلى موضعك ولا تخاطب القوم، فلعمري لئن كان مؤمن آل فرعون نصح لقومه وأبلغ في الدعاء فلقد نصحت وأبلغت في النصح. (1) [469] - 252 - المفيد: فقام [الحسين (عليه السلام)] الليل كله يصلي ويستغفر ويدعو ويتضرع، وقام أصحابه كذلك يصلون ويدعون ويستغفرون، قال الضحاك بن عبد الله، ومر بنا خيل لابن سعد تحرسنا وإن الحسين (عليه السلام) ليقرأ: (ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين * ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب (2)). (3) علاج سيفه وكلامه (عليه السلام) مع أخته [470] - 253 - الطبري: قال أبو مخنف: حدثني الحارث بن كعب وأبو الضحاك، عن علي بن الحسين بن علي (عليهم السلام)، قال: إني جالس في تلك العشية التي قتل أبي صبيحتها، وعمتي زينب عندي تمرضني، إذ اعتزل أبي بأصحابه في خباء له، وعنده حوي (4) مولى أبي ذر الغفاري، وهو يعالج سيفه ويصلحه، وأبي يقول:
1 - الفتوح 5: 110، تأريخ الطبري 3: 317، البداية والنهاية 8: 203. 2 - آل عمران: 3 / 178 و 179. 3 - الإرشاد: 232، اللهوف: 41، بحار الأنوار 45: 3، العوالم 17: 247، أعيان الشيعة 1: 601، كنز الدقائق 2: 284، وقعة الطف: 202. 4 - في الإرشاد: جوين، وفي هامش البحار: جون، وفي زيارة الناحية المقدسة: جون بن حوي، عبرات المصطفين 2: 161. 489 يا دهر أف لك من خليل * كم لك بالاشراق والأصيل من صاحب أو طالب قتيل * والدهر لا يقنع بالبديل وإنما الأمر إلى الجليل * وكل حي سالك السبيل فأعادها مرتين، أو ثلاثا حتى فهمتها فعرفت ما أراد، فخنقتني عبرتي، فرددت دمعي ولزمت السكوت، فعلمت أن البلاء قد نزل. فأما عمتي فإنها سمعت ما سمعت - وهي امرأة، وفي النساء الرقة والجزع - فلم تملك نفسها أن وثبت تجر ثوبها - وإنها لحاسرة - حتى انتهت إليه، فقالت: واثكلاه! ليت الموت أعدمني الحياة! اليوم ماتت فاطمة أمي، وعلي أبي، وحسن أخي، يا خليفة الماضي وثمال الباقي! فنظر إليها الحسين (عليه السلام) فقال: يا أخية! لا يذهبن بحلمك الشيطان. قالت: بأبي أنت وأمي، يا أبا عبد الله! أستقتلت؟ نفسي فداك. فرد غصته وترقرقت عيناه وقال: لو ترك القطا ليلا لنام! قالت: يا ويلتي! أفتغصب نفسك اغتصابا؟! فذلك أقرح لقلبي وأشد على نفسي! ولطمت وجهها، وأهوت إلى جيبها وشقته وخرت مغشيا عليها! فقام إليها الحسين (عليه السلام)، فصب على وجهها الماء وقال لها: يا أخية! اتقي الله وتعزي بعزاء الله، واعلمي أن أهل الأرض يموتون، وأن أهل السماء لا يبقون، وأن كل شيء هالك إلا وجه الله الذي خلق الأرض بقدرته، ويبعث الخلق فيعودون، وهو فرد وحده، أبي خير مني، وأمي خير مني، وأخي خير مني، ولي ولهم ولكل مسلم برسول الله أسوة. فعزاها بهذا ونحوه، وقال لها:
490 يا أخية! إني أقسم عليك فأبري قسمي، لا تشقي علي جيبا، ولا تخمشي علي وجها، ولا تدعي علي بالويل والثبور إذا أنا هلكت. ثم جاء بها حتى أجلسها عندي. (1) [471] - 254 - ابن أعثم: وسمعت هذه الأبيات أخت الحسين زينب، وأم كلثوم فقالتا: يا أخي! هذا كلام من أيقن بالقتل! فقال: نعم، يا أختاه! فقالت زينب: واثكلاه! ليت الموت أعدمني الحياة! مات جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، مات أبي علي، وماتت أمي فاطمة، ومات أخي الحسن (عليهم السلام) والآن ينعى إلي الحسين نفسه! قال: وبكت النسوة ولطمن الخدود قال: وجعلت أم كلثوم تنادي: وا جداه! وا أبي علياه! وا أماه! وا حسناه! وا حسيناه! وا ضيعتنا بعدك! وا أبا عبد الله! فعذلها الحسين وصبرها، وقال لها: يا أختاه! تعزي بعزاء الله وارضي بقضاء الله، فإن سكان السماوات يفنون وأهل الأرض يموتون وجميع البرية لا يبقون، وكل شيء هالك إلا وجهه، له الحكم وإليه ترجعون، وإن لي ولك ولكل مؤمن ومؤمنة أسوة بمحمد (صلى الله عليه وآله). ثم قال لهن: أنظرن إذا أنا قتلت فلا تشققن علي جيبا ولا تخمشن وجها. (2) [472] - 255 - السيد ابن طاووس: فعزى الحسين أم كلثوم، وقال لها: يا أختاه! تعزي بعزاء الله فإن سكان
1 - تأريخ الطبري 3: 316، الإرشاد: 232، المناقب لابن شهرآشوب: 4 / 99 مع تفاوت يسير، الكامل في التأريخ 2: 560، تاريخ اليعقوبي 2: 243، البداية والنهاية 8: 191 مع الاختصار، بحار الأنوار 45: 1، العوالم 17: 245، أعيان الشيعة 1: 601 أضاف قبل أبي خير مني: جدي خير مني، وأضاف في الأشعار: ما أقرب الوعد من الرحيل، وقعة الطف: 200 وفي بعض المصادر: سالك سبيلي. 2 - الفتوح 5: 94، حين نزوله (عليه السلام) بكربلاء، مع اختلاف في الأشعار. 491 السموات يفنون وأهل الأرض كلهم يموتون وجميع البرية يهلكون. ثم قال: يا أختاه، يا أم كلثوم! وأنت يا زينب! وأنت يا فاطمة! وأنت يا رباب! إذا أنا قتلت فلا تشققن علي جيبا ولا تخمشن علي وجها ولا تقلن هجرا. (1) [473] - 256 - الصدوق: ثم قال لأصحابه: قوموا فاشربوا من الماء يكن آخر زادكم، وتوضأوا واغتسلوا، واغسلوا ثيابكم لتكون أكفانكم! ثم صلى بهم الفجر، وعبأهم تعبية الحرب، وأمر بحفيرته التي حول عسكره فأضرمت بالنار، ليقاتل القوم من وجه واحد. (2) [474] - 257 - البهبهاني: ولما نزل الحسين (عليه السلام) في كربلاء كان أخص أصحابه به، وأكثرهم ملازمة له هلال بن نافع (3) سيما في مظان الإغتيال، لأنه كان حازما بصيرا بالسياسة، فخرج الحسين (عليه السلام) ذات ليلة إلى خارج الخيم حتى أبعد [بعد] فتقلد هلال سيفه وأسرع في مشيه حتى لحقه، فرآه يختبر الثنايا والعقبات والأكمات المشرفة على المنزل. ثم التفت إلى خلفه فرآني، فقال (عليه السلام): من الرجل، هلال؟ قلت: نعم، جعلني الله فداك! أزعجني خروجك ليلا إلى جهة معسكر هذا الطاغي. فقال: يا هلال! خرجت أتفقد هذه التلاع مخافة أن تكون كناء [مكمنا]
1 - اللهوف: 35، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 238 مع تفاوت، الدمعة الساكبة 4: 276، نور العين في مشهد الحسين (عليه السلام): 39. 2 - الأمالي: 134، بحار الأنوار 44: 316، الدمعة الساكبة 4: 275. 3 - ورد هذا في أكثر المصادر المعتبرة باسم: نافع بن هلال الجملي، وقال المحقق السماوي: " يجري على بعض الألسن ويمضي في بعض الكتب: هلال بن نافع، وهو غلط على ضبط القدماء " (راجع: إبصار العين: 150). 492 لهجوم الخيل على مخيمنا يوم تحملون ويحملون. ثم رجع وهو قابض على يساري ويقول: هي هي، والله! وعد لا خلف فيه! ثم قال: يا هلال! ألا تسلك ما بين هذين الجبلين من وقتك هذا وانج بنفسك. فوقع على قدميه وقال: إذا ثكلت هلالا أمه! سيدي، إن سيفي بألف وفرسي مثله، فو الله الذي من علي بك لا أفارقك حتى يكلا عن فري وجري. ثم فارقني ودخل خيمة أخته، فوقفت إلى جنبها رجاء أن يسرع في خروجه منها، فاستقبلته ووضعت له متكئا وجلس يحدثها سرا، فما لبثت أن اختنقت بعبرتها وقالت: وا أخاه! أشاهد مصرعك وأبتلى برعاية هذه المذاعير من النساء والقوم كما تعلم ما هم عليه من الحقد القديم، ذلك خطب جسيم يعز علي مصرع هؤلاء الفتية الصفوة وأقمار بني هاشم! ثم قالت: أخي، هل استعلمت من أصحابك نياتهم فإني أخشى أن يسلموك عند الوثبة واصطكاك الأسنة! فبكى (عليه السلام) وقال: أما والله! لقد نهرتهم وبلوتهم وليس فيهم [إلا] الأشوس الأقعس يستأنسون بالمنية دوني استئناس الطفل بلبن أمه. فلما سمع هلال ذلك بكى رقة ورجع، وجعل طريقه على منزل حبيب بن مظاهر، فرآه جالسا وبيده سيف مصلت، فسلم عليه وجلس على باب الخيمة. ثم قال له: ما أخرجك يا هلال!؟ فحكيت له ما كان، فقال: إي والله! لولا انتظار أمره لعاجلتهم، وعالجتهم هذه الليلة بسيفي! ثم قال هلال: يا حبيبي! فارقت الحسين (عليه السلام) عند أخته وهي في حال وجل ورعب، وأظن أن النساء أفقن وشاركنها في الحسرة والزفرة، فهل لك أن تجمع أصحابك وتواجهن بكلام يسكن قلوبهن ويذهب رعبهن فلقد شاهدت منها ما لا قرار لي مع بقائه، فقال له: طوع إرادتك!
493 فبرز حبيب ناحية وهلال إلى جانبه وانتدب أصحابه فتطالعوا من منازلهم، فلما اجتمعوا قال لبني هاشم: ارجعوا إلى منازلكم لا سهرت عيونكم، ثم خطب أصحابه وقال: يا أصحاب الحمية! وليوث الكريهة هذا هلال يخبرني الساعة بكيت وكيت، وقد خلف أخت سيدكم وبقايا عياله يتشاكين ويتباكين، أخبروني عما أنتم عليه. فجردوا صوارمهم ورموا عمائمهم وقالوا: يا حبيب! أما والله الذي من علينا بهذا الموقف لئن زحف القوم لنحصدن رؤوسهم ولنلحقنهم بأشياخهم أذلاء صاغرين ولنحفظن وصية رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أبنائه وبناته. فقال: هلموا معي، فقام يخبط الأرض وهم يعدون خلفه حتى وقف بين أطناب الخيم ونادى: يا أهلنا، ويا ساداتنا، ويا معاشر حرائر رسول الله! هذه صوارم فتيانكم آلوا أن لا يغمدوها إلا في رقاب من يبتغي السوء فيكم، وهذه أسنة غلمانكم أقسموا أن لا يركزوها إلا في صدور من يفرق ناديكم. فقال الحسين (عليه السلام): أخرجن عليهم، يا آل الله! فخرجن وهن ينتدبن، وهن يقلن: حاموا أيها الطيبون! عن الفاطميات، ما عذركم إذا لقينا جدنا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وشكونا إليه ما نزل بنا!؟ وقال: أليس حبيب وأصحاب حبيب كانوا حاضرين يسمعون وينظرون؟ فوالله الذي لا إله إلا هو! لقد ضجوا ضجة ماجت منها الأرض واجتمعت لها خيولهم، وكان لها جولة واختلاف وصهيل حتى كأن كلا ينادي صاحبه وفارسه! (1) [475] - 258 - محمد مهدي الحائري: وفي بعض الكتب: عن فخر المخدرات زينب (عليها السلام) قالت:
1 - الدمعة الساكبة 4: 272، مقتل المقرم: 265 مختصرا. 494 لما كانت ليلة عاشوراء من المحرم خرجت من خيمتي لأتفقد أخي الحسين (عليه السلام) وأنصاره، وقد أفرد له خيمة، فوجدته جالسا وحده يناجي ربه ويتلو القرآن، فقلت في نفسي أفي مثل هذه الليلة يترك أخي وحده، والله! لأمضين إلى إخوتي وبني عمومتي وأعاتبهم بذلك. فأتيت إلى خيمة العباس (عليه السلام)، فسمعت منها همهمة ودمدمة، فوقفت على ظهرها فنظرت فيها، فوجدت بني عمومتي وإخوتي وأولاد إخوتي مجتمعين كالحلقة وبينهم العباس بن أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو جاث على ركبتيه كالأسد على فريسته، فخطب فيهم خطبة ما سمعتها إلا من الحسين (عليه السلام) مشتملة بالحمد والثناء لله والصلاة والسلام على النبى (صلى الله عليه وآله). ثم قال في آخر خطبته: يا إخوتي، وبني إخوتي، وبني عمومتي! إذا كان الصباح فما تقولون؟ فقالوا: الأمر إليك يرجع ونحن لا نتعدى لك قولك. فقال العباس: إن هؤلاء - أعني الأصحاب - قوم غرباء، والحمل الثقيل لا يقوم إلا بأهله، فإذا كان الصباح فأول من يبرز إلى القتال أنتم، نحن نقدمهم للموت لئلا يقول الناس: قدموا أصحابهم، فلما قتلوا عالجوا الموت بأسيافهم ساعة بعد ساعة. فقامت بنو هاشم وسلوا سيوفهم في وجه أخي العباس وقالوا. نحن على ما أنت عليه. قالت زينب (عليها السلام): فلما رأيت كثرة اجتماعهم، وشدة عزمهم وإظهار شيمتهم، سكن قلبي وفرحت، ولكن خنقتني العبرة، فأردت أن أرجع إلى أخي الحسين (عليه السلام) وأخبره بذلك، فسمعت من خيمة حبيب بن مظاهر همهمة ودمدمة، فمضيت إليها ووقفت بظهرها، ونظرت فيها فوجدت الأصحاب على نحو بني هاشم مجتمعين
495 كالحلقة وبينهم حبيب بن مظاهر وهو يقول. يا أصحابي! لم جئتم إلى هذا المكان؟ أوضحوا كلامكم رحمكم الله. فقالوا: أتينا لننصر غريب فاطمة (عليه السلام). فقال، لهم: لم طلقتم حلائلكم؟ فقالوا: لذلك. قال حبيب: فإذا كان في الصباح فما أنتم قائلون؟ فقالوا: الرأي رأيك ولا نتعدى قولا لك. قال: فإذا صار الصباح فأول من يبرز إلى القتال أنتم، نحن نقدمهم القتال ولا نرى هاشميا مضرجا بدمه وفينا عرق يضرب لئلا يقول الناس: قدموا ساداتهم للقتال وبخلوا عليهم بأنفسهم، فهزوا سيوفهم على وجهه وقالوا: نحن على ما أنت عليه. قالت زينب: ففرحت من ثباتهم، ولكن خنقتني العبرة، فانصرفت عنهم وأنا باكية، وإذا بأخي الحسين قد عارضني، فسكنت نفسي وتبسمت في وجهه فقال (عليه السلام): أخيه! فقلت: لبيك يا أخي!. فقال (عليه السلام): يا أختاه! منذ رحلنا من المدينة ما رأيتك متبسمة، أخبريني ما سبب تبسمك؟ فقلت له: يا أخي! رأيت من فعل بني هاشم، والأصحاب كذا وكذا. فقال لي: يا أختاه! إعلمي، أن هؤلاء أصحابي من عالم الذر، وبهم وعدني جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، هل تحبين أن تنظري إلى ثبات أقدامهم. فقلت: نعم. فقال (عليه السلام): عليك بظهر الخيمة. قالت زينب: فوقفت على ظهر الخيمة، فنادى أخي الحسين (عليه السلام): أين إخواني
496 وبنو أعمامي، فقامت بنو هاشم، وتسابق منهم العباس وقال: لبيك لبيك ما تقول؟. فقال الحسين (عليه السلام): أريد أن أجدد لكم عهدا. فأتى أولاد الحسين، وأولاد الحسن، وأولاد علي، وأولاد جعفر، وأولاد عقيل، فأمرهم بالجلوس فجلسوا. ثم نادى: أين حبيب بن مظاهر، أين زهير، أين هلال، أين الأصحاب؟ فأقبلوا وتسابق منهم حبيب بن مظاهر وقال: لبيك يا أبا عبد الله! فأتوا إليه وسيوفهم بأيديهم، فأمرهم بالجلوس فجلسوا، فخطب فيهم خطبة بليغة ثم قال: يا أصحابي! اعلموا أن هؤلاء القوم ليس لهم قصد سوى قتلي وقتل من هو معي، وأنا أخاف عليكم من القتل، فأنتم في حل من بيعتي، ومن أحب منكم الانصراف فلينصرف في سواد هذا الليل. فعند ذلك قامت بنو هاشم وتكلموا بما تكلموا، وقام الأصحاب وأخذوا يتكلمون بمثل كلامهم، فلما رأى الحسين (عليه السلام) حسن إقدامهم وثبات أقدامهم قال (عليه السلام): إن كنتم كذلك، فارفعوا رؤوسكم وانظروا إلى منازلكم في الجنة. فكشف لهم الغطاء ورأوا منازلهم وحورهم وقصورهم فيها، والحور العين ينادين: العجل العجل فإنا مشتاقات إليكم! فقاموا بأجمعهم وسلوا سيوفهم وقالوا: يا أبا عبد الله! ائذن لنا أن نغير على القوم ونقاتلهم حتى يفعل الله بنا وبهم ما يشاء. فقال (عليه السلام): اجلسوا، رحمكم الله وجزاكم الله خيرا. ثم قال: ألا ومن كان في رحله امرأة فلينصرف بها إلى بني أسد. فقام علي بن مظاهر وقال: ولماذا يا سيدي؟! فقال (عليه السلام): إن نسائي تسبى بعد قتلي وأخاف على نسائكم من السبي. فمضى علي بن مظاهر إلى خيمته، فقامت زوجته إجلالا له، فاستقبلته
497 وتبسمت في وجهه فقال لها: دعيني والتبسم! فقالت: يا ابن مظاهر! إني سمعت غريب فاطمة خطب فيكم وسمعت في آخرها همهمة ودمدمة فما علمت ما يقول؟ قال: يا هذه! إن الحسين (عليه السلام) قال لنا: ألا ومن كان في رحله امرأة فليذهب بها إلى بني عمها لأني غدا أقتل ونسائي تسبى! فقالت: وما أنت صانع؟ قال: قومي حتى ألحقك ببني عمك بني أسد. فقامت ونطحت رأسها في عمود الخيمة، وقالت: والله! ما أنصفتني يا ابن مظاهر! أيسرك أن تسبى بنات رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأنا آمنة من السبي!؟ أيسرك أن تسلب زينب إزارها من رأسها، وأنا أستتر بإزاري!؟ أيسرك أن تذهب من بنات الزهراء أقراطها، وأنا أتزين بقرطي!؟ أيسرك أن يبيض وجهك عند رسول الله ويسود وجهي عند فاطمة الزهراء؟ والله! أنتم تواسون الرجال ونحن نواسي النساء. فرجع علي بن مظاهر إلى الحسين (عليه السلام) وهو يبكي. فقال له الحسين (عليه السلام): ما يبكيك؟ فقال: سيدي! أبت الأسدية إلا مواساتكم! فبكى الحسين (عليه السلام) وقال: جزيتم عنا خيرا. (1) [476] - 259 - المقرم روى عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام): أن الحسين (عليه السلام) قال لأصحابه: أبشروا بالجنة، فوالله! إنا نمكث ما شاء الله بعد ما يجري علينا، ثم يخرجنا الله وإياكم حتى يظهر قائمنا، فينتقم من الظالمين وأنا وأنتم نشاهدهم في السلاسل والأغلال وأنواع العذاب. فقيل له: من قائمكم، يا ابن رسول الله؟!
1 - معالي السبطين 1: 340. 498 قال: السابع من ولد ابني محمد بن علي الباقر، وهو الحجة ابن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي ابني، وهو الذي يغيب مدة طويلة، ثم يظهر ويملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا. (1)
1 - المقتل: 215 (طبع دار الثقافة). 499 وقائع يوم عاشوراء نومه (عليه السلام) وقت السحر [477] - 260 - ابن أعثم: فلما كان وقت السحر خفق الحسين (عليه السلام) رأسه خفقة، ثم استيقظ فقال: أتعلمون ما رأيت في منامي الساعة؟ قالوا: وما الذي رأيت يا ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟! فقال: رأيت كأن كلابا قد شدت على تناشبني، وفيها كلب أبقع رأيته أشدها على، وأظن الذي يتولى قتلي رجل أبقع وأبرص من هؤلاء القوم؛ ثم إني رأيت بعد ذلك جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ومعه جماعة من أصحابه، وهو يقول لي: يا بنى! أنت شهيد آل محمد! وقد استبشرت بك أهل السماوات وأهل الصفح الأعلى، فليكن إفطارك عندي الليلة، عجل ولا تؤخر! فهذا أثرك قد نزل من السماء ليأخذ دمك في قارورة خضراء، وهذا ما رأيت وقد أزف الأمر واقترب الرحيل من هذه الدنيا، لا شك في ذلك. (1)
1 - الفتوح 5: 111، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 251، بحار الأنوار 45: 3، و 61: 183 ح 50 إلى قوله: لهؤلاء القوم، العوالم 17: 247 وفي الثلاثة الأخيرة بدل: " تناشبني " " تنهشني " وبدل: " أثرك " " ملك ". 500 كلامه (عليه السلام) بعد صلاة الصبح [478] - 261 - ابن قولويه: حدثني الحسن بن عبد الله، عن محمد بن عيسى، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رباب، عن الحلبي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن الحسين (عليه السلام) صلى بأصحابه الغداة، ثم التفت إليهم فقال: إن الله قد أذن في قتلكم فعليكم بالصبر. (1) دعاؤه (عليه السلام) وقت الصبح [479] - 262 - المفيد: وروي عن علي بن الحسين زين العابدين (عليهما السلام) أنه قال: لما أصبحت الخيل تقبل على الحسين (عليه السلام) رفع يديه، وقال: أللهم أنت ثقتي في كل كرب، وأنت رجائي في كل شدة، وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدة، كم من هم يضعف فيه الفؤاد وتقل فيه الحيلة، ويخذل فيه الصديق ويشمت فيه العدو، أنزلته بك وشكوته إليك، رغبة مني إليك عمن سواك، ففرجته عني وكشفته، فأنت ولى كل نعمة، وصاحب كل حسنة ومنتهى كل رغبة. (2) كلامه (عليه السلام) مع شمر [480] - 263 - الطبري: قال أبو مخنف: فحدثني عبد الله بن عاصم قال: حدثني
1 - كامل الزيارات: 73، بحار الأنوار 45: 86. 2 - الإرشاد: 233، تأريخ الطبري 3: 318، الكامل في التأريخ 2: 561 ذكر قبل الدعاء: ثم ركب الحسين (عليه السلام) دابته ودعا بمصحف فوضعه أمامه، واقتتل أصحابه بين يديه، فرفع يديه ثم قال:...،، تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 213، ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) الطبقات الكبير: 71 مختصرا. بحار الأنوار 45: 4، العوالم 17: 248، وقعة الطف: 205، تاريخ الإسلام للذهبي 5: 301. 501 الضحاك المشرقي، قال: لما أقبلوا [الأعداء] نحونا فنظروا إلى النار تضطرم في الحطب والقصب الذي كنا ألهبنا فيه النار من ورائنا؛ لئلا يأتونا من خلفنا، إذ أقبل إلينا منهم رجل يركض على فرس كامل الأداة، فلم يكلمنا حتى مر على أبياتنا، فنظر إلى أبياتنا فإذا هو لا يرى إلا حطبا تلتهب النار فيه، فرجع راجعا ونادى بأعلى صوته: يا حسين! استعجلت النار في الدنيا قبل يوم القيامة! فقال الحسين (عليه السلام): من هذا؟ كأن شمر بن ذي الجوشن؟! فقالوا: نعم، أصلحك الله، هو هو. فقال: يا ابن راعية المعزى! أنت أولى بها صليا. فقال له مسلم بن عوسجة: يا ابن رسول الله! جعلت فداك، ألا أرميه بسهم، فإنه قد أمكنني، وليس يسقط سهم [مني]، فالفاسق من أعظم الجبارين! فقال له الحسين (عليه السلام): لا ترمه، فإني أكره أن أبدأهم. (1) [481] - 264 - الخوارزمي: ثم قرب إليه [الحسين (عليه السلام)] فرسه فاستوى عليه، وتقدم نحو القوم في نفر من أصحابه، وبين يديه برير بن حضير الهمداني. فقال له الحسين (عليه السلام): كلم القوم، يا برير! وانصحهم. فتقدم برير، حتى وقف قريبا من القوم، والقوم قد زحفوا إليه عن بكرة أبيهم فقال لهم برير: يا هؤلاء! اتقوا الله فإن ثقل محمد قد أصبح بين أظهركم، هؤلاء ذريته وعترته وبناته وحرمه، فهاتوا ما عندكم، وما الذي تريدون أن تصنعوا بهم؟
1 - تأريخ الطبري 3: 318، الإرشاد: 233، الكامل في التأريخ 2: 561 اختصارا، بحار الأنوار 45: 5، العوالم 17: 248، وقعة الطف: 204. 502 فقالوا: نريد أن نمكن منهم الأمير عبيد الله بن زياد، فيرى رأيه فيهم! فقال برير: أفلا ترضون منهم أن يرجعوا إلى المكان الذي أقبلوا منه؟ ويلكم يا أهل الكوفة! أنسيتم كتبكم إليه، وعهودكم التي أعطيتموها من أنفسكم وأشهدتم الله عليها، وكفى بالله شهيدا؟ ويلكم أدعوتم أهل بيت نبيكم، وزعمتم أنكم تقتلون أنفسكم دونهم، حتى إذا أتوكم أسلمتموهم لعبيد الله؟ وحلأتموهم عن ماء الفرات الجاري؟ وهو مبذول يشرب منه اليهود والنصارى والمجوس، وترده الكلاب والخنازير!؟ بئس ما خلفتم محمدا في ذريته! ما لكم لا سقاكم الله يوم القيامة!؟ فبئس القوم أنتم. فقال له نفر منهم: يا هذا! ما ندري ما تقول؟ فقال برير: الحمد لله الذي زادني فيكم بصيرة، أللهم إني أبرأ إليك من فعال هؤلاء القوم، أللهم ألق بأسهم بينهم، حتى يلقوك وأنت عليهم غضبان، فجعل القوم يرمونه بالسهام، فرجع برير إلى ورائه. (1) خطبته (عليه السلام) وقت الصبح [482] - 265 - وعنه: وتقدم الحسين (عليه السلام) حتى وقف قبالة القوم، وجعل ينظر إلى صفوفهم كأنهم السيل، ونظر إلى ابن سعد واقفا في صناديد الكوفة. فقال: الحمد لله الذي خلق الدنيا فجعلها دار فناء وزوال، متصرفة بأهلها حالا بعد حال، فالمغرور من غرته والشقي من فتنته، فلا تغرنكم هذه الدنيا،
1 - مقتل الحسين (عليه السلام) 1: 252، المناقب لابن شهرآشوب 4: 100، فيه إشارة إلى القضية، بحار الأنوار 45: 5، العوالم 17: 249. 503 فإنها تقطع رجاء من ركن إليها، وتخيب طمع من طمع فيها، وأراكم قد اجتمعتم على أمر قد أسخطتم الله فيه عليكم، فأعرض بوجهه الكريم عنكم، وأحل بكم نقمته، وجنبكم رحمته، فنعم الرب ربنا، وبئس العبيد أنتم، أقررتم بالطاعة، وآمنتم بالرسول محمد (صلى الله عليه وآله)، ثم إنكم زحفتم إلى ذريته تريدون قتلهم، لقد استحوذ عليكم الشيطان، فأنساكم ذكر الله العظيم، فتبا لكم وما تريدون، إنا لله وإنا إليه راجعون، هؤلاء قوم كفروا بعد إيمانهم فبعدا للقوم الظالمين. فقال عمر بن سعد: ويلكم كلموه فإنه ابن أبيه، والله! لو وقف فيكم هكذا يوما جديدا لما قطع ولما حصر فكلموه! فتقدم إليه شمر بن ذي الجوشن فقال: يا حسين! ما هذا الذي تقول؟ أفهمنا حتى نفهم. فقال (عليه السلام): أقول لكم: اتقوا الله ربكم ولا تقتلون، فإنه لا يحل لكم قتلي، ولا انتهاك حرمتي، فإني ابن بنت نبيكم وجدتي خديجة زوجة نبيكم، ولعله قد بلغكم قول نبيكم محمد (صلى الله عليه وآله): الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة - إلى آخر ما سيأتي برواية الطبري -. (1) اهتمامه (عليه السلام) بحق الناس [483] - 266 - التستري: قال الشيخ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد البغدادي الشافعي: أخبرنا أبو الفرج الحسن بن علي الطماحيزي، أخبرنا عن أحمد الواعظ، عن أحمد بن محمد بن سعيد، عن الحسين بن عقبة، حدثنا إبراهيم بن هراسة،
1 - مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 252، المناقب لابن شهر آشوب 4: 100 ذكر بعض الخطبة، بحار الأنوار 45: 5، العوالم 17: 249. 504 حدثنا سفيان، عن أبي الجحاف، عن موسى بن عمير، عن أبيه، قال: أمرني الحسين بن علي (عليهما السلام) قال: ناد أن لا يقتل معي رجل عليه دين وناد بها في الموالي فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من مات وعليه دين أخذ من حسناته يوم القيامة. (1) [484] - 267 - وعنه: قال: أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله المعدل، حدثنا عثمان بن أحمد الدقاق، حدثنا محمد بن أحمد بن النصر، حدثنا معاوية بن عمرو، عن أبي إسحاق، عن سفيان، عن أبي الجحاف، عن موسى بن عمير الأنصاري، عن أبيه، قال: أمرني حسين بن علي (عليهما السلام) فقال: ناد في الناس أن لا يقاتلن معي رجل عليه دين، فإنه ليس من رجل يموت وعليه دين لا يدع له وفاء إلا دخل النار. فقام إليه رجل فقال: إن امرأتي تكفلت عني. فقال: وما كفالة امرأة، وهل تقضي امرأة (2). وقال ابن سعد: أخبرنا الضحاك بن مخلد أبو عاصم الشيباني، عن سفيان، عن أبي الجحاف، عن أبيه: إن رجلا من الأنصار أتى إلى الحسين، فقال: إن علي دينا، قال: لا يقاتل معي من عليه دين. (3) خطبته (عليه السلام) صبيحة يوم عاشوراء [485] - 268 - ابن عساكر: أخبرنا خالي أبو المعالي محمد بن يحيى القاضي، أنبأنا سهل بن بشر الأسفرائيني، أنبأنا محمد بن الحسين بن أحمد بن السري، أنبأنا الحسين بن
1 - إحقاق الحق 19: 429. 2 - إحقاق الحق 19: 429، المعجم الكبير للطبراني 3: 123 ح 2872 مع اختصار. 3 - ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) الطبقات لابن سعد: 71. 505 رشيق، أنبأنا يموت بن المزرع، أنبأنا محمد بن الصباح السماك، أنبأنا بشر بن طانحة، عن رجل من همدان، قال: خطبنا الحسين بن علي (عليهما السلام) غداة اليوم الذي استشهد فيه، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: عباد الله! اتقوا الله وكونوا من الدنيا على حذر، فإن الدنيا لو بقيت لأحد أو بقي عليها أحد، كانت الانبياء أحق بالبقاء، وأولى بالرضى، وأرضى بالقضاء، غير أن الله تعالى خلق الدنيا للبلاء، وخلق أهلها للفناء، فجديدها بال، ونعيمها مضمحل، وسرورها مكفهر، والمنزل بلغة، والدار قلعة، فتزودوا فإن خير الزاد التقوى، فاتقوا الله لعلكم تفلحون. (1) خطبة الإمام (عليه السلام) بأهل الكوفة [486] - 269 - الطبري: ولما دنا منه القوم دعا [الإمام الحسين (عليه السلام)] براحلته فركبها، ثم نادى بأعلى صوته دعاء يسمع جل الناس: أيها الناس! اسمعوا قولي، ولا تعجلوني حتى أعظكم بما لحق لكم على، وحتى أعتذر إليكم من مقدمي عليكم، فإن قبلتم عذري وصدقتم قولي، وأعطيتموني النصف كنتم بذلك أسعد، ولم يكن لكم على سبيل، وإن لم تقبلوا مني العذر، ولم تعطوا النصف من أنفسكم (فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلى ولا تنظرون) (2) (إن
1 - تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 215، كفاية الطالب: 282. 2 - يونس: 10 / 71. 506 وليي الله الذي نزل الكتب وهو يتولى الصالحين). (1) فلما سمع أخواته كلامه هذا صحن وبكين، وبكى بناته، فارتفعت أصواتهن، فأرسل إليهن أخاه العباس بن علي وعليا ابنه، وقال لهما: أسكتاهن فلعمري! ليكثرن بكاؤهن. فلما ذهبا ليسكتاهن قال: لا يبعد ابن عباس! فظننا أنه قالها حين سمع بكاءهن لأنه قد كان نهاه أن يخرج بهن. فلما سكتن، حمد الله وأثنى عليه، وذكر الله بما هو أهله، وصلى على محمد (صلى الله عليه وآله)، وعلى ملائكته وأنبيائه، فذكر من ذلك ما الله أعلم وما لا يحصى ذكره قال: فوالله! ما سمعت متكلما قط قبله ولا بعده أبلغ في منطق منه، ثم قال: أما بعد، فانسبوني فانظروا من أنا؟! ثم ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها، فانظروا هل يحل لكم قتلي وانتهاك حرمتي؟! ألست ابن بنت نبيكم (صلى الله عليه وآله)، وابن وصيه وابن عمه، وأول المؤمنين بالله والمصدق لرسوله بما جاء به من عند ربه،، أو ليس حمزة سيد الشهداء عم أبي؟ أو ليس جعفر الشهيد الطيار ذو الجناحين عمي؟! أو لم يبلغكم قول مستفيض فيكم: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لي ولأخي: هذان سيدا شباب أهل الجنة؟! فإن صدقتموني بما أقول، وهو الحق، فوالله! ما تعمدت كذبا مذ علمت أن الله يمقت عليه أهله، ويضر به من اختلقه. وإن كذبتموني فان فيكم من إن سألتموه عن ذلك أخبركم، سلوا جابر بن عبد الله الأنصاري، أو أبا سعيد الخدري، أو سهل بن سعد الساعدي، أو زيد
1 - الأعراف: 3 / 196. 507 بن أرقم، أو أنس بن مالك، يخبروكم أنهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله (صلى الله عليه وآله) لي ولأخي، أفما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي؟! فقال له شمر بن ذي الجوشن: هو يعبد الله على حرف إن كان يدري ما يقول! فقال له حبيب بن مظاهر: والله! إني لأراك تعبد الله على سبعين حرفا، وأنا أشهد أنك صادق ما تدري ما يقول، قد طبع الله على قلبك. ثم قال لهم الحسين (عليه السلام): فإن كنتم في شك من هذا القول، أفتشكون أثرا ما أني ابن بنت نبيكم؟ فوالله! ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبي غيري منكم ولا من غيركم، أنا ابن بنت نبيكم خاصة. أخبروني، أتطلبوني بقتيل منكم قتلته؟ أو مال استهلكته؟ أو بقصاص من جراحة؟ فأخذوا لا يكلمونه. فنادى: يا شبث بن ربعي، ويا حجار بن أبجر، ويا قيس بن الأشعث، ويا يزيد بن الحارث! ألم تكتبوا إلى: أن قد أينعت الثمار واخضر الجناب، وطمت الجمام وإنما تقدم على جند لك مجند، فأقبل؟! قالوا له: لم نفعل. فقال: سبحان الله! بلى والله! لقد فعلتم. ثم قال: أيها الناس! إذ كرهتموني فدعوني أنصرف عنكم إلى مأمني من الأرض! فقال له قيس بن الأشعث: أو لا تنزل على حكم بني عمك! فإنهم لن يروك إلا ما تحب، ولن يصل إليك منهم مكروه! فقال الحسين (عليه السلام): أنت أخو أخيك [محمد بن الأشعث] أتريد أن يطلبك بنو هاشم بأكثر من دم مسلم بن عقيل؟! لا والله لا أعطيهم بيدي اعطاء
508 الذليل، ولا أقر اقرار العبيد! عباد الله (وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون) (1) (إني عذت بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب) (2). ثم إنه أناخ راحلته وأمر عقبة بن سمعان فعقلها، وأقبلوا يزحفون نحوه. (3) [487] - 270 - الخوارزمي: أنه (عليه السلام) قال بعد كلام حبيب: حسبك يا أخا بني أسد! فقد قضي القضاء وجف القلم والله بالغ أمره، والله! إني لأشوق إلى جدي وأبي وأمي وأخي وأسلافي من يعقوب إلى يوسف وأخيه ولي مصرع أنا لاقيه. (4) [488] - 271 - الذهبي: وقال [الحسين (عليه السلام)] لعمر وجنده: لا تعجلوا، والله! ما أتيتكم حتى أتتني كتب أماثلكم بأن السنة قد أميتت، والنفاق قد نجم، والحدود قد عطلت؛ فأقدم لعل الله يصلح بك الأمة. فأتيت فإذ كرهتم ذلك، فأنا راجع، فارجعوا إلى أنفسكم هل يصلح لكم قتلي، أو يحل دمي؟ ألست ابن بنت نبيكم وابن ابن عمه؟ أو ليس حمزة والعباس، وجعفر عمومتي؟ ألم يبلغكم قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) في وفي أخي: هذان سيدا شباب أهل الجنة؟ فقال شمر: هو يعبد الله على حرف إن كان يدري ما يقول! فقال عمر: لو كان أمرك إلى لأجبت! وقال الحسين: يا عمر! ليكونن لما ترى يوم يسوؤك، أللهم إن أهل
1 - الدخان: 44 / 20. 2 - غافر: 40 / 27. 3 - تأريخ الطبري 3: 318، الإرشاد: 234، الكامل في التأريخ 2: 561، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 252، بحار الأنوار 45: 6، العوالم 17: 250، أعيان الشيعة 1: 602، وقعة الطف: 206، كشف الغمة 2: 13 و 55 مع اختلاف. 4 - مقتل الحسين (عليه السلام) 1: 254. 509 العراق غروني، وخدعوني، وصنعوا بأخي ما صنعوا. أللهم شتت عليهم أمرهم، وأحصهم عددا. (1) احتجاجه (عليه السلام) على أهل الكوفة بكربلاء [489] - 272 - الخوارزمي: أخبرنا الشيخ الإمام الزاهد سيف الدين أبو جعفر محمد بن عمر الجمحي كتابة، أخبرنا الشيخ الإمام أبو الحسن زيد بن الحسن بن علي البيهقي، أخبرنا السيد الإمام النقيب علي بن محمد بن جعفر الحسني الأسترآبادي، حدثنا السيد الإمام نقيب النقباء زين الإسلام أبو جعفر محمد بن جعفر بن علي الحسيني، حدثنا السيد الإمام أبو طالب يحيى بن الحسين بن هارون بن الحسين بن محمد بن هارون بن محمد بن القاسم بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، أخبرني أبي، أخبرني حمزة بن قاسم العلوي، حدثني بكر بن عبد الله بن حبيب، حدثني تميم بن بهلول الذبي أبو محمد، أخبرني عبد الله بن الحسين بن تميم، حدثني محمد بن زكريا، حدثني محمد بن عبد الرحمن بن القاسم التيمي، حدثني عبد الله بن محمد بن سليمان بن عبد الله بن الحسن بن الحسن، عن أبيه، عن جده، عن عبد الله بن الحسن، قال: لما عبأ عمر بن سعد أصحابه لمحاربة الحسين بن علي (عليهما السلام) ورتبهم في مراتبهم، وأقام الرايات في مواضعها، وعبأ الحسين أصحابه في الميمنة والميسرة، فأحاطوا بالحسين (عليه السلام) من كل جانب، حتى جعلوه في مثل الحلقة، خرج الحسين (عليه السلام) من أصحابه حتى أتى الناس فاستنصتهم فأبوا أن ينصتوا، فقال لهم:
1 - سير أعلام النبلاء 3: 302، تذكرة الخواص: 227، ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من الطبقات لابن سعد: 72، تاريخ الإسلام للذهبي 5: 302 ذكرهما من قوله " يا عمر... في مقتل الحر ". 510 ويلكم ما عليكم أن تنصتوا إلى فتسمعوا قولي، وإنما أدعوكم إلى سبيل الرشاد، فمن أطاعني كان من المرشدين، ومن عصاني كان من المهلكين، وكلكم عاص لامري غير مستمع لقولي، قد إنخزلت عطياتكم من الحرام وملئت بطونكم من الحرام، فطبع الله على قلوبكم، ويلكم ألا تنصتون؟ ألا تسمعون؟ فتلاوم أصحاب عمر بن سعد بينهم، وقالوا: أنصتوا له. فقال الحسين (عليه السلام): تبا لكم أيتها الجماعة! وترحا، أفحين استصرختمونا ولهين متحيرين فأصرخناكم مؤدين مستعدين، سللتم علينا سيفا في رقابنا، وحششتم علينا نار الفتن التي جناها عدوكم وعدونا فأصبحتم إلبا على أوليائكم، ويدا عليهم لأعدائكم، بغير عدل أفشوه فيكم، ولا أمل أصبح لكم فيهم، إلا الحرام من الدنيا أنالوكم، وخسيس عيش طمعتم فيه، من غير حدث كان منا، ولا رأي تفيل لنا. فهلا لكم الويلات إذ كرهتمونا وتركتمونا، تجهزتموها والسيف لم يشهر، والجأش طامن، والرأي لم يستحصف، ولكن أسرعتم علينا كطيرة الدبا، وتداعيتم إليها كتداعي الفراش، فقبحا لكم، فإنما أنتم من طواغيت الأمة، وشذاذ الاحزاب، ونبذة الكتاب، ونفثة الشيطان، وعصبة الأثام، ومحرفي الكتاب، ومطفئي السنن، وقتلة أولاد الانبياء، ومبيري عترة الأوصياء، وملحقي العهار بالنسب، ومؤذي المؤمنين، وصراخ أئمة المستهزئين الذين جعلوا القرآن عضين. وأنتم ابن حرب وأشياعه تعتمدون، وإيانا تخذلون، أجل والله! الخذل فيكم معروف، وشجت عليه عروقكم، وتوارثته أصولكم وفروعكم، ونبتت
511 عليه قلوبكم وغشيت به صدوركم، فكنتم أخبث شيء سنخا للناصب وأكلة للغاصب، ألا لعنة الله على الناكثين الذين ينقضون الايمان بعد توكيدها، وقد جعلتم الله عليكم كفيلا فأنتم والله! هم. ألا إن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين، بين القتلة (1) والذلة، وهيهات منا أخذ الدنية، (2) أبى الله ذلك ورسوله، وجدود طابت، وحجور طهرت، وأنوف حمية، ونفوس أبية، لا تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام، ألا إني قد أعذرت وأنذرت، ألا إني زاحف بهذه الأسرة على قلة العتاد، وخذلة الأصحاب. ثم أنشد يقول: فإن نهزم فهزامون قدما * وإن نهزم فغير مهزمينا وما إن طبنا جبن ولكن * منايانا ودولة آخرينا أما إنه لا تلبثون بعدها إلا كريث ما يركب الفرس، حتى تدور بكم دور الرحى، عهد عهده إلي أبي عن جدي، فأجمعوا أمركم وشركاء كم فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون، إني توكلت على الله ربي وربكم، ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم، أللهم احبس عنهم قطر السماء، وابعث عليهم سنين كسني يوسف، وسلط عليهم غلام ثقيف يسقيهم كأسا مصبرة، فلا يدع فيهم أحدا، قتلة بقتلة، وضربة بضربة، ينتقم لي ولأوليائي وأهل بيتي وأشياعي منهم، فإنهم غرونا وكذبونا وخذلونا، وأنت ربنا، عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير.
1 - في بعض النسخ: السلة وفى بعضها القلة. 2 - في بعض النسخ: هيهات منا الذلة. 512 ثم قال: أين عمر بن سعد؟ ادعوا لي عمر! فدعي له، وكان كارها لا يحب أن يأتيه، فقال: يا عمر! أنت تقتلني! تزعم أن يوليك الدعي ابن الدعي بلاد الري وجرجان، والله! لا تتهنأ بذلك أبدا، عهد معهود، فاصنع ما أنت صانع، فإنك لا تفرح بعدي بدنيا ولا آخرة، وكأني برأسك على قصبة قد نصب بالكوفة، يتراماه الصبيان ويتخذونه غرضا بينهم. (1) [490] - 273 - الطبرسي: عن مصعب بن عبد الله: لما استكف الناس بالحسين (عليه السلام) ركب فرسه، واستنصت الناس، وحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: تبا لكم، أيتها الجماعة! وترحا وبؤسا لكم، حين استصرختمونا ولهين، فأصرخناكم موجفين، فشحذتم علينا سيفا كان في أيدينا، وحمشتم علينا نارا أضرمناها على عدوكم وعدونا، فأصبحتم إلبا على أوليائكم، ويدا على أعدائكم من غير عدل أفشوه فيكم، ولا أمل أصبح لكم فيهم، ولا ذنب كان منا إليكم، فهلا لكم الويلات إذ كرهتمونا والسيف مشيم، والجأش طامن، والرأي لما يستحصف، ولكنكم أسرعتم إلى بيعتنا كطيرة الدبا، وتهافتم إليها كتهافت الفراش، ثم نقضتموها سفها وضلة، فبعدا وسحقا لطواغيت هذه الأمة! وبقية الاحزاب ونبذة الكتاب، ومطفئي السنن، ومؤاخي المستهزئين الذين جعلوا القرآن عضين، وعصاة الإمام، وملحقي العهرة بالنسب، ولبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون.
1 - مقتل الحسين (عليه السلام) 2: 5، تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 216، بحار الأنوار 45: 8، العوالم 17: 251 مع اختلاف. 513 أفهؤلاء تعضدون، وعنا تتخاذلون، أجل والله! خذل فيكم معروف نبتت عليه أصولكم، واتزرت عليه عروقكم، فكنتم أخبث ثمر شجر للناظر، وأكلة للغاصب، ألا لعنة الله على الظالمين الناكثين الذين ينقضون الايمان بعد توكيدها وقد جعلوا الله عليهم كفيلا. ألا وإن الدعي ابن الدعي قد تركني بين السلة والذلة، وهيهات له ذلك مني! هيهات منا الذلة! أبى الله ذلك لنا ورسوله والمؤمنون، وحجور طهرت وجدود طابت، أن يؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام، ألا وإني زاحف بهذه الأسرة على قلة العدد، وكثرة العدو، وخذلة الناصر. ثم تمثل (عليه السلام) فقال: فإن نهزم فهزامون قدما * وإن نهزم فغير مهزمينا وما إن طبنا جبن ولكن * منايانا ودولة آخرينا فلو خلد الملوك إذا خلدنا * ولو بقي الكرام إذا بقينا (1) وزاد ابن نما في الأشعار: إذا ما الموت رفع عن أناس * كلا كله أناخ بآخرينا فأفنى ذلكم سروات قومي * كما أفنى القرون الأولينا فقل للشامتين بنا أفيقوا * سيلقى الشامتون كما لقينا (2) [491] - 274 - النيسابوري: فاغتاظ عمر من كلامه، ثم صرف بوجهه عنه ونادى بأصحابه: ما تنتظرون به؟ احملوا بأجمعكم، إنما هي أكلة واحدة!
1 - الإحتجاج: 300، المناقب لابن شهرآشوب 4: 110 مختصرا، بحار الأنوار 45: 83، ليس فيه البيتان الأخيران. 2 - مثير الأحزان: 55، ناسخ التواريخ 2: 250. 514 وقال الحسين (عليه السلام): في يوم الطف لأصحاب ابن زياد - لعنهم الله -: ما لكم تناصرون علي؟ أما والله! لئن قتلتموني لتقتلن حجة الله عليكم، لا والله! ما بين جابلقا وجابرسا ابن نبي احتج الله به عليكم غيري. (1) كلامه (عليه السلام) مع يزيد بن الحصين [492] - 275 - الصدوق: فبلغ العطش من الحسين (عليه السلام) وأصحابه، فدخل عليه رجل من شيعته يقال له: يزيد بن الحصين الهمداني، (2) - قال إبراهيم بن عبد الله راوي الحديث: هو خال أبي إسحاق الهمداني - فقال: يا ابن رسول الله! أتأذن لي فأخرج إليهم فأكلمهم؟ فأذن له، فخرج إليهم. فقال: يا معشر الناس! إن الله عزوجل بعث محمدا بالحق بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، وهذا ماء الفرات تقع فيه خنازير السواد وكلابها، وقد حيل بينه وبين ابنه! فقالوا: يا يزيد! فقد أكثرت الكلام فاكفف، فوالله! ليعطش الحسين كما عطش من كان قبله، فقال الحسين (عليه السلام): أقعد يا يزيد! (3) [493] - 276 - محمد مهدي الحائري: وفي رواية: ولما كلم يزيد القوم، قالوا له: يا يزيد! قد أكثرت الكلام فاكفف، فوالله! ليعطش الحسين (عليه السلام) كما عطش من كان قبله، يعني عثمان.
1 - روضة الواعظين 1: 166. 2 - في اسم الرجل واسم أبيه خلاف، تارة يقال: برير، وأخرى: بريد، وثالثة: يزيد، ويقال لأبيه: خضير، وأخرى: حضير، وثالثة: حصين. ولكن يظهر من رجزه أنه برير بن خضير. 3 - الأمالي: 134، كشف الغمة 2: 47، العوالم 17: 167، أعيان الشيعة 1: 599، وفيه: بريد بن خضير. 515 فلما سمع الحسين (عليه السلام) هذا الكلام التفت إلى أصحابه وقال: أصحابي! إن القوم قد استحوذ عليهم الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون. وأنشد يقول: تعديتم يا شر قوم! ببغيكم * وخالفتموا فينا النبي محمدا أما كان خير الخلق أوصاكم بنا * أما كان جدي خيرة الله أحمدا أما كانت الزهراء امي ووالدي * علي أخا خير الأنام المسددا (1) [494] - 277 - ابن حمزة: عن محمد بن سنان، عن الرضا (عليه السلام)، قال: هبط على الحسين (عليه السلام)، ملك وقد شكا إليه أصحابه العطش، فقال: إن الله تعالى يقرئك السلام، ويقول: هل لك من حاجة؟ فقال الحسين (عليه السلام): هو السلام، ومن ربي السلام. وقال: قد شكا إلي أصحابي - ما هو أعلم به مني - من العطش، فأوحى الله تعالى إلى الملك: قل للحسين: خط لهم بإصبعك خلف ظهرك يرووا، فخط الحسين بأصبعه السبابة، فجرى نهر أبيض من اللبن، وأحلى من العسل، فشرب منه هو وأصحابه، فقال الملك: يا ابن رسول الله! تأذن لي أن أشرب منه، فإنه لكم خاصة، وهو الرحيق المختوم الذي (ختمه مسك وفى ذلك فليتنافس المتنفسون). (2) فقال الحسين (عليه السلام): إن كنت تحب أن تشرب منه فدونك. (3)
1 - معالي السبطين 1: 348، بحار الأنوار 45: 41، العوالم 17: 283، وذكر فيهما الأشعار في قتل العباس بن علي (عليه السلام) مع إضافة: لعنتم وأخزيتم بما قد جنيتم * فسوف تلاقوا حر نار توقد 2 - المطففين: 83 / 26. 3 - الثاقب في المناقب: 327 ح 270، مدينة المعاجز 3: 495 ح 1009. 516 مناشدته (عليه السلام) أهل الكوفة [495] - 278 - الصدوق: ثم وثب الحسين (عليه السلام) متوكئا على سيفه، فنادى بأعلى صوته فقال: أنشدكم الله، هل تعرفونني؟ قالوا: نعم، أنت ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسبطه! قال: انشدكم الله، هل تعلمون أن جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ قالوا: أللهم نعم! قال: أنشدكم الله، هل تعلمون أن أمي فاطمة الزهراء بنت محمد المصطفى (صلى الله عليه وآله)؟ قالوا: أللهم نعم! قال: أنشدكم الله، هل تعلمون أن أبي علي بن أبي طالب (عليه السلام)؟. قالوا: أللهم نعم! قال: أنشدكم الله، هل تعلمون أن جدتي خديجة بنت خويلد أول نساء هذه الأمة إسلاما؟ قالوا: أللهم نعم! قال: فأنشدكم الله، هل تعلمون أن سيد الشهداء حمزة عم أبي؟ قالوا: أللهم نعم! قال: فأنشدكم الله، هل تعلمون أن جعفر الطيار في الجنة عمي؟ قالوا: أللهم نعم! قال: فأنشدكم الله، هل تعلمون أن هذا سيف رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأنا متقلده؟ قالوا: أللهم نعم! قال: فأنشدكم الله، هل تعلمون أن هذه عمامة رسول الله أنا لابسها؟
517 قالوا: أللهم نعم! قال: فأنشدكم الله، هل تعلمون أن عليا (عليه السلام) كان أولهم إسلاما، وأعلمهم علما، وأعظمهم حلما، وأنه ولي كل مؤمن ومؤمنة؟ قالوا: أللهم نعم! قال: فبم تستحلون دمي وأبي الذائد عن الحوض، يذود عنه رجالا كما يذاد البعير الصادر عن الماء، ولواء الحمد في يد أبي يوم القيامة؟ قالوا: قد علمنا ذلك كله، ونحن غير تاركيك حتى تذوق الموت عطشا! فأخذ الحسين (عليه السلام) بطرف لحيته وهو يومئذ ابن سبع وخمسين سنة، ثم قال: اشتد غضب الله على اليهود حين قالوا: عزير بن الله، واشتد غضب الله على النصارى حين قالوا: المسيح بن الله، واشتد غضب الله على المجوس حين عبدوا النار من دون الله، واشتد غضب الله على قوم قتلوا نبيهم، واشتد غضب الله على هذه العصابة الذين يريدون قتل ابن نبيهم! (1) وزاد السيد ابن طاووس: فلما خطب هذه الخطبة وسمع بناته وأخته زينب كلامه بكين وندبن ولطمن وارتفعت أصواتهن، فوجه إليهن أخاه العباس وعليا ابنه، وقال لهما: سكتاهن، فلعمري ليكثرن بكاؤهن. (2) كلامه (عليه السلام) مع زهير [496] - 279 - الطبري: ثم خرج زهير بن القين وخطب خطبة، ودعاهم إلى نصرة ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فسبوه وأثنوا على عبيد الله بن زياد، فقال زهير: إن ولد [فاطمة
1 - الأمالي: 135، اللهوف: 37 إلى قولهم: عطشا، أعيان الشيعة 1: 599، بحار الأنوار 44: 318، العوالم 17: 167، نور العين: 42 مع اختلاف في الألفاظ. 2 - اللهوف: 38. 518 سلام الله عليها] أحق بالود والنصر... فرماه شمر بن ذي الجوشن بسهم، وقال: اسكت...، ثم أقبل زهير على الناس وقال: عباد الله! لا يغرنكم من دينكم هذا الجلف الجافي وأشباهه...، فناداه رجل فقال له: إن أبا عبد الله (عليه السلام) يقول لك: أقبل، فلعمري! لئن كان مؤمن آل فرعون نصح لقومه وأبلغ في الدعاء، لقد نصحت لهؤلاء وأبلغت، لو نفع النصح والابلاغ. (1) خطبته (عليه السلام) لأصحابه [497] - 280 - الراوندي: وعن أبي سعيد سهل بن زياد، عن حسن بن محبوب، عن ابن فضيل، عن سعد الجلاب، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال الحسين بن علي (عليهما السلام) لأصحابه قبل أن يقتل: إن رسول الله قال لي: يا بني! إنك ستساق إلى العراق، وهي أرض قد التقى بها النبيون وأوصياء النبيين، وهي أرض تدعى عمورا، وإنك تستشهد بها، ويستشهد معك جماعة من أصحابك لا يجدون ألم مس الحديد، وتلا: (قلنا ينار كونى بردا وسلما على إبراهيم) (2) تكون الحرب عليك وعليهم بردا وسلاما. فأبشروا، فوالله! لئن قتلونا فإنا نرد على نبينا. قال: ثم أمكث ما شاء الله فأكون أول من تنشق الأرض عنه، فأخرج خرجة يوافق ذلك خرجة أمير المؤمنين وقيام قائمنا، وحياة رسول الله ثم لينزلن علي وفد من السماء من عند الله، لم ينزلوا إلى الأرض قط، ولينزلن إلي
1 - تأريخ الطبري 3: 320، وقعة الطف: 213. 2 - الأنبياء: 21 / 69. 519 جبرئيل وميكائيل وإسرافيل، وجنود من الملائكة، ولينزلن محمد وعلي وأنا وأخي وجميع من من الله عليه، في حمولات من حمولات الرب، خيل بلق من نور لم يركبها مخلوق، ثم ليهزن محمد لواءه وليدفعنه إلى قائمنا مع سيفه، ثم إنا نمكث من بعد ذلك ما شاء الله، ثم إن الله يخرج من مسجد الكوفة عينا من دهن وعينا من لبن وعينا من ماء. ثم إن أمير المؤمنين (عليه السلام) يدفع إلي سيف رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فيبعثني إلى الشرق والغرب، ولا آتي على عدو إلا أهرقت دمه، ولا أدع صنما إلا أحرقته حتى أقع إلى الهند فأفتحها. وإن دانيال ويونس [يوشع] يخرجان إلى أمير المؤمنين يقولان: صدق الله ورسوله ويبعث [الله] معهما إلى البصرة سبعين رجلا فيقتلون مقاتليهم، ويبعث بعثا إلى الروم فيفتح الله لهم. ثم لأقتلن كل دابة حرم الله لحمها، حتى لا يكون على وجه الأرض إلا الطيب، وأعرض على اليهود والنصارى وسائر الملل، ولأخيرنهم بين الاسلام والسيف، فمن أسلم مننت عليه، ومن كره الاسلام أهرق الله دمه. ولا يبقى رجل من شيعتنا إلا [أنزل الله إليه] ملكا يمسح عن وجهه التراب ويعرفه أزواجه ومنازله في الجنة، ولا يبقى على وجه الأرض أعمى ولا مقعد ولا مبتلى إلا كشف الله عنه بلاءه بنا أهل البيت. ولتنزلن البركة من السماء إلى الأرض، حتى أن الشجرة لتقصف بما يريد الله فيها من الثمر، ولتأكلن ثمرة الشتاء في الصيف، وثمرة الصيف في الشتاء، وذلك قول الله تعالى: (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركت من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا
520 يكسبون). (1) ثم إن الله ليهب لشيعتنا كرامة، لا يخفى عليهم شى في الأرض وما كان فيها، حتى أن الرجل منهم يريد أن يعلم علم أهل بيته فيخبرهم بعلم ما يعملون. (2)
1 - الأعراف: 7 / 96. 2 - الخرائج والجرائح 2: 848 ح 63، مختصر بصائر الدرجات: 36، بحار الأنوار 45: 80 ح 6 و 53: 61، الإيقاظ من الهجعة: 352. 521 بدء القتال وشهادة الأصحاب [498] - 281 - السيد ابن طاووس: فتقدم عمر بن سعد فرمى نحو عسكر الحسين (عليه السلام) بسهم، وقال: اشهدوا لي عند الأمير أني أول من رمى! وأقبلت السهام من القوم كأنها القطر! فقال (عليه السلام) لأصحابه: قوموا رحمكم الله إلى الموت الذي لا بد منه، فإن هذه السهام رسل القوم إليكم. فاقتتلوا ساعة من النهار حملة وحملة، حتى قتل من أصحاب الحسين (عليه السلام) جماعة فعندها ضرب الحسين (عليه السلام) بيده إلى لحيته، وجعل يقول: اشتد غضب الله تعالى على اليهود إذ جعلوا له ولدا، واشتد غضب الله تعالى على النصارى إذ جعلوه ثالث ثلاثة، واشتد غضبه على المجوس إذ عبدوا الشمس والقمر دونه، واشتد غضبه على قوم اتفقت كلمتهم على قتل ابن بنت نبيهم، أما والله! لا أجيبهم إلى شيء مما يريدون حتى ألقى الله تعالى وأنا مخضب بدمي. (1)
1 - اللهوف: 43، بحار الأنوار 45: 12، مثير الأحزان: 58، فيه من قوله: اشتد، العوالم 17: 255. 522 [499] - 282 - ابن قولويه: حدثني أبي؛ وجماعة مشايخي، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الحسين (عليه السلام) صلى بأصحابه يوم أصيبوا، ثم قال: أشهد أنه قد أذن في قتلكم يا قوم! فاتقوا الله واصبروا. (1) عبد الله بن عمير الكلبي [500] - 283 - الطبري: قال أبو مخنف: عن الصقعب بن زهير وسليمان بن أبي راشد، عن حميد بن مسلم قال: وزحف عمر بن سعد نحوهم، ثم نادى: يا ذو يد! أدن رأيتك، فأدناها، ثم وضع سهمه في كبد قوسه ثم رمى، فقال: أشهدوا أني أول من رمى! قال أبو مخنف: حدثني أبو جناب، قال: كان منا رجل يدعى عبد الله بن عمير من بني عليم كان قد نزل الكوفة، واتخذ عند بئر الجعد من همدان دارا وكانت معه امرأة له من النمر بن قاسط يقال لها: أم وهب بنت عبد، فرأى القوم بالنخيلة يعرضون ليسرحوا إلى الحسين قال: فسأل عنهم، فقيل له: يسرحون إلى حسين بن فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)! فقال: والله! لقد كنت على جهاد أهل الشرك حريصا، وإني لأرجو ألا يكون جهاد هؤلاء الذين يغزون ابن بنت نبيهم أيسر ثوابا عند الله من ثوابه إياي في جهاد المشركين. فدخل إلى امرأته فأخبرها بما سمع، وأعلمها بما يريد، فقالت: أصبت أصاب الله بك أرشد أمورك، إفعل وأخرجني معك.
1 - كامل الزيارات: 73، وفيه ثلاث روايات بهذا المضمون، بحار الأنوار 45: 86، العوالم 17: 156. 523 قال: فخرج بها ليلا حتى أتى حسينا، فأقام معه. فلما دنا عمر بن سعد ورمى بسهم ارتمى الناس، فلما ارتموا خرج يسار مولى زياد بن أبي سفيان، وسالم مولى عبيد الله بن زياد، فقالا: من يبارز؟ ليخرج إلينا بعضكم؟ فوثب حبيب بن مظاهر، وبرير بن حضير، فقال لهما حسين (عليه السلام): اجلسا. فقام عبد الله بن عمير الكلبي فقال: أبا عبد الله - رحمك الله - إئذن لي فلأخرج إليهما. فرأى الحسين (عليه السلام) رجلا آدم طويلا، شديد الساعدين، بعيد ما بين المنكبين، فقال حسين (عليه السلام): إني لأحسبه للاقران قتالا! اخرج إن شئت. فخرج إليهما. فقالا له: من أنت؟ فانتسب لهما، فقالا: لا نعرفك، ليخرج إلينا زهير بن القين، أو حبيب بن مظاهر، أو برير بن حضير!. ويسار مستنتل أمام سالم، فقال له الكلبي: يا ابن الزانية! وبك رغبة عن مبارزة أحد من الناس!؟ وما يخرج إليك أحد من الناس إلا وهو خير منك! ثم شد عليه فضربه بسيفه حتى برد، فإنه لمشتغل به يضربه بسيفه إذ شد عليه سالم، فصاح به [أصحاب الحسين (عليه السلام):] قد رهقك العبد! فلم يأبه له حتى غشيه فبدره الضربة، فاتقاه الكلبي بيده اليسرى فأطار أصابع كفه اليسرى، ثم مال عليه الكلبي فضربه حتى قتله. وأقبل الكلبي مرتجزا، وهو يقول وقد قتلهما جميعا: إن تنكروني فأنا ابن كلب * حسبي بيتي في عليم حسبي إني امرؤ ذو مرة وعصب * ولست بالخوار عند النكب إني زعيم لك أم وهب * بالطعن فيهم مقدما والضرب ضرب غلام مؤمن بالرب
524 فأخذت أم وهب امرأته عمودا، ثم أقبلت نحو زوجها تقول له: فداك أبي وأمي، قاتل دون الطيبين ذرية محمد! فأقبل إليها يردها نحو النساء، فأخذت تجاذب ثوبه، ثم قالت: إني لن أدعك دون أن أموت معك! فناداها حسين (عليه السلام) فقال: جزيتم من أهل بيت خيرا، ارجعي رحمك الله إلى النساء، فاجلسي معهن، فإنه ليس على النساء قتال. فانصرفت إليهن. (1) [501] - 284 - محمد بن أبي طالب: ورأيت حديثا: أن وهب هذا كان نصرانيا فأسلم هو وأمه على يدي الحسين (عليه السلام)، فقتل في المبارزة أربعة وعشرين راجلا واثني عشر فارسا، ثم أخذ أسيرا فأتي به عمر بن سعد، فقال: ما أشد صولتك؟ ثم أمر فضربت عنقه ورمى برأسه إلى عسكر الحسين (عليه السلام)، فأخذت أمه الرأس فقبلته، ثم رمت بالرأس إلى عسكر ابن سعد فأصابت به رجلا فقتلته، ثم شدت بعمود الفسطاط فقتلت رجلين! فقال لها الحسين (عليه السلام): ارجعي يا أم وهب! أنت وابنك مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فإن الجهاد مرفوع عن النساء. فرجعت وهي تقول: إلهي لا تقطع رجائي! فقال الحسين (عليه السلام): لا يقطع الله رجاك، يا أم وهب! (2)
1 - تأريخ الطبري 3: 321، الكامل في التأريخ 2: 564، بحار الأنوار 45: 17، العوالم 17: 260 وفي الثلاثة الأخيرة إلى قوله: إلى النساء، ولم يذكرهم إني لأحسبه...، أعيان الشيعة 1: 603، وقعة الطف: 217. 2 - تسلية المجالس وزينة المجالس: 450، بحار الأنوار 45: 17، العوالم 17: 261. توضيح: ذكر في أعيان الشيعة قصة عبد الله بن عمير بن جناب الكلبي وامرأته أم وهب، ثم قال في ذيل الصفحة: وقد بينا في حاشية لواعج الأشجان وقوع خلط من المؤرخين بين قصة عبد الله بن جناب الكلبي المتقدمة وقصة وهب هذا، والصواب ما ذكرناه هنا، يحتمل كونهما رجلا واحدا وأن وهب تصحيف أبو وهب، وحباب تصحيف جناب، راجع أعيان الشيعة 1: 603. 525 دعاؤه (عليه السلام) على عبد الله بن حوزة [502] - 285 - الطبري: قال أبو مخنف: فحدثني حسين أبو جعفر قال: ثم إن رجلا من بني تميم - يقال له: عبد الله بن حوزة -، (1) جاء حتى وقف أمام الحسين (عليه السلام) فقال: يا حسين! يا حسين! فقال الحسين (عليه السلام): ما تشاء؟ قال: أبشر بالنار! قال: كلا، إني أقدم على رب رحيم، وشفيع مطاع، من هذا؟ قال له أصحابه: هذا ابن حوزة. قال: رب حزه إلى النار! فاضطرب به فرسه في جدول فوقع فيه، وتعلقت رجله بالركاب، ووقع رأسه في الأرض، ونفر الفرس، فأخذ يمر به فيضرب برأسه كل حجر، وكل شجرة حتى مات... وروى أبو مخنف: عن عطاء بن السائب، عن عبد الجبار بن وائل الحضرمي، عن أخيه مسروق بن وائل قال: كنت في أوائل الخيل ممن سار إلى الحسين (عليه السلام)، فقلت: أكون في أوائلها لعلي أصيب رأس الحسين، فأصيب به منزلة عند عبيد الله بن زياد! فلما انتهينا إلى حسين (عليه السلام) تقدم رجل من القوم يقال له: ابن حوزة، فقال: أفيكم حسين؟
1 - في اسم عبد الله بن حوزة اختلاف، بعض يقول: عبد الله بن جويرة، وبعض يقول: عبد الله بن حوزة. 526 فسكت حسين (عليه السلام)، فقالها ثانية. فسكت، حتى إذا كانت الثالثة، قال (عليه السلام): قولوا له: نعم، هذا حسين، فما حاجتك؟ قال: يا حسين! أبشر بالنار! قال: كذبت، بل أقدم على رب غفور وشفيع مطاع، فمن أنت؟ قال: ابن حوزة، فرفع الحسين (عليه السلام) يديه حتى رأينا بياض إبطيه من فوق الثياب، ثم قال: أللهم حزه إلى النار! فغضب ابن حوزة، فذهب ليقحم إليه الفرس، وبينه وبينه نهر، فعلقت قدمه بالركاب وجالت به الفرس فسقط عنها فانقطعت قدمه وساقه وفخذه، وبقى جانبه الآخر متعلقا بالركاب. فرجع مسروق وترك الخيل من ورائه، فسألته عن ذلك، فقال: لقد رأيت من أهل هذا البيت شيئا، لا أقاتلهم أبدا! (1) [503] - 286 - ابن أعثم: قال (عليه السلام): كذبت يا عدو الله! إني قادم على رب رحيم وشفيع مطاع وذلك جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم قال الحسين (عليه السلام): من هذا الرجل؟ فقالوا: هذا مالك بن حوزة. فقال الحسين (عليه السلام): أللهم حزه إلى النار، (2) وأذقه حرها في الدنيا قبل مصيره إلى الآخرة. (3)
1 - تأريخ الطبري 3: 322، مجمع الزوائد 9: 193، الكامل في التأريخ 2: 564 من قوله: وتقدم رجل من القوم الخ، تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 256، وفيه: أبشر برب رحيم وشفيع مطاع من أنت؟ قال: أنا جويزة، قال: أللهم جزه إلى النار، الإرشاد: 236، بحار الأنوار 45: 13، أعيان الشيعة 1: 604، في الثلاثة الأخيرة مع اختلاف يسير، وقعة الطف: 219. 2 - في بعض الروايات: مالك بن جويرة، وكلام الإمام: أللهم جره إلى النار. 3 - الفتوح 5: 108. 527 مقتل الحر [504] - 287 - الطبري: قال أبو مخنف: عن أبي جناب الكلبي، عن عدى بن حرملة قال: ثم إن الحر بن يزيد لما زحف عمر بن سعد، قال له: أصلحك الله أمقاتل أنت هذا الرجل؟ قال: إي والله! قتالا أيسره أن تسقط الرؤوس وتطيح الأيدي! قال: أفما لكم في واحدة من الخصال التي عرض عليكم رضى؟ قال عمر بن سعد: أما والله! لو كان الأمر إلي لفعلت، ولكن أميرك قد أبى ذلك! فأقبل حتى وقف من الناس موقفا، ومعه رجل من قومه يقال له: قرة بن قيس، فقال: يا قرة! هل سقيت فرسك اليوم؟ قال: لا، قال: أفما تريد أن تسقيه...؟ قال: فقلت له: لم أسقه وأنا منطلق فساقيه. فاعتزلت ذلك المكان الذي كان فيه، فوالله! لو أنه أطلعني على الذي يريد لخرجت معه إلى الحسين (عليه السلام). فأخذ يدنو من حسين (عليه السلام) قليلا قليلا، فقال له رجل من قومه يقال له: المهاجر بن أوس: ما تريد يا ابن يزيد؟ أتريد أن تحمل؟ فسكت وأخذه مثل العرواء. فقال له: يا ابن يزيد، والله! إن أمرك لمريب!؟ والله ما رأيت منك في موقف قط مثل شيء أراه الآن، ولو قيل لي: من أشجع أهل الكوفة رجلا؟ ما عدوتك! فما هذا الذي أرى منك!؟ قال: إني - والله! - أخير نفسي بين الجنة والنار، ووالله! لا أختار على الجنة شيئا ولو قطعت وحرقت!
528 ثم ضرب فرسه فلحق بحسين (عليه السلام)، فقال له: جعلني الله فداك، يا ابن رسول الله! أنا صاحبك الذي حبستك عن الرجوع وسايرتك في الطريق، وجعجعت بك في هذا المكان، والله الذي لا إله إلا هو! ما ظننت أن القوم يردون عليك ما عرضت عليهم أبدا، ولا يبلغون منك هذه المنزلة، فقلت في نفسي: لا أبالي أن أطيع القوم في بعض أمرهم، ولا يرون أني خرجت من طاعتهم، وأما هم فسيقبلون من حسين هذه الخصال التي يعرض عليهم، ووالله! لو ظننت أنهم لا يقبلونها منك ما ركبتها منك، وإني قد جئتك تائبا مما كان مني إلى ربي، ومواسيا لك بنفسي حتى أموت بين يديك، أفترى ذلك لي توبة؟! قال الإمام (عليه السلام): نعم، يتوب الله عليك، ويغفر لك، ما اسمك؟ قال: أنا الحر بن يزيد. قال: أنت الحر، كما سمتك أمك، أنت الحر إن شاء الله في الدنيا والآخرة، إنزل. قال: أنا لك فارسا خير مني راجلا، أقاتلهم على فرسي ساعة، وإلى النزول ما يصير آخر أمري! قال الحسين (عليه السلام): فاصنع يرحمك الله ما بدا لك. فاستقدم الحر أمام أصحابه وخطب خطبة. (1) [505] - 288 - ابن أعثم:: إنه (عليه السلام) قال للحر: يا أخي إن تبت كنت ممن تاب الله عليهم، إن الله هو التواب الرحيم. (2)
1 - تأريخ الطبري 3: 320، الإرشاد: 235، وليس فيه من قوله: يغفر لك، إلى قوله: والآخرة، الكامل في التأريخ 2: 563، وفيه إلى قوله: ويغفر لك، اللهوف: 44، وفيه: يتوب الله عليك، فانزل فقط، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 2: 9، مع اختلاف، العوالم 17: 254، وفيه مثل الإرشاد، وقعة الطف: 215، وليس فيه: يرحمك الله. 2 - الفتوح 5: 113. 529 [506] - 289 - ابن نما: رويت بإسنادي أنه [الحر] قال للحسين (عليه السلام): لما وجهني عبيد الله إليك خرجت من القصر فنوديت من خلفي: أبشر يا حر بخير! فالتفت فلم أر أحدا، فقلت: والله ما هذه بشارة، وأنا أسير إلى الحسين (عليه السلام)؟! وما أحدث نفسي باتباعك، فقال (عليه السلام): لقد أصبت أجرا وخيرا. (1) [507] - 290 - الخوارزمي: وروي أن الحر لما لحق بالحسين (عليه السلام) قال رجل من بني تميم، يقال له يزيد بن سفيان: أما والله! لو لقيت الحر حين خرج لأتبعته السنان، فبينا هو يقاتل وإن فرسه لمضروب على أذنيه وحاجبيه وإن الدماء لتسيل إذ قال الحصين بن نمير: يا يزيد! هذا الحر الذي كنت تتمناه فهل لك به؟ قال: نعم، فخرج إليه فما لبث الحر أن قتله وقتل أربعين فارسا وراجلا، ولم يزل يقاتل حتى عرقب فرسه وبقى راجلا، فجعل يقاتل وهو يقول: إن تعقروا بي فأنا بن الحر * أشجع من ذي لبدة هزبر ولست بالخوار عند الكر * لكنني الثابت عند الفر ثم لم يزل يقاتل حتى قتل؛، فاحتمله أصحاب الحسين (عليه السلام) حتى وضعوه بين يدي الحسين (عليه السلام) وبه رمق، فجعل الحسين يمسح التراب عن وجهه، وهو يقول له: أنت الحر، كما سمتك به أمك، وأنت الحر في الدنيا، وأنت الحر في الآخرة. (2) [508] - 291 - أبو إسحاق الإسفرايني: وروي أن الحر جاء الحسين (عليه السلام) مع ولده، وحمل ولده على القوم حتى قتل
1 - مثير الأحزان: 59، بحار الأنوار 45: 15. 2 - مقتل الحسين (عليه السلام) 2: 10، اللهوف: 45 باختلاف يسير، تسلية المجالس وزينة المجالس: 438، بحار الأنوار 45: 14، العوالم 17: 257، أعيان الشيعة 1: 614. 530 فاستبشر أبوه فرحا، ثم برز الحر حتى قتل، واجتزوا رأسه، ورموه نحو الإمام، فوضعه في حجره، وهو يبكي ويمسح الدم عن وجهه ويقول: والله! ما أخطأت أمك إذ سمتك حرا، فأنت والله! حر في الدنيا وسعيد في الآخرة، وهو يقول: فنعم الحر حر بني رياح * صبور عند مشتبك الرماح ونعم الحر إذ واسى حسينا * وجاد بنفسه عند الصباح ونعم الحر في وهج المنايا * ذي بطال تخطو بالرماح لقد فازوا الذي نصروا حسينا * وفازوا بالهداية والصلاح (1) كلامه (عليه السلام) مع عمرو بن الحجاج [509] - 292 - الطبري: قال أبو مخنف: حدثني الحسين بن عقبة المرادي، قال الزبيدي: إنه سمع عمرو بن الحجاج حين دنى من أصحاب الحسين (عليه السلام) يقول: يا أهل الكوفة! الزموا طاعتكم وجماعتكم، ولا ترتابوا في قتل من مرق من الدين وخالف الإمام!! فقال له الحسين (عليه السلام): يا عمرو بن الحجاج! أعلي تحرض الناس؟! أنحن مرقنا وأنتم ثبتم عليه، أما والله! لتعلمن لو قد قبضت أرواحكم ومتم على أعمالكم أينا مرق من الدين، ومن هو أولى بصلي النار؟! ثم إن عمرو بن الحجاج حمل على الحسين (عليه السلام) في ميمنة عمر بن سعد من نحو الفرات، فاضطربوا ساعة. (2)
1 - نور العين في مشهد الحسين (عليه السلام): 45، ينابيع المودة: 414، نسبت هذه الأشعار في مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 2: 11 ومعالي السبطين 1: 367، إلى علي بن الحسين (عليهما السلام)، وفي البحار 45: 14 إلى رجل من الأصحاب. 2 - تأريخ الطبري 3: 324، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 2: 15: وليس فيه لو قد قبضت، إلى أعمالكم، الكامل في التأريخ 2: 565 باختلاق، بحار الأنوار 45: 19، العوالم 17: 263، وفيه مثل ما في الخوارزمي، وقعة الطف: 224. 531 مسلم بن عوسجة [510] - 293 - وعنه: فصرع مسلم بن عوسجة الأسدي! أول أصحاب الحسين ثم انصرف عمرو بن الحجاج وأصحابه وارتفعت الغبرة، فإذا هم به صريع! فمشى إليه الحسين (عليه السلام) فإذا به رمق فقال: رحمك ربك، يا مسلم بن عوسجة! (فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا). (1) ودنا منه حبيب بن مظاهر فقال: عز علي مصرعك يا مسلم، أبشر بالجنة. فقال له مسلم قولا ضعيفا: بشرك الله بخير. فقال له حبيب: لولا أني أعلم أني في أثرك لاحق بك من ساعتي هذه، لأحببت أن توصيني بكل ما أهمك حتى أحفظك في كل ذلك بما أنت أهل له في القرابة والدين. قال: بل أنا أوصيك بهذا رحمك الله - وأهوى بيده إلى الحسين - أن تموت دونه! قال: أفعل، ورب الكعبة! فما كان بأسرع من أن مات في أيديهم؛. وصاحت جارية له فقالت: يا بن عوسجتاه! يا سيداه! (2)
1 - الأحزاب: 33 / 23. 2 - تأريخ الطبري 3: 324، الإرشاد: 237 إلى قوله: بكل ما أهمك، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 2: 15، اللهوف: 46، الكامل في التأريخ 2: 565، بحار الأنوار 45: 20، العوالم 17: 264، كنز الدقائق 8: 138، وقعة الطف: 225. 532 عمرو بن قرظة [511] - 294 - السيد ابن طاووس: ثم خرج عمرو بن قرظة الأنصاري فاستأذن الحسين (عليه السلام)، فأذن له، فقاتل قتال المشتاقين إلى الجزاء، وبالغ في خدمة سلطان السماء، حتى قتل جمعا كثيرا من حزب ابن زياد وجمع بين سداد وجهاد، وكان لا يأتي إلى الحسين (عليه السلام) سهم إلا اتقاه بيده، ولا سيف إلا تلقاه بمهجته، فلم يكن يصل إلى الحسين سوء، حتى أثخن بالجراح، فالتفت إلى الحسين (عليه السلام) وقال: يا ابن رسول الله، أوفيت؟! قال: نعم، أنت أمامي في الجنة، فاقرأ رسول الله (صلى الله عليه وآله) عني السلام، وأعلمه أني في الأثر، فقاتل حتى قتل رضوان الله عليه. (1) [512] - 295 - الطبري: وكان أخوه [أي أخو عمرو] علي بن قرظة مع عمر بن سعد، فنادى: يا حسين! يا كذاب ابن الكذاب! أضللت أخي وغررته حتى قتلته؟! قال الحسين (عليه السلام): إن الله لم يضل أخاك، ولكنه هدى أخاك وأضلك! قال: قتلني الله إن لم أقتلك، أو أموت دونك! وحمل عليه [أي على الإمام (عليه السلام)]، فاعترضه نافع بن هلال المرادي فطعنه فصرعه، فحمله أصحابه فاستنقذوه. (2)
1 - اللهوف: 46، مثير الأحزان: 61، وفيه عمر بن أبي قرظة، بحار الأنوار 45: 22، العوالم 17: 265، أعيان الشيعة 1: 605. 2 - تأريخ الطبري 3: 324، الكامل في التأريخ 2: 565، وقعة الطف: 223. 533 كلامه (عليه السلام) مع شمر ودعاؤه عليه [513] - 296 - وعنه: وقاتلوهم حتى انتصف النهار، أشد قتال خلقه الله وأخذوا لا يقدرون على أن يأتوهم إلا من وجه واحد، لاجتماع أبنيتهم، وتقارب بعضها من بعض. فلما رأى ذلك عمر بن سعد أرسل رجالا يقوضونها (1) عن أيمانهم وعن شمائلهم ليحيطوا بهم، فأخذ الثلاثة والأربعة من أصحاب الحسين (عليه السلام) يتخللون البيوت فيشدون على الرجل وهو يقوض وينتهب فيقتلونه ويرمونه من قريب ويعقرونه. فأمر بها عمر بن سعد عند ذلك فقال: أحرقوها بالنار... فقال حسين (عليه السلام): دعوهم فليحرقوها فإنهم لو قد حرقوها لم يستطيعوا أن يجوزوا إليكم منها، وكان ذلك كذلك، فأخذوا لا يقاتلونهم إلا من وجه واجد. وحمل شمر بن ذي الجوشن حتى طعن فسطاط الحسين (عليه السلام) برمحه ونادى: علي بالنار حتى أحرق هذا البيت على أهله! فصاح النساء وخرجن من الفسطاط! وصاح به الحسين (عليه السلام): يا ابن ذي الجوشن! أنت تدعو بالنار لتحرق بيتي على أهلي؟! حرقك الله بالنار! (2)
1 - قوض الصفوف والمجالس: فرقها. المنجد: 662. 2 - تأريخ الطبري 3: 326، الكامل في التأريخ 2: 567، وقعة الطف: 228، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 2: 16، بحار الأنوار 45: 21، العوالم 17: 264، وفي الثلاثة الأخيرة إلى قوله: وكان ذلك كذلك. 534 صلاة الظهر [514] - 297 - وعنه: فلا يزال الرجل من أصحاب الحسين (عليه السلام) قد قتل، فإذا قتل منهم الرجل والرجلان تبين فيهم، وأولئك كثير لا يتبين فيهم ما يقتل منهم. فلما رأى ذلك أبو ثمامة عمرو بن عبد الله الصائدي، قال للحسين (عليه السلام): يا أبا عبد الله! نفسي لك الفداء، إني أرى هؤلاء قد اقتربوا منك، ولا والله! لا تقتل حتى أقتل دونك إن شاء الله، وأحب أن ألقى ربي وقد صليت هذه الصلاة التي دنا وقتها. فرفع الحسين (عليه السلام) رأسه ثم قال: ذكرت الصلاة، جعلك الله من المصلين الذاكرين! نعم، هذا أول وقتها. ثم قال: سلوهم أن يكفوا عنا حتى نصلي. فقال لهم الحصين بن تميم: إنها لا تقبل! فقال له حبيب بن مظاهر: لا تقبل، زعمت! الصلاة من آل رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا تقبل، وتقبل منك، يا حمار؟! (1) [515] - 298 - الدربندي: وفي رواية قال أبو مخنف: فأذن الحسين (عليه السلام) بنفسه، فلما فرغ من الأذان نادى: يا ويلك، يا عمر بن سعد! أنسيت شرائع الاسلام، ألا تقف عن الحرب حتى نصلي وتصلون
1 - تأريخ الطبري 3: 326، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 2: 17، وليس فيه الذاكرين، وفيه الحصين بن نمير وبدل قوله: " حمار " " ختار "، الكامل في التأريخ 2: 567، بحار الأنوار 45: 21، العوالم 17: 267، أعيان الشيعة 1: 606، وقعة الطف: 229. 535 ونعود إلى الحرب!؟ فلم يجبه، فنادى الحسين (عليه السلام): استحوذ عليه الشيطان. (1) وفي رواية أخرى قال (عليه السلام): يا ويلكم! ألا تقفون عن الحرب حتى نصلي!؟ (2) [516] - 299 - ابن نما: وحضرت صلاة الظهر فأمر (عليه السلام) زهير بن القين وسعيد بن عبد الله الحنفي: أن يتقدما أمامه بنصف من تخلف معه، وصلى بهم صلاة الخوف بعد أن طلب منهم الفتور عن القتال لأداء الفرض.... وقيل: صلى الحسين (عليه السلام) وأصحابه فرادى بالإيماء. (3) [517] - 300 - البهبهاني: قال أبو مخنف: فلما فرغ من صلاته حرضهم على القتال، وقال (عليه السلام): يا أصحابي! إن هذه الجنة قد فتحت أبوابها، واتصلت أنهارها، وأينعت ثمارها، وزينت قصورها، وتألفت ولدانها وحورها، وهذا رسول الله (صلى الله عليه وآله) والشهداء الذين قتلوا معه وأبي (عليه السلام) يتوقعون قدومكم، ويتباشرون بكم، وهم مشتاقون إليكم، فحاموا عن دين الله وذبوا عن حرم رسول الله (صلى الله عليه وآله). (4) [518] - 301 - محمد مهدي الحائري: ثم إنه (عليه السلام) صاح بأهله ونسائه، فخرجن مهتكات الجيوب، وصحن: يا معشر
1 - أسرار الشهادة: 294، معالي السبطين 1: 360. 2 - ينابيع المودة: 411. 3 - مثير الأحزان: 65، الخلاف 1: 231 باختصار، تأريخ الطبري 3: 328 نحو الخلاف، الدمعة الساكبة 4: 301، أعيان الشيعة 1: 606، معالي السبطين 1: 361. 4 - الدمعة الساكبة 4: 302، معالي السبطين 1: 361، ناسخ التواريخ 2: 287. 536 المسلمين، ويا عصبة المؤمنين! الله الله، حاموا عن دين الله، وذبوا عن حرم رسول الله، وعن إمامكم، وابن بنت نبيكم، فقد امتحنكم الله بنا، فأنتم جيراننا في جوار جدنا، والكرام علينا، وأهل مودتنا، فدافعوا بارك الله فيكم عنا. فصاح الحسين (عليه السلام): يا أمة القرآن! هذه الجنة فاطلبوها، وهذه النار فاهربوا منها. فأجابوا بالتلبية، وضجوا بالبكاء والنحيب. (1) حبيب بن مظاهر [519] - 302 - الطبري: ثم حمل الحصين على الحسين (عليه السلام) وأصحابه، فخرج حبيب بن مظاهر وقاتل قتالا شديدا، فحمل عليه رجل من بني تميم فضربه بالسيف على رأسه فقتله، يقال له: بديل بن صريم - وحمل عليه آخر من بني تميم - فطعنه فوقع، فذهب ليقوم، فضربه الحصين بن تميم على رأسه بالسيف فوقع، ونزل إليه التميمي فاحتز رأسه. قال أبو مخنف: حدثني محمد بن قيس، لما قتل حبيب بن مظاهر هد ذلك حسينا، وقال عند ذلك: أحتسب نفسي وحماة أصحابي. (2) وفي بعض المقاتل: أنه (عليه السلام) قال: لله درك يا حبيب! لقد كنت فاضلا تختم القرآن في ليلة واحدة! (3)
1 - معالي السبطين 1: 361، الدمعة الساكبة 4: 302 باختصار، أسرار الشهادة: 295 مع تفاوت يسير. 2 - تأريخ الطبري 3: 327، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 2: 19، الكامل في التأريخ 2: 567، البداية والنهاية، 8: 198، وفيه: أحتسب نفسي، بحار الأنوار 45: 27، العوالم 17: 270، أعيان الشيعة 1: 606، وقعة الطف: 231. 3 - معالي السبطين 1: 376، ينابيع المودة: 411، وفيه: يرحمك الله يا حبيب لقد كنت تختم القرآن في ليلة واحدة وأنت فاضل. 537 زهير بن القين [520] - 303 - أبو جعفر الطبري:: حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد البلوي، قال: حدثنا عمارة بن زيد، قال: حدثنا إبراهيم بن سعيد - وكان مع زهير بن القين حين صحب الحسين (عليه السلام) كما أخبر - قال: قال الحسين (عليه السلام) له: يا زهير! إعلم أن هاهنا مشهدي ويحمل هذا - وأشار إلى رأسه من جسده - زحر بن قيس، فيدخل به على يزيد يرجو نواله فلا يعطيه شيئا. (1) [521] - 304 - القندوزي الحنفي: وفي رواية قال زهير: يا مولاي! أرى الانكسار في وجهك بعد قتل العباس وحبيب، ألسنا على الحق؟ قال: بلى، وحق الحق! إنا على الحق محقين. (2) [522] - 305 - المجلسي: وخرج زهير بن القين...، فقاتل حتى قتل مائة وعشرين رجلا، فشد عليه كثير بن عبد الله الشعبي ومهاجر بن أوس، فقتلاه. فقال الحسين (عليه السلام): لا يبعدك الله يا زهير! ولعن قاتلك، لعن الذين مسخوا قردة وخنازير. (3) [523] - 306 - الفرهاني: وفي رواية: وخرج زهير بن القين فوضع يده على منكب الحسين (عليه السلام)، وقال مستأذنا:
1 - دلائل الإمامة: 74، إثبات الهداة 5: 206 ح 67، مدينة المعاجز 3: 450 ح 969. 2 - ينابيع المودة: 411، مقتل الحسين (عليه السلام) ومصرع أهل بيته: 104 مع اختلاف، وهذا بناء على تقدم شهادة العباس عن شهادته، وإلا لا يصح انتساب هذا الكلام إليه. 3 - بحار الأنوار 45: 26، العوالم 17: 269، أعيان الشيعة 1: 606، أسرار الشهادة: 295، أدب الحسين (عليه السلام): 208. 538 أقدم هديت هاديا مهديا فاليوم ألقى جدك النبيا وحسنا والمرتضى عليا وذا الجناحين الفتى الكميا وأسد الله الشهيد الحيا فقال الحسين (عليه السلام): وأنا ألقاهما على أثرك. (1) نافع بن هلال [524] - 307 - الصابري الهمداني: إن نافعا كان شابا حسنا بديع الجمال، وكانت له مخطوبة لم يضاجعها، ولما رأت أن نافعا برز، تعلقت بأذياله وبكت بكاء شديدا، وقالت: إلى أين تمضي، وعلى من أعتمد بعدك؟ فسمع الحسين ذلك، قال له: يا نافع! إن أهلك لا يطيب لها فراقك، فلو رأيت أن تختار سرورها على البراز. فقال: يا ابن رسول الله! لو لم أنصرك اليوم، فبماذا أجيب غدا رسول الله؟ وبرز فقاتل حتى قتل. (2) أبو ثمامة الصائدي [525] - 308 - السماوي: ثم إن أبا ثمامة قال للحسين (عليه السلام) وقد صلى: يا أبا عبد الله! إني قد هممت أن ألحق بأصحابي، وكرهت أن أتخلف وأراك وحيدا من أهلك قتيلا، فقال له
1 - مقتل أبي الأحرار: 191. 2 - أدب الحسين: 210، معالي السبطين 1: 384، ناسخ التواريخ 2: 277. 539 الحسين (عليه السلام): تقدم، فإنا لاحقون بك عن ساعة. فتقدم فقاتل حتى أثخن بالجراحات، فقتله قيس بن عبد الله الصائدي ابن عم له. (1) الأخوان الغفاريان [526] - 309 - الطبري: فلما رآى أصحاب الحسين (عليه السلام) أنهم قد كثروا، وأنهم لا يقدرون على أن يمنعوا حسينا ولا أنفسهم، تنافسوا في أن يقتلوا بين يديه. فجاءه عبد الله وعبد الرحمن ابنا عزرة الغفاريان، فقالا: يا أبا عبد الله! عليك السلام، حازنا العدو إليك، فأحببنا أن نقتل بين يديك، نمنعك وندفع عنك. قال (عليه السلام): مرحبا بكما، أدنوا مني. فدنوا منه، فجعلا يقاتلان قريبا منه. (2) [527] - 310 - الخوارزمي: وفي رواية: أنه جاءه عبد الله وعبد الرحمان الغفاريان، فقالا: السلام عليك، يا أبا عبد الله! إنا أحببنا أن نقتل بين يديك، وندفع عنك. فقال: مرحبا بكما أدنوا مني، فدنوا منه وهما يبكيان، فقال لهما: يا ابني أخي! ما يبكيكما؟ فوالله! إني لأرجو أن تكونا عن ساعة قريري العين. فقالا: جعلنا الله فداك، لا والله! ما نبكي على أنفسنا ولكن نبكي عليك، نراك قد أحيط بك ولا نقدر على أن نمنع عنك.
1 - ابصار العين: 70، يوم الطف: 91. 2 - تأريخ الطبري 3: 328، البداية والنهاية 8: 200، وقعة الطف: 234. 540 فقال (عليه السلام): جزاكما الله يا ابني أخي! بوجدكما من ذلك ومواساتكما إياي بأنفسكما أحسن جزاء المتقين. ثم استقدما وقالا: السلام عليك، يا ابن رسول الله! فقال: وعليكما السلام ورحمة الله وبركاته. فخرجا فقاتلا قتالا شديدا حتى قتلا. (1) الفتيان الجابريان [528] - 311 - الطبري: وجاء الفتيان الجابريان: سيف بن الحارث بن سريع، ومالك بن عبد بن سريع، وهما ابنا عم، وأخوان لأم، فأتيا حسينا فدنوا منه، وهما يبكيان. فقال (عليه السلام): أي إبني أخي! ما يبكيكما؟ فوالله! إني لأرجو أن تكونا عن ساعة قريري عين. قالا: جعلنا الله فداك! لا، والله! ما على أنفسنا نبكي ولكنا نبكي عليك، نراك قد أحيط بك، ولا نقدر على أن نمنعك. فقال (عليه السلام): فجزاكما الله يا بنى أخي! بوجدكما من ذلك ومواساتكما إياي بأنفسكما أحسن جزاء المتقين. (2) ثم استقدم الفتيان الجابريان يلتفتان إلى حسين (عليه السلام) ويقولان: السلام عليك يا ابن رسول الله. فقال: وعليكما السلام ورحمة الله وبركاته فقاتلا حتى قتلا رحمهما الله. (3)
1 - مقتل الحسين (عليه السلام) 2: 23، بحار الأنوار 45: 29، العوالم 17: 273. 2 - تأريخ الطبري 3: 328، أعيان الشيعة 1: 607، إبصار العين: 78، وقعة الطف: 234. 3 - مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 2: 24، بحار الأنوار 45: 31، العوالم 17: 274. 541 حنظلة بن أسعد الشبامي [529] - 312 - وعنه: وجاء حنظلة بن أسعد الشبامي، فقام بين يدي حسين (عليه السلام): فأخذ ينادي: (يقوم إني أخاف عليكم مثل يوم الاحزاب * مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين منم بعدهم وما الله يريد ظلما للعباد * ويقوم إني أخاف عليكم يوم التناد * يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم ومن يضلل الله فما له من هاد)، (1) يا قوم! [لا] تقتلوا حسينا!؟ (فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى). (2) فقال له الحسين (عليه السلام): يا ابن أسعد! رحمك الله! إنهم قد استوجبوا العذاب حين ردوا عليك ما دعوتهم إليه من الحق، ونهضوا إليك ليستبيحوك وأصحابك، فكيف بهم الآن وقد قتلوا إخوانك الصالحين. قال (عليه السلام): صدقت، جعلت فداك! أنت أفقه مني وأحق بذلك، أفلا نروح إلى الآخرة ونلحق بإخواننا؟ فقال: رح إلى خير من الدنيا وما فيها، وإلى ملك لا يبلى. فقال: السلام عليك أبا عبد الله! صلى الله عليك وعلى أهل بيتك، وعرف بيننا وبينك في جنته، فقال (عليه السلام): آمين، آمين. فاستقدم فقاتل حتى قتل. (3)
1 - غافر: 40 / 30 - 33. 2 - طه: 20 / 61. 3 - تأريخ الطبري 3: 329، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 2: 24، الكامل في التأريخ 2: 568، ذكر إلى قوله: الصالحين، اللهوف: 47، بحار الأنوار 45: 23، العوالم 17: 267، أعيان الشيعة 1: 605، إبصار العين: 77، وقعة الطف: 235. 542 عابس بن أبي شبيب الشاكري [530] - 313 - ابن نما: وجاء عابس بن أبي شبيب الشاكري مولى بني شاكر. فقال له الحسين (عليه السلام): يا أبا شوذب! ما في نفسك؟ قال: أقاتل معك، فدنا من الحسين وقال: لو قدرت أن أدفع عنك بشيء هو أعز من نفسي لفعلت، ثم تقدم فلم يقدم عليه أحد. فقال زياد بن الربيع بن أبي تميم الحارثي: هذا ابن أبي شبيب الشاكري القوى لا يخرجن إليه أحد، ارموه بالحجارة، فرموه حتى قتل. (1) يزيد بن زياد: أبو الشعثاء الكندي [531] - 314 - الطبري: قال أبو مخنف: حدثني فضيل بن خديج الكندي: أن يزيد بن زياد، وهو أبو الشعثاء الكندي من بني بهدلة، جثا على ركبتيه بين يدي الحسين (عليه السلام) فرمى بمائة سهم، ما سقط منها [إلا] خمسة أسهم، وكان راميا، فكان كلما رمى قال: أنا ابن بهدلة، فرسان العرجلة. ويقول حسين (عليه السلام): أللهم سدد رميته، واجعل ثوابه الجنة،.... وكان رجزه يومئذ: أنا يزيد وأبي مهاصر أشجع من ليث - بغيل - خادر
1 - مثير الأحزان: 66، بحار الأنوار 45: 28، العوالم 17: 272، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 2: 22، الكلام المنسوب إلى الإمام (عليه السلام) في مثير الأحزان فقط. 543 يا رب! إني للحسين ناصر ولابن سعد تارك وهاجر وكان يزيد بن زياد المهاصر ممن خرج مع عمر بن سعد إلى الحسين (عليه السلام)، فلما ردوا الشروط على الحسين مال إليه، فقاتل معه حتى قتل. (1) جون، مولى أبي ذر الغفاري [532] - 315 - السيد ابن طاووس: ثم برز جون، مولى أبي ذر، وكان عبدا أسود. فقال له الحسين (عليه السلام): أنت في إذن مني، فإنما تبعتنا طلبا للعافية فلا تبتل بطريقنا. فقال: يا ابن رسول الله! أنا في الرخاء ألحس قصاعكم، وفي الشدة أخذلكم، والله! إن ريحي لمنتن، وإن حسبي للئيم، ولوني لأسود، فتنفس علي بالجنة، فتطيب ريحي، ويشرف حسبي، ويبيض وجهي، لا والله! لا أفارقكم حتى يختلط هذا الدم الأسود مع دمائكم، ثم قاتل رضوان الله عليه حتى قتل. (2) [533] - 316 - محمد بن أبي طالب: ثم برز [جون، مولى أبي ذر] إلى القتال وهو ينشد ويقول: كيف يرى الكفار ضرب الأسود * بالسيف ضربا عن بني محمد أذب عنهم باللسان واليد * أرجو به الجنة يوم المورد ثم قاتل حتى قتل، فوقف عليه الحسين (عليه السلام) وقال: أللهم بيض وجهه، وطيب
1 - تأريخ الطبري 3: 330، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 2: 25، الكامل في التأريخ 2: 569، العوالم 17: 273، أعيان الشيعة 1: 603، وقعة الطف: 237 مع اختلاف. 2 - اللهوف: 47، مثير الأحزان: 63، تسلية المجالس وزينة المجالس: 453، بحار الأنوار 45: 22، العوالم 17: 265، أعيان الشيعة 1: 605. 544 ريحه، واحشره مع الأبرار، وعرف بينه وبين محمد وآل محمد. وروي عن الباقر، عن علي بن الحسين (عليهم السلام): أن الناس كانوا يحضرون المعركة ويدفنون القتلى، فوجدوا جون بعد عشرة أيام يفوح منه رائحة المسك رضوان الله عليه. (1) عمرو بن خالد الصيداوي [534] - 317 - الخوارزمي: ثم جاء إليه عمرو بن خالد الصيداوي، فقال: السلام عليك يا أبا عبد الله! قد هممت أن ألحق بأصحابي، وكرهت أن أتخلف فأراك وحيدا من أهلك قتيلا. قال له الحسين: تقدم فإنا لاحقون بك عن ساعة. فتقدم وقاتل قتالا شديدا حتى قتل. (2) كلامه (عليه السلام) مع الضحاك بن عبد الله المشرقي [535] - 318 - الطبري: قال أبو مخنف: حدثني عبد الله بن عاصم، عن الضحاك بن عبد الله المشرقي، قال: لما رأيت أصحاب الحسين (عليه السلام) قد أصيبوا، وقد خلص إليه وإلى أهل بيته، ولم يبق معه غير سويد بن عمرو بن أبي المطاع الخثعمي وبشير بن عمرو الحضرمي، قلت له: يا ابن رسول الله! قد علمت ما كان بيني وبينك، قلت لك: أقاتل عنك ما رأيت مقاتلا، فإذا لم أر مقاتلا فأنا في حل من الانصراف، فقلت لي: نعم.
1 - تسلية المجالس وزينة المجالس: 453، بحار الأنوار 45: 22، العوالم 17: 265، أعيان الشيعة 1: 605. 2 - مقتل الحسين (عليه السلام) 2: 24، اللهوف: 47، مثير الأحزان: 64، تسلية المجالس وزينة المجالس: 453، بحار الأنوار 45: 23، العوالم 17: 266. 545 قال: فقال: صدقت، وكيف لك بالنجاء! إن قدرت على ذلك فأنت في حل. قال: فأقبلت إلى فرسي، وقد كنت حيث رأيت خيل أصحابنا تعقر، أقبلت بها حتى أدخلتها فسطاطا لأصحابنا بين البيوت، وأقبلت أقاتل معهم راجلا، فقتلت يومئذ بين يدي الحسين (عليه السلام) رجلين، وقطعت يد آخر، وقال لي الحسين (عليه السلام) يومئذ مرارا: لا تشلل، لا يقطع الله يدك، جزاك الله خيرا عن أهل بيت نبيك (صلى الله عليه وآله). فلما أذن لي استخرجت الفرس من الفسطاط، ثم استويت على متنها، ثم ضربتها حتى إذا قامت على السنابك رميت بها عرض القوم، فأفرجوا لي، واتبعني منهم خمسة عشر رجلا حتى انتهيت إلى شفية، قرية قريبة من شاطئ الفرات، فلما لحقوني عطفت عليهم، فعرفني كثير بن عبد الله الشعبي وأيوب بن مشرح الخيواني وقيس بن عبد الله الصائدي، فقالوا: هذا الضحاك بن عبد الله المشرقي، هذا ابن عمنا، ننشدكم الله لما كففتم عنه! فقال ثلاثة نفر من بني تميم كانوا معهم: بلى، والله! لنجيبن إخواننا وأهل دعوتنا إلى ما أحبوا من الكف عن صاحبهم. قال: فلما تابع التميميون أصحابي كف الآخرون، قال: فنجاني الله. (1) دعاؤه (عليه السلام) على تميم بن الحصين [536] - 319 - الصدوق: ثم برز من عسكر عمر بن سعد رجل آخر يقال له: تميم بن الحصين الفزاري فنادى: يا حسين! ويا أصحاب الحسين! أما ترون إلى ماء الفرات يلوح كأنه بطون الحيات [الحيتان]، والله! لا ذقتم منه قطرة حتى تذوقوا الموت جزعا.
1 - تأريخ الطبري 3: 329، الكامل في التأريخ 2: 569، عبرات المصطفين 2: 54. 546 فقال الحسين (عليه السلام): من الرجل؟ فقيل: تميم بن حصين. فقال الحسين (عليه السلام): هذا وأبوه من أهل النار، أللهم اقتل هذا عطشا في هذا اليوم. قال: فخنقه العطش حتى سقط عن فرسه، فوطأته الخيل بسنابكها فمات. (1) [537] - 320 - ابن شهرآشوب: وفي رواية: نادى رجل: يا حسين! إنك لن تذوق من الفرات قطرة حتى تموت، أو تنزل على حكم الأمير، فقال الحسين (عليه السلام): أللهم اقتله عطشا، ولا تغفر له أبدا. فغلب عليه العطش فكان يعب المياه ويقول: وا عطشاه! حتى تقطع. وفي تأريخ الطبري: إنه كان هذا المنادي عبد الله بن الحصين الأزدي، رواه حميد بن مسلم كان رجلا من دارم. (2) دعاؤه (عليه السلام) على محمد بن الأشعث [538] - 321 - وعنه: وروي أن الحسين (عليه السلام) دعا: أللهم إنا أهل بيت نبيك وذريته وقرابته، فاقصم من ظلمنا وغصبنا حقنا إنك سميع قريب. فقال محمد بن الأشعث: وأي قرابة بينك وبين محمد؟ فقرأ الحسين (عليه السلام): (إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العلمين * ذرية بعضها منم بعض). (3)
1 - الأمالي: 134، العوالم 17: 166، بحار الأنوار 44: 317، نور العين في مشهد الحسين (عليه السلام): 43، الثاقب في المناقب: 341. 2 - المناقب 4: 56، مدينة المعاجز 3: 479، بحار الأنوار 45: 301، العوالم 17: 613. 3 - آل عمران: 3 / 33 و 34. 547 ثم قال: أللهم أرني فيه هذا اليوم ذلا عاجلا. (1) [539] - 322 - الصدوق روى: أنه (عليه السلام) قال بعد تلاوة الآية: والله! إن محمدا لمن آل إبراهيم، وإن العترة الهادية لمن آل محمد، من الرجل؟ فقيل: محمد بن الأشعث بن قيس الكندي. فرفع الحسين (عليه السلام) رأسه إلى السماء فقال: أللهم أر محمد بن الأشعث ذلا في هذا اليوم، لا تعزه بعد هذا اليوم أبدا، فعرض له عارض فخرج من العسكر يتبرز، فسلط الله عليه عقربا فلذعه [فلدغته] فمات بادي العورة. (2) [540] - 323 - ابن نما:: جاء رجل فقال: أين الحسين؟ فقال (عليه السلام): ها، أنا ذا. قال: أبشر بالنار، تردها الساعة. قال: [بل]، أبشر برب رحيم، وشفيع مطاع، من أنت؟ قال: أنا محمد بن الأشعث. قال: أللهم إن كان عبدك كاذبا فخذه إلى النار، واجعله اليوم آية لأصحابه. فما هو إلا أن ثنى عنان فرسه فرمى به وثبتت رجله في الركاب، فضربه حتى قطعه ووقعت مذاكيره في الأرض، فوالله! لقد عجبت من سرعة إجابة دعائه. (3) [541] - 324 - ابن عساكر: أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن، أنبأنا عبد الصمد بن علي،
1 - المناقب 4: 57، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 249، ذكر بعد دعائه (عليه السلام) على مالك بن جويرة، ولم يذكر الآية، بحار الأنوار 45: 302. 2 - الأمالي: 134، العوالم 17: 166، مدينة المعاجز 3: 475، بحار الأنوار 45: 317. 3 - مثير الأحزان: 64، بحار الأنوار 45: 31، العوالم 17: 274. 548 أنبأنا عبيد الله بن محمد بن إسحاق، أنبأنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، حدثني أحمد بن محمد بن عيسى، أنبأنا عمرو بن عون، أنبأنا خالد، عن الجريري، عن عبد ربه، أو غيره: أن الحسين بن علي لما أرهقه السلاح [أو] أخذ له السلاح قال: ألا تقبلون مني ما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقبل من المشركين؟ قالوا: وما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقبل من المشركين؟ قال: إذا جنح أحدهم قبل منه. قالوا: لا. قال: فدعوني أرجع! قالوا: لا. قال: فدعوني آتي أمير المؤمنين! (1) فأخذ له رجل السلاح. فقال له: أبشر بالنار! فقال: بل، أبشر إن شاء الله برحمة ربي عز وجل، وشفاعة نبيي (صلى الله عليه وآله). فقتل وجئ برأسه حتى وضع في طست بين يدي ابن زياد، فبكته بقضيبه وقال: لقد كان غلاما صبيحا. ثم قال: أيكم قاتله؟ فقام الرجل [كذا] فقال: أنا قتلته. فقال: ما قال لك؟ فأعاد الحديث فاسود وجهه لعنه الله. (2) رده (عليه السلام) على شمر [542] - 325 - ابن نما: ثم جاء آخر، فقال: أين الحسين؟
1 - هذا من منفردات روايات شيعة آل أبي سفيان، والثابت عند شيعة أهل البيت (عليهم السلام) أنه (عليه السلام) ما سألهم إلا الرجوع إلى حرم الله وحرم جده، هامش تاريخ ابن عساكر، بل إن جرير الطبري نفسه يروي عن عقبة بن سمعان، أن الإمام (عليه السلام) لم يسألهم إلا أن يدعوه يذهب في هذه الأرض العريضة. راجع تاريخ الطبري 4: 313، مؤسسة الأعلمي. 2 - تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 219 ح 274. 549 فقال: ها، أنا ذا، قال: أبشر بالنار. قال: أبشر برب رحيم، وشفيع مطاع، من أنت؟ قال: أنا شمر بن ذي الجوشن. قال الحسين (عليه السلام): الله أكبر. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): رأيت كأن كلبا أبقع يلغ في دماء أهل بيتي! وقال الحسين (عليه السلام): رأيت كأن كلابا تنهشني، وكأن فيها كلبا أبقع كان أشدهم على، وهو أنت! وكان أبرص. (1) الغلام التركي [543] - 326 - الخوارزمي: ثم خرج غلام تركي مبارز، قارئ للقرآن، عارف بالعربية، وهو من موالى الحسين (عليه السلام)، فقتل جماعة، فتحاشوه فصرعوه، فجاءه الحسين (عليه السلام) فبكى ووضع خده على خده، ففتح عينيه ورآه فتبسم، ثم صار إلى ربه (2). شاب قتل أبو ه في المعركة [544] - 327 - وعنه: ثم خرج شاب (3)، قتل أبو ه في المعركة، وكانت أمه عنده، فقالت: يا بني! اخرج فقاتل بين يدي ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى تقتل! فقال: أفعل. فخرج. فقال الحسين (عليه السلام): هذا شاب قتل أبوه ولعل أمه تكره خروجه. فقال الشاب: أمي أمرتني يا ابن رسول الله! فخرج وهو يقول:
1 - مثير الأحزان: 64، بحار الأنوار 45: 31، العوالم 17: 274. 2 - مقتل الحسين (عليه السلام) 2: 24، بحار الأنوار 45: 30، العوالم 17: 273، أعيان الشيعة 1: 607، وفيه: كان اسمه أسلم. 3 - هو عمرو بن جنادة الأنصاري ابن إحدى عشرة سنة، مقتل الحسين (عليه السلام) للمقرم: 314. 550 أميري حسين ونعم الأمير * سرور فؤاد البشير النذير علي وفاطمة والداه * فهل تعلمون له من نظير؟ ثم قاتل فقتل، وحز رأسه ورمي به إلى عسكر الحسين (عليه السلام)، فأخذت أمه رأسه وقالت له: أحسنت، يا بنى! ويا قرة عيني، وسرور قلبي، ثم رمت برأس ابنها رجلا فقتلته، وأخذت عمود خيمة وحملت على القوم وهي تقول: أنا عجوز في النساء ضعيفة * بالية خاوية نحيفة أضربكم بضربة عنيفة * دون بني فاطمة الشريفة فضربت رجلين فقتلتهما! فأمر الحسين (عليه السلام) بصرفها ودعا لها. (1) وفي رواية قال (عليه السلام): يا فتى! قتل أبوك، ولو قتلت فإلى من تلتجئ أمك في هذا القفر؟ فأراد أن يرجع، فجاءته أمه وقالت: يا بنى! تختار سلامة نفسك على نصرة ابن بنت رسول الله!؟ فلا أرضى عنك أبدا.... (2) كلامه (عليه السلام) مع مهاجر بن أوس [545] - 328 - البلاذري: ونادى المهاجر بن أوس التميمي: يا حسين! ألا ترى إلى الماء يلوح كأنه بطون الحيات، والله! لا تذوقه أو تموت. فقال الحسين (عليه السلام): إني لأرجو أن يوردنيه الله ويحلئكم عنه. (3)
1 - مقتل الحسين (عليه السلام) 2: 21، بحار الأنوار 45: 27، العوالم 17: 271، أعيان الشيعة 1: 606. 2 - معالي السبطين 1: 380. 3 - أنساب الأشراف 3: 181. 551 عروة الغفاري [546] - 329 - القندوزي الحنفي: ثم برز عروة الغفاري، وكان شيخا كبيرا شهد بدرا وحنين وصفين، وقال له الحسين (عليه السلام): شكر الله لك أفعالك، يا شيخ! (1) حفر البئر [547] - 330 - صابري الهمداني: ونقل أنه لما عطش أصحاب الحسين (عليه السلام)، وشكوا إليه العطش، فأمرهم أن يحفروا بئرا، فلما خرج ماؤها طمها ابن سعد، فحفروا بئرا آخر فطمها، ووقف العسكران ساعات من النهار، فأنشأ (عليه السلام): الحمد لله العلي الواحد * نحمده في سائر الشدائد يا رب! لا تغفل عن المعاند * قد قتلونا قتلة المناكد فأصله يا رب! نار السرمد * وأنت بالمرصاد غير خائد (2) كلامه (عليه السلام) مع أصحابه [548] - 331 - الخوارزمي: وكان يأتي الحسين (عليه السلام) الرجل بعد الرجل، فيقول: السلام عليك، يا ابن رسول الله! فيجيبه الحسين (عليه السلام): وعليك السلام، ونحن خلفك، ويقرأ: (فمنهم من
1 - ينابيع المودة: 412، أدب الحسين: 214 وفيه: جابر بن عروة، وبدل " لك أفعالك "، " سعيك "، ناسخ التواريخ 2: 312. 2 - أدب الحسين: 39 المناقب لابن شهر آشوب 4: 50، مدينة المعاجز 3: 494 أشارا إلى حفر البئر فقط. 552 قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا). (1) ثم يحمل فيقتل، حتى قتلوا عن آخرهم رضوان الله عليهم، ولم يبق مع الحسين إلا أهل بيته. (2)
1 - الأحزاب: 33 / 23. 2 - مقتل الحسين (عليه السلام) 2: 25، المناقب لابن شهرآشوب 4: 100، بحار الأنوار 45: 31، أعيان الشيعة 1: 607، كنز الدقائق 8: 138. 553 شهادة أهل البيت (عليهم السلام) مقتل علي الأكبر ابن الحسين (عليهما السلام) [549] - 332 - السيد محسن الأمين: أول من خرج من أهل بيت الحسين (عليه السلام)، علي الأكبر، وكان من أصبح الناس وجها وأحسنهم خلقا، وكان عمره تسع عشرة سنة، أو ثماني عشرة سنة، أو خمسا وعشرين سنة، وهو أول قتيل يوم كربلاء من آل أبي طالب، فاستأذن أباه في القتال، فأذن له ثم نظر إليه نظر آئس منه وأرخى عينيه فبكى! (1) [550] - 333 - الخوارزمي: فلما رآه الحسين (عليه السلام) رفع شيبته نحو السماء، وقال: أللهم اشهد على هولاء القوم! فقد برز إليهم غلام أشبه الناس خلقا وخلقا ومنطقا برسولك محمد (صلى الله عليه وآله)، كنا إذا اشتقنا إلى وجه رسولك نظرنا إلى وجهه، أللهم فامنعهم بركات الأرض، وإن منعتهم ففرقهم تفريقا، ومزقهم تمزيقا، واجعلهم طرائق قددا، ولا ترض الولاة عنهم أبدا، فإنهم دعونا لينصرونا، ثم عدوا علينا يقاتلونا ويقتلونا.
1 - أعيان الشيعة 1: 607. 554 ثم صاح الحسين (عليه السلام) بعمر بن سعد: ما لك؟ قطع الله رحمك! ولا بارك لك في أمرك، وسلط عليك من يذبحك على فراشك كما قطعت رحمي، ولم تحفظ قرابتي من رسول الله (صلى الله عليه وآله). ثم رفع الحسين (عليه السلام) صوته وقرأ: (إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العلمين * ذرية بعضها منم بعض والله سميع عليم). (1) ثم حمل علي بن الحسين، وهو يقول: أنا علي بن الحسين بن علي * نحن وبيت الله أولى بالنبي والله! لا يحكم فينا ابن الدعي * أطعنكم بالرمح حتى ينثني أضربكم بالسيف حتى يلتوي * ضرب غلام هاشمي علوي فلم يزل يقاتل حتى ضج أهل الكوفة لكثرة من قتل منهم، حتى روي انه على عطشه قتل مائة وعشرين رجلا، ثم رجع إلى أبيه وقد أصابته جراحات كثيرة فقال: يا أبت! العطش قد قتلني وثقل الحديد قد أجهدني، فهل إلى شربة من ماء سبيل أتقوى بها على الأعداء؟ فبكى الحسين (عليه السلام) وقال: يا بني! عز على محمد وعلى علي وعلى أبيك، أن تدعوهم فلا يجيبونك، وتستغيث بهم فلا يغيثونك، يا بني! هات لسانك. فأخذ لسانه، فمصه، ودفع إليه خاتمه وقال له: خذ هذا الخاتم في فيك وارجع إلى قتال عدوك، فإني أرجو أن لا تمسي حتى يسقيك جدك بكأسه الأوفى، شربة لا تظمأ بعدها أبدا. (2)
1 - آل عمران: 3 / 33 و 34. 2 - مقتل الحسين (عليه السلام) 2: 30، الفتوح 5: 130، مثير الأحزان: 68 مع اختلاف يسير، بحار الأنوار 45: 42، العوالم 17: 285، أعيان الشيعة 1: 607، مقتل المقرم: 325 مع اختلاف فيهما. 555 [551] - 334 - السيد ابن طاووس: وفي رواية قال (عليه السلام): واغوثاه! يا بني! قاتل قليلا، فما أسرع ما تلقى جدك محمدا (صلى الله عليه وآله)، فيسقيك بكأسه الأوفى، شربة لا تظمأ بعدها أبدا. (1) [552] - 335 - أبو الفرج: حدثني أحمد بن سعيد، عن يحيى بن الحسن العلوي، عن بكر بن عبد الوهاب، عن إسماعيل بن أبي إدريس، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام):... أن أول قتيل قتل من ولد أبي طالب مع الحسين ابنه علي.... وحدثني أحمد بن سعيد، قال: حدثني يحيى بن الحسن العلوي، قال: حدثنا غير واحد، عن محمد بن عمير، عن أحمد بن عبد الرحمان البصري، عن عبد الرحمان بن مهدي، عن حماد بن سلمة، عن سعيد بن ثابت، قال: لما برز علي بن الحسين إليهم، أرخى الحسين (عليه السلام) عينيه، فبكى ثم قال: أللهم كن أنت الشهيد عليهم، فبرز إليهم غلام أشبه الخلق برسول الله (صلى الله عليه وآله)، فجعل يشد عليهم ثم يرجع إلى أبيه فيقول: يا أبه! العطش! فيقول له الحسين: اصبر حبيبي، فإنك لا تمسي حتى يسقيك رسول الله (صلى الله عليه وآله) بكأسه! وجعل يكر كرة بعد كرة، حتى رمي بسهم فوقع في حلقه فخرقه، وأقبل يتقلب في دمه، ثم نادى: يا أبتاه! عليك السلام، هذا جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقرئك السلام ويقول: عجل القدوم إلينا، وشهق شهقة وفارق الدنيا. (2)
1 - اللهوف: 49، مثير الأحزان: 69، الفتوح 5: 131، حياة الحسين (عليه السلام) 3: 264 مع اختلاف. 2 - مقاتل الطالبيين: 115، بحار الأنوار 45: 45، أعيان الشيعة 1: 607 مع اختصار. 556 [553] - 336 - الخوارزمي: فرجع علي بن الحسين إلى القتال وحمل وهو يقول: الحرب قد بانت لها حقائق * وظهرت من بعدها مصادق والله! رب العرش لا نفارق * جموعكم أو تغمد البوارق وجعل يقاتل حتى قتل تمام المائتين، ثم ضربه منقذ بن مرة العبدي على مفرق رأسه ضربة صرعه فيها، وضربه الناس بأسيافهم، فاعتنق الفرس، فحمله الفرس إلى عسكر عدوه فقطعوه بأسيافهم إربا إربا. فلما بلغت روحه التراقي نادي بأعلى صوته: يا أبتاه! هذا جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد سقاني بكأسه الأوفى شربة لا أظمأ بعدها أبدا، وهو يقول لك: العجل العجل! فإن لك كأسا مذخورة. فصاح الحسين (عليه السلام): قتل الله قوما قتلوك، يا بني! ما أجرأهم على الله، وعلى انتهاك حرمة رسول الله، على الدنيا بعدك العفا. قال حميد بن مسلم: لكأني أنظر إلى امرأة خرجت مسرعة كأنها الشمس الطالعة تنادي بالويل والثبور، تصيح: وا حبيباه! وا ثمرة فؤاداه! وا نور عيناه! فسألت عنها، فقيل: هي زينب بنت علي (عليه السلام)، ثم جاءت حتى انكبت عليه، فجاء إليها الحسين حتى أخذ بيدها وردها إلى الفسطاط، ثم أقبل (عليه السلام) مع فتيانه إلى ابنه وقال: احملوا أخاكم، فحملوه من مصرعه، حتى وضعوه عند الفسطاط الذي يقاتلون أمامه. (1)
1 - مقتل الحسين (عليه السلام) 2: 31، تأريخ الطبري 3: 331، الإرشاد: 239، ذريعة النجاة: 128، مقتل الحسين (عليه السلام) لأبي مخنف: 129، من قوله: قتل الله، بحار الأنوار 45: 43، العوالم 17: 285، وقعة الطف: 241، البداية والنهاية 8: 201، مثير الأحزان: 69، اللهوف: 49، أعيان الشيعة 1: 607، وفي الأربعة الأخيرة إلى قوله: بعدك العفا، إقبال الأعمال: 573، وفيه قول الإمام فقط. 557 [554] - 337 - البهبهاني: وقال أبو مخنف: ثم إنه (عليه السلام) وضع ولده في حجره، وجعل يمسح الدم عن ثناياه، وجعل يلثمه ويقول: يا ولدي! أما أنت فقد استرحت من هم الدنيا وغمها وشدائدها وصرت إلى روح وريحان وقد بقي أبوك، وما أسرع اللحوق بك. (1) [555] - 338 - القندوزي الحنفي:: أنه (عليه السلام) قال: لعن الله قوما قتلوك يا ولدي! ما أشد جرأتهم على الله، وعلى انتهاك حرم رسول الله (صلى الله عليه وآله). وأهملت عيناه بالدموع، وصرخن النساء فسكتهن الإمام، وقال لهن: اسكتن، فإن البكاء أمامكن! (2) وفي رواية: أنه (عليه السلام) حين رآى ولده الشهيد قال: يا ثمرة فؤاداه! ويا قرة عيناه! (3) مقتل القاسم [556] - 339 - الخوارزمي: ثم خرج عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، وفي بعض الروايات أنه القاسم بن الحسن (عليه السلام)، وهو غلام صغير لم يبلغ الحلم، فلما نظر إليه الحسين اعتنقه، وجعلا يبكيان حتى غشي عليهما، ثم استأذن الغلام للحرب فأبى الحسين أن يأذن له، فلم يزل الغلام يقبل يديه ورجليه ويسأله الإذن حتى أذن له، فخرج ودموعه على خديه، وهو يقول:
1 - الدمعة الساكبة 4: 331، معالي السبطين 1: 412. 2 - ينابيع المودة: 415. 3 - ناسخ التواريخ 2: 355. 558 إن تنكروني فأنا فرع الحسن * سبط النبي المصطفى والمؤتمن هذا حسين كالأسير المرتهن * بين أناس لا سقوا صوب المزن وحمل وكأن وجهه فلقة القمر، وقاتل فقتل على صغر سنه خمسة وثلاثين رجلا. قال حميد بن مسلم: كنت في عسكر ابن سعد، فكنت أنظر إلى الغلام وعليه قميص وإزار ونعلان قد انقطع شسع إحداهما، ما أنسى أنه كان شسع اليسرى، فقال عمرو بن سعد الأزدي: والله! لأشدن عليه. فقلت: سبحان الله! ما تريد بذلك؟ فالله لو ضربني ما بسطت له يدي، يكفيك هؤلاء الذين تراهم قد احتوشوه. قال: والله لأفعلن! فشد عليه، فما ولى حتى ضرب رأسه بالسيف، فوقع الغلام لوجهه، وصاح: يا عماه! قال: فانقض عليه الحسين كالصقر، وتخلل الصفوف، وشد شدة الليث الحرب، فضرب عمرا بالسيف، فاتقاه بيده فأطنها من المرفق، فصاح، ثم تنحى عنه، فحملت خيل أهل الكوفة ليستنقذوه، فاستقبلته بصدورها، ووطأته بحوافرها، فمات، وانجلت الغبرة، فإذا بالحسين قائم على رأس الغلام، وهو يفحص برجليه، والحسين يقول: عز والله! على عمك أن تدعوه فلا يجيبك، أو يجيبك فلا يعينك! أو يعينك فلا يغني عنك! بعدا لقوم قتلوك، الويل لقاتلك. (1) [557] - 340 - أبو الفرج الأصبهاني: وفي رواية قال: بعدا لقوم قتلوك، خصمهم فيك يوم القيامة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم قال: عز على عمك أن تدعوه فلا يجيبك، أو يجيبك ثم لا تنفعك إجابته! يوم كثر
1 - مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 2: 27، بحار الأنوار 45: 35، العوالم 17: 278، الدمعة الساكبة 4: 317. 559 واتره وقل ناصره! (1) [558] - 341 - الخوارزمي: ثم احتمله، فكأني أنظر إلى رجلي الغلام تخطان الأرض، وقد وضع صدره على صدره، فقلت في نفسي: ماذا يصنع؟ فجاء به حتى ألقاه مع القتلى من أهل بيته، ثم رفع طرفه إلى السماء وقال: أللهم أحصهم عددا، [واقتلهم بددا]، ولا تغادر منهم أحدا، ولا تغفر لهم أبدا، صبرا يا بني عمومتي! صبرا يا أهل بيتي! لا رأيتم هوانا بعد هذا اليوم أبدا. (2) تزويج القاسم واستشهاده [559] - 342 - الطريحي: لما آل أمر الحسين (عليه السلام) إلى القتال بكربلاء، وقتل جميع أصحابه، ووقعت النوبة على أولاد أخيه، جاء القاسم بن الحسن (عليه السلام) وقال: يا عم! الإجازة، لأمضي إلى هؤلاء الكفرة. فقال له الحسين: (عليه السلام) يا ابن الأخ! أنت من أخي علامة، وأريد أن تبقى لي لأتسلى بك. ولم يعطه الإجازة للبراز، فجلس مهموما مغموما، باكي العين، حزين القلب. وأجاز الحسين (عليه السلام) إخوته للبراز ولم يجزه، فجلس القاسم متألما، ووضع رأسه على رجليه، وذكر أن أباه قد ربط له عوذة في كتفه الأيمن وقال له: إذا أصابك ألم
1 - مقاتل الطالبيين: 88، تأريخ الطبري 3: 331، الإرشاد: 239، الكامل في التأريخ 2: 570، البداية والنهاية 8: 202، ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من الطبقات لابن سعد: 74، اللهوف: 50، مثير الأحزان: 69، أعيان الشيعة 1: 608، إقبال الأعمال: 575، وزاد فيه: وأنت قتيل جديل فلا ينفعك. 2 - مقتل الحسين (عليه السلام) 2: 28، الدمعة الساكبة 4: 317، بحار الأنوار 45: 36، العوالم 17: 279، وفي بعض الروايات: قال (عليه السلام) من قوله: صبرا يا بني عمومتي! في وقت الصبح يوم عاشوراء. 560 وهم فعليك بحل العوذة وقرائتها وفهم معناها، واعمل بكل ما تراه مكتوبا فيها. فقال القاسم لنفسه: مضى سنون علي ولم يصبني من مثل هذا الألم، فحل العوذة وفضها ونظر إلى كتابتها، وإذا فيها: يا ولدي قاسم! أوصيك أنك إذا رأيت عمك الحسين (عليه السلام) في كربلاء وقد أحاطت به الأعداء، فلا تترك البراز والجهاد لأعداء رسول الله، ولا تبخل عليه بروحك، وكلما نهاك عن البراز عاوده ليأذن لك في البراز لتحظى بالسعادة الأبدية. فقام القاسم من ساعته، وأتى إلى الحسين (عليه السلام) وعرض ما كتب الحسن (عليه السلام) على عمه الحسين (عليه السلام)، فلما قرأ الحسين (عليه السلام) العوذة بكى بكاء شديدا، ونادى بالويل والثبور، وتنفس الصعداء وقال: يا ابن الأخ! هذه الوصية لك من أبيك، وعندي وصية أخرى منه لك، ولا بد من انفاذها. فمسك الحسين (عليه السلام) على يد القاسم وأدخله الخيمة، وطلب عونا وعباسا وقال لأم القاسم: ليس للقاسم ثياب جدد. قالت: لا. فقال لأخته زينب: إيتيني بالصندوق. فأتته به ووضع بين يديه، ففتحه وأخرج منه قباء الحسن (عليه السلام) وألبسه القاسم، ولف على رأسه عمامة الحسن، ومسك بيد ابنته التي كانت مسماة للقاسم، فعقد له عليها وأفرد له خيمة، وأخذ بيد البنت ووضعها بيد القاسم وخرج عنهما. فعاد القاسم ينظر إلى ابنة عمه، ويبكي إلى أن سمع الأعداء يقولون: هل من مبارز؟ فرمى بيد زوجته وأراد الخروج وهي تقول له: ما يخطر ببالك، وما الذي تريد أن تفعله؟! قال لها: أريد ملاقاة الأعداء، فإنهم يطلبون البراز، وإني أريد ملاقاتهم. فلزمته
561 ابنة عمه، فقال لها: خلي ذيلي، فإن عرسنا أخرناه إلى الآخرة! فصاحت وناحت وأنت من قلب حزين، ودموعها جارية على خديها وهي تقول: يا قاسم! أنت تقول عرسنا أخرناه إلى الآخرة، وفي القيامة بأي شيء أعرفك؟ وفي أي مكان أراك؟ فمسك القاسم يده وضربها على ردنه وقطعها وقال: يا ابنة العم! اعرفيني بهذه الردن المقطوعة. قال: فانفجع أهل البيت بالبكاء لفعل القاسم، وبكوا بكاء شديدا، ونادوا بالويل والثبور. قال من روى: فلما رآى الحسين (عليه السلام) أن القاسم يريد البراز قال له: يا ولدي! أتمشي برجلك إلى الموت؟! قال: وكيف يا عم! وأنت بين الأعداء وحيدا فريدا لم تجد محاميا ولا صديقا، روحي لروحك الفداء، ونفسي لنفسك الوقاء. ثم إن الحسين (عليه السلام) شق أزياق القاسم وقطع عمامته نصفين، ثم أدلاها على وجهه، ثم ألبسه ثيابه بصورة الكفن، وشد سيفه بوسط القاسم، وأرسله إلى المعركة. ثم إن القاسم قدم إلى عمر بن سعد وقال: يا عمر! أما تخاف الله، أما تراقب الله يا أعمى القلب، أما تراعي رسول الله؟! فقال عمر بن سعد: أما كفاكم التجبر، أما تطيعون يزيد؟ فقال القاسم: لا جزاك الله خيرا، تدعي الإسلام وآل رسول الله عطاشى ظماء، قد اسودت الدنيا بأعينهم؟! فوقف هنيئة فما رآى أحدا يقدم إليه، فرجع إلى الخيمة، فسمع صوت ابنة عمه تبكي فقال لها: ها أنا جئتك، فنهضت قائمة على قدميها وقالت: مرحبا بالعزيز، الحمد لله الذي أراني وجهك قبل الموت! فنزل القاسم إلى الخيمة وقال: يا بنت العم! ما لي اصطبار أن أجلس معك والكفار يطلبون البراز،
562 فودعها وخرج، وركب جواده وحماه في حومة الميدان. ثم طلب المبارزة، فجاء إليه رجل يعد بألف فارس، فقتله القاسم، وكان له أربعة أولاد مقتولين فضرب القاسم فرسه بسوط، وعاد يقتل الفرسان إلى أن ضعفت قوته، فهم بالرجوع إلى الخيمة، وإذا بالأزرق الشامي قد قطع عليه الطريق وعارضه، فضربه القاسم على أم رأسه فقتله، وسار القاسم إلى الحسين (عليه السلام) وقال: يا عماه! العطش العطش، أدركني بشربة من الماء. فصبره الحسين (عليه السلام)، وأعطاه خاتمه وقال: حطه في فمك ومصه. قال القاسم: فلما وضعته في فمي كأنه عين ماء فارتويت وانقلبت إلى الميدان، ثم جعل همته على حامل اللواء وأراد قتله، فأحاطوا به بالنبل، فوقع القاسم على الأرض، فضربه شيبة بن سعد الشامي بالرمح على ظهره فأخرجه من صدره، فوقع القاسم يخور بدمه ونادى: يا عم أدركني! فجاءه الحسين (عليه السلام) وقتل قاتله، وحمل القاسم إلى الخيمة فوضعه فيها، ففتح القاسم عينه، فرأى الحسين (عليه السلام) قد احتضنه وهو يبكي ويقول: يا ولدي! لعن الله قاتليك، يعز والله على عمك أن تدعوه وأنت مقتول، يا بنى! قتلوك الكفار كأنهم ما عرفوك من جدك وأبوك!؟ ثم إن الحسين (عليه السلام) بكى بكاء شديدا، وجعلت ابنة عمه تبكي، وجميع من كان منهم لطموا الخدود، وشققوا الجيوب. (1)
1 - المنتخب: 365، مدينة المعاجز 3: 366، ح 931، معالي السبطين 1: 457، أسرار الشهادة: 306. هكذا وردت في المصادر، ولا يخفى على القارئ اللبيب ما فيها، ونحن إنما أثبتناه. التزاما بالمنهج الذي في هذه الموسوعة، من إيراد كل ما يتعلق بالإمام الحسين (عليه السلام). 563 مقتل عبد الله بن مسلم [560] - 343 - القندوزي الحنفي: ثم برز عبد الله بن مسلم بن عقيل، وهو يقول: نحن بنو هاشم الكرام * نحمي عن السيد الإمام نجل علي السيد الضرغام * سبط النبى الملك العلام فلم يزل يقاتل حتى قتل من الأعداء نيفا وخمسين فارسا، ثم قتل رضي الله عنه، فلما نظر الحسين إليه قال: أللهم اقتل قاتل آل عقيل. ثم قال: احملوا عليهم بارك الله فيكم، وبادروا إلى الجنة التي هي دار الايمان. (1) [561] - 344 - محمد مهدي الحائري: في رواية: لما استأذن عبد الله بن مسلم الحسين (عليه السلام)، قال له: أنت في حل من بيعتي، حسبك قتل أبيك مسلم، خذ بيد أمك واخرج من هذه المعركة. فقال: لست والله! ممن يؤثر دنياه على آخرته. (2) مقتل أحمد بن الحسن (عليه السلام) [562] - 345 - القندوزي الحنفي: ثم برز أحمد بن الحسن المجتبى (عليه السلام)، وهو ابن سبعة عشر سنة...، ولم يزل يقاتل، حتى قتل منهم ثمانين رجلا، ثم رجع إلى الإمام (عليه السلام)، وقد غارت عيناه من
1 - ينابيع المودة: 412 معالي السبطين 1: 403، وفيه بدل احملوا عليهم الخ: إنا لله وإنا إليه راجعون. 2 - معالي السبطين 1: 402، ناسخ التواريخ 2: 317. 564 العطش وينادي: يا عماه! هل شربة من ماء، أتقوى بها على أعداء الله وأعداء رسوله؟ فقال له الإمام (عليه السلام): يا بني! اصبر قليلا تلقى جدك محمدا المصطفى (صلى الله عليه وآله)، فيسقيك شربة لا تظمأ بعدها أبدا! ثم حمل عليهم فقتل منهم خلقا كثيرا، ثم قتل. (1) مقتل عون بن علي (عليه السلام) [563] - 346 - محمد مهدي الحائري: قال صاحب الناسخ: ما رأيت في كتب المقاتل ذكر شهادة عون بيوم الطف إلا في كتاب روضة الأخبار [الأحباب]، وبحر اللئالي، تأليف العامة، وأنا أقتفي إثرهما في ذكره، بالجملة: كان عون (2) صبيحا مليحا شجاعا، استأذن أخاه الحسين (عليه السلام). فقال: كيف تقاتل هذا الجمع الكثير، والجم الغفير (الغفر)؟! فقال: من كان باذلا فيك مهجته لم يبال بالكثرة والقلة! فبكى الحسين (عليه السلام) وأذن له، فحمل عون على القوم وقتل مقتلة عظيمة، فاحتوشه ألفان من القوم، ففرقهم يمينا وشمالا، وتخلل الصفوف مقبلا إلى الحسين (عليه السلام)، في رأسه ووجهه جراحات، فقبله الحسين (عليه السلام) وقال له: أحسنت، لقد أصبت بجراحات كثيرة، فاصبر هنيئة. قال عون: سيدي! أردت أن أحظى منك، وأتزود من رؤيتك مرة أخرى، ولا
1 - ينابيع المودة: 415، الدمعة الساكبة 4: 318، ناسخ التواريخ 2: 331، معالي السبطين 1: 455 مقتل الحسين (عليه السلام) مصرع أهل بيته: 126. 2 - وهو من أسماء بنت عميس، كما في المصدر. 565 ينبغي أن أعرض دونك وقد أجهدني العطش، ائذن لي حتى أرجع وأفديك بروحي. فأذن له ورجع، وأمر الحسين (عليه السلام) بأن يركبوه جوادا غير الذي كان تحته، فركب وحمل على القوم، فاعترضه صالح بن سيار، وكان صالح قد شرب خمرا في عهد أمير المؤمنين (عليه السلام)، فأجرى عليه عون الحد بأمر أمير المؤمنين (عليه السلام)، وقد كمن حقدا لعون في قلبه، فانتهز الفرصة، فرآه جريحا ظمآن، وحمل على عون وشتمه، فأجابه عون وحمل عليه وطعنه برمحه، وأورده جهنم. فأقبل إليه أخوه بدر بن سيار، فألحقه عون بأخيه، فحمل خالد بن طلحة بالسيف على عون، وقد كمن اللعين له فضربه بالسيف، فخر عون صريعا قائلا: بسم الله وبالله، وفي سبيل الله، وعلى ملة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وقضى نحبه. (1) مقتل العباس بن علي (عليهما السلام) [564] - 347 - الطريحي: وروي أن العباس بن علي (عليه السلام) كان حامل لواء أخيه الحسين (عليه السلام)، فلما رآى جميع عسكر الحسين (عليه السلام) قتلوا وإخوانه وبني عمه، بكى وأن (2) إلى لقاء ربه، إشتاق وحن، فحمل الراية وجاء نحو أخيه الحسين (عليه السلام)، وقال: يا أخي! هل رخصة؟ فبكى الحسين (عليه السلام) بكاء شديدا حتى ابتلت لحيته المباركة بالدموع، ثم قال: يا أخي! كنت العلامة من عسكري، ومجمع عددنا، فإذا أنت غدوت يؤول جمعنا إلى الشتات، وعمارتنا تنبعث إلى الخراب. فقال العباس: فداك روح أخيك يا سيدي! قد ضاق صدري من الحياة الدنيا،
1 - معالي السبطين 1: 429، ناسخ التواريخ 2: 339. 2 - في المصدر: اني، وما أثبتناه عن معالي السبطين. 566 وأريد أخذ الثأر من هؤلاء المنافقين. فقال الحسين (عليه السلام): إذا غدوت إلى الجهاد فاطلب لهؤلاء الأطفال قليلا من الماء. (1) [565] - 348 - المجلسي: وفي بعض تأليفات أصحابنا: إن العباس لما رأى وحدته [أي أخاه الحسين] (عليه السلام) أتى أخاه، وقال: يا أخي! هل من رخصة؟ فبكى الحسين (عليه السلام) بكاء شديدا، ثم قال: يا أخي! أنت صاحب لوائي، وإذا مضيت تفرق عسكري. فقال العباس: قد ضاق صدري، وسئمت من الحياة، وأريد أن أطلب ثأري من هؤلاء المنافقين. فقال الحسين (عليه السلام): فاطلب لهؤلاء الأطفال قليلا من الماء. فذهب العباس ووعظهم وحذرهم، فلم ينفعهم، فرجع إلى أخيه فأخبره، فسمع الأطفال ينادون: العطش العطش، فركب فرسه وأخذ رمحه والقربة، وقصد نحو الفرات، فأحاط به أربعة آلاف ممن كانوا موكلين بالفرات، ورموه بالنبال فكشفهم، وقتل منهم على ما روي ثمانين رجلا حتى دخل الماء. فلما أراد أن يشرب غرفة من الماء، ذكر عطش الحسين وأهل بيته، فرمى الماء وملأ القربة وحملها على كتفه الأيمن، وتوجه نحو الخيمة، فقطعوا عليه الطريق وأحاطوا به من كل جانب، فحاربهم حتى ضربه نوفل الأزرق على يده اليمنى فقطعها، فحمل القربة على كتفه الأيسر، فضربه نوفل فقطع يده اليسرى من الزند، فحمل القربة بأسنانه، فجاءه سهم فأصاب القربة وأريق ماؤها، ثم جاءه سهم آخر
1 - المنتخب: 305، معالي السبطين 1: 441 بتفاوت يسير. 567 فأصاب صدره، فانقلب عن فرسه وصاح إلى أخيه الحسين: أدركني. فلما أتاه رآه صريعا فبكى، وحمله إلى الخيمة. (1) [566] - 349 - ابن شهر آشوب: فلما رآه الحسين (عليه السلام) مصروعا على شاطئ الفرات بكى، وأنشأ يقول: تعديتم يا شر قوم! بفعلكم * وخالفتم قول النبي محمد أما كان خير الرسل وصاكم بنا * أما نحن من نجل النبي المسدد أما كانت الزهراء أمي دونكم * أما كان من خير البرية أحمد لعنتم وأخزيتم بما قد جنيتم * فسوف تلاقوا حر نار توقد (2) [567] - 350 - محمد مهدي الحائري: وفي خبر: جاءه سهم وأصاب صدره الشريف، وانصرع عفيرا على الأرض يخور في دمه، ونادى: وا أخاه! وا حسيناه! وا أبتاه! وا علياه! ونادى: يا أبا عبد الله! عليك مني السلام. فلما سمع الإمام (عليه السلام) نداءه قال: وا أخاه! وا عباساه! وا مهجة قلباه! فأتاه كالصقر إذا انحدر على فريسته، ففرقهم يمينا وشمالا بعد أن قتل سبعين رجلا منهم، ونزل إليه. قال أبو مخنف: وحمله على ظهر جواده وأقبل به إلى الخيمة، وطرحه فيها وبكى بكاء شديدا، حتى بكى جميع من كان حاضرا، وقال (عليه السلام): جزاك الله من أخ خيرا، لقد جاهدت في الله حق جهاده.
1 - بحار الأنوار 45: 41، المناقب لابن شهر آشوب 4: 108، تسلية المجالس وزينة المجالس: 460، الدمعة الساكبة 4: 322، تظلم الزهراء (عليها السلام): 240، العوالم 17: 284. 2 - المناقب 4: 108، بحار الأنوار 45: 41، العوالم 17: 283، الدمعة الساكبة 4: 324، تظلم الزهراء (عليها السلام): 242. 568 وصرخت زينب وقالت: وا أخاه! وا عباساه! وا قلة ناصراه! وا ضيعتاه من بعدك! فقال الحسين (عليه السلام): إي، والله! من بعده وا ضيعتاه! وا انقطاع ظهراه! فجعل النساء يبكين ويندبن عليه، وبكى الحسين (عليه السلام)، وأنشأ يقول: أخي يا نور عيني يا شقيقي * فلي قد كنت كالركن الوثيق أيا ابن أبي! نصحت أخاك حتى * سقاك الله كأسا من رحيق أيا قمرا منيرا كنت عوني * على كل النوائب في المضيق فبعدك لا تطيب لنا حياة * سنجمع في الغداة على الحقيق ألا لله شكوائي وصبري * وما ألقاه من ظمأ وضيق ثم صاح الحسين (عليه السلام): وا أخاه! وا عباساه! وا مهجة قلباه! وا قرة عيناه! وا قلة ناصراه! يعز والله! علي فراقك! ثم بكى بكاء شديدا، فحمله على ظهر جواده، وأقبل به إلى الخيمة، وهو يبكي حتى أغمي عليه. (1) [568] - 351 - محمد مهدي الحائري: في رواية: لما جاء الحسين (عليه السلام) إلى أخيه العباس انتحى عليه ليحتمله ففتح العباس عينيه فرأى أخاه الحسين يريد أن يحمله، فقال له: إلى أين تريد بي يا أخي؟! فقال (عليه السلام): إلى الخيمة! فقال: أخي، بحق جدك رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليك أن لا تحملني، دعني في مكاني هذا! فقال الحسين (عليه السلام): لما ذا؟ قال: إني مستح من ابنتك سكينة، وقد وعدتها بالماء ولم آتها به! والثاني: أنا كبش كتيبتك ومجمع عددك، فإذا رآني أصحابك وأنا مقتول فلربما
1 - معالي السبطين 1: 440، المنتخب للطريحي: 431، وفيه من قوله: وا أخاه! إلى قوله: فراقك، أسرار الشهادة: 337 مع اختلاف يسير. 569 يقل عزمهم، ويذل صبرهم. فقال (عليه السلام): جزيت عن أخيك خيرا حيث نصرتني حيا وميتا.... وفي بعض الكتب: أخذ الحسين (عليه السلام) رأسه ووضعه في حجره، وجعل يمسح الدم عن عينيه، فرآه وهو يبكي، فقال الحسين (عليه السلام): ما يبكيك، يا أبا الفضل؟! قال: أخي، يا نور عيني! وكيف لا أبكي ومثلك الآن جئتني وأخذت رأسي عن التراب، فبعد ساعة من يرفع رأسك عن التراب؟ ومن يمسح التراب عن وجهك؟ وكان الحسين (عليه السلام) جالسا إذ شهق العباس شهقة وفارقت روحه الطيبة. وصاح الحسين (عليه السلام): وا أخاه! وا عباساه! (1) ولما قتل العباس، قال الحسين (عليه السلام): ألان انكسر ظهري، وقلت حيلتي. (2) [569] - 352 - المفيد: وحملت الجماعة على الحسين (عليه السلام)، فغلبوه على عسكره، واشتد به العطش فركب المسناة يريد الفرات، وبين يديه العباس أخوه فاعترضه خيل ابن سعد - لعنه الله - وفيهم رجل من بني دارم، فقال لهم: ويلكم، حولوا بينه وبين الفرات، ولا تمكنوه من الماء. فقال الحسين (عليه السلام): أللهم اظمأه! فغضب الدارمي ورماه بسهم فأثبته في حنكه، فانتزع الحسين (عليه السلام) السهم، وبسط يده تحت حنكه فامتلأت راحتاه من الدم فرمى به، ثم قال: اللهم إني أشكو إليك ما يفعل بابن بنت نبيك. ثم رجع إلى مكانه وقد اشتد به العطش، وأحاط القوم بالعباس فاقتطعوه عنه، فجعل يقاتلهم وحده حتى قتل رحمة الله عليه، وكان المتولي لقتله زيد بن ورقاء الحنفي وحكيم بن الطفيل السنبسي، بعد أن أثخن بالجراح، فلم يستطع حراكا. (3)
1 - معالي السبطين 1: 449، أسرار الشهادة: 337، إلى قوله: حيا وميتا. 2 - تسلية المجالس وزينة المجالس: 461، بحار الأنوار 45: 42، العوالم 17: 285، الدمعة الساكبة 4: 324، ناسخ التواريخ 2: 346. 3 - الإرشاد: 240، اللهوف: 51، بحار الأنوار 45: 50، الثاقب في المناقب: 341، مدينة المعاجز 3: 477 ح 991، الدمعة الساكبة 4: 321، العوالم 17: 292. 570 [570] - 353 - الدربندي: فوضعه في مكانه ورجع إلى الخيمة، وهو يكفكف دموعه بكمه، فلما رأوه مقبلا أتت إليه سكينة ولزمت عنان جواده وقالت: يا أبتاه! هل لك علم بعمي العباس...، فعندها بكى الحسين (عليه السلام) وقال: يا بنتاه! إن عمك العباس قتل وبلغت روحه الجنان. (1) دعاؤه (عليه السلام) على زرعة [571] - 354 - الخوارزمي: أخبرنا الشيخ الإمام الزاهد أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي، أخبرنا شيخ القضاة إسماعيل بن أحمد البيهقي، أخبرنا والدي شيخ السنة أبو بكر أحمد بن الحسين، أخبرنا أبو الحسين بن بشران، أخبرنا الحسين بن صفوان، حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا، أخبرني العباس بن هشام بن محمد الكوفي، عن أبيه، عن جده، قال: كان رجل من أبان بن دارم، يقال له: زرعة، شهد قتل الحسين (عليه السلام)، ورماه بسهم فأصاب حنكه، فجعل يتلقى الدم بكفه ويقول به: هكذا إلى السماء، فيرمي به، وذلك أن الحسين (عليه السلام) دعا بماء ليشرب، فلما رماه حال بينه وبين الماء فقال الحسين: أللهم اظمأه، أللهم اظمأه! قال: فحدثني من شهده وهو يجود، أنه يصيح من الحر في بطنه، والبرد في ظهره! وبين يديه المراوح والثلج! وخلفه الكانون، وهو يقول: اسقوني، أهلكني العطش، فيؤتى بعس عظيم فيه السويق والماء واللبن لو شربه خمسة لكفاهم، فيشربه ويعود فيقول: اسقوني، أهلكني العطش.
1 - أسرار الشهادة: 337، معالي السبطين 1: 449. 571 قال: فانقد بطنه كانقداد البعير. وذكر ابن أعثم الكوفي هذا الحديث مختصرا، وسمى الرامي عبد الرحمان الأزدي، وقال، قال الحسين (عليه السلام): أللهم اقتله عطشا، ولا تغفر له أبدا. (1) مقتل الرضيع (عليه السلام) [572] - 355 - الخوارزمي: ولما فجع الحسين (عليه السلام) بأهل بيته وولده، ولم يبق غيره وغير النساء والأطفال وغير ولده المريض، نادى: هل من ذاب يذب عن حرم رسول الله؟ هل من موحد يخاف الله فينا؟ هل من مغيث يرجو الله في إغاثتنا، هل من معين يرجو ما عند الله في إعانتنا؟ وارتفعت أصوات النساء بالعويل، فتقدم [(عليه السلام)] إلى باب الخيمة، فقال: ناولوني عليا الطفل حتى أودعه. فناولوه الصبي، فجعل يقبله ويقول: ويل لهؤلاء القوم إذا كان خصمهم جدك، وبينا الصبي في حجره، إذ رماه حرملة بن الكاهل الأسدي فذبحه في حجر الحسين (عليه السلام)، فتلقى الحسين دمه حتى امتلأت كفه، ثم رمى به نحو السماء، وقال: أللهم إن حبست عنا النصر فاجعل ذلك لما هو خير لنا. ثم نزل الحسين (عليه السلام) عن فرسه وحفر للصبي بجفن سيفه، ورمله بدمه، وصلى عليه. (2)
1 - مقتل الحسين (عليه السلام) 2: 91، مثير الأحزان: 71 مختصرا، بحار الأنوار 45: 311، إحقاق الحق 11: 514، أعيان الشيعة 1: 609، وفيه دعاء الإمام فقط، وقيل: إنه (عليه السلام) قال هذا الكلام في تميم بن الحصين، وقد مر. 2 - مقتل الحسين (عليه السلام) 2: 32، الفتوح لابن أعثم 5: 131، وفيه من قوله: ناولوني... إلى جدك، اللهوف: 50، وليس فيه من قوله: ويل لهؤلاء، وفيه: قال لزينب: خذيه، بحار الأنوار 45: 46، العوالم 17: 288، وقعة الطف: 245، نفس المهموم: 349، أعيان الشيعة 1: 609 مع اختلاف. 572 وروى المجلسي: ثم قال: هون علي ما نزل بي أنه بعين الله. قال الباقر (عليه السلام): فلم يسقط من ذلك الدم قطرة إلى الأرض. قالوا: ثم قال: لا يكون أهون عليك من فصيل، أللهم إن كنت حبست عنا النصر، فاجعل ذلك لما هو خير لنا. (1) [573] - 356 - الطبري: قال أبو مخنف: قال عقبة بن بشير الأسدي: قال لي أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين (عليهم السلام): إن لنا فيكم يا بني أسد! دما. قال: قلت: فما ذنبي أنا في ذلك رحمك الله يا أبا جعفر! وما ذلك؟! قال: أتى الحسين (عليه السلام) بصبي له فهو في حجره إذ رماه أحدكم يا بني أسد بسهم فذبحه! فتلقى الحسين دمه فلما ملأ كفيه صبه في الأرض، ثم قال: رب! إن تك حبست عنا النصر من السماء فاجعل ذلك لما هو خير، وانتقم لنا من هؤلاء الظالمين. (2) [574] - 357 - المقرم: وفي رواية: لما امتلأت يداه رمى بالدم نحو السماء، ثم قال: هون ما نزل بي أنه بعين الله تعالى، أللهم لا يكون أهون عليك من فصيل! إلهي إن كنت حبست عنا النصر فاجعله لما هو خير منه، وانتقم لنا من الظالمين، واجعل ما حل بنا في العاجل ذخيرة لنا في الأجل، أللهم أنت الشاهد على قوم قتلوا أشبه الناس برسولك محمد (صلى الله عليه وآله). (3)
1 - بحار الأنوار 45: 46، العوالم 17: 289، ناسخ التواريخ 2: 365، اللهوف: 50 وفيه: هون على ما نزل بي أنه بعين الله، أعيان الشيعة 1: 609. 2 - تأريخ الطبري 3: 332، الكامل في التأريخ 2: 570، وقعة الطف: 245، الإرشاد: 240، مثير الأحزان: 70، نفس المهموم: 349. 3 - مقتل الحسين (عليه السلام): 343، مقتل أبي الأحرار: 249، حياة الأمام الحسين (عليه السلام) 3: 276 قمقام زخار 2: 456: مع اختلاف. 573 [575] - 358 - الطريحي: وروي أنه لما قتل العباس تدافعت الرجال على أصحاب الحسين (عليه السلام)، فلما نظر ذلك نادى: يا قوم! أما من مجير يجيرنا، أما من مغيث يغيثنا، أما من طالب حق فينصرنا، أما من خائف فيذب عنا، أما من أحد يأتينا بشربة من الماء لهذا الطفل، فإنه لا يطيق الظمأ. فقام إليه ولده الأكبر - وكان له من العمر سبعة عشر سنة - فقال: أنا آتيك بالماء، يا سيدي! فقال (عليه السلام): امض بارك الله فيك. قال: فأخذ الركوة بيده، ثم اقتحم الشريعة وملأ الركوة وأقبل بها نحو أبيه، فقال: يا أبت! الماء لمن طلبت؟ اسق أخي وإن بقي شيء فصبه علي، فإني والله عطشان! فبكى الحسين (عليه السلام)، وأخذ ولده الطفل وأجلسه على فخذه، وأخذ الركوة وقربها إلى فيه، فلما هم الطفل أن يشرب أتاه سهم مسموم، فوقع في حلق الطفل فذبحه قبل أن يشرب من الماء شيئا، فبكى الحسين (عليه السلام) ورمى الركوة من يده، ونظر بطرفه إلى السماء وقال: أللهم أنت الشاهد على قوم قتلوا أشبه الخلق بنبيك وحبيبك ورسولك (صلى الله عليه وآله). (1) [576] - 359 - أبو مخنف: روى بعد ذكر شهادة علي الأكبر: ثم أقبل الحسين (عليه السلام) إلى أم كلثوم، وقال لها: يا أختاه! أوصيك بولدي الصغير خيرا، فإنه طفل صغير، وله من العمر ستة أشهر. فقالت له: يا أخي! إن هذا الطفل له ثلاثة أيام ما شرب الماء، فاطلب له شربة
1 - المنتخب: 431، معالي السبطين 1: 423. 574 من الماء، فأخذ الطفل وتوجه نحو القوم وقال: يا قوم! قد قتلتم أخي وأولادي وأنصاري، وما بقي غير هذا الطفل، وهو يتلظى عطشا، فاسقوه شربة من الماء. فبينما هو يخاطبهم إذ أتاه سهم مشوم من ظالم غشوم، وهو حرملة بن كاهل الأسدي، فذبح الطفل من الوريد إلى الوريد، أو من الأذن إلى الأذن، فجعل الحسين (عليه السلام) يتلقى الدم حتى امتلأت كفه ورمى به إلى السماء. (1) [577] - 360 - ابن الجوزي: وقال [الحسين (عليه السلام)]: يا قوم! إن لم ترحموني فارحموا هذا الطفل! فرماه رجل منهم بسهم فذبحه، فجعل الحسين يبكى ويقول: أللهم احكم بيننا وبين قوم دعونا لينصرونا فقتلونا، فنودي من الهواء: دعه، يا حسين! فإن له مرضعا في الجنة. (2) وفي الناسخ، قال: يا قوم! لقد جف اللبن في ثدي أمه! (3) وفي تظلم الزهراء (عليها السلام): ثم وضع كفيه تحت نحر الصبي حتى امتلأتا دما، قال: يا نفس! اصبري واحتسبي فيما أصابك، إلهي ترى ما حل بنا في العاجل، فاجعل ذلك ذخيرة لنا في الأجل. (4) [578] - 361 - القندوزي الحنفي: وفي رواية أنه (عليه السلام) قال: يا قوم! لقد قتلتم أصحابي وبني عمي وإخوتي وولدي، وقد بقي هذا الطفل - وهو ابن ستة أشهر - يشتكي من الظمأ، فاسقوه شربة من الماء.
1 - مقتل الحسين (عليه السلام) ومصرع أهل بيته: 129، معالي السبطين 1: 424، أسرار الشهادة: 402، ذريعة النجاة: 130. 2 - تذكرة الخواص: 227، نفس المهموم: 350. 3 - ناسخ التواريخ 2: 364، معالي السبطين 1: 424. 4 - تظلم الزهراء (عليها السلام): 424، الدمعة الساكبة 4: 335 مع اختلاف. 575 فبينا هو يخاطبهم إذ أتاه سهم فوقع في نحر الطفل فقتله. قيل: إن السهم رماه عقبة بن بشير الأزدي لعنه الله، ويقول الحسين [(عليه السلام)]: أللهم إنك شاهد على هؤلاء القوم الملاعين، إنهم قد عمدوا أن لا يبقوا من ذرية رسولك (صلى الله عليه وآله)، وهو يبكي بكاء شديدا. (1) وفي رواية أخرى قال: أللهم أنت تعلم أنهم دعونا لينصرونا فخذلونا وأعانوا علينا، أللهم احبس عنهم قطر السماء، واحرمهم بركاتك، أللهم لا ترض عنهم أبدا، أللهم إنك إن كنت حبست عنا النصر في الدنيا فاجعله لنا ذخرا في الآخرة، وانتقم لنا من القوم الظالمين. (2) [579] - 362 - اليعقوبي: ثم تقدموا رجلا رجلا حتى بقي وحده ما معه أحد من أهله، ولا ولده ولا أقاربه، فإنه لواقف على فرسه إذ أتي بمولود قد ولد له في تلك الساعة، فأذن في أذنه، وجعل يحنكه إذ أتاه سهم فوقع في حلق الصبي فذبحه، فنزع الحسين [(عليه السلام)] السهم من حلقه، وجعل يلطخه بدمه ويقول: والله! لانت أكرم على الله من الناقة، ولمحمد أكرم على الله من صالح. ثم أتى فوضعه مع ولده وبني أخيه. (3) نزول الثمرة للحسنين (عليهما السلام) من الجنة [580] - 363 - ابن شهر آشوب: وروى الحسن البصري وأم سلمة: أن الحسن والحسين دخلا على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وبين يديه جبرئيل، فجعلا
1 - ينابيع المودة: 415، معالي السبطين 1: 424، من قوله: اللهم إنك شاهد، مع اختلاف. 2 - ينابيع المودة: 415. 3 - تاريخ اليعقوبي 2: 245، عبرات المصطفين 2: 87. 576 يدوران حوله يشبهانه بدحية الكلبي، فجعل جبرئيل يومئ بيده كالمتناول شيئا، فإذا في يده تفاحة وسفرجلة ورمانة، فناولهما وتهلل وجهاهما وسعيا إلى جدهما فأخذ منهما فشمهما، ثم قال: صيرا إلى أمكما بما معكما وابدءا بأبيكما، فصارا كما أمرهما، فلم يأكلوا حتى صار النبي إليهم، فأكلوا جميعا، فلم يزل كلما أكل منه عاد إلى ما كان حتى قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله). قال الحسين (عليه السلام): فلم يلحقه التغيير والنقصان أيام فاطمة بنت رسول الله حتى توفيت، فلما توفيت فقدنا الرمان وبقي التفاح والسفرجل أيام أبي، فلما استشهد أمير المؤمنين فقد السفرجل وبقي التفاح على هيئته عند الحسن حتى مات في سمه، وبقيت التفاحة إلى الوقت الذي حوصرت عن الماء، فكنت أشمها إذا عطشت، فيسكن لهب عطشي، فلما اشتد على العطش عضضتها وأيقنت بالفناء. قال علي بن الحسين (عليهما السلام): سمعته يقول ذلك قبل مقتله بساعة، فلما قضى نحبه وجد ريحها في مصرعه، فالتمست فلم ير لها أثر، فبقي ريحها بعد الحسين (عليه السلام)، ولقد زرت قبره فوجدت ريحها تفوح من قبره، فمن أراد ذلك من شيعتنا الزائرين للقبر فليلتمس ذلك في أوقات السحر، فإنه يجده إذا كان مخلصا. (1) [581] - 364 - ابن حمزة: عن علي بن الحسين، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: اشتكى الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، وبرئ، ودخل بعقبة مسجد النبي (صلى الله عليه وآله)، فسقط في صدره، فضمه النبي (صلى الله عليه وآله)، وقال: فداك جدك، تشتهي شيئا؟! قال: نعم، أشتهي خربزا، فأدخل النبي (صلى الله عليه وآله) يده تحت جناحه ثم هزه
1 - المناقب 3: 391، روضة الواعظين: 159، بحار الأنوار 43: 289، و 45: 91، مستدرك الوسائل 10: 412، العوالم 16: 80، مدينة المعاجز 4: 49 ح 1079. 577 إلى السقف. قال حذيفة: فأتبعته بصري، فلم ألحقه، وإني لأراعي السقف ليعود منه، فإذا هو قد دخل من الباب وثوبه من طرف حجره معطوف، ففتحه بين يدي النبى (صلى الله عليه وآله)، وكان فيه بطيختان، ورمانتان، وسفرجلتان، وتفاحتان، فتبسم النبى (صلى الله عليه وآله) وقال: الحمد لله الذي جعلكم مثل خيار بني إسرائيل، ينزل إليكم رزقكم من جنات النعيم، امض فداك جدك، وكل أنت وأخوك وأبوك وأمك، وأخبأ لجدك نصيبا. فمضى الحسن (عليه السلام)، وكان أهل البيت (عليهم السلام) يأكلون من سائر الاعداد ويعود، حتى قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فتغير البطيخ، فأكلوه فلم يعد، ولم يزالوا كذلك حتى قبضت فاطمة (عليها السلام)، فتغير الرمان، فأكلوه فلم يعد، ولم يزالوا كذلك حتى قبض أمير المؤمنين (عليه السلام)، فتغير السفرجل، فأكلوه فلم يعد، وبقيت التفاحتان معي ومع أخي فلما كان يوم آخر عهدي بالحسن، وجدتها عند رأسه وقد تغيرت، فأكلتها، وبقيت الآخرى معي. وروي عن أبي محيص أنه قال: كنت بكربلاء مع عمر بن سعد لعنه الله، فلما ركب الحسين (عليه السلام) العطش، استخرجها من ردائه واشتمها وردها، فلما صرع (عليه السلام) فتشته، فلم أجدها وسمعت صوتا من رجال رأيتهم ولم يمكني الوصول إليهم، إن الملائكة تتلذذ بروائحها عند قبره، عند طلوع الفجر وقيام النهار. (1) وقوع صحيفة من السماء [582] - 365 - محمد مهدي الحائري: وفي رواية: أنه وقعت صحيفة قد نزلت من السماء في يده [أي الحسين (عليه السلام)] الشريفة،
1 - الثاقب في المناقب: 53 ح 22 و 23، مدينة المعاجز 4: 21 ح 1058. 578 فلما فتحها ونظر فيها إذا هي العهد المأخوذ عليه بالشهادة قبل خلق الخلق في هذه الدنيا، فلما نظر (عليه السلام) إلى ظهر تلك الصحيفة، فإذا هو مكتوب فيه بخط واضح جلى: يا حسين! نحن ما حتمنا عليك الموت، وما ألزمنا عليك الشهادة، فلك الخيار، ولا ينقص حظك عندنا، فإن شئت أن نصرف عنك هذه البلية، فاعلم أنا قد جعلنا السماوات والأرضين والملائكة والجن كلهم في حكمك، فأمر فيهم بما تريد من إهلاك هؤلاء الكفرة الفجرة لعنهم الله. فإذا بالملائكة قد ملأوا بين السماوات والأرض بأيديهم حراب من النار ينتظرون لحكم الحسين (عليه السلام)، وأمره فيما يأمرهم به من إعدام هؤلاء الفسقة. فلما عرف (عليه السلام) مضمون الكتاب، وما في تلك الصحيفة، رفعها إلى السماء ورمى بها إليها وقال: إلهي وسيدي! وددت أن أقتل وأحيى سبعين ألف مرة في طاعتك ومحبتك، سيما إذا كان في قتلي نصرة دينك، وإحياء أمرك وحفظ ناموس شرعك، ثم إني قد سئمت الحياة بعد قتل الأحبة وقتل هؤلاء الفتية من آل محمد (صلى الله عليه وآله). (1) نصرة الملائكة له (عليه السلام) [583] - 366 - ابن حمزة: وعن محمد بن سنان، قال: سئل علي بن موسى الرضا، عن الحسين بن علي (عليهم السلام)، وأنه قتل عطشانا؟ قال: مه، من أين ذلك؟! وقد بعث الله تعالى إليه أربعة أملاك من عظماء الملائكة، هبطوا إليه وقالوا له: الله ورسوله يقرءان عليك السلام، ويقولان: اختر إن شئت: إما تختار الدنيا بأسرها وما فيها ونمكنك من كل عدو لك، أو الرفع إلينا. فقال الحسين (عليه السلام): [على الله] وعلى رسول الله السلام، بل الرفع إليه.
1 - معالي السبطين 2: 18، أسرار الشهادة: 402. 579 ودفعوا إليه شربة من الماء فشربها، فقالوا له: أما إنك لا تظمأ بعدها أبدا. (1) [584] - 367 - السيد ابن طاووس: وروي عن مولانا الصادق (عليه السلام) أنه قال: سمعت أبي يقول: لما التقى الحسين (عليه السلام) عمر بن سعد لعنه الله وقامت الحرب، أنزل الله تعالى النصر حتى رفرف على رأس الحسين (عليه السلام)، ثم خير بين النصر على أعدائه وبين لقاء الله، فاختار لقاء الله. رواها أبو طاهر محمد بن الحسين النرسي في كتاب معالم الدين، قال الراوي: ثم صاح (عليه السلام): أما من مغيث يغيثنا لوجه الله، أما من ذاب يذب عن حرم رسول الله. (2) نصرة الجن له (عليه السلام) [585] - 368 - الطريحي: إن الحسين (عليه السلام) لما كان في موقف كربلاء، أتته أفواج من الجن الطيارة، وقالوا له: نحن أنصارك، فمرنا بما تشاء، فلو أمرتنا بقتل عدو لكم لفعلنا. فجزاهم خيرا، وقال (عليه السلام) لهم: إني لا أخالف قول جدي رسول الله [(صلى الله عليه وآله)]، حيث أمرني بالقدوم عليه عاجلا، وإني الآن قد رقدت ساعة، فرأيت جدي رسول الله قد ضمني إلى صدره، وقبل ما بين عيني وقال لي: يا حسين! إن الله عزوجل قد شاء أن يراك مقتولا، ملطخا بدمائك، مخضبا شيبتك بدمائك، مذبوحا من قفاك، وقد شاء الله أن يرى حرمك سبايا على أقتاب المطايا. وإني والله! سأصبر حتى يحكم الله بأمره وهو خير الحاكمين. (3)
1 - الثاقب في المناقب: 327 ح 269، مدينة المعاجز 3: 495 ح 1008. 2 - اللهوف: 44، بحار الأنوار 45: 12. 3 - المنتخب: 450، مدينة المعاجز 4: 60 ح 1086، ناسخ التواريخ 2: 358، أسرار الشهادة: 407. 580 كلامه (عليه السلام) مع زعفر الجني [586] - 369 - الدربندي: روي عن بعض كتب المقتل، عن نور الأئمة (عليهم السلام): أنه [(عليه السلام)] لما أراد أن يحمل عليهم، فإذا علا غبار ظهر منه شخص مهيب على مركب عجيب، وسلم على الإمام وعلى جده وأبيه وأمه (عليهم السلام)، فرد عليه، السلام، وقال: من أنت، وتسلم في مثل هذه الحالة على المظلوم الغريب؟! فقال: يا ابن رسول الله! أنا زعفر الزاهد، سلطان الجن، وعسكري في هذه البادية، ولقد أعطى أبوك حين غزا الجن في بئر العلم السلطنة لأبي، وبعد وفاته قد انتقلت إلي، فائذن لنا أن نحارب أعدائك هؤلاء. قال (عليه السلام): لا، فإنكم ترونهم ولا يرونكم. فقال: نحن نتصور بصورهم إن قتلنا كنا شهداء في سبيلك. فقال [(عليه السلام)]: جزاك الله خيرا، يا زعفر! فإني قد سئمت من الدنيا، ورأيت في الطيف أني ألقى الله تعالى في هذا اليوم شهيدا مجدلا، فارجع ولا تتعرض لهؤلاء القوم. فرجع. (1) نداؤه (عليه السلام) الأصحاب [587] - 370 - ميرزا محمد تقي: ثم توجه نحو القوم وجعل ينظر يمينا وشمالا، فلم ير أحدا من أصحابه وأنصاره إلا من صافح التراب جبينه، ومن قطع الحمام أنينه. فنادى (عليه السلام): يا مسلم بن عقيل! ويا هاني بن عروة! ويا حبيب بن مظاهر!
1 - أسرار الشهادة: 410، معالي السبطين 2: 18. 581 ويا زهير بن القين! ويا يزيد بن مظاهر! ويا يحيى بن كثير! ويا هلال بن نافع! ويا إبراهيم بن الحصين! ويا عمير بن المطاع! ويا أسد الكلبي! ويا عبد الله ابن عقيل! ويا مسلم بن عوسجة! ويا داود بن الطرماح! ويا حر الرياحي! ويا علي بن الحسين! ويا أبطال الصفا! ويا فرسان الهيجاء! ما لي أناديكم فلا تجيبوني، وأدعوكم فلا تسمعوني؟! أنتم نيام أرجوكم تنتبهون، أم حالت مودتكم عن إمامكم فلا تنصرونه؟! فهذه نساء الرسول (صلى الله عليه وآله) لفقدكم قد علاهن النحول، فقوموا من نومتكم، أيها الكرام! وادفعوا عن حرم الرسول الطغاة اللئام، ولكن صرعكم والله ريب المنون وغدر بكم الدهر الخؤون، وإلا لما كنتم عن دعوتي تقصرون، ولا عن نصرتي تحتجبون، فها نحن عليكم مفتجعون وبكم لاحقون، فإنا لله وإنا إليه راجعون. ثم أنشأ يقول: قوم إذا نودوا لدفع ملمة * والقوم بين مدعس ومكردس لبسوا القلوب على الدروع وأقبلوا * يتهافتون على ذهاب الأنفس نصروا الحسين فيالها من فتية * عافوا الحياة والبسوا من سندس (1) [588] - 371 - المجلسي: عن ابن عقدة، عن جعفر بن عبد الله المحمدي، عن التفليسي، عن
1 - ناسخ التواريخ 2: 377، معالي السبطين 2: 19، مقتل الحسين (عليه السلام) لأبي مخنف، 133، وفيهما بدل الأسماء بعد يزيد بن مظاهر: يا فلان! وفلان. 582 السمندي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام) أنه قال: المؤمنون يبتلون ثم يميزهم الله عنده، إن الله لم يؤمن المؤمنين من بلاء الدنيا ومرائرها، ولكن آمنهم من العمى والشقاء في الآخرة. ثم قال: كان الحسين بن علي (عليهما السلام) يضع قتلاه بعضهم على بعض، ثم يقول: قتلانا قتلى النبيين وآل النبيين. (1) [589] - 372 - البهبهاني: وفي رواية أخرى: لما ضاق الأمر بالحسين (عليه السلام) وقد بقي وحيدا فريدا، التفت إلى خيم بني أبيه فرآها خالية منهم، ثم التفت إلى خيم بنى عقيل فوجدها خالية منهم، ثم التفت إلى خيم أصحابه فلم ير منهم أحدا، فجعل يكثر من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. ثم ذهب إلى خيم النساء، فجاء إلى خيمة ولده زين العابدين (عليه السلام) فرآه ملقى على نطع من الأديم، فدخل عليه وعنده زينب تمرضه، فلما نظر إليه علي بن الحسين (عليهما السلام) أراد النهوض فلم يتمكن من شدة المرض، فقال لعمته: أسنديني إلى صدرك فهذا ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد أقبل، فجلست زينب خلفه وأسندته إلى صدرها، فجعل الحسين (عليه السلام) يسأل ولده عن مرضه، وهو يحمد الله تعالى، ثم قال: يا أبتاه! ما صنعت اليوم مع هؤلاء المنافقين؟ فقال له الحسين (عليه السلام): يا ولدي! قد استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله، وقد شب الحرب بيننا وبينهم لعنهم الله حتى فاضت الأرض بالدم منا ومنهم. فقال علي (عليه السلام): يا أبتاه! أين عمي العباس؟
1 - بحار الأنوار 45: 80 ح 5 و 52: 117 ح 39، رواه النعماني في غيبته: 211 عن علي بن الحسين (عليهما السلام). 583 فلما سأل عن عمه اختنقت زينب بعبرتها، وجعلت تنظر إلى أخيها كيف يجيبه، لأنه لم يخبره بشهادة عمه العباس، خوفا من أن يشتد مرضه. فقال (عليه السلام): يا بني! إن عمك قد قتل، قطعوا يديه على شاطئ الفرات! فبكى علي بن الحسين (عليه السلام) بكاء شديدا حتى غشي عليه، فلما أفاق من غشوته جعل يسأل عن كل واحد من عمومته، والحسين (عليه السلام) يقول له: قتل. فقال: وأين أخي علي، وحبيب بن مظاهر، ومسلم بن عوسجة، وزهير بن القين؟ فقال له: يا بني! اعلم أنه ليس في الخيام رجل حي إلا أنا وأنت، وأما هؤلاء الذين تسأل عنهم فكلهم صرعى على وجه الثرى! فبكى علي بن الحسين بكاء شديدا، ثم قال لعمته زينب: يا عمتاه! علي بالسيف والعصا. فقال له أبوه: وما تصنع بهما؟ فقال: أما العصا فأتوكأ عليها، وأما السيف فأذب به بين يدي ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فإنه لا خير في الحياة بعده. فمنعه الحسين من ذلك، وضمه إلى صدره وقال له: يا ولدي! أنت أطيب ذريتي، وأفضل عترتي، وأنت خليفتي على هؤلاء العيال والأطفال، فإنهم غرباء مخذولون، قد شملتهم الذلة واليتم وشماتة الأعداء ونوائب الزمان، سكتهم إذا صرخوا، وآنسهم إذا استوحشوا، وسل خواطرهم بلين الكلام، فإنهم ما بقي من رجالهم من يستأنسون به غيرك، ولا أحد عندهم يشكون إليه حزنهم سواك، دعهم يشموك وتشمهم، ويبكوا عليك وتبكي عليهم. ثم لزمه بيده (عليه السلام) وصاح بأعلى صوته: يا زينب! ويا أم كلثوم! ويا سكينة! ويا رقية! ويا فاطمة! إسمعن كلامي واعلمن أن ابني هذا خليفتي عليكم، وهو
584 إمام مفترض الطاعة. ثم قال له: يا ولدي! بلغ شيعتي عني السلام، فقل لهم: إن أبي مات غريبا فاندبوه، ومضى شهيدا فابكوه! (1) وصاياه (عليه السلام) [590] - 373 - الصفار: عن محمد بن خالد الطيالسي، عن سيف، عن منصور، أو عن يونس، قال: حدثني أبو الجارود، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: لما حضر الحسين (عليه السلام) ما حضر، دعا فاطمة بنته فدفع إليها كتابا ملفوفا ووصية ظاهرة، فقال: يا بنتي! ضعي هذا في أكابر ولدي. فلما رجع علي بن الحسين (عليهما السلام) دفعته إليه، وهو عندنا. قلت: ما ذاك الكتاب. قال: ما يحتاج إليه ولد آدم منذ كانت الدنيا حتى تفنى! (2) وروى أصحاب الحديث: أنه [الحسين (عليه السلام)] أوصى إلى ابنه علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام)، وسلم إليه الاسم الأعظم، ومواريث الأنبياء، ونص عليه بالإمامة بعده. (3) [591] - 374 - المسعودي: إن الحسين (عليه السلام) [في وقت قتاله بكربلاء] أحضر علي بن الحسين (عليهما السلام)، وكان عليلا، فأوصى إليه بالاسم الأعظم، ومواريث الأنبياء (عليهم السلام)، وعرفه أنه قد دفع العلوم والصحف والمصاحف والسلاح إلى أم سلمة، وأمرها أن تدفع جميع ذلك إليه. (4)
1 - الدمعة الساكبة 4: 351، معالي السبطين 2: 22، ذريعة النجاة: 139. 2 - بصائر الدرجات: 164، إثبات الهداة 5: 215 ح 5، و 213 ح 2، مع أسانيد مختلفة، بحار الأنوار 26: 35 ح 62. 3 - عيون المعجزات: 70، إثبات الهداة 5: 216 ح 7. 4 - إثبات الوصية: 64، إثبات الهداة 5: 216 ح 9. 585 الوصية [592] - 375 - الطوسي: روي محمد بن يعقوب الكليني، عن محمد بن جعفر الأسدي، قال: حدثني أحمد بن إبراهيم قال: دخلت على حكيمة بنت محمد بن علي الرضا (عليهما السلام)، سنة اثنتين وستين ومائتين، فكلمتها من وراء حجاب وسألتها عن دينها؟ فسمت لي من تأتم بهم، قالت: فلان ابن الحسن، فسمته. فقلت لها: جعلني الله فداك معاينة، أو خبرا؟ فقالت: خبرا عن أبي محمد (عليه السلام) كتب به إلى أمه. قلت لها: فأين الولد؟ قالت: مستور، فقلت: إلى من تفزع الشيعة؟ قالت: إلى الجدة أم أبي محمد (عليه السلام)، فقلت: (أقتدي) بمن وصيته إلى امرأة! فقالت: اقتد بالحسين بن علي (عليهما السلام) أوصى إلى أخته زينب بنت علي (عليه السلام) في الظاهر، وكان ما يخرج من علي بن الحسين (عليهما السلام) من علم ينسب إلى زينب سترا على علي بن الحسين (عليهما السلام). ثم قالت: إنكم قوم أصحاب أخبار، أما رويتم أن التاسع من ولد الحسين (عليه السلام) يقسم ميراثه، وهو في الحياة؟ وروى هذا الخبر التلعكبري، عن الحسن بن محمد النهاوندي، عن الحسن بن جعفر بن مسلم الحنفي، عن أبي حامد المراغي، قال: سألت حكيمة بنت محمد أخت أبي الحسن العسكري، وذكر مثله. (1) [593] - 376 - الراوندي: روي عن زين العابدين (عليه السلام) قال:
1 - الغيبة: 230 ح 196، إكمال الدين: 501 ح 27، الهداية الكبرى: 366 بتفاوت يسير، البحار 51: 363 ح 11. 586 ضمني والدي (عليه السلام) إلى صدره يوم قتل، والدماء تغلي، وهو يقول: يا بني! احفظ عني دعاء علمتنيه فاطمة عليها السلام، وعلمها رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وعلمه جبرئيل في الحاجة والمهم والغم والنازلة إذا نزلت والأمر العظيم الفادح. قال: ادع بحق (يس * والقرءان الحكيم)، وبحق (طه)، (والقرءان العظيم)، يا من يقدر على حوائج السائلين، يا من يعلم ما في الضمير، يا منفس عن المكروبين، يا مفرج عن المغمومين، يا راحم الشيخ الكبير، يا رازق الطفل الصغير، يا من لا يحتاج إلى التفسير، صل على محمد وآل محمد، وافعل بي كذا وكذا. (1) [594] - 377 - الكليني: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن إسماعيل بن مهران، عن درست بن أبي منصور، عن عيسى بن بشير، عن أبي حمزة الثمالي، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): لما حضرت أبي علي ابن الحسين (عليهما السلام) الوفاة، ضمني إلى صدره وقال: يا بني أوصيك بما أوصاني به أبي حين حضرته الوفاة، وبما ذكر أن أباه أوصاه به: يا بني! اصبر على الحق وإن كان مرا. (2) [595] - 378 - وعنه: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن إسماعيل بن مهران، عن درست بن أبي منصور، عن عيسى بن بشير، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لما حضرت علي بن الحسين (عليهما السلام) الوفاة ضمني إلى صدره ثم قال: يا بني! أوصيك بما أوصاني به أبي (عليه السلام) حين حضرته الوفاة، وبما ذكر أن أباه أوصاه به،
1 - الدعوات: 54 ح 137، بحار الأنوار 95: 196 ح 29. 2 - الكافي 2: 91 ح 13، بحار الأنوار 71: 76، العوالم 18: 297 ح 2. 587 قال: يا بني! إياك وظلم من لا يجد عليك ناصرا إلا الله. (1) [596] - 379 - الصدوق: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن حسين بن أبي الخطاب، عن ابن أبي نجران، عن المثنى، عن محمد بن مسلم قال: سألت الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) عن خاتم الحسين بن علي (عليهما السلام) إلى من صار؟ وذكرت له أني سمعت أنه أخذ من إصبعه فيما أخذ. قال (عليه السلام): ليس كما قالوا، إن الحسين (عليه السلام) أوصى إلى ابنه علي بن الحسين (عليهما السلام)، وجعل خاتمه في إصبعه، وفوض إليه أمره، كما فعله رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأمير المؤمنين (عليه السلام)، وفعله أمير المؤمنين بالحسن، وفعله الحسن بالحسين (عليهم السلام)، ثم صار ذلك الخاتم إلى أبي (عليه السلام) بعد أبيه، ومنه صار إلي، فهو عندي، وإني ألبسه كل جمعة وأصلي فيه. قال محمد بن مسلم: فدخلت إليه يوم الجمعة وهو يصلي، فلما فرغ من الصلاة مد إلي يده، فرأيت في إصبعه خاتما نقشه: لا إله إلا الله عدة للقاء الله، فقال: هذا خاتم جدي أبي عبد الله الحسين بن علي (عليهما السلام). (2) [597] - 380 - محمد مهدي الحائري: في بعض المقاتل: لما أراد أن يتقدم إلى القتال نظر يمينا وشمالا ونادى: ألا هل من يقدم لي جوادي، فسمعت زينب (عليها السلام)، فخرجت وأخذت بعنان الجواد وأقبلت إليه وهي تقول: لمن تنادي، وقد قرحت فؤادي. (3)
1 - الكافي 2: 331 ح 5، الخصال 1: 16 ح 59، بحار الأنوار 75: 308 ح 1 و 78: 118، فيه كلام الإمام فقط، و 46: 153 ح 16، العوالم 18: 297 ح 1، أعيان الشيعة 1: 620، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 7: 108. 2 - الأمالي: 124 ح 13، بحار الأنوار 46: 17 ح 1. 3 - معالي السبطين 2: 27. 588 [598] - 381 - المجلسي: ثم التفت الحسين (عليه السلام) عن يمينه فلم ير أحدا من الرجال، والتفت عن يساره فلم ير أحدا، فخرج علي بن الحسين زين العابدين (عليهما السلام)، وكان مريضا لا يقدر أن يقل سيفه وأم كلثوم تنادي خلفه: يا بني! ارجع، فقال: يا عمتاه! ذريني أقاتل بين يدي ابن رسول الله. فقال الحسين (عليه السلام): يا أم كلثوم! خذيه لئلا تبقى الأرض خالية من نسل آل محمد (صلى الله عليه وآله). (1) لبسه (عليه السلام) لثوب عتيق قبل مصرعه [599] - 382 - ابن شهر آشوب: ثم قال (عليه السلام): إيتوني بثوب لا يرغب فيه، ألبسه غير ثيابي، لا أجرد، فإني مقتول مسلوب. فأتوه بتبان، فأبى أن يلبسه وقال: هذا لباس أهل الذمة، ثم أتوه بشيء أوسع منه دون السراويل وفوق التبان فلبسه، ثم ودع النساء، وكانت سكينة تصيح فضمها إلى صدره، وقال: سيطول بعدي يا سكينة! فاعلمي * منك البكاء إذا الحمام دهاني لا تحرقي قلبي بدمعك حسرة * ما دام مني الروح في جثماني وإذا قتلت فأنت أولى بالذي * تأتينه يا خيرة النسوان! (2) [600] - 383 - الإسفرايني: ثم إن الحسين أراد وداع النساء، وهو آئس باكي العين، فلاقته أخته زينب
1 - بحار الأنوار 45: 46، الدمعة الساكبة 4: 334، ناسخ التواريخ 2: 359، تظلم الزهراء (عليها السلام): 246. 2 - المناقب 4: 109، ينابيع المودة: 416. 589 وقالت له: لا أبكى الله لك عينا، فقال: كيف لا أبكي وعما قليل تساقون بين العدى، ونادى: يا أم كلثوم! ويا رقية! يا عاتكة! يا سكينة! عليكن مني السلام. فقالت أم كلثوم: يا أخي! استسلمت للموت؟ فقال: كيف لا أستسلم ونفسي بين غيري!؟ فلما سمعته سكينة رفعت صوتها بالبكاء والنحيب، فعند ذلك بكى الحسين وجعل يقول: سيطول بعدي يا سكينة!...، ثم أضاف: أبكي وقولي يا قتيلا! قد مضى * عجلا على شط الفرات عطشاني أبكي وقولي أنهد ركني بعد ما * كانت تزعزع ركنه الأركان قد كنت آمل أن أعيش بظله * أبدا أمد الأيام ما يرعاني أدني إلي سكينة عاجلا * حتى أودعك وداع الفاني أوصيك بالولد الصغير وبعده * بالآل والأيتام والجيران فإذا قتلت فلا تشقي معجرا * أيضا ولا تدعي ثبور هوان لكن صبرا يا سكينة! في القضاء * ها نحن أهل الصبر والاحسان لي أسوة بأبي وجدي وإخوتي * قصدوا حقوقهم بنو الطغيان (1) [601] - 384 - قال ابن عساكر: أخبرنا أبو غالب ابن البناء، أنبأنا أبو الغنائم ابن المأمون، أنبأنا أبو القاسم ابن حبابة، أنبأنا أبو القاسم البغوي، أنبأنا، إسحاق بن إسماعيل الطالقاني، سنة خمس وعشرين، أنبأنا جرير، عن ابن أبي ليلى، قال: قال الحسين بن علي (عليهما السلام) حين أحس بالقتل: أبغوا لي ثوبا لا يرغب فيه، أجعله تحت ثيابي حتى لا أجرد...، فقيل له تبان، فقال: ذاك لباس من
1 - نور العين في مشهد الحسين (عليه السلام): 58، أدب الحسين (عليه السلام) وحماسته: 45، وفيه الأشعار فقط مع اختلاف. 590 ضربت عليه الذلة! فأخذ ثوبا فخرقه فجعله تحت ثيابه، فلما قتل جرد صلوات الله عليه ورضوانه. (1) كلامه (عليه السلام) مع نساء أهل بيته [602] - 385 - الطريحي: ثم إن الحسين (عليه السلام) نظر إلى اثنين وسبعين رجلا من أهل بيته صرعى، فالتفت إلى الخيمة ونادى: يا سكينة! يا فاطمة! يا زينب! يا أم كلثوم! عليكن مني السلام، فنادته سكينة: يا أبت، استسلمت للموت؟! فقال: كيف لا يستسلم من لا ناصر له ولا معين؟! فقالت: يا أبت! ردنا إلى حرم جدنا. فقال: هيهات، لو ترك القطا لنام! فتصارخن النساء، فسكتهن الحسين (عليه السلام)، وحمل على القوم. (2) [603] - 386 - ميرزا محمد تقي: وفي رواية: أنه (عليه السلام) قال: يا نور عيني! كيف لا يستسلم للموت من لا ناصر له ولا معين!؟ ورحمة الله ونصرته لا تفارقكم في الدنيا ولا في الآخرة، فاصبري على قضاء الله ولا تشكي، فإن الدنيا فانية، والآخرة باقية. (3) [604] - 387 - التستري: وفي خبر آخر: أن الحسين (عليه السلام) لما ودع أهل بيته قال: أللهم إنك شاهد على هؤلاء القوم
1 - تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 221، المعجم الكبير للطبراني 3: 117، مجمع الزوائد 9: 193، بحار الأنوار 45: 54، العوالم 17: 297، وأضاف فيهما: ثم استدعى (عليه السلام) بسراويل من جره، ففزرها ولبسها. 2 - المنتخب: 440، بحار الأنوار 45: 47، الدمعة الساكبة 4: 336، أسرار الشهادة: 408. 3 - ناسخ التواريخ 2: 360. 591 الملاعين، إنهم قد عمدوا أن لا يبقوا من ذرية رسولك (صلى الله عليه وآله)، ويبكي بكاء شديدا وينشد ويقول: يا رب! لا تتركني وحيدا * قد أظهروا الفسوق والجحودا وصيرونا بينهم عبيدا * يرضون في فعالهم يزيدا أما أخي فقد مضى شهيدا * مجدلا في فدفد فريدا وأنت بالمرصاد يا مجيدا! ثم نادى: يا أم كلثوم! ويا سكينة! ويا رقية! ويا عاتكة! ويا زينب! يا أهل بيتي! عليكن مني السلام، فلما سمعن رفعن أصواتهن بالبكاء، فضم - بنته سكينة إلى صدره وقبل ما بين عينيها ومسح دموعها، وكان يحبها حبا شديدا، ثم جعل يسكتها ويقول: سيطول بعدي يا سكينة! فاعلمي * منك البكاء إذ الحمام دهاني... (1) [605] - 388 - البهبهاني: وفي رواية أخرى: ثم ودع (عليه السلام) أهل بيته وأمرهم بالصبر، ووعدهم بالثواب (2) والأجر، وأمرهم بلبس أزرهم، وقال لهم: استعدوا للبلاء، واعلموا أن الله تعالى حافظكم وحاميكم، وسينجيكم من شر الأعداء، ويجعل عاقبة أمركم إلى خير، ويعذب أعاديكم بأنواع البلاء، ويعوضكم الله عن هذه البلية بأنواع النعم والكرامة، فلا تشكوا، ولا تقولوا بألسنتكم ما ينقص قدركم. (3)
1 - إحقاق الحق 11: 633، نور العين في مشهد الحسين (عليه السلام): 55، ينابيع المودة: 416، وفيه: أن الإمام قال بعد شهادة الطفل الرضيع إلى قوله: مجيدا، مقتل الحسين (عليه السلام) ومصرع أهل بيته: 130. 2 - في المصدر: بالصواب، وما أثبتناه عن نفس الهموم. 3 - الدمعة الساكبة 4: 346، جلاء العيون للمجلسي: 576، ناسخ التواريخ 2: 380، نفس المهموم: 355. 592 [606] - 389 - الطريحي: ثم وثب على قدميه ببردة رسول الله (صلى الله عليه وآله) والتحف بها، وأفرغ عليه درعه الفاضل، وتقلد سيفه، واستوى على متن جواده، وهو غائص في الحديد، فأقبل على أم كلثوم وقال لها: أوصيك يا أخية! بنفسك خيرا، وإني بارز إلى هؤلاء القوم. (1) كلامه (عليه السلام) وأشعاره مع القوم [607] - 390 - أبو مخنف: ثم توجه نحو القوم، وقال: يا ويلكم! على م تقاتلوني، على حق تركته، أم على سنة غيرتها، أم على شريعة بدلتها؟! فقالوا: بل نقاتلك بغضا منا لأبيك! وما فعل بأشياخنا يوم بدر وحنين! فلما سمع كلامهم بكى. (2) [608] - 391 - وعنه: ثم حمل على القوم بمهجته الشريفة روحي وأرواح العالمين له الفداء، حملة منكرة، وفرقهم وقتل منهم ألفا وخمسماءة فارسا، ورجع إلى الخيمة وهو يقول: كفر القوم وقدما رغبوا * عن ثواب الله رب الثقلين حنقا منهم وقالوا إننا * نتبع الأول قدما بالحسين يا لقومي من أناس قد بغوا * جمعوا الجمع لأهل الحرمين ثم ساروا وتواصوا كلهم * باحتياجي لرضاء الملحدين
1 - المنتخب: 438، أسرار الشهادة: 408. 2 - مقتل الحسين (عليه السلام) ومصرع أهل بيته: 132، ينابيع المودة: 416 مع اختلاف يسير، معالي السبطين 2: 12. 593 لا لشيء كان مني سابقا * غير فخري بضياء الفرقدين بعلي الطهر من بعد النبي * والنبي الهاشمي الوالدين خيرة الله من الخلق أبي * بعد جدي فأنا ابن الخيرتين والدي شمس وأمي قمر * فأنا الكوكب وابن القمرين فضة قد صفيت من ذهب * فأنا الفضة وابن الذهبين ذهب من ذهب في ذهب * ولجين في لجين في لجين من له جد كجدي في الورى * أو كشيخي فأنا ابن العملين أمي الزهراء حقا وأبي * وارث العلم ومولى الثقلين جدي المرسل مصباح الدجى * وأبي الموفى له بالبيعتين خصه الله بفضل وتقى * فأنا الزاهر وابن الزاهرين أيد الله بطهر طاهر * صاحب الأمر ببدر وحنين ذاك والله! على المرتضى * ساد بالفضل جميع الحرمين عبد الله غلاما يافعا * وقريش يعبدون الوثنين يعبدون اللات والعزى معا * وعلي قائم في القبلتين مع رسول الله سبعا كاملا * ما على الأرض مصل غير ذين أظهر الاسلام رغما للعدى * بحسام قاطع ذي شفرتين تارك اللات ولم يسجد لها * مع قريش لا ولا طرفة عين قاتل الابطال لما برزوا * يوم بدر ثم أحد وحنين ترك الأصنام مستدحضة * ورقا بالحمد فوق المنبرين فله الحمد علينا واجب * ما جرى بالفلك إحدى النيرين وأباد الشرك في حملته * برجال أترفوا في العسكرين
594 وأنا ابن العين والأذن التي * أذعن الخلق لها في الخافقين نحن أصحاب العبا خمستنا * قد ملكنا شرقها والمغربين ثم جبريل لنا سادسنا * ولنا البيت لنا والمشعرين وكذا المجد بنا مفتخر * شامخا نعلو به في الحسبين فجزاه عنا الله صالحا * خالق الخلق ورب الحرمرين عروة الدين علي المرتضى * صاحب الحوض معز المؤمنين يفرق الصفان من هيبته * وكذا أفعاله في الخافقين والذي صدق بالخاتم منه * حين ساوى ظهره في الركعتين والذي أردى جيوشا أقبلوا * يطلبون الثار في يوم حنين شيعة المختار! طيبوا أنفسا * فغدا تسقون من حوض اللجين فعليه الله صلى ربنا * وحباه تحفة بالحسنين (1) [609] - 392 - وأضاف القندوزي الحنفي: والدي الطاهر والطهر الذي * ردت الشمس عليه كرتين من له جد كجدي المصطفى * أحمد المختار صبح الظلمتين من له أب كأبي حيدر * ساد بالفضل أهالي الحرمين من له عم كعمي جعفر * ذي الجناحين كريم النسبين من له أم كأمي في الورى * بضعة المختار قرة كل عين والدي شمس وأمي قمر * فأنا الكوكب وابن النيرين
1 - مقتل الحسين (عليه السلام) ومصرع أهل بيته: 134، الفتوح 5: 132، أورد الأشعار إلى: يوم الجحفلين. المناقب لابن شهرآشوب 4: 80 بتفاوت، كشف الغمة 2: 27 باختصار وتفاوت، المنتخب للطريحي: 440 بتفاوت، بحار الأنوار 45: 47، العوالم 17: 290، نور العين في مشهد الحسين (عليه السلام): 57، ينابيع المودة: 416، ناسخ التواريخ 2: 368، وفى بعض الكتب: أنه (عليه السلام) أنشد هذه الأشعار في شهادة طفله الرضيع. 595 ولجبريل بنا مفتخر * قد قضى عنا أبونا كل دين فلنا الحق عليكم واجب * ما جرى في الفلك إحدى النيرين شيعة المختار قروا أعينا * في غد تسقون من كف الحسين (1) كلامه (عليه السلام) مع عمر بن سعد وأصحابه [610] - 393 - الطريحي: ثم إن الحسين (عليه السلام) أقبل على عمر بن سعد، وقال له: أخيرك في ثلاث خصال. قال: وما هي؟ قال: تتركني حتى أرجع إلى المدينة إلى حرم جدي رسول الله. قال: ما لي إلى ذلك سبيل. قال: اسقوني شربة من الماء، فقد نشفت كبدي من الظمأ. فقال: ولا إلى الثانية سبيل. قال: وإن كان لا بد من قتلي فليبرز إلي رجل بعد رجل. فقال: ذلك لك. فحمل على القوم. (2) [611] - 394 - محمد مهدي الحائري: فخرج إليه تميم بن قحطبة، وهو من أمراء الشام في تلك الحالة قال: يا ابن علي! إلى متى الخصومة، وقد قتل أولادك ومواليك، وأنت بعد تضرب بالسيف مع عشرين ألفا؟! فقال (عليه السلام): أنا جئت إلى محاربتكم، أم أنتم جئتم إلى محاربتي؟ أنا منعت
1 - ينابيع المودة: 416. 2 - المنتخب: 439، تظلم الزهراء (عليها السلام): 250، الدمعة الساكبة 4: 341، أسرار الشهادة: 409. 596 الطريق عنكم، أم أنتم منعتموه عني؟ وقد قتلتم إخوتي وأولادي، وليس بينكم وبيني إلا السيف. فقال اللعين: فلا تكثر المقال، فتقدم إلى حتى أرى ما عندك!؟ فصاح الحسين (عليه السلام) صيحة عظيمة، وسل السيف وضرب عنقه، فتبعد خمسين ذراعا، فاضطرب العسكر وصاح يزيد الأبطحي لعنه الله: ويلكم! إنكم عجزتم عن رجل واحد تفرون عنه! ثم برز إلى الإمام (عليه السلام) وكان اللعين مشهورا بالشجاعة، فلما رآه العسكر أظهروا البشاشة والسرور، فصاح (عليه السلام) به: ألا تعرفني تبرز إلي كمن لا خوف له!؟ فلم يجبه اللعين وسل سيفه على الإمام، فسبقه الإمام وضرب على وسطه بالسيف، فقده نصفين! (1) [612] - 395 - السيد ابن طاووس: قال بعض الرواة: فوالله! ما رأيت مكثورا قط قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه أربط جأشا منه! وإن كانت الرجال لتشد عليه فيشد عليها بسيفه، فتنكشف عنه انكشاف المعزى إذا شد فيها الذئب! ولقد كان يحمل فيهم، ولقد تكملوا ثلاثين ألفا، فيهزمون بين يديه كأنهم الجراد المنتشر، ثم يرجع إلى مركزه، وهو يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله [العلي العظيم]. (2) شعار الحسين (عليه السلام) [613] - 396 - الكليني: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
1 - معالي السبطين 2: 30. 2 - اللهوف: 51، بحار الأنوار 45: 50، العوالم 17: 293. 597 شعارنا: يا محمد، يا محمد! وشعارنا يوم بدر: يا نصر الله! اقترب اقترب، وشعار المسلمين يوم أحد: يا نصر الله! اقترب، ويوم بني النضير: يا روح القدس! أرح، ويوم بني قينقاع: يا ربنا! لا يغلبنك، ويوم الطائف: يا رضوان! وشعار يوم حنين: يا بني عبد الله! يا بني عبد الله! ويوم الأحزاب: حم، لا يبصرون، ويوم بني قريظة: يا سلام! أسلمهم، ويوم المريسيع وهو يوم بني المصطلق: ألا إلى الله الأمر، ويوم الحديبية: ألا لعنة الله على الظالمين، ويوم خيبر يوم القموص: يا علي! إئتهم من عل، ويوم الفتح: نحن عباد الله حقا حقا، ويوم تبوك: يا أحد! يا صمد! ويوم بني الملوح: أمت أمت، ويوم صفين: يا نصر الله! وشعار الحسين (عليه السلام): يا محمد! وشعارنا: يا محمد! (1) [614] - 397 - الصدوق: حدثنا محمد بن القاسم المفسر الجرجاني؛، قال: حدثنا أحمد بن الحسن الحسيني، عن الحسن بن علي الناصر [ي]، عن أبيه، عن محمد بن علي، عن أبيه الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي (عليهم السلام)، قال علي بن الحسين (عليهما السلام): لما اشتد الأمر بالحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) نظر إليه من كان معه فإذا هو بخلافهم، لأنهم كلما اشتد الأمر تغيرت ألوانهم، وارتعدت فرائصهم، ووجبت قلوبهم، وكان الحسين (عليه السلام) وبعض من معه من خصائصه تشرق ألوانهم، وتهدئ جوارحهم، وتسكن نفوسهم، فقال بعضهم لبعض: أنظروا لا يبالي بالموت! فقال لهم الحسين (عليه السلام): صبرا بني الكرام! فما الموت إلا قنطرة تعبر بكم عن البؤس والضراء إلى الجنان الواسعة، والنعيم الدائمة. فأيكم يكره أن ينتقل من سجن إلى قصر!؟ وما هو لأعدائكم إلا كمن ينتقل من قصر إلى
1 - الكافي 5: 47 ح 1، وسائل الشيعة 11: 105، معالي السبطين 2: 31 باختصار. 598 سجن وعذاب، إن أبي حدثني عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر، والموت جسر هؤلاء إلى جناتهم، وجسر هؤلاء إلى جحيمهم، ما كذبت ولا كذبت. (1) توبيخ أهل الكوفة [615] - 398 - ابن أعثم: ثم استوى الحسين (عليه السلام) على فرسه، وتقدم حتى واجه القوم، وقال: يا أهل الكوفة! قبحا لكم، وترحا وبؤسا لكم وتعسا، استصرختمونا والهين فأتيناكم موجبين، فشحذتم علينا سيفا كان في أيماننا، وجئتم علينا نارا نحن أضرمناها على عدوكم وعدونا، فأصبحتم وقد آثرتم العداوة على الصلح من غير ذنب كان منا إليكم، وقد أسرعتم إلينا بالعناد، وتركتم بيعتنا رغبة في الفساد، ثم نقضتموها سفها وضلة لطواغيت الأمة وبقية الاحزاب ونبذة الكتاب، ثم أنتم هؤلاء تتخاذلون عنا وتقتلونا، ألا لعنة الله على الظالمين. (2) خطبته (عليه السلام) قبل شهادته [616] - 399 - آل اعتماد: الخطبة المنسوبة اليه (عليه السلام): إيه! يا منتحلة دين الإسلام، ويا أتباع شر الأنام، هذا آخر مقام أقرع به أسماعكم، وأحتج به عليكم. زعمتم أنكم بعد قتلي تتنعمون في دنياكم، وتستظلون قصوركم، هيهات
1 - معاني الأخبار: 288 ضمن ح 2، بحار الأنوار 6: 154 ضمن ح 9. 2 - الفتوح 5: 133، كشف الغمة 2: 18 مع اختلاف يسير. 599 هيهات، ستحاطون عن قريب بما ترتعد به فرائصكم، وترجف منه أفئدتكم، حتى لا يؤويكم مكان، ولا يظلكم أمان، وحتى تكونوا أذل من فرام الأمة (1) وكيف لا تكونوا كذلك وقد آليتم (2) على أنفسكم أن تسفكوا دم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتقتلوا ذريته وتظمئوا صبيته، وتؤسروا نسوته، ولقد خيرتكم بين خلال ثلاث، فأبيتم ومنتكم شوكتكم، أني أنقاد لطاغيتكم الملحد، معاذ الله! نفوس أبية وأنوف حمية، تقعدنا عن الدنية، وتنهض بنا في العز إلى ورود حياض المنية، وما أشوقني إلى اللحوق بهذا الفتية (وأشار بيده إلى مصارع الأحبة) والوفاء بعهدي لربي، فخذوا حذركم، ثم كيدوني جميعا ولا تنظرون. (3) أشعاره (عليه السلام) يوم عاشوراء [617] - 400 - ابن شهر آشوب: ثم وقف قبالة القوم، وسيفه مصلت في يده، آئسا من الحياة، عازما على الموت، وهو يقول: أنا ابن على الخير من آل هاشم * كفاني بهذا مفخرا حين أفخر وجدي رسول الله أكرم خلقه * ونحن سراج الله في الأرض يزهر وفاطم أمي من سلالة أحمد * وعمي يدعى ذا الجناحين جعفر وفينا كتاب الله أنزل صادقا * وفينا الهدى والوحي بالخير يذكر ونحن أمان الله للخلق كلهم * نسر بهذا في الأنام ونجهر
1 - الفرم: خرقة تجعلها المرأة في قبلها إذا حاضت. 2 - الإيلاء: الحلف. 3 - بلاغة الحسين (عليه السلام): ص 204. 600 ونحن ولاة الحوض نسقي ولينا * بكأس رسول الله ما ليس ينكر وشيعتنا في الناس أكرم شيعة * ومبغضنا يوم القيامة يخسر بنا بين الله الهدى عن ضلالة * وفينا الولاء للعوالم مفخر إذا ما أتى يوم القيامة ظاميا * إلى الحوض يسقيه بكفيه حيدر إمام مطاع أوجب الله حقه * على الناس جمعا والذي كان ينظر فطوبى لعبد زارنا بعد موتنا * بجنة عدن صفوها لا يكدر (1) [618] - 401 - محمد بن أبي طالب: وذكر أبو علي السلامي في تأريخه: أن هذه الأبيات للحسين (عليه السلام) من إنشائه، وقال: ليس لأحد مثلها: فإن تكن الدنيا تعد نفيسة * فإن ثواب الله أعلى وأنبل وإن تكن الأبدان للموت أنشئت * فقتل امرئ بالسيف في الله أفضل وإن تكن الارزاق قسما مقدرا * فقلة سعي المرء في الكسب أجمل وإن تكن الأموال للترك جمعها * فما بال متروك به المرء يبخل (2) وأضاف القندوزي: عليكم سلام الله يا آل أحمد * فإني أراني عنكم اليوم أرحل أرى كل ملعون ظلوم منافق * يروم فنانا جهرة ثم يعمل لقد كفروا يا ويلهم بمحمد * وربهم ما شاء في الخلق يفعل لقد غرهم حلم الإله لانه * حليم كريم لم يكن قط يعجل (3)
1 - المناقب 4: 80، الفتوح 5: 134، الاحتجاج 2: 301، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 2: 132، كشف الغمة 2: 19، المنتخب للطريحي: 439، بحار الأنوار 45: 49 إلى قوله: يخسر، ينابيع المودة: 413 ديوان الحسين (عليه السلام): 134، مع اختلاف يسير. 2 - تسلية المجالس وزينة المجالس: 464، بحار الأنوار 45: 49، العوالم 17: 292، نفس المهموم: 353، وقد مضت هذه الأشعار في لقائه (عليه السلام) مع الفرزدق أيضا. 3 - ينابيع المودة: 417. 601 [619] - 402 - محمد بن أبي طالب: ثم إنه [(عليه السلام)] دعا الناس إلى البراز، فلم يزل يقتل كل من دنا منه من عيون الرجال، حتى قتل منهم مقتلة عظيمة، ثم حمل على الميمنة، وقال: الموت خير من ركوب العار. ثم على الميسرة، وهو يقول: أنا الحسين بن علي * آليت أن لا أنثني أحمي عيالات أبي * أمضي على دين النبي (1) اختيار الموت على الحياة [620] - 403 - ابن شهر آشوب:: وقال (عليه السلام): موت في عز خير من حياة في ذل. وأنشأ (عليه السلام) في يوم قتله: الموت خير من ركوب العار * والعار أولى من دخول النار والله! ما هذا وهذا جاري (2) [621] - 404 - التستري: نقلا عن الراغب الإصبهاني من منظومه (عليه السلام): أذل الحياة وذل الممات * وكلا أراه طعاما وبيلا فإن كان لا بد إحداهما * فسيري إلى الموت سيرا جميلا قاله (عليه السلام) يوم قتل. (3)
1 - تسلية المجالس وزينة المجالس 464، المناقب لابن شهرآشوب 4: 110، بحار الأنوار 45: 49، العوالم 17: 293، الدمعة الساكبة: 3414، نفس المهموم 353. 2 - المناقب 4: 68، بحار الأنوار 44: 192، و 45: 50، وفيه: القتل أولى، أعيان الشيعة 1: 581. 3 - إحقاق الحق 11: 639. 602 [622] - 405 - أبو الفرج الإصبهاني: وتمثل [الحسين] (عليه السلام) بأشعار ضرار بن الخطاب الفهري، قالها يوم الخندق، وتمثل بها أمير المؤمنين (عليه السلام) يوم صفين، والحسين (عليه السلام) يوم قتل: مهلا بني عمنا ظلامتنا * إن بنا سورة من القلق لمثلكم نحمل السيوف ولا * تغمز أحسابنا من الدقق إني لأنمي إذا انتميت إلى * عز عزيز ومعشر صدق بيض سباط كأن أعينهم * تكحل يوم الهياج بالعلق (1) [623] - 406 - وعنه: قال [حميد بن مسلم]: وجعل الحسين (عليه السلام) يطلب الماء، وشمر يقول له: والله! لا ترده، أو ترد النار! فقال له رجل: ألا ترى إلى الفرات يا حسين! كأنه بطون الحيتان؟ والله! لا تذوقه، أو تموت عطشا! فقال الحسين (عليه السلام): أللهم أمته عطشا. قال: والله! لقد كان هذا الرجل يقول: اسقوني ماء، فيؤتى بماء فيشرب حتى يخرج من فيه، ثم يقول: اسقوني قتلني العطش، فلم يزل كذلك حتى مات. (2) [624] - 407 - الخوارزمي: ثم رماه رجل يقال له: أبو الحتوف (3) الجعفي بسهم فوقع السهم في جبهته، فنزع الحسين السهم ورمى به، فسالت الدم على وجهه ولحيته، فقال (عليه السلام): أللهم قد ترى ما أنا فيه من عبادك هؤلاء العصاة العتاة، أللهم فأحصهم عددا، واقتلهم بددا، ولا تذر على وجه الأرض منهم أحدا، ولا تغفر لهم أبدا. ثم حمل عليهم كالليث المغضب، فجعل لا يلحق أحدا إلا بعجه بسيفه وألحقه
1 - الأغاني 19: 191. 2 - مقاتل الطالبيين: 116، بحار الأنوار 45: 51، العوالم 17: 294. 3 - واسمه: زياد بن عبد الرحمن، وقيل: الصحيح: أبو الجنوب كني باسم ولده جنوب، هامش بحار الأنوار 45: 52. 603 بالحضيض، والسهام تأخذه من كل ناحية، وهو يتقيها بنحره وصدره ويقول: يا أمة السوء! بئسما خلفتم محمدا في عترته، أما إنكم لن تقتلوا بعدي عبدا من عباد الله الصالحين فتهابوا قتله، بل يهون عليكم عند قتلكم إياي، وأيم الله! إني لأرجو أن يكرمني ربي بهوانكم، ثم ينتقم منكم من حيث لا تشعرون. فصاح به الحصين بن مالك السكوني فقال: يا ابن فاطمة! وبماذا ينتقم لك منا؟ فقال: يلقي بأسكم بينكم ويسفك دماءكم، ثم يصب عليكم العذاب الأليم. ثم جعل يقاتل حتى أصابته اثنتان وسبعون جراحة. (1) [625] - 408 - ابن شهر آشوب: فرماه أبو الحنوق الجعفي في جبينه، والحصين بن نمير في فيه، وأبو أيوب الغنوي بسهم مسموم في حلقه. فقال (عليه السلام): بسم الله ولا حول ولا قوة إلا بالله، وهذا قتيل في رضى الله. (2) [626] - 409 - الخوارزمي: فوقف (عليه السلام) يستريح، وقد ضعف عن القتال، فبينا هو واقف إذ أتاه حجر فوقع على جبهته، فسالت الدماء في جبهته فأخذ الثوب ليمسح عن جبهته، فأتاه سهم محدد مسموم له ثلاث شعب، فوقع في قلبه. فقال الحسين (عليه السلام): بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله، ورفع رأسه إلى السماء وقال: إلهي إنك تعلم أنهم يقتلون رجلا ليس على وجه الأرض
1 - مقتل الحسين (عليه السلام) 2: 34، تسلية المجالس وزينة المجالس: 465، بحار الأنوار 45: 51، العوالم 17: 294. 2 - المناقب 4: 111، اللهوف: 54. 604 ابن نبي غيره! ثم أخذ السهم وأخرجه من وراء ظهره، فانبعث الدم كالميزاب، فوضع يده على الجرح فلما امتلأت دما رمى بها إلى السماء، فما رجع من ذلك قطرة! وما عرفت الحمرة في السماء حتى رمى الحسين (عليه السلام) بدمه إلى السماء! ثم وضع يده على الجرح ثانيا فلما امتلأت لطخ بها رأسه ولحيته، وقال: هكذا والله! أكون حتى ألقى جدي محمدا، وأنا مخضوب بدمي، وأقول: يا رسول الله! قتلني فلان وفلان. (1) دعاؤه (عليه السلام) على حصين بن نمير [627] - 410 - ابن الأثير: وفي رواية: أنه اشتد عطش الحسين فدنا من الفرات ليشرب، فرماه حصين بن نمير بسهم فوقع في فمه، فجعل يتلقى الدم بيده ورمى به إلى السماء، ثم حمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أللهم إني أشكو إليك ما يصنع بابن بنت نبيك! اللهم أحصهم عددا، واقتلهم بددا، ولا تبق منهم أحدا. وقيل: الذي رماه رجل من بني أبان بن دارم. (2) [628] - 411 - ابن عساكر: أنبأنا الخطيب، أنبأنا الحسين بن محمد الخلال، أنبأنا عبد الواحد بن علي القاضي، أنبأنا الحسين بن إسماعيل الضبي، أنبأنا عبد الله بن شيب، حدثنا إبراهيم بن المنذر، حدثني حسين بن زيد بن علي بن الحسين، عن الحسن بن زيد بن حسن بن علي، حدثني مسلم بن رباح مولى علي بن
1 - مقتل الحسين (عليه السلام) 2: 34، اللهوف: 52 باختصار، تسلية المجالس وزينة المجالس: 465، بحار الأنوار 45: 53، العوالم 17: 295، ينابيع المودة: 418 وفيه: هكذا ألقى الله وألقى جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله). 2 - الكامل في التأريخ 2: 571. 605 أبي طالب [(عليه السلام)]، قال: كنت مع الحسين بن علي (عليهما السلام) يوم قتل، فرمي في وجهه بنشابة، فقال لي: يا مسلم! ادن يديك من الدم. فأدنيتهما، فلما امتلأتا قال: اسكبه في يدي، فسكبته في يده، فنفح بهما إلى السماء، وقال: أللهم اطلب بدم ابن بنت نبيك. قال مسلم: فما وقع منه إلى الأرض قطرة. (1) [629] - 412 - الخوارزمي: ثم ضعف عن القتال فوقف مكانه، فكلما أتاه رجل من الناس وانتهى إليه انصرف عنه، وكره أن يلقى الله بدمه، حتى جاءه رجل من كندة يقال له: مالك بن نسر فضربه بالسيف على رأسه، وكان عليه برنس فقطع البرنس وامتلأ دما، فقال له الحسين (عليه السلام): لا أكلت بيمينك ولا شربت وحشرك الله مع الظالمين. ثم ألقى البرنس، ولبس قلنسوة، واعتم عليها، وقد أعيى وتبلد. وجاء الكندي فأخذ البرنس وكان من خز، فلما قدم به بعد ذلك على امرأته أم عبد الله ليغسله من الدم، قالت له امرأته: أتسلب ابن بنت رسول الله برنسه وتدخل بيتي؟ اخرج عني حشى الله قبرك نارا. وذكر أصحابه أنه يبست يداه، ولم يزل فقيرا بأسوأ حال إلى أن مات. (2) [630] - 413 - ابن شهر آشوب: وفي أمالي أبي سهل القطان، يرويه عن ابن عيينة قال: أدركت من قتلة الحسين رجلين، أما أحدهما فإنه طال ذكره...
1 - تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 236 ح 281. 2 - مقتل الحسين (عليه السلام) 2: 35، المناقب لابن شهرآشوب 4: 57، الإرشاد: 240، بحار الأنوار 45: 30053، العوالم 17: 296، تظلم الزهراء (عليها السلام): 254. 606 وأما الآخر فإنه كان يستقبل الراوية فيشربها إلى آخرها ولا يروى، وذلك أنه نظر إلى الحسين (عليه السلام) وقد أهوى إلى فيه بماء، وهو يشرب فرماه بسهم، فقال الحسين (عليه السلام): لا أرواك الله من الماء في دنياك ولا آخرتك. وفى رواية: أن رجلا من كلب رماه بسهم فشك شدقه، فقال الحسين (عليه السلام): لا أرواك الله، فعطش الرجل حتى ألقى نفسه في الفرات وشرب حتى مات. (1) مخاطبته (عليه السلام) شيعة آل أبي سفيان [631] - 414 - البحراني:: ولم يزل يقاتل حتى قتل ألف رجل وتسعمائة رجل وخمسين رجلا سوى المجروحين، فقال عمر بن سعد لقومه: الويل لكم، أتدرون لمن تقاتلون؟! هذا ابن الأنزع البطين، هذا ابن قتال العرب، فاحملوا عليه من كل جانب، وكانت الرماة أربعة آلاف، فرموه بالسهام، فحالوا بينه وبين رحله. (2) [632] - 415 - الخوارزمي: فصاح بهم: ويحكم، يا شيعة آل أبي سفيان! إن لم يكن لكم دين، وكنتم لا تخافون المعاد، فكونوا أحرارا في دنياكم هذه، وارجعوا إلى أحسابكم إن كنتم عربا كما تزعمون. فناداه شمر فقال: ما تقول يا حسين؟! فقال: أقول: أنا الذي أقاتلكم، وتقاتلوني، والنساء ليس عليهن جناح، فامنعوا عتاتكم وطغاتكم وجهالكم عن التعرض لحرمي ما دمت حيا.
1 - المناقب 4: 56، بحار الأنوار 45: 300. 2 - العوالم 17: 293، بحار الأنوار 45: 50، المناقب لابن شهر آشوب 4: 110. 607 فقال له شمر: لك ذلك يا ابن فاطمة! ثم صاح شمر بأصحابه: إليكم عن حرم الرجل، واقصدوه بنفسه، فلعمري لهو كفو كريم! فقصده القوم بالحرب من كل جانب فجعل يحمل عليهم، ويحملون عليه، وهو في ذلك يطلب الماء ليشرب منه شربة، فكلما حمل بفرسه على الفرات حملوا عليه حتى أجلوه عنه. (1) [633] - 416 - ابن شهر آشوب:: وروى أبو مخنف عن الجلودي: أن الحسين (عليه السلام) حمل على الأعور السلمي وعمرو بن الحجاج الزبيدي، وكانا في أربعة آلاف رجل على الشريعة، وأقحم الفرس على الفرات، فلما أولغ الفرس برأسه ليشرب قال (عليه السلام): أنت عطشان، وأنا عطشان، والله لا أذوق الماء حتى تشرب، فلما سمع الفرس كلام الحسين (عليه السلام) شال رأسه ولم يشرب، كأنه فهم الكلام، فقال الحسين (عليه السلام): اشرب فأنا أشرب. فمد الحسين (عليه السلام) يده فغرف من الماء، فقال فارس: يا أبا عبد الله! تتلذذ بشرب الماء وقد هتكت حرمتك؟! فنفض الماء من يده، وحمل على القوم، فكشفهم، فإذا الخيمة سالمة. (2) [634] - 417 - ابن نما الحلي: وفي خبر: ولم يزل يقاتل (عليه السلام) حتى جاء شمر بن ذي الجوشن، فحال بينه وبين رحله. فقال (عليه السلام): رحلي لكم عن ساعة مباح، فامنعوه جهالكم وطغاتكم، وكونوا في الدنيا أحرارا إن لم يكن لكم دين. (3)
1 - مقتل الحسين (عليه السلام) 2: 33، الفتوح لابن الأعثم 5: 134، تأريخ الطبري 3: 333، اللهوف: 119، البداية والنهاية 8: 203، بحار الأنوار 45: 51، العوالم 17: 293، أعيان الشيعة 1: 609، الدمعة الساكبة 4: 343. 2 - المناقب 4: 58، بحار الأنوار 45: 51، الدمعة الساكبة 4: 344، مقتل الحسين (عليه السلام) ومصرع أهل بيته: 138. 3 - مثير الأحزان: 72، ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من الطبقات لابن سعد 74، مقاتل الطالبيين: 118. 608 [635] - 418 - الدربندي: روي أن الحسين (عليه السلام) كان يوم الطف إذا حمل على عسكر ابن زياد يقتل بعضا ويترك أخرين مع تمكنه من قتلهم. فقيل له في ذلك: فقال (عليه السلام) كشف عن بصري فأبصرت النطف التي في أصلابهم، فصرفت عن نطفة من هو من أهل الايمان فتركته عن القتل لاستخلاص تلك الذرية منه! ورأيت من لم تخرج منه نطفته صالحة فقتلته. (1) كلامه (عليه السلام) مع أصحاب عمر بن سعد [636] - 419 - الطبري: قال أبو مخنف: حدثني الصقعب بن زهير، عن حميد بن مسلم قال: كانت عليه جبة من خز، وكان معتما، وكان مخضوبا بالوسمة، قال: وسمعته يقول قبل أن يقتل، وهو يقاتل على رجليه قتال الفارس الشجاع يتقي الرمية، ويفترص العورة، ويشد على الخيل، وهو يقول: أعلى قتلي تحاثون (2)، أما والله! لا تقتلون بعدي عبدا من عباد الله أسخط عليكم لقتله مني! وأيم الله! إني لأرجو أن يكرمني الله بهوانكم، ثم ينتقم لي منكم من حيث لا تشعرون، أما والله! لو قد قتلتموني لقد ألقى الله بأسكم بينكم، وسفك دمائكم، ثم لا يرضى لكم حتى يضاعف لكم العذاب الأليم. (3)
1 - أسرار الشهادة: 411، معالي السبطين 2: 31، باختصار. 2 - في بعض المصادر: تحابون، وفي بعضها: تجتمعون. 3 - تأريخ الطبري 3: 334، الكامل في التأريخ 2: 572، البداية والنهاية 8: 204، أعيان الشيعة 1: 609، وقعة الطف: 252. 609 نداؤه (عليه السلام) في آخر لحظاته [637] - 420 - الطريحي: وروي عن عبد الحميد قال: بينما الحسين (عليه السلام) واقف في ميدان الحرب يوم الطف، وهو يستعطف القوم شربة ماء، وهو ينادي: هل من راحم يرحم آل الرسول المختار، هل من ناصر ينصر الذرية الأطهار، هل من مجير لأبناء البتول، هل من ذاب يذب عن حرم الرسول؟ إذ أتى الشمر اللعين إليه حتى صار بالقرب منه ونادى: أين أنت يا حسين؟! فقال: ها، أنا ذا. فقال: أتطلب منا شربة من الماء، هذا مطلب محال، ولكن أبشر بالنار الحمراء وشرب الحميم. فقال الحسين (عليه السلام): من أنت، يا لعين؟ فقال: الشمر. فقال الحسين (عليه السلام): الله أكبر، صدق جدي رسول الله في رؤياه من قبل! فقال له الشمر: في أي شيء صدق جدك؟ فقال (عليه السلام): قال جدي: رأيت في منامي كلبا أبقع يأكل من لحوم أهل بيتي ويلعق من دمائهم، وأما أنا فإني رقدت الآن فرأيت في منامي كلابا كثيرة تريد تنهش من لحمي، وتشرب من دمي، وكان فيهم كلب أبقع، وكان أشدهم علي جرأة وأكثرهم علي حنقا، وهو أنت يا شمر! وكان الشمر لعنه الله أبقع الجسد، قال: فغضب الشمر من كلام الحسين وازداد حنقا وبغضا، وقال: والله! لا يقتلك غيري، ولأذبحنك من قفاك، ليكون ذلك أشد بك. (1)
1 - المنتخب: 379، الدمعة الساكبة 4: 334 إلى قوله: حرم الرسول، وأضيف فيه: هل من موحد يخاف الله فينا هل من مغيث يرجوا الله في إغاثتنا. 610 مقتل عبد الله بن الحسن (عليه السلام) [638] - 421 - السيد ابن طاووس: قال الراوي: فاستدعى الحسين (عليه السلام) بخرقة، فشد بها رأسه واستدعى بقلنسوة فلبسها واعتم، فلبثوا هنيئة، ثم عادوا إليه وأحاطوا به، فخرج إليهم عبد الله بن الحسن بن علي (عليهما السلام)، وهو غلام لم يراهق، من عند النساء يشتد حتى وقف إلى جنب الحسين (عليه السلام)، فلحقته زينب بنت علي (عليه السلام) لتحبسه، (فقال الحسين (عليه السلام): أحبسيه يا أختي!). (1) فأبى وامتنع عليها امتناعا شديدا، فقال: لا، والله! لا أفارق عمي، فأهوى بحر بن كعب (2)، وقيل: حرملة بن كاهل الأسدي إلى الحسين (عليه السلام) بالسيف، فقال له الغلام: ويلك يا ابن الخبيثة، أتقتل عمي؟! فضربه بالسيف، فاتقا الغلام بيده، فأطنها إلى الجلد فإذا يده معلقة، فنادى الغلام: يا أماه! فأخذه الحسين (عليه السلام) وضمه إليه وقال: يا ابن أخي! اصبر على ما نزل بك، واحتسب في ذلك الخير، فإن الله يلحقك بآبائك الصالحين. قال: فرماه حرملة بن كاهل بسهم فذبحه، وهو في حجر عمه الحسين (عليه السلام). (3) [639] - 422 - الطبري: قال أبو مخنف: حدثني سليمان بن أبي راشد، عن حميد بن مسلم، قال:
1 - ما بين القوسين عن الإرشاد للمفيد. 2 - في الإرشاد: أبجر بن كعب. 3 - اللهوف: 53، الإرشاد: 241، تأريخ الطبري 3: 333، الكامل في التأريخ 2: 571، وفي المصدرين الأخيرين مع إضافة: برسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي بن أبي طالب وحمزة وجعفر والحسن بن علي، البداية والنهاية 8: 203، بحار الأنوار 45: 53، أعيان الشيعة 1: 609. 611 سمعت الحسين (عليه السلام) يومئذ، وهو يقول: أللهم أمسك عنهم قطر السماء وامنعهم بركات الأرض، أللهم فإن متعتهم إلى حين ففرقهم فرقا، واجعلهم طرائق قددا، ولا ترض الولاة عنهم أبدا، فإنهم دعونا لينصرونا فعدوا علينا فقتلونا. (1)
1 - تأريخ الطبري 3: 333، الإرشاد: 241 وفيه من قوله: اللهم فإن متعتهم، مثير الأحزان: 74 باختصارا، الكامل في التأريخ 2: 571. 612 شهادته (عليه السلام) إصابته (عليه السلام) بالرمح [640] - 423 - السيد ابن طاووس: قال الراوي: وخرجت زينب من باب الفسطاط، وهي تنادي: وا أخاه! وا سيداه! وا أهل بيتاه! ليت السماء أطبقت على الأرض، وليت الجبال تدكدكت على السهل. قال: وصاح الشمر بأصحابه: ما تنتظرون بالرجل؟ قال: وحملوا عليه من كل جانب، فضربه زرعة بن شريك على كتفه اليسرى، وضرب الحسين زرعة فصرعه، وضربه آخر على عاتقه المقدس بالسيف ضربة كبا (عليه السلام) (1) بها لوجهه، وكان قد أعيى، وجعل (عليه السلام) ينوء ويكبو، فطعنه سنان بن أنس النخعي، في ترقوته، ثم انتزع الرمح فطعنه في بواني صدره، ثم رماه سنان أيضا بسهم فوقع السهم في نحره، فسقط (عليه السلام)، وجلس قاعدا، فنزع السهم من نحره، وقرن كفيه جميعا وكلما امتلأتا من دمائه خضب بهما رأسه ولحيته، وهو يقول: هكذا ألقى الله مخضبا بدمي، مغصوبا على حقي. (2)
1 - كبا كبوا وكبوا لوجهه: انكب على وجهه. المنجد: 671. 2 - اللهوف: 54، بحار الأنوار 45: 54، ينابيع المودة: 418 وفيه: هكذا ألقى الله وألقى جدي رسول (صلى الله عليه وآله)، تظلم الزهراء (عليها السلام): 256. 613 [641] - 424 - الصدوق: [ذكر في حديث طويل بإسناده عن جعفر بن محمد (عليهما السلام):] ونظر الحسين (عليه السلام) يمينا وشمالا ولا يرى أحدا، فرفع رأسه إلى السماء فقال: أللهم إنك ترى ما يصنع بولد نبيك! وحال بنو كلاب بينه وبين الماء، ورمي بسهم فوقع في نحره، وخر عن فرسه، فأخذ السهم فرمى به، وجعل يتلقى الدم بكفه، فلما امتلأت لطخ بها رأسه ولحيته، ويقول: ألقى الله عز وجل، وأنا مظلوم متلطخ بدمي، ثم خر على خده الأيسر صريعا! (1) آخر لحظات عمره (عليه السلام) [642] - 425 - محمد مهدي الحائري: كان [(عليه السلام)] مغشيا عليه لكثرة ما لاقاه من الجراحات، فألحت عليه زينب بالخطاب، وكثر منها البكاء إلى أن أفاق فرمقها بطرفه الشريف وأشار إليها بيده، فغشي عليها، فلما أفاقت قالت [زينب] له: أخي، بحق جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله)! إلا ما كلمتني، وبحق أبي أمير المؤمنين! إلا ما خاطبتني، يا حشاش مهجتي، بحق أمي فاطمة الزهراء! إلا ما جاوبتني، يا ضياء عيني! كلمني، يا شقيق روحي! جاوبني. قال: فانتبه الحسين (عليه السلام) من قولها وقال: يا أختاه! هذا يوم التناد والهزاق، هذا اليوم الذي وعدني به جدي، وهو إلي مشتاق. ثم أغمي عليه، فعند ذلك جلست خلفه، وأجلسته حاضنة له بصدرها، فالتفت الحسين (عليه السلام)، وقال: أخية زينب! كسرت قلبي وزدتني كربا فوق كربي، فبالله عليك! إلا ما سكنت وسكت. (2)
1 - الأمالي: 138، ضمن ح 1، العوالم 17: 171، بحار الأنوار 44: 321. 2 - معالي السبطين 2: 40. 614 [643] - 426 - الطوسي: ودعا (عليه السلام) في آخر لحظات حياته: اللهم! متعالي المكان، عظيم الجبروت، شديد المحال، غنيا عن الخلائق، عريض الكبرياء، قادرا على ما تشاء، قريب الرحمة، صادق الوعد، سابغ النعمة، حسن البلاء، قريبا إذا دعيت، محيطا بما خلقت، قابل التوبة لمن تاب إليك، قادرا على ما أردت، ومدركا ما طلبت، وشكورا إذا شكرت، وذكورا إذا ذكرت، أدعوك محتاجا، وأرغب إليك فقيرا، وأفزع إليك خائفا، وأبكي إليك مكروبا، وأستعين بك ضعيفا، وأتوكل عليك كافيا، احكم بيننا وبين قومنا، فإنهم غرونا وخدعونا وخذلونا وغدروا بنا وقتلونا، ونحن عترة نبيك، وولد حبيبك محمد بن عبد الله، الذي اصطفيته بالرسالة، وائتمنته على وحيك، فاجعل لنا من أمرنا فرجا ومخرجا برحمتك يا أرحم الراحمين!. (1) [644] - 427 - المقرم: [وقال الحسين (عليه السلام):] صبرا على قضائك يا رب! لا إله سواك، يا غياث المستغيثين، ما لي رب سواك، ولا معبود غيرك، صبرا على حكمك يا غياث من لا غياث له، يا دائما لا نفاد له، يا محيي الموتى، يا قائما على كل نفس بما كسبت، احكم بيني وبينهم وأنت خير الحاكمين. (2) وقال محمد مهدي الحائري: وأقبل عمر بن سعد لعنه الله حتى دنا منه (عليه السلام)، فقال (عليه السلام): يا عمر! أنت بنفسك عزمت على قتلي، أتيت لكي تقتلني!؟ (3)
1 - المصباح المتهجد: 827، الإقبال: 69، بحار الأنوار 101: 348، مقتل الحسين (عليه السلام) للمقرم: 357. 2 - مقتل الحسين (عليه السلام): 357، ينابيع المودة: 418 وفيه إلى قوله: يا غياث المستغيثين! 3 - معالي السبطين 2: 37، قمقام زخار 2: 460 مختصرا. 615 [645] - 428 - المجلسي: فغضب عمر بن سعد لعنه الله، ثم قال لرجل عن يمينه: انزل، ويحك! إلى الحسين فأرحه، فنزل إليه خولي بن يزيد الأصبحي لعنه الله فاجتز رأسه. وقيل: بل جاء إليه شمر وسنان بن أنس، والحسين (عليه السلام) بآخر رمق يلوك لسانه من العطش، ويطلب الماء، فرفسه شمر لعنه الله برجله، وقال: يا ابن أبي تراب! ألست تزعم أن أباك على حوض النبي يسقي من أحبه؟ فاصبر حتى تأخذ الماء من يده. ثم قال لسنان: اجتز رأسه قفاء، فقال سنان: والله! لا أفعل، فيكون جده محمد (صلى الله عليه وآله) خصمي. فغضب شمر لعنه الله وجلس على صدر الحسين وقبض على لحيته وهم بقتله، فضحك الحسين (عليه السلام)، فقال له: أتقتلني ولا تعلم من أنا؟! فقال: أعرفك حق المعرفة: أمك فاطمة الزهراء، وأبوك علي المرتضى، وجدك محمد المصطفى، وخصمك العلي الأعلى، أقتلك ولا أبالي. (1) فقال (عليه السلام): أيا شمر خاف الله واحفظ قرابتي * من الجد منسوبا إلى القائم المهدي أيا شمر تقتلني وحيدرة أبي * وجدي رسول الله أكرم مهتدي وفاطمة أمي والزكي ابن والدي * وعمي هو الطيار في جنة الخلد أنادي ألا يا زينب يا سكينة * أيا ولدي من ذا يكون لكم بعدي ألا يا رقية يا أم كلثوم أنتم * وديعة ربي اليوم قد قرب الوعد أيا شمر ارحم ذا لعليل وبعده * حريما بلا كفل يلي أمرهم بعدي
1 - بحار الأنوار 45: 56، العوالم 17: 300. 616 سبيكي لكم جدي وأسعد من بكى * على رزئكم والفوز في جنة الخلد سلام عليكم ما أمر فراقكم * فقوموا لتوديعي فذا آخر العهد. (1) [646] - 429 - الطريحي: وفي رواية: أقبل إليه رجل قبيح الخلقة، كوسج اللحية، أبرص اللون، يقال له: سنان، فنظر إليه (عليه السلام)، فلم يجسر عليه وولى هاربا وهو يقول: ما لك، يا عمر بن سعد! غضب الله عليك أردت أن يكون محمد خصمي!؟ فنادى ابن سعد: من يأتيني برأسه، وله ما يتهنى به؟ فقال الشمر: أنا، أيها الأمير! فقال: أسرع، ولك الجائزة العظمى!! فأقبل إلى الحسين [(عليه السلام)]، وقد كان غشي عليه، فدنا إليه وبرك على صدره، فحس به (عليه السلام) وقال: يا ويلك! من أنت، فقد ارتقيت مرتقى عظيما؟! فقال: هو الشمر. فقال له: ويلك، من أنا؟! فقال: أنت الحسين بن علي، وابن فاطمة الزهراء، وجدك محمد المصطفى (عليهم السلام). فقال الحسين (عليه السلام): ويلك، إذا عرفت هذا حسبي ونسبي فلم تقتلني؟ فقال الشمر: إن لم أقتلك فمن يأخذ الجائزة من يزيد؟ فقال (عليه السلام): أيما أحب إليك، الجائزة من يزيد، أو شفاعة جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ فقال اللعين: دانق من الجائزة أحب إلي منك، ومن جدك؟ فقال الحسين (عليه السلام): إذا كان لا بد من قتلي فاسقني شربة من الماء.
1 - أدب الحسين: 46، أسرار الشهادة: 426. 617 فقال له: هيهات، والله! لا ذقت قطرة واحدة من الماء حتى تذوق الموت غصة بعد غصة. فقال له: ويلك، اكشف لي عن وجهك وبطنك، فكشف له، فإذا هو أبقع أبرص، له صورة تشبه الكلاب والخنازير. فقال الحسين (عليه السلام): صدق جدي فيما قال. فقال: وما قال جدك؟ قال: يقول لأبي: يا علي! يقتل ولدك هذا رجل أبقع أبرص، أشبه الخلق بالكلاب والخنازير. فغضب الشمر من ذلك، وقال: تشبهني بالكلاب والخنازير، فوالله! لأذبحنك من قفاك! ثم قلبه على وجهه، وجعل يقطع أوداجه روحي له الفداء، وهو ينادي: وا جداه! وا محمداه! وا أبا قاسماه! وا أبتاه وا علياه! أأقتل عطشانا وجدي محمد المصطفى؟ أأقتل عطشانا وأبي علي المرتضى، وأمي فاطمة الزهراء؟ (1) وفي خبر آخر قال (عليه السلام) لشمر: لقد ارتقيت مرتقى عظيما، طالما قبله رسول الله (صلى الله عليه وآله). (2) وفي رواية أخرى: أنه (عليه السلام) قال: أنت الأبقع الذي رأيتك في منامي. (3) [647] - 430 - المجلسي:: وروي في المناقب بإسناده عن عبد الله بن ميمون، عن محمد بن عمرو بن الحسن، قال:
1 - المنتخب: 451، ينابيع المودة: 419، نور العين في مشهد الحسن (عليه السلام): 60، الدمعة الساكبة 4: 358، مقتل الحسين (عليه السلام) ومصرع أهل بيته: 144 مع اختلاف. 2 - ناسخ التواريخ 2: 390، أسرار الشهادة: 425، مقتل الحسين (عليه السلام) ومصرع أهل بيته: 144 مع اختلاف. 3 - بحار الأنوار 45: 56، العوالم 17: 299. 618 كنا مع الحسين (عليه السلام) بنهر كربلاء، ونظر إلى شمر بن ذي الجوشن، وكان أبرص فقال: الله أكبر، الله أكبر، صدق الله ورسوله، قال رسول الله: كأني أنظر إلى كلب أبقع يلغ في دم أهل بيتي. (1) [648] - 431 - محمد مهدي الحائري: وفي رواية: جعل الشمر يحتز مذبح الحسين (عليه السلام) بسيفه، فلم يقطع شيئا. فقال الحسين (عليه السلام): يا ويلك! أتظن أن سيفك يقطع موضعا طالما قبله رسول الله (صلى الله عليه وآله)!؟ فكبه على وجهه، وجعل يقطع أوداجه، وكان كلما قطع منه عضوا، أو عرقا، أو مفصلا نادى: وا جداه! وا أبا القاسماه! وا علياه! وا حمزتاه! وا جعفراه! وا عقيلاه! وا غربتاه! وا قلة ناصراه! (2) [649] - 432 - السيد ابن طاووس: وروى هلال بن نافع قال: إني كنت واقفا مع أصحاب عمر بن سعد - لعنه الله - إذ صرخ صارخ: أبشر أيها الأمير! فهذا شمر قتل الحسين، قال: فخرجت بين الصفين، فوقفت عليه وإنه ليجود بنفسه، فوالله! ما رأيت قط قتيلا مضمخا بدمه أحسن منه، ولا أنور وجها، ولقد شغلني نور وجهه وجمال هيئته [هيبته] عن الفكرة في قتله، فاستسقى في تلك الحال ماء، فسمعت رجلا يقول: لا تذوق الماء، حتى ترد الحامية، فتشرب من حميمها. فسمعته يقول: يا ويلك، أنا لا أرد الحامية، ولا أشرب من حميمها، بل أرد
1 - بحار الأنوار 45: 56، عن المناقب ولم نعثر عليه، العوالم 17: 299، البداية والنهاية 8: 205، إحقاق الحق 11: 415، وفيه من قوله: صدق الله. 2 - معالي السبطين 2: 43، مقتل الحسين (عليه السلام) لأبي مخنف: 147، أسرار الشهادة: 426، نور العين في مشهد الحسين (عليه السلام): 60، الدمعة الساكبة 4: 359 مع اختلاف. 619 على جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأسكن معه في داره في مقعد صدق عند مليك مقتدر، وأشرب من ماء غير آسن، وأشكو إليه ما ارتكبتم مني وفعلتم بي. قال: فغضبوا بأجمعهم، حتى كأن الله لم يجعل في قلب أحد منهم من الرحمة شيئا، فاجتزوا رأسه وإنه ليكلمهم!! فتعجبت من قلة رحمتهم، وقلت: والله! لا أجامعكم على أمر أبدا. (1)
1 - اللهوف: 55، مدينة المعاجز 4: 76 ح 1093، مثير الأحزان: 75 من قوله: بل أرد على جدي الخ...، بحار الأنوار 45: 57 مع اختلاف في بعض الألفاظ، تظلم الزهراء (عليها السلام): 258. 620 ما جرى بعد شهادته (عليه السلام) [650] - 433 - البهبهاني: وروي لما اجتز الشمر لعنه الله رأس الحسين (عليه السلام) أخذه وعلقه على فرسه، فسمعت أذناي، ونظرت عيناي، ووعى قلبي، ورأس الحسين (عليه السلام) يكلمه بلسان فصيح، ويقول: يا شمر! يا شقي الأشقياء! يا عدو الله ورسوله! فرقت بين رأسي وجسدي، فرق الله بين لحمك وعظمك، وجعلك نكالا للعالمين. قال: فرفع اللعين سوطا كان بيده ولم يزل يضرب الرأس حتى سكت عن الكلام، فقلت: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وأنا والله! لا أستطيع قتال اللعين بن اللعين الذي يضرب رأس الحسين، وليس بيدي سيف ولا كعب ولا رمح ولكن صبرت حتى يحكم الله تعالى، وهو خير الحاكمين (1) [651] - 434 - الكفعمي: قالت سكينة: لما قتل الحسين (عليه السلام) اعتنقته، فأغمي علي، فسمعته يقول: شيعتي ما إن شربتم ري عذب فاذكروني * أو سمعتم بغريب أو شهيد فاندبوني
1 - الدمعة الساكبة 5: 7، معالي السبطين 2: 47 مختصرا. 621 فقامت مرعوبة قد ترحت مآقيها، وهي تلطم على خديها، وإذا بهاتف يقول: بكت الأرض والسماء عليه * بدموع غزيرة ودماء... (1) ولم يستطع أحد أن ينحيها عنه حتى اجتمع عليها عدة وجروها بالقهر. (2) [652] - 435 - المفيد: ثم حمل عمر بن سعد أسارى أهل البيت (عليهم السلام)، ورؤس الشهداء إلى الكوفة، وكان رأس الحسين (عليه السلام) يقرأ القرآن في الكوفة وهو على الرمح. روي عن زيد بن أرقم أنه قال: مر به علي، وهو على رمح وأنا في غرفة لي، فلما حاذاني سمعته يقرأ: (أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آيتنا عجبا) (3)، فقف والله شعري! وناديت: رأسك والله يا ابن رسول الله! أعجب وأعجب. (4) [653] - 436 - ابن شهر آشوب: روى أبو مخنف عن الشعبي: أنه صلب رأس الحسين (عليه السلام) بالصيارف في الكوفة، فتنحنح الرأس وقرأ سورة الكهف إلى قوله: (إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى) (5) فلم يزدهم ذلك إلا ضلالا. وفي أثر: أنهم لما صلبوا رأسه على الشجرة سمع منه: (وسيعلم الذين
1 - المصباح: 967، نفس المهموم: 377، المنتخب للطريحي: 307، مقتل المقرم: 318 مع اختلاف. 2 - المنتخب: 307. 3 - الكهف: 9. 4 - الإرشاد: 245، إثبات الهداة 5: 188 ح 25، بحار الأنوار 45: 121، الدمعة الساكبة 5: 48، مقتل الحسين (عليه السلام) ومصرع أهل بيته: 163، و 175، وفيه: ثم وقعت مغشيا علي، فلم أفق حتى ختم السورة، ومدينة المعاجز 4: 135 ح 1136، و 121 ح 1131، روى سهل بن حبيب الشهروزي ما يشابهه. 5 - الكهف: 18 / 13. 622 ظلموا أي منقلب ينقلبون) (1)، وسمع أيضا صوته بدمشق يقول: لا قوة إلا بالله. وسمع أيضا يقرأ: (أم حسبت أن أصحب الكهف والرقيم كانوا من آيتنا عجبا) (2)، فقال زيد بن أرقم: أمرك أعجب يا ابن رسول الله! (3) [654] - 437 - البحراني: روي أن عبيد الله بن زياد - لعنه الله - بعد ما عرض عليه رأس الحسين (عليه السلام)، دعا بخولي بن يزيد الأصبحي - لعنه الله - وقال له: خذ هذا الرأس حتى أسألك عنه. فقال: سمعا وطاعة. فأخذ الرأس وانطلق به إلى منزله، وكان له امرأتان أحدهما ثعلبية، والأخرى مضرية، فدخل على المضرية، فقالت: ما هذا؟ فقال: هذا رأس الحسين بن علي [(عليهما السلام)]، وفيه ملك الدنيا. فقالت له: أبشر، فإن خصمك غدا جده محمد المصطفى (صلى الله عليه وآله)، ثم قالت: والله! لا كنت لي ببعل، ولا أنا لك بأهل، ثم أخذت عمودا من حديد وأوجعت به دماغه. فانصرف من عندها، وأتى به إلى الثعلبية، فقالت: ما هذا الرأس الذي معك؟ قال: رأس خارجي خرج على عبيد الله بن زياد، فقالت: وما اسمه؟ فأبى أن يخبرها ما اسمه، ثم تركه على التراب وجعله على إجانة. قال: فخرجت امرأته في الليل فرأت نورا ساطعا من الرأس إلى عنان السماء، فجاءت إلى الإجانة فسمعت أنينا، وهو يقرأ إلى طلوع الفجر، وكان آخر ما قرأ:
1 - الشعراء: 26 / 227. 2 - الكهف: 18 / 9. 3 - المناقب 4: 61، بحار الأنوار 45: 304، العوالم 17: 386 إلى قوله: ينقلبون، مدينة المعاجز 4: 115 ح 176، و 1124، و 1125، إلى قوله: لا قوة إلا بالله. 623 (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) (1)، وسمعت حول الرأس دويا كدوي الرعد، فعلمت أنه تسبيح الملائكة. فجاءت إلى بعلها، وقالت: رأيت كذا وكذا، فأي شيء تحت الإجانة؟! فقال: رأس خارجي فقتله الأمير عبيد الله بن زياد - لعنه الله - وأريد أن أذهب به إلى يزيد بن معاوية - لعنه الله - ليعطيني عليه مالا كثيرا. قالت: ومن هو؟ قال: الحسين بن علي، فصاحت، وخرت مغشية عليها، فلما أفاقت، قالت: يا ويلك، يا شر المجوس! لقد آذيت محمدا في عترته، أما خفت من إله الأرض والسماء، حيث تطلب الجائزة على رأس ابن سيدة نساء العالمين. ثم خرجت من عنده باكية، فلما قامت رفعت الرأس وقبلته، ووضعته في حجرها، وجعلت تقبله، وتقول: لعن الله قاتلك، وخصمه جدك المصطفى. فلما جن الليل غلب عليها النوم، فرأت كأن البيت قد انشق بنصفين، وغشيه نور، فجاءت سحابة بيضاء، فخرج منها امرأتان، فأخذتا الرأس من حجرها وبكتا. قالت: فقلت لهما: بالله، من أنتما؟! قالت إحداهما: أنا خديجة بنت خويلد، وهذه ابنتي فاطمة الزهراء، ولقد شكرناك وشكر الله لك عملك، وأنت رفيقتنا في درجة القدس في الجنة. قال: فانتبهت من النوم والرأس في حجرها، فلما أصبح الصبح جاء بعلها، لأخذ الرأس، فلم تدفعه إليه وقالت: ويلك طلقني، فوالله! لا جمعني وإياك بيت. فقال: ادفعي لي الرأس، وافعلي ما شئت، فقالت: لا، والله! لا أدفعه إليك فقتلها،
1 - الشعراء: 26 / 227. 624 وأخذ الرأس فعجل الله بروحها إلى الجنة، جوار سيدة النساء. (1) [655] - 438 - البهبهاني: في شرح الشافية، عن أبي مخنف قال: حدثني من حضر اليوم الذي ورد فيه رأس الحسين (عليه السلام) على ابن زياد لعنه الله قال: رأيت قد خرجت من القصر نار، فقام عبيد الله بن زياد هاربا من سريره إلى أن دخل بعض البيوت، وتكلم الرأس الشريف بصوت فصيح جهوري، يسمعه ابن زياد ومن كان معه: إلى أين تهرب من النار!؟ يا ملعون! لئن عجزت عنك في الدنيا فإنها في الآخرة مثواك ومصيرك. قال: فوقع أهل القصر سجدا لما رأوا من رأس الحسين (عليه السلام)، فلما ارتفعت النار سكت رأس الحسين (عليه السلام)! (2) [656] - 439 - ابن شهر آشوب: وروى النطنزي في الخصائص: لما جاؤوا برأس الحسين (عليه السلام)، ونزلوا منزلا يقال له: قنسرين (3)، أطلع راهب من صومعته إلى الرأس، فرأى نورا ساطعا يخرج من فيه ويصعد إلى السماء! فأتاهم بعشرة آلاف درهم وأخذ الرأس، وأدخله صومعته، فسمع صوتا ولم ير شخصا، قال: طوبى لك وطوبى لمن عرف حرمته! فرفع الراهب رأسه وقال: يا رب، بحق عيسى! تأمر هذا الرأس بالتكلم معي. فتكلم الرأس وقال: يا راهب! أي شيء تريد؟! قال: من أنت؟ قال: أنا ابن محمد المصطفى، وأنا ابن علي المرتضى، وأنا ابن فاطمة
1 - مدينة المعاجز 4: 124 ح 1132، مقتل الحسين (عليه السلام) ومصرع أهل بيته: 168، الدمعة الساكبة 5: 52، وفيهما إلى قوله: تسبيح الملائكة. 2 - الدمعة الساكبة 5: 51، مدينة المعاجز 4: 123، معالي السبطين 2: 114. 3 - مدينة بينها وبين حلب مرحلة من جهة حمص بقرب العواصم. معجم البلدان 4: 404. 625 الزهراء، وأنا المقتول بكربلاء، أنا المظلوم، أنا العطشان. فسكت، فوضع الراهب وجهه على وجهه فقال: لا أرفع وجهي عن وجهك حتى تقول: أنا شفيعك يوم القيامة! فتكلم الرأس فقال: ارجع إلى دين جدي محمد (صلى الله عليه وآله). فقال الراهب: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله. فقبل له الشفاعة، فلما أصبحوا أخذوا منه الرأس والدراهم، فلما بلغوا الوادي نظروا الدراهم قد صارت حجارة. (1) [657] - 440 - البهبهاني: وأرسل ابن زياد الرؤوس والأسارى إلى الشام ليزيد. وروي مرسلا عن بعض الثقات، عن أبي سعيد الشامي، قال: كنت يوما مع الكفرة اللئام الذين حملوا الرؤوس والسبايا إلى دمشق، فلما وصلوا إلى دير النصارى وقع بينهم أن نصر الخزاعي قد جمع عسكرا ويريد أن يهجم عليهم نصف الليل، ويقتل الأبطال، ويجندل الشجعان، ويأخذ الرؤوس والسبايا، فقال رؤساء العسكر من عظم اضطرابهم: نلجأ الليلة إلى الدير ونجعله كهفا لنا، لأن الدير كان محكما لا يقدر أن يتسلط عليه العدو، فوقف الشمر (لعنه الله) وأصحابه على باب الدير وصاح بأعلى صوته: يا أهل الدير! فجاءه القسيس الكبير، فلما رأى العسكر قال لهم: من أنتم، وما تريدون؟ فقال الشمر (لعنه الله): نحن من عسكر عبيد الله بن زياد، ونحن سائرون إلى الشام. قال القسيس: لأي غرض؟
1 - المناقب 4: 60، بحار الأنوار 45: 303، العوالم 17: 617 ح 4، مدينة المعاجز 4: 1120، مقتل الحسين (عليه السلام) ومصرع أهل بيته: 189. 626 قال: كان شخص في العراق قد تباغى وخرج على يزيد بن معاوية وجمع العساكر، فبعث عسكرا عظيما فقتلوهم، وهذه رؤوسهم، وهذه النسوة سبيهم. قال الراوي: فلما نظر القسيس إلى رأس الحسين (عليه السلام) وإذا بالنور ساطع منه إلى عنان السماء فوقع في قلبه هيبة منه، فقال القسيس: ديرنا ما يسعكم، بل ادخلوا الرؤوس والسبايا إلى الدير وأحيطوا بالدير من خارج، فإذا دهمكم عدو قاتلوه ولا تكونوا مضطربين على الرؤوس والسبايا. فاستحسنوا كلام القسيس وقالوا: هذه هو الرأي، فحطوا رأس الحسين (عليه السلام) في صندوق وقفلوه وأدخلوه إلى الدير والنساء وزين العابدين، وجعلوهم في مكان يليق بهم. قال: ثم أن صاحب الدير أراد أن يرى الرأس الشريف، وجعل ينظر حول البيت الذي فيه الصندوق، وكان له رازونة، فحط رأسه فيها، فرأى البيت يشرق نورا! ورأى أن سقف البيت قد انشق ونزل من السماء تخت عظيم، وإذا بامرأة أحسن من الحور جالسة على التخت، وإذا بشخص يصيح: أطرقوا ولا تنظروا، وإذا قد خرج من ذلك البيت نساء، وإذا هن حواء وسارة وأم إسماعيل وأم يوسف وأم موسى ومريم وآسية ونساء النبى (صلى الله عليه وآله). قال: فأخرجن الرأس من الصندوق، وكل من تلك النساء واحدة بعد واحدة يقبلن الرأس الشريف، فلما وقعت النوبة لمولاتي فاطمة الزهراء (عليها السلام) غشي عليها وغشي على صاحب الدير، وعاد لا ينظر بالعين بل يسمع الكلام، وإذا بقائلة تقول: السلام عليك يا قتيل الأم! السلام عليك يا مظلوم الأم! السلام عليك يا شهيد الأم! لا يتداخلك هم ولا غم، وإن الله تعالى سيفرج عني، وعنك يا بنى! من ذا الذي فرق بين رأسك وجسدك؟ يا بنى! من ذا الذي قتلك وظلمك؟ يا بنى! من ذا الذي سبى حريمك؟ يا بني! من ذا الذي أيتم أطفالك؟ ثم إنها بكت بكاء شديدا.
627 فلما سمع الديراني ذلك اندهش ووقع مغشيا عليه، فلما أفاق نزل إلى البيت وكسر الصندوق واستخرج الرأس وغسله وحنطه بالكافور والمسك والزعفران، ووضعه في قبلته، وهو يبكي ويقول: يا رأس من رؤوس بني آدم! ويا كريم! ويا عظيم جميع من في العالم! أظنك من الذين مدحهم الله في التوراة والإنجيل، وأنت الذي أعطاك فضل التأويل، لأن خواتين السادات من بني آدم في الدنيا والآخرة يبكين عليك ويندبنك، أنا أريد أن أعرفك باسمك ونعتك. فنطق الرأس بقدرة الله تعالى وقال: أنا المظلوم، أنا المهموم، أنا المغموم أنا الذي بسيف العدوان والظلم قتلت، أنا الذي بحرب أهل البغى ظلمت، أنا الذي على غير جرم نهبت، أنا الذي من الماء منعت، أنا الذي عن الأهل والأوطان بعدت. فقال صاحب الدير: بالله عليك، أيها الرأس! زدني. فقال: إن كنت تسأل عن حسبي ونسبي، أنا ابن محمد المصطفى، أنا ابن على المرتضى، أنا ابن فاطمة الزهراء، أنا بن خديجة الكبرى، أنا ابن العروة الوثقى، أنا شهيد كربلاء، أنا قتيل كربلاء، أنا مظلوم كربلاء، أنا عطشان كربلاء أنا ظمآن كربلاء، أنا غريب كربلاء، أنا وحيد كربلاء، أنا سليب كربلاء، أنا الذي خذلوني الكفرة بأرض كربلاء. قال الراوي: فلما سمع صاحب الدير من رأس الحسين (عليه السلام) ذلك جمع تلامذته وحكى لهم الحكاية وكانوا سبعين رجلا، فضجوا بالبكاء والعويل، ورموا العمائم عن رؤوسهم، وشقوا أزياقهم، وجاؤا إلى سيدنا زين العابدين (عليه السلام) وقد قطعوا الزنار، وكسروا الناقوس، واجتنبوا فعل اليهود والنصارى، وأسلموا على يديه، وقالوا: يا ابن رسول الله! مرنا أن نخرج إلى هؤلاء الكفار ونقاتلهم ونجلي صداء قلوبنا بهم،
628 ونأخذ بثار سيدنا ومولانا الحسين (عليه السلام). فقال لهم الإمام (عليه السلام): لا تفعلوا ذلك فإنهم عن قريب ينتقم الله تعالى منهم، ويأخذهم أخذ عزيز مقتدر. (1) [658] - 441 - المجلسي: وفي رواية: أنه لما حمل رأسه إلى الشام جن عليهم الليل، فنزلوا عند رجل من اليهود، فلما شربوا وسكروا قالوا: عندنا رأس الحسين! فقال: أروه لي، فأروه وهو في الصندوق يسطع منه النور نحو السماء! فتعجب منه اليهودي، فاستودعه منهم وقال للرأس: اشفع لي عند جدك. فأنطق الله الرأس فقال: إنما شفاعتي للمحمديين، ولست بمحمدي. فجمع اليهودي أقرباءه ثم أخذ الرأس، ووضعه في طست وصب عليه ماء الورد وطرح فيه الكافور والمسك والعنبر، ثم قال لأولاده وأقربائه: هذا رأس ابن بنت محمد. ثم قال: يا لهفاه! حيث لم أجد جدك محمدا (صلى الله عليه وآله) فأسلم على يديه، يالهفاه! حيث لم أجدك حيا فأسلم على يديك وأقاتل بين يديك، فلو أسلمت الآن أتشفع لي يوم القيمة؟ فأنطق الله الرأس فقال بلسان فصيح: إن أسلمت فأنا لك شفيع. قاله ثلاث مرات وسكت، فأسلم الرجل وأقر باؤه. (2) [659] - 442 - البهبهاني: وفي بعض المقاتل: قال الراهب: أيها الرأس المبارك! كلمني بحق الله عليك! فتكلم الرأس وقال: ما تريد
1 - الدمعة الساكبة 5: 70، مدينة المعاجز 4: 126 ح 1133، معالي السبطين 2: 137. 2 - بحار الأنوار 45: 172 ح 20، الدمعة الساكبة 5: 66، العوالم 17: 417، معالي السبطين 2: 127. 629 مني؟ قال: من أنت؟ فقال: أنا ابن محمد المصطفى، أنا ابن على المرتضى، أنا ابن فاطمة الزهراء، أنا المقتول بكربلاء، أنا الغريب العطشان بين الملاء. فبكى الراهب بكاء شديدا وقال: سيدي! يعز والله علي أن لا أكون أول قتيل بين يديك. (1) تلاوته (عليه السلام) للقرآن في الشام [660] - 443 - أبو جعفر الطبري: وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون، عن أبيه، عن أبي علي محمد بن همام، قال: أخبرنا جعفر بن محمد بن مالك، قال: حدثنا أحمد بن الحسين الهاشمي - قدم علينا من مصر -، قال: حدثني القاسم بن منصور الهمداني بدمشق، عن عبد الله بن محمد التميمي، عن سعد بن أبي طيران [خيران]، عن الحارث بن وكيدة، قال: كنت فيمن حمل رأس الحسين (عليه السلام) فسمعته يقرأ سورة الكهف. فجعلت أشك في نفسي وأنا أسمع نغمة أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال لي: يا ابن وكيدة! أما علمت أنا معشر الأئمة أحياء عند ربنا نرزق؟! فقلت في نفسي: أسترق رأسه، فنادى: يا ابن وكيدة! ليس لك إلى ذلك سبيل، سفكهم دمي أعظم عند الله تعالى من تسييرهم رأسي، فذرهم فسوف يعلمون (إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون (2)). (3)
1 - معالي السبطين 2: 126. 2 - الغافر: 40 / 71. 3 - دلائل الإمامة: 78، الدمعة الساكبة 5: 53، مدينة المعاجز 3: 462 ح 979. 630 [661] - 444 - الراوندي: وعن المنهال بن عمر قال: أنا والله! رأيت رأس الحسين (عليه السلام) حين حمل وأنا بدمشق، وبين يديه رجل يقرأ الكهف حتى بلغ قوله: (أم حسبت أن أصحب الكهف والرقيم كانوا من آيتنا عجبا) (1)، فأنطق الله الرأس بلسان ذرب ذلق فقال: أعجب من أصحاب الكهف قتلي وحملي! (2) وعن سلمة بن كهيل قال: رأيت رأس الحسين (عليه السلام) على قناة، وهو يقرأ: (فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم) (3). (4) [662] - 445 - الطريحي: روي عن سهل بن سعيد الشهرزوري، قال: خرجت من شهرزور أريد بيت المقدس، فصار خروجي أيام قتل الحسين (عليه السلام) فدخلت الشام فرأيت الأبواب مفتحة، والدكاكين مغلقة، والخيل مسرجة، والأعلام منشورة، والرايات مشهورة، والناس أفواجا امتلأت منهم السكك والأسواق، وهم في أحسن زينة يفرحون ويضحكون فقلت لبعضهم: أظن حدث لكم عيد لا نعرفه؟ قالوا: لا. قلت: فما بال الناس كافة فرحين مسرورين؟ فقالوا: أغريب أنت، أم لا عهد لك بالبلد؟ قلت: نعم، فما ذا؟ قالوا: فتح لأمير [المفسدين] فتح عظيم، قلت: وما هذا الفتح؟ قالوا: خرج عليه في أرض العراق خارجي فقتله، والمنة لله وله الحمد! قلت:
1 - الكهف: 18 / 9. 2 - الخرائج والجرائح 2: 577 ح 1، بحار الأنوار 45: 188 ح 32، العوالم 17: 412 ح 7، الإيقاط من الهجعة: 215، إثبات الهداة 5: 193 ح 32، مدينة المعاجز 4: 136 ح 1138، الثاقب في المناقب: 333، الصراط المستقيم 2: 179. 3 - البقرة: 2 / 137. 4 - معالي السبطين 2: 115. 631 ومن هذا الخارجي؟ قالوا: الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام)، قلت: الحسين بن فاطمة بنت رسول الله؟! قالوا: نعم! قلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، وإن هذا الفرح والزينة لقتل ابن بنت نبيكم!؟ وما كفاكم قتله حتى سميتموه خارجيا؟! فقالوا: يا هذا! أمسك عن هذا الكلام واحفظ نفسك فإنه ما من أحد يذكر الحسين بخير إلا ضربت عنقه، فسكت عنهم باكيا حزينا، فرأيت بابا عظيما قد دخلت فيه الأعلام والطبول، فقالوا: الرأس يدخل من هذا الباب فوقفت هناك وكلما تقدموا بالرأس كان أشد لفرحهم وارتفعت أصواتهم! وإذا برأس الحسين والنور يسطع من فيه كنور رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلطمت على وجهي، وقطعت أطماري وعلا بكائي ونحيبي، وقلت: وا حزناه! للأبدان السليبة النازحة عن الأوطان، المدفونة بلا أكفان، وا حزناه! على الخد التريب والشيب الخضيب، يا رسول الله! ليت عينيك ترى رأس الحسين في دمشق يطاف به في الأسواق، وبناتك مشهورات على النياق مشققات الذيول والأزياق ينظر إليهم شرار الفساق، أين علي بن أبي طالب يراكم على هذا الحال؟! ثم بكيت وبكى لبكائي كل من سمع منهم صوتي، وأكثرهم لا يلتفتون بي لكثرتهم وشدة فرحهم واشتغالهم بسرورهم وارتفاع أصواتهم، وإذا بنسوة على الأقتاب بغير وطأ ولا ستر، وقائلة منهن تقول: وا محمداه! وا علياه! وا حسناه! لو رأيتم ما حل بنا من الأعداء يا رسول الله! بناتك أسارى كأنهن بعض أسارى اليهود والنصارى، وهي تنوح بصوت شجى يقرح القلوب على الرضيع الصغير، وعلى الشيخ الكبير، المذبوح من القفا، ومهتوك الخبا، العريان بلا رداء، وا حزناه! لما نالنا
632 أهل البيت، فعند الله نحتسب مصيبتنا! قال: فتعلقت بقائمة المحمل وناديت بأعلى الصوت: السلام عليكم يا آل بيت محمد ورحمة الله وبركاته. وقد عرفت أنها أم كلثوم بنت علي (عليه السلام)، فقالت: من أنت، أيها الرجل الذي لم يسلم علينا أحد غيرك، منذ قتل أخي وسيدي الحسين (عليه السلام)؟! فقلت: يا سيدتي! أنا رجل من شهرزور، اسمي سهل، رأيت جدك محمدا المصطفى (صلى الله عليه وآله)، قالت: يا سهل! ألا ترى ما قد صنع بنا!؟ أما والله! لو عشنا في زمان لم ير محمد ما صنع بنا أهله بعض هذا، قتل والله! أخي وسيدي الحسين، وسبينا كما تسبى العبيد والإماء، وحملنا على الأقتاب بغير وطأ ولا ستر كما ترى! فقلت يا سيدتي يعز والله! على جدك وأبيك وأمك وأخيك سبط نبي الهدى! فقالت: يا سهل! اشفع لنا عند صاحب المحمل أن يتقدم بالرؤوس، ليشتغل النظارة عنا بها، فقد خزينا من كثرة النظر إلينا! فقلت: حبا وكرامة، ثم تقدمت إليه وسألته بالله وبالغت معه، فانتهرني ولم يفعل، قال سهل: وكان معي رفيق نصراني يريد بيت المقدس وهو متقلد سيفا تحت ثيابه، فكشف الله عن بصره فسمع رأس الحسين، وهو يقرأ القرآن ويقول: (ولا تحسبن الله غفلا عما يعمل الظالمون) (1) (الآية)، فقد أدركته السعادة، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، ثم انتضى سيفه وشد به على القوم، وهو يبكي وجعل يضرب فيهم، فقتل منهم جماعة كثيرة ثم تكاثروا عليه فقتلوه؛. فقالت أم كلثوم: ما هذه الصيحة؟! فحكيت لها الحكاية، فقالت: واعجباه! النصارى يحتشمون لدين الإسلام! وأمة
1 - إبراهيم: 14 / 42. 633 محمد الذين يزعمون أنهم على دين محمد يقتلون أولاده، ويسبون حريمه! ولكن العاقبة للمتقين، وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون، ولقد عجبت لتلك الأطواد كيف لا تتزلزل؟ وكذلك النادي كيف لا ينخسف ويتحول؟ ولكن ارتفع موجود اللطف من بين أظهرهم وهم لا يعلمون (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) (1). (2)
1 - الشعراء: 26 / 227. 2 - المنتخب: 282، الدمعة الساكية 5: 85، تظلم الزهراء (عليها السلام): 313 مختصرا. 634 الجزء الثاني كلماته (عليه السلام) حسب الموضوع الفصل الأول: في العقائد. الفصل الثاني: في الأحكام. الفصل الثالث: في الأخلاق. الفصل الرابع: في الأدعية. الفصل الخامس: في الأشعار.
635 الفصل الأول في العقائد
637 1 - في التوحيد ومعرفة الله تعالى [663] - 1 - الحراني:: وقال [الإمام الحسين] (عليه السلام): أيها الناس! اتقوا هؤلاء المارقة الذين يشبهون الله بأنفسهم، يضاهؤن قول الذين كفروا من أهل الكتاب، بل هو الله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، لا تدركه الابصار وهو اللطيف الخبير. استخلص الوحدانية والجبروت، وأمضى المشيئة والإرادة والقدرة والعلم بما هو كائن. لا منازع له في شيء من أمره، ولا كفو له يعادله، ولا ضد له ينازعه، ولا سمى له يشابهه، ولا مثل له يشاكله، لا تتداوله الأمور، ولا تجري عليه الأحوال، ولا تنزل عليه الاحداث، ولا يقدر الواصفون كنه عظمته، ولا يخطر على القلوب مبلغ جبروته؛ لانه ليس له في الأشياء عديل، ولا تدركه العلماء بألبابها، ولا أهل التفكير بتفكيرهم إلا بالتحقيق إيقانا بالغيب؛ لانه لا يوصف بشيء من صفات المخلوقين، وهو الواحد الصمد، ما تصور في الأوهام فهو خلافه. ليس برب من طرح تحت البلاغ، ومعبود من وجد في هواء أو غير هواء، هو في الأشياء كائن لا كينونة محظور بها عليه، ومن الأشياء بائن لا بينونة
639 غائب عنها، ليس بقادر من قارنه ضد، أو ساواه ند، ليس عن الدهر قدمه، ولا بالناحية أممه، احتجب عن العقول كما احتجب عن الابصار، وعمن في السماء، احتجابه كمن في الأرض، قربه كرامته وبعده إهانته، لا يحله (في)، ولا توقته (إذا)، ولا تؤامره (إن). علوه من غير توقل، ومجيئه من غير تنقل، يوجد المفقود ويفقد الموجود، ولا تجتمع لغيره الصفتان في وقت، يصيب الفكر منه الايمان به موجودا، ووجود الايمان، لا وجود صفة، به توصف الصفات لا بها يوصف، وبه تعرف المعارف لا بها يعرف، فذلك الله لا سمى له، سبحانه ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير. (1) [664] - 2 - الخزاز القمي: حدثنا الحسين بن علي، قال: حدثنا هارون بن موسى، قال: حدثنا محمد بن الحسن، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، [عن محمد] بن أبي عمير، عن هشام، قال: كنت عند الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) إذ دخل عليه معاوية بن وهب وعبد الملك بن أعين، فقال له معاوية بن وهب: يا ابن رسول الله! ما تقول في الخبر الذي روي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) رآى ربه، على أي صورة رآه؟ وعن الحديث الذي رووه أن المؤمنين يرون ربهم في الجنة، على أي صورة يرونه؟ فتبسم (عليه السلام) ثم قال: " يا فلان! ما أقبح بالرجل يأتي عليه سبعون سنة، أو ثمانون سنة يعيش في ملك الله ويأكل من نعمه، ثم لا يعرف الله حق معرفته! ثم قال (عليه السلام): يا معاوية! إن محمدا (صلى الله عليه وآله) لم ير ربه تبارك وتعالى بمشاهدة العيان، وإن الرؤية على وجهين: رؤية القلب، ورؤية البصر، فمن عنى برؤية القلب فهو مصيب، ومن عنى برؤية البصر فقد كفر بالله وبآياته، لقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): من شبه
1 - تحف العقول: 173، بحار الأنوار 4: 301 ح 29. 640 الله بخلقه فقد كفر، ولقد حدثني أبي، عن أبيه، عن الحسين بن علي (عليهم السلام) قال: سئل أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقيل له: يا أخا رسول الله! هل رأيت ربك؟ فقال: وكيف أعبد من لم أره، لم تره العيون بمشاهدة العيان ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان، وإذا كان المؤمن يرى ربه بمشاهدة البصر فإن كان من جاز عليه البصر والرؤية فهو مخلوق، ولابد للمخلوق من الخالق، فقد جعلته إذا محدثا مخلوقا، ومن شبهه بخلقه فقد اتخذ مع الله شريكا، ويلهم، أو لم يسمعوا يقول الله تعالى: (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير) (1) وقوله: (لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا)!؟ وإنما طلع من نوره على الجبل كضوء يخرج من سم الخياط، فدكدكت الأرض وصعقت الجبال، (وخر موسى صعقا) أي ميتا، (فلما أفاق) ورد عليه روحه (قال سبحانك تبت إليك) من قول من زعم أنك ترى، ورجعت إلى معرفتي بك أن الأبصار لا تدركك، (وأنا أول المؤمنين) (2) وأول المقرين بأنك ترى ولا ترى، وأنت بالمنظر الأعلى. ثم قال (عليه السلام): إن أفضل الفرائض وأوجبها على الإنسان معرفة الرب والإقرار له بالعبودية، وحد المعرفة أنه لا إله غيره، ولا شبيه له ولا نظير له، وأنه يعرف أنه قديم مثبت، بوجود غير فقيد، موصوف من غير شبيه ولا مبطل، (ليس كمثله شىء وهو السميع البصير) (3). وبعده معرفة الرسول (صلى الله عليه وآله)، والشهادة له بالنبوة، وأدنى معرفة الرسول؛ الإقرار به بنبوته، وأن ما أتى به من كتاب، أو أمر، أو نهي فذلك عن الله عزوجل.
1 - الأنعام: 6 / 103. 2 - الأعراف: 7 / 143. 3 - الشورى: 42 / 11. 641 وبعده معرفة الإمام الذي به يأتم بنعته وصفته واسمه في حال العسر واليسر، وأدنى معرفة الإمام، أنه عدل النبى - إلا درجة النبوة - ووارثه، وأن طاعته طاعة الله وطاعة رسول الله، والتسليم له في كل أمر والرد إليه والأخذ بقوله، ويعلم أن الإمام بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) علي بن أبي طالب، ثم الحسن، ثم الحسين، ثم علي بن الحسين، ثم محمد بن علي، ثم أنا، ثم من بعدي موسى ابني، ثم من بعده ولده علي، وبعد علي محمد ابنه، وبعد محمد علي ابنه، وبعد علي الحسن ابنه، والحجة من ولد الحسن (عليهم السلام). ثم قال: يا معاوية! جعلت لك في هذا أصلا فاعمل عليه، فلو كنت تموت على ما كنت عليه لكان حالك أسوأ الأحوال، فلا يغرنك قول من زعم، أن الله تعالى يرى بالبصر، قال: وقد قالوا أعجب من هذا، أو لم ينسبوا أبي آدم إلى المكروه؟ أو لم ينسبوا إبراهيم (عليه السلام) إلى ما نسبوه، أو لم ينسبوا داود (عليه السلام) إلى ما نسبوه من حديث الطير؟ أو لم ينسبوا يوسف الصديق (عليه السلام) إلى ما نسبوه من حديث زليخا؟ أو لم ينسبوا موسى (عليه السلام) إلى ما نسبوه؟ أو لم ينسبوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى ما نسبوه من حديث زيد؟ أو لم ينسبوا علي بن أبي طالب (عليه السلام) إلى ما نسبوه من حديث القطيفة؟ إنهم أرادوا بذلك توبيخ الإسلام ليرجعوا على أعقابهم، أعمى الله أبصارهم كما أعمى قلوبهم، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. (1) [665] - 3 - الصدوق: حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو أحمد عبد العزيز بن يحيى الجلودي البصري بالبصرة، قال: أخبرنا محمد ابن زكريا الجوهري الغلابي البصري، قال: حدثنا العباس بن بكار الضبي، قال: حدثنا أبو بكر الهذلي، عن عكرمة، قال:
1 - كفاية الأثر: 256، بحار الأنوار 36: 406 ح 16. 642 بينما ابن عباس يحدث الناس إذ قام إليه نافع بن الأزرق، فقال: يا ابن عباس! تفتي في النملة والقملة؟! صف لنا إلهك الذي تعبده، فأطرق ابن عباس إعظاما لله عزوجل، وكان الحسين بن علي (عليهما السلام) جالسا ناحية، فقال (عليه السلام): إلي، يا ابن الأزرق! فقال: لست إياك أسأل. فقال ابن العباس: يا ابن الأزرق! إنه من أهل بيت النبوة، وهم ورثة العلم. فأقبل نافع بن الأزرق نحو الحسين (عليه السلام). فقال له الحسين (عليه السلام): يا نافع! إن من وضع دينه على القياس لم يزل الدهر في الارتماس، مائلا عن المنهاج، ظاعنا (1) في الاعوجاج، ضالا عن السبيل، قائلا غير الجميل، يا ابن الأزرق! أصف إلهي بما وصف به نفسه، وأعرفه بما عرف به نفسه، لا يدرك بالحواس، ولا يقاس بالناس، فهو قريب غير ملتصق، وبعيد غير منتقص، يوحد ولا يبعض، معروف بالآيات، موصوف بالعلامات، لا إله إلا هو الكبير المتعال. (2) [666] - 4 - ابن عساكر: أخبرنا أبو بكر محمد بن شجاع، أنبأنا سليمان بن إبراهيم بن محمد، وأبو الحسن سهل بن عبد الله الغازي وأحمد بن عبد الرحمان الذكواني ومحمد بن أحمد بن رزا وعبد الرزاق بن عبد الكريم، والقاسم بن الفضل الثقفي. وأخبرنا أبو محمد بن طاووس، أنبأنا سليمان بن إبراهيم بن محمد وسهل، قالوا: أنبأنا محمد بن إبراهيم الجرجاني، أنبأنا أبو علي الحسين بن علي، أنبأنا محمد بن
1 - الظاعن: السائر الماشي، لسان العرب 8: 253 " ظعن ". 2 - التوحيد: 79 ح 35، بحار الأنوار 4: 297 ح 24، و 2: 302، مستدرك الوسائل 17: 261 ح 21287. وفيهما باختصار. 643 زكريا، أنبأنا العباس بن بكار، أنبأنا أبو بكر الهذلي: عن عكرمة، عن ابن عباس: أنه بينما كان يحدث الناس إذ قام إليه نافع بن الأزرق فقال له: يا ابن عباس! تفتي الناس في النملة والقملة؟! صف لي إلهك الذي تعبده، فأطرق ابن عباس إعظاما لقوله، وكان الحسين بن علي [(عليهما السلام)] جالسا ناحية، فقال: إلي، يا ابن الأزرق! قال ابن الأزرق: لست إياك أسأل. قال ابن عباس: يا ابن الأزرق إنه من أهل بيت النبوة، وهم ورثة العلم. فأقبل نافع نحو الحسين [(عليه السلام)]. فقال له الحسين [(عليه السلام)]: يا نافع! إن من وضع دينه على القياس لم يزل الدهر في الالتباس، سائلا ناكبا عن المنهاج، ظاعنا بالاعوجاج، ضالا عن السبيل، قائلا غير الجميل، يا ابن الأزرق! أصف إلهي بما وصف به نفسه، وأعرفه بما عرف به نفسه، لا يدرك بالحواس، ولا يقاس بالناس، قريب غير ملتصق، وبعيد غير منتقص، يوحد ولا يبعض، معروف بالآيات، موصوف بالعلامات، لا إله إلا هو الكبير المتعال. فبكى ابن الأزرق وقال: يا حسين، ما أحسن كلامك؟! قال له الحسين (عليه السلام): بلغني أنك تشهد على أبي وعلى أخي بالكفر وعلي؟ قال ابن الأزرق: أما والله، يا حسين! لئن كان ذلك لقد كنتم منار الإسلام، ونجوم الأحكام. فقال له الحسين (عليه السلام): إني سائلك عن مسألة؟ قال: اسأل. فسأله عن هذه الآية: (وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في
644 المدينة) (1)، يا ابن الأزرق! من حفظ في الغلامين؟ قال ابن الأزرق: أبوهما. قال الحسين (عليه السلام): فأبوهما خير أم رسول الله صلى الله عليه و [آله و] سلم؟ قال ابن الأزرق: قد أنبأنا الله تعالى أنكم قوم خصمون! (2) [667] - 5 - العياشي: عن يزيد بن رويان، قال: دخل نافع بن الأزرق المسجد الحرام، والحسين بن علي (عليهما السلام) مع عبد الله بن عباس جالسان في الحجر، فجلس إليهما ثم قال: يا ابن عباس! صف لي إلهك الذي تعبده! فأطرق ابن عباس طويلا مستبطئا بقوله، فقال له الحسين [(عليه السلام)]: إلي، يا ابن الأزرق! المتورط في الضلالة، المرتكن في الجهالة، أجيبك عما سألت عنه. فقال: ما إياك سألت، فتجيبني. فقال له ابن عباس: مه عن ابن رسول الله فإنه من أهل بيت النبوة، ومعه من [معدن] الحكمة! فقال له (عليه السلام): صف لي. فقال (عليه السلام) له: أصفه بما وصف به نفسه، وأعرفه بما عرف به نفسه، لا يدرك بالحواس، ولا يقاس بالناس؛ قريب غير ملتزق، وبعيد غير منتقص، يوحد ولا يتبعض، لا إله إلا هو الكبير المتعال. فبكى ابن الأزرق بكاء شديدا. فقال له الحسين (عليه السلام): ما يبكيك؟ قال: بكيت من حسن وصفك. قال (عليه السلام): يا ابن الأزرق! إني أخبرت أنك تكفر أبي وأخي وتكفرني؟!
1 - الكهف: 18 / 81. 2 - تاريخ ابن عساكر " ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) ": 157 ح 203. 645 قال له نافع: لئن قلت ذاك لقد كنتم الحكام، ومعالم الإسلام، فلما بدلتم استبدلنا بكم. فقال له الحسين (عليه السلام): يا ابن الأزرق! أسئلك عن مسألة؟ فأجبني عن قول الله لا إله إلا هو: (وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما) إلى قوله: (كنزهما) (1) من حفظ فيهما؟ [قال: أبوهما] (2)، قال: فأيهما أفضل، أبويهما (3)، أم رسول الله وفاطمة؟ قال: لا، بل رسول الله وفاطمة بنت رسول الله (عليهما السلام). قال: فما حفظهما حتى حيل بيننا وبين الكفر، فنهض ثم نفض بثوبه ثم قال: قد نبأنا الله عنكم معشر قريش أنتم قوم خصمون. (4) تفسير كلمات الأذان [668] - 6 - الصدوق: حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الرحمن المروزي، الحاكم المقري، قال: حدثنا أبو عمرو محمد بن جعفر المقري الجرجاني، قال: حدثنا أبو بكر محمد ابن الحسن الموصلي ببغداد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عاصم الطريفي، قال: حدثنا أبو زيد عياش بن يزيد بن الحسن بن علي الكحال مولى زيد بن علي، قال: أخبرني أبي يزيد بن الحسن، قال: حدثني موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي ابن أبي طالب (عليهم السلام)، قال:
1 - الكهف: 18 / 81. 2 - ما بين المعقوفتين عن سائر المصادر. 3 - في البحار: أبوهما. 4 - تفسير العياشي 2: 337 ح 64، تفسير البرهان 2: 478، بحار الأنوار 33: 423، ح 631؛ كنز الدقائق 6: 104. 646 كنا جلوسا في المسجد، إذا صعد المؤذن المنارة، فقال: الله أكبر الله أكبر، فبكى أمير المؤمنين على بن أبي طالب (عليه السلام)، وبكينا ببكائه، فلما فرغ المؤذن. قال: أتدرون ما يقول المؤذن؟ قلنا: الله ورسوله ووصيه أعلم، فقال: لو تعلمون ما يقول لضحكتم قليلا، ولبكيتم كثيرا، فلقوله: الله أكبر؛ معان كثيرة: منها: أن قول المؤذن: الله أكبر، يقع على قدمه، وأزليته، وأبديته، وعلمه، وقوته، وقدرته، وحلمه، وكرمه، وجوده، وعطائه، وكبريائه. فإذا قال المؤذن: الله أكبر، فإنه يقول: الله الذي له الخلق والأمر، وبمشيته كان الخلق، ومنه كان كل شيء للخلق، وإليه يرجع الخلق، وهو الأول قبل كل شيء لم يزل، والآخر بعد كل شيء لا يزال، والظاهر فوق كل شيء لا يدرك، والباطن دون كل شيء لا يحد، فهو الباقي، وكل شيء دونه فان. والمعنى الثاني: الله أكبر، أي العليم الخبير، علم ما كان وما يكون قبل أن يكون. والثالث: الله أكبر: أي القادر على كل شيء، يقدر على ما يشاء، القوى لقدرته، المقتدر على خلقه، القوى لذاته، قدرته قائمة على الأشياء كلها، إذا قضى أمرا فإنما يقول له: كن، فيكون. والرابع: الله أكبر على معنى حلمه، وكرمه، يحلم كأنه لا يعلم، ويصفح كأنه لا يرى، ويستر كأنه لا يعصى، لا يعجل بالعقوبة كرما، وصفحا، وحلما. والوجه الآخر في معنى الله أكبر: أي الجواد، جزيل العطاء، كريم الفعال. والوجه الآخر: الله أكبر فيه نفي كيفيته، كأنه يقول: الله أجل من أن يدرك الواصفون قدر صفته، التي هو موصوف بها، وإنما يصفه الواصفون على قدرهم، لا
647 على قدر عظمته وجلاله، تعالى الله عن أن يدرك الواصفون صفته علوا كبيرا. والوجه الآخر: الله أكبر: كأنه يقول: الله أعلى وأجل، وهو الغنى عن عباده، لا حاجة به إلى أعمالهم. وأما قوله: أشهد أن لا إله إلا الله: فإعلام بأن الشهادة لا تجوز إلا بمعرفة من القلب، كأنه يقول: أعلم أنه لا معبود إلا الله عزوجل، وأن كل معبود باطل سوى الله عزوجل، وأقر بلساني بما في قلبي من العلم، بأنه لا إله إلا الله، وأشهد أنه لا ملجأ من الله عزوجل إلا إليه، ولا منجى من شر كل ذي شر، وفتنة كل ذي فتنة إلا بالله. وفي المرة الثانية: أشهد أن لا إله إلا الله، معناه أشهد أن لا هادي إلا الله، ولا دليل لي إلا الله، وأشهد الله بأني أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد سكان السماوات، وسكان الأرضين، وما فيهن من الملائكة والناس أجمعين، وما فيهن من الجبال، والأشجار، والدواب، والوحوش، وكل رطب ويابس، بأني أشهد أن لا خالق إلا الله، ولا رازق، ولا معبود، ولا ضار، ولا نافع، ولا قابض، ولا باسط ولا معطي، ولا مانع، ولا دافع، ولا ناصح، ولا كافي، ولا شافي، ولا مقدم، ولا مؤخر إلا الله، له الخلق والأمر، وبيده الخير كله، تبارك الله رب العالمين. وأما قوله: أشهد أن محمدا رسول الله، يقول: أشهد الله أني أشهد أن لا إله إلا هو، وأن محمدا عبده ورسوله، ونبيه، وصفيه ونجيه، أرسله إلى كافة الناس أجمعين بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، وأشهد من في السماوات والأرض من النبيين والمرسلين، والملائكة والناس أجمعين أني أشهد أن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله) سيد الأولين والآخرين. وفي المرة الثانية: أشهد أن محمدا رسول الله، يقول: أشهد أن لا حاجة لأحد إلى أحد إلا إلى الله الواحد القهار مفتقرة إليه سبحانه، وأنه الغنى عن عباده
648 والخلائق أجمعين، وأنه أرسل محمدا إلى الناس بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، فمن أنكره وجحده، ولم يؤمن به أدخله الله عزوجل نار جهنم خالدا مخلدا، لا ينفك عنها أبدا. وأما قوله: حي على الصلاة، أي هلموا إلى خير أعمالكم، ودعوة ربكم، وسارعوا إلى مغفرة من ربكم، وإطفاء ناركم التي أوقدتموها على ظهوركم، وفكاك رقابكم التي رهنتموها بذنوبكم ليكفر الله عنكم سيئاتكم ويغفر لكم ذنوبكم، ويبدل سيئاتكم حسنات، فإنه ملك كريم، ذو الفضل العظيم، وقد أذن لنا معاشر المسلمين بالدخول في خدمته، والتقدم إلى بين يديه. وفي المرة الثانية: حي على الصلاة، أي قوموا إلى مناجاة ربكم وعرض حاجاتكم على ربكم، وتوسلوا إليه بكلامه، وتشفعوا به، وأكثروا الذكر والقنوت، والركوع والسجود، والخضوع والخشوع، وارفعوا إليه حوائجكم، فقد أذن لنا في ذلك. وأما قوله: حي على الفلاح، فإنه يقول: أقبلوا إلى بقاء لا فناء معه، ونجاة لا هلاك معها، وتعالوا إلى حياة لا مماة معها، وإلى نعيم لا نفاد له، وإلى ملك لا زوال عنه، وإلى سرور لا حزن معه، وإلى أنس لا وحشة معه، وإلى نور لا ظلمة معه، وإلى سعة لا ضيق معها، وإلى بهجة لا انقطاع لها، وإلى غنى لا فاقة معه، وإلى صحة لا سقم معها، وإلى عز لا ذل معه، وإلى قوة لا ضعف معها، وإلى كرامة يا لها من كرامة، وعجلوا إلى سرور الدنيا والعقبى، ونجاة الآخرة والأولى. وفي المرة الثانية: حي على الفلاح، فإنه يقول: سابقوا إلى ما دعوتكم إليه، وإلى جزيل الكرامة، وعظيم المنة، وسني النعمة، والفوز العظيم، ونعيم الأبد، في جوار محمد (صلى الله عليه وآله)، في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
649 وأما قوله: الله أكبر، فإنه يقول: الله أعلى وأجل من أن يعلم أحد من خلقه، ما عنده من الكرامة لعبد أجابه وأطاعه، وأطاع ولاة أمره، وعرفه وعبده، واشتغل به وبذكره، وأحبه وأنس به، واطمأن إليه ووثق به، وخافه ورجاه، واشتاق إليه، ووافقه في حكمه وقضائه، ورضي به. وفي المرة الثانية: الله أكبر، فإنه يقول: الله أكبر وأعلى وأجل من أن يعلم أحد مبلغ كرامته لأوليائه، وعقوبته لأعدائه، ومبلغ عفوه وغفرانه ونعمته لمن أجابه وأجاب رسوله، ومبلغ عذابه ونكاله وهوانه لمن أنكره وجحده. وأما قوله: لا إله إلا الله، معناه: لله الحجة البالغة عليهم، بالرسل والرسالة، والبيان والدعوة، وهو أجل من أن يكون لأحد منهم عليه حجة، فمن أجابه فله النور والكرامة، ومن أنكره فإن الله غنى عن العالمين، وهو أسرع الحاسبين. ومعنى قد قامت الصلاة في الإقامة، أي حان وقت الزيارة والمناجاة، وقضاء الحوائج، ودرك المنى، والوصول إلى الله عزوجل، وإلى كرامته، وغفرانه وعفوه ورضوانه. قال الصدوق: إنما ترك الراوي لهذا الحديث ذكر حي على خير العمل للتقية، وقد روي في خبر آخر أن الصادق (عليه السلام) سئل عن معنى حي على خير العمل، فقال: خير العمل الولاية. وفي خبر آخر: خير العمل: بر فاطمة وولدها (عليهم السلام). (1) علة خلق العباد ومعرفة الإمام (عليه السلام) [669] - 7 - الصدوق: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن الحسين بن عبيد
1 - التوحيد: 238 ح 1، معاني الأخبار 38 ح 1، بحار الأنوار 84: 131 ح 24، مستدرك الوسائل 4: 65 ح 4187. 650 الله، عن الحسن بن علي بن أبي عثمان، عن عبد الكريم بن عبيد الله، عن سلمة بن عطاء، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: خرج الحسين بن علي (عليهما السلام) على أصحابه، فقال: أيها الناس! إن الله جل ذكره ما خلق العباد إلا ليعرفوه، فإذا عرفوه عبدوه، فإذا عبدوه استغنوا بعبادته عن عبادة ما سواه. فقال له رجل: يا ابن رسول الله! بأبي أنت وأمي، فما معرفة الله؟ قال: معرفة أهل كل زمان إمامهم الذي يجب عليهم طاعته. (1) القضاء والقدر [670] - 8 - الإمام الرضا (عليه السلام): قال العالم (2): كتب الحسن بن أبي الحسن البصري إلى الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهما، يسأله عن القدر؟ وكتب إليه: اتبع ما شرحت لك في القدر مما أفضي إلينا أهل البيت، فإنه من لم يؤمن بالقدر خيره وشره فقد كفر، ومن حمل المعاصي على الله عز وجل فقد افترى على الله افتراء عظيما. إن الله تبارك وتعالى لا يطاع بإكراه، ولا يعصى بغلبة، ولا يهمل العباد في الهلكة، ولكنه المالك لما ملكهم، والقادر لما عليه أقدرهم، فإن ائتمروا بالطاعة لم يكن لهم صادا عنها مبطئا، وإن ائتمروا بالمعصية فشاء أن يمن عليهم فيحول بينهم وبين ما ائتمروا به، فعل وإن لم يفعل فليس هو حاملهم
1 - علل الشرائع: 9 ح 1، كنز الفوائد: 151 بتفاوت يسير، إثبات الهداة 1: 275 ح 294 قطعة منه، نزهة الناظر: 80 ح 3، بحار الأنوار 5: 312 ح 1، و 23: 83 ح 22، و 93 ح 40. 2 - العالم إذا أطلق يراد منه الإمام السابع موسى بن جعفر (عليهما السلام)، ومع القرينة يطلق على غيره. 651 عليهم قسرا، ولا كلفهم جبرا، بتمكينه إياهم بعد إعذاره وإنذاره لهم واحتجاجه عليهم طوقهم ومكنهم، وجعل لهم السبيل إلى أخذ ما إليه دعاهم، وترك ما عنه نهاهم جعلهم مستطيعين لآخذ ما أمرهم به من شيء غير آخذيه، ولترك ما نهاهم عنه من شيء غير تاركيه، والحمد لله الذي جعل عباده أقوياء [لما] أمرهم به، ينالون بتلك القوة ونهاهم عنه، وجعل العذر لمن يجعل له السبب جهدا متقبلا، (فأنا على ذلك أذهب وبه أقول، والله! وأنا وأصحابي أيضا عليه، وله الحمد) (1). (2) عرض الأعمال على الله في كل صباح [671] - 9 - الصدوق: حدثنا أبو الحسن محمد بن علي بن الشاه الفقيه المروزي بمرو الرود في داره قال: حدثنا أبو بكر بن محمد بن عبد الله النيسابوري قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر بن سليمان الطائي بالبصرة قال: حدثنا أبي في سنة ستين ومأتين قال: حدثني علي بن موسى الرضا (عليهما السلام) سنة أربع وتسعين ومائة، وحدثنا أبو منصور أحمد بن إبراهيم بن بكر الخوري بنيسابور قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن هارون بن محمد الخوري قال: حدثنا جعفر بن محمد بن زياد الفقيه الخوري بنيسابور قال: حدثنا أحمد بن عبد الله الهروي الشيباني، عن علي بن موسى الرضا (عليهما السلام)، وحدثني أبو عبد الله الحسين بن محمد الأشناني الرازي العدل ببلخ قال: حدثنا علي بن محمد بن مهرويه القزويني، عن داود بن سليمان الفراء، عن علي بن موسى الرضا (عليهما السلام) قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثني
1 - ما بين القوسين ليس في المصدر، أوردناه عن البحار. 2 - الفقه المنسوب إلى الإمام الرضا (عليه السلام): 408 ح 118، معادن الحكمة 2: 45 ح 103، بحار الأنوار 5: 123 ح 71. 652 أبي جعفر بن محمد قال: حدثني أبي محمد بن علي قال: حدثني أبي علي بن الحسين قال حدثني أبي، الحسين بن علي (عليهم السلام) قال: إن أعمال هذه الأمة ما من صباح إلا وتعرض على الله تعالى. (1) التكليف بما لا يطاق [672] - 10 - الحراني: وقال [(عليه السلام)]: ما أخذ الله طاقة أحد إلا وضع عنه طاعته، ولا أخذ قدرته إلا وضع عنه كلفته. (2) عداوة اليهود [673] - 11 - المجلسي نقلا عن التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري، قال الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام): إن الله تعالى ذم اليهود في بغضهم لجبرئيل الذي كان ينفذ قضاء الله فيهم بما يكرهون، وذمهم أيضا، وذم النواصب في بغضهم لجبرئيل وميكائيل وملائكة الله النازلين لتأييد على بن أبي طالب (عليه السلام) على الكافرين حتى أذلهم بسيفه الصارم، فقال: (قل من كان عدوا لجبريل) (3) من اليهود، لرفعه من بخت نصر أن يقتله دانيال من غير ذنب كان جناه بخت نصر، حتى بلغ كتاب الله في اليهود أجله، وحل بهم ما جرى في سابق علمه، ومن كان أيضا عدوا
1 - عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 48 ح 156، الدعوات للراوندي: 34 ح 79 مرسلا، بحار الأنوار 73: 353 ح 54، و 93: 347 ح 14. 2 - تحف العقول: 175، بحار الأنوار 78: 117 ح 4. 3 - البقرة: 2 / 98. 653 لجبرئيل من سائر الكافرين ومن أعداء محمد وعلى الناصبين؛ لان الله تعالى بعث جبرئيل لعلي (عليه السلام) مؤيدا وله على أعدائه ناصرا، ومن كان عدوا لجبرئيل لمظاهرته محمدا و [عليا عليهما الصلاة والسلام]، ومعاونته لهما وإنفاذه لقضاء ربه عز وجل في إهلاك أعدائه على يد من يشاء من عباده، (فإنه) يعني جبرئيل (نزله) يعني نزل هذا القرآن (على قلبك) يا محمد (بإذن الله) بأمر الله، وهو كقوله: (نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين) (1)، (مصدقا لما بين يديه) نزل هذا القرآن جبرئيل على قلبك يا محمد! مصدقا موافقا لما بين يديه من التوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم وكتب شيث وغيرهم من الانبياء. ثم قال: (من كان عدوا لله) لإنعامه على محمد وعلى وآلهما الطيبين، وهؤلاء الذين بلغ من جهلهم أن قالوا: نحن نبغض الله الذي أكرم محمدا وعليا بما يدعيان وجبرئيل، ومن كان عدوا لجبريل لانه جعله ظهيرا لمحمد وعلى عليهما الصلاة والسلام على أعداء الله وظهيرا لسائر الانبياء والمرسلين كذلك (وملائكته) يعني ومن كان عدوا لملائكة الله المبعوثين لنصرة دين الله وتأييد أولياء الله، وذلك قول بعض النصاب والمعاندين: برئت من جبرئيل الناصر لعلى (عليه السلام) وهو قوله: (ورسله) ومن كان عدوا لرسل الله موسى وعيسى وسائر الانبياء الذين دعوا إلى نبوة محمد (صلى الله عليه وآله) وإمامة علي (عليه السلام). ثم قال: (وجبريل وميكال) ومن كان عدوا لجبرئيل وميكائيل وذلك كقول من قال من النواصب لما قال النبي (صلى الله عليه وآله) في على (عليه السلام): جبرئيل عن يمينه،
1 - الشعراء: 26 / 193 و 194. 654 وميكائيل عن يساره، وإسرافيل من خلفه، وملك الموت أمامه، والله تعالى من فوق عرشه ناظر بالرضوان إليه ناصره. قال بعض النواصب: فأنا أبرأ من الله ومن جبرئيل وميكائيل والملائكة الذين حالهم مع علي (عليه السلام) ما قاله محمد (صلى الله عليه وآله)! فقال: من كان عدوا لهؤلاء تعصبا على على بن أبي طالب (عليه السلام) (فإن الله عدو للكافرين) (1)، فاعل بهم ما يفعل العدو بالعدو من إحلال النقمات وتشديد العقوبات. وكان سبب نزول هاتين الآيتين ما كان من اليهود أعداء الله من قول سئ في جبرئيل وميكائيل، وكان من أعداء الله النصاب من قول أسوأ منه في الله وفي جبرئيل وميكائيل وسائر ملائكة الله. وأما ما كان من النصاب فهو أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما كان لا يزال يقول في علي (عليه السلام) الفضائل التي خصه الله عز وجل بها والشرف الذي أهله الله تعالى له، وكان في كل ذلك يقول: أخبرني به جبرئيل عن الله. ويقول في بعض ذلك، جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن يساره، يفتخر جبرئيل على ميكائيل في أنه عن يمين علي (عليه السلام) الذي هو أفضل من اليسار، كما يفتخر نديم ملك عظيم في الدنيا يجلسه الملك عن يمينه على النديم الآخر الذي يجلسه على يساره، ويفتخران على إسرافيل الذي خلفه في الخدمة، وملك الموت الذي أمامه بالخدمة، وأن اليمين والشمال أشرف من ذلك، كافتخار حاشية الملك على زيادة قرب محلهم من ملكهم. وكان يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) في بعض أحاديثه: إن الملائكة أشرفها عند الله أشدها لعلي بن أبي طالب حبا، وإن قسم الملائكة فيما بينها: والذي شرف عليا
1 - البقرة: 2 / 98. 655 على جميع الورى بعد محمد المصطفى، ويقول مرة [أخرى]: إن ملائكة السماوات والحجب ليشتاقون إلى رؤية علي بن أبي طالب، كما تشتاق الوالدة الشفيقة إلى ولدها البار الشفيق آخر من بقي عليها بعد عشرة دفنتهم. فكان هؤلاء النصاب يقولون: إلى متى يقول محمد: جبرئيل وميكائيل والملائكة، كل ذلك تفخيم لعلي وتعظيم لشأنه؟! ويقول: الله تعالى خاص لعلي دون سائر الخلق؟! برئنا من رب ومن ملائكة ومن جبرئيل وميكائيل، هم لعلي (عليه السلام) بعد محمد (صلى الله عليه وآله) مفضلون! وبرئنا من رسل الله الذين هم لعلي (عليه السلام) بعد محمد (صلى الله عليه وآله) مفضلون! وأما ما قاله اليهود فهو أن اليهود أعداء الله، فإنه لما قدم النبي (صلى الله عليه وآله) المدينة أتوه بعبد الله بن صوريا، فقال: يا محمد! كيف نومك؟ فإنا قد أخبرنا عن نوم النبي الذي يأتي في آخر الزمان؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): تنام عيني، وقلبي يقظان، قال: صدقت يا محمد! قال: أخبرني يا محمد! الولد يكون من الرجل، أو من المرأة؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله): أما العظام والعصب والعروق فمن الرجل، وأما اللحم والدم والشعر فمن المرأة. قال: صدقت يا محمد! ثم قال: يا محمد! فما بال الولد يشبه أعمامه ليس فيه من شبه أخواله شيء، ويشبه أخواله ليس فيه من شبه أعمامه شيء؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أيهما علا ماؤه ماء صاحبه كان الشبه له. قال: صدقت يا محمد! فأخبرني عمن لا يولد له، ومن يولد له؟ فقال: إذا مغرت النطفة لم يولد له - أي إذا احمرت وكدرت - وإذا كانت صافية ولد له. فقال: أخبرني عن ربك ما هو؟ فنزلت: (قل هو الله أحد) (1) إلى آخرها.
1 - التوحيد: 112 / 2. 656 فقال ابن صوريا: صدقت يا محمد! بقيت خصلة إن قلتها آمنت بك وأتبعتك، أي ملك يأتيك بما تقوله عن الله؟ قال جبرئيل: قال ابن صوريا: كان ذلك عدونا من بين الملائكة، ينزل بالقتل والشدة والحرب، ورسولنا ميكائيل يأتي بالسرور والرخاء، فلو كان ميكائيل هو الذي يأتيك آمنا بك، لأن ميكائيل كان يشد ملكنا، وجبرئيل كان يهلك ملكنا، فهو عدونا لذلك. فقال له سلمان الفارسي: فما بدؤ عداوته لك؟ قال: نعم، يا سلمان! عادانا مرارا كثيرة، وكان من أشد ذلك علينا أن الله أنزل على أنبيائه أن بيت المقدس يخرب على يد رجل يقال له: بخت نصر وفي زمانه، وأخبرنا بالحين الذي يخرب فيه، والله يحدث الأمر بعد الأمر فيمحو ما يشاء ويثبت، فلما بلغنا ذلك الحين الذي يكون فيه هلاك بيت المقدس، بعث أوائلنا رجلا من أقوياء بني إسرائيل وأفاضلهم نبيا كان يعد من أنبيائهم، يقال له: دانيال في طلب بخت نصر ليقتله، فحمل معه وقر مال لينفقه في ذلك، فلما انطلق في طلبه لقيه ببابل غلاما ضعيفا مسكينا ليس له قوة ولا منعة، فأخذه صاحبنا ليقتله، فدفع عنه جبرئيل وقال لصاحبنا: إن كان ربكم هو الذي أمر بهلاككم فإنه لا يسلطك عليه، وإن لم يكن هذا فعلى أي شيء تقتله؟ فصدقه صاحبنا وتركه ورجع إلينا وأخبرنا بذلك، وقوي بخت نصر وملك وغزانا وخرب بيت المقدس، فلهذا نتخذه عدوا، وميكائيل عدو لجبرئيل. فقال سلمان: يا ابن صوريا! بهذا العقل المسلوك به غير سبيله ضللتم، أرأيتم أوائلكم كيف بعثوا من يقتل بخت نصر، وقد أخبر الله تعالى في كتبه وعلى ألسنة رسله أنه يملك ويخرب بيت المقدس؟! أرادوا تكذيب أنبياء الله تعالى في
657 أخبارهم واتهموهم في أخبارهم، أو صدقوهم في الخبر عن الله ومع ذلك أرادوا مغالبة الله؟ هل كان هؤلاء ومن وجهوه إلا كفارا بالله؟ وأي عداوة تجوز أن يعتقد لجبرئيل وهو يصد عن مغالبة الله عزوجل وينهى عن تكذيب خبر الله تعالى؟ فقال ابن صوريا: قد كان الله تعالى أخبر بذلك على ألسن أنبيائه، لكنه يمحو ما يشاء ويثبت. قال سلمان: فإذا لا تثقوا بشيء مما في التوراة من الأخبار عما مضى، وما يستأنف، فإن الله يمحو ما يشاء ويثبت، وإذا لعل الله قد كان عزل موسى وهارون عن النبوة وأبطلا في دعوتهما، لأن الله يمحو ما يشاء ويثبت، ولعل كل ما أخبراكم أنه يكون، لا يكون، وما أخبراكم أنه لا يكون، يكون، وكذلك ما أخبراكم عما كان لعله لم يكن، وما أخبراكم أنه لم يكن لعله كان، ولعل ما وعده من الثواب يمحوه، ولعل ما توعد به من العقاب يمحوه، فإنه يمحو ما يشاء ويثبت، إنكم جهلتم معنى يمحو الله ما يشاء ويثبت، فلذلكم أنتم بالله كافرون، ولإخباره عن الغيوب مكذبون، وعن دين الله منسلخون. ثم قال سلمان: فإني أشهد أن من كان عدوا لجبرئيل فإنه عدو لميكائيل، وأنهما جميعا عدوان لمن عاداهما، سلمان لمن سالمهما، فأنزل الله تعالى عند ذلك موافقا لقول سلمان رحمة الله عليه: (قل من كان عدوا لجبريل) في مظاهرته لأولياء الله على أعدائه، ونزوله بفضائل علي ولي الله من عند الله (فإنه نزله)، فإن جبرئيل نزل هذا القرآن (على قلبك بإذن الله) وأمره (مصدقا لما بين يديه) من سائر كتب الله (وهدى) من الضلالة (وبشرى للمؤمنين) (1) بنبوة محمد (صلى الله عليه وآله) وولاية علي ومن بعده من الأئمة بأنهم أولياء
1 - البقرة: 2 / 97. 658 الله حقا إذا ماتوا على موالاتهم لمحمد وعلى وآلهما الطيبين. ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا سلمان! إن الله صدق قيلك، ووفق رأيك، فإن جبرئيل عن الله يقول: يا محمد! إن سلمان والمقداد أخوان متصافيان في ودادك ووداد علي أخيك ووصيك وصفيك، وهما في أصحابك كجبرئيل وميكائيل في الملائكة، عدوان لمن أبغض أحدهما، وليان لمن والاهما ووالى محمدا وعليا، عدوان لمن عادى محمدا وعليا وأولياءهما، ولو أحب أهل الأرض سلمان والمقداد كما تحبهما ملائكة السماوات والحجب والكرسي والعرش لمحض ودادهما لمحمد وعلي وموالاتهما لأوليائهما ومعاداتهما لأعدائهما لما عذب الله تعالى أحدا منهم بعذاب ألبتة. (1) [674] - 12 - المجلسي: قال الحسين بن علي (عليهما السلام): فلما قال ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) في سلمان والمقداد، سر به المؤمنون وانقادوا، وساء ذلك المنافقين فعاندوا وعابوا وقالوا: يمدح محمد (صلى الله عليه وآله) الأباعد، ويترك الأدنين من أهله لا يمدحهم ولا يذكرهم، فاتصل ذلك برسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال: ما لهم لحاهم الله يبغون للمسلمين السوء؟ وهل نال أصحابي ما نالوه من درجات الفضل إلا بحبهم لي ولأهل بيتي؟ والذي بعثني بالحق نبيا! إنكم لم تؤمنوا حتى يكون محمد وآله أحب إليكم من أنفسكم وأهاليكم وأموالكم ومن في الأرض جميعا، ثم دعا بعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) فعمهم بعبايته القطوانية ثم قال: هؤلاء خمسة لا سادس لهم من البشر.
1 - بحار الأنوار 9: 284 ح 2، و 39: 103 - 108 ح 12، ولم يورد فيه من قوله: " أما قاله اليهود إلى قوله: ثم قال رسول الله: يا سلمان "، تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) 448، تفسير البرهان 1: 133 ح 1، وفيه عن الحسن بن علي (عليه السلام)، الاحتجاج 1: 43 عن الإمام العسكري (عليه السلام) قطعة منه. 659 ثم قال: أنا حرب لمن حاربهم وسلم لمن سالمهم، فقامت أم سلمة فرفعت جانب العباء لتدخل فكفها رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال: لست هناك وأنت في خير وإلى خير، فانقطع عنها طمع البشر، وكان جبرئيل معهم، فقال: يا رسول الله! وأنا سادسكم؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): نعم، [و] أنت سادسنا، فارتقى السماوات وقد كساه الله من زيادة الأنوار ما كادت الملائكة لا تثبته حتى قال: بخ بخ من مثلي؟ أنا جبرئيل سادس محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) فذلك ما فضل الله به جبرئيل على سائر الملائكة في الأرضين والسماوات. قال: ثم تناول رسول الله (صلى الله عليه وآله) الحسن بيمينه والحسين بشماله فوضع هذا على كاهله الأيمن، وهذا على كاهله الأيسر، ثم وضعهما في الأرض، فمشى بعضهما إلى بعض يتجاذبان، ثم اصطرعا، فجعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول للحسن: إيها أبا محمد! فيقوي الحسن فيكاد يغلب الحسين، ثم يقوى الحسين فيقاومه، فقالت فاطمة (عليها السلام): يا رسول الله! أتشجع الكبير على الصغير؟ فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا فاطمة! أما إن جبرئيل وميكائيل كلما قلت للحسن: إيها أبا محمد! قالا للحسين: إيها أبا عبد الله! فلذلك قاما وتساويا، أما إن الحسن والحسين لما كان يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): إيها، أبا محمد! ويقول جبرئيل: إيها، أبا عبد الله! لو رام كل واحد منهما حمل الأرض بما عليها من جبالها وبحارها وتلالها وسائر ما على ظهرها لكان أخف عليهما من شعرة على أبدانهما، وإنما تقاوما لأن كل واحد منهما نظير الآخر، هذان قرتا عيني، وثمرتا فؤادي، هذان سندا ظهري، هذان سيدا شباب أهل الجنة من الأولين والآخرين، وأبوهما خير منهما، وجدهما رسول الله خيرهم أجمعين. قال (عليه السلام): فلما قال ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله): قالت اليهود والنواصب: إلى الآن كنا
660 نبغض جبرئيل وحده، والآن قد صرنا أيضا نبغض ميكائيل، لادعائهما لمحمد وعلي إياهما ولولديه، فقال تعالى: (من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين (1)) (2).
1 - البقرة: 2 / 198. 2 - بحار الأنوار 39: 106 ضمن ح 12، التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 457، وفيه: قال الحسن بن علي (عليهما السلام):.... 661 2 - في القرآن والتفسير القرآن على أربعة أشياء [675] - 1 - السبزواري: قال الحسين بن علي صلوات الله عليهما: كتاب الله عز وجل على أربعة أشياء: على العبارة، والإشارة، واللطائف، والحقائق. فالعبارة للعوام، والإشارة للخواص، واللطائف للأولياء، والحقائق للأنبياء. وقال (عليه السلام): القرآن ظاهره أنيق، وباطنه عميق. (1) ثواب قراءة القرآن [676] - 2 - الكليني: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، أو غيره، عن سيف بن عميرة، عن رجل، عن جابر، عن مسافر، عن بشر بن غالب الأسدي، عن الحسين بن علي (عليهما السلام) قال:
1 - جامع الأخبار: 116، بحار الأنوار، 92: 20 ح 18، عوالي اللئالي 4: 105 ح 155 وفيه: روي عن علي (عليه السلام) أنه قال:.... 662 من قرأ آية من كتاب الله عز وجل في صلاته قائما يكتب له بكل حرف مائة حسنة، فإذا قرأها في غير صلاة كتب الله له بكل حرف عشر حسنات، وإن استمع القرآن كتب الله له بكل حرف حسنة، وإن ختم القرآن ليلا صلت عليه الملائكة حتى يصبح، وإن ختمه نهارا صلت عليه الحفظة حتى يمسي، وكانت له دعوة مجابة، وكان خيرا له مما بين السماء إلى الأرض. قلت: هذا لمن قرأ القرآن، فمن لم يقرأ؟ قال [(عليه السلام)]: يا أخا بني أسد! إن الله جواد ماجد كريم، إذا قرأ ما معه أعطاه الله ذلك. (1) تفسير: (الحمد لله رب العلمين) [677] - 3 - الصدوق: حدثنا محمد بن القاسم الأسترآبادي المفسر (رضي الله عنه)، قال: حدثنا يوسف بن محمد بن زياد وعلي بن محمد بن سيار، عن أبويهما، عن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: جاء رجل إلى الرضا (عليه السلام) فقال: يا ابن رسول الله! أخبرني عن قول الله عزوجل: (الحمد لله رب العلمين) (2) ما تفسيره؟ فقال: لقد حدثني أبي، عن جدي، عن الباقر، عن زين العابدين، عن أبيه (عليهم السلام) أن رجلا جاء إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: أخبرني عن قول الله عز وجل: (الحمد لله رب العلمين) ما تفسيره؟
1 - الكافي 2: 611 ح 3، وسائل الشيعة 4: 841 ح 5، المحجة البيضاء 2: 221، جامع الأحاديث 5: 170، جامع الأخبار والآثار 1: 311، عدة الداعي: 269. 2 - الفاتحة: 1 / 2. 663 فقال: (الحمد لله) هو أن عرف عباده بعض نعمه جملا، إذ لا يقدرون على معرفة جميعها بالتفصيل؛ لأنها أكثر من أن تحصى أو تعرف، فقال لهم: قولوا: (الحمد لله) على ما أنعم به علينا (رب العلمين) وهم الجماعات من كل مخلوق، من الجمادات والحيوانات، فأما الحيوانات، فهو يقلبها في قدرته، ويغذوها من رزقه ويحوطها بكنفه، ويدبر كلا منها بمصلحته، وأما الجمادات فهو يمسكها بقدرته، يمسك المتصل منها أن يتهافت (1)، ويمسك المتهافت منها أن يتلاصق، ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، ويمسك الأرض أن تنخسف إلا بأمره، إنه بعباده لرؤف رحيم. قال (عليه السلام): (رب العلمين) مالكهم وخالقهم وسائق أرزاقهم إليهم، من حيث يعلمون، ومن حيث لا يعلمون، فالرزق مقسوم، وهو يأتي ابن آدم على أي سيرة سارها من الدنيا، ليس تقوى متق بزائده، ولا فجور فاجر بناقصه، بيننا وبينه ستر، وهو طالبه، فلو أن أحدكم يفر من رزقه لطلبه رزقه، كما يطلبه الموت، فقال الله جل جلاله: قولوا: (الحمد لله) على ما أنعم به علينا وذكرنا به من خير في كتب الأولين قبل أن نكون. ففي هذا إيجاب على محمد وآل محمد (صلى الله عليه وآله) وعلى شيعتهم أن يشكروه بما فضلهم، وذلك أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: لما بعث الله عز وجل موسى بن عمران (عليه السلام) واصطفاه نجيا، وفلق له البحر، ونجى بني إسرائيل، وأعطاه التوراة والألواح، رأى مكانه من ربه عزوجل فقال: يا رب! لقد أكرمتني بكرامة لم تكرم بها أحدا قبلي، فقال الله جل جلاله: يا موسى! أما علمت أن محمدا عندي أفضل من جميع ملائكتي، وجميع خلقي؟
1 - التهافت: التساقط. المنجد: 868، (هفت). 664 قال موسى (عليه السلام): يا رب! فإن كان محمد (صلى الله عليه وآله) أكرم عندك من جميع خلقك، فهل في آل الأنبياء أكرم من آلي؟ قال الله جل جلاله: يا موسى! أما علمت أن فضل آل محمد على جميع آل النبيين كفضل محمد على جميع المرسلين؟ فقال موسى: يا رب! فإن كان آل محمد كذلك، فهل في أمم الأنبياء أفضل عندك من أمتي، ظللت عليهم الغمام، وأنزلت عليهم المن والسلوى، وفلقت لهم البحر؟ فقال الله جل جلاله: يا موسى! أما علمت أن فضل أمة محمد على جميع الأمم كفضلي على جميع خلقي؟ فقال موسى: يا رب! ليتني كنت أراهم، فأوحى الله عزوجل إليه: يا موسى! إنك لن تراهم، وليس هذا أوان ظهورهم، ولكن سوف تراهم في الجنات، جنات عدن والفردوس، بحضرة محمد في نعيمها يتقلبون، وفي خيراتها يتبحبحون (1) أفتحب أن أسمعك كلامهم؟ قال: نعم، يا إلهي! قال الله جل جلاله: قم بين يدي، واشدد مئزرك، قيام العبد الذليل بين يدي الملك الجليل. ففعل ذلك موسى (عليه السلام) فنادى ربنا عزوجل: يا أمة محمد! فأجابوه كلهم، وهم في أصلاب آبائهم، وأرحام أمهاتهم: لبيك لبيك، أللهم لبيك، لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك. قال: فجعل الله عزوجل تلك الإجابة شعار الحاج. ثم نادى ربنا عزوجل: يا أمة محمد! إن قضائي عليكم أن رحمتي سبقت غضبي، وعفوي قبل عقابي، فقد استجبت لكم من قبل أن تدعوني، وأعطيتكم من
1 - وفي البحار: يتبجحون بحبح الرجل بحبحة وبحباجا وتبحبح تبحبحا، إذا تمكن في المقام والحلول. 665 قبل أن تسألوني، من لقيني منكم بشهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، صادق في أقواله، محق في أفعاله، وأن علي بن أبي طالب (عليه السلام) أخوه ووصيه من بعده ووليه، ويلتزم طاعته كما يلتزم طاعة محمد، فإن أولياءه المصطفين الطاهرين المطهرين المنبئين بعجائب آيات الله، ودلائل حجج الله من بعدهما أولياؤه، أدخلته جنتي وإن كانت ذنوبه مثل زبد البحر. قال (عليه السلام): فلما بعث الله عزوجل نبينا محمدا (صلى الله عليه وآله) قال: يا محمد! (وما كنت بجانب الطور إذ نادينا) (1) أمتك بهذه الكرامة، ثم قال عزوجل لمحمد (صلى الله عليه وآله): قل: الحمد لله رب العالمين على ما اختصني به من هذه الفضيلة، وقال لأمته: قولوا أنتم: الحمد لله رب العالمين على ما اختصنا به من هذه الفضائل. (2) تفسير: (ثم توليتم من بعد ذلك) [678] - 4 - الإمام العسكري (عليه السلام): قال الله عزوجل: (ثم توليتم) يعني تولى أسلافكم (من بعد ذلك) عن القيام به، والوفاء بما عوهدوا عليه (فلولا فضل الله عليكم ورحمته) يعني على أسلافكم، لولا فضل الله عليهم بإمهاله إياهم للتوبة، وإنظارهم لمحو الخطيئة بالإنابة (لكنتم من الخاسرين) (3) المغبونين قد خسرتم الآخرة والدنيا، لأن الآخرة [قد] فسدت عليكم بكفركم، والدنيا كان لا يحصل لكم نعيمها لاخترامنا [لاخترامها] لكم، وتبقى عليكم حسرات نفوسكم، وأمانيكم التي قد اقتطعتم دونها.
1 - القصص: 28 / 46. 2 - عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 254 ح 30، كنز الدقائق 1: 47، بحار الأنوار 92: 224 ح 2، تفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 30، وفيه عن الإمام زين العابدين (عليه السلام). 3 - البقرة: 2 / 64. 666 ولكنا أمهلناكم للتوبة وأنظرناكم للإنابة، أي فعلنا ذلك بأسلافكم فتاب من تاب منهم فسعد وخرج من صلبه من قدر أن يخرج منه الذرية الطيبة التي تطيب في الدنيا [بالله تعالى] معيشتها وتشرف في الآخرة بطاعة الله مرتبتها. وقال الحسين بن علي (عليهما السلام): أما إنهم [أي اليهود] لو كانوا دعوا الله بمحمد وآله الطيبين بصدق من نياتهم، وصحة اعتقادهم من قلوبهم أن يعصمهم، حتى لا يعاندوه بعد مشاهدة تلك المعجزات الباهرات، لفعل ذلك بجوده وكرمه، ولكنهم قصروا فآثروا الهوى بنا، ومضوا مع الهوى في طلب لذاتهم. (1) تفسير: (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس) [679] - 5 - الكليني: عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا عن ابن محبوب، عن عبد الله بن غالب، عن أبيه، عن سعيد بن المسيب، قال: سمعت علي بن الحسين (عليهما السلام) يقول: إن رجلا جاء إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: أخبرني إن كنت عالما عن الناس، وعن أشباه الناس، وعن النسناس؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): يا حسين! أجب الرجل. فقال الحسين (عليه السلام): أما قولك: أخبرني عن الناس، فنحن الناس، ولذلك قال الله تعالى ذكره في كتابه: (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس) (2) فرسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي أفاض بالناس.
1 - التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 266 ح 135، تفسير البرهان 1: 106، ضمن ح 9، بحار الأنوار 26: 288 ح 48. 2 - البقرة: 2 / 199. 667 وأما قولك: أشباه الناس، فهم شيعتنا، وهم موالينا، وهم منا، ولذلك قال إبراهيم (عليه السلام): (فمن تبعني فإنه منى) (1). وأما قولك: النسناس، فهم السواد الأعظم، وأشار بيده إلى جماعة الناس، ثم قال: (إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا (2)) (3). تفسير: (والبلد الطيب) [680] - 6 - ابن شهر آشوب: محاسن البرقي: قال عمرو بن العاص للحسين (عليه السلام): يا ابن علي! ما بال أولادنا أكثر من أولادكم؟ فقال (عليه السلام): بغاث (4) الطير أكثرها فراخا * وأم الصقر مقلاة (5) نزور (6) فقال: ما بال الشيب إلى شواربنا أسرع منه في شواربكم؟ فقال (عليه السلام): إن نساءكم نساء بخرة، فإذا دنا أحدكم من امرأته نكهت (7) في وجهه، فيشاب منه شاربه. فقال: ما بال لحاؤكم أوفر من لحائنا؟
1 - إبراهيم: 14 / 36. 2 - الفرقان: 25 / 44. 3 - الكافي 8: 244 ح 339، تفسير البرهان 1: 201 ح 2، نور الثقلين 4: 21 ح 68، بحار الأنوار 24: 95 ح 2، كنز الدقائق 1: 485، تفسير الفرات، 64، ح 830، وبحار الأنوار 24: 94 ح 1 عن الحسن بن علي (عليهما السلام). 4 - البغاث بالباء الموحدة المثلثة جمع بغاثة: طائر أبيض بطي الطيران، أصغر من الحدأة، وقال الفراء: بغاث الطير: شرارها وما لا يصيد منها. مجمع البحرين " بغث ". 5 - المقلاة: لعله من القلى بمعنى البغض أي لا تحب الولد ولا تحب زوجها لتكثر الولد، أو من قولهم: قلا العيراتنه يقلوها قلوا إذا طردها، والصواب أنه من قل، قال الجوهري: المقلاة من النوق التي تضع واحدا ثم لا تحمل بعدها، والمقلاة من النساء التي لا يعيش لها الولد. العوالم. 6 - النزور: المرأة القليلة الولد، العوالم. 7 - النكهة: ريح الفم، نكه عليه تنفس على أنفه. لسان العرب، " نكه ". 668 فقال (عليه السلام): (والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا). (1) فقال معاوية: بحقي عليك إلا سكت، فإنه ابن علي بن أبي طالب، فقال (عليه السلام): إن عادت العقرب عدنا لها * وكانت النعل لها حاضرة قد علم العقرب واستيقنت * أن لا لها دنيا ولا آخرة (2) تأويل قوله: (وأولوا الأرحام بعضهم) [681] - 7 - الخزاز القمي: أخبرنا محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني قال: حدثنا محمد أبو بكر بن هارون الدينوري قال: حدثنا محمد بن العباس المصري قال: حدثنا عبد الله بن إبراهيم الغفاري قال: حدثنا حريز بن عبد الله الحذاء قال: [حدثنا] إسماعيل بن عبد الله قال: قال الحسين بن علي (عليهما السلام): لما أنزل الله تبارك وتعالى، هذه الآية: (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتب الله) (3) سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن تأويلها؟ فقال: والله! ما عنى غيركم، وأنتم أولوا الأرحام، فإذا مت فأبوك علي أولى بي وبمكاني، فإذا مضى أبوك فأخوك الحسن أولى به، فإذا مضى الحسن فأنت أولى به. قلت: يا رسول الله! فمن بعدي أولى بي؟ قال: ابنك علي أولى بك من بعدك، فإذا مضى فابنه محمد أولى به من بعده، فإذا مضى فابنه جعفر أولى به من بعده بمكانه، فإذا مضى جعفر فابنه موسى أولى به من بعده، فإذا مضى موسى فابنه علي أولى به من بعده، فإذا مضى علي فابنه محمد
1 - الأعراف: 7 / 58. 2 - المناقب 4: 67، بحار الأنوار 44: 209 ح 5، نور الثقلين 2: 41 ح 167 و 3: 322 ح 15، العوالم 17: 85 ح 1. 3 - الأنفال: 8 / 75. 669 أولى به من بعده؛ فإذا مضى محمد فابنه علي أولى به من بعده، فإذا مضى علي فابنه الحسن أولى به من بعده، فإذا مضى الحسن وقعت الغيبة في التاسع من ولدك، الأئمة التسعة من صلبك أعطاهم الله علمي وفهمي، طينتهم من طينتي، ما لقوم يؤذوني فيهم!؟ لا أنال هم الله شفاعتي. (1) تفسير آية: (طوبى لهم وحسن مآب) [682] - 8 - فضل بن شاذان: حدثنا أبو القاسم جعفر بن مسرور بن قولويه (رحمه الله) قال: حدثني الحسين بن محمد [عن إبراهيم بن محمد، عن بلال، عن إبراهيم بن صالح الأنماطي، عن عبد الصمد، عن جعفر بن محمد] عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن أبيه قال: سئل النبي (صلى الله عليه وآله) عن قوله تعالى (طوبى لهم وحسن مآب) (2) قال: نزلت في أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، وطوبى شجرة في داره، وهي في الفردوس، ليس من أثمار الجنة شيء إلا هو فيها! (3) قوله تعالى: (يمحوا الله ما يشاء) [683] - 9 - الحميري: قال أبو عبد الله، وأبو جعفر، وعلي بن الحسين، والحسين بن علي، والحسن بن علي، وعلي بن أبي طالب (عليهم السلام): والله! لولا آية في كتاب الله لحدثناكم بما يكون إلى أن تقوم الساعة:
1 - كفاية الأثر: 175، إثبات الهداة 2: 545 ح 552، تفسير البرهان 3: 293 ح 15، بحار الأنوار 36: 343 ح 209. 2 - الرعد: 13 / 29. 3 - مائة منقبة: 123، المنقبة 69، بحار الأنوار 39: 235 ح 20، مناقب علي بن أبي طالب (عليه السلام) لابن المغازلي: 268 ح 315 عن محمد بن سيرين. 670 (يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتب (1)) (2) قراءة قوله تعالى: (ربنا اغفر لي ولوالدي) [684] - 10 - المجلسي: بعد نقل تفسير قوله: (ربنا اغفر لي ولوالدي (3) عن تفسير علي بن إبراهيم القمي: قال في مجمع البيان: قرأ الحسين بن علي وأبو جعفر محمد بن علي (عليهم السلام) والزهري وإبراهيم النخعي (ولولدي)، وقرأ يحيى بن يعمر (ولوالدي). (4) تفسير: (يوم تبدل الأرض غير الأرض) [685] - 11 - البحراني: عن ثوير بن أبي فاختة، عن الحسين بن علي (عليهما السلام) قال: (يوم تبدل الأرض غير الأرض) (5) يعني بأرض لم تكتسب عليها الذنوب، بارزة ليست عليها جبال ولا نبات كما دحاها أول مرة. (6) قوله تعالى: (هذا صراط على مستقيم) [686] - 12 - الفضل بن شاذان: حدثنا جعفر بن قولويه (رحمه الله)، حدثني علي بن الحسن النحوي قال: حدثني أحمد بن محمد قال: حدثني المنصور بن أبي العباس قال:
1 - الرعد: 13 / 39. 2 - قرب الإسناد: 353 ح 1266، بحار الأنوار 4: 97 ذيل ح 5. 3 - إبراهيم: 14 / 41. 4 - بحار الأنوار 12: 93 ضمن ح 2، كنز الدقائق 5: 208، نور الثقلين 2: 552 ح 123، وفي مجمع البيان 6: 488: وقرأ الحسن بن علي (عليهما السلام).... 5 - إبراهيم: 14 / 48. 6 - تفسير البرهان 2: 323 ح 9، تفسير العياشي 2: 236، ح 52، بحار الأنوار 7: 110 ح 39، وفيهما عن علي بن الحسين (عليهما السلام). 671 حدثني علي بن أسباط، عن الحكم بن بهلول قال: حدثني أبو همام قال: حدثني عبد الله بن أذينة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن أبيه قال: قام عمر إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: إنك لا تزال تقول لعلي: أنت مني بمنزلة هارون (من موسى وقد ذكر الله هارون) في القرآن ولم يذكر عليا. فقال النبى (صلى الله عليه وآله): (يا أعرابي، غليظ) القول! أما تسمع قوله تعالى يقول: (هذا صراط على مستقيم (1)) (2). تفسير: (إن السمع والبصر والفؤاد) [687] - 13 - الصدوق: حدثنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي قال: حدثنا سهل بن زياد الآدمي، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني قال: حدثني سيدي علي بن محمد بن علي الرضا، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه الرضا، عن آبائه، عن الحسين بن علي (عليهما السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن أبا بكر مني بمنزلة السمع، وإن عمر مني بمنزلة البصر، وإن عثمان مني بمنزلة الفؤاد. قال (عليه السلام): فلما كان من الغد دخلت إليه وعنده أمير المؤمنين (عليه السلام) وأبو بكر وعمر وعثمان، فقلت له: يا أبت! سمعتك تقول في أصحابك هؤلاء قولا فما هو؟. فقال (صلى الله عليه وآله): نعم، ثم أشار إليهم فقال: هم السمع والبصر والفؤاد، وسيسألون عن وصيي هذا - وأشار إلى على (عليه السلام) - ثم قال: إن الله عزوجل يقول: (إن
1 - الحجر: 15 / 41. 2 - مائة منقبة: 139، المنقبة 85، بحار الأنوار 35: 58. 672 السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا) (1)، ثم قال: وعزة ربي! إن جميع أمتي لموقفون يوم القيامة ومسؤولون عن ولايته، وذلك قول الله عزوجل: (وقفوهم إنهم مسؤولون (2)). (3) قال العلامة المجلسي: لعل مراده في تأويل بطن الآية أنهم لشدة خلطتهم ظاهرا، واطلاعهم على ما أبداه في أمير المؤمنين (عليه السلام) بمنزلة السمع والبصر والفؤاد، فتكون الحجة عليهم أتم، ولذا خصوا بالذكر في تلك الآية مع عموم السؤال لجميع المكلفين. (4) تفسير: (كهيعص) [688] - 14 - القندوزي الحنفي: عن الإمام الحسين بن علي (عليهما السلام): أنه سأله رجل عن معنى (كهيعص) (5) فقال له: لو فسرتها لك لمشيت على الماء. (6) تفسير قوله تعالى: (وأمر أهلك بالصلوة) [689] - 15 - علي بن إبراهيم: وقوله: (وأمر أهلك بالصلوة واصطبر عليها) (7) قال فإن الله أمره أن
1 - الإسراء: 17 / 36. 2 - الصافات: 37 / 24. 3 - عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 280 ح 86، بحار الأنوار 36: 77 ح 4، نور الثقلين 3: 164 ح 208، تفسير البرهان 2: 420 ح 5، كنز الدقائق 5: 520، معاني الأخبار، ص 387، ح 23، وفيه: عن الحسن بن علي (عليهما السلام). 4 - بحار الأنوار 36: 77. 5 - مريم: 19 / 1. 6 - ينابيع المودة: 484، إحقاق الحق 11: 432. 7 - طه: 20 / 132. 673 يخص أهله دون الناس، ليعلم الناس أن لأهل محمد (صلى الله عليه وآله) عند الله منزلة خاصة ليست للناس، إذ أمرهم مع الناس عامة ثم أمرهم خاصة، فلما أنزل الله هذه الآية كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يجيىء كل يوم عند صلاة الفجر حتى يأتي باب علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) فيقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فيقول علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام): وعليك السلام يا رسول الله! ورحمة الله وبركاته. ثم يأخذ بعضادتي الباب ويقول: الصلاة، الصلاة، يرحمكم الله (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)، (1) فلم يزل يفعل ذلك كل يوم إذا شهد المدينة حتى فارق الدنيا. وقال أبو الحمراء خادم النبي (صلى الله عليه وآله): أنا أشهد به يفعل ذلك. (2) [690] - 16 - القندوزي الحنفي: في مودة القربى، عن أنس بن مالك، وعن زيد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام) قال: كان النبي (صلى الله عليه وآله) يأتي كل يوم باب فاطمة عند صلاة الفجر فيقول: الصلاة، يا أهل بيت النبوة! (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) تسعة أشهر بعد ما نزلت (وأمر أهلك بالصلوة واصطبر عليها). (3) وروي هذا الخبر عن ثلاثمائة من الصحابة (4).
1 - الأحزاب: 33 / 33. 2 - تفسير القمي 2: 67، تفسير البرهان 3: 50 ح 4، وسائل الشيعة 8: 448 ح 7 باختصار. 3 - طه: 20 / 132. 4 - ينابيع المودة: 204. 674 تفسير قوله تعالى: (هذان خصمان اختصموا في ربهم) [691] - 17 - الصدوق: حدثنا أبو محمد عمار بن الحسين الأسروشني (1) (رضي الله عنه)، قال: حدثني علي بن محمد بن عصمة، قال: حدثنا أحمد بن محمد الطبري بمكة، قال: حدثنا أبو الحسن بن أبي شجاع البجلي، عن جعفر بن عبد الله الحنفي، عن يحيى ابن هاشم، عن محمد بن جابر، عن صدقة بن سعيد، عن النضر بن مالك قال: قلت للحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام): يا أبا عبد الله! حدثني عن قول الله عزوجل: (هذان خصمان اختصموا في ربهم). (2) قال: نحن وبنو أمية اختصمنا في الله عز وجل، قلنا، صدق الله، وقالوا: كذب الله. فنحن وإياهم الخصمان يوم القيامة. (3) [692] - 18 - القرشي: سأل سعيد الهمداني الإمام الحسين (عليه السلام) عن بني أمية؟ فقال (عليه السلام): إنا وهم الخصمان اللذان اختصما في ربهم. (4) تفسير قوله: (الذين إن مكنهم في الأرض) [693] - 19 - ابن شهر آشوب: موسى بن جعفر والحسين بن علي (عليهم السلام) في قوله تعالى: (الذين إن مكنهم في الأرض أقاموا الصلوة) (5). قالا [(عليهما السلام)]: هذه فينا أهل البيت. (6)
1 - في تفسير البرهان: الحسن الأطروش. 2 - الحج: 22 / 19. 3 - الخصال 1: 42 - ح 35، تفسير البرهان 3: 80 ح 2. 4 - حياة الإمام الحسين (عليه السلام) 2: 234. 5 - الحج: 22 / 41. 6 - المناقب 4: 47، بحار الأنوار 24: 166، ح 11، كنز الدقائق 6: 528. 675 تفسير قوله: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت) [694] - 20 - الأسترآبادي: قال محمد بن العباس: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، عن الحسن بن علي بن بزيع، عن إسماعيل بن بشار الهاشمي، عن قيس [قنبر] بن محمد الأعشى، عن هاشم بن البريد، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) في بيت أم سلمة فأتي بحريرة، فدعا عليا (عليه السلام) وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) فأكلوا منها، ثم جلل عليهم كساء خيبريا، ثم قال: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا). (1) فقالت أم سلمة: وأنا منهم يا رسول الله؟! قال: أنت إلى خير. (2) تفسير قوله: (وكل شىء أحصيناه في إمام مبين) [695] - 21 - الصدوق: حدثنا أحمد بن محمد بن الصقر الصائغ قال: حدثنا عيسى بن محمد العلوي قال: حدثنا أحمد بن سلام الكوفي قال: حدثنا الحسن بن عبد الواحد قال: حدثنا الحارث بن الحسن قال: حدثنا أحمد بن إسماعيل بن صدقة، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام) قال: لما أنزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه وآله): (وكل شىء أحصيناه في إمام مبين) (3) قام أبو بكر وعمر من مجلسهما فقالا: يا رسول الله! هو التوراة؟ قال: لا. قالا: فهو الإنجيل؟
1 - الأحزاب: 33 / 33. 2 - تأويل الآيات الظاهرة: 449، تفسير البرهان 3: 312 ح 14. 3 - يس: 36 / 12. 676 قال: لا. قالا: فهو القرآن؟ قال: لا. قال: فأقبل أمير المؤمنين علي (عليه السلام) فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): هو هذا، إنه الإمام الذي أحصى الله تبارك وتعالى فيه علم كل شيء. (1) تفسير قوله: (قل لا أسألكم عليه أجرا) [696] - 22 - الأسترآبادي: قال محمد بن العباس: عن عبد العزيز بن يحيى، عن محمد بن زكريا، عن محمد بن عبد الله الخثعمي، عن الهيثم بن عدي، عن سعيد بن صفوان، عن عبد الملك بن عمير، عن الحسين بن علي صلوات الله عليهما في قول الله عزوجل: (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى). (2) قال: وأما القرابة التي أمر الله بصلتها، وعظم حقها، وجعل الخير فيها، قرابتنا أهل البيت الذين أوجب حقنا على كل مسلم (3). تفسير قوله: (تراهم ركعا سجدا) [697] - 23 - ابن شهر آشوب: الحسين بن علي (عليهما السلام) في قوله: (تراهم ركعا سجدا) (4) نزلت في علي بن أبي طالب (عليه السلام). (5)
1 - معاني الأخبار: 95 ح 1، تفسير البرهان 4: 6 ح 6، كنز الدقائق 8: 390 ينابيع المودة: 87، وفيه: لما نزلت الآية، قالوا:.... 2 - الشورى: 42 / 23. 3 - تأويل الآيات الظاهرة: 531، بحارالأنوار 23: 251 ح 27، تفسير البرهان 4: 124 ح 12، كنز الدقائق 9: 262. 4 - الفتح: 48 / 29. 5 - المناقب 2: 15، بحار الأنوار 38: 203. 677 قوله تعالى: (إن جاءكم فاسق بنبإ) [698] - 24 - الحويزي: في كتاب الاحتجاج للطبرسي: عن الحسين بن علي (عليهما السلام) حديث طويل يقول فيه: وأما أنت يا وليد بن عقبة! فوالله! ما ألومنك أن تبغض عليا (عليه السلام)، وقد جلدك في الخمس [الخمر] ثمانين جلدة، وقتل أباك صبرا بيده يوم بدر، أم كيف تسبه، فقد سماه الله مؤمنا في عشر آيات من القرآن، وسماك فاسقا، وهو قوله (إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) (1). (2) تفسير: (إن ناشئة اليل) (3) [699] - 25 - السيوطي: وأخرج ابن المنذر عن الحسين بن علي (عليه السلام) أنه رؤي يصلي فيما بين المغرب والعشاء، فقيل له في ذلك، فقال: إنها من الناشئة. (4) تفسير قوله: (وشاهد ومشهود) [700] - 26 - الهيثمي: عن الحسين بن علي (عليهما السلام) في قوله تعالى: (وشاهد ومشهود). (5)
1 - الحجرات: 49 / 6. 2 - نور الثقلين 5: 82 ح 11، الاحتجاج 1: 276، وفيه: عن الحسن (عليه السلام)، والحديث طويل. 3 - المزمل: 73 / 6. 4 - الدر المنثور 6: 278، الميزان 20: 73 وفي البحار 87: 132 عن علي بن الحسين عليهما السلام، وبعد قوله: يصلى بين المغرب والعشاء ويقول: أما سمعتم قول الله تعالى: إن ناشئة الليل هذه ناشئة الليل. 5 - البروج: 85 / 3. 678 قال: الشاهد جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) والمشهود يوم القيامة، ثم تلا هذه الآية: (إنا أرسلناك شهدا ومبشرا ونذيرا) (1) وتلا (ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود (2)). (3) تفسير: " سورة الشمس " [701] - 27 - فرات الكوفي: حدثني علي بن محمد بن عمر الزهري معنعنا، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال الحارث [بن عبد الله] الأعور للحسين (عليه السلام): يا ابن رسول الله! جعلت فداك أخبرني عن قول الله في كتابه: (والشمس وضحاها)، قال: ويحك يا حارث! ذلك محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله). قال: قلت: جعلت فداك، قوله: (والقمر إذا تلاها). قال: ذاك أمير المؤمنين على بن أبي طالب (عليه السلام)، يتلو محمدا (صلى الله عليه وآله). قال: قلت: قوله: (والنهار إذا جللها) (4). قال: ذلك القائم (عليه السلام) من آل محمد (صلى الله عليه وآله)، يملأ الأرض عدلا وقسطا. وزاد المجلسي: (واليل إذا يغشاها) (5) بنوا أمية (6). تفسير قوله: (وأما بنعمة ربك فحدث) [702] - 28 - البرقي: المكنى بأبي جعفر، عن الوشاء، عن عاصم بن حميد، عن عمرو بن
1 - الأحزاب: 33 / 45. 2 - هود: 11 / 103. 3 - مجمع الزوائد 7: 135. 4 - الشمس: 91 / 1 - 3. 5 - الشمس: 91 / 4. 6 - تفسير الفرات: 563 ح 721، بحار الأنوار 24: 79 ح 20. 679 أبي نصر، قال؛ حدثني رجل من أهل البصرة، قال: رأيت الحسين بن علي (عليهما السلام) وعبد الله بن عمر يطوفان بالبيت. فسألت ابن عمر فقلت: قول الله: (وأما بنعمة ربك فحدث) (1) قال: أمره أن يحدث بما أنعم الله عليه. ثم إني قلت للحسين بن علي (عليهما السلام): قول الله: (وأما بنعمة ربك فحدث). قال: أمره أن يحدث بما أنعم الله عليه من دينه. (2) في قوله: (إنا أنزلناه في ليلة القدر) [703] - 29 - الأستر آبادي: عن أحمد بن هوذة، عن إبراهيم بن إسحاق، [عن عبد الرحمن ابن إسحاق]، عن عبد الله بن حماد، عن أبي يحيى الصنعاني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: قال لي أبي محمد: قرأ علي بن أبي طالب (عليه السلام): (إنا أنزلناه في ليلة القدر) (3) وعنده الحسن والحسين (عليهما السلام). فقال له الحسين (عليه السلام): يا أبتاه! كأن بها من فيك حلاوة؟ فقال له: يا ابن رسول الله وابني! إني أعلم فيها ما لم تعلم، إنها لما نزلت بعث إلى جدك رسول الله فقرأها علي، ثم ضرب على كتفي الأيمن وقال: يا أخي، ووصيي، ووالي أمتي بعدي وحرب أعدائي إلى يوم يبعثون! هذه السورة لك من بعدي، ولولدك من بعدك، إن جبرئيل أخي من الملائكة أحدث إلي أحداث أمتي في
1 - الضحى: 93 / 11. 2 - المحاسن 1: 344 ح 712، تحف العقول: 176، نور الثقلين 5: 602 ح 44، تفسير البرهان 4: 474 ح 2، بحار الأنوار 24: 53 ح 9 و 78: 118 ح 11، كنز الدقائق 11: 407. 3 - القدر: 97 / 1. 680 سنتها، وإنه ليحدث ذلك إليك كأحداث النبوة، ولها نور ساطع في قلبك وقلوب أوصيائك إلى مطلع فجر القائم (عليه السلام). (1) تفسير: (الصمد) [704] - 30 - الصدوق: حدثنا أبو محمد جعفر بن علي بن أحمد الفقيه القمي، ثم الإيلاقي (رضي الله عنه)، قال: حدثني أبو سعيد عبدان بن الفضل، قال: حدثني أبو الحسن محمد بن يعقوب بن محمد بن يوسف ين جعفر بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب بمدينة خجندة، قال: حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن شجاع الفرغاني، قال: حدثني أبو الحسن محمد بن حماد العنبري بمصر، قال: حدثني إسماعيل بن عبد الجليل البرقي، عن أبي البختري وهب بن وهب القرشي [قال:] وحدثني الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه الباقر، عن أبيه (عليهم السلام) أن أهل البصرة كتبوا إلى الحسين بن علي (عليهما السلام) يسألونه عن (الصمد)؟ فكتب إليهم: بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد، فلا تخوضوا في القرآن، ولا تجادلوا فيه ولا تتكلموا فيه بغير علم، فقد سمعت جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار، وإن الله سبحانه قد فسر الصمد فقال: (الله أحد * الله الصمد)، ثم فسره فقال: (لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد). (2) (لم يلد) لم يخرج منه شيء كثيف كالولد وسائر الأشياء الكثيفة التي تخرج من المخلوقين، ولا شيء لطيف كالنفس ولا يتشعب منه البدوات
1 - تأويل الآيات الظاهرة: 793، بحار الأنوار 25: 70 ح 60. 2 - الإخلاص: 112 / 1 - 4. 681 كالسنة والنوم، والخطرة والهم والحزن والبهجة، والضحك والبكاء والخوف والرجاء، والرغبة والسأمة، والجوع والشبع، تعالى أن يخرج منه شيء، وأن يتولد منه شيء كثيف، أو لطيف. و (لم يولد) لم يتولد من شيء، ولم يخرج من شيء كما تخرج الأشياء الكثيفة من عناصرها، كالشئ من الشيء، والدابة من الدابة، والنبات من الأرض، والماء من الينابيع، والثمار من الأشجار، ولا كما تخرج الأشياء اللطيفة من مراكزها كالبصر من العين، والسمع من الأذن، والشم من الأنف، والذوق من الفم، والكلام من اللسان، والمعرفة والتمييز من القلب، وكالنار من الحجر، لا، بل هو الله الصمد الذي لا من شيء ولا في شيء ولا على شيء، مبدع الأشياء وخالقها، ومنشئ الأشياء بقدرته، يتلاشى ما خلق للفناء بمشيته، ويبقي ما خلق للبقاء بعلمه، فذلكم الله الصمد الذي لم يلد ولم يولد، عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال، ولم يكن له كفوا أحد (1). [705] - 31 - وعنه: [بإسناده المتقدم في الحديث السابق]: قال الباقر (عليه السلام): حدثني أبي زين العابدين، عن أبيه الحسين بن علي (عليهم السلام) أنه قال: (الصمد) الذي لا جوف له، والصمد الذي قد انتهى سؤدده، والصمد الذي لا يأكل ولا يشرب، والصمد الذي لا ينام، والصمد الدائم الذي لم يزل ولا يزال. (2)
1 - التوحيد: 90 ح 5، نور الثقلين 5: 711 ح 70 و 713 ح 76، تفسير البرهان 4: 525 ح 9، بحار الأنوار 3: 223 ح 14، وسائل الشيعة 18: 140 ح 35، كنز الدقائق، 11: 611. 2 - التوحيد: 90 ح 3، نور الثقلين 5: 711 ح 68، تفسير البرهان 4: 525، بحار الأنوار 3: 223 ضمن ح 12، معادن الحكمة 2: 51، كنز الدقائق 1: 610. 682 3 - في جده محمد 6 النبي (صلى الله عليه وآله) أحسن المخلوقات [706] - 1 - المتقي الهندي: عن الحسين بن علي (عليهما السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) أحسن ما خلق الله خلقا. (1) أوصاف النبى (صلى الله عليه وآله) وسيرته [707] - 2 - الصدوق: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رحمه الله) قال: حدثنا أبو أحمد القاسم بن بندار المعروف بأبي صالح الحذاء قال: حدثنا إبراهيم بن نصر بن عبد العزيز الرازي نزيل نهاوند قال: حدثنا أبو غسان ملك إسماعيل النهدي قال: حدثنا جميع بن عمير بن عبد الرحمن العجلي قال: حدثني رجل بمكة، عن ابن أبي هالة التميمي، عن الحسن بن علي (عليهما السلام) قال: سألت خالي هند بن أبي هالة - وكان وصافا - عن حلية رسول الله (صلى الله عليه وآله). وحدثني الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري قال: أخبرنا أبو القاسم عبد
1 - كنز العمال 7: 217 ح 18694. 683 الله بن محمد بن عبد العزيز بن منيع قال: حدثني إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين (عليهم السلام) بمدينة الرسول قال: حدثني علي بن موسى ابن جعفر بن محمد بن علي، عن موسى بن جعفر، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين (عليهم السلام) قال: قال الحسن بن علي (عليهما السلام): سألت خالي هند بن أبي هالة عن حلية رسول الله (صلى الله عليه وآله). وحدثني الحسن بن عبد الله بن سعيد، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد عبدان وجعفر بن محمد البزاز البغدادي قالا: حدثنا سفيان بن وكيع قال: حدثني جميع بن عمير العجلي قال: حدثني رجل من بني تميم من ولد أبي هالة، عن أبيه، عن الحسن بن علي (عليهما السلام) قال: سألت خالي هند بن أبي هالة التميمي - وكان وصافا للنبي (صلى الله عليه وآله) - أنا أشتهي أن تصف لي منه شيئا لعلي أتعلق به. فقال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) فخما، مفخما، يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر، أطول من المربوع، وأقصر من المشذب، عظيم الهامة، رجل الشعر، إن انفرقت عقيقته فرق، وإلا فلا يجاوز شعره شحمة أذنيه إذا هو وفره، أزهر اللون، واسع الجبين، أزج الحواجب، سوابغ في غير قرن، بينهما عرق يدره الغضب، أقنى العرنين، له نور يعلوه، يحسبه من لم يتأمله أشم، كث اللحية، سهل الخدين، ضليع الفم، أشنب، مفلج الأسنان، دقيق المسربة، كأن عنقه جيد دمية في صفاء الفضة، معتدل الخلق، بادنا، متماسكا، سواء البطن والصدر، بعيد ما بين المنكبين، ضخم الكراديس، عريض الصدر، أنور المتجرد، موصول ما بين اللبة والسرة بشعر يجري كالخط، عاري الثديين والبطن مما سوى ذلك، أشعر الذراعين والمنكبين وأعلى الصدر، طويل الزندين، رحب الراحة، شثن الكفين والقدمين، سائل الأطراف، سبط
684 القصب، خمصان الأخمصين، مسيح القدمين ينبو عنهما الماء، إذا زال زال قلعا، يخطو تكفؤا ويمشي هونا، ذريع المشية إذا مشى كأنما ينحط في صبب، وإذا التفت التفت جميعا، خافض الطرف، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء، جل نظره الملاحظة، يبدر من لقيه بالسلام. قال: فقلت: فصف لي منطقه؟ فقال: كان (صلى الله عليه وآله) متواصل الأحزان، دائم الفكر، ليست له راحة، طويل السكت، لا يتكلم في غير حاجة، يفتتح الكلام ويختمه بأشداقه، يتكلم بجوامع الكلم فصلا لا فضول فيه ولا تقصير، دمثا [لينا]، ليس بالجافي ولا بالمهين، تعظم عنده النعمة وإن دقت، لا يذم منها شيئا، غير أنه كان لا يذم ذواقا ولا يمدحه، ولا تغضبه الدنيا وما كان لها، فإذا تعوطي الحق لم يعرفه أحد، ولم يقم لغضبه شيء حتى ينتصر له، إذا أشار أشار بكفه كلها، وإذا تعجب قلبها، وإذا تحدث اتصل بها، فضرب براحته اليمنى باطن إبهامه اليسرى، وإذا غضب أعرض وأشاح، وإذا فرح غض طرفه، جل ضحكه التبسم، يفتر عن مثل حب الغمام. إلى هاهنا رواه أبو القاسم بن منيع، عن إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن جعفر بن محمد، والباقي رواية عبد الرحمن إلى آخره. قال الحسن صلوات الله عليه: وكتمتها الحسين (عليه السلام) زمانا ثم حدثته به، فوجدته قد سبقني إليه فسألته عما سأله عنه، فوجدته قد سأل أباه عن مدخل النبي (صلى الله عليه وآله) ومخرجه ومجلسه وشكله، فلم يدع منه شيئا. قال الحسين (عليه السلام): سألت أبي (عليه السلام) عن مدخل رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ فقال: كان دخوله لنفسه مأذونا له في ذلك، فإذا أوى إلى منزله جزأ دخوله ثلاثة أجزاء: جزء لله، وجزء لأهله، وجزء لنفسه. ثم جزأ جزءه بينه وبين الناس،
685 فيرد ذلك بالخاصة على العامة، ولا يدخر عنهم منه شيئا وكان من سيرته في جزء الأمة إيثار أهل الفضل بإذنه، وقسمه على قدر فضلهم في الدين، فمنهم ذو الحاجة، ومنهم ذو الحاجتين، ومنهم ذو الحوائج، فيتشاغل بهم ويشغلهم في ما أصلحهم والأمة من مسألته عنهم، وبإخبارهم بالذي ينبغي، ويقول: ليبلغ الشاهد منكم الغائب، وأبلغوني حاجة من لا يقدر على إبلاغ حاجته، فإنه من أبلغ سلطانا حاجة من لا يقدر على إبلاغها ثبت الله قدميه يوم القيامة، لا يذكر عنده إلا ذلك، ولا يقيد من أحد عثرة، يدخلون روادا، ولا يفترقون إلا عن ذواق، ويخرجون أدلة. قال (عليه السلام): فسألته عن مخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) كيف كان يصنع فيه؟ فقال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يخزن لسانه إلا عما يعنيه، ويؤلفهم ولا ينفرهم، ويكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم، ويحذر الناس ويحترس منهم من غير أن يطوي عن أحد بشره ولا خلقه، ويتفقد أصحابه، ويسأل الناس عما في الناس، ويحسن الحسن ويقويه، ويقبح القبيح ويهونه، معتدل الأمر، غير مختلف، لا يغفل مخافة أن يغفلوا، أو يملوا، ولا يقصر عن الحق ولا يجوزه، الذين يلونه من الناس خيارهم، أفضلهم عنده أعمهم نصيحة للمسلمين، وأعظمهم عنده منزلة أحسنهم مؤاساة ومؤازرة. فسألته عن مجلسه؟ فقال: كان (صلى الله عليه وآله) لا يجلس ولا يقوم إلا على ذكر، ولا يوطن الأماكن، وينهى عن إيطانها، وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس ويأمر بذلك، ويعطي كل جلسائه نصيبه، ولا يحسب من جلسائه أن أحدا أكرم عليه منه، من جالسه صابره حتى يكون هو المنصرف عنه، من سأله حاجة لم يرجع إلا بها، أو بميسور من القول، قد وسع الناس منه خلقه، وصار لهم أبا وصاروا عنده في الخلق سواء،
686 مجلسه مجلس حلم وحياء وصدق وأمانة، ولا ترتفع فيه الأصوات، ولا تؤبن فيه الحرم، ولا تنثى فلتاته، متعادلين، متواصلين فيه بالتقوى، متواضعين، يوقرون الكبير، ويرحمون الصغير، ويؤثرون ذا الحاجة، ويحفظون الغريب. فقلت: فكيف كانت سيرته في جلسائه؟ فقال: كان دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بفظ، ولا غليظ، ولا صخاب، ولا فحاش، ولا عياب، ولا مداح، يتغافل عما لا يشتهي، فلا يؤيس منه، ولا يخيب فيه مؤمليه، قد ترك نفسه من ثلاث: المراء، والإكثار، وما لا يعنيه، وترك الناس من ثلاث: كان لا يذم أحدا ولا يعيره، ولا يطلب عثراته ولا عورته، ولا يتكلم إلا في ما رجا ثوابه، إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير، فإذا سكت تكلموا، ولا يتنازعون عنده الحديث، من تكلم أنصتوا له حتى يفرغ، حديثهم عنده حديث أولهم، يضحك مما يضحكون منه، ويتعجب مما يتعجبون منه، ويصبر للغريب على الجفوة في مسألته ومنطقه حتى أن كان أصحابه ليستجلبونهم، ويقول: إذا رأيتم طالب الحاجة يطلبها فأرفدوه، ولا يقبل الثناء إلا من مكافئ، ولا يقطع على أحد كلامه حتى يجوز فيقطعه بنهي أو قيام. قال: فسألته عن سكوت رسول الله (صلى الله عليه وآله). قال: كان سكوته على أربع: على الحلم، والحذر، والتقدير، والتفكر. فأما التقدير ففي تسوية النظر والاستماع بين الناس، وأما تفكره ففيما يبقى أو يفنى، وجمع له الحلم في الصبر، فكان لا يغضبه شيء ولا يستفزه، وجمع له الحذر في أربع: أخذه بالحسن ليقتدى به، وتركه القبيح لينتهى عنه، واجتهاده الرأي في صلاح أمته، والقيام فيما جمع لهم من خير الدنيا والآخرة. هذا آخر ما رواه عبدان. (1)
1 - معاني الأخبار: 79 ح 1، مجمع الزوائد 8: 273 مرسلا، مكارم الأخلاق: 8، تاريخ الإسلام 1: 446، أسد الغابة 1: 31. 687 [708] - 3 - الأميني: وأخرج ابن مردويه عن الحسين بن علي (عليهما السلام): أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أصبح وهو مهموم، فقيل: مالك يا رسول الله؟! فقال: إني أريت في المنام كأن بني أمية يتعاورون منبري هذا، فقيل: يا رسول الله! لا تهتم فإنها دنيا تنالهم. فأنزل الله: (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس) (1) الآية. (2) إقرار الضب بنبوة الرسول (صلى الله عليه وآله) [709] - 4 - الخزاز القمي: حدثنا علي بن الحسن بن محمد قال: حدثنا الشريف عن الحسين بن علي بن عبد الله بن موسى القاضي قال: حدثنا حريز بن عبد الحميد الضبي قال: حدثنا الأعمش، عن إبراهيم [بن] يزيد السمان، عن أبيه، عن الحسين ابن علي (عليهما السلام) قال: دخل أعرابي على رسول الله (صلى الله عليه وآله) يريد الاسلام، ومعه ضب قد اصطاده في البرية، وجعله في كمه، فجعل النبي (صلى الله عليه وآله) يعرض عليه الاسلام، فقال: لا أومن بك يا محمد! أو يؤمن بك هذا الضب! ورمى الضب من كمه، فخرج الضب من المسجد يهرب. فقال النبي (صلى الله عليه وآله): يا ضب! من أنا؟ قال: أنت محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف. قال: يا ضب! من تعبد؟ قال: أعبد الذي خلق [فلق] الحبة، وبرىء النسمة، واتخذ إبراهيم خليلا، وناجى موسى كليما، واصطفاك يا محمد!
1 - الإسراء: 17 / 60. 2 - الغدير 8: 248. 688 فقال الأعرابي: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله حقا؛ فأخبرني يا رسول الله! هل يكون بعدك نبي؟ قال: لا، أنا خاتم النبيين، ولكن يكون بعدي أئمة من ذريتي قوامون بالقسط، كعدد نقباء بني إسرائيل، أولهم علي بن أبي طالب فهو الإمام والخليفة بعدي، وتسعة من الأئمة من صلب هذا - ووضع يده على صدري - والقائم تاسعهم، يقوم بالدين في آخر الزمان كما قمت في أوله. قال: فأنشأ الأعرابي يقول: ألا يا رسول الله! إنك صادق * فبوركت مهديا وبوركت هاديا شرعت لنا الدين الحنيفي بعد ما * عبدنا كأمثال الحمير الطواغيا فيا خير مبعوث! ويا خير مرسل! * إلى الإنس ثم الجن لبيك داعيا فبوركت في الأقوام حيا وميتا * وبوركت مولودا وبوركت ناشيا قال: فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا أخا بني سليم! هل لك مال؟ فقال: والذي أكرمك بالنبوة، وخصك بالرسالة! إن أربعة آلاف بيت من بني سليم ما فيهم أفقر مني! فحمله النبي (صلى الله عليه وآله) على ناقة، فرجع إلى قومه، فأخبرهم بذلك، قالوا: فأسلم الأعرابي طمعا في الناقة! فبقى يومه في الصفة لم يأكل شيئا، فلما كان من الغد تقدم إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا أيها المرء الذي لا نعدمه * أنت رسول الله حقا نعلمه ودينك الإسلام دينا نعظمه * سعي [نبغي] (1) من الإسلام شيئا نقضمه قد جئت بالحق وشيئا نطعمه
1 - ما بين المعقوفتين من البحار. 689 فتبسم النبي (صلى الله عليه وآله) وقال: يا علي! أعط الأعرابي حاجته. قال: فحمله علي (عليه السلام) إلى منزل فاطمة وأشبعه، وأعطاه ناقة وجلة تمر. (1) دعاء النبي (صلى الله عليه وآله) بعد الأكل والشرب [710] - 5 - الصدوق: حدثنا أبو الحسن محمد بن علي بن الشاه الفقيه المروزي بمرو الرود في داره قال: حدثنا أبو بكر بن محمد بن عبد الله النيسابوري قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر بن سليمان الطائي بالبصرة قال: حدثنا أبي في سنة ستين ومائتين قال: حدثني علي بن موسى الرضا (عليهما السلام)، سنة أربع وتسعين ومائة. وحدثنا أبو منصور أحمد بن إبراهيم بن بكر الخوري بنيسابور قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن هارون بن محمد الخوري قال: حدثنا جعفر بن محمد بن زياد الفقيه الخوري بنيسابور قال: حدثنا أحمد بن عبد الله الهروي الشيباني، عن الرضا علي بن موسى (عليهما السلام). وحدثني أبو عبد الله الحسين بن محمد الأشناني الرازي العدل ببلخ قال: حدثنا علي بن محمد بن مهرويه القزويني، عن داود بن سليمان الفراء، عن علي بن موسى الرضا (عليهما السلام)، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثني أبي جعفر بن محمد قال: حدثني أبي محمد بن علي قال: حدثني أبي علي بن الحسين قال: حدثني أبي الحسين بن علي (عليهما السلام): كان النبي (صلى الله عليه وآله) إذا أكل طعاما يقول: أللهم بارك لنا فيه، وارزقنا خيرا منه. وإذا أكل لبنا أو شربة يقول: أللهم بارك لنا فيه، وارزقنا منه. (2)
1 - كفاية الأثر: 172، بحار الأنوار 36: 342 ح 208، العوالم 15: 223 ح 206، إثبات الهداة 2: 554 ح 551 و 6 ح 301، وفيه عن الحسن (عليه السلام) إلى قوله: وأنك رسول الله حقا. 2 - عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 42 ح 114، بحار الأنوار 66: 99 ح 11. 690 معالجة النبي (صلى الله عليه وآله) المحموم [711] - 6 - وعنه: وبهذا الإسناد، عن الحسين بن علي (عليهما السلام) أنه قال: دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله) على علي بن أبي طالب (عليه السلام) وهو محموم، فأمره بأكل الغبيراء؟ (1) كيفية دعاء النبي (صلى الله عليه وآله) عند الابتهال [712] - 7 - المجلسي: جماعة، عن أبي المفضل، عن إبراهيم بن حفص بن عمر العسكري بالمصيصة من أصل كتابه، عن عبد الله بن الهيثم الأنماطي، عن الحسين بن علوان الكلبي، عن عمرو بن خالد الواسطي، عن محمد، وزيد ابني علي، عن أبيهما (عليه السلام)، عن أبيه الحسين (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يرفع يديه إذا ابتهل، ودعا كما يستطعم المسكين. (2) عيادة النبي عليا (عليهما السلام) [713] - 8 - محمد بن الأشعث: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن علي بن الحسين، عن أبيه (عليهم السلام): أن عليا (عليه السلام) اشتكا عينيه، فعاده رسول الله (صلى الله عليه وآله) فإذا على (عليه السلام) يصيح، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): أجزعا أم وجعا؟
1 - عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 47 ح 152. 2 - بحار الأنوار 16: 287 ح 141، و 93: 294 ح 23، مكارم الأخلاق: 284 مرسلا عن الحسين بن علي (عليهما السلام)، أمالي الطوسي 2: 198 بإسناده عن علي بن الحسين (عليهما السلام). 691 فقال على (عليه السلام): يا رسول الله! ما وجعت وجعا قط أشد منه (1). فقال (صلى الله عليه وآله): يا علي! إن ملك الموت إذا نزل لقبض روح الفاجر نزل معه بسفود (2) من نار، فنزع روحه، فتصيح جهنم. فاستوى على (عليه السلام) جالسا، فقال: يا رسول الله! فهل يصيب ذلك أحدا من أمتك؟ فقال (صلى الله عليه وآله): نعم، حاكم جائر، وآكل مال اليتيم، وشاهد الزور (3).
1 - في الأصل: أثيق منه، وما أثبتناه عن الكافي والبحار والمستدرك. 2 - السفود: عود من حديد ينظم فيه اللحم ليشوى. المعجم الوسيط: 432. 3 - الجعفريات: 240 ح 971، عنه مستدرك الوسائل 2: 82 ح 1478 و 13: 192 ح 15074 قطعتان منه، و 17: 356 ح 21569 و 414 ح 21705، قطعة منه. 692 4 - في أهل البيت (عليهم السلام) عدم تحمل الناس فضائل أهل البيت (عليهم السلام) [714] - 1 - الراوندي: أخبرنا جماعة منهم: الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن النيسابوري، والشيخ محمد بن علي بن عبد الصمد، عن الشيخ أبي الحسن بن عبد الصمد التميمي، حدثنا أبو محمد أحمد بن محمد بن محمد العمري، حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين، عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن علي بن الحكم، عن عبد الرحمان بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أتى الحسين (عليه السلام) أناس، فقالوا له: يا أبا عبد الله! حدثنا بفضلكم الذي جعل الله لكم. فقال: إنكم لا تحتملونه، ولا تطيقونه! قالوا: بلى، نحتمل. قال: إن كنتم صادقين فليتنح إثنان، وأحدث واحدا، فإن احتمله حدثتكم. فتنحى اثنان وحدث واحدا، فقام طائر العقل! ومر على وجهه وذهب، فكلمه صاحباه فلم يرد عليهما شيئا وانصرفوا. (1)
1 - الخرائج والجرائح 2: 795 ح 4، منتخب البصائر: 107، بحار الأنوار 25: 378 ح 26، إثبات الهداة 5: 194 ح 34. 693 [715] - 2 - وعنه: وبهذا الإسناد [السابق]، قال (عليه السلام): أتى رجل الحسين بن علي (عليهما السلام) فقال: حدثني بفضلكم الذي جعل الله لكم. قال [(عليه السلام)]: إنك لن تطيق حمله. قال: بلى، حدثني يا ابن رسول الله! إني أحتمله. فحدثه بحديث، فما فرغ الحسين (عليه السلام) من حديثه حتى أبيض رأس الرجل ولحيته، وأنسى الحديث. فقال الحسين (عليه السلام): أدركته رحمة الله حيث أنسي الحديث. (1) [716] - 3 - ابن شهر آشوب: روى عبد العزيز بن كثير: إن قوما أتوا إلى الحسين [(عليه السلام)] وقالوا: حدثنا بفضائلكم. قال [(عليه السلام)]: لا تطيقون، وانحازوا عني لأشير إلى بعضكم، فإن أطاق سأحدثكم فتباعدوا عنه، فكان يتكلم مع أحدهم حتى دهش ووله وجعل يهيم (2) ولا يجيب أحدا وانصرفوا عنه. (3) تعليم الأئمة (عليهم السلام) التسبيح للملائكة [717] - 4 - الصدوق: روي لنا أن حبيب بن مظاهر الأسدي - بيض الله وجهه - أنه قال للحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام): أي شيء كنتم قبل أن يخلق الله عزوجل آدم (عليه السلام)؟ قال: كنا
1 - الخرائج والجرائح 2: 795 ح 5، منتخب البصائر: 108، بحار الأنوار 25: 379 ح 27، إثبات الهداة 5: 195 ح 35. 2 - هام: ذهب لا يدري أين يتوجه. المنجد: 882. 3 - المناقب 4: 51، بحار الأنوار 44: 183 ح 11، العوالم 17: 54 ح 1، مدينة المعاجز 3: 500 ح 1014. 694 أشباح نور ندور حول عرش الرحمن، فنعلم للملائكة التسبيح والتهليل والتحميد. (1) أساس الإسلام حب أهل البيت (عليهم السلام) [718] - 5 - الطوسي: أخبرنا محمد بن محمد قال: أخبرنا أبو نصر محمد بن الحسين البصير [البصري] قال: حدثنا أحمد بن نصر بن سعيد الباهلي قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي قال: حدثنا عبد الله بن حماد، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: لما قضى رسول الله (صلى الله عليه وآله) مناسكه من حجة الوداع ركب راحلته وأنشأ يقول: لا يدخل الجنة إلا من كان مسلما فقام إليه أبو ذر الغفاري رحمه الله فقال: يا رسول الله! وما الإسلام؟ فقال (صلى الله عليه وآله): الإسلام عريان، لباسه التقوى، وزينته الحياء، وملاكه الورع، وجماله [كماله] الدين، وثمره العمل الصالح، ولكل شيء أساس وأساس الإسلام حبنا أهل البيت. (2) نتائج حب أهل البيت (عليهم السلام) [719] - 6 - الحلواني: قال أبان بن تغلب: قال الإمام الشهيد (عليه السلام): من أحبنا كان منا أهل البيت، فقلت: منكم أهل البيت؟!
1 - علل الشرايع 1: 23، بحار الأنوار 60: 311. 2 - الأمالي: 84 ح 126، بحار الأنوار 68: 379 ح 27. 695 فقال: منا أهل البيت، حتى قالها - ثلاثا - ثم قال (عليه السلام): أما سمعت قول العبد الصالح: (فمن تبعني فإنه منى) (1). (2) [720] - 7 - ابن المغازلي: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أبي نصر: حدثنا أبو زكريا عبد الرحيم بن أحمد بن نصر الأزدي الحافظ، قال: حدثنا أبو محمد عبد الغني، حدثنا الحسين بن عبد الله القرشي، حدثنا الباهلي، حدثنا عبد الرحمان بن خالد، حدثنا معاوية بن هشام، حدثنا زياد بن المنذر، عن عقيصا - وهو أبو سعيد دينار - قال: سمعت الحسين (عليه السلام) يقول: من أحبنا نفعه الله بحبنا وإن كان أسيرا في الديلم، وإن حبنا ليساقط الذنوب كما تساقط الريح الورق. (3) [721] - 8 - التستري: ومن كلامه (عليه السلام): إلزموا مودتنا أهل البيت، فإن من لقي الله وهو يودنا دخل في شفاعتنا، إن حوائج الناس إليكم من نعم الله عليكم فلا تملوا من تلك النعم فتعود عليكم نقما. (4) [722] - 9 - القندوزي الحنفي: عن زين العابدين، عن أبيه (عليهما السلام) قال: من أحبنا نفعه الله بحبنا، ولو أنه بالديلم. (5) [723] - 10 - البرقي: عن محمد بن عبد الحميد، عن جماعة، عن بشر بن غالب الأسدي، قال: حدثني الحسين بن علي (عليهما السلام)، قال: قال لي:
1 - إبراهيم: 14 / 36. 2 - نزهة الناظر وتنبيه الخاطر: 85 ح 19. 3 - مناقب علي بن أبي طالب (عليه السلام): 400، ح 454، هامش تاريخ ابن عساكر ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام): 159. 4 - إحقاق الحق 11: 591، ينابيع المودة 1: 326 إلى قوله: شفاعتنا، عن الحسين بن علي (عليهما السلام) نقلا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله). 5 - ينابيع المودة: 330. 696 يا بشر بن غالب! من أحبنا لا يحبنا إلا لله، جئنا نحن وهو كهاتين - وقدر بين سبابتيه - ومن أحبنا لا يحبنا إلا للدنيا، فإنه إذا قام قائم العدل وسع عدله البر والفاجر. (1) [724] - 11 - الطوسي: أخبرنا أبو عمر قال: أحمد، قال: حدثنا الحسن بن عتبة الكندي قال: حدثنا بكار بن بشر قال: حدثنا حمزة الزيات، عن عبد الله بن شريك، عن بشر بن غالب، عن الحسين بن علي (عليهما السلام) قال: من أحبنا لله وردنا نحن وهو على نبينا (صلى الله عليه وآله) هكذا - وضم إصبعيه - ومن أحبنا للدنيا فإن الدنيا تسع البر والفاجر. (2) [725] - 12 - الطبراني: حدثنا بشر بن موسى، حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان بن عيينة، عن عبد الله بن شريك، عن بشر بن غالب، عن الحسين بن علي [(عليهما السلام)] قال: من أحبنا للدنيا فإن صاحب الدنيا يحبه البر والفاجر، ومن أحبنا لله كنا نحن وهو يوم القيمة كهاتين، وأشار بالسبابة والوسطى. (3) ميزان حب أهل البيت (عليهم السلام) [726] - 13 - وعنه: حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي، حدثنا علي بن قادم، عن عبد السلام بن حرب، عن يحيى بن سعيد، عن علي بن الحسين، عن أبيه [(عليهما السلام)] قال:
1 - المحاسن 1: 134 ح 168، بحار الأنوار 27: 90 ح 44، معجم أحاديث المهدي (عليه السلام) 3: 181، ح 703. 2 - الأمالي 1: 253 ح 455، بحار الأنوار 27: 84 ح 36، تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 159 ح 204. 3 - المعجم الكبير 3: 125 ح 2880، مجمع الزوايد 10: 281، هامش تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 159. 697 أحبونا بحب الاسلام، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: لا ترفعوني فوق حقي، فإن الله تعالى اتخذني عبدا قبل أن يتخذني رسولا. (1) نصرة أهل البيت (عليهم السلام) وخذلانهم [727] - 14 - الحسكاني: أخبرنا علي بن أحمد قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا محمد بن القاسم بن زكريا قال: حدثنا الحسن بن محمد بن عبد الواحد قال: حدثنا الحسن بن محمد الأشتر قال: حدثني أبي محمد بن عبد الله، عن أبيه عبد الله بن محمد، عن أبيه محمد بن عبد الله، عن أبيه عبد الله بن حسن، عن أمه فاطمة بنت الحسين، عن أبيها الحسين بن علي (عليهم السلام) قال: نحن المستضعفون، ونحن المقهورون، ونحن عترة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فمن نصرنا فرسول الله نصر، ومن خذلنا فرسول الله خذل، ونحن وأعداؤنا نجتمع (يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا (2)). (3) ملاك تولى أهل البيت (عليهم السلام) [728] - 15 - القندوزي الحنفي: عبد الله بن الحسين بن زين العابدين، عن أبيه، عن جده، عن الحسين السبط [(عليهما السلام)] قال: من والانا فلجدي (صلى الله عليه وآله) والى، ومن عادانا فلجدي (صلى الله عليه وآله) عادى. (4)
1 - المعجم الكبير 3: 128 ح 2889، مجمع الزوائد 9: 21. 2 - آل عمران: 3 / 30. 3 - شواهد التنزيل 1: 560 ح 597. 4 - ينابيع المودة: 330، إحقاق الحق 11: 592. 698 فضيلة الذهاب إلى أهل البيت (عليهم السلام) [729] - 16 - الإربلي: قال (عليه السلام): من أتانا لم يعدم خصلة من أربع: آية محكمة، وقضية عادلة، وأخا مستفادا، ومجالسة العلماء. (1) ابتلاء من أحب أهل البيت (عليهم السلام) [730] - 17 - المجلسي: عن كتاب المؤمن، بإسناده عن سعد بن طريف قال: كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) فجاء جميل الأزرق، فدخل عليه، قال: فذكروا بلايا للشيعة، وما يصيبهم، فقال أبو جعفر (عليه السلام): إن أناسا أتوا علي بن الحسين (عليهما السلام) وعبد الله بن عباس، فذكروا لهما نحو ما ذكرتم، قال: فأتيا الحسين بن علي (عليهما السلام)، فذكرا له ذلك، فقال الحسين (عليه السلام): والله! البلاء والفقر والقتل أسرع إلى من أحبنا من ركض البراذين، ومن السيل إلى صمره. (2) قلت: وما الصمر؟ قال: منتهاه، ولولا أن تكونوا كذلك، لرأينا أنكم لستم منا. (3) بغض أهل البيت (عليهم السلام) علامة النفاق [731] - 18 - الصدوق: حدثنا محمد بن عمر الحافظ قال: حدثنا الحسن بن عبد الله
1 - كشف الغمة 2: 32، بحار الأنوار 44: 195 ح 9. 2 - صمر الماء: جرى من حدور في مستوى فسكن، وهو جار والصمر بالكسر: مستقره. القاموس المحيط 2: 72. 3 - بحار الأنوار 67: 246 ح 85 و 81: 198 عن الحسن، أعلام الدين 432، بتفاوت يسير، مشكاة الأنوار: 292 بتفاوت، مستدرك الوسائل 2: 431 ح 2378. 699 التميمي قال: حدثني أبي قال: حدثني سيدي علي بن موسى الرضا (عليهما السلام)، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن الحسين بن علي (عليهم السلام) قال: ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا ببغضهم عليا وولده (عليهم السلام). (1) قريش وأهل البيت (عليهم السلام) [732] - 19 - الحلواني: مر المنذر بن الجارود بالحسين (عليه السلام) فقال: كيف أصبحت جعلني الله فداك، يا ابن رسول الله؟! فقال (عليه السلام): [أصبحنا و] أصبحت العرب تعتد على العجم بأن محمدا (صلى الله عليه وآله) منها، وأصبحت العجم مقرة لها بذلك، وأصبحنا وأصبحت قريش يعرفون فضلنا ولا يرون ذلك لنا، ومن البلاء على هذه الأمة أنا إذا دعوناهم لم يجيبونا! وإذا تركناهم لم يهتدوا بغيرنا. (2) [733] - 20 - وعنه: وفي رواية أخرى: أنه اجتاز به، وقد أغضب فقال (عليه السلام): ما ندري ما تنقم الناس منا!؟ إنا لبيت الرحمة، وشجرة النبوة، ومعدن العلم. (3)
1 - عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 72 ح 305، بحار الأنوار 39: 302، ذيل ح 113، وفيه: الحسين عن جابر. 2 - نزهة الناظر وتنبيه الخاطر: 85 ح 20. 3 - نزهة الناظر وتنبيه الخاطر: 85 ح 21. 700 طعام أهل البيت (عليهم السلام) [734] - 21 - الطبرسي: من كتاب البصائر، عن محمد بن جعفر بن العاصم، عن أبيه، عن جده قال: حججت ومعي جماعة من أصحابنا، فأتيت المدينة فقصدنا مكانا ننزله، فاستقبلنا غلاما لأبي الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام) على حمار له أخضر، يتبعه الطعام، فنزلنا بين النخل وجاء هو فنزل، وأتي بالطست والماء فبدأ وغسل يديه، وأدير الطست عن يمينه حتى بلغ آخرنا، ثم أعيد من يساره حتى أتي على آخرنا، ثم قدم الطعام فبدأ بالملح ثم قال: كلوا بسم الله الرحمن الرحيم. ثم ثنى بالخل، ثم أتي بكتف مشوي، فقال: كلوا بسم الله الرحمن الرحيم، فإن هذا طعام كان يعجب النبى (صلى الله عليه وآله). ثم أتي بالخل والزيت، فقال: كلوا بسم الله الرحمن الرحيم، فإن هذا طعام كان يعجب فاطمة (عليها السلام). ثم أتي بالسكباج (1)، فقال: كلوا بسم الله الرحمن الرحيم، فإن هذا طعام كان يعجب أمير المؤمنين (عليه السلام). ثم أتي بلحم مقلو فيه باذنجان، فقال: كلوا بسم الله الرحمن الرحيم، فإن هذا طعام كان يعجب الحسن بن علي (عليهما السلام). ثم أتي بلبن حامض قد ثرد، فقال: كلوا بسم الله الرحمن الرحيم، فإن هذا طعام كان يعجب الحسين بن علي (عليهما السلام). ثم أتي بأضلاع باردة، فقال: كلوا بسم الله الرحمن الرحيم، فان هذا طعام كان
1 - السكباج - بالكسر -: مرق يعمل من اللحم والخل. مجمع البحرين 1: 390 (سكبج). 701 يعجب علي بن الحسين (عليهما السلام). ثم أتي بجبن مبزر، (1) فقال: كلوا بسم الله الرحمن الرحيم، فإن هذا طعام كان يعجب محمد بن علي (عليهما السلام). ثم أتي بتور فيه بيض كالعجة، (2) فقال: كلوا بسم الله الرحمن الرحيم، فإن هذا طعام كان يعجب جعفر [ا] (عليه السلام). ثم أتي بحلواء، فقال: كلوا بسم الله الرحمن الرحيم، فإن هذا طعام يعجبني. ورفعت المائدة فذهب أحدنا ليلتقط ما كان تحتها فقال: مه، إنما ذلك في المنازل تحت السقوف، فأما في مثل هذا الموضع فهو لعافية (3) الطير والبهائم. ثم أتي بالخلال، فقال: من حق الخلال أن تدير لسانك في فمك، فما أجابك تبتلعه، وما امتنع تحركه بالخلال، ثم تخرجه فلتلفظه. وأتي بالطست والماء فابتدأ بأول من على يساره حتى انتهى إليه فغسل، ثم غسل من على يمينه حتى أتي على آخرهم. ثم قال: يا عاصم! كيف أنتم في التواصل والتبار؟ فقال: على أفضل ما كان عليه أحد. فقال: أيأتي أحدكم منزل أخيه عند الضيقة فلا يجده فيأمر بإخراج كيسه فيخرج فيفض ختمه فيأخذ من ذلك حاجته فلا ينكر عليه؟ قال: لا، قال: لستم على أفضل ما كان أحد عليه من التواصل. (4)
1 - الجبن: ما جمد من اللبن، والبزر: ما تطيب به الغذاء. المنجد: 78 و 36. 2 - التور: إناء صغير. المصدر: 66، والعجة: طعام من بيض ودقيق وسمن أو زيت. المصدر: 488. 3 - العافي ج عفاة وعفي وعافية: كل طالب فضل أو رزق. المصدر: 517. 4 - مكارم الأخلاق: 148، بحار الأنوار 66: 421 ح 36 و 309 ح 5، وفيه: إلى قوله: فإن هذا طعام يعجبني و 48: 117 ح 35، وسائل الشيعة 17: 21 ح 57. 702 حرمة الصدقة على آل محمد (عليهم السلام) [735] - 22 - البلاذري: حدثنا محمد بن مصفى الحمصي: حدثنا العباس بن الوليد، عن شعبة، عن بريد بن أبي مريم، عن أبي الحوراء السعدي قال: قلت لحسين بن علي [(عليهما السلام)]: ما تذكر من رسول الله؟ قال: أتي رسول الله (صلى الله عليه وآله) بتمر من تمر الصدقة، فأخذت منه تمرة فجعلت ألوكها، فأخذها [مني] بلعابها حتى ألقاها في التمر. وقال: إن آل محمد لا تحل لهم الصدقة. (1) [736] - 23 - ابن حنبل: حدثنا عبد الله، حدثني أبي، أنبأنا وكيع، حدثنا ثابت بن عمارة، عن ربيعة بن شيبان [أبي الحوراء]، قال: قلت للحسين بن علي [(عليهما السلام)]: ما تعقل عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ قال [(عليه السلام)]: صعدت غرفة فأخذت تمرة فلكتها في في، فقال النبى (صلى الله عليه وآله): ألقها، فإنها لا تحل لنا الصدقة. (2) نص أمير المؤمنين على الأئمة (عليهم السلام) [737] - 24 - الصدوق: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني قال: حدثنا علي بن إبراهيم ابن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن غياث بن إبراهيم، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي (عليهم السلام) قال:
1 - أنساب الأشراف 3: 143 ح 3، الذرية الطاهرة: 116 ح 126 عن الحسن بن علي (عليهما السلام). 2 - مسند أحمد بن حنبل 1: 201، المعجم الكبير للطبراني 3: 86 ح 2741، مجمع الزوائد 3: 90، الذرية الطاهرة 113، وفي الثلاثة الأخيرة عن الحسن بن علي (عليهما السلام). 703 سئل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن معنى قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): إني مخلف فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي. من العترة؟ فقال: أنا، والحسن، والحسين، والأئمة التسعة من ولد الحسين، تاسعهم مهديهم وقائمهم، لا يفارقون كتاب الله ولا يفارقهم حتى يردوا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) حوضه. (1) [738] - 25 - ابن شهر آشوب: في حديث الأعمش، عن الحسين بن علي (عليهما السلام) قال: فأخبرني يا رسول الله! هل يكون بعدك نبي؟ فقال (صلى الله عليه وآله): لا، أنا خاتم النبيين، لكن يكون بعدي، أئمة قوامون بالقسط بعدد نقباء بني إسرائيل.... (2) معرفة النبي والوصي (عليهم السلام) وإطاعتهما [739] - 26 - الامام العسكري (عليه السلام): قال الحسين بن علي (عليهما السلام): من عرف حق أبويه الأفضلين: محمد وعلي وأطاعهما حق الطاعة قيل له: تبحبح (3) في أي الجنان شئت. (4) أدب النبي والوصي (عليهم السلام) في العطسة [740] - 27 - الخوارزمي: من طريق ابن الزاغوني قال جزاه الله خيرا، وأخبرني والدي،
1 - عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 60 ح 25، إعلام الورى: 375، بحار الأنوار 36: 373 ح 2. 2 - المناقب 1: 300، إثبات الهداة 3: 133 ح 899، بحار الأنوار 36: 271 ح 92، العوالم 15: 222 ح 204. 3 - التبحبح: التمكن في الحلول والمقام، وقد بحبح وتبحبح: إذا تمكن وتوسط المنزل والمقام. لسان العرب 1: 323 (بحبح). 4 - التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 330 ح 193، تفسير البرهان 3: 245 ح 3، بحار الأنوار 36: 9 ضمن ح 11، و 23: 260 ضمن ح 8. 704 حدثنا أبو بكر محمد بن إبراهيم قاضي القضاة، أبو الحسن عبد الجبار بن أحمد الأسد آبادي، حدثنا أبو حاتم أحمد بن الحسن بن هارون، بالري، حدثنا عبد الله بن محمد البغدادي، حدثنا محمد بن سهل، مولى عمر بن عبد العزيز، حدثنا عمرو بن عبد الجبار، عن أبيه، عن موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي (عليهم السلام): أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان إذا عطس قال له علي (عليه السلام): أعلى الله ذكرك يا رسول الله! وإذا عطس علي (عليه السلام) قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): أعلى الله عقبك يا علي! (1)
1 - مقتل الحسين (عليه السلام) 1: 110. 705 5 - في أبيه الإمام علي (عليهما السلام) إيمان علي (عليه السلام) [741] - 1 - أبو الطيب الطبري: وجدت في فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل: أن قتادة روى عن الحسين (عليه السلام): أسلم وله خمس عشرة سنة. (1) النظر إلى علي (عليه السلام) [742] - 2 - الصدوق: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد قال: حدثنا الحسن بن متيل الدقاق قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب قال: حدثنا محمد بن سنان، عن جعفر بن سليمان النهدي، قال: حدثنا ثابت بن دينار الثمالي، عن سيد العابدين علي بن الحسين، عن أبيه (عليهما السلام) قال: نظر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم إلى على (عليه السلام) وقد أقبل وحوله جماعة من أصحابه، فقال: من أراد أن ينظر إلى يوسف في جماله، وإلى إبراهيم في سخائه،
1 - تذكرة الفقهاء 2: 274. إن هذه الرواية معارضة لسائر الروايات الكثيرة التي روته الخاصة والعامة بطرق مختلفة، على أن الإمام علي (عليه السلام) أسلم قبل أن يبلغ الحلم، راجع تاريخ دمشق - ترجمة الإمام علي (عليه السلام) - 1: 80 - 82، وكشف الغمة 2: 79 - 88، و.... 706 وإلى سليمان في بهجته، وإلي داود في قوته [حكمته] فلينظر إلى هذا. (1) أحب الناس عند الله [743] - 3 - الهيثمي: عن الحسين بن علي [(عليهما السلام)] قال: أتى جبرئيل النبي [(صلى الله عليه وآله)] فقال: يا محمد! إن الله يحب من أصحابك ثلاثة، فأحبهم: علي بن أبي طالب، وأبو ذر والمقداد بن الأسود. (2) علي (عليه السلام) وإجابة الدعوة [744] - 4 - الطبرسي: بإسناده عن الرضا، عن آبائه (عليهم السلام) قال: حدثني أبي الحسين بن علي (عليهما السلام) قال: دعا رجل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، فقال له: أجبتك على أن تضمن لي ثلاث خصال! قال: وما هي يا أمير المؤمنين؟ قال: أن لا تدخل علي شيئا من خارج، ولا تدخر عني شيئا في البيت، ولا تجحف بالعيال، قال: ذلك لك. فأجابه علي (عليه السلام). (3) أخذ السبحة [745] - 5 - الراوندي: روي أنه لما حمل علي بن الحسين (عليهما السلام) إلى يزيد عليه اللعنة هم بضرب عنقه، فوقفه بين يديه، وهو يكلمه، ليستنطقه بكلمة يوجب بها قتله، وعلي (عليه السلام) يجيبه
1 - الأمالي: 524 ح 11، بحار الأنوار 39: 35 ح 2. 2 - مجمع الزوائد 9: 330. 3 - صحيفة الإمام الرضا (عليه السلام): 246 ح 155، الخصال: 188 ح 260، بحار الأنوار 75: 451 ح 4، وسائل الشيعة 17: 15 ح 34 مرسلا، مستدرك الوسائل 16: 239 ح 19726 عن دعائم الإسلام، ولم نجده فيه. 707 حسب ما يكلمه، وفي يده سبحة صغيرة يديرها بأصابعه وهو يتكلم، فقال له يزيد عليه ما يستحقه: أنا أكلمك وأنت تجيبني وتدير أصابعك بسبحة في يدك، فكيف يجوز ذلك؟! فقال (عليه السلام): حدثني أبي، عن جدي (صلى الله عليه وآله): أنه كان إذا صلى الغداة وانفتل لا يتكلم حتى يأخذ سبحة بين يديه، فيقول: أللهم إني أصبحت أسبحك وأحمدك وأهللك وأكبرك وأمجدك بعدد ما أدير به سبحتي، ويأخذ السبحة في يده ويديرها وهو يتكلم بما يريد من غير أن يتكلم بالتسبيح، وذكر أن ذلك محتسب له، وهو حرز إلى أن يأوي إلى فراشه، فإذا آوى إلى فراشه، قال مثل ذلك القول ووضع سبحته تحت رأسه، فهي محسوبة له من الوقت إلى الوقت. ففعلت هذا اقتداء بجدي (صلى الله عليه وآله)، فقاله يزيد عليه اللعنة: مرة بعد أخرى: لست أكلم أحدا منكم إلا ويجيبني بما يفوز به، وعفا عنه، ووصله وأمره بإطلاقه. (1) رياضة الإمام علي (عليه السلام) [746] - 6 - القندوزي الحنفي: وفي كتاب ذخيرة الملوك للسيد علي الهمداني (قدس الله سره ووهب لنا بركاته وفتوحاته): أن عليا [(عليه السلام)] كان معتكفا في مسجد الكوفة، جاء أعرابي وقت إفطاره، فأخرج علي من جراب سويق شعير فأعطاه منه شيئا، فلم يأكله الأعرابي، فعقده في طرف عمامته، فجاء إلى دار الحسنين [(عليهما السلام)] فأكل معهما، فقال لهما: رأيت شيخا غريبا في المسجد لا يجد غير هذا السويق فترحمت عليه فأحمل من هذا الطعام
1 - الدعوات: 61 ح 152، بحار الأنوار 45: 200، و 101: 136 ح 78، مستدرك الوسائل 5: 124 ح 5485. 708 إليه ليأكله؟ فبكيا وقالا: إنه أبونا أمير المؤمنين علي، يجاهد نفسه بهذه الرياضة. (1) شجاعة الإمام علي (عليه السلام) [747] - 7 - الصدوق: حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن خلف بن حماد، عن أبي الحسن العبدي، عن سليمان بن مهران، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن حبشي، عن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) قال: ما قدمت راية قوتل تحتها أمير المؤمنين (عليه السلام) إلا نكسها الله تبارك وتعالى وغلب أصحابها وانقلبوا صاغرين، وما ضرب أمير المؤمنين (عليه السلام) بسيفه ذي الفقار أحدا فنجا، وكان إذا قاتل قاتل جبرائيل عن يمينه وميكائيل عن يساره وملك الموت بين يديه. (2) اخضرار شجرة الرمان وإثمارها بيد الإمام علي (عليه السلام) [748] - 8 - الراوندي: روي عن أبي جعفر، عن آبائه (عليهم السلام) أن الحسين بن علي (عليهما السلام) قال: كنا قعودا ذات يوم عند أمير المؤمنين (عليه السلام)، وهناك شجرة رمان يابسة، إذ دخل عليه نفر من مبغضيه، وعنده قوم من محبيه فسلموا، فأمرهم بالجلوس. فقال على (عليه السلام): إني أريكم اليوم آية تكون فيكم كمثل المائدة في بني إسرائيل
1 - ينابيع المودة: 174. 2 - الأمالي: 414 ح 9، بحار الأنوار 41: 76 ح 6 عن الحسن بن علي (عليهما السلام). 709 إذ يقول الله: (إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العلمين). (1) ثم قال: انظروا إلى الشجرة - وكانت يابسة - وإذا هي قد جرى الماء في عودها، ثم اخضرت وأورقت وعقدت وتدلى حملها على رؤوسنا، ثم التفت إلينا فقال للقوم الذين هم محبوه: مدوا أيديكم وتناولوا وكلوا. فقلنا: بسم الله الرحمن الرحيم، وتناولنا وأكلنا رمانا لم نأكل قط شيئا أعذب منه وأطيب. ثم قال للنفر الذين هم مبغضوه: مدوا أيديكم وتناولوا، فمدوا أيديهم فارتفعت، وكلما مد رجل منهم يده إلى رمانة ارتفعت، فلم يتناولوا شيئا، فقالوا: يا أمير المؤمنين! ما بال إخواننا مدوا أيديهم وتناولوا وأكلوا، ومددنا أيدينا فلم ننل؟ فقال (عليه السلام): وكذلك الجنة لا ينالها إلا أولياؤنا ومحبونا، ولا يبعد منها إلا أعداؤنا ومبغضونا. فلما خرجوا قالوا: هذا من سحر علي بن أبي طالب قليل! قال سلمان: ماذا تقولون: (أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون) (2). (3) ولاية الإمام علي (عليه السلام) [749] - 9 - المجلسي: أحمد بن محمد بن الصلت، عن ابن عقده، عن محمد بن عيسى بن
1 - المائدة: 5 / 115. 2 - الطور: 52 / 15. 3 - الخرائج والجرائح 1: 219 ح 64، الثاقب في المناقب: 244 ح 209، بحار الأنوار 41: 249 ح 4، مدينة المعاجز 1: 349 ح 266، إثبات الهداة 5: 30 مختصرا. 710 هارون، عن محمد بن زكريا، عن كثير بن طارق من ولد قنبر، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده (عليهما السلام) (1) قال: أعطى النبي (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) خاتما لينقش عليه: محمد بن عبد الله، فأخذه أمير المؤمنين (عليه السلام) فأعطاه النقاش، فقال (عليه السلام) له: انقش عليه: محمد بن عبد الله، فنقش النقاش فأخطأت يده فنقش عليه محمد رسول الله، فجاء أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: ما فعل الخاتم؟ فقال: هوذا، فأخذه ونظر إلى نقشه فقال: ما أمرتك بهذا. قال: صدقت، ولكن يدي أخطأت. فجاء به إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله! ما نقش النقاش ما أمرت به، وذكر أن يده أخطأت. فأخذ النبي (صلى الله عليه وآله) ونظر إليه فقال: يا علي! أنا محمد بن عبد الله، وأنا محمد رسول الله، وتختم به، فلما أصبح النبي (صلى الله عليه وآله) نظر إلى خاتمه، فإذا تحته منقوش علي ولي الله، فتعجب من ذلك النبي (صلى الله عليه وآله) فجاء جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا جبرئيل! كان كذا وكذا. فقال: يا محمد! كتبت ما أردت، وكتبنا ما أردنا. (2) تكلم الإمام علي (عليه السلام) مع الدراج [750] - 10 - الشاذان القمي: وبالإسناد يرفعه عن الحسن العسكري، عن النسب الطاهر إلى الحسين (عليه السلام) قال: كنت مع أبي علي بن أبي طالب (عليه السلام) يوما على الصفا، وإذا هو بدراج (3)
1 - كذا في البحار والمستدرك، وفي الأمالي للطوسي عن ابن عباس، وما أورده المجلسي والنوري ناشىء عن احتمال وجود نسخة عندهما بهذا السند. 2 - بحار الأنوار 40: 37 ح 72، و 19: 291 ح 26، مدينة المعاجز 1: 425 ح 285، مستدرك الوسائل: 3: 305 ح 6639، والأمالي للطوسي 2: 315، وفيه: عن ابن عباس. 3 - الدراج: طائر شبيه بالحجل وأكبر منه، أرقط بسواد وبياض، قصير المنقار، يطلق على الذكر والأنثى. 711 (يدرج) على وجه الأرض في الصفا، فوقف مولاي بإزائه، فقال: السلام عليك أيها الدراج. فأجابه يقول: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته يا أمير المؤمنين!، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): أيها الدراج! ما تصنع في هذه المكان؟ فقال: يا أمير المؤمنين! أنا في هذا المكان منذ أربعمائة عام أسبح الله تعالى وأقدسه وأحمده وأهلله وأكبره وأعبده حق عبادته. فقال (عليه السلام): إن هذا الصفا لا مطعم فيه، ولا مشرب، فمن أين مطعمك ومشربك؟ فقال له: يا مولاي وحق من بعث ابن عمك بالحق نبيا، وجعلك وصيا، إني كلما جعت دعوت الله لشيعتك ومحبيك فأشبع، وإذا عطشت دعوت الله على مبغضيك (ومنقصيك) وظالميك، فأروى. ثم أنشد شعرا، وهو هذه الأبيات: أيها السائل عما * دونه النجم العلي خير خلق الله من * بعد النبيين علي هكذا أخبرنا عن * ربه الهادي النبي إن ما استخبرت عنه * واضح الأمر الجلى وبه فاز الموالي * وبه ضل الغوي لم يمل عنه وعن * أبنائه إلا الشقي (1) [751] - 11 - الراوندي: روي عن الحسين (عليه السلام) أن عليا (عليه السلام) كان ذات يوم بأرض قفر، فرأى دراجا، فقال: يا دراج! منذ كم أنت في هذه البرية؟ ومن أين مطعمك ومشربك؟
1 - الفضائل: 471 ح 200، مدينة المعاجز 1: 286 ح 181 وبحار الأنوار 41: 235 ح 6، عنه وعن كتاب اليقين، و فيه: عن موسى الكاظم (عليه السلام). 712 فقال: يا أمير المؤمنين! أنا في هذه البرية منذ مائة سنة، إذا جعت أصلي عليكم فأشبع، وإذا عطشت فأدعو على ظالميكم فأروى.... (1) منزلة علي (عليه السلام) عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) [752] - 12 - الأسترآبادي: أبو جعفر محمد بن بابويه، عن حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله البرقي، عن أبيه محمد بن خالد، بأسناد متصل إلى محمد بن الفيض بن المختار، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم وهو راكب، وخرج علي (عليه السلام) وهو يمشي، فقال له: يا أبا الحسن! إما أن تركب وإما أن تنصرف، فإن الله عزوجل أمرني أن تركب إذا ركبت، وتمشي إذا مشيت، وتجلس إذا جلست، إلا أن يكون في حد من حدود الله لابد لك من القيام والقعود فيه، وما أكرمني الله بكرامة إلا وقد أكرمك بمثلها، وخصني الله بالنبوة والرسالة، وجعلك وليي في ذلك، تقوم في حدوده وصعب أموره، والذي بعثني بالحق نبيا! ما آمن بي من أنكرك، ولا أقر بي من جحدك، ولا آمن بالله من كفر بك، وإن فضلك لمن فضلي، وإن فضلي لفضل الله وهو قول ربي عزوجل: (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون) (2)، فضل الله نبوة نبيكم، ورحمته ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام): فبذلك قال بالنبوة والولاية، فليفرحوا يعني الشيعة، خير مما يجمعون يعني مخالفيهم من الأهل والمال والولد في دار الدنيا. والله، يا علي! ما خلقت إلا لتعبد ربك، وليعرف بك معالم الدين، ويصلح بك
1 - الخرائج والجرائح 2: 560 ح 18، مدينة المعاجز 1: 285 ح 180 عن سلمان الفارسي، بحار الأنوار 27: 268 ح 18، و 65: 43 ح 3، عن الحسن بن علي (عليهما السلام). 2 - يونس: 10 / 58. 713 دارس السبيل، ولقد ضل من ضل عنك، ولن يهتدي إلى الله من لم يهتد إليك وإلى ولايتك وهو قول ربي عزوجل: (وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صلحا ثم اهتدى) (1) يعني إلى ولايتك، ولقد أمرني ربي تبارك وتعالى إن أفترض من حقك ما أفترض من حقي، وإن حقك لمفروض على من آمن بي، ولولاك لم يعرف حزب الله، وبك يعرف عدو الله، ومن لم يلقه بولايتك لم يلقه بشيء، ولقد أنزل الله عزوجل [إلي]: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) يعني في ولايتك يا علي! (وإن لم تفعل فما بلغت رسالته) (2) ولو لم أبلغ ما أمرت به من ولايتك لحبط عملي! ومن لقي الله عزوجل بغير ولايتك، فقد حبط عمله، وغدا سحقا له [سحقا]، وما أقول إلا قول ربي تبارك وتعالى، وإن الذي أقول لمن الله عزوجل أنزله فيك. (3) حراسة الحسنين عن الإمام علي (عليهم السلام) [753] - 13 - الصفار: حدثنا أحمد بن الحسن بن علي بن فضال، عن علي بن أسباط، يرفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: دخل أمير المؤمنين [(عليه السلام)] الحمام، فسمع صوت الحسن والحسين (عليهما السلام) قد علا، فقال لهما (عليه السلام): ما لكما، فداكما أبي وأمي؟! فقالا: اتبعك هذا الفاجر [ابن ملجم] (4) فظننا أنه يريد أن يضرك. قال [(عليه السلام)]: دعاه، والله! ما أطلق إلا له. (5)
1 - طه: 20 / 82. 2 - المائدة: 5 / 67. 3 - تأويل الآيات الظاهرة: 222، بحار الأنوار: 24: 64 ح 49، تفسير البرهان 1: 488 ح 2. 4 - ما بين المعقوفتين عن الخرائج. 5 - بصائر الدرجات: 480، الخرائج والجرائح 2: 771 ح 73، مرسلا وبتفاوت يسير، بحار الأنوار 42: 234 ح 43. 714 بكاء النبي والإمام علي (عليهما السلام) [754] - 14 - الديلمي: قال الحسين (عليه السلام): ما دخلت على أبي قط إلا وجدته باكيا. وقال: إن النبي (صلى الله عليه وآله) بكى حين وصل في قراءته: (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا (1)). (2) حبط أعمال الدافع لفضل الإمام علي (عليه السلام) [755] - 15 - الإمام العسكري (عليه السلام): قال الحسين بن علي (عليهما السلام): إن دفع الزاهد العابد لفضل علي (عليه السلام) على الخلق كلهم بعد النبي (صلى الله عليه وآله)، ليصير كشعلة نار في يوم ريح عاصف، وتصير سائر أعمال الدافع لفضل علي (عليه السلام) كالحلفاء (3) وإن امتلأت منه الصحاري، واشتعلت فيها تلك النار وتخشاها تلك الريح حتى تأتى عليها كلها فلا تبقي لها باقية. (4) استفسار الإمام علي (عليه السلام) عن رجل من شيعته [756] - 16 - الصدوق: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن الريان بن الصلت، عن الرضا علي بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن
1 - النساء: 4 / 41. 2 - إرشاد القلوب: 97، مستدرك الوسائل 11: 245 ح 13884 قطعة منه. 3 - الحلفاء: نبت أطرافه محددة كأنها سعف النخل والخوص. المنجد: 149. 4 - التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 89 ح 47. 715 الحسين، عن أبيه الحسين بن علي [(عليهم السلام)] قال: رأى أمير المؤمنين (عليه السلام) رجلا من شيعته بعد عهد طويل، وقد أثر السن فيه، وكان يتجلد في مشيته، فقال (عليه السلام): كبر سنك يا رجل! قال: في طاعتك، يا أمير المؤمنين! فقال (عليه السلام): إنك لتتجلد. قال: على أعدائك، يا أمير المؤمنين! فقال (عليه السلام): أجد فيك بقية. قال: هي لك، يا أمير المؤمنين. (1) النهي عن نقل الموتى عن مصارعهم [757] - 17 - محمد بن الأشعث: أخبرنا عبد الله بن محمد، قال: أخبرنا محمد بن محمد قال: حدثني موسى بن إسماعيل قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام): أن رجلا مات بالرستاق على رأس فرسخ من الكوفة، فحملوه إلى الكوفة، فرفع ذلك إلى على بن أبي طالب (عليه السلام) فأنهكهم (2) عقوبة، ثم قال: ادفنوا الأجساد في مصارعهم، ولا تفعلوا كفعل اليهود، فإن اليهود تنقل موتاهم إلى بيت المقدس (3).
1 - الأمالي: 150 ح 6، عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 271 ح 61. 2 - في نسخة: فانهتكم، والظاهر أن الصحيح: فانتهكهم. نهكه نهكا وأنهكه: بالغ في عقوبته. 3 - الجعفريات: 338 ح 1386، دعائم الإسلام 1: 238 بتفاوت يسير، بحارالأنوار 79: 66 ح 3، مستدرك الوسائل 2: 31 ح 2061 و 313 ح 2064. 716 بعث علي أمير المؤمنين (عليه السلام) قبل يوم القيمة [758] - 18 - ابن كثير: قال أبو القاسم: حدثنا علي بن الجعد، حدثنا زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن الأصم قال: قلت للحسين بن علي: إن هذه الشيعة (1) يزعمون أن عليا مبعوث قبل يوم القيامة. فقال: كذبوا والله! ما هؤلاء بالشيعة، لو علمنا أنه مبعوث ما زوجنا نساءه، ولا قسمنا ماله. ورواه أسباط بن محمد، عن مطرف، عن إسحاق، عن عمرو بن الأصم، عن الحسن بن علي نحوه. (2) فضيلة الإمام علي (عليه السلام) [759] - 19 - ابن عساكر: أخبرنا أبو محمد عبدان بن رزين بن محمد، أنبأنا نصر بن إبراهيم، أنبأنا عبد الوهاب بن الحسين بن عمر بن برهان، أنبأنا الحسين بن محمد ابن عبيد العسكري، أنبأنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، أنبأنا عمي أبو بكر، أنبأنا زيد بن الحباب، أنبأنا الربيع بن المنذر الثوري، أنبأنا أبي، عن سعيد بن حذيفة بن اليمان، عن مولى لحذيفة، قال: كان حسين بن علي [(عليهما السلام)] آخذا بذراعي في أيام الموسم - قال: - ورجل
1 - لعل المراد منهم الغلاة من الشيعة، وهم الذين يعتقدون بأنه (عليه السلام) لم يمت، وهو حي، أو الرواية موضوعة لأن الاعتقاد بالرجعة من ضروريات المذهب. 2 - البداية والنهاية 8: 15، تاريخ ابن عساكر: 170 ح 287، الطبقات الكبرى 1: 28، المعجم الكبير 3: 26 ح 2560، في الثلاثة الأخيرة عن الحسن (عليه السلام). 717 خلفنا يقول: أللهم أغفر له ولأمه، فأطال ذلك. فترك [الحسين (عليه السلام)] ذراعي وأقبل عليه فقال [له]: قد أذيتنا منذ اليوم؟! تستغفر لي ولأمي، وتترك أبي؟! وأبي خير مني ومن أمي. (1) دعاء النبي (صلى الله عليه وآله) وعلي (عليه السلام) عند لبس الثياب [760] - 20 - الطوسي: أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمد بن جعفر الحفار قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن علي بن علي الدعبلي قال: حدثني أبي أبو الحسن علي بن علي بن رزين بن عثمان بن عبد الرحمن بن عبد الله بن بديل بن ورقا، أخو دعبل ابن علي الخزاعي، عن الرضا، عن آبائه، عن الحسين بن علي (عليهم السلام) قال: أتى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) أصحاب القمص فساوم شيخا منهم، فقال: يا شيخ بعني قميصا بثلاثة دراهم. فقال الشيخ: حبا وكرامة. فاشترى منه قميصا بثلاثة دراهم، فلبسه ما بين الرسغين إلى الكعبين، وأتى المسجد فصلى فيه ركعتين، ثم قال: الحمد لله الذي رزقني من الرياش ما أتجمل به في الناس، وأؤدي فيه فريضتي، وأستر به عورتي. فقال له رجل: يا أمير المؤمنين أعنك نروي هذا، أو شيء سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ قال: بل شيء سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول ذلك عند الكسوة. (2)
1 - تاريخ ابن عساكر، ترجمة الإمام علي (عليه السلام) 3: 75 ح 1108، وترجمة الإمام الحسين (عليه السلام): 156 ح 202. 2 - الأمالي: 365 ح 771، بحار الأنوار 91: 386 ح 18، و 79: 320 ح 2 بسند آخر. 718 السنة في الأعضاء المقطعة [761] - 21 - محمد بن الأشعث: أخبرنا عبد الله بن محمد قال: أخبرنا محمد بن محمد قال: حدثني موسى بن إسماعيل قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام): وجد ميتا مقطعا أعضاؤه، فجمعها وقدمه، فصلى عليه، ودفنه (1). إنذار علي (عليه السلام) أهل السوق [762] - 22 - محمد بن الأشعث: وبإسناده، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام): أنه ركب بغلة رسول الله (صلى الله عليه وآله) الشهباء بالكوفة، فأتى سوقا سوقا، فأتى طاق اللحامين، فقال بأعلى صوته: يا معشر القصابين! لا تنخعوا، ولا تعجلوا الأنفس حتى تزهق، وإياكم والنفخ في اللحم للبيع، فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله): ينهى عن ذلك. ثم أتى التمارين، فقال: أظهروا من رديء بيعكم ما تظهرون من جيده. ثم أتى السماكين، فقال: لا تبيعوا إلا طيبا، وإياكم وما طفا (2). ثم أتى الكناسة، فإذا فيها أنواع التجارة من نحاس، ومن صائغ (3)، ومن قماط (4)، ومن بائع إبر، ومن صيرفي، ومن حناط، ومن بزاز، فنادى بأعلى صوته: إن أسواقكم هذه يحضرها الأيمان، فشوبوا أيمانكم بالصدقة، وكفوا عن
1 - الجعفريات: 343 ح 1402، عنه مستدرك الوسائل 2: 288 ح 1989. 2 - في الأصل: حلفا، وما أثبتناه من حاشيته وطبع الكوشانبور والمستدرك. طفا الشيء فوق الماء طفوا من باب قال وطفوا على فعول: إذا علا ولم يرسب، ومنه السمك الطافي، وهو الذي يموت في الماء، ثم يعلو فوق وجهه. المصباح المنير: 374. 3 - في الأصل: من نجاس، ومن مائع، وما أثبتناه عن المستدرك، وفي الدعائم: نخاس، بدل نحاس. (4) القماط: من يصنع القمط للصبيان. القماط ج قمط: خرقة عريضة تلف على الصغير إذا شد في المهد. المنجد: 654. 719 الحلف، فإن الله عزوجل لا يقدس من حلف باسمه كاذبا (1). أوصاف النبي (صلى الله عليه وآله) [763] - 23 - زيد بن علي (رحمهما الله): [قال أبو خالد الواسطي:] حدثني زيد بن علي، عن أبيه، عن جده الحسين (عليه السلام) قال: بينما علي (عليه السلام) بين أظهركم بالكوفة، وهو يحارب معاوية بن أبي سفيان في صحن مسجدكم هذا، محتبيا بحمائل سيفه، وحوله الناس محدقون به، وأقرب الناس منه أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والتابعون يلونهم إذ قال له رجل من أصحابه: يا أمير المؤمنين! صف لنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) كأنا ننظر إليه، فإنك أحفظ لذلك منا. قال: فصوب رأسه، ورق لذكر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، واغرورقت عيناه، قال: ثم رفع رأسه ثم قال: نعم، كان رسول الله أبيض اللون مشربا بحمرة، أدعج العينين، سبط الشعر، دقيق العرنين. (2) شهادة أبيه (عليهما السلام) [764] - 24 - محمد بن الأشعث: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام): أن الحسين ابن على بن أبي طالب (عليهما السلام) شهد لأبيه على (عليه السلام) شهادة قد سرع شهادته. فقال علي (عليه السلام): تالون وقالون، بالرومية (3)، أي جيد (4).
1 - الجعفريات: 389 ح 1573، دعائم الإسلام 2: 538 ضمن ح 1913، بتفاوت يسير، مستدرك الوسائل 16: 134 ح 19382 و 157 ح 19458 قطعتان منه و 13: 269 ح 15323. 2 - مسند زيد: 427، روضة الواعظين: 76 مرسلا، الأمالي للطوسي، 340 ح 695 في حديث طويل بسند آخر، ونحوه البحار 16: 147 ح 3. 3 - في المستدرك: " قالون وقالون بالرومية "، بدل ما في المتن. 4 - الجعفريات: 236 ح 943، عنه مستدرك الوسائل 17: 428 ح 21756. 720 6 - في أخيه الإمام الحسن (عليه السلام) خشية الإمام الحسن (عليه السلام) [765] - 1 - ابن شهرآشوب: روي أنه دخلت عليه [أي على الحسن (عليه السلام)] امرأة جميلة، وهو في صلاته، فأوجز في صلاته، ثم قال [(عليه السلام)] لها: ألك حاجة؟ قالت: نعم. قال [(عليه السلام)]: وما هي؟ قالت: قم، فأصب مني، فإني وفدت ولا بعل لي. قال [(عليه السلام)]: إليك عني، لا تحرقيني بالنار ونفسك! فجعلت تراوده عن نفسه، وهو يبكي ويقول: ويحك! إليك عني. واشتد بكاؤه، فلما رأت ذلك بكت لبكائه! فدخل الحسين (عليه السلام) ورآهما يبكيان، فجلس يبكي، وجعل أصحابه يأتون ويجلسون ويبكون حتى كثر البكاء وعلت الأصوات، فخرجت الأعرابية، وقام القوم وترحلوا، ولبث الحسين [(عليه السلام)] بعد ذلك دهرا لا يسأل أخاه عن ذلك إجلالا، فبينما الحسن [(عليه السلام)] ذات ليلة نائما إذ استيقظ وهو يبكي، فقال له الحسين [(عليه السلام)]: ما شأنك؟ قال:! رؤيا رأيتها الليلة، قال [(عليه السلام)]: وما هي؟
721 قال لا تخبر أحدا ما دمت حيا؟ قال [(عليه السلام)]: نعم. قال: رأيت يوسف، فجئت أنظر إليه فيمن نظر، فلما رأيت حسنه بكيت، فنظر إلى في الناس فقال: ما يبكيك يا أخي، بأبي أنت وأمي؟! فقلت ذكرت يوسف وامرأة العزيز، وما ابتليت به من أمرها، وما لقيت من السجن، وحرقة الشيخ يعقوب، فبكيت من ذلك، وكنت أتعجب منه. فقال يوسف: فهلا تعجبت مما فيه المرأة البدوية بالأبواء. (1) فصاحة الإمام الحسن (عليه السلام) [766] - 2 - ابن عساكر: أخبرنا أبو القاسم ابن السمرقندي: أنبأنا عمر بن عبيد الله، أنبأنا أبو الحسين ابن بشران، أنبأنا عثمان بن أحمد، أنبأنا حنبل بن إسحاق، أنبأنا سليمان بن أبي شيخ، أنبأنا خالد بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص، عن أبيه، قال: كان الحسن يقول للحسين [(عليهما السلام)]: أي أخ، والله! لوددت أن لي بعض شدة قلبك، فيقول له الحسين [(عليه السلام)]: وأنا والله! وددت أن لي بعض ما بسط لك من لسانك. (2) [767] - 3 - الإربلي: قال [الحسين (عليه السلام)] يوما لأخيه الحسن (عليه السلام): يا حسن! وددت أن لسانك لي وقلبي لك. (3)
1 - المناقب 4: 14، بحار الأنوار 43: 340 ح 14، العوالم 16: 131 ح 3. 2 - تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 146 ح 187، تاريخ الإسلام 5: 101 باختلاف يسير. 3 - كشف الغمة 2: 31، المحجة البيضاء 4: 227، بحار الأنوار 44: 195 ضمن ح 8. 722 تصديق الإمام (عليه السلام)، عبد الله بن جعفر [768] - 4 - سليم بن القيس: أبان، عن سليم قال: حدثني عبد الله بن جعفر بن أبي طالب قال: كنت عند معاوية ومعنا الحسن والحسين، وعنده عبد الله بن عباس، فالتفت إلي معاوية، فقال: يا عبد الله! ما أشد تعظيمك للحسن والحسين!؟ وما هما بخير منك ولا أبوهما خير من أبيك، ولولا أن فاطمة بنت رسول الله لقلت: ما أمك أسماء بنت عميس بدونها. فقلت: والله! إنك لقليل العلم بهما وبأبيهما وبأمهما، بل والله! لهما خير مني، وأبوهما خير من أبي، وأمهما خير من أمي. يا معاوية! إنك لغافل عما سمعته أنا من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، يقول فيهما وفي أبيهما وأمهما قد حفظته ووعيته ورويته. قال: هات، يا ابن جعفر، فوالله! ما أنت بكذاب ولا متهم. فقلت: إنه أعظم مما في نفسك، قال: وإن كان أعظم من أحد وحراء جميعا، فلست أبالي إذ قتل الله صاحبك وفرق جمعكم وصار الأمر في أهله، فحدثنا فما نبالي بما قلتم، ولا يضرنا ما عدمتم. قلت: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد سئل عن هذه الآية: (وما جعلنا الرؤيا التي أرينك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن)، (1) فقال: إني رأيت اثني عشر رجلا من أئمة الضلالة يصعدون منبري وينزلون، يردون أمتي على أدبارهم القهقرى، فيهم رجلان من حيين من قريش مختلفين، وثلاثة من بني أمية،
1 - الإسراء: 17 / 60. 723 وسبعة من ولد الحكم بن أبى العاص. وسمعته يقول: إن بني أبي العاص إذا بلغوا خمسة عشر رجلا جعلوا كتاب الله دخلا، وعباد الله خولا، ومال الله دولا. يا معاوية إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول على المنبر - وأنا بين يديه، وعمر ابن أبي سلمة، وأسامة بن زيد، وسعد بن أبي وقاص، وسلمان الفارسي، وأبو ذر، والمقداد، والزبير بن العوام - وهو يقول: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم فقلنا: بلى، يا رسول الله! قال: أليس أزواجي أمهاتكم؟ قلنا: بلى، يا رسول الله! قال: من كنت مولاه فعلي مولاه - أولى به من نفسه - وضرب بيديه على منكب علي (عليه السلام) [وقال:] أللهم وال من والاه وعاد من عاداه، أيها الناس! أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم ليس لهم معي أمر، وعلي من بعدي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ليس لهم معه أمر، ثم ابني الحسن أولى بالمؤمنين من أنفسهم ليس لهم معه أمر. ثم عاد فقال: أيها الناس إذا أنا استشهدت فعلي أولى بكم من أنفسكم، فإذا استشهد علي فابني الحسن أولى بالمؤمنين منهم بأنفسهم، فإذا استشهد الحسن فابني الحسين أولى بالمؤمنين منهم بأنفسهم، فإذا استشهد الحسين فابني علي بن الحسين أولى بالمؤمنين منهم بأنفسهم ليس لهم معه أمر. ثم أقبل [على] علي (عليه السلام)، فقال: يا علي! إنك ستدركه فاقرأه مني السلام، فإذا استشهد فابني محمد أولى بالمؤمنين منهم بأنفسهم، وستدركه أنت يا حسين! فاقرأه مني السلام، ثم يكون في عقب محمد رجال واحد بعد واحد، وليس منهم أحد إلا وهو أولى بالمؤمنين منهم بأنفسهم ليس لهم معه أمر، كلهم هادون مهتدون. فقام علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وهو يبكي، فقال: بأبي أنت وأمي يا نبي الله أتقتل؟!
724 قال: نعم، أهلك شهيدا بالسم، وتقتل أنت بالسيف، وتخضب لحيتك من دم رأسك، ويقتل ابني الحسن بالسم، ويقتل ابني الحسين بالسيف يقتله طاغ ابن طاغ، دعى ابن دعى. فقال معاوية: يا ابن جعفر! لقد تكلمت بعظيم، ولئن كان ما تقول حقا لقد هلكت أمة محمد من المهاجرين والأنصار غيركم أهل البيت وأوليائكم وأنصاركم! فقلت: والله! إن الذي قلت حقا، سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله). قال معاوية: يا حسن! ويا حسين! ويا ابن عباس! ما يقول ابن جعفر؟ فقال ابن عباس: إن لا تؤمن بالذي قال فأرسل إلى الذين سماهم فاسألهم عن ذلك. فأرسل معاوية إلى عمر بن أبي سلمة وإلى أسامة بن زيد، فسألهما، فشهدا أن الذي قال ابن جعفر قد سمعناه من رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما سمعه. فقال معاوية: يا ابن جعفر! قد سمعناه في الحسن والحسين وفي أبيهما، فما سمعت في أمهما؟! ومعاوية كالمستهزىء والمنكر. فقلت: سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: ليس في جنة عدن منزل أشرف ولا أفضل ولا أقرب إلى عرش ربي من منزلي، ومعي ثلاثة عشر من أهل بيتي: أخي علي، وابنتي فاطمة، وابناي الحسن والحسين، وتسعة من ولد الحسين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، هداة مهتدون، وأنا المبلغ عن الله، وهم المبلغون عني، وهم حجج الله على خلقه، وشهداؤه في أرضه، وخزانه على علمه ومعادن حكمه، من أطاعهم أطاع الله، ومن عصاهم عصى الله، لا تبقى الأرض طرفة عين إلا ببقائهم، ولا تصلح إلا بهم، يخبرون الأمة بأمر دينهم، حلالهم وحرامهم، يدلونهم على رضى ربهم، وينهونهم عن سخطه بأمر واحد ونهي واحد، ليس فيهم اختلاف
725 ولا فرقة ولا تنازع، يأخذ آخرهم عن أولهم إملائي، وخط أخي علي بيده، يتوارثونه إلى يوم القيامة، أهل الأرض كلهم في غمرة وغفلة وتيهة وحيرة غيرهم وغير شيعتهم وأوليائهم، لا يحتاجون إلى أحد من الأمة في شيء من أمر دينهم، والأمة تحتاج إليهم، هم الذين عنى الله في كتابه وقرن طاعتهم بطاعته وطاعة رسول الله فقال: (آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم) (1). فأقبل معاوية على الحسن والحسين وابن عباس والفضل بن عباس وعمر بن أبي سلمة وأسامة بن زيد، فقال: كلكم على ما قال ابن جعفر؟ قالوا: نعم. قال: يا بني عبد المطلب إنكم لتدعون أمرا عظيما، وتحتجون بحجج قوية إن كانت حقا، وإنكم لتضمرون على أمر تسرونه والناس عنه في غفلة عمياء، ولئن كان ما تقولون حقا لقد هلكت الأمة، وارتدت عن دينها، وتركت عهد نبينا غيركم أهل البيت، ومن قال بقولكم فأولئك في الناس قليل. فقلت: يا معاوية! إن الله تبارك وتعالى يقول: (وقليل من عبادي الشكور ) (2)، ويقول: (وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين) (3)، ويقول: (إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم) (4)، ويقول لنوح: (وما آمن معه إلا قليل) (5).
1 - النساء: 4 / 59. 2 - سبأ: 34 / 13. 3 - يوسف: 12 / 103. 4 - ص: 38 / 24. 5 - هود: 11 / 40. 726 يا معاوية! المؤمنون في الناس قليل، وإن أمر بني إسرائيل أعجب حيث قالت السحرة لفرعون: (فاقض ما أنت قاض إنما تقضى هذه الحيوة الدنيا * إنا آمنا بربنا) (1)، فآمنوا بموسى وصدقوه واتبعوه، فسار بهم وبمن تبعه من بني إسرائيل، فأقطعهم البحر وأراهم الأعاجيب، وهم يصدقون به وبالتوراة، يقرون له بدينه فمر بهم على قوم يعبدون أصناما لهم فقالوا: (يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة) (2). ثم اتخذوا العجل فعكفوا عليه جميعا غير هارون وأهل بيته، وقال لهم السامري: (هذا إلهكم وإله موسى فنسى) (3). وقال لهم بعد ذلك: (ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم) (4)، فكان من جوابهم ما قص الله في كتابه: (إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون) (5)، قال موسى: (رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين) (6). فاحتذت هذه الأمة ذلك المثال سواء، وقد كانت فضائل وسوابق مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومنازل منه قريبة، مقرين بدين محمد والقرآن حتى فارقهم نبيهم (صلى الله عليه وآله)، فاختلفوا وتفرقوا وتحاسدوا، وخالفوا إمامهم ووليهم حتى لم يبق منهم على ما عاهدوا عليه نبيهم غير صاحبنا الذي هو من نبينا بمنزلة هارون من موسى ونفر قليل لقوا الله عزوجل على دينهم وإيمانهم، ورجع الآخرون القهقرى على أدبارهم
1 - طه: 20 / 72 و 73. 2 - الأعراف: 7 / 138. 3 - طه: 20 / 88. 4 - المائدة: 5 / 21. 5 - المائدة: 5 / 22. 6 - المائدة: 5 / 25. 727 كما فعل أصحاب موسى (عليه السلام) باتخاذهم العجل، وعبادتهم إياه، وزعمهم أنه ربهم، وإجماعهم عليه غير هارون وولده ونفر قليل من أهل بيته. ونبينا (صلى الله عليه وآله) قد قصد نصب لأمته أفضل الناس وأولاهم وخيرهم بغدير خم وفي غير موطن، واحتج عليهم به وأمرهم بطاعته، وأخبرهم أنه منه بمنزلة هارون من موسى، وأنه ولي كل مؤمن بعده، وأنه كل من كان وليه فعلي وليه، ومن كان أولى به من نفسه فعلي أولى به، وأنه خليفته فيهم ووصيه، وأن من أطاعه أطاع الله، ومن عصاه عصى الله، ومن والاه والى الله، ومن عاداه عادى الله، فأنكروه وجهلوه وتولوا غيره. يا معاوية! أما علمت أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين بعث إلى موتة أمر عليهم جعفر ابن أبي طالب، ثم قال: إن هلك جعفر فزيد بن حارثة، فإن هلك زيد فعبد الله بن رواحة، ولم يرض لهم أن يختاروا لأنفسهم، أفكان يترك أمته، لا يبين لهم خليفته فيهم؟! بلى، والله! ما تركهم في عمياء ولا شبهة، بل ركب القوم ما ركبوا بعد نبيهم وكذبوا على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فهلكوا وهلك من شايعهم، وضلوا وضل من تابعهم، فبعدا للقوم الظالمين. فقال معاوية: يا ابن عباس! إنك لتتفوه بعظيم، والاجتماع عندنا خير من الاختلاف، وقد علمت أن الأمة لم تستقم على صاحبك. فقال ابن عباس: إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: ما اختلفت أمة بعد نبيها إلا ظهر أهل باطلها على أهل حقها! وأن هذه الأمة اجتمعت على أمور كثيرة ليس بينها اختلاف ولا منازعة ولا فرقة: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، والصلوات الخمس، وصوم شهر رمضان، وحج البيت، وأشياء كثيرة من طاعة الله، ونهي الله مثل تحريم الزنا والسرقة، وقطع الأرحام، والكذب والخيانة، واختلفت في
728 شيئين: أحدهما اقتتلت عليه وتفرقت فيه وصارت فرقا يلعن بعضها بعضا ويبرأ بعضها من بعض، والثاني لم تقتتل عليه ولم تتفرق فيه ووسع بعضهم فيه لبعض، وهو كتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله) وما يحدث، زعمت أنه ليس في كتاب الله ولا سنة نبيه (صلى الله عليه وآله). وأما الذي اختلفت فيه وتفرقت وتبرأت بعضها من بعض فالملك والخلافة، زعمت أنها أحق بهما من أهل بيت نبي الله (صلى الله عليه وآله)!؟ فمن أخذ بما ليس فيه بين أهل القبلة اختلاف ورد علم ما اختلفوا فيه إلى الله، سلم ونجا من النار، ولم يسأله الله عما أشكل عليه من الخصلتين اللتين اختلف فيهما. ومن وفقه الله ومن عليه ونور قلبه وعرفه ولاة الأمر ومعدن العلم أين هو فعرف ذلك، كان سعيدا، ولله وليا، وكان نبي الله (صلى الله عليه وآله) يقول: رحم الله عبدا قال حقا فغنم، أو سكت فلم يتكلم. فالأئمة من أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومنزل الكتاب، ومهبط الوحي، ومختلف الملائكة لا تصلح إلا فيها، لأن الله خصها وجعلها أهلا في كتابه على لسان نبيه (صلى الله عليه وآله)، فالعلم فيهم وهم أهله، وهو عندهم كله بحذافيره، باطنه وظاهره، ومحكمه ومتشابهه، وناسخه ومنسوخه. يا معاوية! إن عمر بن الخطاب أرسلني في أمرته إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) أني أريد أن أكتب القرآن في مصحف فابعث الينا ما كتبت من القرآن، فقال: تضرب والله! عنقي قبل أن تصل إليه. قلت: ولم؟ قال: إن الله يقول: (لا يمسه إلا المطهرون) (1)، يعني لا يناله كله إلا المطهرون، إيانا عنى، نحن الذين أذهب الله عنا الرجس، وطهرنا تطهيرا.
1 - الواقعة: 56 / 79. 729 وقال: (ثم أورثنا الكتب الذين اصطفينا من عبادنا) (1)، فنحن الذين اصطفانا الله من عباده، ونحن صفوة الله، ولنا ضرب الأمثال، وعلينا نزل الوحي. فغضب عمر، وقال: إن ابن أبي طالب يحسب أنه ليس عند أحد علم غيره، فمن كان يقرأ من القرآن شيئا فليأتنا به، فكان إذا جاء رجل بقرآن فقرأه ومعه آخر كتبه، وإلا لم يكتبه، فمن قال: يا معاوية! إنه ضاع من القرآن شي، فقد كذب، هو عند أهله مجموع، ثم أمر عمر قضاته وولاته فقال اجتهدوا رأيكم، واتبعوا ما ترون أنه الحق، فلم يزل هو وبعض ولاته قد وقعوا في عظيمة، فكان علي بن أبي طالب (عليه السلام) يخبرهم بما يحتج به عليهم، وكان عماله وقضاته يحكمون في شيء واحد بقضايا مختلفة، فيجيزها لهم، لأن الله لم يؤته الحكمة وفصل الخطاب، وزعم كل صنف من أهل القبلة أنهم معدن العلم والخلافة دونهم، فبالله نستعين على من جحدهم حقهم، وسن للناس ما يحتج به مثلك عليهم. ثم قاموا فخرجوا. (2) تصديق الإمام (عليه السلام) سليم بن قيس [769] - 5 - وعنه: أبان، عن سليم قال: قلت: يا أمير المؤمنين! إني سمعت من سلمان والمقداد وأبي ذر شيئا من تفسير القرآن، ومن الرواية عن النبى (صلى الله عليه وآله)، ثم سمعت منك تصديق ما سمعت منهم، ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن النبي (صلى الله عليه وآله) تخالف الذي سمعته منكم، وأنتم تزعمون أن ذلك باطل، أفترى يكذبون على رسول
1 - فاطر: 35 / 32. 2 - كتاب سليم بن قيس: 231، الكافي 1: 529 ح 4، كمال الدين: 270، الخصال: 477 ح 41، وجاءت هذه الرواية مختصرا في الاحتجاج: 285، كنز الدقائق 8: 106، كشف الغمة 2: 508، إثبات الهداة 2: 291 ح 74، العوالم 15: 100 ح 8. 730 الله (صلى الله عليه وآله) معتدين ويفسرون القرآن برأيهم؟ قال: فأقبل علي، فقال لي: يا سليم! قد سألت فافهم الجواب، إن في أيدي الناس حقا وباطلا، وصدقا وكذبا، وناسخا ومنسوخا، وخاصا وعاما، ومحكما ومتشابها، وحفظا ووهما، وقد كذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله) على عهده حتى قام خطيبا فقال: أيها الناس! قد كثرت علي الكذابة، فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار، ثم كذب عليه من بعده حين توفي رحمة الله على نبي الرحمة. وإنما يأتيك بالحديث أربعة نفر ليس لهم خامس: رجل منافق مظهر للإيمان متصنع بالإسلام، لا يتأثم، ولا يتحرج أن يكذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله) متعمدا، فلو علم المسلمون أنه منافق كذاب لم يقبلوا منه ولم يصدقوه، ولكنهم قالوا: هذا صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) رآه وسمع منه، وهو لا يكذب، ولا يستحل الكذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وقد أخبر الله عن المنافقين بما أخبر، ووصفهم بما وصفهم فقال الله عزوجل: (وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم) (1) ثم بقوا بعده وتقربوا إلى أئمة الضلال والدعاة إلى النار بالزور والكذب والبهتان، فولوهم الأعمال، وحملوهم على رقاب الناس، وأكلوا بهم الدنيا، وإنما الناس مع ملوك الدنيا إلا من عصم الله، فهذا أول الأربعة. ورجل سمع من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلم يحفظه على وجهه ووهم فيه، ولم يعتمد [يتعمد] كذبا، وهو في يده يرويه ويعمل به ويقول: أنا سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلو علم المسلمون أنه وهم لم يقبلوا، ولو علم هو أنه وهم لرفضه. ورجل ثالث سمع من رسول الله (صلى الله عليه وآله) شيئا أمر به ثم نهى عنه، وهو لا يعلم، أو سمعه نهى عن شيء ثم أمر به، وهو لا يعلم، حفظ المنسوخ ولم يحفظ الناسخ، فلو
1 - المنافقون: 63 / 4. 731 علم أنه منسوخ لرفضه، ولو علم المسلمون أنه منسوخ لرفضوه. ورجل رابع لم يكذب على الله ولا على رسول الله بغضا للكذب، وتخوفا من الله، وتعظيما لرسوله (صلى الله عليه وآله)، ولم يوهم، بل حفظ ما سمع على وجهه فجاء به كما سمعه ولم يزد فيه ولم ينقص، وحفظ الناسخ من المنسوخ فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ، وإن أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونهيه مثل القرآن ناسخ ومنسوخ، وعام وخاص، ومحكم ومتشابه، وقد كان يكون من رسول الله (صلى الله عليه وآله) الكلام له وجهان: كلام خاص، وكلام عام، مثل القرآن يسمعه من لا يعرف ما عنى الله به وما عنى به رسول الله (صلى الله عليه وآله). وليس كل أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يسأله فيفهم، وكان منهم من يسأله ولا يستفهم، حتى إن كانوا يحبون أن يجيء الطارئ (1)، والأعرابي فيسأل رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى يسمعوا منه. وكنت أدخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) كل يوم دخلة، وكل ليلة دخلة، فيخليني فيها أدور معه حيث دار، وقد علم أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه لم يكن يصنع ذلك بأحد غيري، وربما كان ذلك في منزلي، فإذا دخلت عليه في بعض منازله خلا بي وأقام نساءه فلم يبق غيري وغيره، وإذا أتاني للخلوة في بيتي لم تقم من عندنا فاطمة، ولا أحد من ابني، إذا أسأله أجابني، وإذا سكت أو نفذت مسائلي ابتدأني، فما نزلت عليه آية من القرآن إلا أقرأنيها وأملاها علي، فكتبتها بخطي، ودعا الله أن يفهمني إياها ويحفظني، فما نسيت آية من كتاب الله منذ حفظتها وعلمني تأويلها فحفظته وأملاه علي فكتبته، وما ترك شيئا علمه الله من حلال وحرام، أو أمر ونهي، أو طاعة ومعصية كان أو يكون إلى يوم القيامة إلا وقد علمنيه وحفظته، ولم أنس منه
1 - الطارئ: أي الغريب الذي أتاه عن قريب من غير أنس به وبكلامه، إنما كانوا يحبون قدومهما إما لاستفهامهم وعدم استعظامهم إياه، أو لأنه (صلى الله عليه وآله) كان يتكلم على وفق عقولهم، فيوضحه حتى يفهم غيره. (بحار الأنوار). 732 حرفا واحدا. ثم وضع يده على صدري ودعا الله أن يملأ قلبي علما وفهما وفقها وحكما ونورا، وأن يعلمني فلا أجهل، وأن يحفظني فلا أنسى. فقلت له ذات يوم: يا نبي الله! إنك منذ يوم دعوت الله لي بما دعوت لم أنس شيئا مما علمتني فلم تمليه علي وتأمرني بكتابته، أتتخوف علي النسيان؟ فقال: يا أخي لست أتخوف عليك النسيان ولا الجهل، وقد أخبرني الله أنه قد استجاب لي فيك وفي شركائك الذين يكونون من بعدك. قلت: يا نبي الله ومن شركائي؟ قال: الذين قرنهم الله بنفسه وبي معه، الذين قال في حقهم: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم) (1) فإن خفتم التنازع في شيء فارجعوه إلى الله وإلى الرسول وإلى أولي الأمر منكم. قلت: يا نبي الله! ومن هم؟ [قال:] الأوصياء إلى أن يردوا علي حوضي كلهم هاد مهتد، لا يضرهم كيد من كادهم، ولا خذلان من خذلهم، هم مع القرآن، والقرآن معهم، لا يفارقونه ولا يفارقهم، بهم ينصر الله أمتي، وبهم يمطرون، ويدفع عنهم بمستجاب دعوتهم؟. فقلت: يا رسول الله! سمهم لي. فقال: ابني هذا، - ووضع يده على رأس الحسن -، ثم ابني هذا - ووضع يده على رأس الحسين -، ثم ابن ابني هذا - ووضع يده على رأس الحسين -، ثم ابن له اسمي اسمه، محمد، باقر علمي وخازن وحي الله وسيولد علي في حياتك، يا أخي فاقرأه مني السلام.
1 - النساء: 4 / 59. 733 ثم أقبل على الحسين فقال: سيولد لك محمد بن علي في حياتك، فاقرأه مني السلام، ثم تكملة الاثني عشر إماما من ولدك، يا أخي! فقلت: يا نبي الله! سمهم لي، فسماهم لي رجلا رجلا منهم، والله، يا بنى هلال! مهدى هذه الأمة الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، والله! إني لأعرف جميع من يبايعه بين الركن والمقام، وأعرف أسماء الجميع وقبائلهم. ثم لقيت الحسن والحسين (عليهما السلام) بالمدينة بعد ما قتل أمير المؤمنين (عليه السلام) فحدثتهما بهذا الحديث عن أبيهما فقالا: صدقت قد حدثك أبونا علي بهذا الحديث، ونحن جلوس، وقد حفظنا ذلك عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما حدثك أبونا سواء لم يزد ولم ينقص. قال سليم: ثم لقيت علي بن الحسين (عليهما السلام) وعنده ابنه محمد بن علي (عليهما السلام)، فحدثته بما سمعت من أبيه وعمه، وما سمعت من علي (عليه السلام) فقال علي بن الحسين (عليهما السلام): قد أقرأني أمير المؤمنين (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) السلام، وهو مريض وأنا صبي، ثم قال محمد (عليه السلام): وقد أقرأني جدي الحسين (عليه السلام) من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو مريض، السلام. قال أبان: فحدثت علي بن الحسين (عليهما السلام) بهذا كله عن سليم، فقال: صدق سليم، وقد جاء جابر بن عبد الله الأنصاري إلى ابني وهو غلام يختلف إلى الكتاب فقبله وأقرأه من رسول الله (صلى الله عليه وآله) السلام. قال أبان: حججت فلقيت أبا جعفر محمد بن علي (عليهما السلام) فحدثته بهذا الحديث كله لم أترك منه حرفا، فأغرورقت عيناه ثم قال: صدق سليم، قد أتاني بعد قتل جدي الحسين (عليه السلام) وأنا قاعد عند أبي فحدثني بهذا الحديث بعينه، فقال له أبي: صدقت قد حدثك أبي بهذا الحديث عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ونحن شهود، ثم حدثاه
734 ما هما سمعا من رسول الله (صلى الله عليه وآله). (1) رواه النعماني عن أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة، ومحمد بن همام بن سهيل، وعبد العزيز وعبد الواحد ابنا عبد الله بن يونس الموصلي عن رجالهم، عن عبد الرزاق بن همام، عن معمر بن راشد الخ. (2)
1 - كتاب سليم بن قيس: 103، بحار الأنوار، 36: 273 ح 96. 2 - الغيبة للنعماني 75 إلى قوله: كما ملئت ظلما وجورا. 735 7 - فيما يرتبط بنفسه (عليه السلام) أدب الحسين (عليه السلام) [770] - 1 - ابن شهرآشوب: الباقر (عليه السلام) قال: ما تكلم الحسين بين يدي الحسن إعظاما له، ولا تكلم محمد بن الحنفية بين يدي الحسين (عليه السلام) إعظاما له. (1) [771] - 2 - الطبرسي: وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما مشى الحسين (عليه السلام) بين يدي الحسن (عليه السلام) قط، ولا بدره بمنطق إذا اجتمعا، تعظيما له. (2) عفوه (عليه السلام) [772] - 3 - المحدث القمي: رأيت في بعض الكتب الأخلاقية ما هذا لفظه: قال عصار بن المصطلق: دخلت المدينة فرأيت الحسين بن علي (عليهما السلام)،
1 - المناقب 3: 401، بحار الأنوار 43: 319 ح 2، العوالم 16: 100 ح 2. 2 - مشكاة الأنوار: 170. 736 فأعجبني سمته ورواؤه، وأثار من الحسد ما كان يخفيه صدري لأبيه من البغض، فقلت له: أنت ابن أبي تراب؟ فقال [(عليه السلام)]: نعم. فبالغت في شتمه وشتم أبيه، فنظر إلى نظرة عاطف رؤوف، ثم قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجهلين * وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم * إن الذين اتقوا إذا مسهم طلف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون * وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون) (1) ثم قال [(عليه السلام)] لي: خفض عليك، أستغفر الله لي ولك، إنك لو استعنتنا لأعناك، ولو استرفدتنا لرفدناك، ولو استرشدتنا لأرشدناك. قال عصام: فتوسم مني الندم على ما فرط مني. فقال [(عليه السلام)]: (لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الر حمين) (2) أمن أهل الشام أنت؟ قلت: نعم. فقال [(عليه السلام)]: شنشنة أعرفها من أخزم، حيانا الله وإياك، انبسط إلينا في حوائجك وما يعرض لك تجدني عند أفضل ظنك إن شاء الله تعالى. قال عصام: فضاقت علي الأرض بما رحبت ووددت لو ساخت بي، ثم سللت منه لواذا، وما على الأرض أحب إلى منه ومن أبيه. (3)
1 - الأعراف: 7 / 199 - 202. 2 - يوسف: 12 / 92. 3 - نفثة المصدور: 614. 737 قبوله (عليه السلام) العذر [773] - 4 - الزرندي الحنفي: وروي عن علي بن الحسين، عن أبيه حسين بن علي (عليهم السلام)، قال: سمعت الحسين [(عليه السلام)] يقول: لو شتمني رجل في هذه الأذن - وأومى إلى اليمنى -، وأعتذر لي في الأخرى، لقبلت ذلك منه، وذلك أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب [(عليه السلام)] حدثني أنه سمع جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: لا يرد الحوض من لم يقبل العذر من محق أو مبطل. (1) حلمه (عليه السلام) [774] - 5 - الإربلي: جنى له [أي للحسين (عليه السلام)] غلام جناية توجب العقاب عليه، فأمر به أن يضرب، فقال: يا مولاي! (والكاظمين الغيظ). قال (عليه السلام): أخلوا عنه، فقال: يا مولاي! (والعافين عن الناس). قال (عليه السلام): قد عفوت عنك. قال: يا مولاي! (والله يحب المحسنين) (2)، قال (عليه السلام): أنت حر لوجه الله ولك ضعف ما كنت أعطيك. (3)
1 - نظم درر السمطين: 209، إحقاق الحق 11: 431. 2 - آل عمران: 3 / 134. 3 - كشف الغمة 2: 31، الفصول المهمة: 168 مع اختلاف، بحار الأنوار 44: 195، ح 9، أعيان الشيعة 1: 580، إحقاق الحق 11: 431، بتفاوت يسير. 738 رضاؤه (عليه السلام) بقضاء الله [775] - 6 - الخوارزمي: أخبرنا الإمام الزاهد الحافظ أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي، أخبرنا شيخ القضاة أبو علي إسماعيل بن أحمد البيهقي، أخبرنا شيخ السنة أبو بكر أحمد بن الحسين بن الحسين البيهقي، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، سمعت الحافظ الزبير بن عبد الواحد، سمعت ابن أحمد زكريا، سمعت إسماعيل بن يحيى المزني، سمعت الشافعي يقول: مات ابن للحسين (عليه السلام) فلم ير به كآبة، فعوتب على ذلك، فقال [(عليه السلام)]: إنا أهل بيت نسأل الله عز وجل، فيعطينا، فإذا أراد ما نكره فبما يحب رضينا. (1) اصفرار لونه (عليه السلام) عند الوضوء [776] - 7 - السبزواري: كان الحسين بن علي ((عليهما السلام)) إذا توضأ تغير لونه وارتعدت مفاصله، فقيل له في ذلك فقال: حق لمن وقف بين يدي الله الملك الجبار أن يصفر لونه وترتعد مفاصله. (2) [777] - 8 - التستري: روي أنه (أي الحسين (عليه السلام)) كان إذا قام للصلاة يصفر لونه، فقيل له: ما هذا نراه يعتريك عند الوضوء؟ فيقول (عليه السلام): ما تدرون بين يدي من، أريد أن أقوم؟. (3)
1 - مقتل الحسين (عليه السلام) 1: 147، إحقاق الحق 11: 429. 2 - جامع الأخبار: 166 ح 297، العوالم 17: 61 ح 1. 3 - إحقاق الحق 11: 422، الفصول المهمة 190 عن علي بن الحسين (عليهما السلام). 739 جوده وكرمه (عليه السلام) [778] - 9 - الإربلي: قال أنس: كنت عند الحسين (عليه السلام) فدخلت عليه جارية، فحيته بطاقة ريحان، فقال [(عليه السلام)] لها: أنت حرة لوجه الله. فقلت: تحييك بطاقة ريحان لا خطر لها فتعتقها؟ قال [(عليه السلام)]: كذا أدبنا الله، قال الله تعالى: (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها) (1) وكان أحسن منها عتقها. (2) [779] - 10 - الخوارزمي: خرج الحسن (عليه السلام) إلى سفر فأضل طريقه ليلا، فمر براعي غنم فنزل عنده فألطفه وبات عنده، فلما أصبح دله على الطريق، فقال له الحسن (عليه السلام): إني ماض إلى ضيعتي ثم أعود إلى المدينة، ووقت له وقتا وقال له: تأتيني به. فلما جاء الوقت شغل الحسن (عليه السلام) بشيء من أموره عن قدوم المدينة، فجاء الراعي وكان عبدا لرجل من أهل المدينة فصار إلى الحسين (عليه السلام) وهو يظنه الحسن (عليه السلام) فقال: أنا العبد الذي بت عندي ليلة كذا، ووعدتني أن أصير إليك في هذا الوقت، وأراه علامات عرف الحسين (عليه السلام) أنه الحسن، فقال الحسين (عليه السلام) له: لمن أنت يا غلام؟! فقال: لفلان، فقال (عليه السلام): كم غنمك؟
1 - النساء: 4 / 86. 2 - كشف الغمة 2: 31، نزهة الناظر وتنبيه الخاطر: 83 ح 8، الفصول المهمة: 167، بحار الأنوار 44: 195 ح 8، المحجة البيضاء 4: 227، العوالم 17: 64 ح 3، المجالس السنية 1: 1 ح 22، أعيان الشيعة 1: 579، إحقاق الحق 11: 444، المناقب لابن شهر آشوب 4: 18، بحار الأنوار 84: 273. 740 قال: ثلاثمائة، فأرسل إلى الرجل فرغبه حتى باعه الغنم والعبد، فأعتقه ووهب له الغنم مكافأة لما صنع مع أخيه، وقال (عليه السلام): إن الذي بات عندك أخي وقد كافأتك بفعلك معه. (1) [780] - 11 - ابن سعد: أخبرنا الفضل بن دكين، قال: حدثنا ابن أبي غنية، عن يحيى بن سالم الموصلي، عن مولى الحسين بن علي قال: كنت مع الحسين بن علي [(عليهما السلام)] فمر بباب فاستسقى، فخرجت إليه جارية بقدح مفضض، فجعل ينزع الفضة فيرمي بها إليها، قال: إذهبي بها إلى أهلك، ثم شرب. (2) [781] - 12 - الجويني: أخبرنا العدل أبو طالب علي بن أنجب بن عبيد الله إجازة قال: أنبأنا الشيخ محب الدين أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبراوي إجازة قال: أنبأنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سلمان سماعا - يوم الأحد سلخ رجب، سنة خمس وخمسين وخمس ماءة - قال: أنبأنا أبو الحسن علي بن الحسين بن أيوب البزار، قال: أنبأنا أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن بن إسحاق الصواف قراءة عليه، أنا أسمع فأقر به، قال: أنبأنا بشر، حدثني أبو علي محمد بن موسى، حدثني يعلى بن عبد الرحمان الوشاء الكوفي، أنبأنا محمد بن إسماعيل بن عمرو، عن جده، قال: كان حسين بن علي [(عليهما السلام)] يمر بنا من الكتاب، ومعه لوحه فنأخذه [منه] فنقول: هذا لنا، فيقول: لا، هذا لي. فنقول [له]: إحلف، فيدعه في أيدينا ويذهب حتى نصيح به فندفعه اليه. (3)
1 - مقتل الحسين (عليه السلام) 1: 153، إحقاق الحق 11: 445. 2 - ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من الطبقات الكبير: 36. 3 - فرائد السمطين 2: 261 ح 529. 741 [782] - 13 - ابن شهرآشوب: عن عمرو بن دينار قال: دخل الحسين (عليه السلام) على أسامة بن زيد وهو مريض، وهو يقول: وا غماه! فقال له الحسين (عليه السلام): وما غمك يا أخي؟! قال: ديني، وهو ستون ألف درهم. فقال الحسين (عليه السلام): هو على. قال: أخشى أن أموت. فقال الحسين (عليه السلام): لن تموت حتى أقضيها عنك. قال: فقضاها قبل موته. (1) [783] - 14 - وعنه: وقدم أعرابي المدينة، فسأل عن أكرم الناس بها، فدل على الحسين (عليه السلام)، فدخل المسجد فوجده مصليا، فوقف بإزائه وأنشأ: لم يخب الآن من رجاك ومن * حرك من دون بابك الحلقه أنت جواد وأنت معتمد * أبوك قد كان قاتل الفسقه لولا الذي كان من أوائلكم * كانت علينا الجحيم منطبقه قال: فسلم الحسين (عليه السلام) وقال: يا قنبر! هل بقي شيء من مال الحجاز؟ قال: نعم، أربعة آلاف دينار. فقال (عليه السلام): هاتها قد جاء من هو أحق بها منا، ثم نزع برديه ولف الدنانير فيهما وأخرج يده من شق الباب حياء من الأعرابي، وأنشأ: خذها فإني إليك معتذر * واعلم بأني عليك ذو شفقه لو كان في سيرنا الغداة عصا * أمست سمانا عليك مند فقه (2)
1 - المناقب 4: 65، بحار الأنوار 44: 189 ح 2، مستدرك الوسائل 13: 436 ح 15833، أعيان الشيعة 1: 579، حياة الإمام الحسين (عليه السلام) 1: 128، العوالم 17: 62. 2 - قال المجلسي: قوله: عصا لعل العصا كناية عن الإمارة والحكم، قال الجوهري: قولهم: لا ترفع عصاك عن أهلك يراد به: الأدب، وإنه لضعيف العصا أي الترعية، ويقال أيضا: إنه للين العصا أي رفيق حسن السياسة لما ولى، انتهى. أي لو كان لنا في سيرنا في هذه الغداة ولاية أو حكم أو قوة لأمست يد عطائنا عليك صابة. والسماء كناية عن يد الجود والعطاء. والاندفاق: الانصباب. وريب الزمان حوادثه: [وغير الدهر كعنب: أحداثه] أي حوادث الزمان تغير الأمور. قوله: كيف يأكل التراب جودك. أي كيف تموت وتبيت تحت التراب فتمحى وتذهب جودك وكرمك. بحار الأنوار 44: 190. 742 لكن ريب الزمان ذو غير * والكف مني قليلة النفقه قال: فأخذها الأعرابي وبكى، فقال [(عليه السلام)] له: لعلك استقللت ما أعطيناك؟ قال: لا. ولكن كيف يأكل التراب جودك "؟ (1) [784] - 15 - ابن عساكر: أخبرنا أبو البركات محفوظ بن الحسن بن محمد بن صصري، أنبأنا أبو القاسم نصر بن أحمد الهمداني، أنبأنا رشا [ء] بن نظيف المقرئ إجازة، أنبأنا القاضي أبو الحسن علي بن محمد بن إسحاق بن يزيد الحلبي، أنبأنا أبو الحسن أحمد بن عبد الله الناقد، حدثني أبو القاسم مسعود - يعني ابن عبد الله - حدثني حميد بن إبراهيم المعافري، قال: سمعت عبد الله بن عبد الله المديني يذكر عن أبيه عن جده - وكان مولى للحسين بن علي بن أبي طالب - أن سائلا خرج ذات ليلة يتخطى. وأخبرنا أبو القاسم بن السوسي، أنبأنا أبو الفضل أحمد بن علي بن الفرات قراءة عليه، أنبأنا أبي إجازة، أنبأنا أبو القاسم عبد الجبار بن أحمد بن عمر بن الحسن الطرسوسي بمصر، أنبأنا أبو محمد الحسن بن إبراهيم الليثي الشافعي، أنبأنا محمد بن أحمد، أنبأنا هارون بن محمد، أنبأنا قعنب بن المحرز، أنبأنا الأصمعي، عن أبي عمرو بن العلاء، عن الذيال بن حرملة، قال: خرج سائل يتخطي أزقة المدينة حتى أتى باب الحسين بن علي، فقرع الباب وأنشأ يقول: لم يخب اليوم من رجاك ومن * حرك من خلف بابك الحلقه
1 - المناقب 4: 65، بحار الأنوار 44: 189 ضمن ح 2، مستدرك الوسائل 7: 237 ح 8127، العوالم 17: 62. 743 فأنت ذو الجود أنت معدنه * أبوك قد كان قاتل الفسقه قال: وكان الحسين بن علي [(عليهما السلام)] واقفا يصلي فخفف من صلاته وخرج إلى الأعرابي، فرأى عليه أثر ضر وفاقة، فرجع ونادى بقنبر! فأجابه: لبيك يا ابن رسول الله! قال (عليه السلام): ما تبقى معك من نفقتنا؟ قال: مائتا درهم أمرتني بتفريقها في أهل بيتك. فقال [(عليه السلام)]: فهاتها فقد أتى من هو أحق بها منهم، فأخذها [من قنبر] وخرج فرفعها إلى الأعرابي وأنشأ يقول: خذها فإني إليك معتذر * واعلم بأني عليك ذو شفقه لو كان في سيرنا الغداة عصا * كانت سمانا عليك مندفقه لكن ريب الزمان ذو نكد * والكف منا قليلة النفقه فأخذها الأعرابي وولى، وهو يقول: مطهرون نقيات جيوبهم * تجري الصلاة عليهم أينما ذكروا وأنتم، أنتم الأعلون عندكم * علم الكتاب وما جاءت به السور من لم يكن علويا حين تنسبه * فما له في جميع الناس مفتخر (1) [785] - 16 - الخوارزمي: وفي رواية: سأل رجل الحسين [(عليه السلام)] حاجة. فقال له: يا هذا سؤالك إياي يعظم لدى، ومعرفتي بما يجب لك يكبر علي، ويدي تعجز عن نيلك بما أنت أهله، والكثير في ذات الله قليل، وما في ملكي وفاء بشكرك، فإن قبلت بالميسور، دفعت عني مرارة الاحتيال لك، والاهتمام بما أتكلف من واجب حقك.
1 - تاريخ ابن عساكر: ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام): 160 ح 205، أعيان الشيعة 1: 579. 744 فقال الرجل: أقبل يا ابن رسول الله! اليسير، وأشكر العطية، واعذر على المنع، فدعا الحسين [(عليه السلام)] بوكيله، وجعل يحاسبه على نفقاته حتى استقصاها. ثم قال له: هات الفاضل من الثلثمائة ألف. فأحضر خمسين ألفا، قال: فما فعلت الخمسمائة دينار؟ قال: هي عندي. قال: أحضرها. قال: فدفع الدراهم والدنانير إلى الرجل وقال: هات من يحمل معك هذا المال. فأتاه بالحمالين، فدفع إليهم الحسين [(عليه السلام)] رداءه لكراء حملهم حتى حملوه معه، فقال مولى له: والله! ما بقي عندنا درهم واحد. فقال: لكني أرجو أن يكون لي بفعلي هذا أجر عظيم. (1) [786] - 17 - الصدوق: حدثنا أبو الحسن محمد بن علي بن الشاه الفقيه المروزي بمرو الرود في داره قال: حدثنا أبو بكر بن محمد بن عبد الله النيسابوري قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر بن سليمان الطائي بالبصرة قال: حدثنا أبي في سنة ستين ومائتين، قال: حدثني علي بن موسى الرضا (عليهما السلام)، سنة أربع وتسعين ومائة. وحدثنا أبو منصور أحمد بن إبراهيم بن بكر الخوري بنيسابور قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن هارون بن محمد الخوري قال: حدثنا جعفر بن محمد بن زياد الفقيه الخوري بنيسابور قال: حدثنا أحمد بن عبد الله الهروي الشيباني، عن الرضا علي بن موسى (عليهما السلام). وحدثني أبو عبد الله الحسين بن محمد الأشناني الرازي العدل ببلخ قال: حدثنا علي بن محمد بن مهرويه القزويني، عن داود بن سليمان الفراء، عن علي بن موسى الرضا (عليهما السلام) قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثني أبي جعفر بن
1 - مقتل الحسين (عليه السلام) 1: 153 إحقاق الحق 11: 443. 745 محمد، قال: حدثني أبي محمد بن علي قال: حدثني أبي علي بن الحسين قال: حدثني أبي الحسين بن علي (عليهم السلام) دخل المستراح فوجد لقمة ملقاة فدفعها إلى غلام له، فقال: يا غلام! أذكرني بهذه اللقمة إذا خرجت. فأكلها الغلام، فلما خرج الحسين بن علي (عليه السلام) قال: يا غلام! اللقمة؟ قال: أكلتها يا مولاي! قال: أنت حر لوجه الله! قال له رجل: أعتقته يا سيدي؟! قال: نعم، سمعت جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من وجد لقمة فسمح منها أو غسل منها ثم أكلها لم تستقر في جوفه إلا أعتقه الله من النار، [ولم أكن لأستعبد رجلا أعتقه الله من النار]. (1) [787] - 18 - الخوارزمي: وقال الحسن البصري: كان الحسين بن علي (عليه السلام) سيدا ورعا صالحا، حسن الخلق، فذهب ذات يوم مع أصحابه إلى بستانه، وكان في ذلك البستان غلام له (عليه السلام)، اسمه صافي، فلما قرب من البستان رأى الغلام قاعدا يأكل خبزا، فنظر الحسين (عليه السلام) إليه، وجلس عند نخلة مستترا لا يراه [الغلام]، فكان يرفع الرغيف فيرمي بنصفه إلى الكلب ويأكل نصفه الآخر، فتعجب الحسين (عليه السلام) من فعل الغلام، فلما فرغ من أكله، قال: الحمد لله رب العالمين، أللهم اغفر لي واغفر لسيدي، وبارك له كما باركت على أبويه برحمتك يا أرحم الراحمين. فقام الحسين (عليه السلام) وقال: يا صافي! فقام الغلام فزعا وقال: يا سيدي! وسيد المؤمنين! إني ما رأيتك، فأعف عني.
1 - عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 47 ح 154، صحيفة الإمام الرضا (عليه السلام): 253 ح 177،، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 147، إحقاق الحق 11: 447، بحار الأنوار 66: 433 ح 21، و 80: 186 ح 42، وسائل الشيعة 1: 254 ح 2، مستدرك الوسائل 15: 466 ح 18872. 746 فقال الحسين (عليه السلام): إجعلني في حل يا صافي! لأني دخلت بستانك بغير إذنك. فقال صافي: بفضلك يا سيدي! وكرمك وسؤددك تقول هذا. فقال الحسين (عليه السلام): رأيتك ترمي بنصف الرغيف للكلب، وتأكل نصفه الآخر، فما معنى ذلك؟! فقال الغلام: إن هذا الكلب ينظر إلى حين آكل، فأستحي منه يا سيدي لنظره إلي، وهذا كلبك يحرس بستانك من الأعداء، وأنا عبدك وهذا كلبك، فأكلنا رزقك معا، فبكى الحسين (عليه السلام) وقال: أنت عتيق لله تعالى، ووهبت لك ألفي دينار بطيبة من قلبي. فقال الغلام: إن أعتقتني فأنا أريد القيام ببستانك. فقال الحسين (عليه السلام): إن الرجل إذا تكلم بكلام فينبغي أن يصدق بالفعل، فأنا قد قلت دخلت بستانك بغير إذنك، فصدقت قولي ووهبت البستان وما فيه لك، غير أن أصحابي هؤلاء جاؤوا لأكل الثمار والرطب، فاجعلهم أضيافا لك وأكرمهم من أجلي أكرمك الله يوم القيامة، وبارك لك في حسن خلقك وأدبك. فقال الغلام: إن وهبت لي بستانك فإني قد سبلته لأصحابك وشيعتك. قال الحسن: فينبغي للمؤمن أن يكون كنافلة رسول الله (صلى الله عليه وآله). (1) [788] - 19 - ابن شهرآشوب: روي عن الحسين بن علي (عليهما السلام) أنه قال: صح عندي قول النبى (صلى الله عليه وآله): أفضل الأعمال بعد الصلاة إدخال السرور في
1 - مقتل الحسين (عليه السلام) 1: 153، المجالس السنية 1: 26 مجلس 12، مستدرك الوسائل 7: 192 ح 8006، إحقاق الحق 11: 446 مع اختلاف. 747 قلب المؤمن بما لا إثم فيه، فإني رأيت غلاما يؤاكل كلبا، فقلت له في ذلك، فقال: يا ابن رسول الله! إني مغموم أطلب سرورا بسروره، لأن صاحبي يهودي أريد أفارقه. فأتى الحسين إلى صاحبه بمائتي دينار ثمنا له، فقال اليهودي: الغلام فداء لخطاك، وهذا البستان له، ورددت عليك المال، فقال (عليه السلام) وأنا قد وهبت لك المال. قال: قبلت المال ووهبته للغلام. فقال الحسين (عليه السلام): أعتقت الغلام ووهبته له جميعا. فقالت امرأته: قد أسلمت ووهبت زوجي مهري. فقال اليهودي: وأنا أيضا أسلمت وأعطيتها هذه الدار. (1) الإنفاق من ما تحب [789] - 20 - الحويزي: في غوالي اللئالي: ونقل عن الحسين (عليه السلام) أنه كان يتصدق بالسكر، فقيل له في ذلك فقال: إني أحبه، وقد قال الله تعالى: (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا) (2). (3) تواضعه (عليه السلام) [790] - 21 - التستري: رؤي الحسين بن علي (عليهما السلام) يطوف بالبيت، ثم صار إلى المقام فصلى، ثم وضع
1 - المناقب 4: 75، بحار الأنوار 44: 194 ح 4. 2 - آل عمران: 3 / 92. 3 - نور الثقلين 1: 363، كنز الدقائق 2: 146، غوالي اللآلي 2: 74 ح 196 عن الحسن (عليه السلام)، ورواه في وسائل الشيعة 6: 330 ح 2 عن أبي عبد الله (عليه السلام) بدون الاستشهاد بقوله تعالى: لن تنالوا البر، وكذا في تفسير البرهان 1: 298 ح 5. 748 خده على المقام فجعل يبكي ويقول: عبيدك ببابك، خويدمك ببابك، سائلك ببابك، مسكينك ببابك. يردد ذلك مرارا، ثم انصرف فمر بمساكين، معهم فلق خبز يأكلون فسلم عليهم فدعوه إلى طعامهم، فجلس معهم وقال [(عليه السلام)]: لولا أنه صدقة لأكلت معكم، ثم قال [(عليه السلام)]: قوموا إلى منزلي فأطعمهم وكساهم وأمر لهم بدراهم. (1) [791] - 22 - العياشي: عن مسعدة بن صدقة، قال: مر الحسين بن علي (عليهما السلام) بمساكين قد بسطوا كساء لهم وألقوا عليه كسرا، فقالوا: هلم يا ابن رسول الله! فثنى وركه، فأكل معهم ثم تلا: إن الله لا يحب المستكبرين (2)، ثم قال: قد أجبتكم فأجيبوني. قالوا: نعم، يا ابن رسول الله! وتعمى عين، فقاموا معه حتى أتوا منزله، فقال [(عليه السلام)] للرباب: أخرجي ما كنت تدخرين. (3) [792] - 23 - الهثيمي: عن محمد بن علي بن حسين [(عليهم السلام)] قال: خرج الحسين [(عليه السلام)] وهو يريد أرضه التي بظاهر الحرة، ونحن نمشى إذ أدركنا النعمان بن بشير على بغلة، فنزل، فقربها إلى الحسين فقال: اركب، يا أبا عبد الله! فكره ذلك، فلم يزل كذلك حتى أقسم النعمان عليه حتى أطاع الحسين بالركوب، قال (عليه السلام): إذ أقسمت فقد كلفتني ما أكره، فاركب على صدر دابتك، فأردفك، فإني سمعت فاطمة بنت
1 - إحقاق الحق 11: 423، المناقب لابن شهرآشوب 4: 66 قطعة منه، بحار الأنوار 44: 191 ضمن ح 3، أعيان الشيعة 1: 580. 2 - اقتباس من سورة النحل: 16 / 23. 3 - تفسير العياشي 2: 257 ح 15، تفسير البرهان 2: 363، تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 151 ح 196، بحار الأنوار 44: 189 ح 1، وفيه بدل الرباب: الجارية، أعيان الشيعة 1: 580، العوالم 17: 65 ح 1، كنز الدقائق 5: 317، ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من الطبقات لابن سعد: 39. 749 محمد (صلى الله عليه وآله) تقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الرجل أحق بصدر دابته، وصدر فراشه، والصلاة في منزله إلا ما يجمع الناس عليه. فقال النعمان: صدقت بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) سمعت، أبي بشيرا يقول: كما قالت فاطمة، وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إلا من أذن، فركب. (1) [793] - 24 - الدولابي: حدثنا أبو جعفر محمد بن عوف بن سفيان الطائي الحمصي، حدثنا موسى بن أيوب النصيبي، حدثنا محمد بن شعيب، عن صدقة - مولى عبد الرحمن بن الوليد -، عن محمد بن علي بن حسين، قال: خرجت أمشي مع جدي حسين بن علي إلى أرضه، فأدركنا النعمان بن بشير على بغلة له، فنزل عنها، وقال لحسين: اركب، أبا عبد الله! فأبى، فلم يزل يقسم عليه حتى قال: إنك قد كلفتني ما أكره، ولكن أحدثك حديثا حدثتنيه أمي فاطمة [(عليها السلام)]: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: الرجل أحق بصدر دابته، وفراشه، والصلاة في بيته، إلا إماما يجمع الناس، فاركب أنت على صدر الدابة و [أردفني خلفك]. فقال النعمان: صدقت فاطمة، حدثني أبي - وها هو ذا حيي بالمدينة - عن النبى (صلى الله عليه وآله)، قال: إلا أن يأذن. فلما حدثه النعمان بهذا الحديث، ركب حسين السرج وركب النعمان خلفه! (2) في مروءته (عليه السلام) [794] - 25 - الخوارزمي: أخبرني الإمام الأجل مجد الدين قوام السنة أبو الفتوح محمد ابن أبي جعفر الطائي فيما كتب إلى من همدان، أخبرنا شيخ القضاة أبو علي
1 - مجمع الزوائد 8: 108. 2 - الذرية الطاهرة: 137 ح 171، المعجم الكبير 22: 414 ح 1025، مجمع الزوائد 8: 108 مع اختلاف يسير. 750 إسماعيل بن أحمد البيهقي، سنة اثنتين وخمسمائة بباب المدينة بمرو في الجامع، أخبرنا الإمام حقا وشيخ الإسلام صدقا أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني، أخبرنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن محمد بهرات، أخبرنا أبو علي أحمد ابن محمد بن علي، حدثنا علي بن خشرم، سمعت يحيى بن عبد الله بن بشير الباهلي، حدثنا ابن المبارك أو غيره - شك الباهلي - قال: بلغني أن معاوية قال ليزيد: هل بقيت لذة من الدنيا لم تنلها؟ قال: نعم، أم أبيها هند بنت سهيل بن عمرو خطبتها، وخطبها عبد الله بن عامر ابن كريز، فتزوجته وتركتني. فأرسل معاوية إلى عبد الله بن عامر، وهو عامله على البصرة، فلما قدم عليه قال: أنزل عن أم أبيها لولي عهد المسلمين يزيد. قال: ما كنت لأفعل. قال: أقطعك البصرة، فإن لم تفعل عزلتك عنها. قال: وإن فلما خرج من عنده قال له مولاه: امرأة بامرأة، أتترك البصرة بطلاق امرأة!؟ فرجع إلى معاوية فقال: هي طلاق، فرده إلى البصرة، فلما دخل تلقته أم أبيها فقال: استتري. فقالت: فعلها اللعين، واستترت. قال: فعد معاوية الأيام حتى إذا نقضت العدة وجه أبا هريرة يخطبها ليزيد، وقال له: أمهرها بألف ألف. فخرج أبو هريرة فقدم المدينة، فمر بالحسين بن علي (عليهما السلام) فقال [(عليه السلام)]: ما أقدمك المدينة يا أبا هريرة؟! قال: أريد البصرة أخطب أم أبيها لولي عهد المسلمين يزيد. قال (عليه السلام): فترى أن تذكرني لها.
751 قال: إن شئت. قال (عليه السلام): قد شئت. فقدم أبو هريرة البصرة، فقال لها: يا أم أبيها إن أمير المؤمنين يخطبك لولي عهد المسلمين يزيد، وقد بذل لك في الصداق ألف ألف، ومررت بالحسين بن علي فذكرك. قالت: فما ترى يا أبا هريرة!؟ قال: ذلك إليك. قالت: فشفة قبلها رسول الله (صلى الله عليه وآله) أحب إلي. قال: فتزوجت الحسين بن علي (عليهما السلام)، ورجع أبو هريرة فأخبر معاوية، قال: فقال له: يا حمار! ليس لهذا وجهناك. قال: فلما كان بعد ذلك حج عبد الله بن عامر فمر بالمدينة فلقي الحسين بن علي [(عليهما السلام)] فقال له: يا ابن رسول الله! تأذن لي في كلام أم أبيها. فقال: إذا شئت. فدخل معه البيت، واستأذن على أم أبيها فأذنت له، ودخل معه الحسين (عليه السلام)، فقال لها عبد الله بن عامر: يا أم أبيها! ما فعلت الوديعة التي استودعتك؟ قالت: عندي، يا جارية! هاتي سفط كذا، فجائت به، ففتحته وإذا هو مملوء، لآلئ وجوهر يتلألأ، فبكى ابن عامر. فقال الحسين [(عليه السلام)]: ما يبكيك؟ فقال: يا ابن رسول الله! أتلومني على أن أبكي على مثلها في ورعها، وكمالها، ووفائها. قال (عليه السلام): يا ابن عامر! نعم المحلل كنت لكما، هي طلاق. فحج فلما رجع تزوج بها. قلت: وأورد هذه الحكاية أبو العلاء الحافظ، وساقها عن الحسن بن علي، على
752 ما أخبرني إجازة، قال: أخبرني عبد القادر بن محمد اليوسفي، أخبرني الحسن ابن علي الجوهري، أخبرني محمد بن العباس، أخبرني أحمد بن معروف الخشاب، أخبرني حسين بن محمد، أخبرني محمد بن سعد، أخبرني علي بن محمد، عن الهذلي، عن ابن سيرين، قال: كانت هند بنت سهيل بن عمرو عند عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد، وكان أبا عذرتها، ثم طلقها فتزوجها عبد الله بن عامر بن كريز ثم طلقها، فكتب معاوية إلى أبي هريرة أن يخطبها ليزيد بن معاوية، فلقيه الحسن بن علي فقال: أين تريد؟ قال: أخطب هند بنت سهيل ليزيد بن معاوية. قال فاذكرني لها، فأتاها أبو هريرة فأخبرها الخبر فقالت: اخترلي. قال: أختار لك الحسن (عليه السلام)، فتزوجها. قال فقدم عبد الله بن عامر المدينة فقال للحسن [(عليه السلام)]: إن لي عندها وديعة، فدخل إليها والحسن معه، وجلست بين يديه فرق ابن عامر، فقال الحسن (عليه السلام): ألا أنزل لك عنها؟ فلا أراك تجد محللا خيرا لكما مني. فقال: وديعتي فأخرجت سفطين فيهما جوهر، ففتحهما وأخذ من كل واحدة قبضة وترك الباقي، وكانت تقول: سيدهم حسن، وأسخاهم ابن عامر، وأحبهم إلى عبد الرحمن بن عتاب. (1) ونقل ابن قتيبة الدينوري هذه القضية مفصلا مرفوعا مع اختلاف في أسماء الأشخاص، وقد روى عنه كثير من المصنفين، ولما رأينا ضعف نقل ابن قتيبة اجتنبنا عن ذكره. (2)
1 - مقتل الحسين (عليه السلام) 1: 149، إحقاق الحق 11: 437. 2 - الإمامة والسياسة: 193، نهاية الإرب 6: 180، أعلام النساء 1: 34، ريا حين الشريعة 3: 338. 753 سيرة الإمام الحسين (عليه السلام) في تزويج ابنته [795] - 26 - أبو نعيم: أخبرني الطوسي، قال: حدثني الزبير، عن عمه، قال: أخبرني إسماعيل بن بكار، قال: حدثني أحمد بن سعيد، عن يحيى بن الحسين العلوي [الغنوي]، عن الزبير، عن عمه. قال: وأخبرني إسماعيل بن يعقوب، عن عبد الله بن موسى، قالا: كان الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب خطب إلى عمه الحسين، فقال له الحسين (عليهم السلام): يا ابن أخي، قد كنت أنتظر هذا منك، انطلق معي! فخرج به حتى أدخله منزله، فخيره في ابنتيه فاطمة وسكينة. فاختار فاطمة، فزوجه إياها. وكان يقال: إن امرأة تختار على سكينة لمنقطعة القرين في الحسن. وقال عبد الله بن موسى في خبره: إن الحسين [(عليه السلام)] خيره، فاستحيا، فقال له: قد اخترت لك فاطمة، فهي أكثرهما شبها بأمي فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله). (1) [796] - 27 - وعنه: أخبرني الطوسي والحرمي، عن الزبير، عن عمه بذلك، وحدثني أحمد ابن محمد بن سعيد، عن يحيى بن الحسن، عن إسماعيل بن يعقوب، قال: حدثني جدي عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن، قال: خطب الحسن بن الحسن إلى عمه الحسين - صلوات الله عليه - وسأله أن يزوجه إحدى ابنتيه، فقال له الحسين (عليه السلام): إختر، يا بنى! أحبهما إليك. فاستحيى الحسن ولم يحر جوابا، فقال له الحسين (عليه السلام): فإني اخترت منهما لك ابنتي فاطمة، فهي أكثر شبها بأمي فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله). (2)
1 - الأغاني 16: 142. 2 - الأغاني 21: 115، كشف الغمة 1: 579، مقاتل الطالبيين: 180، نور الأبصار: 125، ورواه في هامش مقتل الحسين للمقرم: 313، وزاد فيه: أما في الدين فتقوم الليل كله وتصوم النهار، وفي الجمال تشبه الحور العين. 754 إعطاء مهور النساء في حياتهن [797] - 28 - الكليني: عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن منصور بن العباس، عن سعيد بن جناح، عن أبي خالد الزيدي، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: دخل قوم على الحسين بن علي (عليهما السلام) فقالوا: يا ابن رسول الله! نرى في منزلك أشياء نكرهها، وإذا في منزله بسط ونمارق، فقال (عليه السلام): إنا نتزوج النساء فنعطيهن مهورهن فيشترين ما شئن، ليس لنا منه شيء. (1) [798] - 29 - القاضي النعمان: عن بعض أصحاب أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام) أنه قال: دخلت - يعني على أبي جعفر (عليه السلام) - في منزله، فوجدته في بيت منجد قد نضد بوسائد وأنماط ومرافق وأفرشة، ثم دخلت عليه بعد ذلك فوجدته في بيت مفروش بحصير، فقلت: ما هذا البيت، جعلت فداك؟ قال: هذا بيتي، والذي رأيت قبله بيت المرأة، وسأحدثك بحديث حدثني أبي، قال: دخل قوم على الحسين بن علي (عليهما السلام) فرأوا في منزله بساطا ونمارق وغير ذلك من الفروش، فقالوا: يا ابن رسول الله! نرى في منزلك أشياء لم تكن في منزل رسول الله (صلى الله عليه وآله)!؟ قال: إنا نتزوج النساء فنعطيهن مهورهن فيشترين بها ما شئن، ليس لنا فيه شيء. (2) الاستشارة في التزويج [799] - 30 - الراوندي: روي أن رجلا صار إلى الحسين (عليه السلام) فقال: جئتك أستشيرك في تزويجي فلانة.
1 - الكافي 6: 476 ح 1، مكارم الأخلاق: 134، وسائل الشيعة 3: 586 ح 5. 2 - دعائم الإسلام 2: 159 ح 569، مستدرك الوسائل 3: 465 ح 4009. 755 فقال [(عليه السلام)]: لا أحب ذلك لك. وكانت كثيرة المال وكان الرجل أيضا مكثرا، فخالف الحسين [(عليه السلام)] فتزوج بها، فلم يلبث الرجل حتى افتقر، فقال له الحسين (عليه السلام): قد أشرت إليك، فخل سبيلها، فإن الله يعوضك خيرا منها، ثم قال (عليه السلام): وعليك بفلانة. فتزوجها، فما مضت سنة حتى كثر ماله، وولدت له ولدا ذكرا، ورأى منها ما أحب. (1) نطق الرضيع [800] - 31 - ابن شهر شهرآشوب: صفوان بن مهران، قال: سمعت الصادق (عليه السلام) يقول: رجلان اختصما في زمن الحسين (عليه السلام) في امرأة وولدها، فقال: هذا لي، وقال: هذا لي، فمر بهما الحسين (عليه السلام)، فقال لهما: فيماذا تمرجان؟ قال أحدهما: إن الامرأة لي، [وقال الآخر: إن الولد لي]. فقال للمدعي الأول: أقعد فقعد، وكان الغلام رضيعا، فقال الحسين [(عليه السلام)]: يا هذه! أصدقي من قبل أن يهتك الله سترك. فقالت: هذا زوجي والولد له ولا أعرف هذا. فقال (عليه السلام): يا غلام! ما تقول هذه؟ أنطق بإذن الله تعالى. فقال له: ما أنا لهذا ولا لهذا، وما أبي إلا راع لآل فلان، فأمر (عليه السلام) برجمها. قال جعفر (عليه السلام): فلم يسمع أحد نطق ذلك الغلام بعدها. (2)
1 - الخرائج والجرائح 1: 248 ح 4، بحار الأنوار 44: 182 ح 6، إثبات الهداة 5: 191 ح 29، و 205 ح 63، مدينة المعاجز 3: 512 ح 1028، العوالم 17: 56 ح 5، وفيه: ذكرا وأنثى، وسائل الشيعة 14: 32 ح 10. 2 - المناقب 4: 51، بحار الأنوار 44: 184 ح 11، مدينة المعاجز 3: 500 ح 1015، إثبات الهداة 5: 209 ح 78، العوالم 17: 49 ح 1، تظلم الزهراء (عليها السلام): 24. 756 إراءته (عليه السلام) النبي وأمير المؤمنين (عليهما السلام) [801] - 32 - وعنه: الأصبغ بن نباتة قال: سألت الحسين (عليه السلام) فقلت: سيدي أسألك عن شيء أنا به موقن، وإنه من سر الله، وأنت المسرور إليه ذلك السر. فقال [(عليه السلام)]: يا أصبغ! أتريد أن ترى مخاطبة رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأبي دون (1) يوم مسجد قبا؟ قال: هذا الذي أردت. قال (عليه السلام): قم، فإذا أنا وهو بالكوفة، فنظرت فإذا المسجد من قبل أن يرتد إلي بصري، فتبسم في وجهي، فقال [(عليه السلام)]: يا أصبغ! إن سليمان بن داود أعطي الريح (غدوها شهر ورواحها شهر) (2) وأنا قد أعطيت أكثر مما أعطى سليمان. فقلت: صدقت، والله، يا ابن رسول الله! فقال [(عليه السلام)]: نحن الذين عندنا علم الكتاب وبيان ما فيه، وليس لأحد من خلقه ما عندنا، لأنا أهل سر الله، فتبسم في وجهي، ثم قال [(عليه السلام)]: نحن آل الله وورثة رسوله. فقلت: الحمد لله على ذلك، ثم قال (عليه السلام) لي: أدخل، فدخلت، فإذا أنا برسول الله (صلى الله عليه وآله) محتب [محتبىء] في المحراب بردائه، فنظرت فإذا أنا بأمير المؤمنين [(عليه السلام)] قابض على تلابيب الأعسر (3)، فرأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يعض على
1 - لأبي أي: لأبي بكر، عبر به عنه. تقية، والدون: الخسيس. (العوالم). 2 - سبأ: 34 / 12. 3 - الأعسر: الشديد أو الشوم، والمراد به إما الأول أو الثاني، هامش المناقب لابن شهرآشوب. 757 الأنامل، وهو يقول: بئس الخلف خلفتني أنت وأصحابك، عليكم لعنة الله ولعنتي. (1) شفاء حبابة الوالبية [802] - 33 - الصفار: حدثنا محمد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن صباح المزني، عن صالح بن ميثم الأسدي قال: دخلت أنا وعباية بن ربعي على امرأة في بني والبة، قد احترق وجهها من السجود، فقال عباية: يا حبابة هذا ابن أخيك؟ قالت: وأي أخ؟ قال: صالح بن ميثم. قالت: ابن أخي والله حقا، يا ابن أخي! ألا أحدثك حديثا سمعته من الحسين بن علي (عليهما السلام)؟ قال: قلت: بلى يا عمة! قالت: كنت زوارة الحسين بن علي (عليهما السلام)، قالت: فحدث بين عيني وضح، فشق ذلك علي، واحتبست عليه أياما، فسأل [(عليه السلام)] عني: ما فعلت حبابة الوالبية؟ فقالوا: إنها حدث بها حدث بين عينيها. فقال لأصحابه: قوموا إليها. فجاء مع أصحابه حتى دخل علي، وأنا في مسجدي هذا، فقال [(عليه السلام)]: يا حبابة! ما أبطأ بك علي؟ قلت: يا ابن رسول الله! ما ذلك الذي منعني إن لم أكن اضطررت إلى المجيئ إليك اضطرارا لكن حدث هذا لي! [قال:] فكشفت القناع، فتفل عليه الحسين بن
1 - المناقب 4: 52، بحار الأنوار 44: 184 ضمن ح 11، تظلم الزهراء (عليها السلام): 25، مدينة المعاجز 3: 501 ح 1016، العوالم 17: 50 ضمن ح 1، إثبات الهداة 5: 209 ح 80، كنز الدقائق، 8: 254. 758 علي (عليهما السلام)، فقال: يا حبابة! أحدثي لله شكرا، فإن الله قد درأه عنك! فخررت ساجدة لله. قالت: فقال [(عليه السلام)]: يا حبابة! ارفعي رأسك وانظري في مرآتك. قالت: فرفعت رأسي فلم أحس منه شيئا، قالت: فحمدت الله. (1) [803] - 34 - الطوسي: حمدويه، عن محمد بن عيسى، عن ابن أبي نجران، عن إسحاق بن سويد الفراء، عن إسحاق بن عمار، عن صالح بن ميثم، قال: دخلت أنا وعباية الأسدي على حبابة الوالبية، فقال لها: هذا ابن أخيك ميثم. قالت: ابن أخي والله حقا! ألا أحدثكم بحديث عن الحسين بن علي (عليهما السلام)؟ فقلت: بلى. قالت: دخلت عليه وسلمت، فرد السلام ورحب، ثم قال [(عليه السلام)]: ما بطأ بك عن زيارتنا والتسليم علينا يا حبابة؟ قلت: ما بطأني إلا علة عرضت. قال: وما هي؟ قالت: فكشفت خماري عن برص. قالت: فوضع يده على البرص ودعا، فلم يزل يدعو حتى رفع يده، وكشف الله ذلك البرص، ثم قال [(عليه السلام)]: يا حبابة! إنه ليس أحد على ملة إبراهيم في هذه الأمة غيرنا وغير شيعتنا، ومن سواهم منها براء. (2)
1 - بصائر الدرجات 270 ح 6، الدعوات للراوندي: 65 ح 163، إثبات الهداة 5: 185 ح 17، دلائل الإمامة: 186، الثاقب في المناقب: 324 ح 267، مدينة المعاجز 3: 457 ح 976، بحار الأنوار 44: 180 ح 2، العوالم 17: 45 ح 1، وفي أكثرها أضيفت في آخرها: فنظر إلى فقال (عليه السلام): يا حبابة! نحن وشيعتنا على الفطرة، وسائر الناس منها براء. 2 - رجال الكشي 1: 332 ح 183، بحار الأنوار 44: 186 ح 15. 759 [804] - 35 - ابن حمزة: أبو خالد الكابلي، قال: سمعت علي بن الحسين (عليهما السلام) يقول: دخلت نصرة الأزدية على الحسين (عليه السلام)، فقال لها: يا نصرة! ما الذي أبطأ بك علي؟ فقالت له: يا ابن رسول الله! شيء عرض لي في مفرق رأسي، وكثر منه غمي، وطال منه همي. فقال: أدني مني. فدنت منه، فوضع إصبعه على أصل البياض فصار كالقار، فقال: ائتوها بمرآة. فأتيت بها، فنظرت في المرآة، فإذا البياض قد اسود، فسرت بذلك، وسر الحسين [(عليه السلام)] لسرورها (1) إحياء الموتى بدعائه (عليه السلام) [805] - 36 - الراوندي: عن أبي خالد الكابلي، عن يحيى بن أم الطويل، قال: كنا عند الحسين (عليه السلام) إذ دخل عليه شاب يبكي، فقال له الحسين [(عليه السلام)]: ما يبكيك؟ قال: إن والدتي توفيت في هذه الساعة ولم توص، ولها مال، وكانت قد أمرتني أن لا أحدث في أمرها شيئا حتى أعلمك خبرها. فقال الحسين (عليه السلام): قوموا بنا حتى نصير إلى هذه الحرة! فقمنا معه حتى انتهينا إلى باب البيت الذي [توفيت] فيه المرأة [وهي] مسجاة. فأشرف على البيت ودعا الله ليحييها، حتى توصي بما تحب من وصيتها، فأحياها الله، وإذا المرأة جلست وهي تتشهد! ثم نظرت إلى الحسين (عليه السلام)، فقالت: ادخل البيت يا مولاي! ومرني بأمرك، فدخل وجلس على مخدة، ثم قال [(عليه السلام)] لها:
1 - الثاقب في المناقب: 328 ح 266، مدينة المعاجز 3: 508 ح 1025، بصائر الدرجات: 270 ح 3، وفيه: عن أبي جعفر (عليه السلام). 760 وصي، يرحمك الله. فقالت: يا ابن رسول الله! [ان] لي من المال كذا وكذا في مكان كذا وكذا، وقد جعلت ثلثه إليك لتضعه حيث شئت من أوليائك، والثلثان لابني هذا، إن علمت أنه من مواليك وأوليائك، وإن كان مخالفا فخذه إليك، فلا حق للمخالفين في أموال المؤمنين، ثم سألته أن يصلي عليها، وأن يتولى أمرها، ثم صارت المرأة ميتة كما كانت. (1) ذهاب الحمى عند دخوله (عليه السلام) [806] - 37 - الطوسي: وجدت في كتاب محمد بن شاذان بن نعيم بخطه، روى عن حمران ابن أعين أنه قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يحدث عن آبائه [(عليهم السلام)]: أن رجلا كان من شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) مريضا شديد الحمى، فعاده الحسين بن علي (عليه السلام)، فلما دخل من باب الدار طارت الحمى عن الرجل، فقال له: قد رضيت بما أوتيتم به حقا حقا، والحمى تهرب منكم! فقال [له الحسين (عليه السلام)]: والله! ما خلق الله شيئا إلا وقد أمره بالطاعة لنا يا كناسة! قال: فإذا نحن نسمع الصوت ولا نرى الشخص، يقول: لبيك، قال [(عليه السلام)]: أليس أمير المؤمنين [(عليه السلام)] أمرك ألا تقربي إلا عدوا أو مذنبا لكي تكون كفارة لذنوبه؟! فما بال هذا؟ وكان الرجل المريض عبد الله بن شداد بن الهاد الليثي. (2)
1 - الخرائج والجرائح 1: 245 ح 1، الثاقب في المناقب: 344، ح 290، مدينة المعاجز 3: 507 ح 1024، العوالم 17: 49 ح 4، بحار الأنوار 44: 180 ح 3، إثبات الهداة 5: 188 ح 26. 2 - اختيار معرفة الرجال 1: 298 ح 141، المناقب لابن شهر آشوب 4: 51، إثبات الهداة 5: 199 ح 50، إلى قوله: أليس أمير المؤمنين، بحار الأنوار 44: 183 ح 8، مدينة المعاجز 3: 499 ح 1013، معالي السبطين 1: 106، تظلم الزهراء (عليها السلام): 23. 761 نجاة المرأة حول الكعبة (عليه السلام) [807] - 38 - وعنه: عن الحكم بن مسكين، عن أيوب بن أعين، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إن امرأة كانت تطوف وخلفها رجل، فأخرجت ذراعها، فقال بيده حتى وضعها على ذراعها، فأثبت الله يده في ذراعها حتى قطع الطواف! وأرسل إلى الأمير، واجتمع الناس، وأرسل إلى الفقهاء، فجعلوا يقولون: اقطع يده فهو الذي جنا الجناية، فقال: هاهنا أحد من ولد محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ فقالوا: نعم، الحسين بن علي (عليهما السلام) قدم الليلة، فأرسل إليه، فدعاه فقال: انظر ما لقيا ذان، فاستقبل القبلة ورفع يديه، فمكث طويلا يدعو، ثم جاء إليها حتى خلص يده من يدها، فقال الأمير: ألا نعاقبه بما صنع؟ فقال [(عليه السلام)]: لا. (1) ظهور البستان والظبية [808] - 39 - محمد مهدي الحائري: ومن معجزاته كما في الكبريت الأحمر: خرج الحسين (عليه السلام) من المدينة قاصدا زيارة بيت الله الحرام، ومعه جمع كثير وجم غفير، فمرض من الركب رجل، فقال للحسين: أشتهي رمانا. فقال (عليه السلام): هذا بستان فيه أنواع الفواكه فامض إليه، وتناول ما شئت! ولم يعهد أحد قبل ذلك هناك أشجارا وأثمارا ومياها، فلما شاهد الركب البستان
1 - تهذيب الأحكام 5: 470 ح 1647، المناقب لابن شهر آشوب 4: 51، العوالم 17: 47، بحار الأنوار 44: 183 ح 10، مدينة المعاجز 3: 506 ح 1023، إثبات الهداة 5: 177 ح 4، وفيهما: الكعبة، بدل القبلة، وسائل الشيعة 9: 338 ح 6. 762 دخلوا وتناولوا كلما اشتهوا، ولما خرجوا غاب البستان عن نظرهم، وإذا هم بظبية فأشار الحسين (عليه السلام) إليها فأقبلت، ثم أمرهم أن يذبحها أحد منهم ولا يكسر لها عظما إلى أن أكلوا لحمها، فدعا (عليه السلام) بدعاء فعادت كما كانت. فقال (عليه السلام): أيكم يشتهي أن يشرب من حليبها فليحلبها إلى أن شرب كلهم من حليبها، وكفى الركب كلهم ببركة الحسين (عليه السلام) ودعائه. ثم قال (عليه السلام) لها: لك خشفات تنتظرك فانصرفي وارضعيهن، فانصرفت. (1) اخضرار النخلة اليابسة وإثمارها [809] - 40 - أبو جعفر الطبري: روى الهيثم النهدي، عن إسماعيل بن مهران، عن محمد الكناني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: خرج الحسين بن علي (عليهما السلام) في بعض أسفاره ومعه رجل من ولد الزبير بن العوام يقول بإمامته، فنزلوا في طريقهم بمنزل تحت نخلة قد يبست من العطش، ففرش الحسين [(عليه السلام)] تحتها وبإزائه نخلة ليس عليها رطب، قال: فرفع يده ودعا بكلام لم أفهمه، فاخضرت النخلة وعادت إلى حالها وحملت رطبا، فقال الجمال الذي اكترى منه: هذا سحر، والله! فقال الحسين [(عليه السلام)]: ويلك إنه ليس بسحر، ولكنها دعوة ابن نبي مستجابة! ثم صعدوا النخلة فجنوا منها ما كفاهم جميعا. (2)
1 - معالي السبطين 1: 106. 2 - دلائل الإمامة: 186 ح 105، إثبات الهداة 5: 207 ح 74، مدينة المعاجز 3: 459 ح 977، الخرائج والجرائح 2: 571 ح 1، عيون المعجزات: 62، وفيهما: عن الحسن (عليه السلام). 763 إتيانه (عليه السلام) العنب والموز في غير أوانهما [810] - 41 - وعنه: حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد قال: حدثنا سعيد بن شرفي بن [القطامي]، عن زفر بن يحيى، عن كثير بن شاذان قال: شهدت الحسين بن علي (عليهما السلام) وقد اشتهى عليه ابنه علي الأكبر عنبا في غير أوانه، فضرب يده إلى سارية المسجد فأخرج له عنبا وموزا فأطعمه! وقال (عليه السلام): ما عند الله لأوليائه أكثر. (1) إرشاده (عليه السلام) الأعرابي إلى بعيره [811] - 42 - الحر العاملي: روى بعض أصحابنا في كتاب له، اسمه: التحفة في الكلام قال: روى عبد الله بن عباس قال: كنت جالسا عند الحسين (عليه السلام) فجاءه أعرابي وقال: ضل بعيري وليس لي غيره، وأنت ابن رسول الله أرشدني إليه. فقال [(عليه السلام)]: إذهب إلى موضع كذا فإنه فيه، وفي مقابله أسد، فذهب إلى ذلك الموضع فوجده كما قال (عليه السلام). (2) إرشاده (عليه السلام) الأعرابي إلى ناقته [812] - 43 - وعنه: روى السيد ولي بن نعمة الله الرضوي في كتاب مجمع البحرين في مناقب السبطين نقلا من كتاب البهجة، عن ابن عباس:
1 - دلائل الإمامة: 183 ح 100، إثبات الهداة 5: 206 ح 70، مدينة المعاجز 3: 452 ح 971. 2 - إثبات الهداة 5: 211 ح 85. 764 أن أعرابيا قال للحسين (عليه السلام): يا ابن رسول الله! فقدت ناقتي ولم يكن عندي غيرها، وكان أبوك يرشد الضالة، ويبلغ المفقود إلى صاحبه! فقال له الحسين (عليه السلام): إذهب إلى الموضع الفلاني تجد ناقتك واقفة وفي مواجهها ذئب أسود! قال: فتوجه الأعرابي إلى الموضع ثم رجع فقال للحسين (عليه السلام) يا ابن رسول الله وجدت ناقتي في الموضع الفلاني. (1) إخباره (عليه السلام) بوجود اللص في الطريق [813] - 44 - الراوندي: روي عن مندل، عن هارون بن خارجة، عن الصادق (عليه السلام)، عن آبائه (عليهم السلام) قال: إن الحسين (عليه السلام) إذا أراد أن ينفذ غلمانه في بعض أموره، قال لهم: لا تخرجوا يوم كذا واخرجوا يوم كذا، فإنكم إن خالفتموني قطع عليكم! فخالفوه مرة وخرجوا فقتلهم اللصوص، وأخذوا ما معهم، واتصل الخبر بالحسين (عليه السلام)، فقال: لقد حذرتهم فلم يقبلوا مني! ثم قام من ساعته ودخل على الوالي، فقال الوالي: يا أبا عبد الله! بلغني قتل غلمانك، فآجرك الله فيهم. فقال الحسين (عليه السلام): فإني أدلك على من قتلهم، فاشدد يدك بهم. قال: أو تعرفهم، يا ابن رسول الله؟! قال: نعم، كما أعرفك، وهذا منهم، وأشار بيده إلى رجل واقف بين يدي الوالي، فقال الرجل: ومن أين قصدتني بهذا؟! ومن أين تعرف أني منهم؟! فقال له الحسين (عليه السلام): إن أنا صدقتك تصدقني؟
1 - إثبات الهداة 5: 211، ح 83. 765 فقال الرجل: نعم، والله! لأصدقنك. فقال (عليه السلام): خرجت ومعك فلان وفلان، وذكرهم كلهم فمنهم أربعة من موالي المدينة والباقون من حبشان (1) المدينة، فقال الوالي للرجل: ورب القبر والمنبر! لتصدقني أو لأهرأن (2) لحمك بالسياط. فقال الرجل: والله! ما كذب الحسين (عليه السلام) وقد صدق، وكأنه كان معنا، فجمعهم الوالي [جميعا] فأقروا جميعا، فضرب أعناقهم. (3) إن الله تعالى حافظ للكعبة [814] - 45 - الكليني: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن زرارة، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): قد أدركت الحسين (عليه السلام)؟ قال: نعم، أذكر وأنا معه في المسجد الحرام، وقد دخل فيه السيل، والناس يتخوفون (4) على المقام، يخرج الخارج يقول: قد ذهب به السيل، ويخرج منه الخارج فيقول: هو مكانه، قال: فقال [(عليه السلام)] لي (5): يا فلان! ما صنع هؤلاء؟ قلت: أصلحك الله يخافون أن يكون السيل قد ذهب بالمقام، فقال [(عليه السلام)]: ناد: إن الله قد جعله علما، لم يكن ليذهب به، فاستقروا.
1 - الحبش: جنس من السودان: أو سكان بلاد الحبشة، واحده حبش والجمع حبشان. راجع هامش الخرائج. 2 - هرأ اللحم: أجاد انضجاجه حتى تفسخ. المنجد: 861. 3 - الخرائج والجرائح 1: 246 ح 3، دلائل الإمامة: 186، الثاقب في المناقب: 342 ح 288، بحار الأنوار 44: 181 ح 5، وفيه: عن هارون بن صدقة، ولكن الصحيح ما أثبتناه في المتن كما يظهر من هامش الخرائج، العوالم 17: 55 ح 4، إثبات الهداة 5: 190 ح 28، مدينة المعاجز 3: 455 ح 975. 4 - في الأصل: يقومون، وما أثبتناه من الفقيه. 5 - قال المحقق التستري صاحب الأخبار الدخيلة: فيما كتب إلى أن فيه سقطا، أو تصحيفا فإن خطاب الإمام (عليه السلام) إلى ابنه وهو ابن أقل من أربع سنين: يا فلان، وجوابه أيضا بأصلحك الله في غاية البعد. وفي الكافي: فقال لي: يا فلان! والظاهر أن الأصل: فقال لرجل: يا فلان! ما يصنع هؤلاء؟ فقال: أصلحك الله. فصحف. 766 وكان موضع المقام الذي وضعه إبراهيم (عليه السلام) عند جدار البيت فلم يزل هناك، حوله أهل الجاهلية إلى المكان الذي هو فيه اليوم، فلما فتح النبى (صلى الله عليه وآله) مكة رده إلى الموضع الذي وضعه إبراهيم (عليه السلام)، فلم يزل هناك إلى أن ولى عمر بن الخطاب، فسأل الناس من منكم يعرف المكان الذي كان فيه المقام؟ فقال رجل: أنا قد كنت أخذت مقداره بنسع، فهو عندي، فقال: إيتني به، فأتاه به، فقاسه ثم رده إلى ذلك المكان. (1) إقرار الصحابة بفضله (عليه السلام) [815] - 46 - ابن سعد: أخبرنا كثير بن هشام، قال حدثنا حماد بن سلمة، عن أبي المهزم، قال: كنا مع جنازة امرأة ومعنا أبو هريرة، فجيء بجنازة رجل فجعله بينه وبين المرأة، فصلي عليهما فلما أقبلنا أعيا الحسين فقعد في الطريق، فجعل أبو هريرة ينفض التراب عن قدميه بطرف ثوبه، فقال الحسين: يا أبا هريرة! وأنت تفعل هذا؟ قال أبو هريرة: دعني، فوالله! لو يعلم الناس منك ما أعلم لحملوك على رقابهم. (2) إخباره (عليه السلام) عن شهادته [816] - 47 - ابن قولويه: حدثني محمد بن جعفر الرزاز، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن يحيى الخثعمي، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن أبيه، عن جده، عن الحسين بن علي (عليهم السلام) قال:
1 - الكافي 4: 223 ح 2، من يحضره الفقيه 2: 243، ح 2308، إثبات الهداة 5: 176 ح 3، كنز الدقائق 2: 157. 2 - ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من الطبقات الكبير: 32 ح 223، تاريخ ابن عساكر. (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 149 ح 191، تاريخ الإسلام 5: 101. 767 قال: والذي نفس حسين بيده لا ينتهي [يهنيء] بني أمية ملكهم حتى يقتلوني، وهم قاتلي، فلو قد قتلوني لم يصلوا جميعا أبدا، ولم يأخذوا عطاء في سبيل الله جميعا أبدا، إن أول قتيل هذه الأمة أنا وأهل بيتي، والذي نفس حسين بيده! لا تقوم الساعة وعلى الأرض هاشمي يطرق. (1) وحدثني أبي، عن سعد، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن يحيى الخزاز، عن طلحة، عن جعفر (عليه السلام) مثله. (2) جوابه (عليه السلام) لأسئلة ملك الروم [817] - 48 - الشعراني: جواب الحسين عن مسائل سأل عنها ملك الروم حين أوفد إليه ويزيد بن معاوية في خبر طويل، اختصر نا منه موضع الحاجة: سأله عن المجرة، وعن سبعة أشياء خلقها الله ولم تخلق في رحم؟ فضحك الحسين (عليه السلام) فقال له: ما أضحكك؟ قال (عليه السلام): لأنك سألتني عن أشياء ما هي من منتهى العلم إلا كالقذى في عرض البحر، أما المجرة فهي قوس الله، وسبعة أشياء لم تخلق في رحم، فأولها آدم (عليه السلام)، ثم حوا، والغراب، وكبش إبراهيم (عليه السلام)، وناقة الله، وعصا موسى (عليه السلام)، والطير الذي خلقه عيسى بن مريم (عليه السلام). ثم سأله عن أرزاق العباد؟ فقال (عليه السلام): أرزاق العباد في السماء الرابعة ينزلها الله بقدر، ويبسطها بقدر.
1 - كامل الزيارات: 74 ح 13، بحار الأنوار 45: 88 ح 25، إثبات الهداة 5: 197. 2 - كامل الزيارات: 75. 768 ثم سأله عن أرواح المؤمنين أين تجتمع؟ قال (عليه السلام): تجتمع تحت صخرة بيت المقدس ليلة الجمعة، وهو عرش الله الأدنى، منها بسط الأرض وإليها يطويها، ومنها إستوى إلى السماء. وأما أرواح الكفار فتجتمع في دار الدنيا في حضرموت وراء مدينة اليمن، ثم يبعث الله نارا من المشرق ونارا من المغرب بينهما ريحان فيحشران الناس إلى تلك الصخرة في بيت المقدس، فتحبس في يمين الصخرة وتزلف الجنة للمتقين، وجهنم في يسار الصخرة في تخوم الأرضين، وفيها الفلق والسجين، فتفرق الخلائق من عند الصخرة، فمن وجبت له الجنة دخلها من عند الصخرة، ومن وجبت له النار دخلها من عند الصخرة. (1) [818] - 49 - أبو علي الطبرسي: بإسناده [عن علي بن الحسين] قال: حدثني أبي الحسين ابن علي (عليهم السلام)، قال: كنا أنا وأخي الحسن [(عليه السلام)]، وأخي محمد بن الحنفية، وبنو عمي عبد الله ابن عباس وقثم والفضل على مائدة [واحدة] نأكل، فوقعت جرادة على المائدة، فأخذها عبد الله بن عباس فقال للحسن (عليه السلام): يا سيدي! [أتعلم] ما المكتوب على جناح الجرادة؟ قال (عليه السلام): سألت أمير المؤمنين [(عليه السلام)] فقال: سألت جدك [رسول الله (صلى الله عليه وآله)] فقال لي: على جناح الجراد مكتوب: إني أنا الله لا إله إلا أنا رب الجرادة ورازقها، إذا شئت بعثتها لقوم رزقا، وإذا شئت بعثتها على قوم بلاء، فقام عبد الله بن عباس فقرب من الحسن بن علي (عليهما السلام)، ثم قال: هذا والله! من مكنون العلم. (2)
1 - تحف العقول: 172، بحار الأنوار 10: 137 ح 4، تفسير القمي 2: 268 أورده عن الحسن (عليه السلام). 2 - صحيفة الإمام الرضا (عليه السلام): 259 ح 194، الدعوات للراوندي: 145 ح 376، بحار الأنوار 65: 193 ح 9، و 206 ح 34، مستدرك الوسائل 16: 155 ح 19453، الدر المنثور 3: 110. قال المجلسي: يحتمل أن يكون الكتابة المذكورة كناية عن أن خلقتها على الهيئة المذكورة تدل على وجود الصانع ووحدته وكونه رب الجرادة وغيرها، وإنها تكون نعمة وبلاء وفيها استعداد هما، والله يعلم. بحار الأنوار 65: 193. 769 [819] - 50 - التستري: سمع الحسين بن علي [(عليهما السلام)] رجلا على كرسي يقول: سلوني عما دون العرش، فقال: قد ادعى دعوى عريضة. ثم قال له: أيها المدعي! أخبرني عن شعر لحيتك، أشفع هو أم وتر؟ فسكت وقال: علمني يا ابن رسول الله! قال (عليه السلام): شفع، فإن الله تعالى قال: (ومن كل شىء خلقنا زوجين) (1) فالمخلوقات زوج والوتر هو الله تعالى. (2) قتل عبد الله بن بشار [820] - 51 - وعنه: عبد الله بن بشار بن أبي عقب الشاعر: وكان رضيع الحسين بن علي بن أبي طالب [(عليهما السلام)]، وكان يجالس عبيد الله بن الحر الجعفي، فيخبره بما خبره عن علي [(عليه السلام)]، وهو صاحب أشعار الملاحم، وكان يقول: إن الحسين [(عليه السلام)] قال لي: إنك تقتل، يقتلك عبيد الله بن زياد بالجازر. وقال ابن الحر: إن ابن أبي عقب كان يخبرني عن الحسين [(عليه السلام)] أشياء يكذبها عليه، ويزعم أن ابن زياد يقتله، فأتاه عبيد الله بن الحر ليلا مشتملا على السيف، فناداه فخرج إليه، فقال: أبلغ معي إلى حاجة لي، فخرج معه ابن أبي عقب، فلما برز إلى السبخة ضربه بالسيف حتى مات. (3)
1 - الذاريات: 51 / 49. 2 - إحقاق الحق 11: 432. 3 - إحقاق الحق 11: 433، تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 213، في هامشه. 770 إخباره (عليه السلام) عن شهادة ولد الحسن (عليه السلام) [821] - 52 - السيد ابن طاووس:: روينا بإسنادنا إلى أبي العباس أحمد بن نصر بن سعد من كتاب الرجال مما خرج منه وعليه سماع الحسين بن علي بن الحسن وهو نسخة عتيقة بلفظه، قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن سعيد الكندي، قال: هذا كتاب غالب بن عثمان الهمداني وقرأت فيه، أخبرني خلاد بن عمير الكلبي مولى آل حجر بن عدي، قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال: هل لكم علم بآل الحسن الذين خرج بهم مما قبلنا؟ - وكان قد اتصل بنا عنهم خبر، فلم نحب أن نبدأه به - فقلنا: نرجو أن يعافيهم الله. فقال: وأين هم من العافية؟! ثم بكى حتى علا صوته وبكينا، ثم قال: حدثني أبي، عن فاطمة بنت الحسين، قالت: سمعت أبي صلوات الله عليه يقول: يقتل منك، أو يصاب منك نفر بشط الفرات ما سبقهم الأولون ولا يدركهم الآخرون، وأنه لم يبق من ولدها غيرهم. (1) حكم الأئمة (عليهم السلام) [822] - 53 - الصفار: حدثنا إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن خالد البرقي، عن ابن سنان، أو غيره، عن بشير، عن حمران، عن جعيد الهمداني ممن خرج مع الحسين (عليه السلام) بكربلاء، قال: فقلت للحسين (عليه السلام) جعلت فداك، بأي شيء تحكمون؟ قال [(عليه السلام)]: يا جعيد! نحكم بحكم آل داود، فإذا عيينا عن شىء تلقانا به روح القدس. (2)
1 - إقبال الأعمال: 581، بحار الأنوار 47: 302 ح 25. 2 - بصائر الدرجات: 452 ح 7، بحار الأنوار 25: 57 ح 22. 771 اليمين الكاذبة وعاقبتها [823] - 54 - التستري: إن رجلا ادعى عليه - على الحسين [(عليه السلام)] - مالا، فقال الحسين [(عليه السلام)]: ليحلف على ما ادعاه ويأخذه. فتهيأ الرجل لليمين وقال: والله! الذي لا إله إلا هو. فقال الحسين [(عليه السلام)]: قل: والله، والله، والله، ثلاثا، إن هذا الذي يدعيه عندي، وفي قبلي، ففعل الرجل ذلك وقام فاختلفت رجلاه وسقط ميتا. فقيل للحسين (عليه السلام): لم فعلت ذلك؟ - أي عدلت عن قوله: والله الذي لا إله إلا هو -، إلى قوله: والله، والله، والله؟ فقال: كرهت أن يثني على الله فيحلم عنه. (1) تورم رجلي الحسين (عليه السلام) [824] - 55 - البحراني: في كتاب النجوم للسيد ابن طاووس: من كتاب الدلائل لعبد الله ابن جعفر الحميري، بإسناده إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال: خرج الحسين بن علي (عليهما السلام) إلى مكة، [في] سنة ماشيا فورمت قدماه، فقال له بعض مواليه: لو ركبت ليسكن عنك هذا الورم. فقال (عليه السلام): كلا إذا أتينا هذا المنزل فإنه يستقبلك أسود، ومعه دهن فاشتره منه ولا تماكسه. فقال له مولاه: بأبي أنت وأمي! ما قدامنا منزل فيه أحد يبيع هذا الدواء! فقال (عليه السلام): بلى أمامك دون المنزل، فسار ميلا فإذا هو بالأسود!
1 - إحقال الحق 11: 457. 772 فقال الحسين (عليه السلام) لمولاه: دونك الرجل، فخذ منه الدهن وأعطه الثمن، فأخذ منه الدهن، وأعطاه الثمن، فقال له الغلام: لمن أردت هذا الدهن؟ فقال: للحسين بن علي (عليهما السلام). فقال: انطلق بي إليه، فصار الأسود نحوه، [فسلم] وقال: يا ابن رسول الله! إني مولاك لا آخذ له ثمنا، ولكن ادع الله أن يرزقني ولدا ذكرا سويا يحبكم أهل البيت، فإني خلفت امرأتي تمخض. فقال [(عليه السلام)]: إنطلق إلى منزلك فإن الله قد وهب لك ولدا ذكرا سويا، فولدت غلاما سويا، ثم رجع الأسود إلى الحسين (عليه السلام) فدعا له بالخير لولادة الغلام له، ثم إن الحسين (عليه السلام) قد مسح رجليه فما قام من موضعه حتى زال ذلك الورم. (1) إنكار المنكر [825] - 56 - الطوسي: أخبرنا محمد بن محمد قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد الشافعي قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل الضبي قال: حدثنا عبد الله ابن شبيب قال: حدثنا أبو طاهر أحمد بن عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، قال: حدثني الحسين بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده [(عليهما السلام)] قال: كان يقال: لا يحل لعين مؤمنة ترى الله يعصى، فتطرف حتى تغيره. (2)
1 - العوالم 17: 56 ح 1، الكافي 1: 463 ح 6، عن الحسن (عليه السلام)، بحار الأنوار 44: 185 ح 13، و 43: 324 ح 3 عن الكافي. 2 - الأمالي 1: 55 ح 75. 773 فضل البكاء على أهل البيت (عليهم السلام) [826] - 57 - المفيد: أخبرني أبو عمرو عثمان بن أحمد الدقاق إجازة، قال: أخبرنا جعفر بن محمد بن مالك قال: حدثنا أحمد بن يحيى الأودي قال: حدثنا مخول بن إبراهيم، عن الربيع بن المنذر، عن أبيه، عن الحسين بن علي (عليهما السلام) قال: ما من عبد قطرت عيناه فينا قطرة، أو دمعت عيناه فينا دمعة، إلا بوأه الله بها في الجنة حقبا. قال أحمد بن يحيي الأودي: فرأيت الحسين بن علي [(عليهما السلام)] في المنام، فقلت: حدثني مخول بن إبراهيم، عن الربيع بن المنذر، عن أبيه، عنك أنك قلت: ما من عبد قطرت عيناه فينا قطرة، أو دمعت عيناه فينا دمعة، إلا بوأه الله بها في الجنة حقبا؟ قال: نعم. قلت: سقط الإسناد بيني وبينك. (1) الحسين (عليه السلام) قتيل العبرة [827] - 58 - ابن قولويه: حدثني علي بن الحسين السعد آبادي قال: حدثني أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن ابن مسكان، عن هارون بن خارجة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال الحسين (عليه السلام): أنا قتيل العبرة، قتلت مكروبا، وحقيق علي أن لا يأتيني
1 - الأمالي 340 ح 6، الأمالي للطوسي 1: 116 ح 181، المنتخب للطريحي 447 قطعة منه، ينابيع المودة: 228 و 330، بحار الأنوار 44: 280 ح 8. 774 مكروب قط إلا رده الله وأقلبه إلى أهله مسرورا. (1) [828] - 59 - وعنه: حدثني أبي (رحمه الله) وعلي بن الحسين ومحمد بن الحسن رحمهم الله، جميعا عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن سعيد بن جناح، عن أبي يحيى الحذاء، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: نظر أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى الحسين فقال: يا عبرة كل مؤمن! فقال: أنا، يا أبتاه! قال: نعم، يا بني! (2) [829] - 60 - وعنه: حدثني أبي، عن سعد بن عبد الله، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن إسماعيل بن مهران، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): قال الحسين بن علي (عليهما السلام): أنا قتيل العبرة، لا يذكرني مؤمن إلا استعبر. (3) [830] - 61 - وعنه: حدثني أبي (رحمه الله)، عن سعد بن عبد الله، عن الحسن بن موسى، عن محمد ابن سنان، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال الحسين (عليه السلام): أنا قتيل العبرة. (4) [831] - 62 - وعنه: حدثني محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد البرقي، عن أبان الأحمر، عن محمد بن الحسين الخزار، عن هارون بن خارجة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: كنا عنده فذكرنا الحسين (عليه السلام)، وعلى قاتله لعنة الله، فبكى أبو عبد الله (عليه السلام)
1 - كامل الزيارات: 109، ثواب الأعمال: 219 ح 52، بحار الأنوار 44: 279 ح 6، و 101: 48 ح 16، وسائل الشيعة 10: 328 ح 31، نفس المهموم: 40. 2 - كامل الزيارات: 108 ح 1، بحار الأنوار 44: 280 ح 10، المنتخب للطريحي: 447. 3 - كامل الزيارات: 108 ح 3، أمالي الصدوق: 118، روضة الواعظين 1: 170، المناقب لابن شهرآشوب 4: 87. 4 - كامل الزيارات: 108 ح 4، بحار الأنوار 44: 280 ح 12. 775 وبكينا، قال: ثم رفع رأسه فقال: قال الحسين (عليه السلام): أنا قتيل العبرة، لا يذكرني مؤمن إلا بكى. (1) [832] - 63 - الطريحي: روي عن السيد السعيد عبد الحميد، يرفعه إلى مشايخه، عن منذر الثوري، عن أبيه، عمن أخبره، قال الحسين (عليه السلام): أنا قتيل العبرة، ما ذكرت عند مؤمن إلا بكى، واغتم لمصابي. (2) ثواب زيارته (عليه السلام) [833] - 64 - وعنه: عن الإمام أبي عبد الله [(عليه السلام)] قال: قال الحسين (عليه السلام): من زارني بعد موتي زرته يوم القيامة، ولو لم يكن إلا في النار لأخرجته. (3) زيارة قبر أخيه (عليهما السلام) [834] - 65 - الحميري: روى أبو البختري، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام): أن الحسين بن علي (عليهما السلام) كان يزور قبر الحسن (عليه السلام) في كل عشية جمعة. (4) أصحاب الحسين (عليه السلام) في الجنة [835] - 66 - العياشي: عن داود بن فرقد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: دخل مروان بن الحكم المدينة، قال: فاستلقى على السرير، وثم مولى
1 - كامل الزيارات: 108 ح 6، بحار الأنوار 44: 279 ح 5، مستدرك الوسائل 10: 311 ح 12072، أعيان الشيعة: 586. 2 - المنتخب للطريحي: 68 و 447. 3 - المنتخب للطريحي: 69، الدروع الواقية: 75 و 76 مع اختلاف. 4 - قرب الإسناد: 139 ح 492، بحار الأنوار 44: 150 ح 21، وسائل الشيعة 10: 317 ح 1. 776 للحسين [(عليه السلام)]، فقال: (ردوا إلى الله مولاهم الحق ألا له الحكم وهو أسرع الحسبين). (1) قال: فقال الحسين [(عليه السلام)] لمولاه: ماذا قال هذا حين دخل؟ قال: استلقى على السرير، فقرأ ردوا إلى الله موليهم - إلى قوله - الحاسبين. قال: فقال الحسين (عليه السلام): نعم، والله! رددت أنا وأصحابي إلى الجنة، ورد هو وأصحابه إلى النار. (2) بنو أمية [836] - 67 - القرشي: ومن ألوان الحقد الأموي على الحسين [(عليه السلام)] أنه كان جالسا في مسجد النبى (صلى الله عليه وآله) فسمع رجلا يحدث أصحابه، ويرفع صوته ليسمع الحسين وهو يقول: إنا شاركنا آل أبى طالب في النبوة حتى نلنا منها مثل ما نالوا منها من السبب والنسب، ونلنا من الخلافة ما لم ينالوا، فبم يفخرون علينا؟ وكرر هذا القول ثلاثا. فأقبل عليه الحسين [(عليه السلام)] فقال له: إني كففت عن جوابك في قولك الأول حلما، وفي الثاني عفوا، وأما في الثالث فإني مجيبك، إني سمعت أبي يقول: إن في الوحي الذي أنزله الله على محمد (صلى الله عليه وآله) إذا قامت القيامة الكبرى حشر الله بني أمية في صور الذر يطأهم الناس حتى يفرغ من الحساب، ثم يؤتى بهم فيحاسبوا، ويصار بهم إلى النار. فلم يطق الأموي جوابا وانصرف، وهو يتميز من الغيظ. (3)
1 - الأنعام: 6 / 62. 2 - تفسير العياشي 1: 362 ح 30، تفسير البرهان 1: 529 ح 1، بحار الأنوار 44: 206 ح 3. 3 - حياة الإمام الحسين (عليه السلام) 2: 235، نقلا عن المناقب والمثالب للقاضي نعمان المصري. 777 حيلة معاوية [837] - 68 - الدينوري: قال معاوية: لا ينبغي أن يكون الهاشمي غير جواد، ولا الأموي غير حليم، ولا الزبيري غير شجاع، ولا المخزومي غير تياه. فبلغ ذلك الحسن [الحسين] (1) بن علي [(عليهما السلام)] فقال: قاتله الله، أراد أن يجود بنو هاشم فينفد ما بأيديهم، ويحلم بنو أمية فيتحببوا إلى الناس، ويتشجع آل الزبير فيفنوا، ويتيه بنو مخزوم فيبغضهم الناس. (2) إخبار أمير المؤمنين بشهادة الحسين (عليهما السلام) [838] - 69 - ابن قولويه: حدثني محمد بن جعفر الرزاز، عن خاله محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن نصر بن مزاحم، عن عمرو بن سعد، عن علي بن حماد، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال علي للحسين (عليهما السلام): يا أبا عبد الله! أسوة أنت قدما؟ فقال: جعلت فداك، ما حالي؟ قال: علمت ما جهلوا وسينتفع عالم بما علم، يا بني! اسمع وأبصر من قبل أن يأتيك، فوالذي نفسي بيده! ليسفكن بنو أمية دمك ثم لا يزيلونك عن دينك، ولا ينسونك ذكر ربك. فقال الحسين [(عليه السلام)]: والذي نفسي بيده! حسبي، أقررت بما أنزل الله، وأصدق قول نبي الله، ولا أكذب قول أبي. (3)
1 - ما بين المعقوفتين عن هامش المصدر. 2 - عيون الأخبار 1: 196، كشف الغمة 1: 574 و 2: 25 مع اختلاف في الألفاظ. 3 - كامل الزيارات: 71 ح 2، بحار الأنوار 44: 262 ح 17، العوالم 17: 152 ح 13. 778 إخباره (عليه السلام) عن شهادته على يد عمر بن سعد [839] - 70 - الإربلي: روى سالم بن أبي حفصة، قال: قال عمر بن سعد للحسين: يا أبا عبد الله! إن قبلنا ناسا سفهاء يزعمون أني أقتلك! فقال الحسين (عليه السلام): إنهم ليسوا بسفهاء، ولكنهم حلماء، أما إنه يقر بعيني أنك لا تأكل بر العراق بعدي إلا قليلا. (1) لعن الله مروان [840] - 71 - الهيثمي: عن أبي يحيى قال: كنت بين الحسن والحسين ومروان يتشاتمان، فجعل الحسن يكف الحسين، فقال مروان: أهل بيت ملعونون، فغضب الحسن، وقال: أقلت: أهل بيت ملعونون، فوالله! لقد لعنك الله على لسان نبيه (صلى الله عليه وآله)، وأنت في صلب أبيك. وفي رواية: فقال الحسين والحسن [(عليهما السلام)]: والله! ثم والله! لقد لعنك الله. والباقي بنحوه. (2) نقش خاتم الحسين (عليه السلام) [841] - 72 - الكليني: عن سهل بن زياد، عن محمد بن عيسى، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن الثاني (عليه السلام)، قال: قلت: له:
1 - كشف الغمة 2: 9، الإرشاد: 251، بحار الأنوار 44: 263 ح 20، العوالم 17: 154 ح 1، مدينة المعاجز 4: 61 ح 1087 مع اختلاف. 2 - مجمع الزوائد 5: 240، المعجم الكبير 3: 85 ح 2740. 779 إنا روينا في الحديث أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يستنجي وخاتمه في إصبعه، وكذلك كان يفعل أمير المؤمنين (عليه السلام)، وكان نقش خاتم رسول الله (صلى الله عليه وآله): محمد رسول الله. قال: صدقوا. قلت: فينبغي لنا أن نفعل؟ قال: إن أولئك كانوا يتختمون في اليد اليمني وإنكم أنتم تتختمون في اليسرى. قال: فسكت. فقال: أتدري ما كان نقش خاتم آدم (عليه السلام)؟ فقلت: لا. فقال: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، وكان نقش خاتم النبي (صلى الله عليه وآله): محمد رسول الله، وخاتم أمير المؤمنين (عليه السلام): الله الملك، وخاتم الحسن (عليه السلام): العزة لله، وخاتم الحسين (عليه السلام): إن الله بالغ أمره، وعلي بن الحسين (عليهما السلام) خاتم أبيه، وأبو جعفر الأكبر خاتم جده الحسين (عليهما السلام)، وخاتم جعفر (عليه السلام): الله وليي، وعصمتي من خلقه، وأبو الحسن الأول (عليه السلام): حسبي الله، وأبو الحسن الثاني: ما شاء الله لا قوة إلا بالله. وقال الحسين بن خالد: ومد يده إلي وقال: خاتمي خاتم أبي (عليه السلام) أيضا. (1) [842] - 73 - وعنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن يونس بن ظبيان وحفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قالا: قلنا: جعلنا فداك، أيكره أن يكتب الرجل في خاتمه غير اسمه، واسم أبيه. فقال: في خاتمي مكتوب: الله خالق كل شيء، وفي خاتم أبي محمد بن علي (عليهما السلام) و - كان خير محمدي رأيته بعيني -: العزة لله، وفي خاتم علي بن
1 - الكافي 6: 474 ح 8، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 59 ح 206، مكارم الأخلاق: 91، بحار الأنوار 43: 242، ح 13، 258 ح 43، العوالم 16: 29 ح 2 مختصرا. 780 الحسين (عليهما السلام): الحمد لله العلي العظيم، وفي خاتم الحسن والحسين (عليهما السلام): حسبي الله، وفي خاتم أمير المؤمنين (عليه السلام): الله الملك. (1) وفي رواية: وكان نقش خاتم الحسين بن علي (عليهما السلام): علمت فأعمل. (2) [843] - 74 - الطوسي: أخبرني جماعة، عن أبي محمد هارون، عن أبي علي محمد بن همام، قال أبو علي: وعلى خاتم أبي جعفر السمان رضي الله عنه: لا إله إلا الله الملك الحق المبين، فسألته عنه؟ فقال: حدثني أبو محمد يعني صاحب العسكر (عليه السلام)، عن آبائه (عليهم السلام)، أنهم قالوا: كان لفاطمة (عليها السلام) خاتم فضة عقيق، فلما حضرتها الوفاة دفعته إلى الحسن (عليه السلام)، فلما حضرته الوفاة دفعه إلى الحسين (عليه السلام). قال الحسين (عليه السلام): فاشتهيت أن أنقش عليه شيئا، فرأيت في النوم المسيح عيسى ابن مريم على نبينا وآله وعليه السلام، فقلت له: يا روح الله! ما أنقش على خاتمي هذا؟ قال: انقش عليه: لا إله إلا الله الملك الحق المبين، فإنه أول التوراة وآخر الإنجيل. (3) [844] - 75 - الصدوق: حدثنا علي بن أحمد بن موسى الدقاق قال: حدثنا محمد بن عبد الله الكوفي قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد، عن الحسن بن علي بن سالم، عن أبيه، عن الصادق جعفر بن محمد، عن
1 - الكافي 6: 473 ح 2. 2 - إرشاد القلوب: 150. 3 - الغيبة: 297 ح 252. 781 أبيه (عليهما السلام)، قال: كان للحسين بن علي (عليهما السلام) خاتمان: نقش أحدهما: لا إله إلا الله، عدة للقاء الله، ونقش الآخر: إن الله بالغ أمره وكان نقش خاتم علي بن الحسين (عليهما السلام): خزي وشقي قاتل الحسين بن علي (عليهما السلام) (1)
1 - الأمالي: 113 ح 7. 782 8 - في الأئمة من بعده: نصه (عليه السلام) على إمامة علي بن الحسين (عليهما السلام) [845] - 1 - الخزاز القمي: حدثنا أبو عبد الله محمد بن وهبان البصري الهنائي قال: حدثنا أبو حامد أحمد بن محمد السرقي قال: حدثني أبو الأزهر أحمد بن الأزهر بن منيع قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله عتبة قال: كنت عند الحسين بن علي (عليهما السلام) إذ دخل علي بن الحسين الأصغر، فدعاه الحسين (عليه السلام) وضمه إليه ضحا [ضما]، وقبل ما بين عينيه، ثم قال (عليه السلام): بأبي أنت ما أطيب ريحك، وأحسن خلقك! فتداخلني من ذلك فقلت: بأبي أنت وأمي، يا ابن رسول الله! إن كان ما نعوذ بالله أن نراه فيك، فإلى من؟ قال (عليه السلام): إلى علي ابني هذا هو الإمام وأبو الأئمة. قلت: يا مولاي! هو صغير السن؟ قال (عليه السلام): نعم، إن ابنه محمدا يؤتم به، وهو ابن تسع سنين ثم يطرق. قال: ثم يبقر العلم بقرا. (1)
1 - كفاية الأثر: 234، بحار الأنوار 46: 19 ح 8، إثبات الهداة 5: 215 ح 6. 783 تشابه علي بن الحسين بإبراهيم الخليل (عليهم السلام) [846] - 2 - الراوندي: عن الباقر (عليه السلام) قال: قال علي بن الحسين (عليهما السلام): مرضت مرضا شديدا، فقال لي أبي (عليه السلام): ما تشتهي؟ فقلت: أشتهي أن أكون ممن لا أقترح على الله ربي ما يدبره لي. فقال (عليه السلام) لي: أحسنت، ضاهيت إبراهيم الخليل صلوات الله عليه، حيث قال جبرئيل (عليه السلام): هل من حاجة؟ فقال: لا أقترح على ربي، بل حسبي الله ونعم الوكيل! (1) إبلاغ سلام النبي (صلى الله عليه وآله) إلى الباقر (عليه السلام) [847] - 3 - المتقي الهندي: أنبأنا أبو نصر محمد بن أحمد بن عبد الله الكريني، حدثنا أبو بكر العاطر فاني إملاء، حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن إبراهيم المديني، حدثنا ابن عقدة، حدثنا محمد بن عبد الله بن أبي نجيح، حدثني علي بن حسان القرشي، عن عمه عبد الرحمن بن كثير، عن جعفر بن محمد، قال: قال أبو جعفر محمد بن علي: أجلسني جدي الحسين بن علي [(عليهما السلام)] في حجره، وقال لي: رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقرئك السلام. وقال لي علي بن الحسين [(عليه السلام)]: أجلسني علي بن أبي طالب [(عليه السلام)] في حجره، وقال لي: رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقرئك السلام. (2)
1 - الدعوات: 168 ح 648، بحار الأنوار 46: 67 ح 34، و 81: 208 ح 24، مستدرك الوسائل 2: 148 ح 1667. 2 - كنز العمال 14: 50 ح 37907، تاريخ ابن عساكر ترجمة امام الباقر (عليه السلام) 134، ح 22، إحقاق الحق 12: 159. 784 المهدى من ولد الحسين (عليهما السلام) [848] - 4 - الخزاز القمي: أخبرنا المعافا بن زكريا قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعد [سعيد] قال: حدثني أحمد بن الحسين بن سعيد قال: حدثني أبي قال: حدثني جعد ابن الزبير المخزومي قال: حدثني عمران بن يعقوب [الجعدي، عن أبيه يعقوب] بن عبد الله، عن أبي يحيى بن جعدة بن هيبرة، عن الحسين بن علي صلوات الله عليهما، وسأله رجل عن الأئمة؟ فقال: عدد نقباء بني إسرائيل، تسعة من ولدي، آخرهم القائم، ولقد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: أبشروا، ثم أبشروا! - ثلاث مرات - إنما مثل أهل بيتي كمثل حديقة أطعم منها فوج عاما [ثم أطعم منها فوج عاما]، في آخرها فوجا يكون أعرضها بحرا، وأعمقها طولا وفرعا، وأحسنها حنا، وكيف تهلك أمة أنا أولها، والاثنا عشر من بعدي من السعداء، أولي الألباب، والمسيح بن مريم آخرها، ولكن يهلك فيما بين ذلك نتج الهرج، ليسوا مني ولست منهم. (1) [849] - 5 - القندوزي الحنفي: في كتاب المناقب: حدثنا محمد بن علي، حدثني عمي محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن محمد بن علي القرشي، عن ابن سنان، عن المفضل بن عمر، عن أبي حمزة الثمالي، عن محمد الباقر، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي سلام الله عليهم، قال: دخلت على جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأجلسني على فخذه وقال لي: إن الله اختار من صلبك يا حسين! تسعة أئمة، تاسعهم قائمهم، وكلهم في الفضل والمنزلة عند الله سواء. (2)
1 - كفاية الأثر: 230، بحار الأنوار 36: 383 ح 4، العوالم 15: 255 ح 1. 2 - ينابيع المودة: 590. 785 المهدى (عليه السلام) يملأ الأرض قسطا وعدلا [850] - 6 - المقدسي الشافعي: عن شيب بن أبي حمزة قال: دخلت على أبي عبد الله الحسين بن علي (عليهما السلام)، فقلت له: أنت صاحب هذا الأمر؟ قال [(عليه السلام)]: لا. فقلت: فولدك؟ قال [(عليه السلام)]: لا. فقلت: فولد ولدك؟ قال [(عليه السلام)]: لا. فقلت: فمن هو؟ قال (عليه السلام): الذي يملاها عدلا، كما ملئت جورا، على فترة من الأئمة تأتي، كما أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعث على فترة من الرسل. (1) الحسين (عليه السلام) يتمنى خدمة المهدى (عليه السلام) [851] - 7 - وعنه: عن أبي عبد الله الحسين بن علي (عليهما السلام)، أنه سئل: هل ولد المهدى (عليه السلام)؟ قال: لا. ولو أدركته لخدمته أيام حياتي. (2) للإمام المهدى (عليه السلام) غيبتان [852] - 8 - وعنه: عن أبي عبد الله الحسين بن علي (عليهما السلام) أنه قال: لصاحب هذا الأمر - يعني المهدى (عليه السلام) - غيبتان، إحداهما تطول حتى يقول
1 - عقد الدرر: 158. 2 - عقد الدرر: 160، غيبة النعماني: 245 عن أبي عبد الله (عليه السلام). 786 بعضهم: مات، وبعضهم: قتل، وبعضهم: ذهب. ولا يطلع على موضعه أحد من ولي ولا غيره، إلا المولى الذي يلي أمره. (1) استغناء الناس في زمن الإمام المهدى (عليه السلام) [853] - 9 - وعنه: عن الحسين بن علي (عليهما السلام) أنه قال: تواصلوا وتباروا، فوالذي فلق الحبة، وبرأ النسمة! ليأتين عليكم وقت لا يجد أحدكم لديناره ولا لدرهمه موضعا. يعني لا يجد عند ظهور المهدى موضعا يصرفه فيه، لاستغناء الناس جميعا بفضل الله تعالى، وفضل وليه المهدي (عليه السلام). (2) حتمية ظهور الإمام المهدى (عليه السلام) [854] - 10 - الصدوق: حدثنا علي بن محمد بن الحسن القزويني قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي قال: حدثنا أحمد بن يحيى الأحول قال: حدثنا خلاد المقرئ، عن قيس بن أبي حصين، عن يحيى بن وثاب، عن عبد الله بن عمر قال: سمعت الحسين بن علي (عليهما السلام) يقول: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد، لطول الله عز وجل ذلك اليوم حتى يخرج رجل من ولدي، فيملأها عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما، كذلك سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول (3).
1 - عقد الدرر: 134. 2 - عقد الدرر: 171. 3 - إكمال الدين: 317 ح 4، بحار الأنوار 51: 133 ح 5. 787 علامات ظهور الإمام المهدى (عليه السلام) [855] - 11 - الراوندي: قال الحسين (عليه السلام): إن قدام القائم (عليه السلام) علامات تكون من الله للمؤمنين، وهى قول الله: (ولنبلونكم)، يعني المؤمنين قبل خروج القائم. (بشئ من الخوف)، من ملوك بني العباس في آخر سلطانهم. (والجوع)، لغلاء أسعارهم. (ونقص من الأموال)، فساد التجارات، وقلة الفضل. (و - نقص من - الأنفس)، موت ذريع. (و - نقص من - الثمرات)، قلة زكاء ما يزرع. (وبشر الصبرين) (1)، عند ذلك بتعجيل خروج القائم. (2) [856] - 12 - المقدسي الشافعي: عن أبي عبد الله الحسين بن علي (عليهما السلام)، أنه قال: للمهدي خمس علامات، السفياني، واليماني، والصيحة من السماء، والخسف بالبيداء، وقتل النفس الزكية. (3) [857] - 13 - وعنه: عن محمد بن الصامت، قال: قلت لأبي عبد الله الحسين بن علي (عليهما السلام): أما من علامة بين يدي هذا الامر؟ يعني ظهور المهدى (عليه السلام)؟ فقال: بلى. قلت: وما هي؟
1 - البقرة: 2 / 155. 2 - الخرائج والجرائح 3: 1153 ح 60، ورواه الصدوق في إكمال الدين 2: 649 ح 3 عن الصادق (عليه السلام). 3 - عقد الدرر: 111. 788 قال: هلاك بني العباس، وخروج السفياني، والخسف بالبيداء. قلت: جعلت فداك، أخاف أن يطول هذا الأمر؟ قال: إنما هو كنظام الخرز (1)، يتبع بعضه بعضا. (2) [858] - 14 - وعنه: عن أبي عبد الله الحسين بن علي (عليهما السلام)، قال: إذا رأيتم علامة في السماء، نار عظيمة من قبل المشرق، تطلع ليالي، فعندها فرج الناس، وهي قدام المهدى (عليه السلام). (3) [859] - 15 - وعنه: عن أبي عبد الله الحسين بن علي (عليهما السلام)، قال: إذا هدم حائط مسجد الكوفة، مما يلي دار عبد الله بن مسعود، فعند ذلك زوال ملك القوم، وعند زواله خروج المهدي (عليه السلام). (4) [860] - 16 - وعنه: عن الحارث بن المغيرة النضري، قال: قلت لأبي عبد الله الحسين بن علي (عليهما السلام)، بأي شي يعرف الإمام المهدى (عليه السلام)؟ قال: بالسكينة والوقار. قلت: وبأي شي؟ قال: بمعرفة [بمعرفته] الحلال والحرام، وبحاجة الناس إليه، ولا يحتاج إلى أحد. (5) كل الخير في زمن الإمام المهدى (عليه السلام) [861] - 17 - النعماني: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا القاسم بن محمد بن
1 - خرز الظهر: فقاؤه وكل فقرة من الظهر والعنق. أقرب الموارد: أقرب الموارد 2: 35. 2 - عقد الدر: 49. 3 - عقد الدرر: 106. 4 - عقد الدرر: 51. 5 - عقد الدرر: 41، بلاغة الحسين (عليه السلام): 318. 789 الحسن بن حازم، قال: حدثنا عبيس بن هشام، عن عبد الله بن جبلة، عن مسكين الرحال، عن علي بن أبي المغيرة، عن عميرة بنت نفيل، قالت: سمعت الحسين بن علي (عليهما السلام) يقول: لا يكون الأمر الذي تنتظرونه حتى يبرأ بعضكم من بعض، ويتفل بعضكم في وجوه بعض، ويشهد بعضكم على بعض بالكفر، ويلعن بعضكم بعضا. فقلت له: ما في ذلك الزمان من خير؟ فقال الحسين (عليه السلام): الخير كله في ذلك الزمان، يقوم قائمنا، ويدفع ذلك كله. (1) سيرة الإمام المهدى (عليه السلام) بعد الخروج [862] - 18 - المقدسي الشافعي: عن أبي عبد الله الحسين بن علي (عليهما السلام)، أنه قال: إذا خرج المهدي (عليه السلام)، لم يكن بينه وبين العرب وقريش إلا السيف، وما يستعجلون بخروج المهدي!؟ والله! ما لباسه إلا الغليظ، ولا طعامه إلا الشعير، وما هو إلا السيف، والموت تحت ظل السيف! (2) أوصاف الإمام المهدى (عليه السلام) [863] - 19 - النعماني: حدثنا علي بن أحمد، قال: حدثني عبيد الله بن موسى العلوي، عن أبي محمد موسى بن هارون بن عيسى المعبدي قال: حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب قال: حدثنا سليمان بن بلال قال: حدثنا جعفر بن محمد (عليهما السلام)، عن أبيه، عن
1 - الغيبة: 205 ح 9، عقد الدرر: 63 مع اختلاف يسير. 2 - عقد الدرر: 228، إثبات الهداة 7: 79 ح 503، عن الصادق (عليه السلام). 790 جده، عن الحسين بن علي (عليهم السلام)، قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال له: يا أمير المؤمنين! نبئنا بمهديكم هذا؟ فقال: إذا درج الدارجون، وقل المؤمنون، وذهب المجلبون، فهناك هناك. فقال: يا أمير المؤمنين! ممن الرجل؟ فقال: من بني هاشم، من ذروة طود العرب، وبحر مغيضها إذا وردت، ومخفر أهلها إذا أتيت، ومعدن صفوتها إذا اكتدرت، لا يجبن إذا المنايا هكعت، ولا يخور إذا المنون اكتنعت، ولا ينكل إذا الكماة اصطرعت، مشمر مغلولب ظفر ضرغامة حصد مخدش ذكر، سيف من سيوف الله، رأس، قثم، نشوء رأسه في باذخ السؤدد، وعارز مجده في أكرم المحتد، فلا يصرفنك عن بيعته صارف عارض ينوص إلى الفتنة كل مناص، إن قال فشر قائل، وإن سكت فذو دعاير. ثم رجع إلى صفة المهدي (عليه السلام) فقال: أوسعكم كهفا، وأكثر كم علما، وأوصلكم رحما، اللهم فاجعل بعثه خروجا من الغمة، واجمع به شمل الأمة، فإن خار الله لك فاعزم ولا تنثن عنه إن وفقت له، ولا تجوزن عنه إن هديت إليه، هاه - وأومأ بيده إلى صدره - شوقا إلى رؤيته. (1) إخبار الإمام علي (عليه السلام) عن ظهور المهدى (عليه السلام) [864] - 20 - الصدوق: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه) قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن
1 - الغيبة: 212 ح 1، بحار الأنوار 51: 115 ح 14، وفيه بدل نشوء: نشق. 791 علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السلام) أنه قال: التاسع من ولدك يا حسين! هو القائم بالحق، والمظهر للدين، والباسط للعدل. قال الحسين (عليه السلام): فقلت له: يا أمير المؤمنين! وإن ذلك لكائن؟ فقال: إي، والذي بعث محمدا (صلى الله عليه وآله) بالنبوة، واصطفاه على جميع البرية! ولكن بعد غيبة وحيرة، فلا يثبت فيها على دينه إلا المخلصون المباشرون لروح اليقين، الذين أخذ الله عزوجل ميثاقهم بولايتنا، وكتب في قلوبهم الإيمان، وأيدهم بروح منه. (1) خروج الإمام المهدى (عليه السلام) شابا موفقا [865] - 21 - المقدسي الشافعي: عن أبي عبد الله الحسين بن علي (عليهما السلام)، أنه قال: لو قام المهدى لأنكره الناس، لانه يرجع إليهم شابا موفقا، وإن من أعظم البلية أن يخرج إليهم صاحبهم شابا، وهم يحسبونه شيخا كبيرا. (2) الإمام المهدى (عليه السلام) والصابرون في غيبته [866] - 22 - الصدوق: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: أخبرنا وكيع بن الجراح، عن الربيع بن سعد، عن عبد الرحمن بن سليط قال: قال: الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام):
1 - إكمال الدين: 304 ح 16، كنز الدقائق 11: 319، إعلام الورى: 400، بحار الأنوار 51: 110 ح 2. 2 - عقد الدرر: 41، إثبات الهداة 7: 215 ح 119، معجم أحاديث المهدى (عليه السلام) 3: 353 ح 900، عن الصادق (عليه السلام). 792 منا اثنا عشر مهديا، أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وآخرهم التاسع من ولدي، وهو الإمام القائم بالحق، يحيي الله به الأرض بعد موتها، ويظهر به دين الحق على الدين كله، ولو كره المشركون. له غيبة يرتد فيها أقوام ويثبت فيها على الدين آخرون، فيؤذون ويقال لهم: (متى هذا الوعد إن كنتم صادقين) (1)، أما إن الصابر في غيبته على الأذى والتكذيب بمنزلة المجاهد بالسيف بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله). (2) سيرة الإمام المهدى (عليه السلام) مع شيعته [867] - 23 - المقدسي الشافعي: عن الحسن بن هارون، بياع الأنماط، قال: كنت عند أبي عبد الله الحسين بن علي (عليهما السلام) جالسا، فسأله المعلى بن خنيس: أيسير المهدى (عليه السلام) إذا خرج بخلاف سيرة علي (عليه السلام)؟ قال (عليه السلام): نعم، وذلك أن عليا (عليه السلام) سار باللين والكف، لانه علم أن شيعته سيظهر عليهم من بعده، وأن المهدي إذا خرج سار فيهم بالبسط والسبي، وذلك أنه يعلم أن شيعته لن يظهر عليهم من بعده أبدا. (3) انتقام الإمام المهدى (عليه السلام) من الظالمين [868] - 24 - الحر العاملي: حدثنا الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن ثابت بن
1 - يونس: 10 / 48. 2 - إكمال الدين 1: 317 ح 3، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 69 ح 36، مقتضب الأثر: 27، كفاية الأثر: 231، إعلام الورى: 384، إثبات الهداة 2: 333، ح 134، و 3: 200 ح 152، بحار الأنوار 36: 385 ح 6 و 51: 133 ح 4، معجم أحاديث المهدى (عليه السلام) 3: 184، العوالم 15: 257 ح 3، كنز الدقائق 4: 177، تفسير نور الثقلين 5: 242 ح 68 عن الحسن (عليه السلام). 3 - عقد الدرر 226، ولا شك في أن الراوي (المعلي بن خنيس) من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام)، ولا يمكن روايته عن الحسين (عليه السلام). 793 أبي صفية دينار، عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث: أن الحسين (عليه السلام) قال: يظهر الله قائمنا فينتقم من الظالمين. فقيل له: يا ابن رسول الله! من قائمكم؟ قال: السابع من ولد ابني محمد بن علي، وهو الحجة بن الحسن بن على ابن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي إبني، وهو الذي يغيب مدة طويلة ثم يظهر، ويملا الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما. (1) مدة حروب الإمام المهدى (عليه السلام) [869] - 25 - الصدوق: حدثنا أبي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك قال: حدثني حمدان بن منصور، عن سعد بن محمد، عن عيسى الخشاب قال: قلت للحسين بن علي (عليهما السلام): أنت صاحب هذا الأمر؟ قال (عليه السلام): لا، ولكن صاحب الأمر الطريد الشريد الموتور (2) بأبيه، المكنى (3) بعمه، يضع سيفه على عاتقه ثمانية أشهر. (4) [870] - 26 - المقدسي الشافعي: عن أبي عبد الله الحسين بن علي (عليهما السلام)، قال: يملك المهدي (عليه السلام) تسعة عشر سنة وأشهرا. (5)
1 - إثبات الهداة 7: 138 ح 681، معجم أحاديث الإمام المهدى (عليه السلام) 3: 181 ح 704. 2 - الموتور: من قتل له قتيل ولم يدرك بثاره. هامش المصدر. 3 - يمكن أن يقرأ بتشديد النون على وزن المثنى ويكون المراد التعبير بالكنية دون الاسم لأجل عمه، أو يقرأ على وزن المهدى بمعنى المخفي والمستتر، فالمعنى: الغائب بسبب عمه. 4 - إكمال الدين 1: 318 ح 5، إثبات الهداة 6: 398 ح 123، بحار الأنوار 51: 133 ح 6، معجم أحاديث المهدى (عليه السلام) 3: 180 ح 702. 5 - عقد الدرر: 239. 794 بعض أوصاف الإمام المهدى (عليه السلام) [871] - 27 - الصدوق: حدثنا أحمد بن محمد بن إسحاق المعاذي (رضي الله عنه) قال: حدثنا أحمد ابن محمد الهمداني الكوفي قال: حدثنا أحمد بن موسى بن الفرات قال: حدثنا عبد الواحد بن محمد قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا عبد الله بن الزبير، عن عبد الله بن شريك، عن رجل من همدان، قال: سمعت الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) يقول: قائم هذه الأمة هو التاسع من ولدي، وهو صاحب الغيبة، وهو الذي يقسم ميراثه، وهو حي. (1) إصلاح أمر المهدى (عليه السلام) في ليلة واحدة [872] - 28 - وعنه: حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس العطار قال: حدثنا أبو عمرو الكشي قال: حدثنا محمد بن مسعود قال: حدثنا علي بن محمد شجاع، عن محمد ابن عيسى، عن محمد بن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين (عليهم السلام)، قال: قال الحسين بن علي (عليهما السلام): في التاسع من ولدي سنة من يوسف، وسنة من موسى بن عمران (عليهما السلام)، وهو قائمنا أهل البيت، يصلح الله تبارك وتعالى أمره في ليلة واحدة. (2) [873] - 29 - الإربلي: وفي رواية عن الحسين (عليه السلام) قال:
1 - كمال الدين 1: 317 ح 2، اثبات الهداة 6: 397 ح 3، بحار الأنوار 51: 133 ح 3، معجم أحاديث الإمام المهدي (عليه السلام) 3: 179 ح 700. 2 - إكمال الدين 1: 316 ح 1، كشف الغمة 2: 522، إثبات الهداة 6: 397 ح 120، بحار الأنوار 51: 132 ح 2، معجم أحاديث الإمام المهدى (عليه السلام) 3: 179 ح 701. 795 في القائم منا سنن من الانبياء (عليه السلام): سنة من نوح، وسنة من إبراهيم، وسنة من موسى، وسنة من عيسى، وسنة من أيوب وسنة من محمد (صلى الله عليه وآله). فأما من نوح: فطول العمر. وأما من إبراهيم: فخفاء الولادة واعتزال الناس. وأما من موسى: فالخوف والغيبة. وأما من عيسى: فإختلاف الناس فيه. وأما من أيوب: فالفرج بعد البلوى. وأما من محمد (صلى الله عليه وآله): فالخروج بالسيف. (1) وسمعته (عليه السلام) يقول: القائم منا يخفى عن الناس ولادته، حتى يقولوا لم يولد بعد، ليخرج حين يخرج وليس لأحد في عنقه بيعة. (2) شدة المهدى (عليه السلام) على أعدائه [874] - 30 - النعماني: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا القاسم بن محمد بن الحسن بن حازم قال: حدثنا عبيس بن هشام، عن عبد الله بن جبلة، عن علي بن أبي المغيرة قال: حدثنا عبد الله بن شريك العامري، عن بشر بن غالب الأسدي قال: قال لي الحسين بن علي (عليهما السلام): يا بشر! ما بقاء قريش إذا قدم القائم المهدى منهم خمسمائة رجل فضرب أعناقهم صبرا، ثم قدم خمسمائة فضرب أعناقهم صبرا، ثم خمسمائة فضرب أعناقهم صبرا!؟
1 - كشف الغمة 2: 522، علم اليقين 2: 793، إكمال الدين: 576، وفيه: عن علي بن الحسين (عليهما السلام). 2 - كشف الغمة 2: 522. 796 قال: فقلت له: أصلحك الله، أيبلغون ذلك؟ فقال الحسين بن علي (عليهما السلام): إن مولى القوم منهم. قال: فقال لي بشير بن غالب أخو بشر بن غالب: أشهد أن الحسين بن علي [(عليهما السلام)] عد على أخي ست عدات - أو قال ست عددات - على اختلاف الرواية. (1) قتل بني أمية على يد الإمام المهدى (عليه السلام) [875] - 31 - الطوسي: أخبرنا جماعة عن التلعكبري، عن أحمد بن علي الرازي، عن أحمد بن إدريس، عن علي بن محمد بن قتيبة، عن الفضل بن شاذان، عن عمرو بن عثمان، عن محمد بن عذافر، عن عقبة بن يونس، عن عبيد الله بن شريك، في حديث له اختصرناه، قال: مر الحسين (عليه السلام) على حلقة من بني أمية وهم جلوس في مسجد الرسول (صلى الله عليه وآله)، فقال (عليه السلام): أما والله! لا تذهب الدنيا حتى يبعث الله مني رجلا يقتل منكم ألفا، ومع الألف ألفا، ومع الألف ألفا. فقلت: جعلت فداك، أن هؤلاء أولاد كذا وكذا لا يبلغون هذا. فقال: ويحك في ذلك الزمان يكون الرجل من صلبه كذا وكذا رجلا، وإن مولى القوم من أنفسهم. (2)
1 - الغيبة: 235 ح 23، إثبات الهداة 7: 79 ح 506، بحار الأنوار 52: 349 ح 100، معجم أحاديث الإمام المهدى (عليه السلام) 3: 183 ح 706. 2 - الغيبة: 116، إثبات الهداة 7: 13 ح 309، بحار الأنوار 51: 134 ح 7، معجم أحاديث الإمام المهدي (عليه السلام) 3: 183 ح 707. 797 [876] - 32 - المقدسي الشافعي: وعن أبي عبد الله الحسين بن علي (عليهما السلام)، أنه قال: إن لله مائدة - وفي رواية: مأدبة - بقرقيسيا، يطلع مطلع من السماء فينادي: يا طير السماء! ويا سباع الأرض! هلموا إلى الشبع من لحوم الجبارين. (1)
1 - عقد الدرر: 87. 798 9 - في الشيعة الفرق بين الشيعي والمحب [877] - 1 - الإمام العسكري (عليه السلام): قال رجل للحسين بن علي (عليهما السلام): يا ابن رسول الله! أنا من شيعتكم. قال (عليه السلام): إتق الله ولا تدعين شيئا يقول الله لك: كذبت وفجرت في دعواك! إن شيعتنا من سلمت قلوبهم من كل غش وغل ودغل، ولكن قل أنا من مواليكم، و [من] محبيكم. (1) أسماء الشيعة عند أهل البيت (عليهم السلام) [878] - 2 - الصفار: حدثنا محمد بن عبد الجبار، عن محمد بن إسماعيل، عن علي بن النعمان، عن ابن مسكان، عن إسحاق بن عمار، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام): إن حبابة الوالبية كانت إذا وفد الناس إلى معاوية وفدت هي إلى الحسين (عليه السلام)، وكانت امرأة شديدة الاجتهاد، وقد يبس جلدها على بطنها من العبادة، وإنها خرجت مرة
1 - التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 309 ح 154، تفسير البرهان 4: 22، بحار الأنوار 68: 156 قطعة من ح 11. 799 ومعها ابن عم لها غلام، فدخلت به على الحسين (عليه السلام) فقالت له: جعلت فداك، فانظر هل تجد ابن عمي هذا فيما عندكم، وهل تجده ناج؟ قال: فقال (عليه السلام): نعم، نجده عندنا، ونجده ناج. (1) مقام الشيعة [879] - 3 - الطوسي: محمد بن مسعود قال: حدثني جعفر بن أحمد قال: حدثني العمركي، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن عنبسة بن مصعب وعلي بن المغيرة، عن عمران بن ميثم، قال: دخلت أنا وعباية الأسدي على امرأة من بني أسد، يقال لها: حبابة الوالبية، فقال لها عباية: تدرين من هذا الشاب الذي معي؟ قالت: لا. قال: مه، ابن أخيك ميثم. قالت: إي. والله، إي والله! ثم قالت: ألا أحدثكم بحديث سمعته من أبي عبد الله الحسين بن علي (عليه السلام)؟ قلنا: بلى. قالت: سمعت الحسين بن علي (عليهما السلام) يقول: نحن وشيعتنا على الفطرة التي بعث الله عليها محمدا (صلى الله عليه وآله)، وسائر الناس منها برآء. (2) الشيعة على ملة إبراهيم (عليه السلام) [880] - 4 - البرقي:، عن أبيه، عن حمزة بن عبد الله، عن جميل بن دراج، عن حسان أبي علي العجلي، عن عمران بن ميثم، عن حبابة الوالبية، قال:
1 - بصائر الدرجات: 171، بحار الأنوار 26: 122 ح 13، وفيه: ناجيا. 2 - اختيار معرفة الرجال 1: 331. 800 دخلنا على امرأة قد صفرتها العبادة، أنا وعباية بن ربعي، فقالت: من الذي معك؟ قلت: هذا ابن أخيك ميثم. قالت: ابن أخي، والله حقا! أما إني سمعت أبا عبد الله الحسين بن علي (عليهما السلام) يقول: ما أحد على ملة إبراهيم إلا نحن وشيعتنا، وسائر الناس منها برآء. (1) [881] - 5 - وعنه: عن أبيه، وابن أبي نجران، عن حماد بن عيسى، عن حسين بن المختار، عن عبد الرحمان بن سيابة، عن عمران بن ميثم، عن حبابة الوالبية، قال: دخلت عليها، فقالت: من أنت؟ قلت: ابن أخيك ميثم. فقالت: [ابن] أخي، والله! لأحدثنك بحديث سمعته من مولاك الحسين بن علي (عليهما السلام)، إني سمعته يقول: والذي جعل أحمس خير بجيلة، وعبد القيس خير ربيعة، وهمدان خير اليمن! إنكم لخير الفرق. ثم قال (عليه السلام): ما على ملة إبراهيم إلا نحن وشيعتنا، وسائر الناس منها برآء. (2) قال المجلسي: توضيح: قال الجوهري: الأحمس الشجاع، وإنما سميت قريش وكنانة حمسا، لتشددهم في دينهم. وقال: بجيلة، حي من اليمن، ويقال: إنهم من معد. وقال: عبد القيس، أبو قبيلة من أسد، وهو عبد القيس بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة.
1 - المحاسن 1: 243 ح 449، بحار الأنوار 68: 87 ح 15، تفسير العياشي 1: 185 ح 88، كنز الدقائق 2: 15، وفي الأخير ليست جملة: وسائر الناس منها براء، وكذا في تفسير البرهان 1: 298 مرفوعا، وفيه: ما أعلم أحدا. 2 - المحاسن 1: 243 ح 450، بحار الأنوار 68: 88 ح 16. 801 وقال: ربيعة الفرس، أبو قبيلة وهو ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان. وقال: همدان، قبيلة من اليمن. (1) المؤمن صديق شهيد [882] - 6 - وعنه: عن أبيه، عن حمزة بن عبد الله الجعفري، عن جميل بن دراج، عن عمرو بن مروان، عن الحارث بن حصيرة، عن زيد بن أرقم، عن الحسين بن علي (عليهما السلام)، قال: ما من شيعتنا إلا صديق شهيد. قال: قلت: جعلت فداك، أنى يكون ذلك وعامتهم يموتون على فراشهم؟ فقال: أما تتلو كتاب الله في الحديد: (والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم) (2). قال: فقلت: فكأني لم أقرأ هذه الآية من كتاب الله تعالى قط. قال: لو كان الشهداء ليس إلا كما تقول، لكان الشهداء قليلا. (3) [883] - 7 - الراوندي: قال زيد بن أرقم: قال الحسين بن علي (عليهما السلام): ما من شيعتنا إلا صديق شهيد. قلت: أنى يكون ذلك وهم يموتون على فرشهم؟ فقال: أما تتلو كتاب الله: (والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم)، ثم قال (عليه السلام): لو لم تكن الشهادة إلا لمن قتل بالسيف لأقل الله الشهداء. (4)
1 - بحار الأنوار 68: 89. 2 - الحديد: 57 / 19. 3 - المحاسن 1: 265 ح 512، تفسير البرهان 4: 292. 4 - الدعوات: 242 ح 681، بحار الأنوار 82: 173 ضمن ح 6، و 67: 53 عن الصادق عن أبيه (عليهما السلام). 802 فضل كافل يتيم آل محمد (عليهم السلام) [884] - 8 - الطبرسي: حدثني السيد العالم العابد أبو جعفر مهدى بن أبي حرب الحسيني المرعشي (رضي الله عنه) قال: حدثني الشيخ الصدوق أبو عبد الله جعفر بن محمد بن أحمد الدوريستي (رحمه الله) قال: حدثني أبي محمد بن أحمد قال: حدثني الشيخ السعيد أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (رحمه الله) قال: حدثني أبو الحسن محمد ابن القاسم المفسر الأسترآبادي قال: حدثني أبو يعقوب يوسف ابن محمد بن زياد، وأبو الحسن علي بن محمد بن سيار - وكانا من الشيعة الإمامية - قالا: حدثنا أبو محمد الحسن بن علي العسكري (عليهما السلام) قال: قال الحسين بن علي (عليهما السلام): فضل كافل يتيم آل محمد - المنقطع عن مواليه، الناشب (1) في رتبة الجهل، يخرجه من جهله، ويوضح له ما اشتبه عليه - على فضل كافل يتيم يطعمه ويسقيه، كفضل الشمس على السهاء. (2) [885] - 9 - الإمام العسكري (عليه السلام): قال الحسين بن علي (عليهما السلام): من كفل لنا يتيما قطعته عنا محنتنا [محبتنا] باستتارنا، فواساه من علومنا التي سقطت إليه حتى أرشده وهداه، قال الله عز وجل له: يا أيها العبد الكريم المواسي [لأخيه]! إني أولى بالكرم [منك]، اجعلوا له يا ملائكتي! في الجنان بعدد كل حرف علمه ألف ألف قصر، وضموا إليها ما يليق بها من سائر النعم. (3)
1 - الناشب: الواقع فيما لا مخلص منه. هامش المصدر. 2 - الاحتجاج 1: 16، التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 341 ح 217، بحار الأنوار 2: 3 ح 4، وفيهما: عن الحسن بن علي (عليهما السلام). 3 - التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 341 ح 218، الاحتجاج 1: 16، بحار الأنوار 2: 4 ح 5، و 8: 180 ح 137، أشار إلى بعض الحديث. 803 إنقاذ الشيعة [886] - 10 - وعنه (عليه السلام): قال الحسين بن علي (عليهما السلام) لرجل: أيهما أحب إليك: رجل يروم قتل مسكين قد ضعف، تنقذه من يده؟ أو ناصب يريد إضلال مسكين [مؤمن] من ضعفاء شيعتنا تفتح عليه ما يمتنع [المسكين] به منه، ويفحمه ويكسره بحجج الله تعالى؟ قال: بل انقاذ هذا المسكين المؤمن من يد هذا الناصب، إن الله تعالى يقول: (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا)، (1) [أي] ومن أحياها وأرشدها من كفر إلى إيمان، فكأنما أحيا الناس جميعا من قبل أن يقتلهم بسيوف الحديد. (2)
1 - المائدة: 5 / 32. 2 - التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 348، بحار الأنوار 2: 9 ح 17. وفي تفسير الإمام العسكري (عليه السلام). قبل: بكسر القاف وفتح الباء: أي من جهة قتلهم بالسيوف، ويحتمل فتح القاف وسكون الباء. 804 الفصل الثاني في الأحكام
805 1 - الطهارة فضل الطهارة [887] - 1 - محمد بن الأشعث: أخبرنا محمد، حدثني موسى، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده، عن علي بن الحسين (عليهم السلام) قال: أخبرني أبي أن أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) كانوا إذا بالوا توضأوا، أو تيمموا مخافة أن تدركهم الساعة (1). آداب الغسل [888] - 2 - المتقي الهندي: عن أبي جعفر محمد بن علي [(عليهما السلام)]: أن حسنا وحسينا دخلا الفرات وعلى كل واحد منهما إزار. ثم قالا [(عليهما السلام)]: إن الماء، - أو إن للماء - ساكنا. (2) الاستنجاء بالكرسف [889] - 3 - الطوسي: عن محمد بن علي بن محبوب، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي
1 - الجعفريات: 24 ح 19، عنه مستدرك الوسائل 1: 298 ح 671. 2 - كنز العمال 9: 547 ح 27355. 807 عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: كان الحسين بن علي (عليهما السلام) يتمسح من الغائط بالكرسف (1) ولا يغسل (2) الاستنجاء بالأحجار [890] - 4 - وعنه: محمد بن الحسن قال: أخبرني الشيخ، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، وفضالة بن أيوب، والحسن بن علي بن فضال، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن التمسح بالأحجار؟ فقال: كان الحسين بن علي (عليهما السلام) يمسح بثلاثة أحجار. (3) آداب التخلي [891] - 5 - المحقق الحلي: سئل الحسين بن علي (عليهما السلام): ما حد الغائط؟ قال (عليه السلام): لا تستقبل القبلة ولا تستدبرها ولا تستقبل الريح ولا تستدبرها. (4) [892] - 6 - ابن سعد: أخبرنا الوليد بن عقبة الطحان، قال: أخبرنا سفيان، قال:
1 - الكرسف: القطن. الصحاح 12: 69. 2 - تهذيب الأحكام 1: 354 ح 1055، وسائل الشيعة 1: 252 ح 3، عوالي اللئالي 2: 184 ح 56. 3 - تهذيب الأحكام 1: 209 ح 604، وسائل الشيعة 1: 246 ح 1. 4 - المعتبر: 1: 137، نهاية الأحكام 1: 82، وسائل الشيعة 1: 213 ح 2، عن أبي الحسن (عليه السلام) و ح 6 عن الحسن (عليه السلام)، وحبل المتين: 33 عن الحسن (عليه السلام). 808 كان الحسين بن علي [(عليهما السلام)] إذا أراد أن يدخل الحمام أتى الحيرة، يعني أنهم [النصارى] ليست لهم حرمة. (1) اهتمام الأصحاب بالوضوء [893] - 7 - محمد بن الأشعث: أخبرنا محمد، حدثني موسى، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه (عليهم السلام) قال: كان على (عليه السلام) إذا توضأ تمضمض واستنشق، وغسل يديه ثلاثا، وغسل وجهه ثلاثا، وغسل ذراعيه ثلاثا، ومسح برأسه ثلاثا، ونضح غابته، ثم قال: هكذا وضأت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (2). كيفية الوضوء [894] - 8 - النسائي: أخبرنا إبراهيم بن الحسن المقسمي قال: أنبأنا حجاج قال: قال ابن جريح، حدثني شيبة، أن محمد بن علي أخبره قال: أخبرني أبي علي: أن الحسين " بن علي [(عليهم السلام)] قال: دعاني أبي علي بوضوء فقربته له، فبدأ فغسل كفيه ثلاث مرات قبل أن يدخلهما في وضوئه، ثم مضمض ثلاثا، واستنثر [استنشق] ثلاثا، ثم غسل وجهه ثلاث مرات، ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاثا، ثم اليسرى كذلك، ثم مسح برأسه مسحة واحدة، ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاثا، ثم اليسرى كذلك. ثم قام قائما فقال: ناولني، فناولته الإناء الذي فيه فضل وضوئه، فشرب
1 - ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من الطبقات الكبير: 35 ح 231. 2 - الجعفريات: 29 ح 39، النوادر: 231 ح 473، مستدرك الوسائل 1: 301 ح 681 عن الجعفريات. 809 من فضل وضوئه قائما، فعجبت، فلما رآني قال: لا تعجب؛ فإني رأيت أباك النبي (صلى الله عليه وآله) يصنع مثل ما رأيتني صنعت، يقول لوضوئه هذا، ويشرب [يشرب] فضل وضوئه قائما. (1) [895] - 9 - المتقي الهندي: عن الحسين (عليه السلام): كان [النبي (صلى الله عليه وآله)] إذا توضأ فضل موضع سجوده بماء حتى يسيله على موضع سجوده. (2) [896] - 10 - القاضي النعمان: روينا عن الحسين بن علي (عليهما السلام): أنه سئل عن المسح على الخفين، فسكت حتى مر بموضع فيه ماء والسائل معه، فنزل فتوضأ ومسح على خفيه وعلى عمامته، وقال (عليه السلام): هذا وضوء من لم يحدث. (3) الأخذ بالمنديل [897] - 11 - الحلي: يكره التمندل، وبه قال جابر، وابن عباس كرهه في الوضوء دون الغسل، وللشيخ قول بأنه لا بأس به، وللشافعي قولان كهذين، لان الحسين (عليه السلام) كان يأخذ المنديل. (4)
1 - السنن 1: 69 باب صفة الوضوء، جامع الأصول 8: 74، كنز العمال 9: 445 ح 26895. هذه الرواية مرسلة لا يعتمد عليها لمخالفتها لجل الروايات الواردة من طرق أهل البيت (عليهم السلام) في كيفية الوضوء. 2 - كنز العمال 7: 38 ح 17835، وفي هامشه: في مسند أبي يعلى: كان يتوضأ فيغسل موضع سجوده بالماء حتى يسيله على موضع السجود. 3 - دعائم الإسلام 1: 110، مستدرك الوسائل 1: 334 ح 765 عن علي بن الحسين (عليهما السلام). 4 - تذكرة الفقهاء 1: 21. 810 كفن أسامة [898] - 12 - القاضي النعمان: روي عن الحسين بن علي (عليهما السلام) أنه كفن أسامة بن زيد في برد أحمر. (1) جز الشيب [899] - 13 - محمد بن الأشعث: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى بن إسماعيل قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام): أنه كان لا يرى بجز الشيب بأسا وكان يكره نتفه (2)
1 - دعائم الإسلام 1: 232، مستدرك الوسائل 2: 217 ح 1837، بحار الأنوار 81: 334، وفيه: عن الحسن (عليه السلام). 2 - الجعفريات: 258 ح 1043، عنه مستدرك الوسائل 1: 412 ح 1024. 811 2 - الصلاة جواز الصلاة في ثوب واحد [900] - 14 - الصدوق: بإسناده عن أبي بصير، أنه قال لأبي عبد الله (عليه السلام): ما يجزئ الرجل من الثياب أن يصلي فيه؟ فقال: صلى الحسين بن علي صلوات الله عليهما في ثوب قد قلص (1) عن نصف ساقه، وقارب ركبتيه، ليس على منكبه منه إلا قدر جناحي الخطاف (2)، وكان إذا ركع سقط عن منكبيه، وكلما سجد يناله عنقه فرده على منكبيه بيده، فلم يزل ذلك دأبه ودأبه مشتغلا به حتى انصرف. (3) [901] - 15 - القاضي النعمان: وعن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام) أنه قال: حدثني من رأى الحسين بن علي (عليهما السلام) وهو يصلي في ثوب واحد وحدثه أنه رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله) يصلي في ثوب واحد. (4)
1 - قلص: ارتفع. لسان العرب 11: 280. 2 - الخطاف: العصفور الأسود، وهو الذي تدعوه العامة عصفور الجنة، المصدر 4: 143. 3 - من لا يحضره الفقيه 1: 257 ح 788، وسائل الشيعة 3: 284 ح 10. 4 - دعائم الإسلام 1: 175، بحار الأنوار 83: 210 ح 2، مستدرك الوسائل 3: 212 ح 3395. 812 تشريع الأذان [902] - 16 - وعنه: عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن الحسين بن علي، عن علي صلوات الله عليه وعلى الأئمة من ولده، أنه سئل عن قول الناس في الأذان: إن السبب كان فيه رؤيا رآها عبد الله بن زيد، فأخبر بها النبى (صلى الله عليه وآله)، فأمر بالأذان، فقال الحسين (عليه السلام): الوحي يتنزل على نبيكم وتزعمون أنه أخذ الأذان عن عبد الله بن زيد، والأذان وجه دينكم!؟ وغضب (عليه السلام) ثم قال: بل سمعت أبي على بن أبي طالب [(عليه السلام)] يقول: أهبط الله عزوجل ملكا، حتى عرج برسول الله (صلى الله عليه وآله) - وذكر حديث الإسراء بطوله، اختصرناه نحن ها هنا - قال فيه: فبعث الله ملكا لم ير في السماء قبل ذلك الوقت ولا بعده، فأذن مثنى وأقام مثنى، وذكر كيفية الأذان، وقال جبرائيل للنبي (صلى الله عليه وآله): يا محمد! هكذا أذن للصلاة. (1) [903] - 17 - محمد بن الأشعث: أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن الحسين بن علي (عليهم السلام): أنه سئل عن الأذان، وما يقول الناس؟ قال: الوحي ينزل على نبيكم، وتزعمون أنه أخذ الأذان عن عبد الله بن زيد!؟ بل سمعت أبي علي بن أبي طالب (عليه السلام)، يقول: أهبط الله عزوجل ملكا حين عرج برسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأذن مثنى مثنى، وأقام مثنى مثنى، ثم قال له جبرئيل: يا محمد هكذا أذان الصلاة. (2)
1 - دعائم الإسلام 1: 142، مستدرك الوسائل 4: 17 ح 4062، جامع الأحاديث 4: 623 ح 1914. 2 - الجعفريات: 42، مستدرك الوسائل 4: 17 ح 4061، جامع الأحاديث 4: 623 ح 1913. 813 الجهر بالبسملة [904] - 18 - المحدث النوري: عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وعن علي، والحسن، والحسين، وعلي ابن الحسين، ومحمد بن علي وجعفر بن محمد صلوات الله عليهم أجمعين: أنهم كانوا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم، فيما يجهر فيه بالقراءة من الصلوات، في أول فاتحة الكتاب، وأول السورة في كل ركعة، ويخافتون بها فيما يخافت فيه تلك القراءة من السورتين جميعا. وقال الحسين بن علي (عليهما السلام): اجتمعنا ولد فاطمة (عليها السلام) على ذلك. (1) قنوت الصلاة [905] - 19 - وعنه: روى الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام)، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) استحباب القنوت في كل صلاة، وقال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقنت في صلاته كلها، وأنا يومئذ ابن ست سنين. (2) تشهد الرسول (صلى الله عليه وآله) [906] - 20 - الطبراني: حدثنا إبراهيم بن هاشم البغوي، حدثنا عبد الرحمن بن صالح الأزدي، وحدثنا العباس بن حمدان الحنفي، حدثنا إبراهيم بن يوسف الصيرفي،
1 - مستدرك الوسائل 4: 189 ح 14، دعائم الإسلام 1: 160 عن الإمام علي بن الحسين (عليهما السلام)، بحار الأنوار 85: 81 ح 22 عن الإمام الحسن بن علي (عليهما السلام). 2 - مستدرك الوسائل 4: 396 ح 5، عوالي اللئالي 2: 219 ح 17، روى عن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام). 814 قالا: حدثنا عمرو بن هاشم، عن عبد الله بن عطاء، عن البهزي، قال: سألت الحسين بن علي [(عليهما السلام)] عن تشهد علي [(عليه السلام)] قال: هو تشهد رسول الله (صلى الله عليه وآله). قلت: فتشهد عبد الله؟ قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يحب أن يخفف على أمته، قلت: كيف تشهد علي بتشهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ قال: التحيات لله، والصلوات والطيبات الغاديات الرائحات الزاكيات المباركات الطاهرات لله. (1) [907] - 21 - المتقي الهندي: عن البهزي قال: سألت الحسين بن علي [(عليهما السلام)] عن تشهد علي [(عليه السلام)]؟ فقال: هو تشهد رسول الله (صلى الله عليه وآله). قال [(عليه السلام)]: التحيات لله، والصلوات والغاديات والرائحات والزاكيات والناعمات المتتابعات الطاهرات لله. (2) استحباب ألف ركعة في اليوم والليلة [908] - 22 - ابن عبد ربه: قيل لمحمد بن علي بن الحسين، أو لعلي بن الحسين (عليهما السلام): ما أقل ولد أبيك؟! قال: العجب كيف ولدت له!؟ كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة فمتى كان يتفرغ للنساء؟ (3)
1 - المعجم الكبير 3: 134 ح 2905، مجمع الزوائد 2: 141، وكنز العمال 7: 479 ح 19870، بتفاوت. 2 - كنز العمال 8: 155 ح 22358. 3 - العقد الفريد 3: 126، اللهوف: 41، بحار الأنوار 82: 311 ح 17، و 44: 196 ح 10، العوالم 17: 61 ح 1 مختصرا. 815 المرور بين يدي المصلي [909] - 23 - الحر العاملي: محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني، عن أبي سعيد الرميحي، عن عبد العزيز بن إسحاق، عن محمد بن عيسى بن هارون، عن محمد بن زكريا المكي، عن ضيف، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام) قال: كان الحسين بن علي (عليهما السلام) يصلي، فمر بين يديه رجل فنهاه بعض جلسائه، فلما انصرف من صلاته قال له: لم نهيت الرجل؟ فقال: يا ابن رسول الله! خطر فيما بينك وبين المحراب، فقال: ويحك! إن الله عز وجل أقرب إلي من أن يخطر فيما بيني وبينه أحد. (1) صلاته (عليه السلام) خلف مروان بن الحكم تقية [910] - 24 - الراوندي: روى بإسناده عن محمد بن محمد بن الأشعث الكوفي [معنعنا]، قال جعفر الصادق (عليه السلام): كان الحسن والحسين (عليهما السلام) يصليان خلف مروان بن الحكم، فقالوا لأحدهما: ما كان أبوك يصلي إذا رجع إلى البيت؟ فقال: لا، والله! ما كان يزيد على صلاة. (2) [911] - 25 - ابن سعد: أخبرنا شبابة بن سوار، قال: أخبرني بسام، قال: سألت أبا جعفر، عن الصلاة خلف بني أمية؟ فقال: صل خلفهم فإنا نصلي خلفهم! قال: قلت: يا أبا جعفر، إن الناس
1 - وسائل الشيعة 3: 434 ح 4، التوحيد: 184 ح 22، وفيه: الحسن بن علي (عليهما السلام). 2 - النوادر للراوندي: 30 ح 244، الجعفريات 52 مع اختلاف يسير، بحار الأنوار 44: 123 ح 15، العوالم 16: 102 ح 4، مستدرك الوسائل 6: 456 ح 7224. 816 [يقولون:] إن هذا منكم تقية؟ فقال: قد كان الحسن والحسين يصليان خلف مروان يبتدران الصف، وإن كان الحسين ليسبه وهو على المنبر أفتقية هذه؟ (1) [912] - 26 - علي بن جعفر: روى عن أخيه موسى بن جعفر (عليهما السلام) قال: صلى حسن وحسين [(عليهما السلام)] خلف مروان، ونحن نصلي معهم. وعن جعفر بن محمد، عن أبيه، كان الحسن والحسين يصليان خلف مروان ولا يعيدان. (2) [913] - 27 - ابن سعد: أخبرنا الحسن بن موسى، قال: حدثنا زهير، عن جابر، عن محمد بن علي، قال: كان الحسن والحسين يصليان خلف مروان، ويعتدان بالصلاة معه. (3) القراءة في الجماعة [914] - 28 - الحميري: [عبد الله بن جعفر عن الحسن بن ظريف، عن الحسين بن علوان، عن] جعفر، عن أبيه قال: كان الحسن والحسين (عليهما السلام) يقرآن خلف الإمام. (4) القيام عند مرور جنازة اليهودي [915] - 29 - الكليني: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد،
1 - ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من الطبقات الكبير: 38. 2 - مسائل علي بن جعفر: 144 ضمن ح 173، وسائل الشيعة 5: 383 ح 9، بحار الأنوار 88: 73 ح 25. 3 - ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من الطبقات الكبير: 38. 4 - قرب الإسناد: 114 ح 397، وسائل الشيعة 5: 430 ح 11، بحار الأنوار 88: 47 ح 5. 817 عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن عبد الله بن مسكان، عن زرارة قال: كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) وعنده رجل من الأنصار، فمرت به جنازة، فقام الأنصاري ولم يقم أبو جعفر (عليه السلام)، فقعدت معه، ولم يزل الأنصاري قائما حتى مضوا بها، ثم جلس، فقال له أبو جعفر (عليه السلام): ما أقامك؟ قال: رأيت الحسين بن على (عليهما السلام) يفعل ذلك! فقال أبو جعفر (عليه السلام): والله! ما فعله الحسين! ولا قام أحد منا أهل البيت قط. فقال الأنصاري: شككتني، أصلحك الله! قد كنت أظن أني رأيت. (1) [916] - 30 - وعنه: عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نجران، عن مثنى الحناط، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان الحسين بن علي (عليهما السلام) جالسا فمرت عليه جنازة، فقام الناس حين طلعت الجنازة، فقال الحسين (عليه السلام): مرت جنازة يهودي فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) على طريقها جالسا، فكره أن تعلو رأسه جنازة يهودي، فقام لذلك. (2) [917] - 31 - الهيثمي: وفي رواية أخرى: عن الحسين (عليه السلام) وابن عباس، أو عن أحدهما أنه قال: إنما قام رسول الله (صلى الله عليه وآله) من أجل جنازة يهودي مر بها عليه، فقال (صلى الله عليه وآله): آذاني ريحها. (3) [918] - 32 - القاضي النعمان: عن الحسين بن علي (عليهما السلام):
1 - الكافي 3: 191 ح 1، تهذيب الأحكام 1: 456 ح 1486، وسائل الشيعة 2: 839 ح 1. 2 - الكافي 3: 192 ح 2، تهذيب الأحكام 1: 456 ح 1487، بحار الأنوار 44: 203 ح 21، العوالم 17: 72 ح 7، وسائل الشيعة 2: 839 ح 2. 3 - مجمع الزوائد 3: 28. قال الهيثمي: روى النسائي في سننه هذا الحديث غير جملة آذاني ريحها. 818 أنه مر على قوم بجنازة فذهبوا ليقوموا، فنهاهم ومشى، فلما انتهى إلى القبر وقف يتحدث مع أبي هريرة وابن الزبير حتى وضعت الجنازة، فلما وضعت جلس وجلسوا. (1) الصلاة على المرأة والغلام معا [919] - 33 - الطوسي: روى عمار بن ياسر قال: أخرجت جنازة أم كلثوم بنت علي (صلى الله عليه وآله) وابنها زيد بن عمر، وفي الجنازة الحسن والحسين (عليهما السلام) وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وأبو هريرة، فوضعوا جنازة الغلام مما يلي الإمام، والمرأة وراءه، وقالوا: هذا هو السنة. (2) الصلاة على الناصب [920] - 34 - الكليني: عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا، عن بن محبوب عن زياد بن عيسى، عن عامر بن السمط، عن أبي عبد الله (عليه السلام): أن رجلا من المنافقين مات، فخرج الحسين بن علي (عليهما السلام) يمشى معه، فلقيه مولى له، فقال له الحسين (عليه السلام): أين تذهب يا فلان! قال: فقال له مولاه: أفر من جنازة هذا المنافق أن أصلي عليها. فقال له الحسين (عليه السلام): أنظر أن تقوم على يميني فما تسمعني أقول فقل مثله. فلما أن كبر عليه وليه، قال الحسين (عليه السلام): الله أكبر، أللهم العن فلانا عبدك ألف لعنة مؤتلفة غير مختلفة، أللهم أخز عبدك في عبادك وبلادك، وأصله حر
1 - دعائم الإسلام 1: 233. 2 - الخلاف 1: 266، وسائل الشيعة 2: 811 ح 11، بحار الأنوار 81: 382 ح 40. 819 نارك وأذقه أشد عذابك، فإنه كان يتولى أعداءك، ويعادي أولياءك، ويبغض أهل بيت نبيك. (1) [921] - 35 - وعنه: عدة من أصحابنا، عن سهل، عن ابن أبي نجران، عن صفوان [بن مهران] الجمال، عن أبى عبد الله (عليه السلام) قال: مات رجل من المنافقين فخرج الحسين (عليه السلام) يمشي، فلقى مولى له فقال له: إلى أين تذهب؟ فقال: أفر من جنازة هذا المنافق أن أصلي عليه. فقال له الحسين (عليه السلام): قم إلى جنبي فما سمعتني أقول فقل مثله. قال: فرفع يديه فقال: أللهم أخز عبدك في عبادك وبلادك، اللهم أصله حر نارك، أللهم أذقه أشد عذابك، فإنه كان يتولى أعداءك ويعادي أولياءك ويبغض أهل بيت نبيك (صلى الله عليه وآله). (2) [922] - 36 - زيد بن علي: روينا عن الإمام الحسين بن علي (عليهما السلام): أنه صلى على سعيد بن العاص حين ألجئ إلى ذلك فلعنه في الصلاة، فقال له من سمعه: أهكذا صلاتكم على موتاكم، يا ابن رسول الله؟! قال: (عليه السلام): بل صلاتنا على أعدائنا. (3) صلاة يوم الغدير وخطبة الإمام علي (عليه السلام) [923] - 37 - الطوسي: أخبرنا جماعة، عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري قال:
1 - الكافي 3: 188 ح 2، تهذيب الأحكام 3: 197 ح 453، وسائل الشيعة 2: 771 ح 6، بحار الأنوار 44: 202 ح 20، العوالم 17: 71 ح 6. 2 - الكافي 3: 189 ح 3، من لا يحضره الفقيه 1: 168 ح 490، قرب الإسناد: 59 ح 190، وسائل الشيعة 2: 770 ح 2، بحار الأنوار 81: 393 ح 58. 3 - مسند زيد: 172. 820 حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد الخراساني الحاجب في شهر رمضان سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة قال: حدثنا سعيد بن هارون أبو عمر المروزي - وقد زاد على الثمانين سنة - قال: حدثنا الفياض بن محمد بن عمر الطرسوسي بطوس سنة تسع وخمسين ومائتين - وقد بلغ التسعين - أنه شهد أبا الحسن علي بن موسى الرضا (عليهما السلام)، في يوم الغدير وبحضرته جماعة من خاصته قد احتبسهم للإفطار، وقد قدم إلى منازلهم الطعام والبر والصلات والكسوة حتى الخواتيم والنعال، وقد غير من أحوالهم وأحوال حاشيته، وجددت له آلة غير الآلة التي جرى الرسم بابتذالها قبل يومه، وهو يذكر فضل اليوم وقدمه، فكان من قوله (عليه السلام): حدثني الهادي أبي قال: حدثني جدي الصادق قال: حدثني الباقر قال: حدثني سيد العابدين قال: حدثني أبي الحسين [(عليهم السلام)] قال: اتفق في بعض سنى أمير المؤمنين (عليه السلام) الجمعة والغدير، فصعد المنبر على خمس ساعات من نهار ذلك اليوم، فحمد الله وأثنى عليه حمدا لم يسمع بمثله، وأثنى عليه ثناء لم يتوجه إليه غيره، فكان ما حفظ من ذلك: الحمد لله الذي جعل الحمد من غير حاجة منه إلى حامديه... (1) إلى أن قال: ومن أسعف أخاه مبتدئا وبره راغبا، فله كأجر من صام هذا اليوم وقام ليلته، ومن فطر مؤمنا في ليلته، فكأنما فطر فئاما وفئاما. يعدها بيده عشرة، فنهض ناهض فقال: يا أمير المؤمنين! وما الفئام؟ قال: مائة ألف نبي وصديق وشهيد، فكيف بمن تكفل عددا من المؤمنين والمؤمنات، وأنا ضمينه على الله تعالى الأمان من الكفر والفقر، وإن مات في ليلته أو يومه أو بعده إلى مثله من غير ارتكاب كبيرة فأجره على الله تعالى، ومن استدان
1 - الخطبة طويلة من أراد الاطلاع عليها، فليراجع المصدر. 821 لإخوانه وأعانهم فأنا الضامن على الله إن أبقاه قضاه وإن قبضه حمله عنه. وإذا تلاقيتم فتصافحوا بالتسليم، وتهانوا النعمة في هذا اليوم، وليبلغ الحاضر الغائب، والشاهد البائن، وليعد الغني على الفقير، والقوي على الضعيف، أمرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) بذلك. ثم أخذ (صلى الله عليه وآله) في خطبة الجمعة، وجعل صلاة جمعته صلاة عيده، وانصرف بولده وشيعته إلى منزل أبي محمد الحسن بن علي (عليهما السلام) بما أعد له من طعامه وانصرف غنيهم وفقيرهم برفده إلى عياله. (1) صلاة الإمام الحسين (عليه السلام) في المهمات [924] - 38 - الطبرسي: صلاة في المهمات عن الحسين بن علي (عليهما السلام): تصلي أربع ركعات تحسن قنوتهن وأركانهن، تقرأ في الأولى الحمد مرة، و (حسبنا الله ونعم الوكيل) (2) سبع مرات، وفي الثانية الحمد مرة، وقوله: (ما شاء الله لا قوة إلا بالله إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا) (3) سبع مرات، وفي الثالثة الحمد مرة، وقوله: (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) (4) سبع مرات، وفي الرابعة الحمد مرة، (وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد) (5) سبع مرات، ثم تسأل حاجتك. (6)
1 - مصباح المتهجد: 752، بحار الأنوار 97: 112 ح 8. 2 - آل عمران: 3 / 173. 3 - الكهف: 18 / 39. 4 - الأنبياء: 21 / 87. 5 - غافر: 40 / 44. 6 - مكارم الأخلاق: 349، بحار الأنوار 91: 358 ح 19، وسائل الشيعة 5: 245 ح 1، وفيه: إذا كان لك مهم فصل أربع ركعات. 822 صلاة الجمعة [925] - 39 - العلامة الحلي: صلاة الحسين (عليه السلام) يوم الجمعة أربع ركعات بثمانمائة مرة الحمد والاخلاص، يقرأ في الأولى بعد التوجه، الحمد خمسين مرة، وكذا الاخلاص، فإذا ركع قرأ الحمد عشرا والاخلاص عشرا، وكذا في الأحوال في كل ركعة مائتي مرة، ثم يدعو بالمنقول. (1) [926] - 40 - الشريف المرتضى: قال أبو حنيفة والثوري: إن الجمعة تنعقد بأربعة، وروى عن أبى يوسف والليث أنها تنعقد بثلاثة، وقال الشافعي: لا تنعقد بأقل من أربعين نفسا، وروي عن الحسن والحسين (عليهما السلام): أنها تنعقد باثنين. (2) [927] - 41 - الحر العاملي: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن حديد، عن جميل بن دراج، عن حمران بن أعين قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): جعلت فداك، إنا نصلي مع هؤلاء يوم الجمعة وهم يصلون في الوقت، فكيف نصنع؟ فقال: صلوا معهم. فخرج حمران إلى زرارة فقال له: قد أمرنا أن نصلي معهم بصلاتهم. فقال زرارة: هذا ما يكون إلا بتأويل! فقال له حمران: قم حتى نسمع منه. قال: فدخلنا عليه، فقال له زرارة: إن حمران أخبرنا عنك أنك أمرتنا أن نصلي معهم فأنكرت ذلك! فقال لنا: كان الحسين بن على (عليهما السلام) يصلي معهم الركعتين، فإذا
1 - تذكرة الفقهاء 1: 74. 2 - رسائل الشريف المرتضى 1: 222. 823 فرغوا قام فأضاف إليها ركعتين. (1) صلاة العيدين [928] - 42 - محمد بن الأشعث: أخبرنا محمد، حدثني موسى، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه (عليهم السلام): أن عليا (عليه السلام) أمر عبد الرحمان بن أبي ليلى يصلي بالناس العيدين في المسجد الأعظم، وكان على (عليه السلام) يخرج إلى المصلى فيصلي بالناس (2).
1 - وسائل الشيعة 5: 45 ح 5، الكافي 3: 375 ح 7، وفيه: كان علي بن الحسين (عليهما السلام). 2 - الجعفريات: 79 ح 265، النوادر: 197 ح 366، مستدرك الوسائل 6: 134 ح 6629 عن الجعفريات. 824 3 - الصوم وزكاة الفطرة فوائد الصوم [929] - 43 - ابن شهرآشوب: سئل الحسين (عليه السلام): لم افترض الله عزوجل على عبيده الصوم؟ قال: ليجد الغني مس الجوع فيعود بالفضل على المساكين. (1) تحفة الصائم [930] - 44 - الصدوق: حدثنا أبي (رضي الله عنه) قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن محمد بن علي الكوفي، عن محمد بن سنان، عن عبد الله بن أيوب، عن عبد السلام الإسكافي، عن عمير بن مأمون - وكانت ابنته تحت الحسن - عن الحسن بن علي (عليهما السلام) قال: تحفة الصائم أن يدهن لحيته، ويجمر ثوبه. (2)
1 - المناقب 4: 68. 2 - جمر الثوب: بخره بالطيب. لسان العرب 2: 350. 825 وتحفة المرأة الصائمة أن تمشط رأسها، وتجمر ثوبها. وكان أبو عبد الله الحسين بن علي (عليهما السلام): إذا صام يتطيب بالطيب ويقول: الطيب تحفة الصائم. (1) [931] - 45 - الإربلي: ودعاه [أي الحسين (عليه السلام)] عبد الله بن الزبير وأصحابه فأكلوا ولم يأكل الحسين (عليه السلام)، فقيل له: ألا تأكل؟ قال: إني صائم، ولكن تحفة الصائم. قيل: وما هي؟ قال [(عليه السلام)]: الدهن والمجمر (2). (3) احتجام الصائم [932] - 46 - الدولابي: حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقري، حدثنا مروان بن معاوية الفزازي، عن دينار - أبي أسامة -، عن الشعبي، قال: احتجم أبو عبد الله، وهو صائم ثم قال: هل تدري من أبو عبد الله؟! حسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام). (4) الإفطار بالتمر [933] - 47 - المحدث النوري: عن الحسين بن علي (عليهما السلام) قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، كان يبتدئ طعامه إذا كان صائما بالتمر. (5)
1 - الخصال: 61 ح 86، وسائل الشيعة 7: 67 ح 12940، بحار الأنوار 96: 289 ح 2. 2 - المجمر: التي توضع فيها الجمر وتدخن بها الثياب. لسان العرب 2: 350. 3 - كشف الغمة 2: 31، نزهة الناظر وتنبيه الخاطر: 85، العوالم 17: 60 ح 3، بحار الأنوار 44: 195 ح 9. 4 - الذرية الطاهرة: 133 ح 164 5 - مستدرك الوسائل 16: 380 ح 20254، مكارم الاخلاق: 175، وفيه: عن الحسين بن علي، عن أبيه. 826 صوم يوم عرفة [934] - 48 - الطوسي: علي بن الحسن بن فضال، عن يعقوب بن يزيد، عن أبي همام، عن عبد الرحمن بن أبى عبد الله، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: صوم يوم عرفة يعدل السنة وقال: لم يصمه الحسن (عليه السلام) وصامه الحسين (عليه السلام). (1) [935] - 49 - الصدوق: روى عبد الله بن المغيرة، عن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أوصى رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى علي (عليه السلام) وحده، وأوصى علي (عليه السلام) إلى الحسن والحسين (عليهما السلام) جميعا، وكان الحسن أمامه، فدخل رجل يوم عرفة على الحسن (عليه السلام) وهو يتغدى والحسين (عليه السلام) صائم، ثم جاء بعد ما قبض الحسن فدخل على الحسين (عليه السلام) يوم عرفة وهو يتغدى وعلي بن الحسين (عليه السلام) صائم، فقال له الرجل: إني دخلت على الحسن وهو يتغدى وأنت صائم، ثم دخلت عليك وأنت مفطر؟! فقال: إن الحسن كان إماما فأفطر لئلا يتخذ صومه سنة، وليتأسى به الناس، فلما أن قبض كنت أنا الإمام فأردت أن لا يتخذ صومي سنة فيتأسى الناس بي. (2) [936] - 50 - وعنه: عن يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن صوم يوم عرفة، قال: إن شئت صمت، وإن شئت لم تصم. وذكر أن رجلا أتى الحسن والحسين (عليهما السلام) فوجد أحدهما صائما، والآخر
1 - تهذيب الأحكام 4: 298 ح 900، الاستبصار 2: 133 ح 1، وسائل الشيعة 7: 344 ح 5. 2 - من لا يحضره الفقيه 2: 87 ح 1810، علل الشرائع 2: 386 ح 1، بحار الأنوار 97: 123 ح 3. 827 مفطرا، فسألهما، فقالا: إن صمت فحسن، وإن لم تصم فجائز. (1) [937] - 51 - المحدث النوري: الشريف الزاهد أبو عبد الله محمد بن علي الحسن العلوي في كتاب التغازي: بإسناده عن محمد بن منصور، عن مرة الجعفي، عن أبي حازم الجريري يرفع به إلى مسروق قال: دخلت يوم عرفة على الحسين بن على (عليهما السلام)، وأقداح السويق بين يديه وبين يدي أصحابه، والمصاحف في حجورهم، وهم ينتظرون الافطار، فسألته عن مسألة فأجابني، وخرجت فدخلت على الحسن بن علي (عليهما السلام)، والناس يدخلون على موائد موضوعة عليها طعام عتيد، فيأكلون ويحملون، فرآني وقد تغيرت، فقال: يا مسروق! لم لا تأكل؟ فقلت: يا سيدي! أنا صائم، وأنا أذكر شيئا، فقال: اذكر ما بدا لك؟ فقلت: أعوذ بالله أن تكونوا مختلفين، دخلت على الحسين (عليه السلام)، فرأيته ينتظر الإفطار، ودخلت عليك وأنت على هذه الصفة والحال، فضمني إلى صدره وقال: يا ابن الأشرس! أما علمت أن الله تعالى ندبنا لسياسة الأمة، ولو اجتمعنا على شيء ما وسعكم غيره، إني أفطرت لمفطركم، وصام أخي لصوامكم. (2) [938] - 52 - ابن سعد: أخبرنا أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي، قال: حدثنا مسلم بن خالد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، قال: جاء رجل من أهل مصر إلى حسن وحسين يوم عرفة، فسألهما عن صيام يوم عرفة فوجد حسينا صائما، ووجد حسنا مفطرا، وقالا: كل ذلك حسن. (3)
1 - من لا يحضره الفقيه 2: 87 ح 1809، وسائل الشيعة 7: 344 ح 9. 2 - مستدرك الوسائل 7: 527، ح 8820، سفينة البحار 1: 258. 3 - ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من الطبقات الكبير: 38. 828 زكاة الفطرة [939] - 53 - القاضي النعمان: عن الحسين بن علي (عليهما السلام) أنه قال: زكاة الفطر على كل حاضر وباد. (1) [940] - 54 - وعنه: روينا عن الحسن والحسين (عليهما السلام): أنهما كانا يؤديان زكاة الفطر عن علي [(عليه السلام)] حتى ماتا، وكان علي بن الحسين (عليهما السلام) يؤديها عن أبيه الحسين (عليه السلام) حتى مات، وكان [أبو جعفر] يؤديها عن علي [(عليه السلام)] حتى مات، قال جعفر بن محمد [(عليهما السلام)]: وأنا أؤديها عن أبي، وهذا من التطوع بالصدقة عن الموتى. (2)
1 - دعائم الإسلام 1: 267، مستدرك الوسائل 7: 139 ح 7850، بحار الأنوار 96: 110 ح 16. 2 - دعائم الإسلام 1: 267، مستدرك الوسائل 6: 439 ح 7176، و 7: 151 ح 7888، بحار الأنوار 96: 110 ح 16. 829 4 - الصدقة حقيقة الصدقة [941] - 55 - القاضي النعمان: عن الحسين بن علي (عليهما السلام) أنه قيل له: إن عبد الله بن عامر تصدق اليوم بكذا وكذا، وأعتق اليوم كذا وكذا، فقال: إنما مثل عبد الله بن عامر كمثل الذي يسرق الحاج ثم يتصدق بما سرق، وإنما الصدقة الطيبة صدقة الذي عرق فيها جبينه، واغبر فيها وجهه. قيل لأبي عبد الله (عليه السلام): من عنى بذلك؟ قال: عنى به عليا (عليه السلام). (1) [942] - 56 - وعنه: عن الحسين بن علي (عليهما السلام): أنه ذكر له رجل من بني أمية تصدق بصدقة كثيرة، فقال: مثله مثل الذي سرق الحاج وتصدق بما سرق، إنما الصدقة صدقة من عرق فيها جبينه، واغبر فيها وجهه، مثل على (عليه السلام)! ومن تصدق بمثل ما تصدق به؟! (2)
1 - دعائم الإسلام 2: 329 ح 1244، مستدرك الوسائل 7: 244 ح 8152. 2 - دعائم الإسلام 1: 244، بحار الأنوار 96: 27 ح 56، مستدرك الوسائل 7: 244، ضمن ح 8152. 830 صدقة الإمام الحسين (عليه السلام) [943] - 57 - وعنه: عن الحسين بن علي (عليهما السلام): أنه ورث أرضا وأشياء، فتصدق بها قبل أن يقبضها. (1)
1 - دعائم الإسلام 2: 339 ح 1268، مستدرك الوسائل الشيعة 14: 50. 831 5 - الحج حج الإمام الحسين (عليه السلام) ماشيا [944] - 58 - المفيد: روى إبراهيم بن الرافعي، عن أبيه، عن جده، قال: رأيت الحسن والحسين (عليهما السلام) يمشيان إلى الحج، فلم يمرا براكب إلا نزل يمشي، فثقل ذلك على بعضهم، فقالوا لسعد ابن أبي وقاص: قد ثقل علينا المشي، ولا نستحسن أن نركب وهذان السيدان يمشيان. فقال سعد للحسن: يا أبا محمد! إن المشي قد ثقل على جماعة ممن معك، والناس إذ رأوكما تمشيان لم تطب أنفسهم أن يركبوا، فلو ركبتما؟ فقال الحسن (عليه السلام) لا نركب، قد جعلنا على أنفسنا المشي إلى بيت الله الحرام على أقدامنا، ولكنا نتنكب الطريق. فأخذا جانبا من الناس. (1)
1 - الإرشاد: 250، المناقب لابن شهر آشوب 3: 399، العوالم 16: 100 ح 1، بحار الأنوار 43: 276 ح 46. 832 فضل المشي في الحج [945] - 59 - الصدوق: وكان الحسين بن علي (عليهما السلام) يمشي، وتساق معه المحامل والرحال. (1) [946] - 60 - البرقي: عن محمد بن بكر، عن زكريا بن محمد، عن عيسى بن سوادة، عن ابن المنكدر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال ابن عباس: ما ندمت على شي ندمي على أن لم أحج ماشيا؛ لأني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من حج بيت الله ماشيا كتب الله له سبعة آلاف حسنة من حسنات الحرم، قيل: يا رسول الله! وما حسنات الحرم؟ قال: حسنته ألف ألف حسنة، وقال: فضل المشاة في الحج كفضل القمر ليلة البدر على سائر النجوم، وكان الحسين بن علي (عليهما السلام) يمشي إلى الحج ودابته تقاد وراءه. (2) [947] - 61 - الإربلي: ونقل عنه (عليه السلام): أنه حج خمسا وعشرين حجة إلى الحرم، ونجائبه تقاد معه، وهو ماش على القدم. (3) [948] - 62 - ابن سعد: أخبرنا يعلى بن عبيد قال: حدثنا عبيد الله بن الوليد الوصافي، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، قال: حج الحسين بن علي خمسا وعشرين حجة ماشيا، ونجائبه تقاد معه. (4)
1 - من لا يحضره الفقيه 2: 219 ح 2219، وسائل الشيعة 8: 59 ح 9. 2 - المحاسن: 1: 146 ح 204، ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من الطبقات الكبير: 35 ح 230، وسائل الشيعة 8: 56 ح 9، بحار الأنوار 99: 105 ح 13. 3 - كشف الغمة 2: 23، إحقاق الحق 11: 419، مع اختلاف، بطرق مختلفه. 4 - ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من الطبقات الكبير: 34 ح 228، تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 149 ح 192، المعجم الكبير 3: 115 ح 2844، مجمع الزوائد 9: 201، ينابيع المودة: 265، بحار الأنوار 44: 193 ح 5، ولم ترد في المعجم ومجمع الزوائد وينابيع المودة جملة (ونجائبه تقاد معه). 833 [949] - 63 - ابن عساكر: وأنبأنا الفضل بن دكين، أنبأنا حفص بن غياث، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال: إن الحسين بن علي حج ماشيا، وإن نجائبه تقاد وراءه. (1) الحج جهاد الضعفاء [950] - 64 - الطبراني: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني إبراهيم بن الحجاج السامي، حدثنا أبو عوانة، عن معاوية بن إسحاق، عن عباية بن رفاعة، عن الحسين بن علي [(عليهما السلام)] قال: جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: إني جبان، وإني ضعيف! فقال [(صلى الله عليه وآله)]: هلم إلى جهاد لا شوكة (2) فيه، الحج. (3) جواز الاعتمار في أشهر الحج [951] - 65 - الكليني: علي بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه سئل عن رجل خرج في أشهر الحج معتمرا ثم خرج إلى بلاده، قال: لا بأس، وإن حج في عامه ذلك، وأفرد الحج فليس عليه دم، فإن الحسين بن علي (عليهما السلام) خرج قبل التروية بيوم إلى العراق، وقد كان دخل معتمرا. (4)
1 - تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 149 ح 193، ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من الطبقات الكبير 35 ح 229، وفيه بدل ورائه: إلى جنبه. 2 - شوكة القتال: شدته وحدته، النهاية. 3 - المعجم الكبير 3: 135 ح 2910، مجمع الزوائد 3: 206. 4 - الكافي 4: 535 ح 3، تهذيب الأحكام 5: 436 ح 1516، وسائل الشيعة 10: 246 ح 2. 834 [952] - 66 - وعنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس، عن معاوية بن عمار، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): من أين افترق المتمتع والمعتمر؟ فقال: إن المتمتع مرتبط بالحج، والمعتمر إذا فرغ منها ذهب حيث شاء وقد اعتمر الحسين بن على (عليهما السلام) في ذي الحجة، ثم راح يوم التروية إلى العراق، والناس يروحون إلى منى، ولا بأس بالعمرة في ذي الحجة لمن لا يريد الحج. (1) القران بين الحج والعمرة [953] - 67 - محمد بن الأشعث: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه (عليهم السلام): أن عليا (عليه السلام) قرن بين حجة وعمرة، وطاف لكل واحد منهما طوافا واحدا، ثم قال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يصنع هكذا (2). حكم المصدود والمحصور [954] - 68 - وعنه: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير. ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبى عمير وصفوان، عن معاوية بن عمار، عن أبى عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: المحصور غير المصدود، المحصور المريض، والمصدود الذي يصده المشركون، كما ردوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأصحابه ليس من مرض، والمصدود تحل له النساء، والمحصور لا تحل له النساء.
1 - الكافي 4: 535 ح 4، تهذيب الأحكام 5: 437 ح 1519، وسائل الشيعة 10: 246 ح 3. 2 - الجعفريات: 117 ح 429. 835 قال: وسألته عن رجل أحصر فبعث بالهدي؟ قال: يواعد أصحابه ميعادا، إن كان في الحج فمحل الهدي يوم النحر، فإذا كان يوم النحر فليقص من رأسه ولا يجب عليه الحلق حتى يقضي المناسك، وإن كان في عمرة فلينظر مقدار دخول أصحابه مكة، والساعة التي يعدهم فيها، فإذا كان تلك الساعة قصر وأحل، وإن كان مرض في الطريق بعد ما أحرم فأراد الرجوع رجع إلى أهله ونحر بدنة، أو أقام مكانه حتى يبرأ إذا كان في عمرة، وإذا برئ فعليه العمرة واجبة، وإن كان عليه الحج رجع أو أقام ففاته الحج فإن عليه الحج من قابل، فإن الحسين بن علي صلوات الله عليهما خرج معتمرا فمرض في الطريق، فبلغ عليا (عليه السلام) ذلك، وهو في المدينة، فخرج في طلبه فأدركه بالسقيا (1) وهو مريض بها، فقال: يا بنى! ما تشتكي؟ فقال: أشتكي رأسي. فدعا علي (عليه السلام) ببدنة فنحرها، وحلق رأسه، ورده إلى المدينة، فلما برئ من وجعه اعتمر. قلت: أرأيت حين برئ من وجعه قبل أن يخرج إلى العمرة حلت له النساء؟ قال: لا تحل له النساء حتى يطوف بالبيت، وبالصفا والمروة. قلت: فما بال رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين رجع من الحديبية حلت له النساء، ولم يطف بالبيت؟ قال: ليسا سواء، كان النبي (صلى الله عليه وآله) مصدودا، والحسين (عليه السلام) محصورا. (2) [955] - 69 - محمد بن الأشعث: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهم السلام) قال:
1 - السقيا، بالضم: موضع بالمدينة معجم البلدان 3: 228. 2 - الكافي 4: 369 ح 3، تهذيب الأحكام 5: 421 ح 1465، وسائل الشيعة 9: 305 ح 1، بحار الأنوار 44: 203 ح 22، العوالم 17: 71 ح 5. 836 بينما علي (عليه السلام) في طريق مكة إذ أبصر ناقة معقولة [معفرة]، فقال: ناقة أبي عبد الله، ورب الكعبة! فعدل فإذا الحسين بن علي (عليهما السلام) محرم محموم، عليه دثار، فأمر به علي (عليه السلام) فحجم وعصب رأسه، وساق عنه بدنة. (1) تحلل المحصور [956] - 70 - الصدوق: عن رفاعة بن موسى، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: خرج الحسين (عليه السلام) معتمرا، وقد ساق بدنة حتى انتهى إلى السقيا، فبرسم (2) فحلق [شعر] رأسه ونحرها مكانه، ثم أقبل حتى جاء فضرب الباب، فقال علي (عليه السلام): ابني، ورب الكعبة! افتحوا له [الباب]، وكانوا قد حموا له الماء، فأكب عليه فشرب، ثم اعتمر بعد. (3) محرمات الإحرام [957] - 71 - القاضي النعمان: روينا عن علي بن أبي طالب، والحسن، والحسين، وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد (عليهم السلام): أن المحرم ممنوع من الصيد والجماع، والطيب، ولبس الثياب المخيطة، وأخذ الشعر، وتقليم الأظفار، وأنه إن جامع متعمدا بعد أن أحرم وقبل أن يقف بعرفة فقد أفسد حجه، وعليه الهدي والحج من قابل، وإن كانت المرأة محرمة فطاوعته، فعليها مثل ذلك، وإن استكرهها، أو أتاها نائمة، أو لم تكن محرمة فلا شيء عليها. (4)
1 - الجعفريات: 119 ح 436. 2 - البرسام: ورم حار يعرض للحجاب الذي بين الكبد والأمعاء، تاج العروس، 8: 199، (برسم). 3 - من لا يحضره الفقيه 2: 516 ح 3107، وسائل الشيعة 9: 309 ح 2، عوالي اللئالي 3: 170 ح 77. 4 - دعائم الإسلام 1: 303، مستدرك الوسائل 9: 205 ح 10678، قطعة منه. 837 [958] - 72 - البيهقي: عن ابن أبي ليلى، عن عطاء: أن عائشة، والحسين بن علي (عليهما السلام) وعبد الله بن عمر، قالوا في الصيد يذبح بمكة: لا يؤكل. قيل: فما يصنع به؟ قال: يطرح بمنزلة الميت. (1) [959] - 73 - محمد بن الأشعث: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهم السلام) في الرجل يموت، وهو محرم. قال: يغسل ويكفن، ولا يغطى رأسه، ولا تقربوه طيبا. قال أبو عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام): وقد سئل أبي عن ذلك، وذكر له قول عائشة، فقال: قد مات ابن للحسين بن علي (عليه السلام)، وعبد الله بن العباس بن عبد المطلب، وعبد الله بن جعفر رضي الله عنهما، فأجمعوا على أن لا يغطى رأسه، ولا تقربوا (2) طيبا (3). الحجامة للمحرم [960] - 74 - محمد بن الأشعث: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهم السلام) قال: بينما علي (عليه السلام) في طريق مكة إذ أبصر ناقة معفولة (4). فقال: ناقة أبي عبد الله، ورب الكعبة! فعدل فإذا الحسين بن على (عليهما السلام) محرم
1 - السنن الكبرى 5: 194. 2 - في المستدرك: ولا يقربوه. 3 - الجعفريات: 119 ح 437، عنه مستدرك الوسائل 2: 176 ح 1731، و 9: 242 ح 10810. 4 - في نسخة: معقرة، وفي الطبعة التي طبعها الكوشانبور: معفرة. 838 محموم، عليه دثار، فأمر به علي (عليه السلام) فحجم، وعصب رأسه، وساق عنه بدنة (1). حكم الميت المحرم [961] - 75 - الطوسي: سعد بن عبد الله، عن العباس، عن حماد بن عيسى وعبد الله بن المغيرة، عن ابن سنان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن المحرم يموت كيف يصنع به؟ قال: إن عبد الرحمن بن الحسن (عليه السلام) مات بالأبواء مع الحسين (عليه السلام)، وهو محرم، ومع الحسين عبد الله بن العباس وعبد الله بن جعفر، وصنع به كما يصنع بالميت، وغطى وجهه، ولم يمسه طيبا. قال: وذلك كان في كتاب علي (عليه السلام). (2) [962] - 76 - وعنه: عن علي بن الحسين، عن سعد، عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضال، عن يونس بن يعقوب، عن أبي مريم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: خرج الحسين بن علي (عليهما السلام) وعبد الله وعبيد الله ابنا العباس، وعبد الله بن جعفر، ومعهم ابن للحسن (عليه السلام)، يقال له: عبد الرحمن، فمات بالأبواء وهو محرم، فغسلوه وكفنوه، ولم يحنطوه، وخمروا وجهه ورأسه ودفنوه. (3) [963] - 77 - محي الدين بن شرف النووي: الركنان الشاميان، وهما اللذان يليان الحجر، فلا يقبلان، ولا يستلمان عندنا، وبه قال جمهور العلماء، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة وأحمد.
1 - الجعفريات: 119 ح 436، عنه مستدرك الوسائل 9: 229 ح 10764 و 309 ح 10982. 2 - تهذيب الأحكام 1: 329 ح 963، وسائل الشيعة 2: 697 ح 1 و 3. 3 - تهذيب الأحكام 1: 330 ح 966، وسائل الشيعة 2: 697 ح 5. 839 قال القاضي عياض: هو إجماع أئمة الأمصار والفقهاء، قال: وإنما كان فيه خلاف لبعض الصحابة والتابعين، وانقرض الخلاف، وأجمعوا على أنهما لا يستلمان، وممن كان يقول باستلامهما الحسن والحسين ابنا علي (عليهم السلام)، وابن الزبير، وجابر بن عبد الله، وأنس بن مالك، وعروة بن الزبير، وأبو الشعثاء. (1) علة صيرورة الطواف سبعة [964] - 78 - المجلسي: علي بن حاتم، عن القاسم بن محمد، عن حمدان بن الحسين، عن الحسين بن الوليد، عن حنان بن سدير، عن الثمالي، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: قلت لأبي: لم صار الطواف سبعة أشواط؟ قال: لان الله تبارك وتعالى قال للملائكة: (إني جاعل في الأرض خليفة)، فردوا على الله تبارك وتعالى و (قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء)، قال الله: (إني أعلم ما لا تعلمون) (2) وكان لا يحجبهم عن نوره، فحجبهم عن نوره سبعة آلاف عام، فلاذوا بالعرش سبعة آلاف سنة، فرحمهم وتاب عليهم، وجعل لهم البيت المعمور الذي في السماء الرابعة فجعله مثابة وأمنا، ووضع البيت الحرام تحت البيت المعمور فجعله مثابة للناس وأمنا، فصار الطواف سبعة أشواط واجبا على العباد، لكل ألف سنة شوطا واحدا. (3)
1 - المجموع 8: 58. 2 - البقرة: 2 / 30. 3 - بحار الأنوار 11: 110 ح 25، علل الشرائع: 406 ح 1، ولم تكن فيه: قلت لأبي. 840 استحباب الدعاء عند الركن اليماني، وبينه وبين الحجر [965] - 79 - المحدث النوري: في بعض نسخ الرضوي (عليه السلام): عن أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) أنه قال: الركن اليماني باب من أبواب الجنة، لم يمنعه منذ فتحه، وأن ما بين هذين الركنين - الأسود واليماني - ملك يدعى هجير، يؤمن على دعاء المؤمنين. (1) الطواف والصلاة بعد العصر [966] - 80 - الكليني: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمار، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: ما رأيت الناس أخذوا عن الحسن والحسين (عليهما السلام) إلا الصلاة بعد العصر، وبعد الغداة في طواف الفريضة. (2) [967] - 81 - الطوسي: روى أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قال: سألت الرضا (عليه السلام) عن صلاة طواف التطوع بعد العصر؟ فقال: لا. فذكرت له قول بعض آبائه (عليهم السلام): إن الناس لم يأخذوا عن الحسن والحسين (عليهما السلام) إلا الصلاة بعد العصر بمكة.
1 - مستدرك الوسائل 9: 391 ح 11151، بحار الأنوار 99: 354 ح 11، ولم نعثر عليه في الفقه المنسوب للإمام الرضا (عليه السلام). 2 - الكافي 4: 424 ح 5، تهذيب الأحكام 5: 142 ح 472، الإستبصار 2: 236 ح 821، وسائل الشيعة 9: 487 ح 4. 841 فقال: نعم، ولكن إذا رأيت الناس يقبلون على شيء فاجتنبه، فقلت: إن هؤلاء يفعلون. فقال: لستم مثلهم. (1) [968] - 82 - القاضي النعمان: عن الحسن والحسين صلوات الله عليهما: أنهما طافا بعد العصر، وشربا من زمزم قائمين. (2) [969] - 83 - ابن سعد: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال: حدثنا زهير بن معاوية قال: حدثنا عمار بن معاوية الدهني قال: حدثني أبو سعيد قال: رأيت الحسن والحسين، يصليان مع الإمام العصر ثم أتيا الحجر واستلماه، ثم طافا أسبوعا وصليا ركعتين. فقال الناس: هذان ابنا بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) فحطمهما الناس حتى لم يستطيعا أن يمضيا، ومعهما رجل من الركانات، فأخذ الحسين بيد الركاني ورد الناس عن الحسن، وكان يجله. وما رأيتهما مرا بالركن الذي يلي الحجر من جانب الحجر إلا استلماه. قال: قلت لأبي سعيد: فلعلهما بقي عليهما بقية من أسبوع قطعته الصلاة؟ قال: لا، بل طافا أسبوعا تاما. (3) [970] - 84 - وعنه: أخبرنا أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي قال: حدثنا مسلم بن خالد، عن عمرو بن دينار قال: رأيت حسنا وحسينا يطوفان بعد العصر، ويصليان (4)
1 - تهذيب الأحكام 5: 142 ح 470، الإستبصار 2: 237 ح 825، وسائل الشيعة 9: 488 ح 10. 2 - دعائم الإسلام 1: 315، مستدرك الوسائل 9: 439 ح 11283، بحار الأنوار 99: 212 ح 38. 3 - ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من الطبقات الكبير: 37 ح 236، تاريخ ابن عساكر ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام): 136. 4 - ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من الطبقات الكبير: 37 ح 237، المعجم الكبير: 683 ح 2687. 842 تكرار الطواف والسعي [971] - 85 - المتقي الهندي: عن أبي العطاف طارق بن مطر بن طارق الطائي الحمصي، حدثني أبي، حدثنا صمصامة وضنينة ابنا الطرماح، قالا: حدثنا أبو الطرماح قال: سمعت الحسين بن علي [(عليهما السلام)] يقول: كنا مع النبي (صلى الله عليه وآله) في الطواف فأصابتنا السماء فالتفت إلينا فقال: ائتنفوا العمل، فقد غفر لكم ما مضى. (1) [972] - 86 - ابن حزم: من طريق الحجاج بن أرطاة: عن الحكم بن عمرو بن الأسود، عن الحسين بن علي (عليهما السلام) قال: إذا قرنت بين الحج والعمرة فطف طوافين، واسع سعيين. (2) [973] - 87 - وعنه: عن عبد الرحمن بن الإصبهاني، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: أن الحسين بن علي (عليهما السلام) قرن بين الحج والعمرة، فطاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة لعمرته، ثم قعد في الحجر ساعة، ثم قام فطاف بالبيت سبعا، وبين الصفا والمروة سبعا لحجه، ثم قال: هكذا صنع رسول الله (صلى الله عليه وآله). (3) طواف المريض [974] - 88 - الحر العاملي: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضيل، عن الربيع بن خثيم، قال: شهدت أبا عبد الله الحسين (عليه السلام)، وهو يطاف به حول الكعبة في محمل، وهو شديد المرض، فكان كلما بلغ الركن اليماني أمرهم. فوضعوه بالأرض، فأخرج
1 - كنز العمال 5: 171 ح 12498. 2 - المحلى 7: 175. 3 - المحلى 7: 175. 843 فأدخل يده من كوة المحمل حتى يجرها على الأرض، ثم يقول: ارفعوني. فلما فعل ذلك مرارا في كل شوط قلت له: جعلت فداك، يا ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله)! إن هذا يشق عليك. فقال: إني سمعت الله عز وجل يقول: (ليشهدوا منافع لهم) (1) فقلت: منافع الدنيا، أو منافع الآخرة؟ فقال: الكل. (2) قطع الطواف [975] - 89 - وعنه: محمد بن علي بن الحسين، عن حماد بن عثمان، عن حبيب بن مظاهر قال: ابتدأت في طواف الفريضة، فطفت شوطا واحدا، فإذا إنسان قد أصاب أنفي فأدماه، فخرجت فغسلته، ثم جئت فابتدأت الطواف، فذكرت ذلك لأبي عبد الله الحسين (عليه السلام)، فقال: بئس ما صنعت، كان ينبغي لك أن تبني على ما طفت، ثم قال: أما إنه ليس عليك شيء. (3)
1 - الحج: 22 / 28. 2 - وسائل الشيعة 9: 456 ح 8، الكافي 4: 422 ح 1، تهذيب الحكام 5: 122 ح 398، ترك فيهما كلمة الحسين (عليه السلام)، وقال المحشي (قدس سره): والظاهر أنه زيادة من المصنف، لأنه رأى أن ربيع المتوفى سنة 61 (أو) 63 لا يروي عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، ففسره بالحسين (عليه السلام)، ولكن يرد عليه إشكال آخر، وهو رواية محمد بن الفضيل الراوي عن الكاظم (عليه السلام). 3 - وسائل الشيعة (تحقيق مؤسسة آل البيت (عليهم السلام)) 13: 379 ح 2، وفي هامشه عبارة من الحر العاملي (قدس سره)، وهي: المراد هنا بأبي عبد الله: الحسين (عليه السلام)، لأن حبيب بن مظاهر من أصحابه، قتل معه بكربلاء منه قدس سره. وسائل الشيعة (تحقيق الرباني الشيرازي (قدس سره)) 9: 447 ح 2، وفي هامشه: تفسير أبي عبد الله بالحسين من المصنف، فلعل حبيب غير ابن مظاهر المعروف، أو تكون الرواية مرسلة؛ لأن حمادا لا يروي عن حبيب. ومن لا يحضره الفقيه 2: 395 ح 2798، وعلق محقق الكتاب في الهامش على اسم الراوي (حبيب بن مظاهر) قائلا: مجهول، لكن لا يضر، لإجماع العصابة على صحة ما صح عن حماد، وتوهم أن المراد بأبي عبد الله: الحسين ابن علي (عليهما السلام)، وبحبيب: حبيب بن مظاهر المشهور، في غاية البعد. 844 حمل ماء زمزم [976] - 90 - الطبراني: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا أبو كريب، حدثنا الحسن بن ربيع، عن سالم أبي عبد الله، عن حبيب بن أبي ثابت قال: سألت عطاء: أحمل من ماء زمزم؟ فقال: قد حمله رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وحمله الحسن، وحمله الحسين [(عليهما السلام)]. (1) رمي الجمار [977] - 91 - المحدث النوري: في بعض نسخ الرضوي: أبي، عن أبيه (عليه السلام)، قال: وسأل ابن عباس الحسين (عليه السلام) فقال: يا أبا عبد الله! أخبرني عن الحصى الذي يرمى منه الجمار، فإنا لم نزل نرميها مذ كذا وكذا. فقال الحسين (عليه السلام): إنه ليس من جمرة إلا وتحته ملك وشيطان، فإذا رمى المؤمن التقمه الملك فرفعه إلى السماء، وإذا رمى الكافر قال له الشيطان: بإستك رميت. (2) محل قطع التلبية [978] - 92 - المتقي الهندي: عن عكرمة قال: دفعت مع الحسين بن علي [(عليهما السلام)] من المزدلفة، فلم أزل أسمعه يقول: لبيك، أللهم لبيك، حتى انتهى إلى الجمرة، فقلت له: ما هذا الإهلال يا أبا عبد الله؟!
1 - المعجم للطبراني 3: 28 ح 2566، مجمع الزوائد 3: 287. 2 - مستدرك الوسائل 10: 79 ح 11509، بحار الأنوار 99: 354 ح 10، وفيه: بإستك ما رميت، ولم نعثر عليه في الفقه المنسوب للإمام الرضا (عليه السلام). 845 قال: سمعت أبي علي بن أبي طالب يهل حتى انتهى إلى الجمرة، وحدثني أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أهل حتى انتهى إليها. قال: فرجعت إلى ابن عباس فأخبرته بقول حسين (عليه السلام)، فقال: صدق. قال: وأخبرني أخي الفضل بن عباس، وكان رديف رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه لم يزل يهل حتى انتهى إلى الجمرة. (1) [979] - 93 - الهيثمي: عن عكرمة قال: أفضت مع الحسين بن علي [(عليهما السلام)] من المزدلفة، فلم أزل أسمعه يلبي حتى رمى جمرة العقبة، فسألته؟ فقال: أفضت مع أبي (عليه السلام) من المزدلفة، فلم أزل أسمعه يلبي حتى رمى جمرة العقبة، فسألته فقال: أفضت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلم أزل أسمعه يلبي حتى رمى جمرة العقبة. رواه أحمد وأبو يعلى، وزاد: فرجعت إلى ابن عباس فأخبرته بقول حسين [(عليه السلام)]، فقال: صدق. (2) [980] - 94 - ابن حزم: عن سفيان الثوري، عن عبد الله بن الحسن، عن عكرمة قال: كنت مع الحسين بن علي [(عليهما السلام)]، فلبى حتى رمى جمرة العقبة. (3) دفن الشعر بمنى [981] - 95 - الحميري: أبو البختري، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: إن الحسن والحسين (عليهما السلام) كانا يأمران بدفن شعورهما بمنى. (4)
1 - كنز العمال 5: 148 ح 12415. 2 - مجمع الزوائد 3: 225. 3 - المحلى 7: 136. 4 - قرب الإسناد 140 ح 497، وسائل الشيعة 10: 185 ح 8، بحار الأنوار، 99: 302 ح 1. 846 6 - الجهاد وجوه الجهاد [982] - 96 - الحراني: سئل [الحسين (عليه السلام)] عن الجهاد سنة، أو فريضة؟ فقال (عليه السلام): الجهاد على أربعة أوجه: فجهادان فرض، وجهاد سنة لا يقام إلا مع فرض، وجهاد سنة. فأما أحد الفرضين فجهاد الرجل نفسه عن معاصي الله، وهو من أعظم الجهاد، ومجاهدة الذين يلونكم من الكفار فرض. وأما الجهاد الذي هو سنة لا يقام إلا مع فرض، فإن مجاهدة العدو فرض على جميع الأمة، لو تركوا الجهاد لأتاهم العذاب، وهذا هو من عذاب الأمة وهو سنة على الإمام، وحده أن يأتي العدو مع الأمة فيجاهدهم. وأما الجهاد الذي هو سنة فكل سنة أقامها الرجل وجاهد في إقامتها وبلوغها وإحيائها، فالعمل والسعي فيها من أفضل الاعمال؛ لأنها إحياء سنة، وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، من غير أن ينقص من أجورهم شيئا. (1)
1 - تحف العقول: 173، الخصال 1: 240، بحار الأنوار 100: 23 ح 5، وفي الأخيرين: عن أبي عبد الله (عليه السلام). 847 مباشرة علي (عليه السلام) القتال وعدم أخذه السلب [983] - 97 - محمد بن الأشعث: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه [الحسين (عليهم السلام)]: أن عليا (عليه السلام) كان يباشر القتال بنفسه، وكان لا يأخذ السلب. (1) استحباب التوسعة في الإنفاق على الخيل [984] - 98 - وعنه: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه الحسين (عليهم السلام): أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعث مع على (عليه السلام) ثلاثين فرسا في غزاة السلاسل، فقال: يا علي! أتلو عليك آية في نفقة الخيل: (الذين ينفقون أموالهم باليل والنهار سرا وعلانية) (2) يا علي! هي النفقة على الخيل، ينفق الرجل سرا وعلانية. (3) حكم الأسير، وإعطاء الصبي حقه، وجواز الشرب قائما [985] - 99 - القاضي النعمان: عن الحسين بن علي (عليهما السلام) أنه قال: فكاك الأسير المسلم على أهل الأرض التي قاتل عليها. (4)
1 - الجعفريات: 77، النوادر للراوندي: 20، مستدرك الوسائل 11: 127 ح 13. 2 - البقرة: 2 / 274. 3 - الجعفريات: 86، مستدرك الوسائل 8: 253 ح 9377. 4 - دعائم الإسلام 1: 377، مستدرك الوسائل 11: 128 ح 12622. 848 [986] - 100 - القرطبي: حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال: حدثنا قاسم، حدثنا الخثعمي، حدثنا بن عمرو، حدثنا ابن عيينة، عن عبد الله بن شريك، عن بشر بن غالب قال: سمعت ابن الزبير، وهو يسأل حسين بن علي [(عليهما السلام)]: يا أبا عبد الله ما تقول في فكاك الأسير، على من هو؟ قال [(عليه السلام)]: على القوم الذين أعانهم. وربما قال: قاتل معهم. قال سفيان: يعني يقاتل مع أهل الذمة فيفك من جزيتهم. قال: وسمعته يقول: يا أبا عبد الله! متى يجب عطاء الصبي؟ قال (عليه السلام): إذا استهل وجب له عطاؤه ورزقه. وسأله عن الشرب قائما؟ فدعا (عليه السلام) بلقحة - أي ناقة - له فحلبت وشرب قائما، وناوله. وكان يعلق الشاة مصلية فيطعمنا منها، ونحن نمشي معه. (1)
1 - الاستيعاب 1: 383، الجوهرة: 38، حياة الإمام الحسين (عليه السلام) 1: 136. 849 7 - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إنكار المنكر [987] - 101 - المتقي الهندي: عن الحسين بن علي (عليهما السلام) أنه قال: لا ينبغي لنفس مؤمنة ترى من يعصي الله فلا تنكر عليه. (1) النهي عن المنكر [988] - 102 - محمد بن الأشعث: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه (عليهم السلام): أن عليا (عليه السلام) مر على بهيمة وفحل يسفدها على وجه الطريق، فأعرض بوجهه. فقيل له: لم فعلت ذلك، يا أمير المؤمنين؟! فقال (عليه السلام): إنه لا ينبغي لهم أن يصنعوا ما صنعوا، وهو من المنكر، ولكن ينبغي لهم أن يواروه حيث لا يراه رجل، ولا امرأة (2).
1 - كنز العمال 3: 85 ح 5614. 2 - الجعفريات: 151 ح 570، النوادر للراوندي: 119 ح 128، بحارالأنوار 100: 78 ح 8، مستدرك الوسائل 12: 337 ح 14224 و 14: 228 ح 16569 و 8: 286 ح 9461. 850 التقية ومعرفة حقوق الإخوان [989] - 103 - الإمام العسكري (عليه السلام): قال الحسين بن علي (عليهما السلام): لولا التقية ما عرف ولينا من عدونا، ولولا معرفة حقوق الاخوان ما عرف من السيئات شىء إلا عوقب على جميعها، لكن الله عز وجل يقول: (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير) (1). (2)
1 - الشورى: 42 / 30. 2 - التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 321 ح 165، بحار الأنوار 75: 415 ح 68، وسائل الشيعة 11: 473 ح 5. 851 8 - النكاح زواج أبناء آدم (عليه السلام) [990] - 104 - الإمام الرضا (عليه السلام): بإسناده إلى الإمام الحسين بن علي (عليهما السلام)، قال: جاء رجل إلى الحسن بن على (عليهما السلام)، فقال: حق ما يقول الناس: إن آدم زوج هذه البنت من هذا الابن؟ فقال: حاشا لله، كان لآدم (عليه السلام) ابنان، وهما شيث وعبد الله، فأخرج الله لشيث حوراء من الجنة، وأخرج لعبد الله امرأة من الجن، فولد لهذا، وولد لذلك، فما كان من حسن وجمال فمن ولد الحوراء، وما كان من قبح وبذاء فمن ولد الجنية. (1) حرمة التفرقة بين الزوج والزوجة [991] - 105 - المتقي الهندي: عن عمرو بن دينار، قال: قال الحسين بن علي بن أبي طالب [(عليهما السلام)] لذريح بن سنة أبي قيس: أحل لك أن فرقت بين قيس ولبنى؟!
1 - صحيفة الإمام الرضا (عليه السلام): 277 ح 23، مستدرك الوسائل 14: 363 ح 16963. 852 أما إني سمعت عمر بن الخطاب يقول: ما أبالي أفرقت بين الرجل وامرأته، أم مشيت إليهما بالسيف. (1) مهر المرأة [992] - 106 - القاضي النعمان: عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام) أنه قال: تزوج الحسين بن على (عليهما السلام) امرأة، فأرسل إليها بمائة جارية، مع كل جارية ألف درهم. (2) المتعة [993] - 107 - العياشي: وقال [أبو عبد الله (عليه السلام)]: إن الحسين (الحسن خ ل) بن علي (عليهما السلام) متع امرأة طلقها أمة، لم يكن يطلق امرأة إلا متعها بشيء. (3) [994] - 108 - القاضي النعمان: وعن الحسين بن علي (عليه السلام): أنه متع المرأة طلقها بعشرين ألف درهم، وزقاق من عسل. فقالت له المرأة: متاع قليل من حبيب مفارق. (4)
1 - كنز العمال 16: 250 ح 44330. 2 - دعائم الإسلام 2: 222 ح 827، تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسن (عليه السلام)): 153 ح 259، عن هشام، عن محمد بن سيرين قال: تزوج الحسن بن علي (عليه السلام).... 3 - تفسير العياشي 1: 124 ح 399، تفسير البرهان 1: 228 ضمن ح 7. 4 - دعائم الإسلام 2: 293 ح 1104، تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسن (عليه السلام)): 153 ح 260، عن الحسن بن سعد، عن أبيه، قال: متع الحسن بن علي امرأتين بعشرين ألفا وزقاق من عسل، فقالت أحداهما - وأراها الحنفية -: متاع قليل من حبيب مفارق، وأورد في هامشه عن البيهقي مثل ما أوردناه عن الحسن (عليه السلام). 853 حكم العبيد في النظر والتغطي منهم [995] - 109 - الطوسي: عن الحفار، عن إسماعيل بن علي بن علي الدعبلي، عن علي بن علي أخي دعبل، عن الرضا، عن آبائه، عن الحسين بن علي صلوات الله عليهم قال: أدخل على أختي سكينة بنت على (عليه السلام) خادم، فغطت رأسها منه، فقيل لها: إنه خادم! فقالت: هو رجل منع شهوته. (1) كراهة الجماع ليلة السفر [996] - 110 - ابنا بسطام: عن الباقر محمد بن علي (عليهما السلام) أنه قال: قال الحسين بن علي (عليهما السلام) لأصحابه: اجتنبوا الغشيان في الليلة التي تريدون فيها السفر، فإن من فعل ذلك ثم رزق ولدا كان أحولا. (2) العزل عن السرية [997] - 111 - القاضي النعمان: وعن الحسين بن علي (عليهما السلام) أنه كان يعزل عن سرية له. (3)
1 - الأمالي 1: 376، وسائل الشيعة 14: 167 ح 7، بحار الأنوار 104: 45 ح 7. 2 - طب الأئمة (عليهم السلام): 132، وسائل الشيعة 14: 189 ح 3، وفيه: جوالة، بدل أحولا، بحار الأنوار 103: 293 ح 39. 3 - دعائم الإسلام 2: 212 ح 779. 854 جواز اكتحال المعتدة [998] - 112 - وعنه: عن الحسين بن علي (عليهما السلام) أنه قال: قالت أسماء بنت عميس: لما جاء نعي جعفر بن أبي طالب (عليه السلام) نظر رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى ما بعيني من أثر البكاء، فخاف على بصري أن يذهب، ونظر إلى ذراعي قد تشققتا، فعزاني عن جعفر، وقال: عزمت عليك، يا أسماء! إلا اكتحلت وصفرت ذراعيك. (1)
1 - دعائم الإسلام 2: 291 ح 1097. 855 9 - الصيد حكم طير تبعه رجل فأخذه غيره [999] - 113 - محمد بن الأشعث: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى بن إسماعيل قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام): أنه سئل عن رجل رأى طيرا، فتبعه حتى وقع على شجرة، فجاء رجل آخر فأخذه؟ قال: الطير لمن أخذه. (1)
1 - الجعفريات: 282 ح 1168. 856 10 - البيع حكم أخذ الزيادة في المعدود [1000] - 114 - الصدوق: روى أبان، عن سلمة، عن أبي عبد الله، عن أبيه (عليهما السلام): أن عليا (عليه السلام) كسا الناس بالعراق، فكان في الكسوة حلة جيدة، فسأله إياها الحسين (عليه السلام) فأبى، فقال الحسين (عليه السلام): أنا أعطيك مكانها حلتين، فأبى، فلم يزل يعطيه حتى بلغ خمسا، فأخذها منه، ثم أعطاه الحلة، وجعل الحلل في حجره فقال: لآخذن خمسة بواحدة. (1) [1001] - 115 - الطبرسي: عن المعلي بن خنيس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: أتي أمير المؤمنين (عليه السلام) بحلل فيها حلة جيدة، فقال الحسين (عليه السلام): أعطني هذه، فأبى، وقال: أعطيك مكانها حلتين، فأبى وقال: هي خير من ذلك، فقال: أعطيك مكانها ثلاث حلل، قال: هي خير من ذلك، فقال: أربعا، حتى بلغ خمسا، فأعطاه إياها، ثم قال: أما إنك تلبسها فيقال: ابن أمير المؤمنين، ثم تلبسها فتوسخ فتفسدها وأكسو بهذه الخمس حلل خمسة من المسلمين. (2)
1 - من لا يحضره الفقيه 3: 280 ح 4011، تهذيب الأحكام 7: 119 ح 520، وسائل الشيعة 12: 449 ح 6. 2 - مكارم الأخلاق: 109. 857 المماكسة في البيع [1002] - 116 - ابن عساكر: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، وأبو المحاسن الطبري قالا: أخبرنا أبو القاسم بن نقور، أخبرنا عيسى بن علي، أخبرنا عبد الله بن محمد، أخبرنا كامل بن طلحة، أخبرنا أبو هشام القناد البصري قال: كنت أحمل المتاع من البصرة إلى الحسين بن علي بن أبي طالب [(عليهما السلام)] فكان يماكسني فلعلي لا أقوم من عنده حتى يهب عامته، فقلت: يا ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله)! أجيئك بالمتاع من البصرة تماكسني فيه، فلعلي لا أقوم من عندك حتى تهب عامته. فقال: إن أبي حدثني - يرفع الحديث إلى النبي (صلى الله عليه وآله) - إنه قال: المغبون لا محمود ولا مأجور. قال أبو القاسم البغوي: هكذا حدثنا بهذا الحديث، عن أبي هشام القناد، قال: كنت أحمل المتاع إلى الحسين بن علي بن أبي طالب فماكسني فيه، ويقال: إنه وهم من كامل، روى غيره عن هذا الشيخ فقال: كنت أحمل المتاع إلى علي بن الحسين، والله أعلم. (1) بيع أم الولد [1003] - 117 - محمد بن الأشعث: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه: أن عليا (عليهم السلام) باع أم ولد في الدين، وكان سيدها اشتراها بنسيئة، فمات ولم يقبض ثمنها. (2)
1 - تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)): 6 ح 3. 2 - الجعفريات: 91، مستدرك الوسائل 13: 377 ح 15649. 858 الشركة في بعير واحد [1004] - 118 - الصدوق: حدثنا أبو الحسن محمد بن علي بن الشاه الفقيه المروزي بمرو الرود في داره، قال: حدثنا أبو بكر بن محمد بن عبد الله النيسابوري قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر بن سليمان الطائي بالبصرة، قال: حدثنا أبي في سنة ستين وماءتين قال: حدثني علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، سنة أربع وتسعين ومائة. وحدثنا أبو منصور أحمد بن إبراهيم بن بكر الخوري بنيسابور قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن هارون بن محمد الخوري قال: حدثنا جعفر بن محمد ابن زياد الفقيه الخوري بنيسابور قال: حدثنا أحمد بن عبد الله الهروي الشيباني، عن الرضا علي بن موسى (عليهما السلام). وحدثني أبو عبد الله الحسين بن محمد الأشناني الرازي العدل ببلخ قال: حدثنا علي بن محمد بن مهرويه القزويني، عن داود بن سليمان الفراء، عن علي بن موسى الرضا (عليهما السلام) قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثني أبي جعفر بن محمد قال: حدثني أبي محمد بن علي قال: حدثني أبي علي بن الحسين قال: حدثني أبي الحسين بن علي (عليهم السلام) قال: إختصم إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) رجلان أحدهما باع الآخر بعيرا واستثنى الرأس والجلد، ثم بدى له أن ينحره، قال: هو شريكه في البعير على قدر الرأس والجلد. (1)
1 - عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 47 ح 153، وسائل الشيعة 13: 49 ح 2، مستدرك الوسائل 13: 376 ح 15646، صحيفة الإمام الرضا (عليه السلام): 252 ح 176، بحار الأنوار 103: 134 ح 2. 859 النهي عن الأيمان [1005] - 119 - محمد بن الأشعث: أخبرنا محمد، حدثني موسى، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه (عليهم السلام): أن عليا (عليه السلام) مر بالسوق، فنادى بأعلى صوته: إن أسواقكم هذه يحضرها أيمان، فشوبوا (1) أيمانكم بالصدقة، فإن الله تعالى لا يقدس من حلف باسمه كاذبا (2).
1 - شاب يشوب شوبا الشيء: خلطه. المنجد: 407. 2 - الجعفريات: 100 ح 358، عنه مستدرك الوسائل: 7: 261 ح 8195. 860 11 - الدين والوصية منع المدين من السفر وعدم قبول ضمان المرأة فيه [1006] - 120 - الطبراني: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي قال: حدثنا موسى بن عبد الرحمن المسروقي، حدثنا محمد بن بشر، حدثنا سفيان، عن أبي الجحاف، عن موسى بن عمير، عن أبيه، قال: أمر الحسين مناديا، فنادى: لا يقبل معنا رجل عليه دين. فقال رجل: إن امرأتي ضمنت ديني. فقال حسين [(عليه السلام)]: وما ضمان امرأة. (1) دين الميت [1007] - 121 - الكليني: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن معاوية بن وهب، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إنه ذكر لنا أن رجلا من الأنصار مات وعليه ديناران دينا، فلم يصل عليه النبى (صلى الله عليه وآله)، وقال: صلوا على صاحبكم، حتى ضمنهما [عنه]
1 - المعجم الكبير 3: 123 ح 2872، مجمع الزوائد 4: 130، إحقاق الحق 11: 437. 861 بعض قرابته، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): ذلك الحق. ثم قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) إنما فعل ذلك ليتعظوا وليرد بعضهم على بعض، ولئلا يستخفوا بالدين، وقد مات رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعليه دين، ومات الحسن (عليه السلام) وعليه دين، وقتل الحسين (عليه السلام) وعليه دين. (1) [1008] - 122 - ابن سعد: أخبرنا محمد بن عمر، حدثني عبد الله بن جعفر، عن عبد الواحد بن أبي عون: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، لما توفي أمر علي صائحا يصيح: من كان له عند رسول الله عدة، أو دين فليأتني. فكان يبعث كل عام عند العقبة يوم النحر من يصيح بذلك حتى توفي علي، ثم كان الحسن بن علي يفعل ذلك حتى توفي، ثم كان الحسين يفعل ذلك، وانقطع ذلك بعده [(عليه السلام)]. قال ابن أبي عون: فلا يأتي أحد من خلق الله إلى علي بحق ولا باطل إلا أعطاه. (2) أداء دين الميت [1009] - 123 - السيد ابن طاووس: رأيت في كتاب عبد الله بن بكير بإسناده عن أبي جعفر (عليه السلام): أن الحسين (عليه السلام) قتل وعليه دين، وأن علي بن الحسين (عليهما السلام) باع ضيعة له بثلاثمائة ألف درهم ليقضي دين الحسين (عليه السلام)، وعدات كانت عليه. (3)
1 - الكافي 5: 93 ح 2، تهذيب الأحكام 6: 183 ح 378، من لا يحضره الفقيه 3: 182 ح 3683، علل الشرائع: 590 ح 37، وسائل الشيعة 13: 79 ح 1. 2 - الطبقات الكبير 2: 243. 3 - كشف المحجة: 183، وسائل الشيعة 13: 82 ح 12. 862 الوصية بالإيماء [1010] - 124 - الصدوق: روى محمد بن أحمد الأشعري، عن السندي بن محمد، عن يونس ابن يعقوب، عن أبي مريم، ذكره عن أبيه: أن أمامة بنت أبي العاص - وأمها زينب بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) - كانت تحت علي بن أبي طالب (عليه السلام) بعد فاطمة (عليها السلام)، فخلف عليها بعد علي (عليه السلام) المغيرة بن النوفل، فذكر أنها وجعت وجعا شديدا حتى اعتقل لسانها، فجاءها الحسن والحسين ابنا علي (عليهم السلام) وهي لا تستطيع الكلام، فجعلا يقولان لها، والمغيرة كاره لذلك: أعتقت فلانا وأهله؟ فجعلت تشير برأسها: نعم، [لا]، وكذا وكذا، فجعلت تشير برأسها [أن] نعم، لا تفصح بالكلام، فأجازا ذلك لها. (1) [1011] - 125 - الطوسي: أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام): أن أباه حدثه أن أمامة بنت أبي العاص بن الربيع - وأمها زينب بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فتزوجها بعد علي (عليه السلام) المغيرة بن نوفل - أنها وجعت وجعا شديدا حتى اعتقل لسانها، فأتاها الحسن والحسين (عليهما السلام)، وهي لا تستطيع الكلام، فجعلا يقولان - والمغيرة كاره لما يقولان -: أعتقت فلانا وأهله؟ فتشير برأسها: نعم، وكذا وكذا، فتشير برأسها نعم، أم لا. قلت: فأجازا ذلك لها؟ قال: نعم. (2)
1 - من لا يحضره الفقيه 4: 198 ح 5455، وسائل الشيعة 13: 437 ح 1، بحار الأنوار 22: 157 ح 18. 2 - تهذيب الأحكام 8: 258 ح 936. 863 الوصية بالزيادة [1012] - 126 - القاضي النعمان: روينا عن جعفر بن محمد (عليهما السلام): أنه سئل عن الرجل يفضل بعض ولده على بعض في الهبة والعطية؟ فقال: لا بأس بذلك، إذا كان صحيحا يفعل في ماله ما شاء، فأما إن كان مريضا ومات من علته تلك لم تجز. وقال: إذا وهب الرجل لولده ما شاء، وفضل بعضهم على بعض بما أعطاه، وأخرجه من ملكه إلى ملك من أعطاه إياه من ولده، وهو صحيح جائز الأمر، فلا بأس بذلك، وله ماله يصنعه حيث أحب، وقد صنع ذلك علي (عليه السلام) بابنه الحسن، وفعل ذلك الحسين بابنه علي، وفعل ذلك أبي، وفعلت أنا. (1) [1013] - 127 - ابن سعد: أخبرنا الفضل بن دكين قال: حدثنا حسن بن صالح، عن عبد الله بن عطاء، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: كان الحسن والحسين (عليهما السلام) يعتقان عن علي (عليه السلام). (2) [1014] - 128 - محمد بن الأشعث: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى بن إسماعيل قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام): أنه كان يستحب الوصية بالخمس، ويقول: إن الله تبارك وتعالى رضي لنفسه من الغنيمة بالخمس، وقال علي بن أبي طالب (عليه السلام): الخمس، والخمس اقتصاد، والربع جهد الورثة، والثلث حيف. (3)
1 - دعائم الإسلام 2: 322 ح 1215، مستدرك الوسائل 14: 72، ح 16132. 2 - ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من الطبقات الكبير: 36. 3 - الجعفريات: 395 ح 1589، دعائم الإسلام 2: 357 ح 1300 بتفاوت يسير، مستدرك الوسائل: 14: 93 ح 16179 و 7: 280 ح 8223 قطعة منه، و 14: 94، ح 16177، لعل المراد: أن الوصية بالخمس اقتصاد للورثة، وبالربع شدة عليهم، وبالثلث حيف، كما يستفاد عن بعض الروايات. راجع المستدرك: 14 / 93. 864 12 - المعيشة استحباب أكل التمر البرني [1015] - 129 - الكليني: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن إسماعيل الرازي، عن سليمان بن جعفر الجعفري قال: دخلت على أبي الحسن الرضا (عليه السلام) وبين يديه تمر برني، وهو مجد في أكله، يأكله بشهوة، فقال لي: يا سليمان! أادن فكل! قال: فدنوت منه فأكلت معه، وأنا أقول له: جعلت فداك، إني أراك تأكل هذا التمر بشهوة؟ فقال: نعم، إني لأحبه! قال: قلت: ولم ذاك؟ قال: لأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان تمريا، وكان علي (عليه السلام) تمريا، وكان الحسن (عليه السلام) تمريا، وكان أبو عبد الله الحسين (عليه السلام) تمريا، وكان زين العابدين (عليه السلام) تمريا، وكان أبو جعفر (عليه السلام) تمريا، وكان أبو عبد الله (عليه السلام) تمريا، وكان أبي (عليه السلام) تمريا، وأنا تمري، وشيعتنا يحبون التمر. لأنهم خلقوا من طينتنا، وأعداؤنا يا سليمان! يحبون المسكر؛ لأنهم خلقوا من مارج من نار. (1)
1 - الكافي 6: 345 ح 6، وسائل الشيعة 17: 105 ح 3، بحار الأنوار 49: 102 ح 23. 865 في الفالوذج [1016] - 130 - الطبرسي: روي أن الحسين بن علي (عليهما السلام) رأى رجلا يعيب الفالوذج فقال [(عليه السلام)]: لعاب البر بلعاب النحل بخالص السمن، ما عاب هذا مسلم. (1) تذكية القرع [1017] - 131 - الطوسي: أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمد بن جعفر الحفار قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن علي بن علي الدعبلي قال: حدثني أبي أبو الحسن علي بن علي بن بديل بن رزين بن عثمان بن عبد الرحمن بن عبد الله بن زيد بن ورقاء أخو دعبل بن علي الخزاعي (رضي الله عنه)، ببغداد، سنة اثنين وسبعين ومائتين، قال: حدثنا سيدي أبو الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) بطوس قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثنا أبي جعفر بن محمد قال: حدثنا أبي محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي (عليهم السلام) قال: سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وسئل عن القرع، أيذبح؟ فقال: ليس بشيء يذكى، فكلوا القرع (2) ولا تذبحوه، ولا يستفزنكم (3) الشيطان. (4)
1 - مكارم الأخلاق: 175، بحار الأنوار 66: 287 ح 12، عن الإمام الحسن (عليه السلام). 2 - القرع: اليقطين. لسان العرب 11: 124. 3 - استفزه: استخفه وأفزعه. مجمع البحرين: 398. 4 - الأمالي 1: 362 ح 757، بحار الأنوار، 66: 226 ح 5، وقال المحشي في هامشه: نقل ابن شهر آشوب في المناقب: أن معاوية لما عزم على مخالفة أمير المؤمنين (عليه السلام) أراد أن يختبر أهل الشام، فأشار إليه ابن العاص أن يأمرهم بذبح القرع وتذكيته، فإن أطاعوه صاحبهم، وإلا فلا، فأمرهم بذلك فأطاعوه، وصارت بدعة أموية. 866 فضل الهليلج [1018] - 132 - ابنا بسطام: المسيب بن واضح - وكان يخدم العسكري (عليه السلام) - عنه، عن أبيه، عن جده، عن جعفر بن محمد، عن أبيه [عن جده]، عن الحسين بن علي ابن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: لو علم الناس ما في الهليلج (1) الأصفر لاشتروها بوزنها ذهبا. وقال لرجل من أصحابه: خذ هليلجة صفراء، وسبع حبات فلفل واسحقها، وانخلها، واكتحل بها. (2) آداب الخلال والأكل [1019] - 133 - الطبرسي: بإسناده عن الإمام الرضا، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام) قال: حدثني أبي الحسين بن علي (عليهما السلام) قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) [قد أمرنا] إذا تخللنا أن لا نشرب الماء حتى نتمضمض ثلاثا. (3)
1 - قال ابن بيطار نقلا عن البصري: الهليلج على أربعة أصناف: فصنف أصفر، وصنف أسود هندي صغار، وصنف أسود كابلي كبار، وصنف حشف دقاق يعرف بالصيني. وقال الرازي: الأصفر منه يسهل الصفراء، والأسود الهندي يسهل السوداء، فأما الذي فيه عفوصة فلا يصلح للإسهال بل يدبغ المعدة ولا ينبغي أن يتخذ للإسهال. وقال ابن سينا في القانون: الهليلج معروف، منه الأصفر الفج، ومنه الأسود الهندي، وهو البالغ النضيج وهو أسخن، ومنه كابلي وهو أكبر الجميع، ومنه صيني، وهو دقيق خفيف، وأجوده الأصفر الشديد الصفرة الضارب إلى الخضرة الرزين الممتلئ الصلب، وأجود الكابلي ما هو أسمن وأثقل يرسب في الماء وإلى الحمرة، وأجود الصيني ذو المنقار، وقيل: إن الأصفر أسخن من الأسود بحار الأنوار. 2 - طب الأئمة (عليهم السلام): 86، بحار الأنوار: 62: 237 ح 1. 3 - صحيفة الإمام الرضا (عليه السلام): 271 ح 4، مكارم الأخلاق: 157، بحار الأنوار 66: 438 ح 5، مسند زيد 482، وفيه: يأمرنا إذا أكلنا. 867 الشرب قائما [1020] - 134 - البرقي: عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن عذافر، عن عقبة بن شريك، عن عبد الله بن شريك العامري، عن بشير بن غالب، قال: سألت الحسين بن علي [(عليهما السلام)]، وأنا أسائره عن الشرب قائما، فلم يجبني، حتى إذا نزل أتى ناقة فحلبها، ثم دعاني فشرب وهو قائم. (1) [1021] - 135 - وعنه: عن عدة من أصحابنا، عن حنان بن سدير، عن أبيه، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الشرب قائما، قال: وما بأس بذلك، قد شرب الحسين بن علي (عليهما السلام)، وهو قائم. (2) [1022] - 136 - الطبراني: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، حدثنا عقبة بن مكرم، وحدثنا عبد الله بن محمد بن النعمان القزاز البصري، حدثنا سفيان بن وكيع، قالا: حدثنا يونس بن بكير، عن زياد المنذر، عن بشر بن غالب، عن الحسين بن علي [(عليها السلام)]، قال: رأيت النبي (صلى الله عليه وآله) يشرب، وهو قائم. (3) كراهة تجرع اللبن [1023] - 137 - القاضي النعمان: وعن الحسين بن علي (عليهما السلام): أنه كره تجرع اللبن، وكان يعبه عبا، وقال (عليه السلام): إنما يتجرع أهل النار. (4)
1 - المحاسن 2: 408 ح 2428، وسائل الشيعة 17: 194 ح 5، بحار الأنوار 66: 470 ح 41. 2 - المحاسن 2: 409 ح 2429، وسائل الشيعة 17: 194 ح 6، بحار الأنوار 66: 470 ح 42. 3 - المعجم الكبير 3: 133 ح 2904، مجمع الزوائد 5: 80. 4 - دعائم الإسلام 2: 130 ح 455. 868 المياه المنهية عن شربها [1024] - 138 - الكليني: محمد بن يحيى، عن حمدان بن سليمان النيسابوري، عن محمد بن يحيى، عن زكريا، وعدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، جميعا عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي سعيد عقيصا التيمي قال: مررت بالحسن والحسين صلوات الله عليهما، وهما في الفرات مستنقعان في إزارين، فقلت لهما: يا ابني رسول الله! صلى الله عليكما، أفسدتما الإزارين. فقالا لي: يا أبا سعيد! فسادنا للإزارين أحب إلينا من فساد الدين، إن للماء أهلا، وسكانا كسكان الأرض، ثم قالا: إلى أين تريد؟ فقلت: إلى هذا الماء. فقالا: وما هذا الماء؟ فقلت: أريد دواءه، أشرب من هذا المر لعلة بي، أرجو أن يخف له الجسد ويسهل البطن. فقالا: ما نحسب أن الله جل وعز جعل في شيء قد لعنه شفاء. قلت: ولم ذاك؟ فقالا: لان الله تبارك وتعالى لما آسفه قوم نوح (عليه السلام)، فتح السماء بماء منهمر، وأوحى إلى الأرض فاستعصت عليه عيون منها، فلعنها وجعلها ملحا أجاجا. وفي رواية حمدان بن سليمان أنهما (عليهما السلام) قالا: يا أبا سعيد! تأتي ماء ينكر ولايتنا، في كل يوم ثلاث مرات، إن الله عز وجل عرض ولايتنا على المياه فما قبل ولايتنا عذب وطاب، وما جحد ولايتنا جعله الله عز وجل مرا، أو
869 ملحا أجاجا. (1) [1025] - 139 - البرقي: عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود قال: حدثني أبو سعيد دينار بن عقيصا التميمي قال: مررت بالحسن والحسين (عليهما السلام)، وهما في الفرات مستنقعين في إزارهما، فقالا: إن للماء سكانا كسكان الأرض، ثم قالا: أين تذهب؟ فقلت: إلى هذا الماء. قالا: وما هذا الماء؟ قلت: ماء تشرب في هذا الحير، يخف له الجسد، ويخرج الحر، ويسهل البطن، هذا الماء له سر. فقالا: ما نحسب أن الله تبارك وتعالى جعل في شيء مما قد لعنه شفاء. فقلت: ولم ذاك؟ فقالا: إن الله تبارك وتعالى لما آسفه قوم نوح، فتح السماء بماء منهمر، فأوحى الله إلى الأرض، فاستعصت عليه عيون منها، فلعنها، فجعلها ملحا أجاجا. (2) جواز لبس الخز [1026] - 140 - الكليني: عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد، عن محمد بن عيسى، عن صفوان، عن يوسف بن إبراهيم قال:
1 - الكافي 6: 389 ح 3، وسائل الشيعة 17: 213 ح 3 قطعة منه، بحار الأنوار 66: 480 ضمن ح 1، و 43: 320 ح 3، العوالم 16: 101 ح 1. 2 - المحاسن 2: 407 ح 2423، بحار الأنوار 66: 479 ح 1. 870 دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام)، وعلي جبة خز وطيلسان خز، فنظر إلى، فقلت: جعلت فداك، علي جبة خز وطيلسان خز، فما تقول فيه؟ فقال: وما بأس بالخز. فقلت: وسداه إبريسم. قال: وما بأس بأبريسم، فقد أصيب الحسين (عليه السلام)، وعليه جبة خز.... (1) [1027] - 141 - وعنه: أبو علي الأشعري، عن محمد بن سالم، عن أحمد بن النضر، عن عمرو ابن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قتل الحسين بن علي (عليهما السلام)، وعليه جبة خز دكناء، فوجدوا فيها ثلاثة وستين من بين ضربة بالسيف، أو طعنة بالرمح، أو رمية بسهم. (2) [1028] - 142 - وعنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن جعفر بن عيسى قال: كتبت إلى أبي الحسن الرضا (عليه السلام) أسأله عن الدواب التي يعمل الخز من وبرها، أسباع هي؟ فكتب (عليه السلام): لبس الخز الحسين بن على ومن بعده جدي (عليهم السلام). (3) [1029] - 143 - الطبرسي: عن قتيبة بن محمد قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إنا نلبس الثوب الخز، وسداه إبريسم. قال: لا بأس بالأبريسم إذا كان معه غيره، قد أصيب الحسين (عليه السلام)، وعليه جبة خز، سداها أبريسم.
1 - الكافي 6: 442 ح 7، تفسير العياشي 2: 15 ح 32، وسائل الشيعة 3: 264 ح 7، تفسير البرهان 2: 11، دعائم الإسلام 2: 153 ح 544. 2 - الكافي 6: 452 ح 9، وسائل الشيعة 3: 264 ح 8، بحار الأنوار 45: 94 ح 36. 3 - الكافي 6: 452 ح 8، وسائل الشيعة 3: 264 ح 4. 871 قلت: إنا نلبس هذه الطيالسة البربرية وصوفها ميت، قال: ليس في الصوف روح، ألا ترى أنه يجز ويباع وهو حي. [1030] - 144 - البحراني: في خبر عمر بن علي، عن أبيه، عن الحسين (عليه السلام) أنه كان يشتري الكساء الخز بخمسين دينارا، فإذا صاف تصدق به لا يرى بذلك بأسا ويقرء: (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق (1)). (2) [1031] - 145 - الطبراني: حدثنا إبراهيم بن محمد الهلالي، حدثنا إسماعيل بن عمر البجلي، حدثنا مستقيم بن عبد الملك، قال: رأيت على الحسن والحسين (عليهما السلام) جوارب خز من صور، ورأيتهما يركبان البراذين التجارية. (3) [1032] - 146 - وعنه أيضا: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا أحمد بن جواس، حدثنا الأحوس، عن أبي إسحاق، عن العيزار بن حريث قال: رأيت على الحسين بن على [(عليهما السلام)] كساء خز أحمر. (4) [1033] - 147 - وعنه: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني والحسين بن يزيد الطحان قالا: حدثنا المطلب بن زياد عن السدي قال: رأيت الحسين بن علي [(عليهما السلام)] وعليه عمامة خز، قد خرج شعره من تحت العمامة. (5) [1034] - 148 - وعنه: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا أحمد بن أسد، حدثنا شريك، عن إبراهيم بن مهاجر وفراس، عن الشعبي قال:
1 - الأعراف: 7 / 32. 2 - تفسير البرهان 2: 13، تفسير نور الثقلين 2: 23، مستدرك الوسائل 3: 242 حديث 3486 نقلا عن تفسير العياشي 2: 16 حديث 35 فيه عن علي بن الحسين (عليهما السلام). 3 - المعجم الكبير 3: 100 ح 2794، مجمع الزوائد 5: 144. 4 - المعجم الكبير 3: 100 ح 2795، مجمع الزوائد 5: 144. 5 - المعجم الكبير 3: 100 ح 2796، مجمع الزوائد 5: 145. 872 دخلت على الحسين بن علي [(عليهما السلام)] وعليه ثوب خز. (1) [1035] - 149 - وعنه: حدثنا العباس بن الفضل الأسفاطي، حدثنا عمرو بن عون، حدثنا هشيم، عن أبي إسحاق الكوفي، عن أبي عكاشة الهمداني قال: رأيت على الحسين [(عليه السلام)] يوم قتل يلمق سندس. (2) [1036] - 150 - القاضي النعمان: عن علي بن الحسين (عليهما السلام) أنه قال: أصيب الحسين بن على (عليهما السلام) وعليه جبة خز، حسبنا فيها أربعين جراحة ما بين ضربة وطعنة. (3) [1037] - 151 - الطبرسي: من كتاب زهد أمير المؤمنين (عليه السلام)، عن علي بن أبي عمران قال: خرج الحسين بن علي (عليه السلام) - وعلي (عليه السلام) في الرحبة - وعليه قميص خز وطوق من ذهب، فقال: هذا ابني؟ قالوا: نعم، فدعاه فشقه عليه وأخذ الطوق، فقطعه قطعا. (4) لباس الشهرة [1038] - 152 - الكليني: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي سعيد، عن الحسين (عليه السلام) قال: من لبس ثوبا يشهره كساه الله يوم القيامة ثوبا من النار. (5) [1039] - 153 - المتقى الهندي: عن أبي سعيد التميمي، عن الحسن والحسين [(عليهما السلام)] معا: من لبس مشهورا من الثياب أعرض الله عنه يوم القيامة. (6)
1 - المعجم الكبير 3: 100 ح 2797، مجمع الزوائد 5: 145. 2 - المعجم الكبير 3: 101 ح 2799، مجمع الزوائد 5: 145. 3 - دعائم الاسلام 2: 154 ح 547. 4 - مكارم الأخلاق: 109. 5 - الكافي 6: 445 ح 4، مشكاة الأنوار: 320 عن الحسن (عليه السلام)، وسائل الشيعة 3: 354 ح 4، مستدرك الوسائل 3: 245 ح 3494. 6 - كنز العمال 15: 317 ح 41202، المعجم الكبير 3: 134 ح 2906. 873 حد الإزار [1040] - 154 - الطبراني: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي قال: حدثنا محمد بن عبد الله ابن نمير، حدثنا حفص بن غياث، حدثنا ليث قال: حدثني الخياط الذي قطع للحسين بن علي (عليهما السلام) قميصا قال: قلت: أجعله على ظهر القدم؟ قال [(عليه السلام)]: لا. قلت: فأجعله من أسفل الكعبين؟ فقال [(عليه السلام)]: ما أسفل من الكعبين في النار. (1) فضل العقيق [1041] - 155 - الحر العاملي: الحسن بن الفضل الطبرسي في مكارم الأخلاق نقلا من كتاب اللباس للعياشي، عن الأعمش قال: كنت مع جعفر بن محمد (عليهما السلام) على باب أبي جعفر المنصور، فخرج من عنده رجل مجلود بالسوط، فقال لي: يا سليمان! أنظر ما فص خاتمه؟ قلت: يا بن رسول الله (صلى الله عليه وآله)! فصه غير عقيق. فقال: يا سليمان! أما أنه لو كان عقيقا لما جلد بالسوط. قلت: يا بن رسول الله! زدني. قال: يا سليمان! هو أمان من قطع اليد! قلت: يا بن رسول الله! زدني. قال: هو أمان من إراقة الدم! قلت: زدني. قال: إن الله يحب أن ترفع إليه في الدعاء يد فيها فص عقيق!
1 - المعجم الكبير 3: 100 ح 2793، مجمع الزوائد 5: 124. 874 قلت: زدني. قال: العجب كل العجب من يد فيها فص عقيق كيف تخلو من الدنانير والدراهم!؟ قلت: زدني. قال: إنه أمان من كل بلاء! قلت: زدني. قال: إنه أمان من الفقر! قلت: أحدث بها عن جدك الحسين بن علي (عليهما السلام)؟ قال: نعم. (1) [1042] - 156 - الصدوق: عن أبيه (رحمه الله) قال: حدثني الحسن بن علي القاقولي، عن أحمد بن هارون العطار، عن زياد القندي، عن موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي (عليهم السلام)، قال: لما خلق الله عز وجل موسى بن عمران كلمه على طور سيناء، ثم اطلع على الأرض اطلاعة، فخلق من نور وجهه العقيق، ثم قال: آليت بنفسي على نفسي ألا أعذب كف لابسه - إذا تولى عليا - بالنار. (2) التختم في اليسار [1043] - 157 - الكليني: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أحمد بن محمد
1 - وسائل الشيعة 3: 403 ح 12، مكارم الأخلاق: 88 وفيه أحدث بها عن جدك الحسين بن علي عن أمير المؤمنين (عليهم السلام). 2 - ثواب الأعمال: 388 ح 11، الجواهر السنية: 319، المناقب لابن شهر آشوب 3: 302 عن النبي (صلى الله عليه وآله)، جامع الأخبار: 373 ح 1042 عن الحسن (عليه السلام). 875 ابن أبي نصر، عن أبان، عن يحيي بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان الحسن والحسين (عليهما السلام) يتختمان في يسارهما. (1) [1044] - 158 - وعنه: عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الأشعري، عن ابن القداح، عن أبى عبد الله (عليه السلام) قال: كان علي والحسن والحسين (عليهم السلام) يتختمون في يسارهم. (2) [1045] - 159 - وعنه أيضا: عن الحسين بن محمد، عن معلي بن محمد، عن الوشا، عن مثنى الحناط، عن حاتم بن إسماعيل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان الحسن والحسين (عليهما السلام) يتختمان في يسارهما. (3) [1046] - 160 - الطبراني: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا طاهر بن أبي أحمد الزبيري، حدثنا معن بن عيسى، حدثنا سليمان بن بلال، عن جعفر بن محمد، عن أبيه: أن الحسين بن علي [(عليهما السلام)] كان يتختم في اليسار. (4) استحباب الخضاب [1047] - 161 - الحميري: عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن زياد قال: حدثني جعفر [(عليه السلام)] قال: اختضب الحسين وأبي [(عليهما السلام)] بالحناء والكتم (5). (6) [1048] - 162 - الطبرسي: عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان الحسين (عليه السلام) يخضب رأسه بالوسمة، وكان يصدع رأسه، وعندنا لفافة رأسه التي كان يلف بها رأسه. (7)
1 - الكافي 6: 470 ح 14، وسائل الشيعة 3: 395 ح 3 ورواه ابن الأثير في جامع الأصول 5: 407، عن أبي عبد الله، عن أبيه (عليهما السلام). 2 - الكافي 6: 469 ح 12، وسائل الشيعة 3: 395 ح 4. 3 - الكافي 6: 469 ح 13، وسائل الشيعة 3: 395 ح 5، مكارم الأخلاق: 93 مع اختلاف في السند. 4 - معجم الكبير 3: 101 ح 2798، ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من الطبقات الكبير 41. 5 - الكتم: نبت يخلط بالحناء ويختضب به الشعر فيبقى لونه، وأصله إذا طبخ بالماء كان منه مداد الكتابة، القاموس المحيط: كتم. 6 - قرب الإسناد: 81 ح 262، وسائل الشيعة 1: 409 ح 2، بحارالأنوار 76: 98 ح 5. 7 - مكارم الأخلاق: 80. 876 [1049] - 163 - الصدوق: وكان النبي (صلى الله عليه وآله)، والحسين بن علي، وأبو جعفر محمد بن علي (عليهم السلام) يختضبون بالكتم. (1) [1050] - 164 - النجاشي: عن أبي العباس [أحمد بن علي بن نوح]، حدثنا الحسين بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن هارون الهاشمي، حدثنا محمد بن الحسن بن الحسين وعيسى بن عبد الله الطيالسي العسكري قالا: حدثنا محمد بن سعيد الإصفهاني، قال: حدثنا شريك، عن جابر، عن عمرو بن حريث، عن عبيد الله بن الحر أنه سأل الحسين بن علي (عليهما السلام) عن خضابه، فقال: أما إنه ليس كما ترون إنما هو حناء وكتم. (2) [1051] - 165 - الطبراني: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثنا عمرو بن محمد النافذ، حدثنا سفيان بن عيينة قال: سألت عبيد الله بن أبى يزيد: رأيت الحسين بن علي؟ قال: نعم، رأيته جالسا في حوض زمزم. قلت: هل رأيته صبغ؟ قال: لا، إلا إني رأيته ولحيته سوداء إلا هذا الموضع - يعنى عنفقته - وأسفل من ذلك بياض، وذكر أن النبى (صلى الله عليه وآله) شاب ذلك الموضع منه وكان يتشبه به. (3) [1052] - 166 - وعنه: حدثنا الحضرمي، حدثنا أبو كريب، حدثنا معاوية بن هشام، عن محمد ابن إسماعيل، عن جعفر، عن أبيه أن الحسين بن علي (عليهما السلام) كان يخضب بالسواد. (4) [1053] - 167 - وعنه أيضا: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا كامل بن طلحة
1 - من لا يحضره الفقيه 1: 122 ح 279. 2 - رجال النجاشي: 9 ح 6، وسائل الشيعة 1: 409 ح 4، بحار الأنوار 76: 104 ح 11. 3 - المعجم الكبير 3: 132 ح 2900، مجمع الزوائد 5: 162. 4 - المعجم الكبير 3: 99 ح 2789 و 2790 و 2791، مجمع الزوائد 5: 162. 877 الجحدري، حدثنا أبي لهيعة، عن عبد الرحمن بن بزرج قال: رأيت الحسن والحسين ابني فاطمة [(عليهم السلام)] يخضبان بالسواد، وكان الحسين يدع العنفقة. (1) [1054] - 168 - وعنه: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان حدثنا سليم بن مسلم، عن ابن جريح، عن عمر بن عطاء بن أبي الخوار وعبيد الله ابن أبي يزيد قالا: رأينا الحسين بن علي [(عليهما السلام)] يخضب بالوسمة. (2) [1055] - 169 - وأيضا: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا عثمان بن أبي شيبة وعبد الله بن عمر بن أبان قالا: حدثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن العيزار بن حريث قال: رأيت الحسن والحسين [(عليهما السلام)] يخضبان بالحناء والكتم. (3) [1056] - 170 - محمد بن الأشعث: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام): وهو ينهى عن الكي (4) ويكره شرب الحميم (5). (6) [1057] - 171 - الكليني:، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن سعيد بن جناح، عن أبي خالد الزيدي، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: دخل قوم على الحسين بن علي (عليهما السلام) فرأوه مختضبا بالسواد، فسألوه عن ذلك، فمد يده إلى لحيته، ثم قال: أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) في غزاة غزاها أن يختضبوا بالسواد ليقووا به على المشركين. (7)
1 - المعجم الكبير 3: 99 ح 2787، مجمع الزوائد 5: 163. 2 - المعجم الكبير 3: 100 ح 2792 و 98 ح 2779، مجمع الزوائد 5: 163. 3 - المعجم الكبير 3: 98 ح 2781، مجمع الزوائد 5: 163. 4 - كواه كيا وكية: أحرق جلده بحديدة محماة ونحوها. المعجم الوسيط: 806. 5 - الحميم: الماء الحار. المصباح المنير: 153. 6 - الجعفريات: 287 ح 1197، عنه مستدرك الوسائل 16: 437 ح 20481 7 - الكافي 6: 481 ح 4، تفسير البرهان 2: 91 ح 3، وسائل الشيعة 1: 404 ح 2 مكارم الأخلاق: 80 عن علي بن الحسين. 878 [1058] - 172 - أيضا: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن خضاب الشعر فقال: قد خضب النبي (صلى الله عليه وآله) والحسين بن علي، وأبو جعفر (عليهم السلام) بالكتم. (1) [1059] - 173 - الصدوق: [محمد بن علي بن الحسين قال:] كان النبي (صلى الله عليه وآله) والحسين بن على، وأبو جعفر محمد بن على (عليهم السلام) يختضبون بالكتم، وكان علي بن الحسين (عليهما السلام) يختضب بالحناء والكتم. (2) [1060] - 174 - الكليني: (وفي رواية أخرى) عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عدة من أصحابه، عن علي بن أسباط، عن عمه يعقوب بن سالم قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): قتل الحسين (عليه السلام) وهو مختضب بالوسمة. (3) [1061] - 175 - ابن أبي جمهور: وفي الحديث الصحيح: أن الحسين (عليه السلام) يوم قتل كان مخضوبا بالوسمة وقد نصل الخضاب من عارضيه (عليه السلام). (4) [1062] - 176 - الكليني: عن أبي العباس محمد بن جعفر، عن محمد بن عبد الحميد، عن سيف بن عميرة، عن أبي شيبة الأسدي قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن خضاب الشعر فقال: خضب الحسين وأبو جعفر صلوات الله عليهما بالحناء والكتم. (5) [1063] - 177 - المفيد: كان [الحسين] (عليه السلام) يخضب بالحناء والكتم، وقتل (عليه السلام) وقد [نصل] خرج الخضاب من عارضيه. (6)
1 - الكافي 6: 481 ح 7، مكارم الأخلاق: 80، وسائل الشيعة 1: 406 ح 1. 2 - من لا يحضره الفقيه 1: 122 ح 279 و 280، وسائل الشيعة: 1: 406 ح 2. 3 - الكافي 6: 483 ح 5، وسائل الشيعة 1: 407 ح 5، بحارالأنوار 45: 94 ح 37. 4 - عوالي اللآلي 4: 14 ح 34. 5 - الكافي 6: 481 ح 9، وسائل الشيعة 1: 409 ح 1. 6 - الإرشاد 252، وسائل الشيعة 1: 409 ح 3، بحارالأنوار 45: 90 ح 28. 879 [1064] - 178 - الكليني: عن العدة، عن البرقي، عن أبيه، عن يونس، عن أبى بكر الحضرمي قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الخضاب بالوسمة، فقال: لا بأس، قد قتل الحسين (عليه السلام) وهو مختضب بالوسمة. (1) [1065] - 179 - ابن سعد: أخبرنا الفضل بن دكين، ومحمد بن عبد الله الأسدي، قالا: حدثنا يونس بن أبي إسحاق، عن العيزار بن حريث قال: رأيت على الحسين بن علي مطرفا من خز قد خضب لحيته ورأسه بالحناء والكتم. (2) بركة الشاة [1066] - 180 - البرقي: عن أبيه، عن سليمان الجعفري رفعه إلى أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) قال: ما من أهل بيت يروح عليهم ثلاثون شاة إلا تنزل الملائكة تحرسهم حتى يصبحوا. (3)
1 - الكافي 6: 483 ح 6، بحارالأنوار 45: 94 ح 38. 2 - ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من الطبقات الكبير: 41 ح 251. 3 - المحاسن 2: 486 ح 165، بحار الأنوار 64: 132 ح 21، الكافي 6: 545 ح 9 عن أبي عبد الله (عليه السلام). 880 31 - الحدود إقامة الحدود والنهي عن تضييعها [1067] - 181 - القاضي النعمان: عن علي (عليه السلام) أنه أخذ رجلا من بني أسد في حد وجب عليه ليقيمه عليه، فذهب بنو أسد إلى الحسين بن علي (عليهما السلام) يستشفعون به، فأبى عليهم، فانطلقوا إلى علي (عليه السلام) فسألوه فقال: لا تسألوني شيئا أملكه إلا أعطيتكموه فخرجوا مسرورين، فمروا بالحسين [(عليه السلام)] فأخبروه بما قال. فقال [(عليه السلام)]: إن كان لكم بصاحبكم حاجة فانصرفوا فلعل أمره قد قضى، فانصرفوا إليه، فوجدوه [(عليه السلام)] قد أقام عليه الحد قالوا: ألم تعدنا يا أمير المؤمنين!؟ قال: لقد وعدتكم بما أملكه، وهذا شيء لله لست أملكه. (1) القضاء باليمين والشاهد [1068] - 182 - الطوسي: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق، قال: حدثنا أبو سعيد الحسن ابن علي العدوي قال: حدثنا صهيب بن عباد بن صهيب قال: حدثنا أبي قال: حدثنا
1 - دعائم الإسلام 2: 443 ح 1547. 881 الصادق جعفر بن محمد، عن آبائه، عن الحسين بن علي (عليهم السلام): أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قضى باليمين مع الشاهد الواحد، وأن عليا (عليه السلام) قضى به بالعراق. (1)
1 - الأمالي: 297. 882 الفصل الثالث في الأخلاق
883 حدود إطاعة الأب [1069] - 1 - ابن شهرآشوب: عن الرضا، عن آبائه (عليهما السلام)، قال: رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أحب أن ينظر إلى أحب أهل الأرض إلى أهل السماء فلينظر إلى الحسين. رواه الطبريان في الولاية والمناقب و [روى] السمعاني في الفضائل، بأسانيدهم عن إسماعيل بن رجاء وعمرو بن شعيب: أنه مر الحسين [(عليه السلام)] على عبد الله بن عمرو بن العاص، فقال عبد الله: من أحب أن ينظر إلى أحب أهل الأرض إلى أهل السماء، فلينظر إلى هذا المجتاز، وما كلمته منذ ليالي صفين! فأتى به أبو سعيد الخدري إلى الحسين (عليه السلام). فقال الحسين (عليه السلام): أتعلم أني أحب أهل الأرض إلى أهل السماء وتقاتلني وأبي يوم صفين!؟ والله! إن أبى لخير مني! فاستعذر وقال: إن النبي (صلى الله عليه وآله) قال لي: أطع أباك. فقال له الحسين (عليه السلام): أما سمعت قول الله تعالى: (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما)، (1) وقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنما الطاعة في المعروف، وقوله: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق!؟ (2)
1 - لقمان: 31 / 15. 2 - المناقب 4: 73، نور الثقلين 4: 203، العوالم 17: 35 ح 1، بحار الأنوار 43: 297 ح 59، أسد الغابة 3: 351، مجمع الزوائد 9: 186 مع اختلاف، الميزان 16: 220، كنز الدقائق 8: 27. 885 أو صاف الأمين والخائن و... [1070] - 2 - الحلواني: وقال الإمام [الحسين] (عليه السلام): الأمين آمن، والبرئ جريء، والخائن خائف، والمسئ مستوحش، إذا وردت على العاقل لمة [لممة] قمع الحزن بالحزم، وقرع العقل للاحتيال. (1) علامات العقل [1071] - 3 - باقر شريف القرشي: وقال (عليه السلام): العاقل لا يحدث من يخاف تكذيبه، ولا يسأل من يخاف منعه، ولا يثق بمن يخاف غدره، ولا يرجو من لا يوثق برجائه. (2) كمال العقل باتباع الحق [1072] - 4 - الديلمي: وتذاكروا العقل عند معاوية، فقال الحسين (عليه السلام): لا يكمل العقل إلا باتباع الحق. فقال معاوية: ما في صدوركم إلا شيء واحد. (3)
1 - نزهة الناظر: 84 ح 13. 2 - حياة الإمام الحسين (عليه السلام) 1: 181 نقلا عن ريحانة الرسول: 55. 3 - أعلام الدين: 298، نزهة الناظر وتنبيه الخاطر: 83، بحار الأنوار 78: 127 ح 11. 886 علامات العلم والجهل [1073] - 5 - الحراني: وقال (عليه السلام): من دلائل علامات القبول: الجلوس إلى أهل العقول، ومن علامات أسباب الجهل المماراة لغير أهل الفكر، ومن دلائل العالم انتقاده لحديثه وعلمه بحقائق فنون النظر. (1) معنى العالم [1074] - 6 - التستري: قال الحسين (عليه السلام): لو أن العالم كل ما قال أحسن وأصاب لأوشك أن يجن من العجب، وإنما العالم من يكثر صوابه. (2) الأوصاف الجميلة [1075] - 7 - الديلمي: وقال [(عليه السلام)]: العلم لقاح المعرفة، وطول التجارب زيادة في العقل، والشرف التقوى، والقنوع راحة الأبدان، ومن أحبك نهاك، ومن أبغضك أغراك. (3) [1076] - 8 - باقر شريف القرشي: قال (عليه السلام): خمس من لم تكن فيه لم يكن فيه كثير مستمتع: العقل، والدين، والأدب، والحياء، وحسن الخلق. (4)
1 - تحف العقول: 177، أعيان الشيعة 1: 620، بحار الأنوار 78: 119 ح 14 وفيه الكفر بدل الفكر. 2 - إحقاق الحق 11: 590. 3 - أعلام الدين: 298، نزهة الناظر وتنبيه الخاطر: 88 وفيه ذرأ الله العلم، بحار الأنوار 78: 128 ح 11 وفيه دراسة العلم.... 4 - حياة الإمام الحسين (عليه السلام) 1: 181 نقلا عن ريحانة الرسول: 55. 887 أشرف الناس [1077] - 9 - التستري: من كلامه (عليه السلام) حين قال له رجل: من أشرف الناس؟ فقال (عليه السلام): من اتعظ قبل أن يوعظ، واستيقظ قبل أن يوقظ. فقال: أشهد أن هذا هو السعيد! (1) الحكم المنقولة عنه [1078] - 10 - الصدوق: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رضي الله عنه) قال: حدثنا محمد بن سعيد ابن يحيى البزوفري قال: حدثنا إبراهيم بن الهيثم [عن أمية] البلدي قال: حدثنا أبي، عن المعافا بن عمران، عن إسرائيل، عن المقدام بن شريح بن هاني، عن أبيه الشريح، قال: سأل أمير المؤمنين (عليه السلام) ابنه الحسن بن علي فقال: يا بني! ما العقل؟ قال: حفظ قلبك ما استودعته. قال: فما الحزم؟ قال: أن تنتظر فرصتك وتعاجل ما أمكنك. قال: فما المجد؟ قال: حمل المغارم وابتناء المكارم. قال: فما السماحة؟ قال: إجابة السائل وبذل النائل. قال: فما الشح؟ قال: أن ترى القليل سرفا وما أنفقت تلفا. قال فما الرقة؟ قال: طلب اليسير ومنع الحقير. قال فما الكلفة؟ قال: التمسك بمن لا يؤمنك، والنظر فيما لا يعنيك. قال: فما الجهل؟ قال: سرعة الوثوب على الفرصة قبل الإستمكان منها، والامتناع عن الجواب، ونعم العون الصمت في مواطن كثيرة وإن كنت فصيحا.
1 - إحقاق الحق 11: 590. 888 ثم أقبل صلوات الله عليه على الحسين ابنه (عليه السلام) فقال له: يا بنى! ما السؤدد؟ قال: اصطناع العشيرة واحتمال الجريرة. قال: فما الغنى؟ قال: قلة أمانيك والرضى بما يكفيك. قال: فما الفقر؟ قال: الطمع وشدة القنوط. قال: فما اللؤم؟ قال: إحراز المرء نفسه وإسلامه عرسه. قال: فما الخرق؟ قال: معاداتك أميرك ومن يقدر على ضرك ونفعك. ثم التفت إلى الحارث الأعور فقال: يا حارث! علموا هذه الحكم أولادكم، فإنها زيادة في العقل والحزم والرأي. (1) تسليمه (عليه السلام) لرضاء الله [1079] - 11 - أيضا: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي قال: حدثنا أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن مفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام) قال: سئل الحسين بن علي (عليهما السلام) فقيل له: كيف أصبحت يا بن رسول الله!؟ قال (عليه السلام): أصبحت ولي رب فوقي، والنار أمامي، والموت يطلبني، والحساب محدق بي، وأنا مرتهن بعملي، لا أجد ما أحب، ولا أدفع ما أكره، والأمور بيد غيري، فإن شاء عذبني، وإن شاء عفى عني، فأي فقير أفقر مني؟! (2)
1 - معاني الأخبار: 401 ح 62، بحار الأنوار 72: 193 ح 14 و 78: 101 ح 1. 2 - الأمالي: 487 ح 3، بحار الأنوار 78: 116 ح 1. 889 الإيمان واليقين [1080] - 12 - الخزاز القمي: حدثنا علي بن الحسن قال: حدثنا محمد بن الحسين الكوفي قال: حدثنا محمد بن محمود قال: حدثنا أحمد بن عبد الله الذاهل قال: حدثنا أبو حفص الأعشى، عن عنبسة بن الأزهر، عن يحيى بن عقيل، عن يحيى بن يعمن (نعمان) قال: كنت عند الحسين (عليه السلام) إذ دخل عليه رجل من العرب متلثما أسمر شديد السمرة، فسلم ورد الحسين (عليه السلام) فقال: يا بن رسول الله! مسألة؟ قال [(عليه السلام)]: هات. قال: كم بين الإيمان واليقين؟ قال (عليه السلام): أربع أصابع. قال: كيف؟ قال (عليه السلام): الايمان ما سمعناه، واليقين ما رأيناه، وبين السمع والبصر أربع أصابع. قال: فكم بين السماء والأرض؟ قال: دعوة مستجابة. قال: فكم بين المشرق والمغرب؟ قال: مسيرة يوم للشمس. قال: فما عز المرء؟ قال: استغناؤه عن الناس. قال: فما أقبح شئ؟ قال: الفسق في [الشيخ] قبيح، والحدة في السلطان قبيحة، والكذب في ذي الحسب قبيح، والبخل في ذي الغناء، والحرص في العالم. قال: صدقت يا بن رسول الله! فأخبرني عن عدد الأئمة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله). قال: إثنا عشر، عدد نقباء بنى إسرائيل. قال: فسمهم لي. قال: فأطرق الحسين (عليه السلام) مليا ثم رفع رأسه فقال: نعم، أخبرك يا أخا العرب!
890 إن الإمام والخليفة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمير المؤمنين علي (عليه السلام) والحسن وأنا وتسعة من ولدي منهم علي ابني، وبعده محمد ابنه، وبعده جعفر ابنه، وبعده موسى ابنه وبعده علي ابنه، وبعده محمد ابنه، وبعده علي ابنه، وبعده الحسن ابنه، وبعده الخلف المهدي هو التاسع من ولدي، يقوم بالدين في آخر الزمان. قال: فقام الأعرابي وهو يقول: مسح النبى جبينه * فله بريق في الخدود أبواه من أعلا قريش * وجده خير الجدود (1) ثبات الإيمان وزواله [1081] - 13 - الصدوق: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار قال: حدثنا أبي، عن محمد ابن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري قال: حدثني أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن سنان، عن الصادق جعفر بن محمد، عن آبائه، عن الحسين [الحسن] بن علي (عليهم السلام) قال: سئل أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (عليه السلام): ما ثبات الايمان؟ فقال: الورع. فقيل له: ما زواله؟ قال: الطمع. (2) أوصاف المؤمن [1082] - 14 - الحراني: وقال (عليه السلام): إن المؤمن اتخذ الله عصمته، وقوله مرآته، فمرة ينظر في نعت
1 - كفاية الأثر: 232، بحار الأنوار 36: 384 ح 5، العوالم 15: 256، ح 2، غاية المرام 1: 322 ح 34، تفسير البرهان 4: 167 ح 3 وفيه إلى قوله: أربع أصابع. 2 - الأمالي: 238 ح 11، بحار الأنوار 70: 305 ح 23. 891 المؤمنين، وتارة ينظر في وصف المتجبرين، فهو منه في لطائف، ومن نفسه في تعارف، (1) ومن فطنته في يقين، ومن قدسه على تمكين. (2) التوكل [1083] - 15 - النوري: عن الحسين بن علي (عليهما السلام)، قال: إن العز والغنى خرجا يجولان، فلقيا التوكل فاستوطنا. (3) الإتكال على حسن إختيار الله [1084] - 16 - التستري: قيل للحسين (عليه السلام): إن أباذر يقول: الفقر أحب إلى من الغنى، والسقم أحب إلي من الصحة، فقال (عليه السلام): رحم الله تعالى أباذر، أما أنا فأقول: من اتكل على حسن اختيار الله تعالى له لم يتمن غير ما اختاره الله عز وجل له. (4) خير الدنيا والآخرة [1085] - 17 - الصدوق: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام) قال: كتب رجل إلى الحسين بن علي (عليهما السلام): يا سيدي! أخبرني بخير الدنيا والآخرة؟ فكتب إليه: بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد فإنه من طلب رضى
1 - أي ومن طهارة نفسه على قدرة وسلطنة. 2 - تحف العقول: 177، بحار الأنوار 78: 119 ح 15. 3 - مستدرك الوسائل 11: 218 ح 12793. 4 - إحقاق الحق 11: 591. 892 الله بسخط الناس كفاه الله أمور الناس، ومن طلب رضى الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس، والسلام. (1) الأخلاق [1086] - 18 - المعافي: حكى عن الحسين (عليه السلام) أنه قال: من رزقه الله صدق اللهجة وحسن الخلق وعفاف فرج وبطن، خصه الله تعالى بخيري الدنيا والآخرة. (2) أنواع العبادة وأفضلها [1087] - 19 - الحراني: وقال (عليه السلام): إن قوما عبدوا الله رغبة، فتلك عبادة التجار، وإن قوما عبدوا الله رهبة، فتلك عبادة العبيد، وإن قوما عبدوا الله شكرا، فتلك عبادة الأحرار، وهى أفضل العبادة. (3) أجر العبادة [1088] - 20 - الإمام العسكري (عليه السلام): قال الحسين بن علي (عليهما السلام): من عبد الله حق عبادته آتاه الله فوق أمانيه وكفايته. (4)
1 - الأمالي: 167، الإختصاص: 225، بحار الأنوار 71: 371 ح 3 و 78: 126 ح 8، معادن الحكمة 2: 45 ح 102. 2 - أنس المنقطعين إلى عبادة رب العالمين، تاليف: جمال الدين بن عبد الله محمد بن إسماعيل المعافي المتوفي 650 ه. ق، مخطوط، مكتبة مدرسة نمازى خوى. 3 - تحف العقول: 175، بحار الأنوار 78: 117 ح 5، أعيان الشيعة 1: 620. 4 - التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 327 ح 179، بحار الأنوار 71: 184 ذيل ح 44. 893 المراء والجدل في الدين [1089] - 21 - المجلسي: روي أن رجلا قال للحسين بن علي (عليهما السلام): إجلس حتى نتناظر في الدين! قال: يا هذا أنا بصير بديني، مكشوف علي هداي، فإن كنت جاهلا بدينك فاذهب واطلبه، ما لي وللمماراة وإن الشيطان ليوسوس للرجل ويناجيه، ويقول: ناظر الناس في الدين، كيلا يظنوا بك العجز والجهل! ثم المراء لا يخلو من أربعة أوجه: إما أن تتمارى أنت وصاحبك في ما تعلمان، فقد تركتما بذلك النصيحة، وطلبتما الفضيحة، وأضعتما ذلك العلم، أو تجهلانه فأظهرتما جهلا، وخاصمتما جهلا، وإما تعلمه أنت فظلمت صاحبك بطلبك عثرته، أو يعلمه صاحبك فتركت حرمته، ولم تنزله منزلته، وهذا كله محال، فمن أنصف وقبل الحق، وترك المماراة فقد أوثق إيمانه وأحسن صحبة دينه، وصان عقله. (1) الكبر الله وحده [1090] - 22 - أيضا: محمد بن العباس، عن أبي الأزهر، عن الزبير بن بكار، عن بعض أصحابه قال: قال رجل للحسين (عليه السلام): إن فيك كبرا، فقال: كل الكبر لله وحده ولا يكون في غيره، قال الله تعالى: (فلله العزة ولرسوله وللمؤمنين (2)). (3)
1 - بحار الأنوار 2: 135 ح 32 وفي هامش بحار الأنوار: إن ما ورد بعد جملة ثم المراء ليس من الحديث، المحجة البيضاء 1: 107 إلى قوله: وللمماراة كما في مصباح الشريعة ومفتاح الحقيقة باب 48. 2 - المنافقون: 63 / 8. 3 - بحار الأنوار 44: 198 ح 13، العوالم 17: 65 ح 2. 894 معنى الكبر [1091] - 23 - الطبراني: حدثنا يحيى بن عبد الباقي قال: حدثنا محمد بن سليمان لوين، حدثنا عبد الحميد بن سليمان، عن عمارة بن غزية، عن فاطمة بنت الحسين، عن أبيها: أن عبد الله بن عمرو جاء إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله! أمن الكبر أن ألبس الحلة الحسنة؟ (1) قال: لا. قال: فمن الكبر أن أركب الناقة النجيبة؟ (2) قال: لا. قال: أفمن الكبر أن أصنع طعاما فأدعو قوما يأكلون عندي ويمشون خلف عقبى؟ قال: لا. قال: فما الكبر؟ قال: أن تسفه الحق وتغمص الناس. (3) معنى الأدب [1092] - 24 - محمد عبد الرحيم: سئل الإمام الحسين [(عليه السلام)] عن الأدب فقال: هو أن تخرج من بيتك، فلا تلقى أحدا إلا رأيت له الفضل عليك. (4) ثواب السلام [1093] - 25 - الحراني: وقال (عليه السلام): للسلام سبعون حسنة، تسع وستون للمبتدي، وواحدة للراد. (5)
1 - في مجمع الزوائد ورد الحلتان الحسنتان. 2 - في مجمع الزوائد زيادة الفارهة. 3 - المعجم الكبير 3: 132 ح 2898، مجمع الزوائد 5: 133 مع اختلاف في الألفاظ. 4 - ديوان الإمام الحسين (عليه السلام): 99 (عن جمال الخواطر 2: 75). 5 - تحف العقول: 177، بحار الأنوار 78: 120 ح 17، أعيان الشيعة 1: 621. 895 البخل بالسلام [1094] - 26 - أيضا: وقال (عليه السلام): البخيل من بخل بالسلام. (1) السلام قبل الكلام [1095] - 27 - أيضا: وقال له رجل ابتداء: كيف أنت عافاك الله؟ فقال (عليه السلام) له: السلام قبل الكلام عافاك الله؟ ثم قال (عليه السلام) لا تأذنوا لأحد حتى يسلم. (2) [1096] - 28 - محمد بن الأشعث: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى بن إسماعيل قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام): أنه كان يكره أن يقول الرجل للرجل: حياك الله! ثم يسكت حتى يتبعها بالسلام. (3) السلام على العاصي [1097] - 29 - أيضا: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه (عليهم السلام): أن ابن الكوا سأل علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: يا أمير المؤمنين! نسلم على مذنب هذه الأمة؟! فقال (عليه السلام): يراه الله عزوجل للتوحيد أهلا، ولا نراه للسلام عليه أهلا!. (4)
1 - تحف العقول: 177، أعيان الشيعة 1: 621 بحار الأنوار 78: 120 ح 18. 2 - تحف العقول: 175، بحار الأنوار 78: 117 ح 6، مستدرك الوسائل 8: 358 ح 9659. 3 - الجعفريات: 288 ح 1200. 4 - الجعفريات: 234، مستدرك الوسائل 8: 359 ح 9663. 896 الأوصاف الجميلة [1098] - 30 - الإربلي: وخطب (عليه السلام) فقال: يا أيها الناس نافسوا في المكارم، وسارعوا في المغانم، ولا تحتسبوا بمعروف لم تعجلوا، واكسبوا الحمد بالنجح، ولا تكتسبوا بالمطل ذما، فمهما يكن لأحد عند أحد صنيعة له رأى أنه لا يقوم بشكرها فالله له بمكافاته، فإنه أجزل عطاء وأعظم أجرا. واعلموا أن حوائج الناس إليكم من نعم الله عليكم، فلا تملوا النعم فتحور نقما. واعلموا أن المعروف مكسب حمدا، ومعقب أجرا، فلو رأيتم المعروف رجلا رأيتموه حسنا جميلا يسر الناظرين، ولو رأيتم اللؤم رأيتموه سمجا مشوها تنفر منه القلوب، وتغض دونه الابصار. أيها الناس من جاد ساد، ومن بخل رذل، وإن أجود الناس من أعطى من لا يرجو، وإن أعفى الناس من عفى عن قدرة، وإن أوصل الناس من وصل من قطعه، والأصول على مغارسها بفروعها تسموا، فمن تعجل لأخيه خيرا وجده إذا قدم عليه غدا، ومن أراد الله تبارك وتعالى بالصنيعة إلى أخيه كافأه بها في وقت حاجته، وصرف عنه من بلاء الدنيا ما هو أكثر منه، ومن نفس كربة مؤمن فرج الله عنه كرب الدنيا والآخرة، ومن أحسن أحسن الله إليه، والله يحب المحسنين. (1)
1 - كشف الغمة 2: 29، الفصول المهمة 169، أعلام الدين: 298 من قوله: إعلموا أن حوائج الناس...، بحار الأنوار 78: 121 ح 4، أعيان الشيعة 1: 620. 897 حفظ النظر عن المرد [1099] - 31 - محمد بن الأشعث: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه (عليهم السلام) قال: إياكم وأولاد الأغنياء والملوك المرد (1) منهم، فإن فتنتهم أشد من فتنة العذارى في خدورهن (2). الكذب والصدق [1100] - 32 - اليعقوبي: قال بعضهم: سمعت الحسين [(عليه السلام)] يقول: الصدق عز، والكذب عجز، والسر أمانة، والجوار قرابة، والمعونة صداقة، والعمل تجربة، والخلق الحسن عبادة، والصمت زين، والشح فقر، والسخاء غنى، والرفق لب. (3) كثرة الحلف [1101] - 33 - ورام بن أبي فراس: قال الحسين (عليه السلام): إحذروا كثرة الحلف فإنه يحلف الرجل لخلال أربع: إما لمهانة يجدها في نفسه تحثه على الضراعة إلى تصديق الناس إياه، وإما لعي في المنطق فيتخذ الأيمان حشوا وصلة لكلامه، وإما لتهمة عرفها من الناس له فيرى أنهم لا يقبلون قوله إلا باليمين، وإما لارساله لسانه من غير تثبيت. (4)
1 - مرد الغلام مردا: طر شاربه، وبلغ خروج لحيته ولم تبد. فهو أمرد، (ج) مرد. المعجم الوسيط: 861. 2 - الجعفريات: 156 ح 587، عنه مستدرك الوسائل 14: 351 ح 16927. 3 - تاريخ يعقوبي 2: 246. 4 - مجموعة ورام 2: 110. 898 جمع المال [1102] - 34 - محمد بن الأشعث: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه (عليهم السلام) قال: نهانا رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن نتخطي القطار، وقال (صلى الله عليه وآله): ليس من قطار إلا وما بين البعير إلى البعير شيطان (1) ما هو الفضل؟ [1103] - 35 - المحدث النوري: مجموعة الشهيد (رحمه الله): قيل للحسين بن علي (عليه السلام): ما الفضل؟ قال: ملك اللسان وبذل الاحسان. قيل: فما النقص؟ قال: التكلف لما لا يعنيك. (2) الاحتياط في التكلم [1104] - 36 - الكراجكي: قال الحسين بن علي (عليهما السلام) يوما لابن عباس: يا بن عباس! لا تكلمن فيما لا يعنيك فإنني أخاف عليك فيه الوزر، ولا تتكلمن فيما يعنيك حتى ترى للكلام موضعا، فرب متكلم قد تكلم بحق فعيب، ولا تمارين حليما ولا سفيها، فإن الحليم يقليك، والسفيه يرديك، ولا تقولن في أخيك المؤمن إذا توارى عنك، إلا مثال ما تحب أن يقول فيك إذا تواريت عنه، واعمل عمل رجل يعلم أنه مأخوذ بالإجرام مجزي بالاحسان، والسلام. (3)
1 - الجعفريات: 127 ح 479. 2 - مستدرك الوسائل 9: 24 ح 10099. 3 - كنز الفوائد: 194، أعلام الدين: 145، بحار الأنوار 78: 127 ح 10. 899 مواعظ علي (عليه السلام) [1105] - 37 - الصدوق: روى لي محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رضي الله عنه)، عن أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني قال: حدثني الحسن بن القاسم قراءة قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن المعلى قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن خالد قال: حدثنا عبد الله بن بكر المرادي، عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جده، عن علي بن الحسين، عن أبيه (عليهم السلام) قال: بينا أمير المؤمنين (عليه السلام) ذات يوم جالس مع أصحابه يعبيهم للحرب إذا أتاه شيخ عليه شحبة السفر، فقال: أين أمير المؤمنين؟ فقيل: هو ذا. فسلم عليه، ثم قال: يا أمير المؤمنين! إني أتيتك من ناحية الشام وأنا شيخ كبير قد سمعت فيك من الفضل ما لا أحصي، وإني أظنك ستغتال، فعلمني مما علمك الله. قال: نعم يا شيخ! من اعتدل يوماه فهو مغبون، ومن كانت الدنيا همته اشتدت حسرته عند فراقها، ومن كان غده شر يوميه فهو محروم، ومن لم يبال بما رزئ من آخرته إذا سلمت له دنياه فهو هالك، ومن لم يتعاهد النقص من نفسه غلب عليه الهوى، ومن كان في نقص فالموت خير له. يا شيخ! ارض للناس ما ترضى لنفسك، وائت إلى الناس ما تحب أن يؤتى إليك. ثم أقبل على أصحابه فقال: أيها الناس أما ترون إلى أهل الدنيا يمسون ويصبحون على أحوال شتى: فبين صريع يتلوى، وبين عائد ومعود، وآخر بنفسه يجود، وآخر لا يرجى، وآخر مسجى، وطالب الدنيا والموت يطلبه، وغافل وليس بمغفول عنه، وعلى أثر الماضي يصير الباقي. فقال له زيد بن صوحان العبدي: يا أمير المؤمنين! أي سلطان أغلب
900 وأقوى؟ قال: الهوى. قال: فأي ذل أذل؟ قال: الحرص على الدنيا. قال: فأي فقر أشد؟ قال: الكفر بعد الإيمان. قال: فأي دعوة أضل؟ قال: الداعي بما لا يكون. قال: فأي عمل أفضل؟ قال: التقوى. قال: فأي عمل أنجح؟ قال: طلب ما عند الله عزوجل. قال: فأي صاحب لك شر؟ قال: المزين لك معصية الله عزوجل. قال: فأي الخلق أشقى؟ قال: من باع دينه بدنيا غيره. قال: فأي الخلق أقوى؟ قال: الحليم. قال: فأي الخلق أشح؟ قال: من أخذ المال من غير حله فجعله في غير حقه. قال: فأي الناس أكيس؟ قال: من أبصر رشده من غيه فمال إلى رشده. قال: فمن أحلم الناس؟ قال: الذي لا يغضب. قال: فأي الناس أثبت رأيا؟ قال: من لم يغره الناس من نفسه ومن لم تغره الدنيا بتشوفها. قال: فأي الناس أحمق؟ قال: المغتر بالدنيا وهو يرى ما فيها من تقلب أحوالها. قال: فأي الناس أشد حسرة؟ قال: الذي حرم الدنيا والآخرة، ذلك هو الخسران المبين. قال: فأي الخلق أعمى؟ قال: الذي عمل لغير الله، يطلب بعمله الثواب من عند الله عزوجل. قال: فأي القنوع أفضل؟ قال: القانع بما أعطاه الله عزوجل.
901 قال: فأي المصائب أشد؟ قال: المصيبة بالدين. قال: فأي الأعمال أحب إلى الله عزوجل؟ قال: انتظار الفرج. قال: فأي الناس خير عند الله؟ قال: أخوفهم الله، وأعملهم بالتقوى، وأزهدهم في الدنيا. قال: فأي الكلام أفضل عند الله عزوجل؟ قال كثرة ذكره والتضرع إليه بالدعاء. قال: فأي القول أصدق؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله. قال: فأي الأعمال أعظم عند الله عزوجل؟ قال: التسليم والورع. قال: فأي الناس أصدق؟ قال: من صدق في المواطن. ثم أقبل (عليه السلام) على الشيخ فقال: يا شيخ! إن الله عزوجل خلق خلقا ضيق الدنيا عليهم نظرا لهم، فزهدهم فيها وفي حطامها، فرغبوا في دار السلام التي دعاهم إليها، وصبروا على ضيق المعيشة، وصبروا على المكروه، واشتاقوا إلى ما عند الله عزوجل من الكرامة، فبذلوا أنفسهم ابتغاء رضوان الله، وكانت خاتمة أعمالهم الشهادة، فلقوا الله عزوجل وهو عنهم راض، وعلموا أن الموت سبيل من مضى ومن بقي، فتزودوا لآخرتهم غير الذهب والفضة، ولبسوا الخشن، وصبروا على البلوى، وقدموا الفضل، وأحبوا في الله وأبغضوا في الله عزوجل، أولئك المصابيح وأهل النعيم في الآخرة والسلام. قال الشيخ: فأين أذهب وأدع الجنة وأنا أراها وأرى أهلها معك؟ يا أمير المؤمنين! جهزني بقوة أتقوى بها على عدوك. فأعطاه أمير المؤمنين (عليه السلام) سلاحا وحمله، وكان في الحرب بين يدي أمير المؤمنين (عليه السلام) يضرب قدما، وأمير المؤمنين (عليه السلام) يعجب مما يصنع، فلما اشتد الحرب أقدم فرسه حتى قتل - رحمة
902 الله عليه - وأتبعه رجل من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) فوجده صريعا، ووجد دابته ووجد سيفه في ذراعه، فلما انقضت الحرب أتي أمير المؤمنين (عليه السلام) بدابته وسلاحه وصلى عليه أمير المؤمنين (عليه السلام) وقال: هذا والله! السعيد حقا، فترحموا على أخيكم. (1) الخوف من الله [1106] - 38 - ابن شهر آشوب: قيل له (عليه السلام): ما أعظم خوفك من ربك؟ فقال [(عليه السلام)]: لا يأمن يوم القيامة إلا من خاف الله في الدنيا. (2) البكاء من خشية الله [1107] - 39 - السبزواري: عن الحسين بن علي (عليهما السلام) أنه قال: البكاء من خشية الله نجاة من النار. (3) [1108] - 40 - أيضا: وقال (عليه السلام): بكاء العيون وخشية القلوب رحمة من الله. (4) قضاء حاجة المؤمن [1109] - 41 - المجلسي: عن ابن مهران قال: كنت جالسا عند مولاي الحسين بن علي (عليهما السلام) فأتاه رجل فقال: يا بن رسول الله! إن فلانا له علي مال ويريد أن يحبسني! فقال (عليه السلام): والله! ما عندي مال أقضي عنك.
1 - من لا يحضره الفقيه 4: 381 ح 5833. 2 - المناقب 4: 69، بحار الأنوار 44: 192 ح 5. 3 - جامع الأخبار: 259 ح 689، مستدرك الوسائل 11: 245 ح 12881، حياة الإمام الحسين (عليه السلام) 1: 183 ح 17. 4 - جامع الأخبار: 259 ح 690، مستدرك الوسائل 11: 245 ح 12881، مكارم الأخلاق: 333 فيه عن أمير المؤمنين (عليه السلام). 903 قال: فكلمه. قال: فليس لي به أنس، ولكني سمعت أبي أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من سعى في حاجة أخيه المؤمن فكأنما عبد الله تسعة آلاف سنة، صائما نهاره قائما ليله! (1) [1110] - 42 - الديلمي: روى ابن عباس قال: كنت مع الحسن بن علي (عليهما السلام) في المسجد الحرام وهو معتكف به وهو يطوف بالكعبة، فعرض له رجل من شيعته فقال: يا بن رسول الله (صلى الله عليه وآله)! إن علي دينا لفلان، فإن رأيت أن تقضيه عنى! فقال: ورب هذه البنية ما أصبح عندي شئ! فقال: إن رأيت أن تستمهله عني فقد تهددني بالحبس. قال ابن عباس: فقطع الطواف، وسعى معه، فقلت: يا بن رسول الله! أنسيت أنك معتكف؟ فقال: لا، ولكن سمعت أبي (عليه السلام) يقول: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من قضى أخاه المؤمن حاجة كان كمن عبد الله تسعة آلاف سنة صائما نهاره قائما ليله. فاجتاز على دار أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) فقال للرجل: هلا أتيت أبا عبد الله (عليه السلام) في حاجتك؟ قال: أتيته فقال: إني معتكف! فقال: أما إنه لو سعى في حاجتك لكان خيرا له من اعتكاف ثلاثين سنة. (2) [1111] - 43 - الكليني: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن صفوان الجمال قال: كنت جالسا مع أبي عبد الله (عليه السلام) إذ دخل عليه رجل من أهل مكة يقال له: ميمون، فشكا إليه تعذر الكراء عليه، فقال لي: قم فأعن أخاك، فقمت معه فيسر الله كراه، فرجعت إلى مجلسي، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): ما صنعت في حاجة أخيك؟
1 - بحار الأنوار 74: 315 ح 73. 2 - أعلام الدين: 442، بحار الأنوار 97: 129 ح 5 و 6. 904 فقلت: قضاها الله بأبي أنت وأمي! فقال: أما إنك أن تعين أخاك المسلم أحب إلي من طواف أسبوع بالبيت مبتدئا، ثم قال: إن رجلا أتى الحسن بن علي (عليهما السلام) فقال: بأبي أنت وأمي! أعني على قضاء حاجة. فانتقل وقام معه، فمر على الحسين صلوات الله عليه وهو قائم يصلي، فقال له [(عليه السلام)]: أين كنت عن أبي عبد الله تستعينه على حاجتك؟ قال: قد فعلت بأبي أنت وأمي! فذكر أنه معتكف. فقال له: أما إنه لو أعانك كان خيرا له من اعتكافه شهرا. (1) قال المجلسي: فإن قيل: كيف لم يختر الحسين (عليه السلام) إعانته مع كونها أفضل؟ قلت: يمكن أن يجاب عن ذلك بوجوه: الأول: أنه يمكن أن يكون له (عليه السلام) عذر آخر لم يظهره للسائل، ولذا لم يذهب معه، فأفاد الحسن (عليه السلام) ذلك لئلا يتوهم السائل أن الإعتكاف في نفسه عذر في ترك هذا، فالمعنى: لو أعانك مع عدم عذر آخر كان خيرا. الثاني: أنه لا استبعاد في نقص علم إمام قبل إمامته عن إمام آخر في حال إمامته، أو اختيار الإمام ما هو أقل ثوابا لا سيما قبل الإمامة. الثالث: ما قيل: إنه لم يفعل ذلك لإيثار أخيه على نفسه صلوات الله عليهما في إدراك ذلك الفضل. الرابع: أن (فعلت) بمعنى أردت الاستعانة، وقوله (عليه السلام) (فذكر) على بناء المجهول، أي ذكر بعض خدمه أو أصحابه أنه معتكف فلذا لم أذكر له. ثم اعلم أن قضاء الحاجة من المواضع التي جوز الفقهاء خروج المعتكف فيها عن محل اعتكافه، إلا أنه لا يجلس بعد الخروج، ولا يمشي تحت الظل إختيارا
1 - الكافي 2: 198 ح 9، بحار الأنوار 74: 335 ح 113. 905 على المشهور، ولا يجلس تحته على قول. (1) [1112] - 44 - ابن عساكر: أخبرنا أبو غالب بن البناء، أنبأنا أبو محمد الجوهري، أنبأنا أبو عمر بن حيويه، أنبأنا يحيى بن محمد بن صاعد، أنبأنا الحسين بن الحسن، أنبأنا عبد الله بن المبارك، أنبأنا عبيد الله بن الوليد الوصافي، عن أبي جعفر قال: جاء رجل إلى الحسين بن علي [(عليهما السلام)] فاستعان به على حاجة فوجده معتكفا، فقال (عليه السلام): لولا إعتكافي لخرجت معك فقضيت حاجتك. ثم خرج من عنده فأتى الحسن بن علي [(عليهما السلام)] فذكر له حاجته فخرج معه لحاجته، فقال: أما إني قد كرهت أن أعنيك في حاجتي ولقد بدأت بحسين، فقال (عليه السلام): لولا إعتكافي لخرجت معك. فقال الحسن: لقضاء حاجة أخ لي في الله أحب إلى من اعتكاف شهر. (2) آداب طلب الحاجة [1113] - 45 - الحراني: وجاءه رجل من الأنصار يريد أن يسأله حاجة، فقال (عليه السلام): يا أخا الأنصار! صن وجهك عن بذلة المسألة، وارفع حاجتك في رقعة، فإني آت فيها ما سارك إن شاء الله. فكتب: يا أبا عبد الله! إن لفلان علي خمسمأة دينار، وقد ألح بي، فكلمه ينظرني إلى ميسرة. فلما قرأ الحسين (عليه السلام) الرقعة دخل إلى منزله فأخرج صرة فيها ألف دينار وقال (عليه السلام) له: أما خمسمائة فاقض بها دينك، وأما خمسمائة فاستعن بها على دهرك، ولا ترفع حاجتك إلا إلى أحد ثلاثة: إلى ذي دين، أو مروة، أو حسب،
1 - بحار الأنوار 74: 335. 2 - تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسن (عليه السلام)): 150 ح 252. 906 فأما ذو الدين فيصون دينه، وأما ذو المروة فإنه يستحيي لمروته، وأما ذو الحسب فيعلم أنك لم تكرم وجهك أن تبذله له في حاجتك فهو يصون وجهك أن يردك بغير قضاء حاجتك. (1) موارد جواز السؤال [1114] - 46 - الصدوق: حدثنا أبي (رضي الله عنه) قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن هاشم وسهل بن زياد الرازي، عن إسماعيل بن مرار وعبد الجبار بن المبارك، عن يونس ابن عبد الرحمن، عمن حدثه من أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن رجلا مر بعثمان بن عفان وهو قاعد على باب المسجد فسأله، فأمر له بخمسة دراهم، فقال له الرجل: أرشدني! فقال له عثمان: دونك الفتية التي ترى - وأومأ بيده إلى ناحية من المسجد فيها الحسن والحسين (عليهما السلام) وعبد الله بن جعفر - فمضى الرجل نحوهم حتى سلم عليهم وسألهم، فقال له الحسن والحسين (عليهما السلام): يا هذا! إن المسألة لا تحل إلا في إحدى ثلاث: دم مفجع، أو دين مقرح، أو فقر مدقع، ففي أيها تسأل؟ فقال: في واحدة من هذه الثلاث، فأمر له الحسن (عليه السلام) بخمسين دينارا، وأمر له الحسين (عليه السلام) بتسعة وأربعين دينارا، وأمر له عبد الله بن جعفر بثمانية وأربعين دينارا، فانصرف الرجل فمر بعثمان فقال له: ما صنعت؟ فقال: مررت بك فسألتك، فأمرت لي بما أمرت ولم تسألني فيما أسأل، وإن صاحب الوفرة (2) لما سألته قال لي: يا هذا! فيما تسأل فإن المسألة لا تحل إلا في إحدى ثلاث، فأخبرته بالوجه الذي أسأله من الثلاثة، فأعطاني خمسين دينارا،
1 - تحف العقول: 176، أعيان الشيعة 1: 580، بحار الأنوار 78: 118 ح 12. 2 - الوفرة: ما سال من الشعر على الأذنين، لسان العرب وفر. 907 وأعطاني الثاني تسعة وأربعين دينارا، وأعطاني الثالث ثمانية وأربعين دينارا. فقال عثمان: ومن لك بمثل هؤلاء الفتية!؟ أولئك فطموا العلم فطما، وحازوا الخير والحكمة. قال مصنف هذا الكتاب (رضي الله عنه): معنى قوله: فطموا العلم فطما أي قطعوه عن غيرهم قطعا، وجمعوه لأنفسهم جمعا. (1) [1115] - 47 - ابن عساكر: أخبرنا أبو محمد بن طاووس، أنبأنا عاصم بن الحسن، أنبأنا أبو سهل محمود بن عمر العكبري، أنبأنا علي بن الفرج بن أبي روح، أنبأنا ابن أبي الدنيا، حدثني أبو محمد عبد الرحمان بن صالح الأزدي، أنبأنا يحيى بن يعلى: أنبأنا يونس بن خباب، عن مجاهد قال: جاء رجل إلى الحسن والحسين فسألهما فقالا: إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة: لحاجة مجحفة، أو لحمالة مثقلة، أو دين فادح، فأعطياه. ثم أتى ابن عمر فأعطاه ولم يسأله عن شيء، فقال [له الرجل]: أتيت ابني عمك وهما أصغر سنا منك فسألاني وقالا لي، وأنت لم تسألني عن شيء؟ قال: [هما] ابنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) إنهما كانا يغران [بالعلم] غرا. (2) [1116] - 48 - الكليني: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عمن حدثه، عن عبد الرحمان العزرمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: جاء رجل إلى الحسن والحسين (عليهما السلام) وهما جالسان على الصفا، فسألهما فقالا: إن الصدقة لا تحل إلا في دين موجع، أو غرم مفظع، أو فقر مدقع، ففيك شىء من هذا؟ قال: نعم، فأعطياه، وقد كان الرجل سأل عبد الله بن عمر وعبد الرحمن بن أبي بكر فأعطياه
1 - الخصال 1: 135 ح 149. 2 - تاريخ ابن عساكر ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام): 138 ح 176 و 177 بسند آخر. 908 ولم يسألاه عن شيء، فرجع إليهما، فقال لهما: ما لكما لم تسألاني عما سألني عنه الحسن والحسين (عليهما السلام)؟ وأخبرهما بما قالا، فقالا: إنهما غذيا بالعلم غذاء. (1) [1117] - 49 - المتقي الهندي: عن حبان بن رفيدة قال: أتيت الحسن بن علي فقال: ما حاجتك؟ فقلت: سائل! فقال: إن كنت تسأل في دم موجع أو غرم مفظع أو فقر مدقع فقد وجب حقك وإلا فلا حق لك! فقلت إني سائل في إحداهن. فأمر لي بخمس مائة ثم أتيت الحسين بن علي فاستقبلني بمثل ما استقبلني ثم أمر لي بمثل ذلك، ثم أتيت عائشة فاستقبلتني بمثل ما استقبلاني به ثم أعطتني دون ما أعطياني. (2) [1118] - 50 - الحراني: أنه قال: وأتاه رجل فسأله، فقال (عليه السلام): إن المسألة لا تصلح إلا في غرم فادح أو فقر مدقع، أو حمالة مفظعة! فقال الرجل: ما جئت إلا في إحداهن، فأمر له بمائة دينار. (3) كرمه (عليه السلام) [1119] - 51 - الإربلي: روى أبو الحسن المدائني قال: خرج الحسن والحسين [(عليهما السلام)] وعبد الله بن جعفر حجاجا، ففاتهم أثقالهم فجاعوا وعطشوا، فمروا بعجوز في خباء لها، فقالوا: هل من شراب؟ فقالت: نعم. فأناخوا بها، وليس لها إلا شويهة في كسر الخيمة، فقالت: احلبوها وامتذقوا لبنها! ففعلوا ذلك. وقالوا لها: هل من طعام؟
1 - الكافي 4: 47 ح 7، بحار الأنوار 43: 320 ح 4، العوالم 16: 99 ح 1 وفيه غرم مقطع. 2 - كنز العمال 6: 636 ح 17160. 3 - تحف العقول: 175، بحار الأنوار 78: 118 ح 9، أعيان الشيعة 1: 580. 909 قالت: لا، إلا هذه الشاة، فليذبحنها أحدكم حتى أهيئ لكم شيئا تأكلون! فقام إليها أحدهم فذبحها، وكشطها ثم هيأت لهم طعاما فأكلوا، ثم أقاموا حتى أبردوا، فلما ارتحلوا قالوا لها: نحن نفر من قريش نريد هذا الوجه، فإذا رجعنا سالمين فألمي بنا فإنا صانعون إليك خيرا. ثم ارتحلوا، وأقبل زوجها وأخبرته عن القوم والشاة، فغضب الرجل وقال: ويحك! أتذبحين شاتي لأقوام لا تعرفينهم ثم تقولين: نفر من قريش؟ ثم بعد مدة ألجأتهم الحاجة إلى دخول المدينة فدخلاها وجعلا ينقلان البعير إليها ويبيعانه ويعيشان منه، فمرت العجوز في بعض سكك المدينة فإذا الحسن (عليه السلام) على باب داره جالس، فعرف العجوز وهي له منكرة، فبعث غلامه فردها، فقال لها: يا أمة الله! أتعرفينني؟ قالت: لا. قال: أنا ضيفك يوم كذا وكذا. فقالت العجوز: بأبي أنت وأمي! [لست أعرفك! فقال: فإن لم تعرفيني فأنا أعرفك]، فأمر الحسن (عليه السلام) فاشترى لها من شاء [شاة] الصدقة ألف شاة، وأمر لها بألف دينار! وبعث بها مع غلامه إلى أخيه الحسين (عليه السلام)، فقال: بكم وصلك أخي الحسن؟ فقالت: بألف شاة وألف دينار! فأمر لها بمثل ذلك! ثم بعث بها مع غلام إلى عبد الله بن جعفر. فقال: بكم وصلك الحسن والحسين (عليهما السلام)؟ فقالت: بألفي دينار وألفي شاة، فأمر لها عبد الله بألفي دينار وألفي شاة، وقال: لو بدأت بي لأتعبتهما، فرجعت العجوز إلى زوجها بذلك. (1)
1 - كشف الغمة 1: 559، بحار الأنوار 43: 348 ح 20، المناقب لابن شهر آشوب 4: 16 مع اختلاف يسير في الكلمات، وفيه عن أبى جعفر المدائني. 910 الإعطاء للسائل [1120] - 52 - النوري: عن الحسين بن علي (عليهما السلام) أن سائلا كان يسأل يوما. فقال (عليه السلام): أتدرون ما يقول؟ قالوا: لا، يا بن رسول الله. قال (عليه السلام): يقول: أنا رسولكم، إن أعطيتموني شيئا أخذته وحملته إلى هناك، وإلا أرد إليه وكفي صفر! (1) هدية المملوك [1121] - 53 - ابن حزم الأندلسي: روينا من طريق ابن شيبة، حدثنا إسحاق بن منصور، حدثنا هريم، عن ابن إسحاق، عن عبد الله بن شداد قال: مر الحسين بن علي (عليهما السلام) براع فأهدى الراعي إليه شاة، فقال له الحسين (عليه السلام): حر أنت أم مملوك؟ فقال: مملوك! فردها الحسين (عليه السلام) عليه، فقال له المملوك: إنها لي! فقبلها منه، ثم اشتراه واشترى الغنم فأعتقه وجعل الغنم له! (2) قبول العطاء إعانة على الكرم [1122] - 54 - الحلواني: قال [الحسين بن علي (عليهما السلام)] لمعاوية: من قبل عطاءك، فقد أعانك على الكرم. (3)
1 - مستدرك الوسائل 7: 203 ح 8035، تفسير روح الجنان وروح الجنان 2: 23. 2 - المحلى 8: 514. 3 - نزهة الناظر وتنبيه الخاطر: 83، بحار الأنوار 71: 357 ح 21، و 78: 127 ذيل ح 9. 911 الإعطاء على قدر المعرفة [1123] - 55 - الخوارزمي: روي أن أعرابيا من البادية قصد الحسين (عليه السلام) فسلم عليه فرد عليه السلام وقال: يا أعرابي! فيم قصدتنا؟ قال: قصدتك في دية مسلمة إلى أهلها. قال: أقصدت أحدا قبلي؟ قال: عتبة بن أبي سفيان، فأعطاني خمسين دينارا، فرددتها عليه وقلت: لأقصدن من هو خير منك وأكرم! وقال عتبة: ومن هو خير مني وأكرم لا أم لك!؟ فقلت: إما الحسين بن علي، وإما عبد الله بن جعفر! وقد أتيتك بدء لتقيم بها عمود ظهري وتردني إلى أهلي. فقال الحسين: والذي فلق الحبة، وبرء النسمة، وتجلى بالعظمة ما في ملك ابن بنت نبيك إلا مائتا دينار، فأعطه إياها يا غلام! وإني أسئلك عن ثلاث خصال إن أنت أجبتني عنها أتممتها خمسمائة دينار وإن لم تجبني ألحقتك في من كان قبلي. فقال الأعرابي: أكل ذلك احتياجا إلى علمي؟ أنتم أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة! فقال الحسين: لا، ولكن سمعت جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: أعطوا المعروف بقدر المعرفة. فقال الأعرابي: فاسئل! ولا حول ولا قوة إلا بالله. فقال الحسين: ما أنجى من الهلكة؟ فقال: التوكل على الله! فقال: ما أروح للمهم؟ قال: الثقة بالله!
912 فقال: أي شيء خير للعبد في حياته؟ قال: عقل يزينه حلم. فقال: فإن خانه ذلك؟ قال: مال يزينه سخاء وسعة. فقال: فان أخطأه ذلك؟ قال: الموت والفناء خير له من الحياة والبقاء. قال: فناوله الحسين خاتمه وقال: بعه بمائة دينار! وناوله سيفه وقال: بعه بمائتي دينار! واذهب فقد أتممت لك خمسمائة دينار، فأنشأ الأعرابي يقول: قلقت وما هاجني مقلق * وما بي سقام ولا موبق ولكن طربت لآل الرسول * ففاجأني الشعر والمنطق فأنت الهمام وبدر الظلام * ومعطي الأنام إذا أملقوا أبوك الذي فاز بالمكرمات * فقصر عن وصفه السبق وأنت سبقت إلى الطيبات * فأنت الجواد وما تلحق بكم فتح الله باب الهدى * وباب الضلال بكم مغلق (1) [1124] - 56 - أيضا: وجاءت هذه الحكاية بألفاظ أخرى، وروي، أن هذا الأعرابي سلم على الحسين بن علي فسأله حاجة وقال: سمعت جدك رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: إذا سألتم حاجة فاسألوها من أحد أربعة: إما من عربي شريف، أو مولى كريم، أو حامل القرآن، أو ذي وجه صبيح، فأما العرب فشرفت بجدك، وأما الكرم فدأبكم وسيرتكم، وأما القرآن ففي بيوتكم نزل، وأما الوجه الصبيح، فإني سمعت جدك رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: إذا أردتم أن تنظروا إلى فانظروا إلى الحسن والحسين. فقال الحسين له: ما حاجتك؟ فكتبها على الأرض. فقال له الحسين: سمعت أبي عليا (عليه السلام) يقول: قيمة كل امرئ ما يحسنه، وسمعت جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: المعروف بقدر المعرفة، فأسألك عن ثلاث
1 - مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 155، إحقاق الحق 11: 440. 913 خصال فإن أجبتني عن واحدة فلك ثلث ما عندي، وإن أجبتني عن اثنتين فلك ثلثا ما عندي، وإن أجبتني عن الثلاث فلك كل ما عندي، وقد حملت إلى صرة مختومة وأنت أولى بها. فقال: سل عما بدا لك، فإن أجبت وإلا تعلمت منك، فإنك من أهل العلم والشرف، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فقال الحسين: أي الاعمال أفضل؟ قال: الإيمان بالله والتصديق برسوله. قال: فما نجاة العبد من الهلكة؟ فقال: الثقة بالله. قال: فما يزين المرء؟ قال: علم معه حلم. قال: فإن أخطأه ذلك؟، قال: فمال معه كرم. قال: فإن أخطأه ذلك؟ قال: فقر معه صبر. قال: فإن أخطأه ذلك؟ قال: فصاعقة تنزل عليه من السماء فتحرقه! فضحك الحسين (عليه السلام)، ورمى له بالصرة وفيها ألف دينار وأعطاه خاتمه وفيه فص قيمته مأتا درهم وقال: يا أعرابي! أعط الذهب إلى غرمائك. واصرف الخاتم في نفقتك. فأخذ ذلك الأعرابي وقال: الله أعلم حيث يجعل رسالته! (1) [1125] - 57 - السيد محسن الأمين: روى أحمد بن سليمان بن علي البحراني في عقد اللآل في مناقب الآل: أن الحسين (عليه السلام) كان جالسا في مسجد جده رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد وفاة أخيه الحسن (عليه السلام)، وكان عبد الله بن الزبير جالسا في ناحية المسجد، وعتبة بن أبي سفيان في ناحية أخرى، فجاء أعرابي على ناقة فعقلها باب المسجد ودخل، فوقف على عتبة بن أبي سفيان، فسلم عليه فرد عليه السلام، فقال له الأعرابي: إني قتلت ابن عم لي وطولبت بالدية، فهل لك أن تعطيني شيئا؟
1 - مقتل الحسين (عليه السلام) 1: 156، إحقاق الحق 11: 44 و 443. 914 فرفع رأسه إلى غلامه وقال: إدفع إليه مائة درهم! فقال الأعرابي: ما أريد إلا الدية تماما! ثم تركه وأتى عبد الله بن الزبير وقال له مثل ما قال لعتبة، فقال عبد الله لغلامه: إدفع إليه مائتي درهم! فقال الأعرابي: ما أريد إلا الدية تماما! ثم تركه وأتى الحسين (عليه السلام) فسلم عليه وقال: يا بن رسول الله! إني قتلت ابن عم لي وقد طولبت بالدية، فهل لك أن تعطيني شيئا؟ فقال له: يا أعرابي! نحن قوم لا نعطي المعروف إلا على قدر المعرفة. فقال: سل ما تريد! فقال له الحسين [(عليه السلام)]: يا أعرابي! ما النجاة من الهلكة؟ قال: التوكل على الله عزوجل! فقال [(عليه السلام)]: وما الهمة؟ قال: الثقة بالله! ثم سأله الحسين غير ذلك وأجاب الأعرابي، فأمر له الحسين (عليه السلام) بعشرة آلاف درهم وقال له: هذه لقضاء ديونك، وعشرة آلاف درهم أخرى وقال: هذه تلم بها شعثك وتحسن بها حالك وتنفق منها على عيالك! فأنشأ الأعرابي يقول: طربت وما هاج لي معبق * ولا لي مقام ولا معشق ولكن طربت لآل الرسول * فلذ لي الشعر والمنطق هم الأكرمون هم الأنجبون * نجوم السماء بهم تشرق سبقت الأنام إلى المكرمات * فقصر عن سبقك السبق بكم فتح الله باب الرشاد * وباب الفساد بكم مغلق (1) [1126] - 58 - الخوارزمي: وجاءت رواية أخرى بسندي المتصل: أن أعرابيا، جاء إلى الحسين بن علي [(عليهم السلام)] فقال له: يا بن رسول الله! إني قد ضمنت دية كاملة وعجزت عن أدائها، فقلت في نفسي: أسأل أكرم الناس، وما رأيت أكرم من أهل
1 - أعيان الشيعة 1: 580. 915 بيت رسول الله! فقال الحسين [(عليه السلام)]: يا أخا العرب! أسألك عن ثلاث مسائل، فإن أجبت عن واحدة أعطيتك ثلث المال، وإن أجبت عن اثنتين أعطيتك ثلثي المال، وإن أجبت عن الكل أعطيتك المال كله. فقال الأعرابي: يا بن رسول الله! أمثلك يسأل من مثلي وأنت من أهل العلم والشرف؟ فقال الحسين [(عليه السلام)]: بلى، سمعت جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: المعروف بقدر المعرفة. قال الأعرابي: سل عما بدا لك، فإن أجبت، وإلا تعلمت منك ولا قوة إلا بالله. قال الحسين [(عليه السلام)]: أي الاعمال أفضل؟ فقال: الإيمان بالله. قال [الحسين (عليه السلام)]: فما النجاة من الهلكة؟ قال: الثقة بالله. قال [الحسين (عليه السلام)]: فما يزين الرجل قال: علم معه حلم. قال [الحسين (عليه السلام)]: فإن أخطأه ذلك، قال: فمال معه مروؤة. قال [الحسين (عليه السلام)]: فإن أخطاه ذلك؟ فقال: ففقر معه صبر. قال [الحسين (عليه السلام)]: فإن أخطأه ذلك؟ قال: فصاعقة تنزل من السماء فتحرقه، فضحك الحسين [(عليه السلام)] ورمى بصرة إليه فيها ألف دينار وأعطاه خاتمه وفيه فص قيمته مأتا درهم، وقال [الحسين (عليه السلام)] يا أعرابي أعط الذهب لغرمائك، واصرف الخاتم في نفقتك، فأخذ الأعرابي ذلك منه ومضى وهو يقول: الله أعلم حيث يجعل رسالته (1). وفي رواية: وجد على ظهره (عليه السلام) يوم الطف أثر، فسئل زين العابدين (عليه السلام) عن ذلك؟ فقال: هذا مما كان ينقل الجراب على ظهره إلى منازل الأرامل واليتامى
1 - مقتل الحسين (عليه السلام) 1: 157، جامع الأخبار: 381 ح 1069، بحار الأنوار 44: 196 ح 11، العوالم 17: 59 ح 1، المجالس السنية 1: 210 المجلس التاسع، إحقاق الحق 11: 441، أعيان الشيعة 1: 579. 916 والمساكين. (1) إنفاق المال [1127] - 59 - الديلمي: قال [(عليه السلام)]: مالك إن يكن لك كنت له منفقا، فلا تبقه بعدك فيكن ذخيرة لغيرك، وتكون أنت المطالب به المأخوذ بحسابه، واعلم أنك لا تبقى له، ولا يبقى عليك، فكله قبل أن يأكلك. (2) [1128] - 60 - صاحب الأسرار: قال (عليه السلام): لا تتكلف ما لا تطيق، ولا تتعرض لما لا تدرك، ولا تعد بما لا تقدر عليه، ولا تنفق إلا بقدر ما تستفيد، ولا تطلب من الجزاء إلا بقدر ما صنعت، ولا تفرح إلا بما نلت من طاعة الله تعالى، ولا تتناول إلا ما رأيت نفسك له أهلا. (3) الشكر [1129] - 61 - الحلواني: قال (عليه السلام): شكرك لنعمة سالفة يقتضي نعمة آنفة. (4) الإسراف في بذل المال [1130] - 62 - المبرد: أنه قال الحسن والحسين [(عليهما السلام)] لعبد الله بن جعفر: إنك قد أسرفت
1 - أعيان الشيعة 1: 580. 2 - أعلام الدين: 298، بحار الأنوار 71: 357 ح 21 و 78: 127 ح 9 وفيه قال (عليه السلام): مالك إن لم يكن لك كنت له، فلا تبق عليه، فانه لا يبقى عليك وكله قبل أن يأكلك. 3 - أسرار الحكماء: 90، أعيان الشيعة 1: 621. 4 - نزهة الناظر وتنبيه الخاطر: 80 ح 2، عقد الفريد 1: 183. 917 في بذل المال! قال: بأبي أنتما وأمي! إن الله عودني أن يفضل علي، وعودته أن أفضل على عباده، فأخاف أن أقطع العادة فتقطع عني! (1) آداب طلب الرزق [1131] - 63 - الديلمي: من كلام الحسين (عليه السلام) قال لرجل: يا هذا! لا تجاهد في الرزق جهاد المغالب، (2) ولا تتكل على القدر اتكال مستسلم، فإن ابتغاء (3) الرزق من السنة، والاجمال في الطلب من العفة، وليست العفة بمانعة رزقا، ولا الحرص بجالب فضلا، وإن الرزق مقسوم، والأجل محتوم، واستعمال الحرص طالب (4) المأثم. (5) القدرة والحفيظة [1132] - 64 - الحلواني: قال (عليه السلام): القدرة تذهب الحفيظة، المرء أعلم بشأنه. (6) الرفق مفتاح المشاكل [1133] - 65 - الديلمي: وقال (عليه السلام): من أحجم عن الرأي وعييت به الحيل كان الرفق مفتاحه. (7)
1 - الكامل 1: 138. 2 - في البحار: الغالب. 3 - في البحار: اتباع. 4 - في البحار: طلب. 5 - أعلام الدين: 428، بحار الأنوار 103: 27 ح 41 و 42، مستدرك الوسائل 13: 35 ح 14670. 6 - نزهة الناظر وتنبيه الخاطر: 84 ح 15. 7 - أعلام الدين: 298، بحار الأنوار 78: 128 ح 11. 918 إجابة دعوة المؤمن [1134] - 66 - القاضي النعمان: عن الحسين بن علي (عليهما السلام) أنه رأى رجلا دعي إلى طعام، فقال للذي دعاه: إعفني! فقال الحسين (عليه السلام): قم فليس في الدعوة عفو، وإن كنت مفطرا فكل، وإن كنت صائما فبارك. (1) فوائد صلة الرحم [1135] - 67 - الصدوق: حدثنا أبي (رضي الله عنه) ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنهما قالا: حدثنا سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميري، قالا: حدثنا إبراهيم بن هاشم، عن الحسن بن الجهم قال: سمعت أبا الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) يقول: قال الحسين (عليه السلام): من سره أن ينسأ في أجله ويزاد في رزقه فليصل رحمه. (2) معنى الحلم [1136] - 68 - الطبرسي: قال أمير المؤمنين للحسين (عليهما السلام): يا بني! ما الحلم؟ قال: كظم الغيظ وملك النفس. (3) التوصية بالصبر [1137] - 69 - الحراني: كتب [الإمام (عليه السلام)] إلى عبد الله بن عباس حين سيره عبد الله بن
1 - دعائم الإسلام 2: 107 ح 347، مستدرك الوسائل 16: 235 ح 19707 عن الحسن (عليه السلام). 2 - عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 48 ح 157، بحار الأنوار 74: 91 ح 15، ميزان الحكمة 4: 84 ح 7051. 3 - مشكاة الأنوار: 216. 919 الزبير إلى اليمن: أما بعد: بلغني أن ابن الزبير سيرك إلى الطائف، فرفع الله لك بذلك ذكرا، وحط به عنك وزرا، وإنما يبتلى الصالحون، ولو لم توجر الا فيما تحب لقل الأجر، عزم الله لنا ولك بالصبر عند البلوى والشكر عند النعمى، ولا أشمت بنا ولا بك عدوا حاسدا أبدا والسلام. (1) موارد الصبر [1138] - 70 - الحلواني: قال (عليه السلام): اصبر على ما تكره فيما يلزمك الحق، واصبر عما تحب، فيما يدعوك إليه الهوى. (2) إصابة المعروف للبر والفاجر [1139] - 71 - الحراني: قال عنده رجل: إن المعروف إذا أسدي إلى غير أهله ضاع، فقال الحسين (عليه السلام): ليس كذلك ولكن تكون الصنيعة مثل وابل المطر تصيب البر والفاجر. (3) التوصية بإصلاح النفس [1140] - 72 - اليعقوبي: ووقف الحسين بن علي بالحسن البصري، والحسن لا يعرفه فقال له الحسين: يا شيخ! هل ترضى لنفسك يوم بعثك؟
1 - تحف العقول: 175، بحار الأنوار 78: 117 ح 8، وفي ذيله: أنما وقع هذا التسيير بعد قتل المختار الناهض الوحيد لطلب ثار الإمام السبط المفدي، فالكتاب هذا لا يمكن أن يكون للحسين السبط (عليه السلام)، ولعله لولده الطاهر علي بن الحسين السجاد سلام الله عليهما، فاشتبه على الراوي علي بن الحسين بالحسين بن علي صلوات الله عليهما. 2 - نزهة الناظر وتنبيه الخاطر: 85 ح 18. 3 - تحف العقول: 175، بحار الأنوار 78: 117 ح 3، مستدرك الوسائل 12: 348 ح 14256، أعيان الشيعة 1: 620. 920 قال: لا! قال: فتحدث نفسك بترك ما لا ترضاه لنفسك من نفسك يوم بعثك؟ قال: نعم، بلا حقيقة! قال: فمن أغش لنفسه منك يوم بعثك، وأنت لا تحدث نفسك بترك ما لا ترضاه لنفسك بحقيقة؟ ثم مضى الحسين، فقال الحسن البصري: من هذا؟ فقيل له: الحسين بن علي. فقال: سهلتم علي. (1) التحذير من اتباع الهوى [1141] - 73 - ابن منظور: قال الحسين [(عليه السلام)]: اتقوا هذه الأهواء التي جماعها الضلالة وميعادها النار. (2) ذم الاعتذار [1142] - 74 - الحراني: قال (عليه السلام): إياك وما تعتذر منه، فإن المؤمن لا يسئ ولا يعتذر، والمنافق كل يوم يسئ ويعتذر. (3) الاعتذار من الذنب [1143] - 75 - الحلواني: وتذاكروا عنده - صلوات الله عليه - إعتذار عبد الله بن عمرو بن العاص من مشهده بصفين فقال (عليه السلام): رب ذنب أحسن من الإعتذار منه! (4)
1 - تأريخ اليعقوبي 2: 246. 2 - لسان العرب 2: 356 جمع، إحقاق الحق 11: 591. 3 - تحف العقول: 177، بحار الأنوار 78: 120 ح 16، أعيان الشيعة 1: 620. 4 - نزهة الناظر وتنبيه الخاطر 84 ح 16، أعلام الدين: 298، بحار الأنوار 78: 128 ح 11. 921 تصحيح فعل الغير [1144] - 76 - أيضا: قال (عليه السلام): من لم يكن لأحد عائبا لم يعدم مع كل [عائب] عاذرا. (1) حقيقة الغيبة [1145] - 77 - الحراني: قال (عليه السلام): لرجل إغتاب عنده رجلا: يا هذا! كف عن الغيبة فإنها إدام كلاب النار. (2) الإجتناب عن العائب [1146] - 78 - وفي رواية: قال الحسين [(عليه السلام)]: إذا سمعت أحدا يتناول أعراض الناس فاجتهد أن لا يعرفك فإن أشقى الاعراض به معارفه! (3) ثمرة المعصية [1147] - 79 - الكليني: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن شريف بن سابق، عن الفضل بن أبي قرة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كتب رجل إلى الحسين (عليه السلام): عظني بحرفين! فكتب إليه: من حاول أمرا بمعصية الله تعالى كان أفوت لما يرجو، وأسرع لمجئ ما يحذر! (4)
1 - نزهة الناظر وتنبيه الخاطر: 80 ح 1. 2 - تحف العقول: 175، بحار الأنوار 78: 117 ح 2، أعيان الشيعة 1: 620. 3 - أسرار الحكماء: 90. 4 - الكافي 2: 373 ح 3، تحف العقول: 177، بحار الأنوار 78: 120 ح 19 وفيهما اسرع لما يحذر و 73: 392 ح 3، معادن الحكمة 2: 45 ح 101، وسائل الشيعة 11: 421 ح 3. 922 [1148] - 80 - ابن عبد ربه: لما وقع الطاعون الجارف، أطاف الناس بالحسين [(عليه السلام)]، فقال: ما أحسن ما صنع بكم ربكم، أقلع مذنب وأنفق ممسك (1). أقسام الناس [1149] - 81 - ابن سعد: أخبرنا مالك بن إسماعيل النهدي قال: أخبرنا سهل بن شعيب، عن قنان النهمي، عن جعيد همدان قال: أتيت الحسين بن علي [(عليهما السلام)] وعلى صدره سكينة بنت الحسين فقال: يا أخت كلب! خذي ابنتك عني. فسألني فقال: أخبرني عن شباب العرب أو عن العرب؟ قال: قلت: أصحاب جلاهقات ومجالس! قال: فأخبرني عن الموالي؟ قال: قلت: آكل الربا أو حريص على الدنيا! قال: فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون والله! إنهما للصنفان اللذان كنا نتحدث أن الله تبارك وتعالى ينتصر بهما لدينه! يا جعيد همدان! الناس أربعة: فمنهم من له خلق وليس له خلاق، ومنهم من له خلاق وليس له خلق، ومنهم من له خلق وخلاق وذلك أفضل الناس، ومنهم من ليس له خلق ولا خلاق وذاك شر الناس. (2) أقسام الإخوان [1150] - 82 - الحراني: قال (عليه السلام): الاخوان أربعة: فأخ لك وله، وأخ لك، وأخ عليك، وأخ لا لك ولا له. فسئل عن معنى ذلك؟ فقال (عليه السلام): الأخ الذي هو لك وله، فهو الأخ الذي
1 - العقد الفريد 3: 152. 2 - ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من الطبقات الكبير: 36 ح 235. 923 يطلب بإخائه بقاء الإخاء، ولا يطلب بإخائه موت الإخاء، فهذا لك وله، لانه إذا تم الإخاء طابت حياتهما جميعا، وإذا دخل الإخاء في حال التناقض بطل جميعا. والأخ الذي هو لك: فهو الأخ الذي قد خرج بنفسه عن حال الطمع إلى حال الرغبة، فلم يطمع في الدنيا اذا رغب في الإخاء، فهذا موفر عليك بكليته. والأخ الذي هو عليك: فهو الأخ الذي يتربص بك الدوائر، ويغشى السرائر، ويكذب عليك بين العشائر، وينظر في وجهك نظر الحاسد، فعليه لعنة الواحد. والأخ الذي لا لك ولا له، فهو الذي قد ملأه الله حمقا فأبعده سحقا، فتراه يؤثر نفسه عليك، ويطلب شحا ما لديك. (1) تعقل الموت [1151] - 83 - التستري: من كلامه (عليه السلام): لو عقل الناس وتصوروا الموت بصورته لخربت الدنيا. (2) موعظة العاصي [1152] - 84 - المجلسي: روي أن الحسين بن علي (عليهما السلام) جاءه رجل وقال: أنا رجل عاص ولا أصبر عن المعصية! فعظني بموعظة فقال (عليه السلام): إفعل خمسة أشياء واذنب ما
1 - تحف العقول: 176، بحار الأنوار 78: 119 ح 13، مستدرك الوسائل 9: 153 ح 10532. 2 - إحقاق الحق 11: 592، نقلا عن محاضرات الأدباء. 924 شئت: فأول ذلك: لا تأكل رزق الله واذنب ما شئت! والثاني: اخرج من ولاية الله واذنب ما شئت! والثالث: اطلب موضعا لا يراك الله واذنب ما شئت! والرابع: اذا جاء ملك الموت ليقبض روحك فادفعه عن نفسك واذنب ما شئت! والخامس: إذا أدخلك مالك في النار فلا تدخل في النار واذنب ما شئت! (1) الاعتبار بالماضين [1153] - 85 - الديلمي: قال الحسين (عليه السلام): يا بن آدم! تفكر وقل أين ملوك الدنيا وأربابها، الذين عمروا، واحتفروا أنهارها وغرسوا أشجارها، ومدنوا مدائنها!؟ فارقوها وهم كارهون! وورثها قوم آخرون! ونحن بهم عما قليل لاحقون. يا ابن آدم! اذكر مصرعك، وفي قبرك مضجعك، وموقفك بين يدي الله تشهد جوارحك عليك، يوم تزل فيه الاقدام، وتبلغ القلوب الحناجر، وتبيض وجوه وتسود وجوه، وتبدو السرائر، ويوضع الميزان القسط! يا ابن آدم! اذكر مصارع آبائك وأبنائك كيف كانوا وحيث حلوا، وكأنك عن قليل قد حللت محلهم وصرت عبرة للمعتبر، وأنشد شعرا: أين الملوك التي عن حفظها غفلت * حتى سقاها بكأس الموت ساقيها تلك المدائن في الآفاق خالية * عادت خرابا وذاق الموت بانيها أموالنا لذوي الوراث نجمعها * ودورنا لخراب الدهر نبنيها (2)
1 - بحار الأنوار 78: 126 ح 7، جامع الأخبار: 359 ح 1001 عن علي بن الحسين (عليهما السلام). 2 - إرشاد القلوب: 29، بلاغة الحسين (عليه السلام): 33. 925 في دنائة الدنيا والحث على التقوى [1154] - 86 - الحراني: قال (عليه السلام): أوصيكم بتقوى الله، وأحذركم أيامه، وأرفع لكم أعلامه، فكأن المخوف قد أفد بمهول وروده ونكير حلوله وبشع مذاقه، فاعتلق مهجكم، وحال بين العمل وبينكم، فبادروا بصحة الأجسام في مدة الأعمار، كأنكم ببغتات طوارقه فتنقلكم من ظهر الأرض إلى بطنها، ومن علوها إلى سفلها، ومن أنسها إلى وحشتها، ومن روحها وضوئها إلى ظلمتها، ومن سعتها إلى ضيقها، حيث لا يزار حميم، ولا يعاد سقيم، ولا يجاب صريخ. أعاننا الله وإياكم على أهوال ذلك اليوم، ونجانا وإياكم من عقابه، وأوجب لنا ولكم الجزيل من ثوابه. عباد الله! فلو كان ذلك قصر مرماكم، ومدى مظعنكم كان حسب العامل شغلا يستفرغ عليه أحزانه ويذهله عن دنياه ويكثر نصبه لطلب الخلاص منه، فكيف وهو بعد ذلك مرتهن باكتسابه، مستوقف على حسابه، لا وزير له يمنعه (1)، ولا ظهير عنه يدفعه، ويومئذ (لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا قل إنتظروا إنا منتظرون). (2) أوصيكم بتقوى الله، فإن الله قد ضمن لمن اتقاه أن يحوله عما يكره إلى ما يحب (ويرزقه من حيث لا يحتسب) (3)، فإياك أن تكون ممن يخاف على العباد من ذنوبهم، ويأمن العقوبة من ذنبه، فإن الله تبارك وتعالى لا يخدع عن جنته ولا ينال ما عنده إلا بطاعته إن شاء الله. (4)
1 - في بعض النسخ يعينه. 2 - الإنعام: 6 / 158. 3 - الطلاق: 65 / 3. 4 - تحف العقول: 170، بحار الأنوار 78: 120 ح 3، أنوار البهية: 145. 926 إيقاظ الغافلين [1155] - 87 - الصدوق: أخبرنا أمين الدين ثقة الإسلام، أمين الرؤساء أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي بإسناده قال: حدثني [أبي، عن] الحسين بن علي (عليهما السلام) قال: وجد لوح تحت حائط مدينة من المدائن مكتوب فيه: أنا الله لا إله إلا أنا، ومحمد نبيي، عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح؟ وعجبت لمن أيقن بالقدر كيف يحزن؟ وعجبت لمن اختبر الدنيا كيف يطمئن إليها؟ وعجبت لمن أيقن بالحساب كيف يذنب. (1) [1156] - 88 - الحلواني: قال (عليه السلام): لولا ثلاثة ما وضع ابن آدم رأسه لشئ: الفقر، والمرض، والموت. (2) [1157] - 89 - الديلمي: وقال الحسين (عليه السلام): يا ابن آدم! إنما أنت أيام كلما مضى يوم ذهب بعضك. (3) تخريب دار الآخرة [1158] - 90 - ورام بن أبي فراس: قال رجل للحسين (عليه السلام): بنيت دارا أحب أن تدخلها وتدعو الله. فدخلها فنظر إليها، ثم قال: أخربت دارك! وعمرت دار غيرك! غرك من في الأرض، ومقتك من في السماء. (4)
1 - صحيفة الرضا (عليه السلام): 254 ح 180، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 48 ح 158، بحار الأنوار 78: 450 ح 13 و 73: 95 ح 76 و 13: 295 ح 11. 2 - نزهة الناظر وتنبيه الخاطر: 80 ح 4، الخصال 1: 113 ح 89 بحار الأنوار 5: 316 ح 12 باسناده عن رسول الله (صلى الله عليه وآله). 3 - إرشاد القلوب: 40، بلاغة الحسين (عليه السلام): 288 ح 49، تنبيه الخاطر ونزهة الناظر: 70 وفيه عن الحسين وفي هامشه الظاهر أنه البصري. 4 - تنبيه الخواطر 1: 70، مستدرك الوسائل 3: 467 ح 4013، ميزان الحكمة 4: 498 ح 8696. 927 [1159] - 91 - النوري: مر الحسين (عليه السلام) بدار بعض المهالبة، فقال: رفع الطين، ووضع الدين! (1) [1160] - 92 - الديلمي: وفي رواية مر الحسين (عليه السلام) بقصر أوس فقال: لمن هذا؟ فقالوا: لأوس. فقال: ود أوس أن له في الآخرة بدله رغيفا! (2) شر خصال الملوك [1161] - 93 - ابن شهر آشوب: كان (عليه السلام) يقول: شر خصال الملوك: الجبن من الأعداء، والقسوة على الضعفاء، والبخل عند الاعطاء. (3) توصيف الدواء للملك [1162] - 94 - الحلواني: قال (عليه السلام): لا تصفن لملك دواء، فإنه إن نفعه لم يحمدك، وإن ضره اتهمك. (4) إطعام المسلم [1163] - 95 - التستري: ومن كلامه (عليه السلام): لئن أطعم [لان أطعم] أخا لي مسلما أحب إلي من أن أعتق أفقا من الناس. قيل: وكم الأفق؟ قال: عشرة آلاف. (5)
1 - مستدرك الوسائل 3: 467 ح 4013. 2 - إرشاد القلوب: 25. 3 - المناقب 4: 65، بحار الأنوار 44: 189 ح 2، أعيان الشيعة 1: 620. 4 - نزهة الناظر وتنبيه الخاطر: 84 ح 14، أعلام الدين: 298، بحارالأنوار 75: 382 ح 47 و 78: 127 ح 11. 5 - إحقاق الحق 11: 628، نقلت هذه الرواية مفصلا عن جعفر بن محمد عن أبيه (عليهما السلام) في دعائم الإسلام 2: 106 ح 338، مستدرك الوسائل 16: 250 ح 19765. 928 إطعام الطعام وطيب الكلام [1164] - 96 - الطبراني: حدثنا أحمد بن عمرو القطراني، حدثنا زياد بن يحيى، حدثنا أبو عتاب الدلال، أنبأنا عمرو بن ثابت، حدثني حبيب بن أبي ثابت قال: صنعت امرأة من نساء الحسين [(عليه السلام)] طعاما في بعض أرضه (1) فطعم، ثم رفع الطعام فجاء مولى له فدعا بالطعام، فقال: يا أبا عبد الله! لا أريده قال: لم؟ قال: أكلنا قبيل (2) عند عبيد الله بن عباس فقال الحسين [(عليه السلام)]: إن أباه كان سيد قريش، إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: يا بني عبد المطلب! أطعموا الطعام وأطيبوا الكلام. (3) نطق معاوية وسكوته [1165] - 97 - الكراجكي: بلغه (عليه السلام) كلام نافع بن جبير في معاوية وقوله: إنه كان يسكته الحلم وينطقه العلم! فقال (عليه السلام): بل كان ينطقه البطر ويسكته الحصر. (4) جوابه لعمرو بن العاص [1166] - 98 - الفضل بن شاذان: عن ابن عيينة، عن عمر [و] بن دينار، عن أبي جعفر قال:
1 - مجمع الزوائد: ارحبته. 2 - مجمع الزوائد: فتيل. 3 - المعجم الكبير 3: 135 ح 2911، مجمع الزوائد 5: 17. 4 - كنز الفوائد: 195، بحار الأنوار 33: 219 ح 508 و 78: 127 ح 10، رواه في كشف الغمة 2: 107 عن السجاد (عليه السلام). بيان: الحصر بالتحريك العي. 929 لقي عمرو بن العاص الحسين بن علي (عليهما السلام) في الطريق فقال: لا تكن أحمق قريش! فقال الحسين (عليه السلام): لقد ذكرت رجلا بصيرا على الخلق! ولكنك امرؤ ادعاك أربعة من قريش فغلبهم عليك أشرهم بيتا وألأمهم حسبا وجزار قريش. (1)
1 - الإيضاح: 87. 930 الفصل الرابع في الأدعية
931 العجز عن الدعاء [1167] - 99 - المجلسي: قال (عليه السلام): أعجز الناس من عجز عن الدعاء، وأبخل الناس من بخل بالسلام. (1) طلب عدم الإستدراج بالإحسان والتأديب بالبلاء [1168] - 100 - الحلواني: وكان من دعائه (عليه السلام): أللهم لا تستدرجني بالاحسان، ولا تؤدبني بالبلاء. (2) معنى الإستدراج [1169] - 101 - الحراني: وقال (عليه السلام): الاستدراج من الله سبحانه لعبده أن يسبغ عليه النعم ويسلبه الشكر. (3)
1 - بحارالأنوار 93: 294 ح 23، أمالي المفيد: 88 ح 136، مكارم الأخلاق: 284، مستدرك الوسائل 8: 359 ح 9664. وفي الثلاثة الأخيرة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله). 2 - نزهة الناظر وتنبيه الخاطر 83 ح 10، كشف الغمة 2: 31، المحجة البيضاء 4: 227، بحار الأنوار 78: 127 ح 9. 3 - تحف العقول: 175. 933 دعائه (عليه السلام) في قنوته [1170] - 102 - السيد ابن طاووس: اللهم منك البدء ولك المشية، [المشيئة] ولك الحول ولك القوة، وأنت الله الذي لا إله إلا أنت، جعلت قلوب أوليائك مسكنا لمشيتك، ومكمنا لإرادتك، وجعلت عقولهم مناصب أوامرك ونواهيك، فأنت إذا شئت ما تشاء حركت من أسرارهم كوامن ما أبطنت فيهم، وأبدأت من إرادتك على ألسنتهم ما أفهمتهم به عنك في عقودهم بعقول تدعوك وتدعو إليك بحقائق ما منحتهم به، وإني لأعلم مما علمتني مما أنت المشكور على ما منه أريتني، وإليه آويتني. أللهم وإني مع ذلك كله عائذ بك، لائذ بحولك وقوتك، راض بحكمك الذي سقته إلى في علمك، جار بحيث أجريتني، قاصد ما أممتني، غير ضنين بنفسي فيما يرضيك عني إذ به قد رضيتني، ولا قاصر بجهدي عما إليه ندبتني، مسارع لما عرفتني، شارع فيما أشرعتني، مستبصر في ما بصرتني، مراع ما أرعيتني، فلا تخلني من رعايتك، ولا تخرجني من عنايتك، ولا تقعدني عن حولك، ولا تخرجني عن مقصد أنال به إرادتك، واجعل على البصيرة مدرجتي، وعلى الهداية محجتي، وعلى الرشاد مسلكي، حتى تنيلني وتنيل بي أمنيتي، وتحل بي على ما به أردتني، وله خلقتني، وإليه آويتني، وأعذ أولياءك من الافتنان بي، وفتنهم برحمتك لرحمتك في نعمتك تفتين الاجتباء، والاستخلاص بسلوك طريقتي، واتباع منهجي، وألحقني بالصالحين من آبائي وذوي رحمي [لحمتي]. (1)
1 - مهج الدعوات: 48، بحارالأنوار 85: 214 ح 1، صحيفة الحسينية: 32. 934 [1171] - 103 - وعنه أيضا: اللهم من أوى إلى مأوى فأنت مأواي، ومن لجأ إلى ملجأ فأنت ملجأي، أللهم صل على محمد وآل محمد، واسمع ندائي، وأجب دعائي، واجعل مآبي عندك ومثواي، واحرسني في بلواي من إفتنان الامتحان، ولمة الشيطان، بعظمتك التي لا يشوبها ولع نفس بتفتين، ولا وارد طيف بتظنين، ولا يلم بها فرح حتى تقلبني إليك بإرادتك غير ظنين ولا مظنون، ولا مراب ولا مرتاب، إنك أرحم الراحمين. (1) دعاؤه (عليه السلام) في قنوت الوتر [1172] - 104 - ابن سعد: أخبرنا سعيد بن منصور، عن جرير بن عبد الحميد، عن منصور، عن محمد بن أبي محمد البصري قال: كان الحسين بن علي [(عليهما السلام)] يقول في وتره: أللهم إنك ترى ولا ترى، وأنت بالمنظر الاعلى، [وإن إليك الرجعى]، وإن لك الآخرة والأولى، أللهم إنا نعوذ بك من أن نذل ونخزى. (2) [1173] - 105 - أحمد بن حنبل: حدثنا عبد الله، حدثني أبي، حدثنا يزيد، أنبأنا شريك بن عبد الله، عن أبي إسحاق، عن بريد بن أبي مريم، عن أبي الحوراء، عن الحسين بن علي [(عليهما السلام)] قال: علمني جدي - أو قال النبي (صلى الله عليه وآله) - كلمات أقولهن في الوتر: أللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، تباركت ربنا وتعاليت. (3)
1 - مهج الدعوات: 49، بحارالأنوار 85: 214 ح 1، صحيفة الحسينية: 36. 2 - ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من الطبقات الكبير: 38، كنز العمال 8: 82 ح 21992. 3 - مسند الإمام أحمد بن حنبل 1: 201 و 199 عن الحسن 7. 935 دعاؤه (عليه السلام) للإستسقاء [1174] - 106 - الدينوري: حدثنا إسحاق بن راهويه قال: أخبرنا حسين بن علي الجعفي، عن إسرائيل، عن الحسين [(عليه السلام)] أنه كان إذا استسقى قال: أللهم اسقنا سقيا واسعة وادعة، عامة، نافعة، غير ضارة، تعم بها حاضرنا وبادينا، وتزيد بها في رزقنا وشكرنا، أللهم اجعله رزق إيمان، وعطاء إيمان، إن عطاءك لم يكن محظورا، أللهم أنزل علينا في أرضنا سكنها، وأنبت فيها زينتها ومرعاها. (1) دعاؤه (عليه السلام) في الصباح والمساء [1175] - 107 - السيد ابن طاووس: بسم الله الرحمن الرحيم، بسم الله وبالله، ومن الله وإلى الله، وفي سبيل الله، وعلى ملة رسول الله، وتوكلت على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم. اللهم إني أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، إياك أسأل العافية من كل سوء في الدنيا والآخرة. أللهم إنك تكفيني من كل أحد ولا يكفيني أحد منك، فاكفني من كل أحد ما أخاف وأحذر، واجعل لي من أمري فرجا ومخرجا، إنك تعلم ولا أعلم، وتقدر ولا أقدر، وأنت على كل شيء قدير، برحمتك يا أرحم الراحمين. (2)
1 - عيون الأخبار 2: 278، حياة الإمام الحسين (عليه السلام) 1: 166، منتخب كنز العمال المطبوع بهامش مسند أحمد 3: 65 وفيه: اللهم أنزل في أرضنا بركتها وزينتها وسكنها، وارزقنا وأنت خير الرازقين. 2 - مهج الدعوات: 157، بحارالأنوار 86: 313 ح 65. 936 دعاؤه (عليه السلام) لطلب التوفيق [1176] - 108 - عنه أيضا: أللهم إني أسألك توفيق أهل الهدى، وأعمال أهل التقوى، ومناصحة أهل التوبة، وعزم أهل الصبر، وحذر أهل الخشية، وطلب أهل العلم، وزينة [نية] أهل الورع، وخوف أهل الجزع، حتى أخافك. أللهم مخافة يحجزني عن معاصيك، وحتى أعمل بطاعتك عملا أستحق به كرامتك، وحتى أناصحك في التوبة خوفا لك، وحتى أخلص لك في النصيحة حبا لك، وحتى أتوكل عليك في الأمور حسن ظن بك، سبحان خالق النور، سبحان الله العظيم وبحمده. (1) دعاء العشرات [1177] - 109 - وعنه أيضا: مروى عن مولانا الحسين بن على (عليهما السلام): بسم الله الرحمن الرحيم، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا با الله العلى العظيم، سبحان الله بالغدو والآصال، سبحان الله في آناء الليل وأطراف النهار، سبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السموات والأرض وعشيا وحين تظهرون، يخرج الحي من الميت، ويخرج الميت من الحي، ويحيي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون، سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين، سبحان ربك رب العرش العظيم، سبحان ذي الملك
1 - مهج الدعوات: 157، بحار الأنوار 94: 191 ح 5. 937 والملكوت، سبحان ذي العزة والعظمة والجبروت، سبحان الملك الحي القدوس، سبحان الدائم القائم، سبحان القائم الدائم، سبحان الحي القيوم، سبحان ربي الاعلى، سبحان العلي الاعلى، سبحانه وتعالى، سبحان الله السبوح القدوس رب الملائكة والروح. اللهم إني أصبحت منك في نعمة وعافية فصل أللهم على محمد وال محمد، وتمم علي نعمتك وعافيتك وارزقني شكرك، أللهم بنورك اهتديت وبفضلك استغنيت وبنعمتك أصبحت وأمسيت، ذنوبي بين يديك، أستغفرك وأتوب إليك، لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، أنت الجد لا ينفع ذا الجد منك الجد، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. أللهم إني أشهدك وأشهد ملائكتك وحملة عرشك وجميع خلقك في سمواتك وأرضك، أنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، وأن محمدا عبدك ورسولك (صلى الله عليه وآله). أللهم اكتب لي هذه الشهادة عندك حتى تلقنيها يوم القيمة وقد رضيت بها عني إنك على كل شىء قدير، أللهم لك الحمد حمدا تضع لك السموات كنفيها، وتسبح لك الأرض ومن عليها، أللهم لك الحمد حمدا يصعد أوله ولا ينفد آخره، حمدا يزيد ولا يبيد، سرمدا أبدا لا انقطاع له ولا نفاد، حمدا يصعد ولا ينفد. أللهم لك الحمد في وعلي ومعي وقبلي وبعدي، وأمامي وورائي وخلفي وإذا مت وفنيت يا مولاي! ولك الحمد في كل عرق ساكن، وعلى كل عرق ضارب، ولك الحمد على كل أكلة وشربة وبطشة ونشطة، وعلى كل موضع شعرة.
938 أللهم لك الحمد كله، ولك المن كله، ولك الخلق كله، ولك الملك كله، ولك الأمر كله، وبيدك الخير كله، وإليك يرجع الأمر كله، علانيته وسره، وأنت منتهى الشان كله. اللهم لك الحمد على حلمك بعد علمك في، ولك الحمد على عفوك عني بعد قدرتك علي، اللهم لك الحمد صاحب الحمد، ووارث الحمد، ومالك الحمد، ووارث الملك، بديع الحمد ومبتدع الحمد، وفي العهد، صادق الوعد، عزيز الجند، قديم المجد. أللهم لك الحمد رفيع الدرجات، مجيب الدعوات، منزل الآيات من فوق سبع سموات، مخرج النور من الظلمات، مبدل السيئات حسنات، وجاعل الحسنات درجات. أللهم لك الحمد غافر الذنب وقابل التوب، شديد العقاب ذا الطول، لا إله إلا أنت إليك المصير. أللهم لك الحمد في الليل إذا يغشى، ولك الحمد في النهار إذا تجلى، ولك الحمد في الآخرة والأولى، ولك الحمد عدد كل نجم في السماء، ولك الحمد عدد كل قطرة في السماء، ولك الحمد عدد كل قطرة نزلت من السماء، ولك الحمد عدد كل قطرة في البحار، ولك الحمد عدد الشجر والورق والثرى والمدر والحصى والجن والإنس والطير والبهائم والسباع والأنعام والهوام، ولك الحمد عدد ما على وجه الأرض وتحت الأرض وما في الهواء والسماء، ولك الحمد عدد ما أحصاه كتابك وأحاط به علمك، حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه أبدا. ثم تقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد
939 يحيي ويميت ويميت ويحيي وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شىء قدير، - عشر مرات - أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه - عشر مرات - يا ألله يا ألله يا ألله يا رحمن يا رحمن، يا رحمن يا رحيم يا رحيم، يا حنان يا حنان، يا منان يا منان، يا حي يا قيوم - كل واحد عشر مرات - يا بديع السموات والأرض، يا ذا لجلال والاكرام - عشر مرات - بسم الله الرحمن الرحيم - عشر مرات - يا لا إله إلا أنت - عشر مرات - أللهم صل على محمد وال محمد - عشر مرات -، آمين آمين - عشر مرات -، ثم تسئل حوائجك كلها بعده لدنياك وآخرتك تجاب عليه إن شاء الله تعالى. (1) [1178] - 110 - الكفعمي: روى هذا الدعاء عن مولينا الحسين (عليه السلام)، ولكثرة اختلاف المتن وأهميته نذكره بعينه، وقال: ثم تدعو بدعاء العشرات عند المساء والصباح،: وأفضله بعد العصر من يوم الجمعة مروي عن مولانا الحسين (عليه السلام): بسم الله الرحمن الرحيم سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم، سبحان الله آناء الليل وأطراف النهار، سبحان الله بالغدو والآصال، سبحان الله بالعشي والإبكار، سبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السموات والأرض وعشيا وحين تظهرون، يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويحيى الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون، سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين، سبحان ذي الملك
1 - مهج الدعوات: 149، جمال الأسبوع: 279، بحار الأنوار 90: 73 ح 1 وفيهما مروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام). 940 والملكوت، سبحان ذي العز [العزة] والجبروت، سبحان ذي الكبرياء والعظمة، سبحان الملك الحق المبين المهيمن القدوس، سبحان الله الملك الحي الذي لا يموت، سبحان الله الملك الحي القدوس، سبحان القائم الدائم، سبحان الدائم القائم، سبحان ربي العظيم، سبحان ربي الاعلى، سبحان الحي القيوم، سبحان العلى الاعلى، سبحانه وتعالى، سبوح قدوس، ربنا ورب الملائكة والروح، سبحان الدائم غير الغافل، سبحان العالم بغير تعليم، سبحان خالق ما يرى وما لا يرى، سبحان الذي يدرك الابصار ولا تدركه الابصار وهو اللطيف الخبير. أللهم إني أصبحت منك في نعمة وخير وبركة وعافية فصل على محمد وآله وأتمم علي نعمتك وخيرك وبركاتك وعافيتك بنجاة من النار، وارزقني شكرك وعافيتك وفضلك وكرامتك أبدا ما أبقيتني. أللهم بنورك اهتديت وبفضلك استغنيت، وبنعمتك أصبحت وأمسيت. أللهم إني أشهدك وكفى بك شهيدا وأشهد ملائكتك وأنبياءك ورسلك وحملة عرشك وسكان سمواتك وأرضك وجميع خلقك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمدا (صلى الله عليه وآله) عبدك ورسولك وأنك على كل شيء قدير تحيي وتميت وتميت وتحيي، وأشهد أن الجنة حق، وأن النار حق، والنشور حق، والساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، وأشهد أن علي بن أبي طالب أمير المؤمنين حقا حقا وأن الأئمة من ولده هم الأئمة الهداة المهديون غير الضالين ولا المضلين وأنهم أولياؤك المصطفون وحزبك الغالبون وصفوتك وخيرتك من خلقك ونجباؤك الذين انتجبتهم لدينك واختصصتهم من خلقك واصطفيتهم على عبادك وجعلتهم حجة على
941 العالمين، صلواتك عليهم والسلام عليهم ورحمة الله وبركاته. أللهم اكتب لي هذه الشهادة عندك حتى تلقينيها وأنت عني راض، إنك على ما تشاء قدير. أللهم لك الحمد حمدا يصعد أوله ولا ينفد آخره، أللهم لك الحمد حمدا تضع لك السماء كنفيها وتسبح لك الأرض ومن عليها. أللهم لك الحمد حمدا سرمدا أبدا، لا انقطاع له ولا نفادله، ولك ينبغي وإليك ينتهي، في وعلي ولدي ومعي وقبلي وبعدي وأمامي وفوقي وتحتي، وإذا مت وبقيت فردا وحيدا، ثم فنيت ولك الحمد إذا نشرت وبعثت يا مولاي!. أللهم لك الحمد والشكر بجميع محامدك كلها على جميع نعمائك كلها حتى ينتهي الحمد إلى ما تحب ربنا وترضى. أللهم لك الحمد على كل أكلة وشربة وبطشة وقبضة وبسطة وفي كل موضع شعرة. أللهم لك الحمد حمدا خالدا مع خلودك، ولك الحمد حمدا لا منتهى له دون علمك ولك الحمد حمدا لا أمد له دون مشيتك، ولك الحمد حمدا لا أجر لقآئله إلا رضاك، ولك الحمد على حلمك بعد علمك، ولك الحمد على عفوك بعد قدرتك، ولك الحمد باعث الحمد، ولك الحمد وارث الحمد ولك الحمد بديع الحمد، ولك الحمد منتهى الحمد، ولك الحمد مبتدع الحمد، ولك الحمد مشترى الحمد، ولك الحمد ولي الحمد، ولك الحمد مالك الحمد، ولك الحمد قديم الحمد، ولك الحمد صادق الوعد وفى العهد عزيز الجند، قائم المجد، ولك الحمد رفيع الدرجات مجيب الدعوات منزل الآيات من فوق سبع
942 سموات عظيم البركات، مخرج النور من الظلمات ومخرج من في الظلمات إلى النور، مبدل السيئات حسنات، وجاعل الحسنات درجات. أللهم لك الحمد غافر الذنب، وقابل التوب، شديد العقاب، ذا الطول، لا إله إلا أنت إليك المصير. أللهم لك الحمد في الليل إذا يغشى، ولك الحمد في النهار إذا تجلى، ولك الحمد في الآخرة والأولى، ولك الحمد عدد كل نجم وملك في السماء، ولك الحمد عدد الثرى والحصى والنوى، ولك الحمد عدد ما في جو السماء، ولك الحمد عدد ما في جوف الأرض، ولك الحمد عدد أوزان مياه البحار، ولك الحمد عدد أوراق الأشجار، ولك الحمد عدد ما على وجه الأرض، ولك الحمد عدد ما أحصى كتابك، ولك الحمد عدد ما أحاط به علمك، ولك الحمد عدد الإنس والجن والهوام والطير والبهائم والسباع حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما تحب ربنا وترضى وكما ينبغي لكرم وجهك وعز جلالك. ثم قل: عشرا: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو اللطيف الخبير. وعشرا: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت ويميت ويحيي وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شىء قدير. وعشرا: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه. ثم قل: يا الله عشرا، يا رحمن عشرا، يا رحيم عشرا، يا بديع السموات والأرض عشرا، يا ذا الجلال والاكرام عشرا، يا حنان يا منان عشرا، يا حي يا قيوم عشرا، يا حي لا إله إلا أنت عشرا، يا الله لا إله إلا أنت عشرا، وبسمل عشرا، أللهم صل على محمد وال محمد عشرا، أللهم افعل بي ما أنت أهله
943 عشرا، آمين عشرا، واقرء التوحيد عشرا، ثم قل بعد ذلك: اللهم اصنع بي ما أنت أهله ولا تصنع بي ما أنا أهله فإنك أهل التقوى وأهل المغفرة وأنا أهل الذنوب والخطايا فارحمني يا مولاي! وأنت ارحم الراحمين. ثم قل عشرا: لا حول ولا قوة إلا با الله توكلت على الحي الذي لا يموت والحمد لله الذي لم يتخذ ولدا - الآية... (1) وروى المجلسي هذا الدعاء. ثم قال: لهذا الدعاء أسانيد جمة وفيه اختلاف كثير بحسب اختلاف الروايات، ولذا أوردناه في مواضع، وقد أورده السيد في جمال الأسبوع بسنده إلى الشيخ بإسناده إلى ابن عقدة بثلاث أسانيد إلى أبي جعفر (عليه السلام)، وهو مشتمل على أجر جزيل وثواب عظيم لقرائته غدوة وعشية وفي عصر يوم الجمعة، ورواه في كتاب مهج الدعوات من كتاب الدعاء لسعد بن عبد الله بإسناده عن معاوية بن وهب، عن الصادق (عليه السلام)، وبسند آخر عن الحسين (عليه السلام)، ووجدته أيضا في كتاب عتيق من أصول أصحابنا أظنه من كتب محمد بن هارون التلعكبري بسنده عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام) أن أمير المؤمنين (عليه السلام) علمه الحسين (عليه السلام). (2) دعاؤه (عليه السلام) بالكعبة الشريفة [1179] - 111 - باقر شريف القرشي: كان (عليه السلام) يمسك الركن الأسود ويناجي الله ويدعو قائلا: إلهي أنعمتني فلم تجدني شاكرا، وأبليتني فلم تجدني صابرا، فلا أنت سلبت النعمة بترك الشكر، ولا أدمت الشدة بترك الصبر، إلهي ما يكون من الكريم إلا الكرم. (3)
1 - البلد الأمين: 24، مصباح المتهجد: 84 ح 14، بحار الأنوار 86: 271 ح 40. 2 - بحار الأنوار 86: 274. 3 - إحقاق الحق 11: 595، حياة الإمام الحسين (عليه السلام) 1: 134، واللفظ من حياة الإمام الحسين (عليه السلام)، بحار الأنوار 99: 197 ح 13 عن الإمام الحسن (عليه السلام). 944 دعاؤه (عليه السلام) في سجوده في مسجد النبى (صلى الله عليه وآله) [1180] - 112 - الخوارزمي: روي في المراسيل أن شريحا قال: دخلت مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فإذا الحسين بن علي فيه ساجد يعفر خده على التراب وهو يقول: سيدي ومولاي! المقامع الحديد خلقت أعضائي!؟ أم لشرب الحميم خلقت أمعائي!؟ إلهي لئن طالبتني بذنوبي لأطالبنك بكرمك، ولئن حبستني مع الخاطئين لأخبرنهم بحبي لك! سيدي إن طاعتك لا تنفعك، ومعصيتي لا تضرك، فهب لي ما لا ينفعك، واغفر لي ما لا يضرك، فإنك أرحم الراحمين. (1) الدعاء عند القبور [1181] - 113 - المجلسي: روي عن الحسين بن علي (عليهما السلام) أنه قال: من دخل المقابر فقال: أللهم رب هذه الأرواح الفانية، والأجساد البالية، والعظام النخرة التي خرجت من الدنيا وهي بك مؤمنة، أدخل عليهم روحا منك وسلاما مني. كتب الله له بعدد الخلق من لدن آدم إلى أن تقوم الساعة حسنات. (2) تسبيحه (عليه السلام) في اليوم الخامس من كل شهر [1182] - 114 - الراوندي: تسبيح الحسين بن علي (عليهما السلام) في اليوم الخامس: سبحان الرفيع الاعلى، سبحان العظيم الأعظم، سبحان من هو هكذا ولا يكون هكذا غيره، ولا يقدر أحد قدرته، سبحان من أوله علم لا يوصف، وآخره علم لا يبيد،
1 - مقتل الإمام الحسين (عليه السلام) 1: 152، فرائد السمطين 2: 262، إحقاق الحق 11: 424. 2 - بحار الأنوار 102: 300 ح 31، مستدرك الوسائل 2: 373 ح 2223. 945 [سبحان من علا فوق] البريات بالإلهية، فلا عين تدركه، ولا عقل يمثله، ولا وهم يصوره، ولا لسان يصفه بغاية ماله [من] الوصف، سبحان من علا في الهواء، سبحان من قضى الموت على العباد، سبحان الملك المقتدر، [القادر] سبحان الملك القدوس، سبحان الباقي الدائم. (1) دعاؤه (عليه السلام) يوم عرفة [1183] - 115 - المجلسي: قال الكفعمي في حاشية البلد الأمين المذكور على أول هذا الدعاء: وذكر السيد الحسيب النسيب رضي الدين علي بن طاووس (قدس الله روحه) في كتاب مصباح الزائر قال: روى بشر وبشير الأسديان أن الحسين بن علي ابن أبي طالب (عليهما السلام) خرج عشية عرفة يومئذ من فسطاطه متذللا خاشعا فجعل (عليه السلام) يمشي هونا هونا حتى وقف هو وجماعة من أهل بيته وولده ومواليه في ميسرة الجبل مستقبل البيت، ثم رفع يديه تلقاء وجهه كاستطعام المسكين ثم قال: الحمد لله الذي ليس لقضائه دافع... قلت: معنى هونا أي مشيا رويدا رفيقا يعني بالسكينة والوقار، قاله العزيزي. انتهى ما في حاشية البلد الأمين. (2) [1184] - 116 - السيد ابن طاووس: ومن الدعوات المشرفة في يوم عرفة دعاء مولانا الحسين بن علي صلوات الله عليه: الحمد لله الذي ليس لقضائه دافع، ولا لعطائه مانع، ولا كصنعه صنع صانع، وهو الجواد الواسع، فطر أجناس البدائع، وأتقن بحكمته الصنائع، لا يخفى عليه الطلايع، ولا تضيع عنده الودائع، أتى بالكتاب الجامع، وبشرع
1 - الدعوات: 92 ح 228، بحارالأنوار 94: 206 ح 3. 2 - بحار الأنوار 98: 214 ولم نجد ذلك في البلد الأمين المطبوع ولا في المصباح الزائر المطبوع. 946 الاسلام النور الساطع، وهو للخليقة صانع، وهو المستعان على الفجائع، جازي كل صانع، ورائش كل قانع، وراحم كل ضارع، ومنزل المنافع، والكتاب الجامع، بالنور الساطع، وهو للدعوات سامع، وللدرجات رافع، وللكربات دافع، وللجبابرة قامع، وراحم عبرة كل ضارع، ودافع ضرعة كل ضارع، فلا إله غيره، ولا شىء يعدله، وليس كمثله شيء وهو السميع العليم، البصير اللطيف الخبير، وهو على كل شىء قدير. أللهم إني أرغب إليك وأشهد بالربوبية لك مقرا بأنك ربي، وأن إليك مردي، ابتدأتني بنعمتك قبل أن أكون شيئا مذكورا، وخلقتني من التراب، ثم أسكنتني الأصلاب، آمنا لريب المنون واختلاف الدهور، فلم أزل ظاعنا من صلب إلى رحم، في تقادم الأيام الماضية والقرون الخالية، لم تخرجني لرأفتك بي ولطفك لي [بي] وإحسانك إلى في دولة أيام الكفرة، الذين نقضوا عهدك وكذبوا رسلك، لكنك أخرجتني رأفة منك وتحننا على للذي سبق لي من الهدى الذي فيه يسرتني وفيه [له] أنشأتني، ومن قبل ذلك رؤفت بي بجميل صنعك وسوابغ نعمتك فابتدعت خلقي من مني يمنى، ثم أسكنتني في ظلمات ثلاث، بين لحم وجلد ودم، لم تشهرني بخلقي، ولم تجعل إلى شيئا من أمري، ثم أخرجتني إلى الدنيا تاما سويا، وحفظتني في المهد طفلا صبيا، ورزقتني من الغذاء لبنا مريا [طريا]، وعطفت علي قلوب الحواضن، وكفلتني الأمهات الرحائم، وكلأتني من طوارق الجان، وسلمتني من الزيادة والنقصان، فتعاليت يا رحيم يا رحمن! حتى إذا استهللت ناطقا بالكلام أتممت على سوابغ الانعام، فربيتني زائدا في كل عام، حتى إذا كملت فطرتي واعتدلت سريرتي أوجبت علي حجتك بأن ألهمتني معرفتك، وروعتني
947 بعجائب فطرتك، وأنطقتني لما ذرأت في سمائك وأرضك من بدائع خلقك، ونبهتني لذكرك وشكرك وواجب طاعتك وعبادتك، وفهمتني ما جاءت به رسلك، ويسرت لي تقبل مرضاتك ومننت علي في جميع ذلك بعونك ولطفك، ثم إذ خلقتني من حر الثرى لم ترض لي يا إلهي! بنعمة دون أخرى ورزقتني من أنواع المعاش وصنوف الرياش، بمنك العظيم علي وإحسانك القديم إلي، حتى إذا أتممت على جميع النعم، وصرفت عنى كل النقم، لم يمنعك جهلي وجرأتي عليك أن دللتني على ما يقربني إليك، ووفقتني لما يزلفني لديك، فإن دعوتك أجبتني، وإن سئلتك أعطيتني، وإن أطعتك شكرتني، وإن شكرتك زدتني، كل ذلك إكمالا لأنعمك على، واحسانك إلي، فسبحانك سبحانك من مبدئ معيد، حميد مجيد، وتقدست أسماؤك، وعظمت آلاؤك، فأي أنعمك يا إلهي! أحصي عددا، أو ذكرا أم أي عطاياك أقوم بها شكرا، وهي يا رب! أكثر من أن يحصيها العادون، أو يبلغ علما بها الحافظون، ثم ما صرفت وذرأت عني. أللهم من الضر والضراء أكثر مما ظهر لي من العافية والسراء، وأنا أشهد يا إلهي! بحقيقة إيماني، وعقد عزمات يقيني، وخالص صريح توحيدي، وباطن مكنون ضميري، وعلائق مجاري نور بصرى، وأسارير صفحة جبيني، وخرق مسارب نفسي، وحذاريف [خذاريف] مارن عرنيني، ومسارب صماخ سمعي، وما ضمت وأطبقت عليه شفتاي، وحركات لفظ لساني، ومغرز حنك فمي وفكي، ومنابت أضراسي، وبلوغ حبائل بارع عنقي، ومساغ مطعمي [مأكلي] ومشربي، وحمالة أم رأسي، وجمل حمائل حبل وتيني، وما اشتمل عليه تامور صدري، ونياط حجاب قلبي، وأفلاذ حواشي كبدي، وما
948 حوته شراسيف أضلاعي، وحقاق مفاصلي، وأطراف أناملي، وقبض عواملي ودمي وشعري وبشري وعصبي وقصبي وعظامي ومخي وعروقي وجميع جوارحي، وما انتسج على ذلك أيام رضاعي، وما أقلت الأرض مني ونومي ويقظتي وسكوني وحركتي وحركات ركوعي وسجودي أن لو حاولت واجتهدت مدى الأعصار والأحقاب لو عمرتها أن أؤدى شكر واحدة من أنعمك ما استطعت ذلك إلا بمنك، الموجب على شكرا آنفا جديدا وثناء طارفا عتيدا، أجل ولو حرصت والعادون من أنامك أن نحصي مدى إنعامك سالفة وآنفة لما حصرناه عددا، ولا أحصيناه أبدا، هيهات أنى ذلك وأنت المخبر عن نفسك في كتابك الناطق والنبأ الصادق (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) (1) صدق كتابك. اللهم ونباؤك وبلغت أنبياؤك ورسلك ما أنزلت عليهم من وحيك وشرعت لهم من دينك. غير أني [يا إلهي!] أشهد بجدي وجهدي ومبالغ طاقتي ووسعي وأقول مؤمنا موقنا الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا فيكون موروثا، ولم يكن له شريك في الملك فيضاده فيما ابتدع، ولا ولى من الذل فيرفده فيما صنع، سبحانه سبحانه سبحانه (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا) (2) وتفطرتا، فسبحان الله الواحد الحق الاحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، الحمد لله حمدا يعدل حمد ملائكته المقربين وأنبيائه المرسلين، وصلى الله على خيرته من خلقه محمد خاتم النبيين وآله الطاهرين المخلصين. ثم اندفع (عليه السلام) في المسألة واجتهد في الدعاء وقال: - وعيناه تكفان دموعا -.
1 - إبراهيم: 14 / 34. 2 - الأنبياء: 14 / 22. 949 أللهم اجعلني أخشاك كأني أراك وأسعدني بتقواك، ولا تشقني بمعصيتك، وخرلي في قضاءك، وبارك لي في قدرك، حتى لا أحب تعجيل ما أخرت ولا تأخير ما عجلت. أللهم اجعل غناي في نفسي، واليقين في قلبي، والاخلاص في عملي، والنور في بصري، والبصيرة في ديني، ومتعني بجوارحي، واجعل سمعي وبصرى الوارثين مني، وانصرني على من ظلمني، وارزقني مآربي وثاري، وأقر بذلك عيني. أللهم اكشف [لي] كربتي، واستر عورتي، واغفر لي خطيئتي، واخسأ شيطاني، وفك رهاني، واجعل لي يا إلهي! الدرجة العليا في الآخرة والأولى. أللهم لك الحمد كما خلقتني فجعلتني سميعا بصيرا، ولك الحمد كما خلقتني فجعلتني حيا سويا، رحمة بي وكنت عن خلقي غنيا، رب بما برأتني فعدلت فطرتي، رب بما أنشأتني فأحسنت صورتي، يا رب! بما أحسنت بي وفي نفسي عافيتني رب بما كلأتني ووفقتني، رب بما أنعمت على فهديتني، رب بما آويتني ومن كل خير آتيتني وأعطيتني، رب بما أطعمتني وسقيتني، رب بما أغنيتني وأقنيتني، رب بما أعنيتني وأعززتني، رب بما ألبستني من ذكرك الصافي ويسرت لي من صنعك الكافي صل على محمد وال محمد، و أعني على بوائق الدهر وصروف الأيام والليالي ونجني من أهوال الدنيا وكربات الآخرة واكفني شر ما يعمل الظالمون في الأرض. أللهم ما أخاف فاكفني، وما أحذر فقني، وفي نفسي وديني فاحرسني، وفي سفري فاحفظني، وفي أهلي ومالي وولدي فاخلفني، وفيما رزقتني فبارك لي، وفي نفسي فذللني، وفي أعين الناس فعظمني، ومن شر الجن
950 والإنس فسلمني، وبذنوبي فلا تفضحني، وبسريرتي فلا تخزني، وبعملي فلا تبسلني، ونعمك فلا تسلبني، وإلى غيرك فلا تكلني، إلى من تكلني إلى القريب يقطعني، أم إلى البعيد يتهجمني، أم إلى المستضعفين لي، وأنت ربي ومليك أمري، أشكوا إليك غربتي، وبعد داري وهواني على من ملكته أمري. أللهم فلا تحلل بي غضبك، فان لم تكن غضبت على فلا أبالي سواك، غير أن عافيتك أوسع لي، فأسئلك بنور وجهك الذي أشرقت له الأرض والسموات، وانكشفت به الظلمات، وصلح عليه أمر الأولين والآخرين، أن لا تميتني على غضبك، ولا تنزل بي سخطك، لك العتبى حتى ترضى من قبل ذلك، لا إله إلا أنت رب البلد الحرام، والمشعر الحرام، والبيت العتيق الذي أحللته البركة، وجعلته للناس أمنة. يا من عفى عن العظيم من الذنوب بحلمه، يا من أسبغ النعمة بفضله، يا من أعطى الجزيل بكرمه، يا عدتي في كربتي، ويا مونسي في حفرتي، يا ولى نعمتي، يا إلهي وإله آبائي إبراهيم وإسمعيل وإسحق ويعقوب ورب جبرئيل وميكائيل وإسرافيل ورب محمد خاتم النبيين، وآله المنتجبين، و منزل التورية، والإنجيل والزبور والقران العظيم، ومنزل كهيعص وطه ويس والقران الحكيم، أنت كهفي حين تعييني المذاهب في سعتها، وتضيق على الأرض بما رحبت، ولولا رحمتك لكنت من المفضوحين، وأنت مؤيدي بالنصر على الأعداء، ولولا نصرك لي لكنت من المغلوبين. يا من خص نفسه بالسمو والرفعة، وأوليآؤه بعزه يعتزون، يا من جعلت له الملوك نير المذلة على أعناقهم فهم من سطواته خائفون، يعلم [تعلم] خائنة الأعين، وما تخفى الصدور، وغيب ما تأتي به الأزمان والدهور، يا من
951 لا يعلم كيف هو إلا هو، يا من لا يعلم ما هو إلا هو، يا من لا يعلم ما يعلمه إلا هو، يا من كبس الأرض على الماء وسد الهواء بالسماء، يا من له أكرم الأسماء، يا ذا المعروف الذي لا ينقطع أبدا، يا مقيض الركب ليوسف في البلد القفر ومخرجه من الجب، وجاعله بعد العبودية ملكا، يا راد يوسف على يعقوب بعد أن ابيضت عيناه من الحزن، فهو كظيم، يا كاشف الضر والبلاء عن أيوب، يا ممسك يد إبراهيم عن ذبح ابنه بعد أن كبر سنه وفنى عمره، يا من استجاب لزكريا فوهب له يحيى ولم يدعه فردا وحيدا، يا من أخرج يونس من بطن الحوت، يا من فلق البحر لبني إسرائيل فأنجاهم وجعل فرعون وجنوده من المغرقين، يا من أرسل الرياح مبشرات بين يدي رحمته، يا من لا يعجل على من عصاه من خلقه، يا من استنقذ السحرة من بعد طول الجحود وقد غدوا في نعمته يأكلون رزقه ويعبدون غيره وقد حادوه ونادوه وكذبوا رسله، يا الله، يا بدئ لا بدء لك [دائما]، يا دائما لا نفاد لك، يا حي يا قيوم، يا محيى الموتى، يا من هو قائم على كل نفس بما كسبت، يا من قل له شكري فلم يحرمني، وعظمت [عندي] خطيئتي فلم يفضحني، ورآني على المعاصي فلم يخذلني، يا من حفظني في صغري، يا من رزقني في كبرى، يا من أياديه عندي لا تحصى، يا من نعمه عندي لا تجازي، يا من عارضني بالخير والاحسان وعارضته بالإسائة والعصيان، يا من هداني بالايمان قبل أن أعرف شكر الامتنان، يا من دعوته مريضا فشفاني، وعريانا فكساني، وجائعا فاطعمني، وعطشانا فأرواني، وذليلا فاعزني، وجاهلا فعرفني، ووحيدا فكثرني، وغائبا فردني، ومقلا فأغناني، ومنتصرا فنصرني، وغنيا فلم يسلبني، وأمسكت عن جميع ذلك فابتدأتني.
952 فلك الحمد يا من أقال عثرتي، ونفس كربتي، وأجاب دعوتي، وستر عورتي، وغفر ذنوبي، وبلغني طلبتي، ونصرني على عدوي، وإن أعد نعمك ومننك وكرائم منحك لا أحصيها. يا مولاي أنت الذي أنعمت، أنت الذي أحسنت، أنت الذي أجملت، أنت الذي أفضلت، أنت الذي مننت، أنت الذي أكملت، أنت الذي رزقت، أنت الذي أعطيت، أنت الذي أغنيت، أنت الذي أقنيت، أنت الذي آويت، أنت الذي كفيت أنت الذي هديت، أنت الذي عصمت، أنت الذي سترت، أنت الذي غفرت، أنت الذي أقلت، أنت الذي مكنت، أنت الذي أعززت، أنت الذي أعنت، أنت الذي عضدت، أنت الذي أيدت، أنت الذي نصرت، أنت الذي شفيت، أنت الذي عافيت، أنت الذي أكرمت تباركت ربنا [ربى] وتعاليت، فلك الحمد دائما ولك الشكر واجبا. ثم أنا يا إلهي المعترف بذنوبي فاغفرها لي، أنا الذي أخطات، أنا الذي أغفلت، أنا الذي جهلت، أنا الذي هممت، أنا الذي سهوت، أنا الذي إعتمدت، أنا الذي تعمدت، أنا الذي وعدت، أنا الذي أخلفت، أنا الذي نكثت، أنا الذي أقررت، [أنا] يا إلهي أعترف بنعمك عندي وأبوء بذنوبي فاغفرلي، يا من لا تضره ذنوب عباده وهو الغنى عن طاعتهم، والموفق من عمل منهم صالحا بمعونته ورحمته، فلك الحمد إلهي أمرتني فعصيتك، ونهيتني فارتكبت نهيك، فأصبحت لا ذا براءة فأعتذر، ولاذا قوة فأنتصر، فبأي شىء أستقيلك يا مولاي، أبسمعي أم ببصري أم بلساني أم بيدي أم برجلي، أليس كلها نعمك عندي وبكلها عصيتك؟ يا مولاي فلك الحجة والسبيل على، يا من سترني من الآباء والأمهات
953 أن يزجروني، ومن العشائر والاخوان أن يعيروني، ومن السلاطين أن يعاقبوني، ولو اطلعوا يا مولاي على ما اطلعت عليه مني إذا ما أنظروني، ولرفضوني وقطعوني، فها أنا ذا بين يديك يا سيدي خاضعا ذليلا حصيرا حقيرا لا ذو براءة فاعتذر ولا ذو قوة فانتصر ولا حجة فاحتج بها ولا قائل لم أجترح ولم أعمل سوءا، وما عسى الجحود لو جحدت يا مولاي! ينفعني، و كيف وأنى ذلك وجوارحي كلها شاهدة على بما قد عملت [علمت] يقينا غير ذي شك، أنك سائلي من [عن] عظائم الأمور، وأنك الحكيم العدل الذي لا يجور وعدلك مهلكي ومن كل عدلك مهربي، فإن تعذبني فبذنوبي يا مولاي [يا إلهي] بعد حجتك على، وإن تعف عني فبحلمك وجودك وكرمك. لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من المستغفرين، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الموحدين، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الوجلين، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الراجين الراغبين، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من السائلين، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من المهللين المسبحين، لا إله إلا أنت ربي ورب آبائي الأولين. اللهم هذا ثنائي عليك ممجدا، وإخلاصي [لك] موحدا، وإقراري بآلائك معددا، وإن كنت مقرا أني لا أحصيها لكثرتها وسبوغها وتظاهرها وتقادمها إلى حادث ما لم تزل تتغمدني به معها مذ خلقتني وبرأتني من أول العمر، من الاغناء بعد الفقر، وكشف الضر، وتسبيب اليسر، ودفع العسر، وتفريج الكرب، والعافية في البدن، والسلامة في الدين، ولو رفدني على قدر ذكر نعمك علي جميع العالمين من الأولين والآخرين لما قدرت، ولا هم على ذلك تقدست،
954 وتعاليت من رب عظيم كريم رحيم، لا تحصى آلاؤك، ولا يبلغ ثناؤك، ولا تكافى نعماؤك، صل على محمد وآل محمد، وأتمم علينا نعمتك، وأسعدنا بطاعتك، سبحانك لا إله إلا أنت. [أللهم إنك] تجيب دعوة المضطر إذا دعاك، وتكشف السوء، وتغيث المكروب، وتشفي السقيم، وتغني الفقير، وتجبر الكسير، وترحم الصغير، وتعين الكبير، وليس دونك ظهير، ولا فوقك قدير، وأنت العلى الكبير، يا مطلق المكبل الأسير، يا رازق الطفل الصغير، يا عصمة الخائف المستجير، يا من لا شريك له ولا قدير [وزير] صل على محمد وآل محمد، وأعطني في هذه العشية أفضل ما أعطيت وأنلت أحدا من عبادك من نعمة توليها، وآلاء تجددها، وبلية تصرفها، وكربة تكشفها، ودعوة تسمعها، وحسنة تتقبلها، وسيئة تغفرها، إنك لطيف خبير، وعلى كل شىء قدير. أللهم إنك أقرب من دعي، وأسرع من أجاب، وأكرم من عفا، وأوسع من أعطى، وأسمع من سئل، يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، ليس كمثلك مسؤول ولا سواك مأمول، دعوتك فأجبتني، وسألتك فأعطيتني، ورغبت إليك فرحمتني، ووثقت بك فنجيتني، وفزعت إليك فكفيتني. أللهم صل على محمد عبدك ورسولك ونبيك وعلى آله الطيبين الطاهرين أجمعين، وتمم لنا نعماءك، وهنئنا عطاءك، واجعلنا لك شاكرين، ولآلائك ذاكرين، آمين رب العالمين. أللهم يا من ملك فقدر، وقدر فقهر، وعصى فستر، واستغفر فغفر، يا غاية رغبة الراغبين، ومنتهى أمل الراجين، يا من أحاط بكل شيء علما، ووسع المستقيلين رأفة ورحمة وحلما.
955 أللهم إنا نتوجه إليك في هذه العشية التي شرفتها، وعظمتها بمحمد نبيك ورسولك وخيرتك وأمينك على وحيك. أللهم فصل على البشير النذير السراج المنير الذي أنعمت به على المسلمين وجعلته رحمة للعالمين. أللهم فصل على محمد وآله كما محمد أهل ذلك، يا عظيم فصل عليه وعلى آل محمد المنتجبين الطيبين الطاهرين أجمعين وتغمدنا بعفوك عنا، فإليك عجت الأصوات بصنوف اللغات، واجعل لنا في هذه العشية نصيبا في كل خير تقسمه، ونور تهدى به، ورحمة تنشرها، وعافية تجللها، وبركة تنزلها، ورزق تبسطه، يا أرحم الراحمين. أللهم أقلبنا في هذا الوقت منجحين مفلحين مبرورين غانمين، ولا تجعلنا من القانطين، ولا تخلنا من رحمتك، ولا تحرمنا ما نؤمله من فضلك، ولا تردنا خائبين، ولا عن [من] بابك مطرودين، ولا تجعلنا من رحمتك محرومين، ولا لفضل ما نؤمله من عطاياك قانطين، يا أجود الأجودين، ويا أكرم الأكرمين. أللهم إليك أقبلنا موقنين [مؤمنين]، ولبيتك الحرام آمين قاصدين، فأعنا على منسكنا، وأكمل لنا حجنا، واعف أللهم عنا، وعافنا فقد مددنا إليك أيدينا، وهى بذلة الاعتراف موسومة. أللهم فأعطنا في هذه العشية ما سألناك، واكفنا ما استكفيناك فلا كافي لنا سواك، ولا رب لنا غيرك، نافذ فينا حكمك، محيط بنا علمك، عدل فينا قضاؤك، إقض لنا الخير، واجعلنا من أهل الخير. أللهم أوجب لنا بجودك عظيم الأجر، وكريم الذخر، ودوام اليسر، واغفر لنا ذنوبنا أجمعين، ولا تهلكنا مع الهالكين، ولا تصرف عنا رأفتك برحمتك يا
956 أرحم الراحمين. أللهم اجعلنا في هذا الوقت ممن سألك فأعطيته، وشكرك فزدته، وتاب إليك فقبلته، وتنصل إليك من ذنوبه فغفرتها له، يا ذا الجلال والاكرام. أللهم وفقنا وسددنا، وأعصمنا، واقبل تضرعنا، يا خير من سئل ويا أرحم من استرحم، يا من لا يخفى عليه إغماض الجفون، ولا لحظ العيون، ولا ما استقر في المكنون، ولا ما إنطوت عليه مضمرات القلوب، ألا كل ذلك قد أحصاه علمك، ووسعه حلمك، سبحانك وتعاليت عما يقول الظالمون علوا كبيرا، تسبح لك السموات السبع، والأرض ومن فيهن، وإن من شىء إلا يسبح بحمدك، فلك الحمد والمجد وعلو الجد، يا ذا الجلال والاكرام والفضل والانعام، والأيادي الجسام، وأنت الجواد الكريم، الرؤوف الرحيم، أوسع علي من رزقك، وعافني في بدني، وديني، وآمن خوفي، وأعتق رقبتي من النار. أللهم لا تمكر بي، ولا تستدرجني، ولا تخذلني، وادرأ عني شر فسقة الجن والإنس. قال بشر وبشير: ثم رفع (عليه السلام) صوته وبصره إلى السماء وعيناه قاطرتان، كأنها مزادتان، وقال: يا أسمع السامعين، ويا أبصر الناظرين، ويا أسرع الحاسبين، ويا أرحم الراحمين، صل على محمد وآل محمد، وأسألك أللهم [يا إلهي] حاجتي التي إن أعطيتنيها لم يضرني ما منعتني، وإن منعتنيها لم ينفعني ما أعطيتني، أسألك فكاك رقبتي من النار، لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، لك الملك، ولك الحمد، وأنت على كل شيء قدير، يا رب يا رب يا رب.
957 قال بشر وبشير: فلم يكن له (عليه السلام) جهد، إلا قوله: يا رب يا رب بعد هذا الدعاء، وشغل من حضر ممن كان حوله وشهد ذلك المحضر عن الدعاء لأنفسهم، وأقبلوا على الاستماع له (عليه السلام)، والتأمين على دعائه، قد اقتصروا على ذلك لأنفسهم، ثم علت أصواتهم بالبكاء معه، وغربت الشمس، وأفاض (عليه السلام)، وأفاض الناس معه. (1) إلهي! أنا الفقير في غناي فكيف لا أكون فقيرا في فقري!؟ إلهي أنا الجاهل في علمي فكيف لا أكون جهولا في جهلي!؟ إلهي إن اختلاف تدبيرك وسرعة طواء مقاديرك منعا عبادك العارفين بك عن السكون إلى عطاء واليأس منك في بلاء، إلهي! مني ما يليق بلومي، ومنك ما يليق بكرمك، إلهي وصفت نفسك باللطف والرأفة لي قبل وجود ضعفي، أفتمنعني منهما بعد وجود ضعفي؟ إلهي إن ظهرت المحاسن مني فبفضلك ولك المنة علي، وإن ظهرت المساوي مني فبعدلك، ولك الحجة على، إلهي كيف تكلني وقد توكلت لي؟ وكيف أضام وأنت الناصر لي؟ أم كيف أخيب وأنت الحفى بي؟ ها أنا أتوسل إليك بفقري إليك، وكيف أتوسل إليك بما هو محال أن يصل إليك؟ أم كيف أشكو إليك حالي وهو لا يخفى عليك؟ أم كيف أترجم بمقالي وهو منك برز إليك؟ أم كيف تخيب آمالي وهى قد وفدت إليك؟ أم كيف لا
1 - إلى هنا نقل الكفعمي في البلد الأمين: 251 والمجلسي في زاد المعاد: 146 مع اختلاف في بعض الألفاظ قال المجلسي: قد أورد الكفعمي: أيضا هذا الدعاء في البلد الأمين وابن طاووس في مصباح الزائر كما سبق ذكرهما، ولكن ليس في آخره فيهما بقدر ورق تقريبا وهو من قوله: إلهي أنا الفقير في غناي إلى آخر هذا الدعاء، وكذا لم يوجد هذه الورقة في بعض النسخ العتيقة من الاقبال أيضا، عبارات هذه الورقة لا تلائم سياق أدعية السادة المعصومين أيضا وإنما هي على وفق مذاق الصوفية، لذلك قد مال بعض الأفاضل إلى كون هذه الورقة من مزيدات بعض مشايخ الصوفية ومن إلحاقاته وإدخالاته. وبالجملة هذه الزيادة إما وقعت من بعضهم، أولا في بعض الكتب، وأخذ ابن طاووس عنه في الاقبال غفلة عن حقيقة الحال، أو وقعت ثانيا من بعضهم في نفس كتاب الاقبال ولعل الثاني أظهر على ما أو مأنا إليه من عدم وجدانها في بعض النسخ العتيقة، وفي مصباح الزائر والله اعلم بحقايق الأمور! بحار الأنوار 98: 227 ح 4. 958 تحسن أحوالي وبك قامت. يا إلهي! ما ألطفك بي مع عظيم جهلي؟ وما أرحمك بي مع قبيح فعلى؟ إلهي ما أقربك مني وقد أبعدني عنك؟ وما أرأفك بي فما الذي يحجبني عنك؟! إلهي! علمت باختلاف الآثار وتنقلات الأطوار أن مرادك مني أن تتعرف إلى في كل شىء حتى لا أجهلك في شىء، إلهي كلما أخرسني لؤمي أنطقني كرمك، وكلما آيستني أوصافي أطمعتني مننك، إلهي من كانت محاسنه مساوي فكيف لا تكون مساويه مساوي؟ ومن كانت حقائقه دعاوى فكيف لا تكون دعاويه دعاوى؟ إلهي! حكمك النافذ ومشيتك القاهرة لم يتركا لذي مقال مقالا، ولا لذي حال حالا، إلهي! كم من طاعة بنيتها وحالة شيدتها هدم اعتمادي عليها عدلك، بل أقالني منها فضلك، إلهي إنك تعلم أني وإن لم تدم الطاعة مني فعلا جزما فقد دامت محبة وعزما، إلهي! كيف أعزم، وأنت القاهر وكيف لا أعزم، وأنت الأمر. إلهي! ترددي في الآثار يوجب بعد المزار فاجمعني عليك بخدمة توصلني إليك، كيف يستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك؟ أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون هو المظهر لك متى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك!؟ ومتى بعدت حتى تكون الآثار هي التي توصل إليك عميت عين لا تراك [لا تزال] عليها رقيبا، وخسرت صفقة عبد لم تجعل له من حبك نصيبا. إلهي! أمرت بالرجوع إلى الآثار فارجعني إليك بكسوة الأنوار وهداية
959 الاستبصار، حتى أرجع إليك منها كما دخلت إليك منها مصون السر عن النظر إليها، ومرفوع الهمة عن الاعتماد عليها، إنك على كل شىء قدير. إلهي! هذا ذلي ظاهر بين يديك، وهذا حالي لا يخفى عليك، منك أطلب الوصول إليك، وبك أستدل عليك فاهدني بنورك إليك، وأقمني بصدق العبودية بين يديك. إلهي! علمني من علمك المخزون، وصني [بسرك] بسترك المصون، إلهي! حققني بحقايق أهل القرب، واسلك بي مسلك أهل الجذب! إلهي! [أقمني] أغنني بتدبيرك عن تدبيري، و [اختيارك] باختيارك لي عن اختياري وأوقفني على مراكز اضطراري، إلهي أخرجني من ذل نفسي، وطهرني من شكى وشركي قبل حلول رمسي! بك أنتصر فانصرني، وعليك أتوكل فلا تكلني، وإياك أسئل فلا تخيبني، وفي فضلك أرغب فلا تحرمني، وبجنابك أنتسب فلا تبعدني، وببابك أقف فلا تطردني! إلهي! تقدس رضاك أن تكون له علة منك، فكيف يكون له علة منى؟ إلهي! أنت الغنى بذاتك أن يصل إليك النفع منك، فكيف لا تكون غنيا عني؟ إلهي! إن القضاء والقدر يمنيني، وإن الهوى بوثائق الشهوة أسرني، فكن أنت النصير لي حتى تنصرني وتبصرني وأغنني بفضلك حتى أستغني بك عن طلبي [طلبتي]! أنت الذي أشرقت الأنوار في قلوب أوليائك حتى عرفوك ووحدوك، وأنت الذي أزلت الأغيار عن قلوب أحبائك حتى لم يحبوا سواك ولم يلجئوا إلى غيرك، أنت المونس لهم حيث أو حشتهم العوالم، وأنت الذي هديتهم
960 حيث استبانت لهم المعالم. ماذا وجد من فقدك!؟ وما الذي فقد من وجدك؟! لقد خاب من رضى دونك بدلا، ولقد خسر من بغى عنك متحولا! كيف يرجى سواك وأنت ما قطعت الاحسان!؟ وكيف يطلب من غيرك وأنت ما بدلت عادة الامتنان؟ يا من أذاق أحباءه حلاوة المؤانسة فقاموا بين يديه متملقين! ويا من ألبس أولياءه ملابس هيبته فقاموا بين يديه مستغفرين! أنت الذاكر قبل الذاكرين، وأنت البادي بالاحسان قبل توجه العابدين، وأنت الجواد بالعطاء قبل طلب الطالبين، وأنت الوهاب ثم لما وهبت لنا من المستقرضين! إلهي! أطلبني برحمتك حتى أصل إليك واجذبني بمنك حتى أقبل عليك إلهي! إن رجائي لا ينقطع عنك وإن عصيتك كما أن خوفي لا يزايلني وإن أطعتك فقد رفعتني العوالم إليك وقد أوقعني علمي بكرمك عليك. إلهي! كيف أخيب وأنت أملي؟ أم كيف أهان وعليك [أنت] متكلي؟ إلهي! كيف أستعزو في الذلة أركزتني؟ أم كيف لا أستعز وإليك نسبتني؟ إلهي! كيف لا أفتقر وأنت الذي في الفقراء أقمتني؟ أم كيف أفتقر وأنت الذي بجودك أغنيتني؟ وأنت الذي لا إله غيرك، تعرفت لكل شىء فما جهلك شىء، وأنت الذي تعرفت إلى في كل شىء فرأيتك ظاهرا في كل شىء، وأنت الظاهر لكل شىء! يا من استوى برحمانيته فصار العرش غيبا في ذاته، محقت الآثار بالآثار
961 ومحوت الأغيار بمحيطات أفلاك الأنوار! يا من احتجب في سرادقات عرشه عن أن تدركه الابصار، يا من تجلى بكمال بهائه فتحققت عظمته الاستواء، كيف تخفى وأنت الظاهر؟ أم كيف تغيب وأنت الرقيب الحاضر؟ إنك على كل شىء قدير، والحمد لله وحده. (1) حرزه (عليه السلام) [1185] - 117 - عنه أيضا: بسم الله الرحمن الرحيم، يا دائم يا ديموم، يا حي يا قيوم، يا كاشف الغم، يا فارج الهم، يا باعث الرسل، يا صادق الوعد! أللهم إن كان لي عندك رضوان وود فاغفر لي، ومن اتبعني من إخواني وشيعتي، وطيب ما في صلبي، برحمتك يا أرحم الراحمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله أجمعين. (2) عوذة لوجع العراقيب وباطن القدم [1186] - 118 - ابنا بسطام: أبو عتاب عبد الله بن بسطام قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الأودي، عن صفوان الجمال، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين (عليهم السلام): أن رجلا اشتكى إلى أبي عبد الله الحسين بن علي (عليهما السلام) فقال: يا بن رسول الله! إني أجد وجعا في عراقيبي، قد منعني من النهوض إلى الصلاة. قال (عليه السلام): فما يمنعك من العوذة؟
1 - إقبال الأعمال: 339، بحار الأنوار 98: 216. 2 - مهج الدعوات: 11، بحارالأنوار 94: 265 ح 3. 962 قال: لست أعلمها. قال (عليه السلام): فإذا أحسست بها فضع يدك عليها وقل: بسم الله وبالله والسلام على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم اقرأ عليه: (وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة، والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون) (1)، ففعل الرجل ذلك فشفاه الله تعالى. (2) عوذة لوجع الضرس [1187] - 119 - أيضا: رقية جبرئيل (عليه السلام) للحسين بن علي (عليهما السلام): العجب كل العجب لدابة تكون في الفم، تأكل العظم، وتترك اللحم، أنا أرقي، والله عز وجل الشافي الكافي، لا إله إلا الله، والحمد لله رب العالمين (وإذ قتلتم نفسا فادارءتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون، فقلنا اضربوه ببعضها) (3) تضع إصبعك على الضرس ثم ترقيه من جانبه سبع مرات بهذا [يبرأ] إن شاء الله تعالى. (4) [1188] - 120 - الطبرسي: رقى بها جبريل (عليه السلام) الحسين بن علي (عليهما السلام): يضع عودة أو حديدة على الضرس ويرقيه من جانبه - سبع مرات -: بسم الله الرحمن الرحيم، العجب كل العجب دودة تكون في الفم تأكل العظم وتنزل الدم، أنا الراقي والله الشافي والكافي، لا إله إلا الله والحمد لله رب العالمين، (وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون *
1 - الزمر: 39 / 67. 2 - طب الأئمة (عليهم السلام): 33، بحارالأنوار 95: 85 ح 1، كنز الدقائق 9: 72، الألفاظ من البحار. 3 - البقرة: 2 / 71. 4 - طب الأئمة (عليهم السلام): 25، بحارالأنوار 95: 93 ح 4. 963 فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيى الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون) (1) - سبع مرات - ويفعل ما قدمناه. (2) عوذة لوجع الرجلين [1189] - 121 - ابنا بسطام: حنان بن جابر قال: حدثنا محمد بن علي الصيرفي، عن الحسين الأشقر، عن عمرو بن أبي المقدام، عن جابر الجعفي، عن محمد الباقر (عليه السلام) قال: كنت عند الحسين بن علي (3) (عليهما السلام) إذا أتاه رجل من بني أمية من شيعتنا، فقال له: يا بن رسول الله! ما قدرت أن أمشي إليك من وجع رجلي. قال: فأين أنت من عوذة الحسين بن علي (عليه السلام) (4)؟ قال: يا بن رسول الله! وما ذاك؟ قال: (إنا فتحنا لك فتحا مبينا * ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما * وينصرك الله نصرا عزيزا * هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا ايمانا مع ايمانهم ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عليما حكيما * ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ويكفر عنهم سيآتهم وكان ذلك عند الله فوزا عظيما * ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعدلهم جهنم وساءت مصيرا *
1 - البقرة: 2 / 72. 2 - مكارم الأخلاق: 429، بحار الأنوار 95: 95 ح 6. 3 - نور الثقلين علي بن الحسين وهو الصحيح 4 - في البحار عوذة الحسن بن علي. 964 ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عزيزا حكيما) (1) قال: ففعلت ما أمرني به، فما أحسست بعد ذلك بشئ منها بعون الله تعالى. (2) دعاؤه (عليه السلام) للآخرة [1190] - 122 - الميرزا: عن راشد بن أبي روح الأنصاري قال: كان دعاء الحسين بن علي (عليهما السلام): أللهم ارزقني الرغبة في الآخرة، حتى أعرف صدق ذلك في قلبي بالزهادة مني في دنياي، أللهم ارزقني بصرا في أمر الآخرة حتى أطلب الحسنات شوقا، وأفر من السيئات خوفا يا رب!. (3) دعاؤه (عليه السلام) عند الإحتجاب عمن أراد الإساءة إليه [1191] - 123 - السيد ابن طاووس: يا من شانه الكفاية وسرادقه الرعاية، يا من هو الغاية والنهاية، يا صارف السوء والسواية والضر، إصرف عني أذية العالمين من الجن والإنس أجمعين، بالأشباح النورانية، وبالأسماء السريانية، وبالأقلام اليونانية، وبالكلمات العبرانية، وبما نزل في الألواح من يقين الايضاح، إجعلني أللهم في حرزك، وفي حزبك، وفي عياذك، وفي سترك، وفي كنفك من كل شيطان مارد، وعدو راصد، ولئيم معاند، وضد كنود، ومن كل حاسد، ببسم الله استشفيت، وبسم الله استكفيت، وعلى الله توكلت، وبه استعنت، وإليه
1 - الفتح: 48 / 1 - 7. 2 - طب الأئمة (عليهم السلام): 33، نور الثقلين 5: 49، بحار الأنوار 95: 84 ح 1. 3 - قمقام زخار 2: 631، معالي السبطين 2: 313. 965 استعديت على كل ظالم ظلم، وغاشم غشم، وطارق طرق، وزاجر زجر، فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين. (1) دعاؤه (عليه السلام) عند الشدائد [1192] - 124 - الشبلنجي: حدث عبد الله بن الفضل بن الربيع، عن أبيه أنه قال: لما حج المنصور سنة سبع وأربعين ومائة قدم المدينة فقال للربيع: ابعث إلى جعفر بن محمد من يأتينا به متعبا، قتلني الله إن لم أقتله، فتغافل الربيع عنه وتناساه، فأعاد عليه في اليوم الثاني وأغلظ في القول، فأرسل إليه الربيع، فلما حضر قال له الربيع: يا أبا عبد الله! اذكر الله تعالى فإنه قد أرسل لك من لا يدفع شره إلا الله، وإني أتخوف عليك! فقال جعفر: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم! ثم إن الربيع دخل به على المنصور، فلما رآه المنصور أغلظ له في القول وقال: يا عدو الله! اتخذك أهل العراق إماما يجبون إليك زكاة أموالهم! وتلحد في سلطاني! وتتبع لي الغوائل، قتلني الله إن لم أقتلك. فقال جعفر: يا أمير المؤمنين! إن سليمان أعطى فشكر، وإن أيوب ابتلي فصبر، وإن يوسف ظلم فغفر، وهؤلاء أنبياء الله وإليهم يرجع نسبك ولك فيهم أسوة حسنة! فقال المنصور: أجل يا أبا عبد الله! ارتفع إلى هنا عندي! ثم قال: يا أبا عبد الله! إن فلانا أخبرني عنك بما قلت لك. فقال: أحضره يا أمير المؤمنين! ليوافقني على ذلك، فأحضر الرجل الذي سعى به إلى المنصور، فقال له المنصور: أحقا ما حكيت لي عن جعفر!؟ فقال: نعم، يا أمير المؤمنين!
1 - مهج الدعوات: 298، بحارالأنوار 94: 374 ح 1. 966 فقال جعفر: استحلفه، فبادر الرجل وقال: والله! العظيم الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الواحد الأحد وأخذ يعدد في صفات الله تعالى. فقال جعفر: يا أمير المؤمنين! يحلف بما أستحلفه. فقال: حلفه بما تختار. فقال له جعفر: قل برئت من حول الله وقوته، والتجأت إلى حولي وقوتي، لقد فعل جعفر كذا وكذا! فامتنع الرجل، فنظر إليه المنصور نظرة منكرة، فحلف بها فما كان بأسرع من أن ضرب برجله الأرض وخر ميتا مكانه! فقال المنصور: جروا برجله وأخرجوه، ثم قال: لا عليك يا أبا عبد الله! أنت البري الساحة والسليم الناحية، المأمون الغائلة علي بالطيب! فأتي بالغالية فجعل يفلق بها لحيته إلى أن تركها تقطر وقال: في حفظ الله وكلاءته وألحقه يا ربيع! بجوائز حسنة وكسوة سنية. قال الربيع: فلحقته بذلك ثم قلت له: يا أبا عبد الله! رأيتك تحرك شفتيك، وكلما حركتها سكن غضب المنصور، بأي شيء كنت تحركها؟ قال بدعاء جدي الحسين، قلت: وما هو يا سيدي!؟ قال [(عليه السلام)]: أللهم يا عدتي عند شدتي، ويا غوثي عند كربتي، أحرسني بعينك التي لا تنام واكنفني بركنك الذي لا يرام، وارحمني بقدرتك على فلا أهلك وأنت رجائي. أللهم إنك أكبر وأجل وأقدر مما أخاف وأحذر، أللهم بك أدرأ في نحره، واستعيذ من شره إنك على كل شىء قدير. قال الربيع: فما نزل بي شدة ودعوت به إلا فرج الله عني. (1)
1 - نور الأبصار: 146، وفيات الأعيان 2: 294، الإرشاد: 272، بحارالأنوار 47: 174 ح 21 وفيهما إلى قوله: لا يرام. 967 دعاء الشاب المأخوذ بذنبه [1193] - 125 - السيد ابن طاووس: روي عن جماعة يسندون الحديث إلى الحسين بن علي (عليهما السلام) قال: كنت مع على بن أبي طالب (عليه السلام) في الطواف في ليلة ديجوجية (1) قليلة النور، وقد خلا الطواف، ونام الزوار، وهدأت العيون، إذ سمع مستغيثا مستجيرا مترحما بصوت حزين محزون من قلب موجع وهو يقول: يا من يجيب دعاء المضطر في الظلم * يا كاشف الضر والبلوى مع السقم قد نام وفدك حول البيت وانتبهوا * يدعوا وعينك يا قيوم لم تنم هب لي بجودك فضل العفو عن جرمي * يا من أشار إليه الخلق في الحرم إن كان عفوك لا يلقاه ذو سرف * فمن يجود على العاصين بالنعم (2) قال الحسين بن علي صلوات الله عليهما: فقال لي: يا أبا عبد الله! أسمعت المنادي ذنبه، المستغيث ربه؟ فقلت: نعم، قد سمعته. فقال: اعتبره عسى تراه، فما زلت أخبط في طخياء الظلام وأتخلل بين النيام. فلما صرت بين الركن والمقام، بدا لي شخص منتصب، فتأملته فإذا هو قائم، فقلت: السلام عليك أيها العبد المقر المستقيل المستغفر المستجير، أجب بالله ابن عم رسول الله (صلى الله عليه وآله).
1 - أي مظلمة مع غيم لا ترى نجما ولا قمرا. 2 - وفي المناقب 4: 150 عن الأصمعي قال: كنت أطوف حول الكعبة ليلة، فإذا شاب ظريف الشمائل وعليه ذؤابتان، وهو متعلق بأستار الكعبة ويقول: نامت العيون، وعلت النجوم، وأنت الملك الحي القيوم، غلقت الملوك أبوابها، وأقامت عليها حراسها، وبابك مفتوح للسائلين، جئتك لتنظر إلى برحمتك يا ارحم الراحمين، ثم أنشأ يقول: يا من يجيب دعاء المضطر... إلى آخر الأبيات. قال: فاقتفيته فإذا هو زين العابدين (عليه السلام). نقل عنه في مستدرك الوسائل 9: 353 ح 11058 مع اختلاف في بعض الاشعار. 968 فأسرع في سجوده وقعوده وسلم، فلم يتكلم حتى أشار بيده بأن تقدمني، فتقدمته فأتيت به أمير المؤمنين (عليه السلام) فقلت: دونك ها هو! فنظر إليه، فإذا هو شاب حسن الوجه، نقي الثياب. فقال له: ممن الرجل؟ فقال له: من بعض العرب. فقال له: ما حالك، ومم بكاؤك واستغاثتك؟ فقال: حال من أوخذ بالعقوق فهو في ضيق، ارتهنه المصاب، وغمره الإكتياب، فارتاب (1) فدعاؤه لا يستجاب. فقال له علي: ولم ذلك؟ فقال: لأني كنت ملتهيا في العرب باللعب والطرب، أديم العصيان في رجب وشعبان، وما أراقب الرحمن، وكان لي والد شفيق رفيق، يحذرني مصارع الحدثان، ويخوفني العقاب بالنيران ويقول: كم ضج منك النهار والظلام، والليالي والأيام، والشهور والأعوام، والملائكة الكرام، وكان إذا ألح علي بالوعظ زجرته وانتهرته، ووثبت عليه وضربته، فعمدت يوما إلى شيء من الورق فكانت في الخباء فذهبت لآخذها وأصرفها فيما كنت عليه، فما نعني عن أخذها، فأوجعته ضربا ولويت يده وأخذتها ومضيت، فأومأ بيده إلى ركبتيه يروم النهوض من مكانه ذلك، فلم يطق يحركها من شدة الوجع والألم، فأنشأ يقول: جرت رحم بيني وبين منازل (2) * سواء كما يستنزل القطر طالبه
1 - فإن تاب خ. 2 - منازل: اسم ولده هذا المستغيث، ذكر القصة في هامش مصباح الكفعمي: 260 وفيه: فقال (عليه السلام): ما اسمك؟ قال: منازل بن لاحق الشيباني، وأنا ممن ابتلى بالعقوق وأضاع الحقوق... 969 وربيت حتى صار جلدا (1) شمردلا (2) * إذا قام ساوى غارب (3) الفحل غاربه وقد كنت أوتيه من الزاد في الصبي * إذا جاع منه صفوه وأطايبه فلما استوى في عنفوان شبابه * وأصبح كالرمح الردينى (4) خاطبه (5) تهضمني (6) مالي كذا ولوى يدي * لوى يده الله الذي هو غالبه ثم حلف بالله ليقدمن إلى بيت الله الحرام، فيستعدي الله علي (7)، قال: فصام أسابيع، وصلى ركعات، ودعا وخرج متوجها على عيرانة (8) يقطع بالسير عرض الفلاة، ويطوي الأودية ويعلو الجبال، حتى قدم مكة يوم الحج الأكبر، فنزل عن راحلته، وأقبل إلى بيت الله الحرام، فسعى وطاف به، وتعلق بأستاره، وابتهل بدعائه، وأنشأ يقول: يا من إليه أتى الحجاج بالجهد * فوق المهاد (9) من أقصى غاية البعد إني أتيتك يا من لا يخيب من * يدعوه مبتهلا بالواحد الصمد هذا منازل من يرتاع من عققي * فخذ بحقي يا جبار من ولدي حتى تشل بعون منك جانبه * يا من تقدس لم يولد ولم يلد قال: فو الذي سمك السماء، وأنبع الماء، ما استتم دعاءه حتى نزل بي ما ترى،
1 - الجلد: القوي الشديد، لسان العرب 2: 323. 2 - الشمردل: الفتى القوى الجلد. لسان العرب 7: 192 شمردل. 3 - الغارب: الكاهل. لسان العرب 10: 36 غرب. 4 - الرمح الرديني: منسوب إلى امرأة السمهري تسمى ردينة، لسان العرب 5: 194 ردن. 5 - الخاطب: الذي يخطب، ولعل المراد منه - بقرينة الإضافة - اللسان، يعني أن لسانه كالرمح في الطول والحدة و الذراية، وإذا خصصنا الخاطب بالذي يخطب النساء للتزويج، كان له معنى آخر. 6 - هضمه: ظلمه وغصبه وقهره. لسان العرب 15: 100 هضم. 7 - يستدعي الله علي: أي يستنصره ويتعينه علي. لسان العرب 9: 97 عدا. 8 - العيرانة من الإبل: الناجية في نشاط، وقد شبهت بالعير في سرعتها ونشاطها. لسان العرب 9: 494 عير. 9 - المهاد: الفراش. لسان العرب 13: 206 مهد 970 ثم كشف عن يمينه، فإذا بجانبه قد شل. (1) فأنا منذ ثلاث سنين أطلب إليه أن يدعو لي في الموضع الذي دعا به علي، فلم يجبني، حتى إذا كان العام أنعم علي فخرجت على ناقة عشراء (2) أجد السير حثيثا رجاء العافية، حتى إذا كنا على الأراك وحطمة وادي السياك (3)، نفر طائر في الليل، فنفرت منها الناقة التي كان عليها، فألقته إلى قرار الوادي، وارفض بين الحجرين (4) فقبرته هناك، وأعظم من ذلك أني لا أعرف إلا (المأخوذ بدعوة أبيه). فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): أتاك الغوث، ألا أعلمك دعاء علمنيه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وفيه اسم الله الأكبر الأعظم، العزيز الأكرم، الذي يجيب به من دعاه ويعطى به من سأله، ويفرج الهم، ويكشف به الكرب ويذهب به الغم، ويبرئ به السقم، ويجبر به الكسير، ويغني به الفقير، ويقضي به الدين، ويرد به العين، ويغفر به الذنوب، ويستر به العيوب، ويؤمن به كل خائف من شيطان مريد، وجبار عنيد. ولو دعا به طائع الله على جبل لزال من مكانه، أو على ميت لأحياه الله بعد موته، ولو دعا به على الماء لمشى عليه بعد أن لا يدخله العجب، فاتق الله أيها الرجل! فقد أدركتني الرحمة لك، وليعلم الله منك صدق النية إنك لا تدعو به في معصيته ولا تفيده إلا الثقة في دينك! فإن أخلصت النية استجاب الله لك، ورأيت نبيك محمدا (صلى الله عليه وآله) في منامك، يبشرك بالجنة والإجابة.
1 - في مستدرك الوسائل 9: 353 ح 4 نقلا عن مهج الدعوات إلى قوله: فاذا بجانبه قد شل ثم قال: الخبر، وذكر فيه الدعاء المعروف بدعاء المشلول. 2 - في القاموس: الناقة العشراء: التي مضى لحمها عشرة أشهر، وقيل: ثمانية لسان العرب 9: 219 عشر. 3 - الأراك: موضع بعرفات قرب نمرة والأراك: شجر من الحمض يستاك به ولعل الموضع لكثرة شجر الأراك فيه سمي بالأراك، والمراد بوادي السياك هو ذلك الوادي نفسه، سماه وادي السياك؛ لاتخاذ هم السواك والسياك من ذلك الموضع. وحطمة الوادي: مواضعه المتكرة، أو خطمة الوادي: أي أنفه وأعلاه، مستدرك الوسائل. 4 - ارفض: أي تبدد وتفرق اجزاؤه المتلاشية، وقوله: بين الحجرين مفهومه واضح، غير أنه لاوجه لتعريف الحجرين، ولعله كان الحجزين يعني طرفي الوادي فيكون تأكيدا لقوله: قرار الوادي. 971 قال الحسين بن علي (عليهما السلام): فكان سروري بفائدة الدعاء أشد من سرور الرجل بعافيته وما نزل به، لأنني لم أكن سمعته منه، ولا عرفت هذا الدعاء قبل ذلك، ثم [قال]: آتني بدواة وبياض، واكتب ما أمليه عليك، ففعلت، وهو: أللهم إني أسألك باسمك بسم الله الرحمن الرحيم، يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم، يا حي لا إله إلا أنت، يا من لا يعلم ما هو ولا أين هو ولا حيث هو ولا كيف هو إلا هو؟ يا ذا الملك والملكوت، يا ذا العزة والجبروت، يا ملك يا قدوس، يا سلام، يا مؤمن، يا مهيمن، يا عزيز، يا جبار، يا متكبر، يا خالق، يا بارئ، يا مصور، يا مفيد، يا ودود، يا محمود، يا معبود، يا بعيد، يا قريب، يا مجيب، يا رقيب، يا حسيب، يا بديع، يا رفيع، يا منيع، يا سميع، يا عليم، يا حكيم، يا كريم، يا مدبر، يا شديد، يا مبدئ، يا معيد، يا مبيد، يا قديم، يا قديم. يا علي، يا عظيم، يا حنان، يا منان، يا ديان، يا مستعان، يا جليل، يا جميل، يا وكيل، يا كفيل، يا مقيل، يا منيل، يا نبيل، يا دليل، يا هادي، يا بادي، يا أول، يا آخر، يا ظاهر، يا باطن، يا قائم، يا دائم، يا عالم، يا حاكم، يا قاضى، يا عادل، يا فاضل، يا واصل، يا طاهر، يا مطهر، يا قادر، يا مقتدر، يا كبير، يا متكبر. يا أحد، يا صمد، يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، ولم يكن له صاحبة، ولا كان معه وزير، ولا اتخذ معه مشيرا، ولا احتاج إلى ظهير، ولا كان معه إله، لا إله إلا أنت، فتعاليت عما يقول الجاحدون الظالمون علوا كبيرا. يا علي، يا عالم، يا شامخ، يا باذخ، يا نفاح، يا مفرج، يا ناصر، يا منتصر، يا مهلك، يا منتقم، يا باعث، يا وارث، يا أول [يا آخر]، يا طالب، يا غالب. يا من لا يفوته هارب، يا تواب، يا أواب، يا وهاب، يا مسبب الأسباب، يا مفتح الأبواب، يا من حيث ما دعي أجاب، يا طهور، يا شكور، يا عفو، يا غفور، يا
972 نور النور، يا مدبر الأمور، يا لطيف، يا خبير، يا متجبر، يا منير، يا بصير، يا ظهير، يا كبير، يا وتر، يا فرد، يا صمد، يا أبد، يا سند، يا كافي، يا شافي، يا وافي، يا معافي، يا محسن، يا مجمل، يا معافي، يا منعم، يا متفضل، يا متكرم، يا متفرد. يا من علا فقهر، ويا من ملك فقدر، ويا من بطن فخبر، ويا من عبد فشكر، ويا من عصى فغفر وستر، يا من لا تحويه الفكر، ولا يدركه بصر، ولا يخفى عليه أثر، يا رازق البشر، ويا مقدر كل قدر، يا عالي المكان، يا شديد الأركان، ويا مبدل الزمان، يا قابل القربان، يا ذا المن والإحسان، يا ذا العز والسلطان، يا رحيم، يا رحمان، يا عظيم الشأن، يا من هو كل يوم في شأن، يا من لا يشغله شأن عن شأن. يا سامع الأصوات، يا مجيب الدعوات، يا منجح الطلبات، يا قاضي الحاجات، يا منزل البركات، يا راحم العبرات، يا مقيل العثرات، يا كاشف الكربات، يا ولي الحسنات، يا رفيع الدرجات، يا معطي المسألات، يا محيي الأموات، يا جامع الشتات، يا مطلع على النيات، يا راد ما قد فات، يا من لا تشتبه عليه الأصوات، يا من لا تضجره المسألات، ولا تغشاه الظلمات، يا نور الأرض والسماوات. يا سابغ النعم، يا دافع النقم، يا بارئ النسم، يا جامع الأمم، يا شافي السقم، يا خالق النور والظلم، يا ذا الجود والكرم، يا من لا يطأ عرشه قدم. يا أجود الأجودين، يا أكرم الأكرمين، يا أسمع السامعين، يا أبصر الناظرين، يا جار المستجيرين، يا أمان الخائفين، يا ظهر اللاجين، يا ولي المؤمنين، يا غياث المستغيثين، يا غاية الطالبين. يا صاحب كل قريب، يا مؤنس كل وحيد، يا ملجأ كل طريد، يا مأوى كل شريد، يا حافظ كل ضالة، يا راحم الشيخ الكبير، يا رازق الطفل الصغير، يا جابر العظم الكسير، يا فكاك كل أسير، يا مغنى البائس الفقير، يا عصمة الخائف
973 المستجير، يا من له التدبير والتقدير، يا من العسير عليه سهل يسير، يا من لا يحتاج إلى تفسير، يا من هو على كل شيء قدير، يا من هو بكل شيء خبير، يا من هو بكل شيء بصير. يا مرسل الرياح، يا فالق الإصباح، يا باعث الأرواح، يا ذا الجود والسماح، يا من بيده كل مفتاح، يا سامع كل صوت، يا سابق كل فوت، يا محيي كل نفس بعد الموت. يا عدتي في شدتي، يا حافظي في غربتي، يا مؤنسي في وحدتي، يا وليي في نعمتي، يا كنفي حين تعييني المذاهب، وتسلمني الأقارب، ويخذلني كل صاحب، يا عماد من لا عماد له، يا سند من لا سند له، يا ذخر من لا ذخر له، يا كهف من لا كهف له، يا ركن من لا ركن له، يا غياث من لا غياث له، يا جار من لا جار له. يا جاري اللصيق، يا ركني الوثيق، يا إلهي بالتحقيق، يا رب البيت العتيق، يا شفيق، يا رفيق، فكني من حلق المضيق، واصرف عني كل هم وغم وضيق، واكفني شر ما لا أطيق، وأعني على ما أطيق. يا راد يوسف على يعقوب، يا كاشف ضر أيوب، يا غافر ذنب داود، يا رافع عيسى بن مريم من أيدي اليهود، يا مجيب نداء يونس في الظلمات، يا مصطفي موسى بالكلمات، يا من غفر لآدم خطيئته، ورفع إدريس برحمته، يا من نجا نوحا من الغرق، يا من أهلك عادا الأولى وثمود فما أبقى وقوم نوح من قبل إنهم كانوا هم أظلم وأطغى، والمؤتفكة أهوى، يا من دمر على قوم لوط، ودمدم على قوم شعيب. يا من اتخذ إبراهيم خليلا، يا من اتخذ موسى كليما، واتخذ محمدا صلى الله عليهم أجمعين حبيبا. يا مؤتي لقمان الحكمة، والواهب لسليمان ملكا لا ينبغي لأحد من بعده، يا من
974 نصر ذا القرنين على الملوك الجبابرة، يا من أعطى الخضر الحياة، ورد ليوشع بن نون الشمس بعد غروبها، يا من ربط على قلب أم موسى، وأحصن فرج مريم بنت عمران، يا من حصن يحيى بن زكريا من الذنب، وسكن عن موسى الغضب، يا من بشر زكريا بيحيى، يا من فدى إسماعيل من الذبح، يا من قبل قربان هابيل وجعل اللعنة على قابيل، يا هازم الأحزاب، صل على محمد وآل محمد، وعلى جميع المرسلين، وملائكتك المقربين، وأهل طاعتك. وأسألك بكل مسألة سألك بها أحد ممن رضيت عنه، فحتمت له على الإجابة، يا الله يا الله يا الله، يا رحمن يا رحيم، يا رحمن يا رحيم، يا رحمن يا رحيم، يا ذا الجلال والإكرام، يا ذا الجلال والاكرام، يا ذا الجلال والاكرام، به به به به به به به أسئلك بكل اسم سميت به نفسك، أو أنزلته في شيء من كتبك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، وبمعاقد العز من عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك، وبما لو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله ان الله عزيز حكيم. وأسألك بأسمائك الحسنى التي بينتها في كتابك، فقلت: (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) (1)، وقلت: (أدعوني أستجب لكم) (2). وقلت: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان) (3).
1 - الأعراف: 7 / 180. 2 - غافر: 40 / 60. 3 - البقرة: 2 / 186. 975 وقلت: (يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله) (1). وأنا أسألك يا إلهي! وأطمع في إجابتي يا مولاي! كما وعدتني، وقد دعوتك كما أمرتني، فافعل بي كذا وكذا... وتسأل الله تعالى ما أحببت، وتسمي حاجتك، ولا تدع به إلا وأنت طاهر. ثم قال للفتى: إذا كانت الليلة فادع به عشرة مرة وأتني من غد بالخبر. قال الحسين بن على (عليهما السلام): وأخذ الفتى الكتاب ومضى، فلما كان من غد ما أصبحنا حسنا حتى أتى الفتى إلينا سليما معافى، والكتاب بيده، وهو يقول: هذا والله! الاسم الأعظم أستجيب لي ورب الكعبة. قال له علي صلوات الله عليه: حدثني، قال: [لما] هدأت العيون بالرقاد، واستحلك جلباب الليل، (2) رفعت يدي بالكتاب ودعوت الله بحقه مرارا، فأجبت في الثانية: حسبك، فقد دعوت الله باسمه الأعظم، ثم اضطجعت فرأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) في منامي، وقد مسح يده الشريفة علي وهو يقول: احتفظ باسم الله العظيم، فإنك على خير، فانتبهت معافى كما ترى، فجزاك الله خيرا. (3)
1 - الزمر: 39 / 53. 2 - جلباب الليل: أستاره المظلمة، انظر لسان العرب 2: 317 جلب. 3 - مهج الدعوات: 151، بحار الأنوار 95: 394 ح 33، مستدرك الوسائل 9: 353 وورد فيه صدر الحديث فقط. 976 الفصل الخامس في الأشعار
977 [الألف] في فناء الانسان وموته [1194] - 1 - محمد عبد الرحيم: تبارك ذو العلا والكبرياء * تفرد بالجلال وبالبقاء وسوى الموت بين الخلق طرا * وكلهم رهائن للفناء ودنيانا - وإن ملنا إليها * وطال بها المتاع إلى انقضاء ألا إن الركون على غرور * إلى دار الفناء من الفناء وقاطنها سريع الظعن (1) عنها * وإن كان الحريص على الثواء (2) في بيان نسبه (عليه السلام) وفضله [1195] - 2 - الإربلي: إذا استنصر المرء امرأ لا يدي له * فناصره والخاذلون سواء أنا ابن الذي قد تعلمون مكانه * وليس على الحق المبين طخاء (3)
1 - الظعن: السير والارتحال القاموس المحيط 4: 244، مجمع البحرين 6: 278 ظعن. 2 - ديوان الحسين بن علي (عليه السلام): 115، أدب الحسين وحماسته: 47. 3 - الطخاء: السحاب المرتفع. الصحاح 6: 2412 طخا. 979 أليس رسول الله جدي ووالدي * أنا البدر إن خلا النجوم خفاء ألم ينزل القران خلف بيوتنا * صباحا ومن بعد الصباح مساء ينازعني والله بيني وبينه * يزيد وليس الأمر حيث يشاء فيا نصحاء الله أنتم ولاته * وأنتم على أديانه أمناء بأي كتاب أم بأية سنة * تناولها عن أهلها البعداء (1) [1196] - 3 - ابن الأثير: عند زيارته (عليه السلام) لمقابر الشهداء بالبقيع عن إسحاق بن إبراهيم، قال: بلغني أن الحسين [(عليه السلام)] زار مقابر الشهداء بالبقيع فقال: ناديت سكان القبور فأسكتوا * وأجابني عن صمتهم ترب الحصى قالت: أتدري ما فعلت بساكني * مزقت لحمهم وخرقت الكسا وحشوت أعينهم ترابا بعدما * كانت تأذى باليسير من القذى (2) أما العظام فإنني مزقتها * حتى تباينت المفاصل والشوى (3) قطعت ذازاد من هذا كذا * فتركتها رمما يطوف بها البلا (4)، (5)
1 - كشف الغمة 2: 35، الفصول المهمة: 171، نور الأبصار: 139، بحار الأنوار 78: 123، إحقاق الحق 11: 642، ديوان الحسين بن علي (عليه السلام): 111، أدب الحسين وحماسته: 22. 2 - القذى: ما يقع من العين وما ترمى به. الصحاح 11: 77 قذي. 3 - الشوى: اليدان والرجلان والرأس من الآدميين. الصحاح 6: 2396 شوى. 4 - قال ابن منظور في لسان العرب 1: 498 بلا: كانوا في الجاهلية يعقرون عند القبر بقرة أو ناقة أو شاة، ويسمون، العقيرة البلية، وكان إذا مات لهم من يعز عليهم أخذوا ناقته فعقلوها عند قبره، فلا تعلف ولا تسقى إلى أن تموت، و ربما حفروا لها حفيرة وتركوها فيها إلى أن تموت ويقال: قامت مبليات فلان ينحن عليه، وهن النساء اللواتي يقمن حول راحلته فينحن إذا مات أو قتل. 5 - البداية والنهاية 8: 228، تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام)) 163، أعيان الشيعة 1: 621، إحقاق الحق 11: 636، ديوان الحسين بن علي (عليه السلام): 112، أدب الحسين وحماسته: 15. 980 [الباء] في القبر والحشر والحساب [1197] - 4 - محمد عبد الرحيم: يحول عن قريب من قصور * مزخرفة إلى بيت التراب فيسلم فيه مهجورا فريدا * أحاط به شحوب الاغتراب وهول الحشر أفظع كل أمر * إذا دعي ابن آدم للحساب وألفى كل صالحة أتاها * وسيئة جناها في الكتاب لقد آن التزود إن عقلنا * وأخذ الحظ من باقي الشباب (1) في بيان نسبه وبعض فضائل أبيه (عليهما السلام) [1198] - 5 - الإربلي: أنا الحسين بن علي بن أبي * طالب البدر بأرض العرب ألم تروا وتعلموا أن أبي * قاتل عمرو ومبير مرحب ولم يزل قبل كشوف الكرب * مجليا ذلك عن وجه النبي أليس من أعجب عجب العجب * أن يطلب الأبعد ميراث النبي والله قد أوصى بحفظ الأقرب (2)
1 - ديوان الحسين بن علي (عليه السلام): 120. 2 - كشف الغمة 2: 36، بحار الأنوار 78: 124، ديوان الحسين بن علي (عليه السلام): 121، أدب الحسين (عليه السلام) وحماسته: 23. 981 في زوجته (عليه السلام) الرباب وبنته سكينة [1199] - 6 - ابن سعد: لعمرك إنني لأحب دارا * تصيفها [تحل بها] سكينة والرباب أحبهما وأبذل بعد [جل] مالي * وليس للائمي فيها عتاب ولست لهم وإن عتبوا مطيعا * حياتي أو يغيبني التراب (1) في ذم البغي [1200] - 7 - الإربلي: ذهب الذين أحبهم * وبقيت فيمن لا أحبه فيمن أراه يسبني * ظهر المغيب ولا أسبه يبغي فسادي ما استطاع * وأمره مما أربه حنقا يدب إلى الضراء (2) * وذاك مما لا أدبه ويرى ذباب الشر (3) من * حولي يطن (4) ولا يذبه وإذا خبا (5) وغر الصدور * فلا يزال به يشبه (6)
1 - ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من الطبقات الكبير: 18، الأغاني 16: 139، إبصار العين في أنصار الحسين (عليه السلام): 24، إحقاق الحق 11: 638، البداية والنهاية 8: 228، ديوان الحسين بن علي (عليه السلام): 116، وفيهما أنشد الزبير بن بكار، مقاتل الطالبيين: 90، أعيان الشيعة 1: 621، أدب الحسين (عليه السلام) وحماسته: 19، زهر الآداب 1: 101 ليس فيه البيت الآخر. 2 - يقال للرجل: إذا ختل صاحبه ومكربه: هو يدب له الضراء، لسان العرب. 3 - ذباب الشر: حده. الصحاح 1: 126 ذبب. 4 - الطنين: صوت الذباب. الصحاح 6: 2159 طنن. 5 - خبا: سكن، وخبت النار تخبو خبوا: أي طفئن، الصحاح 6: 2325، خبا. 6 - يشبه: يوقده، الصحاح 1: 151 شبب. 982 أفلا يعيج (1) بعقله * أفلا يثوب إليه لبه أفلا يرى أن فعله * مما يسور إليه غبه حسبي بربي كافيا * ما أختشي والبغي حسبه ولقل من يبغى عليه * فما كفاه الله ربه (2) [التاء] في كون عقبى كل شيء إلى الفناء [1201] - 8 - محمد عبد الرحيم: فعقبى كل شىء نحن فيه * من الجمع الكثيف إلى شتات وما حزناه من حل وحرم * يوزع في البنين وفي البنات وفيمن لم نؤهلهم بفلس * وقيمة حبة قبل الممات وتنسانا الأحبة بعد عشر * وقد صرنا عظاما باليات كأنا لم نعاشرهم بود * ولم يك فيهم خل مؤات (3) إعطائه (عليه السلام) لمعلم ولده [1202] - 9 - ابن شهر آشوب: وقيل: إن عبد الرحمن السلمي علم ولد الحسين [(عليه السلام)] الحمد، فلما قرأها على أبيه أعطاه [(عليه السلام)] ألف دينار وألف حلة، وحشا فاه درا، فقيل له في ذلك، قال [(عليه السلام)]: وأين يقع هذا من عطائه - يعني تعليمه
1 - يعيج: يشفع. الصحاح 1: 332 عيج. 2 - كشف الغمة 2: 34، الفصول المهمة: 171، بحار الأنوار 78: 122، أعيان الشيعة 1: 621، ديوان الحسين بن علي (عليه السلام): 118، نور الأبصار: 139. 3 - ديوان الحسين بن علي (عليه السلام): 123، أدب الحسين (عليه السلام) وحماسته: 47. 983 - وأنشد الحسين (عليه السلام) يقول: إذا جادت الدنيا عليك فجد بها * على الناس طرا قبل أن تتفلت فلا الجود يفنيها إذا هي أقبلت * ولا البخل يبقيها إذا ما تولت (1) [الثاء] في حثه (عليه السلام) على التقوى [1203] - 10 - محمد عبد الرحيم: لمن يا أيها المغرور تحوي * من المال الموفر والأثاث ستمضي غير محمود فريدا * ويخلو بعل عرسك بالتراث ويخذلك الوصي بلا وفاء * ولا إصلاح أمر ذي التياث لقد وفرت وزرا مر حينا * يسد عليك سيل الانبعاث فما لك غير تقوى الله حرز * ولأوزر وما لك من غياث (2) [الجيم] في التضرع إلى الله وطلب العفو [1204] - 11 - عنه أيضا: تعالج بالتطبب كل داء * وليس لداء ذنبك من علاج سوى ضرع إلى الرحمن محض * بنية خائف ويقين راج
1 - المناقب 4: 66، بحار الأنوار 44: 191، العوالم 17: 64، أعيان الشيعة 1: 579، ديوان الحسين بن علي (عليه السلام): 122 وفيه الأشعار فقط. 2 - ديوان الحسين بن علي (عليه السلام): 124، أدب الحسين (عليه السلام) وحماسته: 48. 984 وطول تهجد بطلاب عفو * بليل مدلهم الستر داج وإظهار الندامة كل وقت * على ما كنت فيه من اعوجاج لعلك أن تكون غدا عظيما * ببلغة فائز مسرور ناج (1) [الحاء] في حثه (عليه السلام) على التوبة والإنابة قبل الموت [1205] - 12 - وعنه أيضا: عليك بظلف (2) نفسك عن هواها * فما شىء ألذ من - الصلاح تأهب للمنية حين تغدو * كأنك لا تعيش إلى الرواح فكم من رائح فينا صحيح * نعته نعاته قبل الصباح وبادر بالإنابة قبل موت * على ما فيك من عظم الجناح (3) وليس أخو الرزانة (4) من تجافى * ولكن من تشمر للفلاح (5) [الخاء] في وصف الصداقة، وما تؤول إليه الدنيا [1206] - 13 - وعنه أيضا: وإن صافيت أو خاللت خلا * ففي الرحمن فاجعل من تؤاخي
1 - ديوان الحسين بن علي (عليه السلام): 125، أدب الحسين (عليه السلام) وحماسته: 48. 2 - الظلف: الأثر. الصحاح 4: 1399 ظلف. 3 - الجناح: الإثم. الصحاح 1: 360 جنح. 4 - الرزانة: الوقار. الصحاح 5: 2123 رزن. 5 - ديوان الحسين بن علي (عليه السلام): 127، أدب الحسين (عليه السلام) وحماسته: 48. 985 ولا تعدل بتقوى الله شيئا * ودع عنك الضلالة والتراخي فكيف تنال في الدنيا سرورا * وأيام الحياة إلى انسلاخ وإن سرورها فيما عهدنا * مشوب بالبكاء وبالصراخ فقد عمي ابن آدم لا يراها * عمى أفضى إلى صمم الصماخ (1). (2) [الدال] في تنبيه الغافلين عن الموت [1207] - 14 - عنه أيضا: أخي قد طال لبثك في الفساد * وبئس الزاد زادك للمعاد صبا (3) فيك الفؤاد فلم تزعه * وحدت إلى متابعة الفؤاد وقادتك المعاصي حيث شاءت * وألفتك امرءا سلس القياد لقد نوديت للترحال فاسمع * ولأتتصاممن عن المنادي كفاك مشيب رأسك من نذير * وغالب لونه لون السواد (4) [الذال] التحذير من الدنيا وزخارفها [1208] - 15 - عنه أيضا: ودنياك التي غرتك منها * زخارفها تصير إلى انجذاذ (5)
1 - الصماخ: فرق الاذن. الصحاح 1: 426 صمخ. 2 - ديوان الحسين بن علي (عليه السلام): 128، أدب الحسين (عليه السلام) وحماسته: 48. 3 - صبا: مال إلى الجهل والفتوة. الصحاح 6: 2398 صبا. 4 - ديوان الحسين بن علي (عليه السلام): 131، أدب الحسين (عليه السلام) وحماسته: 49. 5 - الإنجذاذ: الانقطاع. الصحاح 2: 561 جذذ. 986 تزحزح عن مهالكها بجهد * فما أصغى إليها ذو نفاذ لقد مزجت حلاوتها بسم * فما كالحذر منها من ملاذ عجبت لمعجب بنعيم دنيا * ومغبون بأيام لذاذ ومؤثر المقام بأرض قفر (1) * على بلد خصيب ذي رذاذ (2) (3) [الراء] قال (عليه السلام) في ذكر الموت ومصير الناس جميعا إلى الفناء [1209] - 16 - عنه أيضا: هل الدنيا وما فيها جميعا * سوى ظل يزول مع النهار تفكر أين أصحاب السرايا (4) * وأرباب الصوافن (5) والعشار (6) وأين الأعظمون يدا وبأسا * وأين السابقون لذي الفخار وأين القرن بعد القرن منهم * من الخلفاء والشم (7) الكبار كأن لم يخلقوا أو لم يكونوا * وهل أحد يصان من البوار (8). (9)
1 - أرض قفر: التي لا ماء فيها ولا نبات. الصحاح 2: 797 قفر. 2 - الرذاذ: المطر الضعيف. الصحاح 2: 565 رذذ. 3 - ديوان الحسين بن علي (عليه السلام): 132، أدب الحسين (عليه السلام) وحماسته: 49. 4 - السرايا، جمع سرية: وهي قطعة من الجيش تتكون من خمسة أنفس إلى ثلاثمائة. القاموس المحيط 4: 344، الصحاح 6: 2375 سرا. 5 - الصافن من الخيل: القائم على ثلاث قوائم، وقد أقام الرابعة على طرف الحافر. الصحاح 6: 2152 صفن. 6 - العشار، جمع عشراء: وهي الناقة التي أتت عليها من يوم أرسل فيها الفحل عشرة أشهر وزال عنها اسم المخاض. الصحاح 2: 747 عشر. 7 - الشم: المرتفع. الصحاح 5: 1962 شمم. 8 - البوار: الهلاك. الصحاح 2: 597 بور. 9 - ديوان الحسين بن علي (عليه السلام): 136، أدب الحسين (عليه السلام) وحماسته: 49. 987 [الزاء] في ذم الاعتزاز بالمال وطلب الدنيا [1210] - 17 - عنه أيضا: أيعتز الفتى بالمال زهوا (1) * وما فيها يفوت عن اعتزاز ويطلب دولة الدنيا جنونا * ودولتها مخالفة المخازي ونحن وكل من فيها كسفر * دنا منا الرحيل على الوفاز (2) جهلناها كأن لم نختبرها * على طول التهاني والتعازي ولم نعلم بأن لا لبث فيها * ولا تعريج غير الاجتياز (3) [السين] في ذم المذنب وتذكيره بيوم القيامة [1211] - 18 - عنه أيضا: أفي السبخات (4) يا مغبون تبني * وما أبقى السباخ على الأساس ذنوبك جمة تترى عظاما * ودمعك جامد والقلب قاسي وأياما عصيت الله فيها * وقد حفظت عليك وأنت ناسي فكيف تطيق يوم الدين حملا * لأوزار الكبائر كالرواسي هو اليوم الذي لا ود فيه * ولا نسب ولا أحد مواسي (5)
1 - الزهو: الكبر والفخر. الصحاح 6: 2370. 2 - الوفاز، جمع الوفز: وهي العجلة. الصحاح 3: 901 وفز. 3 - ديوان الحسين بن علي (عليه السلام): 137، أدب الحسين (عليه السلام) وحماسته: 50. 4 - السبخات، جمع السبخة: وهي أرض ذات ملح ونز. الصحاح 1: 423 سبخ. 5 - ديوان الحسين بن علي (عليه السلام): 138، أدب الحسين (عليه السلام) وحماسته: 50. 988 [الشين] في وصف يوم القيامة [1212] - 19 - عنه أيضا: عظيم هوله والناس فيه * حيارى مثل مبثوث الفراش به تتغير الألوان خوفا * وتصطك (1) الفرائص بارتعاش هنا لك كل ما قدمت يبدو * فعيبك ظاهر والسر فاش تفقد نقص نفسك كل يوم * فقد أودى (2) بها طلب المعاش ألا لم تبتغي الشهوات طورا (3) * وطورا تكتسي لين الرياش؟ (4). (5) في أمره (عليه السلام) أصحابه بالصبر [1213] - 20 - الصابري: يا نفس صبرا فالمنى بعد العطش * وأن روحي في الجهاد منكمش لا أرهب الموت إذ الموت وحش * جدي رسول الله ما فيه فحش (6) [الصاد] ما يؤدي إلى السلامة والخلاص [1214] - 21 - محمد عبد الرحيم: عليك من الأمور بما يؤدي * إلى سنن (7) السلامة والخلاص
1 - تصطك: تضطرب. القاموس المحيط 3: 320 صكك. 2 - أودى: هلك. الصحاح 6: 2521 ودى. 3 - الطور: المرة والتارة. الصحاح 2: 727 طور. 4 - الرياش: اللباس. الصحاح 3: 1008 ريش. 5 - ديوان الحسين بن علي (عليه السلام): 139، أدب الحسين (عليه السلام) وحماسته: 50. 6 - أدب الحسين (عليه السلام) وحماسته: 39 و 219. 7 - السنن: الطرق. الصحاح 5: 2138 سنن. 989 وما ترجوا النجاة به وشيكا * وفوزا يوم يؤخذ بالنواصي (1) فليس تنال عفو الله إلا * بتطهير النفوس من المعاصي وبر المؤمنين بكل رفق * ونصح للأداني والأقاصي وإن تشدد يدا بالخير تفلح * وإن تعدل فما لك من مناص (2) [الضاد] في بيان سبل رضى الله تعالى [1215] - 22 - عنه أيضا: وأصل الحزم (3) أن تضحى * وربك عنك في الحالات راض وأن تعتاض (4) بالتخليط رشدا * فإن الرشد من خير اعتياض ودع عنك الذي يغوي (5) ويردي (6) * ويورث طول حزن وارتماض (7) وخذ بالليل حظ النفس واطرد * عن العينين محبوب الغماض فإن الغافلين ذوي التواني * نظائر للبهائم في الغياض (8). (9)
1 - النواصي، جمع الناصية: وهي مقدم الرأس. الصحاح 6: 2510 نصا. 2 - ديوان الحسين بن علي (عليه السلام): 140، أدب الحسين (عليه السلام) وحماسته: 51. 3 - الحزم: ضبط الرجل أمره وأخذه بالثقة. الصحاح 5: 1898 حزم. 4 - تعتاض: تأخذ العوض. القاموس المحيط 2: 350 عوض. 5 - يغوي: يضل. الصحاح 6: 2450 غوى. 6 - يردى: يهلك. الصحاح 6: 2355 ردى. 7 - الارتماض: شدة وقع الشمس على الرمل وغيره. الصحاح 3: 1080 رمض. 8 - الغياض، جمع غيضة: وهي الأجمة، أي مغيض ماء يجتمع فينبت فيه الشجر. الصحاح 3: 1097 غيض. 9 - ديوان الحسين بن علي (عليه السلام): 141، أدب الحسين (عليه السلام) وحماسته: 51. 990 [الطاء] في بيان انحطاط الإنسان [1216] - 23 - عنه أيضا: كفى بالمرء عارا أن تراه * من الشأن الرفيع إلى انحطاط على المذموم من فعل حريصا * على الخيرات منقطع النشاط يشير بكفه أمرا ونهيا * إلى الخدام من صدر البساط يرى أن المعازف والملاهي * مسببة الجواز على الصراط لقد خاب الشقي وضل عجزا * وزال القلب منه عن النياط (1). (2) [الظاء] في بيان حقيقة الزهد [1217] - 24 - عنه أيضا: إذا الانسان خان النفس منه * فما يرجوه راج للحفاظ ولا ورع لديه ولا وفاء * ولا الاصغاء نحو الاتعاظ وما زهد الفتى بحلق رأس * ولا بلباس أثواب غلاظ ولكن بالهدى قولا وفعلا * وإدمان التخشع في اللحاظ (3) وإعمال الذي ينجي وينمي * بوسع والفرار من الشواظ (4). (5)
1 - النياط: عرق علق به القلب من الوتين، فإذا قطع مات صاحبه. الصحاح 3: 1166 نوط. 2 - ديوان الحسين بن علي (عليه السلام): 142، أدب الحسين (عليه السلام) وحماسته: 51. 3 - اللحاظ: مؤخر العين. الصحاح 3: 1178 لحظ. 4 - الشواظ: اللهب الذي لا دخان له. الصحاح 3: 1173 شوظ. 5 - ديوان الحسين بن علي (عليه السلام): 143، أدب الحسين (عليه السلام) وحماسته: 51. 991 [العين] في الفراق عند الموت [1218] - 25 - عنه أيضا: لكل تفرق الدنيا اجتماع * فما بعد المنون من اجتماع فراق فاصل ونوى شطون (1) * وشغل لا يلبث للوداع وكل أخوة لا بد يوما * وإن طال الوصال إلى انقطاع وإن متاع ذي الدنيا قليل * فما يجدي القليل من المتاع وصار قليلها حرجا عسيرا * تشبث بين أنياب السباع (2) [الغين] في من يطلب الدنيا [1219] - 26 - عنه أيضا: ولم يطلب علو القدر فيها * وعز النفس إلا كل طاغ وإن نال النفوس من المعالي * فليس لنيلها طيب المساغ (3) إذا بلغ المراد على وعزا * تولى واضمحل مع البلاغ (4) كقصر قد تهدم حافتاه * إذا صار البناء إلى الفراغ أقول وقد رأيت ملوك عصري * ألا لا يبغين الملك باغ (5)
1 - شطون: بعيد الشطن، أي: كثير البعد. الصحاح 5: 2144 شطن. 2 - ديوان الحسين بن علي (عليه السلام): 146، أدب الحسين (عليه السلام) وحماسته: 52. 3 - ساغ الشراب: سهل مدخله في الحلق. الصحاح 4: 1322 سوغ. 4 - البلاغ: التبليغ. الصحاح 4: 1316 بلغ. 5 - ديوان الحسين بن علي (عليه السلام): 147، أدب الحسين (عليه السلام) وحماسته: 52. 992 [الفاء] في من بلغ خمسين عاما عاصيا [1220] - 27 - عنه أيضا: أأقصد بالملامة قصد غيري * وأمري كله بادي الخلاف إذا عاش امرؤ خمسين عاما * ولم ير فيه آثار العفاف فلا يرجى له أبدا رشاد * فقد أردى بنيته التجافي ولم لا أبذل الانصاف مني * وأبلغ طاقتي في الإنتصاف لي الويلات إن نفعت عظاتي * سواي وليس لي إلا القوافي (1) [القاف] في ذم لذة الدنيا [1221] - 28 - ابن شهر آشوب: يا أهل لذة دنيا لا بقاء لها * إن اغترارا بظل زائل حمق (2) في الحث على الزهد وفعل الخير [1222] - 29 - محمد عبد الرحيم: ألا إن السباق سباق زهد * وما في غير ذلك من سباق ويفنى ما حواه الملك أصلا * وفعل الخير عند الله باق
1 - ديوان الحسين بن علي (عليه السلام): 148، أدب الحسين (عليه السلام) وحماسته: 52. 2 - المناقب 4: 69، إرشاد القلوب: 186 وفيه كثيرا ما يتمثل بقول الشاعر، بحار الأنوار 44: 193، العوالم 17: 69، أدب الحسين (عليه السلام) وحماسته: 16. 993 ستألفك الندامة عن قريب * وتشهق حسرة يوم المساق (1) أتدري أي ذاك اليوم فكر * وأيقن أنه يوم الفراق فراق ليس يشبهه فراق * قد انقطع الرجاء عن التلاقي (2) في الدعوة إلى الالتجاء إلى الله تعالى [1223] - 30 - ابن كثير: إغن عن المخلوق بالخالق * تسد على الكاذب والصادق واسترزق الرحمن من فضله * فليس غير الله من رازق من ظن أن الناس يغنونه * فليس بالرحمن بالواثق أو ظن أن المال من كسبه * زلت به النعلان من حالق (3). (4) في ذم الطلب من سوى الله تعالى [1224] - 31 - الإربلي: إذا ما عضك الدهر (5) * فلا تجنح إلى خلق ولا تسأل سوى الله * تعالى قاسم الرزق
1 - المساق: مصدر ميمي بمعنى السوق: وهو النزع عند الموت. الصحاح 4: 1500 سوق. 2 - ديوان الحسين بن علي (عليه السلام): 152، أدب الحسين (عليه السلام) وحماسته: 53. 3 - الحالق: الجبل المرتفع والمكان المشرف. الصحاح 4: 1463 حلق. 4 - البداية والنهاية 8: 228، تاريخ ابن عساكر ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام): 162، مقتل الحسين للخوارزمي 1: 147، أعيان الشيعة 1: 621، إحقاق الحق 11: 635، ديوان الحسين بن علي (عليه السلام): 149، أدب الحسين (عليه السلام) وحماسته: 14. 5 - عضك الدهر: أي اشتد عليك. 994 فلو عشت وطوفت (1) * من الغرب إلى الشرق لما صادفت من يقد * ر أن يسعد أو يشقي (2) [الكاف] تعجبه (عليه السلام) من ذي التجارب [1225] - 32 - محمد عبد الرحيم: عجبت لذي التجارب كيف يسهو * ويتلو اللهو بعد الاحتباك (3) ومرتهن الفضائح والخطايا * يقصر باجتهاد للفكاك وموبق (4) نفسه كسلا وجهلا * وموردها مخوفات الهلاك بتجديد المآثم كل يوم * وقصد للمحرم بانتهاك سيعلم حين تفجؤه المنايا * ويكثف حوله جمع البواكي (5) [اللام] في وصف المغرور ونسيانه ليوم الحساب [1226] - 33 - عنه أيضا: فإن سدوره (6) أمسى غرورا * وحل به ملمات (7) الزوال
1 - طوفت: أي سرت وجلت. الصحاح 4: 1396 طوف. 2 - كشف الغمة 2: 35، الفصول المهمة: 171، بحار الأنوار 78: 123، نور الأبصار 139، أعيان الشيعة 1: 621، ديوان الإمام الحسين (عليه السلام): 151. 3 - الاحتباك، من الحبك: وهو الشد والإحكام. الصحاح 4: 1578 حبك. 4 - الموبق: المهلك. الصحاح 4: 1562 وبق. 5 - ديوان الحسين بن علي (عليه السلام): 152، أدب الحسين (عليه السلام) وحماسته: 53. 6 - سدوره: تحيره، والسادر: المتحير. الصحاح 2: 680 سدر. 7 - الملمات، جمع الملمة: وهي النازلة من نوازل الدنيا. الصحاح 5: 2032 لمم. 995 وعري عن ثياب كان فيها * وألبس بعد أثواب انتقال وبعد ركوبه الأفراس تيها (1) * يهادى بين أعناق الرجال إلى قبر يغادر فيه فردا * نأى منه الأقارب والموالي تخلى عن مورثه وولى * ولم تحجبه مأثرة المعالي (2) في بيان نسبه وأحقيته للخلافة [1227] - 34 - الإربلي: أبي علي وجدي خاتم الرسل * والمرتضون لدين الله من قبلي والله يعلم والقرآن ينطقه * أن الذي بيدي من ليس يملك لي ما يرتجى بامرء لا قائل عذلا (3) * ولا يزيغ (4) إلى قول ولا عمل ولا يرى خائفا في سره وجلا * ولا يحاذر من هفو (5) ولا زلل يا ويح نفسي ممن ليس يرحمها * أما له في كتاب الله من مثل أما له في حديث الناس معتبر * من العمالقة العادية الأول يا أيها الرجل المغبون شيمته * إني ورثت رسول الله عن رسل أأنت أولى به من آله فبما * ترى اعتللت وما في الدين من علل (6) * في توالي النكبات عليه
1 - التيه: التكبر. الصحاح 6: 2229 تيه. 2 - ديوان الحسين بن علي (عليه السلام): 160، أدب الحسين (عليه السلام) وحماسته: 53. 3 - العذل: الملامة. الصحاح 5: 1762 عذل. 4 - الزيغ: الميل. الصحاح 4: 1320 زيغ. 5 - الهفوة: الزلة. الصحاح 6: 2535 هفا. 6 - كشف الغمة 2: 37، بحار الأنوار 78: 125، ديوان الحسين بن علي (عليه السلام): 159، أدب الحسين (عليه السلام) وحماسته: 37. 996 [1228] - 35 - عنه أيضا: يا نكبات الدهر دولي دولي (1) * وأقصري إن شئت أو أطيلي رميتني رمية لا مقيل * بكل خطب فادح جليل وكل غبء [عبء] أيد ثقيل * أول ما رزئت بالرسول وبعد بالطاهرة البتول * والوالد البر بنا الوصول وبالشقيق الحسن الجليل * والبيت ذي التأويل والتنزيل وزورنا المعروف من جبريل * فما له في الرزء من عديل ما لك عني اليوم من عدول * وحسبي الرحمن من منيل (2). (3) في ذم ازدياد المال [1229] - 36 - ابن كثير: كلما زيد صاحب المال مالا * زيد في همه وفي الاشتغال قد عرفناك يا منغصة العي * ش ويا دار كل فان وبالي ليس يصفو لزاهد طلب الزه * د إذا كان مثقلا بالعيال (4) قوله (عليه السلام) حينما رأى القبور [1230] - 37 - التستري: قال (عليه السلام): ما أحسن ظواهرها، وإنما الدواهي في بطونها، فالله الله، عباد الله!
1 - دولي دولي: أي تكرري واستمري. الصحاح 4: 1700 دول. 2 - المنيل: المعطى والمانع. الصحاح 5: 1837 نيل. 3 - كشف الغمة 2: 38، بحار الأنوار 78: 126، ديوان الحسين بن علي (عليه السلام): 161، أدب الحسين (عليه السلام) وحماسته: 33. 4 - البداية والنهاية 8: 228، تاريخ ابن عساكر ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام): 162، أعيان الشيعة 1: 621، ديوان الحسين بن علي (عليه السلام): 156، أدب الحسين (عليه السلام) وحماسته: 18. 997 لا تشتغلوا بالدنيا، فإن القبر بيت العمل، فاعملوا ولا تغفلوا، وأنشد (عليه السلام) قائلا: يا من بدنياه اشتغل * وغره طول الأمل الموت يأتي بغتة * والقبر صندوق العمل (1) من الاغترار بالدنيا [1231] - 38 - محمد عبد الرحيم: يبدر ما أصاب ولا يبالي * أسحتا (2) كان ذلك أم حلالا فلا تغتر بالدنيا وذرها * فما تسوى لك الدنيا خلالا أتبخل تائها (3) شرها (4) بمال * يكون عليك بعد غد وبالا (5) فما كان الذي عقباه شر * وما كان - الخسيس (6) لديك مالا فبت من الأمور بكل خير * وأشرفها وأكملها خصالا (7) [الميم] في وصف يوم الحشر [1232] - 39 - عنه أيضا: ولم يمرر به يوم فظيع * أشد عليه من يوم الحمام (8)
1 - إحقاق الحق 11: 628، أدب الحسين (عليه السلام) وحماسته: 15. 2 - السحت: الحرام. الصحاح 1: 252 سحت. 3 - التائه: الضال. القاموس المحيط 4: 282، مجمع البحرين 6: 344 تيه. 4 - الشره: غلبة الحرص. الصحاح 6: 2237 شره. 5 - الوبال: سوء العاقبة. مجمع البحرين 5: 490 وبل. 6 - الخسيس: الدني والحقير. مجمع البحرين 4: 65 خسس. 7 - ديوان الحسين بن علي (عليه السلام): 181، أدب الحسين (عليه السلام) وحماسته: 55. 8 - الحمام: قدر الموت. الصحاح 5: 1906 حمم. 998 ويوم الحشر أفظع منه هولا * إذا وقف الخلائق بالمقام فكم من ظالم يبقى ذليلا * ومظلوم تشمر للخصام وشخص كان في الدنيا فقيرا * تبوأ منزل النجب (1) الكرام وعفو الله أوسع كل شىء * تعالى الله خلاق الأنام (2) في وصف فضله وسبقه إلى المعالي [1233] - 40 - ابن شهر آشوب: سبقت العالمين إلى المعالي * بحسن خليقة وعلو همه ولاح بحكمتي نور الهدى في * ليال في الضلالة مدلهمه يريد الجاحدون ليطفئوه * ويأبى الله إلا أن يتمه (3) [النون] في التوحيد والشكر الله تعالى [1234] - 41 - محمد عبد الرحيم: إله لا إله لنا سواه * رؤوف بالبرية ذو امتنان أوحده بإخلاص وحمد * وشكر بالضمير وباللسان وأفنيت الحياة ولم أصنها * وزغت (4) إلى البطالة والتواني وأسأله الرضا عني فإني * ظلمت النفس في طلب الأماني إليه أتوب من ذنبي وجهلي * وإسرافي وخلعي للعنان (5). (6)
1 - النجب، مفرد النجيب: وهو الكريم. الصحاح 1: 222 نجب. 2 - ديوان الحسين بن علي (عليه السلام): 163، أدب الحسين (عليه السلام) وحماسته: 53. 3 - المناقب 4: 72، بحار الأنوار 44: 194 ح 6، العوالم 17: 69. 4 - الزيغ: الميل. الصحاح 4: 1320 زيغ. 5 - العنان: السحاب. الصحاح 6: 2167 عنن. 6 - ديوان الحسين بن علي (عليه السلام): 168، أدب الحسين (عليه السلام) وحماسته: 54. 999 في تفويض الأمر إلى الله تعالى [1235] - 42 - الإربلي: ما يحفظ الله يصن * ما يصنع الله يهن من يسعد الله يلن * له الزمان إن خشن أخي اعتبر لا تغترر * كيف ترى صرف الزمن (1) يجزى بما أوتى من * فعل قبيح أو حسن أفلح عبد كشف * الغطاء عنه ففطن وقر عينا من رأى * أن البلاء في اللسن فماز (2) من ألفاظه * في كل وقت ووزن وخاف من لسانه * عزبا (3) حديدا فحزن ومن يك معتصما * با الله ذي العرش فلن يضره شىء ومن * يعدي (4) على الله ومن من يأمن الله يخف * وخائف الله أمن وما لما يثمره ال * خوف من الله ثمن يا عالم السر كما * يعلم حقا ما علن صل على جدي أبي * القاسم ذي النور المبن أكرم من حي ومن * لفف ميتا في الكفن
1 - صرف الزمن: حدثانه ونوائبه. الصحاح 4: 1385 صرف. 2 - ماز: عزل وفرز: الصحاح 3: 897 ميز. 3 - عزب فلان يعزب: أي بعد وغاب. الصحاح 1: 181 عزب. 4 - يعدي: يتجرأ ويتجاوز الحد. الصحاح 6: 2420 عدا. 1000 وامنن علينا بالرضى * فأنت أهل للمنن وأعفنا في ديننا * من كل خسر وغبن ما خاب من خاب كمن * يوما إلى الدنيا ركن طوبى لعبد كشفت * عنه غيابات الوسن (1) والموعد الله وما * يقضي به الله مكن (2) [الهاء] في بيان وقوع الناس في الخطايا [1236] - 43 - محمد عبد الرحيم: وقعنا في الخطايا والبلايا * وفي زمن انتقاض واشتباه تفانى الخير، والصلحاء ذلوا * وعز بذلهم أهل السفاه وباء الآمرون بكل عرف * فما عن منكر في الناس ناه فصار الحر للمملوك عبدا * فما للحر من قدر وجاه فهذا شغله طمع وجمع * وهذا غافل سكران لاه (3) في مناجاته عند وقوفه على قبر جدته خديجة (عليها السلام) [1237] - 44 - ابن شهر آشوب: عن عيون المجالس، أنه (عليه السلام) ساير أنس بن مالك فأتى قبر خديجة فبكى، ثم قال: إذهب عني! قال أنس: فاستخفيت عنه فلما طال وقوفه في الصلاة سمعته قائلا. يا رب، يا رب، أنت مولاه * فارحم عبيدا إليك ملجاه
1 - الوسن: النعاس. الصحاح 6: 2214 وسن. 2 - كشف الغمة 2: 36، بحارالأنوار 78: 124، ديوان الحسين بن علي (عليه السلام): 169. 3 - ديوان الحسين بن علي (عليه السلام): 178، أدب الحسين (عليه السلام) وحماسته: 54. 1001 يا ذا المعالي عليك معتمدي * طوبى لمن كنت أنت مولاه طوبى لمن كان خائفا أرقا * يشكو إلى ذي الجلال بلواه وما به علة ولا سقم * أكثر من حبه لمولاه إذا اشتكى بثه وغصته * أجابه الله ثم لباه إذا ابتلى بالظلام مبتهلا * أكرمه الله ثم أدناه فنودي [(عليه السلام)] بهذه الأبيات لبيك لبيك أنت في كنفي * وكلما قلت قد علمناه صوتك تشتاقه ملائكتي * فحسبك الصوت قد سمعناه دعاؤك عندي يجول في حجب * فحسبك الستر قد سفرناه لوهبت الريح في جوانبه * خر صريعا لما تغشاه سلني بلا رغبة ولا رهب * ولا حساب إنني أنا الله (1) [الياء] [1238] - 45 - باقر شريف القرشي: دخل أعرابي مسجد الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)، فوقف على الحسن بن علي وحوله حلقة مجتمعة من الناس فسأل عنه، فقيل له: إنه الحسن بن علي [(عليهم السلام)]! فقال: إياه أردت. بلغني أنهم يتكلمون فيعربون في كلامهم، وإني قطعت بوادي وقفارا وأودية وجبالا، وجئت لأطارحه الكلام وأسأله عن عويص العربية! فقال له أحد جلساء الإمام: إن كنت جئت لهذا فابدأ بذلك الشاب، وأومأ إلى الحسين (عليه السلام). فبادر إليه، ووقف فسلم عليه، فرد الإمام (عليه السلام)، فقال له:
1 - المناقب 4: 69، بحارالأنوار 44: 193 الدمعة الساكبة 4: 63، أدب الحسين (عليه السلام) وحماسته: 13. 1002 ما حاجتك؟ قال: جئتك من الهرقل والجعلل والأينم والهمهم! فتبسم الإمام الحسين (عليه السلام)، وقال له: يا أعرابي! لقد تكلمت بكلام ما يعقله إلا العالمون. فقال الأعرابي: وأقول: أكثر من هذا، فهل أنت مجيبي على قدر كلامي؟ فقال له الحسين (عليه السلام): قل ما شئت فإني مجيبك! قال: إني بدوي، وأكثر مقالي الشعر، وهو ديوان العرب. فقال (عليه السلام): قل ما شئت فإني مجيبك! وأنشأ الأعرابي يقول: هفا قلبي إلى اللهو * وقد ودع شرخيه (1) وقد كان أنيقا * عصر تجراري ذيليه عيالات ولذات * فيا سقيا لعصريه فلما عمم الشيب * من الرأس نطاقيه وأمسى قد عناني * منه تجديد خضابيه تسليت عن اللهو * وألقيت قناعيه وفي الدهر أعاجيب * لمن يلبس حاليه فلو يعمل ذو رأي * أصيل فيه رأييه لألفى عبرة منه * له في كر عصريه فاجابه الإمام الحسين (عليه السلام) ارتجالا: فما رسم شجاني (2) قد * محت آيات رسميه
1 - شرخ الأمر والشباب: أوله. الصحاح 1: 424 شرخ. 2 - شجاني: أحزنني. الصحاح 6: 2389 شجا. 1003 سفور (1) درجت ذيلين * في بوغاء (2) قاعيه هتوف حرجف (3) تترى * على تلبيد ثوبيه وولاج (4) من المزن (5) * دنا نوء سماكيه أتى مثعنجر (6) الودق (7) * بجود في خلاليه وقد أحمد برقاه * فلا ذم لبرقيه وقد جلل رعداه * فلا ذم لرعديه ثجيج (8) الرعد ثجاج * إذا أرخى نطاقيه فأضحى دارسا قفرا * لبينونة أهليه فلما سمع الأعرابي ذلك بهر وانطلق يقول: ما رأيت كاليوم أحسن من هذا الغلام كلاما وأذرب لسانا ولا أفصح منه نطقا... (9) في ذم يزيد [1239] - 46 - الإربلي: الله يعلم أن ما * يبدي يزيد لغيره
1 - سفرت المرأة: كشفت عن وجهها فهي سافر. الصحاح 2: 686 سفر. 2 - البوغاء: التربة الرخوة التي كأنها ذريرة. الصحاح 4: 1317 بوغ. 3 - الحرجف: الريح الباردة. الصحاح 4: 1243 حرجف. 4 - الولاج: الكثير الولوج، ورجل خرجة ولجة: كثير الخروج والولوج. الصحاح 1: 348 ولج. 5 - المزن، جمع مزنة: وهي السحابة البيضاء. الصحاح 6: 2203 مزن. 6 - المثعنجر: السائل. الصحاح 2: 605 ثعجر. 7 - الودق: المطر. الصحاح 4: 1563 ودق. 8 - ثججت الماء والدم أثجه ثجا: إذا سيلته. الصحاح 1: 302 ثجج. 9 - حياة الحسين (عليه السلام) 1: 184، ديوان الحسين بن علي (عليه السلام): 173، وفي مطالب السؤول في مناقب آل الرسول: 69 و 73 وفيه: أن إعرابيا دخل المسجد الحرام... ومع اختلاف في بعض الألفاظ، أشعار الإمام الحسين (عليه السلام) فقط، أدب الحسين (عليه السلام) وحماسته: 17. 1004 وبأنه لم يكتب * ه بخيره وبميره (1) لو أنصف النفس الخؤو * ن لقصرت من سيره ولكان ذلك منه أد * نى شره من خيره (2) في كيفية معاشرة الناس [1240] - 47 - محمد عبد الرحيم: وكن بشا (3) كريما ذا انبساط * وفيمن يرتجيك جميل رأي بعيدا عن سماع الشر سمحا (4) * نقى الكف (5) عن عيب وثأى (6) معينا للأرامل واليتامى * أمين الجيب عن قرب ونأي وصولا غير محتشم زكيا * حميد السعي في إنجاز وأي تلق مواعظي بقبول صدق * تفز بالأمن عند حلول الأي (7). (8) في التوبة [1241] - 48 - عنه أيضا: فإن الله تواب رحيم * ولى قبول توبة كل غاوي أؤمل أن يعافيني بعفو * ويسخن عين إبليس المناوي
1 - الميرة: الطعام يمتاره الإنسان، وقد مار أهله يميرهم ميرا. الصحاح 2: 821 مير. 2 - كشف الغمة 2: 35، أعيان الشيعة 1: 621، ديوان الحسين بن علي (عليه السلام): 172، أدب الحسين (عليه السلام) وحماسته: 24. 3 - البشاشة: طلاقة الوجه: الصحاح 3: 996 بشش. 4 - السماح والسماحة: الجود. الصحاح 1: 376 سمح. 5 - نقى الكف: طاهر اليد. 6 - الثأي: الحزم والفتق. الصحاح 6: 2290 ثأي. 7 - اللأي: الشدة والإيطاء. الصحاح 6: 2478 لأي. 8 - ديوان الحسين بن علي (عليه السلام): 182، أدب الحسين (عليه السلام) وحماسته: 55. 1005 وينفعني بموعظتي وقولي * وينفع كل مستمع وراوي ذنوبي قد كوت جنبي كيا * ألا إن الذنوب هي المكاوي فليس لمن كواه الذنب عمدا * سوى عفو المهيمن من مداوي (1)
1 - ديوان الحسين بن علي (عليه السلام): 179، أدب الحسين (عليه السلام) وحماسته: 54. 1006 المنابع و فهرس الموضوعات
1007 المنابع والمآخذ 1 - إبصار العين في أنصار الحسين (عليه السلام)، محمد بن الشيخ طاهر السماوي، مكتبة بصيرتي. 2 - إثبات الهداة، محمد بن الحسن الحر العاملي، ت 1104 ه، دار الكتب الإسلامية - طهران، 1399 ه. 3 - إثبات الوصية، علي بن الحسين المسعودي، ت 346، مكتبة بصيرتي 4 - الاحتجاج، أبو منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي، ت 580 ه، نشر المرتضى - مشهد 1403 ه. 5 - الإمامة والسياسة، أبو محمد عبد الله بن مسلم ابن قتيبة الدينوري، 213 - 276 ه، منشورات الشريف الرضى - قم 1388 ه. 6 - إحقاق الحق، السيد نور الله الحسيني المرعشي التستري، ت 1019 ه، مكتبة آية الله النجفي - قم. 7 - الاختصاص، محمد بن محمد بن النعمان (الشيخ المفيد)، ت 413 ه، جماعة المدرسين - قم. 8 - أخبار الطوال، أبو حنيفة أحمد بن داود الدينوري، ت 282 ه، إحياء الكتب العربي - القاهرة، 1960 م. 9 - أدب الحسين وحماسته، أحمد الصابري الهمداني، جماعة المدرسين - قم، 1407 ه. 10 - الإرشاد، محمد بن محمد بن النعمان (الشيخ المفيد)، ت 413 ه، مكتبة بصيرتي - قم. 11 - إرشاد القلوب، أبو محمد الحسن بن محمد الديلمي، القرن 8 ه، منشورات الشريف الرضى - قم. 12 - الاستبصار، أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي، ت 460 ه، دار الكتاب الإسلامية - طهران. 13 - أسد الغابة: ابن الأثير الجزري، ت 630 دار إحياء التراث العربي، لبنان، بيروت 1390. 14 - أسرار الحكماء، ياقوت المستعصمي. 15 - أسرار الشهادة، الفاضل الدربندي، ت 1286 ه، منشورات الأعلمي - طهران. 16 - الإصابة في تمييز الصحابة، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، ت 852 ه، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1328 ه. 17 - أعلام الدين، أبو محمد الحسن بن محمد الديلمي، قرن 8 ه، مؤسسة آل البيت - بيروت، 1409 ه. 18 - أعلام الورى، أمين الدين الفضل بن الحسن الطبرسي، 460 ه..
1008 19 - أعيان الشيعة، السيد محسن الأمين، دار التعارف - بيروت. 20 - الأغاني، أبو الفرج الإصبهاني علي بن الحسين، م 356 ه، إحياء التراث العربي - بيروت. 21 - إقبال الأعمال، رضى الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس، ت 664 أو 668 ه، دار الكتب الإسلامية - طهران. 22 - الأمالي، الشيخ الصدوق، أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، ت 381 ه، مؤسسة الأعلمي - بيروت، 1400 ه. 23 - الأمالي، أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي، ت 460 ه، دار الثقافة - قم. 24 - الأمالي، محمد بن محمد بن النعمان (الشيخ المفيد)، ت 413 ه، جماعة المدرسين - قم، 1403 ه. 25 - الإمام الحسين وأصحابه، الشيخ الفضل علي القزويني، ابن المؤلف - قم، 1415. 26 - أنساب الأشراف، أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري، القرن 3 ه، دار التعارف - بيروت، 1394 ه. 27 - الأنوار البهية، الشيخ عباس القمي، دار الذخائر - قم، 1370 ش. 28 - الإيقاظ من الهجعة، الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي، ت 1104 ه، دار الكتب العلمية - قم. 29 - الإيضاح، الفضل بن شاذان النيسابوري، ت 260، منشورات جامعة طهران 1351. 30 - أدب الطف، جواد الشبر، دار المرتضى، بيروت. 31 - البداية والنهاية، أبو الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي، ت 774 ه، إحياء التراث - بيروت، 1408 ه. 32 - بحار الأنوار، محمد باقر المجلسي، ت 1111 ه، المكتبة الإسلامية - طهران، 1363 ش. 33 - بصائر الدرجات، أبو جعفر محمد بن الحسن بن فروخ الصفار القمي، ت 290 ه، مكتبة آية الله المرعشي النجفي - قم، 1404 ه. 34 - بلاغة الحسين، السيد مصطفى آل اعتماد، مؤسسة مطبوعات إسماعيليان - قم، 1406 ه. 35 - البلد الأمين، الشيخ إبراهيم الكفعمي، القرن 9 ه. 36 - تاريخ ابن عساكر، أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي (ابن عساكر)، 499 - 571 ه، مؤسسة المحمودي - بيروت، 1389 ه. 37 - تاريخ الإسلام: الذهبي، ت 748 دار الكتاب العربي 1409. 38 - تاريخ الطبري، أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، ت 310 ه، دار الكتب الإسلامية - بيروت، 1406 ه. 39 - تاريخ اليعقوبي، أحمد بن أبي يعقوب بن جعفر بن وهب بن واضح (يعقوبي)، ت 300 ه، نشر فرهنگ أهل بيت - قم. 40 - تحف العقول، أبو محمد الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة الحراني، قرن 4 ه، منشورات الشريف الرضى - قم، 1380 ه. 41 - تذكرة الخواص، سبط ابن الجوزي، ت 654 ه، مؤسسة أهل البيت - بيروت، 1401 ه. 42 - تذكرة الفقهاء، العلامة الحلى، ت 726 ه، المكتبة المرتضوية، 1388 ه. 43 - تحرير الأحكام، العلامة الحلى، ت 726 ه، مؤسسة آل البيت - قم. 44 - تراث كربلاء، سلمان آل طعمه، مؤسسة الأعلمي - بيروت، 1403 ه.
1009 45 - ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) ومقتله من الطبقات الكبير، ابن سعد، ت 230 ه مؤسسة آل البيت قم. 46 - تظلم الزهراء، رضى بن أمين القزويني، القرن 12 منشورات الشريف الرضى 1417 ه. 47 - تسلية المجالس وزينة المجالس، محمد بن أبي طالب مخطوط. 48 - تفسير الإمام العسكري، أبو محمد الحسن بن علي العسكري (عليهم السلام)، مدرسة الإمام المهدى - قم، 1409 ه. 49 - تفسير البرهان، السيد هاشم الحسيني البحراني، ت 1107 أو 1109 ه، مؤسسة مطبوعات إسماعيليان - قم. 50 - تفسير العياشي، أبو نصر محمد بن مسعود بن عياش السلمي السمرقندي (العياشي)، المكتبة العلمية الإسلامية. 51 - تفسير فرات الكوفي، أبو القاسم فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي، مؤسسة الطبع والنشر - طهران، 1410 ه. 52 - تفسير القمي، علي بن إبراهيم القمي القرن 3 - 4، مؤسسة دار الكتاب للطباعة والنشر - قم. 53 - تفسير كنز الدقائق، الميرزا محمد المشهدي، ت 1125 ه، جماعة المدرسين - قم، 1410 ه. 54 - تفسير مجمع البيان، أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي، القرن 6 ه، دار المعرفة - بيروت، 1408 ه. 55 - تفسير روح الجنان وروح الجنان، جمال الدين أبو الفتوح الرازي. 56 - تنبيه الخواطر ونزهة النواظر (مجموعه ورام)، أبو الحسين ورام بن أبي فراس المالكي الأشتري، ت 605 ه، مكتبة الفقيه - قم. 57 - التوحيد، الشيخ الصدوق، أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، ت 381 ه، مكتبة الصدوق - طهران، 1398 ه. 58 - التهذيب، أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي، ت 460 ه، دار صعب - بيروت. 59 - الثاقب في المناقب، عماد الدين أبو جعفر محمد بن علي الطوسي المعروف بابن حمزه، القرن 6 ه، مؤسسة أنصاريان - قم، 1412 ه. 60 - ثواب الأعمال وعقاب الأعمال، الشيخ الصدوق، أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، ت 381 ه، مكتبة الصدوق - طهران، 1361 ش. 61 - جامع أحاديث الشيعة، بإشراف آية الله السيد حسين الطباطبائي البروجردي، المطبعة العلمية - قم، 1400 ه. 62 - جامع الأخبار، محمد بن محمد السبزواري، القرن 7، مؤسسة آل البيت - قم، 1414 ه. 63 - جامع الأصول، أبو السعادات مبارك بن محمد ابن الأثير الجزري، ت 606 ه، احياء التراث العربي - بيروت، 1404 ه. 64 - الجعفريات والأشعثيات، محمد بن محمد بن الأشعث الكوفي، طبع في ضمن قرب الأسناد، الطبع الجمري. 65 - جمال الأسبوع، السيد علي بن موسى بن طاووس، ت 664، مؤسسة الآفاق، 1371 ه ش. 66 - الجوهرة، محمد بن أبي بكر الأنصارى التلمساني المعروف بالبري، القرن 7، مكتبة النوري - دمشق 1402 ه. 67 - الحسين في طريقه إلى الشهادة، علي بن الحسين الهاشمي، منشورات الشريف الرضى - قم، 1413 ه. 68 - حلية الأولياء، أبو نعيم أحمد بن عبد الله الإصفهاني، ت 430، دار الكتب العربية - بيروت، 1387 ه. 69 - حياة الإمام الحسين، باقر شريف القرشي، مكتبة الداوري - قم.
1010 70 - حياة الإمام الحسن، باقر شريف القرشي، مكتبة الداوري - قم. 71 - الخصائص الحسينية، الشيخ جعفر التستري، ت 1303 ه، المطبعة الحيدرية - النجف، 1375 ه. 72 - الخصال، الشيخ الصدوق، أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، ت 381 ه، جماعة المدرسين - قم، 1362 ه. 73 - الخرائج والجرائح، أبو الحسين سعيد بن هبة الله (قطب الدين الراوندي)، ت 573 ه، مؤسسة الإمام المهدى - قم، 1409 ه. 74 - خطبة الحسين بن علي في منى، محمد صادق النجمي، مؤسسة آستان قدس رضوى 1371 هش. 75 - الخلاف، أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي، ت 460 ه، دار الكتب العلمية - قم، ودار المعارف الإسلامية. 76 - الدر المنثور، جلال الدين عبد الرحمن السيوطي، مكتبة آية الله النجفي - قم، 1404 ه. 77 - دعائم الإسلام، أبو حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي، ت 363 ه، دار الأضواء - بيروت، 1411 ه. 78 - الدعوات، أبو الحسين سعيد بن هبة الله (قطب الدين الراوندي)، ت 573 ه، مدرسة الإمام المهدى - قم، 1407 ه. 79 - دلائل الإمامة، أبو جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري، القرن 4 ه، المطبعة الحيدرية - نجف، 1383 ه ومؤسسة البعثة - قم 1413 ه. 80 - الدمعة الساكبة، ملا محمد باقر البهبهاني، ت 1285 مؤسسة الأعلمي - بيروت، 1409 ه. 81 - ديوان الإمام الحسين، محمد بن عبد الرحيم، دار المختارات العربية - بيروت، 1412 ه. 82 - الدروس الشرعية في فقه الإمامية، الشهيد الأول، ت 786 ه، مؤسسة النشر الإسلامي لجماعة المدرسين في قم المقدسة. 83 - الدروع الواقية، السيد علي موسى ابن طاووس ت 644، مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) 1414 ه - قم. 84 - دراسات وبحوث في التاريخ الإسلامي، سيد جعفر مرتضى، مركز جواد. 85 - الذرية الطاهرة، أبو بشر محمد بن أحمد بن حماد الأنصاري الرازي الدولابي، ت 310 ه، جماعة المدرسين - قم، 1407 ه. 86 - ذريعة النجاة، ميرزا رفيع گرمرودي، مكتبة بني هاشم - تبريز. 87 - رجال الكشى، أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي، ت 460 ه مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) 1414. 88 - رجال النجاشي، أبو العباس النجاشي، مؤسسة النشر الإسلامي لجماعة المدرسين، قم، 1403. 89 - رسائل الشريف، الشريف المرتضى، ت 436 ه، دار القرآن - قم، 1405 ه. 90 - رمز المصيبة، محمود بن السيد مهدى الموسوي ده سرخي، مؤلف - قم، 1371 ش. 91 - روضة الواعظين، محمد بن الفتال النيسابوري، ت 508 ه، منشورات الشريف الرضى - قم، 1368 ش. 92 - زاد المعاد، محمد باقر المجلسي، ت 1111. 93 - زهر الآداب وثمر الألباب، القيرواني، ت 453 ه، دار الجبل - بيروت. 94 - سفينة البحار، الشيخ عباس القمي، ت 1359 ه ق، دار التعارف - بيروت. 95 - السنن الكبرى، أحمد بن الحسين بن علي البيهقي، ت 458 ه، دار الفكر - بيروت. 96 - سنن النسائي، أبو عبد الرحمن النسائي، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
1011 97 - سير أعلام النبلاء، الذهبي، ت 748 ه مؤسسة الرسالة، 1410 ه. 98 - السيرة النبوية، لابن هشام، أبو محمد عبد الملك بن هشام النحوي، ت 213 ه دار إحياء التراث العربي، بيروت. 99 - شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، ت 656 ه، المكتبة العلمية - قم، ودار احياء التراث العربي، بيروت. 100 - شواهد التنزيل، الحاكم الحسكاني، مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي، 1411 ه،. 101 - الصحاح، إسماعيل بن حماد الجوهري. 102 - صحيفة الإمام الرضا، مؤسسة الإمام المهدى (عج) - قم، 1408 ه. 103 - الصحيفة الحسينية، السيد محمد الحسيني المرعشي الحائري، انتشارات أشرفي - طهران. 104 - الصراط المستقيم، علي بن يونس العاملي، ت 877، المكتبة المرتضوية لإحياء الآثار الجعفرية، 1384. 105 - طب الأئمة، أبو عتاب عبد الله بن سابور الزيات والحسين ابني بسطام النيسابوريين، المكتبة الحيدرية - النجف، 1385 ه. 106 - عبرات المصطفين في مقتل الحسين، الشيخ محمد باقر المحمودي، مجمع إحياء الثقافة الإسلامية، قم، 1415 ه. ق. 107 - عدة الداعي ونجاح الساعي، أحمد بن فهد الحلي، ت 841 ه، مكتبة وجداني، قم 1392 ه. 108 - عقد الدرر، يوسف بن يحيى بن علي بن عبد العزيز المقدسي الشافعي: السلمي، القرن 7 ه، مكتبة عالم الفكر - القاهرة، 1399 ه. 109 - علل الشرايع، الشيخ الصدوق، أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، ت 381 ه، مطبعة الحيدرية - النجف، 1385 ه. 110 - العوالم، الشيخ عبد الله بن نور الله البحراني الإصفهاني، القرن 12 ه، مدرسة الإمام المهدي - قم، 1407 ه. 111 - غوالي اللئالي، محمد بن علي بن إبراهيم الإحسائي (ابن أبي جمهور)، مطبعة سيد الشهداء - قم. 112 - عيون أخبار الرضا، الشيخ الصدوق، أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، ت 381 ه، مؤسسة الأعلمي - بيروت. 113 - عيون الأخبار، أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، ت 276 ه، دار الكتاب العربي - بيروت. 114 - العيون العبري، السيد إبراهيم الميانجي. 115 - عيون المعجزات، الشيخ حسين بن عبد الوهاب، القرن 5 ه، منشورات الشريف الرضي - قم، 1414 ه. 116 - غاية المرام، السيد هاشم البحراني، ت 1107 أو 1109 ه، نشر المعارف الإسلامي. 117 - الغدير، الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي، دار الكتب الإسلامية - طهران، 1366 ش. 118 - الغيبة، أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي، ت 460 ه، مكتبة نينوى - طهران. 119 - الغيبة، ابن أبي زينب محمد بن إبراهيم النعماني، القرن 4 ه، مكتبة الصدوق - تهران. 120 - الفتوح، أبو محمد أحمد بن أعثم الكوفي، ت 314 ه، دار الكتب الإسلامية - بيروت، 1406 ه. 121 - فرائد السمطين، إبراهيم بن محمد الجويني الخراساني، ت 730، مؤسسة المحمودي للطباعة والنشر - بيروت 1398 ه.
1012 122 - الفصول المهمة، علي بن محمد بن أحمد المالكي المكي (ابن الصباغ)، ت 855 ه، دار الأضواء - بيروت، 1401 ه. 123 - فقه الرضا، المؤتمر العالمي للإمام الرضا (عليه السلام) تحقيق مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) قم 1406. 124 - فضائل الخمسة، السيد مرتضى الحسيني الفيروز آبادي، دار الكتب الإسلامية - طهران 1408 ه. 125 - القاموس المحيط، مجد الدين الفيروز آبادي، دار العلم للجميع - بيروت. 126 - قرب الأسناد، أبو العباس عبد الله بن جعفر الحميري، القرن 3 ه، مؤسسة آل البيت - قم، 1413 ه. 127 - القضاء، سيد محمد رضا الموسوي الگلپايگاني، ت 1414 ه، دار القرآن - قم. 128 - قمقام زخار، فرهاد ميرزا معتمد الدولة، انتشارات المكتبة الإسلامية - طهران، 1363 ش. 129 - الكافي، ثقة الإسلام أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي، ت 328 أو 329 ه، دار النشر الإسلامي - طهران. 130 - الكامل، أبو العباس محمد بن يزيد المبرد، دار الفكر العربي - القاهرة. 131 - كامل الزيارات، أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، ت 367 ه، مكتبة المرتضوية - النجف، 1356 ه. 132 - الكامل في التاريخ، عز الدين أبي الحسن علي بن أبي الكرم الشيباني (ابن الأثير)، ت 637 ه، إحياء التراث - بيروت، 1404 ه. 133 - كتاب سليم بن قيس، سليم بن قيس الكوفي، ت 90 ه، دار الفنون - بيروت. 134 - كنز الفوائد، أبو الفتح محمد بن علي الكراجكي، ت 449 ه، مكتبة المصطفوي - قم، 1369 ش. 135 - كنز العمال، علاء الدين علي المتقي بن حسام الدين الهندي، ت 975 ه. مؤسسة الرسالة - بيروت، 1401 ه. 136 - كشف الغمة، أبو الحسن علي بن عيسى بن أبي الفتح الأربلي، ت 693 ه، مكتبة بنى هاشم - تبريز، 1381 ه. 137 - كشف المحجة، رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس، ت 664 ه، مركز الأعلام الإسلامي - قم، 1412 ه. 138 - كشف اليقين، العلامة جمال الدين الحسن بن يوسف الحلي، ت 726 ه، مجمع إحياء الثقافة الإسلامية، 1413. 139 - كفاية الأثر، أبو القاسم علي بن محمد بن علي الخزاز القمي الرازي، القرن 4 ه، انتشارات مكتبة بيدار - قم، 1401 ه. 140 - كفاية الطالب، أبو عبد الله محمد بن يوسف بن محمد القرشي الكنجي الشافعي، ت 658 ه، مطبعة الغري - النجف، 1356 ه. 141 - كمال الدين، الشيخ الصدوق، أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، ت 381 ه، دار الكتب الإسلامية - طهران، 1359 ه. 142 - لسان العرب، ابن منظور، ت 711 ه، إحياء التراث - بيروت. 143 - اللهوف، سيد بن طاووس، ت 664 ه، مكتبة الحيدرية - النجف، 1385 ه. 144 - اللهوف، سيد بن طاووس، ت 664 ه، انتشارات جهان. 145 - مأة منقبة، ابن شاذان، القرن 5، انصاريان، قم 1413 ه. 146 - مثير الأحزان، نجم الدين جعفر بن محمد بن جعفر بن هبة الله بن نما الحلي، 567 - 645 ه، مؤسسة الإمام المهدي - قم، 1406 ه.
1013 147 - المجالس السنية، السيد محسن الأمين، منشورات الشريف الرضي - قم، 1394 ه. 148 - مجمع الزوائد، نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي، ت 807 ه، دار الكتب العلمية - بيروت، 1408 ه. 149 - مجمع البحرين، فخر الدين الطريحي، ت 1085 ه،؛ دفتر نشر فرهنگ اسلامى - طهران، 1408 ه. 150 - مجمع البيان، أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي، القرن 6 ه، دار المعرفة - بيروت، 1408 ه. 151 - المجموع، محيى الدين بن شرف النووي، دار الفكر - بيروت. 152 - المحاسن، أبو جعفر أحمد بن محمد بن خالد البرقي، ت 274 أو 280 ه، مجمع العالمي لأهل البيت - قم، 1413 ه. 153 - المحجة البيضاء، محمد بن المرتضى (محسن الكاشاني)، ت 1091 ه، جامعة المدرسين - قم. 154 - المحلى، علي بن أحمد بن سعيد بن حزم، ت 456 ه، دار الفكر - بيروت. 155 - مختصر بصائر الدرجات، حسن بن سليمان الحلي، القرن 9، نشر الرسول المصطفى. 156 - مدينة المعاجز، السيد هاشم البحراني، القرن 12، مؤسسة المعارف الإسلامية - قم، 1414 ه. 157 - مروج الذهب، المسعودي، ت 346، دار الفكر - بيروت 1409 ه. 158 - مسائل علي بن جعفر، علي بن جعفر (عليه السلام)، ت 230 ه، المؤتمر العالمي للإمام الرضا - مشهد، 1409 ه. 159 - مستدرك الوسائل، ميرزا حسين النوري الطبرسي، ت 1320 ه، مؤسسة آل البيت - قم، 1407 ه. 160 - مسكن الفؤاد، الشهيد الثاني، ت 965، مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) لإحياء التراث العربي - قم، 1407. 161 - مسند أحمد، أحمد بن حنبل، ت 241 ه، دار صادر - بيروت. 162 - مسند زيد، زيد بن علي، ت 120 ه، دار الحياة - بيروت. 163 - مشارق الشموس، محقق الخوانساري، ت 1099 ه، مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) - قم. 164 - مصباح المتهجد، أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي، ت 460 ه، فقه الشيعة - بيروت، 1411 ه. 165 - معالم المدرستين، السيد مرتضى العسكري، مؤسسة البعثة - تهران، 1412 ه. 166 - معاني الأخبار، الشيخ الصدوق، أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، ت 381 ه، دار الكتب الإسلامية - تهران، 1361 ش. 167 - معادن الحكمة، محمد بن المحسن علم الهدى بن المرتضى الكاشاني، ت 1115 ه، جماعة المدرسين - قم، 1407 ه. 168 - معالي السبطين، الشيخ محمد مهدي الحائري، منشورات الشريف الرضي - قم، 1409 ه. 169 - المعتبر، المحقق الحلي، ت 676 ه، انتشارات سيد الشهداء - قم، 1364 ش. 170 - معجم أحاديث المهدي (عليه السلام)، الشيخ علي الكوراني، مؤسسة معارف الإسلامي - قم، 1411 ه. 171 - معجم البلدان، شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي البغدادي، ت 626 ه، دار إحياء التراث - بيروت، 1399 ه. 172 - المعجم الكبير، أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، ت 360 ه، إحياء التراث - بيروت، 1404 ه.
1014 173 - المفيد في ذكري السبط الشهيد، عبد الحسين إبراهيم العاملي، مؤسسة الأعلمي - بيروت، 1389 ه. 174 - مقاتل الطالبيين، أبو الفرج الإصفهاني، ت 356 ه، دار المعرفة - بيروت. 175 - مقتضب الأثر في النص على الأئمة الإثنى عشر، ابن عباس، ت 401 ه، المطبعة العلوية - النجف الأشرف. 176 - مقتل أبي الأحرار، أبو بركان محمد أحسوني عباس الفرحاني، انتشارات أنوار الهدى - قم، 1372 ش. 177 - مقتل أمير المؤمنين، ابن أبي الدنيا، ت 281 ه، مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي - طهران 1411 ه. 178 - مقتل الحسين، أبو المؤيد الموفق بن أحمد المكي أخطب خوارزم، ت 568 ه، مكتبة المفيد - قم. 179 - مقتل الحسين، عبد الرزاق الموسوي المقرم، مكتبة بصيرتي - قم، 1394 ه. 180 - مقتل الحسين، عبد الرزاق المقرم دار الثقافة - قم 1411 ه. 181 - مقتل الحسين ومصرع أهل بيته، المنسوب إلى أبي مخنف لوط بن يحيى الأزدي الغامدي الكوفي، ت 158 ه، مؤسسة الوفاء - قم، 1368 ش. 182 - المقنع والهداية، الشيخ الصدوق، أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، ت 381 ه، دار العلم - قم. 183 - مكارم الأخلاق، رضى الدين أبي نصير الحسن بن فضل الطبرسي، القرن 6 ه، دار البلاغة - بيروت، 1411 ه. 184 - مناقب آل أبي طالب، أبو جعفر رشيد الدين محمد بن علي بن شهرآشوب السروي المازندراني، ت 588 ه، انتشارات العلامة - قم. 185 - مناقب علي بن أبي طالب، ابن المغازلي، ت 483 ه، المكتبة الإسلامية، طهران 1403. 186 - المنتخب، فخر الدين الطريحي النجفي، ت 1085 ه، منشورات الشريف الرضي - قم، 1413 ه. 187 - منتخب البصائر، حسن بن سليمان الحلي، القرن 9 ه، انتشارات الرسول المصطفى - قم. 188 - منتخب كنز العمال، في هامش مسند أحمد بن حنبل. 189 - من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق، أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، ت 381 ه، مؤسسة الأعلمي - بيروت، وجماعة المدرسين - قم. 190 - من كلمات الحسين، أم محمد حسين الشيرازي، مؤسسة الإمام الرضا - قم، 1412 ه. 191 - مهج الدعوات، رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس، ت 664 ه، دار الذخائر - قم، 1411 ه. 192 - المواعظ، الشيخ الصدوق، أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، ت 381 ه، انتشارات هجرت - قم. 193 - الميزان في تفسير القرآن، العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي، جماعة المدرسين - قم. 194 - ميزان الحكمة، محمد محمدي رى شهري، مكتب الأعلام الإسلامي - قم، 1403 ه. 195 - ناسخ التواريخ، محمد تقي السپهر، المكتبة الإسلامية - طهران، 1363 ه. 196 - نزهة الناظر وتنبيه الخاطر، الحسين بن محمد بن الحسن بن نصر الحلواني، القرن 5 ه، مؤسسة الإمام المهدي - قم، 1408 ه.
1015 197 - نفس المهموم، الشيخ عباس القمي، مكتبة بصيرتي - قم، 1405 ه. 198 - نفثة المصدور، الشيخ عباس القمي، مكتبة بصيرتي - قم، 1405 ه. 199 - النوادر، قطب الدين الراوندي. 200 - نور الثقلين، الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي، ت 1112 ه، مؤسسة مطبوعات إسماعيليان - قم 201 - نور الأبصار، مؤمن بن حسن مؤمن الشبلنجي، القرن 13 ه، دار الكتاب العلمية - بيروت. 202 - نور العين في مشهد الحسين، أبو إسحاق الأسفرايني، الطبعة الحجرية، 1299 ه. 203 - نهج البلاغة، فيض الإسلام. 204 - وسائل الشيعة، محمد بن الحسن الحر العاملي، ت 1104 ه، دار إحياء التراث - بيروت، 1403 ه، والمكتبة الإسلامية - طهران، 1403 ه. 205 - وقعة الطف، أبو مخنف لوط بن يحيى الأزدي الغامدي الكوفي، ت 158 ه، جماعة المدرسين - قم، 1367 ش. 206 - وفيات الأعيان، أبو العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر بن خلكان. 207 - ولايت الفقيه، الإمام روح الله الموسوي الخميني، ت 1410 ه، انتشارات آزادي - قم. 208 - ينابيع المودة، سليمان بن إبراهيم القندوزي، المكتبة الحيدرية - نجف، 1411 ه. 209 - يوم الطف، هادي النجفي، مؤلف - قم، 1413 ه.
1016 الفهارس
1017 الأعلام (ا) ابان، 256، 723، 730، 734، 857، 876 ابان الأحمر، 775 ابان بن تغلب، 695 ابان بن دارم، 605 ابان بن عثمان، 243 أبجر بن كعب، 611 إبراهيم بن إسحاق، 421، 680، 695 إبراهيم بن حبان، 186 إبراهيم بن الحجاج السامي، 834 إبراهيم بن الحسن المقسمي، 809 إبراهيم بن الحصين، 582 إبراهيم بن حفص بن عمر العسكري، 691 إبراهيم بن حمزة، 303 إبراهيم بن الرافعي، 832 إبراهيم بن سعيد، 538 إبراهيم بن صالح الأنماطي، 670 إبراهيم بن عبد الله، 515 إبراهيم بن عمر اليماني، 834 إبراهيم بن محمد، 670، 962 إبراهيم بن محمد بن يزيد بن عبد الله بن الهاد الليثي، 304 إبراهيم بن محمد الثقفي، 57 إبراهيم بن محمد الهلالي، 872 إبراهيم بن المنذر، 605 إبراهيم بن مهاجر، 872 إبراهيم بن نصر بن عبد العزيز الرازي، 683 إبراهيم بن نصير، 248 إبراهيم بن هارون بن محمد الخوري، 690 إبراهيم بن هاشم، 427، 771، 907، 919، 814 إبراهيم بن هراسة، 504 إبراهيم بن الهيثم، 888 إبراهيم بن يزيد السمان، 688 إبراهيم بن يوسف الصيرفي، 814 إبراهيم النخعي، 671 إبليس، 203، 227، 233، 235، 238، 239، 481، 482، 1005 ابن أبي الدنيا، 908 ابن أبي ذئب، 291 ابن أبي عقب، 770 ابن أبي عمر بن حيويه، 906 ابن أبي عياش، 140 ابن أبي غنية، 741 ابن أبي القاسم ابن حبابة، 590 ابن أبي ليلي، 590، 838 ابن أبي محمد الجوهري، 906 ابن أبي نجران، 588، 759، 801، 818، 820 ابن الأثير، 324، 375 ابن أحمد زكريا، 739 ابن إسحاق، 911 ابن الأشرس، 828 ابن اعثم الكوفي، 182، 188، 245، 323، 328، 344، 379، 409، 430، 452، 476، 479، 488، 491، 527، 529، 572 ابن بكير، 766 ابن بيطار، 867 ابن جريح، 809، 878 ابن جرير، 590 ابن جعونة ابن شعوب، 275 ابن الجوزي، 260، 575 ابن حجاج، 809 ابن حزم، 911
1033 ابن الحسين بن الحسن، 906 ابن حمزة، 357، 516، 760 ابن سعد (محمد بن سعد)، 57، 153، 274، 291، 292، 301، 367، 395، 402، 408، 420، 421، 425، 485، 505، 741، 753، 767، 808، 816، 817، 828، 833، 842، 862، 864، 880، 923، 935 ابن سنان، 771، 785، 839 ابن شعبة الحراني، 432، 909 ابن شهر آشوب، 51، 155، 163، 168، 174، 191، 248، 255، 259، 268، 306، 340، 342، 424، 448، 469، 568، 604، 606، 622، 885، 1001 ابن شيبة، 911 ابن صياد، 91 ابن ظريف، 256 ابن عبد الله بن المبارك، 906 ابن عبيد الله ابن الوليد الوصافي، 906 ابن عساكر، 57، 246، 273، 274، 293، 345، 351، 388، 399، 403، 404، 419، 487، 505، 590، 605، 643، 722، 743، 834، 858، 906، 908 ابن عقدة، 582، 710، 784، 944 ابن علوان، 256 ابن علي بن الفرج بن أبي روح، 908 ابن عمر الحربي، 35 ابن عمرو، 849 ابن عون، 265، 318 ابن عياش، 368 ابن عيسى، 375، 876 ابن عيينة، 606، 849، 929 ابن فضال، 766 ابن فضيل، 519 ابن قتيبة الدينوري، 320، 753 ابن القداح، 876 ابن القراني، 255 ابن قولويه، 117، 118، 192، 359، 375، 393، 394، 427، 501، 523، 670، 671، 767، 774، 778 ابن كثير، 257، 375 ابن الكوا، 896 ابن ماجة، 106 ابن المبارك، 751 ابن محبوب، 667، 819 ابن مردويه، 688 ابن مردويه، 79 ابن مسعود، 207 ابن مسكان، 774، 799 ابن مسلم، 109 ابن مطيع، 367 ابن المغازلي، 23، 197 ابن المنكدر، 833 ابن مهران، 903 ابن نما، 32، 339، 425، 441، 514، 530، 548 ابن هشام، 261 ابن يحيى بن محمد بن صاعد، 906 أبو أحمد، 152 أبو أحمد عبد العزيز بن يحيى الجلودي، 64 أبو أحمد عبد العزيز بن يحيى الجلودي، 642 أبو أحمد عبد العزيز بن يحيى الجلودي البصري، 64 أبو أحمد القاسم بن بندار = المعروف بأبي صالح الحذاء، 683 أبو الأحوص، 878 أبو الأزهر، 894 أبو الأزهر أحمد بن الأزهر بن منيع، 783 أبو اسامة، 265 أبو إسحاق، 505، 709، 717، 872، 878، 935 أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن حمزة بن عمارة الحافظ، 82 أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي، 175 أبو إسحاق إبراهيم بن هارون بن محمد الخوري، 81، 652، 745، 859 أبو إسحاق حمدويه، 248 أبو إسحاق العدل، 259 أبو إسحاق الكوفي، 873 أبو إسحاق الهمداني، 515 أبو الأسود العبدي، 487 أبو أيوب الأعور السلمي، 181 أبو أيوب الأنصاري، 197 أبو أيوب الغنوي، 604 أبو البختري وهب بن وهب القرشي، 171، 215، 681، 776، 846 أبو البركات الأنماطي، 152
1034 أبو البركات محفوظ بن الحسن بن محمد بن صصري، 743 أبو بصير، 163، 775، 799، 812 أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن محمد، 751 أبو بكر أحمد بن الحسين، 571 أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد البغدادي الشافعي، 504 أبو بكر بن أبي الدنيا، 267 أبو بكر بن أبي قحافة، 28، 89، 135، 136، 137، 139، 140، 142، 143، 144، 323، 327، 339، 672، 676 أبو بكر بن الطبري، 419 أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، 351 أبو بكر بن محمد بن عبد الله، 690، 698 أبو بكر بن محمد بن عبد الله النيسابوري 80، 206، 652، 745، 859 أبو بكر بن المرزقي، 35 أبو بكر البيهقي، 404 أبو بكر الحضرمي، 357، 880 أبو بكر الحميدي، 420 أبو بكر الخرائطي، 255 أبو بكر الخطيب، 153 أبو بكر (راوي)، 717 أبو بكر العاطر، 784 أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد، 265 أبو بكر العمري، 177 أبو بكر محمد ابن إبراهيم قاضي القضاة، 705 أبو بكر محمد بن أبي الثلج، 88 أبو بكر محمد بن أحمد الشافعي، 773 أبو بكر محمد بن الحسن الموصلي، 646 أبو بكر محمد بن شجاع، 643 أبو بكر محمد بن عاصم الطريفي، 646 أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، 153، 274، 487 أبو بكر محمد بن هبة الله، 265، 267 أبو بكر الهذلي، 262، 642، 644 أبو بن خلف، 215 أبو بن خلف الجمحي، 211 أبو بن كعب، 83 أبو ثمامة الصائدي، 461، 539 أبو ثمامة الصيداوي، 462 أبو ثمامة عمرو بن عبد الله الصائدي، 535 أبو جابر كيسان بن جرير، 252 أبو الجارود، 447، 585، 676، 869، 870، 873 أبو الجارية، 258 أبو الجحاف، 505، 861 أبو الجحاف داود بن أبي عوف العوفي، 55 أبو جعفر، 447 أبو جعفر البرمكي، 133 أبو جعفر بن السلمة، 391 أبو جعفر الخثعمي، 157 أبو جعفر السمان، 781 أبو جعفر الطبري، 51، 252، 395، 538، 388، 391، 764 أبو جعفر الفراء (مولى علي)، 184 أبو جعفر محمد بن جعفر بن علي الحسيني، 510 أبو جعفر محمد بن علي، 784 أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين، 693 أبو جعفر محمد بن عوف بن سفيان الطائي الحمصي، 750 أبو جعفر المنصور، 874 أبو جعفر مهدي بن أبي حرب الحسيني المرعشي، 803 أبو جميلة المفضل بن صالح، 427 أبو جناب الكلبي، 392، 416، 427، 469، 523 أبو جهل، 217، 218، 358 أبو حاتم أحمد ابن الحسن بن هارون، 705 أبو حازم، 270 أبو حازم الأشجعي، 270، 271 أبو حامد أحمد بن محمد السرقي، 783 أبو حامد المراغي، 586 أبو الحتوف الجعفي، 603 أبو حسان التيمي، 459 أبو الحسن ابن أبي الحديد، 255 أبو الحسن ابن أبي شجاع البجلي، 675 أبو الحسن ابن الطيوري، 152 أبو الحسن أحمد بن عبد الله الناقد، 743
1035 أبو الحسن بن أبي العباس الفقيه، 153 أبو الحسن الخشاب، 487 أبو الحسن زيد بن الحسن بن علي البيهقي، 510 أبو الحسن سهل بن عبد الله الغازي، 643 أبو الحسن عامر بن عبد الله، 37 أبو الحسن عبد الجبار بن أحمد الأسد آبادي، 705 أبو الحسن العبدي، 709 أبو الحسن علي بن أحمد الخراساني الحاجب، 821 أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي، 571 أبو الحسن علي بن أحمد الفقيه، 255 أبو الحسن علي بن بلال المهلبي، 262 أبو الحسن علي بن ثابت الدواليني، 83 أبو الحسن علي بن الحسين ابن أيوب البزار، 741 أبو الحسن علي بن علي بن بديل بن رزين ابن عثمان بن عبد الرحمن بن عبد الله بن زيد بن ورقاء، 866 أبو الحسن علي بن علي بن رزين بن عثمان بن عبد الرحمن بن عبد الله بن بديل بن ورقا، 718 أبو الحسن علي بن محمد بن سيار، 803 أبو الحسن علي بن محمد بن علي المقرئ، 404 أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، 175 أبو الحسن محمد بن علي بن الشاه الفقيه المروزي، 80، 206، 652، 690، 745، 859 أبو الحسن محمد بن عمرو بن علي بن عبد الله البصري، 232 أبو الحسن محمد بن القاسم المفسر الأسترآبادي، 803 أبو الحسن محمد بن مظفر الوراق، 88 أبو الحسن المدائني، 255 أبو الحسن الهاشمي، 35 أبو الحسين ابن بشران، 571، 722 أبو الحسين أحمد بن الحسين العطار، 185 أبو الحسين بن الفضل، 420 أبو الحسين علي بن محمد ابن عبد الله، 265 أبو الحسين علي بن محمد بن بشران، 267 أبو الحسين محمد بن محمد بن الفراء، 391 أبو الحسين محمد بن هارون، 466 أبو حفص الاعشي، 890 أبو حفص عمرو بن علي، 119 أبو الحمراء (خادم النبي)، 674 أبو حمزة الثمالي، 42، 88، 107، 108، 183، 244، 480، 486، 587، 785، 840 أبو الحنوق الجعفي، 604 أبو حنيفة، 823، 839 أبو الحوراء، 935 أبو الحوراء السعدي، 703 أبو خالد، 385 أبو خالد الزيدي، 755، 878 أبو خالد الكابلي، 108، 760 أبو الخطاب، 82 أبو ذر، 55، 89، 141، 148، 157، 158، 159، 160، 161، 269، 489، 695، 707، 724، 730، 892 أبو رافع، 56، 186 أبو الربيع، 154 أبو زكريا عبد الرحيم بن أحمد بن نصر الأزدي، 696 أبو زيد عياش بن يزيد بن الحسن بن علي الكحال، 646 أبو زيد محمد بن أحمد بن سلام الأسدي، 56 أبو سعد المقبري، 348 أبو سعيد، 842 أبو سعيد الجهني، 207 أبو سعيد الحسن بن علي العدوي، 881 أبو سعيد الخدري، 55، 292، 507، 885 أبو سعيد الرميحي، 816 أبو سعيد سهل بن زياد، 519 أبو سعيد الشامي، 626 أبو سعيد عقيصا التيمي، 393، 394، 696، 869، 870، 873 أبو سفيان، 157، 345، 347 أبو سفيان بن الحارث، 83 أبو سلمة، 156
1036 أبو سمينة محمد بن علي، 133 أبو سهل القطان، 606 أبو سهل محمود ابن عمر العكبري، 908 أبو الشعثاء، 840، 543 أبو شوذب، 543 أبو شيبة الأسدي، 879 أبو صالح، 34، 168، 262 أبو صالح التمار، 51 أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي، 201 أبو الضحاك، 489 أبو طالب، 56 أبو طالب علي بن أنجب بن عبيد الله، 741 أبو طالب يحيى بن الحسين بن هارون بن الحسين بن محمد بن هارون بن محمد بن القاسم بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين (ع)، 510 أبو طاهر محمد بن الحسين النرسي، 580 أبو الطرماح، 843 أبو الطيب الطبري، 706 أبو العباس أحمد بن نصر بن سعد، 771 أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، 162 أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني، 642 أبو العباس محمد بن جعفر، 879 أبو العباس [أحمد بن علي بن نوح]، 877 أبو عبد الرحمن، 374، 394 أبو عبد الرحمن قيس بن ورقاء، 287 أبو عبد الله البلخي، 152 أبو عبد الله الجعفي، 196 أبو عبد الله الحافظ، 116، 297، 739 أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل الضبي، 773 أبو عبد الله الحسين بن جعفر، 152 أبو عبد الله الحسين بن محمد الأشناني الرازي، 81، 652، 690، 745، 859 أبو عبد الله سلمان، 287 أبو عبد الله الفراوي، 404 أبو عبد الله محمد بن إبراهيم القرشي، 258 أبو عبد الله محمد بن أبي نصر، 696 أبو عبد الله محمد بن خالد، 900 أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أحمد بن جبلة الواعظ، 232 أبو عبد الله محمد بن مهران، 108 أبو عبد الله محمد بن وهبان البصري الهنائي، 783 أبو عبد الله المفيد النيسابوري، 38 أبو عبد الله يحيى بن الحسن، 391 أبو عتاب الدلال، 929 أبو عتاب عبد الله بن بسطام، 198، 962 أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني، 751 أبو عثمان النهدي، 383 أبو عروبة، 82 أبو العطاف طارق بن مطر بن طارق الطائي الحمصي، 843 أبو عكاشة الهمداني، 873 أبو العلا الحافظ الهمداني، 79، 752 أبو علي، 809 أبو علي أحمد ابن محمد بن علي، 751 أبو علي أحمد بن سليمان، 109 أبو علي أحمد بن علي بن مهدي بن صدقة البرقي، 140 أبو علي إسماعيل بن أحمد البيهقي، 751 أبو علي الأشعري، 841، 871 أبو علي الأنصاري، 422 أبو علي بن همام، 109 أبو علي الحسن بن علي بن إبراهيم الأهوازي، 258 أبو علي الحسين بن صفوان، 265 أبو علي الحسين بن علي، 643 أبو علي السلامي، 601 أبو علي سينا، 867 أبو علي الفضيلي، 177 أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن بن إسحاق الصواف، 741 أبو علي محمد بن إسماعيل بن موسى بن جعفر، 286 أبو علي محمد بن موسى، 741 أبو علي محمد بن همام، 466، 630، 781
1037 أبو عمر، 697 أبو عمر بن علي بن أبي طالب (ع)، 354 أبو عمر الخراز، 310، 487 أبو عمر محمد بن العباس، 274 أبو عمرو بن العلاء، 743 أبو عمرو عثمان بن أحمد الدقاق، 774 أبو عمرو الكشي، 795 أبو عمرو محمد بن جعفر المقري الجرجاني، 646 أبو عوانة، 42، 834 أبو عون، 367 أبو غالب ابن البناء، 391، 548، 590، 906 أبو غسان ملك إسماعيل النهدي، 683 أبو الغنائم ابن المأمون، 590 أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سلمان، 741 أبو الفتح المصري، 177 أبو الفتح هلال بن محمد بن جعفر الحفار، 718، 866 أبو الفتوح محمد بن أبي جعفر الطائي، 750 أبو الفرج الأصبهاني، 303، 556 أبو الفرج الحسن بن علي الطماحيزي، 504 أبو الفضل أحمد بن علي بن الفرات، 743 أبو القاسم، 717 أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، 265، 267 أبو القاسم إسماعيل بن علي بن علي الدعبلى، 718، 866 أبو القاسم البغوي، 590، 858 أبو القاسم بن السمرقندي، 419، 722، 858 أبو القاسم بن السوسي، 743 أبو القاسم بن منيع، 685 أبو القاسم بن نقور، 858 أبو القاسم الشحامي، 177 أبو القاسم عبد الجبار بن أحمد بن عمر بن الحسن الطرسوسي، 743 أبو القاسم عبد الله ابن أحمد بن عامر بن سليمان الطائي، 81، 206، 232، 652، 690، 745، 859 أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز بن منيع، 684 أبو القاسم علي بن إبراهيم، 258 أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق، 672 أبو القاسم مالك بن التيهان، 287 أبو القاسم مسعود - يعنى ابن عبد الله -، 743 أبو القاسم منصور بن ثابت، 178 أبو القاسم نصر بن أحمد الهمداني، 743 أبو كريب، 845، 877 أبو لهيعة، 878 أبو المحاسن الطبري، 858 أبو محمد أحمد بن محمد بن محمد العمري، 693 أبو محمد بن أبي السري، 162 أبو محمد بن أبي شريح، 280 أبو محمد بن أبي مسعود، 178 أبو محمد بن أحمد، 803 أبو محمد بن طاووس، 908 أبو محمد الحسن بن إبراهيم الليثي الشافعي، 743 أبو محمد الحسن بن أبي بكر بن أبي الرضا، 280 أبو محمد الحسن بن علي، 153، 274، 487 أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، 109 أبو محمد حفيد العميري، 177 أبو محمد خالد بن محمد، 178 أبو محمد سفيان، 391 أبو محمد عبدان بن رزين بن محمد، 717 أبو محمد عبد الرحمان بن صالح الأزدي، 908 أبو محمد عبد الغني، 696 أبو محمد عبد الله بن حماد الأنصاري، 113 أبو محمد عبد الله بن محمد، 764 أبو محمد عبد الله بن محمد البلوي، 538 أبو محمد عمار بن الحسين الاسروشني، 675 أبو محمد موسى بن هارون بن عيسى المعبدي، 790 أبو محمد الواقدي، 391
1038 أبو محمد هارون، 781 أبو محمد هارون بن موسى التلعكبري، 820 أبو محيص، 578 أبو مخنف، 181، 253، 254، 293، 348، 377، 383، 388، 390، 392، 393، 401، 405، 408، 412، 416، 417، 422، 423، 427، 437، 440، 441، 445، 446، 454، 456، 458، 465، 469، 470، 478، 481، 489، 501، 523، 526، 528، 531، 535، 537، 543، 545، 558، 568، 573، 574، 608، 609، 611، 622، 625 أبو مريم، 839، 863 أبو المظفر بن عبد الملك، 178 أبو المعالي محمد بن يحيى القاضي، 505 أبو معاوية، 168 أبو معصوم بن صاعد، 178 أبو المفضل، 56، 140، 691 أبو منصور أحمد بن إبراهيم بن بكر الخوري، 81، 652، 690، 745 أبو منصور عبد الرحمان بن محمد، 153 أبو موسى الأشعري، 176 أبو المهزم، 767 أبو النباخ محمد بن يعلي، 252 أبو نصر الصوفي، 177 أبو نصر محمد بن أحمد بن عبد الله الكريني، 784 أبو نصر محمد بن الحسن، 152 أبو نصر محمد بن الحسين البصير، 695 أبو وائل شقيق بن سلمة، 182 أبو واقد الليثي، 369 أبو وجرة السعدي، 291 أبو هالة التميمي، 683، 684 أبو هرة الأزدي، 418 أبو هريرة، 27، 34، 35، 255، 751، 752، 753، 767، 819 أبو هشام القناد البصري، 858 أبو همام، 672، 827 أبو يحيى، 779 أبو يحيى بن جعدة بن هيبرة، 785 أبو يحيى الحذاء، 775 أبو يزيد بن الحسن، 646 أبو يعقوب يوسف بن محمد بن زياد، 803 أبو يعلى، 846 أبو يوسف، 823 أحمد، 697، 846 أحمد ابن محمد الواسطي، 262 أحمد بن إبراهيم، 586 أحمد بن إبراهيم بن بكر الخوري، 859 أحمد بن إبراهيم الدورقي، 411 أحمد بن أبي خيثمة، 197 أحمد بن أبي عبد الله البرقي، 29، 107، 119، 161، 196، 302، 587، 668، 679، 696، 709، 774، 785، 800، 802، 825، 833، 868، 869، 871، 875، 879، 880، 889، 891، 908، 922 أحمد بن إدريس، 145، 650، 797 أحمد بن أسد، 872 أحمد بن إسماعيل بن صدقة، 676 أحمد بن اعثم الكوفي، 370 أحمد بن جواس، 872 أحمد بن الحسن بن عبد الجبار، 35 أحمد بن الحسن بن علي بن فضال، 714، 839 أحمد بن الحسن الحسيني، 199 أحمد بن الحسن القطان، 162، 179، 459 أحمد بن الحسن المجتبى (ع)، 564 أحمد بن الحسين بن سعيد، 785 أحمد بن الحسين بن عمر بن بريدة، 398 أحمد بن الحسين معروف بابن أبي القاسم، 466 أحمد بن الحسين الهاشمي، 630 أحمد بن حنبل، 168، 706، 839، 935 أحمد بن زياد، 57 أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، 101، 201، 703، 791، 792 أحمد بن سعيد، 556، 754 أحمد بن سلام الكوفي، 676 أحمد بن سليمان بن علي البحراني، 392، 914 أحمد بن عبد الرحمان البصري، 556 أحمد بن عبد الرحمان الذكواني،
1039 643 أحمد بن عبد العزيز الجوهري، 159 أحمد بن عبد الله بن يونس، 162، 842 أحمد بن عبد الله الذاهل، 890 أحمد بن عبد الله الهروي، 81، 652، 690، 745، 859 أحمد بن علي الرازي، 797 أحمد بن عمار، 187 أحمد بن عمرو القطراني، 929 أحمد بن عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، 773 أحمد بن القاسم العجلي، 286 أحمد بن محمد، 120، 302، 357، 427، 671، 766، 808، 817، 823، 861، 863، 873، 878، 904 أحمد بن محمد بن أبي نصر، 597، 876 أحمد بن محمد بن إسحاق المعاذي، 795 أحمد بن محمد بن سعيد بن عقده، 735 أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي، 268، 504، 676، 754، 785، 789، 796 أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، 179، 900 أحمد بن محمد بن الصقر الصائغ، 676 أحمد بن محمد بن الصلت، 710 أحمد بن محمد بن عبد الرحمن المروزي، 646 أحمد بن محمد بن عبد الله بن عياش، 42 أحمد بن محمد بن عيسى، 24، 117، 118، 192، 480، 523، 549، 662، 768، 775، 808، 841، 843 أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي، 828، 842 أحمد بن محمد بن يحيي، 265 أحمد بن محمد بن يحيى العطار، 891 أحمد بن محمد الطبري، 675 أحمد بن محمد الواسطي، 262 أحمد بن محمد الهمداني الكوفي، 119، 795 أحمد بن معروف، 153 أحمد بن معروف بن بشر، 274 أحمد بن معروف الخشاب، 753 أحمد بن موسى بن الفرات، 795 أحمد بن نصر بن سعيد الباهلي، 695 أحمد بن النضر، 871 أحمد بن هارون العطار، 875 أحمد بن هارون الفلمي، 265 أحمد بن هوذة، 680 أحمد بن يحيى الأحول، 787 أحمد بن يحيى الأودي، 774 أحمد بن يحيى الصوفي، 697 أحمد بن يحيى (المعروف بكرد)، 286 أحمد الواعظ، 504 الأحوس، 872 أخنف بن قيس، 383 الأربلي، 245، 253، 254، 267، 425، 795 ازرق بن حرب الصيداوي، 465 ازرق الشامي، 563 اسامة بن زيد، 83، 126، 724، 725، 726، 742، 811 أسباط بن محمد، 717 إسحاق، 717 إسحاق بن إبراهيم الدبري، 270، 980 إسحاق بن إسماعيل الطالقاني، 590 إسحاق بن جرير الحريري، 161 إسحاق بن راهويه، 936 إسحاق بن سويد الفراء، 759 إسحاق بن عمار، 759، 799، 841 إسحاق بن عيسى البلخي الحافظ، 258 إسحاق بن محمد الحراجي المكي، 128 إسحاق بن منصور، 911 إسحاق بن يونس، 186 أسد الكلبي، 582 الأسدي، 410 إسرائيل، 888، 936 اسفرايني، 589 إسماعيل، 129 إسماعيل بن ابان، 175 إسماعيل بن إبراهيم، 318 إسماعيل بن أبي إدريس، 556 إسماعيل بن أبي زياد، 110 إسماعيل بن أحمد البيهقي، 571 إسماعيل بن بشار الهاشمي،
1040 676 إسماعيل بن بكار، 754 إسماعيل بن جابر، 775 إسماعيل بن رجاء، 885 إسماعيل بن عبد الله، 669 إسماعيل بن علي بن علي الدعبلي، 854 إسماعيل بن عمر البجلي، 872 إسماعيل بن الفضل الهاشمي، 110 إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن جعفر بن محمد (الباقر (ع))، 684، 685 إسماعيل بن مرار، 835، 907 إسماعيل بن مهران، 196، 587، 763، 775 إسماعيل بن يحيى المزني، 739 إسماعيل بن يسار، 408 إسماعيل بن يعقوب، 754 أسماء بنت عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، 346 أسماء بنت عميس، 137، 138، 145، 146، 147، 186، 723، 855 الأسود بن الحرث، 216 الأسود بن عبد يغوث الزهري، 215، 216 الأسود بن المطلب، 215 الأشتر (مالك اشتر)، 176 أشجع بن مزاحم الثقفي، 143 الأشعث بن قيس، 183 الأصبغ بن نباتة، 113، 162، 258، 757 الأصمعي، 743، 968 الأعمش، 34، 51، 391، 688، 874 الأعور السلمي، 608 أم إسماعيل (ع)، 627 الامام الخميني، 335 امامة بنت أبي العاص، 863 أم أيمن، 41، 42، 115، 116، 137، 138، 139، 141 أم بجيد (نجيد)، 56 أم بكر بنت المسور، 301 أم جعدة، 291 أم سلمة، 56، 72، 73، 79، 125، 126، 141، 355، 356، 357، 454، 576، 585، 660، 676 أم سليم، 42، 43، 44، 45! 46! 47 أم عبد الله (زوجة مالك بن نسر)، 606 أم الفضل، 291 أم كلثوم بنت عبد الله بن جعفر، 299، 300، 301 أم موسى (ع)، 627 أم وهب = بنت عبد بن فاسط، 523، 524، 525 أم هاني، 159، 359، 360 الأميني (علامه أميني)، 318 أم يوسف (ع)، 627 أمية البلدي، 888 انس بن مالك، 508، 674، 740، 840، 1001 الأوزاعي، 395 أوس، 928 اياس بن العثل الطائي، 423 إيليا، 97 أيوب بن أعين، 762 أيوب بن مشرح الخيواني، 546 أيوب بن نوح، 360 (ب) الباهلي، 696 بثينة بنت عامر الجمحي، 375 بحراني، 33، 486، 772 بحرية بنت المنذر بن جارود، 386 بحير بن ريسان الحميري، 406 بحير بن شداد الأسدي، 420 بخت نصر، 653، 657 بدر بن سيار، 566 بديل بن صريم، 537 براء بن عازب، 42، 219 بريد، 396 بريد بن أبي مريم، 703، 935 بريدة، 89 برير بن حضير الهمداني، 488، 489، 502، 524 بسام، 816 بشر بن طانحة، 506 بشر بن غالب الأسدي، 410، 662، 696، 697، 796، 849، 868، 946، 957 بشر بن موسى، 697 بشير، 750، 771، 946، 957 بشير بن عمرو الحضرمي، 545 بشير بن غالب، 868 بصري، 578، 867 بكار بن بشر، 697 بكر ابن عبد الله بن حبيب، 510
1041 بكر بن عبد الوهاب، 556 بكر بن مصعب المزني، 422 بكير بن المثعبة، 416 بلاذري، 249، 253، 291، 307، 411، 703 بلال، 124، 126، 670 بنت بحدل، 325 بني حنظلة، 384، 385 بني سعد، 384 بهبهاني، 466، 483 بهزي، 815 (ت) تركوذ بن غابور ابن يارش بن سازن بن نمرود بن كنعان، 202 التفليسي، 582 التلعكبري، 586، 797 تميم بن بهلول الذبي أبو محمد، 510 تميم بن الحصين الفزاري، 546 تميم بن قحطبة (من امراء الشام)، 596 (ث) ثابت بن أبي صفية دينار، 794 ثابت بن بندار، 152 ثابت بن دينار الثمالي، 706 ثابت بن عمارة، 703 ثعلبة بن ميمون، 800 ثوير بن أبي فاختة، 671 (ج) جابر، 23، 41، 81، 114، 119، 519، 662، 755، 778، 810، 817، 871، 877، 878 جابر بن عبد الله الأنصاري، 123، 135، 137، 357، 358، 507، 734، 840 جابر الجعفي، 143، 175، 289، 359، 695، 944، 964 جبرئيل بن أحمد، 248 جبيرة الكلبي، 477 جرداء بنت سمين، 459 جرير بن عبد الحميد، 935 جرير بن عبد الله البجلي، 135، 137، 183 جريري، 549 جعد بن الزبير المخزومي، 785 جعدة بنت الأشعث الكندي، 262، 277 جعدة بن هبيرة بن أبي وهب المخزومي، 291 جعفر، 358، 817، 877 جعفر بن أحمد، 800 جعفر بن امين الثغري، 119 جعفر بن حذيفة الطائي، 423 جعفر بن سلمة الأهوازي، 57 جعفر بن سليمان الهندي، 421، 706 جعفر بن عبد الرحمن بن مسور، 301 جعفر بن عبد الله الحنفي، 675 جعفر بن عبد الله المحمدي، 582 جعفر بن عيسى، 871 جعفر بن محمد، 119، 133، 179، 264، 267، 670، 784، 828، 876 جعفر بن محمد الأشعري، 876 جعفر بن محمد البزاز البغدادي، 684 جعفر بن محمد بن زياد الفقيه الخوري، 81، 652، 690، 745، 859 جعفر بن محمد بن عمارة، 170 جعفر بن محمد بن مالك، 630، 774، 794 جعفر بن محمد بن مسرور، 200 جعفر بن محمد بن يوسف الأزدي، 193 جعفر بن محمد الفزاري، 42 جعفر محمد، 119 جعيد الهمداني، 771، 923 الجلودي، 608 جمال الدين بن عبد الله محمد بن إسماعيل معافي، 893 جميع ابن عمير ابن عبد الرحمن العجلي، 683، 684 جميل الأزرق، 699 جميل بن دراج، 780، 800، 802، 823 جميل بن مرثد، 440، 441 جناب الكلبي، 528 جندب، 250 جندب بن عبد الله الأزدي، 250 جون مولى أبو ذر الغفاري، 544 جوهري، 801 جويرية بن أسماء، 280، 301، 408 جويرية بن مسهر، 186 جويرية بن مسهر العبدي، 185، 186
1042 جويني، 741 جيد بن سالم بن جيد، 447 (ح) حاتم بن أبي صغيرة، 246 حاتم بن إسماعيل، 876 الحارث (اسم إبليس)، 233، 234 الحارث بن جعفر، 120 الحارث بن الحسن، 676 الحارث بن حصيرة، 113، 421، 478، 802 الحارث بن عبد الله الأعور، 679، 889 الحارث بن كعب الوالبي، 386، 401، 489 الحارث بن المغيرة النضري، 789 الحارث بن وكيد، 630 حبابة الوالبية، 286، 287، 288، 289، 758، 759، 799، 800، 801 حبان بن رفيدة، 909 حبيب ابن أبي ثابت، 845، 929 حبيب بن مظاهر، 377، 461، 464، 465، 474، 487، 493، 494، 495، 496، 497، 508، 509، 524، 532، 535، 537، 581، 584، 694، 844 حجاج بن أرطأة، 843 حجاج بن علي، 377 حجاج بن مسروق الجعفي، 430، 431، 443 حجار بن أبجر، 378، 508 حجر بن عدي، 249، 309، 313، 314، 771 حذيفة اليماني، 51، 89، 578، 717 الحراني، 906 الحر بن يزيد التميمي، 428 الحر بن يزيد الرياحي، 425، 429، 430، 432، 433، 434، 435، 436، 437، 438، 439، 442، 443، 450، 451، 452، 453، 457، 463، 528، 529، 530، 531، 582 الحرث بن أبي الطلالة، 215، 216 الحر العاملي، 243، 793 حرملة بن الكاهل الأسدي، 572، 575، 611 حريز بن عبد الحميد الضبي، 688 حريز بن عبد الله الحذاء، 669 حسان أبي علي العجلي، 800 الحسن البصري، 245، 576، 746، 920، 921 الحسن بن أبي الحسن البصري، 651 الحسن بن جعفر بن مسلم الحنفي، 586 الحسن بن الجهم، 919 الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، 754 الحسن بن دينار، 402 الحسن بن راشد، 117، 133 الحسن بن الربيع، 258، 845 الحسن بن رزين القلا، 185 الحسن بن زيد بن حسن بن علي، 605 الحسن بن صالح، 864 الحسن بن ظريف، 817 الحسن بن عبد الله، 501 الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري، 683، 684 الحسن بن عبد الله بن محمد بن عيسى، 117 الحسن بن عبد الله التميمي، 89، 700 الحسن بن عبد الواحد، 676 الحسن بن عتبة الكندي، 697 الحسن بن علي، 290، 466، 752 الحسن بن علي ابن فضال، 427 الحسن بن علي بن أبي حمزة، 892 الحسن بن علي بن أبي عثمان، 651 الحسن بن علي بن بزيع، 676 الحسن بن علي بن سالم، 781 الحسن بن علي بن عبد الكريم الزعفراني، 175 الحسن بن علي بن فضال، 800، 808 الحسن بن علي الجوهري، 753 الحسن بن علي السكري، 459 الحسن بن علي القاقولي، 875 الحسن بن علي الناصري، 199 الحسن بن علي الوشاء، 198 الحسن بن القاسم، 900 الحسن بن متيل الدقاق، 706 الحسن بن محبوب، 42، 117،
1043 163، 185، 501، 519، 793 الحسن بن محمد الأشتر، 698 الحسن بن محمد بن إسحاق الإسفرايني، 404 الحسن بن محمد بن جمهور، 109 الحسن بن محمد بن الحنفية، 274 الحسن بن محمد بن عبد الواحد، 698 الحسن بن محمد النهاوندي، 586 الحسن بن موسى الخشاب، 775، 817 الحسن بن مهران، 64، 68 الحسن بن هارون، 793 الحسين، 196 الحسين ابن أبي العلاء، 523 الحسين ابن عبيد الله، 651 الحسين أبو جعفر، 526 الحسين الأشقر، 459، 964 الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب، 110 الحسين بن إبراهيم القزويني، 115 الحسين بن أبي غندر، 114 الحسين بن أحمد، 447 الحسين بن أحمد بن إدريس، 709 الحسين بن إسحاق التستري، 697 الحسين بن إسماعيل، 179 الحسين بن إسماعيل الضبي، 605 الحسين بن أيوب، 88 الحسين بن بسطام، 198 الحسين بن الحسن، 133 الحسين بن حمدان الخصيبي، 108 الحسين بن خالد، 779، 791 الحسين بن رشيق، 506 الحسين بن زيد بن علي بن الحسين، 79، 605 الحسين بن سعيد، 24، 118، 256، 357، 480، 523، 808، 817، 861 الحسين بن صفوان، 267، 571 الحسين بن عبد الله القرشي، 92، 696 الحسين بن عقبة المرادي، 504، 531 الحسين بن علوان الكلبي، 691، 817 الحسين بن علي بن الحسن، 771 الحسين بن علي بن الحسين، 773 الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن عمر، 262 الحسين بن علي بن عبد الله ابن موسى القاضي، 688 الحسين بن علي الجعفي، 936 الحسين بن علي (محدث)، 640 الحسين بن الفهم، 153 الحسين بن محمد الأشعري، 120، 487، 670، 753، 876 الحسين بن محمد بن عبيد العسكري، 717 الحسين بن محمد بن فهم، 274 الحسين بن محمد الخلال، 605 الحسين بن المختار، 801 الحسين بن موسى الأصم، 359 الحسين بن مهران، 92 الحسين بن واقد، 258 الحسين بن الوليد، 840 الحسين بن يزيد، 110، 781، 892 الحسين بن يزيد الطحان، 872 الحسين الجعفي، 270 الحسين الخلال، 192 الحسين المنقري، 42 حصين بن تميم، 412، 440، 535، 537 حصين بن مالك السكوني، 604 حصين بن نمير، 530، 535، 604، 605 حضرمي، 877 حفار، 854 حفص بن عمر بن سعد، 468 حفص بن غياث، 780، 834، 874 حكم بن أبي العاص، 346، 724 حكم بن بهلول، 672 حكم بن عتيبة، 421 حكم بن عمرو بن الأسود، 843 حكم بن مسكين، 762 حكيم بن الطفيل السنسي، 570 حكيمة بنت محمد بن علي الرضا (ع)، 586 حلبي، 501، 863، 879 حماد، 863، 879 حماد بن زيد، 152، 153، 154
1044 حماد بن سلمة، 556، 767 حماد بن عثمان، 844 حماد بن عيسى الجهني، 69، 109، 357، 801، 834، 839 حمدان بن الحسين، 840 حمدان بن سليمان النيسابوري، 869 حمدان بن منصور، 794 حمد بن عثمان بن أبي حرملة مولى بني عثمان، 83 حمدويه، 759 حمران بن أعين، 761، 771، 823 حمزة، 81، 358، 360 حمزة بن حمران، 360 حمزة بن عبد الله الجعفري، 800، 802 حمزة بن قاسم العلوي، 510 حمزة بن محمد بن أحمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع)، 179 حمزة بن محمد العلوي، 119 حمزة الزيات، 697 حميد بن إبراهيم المعافري، 743 حميد بن المثني، 257 حميد بن مسلم الأزدي، 465، 466، 523، 547، 557، 559، 603، 609، 611 حميدي، 697 حميري، 171، 256، 776، 876 حنان بن جابر، 964 حنان بن سدير، 840، 868 حنبل بن إسحاق، 722 حنظلة بن أسعد الشبامي، 542 حوي، 489 (خ) خالد، 549 خالد بن ربعي، 101 خالد بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص، 722 خالد بن طلحة، 566 خالد بن طليق، 56 خالد بن علقمة، 42 خالد بن ماد، 244 خالد بن الوليد، 141 خثعمي، 849 خركوشي، 29 الخزاز القمي، 890 الخطيب البغدادي، 186، 605 خلاد بن عمير الكلبي، 771 خلاد المقرئ، 787 خلف بن حماد، 709 خلف بن سالم، 245 خلف بن المفلس، 108 خوارزمي، 56، 79، 254، 370، 442، 509، 571، 603، 739، 750، 912، 915 خولي بن يزيد الأصبحي، 616، 623 (د) داود بن سليمان الفراء، 81، 652، 690، 745، 859 داود بن الطرماح، 582 داود بن علي بن عبد الله بن عباس، 417 داود بن فرقد، 393، 776 دحية بن خليفة الكلبي، 38، 577 درجان بن مالك (جن)، 173 درست بن أبي منصور، 587 دعبل بن علي الخزاعي، 718، 866 دعلج بن أحمد المعدل، 154 دولابي، 186، 750 ديلمي، 287 دينار - أبي اسامة -، 826 دينوري، 367، 408، 409، 413، 414، 429، 437، 463، 936 (ذ) ذريح بن سنة أبي قيس، 852 ذريح المحاربي، 88 ذكوان مولى أم هاني، 159 ذو يد، 523 ذيال بن حرملة، 743 (ر) الرازي، 867 راشد بن أبي روح الأنصاري، 965 راشد بن مزيد، 447 الراوندي، 133، 167، 183، 480، 707، 784، 816 ربعي بن عبد الله، 357 ربيع، 966، 967 الربيع بن خثيم، 843 الربيع بن سعد، 792 ربيع بن المنذر الثوري، 717،
1045 774 ربيعة بن شيبان [أبي الحوراء]، 703 ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان، 802 ربيعة الفرس، 802 رشا [ء] بن نظيف المقرئ، 743 رشيد الهجري، 287 رضي الدين علي بن طاووس، 946 رفاعة بن شداد، 377، 457 رفاعة بن موسي، 837 روياني، 63 الرياشي، 419 ريان بن الصلت، 200، 715 (ز) زائدة، 270 زبرقان بن اسلم، 182 الزبيدي، 531 الزبير ابن العوام، 83، 273، 724، 754، 763 الزبير بن بكار، 392، 894، 982 الزبير بن الخريت، 411 الزبير بن عبد الواحد، 739 زحر بن قيس، 197، 538 زرارة، 24، 25، 766، 808، 818، 823 زرارة بن خلج (صالح)، 391 زر بن حبيش، 42، 46 زرعة، 571 زرعة بن شريك، 613 الزرندي الحنفي، 738 زعفر الزاهد (سلطان الجن)، 581 زفر بن يحيى، 764 زكريا بن محمد، 833، 869 زليخا (زوجة عزيز مصر)، 642 زميل بن أبير الفزاري (وهو ابن أم دينار)، 251 زهري، 671، 783 زهير بن القين، 415، 429، 432، 451، 452، 453، 462، 474، 485، 487، 497، 518، 524، 536، 538، 582، 584، 817 زهير بن معاوية، 717، 842 زهير (رجل من بني أسد)، 420 زياد، 310 زياد ابن أبي سفيان، 313 زياد بن الربيع بن أبي تميم الحارثي، 543 زياد بن سمية، 315 زياد بن عيسى، 819 زياد بن المنذر، 696، 868 زياد بن يحيى، 929 زياد القندي، 875 زيد، 110، 358 زيد بن أرقم، 70، 508، 622، 623، 802 زيد بن إسماعيل الصائغ، 101 زيد بن حارثة، 333، 642، 728 زيد بن الحباب، 717 زيد بن صوحان العبدي، 900 زيد بن علي بن الحسين، 109، 152، 191، 193، 417، 674، 691، 711، 720 زيد بن عمر، 819 زيد بن محمد الرهاوي، 42 زيد بن ورقاء الحنفي، 570 زيد الشحام، 29 (س) سالم، 827 سالم أبي عبد الله، 845 سالم بن أبي حفصة، 270، 779 سالم بن سالم، 82 سالم مولى عبيد الله بن زياد، 524 السامري، 727 السبيعي، 461 السدي، 872 سري ابن خزيمة، 56 سعد، 375، 393، 427، 768، 839 سعد ابن أبي وقاص، 724، 832 سعد الإسكاف، 193 سعد بن أبي طيران [خيران]، 630 سعد بن زيد، 385 سعد بن طريف، 699 سعد بن طريف الكناني، 162 سعد بن عبد الله، 24، 114، 118، 394، 480، 775، 808، 839، 907، 919، 944 سعد بن عبد الله بن أبي خلف الأشعري، 117، 359 سعد بن محمد، 794 سعد الجلاب، 519
1046 سعيد ابن شرفي بن [القطامي]، 764 سعيد بن ثابت، 556 سعيد بن جبير، 46 سعيد بن جناح، 755، 775، 878 سعيد بن حذيفة بن اليمان، 717 سعيد بن شيبان، 423 سعيد بن صفوان، 677 سعيد بن العاص، 270، 271، 273، 274، 275، 312، 403، 820 سعيد بن عامر، 280 سعيد بن عبد الله الحنفي، 250، 251، 378، 379، 536 سعيد بن عبد الله الحنفي، 379 سعيد بن عبيد البحتري، 177 سعيد بن المسيب المخزومي، 46، 667 سعيد بن منصور، 935 سعيد بن هارون أبو عمر المروزي، 821 سعيد الهمداني، 675 سفيان بن عيينة، 448، 697، 877 سفيان بن ليلي الهمداني، 251 سفيان بن وكيع، 51، 684، 868 سفيان الثوري، 101، 270، 420، 505، 795، 808، 846، 849، 861 سفياني، 788 سلام الجعفي، 117 سلمان الفارسي، 26، 42، 43، 55، 73، 103، 141، 172، 198، 657، 658، 659، 710، 724، 730 سلمة، 857 سلمة بن عطاء، 651 سلمة بن كهيل، 631 سليمان، 383 سليمان (ابا رزين)، 384 سليمان أبي شداد، 57 سليمان بن إبراهيم بن محمد، 643 سليمان بن أبي راشد، 465، 523، 611 سليمان بن أبي شيخ، 722 سليمان بن بلال، 790، 876 سليمان بن حرب، 152، 153 سليمان بن صرد الخزاعي، 250، 251، 291، 377، 457 سليمان بن مهران، 709 سليمان الجعفري، 865، 880 سليم بن قيس، 55، 140، 330، 723، 730 سليم بن مسلم، 878 سماعة بن بدر، 441 سماعة بن زيد النبهاني، 442 السمندي، 583 سنان بن انس النخعي، 613، 616، 617 سندي بن محمد، 863 سوار بن مصعب، 178 سويد بن سعيد، 186 سويد بن عمرو بن أبي المطاع الخثعمي، 545 سهل، 157، 820 سهل بن بشر الأسفرائني، 505 سهل بن حنيف، 287 سهل بن زياد، 271، 667، 672، 755، 779، 818، 819، 865، 870، 876 سهل بن زياد الرازي، 907 سهل بن سعد الساعدي، 507 سهل بن سعيد الشهرزوري، 631، 633 سهل بن شعيب، 923 سهل بن محمد الطرطوسي القاضي، 42 السياري، 139 السيد بن طاووس، 347، 354، 383، 491، 518، 613، 771، 862، 946 السيد الرضي، 197 السيد محسن الأمين، 250 السيد هاشم الرسولي، 254 سيف، 585 سيف بن الحارث بن سريع، 541 سيف بن عميرة، 196، 357، 662، 879 سيف الدين أبو جعفر محمد بن عمر الجمحي، 510 (ش) الشافعي، 739، 810، 823 شبابة بن سوار، 404، 816 شبث بن ربعي، 183، 184، 378، 508 شبرا، 97 شبيرا، 97 شريح، 174، 888، 945
1047 شريف بن سابق، 688، 922 شريك بن عبد الله، 872، 877، 935 شعبة، 703 الشعبي، 292، 404، 622، 826، 872 شعيب، 68 شعيب بن أبي حمزه، 786 شعيب بن واقد، 64 شمر بن ذي الجوشن، 55، 471، 472، 475، 488، 502، 504، 508، 509، 519، 534، 549، 550، 603، 607، 608، 610، 613، 616، 617، 618، 619، 621، 626 شمعون، 64 شومان (اسم أبي الجن)، 233 شهاب بن عبد ربه، 427 الشهيد الثاني، 375 شيبان بن عبد الرحمن، 119 شيبة، 215، 809 الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن النيسابوري، 693 الشيخ أبي الحسن بن عبد الصمد التميمي، 693 الشيخ محب الدين أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبراوي، 741 الشيخ محمد باقر المحمودي، 246، 248 الشيخ محمد بن علي بن عبد الصمد، 693 الشيطان، 95، 96، 536، 894 (ص) الصافي، 746، 747 صالح بن أحمد، 152 صالح بن سيار، 566 صالح بن عقبة، 41 صالح بن كيسان، 309 صالح بن ميثم الأسدي، 758، 759 صباح المزني، 113، 421، 758 صخر بن قيس، 385 صدقة بن سعيد، 675 الصدوق، 24، 57، 64، 80، 82، 89، 101، 107، 110، 119، 125، 145، 162، 179، 345، 410، 447، 459، 479، 492، 548، 588، 646، 650، 652، 663، 675، 690، 691، 713، 781، 792، 794، 795، 803، 812، 825، 827، 875، 888، 891، 892، 900، 907، 919، صفار القمي، 244، 290، 360، 421، 693، 771، 799 صفوان بن أمية، 115، 229، 835، 870 صفوان بن يحيى، 114، 360، 393، 808، 841 صفوان [بن مهران] الجمال، 756، 820، 904، 962 صقعب بن زهير الأزدي، 383، 390، 470، 523، 609 صمصامة ابن الطرماح، 843 صولي، 255 صهيب بن عباد بن صهيب، 881 (ض) ضحاك بن عبد الله المشرقي، 458، 478، 481، 489، 502، 545، 546 ضحاك بن مخلد أبو عاصم الشيباني، 505 ضرار بن الخطاب الفهري، 603 ضنينة أبو الطرماح، 843 ضيف، 816 (ط) طاهر بن أبي أحمد الزبيري، 876 الطبراني، 81، 123، 270، 868، 872، 876، 877، 895، 929 الطبرسي، 150، 157، 295، 305، 309، 707، 803، 867، 874، 927 طبري، 257، 276، 318، 339، 341، 342، 353، 367، 423، 427، 458، 466، 467، 478، 504، 547، 609، 763 طرماح بن حكم، 441 طرماح بن عدي الطائي، 437، 439، 440، 441 طريحي، 40، 181، 350، 457، 560، 591 طريق ابن الزاغوني، 704 طلحة، 768 طلحة بن زيد، 767 طوسي (أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسين الطوسي)، 56، 115، 139،
1048 152، 193، 256، 262، 357، 754، 773، 781، 797، 820، 839، 881، 866 (ع) عائشة (بنت أبي بكر)، 29، 30، 178، 271، 272، 273، 276، 277، 278، 279، 311، 326، 395، 838، 909 عائشة (بنت عثمان بن عفان)، 297، 299، 300، 302 عابس بن أبي شبيب الشاكري، 543 عاتكة، 590، 592 عاص بن وائل السهمي، 215 عاصم بن الحسن، 908 عاصم بن حميد، 394، 480، 679 عامر بن السمط، 819 عامر بن عيسى بن عامر السيرفي، 109 عامر الشعبي، 445 عباس، 83، 839 عباس بن بكار الضبي، 262، 642، 644 عباس بن حمدان الحنفي، 128، 814 عباس بن عبد الله، 388 عباس بن عبد المطلب، 297 عباس بن الفضل الأسفاطي، 873 عباس بن محمد بن الحسين، 115 عباس بن مرداس، 306 عباس بن الوليد، 703 عباس بن هشام بن محمد الكوفي، 571 عباية الأسدي، 759، 800 عباية بن ربعي، 758، 801 عباية بن رفاعة، 834 عبد الجبار بن العلاء، 128 عبد الجبار بن المبارك، 907 عبد الجبار بن وائل الحضرمي، 526 عبد الحميد بن سليمان، 610، 776، 895 عبد الرحمان الأزدي، 572 عبد الرحمان بن أبي الزناد، 291 عبد الرحمان بن أحمد بن أبي شريح، 178 عبد الرحمان بن خالد، 696 عبد الرحمان بن سيابة، 801 عبد الرحمان بن صالح العتكي، 265 عبد الرحمان بن كثير، 693 عبد الرحمان بن مهدي، 556 عبد الرحمان العزرمي، 908 عبد الرحمن، 151، 152، 371، 685، 839 عبد الرحمن ابن أبي ليلي، 843 عبد الرحمن ابن شداد الأرحبي، 381 عبد الرحمن ابن ملجم، 194، 195، 196، 197، 288 عبد الرحمن بن إبراهيم، 92 عبد الرحمن بن أبي بكر، 311، 319، 320، 325، 328، 338، 908 عبد الرحمن بن أبي عبد الله، 827، 839 عبد الرحمن بن أبي نجران، 118، 394 عبد الرحمن بن الإصهباني، 843 عبد الرحمن بن بزرج، 878 عبد الرحمن بن جندب، 446، 470 عبد الرحمن بن الحجاج، 795 عبد الرحمن بن الحسن (ع)، 839 عبد الرحمن بن سليط، 792 عبد الرحمن بن صالح الأزدي، 34، 35، 814 عبد الرحمن بن عبد الله بن الكدن الأرحبي، 378 عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد، 753 عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله التيمي، 261، 304 عبد الرحمن بن عزرة الغفاري، 540 عبد الرحمن بن عوف، 151 عبد الرحمن بن كثير، 784 عبد الرحمن بن محمد بن إبراهيم المديني، 784 عبد الرحمن بن محمد العرزمي، 303 عبد الرحمن بن الوليد، 750 عبد الرحمن السلمي، 983 عبد الرزاق، 159، 270، 783 عبد الرزاق بن عبد الكريم، 643 عبد الرزاق بن همام، 735 عبد السلام الإسكافي، 825 عبد السلام بن حرب، 697
1049 عبد السلام بن صالح الهروي، 792 عبد الشمس، 72 عبد الصمد بن علي، 548، 670 عبد العزيز ابن عبد الله بن يونس الموصلي، 735 عبد العزيز بن الأخضر الجنابذي، 267 عبد العزيز بن إسحاق، 816 عبد العزيز بن كثير، 694 عبد العزيز بن يحيى، 677 عبد العظيم بن عبد الله الحسني، 672 عبد القادر بن محمد اليوسفي، 753 عبد القيس بن أفصي بن دعمي بن جديلة ابن أسد بن ربيعة، 801 عبد الكريم بن عبيد الله، 651 عبد الكريم بن عمرو الخثعمي، 286 عبد الله، 196، 703، 848، 858، 896، 935 عبد الله ابن شداد الأرحبي، 381 عبد الله (بن آدم (ع))، 852 عبد الله بن إبراهيم، 56 عبد الله بن إبراهيم الغفاري، 669 عبد الله بن أبي حصين الأزدي، 465 عبد الله بن أبي المحل بن حزام العامري، 472 عبد الله بن أحمد بن حنبل، 834، 877 عبد الله بن أحمد عبدان، 684، 687 عبد الله بن اذينة، 672 عبد الله بن أنيس، 228 عبد الله بن أيوب، 286، 825 عبد الله بن بريدة، 258 عبد الله بن بشار بن أبي عقب الشاعر، 770 عبد الله بن بشر، 464 عبد الله بن بكر بن حبيب السهمي، 246 عبد الله بن بكر المرادي، 900 عبد الله بن بكير، 808، 862 عبد الله بن جبلة، 88، 790، 796 عبد الله بن جعفر، 143، 161، 194، 247، 257، 269، 274، 275، 297، 300، 301، 302، 312، 330، 334، 367، 402، 403، 420، 484، 723، 725، 726، 728، 817، 839، 862، 907، 909، 910، 912، 917 عبد الله بن جعفر الحميري، 772، 919 عبد الله بن الحسن، 186، 510، 698، 846 عبد الله بن الحسن بن الحسن، 163 عبد الله بن الحسين بن تميم، 510 عبد الله بن الحسين بن زين العابدين، 698 عبد الله بن حصين، 465 عبد الله بن حماد، 421، 695 عبد الله بن حوزة، 526 عبد الله بن خباب بن الأرت، 42 عبد الله بن خليفة الطائي، 175، 176 عبد الله بن داود، 52 عبد الله بن رواحة، 728 عبد الله بن الزبير، 83، 261، 297، 300، 301، 302، 303، 304، 311، 312، 319، 325، 327، 328، 329، 338، 339، 340، 341، 351، 363، 368، 370، 371، 375، 376، 387، 388، 391، 392، 393، 394، 395، 795، 819، 826، 840، 849، 914، 915، 920 عبد الله بن زيد، 813 عبد الله بن سبع الهمداني، 377 عبد الله بن سليم الأسدي، 392، 408، 416، 427 عبد الله بن سليمان النوفلي، 375 عبد الله بن سنان الكوفي، 24، 117، 198، 361، 891 عبد الله بن شبيب، 773 عبد الله بن شداد، 911 عبد الله بن شداد بن الهاد الليثي، 761 عبد الله بن شريك العامري، 478، 697، 795، 796، 849، 868 عبد الله بن شيب، 605 عبد الله بن صوريا، 656، 657، 658
1050 عبد الله بن عاصم الفائشي، 458، 478، 481، 501، 545 عبد الله بن عامر بن كريز، 751، 752، 753، 830 عبد الله بن عباس، 27، 29، 52، 64، 69، 123، 127، 140، 143، 147، 159، 207، 231، 269، 278، 308، 312، 319، 320، 321، 330، 334، 368، 369، 371، 372، 373، 374، 375، 386، 388، 389، 394، 507، 643، 644، 645، 699، 723، 725، 726، 728، 764، 769، 818، 819، 833، 839، 845، 846، 899، 904، 919 عبد الله بن عبد الجبار، 187 عبد الله بن عبد القدوس، 178 عبد الله بن عبد الله المديني، 743 عبد الله بن عبيد، 228 عبد الله بن عبيد بن عمير، 833 عبد الله بن عزرة الغفاري، 540 عبد الله بن عطاء، 815، 864 عبد الله بن عقيل، 582 عبد الله بن عمر، 153، 303، 304، 311، 319، 325، 328، 329، 338، 367، 368، 371، 373، 375، 394، 404، 405، 680، 787، 819، 838، 895، 908 عبد الله بن عمر بن ابان، 878 عبد الله بن عمرو بن العاص، 316، 338، 885، 921 عبد الله بن عمير الكلبي، 291، 523، 524 عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة، 367، 368 عبد الله بن غالب، 667 عبد الله بن الفضل بن الربيع، 966 عبد الله بن القاسم، 758 عبد الله بن قيس بن ورقة، 181 عبد الله بن محمد، 142، 294، 698، 858 عبد الله بن محمد البغدادي، 705 عبد الله بن محمد البغوي، 178 عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا، 571 عبد الله بن محمد بن سليمان بن عبد الله بن الحسن بن الحسن، 510 عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، 549 عبد الله بن محمد بن عمر بن علي، 291 عبد الله بن محمد بن النعمان القزاز البصري، 868 عبد الله بن محمد التميمي، 630 عبد الله بن محمد الصنعاني، 117 عبد الله بن محمد الضبي، 56 عبد الله بن مسعود، 89، 269، 789 عبد الله بن مسكان، 818 عبد الله بن مسلم، 382 عبد الله بن مسلم بن عقيل، 564 عبد الله بن مسلمة بن قعنب، 790 عبد الله بن مصعب، 303، 304 عبد الله بن مطيع العدوي، 366، 413 عبد الله بن المغيرة، 827، 839 عبد الله بن مكحول، 395 عبد الله بن موسى، 754 عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن، 754 عبد الله بن ميمون القداح، 128، 618 عبد الله بن وال التميمي، 377، 457 عبد الله بن الوليد الجعفي، 196 عبد الله بن هاشم، 286 عبد الله بن الهيثم الأنماطي، 691 عبد الله العدوي، 366 عبد الله المشرقي، 458 عبد المطلب، 350 عبد الملك بن أعين، 640 عبد الملك بن عمير، 101، 292، 297، 677 عبد الملك بن محمد الخركوشي، 115 عبد الملك بن نوفل بن مساحق، 348 عبد المنعم بن إدريس بن سنان، 123 عبد الواحد ابن عبد الله بن يونس الموصلي، 735 عبد الواحد بن أبي عون، 862 عبد الواحد بن علي القاضي، 605
1051 عبد الواحد بن محمد، 795 عبد الواحد بن محمد بن عبدوس العطار، 795 عبد الوارث بن سفيان، 849 عبد الوهاب، 72 عبد الوهاب ابن الحسين بن عمر بن برهان، 717 عبد الوهاب بن جعفر الميداني، 258 عبيد أبو الوسيم الجمال، 57 عبيد بن حنين، 152، 153، 154 عبيد بن كثير، 90 عبيد الله بن أبي يزيد، 877، 878 عبيد الله بن الحر الجعفي، 443، 444، 445، 770، 877 عبيد الله بن زياد، 186، 382، 386، 409، 412، 413، 423، 430، 434، 436، 439، 440، 444، 448، 450، 451، 452، 456، 460، 462، 463، 465، 471، 472، 475، 503، 515، 518، 526، 530، 533، 549، 609، 623، 624، 625، 626، 770 عبيد الله بن شريك، 797 عبيد الله بن عباس، 839، 929 عبيد الله بن عبد الله عتبة، 783 عبيد الله بن عمر بن الخطاب، 182، 183 عبيد الله بن الفضل الطائي، 262 عبيد الله بن محمد بن إسحاق، 549 عبيد الله بن مرداس، 274 عبيد الله بن موسى العلوي، 790 عبيد الله بن الوليد الوصافي، 833 عبيدة بن عمرو السلماني، 42 عبيس بن هشام، 790، 796 عتبة بن أبي سفيان، 912، 914 عتبة بن ربيعة، 215 عثمان ابن سعد العموي، 108 عثمان بن أبي شيبة، 57، 878 عثمان بن أحمد الدقاق، 505، 722 عثمان بن عفان، 151، 152، 157، 159، 161، 179، 260، 269، 274، 276، 465، 515، 672، 907، 908 عثمان بن عمر، 264 عثمان بن عيسى الرواسي، 118، 119 عدي بن حاتم الطائي، 176 عدى بن حرملة الأسدي، 392، 408، 416، 427، 528 عروة بن الزبير، 840 عروة بن عبد الله، 196 عروة بن قيس، 378، 460 عروة الغفاري، 552 عزرة بن قيس، 378 عصار بن المصطلق، 736 عصام، 737 عطاء، 838، 845 عطاء بن أبي رباح، 90 عطاء بن السائب، 526 عطية العوفي، 178 عقبة ابن سمعان، 433 عقبة ابن شريك، 868 عقبة بن أبي العيزار، 431، 437 عقبة بن بشير الأزدي، 576 عقبة بن بشير الأسدي، 573 عقبة بن سمعان، 386، 401، 446، 470، 509 عقبة بن مكرم، 868 عقبة بن يونس، 797 عقيل بن أبي طالب، 83، 157، 160، 161، 169، 296، 354، 425، 497، 619 عكاشة، 124، 125 عكرمة، 159، 262، 642، 644، 845، 846 العلامة حلي، 810 العلامة السمهودي، 116 العلاء بن المسيب، 119 العلاء بن موسى، 178 علي ابن شجرة، 117 علي ابن علي أخي دعبل، 854 علي ابن محمد بن مهرويه القزويني، 81، 690، 745، 859 علي بن إبراهيم، 597، 780 علي بن إبراهيم بن المعلى، 900 علي بن إبراهيم بن هاشم، 57، 185، 201، 703، 715، 791، 792 علي بن إبراهيم القمي، 667، 671، 673، 819، 834، 835، 879 علي بن أبي حمزه، 163، 775 علي بن أبي عمران، 873
1052 علي بن أبي المغيرة، 790، 796 علي بن أحمد، 698 علي بن أحمد، 790 علي بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، 713 علي بن أحمد بن زكريا، 152 علي بن أحمد بن موسى الدقاق، 110 علي بن أحمد بن موسى الدقاق، 162، 781 علي بن أسباط، 139، 672، 714، 879 علي بن إسماعيل بن يقطين، 120 علي بن بزرج الخياط، 193 علي بن الجعد، 717 علي بن جعفر، 817 علي بن حاتم، 840 علي بن حبشي بن قوني، 42 علي بن حبيش، 115 علي بن حديد، 823 علي بن حسان القرشي، 784 علي بن الحسن، 88، 109، 890 علي بن الحسن بن علي بن حمزة العلوي، 280 علي بن الحسن بن فضال، 827 علي بن الحسن بن محمد، 108، 688 علي بن الحسن النحوي، 671 علي بن الحسين، 83، 109، 393، 394، 427، 839 علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب، 200 علي بن الحسين بن علي بن فضال، 268 علي بن الحسين بن يعقوب من بني خزيمة، 193 علي بن الحسين السعد آبادي، 29، 774، 825، 889 علي بن الحسين المسعودي، 585 علي بن حفص، 178 علي بن الحكم، 357، 447، 662، 693 علي بن حماد، 778 علي بن حمدون الرواس، 119، 258 علي بن خشرم، 751 علي بن رباب، 501 علي بن شاكر، 56 علي بن شعيب، 118 علي بن صالح، 304 علي بن الطعان المحاربي، 429 علي بن عاصم، 83 علي بن عبد الله بن العباس، 269 علي بن قادم، 697 علي بن قرظة، 533 علي بن محمد، 271، 286، 292، 301، 402، 408، 487، 753 علي بن محمد بن جعفر الحسنى الأسترآبادي، 510 علي بن محمد بن الحسن القزويني، 787 علي بن محمد بن سيار، 663 علي بن محمد بن عبد الله المعدل، 505 علي بن محمد بن عصمة، 675 علي بن محمد بن علي الخزاز، 108 علي بن محمد بن عمر الزهري، 679 علي بن محمد بن قتيبة، 797 علي بن محمد شجاع، 795 علي بن محمد الهرمزاني، 145 علي بن مظاهر، 497، 498 علي بن معبد، 791 علي بن المغيرة، 800 علي بن موسى، 83 علي بن النعمان، 799 عمار بن مطر، 42 عمار بن معاوية الدهني، 842 عمار بن ياسر، 89، 143، 157، 158، 161، 269، 819 عمارة بن زيد، 538 عمارة بن عبد الله السلولي، 381 عمارة بن عبيد السلولي، 378 عمارة بن عقبة، 382 عمارة بن غزية، 895 عمر، 28، 89، 323، 327، 509، 559، 672، 676 عمر ابن إسحق، 264 عمران بن حصين، 56 عمران بن ميثم، 164، 800، 801 عمران بن يعقوب [الجعدي]، 785 عمر بن أبي سلمة، 724، 725، 726
1053 عمر بن اذينة، 24، 808 عمر بن اسحق، 264 عمر بن خالد، 417 عمر بن الخطاب، 135، 136، 137، 138، 139، 140، 141، 142، 149، 150، 151، 152، 153، 154، 155، 156، 276، 332، 374، 729، 853 عمر بن سبينة، 308 عمر بن سعد، 52، 371، 382، 460، 461، 463، 464، 465، 468، 469، 470، 471، 473، 474، 475، 476، 478، 489، 503، 504، 509، 510، 511، 513، 522، 523، 524، 525، 528، 531، 533، 534، 535، 544، 546، 555، 559، 562، 570، 578، 580، 596، 607، 609، 615، 616، 617، 619، 622، 778، 779 عمر بن سعد عمرو بن الحجاج، 465 عمر بن سهل بن إسماعيل الدينوري، 101 عمر بن شبة، 255 عمر بن عبد الرحمن، 390 عمر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي، 390 عمر بن عبد العزيز، 301 عمر بن عبيد الله، 722 عمر بن عطاء بن أبي الخوار، 878 عمر بن علي، 872 عمر بن المتوكل بن هارون البجلي، 110 عمر بن يونس اليمامي، 262 عمركي، 800 عمر النسابة، 354 عمرو، 226 عمرو بن أبي المقدام، 964 عمرو بن أبي نصر، 680 عمرو بن الأصم، 717 عمرو بن ثابت، 929 عمرو بن جميع، 179 عمرو بن جنادة الأنصاري، 550 عمرو بن حبشي، 709 عمرو بن الحجاج، 378، 467، 475، 531، 608 عمرو بن الحريث المخزومي، 165، 174، 183، 184، 877 عمرو بن حماد، 186 عمرو بن الحمق، 313، 315 عمرو بن خالد الصيداوي، 423، 545 عمرو بن خالد الواسطي، 691 عمرو بن دحيم، 258 عمرو بن دينار، 246، 742، 842، 852، 929 عمرو بن سعد الأزدي، 559 عمرو بن سعيد، 375، 398، 401، 403، 404 عمرو بن شعيب، 885 عمرو بن شمر، 41، 114، 196، 695، 778، 871 عمرو بن شمر، 175، 359 عمرو بن العاص، 310، 322، 668، 929، 930 عمرو بن عامر، 225 عمرو بن عبد الجبار، 705 عمرو بن عبد ود، 981 عمرو بن عبيد الله بن معمر، 383 عمرو بن عثمان، 797 عمرو بن عون، 549، 873 عمرو بن قرظة بن كعب الأنصاري، 469، 533 عمرو بن قيس المشرقي، 447 عمرو بن لوذان، 426، 442 عمرو بن محمد النافذ، 877 عمرو بن مروان، 802 عمرو بن مرة، 168 عمرو بن هاشم، 815 عمرو بن هشام - أبا جهل -، 215، 217 عمرة بنت عبد الرحمن، 395 عمير بن إسحاق، 265 عمير بن مأمون، 825 عمير بن المطاع، 582 عمير بن وهب، 229 عميرة بنت نفيل، 790 عنبسة بن الأزهر، 890 عنبسة بن مصعب، 800 عياشي، 645، 874 عيزار بن حريث، 872، 878، 880 عيسى بن بشير، 587 عيسى بن داود النجار، 122 عيسى بن سوادة، 833 عيسى بن عبد الله الطيالسي، 25، 877 عيسى بن علي، 858 عيسى بن محمد العلوي، 676
1054 عيسى بن المستفاد أبي موسى الضرير، 120 عيسى بن معاذ ماهان بن معدان، 252 عيسى بن مهران، 264 عيسى الخشاب، 794 عيينة بن مصعب، 257 غالب بن عثمان الهمداني، 771 غسان بن عبد الحميد، 301 الغلابي، 262 الغلام التركي، 550 غياث بن إبراهيم، 703 (ف) فاطمة بنت زائدة بن الأصم بن رواحة بن حجر بن عبد معيص بن عامر، 273 فاطمة بنت عمران بن عائذ بن عمرو بن مخزوم، 273 فرات بن أحنف، 69، 90، 258، 286 فراس، 872 الفرزدق، 306، 407، 408، 411، 424، 426، 601 فرعون، 202، 215، 239، 727، 952 فضالة بن أيوب، 24، 29، 256، 808 الفضل بن أبي قرة، 922 الفضل بن دكين، 57، 741، 834، 864، 880 الفضل بن شاذان، 670، 671، 797، 834، 835 الفضل بن شاذان القمي، 172 الفضل بن العباس، 143، 726، 769، 846 الفضل بن يسار، 185، 357 فضة، 64، 149 فضيل بن خديج الكندي، 543 فضيل بن يحيى الفضيلي، 280 فضيل الرسان، 394 فضيل غلام محمد بن راشد، 248 فياض بن محمد ابن عمر الطرسوسي، 821 (ق) قابيل، 234، 238، 239، 975 قارون، 237، 239، 376 قاسم، 849 قاسم بن بهرام، 64 قاسم بن عبد الرحمن الأنصاري، 82 قاسم بن عوف الشيباني، 70 قاسم بن الفضل الثقفي، 643 قاسم بن محمد، 840 قاسم بن محمد بن جعفر، 299، 300 قاسم بن محمد بن الحسن بن حازم، 790، 796 قاسم بن محمد الرازي، 145 قاسم بن منصور الهمداني، 630 قاسم بن يحيى، 117 القاضي أبو الحسن علي ابن محمد بن إسحاق بن يزيد الحلبي، 743 القاضي عياض، 840 القاضي النعمان المصري، 317 القاضي النعمان المغربي، 810، 811، 837 قتيبة بن محمد، 871 قثم، 769 قرة بن قيس الحنظلي، 461، 463، 528 قطام، 196 قعنب بن المحرز، 743 قنان النهمي، 923 قنبر، 166، 169، 174، 240، 742، 744 قنبر بن محمد الاعشي، 676 القندوزي، 106، 423، 445، 455، 558، 595، 601، 785 قنفذ، 141 قيس بن أبي حصين، 787 قيس بن الأشعث، 475، 508 قيس بن حفص الدارمي، 459 قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري، 197، 245، 246، 248، 249 قيس بن عبد الله الصائدي، 540، 546 قيس بن مسهر الصيداوي، 377، 381، 412، 413، 423، 440، 458 (ك) كامل بن طلحة الجحدري، 858، 878 كثير، 152 كثير بن شاذان، 764 كثير بن شهاب، 462 كثير بن طارق (من ولد قنبر)،
1055 711 كثير بن عبد الله السبيعي [الشعبي]، 461، 538، 546 كثير بن هشام، 767 الكراجكي، 122 الكشي، 248، 761 كعب بن اشرف، 228 كعب بن زهير، 306 الكفعمي، 621، 940، 946 الكلبي، 262، 420، 454، 524 كنعان، 238 (ل) لاحق (غلام عمر بن سعد)، 468 لقيط، 429 ليث، 64، 823، 874 ليث بن أبي سليم، 57 (م) مازمان، 226 مالك بن إسماعيل النهدي، 923 مالك بن حوزة، 476 مالك بن الحويرث، 178 مالك بن عبد بن سريع، 541 مالك بن عطية، 793 مالك بن عمرو بن ثمامة، 423 مالك بن مسمع البكري، 383 مالك بن نسر، 606 مالك بن النضر الأرحبي، 458 المأمون، 200 المبرد، 300، 917 المتقي الهندي، 873، 909 المتوكل بن هارون، 110 مثني الحناط، 588، 818، 876 مجالد بن سعيد، 292، 445، 470 مجاهد، 64، 908 مجلسي، 26، 39، 72، 79، 104، 112، 122، 135، 148، 149، 156، 188، 192، 258، 266، 355، 364، 375، 567، 573، 653، 679، 699، 905، 944، 946، 958 مجمع بن عبد الله العائذي، 439 المحدث قمي، 736 محرز ابن هشام، 57 محروز بن منصور، 388 محمد، 848، 858، 896 محمد أبو بكر بن هارون الدينوري، 669 محمد بن إبراهيم البغدادي، 258 محمد بن إبراهيم بن أحمد المعاذي، 179 محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني، 64، 268، 683، 816، 881، 888، 900 محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، 47، 261 محمد بن إبراهيم الجرجاني، 643 محمد بن إبراهيم الفزاري، 69 محمد بن أبي بكر، 326 محمد بن أبي الصهبان، 394 محمد بن أبي طالب، 364 محمد بن أبي عبد الله الأسدي الكوفي أبو الحسين، 110 محمد بن أبي عبد الله الكوفي، 672، 892 محمد بن أبي عمير، 24، 192، 640، 693، 703، 780، 795، 808، 835، 863، 879 محمد بن أبي القاسم، 107، 785 محمد بن أبي محمد البصري، 935 محمد بن أحمد الأشعري، 447، 743، 863 محمد بن أحمد بن البراء، 123 محمد بن أحمد بن داود القمي، 118، 193 محمد بن أحمد بن رزا بن عبد الكريم، 643 محمد بن أحمد بن رزق، 154 محمد بن أحمد بن النصر، 505 محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري، 891 محمد بن أحمد السناني، 110، 162 محمد بن إسحاق، 260، 261 محمد بن إسماعيل، 41، 447، 799، 834، 835، 843، 868، 877 محمد بن إسماعيل بن بزيع، 841 محمد بن إسماعيل بن عمرو، 741 محمد بن إسماعيل الحسني، 108 محمد بن إسماعيل الرازي، 865 محمد بن إسماعيل العلوي، 122 محمد بن أشعث، 142، 423 محمد بن الأشعث بن قيس
1056 الكندي، 423، 547، 548 محمد بن بشر الهمداني، 251، 377، 861 محمد بن بشير الحضرمي، 488 محمد بن بشير الهمداني، 292 محمد بن بكر، 833 محمد بن جابر، 675 محمد بن جعفر الأسدي، 586 محمد بن جعفر بن العاصم، 701 محمد بن جعفر الرزاز، 767، 778 محمد بن جمهور، 109 محمد بن جيد، 447 محمد بن الحارث التميمي، 304 محمد بن حاطب، 300 محمد بن الحجاج، 292 محمد بن الحسن، 25، 157، 192، 271، 427، 640، 775، 808 محمد بن حسن، 304 محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، 114، 588، 706 محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، 919 محمد بن الحسن بن الحسين، 877 محمد بن الحسن بن الوليد، 693 محمد بن الحسن الصفار، 192، 640، 775 محمد بن الحسن طوسي، 854 محمد بن الحسن الكوفي، 118 محمد بن الحسين، 25، 41، 197، 244، 393، 427،، 758، 762 محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، 706، 767، 778 محمد بن حسين بن أبي الخطاب، 588 محمد بن الحسين بن أحمد بن السري، 505 محمد بن الحسين بن الحكم الكوفي، 108 محمد بن الحسين الخزار، 775 محمد بن الحسين القواريري قرابة يعلى ابن عبيد، 119 محمد بن الحسين الكوفي، 890 محمد بن حفص التميمي، 157 محمد بن الحنفية، 192، 194، 243، 244، 255، 273، 289، 292، 352، 353، 354، 360، 363، 398، 399، 400، 405، 406،، 736، 769 محمد بن خالد البرقي، 117، 713، 771، 775 محمد بن خالد الطيالسي، 585 محمد بن خداهي، 286 محمد بن خلف، 198 محمد بن داود القمي، 398 محمد بن زكريا، 64، 262، 459، 510، 644، 677، 711 محمد بن زكريا الجوهري الغلابي، 642 محمد بن زكريا المكي، 816 محمد بن سالم، 871 محمد بن السايب، 305 محمد بن سعيد، 487 محمد بن سعيد الإصفهاني، 877 محمد بن سعيد بن يحيى البزوفري، 888 محمد بن سلام الكوفي، 262 محمد بن سليمان، 271 محمد بن سليمان لوين، 895 محمد بن سنان، 107، 161، 198، 265، 466، 516، 579، 706، 775، 825، 869، 870، 873، 889 محمد بن سهل مولى عمر بن عبد العزيز، 705 محمد بن سيرين، 324، 753، 853 محمد بن شاذان بن نعيم، 761 محمد بن شعيب، 750 محمد بن صالح بن النطاح، 262 محمد بن صالح النطاح، 262 محمد بن الصامت، 788 محمد بن الصباح السماك، 506 محمد بن الصلت الواسطي، 262 محمد بن الضحاك الحزامي، 273 محمد بن طاووس، 643 محمد بن العباس، 122، 153، 162، 676، 677، 753، 894 محمد بن العباس الأخرم الأصبهاني، 119 محمد بن العباس المصري، 669 محمد بن عبد الجبار، 145، 799، 841 محمد بن عبد الحميد العطار الكوفي، 248، 696، 879 محمد بن عبد الرحمان بن العباس، 392 محمد بن عبد الرحمن بن القاسم
1057 التيمي، 510 محمد بن عبد الله، 25 محمد بن عبد الله الأسدي، 880 محمد بن عبد الله بن أبي نجيح، 784 محمد بن عبد الله بن جعفر بن جامع الحميري، 200، 265 محمد بن عبد الله بن سعيد الكندي، 771 محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني، 669 محمد بن عبد الله بن نمير، 874 محمد بن عبد الله بن يزيد المقري، 826 محمد بن عبد الله الحضرمي، 270، 787، 845، 861، 872، 874، 876، 877، 878 محمد بن عبد الله الخثعمي، 677 محمد بن عبد الله الكوفي، 781 محمد بن عبد الملك بن زنجويه، 404 محمد بن عثمان ابن أبي شيبة، 717، 868 محمد بن عثمان العجلي، 265 محمد بن عذافر، 797، 868 محمد بن عقيل بن الأزهر، 280 محمد بن علي، 82، 119، 400، 785، 809، 817 محمد بن علي بن حباب بن موسى، 420 محمد بن علي بن الحسين، 844 محمد بن علي بن حسين، 750 محمد بن علي بن حمزة، 280 محمد بن علي بن عبد الصمد الكوفي، 83 محمد بن علي بن الفضل، 193 محمد بن علي بن محبوب، 807 محمد بن علي بن معمر، 118 محمد بن علي بن موسى، 83 محمد بن علي السقطي، 197 محمد بن علي الصيرفي، 964 محمد بن علي القرشي، 107، 785 محمد بن علي الكوفي، 825 محمد بن علي ماجيلويه، 107 محمد بن عمر، 274، 291، 354، 367، 698، 862 محمد بن عمر التميمي، 378 محمد بن عمر الحافظ، 89، 699 محمد بن عمرو بن الحسن، 618 محمد بن عمير، 556 محمد بن عمير بن عطارد، 378 محمد بن عيسى بن هارون، 113، 114، 501، 711، 759، 779، 795، 816، 870 محمد بن غالب، 88 محمد بن الفضيل، 843 محمد بن فضيل، 280 محمد بن الفيض بن المختار، 713 محمد بن القاسم الأسترآبادي، 663 محمد بن القاسم بن زكريا، 698 محمد بن القاسم المفسر الجرجاني، 199 محمد بن قولويه، 114 محمد بن قيس، 412، 537 محمد بن محمد، 142، 294، 695، 773 محمد بن محمد بن العباس، 56 محمد بن محمود، 890 محمد بن مسعدة، 118 محمد بن مسعود، 795، 800 محمد بن مسلم، 109، 228، 271، 588 محمد بن مصفي الحمصي، 703 محمد بن مطهر، 109 محمد بن موسى بن المتوكل، 29، 715، 889، 892 محمد بن نصر بن حميد البغدادي، 34 محمد بن وهبان، 115 محمد بن هارون التلعكبري، 630، 944 محمد بن هارون الهاشمي، 877 محمد بن هشام، 287، 309 محمد بن همام، 122، 735 محمد بن يحيى، 41، 302، 662، 766، 817، 823، 843، 861، 869، 873، 878، 904 محمد بن يحيى الخثعمي، 767 محمد بن يحيى الخزاز، 768 محمد بن يحيى العطار، 588، 794 محمد بن يحيى المعاذي، 359 محمد بن يزيد المبرد النحوي، 32 محمد بن يعقوب الكليني، 41، 119، 120، 185، 196، 271، 302، 357، 586، 597، 667،
1058 779، 817، 819، 834، 835، 865، 873، 875، 878، 879، 904، 908، 922 محمد بن يونس الكديمي، 69 محمد صادق النجمي، 335 محمد الكناني، 763 محي الدين بن شرف النووي، 839 مختار بن أبي عبيد، 382، 469 مخول بن إبراهيم، 774 المدائني، 909 مدائني، 250، 280، 296، 910 مذري بن المشمعل الأسدي، 392، 416، 427 مرحب (الخيبري)، 981 مرزبان، 226 مروان، 280 مروان بن إسماعيل، 360 مروان بن الحكم، 159، 179، 258، 259، 260، 269، 273، 274، 275، 276، 278، 280، 286، 293، 294، 297، 298، 299، 300، 301، 302، 303، 305، 306، 311، 343، 344، 345، 346، 347، 776، 779، 816، 817 مروان بن معاوية الفزازي، 826 مزاحم بن عبد الوارث بن عباد البصري، 262 مسافر، 662 مستقيم بن عبد الملك، 872 مسروق، 828 مسروق بن وائل، 526 مسعدة بن زياد، 876 مسعدة بن صدقة، 749 مسعود بن عمرو، 383 مسعودي، 264، 279 مسكين الرحال، 790 مسلم، 297 مسلم بن أبي حية الرازي، 267 مسلم بن خالد، 828، 842 مسلم بن رباح مولى علي بن أبي طالب، 606 مسلم بن عقيل، 297، 363، 379، 380، 381، 382، 412، 413، 416، 417، 422، 423، 424، 425، 438، 444، 448، 508، 581 مسلم بن عوسجة الأسدي، 485، 502، 532، 582، 584 مسلمة بن خالد، 64 مسمع بن عبد الملك، 56 مسور بن مخرمة ابن نوفل الزهري، 261، 275، 302، 304، 351 مسيب بن نجبة الفزاري، 250، 293، 377، 457 مسيب بن واضح، 867 مسيح بن مريم، 785 مصعب بن عبد الله، 197، 392، 513 مطرف، 717 مطلب بن زياد، 57، 186، 872 معافا بن زكريا، 785 معافا بن عمران، 888 معاوية بن أبي سفيان، 153، 154، 157، 159، 161، 169، 170، 180، 183، 196، 244، 245، 246، 247، 248، 249، 250، 251، 252، 253، 256، 257، 258، 261، 262، 274، 275، 277، 285، 291، 292، 293، 294، 295، 296، 297، 300، 301، 302، 309، 310، 311، 314، 316، 319، 321، 322، 323، 324، 325، 326، 327، 328، 329، 330، 334، 338، 339، 340، 343، 347، 350، 352، 358، 368، 371، 376، 377، 384، 413، 720، 723، 724، 725، 726، 727، 728، 729، 730، 751، 752، 753، 778، 799، 886، 911، 929 معاوية بن إسحاق، 834 معاوية بن عمار، 597، 835 معاوية بن عمرو، 505 معاوية بن قرة، 402 معاوية بن وهب، 640، 642، 861 معاوية بن هشام، 101، 696، 877 معلى بن أبي شهاب، 118، 119 المعلى بن خنيس، 793، 857 معلى بن محمد، 120، 876 معمر بن راشد، 392، 735، 783 المغيرة بن النوفل، 863 المفضل بن عمر، 107، 135، 138، 265، 466، 785، 889 المفيد (محمد بن محمد بن
1059 النعمان)، 88، 92، 118، 145، 175، 192، 262، 342، 344، 364، 381، 431، 448، 484، 489، 570، 774، 879 مقاتل بن حسان، 442 مقاتل بن حيان، 178 المقداد بن الأسود الكندي، 55، 89، 141، 659، 707، 724، 730 المقدام بن شريح بن هاني، 888 مقرم، 498 منازل بن لاحق الشيباني، 969، 970 منبه بن الحجاج، 215 مندل، 765 منذر بن الجارود العبدي، 383، 384، 386، 700 منذر الثوري، 776 منصور، 585، 935 منصور بن أبي العباس، 671، 755 منصور بن الأسود، 459 منصور بن محمد بن عيسى، 191 المنصور الدوانيقي، 966، 967 المنهال بن عمر، 631 موسى، 142، 848، 858، 896 موسى بن إسماعيل، 294، 421 موسى بن أيوب النصيبي، 750 موسى بن جعفر، 900 موسى بن سعدان، 758 موسى بن عبد الرحمن المسروقي، 270، 861 موسى بن عثمان الحضرمي، 34 موسى بن عقبة، 295 موسى بن عمران النخعي، 110، 781، 892 موسى بن عمير، 505 موسى بن عمير الأنصاري، 505، 861 موسى بن هارون، 154 موفق بن أحمد، 155 مولى زياد بن أبي سفيان، 524 مهاجر بن أوس التميمي، 528، 538، 551 المهدي (من خلفاء بني العباس)، 139 ميمون، 904 ميمونة، 56 مينا مولى عبد الرحمن بن عوف، 46 (ن) نافع بن الأزرق، 643، 644، 645 نافع بن جبير، 929 نافع بن هلال المرادي، 439، 467، 533، 539 نبيه بن الحجاج، 215 النجاشي، 877 نشيط بن عبيد، 459 نصر بن إبراهيم، 717 نصر بن مزاحم، 778 نصر الخزاعي، 626 نصرة الأزدية، 760 نضاه، 226 نضر، 24 نضر بن الحرث، 215 نضر بن سويد، 480، 523، 818، 861 نضر بن شعيب، 244 نضر بن مالك، 675 النطنزي، 625 النعمان بن بشير الهمداني، 157، 376، 377، 749، 750 النعمان بن المنذر، 440 النعماني، 735، 796 نعيم بن جعفر، 108 نمرود، 211، 239 نمرود بن كنعان، 238 نوف البكالي، 197 نوفل الأزرق، 567 نهاس بن فهم، 69 (و) ورام بن أبي فراس، 927 الوشاء، 679، 876 وكيع بن الجراح، 51، 391، 703، 792 ولي بن نعمة الله الرضوي، 764 الوليد بن بكر، 152 الوليد بن عتبة بن أبي سفيان، 261، 304، 307، 338، 339، 340، 342، 343، 344، 345، 347، 349 الوليد بن عقبة الطحان، 678، 808 الوليد بن مغيرة، 358 الوليد بن المغيرة المخزومي، 215 وهاب ابن سعد، 371 وهب، 525
1060 وهب بن جرير، 245، 411 وهب بن منبه، 123، 147 (ه) هابيل، 234، 238، 239، 975 هارون، 727، 728 هارون بن الجهم، 271 هارون بن خارجة، 765، 774، 775 هارون بن عيسى، 292 هارون بن محمد، 743 هارون بن مسلم، 82، 876 هارون بن موسى، 640 هارون الرشيد، 29 هاشم بن البريد، 676 هاضب، 226 هاني بن ثبيت الحضرمي، 469 هاني بن عروة، 416، 417، 422، 423، 425، 581 هانئ بن هانئ السبيعي، 378، 379 الهذلي، 408، 753 هرثمة بن أبي مسلم، 459 هرقل، 311، 1003 هريم، 911 هشام، 383، 390، 427، 429، 640 هشام بن محمد الكلبي، 196، 260 هشام بن يوسف الصنعاني، 392 هضب، 226 هلال بن نافع، 423، 432، 492، 493، 497، 582، 619 هليون، 97 هند بن أبي هالة، 683، 684 هند بنت سهيل بن عمرو، 751، 753 هيثم، 873 هيثم بن عدي، 677 هيثم النهدي، 763 الهيثمي، 184، 779 (ى) يافث بن نوح، 202 يحيى بن أبي العلاء، 256، 876 يحيى بن إسماعيل بن أبي المهاجر، 292 يحيى بن إسماعيل الجريري، 179 يحيى بن أم الطويل، 760 يحيى بن الحسن، 754 يحيى بن الحسن العلوي، 556 يحيى بن الحسين العلوي، 754 يحيى بن زكريا، 448، 449 يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، 292، 374 يحيى بن زيد، 110 يحيى بن سالم الأسدي، 404 يحيى بن سالم الموصلي، 741 يحيى بن سعيد، 56، 152، 153، 154، 401، 403، 697 يحيى بن سعيد بن دينار السعدي، 291 يحيى بن عبد الباقي، 895 يحيى بن عبد الحميد الحماني، 872 يحيى بن عبد الله بن بشير الباهلي، 751 يحيى بن عقيل، 890 يحيى بن عمران الحلبي، 523، 818 يحيى بن كثير، 582 يحيى بن محمد بن أبي زيد، 243 يحيى بن وثاب، 787 يحيى بن هاشم، 675 يحيى بن يعلى، 908 يحيى بن يعمر، 671 يحيى بن يعمن (نعمان)، 890 يحيى الحلبي، 861 يزيد الأبطحي، 597 يزيد بن الحارث بن يزيد بن رويم، 378، 508 يزيد بن الحصين الهمداني، 515 يزيد بن رويان، 645 يزيد بن رويم، 378 يزيد بن زياد المهاصر، 543، 544 يزيد بن سفيان، 530 يزيد بن عبد الله بن اسامة بن الهادي الليثي، 261 يزيد بن عبد الملك، 301 يزيد بن مسروق، 395 يزيد بن مسعود، 384 يزيد بن مسعود النهشلي، 384 يزيد بن مظاهر، 582 يزيد بن معاوية، 72، 74، 292، 297، 298، 301، 307، 308، 310، 311، 312، 316، 317، 318، 321، 322، 323، 326، 327، 328، 329، 330، 338، 339، 343، 344، 346، 347،
1061 348، 350، 352، 353، 354، 358، 364، 365، 368، 371، 372، 373، 382، 384، 389، 396، 398، 402، 406، 444، 456، 463، 470، 472، 481، 530، 562، 592، 617، 624، 626، 627، 707، 708، 751، 753، 768، 816، 1004 يزيد بن المفرغ الحميري، 348 يزيد بن المهاجر الكندي، 451 يزيد بن هاشم العبدي، 56 يزيد (راوي)، 935 يزيد الرشك، 421 يعقوب، 420 يعقوب ابن جعفر بن إبراهيم الجعفري، 133 يعقوب بن إبراهيم، 318 يعقوب بن سالم، 879 يعقوب بن شعيب، 827 يعقوب بن عبد الله، 785 يعقوب بن يزيد، 192، 640، 693، 807، 827 اليعقوبي، 280، 898 يعلى بن عبد الرحمان الوشاء الكوفي، 741 يعلى بن عبيد، 833 اليماني، 788 يموت بن المزرع، 506 يوسف بن إبراهيم، 870 يوسف بن محمد بن زياد، 663 يوسف بن موسى، 267 يوسف بن يعقوب القاضي، 404 يوسف بن يعقوب النيسابوري، 186 يونس، 585، 835، 880 يونس بن أبي إسحاق، 880 يونس بن بكير، 868 يونس بن خباب، 908 يونس بن ظبيان، 780 يونس بن عبد الرحمن، 891، 907 يونس بن يعقوب، 248، 839، 863 يهود ابن يعقوب، 203
1062 الأشعار (أ) الا يا رسول الله إنك صادق، 689 الحرب قد بانت لها حقائق، 557 الماجد الحر رحيب الصدر، 439 إلى الفتيات والشهوات، 308 ان تعقروا بي فأنا بن الحر، 530 إن تنكروني فأنا ابن كلب، 524 إن تنكروني فأنا فرع الحسن، 559 إن سوف يدرككم ما تدعون بها، 396 إن كان عفوك لا يلقاه ذو سرف، 968 إنك إن كلفتني ما لم أطق، 326 إني امرؤ ذو مرة وعصب، 524 إني زعيم لك ام وهب، 524 إني شجاع بطل مقاتل، 464 إني لأعلم حقا غير ما كذب، 396 أيجعل كل جبار عنيد، 299 أي يومى من الموت أفر، 180 أبلغ قريشا على نأي المزار بها، 396 أبوك الذي فاز بالمكرمات، 913 أتتنا على زي العزيز بثينة، 376 أذب عنهم باللسان واليد، 544 أردنا صهركم لنجد ودا، 299 أريد حياته ويريد قتلي، 188 أرى طول الحياة علي غما، 234 أضربكم بالسيف حتى يلتوي، 555 أضربكم بضربة عنيفة، 551 أقدم هديت هاديا مهديا، 539 ألا يا صاح للعجب، 308 ألا يا عين فاحتفلي بجهد، 415 أليس جميعا للفناء مصيرنا، 376 أما ترين البائس المسكين، 65 أماط الله منهم كل رجس، 299 أمرك سمع يا ابن عم وطاعة، 65 أمسوا جياعا وهم أشبالي، 66 أميري حسين ونعم الأمير، 551 أنا عجوز في النساء ضعيفة، 551 أنا علي بن الحسين بن علي، 555 أنا يزيد وأبي مهاصر، 543 أن ألحق الأخيار والجماعة، 65 أنت جواد وأنت معتمد، 742 (ب) باطية مكللة، 308 بخير ركبان وخير سفر، 439 بكت الأرض والسماء عليه، 622 بكربلا يقتل باغتيال، 66 بكم فتح الله باب الرشاد، 915 بكم فتح الله باب الهدى، 913 (ت) تسليت عن اللهو، 1003 تطوف به الهلاك من آل هاشم، 359 تغيرت البلاد ومن عليها، 234
1063 تغير كل ذي طعم ولون، 234 تنح عن البلاد وساكنيها، 234 (ح - خ - د) حبيب رسول الله لم يك فاحشا، 360 خذها فإني إليك معتذر، 742 دعاؤك عندي يجول في حجب، 1002 دونك ما استسقيته فاحس وذق، 326 (س - ش - ص) سبقت الأنام إلى المكرمات، 915 سلني بلا رعبة ولا رهب، 1002 سنكفيك دون الناس طرا بأسرنا، 177 شرعت لنا الدين الحنيفي بعدما، 689 صوتك تشتاقه ملائكتي، 1002 (ط - ع - غ) طربت وما هاج لي معبق، 915 على قوم تسوقهم المنايا، 415 علي وفاطمة والداه، 551 عند العلي الواحد الموحد، 67 عيالات ولذات، 1003 غديت باللب وبالبراعة، 65 غنيتم قومكم فخرا بأمكم، 396 (ف) فاجعة إن أردت اكتبها، 144 فاطم بنت السيد الكريم، 66 فاطم ذات المجد واليقين، 65 فاطم يا بنت النبي أحمد، 67 فانصفوا قومكم لا تهلكوا بذخا، 396 فاني أخاف الله يوم لقائه، 376 فأنت الهمام وبدر الظلام، 913 فأنت ذو الجود أنت معدنه، 744 فبوركت في الأقوام حيا وميتا، 689 فسوف أعطيه ولا أبالي، 66 فغري سواي إنني غير راغب، 376 فقد قنعت نفسي بما قدر زقته، 376 فقلت لها: غري سواي فإنني، 376 فكان ما كان ممالست أذكره، 144 فلما جئتكم فجبهتموني، 299 فلما عمم الشيب، 1003 فلم تنفك من كيدي ومكري، 234 فلولا رحمة الجبار أضحى، 234 فلو يعمل ذو رأي، 1003 فمالهم سواهم من نظير، 299 فنحن نصرنا الله من قبل ذاكم، 177 فياخير مبعوث ويا خير مرسل، 689 (ق) قتل قابيل هابيلا أخاه، 234 قد جاءك الأسير ليس يهتدي، 67 قد جاءنا الله بذا اليتيم، 66 قد علم القوم إذا تواكلوا، 464 قد غرت الحرب من قد كان قبلكم، 396 قد كنت حذرتك آل المصطلق، 326 قد نام وفدك حول البيت وانتبهوا، 968 قلقت وما هاجني مقلق، 913 (ك - ل) كل امرئ بكسبه رهين، 65 كيف يرى الكفار ضرب الأسود، 544 لا ذعرت السوام في فلق الصبح، 348 لألفى عبرة منه، 1003 لبيك لبيك أنت في كنفي، 1002 لقد خاب من غرته دنيا دنية، 376 لقد هد ركني أبو شبر، 194 لكن ريب الزمان ذو غير، 743
1064 لم يخب الآن من رجاك ومن، 742 لم يخب اليوم من رجاك ومن، 743 لو كان في سيرنا الغداة عصا، 742 لولا الذي كان من أوائلكم، 742 لوهبت الريح في جوانبه، 1002 (م - و) مطهرون نقيات جيوبهم، 744 من لم يكن علويا حين تنسبه، 744 موعده في جنة النعيم، 66 موعده في جنة رهين، 65 نجل علي السيد الضرغام، 564 نحن بنو هاشم الكرام، 564 والله رب العرش لا نفارق، 557 والله لا يحكم فينا ابن الدعي، 555 وإن قتيل الطف من آل هاشم، 360 وأبيض يستسقى الغمام بوجهه، 359 وأقلقني طول تذكاره، 194 وأمسى قد عناني، 1003 وأنت سبقت إلى الطيبات، 913 وأنتم أنتم الأعلون عندكم، 744 وبدل أهلها أثلا وخمطا، 234 وحسنا والمرتضى عليا، 539 ودينك الإسلام دينا نعظمه، 689 وصاحب البخل يقف حزين، 65 وصاحب البخل يقف ذميم، 66 وفضلها لكم فضل وغيركم، 396 وفي الدهر أعاجيب، 1003 وفيهن التي تبلت، 308 وقد كان أنيقا، 1003 وكنت بها وزوجك في قرار، 234 ولا ذاقت العين طيب الكرى، 194 ولست بالخوار عند الكر، 530 ولكن طربت لآل الرسول، 913 ولكن طربت لآل الرسول، 915 ولكنما القبر الشريف ومن به، 360 وما ام هاني وحدها ساء حالها، 360 وما أنا والدنيا فإن محمدا، 376 وما لي لا أجود بسكب دمع!، 234 وموقف بفناء البيت ينشده، 396 وهبها أتتنا بالكنوز ودرها، 376 (ه - ى) هب لي بجودك فضل العفو عن جرمي، 968 هذا حسين كالأسير المرتهن، 559 هفا قلبي إلى اللهو، 1003 هم الأكرمون هم الأنجبون، 915 هي التي لا يداني فضلها أحد، 396 يا أيها الراكب الغادي لطيته، 396 يا أيها المرء الذي لانعدمه، 689 يا رب إني للحسين ناصر، 544 يا قومنا لا تشبوا الحرب إذ سكنت، 396 يا من يجيب دعاء المضطر في الظلم، 968 يا ناقتي لا تذعري من زجري، 439 يشكو إلى الله ويستكين، 65 يشكو إلينا الجوع قد تقدد، 67 يوم أعطي من المهابة ضيما، 348 يوم ما قدر لا أخشى الردى، 180 يهوي به النار إلى سفال، 66
1065 الآيات الآية سورة / رقم الآية رقم الصفحة (آ) آمن الرسول بما انزل إليه البقرة / 285222 (ا) أدعوني أستجب لكم الغافر / 60 975 اذا جاء نصر الله والفتح النصر / 1 123 إذا قرأت القرآن جعلنا بينك و... الاسراء / 45، 46، 47 235 إذ الاغلال في أعناقهم غافر / 71 630 إذ الاغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون غافر / 71 170 استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله المجادلة / 19 195 إصدع بما تؤمر وأعرض الحجر / 94 217 أعوذ بربي وربكم من كل متكبر غافر / 40 509 إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات يوسف / 103 726 الحمد لله رب العالمين الفاتحة / 2 663 الذين إن مكناهم في الأرض الحج / 41 675 الذين ينفقون أموالهم بالليل البقرة / 274 848 الرجال قوامون على النساء النساء / 33 98 المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض... التوبة / 71 335 إنا أرسلناك شاهدا والأحزاب / 45 679 إنا أنزلناه في ليلة القدر القدر / 2 680 إنا دمرناهم وقومهم أجمعين النمل / 51 240
1066 إنا فتحنا لك فتحا الفتح / 1 964 إنا كفيناك المستهزئين الحجر / 95 215، 217 إن الأبرار يشربون من كأس الانسان / 6 68 إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن مريم / 96 259 إن الذين يغضون أصواتهم الحجرات / 3 272 إن السمع والبصر والفؤاد كل الاسراء / 36 673 إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم آل عمران / 33 457، 555 إن الله لا يحب المستكبرين نحل / 23 749 إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون النحل / 128 252 إنا لله وإنا إليه راجعون البقرة / 159 54، 138، 145 إن الله يرزق من يشاء بغير حساب آل عمران 36 إنا لمدركون الشعراء / 61 219 إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا يس / 12 122 إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن الحجرات / 6 678 إن فيها قوما جبارين وإنا لن المائدة / 21 727 إنما الصدقات للفقراء والمساكين التوبة / 60 137 إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء الانسان / 9 69 إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس الأحزاب / 33 77، 347، 674، 676 إن وليي الله الذي نزل الكتاب الأعراف / 196 507 إن هذا كان لكم جزاء الانسان / 1 68 إنه ليس من أهلك إنه عمل هود / 46 209 إن هم الا كالأنعام بل الفرقان / 44 668 إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى الكهف / 13 622 إنهم كفروا بالله وبرسوله... التوبة / 54 372 إني جاعل في الأرض خليفة البقرة / 30 840 إني عذت بربي وربكم أن ترجمون الدخان / 20 509 إني منزلها عليكم فمن يكفر المائدة / 115 710 أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة النساء / 78 365 أدخلوا الأرض المقدسة التي المائدة / 21 727
1067 أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر النساء / 59 726، 733 أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون الطور / 15 710 أقم الصلوة لدلوك الشمس الاسراء / 77 94 أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم الكهف / 9 622، 623، 631 أم يقولون افتراه قل إن افتريته الأحقاف / 8 200 (ب) بئس للظالمين بدلا الكهف / 50 184 (ت) تبدل الأرض غير الأرض إبراهيم / 48 671 تحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم يونس / 11 93 تراهم ركعا سجدا الفتح / 29 677 (ث) ثم أفيضوا من حيث البقرة / 199 667 ثم أورثنا الكتاب الذين فاطر / 32 730 (ح) حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى البقرة / 238 95 حسبنا الله ونعم الوكيل آل عمران / 173 822 (خ) ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون المطففين / 26 91 ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المطففين / 26 516 خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين الأعراف / 199 737 (ذ) ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم آل عمران / 34 156
1068 ذلك يوم مجموع له الناس هود / 103 679 (ر) رب إن ابني من أهلي هود / 45 209 رب إني لا أملك إلا نفسي المائدة / 22 727 ربنا اغفر لي ولوالدي إبراهيم / 41 671 ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا البقرة / 286 223 ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما البقرة / 286 223 ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به البقرة / 286 225 رد وا إلى الله موليهم الحق الانعام / 62 777 (ط) طوبى لهم وحسن مآب الرعد / 29 670 طه ما أنزلنا عليك القرآن طه / 1 221 (غ) غدوها شهر ورواحها شهر سبأ / 12 757 (ف) فآت ذا القربى حقه الاسراء / 26 139 فآت ذا القربى حقه الروم / 38 136 فاقض ما أنت قاض إنما تقضي طه / 72 727 فانصرنا على القوم الكافرين البقرة / 286 225 فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين مريم / 97 259 فأجمعوا أمركم وشركاءكم يونس / 71 506 فأغشيناهم فهم لا يبصرون يس / 9 211 فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين القصص / 21 363 فريق في الجنة وفريق في السعير الشورى: 7 410 فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون الروم / 17 95
1069 فسيكفيكهم الله وهو السميع البقرة / 137 631 فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا النساء / 19 250 فكيف إذا جئنا من كل أمة النساء / 41 715 فلا تخشوا الناس واخشون المائدة / 44 335 فلله العزة ولرسوله المنافقون / 8 894 فلولا فضل الله عليكم ورحمته البقرة / 64 666 فمن تبعني فإنه مني إبراهيم / 36 668، 696 فمن نكث فإنما ينكث على نفسه الفتح / 10 438 فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر... الأحزاب / 23 532، 553 فوقا هم الله شر ذلك اليوم الانسان / 12 69 فهي إلى الأذقان فهم يس / 8 211 فيسحتكم الله بعذاب وقد خاب من افترى طه / 61 542 (ق) قل إنتظروا إنا منتظرون الانعام / 158 926 قل بفضل الله وبرحمته فبذالك يونس / 58 713 قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى الشورى / 23 136، 200، 677 قل من حرم زينة الله التي أخرج الأعراف / 32 872 قل من كان عدوا لجبريل البقرة / 98 653، 658 قلنا يا نار كوني بردا الأنبياء / 69 519 قل هو الله أحد التوحيد / 2 25، 656 (ك) كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين البقرة / 182 98 كذلك وأورثناها قوما آخرين الدخان / 28 187 كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم آل عمران / 185 390 كل يوم في شأن الرحمن / 29 160 كهيعص مريم / 1 673
1070 (ل) لا إله إلا أنت سبحانك إني الأنبياء / 87 822 لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله يوسف / 92 737 لا تحزن إن الله معنا التوبة / 40 214 لا تدركه الابصار وهو يدرك الانعام / 103 641 لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم... الأنفال / 48 296 لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا الانسان / 13 69 لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها الكهف / 49 316 لا يكلف الله نفسا إلا وسعها البقرة / 286 223 لا يمسه إلا المطهرون الواقعة / 79 729 لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم آل عمران / 154 365 لعن الذين كفروا من بني إسرائيل المائدة / 78 335 لله ما في السماوات وما في الأرض البقرة / 284 222 لم يلد ولم يولد ولم اخلاص / 3 681 لن تراني ولكن انظر إلى الجبل الأعراف / 143 641 لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون آل عمران / 92 748 لو كان فيهما آلهة إلا الله الأنبياء / 22 949 لولا ينهيهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم المائدة / 63 335 ليس كمثله شىء والشورى / 11 641 ليشهدوا منافع لهم الحج / 28 844 لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون مما اعمل... يونس / 41 396، 402 ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر الفتح / 2 208 ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة أنفال / 42 366 (م) ما آمن معه إلا قليل هود / 40 726 ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي... الحشر / 7 136 ما شاء الله لا قوة إلا با الله الكهف / 39 822 متى هذا الوعد إن كنتم صادقين يس / 29 793
1071 من كان عدوا لله وملائكته البقرة / 98 661 منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا الأحزاب / 23 440 من يحيى العظام وهي رميم يس / 78 212 (ن) نزل به الروح الأمين على قلبك الشعراء / 193 654 (و) وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم المنافقون / 4 731 وإذا سألك عبادي عني فإني قريب البقرة / 186 975 وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن الأحقاف / 29 226 وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون البقرة / 72 963 وإذ قتلتم نفسا فادارأتم البقرة / 71 963 وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم البقرة / 34 481 واعف عنا واغفر لنا وارحمنا البقرة / 286 225 واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول الأنفال / 41 136 وأفوض أمري إلى الله إن الله غافر / 44 822 والذي قال لوالديه أف لكما الأحقاف / 17 311 والذين آمنوا با الله ورسله الحديد / 19 802 والشمس وضحيها الشمس / 1 679 والعافين عن الناس آل عمران / 134 738 والقمر إذا تلاها الشمس / 2 679 والكاظمين الغيظ آل عمران / 134 738 والله متم نوره ولو كره الكافرون الصف / 8 331 والله يحب المحسنين آل عمران / 134 738 والليل اذا يغشها والنهار إذا جليها الشمس / 1 679 وأما بنعمة ربك فحدث الضحى / 11 680 وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين الأنبياء / 110 248 وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إبراهيم / 34 949
1072 وإن جاهداك على أن تشرك لقمان / 15 885 وإنك لعلى خلق عظيم القلم / 4 231 وإن لم تفعل فما بلغت رسالته المائدة / 67 714 وإن من شيء إلا يسبح بحمده الاسراء / 44 51 وإني لغفار لمن تاب وآمن طه / 82 714 وأولوا الأرحام بعضهم الأنفال / 75 669 وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون فآمنوا... الصافات / 147 135 وأما الجدار فكان لغلامين الكهف / 81 645، 646 وأنا أول المؤمنين الأعراف / 143 641 وأن تجمعوا بين الأختين النساء / 23 233 وبشر الصابرين البقرة / 155 788 وتنذر به قوما لدا مريم / 97 259 وجزاهم بما صبروا جنة الانسان / 12 69 وجعلنا بعضكم لبعض فتنة الفرقان / 20 123 وجعلنا من الماء كل شىء حي الأنبياء / 30 97 وجعلنا من بين أيديهم سدا يس / 9، 10، 11 211، 235 وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار القصص / 41 451 ورفعنا لك ذكرك الانشراح / 4 208 وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون الشعراء / 227 138، 623، 624، 634 وشاهد ومشهود البروج / 3 678 وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا البقرة / 216 250 وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما النساء / 59 176 وقفوهم إنهم مسؤولون الصافات / 24 673 وقليل من عبادي الشكور سبأ / 13 726 وكان سعيكم مشكورا الانسان / 22 69 وكل شىء أحصيناه في يس / 12 676 ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل إبراهيم / 42 633 ولا يحسبن الذين كفروا أنما آل عمران / 178 488، 489 ولسوف يعطيك ربك فترضى الضحى / 5 123
1073 ولله الأسماء الحسنى الأعراف / 180 975 ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربي... القصص / 22 370 ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا الأعراف / 96 521 ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى الأمر منهم لعلمه... النساء / 82 295 وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت الشورى / 30 851 وما أكثر الناس ولو حرصت يوسف / 103 726 وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة الاسراء / 60 688، 723 وما ربك بظلام للعبيد فصلت / 46 448 وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم البقرة / 57 484 وما قدروا الله حق قدره الزمر / 67 963 وما كنت بجانب الطور القصص / 46 666 وما كنت متخذ المضلين عضدا الكهف / 51 446 ومن أحياها فكأنما أحيا المائدة / 32 804 ومن كل شيء خلقنا زوجين الذاريات / 49 770 وهو الذي يقبل التوبة عن عباده الشورى / 25 201 ويخافون يوما كان شره مستطيرا الانسان / 7 68 ويرزقه من حيث لا يحتسب الطلاق / 3 926 ويطعمون الطعام على حبه مسكينا الانسان / 8 71 (ه) هذا إلهكم وإله موسى طه / 88 727 هذا صراط علي مستقيم الحجر / 41 672 هذان خصمان اختصموا الحج / 19 675 هل أتى على الانسان حين الانسان / 1 68 هل جزاء الاحسان إلا الاحسان الرحمن / 60 93 (ى) يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك المائدة / 67 714 يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله الأحزاب / 9 210
1074 يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا الأحزاب / 53 272 يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم الحجرات / 2 272 يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم الزمر / 53 976 يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الاحزاب الغافر / 30 542 يا موسى اجعل لنا إلها كما الأعراف / 138 727 يجدونه مكتوبا عندهم في التورية الأعراف / 157 97 يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا... النساء / 142 372 يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده الرعد / 39 671 يوفون بالنذر الانسان / 7 64، 68 يوم تجد كل نفس ما عملت آل عمران / 30 698 يوم ندعوا كل أناس بإمامهم الاسراء / 71 410 يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه عبس / 34237
1075 أطراف الأحاديث ابناك خرجا غدوة وقد غبي علي خبرهما الزهراء (عليها السلام) 32 ادفع إلي أحد شبلي وشبليك علي (عليه السلام) 28 الإسلام عريان لباسه التقوى، وزينته الحياء النبي (صلى الله عليه وآله) 695 السلام عليك يا رسول الله مني والسلام عليك من ابنتك وحبيبتك علي (عليه السلام) 145 اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت النبي (صلى الله عليه وآله) 935 المحصور غير المصدود، المحصور المريض، والمصدود الصادق (عليه السلام) 835 المؤمنون يبتلون ثم يميز هم الله عنده، إن الله لم يؤمن المؤمنين الصادق (عليه السلام) 583 امض فقد سمع الله كلامك وعرف مقامك النبي (صلى الله عليه وآله) 28 إنا قد حرنا وبقينا على حالتنا هذه الحسن (عليه السلام) 30 إن الحسين صلوات الله عليه لما صار إلى العراق استودع أم سملة 357 إن الحسين (عليه السلام) صلى بأصحابه الغداة، ثم التفت إليهم الصادق (عليه السلام) 501 إن الحسين (عليه السلام) صلى بأصحابه يوم أصيبوا الصادق (عليه السلام) 523 ان الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر، والموت جسر هؤلاء إلى النبي (صلى الله عليه وآله) 599 إن الله يقرؤك السلام، ويقول لك: لا تحزن ولا تغتم لهما جبرئيل 28 إن الملائكة أشرفها عند الله أشدها لعلي بن أبي طالب حبا النبي (صلى الله عليه وآله) 655 إن الناس كانوا يحضرون المعركة ويدفنون القتلى فوجدوا الباقر (عليه السلام) 545 إن امرأة كانت تطوف وخلفها رجل، فأخرجت ذراعها الصادق (عليه السلام) 762 إن أبا بكر مني بمنزلة السمع، وإن عمر مني بمنزلة البصر رسول الله (صلى الله عليه وآله) 672 إن أناسا أتوا علي بن الحسين (عليهما السلام) وعبد الله بن عباس فذكروا لهما... الباقر (عليه السلام) 699 إن حبابة الوالبية كانت إذا وفد الناس إلى معاوية الصادق (عليه السلام) 799 إن رجلا جاء إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: أخبرني إن كنت عالما السجاد (عليه السلام) 667 إن رجلا مر بعثمان بن عفان وهو قاعد على باب المسجد فسأله الصادق (عليه السلام) 907
1076 إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان في الصلاة وإلى جانبه الحسين بن علي (عليهما السلام) الصادق (عليه السلام) 24 إن شئت صمت، وإن شئت لم تصم الصادق (عليه السلام) 827 انظرا يا ولدي هذا ملك من ملائكة الله الكروبيين النبي (صلى الله عليه وآله) 27 إن عبد الرحمن بن الحسن مات بالأبواء مع الحسين (عليه السلام) وهو محرم الصادق (عليه السلام) 839 إن عليا مدينة هدى، فمن دخلها نجى ومن تخلف عنها هلك النبي (صلى الله عليه وآله) 162 إن فلانا وفلانا أتياني وطالباني بالبيعة علي (عليه السلام) 140 إن في نسائي من لا تراني يوم القيامة وتلك من يطلقها الأوصياء النبي (صلى الله عليه وآله) 279 إن لي وصيا واحدا في حياتي وبعد وفاتي النبي (صلى الله عليه وآله) 43 إنما أبكي لخصلتين هول المطلع وفراق الأحبة الحسن (عليه السلام) 268 إنما مثلكما مثل يونس إذ أخرجه الله من بطن الحوت النبي (صلى الله عليه وآله) 135 إن معاوية كتب إلى الحسن بن علي صلوات الله عليهما: الصادق (عليه السلام) 248 إنه قتل وصلب بالكناسة السجاد (عليه السلام) 110 إنه لما أصيب أمير المؤمنين (عليه السلام) قال للحسن والحسين صلوات الله الصادق (عليه السلام) 193 إنه يموت من مات منا وليس بميت، ويبقي من بقي منا حجة عليكم علي (عليه السلام) 290 إني أريت في المنام كأن بنى أمية يتعاورون منبري هذا النبي (صلى الله عليه وآله) 688 إني أشهد الله أنها قد حنت وأنت ومدت يديها وضمتهما علي (عليه السلام) 149 إني جالس في تلك العشية التي قتل أبي صبيحتها السجاد (عليه السلام) 489 إني ماض إلى ضيعتي ثم أعود إلى المدينة الحسن (عليه السلام) 740 أبشروا ثم أبشر و - ثلاث مرات - إنما مثل أهل بيتي كمثل حديقة النبي (صلى الله عليه وآله) 785 أتى الحسين (عليه السلام) أناس فقالوا له: يا أبا عبد الله حدثنا بفضلكم الذي الصادق (عليه السلام) 693 أجلسني جدي الحسين بن علي [(عليهما السلام)] في حجره وقال لي: الباقر (عليه السلام) 784 أجلسني علي بن أبي طالب [(عليه السلام)] في حجره السجاد (عليه السلام) 784 أشهد لقد حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن الحسين بن علي (عليهم السلام) الباقر (عليه السلام) 79 أقبل أعرابي إلى المدينة ليختبر الحسين (عليه السلام) لما ذكر له من دلائله السجاد (عليه السلام) 289 أما فاطمة فبضعة من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ومن آذاها فقد آذى علي (عليه السلام) 138 أما لولا أنك أطعمتها لأكلت منها أنت وذريتك النبي (صلى الله عليه وآله) 42 أما [ان] أحدهما على جناح جبرئيل النبي (صلى الله عليه وآله) 28 أنا أؤدب أهل المعاصي على معاصيهم علي (عليه السلام) 151 أن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) دخل يوما إلى الحسن (عليه السلام) السجاد (عليه السلام) 266 أن أول قتيل قتل من ولد أبي طالب مع الحسين ابنه علي الصادق (عليه السلام) 556
1077 أن أهل البصرة كتبوا إلى الحسين بن علي (عليهما السلام) يسألونه عن الصمد السجاد (عليه السلام) 681 أن حسنا وحسينا دخلا الفرات وعلى كل واحد منهما إزار الباقر (عليه السلام) 807 أن رجلا اشتكى إلى أبي عبد الله الحسين بن علي (عليهما السلام) فقال: السجاد (عليه السلام) 962 أن رجلا كان من شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) مريضا شديد الحمى الصادق (عليه السلام) 761 أن رجلا من المنافقين مات، فخرج الحسين بن علي (عليهما السلام) يمشى الصادق (عليه السلام) 819 أن فاطمة (عليها السلام) عادت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عند مرضه الذي عوفي منه الصادق (عليه السلام) 27 أوصى رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى علي (عليه السلام) وحده، وأوصى علي (عليه السلام) إلى الصادق (عليه السلام) 827 أي أخ، والله لوددت أن لي بعض شدة قليل الحسن (عليه السلام) 722 أيتها الحية ممن أنت؟ النبي (صلى الله عليه وآله) 31 بينا الحسين (عليه السلام) قاعد في حجر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم إذ رفع رأسه الصادق (عليه السلام) 118 بينما الحسين بن علي (عليهما السلام) في حجر رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذ رفع رأسه الصادق (عليه السلام) 117 تحفة الصائم أن يدهن لحيته ويجمر ثوبه الحسن (عليه السلام) 825 تهدمت والله أركان الهدى، وانطمست والله نجوم السماء جبرئيل 189 جاء رجل إلى الحسن والحسين (عليهما السلام) وهما جالسان على الصفا الصادق (عليه السلام) 908 جاء رجل إلى الحسين بن علي [(عليهما السلام)] فاستعان به على حاجة فوجده الباقر (عليه السلام) 906 جمع الحسين (عليه السلام) أصحابه بعد ما رجع عمر بن سعد، وذلك عند قرب السجاد (عليه السلام) 478 جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وفاطمة موسى بن جعفر (عليه السلام) 122 خرج الحسن والحسين (عليهما السلام) حتى أتيا نخل العجوة للخلاء الكاظم (عليه السلام) 134 خرج الحسين بن علي (عليهما السلام) إلى مكة [في] سنة ماشيا الصادق (عليه السلام) 772 خرج الحسين بن علي (عليهما السلام) في بعض أسفاره ومعه رجل من ولد الزبير الصادق (عليه السلام) 763 خرج الحسين [(عليه السلام)] وهو يريد أرضه التي بظاهر الحرة الباقر (عليه السلام) 749 خرجت أمشي مع جدي حسين بن علي إلى أرضه الباقر (عليه السلام) 750 خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى الصلاة، وقد كان الحسين بن علي (عليه السلام) أبو جعفر (عليه السلام) 24 خرجنا مع الحسين (عليه السلام) فما نزل منزلا ولا ارتحل منه إلا ذكر السجاد (عليه السلام) 448 خير العمل: بر فاطمة وولدها الصادق (عليه السلام) 650 دخل الحسين على عمي الحسن لما سقي السم فقام لحاجة السجاد (عليه السلام) 264 دخل علي أبي رسول الله في بعض الأيام فقال: الزهراء (عليها السلام) 75 دخل قوم على الحسين بن علي (عليهما السلام) فرأوه مختضبا بالسواد الباقر (عليه السلام) 878 دخل قوم على الحسين بن علي (عليهما السلام) فقالوا: يا بن رسول الله نرى في الباقر (عليه السلام) 755 ذكرنا خروج الحسين (عليه السلام) وتخلف ابن الحنفية، الصادق (عليه السلام) 360
1078 رجلان اختصما في زمن الحسين (عليه السلام) في امرأة وولدها الصادق (عليه السلام) 756 رضاهما الرجعة عن الخطيئة والتقية عن المعصية بالتوبة علي (عليه السلام) 151 زارنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فعملنا له حريرة، وأهدت إلينا امرأة قعبا علي (عليه السلام) 115 زارنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد أهدت لنا أم أيمن لبنا وزبدا وتمرا علي (عليه السلام) 115 سئل الحسين بن علي (عليهما السلام): فقيل له: كيف أصبحت يا بن رسول الله؟ الصادق (عليه السلام) 889 سأل أمير المؤمنين (عليه السلام) ابنه الحسن بن علي فقال: يا بني ما العقل علي (عليه السلام) 888 سألت خالي هند بن أبي هالة - وكان وصافا - عن حلية رسول الله (صلى الله عليه وآله) الحسن (عليه السلام) 683 سأل رجل يقال له بشر بن غالب أبا عبد الله الحسين (عليه السلام) الصادق (عليه السلام) 410 سل تفقها، ولا تسأل تعنتا علي (عليه السلام) 232 سمعت النبي (صلى الله عليه وآله): لا يفارق العقل منا أهل البيت ما دام الروح فينا الحسن (عليه السلام) 269 سمعت أبي يقول: لما التقى الحسين (عليه السلام) وعمر بن سعد لعنه الله الصادق (عليه السلام) 580 شعارنا: يا محمد يا محمد، وشعارنا يوم بدر: يا نصر الله الصادق (عليه السلام) 598 صار جماعة من الناس بعد الحسن إلى الحسين (عليهما السلام)، فقالوا: السجاد (عليه السلام) 290 صدق أخي زيد، سيلي هذا الأمر بعدي سبعة من الأوصياء الباقر (عليه السلام) 109 صوم يوم عرفة يعدل السنة علي (عليه السلام) 827 ضمني والدي (عليه السلام) إلى صدره يوم قتل والدماء تغلي السجاد (عليه السلام) 587 عرى الحسن والحسين (عليهما السلام) وأدركهما العيد الرضا (عليه السلام) 38 علمني ألف باب، يفتح لي كل باب ألف باب علي (عليه السلام) 128 على ولدي الحسن والحسين، فاني خائف عليهما النبي (صلى الله عليه وآله) 26 فإن الله أمره أن يخص أهله دون الناس؛ ليعلم الناس أن لأهل الباقر (عليه السلام) 674 فإن جدهما محمد، وجدتهما خديجة الحسن والحسين (عليهما السلام) 29 فأتانا رسول من قبل عمر بن سعد، فقام حيث يسمع الصوت فقال السجاد (عليه السلام) 475 فقلت لأبي الحسن: بأبي أنت وامي ألا تذكر ما كان في الوصية؟ موسى بن جعفر (عليهما السلام) 122 فلم يسقط من ذلك الدم قطرة إلى الأرض الباقر (عليه السلام) 573 قال ابن عباس: ما ندمت على شي ندمي على أن لم أحج ماشيا الباقر (عليه السلام) 833 قال الحارث بن عبد الله الأعور للحسين (عليه السلام): يا بن رسول الله جعلت الباقر (عليه السلام) 679 قال الحسن لأخيه الحسين (عليهما السلام) ذات يوم وبحضرتهما... الصادق (عليه السلام) 257 قال الحسين بن علي (عليهما السلام) لأصحابه قبل أن يقتل: ان رسول الله الباقر (عليه السلام) 519 قال الحسين بن علي (عليهما السلام) لرسول الله (صلى الله عليه وآله): يا أبتاه... الصادق (عليه السلام) 118 قال الحسين لرسول الله (صلى الله عليه وآله): يا أبتاه ما لمن زارك؟ السجاد (عليه السلام) 119
1079 قال النبي (صلى الله عليه وآله) لفاطمة (عليها السلام): يا فاطمة، قومي فأخرجي تلك الصحفة الباقر (عليه السلام) 41 قال عبد الله بن الزبير للحسين (عليه السلام): ولو جئت إلى مكة فكنت بالحرم الصادق (عليه السلام) 393 قال علي بن الحسين (عليهما السلام): مرضت مرضا شديدا، فقال لي أبي (عليه السلام) الباقر (عليه السلام) 784 قال لي أبي محمد بن علي (عليهم السلام) قرأ علي بن أبي طالب (عليه السلام) الصادق (عليه السلام) 680 قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أليس كان أمير المؤمنين (عليه السلام) كاتب الوصية موسى بن جعفر (عليه السلام) 120 كان الحسين بن علي (عليهما السلام) جالسا فمرت عليه جنازة الصادق (عليه السلام) 818 كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا دخل الحسين (عليه السلام) جذبه [اجتذبه] إليه الباقر (عليه السلام) 117 كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يخزن لسانه إلا عما يعنيه، ويؤلفهم ولا ينفرهم علي (عليه السلام) 686 كان لفاطمة (عليها السلام) خاتم فضة عقيق، فلما حضرتها الوفاة دفعته إلى العسكري (عليه السلام) 781 كتب رجل إلى الحسين (عليه السلام): عظني بحرفين، الصادق (عليه السلام) 922 كل ظلامة حدثت في الإسلام أو تحدث، وكل دم مسفوك حرام الصادق (عليه السلام) 138 كنت عند الحسين بن علي (عليهما السلام) إذا أتاه رجل الباقر (عليه السلام) 964 كنت مع أبي الليلة التي قتل صبيحتها السجاد (عليه السلام) 480 لا ترفعوني فوق حقي، فإن الله تعالى اتخذني عبدا قبل أن النبي (صلى الله عليه وآله) 698 لا نركب، قد جعلنا على أنفسنا المشي إلى بيت الله الحرام على الحسن (عليه السلام) 832 لا يرد الحوض من لم يقبل العذر من محق أو مبطل النبي (صلى الله عليه وآله) 738 للحسن والحسين (عليهما السلام): حبيبي إن جدكما قد غفا الزهراء (عليها السلام) 30 لما احتضر الحسن بن علي (عليهما السلام)، قال للحسين: يا أخي الباقر (عليه السلام) 271 لما استخلف أبو بكر صعد المنبر في يوم الجمعة علي (عليه السلام) 142 لما اشتد الامر بالحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) نظر إليه من كان السجاد (عليه السلام) 598 لما أراد الحسين صلوات الله عليه الخروج الباقر (عليه السلام) 356 لما أصبحت الخيل تقبل على الحسين (عليه السلام) رفع يديه السجاد (عليه السلام) 501 لما أن حضر الحسن بن علي الموت، بكى بكاءا شديدا الباقر (عليه السلام) 267 لما تجهز الحسين (عليه السلام) إلى الكوفة أتاه ابن عباس... الباقر (عليه السلام) 375 لما توجه الحسين (عليه السلام) إلى العراق، دفع إلى ام سملة الباقر (عليه السلام) 357 لما حضر الحسين (عليه السلام) ما حضر، دعا فاطمة بنته فدفع إليها كتابا الباقر (عليه السلام) 585 لما حضرت أبي علي ابن الحسين (عليهما السلام) الوفاة، ضمني إلى صدره الباقر (عليه السلام) 587 لما شيع أمير المؤمنين (عليه السلام) أباذر وشيعه الحسن والحسين (عليهما السلام) الصادق (عليه السلام) 161 لما صعد الحسين بن علي (عليهما السلام) عقبة البطن قال لأصحابه: الصادق (عليه السلام) 427 لما كان اليوم الذي استشهد فيه أبي، جمع أهله وأصحابه السجاد (عليه السلام) 486
1080 لما منع الحسين وأصحابه من الماء نادى فيهم الصادق (عليه السلام) 466 لما ولى أبو بكر بن أبي قحافة، قال له عمر: إن الناس عبيد الصادق (عليه السلام) 135 لما هم الحسين (عليه السلام) بالشخوص عن المدينة، أقبلت نساء الباقر (عليه السلام) 359 ليس في جنة عدن منزل أشرف ولا أفضل ولا أقرب إلى عرش ربي النبي (صلى الله عليه وآله) 725 ما أقبح بالرجل يأتي عليه سبعون سنة أو ثمانون سنة يعيش الصادق (عليه السلام) 640 ما بال مظلمتنا يا أمير المؤمنين لا ترد الكاظم (عليه السلام) 139 مات رجل من المنافقين فخرج الحسين (عليه السلام) يمشي، فلقى مولى له الصادق (عليه السلام) 820 ما كان يكبر النبي (صلى الله عليه وآله) في العيدين إلا تكبيرة واحدة علي (عليه السلام) 25 مرض الحسن والحسين (عليهما السلام) وهما صبيان صغيران الزهراء (عليها السلام) 64 مرض النبي (صلى الله عليه وآله) المرضة التي عوفي منها الباقر (عليه السلام) 29 من أحب أن ينظر إلى أحب أهل الأرض إلى أهل السماء... النبي (صلى الله عليه وآله) 885 من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرام، أو تاركا لعهد الله النبي (صلى الله عليه وآله) 457 من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله النبي (صلى الله عليه وآله) 438 من سمع داعية أهل بيتي، ولم ينصرهم على حقهم ألا أكبه الله النبي (صلى الله عليه وآله) 444 من سمع واعيتنا أهل البيت ولم يجبها أكبه الله النبي (صلى الله عليه وآله) 446 من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة النبي (صلى الله عليه وآله) 847 من يطع الله يرفعه، ومن يخلص نيته لله يزينه النبي (صلى الله عليه وآله) 25 نعم المطية مطيتكما، ونعم الراكبان أنتما النبي (صلى الله عليه وآله) 29 والصحفة عندنا يخرج بها قائمنا الباقر (عليه السلام) 42 والله لقد أخذت في أمرها وغسلتها في قميصها علي (عليه السلام) 149 والله يا جداه إن كتفك لا حب إلي من كتف أبى الحسن (عليه السلام) 28، 32 والله يا ولدي إني سمعته كثيرا يقول: حسين مني الزهراء (عليها السلام) 54 وأنشدكم بالله أتعلمون أن أبا سفيان أخذ بيد الحسين الحسن (عليه السلام) 157 ولدي الحسين يقتل بأرض كربلاء غريبا وحيدا عطشانا فريدا النبي (صلى الله عليه وآله) 483 هبط على الحسين (عليه السلام) ملك وقد شكا إليه أصحابه العطش الرضا (عليه السلام) 516 هذا ما أوصت به فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أوصت فاطمة الزهرا (عليها السلام) 147 هذه بنت نبيك فاطمة، أخرجتها من الظلمات علي (عليه السلام) 148 هل لكم علم بآل الحسن الذين خرج بهم مما قبلنا الصادق (عليه السلام) 771 هما أقرب نسبا برسول الله من أن يهما علي (عليه السلام) 151 هيهات يا ولدي والله العظيم ما في قلبه الزهراء (عليها السلام) 53
1081 يا أبي والذي بعثني بالحق نبيا إن الحسين بن علي النبي (صلى الله عليه وآله) 83 يا أبا ذر إنك إنما غضبت لله عزوجل علي (عليه السلام) 157 يا أباذر إنك غضبت لله، إن القوم خافوك على دنياهم علي (عليه السلام) 159 يا أبت إن الحسن والحسين يطالباني بشيء من الزاد الزهراء (عليها السلام) 35 يا أبه واعجباه أتشجع هذا على هذا؟ الزهراء (عليها السلام) 32 يا أخي إياك أن تسفك الدماء في، فإن الناس سراع إلى الفتنة الحسن (عليه السلام) 275 يا أهل العراق! ما أصنع بجماعتكم معي وهذا كتاب قيس بن سعد الحسن (عليه السلام) 245 يا بنية أما ترضين أن أقول أنا النبي (صلى الله عليه وآله) 32 يا بياعي مسوخ بني إسرائيل وجند بني مروان علي (عليه السلام) 286 يا جبريل نفسي قد نعيت النبي (صلى الله عليه وآله) 123 يا رسول الله إن ذلك الملك يفتخر على ملائكة السبع السماوات جبرئيل 27 يا سلمان ائتني بولدي الحسن والحسين ليأكلا النبي (صلى الله عليه وآله) 26 يا علي، ويا فاطمة، ويا حسن، ويا حسين، إن رب العزة النبي (صلى الله عليه وآله) 36 يا علي يقتل ولدك هذا رجل أبقع أبرص أشبه الخلق بالكلاب النبي (صلى الله عليه وآله) 618 يا عماه إن القوم قد أتوا إليك ما قد ترى وإن الله عزوجل الحسن (عليه السلام) 158 يا عماه لولا أنه لا ينبغي للمودع أن يسكت الحسن (عليه السلام) 160 يا محمد! العلي الأعلى يقرئك السلام ويخصك بالتحية والاكرام جبرئيل 35 يا محمد علام هذا الانزعاج جبرئيل 26 يا معشر الناس سلوني قبل أن تفقدوني علي (عليه السلام) 162 يا موسى أما علمت أن محمدا عندي أفضل من جميع ملائكتي قدسي 664 يا هذا إني نظرت في أمري فوجدتني الحسن (عليه السلام) 246 يقتل حسين بأرض بابل، فلما قرأ كتابها النبي (صلى الله عليه وآله) 395
1085 الأعلام من أهل البيت (عليهم السلام) أم البنين، 472 أم كلثوم، 26، 149، 168، 189، 294، 298، 359، 361، 362، 491، 492، 574، 584، 589، 590، 591، 592، 593، 633، 819 أم كلثوم بنت عبد الله بن جعفر، 297 جعفر بن أبي طالب، 138، 169، 263، 267، 277، 333، 497، 507، 509، 517، 595، 600، 619، 855 جعفر بن علي (عليهما السلام) (ابن أم البنين)، 472 حمزة (سيد الشهداء)، 212، 263، 267، 277، 333، 495، 507، 509، 517، 619 خديجة، 29، 103، 106، 267، 268، 405، 504، 517، 624، 628، 1001 الرباب، 492، 982 رقية، 359، 584، 590، 592 زينب، 149، 300، 359، 362، 415، 473، 489، 491، 492، 494، 496، 498، 518، 557، 561، 569، 583، 584، 586، 588، 589، 591، 592، 611، 613، 614، 863 سكينة، 362، 483، 569، 571، 584، 589، 590، 591، 592، 621، 754، 854، 923، 982 شاه زنان بنت الملك كسرى، 362 طاهر بن رسول الله، 267 العباس بن علي (عليه السلام)، 361، 362، 467، 468، 472، 473، 474، 475، 484، 495، 497، 507، 509، 516، 518، 538، 566، 567، 569، 570، 571، 583 عبد الله بن الحسن، 558، 611 عبد الله بن عبد المطلب (أبو رسول الله)، 211 عبد الله بن علي (عليه السلام) (ابن أم البنين)، 472 عبد الله رضيع (ابن الحسين)، 487 عثمان بن علي (عليه السلام) (ابن أم البنين)، 472 على بن الحسين (عليه السلام) (على الأكبر)، 362، 418، 425، 445، 468، 506، 517، 554، 555، 573، 582، 583، 762، 775، 837 على بن الحسين (علي الأصغر) (عليه السلام)، 570 عون بن علي، 565، 566 فاطمة بنت الحسين (عليه السلام)، 90، 106، 186، 362، 492، 584، 585، 591، 698، 754، 771، 895 فاطمة بنت أسد (أم أمير المؤمنين)، 273، 280 قاسم، 106 قاسم بن الحسن، 362، 486، 558، 560، 561، 562، 563 قاسم بن رسول الله، 267 ليلى، 362، 524
1086 الأمم والقبائل والطوائف آل أبي سفيان، 269، 297، 380، 607 آل الزبير، 300، 778 آل فرعون، 489، 519 آل مروان، 280، 286 أصحاب الرس، 201، 202 أحمس، 801 أصحاب الرس، 201 بنو إسرائيل، 97، 203، 214، 374، 394، 402، 657، 664، 689، 704، 709، 727، 890، 952 بنو إسرائيل، 286 بنو العباس، 244، 788، 789 بنو الكرام، 598 بنو المصطلق، 598 بنو الملوح، 598 بنو النجار، 228 بنو النضير، 598 بنو أسد، 46، 275، 409، 417، 420، 464، 465، 497، 498، 509، 573، 663، 800، 801، 881 بنو أمية، 52، 266، 273، 275، 276، 278، 381، 389، 402، 410، 414، 419، 444، 675، 688، 723، 768، 777، 778، 797، 816، 830 بنو بحتر، 177 بنو بهدلة، 543 بنو تختار، 551 بنو تميم، 384، 461، 526، 530، 537، 546 بنو تميم، 385 بنو تيم، 275 بنو ثعل، 441 بنو جعدة، 291 بنو جعونة، 275 بنو دارم، 570 بنو رياح، 531 بنو زهرة، 275 بنو شاكر، 543 بنو عكرمة، 409، 426 بنو عليم، 523 بنو قريظة، 598 بنو قينقاع، 598 بنو كلاب، 614 بنو ليث، 275 بنو مليح، 31 بنو هاشم، 273، 274، 275، 276، 277، 278، 310، 312، 330، 334، 359، 360، 361، 362، 396، 447، 493، 494، 495، 496، 497، 508، 555، 564، 778، 791 حمير، 440 خزاعة، 216 الخزيمة، 462 خوارج، 180، 184، 188، 260 ذو لعوة، 182 ربيعة، 91 الشيعة، 90، 91، 382، 387، 388، 793، 799، 800، 801، 803، 804، 822 عاد، 239، 974 عبد القيس، 801 العمالقة، 240 غسان، 440 القاسطين، 183 قريش، 90، 218، 265، 275، 303، 305، 307، 318، 319، 320، 323، 327، 360، 375، 396، 414، 594، 646، 700، 723، 790، 796، 801، 891، 910، 929، 930 قيس عيلان، 381 كنانة، 801 كندة، 606 المجوس، 239، 503، 518، 522 مراد، 197 مضر، 91 المنافقون، 26، 185، 200 النصارى، 72، 74، 503، 518، 522، 525، 632، 809 نمر بن قاسط، 523 همدان، 478، 481، 506، 523، 801، 802 اليهود، 26، 64، 67، 92، 94، 96، 97، 206، 389، 393، 402، 503، 518، 520، 522، 632، 653، 660، 818